الكتاب: حاشيتا قليوبي وعميرة المؤلف: أحمد سلامة القليوبي وأحمد البرلسي عميرة الناشر: دار الفكر - بيروت عدد الأجزاء: 4 الطبعة: بدون طبعة، 1415هـ-1995م   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] - بأعلى الصفحة: «شرح العلامة جلال الدين المحلي على منهاج الطالبين للشيخ محيي الدين النووي» - بعده (مفصولا بفاصل): حاشية أحمد سلامة القليوبي (1069 هـ) - بعده (مفصولا بفاصل): حاشية أحمد البرلسي عميرة (957هـ.) ---------- حاشيتا قليوبي وعميرة القليوبي الكتاب: حاشيتا قليوبي وعميرة المؤلف: أحمد سلامة القليوبي وأحمد البرلسي عميرة الناشر: دار الفكر - بيروت عدد الأجزاء: 4 الطبعة: بدون طبعة، 1415هـ-1995م   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] - بأعلى الصفحة: «شرح العلامة جلال الدين المحلي على منهاج الطالبين للشيخ محيي الدين النووي» - بعده (مفصولا بفاصل): حاشية أحمد سلامة القليوبي (1069 هـ) - بعده (مفصولا بفاصل): حاشية أحمد البرلسي عميرة (957هـ.) ـ[حاشيتا قليوبي وعميرة]ـ المؤلف: أحمد سلامة القليوبي وأحمد البرلسي عميرة الناشر: دار الفكر - بيروت عدد الأجزاء: 4 الطبعة: بدون طبعة، 1415هـ-1995م [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] - بأعلى الصفحة: «شرح العلامة جلال الدين المحلي على منهاج الطالبين للشيخ محيي الدين النووي» - بعده (مفصولا بفاصل) : حاشية أحمد سلامة القليوبي (1069 هـ) - بعده (مفصولا بفاصل) : حاشية أحمد البرلسي عميرة (957هـ.) أحمد سلامة القليوبي 1- الاسم: أحمد بن أحمد بن سلامة أبو العباس, شهاب الدين القليوبي. 2- مذهبه: شافعي. 3- مولده: 4- وفاته: 1070 هـ - 1659م. 5- منزلته العلمية: فقيه شافعي, متأدب من أهل قليوب بمصر له حواش وشروح ورسائل. 6- أبرز شيوخه: 7- أبرز تلاميذه: 8- أهم مصنفاته: تحفة الراغب, فضائل مكة والمدينة وبيت المقدس, أوراق لطيفة, الهداية من الضلالة في معرفة الوقت والقبلة من غير آلة, حاشية على جمع الجوامع, حاشية على شرح الجلال المحلي على منهاج النووي. (الأعلام 1/88 - الكتبغانة 5/328) . أحمد البرلسي عميرة 1- الاسم: شهاب الدين أحمد البرلسي المصري, الملقب بعميرة. 2- مذهبه: شافعي. 3- مولده: 4- وفاته: 957هـ. 5- منزلته العلمية: الإمام العلامة المحقق, كان فقيها أصوليا, زاهدا ورعا, حسن الأخلاق, انتهت إليه رياسة المذهب. 6- أبرز شيوخه: الشيخ عبد الحق السنباطي, البرهان بن أبي شريف, النور المحلي, وغيرهم. 7- أبرز تلاميذه: 8- أهم مصنفاته: حاشية على شرح جمع الجوامع للسبكي. (معجم المؤلفين 8/13 - شذرات الذهب 8/316) . [المقدمة] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إنْعَامِهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ هَذَا مَا دَعَتْ إلَيْهِ حَاجَةُ الْمُتَفَهِّمِينَ لِمِنْهَاجِ   [حاشية قليوبي] الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ بِمَنِّهِ وَإِفْضَالِهِ، وَيُدَافِعُ نِقَمَهُ بِعِزِّهِ وَجَلَالِهِ، وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ بِحُسْنِ فِعَالِهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَتَابِعِيهِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، مَا دَامَ الْمَوْلَى يَتَفَضَّلُ عَلَى عَبِيدِهِ بِنَوَالِهِ. (أَمَّا بَعْدُ) : فَهَذَا مَا تَيَسَّرَ جَمْعُهُ مِنْ الْحَوَاشِي عَلَى الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ، وَعَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُنْسَجْ قَبْلَهُ عَلَى مِثَالِهِ، مُشْتَمِلٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِمَا، وَمُبَيِّنٌ لِغَوَامِضِ مَا خَفِيَ مِنْ عِبَارَتِهِمَا، وَمُنَبِّهٌ عَلَى دَفْعِ اعْتِرَاضَاتٍ مِنْهُمَا وَمِنْ غَيْرِهِمَا، وَجَامِعٌ لِمَا تَفَرَّقَ فِي الْحَوَاشِي عَلَيْهِمَا وَغَيْرِهِمَا، مَعَ زِيَادَاتٍ يُسَرُّ بِهَا النَّاظِرُ إلَيْهَا، وَفَوَائِدَ مُهِمَّةٍ يَعْرِفُهَا الْمُطَّلِعُ عَلَيْهَا، وَمُنَاقَشَاتٍ جَمَّةٍ مُحْتَاجٍ لِلْوُقُوفِ عَلَيْهَا مِمَّنْ جَرَّدَ فَهْمَهُ عَنْ التَّعَسُّفِ وَاحْتِمَالِهِ وَخَالٍ عَنْ الْحَشْوِ وَالتَّطْوِيلِ وَعَنْ الْعَزْوِ غَالِبًا لِإِرَادَةِ التَّسْهِيلِ وَكَثْرَةِ الْإِفَادَةِ وَالتَّحْصِيلِ، وَسُرْعَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ أَقْوَالِهِ، وَاَللَّهُ الْمَسْئُولُ فِي النَّفْعِ بِهِ عَلَى التَّعْمِيمِ، وَأَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسَبَبًا لِلْفَوْزِ بِالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ فَإِنَّهُ الْقَادِرُ عَلَى ذَلِكَ بِكَرَمِهِ وَإِجَابَةِ سُؤَالِهِ وَحَسْبُ مَنْ جَعَلَهُ وَكِيلًا لَهُ فِي سَائِرِ أَحْوَالِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى إنْعَامِهِ) هُوَ خَبَرٌ ثَانٍ لِلْحَمْدِ وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِلذَّاتِ وَهَذَا لِلْوَصْفِ، وَقَيَّدَ الْحَمْدَ بِالْإِنْعَامِ لِوُقُوعِهِ كَالْوَاجِبِ أَوْ وَاجِبًا لِأَنَّهُ مَعَ عَدَمِهِ مُحْتَمِلٌ لِلنَّدَبِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُنْعَمَ بِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الْخُصُوصِ وَإِفَادَةِ الْإِحَاطَةِ وَالشُّمُولِ لِكُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ، بِهِ الْإِنْعَامُ لِلْقُصُورِ عَنْ تَعْدَادِهِ إجْمَالًا وَتَفْصِيلًا. قَوْلُهُ: (وَالصَّلَاةُ إلَخْ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَمُحَمَّدٍ، وَأَمَّا السَّيِّدُ فَيُطْلَقُ عَلَى الشَّرِيفِ فِي قَوْمِهِ أَوْ الْعَظِيمِ أَوْ الْمُقْتَدَى بِهِ أَوْ الْمَالِكِ، وَأَصْلُهُ سَيْوِدٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ فَقُلِبَتْ يَاءً لِتَحَرُّكِهَا وَاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْيَاءِ السَّاكِنَةِ السَّابِقَةِ عَلَيْهَا، ثُمَّ أُدْغِمَتْ فِيهَا. وَأَمَّا الْآلُ فَهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ مِنْ أَوْلَادِ هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ، وَقِيلَ: عِتْرَتُهُ الْمَنْسُوبُونَ إلَيْهِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ بَنَاتِهِ مَا تَنَاسَلُوا، وَقِيلَ: أُمَّةُ الْإِجَابَةِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِلصَّوَابِ، وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ، وَأَصْلُهُ أَهْلٌ فَقُلِبَتْ الْهَاءُ هَمْزَةً، وَإِنْ كَانَتْ أَثْقَلَ مِنْهَا، لِيُتَوَصَّلَ بِهِ إلَى قَلْبِهَا أَلِفًا، وَقِيلَ: أَصْلُهُ أَوَلُ بِفَتْحِ الْوَاوِ فَقُلِبَتْ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، وَقِيلَ: كُلٌّ مِنْهُمَا أَصْلٌ بِدَلِيلِ مَا سُمِعَ مِنْ الْعَرَبِ مِنْ تَصْغِيرِهِ عَلَى أُهَيْلٍ وَأُوَيْلٍ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَا يُضَافُ إلَّا إلَى الْعُقَلَاءِ مِنْ الْأَشْرَافِ، وَلَوْ ادِّعَاءً جَبْرًا لِمَا لَحِقَهُ مِنْ التَّغْيِيرِ، بِخِلَافِ أَهْلٍ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ تَصْغِيرَهُ لِأَنَّهُ لِبَيَانِ أَصْلِهِ وَلِإِمْكَانِ اسْتِعْمَالِهِ فِيمَنْ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لِلتَّحْقِيرِ. قَوْلُهُ: (وَأَصْحَابِهِ) جَمْعُ صَحْبٍ لَا جَمْعُ صَاحِبٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ، وَصَحْبُ اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبٍ، وَقِيلَ: جَمْعٌ لَهُ، وَهُوَ بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ، وَهُوَ مَنْ اجْتَمَعَ مُؤْمِنًا بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَالَ نُبُوَّتِهِ فِي حَيَاتِهِ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ صُحْبَتُهُ لَهُ، أَوْ لَمْ يَرَهُ، وَالْمُرَادُ الِاجْتِمَاعُ الْعُرْفِيُّ فَيَدْخُلُ نَحْوُ الْأَعْمَى وَالْمَجْنُونِ وَالنَّائِمِ وَالصَّغِيرِ وَالْخَضِرِ وَعِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ -، وَيَخْرُجُ مَنْ رَآهُ فِي النَّوْمِ أَوْ اجْتَمَعَ بِهِ فِي السَّمَاءِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَدَخَلَ فِي الصَّحَابِيِّ الْآدَمِيُّ وَالْجِنِّيُّ وَالْمَلَكُ، وَخَرَجَ بِالْمُؤْمِنِ الْكَافِرُ وَلَوْ حُكْمًا كَالصَّغِيرِ وَاشْتِرَاطُ الْمَوْتِ عَلَى الْإِيمَانِ لِدَوَامِ الصُّحْبَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا لِتَسْمِيَتِهِ صَحَابِيًّا، وَعَطَفَ الصَّحْبَ عَلَى الْآلِ لِتَشْمَلَ الصَّلَاةُ بَاقِيَهُمْ مِنْ غَيْرِ الْآلِ فَهُوَ أَعَمُّ مُطْلَقًا بِالنَّظَرِ لِقَيْدِهِ السَّابِقِ وَمِنْ وَجْهٍ بِعَدَمِ النَّظَرِ لَهُ. قَوْلُهُ: (هَذَا) هُوَ إشَارَةٌ إلَى الشَّرْحِ وَهُوَ كَبَقِيَّةِ أَسْمَاءِ الْكُتُبِ وَالتَّرَاجِمِ اسْمٌ لِلْأَلْفَاظِ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعَانِي كَمَا يَأْتِي وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ الثَّمَانِيَةِ، وَهُوَ مِنْ حَيِّزِ عَلَمِ الْجِنْسِ، فَلَا حَاجَةَ لِمَا أَطَالُوا بِهِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي مَحَلِّهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مَا دَعَتْ) لَمْ يَقُلْ مَا اشْتَدَّتْ كَمَا قَالَهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ لِكَثْرَةِ شُرُوحِ الْمِنْهَاجِ وَجَلَالَةِ مُؤَلِّفِيهَا السَّابِقِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وُلِدَ سَنَةَ إحْدَى وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، وَمَاتَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَثَمَانِمِائَةٍ، وَعُمْرُهُ نَحْوَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَأَخَذَ الْفِقْهَ عَنْ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْعِرَاقِيِّ، وَهُوَ عَنْ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ الْعَطَّارِ، وَهُوَ عَنْ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ. قَوْلُهُ: (الْمُتَفَهِّمِينَ) جَمْعُ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الشَّارِحِ: (هَذَا مَا دَعَتْ إلَيْهِ) الْإِشَارَةُ لَمَوْجُودٍ فِي الذِّهْنِ إنْ كَانَتْ الْخُطْبَةُ مُتَقَدِّمَةً، أَوْ لَمَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ إنْ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ اشْتَدَّتْ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ لِكَثْرَةِ الشُّرُوحِ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَجَلَالَةِ مُؤَلِّفِيهَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 الْفِقْهِ مِنْ شَرْحٍ يُحِلُّ أَلْفَاظَهُ وَيُبَيِّنُ مُرَادَهُ، وَيُتَمِّمُ مُفَادَهُ عَلَى وَجْهٍ لَطِيفٍ خَالٍ عَنْ الْحَشْوِ وَالتَّطْوِيلِ حَاوٍ لِلدَّلِيلِ وَالتَّعْلِيلِ، وَاَللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَيْ أَفْتَتِحُ (الْحَمْدُ لِلَّهِ) هِيَ مِنْ صِيَغِ الْحَمْدِ وَهُوَ الْوَصْفُ   [حاشية قليوبي] مُتَفَهِّمٍ، وَهُوَ طَالِبُ الْفَهْمِ أَيْ الْمُتَعَلِّمُ أَوْ الْمُعَلِّمُ. قَوْلُهُ: (لِمِنْهَاجِ الْفِقْهِ) الْمِنْهَاجُ وَالْمَنْهَجُ فِي الْأَصْلِ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ، وَقَدْ وَجَدْت تَسْمِيَةَ الْكِتَابِ بِذَلِكَ بِخَطِّ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى ظَاهِرِ نُسْخَتِهِ، وَإِضَافَتُهُ إلَى الْفِقْهِ لِإِخْرَاجِ مِنْهَاجِ الْأُصُولِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ شَرْحٍ) هُوَ الْكَشْفُ وَالْإِظْهَارُ وَهُوَ وَمَا بَعْدَهُ بَيَانٌ لِمَا دَعَتْ. قَوْلُهُ: (يُحِلُّ أَلْفَاظَهُ) بِبَيَانِ تَرَاكِيبِهَا مِنْ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ لِلشَّرْحِ وَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ الْبَارِزِ فِي ذَلِكَ لِلْمِنْهَاجِ، وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ وَتَرْشِيحٌ وَعَطْفٌ يُبَيِّنُ مُرَادَهُ عَامٌّ عَلَى خَاصٍّ. قَوْلُهُ: (مُفَادَهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ اسْمُ مَفْعُولٍ أَوْ مَصْدَرٌ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ فَتْحَ الْمِيمِ أَيْضًا، وَالْمَعْنَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَوْ فَائِدَتُهُ، وَمَعْنَى تَتْمِيمِهِ إلْحَاقُ نَحْوِ قَيْدٍ أَوْ الْإِشَارَةُ إلَى إسْقَاطِهِ أَوْ إلَى تَعْمِيمٍ فِيمَا ظَاهِرُهُ الْخُصُوصُ أَوْ عَكْسُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى وَجْهٍ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ الْأَفْعَالِ السَّابِقَةِ فَهُوَ مُتَنَازَعٌ فِيهِ أَوْ حَالٌ مِنْ مَا فِي مَا دَعَتْ أَوْ مِنْ شَرْحٍ. قَوْلُهُ: (لَطِيفٍ) أَيْ صَغِيرِ الْحَجْمِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوحِ فَمَا بَعْدَهُ تَأْسِيسٌ، أَوْ الْمُرَادُ صِغَرُ الْحَجْمِ وَبَدَاعَةُ الصُّنْعِ فَمَا بَعْدَهُ تَأْكِيدٌ وَتَفْسِيرٌ. قَوْلُهُ: (خَالٍ) أَيْ فَارِغٍ عَمَّا ذَكَرَ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْحَشْوَ وَهُوَ الزِّيَادَةُ الْمُتَمَيِّزَةُ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ وَلَا تَطْوِيلٍ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ غَيْرُ الْمُتَعَيَّنَةِ عَلَى أَصْلِ الْمُرَادِ لَا لِفَائِدَةٍ فَهُمَا بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَيَجُوزُ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ. قَوْلُهُ: (حَاوٍ لِلدَّلِيلِ) وَهُوَ مَا يُذْكَرُ لِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ أَوْ اسْتِصْحَابٍ فَعَطْفُ التَّعْلِيلِ عَلَيْهِ مُغَايِرٌ لِأَنَّهُ إظْهَارٌ لِفَائِدَةِ الْحُكْمِ أَوْ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِمَا فِي التَّعْلِيلِ مِنْ مَعْنَى الْقِيَاسِ. قَوْلُهُ: (وَاَللَّهَ أَسْأَلُ) قَدَّمَ الْمَفْعُولَ لِإِفَادَةِ التَّخْصِيصِ وَحَذَفَ مَفْعُولَ يَنْفَعُ إشْعَارًا بِالْعُمُومِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) حَسْبِي بِمَعْنَى كَافِيَّ أَوْ يَكْفِينِي، وَالْوَكِيلُ بِمَعْنَى الْحَفِيظُ أَوْ الْمُعْتَمَدُ أَوْ الْمَلْجَأُ أَوْ الْمُعِينُ أَوْ الْقَائِمُ بِمَصَالِحِ خَلْقِهِ أَوْ الْمَوْكُولُ إلَيْهِ تَدْبِيرُهُمْ، وَجُمْلَةُ نِعْمَ الْوَكِيلُ إمَّا عَطْفٌ عَلَى هُوَ حَسْبِي أَوْ عَلَى حَسْبِي بِتَأْوِيلِهِ بِالْفِعْلِ، فَفِيهِ عَطْفُ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْخَبَرِ، وَهُوَ مَحْذُورٌ فِي الْجُمَلِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ جُمْلَةَ هُوَ حَسْبِي إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى أَوْ بِأَنَّهُ يُقَدِّرُ قَبْلَ نِعْمَ مُبْتَدَأً فِي الشِّقَّيْنِ، وَيَجْعَلُ نِعْمَ مُتَعَلِّقَ خَبَرِهِ أَيْ وَهُوَ مَقُولٌ فِي حَقِّهِ نِعْمَ الْوَكِيلُ، وَلَا مَحْذُورَ فِي كَوْنِ مُتَعَلِّقِ الْخَبَرِ إنْشَاءً، وَإِنْ عَطَفَ عَلَى حَسْبِي بِلَا تَأْوِيلٍ، فَهُوَ عَطْفُ جُمْلَةٍ إنْشَائِيَّةٍ عَلَى مُفْرَدٍ، وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ كَعَكْسِهِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ مُفْرَدٍ عَلَى مِثْلِهِ يَجْعَلُ جُمْلَةَ نِعْمَ وَاقِعَةً مَوْقِعَ الْمُفْرَدِ لِأَنَّ لَهَا مَحَلًّا مِنْ الْإِعْرَابِ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ مَنَعَ كَوْنَ الْوَاوِ عَاطِفَةً بَلْ هِيَ اعْتِرَاضِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجَوِّزُهُ آخِرَ الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (أَفْتَتِحُ) الْأَوْلَى أُؤَلِّفُ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَقَامِ عَامٌّ لِجَمِيعِ الْمُؤَلَّفِ وَقَدْرِهِ فِعْلًا وَمُؤَخَّرٌ، اُنْظُرْ الْأَصْلَ الْعَمَلَ، وَلِإِفَادَةِ الِاخْتِصَاصِ فَالْجُمْلَةُ فِعْلِيَّةٌ إنْشَائِيَّةٌ، وَيَجُوزُ كَوْنُهَا خَبَرِيَّةً بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ مَاضٍ وَكَوْنُهَا اسْمِيَّةً بِتَقْدِيرِ مَصْدَرٍ مُبْتَدَأٍ. وَعَلَى كُلٍّ تَحْصُلُ بِهَا الْبَرَكَةُ. وَذِكْرُ جُمْلَةِ الْحَمْدِ بَعْدَهَا تَأْكِيدٌ. وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ تَفْسِيرِ أَلْفَاظِهَا طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ وَلِانْفِرَادِهَا بِالتَّأْلِيفِ. نَعَمْ ذَكَرَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ أَقْسَامًا تِسْعَةً لِلِاسْمِ فَيَنْبَغِي ذِكْرُهَا لِعِزَّتِهَا وَالِاعْتِنَاءِ بِهَا أَحَدُهَا: وُقُوعُهُ عَلَى الشَّيْءِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ كَالْأَعْلَامِ. ثَانِيهَا: وُقُوعُهُ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ جُزْئِهِ كَالْجَوْهَرِ لِلْجِسْمِ. ثَالِثُهَا: بِاعْتِبَارِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ قَائِمَةٍ بِذَاتِهِ كَالْأَسْوَدِ وَالْحَارِّ. رَابِعُهَا: بِاعْتِبَارِ صِفَةٍ إضَافِيَّةٍ كَالْمَالِكِ وَالْمَمْلُوكِ. خَامِسُهَا: بِاعْتِبَارِ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ كَالْأَعْمَى وَالْفَقِيرِ. سَادِسُهَا: بِاعْتِبَارِ صِفَتَيْنِ حَقِيقِيَّةٍ وَإِضَافِيَّةٍ كَالْعَالِمِ وَالْقَادِرِ لِتَعَلُّقِهِمَا بِذَاتِهِ وَبِمَعْلُومٍ وَمَقْدُورٍ. سَابِعُهَا: بِاعْتِبَارِ صِفَتَيْنِ حَقِيقِيَّةٍ وَسَلْبِيَّةٍ كَشُجَاعٍ لِاعْتِبَارِ الْمَلَكَةِ وَعَدَمِ الْبُخْلِ. ثَامِنُهَا: بِاعْتِبَارِ صِفَتَيْنِ إضَافِيَّةٍ وَسَلْبِيَّةٍ كَأَوَّلٍ لِأَنَّهُ سَابِقٌ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَسْبِقْهُ غَيْرُهُ. وَقَيُّومٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى غَيْرٍ وَمُقَوِّمٍ لِغَيْرِهِ. تَاسِعُهَا: بِاعْتِبَارِ الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ كَالْإِلَهِ لِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى وُجُوبِهِ لِذَاتِهِ وَعَلَى إيجَادِهِ لِغَيْرِهِ وَعَلَى تَنْزِيهِهِ تَعَالَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (هِيَ مِنْ صِيَغِ   [حاشية عميرة] الْمُتَفَهِّمِينَ) جَمْعُ مُتَفَهِّمٍ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِمِنْهَاجِ اللَّهِ) الْمِنْهَاجُ وَالْمَنْهَجُ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ وَخَرَجَ بِالْفِقْهِ مِنْهَاجُ الْأُصُولِ لَلْبَيْضَاوِيِّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مُفَادَهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ بِمَعْنَى الَّذِي اُسْتُفِيدَ مِنْهُ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (عَلَى وَجْهٍ لَطِيفٍ) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ دِقَّةَ الْحَجْمِ وَبَدَاعَةَ الصَّنِيعِ مَعًا لِيَكُونَ قَوْلُهُ: خَالٍ إلَخْ تَفْسِيرًا لَهُ وَبَيَانًا، وَالْحَشْوُ بِمَعْنَى الْمَحْشُوِّ، وَكَذَا التَّطْوِيلُ وَالتَّعْلِيلُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (عَنْ الْحَشْوِ) هُوَ الزِّيَادَةُ الْمُسْتَغْنَى عَنْهَا وَالتَّطْوِيلُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُرَادِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ أَفْتَتِحُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 بِالْجَمِيلِ إذْ الْقَصْدُ بِهَا الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ بِمَضْمُونِهَا مِنْ أَنَّهُ مَالِكٌ لِجَمِيعِ الْحَمْدِ مِنْ الْخَلْقِ أَوْ مُسْتَحِقٌّ لَأَنْ يَحْمَدُوهُ لَا الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ (الْبَرِّ) بِالْفَتْحِ أَيْ الْمُحْسِنِ (الْجَوَادِ) بِالتَّخْفِيفِ أَيْ الْكَثِيرِ الْجُودِ أَيْ الْعَطَاءِ (الَّذِي جَلَّتْ) أَيْ عَظُمَتْ (نِعَمُهُ) جَمْعُ نِعْمَةٍ بِمَعْنَى إنْعَامٍ (عَنْ الْإِحْصَاءِ) أَيْ الضَّبْطِ (بِالْأَعْدَادِ) أَيْ بِجَمِيعِهَا {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18]   [حاشية قليوبي] الْحَمْدِ) أَيْ مِنْ جُمْلَةِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يُؤَدَّى بِهَا الْحَمْدُ لِأَنَّهُ يُؤَدَّى بِغَيْرِهَا أَيْضًا، كَالْجُمْلَةِ الْآتِيَةِ. بَعْدَهَا وَكَالْجَنَانِ وَالْأَرْكَانِ إذْ هُوَ عُرْفًا مَا يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ. قَوْلُهُ: (الْوَصْفُ) أَيْ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ بِدَلِيلِ جَعْلِهِ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ بِقَوْلِهِ مِنْ الْخَلْقِ. وَهَذَا مَعْنَى الْحَمْدِ لُغَةً، وَلَوْ لَمْ يُقَيَّدْ بِاللِّسَانِ لَشَمِلَ حَمْدَ اللَّهِ تَعَالَى لِنَفْسِهِ وَفِيهِ مَا قُرِّرَ فِي مَحَلِّهِ، وَمِنْهُ. مَا قِيلَ عَنْ بَعْضِهِمْ: هَلْ الْمُرَادُ بِهِ إعْلَامُ عِبَادِهِ بِهِ لِلْإِيمَانِ بِهِ أَوْ الثَّنَاءُ عَلَى نَفْسِهِ بِهِ أَوْ هُمَا أَقْوَالٌ: ثَالِثُهَا: أَوْلَى لِعُمُومِ فَائِدَتِهِ. قَوْلُهُ: (بِالْجَمِيلِ) فَهُوَ الْمَحْمُودُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ اخْتِيَارِيًّا أَوْ لَا، وَحَذَفَ الْمَحْمُودَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْفِعْلُ الْجَمِيلُ الِاخْتِيَارِيُّ لِلْعِلْمِ بِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى عَلَى فَهُوَ الْمَحْمُودُ عَلَيْهِ فَيُقَيَّدُ الْجَمِيلُ بِالِاخْتِيَارِيِّ. وَحَذَفَ الْمَحْمُودَ بِهِ لِعُمُومِهِ وَعِلْمِهِ مِنْ الثَّنَاءِ. قَوْلُهُ: (إذْ الْقَصْدُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِكَوْنِهَا مِنْ صِيَغِ الْحَمْدِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا قَصْدُ الثَّنَاءِ لِأَنَّهَا خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَفِيهِ مَا يَأْتِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَقَعُ بِهَا الثَّنَاءُ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَصْدٍ وَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِحُصُولِ الْحَمْدِ بِهَا مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ مَعْنَى الْإِنْشَاءِ وَالْخَبَرِ. قَوْلُهُ: (عَلَى اللَّهِ بِمَضْمُونِهَا) مُتَعَلِّقَانِ بِالثَّنَاءِ وَمِنْ أَنَّهُ إلَخْ بَيَانٌ لِمَضْمُونِهَا وَمَالِكٌ وَمُسْتَحِقٌّ إشَارَةٌ لِمَعْنَى اللَّامِ فِي لِلَّهِ وَلِجَمِيعِ إشَارَةٌ لِمَعْنَى اللَّامِ فِي الْحَمْدِ سَوَاءٌ جُعِلَتْ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَوْ لِلْعَهْدِ أَوْ لِلْجِنْسِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (لَأَنْ يَحْمَدُوهُ) قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ لَوْ قَالَ لَهُ بَدَلَ ذَلِكَ لَكَانَ أَخَصْرَ وَأَشْمَلَ أَيْ لِعُمُومِهِ لِمَا وَقَعَ وَلِمَا سَيَقَعُ وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ هَذَا الْوَصْفُ ثَابِتٌ لَهُ فِي الْأَزَلِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ سَبْقُ حَمْدٍ مِنْ الْخَلْقِ عَلَيْهِ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كُلَّ حَمْدٍ وُجِدَ فَهُوَ مُسْتَقْبَلٌ بِالنِّسْبَةِ لِوَصْفِهِ تَعَالَى بِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ لِمَضْمُونِهَا الْمُتَقَدِّمِ، وَهَذَا زِيَادَةُ تَصْرِيحٍ بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهَا الْحَمْدُ إذَا أُرِيدَ بِهَا الْإِخْبَارُ. وَكَلَامُهُ مُتَدَافِعٌ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ وَاَلَّذِي حَقَّقَهُ السَّيِّدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حُصُولُ الْحَمْدِ بِهَا مَعَ قَصْدِ الْإِخْبَارِ لِلْإِذْعَانِ بِمَدْلُولِهَا الَّذِي هُوَ الِاتِّصَافُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمُحْسِنُ) أَشَارَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ إلَى أَنَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَنَّهُ كَالتَّوْطِئَةِ لِمَا بَعْدَهُ فَهُوَ مِنْ التَّرَقِّي وَلِعُمُومِ بَرِّهِ بِخَلْقِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِمْ هُوَ الصَّادِقُ فِيمَا وَعَدَ أَوْلِيَاءَهُ أَوْ الَّذِي إذَا عُبِدَ أَثَابَ، وَإِذَا دُعِيَ أَجَابَ قَوْلُهُ: (الْجَوَادِ) ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ أَنَّهُ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَسْمَاءَهُ تَعَالَى غَيْرُ تَوْقِيفِيَّةٍ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. وَحَقِيقَةُ الْجُودِ فِعْلُ مَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَنْبَغِي لَا لِغَرَضٍ وَلَا لِعِلَّةٍ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُخْتَصًّا بِاَللَّهِ وَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ لَهُ بِالْكَثِيرِ الْجُودِ لَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ اللَّامِ أَوْ مِنْ رِعَايَةِ الْمَقَامِ. وَالسَّخَاءُ مُرَادِفٌ لَهُ أَوْ هُوَ سِعَةُ الْعَطَاءِ فَهُوَ أَخَصُّ. وَإِنْ قِيلَ بِمَنْعِ إطْلَاقِهِ عَلَى اللَّهِ عَلَى مَا مَرَّ وَالْكَرَمُ أَعَمُّ مِنْهُمَا مَعًا. قَوْلُهُ: (جَمْعُ نِعْمَةٍ) بِكَسْرِ النُّونِ وَبِالْفَتْحِ التَّنَعُّمُ وَبِالضَّمِّ الْمَسَرَّةُ. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى إنْعَامٍ) أَيْ لِيُنَاسِبَ مَا قَبْلَهُ مِنْ كَوْنِ الْحَمْدِ عَلَى الْوَصْفِ وَلِأَنَّهُ أَمْكَنُ مِنْ الْحَمْدِ عَلَى الْمُنْعَمِ بِهِ، وَلِأَنَّ عَدَمَ نِسْبَةِ الضَّبْطِ إلَيْهِ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَبْلَغُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَالنِّعْمَةُ بِمَعْنَى مُنْعَمٌ بِهِ مُرَادِفَةٌ لِلرِّزْقِ عَلَى الْأَوْجَهِ. وَقِيلَ: مُلَائِمٌ لِلنَّفْسِ تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَرَتَّبُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا نِعْمَةَ لِلَّهِ عَلَى كَافِرٍ بَلْ هُوَ مَرْزُوقٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِجَمِيعِهَا) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ اللَّامِ الدَّاخِلَةِ عَلَى جَمْعِ الْقِلَّةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ أَيْ جَمِيعِ نِعَمِهِ أَوْ عَلَى حَقِيقَتِهِ إذْ كُلُّ نِعْمَةٍ فِيهَا نِعَمٌ لَا تُحْصَى فَنَحْوُ اللُّقْمَةِ فِيهَا الْإِقْدَارُ عَلَى تَحْصِيلِهَا وَتَنَاوُلِهَا وَمَضْغِهَا وَإِسَاغَتِهَا وَهَضْمِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي الْخَبَرِ لَا يَسْتَدِيرُ الرَّغِيفُ وَيُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْك حَتَّى يَعْمَلَ فِيهِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ صَانِعًا أَوَّلُهُمْ مِيكَائِيلُ وَمَلَائِكَةُ السَّحَابِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْأَفْلَاكُ وَمُلُوكُ الْهَوَاءِ وَدَوَابُّ الْأَرْضِ وَآخِرُ ذَلِكَ الْخَبَّازُ وَالْمُرَادُ أَفْرَادُهَا وَإِلَّا فَهِيَ مُنْحَصِرَةٌ فِي جِنْسَيْنِ أُخْرَوِيٍّ وَهُوَ بِالْعَفْوِ   [حاشية عميرة] قِيلَ الْأَحْسَنُ أُؤَلِّفُ لِيُفِيدَ تَلَبُّسَ الْفِعْلِ كُلِّهِ بِاسْمِ اللَّهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الْوَصْفُ) شَامِلٌ لِثَنَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى نَفْسِهِ خِلَافَ تَفْسِيرِ بَعْضِهِمْ بِالثَّنَاءِ بِاللِّسَانِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إذْ الْقَصْدُ بِهَا إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: هِيَ مِنْ صِيَغِ الْحَمْدِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِنْ الْخَلْقِ) قَيْدٌ يَعُمُّ بِقَرِينَةِ الْمِلْكِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَأَنْ يَحْمَدُوهُ) الْأَخْصَرُ لَهُ أَوْ لِحَمْدِهِمْ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِذَلِكَ) رَاجِعٌ لِلْمَضْمُونِ. قَوْلُ: (الْمَتْنِ الْبَرُّ) يُقَالُ بَرَرْت فُلَانًا أَبَرُّهُ بِرًّا فَأَنَا بَرٌّ بِهِ وَبَارٌّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ الْكَثِيرُ الْجُودِ) قَضِيَّتُهُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (جَمْعُ نِعْمَةٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ: تَنْزِيهُ الْأَثَرِ عَنْ الْإِحْصَاءِ بِالْعَدِّ أَبْلَغُ فِي التَّعْظِيمِ مِنْ تَنْزِيهِ صِفَةِ الْفِعْلِ عَنْ ذَلِكَ، لِأَنَّا نَقُولُ: إجْرَاءُ هَذِهِ الصِّفَاتِ عَلَى الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَقِبَ حَمْدِهِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ حَمِدَ عَلَى الْإِنْعَامِ قَالَ الشَّيْخُ سَعْدُ الدِّينِ: وَالْحَمْدُ عَلَى الْإِنْعَامِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِ فِعْلِ الْبَارِي، أَمْكَنُ فِي التَّعْظِيمِ مِنْ الْحَمْدِ عَلَى الْأَثَرِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ بِجَمِيعِهَا) هُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 (الْمَانِّ) أَيْ الْمُنْعِمِ (بِاللُّطْفِ) أَيْ بِالْإِقْدَارِ عَلَى الطَّاعَةِ (وَالْإِرْشَادِ) أَيْ الْهِدَايَةِ لَهَا (الْهَادِي إلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ) أَيْ الدَّالِ عَلَى طَرِيقِهِ وَهُوَ ضِدُّ الْغَيِّ (الْمُوَفِّقِ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ) أَيْ الْمُقْدِرِ عَلَى التَّفَهُّمِ فِي الشَّرِيعَةِ (مَنْ لَطَفَ بِهِ) أَيْ أَرَادَ بِهِ الْخَيْرَ (وَاخْتَارَهُ) لَهُ (مِنْ الْعِبَادِ) هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» (أَحْمَدُهُ أَبْلَغَ حَمْدٍ) أَيْ أَنْهَاهُ (وَأَكْمَلَهُ وَأَزْكَاهُ) أَيْ أَنْمَاهُ (وَأَشْمَلَهُ) أَيْ أَعَمَّهُ الْمَعْنَى أَصِفُهُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ إذْ كُلٌّ مِنْهَا جَمِيلٌ وَالْقَصْدُ بِذَلِكَ إيجَادُ   [حاشية قليوبي] وَالرِّضَا وَعُلُوِّ الْمَرَاتِبِ، وَدُنْيَوِيٍّ وَهُوَ إمَّا كَسْبِيٌّ بِتَرْكِ الرَّذَائِلِ وَالتَّحَلِّي بِالْفَضَائِلِ وَالْهَيْئَاتِ الْمَقْبُولَةِ وَالْجَاهِ وَالْمَالِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَإِمَّا وَهْبِيٌّ، وَهُوَ إمَّا رُوحَانِيٌّ كَنَفْخِ الرُّوحِ وَالنُّطْقِ وَالْفَهْمِ وَالْفِكْرِ وَإِمَّا جُسْمَانِيٌّ نَحْوُ كَمَالِ الْأَعْضَاءِ وَصِحَّتِهَا وَاعْتِدَالِهَا. قَوْلُهُ: (الْمَانِّ) أَيْ الْمُعْطِي هُوَ فَضْلًا أَوْ الْمُعَدِّدُ نِعَمَهُ عَلَى عِبَادِهِ لِأَنَّهُ مِنْهُ مَحْمُودٌ وَمِنْ الْعِبَادِ عَلَى بَعْضِهِمْ مَذْمُومٌ إلَّا لَمُصْلِحَةٍ تَدْفَعُ مَفْسَدَةً. قَوْلُهُ: (بِاللُّطْفِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَبِفَتْحِهِمَا وَيُطْلَقُ الْأَوَّلُ عَلَى الرِّفْقِ وَالرَّحْمَةِ وَالثَّانِي عَلَى الْمَبْرُورِ بِهِ وَمِنْهُ مَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (بِالْإِقْدَارِ) إنْ أُرِيدَ بِهِ الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِهِ تَعَالَى فَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ أَوْ أُرِيدَ بِهِ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ فَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ. وَصِفَةُ الْعَبْدِ هِيَ الْقُدْرَةُ فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا سَلَامَةُ الْآلَاتِ لَمْ تَخْتَصَّ بِالْمُؤْمِنِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الْعَرَضُ الْمُقَارِنُ لِلْمَقْدُورِ اخْتَصَّتْ بِهِ وَعَلَى هَذَا فَاللُّطْفُ مُرَادِفٌ لِلتَّوْفِيقِ وَالطَّاعَةُ فِعْلُ الْمَأْمُورَاتِ. وَلَوْ نَدْبًا وَتَرْكُ الْمَنْهِيَّاتِ وَلَوْ كَرَاهَةً، وَأَخُصُّ مِنْهَا الْقُرْبَةَ لِاعْتِبَارِ مَعْرِفَةِ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ فِيهَا. وَالْعِبَادَةُ أَخَصُّ مِنْهُمَا مَعًا لِأَنَّهَا يُعْتَبَرُ فِيهَا النِّيَّةُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْهِدَايَةِ) فَسَّرَ الْإِرْشَادَ بِهَا لِدُخُولِهِ فِي حَيِّزِ الْمَنِّ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى اللُّطْفِ فَهِيَ الدَّلَالَةُ الْمُوَصِّلَةُ. قَوْلُهُ: (الدَّالُّ عَلَى طَرِيقِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْهِدَايَةِ مُطْلَقُ الدَّلَالَةِ وَلِذَلِكَ عَدَّاهَا بِعَلَى. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الرَّشَادُ، وَكَذَا الْإِرْشَادُ وَالرُّشْدُ لِأَنَّهَا مُتَرَادِفَةٌ مَعْنَاهَا الِاسْتِقَامَةُ وَالْفَلَاحُ وَفِعْلُهَا رَشِدَ كَعَجِبَ أَوْ رَشُدَ كَحَسُنَ وَمُخَالَفَةُ تَفْسِيرِهَا الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ لِمُنَاسِبَتِهِ لِحَالِهَا وَالْغَيُّ ضِدُّ كُلٍّ مِنْهَا. وَأَنْوَاعُ الْهِدَايَةِ لَا تَنْحَصِرُ وَأَجْنَاسُهَا أَرْبَعَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ أَوَّلُهَا إفَاضَةُ الْقُوَى عَلَى الْعَقْلِ وَالْحَوَاسِّ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ. ثَانِيهَا: نَصِيبُ الدَّلَائِلِ الْفَارِقَةِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ. ثَالِثُهَا: إرْسَالُ الرُّسُلِ وَإِنْزَالُ الْكُتُبِ. رَابِعُهَا: كَشْفُ حِجَابِ الْقَلْبِ مُطْلَقًا أَوْ لِيَرَى الْأَشْيَاءَ كَمَا هِيَ وَهَذَا خَاصٌّ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ. قَوْلُهُ: (الْمُقَدِّرُ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمُوَفِّقِ الْمَأْخُوذِ مِنْ التَّوْفِيقِ الَّذِي هُوَ خَلْقُ الطَّاعَةِ فِي الْعَبْدِ الْمُرَادِفِ لِلُّطْفِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَضِدُّهُ الْخِذْلَانُ وَهُوَ خَلْقُ الْمَعْصِيَةِ فِي الْعَبْدِ. قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ: وَالْمُخْتَصُّ بِالْمُتَعَلِّمِ مِنْ التَّوْفِيقِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: ذَكَاءُ الْقَرِيحَةِ وَطَبِيعَةٌ صَحِيحَةٌ، وَعِنَايَةٌ مَلِيحَةٌ، وَمُعَلِّمٌ ذُو نَصِيحَةٍ. وَإِذَا جَمَعَ الْمُعَلِّمُ ثَلَاثَ خِصَالٍ فَقَدْ تَمَّتْ النِّعْمَةُ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ الصَّبْرَ وَالتَّوَاضُعَ وَحُسْنَ الْخُلُقِ. وَإِذَا جَمَعَ الْمُتَعَلِّمُ ثَلَاثَ خِصَالٍ فَقَدْ تَمَّتْ النِّعْمَةُ عَلَى الْمُعَلِّمِ الْعَقْلَ وَالْأَدَبَ وَحُسْنَ الْفَهْمِ. قَوْلُهُ: (عَلَى التَّفَهُّمِ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلتَّفَقُّهِ وَهُوَ أَخْذُ الْفِقْهِ شَيْئًا فَشَيْئًا. يُقَالُ: فَقِهَ إذَا فَهِمَ وَزْنًا وَمَعْنًى. وَفَقَهَ إذَا سَبَقَ إلَى الْفَهْمِ وَزْنًا وَمَعْنًى أَيْضًا وَفَقُهَ بِالضَّمِّ صَارَ الْفِقْهُ سَجِيَّةً لَهُ، وَهَذَا مَعْنَى الْفِقْهِ لُغَةً، وَأَمَّا اصْطِلَاحًا فَهُوَ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُكْتَسَبُ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ، وَمَوْضُوعُهُ أَفْعَالُ الْمُكَلَّفِينَ، وَاسْتِمْدَادُهُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَغَايَتُهُ تَكْمِيلُ الْقُوَى النُّطْقِيَّةِ وَالشَّهَوِيَّةِ وَالْغَضَبِيَّةِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا أَبْوَابُ الْفِقْهِ وَالْفَوْزُ بِالسَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي الشَّرِيعَةِ) تَفْسِيرٌ لِلدِّينِ سُمِّيَ شَرِيعَةً لِإِمْلَاءِ الشَّارِعِ لَهُ عَلَيْنَا وَدِينًا لِلتَّدَيُّنِ بِهِ بِمَعْنَى الِانْقِيَادِ لِلْعَمَلِ بِهِ، وَيُسَمَّى مِلَّةً أَيْضًا لِلْإِمْلَاءِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (أَرَادَ بِهِ الْخَيْرَ) لَمْ يُفَسِّرْ اللُّطْفَ بِمَا سَبَقَ فِرَارًا مِنْ التَّكْرَارِ، وَلِعَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ الْمَعْنَى هُنَا، وَلِمُنَاسَبَةِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. وَاللَّامُ فِي الْخَيْرِ لِلْعُمُومِ وَالْكَمَالِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (لَهُ) ضَمِيرُهُ عَائِدٌ عَلَى الْخَيْرِ لِقُرْبِهِ وَرُجُوعُهُ لِلتَّفَقُّهِ بَعِيدٌ، وَأَبْعَدُ مِنْهُ رُجُوعُهُ لِلَّهِ. قَوْلُهُ: (خَيْرًا) هُوَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَيَعُمُّ كُلَّ خَيْرٍ وَتَنْوِينُهُ لِلتَّعْظِيمِ، فَهُوَ الْخَيْرُ الْكَامِلُ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْخَيْرِ لِغَيْرِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِيهِ بُشْرَى عَظِيمَةٌ لِلْمُتَفَقِّهِ لِأَنَّ إرَادَةَ الْخَيْرِ مِنْ اللَّهِ لِلْعَبْدِ مُغَيَّبَةٌ، وَيُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا بِالْعَلَامَاتِ، وَهَذِهِ أَقْوَاهَا لِصُدُورِهَا عَنْ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَجْلِسُ فِقْهٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً» ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْفَقِيهُ هُوَ الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا الرَّاغِبُ فِي الْآخِرَةِ الْبَصِيرُ بِأَمْرِ دِينِهِ الْمُدَاوِمُ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ. قَوْلُهُ: (وَأَكْمَلَهُ) أَيْ أَتَمَّهُ. قَوْلُهُ: (الْمَعْنَى) لَيْسَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ وَافِيًا بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْأَبْلَغِيَّةَ وُصُولُهُ إلَى مُنْتَهَاهُ، وَلَا   [حاشية عميرة] مِنْ دَلَالَةِ اللَّامِ لِأَنَّهَا تُفِيدُ الْعُمُومَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِاللُّطْفِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ سَبَبِيَّةٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعَلُّقُ الْإِنْعَامِ بِالْإِقْدَارِ عَلَى الطَّاعَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الْغَيِّ) هُوَ الضَّلَالُ وَالْخَيْبَةُ كَمَا قَالَهُ فِي الصَّحَاحِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ الْمُقَدِّرُ) يَقْتَضِي مُرَادَفَتَهُ لِلُّطْفِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ أَرَادَ بِهِ الْخَيْرَ) لَمْ يُفَسِّرْهُ بِمَا سَبَقَ وَفَاءً بِمَا فِي الْحَدِيثِ الْآتِي. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْخَيْرِ مِنْ قَوْلِهِ أَيْ أَرَادَ بِهِ الْخَيْرَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا إلَخْ) لَا يُقَالُ فِيهِ تَرْتِيبُ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ عَلَى إرَادَةِ اللَّهِ بِهِ خَيْرًا مَا لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 الْحَمْدِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ حَمْدِهِ الْأَوَّلِ، وَذَلِكَ أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ مِنْ حَيْثُ تَفْصِيلُهُ وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ» أَيْ نَحْمَدُهُ، لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْحَمْدِ (وَأَشْهَدُ) أَيْ أَعْلَمُ (أَنْ لَا إلَهَ) لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ فِي الْوُجُودِ (إلَّا اللَّهُ) الْوَاجِبُ الْوُجُودِ (الْوَاحِدُ) أَيْ الَّذِي لَا تَعَدُّدَ لَهُ فَلَا يَنْقَسِمُ بِوَجْهٍ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ، فَلَا مُشَابَهَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِوَجْهٍ (الْغَفَّارُ) أَيْ السَّتَّارُ لِذُنُوبِ مَنْ أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا يُظْهِرُهَا بِالْعِقَابِ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَقُلْ الْقَهَّارُ بَدَلَ الْغَفَّارِ لِأَنَّ مَعْنَى الْقَهْرِ مَأْخُوذٌ مِمَّا قَبْلَهُ إذْ مِنْ شَأْنِ الْوَاحِدِ فِي مُلْكِهِ الْقَهْرُ. (وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارُ) أَيْ مِنْ النَّاسِ   [حاشية قليوبي] يَلْزَمُ مِنْهَا تَمَامُهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَمَامِهِ نُمُوُّهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نُمُوِّهِ عُمُومُهُ، فَإِذَا جَمَعْت هَذِهِ الْكِمَالَاتِ رَأَيْت مَا ذَكَرَهُ قَاصِرًا عَنْهَا فَتَأَمَّلْ، وَمَعْنَى أَصِفُهُ أَعْتَرِفُ بِاتِّصَافِهِ بِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ اتِّحَادُ مَعْنَى الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَحْسُوسِ وَإِلَّا فَالتَّمَامُ لِنَقْصِ الذَّاتِ وَالْكَمَالُ لِنَقْصِ صِفَتِهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْقَصْدُ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَبْلَغُ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ التَّجَدُّدَ إلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ مَعَ وَصْفِهِ بِأَوْصَافِ الْكَمَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَالْأَوَّلُ أَوْقَعُ أَيْ أَكْثَرُ تَمَكُّنًا مِنْ حَيْثُ تَفْصِيلُهُ أَيْ تَعْيِينُهُ بِالْمَالِكِيَّةِ أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْآخَرِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ عُمُومِ وَصْفِهِ الْمُفِيدِ لَهَا. قَوْلُهُ: (وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مَا صَنَعَهُ الْمُصَنِّفُ، مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْحَدِيثِ، وَأَشَارَ بِتَفْسِيرِهِ إلَى أَنَّ الْحَمْدَ الْأَوَّلَ عِلَّةٌ فِي صُدُورِ الْحَمْدِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَعْلَمُ) بِمَعْنَى أَتَيَقَّنُ وَأُذْعِنُ، فَلَا يَكْفِي الْعِلْمُ وَحْدَهُ وَلَا الْعِلْمُ وَالتَّيَقُّنُ مِنْ غَيْرِ إذْعَانٍ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ الْمُنَافِقِينَ، وَضَبْطُ الْمُصَنِّفِ لَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ لَعَلَّهُ يُنَاسِبُ مَعْنَى أَشْهَدُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إعْلَامُ الْغَيْرِ لَا أَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْهَا. قَوْلُهُ (بِحَقٍّ فِي الْوُجُودِ) ذَكَرَهُمَا لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ النِّزَاعِ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: (الْوَاجِبُ الْوُجُودِ) هُوَ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ فِي وُجُودِهِ إلَى شَيْءٍ أَصْلًا مَعَ اسْتِحَالَةِ عَدَمِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَنْقَسِمُ بِوَجْهٍ) أَيْ لَا فِعْلًا وَلَا وَهْمًا وَلَا فَرْضًا. قَوْلُهُ: (فَلَا مُشَابَهَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِوَجْهٍ) أَيْ لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ. قَوْلُهُ: (الْغَفَّارُ) . قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هُوَ مَعَ التَّعْرِيفِ بِأَلْ خَاصٌّ بِاَللَّهِ فَيَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ الْفِعْلُ مِنْهُ وَالِاسْمُ مُنَكَّرًا أَوْ مُضَافًا. عَلَى غَيْرِهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (الْمُؤْمِنِينَ) سِرُّ تَقْيِيدِهِ بِهِمْ أَنَّهُ لَمَّا أَضَافَ الذُّنُوبَ الْمَسْتُورَةَ إلَى مَنْ أَرَادَ شَمِلَ سَتْرَ جَمِيعِهَا وَهُوَ لَا يَأْتِي فِي الْكَافِرِ لِأَنَّ ذَنْبَ الشِّرْكِ لَا يُغْفَرُ، فَلَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ لَهُ بِمَغْفِرَتِهِ وَيَجُوزُ بِمَغْفِرَةِ مَا عَدَاهُ خِلَافًا لِلنَّوَوِيِّ بِالرَّحْمَةِ وَبِصِحَّةِ الْبَدَنِ وَكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ وَبِالْهِدَايَةِ وَيَجُوزُ التَّأْمِينُ عَلَى دُعَائِهِ وَيَجُوزُ طَلَبُ الدُّعَاءِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مَعْنَى الْقَهْرِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لِمُلَاحَظَةِ أَنَّ الْمَقَامَ مَطْلُوبٌ فِيهِ الذِّلَّةُ وَالْخُضُوعُ فَلَا يُنَافِي مَا فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ. قَوْلُهُ: (مُحَمَّدًا) هُوَ عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنْ صِفَةٍ هِيَ اسْمُ مَفْعُولٍ مُضَعَّفٌ بِتَكْرِيرِ عَيْنِهِ سَمَّاهُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِإِلْهَامٍ مِنْ اللَّهِ رَجَاءَ أَنْ تَكْثُرَ خِصَالُهُ الْحَمِيدَةُ فَيَحْمَدَهُ النَّاسُ كَثِيرًا، وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ تَعَالَى رَجَاءَهُ كَمَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ، كَذَا قَالُوا، وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا قِيلَ إنَّ تَسْمِيَتَهُ بِذَلِكَ بِأَمْرِ الْمَلَائِكَةِ لِأُمِّهِ بِهِ، وَفِيهِ بَحْثٌ، تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَبْدُهُ) الْعَبْدُ فِي الْأَصْلِ صِفَةٌ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الْأَسْمَاءِ، وَالتَّعَبُّدُ التَّذَلُّلُ وَالْخُضُوعُ. وَالْعُبُودِيَّةُ أَشْرَفُ مِنْ الْعِبَادَةِ، بَلْ هِيَ أَشْرَفُ صِفَاتِ الْإِنْسَانِ، وَلِذَلِكَ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَشْرَفِ الْمَوَاضِعِ، وَمِنْ نَظْمِ الْقَاضِي عِيَاضٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَمِمَّا زَادَنِي شَرَفًا وَتِيهًا ... وَكِدْت بِأَخْمُصِي أَطَأُ الثُّرَيَّا دُخُولِي تَحْتَ قَوْلِك يَا عِبَادِي ... وَأَنْ صَيَّرْت أَحْمَدَ لِي نَبِيَّا قَوْلُهُ: (وَرَسُولُهُ) وَصَفَهُ بِالْمُبَالَغَةِ لِأَنَّهُ تَتَبَّعَ أَخْبَارَ مُرْسِلِهِ، وَلَمْ يَقُلْ نَبِيُّهُ لِأَنَّهُ أَخَصُّ إذْ النَّبِيُّ إنْسَانٌ ذَكَرٌ حُرٌّ مِنْ بَنِي آدَمَ سَلِيمٌ عَنْ مُنَفِّرٍ طَبْعًا أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ يَعْمَلُ بِهِ، فَإِنْ أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ فَرَسُولٌ، فَكُلُّ رَسُولٍ نَبِيٌّ وَلَا عَكْسَ. قَوْلُهُ: (الْمُصْطَفَى) مِنْ الصَّفْوَةِ فَأَصْلُ طَائِهِ تَاءٌ، وَالْمُخْتَارُ تَفْسِيرٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ النَّاسِ) هُمْ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ لَا الْمَلَائِكَةُ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر: وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ، وَإِنَّمَا   [حاشية عميرة] إرَادَةِ كُلِّ خَيْرٍ أَخْذًا مِنْ عُمُومِ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ، وَلَئِنْ سَلِمَ عَدَمُ الْعُمُومِ فَالتَّنْكِيرُ لِلتَّعْظِيمِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إذْ كُلٌّ مِنْهَا جَمِيلٌ) أَيْ وَالْحَمْدُ هُوَ الْوَصْفُ بِالْجَمِيلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِنْ حَيْثُ تَفْصِيلُهُ) أَيْ تَعْيِينُهُ وَهُوَ صِفَةُ الْمَالِكِيَّةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ نَحْمَدُهُ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ أَيْضًا أَحْمَدُهُ أَبْلَغَ حَمْدٍ إلَخْ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْحَمْدِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ أَعْلَمُ) أَيْ وَأُذْعِنُ أَيْضًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَا يَنْقَسِمُ بِوَجْهٍ) أَيْ لَا فِعْلًا وَلَا فَرْضًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) يَقْتَضِي أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُغْفَرُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَعَاصِي الزَّائِدَةِ عَلَى كُفْرِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الْقَهَّارُ بَدَلَ الْغَفَّارِ) أَيْ كَمَا فِي التَّنْزِيلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِأَنَّ مَعْنَى الْقَهْرِ إلَخْ) لَا يُقَالُ هُوَ مُعَارَضٌ بِمَا فِي التَّنْزِيلِ وَلِأَنَّا نَقُولُ: الْمَقَامُ هُنَا مَقَامُ الْوَصْفِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرَّحْمَةِ وَالْإِنْعَامِ فَكَانَ ذِكْرُ الْغَفَّارِ هُنَا أَنْسَبَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمُخْتَارُ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِنْ النَّاسِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: مِنْ الْخَلْقِ، لِيَدْعُوَهُمْ لِأَنَّ دَعْوَتَهُ تَعُمُّ غَيْرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 لِيَدْعُوَهُمْ إلَى دِينِ الْإِسْلَامِ (صَلَّى اللَّه وَسَلَم عَلَيْهِ وَزَادَهُ فَضْلًا وَشَرَفًا لَدَيْهِ) أَيْ عِنْدَهُ وَالْقَصْدُ بِذَلِكَ الدُّعَاءُ أَيْ اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَزِدْهُ. وَذَكَرَ التَّشَهُّدَ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ «كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ» أَيْ الْقَلِيلَةِ الْبَرَكَةِ. (أَمَّا بَعْدُ) أَيْ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ (فَإِنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ) الْمَعْهُودِ شَرْعًا الصَّادِقِ بِالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ (مِنْ أَفْضَلِ   [حاشية قليوبي] تَخْصِيصُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ لِيَدْعُوَهُمْ إلَخْ فَإِنْ أَرَادَ شَيْخُنَا هَذَا فَوَاضِحٌ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اخْتِيَارُهُ عَلَى سَائِرِ الْخَلْقِ لِأَنَّهُمْ أَفْضَلُ أَنْوَاعِ الْخَلْقِ وَخَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَهُوَ مُرْسَلٌ لِسَائِرِ الْخَلْقِ حَتَّى الْمَلَائِكَةِ وَالْجَمَادِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ خَوَاصَّ الْبَشَرِ وَهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَعِدَّتُهُمْ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا مِنْهُمْ الرُّسُلُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَوْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَفْضَلُ مِنْ خَوَاصِّ الْمَلَائِكَةِ وَهُمْ رُسُلُهُمْ كَجِبْرِيلَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَأَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّ الْبَشَرِ وَهُمْ الْأَتْقِيَاءُ، وَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّ الْمَلَائِكَةِ، وَبَنَاتُ آدَمَ أَفْضَلُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ اللَّوَاتِي خُلِقْنَ مِنْ الزَّعْفَرَانِ أَوْ مِنْ تَسْبِيحِ الْمَلَائِكَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) الصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ اسْتِغْفَارٌ، وَمِنْ غَيْرِهِمَا دُعَاءٌ، وَالْمُرَادُ مِنْ الصَّلَاةِ مِنْهُمْ كُلُّ لَفْظٍ فِيهِ دُعَاءٌ كَالرَّحْمَةِ وَالْعَفْوِ وَالرِّضَا، وَمَعْنَى صَلَاتِنَا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَبُ الصَّلَاةِ مِنْ اللَّهِ عَلَيْهِ إمَّا لِزِيَادَةِ الْمَرَاتِبِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهَا لَا نِهَايَةَ لَهَا، وَإِمَّا لِحُصُولِ الثَّوَابِ لَنَا بِهَا، وَإِمَّا لِكَمَالِ الطَّالِبِ وَتَعْظِيمِ الْمَطْلُوبِ لَهُ فَهِيَ لَيْسَ مِنَّا، وَلِذَلِكَ لَا يَدْخُلُهَا الرِّيَاءُ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ وَالسَّلَامُ بِمَعْنَى السَّلَامَةِ مِنْ النَّقَائِصِ، وَعَدَّى الصَّلَاةَ بِعَلَى لِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى الرَّحْمَةِ وَإِنْ امْتَنَعَ الدُّعَاءُ لَهُ بِهَا لِبَشَاعَةِ اللَّفْظِ بِإِيهَامِ الذَّنْبِ، وَأَتَى بِالسَّلَامِ لِمُشَارَكَتِهِ لِلصَّلَاةِ فِي الطَّلَبِ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا خُرُوجًا مِنْ كَرَاهَةِ إفْرَادِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ لَفْظًا وَخَطًّا مَعًا، وَقِيلَ: لَفْظًا وَنِيَّةً، وَقِيلَ: لَفْظًا فَقَطْ. قَوْلُهُ: (فَضْلًا وَشَرَفًا) عَطْفُهُ مُرَادِفٌ أَوْ الْأَوَّلُ لِلْمَعَارِفِ الْبَاطِنَةِ وَالثَّانِي لِلْأَخْلَاقِ الظَّاهِرَةِ، وَهُمَا وَلَدَيْهِ مَعْمُولَاتٌ لِزَادَ. قَوْلُهُ: (وَالْقَصْدُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ مَضْمُونُهَا بِبَقَائِهَا عَلَى الْخَبَرِيَّةِ، وَقِيَاسُهَا عَلَى جُمْلَةِ الْحَمْدِ فَاسِدٌ، إذْ لَيْسَ الْإِخْبَارُ بِهَا طَلَبًا لِلصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْقَلِيلَةِ الْبَرَكَةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَإِنْ تَمَّتْ فِي الْحِسِّ كَعَكْسِهِ. (تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا) أَنَّ الْمُصَنِّفَ سَكَتَ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ وَالصَّحْبِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ مُفَادَهَا حُصُولُ الْمَغْفِرَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ لَهُمْ بِذِكْرِ الْغَفَّارِ، فَاسْتَغْنَى بِهِ فَتَأَمَّلْهُ. ثَانِيهِمَا: أَنَّهُ قَدْ اخْتَارَ فِي جُمْلَةِ الْحَمْدِ الْفَصْلَ، وَهُوَ عَدَمُ الْعَطْفِ لِلْإِشَارَةِ إلَى اسْتِقْلَالِهَا، وَقَدَّمَ الْبَسْمَلَةَ عَلَيْهَا لِتَعَلُّقِهَا بِالذَّاتِ وَعَمَلًا بِالْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ، وَاخْتَارَ فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ الْوَصْلَ، وَهُوَ الْعَطْفُ بِدُخُولِهِمَا فِي جُمْلَةِ التَّشَهُّدِ إيذَانًا بِالتَّبَعِيَّةِ لِتَمَيُّزِ رُتْبَةِ التَّابِعِ عَنْ رُتْبَةِ الْمَتْبُوعِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا بَعْدُ) ذِكْرُهَا مَنْدُوبٌ تَبَعًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خُطَبِهِ وَكُتُبِهِ. وَلَا يُؤْتَى بِهَا إلَّا بَيْنَ أُسْلُوبَيْنِ مِنْ الْكَلَامِ، وَأَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِهَا دَاوُد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ فَصْلُ الْخِطَابِ الَّذِي أُوتِيَهُ لِأَنَّ جَمِيعَ الْكُتُبِ نَزَلَتْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِالْعَرَبِيَّةِ ابْتِدَاءً كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مُوَضَّحًا، وَقِيلَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ، وَقِيلَ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ، وَقِيلَ يَعْرُبُ بْنُ قَحْطَانَ، وَأَصْلُهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَمَا بَعْدَهُمَا، فَكَذَا فَهُمَا مُبْتَدَأٌ وَضُمِّنَ مَعْنَى الشَّرْطِ، وَيَكُنْ فِعْلُهُ، وَجُمْلَتُهُ هِيَ الْخَبَرُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهِيَ تَامَّةٌ، وَفَاعِلُهَا ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى مَهْمَا، وَمِنْ شَيْءٍ بَيَانٌ لِمَا، وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ شَيْءٍ هُوَ الْفَاعِلُ وَمِنْ زَائِدَةٌ لِخُلُوِّ الْخَبَرِ عَنْ رَابِطٍ يَعُودُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ، فَحُذِفَ مَهْمَا وَيَكُنْ، وَأُقِيمَ أَمَّا مَقَامَهُمَا اخْتِصَارًا وَتَفْصِيلًا لِلْمُجْمَلِ الْوَاقِعِ فِي الذِّهْنِ. فَحِينَ تَضَمَّنَتْ مَعْنَاهُمَا لَزِمَهَا لُصُوقُ الِاسْمِ وَالْفَاءِ، وَعَمِلَتْ فِي الظَّرْفِ قَضَاءً لِحَقِّ مَا كَانَ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَالظَّرْفُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ لِنِيَّةِ مَعْنَى الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَرُوِيَ مَنْصُوبًا بِلَا تَنْوِينٍ لِنِيَّةِ لَفْظِهِ، وَرُوِيَ مُنَوَّنًا مَرْفُوعًا وَمَنْصُوبًا بِالْقَطْعَةِ عَنْهُمَا، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَالْأَخِيرُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَرْسُمُ الْمَنْصُوبَ بِصُورَةِ الْمَرْفُوعِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ تَعْلِيقُ فَضْلِ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ فِي الْكَوْنِ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَمَا بَعْدَهَا، وَالْكَوْنُ لَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ فَفَضْلُ الِاشْتِغَالِ ثَابِتٌ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَى الْوُجُودِ يَلْزَمُهُ الْوُجُودَ. قَوْلُهُ: (الِاشْتِغَالَ) أَيْ بِالتَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ لَا بِطَلَبِهِمَا وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (الْمَعْهُودِ شَرْعًا) فَأَلْ فِي الْعَلَمِ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ لِكُلِّ عِلْمٍ يَجُوزُ الِاشْتِغَالُ بِهِ شَرْعًا، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَعْلُومَاتُ أَوْ إدْرَاكُهَا. قَوْلُهُ: (بِالْفِقْهِ إلَخْ) رَتَّبَهَا كَذَلِكَ لِأَنَّهُ اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ فِي الرُّتْبَةِ وَنَظَرًا لِكَثْرَةِ الْوُجُودِ   [حاشية عميرة] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 الطَّاعَاتِ) لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ وَمَنْدُوبَةٌ. وَالْمَفْرُوضُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَنْدُوبِ، وَالِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ مِنْهُ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَفِي حَدِيثٍ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ» (وَ) مِنْ (أَوْلَى مَا أُنْفِقَتْ فِيهِ نَفَائِسُ الْأَوْقَاتِ) وَهُوَ الْعِبَادَاتُ شَبَّهَ شَغْلَ الْأَوْقَاتِ بِهَا بِصَرْفِ الْمَالِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ الْمُسَمَّى بِالْإِنْفَاقِ، وَوَصَفَ الْأَوْقَاتَ بِالنَّفَاسَةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعْوِيضُ مَا يَفُوتُ مِنْهَا بِلَا عِبَادَةٍ، وَأَضَافَ إلَيْهَا صِفَتَهَا لِلسَّجْعِ، وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ مِنْ إضَافَةِ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ كَمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُ أَوْلَى عَلَى مِنْ أَفْضَلِ لِلتَّنَافِي بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ (وَقَدْ أَكْثَرَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مِنْ التَّصْنِيفِ مِنْ الْمَبْسُوطَاتِ وَالْمُخْتَصَرَاتِ) فِي الْفِقْهِ وَالصُّحْبَةُ هُنَا الِاجْتِمَاعُ فِي اتِّبَاعِ الْإِمَامِ الْمُجْتَهِدِ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ الْأَحْكَامِ مَجَازًا عَنْ الِاجْتِمَاعِ فِي الْعَشَرَةِ (وَأَتْقَنُ مُخْتَصَرٍ الْمُحَرَّرُ لِلْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِم) إمَامِ الدِّينِ عَبْدِ الْكَرِيمِ (الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) مَنْسُوبٌ إلَى رَافِعِ بْنِ   [حاشية قليوبي] وَفَضْلِهَا عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ التَّرْتِيبِ. قَوْلُهُ: (فَضْلُ الْعَالِمِ) أَيْ الْعَامِلِ بِعِلْمِهِ عَلَى الْعَابِدِ أَيْ الْمُتَعَبِّدِ بِعِلْمٍ، وَالْخِطَابُ لِلصَّحَابَةِ أَوْ لِلْأُمَّةِ وَهُوَ أَمْدَحُ، وَأَلْ فِيهِمَا لِلْجِنْسِ، نَحْوَ الرَّجُلُ خَيْرٌ مِنْ الْمَرْأَةِ، أَوْ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَيْ فَضْلُ كُلِّ عَالِمٍ عَلَى كُلِّ عَابِدٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ نِسْبَةَ شَرَفِ الْعَالِمِ إلَى شَرَفِ الْعَابِدِ كَنِسْبَةِ شَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَدْنَى الصَّحَابَةِ أَوْ الْأُمَّةِ، وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي حَسَّنَهُ بَعْضُهُمْ «لَفَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ فِي الْمَاءِ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ» وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: بَابٌ نَتَعَلَّمُهُ مِنْ الْعِلْمِ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ أَلْفِ رَكْعَةٍ تَطَوُّعًا، وَبَابٌ مِنْ الْعِلْمِ نَعْلَمُهُ عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ مِائَةِ رَكْعَةٍ تَطَوُّعًا، أَوْ قَالَا: أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ سَبْعِينَ غَزْوَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَفِي ذَلِكَ زِيَادَةُ فَضْلِ التَّعَلُّمِ عَلَى التَّعْلِيمِ وَلَعَلَّهُ لِإِمْكَانِ الْعَمَلِ إلَّا إنْ كَانَتْ الْغَزَوَاتُ أَفْضَلَ مِنْ الْأَلْفِ رَكْعَةٍ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهَا، وَيَكُونُ ذِكْرُ الْمِائَةِ رَكْعَةٍ مَعَ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْأَقَلِّ قَبْلَ الْأَكْثَرِ، وَقِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: هَلْ الْعِلْمُ أَفْضَلُ أَوْ الْمَالُ؟ فَقَالَ: الْعِلْمُ، فَقَالُوا: فَمَا لَنَا نَرَى الْعُلَمَاءَ عَلَى أَبْوَابِ الْأَغْنِيَاءِ وَلَا نَرَى الْأَغْنِيَاءَ عَلَى أَبْوَابِ الْعُلَمَاءِ؟ فَقَالَ: الْعُلَمَاءُ عَرَفُوا مَنْفَعَةَ الْمَالِ، وَالْأَغْنِيَاءُ جَهِلُوا فَضِيلَةَ الْعِلْمِ وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ «مَجْلِسُ فِقْهٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً» ، وَفِي حَدِيثٍ قَوَّاهُ بَعْضُهُمْ وَضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ «نَظْرَةٌ فِي وَجْهِ الْعَالِمِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ سِتِّينَ سَنَةً صِيَامًا وَقِيَامًا» . قَوْلُهُ: (أُنْفِقَتْ) يُقَالُ فِي الْخَيْرِ أَنْفَقْت، وَفِي غَيْرِهِ أَسْرَفْت وَضَيَّعْت وَغَرِمْت. قَوْلُهُ: (نَفَائِسُ) جَمْعُ نَفِيسَةٍ فَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الْأَوْقَاتِ بِمَا مُفْرَدُهُ مُؤَنَّثٌ كَالسَّاعَاتِ كَانَ أَوْلَى، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ مَا أَنْفَقْت. قَوْلُهُ: (شَبَّهَ إلَخْ) فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ مُصَرَّحَةٌ لِوُقُوعِهَا فِي الْمَصْدَرِ أَوْ لَا تَبَعِيَّةَ لِاشْتِقَاقِ الْفِعْلِ مِنْهُ، وَالْجَامِعُ الْوُصُولُ إلَى الْمَقْصُودِ، وَيَصِحُّ كَوْنُهَا اسْتِعَارَةً مَكْنِيَّةً، وَأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْمَالِ وَإِثْبَاتَ الْإِنْفَاقِ تَخْيِيلٌ. قَوْلُهُ: (شَغْلَ) . قَالَ الدَّمِيرِيِّ: فِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ ضَمُّ أَوَّلِهِ وَفَتْحُهُ مَعَ سُكُونِ ثَانِيهِ، وَفَتْحُهُمَا، وَضَمُّهُمَا، وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ كَسْرَ الشِّينِ وَالْغَيْنِ وَسُكُونَ الْغَيْنِ مَعَ كَسْرِ الشِّينِ وَفَتْحَ الشِّينِ مَعَ كَسْرِ الْغَيْنِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَخْ) فَنَفَاسَتُهَا فِي ذَاتِهَا وَإِنْ لَمْ تُصْرَفْ فِي شَيْءٍ. قَوْلُهُ: (لِلتَّنَافِي) أَيْ بَيْنَ الْأَفْضَلِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَالْأَوْلَوِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ الَّتِي هِيَ الْمُرَادَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، لَا بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْأَفْرَادِ، فَلَا يَرِدُ مَا قِيلَ إنَّهُ لَا تَنَافِي لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْأَفْضَلِ وَهُمْ الْأَنْبِيَاءُ، وَهُوَ أَوْلَاهُمْ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ) هِيَ لِلتَّحْقِيقِ وَالتَّكْثِيرِ مَعًا، وَالْمُرَادُ بِالْأَصْحَابِ مُعْظَمُهُمْ، وَالتَّصْنِيفُ جَعْلُ الشَّيْءِ أَصْنَافًا مُمَيَّزَةً كَالْأَبْوَابِ وَالْفُصُولِ. وَالْمَبْسُوطُ مَا كَثُرَ لَفْظُهُ. وَالْمُخْتَصَرُ مَا قَلَّ لَفْظُهُ. وَلَا نَظَرَ لِلْمَعْنَى فَلَا وَاسِطَةَ. وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ مَنْ صَنَّفَ فِي الْفِقْهِ فَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ جُرَيْجٍ شَيْخُ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ شَيْخُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَشَيْخُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَهُوَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ: الرَّبِيعُ بْنُ صَبِيحٍ. وَقِيلَ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ. وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْعُلُومِ فَيُرَاجَعُ مِنْ مَحَلِّهِ وَمِنْهُ الْمُؤَلَّفُ الَّذِي جَمَعْنَا فِيهِ الْأَوَّلِيَّاتِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ. قَوْلُهُ: (فِي الْعَشَرَةِ) فَهُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لَهَا. قَوْلُهُ: (وَأَتْقَنُ) أَيْ أَحْكَمُ. وَالْمُحَرَّرُ الْمُنَقَّى الْمُهَذَّبُ، وَكَوْنُ الْمُحَرَّرِ مُبْتَدَأٌ وَمَا قَبْلَهُ الْخَبَرُ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ نَظَرًا لِلْأَشْهَرِ. قَوْلُهُ: (أَبِي الْقَاسِمِ) هِيَ كُنْيَةُ، وَالتَّكَنِّي بِهَا حَرَامٌ عَلَى وَاضِعِهَا وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِغَيْرِ مَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا   [حاشية عميرة] الْبَشَرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَدَيْهِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ: زَادَهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (شَرْعًا) أَيْ فِيهِ فَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى كُلُّ عَالِمٍ عَامِلٍ عَلَى كُلِّ عَابِدٍ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَدْنَاكُمْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِأَصْحَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لِلْأُمَّةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (شَبَّهَ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مِنْ الِاسْتِعَارَةِ التَّبَعِيَّةِ الْمُصَرَّحَةِ، وَالْجَامِعُ مَا يَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْوُصُولِ إلَى الْمَقَاصِدِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَصِحُّ تَشْبِيهُ الْأَوْقَاتِ بِالْمَالِ فَتَكُونُ مَكْنِيَّةً وَإِثْبَاتُ الْإِنْفَاقِ تَخْيِيلٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِلَا عِبَادَةٍ) أَيْ أَمَّا الَّذِي فَاتَ مَشْغُولًا بِالْعِبَادَةِ فَلَا يُطْلَبُ تَعْوِيضُهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِلتَّنَافِي بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ) أَيْ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْعَطْفُ عَلَى الْجَارِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 خَدِيجٍ الصَّحَابِيِّ كَمَا وُجِدَ بِخَطِّهِ فِيمَا حَكَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - (ذِي التَّحْقِيقَاتِ) الْكَثِيرَةِ فِي الْعِلْمِ وَالتَّدْقِيقَاتِ الْغَزِيرَةِ فِي الدِّينِ مِنْ كَرَامَاتِهِ مَا حُكِيَ أَنَّ شَجَرَةً أَضَاءَتْ عَلَيْهِ لَمَّا فَقَدَ وَقْتَ التَّصْنِيفِ مَا يُسْرِجُهُ عَلَيْهِ. (وَهُوَ) أَيْ الْمُحَرَّرُ (كَثِيرُ الْفَوَائِدِ عُمْدَةٌ فِي تَحْقِيقِ الْمَذْهَبِ) أَيْ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ فِي الْمَسَائِلِ مَجَازًا عَنْ مَكَانِ الذَّهَابِ (مُعْتَمَدٌ لِلْمُفْتِي وَغَيْرِهِ مِنْ أُولِي الرَّغَبَاتِ) أَيْ أَصْحَابِهَا، وَهِيَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ جَمْعُ رَغْبَةٍ بِسُكُونِهَا (وَقَدْ الْتَزَمَ مُصَنِّفُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -   [حاشية قليوبي] الرَّمْلِيُّ، وَقَدْ اشْتَهَرَ بِهَا الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يُعْلَمْ وَاضِعُهَا أَوْ هُوَ مِمَّنْ يَرَى حِلَّهَا بِأَنْ يُقَيِّدَ الْحُرْمَةَ بِزَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بِمَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ أَوْ بِهِمَا مَعًا كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (إمَامُ الدِّينِ عَبْدُ الْكَرِيمِ) فِيهِ تَقْدِيمُ اللَّقَبِ عَلَى الِاسْمِ، وَرَأَيْت فِي بَعْضِ التَّوَارِيخِ أَنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ رَافِعٍ فَلَا مُخَالَفَةَ إلَّا مِنْ حَيْثُ الِاسْمُ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُؤَرِّخِينَ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ النُّحَاةِ عَكْسُهَا. قَوْلُهُ: (فِيمَا حُكِيَ) أَيْ عَنْ قَاضِي قَزْوِينَ مُظَفَّرِ الدِّينِ قَالَ: رَأَيْت بِخَطِّ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ عِنْدِي فِي كِتَابِ التَّدْوِينِ فِي أَخْبَارِ قَزْوِينَ أَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ الصَّحَابِيِّ انْتَهَى، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: هُوَ نِسْبَةٌ إلَى رَافِعَانِ بَلْدَةٌ مِنْ الْعَجَمِ، بَلْ قَالَ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ: لَا يُعْرَفُ فِي نَوَاحِي الْعَجَمِ بَلْدَةٌ تُسَمَّى بِذَلِكَ، وَعَلَى مَنْ قَالَ هُوَ نِسْبَةٌ إلَى بَنِي رَافِعٍ قَبِيلَةٍ مِنْ الْعَرَبِ. قَوْلُهُ: (الْكَثِيرَةِ) هُوَ مِنْ اللَّامِ الدَّاخِلَةِ عَلَى جَمْعِ الْقِلَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْعِلْمِ) لَامُهُ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَإِنَّهُ كَمَا نُقِلَ كَانَ إمَامًا فِي غَالِبِ الْعُلُومِ، شَدِيدَ الِاحْتِرَازِ فِي تَرْجِيحِهَا وَفِي نَقْلِهَا وَعَزْوِهَا لِأَهْلِهَا إذَا شَكَّ فِي أَصْلِهَا وَكَانَ الْعِلْمُ فِي أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدَّتِهِ كَمَا فِي كِتَابِ الْأَمَالِي. قَوْلُهُ: (فِي الدِّينِ) قَالَ النَّوَوِيُّ: كَانَ الرَّافِعِيُّ إمَامًا بَارِعًا فِي الْمَعَارِفِ وَالزُّهْدِ وَالْكَرَامَاتِ الْخَارِقَةِ تُوُفِّيَ بِقَزْوِينَ أَوَاخِرَ سَنَةِ ثَلَاثٍ أَوَائِلَ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَعُمْرُهُ نَحْوُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَمَوْلِدُ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِنَحْوِ سَبْعِ سِنِينَ لِأَنَّهُ وُلِدَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَمَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَعُمْرُهُ نَحْوُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (مَا حُكِيَ) أَيْ عَنْ الْإِمَامِ ابْنِ النَّقِيبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (أَنَّ شَجَرَةً) قِيلَ إنَّهَا مِنْ الْعِنَبِ وَمِنْ كَرَامَاتِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ أَضَاءَ لَهُ أُصْبُعُهُ لَمَّا فَقَدَ فِي وَقْتِ التَّصْنِيفِ مَا يُسْرِجُهُ عَلَيْهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهِيَ سَبَّابَةُ يَدِهِ الْيُسْرَى، وَهَذِهِ أَبْلَغُ كَرَامَةً مِنْ إضَاءَةِ الشَّجَرِ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يُوقَدُ. (تَنْبِيهٌ) أَصْلُ التَّحْقِيقِ إثْبَاتُ الْمَسَائِلِ بِالْأَدِلَّةِ، وَالتَّدْقِيقُ إثْبَاتُ تِلْكَ الْأَدِلَّةِ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَأَضَافَ الثَّانِيَ لِلدِّينِ، إشَارَةً لِغَزَارَةِ دِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) أَيْ التَّصْنِيفِ أَوْ الرَّافِعِيِّ حِينَ التَّصْنِيفِ. قَوْلُهُ: (الْفَوَائِدِ) جَمْعُ فَائِدَةٍ، وَهِيَ لُغَةً كُلُّ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَعُرْفًا كُلُّ مَصْلَحَةٍ تَرَتَّبَتْ عَلَى فِعْلٍ: وَلَهَا أَسْمَاءٌ بِحَسَبِ الْمُرَادِ مِنْهَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (فِي تَحَقُّقِ الْمَذْهَبِ) أَيْ صَوْغِهِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّابِتِ الْمُحْكَمِ، وَالتَّدْقِيقُ عَلَى هَذَا إمْعَانُ النَّظَرِ وَالْغَوْصُ عَلَى غَوَامِضِ الْعِلْمِ. قَوْلُهُ: (الشَّافِعِيُّ) هُوَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ نِسْبَةً إلَى جَدِّهِ شَافِعٍ، وَنَسَبُهُ مَشْهُورٌ مَذْكُورٌ فِي مَحَلِّهِ، وُلِدَ بِغَزَّةَ وَقِيلَ بِعَسْقَلَانَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَمَاتَ بِمِصْرَ، وَدُفِنَ بِقَرَافَتِهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ، وَعَلَى قَبْرِهِ مِنْ الْجَلَالَةِ وَالِاحْتِرَامِ مَا يُنَاسِبُ مَقَامَ ذَلِكَ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَأَصْحَابُهُ) أَيْ فِي الْمَذَاهِبِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَسَائِلِ) أَيْ مُطْلَقَةً أَوْ الرَّاجِحَةِ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ. قَوْلُهُ: (مَكَانِ   [حاشية عميرة] وَالْمَجْرُورِ مَعًا لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ بَعْضُ الْأَفْضَلِ، وَذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْأَوْلَى صَرْفُ الْأَوْقَاتِ النَّفِيسَةِ فِيهِ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: مُفَادُ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ بَعْضُ الْأَفْضَلِ، وَالْأَفْضَلُ فِي ذَاتِهِ مُتَفَاوِتُ الرُّتَبِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ بَعْضَ الْأَفْضَلِ أَنْ لَا يَكُونَ أَفْضَلَ كَالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ بَعْضُ الْأَفْضَلِ الَّذِينَ هُمْ الْأَنْبِيَاءُ مَعَ أَنَّهُ أَفْضَلُهُمْ، فَلَا تَنَافِيَ إنْ رُوعِيَ مَا فِي الْوَاقِعِ مِنْ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَفْضَلُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَدْ أَكْثَرَ) هِيَ لِلتَّحْقِيقِ وَالتَّكْثِيرِ إذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَصْحَابُنَا) أَيْ مَجْمُوعُهُمْ لَا كُلُّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْهُمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ الْمَبْسُوطَاتِ) أَيْ مِنْ تَصْنِيفِهَا أَوْ الْمُرَادُ بِالتَّصْنِيفِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ الْمُصَنَّفَاتُ فَمَا بَعْدَهُ بَيَانٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مَجَازًا) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ، وَالصُّحْبَةُ هُنَا مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ الْمُشَابَهَةُ فِي التَّوَدُّدِ وَالتَّعَاوُنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَتْقَنُ مُخْتَصَرٍ) أَيْ مِنْ الْمُخْتَصَرَاتِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إمَامُ الدِّينِ) فِيهِ تَقْدِيمُ اللَّقَبِ عَلَى الِاسْمِ، وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى اصْطِلَاحِ الْمُؤَرِّخِينَ لَا عَلَى اصْطِلَاحِ النُّحَاةِ مِنْ تَأْخِيرِهِ عَنْ الِاسْمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ذِي التَّحْقِيقَاتِ) جَمْعُ تَحْقِيقَةٍ وَتَحْقِيقُ الْمَسَائِلِ إثْبَاتُهَا بِالْأَدِلَّةِ، وَالتَّدْقِيقُ إثْبَاتُهَا بِالْأَدِلَّةِ وَإِثْبَاتُ الْأَدِلَّةِ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الْكَثِيرَةِ فِي الْعِلْمِ) أَخَذَهُ مِنْ دَلَالَةِ اللَّامِ لِأَنَّهَا تُفِيدُ الْعُمُومَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَمَّا فَقَدَ وَقْتَ التَّصْنِيفِ مَا يُسْرِجُهُ عَلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِلتَّصْنِيفِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عُمْدَةٌ) خَبَرٌ ثَانٍ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مَجَازًا إلَخْ) أَيْ فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ مُصَرَّحَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُعْتَمَدٌ) خَبَرٌ ثَالِثٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 أَنْ يَنُصَّ) فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ (عَلَى مَا صَحَّحَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ) فِيهَا (وَوَفَّى) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ (بِمَا الْتَزَمَهُ) حَسْبَمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ اسْتِدْرَاكَهُ عَلَيْهِ التَّصْحِيحَ فِي الْمَوَاضِعِ الْآتِيَةِ (وَهُوَ) أَيْ مَا الْتَزَمَهُ (مِنْ أَهَمِّ أَوْ) هُوَ (أَهَمُّ الْمَطْلُوبَاتِ) لِطَالِبِ الْفِقْهِ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى الْمُصَحَّحِ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَسَائِلِهِ (لَكِنْ فِي حَجْمِهِ) أَيْ الْمُحَرَّرِ (كَبُرَ عَنْ أَنْ يُعْجِزَ حِفْظُهُ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعَصْرِ) أَيْ الرَّاغِبِينَ فِي حِفْظِ مُخْتَصَرٍ فِي الْفِقْهِ (إلَّا بَعْضَ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ) مِنْهُمْ فَلَا يَكْبُرُ، أَيْ يَعْظُمُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ (فَرَأَيْت) مِنْ الرَّأْيِ فِي الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ (اخْتِصَارَهُ) بِأَنْ لَا يَفُوتَ شَيْءٌ مِنْ مَقَاصِدِهِ (فِي نَحْوِ نِصْفِ حَجْمِهِ) هُوَ   [حاشية قليوبي] الذَّهَابِ) فَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْمَكَانِ. قَوْلُهُ: (لِلْمُفْتِي) هُوَ مَنْ يُخْبِرُ سَائِلَهُ عَنْ حُكْمٍ فِي مَسْأَلَتِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْجَوَابُ بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ: كَوْنُ السُّؤَالِ عَنْ وَاجِبٍ وَعِلْمُهُ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، وَخَوْفُ فَوَاتِهِ، وَعَدَالَتُهُ، وَانْفِرَادُهُ بِمَعْرِفَةِ الْحُكْمِ، وَتَكْلِيفُهُ، وَتَكْلِيفُ السَّائِلِ. قَالَ الْمُحَاسِبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يُسْأَلُ الْمُفْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ ثَلَاثٍ: هَلْ أَفْتَى عَنْ عِلْمٍ، وَهَلْ نَصَحَ فِي الْفُتْيَا، وَهَلْ أَخْلَصَ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى؟ . قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) كَالْمُدَرِّسِ وَالْمُتَعَلِّمِ. قَوْلُهُ: (مِنْ أُولَى الرَّغَبَاتِ) بَيَانٌ لِلْغَيْرِ، أَوَّلُهُ وَلِمَا قَبْلَهُ، وَالْمُرَادُ أُولَى الرَّغَبَاتِ فِيهِ لَا عَنْهُ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ لِلْعِلْمِ بِهِ. قَوْلُهُ: (صَحَّحَهُ) لَوْ قَالَ: رَجَّحَهُ كَمَا فِي أَصْلِهِ لَكَانَ أَعَمَّ، وَيَنُصُّ بِمَعْنَى يَذْكُرُ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الدَّلِيلِ وَعَلَى اللَّفْظِ الصَّرِيحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ) أَيْ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ التَّابِعِينَ لَهُ فِي مَذْهَبِهِ، وَفِي هَذَا تَرْشِيحٌ إلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ أَوَّلُ مَنْ ابْتَكَرَ تَرْجِيحَ وَاحِدٍ مِنْ الْخِلَافَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ، وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ عَلَيْهِ مَعَ زِيَادَةِ تَمْيِيزِ الْأَقْوَالِ وَغَيْرِهَا، وَلَعَلَّ مِنْ بَيْنِهِمَا فِي التَّرْجِيحِ كَذَلِكَ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ فَإِنَّ النَّوَوِيَّ أَخَذَ عَنْ الْكَمَالِ سَلَّارَ، وَهُوَ عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ صَاحِبِ الشَّامِلِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ عَنْ الشَّيْخِ عَبْدِ الْغَفَّارِ الْقَزْوِينِيِّ صَاحِبِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ عَنْ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ، وَهُوَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَبِي الْفَضْلِ، وَهُوَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، وَهُوَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْغَزَالِيِّ، وَهُوَ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَهُوَ عَنْ وَالِدِهِ مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ، وَهُوَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالِ الْمَرْوَزِيِّ، وَهُوَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ، وَهُوَ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ، وَهُوَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَنْمَاطِيِّ، وَهُوَ عَنْ الْمُزَنِيّ، وَهُوَ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمْ اللَّهُ أَجْمَعِينَ وَتَقَدَّمَ مَشَايِخُ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (حَسْبَمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ) غَرَضُ الشَّارِحِ مِنْ هَذَا دَفْعُ الِاعْتِرَاضِ بِالِاسْتِدْرَاكِ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ بَعْدُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِيهِ نِسْبَةُ قُصُورٍ لِلرَّافِعِيِّ بِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى ذَلِكَ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: حَسْبَمَا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ وَقْتَ التَّأْلِيفِ، وَلَعَلَّ هَذَا الَّذِي فَهِمَهُ النَّوَوِيُّ حَيْثُ أَطْلَقَ أَنَّهُ وَفَّى بِمَا الْتَزَمَ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ لَوْ اطَّلَعَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهَا لَقَبِلُوهَا فَهِيَ مَا عَلَيْهِ الْمُعْظَمُ تَقْدِيرًا كَلَامٌ فِي غَايَةِ التَّهَافُتِ، وَحَقُّهُ أَنْ لَا يُذْكَرَ. قَوْلُهُ: (الْمُصَحَّحِ) ذَكَرَهُ لِرِعَايَةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَوْلَى الْمُرَجَّحُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْعُذْرِ لِاخْتِصَارِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْهُمْ) هُوَ عَائِدٌ لِأَهْلِ الْعَصْرِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اسْتِثْنَاءَ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ، فَإِضَافَةُ أَهْلٍ إلَى أَكْثَرَ وَإِضَافَةُ بَعْضٍ إلَى أَهْلِ بَيَانِيَّةٌ أَوْ أَنَّ لَفْظَةَ بَعْضٍ وَلَفْظَةَ أَكْثَرَ مُقْحَمَتَانِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَهْلَ الْعَصْرِ فِيهِمْ أَهْلُ عِنَايَاتٍ لَا يَكْبُرُ عَلَيْهِمْ حِفْظُهُ وَقِيلَ إضَافَةُ أَهْلٍ عَلَى مَعْنَى مِنْ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْأَكْثَرِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَكْثَرَ فِيهِمْ أَهْلُ عِنَايَاتٍ وَبَعْضُهُمْ لَا يَكْبُرُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ، فَيَنْضَمُّ إلَى الْأَقَلِّ الَّذِي عُلِمَ أَنَّهُمْ يَحْفَظُونَهُ، وَلَا يَلْزَمُ كَوْنُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ. وَقِيلَ: لَفْظُ أَكْثَرَ بَاقٍ عَلَى مَعْنَاهُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَفْهُومِهِ مُنْقَطِعٌ بِمَعْنَى لَكِنْ، وَإِضَافَتُهُ إلَى مَا بَعْدَهُ حَقِيقِيَّةٌ أَوْ بَيَانِيَّةٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكَثِيرَ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ الَّذِي خَرَجَ بِالْأَكْثَرِ أَهْلُ عِنَايَاتٍ، وَبَعْضُهُمْ أَوْ كُلُّهُمْ لَا يَكْبُرُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ، وَقِيلَ: ضَمِيرُ مِنْهُمْ عَائِدٌ إلَى الْأَكْثَرِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ، وَكَأَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَكْثَرَ الَّذِي اُسْتُفِيدَ مِنْ الْعِبَارَاتِ أَنَّهُمْ يَكْبُرُ عَلَيْهِمْ حِفْظُهُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِمْ بَلْ مِنْهُمْ أَهْلُ عِنَايَاتٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْ كُلُّهُمْ لَا يَكْبُرُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ فَيَنْضَمُّونَ لِلْكَثِيرِ الْخَارِجِ بِالْأَكْثَرِ كَمَا تَقَدَّمَ، لَكِنْ فِيهِ مُنَابَذَةٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) ضَمِيرُهُ عَائِدٌ إلَى الْبَعْضِ وَفِي نُسْخَةٍ عَلَيْهِمْ أَيْ الْبَعْضِ أَيْضًا بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ أَوْ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَيَّ أَنَّ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الرَّأْيِ) بِمَعْنَى الْجَزْمِ أَوْ الْمُنَاسِبِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لَا مِنْ الرُّؤْيَةِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] أُولَى الرَّغَبَاتِ إلَخْ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يَنُصَّ) أَيْ يَذْكُرَ إمَّا بِنَصٍّ أَوْ ظَاهِرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى مَا صَحَّحَهُ) أَيْ رَجَّحَهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (حَسْبَمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ) صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَفَاءً حَسْبَمَا إلَخْ. وَقَالَ الشَّارِحُ: (فِي الْمَوَاضِعِ الْآتِيَةِ) أَيْ الَّتِي اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى خِلَافِ مَا رَجَّحَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كِبَرٌ) أَيْ مَانِعٌ مِنْ حِفْظِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعَصْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (إلَّا بَعْضَ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ) هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَالْمُرَادُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 صَادِقٌ بِمَا وَقَعَ فِي الْخَارِجِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ بِيَسِيرٍ (لِيَسْهُلَ حِفْظُهُ) أَيْ الْمُخْتَصَرِ لِكُلِّ مَنْ يَرْغَبُ فِي حِفْظِ مُخْتَصَرٍ (مَعَ مَا) أَيْ مَصْحُوبًا ذَلِكَ الْمُخْتَصَرُ بِمَا (أَضُمُّهُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) فِي أَثْنَائِهِ. وَبِذَلِكَ قَرُبَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ أَصْلِهِ كَمَا قِيلَ (مِنْ النَّفَائِسِ الْمُسْتَجَادَاتِ) أَيْ الْمُسْتَحْسَنَاتِ (مِنْهَا التَّنْبِيهُ عَلَى قُيُودٍ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ) بِأَنْ تُذْكَرَ فِيهَا (هِيَ مِنْ الْأَصْلِ مَحْذُوفَاتٌ) أَيْ مَتْرُوكَاتٌ اكْتِفَاءً بِذِكْرِهَا فِي الْمَبْسُوطَاتِ (وَمِنْهَا مَوَاضِعُ يَسِيرَةٌ) نَحْوُ خَمْسِينَ مَوْضِعًا (ذَكَرَهَا فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى خِلَافِ الْمُخْتَارِ فِي الْمَذْهَبِ) الْآتِي ذِكْرُهُ فِيهَا مُصَحَّحًا (كَمَا سَتَرَاهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) فِي مُخَالَفَتِهَا لَهُ نَظَرًا لِلْمَدَارِكِ (وَاضِحَاتٍ) فَذِكْرُ الْمُخْتَارِ فِيهَا هُوَ الْمُرَادُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ أَوَّلًا كَانَ حَسَنًا (وَمِنْهَا إبْدَالُ مَا كَانَ مِنْ أَلْفَاظِهِ غَرِيبًا) أَيْ غَيْرَ مَأْلُوفِ الِاسْتِعْمَالِ (أَوْ مُوهِمًا) أَيْ مُوقِعًا فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنَ (خِلَافَ الصَّوَابِ) أَيْ الْإِتْيَانُ بَدَلَ ذَلِكَ (بِأَوْضَحَ   [حاشية قليوبي] بِأَنْ لَا يَفُوتَ إلَخْ) دَفْعٌ لِتَوَهُّمِ وُجُودِ الْخَلَلِ الَّذِي رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ الِاخْتِصَارِ. قَوْلُهُ: (هُوَ صَادِقٌ إلَخْ) فَالْمُرَادُ بِالنَّحْوِ الزِّيَادَةُ بِقَرِينَةِ الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: بِيَسِيرٍ، إلَى الرَّدِّ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ قَدْرُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ، وَسَيُصَرَّحُ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمُخْتَصَرِ) الْمَفْهُومُ مِنْ اخْتِصَارِهِ دُفِعَ بِهِ رُجُوعُ ضَمِيرِهِ لِلْمُحَرَّرِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ. قَوْلُهُ (ذَلِكَ الْمُخْتَصَرِ) فَالْحَالُ مِنْ ضَمِيرِ حِفْظِهِ. قَوْلُهُ: (إنْ شَاءَ اللَّهُ) مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: اخْتِصَارَهُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (فِي أَثْنَائِهِ) بَيَانٌ لِلضَّمِّ الْمُوهِمِ كَوْنَهُ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ سَابِقٍ أَوْ لَاحِقٍ وَفِي إطْلَاقِ الضَّمِّ عَلَى نَحْوِ الْإِبْدَالِ تَسَامُحٌ. قَوْلُهُ: (قَرُبَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ أَصْلِهِ) فَهُوَ أَقَلُّ مِنْهَا كَمَا قِيلَ، وَالْمُشَاهَدُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (التَّنْبِيهُ) هُوَ لُغَةً الْإِيقَاظُ مِنْ النُّبْهِ بِالضَّمِّ بِمَعْنَى الْيَقَظَةِ أَوْ الْفِطْنَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَفِيهِ إطْلَاقُ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ الْمُنَبَّهِ بِهِ، وَعُرْفًا مَا عُلِمَ مِنْ عِنْوَانِ الْبَحْثِ السَّابِقِ إجْمَالًا وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ هُنَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (قُيُودٍ) جَمْعُ قَيْدٍ وَهُوَ مَا جِيءَ بِهِ لِجَمْعٍ أَوْ مَنْعٍ أَوْ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ، وَهُوَ الْأَصْلُ فِيهِ إنْ كَانَ مِنْ الْحَقِيقَةِ وَإِلَّا فَذِكْرُهُ عَبَثٌ وَمَا خَلَا عَنْ بَيَانِ الْوَاقِعِ يَلْزَمُهُ الِاحْتِرَازُ وَعَدَمُ ذِكْرِهِ مَعِيبٌ إنْ كَانَ قَيْدًا وَاحِدًا. قَوْلُهُ: (مَتْرُوكَاتٍ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ أَنَّ الْحَذْفَ يَلْزَمُهُ سَبْقُ الْوُجُودِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ اكْتِفَاءً إلَخْ إلَى أَنَّ هَذَا سَائِغٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِينَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ذِكْرُهُ فِيهَا) أَيْ ذِكْرُ الْمُخْتَارِ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ. قَوْلُهُ: (فِي مُخَالَفَتِهَا لَهُ) أَيْ لِلْمُخْتَارِ، وَالْجُمْلَةُ كَالْبَدَلِ مِنْ تَرَاهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ تَرَى خِلَافَهَا، فَفِيهِ تَقْدِيرُ مُضَافٍ قَبْلَ الضَّمِيرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْدُ. وَالْمَدَارِكُ الْأَدِلَّةُ. قَوْلُهُ: (بِأَوْضَحَ وَأَخْصَرَ) أَيْ بِوَاضِحٍ مُخْتَصَرٍ كَمَا فِي إبْدَالِ كُنْدُوجٍ بِوِعَاءٍ فِي السَّرِقَةِ، وَلَا يَجُوزُ بِ يَشْتَرِطُ فِي أَوَّلِ الطَّهَارَةِ. فَكُلٌّ مِنْهُمَا رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْغَرِيبِ وَالْمُوهِمِ، فَلَا اعْتِرَاضَ وَلَا إيرَادَ. قَوْلُهُ: (ظَاهِرَاتٍ فِي أَدَاءِ الْمُرَادِ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ   [حاشية عميرة] بِالْبَعْضِ الْأَقَلُّ الْمُقَابِلُ لِلْأَكْثَرِ، وَضَمِيرُ مِنْهُمْ لِأَهْلِ الْعَصْرِ لَا لِلْأَكْثَرِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِأَنْ لَا يَفُوتَ إلَخْ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِنْ الزِّيَادَةِ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ زَائِدًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَعَ مَا أَضُمُّهُ إلَيْهِ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى سَبْقِ الْخُطْبَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) تَنَازَعَ فِيهِ لِيَسْهُلَ وَأَضُمُّهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ مَصْحُوبًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي حِفْظِهِ أَيْ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمُخْتَصَرِ مَصْحُوبًا بِمَا أَضُمُّهُ إلَيْهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي أَثْنَائِهِ) دَفْعٌ لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْمَضْمُومَ مُسْتَقِلٌّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْهَا التَّنْبِيهُ) أَيْ الْمُنَبَّهُ بِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى قُيُودٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُخْتَصَّةً بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ أَوْ مُعَمَّمَةً، وَكَأَنَّهُ أَنَّثَ ضَمِيرَ فِيهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْبَعْضَ اكْتَسَبَ تَأْنِيثًا مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ لِأَنَّ مَعْنَاهُ مُؤَنَّثٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُيُودٍ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ) أَيْ مُعْتَبَرَةٍ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ، وَإِنَّمَا جَمَعَهُ لِأَنَّ الْبَعْضَ مُتَعَدِّدٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِأَنْ تُذْكَرَ) رَاجِعٌ لِلتَّنْبِيهِ وَالضَّمِيرُ فِي فِيهَا يَعُودُ لِبَعْضِ الْمَسَائِلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (مَحْذُوفَاتٌ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ هِيَ مِنْ الْأَصْلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ مَتْرُوكَاتٌ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ يَعْنِي لِأَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ إذْ الْحَذْفُ يَسْتَدْعِي سَبْقَ وُجُودٍ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (اكْتِفَاءً بِذِكْرِهَا فِي الْمَبْسُوطَاتِ) أَيْ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمِنْهَا مَوَاضِعُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْهَا التَّنْبِيهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الْآتِي ذِكْرُهُ إلَخْ) قَيْدٌ مُخَصِّصٍ لِلْمُخْتَارِ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ مُخْتَارِ الرَّافِعِيِّ، فَإِنَّهَا مَذْكُورَةٌ فِيهِ عَلَى وَفْقِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (ذِكْرُهُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُخْتَارِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي مُخَالَفَتِهَا لَهُ) أَيْ لِلْمُخْتَارِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (نَظَرًا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ سَتَرَاهَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَذِكْرُ الْمُخْتَارِ فِيهَا هُوَ الْمُرَادُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ الْآتِي إلَخْ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ) عَطْفٌ عَلَى ذِكْرُ، فَالْفَاءُ مُقَدَّرَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَانَ حَسَنًا) لَمْ يَقُلْ كَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّهُ لَا حُسْنَ عِنْده فِيمَا وَقَعَ مِنْ التَّعْبِيرِ. قَوْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 وَأَخْصَرَ مِنْهُ بِعِبَارَاتٍ جَلِيَّاتٍ) أَيْ ظَاهِرَاتٍ فِي أَدَاءِ الْمُرَادِ، وَأَدْخَلَ الْبَاءَ بَعْدَ لَفْظِ الْإِبْدَالِ عَلَى الْمَأْتِيِّ بِهِ مُوَافَقَةً لِلِاسْتِعْمَالِ الْعُرْفِيِّ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمَعْرُوفِ لُغَةً مِنْ إدْخَالِهَا عَلَى الْمَتْرُوكِ نَحْوَ: أَبْدَلْت الْجَيِّدَ بِالرَّدِيءِ، أَيْ أَخَذْت الْجَيِّدَ بِالرَّدِيءِ. (وَمِنْهَا بَيَانُ الْقَوْلَيْنِ وَالْوَجْهَيْنِ وَالطَّرِيقَيْنِ وَالنَّصِّ وَمَرَاتِبِ الْخِلَافِ) قُوَّةً وَضَعْفًا فِي الْمَسَائِلِ (فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ) بِخِلَافِ الْمُحَرَّرِ فَتَارَةً يُبَيِّنُ نَحْوَ أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ وَأَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، وَتَارَةً لَا يُبَيِّنُ نَحْوَ الْأَصَحِّ وَالْأَظْهَرِ (فَحَيْثُ أَقُولُ فِي الْأَظْهَرِ أَوْ الْمَشْهُورِ فَمِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ) لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (فَإِنْ قَوِيَ الْخِلَافُ) لِقُوَّةِ مُدْرَكِهِ (قُلْت الْأَظْهَرُ) الْمُشْعِرُ   [حاشية قليوبي] التَّكْرَارِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِبْدَالِ بِمَا ذُكِرَ دَلَالَتُهُ عَلَى الْمُرَادِ. قَوْلُهُ: (وَأَدْخَلَ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَى الشَّارِحِ مَا فِي لَفْظِ بِغَيْرِهِ، فَقَدْ نَقَلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ إدْخَالَ الْبَاءِ عَلَى الْمَأْخُوذِ فِي حَيِّزِ الْإِبْدَالِ هُوَ الْأَفْصَحُ الْمَعْرُوفُ لُغَةً، وَعَكْسَهُ فِي حَيِّزِ التَّبَدُّلِ وَالِاسْتِبْدَالِ وَالتَّبْدِيلِ، قَالَ: وَمَحَلُّهُ فِي الْكُلِّ إنْ لَمْ يُذْكَرْ مَعَ الْمَأْخُوذِ وَالْمَتْرُوكِ غَيْرُهُمَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَيَانُ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ ذِكْرُ عِبَارَاتٍ يُعْلَمُ مِنْهَا أَنَّ الْخِلَافَ أَقْوَالٌ لِلْإِمَامِ أَوْ أَوْجُهٌ لِأَصْحَابِهِ أَوْ مُرَكَّبٌ مِنْهُمَا، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَحَدَ عَشَرَ صِيغَةً وَهِيَ: الْأَظْهَرُ وَالْمَشْهُورُ وَالْقَدِيمُ وَالْجَدِيدُ، وَفِي قَوْلٍ وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ، وَالْأَصَحُّ وَالصَّحِيحُ، وَقِيلَ: وَالنَّصُّ وَالْمَذْهَبُ وَالسِّتَّةُ الْأُوَلُ لِلْأَقْوَالِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ السَّادِسَةُ مِنْهَا فِي كَلَامِهِ، وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهَا لِلْأَوْجُهِ، وَالْعَاشِرَةُ لِلْمُرَكَّبِ مِنْهُمَا يَقِينًا، وَالْأَخِيرَةُ مُحْتَمِلَةٌ لِلثَّلَاثَةِ، وَأَلْ فِي الْقَوْلَيْنِ وَاَللَّذَيْنِ بَعْدَهُ لِلْجِنْسِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْخِلَافِ) بِمَعْنَى الْمُخَالِفِ. قَوْلُهُ: (قُوَّةً وَضَعْفًا) تَمْيِيزٌ لِمَرَاتِبَ بِاعْتِبَارِ الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهَا فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَوْجُهِ فَقَطْ، فَإِنْ أَرَادَ بِالْمَرْتَبَةِ الرَّاجِحَ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ فِي الْجَمِيعِ لَكِنْ لَا يُوَافِقُ كَلَامَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَسَائِلِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْقَوْلَيْنِ وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (الْحَالَاتِ) أَيْ حَالَاتِ الْمَسَائِلِ فَهِيَ غَيْرُهَا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (فَتَارَةً يُبَيِّنُ) أَيْ نَوْعَ الْخِلَافِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ، وَيَلْزَمُهُ بَيَانُ الْمَرْتَبَةِ لِأَنَّ بَيَانَ النَّوْعِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَبَيَانَ الْمَرْتَبَةِ مِنْ الْمُضَافِ وَمِنْ غَيْرِ الْمُضَافِ، وَالشَّارِحُ لَمْ يَنْظُرْ لِلْمَرْتَبَةِ، وَيَلْزَمُهُ قُصُورٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعَ صَرَاحَتِهِ بِالْمَرْتَبَةِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ) لَوْ أَسْقَطَ الْجَارَّ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ (لِقُوَّةِ مُدْرَكِهِ) قُوَّةُ الْمُدْرَكِ وَضَعْفُهُ رَاجِعٌ لِلدَّلِيلِ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدْ لَا نَعْلَمُهُ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ الرَّاجِحُ بِأُمُورٍ كَالنَّصِّ عَلَى أَرْجَحِيَّتِهِ فَالْعِلْمُ بِتَأَخُّرِهِ، فَالتَّفْرِيعُ عَلَيْهِ فَالنَّصُّ عَلَى فَسَادِ مُقَابِلِهِ فَإِفْرَادُهُ فِي مَحَلٍّ أَوْ فِي جَوَابٍ فَمُوَافَقَتُهُ لِمَذْهَبِ مُجْتَهِدٍ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مُرَجِّحٌ فَلِلْمُقَلِّدِ أَنْ يَعْمَلَ بِأَيِّ الْقَوْلَيْنِ شَاءَ، وَيَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْمَرْجُوحِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا فِي الْإِفْتَاءِ وَالْقَضَاءِ إذَا لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ مُتَنَاقِضَيْنِ كَحِلٍّ وَحُرْمَةٍ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَجُوزُ تَقْلِيدُ بَقِيَّةِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَكَذَا غَيْرُهُمْ مَا لَمْ يَلْزَمْ تَلْفِيقٌ لَمْ يَقُلْ بِهِ وَاحِدٌ، كَمَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ مَعَ نَجَاسَةٍ كَلْبِيَّةٍ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَا لَمْ يَتَّبِعْ الرُّخْصَ بِحَيْثُ تَنْحَلُّ رِبْقَةُ التَّكْلِيفِ مِنْ عُنُقِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَثِمَ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا يَفْسُقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَجَازَ تَقْلِيدٌ لِغَيْرِ الْأَرْبَعَهْ ... فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَفِي هَذَا سَعَهْ لَا فِي قَضَاءٍ مَعَ إفْتَاءٍ ذُكِرْ ... هَذَا عَنْ السُّبْكِيّ الْإِمَامِ الْمُشْتَهِرْ   [حاشية عميرة] الْمَتْنِ (غَرِيبًا) حَالٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ مَوْقِعًا فِي الْوَهْمِ) يُرِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَهْمِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الِاحْتِمَالَ الرَّاجِحَ وَالْمَرْجُوحَ وَالْمُسَاوِيَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ الذِّهْنِ) الْأَحْسَنُ الْإِتْيَانُ بِيَعْنِي، وَالْمُرَادُ بِالذِّهْنِ النَّفْسُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (خِلَافَ الصَّوَابِ) أَيْ مُخَالِفَهُ أَيْ فِي اعْتِقَادِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ الْإِتْيَانَ) تَفْسِيرٌ لِلْإِبْدَالِ، وَأَخَّرَهُ لِيَرْتَبِطَ بِالْبَدَلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَوْضَحَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ إيضَاحٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِعِبَارَاتٍ جَلِيَّاتٍ) الْبَاءُ إمَّا سَبَبِيَّةٌ أَوْ لِلْمُلَابَسَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ ظَاهِرَاتٍ) أَيْ بَيِّنَاتٍ لَا مُقَابِلِ النَّصِّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِنْ إدْخَالِهَا) بَيَانٌ لِلْمَعْرُوفِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْقَوْلَيْنِ) أَوْ الْأَقْوَالِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَالْوَجْهَيْنِ، أَيْ أَوْ الْأَوْجُهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَالطَّرِيقَيْنِ، أَيْ أَوْ الطُّرُقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالنَّصِّ) هُوَ قَوْلٌ مَخْصُوصٌ بِاعْتِبَارِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ قَوْلٍ مُخَرَّجٍ أَوْ وَجْهٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَرَاتِبِ الْخِلَافِ) أَيْ الْمُخَالِفِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي الْمَسَائِلِ) الظَّاهِرُ أَنَّ سَائِرَ مَا مَرَّ تَنَازَعَ فِيهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ) يَعْنِي الْمَسَائِلَ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا ذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَتَارَةً يُبَيِّنُ) أَيْ النَّوْعَ فَقَطْ وَقَوْلُهُ، وَتَارَةً لَا يُبَيِّنُ أَيْ النَّوْعَ فَقَطْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ قَوِيَ الْخِلَافُ) أَيْ الْمُخَالِفُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت إلَخْ) أَيْ فِيمَا أُرِيدُ تَرْجِيحَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ (فَإِنْ قَوِيَ الْخِلَافُ إلَخْ) لَمْ يَزِدْ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَظِيرَ مَا سَلَفَ إحَالَةً عَلَى مَا سَلَفَ. قَوْلُ الشَّارِحِ (فَإِنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 بِظُهُورِ مُقَابِلِهِ (وَإِلَّا فَالْمَشْهُورُ) الْمُشْعِرُ بِغَرَابَةِ مُقَابِلِهِ لِضَعْفِ مُدْرَكِهِ. (وَحَيْثُ أَقُولُ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ فَمِنْ الْوَجْهَيْنِ أَوْ الْأَوْجُهِ) لِلْأَصْحَابِ يَسْتَخْرِجُونَهَا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (فَإِنْ قَوِيَ الْخِلَافُ قُلْت الْأَصَحُّ وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ) وَلَمْ يُعَبِّرْ بِذَلِكَ فِي الْأَقْوَالِ تَأَدُّبًا مَعَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا قَالَ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنْهُ مُشْعِرٌ بِفَسَادِ مُقَابِلِهِ. (وَحَيْثُ أَقُولُ الْمَذْهَبُ فَمِنْ الطَّرِيقَيْنِ أَوْ الطُّرُقِ) وَهِيَ اخْتِلَافُ الْأَصْحَابِ فِي حِكَايَةِ الْمَذْهَبِ كَأَنْ يَحْكِيَ بَعْضُهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَوْ وَجْهَيْنِ لِمَنْ تَقَدَّمَ، وَيَقْطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ الرَّاجِحُ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ إمَّا طَرِيقُ الْقَطْعِ أَوْ الْمُوَافِقِ لَهَا مِنْ طَرِيقِ الْخِلَافِ أَوْ الْمُخَالِفِ لَهَا كَمَا سَيَظْهَرُ فِي الْمَسَائِلِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ الْأَوَّلُ وَأَنَّهُ الْأَغْلَبُ مَمْنُوعٌ (وَحَيْثُ أَقُولُ النَّصُّ فَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَكُونُ هُنَاكَ) أَيْ مُقَابِلُهُ (وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَوْ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ) مِنْ نَصٍّ لَهُ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ لَا يُعْمَلُ بِهِ. (وَحَيْثُ أَقُولُ الْجَدِيدُ فَالْقَدِيمُ خِلَافُهُ أَوْ الْقَدِيمُ أَوْ فِي قَوْلٍ قَدِيمٍ فَالْجَدِيدُ خِلَافُهُ) . وَالْقَدِيمُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -   [حاشية قليوبي] ثُمَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَقْوَالِ يَجْرِي فِي الْأَوْجُهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (يَسْتَخْرِجُونَهَا) أَيْ غَالِبًا مِنْ قَوَاعِدِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَضَوَابِطِهِ، وَقَدْ تَكُونُ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا قَالَ) أَيْ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ التَّعْبِيرِ. قَوْلُهُ: (مُشْعِرٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ لَا أَنَّ مُقَابِلَهُ فَاسِدٌ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الْعَمَلِ بِهِ وَاخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْأَصَحِّ أَوْ الصَّحِيحِ أَيُّهُمَا أَقْوَى، فَقِيلَ: الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ جَرَى شَيْخُنَا لِزِيَادَةِ قُوَّتِهِ، وَقِيلَ: الثَّانِي لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْمَقْطُوعِ بِهِ، وَعَلَيْهِ جَرَى بَعْضُهُمْ، وَهُوَ أَوَجْهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأَظْهَرِ وَالْمَشْهُورِ. قَوْلُهُ: (الْمَذْهَبُ إلَخْ) مِنْهُ يُعْلَمُ كَوْنُ الْخِلَافِ طُرُقًا، وَهُوَ الَّذِي الْتَزَمَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا سَبَقَ ثُمَّ إنْ أُرِيدَ بِمَرْتَبَةِ الْخِلَافِ أَرْجَحِيَّةُ الْمَذْكُورِ عَلَى مُقَابِلِهِ فَهِيَ مَعْلُومَةٌ أَيْضًا كَمَا مَرَّ، وَسَيُشِيرُ الشَّارِحُ إلَيْهَا، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا كَوْنُ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ هُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ الْمَشْهُورُ أَوْ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ مَثَلًا فَهُوَ وَارِدٌ عَلَيْهِ. وَأَمَّا كَوْنُ الْخِلَافِ فِي الطُّرُقِ أَقْوَالًا أَوْ أَوْجُهًا، فَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ فِيمَا سَبَقَ فَهُوَ غَيْرُ وَارِدٍ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَحْكِيَ) أَيْ يَجْزِمَ بِثُبُوتِ الْقَوْلَيْنِ مَثَلًا، وَيَقْطَعَ بَعْضُهُمْ أَيْ يَجْزِمَ بِثُبُوتِ أَحَدِهِمَا سَوَاءٌ نُفِيَ وُجُودُ الْآخَرِ مِنْ أَصْلِهِ، أَوْ نُفِيَ حُكْمُهُ بِحَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ مَا يُفِيدُهُ حُكْمُ الْأَوَّلِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْحِكَايَةَ أَوْ الْجَزْمَ هُوَ الطَّرِيقُ، فَيَجْزِمَ عَطْفٌ عَلَى يَحْكِيَ، وَلَوْ قَالَ بِأَنْ يَحْكِيَ لَكَانَ أَوْلَى. وَالِاخْتِلَافُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الْمُخَالِفِ. قَوْلُهُ: (وَمَا قِيلَ) أَيْ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ طَرِيقُ الْقَطْعِ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ ضَمِيرُ، وَأَنَّهُ الْأَغْلَبُ، ثُمَّ إنْ جَعَلْت هَذِهِ الْجُمْلَةَ حَالًا مِنْ الْأَوَّلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلُ غَالِبًا فَهُوَ قَوْلٌ وَاحِدٌ، وَإِلَّا فَهُمَا قَوْلَانِ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ قِيلَ إنَّ طَرِيقَ الْقَطْعِ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ دَائِمًا. وَقِيلَ إنَّهُ مُرَادُهُ غَالِبًا، وَالْمَنْعُ مُنْصَبٌّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْوَجْهَيْنِ مِنْ الْحَاكِيَةِ، وَحِينَئِذٍ فَهَلْ هُوَ الْمُوَافِقُ لِطَرِيقِ الْقَطْعِ أَوْ الْمُخَالِفُ لَهُ؟ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ بِالْأَوَّلِ، وَخَالَفَهُمَا شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُوَافِقُهُ. قَوْلُهُ: (النَّصُّ) أَيْ هَذِهِ الصِّيغَةُ بِخُصُوصِهَا بِخِلَافِ لَفْظِ الْمَنْصُوصِ فَقَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ النَّصِّ وَعَنْ الْقَوْلِ وَعَنْ الْوَجْهِ فَالْمُرَادُ بِهِ حِينَئِذٍ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَجْهٌ ضَعِيفٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُقَابِلًا لِلنَّصِّ سَوَاءٌ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْأَصَحِّ أَوْ الصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: (لَا يُعْمَلُ بِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ مُقَابَلَتُهُ لِلنَّصِّ، وَلَا يَجُوزُ نِسْبَتُهُ لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَّا مُقَيَّدًا. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي قَوْلٍ قَدِيمٍ) أَيْ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ عَبَّرَ بِذَلِكَ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ بِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْعِرَاقِ) وَكَذَا بَعْدَهُ قَبْلَ دُخُولِ مِصْرَ، وَلَمْ يَسْتَقِرَّ رَأْيُهُ   [حاشية عميرة] الصَّحِيحَ مِنْهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ بِذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَأَنْ يَحْكِيَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مُسَمَّى الطَّرِيقَةِ نَفْسُ الْحِكَايَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ جَعَلَهَا الشَّارِحُ اسْمًا لِلِاخْتِلَافِ اللَّازِمِ لِحِكَايَةِ الْأَصْحَابِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِمَنْ تَقَدَّمَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَجْهَيْنِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَإِنَّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْمُرَادِ، وَقَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ مَنْعُ إرَادَتِهِ وَاضِحٌ، وَأَمَّا مَنْعُ أَغْلَبِيَّتِهِ فَمُقْتَضَاهُ إمَّا التَّسَاوِي وَهُوَ بَعِيدٌ وَإِمَّا أَغْلَبِيَّةُ الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ، فَإِنْ أُرِيدَ أَحَدُهُمَا عَلَى التَّعْيِينِ فَمَمْنُوعٌ، وَإِنْ أُرِيدَ مَجْمُوعُهُمَا فَرُبَّمَا يَسْلَمُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَا يُعْمَلُ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْقَوْلِ الْمُخَرَّجِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَا يُعْمَلُ بِهِ) أَيْ غَالِبًا، وَيَجُوزُ نِسْبَتُهُ لِلْإِمَامِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 بِالْعِرَاقِ، وَالْجَدِيدُ مَا قَالَهُ بِمِصْرَ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا يُنَبِّهُ عَلَيْهِ كَامْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ الْأَحْمَرِ فِي الْقَدِيمِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَحَيْثُ أَقُولُ: وَقِيلَ كَذَا، فَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ، وَالصَّحِيحُ أَوْ الْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَحَيْثُ أَقُولُ: وَفِي قَوْلٍ كَذَا فَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ) وَيَتَبَيَّنُ قُوَّةُ الْخِلَافِ وَضَعْفُهُ مِنْ مُدْرَكِهِ (وَمِنْهَا مَسَائِلُ نَفِيسَةٌ أَضُمُّهَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُخْتَصَرِ فِي مَظَانِّهَا (يَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْلَى الْكِتَابُ) أَيْ الْمُخْتَصَرُ وَمَا يُضَمُّ إلَيْهِ (مِنْهَا) صَرَّحَ بِوَصْفِهَا الشَّامِلِ لَهُ مَا تَقَدَّمَ، وَزَادَ عَلَيْهِ إظْهَارًا لِلْعُذْرِ فِي زِيَادَتِهَا فَإِنَّهَا عَارِيَّةٌ عَنْ التَّنْكِيتِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا (وَأَقُولُ فِي أَوَّلِهَا قُلْت وَفِي آخِرِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِتَتَمَيَّزَ عَنْ مَسَائِلِ الْمُحَرَّرِ، وَقَدْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي اسْتِدْرَاكِ التَّصْحِيحِ عَلَيْهِ، وَقَدْ زَادَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ كَقَوْلِهِ فِي فَصْلِ الْخَلَاءِ وَلَا يَتَكَلَّمُ (وَمَا وَجَدْته) أَيُّهَا النَّاظِرُ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ (مِنْ زِيَادَةِ لَفْظَةٍ وَنَحْوِهَا عَلَى مَا فِي الْمُحَرَّرِ فَاعْتَمِدْهَا فَلَا بُدَّ مِنْهَا)   [حاشية قليوبي] عَلَيْهِ فِيهَا. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَحِلُّ عَدُّهُ مِنْ الْمَذْهَبِ مَا لَمْ يَدُلَّ لَهُ نَصٌّ أَوْ يُرَجِّحْهُ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّرْجِيحِ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ رُوَاتِهِ أَرْبَعَةٌ الْكَرَابِيسِيُّ وَالزَّعْفَرَانِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. قَوْلُهُ: (وَالْجَدِيدُ مَا قَالَهُ بِمِصْرَ) أَيْ بَعْدَ دُخُولِهَا أَوْ مَا اسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَيْهِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَهُ بِالْعِرَاقِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ رُوَاتِهِ أَرْبَعَةٌ الْمُزَنِيّ وَالْبُوَيْطِيُّ وَالرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ وَالرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ، وَمِنْهُمْ حَرْمَلَةُ وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الَّذِي قُبِرَ الشَّافِعِيُّ فِي بَيْتِهِ وَأَبُوهُ. قَوْلُهُ: (وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْهُمَا وَعِلْمُهُ مِنْ فَحَوَى الْمَقَامِ لَا يُغْنِيهِ عَنْ ذِكْرِهِ، وَانْظُرْ هَلْ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ هَذِهِ النَّفِيسَةِ دَاخِلٌ تَحْتَ أَوَّلِهَا مِنْ بَيَانِ الْقَوْلَيْنِ إلَخْ. الظَّاهِرُ نَعَمْ، وَتَأْخِيرُ هَذَا عَنْ النَّصِّ لَا يُنَافِيهِ لِاخْتِلَافِ نَوْعِهِ لِأَنَّ مَا قَبْلَ النَّصِّ فِي ذِكْرِ الرَّاجِحِ وَمَا بَعْدَهُ فِي ذِكْرِ الْمَرْجُوحِ، فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ أَوْ الْأَصَحُّ) لَمْ يَقُلْ: فَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ، كَاَلَّذِي بَعْدَهُ لِعِلْمِ الرَّاجِحِيَّةِ فِي مُقَابِلِهِ مِنْ لَفْظٍ ضَعِيفٍ فِيهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ إلَّا مَعْرِفَةَ أَنَّهُ صَحِيحٌ أَوْ أَصَحُّ، وَلِمَا عُلِمَ أَنَّ مُقَابِلَ مَا بَعْدَهُ أَقْوَالٌ، وَلَمْ تُعْلَمْ الرَّاجِحِيَّةُ نَصَّ عَلَيْهَا فَقَدْ نَصَّ فِي كُلٍّ عَلَى مَا لَمْ يُعْلَمْ مِنْ الْآخَرِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَبِتَبْيِينِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ) أَيْ فِي الْمُقَابِلِ لِلْوَجْهِ وَالْمُقَابِلِ لِلْقَوْلِ، وَقِيلَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: الْمَذْهَبُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (يَنْبَغِي) أَيْ يُطْلَبُ طَلَبًا مُؤَكَّدًا. قَوْلُهُ: (وَمَا يُضَمُّ إلَيْهِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لَهَا لِأَنَّ الْكِتَابَ هُنَا اسْمٌ لِلْمِنْهَاجِ كُلِّهِ، وَهِيَ مِنْ جُمْلَتِهِ. قَوْلُهُ: (بِوَصْفِهَا) وَهُوَ النَّفَاسَةُ الشَّامِلُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ مِنْ النَّفَائِسِ، وَزَادَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: يَنْبَغِي إلَى آخِرِهِ. قَوْلُهُ: (إظْهَارًا) عِلَّةٌ لِصَرَّحَ وَزَادَ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا) عِلَّةٌ لِلْعُذْرِ، وَالْفَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَوْ تَعْلِيلِيَّةٌ، أَيْ وَاحْتَاجَتْ لِلْعُذْرِ بِسَبَبٍ أَوْ لِأَجْلِ أَنَّهَا عَارِيَّةٌ عَنْ التَّنْكِيتِ، أَيْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (فِي أَوَّلِهَا) أَيْ عِنْدَهُ أَوْ عُرْفًا وَفِي آخِرِهَا عَقِبَهُ أَوْ عُرْفًا. قَوْلُهُ: (وَقَدْ قَالَ إلَخْ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَغْلَبِ فِي مَفْهُومِهِ وَمَنْطُوقِهِ، وَدَفْعٌ لِتَوَهُّمِ عُمُومِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَمَا وَجَدْته) تَنْبِيهٌ عَلَى دَفْعِ مَا عَسَاهُ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْ سَهْوٍ أَوْ سَبْقِ قَلَمٍ مِنْ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ) عُدُولُهُ عَنْ الْكِتَابِ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ يَرْشُدُ إلَى أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَأْخُوذِ مِنْ كَلَامِ الْمُحَرَّرِ، وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَالْأَنْسَبُ الْأَعَمُّ لِعُمُومِ مَا بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ وَغَيْرِهِ بِجَعْلِهِ رَاجِعًا لِمَا قَبْلَ الْأَذْكَارِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوَهَا) ضَمِيرُهَا عَائِدٌ عَلَى الزِّيَادَةِ فَيُرَادُ بِهِ الْمُبَدَّلُ وَالْمُغَيَّرُ أَوْ عَلَى اللَّفْظَةِ فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الْحَرْفُ فَنَحْوُهَا مَا زَادَ عَلَيْهِ أَوْ الْكَلِمَةُ فَنَحْوُهَا، يَشْمَلُ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا وَالنَّقْصَ عَنْهَا، وَيَشْمَلُ نَحْوَ الْإِبْدَالِ بِتَجَوُّزٍ لَكِنْ ضَمِيرُ فَاعْتَمِدْهَا الْعَائِدُ لِلزِّيَادَةِ يُرْشِدُ إلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ فِي نَحْوِهَا إلَى اللَّفْظَةِ فَتَأَمَّلْ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْجَدِيدُ مَا قَالَهُ بِمِصْرَ) أَيْ إحْدَاثًا وَاسْتِقْرَارًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ) قِيَاسُ مَا سَلَفَ أَنْ يَقُولَ: فَالْأَظْهَرُ أَوْ الْمَشْهُورُ خِلَافُهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي مَظَانِّهَا) أَيْ مَحَالِّهَا الَّتِي تُظَنُّ تِلْكَ الْمَسَائِلُ فِيهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُفْرَدَهُ مَظِنَّةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَنْبَغِي) أَيْ يُطْلَبُ وَيَحْسُنُ شَرْعًا تَرْكُ خُلُوِّهِ مِنْهَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إظْهَارًا لِلْعُذْرِ) أَيْ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ تُنَافِي الِاخْتِصَارَ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ صَرَّحَ بِوَصْفِهَا وَقَوْلِهِ وَزَادَ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَقُولُ فِي أَوَّلِهَا قُلْت إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ مَعْنَاهُمَا الْعُرْفِيُّ فَيَصْدُقُ بِمَا اتَّصَلَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، وَقَوْلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، كَأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ التَّبَرِّي مِنْ دَعْوَى الْأَعْلَمِيَّةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِتَتَمَيَّزَ إلَخْ) أَيْ مَعَ التَّبَرِّي مِنْ دَعْوَى الْأَعْلَمِيَّةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَقَدْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ) قَدْ هُنَا لِلتَّقْلِيلِ، وَكَذَا قَدْ الْآتِيَةُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَقَدْ زَادَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ) لَكِنْ هَذَا النَّوْعُ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَلِيلِ مِثْلُ اللَّفْظَةِ وَاللَّفْظَتَيْنِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ) الْأَحْسَنُ فِي هَذَا الْكِتَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ زِيَادَةِ لَفْظَةٍ وَقَوْلُهُ بَعْدَهَا فَاعْتَمِدْهَا) أَيْ الزِّيَادَةَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَثِيرٍ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 كَزِيَادَةِ كَثِيرٍ وَفِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ فِي قَوْلِهِ فِي التَّيَمُّمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِجُرْحِهِ دَمٌ كَثِيرٌ أَوْ الشَّيْنُ الْفَاحِشُ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ. (وَكَذَا مَا وَجَدْته مِنْ الْأَذْكَارِ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ فَاعْتَمِدْهُ فَإِنِّي حَقَّقْته مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ) فِي نَقْلِهِ لِاعْتِنَاءِ أَهْلِهِ بِلَفْظِهِ بِخِلَافِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ يَعْتَنُونَ غَالِبًا بِمَعْنَاهُ (وَقَدْ أُقَدِّمُ بَعْضَ مَسَائِلِ الْفَصْلِ لِمُنَاسِبَةٍ أَوْ اخْتِصَارٍ وَرُبَّمَا قَدَّمْت فَصْلًا لِلْمُنَاسِبَةِ) كَتَقْدِيمِ فَصْلِ التَّخْيِيرِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ عَلَى فَصْلِ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ (وَأَرْجُو إنْ تَمَّ هَذَا الْمُخْتَصَرُ) وَقَدْ تَمَّ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى الشَّرْحِ لِلْمُحَرَّرِ فَإِنِّي لَا أَحْذِفُ) أَيْ أُسْقِطُ (مِنْهُ شَيْئًا مِنْ الْأَحْكَامِ أَصْلًا وَلَا مِنْ الْخِلَافِ وَلَوْ كَانَ وَاهِيًا) أَيْ ضَعِيفًا جِدًّا مَجَازًا عَنْ السَّاقِطِ (مَعَ مَا) أَيْ آتِي بِجَمِيعِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مَصْحُوبًا بِمَا (أَشَرْت إلَيْهِ مِنْ النَّفَائِسِ) الْمُتَقَدِّمَةِ (وَقَدْ شَرَعْتُ) مَعَ الشُّرُوعِ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ (فِي جَمْعِ جُزْءٍ لَطِيفٍ عَلَى صُورَةِ الشَّرْحِ لِدَقَائِقَ هَذَا الْمُخْتَصَرِ) مِنْ حَيْثُ الِاخْتِصَارُ (وَمَقْصُودِي بِهِ التَّنْبِيهُ عَلَى الْحِكْمَةِ فِي الْعُدُولِ عَنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ وَفِي إلْحَاقِ قَيْدٍ أَوْ حَرْفٍ) فِي الْكَلَامِ (أَوْ شَرْطٍ لِلْمَسْأَلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِمَّا بَيَّنَهُ (وَأَكْثَرُ ذَلِكَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا) وَمِنْهُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ) أَيْ لَا فِرَاقَ وَلَا مَحِيدَ عَنْهَا، أَيْ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَمِدًا كَمَا فِي زِيَادَةِ كَثِيرٍ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَا وَجَدْته) أَيْ فِي الْمُخْتَصَرِ أَوْ الْكِتَابِ، وَتَسْمِيَتُهُ بِالْمِنْهَاجِ الَّذِي هُوَ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ، قِيلَ: لَمْ تَرِدْ عَنْ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ بَعْضِ تَلَامِذَتِهِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَقِيلَ وُجِدَتْ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَامِشِ بَعْضِ نُسَخِهِ، وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ أَشْيَاخُنَا الَّذِي هُوَ الْمِنْهَاجُ بِدَلِيلِ ذِكْرِ غَيْرِ الْمُحَرَّرِ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَاعْتَمِدْهُ) تَأْكِيدٌ لِلتَّشْبِيهِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (لِمُنَاسِبَةٍ أَوْ اخْتِصَارٍ) هِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَحَدِهِمَا الْآخَرُ. قَوْلُهُ: (لِلْمُنَاسِبَةِ) وَسَكَتَ عَنْ الِاخْتِصَارِ هُنَا لِعَدَمِ صِحَّتِهِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَأَرْجُو) هُوَ دَلِيلُ الْجَوَابِ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ الرَّجَاءُ عَنْ التَّمَامِ، وَسَيَأْتِي فِي الْإِشَارَةِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى الشَّرْحِ) لِاشْتِمَالِهِ عَلَى بَيَانِ دَقَائِقِهِ وَخَفِيِّ أَلْفَاظِهِ وَمُهْمَلِ خِلَافِهِ وَمَرْتَبَتِهِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ قَيْدٍ أَوْ شَرْطٍ، وَمَا غَلِطَ فِيهِ وَمَا أَبْدَلَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ شَرْحًا حَقِيقَةً لِكَوْنِهِ خَالِيًا عَنْ الدَّلِيلِ وَالتَّعْلِيلِ وَنَحْوِهِمَا. قَوْلُهُ: (فَإِنِّي إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ عِلَّةٌ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ لِقَوْلِهِ مَعَ مَا أَشَرْت إلَخْ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُحَرَّرِ أَوْ مِنْ الْمُخْتَصَرِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (أَصْلًا) أَيْ شَيْئًا أَصْلًا بِمَعْنَى مَقْصُودٍ أَوْ مِنْ الْأُصُولِ أَوْ شَيْئًا أَبَدًا فَهُوَ مِنْ تَأْبِيدِ النَّفْيِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ) أَيْ الْخِلَافُ بِمَعْنَى الْمُخَالِفِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ. قَوْلُهُ: (آتِي) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ. قَوْلُهُ: (بِجَمِيعِ) هُوَ بِمَعْنَى لَا أَحْذِفُ شَيْئًا وَمَا بَيَانٌ لِضَمِيرِ مِنْهُ وَمَصْحُوبًا حَالٌ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (مَعَ الشُّرُوعِ) أَيْ عَقِبَهُ. قَوْلُهُ: (لِدَقَائِقِ) وَقَدْ سُمِّيَ ذَلِكَ الْجَزْمُ بِذَلِكَ اللَّفْظِ وَهِيَ جَمْعُ دَقِيقَةٍ، وَأَصْلُهَا مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْ خَفَايَا الْعِلْمِ بِدِقَّةِ الْفَهْمِ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ الِاخْتِصَارُ) أَيْ مِنْ أَجْلِ اخْتِصَارِهِ، أَيْ بَيَانِ سَبَبِهِ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ كِبَرِ حَجْمِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَرْفٍ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْكَلِمَةِ، وَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَيْدٍ   [حاشية عميرة] رَاجِعٌ لِلَفْظَةِ، وَقَوْلُهُ: وَفِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ رَاجِعٌ لِنَحْوِ اللَّفْظَةِ، وَقَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ أَيْ النَّوَوِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا مَا وَجَدْته) كَذَا خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَمَا مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَاعْتَمِدْهُ) جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي نَقْلِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْحَدِيثِ، وَقَوْلُهُ: لِاعْتِنَاءِ أَهْلِهِ، عِلَّةٌ لِكَوْنِهَا مُعْتَمَدَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ تَمَّ) جَوَابُهُ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ أَرْجُو وَتَفْسِيرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُعَلَّقَ هُوَ الرَّجَاءُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمَرْجُوُّ كَمَا لَا يَخْفَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ أَحْكَامِ) " مِنْ " بَيَانِيَّةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَصْلًا) أَيْ أُؤَصِّلُ هَذَا النَّفْيَ الْعَامَّ أَصْلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ كَانَ) أَيْ الْخِلَافُ بِمَعْنَى الْمُخَالِفِ، فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ آتِي إلَخْ) يُرَدُّ بِهِ أَنَّ عَامِلَ الظَّرْفِ مَأْخُوذٌ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ فَإِنِّي لَا أَحْذِفُ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ (النَّفَائِسِ) يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ بِمَا فِيهِ تَنْكِيتٌ إذْ الزَّائِدُ الْمَحْضُ لَا دَخْلَ لَهُ فِي شَرْحِ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مَعَ الشُّرُوعِ) هِيَ بِمَعْنَى الْبَعْدِيَّةِ لِأَنَّ مَعِيَّةَ لَفْظِ الْآخَرِ مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ تَكُونُ بِمَعْنَى الْبَعْدِيَّةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِنْ حَيْثُ الِاخْتِصَارُ) أَيْ الْكَائِنَةُ مِنْ حَيْثُ الِاخْتِصَارُ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ الِاخْتِصَارُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِدَقَائِقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْحِكْمَةِ) هِيَ السَّبَبُ الْبَاعِثُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي الْكَلَامِ) قَدَّرَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَرْفَ لَا يَحْسُنُ تَعَلُّقُهُ بِالْمَسْأَلَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَكْثَرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 مَا لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ، وَلَكِنَّهُ حَسَنٌ كَمَا قَالَهُ فِي زِيَادَةِ لَفْظَةِ الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَيْضِ: فَإِذَا انْقَطَعَ لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ الْغُسْلِ غَيْرُ الصَّوْمِ وَالطَّلَاقِ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يُذْكَرْ قَبْلُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ. (وَعَلَى اللَّهِ الْكَرِيمِ اعْتِمَادِي) فِي تَمَامِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ بِأَنْ يُقَدِّرَنِي عَلَى إتْمَامِهِ كَمَا أَقْدَرَنِي عَلَى ابْتِدَائِهِ بِمَا تَقَدَّمَ عَلَى وَضْعِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ مَنْ سَأَلَهُ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ، (وَإِلَيْهِ تَفْوِيضِي وَاسْتِنَادِي) فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَخِيبُ مَنْ قَصَدَهُ وَاسْتَنَدَ إلَيْهِ، ثُمَّ قَدَّرَ وُقُوعَ الْمَطْلُوبِ بِرَجَاءِ الْإِجَابَةِ فَقَالَ: (وَأَسْأَلُهُ النَّفْعَ بِهِ) أَيْ بِالْمُخْتَصَرِ فِي الْآخِرَةِ (لِي) بِتَأْلِيفِهِ (وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ بَاقِيهِمْ بِأَنْ يُلْهِمَهُمْ الِاعْتِنَاءَ بِهِ بَعْضُهُمْ بِالِاشْتِغَالِ بِهِ كَكِتَابَةٍ وَقِرَاءَةٍ وَتَفَهُّمٍ وَشَرْحٍ، وَبَعْضُهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالْإِعَانَةِ عَلَيْهِ بِوَقْفٍ أَوْ نَقْلٍ إلَى الْبِلَادِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَنَفْعُهُمْ يَسْتَتْبِعُ نَفْعَهُ   [حاشية قليوبي] لَكَانَ أَوْلَى لِيَتَعَلَّقَ الْجَارُّ فِي الْمَسْأَلَةِ بِهِ وَبِالشَّرْطِ. قَوْلُهُ: (مِمَّا بَيَّنَهُ) أَيْ فِي الْجُزْءِ اللَّطِيفِ الْمَذْكُورِ فَنَحْوِ مَجْرُورٌ عَطْفٌ عَلَى إلْحَاقِ أَوْ عَلَى قَيْدٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، لَكِنْ الثَّانِي بَعِيدٌ جِدًّا بَلْ خَالٍ عَنْ الْمَعْنَى، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَأَكْثَرُ ذَلِكَ) أَيْ الَّذِي فِي الْجُزْءِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا) حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ أَوْ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ إلَخْ) هُوَ بَعْضُ مَفْهُومِ الْأَكْثَرِ. قَوْلُهُ: (اعْتِمَادِي) هُوَ بِمَعْنَى اسْتِنَادِي لَكِنْ مَعَ مُبَالَغَةٍ فِي هَذَا لِأَنَّهُ شِدَّةُ الِاسْتِنَادِ وَالْمُرَادُ مِنْهَا الْمَعُونَةُ وَالْقُوَّةُ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يُقَدِّرَنِي إلَخْ. قَوْلُهُ: (فِي إتْمَامِ) قَيَّدَ بِهِ مَعَ احْتِمَالِ الْعُمُومِ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ لِيُنَاسِبَ مَا رَجَاهُ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا بِقَوْلِهِ: إنْ تَمَّ هَذَا الْمُخْتَصَرُ، لَكِنْ الْمُرَادُ بِالْمُخْتَصَرِ السَّابِقِ مَا كَانَ مِنْ كَلَامِ الْمُحَرَّرِ، وَهُنَا جَمِيعُ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (عَلَى إتْمَامِهِ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَامِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِهِ الْإِتْمَامُ، وَلَمْ يُعَبِّرْ بِهِ ابْتِدَاءً لِأَجْلِ مُرَاعَاةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ نِسْبَةَ التَّمَامِ إلَى الْمُخْتَصَرِ مَجَازِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (بِمَا تَقَدَّمَ عَلَى وَضْعِ الْخُطْبَةِ) هَذَا أَخَذَهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ تَمَّ هَذَا الْمُخْتَصَرُ، وَمِنْ ذِكْرِ الشُّرُوعِ بِقَوْلِهِ: وَقَدْ شَرَعْت إلَخْ لِأَنَّ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ مِنْ الْخُطْبَةِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُفِيدُ أَنَّ بَعْضَ الْمِنْهَاجِ سَابِقٌ عَلَيْهَا نَظَرًا إلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إنْ تَمَّ وُجُودُهُ تَامًّا وَبِقَوْلِهِ: شَرَعْت عَزَمْت عَلَى الشُّرُوعِ فَالْخُطْبَةُ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى جَمِيعِهِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا، وَسَيَأْتِي هَذَا فِي الشَّارِحِ فَفِيهِ انْتِقَادٌ عَلَيْهِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا قَالُوهُ فِي أَسْمَاءِ الْإِشَارَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْخُطَبِ مِنْ أَنَّ الْمُشِيرَ بِهَا اسْتَحْضَرَ مَا يُرِيدُ تَأْلِيفَهُ فِي ذِهْنِهِ اسْتِحْضَارًا تَامًّا كَأَنَّهُ مَحْسُوسٌ عِنْدَهُ، وَأَشَارَ إلَيْهِ، وَأَيْضًا ذِكْرُ الْإِتْمَامِ يُطْلَقُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ الْخُطْبَةِ وَمَا بَعْدَهَا إلَى آخِرِ الْكِتَابِ، وَأَيْضًا يُحْتَمَلُ أَنَّ وَضْعَ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْخُطْبَةِ بِالْكُلِّيَّةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُصَنَّفَ سَبَرَ عِبَارَةَ الْمُحَرَّرِ، وَكَتَبَ عَلَيْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، ثُمَّ لَمَّا شَرَعَ فِي الْمِنْهَاجِ نَسَجَهُ عَلَى مِنْوَالِ مَا كَتَبَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ إنْشَاءُ الدُّعَاءِ، وَكَذَا الْجُمْلَةُ بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (تَفْوِيضِي) التَّفْوِيضُ رَدُّ الْأَمْرِ إلَى الْغَيْرِ مَعَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ وَأَعَمُّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ) عَمَّمَهُ لِعُمُومِ الِاسْتِنَادِ عَلَى الِاعْتِمَادِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَدَّرَ وُقُوعَ الْمَطْلُوبِ إلَخْ) أَيْ قَدَّرَ أَنَّ الْكِتَابَ قَدْ تَمَّ فَسَأَلَ النَّفْعَ بِهِ، وَفِيهِ دَفْعُ تَوَهُّمِ تَأْخِيرِ الْخُطْبَةِ الْمُنَافِي لِمَا تَقَدَّمَ فَمُرَادُهُ بِالْمُخْتَصَرِ الْمِنْهَاجُ، وَقَيَّدَ النَّفْعَ بِالْآخِرَةِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ. قَوْلُهُ: (بِتَأْلِيفِهِ) وَكَذَا بِتَعْلِيمِهِ وَكِتَابَتِهِ وَمُقَابَلَتِهِ، فَلَوْ عَمَّمَهُ لَكَانَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْبَاءِ السَّبَبِيَّةُ وَفِيهِ بَحْثٌ، وَحَيْثُ خَصَّصَ هُنَا فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْمِيمَ فِيمَا بَعْدَهُ بِأَنْ يَجْعَلَ النَّفْعَ فِيهِ عَامًّا لِغَيْرِ التَّأْلِيفِ، وَيَجْعَلَ سَائِرَ بِمَعْنَى الْجَمِيعِ حَتَّى يَشْمَلَ الْمُؤَلِّفَ أَيْضًا، وَكَانَ يَسْتَغْنِي بِذِكْرِهِ عَمَّا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ وَنَفَعَهُمْ يَسْتَتْبِعُ إلَخْ.   [حاشية عميرة] ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الدَّقَائِقِ النَّاشِئَةِ عَنْ الِاخْتِصَارِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَمَا قَالَهُ) أَيْ كَاَلَّذِي قَالَهُ، وَفِي التَّرْكِيبِ قَلَاقَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي قَوْلِهِ) أَيْ النَّوَوِيِّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي تَمَامِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ) قَيَّدَ بِذَلِكَ لِكَوْنِ أَطْرَافِ الْكَلَامِ مُتَآخِيَةً فَيَقْوَى الطِّبَاقُ بَيْنَهُمَا، وَيُحْتَمَلُ التَّعْمِيمُ نَظِيرَ مَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] وَتَمَامٌ بِمَعْنَى إتْمَامٌ، أَوْ فِي حُصُولِ تَمَامِهِ النَّاشِئِ عَنْ إتْمَامِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (هَذَا الْمُخْتَصَرِ) يَعْنِي الْكِتَابَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِأَنْ يُقَدِّرَنِي) الْمُرَادُ بِالْقُدْرَةِ الْعَرَضُ الْمُقَارِنُ لِلْفِعْلِ لَا سَلَامَةُ الْأَسْبَابِ وَالْآلَاتِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ: كَمَا أَقَدَرَنِي عَلَى ابْتِدَائِهِ، مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَرْجُو إنْ تَمَّ إلَخْ إذْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ، وَأَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ: وَقَدْ شَرَعْت فِي جَمْعِ جُزْءٍ إلَخْ، فَإِنَّ الْمُرَادَ مَعَ الشُّرُوعِ فِي الْمُخْتَصَرِ أَيْ بَعْدَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ (تَفْوِيضِي) هُوَ رَدُّ أُمُورِهِ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقَصْدُهُ بِهَا، وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَخِيبُ مَنْ قَصَدَهُ، وَاسْتَنَدَ إلَيْهِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ لِمَا سَلَفَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (ثُمَّ قَدَّرَ وُقُوعَ الْمَطْلُوبِ بِرَجَاءِ الْإِجَابَةِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ لِقَوْلِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 أَيْضًا لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِيهِ (وَرِضْوَانَهُ عَنِّي وَعَنْ أَحِبَّائِي) بِالتَّشْدِيدِ وَالْهَمْزِ جَمْعُ حَبِيبٍ أَيْ مَنْ أُحِبُّهُمْ (وَجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ تَكَرَّرَ بِهِ الدُّعَاءُ لِذَلِكَ الْبَعْضِ الَّذِي مِنْهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَرِضْوَانَهُ) يُطْلَقُ الرِّضَا بِمَعْنَى الْمَحَبَّةِ وَبِمَعْنَى عَدَمِ السَّخَطِ وَبِمَعْنَى التَّسْلِيمِ وَبِمَعْنَى الْمَغْفِرَةِ وَبِمَعْنَى الثَّوَابِ، وَيُرَاعَى كُلُّ مَحَلٍّ بِمَا يَلِيقُ بِهِ. قَوْلُهُ: (جَمْعُ حَبِيبٍ) إمَّا بِمَعْنَى مَحْبُوبٍ بِدَلِيلِ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ بَعْدَهُ، أَوْ بِمَعْنَى مُحِبٍّ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ الْأَنْسَبُ هُنَا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَكَرُّرِ الدُّعَاءِ لِلْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ مُحِبٌّ لِنَفْسِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ) وَهُوَ جَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ. قَوْلُهُ: (عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ) وَهُوَ الْأَحِبَّاءُ، فَهُوَ مِنْ الْعَطْفِ عَلَى الظَّاهِرِ بِقَرِينَةِ إعَادَةِ الْجَارِّ لَا عَلَى ضَمِيرِ عَنِّي الَّذِي هُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ بِعَدَمِ إعَادَةِ الْجَارِّ، فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الشَّارِحِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ، وَأَحْكَامُ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ تُطْلَبُ مِنْ مَحَلِّهَا.   [حاشية عميرة] قَدَّرَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي الْآخِرَةِ) الْأَوْلَى التَّعْمِيمُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (تَكَرَّرَ بِهِ الدُّعَاءُ لِذَلِكَ الْبَعْضِ الَّذِي مِنْهُ الْمُصَنِّفُ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَطْفَ عَلَى جُمْلَةِ مَا سَبَقَ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ الْعَطْفَ اللُّغَوِيَّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 كِتَابُ الطَّهَارَةِ هِيَ شَامِلَةٌ لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَالتَّيَمُّمِ الْآتِيَةِ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا. وَبَدَأَ بِبَيَانِ الْمَاءِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي آلَتِهَا مُفْتَتِحًا بِآيَةٍ دَالَّةٍ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلُوا فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] أَيْ مُطَهِّرًا،   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الطَّهَارَةِ يُطْلَقُ الْكِتَابُ لُغَةً بِمَعْنَى الضَّمِّ وَالْجَمْعِ، أَيْ الْمَضْمُومِ وَالْمَجْمُوعِ أَوْ الضَّامِّ وَالْجَامِعِ، وَاصْطِلَاحًا بِمَعْنَى اسْمٍ لِجِنْسٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، أَوْ بِمَعْنَى اسْمٍ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى أَبْوَابٍ وَفُصُولٍ غَالِبًا، وَيُرَادِفُهُ الْكِتَابَةُ وَالْكُتُبُ، فَهِيَ مَصَادِرُ مُشْتَقٌّ مِنْهَا لَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَا بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَهُوَ مِنْ التَّرَاجِمِ كَالْبَابِ وَالْفَصْلِ وَنَحْوِهِمَا. وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا أَسْمَاءٌ لِلْأَلْفَاظِ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعَانِي، وَقِيلَ: أَسْمَاءٌ لِلْأَلْفَاظِ، وَقِيلَ: لِلْمَعَانِي، وَقِيلَ: لِلنُّقُوشِ، وَقِيلَ: لِلِاثْنَيْنِ مِنْهُمَا، وَقِيلَ: لِلثَّلَاثَةِ، فَهِيَ سَبْعُ احْتِمَالَاتٍ غَيْرُ الْأَوَّلِ الْمُخْتَارِ وَمَعَانِيهَا عُرْفًا مَا مَرَّ وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ لُغَةً، فَالْبَابُ فُرْجَةٌ فِي سَاتِرٍ يُتَوَصَّلُ بِهَا مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجٍ وَبِالْعَكْسِ. وَالْفَصْلُ الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. وَالْفَرْعُ مَا بُنِيَ عَلَى غَيْرِهِ. وَالْأَصْلُ عَكْسُهُ. وَالْمَسْأَلَةُ لُغَةً السُّؤَالُ وَعُرْفًا مَطْلُوبٌ خَبَرِيٌّ يُبَرْهَنُ عَلَيْهِ فِي الْعِلْمِ، وَأَشَارُوا بِقَوْلِهِمْ غَالِبًا إلَى خُلُوِّ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ، وَالطَّهَارَةُ بِضَمِّ الطَّاءِ اسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ، وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِمَا يُضَافُ إلَى الْمَاءِ مِنْ سِدْرٍ وَنَحْوِهِ، وَبِالْفَتْحِ الْمُرَادُ هُنَا لُغَةً النَّظَافَةُ وَالْخُلُوصُ مِنْ الْأَدْنَاسِ حِسِّيَّةً كَانَتْ كَالنَّجَاسَاتِ، أَوْ مَعْنَوِيَّةً كَالْعُيُوبِ مِنْ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَالزِّنَا وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَنَحْوِهَا، فَهِيَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا، وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَقِيلَ: مَجَازٌ فِي أَحَدِهِمَا، وَقِيلَ: مُشْتَرَكَةٌ، وَعَطْفُ الْخُلُوصِ تَفْسِيرٌ وَعُرْفًا زَوَالُ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْحَدَثِ وَالْخُبْثِ. قَالَهُ الْقَاضِي، أَوْ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا صِحَّةَ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ أَوْ لَهُ، قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَالِكِيُّ، وَأَشَارَ بِالْأَوَّلِ لِلثَّوْبِ، وَبِالثَّانِي لِلْمَكَانِ، وَبِالثَّالِثِ لِلشَّخْصِ، وَلَمْ يَقُلْ: أَوْ عَلَيْهِ لِيَشْمَلَ الْمَيِّتَ لِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ عِنْدَهُمْ بِالْغُسْلِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ عِنْدَنَا، وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَاهُ أَنَّهَا لَا تُطْلَقُ حَقِيقَةً عَلَى الْفِعْلِ وَلَا عَلَى الْمَنْدُوبِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ صَرِيحَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي تَعْرِيفِهِ لَهَا إطْلَاقُهَا عَلَيْهِ وَعَلَى الْمَنْدُوبِ حَقِيقَةً حَيْثُ قَالَ: هِيَ رَفْعُ حَدَثٍ أَوْ إزَالَةُ نَجَسٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا، وَعَلَى صُورَتِهِمَا كَالتَّيَمُّمِ وَالْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ وَالْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ انْتَهَى. وَأَشَارَ بِالتَّيَمُّمِ لِمَا هُوَ فِي مَعْنَى رَفْعِ الْحَدَثِ بِوُجُودِ الْإِبَاحَةِ، وَمِثْلُهُ طَهَارَةُ الضَّرُورَةِ، وَفِي مَعْنَى إزَالَةِ النَّجَسِ حَجَرُ الِاسْتِنْجَاءِ كَذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ مَا فِي الْمَعْنَى عَلَى الصُّورَةِ أَيْضًا، وَبِالْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ إلَى مَا هُوَ عَلَى صُورَةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَهُوَ غُسْلٌ صُورَةً وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ أَيْضًا عَلَى قَوْلِ التَّحْرِيرِ وَأَصْلِهِ أَنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ تَنَجُّسُ جَمِيعِ الْبَدَنِ أَوْ بَعْضِهِ مَعَ الِاشْتِبَاهِ، وَتَجْدِيدُ الْوُضُوءِ إلَى مَا هُوَ عَلَى صُورَةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، وَبِالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ إلَى مَا هُوَ عَلَى صُورَةِ الْأُولَى فِي الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ، فَهِيَ شَامِلَةٌ لِأَنْوَاعِ الطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ وَالْمَنْدُوبَةِ، وَعَرَّفَهَا ابْنُ حَجَرٍ بِمَا يَعُمُّ ذَلِكَ أَيْضًا مَعَ زِيَادَةِ الِاخْتِصَارِ بِقَوْلِهِ: هِيَ فِعْلُ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إبَاحَةٌ وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ أَوْ ثَوَابٌ مُجَرَّدٌ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ النَّجَاسَةَ قِسْمَانِ: إمَّا عَيْنِيَّةٌ وَهِيَ مَا لَا تَتَجَاوَزُ مَحَلَّ حُلُولِ مُوجِبِهَا كَالنَّجَاسَاتِ، وَإِمَّا حُكْمِيَّةٌ وَهِيَ مَا تَتَجَاوَزُهُ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ أَوْ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ وَنُزُولِ الْمَنِيِّ، وَقَدْ تُطْلَقُ الْحُكْمِيَّةُ عَلَى مَا لَا وَصْفَ لَهَا، وَسَتَأْتِي فِي بَابِهَا. (تَنْبِيهٌ) لَفْظُ لُغَةً وَعُرْفًا وَشَرْعًا وَاصْطِلَاحًا مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَقِيلَ: عَلَى الْحَالِ مِنْ نِسْبَةِ الثُّبُوتِ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ، وَمِنْ ضَمِيرِ مَفْعُولٍ حُذِفَ مَعَ فِعْلِهِ أَيْ أَعْنِي، وَقِيلَ: عَلَى التَّمْيِيزِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (هِيَ شَامِلَةٌ لِلْوُضُوءِ   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الطَّهَارَةِ] وَهِيَ بِضَمِّ الطَّاءِ بَقِيَّةُ الْمَاءِ الَّذِي يَتَطَهَّرُ بِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (طَهُورًا) نَقَلَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ ابْنِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمُطْلَقِ (يُشْتَرَطُ لِرَفْعِ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ) الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي الطَّهَارَةِ (مَاءٌ مُطْلَقٌ وَهُوَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ) وَإِنْ قُيِّدَ لِمُوَافَقَةِ الْوَاقِعِ كَمَاءِ الْبَحْرِ بِخِلَافِ مَا لَا يُذْكَرُ إلَّا مُقَيَّدًا كَمَاءِ الْوَرْدِ فَلَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] إلَخْ وَلَا الْمُنَجَّسَ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ بَالَ الْأَعْرَابِيُّ فِي الْمَسْجِدِ: صُبُّوا عَلَيْهِ   [حاشية قليوبي] إلَخْ) أَيْ لِلْوَاجِبِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ الْمَنْدُوبَ، وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهَا مَجَازٌ فِي الْمَنْدُوبِ وَتَقَدَّمَ رَدُّهُ، وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مَقَاصِدُ الطَّهَارَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَسْحَ الْخُفِّ لِأَنَّهُ مِنْ الْوُضُوءِ، وَلَمْ يَذْكُرْ شُمُولَهَا لِلدَّابِغِ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي التَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ إحَالَةٌ، وَمَنْ ذَكَرَهُ فِيهَا أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُهُ كَانْقِلَابِ دَمِ الظَّبْيَةِ مِسْكًا وَالْخَمْرِ خَلًّا وَبُلُوغِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ قُلَّتَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) مِنْ الْمُوجِبَاتِ كَالْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ وَالنَّجَاسَةِ، وَمِنْ الْوَسَائِلِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: الْمَاءُ وَالتُّرَابُ وَحَجَرُ الِاسْتِنْجَاءِ وَعَدُّ الِاجْتِهَادِ وَالْأَوَانِي مِنْ الْوَسَائِلِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِلْوَسِيلَةِ. قَوْلُهُ: (الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ) أَيْ الْغَالِبُ أَوْ الْأَكْثَرُ أَوْ الْمَتْبُوعُ لِأَنَّ غَيْرَهُ تَابِعٌ لَهُ عَلَى سَبِيلِ الشَّطْرِيَّةِ أَوْ الشَّرْطِيَّةِ أَوْ النِّيَابَةِ. قَوْلُهُ: (مُفْتَتِحًا بِآيَةٍ) أَيْ دَالَّةٍ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَقَدَّمَهَا، وَشَأْنُ الدَّلِيلِ التَّأْخِيرُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَصْحَابِ كَمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: كَمَا فَعَلُوا، وَحِكْمَتُهُ أَنَّهَا كَالْقَاعِدَةِ وَالضَّابِطُ الَّذِي شَأْنُهُ التَّقْدِيمُ، وَاخْتَارُوا هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى آيَةِ {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11] لِلنَّصِّ فِيهَا عَلَى الطَّهُورِيَّةِ الْمَقْصُودَةِ، وَالسَّمَاءُ الْجِرْمُ الْمَعْهُودُ حَقِيقَةً. وَالسَّحَابُ مَجَازًا أَنَّ الْمَاءَ يَنْزِلُ مِنْ سَمَاءِ الدُّنْيَا قِطَعًا كِبَارًا عَلَى السَّحَابِ، ثُمَّ يَنْمَاعُ عَلَيْهِ وَيَنْزِلُ مِنْ عُيُونٍ فِيهِ كَالْغِرْبَالِ، وَقِيلَ: السَّمَاءُ السَّحَابُ حَقِيقَةً، لِمَا قِيلَ إنَّهُ يَغْتَرِفُ مِنْ الْبَحْرِ الْمِلْحِ كَالسَّفِنْجِ ثُمَّ يَصْعَدُ إلَى الْعُلُوِّ وَيَنْعَصِرُ فَيَنْزِلُ الْمَاءُ مِنْهُ، وَيَقْصُرُهُ الْهَوَاءُ وَالشَّمْسُ فَيَحْلُو. وَطَهُورًا تَأْكِيدٌ لِأَنَّ الْمَاءَ مُنْصَرِفٌ لِلْفَرْدِ الْكَامِلِ كَمَا يَأْتِي فِي الْحَدِيثِ، وَجَعْلُهُ فِي الْآيَةِ لِلْأَعَمِّ دُونَ الْحَدِيثِ تَحَكُّمٌ، وَذَكَرَ التَّأْكِيدَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الْعُمُومِ وَكَوْنُ التَّأْسِيسِ أَوْلَى لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ فِي كُلِّ مَحَلٍّ كَذَا قَالُوا: وَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْآيَةِ لِلتَّأْسِيسِ، وَحُمِلَ الْحَدِيثُ عَلَى الْفَرْدِ الْكَامِلِ بِمَعُونَتِهَا فَتَأَمَّلْ. وَتَفْسِيرُ الطَّهُورِ بِالْمُطَهِّرِ الْمُرَادِفِ لِلْمُطْلَقِ لِمُنَاسِبَةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ) عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الشَّرْطَ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ فَيُفِيدُ عَدَمَ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ، بِخِلَافِ عَدَمِ الْجَوَازِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَفَادَ الصِّحَّةَ بِهِ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَعَدَمُ الصِّحَّةِ بِالْمُطْلَقِ الْمُحَرَّمِ كَالْمَاءِ الْمُسَبَّلِ لِلشُّرْبِ، أَوْ أَفَادَ عَدَمَ الْحُرْمَةِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ. وَالْحَدَثُ لُغَةً الشَّيْءُ الْحَادِثُ، وَشَرْعًا هُنَا أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ يَقُومُ بِالْأَعْضَاءِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ، وَالنَّجَسُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا بِفَتْحِهِمَا مَعًا لُغَةً الشَّيْءُ الْمُبْعَدُ أَوْ الْمُسْتَقْذَرُ، وَشَرْعًا هُنَا وَصْفٌ يَقُومُ بِالْمَحَلِّ عِنْدَ مُلَاقَاتِهِ لَعَيْنٍ مِنْ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ مَعَ تَوَسُّطِ رُطُوبَةٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ. قَوْلُهُ: (الَّذِي هُوَ) أَيْ الرَّفْعُ الْأَصْلُ إذْ غَيْرُهُ مُبِيحٌ لَا رَافِعٌ كَالتَّيَمُّمِ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ مُحِيلٌ كَالدَّبْغِ. قَوْلُهُ: (مَا يَقَعُ عَلَيْهِ) أَيْ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ فِي عُرْفِهِمْ، فَيَخْرُجُ الْمُسْتَعْمَلُ، وَيَدْخُلُ الْمُتَغَيِّرُ بِنَحْوِ مَقَرِّهِ لَا عِنْدَ الرَّائِيِّ لِئَلَّا يَنْعَكِسَ مَا ذَكَرَ، فَشَمِلَ مَا رَشَحَ مِنْ بُخَارِ الْمَاءِ الْمُغَلَّى بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ لِأَنَّهُ مَاءٌ بِنَاءً عَلَى انْقِلَابِ الْعَنَاصِرِ إلَى بَعْضِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْحِكْمَةِ، وَلِذَلِكَ يَنْقُصُ الْمَاءُ بِقَدْرِهِ، وَشَمِلَ الزُّلَالَ وَهُوَ صُورَةُ حَيَوَانٍ فِي دَاخِلِ الثَّلْجِ إذَا خَرَجَ مِنْهُ صَارَ مَاءً، وَشَمِلَ مَا نَبَعَ مِنْ الْأَرْضِ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ مِنْ الْخِلْقَةِ، وَشَمِلَ مَاءَ الْبَحْرِ الْمِلْحِ، وَيُقَالُ لَهُ الْمَالِحُ وَالْمَلِيحُ وَالْمَلَّاحُ، وَشَمِلَ مَا نَبَعَ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَفْضَلُ الْمِيَاهِ، ثُمَّ مَاءُ زَمْزَمَ، ثُمَّ الْكَوْثَرُ، ثُمَّ نِيلُ مِصْرَ، ثُمَّ بَاقِي الْأَنْهَارِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ بِقَوْلِهِ نَظْمًا: وَأَفْضَلُ الْمِيَاهِ مَاءٌ قَدْ نَبَعْ ... مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ النَّبِيِّ الْمُتَّبَعْ يَلِيهِ مَاءُ زَمْزَمَ فَالْكَوْثَرْ ... فَنِيلُ مِصْرَ ثُمَّ بَاقِي الْأَنْهُرْ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَا يُسَمَّى مَاءً مِنْ جَامِدٍ أَوْ مَائِعٍ، فَذِكْرُ الْمَائِعِ فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ مُضِرٌّ أَوْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَبِذَلِكَ خَرَجَ الْخَلُّ وَنَحْوُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ جِنْسٍ. قَوْلُهُ: (اسْمُ مَاءٍ) هُوَ عَلَى الْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ، وَأَطْلَقَ الْقَيْدَ لِأَنَّهُ اللَّازِمُ، حَيْثُ أُطْلِقَ وَالْمَاءُ   [حاشية عميرة] أَنَّ فَعُولًا قَدْ يَكُونُ لِلْمُبَالَغَةِ، وَهِيَ أَنْ يَدُلَّ عَلَى زِيَادَةٍ فِي مَعْنَى فَاعِلٍ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي التَّعَدِّي كَضَرُوبٍ أَوْ اللُّزُومِ كَصَبُورٍ، وَقَدْ يَكُونُ اسْمًا لِمَا يُفْعَلُ بِهِ الشَّيْءُ كَالْبَرُودِ لِمَا يُتَبَرَّدُ بِهِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الطَّهُورُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ الثَّانِي اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ دَلَالَتَهُ عَلَى التَّطْهِيرِ وَقَالُوا لَا يَزِيدُ عَلَى مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ فِي وَصْفِ فَاعِلِهِ، أَقُولُ: كَفَاك حُجَّةً قَاطِعَةً عَلَى فَسَادِهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» فَإِنَّ الطَّهُورَ هُنَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِمَعْنَى الْمُطَهَّرِ لَمْ يَسْتَقِمْ لِفَوَاتِ مَا اُخْتُصَّتْ بِهِ الْأُمَّةُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَإِنْ قَيَّدَ لِمُوَافَقَةِ الْوَاقِعِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْغَرَضُ أَنْ يَصِحَّ الْإِطْلَاقُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِخِلَافِ مَا لَا يَصِحُّ إلَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالذَّنُوبُ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الدَّلْوُ الْمَمْلُوءُ. وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ. وَالْمَاءُ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُطْلَقِ لِتَبَادُرِهِ إلَى الْأَذْهَانِ. فَلَوْ رَفَعَ مَائِعٌ غَيْرُهُ مَا وَجَبَ غَسْلُ الْبَوْلِ بِهِ وَلَا التَّيَمُّمُ عِنْدَ فَقْدِهِ. وَيُشْتَرَطُ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ أَيْضًا فِي غُسْلِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْغُسْلِ الْمَسْنُونِ وَالْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَلَا النَّجَسَ كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فِيهِمَا. (فَالْمُتَغَيِّرُ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ) مُخَالِطٍ طَاهِرٍ (كَزَعْفَرَانٍ تَغَيُّرًا يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ) لِكَثْرَتِهِ (غَيْرُ طَهُورٍ) كَمَا أَنَّهُ غَيْرُ مُطْلَقٍ إذْ مَا صَدَقُ الطَّهُورِ وَالْمُطْلَقِ وَاحِدٌ (وَلَا يَضُرُّ) فِي الطَّهَارَةِ (تَغَيُّرٌ لَا يَمْنَعُ الِاسْمَ) لِقِلَّتِهِ (وَلَا مُتَغَيِّرٌ بِمُكْثٍ وَطِينٍ وَطُحْلُبٍ وَمَا فِي مَقَرِّهِ وَمَمَرِّهِ) كَكِبْرِيتٍ وَزَرْنِيخٍ لِتَعَذُّرِ صَوْنِ الْمَاءِ عَمَّا ذُكِرَ، فَلَا يَمْنَعُ التَّغَيُّرُ بِهِ إطْلَاقَ الِاسْمِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَشْبَهَ التَّغَيُّرُ بِهِ   [حاشية قليوبي] جَوْهَرٌ لَطِيفٌ سَيَّالٌ شَفَّافٌ يَتَلَوَّنُ بِلَوْنِ إنَائِهِ، فَهُوَ لَا لَوْنَ لَهُ. قَوْلُهُ: (الْأَعْرَابِيُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ، وَاسْمُهُ حُرْقُوصٌ، وَهُوَ أَبُو أَصْلِ الْخَوَارِجِ، كَذَا فِي ابْنِ حَجَرٍ، وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّ الَّذِي بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ الْيَمَانِيُّ، وَهُوَ مُسْلِمٌ صَحَابِيٌّ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (ذَنُوبًا) أَيْ مَظْرُوفَ ذُنُوبٍ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلدَّلْوِ الْمُمْتَلِئَةِ مَاءً أَوْ قَرِيبَةِ الِامْتِلَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ " مِنْ مَاءٍ ". قَوْلُهُ: (وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَاءُ) فِي الْآيَةِ، وَالْحَدِيثِ أَوْ فِي الْحَدِيثِ بِمَعُونَةِ الْآيَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِمَا وَجَبَ إلَخْ) لِأَنَّ ذِكْرَ الْمَاءِ بَعْدَ ذَنُوبٍ الْمُقَيَّدِ بِهِ دَلِيلٌ عَلَى تَعْيِينِهِ فِي إسْقَاطِ الْوَاجِبِ، وَلِئَلَّا يَفُوتَ الِامْتِنَانُ بِهِ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَقَامِ الْمُقْتَضِي لِتَعْظِيمِ الْمِنَّةِ فِيهِ الْمُنْتَفِيَةِ فِي مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَطَهَارَةِ دَائِمِ الْحَدَثِ وَكَغُسْلِ الذِّمِّيَّةِ أَوْ الْمَجْنُونَةِ إذَا غَسَّلَهَا حَلِيلُهَا. قَوْلُهُ: (فَالْمُتَغَيِّرُ) هُوَ مَفْهُومٌ مُطْلَقٌ أَوْ بِلَا قَيْدٍ إذْ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَوْلُهُ: (بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ) مِنْهُ مَاءٌ مُتَغَيِّرٌ بِمَا لَا يَضُرُّ أَوْ ثَمَرُ أَشْجَارٍ وَنَحْوِهَا وَلَوْ وَرَقًا كَوِرْدٍ لَا بِوَرَقِهَا وَلَوْ رَبِيعِيًّا. قَوْلُهُ: (كَزَعْفَرَانٍ) جَمْعُهُ زَعَافِرُ كَتُرْجُمَانٍ وَتَرَاجِمَ. قَوْلُهُ: (غَيْرِ طَهُورٍ) فَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُهُ رَجَعَ إلَى طَهُورِيَّتِهِ قِيلَ وَلَمْ يَقُلْ غَيْرَ مُطْلَقٍ لِلْخِلَافِ الَّذِي عِنْدَ الرَّافِعِيِّ بِقَوْلِهِ: إنَّ مَفْهُومَ الْمُطْلَقِ أَعَمُّ لِشُمُولِهِ الْمُسْتَعْمَلَ، وَلِمَا زَادَهُ الشَّارِحُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إذَا مَاصَدَق) هُوَ مُرَكَّبٌ مَزْجِيٌّ بِضَمِّ الْقَافِ، وَخَبَرُهُ وَاحِدٌ، وَمَفْهُومُهُمَا مُخْتَلِفٌ، فَإِنَّ مَفْهُومَ الْمُطْلَقِ مَا يُسَمَّى مَاءٌ بِلَا قَيْدٍ، وَمَفْهُومَ الطَّهُورِ مَا يَرْفَعُ وَيُزِيلُ، وَبِذَلِكَ رُدَّ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي الطَّهَارَةِ) أَيْ الرَّفْعِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ لَا فِي الطَّهُورِ الْمُحْوِجِ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ قَبْلَ مُتَغَيِّرٍ، كَذَا قِيلَ، وَالْوَجْهُ تَقْدِيرُ الْمُضَافِ وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَإِنَّمَا قَالَ فِي الطَّهَارَةِ، وَلَمْ يَقُلْ فِي الْإِطْلَاقِ الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِتَهَافُتِ الْعِبَارَةِ إذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ، وَلَا يَضُرُّ فِي الْإِطْلَاقِ الْإِطْلَاقُ. (تَنْبِيهٌ) شَمِلَ مَا ذُكِرَ التَّغَيُّرَ التَّقْدِيرِيَّ كَأَنْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ مَا يُوَافِقُهُ فِي صِفَاتِهِ مِنْ الطِّهَارَاتِ، فَيُقَدَّرُ مُخَالِفًا لَهُ وَسْطًا فِيهَا كَطَعْمِ الرُّمَّانِ وَلَوْنِ عَصِيرِهِ وَرِيحِ اللَّاذَنِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، قَالُوا: وَلَا بُدَّ مِنْ عَرْضِ الصِّفَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاقِعِ إلَّا صِفَةٌ وَاحِدَةٌ فَمَتَى لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي وَاحِدَةٍ فَهُوَ طَهُورٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَحَيْثُ خَرَجَ عَنْ اسْمِ الْمَاءِ فِي أَحَدِ التَّغَيُّرَيْنِ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً، لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي الْوَاقِعِ عُرْفًا. قَوْلُهُ: (لِكَثْرَتِهِ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِيهَا ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً، فَهُوَ طَهُورٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَطُحْلُبٍ) أَيْ لَمْ يُفَتَّتْ وَيُطْرَحْ فِيهِ وَيُخَالِطْهُ بَعْدَ طَرْحِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (كَكِبْرِيتٍ) وَلَوْ مَصْنُوعًا لِإِصْلَاحِ الْمَقَرِّ لَا لِإِصْلَاحِ الْمَاءِ وَلَا عَبَثًا، وَمِنْهُ الْجِبْسُ وَالْجِصُّ وَالْقَطِرَانُ الْمُخَالِطُ، أَمَّا الْمُجَاوِرُ فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا. وَالْمُرَادُ الْكِبْرِيتُ الْمُفَتَّتُ، وَإِلَّا   [حاشية عميرة] مُقَيَّدًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَيُشْتَرَطُ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ أَيْضًا فِي غُسْلِ الْمُسْتَحَاضَةِ) لَوْ قَالَ: فِي وُضُوءِ الْمُسْتَحَاضَةِ لَكَانَ أَوْلَى قَوْلُ الشَّارِحِ: (إذْ مَا صَدَقُ الطَّهُورِ وَالْمُطْلَقِ وَاحِدٌ) هُوَ بِالرَّفْعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرٌ لَا يَمْنَعُ الِاسْمَ) دَلِيلُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْتَسَلَ هُوَ وَمَيْمُونَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ فِيهِ أَثَرُ الْعَجِينِ» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَطُحْلُبٍ) يُشْتَرَطُ عَدَمُ الطَّرْحِ فِي الطُّحْلُبِ وَنَحْوِهِ دُونَ الطِّينِ فَفِيهِ خِلَافُ التُّرَابِ الْآتِي، ثُمَّ الْمُرَادُ هُنَا بِالْمَذْكُورَاتِ أَعَمُّ مِنْ الْمُفَتَّتِ الْمُخَالِطِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَلَا يَمْنَعُ التَّغَيُّرُ بِهِ إطْلَاقَ الِاسْمِ) كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ حَيْثُ قَالَ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ مُسَوِّغًا لِلْإِطْلَاقِ عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ وَاللِّسَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بِتُرَابٍ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَالنُّورَةِ. [الْمَاء الْمُشْمِس] قَوْلُ الْمَتْنِ: (قِيلَ وَنَفْلُهَا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَيْسَ مَعْنَاهُ النَّفَلَ دُونَ الْفَرْضِ إذْ لَا قَائِلَ بِهِ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ النَّفَلَ فِي ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَالْفَرْضِ. فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ عَلَى الْأَوَّلِ الْفَرْضَ، وَعَلَى الثَّانِي أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، فَيَنْتِجُ أَنَّ غُسْلَ الذِّمِّيَّةِ لَيْسَ بِطَهُورٍ قَطْعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: قِيلَ بَلْ عِبَادَتُهَا قَوْلُ الْمَتْنِ: (غَيْرُ طَهُورٍ فِي الْجَدِيدِ) الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ تَرْجِيحُ طَرِيقِ الْقَطْعِ بِذَلِكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 فِي الصُّورَةِ التَّغَيُّرَ الْكَثِيرَ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ. (وَكَذَا) لَا يَضُرُّ (مُتَغَيِّرٌ بِمُجَاوِرٍ) طَاهِرٍ (كَعُودٍ وَدُهْنٍ) مُطَيَّبَيْنِ أَوْ لَا (أَوْ بِتُرَابٍ طُرِحَ فِيهِ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ فِي الْأَوَّلِ تَرَوُّحًا وَفِي الثَّانِي كُدُورَةً لَا يَمْنَعُ إطْلَاقَ الِاسْمِ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي يَضُرُّ كَالْمُتَغَيِّرِ بِنَجَسٍ مُجَاوِرٍ فِي الْأَوَّلِ وَبِزَعْفَرَانٍ فِي الثَّانِي، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِغِلَظِ أَمْرِ النَّجَسِ وَبِطَهُورِيَّةِ التُّرَابِ، بِخِلَافِ الزَّعْفَرَانِ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا، لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي حَدَثٍ وَلَا نَجَسٍ، أَمَّا الْمُتَغَيِّرُ بِتُرَابٍ تَهُبُّ بِهِ الرِّيحُ فَلَا يَضُرُّ جَزْمًا وَضُبِطَ الْمُجَاوِرُ بِمَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ وَالْمُخَالِطُ بِمَا لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ (وَيُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ) أَيْ مَا سَخَّنَتْهُ الشَّمْسُ فِي الْبَدَنِ خَوْفَ الْبَرَصِ بِأَنْ يَكُونَ بِقُطْرٍ حَارٍّ كَالْحِجَازِ فِي إنَاءٍ مُنْطَبِعٍ كَالْحَدِيدِ لِأَنَّ الشَّمْسَ بِحِدَّتِهَا تَفْصِلُ مِنْهُ زُهُومَةً تَعْلُو الْمَاءَ، فَإِذَا لَاقَتْ الْبَدَنَ بِسُخُونَتِهَا خِيفَ أَنْ تَقْبِضَ عَلَيْهِ، فَتَحْبِسَ الدَّمَ، فَيَحْصُلَ الْبَرَصُ، بِخِلَافِ الْمُسَخَّنِ بِالنَّارِ، فَلَا يُكْرَهُ، لِذَهَابِ الزُّهُومَةِ بِهَا (وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي فَرْضِ الطَّهَارَةِ) عَنْ الْحَدَثِ كَالْغَسْلَةِ الْأُولَى فِيهِ (قِيلَ وَنَفْلِهَا) كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالْوُضُوءُ الْمُجَدَّدُ وَالْغَسْلُ الْمَسْنُونُ   [حاشية قليوبي] فَهُوَ مُجَاوِرٌ، وَكَذَا غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (مُطَيَّبَيْنِ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ أَوْلَى مِنْ كَسْرِهَا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَضُرَّ الْمَصْنُوعُ فَالْخِلْقِيُّ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (بِتُرَابٍ) أَيْ وَلَوْ مُسْتَعْمَلًا وَالْمُرَادُ تُرَابٌ مُفَتَّتٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُجَاوِرٌ فَلَا يَضُرُّ قَطْعًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (طُرِحَ) وَلَوْ مِنْ عَاقِلٍ قَصْدًا، وَمِثْلُهُ الْمِلْحُ الْمَائِيُّ وَالنَّطْرُونُ الْمَائِيُّ إلَّا إنْ كَانَ مُنْعَقِدًا مِنْ مَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ) قَدْ ضَعَّفَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ كَوْنَ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ، وَرَجَّحَ أَنَّهُ وَجْهَانِ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ ضَعِيفٌ، فَكَانَ الْأَنْسَبُ التَّعْبِيرَ بِالْمَشْهُورِ أَوْ الصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: (تَرَوُّحًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُجَاوِرَ لَا يُغَيِّرُ إلَّا بِالرِّيحِ وَلَيْسَ قَيْدًا، بَلْ الطَّعْمُ وَاللَّوْنُ كَذَلِكَ إنْ وُجِدَا، وَلَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مُجَاوِرٌ أَوْ مُخَالِطٌ فَلَهُ حُكْمُ الْمُجَاوِرِ، كَذَا قِيلَ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ أَنْ يَكُونَ مُتَمَيِّزًا وَغَيْرَ مُتَمَيِّزٍ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَفِي الثَّانِي كُدُورَةً) هُوَ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلتُّرَابِ إلَّا لَوْنٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَوْ وُجِدَ لَهُ طَعْمٌ أَوْ رِيحٌ كَانَ كَذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) جَوَازُ اسْتِعْمَالِ الْمُتَغَيِّرِ بِمَا لَا يَضُرُّ إمَّا لِكَوْنِهِ مِنْ الْمُطْلَقِ كَمَا مَرَّ أَوْ تَسْهِيلًا عَلَى الْعِبَادِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ بُدٌّ، وَالْأَوَّلُ أَشْهُرُ، وَالثَّانِي أَقْعَدُ. قَوْلُهُ: (بِطَهُورِيَّةِ التُّرَابِ) أَيْ بِحَسَبِ أَصْلِهِ. قَوْلُهُ: (وَضُبِطَ الْمُجَاوِرُ بِمَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ) وَهُوَ الْأَرْجَحُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَوْ بِمَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ كَالتُّرَابِ، وَعَكْسُهُ الْمُخَالِطُ، وَيُمْكِنُ رَدُّ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَكُونُ مُجَاوِرًا ابْتِدَاءً وَدَوَامًا كَالْأَحْجَارِ أَوْ دَوَامًا كَالتُّرَابِ أَوْ ابْتِدَاءً كَالْأَشْجَارِ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ مِنْ الْمَاءِ) وَكَذَا الْمَائِعُ، وَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ وَفَاعِلُهُ الشَّمْسُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِعْلُ غَيْرِهَا، وَكَرَاهَتُهُ شَرْعِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا الطِّبُّ فَيُثَابُ تَارِكُهَا امْتِثَالًا، وَلِذَلِكَ حُرِّمَ عَلَى مَنْ ظَنَّ فِيهِ الضَّرَرَ بِعَدْلٍ، وَلَا يَنْتَظِرُ بُرُودَتَهُ لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ بَلْ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ ضَرَرَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ اسْتِعْمَالُهُ بَلْ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي بِخِلَافِ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَحْتَاجُ إلَى تَسْخِينِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، فَيَجِبُ الصَّبْرُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ. قَوْلُهُ: (فِي الْبَدَنِ) وَلَوْ لِمَيِّتٍ أَوْ أَبْرَصَ، وَإِنْ اسْتَحْكَمَ بَرَصُهُ أَوْ لِنَحْوِ خَيْلٍ مِمَّا يَعْتَرِيهِ الْبَرَصُ، وَسَوَاءٌ دَاخِلُ الْبَدَنِ وَخَارِجُهُ. قَوْلُهُ: (خَوْفَ الْبَرَصِ) ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا أَوْ تَعَبُّدًا كَالْمَيِّتِ. قَوْلُهُ: (بِقُطْرٍ حَارٍّ) فَالْمُعْتَبَرُ الْقُطْرُ إلَّا فِي بَلَدٍ خَالَفَتْ طَبْعَهُ أَصَالَةً كَالطَّائِفِ بِمَكَّةَ فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ، وَكَحَرَّانَ بِالشَّامِّ فَيُكْرَهُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (إنَاءٍ مُنْطَبِعٍ) أَيْ مُنْطَرِقٍ، أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ إلَّا النَّقْدَيْنِ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْمُمَوَّهِ بِمَا لَاقَى الْمَاءَ إنْ حَصَلَ بِعَرْضِهِ عَلَى النَّارِ شَيْءٌ. قَوْلُهُ: (تَفْصِلُ مِنْهُ زُهُومَةً) فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ انْتِقَالِهِ إلَى السُّخُونَةِ. قَوْلُهُ: (تَعْلُو) أَيْ تَظْهَرُ فِي عُلُوِّهِ وَإِلَّا فَهِيَ مُنْبَثَّةٌ فِي كُلِّهِ. قَوْلُهُ: (بِسُخُونَتِهَا) فَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا اُسْتُعْمِلَ حَالَ حَرَارَتِهِ، وَتَرَدَّدَ الْعَبَّادِيُّ فِي اعْتِبَارِ وَقْتِ الْحَرِّ، فَإِنْ بَرَدَ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ، وَإِنْ سُخِّنَ بِالنَّارِ بَعْدَهَا بِخِلَافِ تَسْخِينِهِ بِالنَّارِ قَبْلَ تَبْرِيدِهِ. فَلَا تَزُولُ بِهِ الْكَرَاهَةُ، أَوْ طُبِخَ بِهِ طَعَامٌ مَائِعٌ كَذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ الشَّدِيدَةِ الْبُرُودَةِ أَوْ السُّخُونَةِ لِمَنْعِهِ الْإِسْبَاغَ، وَيُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ كُلِّ مَاءٍ أَوْ تُرَابٍ مَغْضُوبٍ عَلَى أَهْلِهِ كَدِيَارِ ثَمُودَ غَيْرِ بِئْرِ النَّاقَةِ، وَدِيَارِ قَوْمِ لُوطٍ، وَبِئْرِ بَرَهُوتَ، وَبِئْرِ ذَرْوَانَ مَحَلِّ سِحْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَرْضِ بَابِلَ. [الْمَاء الْمُسْتَعْمَل فِي الطَّهَارَة] قَوْلُهُ: (وَالْمُسْتَعْمَلُ إلَخْ) هُوَ خَارِجٌ بِمُطْلَقٍ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُتَغَيِّرِ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ إلَخْ، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ جُمْلَةً مُسْتَقِلَّةً لِأَجْلِ الْخِلَافِ الْآتِي فِي أَنَّهُ مُطْلَقٌ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (عَنْ الْحَدَثِ) وَكَذَا عَنْ الْخَبَثِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَتَخْصِيصُ الْأَوَّلِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ، وَهُوَ مَحَلُّ الدَّلِيلِ، وَسَيَأْتِي الْآخَرُ فِي بَابِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْغَسْلَةِ الْأُولَى) أَيْ بَعْدَ انْفِصَالِهَا عَنْ الْعُضْوِ لِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ   [حاشية عميرة] (فَائِدَةٌ) جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ بِأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ مُطْلَقٌ مُنِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ تَعَبُّدًا. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 (غَيْرُ طَهُورٍ فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَمْ يَجْمَعُوا الْمُسْتَعْمَلَ فِي أَسْفَارِهِمْ الْقَلِيلَةِ الْمَاءِ لِيَتَطَهَّرُوا بِهِ، بَلْ عَدَلُوا عَنْهُ إلَى التَّيَمُّمِ وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ طَهُورٌ لِوَصْفِ الْمَاءِ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ بِلَفْظِ طَهُورٍ الْمُقْتَضِي تَكَرُّرَ الطَّهَارَةِ بِهِ، كَضَرُوبٍ لِمَنْ يَتَكَرَّرُ مِنْهُ الضَّرْبُ. وَأُجِيبُ بِتَكَرُّرِ الطَّهَارَةِ بِهِ فِيمَا يَتَرَدَّدُ عَلَى الْمَحَلِّ دُونَ الْمُنْفَصِلِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي نَفْلِ الطَّهَارَةِ عَلَى الْجَدِيدِ طَهُورٌ، وَشَمِلَتْ الْعِبَارَةُ مَا اغْتَسَلَتْ بِهِ الذِّمِّيَّةُ لِتَحِلَّ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ فَهُوَ عَلَى الْجَدِيدِ غَيْرُ طَهُورٍ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَانِعَ وَقِيلَ إنَّهُ طَهُورٌ لِأَنَّ غُسْلَهَا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَمَا تَوَضَّأَ بِهِ الصَّبِيُّ فَهُوَ أَيْضًا غَيْرُ طَهُورٍ إذْ الْمُرَادُ بِالْفَرْضِ هُنَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَثِمَ بِتَرْكِهِ أَمْ لَا وَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الصَّبِيِّ مَثَلًا مِنْ وُضُوئِهِ، وَسَيَأْتِي الْمُسْتَعْمَلُ فِي النَّجَاسَةِ فِي بَابِهَا (فَإِنْ جَمَعَ) الْمُسْتَعْمَلَ عَلَى الْجَدِيدِ (فَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ فَطَهُورٌ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ جَمَعَ النَّجِسَ فَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ، وَالثَّانِي لَا. وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِالْجَمْعِ مَعَ وَصْفِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ بِخِلَافِ النَّجِسِ (وَلَا تَنْجُسُ قُلَّتَا الْمَاءِ بِمُلَاقَاةِ نَجَسٍ)   [حاشية قليوبي] بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ. نَعَمْ إنْ انْفَصَلَ إلَى مَا يَغْلِبُ تَقَاذُفُهُ إلَيْهِ مِنْ نَحْوِ رَأْسِ الْمُغْتَسِلِ إلَى صَدْرِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِاسْتِعْمَالِهِ، وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ أَوْ لِإِدْخَالِ مَاءِ الْمَسْحِ أَوْ مَاءِ غَسْلِ الْجَبِيرَةِ أَوْ الْخُفِّ بَدَلَ مَسْحِهِمَا أَوْ بَقِيَّةِ السَّبْعِ فِي نَحْوِ غَسَلَاتِ الْكَلْبِ. (فَرْعٌ) لَوْ انْغَمَسَ جُنُبٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَنَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ، وَلَوْ قَبْلَ تَمَامِ انْغِمَاسِهِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ عَنْ جَمِيعِ بَدَنِهِ بِتَمَامِ انْغِمَاسِهِ، فَإِنْ طَرَأَ لَهُ حَدَثٌ آخَرُ وَنَوَاهُ قَبْلَ انْفِصَالِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ ارْتَفَعَ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ انْغَمَسَ جُنُبَانِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ نَوَيَا مَعًا بَعْدَ تَمَامِ انْغِمَاسِهِمَا ارْتَفَعَ حَدَثُهُمَا، أَوْ قَبْلَهُ ارْتَفَعَ عَمَّا فِي الْمَاءِ مِنْهُمَا، أَوْ مُرَتَّبًا ارْتَفَعَ حَدَثُ السَّابِقِ مُطْلَقًا، وَإِنْ شَكَّا فَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ تَبَعًا لِبَسْطِ الْأَنْوَارِ إنَّهُ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُمَا مَعًا نَظَرًا لِأَصْلِ طَهَارَةِ الْمَاءِ مَعَ عَدَمِ تَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا وَفِيهِ بَحْثٌ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ حَدَثُ أَحَدِهِمَا مُبْهَمًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجْمَعُوا الْمُسْتَعْمَلَ) أَيْ مَا رَفَعَ الْمَانِعَ وَهُوَ الْغَسْلَةُ الْأُولَى لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَيْهَا لِقِلَّةِ الْمَاءِ أَوْ مُطْلَقًا كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِاخْتِلَاطِ مَائِهِمَا بِمَاءِ الْأُولَى غَالِبًا، وَتَكْلِيفُ تَنْشِيفِ الْأَعْضَاءِ بَعْدَ الْأُولَى فِيهِ مَشَقَّةٌ، أَوْ لِأَنَّ الْمَاءَ فِيهِمَا تَافِهٌ. قَوْلُهُ (وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ طَهُورٌ) . قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ لِقَذَارَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَشَمِلَتْ الْعِبَارَةُ إلَخْ) فِي شُمُولِهَا نَظَرٌ مَعَ ذِكْرِ الْخِلَافِ بَعْدَهُ لِأَنَّ شُمُولَهَا لَهَا يَقْتَضِي الْجَزْمَ فِيهَا إلَّا أَنْ يُرَادَ شُمُولُهَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِطَرِيقَةِ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الذِّمِّيَّةُ) أَوْ غَيْرُهَا مِنْ الْكُفَّارِ وَالْمُسْلِمَةُ الْمَجْنُونَةُ أَوْ الْمُمْتَنِعَةُ وَغَسَّلَهَا زَوْجُهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهَا لِأَجْلِ مَا بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (لِتَحِلَّ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ) هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ الْخَطِيبُ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّ قَصْدَ الْحِلِّ كَافٍ وَإِنْ كَانَ حَلِيلُهَا صَغِيرًا، أَوْ كَافِرًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ يَرَى تَوَقُّفَ الْحِلِّ عَلَى الْغُسْلِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَلِيلٌ أَصْلًا، أَوْ قَصَدَتْ الْحِلَّ لَك نَعَمْ لَوْ قَصَدَتْ حَنَفِيَّةٌ حِلَّ وَطْءِ حَنَفِيٍّ يَرَى حِلَّهُ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ لَمْ يَكُنْ مَاؤُهَا مُسْتَعْمَلًا، وَلَا يَصِحُّ غُسْلُهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ رَفْعُ مَانِعٍ شَرْعًا، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ الْكَافِرَةُ لِلْكَافِرِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ بِعِبَادَةٍ) أَيْ فَلَيْسَ مِنْ فَرْضِ الطَّهَارَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَا تَوَضَّأَ بِهِ الصَّبِيُّ) لَوْ قَالَ: وَمَاءُ وُضُوءِ الصَّبِيِّ كَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ مَاءُ وُضُوءِ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَضَّأَهُ وَلِيُّهُ فِي الْحَجِّ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَهُ إذَا مَيَّزَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ، وَفِيهِ بَحْثٌ دَقِيقٌ. قَوْلُهُ: (مَا لَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ الْفَاعِلِ وَلَوْ بِحَسَبِ الْأَصْلِ، كَالْخَبَثِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ كَمَا مَرَّ، فَخَرَجَ بِذَلِكَ مَاءُ غُسْلِ الرَّجُلِ أَوْ الرَّجُلَيْنِ فِي الْخُفِّ بَعْدَ مَسْحِهِمَا، فَهُوَ طَهُورٌ لِأَنَّ الْمُدَّةَ بَاقِيَةٌ مُقَيَّدَةٌ بِالْمَسْحِ، وَهُوَ بَاقٍ، وَأَمَّا غَسْلُ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ مِمَّنْ تَوَضَّأَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ لِعُذْرٍ، فَإِنْ بَطَلَ التَّيَمُّمُ بِالْغَسْلِ فَالْمَاءُ مُسْتَعْمَلٌ وَإِلَّا فَلَا، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْخُفِّ مَا يُفِيدُ بَقَاءَ تَيَمُّمِهِ مَا دَامَ الْعُذْرُ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) هُوَ مَفْهُومُ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ: عَنْ الْحَدَثِ، كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (فَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ) أَيْ لَوْ احْتِمَالًا وَلَا يَضُرُّ تَفْرِيقُهُ بَعْدَ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) هُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْوَصْفَ بِالنَّجَاسَةِ وَالِاسْتِعْمَالِ   [حاشية عميرة] إنَّهُ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، لَكِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْفَتَاوَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَسَيَأْتِي الْمُسْتَعْمَلُ فِي النَّجَاسَةِ فِي بَابِهَا) أَيْ هُنَاكَ يُبَيَّنُ أَنَّهُ نَجِسٌ أَوْ طَاهِرٌ أَوْ طَهُورٌ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا تَنْجُسُ قُلَّتَا الْمَاءِ) لَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ جَامِدَةً فَهَلْ يَجِبُ التَّبَاعُدُ عَنْهَا قَدْرَ قُلَّتَيْنِ أَوْ لَا؟ الْجَدِيدُ نَعَمْ، وَالْفَتْوَى عَلَى خِلَافِهِ، فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمَاءَ قُلَّتَانِ فَقَطْ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ الِاغْتِرَافُ مِنْهُ، وَعَلَى الثَّانِي يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي يَنْجُسُ بِالِانْفِصَالِ، وَقِيلَ لَا، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. (فَائِدَةٌ) نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَصَّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ التَّبَاعُدِ فِي اخْتِلَافٍ فَيَكُونُ الْفَتْوَى عَلَى الْجَدِيدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 لِحَدِيثِ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ» وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: «لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ» أَيْ يَدْفَعُ النَّجَسَ وَلَا يَقْبَلُهُ. (فَإِنْ غَيَّرَهُ) أَيْ الْمَاءُ الْقُلَّتَيْنِ (فَنَجَسٌ) لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ» (فَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ شَيْءٍ إلَيْهِ كَأَنْ زَالَ بِطُولِ الْمُكْثِ (أَوْ بِمَاءٍ) انْضَمَّ إلَيْهِ (طَهُرَ) كَمَا كَانَ الزَّوَالُ سَبَبَ النَّجَاسَةِ (أَوْ بِمِسْكٍ وَزَعْفَرَانٍ) وَخَلٍّ أَيْ لَمْ تُوجَدْ رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ بِالْمِسْكِ، وَلَا لَوْنُهَا بِالزَّعْفَرَانِ، وَلَا طَعْمُهَا بِالْخَلِّ. (فَلَا) يَطْهُرُ لِلشَّكِّ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ زَالَ أَوْ اسْتَتَرَ بَلْ الظَّاهِرُ الِاسْتِتَارُ. (وَكَذَا تُرَابٌ وَجِصٌّ) أَيْ جِبْسٌ (فِي الْأَظْهَرِ) لِلشَّكِّ الْمَذْكُورِ. وَالثَّانِي يَطْهُرُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَغْلِبُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَسْتَتِرُ التَّغَيُّرُ وَدُفِعَ أَنَّهُ يُكَدِّرُ الْمَاءَ وَالْكُدُورَةُ مِنْ أَسْبَابِ السِّتْرِ فَإِنْ صَفَا الْمَاءُ   [حاشية قليوبي] مَوْجُودٌ فِيهِمَا قَبْلَ الْجَمْعِ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ الْجَمْعُ عَنْ وَصْفِ النَّجَاسَةِ فَلَأَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ وَصْفِ الِاسْتِعْمَالِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ الِانْتِقَالَ فِي الْمُسْتَعْمَلِ إلَى الطَّهُورِيَّةِ فَقَطْ وَالِانْتِقَالَ فِي الْمُتَنَجِّسِ إلَى الطَّاهِرِيَّةِ وَالطَّهُورِيَّةِ مَعًا فَتَأَمَّلْ، مَعَ أَنَّ وَصْفَ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَزُلْ لَا يَضُرُّ لِأَنَّ شَرْطَ مَنْعِهِ الْقِلَّةَ، وَتَعْبِيرُ الْمَنْهَجِ بِالطَّاهِرِيَّةِ مُرَادُهُ الطَّهُورِيَّةُ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا أَقَلَّ دَرَجَاتِ الطَّهَارَةِ، فَهِيَ كَالْبُرْهَانِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُنَجَّسُ قُلَّتَا الْمَاءِ) وَلَوْ احْتِمَالًا، وَالْمُرَادُ الصَّرْفُ يَقِينًا الْخَالِي مِنْ التَّغَيُّرِ السَّالِبِ لِلطَّهُورِيَّةِ، وَإِنْ جُمِعَ مِنْ مُسْتَعْمَلٍ أَوْ نَجَسٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي حُفْرَةٍ، أَوْ حُفَرٍ بِحَيْثُ لَوْ حُرِّكَتْ وَاحِدَةٌ تَحَرُّكًا عَنِيفًا تَحَرَّكَ الْبَقِيَّةُ كَذَلِكَ فَخَرَجَ مَا لَوْ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ بِمَائِعٍ اُسْتُهْلِكَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يُنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ، وَيَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِانْغِمَاسِ الْمُحْدِثِ فِيهِ، وَيَحْتَاجُ فِي الطَّهَارَةِ مِنْهُ إلَى نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ، وَإِذَا وَقَعَ فِيهِ طَاهِرٌ قَدَّرَ مُخَالِفًا وَسَطًا، لَكِنْ هَلْ يُفْرَضُ هَذَا الْوَاقِعُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْمُسْتَهْلَكِ الْأَوَّلِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالظَّاهِرُ هُنَا الثَّانِي فَرَاجِعْهُ، وَخَرَجَ الْكَثِيرُ الْمُتَغَيِّرُ كَثِيرًا بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ غَيْرِ نَحْوِ الْمِلْحِ الْمَائِيِّ، فَإِنَّهُ يُنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ أَيْضًا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ زَالَ هَذَا التَّغَيُّرُ أَيْ بِالطَّاهِرِ فِيمَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ عَادَ طَهُورًا، فَهُنَا أَوْلَى، وَخَرَجَ مَا لَوْ وَقَعَتْ قُلَّةٌ مِنْ مَائِعٍ فِي قُلَّتَيْنِ مِنْ مَاءٍ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ حِسًّا وَلَا فَرْضًا، ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ قُلَّةً فَلِلْبَاقِي حُكْمُ الْقَلِيلِ عَلَى أَقْرَبِ احْتِمَالَيْنِ، وَدَخَلَ مَا لَوْ شَكَّ فِي كَثْرَتِهِ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً فَلَهُ حُكْمُ الْكَثِيرِ وَلِلرَّغْوَةِ الْمُرْتَفِعَةِ عَلَى الْمَاءِ عِنْدَ الْبَوْلِ فِيهِ حُكْمُ الطَّهَارَةِ، وَكَذَا لِلْمُتَنَاثِرِ مِنْ الرَّشَّاشِ عِنْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ غَيَّرَهُ) أَيْ النَّجَسُ يَقِينًا وَحْدَهُ، فَإِنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْوَاقِعِ لَمْ يُنَجَّسْ، أَوْ كَانَ مَعَ النَّجَسِ طَاهِرٌ وَتَغَيَّرَ بِهِمَا فُرِضَ النَّجَسُ وَحْدَهُ مُخَالِفًا فَإِنْ غَيَّرَهُ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا، وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا تَغَيَّرَ الْمَاءُ جَمِيعُهُ، أَمَّا لَوْ غَيَّرَ بَعْضَهُ فَالْبَاقِي طَهُورٌ إنْ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ، وَلَا يَجِبُ التَّبَاعُدُ عَنْ الْمُتَنَجِّسِ مِنْهُ بِقَدْرِهِمَا عَلَى الْقَدِيمِ الْمُعْتَمَدِ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَنَجَسٌ وَإِنْ قَلَّ التَّغَيُّرُ) أَوْ كَانَ مَعْفُوًّا عَنْهُ أَوْ تَغَيَّرَ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ أَوْ بِمُجَاوِرٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ زَالَ) أَيْ ظَاهِرًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ كَالْمُحَرَّرِ أَيْ لَمْ يُوجَدْ إلَخْ فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ شَيْءٍ إلَيْهِ) وَإِنْ نُقِلَ مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِمَاءٍ وَلَوْ نَجَسًا) وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِطْ صَافٍ بِكَدَرٍ. قَوْلُهُ: (انْضَمَّ إلَيْهِ) أَوْ أَخَذَ مِنْهُ وَالْبَاقِي قُلَّتَانِ. قَوْلُهُ: (كَمَا كَانَ) أَيْ فَالْعَائِدُ الطَّهُورِيَّةُ. قَوْلُهُ: (لِزَوَالِ سَبَبِ النَّجَاسَةِ) وَهُوَ التَّغَيُّرُ الْمَذْكُورُ، وَهَذَا فِي التَّغَيُّرِ الْحِسِّيِّ، وَأَمَّا التَّقْدِيرِيُّ كَمَا لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ نَجَسٌ لَا وَصْفَ لَهُ فَيُقَدِّرُ مُخَالِفًا أَشَدَّ كَلَوْنِ الْحِبْرِ وَطَعْمِ الْخَلِّ وَرِيحِ الْمِسْكِ، فَإِنْ غَيَّرَهُ فَنَجَسٌ، وَيُعْتَبَرُ الْوَصْفُ الْمُوَافِقُ لِلْوَاقِعِ كَمَا يَأْتِي، وَيُعْرَفُ زَوَالُ التَّغَيُّرِ مِنْهُ بِزَوَالِ نَظِيرِهِ مِنْ مَاءٍ آخَرَ أَوْ بِضَمِّ مَاءٍ إلَيْهِ لَوْ ضُمَّ لِلْمُتَغَيِّرِ حِسًّا لَزَالَ أَوْ بِمُضِيِّ زَمَنٍ ذَكَرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ، أَنَّهُ يَزُولُ بِهِ الْحِسِّيُّ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَمْ تُوجَدْ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ أَحَدَ الْأَوْصَافِ لَا يَسْتُرُ غَيْرَهُ، فَلَوْ زَالَ الرِّيحُ بِالْخَلِّ أَوْ الزَّعْفَرَانِ طَهُرَ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ، وَأَنَّهُ لَا يُفْرَضُ فِي التَّقْدِيرِيِّ إلَّا مَا يُوَافِقُ صِفَةَ الْوَاقِعِ فَقَطْ، وَفَارَقَ الطَّاهِرَ بِغِلَظِ أَمْرِ النَّجَاسَةِ، كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ دَقِيقٌ. قَوْلُهُ: (لِلشَّكِّ إلَخْ) . قَالَ شَيْخُنَا: مَحَلُّ الشَّكِّ إنْ ظَهَرَ رِيحُ الْمِسْكِ مَثَلًا وَإِلَّا بِأَنْ خَفِيَ رِيحُهُ وَرِيحُ النَّجَاسَةِ مَعًا فَإِنَّهُ يَطْهُرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَكَذَا الْبَقِيَّةُ. قَالَ: وَمِنْهُ ثَوْبٌ غُسِلَ بِصَابُونٍ وَلَمْ يَظْهَرْ وَصْفُ النَّجَاسَةِ وَلَا الصَّابُونِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ، فَإِنْ ظَهَرَ وَصْفُ الصَّابُونِ لَمْ يَطْهُرْ وَفِيهِ بَحْثٌ فِي وَصْفِ نَحْوِ اللَّوْنِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَغْلِبُ إلَخْ) تَعْلِيلُ الثَّانِي بِذَلِكَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَوَّلَ يَقُولُ لِأَنَّ التُّرَابَ يَسْتُرُ الْأَوْصَافَ الثَّلَاثَةَ، وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ رَدًّا عَلَى   [حاشية عميرة] الْمُوَافِقِ لِلْقَدِيمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلَّتَا الْمَاءِ) أَيْ الطَّهُورِ، فَلَوْ كَانَ مَسْلُوبَ الطَّهُورِيَّةِ لِتَغَيُّرِهِ بِمُخَالِطٍ طَاهِرٍ تَنَجَّسَ بِالْمُلَاقَاةِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ، فَلَوْ زَالَ التَّغَيُّرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الطَّهُورِيَّةِ، وَمِثْلُ هَذَا لَوْ تَغَيَّرَ الْقَلِيلُ بِمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ ثُمَّ زَالَ التَّغَيُّرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ غَيَّرَهُ فَنَجِسٌ) نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ إطْلَاقُهُ يَشْمَلُ التَّغَيُّرَ بِمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِأَنَّهُ لَا يَغْلِبُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ لَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ صِفَةُ التَّغَيُّرِ الَّتِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 وَلَا تَغَيُّرَ بِهِ طَهُرَ جَزْمًا . (وَدُونَهُمَا) أَيْ وَالْمَاءُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ (يَنْجُسُ بِالْمُلَاقَاةِ) لِمَفْهُومِ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ السَّابِقِ الْمُخَصِّصِ لِمَنْطُوقِ حَدِيثِ «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» السَّابِقِ. نَعَمْ إنْ وَرَدَ عَلَى النَّجَاسَةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي فِي بَابِهَا. (فَإِنْ بَلَغَهُمَا بِمَاءٍ وَلَا تَغَيُّرَ بِهِ فَطَهُورٌ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَلَوْ كُوثِرَ بِإِيرَادِ طَهُورٍ) أَيْ أُورِدَ عَلَيْهِ طَهُورٌ أَكْثَرُ مِنْهُ (فَلَمْ يَبْلُغْهُمَا لَمْ يَطْهُرْ وَقِيلَ) : هُوَ (طَاهِرٌ لَا طَهُورٌ) لِأَنَّهُ مَغْسُولٌ كَالثَّوْبِ وَقِيلَ: هُوَ طَهُورٌ حَكَاهُ فِي التَّحْقِيقِ رَدًّا بِغُسْلِهِ إلَى أَصْلِهِ. وَالْكَلَامُ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ. وَلَوْ انْتَفَى الْإِيرَادُ أَوْ الطَّهُورِيَّةُ أَوْ الْأَكْثَرِيَّةُ فَهُوَ عَلَى نَجَاسَتِهِ جَزْمًا. وَلَا هُنَا اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرِ ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ، وَهِيَ مَعَهُ صِفَةٌ لِمَا قَبْلَهَا. (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ النَّجَسِ (مَيْتَةٌ لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ) عِنْدَ شَقِّ عُضْوٍ مِنْهَا فِي حَيَاتِهَا كَالزُّنْبُورِ وَالْخُنْفُسَاءِ (فَلَا تُنَجِّسُ مَائِعًا) بِمَوْتِهَا فِيهِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا إلَّا أَنْ تُغَيِّرَهُ بِكَثْرَتِهَا وَالثَّانِي تُنَجِّسُهُ كَغَيْرِهَا، وَلَوْ مَاتَتْ فِيمَا نَشَأَتْ مِنْهُ كَالْعَلَقِ وَدُودِ الْخَلِّ لَمْ تُنَجِّسْهُ جَزْمًا، وَلَوْ طُرِحَتْ فِي الْمَائِعِ بَعْدَ مَوْتِهَا نَجَّسَتْهُ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. وَقَالَ فِي الْكَبِيرِ: فِيمَا نَشْؤُهُ فِي الْمَاءِ، لَوْ طُرِحَ فِيهِ مِنْ خَارِجٍ عَادَ الْخِلَافُ   [حاشية قليوبي] الرَّافِعِيِّ فِي جَعْلِهِ مِنْ أَوْصَافِ الرِّيحِ فَقَطْ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إنَّ صِفَاتِ التُّرَابِ مُخْتَلِفَةٌ، فَكُلٌّ يَسْتُرُ مَا يُوَافِقُ صِفَتَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ صَفَا الْمَاءُ) أَيْ مِنْ التُّرَابِ وَالْجِصِّ الْمَذْكُورَيْنِ فِي كَلَامِهِ وَلَا تَغَيُّرَ بِهِ مِنْ أَوْصَافِ النَّجَاسَةِ طَهُرَ جَزْمًا، وَكَذَا يَطْهُرُ التُّرَابُ أَوْ الْجِصُّ لَوْ كَانَ نَجِسًا لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ دَوَامًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ) بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ، وَيَجُوزُ نَصْبُهُ كَذَلِكَ لَوْلَا الرَّسْمُ، وَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاصِلِ، وَالْمُرَادُ مَا شَأْنُهَا ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ وُجُودُ دَمٍ لَهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ كَعَكْسِهِ، وَلِلْمُتَوَلَّدِ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا حُكْمُ الْغَيْرِ، وَلَوْ شَكَّ فِي أَنَّهَا لَهَا دَمٌ تُنَجِّسُ، وَجَازَ جَرْحُهَا، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (مَائِعًا) . قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: وَمِنْهُ الْمَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فَعُدُولُهُ إلَيْهِ لِعُمُومِهِ لَهُ أَوْ لِعَدَمِ حُكْمِ الْمَاءِ مِنْهُ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (بِمَوْتِهَا فِيهِ) وَإِنْ تَفَتَّتَتْ مَا لَمْ تُغَيِّرْهُ سَوَاءٌ طُرِحَتْ حَيَّةً فِيهِ أَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا، وَسَوَاءٌ مَا نَشَأَتْ مِنْهُ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ تُغَيِّرَهُ بِكَثْرَتِهَا) فَيَتَنَجَّسَ، فَلَوْ زَالَ هَذَا التَّغَيُّرُ لَمْ يَطْهُرْ إنْ كَانَ مَائِعًا مُطْلَقًا أَوْ مَاءً قَلِيلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَتْ فِيمَا نَشَأَتْ مِنْهُ) أَيْ قَبْلَ إخْرَاجِهَا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طُرِحَتْ مَيْتَةٌ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ كَبَهِيمَةٍ إلَّا الرِّيحَ وَمِثْلُهُ لَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا. قَوْلُهُ: (نَجَّسَتْهُ) سَوَاءٌ مَا نَشَأَتْ مِنْهُ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لَوْ طُرِحَ فِيهِ مِنْ خَارِجٍ) أَيْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فِيهِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَهِيَ فِي الْمَاءِ خَاصَّةٌ، وَمَا قَبْلَهَا فِي الْمَائِعِ، فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَاءَ كَالْمَائِعِ، أَوْ هُوَ مِنْهُ كَمَا مَرَّ عَنْ الدَّقَائِقِ، فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلِ، وَفَهْمُ كَلَامِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ عَلَى غَيْرِ هَذَا إمَّا تَعَسُّفٌ أَوْ تَكَلُّفٌ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى: مَا لَوْ مَاتَتْ فِي الْمَائِعِ، وَمِنْهُ الْمَاءُ بَعْدَ طَرْحِهَا فِيهِ، أَوْ وُقُوعِهَا بِنَفْسِهَا حَيَّةً سَوَاءٌ فِيمَا نَشَأَتْ مِنْهُ أَوْ لَا فَلَا تُنَجِّسُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. الثَّانِيَةُ: مَا لَوْ مَاتَتْ فِيمَا نَشَأَتْ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ إخْرَاجِهَا مِنْهُ فَلَا تُنَجِّسُهُ جَزْمًا. الثَّالِثَةُ: مَا لَوْ طُرِحَتْ مَيْتَةٌ سَوَاءٌ فِيمَا نَشَأَتْ مِنْهُ أَمْ لَا فَإِنَّهَا تُنَجِّسُهُ جَزْمًا. وَبَقِيَ رَابِعَةٌ وَهِيَ مَا لَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا مَيِّتَةً، أَوْ أَلْقَاهَا الرِّيحُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُنَجِّسُهُ جَزْمًا، وَلَوْ أَلْقَاهَا حَيَّةً فَمَاتَتْ قَبْلَ الْوُصُولِ أَوْ عَكْسَهُ لَمْ تُنَجِّسْ فِيهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَشَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ. (تَنْبِيهٌ) : مِنْ الْمَيْتَةِ الْمَذْكُورَةِ نَحْوُ قُرَادٍ أَوْ بَقٍّ انْشَقَّ جَوْفُهُ فِي الْمَائِعِ وَخَرَجَ مَا فِيهِ، وَلَا يُنْدَبُ غَمْسُ غَيْرِ الذُّبَابِ لِعَدَمِ   [حاشية عميرة] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 أَيْ بِمَوْتِهِ فِيهِ. (وَكَذَا فِي كُلِّ نَجَسٍ لَا يُدْرِكُهُ طَرَفٌ) أَيْ بَصَرٌ لِقِلَّتِهِ كَنُقْطَةِ بَوْلٍ، وَمَا يَعْلَقُ بِرِجْلِ الذُّبَابِ مِنْ نَجَسٍ، فَإِنَّهُ لَا يُنَجِّسُ مَائِعًا لِمَا ذُكِرَ. (قُلْت: ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) مِنْ مُقَابِلِهِ وَهُوَ التَّنَجُّسُ كَغَيْرِهِ وَالثَّوْبُ وَالْبَدَنُ كَالْمَائِعِ فِي ذَلِكَ. (وَالْجَارِي كَرَاكِدٍ) فِي تَنَجُّسِهِ بِالْمُلَاقَاةِ. (وَفِي الْقَدِيمِ: لَا يَنْجُسُ بِلَا تَغَيُّرٍ) لِقُوَّتِهِ فَالْجِرْيَةُ الَّتِي لَاقَاهَا النَّجَسُ وَهِيَ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: الدَّفْعَةُ بَيْنَ حَافَّتَيْ النَّهْرِ فِي الْعَرْضِ عَلَى الْجَدِيدِ، تَنْجُسُ، وَإِنْ كَانَ مَاءُ النَّهْرِ أَكْثَرَ مِنْ قُلَّتَيْنِ فَلَا يَنْجُسُ غَيْرُهَا وَإِنْ كَانَ مَاءُ النَّهْرِ دُونَ قُلَّتَيْنِ لِأَنَّ الْجِرْيَاتِ وَإِنْ تَوَاصَلَتْ حِسًّا مُتَفَاصِلَةً حُكْمًا إذْ كُلُّ جَرْيَةٍ طَالِبَةٌ لِمَا أَمَامَهَا هَارِبَةٌ مِمَّا وَرَاءَهَا. (وَالْقُلَّتَانِ خَمْسُمِائَةِ رَطْلٍ بَغْدَادِيٍّ) أَخْذًا مِنْ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ بِقِلَالِ هَجَرَ لَمْ   [حاشية قليوبي] الْمَعْنَى الَّذِي طُلِبَ غَمْسُهُ لِأَجْلِهِ، وَلَوْ حَمَلَ مَا فِيهِ هَذِهِ الْمَيْتَةُ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ، وَمِثْلُهُ خَلٌّ أَوْ فَاكِهَةٌ فِيهَا دُودٌ مَيِّتٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ شَيْخِنَا مِمَّا يُخَالِفُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (نَجَسٌ) وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ. قَوْلُهُ: (بَصَرٌ) أَيْ مُعْتَدِلٌ لَا بِوَاسِطَةٍ نَحْوَ شَمْسٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ فَرْضِ لَوْنِ الْوَاقِعِ عَلَيْهِ مُخَالِفًا لِلَوْنِ النَّجَاسَةِ. قَوْلُهُ: (لِقِلَّتِهِ) سَوَاءٌ وَقَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ وَلَوْ قَصْدًا بِدَلِيلِ إطْلَاقِهِ مَعَ التَّفْصِيلِ فِي الْمَيْتَةِ بَعْدَهُ، وَبَعْضُهُمْ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْدٍ، وَسَيَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ وُقُوعُهُ فِي مَحَلٍّ أَوْ مَحَالٍّ نَعَمْ لَوْ كَانَ إذَا جُمِعَ صَارَ كَثِيرًا عُرْفًا لَمْ يُعْفَ عَنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يُعَلَّقُ) . قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: هُوَ عَطْفٌ عَلَى نُقْطَةِ بَوْلٍ، فَهُوَ مِمَّا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ مَا لَمْ يَكْثُرْ عُرْفًا. قَوْلُهُ: (الذُّبَابِ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ نَحْوَ النَّحْلِ وَالْبَعُوضِ وَالْفَرَاشِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّوْبُ وَالْبَدَنُ كَالْمَائِعِ فِي ذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِعَدَمِ التَّنَجُّسِ بِمَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ وَمَا بَعْدَهُ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ رَاجِعًا لِلْمَيْتَةِ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَسَوَاءٌ فِي الْعَفْوِ ثَوْبُ الْمُصَلِّي وَبَدَنُهُ وَغَيْرُهُ. (تَنْبِيهٌ) : مِنْ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ قَلِيلُ شَعْرٍ مِنْ غَيْرِ مُغَلَّظٍ، وَيُعْفَى مِنْهُ لِلرَّاكِبِ وَنَحْوَهُ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ، وَمِنْهُ قَلِيلُ غُبَارِ نَجَسٍ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ، وَقَلِيلُ دُخَانٍ كَذَلِكَ، وَمِنْهُ بَخُورٌ طَاهِرٌ عَلَى نَارٍ نَجِسَةٍ كَسِرْجِينِ لِأَنَّهُ يَنْمَاعُ فَيُنَجَّسُ، وَبُخَارُ النَّجَاسَةِ طَاهِرٌ وَهُوَ الْمُتَصَاعِدُ مِنْهَا بِغَيْرِ وَاسِطَةِ نَارٍ كَرِيحٍ مِنْ الدُّبُرِ، وَيُعْفَى عَنْ فَمِ نَحْوِ صَبِيٍّ كَمَجْنُونٍ وَوَلَدِ بَقَرٍ الْتَقَمَ ثَدْيَ أُمِّهِ، وَعَنْ مَنْفَذِ حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ وَرِجْلِهِ وَفَمِهِ مَا لَمْ تَنْفَصِلْ مِنْهُ عَيْنُ النَّجَاسَةِ لِأَنَّهُ يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ. نَعَمْ لَا بُدَّ فِي الْحُكْمِ بِالطَّهَارَةِ عَلَى فَمِ نَحْوِ هِرَّةٍ أَكَلْت فَأْرًا مَثَلًا أَنْ تَغِيبَ مُدَّةً يُمْكِنُ أَنْ تَرِدَ فِيهَا مَاءً كَثِيرًا، وَيُعْفَى عَنْ زُرْقِ طَيْرٍ فِي الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ طُيُورِهِ، وَعَنْ بَعْرِ نَحْوَ شَاةٍ وَقَعَ مِنْهَا فِي لَبَنٍ حِينَ حَلْبِهَا، وَعَمَّا عَلَى نَحْوِ كَرِشٍ مِمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَعَنْ جِرَّةِ بَعِيرٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَعَنْ رَوْثِ ثَوْرِ الدِّيَاسَةِ، وَعَمَّا تُلْقِيهِ الْفِيرَانُ فِي بُيُوتِ الْأَخْلِيَةِ وَإِنْ أَدْرَكَهُ الطَّرْفُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ، وَعَنْ مُلَاقِي مَيْتَةِ نَحْوِ ذُبَابٍ وَدُودٍ أُخْرِجَ مِنْ مَائِعٍ بِعُودٍ أَوْ بِأُصْبُعٍ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَلَا يَضُرُّ وُقُوعُهُ فِيهِ بَعْدَ فَصْلِهِ عَنْهُ، وَعَنْ نَحْوِ زَيْتٍ خُلِطَ بِجُبْنٍ فِيهِ دُودٌ لِلْأَكْلِ، وَعَنْ الْخُبْزِ بِالنَّجَاسَةِ كَالسِّرْجِينِ بِأَكْلِهِ أَوْ ثَرْدِهِ بِمَائِعٍ كَلَبَنٍ، وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْفَمِ مِنْهُ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا يُسَنُّ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ حَامِلِهِ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَتُعْرَفُ الْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ بِالْعُرْفِ. قَوْلُهُ: (وَالْجَارِي) أَيْ مِنْ الْمَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَالْمَائِعُ كَالْمَاءِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهُ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّ الْجِرْيَةَ وَإِنْ كَثُرَتْ فِيهِ تَنْجُسُ بِالْمُلَاقَاةِ لِأَنَّهَا كَالرَّاكِدِ، وَلَا يَنْجُسُ مَا قَبْلَهَا مُطْلَقًا، وَيَنْجُسُ مِمَّا بَعْدَهَا مَا مَرَّ عَلَى مَحَلِّهَا لِأَنَّهُ تَنَجَّسَ بِهَا، وَلَوْ نَزَلَ الْمَائِعُ مِنْ عُلُوٍّ عَلَى أَرْضٍ مُتَنَجِّسَةٍ لَمْ يَنْجُسْ إلَّا مَا لَاقَى النَّجَاسَةَ فَقَطْ لَا مَا فَوْقَهُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ فِي هَذِهِ. قَوْلُهُ: (تَنْجُسُ) وَلِمَا بَعْدَهَا مِنْ وَاحِدَةٍ فِي غَيْرِ الْمُغَلَّظَةِ وَمِنْ سَبْعَةٍ فِيهَا حُكْمُ الْغُسَالَةِ. هَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ وَاقِفَةً وَلَا مُتَثَاقِلَةً بِأَنْ لَازَمَتْ الْجِرْيَةَ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا، وَإِلَّا فَيَنْجُسُ جَمِيعُ مَا يَمُرُّ عَلَيْهَا، وَإِنْ بَلَغَ قِلَالًا، فَإِنْ جُمِعَ فِي حُفْرَةٍ وَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ عَادَ طَهُورًا، وَلَا يَضُرُّ تَفَرُّقُهُ مِنْهَا وَلَا مُرُورُهُ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (بَغْدَادِيٍّ) نِسْبَةً إلَى بَغْدَادَ اسْمِ بَلَدٍ، وَأَصْلُهُ اسْمُ بَلَدَيْنِ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ، وَكَانَتْ بَغْدَادُ كَذَلِكَ، وَاَلَّذِي بَنَاهَا هُوَ أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ الْمَنْصُورُ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَفِيهَا لُغَاتٌ وَهِيَ بِمُوَحَّدَةٍ أَوْ مِيمٍ ثُمَّ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ دَالٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ   [حاشية عميرة] فِي الْمَاءِ قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) وَهُوَ زَوَالُ سَبَبِ النَّجَاسَةِ. قَوْلُهُ: (لِمَفْهُومِ) أَيْ لِأَجْلِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ إذْ الْمُخَصِّصُ مَنْطُوقُ الْحَدِيثَيْنِ لَكِنْ لِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ بِكَوْنِهِ لَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ الْغَالِبِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (نَعَمْ إلَخْ) هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمُلَاقَاةِ الشَّامِلِ لَهُ. قَوْلُهُ: (بِمَاءٍ) وَلَوْ نَجِسًا لَا بِنَحْوِ مَاءِ وَرْدٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ أَوْرَدَ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَالْحُكْمُ عَامٌّ. قَوْلُهُ: (وَالْكَلَامُ) أَيْ فِي هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ فِيمَا إذَا خَلَا الْمَاءُ عَنْ نَجَاسَةٍ جَامِدَةٍ فَهُوَ مَعَهَا نَجِسٌ قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ تَغَيُّرٌ لِأَنَّهُ دُونَ قُلَّتَيْنِ، وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ كَالْمَنْهَجِ رُجُوعَ ذَلِكَ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ الَّذِي بَلَغَ فِيهِ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهَا إنْ غَيَّرَتْهُ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَغَيُّرَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ فَهِيَ كَالْعَدَمِ، وَفَرْضُهُ بِعَوْدِ التَّغَيُّرِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (اسْمٌ) أَيْ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا جَارٍ لَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى غَيْرَ) وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهَا عَاطِفَةً لِفَوَاتِ شَرْطِهَا وَهُوَ أَنْ لَا يَصْدُقَ أَحَدُ مَعْطُوفَيْهَا عَلَى الْآخَرِ، وَلِأَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُفْرَدِ صِفَةٍ لِسَابِقٍ وَجَبَ تَكْرَارُهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} [البقرة: 68] . قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَإِنَّهُ لَا يُنَجِّسُ مَائِعًا لِمَا ذُكِرَ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ لِقِلَّتِهِ. [حُكْمُ الْمَاءِ الْجَارِي] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْجَارِي كَرَاكِدٍ) اُنْظُرْ هَلْ لِلْجَارِي مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ» وَالْوَاحِدَةُ مِنْهَا قَدَّرَهَا الشَّافِعِيُّ أَخْذًا مِنْ ابْنِ جُرَيْجٍ الرَّائِيِّ لَهَا بِقِرْبَتَيْنِ وَنِصْفٍ مِنْ قِرَبِ الْحِجَازِ، وَوَاحِدَتُهَا لَا تَزِيدُ غَالِبًا عَلَى مِائَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيٍّ، وَسَيَأْتِي فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ أَنَّهُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، أَوْ بِلَا أَسْبَاعٍ، أَوْ وَثَلَاثُونَ. وَهَجَرُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْجِيمِ قَرْيَةٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ (تَقْرِيبًا فِي الْأَصَحِّ) قَدَّمَ تَقْرِيبًا عَكَسَ الْمُحَرَّرِ لِيَشْمَلَهُ وَمَا قَبْلَهُ التَّصْحِيحُ، وَالْمُقَابِلُ فِيمَا قَبْلَهُ مَا قِيلَ: الْقُلَّتَانِ أَلْفُ رَطْلٍ لِأَنَّ الْقِرْبَةَ قَدْ تَسَعُ مِائَتَيْ رَطْلٍ، وَقِيلَ: هُمَا سِتُّمِائَةِ رَطْلٍ لِأَنَّ الْقُلَّةَ مَا يُقِلُّهُ الْبَعِيرُ أَيْ يَحْمِلُهُ، وَبَعِيرُ الْعَرَبِ لَا يَحْمِلُ غَالِبًا أَكْثَرَ مِنْ وَسْقٍ وَهُوَ سِتُّونَ صَاعًا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ رَطْلًا يُحَطُّ عِشْرُونَ لِلظَّرْفِ وَالْحَبْلِ وَالْعَدَدُ عَلَى الثَّلَاثَةِ قِيلَ تَحْدِيدٌ فَيَضُرُّ أَيُّ شَيْءٍ نَقَصَ وَعَلَى التَّقْرِيبِ، الْأَصَحُّ لَا يَضُرُّ فِي الْخَمْسِمِائَةِ نَقْصُ رَطْلَيْنِ، وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ، وَالْمِسَاحَةُ عَلَى الْخَمْسِمِائَةِ ذِرَاعٍ وَرُبُعٍ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ، وَهُوَ شِبْرَانِ تَقْرِيبًا. (وَالتَّغَيُّرُ الْمُؤَثِّرُ بِطَاهِرٍ أَوْ نَجَسٍ طَعْمٌ أَوْ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ) أَيْ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ كَافٍ، وَاحْتَرَزَ بِالْمُؤَثِّرِ فِي النَّجَسِ عَنْ التَّغَيُّرِ بِجِيفَةٍ عَلَى الشَّطِّ (وَلَوْ اشْتَبَهَ مَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ) كَأَنْ وَلَغَ كَلْبٌ فِي أَحَدِ الْمَاءَيْنِ وَاشْتَبَهَ (اجْتَهَدَ) الْمُشْتَبَهُ عَلَيْهِ فِيهِمَا بِأَنْ   [حاشية قليوبي] أَلِفٍ ثُمَّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَوْ مُهْمَلَةٍ أَوْ نُونٍ بَدَلَهَا وَمِقْدَارُهُمَا عَلَى مُصَحَّحِ النَّوَوِيِّ بِالْمِصْرِيِّ أَرْبَعُمِائَةِ رَطْلٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ رَطْلًا وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعٍ مِنْ رَطْلٍ، وَبِالدِّمَشْقِيِّ مِائَةٌ وَسَبْعَةُ أَرْطَالٍ وَسُبُعُ رَطْلٍ، وَعَلَى مُصَحَّحِ الرَّافِعِيِّ بِالْمِصْرِيِّ أَرْبَعُمِائَةٍ وَوَاحِدٌ وَخَمْسُونَ رَطْلًا وَثُلُثُ رَطْلٍ وَثُلُثَا أُوقِيَّةٍ، وَبِالدِّمَشْقِيِّ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثُ رَطْلٍ. قَوْلُهُ: (الرَّائِي لَهَا) مِنْ الرُّؤْيَةِ لَا مِنْ الرِّوَايَةِ وَلَا مِنْ الرَّأْيِ. قَوْلُهُ: (قَرْيَةٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ) وَهِيَ الْحَدُّ بَيْنَ أَرْضِ الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) مَجْرُورٌ صِفَةٌ لَتَقْرِيبًا، وَقِيلَ: مُبْتَدَأٌ مَرْفُوعٌ. قَوْلُهُ: (نَقْصُ الرَّطْلَيْنِ) أَيْ بِحَسَبِ الِاخْتِيَارِ النَّاشِئِ عَنْ الضَّابِطِ الَّذِي هُوَ لَا يَضُرُّ نَقْصُ قَدْرٍ لَا يَظْهَرُ بِنَقْصِهِ تَفَاوُتٌ فِي التَّغَيُّرِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُغَيَّرَةِ، مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يُؤْخَذَ مَاءٌ قَدْرَ قُلَّتَيْنِ وَآخَرُ دُونَهُمَا بِنَحْوِ رَطْلٍ وَيُوضَعُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا قَدْرُ رَطْلٍ زَعْفَرَانٍ مَثَلًا، وَيُخَضُّ ثُمَّ يُنْظَرُ هَلْ التَّغَيُّرُ مُتَسَاوٍ أَوْ مُتَفَاوِتٌ، فَإِذَا وُجِدَ مُتَسَاوِيًا أُخِذَ مَاءٌ ثَالِثٌ نَاقِصٌ قَدْرَ رَطْلٍ وَنِصْفٍ، وَيُوضَعُ فِيهِ قَدْرُ الزَّعْفَرَانِ الْمَذْكُورِ، وَيُمَيَّزُ التَّغَيُّرُ فِيهِ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَهَكَذَا، وَقَدْ اخْتَبَرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ ذَلِكَ فَوَجَدُوا أَنَّ التَّفَاوُتَ يَظْهَرُ إذَا زَادَ النَّقْصُ عَلَى الرَّطْلَيْنِ فَحَكَمُوا بِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ مِنْ التَّحْدِيدِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْمِسَاحَةُ) أَيْ فِي الْمُرَبَّعِ الْمُتَسَاوِي الْأَبْعَادِ الثَّلَاثَةِ عَلَى مُخْتَارِ النَّوَوِيِّ فِي رَطْلِ بَغْدَادَ أَوْ الْأَعَمِّ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ يَسِيرٌ. قَوْلُهُ: (ذِرَاعٌ وَرُبُعٌ) أَيْ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ قَصِيرَةٍ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْهَا قَدْرُ رُبُعِ ذِرَاعٍ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَرْبَاعًا حَقِيقَةً لَكَانَ الْحَاصِلُ مِنْهَا ذِرَاعَيْنِ إلَّا ثَلَاثَةَ أَسْبَاعٍ مِنْ رُبُعٍ أَعْنِي إلَّا تُسْعَ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا، وَذَلِكَ بَاطِلٌ فَيُجْعَلُ كُلٌّ مِنْ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْعُمْقِ خَمْسَةً، وَيُضْرَبُ أَحَدُهَا فِي الْآخَرِ، ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي الثَّالِثِ فَيَحْصُلُ مِائَةُ خَمْسَةٍ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا قَصِيرَةً وَهِيَ الضَّابِطُ فِي مِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ، وَإِذَا قُسِمَ عَلَيْهَا مِقْدَارُ أَرْبَعَةٍ خَصَّ كُلَّ رُبُعٍ أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ وَهِيَ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ الْإِنَاءُ الَّذِي كُلٌّ مِنْ طُولِهِ وَعَرْضِهِ وَعُمْقِهِ رُبُعُ ذِرَاعٍ. وَأَمَّا مِسَاحَتُهُمَا فِي الْمُدَوَّرِ كَرَأْسِ الْبِئْرِ فَهِيَ ذِرَاعٌ عَرْضًا وَذِرَاعَانِ وَنِصْفٌ طُولًا، وَالْمُرَادُ بِعَرْضِهِ أَطْوَلُ خَطٍّ بَيْنَ حَافَّتَيْهِ، وَبِطُولِهِ عُمْقُهُ، فَيُبْسَطُ ذَلِكَ أَرْبَاعًا أَيْ أَذْرُعًا قَصِيرَةً كَمَا مَرَّ، وَيُبْسَطُ الْمُحِيطُ كَذَلِكَ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِ الْعَرْضِ وَسُبْعُ مِثْلِهِ بِالْبُرْهَانِ الْهَنْدَسِيِّ، ثُمَّ يُضْرَبُ نِصْفُ الْعَرْضِ وَهُوَ اثْنَانِ فِي نِصْفِ الْمُحِيطِ وَهُوَ سِتَّةٌ وَسُبْعَانِ أَوْ رُبُعُ الْعَرْضِ فِي جَمِيعِ الْمُحِيطِ أَوْ عَكْسِهِ يَحْصُلُ مِقْدَارُ السَّطْحِ، وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعٍ، فَيَضْرِبُ ذَلِكَ فِي الْعُمْقِ وَهُوَ عَشَرَةٌ يَبْلُغُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا قَصِيرَةً وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ ذِرَاعٍ فَهُوَ مِقْدَارُ الْقُلَّتَيْنِ مَعَ زِيَادَةِ خَمْسَةِ الْأَسْبَاعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ) وَهُوَ يَنْقُصُ عَنْ الذِّرَاعِ الْمِصْرِيِّ الْمَعْرُوفِ بِنَحْوِ ثُمُنِهِ. قَوْلُهُ: (وَاحْتَرَزَ إلَخْ) هُوَ جَوَابٌ عَنْ أَنْ يُقَالَ ذِكْرُ الْمُؤَثِّرِ فِي النَّجَسِ مُسْتَدْرَكٌ إذْ التَّغَيُّرُ فِيهِ مُضِرٌّ مُطْلَقًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا. قَوْلُهُ: (عَلَى الشَّطِّ) أَيْ غَيْرِ مُلَاقِيَةِ لِلْمَاءِ. [اشْتَبَهَ مَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ] قَوْلُهُ: (وَلَوْ اشْتَبَهَ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي الِاجْتِهَادِ الَّذِي هُوَ وَسِيلَةٌ لِتَطْهِيرِ الْمِيَاهِ بِحَسَبِ الظَّنِّ الَّتِي هِيَ وَسِيلَةٌ لِلطَّهَارَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَاءٌ) خَصَّهُ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ وَإِلَّا فَالتُّرَابُ مِثْلُهُ، وَكَذَا غَيْرُهُمَا كَمَالِهِ بِمَالِ غَيْرِهِ، وَثَوْبٍ طَاهِرٍ بِغَيْرِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الْمَاءِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ كَمَا فَعَلَ فِي الْمَنْهَجِ، لَكِنْ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ وَشُمُولٌ لِمَا لَا يَصِحُّ كَمَا يَعْرِفُهُ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (طَاهِرٌ بِنَجَسٍ) الْمُرَادُ بِالطَّاهِرِ هُنَا   [حاشية عميرة] الْمَائِعِ غَيْرِ الْمَاءِ حُكْمُ الْجَارِي مِنْ الْمَاءِ فِي أَنَّ الْجِرْيَةَ الْمُتَنَجِّسَةَ لَا تَتَعَدَّى لِغَيْرِهَا . قَوْلُ الْمَتْنِ: (اجْتَهَدَ أَيْ لَوْ اشْتَبَهَ مَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ قَدْ عَارَضَهُ تَعَيُّنُ النَّجَاسَةِ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ تَرْكُ الْأَصْلِ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَجَبَ النَّظَرُ فِي التَّعْيِينِ. [اشْتَبَهَ مَاءٌ وَبَوْلٌ] قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِنُونِ الرَّفْعِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى يَجْتَهِدُ لِثُبُوتِ النُّونِ، وَكَأَنَّ نُسْخَةَ الْجَمَالِ الْإِسْنَوِيِّ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُ بِحَذْفِ النُّونِ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّهُ مَجْزُومٌ بِحَذْفِ النُّونِ عَطْفًا عَلَى يَجْتَهِدُ، انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي سَلَكَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِ إشْكَالٌ، فَإِنَّ الْعَطْفَ عَلَى يَجْتَهِدُ يُفْسِدُ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 يَبْحَثَ عَمَّا يُبَيِّنُ النَّجِسَ، كَرَشَّاشٍ حَوْلَ إنَائِهِ أَوْ قُرْبِ الْكَلْبِ مِنْهُ (وَتَطْهُرُ بِمَا ظَنَّ) بِالِاجْتِهَادِ (طَهَارَتَهُ) مِنْهُمَا (وَقِيلَ إنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ فَلَا) يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِيهِمَا فَقَوْلُهُ: اجْتَهَدَ أَيْ جَوَازًا إنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ وَوُجُوبًا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَالْأَعْمَى كَبَصِيرٍ) فِيمَا ذُكِرَ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ يُدْرِكُ أَمَارَةَ النَّجِسِ بِاللَّمْسِ وَغَيْرِهِ. وَالثَّانِي لَا يَجْتَهِدُ لِفَقْدِ الْبَصَرِ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ الِاجْتِهَادِ بَلْ يُقَلِّدُ. (أَوْ) اشْتَبَهَ (مَاءٌ وَبَوْلٌ) بِأَنْ انْقَطَعَتْ رَائِحَتُهُ (لَمْ يَجْتَهِدْ) فِيهِمَا (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يَجْتَهِدُ كَالْمَاءَيْنِ. وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْمَاءَ لَهُ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ يُرَدُّ بِالِاجْتِهَادِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَوْلِ. (بَلْ يُخْلَطَانِ) أَوْ يُرَاقَانِ (ثُمَّ يَتَيَمَّمُ) وَيُصَلِّي بِلَا إعَادَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا صَلَّى قَبْلَ الْخَلْطِ أَوْ نَحْوِهِ فَيُعِيدُ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً طَاهِرًا   [حاشية قليوبي] الطَّهُورُ نَظَرًا لِلتَّطْهِيرِ الْآتِي وَإِنْ كَانَ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ وَبِالنَّجِسِ الْمُتَنَجِّسُ أَيْ الْمُتَيَقَّنُ النَّجَاسَةِ أَوْ مَظْنُونُهَا بِخَبَرِ ثِقَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي، فَخَرَجَ مَا لَوْ رَأَى مَاءً مُتَغَيِّرًا مَثَلًا وَشَكَّ فِي سَلْبِ طَهُورِيَّتِهِ فَلَهُ التَّطَهُّرُ بِهِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ، وَلَا نَظَرَ لِشَكِّهِ فِيهِ، بِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فَهَجَمَ وَتَطَهَّرَ فَطَهَارَتُهُ بَاطِلَةٌ إنْ صَادَفَ الطَّهُورَ. قَوْلُهُ: (الْمُشْتَبَهُ عَلَيْهِ) وَهُوَ الْمُمَيِّزُ فِي الطِّهَارَاتِ اتِّفَاقًا وَفِي الْأَمْوَالِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فَإِنَّهُ اشْتَرَطَ التَّكْلِيفَ فِيهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَبْحَثَ إلَخْ) هَذَا مَعْنَى الِاجْتِهَادِ لُغَةً، وَمَعْنَاهُ عُرْفًا بَذْلُ الْمَجْهُودِ فِي طَلَبِ الْمَقْصُودِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا وَمَا يَأْتِي أَنَّ شُرُوطَهُ سِتَّةٌ: أَنْ يَكُونَ فِي مُتَعَدِّدٍ ابْتِدَاءٌ اتِّفَاقًا وَدَوَامًا عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ النَّوَوِيِّ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ، فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ أَحَدُ الْإِنَاءَيْنِ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ لَمْ يَسْقُطْ وُجُوبُهُ أَوْ بَعْدَهُ سَقَطَ وَكَانَ جَائِزًا، وَأَنْ يَكُونَ فِي مَحْصُورٍ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ اشْتَبَهَ إنَاءٌ بِأَوَانٍ غَيْرِ مَحْصُورَةٍ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ، بَلْ يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهَا إلَى أَنْ يَبْقَى قَدْرُ الْمُشْتَبِهِ، وَقِيلَ: إلَى أَنْ يَبْقَى مَحْصُورٌ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِوُجُوبِهِ لَا لِجَوَازِهِ، وَأَنْ يَتَأَيَّدَ بِأَصْلِ الْحِلِّ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِقَوْلِهِمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْلٌ فِيمَا طُلِبَ مِنْهُ، وَأَنْ يَسْلَمَ مِنْ التَّعَارُضِ، وَأَنْ تُوجَدَ الْعَلَامَةُ، وَأَنْ يَكُونَ لَهَا مَدْخَلٌ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ اشْتَبَهَتْ زَوْجَتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ، وَهَذَا الْأَخِيرُ شَرْطٌ لِلْعَمَلِ بِهِ، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ شَرْطٌ لِوُجُودِهِ، وَالثَّانِي شَرْطٌ لِوُجُوبِهِ، وَالْبَقِيَّةُ شُرُوطٌ لِصِحَّتِهِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ شَرْطَيْنِ أَيْضًا: اتِّسَاعُ الْوَقْتِ، وَاتِّحَادُ مَالِكِ الْإِنَاءَيْنِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا تَوَضَّأَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِإِنَائِهِ، وَرَدَّهُمَا شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (كَرَشَّاشٍ إلَخْ) وَلَهُ ذَوْقُ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ وَيَمْتَنِعُ ذَوْقُ الْآخَرِ مَا لَمْ يَغْسِلْ فَمَهُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَيَقِّنًا لِنَجَاسَةِ فَمِهِ لِاجْتِمَاعِ الْمَاءَيْنِ عَلَيْهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ لِجَوَازِهِ بِأَنَّهُ حَالَ ذَوْقِ كُلٍّ غَيْرُ مُتَيَقِّنٍ نَجَاسَتَهُ. قَوْلُهُ: (جَوَازًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعُدُولُ عَنْهُ وَتَرْكُهُ وَوُجُوبًا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالِاجْتِهَادُ وَاجِبٌ مُطْلَقًا كَمَا فِي مَسْحِ الْخُفِّ وَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ الْمُخَيَّرَةِ، وَهَذَا مَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ، وَهُوَ الْوَجْهُ، وَمَا رَدَّهُ بِهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ لَا يُجْدِي نَفْعًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إنْ قَدَرَ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ بِالْخَلْطِ فِي طَهُورَيْنِ أَوْ طَهُورٍ وَمُسْتَعْمَلٍ، بَلْ يَجِبُ الْخَلْطُ فِي هَذَيْنِ عِنْدَ التَّحَيُّرِ، كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَوُجُوبًا) أَيْ مُوَسَّعًا بِسَعَةِ الْوَقْتِ وَمُضَيَّقًا بِضِيقِهِ فَلَا يَتَيَمَّمُ وَلَا يَسْقُطُ الْوُجُوبُ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فِيمَا ذَكَرَ) أَيْ لَا فِيمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَعْمَى أَنْ يُقَلِّدَ عِنْدَ التَّحَيُّرِ، وَلَوْ الْأَعْمَى أَقْوَى إدْرَاكًا مِنْهُ بِخِلَافِ الْبَصِيرِ. قَوْلُهُ: (مَاءٌ وَبَوْلٌ) مِثْلُهُ تُرَابٌ طَاهِرٌ أَوْ طَهُورٌ وَتُرَابٌ مِنْ أَجْزَاءِ مَيْتَةٍ بَلِيَتْ وَمِنْ إعْدَامِهِمَا خَلْطُ جَمِيعِ أَجْزَاءِ أَحَدِهِمَا بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجْتَهِدُ) وَلَوْ لِطَفِّ نَارٍ أَوْ عَجْنِ طِينٍ أَوْ شُرْبِ النَّجَسِ لِدَوَابَّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ يُفِيدُ حِلَّ اسْتِعْمَالِ الشَّيْءِ الْمُوَافِقِ لِحِلِّهِ فِي الْوَاقِعِ فَيَرُدُّهُ إلَى أَصْلِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي الْبَوْلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِي التَّطَهُّرِ) لَوْ قَالَ فِيمَا طُلِبَ مِنْهُ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (يُخْلَطَانِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بِأَنْ يُخْلَطَ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخِرِ مَا يَسْلُبُ طَهُورِيَّتَهُ لَوْ كَانَ مُخَالِفًا أَشَدَّ لِخُرُوجِهِ بِذَلِكَ عَنْ يَقِينٍ طَاهِرٍ مَعَهُ، فَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَدْ صُبَّ مِنْ الطَّاهِرِ فِي الْمُتَنَجِّسِ. قَوْلُهُ: (أَوْ يُرَاقَانِ) أَوْ أَحَدُهُمَا لِمَا ذُكِرَ وَلَمْ يَنْظُرْ وَالتَّعَلُّقُ الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَمَنْعُ التَّصَرُّفِ فِيهِ لِوُجُودِ الِاشْتِبَاهِ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْخَلْطُ وَإِنْ بَلَغَ بِهِ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَبِهِ عُلِمَ سَخَافَةُ مَا قِيلَ بِوُجُوبِ صَبِّ بَوْلٍ عَلَى مَاءِ قُلَّتَيْنِ مَعَ جَمَاعَةٍ لَا يَكْفِيهِمْ إلَّا بِهِ، حَيْثُ لَا يُغَيِّرُهُ لَوْ فُرِضَ مُخَالِفًا أَشَدَّ، وَلَا يُغْتَرُّ بِذِكْرِ ابْنِ حَجَرٍ لَهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى أَنَّ ذِكْرَهُ لَهُ لَيْسَ لِلرِّضَا بِهِ وَلَا لِصِحَّتِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِلرَّدِّ عَلَى الزَّرْكَشِيّ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْبَوْلَ لَهُ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ بِعَوْدِهِ إلَى أَصْلِهِ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَرُدُّهُ فِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ الْعَبَّادِيِّ بِقَوْلِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُخَالِفِينَ عَنْ مَذْهَبِنَا وَذَكَرَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ قَالَ: فَهُوَ غَلَطٌ بَلْ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّهُ نَجَسٌ   [حاشية عميرة] بَلْ تُقَرِّرُ حُكْمَ مَا قَبْلَهَا وَتُثْبِتُ ضِدَّهُ لِمَا بَعْدَهَا، وَإِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يُمْكِنُ الْعَطْفُ اللَّفْظِيُّ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَتَأْثِيرُ الْجَازِمِ فِي لَفْظِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 بِيَقِينٍ، وَقِيلَ: لَا لِتَعَذُّرِ اسْتِعْمَالِهِ. وَهَكَذَا الْكَلَامُ فِيمَا إذَا اجْتَهَدَ فِي الْمَاءَيْنِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ الطَّاهِرُ. وَلِلْأَعْمَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ التَّقْلِيدُ فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ الْبَصِيرِ: قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ أَوْ وَجَدَهُ فَتَحَيَّرَ تَيَمَّمَ، وَقَوْلُهُ: بَلْ يُخْلَطَانِ بِنُونِ الرَّفْعِ كَمَا فِي خَطِّهِ اسْتِئْنَافًا، أَوْ عَطْفًا عَلَى لَمْ يَجْتَهِدْ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ إنَّ بَلْ تَعْطِفُ الْجُمَلَ وَهِيَ هُنَا، وَفِيمَا بَعْدُ لِلِانْتِقَالِ مِنْ غَرَضٍ إلَى آخَرَ (أَوْ) مَاءٌ (وَمَاءُ وَرْدٍ) بِأَنْ انْقَطَعَتْ رَائِحَتُهُ (تَوَضَّأَ بِكُلٍّ) مِنْهُمَا (مَرَّةً) وَلَا يَجْتَهِدُ فِيهِمَا (وَقِيلَ: لَهُ الِاجْتِهَادُ) فِيهِمَا كَالْمَاءَيْنِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَوْلِ. (وَإِذَا اسْتَعْمَلَ مَا ظَنَّهُ) الطَّاهِرَ مِنْ الْمَاءَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ (أَرَاقَ الْآخَرَ) نَدْبًا لِئَلَّا يَتَشَوَّشَ بِتَغَيُّرِ ظَنِّهِ فِيهِ (فَإِنْ تَرَكَهُ) بِلَا إرَاقَةٍ (وَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ) فِيهِ مِنْ النَّجَاسَةِ إلَى الطَّهَارَةِ بِأَمَارَةٍ ظَهَرَتْ لَهُ، وَاحْتَاجَ إلَى الطَّهَارَةِ (لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّانِي) مِنْ ظَنَّيْهِ فِيهِ (عَلَى النَّصِّ) لِئَلَّا يُنْتَقَضَ ظَنٌّ بِظَنٍّ (بَلْ يَتَيَمَّمُ) وَيُصَلِّي   [حاشية قليوبي] بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (بِلَا إعَادَةٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَاءُ فَلَا يُنَافِي كَوْنَهَا قَدْ تَجِبُ مِنْ حَيْثُ الْمَحَلُّ إنْ غَلَبَ وُجُودُ الْمَاءِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا صَلَّى) عَدَلَ عَنْ الظَّاهِرِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ مَا إذَا تَيَمَّمَ إلَخْ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ وَجْهَانِ، وَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (فَيُعِيدُ) لِعَدَمِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى تَيَمُّمِهِ الْبَاطِلِ أَوْ عَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مَعَهُ إلَخْ) أَيْ مَعَ تَقْصِيرِهِ فِي إعْدَامِهِ وَعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ، فَلَا يُرَدُّ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ لِنَحْوِ شُرْبٍ. قَوْلُهُ: (وَلِلْأَعْمَى) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ التَّحَيُّرِ. قَوْلُهُ: (التَّقْلِيدُ) وَلَوْ بِأُجْرَةٍ لَا تَزِيدُ عَلَى مَاءِ الطَّهَارَةِ وَقَدَرَ عَلَيْهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُ مَنْ يُقَلِّدُهُ مِنْ مَحَلٍّ يَلْزَمُهُ السَّعْيُ إلَيْهِ فِي طَلَبِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ، وَضَبْطُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِمَحَلِّ سَعْيِ الْجُمُعَةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ قَصَدَهُ الِاجْتِهَادُ لَهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَتَجِبُ لَهُ الْأُجْرَةُ إنْ لَمْ يَرْضَ مَجَّانًا وَانْظُرْ هَلْ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ، وَإِنْ تَحَيَّرَ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تَيَمَّمَ) وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لَكِنْ بَعْدَ الْإِعْدَامِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَطْفًا عَلَى لَمْ يَجْتَهِدْ) وَلَا يَصِحُّ جَزْمُهُ عَطْفًا عَلَى يَجْتَهِدُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (تَنْبِيهٌ:) لَوْ تَطَايَرَ مِنْ أَحَدِ الْمُشْتَبِهَيْنِ رَشَّاشٌ عَلَى الْمُجْتَهِدِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ نَجَاسَتِهِ، وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ إنْ تَطَهَّرَ مِمَّا مِنْهُ الرَّشَّاشُ أَوْ مِنْ غَيْرِ الْإِنَاءَيْنِ، فَإِنْ تَطَهَّرَ مِنْ الْآخَرِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ قَبْلَ غَسْلِهِ لِتَيَقُّنِ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ بِهِمَا. قَوْلُهُ: (أَوْ وَمَاءُ وَرْدٍ) وَمِثْلُهُ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ، وَبَحَثَ ابْنُ حَجَرٍ فِي هَذِهِ أَنَّ لَهُ الِاجْتِهَادَ، وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي تُرَابٍ طَهُورٍ وَمُسْتَعْمَلٍ فَيَتَيَمَّمُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرَّةً، وَمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ شَرْحِ شَيْخِنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تَوَضَّأَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا) وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَةُ مَاءِ الْوَرْدِ لِأَنَّهُ حَاصِلٌ مَعَهُ بِخِلَافِ مَا يُرِيدُ تَحْصِيلَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْعُدُولُ إلَى مُتَيَقَّنِ الطَّهُورِيَّةِ، وَيُغْتَفَرُ لَهُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ خَلْطُهُمَا وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ لَوْ قَدَّرَ مُخَالِفًا وَسْطًا وَسَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ، وَمَا هُنَا أَوْلَى، بَلْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَا يَجُوزُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا غُرْفَةً، وَيَجْعَلَهُمَا عَلَى جَانِبَيْ وَجْهِهِ وَيَنْوِيَ إذْ فِيهِ الْجَزْمُ بِالنِّيَّةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ لَهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا فِي كَلَامِهِمْ بِالضَّرُورَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجْتَهِدُ) أَيْ لِلطَّهَارَةِ، وَلَهُ الِاجْتِهَادُ بِهِمَا لِلشُّرْبِ وَنَحْوِهِ، قِيلَ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الْوَجْهُ الثَّانِي، وَلَهُ التَّطَهُّرُ بِالْمَاءِ تَبَعًا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: كَمَا يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ تَبَعًا لِلِاجْتِهَادِ فِي الْمِلْكِ فِي الْأَمَةِ. قَوْلُهُ: (أَرَاقَ الْآخَرَ نَدْبًا) وَالْأَفْضَلُ إرَاقَتُهُ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (يَتَشَوَّشُ) هَكَذَا فِي الصَّحَاحِ، وَفِي اخْتِيَارِ الشَّارِحِ لَهُ رَدٌّ عَلَى الْقَامُوسِ هُوَ لَحْنٌ وَالصَّوَابُ يَتَهَوَّشُ. قَوْلُهُ: (بِأَمَارَةٍ ظَهَرَتْ لَهُ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ تَغَيُّرَ ظَنِّهِ نَاشِئٌ عَنْ اجْتِهَادٍ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأَمَارَةَ الَّتِي ظَهَرَتْ لَهُ وَكَانَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ وَلَمْ تَظْهَرْ لَهُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ، فَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ هَذَا اجْتِهَادًا آخَرَ، وَإِلَيْهِ يُومِئُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَعَلَى كُلٍّ فَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُعْمَلْ بِالثَّانِي) وَإِنْ كَانَ أَرْجَحَ وَلَا يُسْتَعْمَلُ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ لَوْ كَانَ لِتَغَيُّرِ ظَنِّهِ وَفِيهِ مَا يَأْتِي. نَعَمْ إنْ غَسَلَ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ أَوْ كَانَ الِاشْتِبَاهُ مَعَ مَاءِ وَرْدٍ أَوْ مَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ وَجَبَ الْعَمَلُ   [حاشية عميرة] الْمَعْطُوفِ كَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَوَضَّأَ بِكُلِّ مَرَّةٍ) أَيْ وَيُعْذَرُ فِي تَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ الضَّرُورَةُ تَنْتَفِي بِوُجُودِ مُتَيَقِّنِ الطَّهَارَةِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ أَعَمُّ فِيمَا يَظْهَرُ. (فَرْعٌ) إذَا اشْتَبَهَ الْمُسْتَعْمَلُ بِالطَّهُورِ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرَّةً، وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ. انْتَهَى. فَقَدْ انْكَشَفَ لَك أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى الضَّرُورَةِ تَعَذُّرَ الِاجْتِهَادِ. [اسْتَعْمَلَ مَا ظَنَّهُ الطَّاهِرَ مِنْ الْمَاءَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (إذَا اسْتَعْمَلَ مَا ظَنَّهُ) أَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 (بِلَا إعَادَةٍ فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَيْسَ مَعَهُ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ. وَالثَّانِي يُعِيدُ لِأَنَّ مَعَهُ طَاهِرًا بِالظَّنِّ فَإِنْ أَرَاقَهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَمْ يُعِدْ جَزْمًا. وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ النَّصِّ فِي تَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ الْعَمَلَ بِالثَّانِي، فَيُورِدُ الْمَاءَ مَوَارِدَ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ، وَيَتَوَضَّأُ مِنْهُ وَيُصَلِّي وَلَا يُعِيدُ كَمَا لَا يُعِيدُ الْأَوَّلُ، وَهَلْ تَكْفِي عِنْدَهُ الْغَسْلَةُ الْوَاحِدَةُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَنْ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ؟ قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَا. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: نَعَمْ. وَكُلٌّ مِنْهُمَا قَالَ بِحَسَبِ فَهْمِهِ الْمُوَافِقِ لِلرَّاجِحِ عِنْدَهُ فِي مَسْأَلَةِ تَيَقُّنِ النَّجَاسَةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِ الْغُسْلِ. وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ فَفِيهِ النَّصُّ وَالتَّخْرِيجُ، لَكِنْ يُعِيدُ عَلَى النَّصِّ مَا صَلَّاهُ بِالتَّيَمُّمِ لِأَنَّ مَعَهُ طَاهِرًا بِيَقِينٍ، وَقِيلَ: لَا لِتَعَذُّرِ اسْتِعْمَالِهِ فَإِنْ أَرَاقَهُمَا أَوْ خَلَطَهُمَا قَبْلَ الصَّلَاةِ لَمْ يُعِدْ جَزْمًا، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَعْمَلُ لِمَا ظَنَّهُ عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ بَاقِيًا عَلَى طَهَارَتِهِ بِمَا ظَنَّهُ صَلَّى بِهَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَوْ مُحْدِثًا، وَقَدْ بَقِيَ مِمَّا تَطَهَّرَ مِنْهُ شَيْءٌ لَزِمَهُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. (وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِتَنَجُّسِهِ) أَيْ الْمَاءِ (مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ) كَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ (وَبَيَّنَ السَّبَبَ) فِي تَنَجُّسِهِ كَوُلُوغِ كَلْبٍ (أَوْ كَانَ فَقِيهًا) فِي بَابِ تَنَجُّسِ الْمَاءِ (مُوَافِقًا) لِلْمُخْبِرِ فِي مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ (اعْتَمَدَهُ) مِنْ غَيْرِ تَبْيِينٍ لِلسَّبَبِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْفَقِيهِ أَوْ الْفَقِيهِ الْمُخَالِفِ،   [حاشية قليوبي] بِالثَّانِي. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّاهُ بِالْأَوَّلِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا فِي الثَّوْبَيْنِ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَتَيَمَّمُ) مَا لَمْ يَكُنْ بَاقِيًا عَلَى طَهَارَتِهِ الْأُولَى وَإِلَّا فَيُصَلِّي بِهَا وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ يُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ سَيَأْتِي مَا فِيهِ وَصَحَّ تَيَمُّمُهُ مَعَ اعْتِقَادِهِ نَجَاسَةَ أَعْضَائِهِ لِإِلْغَاءِ ظَنِّهِ بِعَدَمِ تَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ. قَوْلُهُ: (بِلَا إعَادَةٍ) مِنْ حَيْثُ الْمَاءُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الصَّلَاةِ) قَالَ شَيْخُنَا: وَقَبْلَ التَّيَمُّمِ. قَوْلُهُ: (فَيُورِدُ الْمَاءَ) أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عِنْدَهُ) أَيْ ابْنِ سُرَيْجٍ. قَوْلُهُ: (وَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ) أَيْ بِاجْتِهَادٍ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي عَنْ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُعِيدُ) أَيْ إذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى قَبْلَ الْإِعْدَامِ. قَوْلُهُ: (بَاقِيًا عَلَى طَهَارَتِهِ) أَيْ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ ظَنُّهُ سَوَاءٌ بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ أَمْ لَا، فَإِنْ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ، فَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَالْخَطِيبُ وَالْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَا أَيْضًا، كَمَا شَمِلَتْهُ الْعِبَارَةُ لِأَنَّهُمْ أَلْغَوْا ظَنَّهُ بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ، فَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ أَعْضَائِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ صَلَّى كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَلَا يُصَلِّي بِطَهَارَتِهِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ) وَفِي تَغَيُّرِ ظَنِّهِ وَعَدَمِهِ مَا تَقَدَّمَ. نَعَمْ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ الِاجْتِهَادُ وَتَقَدَّمَ عَنْ النَّوَوِيِّ مَنْعُهُ، وَعَنْ الرَّافِعِيِّ جَوَازُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَخْبَرَهُ) هُوَ إشَارَةٌ إلَى تَعْمِيمِ النَّجَسِ الْمُشْتَبَهِ، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ظَنُّ النَّجَاسَةِ فِي الْإِنَاءِ حَاصِلًا عَنْ مَعْرِفَتِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ) وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْعَدْلُ يَقِينًا الْعَارِفُ بِمَا يَنْجُسُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ أَعْمَى، أَوْ أَخْبَرَ عَنْ مِثْلِهِ وَلَوْ أَعْمَى. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الصَّبِيِّ) وَالْمَجْنُونِ وَالْفَاسِقِ وَمَجْهُولِ الْعَدَالَةِ مَا لَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ أَوْ يَعْتَقِدْ صِدْقَهُ، أَوْ يُخْبِرْ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ، كَبُلْت فِي هَذَا الْمَاءِ أَوْ أَلْقَيْت فِيهِ نَجَاسَةً، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَعْرِفَةُ مَا يَنْجُسُ لِئَلَّا يَعْتَقِدَ تَنْجِيسَ مَا لَمْ يَنْجُسْ، وَلَا يَكْفِي نَجَّسْته، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا عَدَمُ قَبُولِ إخْبَارِ الْمَجْنُونِ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا إنْ قُيِّدَ بِمَا لَيْسَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ. قَوْلُهُ: (مُوَافِقًا) أَيْ يَقِينًا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الْحُكْمِ بِتَنَجُّسِ الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ فِي مَذْهَبِهِ، بَلْ لَوْ عَلِمَ مِنْهُ مَعْرِفَةَ الْحُكْمِ فِيهَا عِنْدَهُ اعْتَمَدَهُ، وَإِنْ خَالَفَهُ فِيهَا فِي مَذْهَبِهِ. قَوْلُهُ: (اعْتَمَدَهُ) أَيْ وُجُوبًا إنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ اجْتِهَادٍ وَسَوَاءٌ أَخْبَرَهُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ بِمُدَّةٍ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ قَبْلَ الْإِخْبَارِ لِتَبَيُّنِ وُجُوبِ   [حاشية عميرة] جَمِيعَهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي، وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَحِينَئِذٍ فَنَقُولُ وَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ وَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُخَالَفَتِهِ لِلْأَوَّلِ لَا يُعْمَلُ بِالثَّانِي فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الْمُرَادَةُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ، أَمَّا لَوْ تَلِفَ أَحَدُ الْإِنَاءَيْنِ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ فَلَا إشْكَالَ فِي وُجُوبِ الِاجْتِهَادِ وَجَوَازِهِ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ اجْتَهَدَ وَتَحَيَّرَ أَوْ ظَنَّ طَهَارَةَ أَحَدِهِمَا ثُمَّ تَلِفَ أَحَدُهُمَا فِي الْأُولَى أَوْ الَّذِي ظَنَّ طَهَارَتَهُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي إذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى أَنْ يَجِبَ الِاجْتِهَادُ، وَيَجُوزَ عِنْدَ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَعْنِي مَسْأَلَةَ التَّلَفِ بِالِاسْتِعْمَالِ مُنْتَفٍ هُنَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا أَعْطَى مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الِاجْتِهَادِ فَلَا تَجِبُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ فِيهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَمْ يُعِدْ جَزْمًا) هَذَا يُوجِبُ أَنَّ مُرَادَهُ الْإِرَاقَةُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَقَبْلَ التَّيَمُّمِ إذْ لَوْ أَرَاقَهُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ الْجَزْمُ لِأَنَّ مَنْ يَجْعَلُ الْإِرَاقَةَ شَرْطًا لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ لَا يَعْتَبِرُ الْإِرَاقَةَ بَيْنَهُمَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَزِمَهُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ) أَيْ إذَا كَانَ الَّذِي ظَنَّ نَجَاسَتَهُ بَاقِيًا وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سِوَى بَقِيَّةُ الَّذِي ظَنَّ طَهَارَتَهُ فَلَا يَسْتَعْمِلُهُ وَلَا يَجْتَهِدُ بَلْ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي، وَلَا إعَادَةَ سَوَاءٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 فَلَا يَعْتَمِدُهُ مِنْ غَيْرِ تَبْيِينِ السَّبَبِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يُخْبِرَ بِتَنَجُّسِ مَا لَمْ يَتَنَجَّسْ عِنْدَ الْمُخْبَرِ. (وَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُ كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ) فِي الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ النَّجِسِ كَالْمُتَّخَذِ مِنْ جِلْدِ مَيْتَةٍ، فَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَمَائِعٍ لِتُنَجِّسْهُمَا بِهِ. (إلَّا ذَهَبًا وَفِضَّةً) أَيْ إنَاءَهُمَا (فَيَحْرُمُ) اسْتِعْمَالُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهِمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَيُقَاسُ غَيْرُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَيْهِمَا. (وَكَذَا) يَحْرُمُ (اتِّخَاذُهُ) أَيْ اقْتِنَاؤُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَجُرُّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ. وَالثَّانِي لَا اقْتِصَارًا عَلَى مَوْرِدِ النَّهْيِ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ. (وَيَحِلُّ) الْإِنَاءُ (الْمُمَوَّهُ) أَيْ الْمَطْلِيُّ بِذَهَبٍ أَوْ   [حاشية قليوبي] الِاجْتِهَادِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ هُوَ الطَّاهِرُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي هَذِهِ الْأَخِيرَةِ نَظَرٌ لِمُوَافَقَةِ فِعْلِهِ لِمَا فِي الْوَاقِعِ، وَلَيْسَتْ كَمَا لَوْ هَجَمَ كَمَا لَا يَخْفَى. قَوْلُهُ: (أَوْ الْفَقِيهِ الْمُخَالِفِ) أَوْ الْمَشْكُوكِ فِي فِقْهِهِ أَوْ فِي مُخَالَفَتِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَعْتَمِدْهُ) أَيْ فَيَتَوَقَّفُ وَلَا يُلْغِي خَبَرَهُ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ الِاحْتِمَالُ. (تَنْبِيهٌ) تَقَدَّمَ فِي شَرْطِ الِاجْتِهَادِ السَّلَامَةُ مِنْ التَّعَارُضِ، فَلَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ هُنَا مُخْبِرَانِ قَدَّمَ الْأَكْثَرَ فَالْأَوْثَقَ فَالْمُبَيِّنَ لِلسَّبَبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَجِّحٌ تَسَاقَطَا وَرَجَعَ إلَى أَصْلِ الطَّهَارَةِ. (فُرُوعٌ) يُعْمَلُ بِأَصْلِ الطَّهَارَةِ فِيمَا غَلَبَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ كَثِيَابِ مُدْمِنِي الْخَمْرِ وَالْجَزَّارِينَ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَوْ رَفَعَ نَحْوَ كَلْبٍ رَأْسَهُ مِنْ إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ مَائِعٌ وَفَمُهُ رَطْبٌ لَمْ يُحْكَمْ بِتَنَجُّسِ مَا فِي الْإِنَاءِ إنْ احْتَمَلَ تَرْطُبُ فَمِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَالْبَقْلُ النَّابِتُ فِي النَّجَاسَةِ طَاهِرٌ، وَمَا لَاقَى النَّجَاسَةَ مِنْهُ مُتَنَجِّسٌ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ، وَلَوْ وُجِدَتْ قِطْعَةُ لَحْمٍ مَرْمِيَّةٌ أَوْ مَكْشُوفَةٌ فَهِيَ نَجِسَةٌ أَوْ مَصُونَةٌ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ، فَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ فِي بَلَدٍ غَلَبَ فِيهَا الْمَجُوسُ وَإِلَّا فَطَاهِرَةٌ. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُ إلَخْ) هُوَ شُرُوعٌ فِي وَسِيلَةِ الْوَسِيلَةِ الَّتِي هِيَ ظُرُوفُ الْمِيَاهِ لِاحْتِيَاجِهَا إلَيْهَا كَمَا مَرَّ فِي الِاجْتِهَادِ وَالْمُرَادُ بِالْحِلِّ مَا قَابَلَ الْحُرْمَةَ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهِ وَلِمَا يَأْتِي فِي الْكَرَاهَةِ، فَخَرَجَ بِهِ الْمَغْصُوبُ وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ وَلَوْ مُهْدَرًا كَالْمُرْتَدِّ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَفَارَقَ جَوَازَ إغْرَاءِ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَةِ الْمُهْدَرِ نَظَرًا لِلرَّدْعِ فِيهِ، إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِنَصِّ الْحَدِيثِ عَلَيْهِمَا وَلِنَفْيِ تَوَهُّمِ جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِمَا أَخْذًا مِنْ نَفْيِ كَرَاهَةِ الْمُشَمَّسِ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ، وَلِكَوْنِ الْحُرْمَةِ فِيهِمَا لِذَاتِهِمَا، وَلِذَلِكَ حُرِّمَا وَلَوْ عَلَى مَالِكِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا، فَالْحُرْمَةُ فِيهِ لِعَارِضٍ، وَمَنْ قَيَّدَ الْحِلَّ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ لِقَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ الطَّهَارَةُ أَرَادَ أَنَّهُ بِمَعْنَى الصِّحَّةِ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ كَمَا مَرَّ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ كَوْنُ الِاسْتِثْنَاءِ مُنْقَطِعًا، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كُلِّ إنَاءٍ) أَيْ مَا يُسَمَّى إنَاءً عُرْفًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَرْفًا كَمَا يَأْتِي، وَقَدْ تَوَضَّأَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ شَنٍّ مِنْ جِلْدٍ، وَمِنْ قَدَحٍ مِنْ خَشَبٍ، وَمِنْ مِخْضَبٍ مِنْ حَجَرٍ، وَالشَّنُّ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالنُّونِ كَالرَّكْوَةِ، وَالْمِخْضَبُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ إنَاءٌ كَالْقَدَحِ، وَالْإِنَاءُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْمَدِّ مُفْرَدٌ وَجَمْعُهُ آنِيَةٌ وَجَمْعُ آنِيَةٍ أَوَانٍ قَوْلُهُ: (مِنْ جِلْدِ مَيْتَةٍ) وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ بِقَوْلِهِ فِيهِ قِيلَ وَمَحَلُّهُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (فِي مَاءٍ قَلِيلٍ) أَيْ إنْ لَزِمَ عَلَيْهِ تَضَمُّخٌ بِنَجَاسَةٍ فِي بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ كَالْبَوْلِ فِيهِ الْمُصَرَّحُ بِكَرَاهَتِهِ فَقَطْ وَلَوْ فِي إنَاءٍ طَاهِرٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَائِعٍ) إلَّا لِحَاجَةٍ كَوَضْعِ دُهْنٍ فِي إنَاءِ عَاجٍ لِلْوَقُودِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى غَيْرِهِ، وَيُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ إنَاءٍ نَجَسٍ جَافٍّ فِي جَافٍّ. قَوْلُهُ: (إلَّا ذَهَبًا وَفِضَّةً) فَيَحْرُمُ إنْ لَمْ يَصْدَآ وَإِلَّا فَكَالْمُمَوَّهِ. قَوْلُهُ: (إنَاءَهُمَا) وَمِنْهُ الْمُكْحُلَةُ وَالْمِرْوَدُ وَالْخِلَالُ وَالْمَجَرَّةُ وَالْمِلْعَقَةُ وَالْمُشْطُ وَالْإِبْرَةُ وَنَحْوُهَا. (فَرْعٌ) يَحْرُمُ تَوَسُّدُ قِطْعَةٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَتَوَسُّدُ إنَائِهِ أَوْ الْوَزْنُ بِقِطْعَةٍ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تُهَيَّأْ. قَوْلُهُ: (لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ الْآنِيَةَ اسْمٌ لِمَا يُعَدُّ لِلشُّرْبِ، وَالصَّحْفَةُ اسْمٌ لِمَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَعَمْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ مَا ذُكِرَ لِنَحْوِ تَدَاوٍ كَمِرْوَدِ ذَهَبٍ لِجَلَاءِ الْبَصَرِ، وَخَرَجَ بِالْآنِيَةِ رَأْسُ نَحْوِ كُوزٍ لَا يَصْلُحُ لِوَضْعِ شَيْءٍ فِيهَا فَلَا يَحْرُمُ. (فَرْعٌ) مِنْ الِاسْتِعْمَالِ الْمُحَرَّمِ مُلَاقَاةُ الْمَاءِ بِفَمِهِ مِنْ مِيزَابِ الْكَعْبَةِ إنْ قَرُبَ مِنْهُ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ عُرْفًا. (فَائِدَةٌ) طَرِيقُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَا ذُكِرَ مِنْ غَيْرِ حُرْمَةٍ أَنْ يُفْرِغَ مَا فِيهِ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ فِي كَفِّهِ لَا بِقَصْدِ اسْتِعْمَالِهِ، ثُمَّ يَسْتَعْمِلَهُ. قَوْلُهُ: (اقْتِنَاؤُهُ) خَرَجَ بِهِ اتِّخَاذُهُ لِإِجَارَتِهِ لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَلِنَحْوِ تِجَارَةٍ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ الْإِنَاءُ الْمُمَوَّهُ)   [حاشية عميرة] تَغَيَّرَ ظَنُّهُ فِيهِ أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَانَ فَقِيهًا مُوَافِقًا) لَوْ شَكَّ فِي مُوَافَقَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْمُخَالِفِ، وَكَذَا الشَّكُّ فِي الْفِقْهِ الْأَصْلُ عَدَمُهُ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 فِضَّةٍ أَيْ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِقِلَّةِ الْمُمَوَّهِ بِهِ فَكَأَنَّهُ مَعْدُومٌ، وَالثَّانِي يَحْرُمُ لِلْخُيَلَاءِ وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ، وَلَوْ كَثُرَ الْمُمَوَّهُ بِهِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ حَرُمَ جَزْمًا. (وَ) يَحِلُّ الْإِنَاءُ (النَّفِيسُ) مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (كَيَاقُوتٍ) أَيْ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ (فِي الْأَظْهَرِ) . وَالثَّانِي يَحْرُمُ لِلْخُيَلَاءِ وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ وَدُفِعَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ وَعَلَى الْحُرْمَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ يَحْرُمُ الِاتِّخَاذُ فِي الْأَصَحِّ أَخْذًا مِمَّا سَبَقَ، وَصَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ فِي الثَّانِيَةِ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَمَا ضُبِّبَ) مِنْ إنَاءٍ (بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ضَبَّةً كَبِيرَةً لِزِينَةٍ حَرُمَ) اسْتِعْمَالُهُ (أَوْ صَغِيرَةً بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَلَا) يَحْرُمُ (أَوْ صَغِيرَةً لِزِينَةٍ أَوْ كَبِيرَةً لِحَاجَةٍ جَازَ فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا لِلصِّغَرِ وَلِلْحَاجَةِ وَمُقَابِلُهُ يُنْظَرُ إلَى الزِّينَةِ وَالْكِبَرِ (وَضَبَّةُ مَوْضِعِ الِاسْتِعْمَالِ) نَحْوَ الشُّرْبِ (كَغَيْرِهِ) فِيمَا ذُكِرَ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَحْرُمُ إنَاؤُهَا مُطْلَقًا لِمُبَاشَرَتِهَا بِالِاسْتِعْمَالِ (قُلْت: الْمَذْهَبُ تَحْرِيمُ) إنَاءِ (ضَبَّةِ الذَّهَبِ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ فِيهِ الْخُيَلَاءَ مِنْ الْفِضَّةِ أَشَدُّ. وَأَصْلُ ضَبَّةِ الْإِنَاءِ مَا يُصْلِحُ بِهِ خَلَلَهُ مِنْ صَفِيحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِطْلَاقُهَا عَلَى مَا هُوَ لِلزِّينَةِ تَوَسُّعٌ، وَمَرْجِعُ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ الْعُرْفُ، وَقِيلَ: وَهُوَ أَشْهَرُ: الْكَبِيرَةُ مَا تَسْتَوْعِبُ جَانِبًا مِنْ الْإِنَاءِ كَشَفَةٍ أَوْ أُذُنٍ، وَالصَّغِيرَةُ دُونَ ذَلِكَ. وَالْأَصْلُ فِيهَا مَا رُوِيَ أَنَّ «قَدَحَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَشْرَبُ فِيهِ كَانَ مُسَلْسَلًا بِفِضَّةٍ» لِانْصِدَاعِهِ أَيْ مُشَعَّبًا بِخَيْطِ فِضَّةٍ لِانْشِقَاقِهِ وَتَوَسَّعَ الْمُصَنِّفُ فِي نَصْبِ الضَّبَّةِ بِفِعْلِهَا نَصْبَ الْمَصْدَرِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالْمُضَبَّبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنْ كَانَ ضَبَّتُهُ كَبِيرَةً إلَى آخِرِهِ.   [حاشية قليوبي] وَكَالْإِنَاءِ السُّقُوفُ وَالْجُدْرَانُ وَلَوْ لِلْكَعْبَةِ وَالْمُصْحَفُ وَالْكُرْسِيُّ وَالصُّنْدُوقُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، فَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُهَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ شَيْءٌ مِنْهُ وَإِلَّا حَرُمَ، وَأَمَّا فِعْلُ ذَلِكَ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا، وَخَرَجَ بِالتَّمْوِيهِ التَّحْلِيَةُ وَهِيَ قِطَعٌ مِنْ النَّقْدِ تُسَمَّرُ فِي غَيْرِهَا، فَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِحِلِّهَا فِي نَحْوِ الْكَعْبَةِ وَالْمَسَاجِدِ دُونَ غَيْرِهَا كَالْمُصْحَفِ وَالْكُرْسِيِّ وَغَيْرِهَا وَسَيَأْتِي فِيهِ كَلَامٌ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَحْرِيمُهَا فِي الْكَعْبَةِ وَالْمَسَاجِدِ أَيْضًا وَهُوَ الْوَجْهُ وَعِبَارَتُهُ، وَيَحْرُمُ تَحْلِيَةُ الْكَعْبَةِ وَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ انْتَهَى. (تَنْبِيهٌ) يَنْبَغِي أَنَّ الزَّرْكَشَةَ مِنْ التَّحْلِيَةِ لَا مِنْ التَّمْوِيهِ فَتَأَمَّلْهُ وَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ) أَيْ لَا بِالْمَاءِ الْحَارِّ. قَوْلُهُ: (حُرِّمَ جَزْمًا) لِمَا فِيهِ مِنْ الْعَيْنِ وَالْخُيَلَاءِ. (تَنْبِيهٌ) لِعَكْسِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ حُكْمُ عَكْسِهِ كَإِنَاءٍ مِنْ نَقْدٍ طُلِيَ بِنَحْوِ نُحَاسٍ فَإِنْ حَصَلَ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ شَيْءٌ حَلَّ وَإِلَّا حَرُمَ. قَالَ فِي الْمَنْهَجِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ الِاسْتِعْمَالُ مَعَ مُلَاقَاةِ عَيْنِ النَّقْدِ فَمَعَ عَدَمِهَا أَوْلَى، وَلِذَلِكَ حَمَلُوا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوْلَى مَعَ احْتِمَالِهِ لِلثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُجْعَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لَهُمَا، فَلَا تَصْرِيحَ وَلَا زِيَادَةَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ النَّفِيسُ) أَيْ لِذَاتِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، أَمَّا لِصَنْعَتِهِ كَإِنَاءٍ مِنْ خَشَبٍ مُحْكَمِ الصَّنْعَةِ فَلَا كَرَاهَةَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَمَا ضُبِّبَ) قَالَ شَيْخُنَا وَتُسَمَّرُ الدَّرَاهِمُ فِي نَحْوَ الْإِنَاءِ كَالضَّبَّةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ إنَاءٍ) فَكَالْإِنَاءِ غَيْرُهُ نَحْوَ مِرْوَدٍ وَخِلَالٍ وَغَيْرِهِمَا وَخَرَجَ بِالضَّبَّةِ الْحَلَقَةُ وَالسِّلْسِلَةُ وَالْغِطَاءُ وَالصَّفِيحَةُ عَلَى حَوَافِّي الْإِنَاءِ وَالرَّأْسُ الَّتِي لَيْسَتْ كَالْإِنَاءِ، فَلَا حُرْمَةَ فِيهَا، كَمَا لَا يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُ الطَّعَامَ بِأُصْبُعٍ اتَّخَذَهُ مِنْ نَقْدٍ. قَوْلُهُ: (كَبِيرَةً) أَيْ يَقِينًا، فَلَا حُرْمَةَ مَعَ الشَّكِّ، وَلَا كَرَاهَةَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (صَغِيرَةً) وَإِنْ تَعَدَّدَتْ مَا لَمْ تَكُنْ لَوْ جُمِعَتْ صَارَتْ كَبِيرَةً. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) وَالْمُرَادُ بِهَا إصْلَاحُ الْإِنَاءِ أَصَالَةً لَا عَدَمُ غَيْرِ النَّقْدِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ) بِلَا خِلَافٍ فِي ضَبَّةِ الْفِضَّةِ، وَعَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي ضَبَّةِ الذَّهَبِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْحُرْمَةِ قَبْلَهُ أَيْ أَنَّهَا حَرَامٌ فِي الْفِضَّةِ بِلَا خِلَافٍ، وَفِي الذَّهَبِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (جَازَ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ صَفِيحَةٍ) . قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ عَمَّتْ جَمِيعَ الْإِنَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَمَا قِيلَ إنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى ضَبَّةً مَمْنُوعٌ قَوْلُهُ: (الْعُرْفُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (مُشَعَّبًا) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ السِّلْسِلَةِ لِأَحَقِّيَّتِهَا السَّابِقَةِ. قَوْلُهُ: (وَتَوَسَّعَ الْمُصَنِّفُ) قَدْ يُقَالُ: لَا تَوَسُّعَ، بَلْ إنَّهَا خَبَرٌ لَكَانَ الْمَحْذُوفَةِ مَعَ اسْمِهَا.   [حاشية عميرة] قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِشُمُولِ مَعْنَى الْخُيَلَاءِ وَإِنْ جَازَ لَهُنَّ الْحُلِيُّ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تَزْيِينًا كَمَا أَنَّ افْتِرَاشَ الْحَرِيرِ يَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ، وَلَا يَحْرُمُ اللُّبْسُ عَلَيْهِنَّ، انْتَهَى. وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ جَوَازَ افْتِرَاشِهِنَّ لِلْحَرِيرِ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَيَاقُوتٍ) مِنْهُ الْعَقِيقُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، ثُمَّ الْمُرَادُ نَفِيسُ الذَّاتِ دُونَ الصِّفَةِ فَقَطْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ صَغِيرَةٍ لِزِينَةٍ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ أَيْ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَهُوَ الْأَصْغَرُ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِنَوَاقِضِ الْوُضُوءِ (هِيَ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا: خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ قُبُلِهِ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ (أَوْ دُبُرِهِ) قَالَ تَعَالَى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] :.   [حاشية قليوبي] (تَنْبِيهٌ) قَدْ أَوْصَلَ بَعْضُهُمْ مَسَائِلَ الضَّبَّةِ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ مَسْأَلَةٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً خَارِجًا عَنْ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فَرَاجِعْهُ. بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ هِيَ جَمْعُ سَبَبٍ، وَهُوَ لُغَةً مَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى غَيْرِهِ، وَعُرْفًا مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ، وَإِضَافَتُهَا إلَى الْحَدَثِ بَيَانِيَّةٌ، وَلَامُهُ لِلْجِنْسِ، كَذَا قَالُوا، وَالْوَجْهُ بَقَاءُ الْإِضَافَةِ عَلَى حَقِيقَتِهَا لِأَنَّهَا أَظْهَرُ فِي الْمُرَادِ، وَلَيْسَ الْفَائِتُ فِيهَا إلَّا تَسْمِيَةُ الْأَسْبَابِ حَدَثًا، وَلَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ أَمْرٍ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ، وَفِي اسْمِهَا وَجْهُ تَقْدِيمِهَا عَلَى الْوُضُوءِ، وَلِمُوَافَقَةِ الْوُجُودِ وَالطَّبْعِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَدَثِ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ الْأَصْغَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَكَذَا عِنْدَ غَيْرِهِمْ إلَّا لِقَرِينَةٍ كَنِيَّةِ الْجُنُبِ رَفْعَ الْحَدَثِ، فَيَنْصَرِفُ إلَى الْأَكْبَرِ بِقَرِينَةِ كَوْنِهِ الَّذِي عَلَيْهِ، وَيُطْلَقُ حَقِيقَةً عَلَى أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا الْأَسْبَابُ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ يَنْتَهِيَ بِهَا الطُّهْرُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَثَانِيهَا أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ يَقُومُ بِالْأَعْضَاءِ مَعَ وُجُودِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ، وَثَالِثُهَا الْمَنْعُ مِنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا الْمُرَتَّبُ عَلَى الْأَسْبَابِ حَقِيقَةً وَعَلَى الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ اعْتِبَارًا لِأَنَّهُ نَتِيجَةٌ لَهُ وَإِلَّا فَهُمَا مُتَقَارِنَانِ، بَلْ الثَّلَاثَةُ مُتَقَارِنَةٌ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. وَالْمُرَادُ بِالْأَعْضَاءِ مَا يُغْسَلُ وُجُوبًا مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَهُوَ فِي الرَّأْسِ جُزْءٌ مُبْهَمٌ يَتَعَيَّنُ بِوُقُوعِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ وَدُخُولِ الْمَنْدُوبِ فِيهِ مِنْ حَيْثُ شُمُولُ اسْمِ الْوُضُوءِ لَهُ، وَقِيلَ: يَقُومُ بِجَمِيعِهَا فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَنْدُوبُ مِنْهَا، وَقِيلَ: بِجَمِيعِ الْبَدَنِ، وَيَرْتَفِعُ بِغَسْلِ الْوَاجِبِ مِنْهَا وَمَنْعِ مَسِّ نَحْوِ الْمُصْحَفِ بِغَيْرِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا وَلَوْ بَعْدَ غَسْلِهِ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ الَّذِي هُوَ غَسْلُ كُلِّهَا، وَقَوْلُهُمْ الَّتِي يَنْتَهِي بِهَا الطُّهْرُ، أَيْ لَوْ كَانَ وَإِلَّا فَهِيَ أَسْبَابٌ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَلِذَلِكَ صَحَّتْ النِّيَّةُ الْمُضَافَةُ إلَى غَيْرِ الْأَوَّلِ مِنْهَا مَثَلًا. قَوْلُهُ: (بِنَوَاقِضِ الْوُضُوءِ) ذَكَرَهُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ نَقْضٌ فِيمَا يَأْتِي، إذْ أَصْلُ النَّاقِضِ مَا يُزِيلُ الشَّيْءَ مِنْ أَصْلِهِ اللَّازِمِ عَلَيْهِ بُطْلَانُ مَا مَضَى بِمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ كَالْعِبَادَةِ هُنَا، وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (هِيَ) أَيْ الْأَسْبَابُ الَّتِي تَرَتَّبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا قِيَامُ الْحَدَثِ بِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةٌ) الْحَصْرُ فِيهَا تَعَبُّدِيٌّ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا خَامِسٌ، وَشِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ غَيْرُ نَاقِضٍ، لِأَنَّ حَدَثَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ، كَذَا قَالُوهُ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ، فَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ وَلَا بَعْدَهُ لَمْ تَبْطُلْ طَهَارَتُهُ بِشِفَائِهِ، وَحِينَئِذٍ فَبُطْلَانُهَا بِشِفَائِهِ بَعْدَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ فِي ذَلِكَ مَنْسُوبٌ إلَى ذَلِكَ الْخَارِجِ الَّذِي عُفِيَ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ زَالَتْ فَتَأَمَّلْ، وَبُطْلَانُ مَسْحِ الْخُفِّ لِلْمُتَطَهِّرِ يُوجِبُ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فَقَطْ عَلَى أَنَّهُ بِسَبَبِ الْحَدَثِ السَّابِقِ فَتَأَمَّلْ، وَأَمَّا أَفْرَادُهَا فَغَيْرُ الْخَارِجِ مِنْهَا مَعْقُولُ الْمَعْنَى مُقَاسٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا، وَإِلْحَاقُ النَّادِرِ فِيهِ بِالْمُعْتَادِ مِنْ حَيْثُ عُمُومُ الْخَارِجِ بِشُمُولِهِ لَهُ. قَوْلُهُ: (خُرُوجُ شَيْءٍ) فَهُوَ   [حاشية عميرة] الْإِسْنَوِيُّ هَذَا بِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ عَلَى تَحْرِيمِ تَحْلِيَةِ السِّكِّينِ وَالْمُقَلِّمَةِ وَنَحْوِهِمَا مُطْلَقًا وَاتِّخَاذِ سِنِّ الْخَاتَمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي تَضْبِيبِ الْأَوَانِي لِكَثْرَةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَمْوِيهُ السَّيْفِ وَالْخَاتَمِ وَنَحْوِهِمَا بِالذَّهَبِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ التَّمْوِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يُلْبَسُ بِخِلَافِ هَذَا، أَوْ يُحْمَلُ ذَاكَ عَلَى نَفْسِ الْفِعْلِ، وَهَذَا عَلَى الِاسْتِعْمَالِ، قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: الِاسْتِعْمَالُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْفِعْلِ بِدَلِيلِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الِاتِّخَاذِ دُونَ الِاسْتِعْمَالِ. [بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ] ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (هِيَ أَرْبَعَةٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: عِلَّةُ النَّقْضِ بِهَا غَيْرُ مَعْقُولَةٍ فَلَا يُقَاسُ عَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ غَيْرُهَا، وَلَك أَنْ تَقُولَ: التَّعَالِيلُ الْآتِيَةُ فِي مَسَائِلِ اللَّمْسِ تَقْتَضِي أَنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ قُبُلِهِ) قِيلَ: هَذَا التَّعْبِيرُ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 وَالْغَائِطُ: الْمَكَانُ الْمُطَمْئِنُ مِنْ الْأَرْضِ تُقْضَى فِيهِ الْحَاجَةُ، سُمِّيَ بِاسْمِهِ الْخَارِجُ لِلْمُجَاوَرَةِ. وَسَوَاءٌ فِي النَّقْضِ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ كَالْبَوْلِ وَالنَّادِرُ كَالدَّمِ. (إلَّا الْمَنِيَّ) فَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَأَنْ احْتَلَمَ النَّائِمُ قَاعِدًا عَلَى وُضُوءٍ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ الْأَعَمَّ مِنْ الْوُضُوءِ، وَإِنَّمَا نَقَضَ الْحَيْضُ مَعَ إيجَابِهِ الْغُسْلَ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِبَقَاءِ الْوُضُوءِ مَعَهُ. (وَلَوْ انْسَدَّ مَخْرَجُهُ وَانْفَتَحَ) مَخْرَجٌ (تَحْتَ مَعِدَتِهِ) وَهِيَ مِنْ السُّرَّةِ إلَى الْمُنْخَسِفِ تَحْتَ الصَّدْرِ، أَيْ انْفَتَحَ تَحْتَ السُّرَّةِ كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ (فَخَرَجَ) مِنْهُ (الْمُعْتَادُ نُقِضَ، وَكَذَا نَادِرٌ كَدُودٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُنْسَدِّ فِي الْمُعْتَادِ ضَرُورَةً، فَكَذَا فِي   [حاشية قليوبي] الْمُوجِبُ وَالْمُرَادُ تَيَقُّنُ خُرُوجِهِ فَلَا نَقْضَ بِالشَّكِّ كَمَا يَأْتِي، وَالِانْقِطَاعُ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ وَالْقِيَامُ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا شَرْطٌ لِضِيقِ الْوَقْتِ، وَالْمُرَادُ بِمَا ذُكِرَ مَا يَعُمُّ خُرُوجَ الشَّيْءِ وَبَعْضَهُ وَإِنْ عَادَ أَوْ اسْتَمَرَّ، وَمِنْهُ مَا لَوْ سَلَّ عُودًا أَدْخَلَهُ فِي نَحْوَ قَصَبَةِ ذَكَرِهِ مَعَ بَقَائِهَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِالدُّخُولِ إنْ لَمْ يَعُدْ مِنْ الدَّاخِلِ شَيْءٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ قُبُلِهِ) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ مَخْرَجَ الْبَوْلِ وَالْحَيْضِ وَقُبُلَيْ الْخُنْثَى، وَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ إلَّا زَائِدًا يَقِينًا عَلَى غَيْرِ سَمْتِ الْأَصْلِيِّ. نَعَمْ فِي النَّقْضِ بِالْخَارِجِ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ الشَّكِّ بَحْثٌ يُعْلَمُ مِنْ الْخُنْثَى وَغَيْرِهِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ قَاسِمٍ عَدَمُ النَّقْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي اللَّمْسِ كَمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْهُ. وَيُعْتَبَرُ مِنْ ذَكَرَيْنِ يَبُولُ بِأَحَدِهِمَا وَيُمْنِي مِنْ الْآخِرِ الْأَوَّلُ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (الْمُتَوَضِّئِ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ فَرْضًا فَهُوَ تَقْرِيبٌ، وَالْمُرَادُ الْحَيُّ الْوَاضِحُ، فَلَا بُدَّ فِي الْخُنْثَى مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ قُبُلَيْهِ جَمِيعًا. قَوْلُهُ: (الْمُطَمْئِنُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا وَأَصْلُهُ الْمُطَمْأَنُ فِيهِ، فَحُذِفَ الْجَارُّ فَاتَّصَلَ الضَّمِيرُ وَاسْتَكَنَّ. قَوْلُهُ: (وَالْخَارِجُ) . قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ: مِنْ الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوْ نَادِرًا كَالدَّمِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ غَيْرُ مُخَالِفٍ لَهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا قِيَاسَ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (كَالدَّمِ) وَلَوْ مِنْ الْبَاسُورِ قَبْلَ خُرُوجِهِ، وَيَنْقُضُ خُرُوجُ نَفْسِ الْبَاسُورِ أَوْ زِيَادَةُ خُرُوجِهِ، وَكَذَا مَقْعَدَةُ الْمَزْحُورِ، وَلَا يَضُرُّ دُخُولُهَا بَعْدَ الْوُضُوءِ وَلَوْ بِقُطْنَةٍ، وَلَا يَضُرُّ فَصْلُ شَيْءٍ عَلَى الْقُطْنَةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُنْفَصِلِ قَبْلَ الدُّخُولِ. قَوْلُهُ: (إلَّا الْمَنِيَّ) أَيْ مَنِيُّهُ الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ فَخَرَجَ مَنِيُّ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِمَنِيِّهِ وَمَنِيُّهُ الْخَارِجُ بَعْدَ اسْتِدْخَالِهِ، وَخَرَجَ بِالْمَنِيِّ الْوَلَدُ وَلَوْ عَلَقَةً وَمُضْغَةً فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ مَعَ إيجَابِهِ الْغُسْلَ مُطْلَقًا. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: لَا يَنْقُضُ لَوْ كَانَ جَافًّا كَالْمَنِيِّ، وَلِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا عَقِبَهُ قَبْلَ الْغُسْلِ، وَتُفْطِرُ بِهِ لَوْ كَانَتْ صَائِمَةً، وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَفِي ذَلِكَ تَبْعِيضُ الْأَحْكَامِ فَرَاجِعْهُ. وَأَمَّا خُرُوجُ بَعْضِ الْوَلَدِ فَيَنْقُضُ وَلَا يَلْزَمُهَا بِهِ غُسْلٌ حَتَّى يَتِمَّ جَمِيعُهُ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا تُعِيدُ مَا فَعَلَتْهُ مِنْ الْعِبَادَةِ قَبْلَ تَمَامِهِ، وَقِيلَ: يَجِبُ الْغُسْلُ بِكُلِّ جُزْءٍ لِانْعِقَادِهِ مِنْ مَنِيِّهِمَا، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: تَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ فِي كُلِّ جُزْءٍ. قَوْلُهُ: (الْأَعَمَّ) أَيْ لِشُمُولِهِ جَمِيعَ الْبَدَنِ فَهُوَ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ مَا أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ بِخُصُوصِهِ لَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا مَعَهُ بِعُمُومِهِ، كَزِنَا الْمُحْصِنِ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ الرَّجْمُ بِخُصُوصِ كَوْنِهِ زِنَا مُحْصِنٍ، فَلَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا وَهُوَ الْجَلْدُ بِعُمُومِ كَوْنِهِ زِنًى، فَهُنَا أَوْجَبَ الْغُسْلَ بِخُصُوصِ كَوْنِهِ مَنِيًّا، فَلَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ بِعُمُومِ كَوْنِهِ خَارِجًا، وَلَا يَرِدُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِالْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ بِخُصُوصِ كَوْنِهِ جِمَاعًا مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ لِعُمُومِ كَوْنِهِ مُفَطِّرًا، وَلَا وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ بِخُصُوصِ كَوْنِهَا غَمُوسًا مَعَ التَّعْزِيرِ بِعُمُومِ كَوْنِهَا مَعْصِيَةً لِعَدَمِ الْمُجَانَسَةِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: الْأَعَمَّ الْمُفِيدَ أَنَّ الْأَدْوَنَ بَعْضُ الْأَعْظَمِ، وَلَا يَرِدُ مَا لَوْ كَفَّرَ فِي رَمَضَانَ بِالصَّوْمِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ وَلَمَّا كَانَ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ، أَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّمَا نَقَضَ الْحَيْضُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (لَا فَائِدَةَ لِبَقَاءِ الْوُضُوءِ إلَى آخِرِهِ) أَيْ بِخِلَافِهِ فِي الْمَنِيِّ فَلِبَقَائِهِ فَائِدَةٌ فِي سَلَسٍ بِصِحَّةِ صَلَاتِهِ قَطْعًا أَوْ بِأَنَّهُ يَنْوِي بِوُضُوئِهِ فِيهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ لَا رَفْعَ الْحَدَثِ، لَا يُقَالُ: قَدْ يُتَصَوَّرُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي النِّفَاسِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا نَادِرٌ عَلَى أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ سَلَسٌ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَصْلًا: نَعَمْ يَصِحُّ غُسْلُ الْحَائِضِ وَوُضُوءُهَا لِذَلِكَ الْغُسْلِ فِي نَحْوِ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُبِيحٍ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ النَّظَافَةُ. قَوْلُهُ: (انْسَدَّ) بِأَنَّ صَارَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ. قَوْلُهُ: (مَخْرَجُهُ) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ مَا لَوْ انْسَدَّ كُلٌّ مِنْ قُبُلِهِ وَدُبُرِهِ. قَوْلُهُ: (وَانْفَتَحَ) يُفِيدُ طُرُوُّ انْفِتَاحِهِ، وَعَطْفُهُ بِالْوَاوِ يُفِيدُ شُمُولَهُ لِمَا لَوْ كَانَ الِانْفِتَاحُ قَبْلَ الِانْسِدَادِ، أَوْ كَانَ بِفِعْلٍ، أَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَخَرَجَ بِهِ الْمَنَافِذُ الْأَصْلِيَّةُ كَأُذُنِهِ وَفَمِهِ فَلَا نَقْضَ بِالْخَارِجِ مِنْهَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا. قَوْلُهُ: (مَخْرَجٌ) فَإِنْ تَعَدَّدَ وَكَانَ بَعْضُهُ أَقْرَبَ فَيَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَهِيَ مِنْ السُّرَّةِ إلَخْ) هَذَا حَقِيقَتُهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ وَاللُّغَوِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مِنْ حَيْثُ الْأَحْكَامُ نَفْسُ السُّرَّةِ وَمَا حَاذَاهَا مِنْ خَلْفِهِ وَجَوَانِبِهِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِمَا فِي الدَّقَائِقِ. قَوْلُهُ: (الْمُعْتَادُ) أَيْ لِلشَّخْصِ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ مَا لِلْمُنْسَدِّ وَمِنْهُ الرِّيحُ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَلَعَلَّ تَخْصِيصَهُ بِغَيْرِ الرِّيحِ لِاعْتِبَارِهِ النَّقْضَ بِالْخَارِجِ مِنْ الْمَنَافِذِ الَّتِي مِنْهَا الْفَمُ وَلَا يُتَصَوَّرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَأَلْحَقَ غَيْرَهُ بِهِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَمِنْ الْمُعْتَادِ الْمَذْيُ وَالْوَدْيُ وَالْمَنِيُّ كَمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرُهُ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِبَعْضِ كُتُبِ النَّوَوِيِّ أَنَّهَا مِنْ النَّادِرِ مُرَادُهُ مَا لَا يَكْثُرُ وُجُودُهُ كَالْبَوْلِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْمُنْفَتِحِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَلِكَ لِمَا يَأْتِي فِي الْغُسْلِ   [حاشية عميرة] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 النَّادِرِ. وَالثَّانِي يَقُولُ: لَا ضَرُورَةَ فِي قِيَامِهِ مَقَامَهُ فِي النَّادِرِ فَلَا يَنْقُضُ (أَوْ) انْفَتَحَ (فَوْقَهَا) أَيْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ بِأَنْ انْفَتَحَ فِي السُّرَّةِ وَمَا فَوْقَهَا، كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ (وَهُوَ) أَيْ الْأَصْلِيُّ (مُنْسَدٌّ أَوْ تَحْتَهَا وَهُوَ مُنْفَتِحٌ فَلَا) يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْهُ الْمُعْتَادُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ مِنْ فَوْقِهَا بِالْقَيْءِ أَشْبَهُ إذْ مَا تُحِيلُهُ الطَّبِيعَةُ تَدْفَعُهُ إلَى أَسْفَلَ وَمِنْ تَحْتِهَا لَا ضَرُورَةَ إلَى مَخْرَجِهِ مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ وَالثَّانِي يَنْقُضُ لِأَنَّهُ ضَرُورِيُّ الْخُرُوجِ تَحَوَّلَ مَخْرَجُهُ إلَى مَا ذُكِرَ، وَعَلَى هَذَا لَا يَنْقُضُ النَّادِرُ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَوْ انْفَتَحَ فَوْقَهَا وَالْأَصْلِيُّ مُنْفَتِحٌ فَلَا نَقْضَ كَالْقَيْءِ، وَفِيهِ وَجْهٌ وَحَيْثُ قِيلَ بِالنَّقْضِ فِي الْمُنْفَتِحِ فَقِيلَ لَهُ حُكْمُ الْأَصْلِيِّ مِنْ إجْزَاءِ الِاسْتِنْجَاءِ فِيهِ بِالْحَجَرِ، وَإِيجَابِ الْوُضُوءِ بِمَسِّهِ، وَالْغُسْلِ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ، وَتَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَيْهِ فَوْقَ الْعَوْرَةِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ وَخُرُوجِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ عَنْ الْقِيَاسِ، فَلَا يَتَعَدَّى الْأَصْلِيُّ، أَمَّا الْأَصْلِيُّ فَأَحْكَامُهُ بَاقِيَةٌ. وَلَوْ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مَسْدُودَ الْأَصْلِيِّ فَمُنْفَتِحُهُ كَالْأَصْلِيِّ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِالْخَارِجِ مِنْهُ تَحْتَ الْمَعِدَةِ كَانَ أَوْ فَوْقَهَا. وَالْمَسْدُودُ كَعُضْوٍ زَائِدٍ مِنْ الْخُنْثَى لَا يَجِبُ بِمَسِّهِ وُضُوءٌ وَلَا بِإِيلَاجِهِ أَوْ الْإِيلَاجُ فِيهِ غُسْلٌ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ تَصْرِيحًا بِمُوَافَقَتِهِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ. (الثَّانِي زَوَالُ الْعَقْلِ) أَيْ التَّمْيِيزِ بِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ كَجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ   [حاشية قليوبي] فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ انْفَتَحَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِفَوْقِهَا مَا فَوْقَ تَحْتِهَا، فَهُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَوْ أَنَّهُ اكْتَسَبَ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ، وَفِي نُسْخَةٍ فَوْقَهُ وَهِيَ وَاضِحَةٌ، وَفَوْقَهَا مَعْطُوفٌ عَلَى تَحْتَهَا لَا بِقَيْدِ الِانْسِدَادِ فَلَا يُخَالِفُ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ ضَرُورِيُّ الْخُرُوجِ) أَيْ فِي نَفْسِهِ تَحَوَّلَ مَخْرَجُهُ أَيْ صَارَ لَهُ مَخْرَجٌ آخَرُ، فَالْعِلَّةُ صَالِحَةٌ لِمُقَابِلِ الْقَوْلَيْنِ قَبْلَهُ، وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّهُ لَا حُكْمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَخْرَجٌ قَطْعًا لِلْمُنَاسِبِ فَأَمْكَنَ جَعْلُهُ مَخْرَجًا لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى هَذَا لَا يَنْقُضُ) بِإِثْبَاتِ لَا عَلَى الصَّوَابِ الْمُتَعَيَّنِ لِفَقْدِ عِلَّةِ الضَّعِيفِ الْمَذْكُورَةِ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ: الصَّوَابُ حَذْفُهَا كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَحَيْثُ قِيلَ) أَيْ عَلَى الْأَقْوَالِ الْمَذْكُورَةِ صَحِيحُهَا وَضَعِيفُهَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) فَأَحْكَامُ الْأَصْلِيِّ بَاقِيَةٌ لَهُ مَا عَدَا النَّقْضَ بِالْخَارِجِ، وَمِثْلُهُ النَّوْمُ مُمَكِّنًا إنْ أَمْكَنَ، وَلَا يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ، وَلَوْ لَمْ يَنْفَتِحْ لَهُ مَخْرَجٌ أَصْلًا مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ فَفِي النَّقْضِ بِنَوْمِهِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَوْ خُلِقَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ، وَهَذَا فِي الْخِلْقِيِّ، وَالْمُرَادُ بِالِانْسِدَادِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (فَمُنْفَتِحُهُ) وَلَوْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ أَوْ فِيهَا أَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْأَصْلِيِّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِالْخَارِجِ مِنْهُ) وَلَوْ نَادِرًا. قَوْلُهُ (كَعُضْوٍ زَائِدٍ مِنْ الْخُنْثَى) فَجَمِيعُ أَحْكَامِ الْأَصْلِيِّ انْتَقَلَتْ عَنْهُ إلَيْهِ، وَمِنْهَا الِاكْتِفَاءُ فِيهِ بِالْحَجَرِ وَمِنْهَا سَتْرُهُ عَنْ الْأَجَانِبِ وَفِي الصَّلَاةِ وَلَوْ حَالَ السُّجُودُ لَوْ كَانَ فِي الْجَبْهَةِ مَثَلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ، وَكَشْفُهَا يُبْطِلُهَا خِلَافًا لِلْخَطِيبِ، وَانْظُرْ قَدْرَ مَا يَجِبُ سَتْرُهُ وَيُبْطِلُ كَشْفُهُ فِي الْجَبْهَةِ وَغَيْرِهَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: وَحَيْثُ أُقِيمَ إلَخْ هُوَ فِي الِانْسِدَادِ الْعَارِضِ خِلَافًا لِمَا تَقْتَضِيهِ عِبَارَتُهُ. (تَنْبِيهٌ) سَيَأْتِي حُكْمُ خُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ الْمُنْفَتِحِ فِي الِانْسِدَادِ الْخِلْقِيِّ وَالْعَارِضِ فَرَاجِعْهُ مِنْ الْغُسْلِ. قَوْلُهُ: (الْعَقْلِ) هُوَ لُغَةً الْمَنْعُ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَنْعِهِ صَاحِبَهُ مِنْ الْفَوَاحِشِ وَشَرْعًا يُطْلَقُ عَلَى التَّمْيِيزِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَيُعَرَّفُ بِأَنَّهُ صِفَةٌ يُمَيِّزُ بِهَا بَيْنَ الْحَسَنِ وَالْقَبِيحِ وَهَذَا يُزِيلُهُ الْإِغْمَاءُ وَنَحْوُهُ، وَعَلَى الْغَرِيزِيِّ، وَيُعَرَّفُ بِأَنَّهُ غَرِيزَةٌ يَتْبَعُهَا الْعِلْمُ بِالضَّرُورِيَّاتِ. أَيْ ضَرُورَةً بِمَعْنَى قَهْرًا عَلَى صَاحِبِهِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْآلَاتِ أَيْ الْحَوَاسِّ، وَهَذَا لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْجُنُونُ وَمَحَلُّهُ الْقَلْبُ، وَلَهُ شُعَاعٌ مُتَّصِلٌ بِالدِّمَاغِ، فَهُوَ مُطْلَقًا زَوَالُ الشُّعُورِ مِنْ الْقَلْبِ ثُمَّ إنْ كَانَ مَعَ قُوَّةِ حَرَكَةِ الْأَعْضَاءِ بِلَا طَرِبٍ فَهُوَ الْجُنُونُ، أَوْ مَعَ طَرِبٍ فَهُوَ السُّكْرُ، أَوْ مَعَ فُتُورِ الْأَعْضَاءِ فَهُوَ الْإِغْمَاءُ، أَوْ مَعَ اسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِلِ فَهُوَ النَّوْمُ، وَيُعَرَّفُ النَّوْمُ بِأَنَّهُ رِيحٌ لَطِيفَةٌ تَأْتِي مِنْ الدِّمَاغِ إلَى الْقَلْبِ فَتُغَطِّي الْعَيْنَ، فَإِنْ لَمْ تَصِلْ إلَى الْقَلْبِ فَهُوَ النُّعَاسُ وَلَا نَقْضَ بِهِ، وَمِنْ عَلَامَتِهِ سَمَاعُ كَلَامِ الْحَاضِرِينَ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ، وَمِنْ عَلَامَةِ النَّوْمِ الرُّؤْيَا، لَكِنْ لَوْ وُجِدَتْ الرُّؤْيَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ نَوْمًا أَوْ شَكَّ هَلْ نَامَ أَوْ نَعَسَ فَلَا نَقْضَ فِيهِمَا، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا مِنْ النَّقْضِ فِي الثَّانِيَةِ تَبَعًا لِشَرْحِ الرَّوْضِ فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. (فَائِدَةٌ) نَوْمُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ لِأَنَّهُمْ لَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ كَمَا فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (كَجُنُونٍ إلَخْ) أَشَارَ بِالْكَافِ إلَى   [حاشية عميرة] مَدْخَلِ ذَكَرِ الزَّوْجِ فِي الْمَرْأَةِ وَمَخْرَجِ بَوْلِهَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ كَغَيْرِهِ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَعَلَى هَذَا لَا يَنْقُضُ النَّادِرُ فِي الْأَظْهَرِ) كَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَيْضًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ التَّمْيِيزُ) ، أَيْ فَالِاسْتِثْنَاءُ الْآتِي فِي الْمَتْنِ مُتَّصِلٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 «الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَغَيْرُ النَّوْمِ مِمَّا ذُكِرَ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي الذُّهُولِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ الدُّبُرِ، كَمَا أَشْعَرَ بِهَا الْحَدِيثُ إذْ السَّهُ الدُّبُرُ، وَوِكَاؤُهُ حِفَاظُهُ عَنْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَشْعُرُ بِهِ، وَالْعَيْنَانِ كِنَايَةٌ عَنْ الْيَقِظَةِ. (إلَّا نَوْمَ مُمَكِّنِ مَقْعَدِهِ) أَيْ أَلْيَتَيْهِ مِنْ مَقَرِّهِ فَلَا يَنْقُضُ لِأَمْنِ خُرُوجِ شَيْءٍ فِيهِ مِنْ دُبُرِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِاحْتِمَالِ خُرُوجِ رِيحٍ مِنْ الْقُبُلِ لِنُدْرَتِهِ وَلَا تَمْكِينَ لِمَنْ نَامَ عَلَى قَفَاهُ مُلْصِقًا مَقْعَدَهُ بِمَقَرِّهِ، وَلَا لِمَنْ نَامَ قَاعِدًا وَهُوَ هَزِيلٌ بَيْنَ بَعْضِ مَقْعَدِهِ وَمَقَرِّهِ تَجَافٍ. (الثَّالِثُ: الْتِقَاءُ بَشَرَتَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] أَيْ لَمَسْتُمْ كَمَا قُرِئَ بِهِ، وَاللَّمْسُ الْجَسُّ بِالْيَدِ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وَالْمَعْنَى فِي النَّقْضِ بِهِ أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِلِالْتِذَاذِ الْمُثِيرِ لِلشَّهْوَةِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ بَاقِي صُوَرِ الِالْتِقَاءِ، فَأُلْحِقَ بِهِ وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ اللَّمْسُ تَوَسُّعًا (إلَّا مَحْرَمًا) فَلَا يَنْقُضُ لَمْسُهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلشَّهْوَةِ، وَالثَّانِي يَنْقُضُ لِعُمُومِ النِّسَاءِ فِي الْآيَةِ، وَالْأَوَّلُ اسْتَنْبَطَ مِنْهَا مَعْنًى خَصَّصَهَا، وَالْمَحْرَمُ مَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ.   [حاشية قليوبي] إدْخَالِ الْمَذْهُولِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمُبَرْسَمِ وَالْمَطْبُوبِ، أَيْ الْمَسْحُورِ. قَوْلُهُ: (وِكَاءُ السَّهِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ، وَأَصْلُ الْوِكَاءِ الْخَيْطُ الَّذِي يُرْبَطُ بِهِ فَمُ نَحْوِ الْقِرْبَةِ لِمَنْعِ خُرُوجِ مَا فِيهَا فَشُبِّهَتْ الْيَقِظَةُ بِهِ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ النَّوْمِ أَبْلَغُ مِنْهُ) وَجْهُ الْأَبْلَغِيَّةِ أَنَّهُ أَقْوَى فِي زَوَالِ الشُّعُورِ مِنْ الْقَلْبِ كَمَا مَرَّ وَأَنَّهُ يَنْقُضُ مَعَ التَّمْكِينِ. وَالْمَظِنَّةُ بِمَعْنَى الظَّنِّ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ، فَلِذَلِكَ بَطَلَ اسْتِصْحَابُ يَقِينِ الطَّهَارَةِ، ثُمَّ انْتَقَلَ الْحُكْمُ إلَى النَّوْمِ فَصَارَ نَاقِضًا وَإِنْ كَانَ مَسْدُودَ الْمَخْرَجِ أَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَ خُرُوجِ شَيْءٍ كَإِخْبَارِ مَعْصُومٍ بِعَدَمِهِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ لَهُ الْمَعْصُومُ تَوَضَّأْ أَوْ قَالَ لَهُ لَا تَتَوَضَّأْ وَجَبَ امْتِثَالُ أَمْرِهِ فِيهِمَا سَوَاءٌ نَامَ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (إلَّا نَوْمَ مُمَكَّنِ) وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ طَالَ وَلَوْ فِي رُكْنٍ قَصِيرٍ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي الرُّكْنِ الْقَصِيرِ لِأَنَّ تَعَاطِيَهُ بِاخْتِيَارِهِ، فَهُوَ كَالْعَمْدِ، وَفِيهِ بَحْثٌ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي عَنْهُ فِي مَسْحِ الْخُفِّ. قَوْلُهُ: (أَيْ أَلْيَتَيْهِ) وَلَوْ مُحْتَبِيًا أَوْ رَاكِبًا عَلَى دَابَّةٍ أَوْ مَادًّا رِجْلَيْهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، فَلَوْ زَالَتْ إحْدَى أَلْيَتَيْهِ عَنْ مَقَرِّهَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ انْتِبَاهِهِ يَقِينًا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَإِلَّا فَلَا، كَمَا لَا يَنْتَقِضُ لَوْ شَكَّ هَلْ كَانَ مُتَمَكِّنًا أَوْ لَا. نَعَمْ لَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا لِأَنَّ اسْتِصْحَابَ يَقِينِ الطَّهَارَةِ أَقْوَى مِنْهُ، وَفَارَقَ اعْتِمَادَهُ فِي تَنَجُّسِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ. قَوْلُهُ: (لِنُدْرَتِهِ) فَلَوْ اعْتَادَهُ وَلَوْ بِمَرَّةٍ لِغَيْرِ عُذْرٍ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ بِنَوْمِهِ إلَّا إنْ مَكَّنَهُ وَأَمْكَنَ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَمْكِينَ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ. نَعَمْ لَوْ جَلَسَ الْهَزِيلُ عَلَى نَحْوَ قُطْنٍ مِمَّا يَمْنَعُ خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْهُ فَلَا نَقْضَ، وَالسِّمَنُ الْمُفْرِطُ كَالْهُزَالِ. قَوْلُهُ: (الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ) يَقِينًا لَا مَعَ الشَّكِّ وَلَوْ مِنْ الْجِنِّ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا، وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ، حَيْثُ عُلِمَتْ الْمُخَالَفَةُ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا هُنَا فِي حَاشِيَتِهِ، وَسَيَأْتِي عَنْهُ فِي النِّكَاحِ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ بِجِنِّيَّةٍ جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا وَهِيَ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيَّةِ، وَلَا يَنْقُضُ لَمْسُهَا وُضُوءَهُ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِمَامَةِ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْجِنِّيِّ أَنْ يَكُونَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ، وَكَذَا فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ بِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ عَدَمُ النَّقْضِ هُنَا إجْرَاءً لِلْأَبْوَابِ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ، وَلِعَدَمِ الِاسْمِ كَالْمَمْسُوخِ وَإِلَيْهِ رَجَعَ آخِرًا، وَاعْتَمَدَهُ، وَشَمِلَ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ مَا لَوْ كَانَا مُلْتَصِقَيْنِ فَيَنْقُضُ إلَّا فِيمَا يَشُقُّ، وَشَمِلَ بَعْضَ كُلٍّ حَيْثُ سُمِّيَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ، فَعُلِمَ أَنَّ لَمْسَ الْمَيِّتِ يَنْقُضُ وُضُوءَ الْحَيِّ، وَلَا يَنْقُضُ الْمَمْسُوخُ وَلَوْ حَيَوَانًا لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ، فَلَوْ مُسِخَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ الِاسْمُ عَلَى الْبَاقِي نَقَضَ وَإِلَّا فَلَا، وَالصَّبِيُّ وَالصَّبِيَّةُ كَالرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ بِشَرْطِهِ الْآتِي، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَوْلَى، بَلْ هُوَ الصَّوَابُ، فَعُدُولُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إلَى التَّعْبِيرِ بِذَكَرٍ وَأُنْثَى لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ إلَخْ) هُوَ تَصْحِيحٌ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: وَالْمَلْمُوسُ كَلَامِسٍ. قَوْلُهُ: (إلَّا مَحْرَمًا) وَلَوْ احْتِمَالًا فَلَوْ اسْتَلْحَقَ أَبُوهُ زَوْجَتَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ أَوْ شَكَّ فِي رَضَاعِ امْرَأَةٍ أَوْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمُهُ بِغَيْرِ مَحْصُورَاتٍ، فَلَا نَقْضَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ قَبْلَ نِكَاحِهِ أَوْ بَعْدَهُ، خِلَافًا لِلْخَطِيبِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ فِي الْجَمِيعِ. نَعَمْ لَوْ لَمَسَ مِنْ الْمُخْتَلِطَاتِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ مَحْرَمِهِ فِي طَهَارَةٍ وَاحِدَةٍ نَقَضَ، وَلَا تَنْقُضُ الْمَنْفِيَّةُ بِاللِّعَانِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ. قَوْلُهُ: (مَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا إلَخْ) فَتَنْقُضُ بِنْتُ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِأُمِّهَا،   [حاشية عميرة] وَالْأَوَّلُ اسْتَنْبَطَ مِنْهَا مَعْنًى خَصَّصَهَا) اعْتَرَضَ عَلَى هَذَا الِاسْتِنْبَاطِ بِعَدَمِ تَعَدِّيهِ لِلْمَيْتَةِ، أَيْ مَعَ أَنَّهَا لَا تُشْتَهَى وَتَنْقُضُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْمَحْرَمُ مَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا) أَيْ عَلَى التَّأْبِيدِ، فَلَا تَرِدُ أُخْتُ الزَّوْجَةِ، وَخُرُوجُ أُصُولِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَفُرُوعِهَا بَيِّنٌ وَكَذَا لَا يَرِدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 (وَالْمَلْمُوسُ) وَهُوَ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ اللَّمْسُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (كَلَامِسٍ) فِي انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي لَذَّةِ اللَّمْسِ كَالْمُشْتَرَكِينَ فِي لَذَّةِ الْجِمَاعِ، وَالثَّانِي لَا يَنْقُضُ وُقُوفًا مَعَ ظَاهِرِ الْآيَةِ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى اللَّامِسِ. (وَلَا تَنْقُضُ صَغِيرَةٌ) أَيْ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ حَدًّا تُشْتَهَى، (وَشَعْرٌ وَسِنٌّ وَظُفْرٌ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى فِي لَمْسِ الْمَذْكُورَاتِ لِأَنَّ أَوَّلَهَا لَيْسَ مَحَلًّا لِلشَّهْوَةِ وَبَاقِيَهَا لَا يُلْتَذُّ بِلَمْسِهِ وَإِنْ الْتَذَّ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ، وَالثَّانِي يَنْقُضُ نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ فِي عُمُومِهَا لِلصَّغِيرَةِ وَلِلْأَجْزَاءِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي لَمْسِ الْمَرْأَةِ صَغِيرًا لَا يُشْتَهَى؛ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الدَّارِمِيِّ، وَلَا نَقْضَ بِالْتِقَاءِ بَشَرَتَيْ الرَّجُلَيْنِ، وَالْمَرْأَتَيْنِ، وَالْخُنْثَيَيْنِ، وَالْخُنْثَى وَالرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ وَالْبَشَرَةُ ظَاهِرُ الْجِلْدِ. (الرَّابِعُ: مَسُّ قُبُلِ الْآدَمِيِّ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (بِبَطْنِ الْكَفِّ) الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ   [حاشية قليوبي] وَتَنْقُضُ أُخْتُهَا وَعَمَّتُهَا مُطْلَقًا، وَكَذَا تَنْقُضُ أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَبِنْتُهَا وَإِنْ حُرِّمَتَا أَبَدًا عَلَيْهِ، لِأَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ لَا يَتَّصِفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ، فَلَا تَثْبُتُ بِهِ الْمَحْرَمِيَّةُ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ، وَهُمَا الْمُرَادُ بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ فِي الضَّابِطِ الْآتِي، وَيَنْقُضُ زَوْجَاتُ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَلِذَلِكَ ضَبَطُوا الْمَحْرَمَ بِمَنْ حَرُمَ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْيِيدِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ لِحُرْمَتِهَا. قَوْلُهُ: (وُقُوفًا إلَخْ) تَقَدَّمَ جَوَابُهُ بِقَوْلِهِ: وَأَطْلَقَ إلَخْ، مَعَ أَنَّ الْآيَةَ ظَاهِرَةٌ فِي الذُّكُورِ، وَلَمْ يَقْصُرْهَا الثَّانِي عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ (صَغِيرَةٌ) وَلَوْ لِزَوْجِهَا كَعَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (تُشْتَهَى) أَيْ لِلطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِسَبْعِ سِنِينَ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ حَدُّ الشَّهْوَةِ يُوجَدُ فِيمَا دُونَهَا أَوْ لَا يُوجَدُ إلَّا فِيمَا فَوْقَهَا؟ رَاجِعْهُ، وَعَلَى ذَلِكَ فَمَا مِقْدَارُهُ فِيهِمَا حَرِّرْهُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ الْتَذَّ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ) أَوْ بِلَمْسِهِ، وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا قَالُوهُ فِي النِّكَاحِ مِنْ حُرْمَةِ نَظَرِهِ وَلَمْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا نَقْضَ بِالْتِقَاءِ إلَخْ) وَلَا بِالْعُضْوِ الْمُبَانِ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِجِلْدِهِ، حَيْثُ وَجَبَ قَطْعُهَا، فَإِنْ الْتَصَقَ بِحَرَارَةِ الدَّمِ وَحَلَّتْهُ الْحَيَاةُ فَلَهُ حُكْمُ مَا الْتَصَقَ بِهِ، فَيَنْقُضُ عُضْوُ بَهِيمَةٍ اتَّصَلَ بِآدَمِيٍّ كَذَلِكَ، وَخَرَجَ بِالِالْتِقَاءِ اللَّمْسُ مَعَ الْحَائِلِ وَلَوْ رَقِيقًا، وَمِنْهُ الْقَشَفُ الْمَيِّتُ عَلَى الْجِلْدِ بِخِلَافِ الْعَرَقِ وَمِنْهُ الزُّجَاجُ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ اللَّوْنَ، وَلَا يَنْقُضُ لَمْسُ نَحْوَ أُصْبُعٍ مِنْ نَحْوَ نَقْدٍ وَإِنْ وَجَبَ غَسْلُهُ عَنْ الْحَدَثِ. قَوْلُهُ: (وَالْخُنْثَيَيْنِ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ اتَّضَحَ الْخُنْثَى بِمَا يَقْتَضِي النَّقْضَ عُمِلَ بِهِ وَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنْ لَامَسَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْبَشَرَةُ ظَاهِرُ الْجِلْدِ) وَيُلْحَقُ بِهَا لَحْمُ الْأَسْنَانِ وَاللِّسَانُ وَسَقْفُ الْحَلْقِ وَدَاخِلُ الْعَيْنِ وَالْأَنْفِ، وَكَذَا الْعَظْمُ إذَا وَضَحَ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِعَدَمِ النَّقْضِ بِهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ كَالظُّفْرِ، قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَالْبَشَرَةُ مَا عَدَا الشَّعْرَ وَالسِّنَّ وَالظُّفْرَ أَيْ مِنْ ظَاهِرِ الْبَدَنِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالْجِلْدِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْبَدَنُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إلْحَاقٍ، وَكَانَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْأَنْوَارِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مَسُّ قُبُلِ الْآدَمِيِّ) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ، فَيَشْمَلُ مَا لَوْ تَعَدَّدَ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا زَائِدًا يَقِينًا غَيْرَ مُسَامِتٍ لِلْأَصْلِيِّ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا، لَكِنْ فِي الْمَشْكُوكِ فِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِنْ الْخُنْثَى، وَلِذَلِكَ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ بِعَدَمِ النَّقْضِ فِيهِ، وَيَشْمَلُ الْمُنْفَصِلَ إنْ سُمِّيَ فَرْجًا وَإِلَّا فَلَا، وَالْجِنُّ كَالْآدَمِيِّ عَلَى مَا مَرَّ فِي اللَّمْسِ، وَفِي النَّقْضِ بِقُبُلِ الْخُنْثَى تَفْصِيلٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ ضَابِطُهُ أَنَّهُ مَتَى مَسَّ الْأَلْيَتَيْنِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ وَاضِحٍ أَوْ مُشْكِلٍ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَإِنْ مَسَّ أَحَدَهُمَا فَإِنْ احْتَمَلَ عَدَمَ النَّقْضِ فِي وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ فَرْضِهِ فَلَا نَقْضَ لِأَنَّ يَقِينَ الطَّهَارَةِ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ فِي نَقْضِهَا. قَوْلُهُ: (بِبَطْنِ الْكَفِّ) وَهُوَ مَا يَسْتَتِرُ عِنْدَ وَضْعِ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى مَعَ تَحَامُلٍ يَسِيرٍ، وَقَيَّدَ بِالْيَسِيرِ لِيَقِلَّ غَيْرُ النَّاقِضِ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ، وَفِي ذَلِكَ قُصُورٌ بِالنِّسْبَةِ لِبَاطِنِ الْإِبْهَامَيْنِ وَشَمِلَ الْكَفُّ مَا لَوْ تَعَدَّدَ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا زَائِدًا يَقِينًا لَيْسَ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ كَانَ الْجَمِيعُ عَلَى مِعْصَمٍ أَوْ أَكْثَرَ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ، وَفِي النَّقْضِ بِالْمَشْكُوكِ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ وَشَمِلَ الْأَصَابِعَ الْأَصْلِيَّ مِنْهَا وَالزَّائِدَ وَالْمُسَامِتَ وَغَيْرَهُ، وَمَا فِي دَاخِلِ الْكَفِّ أَوْ فِي ظَهْرِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ شَيْخِنَا، وَقِيلَ: يَنْقُضُ مَا فِي دَاخِلِ الْكَفِّ مُطْلَقًا، وَلَا يَنْقُضُ مَا فِي خَارِجِهِ مُطْلَقًا كَالسِّلْعَةِ فِيهِمَا، وَرُدَّ بِالْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ) قَدَّمَهُ لِأَنَّهُ أَصَحُّ وَمُخَرِّجِيهِ أَكْثَرُ وَمَا بَعْدَهُ تَفْسِيرٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ) أَيْ لِمَنْطُوقِهِ وَصَحَّ الْحَمْلُ عَلَيْهِ لِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهِ بِكَوْنِهِ لَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ الْغَالِبِ مَثَلًا، أَوْ هُوَ مِنْ بَابِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، لَا أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ الْمُعْتَرَضِ بِأَنَّ ذِكْرَ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ لَا يُخَصِّصُهُ لِأَنَّهُ يُرَدُّ بِأَنَّ الْعُمُومَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ حَيْثُ   [حاشية عميرة] عَلَيْهِ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَظُفْرٌ) فِيهِ لُغَاتٌ ضَمُّ الظَّاءِ مَعَ سُكُونِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرُ الظَّاءِ مَعَ سُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا وَأُظْفُورٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِبَطْنِ الْكَفِّ) خَرَجَ بِهِ ظَهْرُ الْكَفِّ فَلَا يَنْقُضُ خِلَافًا لِأَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ كَفًّا لِأَنَّهَا تَكُفُّ الْأَذَى عَنْ الْبَدَنِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ إلَخْ) إنْ قُلْت لِمَ قَدَّمَهُ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 وَغَيْرِهِمَا «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ وَفِي رِوَايَةٍ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَالْمُرَادُ الْمَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ لِحَدِيثِ ابْنِ حِبَّانَ «إذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ وَلَا حِجَابٌ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَالْإِفْضَاءُ لُغَةً الْمَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ. وَمَسُّ الْفَرْجِ مِنْ غَيْرِهِ أَفْحَشُ مِنْ مَسِّهِ مِنْ نَفْسِهِ لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ غَيْرِهِ، وَلِهَذَا لَا يَتَعَدَّى النَّقْضُ إلَيْهِ، وَقِيلَ فِيهِ خِلَافُ الْمَلْمُوسِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ: وَقُبُلُ الْمَرْأَةِ النَّاقِضُ مَسُّهُ مُلْتَقَى شُفْرَيْهَا، وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، قَالَ: فَإِنْ مَسَّتْ مَا وَرَاءَ الشُّفْرَيْنِ لَمْ يُنْتَقَضْ بِلَا خِلَافٍ. (وَكَذَا فِي الْجَدِيدِ حَلْقَةُ دُبُرِهِ) أَيْ الْآدَمِيِّ قِيَاسًا عَلَى قُبُلِهِ بِجَامِعِ النَّقْضِ بِالْخَارِجِ مِنْهُمَا، وَالْقَدِيمُ لَا نَقْضَ بِمَسِّهَا وُقُوفًا مَعَ ظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْقُبُلِ. وَعَبَّرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالدُّبُرِ وَقَالَ: الْمُرَادُ بِهِ مُلْتَقَى الْمَنْفَذِ. أَمَّا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ بَاطِنِ الْأَلْيَتَيْنِ فَلَا يَنْقُضُ بِلَا خِلَافٍ، انْتَهَى. وَلَامُ حَلْقَةٍ سَاكِنَةٌ (لَا فَرْجُ بَهِيمَةٍ) أَيْ لَا يَنْقُضُ مَسُّهُ فِي الْجَدِيدِ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهَا فِي ذَلِكَ، وَالْقَدِيمُ، وَحَكَاهُ جَمْعٌ جَدِيدًا أَنَّهُ يَنْقُضُ كَفَرْجِ الْآدَمِيِّ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ حَكَى الْخِلَافَ فِي قُبُلِهَا وَقَطَعَ فِي دُبُرِهَا بِعَدَمِ النَّقْضِ، وَتَعَقَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا الْخِلَافَ فِي فَرْجِ الْبَهِيمَةِ فَلَمْ يَخُصُّوا بِهِ الْقُبُلَ (وَيَنْقُضُ فَرْجُ الْمَيِّتِ وَالصَّغِيرِ وَمَحَلُّ الْجَبِّ وَالذَّكَرُ الْأَشَلُّ وَبِالْيَدِ الشَّلَّاءِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَحَلَّ الْجَبِّ فِي مَعْنَى الذَّكَرِ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ   [حاشية قليوبي] الْأَشْخَاصِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيهِمَا مِنْ حَيْثُ الْأَوْصَافُ، وَالْعَمَلُ فِيهَا مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: سِتْرٌ وَلَا حِجَابٌ، وَعَطْفُهُ تَفْسِيرٌ بِالْأَعَمِّ لِيَشْمَلَ نَحْوَ الزُّجَاجِ فَإِنَّهُ حَاجِبٌ لَا سَاتِرٌ، وَسَتْرٌ بِفَتْحِ السِّينِ إنْ أُرِيدَ الْمَصْدَرُ، وَبِكَسْرِهَا إنْ أُرِيدَ السَّاتِرُ، وَحِجَابٌ تَفْسِيرٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَالْإِفْضَاءُ) أَيْ الْمُرَادُ هُنَا كَمَا مَرَّ، فَفِي الْقَامُوسِ أَفْضَى بِيَدِهِ إلَى الْأَرْضِ مَسَّهَا بِرَاحَتِهِ، وَإِلَى الْمَرْأَةِ اخْتَلَى بِهَا وَإِنْ لَمْ يُجَامِعْهَا، وَأَفْضَى الْمَرْأَةَ خَلَطَ مَسْلَكَيْهَا. قَوْلُهُ: (بِبَطْنِ الْكَفِّ) وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: بِجَمِيعِهَا ظَهْرًا وَبَطْنًا، وَلَعَلَّهُ مَهْجُورٌ، فَلَمْ يُعَوَّلْ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَفْحَشُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ أَوْ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (لِهَتْكِهِ إلَخْ) هُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَفْحَشُ، فَعِلَّةُ النَّقْضِ فِي نَفْسِهِ وَفِي غَيْرِهِ الْفُحْشُ، وَكَانَ بِقِيَاسِ الْفَحْوَى فِي غَيْرِهِ لِلْهَتْكِ لَا لِلَّذَّةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ لِانْتِفَائِهَا فِي مَسِّ نَفْسِهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ، وَلِأَنَّهُ أَشْهَى لَهُ غَيْرُ لَائِقٍ بَلْ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، قِيلَ: وَلَعَلَّهَا عِبَارَةُ مَنْ يَعْتَبِرُ اللَّذَّةَ جَرَتْ عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَلِهَذَا) أَيْ الْهَتْكِ، أَيْ يَكْفِيهِ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَسِّ الْهَتْكُ، فَلَا نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِنَقْضِ الْوُضُوءِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِيهِ خِلَافُ الْمَلْمُوسِ) نَظَرُ الْأَصْلِ اللَّذَّةُ، وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (مُلْتَقَى شَفْرَيْهَا) لَمْ يَقُلْ كَغَيْرِهِ عَلَى الْمَنْفَذِ لِيَعُمَّ مَا يَلْتَقِي عَلَى مَا بَيْنَ الْمَنْفَذَيْنِ وَمَا فَوْقَهُمَا كَالْبَظْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ الْبَظْرَ قَبْلَ قَطْعِهِ وَمَحَلَّهُ بَعْدَ قَطْعِهِ نَاقِضٌ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ، وَإِنْ وُجِدَ فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِهِ، وَالنَّاقِضُ فِي الرَّجُلِ جَمِيعُ الذَّكَرِ لَا مَا نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ، وَفِي الدُّبُرِ مَا يَنْضَمُّ مِنْ دَائِرِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (قِيَاسًا) قَدَّمَهُ لِعَدَمِ النِّزَاعِ فِيهِ الَّذِي سَلَكَهُ الْقَدِيمُ فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَامُ حَلْقَةٍ سَاكِنَةٌ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ كَحَلْقَةِ الْعِلْمِ وَنَحْوِ الْحَدِيدِ. قَوْلُهُ (لَا فَرْجَ بَهِيمَةٍ) وَمِنْهَا الطُّيُورُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِعَدَمِ نُطْقِهَا، وَسَوَاءٌ الْأَصْلِيَّةُ وَالْعَارِضَةُ كَالْمَسْخِ وَمَا تَطَوَّرَ مِنْ الْجِنِّ كَمَا مَرَّ، وَلِذَلِكَ مَالَ شَيْخُنَا إلَى حُرْمَةِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ الْمَمْسُوخَةِ حَيَوَانًا لِأَنَّهُ كَالطَّلَاقِ كَمَا قَالُوهُ فِي الْعَدَدِ وَهُوَ وَجِيهٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) لَعَلَّ مَرْجِعَ الْإِشَارَةِ هَتْكُ الْحُرْمَةِ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ بِوُجُوبِ سَتْرِهِ وَتَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَحَكَاهُ جَمْعٌ جَدِيدًا) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ الْقَدِيمِ السَّابِقِ فِي دُبُرِ الْآدَمِيِّ، فَسَقَطَ مَا هُنَا مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْجَوَابُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَنْقُضُ فَرْجُ الْمَيِّتِ) قُبُلًا أَوْ دُبُرًا. قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّ الْجَبِّ) وَهُوَ هُنَا فِي الذَّكَرِ مَا حَاذَى الْمَقْطُوعَ إلَى جِهَةِ الدَّاخِلِ لَا مِنْ الْجَوَانِبِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (فِي مَعْنَى الذَّكَرِ) قَيَّدَ بِالذَّكَرِ لِتَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْجَبِّ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْفَرْجِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَحَلَّ قَطْعِ قُبُلِ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ مَا حَاذَى الشُّفْرَيْنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَا مِنْ الدَّاخِلِ وَلَا مِنْ الْخَارِجِ، وَيَشْمَلُ الدُّبُرَ وَهُوَ مَا حَاذَى مَا كَانَ يَنْضَمُّ مِنْ دَائِرِهِ. قَوْلُهُ: (وَبِالْيَدِ الشَّلَّاءِ) خَرَجَ بِهَا الْمَقْطُوعَةُ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِبَعْضِ جِلْدِهَا إلَّا إنْ كَانَتْ الْجِلْدَةُ كَبِيرَةً بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ انْفِصَالُهَا كَمَا مَرَّ فَرَاجِعْهُ، وَخَرَجَ بِهَا الْيَدُ مِنْ نَحْوِ نَقْدٍ فَلَا نَقْضَ بِمَسِّهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ (وَلِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ   [حاشية عميرة] مَعَ أَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ أَنَصُّ فِي الْمَقْصُودِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِفْضَاءَ هُوَ الْمَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ بِخِلَافِ الْمَسِّ؟ قُلْت: كَأَنَّهُ لِكَثْرَةِ مَخْرَجَيْهِ وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلِهَذَا لَا يَتَعَدَّى النَّقْضُ إلَيْهِ) أَيْ بِخِلَافِ اللَّمْسِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْقَدِيمُ وَحَكَاهُ جَمْعٌ جَدِيدًا أَنَّهُ يَنْقُضُ كَفَرْجِ الْآدَمِيِّ) أَيْ بِجَامِعِ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْإِيلَاجِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 وَلِشُمُولِ الِاسْمِ فِي غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ، وَالثَّانِي لَا تَنْقُضُ الْمَذْكُورَاتُ لِانْتِفَاءِ الذَّكَرِ فِي مَحَلِّ الْجَبِّ وَلِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ فِي غَيْرِهِ (وَلَا يَنْقُضُ رَأْسُ الْأَصَابِعِ وَمَا بَيْنَهَا) وَحَرْفُهَا وَحَرْفُ الْكَفِّ لِخُرُوجِهَا عَنْ صَمْتِ الْكَفِّ، وَقِيلَ: تَنْقُضُ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ بَشَرَةِ بَاطِنِ الْكَفِّ. (وَيَحْرُمُ بِالْحَدَثِ الصَّلَاةُ) إجْمَاعًا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» وَمِنْهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَفِي مَعْنَاهَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ (وَالطَّوَافُ) . قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ النُّطْقَ فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إلَّا بِخَيْرٍ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، (وَحَمْلُ الْمُصْحَفِ وَمَسُّ وَرَقِهِ) قَالَ تَعَالَى: {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]   [حاشية قليوبي] الشَّهْوَةِ) لَمْ يَقُلْ لِعَدَمِ هَتْكِ الْحُرْمَةِ الْمُنَاسِبِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ هُنَا إذْ الثَّانِي لَا يُنْكِرُهُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ الرَّدُّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (رَأْسُ) وَفِي نُسْخَةٍ: رُءُوسُ الْأَصَابِعِ وَلَوْ زَائِدَةً وَبِبَطْنِ الْكَفِّ كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَمَا بَيْنَهَا) وَهُوَ مَا يَسْتَتِرُ مِنْ جَوَانِبِهَا عِنْدَ ضَمِّهَا وَحَرْفِهَا، وَهُوَ مَا لَا يَسْتَتِرُ الَّذِي هُوَ جَانِبُ السَّبَّابَةِ وَالْخِنْصَرِ وَجَانِبَا الْإِبْهَامِ وَحَرْفُ الْكَفِّ بِمَعْنَى جَوَانِبِ الرَّاحَةِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ، أَوْ هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ الْمُرَادَ بِحَرْفِهَا مَا يَسْتَتِرُ مِنْهَا وَبِمَا بَيْنَهَا النُّقَرُ الَّتِي فِي أَسْفَلِهَا أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ تَكَلُّفٌ وَخُرُوجٌ عَنْ الظَّاهِرِ بِلَا حَاجَةٍ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ إلَخْ) وَقِيَاسًا عَلَى الْخُفِّ حَيْثُ أَلْحَقَ جَوَانِبَهُ بِبَاطِنِهِ وَرُدَّ بِالرُّجُوعِ إلَى الْأَصْلِ فِيهِمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْخُفِّ عَدَمُ صِحَّةِ الْمَسْحِ إلَّا مَا ثَبَتَتْ الرُّخْصَةُ فِيهِ، وَالْأَصْلَ فِي الْبَدَنِ عَدَمُ النَّقْضِ إلَّا مَا ثَبَتَ النَّصُّ بِالنَّقْضِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ بِالْحَدَثِ) الْمُرَادُ بِالْحُرْمَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَلَوْ سَهْوًا، وَفِي غَيْرِهِمَا إثْمُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا، وَتَعَمُّدُ الصَّلَاةِ مَعَهُ كَبِيرَةٌ، وَاسْتِحْلَالُهَا مَعَهُ كُفْرٌ، وَتَرَدَّدَ شَيْخُنَا فِي الطَّوَافِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَدَثِ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ فَدَعْوَى الْإِجْمَاعِ صَحِيحَةٌ، إذْ لَا يَقُولُ أَحَدٌ بِصِحَّةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَعَهُ، وَلَا يَرِدُ صَاحِبُ الضَّرُورَةِ وَالْمُتَيَمِّمُ وَفَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ لِوُجُودِ الرُّخْصِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَنْعُ لِتَهَافُتِ الْعِبَارَةِ إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى: وَيَمْتَنِعُ بِالْمَنْعِ وَهُوَ فَاسِدٌ، وَتَعْبِيرُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِالْأَحْدَاثِ مُرَادُهُ بِهَا الْأَسْبَابُ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَا تَعَدُّدَ فِيهِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا، قِيلَ: وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ عَدَمُ صِحَّةِ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ فِيهَا لَا يُرَادُ نَحْوُ اللَّمْسِ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ أَوْ الْمَجْمُوعُ لَا يَصِحُّ مَعَ الْكُلِّيَّةِ وَالْوَجْهُ أَنَّ الْكُلِّيَّةَ صَحِيحَةٌ مِنْ حَيْثُ الْحَدِيثُ بِمَعْنَى أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى حُرْمَةِ نَحْوِ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ سَبَبٍ مِنْهَا حَيْثُ كَانَ حَدَثًا أَوْ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ مَعَ أَنَّ ذِكْرَ الْكُلِّيَّةِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ تَوَقُّفِ الْحُرْمَةِ عَلَى وُجُودِ جَمِيعِهَا، وَإِنَّمَا جَاءَ الْإِشْكَالُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ إلَى الْأَفْرَادِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَرَتُّبِ الْحَدَثِ عَلَيْهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ وَاضِحٌ جَلِيٌّ. قَوْلُهُ: (الصَّلَاةُ) سَوَاءٌ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ، وَكَذَا الطَّوَافُ. قَوْلُهُ: (لَا يَقْبَلُ اللَّهُ) أَيْ قَبُولَ صِحَّةٍ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ لَا قَبُولَ كَمَالٍ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى صَارِفٍ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ) نَصَّ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَا تَشْمَلُهَا الصَّلَاةُ عُرْفًا، وَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي وَرَدًّا عَلَى الشَّعْبِيِّ وَالطَّبَرِيِّ الْقَائِلَيْنِ بِصِحَّتِهَا مَعَ الْحَدَثِ. قَوْلُهُ (سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ) وَكَذَا سَجْدَةُ الشُّكْرِ وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ. (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: صُورَةُ الرُّكُوعِ الْوَاقِعَةُ مِنْ الْعَوَامّ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ حَرَامٌ وَيَأْثَمُ فَاعِلُهَا وَلَوْ بِطَهَارَةٍ وَإِلَى الْقِبْلَةِ، وَهِيَ مِنْ الْعَظَائِمِ، وَأَخْشَى أَنْ تَكُونَ كُفْرًا، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} [يوسف: 100] أَيْ رُكَّعًا إمَّا مَنْسُوخٌ أَوْ أَنَّهُ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَحَمْلُ الْمُصْحَفِ) وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَكْتُوبِ فِيهِ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُسَمَّى مُصْحَفًا عُرْفًا وَلَوْ قَلِيلًا كَحِزْبٍ، وَلَا عِبْرَةَ فِيهِ بِقَصْدِ غَيْرِ الدِّرَاسَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَسُّ وَرَقِهِ)   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّغِيرُ) أَيْ لِشُمُولِ الِاسْمِ وَهَتْكِ الْحُرْمَةِ بِخِلَافِ لَمْسِ الصَّغِيرَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَنْقُضُ رَأْسُ الْأَصَابِعِ) . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَوْ نَبَتَتْ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ فِي ظَاهِرِ الْكَفِّ فَلَا نَقْضَ بِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَبَتَتْ عَلَى اسْتِوَاءِ الْأَصَابِعِ فِي بَاطِنِ الْكَفِّ، كَذَا رَأَيْته عَلَى هَامِشِ الْقِطْعَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَحَرْفُهَا وَحَرْفُ الْكَفِّ) لَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا إلْحَاقُ حَرْفِ الرِّجْلِ بِالْأَسْفَلِ فِي مَسْحِ الْخُفِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَا بَقَاءُ الطَّهَارَةِ، وَهُنَاكَ أَنْ يَكُونَ الْمَسْحُ عَلَى الظَّاهِرِ فَاسْتُصْحِبَ الْأَصْلُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْمُرَادُ بِمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ اللَّحْمِيَّةُ الْفَاصِلَةُ بَيْنَ أُصُولِ الْأَصَابِعِ، وَالْمُرَادُ بِحَرْفِ الْأَصَابِعِ مَا يَسْتَتِرُ إذَا انْضَمَّ الْأُصْبُعَانِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ إلَى الْأَفْهَامِ تَفْسِيرُ مَا بَيْنَهُمَا بِهَذَا الْأَخِيرِ، قُلْت: سَبَبُ هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَحَرْفُهَا وَحَرْفُ الْكَفِّ فَإِنَّ حَرْفَ الْخِنْصَرِ وَالْإِبْهَامِ يَدْخُلَانِ فِي حَرْفِ الْكَفِّ لِأَنَّهُ الرَّاحَةُ مَعَ بُطُونِ الْأَصَابِعِ، قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِحُرُوفِ الْأَصَابِعِ جَوَانِبَهَا الْمُسْتَطِيلَةَ الَّتِي تَلِي ظَهْرَ الْكَفِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَسُّ وَرَقِهِ) أَيْ كَانَ لِبَاطِنِ الْكَفِّ أَوْ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 هُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَالْحَمْلُ أَبْلَغُ مِنْ الْمَسِّ وَالْمُطَهَّرُ بِمَعْنَى الْمُتَطَهِّرِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَكَذَا جِلْدُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ. وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ مَسُّهُ لِأَنَّهُ وِعَاءٌ لَهُ كَكِيسِهِ (وَخَرِيطَةٌ وَصُنْدُوقٌ فِيهِمَا مُصْحَفٌ وَمَا كُتِبَ لِدَرْسِ قُرْآنٍ كَلَوْحٍ فِي الْأَصَحِّ) لِشَبَهِ الْأَوَّلَيْنِ الْمُعَدَّيْنِ لِلْمُصْحَفِ بِالْجِلْدِ،   [حاشية قليوبي] الْمُرَادُ وَمَسُّ شَيْءٍ مِنْهُ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِالْوَرَقِ لِدَفْعِ إيهَامِ خُصُوصِ جُمْلَتِهِ، وَلِإِدْخَالِ هَوَامِشِهِ وَمَا بَيْنَ سُطُورِهِ، وَحَمْلِ بَعْضِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَا سَيَأْتِي، وَإِنَّمَا حُرِّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ مَسُّ الطِّيبِ دُونَ حَمْلِهِ نَظَرًا لِلتَّرَفُّهِ الْمَفْقُودِ فِي الْحَمْلِ، وَلَوْ قُطِعَتْ الْهَوَامِشُ لَمْ يَحْرُمْ مَسُّهَا مُطْلَقًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلُ الْجِلْدِ الْآتِي، وَخَرَجَ بِحَمْلِهِ وَمَسِّهِ حَمْلُ حَامِلِهِ وَمَسُّهُ فَلَا يَحْرُمَانِ مُطْلَقًا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ فِي حَمْلِهِ التَّفْصِيلُ فِي حَمْلِ الْمَتَاعِ الْآتِي، وَكَلَامُ الْخَطِيبِ يُوَافِقُهُ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ أَنَّ مَحَلَّ الْحِلِّ إنْ كَانَ الْمَحْمُولُ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْحَمْلُ لَا نَحْوَ طِفْلٍ. نَعَمْ يَجُوزُ حَمْلُهُ لِخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ تَنَجُّسٍ أَوْ وُقُوعٍ فِي يَدِ كَافِرٍ أَوْ ضَيَاعٍ أَوْ سَرِقَةٍ، بَلْ يَجِبُ حَمْلُهُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَيْنِ. وَتَوَسُّدُهُ كَحَمْلِهِ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لَا لِنَحْوِ الضَّيَاعِ، وَيَجِبُ عِنْدَ إرَادَةِ حَمْلِهِ التَّيَمُّمُ إنْ أَمْكَنَ وَدَخَلَ فِي مَسِّهِ مَا لَوْ كَانَ بِحَائِلٍ وَلَوْ ثَخِينًا حَيْثُ يُعَدُّ مَاسًّا عُرْفًا. (فَائِدَةٌ) حَكَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَجْهًا غَرِيبًا بِعَدَمِ حُرْمَةِ مَسِّ الْمُصْحَفِ مُطْلَقًا، وَحَكَى فِي التَّتِمَّةِ وَجْهًا عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا مَسُّ الْمَكْتُوبِ وَحْدَهُ لَا الْهَامِشِ، وَلَا مَا بَيْنَ السُّطُورِ. قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ: (فَرْعٌ) يَجُوزُ تَوَسُّدُ كُتُبِ الْعِلْمِ لِخَوْفِ الضَّيَاعِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ خَبَرٌ) أَيْ لَفْظًا لِأَنَّهُ مَرْفُوعٌ. قَوْلُهُ: (وَالْمُطَهَّرُ) بِفَتْحِ الْهَاءِ بِمَعْنَى الْمُتَطَهِّرِ لِإِيقَاعِهِ الطَّهَارَةَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى التَّأْوِيلِ لِيَصِحَّ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ إذْ لَا يَكُونَانِ إلَّا فِيمَنْ لَهُ الْحَالَتَانِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ الطَّهَارَةَ الْمُقَابِلَةَ لِلنَّجَاسَةِ فِي الْأَبَدَانِ وَلَا الْمَلَائِكَةَ مَعَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَإِنَّمَا جَازَ تَعْلِيمُهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ لِأَنَّهُ لَا إهَانَةَ فِيهِ مَعَ احْتِمَالِ رَجَاءِ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا جِلْدُهُ) أَيْ يَحْرُمُ مَسُّهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُقَابِلِ، وَسَكَتَ عَنْ حَمْلِهِ لِدُخُولِهِ فِي حَمْلِ الْمُصْحَفِ إذْ الْكَلَامُ فِي جِلْدِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ. أَمَّا الْمُنْفَصِلُ عَنْهُ فَيَحْرُمُ حَمْلُهُ وَمَسُّهُ مَا دَامَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ، فَإِنْ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَوْ جُعِلَ. جِلْدًا لِغَيْرِهِ، وَإِنْ بَقِيَتْ النِّسْبَةُ فَلَا حُرْمَةَ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْكَافِرِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) هُوَ مَرْجُوحٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَخَرِيطَةٍ وَصُنْدُوقٍ فِيهِمَا مُصْحَفٌ) وَهُمَا بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى وَرَقِهِ أَوْ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى جِلْدِهِ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ فِي حُرْمَةِ الْمَسِّ، وَاسْتَغْنَى عَنْ الْحَمْلِ فِيهِمَا بِمَا مَرَّ مِنْ حَمْلِهِ لِأَنَّهُ فِيهِمَا، وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ فِيهِمَا إنْ كَانَا لَائِقَيْنِ بِهِ وَعُدَّ لَهُ عُرْفًا، لَا نَحْوَ خَلْوَةٍ وَغِرَارَةٍ وَإِنْ عُدَّتَا لَهُ، وَلَا نَحْوَ صُنْدُوقِ أَمْتِعَةٍ هُوَ فِيهِ، وَيَحْرُمُ مَسُّ عِلَاقَتِهِ فِي نَحْوَ كِيسِهِ، وَكَذَا مَا زَادَ مِنْهَا عَنْهُ، أَوْ مَا زَادَ مِنْ الْخَرِيطَةِ إنْ كَانَ مُنَاسِبًا، وَلَا يَحْرُمُ مَسُّ الزَّائِدِ إنْ كَانَ مِنْهُمَا مُفْرِطًا فِي الطُّولِ، وَالْكُرْسِيُّ كَالصُّنْدُوقِ فَيَحْرُمُ مَسُّ جَمِيعِهِ. قَالَهُ شَيْخُنَا، وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: لَا يَحْرُمُ مَسُّ شَيْءٍ مِنْهُ، وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَيْضًا وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ، وَلَعَلَّهُ أَجَابَ كُلًّا مِنْهُمَا بِمَا سَنَحَ لَهُ وَقْتَ سُؤَالِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْرُمُ مَسُّ مَا حَاذَى الْمُصْحَفَ مِنْهُ، لَا مَا زَادَ عَلَيْهِ مِنْ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ، وَلَعَلَّ حُرْمَةَ الْمَسِّ عِنْدَ هَذَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَاسًّا لِلْمُصْحَفِ بِحَائِلٍ، لَا مِنْ حَيْثُ مَسُّ الْكُرْسِيِّ، وَخَرَجَ بِكُرْسِيِّ الْمُصْحَفِ كُرْسِيُّ الْقَارِئِ فِيهِ كَالْكَرَاسِيِّ الْكِبَارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْخَزَائِنِ، فَلَا يَحْرُمُ مَسُّ شَيْءٍ مِنْهَا. نَعَمْ الدَّفَّتَانِ الْمُنْطَبِقَتَانِ عَلَى الْمُصْحَفِ يَحْرُمُ مَسُّهُمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ الصُّنْدُوقِ الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (وَمَا كُتِبَ) عَطْفٌ عَلَى خَرِيطَةٍ لِجَمْعِهِ مَعَهَا فِي الْخِلَافِ، فَكَلَامُهُ فِي حُرْمَةِ مَسِّ ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ، وَلِذَلِكَ جَعَلَ حَمْلَهُ مَقِيسًا عَلَى مَسِّهِ، وَسُلُوكُ غَيْرِ هَذَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ لَائِقٍ بِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِدَرْسِ قُرْآنٍ) أَيْ بِقَصْدِ الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَوْ حَرْفًا وَاحِدًا، وَخَرَجَ بِهِ مَا قُصِدَ لِلتَّمِيمَةِ وَلَوْ مَعَ الْقُرْآنِ كَمَا مَرَّ، فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهَا وَلَا حَمْلُهَا وَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى سُوَرٍ، بَلْ قَالَ الشَّيْخُ الْخَطِيبُ: وَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى جَمِيعِ الْقُرْآنِ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَالْعِبْرَةُ بِقَصْدِ الْكَاتِبِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِلَا أُجْرَةٍ وَلَا أَمْرٍ، وَإِلَّا فَقَصْدُ الْمَكْتُوبِ لَهُ وَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِتَغَيُّرِ الْقَصْدِ مِنْ التَّمِيمَةِ إلَى الدِّرَاسَةِ وَعَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (كَلَوْحٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِ مَا يُعَدُّ لِلْكِتَابَةِ عُرْفًا لَا نَحْوَ عَمُودٍ، فَلَا يَحْرُمُ فِيهِ إلَّا مَسُّ الْأَحْرُفِ وَحَرِيمُهَا عُرْفًا، وَلَوْ مُحِيَتْ أَحْرُفُ الْقُرْآنِ مِنْ اللَّوْحِ وَالْوَرَقِ بِحَيْثُ لَا تُقْرَأُ لَمْ يَحْرُمْ مَسُّهُمَا وَلَا حَمْلُهُمَا لِأَنَّ شَأْنَهُ انْقِطَاعُ النِّسْبَةِ عُرْفًا وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْجِلْدَ. (فُرُوعٌ) يَحْرُمُ لَزْقُ أَوْرَاقِ الْقُرْآنِ بِنَحْوِ النِّشَاءِ وَالرَّسْرَاسِ وَجَعْلُهَا وِقَايَةً وَلَوْ لِعِلْمٍ، وَوَضْعُ مَأْكُولٍ عَلَيْهَا مَعَ أَكْلِهِ وَإِلَّا فَلَا   [حاشية عميرة] كَانَ بِحَائِلٍ أَوْ غَيْرِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 وَالثَّالِثِ بِالْمُصْحَفِ وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ مَسُّهَا لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ كَالْوِعَاءِ لِلْمُصْحَفِ، وَالثَّالِثَ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ، وَحَمْلُ الثَّالِثِ كَمَسِّهِ وَمَسُّ الْأَوَّلَيْنِ وَحَمْلُهُمَا وَلَا مُصْحَفَ فِيهِمَا جَائِزٌ (وَالْأَصَحُّ حِلُّ حَمْلِهِ فِي أَمْتِعَةٍ) تَبَعًا لَهَا (وَ) فِي (تَفْسِيرٍ وَدَنَانِيرَ) كَالْأَحْذِيَةِ لِأَنَّهُمَا الْمَقْصُودَانِ دُونَهُ، وَالثَّانِي يَحْرُمُ لِإِخْلَالِهِ بِالتَّعْظِيمِ، وَلَوْ كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ مِنْ التَّفْسِيرِ حَرُمَ قَطْعًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَصَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ. وَالْمَسُّ فِي الْأَخِيرَيْنِ كَالْحَمْلِ (لَا قَلْبُ وَرَقِهِ بِعُودٍ) فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحَمْلِ، لِانْتِقَالِ الْوَرَقِ بِفِعْلِ الْقَالِبِ مِنْ جَانِبٍ إلَى آخِرِهِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُحْدِثَ لَا يُمْنَعُ) مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَاللَّوْحِ وَحَمْلِهِمَا لِحَاجَةِ   [حاشية قليوبي] وَبَلْعُهَا بِلَا مَضْغٍ وَوَضْعُ نَحْوَ دَرَاهِمَ فِيهَا، وَوَضْعُهَا عَلَى نَجَسٍ، وَمَسُّهَا بِشَيْءٍ نَجَسٍ وَلَوْ مِنْ بَدَنِهِ لَا حَرْقُهَا بَالِيَةً، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ غَسْلِهَا، وَيَجِبُ غَسْلُ مُصْحَفٍ تَنَجَّسَ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَلَفِهِ وَكَانَ لِمَحْجُورٍ وَلَا ضَمَانَ. نَعَمْ لَا تَحْرُمُ الْوِقَايَةُ بِوَرَقَةٍ مَكْتُوبٍ عَلَيْهَا نَحْوَ الْبَسْمَلَةِ، وَيَحْرُمُ السَّفَرُ بِالْمُصْحَفِ إلَى بِلَادِ الْكُفَّارِ إنْ خِيفَ وُقُوعُهُ فِي أَيْدِيهِمْ، وَيَحْرُمُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ بِنَجَسٍ وَلَوْ مَعْفُوًّا عَنْهُ كَمَسِّهِ بِهِ، لَا قِرَاءَتُهُ بِفَمٍ نَجَسٍ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ. وَيَجُوزُ كِتَابَتُهُ لَا قِرَاءَتُهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَهَا حُكْمُ الْمُصْحَفِ فِي الْمَسِّ وَالْحَمْلِ، وَيَجُوزُ مَا لَا يُشْعِرُ بِالْإِهَانَةِ كَالْبُصَاقِ عَلَى اللَّوْحِ لِمَحْوِهِ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ، وَنَحْوُ مَدِّ رِجْلِهِ، أَيْ وَكَوْنُهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فِي نَوْمٍ أَوْ جُلُوسٍ لَا بِقَصْدِ إهَانَةٍ فِي ذَلِكَ، وَكَوَضْعِ الْمُصْحَفِ فِي رَفِّ خِزَانَةٍ، وَوَضْعِ نَحْوَ تَرْجِيلٍ فِي رَفٍّ أَعْلَى مِنْهُ، وَيَجُوزُ ضَمُّ مُصْحَفٍ إلَى كِتَابِ عِلْمٍ مَثَلًا فِي جِلْدٍ وَاحِدٍ، وَلِكُلِّ جَانِبٍ حُكْمُهُ، وَلِمَا قَابَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْكَعْبِ حُكْمُهُ، وَكَذَا اللِّسَانُ إنْ كَانَ مَطْبُوقًا عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مَفْتُوحًا وَهُوَ مِنْ جِهَةِ الْمُصْحَفِ حَرُمَ كُلُّهُ، أَوْ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى حَلَّ كُلُّهُ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِالْحُرْمَةِ مُطْلَقًا تَغْلِيبًا لِلْمُصْحَفِ. (تَنْبِيهٌ) يَجْرِي فِي كُتُبِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَآلَتِهِ مَا فِي الْمُصْحَفِ غَيْرُ تَحْرِيمِ الْمَسِّ وَالْحَمْلِ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِالْإِهَانَةِ. قَوْلُهُ: (حَلَّ حَمْلُهُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمَذْكُورِ مِنْ الْمُصْحَفِ، وَمَا كُتِبَ لِدَرْسِ قُرْآنٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَتَاعِ، وَرَاجِعٌ لِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْقُرْآنِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّفْسِيرِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَيَجُوزُ رُجُوعُهُ لِلْقُرْآنِ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (تَبَعًا) يُفِيدُ أَنَّ الظَّرْفِيَّةَ وَالْجَمْعِيَّةَ لَيْسَا لِلتَّقْيِيدِ، فَيَكْفِي مَتَاعٌ وَاحِدٌ وَلَوْ غَيْرَ ظَرْفٍ وَصُورَتُهُ أَنْ يَحْمِلَهُ مُعَلَّقًا فِيهِ لِئَلَّا يَكُونَ مَاسًّا لَهُ، أَوْ يُقَالُ لَا حُرْمَةَ مِنْ حَيْثُ الْحَمْلُ وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ الْمَسُّ، إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا، وَقَيَّدَ الْخَطِيبُ الْمَتَاعَ بِأَنْ يَصْلُحَ لِلِاسْتِتْبَاعِ عُرْفًا لَا نَحْوَ إبْرَةٍ أَوْ خَيْطِهَا، وَعُلِمَ مِنْ التَّبَعِيَّةِ أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ مَقْصُودًا، فَإِنْ قُصِدَ وَحْدَهُ حَرُمَ اتِّفَاقًا، أَوْ قُصِدَ مَعَ الْمَتَاعِ حَرُمَ عِنْدَ الْخَطِيبِ كَمَا فِي قِرَاءَةِ الْجُنُبِ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِيمَا هُنَا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ هُنَا جَرُّ مَا يَسْتَتْبِعُ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ، وَلَا يَحْرُمُ فِي الْإِطْلَاقِ وَلَا قَصْدَ غَيْرَ الْقُرْآنِ وَحْدَهُ عِنْدَهُمَا كَغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَفِي تَفْسِيرٍ) لَفْظُ تَفْسِيرٍ عَطْفٌ عَلَى أَمْتِعَةٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، فَهُوَ عَلَى الطَّرِيقِ الْجَادَّةِ فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَشَمِلَ التَّفْسِيرُ مَا عَلَى هَوَامِشِ الْمُصْحَفِ. قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، قَالَا: وَلَا نَظَرَ لِقَصْدِ دِرَاسَةٍ فِيهِ، وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ قَوِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَدَنَانِيرَ) وَجُدْرَانَ وَسُقُوفٍ وَثِيَابٍ، وَيَحِلُّ النَّوْمُ فِيهَا وَلَوْ لِجُنُبٍ، وَكَذَا النَّوْمُ عَلَيْهَا فِي نَحْوِ الْبِسَاطِ لَا الْوَطْءِ عَلَيْهَا، وَقِيلَ بِجَوَازِ الْوَطْءِ أَيْضًا لَا بِقَصْدِ إهَانَةٍ، وَكَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ يُومِئُ إلَيْهِ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ) قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْقَطْعِ فَإِنْ تَسَاوَيَا حَرُمَ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي الْكَثْرَةِ، وَفَارَقَ الشَّكَّ فِي الضَّبَّةِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقُرْآنِ الْحُرْمَةُ، وَفِي الْإِنَاءِ الْحِلُّ، فَعُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ الْحِلِّ إذَا كَانَ التَّفْسِيرُ أَكْثَرَ يَقِينًا. قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَالْعِبْرَةُ بِالْكَثْرَةِ مِنْ حَيْثُ الْحُرُوفُ الرَّسْمِيَّةُ بِالرَّسْمِ الْعُثْمَانِيِّ فِي الْقُرْآنِ وَبِقَاعِدَةِ رَسْمِ الْخَطِّ فِي التَّفْسِيرِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِرَسْمِ الْخَطِّ مُطْلَقًا، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: الْعِبْرَةُ بِاللَّفْظِ، وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْهُ، فَلَعَلَّهُ اخْتَلَفَ جَوَابُهُ وَكَلَامُهُ فِي الشَّرْحِ مُحْتَمَلٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَالْمَسُّ فِي الْأَخِيرَيْنِ) وَهُمَا التَّفْسِيرُ وَالدَّنَانِيرُ كَالْحَمْلِ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّ الْحُرُوفِ عَلَى الدَّنَانِيرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا ذُكِرَ مُطْلَقًا وَلَا فِي التَّفْسِيرِ كَذَلِكَ، هَذَا صَرِيحُ كَلَامِهِ، وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْخَطِيبُ، وَهُوَ وَاضِحٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِالْحُرْمَةِ إلَّا إذَا كَانَ الَّذِي مَسَّهُ مُشْتَمِلًا عَلَى تَفْسِيرٍ أَكْثَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ قَصَدَ حَمْلَ الْقُرْآنِ وَحْدَهُ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ لَمْ يَحْرُمْ، وَكَذَا لَوْ قَصَدَ بِهِ الدِّرَاسَةَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَا قَلْبِ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى حَمْلٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَنَّ الصَّبِيَّ) أَيْ الْمُمَيِّزَ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ تَمْكِينُهُ مِنْهُ لِفَقْدِ تَعَلُّمِهِ وَخَرَجَ بِالصَّبِيِّ الْبَالِغُ وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ دَوَامُ الطَّهَارَةِ كَمُؤَدِّبِ الْأَطْفَالِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ ابْنِ حَجَرٍ مِنْ جَوَازِ الْمَسِّ وَالْحَمْلِ لَهُ مَعَ التَّيَمُّمِ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ عِنْدَ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (الْمُحْدِثَ) وَلَوْ حَدَثًا أَكْبَرَ. قَوْلُهُ: (لَا يُمْنَعُ) أَيْ لَا يَجِبُ مَنْعُهُ فَيُنْدَبُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الشَّارِحِ: (تَبَعًا لَهَا) أَيْ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قُوَّةِ الْعِبَارَةِ فَتَأَمَّلْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 تَعَلُّمِهِ مِنْهُمَا وَمَشَقَّةِ اسْتِمْرَارِهِ عَلَى الطَّهَارَةِ. وَالثَّانِي عَلَى الْوَلِيِّ وَالْمُعَلِّمِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ (قُلْت: الْأَصَحُّ حِلُّ قَلْبِ وَرَقِهِ بِعُودٍ، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَمْلٍ وَلَا فِي مَعْنَاهُ. وَلَوْ لَفَّ كُمَّهُ عَلَى يَدِهِ وَقَلَبَ بِهِ حَرُمَ قَطْعًا، وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ. (وَمَنْ تَيَقَّنَ طُهْرًا أَوْ حَدَثًا وَشَكَّ فِي ضِدِّهِ) هَلْ طَرَأَ عَلَيْهِ (عَمِلَ بِيَقِينِهِ) اسْتِصْحَابًا لِلْيَقِينِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ التَّرَدُّدُ بِاسْتِوَاءٍ أَوْ رُجْحَانٍ كَمَا. قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ، فَمَنْ ظَنَّ الضِّدَّ لَا يَعْمَلُ بِظَنِّهِ لِأَنَّ ظَنَّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ أَقْوَى مِنْهُ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ يَعْمَلُ بِظَنِّ الطُّهْرِ بَعْدَ تَيَقُّنِ الْحَدَثِ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ (فَلَوْ تَيَقَّنَهُمَا) أَيْ الطُّهْرَ وَالْحَدَثَ بِأَنْ وُجِدَا مِنْهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مَثَلًا (وَجَهِلَ السَّابِقَ) مِنْهُمَا (فَضِدُّ مَا قَبْلَهُمَا) يَأْخُذُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُمَا مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي تَأَخُّرِ الْحَدَثِ عَنْهَا. وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَأَخُّرِهِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُمَا مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ، وَشَكَّ فِي تَأَخُّرِ الطَّهَارَةِ عَنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَأَخُّرِهَا إنْ كَانَ يَعْتَادُ تَجْدِيدَ الطَّهَارَةِ، فَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّ تَجْدِيدَهَا فَالظَّاهِرُ تَأَخُّرُهَا عَنْ الْحَدَثِ فَيَكُونُ الْآنَ مُتَطَهِّرًا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا قَبْلَهُمَا لَزِمَهُ الْوُضُوءُ لِتَعَارُضِ الِاحْتِمَالَيْنِ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَنْظُرُ إلَى مَا قَبْلَهُمَا وَيَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ بِكُلِّ حَالٍ احْتِيَاطًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ جَمَاعَاتٍ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (مِنْ مَسِّ إلَخْ) وَلَا مِنْ الْقِرَاءَةِ بِالْأَوْلَى لِجَوَازِهَا لِلْمُحْدِثِ. قَوْلُهُ: (لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ) وَمِنْهَا حَمْلُهُ مِنْ الْبَيْتِ إلَى الْمَكْتَبِ وَعَكْسُهُ، وَخَرَجَ بِهَا تَعَلُّمُ غَيْرِهِ، وَمِنْهُ حَمْلُ خَادِمِهِ لَهُ مَعَهُ إلَى الْمَكْتَبِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْبَالِغِ وَعَلَى وَلِيِّ غَيْرِهِ تَمْكِينُهُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ) فَالْأَنْسَبُ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَمْلٍ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَتْ الْوَرَقَةُ عَلَى الْعُودِ حَرُمَ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَفَّ كُمَّهُ عَلَى يَدِهِ) كَوْنُهُ عَلَى الْيَدِ قَيْدٌ لِلْقَطْعِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ حَلَّ عِنْدَ الشَّيْخِ الْخَطِيبِ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَلَوْ 8653 لَفَّ مِنْدِيلًا لَيْسَ مَلْبُوسًا لَهُ، وَقَلَبَ بِهِ لَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْعُودِ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ قَطْعًا) خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (اسْتِصْحَابًا لِلْيَقِينِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَقِينِ الظَّنُّ الْمُسْتَنِدُ إلَى اسْتِصْحَابِهِ لَا هُوَ، لِأَنَّهُ لَا يُجَامِعُ الشَّكَّ. قَوْلُهُ: (شَيْئًا) أَيْ رِيحًا يَجُولُ فِي جَوْفِهِ يَطْلُبُ الْخُرُوجَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ) أَيْ لَا يُبْطِلُ صَلَاةَ نَفْسِهِ بِمَا وَجَدَ، وَيَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِلْوُضُوءِ، أَوْ الْمُرَادُ لَا يَخْرُجُ مِنْ صَلَاتِهِ، وَسَمَّاهَا مَسْجِدًا مَجَازًا. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَسْمَعَ إلَخْ) أَيْ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ أَحْدَثَ بِسَمَاعٍ أَوْ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ اسْتِصْحَابَ) وَفِي نُسْخَةٍ لِأَنَّ ظَنَّ اسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ أَيْ الظَّنَّ الْمُسْتَنِدَ إلَى الْيَقِينِ كَمَا مَرَّ أَقْوَى مِنْ الظَّنِّ الَّذِي لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى يَقِينٍ وَإِنْ اسْتَنَدَ إلَى خَبَرِ عَدْلٍ كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الرَّافِعِيُّ يَعْمَلُ بِظَنِّ الطُّهْرِ بَعْدَ تَيَقُّنِ الْحَدَثِ) ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ، فَقِيلَ: هُوَ سَهْوٌ مِنْهُ، وَقِيلَ: إنَّهُ سَقَطَ مِنْهُ لَفْظَةُ لَا، وَالْأَصْلُ لَا يَعْمَلُ، وَقِيلَ: إنَّهُ فِي ظَنِّ طَهَارَةِ أَحَدِ الْمَاءَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا مَرَّ، وَقِيلَ فِي النَّوْمِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَقِيلَ: إنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ عَقِبَ هَذِهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَمَا قَبْلَهُ كَلَامٌ صَحِيحٌ فِي ذَاتِهِ، لَكِنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ الْمَقَامِ. قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ إلَخْ) فَإِسْقَاطُهُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّتِهِ. (فَائِدَةٌ) قَالَ بَعْضُهُمْ: وَاسْتُقْرِئَ كَلَامُ الشَّارِحِ فَوُجِدَ أَنَّهُ مَتَى أَطْلَقَ لَفْظَ الرَّوْضَةِ فَمُرَادُهُ زَوَائِدُهَا، وَمَتَى قَالَ أَصْلَ الرَّوْضَةِ فَهُوَ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ النَّوَوِيُّ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَوْ زَادَهُ بِغَيْرِ تَمْيِيزٍ، وَمَتَى. قَالَ الرَّوْضَةَ وَأَصْلَهَا فَهُوَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مَعْنًى أَوْ كَأَصْلِهَا فَهُوَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ لَفْظًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ) سَوَاءٌ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ) أَيْ الرَّافِعَةَ لِلْحَدَثِ الَّذِي قَبْلَ الشَّمْسِ الَّذِي ذَكَرَهُ، فَلَا مُعَارَضَةَ بِالْمِثْلِ قَوْلُهُ: (وَشَكَّ فِي تَأَخُّرِ الطَّهَارَةِ) أَيْ الثَّانِيَةِ الَّتِي بَعْدَ الشَّمْسِ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ يَعْتَادُ تَجْدِيدَ الطَّهَارَةِ) وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ وَلَوْ بِمَرَّةٍ فِي عُمْرِهِ الْمَاضِي. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا قَبْلَهُمَا) أَخَذَ بِمِثْلِ مَا قَبْلَ مَا قَبْلَهُمَا فَيَأْخُذُ فِي الْإِفْرَادِ بِالضِّدِّ وَفِي الْإِشْفَاعِ بِالْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْوُضُوءُ بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ، وَكَانَ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ دَائِمًا.   [حاشية عميرة] (فَائِدَةٌ) لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ مَنْقُوشًا عَلَى خَشَبَةٍ أَوْ طَعَامٍ امْتَنَعَ حَرْقُ الْخَشَبَةِ وَجَازَ أَكْلُ الطَّعَامِ، كَذَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الْقَاضِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 (فَصْلٌ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ) . (يُقَدِّمُ دَاخِلُ الْخَلَاءِ يَسَارَهُ وَالْخَارِجُ يَمِينَهُ) لِمُنَاسِبَةِ الْيَسَارِ لِلْمُسْتَقْذَرِ وَالْيَمِينِ لِغَيْرِهِ، وَالْخَلَاءُ بِالْمَدِّ الْمَكَانُ الْخَالِي نُقِلَ إلَى الْبِنَاءِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ عُرْفًا (وَلَا يَحْمِلُ) فِي الْخَلَاءِ (ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ مَكْتُوبَ ذِكْرٍ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَحَمْلُهُ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ، وَالصَّحْرَاءُ كَالْبُنْيَانِ فِي هَذَيْنِ الْأَدَبَيْنِ. (وَيَعْتَمِدُ) فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ (جَالِسًا يَسَارَهُ)   [حاشية قليوبي] فَائِدَةٌ) قَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُرْفَعُ الْيَقِينُ بِالشَّكِّ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ: إحْدَاهَا: الشَّكُّ فِي خُرُوجِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ فَيُصَلُّونَ ظُهْرًا. الثَّانِيَةُ: الشَّكُّ فِي بَقَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ فَيَغْسِلُ. الثَّالِثَةُ: الشَّكُّ فِي وُصُولِ مَقْصِدِهِ فَيُتِمُّ. الرَّابِعَةُ: الشَّكُّ فِي نِيَّةِ الْإِتْمَامِ فَيُتِمُّ أَيْضًا. قَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ هَذِهِ رُخَصٌ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْيَقِينِ وَحِينَئِذٍ فَكُلُّ رُخْصَةٍ كَذَلِكَ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْمَذْكُورَاتِ بَلْ إنَّ غَيْرَ الرُّخَصِ يَقَعُ فِيهَا ذَلِكَ كَمَا مَرَّ آنِفًا فِي اللَّمْسِ وَالْمَسِّ، وَانْظُرْ الْيَقِينَ الْمُقَابِلَ لِلشَّكِّ فِي الْأَخِيرَةِ مَا هُوَ فَتَأَمَّلْ. [فَصْلٌ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ] (فَصْلٌ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ) حَقِيقَةً وَشُرُوطًا وَآدَابًا. وَالْآدَابُ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ جَمْعُ أَدَبٍ، وَهُوَ مَا يُطْلَبُ الْإِتْيَانُ بِهِ نَدْبًا أَصَالَةً، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُطْلَبُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا لِأَجْلِ غَيْرِهِ صِحَّةً أَوْ كَمَالًا، وَقَدَّمَ هَذَا الْفَصْلَ عَلَى الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ الْأَكْمَلُ، وَأَخَّرَهُ فِي الرَّوْضَةِ إشْعَارًا بِجَوَازِهِ فِي حَقِّ السَّلِيمِ، وَأَعَادَ الْعَامِلَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ إرَادَةِ آدَابِهِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (دَاخِلُ الْخَلَاءِ) أَيْ مَنْ أَرَادَ دُخُولَهُ وَلَوْ صَغِيرًا بِأَمْرِ وَلِيِّهِ أَوْ حَامِلًا لِغَيْرِهِ لِغَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ الْمَخْصُوصَةِ كَوَضْعِ مَاءٍ وَإِزَالَةِ قَذَرٍ، فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ بِقَاضِي الْحَاجَةِ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا أَعَمُّ لِشُمُولِهِ الصَّحْرَاءَ قَدْ يُرَدُّ بِأَنْ يُرَادَ بِالْخَلَاءِ مَا يَشْمَلُهُ، وَسَيَأْتِي مَا يُشِيرُ إلَيْهِ مَعَ أَنَّ تَعْمِيمَ الْحُكْمِ دُونَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يَسَارَهُ) أَوْ بَدَلَهَا وَكَذَا الْيَمِينُ. قَوْلُهُ: (وَالْيَمِينِ لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُسْتَقْذِرِ وَشَمِلَ مَا لَا شَرَفَ فِيهِ وَلَا خِسَّةَ فَيُقَدِّمُ يَمِينَهُ كَالشَّرِيفِ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ شَرْحِهِ خِلَافَهُ، لَكِنْ فِي تَصْوِيرِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ إمَّا مِنْ مَكَان لِمَا دُونَهُ فَيُقَدِّمُ الْيَسَارَ، أَوْ لِمَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فَيُقَدِّمُ الْيَمِينَ، أَوْ لِمَا يُسَاوِيهِ فَيَتَخَيَّرُ كَأَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ، وَمِنْهُ صُعُودُ الْخَطِيبِ إلَى الْمِنْبَرِ، أَوْ نَحْوَ بَيْتَيْنِ مِنْ دَارٍ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ. نَعَمْ يُقَدِّمُ يَمِينَهُ فِي خُرُوجِهِ مِنْ الْكَعْبَةِ إلَى الْمَسْجِدِ كَعَكْسِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. (فَرْعٌ) يَحْرُمُ دُخُولُ الصَّاغَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَمْكِنَةِ الْمَعَاصِي إلَّا لِحَاجَةٍ بِقَدْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْخَلَاءُ) بِالْمَدِّ الْمَكَانُ الْخَالِي أَيْ لُغَةً. قَوْلُهُ: (نُقِلَ) أَيْ عُرْفًا. قَوْلُهُ: (إلَى الْبِنَاءِ) لَوْ قَالَ إلَى الْمَكَانِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لَكَانَ أَعَمَّ، وَكَانَ يُسْتَغْنَى عَنْ إيرَادِ الصَّحْرَاءِ فِيمَا يَأْتِي، وَلَعَلَّهُ رَاعَى الظَّاهِرَ وَسُمِّيَ بِاسْمِ شَيْطَانٍ يَسْكُنُهُ. قَوْلُهُ: (مَكْتُوبَ) قَدَّرَهُ لِصِحَّةِ نِسْبَةِ الْحَمْلِ إلَى الذِّكْرِ لِأَنَّهُ مَعْنًى لَكِنْ فِيهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ اللَّفْظِيِّ وَهُوَ مَعِيبٌ، فَلَوْ أَخَّرَ لَفْظَ مَكْتُوبٍ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) كَمَنْسُوخِ تِلَاوَةٍ وَتَوْرَاةٍ لَمْ تُبَدَّلْ وَأَسْمَاءِ اللَّهِ الْخَاصَّةِ بِهِ أَوْ الْمُشْتَرَكَةِ بِقَصْدِهِ بِمَا فِي التَّمَائِمِ وَأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَلَوْ عَوَامَّهُمْ. قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا أَسْمَاءُ صُلَحَاءِ الْمُؤْمِنِينَ كَالصَّحَابَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ، فَإِنْ دَخَلَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ غَيَّبَهُ فِي نَحْوِ عِمَامَتِهِ وَيَحْرُمُ تَنْجِيسُهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ الِاسْتِنْجَاءِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مَكْرُوهٌ) وَلَوْ نَحْوَ مُصْحَفٍ وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ الْحَدَثُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ بِالْحُرْمَةِ. (تَنْبِيهٌ) مَا نُقِلَ عَنْ الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ مِنْ حُرْمَةِ نَقْشِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى الْخَاتَمِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ الْحَدِيثِ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ عَلَى قَوْلٍ فِي الْكُنْيَةِ أَوْ عَلَى زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قَوْلٍ فِيهَا أَيْضًا، أَوْ عَلَى إرَادَةِ الْمُضَاهَاةِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّحْرَاءُ كَالْبُنْيَانِ) أَوْرَدَهَا نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَإِنْ أَمْكَنَ شُمُولُ الْمَكَانِ لَهَا كَمَا مَرَّ. نَعَمْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَيْنِ الْأَدَبَيْنِ: فِيهِمَا   [حاشية عميرة] وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَرَاهَةُ الْحَرْقِ لَا غَيْرُ. (فَصْلٌ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ) قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالصَّحْرَاءُ كَالْبُنْيَانِ) نَظِيرُ ذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي الصَّحْرَاءِ فَيُقَدِّمُ الْيَمِينَ عِنْدَ قَصْدِ الْمَكَانِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ وَالْيَسَارَ عِنْدَ قَصْدِ الِانْصِرَافِ عَنْهُ. (فَائِدَةٌ) مِنْ الْآدَابِ أَنْ لَا يُطِيلَ الْقُعُودَ عَلَى الْخَلَاءِ لِأَنَّهُ يَحْدُثُ مِنْهُ الْبَاسُورُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 دُونَ يَمِينِهِ فَيَنْصِبُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ وَلَوْ بَالَ قَائِمًا فَرَّجَ بَيْنَهُمَا فَيَعْتَمِدُهَا (وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا) أَدَبًا فِي الْبُنْيَانِ (وَيَحْرُمَانِ بِالصَّحْرَاءِ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَرَوَيَا أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى حَاجَتَهُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ، مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةَ» . وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذُكِرَ عِنْدَهُ أَنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِفُرُوجِهِمْ أَوَقَدْ فَعَلُوهَا حَوِّلُوا بِمَقْعَدَتِي إلَى الْقِبْلَةِ» فَجَمَعَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بِحَمْلِ أَوَّلِهَا الْمُفِيدِ لِلتَّحْرِيمِ عَلَى الصَّحْرَاءِ لِأَنَّهَا لِسَعَتِهَا لَا يَشُقُّ فِيهَا اجْتِنَابُ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ بِخِلَافِ الْبُنْيَانِ فَقَدْ يَشُقُّ فِيهِ اجْتِنَابُ ذَلِكَ فَيَجُوزُ فِعْلُهُ كَمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى لَنَا تَرْكَهُ. نَعَمْ يَجُوزُ فِعْلُهُ فِي الصَّحْرَاءِ إذَا اسْتَتَرَ بِمُرْتَفَعٍ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ وَقَرُبَ مِنْهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ وَيَحْرُمُ فِعْلُهُ فِي الْبُنْيَانِ إذَا لَمْ يَسْتَتِرْ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْبِنَاءِ الْمُهَيَّأِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَلَا يَحْرُمُ وَإِنْ بَعُدَ السَّاتِرُ، وَقَصَرَ ذِكْرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ أَرْخَى   [حاشية قليوبي] خِلَافٌ، فَهُمَا وَارِدَانِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَالَ قَائِمًا إلَخْ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مُخَالِفًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَعْضِ فِي عِبَارَتِهِ الْجَلَالُ وَالشَّارِحُ، وَخَرَجَ بِالْبَوْلِ الْغَائِطُ قَائِمًا فَهُوَ كَالْجَالِسِ فِي اعْتِمَادِ يَسَارِهِ، وَإِنْ كَانَ الْقِيَامُ مَكْرُوهًا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. نَعَمْ إنْ خَشِيَ التَّنْجِيسَ فِي حَالَةِ تَعَيُّنِ خِلَافِهَا. قَوْلُهُ: (الْقِبْلَةَ) أَيْ عَيْنَ الْكَعْبَةِ وَلَوْ بِالِاجْتِهَادِ لَا جِهَتِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَخَرَجَ بِهَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ، فَاسْتِقْبَالُهُ وَاسْتِدْبَارُهُ مَكْرُوهٌ مَعَ عَدَمِ السَّاتِرِ، وَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقَمَرَيْنِ، لَا اسْتِدْبَارُهُمَا. قَوْلُهُ: (بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ) هُوَ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ أَيْ لَا تَسْتَقْبِلُوهَا بِبَوْلٍ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِغَائِطٍ، لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ جَعْلُ الشَّيْءِ قِبَالَةَ الْوَجْهِ، وَالِاسْتِدْبَارَ جَعْلُ الشَّيْءِ جِهَةَ دُبُرِهِ أَيْ خَلْفَهُ، فَلَوْ اسْتَقْبَلَ وَتَغَوَّطَ أَوْ اسْتَدْبَرَ وَبَالَ لَمْ يَحْرُمْ، وَكَذَا لَوْ اسْتَقْبَلَ وَلَوَى ذَكَرَهُ يَمِينًا أَوْ يَسَارًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِوُجُودِ الِاسْتِقْبَالِ بِالْعَوْرَةِ وَالْخَارِجِ مَعًا فِي الْعَكْسِ دُونَ مَا قَبْلَهُ، وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ سُقُوطُ مَا شَنَّعَ بِهِ بَعْضُ أَكَابِرِ الْفُضَلَاءِ وَالْعُلَمَاءِ عَلَى بَعْضِ الطَّلَبَةِ حِينَ تَوَقَّفَ فِي حِكْمَةِ تَعَارُضِهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُمَا مَعًا فَضْلًا عَنْ تَعَارُضِهِمَا، فَذِكْرُ شَيْخِنَا لَهُ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ غَفْلَةٌ عَنْ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا لَوْ نَزَلَا مَعًا فَلَيْسَ مِنْ التَّعَارُضِ، بَلْ يُقَالُ أَيُّهُمَا أَشَدُّ حُرْمَةً فَيَتَجَنَّبُهُ إذَا تَعَذَّرَ اجْتِنَابُهُمَا مَعًا، فَرَاجِعْ وَحَرِّرْ وَافِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا) أَيْ مِيلُوا عَنْ عَيْنِ الْكَعْبَةِ إلَى جِهَةِ الْمَشْرِقِ أَوْ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ، وَهُوَ خِطَابٌ خَاصٌّ بِمَنْ قِبْلَتُهُمْ الْجَنُوبُ كَأَهْلِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ أَوْ الشَّمَالُ كَأَهْلِ عَدَنٍ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَخْرُجُونَ عَنْ عَيْنِ الْقِبْلَةِ لَوْ شَرَّقُوا أَوْ غَرَّبُوا بِخِلَافِ نَحْوِ أَهْلِ مِصْرَ مِمَّنْ قِبْلَتُهُمْ الْمَشْرِقُ، أَوْ أَهْلِ السِّنْدِ مِمَّنْ قِبْلَتُهُمْ الْمَغْرِبُ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يُؤْخَذُ بِعُمُومِ الْحَدِيثِ فِي هَذَا كَمَا فِي الْخِطَابِ فِي صَدْرِهِ اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ يَرُدُّهُ التَّعْبِيرُ بِالِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُوجَدُ ذَلِكَ حَقِيقَةً إلَّا فِي بَلَدٍ مُسَاوٍ لِمَكَّةَ فِي الطُّولِ أَوْ الْعَرْضِ كَمَا يَعْرِفُهُ مَنْ لَهُ دِرَايَةٌ بِذَلِكَ، وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ مَنْعُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فِي عَدَمِ السَّاتِرِ وَيُنْدَبُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (فَعَلُوهَا) أَيْ الْكَرَاهَةَ بِمَعْنَى اعْتَقَدُوهَا أَوْ بِمَعْنَى فَعَلُوا مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا، أَوْ بِمَعْنَى وَقَعَتْ مِنْهُمْ، فَهُوَ تَوْبِيخٌ لَهُمْ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: حَوِّلُوا بِمَقْعَدَتِي إلَى الْقِبْلَةِ إلَى أَنَّهُمْ إنَّمَا كَرِهُوا مَا نُقِلَ عَنْهُمْ اعْتِمَادًا عَلَى فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جَعْلِهِ مَقْعَدَتَهُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، فَهُوَ تَأْكِيدٌ فِي رَدِّ مَا فَهِمُوهُ. وَالْمَقْعَدَةُ اسْمٌ لِنَحْوِ حَجَرَيْنِ يَجْلِسُ قَاضِي الْحَاجَةِ عَلَيْهِمَا، وَبَيْنَهُمَا مُنْخَفَضٌ. قَوْلُهُ: (فَجَمَعَ الشَّافِعِيُّ) فَنِسْبَةُ الْجَمْعِ لِلْأَصْحَابِ كَمَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ كَالْمَنْهَجِ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّجَوُّزِ. قَوْلُهُ: (أَوَّلِهَا) وَهُوَ حَدِيثُ: " لَا تَسْتَقْبِلُوا " إلَخْ. وَقَوْلُهُ: (كَمَا فَعَلَهُ) أَيْ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ وَهُوَ فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ لَكِنَّهُ مَعَ السَّاتِرِ بِدَلِيلِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَسَكَتَ عَنْ الْمُعَدِّ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " حَوِّلُوا " إلَخْ لِعِلْمِهِ مِمَّا ذُكِرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ تَرْكَهُ حَيْثُ سَهُلَ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّحْرَاءِ مَا لَيْسَ بِسَاتِرٍ مُعْتَبَرٍ وَإِنْ كَانَ فِي الْبُنْيَانِ وَعَكْسِهِ، وَالسَّاتِرُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ لِلْبَوْلِ يَكُونُ أَمَامَهُ وَفِي الْمُسْتَدْبِرِ لِلْغَائِطِ يَكُونُ مِنْ خَلْفِهِ. قَوْلُهُ: (بِمُرْتَفَعٍ) وَلَوْ مِنْ زُجَاجٍ وَمَاءٍ صَافٍ إنْ أَمْكَنَ، أَوْ بِذَيْلِهِ كَمَا يَأْتِي، وَتَقْدِيرُهُ بِثُلُثَيْ ذِرَاعٍ نَظَرًا لِلْغَالِبِ، فَلَوْ كَفَاهُ دُونَهُمَا فَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، أَوْ احْتَاجَ إلَى زِيَادَةٍ وَجَبَتْ، فَلَوْ بَالَ قَائِمًا وَجَبَ سَتْرُ عَوْرَتِهِ وَمَا تَحْتَهَا إلَى آخِرِ قَدَمَيْهِ لِكَوْنِهِ مِنْ حَرِيمِ الْعَوْرَةِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِهِ، وَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَا حَاذَى الْعَوْرَةَ لِمَا مَرَّ، وَقَالَ أَيْضًا لَا بُدَّ فِي السَّاتِرِ أَنْ يَكُونَ عَرِيضًا يَسْتُرُ جَوَانِبَ الْعَوْرَةِ فَلَا يَكْفِي نَحْوُ الْعَنَزَةِ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ وِفَاقًا لِابْنِ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (الْمُهَيَّأِ) أَيْ الْمُعَدِّ وَهُوَ يَحْصُلُ   [حاشية عميرة] وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا) أَيْ إذَا كَانَ قَاضِي الْحَاجَةِ فِي الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ وَمَا سَامَتَهَا وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ التَّشْرِيقُ وَالتَّغْرِيبُ عَلَى سَمْتِ الْكَعْبَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِمُرْتَفَعٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ السَّاتِرَ فِي هَذَا الْبَابِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَرِيضًا بِحَيْثُ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 ذَيْلَهُ قُبَالَةَ الْقِبْلَةِ حَصَلَ بِهِ السَّتْرُ فِي الْأَصَحِّ، وَالْمُرَادُ بِالذِّرَاعِ ذِرَاعُ الْآدَمِيِّ (وَيَبْعُدُ) عَنْ النَّاسِ فِي الصَّحْرَاءِ إلَى حَيْثُ لَا يُسْمَعُ لِلْخَارِجِ مِنْهُ صَوْتٌ وَلَا يُشَمُّ لَهُ رِيحٌ. (وَيَسْتَتِرُ) عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ فِي الصَّحْرَاءِ وَنَحْوِهَا بِمُرْتَفَعِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ وَلَوْ أَرْخَى ذَيْلَهُ حَصَلَ بِهِ السِّتْرُ. (وَلَا يَبُولُ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ فَقَالَ وَاقِدٌ عَنْ جَابِرٍ «إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ» . وَالنَّهْيُ فِيهِ لِلْكَرَاهَةِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْكَثْرَةِ. أَمَّا الْجَارِي فَنُقِلَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ جَمَاعَةٍ الْكَرَاهَةُ فِي الْقَلِيلِ مِنْهُ دُونَ الْكَثِيرِ، ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ الْبَوْلُ فِي الْقَلِيلِ مُطْلَقًا لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ. وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَالْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ. (وَ) لَا يَبُولُ فِي (جُحْرٍ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ أَنْ يُبَالَ فِي الْجُحْرِ» ، وَهُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الثَّقْبُ. وَأُلْحِقَ بِهِ السَّرَبُ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ وَهُوَ الشَّقُّ. وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ مَا قِيلَ إنَّ الْجِنَّ تَسْكُنُ ذَلِكَ فَقَدْ تُؤْذِي مَنْ يَبُولُ فِيهِ. (وَمَهَبِّ رِيحٍ) لِئَلَّا يَحْصُلَ لَهُ رَشَّاشُ الْبَوْلِ (وَمُتَحَدَّثٍ وَطَرِيقٍ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «اتَّقُوا   [حاشية قليوبي] بِأَنْ يُهَيَّأَ لِذَلِكَ أَوْ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ مَعَ قَصْدِ الْعَوْدِ إلَيْهِ بِغَيْرِ بِنَاءٍ، أَوْ يَتَكَرَّرُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِيهِ مَرَّاتٍ يَعُدُّهُ الْعُرْفُ فِيهَا مُعَدًّا وَهَلْ نَحْوُ الْمَكَانِ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ عَلَيْهَا مِنْ الْمُعَدِّ مَالَ شَيْخُنَا إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَحْرُمُ) وَلَا يُكْرَهُ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا مَرَّ، وَكَذَا إلَّا حُرْمَةً مَعَ الْعُذْرِ بِعَجْزِهِ عَنْ السَّاتِرِ وَلَوْ بِذَيْلِهِ كَمَا مَرَّ، وَتَعَذَّرَ تَرْكُ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ بِنَحْوِ رِيحٍ هَبَّتْ عَنْ جَانِبَيْ الْقِبْلَةِ إنْ أَمْكَنَهُ لِأَنَّ خَشْيَةَ التَّنْجِيسِ أَشَدُّ. (تَنْبِيهٌ) خَرَجَ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا بِجِمَاعٍ أَوْ بِدَمِ فَصْدٍ أَوْ حِجَامَةٍ أَوْ إخْرَاجِ قَيْحٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ مَنِيٍّ أَوْ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ نَجَاسَةً فَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى تَرْكُهُ تَعْظِيمًا لَهَا نَعَمْ لِلثُّقْبَةِ الْمُنْفَتِحَةِ فِي الِانْسِدَادِ الْخِلْقِيِّ حُكْمُ الْأَصْلِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا. (فَرْعٌ) هَلْ الْمَذْيُ كَالْبَوْلِ فِيمَا ذُكِرَ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَوْ أَرْخَى ذَيْلَهُ) وَمِثْلُهُ سِلْعَةٌ فَوْقَ عَوْرَتِهِ وَشَعْرٌ كَذَلِكَ كَلِحْيَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَبْعُدُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَالِثِهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَعُدَ اللَّازِمِ كَحَسُنَ لَا مِنْ أَبْعَدَ الْمُعْتَدِي وَالْكَلَامُ حَيْثُ أَمْكَنَ الْبُعْدُ وَسَهُلَ عَلَيْهِ وَأَمِنَ وَأَرَادَهُ، وَإِلَّا سُنَّ لِغَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ الْبُعْدُ عَنْهُ بِقَدْرِ بُعْدِهِ عَنْهُمْ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَغِيبَ شَخْصُهُ عَنْهُمْ أَيْضًا وَالْأَبْنِيَةُ الْوَاسِعَةُ فِي هَذَا كَالصَّحْرَاءِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهَا لِإِخْرَاجِ الْأَبْنِيَةِ الْمُعَدَّةِ. قَوْلُهُ (وَيَسْتَتِرُ) لَا بِزُجَاجٍ وَمَاءٍ صَافٍ بِخِلَافِ سَاتِرِ الْقِبْلَةِ كَمَا مَرَّ، وَيُقَدَّمُ السِّتْرُ عَلَى الْبُعْدِ وَغَيْرِهِ لَوْ عَارَضَهُ، وَالسِّتْرُ مَنْدُوبٌ عَنْ أَعْيُنِ مَنْ لَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَى عَوْرَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ احْتَمَلَ مُرُورُهُ عَلَيْهِ، وَوَاجِبٌ فِي غَيْرِهِ كَذَلِكَ، وَوُجُوبُ الْغَضِّ لَا يُسْقِطُ وُجُوبَ السِّتْرِ. نَعَمْ إنْ عُلِمَ غَضُّ الْبَصَرِ بِالْفِعْلِ لَمْ يَجِبْ السِّتْرُ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّحْرَاءِ مَا يَحْصُلُ فِيهِ النَّظَرُ وَلَوْ احْتِمَالًا سَوَاءٌ كَانَ فِي بِنَاءٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ أَوْ لَا. وَالتَّقْيِيدُ بِثُلُثَيْ ذِرَاعٍ وَبِثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ تَوَهُّمِ اتِّحَادِ سَاتِرِ الْقِبْلَةِ وَإِلَّا عَيَّنَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا نَعَمْ لَا يَحْرُمُ التَّكَشُّفُ عَلَى مَحْبُوسٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ السِّتْرُ، وَلَا لِمَنْ خَافَ خُرُوجَ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ خَوْفِ خُرُوجِ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ لِاتِّسَاعِ الْوَقْتِ مَعَ وُجُودِ الْبَدَلِ فِيهَا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَا يَبُولُ فِي مَاءٍ) وَالْغَائِطُ كَالْبَوْلِ وَصَبُّهُمَا فِيهِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِلْكَرَاهَةِ) إنْ كَانَ مُبَاحًا أَوْ مِلْكًا لَهُ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ لِلطَّهَارَةِ بِهِ وَإِلَّا حُرِّمَ مُطْلَقًا. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: مَا لَمْ يَسْتَبْحِرْ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ إلَخْ) هُوَ مَرْجُوحٌ إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّ مَعَهُ نَحْوَ تَضَمُّخِ بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا) تَقَدَّمَ جَوَابُهُ بِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْمُكَاثَرَةِ. قَوْلُهُ: (فَالْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَسْتَبْحِرْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَحْوَ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ مَكْرُوهٌ بِاللَّيْلِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مَأْوَى الْجِنِّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ كَتَنَجُّسِ الْعَظْمِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَتَنَجَّسُ هُنَا أَوْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَنَجُّسِ مَا يَتَنَاوَلُونَهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَيُكْرَهُ بِالنَّهَارِ إلَّا فِي رَاكِدٍ مُسْتَبْحَرٍ وَجَارٍ كَثِيرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا فِي جُحْرٍ) أَعَادَ الْعَامِلَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَطْفِ جُحْرٍ عَلَى رَاكِدٍ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي مَاءِ جُحْرٍ وَلَيْسَ مُرَادًا فَتَأَمَّلْهُ، وَكَلَامُهُ فِي الْبَوْلِ وَمِثْلُهُ الْغَائِطُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (نَهَى أَنْ يُبَالَ إلَخْ) وَصَرْفُهُ عَنْ الْحُرْمَةِ عَدَمُ الْمُقْتَضِي لَهَا وَلِذَلِكَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِ إيذَاءً لَهُ بِمَا فِيهِ أَوْ لِمَا فِيهِ بِهِ حَرُمَ إلَّا فِي حَيَوَانٍ يُنْدَبُ قَتْلُهُ وَلَا تَعْذِيبَ. قَوْلُهُ: (الثَّقْبُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْجُحْرَ وَالثَّقْبَ مُتَرَادِفَانِ، وَهُوَ مَا فِيهِمَا اسْتِدَارَةٌ وَأَنَّ السَّرْبَ وَالشَّقَّ مَا فِيهِمَا اسْتِطَالَةٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَهَمُّ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (مَا قِيلَ إنَّ الْجِنَّ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَرَضِيٍّ، فَغَيْرُ الْجِنِّ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَمَهَبِّ رِيحٍ) أَيْ جِهَةِ هُبُوبِهَا حَالَةَ هُبُوبِهَا سَوَاءٌ مِنْ الْأَعْلَى أَوْ الْجَوَانِبِ أَوْ الْأَسْفَلِ. قَوْلُهُ: (رَشَّاشُ الْبَوْلِ) وَكَذَا رَشَّاشُ الْغَائِطِ الْمَائِعِ، أَمَّا الْجَامِدُ فَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَبَعًا لِوَالِدِهِ عَدَمُ   [حاشية عميرة] يَحْصُلُ لَهُ رَشَّاشُ الْبَوْلِ) أَيْ فَيَخْتَصُّ بِالِاسْتِقْبَالِ، وَهَذَا مَا فِي الرَّافِعِيِّ، وَقَالَ فِيمَا رُوِيَ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَمْخِرُ الرِّيحَ» مَعْنَاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 اللَّعَّانَيْنِ قَالُوا وَمَا اللَّعَّانَانِ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» تَسَبُّبًا بِذَلِكَ فِي لَعْنِ النَّاسِ لَهُمَا كَثِيرًا عَادَةً فَنُسِبَ إلَيْهِمَا بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ. وَالْمَعْنَى احْذَرُوا اللَّعْنَ الْمَذْكُورَ. وَأُلْحِقَ بِظِلِّ النَّاسِ فِي الصَّيْفِ مَوْضِعُ اجْتِمَاعِهِمْ فِي الشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ وَشَمِلَهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُتَحَدَّثٍ بِفَتْحِ الدَّالِ اسْمُ مَكَانِ التَّحَدُّثِ، وَكَلَامُهُ فِي الْبَوْلِ. وَصَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ بِكَرَاهَتِهِ فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَمِثْلُهَا الْمُتَحَدَّثُ. أَمَّا التَّغَوُّطُ فَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ فِي الطَّرِيقِ مَكْرُوهٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُحَرَّمًا لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَنُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّهُ حَرَامٌ، وَأَقَرَّهُ. وَمِثْلُ الطَّرِيقِ فِي ذَلِكَ الْمُتَحَدَّثُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ هُنَا كَأَصْلِهَا، وَمِنْهَا أَيْ الْآدَابِ أَنْ لَا يَتَخَلَّى فِي مُتَحَدَّثِ النَّاسِ. (وَتَحْتَ مُثْمِرَةٍ) صِيَانَةً لِلثَّمَرَةِ الْوَاقِعَةِ عَنْ التَّلْوِيثِ فَتَعَافُّهَا الْأَنْفُسُ، وَالتَّغَوُّطُ كَالْبَوْلِ فَيُكْرَهَانِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَقْتِ الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهِ قَالَ: وَلَمْ يَقُولُوا بِالتَّحْرِيمِ لِأَنَّ التَّنَجُّسَ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ. (وَلَا يَتَكَلَّمُ) فِي بَوْلٍ أَوْ تَغَوُّطٍ بِذِكْرٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يُكْرَهُ ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَإِنْ عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَلْبِهِ، وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ التَّحَدُّثِ عَلَى الْغَائِطِ. (وَلَا يَسْتَنْجِي بِمَاءٍ فِي مَجْلِسِهِ) بَلْ يَنْتَقِلُ عَنْهُ لِئَلَّا يَحْصُلَ لَهُ رَشَّاشٌ يُنَجِّسُهُ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إلَّا فِي الْأَخْلِيَةِ الْمُعَدَّةِ لِذَلِكَ فَلَا يَنْتَقِلُ لِأَنَّهُ لَا يَنَالُهُ فِيهَا رَشَّاشٌ، وَلَا يَنْتَقِلُ الْمُسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى   [حاشية قليوبي] الْكَرَاهَةِ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا لِحُصُولِ رِيحِ الْغَائِطِ، وَسَوَاءٌ فِي الْمُعَدِّ وَغَيْرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ مِنْ التَّعَارُضِ هُنَا بِهُبُوبِ الرِّيحِ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ وَشِمَالِهَا مُمْكِنٌ عَقْلًا لَا عَادَةً فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (تَسَبُّبًا إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ كَوْنِهِمَا يَلْعَنَانِ أَنْفُسَهُمَا كَثِيرًا الْمَفْهُومُ مِنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَسَكَتَ عَنْ جَوَابِ التَّثْنِيَةِ لِعِلْمِهَا مِنْ تَعَدُّدِ الْمَكَانِ بِالطَّرِيقِ وَالظِّلِّ. قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ مُضَافًا مَحْذُوفًا وَهُوَ التَّخَلِّي أَيْ اتَّقُوا التَّخَلِّيَ إلَخْ وَالتَّخَلِّي يَشْمَلُ الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ فَهُمَا مَكْرُوهَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّارِحِ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي الْحَدِيثِ الْمُبَاحِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ بَلْ قَدْ يَجِبُ إنْ لَزِمَ عَلَيْهِ دَفْعُ مَعْصِيَةٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ إيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ) وَدُفِعَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، وَالْمُرَادُ بِالطَّرِيقِ مَحَلُّ مُرُورِ النَّاسِ الْجَائِزِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا مَرَّ. نَعَمْ لَا كَرَاهَةَ فِي مَمْلُوكٍ لَهُ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ حَرَامٌ) هُوَ مَرْجُوحٌ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي عَدَمِ الْحُرْمَةِ نَظَرٌ إذْ مُقْتَضَاهُ جَوَازُ لَعْنِ آكِلِ الْبَصَلِ وَنَحْوِهِ كَالثُّومِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (صِيَانَةً لِلثَّمَرَةِ الْوَاقِعَةِ) سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ لِشَمٍّ أَوْ نَحْوِ تَدَاوٍ كَوَرَقِ وَرْدٍ وَقَرَظٍ لِدَبْغٍ وَسِدْرٍ لِغُسْلٍ وَغَيْرِهَا. (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْعَبَّادِيُّ وَسَقْيُ الشَّجَرِ بِالْمَاءِ النَّجَسِ كَالْبَوْلِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيُكْرَهَانِ) مِنْ حَيْثُ الْبَوْلُ وَإِنْ حُرِّمَا مِنْ كَوْنِ الْأَرْضِ مِلْكًا لِغَيْرِهِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْغَائِطُ أَشَدُّ كَرَاهَةً، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَقْتِ الثَّمَرِ وَغَيْرِهِ) مِمَّا قَبْلَ إثْمَارِهِ حَيْثُ ظَنَّ بَقَاءَ النَّجَاسَةِ إلَى وَقْتِهِ وَلَوْ نَحْوَ وَدْيٍ، فَإِنْ ظَنَّ وُجُودَ مَاءٍ يَطْهُرُ بِهِ الْمَحَلُّ قَبْلَ وَقْتِ الثَّمَرِ فَلَا كَرَاهَةَ، وَيَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْبَوْلِ فَتَأَمَّلْهُ. (فَرْعٌ) يُكْرَهُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِي الصَّفَّا وَالْمَرْوَةِ وَمِنًى وَعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَقُزَحٍ وَمَحَلِّ الرَّمْيِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَمَاكِنِ اجْتِمَاعِ الْحَاجِّ، وَالْقَوْلُ بِالْحُرْمَةِ مَرْجُوحٌ، وَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِي مَسْجِدٍ وَلَوْ فِي إنَاءٍ بِخِلَافِ الْقَصْدِ فِيهِ، لِلْعَفْوِ عَنْ جِنْسِ الدَّمِ، وَيَحْرُمُ فِي مَقْبَرَةٍ مَنْبُوشَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَنَجُّسِ أَجْزَاءِ الْمَيِّتِ وَلَوْ صَدِيدًا وَعَلَى قَبْرٍ مُطْلَقًا، وَبِقُرْبِ قَبْرِ نَبِيٍّ، وَيُكْرَهُ بِقُرْبِ قَبْرِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَكَلَّمُ) عَطْفٌ عَلَى يُقَدِّمُ بِأَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ بِالْفِعْلِ وَلَوْ كَانَ سَمْعُهُ مُعْتَدِلًا. قَوْلُهُ: (فِي بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ) أَيْ فِي مَحَلِّهِمَا سَوَاءٌ قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا وَحَالَيْهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِالظَّرْفِيَّةِ دُونَ عَلَى خِلَافًا لِلْخَطِيبِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ. قَوْلُهُ: (بِذِكْرٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَقُرْآنٍ وَكَلَامٍ عُرْفِيٍّ. قَوْلُهُ: (إلَّا لِضَرُورَةٍ) فَلَا يُكْرَهُ بَلْ يَجِبُ أَوْ لِحَاجَةٍ فَيُنْدَبُ. قَوْلُهُ: (حَمِدَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ) وَمِثْلُهُ الذِّكْرُ الْمَطْلُوبُ لَوْ نَسِيَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَذْكَارُ الْوُضُوءِ لَوْ تَوَضَّأَ فِيهِ، وَالذِّكْرُ بَعْدَهُ وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِ الذِّكْرَ الْمُتَعَلِّقَ بِالْخَلَاءِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْتَقِلُ الْمُسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ) أَيْ نَدْبًا، بَلْ لَا يَجِبُ لِمُتَيَمِّمٍ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ أَوْ عَلِمَ عَدَمَ وُجُودِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] يَنْظُرُ أَيْنَ مَجْرَاهَا فَلَا يَسْتَقْبِلُهَا لِئَلَّا يَعُودَ عَلَيْهِ الْبَوْلُ، لَكِنْ يَسْتَدْبِرُهَا انْتَهَى، وَنَازَعَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ فِي ذَلِكَ لِمَا فِي الِاسْتِدْبَارِ مِنْ عَوْدِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ إلَى آخِرِهِ) هَذَا مُفْرَدٌ وَاللَّعَّانَانِ مَثْنًى، فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلٍ، وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ مَثْنًى فِي الْمَعْنَى بِاعْتِبَارِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَحْتَ مُثْمِرَةٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُبَاحَةُ وَالْمَمْلُوكَةُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يُكْرَهُ ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِرَدِّ السَّلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَسْتَبْرِئُ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 الْمَذْكُورِ. (وَيَسْتَبْرِئُ مِنْ الْبَوْلِ) عِنْدَ انْقِطَاعِهِ بِالتَّنَحْنُحِ وَنَتْرِ الذَّكَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ انْقِطَاعِ الْبَوْلِ عَدَمُ عَوْدِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وُجُوبَهُ، وَيَشْهَدُ لَهُ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ الْقَبْرَيْنِ لَا يَسْتَبْرِئُ (وَيَقُولُ عِنْدَ دُخُولِهِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ، وَعِنْدَ خُرُوجِهِ: غُفْرَانَك الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي) وَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْبُنْيَانِ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. وَقَدْ رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» زَادَ ابْنُ السَّكَنِ وَغَيْرُهُ فِي أَوَّلِهِ: «بِسْمِ اللَّهِ» وَرَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ قَالَ: غُفْرَانَك» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي» وَالْخُبُثُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْبَاءِ جَمْعُ خَبِيثٍ. وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ. وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ ذُكُورُ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثُهُمْ كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ. وَالِاسْتِعَاذَةُ مِنْهُمْ فِي الْبِنَاءِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُ مَأْوَاهُمْ، وَفِي الصَّحْرَاءِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَأْوًى لَهُمْ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ. (وَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ) إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ (بِمَاءٍ) عَلَى الْأَصْلِ (أَوْ حَجَرٍ) لِأَنَّ الشَّارِعَ جَوَّزَ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ حَيْثُ فَعَلَهُ كَمَا   [حاشية قليوبي] وَيَسْتَبْرِئُ مِنْ الْبَوْلِ) . قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَكَذَا مِنْ الْغَائِطِ. قَوْلُهُ: (وَنَتْرِ) هُوَ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ بَعْدَ النُّونِ وَمَعْنَاهُ الْجَذْبُ، وَالْمُرَادُ مَسَحَ بِهِ ذَكَرَهُ بِإِبْهَامِهِ وَسَبَّابَتِهِ مِنْ أَسْفَلِهِ إلَى أَعْلَاهُ، وَفِي الْمَرْأَةِ بِعَصْرِ عَانَتِهَا. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِ ذَلِكَ) مِنْهُ الْمَشْيُ أَوْ أَقَلُّهُ كَمَا قِيلَ سَبْعُونَ خُطْوَةً وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ وَأَكْثَرَ مَا قِيلَ فِيهِ سَبْعُونَ خُطْوَةً انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ بَلْ بِمَا يَغْلِبُ بِهِ عَلَى الظَّنِّ انْقِطَاعُهُ بِهِ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُهُ) حُمِلَ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى مَا فِي ظَنِّهِ عَدَمُ انْقِطَاعِهِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ دُخُولِهِ) أَيْ قُبَيْلَ دُخُولِ مَا يُنْسَبُ لَهُ وَلَوْ مِنْ أَوَّلِ دِهْلِيزٍ طَوِيلٍ وَإِنْ كَانَ دُخُولُهُ لِغَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِسْمِ اللَّهِ) وَيُكْرَهُ إتْمَامُهَا. قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك) أَيْ أَسْتَجِيرُ وَأَعْتَصِمُ بِك فَإِنْ كَانَ دُخُولُهُ بِطِفْلٍ قَالَ إنَّهُ يَعُوذُ أَوْ إنِّي أُعِيذُهُ، وَقُدِّمَتْ الْبَسْمَلَةُ عَلَى الِاسْتِعَاذَةِ هُنَا عَكْسُ الْقِرَاءَةِ لِمُنَاسِبَةِ مَا بَعْدَهُمَا. قَوْلُهُ: (خُرُوجِهِ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِهِ وَإِنْ بَعُدَ كَدِهْلِيزٍ طَوِيلٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (غُفْرَانَك) وَيُنْدَبُ تَكَرُّرُهُ ثَلَاثًا، وَسَبَبُ سُؤَالِهِ خَوْفُ تَقْصِيرِهِ فِي شُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى، حَيْثُ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ ثُمَّ هَضَمَهُ، ثُمَّ سَهَّلَ خُرُوجَهُ أَوْ لِتَرْكِهِ الذِّكْرَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَإِنْ طُلِبَ تَرْكُهُ خُصُوصًا إنْ صَحِبَهُ تَرْكٌ قَلْبِيٌّ، وَغُفْرَانَك مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَوْ مَفْعُولٌ بِهِ. قَوْلُهُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي إلَخْ) هَذَا لِقَاضِي الْحَاجَةِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَقُولُ مَا يُنَاسِبُ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْبَاءِ) . قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: وَيَجُوزُ إسْكَانُ الْبَاءِ، وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ إنَّهُ بِالضَّمِّ خَاصٌّ بِمَا هُنَا، وَبِالْإِسْكَانِ يُطْلَقُ عَلَى هَذَا وَعَلَى الشِّدَّةِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْكُفْرِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ، وَالْمُرَادُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِيَّةِ، وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِالْوُجُوبِ مُرَاعَاةً لِرَدِّ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيِّ مِنْ أَئِمَّتِنَا بِعَدَمِ وُجُوبِهِ، وَهُوَ بِالْمَاءِ يُقَالُ لَهُ اسْتِطَابَةٌ وَبِالْحَجَرِ اسْتِجْمَارٌ، وَقِيلَ الِاسْتِطَابَةُ كَالِاسْتِنْجَاءِ، وَهُوَ لُغَةً الْقَطْعُ مِنْ نَجَوْت الشَّيْءَ قَطَعْته لِقَطْعِ الْمُسْتَنْجِي الْأَذَى عَنْ نَفْسِهِ بِهِ، وَعُرْفًا إزَالَةُ الْخَارِجِ مِنْ الْفَرْجِ عَنْ الْفَرْجِ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ بِشَرْطِهِ أَيْ الْمَاءِ بِكَوْنِهِ مُطْلَقًا وَالْحَجَرُ بِمَا يَأْتِي، أَوْ بِشَرْطِ الْحَجَرِ الْمَذْكُورِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَتُعْتَبَرُ بِهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ، أَيْ بِحَسَبِ عَوَارِضِهِ لِأَنَّ أَصْلَهُ الْإِبَاحَةُ، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى الْوُجُوبِ، وَقَدْ يُنْدَبُ كَجَمْعِ الْحَجَرِ مَعَ الْمَاءِ، كَذَا قَالَ، وَفِيهِ بَحْثٌ، وَالْوَجْهُ تَمْثِيلُهُ بِغَيْرِ الْمُلَوَّثِ كَمَا يَأْتِي، وَقَدْ يُكْرَهُ كَمَا فِي نَحْوِ مَاءِ زَمْزَمَ، وَسَيَأْتِي عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَالْأَوْلَى تَمْثِيلُ الْكَرَاهَةِ   [حاشية عميرة] (فَائِدَةٌ) يُكْرَهُ حَشْوُ الذَّكَرِ بِقُطْنٍ وَنَحْوِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ انْقِطَاعِ الْبَوْلِ عَدَمُ عَوْدِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ) زَادَ فِي الْكِفَايَةِ أَيْضًا: وَلِأَنَّ الْمَاءَ يَقْطَعُ الْبَوْلَ عَلَى مَا قَدْ قِيلَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْخُبُثُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْبَاءِ) قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ، فَقِيلَ: هُوَ الْمَكْرُوهُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: الشَّرُّ، وَقِيلَ: الْكُفْرُ، وَقِيلَ: الشَّيْطَانُ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ) خَالَفَ فِي هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيِّ قِيَاسًا عَلَى الْأَثَرِ الْبَاقِي بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الْحَجَرِ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إلَى أَنَّ الْحَجَرَ لَا يُجْزِئُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى تَعَيُّنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَمَرَ بِفِعْلِهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «وَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» الْمُوَافِقُ لَهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ «نَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» ، فَكَانَ الْوَاجِبُ وَاحِدًا مِنْ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ (وَجَمْعُهُمَا) بِأَنْ يُقَدِّمَ الْحَجَرَ (أَفْضَلُ) مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا. وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَجَرِ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْعَيْنَ وَالْأَثَرَ بِخِلَافِ الْحَجَرِ. (وَفِي مَعْنَى الْحَجَرِ) الْوَارِدِ (كُلُّ جَامِدٍ طَاهِرٍ قَالِعٍ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ) كَالْخَشَبِ وَالْخَزَفِ وَالْحَشِيشِ، فَيُجْزِئُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ. وَاحْتَرَزَ بِالْجَامِدِ الَّذِي زَادَهُ عَلَى الْمُحَرَّرِ عَنْ مَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ وَبِالطَّاهِرِ عَنْ النَّجِسِ كَالْبَعْرِ، وَبِالْقَالِعِ عَنْ غَيْرِهِ كَالْقَصَبِ الْأَمْلَسِ، وَبِغَيْرِ مُحْتَرَمٍ عَنْهُ كَالْمَطْعُومِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «النَّهْيُ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ» زَادَ مُسْلِمٌ «فَإِنَّهُ طَعَامُ   [حاشية قليوبي] بِالِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الرِّيحِ عَلَى وَجْهٍ كَمَا يَأْتِي، وَقَدْ يَحْرُمُ كَمَا فِي النَّقْدِ الْمَطْبُوعِ، وَقَدْ لَا يُجْزِئُ كَمَا فِي الْمَطْعُومِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ مِنْ خَارِجٍ مُلَوَّثٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ آخِرِ الْفَصْلِ وَإِنْ كَانَ قَدْرًا لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ. وَخَرَجَ بِالْمُلَوَّثِ خُرُوجُ الرِّيحِ فَلَا يَجِبُ فِيهِ الِاسْتِنْجَاءُ بَلْ يُكْرَهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا لِأَنَّهُ طَاهِرٌ عَلَى الرَّاجِحِ، بَلْ يَحْرُمُ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ) فَهُوَ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ، وَالْإِثْمُ عِنْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِهَا فَقَطْ. نَعَمْ يَجِبُ الْفَوْرُ لِعُذْرٍ أَوْ عَلَى مَنْ عَلِمَ عَدَمَ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ، وَيَتَضَيَّقُ عَلَيْهِ بِإِرَادَةِ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَمُوجِبُهُ الْخُرُوجُ بِشَرْطِ الِانْقِطَاعِ، وَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْوُضُوءِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ وَعَلَى الْمُتَيَمِّمِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بِمَاءٍ) شَمِلَ مَاءَ زَمْزَمَ وَهُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الْخَطِيبِ وَابْنِ حَجَرٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا خِلَافَ الْأَوْلَى لِمَا قِيلَ إنَّهُ يُورِثُ الْبَاسُورَ، وَيُلْحَقُ بِهِ فِي خِلَافِ الْأَوْلَى وَالْكَرَاهَةِ مَا نَبَعَ مِنْ بَيْنَ أَصَابِعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَاءُ الْكَوْثَرِ وَالْمَاءُ الْمَغْضُوبُ عَلَى أَهْلِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَجَرٍ) . قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَهُوَ رُخْصَةٌ وَمِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ أَهْلَ قُبَاءَ بِمَاذَا أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِقَوْلِهِ {فِيهِ رِجَالٌ} [التوبة: 108] فَقَالُوا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا نَعْرِفُ شَيْئًا إلَّا أَنَّنَا كُنَّا نُتْبِعُ الْحِجَارَةَ بِالْمَاءِ» ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْخُصُوصِيَّةَ مِنْ حَيْثُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. وَشَمِلَ حِجَارَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِنْ حَرُمَ بِالْمُهَيَّأِ مِنْهُمَا، وَشَمِلَ حِجَارَةَ الْحَرَمِ وَيُكْرَهُ بِهَا. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا كَرَاهَةَ، وَشَمِلَ الْمَوْقُوفَةَ غَيْرَ الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا، وَيُجْزِئُ بِهَا لَكِنْ مَعَ الْحُرْمَةِ فِيهَا، وَسَيَأْتِي مَا فِي الْمَسْجِدِ، وَشَمِلَ نَحْوَ الْجَوَاهِرِ. قَوْلُهُ: (الْمُوَافِقِ) هُوَ مَجْرُورٌ نَعْتٌ لِمَا وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ دَلِيلُ الْجَوَازِ، وَالثَّانِي دَلِيلُ الْوُجُوبِ، وَالثَّالِثُ دَلِيلُ عَدَمِ جَوَازِ النَّقْصِ عَنْ الثَّلَاثِ، وَمَا بَعْدَ الْأَوَّلِ دَافِعٌ لِتَوَهُّمِ الْخُصُوصِيَّةِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُقَدِّمَ الْحَجَرَ) هُوَ تَصْوِيرٌ لِلْجَمْعِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَمْعِ طَهَارَةُ الْحَجَرِ وَلَا كَوْنُهُ ثَلَاثًا، فَيَكْفِي بِالنَّجَسِ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ، قَالَ: وَلَا يُسَنُّ جَمْعُ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ فِي غَيْرِ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَيُقَدِّمُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ قُبُلَهُ، وَفِي الْحَجَرِ وَلَوْ مَعَ الْجَمْعِ دُبُرَهُ لِسُرْعَةِ جَفَافِهِ، وَالْمُسْتَعْمَلُ مِنْ الْمَاءِ قَدْرٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُ النَّجَاسَةِ بِهِ وَعَلَامَتُهُ زَوَالُ النُّعُومَةِ، وَلَا يُنْدَبُ الِاسْتِعَانَةُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِنَحْوِ أُشْنَانٍ وَلَا شَمِّ الْيَدِ بَعْدَهُ، فَإِنْ شَمَّهَا فَوَجَدَ رِيحَ النَّجَاسَةِ لَمْ يَضُرَّ إنْ كَانَ مِنْ بَيْنِ الْأَصَابِعِ، وَيَضُرُّ إنْ كَانَ مِنْ الْمُلَاقِي لِلْمَحَلِّ لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَقَائِهَا فَتَجِبُ إعَادَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي مَعْنَى الْحَجَرِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَيْهِ بِجَامِعِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَفِيهِ الْقِيَاسُ عَلَى الرُّخَصِ، وَهُوَ صَحِيحٌ حَيْثُ اُسْتُنْبِطَ لَهَا مَعْنًى كَمَا هُنَا. قَوْلُهُ: (الْوَارِدِ) دُفِعَ بِهِ قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (كُلُّ جَامِدٍ) دَخَلَ فِيهِ الْحَرِيرُ كَالدِّيبَاجِ وَلَوْ لِلرِّجَالِ فَيَحِلُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَبِغَيْرِ مُحْتَرَمٍ عَنْهُ) أَيْ الْمُحْتَرَمِ فَيَحْرُمُ وَلَا يُجْزِئُ وَمِنْهُ تَوْرَاةٌ وَإِنْجِيلٌ لَمْ يُبَدَّلَا، وَكُلُّ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ وَآلَتُهُ كَالْمَنْطِقِ الْآنَ لَا مَا كَانَ لِأَنَّهُ كَانَ فَلْسَفَةً، وَمِنْهُ جُزْءُ حَيَوَانٍ مُتَّصِلٍ مُطْلَقًا وَلَوْ نَحْوَ صُوفٍ، أَوْ مُنْفَصِلٍ مِنْ آدَمِيٍّ وَلَوْ مُهْدَرًا كَحَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ، وَمِنْهُ جُزْءُ مَسْجِدٍ وَإِنْ انْفَصَلَ وَجَازَ بَيْعُهُ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ. وَقَالَ شَيْخُنَا بِصِحَّتِهِ فِيمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَمِنْهُ حِجَارَةُ الْكَعْبَةِ بِالْأَوْلَى مِنْ الْمَسْجِدِ، وَلَا نَظَرَ لِمَنْ تَرَدَّدَ فِيهَا، وَمِنْهُ جِلْدُ مُصْحَفٍ وَلَوْ مُنْفَصِلًا حَيْثُ نُسِبَ إلَيْهِ، وَجِلْدُ عِلْمٍ حَالَ اتِّصَالِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْمَطْعُومِ) وَهُوَ مَا ثَبَتَ فِيهِ الرِّبَا، وَمِنْهُ جِلْدُ حُوتٍ جَفَّ وَخَشُنَ بِحَيْثُ لَوْ بُلَّ أُكِلَ، فَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ جَازَ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا الرِّوَايَةُ) الْأَوْلَى فَإِنَّهُ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] الْحَجَرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَمْعُهُمَا إلَى آخِرِهِ) وَمَا فِي قِصَّةِ أَهْلِ قُبَاءَ مِنْ أَنَّ الثَّنَاءَ عَلَيْهِمْ لِجَمْعِهِمْ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: لَا أَصْلَ لَهُ، قَالَ النَّوَوِيُّ: بَلْ وَجْهُ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ اسْتِعْمَالُهُمْ الْمَاءَ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقْتَصِرُ عَلَى الْحَجَرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي مَعْنَى الْحَجَرِ كُلُّ جَامِدٍ طَاهِرٍ إلَخْ) نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْخَطَّابِيِّ جَوَازَ اسْتِعْمَالِ النُّخَالَةِ وَدَقِيقِ الْبَاقِلَّا فِي غَسْلِ الْأَيْدِي وَنَحْوِهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ اسْتِعْمَالِ الْمَطْعُومِ لَا يَتَعَدَّى الِاسْتِنْجَاءَ إلَى سَائِرِ النَّجَاسَاتِ، فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْمِلْحِ مَعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 إخْوَانِكُمْ» يَعْنِي الْجِنَّ فَمَطْعُومُ الْإِنْسِ كَالْخُبْزِ أَوْلَى، فَلَا يُجْزِئُ الِاسْتِنْجَاءُ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ وَيَعْصِي بِهِ فِي الْمُحْتَرَمِ. (وَجِلْدٌ دُبِغَ دُونَ غَيْرِهِ فِي الْأَظْهَرِ) فِيهِمَا وَجْهُ الْإِجْزَاءِ فِي الْمَدْبُوغِ أَنَّهُ انْتَقَلَ بِالدَّبْغِ عَنْ طَبْعِ اللُّحُومِ إلَى طَبْعِ الثِّيَابِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا يُؤْكَلُ وَوَجْهُ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي غَيْرِ الْمَدْبُوغِ أَنَّهُ مَطْعُومٌ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ هُوَ قَيْدٌ فَيُلْحَقُ بِالثِّيَابِ. (وَشَرْطُ الْحَجَرِ) لَأَنْ يُجْزِئَ (أَنْ لَا يَجِفَّ النَّجَسُ) الْخَارِجُ (وَلَا يَنْتَقِلَ) عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَصَابَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ وَاسْتَقَرَّ فِيهِ (وَلَا يَطْرَأَ أَجْنَبِيٌّ) مِنْ النَّجَاسَاتِ عَلَيْهِ، فَإِنْ جَفَّ الْخَارِجُ أَوْ انْتَقَلَ أَوْ طَرَأَ نَجَسٌ آخَرُ تَعَيَّنَ الْمَاءُ. (وَلَوْ نَدُرَ) الْخَارِجُ كَالدَّمِ وَالْمَذْيِ (أَوْ انْتَشَرَ فَوْقَ الْعَادَةِ وَلَمْ يُجَاوِزْ صَفْحَتَهُ) فِي الْغَائِطِ (وَحَشَفَتَهُ) فِي الْبَوْلِ (جَازَ الْحَجَرُ فِي الْأَظْهَرِ) فِي ذَلِكَ إلْحَاقًا لَهُ لِتَكَرُّرِ وُقُوعِهَا بِالْمُعْتَادِ وَالثَّانِي لَا بَلْ يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ فِيهِ لِأَنَّ جَوَازَ الْحَجَرِ تَخْفِيفٌ مِنْ الشَّارِعِ وَرَدَ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، فَلَا يُلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ. أَمَّا الْمُجَاوِزُ لِمَا ذُكِرَ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَاءُ جَزْمًا، وَكَذَا غَيْرُهُ الْمُتَّصِلُ بِهِ دُونَ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ (وَيَجِبُ) فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ لِيُجْزِئَ (ثَلَاثُ مَسَحَاتٍ) بِفَتْحِ السِّينِ جَمْعُ مَسْحَةٍ بِسُكُونِهَا (وَلَوْ بِأَطْرَافِ حَجَرٍ) أَيْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَوْ   [حاشية قليوبي] كَالْخُبْزِ) أَيْ مَا لَمْ يُحْرَقْ وَإِلَّا جَازَ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَطْعُومِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْعَظْمَ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِحَرْقِهِ عَنْ كَوْنِهِ مَطْعُومًا لِلْجِنِّ، وَيَحْرُمُ حَرْقُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَقِيلَ: يَجُوزُ حَرْقُ الْعَظْمِ، وَهَلْ نَفْسُ الْعَظْمِ هُوَ الْمَطْعُومُ لَهُمْ، أَوْ يَعُودُ لَهُمْ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ اللَّحْمِ، وَهَلْ يَأْكُلُونَ عِظَامَ الْمَيْتَةِ أَيْضًا؟ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَعْصِي بِهِ فِي الْمُحْتَرَمِ) مِنْ حَيْثُ الِاحْتِرَامُ وَيَعْصِي بِهِ فِي غَيْرِهِ إنْ قَصَدَ الْعِبَادَةَ لِفَسَادِهَا، وَحُرْمَةُ الْمَطْعُومِ خَاصَّةٌ بِالِاسْتِنْجَاءِ بِخِلَافِ زَوَالِ نَجَاسَةٍ بِهِ أَوْ غَسْلِ الْأَيْدِي فَجَائِزٌ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ. قَوْلُهُ: (وَجِلْدِ) هُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَبْلَهُ وَخَصَّهُ لِلْخِلَافِ فِيهِ، وَهُوَ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى جَامِدٍ أَوْ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى كُلٍّ أَوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ فِي مَعْنَى الْحَجَرِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ انْتَقَلَ) أَيْ فَجَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ وَإِنْ كَانَ يُؤْكَلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَالْأَقْوَالُ فِي جِلْدِ الْمُذَكَّاةِ، أَمَّا جِلْدُ مَيْتَتِهَا إذَا دُبِغَ فَالْقَدِيمُ مَنْعُ أَكْلِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَمَّا جِلْدُ مَا لَا يُذَكَّى كَالْحِمَارِ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ بَعْدَ دَبْغِهِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (مِنْ النَّجَاسَاتِ) وَلَوْ مِنْهُ بَعْدَ انْفِصَالِهَا، وَكَذَا مِنْ الطَّاهِرَاتِ الرَّطْبَةِ، وَلَا تَضُرُّ الْجَامِدَةُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَفَّ) أَيْ وَلَمْ يَخْرُجْ بَعْدَهُ خَارِجٌ وَيَصِلُ إلَيْهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا وَإِلَّا كَفَى الْحَجَرُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ انْتَقَلَ) أَيْ بِانْفِصَالٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْخَطِيبُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ بِأَنْ سَالَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ مَعَ الِاتِّصَالِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ فِي الْمُنْفَصِلِ فَقَطْ، وَعَلَى الثَّانِي فِي الْجَمِيعِ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ طَرَأَ) وَكَذَا لَوْ كَانَ سَابِقًا عَلَى الْمَحَلِّ مِنْ غَيْرِ الْخَارِجِ، وَقَيَّدَهُ بِالنَّجَسِ لِعُمُومِهِ فِي الرُّطَبِ وَالْجَامِدِ، وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ مِنْ الطَّاهِرَاتِ الرَّطْبَةِ كَبَلَلٍ مِنْ أَثَرِ نَحْوِ اسْتِنْجَاءٍ. نَعَمْ لَا يَضُرُّ الْعَرَقُ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ. قَوْلُهُ: (كَالدَّمِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْحَيْضِ. قَوْلُهُ: (وَكَالْمَذْيِ) تَبَعٌ فِي كَوْنِهِ مِنْ النَّادِرِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْمَنِيَّ وَالْمَذْيَ وَالْوَدْيَ وَدَمَ الْحَيْضِ مِنْ الْمُعْتَادِ عَلَى الرَّاجِحِ فِيهَا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالنُّدُورِ قِلَّةَ وُجُودِهِ فَلَيْسَ كَالْبَوْلِ مَثَلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ انْتَشَرَ) وَلَوْ بِعَرَقٍ وَيُعْفَى عَمَّا يُلَاقِيهِ غَالِبًا مِنْ مَلْبُوسِهِ. قَوْلُهُ: (وَحَشَفَتَهُ) أَوْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا أَوْ مِنْ أَمْثَالِهِ مِنْ فَاقِدِهَا وَفِي الْمَرْأَةِ وَلَوْ بِكْرًا أَنْ لَا يَدْخُلَ مَدْخَلَ الذَّكَرِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمُجَاوِزُ لِمَا ذَكَرَ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَإِنْ اُبْتُلِيَ بِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَفِي شَرْحِهِ مُوَافَقَةُ ابْنِ حَجَرٍ، وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا عَلَى مَنْ فَقَدَ الْمَاءَ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُجَاوِزِ، وَهُوَ مَا فِي دَاخِلِ الصَّفْحَةِ وَالْحَشَفَةِ سَوَاءٌ تَقَطَّعَ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ انْتَقَلَ أَوْ لَا، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ آنِفًا. وَالْوَجْهُ الْأَخْذُ بِهَذَا الْعُمُومِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُنْفَصِلَ عَنْ الْمَخْرَجِ لَا يُجْزِئُ فِيهِ الْحَجَرُ مُطْلَقًا وَأَنَّ الْمُتَّصِلَ بِهِ يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ مَا ذَكَرَ، سَوَاءٌ انْتَقَلَ أَوْ لَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِمَا زَادَهُ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: أَوْ تَقَطَّعَ، فَتَأَمَّلْ. (فَرْعٌ) لَا يُجْزِئُ الْحَجَرُ فِي فَرْجِي الْمُشَكَّلِ وَلَا فِي أَحَدِهِمَا إلَّا إنْ اتَّضَحَ بِهِ أَوْ كَانَ لَهُ ثُقْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَتَقَدَّمَ إجْزَاؤُهُ فِي الثُّقْبَةِ الْمُنْفَتِحَةِ فِي الِانْسِدَادِ الْخِلْقِيِّ دُونَ الْعَارِضِ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ إلَخْ) دَفَعَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ إيهَامَ أَنَّ كُلَّ مَسْحَةٍ بِثَلَاثَةِ   [حاشية عميرة] الْمَاءِ فِي غَسْلِ الدَّمِ، قَالَ: وَظَاهِرُهُ جَوَازُ اسْتِعْمَالِ الْخُبْزِ وَنَحْوِهِ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجِلْدٌ) قِيلَ: إنْ كَانَ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ فَلَا خَبَرَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى كُلٍّ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ قَسِيمًا مَعَ أَنَّهُ فَرْدٌ مِنْ كُلِّ جَامِدٍ إلَخْ، وَكَذَا إذَا عُطِفَ عَلَى جَامِدٍ يَلْزَمُ مِثْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 بِثَلَاثَةِ أَطْرَافِ حَجَرٍ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» . وَفِي مَعْنَاهَا ثَلَاثَةُ أَطْرَافِ حَجَرٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَدُ الْمَسَحَاتِ (فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ) الْمَحَلُّ بِالثَّلَاثِ (وَجَبَ الْإِنْقَاءُ) بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا إلَى أَنْ لَا يَبْقَى إلَّا أَثَرٌ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ صِغَارُ الْخَزَفِ. (وَسُنَّ الْإِيتَارُ) بَعْدَ الْإِنْقَاءِ الْمَذْكُورِ إنْ لَمْ يَحْصُل بِوِتْرٍ كَأَنْ حَصَلَ بِرَابِعَةٍ فَيَأْتِي بِخَامِسَةٍ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَ) سُنَّ (كُلُّ حَجَرٍ) مِنْ الثَّلَاثَةِ (لِكُلِّ مَحَلِّهِ) فَيَبْدَأُ بِالْأَوَّلِ مِنْ مُقَدَّمِ الصَّفْحَةِ الْيُمْنَى وَيُدِيرُهُ قَلِيلًا قَلِيلًا إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَوْضِعِ ابْتِدَائِهِ. وَفِي الثَّانِي مِنْ مُقَدَّمِ الصَّفْحَةِ الْيُسْرَى وَيُدِيرُهُ قَلِيلًا قَلِيلًا إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَوْضِعِ ابْتِدَائِهِ. وَيُمِرُّ الثَّالِثُ عَلَى الصَّفْحَتَيْنِ وَالْمَسْرَبَةِ جَمِيعًا. (وَقِيلَ يُوَزِّعُهُنَّ لِجَانِبَيْهِ وَالْوَسْطِ) فَيَمْسَحُ بِوَاحِدٍ الصَّفْحَةَ الْيُمْنَى مِنْ مُقَدَّمِهَا، وَبِآخَرَ الْيُسْرَى مِنْ مُؤَخَّرِهَا، وَقِيلَ: مِنْ مُقَدَّمِهَا، وَبِالثَّالِثِ الْوَسْطَ. (وَيُسَنُّ الِاسْتِنْجَاءُ بِيَسَارِهِ) تَأَسِّيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَلْمَانَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ» (وَلَا اسْتِنْجَاءَ لِدُودٍ وَبَعَرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (بِلَا لَوْثٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِفَوَاتِ مَقْصُودِ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوْ تَخْفِيفِهَا فِي ذَلِكَ. وَالثَّانِي يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ رُطُوبَةٍ خَفِيَّةٍ. وَيُجْزِئُ الْحَجَرُ فِيهِ. وَقِيلَ فِيهِ قَوْلَا النَّادِرِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. وَقَوْلُ الْمُحَرَّرِ لَا يَجِبُ أَوْضَحُ. بَابُ الْوُضُوءِ   [حاشية قليوبي] أَطْرَافٍ وَيَكْفِي طَرَفَانِ أَوْ طَرَفٌ وَاحِدٌ لَمْ يَتَنَجَّسْ أَوْ غَسَلَهُ وَجَفَّ، أَوْ كُشِطَ مَا لَاقَى فِي الْمَحَلِّ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (عَدَدُ الْمَسَحَاتِ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ رَمْيَ الْجِمَارِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَدُ الرَّمَيَاتِ، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْمَسْحُ وَالرَّمْيُ وَهُوَ مُتَعَدِّدٌ فِيهِمَا لَا الْمَمْسُوحُ بِهِ وَالْمَرْمِيُّ بِهِ سَوَاءٌ تَعَدَّدَ فِيهِمَا أَوْ لَا، وَاكْتَفَى بِغَيْرِ الْحَجَرِ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ زَوَالُ النَّجَاسَةِ. قَوْلُهُ: (يَنْقَى) يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْقَافِ وَبِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ، كَذَا ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْمَحَلُّ فَاعِلٌ فِي الْأَوَّلِ وَمَفْعُولٌ فِي الثَّانِي. قَوْلُهُ: (بِخَامِسَةٍ) وَهُوَ مَوْضِعُ الثَّالِثَةِ فَتَكُونُ لِلْمُسْرِيَةِ، فَإِنْ حَصَلَ بِوِتْرٍ لَمْ تُسَنَّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ تَثْلِيثُهُ كَغَسَلَاتِ الْكَلْبِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ طَلَبُ تَثْلِيثِ النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ، وَتَثْلِيثُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ، فَلْيَنْظُرْ مَا هُوَ. قَوْلُهُ: (وَسِنُّ كُلِّ الْحَجَرِ إلَخْ) فَالتَّعْمِيمُ مَنْدُوبٌ وَكُلٌّ عَطْفٌ عَلَى الْإِيتَارِ. قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ: وَهَذَا مَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ، وَعَلَيْهِ غَالِبُ الْمُحَقِّقِينَ، وَلَمْ أَرَ لِشَيْخِنَا يَعْنِي شَيْخَ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ سَلَفًا فِي وُجُوبِهِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ، وَرُدَّ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ دَعْوَى أَنَّ الْوُجُوبَ مَنْقُولٌ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ أَنَّ التَّعْمِيمَ وَاجِبٌ تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ، لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إلْغَاءُ الْوَجْهِ الَّذِي بَعْدَهُ فَالتَّوْزِيعُ وَجَعْلُهُ لِشِدَّةِ الِاعْتِمَادِ مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ وَلَا مُعَوِّلَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَيَبْدَأُ) أَيْ نَدْبًا وَيَضَعُ الْحَجَرَ أَوَّلًا عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ نَدْبًا، وَلَا يَضُرُّ انْتِقَالُ النَّجَاسَةِ فِي الْإِدَارَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ الِاسْتِنْجَاءُ بِيَسَارِهِ) وَهُوَ بِالْمَاءِ وَاضِحٌ وَبِالْحَجَرِ فِي الدُّبُرِ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا بِالْحَجَرِ فِي الْقُبُلِ فَلَمْ يَذْكُرْهُ وَهُوَ فِي الْمَرْأَةِ كَالدُّبُرِ، وَفِي الذَّكَرِ أَنْ يُمْسِكَ الْحَجَرَ بِعَقِبَيْهِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَبِيَسَارِهِ، وَيُمْسِكُ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَلَا يُحَرِّكُهَا، وَيَضَعُ الْحَجَرَ عَلَى رَأْسِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَلَا يُكَرِّرُ الْوَضْعَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَكَذَا فِي نَحْوِ الْجِدَارِ، وَلَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِأَعْلَى وَلِأَسْفَلَ وَيَمِينًا وَشِمَالًا حَيْثُ لَمْ يَتَكَرَّرْ الْمَسْحُ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِلَا لَوْثٍ) خَرَجَ الْمُلَوَّثُ فَيَجِبُ وَإِنْ كَانَ قَدْرًا قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ صِغَارُ الْخَزَفِ كَمَا مَرَّ، وَيَكْفِي فِيهِ الْحَجَرِ وَإِنْ لَمْ يُزِلْ شَيْئًا كَمَا أَنَّهُ يَكْفِي عَلَى قَوْلِ النَّدْبِ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِ الْمُلَوَّثِ، وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الرِّيحِ. [بَابُ الْوُضُوءِ] ِ هُوَ أَوَّلُ مَقَاصِدِ الطَّهَارَةِ كَمَا مَرَّ، وَقَدَّمَهُ لِعُمُومِهِ، وَهُوَ لُغَةً النَّظَافَةُ لِأَنَّ أَصْلَهُ مِنْ الْوَضَاءَةِ وَهِيَ النَّضَارَةُ وَالْحُسْنُ، وَشَرْعًا   [حاشية عميرة] هَذَا وَلَوْ قَالَ: وَمِنْهُ جِلْدٌ، لَكَانَ أَوْلَى، وَالْمَخْلَصُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْوَسْطُ) كُلُّ مَوْضِعٍ صَلُحَ فِيهِ بَيِّنٌ كَالصَّفِّ وَالْجَمَاعَةِ وَالْقِلَادَةِ فَإِنَّهُ بِإِسْكَانِ السِّينِ لَا غَيْرُ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ فِيهِ بَيِّنٌ كَالدَّارِ وَالسَّاحَةِ فَالْفَتْحُ، وَيَجُوزُ الْإِسْكَانُ عَلَى ضَعْفٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي الدَّقَائِقِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فُرُوضٍ وَسُنَنٍ، وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ: (فَرْضُهُ) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهُ أَيْ فُرُوضَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (سِتَّةٌ: أَحَدُهَا نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ) عَلَيْهِ أَيْ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدَثٌ كَأَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ حَدَثِ الْبَوْلِ الصَّادِرِ مِنْهُ، أَيْ رَفْعَ حُكْمِهِ كَحُرْمَةِ الصَّلَاةِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ رَفْعُ الْحَدَثِ أَيْ الَّذِي عَلَيْهِ، وَعَدَلَ عَنْهَا إلَى مَا قَالَهُ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ لِيَدْخُلَ فِيهِ مَنْ نَوَى رَفْعَ بَعْضِ أَحْدَاثِهِ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ كَأَنْ بَالَ وَلَمْ يَنَمْ فَنَوَى رَفْعَ حَدَثِ النَّوْمِ، فَإِنْ   [حاشية قليوبي] اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ مُفْتَتِحًا بِنِيَّةٍ، وَخُصَّتْ هَذِهِ الْأَعْضَاءُ لِأَنَّهَا مَحَلُّ اكْتِسَابِ الْخَطَايَا الَّتِي يُكَفِّرُهَا الْوُضُوءُ، وَفُرِضَ مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ بَعْدَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ الْهِجْرَةِ وَلَعَلَّهُمْ عَلَى هَذَا كَانُوا لَا يُصَلُّونَ إلَّا بِهِ لَكِنْ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ أَوْ النَّظَافَةِ لِأَنَّهُ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ، وَلَمْ يُنْقَلْ وُقُوعُ صَلَاةٍ لِغَيْرِ عُذْرٍ بِدُونِهِ فَرَاجِعْهُ وَفُرِضَ أَوَّلًا لِكُلِّ صَلَاةٍ، ثُمَّ نُسِخَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ إلَّا مَعَ الْحَدَثِ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إلَّا أَثَرَهُ وَهُوَ بَيَاضُ مَحَلِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُسَمَّى بِالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ. قَوْلُهُ: (فُرُوضٍ وَسُنَنٍ) اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِذِكْرِهَا فِي الْبَابِ، وَالْمُرَادُ بِهِ رَوْضَةُ أَرْكَانِهِ، وَأَمَّا شُرُوطُهُ كَالْغُسْلِ فَهِيَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ وَالْعِلْمُ بِهِ وَلَوْ ظَنًّا بِالِاجْتِهَادِ وَعَدَمُ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ كَالْحَيْضِ إلَّا فِي نَحْوِ أَغْسَالِ الْحَجِّ، وَعَدَمُ الْمَانِعِ الْحِسِّيِّ كَشَمْعٍ وَجَرِّي الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ، وَوُجُودُ الْمُقْتَضِي لَا نَحْوَ الشَّاكِّ، وَالْإِسْلَامُ لِغَيْرِ ذِمِّيَّةٍ لِتَحِلَّ لِحَلِيلِهَا، وَالتَّمْيِيزُ لِغَيْرِ مَجْنُونَةٍ كَذَلِكَ، وَطِفْلٍ فِي الْحَجِّ، وَعَدَمُ الصَّارِفِ كَرِدَّةٍ وَنِيَّةُ تَبَرُّدٍ وَنَحْوِهَا، وَعَدَمُ التَّعْلِيقِ إلَّا بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ بِقَصْدِ التَّبَرُّكِ فَقَطْ، وَتَمْيِيزُ فَرَائِضِهِ مِنْ سُنَنِهِ لَا لِجَاهِلٍ لَمْ يَقْصِدْ بِفَرْضٍ نَفْلًا وَدُخُولُ الْوَقْتِ لِصَاحِبِ الضَّرُورَةِ، وَتَقْدِيمُ اسْتِنْجَائِهِ، وَتَحَفُّظٌ اُحْتِيجَ إلَيْهِ. وَأَمَّا غَسْلُ عُضْوٍ زَائِدٍ اشْتَبَهَ وَالْجُزْءُ الَّذِي يَتِمُّ بِهِ الْوَاجِبُ مِنْ كُلِّ عُضْوٍ فَهُمَا مِنْ الْأَرْكَانِ لِأَنَّهُمَا بَعْضُهَا وَيَجُوزُ عَدُّهُمَا شَرْطًا لِلِاعْتِدَادِ بِهَا. قَوْلُهُ: (فَيَعُمُّ كُلَّ فَرْضٍ) أَيْ جُمْلَةَ الْأَفْرَادِ كَمَا ذَكَرَهُ، فَهُوَ مِنْ الْحُكْمِ عَلَى لَفْظِ الْعَامِّ لَا عَلَى حُكْمِهِ الَّذِي هُوَ كُلِّيَّةٌ مَحْكُومٌ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ الْمُقْتَضِي أَنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهَا سِتَّةٌ فَتَكُونُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (نِيَّةُ) وَيَتَعَلَّقُ بِهَا سَبْعَةُ أَحْكَامٍ نَظَّمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: حَقِيقَةٌ حُكْمٌ مَحَلٌّ وَزَمَنْ ... كَيْفِيَّةٌ شَرْطٌ وَمَقْصُودٌ حَسَنْ فَحَقِيقَتُهَا لُغَةً الْعَزْمُ أَوْ الْقَصْدُ، وَشَرْعًا الْقَصْدُ الْمُقَارِنُ لِلْفِعْلِ، وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ وَلَوْ النَّقْلُ لِلِاعْتِدَادِ بِهِ وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ، وَزَمَنُهَا أَوَّلُ الْعِبَادَةِ، وَكَيْفِيَّتُهَا بِحَسَبِ الْأَبْوَابِ كَالصَّلَاةِ هُنَا، وَشَرْطُهَا الْإِسْلَامُ وَالتَّمْيِيزُ، وَالْمَقْصُودُ بِهَا تَمْيِيزُ الْعِبَادَاتِ عَنْ بَعْضِهَا أَوْ عَنْ الْعَادَاتِ، وَاشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ قَصْدَ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ كَالصَّلَاةِ، وَاسْتَظْهَرَهُ الْعَبَّادِيُّ. قَوْلُهُ: (حَدَثٍ عَلَيْهِ) الْمُرَادُ بِالْحَدَثِ السَّبَبُ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ تَارَةً دُونَ أُخْرَى، وَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّأْوِيلِ بِرَفْعِ حُكْمِهِ. قَوْلُهُ: (مَا يَصْدُقُ إلَخْ) لَا جَمِيعَ أَفْرَادِهِ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فَيَعُمُّ. قَوْلُهُ: (حَدَثِ الْبَوْلِ) بِالْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (رَفْعَ حُكْمِهِ) أَيْ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْهُ النَّاوِي، أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ وَيَنْصَرِفُ لِلرَّفْعِ الْعَامِّ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِيَدْخُلَ) أَيْ صَرِيحًا بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ لِإِيهَامِهَا أَنَّ أَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَفِي الْإِدْخَالِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (بَعْضِ أَحْدَاثِهِ) أَيْ فَرْدًا مِنْهَا وَإِنْ نَفَى بَقِيَّتَهَا بِخِلَافِ مَنْ نَوَى جُزْءَ فَرْدٍ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَبَعْضِ حَدَثِ الْبَوْلِ لِأَنَّهُ إذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ لِعَدَمِ تَجْزِيهِ، وَلَا تَعَارُضَ بِالْمِثْلِ لِقُوَّةِ جَانِبِ الْبَقَاءِ بِالِاسْتِدَامَةِ، وَفَارَقَ الطَّلَاقَ بِأَنَّهُ إيجَادُ بَعْضِ مَعْدُومٍ، وَلَيْسَ دَوَامُ الْعِصْمَةِ رَافِعًا لِبَاقِيهِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ أَنَّهُ لَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا نَظِيرُ مَا هُنَا مَا لَوْ قَالَ: أَوْقَعْت عَلَيْك طَلْقَةً وَرَفَعْت بَعْضَهَا، فَإِنَّهُ يَغْلِبُ جَانِبُ الْبَاقِي، وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا فَتَأَمَّلْ، وَلَا يَشْكُلُ مَا هُنَا أَيْضًا بِمَا قَالُوهُ مِنْ إلْحَاقِ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الشَّمْسِ بِمَا ظَهَرَ فِي وُجُودِ النَّهَارِ وَبَقَائِهِ لِأَنَّ وُجُودَ النَّهَارِ قَدْ تَحَقَّقَ بِمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَيْسَ بَقَاءُ اللَّيْلِ مُحَقِّقًا بِمَا خُفِيَ لِاحْتِمَالِ سَتْرِهِ عَنَّا بِمَا يَمْنَعُ مِنْ رُؤْيَتِهِ عَلَى أَنَّ اسْمَ النَّهَارِ يُطْلَقُ عَلَى جُزْئِهِ وَكُلِّهِ كَالْمَاءِ، وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ صِحَّةُ قَوْلِ الْبَغَوِيّ إنَّهُ إذَا نَوَى رَفْعَ حَدَثِهِ فِي حَقِّ صَلَاةٍ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهَا لَمْ يَصِحَّ. وَمِثْلُهُ لَوْ رَفَعَهُ لِصَلَاةٍ دُونَ أُخْرَى أَوْ اسْتَبَاحَ بِهِ صَلَاةً دُونَ صَلَاةٍ أُخْرَى، فَكَأَنَّهُ فِي ذَلِكَ رَفَعَ بَعْضَهُ وَأَبْقَى بَعْضَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ صَلَاةً دُونَ غَيْرِهَا فَيَصِحّ، لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ رَفَعَ جَمِيعَهُ فِي صَلَاةٍ وَصَلَاةٍ غَيْرِهَا بِهِ مَوْكُولٌ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ فِيمَا لَوْ قَالَ أُصَلِّي بِهِ فِي مَحَلٍّ نَجَسٍ لِوُجُودِ الْمُنَافِي، فَهُوَ كَمَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَى شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ أَوْ لِيَطُوفَ بِهِ حَالًّا وَهُوَ بِمِصْرَ مَثَلًا أَوْ لِيُصَلِّيَ بِهِ صَلَاةً لَا سَبَبَ لَهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِالصِّحَّةِ فِي هَذِهِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ الصَّلَاةَ لِصِحَّتِهَا فِي الْجُمْلَةِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَارِيًّا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ لِذَلِكَ، وَلَوْ نَوَى الْوُضُوءَ لِلْقِرَاءَةِ إنْ كَفَتْ وَإِلَّا فَلِلصَّلَاةِ لَمْ يَصِحَّ، خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَفَارَقَ الزَّكَاةَ بِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ، وَلَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَتَجْدِيدٌ صَحَّ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ مَا عَلَيْهِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ   [حاشية عميرة] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 كَانَ عَامِدًا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ فِي الْأَصَحِّ، أَوْ غَالِطًا صَحَّ قَطْعًا (أَوْ) نِيَّةُ (اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إلَى طُهْرٍ) أَيْ وُضُوءٍ كَالصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ (أَوْ) نِيَّةُ (أَدَاءِ فَرْضِ الْوُضُوءِ) ، أَوْ أَدَاءِ الْوُضُوءِ، أَوْ فَرْضِ الْوُضُوءِ، أَوْ الْوُضُوءِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ بِهِ الْحَدَثُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ تَجْدِيدًا. وَالْأَصْلُ فِي النِّيَّةِ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ الْمَشْهُورُ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَمَنْ دَامَ حَدَثُهُ كَمُسْتَحَاضَةٍ) وَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ (كَفَاهُ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ) كَغَيْرِهِ (دُونَ الرَّفْعِ) لِبَقَاءِ حَدَثِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ فِيهِمَا) وَقِيلَ: لَا تَكْفِي نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الرَّفْعِ مَعَهَا لِتَكُونَ نِيَّةُ الرَّفْعِ لِلْحَدَثِ السَّابِقِ وَنِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ لِلَّاحِقِ. وَقِيلَ: تَكْفِي نِيَّةُ الرَّفْعِ لِتَضَمُّنِهَا لِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ. (وَمَنْ نَوَى تَبَرُّدًا مَعَ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ) كَنِيَّةٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (جَازَ) لَهُ   [حاشية قليوبي] كَالْحَيْضِ لِلرَّجُلِ لَكِنْ فِي وُجُودِ تَصَوُّرِ الْغَلَطِ لَهُ حِينَئِذٍ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَنَوَى رَفْعَ حَدَثِ النَّوْمِ) وَنِيَّتُهُ تَنْصَرِفُ لِمَا عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ نَوْمٌ فَلَمْ تُصَادِفْ نِيَّتُهُ حَدَثًا وَإِنَّمَا صَحَّتْ لِلْغَالِطِ لِأَنَّ نِيَّتَهُ صَادَفَتْ حَدَثًا عَلَيْهِ بِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ، فَهُوَ قَاصِدٌ رَفْعَ الْمَنْعِ، وَلَمْ يَضُرَّهُ الْغَلَطُ لِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِلْأَسْبَابِ لَا يَجِبُ جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا، وَبِذَلِكَ سَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (مُفْتَقِرٍ) أَيْ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا يُفْتَقَرُ إلَى وُضُوءٍ فِي نَفْسِهِ وَأَنْ يَفْتَقِرَ إلَيْهِ النَّاوِي فَيَصِحُّ بِنِيَّةِ صَبِيٍّ اسْتِبَاحَةُ مَسِّ الْمُصْحَفِ مَا لَمْ يَقْصِدْ لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ بِهَذَا الْقَيْدِ، وَيَصِحُّ الْوُضُوءُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أَيْ الْوُضُوءُ) فَسَّرَهُ بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهِ بِنِيَّةِ مَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ الْآتِي، وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ لَهُ مِنْ الِاسْتِبَاحَةِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْوُضُوءِ بِنِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ مَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَرْضِ الْوُضُوءِ) وَمِثْلُهُ فَرْضُ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ أَوْ الطَّهَارَةُ لِلصَّلَاةِ، وَكَذَا فَرْضُ الطَّهَارَةِ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ الْخَطِيبِ وَشُمُولُهَا لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ لَا نِيَّةَ فِيهَا، وَإِنَّمَا الْغَرَضُ فِيهَا وُقُوعُهَا فَرْضًا، وَلَا يَكْفِي نِيَّةُ الطَّهَارَةِ فَقَطْ اتِّفَاقًا وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ فِي نِيَّةِ فَرْضِ الْوُضُوءِ الشَّرْطُ، وَهُوَ يُسَمَّى فَرْضًا لَا حَقِيقَةَ الْفَرْضِ وَإِلَّا لَكَانَ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ إذَا خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ مَثَلًا وَكَانَ لَا يَصِحُّ مِنْ الْمُجَدِّدِ وَلَا قَبْلَ الْوَقْتِ وَلَا مِنْ الصَّبِيِّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ (لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ تَجْدِيدًا) أَيْ وَلَفْظُ الْوُضُوءِ شَامِلٌ لِلْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَرُدَّ بِأَنَّ نِيَّةَ فَرْضِ الْوُضُوءِ وَأَدَاءَ الْوُضُوءِ صَحِيحَةٌ مِنْ الْمُجَدِّدِ أَيْضًا: (لِبَقَاءِ حَدَثِهِ) أَيْ الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ أَوْ الْمَنْعِ الْعَامِّ لِأَنَّهُ الْمُنْصَرِفُ إلَيْهِ النِّيَّةَ كَمَا مَرَّ، وَلَيْسَ هُنَا إلَّا هُوَ فَقَطْ، فَلَمْ يَدْخُلْ الْخَاصُّ أَيْضًا، فَلَا يُقَالُ إنَّ لَفْظَ الرَّفْعِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَيَنْصَرِفُ لِذَلِكَ الْخَاصِّ بِالْقَرِينَةِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ مِنْ الْجُنُبِ، وَقَوْلُهُمْ: إذَا نَوَى الرَّفْعَ الْخَاصَّ صَحَّتْ نِيَّتُهُ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ ذَلِكَ الْقَصْدِ يَتَضَمَّنُ الِاسْتِبَاحَةَ الْخَاصَّةَ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودَةُ مِنْ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ رَفَعَتْ جُزْءًا مِنْ حَدَثِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّ طَهَارَتَهُ أَبَدًا مُبِيحَةٌ لَا رَافِعَةٌ فَتَأَمَّلْهُ، فَإِنَّهُ يَعَضُّ عَلَيْهِ بِالنَّوَاجِذِ. قَوْلُهُ: (لِتَكُونَ نِيَّةُ الرَّفْعِ لِلْحَدَثِ السَّابِقِ) أَيْ لِرَفْعِ الْمَنْعِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْحَدَثِ السَّابِقِ عَلَى وَقْتِ النِّيَّةِ، لَا أَنَّ الْحَدَثَ ارْتَفَعَ وَخَلَفَهُ حَدَثٌ آخَرُ، وَكَذَا نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ (لِتَضَمُّنِهَا لِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ) هَذَا كَلَامُ مُسْلِمٍ لَكِنَّهُ مُغَالَطَةٌ لِأَنَّ الِاسْتِبَاحَةَ الَّتِي تَضَمَّنَهَا الرَّفْعُ عَامَّةٌ لِرَفْعِهَا الْأَمْرَ الِاعْتِبَارِيَّ أَوْ الْمَنْعَ الْعَامَّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي صَاحِبِ الضَّرُورَةِ، لِأَنَّ الِاسْتِبَاحَةَ لَهُ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ، فَلَا تُشْتَبَهُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، وَلِذَلِكَ كَانَتْ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ فِي حَقِّهِ كَنِيَّةِ الْمُتَيَمِّمِ يُسْتَبَاحُ بِهَا فَرْضٌ وَنَوَافِلُ أَوْ نَوَافِلُ وَحْدَهَا. نَعَمْ لَوْ أَرَادَ بِالرَّفْعِ رَفْعًا خَاصًّا كَفَاهُ لِتَضَمُّنِهِ الِاسْتِبَاحَةَ الَّتِي هِيَ خَاصَّةٌ بِهِ. (تَنْبِيهٌ) يُشْتَرَطُ فِي وُضُوءِ دَائِمٍ الْحَدَثِ تَقَدُّمُ الِاسْتِنْجَاءِ كَمَا مَرَّ لَا تَقَدُّمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ الْمُتَيَمِّمِ لِقُوَّةِ الْمَاءِ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ فَرَاجِعْهُ. (فَائِدَةٌ) قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ النِّيَّةَ فِي حَقِّ السَّلِيمِ غَيْرِ الْمُجَدِّدِ تُؤَدَّى بِأَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ كَوْنُهَا مُضَافَةً إلَى رَفْعٍ أَوْ إلَى اسْتِبَاحَةٍ أَوْ إلَى وُضُوءٍ، وَأَنَّ غَيْرَ السَّلِيمِ لَهُ الْوَجْهَانِ الْآخَرَانِ، وَأَنَّ الْمُجَدِّدَ لَهُ الْوَجْهُ الْأَخِيرُ. نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِنِيَّةِ فَرْضِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِ لَمْ تَصِحَّ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ نَوَى تَبَرُّدًا) أَيْ مَثَلًا وَمِنْهُ غُسْلُ لَمْعَةٍ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ لِأَنَّ قَصْدَهَا صَارِفٌ. قَوْلُهُ: (مَعَ نِيَّةٍ   [حاشية عميرة] بَابُ الْوُضُوءِ قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْأَصْلُ فِي النِّيَّةِ إلَخْ) مِنْ الْأَدِلَّةِ أَيْضًا مِنْ الْقُرْآنِ قَوْله تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: 6] لِأَنَّ الْمَعْنَى فَاغْسِلُوا لِأَجْلِهَا كَمَا تَقُولُ إذَا ذَهَبْت إلَى السُّلْطَانِ فَتَلَبَّسْ أَيْ لِأَجْلِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَفَاهُ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ إلَخْ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ جَوَازَ سَائِرِ الْكَيْفِيَّاتِ فِي الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (دُونَ الرَّفْعِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 ذَلِكَ أَيْ لَمْ يَضُرَّهُ فِي النِّيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِحُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. وَالثَّانِي يَضُرُّهُ لِلْإِشْرَاكِ فِي النِّيَّةِ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا وَنِيَّةُ التَّنْظِيفِ كَنِيَّةِ التَّبَرُّدِ فِيمَا ذُكِرَ (أَوْ) نَوَى (مَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ كَقِرَاءَةٍ) أَيْ نَوَى الْوُضُوءَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ نَحْوِهَا، (فَلَا) يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، أَيْ لَا يَكْفِيهِ فِي النِّيَّةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ جَائِزٌ مَعَ الْحَدَثِ فَلَا يَتَضَمَّنُ قَصْدُهُ قَصْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ، وَالثَّانِي يَقُولُ قَصَدَهُ حَالَةَ كَمَالِهِ، فَيَتَضَمَّنُ قَصْدُهُ مَا ذُكِرَ. (وَيَجِبُ قَرْنُهَا بِأَوَّلِ الْوَجْهِ) أَيْ بِأَوَّلِ غَسْلِهِ فَلَا يَكْفِي قَرْنُهَا بِمَا بَعْدَ الْوَجْهِ لِخُلُوِّ أَوَّلِ الْمَغْسُولَاتِ وُجُوبًا عَنْهَا، وَلَا بِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ تَابِعَةٌ لِلْوَاجِبِ (وَقِيلَ يَكْفِي) قَرْنُهَا (بِسُنَّةٍ قَبْلَهُ) لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْوُضُوءِ كَغَسْلِ الْكَفَّيْنِ، وَلَوْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ فِي أَثْنَاءِ غَسْلِ الْوَجْهِ دُونَ أَوَّلِهِ كَفَتْ وَوَجَبَ إعَادَةُ الْمَغْسُولِ مِنْهُ قَبْلَهَا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَوُجُوبُ قَرْنِهَا بِالْأَوَّلِ لِيَعْتَدَّ بِهِ (وَلَهُ تَفْرِيقُهَا عَلَى أَعْضَائِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ كَأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ وَهَكَذَا، (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ وَالثَّانِي، لَا كَمَا لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى   [حاشية قليوبي] مُعْتَبَرَةٍ) أَيْ مَعَ اسْتِحْضَارِهِ لَهَا فَإِنْ غَفَلَ عَنْهَا انْقَطَعَتْ وَيَبْنِي السَّلِيمُ عَلَى مَا مَضَى بِتَجْدِيدِ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ عَلَى الْعُضْوِ الَّذِي انْقَطَعَتْ عِنْدَهُ النِّيَّةُ، وَيَسْتَأْنِفُ غَيْرُهُ، وَيُثَابُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا مَضَى إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَقِّفًا عَلَى نِيَّةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ بُطْلَانُهُ بِاخْتِيَارِهِ. قَوْلُهُ: (لِحُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ) خَرَجَ مَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهَا وَهُوَ إمَّا مَطْلُوبٌ لِلْإِصْلَاحِ كَنِيَّةِ الِاغْتِرَافِ فِي مَحَلِّهَا مِنْ كَوْنِ الْمَاءِ قَلِيلًا كَذَا قِيلَ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ شَأْنَهَا الْإِصْلَاحُ فَلَا تَضُرُّ مُطْلَقًا، وَلَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ مَعَهَا ارْتَفَعَ وَصَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا وَإِمَّا مَطْلُوبٌ لَا لِلْإِصْلَاحِ كَنِيَّةِ مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ، فَهُوَ كَنِيَّةِ التَّبَرُّدِ، أَوْ غَيْرُهُ مَطْلُوبٌ كَالتَّعْلِيقِ فَيَضُرُّ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّبَرُّكَ وَحْدَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ نَوَى إلَخْ) دَفَعَ بِهَذَا التَّقْدِيرِ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنْ الْمَنْوِيَّ نَفْسُ الْمَنْدُوبِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ كَمَا فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ هُنَا لِأَنَّ طَلَبَ الْوُضُوءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تِلْكَ الْأَسْبَابِ هُنَا. قَوْلُهُ: (لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ) بِأَنْ لَاحَظَ فِي نِيَّتِهِ اسْتِبَاحَةَ الْقُرْآنِ فَهُوَ قَيْدٌ لِلْبُطْلَانِ فَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ ذَلِكَ حَالَ النِّيَّةِ صَحَّتْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَصَدَهُ حَالَةَ كَمَالِهِ) هُوَ فِعْلٌ مَاضٍ وَضَمِيرُهُ الْمُسْتَتِرُ عَائِدٌ لِلنَّاوِي، وَالْبَارِزُ لِلْمَنْوِيِّ، وَيَصِحُّ فِي حَالَةِ كَمَالِهِ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي، وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ مَصْدَرًا لِمُنَافَاتِهِ لِلْفَاءِ بَعْدَهُ، وَلِلتَّصْرِيحِ بِالْفَاعِلِ بَعْدَهَا فَتَأَمَّلْهُ وَلَا تَعْدِلْ عَنْهُ. (فَائِدَةٌ) كُلُّ عِبَادَةٍ وَقَعَ فِيهَا تَشْرِيكٌ فَإِنَّ فَاعِلَهَا يُثَابُ عَلَيْهَا إنْ غَلَبَ الْأُخْرَوِيُّ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ، قَالَهُ الْغَزَالِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَا ثَوَابَ لَهُ مُطْلَقًا، وَالْمَنْقُولُ الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ قَرْنُهَا) أَيْ لَا يُعْتَدُّ بِهَا إلَّا كَذَلِكَ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (بِأَوَّلِ غَسْلِهِ) أَيْ بِأَوَّلِهِ الْمَغْسُولِ لَا بِأَوَّلِ مَغْسُولٍ مِنْهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَوْ حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي الْمُرْشِدِ إلَيْهِ عُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ وَلِيَكُونَ لِزِيَادَةِ لَفْظِ غَسْلٍ فَائِدَةٌ لَكَانَ أَوْلَى، وَكَانَ فِيهِ اسْتِغْنَاءٌ عَمَّا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَكَانَ فِيهِ دَفْعُ إبْهَامِ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِهَا، أَوْ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا يَجِبُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِمَا بَعْدَهُ) كَالْيَدَيْنِ. نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ غَسْلُ جَمِيعِ الْوَجْهِ وَجَبَتْ عِنْدَهُمَا، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ. قَوْلُهُ: (وَلَا بِمَا قَبْلَهُ) أَيْ مِمَّا تُطْلَبُ النِّيَّةُ عِنْدَهُ نَدْبًا مِنْ مَطْلُوبَاتِ الْوُضُوءِ كَالْفَمِ وَالْأَنْفِ نَعَمْ إنْ انْغَسَلَ شَيْءٌ مِنْ الْوَجْهِ مَعَ أَحَدِهِمَا وَاقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِهِ كَفَتْ مُطْلَقًا وَإِنْ قَصَدَهُمَا وَحْدَهُمَا، وَتَجِبُ إعَادَةُ غَسْلِ ذَلِكَ الْجُزْءِ مَعَ غَسْلِ الْوَجْهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْوَجْهَ وَحْدَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: لَا تَجِبُ إنْ قَصْدَهُمَا مَعًا أَيْضًا، وَيَحْصُلُ ثَوَابُ نَحْوِ الْمَضْمَضَةِ إنْ وَجَبَتْ إعَادَةُ غَسْلِ الْجُزْءِ وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ، بِفَوَاتِهِ مُطْلَقًا لِلِاعْتِدَادِ بِالنِّيَّةِ، وَيُوَافِقُهُ شَرْحُ شَيْخِنَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَبْلَ رُجُوعِهِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (فِي أَثْنَاءِ غَسْلِ الْوَجْهِ) وَلَوْ مُقَارَنَةً لِمَا يُنْدَبُ غَسْلُهُ مِنْهُ مِنْ الشَّعْرِ أَوْ الْبَشَرَةِ كَالْخَارِجِ مِنْ الشُّعُورِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ، أَوْ مَا اسْتَرْسَلَ مِنْ اللِّحْيَةِ. نَعَمْ لَا تَكْفِي مُقَارَنَتُهَا لِشَعْرِ بَاطِنِ لَحَيَّةٍ كَثِيفَةٍ، وَلَا لِمَا يَجِبُ غَسْلُهُ لِإِتْمَامِ الْوَاجِبِ، وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ النِّيَّةُ مَعَ السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَاتَ ثَوَابُهَا وَإِنْ سَقَطَ بِهَا الطَّلَبُ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَعْضَائِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ وَلَوْ مَنْدُوبَةً لَكِنْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَنْوِي عَلَى الْمَنْدُوبَةِ نَحْوَ الرَّفْعِ بَلْ يَنْوِي الْوُضُوءَ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ) وَمِثْلُ رَفْعِ الْحَدَثِ غَيْرُهُ مِنْ نِيَّاتِ الْوُضُوءِ السَّابِقَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْكَافِ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَهُ فِي غَيْرِ الرَّفْعِ. قَوْلُهُ: (عَنْهُ) وَإِنْ نَفَى غَيْرَهُ وَهُوَ قَيْدٌ لِكَوْنِهِ تَفْرِيقًا لِاحْتِيَاجِهِ   [حاشية عميرة] فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّ حُكْمَهُ كَالْمُتَيَمِّمِ فِي أَنَّهُ إنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الْفَرْضِ اسْتَبَاحَهُ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي يَقُولُ قَصَدَهُ حَالَةَ كَمَالِهِ) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: " قَصَدَهُ " يَرْجِعُ لِلشَّخْصِ وَالضَّمِيرُ فِي " كَمَالِهِ " يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: مَا يُنْدَبُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 أَجْزَائِهَا. (الثَّانِي: غَسْلُ وَجْهِهِ) قَالَ تَعَالَى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] (وَهُوَ) طُولًا (مَا بَيْنَ مَنَابِتِ) شَعْرِ (رَأْسِهِ غَالِبًا وَمُنْتَهَى لَحْيَيْهِ) أَيْ آخِرِهِمَا وَهُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى، (وَمَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ) عَرْضًا لِأَنَّ الْمُوَاجِهَةَ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا الْوَجْهُ تَقَعُ بِذَلِكَ. وَالْمُرَادُ ظَاهِرُ مَا ذُكِرَ إذْ لَا يَجِبُ غَسْلُ دَاخِلِ الْعَيْنِ وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَمُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ وَإِنْ لَمْ تَشْمَلْهُ الْعِبَارَةُ (فَمِنْهُ مَوْضِعُ الْغَمَمِ) وَهُوَ مَا نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ مِنْ الْجَبْهَةِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَوْضِعُ الصَّلَعِ، وَهُوَ مَا انْحَسَرَ عَنْهُ الشَّعْرُ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ، وَعَنْهُ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ غَالِبًا. (وَكَذَا التَّحْذِيفُ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ مَوْضِعُهُ مِنْ الْوَجْهِ. (فِي الْأَصَحِّ) لِمُحَاذَاتِهِ بَيَاضَ الْوَجْهِ، وَهُوَ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ الْخَفِيفُ بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْعِذَارِ وَالنَّزَعَةِ تَعْتَادُ النِّسَاءُ وَالْأَشْرَافُ تَنْحِيَةَ شَعْرِهِ لِيَتَّسِعَ الْوَجْهُ. (لَا النَّزَعَتَانِ) بِفَتْحِ الزَّايِ (وَهُمَا بَيَاضَانِ يَكْتَنِفَانِ النَّاصِيَةَ) أَيْ لَيْسَتَا مِنْ الْوَجْهِ لِأَنَّهُمَا فِي تَدْوِيرِ الرَّأْسِ. (قُلْت: صَحَّحَ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ مِنْ الرَّأْسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاتِّصَالِ شَعْرِهِ بِشَعْرِ الرَّأْسِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَتَبِعَ فِي الْمُحَرَّرِ تَرْجِيحَ الْغَزَالِيِّ لِلْأَوَّلِ. (وَيَجِبُ غَسْلُ كُلِّ هُدْبٍ) بِالْمُهْمَلَةِ (وَحَاجِبٍ وَعِذَارٍ) بِالْمُعْجَمَةِ (وَشَارِبٍ وَخَدٍّ وَعَنْفَقَةِ شَعَرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (وَبَشَرٍ) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا سَوَاءٌ خَفَّ الشَّعْرُ أَمْ كَثُفَ لِأَنَّ كَثَافَتَهُ، نَادِرَةٌ، فَأُلْحِقَ   [حاشية قليوبي] إلَى النِّيَّةِ فِيمَا بَعْدَهُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ التَّفْرِيقِ لِشُمُولِ النِّيَّةِ لِمَا بَعْدَهُ، وَكُلُّ الْأَعْضَاءِ بَعْدَهُ كَذَلِكَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَهَكَذَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ التَّفْرِيقُ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (كَمَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَزِدْ لَفْظَ لَهُ كَمَا زَادَهُ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ لِإِفَادَةِ جَوَازِ التَّفْرِيقِ لِدَائِمِ الْحَدَثِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِهِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا كَمَا إلَخْ) وَرُدَّ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِهَا بِنَحْوِ ثَلَاثِ خُطُوَاتٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (غَسْلُ وَجْهِهِ) وَإِنْ تَعَدَّدَ إلَّا مَا عُلِمَ زِيَادَتُهُ وَلَيْسَ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ، وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ كُلِّ وَجْهٍ إلَّا عِنْدَ الزَّائِدِ يَقِينًا فَلَا تَكْفِي عِنْدَهُ وَإِنْ وَجَبَ غَسْلُهُ، وَلَا بُدَّ مِنْهَا مَعَ كُلِّ مُشْتَبَهٍ وَالْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ كَالْوَجْهِ فِي الْغُسْلُ، وَيَجِبُ فِي الرَّأْسِ مَسْحُ جُزْءٍ مِنْ الْأَصْلِيِّ إنْ عُلِمَ وَمَسْحُ جُزْءٍ مِنْ كُلٍّ مَا اُشْتُبِهَ. . . . . قَوْلُهُ: (الْمَأْخُوذَ مِنْهَا الْوَجْهُ) أَيْ الَّذِي هِيَ سَبَبٌ فِي تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ لَا بِمَعْنَى الِاشْتِقَاقِ النَّحْوِيِّ، وَلَا حَاجَةَ لِمَا شَنَّعَ بِهِ بَعْضُهُمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (إذْ لَا يَجِبُ غَسْلُ دَاخِلِ الْعَيْنِ) وَلَا شَعْرٍ نَبَتَ فِيهِ وَمِثْلُهُ دَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَإِنْ ظَهَرَ بِقَطْعِ مَا سَتَرَهُ، نَعَمْ يَجِبُ أَنْ يَغْسِلَ مِمَّا ظَهَرَ بِالْقَطْعِ مَا كَانَ مُحَاذِيًا لِلظَّاهِرِ، وَيَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ نَحْوِ أَنْفٍ مِنْ نَقْدٍ وَتَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَهُ، وَلَا يَنْقُضُ لَمْسُهُ، وَيَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ مَا ذَكَرَ عَنْ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسْتَحَبُّ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ مَوْضِعُ الْغَمَمِ، فَالْغَمَمُ اسْمٌ لِلشَّعْرِ الْمَذْكُورِ وَيُقَالُ لِشَعْرِ الْقَفَا أَيْضًا، وَالْعَرَبُ تَذُمُّ بِكُلٍّ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْبَلَادَةِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَضِدُّهُ الْأَنْزَعُ، وَلِذَلِكَ يُمْتَدَحُ بِهِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: وَلَا تَنْكِحِي إنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنَا ... أَغَمَّ الْقَفَا وَالْوَجْهِ لَيْسَ بِأَنْزَعَا قَوْلُهُ: (التَّحْذِيفِ) مِنْ الْحَذْفِ لِأَنَّهُ يُزَالُ كَمَا يَأْتِي، وَالْعَامَّةُ تُبَدَّلُ الذَّالَ بِالْفَاءِ، وَهُوَ اسْمٌ لِلشَّعْرِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَفْسِيرِهِ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ ابْتِدَاءٍ إلَخْ) سَيَأْتِي ضَبْطُهُ. قَوْلُهُ: (لَا النَّزْعَتَانِ) وَلَا الصُّدْغَانِ. قَوْلُهُ: (لِاتِّصَالِ شَعْرِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى لِأَنَّهُ فِي تَدْوِيرِ الرَّأْسِ لِئَلَّا يَرِدَ الْغَمَمُ. قَوْلُهُ: (هُدْبٍ) بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِ مَعًا، أَوْ ضَمِّهِمَا مَعًا، أَوْ ضَمٍّ فَسُكُونٍ. قَوْلُهُ: (وَحَاجِبٍ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحَجْبِهِ عَنْ الْعَيْنِ مَا يُؤْذِيهَا، وَجَمْعُهُ حَوَاجِبُ، وَحَاجِبُ السُّلْطَانِ جَمْعُهُ حُجَّابٌ بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَضَمِّ أَوَّلِهِ. قَوْلُهُ: (وَعِذَارٍ) وَهُوَ مَا حَاذَى الْأُذُنَ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هُوَ مَا نَبَتَ عَلَى الْعَظْمِ النَّاتِئِ فَوْقَ الْعَارِضِ، وَهَذَا نَاظِرٌ لِلْمُتَعَارَفِ، وَاَلَّذِي تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَتُهُمْ أَنَّهُ إذَا جُعِلَ خَيْطٌ مُسْتَقِيمٌ عَلَى أَعْلَى الْأُذُنِ وَأَعْلَى الْجَبْهَةِ فَمَا تَحْتَ ذَلِكَ الْخَيْطِ مِنْ الْمُلَاصِقِ لِلْأُذُنِ الْمُحَاذِي لِلْعَارِضِ هُوَ الْعِذَارُ، وَمَا تَحْتَهُ أَيْضًا مِمَّا بَيْنَ الْعِذَارِ وَالنَّزْعَةِ هُوَ التَّحْذِيفُ، وَمَا فَوْقَهُ مِمَّا حَاذَى الْعِذَارَ وَالتَّحْذِيفَ هُوَ الصُّدْغُ، فَابْتِدَاءُ الْعِذَارِ هُوَ أَوَّلُهُ الْمُلَاصِقُ لِلتَّحْذِيفِ تَحْتَ الصُّدْغِ، وَالْجَبِينُ وَهُوَ مَا حَاذَى الْجَبْهَةَ فَوْقَ الصُّدْغِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَخَدٍّ) أَيْ شَعْرُهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ ظَاهِرًا   [حاشية عميرة] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 بِالْغَالِبِ (وَقِيلَ لَا يَجِبُ بَاطِنُ عَنْفَقَةِ كَثِيفَةٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ الْكَثِيفِ فِي الْجَمِيعِ، لِأَنَّ كَثَافَتَهُ مَانِعَةٌ مِنْ رُؤْيَةِ بَاطِنِهِ، فَلَا تَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ. (وَاللِّحْيَةُ إنْ خَفَّتْ كَهُدْبٍ) فَيَجِبُ غَسْلُهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (وَإِلَّا) بِأَنْ كَثُفَتْ (فَلْيَغْسِلْ ظَاهِرَهَا) وَلَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهَا لِعُسْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ، وَغَسْلُ بَعْضِهَا الْخَارِجِ عَنْ الْوَجْهِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِ أَيْضًا (وَفِي قَوْلٍ لَا يَجِبُ غَسْلُ خَارِجٍ عَنْ الْوَجْهِ) مِنْ اللِّحْيَةِ وَغَيْرِهَا كَالْعِذَارِ خَفِيفًا كَانَ أَوْ كَثِيفًا لَا بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا لِخُرُوجِهِ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ. وَمَا ذُكِرَ مِنْ حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ فِي وُجُوبِ غَسْلِ الْخَارِجِ الْخَفِيفِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَصَوَّبَهُ، وَحَمَلَ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فِي حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ فِي وُجُوبِ غَسْلِ ظَاهِرِ الْخَارِجِ، وَأَنَّ بَاطِنَهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا عَلَى الْكَثِيفِ، وَأَسْقَطَ مِنْ الرَّوْضَةِ الْكَلَامَ فِي بَاطِنِ الْخَارِجِ، وَزَادَهُ مَعَ غَيْرِهِ هُنَا عَلَى الْمُحَرَّرِ وَعِبَارَتُهُ. وَأَمَّا اللِّحْيَةُ الْكَثِيفَةُ فَيَكْفِي غَسْلُ ظَاهِرِ مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً فَهِيَ كَالشُّعُورِ الْخَفِيفَةِ غَالِبًا. وَيَجِبُ أَيْضًا غَسْلُ ظَاهِرِ الْخَارِجِ مِنْ اللِّحْيَةِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، انْتَهَى. وَالْخَفِيفُ مَا تُرَى الْبَشَرَةُ مِنْ خِلَالِهِ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَالْكَثِيفُ مَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ. (الثَّالِثُ غَسْلُ يَدَيْهِ) مِنْ الْكَفَّيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ (مَعَ مِرْفَقَيْهِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَبِالْعَكْسِ، قَالَ تَعَالَى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6]   [حاشية قليوبي] وَبَاطِنًا) هُمَا تَفْسِيرٌ لِلشَّعْرِ وَالْبَشَرَةِ، فَالْمُرَادُ بِهَا الْبَاطِنُ مِنْ الشَّعْرِ لَا مَحَلُّهُ لِدُخُولِهِ فِي حَدِّ الْوَجْهِ السَّابِقِ، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يَجِبُ إلَخْ) هُوَ وَجْهٌ ثَالِثٌ سَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ فَاقْتَضَى كَلَامُهُ الْقَطْعَ بِغَسْلِ بَاطِنِ الْكَثِيفِ مِنْ غَيْرِ الْعَنْفَقَةِ. قَوْلُهُ: (وَاللِّحْيَةُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْعَارِضَيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ، وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ الرَّجُلَ وَغَيْرَهُ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَ مِنْ الرَّوْضَةِ إلَخْ) فَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ وَبَاطِنِ الْخَارِجِ الْكَثِيفِ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَحْمِلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمُحَرَّرِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ وَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ، إذْ الِاعْتِرَاضُ بِالْحَمْلِ أَخَفُّ مِنْهُ بِثُبُوتِ حُكْمٍ فَاسِدٍ، بَلْ حُكْمُ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ زَادَهُ مَعَ إطْلَاقِ عِبَارَتِهِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْ، وَالْحَاصِلُ الْمُعْتَمَدُ فِي الشُّعُورِ أَنْ يُقَالَ لِحْيَةُ الرَّجُلِ وَعَارِضَاهُ وَمَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ مُطْلَقًا يَجِبُ غَسْلُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ كَانَ خَفِيفًا وَظَاهِرًا فَقَطْ إنْ كَانَ كَثِيفًا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ يَجِبُ غَسْلُهُ مُطْلَقًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا خَفِيفًا وَكَثِيفًا مِنْ رَجُلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَارِجِ مَا جَاوَزَ حَدَّ الْوَجْهِ مِنْ جِهَةِ اسْتِرْسَالِهِ، وَبِالظَّاهِرِ فِي اللِّحْيَةِ وَنَحْوِهَا الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الْمُوَاجِهَةُ لِلْمُخَاطَبِ لَا مَا وَاجَهَ وَلَا مَا بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ غَسْلُ الصَّدْرِ بِالْكَثِيفِ الْخَارِجِ مِنْ الشُّعُورِ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ بِخُرُوجِهِ عَنْ الْمُوَاجِهَةِ الْحَقِيقِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالْخَفِيفُ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي جَانِبٍ وَحْدَهُ وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مِمَّا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ. (تَنْبِيهٌ) يَجْرِي هُنَا مَا سَيَأْتِي فِي الْغُسْلِ مِنْ أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا تَحْتَ طُبُوعٍ عَسُرَ زَوَالُهُ وَإِنْ كَثُرَ، وَتَجِبُ إزَالَتُهُ مَعَ الشَّعْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُثْلَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (يَدَيْهِ) أَيْ كُلِّ يَدٍ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَعُلِمَتْ زِيَادَتُهَا مَعَ الْمُسَامَتَةِ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ زَادَ طُولُ الْمُسَامَتَةِ عَلَى الْأَصْلِيَّةِ وَسَوَاءٌ بَقِيَتْ الْأَصْلِيَّةُ أَوْ قُطِعَتْ، وَخَالَفَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ غُسْلَهَا كَانَ لِلتَّبَعِيَّةِ وَقَدْ زَالَتْ، وَالْكَلَامُ فِي يَدٍ نَبَتَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَإِلَّا فَيَجِبُ غَسْلُهَا مُطْلَقًا، وَالْجِلْدَةُ يُعْتَبَرُ فِيهَا مَحَلُّ انْتِهَائِهَا، فَإِنْ ثَبَتَ طَرَفَاهَا فَكَأَصْلِهَا، وَفَارَقَتْ اعْتِبَارَ الِابْتِدَاءِ فِي شَجَرٍ نُقِلَ مِنْ الْحَرَمِ أَوْ عَكْسِهِ، لِأَنَّ النَّظَرَ فِيهِ إلَى الْوَصْفِ بِكَوْنِهِ حَرَمِيًّا أَوْ لَا، وَيَجِبُ غَسْلُ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي وُجُوبِ غَسْلِ ظَاهِرِ الْخَارِجِ) هَذَا بِعُمُومِهِ يَشْمَلُ الْخَارِجَ مِنْ اللِّحْيَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الشُّعُورِ النَّادِرَةِ الْكَثَافَةِ، فَتَسْتَفِيدُ مِنْهُ أَنَّ بَاطِنَ الْخَارِجِ الْكَثِيفَ وَلَوْ مِنْ عَذَارٍ وَنَحْوِهِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ قَطْعًا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، فَيَكُونُ مَقَالُ الْمِنْهَاجِ وَفِي قَوْلٍ بِالنَّظَرِ لِلْكَثِيفِ إيجَابَ غَسْلِ ظَاهِرِهِ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَفِي قَوْلٍ إلَخْ يَأْبَى ذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَزَادَهُ مَعَ غَيْرِهِ) هُوَ حُكْمُ ظَاهِرِ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 وَدَلَّ عَلَى دُخُولِهِمَا فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ، ثُمَّ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ» . (فَإِنْ قُطِعَ بَعْضُهُ) أَيْ بَعْضُ الْمَذْكُورِ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالْيَدُ مُؤَنَّثَةٌ (وَجَبَ غَسْلُ مَا بَقِيَ) مِنْهُ (أَوْ مِنْ مِرْفَقَيْهِ) بِأَنْ فُكَّ عَظْمُ الذِّرَاعِ مِنْ عَظْمِ الْعَضُدِ (فَرَأْسُ أَعْظَمِ الْعَضُدِ) يَجِبُ غَسْلُهُ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمِرْفَقِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ لَا، وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلُهُ حَالَةَ الِاتِّصَالِ لِضَرُورَةِ غَسْلِ الْمِرْفَقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْوُجُوبِ، وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ. (أَوْ) مِنْ (فَوْقِهِ نُدِبَ) غَسْلُ (بَاقِي عَضُدِهِ) مُحَافَظَةً عَلَى التَّحْجِيلِ وَسَيَأْتِي. (الرَّابِعُ: مُسَمَّى مَسْحٍ لِبَشَرَةِ رَأْسِهِ أَوْ شَعْرٍ فِي حَدِّهِ) أَيْ حَدِّ الرَّأْسِ بِأَنْ لَا يَخْرُجَ بِالْمَدِّ عَنْهُ وَلَوْ خَرَجَ عَنْهُ بِالْمَدِّ لَمْ يَكْفِهِ الْمَسْحُ عَلَى الْخَارِجِ. قَالَ تَعَالَى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ» فَدَلَّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمَسْحِ الْبَعْضِ، وَالرَّأْسُ مُذَكَّرٌ (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ غَسْلِهِ) لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ. (وَ) جَوَازُ (وَضْعِ الْيَدِ) عَلَيْهِ (بِلَا مَدٍّ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ وُصُولِ الْبَلَلِ إلَيْهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهِمَا يَقُولُ مَا ذُكِرَ لَا يُسَمَّى مَسْحًا. (الْخَامِسُ: غَسْلُ رِجْلَيْهِ مَعَ كَعْبَيْهِ) مِنْ كُلِّ رِجْلٍ، وَهُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ. قَالَ تَعَالَى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] قُرِئَ فِي السَّبْعِ بِالنَّصْبِ وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْأَيْدِي لَفْظًا فِي الْأَوَّلِ وَمَعْنًى فِي الثَّانِي   [حاشية قليوبي] يَدٍ الْتَصَقَتْ فِي مَحَلِّ يَدِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهَا بَعْدَ قَطْعِهَا بِحَرَارَةِ الدَّمِ، بِحَيْثُ يُخْشَى مِنْ إزَالَتِهَا مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ، وَيَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ كَفٍّ أَوْ أُصْبُعٍ مِنْ نَحْوِ نَقْدٍ، وَغَسْلُ مَوْضِعِ شَوْكَةٍ إنْ كَانَ لَوْ قُلِعَتْ لَا يَنْطَبِقُ مَوْضِعُهَا، وَلَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ مَعَهَا وَإِلَّا فَلَا، وَيَجِبُ غَسْلُ مَا عَلَى الْيَدَيْنِ مِنْ شَعْرٍ وَإِنْ كَثُفَ وَطَالَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَيَجِبُ إزَالَةُ مَا عَلَيْهِمَا مِنْ نَحْوِ جِرْمٍ كَشَمْعٍ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ، وَلَا يَضُرُّ لَوْنُ نَحْوَ صَبَّاغٍ وَلَا دُهْنٌ لَا جِرْمَ لَهُ، وَيَجِبُ إزَالَةُ نَحْوِ قَشَفٍ مَيِّتٍ وَمَا تَحْتَ ظُفْرٍ مِنْ وَسَخٍ يَمْنَعُ الْمَاءَ. قَوْلُهُ: (مِرْفَقَيْهِ) وَلَوْ تَقْدِيرًا مِنْ أَمْثَالِهِ. قَوْلُهُ: (أَشْرَعَ) بِالْهَمْزِ أَوَّلُهُ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ أَشْرَعَ وَشَرَعَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ لُغَةً. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مِنْ الْمِرْفَقِ) إذْ الْمِرْفَقُ اسْمٌ لِلْعِظَامِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ حَيْثُ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (لِبَشَرَةِ رَأْسِهِ) وَمِنْهَا الْبَيَاضُ فَوْقَ الْأُذُنِ لَا مَا حَوْلَهَا. قَوْلُهُ: (شَعْرٍ) وَيَكْفِي شَعْرَةٌ أَوْ بَعْضُهَا. قَوْلُهُ: (فِي حَدِّهِ) أَيْ حَالَةَ مَسْحِهِ فَلَا يَضُرُّ إزَالَتُهُ بِالْحَلْقِ بَعْدَهُ كَقَطْعِ الْيَدِ بَعْدَ غَسْلِهَا وَلَا خُرُوجُهُ عَنْ الْحَدِّ بِطُولِهِ بَعْدَ الْمَسْحِ أَيْضًا، وَمِثْلُهُ جِلْدَةٌ تَدَلَّتْ فَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى مَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَرَجَ بِالْمَدِّ) أَيْ جِهَةَ اسْتِرْسَالِهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ الْمَسْحُ عَلَى الْخَارِجِ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَأْسًا، وَصَحَّ تَقْصِيرُهُ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهُ يُسَمَّى شَعْرًا، تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ وُصُولِ الْبَلَلِ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ مَسَحَ شَيْئًا عَلَى رَأْسِهِ فَوَصَلَ الْبَلَلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَكْفِي، قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: مَا لَمْ يَقْصِدْ مَا عَلَى الرَّأْسِ فَقَطْ كَمَا فِي الْجُرْمُوقِ، وَيُوَافِقُهُ بَعْضُ نُسَخِ شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ هُنَا مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَسْحَ هُنَا أَصْلٌ، وَلِأَنَّ مَا عَلَى الرَّأْسِ قَدْ يُطْلَبُ مَسْحُهُ، انْتَهَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا يُسَمَّى مَسْحًا) وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ يُوَافِقُهُ لَكِنَّهُ نَظَرَ إلَى حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْمَقْصُودِ مِنْ الْمَسْحِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ، فَلَا مُخَالَفَةَ، إلَّا فِي اللَّفْظِ، إذْ حَقِيقَةُ الْغُسْلِ غَيْرُ حَقِيقَةِ الْمَسْحِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (كَعْبَيْهِ) وَلَوْ تَقْدِيرًا لِمَنْ فَقَدَهُمَا خِلْقَةً مِنْ أَمْثَالِهِ. قَوْلُهُ: (عَطْفٌ عَلَى الْأَيْدِي) كَانَ الْمُوَافِقُ لِلْقَاعِدَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْوُجُوهِ كَمَا فَعَلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (وَمَعْنًى) أَيْ تَقْدِيرًا فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِفَتْحَةٍ مَقْدِرَةٍ مَنَعَ مِنْهَا حَرَكَةُ الْجُوَارِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَرَكَةَ إعْرَابٍ خِلَافًا لِلدَّمَامِينِيِّ، فَقَوْلُهُ لِجَرِّهِ عَلَى الْجُوَارِ فِيهِ تَسَامُحٌ، لِأَنَّ الْجَرَّ بِالْمُجَاوِرَةِ لَا يَكُونُ مَعَ الْوَاوِ، وَبِفَرْضِ جَوَازِهِ مَعَهَا عَلَى مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ لَا يَنْبَغِي تَخْرِيجُ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الشَّارِحِ: (حَتَّى أَشْرَعَ إلَخْ) أَيْ دَخَلَ فِيهَا، وَمِنْهُ أَشْرَعَ بَابًا إلَى الطَّرِيقِ أَيْ فَتَحَهُ، ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 لِجَرِّهِ عَلَى الْجُوَارِ، وَالْفَصْلُ بَيْنَ الْمَعْطُوفَيْنِ لِلْإِشَارَةِ إلَى التَّرْتِيبِ بِتَقْدِيمِ الْمَسْحِ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَدَلَّ عَلَى دُخُولِ الْكَعْبَيْنِ فِي الْغَسْلِ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ فِي الْيَدَيْنِ: وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ هُوَ الْأَصْلُ، وَسَيَأْتِي جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بَدَلَهُ. (السَّادِسُ: تَرْتِيبُهُ هَكَذَا) أَيْ كَمَا ذُكِرَ مِنْ الْبُدَاءَةِ بِغَسْلِ الْوَجْهِ ثُمَّ الْيَدَيْنِ ثُمَّ الرَّأْسِ ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ لِلِاتِّبَاعِ كَمَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ وَغَيْرِهِ. (فَلَوْ اغْتَسَلَ مُحْدِثٌ) بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ بَدَلَهُ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُ تَرْتِيبٍ بِأَنْ غَطَسَ وَمَكَثَ) قَدْرَ التَّرْتِيبِ (صَحَّ) لَهُ الْوُضُوءُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَقْدِيرُ التَّرْتِيبِ فِيهِ بِأَنْ غَطَسَ وَخَرَجَ فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ (فَلَا) يَصِحُّ لَهُ وُضُوءٌ (قُلْت: الْأَصَحُّ الصِّحَّةُ بِلَا مُكْثٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي لِلْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فَلِلْأَصْغَرِ أَوْلَى وَقِيلَ لَا يَصِحُّ فِي الْمُكْثِ أَيْضًا لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِيهِ تَقْدِيرِيٌّ لَا تَحْقِيقِيٌّ. (وَسُنَنُهُ) أَيْ الْوُضُوءِ (السِّوَاكُ عَرْضًا) لِحَدِيثِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» أَيْ أَمْرَ إيجَابٍ، رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ وَحَدِيثِ «إذَا اسْتَكْتُمْ فَاسْتَاكُوا عَرْضًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ. وَالْمُرَادُ عَرْضُ الْأَسْنَانِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: كَرِهَ جَمَاعَاتٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الِاسْتِيَاكَ طُولًا أَيْ لِأَنَّهُ يَجْرَحُ اللِّثَةَ (بِكُلِّ خَشِنٍ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، وَأَوْلَاهُ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ) الْمُرَادُ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ انْغِسَالُهَا سَوَاءٌ بِالْفِعْلِ أَوْ لَا، لَكِنْ مَعَ مُلَاحَظَتِهِ فِي الثَّانِي، وَيَكْفِي ظَنُّ غَسْلِهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ الْيَقِينُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْحَسَنُ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ الْوَادِي تَوَضَّأَ وُضُوءًا لَمْ يَبُلَّ مِنْهُ الثَّرَى. (فَائِدَةٌ) فِي ذِكْرِ حُكْمِهِ لِجَمْعِ الْمَرَافِقِ وَتَثْنِيَةِ الْكَعْبَيْنِ فِي الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ، مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَ عَكْسُ ذَلِكَ، وَهِيَ أَنَّ لِكُلِّ مِرْفَقٍ ثَلَاثَةُ عِظَامٍ، فَجُمْلَةُ الْمِرْفَقَيْنِ سِتَّةُ أَعْظُمَ، أَرْبَعَةٌ مِنْ رَأْسِ الْعَضُدَيْنِ، وَاثْنَانِ مِنْ السَّاعِدَيْنِ، فَلَوْ ذَكَرَ التَّثْنِيَةَ فِيهِمَا لَتُوُهِّمَ إخْرَاجُ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى وَأَنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ كَعْبَيْنِ، وَلَوْ ذَكَرَهُمَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ لَتُوُهِّمَ أَنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ ثَلَاثَةَ كُعُوبٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (تَرْتِيبُهُ) وَلَا يَسْقُطُ بِجَهْلٍ وَلَا نِسْيَانٍ وَلَا إكْرَاهٍ، فَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى تَنْكِيسِهِ حَصَلَ لَهُ الْوَجْهُ فَقَطْ، وَلَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ غُصِبَ مَاؤُهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (اغْتَسَلَ) وَلَوْ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ. قَوْلُهُ: (غَطَسَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ يَغْطِسُ بِكَسْرِهَا كَضَرَبَ يَضْرِبُ. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ) أَيْ بِنِيَّةٍ مِنْ نِيَّاتِهِ أَوْ بِنِيَّةٍ مِنْ نِيَّاتِ الْغُسْلِ غَلَطًا، وَلَا بُدَّ مِنْ مُمَاسَّةِ الْمَاءِ لِجُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ عِنْدَ النِّيَّةِ لِإِتْمَامِ الِانْغِمَاس وَلَوْ مُنَكَّسًا. قَوْلُهُ: (بَدَلَهُ) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ فَلَا يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي إلَخْ) فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ الْأَكْبَرُ كَفَاهُ أَيْضًا نِيَّتُهُ عَنْ نِيَّةِ الْأَصْغَرِ، وَإِنْ نَفَاهُ لِاضْمِحْلَالِهِ مَعَهُ، وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ أَغْفَلَ لَمْعَةً مِنْ بَدَنِهِ لَمْ يَكْتَفِ بِهِ عَنْ الْأَصْغَرِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا إنْ كَانَ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لَمْ يَضُرَّ، أَوْ فِيهَا وَجَبَ غَسْلُهَا. وَغَسْلُ مَا بَعْدَهَا مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ حِينَئِذٍ، وَلَوْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ إلَّا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَرَادَ غَسْلَهَا وَلَوْ بَعْدَ حَدَثٍ أَصْغَرَ قَبْلَ غَسْلِهَا لَمْ يَجِبْ تَرْتِيبُهَا، وَلَوْ اغْتَسَلَ إلَّا رِجْلَيْهِ مَثَلًا ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ غَسَلَهُمَا ثُمَّ تَوَضَّأَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إعَادَةُ غَسْلِهِمَا، وَيُقَالُ هَذَا وُضُوءٌ خَالٍ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَهُمَا مَكْشُوفَتَانِ بِلَا عِلَّةٍ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: وَخَالٍ عَنْ التَّرْتِيبِ أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَهَلْ بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ كَالرِّجْلَيْنِ؟ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَلِلْأَصْغَرِ أَوْلَى) لِأَنَّ قِيَامَ غَسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ مَقَامَ غَسْلِ بَعْضِهِ أَقْوَى وَأَحَقُّ بِالِاعْتِبَارِ. [سُنَن الْوُضُوء] قَوْلُهُ: (وَسُنَنُهُ إلَخْ) قَدْ أَوْصَلَهَا بَعْضُهُمْ إلَى نَحْوِ الْخَمْسِينَ سُنَّةً، فَالْحَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ تَعْرِيفِ الْجُمْلَةِ بِالنَّظَرِ لِلْمَذْكُورِ هُنَا. قَوْلُهُ: (أَيْ الْوُضُوءِ) وَكَذَا التَّيَمُّمُ وَالْغُسْلُ وَإِنْ اسْتَاكَ لِلْوُضُوءِ قَبْلَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (السِّوَاكُ) أَيْ الِاسْتِيَاكُ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى آلَةِ الدَّلْكِ وَلَوْ بِغَيْرِ سِوَاكٍ، وَعَلَى اسْتِعْمَالِ الْآلَةِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْفَمِ. وَالْمُرَادُ هُنَا اسْتِعْمَالُهَا فِي الْفَمِ، وَلِذَلِكَ عَرَّفُوهُ بِأَنَّهُ اسْتِعْمَالُ آلَةٍ مَخْصُوصَةٍ فِي أَجْزَاءِ الْفَمِ، وَأَصْلُهُ النَّدْبُ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ مُطْلَقًا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ، وَقَدْ يَخْرُجُ عَنْهُ لِعَارِضٍ مِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ فَيَحْرُمُ لِنَحْوِ ضَرَرٍ أَوْ عَدَمِ إذْنٍ فِي سِوَاكِ غَيْرِهِ، وَيُكْرَهُ كَمَا يَأْتِي، وَيَجِبُ لِنَحْوِ إزَالَةِ نَجَاسَةٍ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا حَدِيثٌ فِي الزَّيْتُونِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ، وَلَفْظُهُ: «هَذَا سِوَاكِي وَسِوَاكُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي وَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» انْتَهَى. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَهُ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ. قَوْلُهُ: (عَرْضًا) هُوَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، فَلَوْ عَطَفَهُ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ (عَرْضُ الْأَسْنَانِ) سَوَاءٌ ظَاهِرُهَا وَبَاطِنُهَا وَيُسَنُّ التَّيَامُنُ   [حاشية عميرة] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 الْأَرَاكُ. «قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كُنْت أَجْتَنِي لِرَسُولِ اللَّهِ سِوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ» . رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ (لَا أُصْبُعُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى اسْتِيَاكًا، وَالثَّانِي يَكْفِي، وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ، وَيَكْفِي بِأُصْبُعِ غَيْرِهِ قَطْعًا كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ، وَنَبَّهَ فِيهَا عَلَى زِيَادَتِهِ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَلَى الْمُحَرَّرِ. (وَيُسَنُّ لِلصَّلَاةِ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» أَيْ أَمْرَ إيجَابٍ (وَتَغَيُّرِ الْفَمِ) بِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ» ، أَيْ يُدَلِّكُهُ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَرَوَى النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ حَدِيثَ «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ» بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا، أَيْ آلَةٌ تُنَظِّفُهُ مِنْ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ (وَلَا يُكْرَهُ إلَّا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» . وَالْخُلُوفُ بِضَمِّ الْخَاءِ التَّغَيُّرُ وَالْمُرَادُ الْخُلُوفُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ لِحَدِيثِ «أُعْطِيت أُمَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسًا قَالَ: وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَإِنَّهُمْ يُمْسُونَ وَخُلُوفُ أَفْوَاهِهِمْ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ فِي مُسْنَدِهِ وَأَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيُّ فِي أَمَالِيهِ   [حاشية قليوبي] فِيهَا بِأَنْ يَبْدَأَ مِنْ أَوَّلِ الْأَضْرَاسِ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ إلَى وَسَطِ الْأَسْنَانِ، ثُمَّ مِنْ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ وَأَقَلُّهُ مَرَّةً. قَوْلُهُ: (كَرِهَ جَمَاعَاتٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةُ، إذْ هُوَ مَنْدُوبٌ فِي كُلِّ حَالٍ وَفِي كُلِّ وَقْتٍ وَيَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ وَإِنْ حَرُمَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ طُولًا) أَيْ فِي غَيْرِ اللِّسَانِ، فَيُسَنُّ فِيهِ طُولًا ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ. قَوْلُهُ: (بِكُلِّ خَشِنٍ) أَيْ طَاهِرٍ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَإِنْ كَانَ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ مَعَهُ كَمَا مَرَّ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُوَافِقُهُ. نَعَمْ يُغْتَفَرُ دَمُ لِثَتِهِ لِلْمَشَقَّةِ. قَوْلُهُ: (وَأَوْلَاهُ الْأَرَاكُ) ثُمَّ جَرِيدُ النَّخْلِ، ثُمَّ الزَّيْتُونُ، ثُمَّ ذُو رِيحٍ طَيِّبٍ، ثُمَّ مَا لَا رِيحَ لَهُ، وَرَطْبُ كُلِّ نَوْعٍ أَوْلَى مِنْ يَابِسِهِ، ثُمَّ الْمُنَدَّى بِالْمَاءِ، ثُمَّ بِنَحْوِ مَاءِ الْوَرْدِ، ثُمَّ بِالرِّيقِ، فَالْمُنَدَّى بِالرِّيقِ مِنْ الْأَرَاكِ أَوْلَى مِنْ رَطْبِ الْجَرِيدِ وَهَكَذَا، وَيُسَنُّ أَنْ يَبْلَعَ رِيقَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَيُكْرَهُ بِعُودِ الْمُرْسِينَ لِمَا قِيلَ إنَّهُ يُورَثُ الْجُذَامَ. قَوْلُهُ: (لَا أُصْبُعِهِ) . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الْمُتَّصِلَةُ فَيَكْفِي بِالْمُنْفَصِلَةِ وَبِأُصْبُعِ غَيْرِهِ مُطْلَقًا، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّ أُصْبُعَهُ لَا تَكْفِي مُطْلَقًا، وَأَنَّ أُصْبُعَ غَيْرِهِ تَكْفِي إنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً مِنْ حَيٍّ وَإِلَّا فَلَا، وَيَحْرُمُ بِالْمُنْفَصِلَةِ وَلَوْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ إذْنِ صَاحِبِهَا لِانْقِطَاعِ حَقِّهِ مِنْهَا بِقَطْعِهَا وَكَالْأُصْبُعِ غَيْرُهَا كَالشَّعْرِ وَيُجْزِئُ بِجُزْءِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ مِنْ الْحَيَوَانِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَمْ يَظْهَرْ لِي حِكْمَةُ تَخْصِيصِ الْأُصْبُعِ بِغَيْرِهِ مَعَ أَنَّهَا مِنْهُ أَبْلَغُ فِي الْمُرَادِ، وَكَوْنُهَا مِنْ أَجْزَائِهِ لَا يَظْهَرُ بِهِ الْمَنْعُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ لِلصَّلَاةِ) أَيْ يَتَأَكَّدُ لَهَا وَلَوْ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ قُبَيْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا لَا بَعْدَهُ، وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: يُطْلَبُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا إذَا لَمْ يُوجَدْ قَبْلَهَا بِفِعْلٍ خَفِيفٍ وَخَالَفَهُ الْخَطِيبُ. (تَنْبِيهٌ) مَتَى كَانَ السِّوَاكُ مُسْتَقِلًّا نُدِبَ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ كَانَ فِي ضِمْنٍ مِنْ عِبَادَةٍ فَلَا، كَذَا قَالُوا، وَفِيهِ بَحْثٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَتَغَيُّرِ الْفَمِ) أَيْ يَتَأَكَّدُ لَهُ وَلَوْ بِلَوْنٍ أَوْ رِيحٍ سَوَاءٌ بِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ كَأَكْلٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَغَيُّرٌ كُرِهَ لِلصَّائِمِ كَمَا يَأْتِي، وَيَتَأَكَّدُ طَلَبُهُ أَيْضًا لِقِرَاءَةِ وَذِكْرٍ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فِيهِمَا، وَيُقَدِّمُهُ عَلَى التَّعَوُّذِ لِلْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَيَتَأَكَّدُ لِتَعَلُّمٍ أَوْ تَعْلِيمٍ أَوْ سَمَاعِ حَدِيثٍ أَوْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ آلَتِهِ، وَلِسُجُودِ تِلَاوَةٍ، وَلِقِرَاءَةٍ بَعْدَهُ، وَلِسُجُودِ شُكْرٍ، وَلِدُخُولِ مَسْجِدٍ أَوْ مَنْزِلٍ وَلَوْ مِلْكًا لِغَيْرِهِ أَوْ خَالِيًا. قَوْلُهُ: (آلَةٌ تُنَظِّفُهُ) فَمُطَهِّرٌ بِمَعْنَى مُزِيلٍ وَلَوْ لِغَيْرِ الرِّيحِ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَيْهِ لَيْسَ قَيْدًا، وَتَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ نَجَسًا كَمَا. قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَتَقَدَّمَ خِلَافُهُ عَنْ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يُكْرَهُ) أَيْ الِاسْتِيَاكُ فَخَرَجَ مَا لَا يُسَمَّى بِهِ كَالْأُصْبُعِ الَّتِي لَا تُجْزِئُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (إلَّا لِلصَّائِمِ) خَرَجَ الْمُمْسِكُ وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ فِيهِ كَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ ارْتِكَابُ الْمُحَرَّمِ، وَرُدَّ بِأَنَّ سَبَبَ الْكَرَاهَةِ الْخُلُوفُ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيهِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الزَّوَالِ) وَلَوْ تَقْدِيرًا، وَلَوْ لِلصَّلَاةِ أَوْ الْوُضُوءِ أَوْ غَيْرِهِمَا إلَّا لِتَغَيُّرِ الْفَمِ بِغَيْرِ الْخُلُوفِ وَلَوْ مَعَهُ فَيُسَنُّ لَهُ، فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ تَغَيُّرٌ كُرِهَ رُجُوعًا لِأَصْلِهِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (أَطْيَبُ) أَيْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْمُرَادُ كَثْرَةُ الثَّوَابِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَهُ تَعَالَى كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَبِذَلِكَ فُضِّلَ كَمِدَادِ الْعُلَمَاءِ عَلَى دَمِ الشَّهِيدِ الَّذِي هُوَ كَرِيحِ الْمِسْكِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمَسَاءِ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ مُبِينٌ لِلْإِطْلَاقِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى، فَتُحْمَلُ عَلَيْهَا، فَهُوَ مِنْ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ لَا مِنْ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ كَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ، إذْ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ تَقْيِيدُ أَحَادِيثِ الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ وَنَحْوِهِمَا بِهِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ، وَتَقْيِيدُهُ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ فِيهِ مِنْ أَثَرِ الصَّوْمِ وَقَبْلَهُ مِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ غَالِبًا، فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ طَعَامٌ يُحَالُ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ كَالْمُوَاصِلِ وَالْمَجَامِعِ عَادَتْ الْكَرَاهَةُ بِالْفَجْرِ أَخْذًا بِالْحِكْمَةِ الْمَذْكُورَةِ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ، وَفِيهِ بَحْثٌ مَعَ قَوْلِهِمْ غَالِبًا كَمَا مَرَّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الثَّانِيَةُ إلَخْ)   [حاشية عميرة] لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ) اُنْظُرْ هَلْ فِي مَعْنَاهُ الْمُمْسِكُ لِتَرْكِ النِّيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْمُرَادُ الْخُلُوفُ إلَخْ) لَك أَنْ تَسْتَشْكِلَ فِي هَذَا بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ ذِكْرِ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ، وَهُوَ لَا يُخَصَّصُ إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّخْصِيصُ وَاقِعٌ بِالْمَفْهُومِ، نَظِيرُهُ مَا قِيلَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» مَعَ حَدِيثِ الْإِفْضَاءِ، ثُمَّ تَأَمَّلْ هَذَا الْحَدِيثَ مَعَ أَحَادِيثِ طَلَبِ السِّوَاكِ لِلصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 وَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ حِكَايَةِ ابْنِ الصَّلَاحِ. وَالْمَسَاءُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَأَطْيَبِيَّةُ الْخُلُوفِ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ إبْقَائِهِ فَتُكْرَهُ إزَالَتُهُ (وَالتَّسْمِيَةُ أَوَّلُهُ) لِمَا رَوَى النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضُوءًا فَلَمْ يَجِدْهُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ؟ فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ قَالَ: تَوَضَّئُوا بِسْمِ اللَّهِ فَرَأَيْت الْمَاءَ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، حَتَّى تَوَضَّئُوا وَكَانُوا نَحْوَ سَبْعِينَ» . وَالْوَضُوءُ بِفَتْحِ الْوَاوِ الْمَاءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ. وَقَوْلُهُ: " بِسْمِ اللَّهِ " أَيْ قَائِلِينَ ذَلِكَ. وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّسْمِيَةِ وَأَكْمَلُهَا كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ» مِنْ جُمْلَةِ رِوَايَاتِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أَقْطَعُ أَيْ قَلِيلُ الْبَرَكَةِ (فَإِنْ تَرَكَ) عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (فَفِي أَثْنَائِهِ) يَأْتِي بِهَا تَدَارُكًا لَهَا وَلَا يَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا، وَقَالَ فِيهِ: إذَا أَتَى بِهَا فِي أَثْنَائِهِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ عَلَى أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ. وَالْمُرَادُ بِأَوَّلِهِ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ أَوَّلَهُ لِيُثَابَ عَلَى سُنَنِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ فَيَنْوِيَ وَيُسَمِّيَ   [حاشية قليوبي] وَصَدْرُ الْحَدِيثِ «أَمَّا الْأُولَى فَإِنَّهُ إذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ نَظَرَ اللَّهُ إلَيْهِمْ وَمَنْ نَظَرَ اللَّهُ إلَيْهِ لَا يُعَذِّبُهُ أَبَدًا» وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، «وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَسْتَغْفِرُ لَهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ جَنَّتَهُ فَيَقُولُ لَهَا اسْتَعِدِّي وَتَزَيَّنِي لِعِبَادِي أَوْشَكَ أَنْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ تَعَبِ الدُّنْيَا إلَى دَارِ كَرَامَتِي وَأَمَّا الْخَامِسَةُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ آخِرُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُمْ جَمِيعًا فَقَالَ رَجُلٌ: أَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: لَا أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْعُمَّالَ يَعْمَلُونَ فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ أَعْمَالِهِمْ وُفُّوا أُجُورَهُمْ» . قَوْلُهُ: (تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ إبْقَائِهِ) أَيْ طَلَبًا مُؤَكَّدًا أَخْذًا مِنْ الْأَطْيَبِيَّةِ فَصَحَّ التَّفْرِيعُ بِقَوْلِهِ: فَتُكْرَهُ إزَالَتُهُ، وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِالْغُرُوبِ وَلَوْ لِلْمُوَاصِلِ لِعَدَمِ الصَّوْمِ بَعْدَهُ. نَعَمْ إنْ أَزَالَهُ غَيْرُهُ نَهَارًا بِغَيْرِ إذْنِهِ حَرُمَ كَمَا فِي دَمِ الشَّهِيدِ، وَإِذَا مَاتَ بَطَلَ صَوْمُهُ، فَلَا تُكْرَهُ الْإِزَالَةُ، وَفَارَقَ حُرْمَةَ تَطَيُّبِ الْمُحْرِمِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِبَقَاءِ أَثَرِ الْإِحْرَامِ بَعْدَهُ، وَمِثْلُهُ دَمُ الشَّهِيدِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُكْرَهْ الْمَضْمَضَةُ بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ الرِّيحَ بِخِلَافِ السِّوَاكِ. (فُرُوعٌ) يُنْدَبُ أَنْ يَسْتَاكَ بِيَمِينِهِ لِبُعْدِهَا عَنْ مُبَاشَرَةِ الْقَذَرِ وَغَسْلُ السِّوَاكِ إنْ حَصَلَ فِيهِ قَذَرٌ وَوَضْعُهُ خَلْفَ أُذُنِهِ الْيُسْرَى وَإِلَّا فَعَلَى الْأَرْضِ مَنْصُوبًا بِالْأَمْرِ مَيًّا، وَغَسْلُهُ قَبْلَ وَضْعِهِ، وَأَنْ لَا يَسْتَاكَ بِطَرَفِهِ الْآخَرِ، وَوَضْعُهُ فَوْقَ إبْهَامِهِ وَخِنْصَرِهِ وَتَحْتَ بَقِيَّةِ الْأَصَابِعِ، وَكَوْنُهُ طُولَ شِبْرٍ، وَعَدَمُ امْتِصَاصِهِ، وَتَقَدَّمَتْ نِيَّتُهُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ لَهُ فَوَائِدَ تَزِيدُ عَلَى السَّبْعِينَ مِنْهَا أَنَّهُ يُبَيِّضُ الْأَسْنَانَ، وَيُزِيلُ الْقَلَحَ عَنْهَا وَحَفْرَهَا، وَيُثَبِّتُهَا، وَيُزِيلُ بَلَّةَ اللِّثَةِ وَرَخَاوَتِهَا وَالرَّائِحَةَ الْكَرِيهَةَ وَيُحَمِّرُ اللَّوْنَ وَيَدْفَعُ فَسَادَهُ وَيُقِيمُ الصُّلْبَ وَيُصَلِّبُ اللَّحْمَ وَيُرْضِي الرَّبَّ وَيُزِيدُ ثَوَابَ الصَّلَاةِ وَيُذَكِّرُ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ عَكْسَ الْحَشِيشَةِ، وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ فِيهَا مِائَةً وَعِشْرِينَ مَضَرَّةً دِينِيَّةً وَبَدَنِيَّةً تُرَاجَعْ مِنْ مَحَلِّهَا كَالْمَوَاهِبِ. قَوْلُهُ: (وَالتَّسْمِيَةُ) وَيُنْدَبُ قَبْلَهَا الِاسْتِعَاذَةُ {رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} [المؤمنون: 97] وَأَنْ يَقُولَ بَعْدَهَا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُورًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَنِعْمَتِهِ. وَهِيَ سُنَّةُ عَيْنٍ لِلْمُنْفَرِدِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ، وَكِفَايَةٍ لِغَيْرِهِ كَمَا فِي الْجِمَاعِ. وَوُضُوءُ جَمَاعَةٍ مِنْ إنَاءٍ صَغِيرٍ عُرْفًا لَا شَيْءَ يُطَهِّرُهُ أَوْ قَنَاةٍ، وَيُكْرَهُ عَلَى الْمَكْرُوهِ وَالْحَرَامِ عِنْدَ الْعَلَّامَةِ الْبُرُلُّسِيِّ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: تَحْرُمُ عَلَى الْحَرَامِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَطَعَامٍ مَغْصُوبٍ وَإِنْ اخْتَلَطَ بِمِلْكِهِ وَوُضُوءٌ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ كَذَلِكَ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِيهِ لَا لِذَاتِهِ، وَبِهِ قَالَ الْعَبَّادِيُّ. قَوْلُهُ: (الَّذِي يَتَوَضَّأُ بِهِ) أَيْ الَّذِي يَصِحُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ لَا مَا أُعِدَّ لَهُ خَاصَّةً. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ هُوَ الْمُرَادُ بِالتَّسْمِيَةِ، فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ، وَحَمْلُهَا عَلَى الْأَقَلِّ لِأَجْلِ الدَّلِيلِ، وَزَادَ عَلَيْهِ الْأَكْمَلُ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَأَكْمَلُهَا أَفْضَلُ) وَلَوْ لِلْجُنُبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (ذِي بَالٍ) أَيْ حَالٍ يَهْتَمُّ بِهِ شَرْعًا وَتَقَدَّمَ مُحْتَرِزُهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَرَكَ) أَيْ الْمُتَوَضِّئُ فَهُوَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَضَمِيرُهُ لِلْإِتْيَانِ الْمَعْلُومِ يَرُدُّ قَوْلَ الشَّارِحِ يَأْتِي بِهَا وَلَمْ يَقُلْ يُؤْتَى بِهِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَفِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ إلَّا نَحْوَ الْجِمَاعِ مِمَّا يُكْرَهُ الْكَلَامُ فِي أَثْنَائِهِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْفَرَاغِ) وَلَيْسَ مِنْهُ التَّشَهُّدُ الْمَطْلُوبُ عَقِبَهُ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ، وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا، وَفَارَقَ الْأَكْلَ حَيْثُ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ لِأَنَّ فِيهِ رَغْمَ أَنْفِ الشَّيْطَانِ حَيْثُ يَتَقَايَأُ مَا أَكَلَهُ. وَهَلْ يَتَقَايَأُ فِي الْإِنَاءِ أَوْ خَارِجِهِ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (يُسْتَحَبُّ إلَخْ) أَيْ الْأَكْمَلُ ذَلِكَ وَمِنْهُ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ بِغَيْرِ لَفْظِ عَلَى، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى بِسْمِ اللَّهِ كَفَى. قَوْلُهُ: (فَيَنْوِي) بِقَلْبِهِ وَيُسَمِّي بِلِسَانِهِ ثُمَّ يَنْوِي بِلِسَانِهِ بِنِيَّةٍ مِنْ نِيَّاتِ الْوُضُوءِ، وَلَوْ رَفْعَ الْحَدَثِ وَيَسْتَاكُ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ فَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِيَّةِ تَقَدُّمُ جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى فَرَاغِ غُسْلِ   [حاشية عميرة] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْإِقْلِيدِ. (وَغَسْلُ كَفَّيْهِ) فَحَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ وَصَفَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَأَكْفَأَ مِنْهُ عَلَى يَدَيْهِ، فَغَسَلَهُمَا ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا إلَى آخِرِهِ» . (فَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ طُهْرَهُمَا) بِأَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ (كُرِهَ غَمْسُهُمَا فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهِمَا) لِحَدِيثِ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْسِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ إلَّا قَوْلَهُ ثَلَاثًا فَمُسْلِمٌ أَشَارَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ إلَى احْتِمَالِ نَجَاسَةِ الْيَدِ فِي النَّوْمِ، كَأَنْ تَقَعَ عَلَى مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِهِ فَيَحْصُلُ لَهُمْ التَّرَدُّدُ، وَيُلْحَقُ بِالتَّرَدُّدِ بِالنَّوْمِ التَّرَدُّدُ بِغَيْرِهِ، وَلَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ إلَّا بِغَسْلِهِمَا ثَلَاثًا، كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ لِلْحَدِيثِ، وَالْقَصْدُ بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ تَتْمِيمُ الطَّهَارَةِ. قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: احْتَرَزَ بِالْإِنَاءِ عَنْ الْبِرْكَةِ وَنَحْوِهَا، وَالْمُرَادُ إنَاءٌ فِيهِ دُونَ قُلَّتَيْنِ، فَإِنْ تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا لَمْ يُكْرَهْ غَمْسُهُمَا، وَلَا يُسْتَحَبُّ الْغَسْلُ قَبْلَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ. (وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُمَا فِي وُضُوئِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقِ وَغَيْرِهِ، وَيَحْصُلَانِ بِإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى دَاخِلِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فَصْلَهُمَا أَفْضَلُ) مِنْ جَمْعِهِمَا، وَسَيَأْتِي. (ثُمَّ الْأَصَحُّ) عَلَى الْفَصْلِ (يَتَمَضْمَضُ بِغَرْفَةٍ ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ بِأُخْرَى ثَلَاثًا) وَمُقَابِلُهُ يَفْعَلُهُمَا بِسِتِّ غَرَفَاتٍ، وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ كَمَا أَفَادَهُ، ثَمَّ (وَيُبَالِغُ فِيهِمَا غَيْرُ الصَّائِمِ) لِحَدِيثِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ «أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلدُّولَابِيِّ فِي جَمْعِهِ لِحَدِيثِ الثَّوْرِيِّ «إنْ تَوَضَّأْت فَأَبْلِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ   [حاشية قليوبي] الْكَفَّيْنِ أَوْ عَلَى الْمَضْمَضَةِ، فَلَا مُعَارَضَةَ، وَلَا حَاجَةَ إلَى دَفْعِهَا بِقَوْلِهِمْ إنَّ السِّوَاكَ أَوَّلُ سُنَنِهِ الْفِعْلِيَّةِ الَّتِي فِيهِ لَا مِنْهُ وَإِنَّ الْبَسْمَلَةَ أَوَّلُ سُنَنِهِ الْقَوْلِيَّةِ الَّتِي مِنْهُ، وَكَذَا النِّيَّةُ وَإِنَّ غَسْلَ الْكَفَّيْنِ، أَوَّلُ سُنَنِهِ الْفِعْلِيَّةِ الَّتِي مِنْهُ أَيْضًا، وَلَوْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ ذَلِكَ سَقَطَ الطَّلَبُ وَفَاتُهُ الثَّوَابُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تَرَدَّدَ) أَخْرَجَ بِهِ يَقِينَ النَّجَاسَةِ الَّتِي شَمِلَهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْغَمْسَ مَعَهُ مُحَرَّمٌ لِلتَّضَمُّخِ بِهَا. قَوْلُهُ: (فِي الْإِنَاءِ) الْمُرَادُ بِهِ الْمَاءُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ وَلَوْ فِي غَيْرِ إنَاءٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (إلَى احْتِمَالِ إلَخْ) وَالِاحْتِمَالُ شَامِلٌ لِلِاسْتِوَاءِ وَالرُّجْحَانِ الْمُسَاوِي لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِغُسْلِهِمَا ثَلَاثًا) أَيْ إلَّا بِإِتْمَامِ الثَّلَاثِ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَطْلُوبَةٌ خَارِجَ الْإِنَاءِ فِي هَذَا الْفَرْدِ الْمَخْصُوصِ وَهُوَ حَالَةُ الشَّكِّ، وَأَلْحَقُوا بِهِ حَالَةَ الْيَقِينِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا: إنَّهُ لَوْ سَبَقَ غَسْلُهُمَا عَنْ النَّجَاسَةِ مَرَّتَيْنِ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ بِوَاحِدَةٍ خَارِجَ الْإِنَاءِ، أَوْ مَرَّةً زَالَتْ الْكَرَاهَةُ بِمَرَّتَيْنِ خَارِجَ الْإِنَاءِ أَيْضًا، فَلَيْسَ طَلَبُهَا لِأَجْلِ طَهَارَةِ الْيَدِ، وَلَا لِكَوْنِ الشَّارِعِ إذَا غيا حُكْمًا إلَخْ كَمَا قِيلَ ثُمَّ هَذَا الْغُسْلُ يَكْفِي عَنْ الْغُسْلِ الْمَطْلُوبِ أَوَّلِ الْوُضُوءِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الثَّلَاثَةِ شَيْءٌ فَلَهُ فِعْلُهُ دَاخِلَ الْإِنَاءِ أَوْ خَارِجَهُ، وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ خَارِجَ الْإِنَاءِ مُغَلَّظَةٌ لَمْ تَزُلْ الْكَرَاهَةُ إلَّا بِغُسْلِهِمَا خَارِجَ الْإِنَاءِ سَبْعًا مَعَ التَّرْتِيبِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَهَذِهِ السَّبْعُ مَقَامُ وَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَطْلُوبَةِ لِلْوُضُوءِ، وَيُنْدَبُ اثْنَانِ أَيْضًا خَارِجَ الْإِنَاءِ. وَقَالَ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ: لَهُ فِعْلُهُمَا دَاخِلَ الْإِنَاءِ، وَالْمَانِعُ فِي الْكَرَاهَةِ الْمَذْكُورَةِ كَالْمَاءِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَيَقَّنَ طُهْرُهُمَا) أَيْ مُسْتَنِدًا لِلْغُسْلِ ثَلَاثًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِنْشَاقُ) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَضْمَضَةِ لِأَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهِ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَعَكَسَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ الْفَمَ مَحَلُّ الْقُرْآنِ وَالْأَذْكَارِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَصْلَهُمَا) وَهُوَ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْوَصْلُ أَنْ يَجْمَعَهُمَا فِيهَا. قَوْلُهُ: (بِسِتِّ غَرَفَاتٍ) مَعَ التَّخَلُّلِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ) أَيْ مُسْتَحَقٌّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَمُقَابِلُهُ مُسْتَحَبٌّ، فَلَوْ قَدَّمَ بَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ الِاسْتِنْشَاقَ عَلَى الْمَضْمَضَةِ أَوْ هُمَا عَلَى غَسْلِ الْكَفَّيْنِ حُسِبَ الْمُؤَخَّرُ دُونَ الْمُقَدَّمِ لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ عَلَى قَوْلِ الِاسْتِحْقَاقِ كَتَقْدِيمِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ، وَحُسِبَ الْجَمِيعُ عَلَى قَوْلِ الِاسْتِحْبَابِ كَتَقْدِيمِ الْيَدِ الْيُسْرَى عَلَى الْيَدِ الْيُمْنَى، فَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ كَوَالِدِهِ بِحُصُولِ الْمُقَدَّمِ وَفَوَاتِ الْمُؤَخَّرِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ تَبَعًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ خِلَافُ الصَّوَابِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَعَلَّ تَعْبِيرَ الشَّارِحِ بِالشَّرْطِيَّةِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ وَاحِدًا مِنْ الْقَوْلَيْنِ. نَعَمْ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فَقَطْ اتَّجَهَ حُسْبَانُهُ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ فَوَاتِ الْجَمِيعِ.   [حاشية عميرة] وَنَحْوِ ذَلِكَ تَجِدُهُمَا مُتَعَارِضَيْنِ، فَمَا الْمُرَجِّحُ لِحَدِيثِ الْخُلُوفِ؟ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَغَسْلُ كَفَّيْهِ) قِيلَ فِي غَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ لَطِيفَةٌ وَهِيَ الْإِحَاطَةُ بِمَعْرِفَةِ صِفَاتِ الْمَاءِ مِنْ اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ وَالرِّيحِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 مَا لَمْ تَكُنْ صَائِمًا» وَإِسْنَادُهَا صَحِيحٌ كَمَا. قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ. وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ أَنْ يَبْلُغَ بِالْمَاءِ أَقْصَى الْحَنَكِ وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَاتِ. وَفِي الِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يُصْعِدَ الْمَاءَ بِالنَّفَسِ إلَى الْخَيْشُومِ. أَمَّا الصَّائِمُ فَتُكْرَهُ لَهُ الْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا ذَكَرَهُ، فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (قُلْت: الْأَظْهَرُ تَفْضِيلُ الْجَمْعِ) بَيْنَهُمَا (بِثَلَاثِ غُرَفٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْ كُلٍّ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِهِ «تَمَضْمَضْ وَاسْتَنْشِقْ وَاسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ» وَقِيلَ: يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِغَرْفَةٍ يُمَضْمِضُ مِنْهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثَلَاثًا، وَدَلِيلُ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا الْقِيَاسُ عَلَى غَيْرِهِمَا فِي أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى تَطْهِيرِ عُضْوٍ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِمَّا قَبْلَهُ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد حَدِيثَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ» لَكِنْ فِيهِ رَاوٍ ضَعِيفٌ. وَرَوَى ابْنُ السَّكَنِ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالسُّنَنِ الصِّحَاحِ الْمَأْثُورَةِ «أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَعُثْمَانَ تَوَضَّآ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَأَفْرَدَا الْمَضْمَضَةَ مِنْ الِاسْتِنْشَاقِ ثُمَّ قَالَا: هَكَذَا تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» (وَتَثْلِيثُ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» ، وَحَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ عُثْمَانَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ فَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا» . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَابْنِ الصَّلَاحِ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ» ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقِ «أَنَّهُ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ رَأْسَهُ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً» . (وَيَأْخُذُ الشَّاكُّ بِالْيَقِينِ) مِنْ الثَّلَاثِ فَيُتِمُّهَا، وَقِيلَ بِالْأَكْثَرِ حَتَّى لَا يَقَعَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ، وَقِيلَ مُحَرَّمَةٌ، وَقِيلَ خِلَافُ الْأَوْلَى. (وَمَسْحُ كُلِّ رَأْسِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ   [حاشية قليوبي] (فَائِدَةٌ) حِكْمَةُ تَقْدِيمِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَةِ فِي الْوُضُوءِ أَنَّ بِهَا تَظْهَرُ أَوْصَافُ الْمَاءِ الثَّلَاثَةُ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الصَّائِمُ) وَمِثْلُهُ الْمُمْسِكُ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَتُكْرَهُ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ تَحْرُمْ كَقُبْلَتِهِ لِأَنَّ الْمَنِيَّ سَبَّاقٌ، فَلَوْ عَلِمَ سَبْقَ الْمَاءِ هُنَا حَرُمَ أَيْضًا قِيلَ، وَلِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ هُنَا مَطْلُوبَةٌ فِي الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْقُبْلَةِ، وَلِأَنَّ الْقُبْلَةَ رُبَّمَا تُؤَدِّي إلَى فِطْرِ شَخْصَيْنِ وَلَوْ احْتَاجَ إلَى الْمُبَالَغَةِ لِإِزَالَةِ نَجَسٍ وَجَبَتْ، وَلَا يَفْطُرُ إنْ سَبَقَهُ الْمَاءُ مِنْهَا لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ وَإِلَّا أَفْطَرَ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ) أَوْ يُخَلِّلُ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (الْقِيَاسُ إلَخْ) قَدَّمَهُ عَلَى النَّصِّ لِعَدَمِ صَرَاحَتِهِ فِي الْفَصْلِ. قَوْلُهُ: (تَوَضَّآ) هُوَ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَمِثْلُهُ أَفْرَدَا. قَوْلُهُ: (وَتَثْلِيثُ الْغُسْلِ وَالْمَسْحِ) لَوْ أَسْقَطَهُمَا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ السِّوَاكَ وَالنِّيَّةَ وَالتَّسْمِيَةَ وَالدُّعَاءَ وَالذِّكْرَ عَقِبَهُ وَغَيْرَهَا، وَيَشْمَلُ الْمَسْحُ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ وَالْعِمَامَةِ لَا مَسْحَ الْخُفِّ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَحْصُلُ التَّثْلِيثُ بِتَرْدِيدِ مَاءِ الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ يَخْتَلِطْ بِمَاءِ الْأُولَى وَبِتَحْرِيكِ عُضْوِهِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَا قَلِيلٍ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا، وَفَارَقَ مَاءَ الِانْغِمَاسِ لِقُوَّتِهِ بِكَثْرَتِهِ وَنَظَرٍ فِيهِ، وَلَيْسَ مِنْ التَّثْلِيثِ مَا لَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً ثُمَّ ثَانِيَةً كَذَلِكَ ثُمَّ ثَالِثَةً كَذَلِكَ بَلْ، هُوَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ تَجْدِيدٌ قَبْلَ صَلَاةٍ بِالْأَوَّلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ لِمَا فِيهِ مِنْ خُرُوجِ إسَاءَتِهِ بِالنَّقْصِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهَا لِعَدَمِ حُصُولِ التَّثْلِيثِ، فَالْوَجْهُ الْحُرْمَةُ، وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ إذَا جَدَّدَ بَعْدَ الثَّلَاثِ قَطْعًا لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ، وَقَدْ يُطْلَبُ تَرْكُ التَّثْلِيثِ نَدْبًا كَخَوْفِ فَوْتِ جَمَاعَةٍ لَا يَرْجُو غَيْرَهَا، أَوْ وُجُوبًا كَضِيقِ وَقْتٍ أَوْ قِلَّةِ مَاءٍ أَوْ احْتِيَاجِهِ لِشُرْبِهِ أَوْ كَانَ مُسَبَّلًا أَوْ مَغْصُوبًا وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَاءٍ يَكْفِي لِوَاجِبٍ فِي مَنْدُوبٍ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ) إنْ كَانَتْ فِي مَاءٍ مُبَاحٍ أَوْ مَمْلُوكٍ، وَيَحْرُمُ فِي الْمَاءِ الْمُسَبَّلِ وَلَوْ لِلطَّهَارَةِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الْوَجْهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ، وَقِيلَ مُحَرَّمَةٌ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ وَقَوْلُهُمْ: تَرْكُ سُنَّةٍ أَوْلَى مِنْ الْوُقُوعِ فِي بِدْعَةٍ مَحْمُولٌ عَلَى بِدْعَةٍ مُتَيَقِّنَةٍ كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ مِمَّا ذَكَرَ كَذَا قَالُوهُ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ بِالْخُرُوجِ مِنْ عُهْدَةِ الشَّارِعِ أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَمَسْحُ كُلِّ رَأْسِهِ) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ مَسْحِ نَاصِيَتِهِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ مَسْحِ رُبُعِ رَأْسِهِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَقَلَّ مِنْهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى وَالْمَرْأَةُ وَيَقَعُ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ الْوَاجِبِ فَرْضًا وَالْبَاقِي تَطَوُّعًا لِإِمْكَانِ التَّجَزِّي عَلَى الْقَاعِدَةِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَسْحُ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَفْضِيلُ الْجَمْعِ) أَيْ وَأَمَّا أَصْلُ السُّنَّةِ فَيَحْصُلُ بِكُلِّ كَيْفِيَّةٍ مِنْ ذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِهِ إلَى آخِرِهِ) هَذَا أَصْرَحُ مِنْ حَدِيثِهِ السَّابِقِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا سَبَقَ فِعْلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا إنْ كَانَ مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ إدْخَالَ الْيَدِ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَانَتْ تِلْكَ الرِّوَايَةُ مُقَيِّدَةً لِلْغَرْفَاتِ الثَّلَاثِ كَمَا هُنَا، وَإِنْ كَانَ مَرْجِعُهَا مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ لَمْ يُفِدْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَدَلِيلُ الْفَصْلِ الْقِيَاسُ عَلَى غَيْرِهِمَا إلَى آخِرِهِ) هَذَا قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ الْكَيْفِيَّةُ الثَّانِيَةُ مِنْ كَيْفِيَّتَيْ الْوَصْلِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 السَّابِقِ. وَالسُّنَّةُ فِي كَيْفِيَّتِهِ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَيُلْصِقَ مُسَبِّحَتَهُ بِالْأُخْرَى وَإِبْهَامَيْهِ عَلَى صُدْغَيْهِ، ثُمَّ يَذْهَبُ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا إلَى الْمَبْدَأِ، وَهَذَا لِمَنْ لَهُ شَعْرٌ يَنْقَلِبُ بِالذَّهَابِ وَالرَّدِّ لِيَصِلَ الْبَلَلُ إلَى جَمِيعِهِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى الرَّدِّ، فَلَوْ رَدَّ لَمْ تُحْسَبْ ثَانِيَةً. (ثُمَّ) مَسْحُ (أُذُنَيْهِ) ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ لَا بِبَلَلِ مَاءِ الرَّأْسِ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ يَأْخُذُ لِأُذُنَيْهِ مَاءً خِلَافَ الْمَاءِ الَّذِي أَخَذَهُ لِرَأْسِهِ وَيَمْسَحُ صِمَاخَيْهِ أَيْضًا بِمَاءٍ جَدِيدٍ ثَلَاثًا» ، وَأَفَادَ تَعْبِيرُهُ بِثُمَّ اشْتِرَاطَ تَأْخِيرِ الْأُذُنَيْنِ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ خِلَافَ تَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ بِالْوَاوِ. (فَإِنْ عَسُرَ رَفْعُ الْعِمَامَةِ) أَوْ لَمْ يُرِدْ نَزْعَهَا (كَمَّلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ» . وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ النَّاصِيَةِ. (وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ) بِالْمُثَلَّثَةِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ» ، صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَانَتْ كَثَّةً، وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ، فَخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ وَقَالَ: هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي» . وَالتَّخْلِيلُ بِالْأَصَابِعِ مِنْ أَسْفَلِ اللِّحْيَةِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَقَالَ: يُسْتَدَلُّ لَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ (وَ) تَخْلِيلُ (أَصَابِعِهِ) لِحَدِيثِ لَقِيطٍ السَّابِقِ فِي الْمُبَالَغَةِ وَيَدْخُلُ فِيهِ كَمَا قَالَ فِي الدَّقَائِقِ أَصَابِعُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَمْ يَذْكُرْ الْجُمْهُورُ تَخْلِيلَ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ، وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ كَجٍّ وَفِيهِ حَدِيثٌ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْ وَهُوَ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا تَوَضَّأْت فَخَلِّلْ أَصَابِعَ يَدَيْك وَرِجْلَيْك» وَالتَّخْلِيلُ فِي الْيَدَيْنِ بِالتَّشْبِيكِ بَيْنَهُمَا وَفِي الرِّجْلَيْنِ مِنْ أَسْفَلِ الْأَصَابِعِ بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى يَبْتَدِئُ بِخِنْصَرِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى، وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ «عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ بَيْنَ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ، وَقَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ كَمَا فَعَلْت» . (وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى) مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ عَلَى الْيَسَارِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ التَّيَامُنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ فِي طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ» . وَالتَّرَجُّلُ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ.   [حاشية قليوبي] أُذُنَيْهِ) وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ رَأْسِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيُسَنُّ مَسْحُهُمَا مَعَ الْوَجْهِ وَمَعَ الرَّأْسِ وَالِاسْتِظْهَارُ أَيْضًا فَهِيَ اثْنَتَا عَشَرَةَ مَرَّةً. قَوْلُهُ: (لَا بِبَلَلِ الرَّأْسِ) أَيْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَسُرَ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَالْعِبْرَةُ بِإِرَادَتِهِ. قَوْلُهُ: (كَمُلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا) فَلَا يَبْتَدِئُ بِهَا خِلَافًا لِلْخَطِيبِ، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهَا وَلَا يَمْسَحُ مِنْهَا مَا يُحَاذِي مَا مَسَحَهُ مِنْ الرَّأْسِ، وَيَكْفِي الْمَسْحُ فَوْقَ طَيْلَسَانٍ عَلَيْهَا، وَلَا يَرْفَعُ يَدَهُ قَبْلَ تَمَامِ مَسْحِهَا لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ التَّحْجِيلَ، وَلَا يَمْسَحُ عَلَى مَا عَلَيْهَا نَحْوَ دَمِ بَرَاغِيثَ وَلَا مَا حَرُمَ لُبْسُهَا لِذَاتِهِ كَمُحَرَّمٍ بِلَا عُذْرٍ بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَغْصُوبَةِ. قَوْلُهُ: (وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ) إلَّا لِمُحْرِمٍ خَوْفَ إزَالَةِ الشَّعْرِ لِقُرْبِهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْمَضْمَضَةَ لِلصَّائِمِ، وَتَخْلِيلُ كُلِّ مَرَّةٍ قَبْلَهَا أَوْلَى لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الْإِسْرَافِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ التَّخْلِيلِ مِنْ حَيْثُ طَلَبُ التَّثْلِيثِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَسْفَلِ اللِّحْيَةِ) أَيْ عَلَى الْأَفْضَلِ، وَيَحْصُلُ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ كَانَتْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (بِالتَّشْبِيكِ) لِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إلَّا لِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ أَوْ الْجَائِي إلَيْهَا، وَخَرَجَ بِهِ وَضْعُ الْأَصَابِعِ بَيْنَ بَعْضِهَا فَلَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَيَطْهُرَانِ دَفْعَةً) إلَّا لِنَحْوِ أَقْطَعَ، وَلَا يَضُرُّ فِي التَّيَامُنِ غَسْلُ كَفَّيْهِ مَعًا بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ لِدَفْعِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَمُخَالَفَةُ التَّيَامُنِ خِلَافُ الْأَوْلَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَكَذَا جَمِيعُ مَا بَعْدَهُ قَوْلُهُ: (بِأَعْلَى الْوَجْهِ) وَفِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِالْأَصَابِعِ وَفِي صَبِّ غَيْرِهِ عَلَيْهِ بِالْمِرْفَقِ وَالْكَعْبِ، وَمِنْهُ الْحَنَفِيَّةُ الْمَعْرُوفَةُ. قَوْلُهُ: (فِي طُهْرِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ) هُوَ بَيَانُ الشَّأْنِ وَتَفْصِيلُهُ وَلَيْسَ الْمَذْكُورُ كُلَّ الشَّأْنِ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمُلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهَا كَالرَّأْسِ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ بِرَفْعِ الْيَدِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، وَلَوْ مَسَحَ بَعْضَ الرَّأْسِ وَرَفَعَ يَدَهُ ثُمَّ أَعَادَهَا عَلَى الْعِمَامَةِ لِتَكْمِيلِ الْمَسْحِ صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِانْفِصَالِهِ عَنْ الرَّأْسِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَلَكِنْ يَغْفُلُ عَنْهُ كَثِيرٌ عِنْدَ التَّكْمِيلِ عَلَى الْعِمَامَةِ، ثُمَّ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْمَمْسُوحُ مِنْ الرَّأْسِ هَلْ يُمْسَحُ مَا يُحَاذِيهِ مِنْ الْعِمَامَةِ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ؟ لَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى) قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الْيُسْرَى وَالْيُمْنَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهُوَ الرَّاجِحُ الْمُخْتَارُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى) . قَالَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ: الْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيمِهَا التَّيَمُّنُ إذْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ» فَإِنْ قَدَّمَ الْيُسْرَى كُرِهَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. أَمَّا الْكَفَّانِ وَالْخَدَّانِ وَالْأُذُنَانِ فَيَطْهُرَانِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَتُسَنُّ الْبُدَاءَةُ بِأَعْلَى الْوَجْهِ لِلِاتِّبَاعِ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ (وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ وَتَحْجِيلِهِ) وَهِيَ غَسْلُ مَا فَوْقَ الْوَاجِبِ مِنْ الْوَجْهِ فِي الْأَوَّلِ وَمِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي الثَّانِي لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» وَحَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَنْتُمْ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ» وَغَايَةُ التَّحْجِيلِ اسْتِيعَابُ الْعَضُدَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ وَيَغْسِلُ فِي الْغُرَّةِ صَفْحَةَ الْعُنُقِ مَعَ مُقَدَّمَاتِ الرَّأْسِ. (وَالْمُوَالَاةُ وَأَوْجَبَهَا الْقَدِيمُ) وَهِيَ أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ فِي التَّطْهِيرِ بِحَيْثُ لَا يَجِفُّ الْأَوَّلُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي مَعَ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَالْمِزَاجِ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَيُقَدَّرُ الْمَمْسُوحُ مَغْسُولًا دَلِيلُ الْقَدِيمِ حَدِيثُ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمَيْهِ لُمْعَةٌ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ» . وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إنَّهُ ضَعِيفٌ. (وَتَرْكُ الِاسْتِعَانَةِ) فِي الصَّبِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ لَا تَلِيقُ بِالْمُتَعَبِّدِ فَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى. وَقِيلَ مَكْرُوهَةٌ. وَالِاسْتِعَانَةُ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ مَكْرُوهَةٌ قَطْعًا، وَفِي إحْضَاءِ الْمَاءِ لَا بَأْسَ بِهَا وَلَا يُقَالُ إنَّهَا خِلَافُ الْأَوْلَى، وَحَيْثُ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَلَا بَأْسَ بِالِاسْتِعَانَةِ مُطْلَقًا. (وَ) تَرْكُ (النَّفْضِ) لِلْمَاءِ لِأَنَّ النَّفْضَ كَالتَّبَرِّي مِنْ الْعِبَادَةِ، فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَقِيلَ الْأَوْلَى، وَالرَّاجِحُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَفِعْلُهُ سَوَاءٌ. (وَكَذَا التَّنْشِيفُ) بِالرَّفْعِ أَيْ تَرْكُهُ (فِي الْأَصَحِّ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ غُسْلِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ أَتَتْهُ مَيْمُونَةُ بِالْمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ وَجَعَلَ يَقُولُ بِالْمَاءِ هَكَذَا يَنْفُضُهُ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَالثَّانِي تَرْكُهُ وَفِعْلُهُ سَوَاءٌ. قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ وَنَعْمَلُ بِهِ   [حاشية قليوبي] إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الطَّهُورَ إشَارَةٌ إلَى كُلِّ الطِّهَارَاتِ، وَالتَّرَجُّلَ إشَارَةٌ إلَى كُلِّ الشُّعُورِ، وَالتَّنَعُّلَ إشَارَةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَعْضَاءِ كَاكْتِحَالٍ وَنَتْفِ إبْطٍ وَقَصِّ شَارِبٍ وَحَلْقِ رَأْسٍ وَتَقْلِيمِ ظُفْرٍ وَمُصَافَحَةٍ وَلُبْسِ نَحْوِ ثَوْبٍ وَنَعْلٍ لَا خَلْعِهِمَا فَهُوَ شَامِلٌ لِكُلِّ الشَّأْنِ قَوْلُهُ: (كُرِهَ إلَخْ) أَيْ كَرَاهَةً غَيْرَ شَدِيدَةٍ، وَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ غَسْلُ إلَخْ) لِأَنَّ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ اسْمٌ لِمَحَلِّ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ مَعًا وَتَسْقُطُ إطَالَةُ الْغُرَّةِ بِسُقُوطِ غَسْلِ الْوَجْهِ لَا التَّحْجِيلُ بِسُقُوطِ مَحَلِّ الْفَرْضِ لِتَبَعِيَّةِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (أُمَّتِي) أَيْ أُمَّةَ الْإِجَابَةِ. قَوْلُهُ (غُرًّا مُحَجَّلِينَ) أَيْ بِيضَ الْوُجُوهِ وَالْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ. قَوْلُهُ: (مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ) فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ أَوْ بَدَلِهِ وَهَلْ يَدْخُلُ مَنْ وَضَّأَهُ الْمُغَسِّلُ بَعْدَ مَوْتِهِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: نَعَمْ، بَلْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ إنَّ ذَلِكَ شَأْنُ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِيَشْمَلَ الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ، وَمَنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ ذَلِكَ فِي عُمْرِهِ وَلَا فِي مَوْتِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْأَعْضَاءِ) أَيْ أَفْرَادِهَا وَأَجْزَائِهَا. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ لَا يَجِفُّ) وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا عَدَمَ الْحُصُولِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْجَفَافُ بِالْفِعْلِ وَلَا عَدَمُهُ. قَوْلُهُ: (الْهَوَاءِ) وَالزَّمَانِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (الْمَمْسُوحُ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَنَحْوِ مَسْحِ إبْرَةٍ. قَوْلُهُ: (ضَعِيفٌ) أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الزَّجْرِ مَعَ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِيهِ إذْ الْوَاقِعَةُ فِي الْحَدِيثِ بَعْدَ التَّمَامِ وَالْقَدِيمُ فِي الشُّرُوعِ. قَوْلُهُ: (وَتَرْك الِاسْتِعَانَةِ) أَيْ التَّمْكِينِ مِنْهَا وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ أَوْ نَحْوِ قِرْدٍ، وَهَلْ مِنْهَا الْحَنَفِيَّةُ الْمَعْرُوفَةُ رَاجِعْهُ، وَيُنْدَبُ وُقُوفُ الْمُعَيَّنِ عَنْ يَسَارِ الْمُتَوَضِّئِ وَمِثْلُهُ نَحْوُ الْإِبْرِيقِ، وَوُقُوفُ حَامِلِ الْمِنْدِيلِ عَنْ يَمِينه وَمِثْله إنَاءُ الِاغْتِرَافِ، وَبَعْضُهُمْ بَحَثَ تَحْوِيلَ الْإِبْرِيقِ إلَى يَمِينِهِ عِنْدَ غَسْلِ يَسَارِهِ لِيَصُبَّ فِي كَفِّهِ مِنْهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْغُسْلُ فِي ذَلِكَ كَالْوُضُوءِ، وَفِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ: يَقِفُ الْمُعِينُ فِي الْغُسْلِ عَنْ يَمِينِ الْمُغْتَسِلِ مَحَلُّهُ إنْ صَبَّ لَهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، وَيَتَحَوَّلُ إلَى يَسَارِهِ فِي الْأَيْسَرِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي غَيْرِ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ وَإِلَّا فَتُكْرَهُ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (وَحَيْثُ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَلَا بَأْسَ) بَلْ تَجِبُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهَا وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا بِمَا فِي الْفِطْرَةِ فَإِنْ عَجَزَ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَأَعَادَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ خِلَافُ الْأَوْلَى) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُضَافِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ وَمَا قِيلَ خِلَافُ هَذَا فَهُوَ كَلَامٌ سَخِيفٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (يَنْفُضُهُ) بَيَانٌ لِيَقُولَ بِمَعْنَى يَفْعَلُ وَالْمُرَادُ   [حاشية عميرة] الْيَمِينُ مِنْ الْيَمِينِ وَهُوَ حُصُولُ الْخَيْرِ، وَالشِّمَالُ تُسَمَّى الشَّوْمَاءُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهُمَا بِالْوَاجِبِ وَأَنَّهُ إنْ شَاءَ قَدَّمَهُمَا وَإِنْ شَاءَ قَدَّمَهُ؛ انْتَهَى. قَوْلُ الشَّارِحِ وَهِيَ أَيْ الْإِطَالَةُ لَكِنْ عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 وَالثَّالِثُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ. (وَيَقُولُ بَعْدَهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ أَشْهَدُ. إلَى آخِرِهِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ» . (اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ) زَادَهُ التِّرْمِذِيُّ عَلَى مُسْلِمٍ (سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك) لِحَدِيثِ الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ «مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ إلَى آخِرِهِ كُتِبَ بِرِقٍّ ثُمَّ طُبِعَ بِطَابَعٍ، وَلَمْ يُكْسَرْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» قَوْلُهُ بِرِقٍّ أَيْ فِيهِ وَالطَّابَعُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا الْخَاتَمُ. وَمَعْنَى لَمْ يُكْسَرْ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ إبْطَالٌ. (وَحَذَفْت دُعَاءَ الْأَعْضَاءِ) الْمَذْكُورَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ: اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ، وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدِ الْيُمْنَى: اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَحَاسَبَنِي حِسَابًا يَسِيرًا، وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدِ الْيُسْرَى: اللَّهُمَّ لَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِشِمَالِي وَلَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي. وَعِنْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ: اللَّهُمَّ حَرِّمْ شَعْرِي وَبَشَرِي عَلَى النَّارِ. وَعِنْدَ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَدَمِي عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ. وَزَادَ عَلَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ عِنْدَ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتْبَعُونَ أَحْسَنَهُ. (إذْ لَا أَصْلَ لَهُ) كَذَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، أَيْ لَمْ يَجِئْ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَالتَّنْقِيحِ وَالرَّافِعِيُّ قَالَ: وَرَدَ بِهِ الْأَثَرُ عَنْ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ وَفَاتَهُمَا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طُرُقٍ فِي تَارِيخِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً لِلْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ. بَابُ مَسْحِ الْخُفِّ   [حاشية قليوبي] بِالتَّنْشِيفِ أَخْذُ الْمَاءِ عَنْ الْعُضْوِ بِخِرْقَةٍ مَثَلًا أَوْ بِذَيْلِهِ أَوْ كُمِّهِ كَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَيَانِ جَوَازِهِ فَالْمُبَالَغَةُ لَيْسَتْ مُرَادَةً، وَنُقِلَ عَنْ الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ أَنَّ فِعْلَهُ بِمَلْبُوسِهِ يُورِثُ الْفَقْرَ وَمَحَلُّهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَبَرْدٍ أَوْ خَوْفِ نَجَاسَةِ غُبَارٍ وَبَحَثَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وُجُوبَهُ فِي ظَنِّ النَّجَاسَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَقُولُ) مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَذَا بَصَرَهُ وَسَبَّابَتَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَهُ) فَهُوَ لَيْسَ مِنْهُ كَمَا مَرَّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَيُسَنُّ بَعْدَهُ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْقَدْرِ ثَلَاثًا وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا. قَالَ شَيْخُنَا، وَبِالْإِعْرَاضِ. قَوْلُهُ: (فُتِحَتْ لَهُ) أَيْ تَكْرِيمًا وَتَخَيُّرُهُ بَيْنَهَا كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَدُخُولُهُ مِنْ بَابِ عَمَلِهِ الْمَخْصُوصِ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَسْتَغْفِرُك) الْغَفْرُ السَّتْرُ، فَلَا يَسْتَدْعِي سَبْقَ ذَنْبٍ، فَصَحَّ وُقُوعُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، أَوْ هُوَ مِنْهُمْ لِلتَّعْلِيمِ. قَوْلُهُ: (وَأَتُوبُ) هُوَ فِعْلٌ مُضَارِعٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّلَبُّسُ فَلَا كَذِبَ فِيهِ أَوْ الْمُرَادُ طَلَبُ تَوْفِيقِهِ لَهَا. قَوْلُهُ: (لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ) لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ لَفْظُ أَشْهَدُ، كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ: (عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ) وَتَقَدَّمَ مَا يَقُولُهُ عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَيَزِيدُ: اللَّهُمَّ احْفَظْ يَدَيْ عَنْ مَعَاصِيك كُلِّهَا، وَعِنْدَ الْمَضْمَضَةِ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك. وَعِنْدَ الِاسْتِنْشَاقِ: اللَّهُمَّ أَرِحْنِي رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، إلَى آخِرِ الْأَدْعِيَةِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (لَا أَصْلَ لَهُ) أَيْ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ، فَقَوْلُهُ: وَفَاتَهُمَا إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ أَنَّهُ مِمَّا لَا يَجُوزُ مَعَهُ الْعَمَلُ. قَوْلُهُ: (لِلْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ) لَكِنْ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ لَا يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ، وَأَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ أَصْلٍ عَامٍّ، وَأَنْ لَا يَعْتَقِدَ الْفَاعِلُ سُنِّيَّةَ ذَلِكَ الْفِعْلِ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ. [بَابُ مَسْحِ الْخُفِّ] ِّ هُوَ جُزْءٌ مِنْ الْوُضُوءِ، فَذِكْرُهُ عَقِبَهُ، وَهُوَ أَنْسَبُ مِنْ ذِكْرِ بَعْضِهِمْ لَهُ عَقِبَ التَّيَمُّمِ نَظَرًا لِلْبَدَلِيَّةِ، وَيُطْلَقُ الْخُفُّ عَلَى الْفَرْدَتَيْنِ   [حاشية عميرة] وَالْغُرَّةُ غَسْلُ مُقَدَّمَاتِ الرَّأْسِ وَصَفْحَةِ الْعُنُقِ مَعَ الْوَجْهِ وَالتَّحْجِيلُ غَسْلُ بَعْضِ الْعَضُدَيْنِ مَعَ الذِّرَاعَيْنِ وَبَعْضِ السَّاقَيْنِ مَعَ الرِّجْلَيْنِ. بَابُ مَسْحِ الْخُفِّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَسْحُ الْخُفِّ) عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 (يَجُوزُ فِي الْوُضُوءِ) بَدَلًا عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، فَالْوَاجِبُ عَلَى لَابِسِهِ الْغَسْلُ وَالْمَسْحُ وَالْغَسْلُ أَفْضَلُ. كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ، وَاحْتَرَزُوا بِالْوُضُوءِ عَنْ الْغَسْلِ فَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ فِيهِ وَاجِبًا كَانَ أَوْ مَنْدُوبًا كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِ الْجَنَابَةِ الْأَتْيِ آخِرَ الْبَابِ (لِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةً بِلَيَالِيِهَا) لِحَدِيثِ ابْنَيْ خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا» . وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: سَأَلْت عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ» . (مِنْ الْحَدَثِ بَعْدَ لُبْسٍ) لِأَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ يَدْخُلُ بِالْحَدَثِ   [حاشية قليوبي] وَعَلَى إحْدَاهُمَا، فَيَجُوزُ لُبْسُهَا وَالْمَسْحُ عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأُخْرَى شَيْءٌ، مِنْ نَحْوِ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ، وَبِذَلِكَ سَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْخُفَّيْنِ أَوْلَى كَمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَلِرِجْلٍ مِنْ خَشَبٍ حُكْمُ الْأَصْلِيَّةِ إنْ وَجَبَ غَسْلُهَا، وَالْعَلِيلَةُ كَالصَّحِيحَةِ، فَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الصَّحِيحَةِ فَقَطْ لِوُجُوبِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْعَلِيلَةِ، وَلِزَائِدَةٍ وَجَبَ غَسْلُهَا حُكْمُ الْأَصْلِيَّةِ أَيْضًا، وَيَجُوزُ ضَمُّ أَكْثَرَ مِنْ رِجْلٍ فِي فَرْدَةٍ، أَيْ مِنْ خُفٍّ، وَيَكْفِي عَلَيْهِ مَسْحٌ وَاحِدٌ، وَمَسْحُ الْخُفِّ رَافِعٌ لَا مُبِيحٌ، وَهُوَ رُخْصَةٌ، وَلَا يَضُرُّ جَوَازُهُ لِلْمُقِيمِ الْعَاصِي كَالتَّيَمُّمِ، وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَأَوَّلُ مَشْرُوعِيَّتِهِ فِي سَنَةِ الْهِجْرَةِ، وَالرُّخَصُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ أَرْبَعَةٌ خَاصَّةٌ بِالطَّوِيلِ مَسْحُ الْخُفِّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالْقَصْرُ وَالْجَمْعُ وَفِطْرُ رَمَضَانَ، وَأَرْبَعَةٌ عَامَّةٌ: أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَالنَّافِلَةُ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ وَإِسْقَاطُ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ، فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ) بِمَعْنَى لَا يَحْرُمُ فِعْلُهُ وَلَا يَجِبُ تَرْكُ الْغُسْلِ إلَيْهِ لَا بِمَعْنًى يُبَاحُ الَّذِي رَتَّبَ عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ مَا فِيهِ تَكَلُّفٌ، وَأَصْلُهُ النَّدْبُ وَمَتَى وَقَعَ كَانَ وَاجِبًا كَمَا يَأْتِي، فَيَعْتَرِيهِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ بَلْ مُتَوَاتِرَةٍ. قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ صَحَابِيًّا «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ» . قَالَ بَعْضُهُمْ: وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ إنْكَارُهُ كُفْرًا. قَوْلُهُ (بَدَلًا) بِمَعْنَى أَنَّهُ كَافٍ عَنْ الْغُسْلِ لِأَنَّهُ أَصْلٌ كَمَا يَأْتِي فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْبَدَلِيَّةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى تَعَذُّرِ الْأَصْلِ، فَمَتَى وَقَعَ كَانَ وَاجِبًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْغُسْلُ أَفْضَلُ) كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الْجَوَازِ وَالْبَدَلِيَّةِ، وَصَرَّحَ بِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ حَقِيقَةِ الْبَدَلِيَّةِ، وَلَا يَجِبُ لُبْسُهُ ابْتِدَاءً اتِّفَاقًا وَلَوْ مَعَ ضِيقِ وَقْتٍ، وَتَذَكُّرِ فَائِتَةٍ، وَقِلَّةِ مَاءٍ، وَقَدْ يَجِبُ عَلَى لَابِسِهِ دَوَامُهُ كَمَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَكْفِي الْمَسْحَ وَلَوْ مَعَ سَعَةِ وَقْتٍ، أَوْ لِنَاقِلَةٍ. قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ، وَقَدْ يَجِبُ الْمَسْحُ لِعَارِضٍ كَمَنْ خَافَ وَلَوْ بِظَنٍّ غَيْرِ مُؤَكَّدٍ فَوْتَ عَرَفَةَ أَوْ الرَّمْيِ أَوْ طَوَافِ الْوَدَاعِ أَوْ جَمَاعَةٍ مُتَعَيِّنَةٍ كَالْجُمُعَةِ أَوْ خُرُوجِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا، وَالْمَعْنَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا مَسَحَ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا، وَأَدْرَكَ مَا ذَكَرَ، وَلَوْ غَسَلَ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ فَقَطْ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ، وَيَحْرُمُ الْغُسْلُ، وَقَدْ يُنْدَبُ دَوَامُهُ فَيُكْرَهُ نَزْعُهُ كَخَوْفِ فَوْتِ جَمَاعَةٍ غَيْرِ مُتَعَيِّنَةٍ، وَقَدْ يُنْدَبُ الْمَسْحُ فَيُكْرَهُ الْغُسْلُ كَالِاقْتِدَاءِ بِهِ أَوْ لِرَغْبَةٍ عَنْ السُّنَّةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُرَجِّحُ الْغُسْلَ عَلَيْهِ لِنَظَافَتِهِ مَثَلًا لَا بِمَعْنَى عَدَمِ اعْتِقَادِ سُنِّيَّتِهِ، لِأَنَّهُ كُفْرٌ، أَوْ لِشَكٍّ فِي جَوَازِهِ بِمَعْنَى عَدَمِ طُمَأْنِينَةِ نَفْسِهِ إلَيْهِ أَوْ لِمُعَارَضَةِ دَلِيلٍ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ، لَا بِمَعْنَى الشَّكِّ فِي طَلَبِهِ شَرْعًا لِمَا مَرَّ، وَقَدْ يُكْرَهُ الْمَسْحُ كَمَا لَوْ كَرَّرَهُ، وَقَدْ يَحْرُمُ كَمَغْصُوبٍ، وَيَصِحُّ أَوْ يَحْرُمُ بِلَا عُذْرٍ، وَلَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْغُسْلِ) وَكَذَا إزَالَةِ النَّجَاسَةِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ كِفَايَةِ الْمَسْحِ عَنْ الْغُسْلِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْجَنَابَةِ نَصًّا وَمِنْ غَيْرِهَا قِيَاسًا. قَوْلُهُ: (لِلْمُقِيمِ إلَخْ) وَعِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ لَا يَتَقَيَّدُ الْمَسْحُ بِمُدَّةٍ لِمُقِيمٍ وَلَا لِمُسَافِرٍ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ لِلْمُقِيمِ أَصْلًا. قَوْلُهُ: (أَرْخَصَ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ رُخْصَةٌ وَلَوْ لِلْمُقِيمِ الْعَاصِي كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) مَنْصُوبٌ عَلَى التَّوَسُّعِ بِإِقَامَتِهِ مَقَامَ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ لَا مَعْمُولَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ مَحْذُوفًا وَلَا لِقَوْلِهِ أَنْ يَمْسَحَ بَعْدَهُ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْحَرْفِ الْمَصْدَرِيِّ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهُ، وَأَنْ يَمْسَحَ بَدَلٌ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْحَدَثِ) أَيْ مِنْ آخِرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ فِي جَمِيعِ الْأَحْدَاثِ، وَهُوَ الْوَجْهُ وِفَاقًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَاشِيَتِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْأَحْدَاثِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مِنْ أَنَّهُ فِي النَّوْمِ وَاللَّمْسِ وَالْمَسِّ وَالسُّكْرِ تَحْسُبُ الْمُدَّةُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آخِرِهِ، لِعَدَمِ مَا ذَكَرَ لِأَنَّ شَأْنَهَا أَنْ تَكُونَ عَنْ اخْتِيَارٍ. وَيَحْسُبُ مِنْ الْمُدَّةِ زَمَنُ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ   [حاشية عميرة] الْخُفِّ» ، انْتَهَى. قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: الْقِرَاءَتَانِ فِي الْأَرْجُلِ بِالنَّصْبِ وَالْجَرِّ، كَالْآيَتَيْنِ فَقِرَاءَةُ النَّصْبِ لِلْغَسْلِ وَقِرَاءَةُ الْجَرِّ لِلْمَسْحِ، وَهُوَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الزَّوَائِدِ خِلَافًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. [مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ] قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَرْخَصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَخْ) أَيْ مَسْحَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ حَذَفَ الْمُضَافَ فَانْتَصَبَ الْمُضَافُ إلَيْهِ انْتِصَابَهُ عَلَى التَّوَسُّعِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِضَعْفِ عَمَلِ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفًا، وَلِأَنَّ صِلَةَ أَنَّ وَهُوَ يَمْسَحُ الْآتِيَ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا بَدَلٌ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُقَدَّرِ، ثُمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 فَاعْتُبِرَتْ مُدَّتُهُ مِنْهُ، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَوْلَ أَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ مِنْ الْمَسْحِ لِأَنَّ قُوَّةَ الْأَحَادِيثِ تُعْطِيهِ، وَالْمُرَادُ بِلَيَالِيِهِنَّ ثَلَاثُ لَيَالٍ مُتَّصِلَةٌ بِهِنَّ سَوَاءٌ سَبَقَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ لَيْلَتُهُ بِأَنْ أَحْدَثَ وَقْتَ الْغُرُوبِ أَمْ لَا، كَأَنْ أَحْدَثَ وَقْتَ الْفَجْرِ، فَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ اُعْتُبِرَ قَدْرُ الْمَاضِي مِنْهُ مِنْ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ أَوْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ يُقَالُ فِي مُدَّةِ الْمُقِيمِ ثُمَّ مَسْحُ الْمُسَافِرِ ثَلَاثَةً يَسْتَدْعِي أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ قَدْرَهَا وَلَوْ ذَهَابًا وَإِيَابًا، فَإِنْ كَانَ دُونَهَا مَسَحَ فِي الْقَصْرِ مُدَّةَ الْمُقِيمِ وَفِيمَا فَوْقَهُ إلَى أَنْ يُقِيمَ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ عَكَسَ، وَالْعَاصِي بِسَفَرِهِ يَمْسَحُ مُدَّةَ الْمُقِيمِ، وَصَاحِبُ الضَّرُورَةِ كَالْمُسْتَحَاضَةِ يَمْسَحُ لِفَرْضٍ وَنَوَافِلَ أَوْ لِنَوَافِلَ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ مَسَحَ حَضَرًا ثُمَّ سَافَرَ أَوْ عَكَسَ) أَيْ مَسَحَ   [حاشية قليوبي] إنْ وُجِدَا فِي أَثْنَائِهَا، وَلَوْ اجْتَمَعَ حَدَثَانِ بِاخْتِيَارِهِ وَغَيْرُهُ حُسِبَتْ الْمُدَّةُ مِنْ آخِرِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا، وَعَلَى مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَحْسُبُ مِنْ أَوَّلِ الَّذِي بِاخْتِيَارِهِ وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْآخَرِ كَلَمْسٍ فِي أَثْنَاءِ جُنُونِهِ، وَلَوْ تَقَطَّعَ بَوْلُهُ مَعَ تَوَاصُلٍ فَمِنْ آخِرِهِ وَإِلَّا فَمِنْ آخِرِ أَوَّلِهِ وَغُسْلُ رِجْلَيْهِ، وَلَوْ عَنْ حَدَثٍ فِي الْخُفِّ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ لَا يَقْطَعُهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ) أَيْ الرَّافِعَ لِلْحَدَثِ فَلَا يُنَافِي نَدْبُ تَجْدِيدِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. قَوْلُهُ: (فَاعْتُبِرَتْ مُدَّتُهُ مِنْهُ) لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِوَقْتِ الْعِبَادَةِ إلَّا مَا يَجُوزُ فِعْلُهَا فِيهِ كَوَقْتِ الصَّلَاةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُقْتَضِي لِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ مِنْ آخِرِ الْحَدَثِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ إلَخْ) يُقَيَّدُ بِهِ مَعْنَى الْإِضَافَةِ وَإِلَّا فَلَيْلَةُ الْيَوْمِ سَابِقَةٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنْ لِأَنَّهُ عَكْسُ مَا قَبْلَهُ بِحَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِيِ الْكَوَامِلِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَحْدَثَ) هِيَ مِنْ أَفْرَادِ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْمَنْفِيِّ بِقَوْلِهِ أَمْ لَا، وَرُبَّمَا يَشْمَلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ الْجَوَابَ بَعْدَهُ، وَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِ الْكَافِ إذْ لَمْ يَبْقَ فَرْدٌ آخَرُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَسْحُ الْمُسَافِرِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا عَسَاهُ أَنْ يُتَوَهَّمَ وَهُوَ أَنَّ السَّفَرَ الطَّوِيلَ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ يَوْمَيْنِ لِأَنَّهُمَا أَوَّلُهُ فَكَيْفَ يَمْسَحُ فِيهِمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، كَذَا قِيلَ وَفِيهِ إبْهَامُ مَنْعِ مَسْحِ الثَّلَاثَةِ فِي الْيَوْمَيْنِ لِطُولِهِمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْوَجْهُ إنْ ذَكَرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّفَرِ مَا يَقَعُ فِيهِ الْمَسْحُ لَا مَا قَصَدَهُ الْمُسَافِرُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَصُورَتُهُ أَنْ يَرْجِعَ الْمُسَافِرُ بَعْدَ يَوْمٍ وَنِصْفٍ مَثَلًا إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِحَاجَةٍ، ثُمَّ يَعُودَ وَلَوْ أَبْدَلَ لَفْظَ قَدْرَهَا بِدَوَامِ سَفَرِهِ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَالْعَاصِي إلَخْ) فَهُوَ مُقِيمٌ حُكْمًا وَغَايَةً مَا يَسْتَبِيحُهُ صَلَوَاتٍ إنْ لَمْ يَجْمَعْ بِالْمَطَرِ تَقْدِيمًا وَإِلَّا فَسَبْعَةٌ، وَغَايَةُ مَا يُبَاحُ لِلْمُسَافِرِ سِتَّةَ عَشَرَ صَلَاةٍ إنْ لَمْ يَجْمَعْ تَقْدِيمًا وَإِلَّا فَسَبْعَةَ عَشَرَ. قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَحَاضَةِ) . قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: غَيْرُ الْمُتَحَيِّرَةِ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ لِكُلِّ فَرْضٍ، وَهُوَ مُوجِبٌ لِلنَّزْعِ. نَعَمْ لَوْ لَبِسَتْ الْخُفَّ بَعْدَ غُسْلِهَا وَأَخَّرَتْ بِمَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ وَجَبَ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ لِهَذَا الْفَرْضِ وَلَهَا الْمَسْحُ فِيهِ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَهَا الْمَسْحُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُسَافِرَةً أَوْ يَوْمًا وَلَيْلَةً مُقِيمَةً إنْ تَرَكَتْ الْفَرْضَ وَصَلَتْ النَّوَافِلَ فَقَطْ، فَعُلِمَ أَنَّ مُدَّةَ مَنْ دَامَ حَدَثُهُ كَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا نَقَصَتْ لِوُجُوبِ النَّزْعِ عَلَيْهِ إنْ نَزَعَ هَكَذَا ذَكَرَهُ وَفِيهِ بَحْثٌ بِمَا يَأْتِي أَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ مُبْطِلٌ لِلْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَنْزِعْ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ فِيمَا يَتَيَقَّنُ فِيهِ وُجُوبُ الْغُسْلِ فَتَأَمَّلْ، وَكَالْمُسْتَحَاضَةِ مُتَيَمِّمٌ لَا لِفَقْدِ مَاءٍ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَلْبَسَ الْخُفَّ عَلَى تَيَمُّمٍ مَحْضٍ ثُمَّ يُحْدِثُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ غُسْلُ رِجْلَيْهِ فِي هَذَا الْوُضُوءِ فَيَمْسَحُ عَنْهُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْوُضُوءُ لِلضَّرَرِ لِبَقَاءِ عِلَّتِهِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي بَقَاءِ طَهَارَتِهِ الْأُولَى بِالتَّيَمُّمِ مَعَ اسْتِعْمَالِهِ الْمَاءَ بِالْفِعْلِ، وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ لِبَقَاءِ الْعُذْرِ فِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَسَحَ حَضَرًا إلَخْ) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا لَبِسَ الْخُفَّ حَضَرًا، ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ الْحَدَثِ، ثُمَّ أَحْدَثَ أَتَمَّ مُدَّةَ سَفَرٍ وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فِيهِ، وَإِنْ أَحْدَثَ قَبْلَهُ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْحَضَرِ وَجَبَ النَّزْعُ، وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فِيهِ،   [حاشية عميرة] الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَدَّمَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لِأَنَّهَا أَتَمُّ فَائِدَةً، وَفِيهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ رُخْصَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِأَنَّ وَقْتَ الْمَسْحِ يَدْخُلُ بِذَلِكَ فَاعْتُبِرَتْ مُدَّتُهُ مِنْهُ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ الْمَسْحِ فِي تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْحَدَثِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الْيَوْمَ الْأَوَّلَ لَيْلَتُهُ) الْيَوْمَ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ وَلَيْلَتُهُ فَاعِلٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَأَنْ أَحْدَثَ وَقْتَ الْفَجْرِ) عَبَّرَ فِي هَذَا بِالْكَافِ وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ بِالْبَاءِ لِأَنَّ عَدَمَ سَبْقِ اللَّيْلَةِ لِيَوْمِهَا صَادِقٌ بِغَيْرِ مَدْخُولِ الْكَافِ كَمَا لَا يَخْفَى. قَوْلُ الشَّارِحِ: (ثُمَّ مَسْحُ الْمُسَافِرِ ثَلَاثَةٌ) أَيْ وَهُوَ سَفَرُ الْقَصْرِ يَسْتَدْعِي أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ قَدْرَهَا وَلَوْ ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَقْصِدُ سَفَرَ قَصْرٍ لِأَنَّ الْأَيَّامَ مُعْتَبَرَةٌ بِلَيَالِيِهَا، وَكَأَنَّهُ حَاوَلَ بِذَلِكَ دَفْعَ اعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ قَالَ: شَرْطُ جَوَازِ الثَّلَاثَةِ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ طَوِيلًا، فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ السَّفَرَ بِالطَّوِيلِ لِأَنَّ الْقَصِيرَ وَهُوَ مَا دُونَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ لَا يُتَصَوَّرُ الْمَسْحُ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ، قُلْنَا: مَمْنُوعٌ فَإِنَّ اسْمَ السَّفَرِ شَامِلٌ لِلذَّهَابِ وَلِلْإِيَابِ وَلِلْإِقَامَةِ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَتْ دُونَ ثَلَاثَةٍ، انْتَهَى. وَقَوْلِي يَقْتَضِي إلَخْ مَحَلُّ وَقْفَةٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ مَسَحَ حَضَرًا ثُمَّ سَافَرَ) خَرَجَ بِالْمَسْحِ مَا لَوْ حَصَلَ الْحَدَثُ فِي الْحَضَرِ وَلَمْ يَمْسَحْ فِيهِ فَإِنَّهُ إنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ قَبْلَ السَّفَرِ وَجَبَ تَجْدِيدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 سَفَرًا ثُمَّ أَقَامَ (لَمْ يَسْتَوْفِ مُدَّةَ سَفَرٍ) تَغْلِيبًا لِلْحَضَرِ، فَيَقْتَصِرُ عَلَى مُدَّتِهِ فِي الْأَوَّلِ، وَكَذَا فِي الثَّانِي إنْ أَقَامَ قَبْلَ مُضِيِّهَا، فَإِنْ أَقَامَ بَعْدَهَا لَمْ يَمْسَحْ، وَيُجْزِئُهُ مَا مَضَى، وَإِنْ زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَوْ مَسَحَ سَفَرًا بَعْدَ حَدَثِهِ حَضَرًا اسْتَوْفَى مُدَّةَ السَّفَرِ. وَلَوْ مَسَحَ أَحَدَ الْخُفَّيْنِ حَضَرًا ثُمَّ الْآخَرَ سَفَرًا مَسَحَ مُدَّةَ السَّفَرِ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ تَبَعًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْبَغَوِيِّ. وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ مَقَالَةَ الْمُتَوَلِّي وَالشَّاشِيِّ أَنَّهُ يَمْسَحُ مُدَّةَ الْإِقَامَةِ فَقَطْ. (وَشَرْطُهُ أَنْ يُلْبَسَ بَعْدَ كَمَالِ طُهْرٍ) لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، فَلَوْ لَبِسَهُ قَبْلَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ وَغَسَلَهُمَا فِيهِ لَمْ يُجْزِئْ الْمَسْحُ إلَّا أَنْ يَنْزِعَهُمَا مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمِ ثُمَّ يُدْخِلُهُمَا فِيهِ، وَلَوْ أَدْخَلَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ غَسْلِهَا ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى وَأَدْخَلَهَا لَمْ يُجْزِئْ الْمَسْحُ إلَّا أَنْ يَنْزِعَ الْأُولَى مِنْ مَوْضِعِ الْقَدَمِ ثُمَّ يُدْخِلُهَا فِيهِ، وَلَوْ غَسَلَهُمَا فِي سَاقِ الْخُفِّ ثُمَّ أَدْخَلَهُمَا مَوْضِعَ الْقَدَمِ جَازَ الْمَسْحُ، وَلَوْ ابْتَدَأَ اللُّبْسَ بَعْدَ غَسْلِهِمَا ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ وُصُولِهِمَا إلَى مَوْضِعِ الْقَدَمِ لَمْ يُجْزِئْ الْمَسْحُ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ طُهْرُ وُضُوءِ دَائِمِ الْحَدَثِ كَالْمُسْتَحَاضَةِ، وَالْوُضُوءُ الْمَضْمُومُ إلَيْهِ التَّيَمُّمُ لِمَرَضٍ فَيَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا وَيُسْتَفَادُ بِهِ مَا كَانَ يُسْتَفَادُ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ لَوْ بَقِيَ مِنْ فَرْضٍ وَنَوَافِلَ أَوْ نَوَافِلَ فَقَطْ إنْ كَانَ فُعِلَ بِهِ فَرْضٌ، وَيَجِبُ النَّزْعُ فِي الْوُضُوءِ لِفَرْضٍ آخَرَ. (سَاتِرًا مَحَلَّ فَرْضِهِ) وَهُوَ الْقَدَمُ بِكَعْبَيْهِ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ غَيْرِ الْأَعْلَى فَلَوْ رُئِيَ مِنْهُ بِأَنْ يَكُونَ وَاسِعَ   [حاشية قليوبي] وَإِنْ سَافَرَ قَبْلَ مُضِيِّهَا فَإِنْ مَسَحَ وَلَوْ أَحَدَ خُفَّيْهِ حَضَرًا أَتَمَّ مُدَّةَ مُقِيمٍ وَإِلَّا أَتَمَّ مُدَّةَ سَفَرٍ وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فِيهِ وَإِنَّهُ إذَا لَبِسَ الْخُفَّ فِي السَّفَرِ ثُمَّ أَقَامَ فَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ أَوْ لَمْ يَمْضِ قَدْرُ مُدَّةِ الْحَضَرِ أَتَمَّهَا وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فِي السَّفَرِ، وَإِنْ أَقَامَ بَعْدَهَا اقْتَصَرَ عَلَى مَا مَضَى فِي السَّفَرِ، وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فِيهِ أَيْضًا، فَعُلِمَ أَنَّ اللُّبْسَ وَدُخُولَ وَقْتِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مُعْتَبَرَيْنِ مُطْلَقًا وَأَنَّ اعْتِبَارَ الْمُدَّةِ مِنْ الْحَدَثِ مُطْلَقًا، وَأَنَّ قَصْرَ الْمُدَّةِ مُقَيَّدٌ بِالْمَسْحِ فِي الْحَضَرِ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْإِقَامَةِ مِنْ السَّفَرِ مُطْلَقًا، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ. (تَنْبِيهٌ) سَفَرُ الْمَعْصِيَةِ كَالْحَضَرِ فَلَوْ مَسَحَ عَاصِيًا ثُمَّ تَابَ أَتَمَّ مُدَّةَ حَضَرٍ أَوْ مَضَتْ مُدَّةُ مُقِيمٍ، ثُمَّ تَابَ وَجَبَ النَّزْعُ، وَلَوْ تَخَلَّلَتْ إقَامَةٌ بَيْنَ مِسْحَيْنِ فِي سَفَرٍ كَأَنْ مَسَحَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ أَقَامَ وَلَمْ يَمْسَحْ، ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُقِيمِ، ثُمَّ مَسَحَ فِيهَا، فَهَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى مُدَّةِ مُقِيمٍ لِأَنَّ الْمَسْحَ الْأَوَّلَ كَأَنَّهُ فِي الْحَضَرِ لِوُجُودِ الْإِقَامَةِ بَعْدَهُ أَوْ يَسْتَوْفِي مُدَّةَ الْمُسَافِرِ لِوُقُوعِ الْمِسْحَيْنِ فِي السَّفَرِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ؟ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَرَاجِعْهُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ لَفْظَ أَوْ عَكْسُ مُضِرٍّ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ حَدَثِهِ حَضَرًا) أَيْ وَسَفَرُهُ قَبْلَ مُدَّةِ الْمُقِيمِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (اسْتَوْفَى مُدَّةَ السَّفَرِ) وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ فِيهِ أَصْلًا أَوْ مَسَحَ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ الْحَدَثِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ الْحَدَثِ فِي الْحَضَرِ كَمَا مَرَّ آنِفًا. قَوْلُهُ: (أَوْ عَكَسَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى وُجُودِ الْمَسْحِ فِي هَذَا كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْخُفِّ، أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ، وَتَفْسِيرُ بَعْضِهِمْ بِالْجَوَازِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَالْمُرَادُ مَا يُسَمَّى خُفًّا عُرْفًا، وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ كَمَالِ طُهْرٍ) مِنْ الْحَدَثَيْنِ جَمِيعًا، وَمِنْهُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ لِمَنْ طَهَارَتُهُ بِالتَّيَمُّمِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ بَعْدَ تَمَامِ طُهْرٍ، وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ التَّمَامَ مُعْتَبَرٌ فِيهِ عَدَمُ نَقْصِ الْوَاجِبِ مِنْ الذَّاتِ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّرْطِيَّةِ وَالْكَمَالَ مُعْتَبَرٌ فِيهِ عَدَمُ نَقْصِ الْأَوْصَافِ، وَهُوَ يُنَاسِبُ الْأَوْلَوِيَّةَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَنْزِعَهُمَا إلَخْ) وَلَمْ يَجْعَلُوا الِاسْتِدَامَةَ هُنَا لُبْسًا كَمَا فِي الْإِيمَانِ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ كَذَا قَالُوهُ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْإِيمَانِ وَأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى لُبْسًا هُنَا أَيْضًا وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ هُنَا لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَهُوَ كَوْنُ ابْتِدَائِهِ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ابْتَدَأَ إلَخْ) وَفِي عَكْسِ هَذِهِ لَهُ الْمَسْحُ بِأَنْ نَزَعَهُمَا بَعْدَ اللُّبْسِ إلَى سَاقِ الْخُفِّ ثُمَّ أَحْدَثَ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَحَاضَةِ) وَلَوْ مُتَحَيِّرَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى وُضُوءِ دَائِمِ الْحَدَثِ وَالْوُضُوءِ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ التَّيَمُّمُ لِمَرَضٍ يَعْنِي إذَا لَبِسَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْخُفَّ بَعْدَ تَمَامِ وُضُوئِهِ غُسْلًا وَتَيَمُّمًا ثُمَّ أَحْدَثَ فَلَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ كَوُضُوئِهِ الْأَوَّلِ إلَّا غَسْلَ رِجْلَيْهِ، فَلَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ الَّذِي لَبِسَهُ بَعْدَ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ، وَيُصَلِّي بِهَذَا الْمَسْحِ نَوَافِلَ فَقَطْ إنْ كَانَ صَلَّى بِالْأَوَّلِ فَرْضًا، وَإِلَّا فَيُصَلِّي بِهِ فَرْضًا وَنَوَافِلَ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ النَّزْعُ لِفَرْضٍ آخَرَ) أَيْ إنْ أَرَادَ فِعْلَهُ وَإِلَّا فَتَسْتَمِرُّ الْمُدَّةُ كَمَا مَرَّ، وَيَجِبُ مَعَ النَّزْعِ الْوُضُوءُ كَامِلًا عَلَى دَائِمِ الْحَدَثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا وَقْتَ النَّزْعِ لِأَنَّ وُضُوءَهُ مُبِيحٌ لَا رَافِعٌ، وَكَذَا الْوُضُوءُ   [حاشية عميرة] اللُّبْسِ، وَإِنْ مَضَى يَوْمٌ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ مَسْحٍ ثُمَّ سَافَرَ وَمَضَتْ لَيْلَةٌ مِنْ غَيْرِ مَسْحٍ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْحَدَثِ الَّذِي فِي الْحَضَرِ، هَكَذَا ظَهَرَ لِي مِنْ كَلَامِهِمْ، وَهُوَ وَاضِحٌ نَبَّهْت عَلَيْهِ وَلَا يَذْهَبُ الْوَهْمُ إلَى خِلَافِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَوْ مَسَحَ سَفَرًا بَعْدَ حَدَثِهِ حَضَرًا إلَخْ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ كَوْنُ ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ مِنْ الْحَدَثِ، كَمَا لَوْ سَافَرَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 الرَّأْسِ لَمْ يَضُرَّ، وَلَوْ كَانَ بِهِ تَخَرُّقٌ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ ضَرَّ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَلَوْ تَخَرَّقَتْ الْبِطَانَةُ أَوْ الظِّهَارَةُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا وَالْبَاقِي صَفِيقٌ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا ضَرَّ، وَلَوْ تَخَرَّقَتَا مِنْ مَوْضِعَيْنِ غَيْرِ مُتَحَاذِيَيْنِ لَمْ يَضُرَّ (طَاهِرًا) بِخِلَافِ النَّجِسِ كَالْمُتَّخَذِ مِنْ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْمُتَنَجِّسُ فَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ إذْ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ الْمَسْحِ، وَمَا عَدَاهَا مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ كَالتَّابِعِ لَهَا نَعَمْ لَوْ كَانَ بِأَسْفَلِ الْخُفِّ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا مَسَحَ مِنْهُ مَا لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ كَالْوَجِيزِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا، فَيُسْتَفَادُ بِالْمَسْحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَبْلَ التَّطْهِيرِ عَنْ النَّجَاسَةِ مَسُّ الْمُصْحَفِ، وَحَمْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ. (يُمْكِنُ اتِّبَاعُ الْمَشْيِ فِيهِ لِتَرَدُّدِ مُسَافِرٍ لِحَاجَاتِهِ) عِنْدَ الْحَطِّ وَالتَّرْحَالِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لِغِلَظِهِ كَالْخَشَبَةِ الْعَظِيمَةِ، أَوْ رِقَّتِهِ كَجَوْرَبِ الصُّوفِيَّةِ، وَالْمُتَّخَذُ مِنْ الْجِلْدِ الضَّعِيفِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَسَعَتِهِ أَوْ ضِيقِهِ فَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ ضَيِّقًا يَتَّسِعُ بِالْمَشْيِ عَنْ قُرْبٍ كَفَى الْمَسْحُ عَلَيْهِ. (قِيلَ: وَحَلَالًا) فَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْمَغْصُوبِ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ، وَالرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي، وَالْأَصَحُّ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فَيَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْمَغْصُوبِ كَالْوُضُوءِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ وَعَلَى الْمَسْرُوقِ وَعَلَى الْحَرِيرِ لِلرَّجُلِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ حَلَالًا وَسَاتِرًا وَمَا بَيْنَهُمَا أَحْوَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يُلْبَسُ، أَيْ وَهُوَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ (وَلَا يُجْزِئُ مَنْسُوجٌ لَا يَمْنَعُ مَاءً) أَيْ نُفُوذَهُ إلَى الرِّجْلِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لَوْ صَبَّ عَلَيْهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالنِّهَايَةِ مَعَ نُفُوذِهِ قَوِيًّا كَمَا فِي الْبَسِيطِ. (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغَالِبِ مِنْ الْخِفَافِ الْمُنْصَرِفِ إلَيْهَا نُصُوصُ الْمَسْحِ. وَالثَّانِي يُجْزِئُ كَالْمُتَخَرَّقِ ظِهَارَتُهُ مِنْ مَوْضِعٍ وَبِطَانَتُهُ مِنْ آخَرَ، وَإِنْ نَفَذَ الْمَاءُ مِنْهُ إلَى الرِّجْلِ لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَنْسُوجُ لَا يَمْنَعُ وُصُولَ بَلَلِ الْمَسْحِ إلَى الرِّجْلِ لِخِفَّتِهِ لَمْ يُجْزِئْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ خَارِجٌ بِشَرْطِ إمْكَانِ اتِّبَاعِ   [حاشية قليوبي] الْمَضْمُومُ إلَيْهِ التَّيَمُّمُ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ غُسْلًا وَتَيَمُّمًا لِأَنَّ انْضِمَامَ التَّيَمُّمِ إلَيْهِ جَعَلَهُ مُبِيحًا لَا رَافِعًا، وَقِيلَ يُعِيدُ التَّيَمُّمَ وَغَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فَقَطْ، وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَلَوْ أَرَادَ فَرْضًا آخَرَ أَوْ أَكْثَرَ، وَهُوَ عَلَى الْوُضُوءِ الَّذِي غَسَلَ رِجْلَيْهِ فِيهِ لَمْ يَجِبْ سِوَى إعَادَةُ التَّيَمُّمِ لِكُلِّ فَرْضٍ. قَوْلُهُ: (سَاتِرًا) يَعْنِي كَوْنَهُ مَانِعًا مِنْ لَمْسِهِ فَيَكْفِي الزُّجَاجُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَحَلُّ فَرْضِهِ) وَلَوْ مِنْ مَحَلِّ الْخَرَزِ. قَوْلُهُ: (غَيْرِ الْأَعْلَى) وَفَارَقَ سَتْرَ الْعَوْرَةِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ فِيهِمَا غَالِبًا فَلَا يَرِدُ السَّرَاوِيلُ. قَوْلُهُ: (قَلَّ أَوْ كَثُرَ) وَاغْتَفَرَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ تَخَرُّقًا دُونَ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ، وَاغْتَفَرَ الْإِمَامُ مَالِكٌ التَّخَرُّقَ مُطْلَقًا حَيْثُ أَمْكَنَ الْمَشْيُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُتَنَجِّسُ) وَلَوْ لِمَا زَادَ عَلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ لَوْ كَانَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ عَمَّتْهُ أَوْ سَالَ الْمَاءُ إلَيْهَا، وَمِنْهَا مَحَلُّ خَرَزِهِ بِشَعْرٍ نَجَسٍ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ، وَيَطْهُرُ ظَاهِرُهُ بِالْغُسْلِ مَعَ التَّرْتِيبِ، وَيُعْفَى عَنْ بَاطِنِهِ إنْ كَانَتْ رِجْلُهُ مُبْتَلَّةً، وَيُصَلِّي فِيهِ الْفَرْضَ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ، وَذِكْرُ الْأَسْفَلِ فِي كَلَامِهِ لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (مَا لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهِ) فَإِنْ مَسَحَ عَلَى النَّجَاسَةِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا إنْ عَمَّتْهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا، وَلَعَلَّ مُفَارَقَتَهُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لِنَحْوِ ذَرْقِ الطُّيُورِ فِي الْمَسَاجِدِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ هُنَا أَشَدُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ إلَخْ) هَذَا مَرْجُوحٌ وَحَمْلُهُ عَلَى نَجَاسَةِ طَرَأَتْ بَعْدَ الْمَسْحِ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (يُمْكِنُ إلَخْ) وَالْمُعْتَبَرُ حَاجَاتُ الْمُسَافِرِ الْغَالِبَةُ فِي الْأَرَاضِيِ الْغَالِبَةِ يَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا لِلْمُسَافِرِ خِلَافًا لِابْنِ حَجٍّ فِي اعْتِبَارِهِ فِي الْمُقِيمِ حَاجَاتِ الْإِقَامَةِ وَالِاعْتِبَارَ فِي الْقُوَّةِ بِأَوَّلِ الْمُدَّةِ لَا عِنْدَ كُلِّ مَسْحٍ، وَلَوْ قَوِيَ عَلَى دُونِ مُدَّةِ الْمُسَافِرِ وَفَوْقَ مُدَّةِ الْمُقِيمِ أَوْ قَدْرَهَا، فَلَهُ الْمَسْحُ بِقَدْرِ قُوَّتِهِ وَالْمُرَادُ قُوَّتُهُ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ نَحْوِ مَدَاسٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمُتَّخِذُ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِلْجَوْرَبِ. قَوْلُهُ: (ضَيِّقًا يَتَّسِعُ) قَالَ شَيْخُنَا أَوْ وَاسِعًا يَضِيقُ عَنْ قُرْبٍ قَوْلُهُ: (وَالرُّخَصُ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي) أَيْ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَعَاصِي، وَرَدَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَعْصِيَةُ سَبَبًا لِلرُّخْصَةِ وَالْخُفُّ تُسْتَوْفَى بِهِ الرُّخْصَةُ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَجِلْدِ الْآدَمِيِّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِنْجَاءُ بِذَلِكَ الْجِلْدِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ بِكَوْنِهِ مُحْتَرَمًا. نَعَمْ الْحَرَامُ لِذَاتِهِ كَخُفٍّ لَبِسَهُ مُحْرِمٌ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا حَالَةَ اللُّبْسِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ صَارَ بِهَا قَبْلَ الْحَدَثِ عَلَى الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ، وَوَافَقَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إنَّهُ يَكْفِي لِأَنَّ الْمَقْصُودَ كَوْنُهُ حَالَةَ وُجُوبِ الْمَسْحِ مُتَّصِفًا بِهَا كَمَا لَوْ سَدَّ خَرْقَهُ، أَوْ طَهَّرَهُ بَعْدَ لُبْسِهِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَقَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ، فَإِنْ قُلْت إلَخْ لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (نُفُوذَهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ خَرَزِهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَمْنَعُ وُصُولَ بَلَلِ الْمَسْحِ) أَيْ حَالًا فَلَا يَضُرُّ بَعْدَ   [حاشية عميرة] الصَّلَاةِ حَضَرًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ قَصْرُهَا فِي السَّفَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَعَ قَبْلَ سَفَرِهِ. [وَشَرْط الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ] قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْمُتَّخَذُ مِنْ الْجِلْدِ الضَّعِيفِ) هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 الْمَشْيِ (وَلَا) يُجْزِئُ (جُرْمُوقَانِ فِي الْأَظْهَرِ) هُمَا خُفٌّ فَوْقَ كُلٍّ مِنْهُمَا صَالِحٌ لِلْمَسْحِ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ فِي الْخُفِّ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. وَالْجُرْمُوقُ لَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ. وَالثَّانِي يُجْزِئُ لِأَنَّ شِدَّةَ الْبَرْدِ قَدْ تُحْوِجُ إلَى لُبْسِهِ، وَفِي نَزْعِهِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ لِلْمَسْحِ عَلَى الْأَسْفَلِ مَشَقَّةٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُدْخِلُ يَدَهُ بَيْنَهُمَا وَيَمْسَحُ الْأَسْفَلَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَسْفَلُ صَالِحًا لِلْمَسْحِ فَهُوَ كَاللِّفَافَةِ. وَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْأَعْلَى جَزْمًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَعْلَى صَالِحًا لِلْمَسْحِ، فَهُوَ كَخِرْقَةٍ تُلَفُّ عَلَى الْأَسْفَلِ فَإِنْ مَسَحَ الْأَسْفَلَ أَوْ الْأَعْلَى، وَوَصَلَ الْبَلَلُ إلَى الْأَسْفَلِ بِقَصْدِهِ أَوْ قَصْدِهِمَا أَوْ أَطْلَقَ أَجْزَأَ، وَإِنْ قَصَدَ الْأَعْلَى فَقَطْ فَلَا، وَلَوْ لَمْ يَصْلُحْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلْمَسْحِ فَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَا إجْزَاءَ. (وَيَجُوزُ مَشْقُوقُ قَدَمٍ شُدَّ) بِالْعُرَى (فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ السِّتْرِ وَالِارْتِفَاقِ بِهِ. وَالثَّانِي لَا كَمَا لَوْ لَفَّ عَلَى قَدَمِهِ قِطْعَةَ أُدُمٍ وَأَحْكَمَهَا بِالشَّدِّ فَإِنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِعُسْرِ الِارْتِفَاقِ بِهَا فِي الْإِزَالَةِ وَالْإِعَادَةِ مَعَ اسْتِيفَازِ الْمُسَافِرِ، وَلَوْ فُتِحَتْ الْعُرَى بَطَلَ الْمَسْحُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الرِّجْلِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إذَا مَشَى ظَهَرَ. (وَيُسَنُّ مَسْحُ أَعْلَاهُ) السَّاتِرِ لِمُشْطِ الرِّجْلِ (وَأَسْفَلِهِ خُطُوطًا) بِأَنْ يَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ الْعَقِبِ وَالْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ الْأَصَابِعِ ثُمَّ يُمِرَّ الْيُمْنَى إلَى سَاقِهِ وَالْيُسْرَى إلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ مِنْ تَحْتٍ مُفَرِّجًا بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيْهِ، وَلَا يُسَنُّ اسْتِيعَابُهُ بِالْمَسْحِ، وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهُ وَكَذَا غَسْلُ الْخُفِّ، وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ، لَوْ وَضَعَ يَدَهُ الْمُبْتَلَّةَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُمِرَّهَا أَوْ قَطَّرَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ، وَقِيلَ لَا، وَيُجْزِئُ بِخِرْقَةٍ   [حاشية قليوبي] طُولِ الْمُدَّةِ. قَوْلُهُ: (هُمَا خُفٌّ إلَخْ) كَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ يُسَمَّى جُرْمُوقًا. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهَذَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَأَصْلُ الْجُرْمُوقِ شَيْءٌ يُلْبَسُ كَالْخُفِّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ اسْمٌ لِلْأَعْلَى فَقَطْ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا يُنَافِيهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّهُ يُدْخِلُ يَدَهُ) مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْأَعْلَى) . قَالَ شَيْخُنَا: مَا لَمْ يَقْصِدْ الْأَسْفَلَ لِأَنَّهُ صَارِفٌ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ (فَإِنْ مَسَحَ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ رُجُوعُهُ لِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَعْلَى صَالِحًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَا صَالِحَيْنِ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهُ وَلَوْ خَاطَ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ فِي الصُّورَتَيْنِ كَانَا كَخُفٍّ وَاحِدٍ لَهُ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ. قَالَهُ شَيْخُنَا، وَيُتَّجَهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مَسْحُ غَيْرِ الْأَعْلَى فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (قَصَدَ الْأَعْلَى فَقَطْ) قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ قَصَدَ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ، وَخَالَفَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ وَالطَّبَلَاوِيُّ وَقَالَا بِالِاكْتِفَاءِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (بِالْعَرَى) وَتُسَمَّى الشَّرَجُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ وَبِالْجِيمِ. قَوْلُهُ: (فُتِحَتْ الْعَرَى) أَيْ كُلُّهَا، وَكَذَا بَعْضُهَا إذَا ظَهَرَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الرَّجُلِ لَوْ مَشَى. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إذَا مَشَى ظَهَرَ) فَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَمْ يَضُرَّ وَفَارَقَ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ وَجَيْبُهُ وَاسِعٌ بِأَنَّ الْمُضِرَّ هُنَاكَ رُؤْيَةُ الْعَوْرَةِ بِالْفِعْلِ لَوْ تَأَمَّلَهَا. (فَرْعٌ) لَوْ لَبِسَ خُفًّا عَلَى جَبِيرَةٍ وَاجِبُهَا الْمَسْحُ بِأَنْ أَخَذَتْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا لَمْ يَكْفِ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَإِنْ مَسَحَ الْجَبِيرَةَ دَاخِلَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِبْ مَسْحُهَا كَفَى مَسْحُهُ وَلَا يَضُرُّ نَحْوُ شَمْعٍ عَلَى الرَّجُلِ طَرَأَ بَعْدَ غُسْلِهَا وَلَوْ قَبْلَ لُبْسِ الْخُفِّ. قَوْلُهُ: (إلَى سَاقِهِ) قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: إلَى أَوَّلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُنْدَبُ التَّحْجِيلُ فِيهِ. وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ: إنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إلَى آخِرِ سَاقِهِ. وَحَمْلُ شَيْخِنَا الْآخَرَ فِيهِ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ آخِرُ السَّاقِ مِنْ جِهَةِ أَسْفَلِهِ فِيهِ نَظَرٌ قَوْلُهُ: (وَلَا يُسَنُّ اسْتِيعَابُهُ بِالْمَسْحِ) فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهُ إلَى آخِرِهِ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَعِيبُهُ وَيُفْسِدُهُ وَمُقْتَضَاهُ   [حاشية عميرة] بِلَفْظِهِ جَعَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَفْسِيرَ الْجَوَارِبِ الصُّوفِيَّةِ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ، وَكَذَا الْجَوَارِبُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الْجِلْدِ الَّتِي تُلْبَسُ مَعَ الْمُكَعَّبِ، وَهِيَ الْجَوَارِبُ الصُّوفِيَّةُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا حَتَّى تَكُونَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهَا وَتَمْنَعُ نُفُوذَ الْمَاءِ إنْ اعْتَبِرْنَا ذَلِكَ، إمَّا لِصَفَاقَتِهَا أَوْ لِتَجْدِيدِ الْقَدَمَيْنِ أَوْ النَّعْلِ عَلَى الْأَسْفَلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مَعَ كَوْنِهِ قَوِيًّا كَمَا فِي الْبَسِيطِ) فَفِي الْبَسِيطِ اعْتَبَرَ النُّفُوذَ وَالصَّبَّ وَالْقُوَّةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُجْزِئُ جُرْمُوقَانِ) هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَالْجُرْمُوقُ خُفٌّ فَوْقَ خُفٍّ، كَذَا عَرَّفُوهُ، وَحِينَئِذٍ فَكُلُّ رِجْلٍ فِيهَا جُرْمُوقٌ وَهُوَ الْخُفُّ الْأَعْلَى، وَالثَّنْيَةُ فِي الْمَتْنِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (هُمَا خُفٌّ إلَخْ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا خُفٌّ، أَوْ أَرَادَ بَيَانَ حَقِيقَةِ الْجُرْمُوقِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ خُصُوصِ التَّثْنِيَةِ، هَذَا وَلَكِنْ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ كَمَا تَرَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَسْفَلِ وَالْأَعْلَى يُسَمَّى جُرْمُوقًا، وَأَنَّ فِي كُلِّ رِجْلٍ جُرْمُوقَيْنِ، وَفِيهِ بُعْدٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كُلٌّ مِنْهُمَا صَالِحٌ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ هِيَ مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ دُونَ بَاقِي الصُّوَرِ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي يُجْزِئُ) أَيْ وَيَكُونُ الْأَعْلَى بَدَلًا عَنْ الْخُفِّ الْأَسْفَلِ، وَالْأَسْفَلُ بَدَلًا عَنْ الرِّجْلِ، هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ثُمَّ عَلَى الْجَوَازِ أَيْضًا يَجُوزُ ثَالِثٌ وَأَكْثَرُ وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ يُشْكِلُ عَلَيْهِ تَجْوِيزُ تَعَدُّدِ الِانْتِظَارِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ مَعَ أَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا وَرَدَتْ بِانْتِظَارَيْنِ فَمَا الْفَرْقُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَإِنْ مَسَحَ الْأَسْفَلَ إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 وَغَيْرِهَا. (وَيَكْفِي مُسَمَّى مَسْحٍ يُحَاذِي الْفَرْضَ) مِنْ ظَاهِرِ الْخُفِّ دُونَ بَاطِنِهِ الْمُلَاقِي لِلْبَشَرَةِ فَلَا يَكْفِي كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اتِّفَاقًا. (إلَّا أَسْفَلَ الرِّجْلِ وَعَقِبَهَا فَلَا) يَكْفِي (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا وَرَدَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَعْلَى فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وُقُوفًا عَلَى مَحَلِّ الرُّخْصَةِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ مُخَرَّجٌ يَكْفِي قِيَاسًا عَلَى الْأَعْلَى، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ وَبَعْضُهُمْ بِالثَّانِي، وَالْعَقِبُ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ (قُلْت: حَرْفُهُ كَأَسْفَلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ. (وَلَا مَسَحَ لِشَاكٍّ فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ) كَأَنْ شَكَّ فِي وَقْتِ الْحَدَثِ بَعْدَ اللُّبْسِ لِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ بِشُرُوطٍ مِنْهَا الْمُدَّةُ، فَإِذَا شَكَّ فِيهَا رَجَعَ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْغُسْلُ (فَإِنْ أَجْنَبَ) لَابِسُ الْخُفِّ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (تَجْدِيدُ لُبْسٍ) إنْ أَرَادَ الْمَسْحَ بِأَنْ يَنْزِعَ وَيَتَطَهَّرَ ثُمَّ يَلْبِسَ، وَذَاكَ اللُّبْسُ انْقَطَعَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ فِيهِ بِالْجِنَايَةِ لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِنَزْعِ الْخُفِّ مِنْ أَجْلِهَا فِي حَدِيثِ صَفْوَانَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُنَا إذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَوْ سَفْرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ» ، صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، دَلَّ الْأَمْرُ بِالنَّزْعِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْمَسْحِ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ لِأَجْلِ الْجَنَابَةِ فَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ الْمَسْحِ قَاطِعَةٌ لِمُدَّتِهِ حَتَّى لَوْ اغْتَسَلَ لَابِسًا لَا يَمْسَحُ بَقِيَّتَهَا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْكِفَايَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ مُدَّةُ الْمَسْحِ أَنَّهُ يَمْسَحُ بَقِيَّتَهَا لِارْتِفَاعِ الْمَانِعِ (وَمَنْ نَزَعَ) خُفَّيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فِي الْمُدَّةِ أَوْ انْتَهَتْ (وَهُوَ بِطُهْرِ الْمَسْحِ غَسَلَ قَدَمَيْهِ) لِبُطْلَانِ طُهْرِهِمَا بِالنَّزْعِ أَوْ الِانْتِهَاءِ. (وَفِي قَوْلٍ يَتَوَضَّأُ) لِبُطْلَانِ كُلِّ الطَّهَارَةِ بِبُطْلَانِ بَعْضِهَا كَالصَّلَاةِ، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَابْنِ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَيُصَلِّي بِطَهَارَتِهِ.   [حاشية قليوبي] طَلَبُ ذَلِكَ أَوْ عَدَمُ كَرَاهَتِهِ لَوْ كَانَ مِنْ نَحْوِ خَشَبٍ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ كَذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مُسَمَّى مَسْحٍ) لِأَنَّهُ أَصْلٌ كَمَا مَرَّ، وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ بِوُجُوبِ تَعْمِيمِهِ إلَّا مَوَاضِعَ الْغُضُونِ أَيْ الثَّنَيَاتِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ بِوُجُوبِ قَدْرِ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ مِنْهُ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِوُجُوبِ أَكْثَرِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ ظَاهِرِ الْخُفِّ) دَخَلَ فِيهِ عُرَاهُ وَخَيْطٌ مُتَّصِلٌ بِهِ لَا شَعْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُفًّا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ صِحَّةَ مَسْحِ شَعْرِ الرَّأْسِ. قَوْلُهُ (دُونَ بَاطِنِهِ) وَإِنْ نَفَذَ إلَى ظَاهِرِهِ. نَعَمْ إنْ نَفَذَ مِنْ مَحَلِّ الْخَرَزِ فَفِيهِ تَفْصِيلُ الْجُرْمُوقِ. قَوْلُهُ: (وَعَقِبَهَا) خَرَجَ بِهِ كَعْبُهَا فَيَكْفِي مَسْحُ مَا يُحَاذِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالْعَقِبُ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ) مِمَّا وَرَاءَ الْكَعْبِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مَعَ كَسْرِ الْقَافِ، وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الْقَافِ. قَوْلُهُ: (فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّشْبِيهَ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فَقَطْ لَا فِي طَلَبِ مَسْحِهِ خُطُوطًا أَيْضًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا مَسْحَ لِشَاكٍّ) أَيْ لَا يَصِحُّ مَسْحُهُ وَلَا صَلَاتُهُ الْمَرْتَبَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ يَجِبُ فِيهَا الْعَمَلُ بِالْيَقِينِ فِي قَدْرِ الْمُدَّةِ وَالصَّلَاةِ، فَلَوْ زَالَ شَكُّهُ بَعْدَهُمَا وَالْمُدَّةُ بَاقِيَةٌ أَعَادَ الْمَسْحُ وَمَا صَلَّاهُ حَالَةَ الشَّكِّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَجْنَبَ) وَلَوْ جَنَابَةً مُجَرَّدَةً عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَمِثْلُ الْجَنَابَةِ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ لَا غُسْلٌ مَنْذُورٌ وَلَا وَاجِبٌ عَنْ نَجَاسَةٍ اشْتَبَهَتْ فِيهِ فَلَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَأَدْخَلَ الْخُفَّ فِيهِمَا لَمْ تَنْقَطِعْ الْمُدَّةُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ تَجْدِيدُ لُبْسٍ) الْمُرَادُ مِنْهُ انْقِطَاعُ الْمُدَّةِ وَكَانَ الْوَجْهُ أَنْ يُعَيِّرَ بِهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَمْسَحُ بَقِيَّتَهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْكِفَايَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ نَزَعَ إلَخْ) أَيْ أَخْرَجَ رِجْلَهُ مِنْ سَاقِ الْخُفِّ لَا إلَيْهِ إلَّا لِمَا خَرَجَ مِنْهُ عَنْ الِاعْتِدَالِ، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ الْخُفُّ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ انْتَهَتْ) هُوَ عَطْفٌ عَامٌّ. قَوْلُهُ: (غَسَلَ قَدَمَيْهِ وُجُوبًا) وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ نِيَّاتِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ نِيَّتَهُ الْأُولَى مُنَزَّلَةٌ عَلَى الْمَسْحِ وَقَدْ زَالَ وَشَمِلَ ذَلِكَ دَائِمَ الْحَدَثِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيَسْتَبِيحُ مَا كَانَ لَهُ لَوْ بَقِيَ لُبْسُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.   [حاشية عميرة] مِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِي مَسْأَلَةِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَةِ بِأَنْ يُصَوِّرَ وُصُولَ الْبَلَلِ إلَى الْأَسْفَلِ مِنْ مَحَلِّ الْخَرَزِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَكْفِي مُسَمَّى مَسْحٍ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ بِالتَّقْدِيرِ بِثَلَاثَةِ أَصَابِعَ وَلِمَالِكٍ فِي التَّعْمِيمِ إلَّا مَوَاضِعَ الْغُضُونِ، وَلِأَحْمَدَ فِي التَّقْدِيرِ بِأَكْثَرِ الْخُفِّ لَنَا تَعَرُّضُ النُّصُوصِ لِمُطْلَقِ الْمَسْحِ. قَوْلُ الشَّارِحِ:. (أَوْ سَفْرًا) جَمْعُ سَافِرٍ كَرَاكِبٍ وَرَكْبٍ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَوْلُ الشَّارِحِ: (دَلَّ الْأَمْرُ بِالنَّزْعِ) وَجْهُ اسْتِفَادَةِ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ صَفْوَانَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَيْسَ مِنْ يَأْمُرُنَا بَلْ مِنْ عَدَمِ النَّزْعِ، وَكُلٌّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَوْرِدٌ وَمَحَلٌّ لِلطَّلَبِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ يَأْمُرُنَا، فَيَكُونُ الْإِثْبَاتُ الَّذِي أَفَادَهُ الِاسْتِثْنَاءُ مَطْلُوبًا وَمَأْمُورًا بِهِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} [يوسف: 40] قَوْلُ الْمَتْنِ: (غَسَلَ قَدَمَيْهِ) أَيْ وَالظَّاهِرُ انْقِطَاعُ الْمُدَّةِ أَيْضًا كَمَا فِي الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْكِفَايَةِ صَرَّحَ بِأَنَّ نَزْعَ الرِّجْلِ مِنْ الْخُفِّ مُبْطِلٌ لِلْمُدَّةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 بَابُ الْغُسْلِ (مُوجِبُهُ مَوْتٌ) إلَّا فِي الشَّهِيدِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ (وَحَيْضٌ وَنِفَاسٌ) فَيَجِبُ عِنْدَ انْقِطَاعِهِمَا لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا (وَكَذَا وِلَادَةٌ بِلَا بَلَلٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْوَلَدَ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ وَالثَّانِي يَقُولُ الْوَلَدُ لَا يُسَمَّى مَنِيًّا وَعَلَى الْأَوَّلِ يَصِحُّ الْغُسْلُ عَقِبَهَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ بِتَصْحِيحِهِ فِي إلْقَاءِ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ بِلَا بَلَلٍ (وَجَنَابَةٌ) وَتَحْصُلُ لِلرَّجُلِ (بِدُخُولِ حَشَفَةٍ أَوْ   [حاشية قليوبي] بَابُ الْغُسْلِ هَذَا هُوَ الْمَقْصِدُ الثَّانِي مِنْ مَقَاصِدِ الطَّهَارَةِ، وَأَخَّرَهُ عَنْ الْوُضُوءِ لِقِلَّتِهِ عَنْهُ كَمَا أَخَّرَ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ عَنْهُمَا لِذَلِكَ، وَلِصِحَّتِهِمَا مَعَهَا قِيلَ: وَكَانَ وَاجِبًا لِكُلِّ صَلَاةٍ ثُمَّ نُسِخَ، وَسَكَتُوا عَنْ كَوْنِهِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَيَقْرُبُ كَوْنُهُ مِنْهَا وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَبِضَمِّهَا عَلَى الْأَشْهَرِ اسْتِعْمَالًا، وَيُقَالُ بِالضَّمِّ لِلْمَاءِ الَّذِي يُغْتَسَلُ بِهِ وَبِالْكَسْرِ لِمَا يُضَافُ لِلْمَاءِ مِنْ السِّدْرِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ لُغَةً سَيَلَانُ الْمَاءِ مُطْلَقًا عَلَى الشَّيْءِ، وَعُرْفًا سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ بِنِيَّةٍ مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا يَأْتِي، وَمَا قِيلَ إنَّهُ كَانَ يَجِبُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ نُسِخَ لَمْ يَرِدْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ نَقْلٍ مُعْتَبَرٍ فِي حَدِيثٍ أَوْ أَثَرٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مُوجِبُهُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ بِمَعْنَى سَبَبُهُ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ أَوْ وَجَبَ عَلَى الْغَيْرِ كَمَا فِي الْكَافِرِ وَالْمَيِّتِ، وَالْمُرَادُ الْمُوجِبُ لِذَاتِهِ فَلَا يَرِدُ تَنَجُّسُ جَمِيعِ الْبَدَنِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَلَوْ بِكَشْطِ الْجِلْدِ مَثَلًا فَمَا فِي التَّحْرِيرِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (مَوْتٌ) وَهُوَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مَنْ شَأْنُهُ الْحَيَاةُ فَدَخَلَ السِّقْطُ، وَخَرَجَ الْجَمَادُ، وَقِيلَ: عَدَمُ الْحَيَاةِ، وَقِيلَ: عَرَضٌ يُضَادُّ الْحَيَاةَ، وَقِيلَ: مُفَارَقَةُ الرُّوحِ الْجَسَدَ. قَوْلُهُ: (إلَّا فِي الشَّهِيدِ) اقْتَصَرَ عَلَى اسْتِثْنَائِهِ لِحُرْمَتِهِ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ إلَخْ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخُرُوجَ مُوجِبٌ وَأَنَّ الِانْقِطَاعَ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ وَلَوْ عَلَى الزَّانِي، وَيَتَضَيَّقُ بِإِرَادَةِ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، وَيَتَوَسَّعُ بِعَدَمِهَا وَإِنْ خَرَجَ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَإِثْمِهِ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لَا بِعَدَمِ الْغُسْلِ، وَعَلَى هَذَا يَنْزِلُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا لَزِمَ الْفَسَادُ فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ فَتَأَمَّلْهُ قَوْلُهُ: (وَنِفَاسٌ) بِخُرُوجِ وَلَدٍ مِنْ آدَمِيَّةٍ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ كَكَلْبٍ أَوْ تَعَدَّدَ الْوَلَدُ فَيَجِبُ بَعْدَ كُلٍّ مِنْ التَّوْأَمَيْنِ أَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ، وَلَوْ مَعَ انْفِتَاحِ الْأَصْلِيِّ، وَمَالَ شَيْخُنَا إلَى مَجِيءِ تَفْصِيلِ الْمَنِيِّ خُصُوصًا مَعَ تَعْلِيلِ الْأَصَحِّ بِذَلِكَ، فَلَا غُسْلَ بِوِلَادَةِ الرَّجُلِ، وَالْجِنُّ كَالْإِنْسِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَكَذَا وِلَادَةٌ) أَيْ لِمَا ذُكِرَ بِلَا بَلَلٍ فَهِيَ كَالنِّفَاسِ، لَكِنْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهَا لَا تَنْقُضُ وُضُوءَ الْمَرْأَةِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ وَطْؤُهَا عَقِبَهَا، وَأَنَّهَا تُفْطِرُ بِهَا لَوْ كَانَتْ صَائِمَةً طَاهِرَةً، وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَبْعِيضِ الْأَحْكَامِ فَرَاجِعْهُ، وَخَرَجَ بِهَا إلْقَاءُ بَعْضِ الْوَلَدِ وَإِنْ عَادَ فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ فَقَطْ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: تَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ، وَيَجِبُ الْغُسْلُ بِإِلْقَاءِ آخَرِ جُزْءٍ مِنْهُ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (وَالْعَلَقَةُ وَالْمُضْغَةُ) أَوْرَدَهُمَا عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا وِلَادَةً لَكِنْ مَحَلُّ وُجُوبِ الْغُسْلِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إنْ قَالَ لَهُ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ مِنْ الْقَوَابِلِ أَنَّهَا أَصْلُ وَلَدٍ وَلَوْ بَقِيَتْ لَتُصُوِّرَتْ. (فَائِدَةٌ) يَثْبُتُ لِلْعَلَقَةِ مِنْ أَحْكَامِ الْوِلَادَةِ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَفِطْرُ الصَّائِمَةِ بِهَا، وَتَسْمِيَةُ الدَّمِ عَقِبَهَا نِفَاسًا، وَيَثْبُتُ لِلْمُضْغَةِ ذَلِكَ، وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ، وَحُصُولُ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ لَمْ يَقُولُوا فِيهَا صُورَةً أَصْلًا فَإِنْ قَالُوا فِيهَا صُورَةً وَلَوْ خَفِيَّةً وَجَبَ فِيهَا مَعَ ذَلِكَ غُرَّةٌ، وَثَبَتَ مَعَ ذَلِكَ بِهَا أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ، وَيَجُوزُ أَكْلُهَا مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْله: (وَجَنَابَةٌ) وَهِيَ لُغَةً الْبُعْدُ لِمَا فِيهَا مِنْ الْبُعْدِ   [حاشية عميرة] [بَابُ الْغُسْلِ] ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْغُسْلُ) قِيلَ: لَمَّا كَانَ الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ مَعْلُومًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ مِنْ بَقِيَّةِ دِينِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا بَقِيَ الْحَجُّ وَالنِّكَاحُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيَانِ كَيْفِيَّتِهِ فِي الْآيَةِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إلَّا فِي الشَّهِيدِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ) يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَهُ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَيْهِ. [مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا وِلَادَةٌ بِلَا بَلَلٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْوِلَادَةَ الْمَذْكُورَةَ تُحَرِّمُ الْوَطْءَ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، قِيلَ: إنَّ الْوِلَادَةَ بِلَا بَلَلٍ تُوجَدُ كَثِيرًا فِي نِسَاءِ الْأَكْرَادِ. (فَائِدَةٌ) إذَا أَوْجَبْنَا الْغُسْلَ مِنْهَا فَهَلْ تُبْطِلُ الصَّوْمَ؟ الْأَصَحُّ فِي التَّحْقِيقِ نَعَمْ، وَالْأَقْوَى فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَا كَالِاحْتِلَامِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي يَقُولُ الْوَلَدُ لَا يُسَمَّى مَنِيًّا) أَيْ وَيَجِبُ الْوُضُوءُ، كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ، وَقَدْ يُفْهَمُ عَدَمُ وُجُوبِهِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُنْعَقِدٌ مِنْ مَنِيِّهَا وَمَنِيِّ الرَّجُلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ (وَتَحْصُلُ لِلرَّجُلِ) أَيْ تَتَحَقَّقُ وَتُوجَدُ بِالدُّخُولِ لِلْحَشَفَةِ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 قَدْرِهَا) مِنْ مَقْطُوعِهَا مِنْهُ (فَرْجًا) قُبُلًا أَوْ دُبُرًا مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ وَيَصِيرُ الْآدَمِيُّ جُنُبًا بِذَلِكَ أَيْضًا (وَبِخُرُوجِ مَنِيٍّ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَغَيْرِهِ) كَأَنْ انْكَسَرَ صُلْبُهُ فَخَرَجَ مِنْهُ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَقِيلَ الْخَارِجُ مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ لَهُ حُكْمُ الْمُنْفَتِحِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ فَيَعُودُ فِيهِ التَّفْصِيلُ وَالْخِلَافُ وَالصُّلْبُ هُنَا كَالْمَعِدَةِ هُنَاكَ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ الصَّوَابُ وَجَزَمَ بِهِ فِي   [حاشية قليوبي] عَنْ الْعِبَادَةِ وَمَحَلِّهَا، وَشَرْعًا تُطْلَقُ عَلَى دُخُولِ الْحَشَفَةِ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ بِشَرْطِهِمَا، وَعَلَى أَمْرٍ اعْتِبَارِيٍّ يَقُومُ بِالْبَدَنِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ بِلَا مُرَخِّصٍ، وَعَلَى الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحَدَثِ. قَوْلُهُ: (وَتَحْصُلُ) أَيْ تُوجَدُ وَتَتَحَقَّقُ لِأَنَّهَا نَفْسُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (لِلرَّجُلِ) أَيْ الْوَاضِحِ وَقَيَّدَ بِهِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِي الْفَاعِلِ، وَلِقَوْلِهِ بَعْدُ: وَالْمَرْأَةُ كَرَجُلٍ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَلَوْ مَعَ الصِّغَرِ، وَكَذَا الْخُنْثَى بِشَرْطِهِ. قَوْلُهُ: (بِدُخُولِ حَشَفَةٍ) وَلَوْ فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ أَوْ بِحَائِلٍ لَا بِدُخُولِ بَعْضِهَا إلَّا إنْ دَخَلَ الْبَعْضُ الْآخَرُ وَلَوْ فِي فَرْجٍ آخَرَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. (فَرْعٌ) لَوْ دَخَلَ الرَّجُلُ كُلُّهُ فَرْجًا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: لَا يَجِبُ الْغُسْلُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَدْرِهَا) كُلًّا أَوْ بَعْضًا كَبِيرَةً كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةً حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ مِنْ مَقْطُوعِهَا بِخِلَافِ فَاقِدِهَا خِلْقَةً فَيُعْتَبَرُ قَدْرُ حَشَفَةِ أَقْرَانِهِ. قَوْله: (مِنْهُ) أَيْ الرَّجُلِ، وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِنْ الْمُتَّصِلِ بِالْقَطْعِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمُبَانِ. قَوْلُهُ: (فَرْجًا) وَلَوْ مُبَانًا حَيْثُ بَقِيَ اسْمُهُ، أَوْ مِنْ مَيِّتٍ مِنْ حَيْثُ فَسَادُ الْعِبَادَةِ بِهِ، وَلَوْ حَجًّا وَعُمْرَةً، وَوُجُوبُ الْغُسْلِ عَلَى الْحَيِّ، وَوُجُوبُ كَفَّارَةٍ بِهِ فِي الْحَجِّ وَالصَّوْمِ، وَإِنْ كَانَ لَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (قُبُلًا) أَيْ مِنْ وَاضِحٍ أَيْضًا، أَمَّا الْخُنْثَى فَلَا غُسْلَ بِالْإِيلَاجِ فِي قُبُلِهِ فَقَطْ، وَلَا بِإِيلَاجِهِ فِي غَيْرِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ ثُقْبَةٌ فَقَطْ فَكَالْوَاضِحِ، فَإِنْ أَوْلَجَ وَأُولِجَ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ يَقِينًا. قَوْلُهُ: (أَوْ دُبُرًا) وَلَوْ مِنْ خُنْثَى. قَوْلُهُ: (مِنْ آدَمِيٍّ) وَالْجِنِّيُّ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى كَالْآدَمِيِّ حَيْثُ تَحَقَّقَتْ الذُّكُورَةُ أَوْ الْأُنُوثَةُ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ، قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (أَوْ بَهِيمَةٍ) وَلَوْ نَحْوُ سَمَكَةٍ وَلَوْ مَيِّتَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَيَصِيرُ الْآدَمِيُّ) الْمَفْعُولُ بِهِ جُنُبًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَالْمَرْأَةُ كَرَجُلٍ فَلَا يُغْنِي عَنْ هَذَا فَافْهَمْ، وَكَلَامُهُ فِي ذِكْرِ الرَّجُلِ الْمُتَّصِلِ، وَهُوَ غَيْرُ قَيْدٍ، فَالذَّكَرُ الْمُبَانُ كَذَلِكَ حَيْثُ بَقِيَ اسْمُهُ، وَالْعِبْرَةُ بِحَشَفَتِهِ إنْ وُجِدَتْ وَإِلَّا فَقَدْرُهَا مِنْ أَيِّ جِهَةٍ مِنْهُ، وَغَيْرُ الْآدَمِيِّ كَالْقِرْدِ كَذَلِكَ، وَتُعْتَبَرُ لَهُ حَشَفَتُهُ بِحَشَفَةِ آدَمِيٍّ مُعْتَدِلِ الْخِلْقَةِ، وَقَالَ شَيْخُنَا: يَرْجِعُ إلَى نَظَرِ الْفَقِيهِ. (تَنْبِيهٌ) لَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِ الْفَرْجِ الْمُبَانِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ الضَّعِيفُ الْفَهْمِ السَّقِيمُ الْإِدْرَاكِ، وَقَدْ أَحْوَجَ الدَّهْرُ إلَى ذِكْرِ هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَبِخُرُوجِ مَنِيٍّ) لَا بِنُزُولِهِ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ، وَإِنْ قُطِعَ بِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَاقِيهِ الْمُتَّصِلِ شَيْءٌ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْمَرْأَةِ خُرُوجُهُ إلَى مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ، وَالْمُرَادُ مَنِيُّ الشَّخْصِ نَفْسِهِ وَلَوْ مَعَ مَنِيِّ غَيْرِهِ، فَلَوْ قَضَتْ الْمَرْأَةُ شَهْوَتَهَا وَاغْتَسَلَتْ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيٌّ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ إقَامَةً لِلْمَظِنَّةِ مَقَامَ الْيَقِينِ، وَلَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ فِي دَفَعَاتٍ وَجَبَ الْغُسْلُ بِكُلِّ مَرَّةٍ وَإِنْ قَلَّ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ انْكَسَرَ صُلْبُهُ إلَخْ) هُوَ تَمْثِيلٌ لِخُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ لَا لِمَا يَجِبُ بِهِ الْغُسْلُ لِأَنَّ الْخَارِجَ لِعِلَّةٍ مِنْ ذَلِكَ لَا يُوجِبُهُ، وَإِنْ وُجِدَتْ فِيهِ الْخَوَاصُّ، بِخِلَافِ الْخَارِجِ مِنْ الْمُعْتَادِ. قَوْله: (فَيَعُودُ فِيهِ التَّفْصِيلُ) وَهُوَ   [حاشية عميرة] فَلَيْسَتْ غَيْرَهُمَا وَإِلَّا فَمَا وَجْهُ إضَافَةِ الْوُجُوبِ هُنَا إلَى أَمْرٍ مُتَرَتِّبٍ عَلَى دُخُولِ الْحَشَفَةِ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَعَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ فِي بَاقِي الْأَسْبَابِ كَالْحَيْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَشَفَةٍ) . قَالَ الْإِمَامُ: وَفِي اعْتِبَارِ قَدْرِ الْحَشَفَةِ فِي الْبَهِيمَةِ كَالْقِرْدِ وَنَحْوِهِ كَلَامٌ يُوكَلُ إلَى فِكْرِ الْفَقِيهِ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَوْ اسْتَدْخَلَتِ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا مَقْطُوعًا فَفِيهِ الْوَجْهَانِ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هَكَذَا أَطْلَقَ، وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ اسْتِدْخَالِهِ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ أَصْلِهِ أَوْ وَسَطِهِ بِجَمْعِ طَرَفَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى عَلَى الْفَقِيهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِنْ مَقْطُوعِهَا) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ الْمُضَافِ، وَكَذَا مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُضَافَ بِمَعْنَى الْمُمَاثِلِ، فَهُوَ عَامِلٌ وَلِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ أَيْضًا، وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي تُفِيدُ الْعِبَارَةُ أَنَّ الْقَدْرَ مُعْتَبَرٌ بِحَشَفَةِ ذَلِكَ الْعُضْوِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: مِنْهُ، فَقَدْ تَنَازَعَ فِيهِ حَشَفَةٌ وَقَدْرٌ، وَالْغَرَضُ مِنْ كَوْنِهِ مِنْهُ إيضَاحُ الْمُرَادِ مِنْ الْعِبَارَةِ بِبَيَانِ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ دُخُولُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا بِحَيْثُ تَكُونُ تِلْكَ الْحَشَفَةُ أَوْ قَدْرُهَا مِنْ الشَّخْصِ حَذَرًا مِنْ أَنْ يُوهَمَ خِلَافُ ذَلِكَ بِسَبَبِ تَنْكِيرِ الْحَشَفَةِ يَدُلُّك عَلَى أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ أَنَّ الْمَاتِنَ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّحْلِيلِ فِي بَابِ النِّكَاحِ، قَالَ إذَا طَلَّقَ الْحُرُّ ثَلَاثًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ وَتَغِيبَ بِقُبُلِهَا حَشَفَتُهُ أَوْ قَدْرُهَا. قَالَ الشَّارِحُ: مِنْ مَقْطُوعِهَا، وَلَمْ يَقُلْ مِنْهُ لِأَنَّ الصَّغِيرَ هُنَاكَ يَعْنِي عَنْهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِنْهُ) حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ فِي قَدْرِهَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَيَصِيرُ الْآدَمِيُّ جُنُبًا) نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَيِّتُ فَلَا تَجِبُ إعَادَةُ غُسْلِهِ لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ. قَوْلُ الْمَتْن: (وَبِخُرُوجِ مَنِيٍّ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْنِي أَيْ يَصُبُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 التَّحْقِيقِ (وَيُعْرَفُ بِتَدَفُّقِهِ أَوْ لَذَّةٍ) بِالْمُعْجَمَةِ (بِخُرُوجِهِ) وَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ لِقِلَّتِهِ مَعَ فُتُورِ الذَّكَرِ عَقِبَ ذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَأَسْقَطَهُ مِنْ الْمُحَرَّرِ لِاسْتِلْزَامِ اللَّذَّةِ لَهُ (أَوْ رِيحِ عَجِينٍ رَطْبًا أَوْ بَيَاضِ بَيْضٍ جَافًّا) وَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ أَوْ يَلْتَذَّ بِهِ كَأَنْ خَرَجَ مَا بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ الْغُسْلِ (فَإِنْ فُقِدَتْ الصِّفَاتُ) الْمَذْكُورَةُ فِي الْخَارِجِ (فَلَا غُسْلَ) بِهِ. (وَالْمَرْأَةُ كَرَجُلٍ) فِي أَنَّ جَنَابَتَهَا تَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ، وَفِي أَنَّ مَنِيَّهَا يُعْرَفُ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ. وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: لَا يُعْرَفُ مَنِيُّهَا إلَّا بِالتَّلَذُّذِ. (وَيَحْرُمُ بِهَا) أَيْ بِالْجَنَابَةِ (مَا حَرُمَ بِالْحَدَثِ) مِنْ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِهِ (وَالْمُكْثُ بِالْمَسْجِدِ لَا عُبُورُهُ) أَيْ الْجَوَازُ بِهِ قَالَ اللَّهُ   [حاشية قليوبي] الْمُعْتَمَدُ فَإِنْ كَانَ انْسِدَادُ الْأَصْلِيِّ عَارِضًا وَجَبَ الْغُسْلُ بِالْخَارِجِ مِنْ الْمُنْفَتِحِ فِي الصُّلْبِ فِي الرَّجُلِ وَفِي التَّرَائِبِ فِي الْمَرْأَةِ دُونَ غَيْرِهِمَا فَلَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَيَنْبَغِي نَقْضُ الْوُضُوءِ بِهِ إنْ كَانَ مِمَّا تَحْتَ الْمَعِدَةِ لِأَنَّهُ مِنْ النَّادِرِ فَرَاجِعْهُ، وَإِنْ كَانَ الِانْسِدَادُ خِلْقِيًّا وَجَبَ الْغُسْلُ بِالْخَارِجِ مِنْ الْمُنْفَتِحِ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْخَارِجِ مِنْ الْمَنَافِذِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمُنْفَتِحُ الْمَذْكُورُ وَخَرَجَ مِنْهُ مَا فِيهِ خَوَاصُّ الْمَنِيِّ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْحَدَثِ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِكُلٍّ مِنْهَا، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالصُّلْبُ هُنَا كَالْمَعِدَةِ) صَوَابُهُ كَتَحْتِ الْمَعِدَةِ إذْ الصُّلْبُ الَّذِي هُوَ فَقَرَاتُ الظَّهْرِ تَحْتَ عِظَامِ الرَّقَبَةِ مَعْدِنُ الْمَنِيِّ هُنَا، وَكَذَا تَرَائِبُ الْمَرْأَةِ الَّتِي هِيَ عِظَامُ صَدْرِهَا. قَوْلُهُ: (رِيحِ عَجِينٍ) مِنْ نَحْوِ حِنْطَةٍ أَوْ رِيحِ طَلْعِ نَخْلٍ وَرَطْبًا وَجَافًّا حَالَانِ مِنْ الْمَنِيِّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فُقِدَتْ الصِّفَاتُ) أَيْ يَقِينًا، فَلَوْ احْتَمَلَ كَوْنُ الْخَارِجِ مِنْهُ مَنِيًّا أَوْ وَدْيًا كَأَنْ اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ فَوَجَدَ بِبَاطِنِ مَلْبُوسِهِ شَيْئًا أَبْيَضَ ثَخِينًا تَخَيَّرَ بَيْنَ حُكْمَيْهِمَا فَيَغْتَسِلُ أَوْ يَتَوَضَّأُ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْبَيَاضِ، وَالثِّخَنِ دُونَ الرِّيحِ لِأَنَّهُمَا مَنَاطُ الِاشْتِبَاهِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: لَعَلَّ بَعْضَ الْخَوَاصِّ كَاللَّذَّةِ وُجِدَ وَلَمْ يُعْلَمْ بِهِ لِثِقَلِ النَّوْمِ فِيهِ نَظَرًا لِمَا قَالُوا إنَّهُ لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ نَائِمَةٌ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْهَا ثَانِيًا غُسْلٌ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْضِ شَهْوَتَهَا، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ اللَّذَّةِ فِي النَّوْمِ، وَإِنَّمَا تُخَيَّرُ لِتَعَارُضِ الْأَمْرَيْنِ عَلَيْهِ، وَفَارَقَ وُجُوبَ الصَّلَاتَيْنِ عَلَى مَنْ نَسِيَ إحْدَاهُمَا بِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِهِمَا، وَكَذَا زَكَاةُ الْأَكْثَرِ فِي الْمُخْتَلَطِ مِنْ النَّقْدَيْنِ لِإِمْكَانِ التَّمْيِيزِ فِيهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ اخْتِيَارِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ وَلَا يُعِيدُ مَا فَعَلَهُ بِالْأَوَّلِ مِنْ صَلَاةٍ وَنَحْوِهَا. نَعَمْ إنْ تَغَيَّرَ اخْتِيَارُهُ فِي الصَّلَاةِ فَيَتَّجِهُ الْبُطْلَانُ لِلتَّرَدُّدِ حِينَئِذٍ فِي صِحَّتِهَا مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ انْعِقَادِهَا فَتَأَمَّلْهُ، وَاخْتَصَّ التَّخْيِيرُ بِالْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ فَلَا يَتَعَدَّى الْحُكْمُ إلَى غَيْرِهِمَا كَحُرْمَةِ الْقِرَاءَةِ أَوْ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ بِاخْتِيَارِ الْمَنِيِّ، وَتَنَجُّسِ مَا أَصَابَهُ بِاخْتِيَارِ غَيْرِهِ لِلشَّكِّ فِي ذَلِكَ، وَخَرَجَ بِبَاطِنِ مَلْبُوسِهِ ظَاهِرُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ الْحَالُ عَلَى وَفْقِ مَا اخْتَارَهُ فَهُوَ كَوُضُوءِ الِاخْتِيَارِ فَيَلْزَمُهُ الطُّهْرُ وَإِعَادَةُ مَا فَعَلَهُ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: لَا طُهْرَ عَلَيْهِ وَيُجْزِيهِ مَا فَعَلَهُ هُنَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ بِهِ بِخِلَافِ وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْمَذْكُورَةُ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْخَوَاصُّ لَا الصِّفَاتُ حَقِيقَةً نَحْوُ الْبَيَاضِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَا غُسْلَ) أَيْ مَطْلُوبٌ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (تَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ) يَرِدُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ عَلَيْهَا بِوَطْءِ نَحْوِ قِرْدٍ وَبِالذَّكَرِ الْمُبَانِ، وَقَدْ مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُفِيدُ الْحَصْرَ أَوْ الْمَنْعَ، وَقَدْ يُقَالُ: كَلَامُهُ شَامِلٌ لِذَلِكَ مِنْ تَأَمُّلِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي أَنَّ مَنِيَّهَا إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَبَّرَ بِالصِّفَاتِ مُوَافَقَةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْله: (بِالْجَنَابَةِ) وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْمُوجِبَاتِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ مَا يَحْرُمُ بِالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَلَا مَعْنَى لِلْحُرْمَةِ فِي الْمَوْتِ، وَلِأَنَّ الْوِلَادَةَ إمَّا مِنْ النِّفَاسِ وَإِمَّا مِنْ الْجَنَابَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُكْثُ) أَيْ لِمُسْلِمٍ غَيْرِ نَبِيٍّ بِمَا يُعَدُّ مُكْثًا عُرْفًا وَلَوْ دُونَ قَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِنْهُ رُكُوبٌ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ نَحْوِ سَرِيرٍ عَلَى الْأَعْنَاقِ إنْ لَمْ يُنْسَبْ سَيْرُ ذَلِكَ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُوَ عُبُورٌ، وَمِنْ الْمُكْثِ دُخُولُ الْمَسْجِدِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ إلَّا بَابٌ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ، وَدَخَلَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ مِنْهُ لَا إنْ عَنَّ لَهُ ذَلِكَ بَعْدُ، وَمِنْهُ دُخُولُهُ لِأَجْلِ أَخْذِ أُجْرَةِ حَمَّامٍ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إلَّا أَنْ يَتَيَمَّمَ قَبْلَ دُخُولِهِ وَمَكَثَ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَنُوزِعَ فِيهِ، وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ مَنْعُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَكَذَا الْمُمَيِّزُ إلَّا لِحَاجَةِ تَعْلِيمِهِ، أَمَّا الْأَنْبِيَاءُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْمُكْثُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِمْ وَخُصُوصِيَّةً لَهُمْ، وَالْقِرَاءَةُ مِنْهُمْ كَالْمُكْثِ، وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إلَّا الْحَائِضَ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْمُكْثِ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ، وَلِذَلِكَ فَارَقَ حُرْمَةَ بَيْعِ الطَّعَامِ لَهُ فِي رَمَضَانَ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْفِطْرِ فِي الصَّوْمِ، وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَهُ، وَيُمْنَعُ مِنْ الدُّخُولِ لَهُ إلَّا بِإِذْنِ بَالِغٍ مُسْلِمٍ، أَوْ لِنَحْوِ الِاسْتِفْتَاءِ مِنْ الْعُلَمَاءِ، أَوْ لِمَصْلَحَةٍ لَنَا، وَأَحَدُ   [حاشية عميرة] فَيُقَالُ: أَمْنَى وَمَنَى وَمَنَّى، وَالْأَوَّلُ أَفْصَحُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مَعَ فُتُورِ الذَّكَرِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ لَذَّةٍ بِخُرُوجِهِ. قَوْلُ: الْمَتْنِ: (وَالْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ وَلَوْ فِي هَوَائِهِ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الْمَكَانِ مَسْجِدًا عَلَى سَبِيلِ الشُّيُوعِ حَرُمَ أَيْضًا بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 تَعَالَى: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ الرِّبَاطُ وَنَحْوُهُ (وَالْقُرْآنُ) وَلَوْ بَعْضُ آيَةٍ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ» وَيَقْرَأُ رُوِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزِ عَلَى النَّهْيِ وَبِضَمِّهَا عَلَى الْخَبَرِ، الْمُرَادُ بِهِ النَّهْيُ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَتَحِلُّ أَذْكَارُهُ لَا بِقَصْدِ قُرْآنٍ) كَقَوْلِهِ عِنْدَ الرُّكُوبِ: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَعِنْدَ الْمُصِيبَةِ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ. فَإِنْ قَصَدَ الْقُرْآنَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الذِّكْرِ حَرُمَ. وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ خِلَافًا لِلْمُحَرَّرِ. وَنَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الدَّقَائِقِ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: أَشَارَ الْعِرَاقِيُّونَ إلَى التَّحْرِيمِ، قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَهُوَ الظَّاهِرُ: (وَأَقَلُّهُ) أَيْ الْغُسْلِ عَنْ الْجَنَابَةِ أَوْ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ. (نِيَّةُ رَفْعِ جَنَابَةٍ) أَوْ حَيْضٍ أَوْ   [حاشية قليوبي] الْأُمُورِ كَافٍ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ، وَشَرْحُ شَيْخِنَا لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ، فَإِنْ دَخَلَ بِغَيْرِ ذَلِكَ عُزِّرَ، وَدُخُولُنَا أَمَاكِنَهُمْ كَذَلِكَ، وَلَوْ احْتَلَمَ الْمُسْلِمُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا يَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ وَخَشِيَ ضَرَرًا بِخُرُوجِهِ جَازَ لَهُ الْمُكْثُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا لَا يَضُرُّهُ مِنْ بَدَنِهِ وَالتَّيَمُّمِ وَلَوْ بِتُرَابِ الْمَسْجِدِ الدَّاخِلِ فِي وَقْفِهِ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ، وَهَذَا التَّيَمُّمُ لَا يُبْطِلُهُ إلَّا جَنَابَةٌ أُخْرَى. (فَرْعٌ) أَجَازَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْمُكْثَ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمُتَوَضِّئِ الْجُنُبِ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ، وَعِنْدَهُ أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ نَاقِضٌ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْجِدِ) وَلَوْ مُشَاعًا أَوْ مَظْنُونًا بِالِاجْتِهَادِ بِالْقَرِينَةِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَسَوَاءٌ أَرْضُهُ وَهَوَاؤُهُ وَلَوْ طَائِرًا فِيهِ وَرَوْشَنٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، وَإِنْ خَرَجَ سَمْتُهُ، لَا غُصْنَ خَارِجُهُ مِنْ شَجَرَةٍ أَصْلُهَا فِيهِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (أَيْ الْجَوَازُ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ جَوَازِ التَّرَدُّدِ الَّذِي شَمِلَهُ الْعُبُورُ، وَيَحْرُمُ الْجِمَاعُ فِي الْعُبُورِ وَلَوْ عَلَى دَابَّةٍ، وَفِي الْمُكْثِ لِعُذْرٍ، وَفِي مَاءٍ جَارٍ فِيهِ، وَلَا يَحْرُمُ الْغُسْلُ فِيهِ وَإِنْ دَخَلَ لَهُ بِلَا مُكْثٍ. قَوْلُهُ: (وَالْقُرْآنُ) مِنْ بَالِغٍ مُسْلِمٍ غَيْرِ نَبِيٍّ، وَيَجُوزُ تَعْلِيمُهُ لِكَافِرٍ غَيْرِ مُعَانِدٍ وَرُجِيَ إسْلَامُهُ سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِقِرَاءَتِهِ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى إقْرَائِهِ إذْ قِرَاءَتُهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا مُطْلَقًا، وَعَبَّرُوا فِي الْكَافِرِ بِعَدَمِ الْمَنْعِ مِنْ الْمُكْثِ وَالْقِرَاءَةِ، وَلَمْ يُعَبِّرُوا بِالْجَوَازِ لِبَقَاءِ الْحُرْمَةِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَيُمْنَعُ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلِهِ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ أَبْلَغُ بِدَلِيلِ جَوَازِ قِرَاءَةِ الْمُحْدِثِ دُونَ نَحْوِ مَسِّهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ) أَوْ لَوْ حَرْفًا وَإِنْ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ، وَشَرْطُ الْحُرْمَةِ سَمَاعُ نَفْسِهِ وَلَوْ تَقْدِيرًا وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَالنُّطْقِ، وَقَيَّدَهَا شَيْخُنَا بِلِسَانِهِ، وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ لَكِنْ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمْ: إشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَالنُّطْقِ، إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ الشَّهَادَةُ وَالْحِنْثُ وَبُطْلَانُ الصَّلَاةِ، وَيَظْهَرُ هُنَا عَدَمُ الْحُرْمَةِ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ عَدَمِ إيجَابِهَا عَلَيْهِ بَدَلًا عَنْ الْفَاتِحَةِ فِي صَلَاةٍ فَتَأَمَّلْ. نَعَمْ يَجِبُ عَلَى فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فَقَطْ آخِرَ الصَّلَاةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَذَا لَوْ نَذَرَ قِرَاءَةً فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، وَفِيهِ بَحْثٌ يُتَأَمَّلُ. قَوْلُهُ: (وَتَحِلُّ أَذْكَارُهُ) وَكَذَا غَيْرُهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَا حُرْمَةَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَحْنَثُ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَأَ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ صَارِفٌ، وَإِنَّمَا حَرُمَتْ الْقِرَاءَةُ فِي قَصْدِ الْقُرْآنِ مَعَ غَيْرِهِ هُنَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي حَمْلِ الْمُصْحَفِ مَعَ غَيْرِهِ بِقَصْدِهِمَا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لِعَدَمِ جُرْمٍ يُسْتَتْبَعُ هُنَا كَمَا مَرَّ، وَخَالَفَهُ الْخَطِيبُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْغُسْلِ) أَيْ مَاهِيَّتُه الشَّامِلَةُ لِمَنْدُوبَاتِهِ وَلِلْمَنْدُوبِ إذْ الْوَاجِبُ فِي الْغُسْلِ لَيْسَ لَهُ أَقَلُّ وَأَكْمَلُ وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِالْوَاجِبِ لِخُصُوصِ الْمَحَلِّ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْجَنَابَةِ إلَخْ) قَيَّدَهُ بِهَا لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ وَسَكَتَ عَنْ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهِ نَحْوُ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَعَنْ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهَا تَصِحُّ بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ، قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ رَفْعِ جَنَابَةٍ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْمُغْتَسِلِ الْمُمَيَّزِ وَلَوْ صَبِيًّا وَنَائِبَهُ كَزَوْجِ مَجْنُونَةٍ أَوْ مُمْتَنِعَةٍ وَلَوْ كَافِرَةً بَعْدَ حَيْضِهَا وَلَهُ وَطْؤُهَا إلَى إسْلَامِهَا وَلَوْ تَبَعًا أَوْ إلَى حَيْضٍ آخَرَ وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ، وَيَصِحُّ الْغُسْلُ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ إنْ قَصَدَهُ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ لِانْصِرَافِهِ لِمَا عَلَيْهِ فَإِنْ عَيَّنَ وَأَخْطَأَ لَمْ يَضُرَّ، فَإِنْ نَوَى الْأَصْغَرَ غَلَطًا ارْتَفَعَ الْحَدَثَانِ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ غَيْرِ الرَّأْسِ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْمَسْحُ فَلَمْ تَتَنَاوَلْهُ النِّيَّةُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ أَعْضَائِهِ لِأَنَّ وَاجِبَهَا الْغُسْلُ فِي الْحَدَثَيْنِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ بَقَاءُ الْحَدَثَيْنِ عَلَى الرَّأْسِ، وَنَقَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ عَنْهَا الْأَصْغَرُ لِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي عَنْ الْمَسْحِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ اخْتِصَاصُ الرَّفْعِ بِالْقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لَا نَحْوَ عَضُدٍ، وَسَاقٍ، وَفِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ مَا يُشْعِرُ بِخِلَافِهِ وَيُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ إذَا أَرَادَ غَسْلَ بَاقِي بَدَنِهِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى   [حاشية عميرة] وَصِحَّةُ الصَّلَاةِ لِلْمَأْمُومِ الْمُتَبَاعِدِ عَنْهُ إمَامُهُ فَوْقَ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ. قَوْلُ الشَّارِحِ: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] أَيْ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ فِي الْآيَةِ مَوَاضِعُهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ} [الحج: 40] . (فَائِدَةٌ) ذَكَرَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ مِنْ خَصَائِصِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُخُولَهُ الْمَسْجِدَ جُنُبًا، وَمَالَ إلَيْهِ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْقُرْآنُ) أَيْ بِاللَّفْظِ وَمِنْهُ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ. [وَأَقَلّ الْغُسْلِ عَنْ الْجَنَابَةِ] قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَوْ حَيْضٍ) لَوْ كَانَ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 نِفَاسٍ أَيْ رَفْعُ حُكْمِ ذَلِكَ (أَوْ اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقَرٍ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْغُسْلِ كَأَنْ يَنْوِيَ بِهِ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْغُسْلِ (أَوْ أَدَاءِ فَرْضِ الْغُسْلِ) أَوْ فَرْضِ الْغُسْلِ أَوْ أَدَاءِ الْغُسْلِ كَمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ قِيَاسًا عَلَى أَدَاءِ الْوُضُوءِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: لَوْ نَوَى الْجُنُبُ الْغُسْلَ لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَادَةً وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا (مَقْرُونَةٌ بِأَوَّلِ فَرْضٍ) وَهُوَ أَوَّلُ مَا يُغْسَلُ مِنْ الْبَدَنِ، فَلَوْ نَوَى بَعْدَ غَسْلِ جُزْءٍ وَجَبَ إعَادَةُ غَسْلِهِ، وَمَقْرُونَةٌ بِالرَّفْعِ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَقِيلَ بِالنَّصْبِ صِفَةُ نِيَّةِ الْمُقَدَّرَةِ الْمَنْصُوبَةِ بِنِيَّةِ الْمَلْفُوظَةِ. (وَتَعْمِيمِ شَعَرِهِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (وَبَشَرِهِ) حَتَّى الْأَظْفَارِ وَمَا يَظْهَرُ مِنْ صِمَاخَيْ الْأُذُنَيْنِ، وَمِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ قُعُودِهَا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَمَا تَحْتَ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ، وَيَجِبُ نَقْضُ الضَّفَائِرِ إنْ لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى بَاطِنِهَا إلَّا بِالنَّقْضِ (وَلَا تَجِبُ مَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ) كَمَا فِي الْوُضُوءِ (وَأَكْمَلُهُ إزَالَةُ الْقَذَرِ) بِالْمُعْجَمَةِ كَالْمَنِيِّ عَلَى الْفَرْجِ (ثُمَّ الْوُضُوءُ)   [حاشية قليوبي] مِمَّنْ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) وَيَصِحُّ رَفْعُ الْحَيْضِ بِنِيَّةِ النِّفَاسِ وَعَكْسُهُ وَلَوْ عَمْدًا مَا لَمْ يُرِدْ حَقِيقَتَهُ الشَّرْعِيَّةَ، وَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنِيَّةِ حِلِّ الْوَطْءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَلِيلٌ. قَوْلُهُ: (رَفْعِ حُكْمِ ذَلِكَ) أَيْ فَالْمَنْوِيُّ الْأَسْبَابُ، وَيَنْصَرِفُ إلَى حُكْمِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ كَمَا مَرَّ فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ) أَوْ يَأْتِي بِنَفْسِ تِلْكَ الصِّيغَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ (أَوْ غَيْرُهَا) كَمَسِّ مُصْحَفٍ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَحِلِّ وَطْءٍ كَمَا مَرَّ، وَلَهُ بِذَلِكَ فِعْلُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَفِي نِيَّةِ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (فَرْضِ الْغُسْلِ) وَيَدْخُلُ مَنْدُوبَاتُهُ تَبَعًا كَمَا فِي نِيَّةِ فَرْضِ الصَّلَاةِ وَفِي الْأَغْسَالِ الْمَنْدُوبَةِ يَنْوِي أَسْبَابَهَا وَكَنِيَّةِ فَرْضِ الْغُسْلِ نِيَّةُ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُجْزِئْهُ) مَا لَمْ يُضِفْهُ لِمُفْتَقِرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ كَالْغُسْلِ لِلصَّلَاةِ أَوْ لَمْسِ الْمُصْحَفِ، وَمِثْلُهُ نِيَّةُ الطَّهَارَةِ لِذَلِكَ، وَفِي نِيَّةِ الطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ فَتَكْفِي خِلَافًا لِلْخَطِيبِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَادَةً وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا) أَيْ فَلَا يَنْصَرِفُ لِلْوَاجِبِ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَرَدَّدَ الْقَصْدُ فِيهِ بَيْنَ أَسْبَابٍ ثَلَاثَةٍ الْعَادَةُ كَالتَّنْظِيفِ وَالنَّدْبُ كَالْعِيدِ وَالْوُجُوبُ كَالْجَنَابَةِ احْتَاجَ إلَى تَعْيِينٍ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لَيْسَ لَهُ إلَّا سَبَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْحَدَثُ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينٍ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَادَةً أَصْلًا وَلَا مَنْدُوبًا لِسَبَبٍ، لَيْسَتْ الصَّلَاةُ بِالْوُضُوءِ الْأَوَّلِ لِلْمُجَدِّدِ سَبَبًا لِلتَّجْدِيدِ، وَإِنَّمَا هِيَ مُجَوِّزَةٌ لَهُ فَقَطْ لَا طَالِبَةٌ لَهُ، وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَيْهَا فَافْهَمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا يُكْتَبُ بِالتِّبْرِ فَضْلًا عَنْ الْحِبْرِ، فَرَحِمَ اللَّهُ ثَرَى قَبْرِ هَذَا الشَّارِحِ مَا أَدْرَاهُ بِأَسَالِيبِ الْكَلَامِ، وَمَا أَقْوَى إدْرَاكَهُ بِتَأْدِيَةِ الْمَرَامِ، وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَالْإِلْهَامِ. (تَنْبِيهٌ) لَا تَصِحُّ نِيَّةُ نَحْوَ مَسِّ الْمُصْحَفِ مِنْ الصَّبِيِّ إذَا قَصَدَ حَاجَةَ تَعَلُّمِهِ كَالْوُضُوءِ، وَلَوْ شَكَّ الْمُغْتَسِلُ بَعْدَ الْغُسْلِ فِي نِيَّتِهِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ الْوُضُوءَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَوَّلُ مَا يُغْسَلُ مِنْ الْبَدَنِ) وَإِنْ كَانَ عَنْ سُنَّةٍ سَابِقَةٍ عَلَيْهِ كَالْوُضُوءِ فِيهِ، أَوْ لَمْ يَقَعْ غُسْلُهُ عَنْ الْبَدَنِ كَمَا لَوْ غَسَلَ مَحَلًّا مُتَنَجِّسًا بِمُغَلَّظٍ وَنَوَى عِنْدَهُ، فَيُعْتَدُّ بِالنِّيَّةِ، وَلَوْ فِي أَوَّلِ غَسْلَةٍ مِنْهُ، وَإِنْ وَجَبَتْ إعَادَةُ غُسْلِهِ عَنْ الْحَدَثِ كَمَا مَرَّ فِي غَسْلِ الْجُزْءِ مِنْ الْوَجْهِ مَعَ الْمَضْمَضَةِ،. قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ، وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافَهُ. (تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ تَفْرِيقَ النِّيَّةِ عَلَى الْأَعْضَاءِ لَا يَأْتِي فِي الْغُسْلِ لِأَنَّ الْبَدَنَ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ فَرَاجِعْهُ، إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَتَعْمِيمُ شَعْرِهِ) إلَّا مَا نَبَتَ دَاخِلَ الْعَيْنِ أَوْ الْأَنْفِ فَلَا يَجِبُ وَلَا يُسَنُّ، وَإِنْ طَالَ وَخَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ. قَوْلُهُ: (حَتَّى الْأَظْفَارِ) فَالْبَشَرَةُ هُنَا أَعَمُّ مِنْ النَّاقِضِ فِي الْوُضُوءِ، وَمِنْهَا ظَاهِرُ أَنْفٍ أَوْ أُصْبُعٍ أَوْ رِجْلٍ مِنْ نَقْدٍ أَوْ خَشَبٍ كَمَا فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (وَمَا تَحْتَ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ) نَعَمْ يُعْفَى عَمَّا تَحْتَ نَحْوِ طُبُوعٍ عَسُرَ زَوَالُهُ وَإِنْ كَثُرَ، وَيَجِبُ إزَالَتُهُ مَعَ الشَّعْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُثْلَةٌ كَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ نَقْضُ الضَّفَائِرِ) إنْ لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى دَاخِلِهَا إلَّا بِهِ، بِخِلَافِ مَا تَعَقَّدَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ نَقْضُهُ إنْ كَثُرَ، فَإِنْ كَانَ بِفِعْلٍ عُفِيَ عَنْ قَلِيلِهِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرٍ مَثَلًا شَيْءٌ وَلَوْ وَاحِدَةً بِلَا غَسْلٍ ثُمَّ   [حاشية عميرة] الْمَرْأَةِ حَيْضٌ وَجَنَابَةٌ فَنَوَتْ أَحَدَهُمَا فَقَطْ ارْتَفَعَ الْآخَرُ قَطْعًا، وَاسْتَشْكَلَ الْقَطْعَ مَعَ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوُضُوءِ. قَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ: وَالْفَرْقُ صَعْبٌ، انْتَهَى. قُلْت قَدْ يَلُوحُ فَارِقٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ نِيَّتَهُ رَفْعُ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ مِنْ حَيْثُ اقْتِضَاؤُهَا تَعْمِيمَ جَمِيعِ الْبَدَنِ أَقْوَى مِنْ نِيَّةِ الْوُضُوءِ لِاخْتِصَاصِهَا بِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ يَدُلُّك عَلَى قُوَّتِهَا اسْتِتْبَاعُهَا لِلْأَصْغَرِ دُونَ الْعَكْسِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْوُضُوءَ قَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا وَيَصِحُّ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَعْمِيمِ شَعْرِهِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ فُعِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا مِنْ النَّارِ» قَالَ عَلِيٌّ: فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْت شَعْرَ رَأْسِي، وَكَانَ يَجُزْ شَعْرَهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (حَتَّى الْأَظْفَارِ) لَيْسَتْ مِنْ الْبَشَرَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا تَجِبُ مَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 كَامِلًا (وَفِي قَوْلٍ: يُؤَخِّرُ غَسْلَ قَدَمَيْهِ) فَيَغْسِلُهُمَا بَعْدَ الْغُسْلِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ فِي غُسْلِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» . زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَةٍ عَنْ مَيْمُونَةَ «غَيْرَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ غَسَلَهُمَا بَعْدَ الْغُسْلِ» (ثُمَّ تَعَهَّدَ مَعَاطِفَهُ) كَغُضُونِ الْبَطْنِ وَالْإِبْطِ (ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَيُخَلِّلُهُ) وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ يُخَلِّلُ الشَّعْرَ بِالْمَاءِ قَبْلَ إفَاضَتِهِ لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ الْإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ، وَفِي الْمُهَذَّبِ وَيُخَلِّلُ اللِّحْيَةَ أَيْضًا (ثُمَّ) عَلَى (شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي طَهُورِهِ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ (وَيُدَلِّكُ) بَدَنَهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (وَيُثَلِّثُ) كَالْوُضُوءِ فَيَغْسِلُ رَأْسَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ ثَلَاثًا ثُمَّ الْأَيْسَرَ ثَلَاثًا (وَتُتْبِعُ) الْمَرْأَةُ (لِحَيْضٍ أَثَرَهُ) أَيْ أَثَرَ الدَّمِ (مِسْكًا) بِأَنْ تَجْعَلَهُ عَلَى قُطْنَةٍ وَتُدْخِلُهُ فَرْجَهَا لِلْأَمْرِ بِمَا يُؤَدِّي ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَتَفْسِيرِهَا «قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَائِلَتِهِ عَنْ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا» بِقَوْلِهَا لَهَا: يَعْنِي تَتْبَعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ. وَيَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ الْغُسْلِ. وَحِكْمَتُهُ تَطْيِيبُ الْمَحَلِّ وَالنِّفَاسُ كَالْحَيْضِ فِي ذَلِكَ. وَالْفِرْصَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْقِطْعَةُ. وَالْأَثَرُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ الْمِسْكُ (فَنَحْوَهُ) مِنْ الطِّيبِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَالطِّينُ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ كَفَى الْمَاءُ. وَنَبَّهَ فِي الدَّقَائِقِ عَلَى عُدُولِهِ عَنْ قَوْلِ   [حاشية قليوبي] أَزَالَهَا بِقَصٍّ أَوْ نَتْفٍ مَثَلًا لَمْ يَكْفِ، فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ مَوْضِعِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَزَالَهَا بَعْدَ غَسْلِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا تَجِبُ مَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ) نَصَّ عَلَيْهِمَا رَدًّا لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهِمَا عِنْدَنَا هُنَا، وَلَا يَكْفِي عَنْهُمَا فِعْلُهُمَا فِي الْوُضُوءِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَأَكْمَلُهُ) أَيْ مُطْلَقِ الْغُسْلِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (إزَالَةُ الْقَذَرِ) أَيْ الظَّاهِرِ كَمَا مَثَّلَ وَسَيَأْتِي النَّجَسُ، وَيُنْدَبُ أَنْ لَا يَغْتَسِلَ إلَّا بَعْدَ بَوْلٍ، وَأَنْ يُقَدِّمَ غَسْلَ الْفَرْجِ وَمَا حَوَالَيْهِ إنْ اغْتَسَلَ بِنَحْوِ إبْرِيقٍ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى غَسْلِهِ بَعْدُ، فَيَلْزَمُ مَسُّ نَاقِضٍ أَوْ احْتِيَاجٌ إلَى لَفِّ خِرْقَةٍ مَثَلًا. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيَجِبُ بَعْدَ غَسْلِهِ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ الْمَاءُ مِنْ يَدَيْهِ عِنْدَ غَسْلِ فَرْجِهِ بَعْدَ نِيَّةِ الْغُسْلِ بِنِيَّةٍ مِنْ نِيَّاتِ الْوُضُوءِ لِعَوْدِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ عَلَيْهِ، وَهَذَا مِمَّا يَغْفُلُ عَنْهُ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْوُضُوءُ) وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُ قَبْلَهُ ثُمَّ فِي أَثْنَائِهِ سَوَاءٌ الْغُسْلُ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ، وَيَنْوِي بِهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ إنْ تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ عَنْ الْحَدَثِ، وَإِلَّا نَوَى لَهُ نِيَّةً مُعْتَبَرَةً وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ الْغُسْلِ لِأَجْلِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِتَأْخِيرٍ وَلَا يَبْطُلُ بِتَأْخِيرِ الْغُسْلِ عَنْهُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا بِحَدَثِهِ قَبْلَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: تُسَنُّ إعَادَتُهُ. قَوْلُهُ: (كَامِلًا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالتَّرْتِيبِ، وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ، لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْأَكْبَرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْإِبْطِ) وَالْمُوقِ وَالْمُقْبِلِ مِنْ الْأَنْفِ، وَيُمِيلُ رَأْسَهُ عِنْدَ غَسْلِ أُذُنَيْهِ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِيهِمَا الْمَاءُ فَيَضُرَّهُ أَوْ يُفْطِرَ بِهِ لَوْ كَانَ صَائِمًا. (تَنْبِيهٌ) التَّرْتِيبُ فِي السُّنَنِ الْمَذْكُورَةِ لِلْأَفْضَلِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَأَعْلَى بَدَنِهِ عَنْ أَسْفَلِهِ، وَالشِّقُّ الْأَيْمَنُ مِنْ رَأْسِهِ، وَعُلِمَ مَا ذُكِرَ أَنَّ بَعْضَ الْأَعْضَاءِ قَدْ يَتَكَرَّرُ غَسْلُهُ. قَوْلُهُ: (تَخْلِيلُ لِحْيَتِهِ) وَكَذَا بَقِيَّةُ شُعُورِهِ. قَوْلُهُ: (شِقِّهِ الْأَيْمَنِ) وَيُقَدِّمُ مُقَدَّمَهُ عَلَى مُؤَخَّرِهِ وَكَذَا الْأَيْسَرُ، وَفَارَقَ الْمَيِّتَ بِمَشَقَّةِ تَحْرِيكِهِ. قَوْلُهُ: (مَنْ أَوْجَبَهُ) وَهُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَالْمَزْنِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا، وَيَسْتَعِينُ فِي غَيْرِ مَا تَصِلُ إلَيْهِ يَدُهُ بِخِرْقَةٍ أَوْ جِدَارٍ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: لِمَا تَصِلُ إلَيْهِ يَدُهُ، لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ وَالتَّدْلِيكِ عَقِبَ كُلِّ غَسْلَةٍ أَكْمَلُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَالْوَجْهُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَيُثَلِّثُ) وَالْأَفْضَلُ فِي شِقَّيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ كُلَّ مَرَّةٍ وَيَكْفِي فِي التَّثْلِيثِ ثَلَاثُ جِرْيَاتٍ فِي الْمَاءِ الْجَارِي أَوْ تَحْرِيكُ بَدَنِهِ ثَلَاثًا فِي الرَّاكِدِ، وَيُنْدَبُ هُنَا بَقِيَّةُ سُنَنِ الْوُضُوءِ كَالتَّسْمِيَةِ أَوَّلَهُ وَالذِّكْرِ عَقِبَهُ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَتُتْبِعُ الْمَرْأَةُ) بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَلَوْ خَلِيَّةً أَوْ عَجُوزًا وَكَذَا الْخُنْثَى الْمُتَّضِحُ بِالْأُنُوثَةِ وَالْفَرْجُ الْمُنْفَتِحُ وَالْمُتَحَيِّرَةُ. نَعَمْ لَا تَتْبَع الْمُحْرِمَةُ طِيبًا مُطْلَقًا وَلَا الْمُحِدَّةُ إلَّا بِنَحْوِ أَظْفَارٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ أَثَرَ الدَّمِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ وُجُودُ الدَّمِ وَلَوْ دَمَ فَسَادٍ خِلَافًا لِبَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ شَيْخِنَا، فَمَنْ لَا دَمَ لَهَا تَتْبَعُ، وَالْحَيْضُ لَيْسَ قَيْدًا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا. قَوْلُهُ. (وَتُدْخِلُهُ فَرْجَهَا) بَعْدَ غَسْلِهِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ كَمَا قَالَهُ، فَيُطْلَبُ لِلصَّائِمَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفْطِرٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ) أَوْ لَمْ تَرُدَّهُ وَإِنْ تَيَسَّرَهُ. قَوْلُهُ: (كَفَى الْمَاءُ) أَيْ مَاءُ الْغُسْلِ فِي دَفْعِ الْكَرَاهَةِ أَوْ مَاءٌ آخَرُ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ وَتَقَدَّمَ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ الْوُضُوءُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَيْضًا فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ أَيْضًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَغُضُونِ الْبَطْنِ وَالْإِبْطِ) وَكَذَا السُّرَّةُ وَبَيْنَ الْأَلْيَتَيْنِ وَتَحْتَ الْأَظْفَارِ وَتَحْتَ الرُّكْبَتَيْنِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (خُرُوجًا مِنْ خِلَافٍ إلَخْ) لَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَمَّا أَنَا فَأَحْثِي عَلَى رَأْسِي ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ فَإِذَا أَنَا قَدْ طَهُرْتُ» . قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَالْوُضُوءِ) بَلْ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتُتْبِعُ لِحَيْضٍ) لَوْ تَرَكَتْهُ كُرِهَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَفَى الْمَاءُ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ كَفَى، أَيْ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ، كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ اهـ. وَقَالَ غَيْرُهُ كَفِي فِي إزَالَةِ اللَّوْمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 الْمُحَرَّرِ مِسْكًا وَنَحْوَهُ لِلْإِعْلَامِ بِالتَّرْتِيبِ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ. (وَلَا يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ) أَيْ الْغُسْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ (بِخِلَافِ الْوُضُوءِ) فَيُسَنُّ تَجْدِيدُهُ إذَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ صَلَاةً مَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ حَدِيثَ «مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ» (وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ مَاءُ الْوُضُوءِ عَنْ مُدٍّ وَالْغُسْلِ عَنْ صَاعٍ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ سُفَيْنَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُغَسِّلُهُ الصَّاعُ وَيُوَضِّئُهُ الْمُدُّ» (وَلَا حَدَّ لَهُ) حَتَّى لَوْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ وَأَسْبَغَ أَجْزَأَ، وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ، وَتَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ قَدْرُ الرِّطْلِ (وَمَنْ بِهِ نَجَسٌ يَغْسِلُهُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَلَا تَكْفِي لَهُمَا غَسْلَةٌ) وَاحِدَةٌ (وَكَذَا فِي الْوُضُوءِ) وَذَلِكَ وَجْهٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْمَاءَ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا أَوَّلًا فِي النَّجَسِ، فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْحَدَثِ (قُلْت: الْأَصَحُّ تَكْفِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَيَرْفَعُهُمَا الْمَاءُ مَعًا. (وَمَنْ اغْتَسَلَ لِجَنَابَةٍ وَجُمُعَةٍ حَصَلَا) أَيْ غَسَّلَاهُمَا (أَوْ لِأَحَدِهِمَا حَصَلَ) أَيْ غَسَّلَهُ (فَقَطْ) عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ فِي كُلٍّ، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْغُسْلُ فِي الْأُولَى لِلْإِشْرَاكِ فِي النِّيَّةِ بَيْنَ النَّفْلِ وَالْفَرْضِ، وَفِي قَوْلٍ: يَحْصُلُ بِغُسْلِ الْجَنَابَةِ غُسْلُ   [حاشية قليوبي] عَلَى الْمَاءِ بَعْدَ الطِّينِ نَوَى الزَّبِيبَ، ثُمَّ مُطْلَقُ النَّوَى، ثُمَّ مَا لَهُ رَطِيبٌ، ثُمَّ الْمِلْحُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَوْلَوِيَّةِ) فَالسُّنَّةُ تَحْصُلُ بِالْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ) وَكَذَا التَّيَمُّمُ وَلَوْ مُكَمِّلًا بِهِ الْوُضُوءُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَيُسَنُّ تَجْدِيدُهُ وَلَوْ لِمَاسِحِ الْخُفِّ، أَوْ مُكَمِّلًا بِالتَّيَمُّمِ، وَلَا يُسَنُّ لِصَاحِبِ الضَّرُورَةِ وَلَا إذَا فَوَّتَ فَضِيلَةً كَفَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (إذَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ) أَيْ يَدْخُلُ وَقْتُ جَوَازِ التَّجْدِيدِ بِذَلِكَ مُوَسَّعًا إلَى إرَادَةِ فِعْلِ صَلَاةٍ أُخْرَى أَوْ غَيْرِهَا فَلَا تَسَلْسُلَ وَلَا اسْتِغْرَاقَ زَمَنٍ كَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ (صَلَاةً مَا) وَلَوْ رَكْعَةً أَوْ جِنَازَةً لَا غَيْرَ الصَّلَاةِ كَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ وَطَوَافٍ وَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا نُقِلَ عَنْ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ نَدْبِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ بِهِ لِلْقِرَاءَةِ وَعَنْ غَيْرِهِ مِنْ نَدْبِهِ لِمَنْ وَقَعَ مِنْهُ مَا قِيلَ فِيهِ بِالنَّقْضِ كَمَسِّ مَيِّتٍ، فَلَوْ جَدَّدَ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ فَيَحْرُمُ عِنْدَ الشَّيْخِ الْخَطِيبِ. وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: إنْ قَصَدَ بِهِ الْعِبَادَةَ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِصِحَّتِهِ وَأَنَّهُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ. (فَرْعٌ) يُنْدَبُ لِجُنُبٍ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةِ وَحَائِضٍ بَعْدَ انْقِطَاعِ حَيْضِهَا الْوُضُوءُ لِنَوْمٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ آخَرَ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ. قَالَ الْجَلَالُ: وَهَذَا الْوُضُوءُ لَا تُبْطِلُهُ نَوَاقِضُ الْوُضُوءِ كَالْبَوْلِ، وَإِنَّمَا يُبْطِلُهُ جِمَاعٌ آخَرُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. وَبِهَذَا يُلْغَزُ فَيُقَالُ لَنَا وُضُوءٌ لَا تُبْطِلُهُ الْأَحْدَاثُ. قَوْله (لَوْ نَقَصَ) وَلَوْ احْتَاجَ لِزِيَادَةٍ زَادَ. قَوْلُهُ: (يَغْسِلُهُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ) الْمُرَادُ أَنَّهُ يَغْسِلُهُ قَبْلَ غَسْلِ مَحَلِّهِ عَنْ الْحَدَثِ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْهُ عَلَى الْغُسْلِ. قَوْلُهُ: (وَيَرْفَعُهُمَا الْمَاءُ مَعًا) إذَا لَمْ يَبْقَ لِلنَّجَاسَةِ وَصْفٌ، وَتَقَدَّمَ الِاعْتِدَادُ بِالنِّيَّةِ   [حاشية عميرة] الْمُتَرَتِّبِ عَلَى تَرْكِ هَذِهِ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ لَا أَنَّهُ كَافٍ فِي حُصُولِهَا، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِكِفَايَةِ الْمَاءِ هُوَ الْغُسْلُ الشَّرْعِيُّ لَا إدْخَالُ مَاءٍ فِي الْفَرْجِ بَدَلَ الطِّيبِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِلْإِعْلَامِ بِالتَّرَيُّبِ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ قَالَ: لَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَةِ الْكِتَابِ وَإِفَادَةُ التَّرْتِيبِ ظَاهِرَةٌ، وَكَوْنُهَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ لَا يُفِيدُهُ الْمِنْهَاجُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِخِلَافِ الْوُضُوءِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُكَمِّلًا لِلتَّيَمُّمِ، وَأَمَّا التَّيَمُّمُ فَلَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهُ وَلَوْ مُكَمِّلًا لِلْوُضُوءِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إذَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ صَلَاةً مَا) كَأَنَّ حِكْمَةَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ بِدُونِهِ فِي مَعْنَى الْكَرَّةِ الرَّابِعَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مَكْرُوهٌ إذَا لَمْ يُؤَدِّ بِالْأَوَّلِ شَيْئًا. قُلْت: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ حِينَئِذٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْغُسْلُ عَنْ صَاعٍ) مِنْ السُّنَنِ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ بَعْدَهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَفِي التَّحْقِيقِ يَقُولُ بَعْدَهُ مَا يَقُولُهُ بَعْدَ الْوُضُوءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَصَلَا) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَغْتَسِلَ لِلْجَنَابَةِ، ثُمَّ لِلْجُمُعَةِ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا انْتَهَى، وَلَوْ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَنْهُ وَعَنْ نَذْرٍ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْقِيَاسُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، لَكِنْ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِحُصُولِهِمَا مَعًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 الْجُمُعَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ التَّنْظِيفُ، وَفِي وَجْهٍ يَحْصُلُ غُسْلُ الْجَنَابَةِ بِغُسْلِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ حَالَةُ كَمَالٍ، وَلَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْجَنَابَةِ. (قُلْت) : كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَلَوْ أَحْدَثَ ثُمَّ أَجْنَبَ أَوْ عَكْسُهُ كَفَى الْغُسْلُ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَعَهُ الْوُضُوءَ (عَلَى الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِانْدِرَاجِ الْوُضُوءِ فِي الْغُسْلِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَكْفِي الْغُسْلُ وَإِنْ نَوَى مَعَهُ الْوُضُوءَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْوُضُوءِ مَعَهُ. وَالثَّالِثُ إنْ نَوَى مَعَ الْغُسْلِ الْوُضُوءَ كَفَى وَإِلَّا فَلَا. وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِالِاكْتِفَاءِ لِتَقَدُّمِ الْأَكْبَرِ فِيهَا فَلَا يُؤَثِّرُ بَعْدَهُ الْأَصْغَرُ، فَالطَّرِيقَانِ فِي مَجْمُوعِ الصُّورَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ الثَّانِيَةُ لَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَوْ وُجِدَ الْحَدَثَانِ مَعًا فَكَمَا لَوْ تَقَدَّمَ الْأَصْغَرُ. بَابُ النَّجَاسَةِ   [حاشية قليوبي] عِنْدَهُ. [المولاة فِي الْغُسْل] (فَرْعٌ) تُسَنُّ الْمُوَالَاةُ فِيهِ أَيْضًا كَالْوُضُوءِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِأَنَّ الْمَاءَ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا أَوَّلًا فِي النَّجَسِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْحَدَثِ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ قَصْدُ الْحَدَثِ مَعَهُ، بَلْ لِوُجُودِ الْقَصْدِ لِلْحَدَثِ ارْتَفَعَ الْخَبَثُ دُونَهُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَوْلُهُ مُسْتَعْمَلًا يُوَافِقُ بَحْثُ الشَّيْخَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ تَجَدُّدِ الْحَدَثِ لِلْمُنْغَمِسِ السَّالِفَةِ فِي الطَّهَارَةِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَيَرْفَعُهُمَا الْمَاءُ مَعًا، أَيْ جَمِيعًا. قَوْلُهُ: (أَوْ عَكْسُهُ) مَرْفُوعٌ كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُهُ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّ لَمْ يَنْوِ مَعَهُ الْوُضُوءَ) بَلْ وَإِنْ نَفَاهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. قَوْلُهُ: (لِانْدِرَاجٍ إلَخْ) هَذَا يُفْهِمُ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَأَنَّهُ سَقَطَ وَهُوَ صَرِيحُ الْخِلَافِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إنَّهُ اضْمَحَلَّ مَعَهُ فِيهِ نَظَرٌ إلَّا إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَحْصُلُ قَهْرًا عَلَيْهِ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وُجِدَ الْحَدَثَانِ مَعًا) هُوَ تَتْمِيمٌ لِأَقْسَامِ الْمَسْأَلَةِ وَسُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَنْهُ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ كَمَا قِيلَ. (تَتِمَّةٌ) لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَغْسَالٌ وَاجِبَةٌ أَصَالَةً كَفَى نِيَّةُ وَاحِدٍ مِنْهَا عَنْهَا وَإِنْ نَفَى بَاقِيَهَا، وَمَعْنَى الْكِفَايَةِ فِيهَا رَفْعُ الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ أَوْ الْمَنْعِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا فَلَا يَصِحُّ الْغُسْلُ بَعْدَهُ بِنِيَّةِ وَاحِدٍ مِنْ بَاقِيهَا، وَالْأَغْسَالُ الْمَنْدُوبَةُ كَذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: مَعْنَى الْكِفَايَةِ فِيهَا سُقُوطُ الطَّلَبِ لَا حُصُولُ الثَّوَابِ، فَلَوْ أَرَادَ الْغُسْلَ لِوَاحِدٍ آخَرَ لَمْ يَصِحَّ، وَمَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ بِالنَّذْرِ كَالْأَصْلِيِّ، وَفِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ قَاسِمٍ الْمَيْلُ إلَى خِلَافِهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ إذْ لَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ، وَلَا مَنْعٌ، فَلَا تَشْمَلُهُ نِيَّةُ مَا فِيهِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. (فَائِدَةٌ) : قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ لَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُزِيلَ شَيْئًا مِنْ شَعْرِهِ أَوْ يَقُصَّ شَيْئًا مِنْ ظُفْرِهِ أَوْ يَسْتَحِدَّ أَوْ يُخْرِجَ دَمًا أَوْ يُبِينَ مِنْ نَفْسِهِ جُزْءًا وَهُوَ جُنُبٌ إذْ سَائِرُ أَجْزَائِهِ تُرَدُّ إلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ فَيَعُودُ جُنُبًا، وَيُقَالُ: إنَّ كُلَّ عَشَرَةٍ تُطَالِبُهُ بِجَنَابَتِهَا انْتَهَى، وَفِي عَوْدِ نَحْوِ الدَّمِ نَظَرٌ، وَكَذَا فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ الْعَائِدَ هُوَ الْأَجْزَاءُ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا إلَّا نَقْصَ نَحْوِ عُضْوٍ فَرَاجِعْهُ. [بَابُ النَّجَاسَة] ِ وَإِزَالَتِهَا وَهِيَ مُوجِبٌ أَيْ سَبَبٌ وَإِزَالَتُهَا مَقْصِدٌ، فَهُوَ الْمَقْصِدُ الثَّالِثُ، وَالْوَاجِبُ فِيهَا فِي غَيْرِ نَجَاسَةِ نَحْوَ الْكَلْبِ مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا يَأْتِي فَمَا قِيلَ إنَّ غَسْلَهَا كَانَ سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ نُسِخَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَإِنْ قَالَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِعَدَمِ وُرُودِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ نَقْلٍ مُعْتَبَرٍ فِي حَدِيثٍ أَوْ أَثَرٍ فَرَاجِعْهُ، وَإِزَالَتُهَا وَاجِبَةٌ عِنْدَ إرَادَةِ اسْتِعْمَالِ مَا هِيَ فِيهِ، وَعِنْدَ التَّضَمُّخِ بِهَا عَبَثًا، وَعِنْدَ تَنْجِيسِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ، وَعِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ، وَعَنْ الْمَيِّتِ إذَا خَرَجَتْ مِنْهُ وَمِنْ الْمَسْجِدِ وَالنَّجَاسَةُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ نَجِسَ يَنْجَسُ كَعَلِمَ أَوْ حَسُنَ وَقُدِّمَتْ عَلَى التَّيَمُّمِ لِأَنَّ إزَالَتَهَا شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَلَوْ لِصَاحِبِ الضَّرُورَةِ فِيهِمَا، وَتَقَدَّمَ اشْتِرَاطُ تَقَدُّمِ اسْتِنْجَائِهِ عِنْدَ شَيْخِنَا، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ، وَهِيَ كَمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ إمَّا حُكْمِيَّةٌ بِأَنْ جَاوَزَتْ مَحَلَّهَا كَالْجَنَابَةِ وَإِمَّا عَيْنِيَّةٌ لَمْ تُجَاوِزْهُ، وَهَذِهِ تُطْلَقُ عَلَى الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ وَعَلَى الْوَصْفِ الْقَائِمِ بِمَحَلِّهَا أَوْ إطْلَاقُهَا عَلَى الْأَعْيَانِ مَجَازٌ مَشْهُورٌ أَوْ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ، وَيُقَالُ لَهَا بِاعْتِبَارِهِمَا لُغَةً كُلَّ مُسْتَقْذَرٍ، وَشَرْعًا مُسْتَقْذَرٍ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ، وَإِسْنَادُ الْمَنْعِ إلَيْهَا صَحِيحٌ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَمَلَهَا أَوْ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهَا. وَالْمُرَادُ الِاسْتِقْذَارُ الشَّرْعِيُّ لَا بِمَعْنَى عَدَمِ قَبُولِ النَّفْسِ لِيَصِحَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ بِعَدَمِ اسْتِقْذَارِهَا فِي التَّعْرِيفِ الْمُطَوَّلِ، وَهُوَ كُلُّ عَيْنٍ حَرُمَ تَنَاوُلُهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ مَعَ سُهُولَةِ التَّمْيِيزِ لَا لِحُرْمَتِهَا، وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا، وَلَا لِضَرَرِهَا فِي بَدَنٍ أَوْ عَقْلٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَعَ مُحْتَرِزَاتِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَيُقَالُ لَهَا بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ وَصْفٌ يَقُومُ بِالْمَحَلِّ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ، حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ، وَيُقَالُ لَهُ مَعَ وُجُودِ طَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحِ نَجَاسَةٌ عَيْنِيَّةٌ، وَمَعَ عَدَمِهَا حُكْمِيَّةٌ مِنْ بَابِ مَجَازِ الْمُشَاكَلَةِ ، وَقَدْ تُعْرَفُ الْأَعْيَانُ بِالْعَدِّ، وَهُوَ أَوْلَى فِيمَا قَلَّتْ أَفْرَادُهُ وَلِذَلِكَ سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ هِيَ كُلُّ مُسْكِرٍ مَائِعٍ وَكَلْبٍ إلَخْ، وَقَدْ ضَبَطَهَا   [حاشية عميرة] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 (هِيَ كُلُّ مُسْكِرٍ مَائِعٍ) كَالْخَمْرِ، وَهِيَ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ، وَالنَّبِيذِ كَالْمُتَّخَذِ مِنْ الزَّبِيبِ وَاحْتَرَزَ هُنَا بِمَائِعِ الْمَزِيدِ عَلَى الْمُحَرَّرِ عَنْ الْبَنْجِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْحَشِيشِ الْمُسْكِرِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ لَيْسَ بِنَجَسٍ، قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ. وَلَا تَرِدُ عَلَيْهِ الْخَمْرَةُ الْمَعْقُودَةُ فَإِنَّهَا مَائِعٌ فِي الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْحَشِيشِ الْمُذَابِ. (وَكَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ وَفَرْعِهِمَا) أَيْ فَرْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ الْآخَرِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الطَّاهِرَةِ تَغْلِيبًا لِلنَّجِسِ. وَالْأَصْلُ فِي نَجَاسَةِ الْكَلْبِ مَا رَوَى مُسْلِمٌ «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يُغْسَلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» أَيْ مُطَهِّرُهُ. وَالْخِنْزِيرُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْكَلْبِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْكَلْبِ (وَمَيْتَةِ غَيْرِ   [حاشية قليوبي] الْبُلْقِينِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ الْأَعْيَانُ جَمَادٌ وَحَيَوَانٌ، وَالْمُرَادُ بِالْجَمَادِ مَا لَيْسَ بِحَيَوَانٍ وَلَا أَصْلِ حَيَوَانٍ وَلَا جُزْءِ حَيَوَانٍ وَلَا مُنْفَصِلٍ عَنْ حَيَوَانٍ فَالْجَمَادُ كُلُّهُ طَاهِرٌ إلَّا الْمُسْكِرَ وَالْحَيَوَانُ كُلُّهُ طَاهِرٌ إلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَفَرْعَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَصْلُ الْحَيَوَانُ كَالْمَنِيِّ وَالْعَلَقَةِ تَابِعٌ لِحَيَوَانِهِ طَهَارَةً وَنَجَاسَةً، وَجُزْءُ الْحَيَوَانِ كَمَيْتَتِهِ كَذَلِكَ، وَالْمُنْفَصِلُ عَنْ الْحَيَوَانِ إمَّا يَرْشَحُ رَشْحًا كَالْعَرَقِ وَلَهُ حُكْمُ حَيَوَانِهِ، وَإِمَّا لَهُ اسْتِحَالَةً فِي الْبَاطِنِ كَالْبَوْلِ فَهُوَ نَجِسٌ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْبَنْجِ) وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ تَخْدِيرٌ وَتَغْطِيَةٌ لِلْعَقْلِ فَهُوَ طَاهِرٌ وَإِنْ حَرُمَ تَنَاوُلُهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَمِنْهُ الدُّخَانُ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَفْتَحُ مَجَارِيَ الْبَدَنِ وَيُهَيِّئُهَا لِقَبُولِ الْأَمْرَاضِ الْمُضِرَّةِ، وَلِذَلِكَ يَنْشَأُ عَنْهُ التَّرَهُّلُ وَالتَّنَافِيسُ وَنَحْوُهَا، وَرُبَّمَا أَدَّى إلَى الْعَمَى كَمَا هُوَ مَحْسُوسٌ مُشَاهَدٌ، وَقَدْ أَخْبَرَ مَنْ يُوثَقُ بِهِ أَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْهُ دَوَرَانُ الرَّأْسِ أَيْضًا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا أَعَمُّ ضَرَرًا مِنْ الْمَكْمُورِ الَّذِي حَرَّمَ الزَّرْكَشِيُّ أَكْلَهُ لِضَرَرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسْكِرِ مَا يُغَطِّي الْعَقْلَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا هُوَ ذُو الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ سَوَاءٌ الْجَامِدُ وَالْمَائِعُ، فَلَا حَاجَةَ إلَى احْتِرَازٍ وَجَوَابٍ إذْ كُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ نَجِسٌ وَلَوْ مِنْ كِشْكٍ أَوْ بُوزَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَكَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) وَإِنْ صَارَا مِلْحًا، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَيُنْدَبُ قَتْلُ الْخِنْزِيرِ مُطْلَقًا وَكَذَا الْكَلْبُ، كَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَقَالَ شَيْخُنَا: يَحْرُمُ قَتْلُ النَّافِعِ مِنْهُ، وَكَذَا مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ بِوُجُوبِ قَتْلِ الْعَقُورِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَعَ غَيْرِهِ) شَمِلَ الْآدَمِيَّ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ اتِّفَاقًا، فَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَتِهِ وَلَوْ فِي نِصْفِهِ الْأَعْلَى فَأَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ بِطَهَارَتِهِ وَثُبُوتِ سَائِرِ أَحْكَامِ الْآدَمِيِّ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ يُعْطَى حُكْمَ الطَّاهِرِ فِي الطَّهَارَاتِ وَالْعِبَادَاتِ وَالْوِلَايَاتِ كَدُخُولِهِ الْمَسْجِدَ وَعَدَمِ النَّجَاسَةِ بِمَسِّهِ مَعَ رُطُوبَةٍ، وَعَدَمِ تَنَجُّسِ نَحْوِ مَائِعٍ بِمَسِّهِ وَصِحَّةِ صَلَاتِهِ وَإِمَامَتِهِ وَاعْتِكَافِهِ وَصِحَّةِ قَضَائِهِ وَتَزْوِيجِهِ مُوَلِّيَتَهُ وَوِصَايَتِهِ، وَيُعْطَى حُكْمَ النَّجِسِ فِي عَدَمِ حِلِّ ذَبِيحَتِهِ وَمُنَاكَحَتِهِ وَتَسَرِّيهِ وَإِرْثِهِ وَلَوْ مِنْ أُمِّهِ وَأَوْلَادِهِ وَعَدَمِ قَتْلِ قَاتِلِهِ، وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ عَلَى قَاتِلِهِ فَقِيلَ دِيَةُ كَامِلٍ، وَقِيلَ أَوْسَطُ الدِّيَاتِ، وَقِيلَ أَخَسُّهَا، وَقِيلَ قِيمَتُهُ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: بِمَنْعِهِ مِنْ الْوِلَايَاتِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِجَوَازِ تَسَرِّيهِ إذَا خَافَ الْعَنَتَ، وَقَالَ شَيْخُنَا وَإِرْثُهُ مِنْ أُمِّهِ وَأَوْلَادِهِ، وَمَالَ إلَى وُجُوبِ دِيَةِ كَامِلٍ: فِيهِ. (فَائِدَةٌ) نَظَمَ بَعْضُهُمْ أَحْكَامَ الْفَرْعِ مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ بِقَوْلِهِ: يَتْبَعُ الْفَرْعُ فِي انْتِسَابٍ أَبَاهُ ... وَالْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّهْ وَالزَّكَاةِ الْأَخَفِّ وَالدَّيْنِ الْأَعْلَى ... وَاَلَّذِي اشْتَدَّ فِي جَزَاءٍ وَدِيَهْ وَأَخَسِّ الْأَصْلَيْنِ رِجْسًا وَذَبْحًا ... وَنِكَاحًا وَالْأَكْلِ وَالْأُضْحِيَّهْ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْكَلْبَ الْمُتَوَلَّدَ بَيْنَ آدَمِيَّيْنِ طَاهِرٌ وَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ صُورَتِهِ كَالْمَسْخِ، وَأَنَّ الْآدَمِيَّ بَيْنَ الْكَلْبَيْنِ نَجِسٌ قَطْعًا، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ إعْطَائِهِ حُكْمَ الطَّاهِرِ فِي الطَّهَارَاتِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ عَنْهُ فَرَاجِعْهُ، وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْآدَمِيَّ بَيْنَ شَاتَيْنِ يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَخْطُبَ وَيَؤُمَّ بِالنَّاسِ، وَيَجُوزُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ انْتَهَى. وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْآدَمِيَّ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ كَذَلِكَ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمُتَوَلَّدَ بَيْنَ سَمَكٍ وَآدَمِيٍّ لَهُ حُكْمُ الْآدَمِيِّ انْتَهَى، وَمُقْتَضَاهُ حُرْمَةُ أَكْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنَّهُ مُكَلَّفٌ فَانْظُرْهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ مُطَهِّرُهُ) فَطَهُورٌ بِضَمِّ الطَّاءِ. قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ) أَيْ مَعَ صَلَاحِيَّتِهِ لِلِاقْتِنَاءِ فَلَا يَرِدُ الْحَشَرَاتُ. قَوْلُهُ: (وَمَيْتَةٍ) وَهِيَ مَا زَالَتْ حَيَاتُهَا بِغَيْرِ ذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ فَمِنْهَا مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ، وَمِنْهَا مَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ مِنْ الصَّيْدِ،   [حاشية عميرة] بَابُ النَّجَاسَة قَوْلُهُ: (هِيَ كُلُّ مُسْكِرٍ) لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ فِي الْأَعْيَانِ الطَّهَارَةَ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا ضَرَرٌ فَفِيهِ نَفْعٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 الْآدَمِيِّ وَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ) لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا. قَالَ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3] وَمَيْتَةُ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ طَاهِرَةٌ لِحِلِّ تَنَاوُلِهَا، وَكَذَا مَيْتَةُ الْآدَمِيِّ فِي الْأَظْهَرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] وَقَضِيَّةُ التَّكْرِيمِ أَنْ لَا يُحْكَمَ بِنَجَاسَتِهِمْ بِالْمَوْتِ، وَسَوَاءٌ الْكُفَّارُ وَالْمُسْلِمُونَ (وَدَمٍ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَحْرِيمِهِ (وَقَيْحٍ) لِأَنَّهُ دَمٌ مُسْتَحِيلٌ (وَقَيْءٍ) كَالْغَائِطِ (وَرَوْثٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ كَالْبَوْلِ (وَبَوْلٍ) لِلْأَمْرِ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الْمُتَقَدِّمِ أَوَّلَ الطَّهَارَةِ (وَمَذْيٍ) بِسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ لِلْأَمْرِ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مِنْهُ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ فِي قِصَّةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَيَحْصُلُ عِنْدَ ثَوَرَانِ الشَّهْوَةِ (وَوَدْيٍ) بِسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ كَالْبَوْلِ وَهُوَ يَخْرُجُ عَقِبَهُ أَوْ عِنْدَ حَمْلِ شَيْءٍ   [حاشية قليوبي] وَمِنْهَا مَذْبُوحُ مَنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ كَالْمَجُوسِ وَمَذْبُوحُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ، وَلَيْسَ مِنْهَا جَنِينُ الْمُذَكَّاةِ وَلَا جَنِينٌ فِي جَوْفِ هَذَا الْجَنِينِ وَلَا صَيْدٌ مَاتَ بِثِقَلِ جَارِحَةٍ، وَلَا بَعِيرٌ عُقِرَ حِينَ شَرَدَ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (غَيْرِ الْآدَمِيِّ) وَكَالْآدَمِيِّ الْجِنُّ وَالْمَلَكِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا) مَعَ عَدَمِ الِاسْتِقْذَارِ وَضَرَرِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ نَجِسٌ، وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَعَلَيْهِ تُسْتَثْنَى الْأَنْبِيَاءُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالشُّهَدَاءُ، وَهَلْ يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ؟ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْبَغَوِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا إنَّهُ يَطْهُرُ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَقَضِيَّةُ التَّكْرِيمِ) أَيْ قَضِيَّةُ عُمُومِهِ فِي الْآيَةِ إذْ لَمْ يَرِدْ تَخْصِيصٌ. قَوْلُهُ (الْكُفَّارُ) وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] فَالْمُرَادُ نَجَاسَةُ اعْتِقَادِهِمْ أَوْ اجْتِنَابُهُمْ كَالنَّجَسِ، وَغَيْرُ الْمُشْرِكِينَ مِثْلُهُمْ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِمْ مُطْلَقُ الْكُفَّارِ، وَالْمَوْتُ كَالْحَيَاةِ. قَوْلُهُ: (دَمٌ مُسْتَحِيلٌ) أَيْ إلَى فَسَادٍ فَلَا يَرِدُ نَحْوُ الْمَنِيِّ كَاللَّبَنِ قَوْلُهُ: (وَقَيْءٍ) حَيْثُ وَصَلَ إلَى الْمَعِدَةِ الَّتِي هِيَ الْمُنْخَسِفُ تَحْتَ الصَّدْرِ، وَلَوْ مَاءً وَعَادَ حَالًا بِلَا تَغَيُّرٍ، لِأَنَّ شَأْنَ الْمَعِدَةِ الْإِحَالَةُ فَلَا يَجِبُ تَسْبِيعُ فَمِ مَنْ تَقَيَّأَ مُغَلَّظًا قَبْلَ اسْتِحَالَتِهِ وَلَا دُبُرِهِ لِذَلِكَ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِوُجُوبِ تَسْبِيعِ الْفَمِ فِي غَيْرِ الْمُسْتَحِيلِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِوُجُوبِ تَسْبِيعِ الدُّبُرِ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْمُسْتَحِيل. نَعَمْ مَا أَلْقَاهُ الْحَيَوَانُ مِنْ حَبٍّ لَوْ زُرِعَ لَنَبَتَ، وَبَيْضٍ لَوْ حُضِنَ لَفَرَّخَ مُتَنَجِّسٌ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ، لَا نَجِسٌ، وَكَذَا نَحْوُ حَصَاةٍ وَعَظْمٍ. (فَرْعٌ) يُعْفَى عَنْ الْقَيْءِ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ وَإِنْ كَثُرَ فِي ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ، وَعَنْ مَاءٍ يَخْرُجُ مِنْ فَمِ النَّائِمِ إذَا عُلِمَ نَجَاسَتُهُ بِأَنْ كَانَ مِنْ الْمَعِدَةِ، وَيُعْرَفُ بِأَنَّهُ مِنْهَا بِتَغَيُّرِهِ وَإِلَّا فَهُوَ طَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَرَوْثٍ) وَلَوْ مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ خِلَافًا لِمَالِكٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْعُذْرَةِ لِأَنَّهَا فَضْلَةُ الْآدَمِيِّ خَاصَّةً، وَمِثْلُهُ الْبَوْلُ. قَوْلُهُ: (وَمَذْيٍ بِسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ) أَيْ مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ، وَبِكَسْرِ الذَّالِ مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ، وَقِيلَ أَصْفَرُ رَقِيقٌ، وَقِيلَ أَبْيَضُ ثَخِينٌ فِي الشِّتَاءِ وَأَصْفَرُ رَقِيقٌ فِي الصَّيْفِ. نَعَمْ يُعْفَى عَنْهُ لِمَا اُبْتُلِيَ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِمَاعِ. (فَرْعٌ) قَالَ شَيْخُنَا كَغَيْرِهِ: يَحْرُمُ جِمَاعُ غَيْرِ الْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْمَاءِ. قَوْلُهُ: فِي قِصَّةِ «عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمَّا قَالَ كُنْت رَجُلًا مَذَّاءً فَاسْتَحْيَيْت أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقُرْبِ ابْنَتِهِ مِنِّي، فَأَمَرْت الْمُغِيرَةَ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ» . قَوْلُهُ: (وَوَدْيٍ بِسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ) وَفِي ضَبْطِهِ وَوَصْفِهِ مَا مَرَّ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَمَنِيِّ الْآدَمِيِّ) إنْ بَلَغَ أَوَانُهُ وَلَوْ خَصِيًّا وَمَمْسُوحًا وَعِنِّينًا وَخُنْثَى، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانُهُ كَابْنِ دُونِ تِسْعِ سِنِينَ فَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِطَهَارَتِهِ قِيَاسًا عَلَى لَبَنِ الصَّغِيرِ وَهُوَ مَرْدُودٌ،   [حاشية عميرة] مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى شَرَعَ الْمُؤَلِّفُ فِي ضَبْطِ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ لِيُعْلَمَ أَنَّ مَا عَدَاهَا فِي حُكْمِ الطَّهَارَةِ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ عَلَى نَجَاسَةِ الْخَمْرِ بِالْإِجْمَاعِ، حَكَاهُ أَبُو حَامِدٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَأَنَّهُمَا أَرَادَا إجْمَاعَ الطَّبَقَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَإِلَّا فَقَدْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ رَبِيعَةُ شَيْخُ مَالِكٍ وَالْمَزْنِيُّ. . قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ بِحَالٍ) نَقَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِالْحَشَرَاتِ، انْتَهَى. وَذَهَبَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى طَهَارَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، وَلَكِنْ يُغْسَلُ مِنْ وُلُوغِهِمَا تَعَبُّدًا. (تَنْبِيهٌ) مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ طَاهِرٌ إلَّا الدُّودَ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ الْمَيْتَةِ، وَالْحَيَوَانُ الْمُرَبَّى بِلَبَنِ كَلْبَةٍ عَلَى وَجْهٍ مَرْجُوحٍ فِيهِمَا. قَوْلُ الشَّارِحِ (وَكَذَا مَيْتَةُ الْآدَمِيِّ فِي الْأَظْهَرِ) خَصَّ الْأَحْوَذِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ الْخِلَافَ بِغَيْرِ الشَّهِيدِ، ثُمَّ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْمَيِّتِ يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَاخْتَارَهُ الْبَغَوِيّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِنَا خِلَافُ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَيْءٌ) لَوْ قَاءَ الْمَاءَ أَوْ نَحْوَهُ قَبْلَ الِاسْتِحَالَةِ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنْ لَا يَكُونَ نَجِسَ الْعَيْنِ بَلْ يَطْهُرُ الْمَاءُ بِالْمُكَاثَرَةِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَبِّ الصَّحِيحِ إذَا أَلْقَتْهُ الدَّابَّةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَرَوْثٌ) قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: هُوَ شَامِلٌ لِلْخَارِجِ مِنْ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْعُذْرَةِ فَإِنَّهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 ثَقِيلٍ (وَكَذَا مَنِيُّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ فِي الْأَصَحِّ) لِاسْتِحَالَتِهِ فِي الْبَاطِنِ كَالدَّمِ. (قُلْت: الْأَصَحُّ طَهَارَةُ مَنِيِّ غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعِ أَحَدِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ أَصْلُ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ وَمَنِيُّ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا كَانَتْ تَحُكُّ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ يُصَلِّي فِيهِ» . وَمَنِيُّ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ نَجِسٌ قَطْعًا. (وَلَبَنِ مَا لَا يُؤْكَلُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ) كَلَبَنِ الْأَتَانِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ فِي الْبَاطِنِ كَالدَّمِ، وَلَبَنُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66] وَكَذَا لَبَنُ الْآدَمِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِكَرَامَتِهِ أَنْ يَكُونَ مُنْشَؤُهُ نَجِسًا، وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي لَبَنِ الْأُنْثَى الْكَبِيرَةِ، فَيَكُونُ لَبَنُ الذَّكَرِ وَالصَّغِيرَةِ نَجِسًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ (وَالْجُزْءُ الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْحَيِّ كَمَيْتَتِهِ) طَهَارَةً وَنَجَاسَةً فَيَدُ الْآدَمِيِّ طَاهِرَةٌ، وَأَلْيَةُ الْخَرُوفِ نَجِسَةٌ (إلَّا شَعَرَ الْمَأْكُولِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (فَطَاهِرٌ) وَفِي مَعْنَاهُ الصُّوفُ وَالْوَبَرُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80] وَاحْتَرَزَ بِالْمَأْكُولِ عَنْ شَعْرِ غَيْرِهِ كَالْحِمَارِ فَهُوَ نَجَسٌ. (وَلَيْسَتْ الْعَلَقَةُ وَالْمُضْغَةُ وَرُطُوبَةُ الْفَرْجِ) مِنْ الْآدَمِيِّ (بِنَجَسٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ أَصْلُ الْآدَمِيِّ كَالْمَنِيِّ،   [حاشية قليوبي] وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ وَسَيَأْتِي آنِفًا مَا يُصَرِّحُ بِنَجَاسَتِهِ. قَوْلُهُ: (كَانَتْ تَحُكُّ الْمَنِيَّ إلَخْ) قِيلَ: لَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ فَضَلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ طَاهِرَةٌ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْقَائِلَ بِالنَّجَاسَةِ اسْتَدَلَّ بِالْحَكِّ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِطَهَارَتِهِ طَارِئٌ مَعَ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الدَّلِيلِ مَبْنِيٌّ عَلَى انْفِرَادِ مَنِيِّهِ وَحْدَهُ، وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَلِمُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مَنِيُّهُ عَنْ جِمَاعٍ، وَيَلْزَمُ اخْتِلَاطُهُ بِمَنِيِّ زَوْجَاتِهِ لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ أَقَامُوا فِيهِ الْمَظِنَّةَ مَقَامَ الْيَقِينِ، حَيْثُ أَلْزَمُوا الزَّوْجَةَ بِالْغُسْلِ مِنْ خُرُوجِ مَنِيٍّ مِنْهَا بَعْدَ الْجِمَاعِ، وَحِينَئِذٍ فَفِيهِ مَنِيُّ عَائِشَةَ يَقِينًا فَنَهَضَ كَوْنُهُ دَلِيلًا، وَفِي كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ التَّصْرِيحُ، بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَحْتَلِمُ لَا عَنْ رُؤْيَةٍ فِي النَّوْمِ لِأَنَّهُ مَعَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (نَجِسٌ قَطْعًا) فَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ غَيْرُ مُرَادٍ. قَوْلُهُ: (وَلَبَنُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ) لَوْ ذُكِّيَ وَلَوْ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ إنْ انْفَصَلَ مِنْهُ بَعْدَ تَذْكِيَتِهِ، أَوْ انْفَصَلَ فِي حَيَاتِهِ وَلَوْ مِنْ ذَكَرٍ كَالثَّوْرِ، أَوْ مِمَّنْ وَلَدَتْ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَخِنْزِيرٍ مِنْ شَاةٍ، فَإِنْ انْفَصِلْ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ ذَكَاةٍ فَنَجِسٌ إنْ كَانَ مِمَّا مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ، وَإِلَّا كَجَرَادٍ لَوْ كَانَ لَهُ لَبَنٌ فَيَنْبَغِي طَهَارَتُهُ لِأَنَّهُ تَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ كَالْبِيضِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِنَجَاسَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَبَنُ الْآدَمِيِّ) وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَمِثْلُهُ الْجِنُّ وَالْمَلَكُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ إلَخْ) رَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ اللَّبَنَ، مِنْ حَيْثُ هُوَ مِنْ الْآدَمِيِّ وَلَوْ مِنْ صَغِيرٍ مُنْشَأٍ لَهُ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْإِحْبَالُ، وَلِذَلِكَ لَا تَثْبُتُ أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ فِي أَمَةِ صَغِيرٍ، وَقَدْ يُسْلَكُ فِيهِ بِكَوْنِ لَبَنِ الصَّغِيرَةِ لَا يُحَرِّمُ فِي الرَّضَاعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لِعَدَمِ التَّغَذِّي فِيهِ بِالْفِعْلِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْجُزْءُ الْمُنْفَصِلُ) مِنْهُ الْمَشِيمَةُ وَبُرْنُسُ الْوَلَدِ وَثَوْبُ الثُّعْبَانِ وَنَحْوُهَا. قَوْلُهُ: (إلَّا شَعْرَ الْمَأْكُولِ) مَا لَمْ يَنْفَصِلْ مَعَ قِطْعَةِ لَحْمٍ تُقْصَدُ وَإِلَّا فَهُوَ نَجِسٌ تَبَعًا لَهَا، وَإِنَّ لَمْ يَقْصِدْ فَهُوَ طَاهِرٌ دُونَهَا، وَتُغْسَلُ أَطْرَافُهُ إنْ كَانَ فِيهَا رُطُوبَةٌ أَوْ دَمٌ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْآدَمِيِّ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَهِيَ طَاهِرَةٌ مِنْ غَيْرِ الْمُغَلَّظِ. قَوْلُهُ: (بِنَجَسٍ) قَالَ الدَّمِيرِيّ: بِفَتْحِ الْجِيمِ فَهُوَ مَصْدَرٌ، فَصَحَّ وُقُوعُهُ خَبَرًا عَنْ الْمُؤَنَّثِ، وَلَا يَصِحُّ بِكَسْرِ الْجِيمِ لِأَنَّهُ اسْمُ عَيْنٍ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَلْيَنَ أَصْلُ الْآدَمِيِّ) لَوْ سَكَتَ عَنْ لَفْظِ الْآدَمِيِّ لَكَانَ صَوَابًا إذْ هُمَا مِنْ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ طَاهِرَانِ أَيْضًا،   [حاشية عميرة] خَاصَّةٌ بِالْآدَمِيِّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَنَّهَا تَحُكُّ الْمَنِيَّ إلَخْ) قَالَ الْمَحَامِلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ رَطْبًا وَفَرْكُهُ يَابِسًا اهـ. قُلْت: لَوْ قِيلَ بِاسْتِحْبَابِهِ مُطْلَقًا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِنْ الْآدَمِيِّ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْإِمَامَ (الرَّافِعِيَّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَائِلٌ بِنَجَاسَةِ مَنِيِّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ، فَكَذَا عَلَقَتُهُ وَمُضْغَتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ قَالَ: يُشْتَرَطُ فِي طَهَارَةِ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ عَلَى قَاعِدَةِ الرَّافِعِيِّ أَنْ يَكُونَا مِنْ الْآدَمِيِّ فَإِنَّ مَنِيَّ غَيْرِهِ نَجِسٌ عِنْدَهُ فَهُمَا أَوْلَى بِالنَّجَاسَةِ مِنْهُ، قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَرَدُّدُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي نَجَاسَتِهِمَا مَعَ جَزْمِهِ بِطَهَارَةِ الْمَنِيِّ، يَعْنِي مِنْ الْآدَمِيِّ، وَأَمَّا عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ طَهَارَةِ الْمَنِيِّ الْمَذْكُورِ فَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: لَك أَنْ تَمْنَعَ كَوْنَهُمَا أَوْلَى بِالنَّجَاسَةِ مِنْ الْمَنِيِّ فَإِنَّهُمَا صَارَا أَقْرَبَ إلَى الْحَيَوَانِيَّةِ مِنْهُ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الدَّمَوِيَّةِ مِنْهُمَا، وَأَمَّا جَزْمُهُ بِطَهَارَةِ الْمَنِيِّ فَهُوَ فِي مَنِيِّ الْآدَمِيِّ، وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَفْرِضْ الْكَلَامَ فِيهِ بَلْ فَرَضَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 وَالثَّالِثُ كَعَرَقِهِ. وَالْقَائِلُ بِالنَّجَاسَةِ يَقُولُ الثَّالِثُ مُتَوَلَّدٌ مِنْ مَحَلِّهَا يُنَجِّسُ ذَكَرَ الْمُجَامِعِ، وَيُلْحِقُ الْأَوَّلَيْنِ بِالدَّمِ إذْ الْعَلَقَةُ دَمٌ غَلِيظٌ، وَالْمُضْغَةُ عَلَقَةٌ جَمَدَتْ فَصَارَتْ كَقِطْعَةِ لَحْمٍ قَدْرَ مَا يُمْضَغُ وَالثَّلَاثَةُ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ أَوْلَى بِالنَّجَاسَةِ. وَيَنْبَنِي عَلَيْهَا فِي الثَّالِثِ تَنَجُّسُ الْبِيضِ (وَلَا يَطْهُرُ نَجَسُ الْعَيْنِ إلَّا خَمْرًا تَخَلَّلَتْ) أَيْ صَارَتْ خَلًّا مِنْ غَيْرِ طَرْحِ شَيْءٍ فِيهَا فَتَطْهُرُ. (وَكَذَا إنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ وَعَكْسُهُ) تَطْهُرُ (فِي الْأَصَحِّ فَإِنْ خُلِّلَتْ بِطَرْحِ شَيْءٍ) فِيهَا كَالْبَصَلِ وَالْخُبْزِ الْحَارِّ (فَلَا) تَطْهُرُ   [حاشية قليوبي] وَيَلْزَمُ عَلَى تَقْيِيدِهِ سُكُوتَهُ عَنْهُمَا. نَعَمْ يَحْرُمُ أَكْلُهُمَا بِخِلَافِ الْجَنِينِ مِنْ الْمَأْكُولِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ) وَهُوَ رُطُوبَةُ الْفَرْجِ وَإِنْ انْفَصَلَتْ عَنْهُ وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ مِمَّا بَيْنَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ، وَآخِرُ مَا يَصِلُهُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ الْمُعْتَدِلِ، فَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ نَجِسٌ قَطْعًا، وَمَا قَبْلَهُ طَاهِرٌ قَطْعًا. وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ فِي فَرْجِ الْآدَمِيِّ لَا فِي فَرْجِ الْبَهِيمَةِ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُشَاهَدُ، ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَهِيمَةِ إلَّا مَنْفَذٌ وَاحِدٌ لِلْبَوْلِ وَالْجِمَاعِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تَنَجُّسُ الْبَيْضِ) إنْ اتَّحِدْ الْمَخْرَجُ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُشَاهَدُ، وَيُعْفَى عَنْهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنَّ مَخْرَجَ الْبِيضِ مُسْتَقِلٌّ، وَتَقَدَّمَ رَدُّهُ. (فُرُوعٌ) سَائِرُ الْبُيُوضِ طَاهِرَةٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ وَإِنْ اسْتَحَالَتْ دَمًا بِحَيْثُ لَوْ حُضِنَتْ لَفَرَّخَتْ، وَلَكِنْ يَحْرُمُ أَكْلُ مَا يَضُرُّ كَبَيْضِ الْحَيَّاتِ، وَكُلُّهَا بِالضَّادِ إلَّا مِنْ النَّمْلِ فَبِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ. وَالرِّيشُ وَالْعِظَامُ وَالْوَبَرُ وَالشَّعْرُ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهَا وَإِنْ وُجِدَتْ مُلْقَاةً عَلَى الْمَزَابِلِ، وَكَذَا قِطَعُ الْجُلُودِ لَا قِطْعَةُ لَحْمٍ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَنْ يُحْفَظَ، فَإِنْ كَانَتْ مَلْفُوفَةً فِي نَحْوِ خِرْقَةٍ أَوْ فِي إنَاءٍ فَطَاهِرَةٌ وَبِزْرُ الْقَزِّ طَاهِرٌ وَالْمِسْكُ التُّرْكِيُّ نَجِسٌ لِأَنَّهُ مِنْ دَمٍ خَرَجَ مِنْ فَرْجِ الْغَزَالِ كَالْحَيْضِ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ مِنْ حَيَوَانٍ غَيْرِ مَأْكُولٍ، وَأَمَّا الَّذِي مِنْ خَرَاجٍ مِنْ تَحْتِ سُرَّتِهِ فَطَاهِرٌ كَفَأْرَتِهِ إنْ انْفَصَلَ مِنْ حَيٍّ أَوْ مُذَكًّى أَوْ تَهَيَّأَ لِلْوُقُوعِ قَبْلَ الْمَوْتِ كَالْبِيضِ، وَالزَّبَادُ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيٍّ، أَوْ عَرَقُ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِ شَعْرٍ فِيهِ عُرْفًا فِي مَأْخُوذِ جَامِدٍ وَفِي مَأْخُوذٍ مِنْهُ مَائِعٌ، وَالْعَنْبَرُ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ نَبَاتٌ بَحْرِيٌّ عَلَى الْأَصَحِّ. نَعَمْ مَا يَبْتَلِعُهُ مِنْهُ حَيَوَانُ الْبَحْرِ ثُمَّ يُلْقِيهِ نَجَسٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْقَيْءِ وَيُعْرَفُ بِسَوَادِهِ، وَعَسَلُ النَّحْلِ طَاهِرٌ وَهُوَ مِنْ فَمِ النَّحْلَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ مِنْ دُبُرِهَا، وَقِيلَ مِنْ ثَدْيٍ صَغِيرٍ لَهَا، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مُسْتَثْنًى، وَالنَّشَادِرُ نَجِسٌ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ، وَالسُّمُّ نَجَسٌ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِمَا ظَهَرَ مِنْهُ لَا بِمَا خَفِيَ كَاَلَّذِي مِنْ الْعَقْرَبِ لِأَنَّهُ فِي الدَّاخِلِ لِأَنَّهَا تَغْرِزُ إبْرَتَهَا فِي دَاخِلِ الْجِلْدِ، وَالنُّخَامَةُ بِالْمِيمِ أَوْ بِالْعَيْنِ وَقِيلَ الثَّانِي اسْمٌ لِمَا نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ نَجِسَةٌ إنْ كَانَتْ مِنْ الْمَعِدَةِ يَقِينًا وَإِلَّا فَطَاهِرَةٌ، وَيُعْفَى فِي الْأَوْلَى عَمَّا يَشُقُّ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ مِنْهَا، وَأَمَّا الْإِنْفَحَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا مَعَ تَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِهَا، وَقَدْ تُبْدَلُ الْهَمْزَةُ مِيمًا لِجِلْدَتِهَا وَتُسَمَّى إنْفَحَةً أَيْضًا طَاهِرَةٌ وَالْإِنْفَحَةُ الَّتِي فِي تِلْكَ الْجَلْدَةِ نَجِسَةٌ، وَيُعْفَى عَنْهَا فِي نَحْوِ الْجُبْنِ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ وَالْخَطِيبُ بِطَهَارَةِ مَا فِيهَا إنْ انْفَصَلَتْ مِنْ حَيَوَانٍ لَمْ يَأْكُلْ غَيْرَ اللَّبَنِ وَلَوْ لَبَنَ مُغَلَّظٍ وَذُبِحَ حَالًا وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، أَوْ الْحَاجَةُ الَّتِي عَلَّلَ بِهَا لَا تُوجِبُ الطَّهَارَةَ، وَإِنَّمَا تُوجِبُ الْعَفْوَ، وَالْحَصَاةُ طَاهِرَةٌ مَا لَمْ يُخْبِرْ طَبِيبٌ عَدْلٌ أَنَّهَا انْعَقَدَتْ مِنْ الْبَوْلِ فِي الْمَثَانَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَمِثْلُهَا الْخَرَزَةُ الْبَقَرِيَّةُ، وَالْجِرَّةُ بِكَسْرِ الْجِيمِ مَا يَجُرُّهُ الْبَعِيرُ نَجِسَةٌ، لَكِنْ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ مَا تَطَايَرَ مِنْهَا، وَلَا بِنَجَاسَةِ مَائِعٍ وَضَعَ فَمَه فِيهِ إلَّا إنْ انْفَصَلَتْ فِيهِ عَيْنُ نَجَاسَةٍ يَقِينًا، وَكَذَا يُعْفَى عَنْ مَنْفَذِ الْحَيَوَانِ وَفَمِهِ وَرِجْلِهِ الْمُتَيَقَّنِ بِنَجَاسَتِهِمَا، وَإِنْ وُضِعَ فِي مَائِعٍ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ فِيهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَأَوْعِيَةُ الْفَضَلَاتِ كَجِلْدَةِ الْمَرَارَةِ طَاهِرَةٌ لَا مَا فِيهَا. قَوْلُهُ: (إلَّا خَمْرٌ تَخَلَّلَتْ) كَدَنِّهَا وَلَوْ مِنْ عَسَلٍ أَوْ سُكَّرٍ أَوْ غَيْرِ مُحَرَّمَةٍ بِأَنْ عَصَرَهَا مَنْ يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ وَلَوْ سَكْرَانَ أَوْ كَافِرًا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ عَلَيْهَا بِتَغَيُّرِ الْقَصْدِ، وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا قَصْدَ الْمُوَكِّلِ وَبَعْضُهُمْ أَجْرَى هُنَا مَا فِي التَّمِيمَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (بِطَرْحٍ) الْمُرَادُ مِنْهُ مُصَاحَبَةُ عَيْنٍ لَهَا حَالَةُ التَّخَلُّلِ، فَإِنْ نُزِعَتْ قَبْلَهُ وَهِيَ طَاهِرَةٌ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهَا شَيْءٌ يَقِينًا طَهُرَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَمِنْ الْعَيْنِ الْمُضِرَّةِ تَلْوِيثُ مَا فَوْقَهَا مِنْ الدَّنِّ بِوَضْعِ الْعَيْنِ فِيهَا أَوْ بِغَيْرِهِ لَا ارْتِفَاعُهَا بِنَفْسِهَا، فَإِنْ وَضَعَ عَلَيْهَا فِي الْأَوَّلِ مَا يَصِلُ إلَى مَحَلِّ ارْتِفَاعِهَا مِمَّا يَأْتِي طَهُرَتْ كَوَضْعِ خَمْرٍ عَلَى خَمْرٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا كَنَبِيذٍ، وَكَوَضَعِ مَا يَتَخَلَّلُ مَعَهَا كَعَسَلٍ وَسُكَّرٍ، وَفِي شَرْحِ   [حاشية عميرة] فِي مَنِيِّ غَيْرِهِ، وَالْخِلَافُ فِيهِ اهـ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (يَنْجُسُ ذَكَرُ الْمَجَامِعِ) أَيْ وَيَجِبُ غَسْلُ الْبَيْضَ، قَالَ فِي الشَّامِلِ: أَمَّا الْوَلَدُ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ إجْمَاعًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَوْلَى بِالنَّجَاسَةِ) أَيْ مِنْهَا فِي الْآدَمِيِّ أَيْ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ الطَّهَارَةُ فِي الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ. غَايَةُ الْأَمْرِ إنَّا إنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ وَهُوَ النَّجَاسَةُ فِي الْآدَمِيِّ فَهُنَا أَوْلَى، وَهَذَا كَمَا تَرَى ظَاهِرٌ أَوْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَرَى أَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 لِتَنَجُّسِ الْمَطْرُوحِ بِهَا، فَيُنَجِّسُهَا بَعْدَ انْقِلَابِهَا خَلًّا، وَقِيلَ لِاسْتِعْجَالِهِ بِالْمُعَالَجَةِ الْمُحَرَّمَةِ، فَعُوقِبَ بِضِدِّ قَصْدِهِ، وَيَنْبَنِي عَلَى الْعِلَّتَيْنِ الْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ النَّقْلِ الْمَذْكُورَةِ وَالْخَمْرِ الْمُشْتَدِّ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا أَنَّ النَّبِيذَ وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ كَالزَّبِيبِ لَا يَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لِتَنَجُّسِ الْمَاءِ بِهِ حَالَةَ الِاشْتِدَادِ فَيُنَجِّسُهُ بَعْدَ الِانْقِلَابِ خَلًّا. وَقَالَ الْبَغَوِيّ: يَطْهُرُ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ ضَرُورَتِهِ. (وَ) إلَّا (جِلْدٌ نَجُسَ بِالْمَوْتِ فَيَطْهُرُ بِدَبْغِ ظَاهِرِهِ، وَكَذَا بَاطِنُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» وَالثَّانِي يَقُولُ: آلَةُ الدَّبْغِ لَا تَصِلُ إلَى الْبَاطِنِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهَا تَصِلُ إلَيْهِ بِوَاسِطَةِ الْمَاءِ وَرُطُوبَةِ الْجِلْدِ، فَعَلَى الثَّانِي لَا يُصَلِّي فِيهِ، وَلَا يُبَاعُ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّيْءِ الرَّطْبِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِالْمَوْتِ عَنْ النَّجَسِ حَالَ الْحَيَاةِ كَجِلْدِ الْكَلْبِ فَلَا يَطْهُرُ بِدَبْغِهِ (وَالدَّبْغُ نَزْعُ فُضُولِهِ بِحِرِّيفٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ كَالْقَرْظِ وَالْعَفْصِ وَالشَّثِّ بِالْمُثَلَّثَةِ (لَا شَمْسٍ وَتُرَابٍ) فَلَا يَحْصُلُ بِهِمَا الدَّبْغُ لِبَقَاءِ فَضَلَاتِ الْجِلْدِ وَعُفُونَتِهِ إذْ لَوْ نُقِعَ فِي الْمَاءِ عَادَ إلَيْهِ النَّتْنُ. (وَلَا يَجِبُ الْمَاءُ فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الدَّبْغِ (فِي الْأَصَحِّ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إحَالَةٌ وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ إزَالَةٌ، وَلَا يَضُرُّ عَلَيْهِ تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِالْأَدْوِيَةِ لِلضَّرُورَةِ (وَالْمَدْبُوغُ) عَلَى الْأَوَّلِ (كَثَوْبٍ نَجِسٍ) لِمُلَاقَاتِهِ لِلْأَدْوِيَةِ الَّتِي تَنَجَّسَتْ بِهِ قَبْلَ طُهْرِ عَيْنِهِ فَيَجِبُ غُسْلُهُ. (وَمَا نَجُسَ بِمُلَاقَاةِ شَيْءٍ مِنْ كَلْبٍ غُسِلَ سَبْعًا إحْدَاهَا بِتُرَابٍ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ»   [حاشية قليوبي] شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ أَنَّ وَضْعَ الْعَصِيرِ عَلَيْهَا مُضِرٌّ فَرَاجِعْهُ، وَكَوَضَعِ شَيْءٍ لِطِيبِهَا أَوْ تَرْوِيحِهَا كَوَرْدٍ وَنُزِعَ قَبْلَ تَخَلُّلِهَا، وَيُعْفَى عَمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ أَوْ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ كَحَبَّاتٍ قَلِيلَةٍ وَنَوَى تَمْرٍ كَذَلِكَ، وَيَطْهُرُ مَا تَخَلَّلَ فِي حَبَّاتِهِ وَكَذَا مَا وُضِعَ عَلَيْهِ خَلٌّ أَوْ نَحْوُ عَسَلٍ غَيْرِ مَغْلُوبٍ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَفِي نَحْوِ الْعَسَلِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ يَتَخَلَّلُ مَعَهَا، وَلَوْ نُزِعَتْ الْخَمْرَةُ وَوُضِعَ مَكَانَهَا عَصِيرٌ لَمْ يَطْهُرْ لِتَنَجُّسِهِ حَالَ وَضْعِهِ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ، أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ مَا يَتَخَلَّلُ مَعَهُ فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ نُقِلَتْ) وَالنَّقْلُ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا حَرَامٌ خِلَافًا لِلشَّارِحِ، وَحَدِيثُ «أَتُتَّخَذُ الْخَمْرَ خَلًّا؟ قَالَ: لَا» مَحْمُولَ عَلَى نَجِسِ الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَالْخَمْرُ الْمُشْتَدُّ إلَخْ) تَعْرِيفُهَا هُنَا لِبَيَانِ حَقِيقَتِهَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْبَغَوِيّ) تَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا جِلْدٌ) لَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَجْزَاءِ كَلَحْمٍ وَشَعْرٍ. نَعَمْ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِ شَعْرٍ اتَّصَلَ بِالْجِلْدِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إنَّهُ يَطْهُرُ تَبَعًا. قَوْلُهُ: (ظَاهِرُهُ) وَهُوَ مَا لَاقَى الدَّابِغَ، وَقِيلَ الْوَجْهَانِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى وَضْعِ الدَّابِغِ عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (كَجِلْدِ الْكَلْبِ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، قِيلَ: وَاقْتِصَارُهُ عَلَيْهِ لِمَا نُقِلَ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّ شَعْرَ الْخِنْزِيرِ فِي لَحْمِهِ وَلَا جِلْدَ لَهُ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْفُقَهَاء يُخَالِفُهُ، وَفِي الْكَافِ إشَارَةٌ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (كَالشَّثِّ بِالْمُثَلَّثَةِ) اسْمُ شَجَرٍ مُرِّ الطَّعْمِ طَيِّبِ الرِّيحِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ أَحَدُ الْمَعَادِنِ وَكَذَرْقِ الطُّيُورِ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. قَوْلُهُ: (إذْ لَوْ نُقِعَ فِي الْمَاءِ عَادَ إلَيْهِ النَّتْنُ) فَإِنْ لَمْ يَعُدْ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَوْ بِالْفِعْلِ طَهُرَ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ يُبْسٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَعَطْفُ الْفَسَادِ عَلَى النَّتْنِ عِنْدَ مَنْ ذَكَرَهُ مَعَهُ تَفْسِيرٌ أَوْ مُرَادِفٌ، وَالْمُرَادُ بِالدَّبْغِ الِانْدِبَاغُ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْفِعْلُ. قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ غَسْلُهُ) وَلَوْ سَبْعًا بِتُرَابٍ إنْ كَانَ مِنْ مُغَلَّظٍ كَرَوْثِهِ. (تَنْبِيهٌ) مِمَّا يَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ انْقِلَابُ دَمِ الظَّبْيَةِ مِسْكًا إنْ أُخِذَ مِنْهَا حَالَ حَيَاتِهَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا وَقَدْ تَهَيَّأَ لِلْوُقُوعِ وَالدَّمِ لَبَنًا أَوْ مَنِيًّا وَبَيْضَةٍ اسْتَحَالَتْ دَمًا ثُمَّ فَرْخًا وَمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرُوا عَلَى الْخَمْرِ وَالْجِلْدِ لِعَدَمِ انْقِلَابِ الْحَقِيقَةِ فِيهِمَا، كَذَا قَالُوا هُنَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالُوهُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَمَا نَجُسَ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْمَقْصِدِ الثَّالِثِ مِنْ مَقَاصِدِ   [حاشية عميرة] الرَّافِعِيَّ قَائِلٌ بِطَهَارَتِهِمَا مِنْ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ، فَيُوَافِقُ مَا سَلَفَ فِي النَّجَاسَةِ عَنْ ابْنِ النَّقِيبِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْخَمْرُ الْمُشْتَدُّ إلَى آخِرِهِ) كَأَنَّهُ عَرَفَهَا هُنَا لِوُقُوعِهَا فِي الْمَتْنِ أَوْ لِيُرَتَّبَ عَلَيْهَا الْمَذْكُورَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ عَرَّفَهَا أَوَّلَ الْبَابِ بِقَوْلِهِ: هِيَ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَقَالَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) قُلْت يَدُلُّ لَهُ مَا قَالَ أَعْنِي الْإِمَامُ الْبَغَوِيّ لَوْ أُلْقِيَ الْمَاءُ فِي عَصِيرِ الْعِنَبِ حَالَةَ عَصْرِهِ لِاسْتِقْصَاءِ مَا فِيهِ وَاسْتِخْرَاجِهِ لَمْ يَضُرَّ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورِيَّتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا بَاطِنُهُ) قَدْ رَأَيْت عَلَى هَامِشِ قِطْعَةِ الْإِسْنَوِيِّ حَاشِيَةً نَصُّهَا الْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ مَا يُشَقُّ فَيَظْهَرُ. قَالَهُ أَبُو الطَّيِّبِ، انْتَهَى. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَجِلْدِ الْكَلْبِ) خَالَفَ فِي هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِحَرِيفٍ) هُوَ الَّذِي يُحَرِّفُ الْفَمَ. قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا شَمْسَ وَتُرَابَ) مِثْلُهُمَا الْمِلْحُ كَمَا فِي الزَّوَائِدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي أَثْنَائِهِ) رُبَّمَا يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ تَقَدُّمِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَوْ نَقَعَهُ فِي الْمَاءِ ثُمَّ اسْتَعْمَلَ الْأَدْوِيَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ، وَفِي أُخْرَى «وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» وَالْمُرَادُ أَنَّ التُّرَابَ يُصَاحِبُ السَّابِعَةَ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ. وَبَيْنَ هَذِهِ وَرِوَايَةِ أُولَاهُنَّ تَعَارُضٌ فِي مَحَلِّ التُّرَابِ فَيَتَسَاقَطَانِ فِي تَعْيِينِ مَحَلِّهِ وَيُكْتَفَى بِوُجُودِهِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيّ إحْدَاهُنَّ بِالْبَطْحَاءِ وَيُقَاسُ عَلَى الْوُلُوغِ غَيْرُهُ كَبَوْلِهِ وَعَرَقِهِ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ مَا ذُكِرَ فِي فَمِهِ مَعَ أَنَّهُ أَطْيَبُ مَا فِيهِ بَلْ هُوَ أَطْيَبُ الْحَيَوَانِ نَكْهَةً لِكَثْرَةِ مَا يَلْهَثُ، فَفِي غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَالْأَظْهَرُ تَيْقَنُ التُّرَابِ) جَمْعًا بَيْنَ نَوْعَيْ الطَّهُورِ، وَالثَّانِي لَا، وَيَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ كَالْأُشْنَانِ وَالصَّابُونِ، وَسَيَأْتِي جَوَازُ التَّيَمُّمِ بِرَمْلٍ فِيهِ غُبَارٌ فَهُوَ فِي مَعْنَى التُّرَابِ، وَجَوَازُهُ هُنَا أَوْلَى. (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّ الْخِنْزِيرَ كَكَلْبٍ) فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِي لَا بَلْ يَكْفِي الْغُسْلُ مِنْهُ مَرَّةً وَاحِدَةً بِلَا تُرَابٍ كَغَيْرِهِ مِنْ النَّجَسِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُتَوَلِّدِ مِنْ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ، وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَحَيَوَانٌ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَلْبًا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَلَا يَكْفِي تُرَابٌ نَجَسٌ وَلَا) تُرَابٌ (مَمْزُوجٌ بِمَائِعٍ) كَالْخَلِّ (فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْقَصْدَ بِالتُّرَابِ التَّطْهِيرُ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِمَا ذُكِرَ، فَلَا بُدَّ مِنْ طَهُورِيَّةِ التُّرَابِ   [حاشية قليوبي] الطَّهَارَةِ وَهُوَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ قَيَّدَ مَا نَجِسَ بِكَوْنِهِ مِنْ جَامِدٍ، وَسَيَأْتِي الْمَائِعُ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِطَاهِرٍ أَيْضًا لِأَنَّ النَّجَسَ لَا يَطْهُرُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ فِي النَّجَاسَةِ الطَّارِئَةِ إذْ الْأَصْلِيَّةُ مَعْلُومٌ بَقَاؤُهَا لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا لَوْ أَصَابَ شَيْءٌ مِنْ نَحْوَ كَلْبٍ بَوْلًا مِنْ غَيْرِ كَلْبٍ أَوْ مَاءً كَثِيرًا مُتَغَيِّرًا بِنَجَسٍ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ كُلٍّ سَبْعَ مَرَّاتٍ مَعَ التَّتْرِيبِ لِيَطْهُرَ مِنْ النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ، وَحَيْثُ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْمَائِعِ فَالْجَامِدُ أَوْلَى، وَسَيَأْتِي أَيْضًا هُنَا فِيمَا لَوْ اجْتَمَعَ نَجَاسَتَانِ عَلَى مَحَلٍّ وَغُسِلَ فَبَقِيَ مِنْ إحْدَاهُمَا الرِّيحُ وَمِنْ الْأُخْرَى اللَّوْنُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (غُسِلَ) أَيْ كَفَى انْغِسَالُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ فِيمَا لَوْ تَنَجَّسَ حَمَّامٌ بِنَحْوِ كَلْبٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا احْتَمَلَ مُرُورَ الْمَاءِ عَلَيْهِ سَبْعًا مَعَ التَّتْرِيبِ وَلَوْ مِنْ نِعَالٍ دَاخِلِيَّةٍ طَهُرَ، وَيَجِبُ الْغُسْلُ حَالًا عَلَى مَنْ تَضَمَّخَ بِالنَّجَاسَةِ، وَفَارَقَ غُسْلَ الزَّانِي لِأَنَّ مَا عَصَى بِهِ هُنَا بَاقٍ مُسْتَمِرٌّ. قَوْلُهُ: (سَبْعًا) وَلَوْ بِسَبْعِ جِرْيَاتٍ أَوْ تَحْرِيكَاتٍ وَيُحْسَبُ ذَهَابُ الْمَاءِ وَعَوْدُهُ مَرَّتَيْنِ، وَفَارَقَ عَدَّ ذَهَابِ الْعُضْوِ وَعَوْدِهِ فِي الصَّلَاةِ مَرَّةً وَاحِدَةً نَظَرًا لِلْعُرْفِ وَتَحَرُّزًا مِنْ الْمَشَقَّةِ وَلِأَنَّهُ اُغْتُفِرَ جِنْسُ الْفِعْلِ فِي الصَّلَاةِ. (تَنْبِيهٌ) كَوْنُ الْغَسْلِ سَبْعًا وَبِالتُّرَابِ تَعَبُّدِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ أَنَّ التُّرَابَ إلَخْ) أَيْ فَالتُّرَابُ هُوَ الثَّامِنَةُ وَيُنْدَبُ ثَامِنَةً بِالْمَاءِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَلَا يُنْدَبُ تَثْلِيثُ هَذِهِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ الْمُكَبِّرَ لَا يُكَبِّرُ، قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ، وَقَالَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَيَتَسَاقَطَانِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَقِيلَ إنَّهُ مِنْ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا تَسَاقُطَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَيُجَابُ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّ لَا مِنْهُمَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ الَّذِي هُوَ رِوَايَةُ إحْدَاهُنَّ بِحُكْمِهِ فَلَا يُخَصِّصُهُ، وَعَنْ الْأَوَّلِ أَيْضًا بِاحْتِمَالِ الشَّكِّ مِنْ الرَّاوِي كَمَا قَالَ فِي رِوَايَةِ أُولَاهُنَّ أَوْ قَالَ أُخْرَاهُنَّ، أَوْ يُحْمَلُ أُولَاهُنَّ عَلَى الْأَفْضَلِ وَأُخْرَاهُنَّ عَلَى الْأَجْزَاءِ وَإِحْدَاهُنَّ عَلَى الْجَوَازِ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ عَكْسُ هَذَا، وَهُوَ لَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْقِيَاسَ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ بِالنَّجَاسَةِ، وَإِذَا ثَبَتَتْ لَزِمَ الْغَسْلُ سَبْعًا إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ إذْ لَا فَارِقَ بَيْنَ فَضَلَاتِهِ، فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّهُ لَا قِيَاسَ فِي التَّعَبُّدِيَّاتِ. قَوْلُهُ: (أَوْلَى) لِلِاكْتِفَاءِ هُنَا بِالطِّينِ الرَّطْبِ، وَبِخَلِيطٍ قَلِيلٍ لَا كَثِيرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فِيمَا ذُكِرَ) مِنْ كَوْنِهِ سَبْعًا بِتُرَابٍ، وَفِيهِ الْقِيَاسُ عَلَى التَّعَبُّدِيِّ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ وَقَدْ يُقَالُ الْقِيَاسُ مِنْ حَيْثُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي النَّجَاسَةِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ كَلْبًا) هُوَ عِلَّةٌ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (نَجِسٌ) أَيْ مُتَنَجِّسٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا مَمْزُوجٌ بِمَائِعٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إضَافَةِ مَاءٍ إلَيْهِ وَإِلَّا فَيَكْفِي إنْ لَمْ يُغَيِّرْهُ كَثِيرًا. قَوْلُهُ: (التَّطْهِيرُ) فَالتُّرَابُ مُطَهِّرٌ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِيَّةِ لَا الشَّطْرِيَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالتُّرَابُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ السَّابِعَةِ نَجِسٌ وَفِيهَا طَاهِرٌ كَالْغُسَالَةِ مَعَهُ بِشَرْطِهَا، وَإِذَا زَالَتْ الْأَوْصَافُ قَبْلَ السَّابِعَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ إتْمَامِهَا أَوْ بِهَا أَوْ بِمَا بَعْدَهَا حُسِبَتْ سَابِعَةً وَإِنْ كَثُرَ مَا قَبْلَهَا، وَقَوْلُهُمْ: كُلَّمَا أَزَالَ الْعَيْنَ يُحْسَبُ مَرَّةً وَاحِدَةً لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ هُنَا لِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَالُوهُ أَصَالَةً فِي غَيْرِ النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ ثُمَّ أَجْرَوْهُ فِيهَا لِأَنَّ السَّبْعَ فِيهَا كَالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فِي غَيْرِهَا، وَحِينَئِذٍ فَمَتَى زَالَ الْوَصْفُ وَلَوْ مَعَ الْجَزْمِ فِي مَرَّةٍ سَابِعَةٍ فَأَكْثَرَ كَفَى هُنَا كَمَا يَكْفِي فِي غَيْرِ مَا هُنَا، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّهَا الْأُولَى مِنْ السَّبْعِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ مَا اسْتَشْكَلَ بِهِ الَّذِي   [حاشية عميرة] طَهُرَ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (غُسِلَ سَبْعًا) قَالَ الْعِجْلِيّ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ: وَتُسْتَحَبُّ ثَامِنَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِكَثْرَةِ مَا يَلْهَثُ) اللَّهْثُ إدْلَاعُ اللِّسَانِ مَعَ كَثْرَةِ التَّنَفُّسِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 وَمَزْجِهِ بِمَاءٍ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُنْظَرُ إلَى مُجَرَّدِ اسْمِ التُّرَابِ وَإِلَى اسْتِعْمَالِهِ مَمْزُوجًا مَعَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى وُجُودِ السَّبْعِ بِالْمَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ حَتَّى لَوْ غَسَلَ بِالْمَاءِ سِتًّا وَالسَّابِعَةَ بِالتُّرَابِ الْمَمْزُوجِ بِمَائِعٍ لَمْ يَكْفِ قَطْعًا، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ يَكْفِي فِي وَجْهٍ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هُوَ خَطَأٌ ظَاهِرٌ، وَحُكِيَ فِي التَّنْقِيحِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَكْفِي الْمَزْجُ بِمَائِعٍ مَعَ الْغَسْلِ سَبْعًا بِالْمَاءِ دُونَ الْغَسْلِ بِهِ سِتًّا، ثُمَّ صَحَّحَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِي الصُّورَتَيْنِ. وَالْوَاجِبُ مِنْ التُّرَابِ مَا يُكَدِّرُ الْمَاءَ، وَيَصِلُ بِوَاسِطَتِهِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَحَلِّ، وَقِيلَ يَكْفِي مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَلَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ فِي الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ وَقِيلَ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهَا كَغَيْرِهَا. (وَمَا نَجُسَ بِبَوْلِ صَبِيٍّ لَمْ يَطْعَمْ غَيْرَ لَبَنٍ نُضِحَ) بِأَنْ يُرَشَّ عَلَيْهِ مَاءٌ يَعُمُّهُ وَيَغْلِبُهُ مِنْ غَيْرِ سَيَلَانٍ بِخِلَافِ الصَّبِيَّةِ، فَلَا بُدَّ فِي بَوْلِهَا مِنْ الْغَسْلِ عَلَى الْأَصْلِ وَيَتَحَقَّقُ بِالسَّيَلَانِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أُمِّ قَيْسٍ «أَنَّهَا جَاءَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ، فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حِجْرِهِ، فَبَالَ عَلَيْهِ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ» . وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَحَسَّنَهُ حَدِيثَ «يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ، وَيَرُشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ» وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِائْتِلَافَ بِحَمْلِ الصَّبِيِّ أَكْثَرُ فَخُفِّفَ فِي بَوْلِهِ، وَبِأَنَّهُ أَرَقُّ مِنْ بَوْلِهَا فَلَا يَلْصَقُ بِالْمَحَلِّ لُصُوقَ بَوْلِهَا بِهِ. وَقَوْلُهُ لَمْ يَطْعَمْ بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ لَمْ يَتَنَاوَلْ وَقَوْلُهُ غَيْرَ لَبَنٍ أَيْ لِلتَّغَذِّي مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَلَا يَمْنَعُ النَّضْحَ تَحْنِيكُهُ أَوَّلَ وِلَادَتِهِ بِتَمْرٍ وَنَحْوِهِ وَلَا تَنَاوُلُهُ السَّفُوفَ وَنَحْوَهُ لِلْإِصْلَاحِ. (وَمَا نَجُسَ بِغَيْرِهِمَا) أَيْ بِغَيْرِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ غَيْرِ بَوْلِ الصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ (إنْ لَمْ تَكُنْ عَيْنٌ) مِنْ النَّجَاسَةِ فِيهِ كَبَوْلٍ جَفَّ وَلَمْ يُدْرَكْ لَهُ طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رِيحٌ (كَفَى جَرْيُ الْمَاءِ) عَلَيْهِ مَرَّةً   [حاشية قليوبي] احْتَاجَ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ إنَّ كَلَامَهُمْ هُنَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ بِمَعْنَى الْجُرْمِ إذَا تَوَقَّفَتْ إزَالَةُ الْأَوْصَافِ بَعْدَهَا عَلَى سِتِّ غَسَلَاتٍ حُسِبَ مَا قَبْلَ هَذِهِ السِّتَّةِ غَسْلَةً وَاحِدَةً فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ بِالْإِنْصَافِ، وَالرُّجُوعُ إلَى الْحَقِّ أَوْلَى مِنْ الِاعْتِسَافِ، وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةٌ عَلَى السَّبْعِ بَعْدَ التَّتْرِيبِ. قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ مِنْ طَهُورِيَّةِ التُّرَابِ) فَلَا يَكْفِي الْمُسْتَعْمَلُ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ إزَالَةِ خَبَثٍ كَمَا فِي حَجَرِ الِاسْتِنْجَاءِ، لَكِنْ الْمُسْتَعْمَلُ فِيهِ مَا لَاقَى الْمَحَلَّ فَقَطْ فَلَوْ كَشَطَهُ كَفَى مَا تَحْتَهُ وَلَوْ فِي التَّيَمُّمِ، وَإِنَّمَا اكْتَفَى فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالطَّاهِرِيَّةِ لِوُرُودِهِ بِالْحَجَرِ. قَوْلُهُ: (وَمَزْجِهِ بِمَاءٍ) سَوَاءٌ مَزَجَهُ قَبْلَ وَضْعِهِ فِي الْإِنَاءِ وَهُوَ أَوْلَى أَوْ بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ وَضَعَ التُّرَابَ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ الْمَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بَاقِيَةً حَالَ الْوَضْعِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ صَحَّحَ إلَخْ) إنْ أُرِيدَ بِهِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الصُّورَتَيْنِ لَزِمَ ذِكْرُهُ لِمَا حُكِمَ بِخَطَئِهِ، فَهُوَ اعْتِرَاضٌ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الِاعْتِمَادُ الَّذِي لَا يُنَافِي الْقَطْعَ فَلَا اعْتِرَاضَ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ) وَلَوْ كَانَ تُرَابُهَا نَجِسًا وَطَارِئًا عَلَيْهَا وَهِيَ حَجَرٌ أَوْ رَمْلٌ، وَلَوْ تَطَايَرَ مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ تَمَامِ السَّبْعِ وَجَبَ تَتْرِيبُهُ مُطْلَقًا وَغَسْلُهُ سَبْعًا إنْ كَانَ مِنْ الْأُولَى وَإِلَّا فَمَا بَقِيَ مِنْ السَّبْعِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: مَا بَقِيَ مِنْ السَّبْعِ مُطْلَقًا فَيُغْسَلُ فِي الْأُولَى سِتًّا فَقَطْ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمْ: لَوْ جُمِعَ مَاءُ السَّبْعِ وَتَطَايَرَ مِنْهُ شَيْءٌ وَجَبَ غَسْلُهُ سِتًّا مُطْلَقًا مَعَ تَتْرِيبِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ التُّرَابُ فِي الْأُولَى. قَوْلُهُ: (بِبَوْلِ صَبِيٍّ) وَلَوْ مُخْتَلِطًا بِأَجْنَبِيٍّ أَوْ مُتَطَايِرًا مِنْ ثَوْبِ أُمِّهِ مَثَلًا، وَخَرَجَ بَقِيَّةُ فَضَلَاتِهِ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (لَبَنٍ) وَلَوْ رَائِبًا أَوْ فِيهِ مِنْفَحَةٌ أَوْ أَقِطًا أَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ وَإِنْ وَجَبَ تَسْبِيعُ فَمِهِ لَا سَمْنِهِ وَجُبْنِهِ وَقِشْطَتِهِ إلَّا قِشْطَةَ لَبَنِ أُمِّهِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (نَضَحَ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَوْ مُعْجَمَةٍ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَرُشَّ) بَعْدَ إزَالَةِ أَوْصَافِهِ، وَلَا يَضُرُّ طَرَاوَةُ مَحَلِّهِ بِلَا رُطُوبَةٍ تَنْفَصِلُ، وَيَكْفِي إزَالَةُ الْأَوْصَافِ مَعَ الرَّشِّ. قَوْلُهُ: (أُمِّ قَيْسٍ) وَاسْمُهَا أُمَيْمَةُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ) أَيْ وَلَمْ يَبْلُغْ حَوْلَيْنِ وَإِلَّا غُسِلَ. قَوْلُهُ: (أَرَقُّ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ مِنْ مَاءٍ وَطِينٍ وَهِيَ مِنْ دَمٍ وَلَحْمٍ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ. قَوْلُهُ: (لِلتَّغَذِّي) بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ مَعَ لَبَنٍ مَغْلُوبٍ وَلَوْ مَرَّةً فِي الْحَوْلَيْنِ وَإِنْ عَادَ إلَى اللَّبَنِ. قَوْلُهُ: (لِلْإِصْلَاحِ) وَإِنْ حَصَلَ بِهِ التَّغَذِّي. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ تَكُنْ عَيْنٌ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْوَصْفِ كَمَا ذَكَرَهُ وَمِنْهُ عَجْنُ دَقِيقٍ أَوْ طِينٍ بِهِ أَوْ طَبْخُ لَحْمٍ أَوْ صَبْغُ ثَوْبٍ أَوْ سَقْيُ حَدِيدٍ فَيَكْفِي غَسْلُ ذَلِكَ إنْ وَصَلَ الْمَاءُ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ نَحْوِ الْعَجِينِ وَلَوْ بِدَقِّهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إحْمَاءُ الْحَدِيدِ وَلَا طَبْخُ اللَّحْمِ ثَانِيًا. قَوْلُهُ: (جَفَّ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ لَا يَنْفَصِلُ مِنْهُ مَائِيَّةٌ فَلَا تَضُرُّ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (غَيْرَ لَبَنٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ وَلَوْ مُغَلَّظًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَنَضَحَهُ) . قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: النَّضْخُ بِالْمُعْجَمَةِ مِثْلُ النَّضْحِ بِالْمُهْمَلَةِ سَوَاءٌ انْتَهَى. وَقِيلَ: مَا ثَخُنَ كَالطِّينِ فَبِالْمُعْجَمَةِ وَمَا رَقَّ كَالْمَاءِ فَبِالْمُهْمَلَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ لِلتَّغَذِّي إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ شَارِحُ التَّنْبِيهِ لَمْ يَسْتَقِلْ بِالطَّعَامِ أَيْ يَكْفِيهِ عَنْ اللَّبَنِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ شَارِحُ التَّعْجِيزِ: الْمُرَادُ بِالْمُسْتَقِلِّ أَنْ يَكُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 (وَإِنْ كَانَتْ) عَيْنٌ مِنْهَا فِيهِ (وَجَبَ إزَالَةُ الطَّعْمِ) وَمُحَاوَلَةُ غَيْرِهِ (وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ عَسُرَ زَوَالُهُ) كَلَوْنِ الدَّمِ وَرِيحِ الْخَمْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَهُلَ فَيَضُرُّ (وَفِي الرِّيحِ قَوْلٌ) أَنَّهُ يَضُرُّ بَقَاؤُهُ فِي طُهْرِ الْمَحَلِّ وَفِي اللَّوْنِ وَجْهٌ كَذَلِكَ فَتُرْتَكَبُ الْمَشَقَّةُ فِي زَوَالِهِمَا (قُلْت) : كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (فَإِنْ بَقِيَا مَعًا ضَرَّا عَلَى الصَّحِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِمَا عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَالثَّانِي لَا لِلْمَشَقَّةِ فِي زَوَالِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَا فِي مَحَلَّيْنِ، وَلَا تَجِبُ الِاسْتِعَانَةُ فِي زَوَالِ الْأَثَرِ بِغَيْرِ الْمَاءِ، وَقِيلَ: تَجِبُ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّحْقِيقِ وَالتَّنْقِيحِ (وَيُشْتَرَطُ وُرُودُ الْمَاءِ) عَلَى الْمَحَلِّ (لَا الْعَصْرُ) لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا وَمُقَابِلُهُ فِي الْأَوْلَى قَوْلُ ابْنُ سُرَيْجٍ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ إذَا أُورِدَ عَلَيْهِ الْمَحَلُّ النَّجِسُ لِيُطَهِّرَهُ كَالثَّوْبِ يُغْمَسُ فِي إجَّانَةِ مَاءٍ، كَذَلِكَ أَنَّهُ يُطَهِّرُهُ كَمَا لَوْ كَانَ وَارِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِيهِ فَيُنَجَّسُ بِهِ، وَالْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي طَهَارَةِ الْغَسَالَةِ إنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ، فَلَا يُشْتَرَطُ الْعَصْرُ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ وَيَقُومُ مَقَامَهُ الْجَفَافُ فِي الْأَصَحِّ (وَالْأَظْهَرُ طَهَارَةُ غُسَالَةٍ تَنْفَصِلُ بِلَا تَغَيُّرٍ وَقَدْ طَهُرَ الْمَحَلُّ) لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ بَعْضُ مَا كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ وَقَدْ فُرِضَ طُهْرُهُ، وَالثَّانِي أَنَّهَا نَجَاسَةٌ لِانْتِقَالِ الْمَنْعِ إلَيْهَا كَمَا فِي الْمُسْتَعْمَلِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ، وَمِنْهُ خَرَجَ، وَفِي الْقَدِيمِ أَنَّهَا مُطَهِّرَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَعْمَلِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ، فَإِنْ انْفَصَلَتْ مُتَغَيِّرَةً أَوْ غَيْرَ مُتَغَيِّرَةٍ وَلَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ فَنَجِسَةٌ قَطْعًا. وَزِيَادَةُ وَزْنِهَا بَعْدَ اعْتِبَارِ مَا يَأْخُذُهُ الْمَحَلُّ كَالتَّغَيُّرِ فِي الْأَصَحِّ وَهَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ الْمَحَلِّ فِيمَا إذَا انْفَصَلَتْ مُتَغَيِّرَةً أَوْ زَائِدَةَ الْوَزْنِ وَلَا أَثَرَ بِهِ يُدْرَكُ، وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي التَّتِمَّةِ   [حاشية قليوبي] طَرَاوَتُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ إزَالَةُ الطَّعْمِ) وَيَجُوزُ ذَوْقُ مَحَلِّهِ لِمَعْرِفَةِ بَقَائِهِ فَإِنْ عَسُرَ بِأَنْ لَمْ يَزُلْ بِحَتٍّ بِالْفَوْقِيَّةِ أَوْ قَرْصٍ بِالْمُهْمَلَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عُفِيَ عَنْهُ مَا دَامَ الْعُسْرُ، وَيَجِبُ إزَالَتُهُ إذَا قَدَرَ، وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّاهُ مَثَلًا بِالْأَوَّلِ، وَلَا يَجِبُ قَطْعُ الثَّوْبِ، وَلَا يَنْجُسُ مَا أَصَابَهُ مَعَ رُطُوبَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ بَقَاءٌ أَوْ رِيحٌ عَسُرَ) وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ فَيُعْفَى عَنْهُ، وَقِيلَ يَطْهُرُ،، وَيَرُدُّهُ قَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِوُجُوبِ إزَالَتِهِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَقِيَا مَعًا) أَيْ مِنْ نَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَهَذِهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ أَوْ اسْتِدْرَاكٌ بِجَعْلِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ أَوْ جَمْعٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَجِبُ الِاسْتِعَانَةُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَطْعًا فِي الطَّعْمِ وَعَلَى الْأَصَحِّ فِي غَيْرِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ بِمَا يَجِبُ تَحْصِيلُ الْمَاءِ بِهِ لِلطَّهَارَةِ، وَإِذَا عَسُرَ فَفِيهِ مَا مَرَّ. (تَنْبِيهٌ) لَا يُحْكَمُ بِالنَّجَاسَةِ بِغَيْرِ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا فَالْمَاءُ الْمَنْقُولُ مِنْ الْبَحْرِ لِلْأَزْيَارِ فِي الْبُيُوتِ مَثَلًا إذَا وُجِدَ فِيهِ وَصْفُ النَّجَاسَةِ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ لِلشَّكِّ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَأَجَابَ عَمَّا نُقِلَ عَنْ وَالِدِهِ مِنْ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا وُجِدَ سَبَبُهَا، وَيَجِبُ غَسْلُ مُصْحَفٍ تَنَجَّسَ وَإِنْ تَلِفَ وَكَانَ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ، وَلَا بُدَّ مِنْ صَفَاءِ غُسَالَةِ ثَوْبٍ صُبِغَ بِنَجَسٍ، وَيَكْفِي غَمْرُ مَا صُبِغَ بِمُتَنَجِّسٍ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ أَوْ صَبُّ مَاءٍ قَلِيلٍ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، فَيَطْهُرُ هُوَ وَصِبْغُهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَحَلِّ) كَإِنَاءٍ مُتَنَجِّسٍ كُلِّهِ فَوُضِعَ فِيهِ مَاءٌ وَأُدِيرَ عَلَيْهِ فَيَطْهُرُ كُلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَلَوْ مَائِعَةً، وَاجْتَمَعَتْ مَعَ الْمَاءِ وَلَوْ مَعْفُوًّا عَنْهَا، وَلِذَلِكَ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَافَتَاءُ بَعْضِهِمْ بِطَهَارَةِ مَاءٍ صُبَّ عَلَى بَوْلِ فِي إجَابَةِ مَحْمُولٍ عَلَى بَوْلٍ لَا جُرْمَ لَهُ، وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: إنَّهُ إذَا اضْمَحَلَّ يَطْهُرُ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي الْغُسَالَةِ مَحَلُّهُ فِيمَا لَا جُرْمَ لِلنَّجَاسَةِ فِيهَا، لَكِنَّ قَوْلَهُمْ: لَوْ صُبَّ مَاءٌ عَلَى نَحْوِ دَمِ بَرَاغِيثَ فَزَالَتْ عَيْنُهُ طَهُرَ الْمَحَلُّ وَالْغُسَالَةُ بِشَرْطِهِ يُنَازَعُ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (قَطْعًا) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ لَعَلَّهُ بِنَاءٌ عَلَى الْأَظْهَرِ. قَوْلُهُ: (وَزِيَادَةُ وَزْنِهَا) هُوَ فِي الْغُسَالَةِ الْقَلِيلَةِ، وَلَا يَضُرُّ فِي الْكَثِيرَةِ إلَّا التَّغَيُّرُ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا فِي التَّتِمَّةِ نَعَمْ)   [حاشية عميرة] غَيْرَ اللَّبَنِ غَالِبًا فِي غِذَائِهِ، انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ إلَى آخِرِهِ) أَيْ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ يَسَارٍ أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ لَيْسَ لِي إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَأَنَا أَحِيضُ فِيهِ فَكَيْفَ أَصْنَعُ فَقَالَ: إذَا تَطَهَّرَتْ فَاغْسِلِيهِ ثُمَّ صَلِّي فِيهِ قَالَتْ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الدَّمُ؟ قَالَ: يَكْفِيك الْمَاءُ وَلَا يَضُرُّك أَثَرُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَلَكِنْ فِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، مُخْتَلَفٌ فِيهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَلَوْنِ الدَّمِ وَرِيحِ الْخَمْرِ) خَصَّهُمَا بِالتَّمْثِيلِ لِأَنَّ لَنَا وَجْهًا بِالْعَفْوِ عَنْ لَوْنِ الدَّمِ دُونَ غَيْرِهِ وَوَجْهًا بِالْعَفْوِ عَنْ رِيحِ الْخَمْرِ دُونَ غَيْرِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَفِي اللَّوْنِ وَجْهٌ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ تُفِيدُهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَمَا فِي الْمُسْتَعْمَلِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ) نَظِيرٌ لِقَوْلِهِ لِانْتِقَالِ الْمَنْعِ إلَيْهَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَفِي الْقَدِيمِ أَنَّهَا مَطْهَرَةٌ) يُعَبَّرُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ لِلْغُسَالَةِ حُكْمَ نَفْسِهَا قَبْلَ الْوُرُودِ، وَعَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 نَعَمْ وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي الْكَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ طَهُورٌ وَقِيلَ طَاهِرٌ فَقَطْ (وَلَوْ نَجُسَ مَائِعٌ) كَالْخَلِّ وَالدِّبْسِ وَالدُّهْنِ (تَعَذَّرَ) بِالْمُعْجَمَةِ (تَطْهِيرُهُ وَقِيلَ يَطْهُرُ الدُّهْنُ) كَالزَّيْتِ (بِغَسْلِهِ) بِأَنْ يُصَبَّ عَلَيْهِ فِي إنَاءٍ مَاءٌ يَغْلِبُهُ وَيُحَرَّكُ بِخَشَبَةٍ حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ، ثُمَّ إذَا سَكَنَ وَعَلَا الدُّهْنُ الْمَاءَ يُفْتَحُ الْإِنَاءُ مِنْ أَسْفَلِهِ لِيَخْرُجَ الْمَاءُ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَصْرِ، وَرُدَّ هَذَا الْوَجْهُ بِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ فَقَالَ إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا الْخَطَّابِيُّ " فَأَرِيقُوهُ " فَلَوْ أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ شَرْعًا لَمْ يَقُلْ فِيهِ ذَلِكَ، وَقَدْ أَعَادَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ فِي بَابِ الْبَيْعِ.   [حاشية قليوبي] هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيُحْكَمُ عَلَى بَقَاءِ نَجَاسَةِ الْمَحَلِّ بِنَجَاسَةِ الْغُسَالَةِ وَعَكْسِهِ مُطْلَقًا وَعَلَى طَهَارَةِ الْمَحَلِّ بِطَهَارَةِ الْغُسَالَةِ لَا عَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَنَجَّسَ مَائِعٌ) أَيْ وَإِنْ جَمَدَ بَعْدَ ذَلِكَ كَعَسَلٍ انْعَقَدَ سُكَّرًا وَلَبَنٍ انْعَقَدَ لَبَأً أَوْ جُبْنًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ كَدَقِيقٍ عُجِنَ بِهِ، وَلَوْ انْمَاعَ، فَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا نَحْوُ السُّكَّرِ؛ فَإِنْ تَنَجَّسَ بَعْدَ جُمُودِهِ طَهُرَ ظَاهِرُهُ بِالْغَسْلِ أَوْ بِالْكَشْطِ أَوْ حَالَ انْمِيَاعِهِ لَمْ يَطْهُرْ مُطْلَقًا كَالْعَسَلِ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ ابْنِ قَاسِمٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا مَرَّ، وَمِنْ الْجَامِدِ الزِّئْبَقُ بِكَسْرِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ فَمُوَحَّدَةٌ مَفْتُوحَةٌ فَلَا يَتَنَجَّسُ بِوَضْعِهِ فِي نَحْوِ جِلْدِ كَلْبٍ حَيْثُ لَا رُطُوبَةَ، وَإِلَّا فَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مُطْلَقًا أَوْ مَعَ التَّتْرِيبِ فِي النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ مَا لَمْ يَتَفَتَّتْ، وَإِلَّا فَيَتَعَذَّرُ تَطْهِيرُهُ، فَلَوْ مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ لَمْ تُنَجِّسْهُ، قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ أَيْ حَيْثُ لَا رُطُوبَةَ. (تَنْبِيهٌ) لَا يَطْهُرُ لَبِنٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ عُجِنَ بِسَرْجَيْنِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَقَدْ سُئِلَ) شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَنْ سُؤَالٍ صُورَتُهُ مَا قَوْلُكُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ فِي الْجِرَارِ وَالْأَزْيَارِ وَالْإِجَّانَاتِ وَالْقُلَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَالْبَرَانِيِّ وَالْأَصْحُنِ مِمَّا يُعْجَنُ مِنْ الطِّينِ بِالسَّرْجَيْنِ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهَا وَيُحْكَمُ بِطَهَارَةِ مَا وُضِعَ فِيهَا مِنْ مَائِعٍ أَوْ مَاءٍ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَفِي الْجُبْنِ الْمَعْمُولِ بِالْإِنْفَحَةِ الْمُتَنَجِّسَةِ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ وَيَجُوزُ أَكْلُهُ حَتَّى لَوْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ، وَكَذَا مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ مِنْ الْمِشِّ الْمَعْمُولِ بِهِ الْكِشْكُ هَلْ يَجُوزُ أَكْلُهُ وَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ وَلَا تَجِبُ الْمَضْمَضَةُ مِنْهُ وَلَا غَسْلُ مَا أَصَابَهُ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُ الطُّوبِ الْمَعْجُونِ بِالزِّبْلِ إذَا أُحْرِقَ وَبِنَاءُ الْمَسَاجِدِ بِهِ وَفَرْشُ أَرْضِهَا بِهِ، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ بِلَا حَائِلٍ، وَإِذَا اتَّصَلَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ بَدَنِ الْمُصَلِّي أَوْ مَلْبُوسِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ تَصِحُّ صَلَاتُهُ. أَفْتَوْنَا أُثَابكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ آمِينَ، (فَأَجَابَ) بِمَا صُورَتُهُ بِحُرُوفِهِ مِنْ خَطِّهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ: الْخَزَفُ وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الطِّينِ وَيُضَافُ إلَى الطِّينِ السَّرْجِينُ مِمَّا عَمَّتْ الْبَلْوَى فِي الْبِلَادِ، فَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ وَطَهَارَةِ مَا وُضِعَ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ وَالْمَائِعَاتِ، لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ. وَالْجُبْنُ الْمَعْمُولُ بِالْإِنْفَحَةِ الْمُتَنَجِّسَةِ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى أَيْضًا فَيُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ، وَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَأَكْلُهُ، وَلَا يَجِبُ تَطْهِيرُ الْفَمِ مِنْهُ، وَإِذَا أَصَابَ شَيْءٌ مِنْهُ ثَوْبَ الْآكِلِ أَوْ بَدَنَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ تَطْهِيرُهُ لِلْمَشَقَّةِ. وَأَمَّا الْآجُرُّ الْمَعْجُونُ بِالسَّرْجَيْنِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَبِنَاءُ الْمَسَاجِدِ بِهِ، وَفَرْشُ أَرْضِهَا بِهِ، وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِلَا حَائِلٍ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ بِنَاءُ الْكَعْبَةِ بِهِ. وَالْمِشُّ الْمُنْفَصِلُ عَنْ الْجُبْنِ الْمَعْمُولِ بِالْإِنْفَحَةِ طَاهِرٌ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ حَتَّى لَوْ أَصَابَ شَيْءٌ مِنْهُ بَدَنًا أَوْ ثَوْبًا لَمْ يَجِبْ تَطْهِيرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَكَتَبَهُ عَلِيٌّ الزِّيَادِيُّ الشَّافِعِيُّ. ثُمَّ سَأَلْت شَيْخَنَا الْمَذْكُورَ فِي دَرْسِهِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: قُلْته مِنْ عِنْدِي وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَلَمْ أَرَ لِأَحَدٍ تَصْرِيحًا بِهِ، وَإِنَّمَا خَرَّجْته عَلَى قَوَاعِدِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ثُمَّ رَأَيْت مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ الْعِمَادِ وَشَرْحِهَا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ.   [حاشية عميرة] الثَّانِي بِأَنَّ لَهَا حُكْمَ الْمَحَلِّ قَبْلَ الْوُرُودِ وَعَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ لَهَا حُكْمَ الْمَحَلِّ بَعْدَ الْوُرُودِ، وَعَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ يَنْبَنِي حُكْمُ الْمُتَطَايِرِ مِنْ غَسَلَاتِ الْكَلْبِ، فَلَوْ تَطَايَرَ مِنْ الْأُولَى فَعَلَى الْأَظْهَرِ يُغْسَلُ سِتًّا، وَعَلَى الثَّانِي سَبْعًا، وَعَلَى الْقَدِيمِ لَا شَيْءَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَالْخَلِّ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَمَّا غَيْرُ الدُّهْنِ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الدُّهْنُ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ فِيمَا إذَا تَنَجَّسَ الدُّهْنُ بِبَوْلٍ أَوْ خَمْرٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا دُهْنِيَّةَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُنَجَّسُ لَهُ وَدَكُ الْمَيْتَةِ لَمْ يَطْهُرْ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ عَصَى الشَّخْصُ بِإِصَابَتِهِ النَّجَاسَةَ كَأَنْ ضَمَّخَ بِهَا ثَوْبَهُ أَوْ بَدَنَهُ وَجَبَ إزَالَتُهَا عَلَى الْفَوْرِ وَإِلَّا فَلَا نَظِيرَ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ الرَّوْضَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْعَاصِي بِالْجَنَابَةِ فَيَحْتَمِلُ إلْحَاقَهُ بِذَلِكَ، وَالْمُتَّجِهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ مَا عُصِيَ بِهِ فِي النَّجَاسَةِ بَاقٍ بِخِلَافِ الْجُنُبِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 بَابُ التَّيَمُّمِ هُوَ إيصَالُ التُّرَابِ إلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِشُرُوطٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي. (يَتَيَمَّمُ الْمُحْدِثُ وَالْجُنُبُ) وَمِثْلُهُمَا الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ (لِأَسْبَابٍ أَحَدُهَا فَقْدُ الْمَاءِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] إلَى قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43]   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ) يَتَّجِهُ عَدَمُ صِحَّةِ صَلَاةِ حَامِلِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ إذْ لَا ضَرُورَةَ فِيهَا حِينَئِذٍ عَلَى نَظِيرِ قَوْلِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ حَامِلِ الْخُبْزِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. (فَرْعٌ) مَا تَنَجَّسَ مِنْ الْمَائِعِ تَجِبُ إرَاقَتُهُ مَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ فِي شُرْبِ دَوَابَّ أَوْ وُقُودٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَمِنْهُ عَسَلٌ تَنَجَّسَ فَيُسْقَى لِلنَّحْلِ وَلَا يَتَنَجَّسُ عَسَلُهَا بَعْدَهُ. بَابُ التَّيَمُّمِ وَهُوَ الْمَقْصِدُ الرَّابِعُ، وَلَفْظُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَمَمْته وَتَأَمَّمْته وَتَيَمَّمْتُهُ قَصَدْته، فَهُوَ لُغَةً الْقَصْدُ وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ وَهُوَ يَنُوبُ عَنْ طَهَارَةِ الْحَدَثِ فِي الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ لَا عَنْ غَسْلِ نَجَاسَةٍ. وَفُرِضَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقِيلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَقِيلَ سَنَةَ سِتٍّ، وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ الْحَدِيثُ الْآتِي، وَهُوَ رُخْصَةٌ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ صُعُوبَةٍ إلَى سُهُولَةٍ، وَإِنَّمَا جَازَ بِالتُّرَابِ الْمَغْصُوبِ لِأَنَّهُ آلَةٌ لَا سَبَبٌ مُجَوِّزٌ وَوُجُوبُهُ عَلَى الْعَاصِي لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، وَقِيلَ: عَزِيمَةٌ لِمَا ذُكِرَ، وَالرُّخْصَةُ فِي إسْقَاطِ الْقَضَاءِ، وَقِيلَ رُخْصَةٌ فِي الْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ دُونَ الْحِسِّيِّ، وَدَلِيلُهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» فَضَمِيرُ " لَنَا " عَائِدٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَلِأُمَّتِهِ، وَتَأْكِيدُ الْأَرْضِ كُلِّهَا لِلرَّدِّ عَلَى الْأُمَمِ السَّابِقَةِ حَيْثُ خَصُّوا جَوَازَ الْعِبَادَةِ بِالْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ، وَلَفْظُ التُّرْبَةِ دَلِيلٌ لِتَخْصِيصِ التَّيَمُّمِ بِالتُّرَابِ، وَبِهَا تُقَيَّدُ كُلُّ رِوَايَةٍ لَمْ تُذْكَرْ فِيهَا، وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ صِحَّتِهِ بِغَيْرِ التُّرَابِ، وَمَا قِيلَ إنَّ لَفْظَ التُّرْبَةِ لَقَبٌ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَإِنَّهُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ فَلَا يُخَصِّصُهُ. وَلِذَلِكَ جَوَّزَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ بِمَا اتَّصَلَ بِالْأَرْضِ كَالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبُهُ مُحَمَّدٌ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ كَالزِّرْنِيخِ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو يُوسُفَ صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ بِمَا لَا غُبَارَ فِيهِ كَالْحَجَرِ الصَّلْدِ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْعَامِّ، بَلْ مِنْ بَابِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ كَمَا فِي تَقْيِيدِ الرَّقَبَةِ وَإِطْلَاقِهَا فِي الْكَفَّارَاتِ، وَبِأَنَّ الْآيَةَ الشَّرِيفَةَ دَالَّةٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] إذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ " مِنْ " إلَّا التَّبْعِيضُ نَحْوُ مَسَحْت الرَّأْسَ مِنْ الدُّهْنِ وَالْغُبَارِ، وَالْغَالِبُ أَنْ لَا غُبَارَ لِغَيْرِ التُّرَابِ فَتَعَيَّنَ، وَجَعْلُ " مِنْ " لِلِابْتِدَاءِ خِلَافُ الْحَقِّ، وَالْحَقُّ أَحَقُّ مِنْ الْمِرَاءِ، وَاَللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ، وَأُجِيبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُعْرَفُ مِنْ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَالْجُنُبُ) عَطْفُهُ عَلَى الْمُحْدِثِ مُغَايِرٌ بِحَمْلِ الْحَدَثِ عَلَى الْأَصْغَرِ أَوْ خَاصٍّ بِحَمْلِهِ عَلَى الْأَعَمِّ، وَصَرِيحُ كَلَامِ الشَّارِحِ هُوَ الْأَوَّلُ لِقَوْلِهِ: وَمِثْلُهُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ، وَمِثْلُهُ كُلُّ غُسْلٍ مَأْمُورٍ بِهِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَمَأْمُورٌ بِغُسْلٍ لَا يُرَادُ الْمَيِّتُ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَهُ لِمُنَاسِبَةِ مَا قَبْلَهُ، وَأَوْلَى مِنْهُمَا أَنْ يُقَالَ: وَطُهْرٌ مَأْمُورٌ بِهِ، لِيَدْخُلَ الْوُضُوءُ الْمُجَدَّدُ، وَخَرَجَ بِالْوُضُوءِ أَبْعَاضُهُ الْمَنْدُوبَةُ نَحْوُ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ أَوْ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ إذَا امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِيهَا لِمَرَضٍ أَوْ قِلَّةِ مَاءٍ بِحَيْثُ يَكْفِي لِلْفَرْضِ فَقَطْ، فَلَا يُسَنُّ التَّيَمُّمُ عَنْهَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (لِأَسْبَابٍ) أَيْ لِأَحَدِ أَسْبَابٍ، وَتَرَكَ ذَلِكَ لِوُضُوحِهِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ السَّبَبَ وَاحِدٌ وَهُوَ الْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا، وَغَيْرُهُ أَسْبَابٌ لَهُ حَقِيقَةً، وَلِلتَّيَمُّمِ تَجَوُّزًا، وَعَدَّهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا ثَلَاثَةً، وَفِي الرَّوْضَةِ سَبْعَةٌ، وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ، وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ الْأَسْبَابَ السَّبْعَةَ الْمَذْكُورَةَ بِقَوْلِهِ: يَا سَائِلِي أَسْبَابَ حِلِّ تَيَمُّمٍ ... هِيَ سَبْعَةٌ بِسَمَاعِهَا تَرْتَاحُ فَقْدٌ وَخَوْفٌ حَاجَةٌ إضْلَالُهُ ... مَرَضٌ يَشُقُّ جَبِيرَةٌ وَجِرَاحُ   [حاشية عميرة] [بَابُ التَّيَمُّمِ] ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَتَيَمَّمُ الْمُحْدِثُ وَالْجُنُبُ) قِيلَ حِكْمَةُ تَخْصِيصِهِمَا كَوْنُهُمَا مَحَلُّ النَّصِّ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 (فَإِنْ تَيَقَّنَ الْمُسَافِرُ فَقْدَهُ تَيَمَّمَ بِلَا طَلَبٍ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ (وَإِنْ تَوَهَّمَهُ) أَيْ وَقَعَ فِي وَهْمِهِ أَيْ ذِهْنِهِ وُجُودُهُ أَيْ جُوِّزَ ذَلِكَ. (طَلَبَهُ) بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وُجُوبًا مِمَّا تَوَهَّمَهُ فِيهِ (مِنْ رَحْلِهِ) بِأَنْ يُفَتِّشَ فِيهِ (وَرُفْقَتِهِ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا مُسْتَوْعِبًا لَهُمْ كَأَنْ يُنَادِيَ فِيهِمْ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَجُودُ بِهِ (وَ) إنْ لَمْ يَجِدْهُ فِي ذَلِكَ (نَظَرَ حَوَالَيْهِ إنْ كَانَ بِمُسْتَوٍ) مِنْ الْأَرْضِ أَيْ يَمِينًا وَشِمَالًا وَخَلْفًا وَأَمَامًا (فَإِنْ احْتَاجَ إلَى تَرَدُّدٍ) بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ وَهْدَةٌ أَوْ جَبَلٌ (تَرَدَّدَ قَدْرَ نَظَرِهِ) فِي الْمُسْتَوَى، وَهُوَ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ غَلْوَةُ سَهْمٍ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ يَتَرَدَّدُ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ إلَى حَدٍّ يَلْحَقُهُ غَوْثُ الرِّفَاقِ مَعَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ التَّشَاغُلِ بِشُغْلِهِمْ، قِيلَ: وَمَا هُنَا كَالْمُحَرَّرِ أَزْيَدُ مِنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ (فَإِنْ لَمْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَيَقَّنَ) أَوْ ظَنَّ بِخَبَرِ عَدْلٍ وَلَوْ رِوَايَةً وَتَصْدِيقَ مُخْبِرٍ، وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الْإِخْبَارَ بِكَوْنِهِ مُسْتَنِدًا إلَى طَلَبٍ فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (الْمُسَافِرُ) هُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، فَالْمُقِيمُ مِثْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَقْدَهُ) أَيْ الْمَاءَ فِي حَدِّ الْغَوْثِ أَوْ الْقُرْبِ مَا سَيَأْتِي، وَلَا عِبْرَةَ بِوُجُوبِ مَاءٍ مُسَبَّلٍ لِلشُّرْبِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَلَوْ بِحَسَبِ الْعُرْفِ كَالسِّقَايَاتِ عَلَى الطُّرُقِ. قَوْلُهُ: (تَوَهَّمَهُ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ضَمِيرُهُ عَائِدٌ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (جَوَّزَ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّوَهُّمِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ وَلَوْ بِرَاجِحِيَّةٍ، وَيَخْرُجُ يَقِينُ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِمَّا مَرَّ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: التَّجْوِيزُ يَشْمَلُ يَقِينَ الْوُجُودِ وَهْمٌ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ) أَيْ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ مَا دَامَ التَّوَهُّمُ، وَلَا يَجِبُ الطَّلَبُ قَبْلَهُ إنْ عُلِمَ اسْتِغْرَاقُ الْوَقْتِ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ فِي شَرْحِهِ، وَفَارَقَ السَّعْيَ إلَى الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ بِخِلَافِهَا، وَبِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْيَوْمِ، وَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ قَطَعَ الطَّلَبَ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى. نَعَمْ لَوْ طَلَبَ قَبْلَ الْوَقْتِ لِعَطَشٍ أَوْ فَائِتَةٍ كَفَى، وَخَرَجَ بِالطَّلَبِ الْإِذْنُ فِيهِ قَبْلَ الْوَقْتِ فَيَجُوزُ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا قَبْلَ الْوَقْتِ، وَفَارَقَ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِذْنِ فِي الْقِبْلَةِ بِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الِاجْتِهَادِ، وَلَا يَقُومُ اجْتِهَادُ شَخْصِ عَنْ آخَرَ. قَوْلُهُ: (مِنْ رَحْلِهِ) وَهُوَ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ أَمْتِعَتِهِ وَأَوْعِيَتِهِ وَزَادِهِ وَمَرْكَبِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَرُفْقَتِهِ) وَهُمْ الْمَنْسُوبُونَ إلَيْهِ الْمُوَافِقُونَ لَهُ عَادَةً فِي الْحَطِّ وَالتَّرْحَالِ وَالْمُسَاعَدَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إنْ كَثُرُوا، وَلَزِمَ عَلَى اسْتِيعَابِهِمْ خُرُوجُ الْوَقْتِ، لَكِنْ يُقْطَعُ الطَّلَبُ مِنْهُمْ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ كَمَا مَرَّ، وَمَا زَادَ عَلَى الرُّفْقَةِ دَاخِلٌ فِيمَا بَعْدَهُ فَيَكْفِي فِيهِ النَّظَرُ وَلَوْ بِلَا سُؤَالٍ. قَوْلُهُ: (يَجُودُ بِهِ) إنْ ظَنَّ مِنْهُمْ السَّمَاحَ بِهِ وَإِلَّا فَيُنَادِي بِالْبَيْعِ إنْ قَدَرَ عَلَى الثَّمَنِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (حَوَالَيْهِ) وَيُقَالُ: حَوَالَيْهِ وَحَوْلَهُ وَحَوَالَهُ. قَوْلُهُ: (تَرَدَّدَ) أَيْ فِي الْجِهَةِ الْمُحْتَاجِ إلَى التَّرَدُّدِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (يَتَرَدَّدُ إنْ لَمْ يَخَفْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْأَمْنُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الطَّلَبِ مِنْ رَحْلِهِ وَرُفْقَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْأَمْنُ عَلَى الْوَقْتِ فَيَأْتِي هُنَا وَسَوَاءٌ وُجِدَ الطَّلَبُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، وَإِنْ أَخَّرَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَإِنْ تَوَقَّفَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى نَفْسِهِ) ذَاتًا أَوْ مَنْفَعَةً وَالْعُضْوُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَالِهِ) وَإِنْ قَلَّ وَكَذَا اخْتِصَاصُهُ وَالْمُرَادُ الْمُحْتَرَمُ مِنْ ذَلِكَ لَا نَحْوُ قَاطِعِ طَرِيقٍ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ وَلَا زَانٍ مُحْصَنٍ وَلَا عُضْوٍ مُسْتَحَقِّ الْقَطْعِ فِي نَحْوِ سَرِقَةٍ، وَلَوْ قَالَ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ وَأَوْلَى لِيَشْمَلَ نَفْسَ غَيْرِهِ وَمَالَ غَيْرِهِ الْمُحْتَرَمَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الذَّبُّ عَنْهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ، وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَخَافَ الِانْقِطَاعَ عَنْ رُفْقَةٍ أَيْضًا وَلَوْ لِمُجَرَّدِ الْوَحْشَةِ، وَفَارَقَتْ الْوَحْشَةُ هُنَا مَا فِي الْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا مَقْصِدٌ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالْمُرَادُ بِالْوَحْشَةِ أَنْ يَسْتَوْحِشَ إذَا ذَهَبَ لِطَلَبِ الْمَاءِ فَلَهُ تَرْكُ الطَّلَبِ وَالتَّيَمُّمِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَحْشَةِ بِرَحِيلِهِمْ عَنْهُ لِأَنَّهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: لَهُ أَنْ يَرْحَلَ مَعَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ وَحْشَةٌ كَمَا لَوْ كَانَ وَحْدَهُ إذْ لَيْسَ لِصَلَاتِهِ مَحَلٌّ يَلْزَمُهُ وُقُوعُهَا فِيهِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى حَدٍّ يَلْحَقُهُ فِيهِ غَوْثُ الرِّفَاقِ) وَهُوَ قَدْرُ مَا يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ الْمُعْتَدِلَ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ   [حاشية عميرة] فَإِنْ تَيَقَّنَ الْمُسَافِرُ فَقْدَهُ) قِيلَ التَّقْيِيدُ بِهِ لِلْغَالِبِ قُلْت لِأَنَّ أَنْ تَقُولَ، قَدْ جَعَلَ أَحْوَالَ الْمُسَافِرِ ثَلَاثَةً تَيَقُّنُ الْفَقْدِ وَتَوَهُّمُ الْوُجُودِ وَتَيَقُّنُ، الْوُجُودِ كَمَا يُعْلَمُ بِالنَّظَرِ فِي كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَحِينَئِذٍ فَالْحَالُ الثَّالِثُ لَأَنْ تَتَوَقَّفَ فِي كَوْنِ الْمُقِيمِ فِيهَا كَالْمُسَافِرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُقِيمَ يَقْصِدُ الْمَاءَ الْمُتَيَقَّنَ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ. قَوْلُهُ أَيْضًا: (فَإِنْ تَيَقَّنَ الْمُسَافِرُ فَقْدَهُ) قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: هُوَ مِثَالٌ لَا قَيْدٌ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ لِلْغَالِبِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ وَقَعَ فِي وَهْمِهِ أَيْ ذِهْنِهِ إلَخْ) يَعْنِي لَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّوَهُّمِ فِي الْمَتْنِ مَعْنَاهُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ، وَهُوَ الطَّرَفُ الْمَرْجُوحُ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ وُقُوعُ الشَّيْءِ فِي الذِّهْنِ رَاجِحًا أَوْ مَرْجُوحًا أَوْ مُسْتَوِيًا وُقُوعُهُ وَعَدَمُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (طَلَبُهُ) إنَّمَا وَجَبَ الطَّلَبُ لِأَنَّهُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ مَعَ إمْكَانِ الْمَاءِ، وَقَوْلُهُ مَنْ رَحْلِهِ هُوَ مَسْكَنُ الشَّخْصِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا يَسْتَصْحِبُهُ مِنْ الْأَثَاثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَرُفْقَتِهِ) هُمْ الْجَمَاعَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 يَجِدْ تَيَمَّمَ) لِظَنِّ فَقْدِهِ (فَلَوْ مَكَثَ مَوْضِعَهُ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الطَّلَبِ لِمَا يَطْرَأُ) كَأَنْ دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى لِأَنَّهُ قَدْ يَطَّلِعُ عَلَى مَاءٍ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَمَّ مَاءٌ لَظَفِرَ بِهِ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ وَلَوْ حَدَثَ مَا يُحْتَمَلُ مَعَهُ وُجُودُ الْمَاءِ كَطُلُوعِ رَكْبٍ وَإِطْبَاقِ غَمَامَةٍ وَجَبَ الطَّلَبُ قَطْعًا، وَلَوْ انْتَقَلَ إلَى مَكَان آخَرَ فَكَذَلِكَ، لَكِنْ كُلُّ مَوْضِعٍ تُيُقِّنَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا مَاءَ فِيهِ وَلَمْ يُحْتَمَلْ حُدُوثُهُ فِيهِ لَمْ يَجِبْ الطَّلَبُ مِنْهُ (فَلَوْ عَلِمَ مَاءً يَصِلُهُ الْمُسَافِرُ لِحَاجَتِهِ) كَالِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ، وَهَذَا فَوْقَ حَدِّ الْغَوْثِ السَّابِقِ (وَجَبَ قَصْدُهُ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرَ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا خَافَ ذَلِكَ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ قَدْرًا يَجِبُ بَذْلُهُ فِي تَحْصِيلِ الْمَاءِ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً، أَيْ فَيَجِبُ الْقَصْدُ مَعَ خَوْفِ ضَرَرِهِ. (فَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ تَيَمَّمَ) وَلَا يَجِبُ قَصْدُ الْمَاءِ لِبُعْدِهِ، وَلَوْ انْتَهَى إلَى الْمَنْزِلِ فِي آخَرِ الْوَقْتِ وَالْمَاءُ فِي حَدِّ الْقُرْبِ، وَلَوْ قَصَدَهُ خَرَجَ الْوَقْتُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَجَبَ قَصْدُهُ، وَالْمُصَنِّفُ لَا يَجِبُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا نَقَلَ مَا قَالَهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ. (وَلَوْ   [حاشية قليوبي] حَدَثَ الْغَوْثِ، وَأَوَّلُهُ مِنْ مَحَلِّهِ، وَقِيلَ مِنْ آخِرِ رَحْلِهِ، وَقِيلَ مِنْ آخِرِ رُفْقَتِهِ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (قِيلَ وَمَا هُنَا إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ الْعِبَارَاتِ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ فَمَسَافَةُ قَدْرِ نَظَرِهِ فِي الْمُسْتَوَى هِيَ قَدْرُ مَسَافَةِ غَلْوَةِ السَّهْمِ، أَيْ غَايَةُ رَمْيِهِ، وَقَدْرُ الْمَسَافَةِ الَّذِي يَلْحَقُهُ فِيهَا غَوْثُ الرِّفَاقِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ فِي الْمُسْتَوَى مُتَعَلَّقًا بِقَدْرٍ لَا بِتَرَدُّدٍ، وَخَرَجَ بِالتَّرَدُّدِ فِي وُجُودِ الْمَاءِ فِي " هَذَا الْحَدِّ تَيَقَّنَ وُجُودَهُ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ بِخِلَافِ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ إلَّا لِمَانِعٍ وَلَوْ حِسِّيًّا كَسَبُعٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) وَلَوْ حُكْمًا كَعَدَمِ الْأَمْنِ عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِظَنِّ فَقْدِهِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِتَيَقُّنِهِ أَوْ بِالْأَوْلَى، وَاعْتُبِرَ بِالظَّنِّ هُنَا لِكَوْنِهِ مُسْتَنِدًا إلَى طَلَبٍ وَمِنْهُ إخْبَارُ عَدْلٍ بِعَدَمِهِ، أَوْ غَيْرِ عَدْلٍ وَاعْتَقَدَ صَفْقَهُ كَمَا مَرَّ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِخْبَارِ فَاسِقٍ بِوُجُودِ الْمَاءِ لِمُخَالَفَتِهِ لِأَصْلِ الْعَدَمِ إلَّا إنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَمِثْلُ الْفَقْدِ خَوْفُ الْغَرَقِ لِمَنْ فِي سَفِينَةٍ لَوْ اسْتَقَى وَعِلْمُهُ أَنَّ نَوْبَتَهُ فِي نَحْوِ بِئْرٍ لِمُزْدَحِمَيْنِ لَا تَنْتَهِي إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ فِيهِمَا لِلْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا يَغْلِبُ وُجُودُ الْمَاءِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِغَيْرِ مَا حَصَلَ فِيهِ الْحَيْلُولَةُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ وُجُودَ الْبِئْرِ يَجْعَلُ الْمَحَلَّ مِمَّا يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ قَدْ يُوجَدُ فِيهَا الْمَاءُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ مَثَلًا فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ الطَّلَبِ) أَيْ تَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ وَيَسْقُطُ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إذَا أَمْعَنَ النَّظَرَ الْأَوَّلَ لَمْ يَجِبْ الطَّلَبُ بَعْدَهُ لِمَا ذُكِرَ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ، لَكِنْ كُلُّ مَوْضِعٍ إلَخْ. قَوْلُهُ: (صَلَاةٌ أُخْرَى) أَيْ وَاجِبَةٌ وَلَوْ جَمْعًا أَوْ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا. قَوْلُهُ: (فَكَذَلِكَ) أَيْ يَجِبُ الطَّلَبُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فَلَوْ عَلِمَ) أَوْ ظَنَّ بِخَبَرِ عَدْلٍ أَوْ فَاسِقٍ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ كَمَا مَرَّ لَا بِغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَوْقَ حَدِّ الْغَوْثِ السَّابِقِ) وَيُسَمَّى حَدَّ الْقُرْبِ، وَأَوَّلُهُ مِنْ آخِرِ حَدِّ الْغَوْثِ، وَمِنْ ضَبْطِهِ بِنِصْفِ فَرْسَخٍ أُدْخِلَ فِيهِ حَدُّ الْغَوْثِ السَّابِقُ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا خَافَ ذَلِكَ) وَكَذَا لَوْ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَا يَسَعُهَا وَتَيَمُّمَهَا، أَوْ خَافَ الِانْقِطَاعَ عَنْ الرُّفْقَةِ كَمَا مَرَّ، وَصَرَّحَ بِهِمَا شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَإِنْ كَثُرَ. قَوْلُهُ: (لِبُعْدِهِ) أَيْ لِبُعْدِ الْمَاءِ فِي نَفْسِهِ، فَلَوْ ذَهَبَ لِلِاحْتِطَابِ مَثَلًا إلَى آخِرِ الْأَمْنِ حَدِّ الْقُرْبِ فَرَأَى الْمَاءَ قَرِيبًا مِنْهُ لَكِنَّهُ فِي حَدِّ الْبُعْدِ مِنْ مَحَلِّهِ أَوْ مِنْ رَحْلِهِ لَمْ يَجِبْ طَلَبُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي آخِرِ حَدِّ الْغَوْثِ وَتَوَهَّمَهُ فِي حَدِّ الْقُرْبِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ بِوُجُوبِ الطَّلَبِ فِي ذَلِكَ لِقُرْبِهِ بِالْفِعْلِ فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَاءُ فِي حَدِّ الْقُرْبِ) أَيْ يَقِينًا. قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ مَا   [حاشية عميرة] يَنْزِلُونَ مَعًا وَيَرْحَلُونَ مَعًا سُمُّوا بِذَلِكَ لِارْتِفَاقِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مُسْتَوْعِبًا لَهُمْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: إلَّا أَنْ يَخْشَى فَوْتَ الْوَقْتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ضَرَرَ نَفْسٍ إلَخْ) مِثْلُهُ مُجَرَّدُ الْوَحْشَةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْجُمُعَةِ وَتَنْكِيرُ النَّفْسِ وَالْمَالِ لِإِفَادَةِ عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ بِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ خَوْفَ خُرُوجِ الْوَقْتِ مِثْلُ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ قَوْلُ الشَّارِحِ: (قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَخْ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمِثْلِ ذَلِكَ فِي الطَّلَبِ مِنْ حَدِّ الْغَوْثِ السَّابِقِ، وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ، وَفَرَّقَ بِحُصُولِ الْيَقِينِ هُنَا، وَالظَّنِّ هُنَاكَ، وَجَعَلَ الِاخْتِصَاصَاتِ تُغْتَفَرُ هُنَا وَلَا تُعْتَفَرُ هُنَاكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ كَانَ فَوْقَ ذَلِكَ تَيَمَّمَ) اُنْظُرْ هَلْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي الْمُقِيمِ أَوْ لَا لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَازِمٌ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَفِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّ الْمُقِيمَ يَجِبُ قَصْدُهُ الْمَاءَ الْمُتَيَقَّنَ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ نَافِلًا لَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَعَلَّلَهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الرَّوْضَةِ مَسْطُورًا كَمَا قَالَ، وَحِينَئِذٍ فَمَسْأَلَةُ الْبِئْرِ الَّتِي قَالُوا فِيهَا لَا يَجِبُ الصَّبْرُ إلَى بَعْدِ الْوَقْتِ إذَا كَانَتْ النَّوْبَةُ لَا تَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهَا فِي السَّفَرِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَوْ انْتَهَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 تَيَقَّنَهُ آخِرَ الْوَقْتِ فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ) مِنْ تَعْجِيلِ التَّيَمُّمِ لِيَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ بِالْوُضُوءِ الْفَاضِلَةِ عَلَى الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، (أَوْ ظَنَّهُ) آخِرَ الْوَقْتِ (فَتَعْجِيلُ التَّيَمُّمِ أَفْضَلُ) مِنْ انْتِظَارِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِيَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ الْمُحَقَّقِ فَضِيلَتُهَا. وَالثَّانِي انْتِظَارُهُ أَفْضَلُ لِمَا تَقَدَّمَ. قَالَ الْإِمَامُ: الْقَوْلَانِ فِيمَا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَبِالْوُضُوءِ آخِرَهُ فَهُوَ النِّهَايَةُ فِي إحْرَازِ الْفَضِيلَةِ، وَتَبِعْهُ الْمُصَنِّفُ كَالرَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ لَا تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا بِالْوُضُوءِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ الرُّويَانِيَّ نَقَلَهُ أَيْضًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا فِيمَنْ لَا يَرْجُو الْمَاءَ بَعْدُ بِقَرِينَةِ سِيَاقِ الْكَلَامِ، وَلَوْ ظَنَّ عَدَمَ الْمَاءِ آخِرَ الْوَقْتِ فَتَعْجِيلُ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ مُسْتَحَبٌّ قَطْعًا، وَلَوْ اسْتَوَى عِنْدَهُ احْتِمَالُ وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَتَعْجِيلُ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ أَفْضَلُ قَطْعًا. وَرُبَّمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ نَقْلُ   [حاشية قليوبي] فَهِمَهُ) قَالَ بَعْضُهُمْ: فَهِمَ الرَّافِعِيُّ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ فَأَوْجَبَ الطَّلَبَ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَفَهِمَ النَّوَوِيُّ أَنَّ كَلَامَهُمْ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ فَلَمْ يُوجِبْهُ، وَفِي هَذَا الْجَمْعِ فَسَادُهُ مِنْ وُجُوهٍ، مِنْهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ عَدَمُ صِحَّةِ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ذِكْرُ الْمُسَافِرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَمِنْهَا عَدَمُ صِحَّةِ عُمُومِ الْأَحْوَالِ الَّتِي ذَكَرهَا بَعْدَهُ، وَمِنْهَا عَدَمُ صِحَّةِ قَوْلهمْ: بِخِلَافِ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، وَمِنْهَا اقْتِضَاؤُهُ أَنَّ الْحُدُودَ الثَّلَاثَةَ خَاصَّةٌ بِمَنْ فِي مَحَلِّ الْفَقْدِ، وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ اللَّوَازِمِ الَّتِي لَا تَسْتَقِيمُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ عَدَمُ صِحَّةِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْخِلَافَ فِي مَحَلِّ الْفَقْدِ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الرَّافِعِيَّ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَدَمَ مُرَاعَاةِ الْوَقْتِ لِعَدَمِ تَصْرِيحِهِمْ بِهِ، وَأَنَّ النَّوَوِيَّ فَهِمَ أَنَّ إطْلَاقَهُمْ فِيهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا فِي غَيْرِهَا مِنْ مُرَاعَاتِهِ وَاشْتِرَاطِ الْأَمْنِ عَلَيْهِ، فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْمُتَيَمِّمِ أَحْوَالًا فِي حُدُودٍ ثَلَاثَةٍ، أَوَّلُهَا: حَدُّ الْغَوْثِ، فَإِنْ تَيَقَّنَ فَقْدَ الْمَاءِ فِيهِ تَيَمَّمَ بِلَا طَلَبٍ، وَإِنْ تَيَقَّنَ وُجُودَهُ فِيهِ لَزِمَهُ طَلَبُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ، وَلَا يَتَيَمَّمُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، إنْ تَرَدَّدَ فِيهِ لَزِمَهُ طَلَبُهُ أَيْضًا بِشَرْطِ الْأَمْنِ عَلَى مَا مَرَّ، وَمِنْهُ الْأَمْنُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، وَالْوَقْتُ ثَانِيهَا حَدُّ الْقُرْبِ فَإِنْ عَلِمَ فَقْدَ الْمَاءِ فِيهِ تَيَمَّمَ بِلَا طَلَبٍ فِيهِ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ عَلِمَ وُجُودَهُ فِيهِ وَجَبَ طَلَبُهُ بِشَرْطِ الْأَمْنِ كَمَا مَرَّ وَمِنْهُ الْأَمْنُ عَلَى الْوَقْتِ لَا عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَالْمَالِ الَّذِي يَجِبُ بَذْلُهُ لِمَاءِ الطَّهَارَةِ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ لَمْ يَجِبْ طَلَبُهُ مُطْلَقًا. ثَالِثُهَا: حَدُّ الْبَعْدِ وَهُوَ مَا فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ، فَلَا يَجِبُ فِيهِ الطَّلَبُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ، وَمَحَلُّ الْفَقْدِ أَوْ الْوُجُودِ وَمَا فِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ قَاسِمٍ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ مَتَى لَزِمَ الْمُتَيَمِّمَ الْقَضَاءُ لَزِمَهُ طَلَبُ الْمَاءِ إذَا عَلِمَهُ وَلَوْ فِي حَدِّ الْبُعْدِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، بَلْ لَا يَسْتَقِيمُ كَمَا عَلِمْته مِنْ اللَّوَازِمِ السَّابِقَةِ قَوْلُهُ: (آخِرَ الْوَقْتِ) بِزَمَنٍ يَسَعُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ كَامِلَةً. قَوْلُهُ: (فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ) هُوَ ظَاهِرٌ أَوْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَاءَ يَأْتِي إلَيْهِ فِي مَنْزِلِهِ، وَيُمْكِنُ شُمُولُهُ لِذَلِكَ وَلِعَكْسِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مَرْجُوحٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَتَعْجِيلُ التَّيَمُّمِ أَفْضَلُ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَيُجَابُ إلَخْ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا هَذَا الْجَوَابَ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ بِحَمْلِ عَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ فِيهِ عَلَى الْإِعَادَةِ مُنْفَرِدًا فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (مُسْتَحَبٌّ) لَمْ يَقُلْ أَفْضَلُ لِعَدَمِ الْفَضِيلَةِ فِي التَّأْخِيرِ بِالْكُلِّيَّةِ فَتَأَمَّلْ. (تَنْبِيهٌ) مَتَى اشْتَمَلَتْ إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ عَلَى فَضِيلَةٍ خَلَتْ عَنْهَا الْأُخْرَى فَهِيَ أَفْضَلُ مُطْلَقًا كَجَمَاعَةٍ وَسِتْرٍ وَخُلُوٍّ مِنْ حَدَثٍ. (فَرْعٌ) يُقَدَّمُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ عَلَى غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَتُقَدَّمُ هِيَ عَلَيْهِ، وَيُقَدَّمُ إدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ عَلَى آدَابِ الْوُضُوءِ كَالتَّثْلِيثِ،   [حاشية عميرة] إلَى الْمَنْزِلِ فِي آخَرِ الْوَقْتِ وَالْمَاءُ فِي حَدِّ الْقُرْبِ) الظَّاهِرُ أَنَّ حَدَّ الْغَوْثِ لِذَلِكَ بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ إذَا عُلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَجَبَ قَصْدُهُ) هُوَ مَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَالْمُصَنِّفُ لَا يَجِبُ، الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ مَا يَشْمَلُ عَدَمَ الْجَوَازِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِيَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ بِالْوُضُوءِ الْفَاضِلَةِ عَلَى الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ) يَعْنِي أَنَّ فَضِيلَةَ التَّأْخِيرِ نَاشِئَةٌ عَنْ هَذَا كَمَا أَنْ مَفْضُولِيَّةَ التَّعْجِيلِ نَاشِئَةٌ عَمَّا بَعْدَهَا وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ التَّقْدِيمَ مُسْتَحَبٌّ وَالْوُضُوءُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَرْضٌ، فَثَوَابُهُ أَفْضَلُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَتَعْجِيلُ التَّيَمُّمِ أَفْضَلُ) هَذَا قَدْ يَشْكُلُ عَلَيْهِ اسْتِحْبَابُ التَّأْخِيرِ لِمَنْ رَجَا زَوَالَ عُذْرِهِ الْمُسْقِطِ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ تُفْعَلُ أَوَّلَ الْوَقْتِ غَالِبًا وَتَأْخِيرُ الظُّهْرِ إلَى فَوَاتِهَا لَيْسَ بِفَاحِشٍ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ مِنْ أَنَّ رَاجِيَ الْمَاءِ لَا حَدَّ لِتَأْخِيرِهِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ التَّأْخِيرُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ، وَيَخَافُ مَعَهُ فَوَاتَ الصَّلَاةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي انْتِظَارُهُ أَفْضَلُ) هُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِمَا تَقَدَّمَ) وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ الظُّهْرِ مَأْمُورٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 الْقَوْلَيْنِ فِيهِ، وَلَا وُثُوقَ بِهَذَا النَّقْلِ، وَتَعَقَّبَهُ الْمُصَنِّفُ بِتَصْرِيحِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْمَحَامِلِيِّ وَآخَرِينَ بِجَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ. (وَلَوْ وُجِدَ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِهِ) فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ مُحْدِثًا كَانَ أَوْ جُنُبًا وَنَحْوَهُ. (وَيَكُونُ قَبْلَ التَّيَمُّمِ) عَنْ الْبَاقِي لِئَلَّا يَتَيَمَّمَ وَمَعَهُ مَاءٌ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ، وَيَعْدِلُ إلَى التَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِهِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ تُرَابًا وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ قَطْعًا. وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا تُرَابًا لَا يَكْفِيهِ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ قَطْعًا، وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ. (وَيَجِبُ شِرَاؤُهُ) أَيْ الْمَاءِ لِلطَّهَارَةِ (بِثَمَنِ مِثْلِهِ) فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَلَا يَجِبُ الشِّرَاءُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَإِنْ قَلَّتْ: (إلَّا أَنْ يُحْتَاجَ إلَيْهِ) أَيْ الثَّمَنُ (لِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ أَوْ مُؤْنَةِ سَفَرِهِ) فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ (أَوْ نَفَقَةِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ) مَعَهُ   [حاشية قليوبي] وَيَجِبُ تَرْكُ الْآدَابِ لِضِيقِ الْمَاءِ أَوْ الْوَقْتِ أَوْ إدْرَاكِ الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ (وَلَوْ وُجِدَ مَاءٌ) وَهُوَ مَمْدُودٌ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْمُرَادُ بِوُجُودِهِ أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِحَفْرٍ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَكْفِيهِ) أَيْ لِلْوَاجِبِ وَقِيلَ لَهُ مَعَ الْمَنْدُوبِ. قَوْلُهُ: (فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ) وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي الْأَصْغَرِ، وَيُنْدَبُ تَقْدِيمُ مَا يُطْلَبُ تَقْدِيمُهُ فِي الْغُسْلِ فِي الْأَكْبَرِ، وَيَجِبُ تَقْدِيمُ إزَالَةِ نَجَاسَةٍ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبٍ تَعَذَّرَ نَزْعُهُ عَلَى التَّيَمُّمِ لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهِ عَلَى إزَالَتِهَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُقِيمُ وَالْمُسَافِرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ وُجُوبِ اسْتِعْمَالِ ثَلْجٍ أَوْ بَرَدٍ لَا يَذُوبُ. قَالَ شَيْخُنَا إنْ كَانَ فِي الرَّأْسِ بَعْدَ غَسْلِ مَا قَبْلَهَا فَصَحِيحٌ وَإِلَّا فَغَيْرُ مُعْتَمَدٍ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْبَاقِي) يُفِيدُ أَنَّهُ يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ بَقِيَّةِ أَعْضَائِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَا بُدَّ لِهَذَا التَّيَمُّمِ مِنْ نِيَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، وَلَا يَكْفِي عَنْهُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ قَبْلَهُ لِأَنَّ نِيَّتَهُ مَعَ النَّقْلِ وَهُوَ مَسْحٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَجِدْ تُرَابًا إلَى آخِرِهِ) قَيْدٌ لِنَوْعِ الْخِلَافِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا تُرَابًا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَاءِ وَمِثْلُهُ التُّرَابُ، وَلَوْ جُعِلَتْ مَا مَوْصُولَةً لَشَمِلَتْهُمَا مَعًا. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ شِرَاؤُهُ) وَكَذَا اسْتِئْجَارُهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَاءِ) وَكَذَا التُّرَابُ وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ هُمَا مَعًا وَلَوْ بِمَحَلٍّ يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ، وَلَوْ وُجِدَ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ وَتُرَابًا يَكْفِيهِ قُدِّمَ التُّرَابُ لِكَمَالِ الطَّهَارَةِ فِيهِ، كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ قَرِيبًا، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ، وَكَالْمَاءِ آلَةُ اسْتِقَاءٍ كَالدَّلْوِ وَالرِّشَاءِ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ. قَوْلُهُ: (بِثَمَنِ مِثْلِهِ) أَوْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَمِنْهُ مُؤَجَّلٌ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْحَالِ تَلِيقُ بِالْأَجَلِ فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهِ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ) أَيْ عَلَى الْعَادَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِحَالَةِ الِاضْطِرَارِ فَقَدْ تُسَاوِي الشَّرْبَةُ فِيهَا دَنَانِيرَ كَثِيرَةً. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ الشِّرَاءُ بِزِيَادَةٍ) بَلْ يُسَنُّ إنْ قَدَرَ، وَلَا يَجِبُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَإِنْ اسْتَغْرَقَهُ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَبِ، بَلْ يُسَنُّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قُلْت) وَلَوْ تَافِهَةً. نَعَمْ يَجِبُ شِرَاءُ الْآلَةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ بِقَدْرِ ثَمَنِ الْمَاءِ لَوْ اشْتَرَاهُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مُعْتَمَدٌ. (فَرْعٌ) يَجِبُ قَطْعُ ثَوْبِهِ مَثَلًا لِيَجْعَلَهُ رِشَاءً إنْ لَمْ يَزِدْ نَقْصُهُ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ أَوْ أُجْرَتِهِ. قَوْلُهُ: (لِدَيْنٍ) أَيْ يَلْزَمُهُ وَفَاؤُهُ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالذِّمَّةِ حَالًّا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا إلَّا إنْ امْتَدَّ الْأَجَلُ إلَى مَحَلٍّ يَجِدُ فِيهِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ. قَوْلُهُ: (مُسْتَغْرِقٍ) هُوَ مُسْتَدْرِكٌ لِأَنَّ الزَّائِدَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لَهُ وَأَجَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مُؤْنَةِ) مِنْهَا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالْمَسْكَنُ وَالْخَادِمُ وَالْمَرْكُوبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَائِقًا بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَجِّ لِوُجُودِ الْبَدَلِ هُنَا. قَوْلُهُ: (سَفَرِهِ) أَيْ الَّذِي يُرِيدُهُ   [حاشية عميرة] بِهِ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَرِّ مُحَافَظَةً عَلَى الْخُشُوعِ الْمَسْنُونِ، فَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ مُحَافَظَةٌ عَلَى الْوُضُوءِ الْمَفْرُوضِ أَوْلَى، وَالْفَرْقُ لَائِحٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا بِالْوُضُوءِ) اعْتَرَضَهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْفَرْضَ هُوَ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَمْ تَشْمَلْهُ فَضِيلَةُ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ وَمُدْرَكُ الْقَائِلِ بِالتَّأْخِيرِ أَدَاءُ الْفَرْضِ بِالْمَاءِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إنَّ الرُّويَانِيَّ نَقَلَهُ أَيْضًا عَنْ الْأَصْحَابِ) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ نَقَلَهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيه) الْأَحْسَنُ قِرَاءَتُهُ بِالْمَدِّ وَالْهَمْزُ لِيُحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ وَجَدَ شَيْئًا يَصْلُحُ لِلْمَسْحِ خَاصَّةً كَبَرْدٍ أَوْ ثَلْجٍ لَا يَذُوبُ، فَإِنَّ التَّيَمُّمَ يَكْفِيه وَيَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْحَاضِرِ دُونَ الْمُسَافِرِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (فَرْعٌ) لَوْ كَانَ جُنُبًا وَعَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وَوَجَدَ مَاءً يَكْفِي أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ لِلنَّجَاسَةِ فَيَغْسِلُهَا ثُمَّ يَتَيَمَّمُ، وَلَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ غَسْلِهَا جَازَ فِي الْأَصَحِّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي لَا يَجِبُ) أَيْ كَمَا لَوْ وَجَدَ بَعْضَ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ وَجَوَابُهُ ظَاهِرٌ ثُمَّ تَصْوِيرِهِمْ يَشْعُرُ بِالْجَوَازِ جَزْمًا حَتَّى إذَا اسْتَعْمَلَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْبَاقِي فَيُكْمِلُ، كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِثَمَنِ مِثْلِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَظْهَرُهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ الْمِقْدَارُ الَّذِي تَنْتَهِي إلَيْهِ الرَّغَبَاتُ فِي الْمَوْضِعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَالثَّانِي كَالْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ تِلْكَ الْحَالَةَ بَلْ غَالِبَ الْحَالَاتِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَا يَجِبُ الشِّرَاءُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ وَإِنْ قَلَّتْ) مِثْلُ ذَلِكَ آلَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ وَبَهِيمَتِهِ، فَيُصْرَفُ الثَّمَنُ إلَى مَا ذُكِرَ وَيَتَيَمَّمُ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُحْتَرَمِ عَنْ غَيْرِهِ كَالْمُرْتَدِّ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ. (وَلَوْ وُهِبَ لَهُ مَاءٌ أَوْ أُعِيرَ دَلْوًا) أَوْ رِشَاءً (وَجَبَ الْقَبُولُ فِي الْأَصَحِّ) وَلَوْ وُهِبَ ثَمَنَهُ فَلَا يَجِبُ قَبُولَهُ قَطْعًا لِعِظَمِ الْمِنَّةِ فِيهِ وَخِفَّتِهَا فِيمَا قَبْلَهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهِ يَنْظُرُ إلَى أَصْلِ الْمِنَّةِ فِي الْهِبَةِ، وَيَقُولُ فِي الْعَارِيَّةِ: إذَا زَادَتْ قِيمَةُ الْمُعَارِ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ فَيَضْمَنُهُ، وَلَوْ وُهِبَ آلَةَ الِاسْتِقَاءِ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهَا، وَلَوْ أُقْرِضَ الْمَاءَ وَجَبَ قَبُولُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْقَبُولِ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَجِبُ سُؤَالُ الْهِبَةِ وَالْعَارِيَّةِ فِي الْأَصَحِّ، وَمِثْلُهُمَا الْقَرْضُ وَالْأَوْلَى فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْبَلْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ أَثِمَ وَلَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى مَالِكِ الْمَاءِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بَذْلُهُ لِطَهَارَةِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ قَرْضٍ فِي الْأَصَحِّ (وَلَوْ نَسِيَهُ) أَيْ الْمَاءَ (فِي رَحْلِهِ أَوْ أَضَلَّهُ فِيهِ فَلَمْ يَجِدْهُ بَعْدَ الطَّلَبِ) هَذَا تَفْسِيرُ إضْلَالِهِ لَهُ (فَتَيَمَّمَ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَصَلَّى، ثُمَّ تَذَكَّرَهُ وَوَجَدَهُ (قَضَى) الصَّلَاةَ (فِي الْأَظْهَرِ)   [حاشية قليوبي] وَلَوْ مَآلًا وَسَفَرُ غَيْرِهِ إذَا لَزِمَهُ كَسَفَرِهِ وَمِنْهُ أَجْنَبِيٌّ خِيفَ انْقِطَاعُهُ عَنْ رُفْقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَنَفَقَتِهِ عِنْدَ خَوْفِ ضَرَرِهِ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُقِيمِ مُؤْنَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. (فَرْعٌ) يُقَدِّمُ سُتْرَةَ الصَّلَاةِ ثَمَنًا وَأُجْرَةً عَلَى شِرَاءِ الْمَاءِ وَيَعْدِلُ إلَى التَّيَمُّمِ لِأَنَّهَا آكَدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَفَقَةِ) أَيْ مُؤْنَةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَعَهُ) أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ الْمُرَادُ الْقَافِلَةُ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (كَالْمُرْتَدِّ) وَمِثْلُهُ تَارِكُ الصَّلَاةِ بِشَرْطِهِ وَكَذَا الزَّانِي الْمُحْصَنُ. نَعَمْ يُقَدَّمُ شُرْبُ نَفْسِهِ عَلَى تَيَمُّمِهِ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ عَلَى نَفْسِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ غَيْرَ الزَّانِي مِثْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا فِي شَرْحِهِ، فَيُقَدِّمُونَ شُرْبَهُمْ عَلَى طَهَارَتِهِمْ لِمَا ذُكِرَ. نَعَمْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْمَاءِ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ إنْ تُبْتُمْ تَرَكْت الْمَاءَ لَكُمْ وَتَيَمَّمْت وَإِلَّا تَوَضَّأْت بِهِ وَتَرَكْتُكُمْ تَمُوتُونَ، وَفِي الْوُجُوبِ نَظَرٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ التَّوْبَةُ فِي الزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ عَلَى الْعَاصِي بِالسَّفَرِ الشُّرْبُ وَالتَّيَمُّمُ قَبْلَ تَوْبَتِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ) لَا غَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ قَتْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ، وَأَجَازَ وَالِدُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ قَتْلَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْأَمْرُ بِقَتْلِهِ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ نُسِخَ. (تَنْبِيهٌ) شَمِلَتْ الْحَاجَةُ لِلْعَطَشِ وَلَوْ مَآلًا، وَكَذَا لِلطَّبْخِ وَبَلِّ الْكَعْكِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الْحَاجَةَ لِبَلِّ الْكَعْكِ فِي الْمَاءِ بِمَا إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ تَنَاوُلُهُ دُونَ الْمَاءِ وَشَيْخُنَا لَمْ يَعْتَبِرْ غَيْرَ الْعَطَشِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يُوَافِقُهُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا يُمْكِنُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ الْمَاءِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ وَصَلَ إلَى مَاءٍ أَوْ فَضْلٍ مِمَّا ادَّخَرَهُ شَيْءٌ لَمْ يُعْتَبَرْ إنْ كَانَ بِسَبَبِ تَقْتِيرٍ أَوْ سُرْعَةِ سَيْرٍ وَإِلَّا وَجَبَ قَضَاءُ كُلِّ صَلَاةٍ صَحِبَهَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وُهِبَ لَهُ مَاءٌ) وَاجِبُ الْقَبُولِ، وَكَذَا لَوْ أُعِيرَهُ لِصِحَّةِ إعَارَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَكَذَا قَرْضُهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ أُعِيرَ دَلْوًا) لَا إنْ أُقْرِضَهُ أَوْ وُهِبَهُ أَوْ ثَمَنَهُ. نَعَمْ لَا يَسْتَعِيرُ وَلِيٌّ لِمَحْجُورِهِ عَارِيَّةً مُضَمَّنَةً بَلْ غَيْرَ مُضَمَّنَةٍ كَالْإِعَارَةِ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ يَجِبُ سُؤَالُ الْهِبَةِ إلَخْ) فَالْمُرَادُ فِي جَمِيعِ مَا وَجَبَ مَا يَعُمُّ الْقَبُولَ وَالسُّؤَالَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوْلَى) . قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: هِيَ قَبُولُ الْهِبَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ: هِيَ سُؤَالُ الْهِبَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْمَاءِ الْهِبَةُ وَالْقَرْضُ وَالشِّرَاءُ وَالْإِجَارَةُ وَالْإِعَارَةُ، وَفِي الْآلَةِ الْإِجَارَةُ وَالشِّرَاءُ وَالْإِعَارَةُ فَقَطْ، وَلَا يَجِبُ فِي الثَّمَنِ شَيْءٌ، وَيَتَضَيَّقُ الْوُجُوبُ بِضِيقِ الْوَقْتِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ سَعَتُهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ حَتَّى يَسْأَلَ. قَوْلُهُ: (لَوْ لَمْ يَقْبَلْ) أَوْ لَمْ يَسْأَلْ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ لَا يَجِبُ إلَخْ) دُفِعَ بِهِ تَوَهُّمُ وُجُوبِ الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى الْمَالِكِ بِسُؤَالِ غَيْرِهِ، وَخَرَجَ بِالطَّهَارَةِ الْعَطَشُ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَاءُ) وَمِثْلُهُ ثَمَنٌ وَآلَتُهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَذَكَّرَهُ)   [حاشية عميرة] الِاسْتِقَاءِ لَكِنْ بَحَثَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا اغْتِفَارَ الزِّيَادَةِ الَّتِي يَجِبُ بَذْلُهَا فِي تَحْصِيلِ الْمَاءِ، قَالَ لِأَنَّ الْآلَةَ تَبْقَى لَهُ، وَالْمَاءُ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ فَيُغْتَفَرُ ثَمَنُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ لِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ أَوْ مُؤْنَةِ سَفَرِهِ) لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْعَطَشِ لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى ثَمَنِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (لِدَيْنٍ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُؤْنَةُ سَفَرِهِ) أَيْ وَلَوْ مُبَاحًا وَمِثْلُهُ سَفَرُ غَيْرِهِ لِمَنْ يَخَافُ انْقِطَاعَهُ عَنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَيَوَانٌ مُحْتَرَمٌ مَعَهُ) قَيَّدَ الشَّارِحُ بِالْمَعِيَّةِ هُنَا وَتَرَكَ ذَلِكَ فِي الْعَطَشِ الْآتِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ مُحْتَرَمٌ أَيْ وَلَوْ كَافِرًا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ مَعَهُ، هَذِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ وَهَبَ) يُقَالُ وَهَبَ لَهُ وَوَهَبَ مِنْهُ وَبَاعَ لَهُ وَبَاعَ مِنْهُ فَالْأَوْلَى لُغَةُ الْقُرْآنِ، وَالثَّانِيَةُ جَاءَتْ بِهَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ الْقَبُولُ) أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْأَوْلَى فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا) يُرِيدُ بِالْأَوْلَى قَبُولُ الْهِبَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْقَرْضِ، وَبِالثَّانِيَةِ سُؤَالُ ذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَثِمَ وَلَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ) أَيْ مَا دَامَ إمْكَانُ الْوُضُوءِ بَاقِيًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ بِالرُّجُوعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 لِوُجُودِ الْمَاءِ مَعَهُ وَنِسْبَتُهُ فِي إهْمَالِهِ لَهُ حَتَّى نَسِيَهُ أَوْ أَضَلَّهُ إلَى التَّقْصِيرِ، وَالثَّانِي لَا يَقْضِي لِعُذْرِهِ بِالنِّسْيَانِ وَعَدَمِ الْوِجْدَان. (وَلَوْ أَضَلَّ رَحْلَهُ فِي رِحَالٍ) فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَهُ وَفِيهِ الْمَاءُ (فَلَا يَقْضِي) لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ حَالَ الصَّلَاةِ مَاءٌ، وَقِيلَ فِي قَضَائِهِ الْقَوْلَانِ: (الثَّانِي) مِنْ الْأَسْبَابِ (أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ) أَيْ الْمَاءِ (لِعَطَشِ) حَيَوَانٍ (مُحْتَرَمٍ) مِنْ نَفْسِهِ أَوْ رَقِيقِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (وَلَوْ) كَانَ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ لِمَا ذُكِرَ (مَآلًا) أَيْ فِي الْمَآلِ أَيْ الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِهِ صِيَانَةً لِلرُّوحِ أَوْ غَيْرِهَا   [حاشية قليوبي] فِي النِّسْيَانِ وَوَجَدَهُ فِي الْإِضْلَالِ قَوْلُهُ: (قَضَى فِي الْأَظْهَرِ) وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَنَّهُ إنْ أَمْعَنَ فِي النَّظَرِ وَإِلَّا قَضَى قَطْعًا. قَوْلُهُ: (لِوُجُودِ الْمَاءِ مَعَهُ) أَيْ حَالَةَ تَيَمُّمِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ تَلِفَ يَقِينًا قَبْلَ تَيَمُّمِهِ فَلَا قَضَاءَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَقْضِي) أَيْ إنْ أَمْعَنَ فِي النَّظَرِ وَإِلَّا قَضَى قَطْعًا، وَفَارَقَ مَا هُنَا إضْلَالَهُ فِي رَحْلِهِ أَنَّ مُخَيَّمَ الرُّفْقَةِ أَوْسَعُ مِنْ مُخَيَّمِهِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: شَأْنُهُ ذَلِكَ وَإِنْ اتَّسَعَ مُخَيَّمُهُ أَوْ ضَاقَ مُخَيَّمُ رُفْقَتِهِ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا خِلَافَهُ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَأَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ حَالَ الصَّلَاةِ مَاءٌ) أَيْ قَادِرٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ حَالَةَ التَّيَمُّمِ وَعِلْمُهُ بِكَوْنِهِ مَعَهُ قَبْلَ الْإِضْلَالِ لَا يَضُرُّ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَجَ فِي رَحْلِهِ أَوْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ بِئْرٌ هُنَاكَ، أَوْ غُصِبَ مِنْهُ، أَوْ تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ فِي الْوَقْتِ، أَوْ ضَلَّ عَنْ الرُّفْقَةِ أَوْ الْقَافِلَةِ أَوْ عَنْ الْمَاءِ كَالْبِئْرِ، أَوْ حَالَ نَحْوُ سَبُعٍ، أَوْ عُلِمَ انْتِهَاءُ نَوْبَتِهِ بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ فَلَا قَضَاءَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَاءِ أَوْ فِي ثَمَنِهِ أَوْ آلَتِهِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَيَلْزَمُهُ اسْتِرْدَادُهُ، وَيَصِحُّ قَبْلَ الْوَقْتِ مُطْلَقًا. نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ فِي الْوَقْتِ كَبَيْعٍ بِخِيَارٍ أَوْ هِبَةٍ لِفَرْعِهِ وَجَبَ الْفَسْخُ وَالرُّجُوعُ، وَفَارَقَ مَا هُنَا صِحَّةَ بَيْعِ نَحْوِ عَبْدٍ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِنَحْوِ دَيْنٍ أَوْ كَفَّارَةٍ بِأَنَّ الدُّيُونَ وَالْكَفَّارَاتِ مُتَعَلَّقُهَا الذِّمَّةُ، وَلَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مَحْدُودٌ. (فَرْعٌ) يَحْرُمُ الْحَدَثُ عَلَى مُتَطَهِّرٍ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مَاءَ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (يَحْتَاجُ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ، وَضَبَطَهُ غَيْرُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ حَاجَةَ غَيْرِ مَنْ هُوَ مَعَهُ وَلَوْ فِي قَافِلَةٍ كَبِيرَةٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ: يَحْرُمُ الْوُضُوءُ فِي رَكْبِ الْحَاجِّ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ عَطْشَانَ، وَقَوَّاهُ ابْنُ حَجَرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ بِقَوْلِهِمْ يُعْتَبَرُ فِي الْعَطَشِ الْمُبِيحِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَرَضِ مَنْقُولُ الْأَطِبَّاءِ، وَالْمُرَادُ بِالِاحْتِيَاجِ وَقْتُ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ فَلَا يَضُرُّ طُرُوءُ عَدَمِ الْحَاجَةِ بَعْدَهُمَا كَحُدُوثِ مَطَرٍ، فَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ أَوْ إلَى بَعْضِهِ وَلَوْ لِمَاءٍ يَكْفِي صَلَاةً وَاحِدَةً وَجَبَ إعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ وُجِدَتْ مَعَ بَقَاءِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ. (فَرْعٌ) يَجِبُ جَمْعُ الْمَاءِ بَعْدَ التَّطَهُّرِ بِهِ عَنْ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ لِسَقْيِ دَابَّةٍ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ، وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهِمَا، فَلِمَنْ مَعَهُ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ وَطَهُورٌ أَنْ يَشْرَبَ الْمَاءَ الطَّهُورَ وَيَتَيَمَّمَ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) أَيْ الْمَاءِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ بِعَوْدِ الضَّمِيرِ إلَى الْمَاءِ أَوْ ثَمَنِهِ أَوْ آلَتِهِ لَا يُنَاسِبُ مَا بَعْدَهُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ التَّكْرَارِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِعَطَشِ) قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ وَلَوْ مَآلًا لِأَنَّ غَيْرَهُ فِيهِ خِلَافٌ تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (رَفِيقُهُ) بِالْفَاءِ وَالْقَافِ بَعْدَ الرَّاءِ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) مِنْ كُلِّ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَلَوْ فِي الْقَافِلَةِ كَمَا مَرَّ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْحَاجَةِ لِلْعَطَشِ مَا يَأْتِي فِي خَوْفِ الْمَرَضِ مِنْ قَوْلِ طَبِيبٍ عَدْلٍ عَلَى مَا يَأْتِي، وَمُقْتَضِي ذَلِكَ عَدَمُ جَوَازِهِ وَلَوْ مَعَ مَشَقَّةٍ لَا تَحْتَمِلُ عَادَةً خُصُوصًا مَعَ عَدَمِ وُجُودِ طَبِيبٍ، وَفِي ذَلِكَ مِنْ الْحَرَجِ مَا لَا يَخْفَى، وَمَحَاسِنُ الشَّرِيعَةِ تَأْبَى ذَلِكَ صِيَانَةً لِلرُّوحِ، فَهُوَ كَالِاضْطِرَارِ، وَلِذَلِكَ   [حاشية عميرة] أَوْ التَّلَفِ فَلَا، مَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَاءَ الَّذِي مَعَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلَوْ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ، قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَكَذَا لَوْ بَلَغَ فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ الْمَاءُ) مِثْلُ الْمَاءِ ثَمَنُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَمْ يَجِدْهُ بَعْدَ الطَّلَبِ) فِي الرَّافِعِيِّ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَجِدْهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْعَدَمُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا تَحَقَّقَ بَقَاءَهُ وَلَكِنْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ وَضَاقَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى الطَّلَبِ إلَى أَنْ يَجِدَهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الِازْدِحَامِ عَلَى الْبِئْرِ انْتَهَى. قُلْت: قَدْ قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ لَوْ عُلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَنْتَهِي إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ تَيَمَّمَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَوَجَدَ كَذَا هُوَ فِي الرَّافِعِيِّ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِيمَا لَوْ اسْتَمَرَّ عَدَمُ الْوِجْدَانِ وَقَوْلُ الْمَتْنِ قَضَى مُرَادَهُ مَا يَشْمَلُ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ، أَيْ فَالْقَوْلَانِ جَارِيَانِ سَوَاءٌ وَجَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ أَوْ خَارِجَهُ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَخِلَافُهُ بَعِيدٌ جِدًّا. (تَنْبِيهٌ) قَيَّدَ الْإِسْنَوِيُّ مَحَلَّ الْقَوْلِ فِي الثَّانِيَةِ بِمَا إذَا أَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ نَاقِلًا ذَلِكَ عَنْ تَصْوِيرِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَقِيلَ فِي قَضَائِهِ الْقَوْلَانِ) مَحَلُّهُ إذَا أَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ مَآلًا) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 عَنْ التَّلَفِ. وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. (الثَّالِثُ) مِنْ الْأَسْبَابِ (مَرَضٌ يُخَافُ مَعَهُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ الْمَاءِ (عَلَى مَنْفَعَةِ عُضْوٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ أَنْ تَذْهَبَ كَأَنْ يَحْصُلَ بِاسْتِعْمَالِهِ عَمًى أَوْ خَرَسٌ أَوْ صَمَمٌ، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ الْخَوْفُ عَلَى الرُّوحِ أَوْ الْعُضْوِ أَيْضًا. (وَكَذَا بُطْءُ الْبُرْءِ) أَيْ طُولُ مُدَّتِهِ. (أَوْ الشَّيْنُ الْفَاحِشُ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٌ فِي الْأَظْهَرِ) وَالْأَصْلُ فِي التَّيَمُّمِ لِلْمَرَضِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [المائدة: 6] إلَى {فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] إلَى آخِرِهِ أَيْ حَيْثُ خِفْتُمْ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مَا ذُكِرَ. وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَقُولُ لَيْسَ فِي الْبُطْءِ وَالشَّيْنِ الْمَذْكُورِ كَبِيرُ ضَرَرٍ، وَالشَّيْنُ الْأَثَرُ الْمُنْكَرُ مِنْ تَغَيُّرِ لَوْنٍ أَوْ نُحُولٍ أَوْ اسْتِحْشَافٍ وَثُغْرَةٍ تَبْقَى وَلَحْمَةٍ تَزِيدُ. قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الدِّيَاتِ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلٍ. وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ. وَالظَّاهِرُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ هُنَا مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ غَالِبًا كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ. وَقَالَ فِي الْجِنَايَاتِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي سَلَامَةِ الْأَعْضَاءِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ مَا لَا يَكُونُ كَشْفُهُ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ. وَقِيلَ: مَا عَدَا الْعَوْرَةَ. وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَاحْتَرَزُوا بِالْفَاحِشِ عَنْ الْيَسِيرِ كَقَلِيلِ سَوَادٍ وَبِالتَّقْيِيدِ بِالظَّاهِرِ عَنْ الْفَاحِشِ فِي الْبَاطِنِ، فَلَا أَثَرَ لِخَوْفِ ذَلِكَ، وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَيُعْتَمَدُ فِي خَوْفِ مَا ذُكِرَ قَوْلُ عَدْلٍ فِي الرِّوَايَةِ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ (وَشِدَّةُ الْبَرْدِ كَمَرَضٍ) فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ لَهَا إذَا خِيفَ مِنْ   [حاشية قليوبي] جَازَ لِلْعَطْشَانِ وَلِغَيْرِهِ لِأَجْلِهِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ مِنْ مَالِكِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَطْشَانَ وَلَا مَعَهُ عَطْشَانُ قَهْرًا عَلَيْهِ وَمُقَاتَلَتَهُ، وَلَا ضَمَانَ لَوْ تَلِفَ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِمَنْعِهِ، بَلْ الطَّالِبُ مَضْمُونٌ لَوْ أَتْلَفَهُ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ كَمَا فِي الصَّائِلِ وَالْمَصُولِ عَلَيْهِ، وَكَالْعَطْشَانِ مَنْ مَعَهُ حَيَوَانٌ عَطْشَانُ، وَيُقَدِّمُ حَاجَةَ الْعَطْشَانِ الْحَالِيَّةِ عَلَى حَاجَةِ مَالِكِهِ الْمَالِيَّةِ. (فَرْعٌ) يُقَدَّمُ فِي الْحَاجَةِ إلَى الْمَاءِ الْعَطْشَانُ، ثُمَّ الْمَيِّتُ، ثُمَّ أَسْبَقُ الْمَيِّتِينَ، ثُمَّ الْمُتَنَجِّسُ، ثُمَّ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ، ثُمَّ الْجُنُبُ، ثُمَّ الْمُحْدِثُ. نَعَمْ إنْ كَفَى الْمُحْدِثَ دُونَ الْجُنُبِ قُدِّمَ، وَإِذَا اسْتَوَى اثْنَانِ قُدِّمَ بِالرَّحِمِ ثُمَّ بِالْأَفْضَلِيَّةِ ثُمَّ بِالْقُرْعَةِ، نَعَمْ إنْ كَفَى أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ قُدِّمَ الْأَوَّلُ عَلَى نَظِيرِ مَا قَبْلَهُ، وَيَحْرُمُ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (غَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ) وَمِنْهُ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّيَمُّمُ قَبْلَ تَوْبَتِهِ فِي الْعَطَشِ وَالْمَرَضِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (مَنْفَعَةِ عُضْوٍ) أَيْ مُحْتَرَمٍ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ، وَمِثْلُ الْعُضْوِ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ تَذْهَبَ) أَوْ تَقِلَّ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبِلِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) وَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (بُطْءُ الْبُرْءِ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِهَا فِيهِمَا وَمِثْلُهُ زِيَادَةُ الْأَلَمِ. قَوْلُهُ: (أَيْ طُولِ مُدَّتِهِ) . قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَبْعُدُ ضَبْطُ أَقَلِّ الطُّولِ بِقَدْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالشَّيْنُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ. قَوْلُهُ: (الْمِهْنَةُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ إلَخْ) أَيْ فَهُمَا وَاحِدٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) فَقَالَ: قَدْ مَرَّ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ وَلَوْ تَافِهَةً تُجَوِّزُ الْعُدُولَ إلَى التَّيَمُّمِ، وَمَا هُنَا يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَعْمَلُ رَقِيقًا يَنْقُصُ قِيمَتُهُ نَقْصًا فَاحِشًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ مُحَقَّقَةٌ. وَفِيهَا تَفْوِيتٌ حَاصِلٌ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الرَّقِيقِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَقْصِ الْقِيمَةِ نَقْصُ الثَّمَنِ، وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ فِي الْجَوَابِ، وَغَيْرُ مَنْقُودٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَدْلٍ فِي الرِّوَايَةِ) وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الَّذِي لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ وَكَالْعَدْلِ فَاسِقٌ وَلَوْ كَافِرًا اُعْتُقِدَ صِدْقُهُ، وَيَعْمَلُ بِمَعْرِفَتِهِ لِنَفْسِهِ إنْ عَرَفَ الطِّبَّ مُطْلَقًا، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّجْرِبَةِ، وَاكْتَفَى بِهَا الْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُمَا، وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَهُوَ الْوَجْهُ كَمَا فِي جَوَازِ الْعُدُولِ إلَى الْمَيْتَةِ مَعَ الْخَوْفِ مِنْ اسْتِعْمَالِ الطَّاهِرِ فِي الْمُضْطَرِّ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّ لُزُومَ الصَّلَاةِ مُحَقَّقٌ لَا يُجْدِي نَفْعًا، وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْخَوْفِ اتِّفَاقًا، وَلَا بُدَّ مِنْ سُؤَالِ الطَّبِيبِ   [حاشية عميرة] لُقْيَا الْمَاءِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لِلْعَطَشِ لَوْ اسْتَعْمَلَ مَاءً مَعَهُ لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ مَقَالَةٌ، فَفِي الرَّوْضَةِ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّدَهُ وَإِنْ كَانَ يَرْجُو الْمَاءَ فِي الْغُدُوِّ لَا يَتَحَقَّقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَرَضٌ يُخَافُ مَعَهُ) مِثْلُهُ الْخَوْفُ مِنْ حُدُوثِ الْمَرَضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى مَنْفَعَةِ عُضْوٍ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ طُولُ مُدَّتِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْأَلَمُ وَمِثْلُ ذَلِكَ زِيَادَةُ الْمَرَضِ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ، وَعِلَّةُ الْأَظْهَرِ أَنَّ الضَّرَرَ بِهَذَا أَشَدُّ مِنْ بَذْلِ الزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ، وَقَدْ جَوَّزُوا التَّيَمُّمَ لِأَجْلِهَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ إلَخْ) اسْتَنَدَ قَائِلُهُ أَيْضًا إلَى مَا وَرَدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ تَفْسِيرِ الْمَرَضِ بِاَلَّذِي يَخَافُ مَعَهُ التَّلَفَ، وَلِأَنَّ الشَّيْنَ الْمَذْكُورَ فَوَاتُ جَمَالٍ فَقَطْ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَلَا أَثَرَ لِخَوْفِ ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ تَرْجِعُ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ: قَلِيلُ سَوَادٍ، وَقَوْلِهِ: عَنْ الْفَاحِشِ قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَاسْتَشْكَلَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ وَوَجْهُ الِاسْتِشْكَالِ مَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مَمْلُوكٍ نَفِيسٍ فَإِنَّ الْخُسْرَانَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ، الْخُسْرَانِ الْحَاصِلِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَأُجِيبَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمَعْجُوزِ عَنْ تَسْخِينِهِ مَا ذُكِرَ مِنْ ذَهَابِ مَنْفَعَةِ عُضْوٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (وَإِذَا امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ الْمَاءِ (فِي عُضْوٍ) لِعِلَّةٍ (إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَاتِرٌ وَجَبَ التَّيَمُّمُ، وَكَذَا غَسْلُ الصَّحِيحِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي وُجُوبِ غَسْلِهِ الْقَوْلَانِ فِيمَنْ وَجَدَ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ، ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَذُكِرَ فِي الدَّقَائِقِ أَنَّهُ عَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ غَسْلُ الصَّحِيحِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ إلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ لِأَنَّهُ الصَّوَابُ، فَإِنَّ التَّيَمُّمَ وَاجِبٌ قَطْعًا، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ لِئَلَّا يَبْقَى مَوْضِعَ الْكَسْرِ بِلَا طَهَارَةٍ، وَقَالَ: لَمْ أَرَ خِلَافًا فِي وُجُوبِ التَّيَمُّمِ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَيَتَلَطَّفُ فِي غَسْلِ الصَّحِيحِ الْمُجَاوِرِ لِلْعَلِيلِ بِوَضْعِ خِرْقَةٍ مَبْلُولَةٍ بِقُرْبِهِ، وَيَتَحَامَلُ عَلَيْهَا لِيَنْغَسِلَ بِالْمُتَقَاطِرِ مِنْهَا مَا حَوَالَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسِيلَ إلَيْهِ (وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْغَسْلِ (لِلْجُنُبِ) وُجُوبًا، وَالْأَوْلَى لَهُ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ لِيُزِيلَ الْمَاءُ أَثَرَ التُّرَابِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ فِي الْمُحْدِثِ (فَإِنْ كَانَ) مَنْ بِهِ الْعِلَّةُ (مُحْدِثًا فَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ التَّيَمُّمِ وَقْتَ غَسْلِ الْعَلِيلِ) رِعَايَةً لِتَرْتِيبِ الْوُضُوءِ، وَالثَّانِي يَتَيَمَّمُ مَتَى شَاءَ كَالْجُنُبِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَالتَّرْتِيبُ إنَّمَا يُرَاعَى فِي الْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ. (فَإِنْ جُرِحَ عُضْوَاهُ) أَيْ الْمُحْدِثِ (فَتَيَمُّمَانِ) عَلَى الْأَصَحِّ الْمَذْكُورِ، وَعَلَى الثَّانِي تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، وَكُلٌّ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ، وَيُنْدَبُ أَنْ   [حاشية قليوبي] فِي كُلِّ وَقْتٍ اُحْتُمِلَ فِيهِ عَدَمُ الضَّرَرِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الطَّبِيبَ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ لَزِمَهُ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخْبَرَهُ بِجَوَازِهِ. قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ) كَالْوَصِيَّةِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّهَا حَقُّ آدَمِيٍّ، وَمُقْتَضَاهُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِمَا عَدْلَيْ شَهَادَةٍ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ كَالْقَاضِي. قَوْلُهُ: (الْمَعْجُوزِ عَنْ تَسْخِينِهِ) وَيَجْرِي هُنَا فِيمَا يُسَخَّنُ بِهِ مَا مَرَّ فِي طَلَبِ الْمَاءِ مِنْ الْحُدُودِ السَّابِقَةِ وَأَحْوَالِهَا. قَوْلُهُ: (وَإِذَا امْتَنَعَ) أَيْ حَرُمَ وَلَوْ فِي بُطْءِ الْبُرْءِ وَالشَّيْنِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الْحُرْمَةَ بِمَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الضَّرَرُ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى امْتَنَعَ الْوُجُوبُ فَلَا حُرْمَةَ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إلَّا فِي قِنٍّ مَنَعَهُ سَيِّدُهُ. قَوْلُهُ: (فِي عُضْوٍ) وَمِنْهُ الْوَجْهُ فَيَتَيَمَّمُ عَلَى الْيَدَيْنِ بِنِيَّةٍ عِنْدَهُمَا. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ سَاتِرٌ) وَكَذَا إنْ كَانَ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا. قَوْلُهُ: (غَسَلَ الصَّحِيحَ) أَيْ مِنْ بَاقِي الْعُضْوِ الْعَلِيلِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا خِلَافَ فِي غَسْلِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ، وَبَدَنُ الْجُنُبِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ. قَوْلُهُ: (وَاجِبٌ قَطْعًا) فَذَكَرَ الْمُحَرَّرُ الْخِلَافَ فِيهِ مُعْتَرِضٌ وَسَكَتَ عَنْ تَعْبِيرِهِ بِالصَّحِيحِ عَنْ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ لَا اصْطِلَاحَ لَهُ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِيَنْغَسِلَ إلَخْ) فَهُوَ غَسْلٌ حَقِيقَةً فَإِنْ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ غَسْلًا خَفِيفًا كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَسَّهُ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ، وَلَا يَكْفِي مَسْحُهُ بِالْمَاءِ، وَمَا قِيلَ إنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ مَسَحَهُ بِمَاءٍ فَهُوَ خَطَأٌ وَتَحْرِيفٌ فِي عِبَارَةِ الْإِمَامِ السَّابِقَةِ، وَفَارَقَ الِاكْتِفَاءَ بِمَسْحِ الْجَبِيرَةِ عَنْهُ لِأَنَّ مَسْحَهَا بَدَلٌ عَنْ غَسْلِهِ، وَمَا هُنَا أَصْلٌ، وَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَنْهُ لِأَنَّ الْغَسْلَ أَقْوَى، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ قَدَرَ عَلَى غَسْلِ مَحَلِّ الْعِلَّةِ غَسْلًا خَفِيفًا لَمْ يَكْفِ عَنْ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ، وَتَجِبُ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ وَجَبَ الْقَضَاءُ، وَلَا يَجِبُ نَزْعُ سَاتِرٍ خِيفَ مِنْ نَزْعِهِ وَإِلَّا وَجَبَ النَّزْعُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَرْتِيبَ إلَخْ) لَكِنَّ الْأَوْلَى كَوْنُ التَّيَمُّمِ وَقْتَ طَلَبِ غَسْلِ مَحَلِّ الْعِلَّةِ، وَيَجِبُ إمْرَارُ التُّرَابِ عَلَى مَحَلِّ الْعِلَّة وَلَوْ عَلَى أَفْوَاهِ الْعُرُوقِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحْدِثِ) أَيْ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ. قَوْلُهُ: (فَتَيَمُّمَانِ) أَيْ إنْ وَجَبَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا كَمَا لَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ الْوَجْهَ   [حاشية عميرة] الضَّرَرِ مَا لَا يُغْتَفَرُ بِسَبَبِ التَّحْصِيلِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ يَسْتَعْمِلُهُ فِي الْمَفَازَةِ وَلَوْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ أَضْعَافَ ثَمَنِ مَاءِ الطَّهَارَةِ، وَبِأَنَّ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلِأَنَّ الْخُسْرَانَ فِي مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ يَرْجِعُ إلَى الْمُسْتَعْمَلِ بِخِلَافِ هَذِهِ أَيْ فَإِنَّ الْخُسْرَانَ فِيهَا يَرْجِعُ إلَى مَالِكِ الرَّقِيقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (غَسْلُ الصَّحِيحِ) الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ الْعُضْوُ الْجَرِيحُ، أَمَّا بَاقِي الْأَعْضَاءِ فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِهِ وَعَلَّلَ وُجُوبَ غَسْلِ بَاقِي الْعُضْوِ الْجَرِيحِ بِالْقِيَاسِ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ بَاقِي الْأَعْضَاءِ عِنْدَ فَقْدِ أَحَدِهَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (قَوْلُ الْمُحَرَّرِ غَسْلُ الصَّحِيحِ) هُوَ اقْتِصَارٌ مِنْهُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْقَاطِعَةِ لِأَنَّهَا الرَّاجِحَةُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِيَنْغَسِلَ بِالْمُتَقَاطِرِ مِنْهَا إلَخْ) لَوْ تَعَذَّرَ بِنَفْسِهِ وَجَبَتْ الِاسْتِنَابَةُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يَقْضِي لِنُدُورِهِ، وَلَا يَجِبُ مَسْحُ مَوْضِعِ الْعِلَّةِ بِالْمَاءِ وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ مِنْهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ إنَّمَا هُوَ الْغَسْلُ، كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ، انْتَهَى، وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْجَبِيرَةَ إذَا تَعَذَّرَ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا مِنْ الصَّحِيحِ يَجِبُ مَسْحُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، فَأَنْتَ قَدْ تُفَرِّقُ بِأَنَّ وَاجِبَ الْجَبِيرَةِ الْمَسْحُ وَهُوَ بَدَلٌ عَنْ الصَّحِيحِ الَّذِي تَحْتَهَا، فَحَيْثُ أَمْكَنَ مَسْحُ الصَّحِيحِ اُتُّجِهَ وُجُوبُهُ بِخِلَافِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ جُرِحَ عُضْوَاهُ إلَخْ) لَا يُقَالُ إذَا جُرِحَ بَعْضُ وَجْهِهِ وَيَدِهِ مَثَلًا ثُمَّ غَسَلَ صَحِيحَ الْوَجْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 يُجْعَلَ كُلَّ وَاحِدَةٍ كَعُضْوٍ (وَإِنْ كَانَ) بِالْعُضْوِ سَاتِرٌ (كَجَبِيرَةٍ لَا يُمْكِنُ نَزْعُهَا) بِأَنْ يَخَافَ مِنْهُ، مَحْذُورٌ مِمَّا سَبَقَ (غَسَلَ الصَّحِيحَ وَتَيَمَّمَ كَمَا سَبَقَ) بِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ، وَفِي التَّيَمُّمِ هُنَا قَوْلٌ إنَّهُ لَا يَجِبُ مَعَ وُجُوبِ غَسْلِ الصَّحِيحِ وَمَسْحِ الْجَبِيرَةِ بِالْمَاءِ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ الصَّحِيحِ هُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ التَّيَمُّمِ اكْتِفَاءً بِهِ، وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ حَكَى فِي قِسْمِ السَّاتِرِ فِي وُجُوبِ غَسْلِ الصَّحِيحِ الطَّرِيقَيْنِ، وَفِي وُجُوبِ التَّيَمُّمِ الْقَوْلَيْنِ، ثُمَّ قَالَ فِي قِسْمِ عَدَمِ السَّاتِرِ غَسَلَ الصَّحِيحَ، وَفِي وُجُوبِ التَّيَمُّمِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ. وَالْجَبِيرَةُ أَلْوَاحٌ تُهَيَّأُ لِلْكَسْرِ وَالِانْخِلَاعِ تُجْعَلُ عَلَى مَوْضِعِهِ. وَاللَّصُوقُ بِفَتْحِ اللَّامِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْجِرَاحَةُ مِنْ خِرْقَةٍ أَوْ قُطْنَةٍ وَنَحْوِهِمَا، وَلَهُ وَلِمَحَلِّهِ حُكْمُ الْجَبِيرَةِ وَمَحَلُّهَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَمَا سَيَأْتِي. (وَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ مَسْحُ كُلِّ جَبِيرَتِهِ بِمَاءٍ) اسْتِعْمَالًا لِلْمَاءِ مَا أَمْكَنَ. (وَقِيلَ بَعْضُهَا) كَالْخُفِّ، وَلَا يَتَأَقَّتُ مَسْحُهَا، وَيَمْسَحُ الْجُنُبَ مَتَى شَاءَ وَالْمُحْدِثُ وَقْتَ غَسْلِ الْعَلِيلِ، وَاحْتَرَزَ بِمَاءٍ عَنْ التُّرَابِ فَلَا يَجِبُ مَسْحُهَا بِهِ إذَا كَانَتْ فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ، وَيُشْتَرَطُ فِيهَا لِيَكْتَفِيَ بِالْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ لَا تَأْخُذَ مِنْ الصَّحِيحِ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلِاسْتِمْسَاكِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى غَسْلِهِ وَجَبَ بِأَنْ يَضَعَ خِرْقَةً مَبْلُولَةً عَلَيْهِ وَيَعْصِرُهَا لِيَنْغَسِلَ بِالْمُتَقَاطَرِ مِنْهَا، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْجَبِيرَةَ   [حاشية قليوبي] وَالْيَدَيْنِ فَيَكْفِي لَهُمَا تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْهُمَا، وَكَذَا لَوْ عَمَّتْ جَمِيعَ الْأَعْضَاءِ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ. قَوْلُهُ: (سَاتِرٌ) أَيْ عَلَى مَحَلِّ الْعِلَّةِ وَأَخَذَ مِنْ الصَّحِيحِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَمِنْهُ عِصَابَةُ الْفَصْدِ. قَوْلُهُ: (لَا يُمْكِنُ نَزْعُهَا) هُوَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْمَسْحِ وَصِحَّتُهُ لَا لِتَسْمِيَتِهَا وَلَا لِلْحُكْمِ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (كَمَا سَبَقَ) لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِمَا فِي الْمُحَرَّرِ لِاقْتِضَائِهِ الْقَطْعَ فِي غَسْلِ الصَّحِيحِ، وَلَا لِمَا فِي الْمِنْهَاجِ لِاقْتِضَائِهِ الْقَطْعَ فِي التَّيَمُّمِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ إلَى تَمْهِيدِ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ) مِنْ التَّرْتِيبِ فِي غَيْرِ الْجُنُبِ وَعَدَمِهِ فِيهِ وَمَا لَوْ جُرِحَ عُضْوَاهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَفِي التَّيَمُّمِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ عِنْدَهُ كَافٍ عَمَّا تَحْتَهَا مِنْ الصَّحِيحِ وَالْعَلِيلِ مَعًا. قَوْلُهُ: (اكْتِفَاءً بِهِ) أَيْ بِالتَّيَمُّمِ عَنْ الْعَلِيلِ وَالصَّحِيحِ مَعًا. قَوْلُهُ: (وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي تَقْرِيرِ الِاعْتِرَاضِ عَنْ الْمُصَنِّفِ فِي التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ وَلِمَحَلِّهِ إلَخْ) هُوَ مُسْتَدْرَكٌ لِدُخُولِهِ فِي السَّاتِرِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (وَمَسْحُ كُلِّ جَبِيرَتِهِ) إنْ كَانَتْ كُلُّهَا فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ مَسْحُ مَا حَاذَى الْخَارِجَ عَنْهُ، وَيُعْفَى عَنْ الدَّمِ عَلَيْهَا، وَإِنْ اخْتَلَطَ بِمَاءِ الْمَسْحِ قَصْدًا لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ، وَيَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْمَسْحِ عَلَيْهِ. قَالَ شَيْخُنَا: فَلَوْ جَمَدَ الدَّمُ عَلَى الْعِلَّةِ حَتَّى صَارَ كَالْجَبِيرَةِ وَجَبَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَكَفَى. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَأَقَّتُ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ التَّأْقِيتِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالْخُفِّ، فَالْمُرَادُ بِهِ مِنْ حَيْثُ الِاكْتِفَاءُ بِمَسْحِ الْبَعْضِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَتَأَقَّتُ مَسْحُهَا بِإِمْكَانِ النَّزْعِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجِبُ) أَيْ بَلْ يُنْدَبُ إذَا كَانَ مَعَهُ مَسْحٌ بِالْمَاءِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) جَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ شَرْطًا لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، فَالْمَسْحُ عَلَيْهَا وَاقِعٌ عَمَّا أَخَذَتْهُ مِنْ الصَّحِيحِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقَضَاءُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ بِأَخْذِ مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ، وَبِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا وَأَتْبَاعُهُ، وَيُمْكِنُ تَنْزِيلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ لِيَكْتَفِيَ أَيْ فِي عَدَمِ الْقَضَاءِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ خِلَافُهُ وَأَنَّ الْمَسْحَ لَمْ يَقَعْ   [حاشية عميرة] عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدِ، وَيَكُونُ التَّرْتِيبُ مُعْتَبَرًا فِيمَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ سَاقِطًا فِيمَا لَا يُمْكِنُ لِأَنَّا نَقُولُ: أُجِيبَ بِأَنَّ الْعُضْوَ الْوَاحِدَ لَا تَتَجَزَّأُ طَهَارَتُهُ تَرْتِيبًا وَعَدَمَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَجَبِيرَةٍ إلَخْ) إيضَاحُهُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمُعْتَبَرُ فِي حَاجَةِ الْإِلْقَاءِ أَنْ يَخَافَ شَيْئًا مِنْ الْمَضَارِّ السَّابِقَةِ لَوْ لَمْ يَلْقَهَا، قَالَ: وَالْغَالِبُ فِي مِثْلِهَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَضْعُ بِحَيْثُ لَا يَخَافُ مِنْهُ إيصَالَ الْمَاءِ وَإِنَّمَا يَقْصِدُ الِانْجِبَارَ؛ انْتَهَى. وَقَوْله: لَا يُمْكِنُ نَزْعُهَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْأَوْلَى وَلَا يُمْكِنُ نَزْعُهَا لِأَنَّ الْعِبَارَةَ تُوهِمُ أَنَّ الْمُمْكِنَ النَّزْعِ لَا يُسَمَّى سَاتِرًا، قُلْت: يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنْ كَانَ نَاقِصَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِأَنْ يُخَافَ مِنْهُ مَحْذُورٌ مِمَّا سَبَقَ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْجَبِيرَةَ يَجِبُ نَزْعُهَا وَإِنْ وُضِعَتْ عَلَى طُهْرٍ مَا لَمْ يُخْشَ الْمَحْذُورُ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا إنْ وُضِعَتْ عَلَى حَدَثٍ وَجَبَ الْقَضَاءُ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَفِي التَّيَمُّمِ هُنَا قَوْلٌ إنَّهُ لَا يَجِبُ إلَخْ) عَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ بَدَلٌ عَنْ الصَّحِيحِ الَّذِي تَحْتَهَا دُونَ الْجَرِيحِ فَالتَّعْلِيلُ مُشْكِلٌ نَعَمْ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَنْ جَمِيعِ مَا تَحْتَهَا، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُعَضِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ، وَلَا يَتَأَقَّتُ مَسْحُهَا، أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمُقَابِلُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِلْمُقِيمِ. قَالَ الْإِمَامُ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَمْكَنَ الرَّفْعُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الِاسْتِدَامَةِ انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ يُرَاجَعُ مِنْ الْإِسْنَوِيِّ قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَلَا يَجِبُ مَسْحُهَا بِهِ) لَكِنْ يُسْتَحَبُّ، وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ السَّاتِرِ فَيُسْتَحَبُّ مَسْحُهَا بِالتُّرَابِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَوْ قَدَرَ عَلَى غَسْلِهِ وَجَبَ) لَوْ تَعَذَّرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 إنْ وُضِعَتْ عَلَى طُهْرٍ لَمْ يَجِبْ الْقَضَاءُ أَوْ عَلَى حَدَثٍ وَجَبَ. (فَإِذَا تَيَمَّمَ) الْمَذْكُورُ (لِفَرْضٍ ثَانٍ) بِأَنْ أَدَّى بِطَهَارَتِهِ فَرْضًا إذْ التَّيَمُّمُ وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ غَسْلُ الصَّحِيحِ لَا يُؤَدَّى بِهِ غَيْرُ فَرْضٍ وَنَوَافِلَ كَمَا سَيَأْتِي. (وَلَمْ يُحْدِثْ لَمْ يُعِدْ الْجُنُبُ غَسْلًا) لِمَا غَسَلَهُ (وَيُعِيدُ الْمُحْدِثُ) غَسْلَ (مَا بَعْدَ عَلِيلِهِ) حَيْثُ كَانَ رِعَايَةً لِلتَّرْتِيبِ (وَقِيلَ يَسْتَأْنِفَانِ) الْغَسْلَ وَالْوُضُوءَ وَيَأْتِي الْمُحْدِثُ بِالتَّيَمُّمِ فِي مَحَلِّهِ، وَهَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلٍ قُدِّمَ فِي مَاسِحِ الْخُفِّ أَنَّهُ إذَا نَزَعَهُ أَوْ انْتَهَتْ الْمُدَّةُ، وَهُوَ بِطُهْرِ الْمَسْحِ تَوَضَّأَ، وَجْهُ التَّخْرِيجِ أَنَّ الطَّهَارَةَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ أَصْلٍ وَبَدَلٍ، وَقَدْ بَطَلَ الْأَصْلُ بِبُطْلَانِ الْبَدَلِ هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا. (وَقِيلَ: الْمُحْدِثُ كَجُنُبٍ) فَلَا يُعِيدُ غَسْلَ مَا بَعْدَ عَلِيلِهِ لِبَقَاءِ طَهَارَتِهِ إذْ يَتَنَفَّلُ بِهَا، وَإِنَّمَا يُعِيدُ التَّيَمُّمَ لِضَعْفِهِ عَنْ أَدَاءِ الْفَرْضِ. (قُلْت: هَذَا الثَّالِثُ أَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا ذُكِرَ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُحْدِثْ عَمَّا إذَا أَحْدَثَ، فَإِنَّهُ كَمَا سَبَقَ يَغْسِلُ الصَّحِيحَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَيَتَيَمَّمُ عَنْ الْعَلِيلِ مِنْهَا وَقْتَ غُسْلِهِ، وَيَمْسَحُ الْجَبِيرَةَ بِالْمَاءِ إنْ كَانَتْ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ مَعَ الْوُضُوءِ لِلْجَنَابَةِ.   [حاشية قليوبي] عَنْ الْجُزْءِ الزَّائِدِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ بَلْ إنْ قَدَرَ عَلَى نَزْعِ السَّاتِرِ عَنْهُ وَغَسَلَهُ فَذَاكَ وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى عَدَمِ الطَّهَارَةِ فَصَلَاتُهُ مَعَهُ كَصَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فَوُجُوبُ الْقَضَاءِ لِذَلِكَ لَا لِعَدَمِ وَضْعِ الْجَبِيرَةِ عَلَى طُهْرٍ فَتِلْكَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَسَيَأْتِي إلَخْ. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ عَنْ الْعَلِيلِ فَقَطْ، وَأَنَّ الْمَسْحَ بَدَلٌ عَمَّهُ تَحْتَ الْجَبِيرَةِ مِنْ الصَّحِيحِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَحْدَهُ أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهِ عَلَى مَا مَرَّ وَأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَأْخُذْ مِنْ الصَّحِيحِ شَيْئًا سَقَطَ الْمَسْحُ، وَأَنَّ الْمَسْحَ رَافِعٌ كَالْغَسْلِ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُهَا بِالتُّرَابِ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُ مَا وَقَعَ مِنْهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْوَاجِبِ، وَأَنَّهُ إذَا سَقَطَ التَّرْتِيبُ لِعُمُومِ الْعِلَّةِ وَلِأَعْضَاءٍ مُتَوَالِيَةٍ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ كَفَى عَنْهَا تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ عَمَّتْ الْجَبِيرَةُ الرَّأْسَ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِمَّا يُجْزِئُ عَنْ الْوَاجِبِ شَيْءٌ وَجَبَ التَّيَمُّمُ عَنْ الْوَاجِبِ أَوْ عَنْ كُلِّهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْوَاجِبِ، وَسَقَطَ الْمَسْحُ وَلَا يُكْتَفَى بِهِ عَنْ التَّيَمُّمِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْوَاجِبِ شَيْءٌ بِقَدْرِ اسْتِمْسَاكِ الْجَبِيرَةِ وَجَبَ الْمَسْحُ، وَلَا بُدَّ مِنْ مَسْحِ كُلِّ الْجَبِيرَةِ وَإِنْ كَانَ مَا تَحْتَهَا أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ لِأَنَّ مَسْحَ كُلِّهَا شَرْطٌ فِي الِاعْتِدَادِ بِمَسْحِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا، وَسَقَطَ التَّيَمُّمُ بَلْ لَا يُكْتَفَى بِهِ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا، وَالْمَسْحُ أَفْضَلُ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَكْمَلُ، وَلَوْ امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي بَعْضِ الْوَجْهِ أَوْ بَعْضِ الْيَدَيْنِ أَوْ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا تَعَدَّدَ التَّيَمُّمُ فِي الثَّالِثَةِ وَوَجَبَ مَسْحُ مَحَلِّ الْعِلَّةِ بِالتُّرَابِ فِي الْكُلِّ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاتِرٌ، وَنُدِبَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ، وَلَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ أَوْ أَعْضَاءَ التَّيَمُّمِ وَعَمَّتْ الْجَبِيرَةُ أَعْضَاءَ التَّيَمُّمِ سَقَطَ الْمَسْحُ. وَالتَّيَمُّمُ كَالْغَسْلِ، كَمَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: إنَّ التُّرَابَ ضَعِيفٌ لَا يُؤَثِّرُ فَوْقَ حَائِلٍ فَيُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَيُعِيدُ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ وُجُوبُ الْمَسْحِ هُنَا، قَالَ: وَلَوْ عَمَّتْ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ وَجَبَ الْوُضُوءُ مَسْحًا، وَعَنْ بَعْضِهِمْ هُنَا وُجُوبُ التَّيَمُّمِ فَوْقَ الْجَبِيرَةِ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْ عُضْوِ التَّيَمُّمِ شَيْءٌ صَحِيحٌ بِقَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ تَحْتَ الْجَبِيرَةِ وَجَبَ مَسْحُهَا، وَفِي التَّيَمُّمِ مَا عَلِمْت، وَعَنْ بَعْضِهِمْ نُدِبَ التَّيَمُّمُ هُنَا وَلَا يَجِبُ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يُعِيدُ التَّيَمُّمَ) وَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ فِي الْأَوَّلِ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ سُقُوطُ التَّرْتِيبِ فِي التَّيَمُّمِ مَعَ تَعَدُّدِ مَحَالِّ الْعِلَّةِ، وَمِنْهُ جُنُبٌ بِهِ عِلَّةٌ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَعِلَّةٌ فِي غَيْرِهَا، فَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْهُمَا، وَلَهُ تَقْدِيمُهُ عَلَى غَسْلِ الصَّحِيحِ وَتَأْخِيرُهُ عَنْهُ وَتَوَسُّطُهُ، فَلَوْ أَحْدَثَ وَأَرَادَ فَرْضًا آخَرَ فَكَذَلِكَ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الْمِقْدَارِ وَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ، وَمِنْهُ جُنُبٌ فِي ظَهْرِهِ جَبِيرَةٌ فَغَسَلَ الصَّحِيحَ مِنْ بَدَنِهِ وَتَيَمَّمَ عَنْ الْعَلِيلِ وَمَسَحَهَا بِالْمَاءِ وَصَلَّى فَرْضًا، ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ جُرِحَتْ يَدُهُ، ثُمَّ أَرَادَ الصَّلَاةَ فَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ لِمَا مَرَّ، وَالْقَوْلُ بِلُزُومِ تَيَمُّمَيْنِ فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ فِيهِ نَظَرٌ خُصُوصًا إذَا تَيَمَّمَ وَقْتَ غَسْلِ يَدِهِ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ) لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ، وَلَهُ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ عَلَى الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَصْغَرُ تَبَعًا، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ، وَمَنْ أَحْدَثَ وَجَبَ عَلَيْهِ   [حاشية عميرة] غَسْلُهُ وَلَكِنْ أَمْكَنَ مَسْحُهُ بِالْمَاءِ وَجَبَ أَيْضًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (عَلَى طُهْرٍ) أَيْ كَامِلٍ كَالْخُفِّ لَا طَهَارَةَ الْعُضْوِ فَقَطْ وَبَحَثَ فِي الْخَادِمِ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ لَوْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَجْنَبَ فَهُوَ وَضْعٌ عَلَى طُهْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُعِدْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَقَوْلُهُ غَسْلًا بِفَتْحِ أَوَّلِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (غَسْلُ) هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الْغُسْلُ وَالْوُضُوءُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ فِي كُلِّ الطُّرُقِ عَلَى أَنَّ اسْتِئْنَافَ الْغُسْلِ غَيْرُ وَاجِبٍ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: فِيهِ خِلَافٌ كَمَا فِي الْوُضُوءِ، قَالَ: وَاَلَّذِي قَالَهُ ضَعِيفٌ أَوْ مَتْرُوكٌ انْتَهَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 (فَصْلٌ) : (يُتَيَمَّمُ بِكُلِّ تُرَابٍ طَاهِرٍ) قَالَ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] أَيْ تُرَابًا طَاهِرًا كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ. وَطَاهِرٌ هُنَا بِمَعْنَى الطَّهُورِ لِمَا سَيَأْتِي فِي نَفْيِ التَّيَمُّمِ بِالْمُسْتَعْمَلِ. (حَتَّى مَا يُدَاوَى بِهِ) كَالطِّينِ الْإِرْمَنِيِّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، وَمِنْ شَأْنِ التُّرَابِ أَنْ يَكُونَ لَهُ غُبَارٌ. (وَبِرَمْلٍ فِيهِ غُبَارٌ) لِأَنَّهُ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ فَهُوَ فِي مَعْنَى التُّرَابِ بِخِلَافِ مَا لَا غُبَارَ فِيهِ (لَا بِمَعْدِنٍ) كَنَوْرَةٍ وَزِرْنِيخٍ بِكَسْرِ الزَّايِ (وَسَحَاقَةِ خَزَفٍ) وَهُوَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الطِّينِ وَيُشْوَى كَالْكِيزَانِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى التُّرَابِ. (وَمُخْتَلَطٌ بِدَقِيقٍ وَنَحْوِهِ) لِأَنَّ الْخَلِيطَ يَمْنَعُ وُصُولَ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوِ (وَقِيلَ: إنْ قَلَّ الْخَلِيطُ جَازَ) كَمَا فِي الْمَاءِ (وَلَا بِمُسْتَعْمَلٍ عَلَى الصَّحِيحِ) كَالْمَاءِ وَالثَّانِي يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ   [حاشية قليوبي] التَّيَمُّمُ لِحَدَثِهِ الْأَكْبَرَ إنْ أَرَادَ فَرْضًا غَيْرَ مَا فَعَلَهُ وَإِلَّا كَفَاهُ الْوُضُوءُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى فَرْضًا، وَكَذَا الْجُنُبُ لَا يُعِيدُ التَّيَمُّمَ لِعِلَّةٍ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ إلَّا إنْ كَانَ فَعَلَ فَرْضًا وَأَرَادَ فَرْضًا آخَرَ كَمَا تَقَدَّمَ. (تَتِمَّةٌ) لَوْ رَفَعَ السَّاتِرَ فَرَأَى الْعِلَّةَ قَدْ انْدَمَلَتْ أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ كَانَتْ بِالْمَسْحِ مَعَ الِانْدِمَالِ وَلَوْ احْتِمَالًا، وَلَوْ سَقَطَ السَّاتِرُ أَوْ تَوَهَّمَ الْبُرْءَ فَرَفَعَهُ فَإِنْ ظَهَرَ فِيهِمَا مِنْ الصَّحِيحِ شَيْءٌ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ وَصَلَاتُهُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَرَدُّدِهِ فِي صِحَّتِهَا لَا تَيَمُّمِهِ لِبَقَاءِ مُوجِبِهِ وَتَحَقُّقِ الْبُرْءِ كَوِجْدَانِ الْمُتَيَمِّمِ الْمَاءَ فِي التَّفْصِيلِ الْآتِي. فَصْلٌ فِيمَا يُتَيَمَّمُ بِهِ وَكَيْفِيَّةُ التَّيَمُّمِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا قَوْلُهُ: (يُتَيَمَّمُ) أَيْ يَصِحُّ أَنْ يُتَيَمَّمَ إلَخْ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَقْدِيرِ الْجَوَازِ وَهُوَ إمَّا بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ. قَوْلُهُ: (بِتُرَابٍ) هُوَ اسْمُ جِنْسٍ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: هُوَ جَمْعٌ وَاحِدُهُ تُرَابَةٌ، وَيُقَالُ لَهُ الرَّغَامُ بِفَتْحِ الرَّاءِ. قَوْلُهُ: (طَاهِرٍ) وَلَوْ احْتِمَالًا كَتُرَابِ مَقْبَرَةٍ لَمْ تُنْبَشْ يَقِينًا أَوْ بِاجْتِهَادٍ كَأَنْ تَنَجَّسَ أَحَدُ جَانِبَيْ الصُّبْرَةِ مِنْ التُّرَابِ أَوْ كَانَ بِهِ خَلِيطٌ مَانِعٌ وَاجْتُهِدَ فِيهِمَا سَوَاءٌ تَفَرَّقَتْ أَوْ لَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَطَ بِجَمِيعِهَا، وَإِنْ تَفَرَّقَتْ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ الِاجْتِهَادِ مِنْ تَفْرِيقِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى الطَّهُورِ) . وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِمَعْنَى مَا يَشْمَلُ الطَّهُورَ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا بِمُسْتَعْمَلٍ تَصْرِيحٌ بِالْمَفْهُومِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَقَيَّدَ لِإِخْرَاجِ بَعْضِ مَا دَخَلَ عَلَى الثَّانِي، وَهُوَ أَوْلَى إذَا التَّصْرِيحُ بِالْمَفْهُومِ مِنْ شَأْنِ الشُّرُوحِ، فَدَعْوَى أَنَّهُ خِلَافُ الصَّوَابِ لَيْسَتْ فِي مَحَلِّهَا. قَوْلُهُ: (حَتَّى مَا يُدَاوَى بِهِ) تَعْمِيمٌ فِي إرَادَةِ أَنْوَاعِ التُّرَابِ كَمَا فِي أَنْوَاعِ الْمَاءِ بَيَاضٌ أَوْ حُمْرَةٌ أَوْ خُضْرَةٌ أَوْ غَيْرُهَا. قَوْلُهُ: (وَمِنْ شَأْنِ إلَخْ) فَذِكْرُهُ تَصْرِيحٌ بِمَا هُوَ مَعْلُومٌ. قَوْلُهُ: (وَبِرَمْلٍ) أَيْ لَا يَلْصَقُ بِالْعُضْوِ فِيهِ غُبَارٌ، أَيْ مِنْهُ كَأَنْ سُحِقَ حَتَّى صَارَ لَهُ غُبَارٌ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ أَيْ الرَّمَلَ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ، فَدَعْوَى بَعْضِهِمْ أَنَّ الْغُبَارَ لَيْسَ مِنْ الرَّمْلِ بَلْ هُوَ فِيهِ، وَأَنَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ وَبِغُبَارٍ فِي رَمْلٍ خِلَافُ الصَّوَابِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيُشْوَى) أَيْ يُحْرَقُ بِأَنْ يَصِيرَ كَالْحَجَرِ أَوْ الرَّمَادِ أَمَّا سَوَادُهُ بِالشَّيِّ فَلَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ خَزَفًا. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) مِنْهُ رَمْلٌ يَلْصَقُ وَفُتَاتُ أَوْرَاقٍ تَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنْ قَلَّ الْخَلِيطُ)   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ يُتَيَمَّمُ بِكُلِّ تُرَابٍ طَاهِرٍ] (فَصْلٌ) قَوْلُ الْمَتْنِ ": (يَتَيَمَّمُ بِكُلِّ تُرَابٍ) ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى جَوَازِهِ بِكُلِّ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ كَالْأَحْجَارِ وَغَيْرِهَا وَذَهَبَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى ذَلِكَ، وَزَادَ الصِّحَّةَ بِكُلِّ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْأَرْضِ كَالْأَشْجَارِ وَالزُّرُوعِ لَنَا الْآيَةُ فَإِنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ خُصُوصًا مَعَ قَوْله تَعَالَى " مِنْهُ " فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ بِشَيْءٍ يَحْصُلُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَعْضُهُ، وَقَدْ أَنْصَفَ الزَّمَخْشَرِيّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ سُؤَالًا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ قَالَ: قُلْت هُوَ كَمَا يَقُولُ، وَالْحَقُّ أَحَقُّ مِنْ الْمِرَاءِ اهـ. وَلَنَا مِنْ السُّنَّةِ أَيْضًا حَدِيثُ «جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا وَفِي رِوَايَةٍ وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» حَيْثُ لَمْ يَقُلْ: وَطَهُورًا، وَالتُّرَابُ اسْمُ جِنْسٍ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: جَمْعٌ وَاحِدَهُ تُرَابَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَمِنْ شَأْنِ التُّرَابِ) أَيْ فَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ تَقْيِيدَهُ فِي الْغُبَارِ كَمَا فَعَلَ فِي الرَّمْلِ لِذَلِكَ لَكِنْ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تُرَابٌ لَهُ غُبَارٌ. وَلِذَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ التُّرَابِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ غُبَارٌ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبِرَمْلٍ فِيهِ غُبَارٌ) أَيْ مِنْهُ حَتَّى لَوْ سَحَقَ الرَّمْلَ وَتَيَمَّمَ بِهِ جَازَ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ، وَالتُّرَابُ جِنْسٌ لَهُ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ الْمَذْكُورَةِ: التَّيَمُّمُ بِالْغُبَارِ لَا بِالرَّمَلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمُخْتَلِطٌ بِدَقِيقٍ وَنَحْوِهِ) وَلَوْ مِنْ فُتَاتِ الْأَوْرَاقِ الَّتِي تَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ بِكَثْرَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ إنْ قَلَّ الْخَلِيطُ جَازَ) نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 بِخِلَافِ الْمَاءِ وَيُدْفَعُ بِأَنَّهُ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْمَانِعُ (وَهُوَ) أَيْ الْمُسْتَعْمَلُ (مَا بَقِيَ بِعُضْوِهِ) حَالَةَ التَّيَمُّمِ (وَكَذَا مَا تَنَاثَرَ) بِالْمُثَلَّثَةِ حَالَةَ التَّيَمُّمِ مِنْ الْعُضْوِ (فِي الْأَصَحِّ) كَالْمُتَقَاطَرِ مِنْ الْمَاءِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: التُّرَابُ لِكَثَافَتِهِ يَدْفَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَلَمْ يُعَلِّقْ مَا تَنَاثَرَ مِنْهُ بِالْعُضْوِ بِخِلَافِ الْمَاءِ لِرِقَّتِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ حَصْرِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيمَا ذُكِرَ جَوَازُ تَيَمُّمِ الْوَاحِدِ وَالْكَثِيرِ مِنْ تُرَابٍ يَسِيرٍ مَرَّاتٍ كَثِيرَةٍ، وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ النَّجِسِ، وَهُوَ مَا أَصَابَهُ مَائِعٌ نَجِسٌ وَجَفَّ (وَيُشْتَرَطُ قَصْدُهُ) أَيْ التُّرَابِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [المائدة: 6] أَيْ اقْصِدُوهُ بِأَنْ تَنْقُلُوهُ إلَى الْعُضْوِ (فَلَوْ سَفَتْهُ رِيحٌ عَلَيْهِ فَرَدَّدَهُ وَنَوَى لَمْ يُجْزِئْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ لِانْتِقَاءِ الْقَصْدِ بِانْتِفَاءِ النَّقْلِ الْمُحَقَّقِ لَهُ، وَقِيلَ: إنْ قَصَدَ بِوُقُوفِهِ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ التَّيَمُّمَ أَجْزَأَ مِمَّا ذُكِرَ كَمَا لَوْ بَرَزَ فِي الْوُضُوءِ لِلْمَطَرِ (وَلَوْ يُمِّمَ بِإِذْنِهِ) بِأَنْ نَقَلَ الْمَأْذُونُ التُّرَابَ إلَى الْعُضْوِ وَرَدَّدَهُ عَلَيْهِ وَنَوَى الْآذِنُ (جَازَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرُ إقَامَةٍ لِفِعْلِ مَأْذُونِهِ مَقَامَ فِعْلِهِ (وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ عُذْرٌ) وَلَوْ يُمِّمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يُجْزِئْ كَمَا لَوْ سَفَتْهُ رِيحٌ.   [حاشية قليوبي] قَالَ الْإِمَامُ: بِحَيْثُ لَا يُرَى، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: لَوْ اُعْتُبِرَتْ الْأَوْصَافُ الثَّلَاثَةُ فِي الْمَاءِ لَكَانَ مَسْلَكًا، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ بِمَعْنَى لَوْ اُعْتُبِرَ التُّرَابُ مَاءً وَفُرِضَ الْخَلِيطُ مُخَالِفًا وَسَطًا. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْمَاءِ) وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْخَلِيطَ فِي الْمَاءِ لَا يَمْنَعُ وُصُولَهُ إلَى الْبَشَرَةِ لِرِقَّةِ الْمَاءِ بِخِلَافِ الْخَلِيطِ هُنَا لِكَثَافَةِ التُّرَابِ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّهُ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْمَانِعُ) فَهُوَ كَمَا فِي وُضُوءِ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ فَلَا يَصِحُّ بِتُرَابٍ غَسَلَاتُ نَحْوِ الْكَلْبِ وَإِنْ طَهُرَ وَلَا بِمَا لَاقَى فِي الْمَحَلِّ مِنْ حَجَرِ الِاسْتِنْجَاءِ، وَإِنَّمَا جَازَ تَكَرُّرُ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الطَّاهِرِيَّةُ لَا الطَّهُورِيَّةُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَيْ الْمُسْتَعْمَلُ) فِي رَفْعِ الْحَدَثِ وَتَقَدَّمَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي رَفْعِ الْخَبَثِ. قَوْلُهُ: (مَا بَقِيَ بِعُضْوِهِ) أَيْ الْمَمْسُوحِ أَوْ الْمَاسِحِ، وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى تَرَدُّدِهِ فِيهِمَا، وَهَذِهِ الْمُحْتَرَزُ عَنْهَا بِقَوْلِ، الرَّافِعِيِّ، وَأَعْرَضَ الْمُتَيَمِّمُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (حَالَ التَّيَمُّمِ) احْتِرَازًا عَمَّا عَلَى عُضْوِهِ قَبْلَ الْمَسْحِ أَوْ تَنَاثَرَ مِنْهُ قَبْلَ الْمَسِّ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ فِيهِمَا، أَمَّا الْمُتَنَاثِرُ بَعْدَ الْمَسِّ فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ كَأَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْهَوَاءِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) . قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا الْوَجْهُ وَاهٍ جِدًّا أَوْ غَلَطٌ، فَكَانَ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالصَّحِيحِ، ثُمَّ إذَا تَأَمَّلَتْ ذَلِكَ وَجَدْت مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا شَكَّ فِي إصَابَتِهِ وَعَدَمِهَا، وَأَمَّا مَا عُلِمَ مِنْ إصَابَتِهِ فَلَا يَصِحُّ جَزْمًا، وَمَا عُلِمَ مِنْ عَدَمِهَا فَيَصِحُّ بِهِ جَزْمًا، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ مَعَ الِاحْتِمَالِ لِوُجُودِ السَّبَبِ كَمَا فِي بَوْلِ الظَّبْيَةِ فِي الْمَاءِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) هُوَ تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ الْمُسْتَعْمَلِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّجَسِ الْمُتَنَجِّسُ. قَوْلُهُ: (مَائِعٌ) وَمِنْهُ صَدِيدُ الْمَوْتَى فِي مَقْبَرَةٍ نُبِشَتْ، وَهَذَا لَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ، وَمِثْلُهُ تُرَابٌ وَقَعَ فِيهِ ذَرَّةٌ مِنْ نَجَاسَةٍ جَامِدَةٍ وَاشْتَبَهَتْ فِيهِ وَإِنْ كَثُرَ، أَمَّا الْمَائِعُ غَيْرُ مَا ذُكِرَ فَيَطْهُرُ التُّرَابُ مِنْهُ بِالْغَسْلِ، وَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ إذَا جَفَّ. قَوْلُهُ: (قَصْدُهُ) أَيْ التُّرَابِ بِخِلَافِ قَصْدِ الْعُضْوِ فَلَا يُعْتَبَرُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تَنْقُلُوهُ) يُفِيدُ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْ النَّقْلِ بِالْقَصْدِ وَلَيْسَ غَيْرُهُ، وَقِيلَ: الْبَاءُ لِلتَّعْلِيلِ، أَيْ لِأَجْلِ النَّقْلِ، فَهُوَ عِلَّةٌ غَائِيَّةٌ لِلْقَصْدِ. وَقِيلَ إنَّهَا بِمَعْنَى مَعَ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ التَّصْرِيحُ بِهَذَا. قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) أَيْ الْعُضْوِ وَلَمْ يُحَرِّكْهُ لِأَخْذِ التُّرَابِ بِهِ وَإِلَّا كَفَى أَخْذًا مِنْ التَّمَعُّكِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (فَرَدَّدَهُ) أَيْ بِغَيْرِ انْفِصَالِهِ عَنْهُ وَعَوْدِهِ إلَيْهِ وَإِلَّا كَفَى كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ أَوَّلِهِ) اخْتَارَهُ عَلَى فَتْحِهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ الْفَسَادُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنْ قَصَدَ إلَخْ) وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيّ وَهُوَ مَرْدُودٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ قَوِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ يُمِّمَ) أَيْ يَمَّمَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ بِلَا عُذْرٍ وَغَيْرُ مَكْرُوهٍ مَعَهُ بَلْ وَاجِبٌ إنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا، كَمَا فِي الِاسْتِعَانَةِ فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (وَنَوَى الْآذِنُ) أَيْ عِنْدَ نَقْلِ الْمَأْذُونِ وَعِنْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ كَمَا لَوْ نَقَلَ بِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (إقَامَةً لَفِعْل مَأْذُونِهِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إسْلَامِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَتَمْيِيزِهِ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا خِلَافَهُ، فَيَكْفِي كَافِرٌ وَحَيَوَانٌ كَقِرْدٍ وَلَوْ غَيْرَ مُعَلَّمٍ لِأَنَّهُ آلَةٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ يُمِّمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَجُزْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِذْنِهِ نِيَّتُهُ لَا أَمْرُهُ لِغَيْرِهِ فَيَكْفِي بِغَيْرِ أَمْرِهِ، بَلْ وَمَعَ نَهْيِهِ.   [حاشية عميرة] ضَابِطَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ ظُهُورُ الرُّؤْيَةِ وَعَدَمُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَعْنِي الرَّافِعِيَّ، وَلَوْ اعْتَبَرْنَا الْأَوْصَافَ الثَّلَاثَةَ كَمَا فِي الْمَاءِ لَكَانَ مَسْلَكًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي يَجُوزُ) لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ (كَذَا عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقِيَاسُهُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي مَاءِ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا مَا تَنَاثَرَ) . قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ إذَا انْفَصَلَ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَعْرَضَ الْمُتَيَمِّمُ عَنْهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْهَوَاءِ وَتَيَمَّمَ بِهِ جَازَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَلَمْ يُعَلَّقْ) هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَا مَانِعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 (وَأَرْكَانُهُ) أَيْ التَّيَمُّمِ (نَقْلُ التُّرَابِ) إلَى الْعُضْوِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ وَفِي ضِمْنِ النَّقْلِ الْوَاجِبِ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي الْقَصْدُ، إنَّمَا صَرَّحُوا بِهِ أَوَّلًا رِعَايَةً لِلَفْظِ الْآيَةِ، عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً اكْتَفَوْا عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ بِالنَّقْلِ، ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِأَصْرَحَ مِمَّا فِي الْكَبِيرِ. (فَلَوْ نَقَلَ) التُّرَابَ (مِنْ وَجْهٍ إلَى يَدٍ) بِأَنْ حَدَثَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَسْحِهِ (أَوْ عَكَسَ) أَيْ نَقَلَهُ مِنْ يَدٍ إلَى وَجْهٍ (كَفَى فِي الْأَصَحِّ) وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْعُضْوِ وَرَدَّهُ إلَيْهِ يَكْفِي فِي الْأَصَحِّ، وَالثَّانِي لَا يَكْفِي فِيهِمَا لِأَنَّهُ نَقْلٌ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ كَالنَّقْلِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ بِالِانْفِصَالِ انْقَطَعَ حُكْمُ ذَلِكَ الْعُضْوِ عَنْهُ بِخِلَافِ تَرْدِيدِهِ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فِي الْأَوْلَى لَوْ نَقَلَ مِنْ إحْدَى الْيَدَيْنِ إلَى الْأُخْرَى بِخِرْقَةٍ مَثَلًا فَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ، أَحَدُهُمَا: لَا يَكْفِي لِأَنَّهُمَا كَعُضْوٍ وَاحِدٍ. وَالثَّانِي وَصَحَّحَهُ فِي الْجَوَاهِرِ يَكْفِي لِانْفِصَالِ التُّرَابِ، وَلَوْ تَمَعَّكَ فِي التُّرَابِ بِالْعُضْوِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ قِيلَ لَا يَكْفِي لِعَدَمِ النَّقْلِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي لِأَنَّهُ نَقْلٌ بِالْعُضْوِ الْمَمْسُوحِ إلَيْهِ، ذَكَرَ التَّعْلِيلَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. (وَنِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ) أَوْ نَحْوِهَا كَالطَّوَافِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ (لَا رَفْعِ الْحَدَثِ) لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُهُ. (وَلَوْ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ لَمْ يَكْفِ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ) سَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِعُزُوبِ النِّيَّةِ وَالْحَدَثِ. [أَرْكَان التَّيَمُّمِ] قَوْلُهُ: (وَأَرْكَانُهُ) عَدَّهَا الْمُصَنِّفُ خَمْسَةً كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ وَعَدَّهَا فِي الرَّوْضَةِ سَبْعَةً بِجَعْلِ الْقَصْدِ وَالتُّرَابِ رُكْنَيْنِ، وَمَالَ شَيْخُنَا إلَى مُوَافَقَتِهِ فِي التُّرَابِ فَهِيَ عِنْدَهُ سِتَّةٌ، وَفَارَقَ عَدَمَ عَدِّ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ لِضَعْفِ التَّيَمُّمِ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (نَقْلُ التُّرَابِ) فَلَا يُشْتَرَطُ الضَّرْبُ وَالْمُرَادُ بِهِ وُجُودُ النِّيَّةِ قَبْلَ مُمَاسَّةِ الْوَجْهِ حَالَةَ كَوْنِ التُّرَابِ عَلَى مَا يُمْسَحُ بِهِ كَالْيَدِ. قَوْلُهُ: (وَفِي ضِمْنِ النَّقْلِ إلَخْ) أَيْ قَصْدِ التُّرَابِ جُزْءٌ مِنْ النِّيَّةِ الْمُقَارِنَةِ لِلنَّقْلِ فَلَا يُوجَدُ انْفِكَاكُهُ عَنْهُ، فَالْمُرَادُ النِّيَّةُ وَالنَّقْلُ الْمُعْتَبَرَانِ شَرْعًا، فَسَقَطَ مَا قِيلَ لَا يَلْزَمُ مِنْ النَّقْلِ الْقَصْدُ وَلَا عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (رِعَايَةً لِلَّفْظِ الْآيَةِ) إذْ لَيْسَ فِيهِ مَعْنًى زَائِدٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ذَكَرَهُ) . قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ: ضَمِيرُهُ يَعُودُ لِقَوْلِهِ وَفِي ضِمْنِ إلَخْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: عَائِدٌ لِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّ إلَخْ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْعُضْوِ بَلْ وَلَا يَضُرُّ قَصْدُ غَيْرِهِ، فَلَوْ نُقِلَ بِقَصْدِ الْوَجْهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَسَحَهُ مَسَحَ بِهِ الْيَدَيْنِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ مَسْحِهِ) أَيْ وَلَمْ يَخْتَلِطْ بِتُرَابٍ مَسَحَهُ. قَوْلُهُ: (فِيهِمَا) أَيْ صُورَتَيْ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ وَجُمِعَ الْمُقَابِلُ لِاتِّحَادِ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأُولَى) قَيَّدَ بِهَا لِكَوْنِهَا فِيهَا نَقْلٌ مِنْ عُضْوٍ إلَى آخِرِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ فِي الْجَوَاهِرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَصَوَّرَهُ بِالْخِرْقَةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَسْحُ الْعُضْوِ بِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] مِنْ ذَلِكَ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ وُضُوءُ الْجَمَاعَةِ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَرْكَانُهُ إلَخْ) ذَكَرَ لَهُ خَمْسَةَ أَرْكَانٍ وَجَعَلَ الْقَصْدَ شَرْطًا، لَكِنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ جَعَلَهَا سَبْعَةً فَعَدَّ الْقَصْدَ وَالتُّرَابَ رُكْنَيْنِ، وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ أَوْلَى. قَالَ بَعْضُهُمْ: جَعْلُ الْقَصْدِ رُكْنًا أَوْلَى مِنْ النَّقْلِ لِتَعَرُّضِ الْآيَةِ لَهُ بِخِلَافِ النَّقْلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِمَا تَقَدَّمَ) يَعْنِي مِنْ أَنَّ الْقَصْدَ شَرْطٌ وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِالنَّقْلِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَغَيْرُ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ أَوْضَحُ مِنْهُ، انْتَهَى. قَوْلُ الشَّارِحِ: (ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ قَوْلُهُ: وَفِي ضِمْنِ النَّقْلِ إلَى هُنَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْعُضْوِ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ، وَالتَّرْجِيحُ لَوْ سَفَّتْ الرِّيحُ تُرَابًا عَلَى كُمِّهِ فَمَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ. نَعَمْ لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ نَقْلِ التُّرَابِ مِنْ الْأَرْضِ وَقَبْلَ الْمَسْحِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: بَطَلَ نَقْلُهُ، وَعَلَيْهِ النَّقْلُ ثَانِيًا، وَاسْتُشْكِلَ لِمَا سَلَفَ وَبِمَسْأَلَةِ التَّمَعُّكِ اهـ. وَأَجَابَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ مَحَلَّ الِاحْتِيَاجِ إلَى النَّقْلِ ثَانِيًا إذَا لَمْ يُجَدِّدْ النِّيَّةَ بَعْدَ الْحَدَثِ فَإِنْ قُلْت عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا مَتَى يَنْوِي؟ قُلْت: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهَا عِنْدَ رَفْعِ الْيَدِ مُرِيدًا مَسْحَ الْوَجْهِ، وَيَحْتَمِلُ تَخْرِيجَهُ عَلَى التَّمَعُّكِ، فَيَكْتَفِي بِهَا عِنْدَ وُصُولِ التُّرَابِ لِلْوَجْهِ وَفِيهِ بُعْدٌ إذْ النَّظَرُ إلَى ذَلِكَ يَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ عِنْدَ أَوَّلِ نَقْلِ التُّرَابِ. نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالتَّمَعُّكِ مَا لَوْ وَضَعَ وَجْهَهُ عَلَى التُّرَابِ الَّذِي بِيَدِهِ مَعَ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَقَلَ بِالْعُضْوِ الْمَمْسُوحِ إلَيْهِ كَمَا عَلَّلَ بِذَلِكَ مَسْأَلَةَ التَّمَعُّكِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الْمَحَلُّ مُشْكِلٌ يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ، فَإِنَّ قَوْلَهُمْ يَجِبُ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ النَّقْلِ وَاسْتِصْحَابُهَا ذِكْرًا إلَى الْمَسْحِ يَشْكُلُ عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَيَرْجَحُ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي لَا يَكْفِي فِيهِمَا) الضَّمِيرُ يُرْجَعُ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ، فَلَوْ نَفَلَ مِنْ وَجْهٍ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْعُضْوِ وَرَدَّدَهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَالنَّقْلِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ) يُرِيدُ بِهِ التَّرْدِيدَ عَلَى الْعُضْوِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي بِخِلَافِ تَرْدِيدِهِ عَلَيْهِ يَعْنِي أَنَّ التَّرْدِيدَ الْمَذْكُورَ غَيْرَ كَافٍ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ النَّقْلِ بِهِ لِأَنَّهُ تَرْدِيدٌ لَا نَقْلَ كَمَا سَلَفَ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ، فَلَوْ سَفَتْهُ رِيحٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِخِلَافِ تَرْدِيدِهِ عَلَيْهِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى نَقْلًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِانْفِصَالِ التُّرَابِ) أَيْ وَبِهِ يَنْقَطِعُ عَنْ التُّرَابِ حُكْمُ الْمَنْقُولِ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَكْفِي كَمَا فِي الْوُضُوءِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا وَلِذَلِكَ لَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ، وَلَوْ نَوَى التَّيَمُّمَ لَمْ يَكْفِ جَزْمًا. وَالْكَلَامُ هُنَا فِي النِّيَّةِ الْمُصَحِّحَةِ لِلتَّيَمُّمِ فِي الْجُمْلَةِ وَسَيَأْتِي مَا يُسْتَبَاحُ بِهِ بِسَبَبِهَا (وَيَجِبُ قَرْنُهَا بِالنَّقْلِ) أَيْ بِأَوَّلِهِ الْحَاصِلِ بِالضَّرْبِ (وَكَذَا اسْتِدَامَتُهَا إلَى مَسْحِ شَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا اكْتِفَاءً بِقَرْنِهَا بِأَوَّلِ الْأَرْكَانِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ أَوَّلَ الْأَرْكَانِ فِي التَّيَمُّمِ مَقْصُودٌ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْوُضُوءِ (فَإِنْ نَوَى) بِالتَّيَمُّمِ (فَرْضًا وَنَفْلًا) أَيْ اسْتِبَاحَتَهُمَا (أُبِيحَا) لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْفَرْضَ فَيَأْتِي بِأَيِّ فَرْضٍ شَاءَ، وَإِنْ عَيَّنَ فَرْضًا جَازَ لَهُ فِعْلُ فَرْضٍ غَيْرِهِ (أَوْ) نَوَى (فَرْضًا فَلَهُ النَّفَلُ) مَعَهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) تَبَعًا لَهُ، وَفِي قَوْلٍ لَا لِأَنَّهُ لَمْ   [حاشية قليوبي] وَإِلَّا صَحَّ أَنَّهُ يَكْفِي) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَا رَفْعَ الْحَدَثِ) وَلَا الطَّهَارَةِ عَنْهُ. (تَنْبِيهٌ) صَرِيحُ كَلَامِهِمْ فِيمَا لَوْ تَعَدَّدَ التَّيَمُّمُ فِي الطَّهَارَةِ الْوَاحِدَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِي كُلِّ تَيَمُّمٍ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي نِيَّةُ الْوُضُوءِ فِي غَسْلِ الصَّحِيحِ مِنْهُ لَوْ كَانَ فِيهِ جِرَاحَةٌ عَنْ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَا يَرْفَعُهُ) لِأَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إلَى الرَّفْعِ الْعَامِّ فِي الْمَنْعِ أَوْ إلَى الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْصَرِفْ لِلرَّفْعِ الْخَاصِّ لِعَدَمِ الْقَرِينَةِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَلَوْ أَرَادَهُ كَفَى، وَيَكْفِي نِيَّةُ الْأَصْغَرِ عَنْ الْأَكْبَرِ غَلَطًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ) . قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْبَدَلِيَّةَ عَنْ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ، وَلَمْ يَضُمَّ إلَيْهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اسْتِبَاحَةٍ كَصَلَاةٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَكْفِي) . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَعَلَيْهِ يَسْتَبِيحُ مَا عَدَا الْفَرْضَ. قَوْلُهُ: (لَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهُ) وَلَوْ مَضْمُومًا لِمَغْسُولٍ، وَيُنْدَبُ تَجْدِيدُ الْمَغْسُولِ وَحْدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ جَزْمًا) أَيْ مَا لَمْ يُوجَدْ مَا مَرَّ أَوْ يَذْكُرْ الْبَدَلِيَّةَ فِي الْغُسْلِ الْمَنْدُوبِ كَنَوَيْتُ التَّيَمُّمَ أَوْ بَدَلًا عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى تَيَمُّمٍ كَفَى مِنْ الْجُنُبِ دُونَ الْمُحْدِثِ لِشُمُولِهِ لِنَحْوِ الْقِرَاءَةِ. (فَرْعٌ) لَهُ تَفْرِيقُ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ عَلَى أَعْضَائِهِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (بِأَوَّلِهِ الْحَاصِلِ بِالضَّرْبِ) قَيَّدَ بِهِ لِيَصِحَّ ذِكْرُ الِاسْتِدَامَةِ بَعْدَهُ إذْ النَّقْلُ شَامِلٌ لِمَا قُبَيْلَ مَسْحِ الْوَجْهِ كَمَا مَرَّ، وَلَا اسْتِدَامَةَ فِيهِ وَهَذَا التَّفْسِيرُ لِبَعْضِ أَفْرَادِ الْوَاجِبِ، وَهُوَ أَكْمَلُهَا، فَصَحَّ تَسْلِيطُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (إلَى مَسْحِ شَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ) وَهَذِهِ الْغَايَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْمُغَيَّا لِمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا) أَيْ لَا تَجِبُ الِاسْتِدَامَةُ الْمَذْكُورَةُ. قَوْلُهُ: (اكْتِفَاءً إلَى آخِرِهِ) صَرِيحُ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا لَمْ تُوجَدْ النِّيَّةُ بَعْدَ النَّقْلِ لَا مَعَ الْوَجْهِ وَلَا قَبْلَهُ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهَا إذَا وُجِدَتْ مَعَ الْوَجْهِ اُكْتُفِيَ بِهَا قَطْعًا، وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِدَامَةُ لَيْسَتْ مُعْتَبَرَةٌ لِذَاتِهَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَجْلِ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِلْوَجْهِ، وَهَذَا يَدُلُّك صَرِيحًا عَلَى صِحَّةِ مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِيمَا لَوْ عَزَبَتْ النِّيَّةُ بَعْدَ النَّقْلِ مِنْهُ أَوْ مِنْ مَأْذُونِهِ أَوْ مِنْهُمَا أَوْ وُجِدَ الْحَدَثُ كَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ حَيْثُ اسْتَحْضَرَ النِّيَّةَ مَعَ الْمَسْحِ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهُ، وَسَقَطَ مَا أَطَالُوا بِهِ مِنْ الْكَلَامِ هُنَا. نَعَمْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِيمَا لَوْ نَقَلَ بِنَفْسِهِ وَأَحْدَثَ بَعْدَهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ وُجُودُ نِيَّةٍ قَبْلَ مُمَاسَّةِ الْوَجْهِ وَمَعَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَوَى التَّيَمُّمَ فَرْضًا) أَيْ عَيْنِيًّا بِأَنْ تَلَفَّظَ بِهِ كَالظُّهْرِ وَلَاحَظَهُ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا عَمَّا كَانَ اعْتَمَدَهُ تَبَعًا لِشَيْخِهِ عَمِيرَةَ قَالَ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ مُنْصَرِفٌ إلَيْهِ، نَظَرُ الْقَرِينَةِ كَوْنُهُ عَلَيْهِ أَصَالَةً بِلَا صَارِفٍ عَنْهُ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ نَادِرَةٌ وَلَيْسَتْ عَلَيْهِ فَلَيْسَتْ صَارِفَةً إلَّا مَعَ حُضُورِهِمَا أَوْ مُلَاحَظَتِهَا فَهِيَ الْآنَ صَارِفَةٌ، وَتَمْكِينُ الْحَلِيلِ نَادِرٌ أَيْضًا بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الذَّكَرِ فَلَا تَنْصَرِفُ النِّيَّةُ إلَيْهِ إلَّا مَعَ حُضُورِهِ أَوْ مُلَاحَظَتِهِ. (تَنْبِيهٌ) فَرْضُ الطَّوَافِ وَلَوْ لِلْوَدَاعِ كَفَرْضِ الصَّلَاةِ، وَنَفْلُهُ كَنَفْلِهَا فَلَوْ نَوَى فَرْضَيْنِ فَأَكْثَرَ لَمْ يَضُرَّ، وَلَهُ اسْتِبَاحَةُ وَاحِدٍ فَقَطْ، وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْفَرْضَ الَّذِي نَوَاهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَوْ أَخْطَأَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ فِيهِمَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الِاسْتِبَاحَةِ وَلِوُجُوبِ التَّعَرُّضِ لِلْفَرْضِ هُنَا،   [حاشية عميرة] قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ مَا لَوْ أَخَذَ التُّرَابَ بِيَدِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ أَوْ سَفَتْهُ رِيحٌ عَلَيْهَا ثُمَّ وَضَعَ وَجْهَهُ عَلَيْهِ مَعَ النِّيَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا رَفْعَ الْحَدَثِ) أَيْ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِصَّةِ عَمْرٍو: «يَا عَمْرُو صَلَّيْت بِأَصْحَابِك الصُّبْحَ وَأَنْتَ جُنُبٌ» ثُمَّ إنَّ إمَامَتَهُ بِهِمْ مُشْكِلَةٌ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ الْبَرْدِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي يَكْفِي كَمَا فِي الْوُضُوءِ) . قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَتَكُونُ كَمَنْ تَيَمَّمَ لِلنَّفْلِ ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ عَزَاهُ لِشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ فَرْضًا إلَخْ) لَوْ نَوَى فَرْضَيْنِ اسْتَبَاحَ أَحَدُهُمَا وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً فَتَيَمَّمَ لَهَا فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 يَنْوِهِ، وَفِي ثَالِثٍ لَهُ النَّفَلُ بَعْدَ فِعْلِ الْفَرْضِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّ التَّابِعَ لَا يَتَقَدَّمُ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ تَحَصَّلَتْ مِنْ حِكَايَةِ قَوْلَيْنِ فِي النَّقْلِ الْمُتَقَدِّمِ، وَطَرِيقِينَ فِي الْمُتَأَخِّرِ، أَحَدُهُمَا: فِيهِ الْقَوْلَانِ، وَأَصَحُّهُمَا الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ (أَوْ) نَوَى (نَفْلًا أَوْ الصَّلَاةَ تَنَفَّلَ) أَيْ فَعَلَ النَّفَلَ (لَا الْفَرْضَ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَصْلٌ لِلنَّفْلِ فَلَا يُجْعَلُ تَابِعًا لَهُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِلْأَخْذِ بِالْأَحْوَطِ، وَفِي قَوْلٍ لَهُ فِعْلُ الْفَرْضِ فِيهِمَا، أَمَّا فِي الْأُولَى فَكَمَا لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ اسْتِبَاحَةَ صَلَاةِ النَّفْلِ فَلَهُ فِعْلُ الْفَرْضِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الصَّلَاةَ تَتَنَاوَلُ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ، وَفِي ثَالِثٍ لَهُ فِعْلُ الْفَرْضِ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى. وَالْأَقْوَالُ تَحَصَّلَتْ مِنْ حِكَايَةِ قَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَطَرِيقُهُ قَاطِعَةٌ فِي الثَّانِيَةِ بِالْجَوَازِ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ فِي الْأُولَى بِعَدَمِهِ، وَالرَّافِعِيُّ حَكَى الْخِلَافَ فِي الثَّانِيَةِ وَجْهَيْنِ، وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ. وَلَوْ نَوَى نَافِلَةً مُعَيَّنَةً أَوْ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ جَازَ لَهُ فِعْلُ غَيْرِهَا مِنْ النَّوَافِلِ مَعَهَا وَلَهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ لِأَنَّ النَّفَلَ آكَدُ مِنْهَا، فَلَوْ نَوَى مَسَّ الْمُصْحَفِ اسْتَبَاحَهُ دُونَ النَّفْلِ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذِّب (وَمَسْحُ وَجْهِهِ ثُمَّ يَدَيْهِ مَعَ مَرْفِقَيْهِ) عَلَى وَجْهِ الِاسْتِيعَابِ،   [حاشية قليوبي] وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْوُضُوءَ. قَوْلُهُ: (جَازَ لَهُ فِعْلُ فَرْضٍ غَيْرِهِ) وَإِنْ دَخَلَ وَقْتُهُ بَعْدَ التَّيَمُّمِ كَأَنْ نَوَى فَائِتَةً فَدَخَلَ وَقْتُ حَاضِرَةٍ أَوْ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ النَّفَلُ) وَإِنْ نَفَى فِعْلَهُ فَإِنْ نَوَى عَدَمَ اسْتِبَاحَتِهِ لَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ. قَوْلُهُ: (فَلِلْأَخْذِ بِالْأَحْوَطِ) أَيْ فِيمَا تَسَاوَتْ أَفْرَادُهُ فِي الطَّلَبِ بِغَيْرِ نُدُورٍ فِي بَعْضِهَا فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَكَمَا لَوْ نَوَى بِوُضُوءٍ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِقُوَّةِ طَهَارَةِ الْمَاءِ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ) هُوَ مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ مُضَافٌ مَعْطُوفٌ عَلَى حِكَايَةٍ لِإِفَادَةِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ طَرِيقَيْنِ لَكِنْ طَرِيقُ الْقَطْعِ فِيهِمَا مُخْتَلِفَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالرَّافِعِيُّ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الرَّوْضَةِ فِي تَبَعِيَّتِهَا لِلرَّافِعِيِّ فِي كَوْنِ لِلْخِلَافِ أَوْجُهًا لَا عَلَى الرَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اصْطِلَاحٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ) فَهِيَ فِي مَرْتَبَةِ النَّفْلِ جَزْمًا وَإِنْ تَعَيَّنَتْ كَمَا. قَالَهُ ابْنُ حَجَرِ، فَهُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ تَعَيَّنَتْ بِانْفِرَادٍ أَوْ نَذْرٍ، وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ لَهَا بِالْأَوَّلِ فِيمَا يَأْتِي لَيْسَ قَيْدًا وَإِنْ كَانَ الْوَجْهُ مَعَهُ، وَأَمَّا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ فَقَالَ شَيْخُنَا إنَّهَا كَالْفَرْضِ مُطْلَقًا، وَكَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ إلَّا فِي جَوَازِ جَمْعِ خُطْبَتَيْنِ بِتَيَمُّمٍ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: يَمْتَنِعُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ لَهَا الْجُمُعَةَ مُطْلَقًا وَأَنْ يَجْمَعَهُمَا بِتَيَمُّمٍ وَأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ خُطْبَتَيْنِ كَذَلِكَ، وَهُوَ قِيَاسُ الِاحْتِيَاطِ. قَوْلُهُ: (دُونَ النَّفْلِ) وَمِثْلُهُ تَمْكِينُ الْحَلِيلِ وَإِنْ كَانَ فَرْضًا، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ، الْأُولَى: فَرْضُ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَلَوْ بِالنَّذْرِ فِيهِمَا. الثَّانِيَةُ: نَفْلُهُمَا وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ الثَّالِثَةُ: مَا عَدَا ذَلِكَ كَقِرَاءَةٍ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ، وَسَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَالِاعْتِكَافِ وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَحَمْلِهِ وَمُكْثٍ بِمَسْجِدٍ وَتَمْكِينِ حَلِيلٍ. وَإِنْ تَعَيَّنَ ذَلِكَ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَهُ فِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ اسْتِبَاحَتُهَا وَمَا دُونَهَا وَلَوْ مُتَكَرِّرًا. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] لِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ، وَلِأَنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَيْضًا أَوْ فَرْضًا إلَخْ) لَهُ مَعَ الْفَرْضِ أَيْضًا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ، وَأَمَّا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ فَهَلْ لَهُ فِعْلُهَا مَعَ الْفَرْضِ، وَقَعَ لِشَيْخِنَا فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ التَّصْرِيحُ بِجَوَازِ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: لَهُ مَعَ الْفَرْضِ نَفْلٌ وَصَلَاةُ جِنَازَةٍ وَخُطْبَةُ جُمُعَةٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: لَوْ نَوَى بِالتَّيَمُّمِ اسْتِبَاحَةَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ امْتَنَعَ الْجَمْعُ بِهِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ اهـ. قُلْت: قَدْ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرِ فَرْضٍ بِشُمُولِ الْفَرْضِ فِيهِ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ وَالْحَقُّ، بَلْ كَلَامُهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ، وَاَلَّذِي أَوْقَعَهُ فِي ذَلِكَ نَظَرُهُ إلَى أَنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ فَأَلْحَقَهَا بِالْجِنَازَةِ ثُمَّ لَمَّا وَجَدَهُمْ مُصَرِّحِينَ بِامْتِنَاعِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَتِهَا بِتَيَمُّمٍ حَاوَلَ حَمْلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا تَيَمَّمَ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ فَلَا يُصَلِّي بِهِ الْجُمُعَةَ لِأَنَّهَا أَعْلَى، وَرَتَّبَ عَلَى فَهْمِهِ هَذَا أَنَّ لَهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ فِعْلَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، كَمَا لَهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، حَيْثُ. قَالَ فِي الْمَنْهَجِ: أَوْ نَوَى نَفْلًا فَلَهُ غَيْرُ فَرْضٍ عَيْنِيٍّ مِنْ النَّوَافِلِ وَفُرُوضِ الْكِفَايَاتِ اهـ. وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي كَلَامِهِمْ، وَأَمَّا اسْتِفَادَةُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ فَكَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي امْتِنَاعِهِ أَيْضًا كَمَا أَنَّهُ كَالصَّرِيحِ فِي صِحَّةِ الْفَرْضِ بِنِيَّةِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الْمُقْرِي صَرَّحَ بِمَا قُلْته فِي إرْشَادِهِ حَيْثُ قَالَ: وَالتَّيَمُّمُ لِفَرْضٍ فَرْضٌ وَاحِدٌ كَخُطْبَةٍ وَمَنْذُورَةٍ وَلَوْ نَوَى غَيْرَهُ مَعَ نَفْلٍ وَجَنَائِزَ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ نَفْلًا) لَوْ نَوَى النَّفَلَ وَنَفَى الْفَرْضَ لَمْ يَسْتَبِحْ الْفَرْضَ قَطْعًا فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَمَّا فِي الْأَوْلَى فَكَمَا لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ إلَخْ) هَذَا يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْوُضُوءَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّ الصَّلَاةَ تَتَنَاوَلُ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ) اخْتَارَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَعَضَّدَهُ بِأَنَّ الْمُفْرَدَ الْمَحْكِيَّ بِأَلْ يَعُمُّ وَبِأَنَّ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْأَوَّلُ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ تَحْرُمُ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ حَيْثُ تَنْعَقِدُ نَفْلًا يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ فِيهَا بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ. قَوْلُ الشَّارِحُ: (وَلَهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ) زَادَ فِي الْمَنْهَجِ وَسَائِرُ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَقَضِيَّتُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 وَمِمَّا يُغْفَلُ عَنْهُ مَا يُقْبِلُ مِنْ الْأَنْفِ عَلَى الشَّفَةِ، وَعَطَفَ بِثُمَّ لِإِفَادَةِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ (وَلَا يَجِبُ إيصَالُهُ) أَيْ التُّرَابِ (مَنْبَتَ الشَّعَرِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (الْخَفِيفِ) لِعُسْرِهِ (وَلَا تَرْتِيبَ فِي نَقْلِهِ فِي الْأَصَحِّ، فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ) دَفْعَةً وَاحِدَةً (وَمَسَحَ بِيَمِينِهِ وَجْهَهُ وَبِيَسَارِهِ يَمِينَهُ جَازَ) وَالثَّانِي يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي النَّقْلِ كَالْمَسْحِ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَسْحَ أَصْلٌ وَالنَّقْلَ وَسِيلَةٌ (وَتُنْدَبُ التَّسْمِيَةُ) كَالْوُضُوءِ (وَمَسْحُ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ بِضَرْبَتَيْنِ قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ وُجُوبُ ضَرْبَتَيْنِ، وَإِنْ أَمْكَنَ بِضَرْبَةٍ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ الْوَارِدُ، رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ مَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ» ، وَرَوَى الْحَاكِمُ حَدِيثَ: «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ» وَلَوْ كَانَ التُّرَابُ نَاعِمًا كَفَى وَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ   [حاشية قليوبي] وَمَسْحُ) أَيْ إيصَالُ التُّرَابِ إلَى الْوَجْهِ وَلَوْ بِغَيْرِ الْيَدِ. قَوْلُهُ: (وَجْهِهِ) أَيْ جَمِيعِهِ وَإِنْ تَعَدَّدَ إلَّا زَائِدًا يَقِينًا لَيْسَ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ، وَاكْتَفَى أَبُو حَنِيفَةَ بِغَالِبِهِ. قَوْلُهُ: (مَعَ مِرْفَقَيْهِ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَإِنْ اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ، وَقِيلَ إنَّهُ قَوْلٌ قَدِيمٌ عِنْدَنَا. قَوْلُهُ: (مَا يُقْبِلُ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مُسْتَرْسِلُ اللِّحْيَةِ. قَوْلُهُ: (وُجُوبِ التَّرْتِيبِ) وَلَوْ فِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ الْغُسْلِ الْمَنْدُوبِ لِعَدَمِ اسْتِيعَابِ الْبَدَنِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْوُضُوءِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِجَهْلٍ وَلَا نِسْيَانٍ وَلَا إكْرَاهٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ إيصَالُهُ) لِمَا تَحْتَ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ، وَلَا يُنْدَبُ أَيْضًا وَإِنَّ طُلِبَتْ إزَالَتُهُ وَلَا لِمَا تَحْتَ الْأَظْفَارِ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا. (فَرْعٌ) لَا يَكْفِي النَّقْلَ بِعُضْوٍ مُتَنَجِّسٍ إنْ كَانَ بِغَيْرِ نَجَسٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ إذْ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ مَعَهُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَا يَكْفِي الضَّرْبُ عَلَى عُضْوِ امْرَأَةٍ لَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ بِلَمْسِهَا إنْ لَمَسَهَا فَإِنْ التُّرَابُ لَمَسَهَا صَحَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَرْتِيبَ فِي نَقْلِهِ) أَيْ ضَرْبِهِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ عَدَمُ التَّرْتِيبِ فِي النَّقْلِ. قَوْلُهُ: (دَفْعَةً وَاحِدَةً) ذَكَرَهُ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ عَكْسُ التَّرْتِيبِ أَيْضًا كَمَا لَوْ ضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ نَاوِيًا وَجْهَهُ ثُمَّ ضَرَبَ بِالْأُخْرَى نَاوِيًا يَدَيْهِ، وَلَهُ مَسْحُ وَجْهِهِ بِالثَّانِيَةِ وَيَدَيْهِ بِالْأُولَى. قَوْلُهُ: (التَّسْمِيَةُ) وَلَوْ لِجُنُبٍ وَكَمَالُهَا لَهُ أَفْضَلُ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ ضَرْبَتَيْنِ) بِمَعْنَى عَدَمِ جَوَازِ النَّقْصِ عَنْهُمَا وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَمْكَنَ إلَخْ) . قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ الْغَايَةُ لَا تَسْتَقِيمُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّهَا قَضِيَّةٌ شَرْطِيَّةٌ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوُقُوعَ، فَإِنَّهُ لَوْ ضَرَبَ بِخِرْقَةٍ كَبِيرَةٍ وَمَسَحَ بِبَعْضِهَا وَجْهَهُ وَقَصَدَ مَسْحَ يَدَيْهِ بِبَاقِيهَا وَمَسَحَهُمَا بِهِ كَفَى، لِأَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ شَرْطًا، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ النَّقْلُ، وَهَذَا نَقْلٌ آخَرُ انْتَهَى، وَهَذَا خَطَأٌ مَرْدُودٌ فَإِنَّ الْفِعْلَ الَّذِي تَقْتَرِنُ بِهِ النِّيَّةُ وَإِنْ كَثُرَ يُعَدُّ نَقْلَةً وَاحِدَةً وَالنِّيَّةُ الثَّانِيَةُ لَا تَلْغِي النِّيَّةَ الْأُولَى، فَالْبَعْضُ الَّذِي قَصَدَ بِهِ مَسْحَ الْيَدَيْنِ بَقِيَّةُ النَّقْلَةِ الْأُولَى لَا نَقْلَةٌ أُخْرَى، فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ مَعًا وَمَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ وَبِالْأُخْرَى يَدَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّ مَسْحَ الْيَدِ بِالْيَدِ الثَّانِيَةِ نَقْلَةٌ ثَانِيَةٌ مَعَ قَصْدِهَا كَمَا مَرَّ، بَلْ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ نَقْلَةً أُخْرَى، وَأَيْضًا يَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ اسْتِحَالَةُ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ بِالِاكْتِفَاءِ بِنَقْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَذَا وَاضِحٌ جَلِيٌّ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَيَتَعَيَّنُ اتِّبَاعُهُ وَالْمَصِيرُ إلَيْهِ وَبِهِ يَتَّضِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيَنْدَفِعُ مَا أَطَالُوا بِهِ عَلَيْهِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَالْإِشْكَالِ وَكَثْرَةِ الْقِيلِ وَالْقَالِ، وَاَللَّهُ وَلَيُّ النِّعْمَةِ وَالْإِفْضَالِ. قَوْلُهُ: (ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ) هُوَ بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ وَالْأَفْضَلِ فَلَوْ مَسَحَ بِضَرْبَةٍ وَجْهَهُ وَبَعْضَ يَدَيْهِ وَبِالْأُخْرَى مَا بَقِيَ   [حاشية عميرة] أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِأَنَّ النَّفَلَ آكَدُ مِنْهَا) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ مُهِمَّاتِ الدَّيْنِ بِدَلِيلِ حِلِّهِ لِلْمُتَحَيِّرَةِ، وَمَنَعَهَا مَسَّ الْمُصْحَفِ وَالْقِرَاءَةَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَوَطْءَ الزَّوْجِ وَغَيْرَ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا تَرْتِيبَ) هُوَ بِالْفَتْحِ لَا بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى إيصَالِهِ ثُمَّ الْمُرَادُ نَفْيُ الْوُجُوبِ لَا السُّنَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الشَّرْطَ عِنْدَ مَنْ يُوجِبُ التَّرْتِيبَ تَأَخُّرُ الضَّرْبَةِ الْمَاسِحَةِ لِلْيَدِ عَنْ الْمَاسِحَةِ لِلْوَجْهِ، لَا عَنْ مَسْحِهِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَ الْيَمِينَ قَبْلَ الْيَسَارِ، ثُمَّ مَسَحَ بِيَسَارِهِ وَجْهَهُ وَبِيَمِينِهِ يَسَارَهُ جَازَ أَيْضًا اهـ. وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْأَخِيرَةِ أَنْ يَنْوِيَ مَعَ ضَرْبِهِ بِالْيَسَارِ أَوْ لَا؟ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَسَحَ وَجْهَهُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا ضَرَبَ رَاحَتَيْهِ بَعْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ تَأَدَّى فَرْضُهُمَا بِمُجَرَّدِ الضَّرْبِ وَمُمَاسَّةِ التُّرَابِ، وَقِيلَ لَا، وَإِلَّا لَمَا صَلُحَ الْغُبَارُ الَّذِي عَلَيْهِمَا الْمَسْحُ مَحَلٌّ آخَرُ مِنْ الْيَدَيْنِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْكَيْفِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ انْتِهَائِهَا يَمْسَحُ إحْدَى رَاحَتَيْهِ بِالْأُخْرَى مُسْتَحَبًّا، وَعَلَى الثَّانِي وَاجِبًا، ثُمَّ أَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا نَقْلَ التُّرَابِ مِنْ إحْدَى الْيَدَيْنِ إلَى الْأُخْرَى بِخِلَافِ الْوُضُوءِ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ: الْفَرْقُ أَنَّ الْيَدَيْنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ فَلَا يُحْكَمُ بِالِاسْتِعْمَالِ إلَّا بِالِانْفِصَالِ، وَالْمَاءُ مُنْفَصِلٌ بِخِلَافِ التُّرَابِ، وَأَيْضًا الْمُتَيَمِّمُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إتْمَامُ الذِّرَاعِ بِكَفِّهَا، نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وُجُوبُ ضَرْبَتَيْنِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 ضَرْبٍ (وَيُقَدِّمُ يَمِينَهُ) عَلَى يَسَارِهِ (وَأَعْلَى وَجْهِهِ) عَلَى أَسْفَلِهِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ (وَيُخَفِّفُ الْغُبَارَ) مِنْ الْكَفَّيْنِ إنْ كَانَ كَثِيرًا بِأَنْ يَنْفُضَهُمَا أَوْ يَنْفُخَهُ مِنْهُمَا لِئَلَّا يَتَشَوَّهَ بِهِ فِي مَسْحِ الْوَجْهِ. (وَمُوَالَاةُ التَّيَمُّمِ كَالْوُضُوءِ قُلْت: وَكَذَا الْغُسْلُ) أَيْ مُوَالَاتُهُ كَالْوُضُوءِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ أَيْ تُسَنُّ الْمُوَالَاةُ فِيهِمَا، وَفِي الْقَدِيمِ تَجِبُ (وَيُنْدَبُ تَفْرِيقُ أَصَابِعِهِ أَوَّلًا) أَيْ أَوَّلَ كُلِّ ضَرْبَةٍ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إثَارَةِ الْغُبَارِ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةٍ عَلَى الضَّرْبَتَيْنِ (وَيَجِبُ نَزْعُ خَاتَمِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِيَصِلَ التُّرَابُ إلَى مَحَلِّهِ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَمَنْدُوبٌ لِيَكُونَ مَسْحُ جَمِيعِ الْوَجْهِ بِالْيَدِ. (وَمَنْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ مَاءٍ فَوَجَدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ بَطَلَ) تَيَمُّمُهُ بِالْإِجْمَاعِ (إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ) وُجُودُهُ (بِمَانِعٍ كَعَطَشٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَرَنَ بِمَانِعٍ فَلَا يَبْطُلُ   [حاشية قليوبي] مِنْ يَدَيْهِ وَإِنْ قَلَّ كَأُصْبُعٍ أَوْ عَكْسِهِ كَفَى. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ التُّرَابُ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالضَّرْبِ فِي الْحَدِيثِ وَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ التَّابِعِ لَهُ لَيْسَ شَرْطًا. قَوْلُهُ: (كَفَى) وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ غُبَارٌ. نَعَمْ إنْ كَانَ عَدَمُ الْغُبَارِ لِنَحْوِ نَدَاوَةٍ لَمْ يَكْفِ. قَوْلُهُ: (فِي مَسْحِ الْوَجْهِ) وَكَذَا فِي الْيَدَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَمُوَالَاةُ التَّيَمُّمِ كَالْوُضُوءِ) هِيَ جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِإِفَادَةِ وُجُوبِهَا فِي صَاحِبِ الضَّرُورَةِ قَطْعًا، فَهِيَ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهَا عَطْفًا عَلَى التَّسْمِيَةِ، وَيُنْدَبُ هُنَا أَيْضًا السِّوَاكُ وَالْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ وَعَدَمُ تَكْرَارِ الْمَسْحِ كَالْخُفِّ وَمَسْحُ الْغُبَارِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا قَبْلَهَا وَذِكْرُ الْأَعْضَاءِ وَالتَّشَهُّدُ عَقِبَهُ وَصَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ عَقِبَهُ، وَلَوْ عَنْ طَهَارَةٍ مَنْدُوبَةٍ، وَأَنْ يَمْسَحَ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ بِأَنْ يَلْصَقَ بُطُونَ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُسْرَى سِوَى الْإِبْهَامِ بِظُهُورِ أَصَابِعِ الْيُمْنَى سِوَى الْإِبْهَامِ، بِحَيْثُ لَا يُخْرِجُ أَنَامِلَ إحْدَاهُمَا عَنْ مِسْبَحَةِ الْأُخْرَى. وَيَمُرَّ بِهَا تَحْتَهَا ضَامًّا أَطْرَافَ أَنَامِلِهِ عَلَى سَاعِدِهِ. فَإِذَا وَصَلَ إلَى الْمَسْحِ عَلَى الْمِرْفَقِ أَدَارَ بَطْنَ كَفِّهِ إلَى بَطْنِ ذِرَاعِهِ رَافِعًا إبْهَامَهُ حَتَّى يَمُرَّ بِبَطْنِهِ عَلَى ظَهْرِ إبْهَامِ الْمَمْسُوحَةِ، ثُمَّ يَمْسَحَ إحْدَى رَاحَتَيْهِ بِالْأُخْرَى وَيُشَبِّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَصَحَّ مَسْحُ إحْدَى يَدَيْهِ رَاحَتَيْهِ مَعَ اخْتِلَافِ الْعُضْوِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَجِبُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ وَجْهٌ وَفِي نُسْخَةٍ وَفِي الْقَدِيمِ تَجِبُ وَهِيَ الصَّوَابُ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ نَزْعُ خَاتَمِهِ) أَيْ إزَالَتُهُ عَنْ مَحَلِّهِ بِقَدْرِ مَا يَصِلُ التُّرَابُ لِمَا تَحْتَهُ مِنْ الْبَشَرَةِ، وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ مِنْ مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ لِقُوَّةِ سَرَيَانِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الثَّانِيَةِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ مَسْحِ الْيَدَيْنِ، فَوُجُوبُ الْإِزَالَةِ حَالَةَ الْمَسْحِ لَا حَالَةَ الضَّرْبِ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ تُرَابَ الْأُولَى بَيْنَ الْأَصَابِعِ لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْمَسْحِ بِتُرَابِ الثَّانِيَةِ بَلْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَسْحِ بِهِ كَفَى بِخِلَافِ تُرَابٍ عَلَى الْعُضْوِ قَبْلَ الضَّرْبِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ إنْ مَنَعَ وُصُولَ تُرَابِ الضَّرْبِ، وَلَوْ تَوَقَّفَ وُصُولُ التُّرَابِ إلَى مَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ عَلَى تَفْرِيقِهَا وَجَبَ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ تَيَمَّمَ) أَيْ مَنْ اتَّصَفَ بِطَهَارَةِ تَيَمُّمٍ مِنْ مَيِّتٍ أَوْ حَيٍّ وَلَوْ لِصَلَاةِ جِنَازَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ: وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ يُمِّمَ الْمَيِّتُ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَدُفِنَ ثُمَّ وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ يَجُزْ نَبْشُهُ وَتَحْرُمُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِالْوُضُوءِ لِبُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (فَوَجَدَهُ) أَيْ طَرَأَتْ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ وَلَوْ حُكْمًا بِمَحَلٍّ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُهُ مِنْهُ، فَيَخْرُجُ مَنْ وَجَدَهُ بَعْدَ نِسْيَانِهِ أَوْ أَصْلًا لَهُ بِشَرْطِهِ، فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ عَدَمَ صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ وَيَدْخُلُ مِنْ قَدَرَ عَلَى ثَمَنِهِ أَوْ آلَتِهِ، وَمِثْلُ الْقُدْرَةِ شِفَاءُ الْعِلَّةِ مِنْ الْمَرِيضِ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ) بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا كَطَوَافٍ وَقِرَاءَةٍ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ أَصْلًا، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ فِيهَا أَنْ يَتَلَبَّسَ بِهَا بِإِتْمَامِ الرَّاءِ أَيْ جَزْمِهَا مِنْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ تَيَمُّمُهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْمَقْصُودِ، وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَلَى مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ وُجُودُهُ بِمَانِعٍ) بِأَنْ طَرَأَ الْمَانِعُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ   [حاشية عميرة] وَيُسْتَحَبُّ فِي كُلِّ ضَرْبَةٍ أَنْ تَكُونَ بِالْيَدَيْنِ جَمِيعًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِأَنَّهُ أَبْلَغُ إلَخْ) أَيْ وَلِاغْتِنَائِهِ أَيْضًا عَنْ اشْتِرَاطِ التَّخْلِيلِ لَكِنْ إذَا فَرَّقَ فِي الْأُولَى فَقَطْ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّخْلِيلُ لِأَنَّ الْوَاصِلَ قَبْلَ مَسْحِ الْوَجْهِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ فِي الْمَسْحِ وَإِنْ كَانَ كَافِيًا فِي النَّفْلِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ فِيهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِيَكُونَ مَسْحُ جَمِيعِ الْوَجْهِ بِالْيَدِ) . (تَتِمَّةٌ) لَوْ كَانَتْ الْيَدُ نَجِسَةً فَضَرَبَ بِهَا عَلَى تُرَابٍ وَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَوَجَدَهُ) مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ سَمِعَ شَخْصًا يَقُولُ عِنْدِي مَاءٌ أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ بِخِلَافِ أَوْدَعَنِي فُلَانٌ مَاءً، نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَأَقَرَّهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَيْضًا فَوَجَدَهُ) مِثْلُهُ وُجُودُ ثَمَنِهِ وَمِثْلُ الْوُجْدَانِ تَوَهُّمُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الصَّلَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَانِعٍ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مِنْهُ أَنْ يَكُونَ بِهِ مَرَضٌ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ، ثُمَّ مِثْلُ الْوُجْدَانِ التَّوَهُّمُ، لَكِنَّ شَيْخَنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَلْحَقَهُ بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 (أَوْ فِي صَلَاةٍ لَا تَسْقُطُ بِهِ) أَيْ بِالتَّيَمُّمِ كَصَلَاةِ الْمُقِيمِ (كَمَا سَيَأْتِي) بَطَلَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالثَّانِي لَا بَلْ يُتَمِّمُهَا مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهَا، وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَجْهَانِ وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَصَحِّ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالْمَشْهُورِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ الثَّانِي وَجْهًا، فَمَا هُنَا مُوَافِقٌ لَهُ مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِهِ السَّابِقِ. (وَإِنْ أَسْقَطَهَا) كَصَلَاةِ الْمُسَافِرِ كَمَا سَيَأْتِي (فَلَا) تُبْطِلُ فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا (وَقِيلَ يَبْطُلُ النَّفَلُ) لِقُصُورِ حُرْمَتِهِ عَنْ حُرْمَةِ الْفَرْضِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَطْعَهَا) أَيْ الْفَرِيضَةِ (لِيَتَوَضَّأَ) وَيُصَلِّي بَدَلَهَا (أَفْضَلُ) مِنْ إتْمَامِهَا حَيْثُ وَسِعَ الْوَقْتُ لِذَلِكَ، وَالثَّانِي إتْمَامُهَا أَفْضَلُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُتَنَفِّلَ لَا يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ) فِي النَّفْلِ   [حاشية قليوبي] مَا إذَا اقْتَرَنَ) بِأَنْ سَبَقَهُ أَوْ اسْتَمَرَّ أَوْ وُجِدَا مَعًا كَرُؤْيَةِ مَاءٍ، وَسَبْعٍ مَعًا، وَالْمُرَادُ بِالْمَانِعِ وُجُودُ حَالَةٍ يَسْقُطُ مَعَهَا، وُجُوبُ طَلَبِ الْمَاءِ أَوْ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِهِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا مِنْ الْمَانِعِ خَوْفُ خُرُوجِ الْوَقْتِ لِمَنْ عَلِمَ الْمَاءَ فِي حَدِّ الْقُرْبِ، كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ لِمَنْ ازْدَحَمَ عَلَى بِئْرٍ وَعَلِمَ تَأَخُّرَ نَوْبَتِهِ عَنْ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهُ مَا لَوْ سَمِعَ مَنْ يَقُولُ عِنْدِي لِغَائِبِ مَاءٌ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، بِمَا إذَا عَلِمَ بِغِيبَتِهِ وَعَدَمِ رِضَاهُ، وَمِنْهُ مَا لَوْ سَمِعَ مَنْ يَقُولُ عِنْدِي مِنْ ثَمَنِ حُمْرِ مَاءٌ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي هَذِهِ لِوُجُوبِ الْبَحْثِ عَنْ صَاحِبِ الْمَاءِ، وَمِنْهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مَا لَوْ مَرَّ عَلَى بِئْرٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا، أَوْ عَلَى مَاءٍ نَائِمًا مُمَكَّنَا مَثَلًا وَلَمْ يَنْتَبِهْ حَتَّى بَعُدَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ، وَمِنْهُ حُدُوثُ نَجَاسَةٍ فِي الصَّلَاةِ، كَرُعَافِ ثُمَّ وُجُودُ مَاءٍ بِقَدْرِ مَا يُزِيلُهَا، وَسَتَأْتِي فِي زِيَادَةٍ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ) الْأُولَى بَطَلَ التَّيَمُّمُ، لِأَنَّ التَّيَمُّمَ هُوَ الْمُحْدَثُ عَنْهُ، وَيَلْزَمُهُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهَا) شَامِلٌ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ النَّفَلَ يَبْطُلُ قَطْعًا مُخَالِفٌ لَهُ أَوْ هُوَ طَرِيقٌ لَمْ يَنْظُرْ إلَيْهَا الشَّارِحُ، وَلَمْ يَعْتَمِدْهَا، وَتَعْلِيلُ بَعْضِهِمْ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ فِيهِ قُصُورٌ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ قَضَاءُ النَّفْلِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَلَا تَبْطُلُ) نَعَمْ. لَوْ نَوَى الْقَاصِرُ الْإِتْمَامَ أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَوْ اقْتَدَى بِمُتِمٍّ أَوْ وَصَلَتَ سَفِينَتُهُ دَارَ إقَامَتِهِ، بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ أَوْ مَعَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَمِثْلُهُ لَوْ نَوَى الْمُتَنَفِّلُ الزِّيَادَةَ، أَوْ خَرَجَ وَقْتَ الْجُمُعَةِ وَبِفَرَاغِ الصَّلَاةِ يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَاءُ قَبْلَهُ وَلَهُ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِهَا لَا سُجُودَ سَهْوٍ لَوْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ السَّلَامِ عَنْ قُرْبٍ، وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاةُ أَعْمَى قَلَّدَ بَصِيرًا فِي الْقِبْلَةِ، ثُمَّ أَبْصَرَ فِيهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْبَدَلِ، وَكَذَا صَلَاةُ مَنْ تَخَرَّقَ خُفُّهُ فِيهَا، لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ. قَوْلُهُ: (إنْ قَطَعَهَا) وَإِنْ عَزَمَ عَلَى إعَادَتِهَا بِالْمَاءِ لِوُجُودِهِ مَعَهُ بِلَا مَانِعٍ، فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، أَوْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ تَفُوتُ بِالْقَطْعِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْفَرِيضَةِ) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ فَقَطْعُ النَّفْلِ، أَفْضَلُ قَطْعًا لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَاءِ تُؤَثِّرُ فِيهِ أَقْوَى مِنْ الْفَرْضِ، لِمَا قِيلَ بِبُطْلَانِهِ كَمَا مَرَّ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ قَلْبُ الْفَرِيضَةِ نَفْلًا وَلَكِنَّهُ يَجُوزُ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِعَدَمِ الْجَوَازِ، وَهُوَ وَجِيهٌ لِأَنَّهُ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ أُخْرَى كَمَا مَرَّ. فَيَلْزَمُ مِنْ قَلْبِهِ بُطْلَانُهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِيَتَوَضَّأَ) . وَلَوْ وُضُوءًا مُكَمَّلًا بِالتَّيَمُّمِ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ. قَوْلُهُ: (حَيْثُ وَسِعَ الْوَقْتُ) أَيْ جَمِيعَهَا وَإِلَّا حَرُمَ الْقَطْعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَاكْتَفَى ابْنُ قَاسِمٍ بِرَكْعَةٍ وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. (تَنْبِيهٌ) خَرَجَ بِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهَا الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ بِهِ، مَا لَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ كَأَنْ رَأَى رَكْبًا طَلَعَ أَوْ سَحَابَةً فَظَنَّهَا مُمْطِرَةً، أَوْ رَأَى طَيْرًا فَظَنَّهُ يَحُومُ عَلَى الْمَاءِ، أَوْ سَمِعَ مَنْ يَقُولُ عِنْدِي مَاءٌ، وَأَتَى عَقِبَهُ بِقَوْلِهِ لِغَائِبٍ أَوْ نَجَسٍ أَوْ وَدِيعَةٍ لِفُلَانٍ مَثَلًا، فَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ، وَلَا صَلَاتُهُ مُطْلَقًا وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا فِيهَا مَا قَبْلَهَا فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ بِجَمِيعِ هَذِهِ التَّوَهُّمَاتِ إنْ كَانَ فِي حَدِّ الْغَوْثِ، وَإِلَّا فَلَا وَخَرَجَ   [حاشية عميرة] قَبْلَ الصَّلَاةِ وَجَعَلَهُ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ مُطْلَقًا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، قُلْت: وَرَأَيْت فِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ مَا يُخَالِفُهُ بِعُمُومِهِ حَيْثُ قَالَ فِي التَّعْلِيلِ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ، وَإِنْ أَسْقَطَهَا فَلَا لِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَبْطُلْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِالتَّوَهُّمِ، فَكَذَلِكَ بِالتَّحَقُّقِ لِأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَلَا يُؤَثِّرَانِ بَعْدَ الْفَرَاغِ اهـ. وَهُوَ كَمَا تَرَى دَالٌّ عَلَى أَنَّ الَّتِي لَا يَسْقُطُ فَرْضُهَا بِالتَّيَمُّمِ يُؤَثِّرُ فِيهَا تَوَهُّمُ الْمَاءِ كَوُجُودِهِ بِخِلَافِ مَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا مِنْ التَّفْرِقَةِ، وَهِيَ الْحَقُّ الْمُوَافِقُ لِمُقْتَضَى الْإِرْشَادِ وَتَصْرِيحِ شَارِحِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالشَّرْحُ فَلَا تَبْطُلُ) اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا لَوْ أَبْصَرَ الْأَعْمَى فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّقْلِيدِ فِي الْقِبْلَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَبْطُلُ النَّفَلُ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إدْخَالُهُ لِلنَّافِلَةِ فِي الصَّلَاةِ الْمُنْقَسِمَةِ إلَى مَا يُسْقِطُهَا وَمَا لَا يُسْقِطُهَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ الْمُقِيمَ وَنَحْوَهُ كَمَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْفَرِيضَةِ يُسْتَحَبُّ لَهُ قَضَاءُ النَّافِلَةِ الْمُؤَقَّتَةِ عَلَى خِلَافِ مَا يَقْتَضِيه كَلَامُهُمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ إنْ قَطَعَهَا إلَخْ) أَيْ وَلَا يُسْتَحَبُّ قَلْبُهَا نَفْلًا لِأَنَّهُ إنْشَاءُ نَفْلٍ، وَتَأْثِيرُ الْمَاءِ فِي الْفَرْضِ كَهُوَ فِي النَّفْلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِنْ إتْمَامِهَا) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مِنْ حَرَّمَ الْإِتْمَامَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 الْمُطْلَقِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ إتْمَامِهِمَا لِيُسَلِّمَ عَنْهُمَا، وَيَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ مَا شَاءَ (إلَّا مَنْ نَوَى عَدَدًا فَيُتِمُّهُ) وَإِنْ جَاوَزَ رَكْعَتَيْنِ لِانْعِقَادِ نِيَّتِهِ عَلَيْهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ بِمَا شَاءَ، وَفِي الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الْمَنْوِيُّ رَكْعَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا (وَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرَ فَرْضٍ) لِأَنَّهُ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ (وَيَتَنَفَّلُ مَا شَاءَ) لِأَنَّ النَّفَلَ لَا يَنْحَصِرُ فَخُفِّفَ فِيهِ (وَالنَّذْرُ) بِالْمُعْجَمَةِ.   [حاشية قليوبي] بِقَوْلِنَا فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُهُ مِنْهُ، مَا لَوْ وَجَدَهُ فِي حَدِّ الْبُعْدِ فَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ، وَلَا صَلَاتُهُ مُطْلَقًا وَخَرَجَ بِالصَّلَاةِ الطَّوَافُ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ. وَلَوْ لِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ، وَلَوْ بِنَذْرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ مُطْلَقًا بِوُجُودِ الْمَاءِ بِتَوَهُّمِهِ فِي حَدِّ الْقُرْبِ كَمَا مَرَّ. وَمَنْ أَتْقَنَ مَا ذَكَرْنَاهُ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ مَا فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ مِنْ الْخَلَلِ الَّذِي مَنْشَؤُهُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الِاخْتِصَارِ. (فُرُوعٌ) : يَجِبُ عَلَى الْوَاطِئِ النَّزْعُ إذَا رَأَتْ مَوْطُوءَتُهُ الْمَاءَ، وَعَلِمَ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ وَإِلَّا فَلَا لِبَقَاءِ تَيَمُّمِهَا عِنْدَهُ، وَلَوْ تَيَمَّمَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ وَصَلَّى بِمَحَلٍّ لَا يَغْلِبُ فِيهِ أَوْ عَكْسُهُ، فَالْعِبْرَةُ بِمَحَلِّ الصَّلَاةِ عِنْدَ شَيْخِنَا وَخَالَفَهُ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ والطندتائي، وَلَوْ اخْتَلَفَ مَحَلُّ أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَآخِرِهَا، فَالْعِبْرَةُ بِالتَّحَرُّمِ وَلَوْ صَلَّى فِي مَحَلٍّ، ثُمَّ شَكَّ هَلْ يَلْزَمُ فِيهِ الْقَضَاءُ أَوْ لَا، لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ شَرْطٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَالْقَضَاءُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ لُزُومُ الْقَضَاءِ إذَا شَكَّ فِي الْمَحَلِّ قَبْلَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ قَارَنَ الشَّكُّ تَحَرُّمَهُ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ نَزَعَ الْجَبِيرَةَ لِتَوَهُّمِ الْبُرْءِ فَوَجَدَ الْجُرْحَ لَمْ يَبْرَأْ، لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ، لَكِنْ لَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ بَطَلَتْ فِيهِمَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (قَبْلَ إتْمَامِهِمَا) فَإِنْ رَآهُ أَثْنَاءَ رَكْعَةٍ بَعْدَهُمَا أَتَمَّهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لِانْعِقَادِ نِيَّتِهِ عَلَيْهِ) إمَّا قَصْدًا أَوْ تَنْزِيلًا كَأَنْ أَطْلَقَ فِي الْوِتْرِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى ثَلَاثَةٍ أَقَلِّ الْكَمَالِ، يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ عَلَى مَاذَا يَقْتَصِرُ عَلَى قَوْلِ الْخَطِيبِ: إنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَفْرَادِ الْوِتْرِ فَرَاجِعْهُ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَفْعِلْ مَا اخْتَارَهُ فَتَأَمَّلْهُ، وَمِثْلُ انْعِقَادِ نِيَّتِهِ مَا لَوْ نَوَى زِيَادَةً بَعْدَ التَّحَرُّمِ، وَقَبْلَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُصَلِّي) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلْمَفْعُولِ، وَغَيْرُ مَفْعُولٍ أَوْ نَائِبُ فَاعِلٍ، وَالطَّوَافُ كَالصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ فَرْضٍ) إنْ أَغْنَى عَنْ الْقَضَاءِ فَلَهُ جَمْعُ مُعَادَةٍ، وَلَوْ وُجُوبًا مَعَ أَصْلِهَا، وَلَهُ جَمْعُ جُمُعَةٍ وَظُهْرٍ مُعَادَةٍ وُجُوبًا، وَلَهُ جَمْعُ صَلَاةٍ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ مَعَهَا، بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ، وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ الصَّبِيَّ نَعَمْ. إنْ بَلَغَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَرْضِ، لَمْ يُصَلِّهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ. وَشَمِلَ الْفَرْضُ الْمَذْكُورُ الْمُؤَدَّاةَ وَالْمَقْضِيَّةَ، وَمِنْهَا مَا يَقْضِيهِ نَحْوُ الْمَجْنُونِ بَعْدَ كَمَالِهِ، وَالصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَالْكَافِرُ بَعْدَ إسْلَامِهِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِطَلَبِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْمَنْسِيَّةِ وَفِي قَضَاءِ الْحَائِضِ، وَالْوَجْهُ جَوَازُ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ: (وَالنَّذْرُ) أَيْ الْمَنْذُورُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ كَفَرْضِهِ الْأَصْلِيِّ لَوْ كَانَ، أَوْ الْمُرَادُ الْمَنْذُورُ مِنْ الصَّلَاةِ، وَالطَّوَافِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا كَنَذْرِ الْقِرَاءَةِ، وَالِاعْتِكَافِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ، فَلَهُ جَمْعُ فُرُوضٍ مِنْهُ بِتَيَمُّمٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يُصَلِّي إلَخْ. وَإِنْ كَانَ فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يُؤَدَّى لِعَدَمِ صِحَّتِهِ فِي غَيْرِ الطَّوَافِ، وَالصَّلَاةِ وَلَيْسَ مِنْهُ نَفْلٌ نَذَرَ إتْمَامَهُ لِبَقَائِهِ عَلَى النَّفْلِيَّةِ، وَإِنْ حَرُمَ الْخُرُوجُ مِنْهُ، وَالْمُرَادُ بِالنَّذْرِ مَا انْعَقَدَتْ صِيغَتُهُ عَلَيْهِ، أَوْ عُدَّ خُصْلَةً وَاحِدَةً فَلَوْ نَذَرَ التَّرَاوِيحَ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهَا، وَكَذَا لَوْ نَذَرَ الْوِتْرَ أَوْ الضُّحَى وَإِنْ نَذَرَ فِيهَا التَّسْلِيمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، لِأَنَّ وُجُوبَهُ بِالنَّذْرِ لَا يَزِيدُ عَلَى وُجُوبِهِ، إلَّا صَلَّى كَمَا فِي التَّرَاوِيحِ، وَلَوْ نَذَرَ وِتْرَيْنِ لَزِمَهُ تَيَمُّمَانِ لِكُلِّ وِتْرٍ تَيَمُّمٌ كَمَا مَرَّ. وَهَكَذَا وَهَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا آخِرًا، وَقَالَ فِي مَرَّةٍ: مَتَى سَلَّمَ لَزِمَهُ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ، وَإِلَّا فَلَا. وَفِي مَرَّةٍ إنْ نَذَرَ السَّلَامَ وَجَبَ تَجْدِيدُ التَّيَمُّمِ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي نَذْرِ الْوِتْرَيْنِ مَثَلًا: يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ. (فَرْعٌ) نَذَرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، فَإِنْ صَلَّاهَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، اتِّفَاقًا أَوْ بِإِحْرَامَيْنِ، كَأَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ بِغَيْرِ نَذْرِ السَّلَامِ مِنْهُمَا لَزِمَهُ تَيَمُّمَانِ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ لِأَنَّهُ الْأَحَبُّ وَالْمَعْهُودُ فِيهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إذَا وُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ إتْمَامِهَا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَرَعَ فِي الثَّالِثَةِ فَلَهُ إتْمَامُهُمَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَوْ كَانَ الْمَنْوِيُّ رَكْعَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا) وَارِدَةً عَلَى الْكِتَابِ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يُسَمَّى عَدَدًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُصَلِّي بِتَيَمُّمٍ غَيْرَ فَرْضٍ) لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ مَعَ الْفَرْضِ الْمُعَادَةَ فِي الْجَمَاعَةِ كَالْمَنْسِيَّةِ فِي خَمْسٍ يَجْمَعُهَا بِتَيَمُّمٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 (كَفَرْضٍ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ مَعَ الْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ جَنَائِزَ مَعَ فَرْضٍ) لِشَبَهِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِالنَّفْلِ فِي جَوَازِ التَّرْكِ وَتَعَيُّنُهَا عِنْدَ انْفِرَادِ الْمُكَلَّفِ عَارِضٌ، وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لِأَنَّهَا فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَالْفَرْضُ بِالْفَرْضِ أَشْبَهُ، وَالثَّالِثُ إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ صَحَّتْ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ فَلَا. وَتَصِحُّ أَيْضًا مَعَ نَفْلٍ بِنِيَّتِهِ فِي أَصَحِّ الْأَوْجُهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَعَبَّرَ فِيهِ بِالْجَمْعِ كَمَا هُنَا لِيُفِيدَ الصِّحَّةَ فِي الْمُفْرَدِ الْمُعَبَّرِ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ مِنْ بَابِ أَوْلَى (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ مَنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ) وَلَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا (كَفَاهُ تَيَمُّمٌ لَهُنَّ) لِأَنَّ الْفَرْضَ وَاحِدٌ وَمَا عَدَاهُ وَسِيلَةٌ لَهُ. وَالثَّانِي يَجِبُ خَمْسَةُ تَيَمُّمَاتٍ لِوُجُوبِ الْخَمْسِ (وَإِنْ نَسِيَ مُخْتَلِفَتَيْنِ) لَا يَعْلَمُ عَيْنَهُمَا (صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ) مِنْ الْخَمْسِ (بِتَيَمُّمٍ، وَإِنْ شَاءَ تَيَمَّمَ مَرَّتَيْنِ وَصَلَّى بِالْأَوَّلِ أَرْبَعًا وَلَاءً) أَيْ الصُّبْحَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ (وَبِالثَّانِي أَرْبَعًا لَيْسَ مِنْهَا الَّتِي بَدَأَ بِهَا) أَيْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ   [حاشية قليوبي] فَائِدَةٌ) ذَكَرَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَوَارِدِ الْفَوَائِدِ لُغْزًا نَظْمًا يَتَعَلَّقُ بِمَا ذُكِرَ هُنَا بِقَوْلِهِ: أَلَيْسَ عَجِيبًا أَنَّ شَخْصًا مُسَافِرًا ... إلَى غَيْرِ عِصْيَانٍ تُبَاحُ لَهُ الرُّخَصْ إذَا مَا تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ أَعَادَهَا ... وَلَيْسَ مُعِيدًا لِلَّتِي بِالتُّرَابِ خَصْ ثُمَّ قَالَ: وَصُورَتُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، مَا لَوْ أَجْنَبَ مُسَافِرٌ وَنَسِيَ الْجَنَابَةَ، وَصَارَ يُصَلِّي بِالْوُضُوءِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ، وَيُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ إذَا فَقَدَهُ فَيُعِيدُ صَلَاةَ الْوُضُوءِ، لِبَقَاءِ الْجَنَابَةِ عَلَى غَيْرِ أَعْضَائِهِ، لَا صَلَاةَ التَّيَمُّمِ، لِرَفْعِهَا عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِقِيَامِهِ مَقَامَ الْغُسْلِ، وَيَتَّجِهُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ الْخَاصِّ بِالْفَرْضِ، أَوْ اسْتِبَاحَةَ ذَلِكَ وَلَمْ يُلَاحِظْ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ فِيهِمَا، لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْجَنَابَةِ بِقَرِينَةِ كَوْنِهَا عَلَيْهِ مَعَ جَعْلِ نِسْيَانِهِ لَهَا كَالْغَلَطِ، وَإِلَّا فَالتَّيَمُّمُ كَالْوُضُوءِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْمَشْهُورِ لِضَعْفِ الْمُقَابِلِ جِدًّا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (فِي أَصَحِّ الْأَوْجُهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ) إنَّمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُرَاعَاةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالصَّحِيحِ، لِضَعْفِ الْمُقَابِلِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (إنَّ مَنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ) وَلَوْ احْتِمَالًا فِيهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا. كَمَا لَوْ شَكَّ حَاجٌّ فِي أَنَّ مَتْرُوكَهُ طَوَافٌ، أَوْ صَلَاةٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخَمْسُ مَعَ الطَّوَافِ، وَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ لِلْجَمِيعِ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَلَهُ الِاجْتِهَادُ فِي أَيِّهِمَا الْمَتْرُوكُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَهُ الِاجْتِهَادُ فِي الْمَتْرُوكَةِ مِنْ الْخَمْسِ أَيْضًا، وَكَذَا لَوْ نَذَرَ قُرْبَةً وَشَكَّ فِي أَنَّهَا صَوْمٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ عِتْقٌ أَوْ صَلَاةٌ، فَلَهُ الِاجْتِهَادُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَهُنَّ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِكَفَاهُ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي التَّعَلُّقِ، بِالْفِعْلِ فَيَدْخُلُ مَا لَوْ تَيَمَّمَ لِغَيْرِهِنَّ أَوْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَهُ بِالتَّيَمُّمِ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ فَرْضٍ آخَرَ، وَأَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فَرْضًا آخَرَ وَنُظِرَ فِيهِ، بِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُتَيَمَّمَ لَهَا فِي الْأُولَى هِيَ الَّتِي عَلَيْهِ، وَأَنَّهَا فِي الثَّانِيَةِ غَيْرُ الَّتِي عَلَيْهِ وَهِيَ وَاقِعَةٌ لَهُ نَافِلَةً. نَعَمْ. إنْ قَصَدَ فِي الثَّانِيَةِ بِتَيَمُّمِهِ الَّتِي عَلَيْهِ مِنْهُنَّ فَهُوَ قَرِيبٌ، وَلَوْ تَذَكَّرَ الْمَنْسِيَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَفَارَقَ وُضُوءَ الِاحْتِيَاطِ بِإِمْكَانِ الْيَقِينِ فِيهِ بِنَحْوِ الْمَسِّ. وَبِوُجُوبِ الْفِعْلِ هُنَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْفَرْضَ وَاحِدٌ) فَلَوْ كَانَ الْمَنْسِيُّ اثْنَيْنِ، وَجَبَ تَيَمُّمَانِ. وَهَكَذَا أَوْ قَدْ جَعَلُوا لِذَلِكَ ضَابِطًا كُلِّيًّا بِعِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، إحْدَاهَا أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ بِعَدَدِ الْمَنْسِيِّ، وَيُصَلِّي بِكُلِّ تَيَمُّمٍ عَدَدَ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ مَعَ زِيَادَةِ وَاحِدَةٍ، ثَانِيهَا أَنْ يَضْرِبَ الْمَنْسِيَّ فِي الْمَنْسِيِّ فِيهِ، وَيُزَادُ عَلَى الْحَاصِلِ قَدْرُ عَدَدِ الْمَنْسِيِّ، ثُمَّ يَضْرِبُ الْمَنْسِيَّ فِي نَفْسِهِ وَيُسْقِطُ الْحَاصِلَ مِنْ الْجُمْلَةِ فَالْبَاقِي هُوَ الْمَقْضِيُّ مُوَزَّعًا عَلَى التَّيَمُّمَاتِ الَّتِي بِعَدَدِ الْمَنْسِيِّ كَمَا مَرَّ. ثَالِثُهَا أَنْ يُزَادَ مِثْلُ عَدَدِ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ فَأَكْثَرُ عَلَى عَدَدِ الْمَنْسِيِّ فِيهِ، بِحَيْثُ يَنْقَسِمُ صَحِيحًا عَلَى الْمَنْسِيِّ فَالْمُجْتَمِعُ هُوَ الْمَقْضِيُّ مُوَزَّعًا عَلَى التَّيَمُّمَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا فَفِي نِسْيَانِ صَلَاتَيْنِ يَجِبُ تَيَمُّمَانِ، وَيُصَلِّي بِكُلِّ تَيَمُّمٍ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ بِقَدْرِ عَدَدِ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ، مَعَ زِيَادَةِ صَلَاةٍ أَوْ بِضَرْبِ الْمَنْسِيِّ، وَهُوَ اثْنَانِ فِي الْمَنْسِيِّ فِيهِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ يَحْصُلُ عَشَرَةٌ يُزَادُ عَلَيْهَا عَدَدُ الْمَنْسِيِّ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ اثْنَانِ يَجْتَمِعُ اثْنَا عَشَرَ، ثُمَّ يُسْقِطُ مِنْهَا مَضْرُوبَ الِاثْنَيْنِ فِي نَفْسِهِمَا، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ تُقْسَمُ عَلَى التَّيَمُّمَيْنِ كَمَا مَرَّ. وَيُزَادُ عَلَى الْمَنْسِيِّ فِيهِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ مِثْلُ عَدَدِ غَيْرِ الْمَنْسِيِّ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ يَحْصُلُ ثَمَانِيَةٌ وَقِسْمَتُهَا صَحِيحَةٌ عَلَى الْمَنْسِيِّ الَّذِي هُوَ اثْنَانِ، فَيَخُصُّ كُلَّ تَيَمُّمٍ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ كَمَا مَرَّ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مُخْتَلِفَتَيْنِ) أَيْ يَقِينًا سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُمَا مِنْ يَوْمٍ أَوْ مِنْ يَوْمَيْنِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ إلَخْ) أَيْ نَدْبًا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَوُجُوبًا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَإِنْ شَاءَ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ مِنْهَا الَّتِي بَدَأَ بِهَا) فَيَحْرُمُ فِعْلُهَا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ. قَالَهُ   [حاشية عميرة] لِأَنَّ الْفَرْضَ وَاحِدٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (غَيْرَ فَرْضٍ) خَالَفَ فِي هَذِهِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي جَوَازِ التَّرْكِ) أَيْ وَعَدَمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 وَالْعِشَاءَ، فَيَخْرُجُ عَمَّا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ الْمَنْسِيَّتَانِ الصُّبْحَ وَالْعِشَاءَ أَوْ إحْدَاهُمَا مَعَ إحْدَى الثَّلَاثِ، أَوْ يَكُونَا مِنْ الثَّلَاثِ. وَعَلَى كُلٍّ صَلَّى كُلًّا مِنْهُمَا بِتَيَمُّمٍ، وَالثَّانِي هُوَ الْمُسْتَحْسَنُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَقَوْلُهُ وَلَاءً مِثَالٌ لَا شَرْطٌ (أَوْ) نَسِيَ (مُتَّفِقَتَيْنِ) لَا يَعْلَمُ عَيْنَهُمَا مِنْ صَلَوَاتِ يَوْمَيْنِ (صَلَّى الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ بِتَيَمُّمَيْنِ) وَفِي الْوَجْهِ السَّابِقِ بِعَشْرِ تَيَمُّمَاتٍ (وَلَا يَتَيَمَّمُ لِفَرْضٍ قَبْلَ) دُخُولِ (وَقْتِ فِعْلِهِ) لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَيَدْخُلُ فِي وَقْتِ الْفِعْلِ مَا تُجْمَعُ فِيهِ الثَّانِيَةُ مِنْ وَقْتِ الْأُولَى (وَكَذَا النَّفَلُ الْمُؤَقَّتُ) كَالرَّوَاتِبِ مَعَ الْفَرَائِضِ وَصَلَاةُ الْعِيدِ لَا يَتَيَمَّمُ لَهُ قَبْلَ وَقْتِهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَجُوزُ ذَلِكَ تَوْسِعَةً فِي النَّفْلِ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَالنَّفْلِ، وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِانْقِضَاءِ الْغُسْلِ، وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْجَنَائِزِ كَرَاهَتُهَا قَبْلَ التَّكْفِينِ فَيُكْرَهُ التَّيَمُّمُ لَهَا قَبْلَهُ أَيْضًا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَالصَّلَاةُ الْمَنْذُورَةُ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ كَالْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ، وَالنَّفَلُ الْمُطْلَقُ يُتَيَمَّمُ لَهُ كُلَّ وَقْتٍ أَرَادَهُ إلَّا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ (وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا) كَالْمَحْبُوسِ فِي مَوْضِعٍ   [حاشية قليوبي] شَيْخُنَا. وَقَالَ فِي مَرَّةٍ لَهُ فِعْلُهَا فَيُصَلِّي بِكُلِّ تَيَمُّمٍ خَمْسًا لِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ مِنْ فِعْلِهَا إذَا تَرَكَ وَاحِدَةً غَيْرَهَا. وَالْأَوَّلُ هُوَ الْوَجْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إلَخْ) وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ عَشْرُ احْتِمَالَاتٍ، وَاحِدٌ بِقَوْلِهِ: الصُّبْحَ وَالْعِشَاءَ، وَسِتَّةٌ بِقَوْلِهِ أَوْ إحْدَاهُمَا مَعَ إحْدَى الثَّلَاثِ، وَثَلَاثَةٌ بِقَوْلِهِ أَوْ يَكُونَا مِنْ الثَّلَاثِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمُسْتَحْسَنُ) لِقِلَّةِ التَّيَمُّمِ فِيهِ، وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ لَا تَكْفِي فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ تَخَالُفُ الْمَنْسِيِّ الْمُتَعَدِّدِ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ مَا فَعَلَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً. قَوْلُهُ: (وَلَاءً) مِثَالٌ لَا شَرْطٌ فَهُوَ مِنْ التَّوَالِي لَا مِنْ الْمُوَالَاةِ، كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ. قَوْلُهُ: (مُتَّفِقَتَيْنِ) وَلَوْ احْتِمَالًا أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ، كَمَا لَوْ جَهِلَ عَدَدَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَلَوْ نَسِيَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مِنْ يَوْمَيْنِ وَشَكَّ هَلْ فِيهَا مُتَّفِقَتَانِ، لَزِمَهُ صَلَاةُ يَوْمَيْنِ، وَكَذَا لَوْ نَسِيَ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيَةً، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ صَلَاةُ يَوْمَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ الثَّلَاثُ مَثَلًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. لَزِمَهُ صَلَوَاتُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، كَذَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الثَّلَاثِ مِنْ ثَلَاثَةِ تَيَمُّمَاتٍ، وَفِي الْأَرْبَعِ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَهَكَذَا فَانْظُرْ كَيْفِيَّةَ فِعْلِ صَلَوَاتِ الْيَوْمَيْنِ بِهَا، فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ يُصَلِّي الْخَمْسَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، أَوْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْوَقْتِ) عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَقْتِ فِعْلِهِ لِيُفِيدَ أَنَّ مُؤَدَّى الْعِبَارَتَيْنِ وَاحِدٌ أَوْ مَعْنَى وَقْتِ فِعْلِهِ وَقْتٌ يَصِحُّ فِيهِ فِعْلُهُ فِي ذَاتِهِ. لَا بِالنَّظَرِ لِشَخْصٍ بِعَيْنِهِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ، وَبَنَى عَلَيْهِ مَا يَأْتِي عَنْهُ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْفِعْلِ بِالْفِعْلِ، وَلَوْ لِشَخْصٍ بِعَيْنِهِ لَيْسَ مُعْتَبَرًا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِلَّا لَمَا صَحَّ التَّيَمُّمُ قَبْلَ السُّتْرَةِ أَوْ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ، أَوْ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ أَوْ لِلْخُطْبَةِ قَبْلَ اجْتِمَاعِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ، وَلَمَا صَحَّ إيرَادُ الْمُتَنَجِّسِ، كَمَا يَأْتِي فَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ لِلرَّاتِبَةِ الَّتِي بَعْدَ الْفَرْضِ قَبْلَ فِعْلِهِ، وَيَفْعَلُ بِهِ الْقَبْلِيَّةَ أَوْ غَيْرَهَا. وَقَوْلٌ لِشَيْخِ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ. بِعَدَمِ صِحَّتِهِ، لَمْ يَذْكُرْهُ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ بَلْ أَخَذَهُ مِنْ لَفْظِ " فِعْلِهِ " مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ عَلِمْت بُطْلَانَهُ فَاعْتِمَادُ غَيْرِهِ لَهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَلَا يَرِدُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ بِنِيَّةِ الْعَصْرِ، قَبْلَ فِعْلِ الظُّهْرِ، لِمَنْ يَجْمَعَ تَقْدِيمًا لِأَنَّ وَقْتَ الْجَمْعِ لَمْ يَدْخُلْ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى نِيَّتِهِ فِي الْأُولَى، وَلَا بُطْلَانُ تَيَمُّمِهِ لَهَا بَعْدَ فِعْلِ الظُّهْرِ، إذَا بَطَلَ الْجَمْعُ بَعْدَهُ بِدُخُولِ وَقْتِهَا مَثَلًا لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ قَبْلَ الْوَقْتِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ ظَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ وَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ، فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِمْ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَسْتَبِحْ مَا نَوَاهُ بِصِفَتِهِ، لَمْ يَسْتَبِحْ غَيْرَهُ بِالْأَوْلَى وَإِنَّمَا تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ التَّيَمُّمِ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ مَعَهَا مَا يَنْوِيه وَلَا غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (الْغُسْلِ) أَيْ الْوَاجِبِ وَلَوْ تَيَمَّمَ لِجِنَازَةٍ فَحَضَرَتْ أُخْرَى، جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ عَلَى الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْأُولَى أَوْ مَعَهَا، وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْمُتَيَمِّمِ، وَإِنْ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ مَعَ الْمُتَوَضِّئِ، وَكَذَا مُنْفَرِدًا إذَا سَقَطَتْ بِهِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمُتَوَضِّئِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُصَلِّ الْمُتَوَضِّئُ، وَالْمَحَلُّ لَا تَسْقُطُ فِيهِ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَيَدْخُلُ وَقْتُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ بِاجْتِمَاعِ غَالِبِ النَّاسِ لِمَنْ يُرِيدُ فِعْلَهَا جَمَاعَةً، وَبِإِرَادَتِهِ إنْ أَرَادَهَا فُرَادَى وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ بِالتَّغَيُّرِ، وَسَوَاءٌ أَرَادَهَا جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى، وَوَقْتُ الْفَائِتَةِ بِتَذَكُّرِهَا، وَالْمَنْذُورَةِ الْمُطْلَقَةِ بِإِرَادَةِ فِعْلِهَا، وَكَذَا مَا تَأَخَّرَ سَبَبُهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ) أَيْ إلَّا إنْ أَرَادَ فِعْلَهُ فِي وَقْتِهَا، فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لَهُ، وَلَوْ قَبْلَهَا فَإِنْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهُ فِيهِ صَحَّ التَّيَمُّمُ لَهُ، وَلَوْ فِيهِ لِأَنَّهُ وَقْتُ صِحَّتِهِ فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً) فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَجِبُ طَلَبُهُ مِنْهُ عَلَى مَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] انْحِصَارِ الْعَدَدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَهُنَّ) مُتَعَلِّقٌ بِكَفَاهُ لَا بِتَيَمُّمٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَيْسَ مِنْهَا الَّتِي بَدَأَ بِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ فِعْلَهُ لِلْأُولَى بِالتَّيَمُّمِ الثَّانِي حَرَامٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَبْلَ وَقْتِ فِعْلِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الرَّاتِبَةَ الْبَعْدِيَّةَ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لَهَا إلَّا بَعْدَ فِعْلِ الظُّهْرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ يَقْوَى عِنْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْجَنَائِزِ) هَذَا الْكَلَامُ رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 لَيْسَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (لَزِمَهُ فِي الْجَدِيدِ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ) لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (وَيُعِيدَ) إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا: يُنْدَبُ لَهُ الْفِعْلُ. وَالثَّانِي: يَحْرُمُ وَيُعِيدُ عَلَيْهِمَا. وَالثَّالِثُ: يَجِبُ وَلَا يُعِيدُ. حَكَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: كُلُّ صَلَاةٍ وَجَبَ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ مَعَ خَلَلٍ لَمْ يَجِبْ قِصَاؤُهَا فِي قَوْلٍ قَالَ بِهِ الْمُزَنِيّ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّهُ أَدَّى وَظِيفَةَ الْوَقْتِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ. وَذَكَرَ فِيهِ وَفِي الْفَتَاوَى عَلَى الْجَدِيدِ أَنَّهُ إنَّمَا يُعِيدُ بِالتَّيَمُّمِ فِي مَوْضِعٍ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ، فَإِنْ كَانَ فِيمَا لَا يَسْقُطُ بِهِ لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا، وَاحْتُرِزَ بِالْفَرْضِ عَنْ النَّفْلِ، فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ قَطْعًا. (وَيَقْضِي الْمُقِيمُ الْمُتَيَمِّمُ لِفَقْدِ الْمَاءِ) لِنُدُورِ فَقْدِهِ فِي الْإِقَامَةِ وَعَلَى الْمُخْتَارِ السَّابِقِ لَا يَقْضِي (لَا الْمُسَافِرُ) الْمُتَيَمِّمُ لِفَقْدِهِ لِعُمُومِ فَقْدِهِ فِي السَّفَرِ (إلَّا الْعَاصِي بِسَفَرِهِ) كَالْآبِقِ فَيَقْضِي (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَقْضِي لِوُجُوبِ تَيَمُّمِهِ   [حاشية قليوبي] وَلَا تُرَابًا كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجِبُ طَلَبُهُ كَالْمَاءِ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ اللُّزُومَ فِي كَلَامِهِ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْوُجُوبِ، وَالصِّحَّةِ مَعًا بِدَلِيلِ حِكَايَةِ الْقَدِيمِ لِقَوْلِ النَّدْبِ، وَالْحُرْمَةِ وَلَيْسَ فِي النَّقْلِ لُزُومٌ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَتَقْيِيدُهُ بِالْفَرْضِ لِإِخْرَاجِ النَّفْلِ، إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِ الشَّارِحِ، وَاحْتُرِزَ إلَخْ. فَسَقَطَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ هُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُصَلِّيَ) أَيْ عِنْدَ يَأْسِهِ مِنْهُمَا، وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَهِيَ صَلَاةٌ حَقِيقَةٌ يَحْنَثُ بِهَا، مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي وَيُبْطِلُهَا مَا يُبْطِلُ غَيْرَهَا. وَيَحْرُمُ قَطْعُهَا بِلَا عُذْرٍ: نَعَمْ. تَبْطُلُ بِتَوَهُّمِ الْمَاءِ أَوْ التُّرَابِ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُهُمَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ يَسْقُطُ بِهِ فِيهِ الْقَضَاءُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (الْفَرْضَ) أَيْ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ الْمُؤَقَّتَةَ وَلَوْ بِالنَّذْرِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، وَلَهُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ مِنْهَا إلَّا نَحْوَ السُّورَةِ لِلْجُنُبِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَصْدُ الْقِرَاءَةِ فِي الْفَاتِحَةِ وَلَا تَجُوزُ الْمَنْدُوبَاتُ فِيهَا، كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَلَوْ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ، وَسُجُودِ السَّهْوِ إلَّا تَبَعًا لِإِمَامِهِ فِيهِمَا، وَدَخَلَ فِي الْفَرْضِ الْجُمُعَةُ فَتَلْزَمُهُ، وَإِنْ وَجَبَ إعَادَتُهَا ظُهْرًا وَلَا تَجِبُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، كَذَا قَالُوهُ، وَظَاهِرُ هَذَا عَدَمُ صِحَّتِهَا مِنْهُمْ لَوْ كَانَ فِيهِمْ مِنْهُمْ، أَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ كَذَلِكَ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ فَرَاجِعْهُ، وَدَخَلَ صَلَاةُ الْكُسُوفِ إذَا نَذَرَهَا، وَيُصَلِّيهَا بِالْهَيْئَةِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَذْرِهِ، أَوْ بِمَا تُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَا تُقْضَى إذَا خَرَجَ وَقْتُهَا. قَوْلُهُ: (لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) أَيْ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ فَائِتَةٍ تَذَكَّرَهَا، وَإِنْ فَاتَتْ بِغَيْرِ عُذْرٍ. قَوْلُهُ: (وَيُعِيدُ) صَوَابُهُ التَّعْبِيرُ بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْأَقْوَالِ، وَأَمَّا الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِهَا، وَلَوْ بِالتُّرَابِ فِي مَحَلٍّ لَا تَسْقُطُ بِهِ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ الْمُرَادُ بِهَا مَا يَعُمُّ الْقَضَاءَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ) أَيْ وَلَا تَجُوزُ فَتَحْرُمُ. قَوْلُهُ: (وَاحْتُرِزَ بِالْفَرْضِ عَنْ النَّفْلِ) سَوَاءٌ الْمُؤَقَّتُ وَغَيْرُهُ، وَمِثْلُهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، فَلَا تَجُوزُ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ، فَيُدْفَنُ الْمَيِّتُ بِلَا صَلَاةٍ، وَمِثْلُهُ قِرَاءَةُ الْجُنُبِ الْقُرْآنَ بِقَصْدِهِ، وَمُكْثُهُ بِالْمَسْجِدِ وَتَمْكِينُ الْحَلِيلِ، فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْهَا. (تَنْبِيهٌ) يُلْحَقُ بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فِي الْمَنْعِ مِنْ النَّفْلِ، وَنَحْوِهِ مَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ، يُخَافُ مِنْ غَسْلِهَا، وَمَنْ حُبِسَ عَلَى نَجَاسَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا. كَفَاقِدِ سُتْرَةٍ وَمُتَيَمِّمٍ بِمَحِلٍّ. يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إلْحَاقُ نَحْوِ مَرْبُوطٍ عَلَى خَشَبَةٍ، بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (الْمُقِيمُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ مَنْ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ وَبِالْمُسَافِرِ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ) الْمُرَادُ بِالسَّفَرِ هُنَا حَقِيقَتُهُ فَيَلْزَمُهُ التَّيَمُّمُ، وَيُصَلِّي وَيَقْضِي وَهَذَا فِي الْفَقْدِ الْحِسِّيِّ وَأَمَّا الشَّرْعِيُّ كَعَطَشٍ، فَلَا يَصِحّ مِنْهُ التَّيَمُّمُ حَتَّى يَتُوبَ، وَمِثْلُهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَخَرَجَ بِهِ الْعَاصِي بِالْإِقَامَةِ، فَلَا يَقْضِي لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ   [حاشية عميرة] فِعْلِ الْخُطْبَةِ، لَكِنْ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِخِلَافِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ) أَيْ وَلِمَا رَوَتْ «عَائِشَةُ أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ قِلَادَةً مِنْ أَسْمَاءَ فَهَلَكَتْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُنَاسًا فِي طَلَبِهَا، فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَلَيْسُوا عَلَى وُضُوءٍ، وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً فَصَلُّوا وَهُمْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَقَدْ تَمَسَّكَ مَنْ مَنَعَ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَاكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ التَّيَمُّمِ وَعَدَمُ الْمَاءِ فِي السَّفَرِ لَيْسَ بِنَادِرٍ، فَصَلَاتُهُمْ إذْ ذَاكَ بِغَيْرِ طَهُورٍ نَاشِئَةٌ عَنْ عُذْرٍ عَامٍّ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ أَنَّ الْفَائِتَةَ وَلَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَفْعَلُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، أَيْ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُعِيدُ) اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ وَجَبَتْ فِيهِ الْإِعَادَةُ، فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْفَرْضَ هُوَ الْمُعَادَةُ، وَقِيلَ كِلْتَاهُمَا، وَهُوَ الْأَفْقَهُ، وَقِيلَ الْأُولَى، وَقِيلَ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الثَّانِيَةَ بِتَيَمُّمِ الْأُولَى. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ تَحْرِيمُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَقْضِي الْمُقِيمُ الْمُتَيَمِّمُ) هَذَا بِعُمُومِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 كَغَيْرِهِ، وَعُورِضَ بِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ فَلَا تُنَاطُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَفِي وَجْهٍ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ فَلْيَتُبْ لِيَصِحَّ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْإِقَامَةِ وَعَدَمِهِ فِي السَّفَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، فَلَوْ أَقَامَ فِي مَفَازَةٍ وَطَالَتْ إقَامَتُهُ وَصَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ فَلَا قَضَاءَ، وَلَوْ دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي طَرِيقِهِ قَرْيَةً وَعَدِمَ الْمَاءَ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْأَصَحِّ. (وَمَنْ تَيَمَّمَ لِبَرْدٍ قَضَى فِي الْأَظْهَرِ) لِنُدُورِ فَقْدِ مَا يُسَخِّنُ بِهِ الْمَاءَ، وَالثَّانِي لَا يَقْضِي مُطْلَقًا، وَيُوَافِقُهُ الْمُخْتَارُ السَّابِقُ. وَالثَّالِثُ يَقْضِي الْحَاضِرُ دُونَ الْمُسَافِرِ (أَوْ) تَيَمَّمَ (لِمَرَضٍ يَمْنَعُ الْمَاءَ مُطْلَقًا) أَيْ فِي جَمِيعِ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ (أَوْ فِي عُضْوٍ وَلَا سَاتِرَ) بِذَلِكَ مِنْ جَبِيرَةٍ فَأَكْثَرَ مَثَلًا (فَلَا) يَقْضِي لِعُمُومِ الْمَرَضِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِجُرْحِهِ دَمٌ كَثِيرٌ) فَيَقْضِي لِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ الْكَثِيرِ فِيمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ، وَزَادَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَةَ كَثِيرٍ. وَقَالَ فِي الدَّقَائِقِ: لَا بُدَّ مِنْهَا، أَيْ فِي مُرَادِ الرَّافِعِيِّ لِلْعَفْوِ عَنْ الْقَلِيلِ فِي مَحَلِّهِ، وَمَا سَيَأْتِي لَهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِدَمِ الْأَجْنَبِيِّ، فَلَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الْأَصَحِّ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ التَّشْبِيهِ عَلَى الْمُنْتَقِلِ عَنْ مَحَلِّهِ، وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ الْعَفْوَ عَنْ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. (وَإِنْ كَانَ) بِالْأَعْضَاءِ أَوْ بَعْضِهَا (سَاتِرٌ) كَجَبِيرَةٍ فَأَكْثَرَ (لَمْ يَقْضِ فِي الْأَظْهَرِ إنْ وَضَعَ) السَّاتِرَ (عَلَى طُهْرٍ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَقَدْ مَسَحَهُ بِالْمَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وُجُوبُهُ شَبِيهٌ بِالْخُفِّ، وَمَاسِحُهُ لَا يَقْضِي. وَالثَّانِي يَقُولُ: مَسَحَهُ لِلْعُذْرِ وَهُوَ نَادِرٌ غَيْرُ دَائِمٍ. (فَإِنْ وَضَعَ) السَّاتِرَ (عَلَى حَدَثٍ وَجَبَ نَزْعُهُ) إنْ أَمْكَنَ بِأَنْ لَا يَخَافَ مِنْهُ ضَرَرًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِيَتَطَهَّرَ فَيَضَعَهُ عَلَى طُهْرٍ فَلَا يَقْضِي كَمَا تَقَدَّمَ. (فَإِنْ تَعَذَّرَ) نَزْعُهُ لِخَوْفِ مَحْذُورٍ مِمَّا   [حاشية قليوبي] شَأْنِهَا الْفَقْدُ، فَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْفَقْدِ الْحِسِّيِّ وَالشَّرْعِيِّ وَالْعَاصِي بِهَا وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ رُخْصَةٌ) . قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّيَمُّمَ عَزِيمَةٌ، وَيَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُ الْمُقَابِلِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّارِحِ عَنْهُ لِذَلِكَ، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْمَرَضِ) وَلَوْ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ، وَكَالْمَرَضِ حَيْلُولَةُ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ خَوْفُ رَاكِبِ سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْوُقُوعِ فِيهِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ الْعَفْوِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ بَاطِلٌ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ مَعَ النَّجَاسَةِ كَمَا مَرَّ. فَالْقَضَاءُ لِبُطْلَانِهِ لَا لِلدَّمِ، وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَلَى دَمٍ طَرَأَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ أَوْ عَلَى أَنَّ فِي مَفْهُومِ الْكَثِيرِ تَفْصِيلًا وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُفِيدُ صِحَّةَ التَّيَمُّمِ، بَلْ عَدَمُ الْعَفْوِ صَرِيحٌ فِي بُطْلَانِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ) أَيْ فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِالْأَعْضَاءِ) أَيْ غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ. كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَأَخْذُ السَّاتِرِ بِقَدْرِ الِاسْتِمْسَاكِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (عَلَى طُهْرٍ) أَيْ مِنْ الْحَدَثَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَلَا يَكْفِي طُهْرُ عُضْوِ السَّاتِرِ. مَثَلًا خِلَافًا لِلسَّنْبَاطِيِّ تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى حَدَثٍ) أَيْ أَوْ عَلَى طُهْرٍ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ النَّزْعِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَعَذَّرَ) أَيْ فِي الْوَضْعِ عَلَى الْحَدَثِ. قَوْلُهُ: (لِنَقْصِ الْبَدَلِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ سَاتِرٌ، وَلَكِنْ   [حاشية عميرة] يَشْمَلُ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَيَتَكَلَّفُ الشَّخْصُ التَّوَجُّهَ إلَى الْقَبْرِ لِيُعِيدَ الصَّلَاةَ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عَلَيْهَا بِالتَّيَمُّمِ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ لِلْمَشَقَّةِ. نَعَمْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ ابْنُ خَيْرَانِ أَنَّ الْمُقِيمَ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ بِالتَّيَمُّمِ عَلَى الْجِنَازَةِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ يَمَّمَ الْمَيِّتَ وَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ وَجَبَ غُسْلُهُ لِأَنَّهُ خَاتِمَةُ أَمْرِهِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ، وَلَكِنْ نَازَعَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ، وَحَمَلَهُ عَلَى الْحَضَرِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الْمُتَيَمِّمُ لِفَقْدِهِ) وَلَوْ لِظَمَأٍ أَوْ سَبُعٍ أَوْ آلَةِ الِاسْتِقَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِوُجُوبِ تَيَمُّمِهِ) أَيْ وَإِذَا وَجَبَ صَارَ عَزِيمَةً لَا رُخْصَةً ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَعَلَّلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَ فِعْلُهُ خَرَجَ عَنْ مُضَاهَاةِ الرُّخَصِ الْمَحْضَةِ، ثُمَّ مَحَلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْفَقْدُ حِسِّيًّا، فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا وَأَرَادَ التَّيَمُّمَ لِمَرَضٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ، ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَنُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْإِقَامَةِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ الْعِبْرَةُ بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ أَوْ الصَّلَاةِ الَّذِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْأَوَّلُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ وَإِنْ كَانَ حُكْمُ السَّفَرِ نَافِيًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّالِثُ يَقْضِي الْحَاضِرُ دُونَ الْمُسَافِرِ) يَدُلُّ لَهُ قَضِيَّةُ عَمْرٍو إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالْقَضَاءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ جَائِزٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِعُمُومِ الْمَرَضِ) أَيْ فَكَانَ مُسْقِطًا لِلْمَشَقَّةِ كَمَا أَنَّ الْحَيْضَ لِعُمُومِهِ أَسْقَطَ الْقَضَاءَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَمَا سَيَأْتِي لَهُ) أَيْ لِلرَّافِعِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى طُهْرٍ) هَلْ الْمُرَادُ طُهْرٌ كَامِلٌ أَوْ طُهْرُ ذَلِكَ الْعُضْوِ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَالْخُفِّ نَعَمْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْمُحْدِثَ حَدَثًا أَصْغَرَ لَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (قَضَى) مَعَ مَسْحِهِ بِالْمَاءِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِانْتِفَاءِ شَبَهِهِ حِينَئِذٍ بِالْخُفِّ. وَالثَّانِي لَا يَقْضِي لِلْعُذْرِ. وَالْخِلَافُ فِي الْقِسْمَيْنِ فِيمَا إذَا كَانَ السَّاتِرُ عَلَى غَيْرِ مَحَلِّ التَّيَمُّمِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى مَحَلِّهِ قَضَى قَطْعًا لِنَقْصِ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالرَّافِعِيِّ عَنْ جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَالَ: إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ، انْتَهَى. وَابْنُ الْوَكِيلِ قَالَ: الْخِلَافُ فِي الْقَضَاءِ إذَا لَمْ نَقُلْ يَتَيَمَّمُ، فَإِنْ قُلْنَا يَتَيَمَّمُ وَتَيَمَّمَ فَلَا قَضَاءَ قَطْعًا، وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ بِتَعْبِيرِهِ بِالْمَشْهُورِ الْمُشْعِرُ بِضَعْفِ الْخِلَافِ عَنْ تَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ بِأَصَحِّ الطَّرِيقَيْنِ. وَالثَّانِيَةُ حَاكِيَةٌ لِلْقَوْلَيْنِ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ حِكَايَةُ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، الْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ وُضِعَ عَلَى طُهْرٍ فَلَا إعَادَةَ وَإِلَّا وَجَبَتْ، انْتَهَى. وَعَلَى الْمُخْتَارِ السَّابِقِ لَهُ لَا تَجِبُ. (بَابُ الْحَيْضِ) وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ (أَقَلُّ سِنِّهِ تِسْعُ سِنِينَ) قَمَرِيَّةٍ تَقْرِيبًا، فَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ قَبْلَ تَمَامِ التِّسْعِ بِمَا لَا يَسَعُ   [حاشية قليوبي] لَمْ يُمْكِنْهُ إمْسَاسُ مَحَلِّ الْعِلَّةِ بِالتُّرَابِ، أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَغْنَى إلَخْ) أَيْ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمَشْهُورِ يُشْعِرُ بِأَنَّ مُقَابِلَهُ مِنْ الْخِلَافِ غَيْرُ قَوِيٍّ، سَوَاءٌ كَانَ طُرُقًا أَوْ أَقْوَالًا فَآثَرَ التَّعْبِيرَ بِهِ عَنْ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ، أَوْ الْأَظْهَرِ، كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. بَابُ الْحَيْضِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ، فَهُوَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَلَيْسَ مَعِيبًا. وَالْحَيْضُ لُغَةً السَّيَلَانُ، يُقَالُ: حَاضَ الْوَادِي إذَا سَالَ. وَشَرْعًا دَمُ جِبِلَّةٍ أَيْ طَبِيعَةٍ يَخْرُجُ مِنْ أَقْصَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ، وَتَعَدُّدُ الْفَرْجِ يُعْتَبَرُ بِمَا فِي الْحَدَثِ وَحِكْمَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ، أَنَّهُ لَمَّا سَالَ مَاءُ الشَّجَرَةِ حِينَ كَسَرَتْهَا حَوَّاءُ فِي الْجَنَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا: لَأُدْمِيَنَّكِ كَمَا أَدْمَيْتهَا، فَأَوَّلُ وُجُودِهِ كَانَ فِيهَا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ أَوَّلُ وُجُودِهِ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ يُحْمَلُ عَلَى أَوَّلِ ظُهُورِهِ وَانْتِشَارِهِ. وَالِاسْتِحَاضَةُ. وَيُقَالُ لَهَا: دَمُ فَسَادٍ لُغَةً كَالْحَيْضِ وَشَرْعًا دَمُ عِلَّةٍ يَخْرُجُ مِنْ أَدْنَى رَحِمِ الْمَرْأَةِ مِنْ عِرْقٍ يُقَال لَهُ: الْعَاذِلُ بِمُعْجَمَةٍ أَوْ مُهْمَلَةٍ، وَبِالرَّاءِ بَدَلَ اللَّامِ مَعَ الْإِعْجَامِ. وَالنِّفَاسُ لُغَةً الْوِلَادَةُ وَاصْطِلَاحًا الدَّمُ الْخَارِجُ عَقِبَ فَرَاغِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ، وَقَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَمَا بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ حَيْضٌ فِي وَقْتِهِ، وَدَمُ فَسَادٍ فِي غَيْرِهِ، وَكَذَا مَا يَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ وَسُمِّيَ نِفَاسًا لِأَنَّهُ عَقِبُ نَفْسٍ غَالِبًا يُقَالُ: نَفِسَتْ الْمَرْأَةُ بِضَمِّ النُّونِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا وَكَسْرِ الْفَاءِ، وَيُقَالُ لِلْحَائِضِ: نَفِسَتْ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، وَلِلْحَيْضِ عَشْرَةُ أَسْمَاءٍ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: حَيْضُ نِفَاسٌ دِرَاسٌ طَمْسُ إعْصَارٍ ... ضَحِكٌ عِرَاكٌ طَمْثُ إكْبَارِ وَاَلَّذِي يَحِيضُ مِنْ الْحَيَوَانِ ثَمَانِيَةٌ، كَمَا ذَكَرَهُ الْجَاحِظُ بِجِيمٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ وَظَاءٍ مُشَالَةٍ، أَرْبَعَةٌ بِاتِّفَاقٍ وَهِيَ الْمَرْأَةُ وَالْأَرْنَبُ وَالضَّبُعُ وَالْخُفَّاشُ، وَأَرْبَعَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَهِيَ النَّاقَةُ وَالْحُجْرَةُ أَيْ الْأُنْثَى مِنْ الْخَيْلِ. وَالْكَلْبَةُ وَالْوَزَغَةُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَعَلَّ مَعْنَى حَيْضِ غَيْرِ الْمَرْأَةِ رُؤْيَةُ دَمِهَا، وَلَيْسَ حَيْضًا حَقِيقَةً فَلَا يُعْتَبَرُ لَهُ أَقَلُّ وَلَا أَكْثَرُ وَلَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَحْكَامِ وَقَدْ جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: ثَمَانِيَةٌ فِي جِنْسِهَا الْحَيْضُ يَثْبُتُ ... وَلَكِنْ فِي غَيْرِ النِّسَاءِ لَا يُوَقَّتُ نِسَاءٌ وَخُفَّاشٌ وَضَبُعٌ وَأَرْنَبٌ ... كَذَا نَاقَةٌ وَزَغٌ وَحُجْرَةُ كَلْبَةِ   [حاشية عميرة] وَضَعَ اللُّصُوقَ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَجْنَبَ فَهُوَ وَضَعَ عَلَى طُهْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ) الَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَأَشْعَرَتْ بِهِ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ حِكَايَةَ طَرِيقَيْنِ أَظْهَرُهُمَا الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ. وَالثَّانِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَضْعِ عَلَى الطُّهْرِ لِلضَّرُورَةِ بِخِلَافِ الْخُفِّ، فَكَانَ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَابْنُ الْوَكِيلِ إلَخْ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّ كَلَامَهُ هَذَا فِي الْمَوْضُوعَةِ عَلَى حَدَثٍ. [بَابُ الْحَيْضِ] نَقَلَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْحَيْضَ أَوَّلُ وُقُوعِهِ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ انْتَهَى، وَقِيلَ: بَلْ وَقَعَ لِأُمِّنَا حَوَّاءَ عِنْدَ قَطْعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 حَيْضًا وَطُهْرًا فَهُوَ حَيْضٌ، أَوْ بِمَا يَسَعُهُمَا فَلَا. (وَأَقَلُّهُ) زَمَنًا (يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) أَيْ قَدْرُ ذَلِكَ مُتَّصِلًا كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةٍ تَأْتِي آخِرَ الْبَابِ. (وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ) يَوْمًا (بِلَيَالِيِهَا) وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ أَخْذًا مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، وَغَالِبُهُ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ كُلُّ ذَلِكَ بِالِاسْتِقْرَاءِ مِنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَأَقَلُّ طُهْرٍ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ) زَمَنًا (خَمْسَةَ عَشَرَ) يَوْمًا لِأَنَّ الشَّهْرَ لَا يَخْلُو عَادَةً عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ، وَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ أَقَلُّ الطُّهْرِ كَذَلِكَ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ عَنْ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا تَقَدَّمَ الْحَيْضُ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَوْ تَأَخَّرَ بِأَنْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَقَلُّ سِنِّهِ تِسْعُ سِنِينَ) . وَغَالِبُهُ عِشْرُونَ سَنَةً وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ، وَقِيلَ سِتُّونَ سَنَةً وَلَفْظُ " تِسْعُ " فِي كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ مَرْفُوعٌ. مِنْ الْخَبَرِ الْمُفْرَدِ عَنْ أَقَلَّ لَا مَنْصُوبٌ ظَرْفًا مِنْ الْخَبَرِ الْجُمْلَةِ عَنْهُ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ عَدَمَ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْأَقَلِّ، لِكَوْنِهِ مَظْرُوفًا فِي التِّسْعِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمَنْهَجِ فَقَوْلُهُ فِيهِ وَالتِّسْعُ مُبْتَدَأٌ وَلَيْسَتْ ظَرْفًا خَبَرُهُ، وَمَا قِيلَ مُبْتَدَأٌ أَيْضًا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ خَبَرُهُ، وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (قَمَرِيَّةٍ) مَنْسُوبَةٍ إلَى الْقَمَرِ لِاعْتِبَارِهَا بِهِ مِنْ حَيْثُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الشَّمْسِ، لَا مِنْ حَيْثُ رُؤْيَتُهُ هِلَالًا وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَخُمُسُ يَوْمٍ وَسُدُسُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَخَرَجَ بِهَا الشَّمْسِيَّةُ الْمَنْسُوبَةُ إلَى الشَّمْسِ، لِاعْتِبَارِهَا بِهَا مِنْ حَيْثُ حُلُولُهَا فِي نُقْطَةِ رَأْسِ الْحَمْلِ إلَى عَوْدِهَا إلَيْهَا، وَهِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَرُبْعُ يَوْمٍ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا جُزْءًا مِنْ ثَلَثِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِمَا يَسَعُهُمَا فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ حَيْضًا وَإِنْ اتَّصَلَ بِدَمٍ قَبْلَهُ، فَلَوْ رَأَتْ دَمًا عِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ آخِرِ التَّاسِعَةِ، فَأَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَجُزْءُ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِ الْعِشْرِينَ فَسَادٌ. (تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ هُنَا فِي شَرْحِهِ أَنَّ سِنَّ الْمَنِيِّ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى تَقْرِيبِيٌّ كَالْحَيْضِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُهُمَا مَنِيًّا فِي زَمَنٍ لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا حُكِمَ بِبُلُوغِهِ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ الشَّرْحِ فِي بَابِ الْحَجْرِ أَنَّهُ تَحْدِيدِيٌّ فِيهِمَا، وَهُوَ الْوَجْهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا لِأَنَّ الشَّيْءَ يُرَجَّحُ بِذِكْرِهِ فِي بَابِهِ، وَالْمَنِيُّ لَا يُقَدَّرُ بِوَقْتٍ مَحْدُودٍ. قَوْلُهُ: (يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) أَيْ مُتَوَالِيَيْنِ سَوَاءٌ اعْتَدَلَا أَوْ لَا، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ قَدْرَهُمَا إلَى دُخُولِ مَا لَوْ طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ، وَبِقَوْلِهِ مُتَّصِلًا إلَى أَنَّ الْأَقَلَّ حَقِيقَةً لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا مَعَ الِاتِّصَالِ. قَوْلُهُ: (كَمَا يُؤْخَذُ إلَخْ) . هُوَ رَاجِعٌ لِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْقَدْرِ، حَيْثُ اعْتَبَرُوا فِيمَا لَوْ تَخَلَّلَ نَقَاءٌ أَنْ لَا تَنْقُصَ أَوْقَاتُ الدِّمَاءِ عَنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَاعَةً، قَدْرَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، بِحَيْثُ لَوْ أُدْخِلَتْ قُطْنَةٌ فِي الْمَحَلِّ تَلَوَّثَتْ بِالدَّمِ، وَقَوْلُهُ: كَمَا يُؤْخَذُ إلَخْ. لَوْ قَالَ كَمَا يَأْتِي إلَخْ لَكَانَ حَسَنًا إذْ لَا يُؤْخَذُ الشَّيْءُ مِنْ نَفْسِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِالِاسْتِقْرَاءِ) أَيْ التَّامِّ فَلَوْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ امْرَأَةٍ بِأَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، لَمْ تُعْتَبَرْ وَاعْتِبَارُ الِاسْتِقْرَاءِ لِعَدَمِ ضَابِطٍ هُنَا، لِذَلِكَ شَرْعًا أَوْ لُغَةً فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِقَوْلِ الْأُصُولِيِّينَ بِتَقْدِيمِ الشَّرْعِ، ثُمَّ الْعُرْفِ ثُمَّ اللُّغَةِ. قَوْلُهُ: (لَا يَخْلُو عَادَةً) وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ غَالِبًا أَيْ جَرَتْ عَادَةُ النِّسَاءِ وَغَلَبَ فِيهِنَّ لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى حَيْضٍ، وَطُهْرٍ وَأَمَّا كَوْنُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَادَةٍ وَلَا غَلَبَةٍ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ، بِالْفَرْدِ النَّادِرِ فَاللُّزُومُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُنَافِي الْحُكْمَ فِي اعْتِبَارِ السِّنِينَ بِالْقَمَرِيَّةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) وَكَذَا بَيْنَ النِّفَاسَيْنِ كَأَنْ وَطِئَ عَقِبَ الْوِلَادَةِ، وَأَلْقَتْ عَلَقَةً بَعْدَ السِّتِّينَ أَكْثَرَ النِّفَاسِ لِدُونِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. قَوْلُهُ: (تَقَدَّمَ الْحَيْضُ) الْأَنْسَبُ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ   [حاشية عميرة] الشَّجَرَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تِسْعُ سِنِينَ) أَيْ إتْمَامُ التَّاسِعَةِ، وَقِيلَ: نِصْفُهَا، وَقِيلَ: الطَّعْنُ فِيهَا، وَهِيَ جَارِيَةٌ فِي إمْكَانِ بُلُوغِهَا بِالْإِنْزَالِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، فَتَمَامُ التَّاسِعَةِ، وَقِيلَ نِصْفُ الْعَاشِرَةِ، وَقِيلَ تَمَامُهَا، وَالْفَرْقُ حَرَارَةُ طَبْعِ النِّسَاءِ، ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (قَمَرِيَّةٌ) أَيْ هِلَالِيَّةٌ وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَسُدُسُ يَوْمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ} [البقرة: 189] . قَوْلُ الشَّارِحِ: (تَقْرِيبًا) وَقِيلَ تَحْدِيدًا، وَعَلَيْهِ فَقِيلَ يَضُرُّ بَقِيَّةُ الْيَوْمِ، وَقِيلَ إنْ رَأَتْ قَبْلَ التِّسْعِ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَبَعْدَهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً فَالْجَمِيعُ حَيْضٌ، وَإِنْ انْعَكَسَ فَلَيْسَ بِحَيْضٍ، وَإِنْ كَانَ يَوْمًا وَلَيْلَةً بَعْضُهُ قَبْلُ وَبَعْضُهُ بَعْدُ فَفِيهِ وَجْهَانِ وَالثَّانِي قَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَرَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ. قَوْلُهُ: (كَمَا يُؤْخَذُ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ مُتَّصِلًا. قَوْلُهُ أَيْضًا: (كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةٍ تَأْتِي) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالنَّقَاءُ بَيْنَ الْحَيْضِ إذْ قَضِيَّةُ جَعْلِ أَقَلِّ النَّقَاءِ الْمُتَخَلَّلِ بَيْنَ دِمَاءِ أَقَلِّ الْحَيْضِ حَيْضًا أَنْ لَا تَكُونَ دِمَاءُ الْأَقَلِّ الَّتِي تَخَلَّلَهَا ذَلِكَ النَّقَاءُ أَقَلَّ الْحَيْضِ فِي حَالَةِ تَخَلُّلِهِ بَلْ الْحَيْضُ هِيَ مَعَ ذَلِكَ النَّقَاءِ فَيُعْلَمُ بِلَا رَيْبٍ أَنَّ شَرْطَ تَحَقُّقِ أَقَلِّ الْحَيْضِ حَيْضًا فَقَطْ أَنْ يَكُونَ دِمَاءً مُتَّصِلَةً قَدْرَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ تَحَقُّقَ وُجُودِ الْأَقَلِّ فَقَطْ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الِاتِّصَالِ إذْ لَوْ فُرِضَ نَقَاءٌ فِي خِلَالِ دَمِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ زَادَ الْحَيْضُ عَنْ الْأَقَلِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (خَمْسَةَ عَشَرَ) ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّ أَكْثَرَ الْحَيْضِ عَشَرَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَخْذًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 رَأَتْ النُّفَسَاءُ أَكْثَرَ النِّفَاسِ وَانْقَطَعَ الدَّمُ ثُمَّ عَادَ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ) أَيْ الطُّهْرِ، وَغَالِبُهُ بَقِيَّةُ الشَّهْرِ بَعْدَ غَالِبِ الْحَيْضِ (وَيَحْرُمُ بِهِ) أَيْ بِالْحَيْضِ (مَا حَرُمَ بِالْجَنَابَةِ) مِنْ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا (وَعَبُورُ الْمَسْجِدِ إنْ خَافَتْ تَلْوِيثَهُ) بِالْمُثَلَّثَةِ بِالدَّمِ لِغَلَبَتِهِ أَوْ عَدَمِ إحْكَامِهَا الشَّدَّ، فَإِنْ أَمِنَتْ جَازَ لَهَا الْعُبُورُ كَالْجُنُبِ، (وَالصَّوْمُ وَيَجِبَ قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ) فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا لِلْمَشَقَّةِ فِيهِ بِكَثْرَتِهَا (وَمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا) أَيْ مُبَاشَرَتُهُ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ   [حاشية قليوبي] شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الصَّلَاةِ إلَخْ) وَتُثَابُ الْحَائِضُ عَلَى تَرْكِ مَا حَرُمَ عَلَيْهَا إذَا قَصَدَتْ امْتِثَالَ الشَّارِعِ فِي تَرْكِهِ لَا عَلَى الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ لَوْلَا الْحَيْضُ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ حَالَةَ عَزْمِهِ. قَوْلُهُ: (وَعُبُورُ الْمَسْجِدِ إنْ خَافَتْ تَلْوِيثَهُ) . الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ مَا يَشْمَلُ التَّوَهُّمَ، وَأَمَّا عُبُورُ غَيْرِ الْمَسْجِدِ كَالرِّبَاطِ، وَمِلْكِ الْغَيْرِ فَإِنَّمَا يَحْرُمُ مَعَ الظَّنِّ، وَيُكْرَهُ لَهَا عُبُورُ الْمَسْجِدِ مَعَ الْأَمْنِ لِغِلَظِ حَدَثِهَا، وَلِذَلِكَ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى فِي الْجُنُبِ. نَعَمْ لَا كَرَاهَةَ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى إذَا كَانَ لِحَاجَةٍ، كَقُرْبِ طَرِيقٍ. (تَنْبِيهٌ) كُلُّ مَنْ بِهِ نَجَاسَةٌ تُلَوِّثُ كَجِرَاحَةٍ نَضَّاحَةٍ لَهُ حُكْمُ الْحَائِضِ، فِيمَا ذُكِرَ سَوَاءٌ فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ، أَوْ فِعْلِهِ وَيَحْرُمُ إدْخَالُ النَّجَاسَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِبْقَاؤُهَا فِيهِ، وَمِنْهُ نَحْوُ قَمْلٍ مَيِّتٍ فِي مَلْبُوسٍ. نَعَمْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ فِي نَحْوِ نَعْلِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ نَحْوِ الْقَمْلِ حَيًّا مُطْلَقًا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِمَا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يَتَأَذَّى أَوْ يُؤْذِي وَإِلَّا فَيُكْرَهُ كَإِلْقَائِهِ فِي مَحَلٍّ فِيهِ تُرَابُ مَسْجِدٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَيَجُوزُ قَتْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ إنْ أَسْرَعَ بِإِخْرَاجِهِ وَيَجُوزُ الْفَصْدُ فِيهِ إنْ لَمْ يُلَوِّثْ، وَأَسْرَعَ بِإِخْرَاجِهِ وَفَارَقَ حُرْمَةَ الْبَوْلِ فِيهِ، مُطْلَقًا وَلَوْ فِي إنَاءٍ لِلْعَفْوِ عَنْ جِنْسِ الدَّمِ، وَيَحْرُمُ تَقْذِيرُهُ بِالطَّاهِرَاتِ كَقُشُورِ الْبِطِّيخِ، وَإِلْقَاءِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ، وَيَجُوزُ الْوُضُوءُ فِيهِ، وَإِنْ وَقَعَ مَاؤُهُ فِي أَرْضِهِ لِعَدَمِ الِامْتِهَانِ فِي ذَلِكَ، وَيَحْرُمُ غَسْلُ نَجَاسَةٍ فِيهِ، وَبُصَاقٌ وَلَوْ بِقَطْعِ هَوَائِهِ لَا أَخَذَ مِنْ فَمِهِ بِثَوْبِهِ مَثَلًا، وَدَفْنُ الْبُصَاقِ فِيهِ مُكَفِّرٌ لِإِثْمِهِ. قَالَ شَيْخُنَا: ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَلَوْ فِي تُرَابِ مَنْ وَقَفَهُ أَوْ فِي حَصِيرِهِ أَوْ فِي خَزَائِنِهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالُهُ لِمِلْكِ غَيْرِهِ. (تَنْبِيهٌ آخَرُ) سَيَأْتِي أَنَّهُ يَحِلُّ لَهَا الطُّهْرُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ لَا قَبْلَهُ، فَيَحْرُمُ إلَّا لِاغْتِسَالٍ نِحْو حَجِّ وَعِيدٍ وَحُضُورِ جَمَاعَةٍ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَهَا الْوُضُوءُ لِتِلْكَ الْأَغْسَالِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، فَإِنْ قِيلَ: إنَّ الْجُنُبَ كَالْحَائِضِ لَا يَصِحُّ طُهْرُهُ حَالَةَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ، أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَنْعَ فِي الْحَيْضِ لِذَاتِهِ، وَلِذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى خُرُوجِهِ كَزَمَنِ الْتِقَاءٍ بَيْنَ دِمَائِهِ وَالْمَنْعُ فِي الْجُنُبِ لِوُجُودِ الْمُنَافِي، وَلِذَلِكَ صَحَّ مَعَ وُجُودِهِ فِي سَلَسِهِ وَيَجُوزُ لَهَا كُلُّ عِبَادَةٍ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ غَيْرُ مَا اُسْتُثْنِيَ. قَوْلُهُ: (وَالصَّوْمُ) فَرْضًا وَنَفْلًا أَدَاءً وَقَضَاءً وَتَحْرِيمُهُ تَعَبُّدِيٌّ، وَقِيلَ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهَا مُضْعِفَانِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِب قَضَاؤُهُ) أَيْ الصَّوْمِ أَيْ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، لِانْعِقَادِ سَبَبِهِ فِي حَقِّهَا، كَمَا فِي نَحْوَ النَّوْمِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الصَّلَاةِ) لَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا وَفَارَقَتْ الصَّوْمَ بِالْمَشَقَّةِ بِكَثْرَتِهَا وَبِأَنَّهَا لَمْ تُبْنَ عَلَى أَنْ تُؤَخَّرَ ثُمَّ تُقْضَى بَلْ إمَّا أَنْ لَا تَجِبَ أَوْ تَجِبَ وَلَا تُؤَخَّرُ، وَنَفْيُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ يُوهِمُ جَوَازَ قَضَائِهَا، لَكِنْ مَعَ كَرَاهَتِهَا تَنْزِيهًا خِلَافًا لِقَوْلِ الْبَيْضَاوِيِّ بِحُرْمَتِهَا، وَعَلَى كُلٍّ لَا تَنْعَقِدُ لَوْ فَعَلَتْهَا لِأَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا لَمْ تُطْلَبْ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا: كَالْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. فَقَالَ بِصِحَّتِهَا وَانْعِقَادِهَا عَلَى قَوْلِ الْكَرَاهَةِ الْمُعْتَمَدِ، وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، وَعَلَى الصِّحَّةِ فَلَهَا جَمْعُ صَلَوَاتٍ بِتَيَمُّمٍ، لِأَنَّهَا دُونَ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ مُبَاشَرَتُهُ) أَيْ مَسُّهُ بِلَا حَائِلٍ، وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ فَخَرَجَ النَّظَرُ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَخَرَجَ نَفْسُ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. وَلَفْظُ " مُبَاشَرَةُ " يَقْتَضِي حِلَّ وَطْئِهَا بِحَائِلٍ، وَمَسَّ شَعْرِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَسِّهَا بِشَعْرِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا مُبَاشَرَتُهُ بِشَيْءٍ مِمَّا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا فِي جَمِيعِ بَدَنِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهَا مِنْهَا، وَعَكْسُهُ وَلَوْ أَخْبَرَتْهُ بِالْحَيْضِ حَرُمَ عَلَيْهِ مُبَاشَرَتُهَا إنْ صَدَّقَهَا، وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا صَدَّقَهَا وَادَّعَتْ دَوَامَهُ صُدِّقَتْ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا حُضُورُ الْمُحْتَضَرِ، وَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ مَا مَسَّتْهُ بِطَبْخٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا فِعْلُهَا لَهُ وَلَا غَسْلُ الثِّيَابِ.   [حاشية عميرة] مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّوْمُ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ تَعَبُّدٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ كَوْنُهُ يُضْعِفُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا) أَيْ لِأَنَّهُ حَرِيمٌ لِلْوَطْءِ، وَأَمَّا الْوَطْءُ فَظَاهِرٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا جَوَازُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهِمَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ مُبَاشَرَتُهُ) هُوَ مُوَافِقٌ فِي ذَلِكَ لِعِبَارَةِ التَّحْقِيقِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَيَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالنَّظَرِ خِلَافًا لَمَّا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ الْمَنْعِ حَيْثُ عَبَّرُوا بِالِاسْتِمْتَاعِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْقِيَاسُ تَحْرِيمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 غَيْرُ الْوَطْءِ) وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ حُرْمَتُهُ فِي حَيْضِ مَمْسُوسَةٍ لِتَضَرُّرِهَا بِطُولِ الْمُدَّةِ، فَإِنَّ زَمَانَ الْحَيْضِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ يَحْرُمْ طَلَاقُهَا لِأَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا تَنْقَضِي بِوَضْعِ الْحَمْلِ. (فَإِذَا انْقَطَعَ) أَيْ الْحَيْضُ (لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ الْغُسْلِ) مِمَّا حَرُمَ (غَيْرُ الصَّوْمِ وَالطَّلَاقِ) فَيَحِلَّانِ لِانْتِفَاءِ مَانِعِ الْأَوَّلِ، وَالْمَعْنَى الَّذِي حَرُمَ لَهُ الثَّانِي، وَلَفْظَةُ الطَّلَاقِ زَادَهَا عَلَى الْمُحَرَّرِ، وَقَالَ: إنَّهَا زِيَادَةٌ حَسَنَةٌ. (وَالِاسْتِحَاضَةُ) وَهِيَ أَنْ يُجَاوِزَ الدَّمُ أَثَرَ الْحَيْضِ وَيَسْتَمِرَّ (حَدَثٌ دَائِمٌ كَالسَّلَسِ) أَيْ سَلَسِ الْبَوْلِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ (فَلَا تَمْنَعُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ) لِلضَّرُورَةِ، (فَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا وَتَعْصِبُهُ) وُجُوبًا بِأَنْ تَشُدَّهُ بَعْدَ حَشْوِهِ مَثَلًا بِخِرْقَةٍ مَشْقُوقَةِ الطَّرَفَيْنِ تُخْرِجُ أَحَدَهُمَا إلَى بَطْنِهَا، وَالْآخَرَ إلَى صُلْبِهَا، وَتَرْبِطُهُمَا بِخِرْقَةٍ تَشُدُّهَا عَلَى وَسَطِهَا كَالتِّكَّةِ، وَإِنْ تَأَذَّتْ بِالشَّدِّ تَرَكَتْهُ، وَإِنْ كَانَ الدَّمُ قَلِيلًا يَنْدَفِعُ بِالْحَشْوِ فَلَا حَاجَةَ لِلشَّدِّ، وَإِنْ كَانَتْ صَائِمَةً تَرَكَتْ الْحَشْوَ نَهَارًا وَاقْتَصَرَتْ عَلَى الشَّدِّ فِيهِ. (وَتَتَوَضَّأُ وَقْتَ الصَّلَاةِ) كَالْمُتَيَمِّمِ (وَتُبَادِرُ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ) الْوَطْءُ فِي الْحَيْضِ كَبِيرَةٌ وَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ وَلَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ إلَّا فِي زَمَنٍ. يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ بِجَوَازِهِ، نَعَمْ قَالَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِهِ لِمَنْ خَافَ الْعَنَتَ فَرَاجِعْهُ، وَيُنْدَبُ لِمَنْ وَطِئَ فِيهِ وَلَوْ بِزِنًا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ أَوْ مَا يُسَاوِيهِ إنْ وَطِئَ فِي إقْبَالِهِ، وَبِنِصْفِ دِينَارٍ فِي إدْبَارِهِ كَذَلِكَ، وَيَتَكَرَّرُ التَّصَدُّقُ بِتَكْرَارِ الْوَطْءِ، وَالْمُرَادُ بِإِدْبَارِهِ زَمَنُ ضَعْفِهِ وَتَنَاقُضِهِ، وَبَعْدَهُ إلَى الْغُسْلِ كَذَلِكَ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ بِلَا عُذْرٍ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ، وَعَمَّمَهُ بَعْضُهُمْ فِي إتْيَانِ كُلِّ مَعْصِيَةٍ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) هُوَ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْحَيْضُ) وَمِثْلُهُ النِّفَاسُ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْغُسْلِ) الْأَوْلَى الطُّهْرُ لِيَشْمَلَ التَّيَمُّمَ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ الصَّوْمِ وَالطَّلَاقِ) أَيْ وَالطُّهْرُ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَعَلَّلَ الشَّارِحُ الْأَوَّلَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الثَّالِثَ، وَعَلَّلَ الثَّلَاثَةَ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ، وَهِيَ الْمَانِعُ فِي الصَّوْمِ وَطُولُ الْمُدَّةِ فِي الطَّلَاقِ وَالتَّلَاعُبُ فِي الطُّهْرِ، وَقِيلَ عِلَّةُ الْأَوَّلِ اجْتِمَاعُ الْمُضْعِفَيْنِ كَمَا مَرَّ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ فِي عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ. تَهَافُتٌ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى الطُّهْرَ مِنْ نَفْسِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ الطُّهْرِ إلَّا الطُّهْرُ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَثْنَاهُ مِنْ عُمُومِ مَا حَرُمَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ أَنْ تُجَاوِزَ إلَخْ) فِيهِ قُصُورٌ لِأَنَّ كُلَّ دَمٍ لَيْسَ فِي زَمَنِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ اسْتِحَاضَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِمَا، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى تَقْدِيمِهَا عَلَى النِّفَاسِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (حَدَثٌ دَائِمٌ) هُوَ بَيَانٌ لِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِهَا لَا تَفْسِيرٌ لَهَا لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنَّ سَلَسَ الْمَذْيِ أَوْ الْبَوْلِ أَوْ نَحْوِهِ يُسَمَّى اسْتِحَاضَةً وَلَا قَائِلَ بِهِ، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ هَذَا كَقَوْلِنَا الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ ذُو رِجْلَيْنِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ ذِي رِجْلَيْنِ إنْسَانًا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَمْنَعُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ) وَلَوْ نَفْلًا وَلَا غَيْرَهُمَا. فَلَهُ الْوَطْءُ وَلَوْ مَعَ جَرَيَانِ الدَّمِ، وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ إلَّا فِي مُتَحَيِّرَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَتَغْسِلُ) بِالْمَاءِ أَوْ تُمْسَحُ بِالْأَحْجَارِ. قَوْلُهُ: (وُجُوبًا) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الطَّلَبِ. قَوْلُهُ: (مَشْقُوقَةِ الطَّرَفَيْنِ) أَيْ أَوْ الطَّرَفِ الْمُقَدَّمِ فَقَطْ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَا بُدَّ فِي الْحَشْوِ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ الْقُطْنَةِ مَثَلًا بَارِزًا إلَى مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ، لِئَلَّا تَصِيرَ حَامِلَةً لِمُتَّصِلٍ بِنَجَسٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَأَذَّتْ) أَيْ وَلَوْ بِمُجَرَّدِ الْحَرْقَانِ تَرَكَتْهُ، وَكَلَامُهُ فِي الشَّدِّ وَمِثْلُهُ الْحَشْوُ وَلَا يَضُرُّ خُرُوجُ الدَّمِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَوَّثَ مَلْبُوسَهَا فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ خَاصَّةً، وَلَا يَجُوزُ لِنَحْوِ السَّلِسِ تَعْلِيقُ نَحْوِ قَارُورَةٍ لِيَقْطُرَ فِيهَا بَوْلُهُ مَثَلًا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ بَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِهِ. قَوْلُهُ: (صَائِمَةً) أَيْ وَلَوْ نَفْلًا تَرَكْت الْحَشْوَ نَهَارًا وَإِنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ وَتَحْشُو لَيْلًا، فَلَوْ أَصْبَحَتْ صَائِمَةً وَالْحَشْوُ بَاقٍ، فَهَلْ لَهَا نَزْعُهُ بِإِدْخَالِ أَصَابِعِهَا لِأَجْلِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ حَرِّرْهُ، كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ. وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ فِي شَرْطِ الْحَشْوِ.   [حاشية عميرة] مُبَاشَرَتِهَا لَهُ فِيمَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِوَطْءٍ) وَهُوَ كَبِيرَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ غَيْرُ الْوَطْءِ) أَيْ وَلَكِنْ يُكْرَهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْوَطْءُ فِي الْفَرْجِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ إلَخْ) تَوْطِئَةٌ لِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الطَّلَاقِ أَيْ إذَا كَانَتْ حُرْمَتُهُ مَعْلُومَةٌ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، فَكَأَنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَهِيَ أَنْ يُجَاوِزَ الدَّمُ أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَيَسْتَمِرَّ) فَسَّرَهَا بِهَذَا لِيُعْلِمَك أَنَّ قَوْلَهُ حَدَثٌ دَائِمٌ لَيْسَ تَفْسِيرًا لِلِاسْتِحَاضَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَدَثٌ دَائِمٌ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَيْسَ تَفْسِيرًا لِلِاسْتِحَاضَةِ بَلْ هُوَ حُكْمٌ إجْمَالِيٌّ، وَلَا يَلْزَمُ أَنَّ السَّلَسَ وَنَحْوَهُ اسْتِحَاضَةٌ، وَالسَّلَسُ بِفَتْحِ اللَّامِ مَصْدَرٌ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ ذَلِكَ: وَقَوْلُهُ كَسَلَسٍ لِلتَّشْبِيهِ لَا لِلتَّمْثِيلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَهُوَ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ) يُفِيدُك أَنَّ السَّلَسَ فِي الْمَتْنِ بِفَتْحِ اللَّامِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِأَنْ تَشُدَّهُ إلَخْ) يُسَمَّى ذَلِكَ تَلَجُّمًا وَاسْتِثْفَارًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مِنْ اللِّجَامِ وَثُفْرِ الدَّابَّةِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُمَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَإِنْ كَانَتْ صَائِمَةً تَرَكَتْ الْحَشْوَ نَهَارًا) أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 بِهَا) تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ (فَلَوْ أَخَّرْتَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَسِتْرٍ، وَانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا فَيَضُرُّ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يَضُرُّ كَالْمُتَيَمِّمِ (وَيَجِبُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ فَرْضٍ) كَالْمُتَيَمِّمِ لِبَقَاءِ الْحَدَثِ. (وَكَذَا تَجْدِيدُ الْعِصَابَةِ فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ لَمْ تَزُلْ عَنْ مَوْضِعِهَا وَلَا ظَهَرَ الدَّمُ جَوَانِبَهَا قِيَاسًا عَلَى تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا إلَّا إذَا زَالَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا زَوَالًا لَهُ وَقْعٌ، أَوْ ظَهَرَ الدَّمُ بِجَوَانِبِهَا، وَحَيْثُ قِيلَ بِتَجْدِيدِهَا فَتُجَدِّدُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ غَسْلِ الْفَرْجِ وَإِبْدَالِ الْقُطْنَةِ الَّتِي بِفَمِهِ. (وَلَوْ انْقَطَعَ دَمُهَا بَعْدَ الْوُضُوءِ وَلَمْ تَعْتَدْ انْقِطَاعَهُ وَعَوْدَهُ أَوْ اعْتَادَتْ) ذَلِكَ (وَوَسِعَ زَمَنُ الِانْقِطَاعِ) بِحَسَبِ الْعَادَةِ (وُضُوءًا وَالصَّلَاةَ) بِأَقَلَّ مَا يُمْكِنُ (وَجَبَ الْوُضُوءُ) أَمَّا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى فَلِاحْتِمَالِ الشِّفَاءِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ عَوْدِ الدَّمِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِإِمْكَانِ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ مِنْ غَيْرِ مُقَارَنَةِ حَدَثٍ، فَلَوْ عَادَ الدَّمُ قَبْلَ إمْكَانِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ فِي الْحَالَتَيْنِ فَوَضْؤُهَا بَاقٍ بِحَالِهِ تُصَلِّي بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَسَعْ زَمَنُ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ صَلَاةَ الصَّائِمَةِ مَعَ تَرْكِ الْحَشْوِ صَحِيحَةٌ؛ كَصَوْمِهَا، فَمُرَاعَاةُ الصَّوْمِ إنَّمَا حَصَلَتْ بِتَرْكِ الْحَشْوِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ سُقُوطُ اسْتِشْكَالِ مَا هُنَا بِمَسْأَلَةِ الْخَيْطِ الْآتِيَةِ فِي الصَّوْمِ الَّتِي فِيهَا لُزُومُ بُطْلَانِ أَحَدِهِمَا، وَهِيَ مَا لَوْ ابْتَلَعَ خَيْطًا قَبْلَ الْفَجْرِ، وَأَصْبَحَ صَائِمًا وَطَرَفُهُ خَارِجٌ حَيْثُ رَاعَوْا فِيهَا الصَّلَاةَ، بِنَزْعِهِ لِصِحَّتِهَا لَا الصَّوْمَ بِبَقَائِهِ وَبُطْلَانِهَا، فَلَا حَاجَةَ لِلْجَوَابِ عَنْهَا لِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ، رُبَّمَا يَتَعَذَّرُ مَعَهَا قَضَاءُ الصَّوْمِ فَتَأَمَّلْ. (فَرْعٌ) قَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي وُضُوءِ دَائِمِ الْحَدَثِ تَقَدُّمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، لِأَنَّ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ قَوِيَّةٌ فَتَكُونُ طَهَارَةُ الْمُسْتَحَاضَةِ كَذَلِكَ، بَلْ إنَّهَا مِنْ أَفْرَادِهِ. قَوْلُهُ: (وَتَتَوَضَّأُ) أَوْ تَتَيَمَّمُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْفَاءِ فِي الْحَشْوِ وَالْعَصْبِ وَالْوُضُوءِ لَكَانَ أَوْلَى، كَمَا فَعَلَ، شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ لِإِفَادَةِ الْفَوْرِيَّةِ الْوَاجِبَةِ. قَوْلُهُ: (وَقْتَ الصَّلَاةِ) تَنَازَعَهُ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْغُسْلِ وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْمُتَيَمِّمِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ النِّيَّةُ وَمَا يُسْتَبَاحُ بِهِ، وَالْوَقْتُ وَتَثْلِيثُ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَنَحْوِهَا خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ، وَعُلِمَ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّهَا لَا تَغْتَسِلُ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُتَحَيِّرَةِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ تَحَقُّقُ عَدَمِ الْحَيْضِ فَرَاجِعْهُ، وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا صَلَاةُ الْفَرْضِ الَّذِي تَطَهَّرَتْ لَهُ فَلَوْ تَطَهَّرَتْ لِحَاضِرَةٍ فَتَذَكَّرَتْ فَائِتَةً أَوْ عَكْسُهُ، فَلَهَا فِعْلُ أَيِّهِمَا شَاءَتْ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ. قَوْلُهُ: (وَتُبَادِرُ) أَيْ وُجُوبًا وَيُغْتَفَرُ قَدْرُ مَا بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ، وَلَهَا فِعْلُ الرَّوَاتِبِ الْقَبَلِيَّةِ قَبْلَ الْفَرْضِ. قَوْلُهُ: (تَقْلِيلًا لِلْحَدَثِ) أَيْ لِلدَّمِ النَّازِلِ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ) أَيْ كَوْنِ صَلَاتِهَا جَمَاعَةً وَلَوْ بِوَاحِدٍ مَعَهَا وَذَهَابٍ لِمَسْجِدٍ وَنَحْوِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَإِجَابَتِهِمَا وَالْمُرَادُ بِالْأَذَانِ فِي حَقِّهَا إجَابَتُهُ أَوْ زَمَنُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَضُرَّ) أَيْ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ. وَإِنْ خَرَجَ بِهِ الْوَقْتُ. وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهَا. نَعَمْ إنْ كَانَتْ عَادَتُهَا الِانْقِطَاعَ بِقَدْرِ الطُّهْرِ وَالصَّلَاةِ امْتَنَعَ التَّأْخِيرُ. (فَرْعٌ) لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ النَّوَافِلَ الْمُؤَقَّتَةَ فِي الْوَقْتِ، وَبَعْدَهُ وَالْمُطْلَقَةُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ، قَالَ وَالِدُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا ظَهَرَ الدَّمُ) نَعَمْ يُعْفَى عَنْ قَلِيلٍ سَالَ مِنْهُ فَلَا يَجِبُ تَجْدِيدُ الْعَصَبِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْعِصَابَةِ فِيهِ تَجَوُّزٌ وَالْأَوْلَى الْعَصَبُ، وَلَوْ زَالَتْ الْعِصَابَةُ لِضَعْفِ الشَّدِّ أَوْ خَرَجَ الدَّمُ فِي الْحَشْوِ أَوْ شُفِيَتْ بَطَلَ الْوُضُوءُ، سَوَاءٌ وُجِدَ ذَلِكَ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ انْقَطَعَ دَمُهَا) وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ اعْتَادَتْ) أَيْ أَوْ أَخْبَرَهَا ثِقَةٌ. قَوْلُهُ: (وَوَسِعَ) رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ قَبْلَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (بِأَقَلَّ إلَخْ) أَيْ بِأَخَفَّ مُمْكِنٌ عَلَى الْعَادَةِ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ يُعْتَبَرُ فِي الْمُسَافِرَةِ رَكْعَتَانِ رُبَّمَا يُوهِمُ وُجُوبَ الْقَصْرِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْله: (وَجَبَ الْوُضُوءُ) وَكَذَا إعَادَةُ مَا صَلَّتْهُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلَوْ عَادَ الدَّمُ إلَخْ) فَلَوْ كَانَتْ تَوَضَّأَتْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ هَذَا الْوُضُوءِ الثَّانِي لِبَقَاءِ الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ كَانَ لِزَوَالِ الْحَدَثِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ   [حاشية عميرة] تُرَاعِ مَصْلَحَةَ الصَّلَاةِ لِدَوَامِ الِاسْتِحَاضَةِ، وَأَنَّ الْحَشْوَ لَا يُزِيلُ الدَّمَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ الْمُبْتَلَعِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَطَرَفُهُ خَارِجٌ، فَإِنَّ الْأَصَحَّ مُرَاعَاةُ الصَّلَاةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي لَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا) أَيْ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْأَمْرِ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ مَعَ اسْتِمْرَارِهَا بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِالطَّهَارَةِ مَعَ اسْتِمْرَارِ الْحَدَثِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْوَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهَا بِلَمْسٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا لَوْ أَرَادَتْ صَلَاةَ فَرْضٍ ثَانٍ، فَإِنَّ بَالَتْ وَجَبَ التَّجْدِيدُ قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ الْوُضُوءِ) أَيْ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ. قَوْل الشَّارِحِ: (فَوُضُوءُهَا بَاقٍ بِحَالِهِ) . قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: إلَّا إذَا جَدَدْت الْوُضُوءَ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ بِهَذَا الْعَوْدِ لِأَنَّهُ وُضُوءٌ أَزَالَ الْحَدَثَ فَتَأَثَّرَ بِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 الِانْقِطَاعِ إعَادَةَ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ صَلَّتْ بِوُضُوئِهَا، فَلَوْ امْتَدَّ الزَّمَنُ بِحَيْثُ يَسَعُ مَا ذُكِرَ وَقَدْ صَلَّتْ بِوُضُوئِهَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ. (فَصْلٌ) إذَا (رَأَتْ) دَمًا (لِسِنِّ الْحَيْضِ أَقَلُّهُ) فَأَكْثَرُ (وَلَمْ يَعْبُرْ أَكْثَرُهُ) أَيْ لَمْ يُجَاوِزْهُ (فَكُلُّهُ حَيْضٌ) أَسْوَدَ كَانَ أَوْ أَحْمَرَ أَوْ أَشْقَرَ مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ مُعْتَادَةً تَغَيَّرَتْ عَادَتُهَا أَوْ لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ طُهْرٍ كَأَنْ رَأَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَمًا ثُمَّ اثْنَيْ عَشَرَ نَقَاءً ثُمَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَمًا ثُمَّ انْقَطَعَ، فَالثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ دَمُ فَسَادٍ لَا حَيْضٌ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مُفَرَّقًا (وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (حَيْضٌ فِي الْأَصَحِّ) مُطْلَقًا لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ الْمُعْتَادِ إلَّا فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ فَهُوَ فِيهَا حَيْضٌ اتِّفَاقًا، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهِ حَيْضًا فِي غَيْرِهَا تَقَدُّمُ دَمٍ قَوِيٍّ مِنْ سَوَادٍ أَوْ حُمْرَةٍ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: وَتَأَخُّرُهُ عَنْهُ وَعَلَى هَذَيْنِ يَكْفِي أَيُّ قَدْرٍ مِنْ الْقَوِيِّ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ بَيْنَ الْمُبْتَدَأَةِ وَالْمُعْتَادَةِ. وَحِكَايَةُ وَجْهٍ فِي الْوَاقِعِ فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ بِاشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ   [حاشية قليوبي] بَقَاؤُهُ. قَوْلُهُ: (تَبَيَّنَ إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَتْ شَرَعَتْ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ فِي هَذِهِ، وَمَا قَبْلَهَا لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهَا. (تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ بُطْلَانِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ، فِيمَا ذُكِرَ إنْ خَرَجَ مِنْهَا دَمٌ فِي الْوُضُوءِ أَوْ بَعْدَهُ، قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ طَهَارَتُهَا وَتُصَلِّي بِهَا، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهَا وَلَا تَجِبُ إعَادَتُهَا لِعَدَمِ الْمَانِعِ تَأَمَّلْ. (تَنْبِيهٌ) مَنْ بِهِ جِرَاحَةٌ نَضَّاحَةٌ كَالْمُسْتَحَاضَةِ فِي وُجُوبِ الْغَسْلِ، وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. (فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَأَقْسَامِهَا) وَهِيَ سَبْعَةٌ كَمَا ذَكَرُوهَا بِقَوْلِهِمْ لِأَنَّهَا إمَّا مُبْتَدَأَةٌ أَوْ مُعْتَادَةٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا مُمَيِّزَةٌ أَوْ لَا، وَهَذِهِ إمَّا حَافِظَةٌ لِلْقَدْرِ وَالْوَقْتِ، أَوْ نَاسِيَةٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا، وَسَتَأْتِي زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (رَأَتْ) أَيْ الْأُنْثَى وَلَوْ بِوُجُودِهِ كَالْخُنْثَى إذَا حَاضَ لِأَنَّهُ يَتَّضِحُ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَقَلَّهُ) أَيْ قَدْرَ أَقَلِّهِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْبُرْ) أَيْ الدَّمُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ أَقَلَّهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِسِنِّ الْحَيْضِ زَمَنُهُ الَّذِي يُمْكِنُ وُجُودُهُ فِيهِ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ. بِقَوْلِهِ وَأَقَلُّ الطُّهْرِ إلَخْ، فَلَيْسَ وَارِدًا عَلَى كَلَامِهِ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَاهُ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ رَأَتْ إلَخْ) فَلَوْ رَأَتْ ثَلَاثَةً دَمًا ثُمَّ ثَلَاثَةً نَقَاءً ثُمَّ اثْنَيْ عَشَرَ دَمًا أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دَمًا ثُمَّ ثَلَاثَةً نَقَاءً، ثُمَّ ثَلَاثَةً دَمًا فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ فِيهِمَا أَنَّ حَيْضَهَا السَّابِقُ فَقَطْ، وَهُوَ الثَّلَاثَةُ فِي الْأُولَى، وَالِاثْنَا عَشَرَ فِي الثَّانِيَةِ، فَرَاجِعْهُ ثُمَّ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأُولَى بِأَنَّهَا حَيْضٌ فَقَطْ رُبَّمَا يُنَافِيهِ، مَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ مِنْ انْتِفَاءِ الْحَيْضِ، فَمَا لَوْ زَادَتْ أَوْقَاتُ الدِّمَاءِ مَعَ النَّقَاءِ بَيْنَهَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا سَيَأْتِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَوْقَاتِ الدِّمَاءِ، مِقْدَارُ حَيْضٍ كَامِلٍ كَمَا صَوَّرُوهُ أَوْ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَزِدْ أَوْقَاتُ الدَّمِ، وَالنَّقَاءِ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ فَرَاجِعْهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ انْقَطَعَ مَا لَوْ اسْتَمَرَّ فَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ كُلِّهِ حَيْضًا بِأَنْ لَمْ يَعْبُرْ مَا زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، فَلَا يَبْعُدُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كُلَّهُ حَيْضٌ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَكَانَتْ مُبْتَدَأَةً لَا مُمَيِّزَةً فَحَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَقَطْ، أَوْ كَانَتْ مُعْتَادَةً لَا مُمَيَّزَةً رُدَّتْ لِعَادَتِهَا، فَرَاجِعْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ حَيْضٌ) فَهُمَا مِنْ الدِّمَاءِ سَوَاءٌ اجْتَمَعَا مَعَ غَيْرِهِمَا، أَوْ انْفَرَدَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُجَاوِزْ الْمَجْمُوعُ خَمْسَةَ عَشَرَ. قَوْلُهُ: (وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَخْ) أَيْ فَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَيْهِ الْمُنَزَّلِ عَلَيْهَا، مَا فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (بِاشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ إلَخْ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنْ يُقَالَ وَتَأَخُّرِهِ عَنْهُ، وَعَلَى هَذَيْنِ يَكْفِي إنْ قُدِّرَ مِنْ الْقَوِيِّ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ   [حاشية عميرة] (فَصْلٌ) قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَأَكْثَرَ) انْدَفَعَ بِهَذَا مَا قِيلَ: أَقَلُّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْبُرَ أَكْثَرُهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَوْ مُعْتَادَةً) رَأَتْ الدَّمَ بِصِفَةٍ أَوْ بِصِفَتَيْنِ وَلَوْ تَأَخَّرَ الْقَوِيُّ لِأَنَّ الْفَرْضَ عَدَمُ عُبُورِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ أَيَّامِ الْمُعْتَادَةِ هَذَا بِعُمُومِهِ يُفِيدُك أَنَّ الْخِلَافَ ثَابِتٌ فِي الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ الْوَاقِعَتَيْنِ لِلْمُعْتَادَةِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ عَادَتِهَا وَلِلْمُبْتِدَأَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَغَيْرِهَا، وَظَاهِرُهُ اقْتِضَاءُ اسْتِوَاءِ الْخِلَافِ فِي الْكُلِّ وَاَلَّذِي فِي الْقِطْعَةِ الْحَالُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ مُبْتَدَأَةً فَإِذَا رَأَتْ صُفْرَةً أَوْ كُدْرَةً فَلِلْوَاقِعِ فِي مَرَدِّهَا حُكْمُ الْوَاقِعِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْعَادَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقِيلَ حُكْمُ الْوَاقِعِ فِي الْعَادَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُ هَذَا التَّصْوِيرِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ، فَلَوْ رَأَتْ الْمُبْتَدِأَةُ ذَلِكَ وَلَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَ الْحَيْضِ فَهَلْ يَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَوْ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ كَالْوَاقِعِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْعَادَةِ مَحَلُّ نَظَرٍ، انْتَهَى. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِنْ سَوَادٍ أَوْ حُمْرَةٍ) اقْتِصَارُهُ عَلَيْهِمَا يَقْتَضِي أَنَّ تَقَدُّمَ الشُّقْرَةِ لَا يَكْفِي. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بَيْنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 دَمٍ أَسْوَدَ أَوْ أَحْمَرَ عَلَيْهِ مُعْتَرِضًا بِذَلِكَ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فِي نَفْيِهِمْ الْخِلَافَ فِيهِ (فَإِنْ عَبَرَهُ) أَيْ عَبَرَ الدَّمُ أَكْثَرَ الْحَيْضِ أَيْ جَاوَزَهُ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ مَنْ عَبَرَ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَهِيَ الْمُسْتَحَاضَةُ (مُبْتَدَأَةً) أَيْ أَوَّلَ مَا ابْتَدَأَهَا الدَّمُ (مُمَيِّزَةً بِأَنْ تَرَى قَوِيًّا وَضَعِيفًا) بِشُرُوطِهِمَا الْآتِيَةِ كَالْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ، فَهُوَ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَسْوَدِ قَوِيٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَشْقَرِ وَالْأَشْقَرُ أَقْوَى مِنْ الْأَصْفَرِ، وَمِنْ الْأَكْدَرِ إذَا جُعِلَا حَيْضًا، وَمَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ أَقْوَى مِمَّا لَا رَائِحَةَ لَهُ وَالثَّخِينُ أَقْوَى مِنْ الرَّقِيقِ، فَالْمُنْتِنُ أَوْ الثَّخِينُ مِنْ الْأَسْوَدَيْنِ مَثَلًا أَقْوَاهُمَا، وَالْمُنْتِنُ الثَّخِينُ مِنْهُمَا أَقْوَى مِنْ الْمُنْتِنِ أَوْ الثَّخِينِ (فَالضَّعِيفُ اسْتِحَاضَةٌ وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ إنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ أَقَلِّهِ وَلَا عَبَرَ أَكْثَرُهُ وَلَا نَقَصَ الضَّعِيفُ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ) بِأَنْ يَكُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مُتَّصِلَةً فَأَكْثَرَ تَقَدَّمَ الْقَوِيُّ   [حاشية قليوبي] عَلَى الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي تَقَدُّمُ الْأَصْغَرِ وَإِلَّا كُدِّرَ، وَلَعَلَّهُ لِمَحَلِّ الِاتِّفَاقِ وَالدَّمُ الْخَارِجُ مَعَ طَلْقِهَا، لَيْسَ بِحَيْضٍ إنْ لَمْ يَقَعْ فِي زَمَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، كَمَا لَوْ مَاتَتْ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَلِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَلِدْ لَاسْتَمَرَّ حُكْمُ الْحَيْضِ، وَإِنَّمَا انْقَطَعَ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِالنِّفَاسِ، لِأَنَّهُ عَارِضٌ قَوِيٌّ وَلَا يُوصَفُ الدَّمُ الْوَاحِدُ بِكَوْنِهِ حَيْضًا وَنِفَاسًا مَعًا، كَذَا قَالُوهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ أَوَّلَ مَا ابْتَدَأَهَا الدَّمُ) أَيْ فَهِيَ بِفَتْحِ الدَّالِ اسْمُ مَفْعُولٍ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ فِي كَلَامِهِمْ ابْتَدَأَهُ الشَّيْءُ، وَإِنَّمَا هِيَ بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ مُبْتَدِئَةً فِي الدَّمِ. قَوْلُهُ: (بِشُرُوطِهِمَا) هُوَ قَيْدٌ لِلْحُكْمِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالضَّعِيفُ إلَخْ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالشَّارِحِ أَنَّهُ قَيْدٌ لِتَسْمِيَتِهَا مُمَيِّزَةً كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَقْوَاهُمَا) وَالْأَصْفَرُ أَقْوَى مِنْ الْأَكْدَرِ، فَإِنْ تَسَاوَى الدَّمَانِ عُمِلَ بِالْأَسْبَقِ. قَوْلُهُ: (وَالضَّعِيفُ اسْتِحَاضَةٌ) أَيْ وَإِنْ طَالَ وَتَمَادَى سِنِينَ، كَمَا لَوْ رَأَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَسْوَدَ ثُمَّ أَطْبَقَتْ الْحُمْرَةُ. نَعَمْ لَوْ رَأَتْ قَوِيًّا وَضَعِيفًا وَأَضْعَفَ فَالْقَوِيُّ مَعَ مَا يُنَاسِبُهُ فِي الْقُوَّةِ مِنْ الضَّعِيفِ، حَيْضٌ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ، تَقَدُّمُ الْقَوِيِّ وَاتِّصَالُ الْمُنَاسِبِ لَهُ بِهِ، وَصَلَاحِيَّتُهُمَا مَعًا لِلْحَيْضِ كَخَمْسَةٍ أَسْوَدَ ثُمَّ خَمْسَةٍ أَحْمَرَ ثُمَّ أَطْبَقَتْ الصُّفْرَةُ، وَإِلَّا كَعَشْرَةٍ أَسْوَدَ ثُمَّ سِتَّةٍ أَحْمَرَ، ثُمَّ أَطْبَقَتْ الصُّفْرَةُ أَوْ خَمْسَةٍ أَحْمَرَ ثُمَّ خَمْسَةٍ أَسْوَدَ، ثُمَّ أَطْبَقَتْ الصُّفْرَةُ أَوْ خَمْسَةٍ أَسْوَدَ ثُمَّ خَمْسَةٍ أَصْفَرَ، ثُمَّ أَطْبَقَتْ الْحُمْرَةُ فَالْحَيْضُ فِي الْكُلِّ هُوَ الْأَسْوَدُ فَقَطْ، وَالْحُكْمُ عَلَى الْقَوِيِّ بِالْحَيْضِ وَالضَّعِيفِ بِالِاسْتِحَاضَةِ فِي أَيِّ زَمَنٍ وُجِدَا، بِهَذِهِ الشُّرُوطِ إذْ الْكَلَامُ فِيمَنْ دَامَ دَمُهَا، كَمَا يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ عَبَرَهُ إلَخْ. أَمَّا لَوْ انْقَطَعَ فَلَا تَأْتِي فِيهِ الشُّرُوطُ، وَلَا تَرِدُ عَلَيْهِ كَأَنْ رَأَتْ عَشْرَةً أَسْوَدَ وَعَشْرَةً أَحْمَرَ، وَانْقَطَعَ فَالْحَيْضُ الْعَشَرَةُ الْأَسْوَدُ وَثَبَتَ لَهَا بِهِ عَادَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ) أَيْ وَإِنْ تَخَلَّلَهُ نَقَاءٌ أَوْ ضَعِيفٌ، أَوْ عَقَبَهُ ضَعِيفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَنْقُصْ إلَخْ) هَذِهِ الشُّرُوطُ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْمُعْتَادَةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَا نَقَصَ الضَّعِيفُ إلَخْ) أَيْ لِإِمْكَانِ جَعْلِهِ طُهْرًا   [حاشية عميرة] الْمُبْتَدَأَةِ وَالْمُعْتَادَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ وَاقِعَتَيْنِ فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ وَحِكَايَةَ وَجْهٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْوَاقِعَ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْعَادَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي فِي الْإِسْنَوِيِّ عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ، أَحَدُهُمَا هَذَا الَّذِي نَقَلَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَالثَّانِي اشْتِرَاطُ دَمٍ قَوِيٍّ سَابِقٍ عَلَى الصُّفْرَةِ أَوْ لَاحِقٍ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا الْقَطْعُ بِعَدَمِ الْخِلَافِ فِي الْوَاقِعِ فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ أَوَّلَ مَا ابْتَدَأَهَا الدَّمُ) أَيْ فَهِيَ بِفَتْحِ الدَّالِ فِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ، وَتَوَقَّفَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي قَوْلِك: ابْتَدَأَهُ الشَّيْءُ، وَقَالَ: لَمْ أَجِدْهُ فِي اللُّغَةِ، وَعَلَيْهِ فَيَقْرَأُ فِي الْمَتْنِ بِكَسْرِ الدَّالِ، أَيْ ابْتَدَأَتْ فِي الدَّمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ تَرَى قَوِيًّا وَضَعِيفًا) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ مُمَيَّزَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالضَّعِيفُ اسْتِحَاضَةٌ) أَيْ وَإِنْ تَمَادَى سِنِينَ لِأَنَّ أَكْثَرَ الطُّهْرِ لَا حَدَّ لَهُ، صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حَبَشٍ «إذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضَةِ فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنْ الصَّلَاةِ، وَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي فَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (فَرْعٌ) لَوْ رَأَتْ خَمْسَةً أَسْوَدَ ثُمَّ أُطْلِقَتْ الْحُمْرَةُ فَالْعَشَرَةُ حَيْضٌ، وَكَذَا كُلُّ دَوْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ إذَا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْمُعْتَادَةِ الْمُمَيَّزَةِ كَمَا يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ) أَيْ مَعَ لَاحِقٍ لَهُ نِسْبِيٍّ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ أَقَلِّهِ إلَخْ) هَذِهِ الثَّلَاثَةُ شُرُوطٌ فِي تَحَقُّقِ التَّمْيِيزِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ تَمْيِيزُ مُبْتَدَأَةٍ أَوْ مُعْتَادَةٍ فَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ ذِكْرِهَا هُنَا عَدَمُ جَرَيَانِهَا فِي تَمْيِيزِ الْمُعْتَادَةِ الْآتِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا نَقَصَ الضَّعِيفُ إلَخْ) . قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّا نُرِيدُ أَنْ نَجْعَلَ الضَّعِيفَ طُهْرًا وَالْقَوِيَّ بَعْدَهُ حَيْضَةً أُخْرَى، وَإِنَّمَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إذَا بَلَغَ الضَّعِيفُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَمَثَّلَ الْإِسْنَوِيُّ لِذَلِكَ بِمَا لَوْ رَأَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَسْوَدَ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَحْمَرَ، ثُمَّ عَادَ السَّوَادُ، فَلَوْ أَخَذْنَا بِالتَّمْيِيزِ هُنَا وَاعْتَبَرْنَاهُ فَجَعَلْنَا الْقَوِيَّ حَيْضًا وَالضَّعِيفَ طُهْرًا وَالْقَوِيَّ بَعْدَهُ حَيْضًا آخَرَ يَلْزَمُ نُقْصَانُ الطُّهْرِ عَنْ أَقَلِّهِ، انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَيْضًا وَلَا نَقَصَ الضَّعِيفُ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 عَلَيْهِ أَوْ تَأَخَّرَ أَوْ تَوَسَّطَ كَأَنْ رَأَتْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ أَسْوَدَ ثُمَّ أَطْبَقَ الْأَحْمَرُ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَحْمَرَ، ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ أَسْوَدَ، أَوْ خَمْسَةً أَحْمَرَ ثُمَّ خَمْسَةً أَسْوَدَ، ثُمَّ بَاقِيَ الشَّهْرِ أَحْمَرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَأَتْ يَوْمًا أَسْوَدَ وَيَوْمَيْنِ أَحْمَرَ. وَهَكَذَا إلَى آخِرِ الشَّهْرِ لِعَدَمِ اتِّصَالِ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الضَّعِيفِ فَهِيَ فَاقِدَةٌ شَرْطَ تَمْيِيزٍ، وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا، وَفِي وَجْهٍ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ أَنَّ خَمْسَةَ الْأَحْمَرِ مَعَ خَمْسَةِ الْأَسْوَدِ حَيْضٌ (أَوْ مُبْتَدَأَةً لَا مُمَيِّزَةً بِأَنْ رَأَتْهُ بِصِفَةٍ أَوْ) بِصِفَتَيْنِ مَثَلًا لَكِنْ (فَقَدَتْ شَرْطَ تَمْيِيزٍ) مِنْ شُرُوطِهِ السَّابِقَةِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّ حَيْضَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَطُهْرَهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ) بَقِيَّةُ الشَّهْرِ. وَالثَّانِي تُحَيَّضُ غَالِبَ الْحَيْضِ سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً، وَقِيلَ: تَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، وَالْأَصَحُّ النَّظَرُ إلَى عَادَةِ النِّسَاءِ إنْ كَانَتْ سِتَّةً فَسِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةً فَسَبْعَةٌ، وَبَقِيَّةُ الشَّهْرِ طُهْرُهَا. وَالْعِبْرَةُ بِنِسَاءِ عَشِيرَتِهَا مِنْ الْأَبَوَيْنِ، وَقِيلَ: بِنِسَاءِ عَصَبَاتِهَا خَاصَّةً، وَقِيلَ: بِنِسَاءِ بَلَدِهَا وَنَاحِيَتِهَا، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَمَعْنَى مِنْ الْأَبَوَيْنِ، بِقَرِينَةِ الثَّانِي الْمُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ مَا فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَقَارِبِ مِنْ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ (أَوْ مُعْتَادَةٌ بِأَنْ   [حاشية قليوبي] بَيْنَ حَيْضَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَأَخَّرَ) لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ الْأَضْعَفُ بِالْأَقْوَى إلَّا إنْ تَقَدَّمَ الْأَقْوَى كَمَا مَرَّ. كَأَنْ رَأَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَحْمَرَ، ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ أَسْوَدَ، ثُمَّ أَطْبَقَتْ الصُّفْرَةُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَتَتْرُكُ الصَّلَاةَ شَهْرًا وَلَيْسَ لَنَا مَنْ تَتْرُكُهَا شَهْرًا إلَّا هَذِهِ، وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ، بِأَنَّهَا قَدْ تَتْرُكُهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَنِصْفًا، كَأَنْ تَرَى خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأَكْدَرِ ثُمَّ الْأَصْفَرِ ثُمَّ الْأَشْقَرِ، ثُمَّ الْأَحْمَرِ ثُمَّ الْأَسْوَدِ السَّاذَجِ، ثُمَّ الْأَسْوَدِ الْمُنْتِنِ فَقَطْ، ثُمَّ الْأَسْوَدِ الْمُنْتِنِ الثَّخِينِ، وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ الدَّوْرَ شَهْرٌ، وَقَدْ تَمَّ فَلَمْ يُنْظَرْ إلَى الْقُوَّةِ بَعْدَ تَمَامِهِ، فَهِيَ فَاقِدَةٌ شَرْطَ تَمْيِيزٍ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَحَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَطُهْرُهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ انْتَهَى، وَفِيهِ بَحْثٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ شُرُوطِهِ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ رَأَتْ عَشَرَةً أَسْوَدَ ثُمَّ عَشَرَةً أَحْمَرَ، ثُمَّ عَشَرَةً أَسْوَدَ، وَهَكَذَا فَيَقْتَضِي أَنَّ حَيْضَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا قَالُوهُ، فِيمَا لَوْ رَأَتْ خَمْسَةً دَمًا ثُمَّ عَشْرَةً نَقَاءً ثُمَّ عَشْرَةً دَمًا، حَيْضُهَا الْخَمْسَةُ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةُ لِوُقُوعِهِمَا فِي زَمَنِ الْحَيْضِ، وَهَلْ فَرْقٌ بَيْنَ النَّقَاءِ وَالدَّمِ الضَّعِيفِ، رَاجِعْهُ وَهَذَا فِيمَنْ عَرَفَتْ وَقْتَ ابْتِدَاءِ الدَّمِ، وَإِلَّا فَمُتَحَيِّرَةٌ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَوْ بِصِفَتَيْنِ) يُفِيدُ أَنَّ فَقَدَتْ عَطْفٌ عَلَى صِفَةٍ فَهِيَ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ، وَقِيلَ عَطْفٌ عَلَى لَا مُمَيِّزَةً فَهِيَ مُمَيِّزَةٌ مُقَيَّدَةٌ، بِفَقْدِ شَرْطٍ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا وَالْخِلَافُ فِي الِاسْمِ مُبْتَدَأٌ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ وَالثَّانِي أَقْعَدُ. قَوْلُهُ: (يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) أَيْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْله: (وَطُهْرُهَا) مَرْفُوعٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَهُ، وَقِيلَ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى حَيْضِهَا فَهُوَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْكِتَابِ، وَأَصْلِهِ، وَتَرَكَ التَّاءَ مِنْ الْعَدَدِ، لِأَنَّ الْمَعْدُودَ مَحْذُوفٌ أَوْ تَغْلِيبًا لِلَّيَالِيِ. قَوْلُهُ: (بَقِيَّةُ الشَّهْرِ) لَمْ يَقُلْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَهُ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا الشَّهْرُ الْهِلَالِيُّ كَمَا مَرَّ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْمُرَادُ شَهْرُ الْمُسْتَحَاضَةِ لِأَنَّ دَوْرَهَا ثَلَاثُونَ دَائِمًا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ هِلَالٍ، وَلَوْ طَرَأَ لَهَا تَمْيِيزٌ رُدَّتْ إلَيْهِ نَسْخًا لِلْمَاضِي بِالْمُنَجَّزِ. قَوْلُهُ: (تُحَيَّضُ) هُوَ بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ. قَوْلُهُ: (فَسَبْعَةٌ) فَإِنْ نَقَصَ كُلُّهُنَّ عَنْ السِّتَّةِ أَوْ زِدْنَ عَنْ السَّبْعَةِ حُيِّضَتْ مِثْلَهُنَّ، أَوْ اخْتَلَفْنَ فَسَبْعَةٌ أَيْضًا وَفِي كَلَامِ شَيْخِ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْأَغْلَبُ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا حُيِّضَتْ سِتًّا احْتِيَاطًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ) أَيْ بِأَنْ تَرَاهُ بِصِفَةٍ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (قَدْرًا وَوَقْتًا) وَإِنْ بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ أَوْ زَادَتْ عَادَتُهَا عَلَى تِسْعِينَ يَوْمًا   [حاشية عميرة] وَلَا نَقَصَ إلَخْ لِيُمْكِنَ جَعْلُهُ طُهْرًا بَيْنَ حَيْضَتَيْنِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ أَسْوَدَ) أَيْ فَهِيَ الْحَيْضُ فَلَوْ جَاوَزَ الْأَسْوَدُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَوْ مَعَ نَتِنٍ تُجَدِّدُ فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْأَخِيرَةَ فَهِيَ فَاقِدَةٌ شَرْطَ تَمْيِيزٍ خِلَافًا لِمَا فِي الْمُهِمَّاتِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْأَخِيرَةُ أَغْلَظَ مِمَّا قَبْلَهَا، نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِخِلَافِ مَا لَوْ رَأَتْ يَوْمًا أَسْوَدَ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّمْيِيزِ الْمُعْتَبَرِ وَإِنْ كَانَتْ جُمْلَةُ الضَّعِيفِ لَا تَنْقُصُ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَفِي وَجْهٍ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ إلَخْ) عَلَتْهُ الْحُمْرَةُ قَوِيَتْ بِالسَّبَقِ وَالسَّوَادُ بِاللَّوْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَظْهَرُ أَنَّ حَيْضَهَا إلَخْ) عِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّ سُقُوطَ الصَّلَاةِ عَنْهَا فِي هَذَا الْقَدْرِ مُحَقَّقٌ، وَفِيمَا عَدَاهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَلَيْسَ ثَمَّ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ تَمْيِيزٍ أَوْ عَادَةٍ ثُمَّ مَحَلٍّ، هَذَا إذَا عَلِمْت وَقْتَ ابْتِدَاءِ الدَّمِ وَإِلَّا فَمُتَحَيِّرَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَطُهْرُهَا) يَنْبَغِي أَنْ يُقْرَأَ بِالنَّصْبِ لِأَنَّا وَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى الْأَظْهَرِ لَنَا قَوْلٌ بِأَنَّ طُهْرَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ احْتِيَاطًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بَقِيَّةَ الشَّهْرِ) أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي تُحَيَّضُ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ كَمَا ضَبَطَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْعِبْرَةُ بِنِسَاءِ عَشِيرَتِهَا إلَخْ) . قَالَ الرَّافِعِيُّ فَهَلَّا اُعْتُبِرَ عَادَتُهُنَّ فِي الطُّهْرِ دُونَ بَقِيَّةِ الشَّهْرِ، وَلَوْ حَاضَتْ بَعْضُ الْعَشِيرَاتِ سِتًّا وَبَعْضُهُنَّ سَبْعًا اُعْتُبِرَ الْأَغْلَبُ فَإِنْ اسْتَوَى الْبَعْضَانِ أَوْ حَاضَ الْبَعْضُ دُونَ السِّتِّ وَالْبَعْضُ فَوْقَ السَّبْعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ) وَهِيَ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ (فَتُرَدُّ إلَيْهِمَا قَدْرًا وَوَقْتًا) بِأَنْ كَانَتْ حَافِظَةً لِذَلِكَ. (وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ) الْمُرَتَّبُ عَلَيْهَا مَا ذُكِرَ (بِمَرَّةٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الِابْتِدَاءِ، وَالثَّانِي بِمَرَّتَيْنِ لِأَنَّهَا مِنْ الْعَوْدِ، فَمَنْ حَاضَتْ خَمْسَةً فِي شَهْرٍ ثُمَّ سِتَّةً فِي آخَرَ، ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ رُدَّتْ إلَى الْخَمْسَةِ عَلَى الثَّانِي لِتَكَرُّرِهَا وَإِلَى السِّتَّةِ عَلَى الْأَوَّلِ. وَمَنْ حَاضَتْ خَمْسَةً ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ رُدَّتْ إلَيْهَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَهِيَ كَمُبْتَدَأَةٍ عَلَى الثَّانِي، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُهَذَّبِ (وَيُحْكَمُ لِلْمُعْتَادَةِ الْمُمَيِّزَةِ بِالتَّمْيِيزِ لَا الْعَادَةِ) الْمُخَالِفَةِ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهَا بِظُهُورِهِ، وَالثَّانِي يُحْكَمُ بِالْعَادَةِ، فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَبَقِيَّتُهُ طُهْرٌ فَرَأَتْ عَشَرَةً أَسْوَدَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَبَقِيَّتَهُ أَحْمَرَ حُكِمَ بِأَنَّ حَيْضَهَا الْعَشَرَةُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْخَمْسَةُ الْأُولَى مِنْهَا عَلَى الثَّانِي، وَالْبَاقِي عَلَيْهِمَا طُهْرٌ (أَوْ) كَانَتْ (مُتَحَيِّرَةً بِأَنْ نَسِيَتْ عَادَتَهَا قَدْرًا وَوَقْتًا) وَلَا تَمْيِيزَ (فَفِي قَوْلٍ كَمُبْتَدَأَةٍ) غَيْرِ مُمَيِّزَةٍ   [حاشية قليوبي] كَأَنْ لَمْ تَحِضْ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَبَقِيَّةُ السَّنَةِ طُهْرٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْعَوْدِ إلَخْ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ اسْتِدْلَالٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ لَفْظَ الْعَادَةِ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ انْتَهَى. وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الْعَادَةِ إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ، وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ اخْتِلَافِهَا، وَقَدْ ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَتْ فَإِنْ تَكَرَّرَ الدَّوْرُ وَانْتَظَمَتْ عَادَتُهَا وَنَسِيَتْ انْتِظَامَهَا، أَوْ لَمْ تَنْتَظِمْ أَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ الدَّوْرُ وَنَسِيَتْ النَّوْبَةَ الْأَخِيرَةَ فِيهِمَا حُيِّضَتْ أَقَلَّ النُّوَبِ وَاحْتَاطَتْ فِي الزَّائِدِ، انْتَهَى. وَمَعْنَى التَّكَرُّرِ عَوْدُ الدَّوْرِ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ نَظْمِ الْأَوَّلِ، وَمَعْنَى الِانْتِظَامِ كَوْنُ كُلِّ شَهْرٍ أَكْثَرَ مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ أَقَلَّ مِمَّا قَبْلَهُ، فَلَوْ رَأَتْ فِي شَهْرٍ خَمْسَةً ثُمَّ فِي شَهْرٍ سِتَّةً ثُمَّ فِي شَهْرٍ سَبْعَةً أَوْ عَكْسَهُ فَهَذَا انْتِظَامٌ فَإِنْ عَادَ الدَّوْرُ كَذَلِكَ فَهُوَ تَكْرَارٌ أَيْضًا، وَلَوْ رَأَتْ فِي شَهْرٍ سِتَّةً ثُمَّ فِي شَهْرٍ خَمْسَةً، ثُمَّ فِي شَهْرٍ سَبْعَةً فَهَذَا عَدَمُ انْتِظَامٍ، فَإِنْ عَادَ الدَّوْرُ كَذَلِكَ فَهُوَ تَكْرَارٌ أَيْضًا، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَيْنِ مِنْ الِانْتِظَامِ أَيْضًا لِتَوَافُقِ الدَّوْرَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ الدَّوْرُ بِأَنْ أَطْبَقَ الدَّمُ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تَكَرُّرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا انْتِظَامَ فِي الْأَخِيرِ، وَفِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ كُلِّهَا تُرَدُّ فِي كُلِّ شَهْرِ لِمَا يُقَابِلُهُ إنْ حَفِظَتْ ذَلِكَ وَإِلَّا حُيِّضَتْ أَقَلَّ النُّوَبِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ فِيمَا ذُكِرَ، وَاحْتَاطَتْ بِالْغُسْلِ بَعْدَ السِّتَّةِ وَالسَّبْعَةِ، وَلَوْ تَكَرَّرَ الدَّوْرُ مِنْ غَيْرِ تَوَافُقٍ كَأَنْ رَأَتْ فِي شَهْرٍ سَبْعَةً ثُمَّ فِي شَهْرٍ خَمْسَةً ثُمَّ فِي شَهْرٍ سِتَّةً ثُمَّ رَأَتْ فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ سِتَّةً ثُمَّ فِي الْخَامِسِ سَبْعَةً ثُمَّ فِي السَّادِسِ خَمْسَةً وَهَكَذَا رُدَّتْ إلَى النَّوْبَةِ الْأَخِيرَةِ إنْ حَفِظَتْهَا لِأَنَّهَا نَسَخَتْ مَا قَبْلَهَا وَإِلَّا احْتَاطَتْ كَمَا مَرَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَنْهَجِ الْمَذْكُورِ أَنَّهَا تَرُدُّ إلَى النَّوْبَةِ الْأَخِيرَةِ فِي قِسْمَيْ عَدَمِ الِانْتِظَامِ السَّابِقَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فِيهِمَا إلَى قِسْمَيْ عَدَمِ الِانْتِظَامِ وَعَدَمِ التَّكَرُّرِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ فِيهَا بِضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ، وَالْوَجْهُ الْأُولَى وَشُمُولُ كَلَامِهِ لِبَعْضِ صُوَرٍ لَيْسَتْ فِي كَلَامِهِمْ صَرِيحًا غَيْرُ مُضِرٍّ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِالتَّمْيِيزِ لَا الْعَادَةِ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا نَقَاءٌ أَوْ ضَعِيفٌ قَدْرَ أَقَلِّ الطُّهْرِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِمَا، فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ رَأَتْ فِي شَهْرٍ عِشْرِينَ ضَعِيفًا ثُمَّ خَمْسَةٍ قَوِيًّا فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ حَيْضٌ لِقُوَّتِهَا وَالْخَمْسَةُ الْأُولَى مِنْ الْعِشْرِينَ حَيْضٌ أَيْضًا لِوُقُوعِهَا فِي مَحَلِّ الْعَادَةِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: أَمَّا إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ طُهْرٍ كَأَنْ رَأَتْ بَعْدَ خَمْسَتِهَا أَيْ السَّابِقَةِ الَّتِي ثَبَتَتْ بِهَا الْعَادَةُ عِشْرِينَ ضَعِيفًا ثُمَّ خَمْسَةً قَوِيًّا ثُمَّ ضَعِيفًا فَقَدْرُ الْعَادَةِ أَيْ مِنْ أَوَّلِ الْعِشْرِينَ وَهُوَ خَمْسَةٌ حَيْضٌ أَيْ لِوُقُوعِهِ فِي مَحَلِّ الْعَادَةِ وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ آخَرُ أَيْ لِقُوَّتِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (حُكِمَ بِأَنَّ حَيْضَهَا الْعَشَرَةُ) ثُمَّ إنْ انْقَطَعَ الدَّمُ بَعْدَ شَهْرِ تِلْكَ الْعَشَرَةِ ثَبَتَ لَهَا بِهَا عَادَةٌ نَاسِخَةٌ لِلْأُولَى، فَلَوْ رَأَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ حُكِمَ بِأَنَّ حَيْضَهَا عَشَرَةٌ مِنْهُ فِي مَحَلِّ تِلْكَ الْعَشَرَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ رَجَعَتْ إلَى خَمْسَتِهَا الْأُولَى فَقَطْ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْعَادَةِ بِهَا مُحَقَّقٌ بِوُجُودِ الطُّهْرِ بَعْدَهَا بِخِلَافِ الْعَشَرَةِ فَقَوْلُهُمْ وَيَثْبُتُ لِلْمُعْتَادَةِ بِالتَّمْيِيزِ عَادَةٌ نَاسِخَةٍ لِلْأُولَى مَحْمُولٌ مَا إذَا انْقَطَعَ الدَّمُ بَعْدَهَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ سُقُوطُ مَا أَطَالَ بِهِ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُتَحَيِّرَةً) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَحَيُّرِهَا فِي أَمْرِهَا فَهِيَ بِكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ وَقِيلَ   [حاشية عميرة] رُدَّتْ إلَى السِّتِّ احْتِيَاطًا، فَإِنْ نَقَصَتْ عَادَتُهُنَّ كُلُّهُنَّ عَنْ السِّتِّ أَوْ زَادَتْ عَلَى السَّبْعِ فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ السِّتِّ فِي صُورَةِ النَّقْصِ وَالسَّبْعِ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى عَادَتِهِنَّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (ثُمَّ سِتَّةٌ فِي آخَرَ ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ) أَيْ فِي آخَرَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (حُكِمَ بِأَنَّ حَيْضَهَا الْعَشَرَةُ عَلَى الْأَوَّلِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُبْتَدَأَةَ الْمُمَيِّزَةَ ذَكَرُوا فِي شَأْنِهَا أَنَّ مَا بَعْدَ الْقَوِيِّ اسْتِحَاضَةٌ وَإِنْ تَمَادَى سِنِينَ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ هُنَا أَنَّ التَّمْيِيزَ يَنْسَخُ الْعَادَةَ السَّابِقَةَ وَيَثْبُتُ بِهِ عَادَةٌ جَدِيدَةٌ أَنَّ الْأَشْهُرَ الَّتِي تَلِي شَهْرَ التَّمْيِيزِ تَحِيضُ الْمَرْأَةُ فِيهَا عَلَى قَدْرِ مَا ثَبَتَ لَهَا بِالتَّمْيِيزِ، وَإِنْ أَطْبَقَتْ الدِّمَاءُ فِيهَا بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ يَشْكُلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُبْتَدَأَةِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: فَلْيُحْمَلْ قَوْلُهُمْ تَثْبُتُ الْعَادَةُ بِالتَّمْيِيزِ عَلَى مَنْ ثَبَتَ لَهَا بِهِ مَعَ الْحَيْضِ طُهْرٌ مُمَيَّزٌ عَنْ الدَّمِ الْمُطْبِقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ مُتَحَيِّرَةٍ إلَخْ) . قَالَ الرَّافِعِيُّ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 فَتُحَيَّضُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَطُهْرُهَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ عَلَى الْأَظْهَرِ السَّابِقِ (وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ) وَلَيْسَتْ كَالْمُبْتَدَأَةِ لِاحْتِمَالِ كُلِّ زَمَنٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ. (فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَالْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) لِاحْتِمَالِ الْحَيْضِ (وَتُصَلِّي الْفَرَائِضَ أَبَدًا) لِاحْتِمَالِ الطُّهْرِ. (وَكَذَا النَّفَلُ فِي الْأَصَحِّ) اهْتِمَامًا بِهِ وَالثَّانِي يَقُولُ: لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ (وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ) بَعْدَ   [حاشية قليوبي] بِفَتْحِهَا مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَالْأَصْلُ مُتَحَيَّرٌ فِي أَمْرِهَا، وَيُقَالُ لَهَا مُحَيِّرَةٌ بِكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ لِأَنَّهَا حَيَّرَتْ الْفَقِيهَ فِي أَمْرِهَا وَبِفَتْحِهَا لِأَنَّ الشَّارِعَ حَيَّرَهَا فِيهِ وَهِيَ مِنْ الْمُعْتَادَةِ لَكِنَّهَا نَاسِيَةٌ لِعَادَتِهَا قَدْرًا وَوَقْتًا أَوْ أَحَدُهُمَا، وَيَلْحَق بِهَا مَنْ شَكَّتْ فِي الْوَقْتِ أَوْ فِي أَنَّهَا مُبْتَدَأَةٌ أَوْ مُعْتَادَةٌ، فَلَوْ قَالَ كَأَنْ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ هَذِهِ الْأَقْسَامَ لَكِنَّهُ نَاظِرٌ إلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّ إطْلَاقَ الْمُتَحَيِّرَةِ عَلَى غَيْرِ النَّاسِيَةِ لَهُمَا مَجَازٌ أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاسْمُ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَتُحَيَّضُ) بِالتَّشْدِيدِ وَالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (يَوْمًا وَلَيْلَةً) أَيْ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ الْهِلَالِيِّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ وَقْتِ ابْتِدَائِهِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ شَهْرَ الْمُسْتَحَاضَةِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ) . قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: قَبْلَ سِنِّ الْيَأْسِ فَلَا يَجِبُ بَعْدَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ مِنْ رَدِّهَا لِعَادَتِهَا وَإِنَّ بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ لَهَا هُنَاكَ وَقْتَ حَيْضٍ مَعْلُومٍ فَاسْتُصْحِبَ بِخِلَافِهِ هُنَا فَتَأَمَّلْ. نَعَمْ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ. قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ) قَالَ بَعْضُهُمْ: إلَّا لِمَنْ خَافَ الْعَنَتَ بِالْأَوْلَى مِنْ جَوَازِهِ حِينَئِذٍ مَعَ الْحَيْضِ الْمُحَقَّقِ كَمَا مَرَّ وَغَيْرُ الْوَطْءِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ حَرَامٌ أَيْضًا وَإِنَّمَا خُصَّ الْوَطْءُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاتِّفَاقِ، وَتَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا، وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْفَسْخِ لِتَوَقُّعِ الْوَطْءِ بِالشِّفَاءِ. قَوْلُهُ: (وَالْقِرَاءَةُ) أَيْ بِقَصْدِ الْقُرْآنِ فَلَا حُرْمَةَ فِي الْإِطْلَاقِ أَوْ قَصْدِ الذِّكْرِ كَمَا فِي الْجُنُبِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِمْ وَتَدْفَعُ النِّسْيَانَ بِالنَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ أَوْ بِإِجْرَائِهِ عَلَى الْقَلْبِ أَوْ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ لِجَوَازِهَا فِيهَا وَلَوْ لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ لِطَلَبِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَانِعِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ الْجُنُبَ، لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِقِرَاءَتِهَا الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّا نَقُولُ إنْ كَانَتْ حَائِضًا فَصَلَاتُهَا غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهَا، فَلَا فَائِدَةَ فِي قَصْدِهَا وَإِلَّا فَقِرَاءَتُهَا مُعْتَدٌّ بِهَا بِلَا قَصْدٍ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ طَلَبَهُمْ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ اللَّازِمَ عَلَى قَوْلِهِمْ يَجُوزُ لَهَا قِرَاءَةُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ فِيهَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، بَلْ الْوَجْهُ تَرْكُهُ، وَلَيْسَ طَلَبُ السُّورَةِ مِنْهَا أَوْ إرَادَةُ الثَّوَابِ لَهَا مُحْوِجًا لِذَلِكَ مَعَ احْتِمَالِ الْحُرْمَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَتُصَلِّي) أَيْ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ كَمَا فِي الْجَنَابَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا كَمَا مَرَّ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ شَيْخِنَا إنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا دُخُولُهُ إلَّا لِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالتَّحِيَّةِ وَالطَّوَافِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْفَرَائِضَ) وَلَوْ نَذْرًا وَكِفَايَةً فَتَكْفِي صَلَاةُ الْجِنَازَةِ مِنْهَا وَيَسْقُطُ بِهَا الْحَرَجُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ مُتَطَهِّرٍ كَامِلٍ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَأَتْبَاعُهُ، وَيَتَّجِهُ خِلَافُهُ مُوَافَقَةً لِلْخَطِيبِ وَمَنْ تَبِعَهُ تُؤَخِّرُ لِمَا بَعْدُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا النَّفَلُ) مِنْ رَاتِبٍ وَغَيْرِهِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَبَعْدَهُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ إلَّا النَّفَلَ الْمُطْلَقَ بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَغَيْرُ الصَّلَاةِ مِثْلُهَا كَاعْتِكَافٍ وَطَوَافٍ مِنْ فَرْضٍ وَنَفْلٍ. قَوْلُهُ: (وَتَغْتَسِلُ) أَيْ تَتَطَهَّرُ لِكُلِّ   [حاشية عميرة] إنَّمَا تَخْرُجُ الْحَافِظَةُ لِلْقَدْرِ عَنْ التَّحَيُّرِ الْمُطْلَقِ بِحِفْظِ قَدْرِ الدَّوْرِ وَابْتِدَائِهِ وَقَدْرِ الْحَيْضِ، انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ نَسِيَتْ) يَعْنِي لَمْ تَعْلَمْ لِيَشْمَلَ مَنْ اعْتَرَاهَا الْجُنُونُ فِي الصِّغَرِ وَثَبَتَ لَهَا عَادَةً ثُمَّ أَفَاقَتْ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَا تَمْيِيزَ) أَمَّا مَعَ التَّمْيِيزِ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَفِي قَوْلٍ كَمُبْتَدَأَةٍ) أَيْ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا عِبْرَةَ بِالتَّحَيُّرِ بَلْ يُقْضَى بِأَنَّ حَيْضَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَطُهْرَهَا فِي بَاقِيهِ، وَلَا يَلْزَمُهَا احْتِيَاطٌ. نَعَمْ تُخَالِفُ الْمُبْتَدَأَةُ السَّابِقَةَ فِي أَنَّ حَيْضَ تِلْكَ مِنْ أَوَّلِ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَحَيْضَ هَذِهِ مِنْ أَوَّلِ الْهِلَالِ لِعَدَمِ عِلْمِ هَذِهِ بِأَوَّلِ ابْتِدَائِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَتُحَيَّضُ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَيْ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْمَنْسِيَّةَ لَا يُمْكِنُ اسْتِفَادَةُ الْحُكْمِ مِنْهَا فَتَكُونُ كَالْمَعْدُومَةِ، كَمَا أَنَّ التَّمْيِيزَ إذَا فَقَدَ بَعْضَ الشُّرُوطِ كَانَ كَالْعَدَمِ وَلِمَا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ الْمَشَقَّةِ، وَقَوْلُهُ: يَوْمًا وَلَيْلَةً، أَيْ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهِيَ دَعْوَى مُخَالَفَةٍ لِلْحِسِّ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْعُمْدَةُ فِي تَزْيِيفِ هَذَا الْقَوْلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَطُهْرُهَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ) أَيْ الْهِلَالِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ) لَكِنْ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ) أَيْ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ، وَلَا خِيَارَ لِأَنَّ وَطْأَهَا يُتَوَقَّعُ. (تَنْبِيهٌ) حُكْمُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ كَالْحَائِضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَلَوْ لِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا النَّفَلُ فِي الْأَصَحِّ) خِلَافُ نَفْلِ الصَّلَاةِ جَارٍ فِي نَفْلِ الصَّوْمِ وَالطَّوَافِ أَيْضًا لَكِنْ مَحَلُّ جَوَازِ النَّفْلِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ خِلَافًا لِمَا فِي الزَّوَائِدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِكُلِّ فَرْضٍ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 دُخُولِ وَقْتِهِ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِ الدَّمِ حِينَئِذٍ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ: فَإِنْ عَلِمَتْ وَقْتَ انْقِطَاعِهِ كَعِنْدَ الْغُرُوبِ لَزِمَهَا الْغُسْلُ كُلَّ يَوْمٍ عَقِبَ الْغُرُوبِ وَتُصَلِّي بِهِ الْمَغْرِبَ، وَتَتَوَضَّأُ لِبَاقِي الصَّلَوَاتِ، لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ عِنْدَ الْغُرُوبِ دُونَ مَا سِوَاهُ. (وَتَصُومُ رَمَضَانَ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً جَمِيعَهُ (ثُمَّ شَهْرَيْنِ كَامِلَيْنِ) بِأَنْ يَكُونَ رَمَضَانُ ثَلَاثِينَ، وَتَأْتِي بَعْدَهُ بِثَلَاثِينَ يَوْمًا مُتَوَالِيَةً (فَيَحْصُلُ) لَهَا (مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (أَرْبَعَةَ عَشَرَ) يَوْمًا، لِاحْتِمَالِ أَنْ تَحِيضَ فِيهِمَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ، وَيَطْرَأَ الدَّمُ فِي يَوْمٍ، وَيَنْقَطِعَ فِي آخَرَ فَتَفْسُدَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ رَمَضَانُ نَاقِصًا حَصَلَ لَهَا مِنْهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا. (ثُمَّ تَصُومُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) يَوْمًا (ثَلَاثَةً أَوَّلَهَا وَثَلَاثَةً آخِرَهَا فَيَحْصُلُ الْيَوْمَانِ الْبَاقِيَانِ) لِأَنَّ الْحَيْضَ إنْ طَرَأَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ صَوْمِهَا   [حاشية قليوبي] فَرْضٍ وَلَوْ كِفَايَةً وَلَا يَلْزَمُهَا الْمُبَادَرَةُ بِهِ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهُ وَحَرُمَ عَلَيْهَا. نَعَمْ إنْ أَخَّرَتْ إلَّا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ لَزِمَهَا الْوُضُوءُ. (تَنْبِيهٌ) اكْتِفَاؤُهُمْ بِالْغُسْلِ صَرِيحٌ فِي انْدِرَاجِ وُضُوئِهَا فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ غُسْلُهَا بَعْدَ الِانْقِطَاعِ فِي الْوَاقِعِ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِيهِ قَطْعًا وَإِلَّا فَهُوَ وُضُوءٌ بِصُورَةِ الْغُسْلِ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: بِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ فِي غُسْلِهَا لِأَنَّهُ لِلِاحْتِيَاطِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَيَرُدُّهُ أَيْضًا قَوْلُهُمْ إنَّهَا لَوْ نَوَتْ فِيهِ الْأَكْبَرَ كَفَاهَا لِأَنَّ جَهْلَ حَدَثِهَا جَعَلَهَا كَالْغَالِطَةِ، وَلَهَا فِعْلُ النَّفْلِ بِغُسْلِ الْفَرْضِ كَمَا عُلِمَ. (فَرْعٌ) قَالَ الشَّيْخُ الطَّبَلَاوِيُّ: لَوْ لَمْ تُحْدِثْ بَيْنَ الْغُسْلَيْنِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إرَادَةَ غَيْرِ حَدَثِهَا الدَّائِمِ لَا يَسْتَقِيمُ، وَحَيْثُ وَجَبَ الْغُسْلُ بِحَدَثِهَا الدَّائِمِ مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِهِ لَيْسَ حَيْضًا فَأَوْلَى أَنْ يَجِبَ الْوُضُوءُ لِتَحَقُّقِ كَوْنِهِ خَارِجًا وَلَوْ غَيْرَ حَيْضٍ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ وُجُودُهُ فِي الْمُعْتَادَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَحَيْثُ بَطَلَ بِالنِّسْبَةِ لِلْغُسْلِ فَأَوْلَى أَنْ يَبْطُلَ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُضُوءِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ) وَإِنَّمَا أَلْغَوْا هَذَا الِاحْتِمَالَ حَالَةَ الطَّهَارَةِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ وَفِيهَا لِأَنَّهُ لَا حِيلَةَ فِي دَفْعِهِ كَمَا أَلْغَوْا احْتِمَالَ طُرُوُّ الْحَيْضِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلَمْ يُوجِبُوا تَرْكَهَا وَلَا الْمُبَادَرَةَ بِهَا، وَقَبْلَ الطَّلَاقِ فَلَمْ يُحَرِّمُوهُ كُلَّ وَقْتٍ نَعَمْ قَدْ مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ حَيْضَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ الْهِلَالِيِّ، وَمُقْتَضَاهُ الْحُرْمَةُ فِيهِ قَطْعًا، وَالْجَوَازُ فِي بَقِيَّةِ الشَّهْرِ قَطْعًا، وَسَيَأْتِي فِي الْعَدَدِ أَنَّهَا لَوْ طَلُقَتْ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ أَكْثَرُ مِمَّا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِشَهْرَيْنِ بَعْدَ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ، وَمُقْتَضَاهُ الْحُرْمَةُ فِيهَا وَفِيمَا يُقَابِلُهَا مِنْ الشَّهْرَيْنِ قَطْعًا، وَأَلَحَّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ قَطْعًا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ. (تَتِمَّةٌ) قَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَصْحَابُ قَاطِبَةً عَلَى أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمُتَحَيِّرَةِ وَإِنْ صَلَّتْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ الشَّيْخَانِ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا، وَفِي كَيْفِيَّتِهِ طُرُقٌ تُطْلَبُ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ. قَوْلُهُ: (وَتَصُومُ رَمَضَانَ) أَيْ وُجُوبًا وَكَذَا كُلُّ صَوْمِ فَرْضٍ وَلَوْ نَذْرًا مُوَسَّعًا وَلَهَا صَوْمُ النَّفْلِ بِالْأَوْلَى مِنْ صَلَاتِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَامِلَيْنِ) حَالٌ مُؤَسِّسَةٌ وَصَحَّ مَجِيئُهَا مِنْ النَّكِرَةِ لِجَمْعِهَا مَعَ الْمَعْرِفَةِ، وَاعْتِبَارُ الْكَمَالِ فِيهِمَا لِقَوْلِهِ فَيَحْصُلُ مِنْ كُلٍّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ نَعَمْ إنْ سُبِقَتْ عَادَتُهَا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ لَيْلًا حَصَلَ مِنْ كُلٍّ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَلَا يَبْقَى عَلَيْهَا شَيْءٌ. قَوْلُهُ: (وَيَطْرَأُ الدَّمُ فِي يَوْمٍ إلَخْ) وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ، قَالُوا: وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْ كُلٍّ خَمْسَةَ عَشَرَ لِأَنَّ تَقْدِيرَ طَرَيَان الْحَيْضِ نَهَارًا تَقْدِيرٌ لِلْمُفْسَدِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَلِمَتْ الِانْقِطَاعَ لَيْلًا كَمَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ لَا يُنَاسِبُ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّهُ مِنْ تَقْدِيرِ طَرَيَان الْمُفْسَدِ إنَّمَا يُنَاسِبُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ، وَإِنَّمَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ إنَّهُ مِنْ سَبْقِ الْمَانِعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ فَسَادُ غَيْرِ الْأَوَّلِ مُرَتَّبًا عَلَى الطُّرُوِّ فِيهِ جُعِلَ طُرُوًّا فِي الْجَمِيعِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ   [حاشية عميرة] نَعَمْ يَكْفِي غُسْلٌ وَاحِدٌ لِلطَّوَافِ وَرَكْعَتَيْهِ إذَا أَوْجَبْنَاهُمَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهَا الْبِدَارُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَكَرُّرُ الِانْقِطَاعِ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ، وَأَمَّا احْتِمَالُ وُقُوعِ الْفِعْلِ فِي الْحَيْضِ وَالِانْقِطَاعِ بَعْدَهُ فَلَا حِيلَةَ فِي دَفْعِهِ، وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ وُجُوبَ الْبِدَارِ لِأَنَّ فِيهِ تَعْلِيلَ الِاحْتِمَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَامِلَيْنِ) وَلَوْ قَالَ كَامِلًا كَانَ أَوْلَى نَعَمْ حُصُولُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْ كُلٍّ تَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ رَمَضَانَ ثَلَاثِينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ تَصُومُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى طَرِيقَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ، وَيُمْكِنُ قَضَاءُ يَوْمٍ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى طَرِيقَةٍ أُخْرَى، كَذَلِكَ ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَهْجَةِ الْأُولَى بِقَوْلِهِ: أَوْ فَلْتَصُمْ مِثْلَ الَّذِي فَاتَ وَلَا ... ثَمَّ مِنْ السَّابِعَ عَشْرَ تَبَعَا وَبَيْنَ ذَيْنِ اثْنَيْنِ كَيْفَ وَقَعَا ... هَذَا الضَّعْفُ سَبْعَةُ أَيَّامٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 فَغَايَتُهُ أَنْ يَنْقَطِعَ فِي السَّادِسَ عَشَرَ، فَيَصِحَّ لَهَا الْيَوْمَانِ الْأَخِيرَانِ. وَإِنْ طَرَأَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي صَحَّ لَهَا الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ، أَوْ فِي الثَّالِثِ صَحَّ لَهَا الْأَوَّلَانِ، أَوْ فِي السَّادِسَ عَشَرَ صَحَّ لَهَا الثَّانِي وَالثَّالِثُ، أَوْ فِي السَّابِعَ عَشَرَ صَحَّ السَّادِسَ عَشَرَ وَالثَّالِثَ، أَوْ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ صَحَّ السَّادِسَ عَشَرَ وَالسَّابِعَ عَشَرَ. (وَيُمْكِنُ قَضَاءُ يَوْمٍ بِصَوْمِ يَوْمٍ ثُمَّ الثَّالِثِ وَالسَّابِعَ عَشَرَ) مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْحَيْضَ إنْ طَرَأَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ سَلِمَ السَّابِعَ عَشَرَ أَوْ فِي الثَّالِثِ سَلِمَ الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ آخِرُ الْحَيْضِ الْأَوَّلَ سَلِمَ الثَّالِثُ، أَوْ الثَّالِثَ سَلِمَ السَّابِعَ عَشَرَ. (وَإِنْ حَفِظَتْ شَيْئًا) مِنْ عَادَتِهَا دُونَ شَيْءٍ كَأَنْ حَفِظَتْ الْوَقْتَ دُونَ الْقَدْرِ أَوْ عَكْسَ ذَلِكَ (فَلِلْيَقِينِ) مِنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ (حُكْمُهُ وَهِيَ فِي الْمُحْتَمَلِ) لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ (كَحَائِضٍ فِي الْوَطْءِ وَطَاهِرٍ فِي الْعِبَادَةِ وَإِنْ احْتَمَلَ انْقِطَاعًا وَجَبَ الْغُسْلُ لِكُلِّ فَرْضٍ) احْتِيَاطًا، وَيُسَمَّى مُحْتَمَلُ الِانْقِطَاعِ طُهْرًا مَشْكُوكًا فِيهِ وَاَلَّذِي لَا يَحْتَمِلُهُ حَيْضًا مَشْكُوكًا فِيهِ. وَالْحَافِظَةُ لِلْوَقْتِ كَأَنْ تَقُولَ كَانَ حَيْضِي يَبْتَدِئُ أَوَّلَ الشَّهْرِ فَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْهُ حَيْضٌ بِيَقِينٍ، وَنِصْفُهُ الثَّانِي طُهْرٌ بِيَقِينٍ، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ وَالِانْقِطَاعَ. وَالْحَافِظَةُ لِلْقَدْرِ كَأَنْ تَقُولَ حَيْضِي خَمْسَةٌ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ   [حاشية قليوبي] تُرْسَمُ بِالْأَلِفِ مَعَ إثْبَاتِ هَاءِ التَّأْنِيثِ، وَمَعَ حَذْفِهَا وَإِثْبَاتِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ مَفْتُوحَةً وَسَاكِنَةً وَمَعَ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا، وَيُرْسَمُ بِحَذْفِ الْأَلِفِ مَعَ إثْبَاتِ الْمُثَنَّاةِ هَكَذَا ثَمَانِي عَشْرَةَ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ تَصُومُ إلَخْ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقَعَ قَدْرُ مَا بَقِيَ عَلَيْهَا فِي طُهْرٍ يَقِينًا سَابِقٍ عَلَى الْحَيْضِ أَوْ مُتَأَخِّرٍ عَنْهُ وَلَهُ قَوَاعِدُ مِنْهَا مَا يُمْكِنُ فِيهَا قَضَاءُ أَرْبَعَةَ عَشَرَةَ يَوْمًا فَأَقَلَّ، وَهِيَ أَنْ يُقَالَ: تَصُومُ قَدْرَ مَا عَلَيْهَا مُتَوَالِيًا ثُمَّ تَصُومُ قَدْرَهُ كَذَلِكَ مِنْ سَابِعَ عَشَرَ أَوَّلَ صَوْمِهَا وَتَصُومُ يَوْمَيْنِ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ سَوَاءٌ وَصَلَتْهُمَا بِالصَّوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي أَوْ لَمْ تَصِلْهُمَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ وَصَلَتْ أَحَدُهُمَا بِالْأَوَّلِ وَالْآخَرُ بِالثَّانِي وَمِنْ هَذَا الْأَخِيرِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَضَاءِ الْيَوْمَيْنِ. (تَنْبِيهٌ) أَوْصَلَ بَعْضُهُمْ صُوَرَ قَضَاءِ الْيَوْمَيْنِ إلَى أَلْفِ صُورَةٍ وَصُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَيُمْكِنُ قَضَاءُ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى طَرِيقَةٍ ذَكَرَهَا الدَّارِمِيُّ اسْتِدْرَاكًا عَلَى الْأَصْحَابِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْأُولَى مَعَ أَنَّ الصَّوْمَ عَلَيْهَا أَقَلُّ مِنْهُ عَلَى الْأُولَى، لَكِنَّهَا إنَّمَا تَأْتِي فِي قَضَاءِ سَبْعَةِ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ وَهِيَ أَنْ يُقَالَ تَصُومُ قَدْرَ مَا عَلَيْهَا مَعَ زِيَادَةِ يَوْمٍ مُفَرَّقًا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ تَصُومُ قَدْرَهُ أَيْضًا مُفَرَّقًا بَعْدَ سَادِسَ عَشَرَ أَوَّلَ صَوْمِهَا بِشَرْطِ أَنْ تَتْرُكَ بَيْنَ هَذَيْنِ الصَّوْمَيْنِ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ فَأَقَلَّ، وَيُمْكِنُ قَضَاءُ الْيَوْمَيْنِ عَلَيْهَا بِصَوْمِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ بِأَنْ تَصُومَ يَوْمًا وَثَالِثَهُ وَخَامِسَهُ وَسَابِعَ عَشَرَهُ وَتَاسِعَ عَشَرَهُ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهَا فِي الْمَنْهَجِ فَرَاجِعْهُ. (تَنْبِيهٌ) هَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ فِي صَوْمٍ غَيْرِ مُتَتَابِعٍ، أَمَّا الْمُتَتَابِعُ بِنَحْوِ نَذْرٍ فَإِنْ كَانَ سَبْعَةً فَأَقَلَّ صَامَتْ قَدْرَهُ مُتَوَالِيًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِشَرْطِ كَوْنِ الثَّالِثِ مِنْ سَابِعَ عَشَرَ الْأَوَّلِ، وَأَنْ تَفْصِلَ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ بِيَوْمٍ فَأَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَأَقَلَّ صَامَتْ قَدْرَهُ كَذَلِكَ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ مَعَ زِيَادَةِ صَوْمِ يَوْمَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ بِالصَّوْمِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ شَهْرَيْنِ صَامَتْ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا مُتَوَالِيَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ حَفِظَتْ) أَيْ الْمُتَحَيِّرَةُ لَا بِقَيْدِهَا السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (شَيْئًا) أَيْ الْوَقْتَ فَقَطْ أَوْ الْقَدْرَ فَقَطْ بِقَيْدِهِ الْآتِي وَأَخَّرَ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ عَنْ حُكْمِ الصَّوْمِ فِي الْقِسْمِ السَّابِقِ لِمُخَالَفَتِهِمَا لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِمَا حَيْضًا مُحَقَّقًا وَطُهْرًا مُحَقَّقًا. قَوْلُهُ: (حَيْضٌ بِيَقِينٍ) أَيْ بِاعْتِبَارِ إخْبَارِهَا، وَكَذَا الطُّهْرُ. قَوْلُهُ: (فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ) قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنْ قَالَتْ خَمْسَةٌ وَلَا أَعْلَمُ ابْتِدَاءَهَا فَهِيَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَنَبَّهَ بِالْوَطْءِ عَلَى مَا أُلْحِقَ بِهِ مِمَّا مَرَّ وَبِالْعِبَادَةِ عَلَى مَا أُلْحِقَ بِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ أَيْضًا، وَمَحَلُّ غُسْلِهَا لِكُلِّ فَرْضٍ فِيمَا فِيهِ احْتِمَالُ الِانْقِطَاعِ   [حاشية عميرة] وَأَنْزَلَ إلَخْ وَالثَّانِيَةُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ: وَمَرَّةً تَأْتِي بِفَوْتِ الصَّوْمِ مَعَ وَاحِدٍ تَزِيدُهُ فِي عَشْرَةٍ مَعَ خَمْسَةٍ مُفَرَّقًا وَمَرَّةً: سَابِعَ عَشَرَ كُلُّ صَوْمٍ وَإِلَى ... خَامِسَ عَشَرَ الثَّانِي عَنْهُ فُعِلَا إلَخْ ثُمَّ اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى قَضَاءِ الصَّوْمِ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ، لَكِنَّهُ رَجَّحَ كَالرَّافِعِيِّ الْوُجُوبَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (صَحَّ لَهَا الثَّانِي وَالثَّالِثُ) أَيْ لِأَنَّ الْحَيْضَ السَّابِقَ يَنْقَطِعُ فِي الْأَوَّلِ فَيَفْسُدُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالسَّابِعَ عَشَرَ) إشَارَةٌ إلَى طَرِيقِ الدَّارِمِيِّ، وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى إنَّمَا تَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْيَوْمِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَأَنْ تَقُولَ إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ يُرْشِدُك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 الشَّهْرِ لَا أَعْلَمُ ابْتِدَاءَهَا وَأَعْلَمُ أَنِّي فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ طَاهِرٌ، فَالسَّادِسُ حَيْضٌ بِيَقِينٍ وَالْأَوَّلُ طُهْرٌ بِيَقِينٍ كَالْعِشْرِينِ الْأَخِيرِينَ، وَالثَّانِي إلَى آخِرِ الْخَامِسِ مُحْتَمَلٌ لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَالسَّابِعُ إلَى آخِرِ الْعَاشِرِ مُحْتَمَلٌ لِلِانْقِطَاعِ أَيْضًا. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ دَمَ الْحَامِلِ وَالنَّقَاءَ بَيْنَ) دِمَاءِ (أَقَلِّ الْحَيْضِ) فَأَكْثَرَ (حَيْضٌ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ بِصِفَةِ دَمِ الْحَيْضِ، وَمُقَابِلُهُ فِيهَا يَقُولُ: هُوَ دَمُ فَسَادٍ إذْ الْحَمْلُ يَسُدُّ مَخْرَجَ دَمِ الْحَيْضِ. وَسَوَاءٌ عَلَى الْأَوَّلِ تَخَلَّلَ بَيْنَ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَالْوِلَادَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَمْ أَقَلُّ، وَقِيلَ، فِي تَخَلُّلِ الْأَقَلِّ لَيْسَ بِحَيْضٍ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَهِيَ أَنْ تَرَى وَقْتًا دَمًا وَوَقْتًا نَقَاءً وَهَكَذَا، وَلَمْ يُجَاوِزْ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَمْ تَنْقُصْ الدِّمَاءُ عَنْ قَلِّ الْحَيْضِ فَهِيَ حَيْضٌ. وَالنَّقَاءُ بَيْنَهُمَا حَيْضٌ فِي الْأَظْهَرِ تَبَعًا لَهَا. وَالثَّانِي يَقُولُ: هُوَ طُهْرٌ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ وَنَحْوِهَا دُونَ الْعِدَّةِ وَالطَّلَاقِ. وَالنَّقَاءُ بَعْدَ آخِرِ الدِّمَاءِ طُهْرٌ قَطْعًا، وَإِنْ نَقَصَتْ الدِّمَاءُ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ فِيهِ دَمُ فَسَادٍ، وَإِنْ زَادَتْ مَعَ النَّقَاءِ بَيْنَهَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَهِيَ دَمُ اسْتِحَاضَةٍ. (وَأَقَلُّ النِّفَاسِ) أَيْ الدَّمِ الَّذِي أَوَّلُهُ يَعْقُبُ الْوِلَادَةَ (لَحْظَةٌ وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ) يَوْمًا (وَغَالِبُهُ أَرْبَعُونَ) يَوْمًا فِيمَا اسْتَقْرَأَهُ الْإِمَامُ   [حاشية قليوبي] وَإِلَّا فَيَكْفِيهَا الْوُضُوءُ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (مُحْتَمِلٌ لِلِانْقِطَاعِ أَيْضًا) اقْتَضَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي بَعْدَ السَّادِسِ لَيْسَ نَاشِئًا عَنْ الِانْقِطَاعِ أَيْضًا قَطْعًا، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الِانْقِطَاعَ مُمْكِنُ الْوُجُودِ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ وَصْفِ الطُّهْرِ. قَوْلُهُ: (وَالنَّقَاءَ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. قَوْلُهُ: (بَيْنَ دِمَاءِ أَقَلِّ الْحَيْضِ) أَيْ قَدْرَ أَقَلِّهِ فَأَكْثَرَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الْعِدَّةِ وَنَحْوِهَا . قَوْلُهُ: (النِّفَاسِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَعْقُبُ نَفْسًا غَالِبًا كَمَا مَرَّ، وَهُوَ لُغَةً الْوِلَادَةُ أَيْ وَنَحْوُهَا وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (يَعْقُبُ الْوِلَادَةَ) لَوْ قَالَ: يَعْقُبُ فَرَاغَ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ كَمَا مَرَّ لَكَانَ أَوْلَى، لِيَشْمَلَ نَحْوَ الْمُضْغَةِ وَلِيَخْرُجَ مَا بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ فَإِنَّهُ دَمُ فَسَادٍ أَوْ دَمُ حَيْضٍ إنْ كَانَ فِي زَمَنِهِ كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ يَعْقُبُ الْوِلَادَةَ أَنْ يُوجَدَ قَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ تَمَامِهَا وَأَنْ لَا يُوجَدَ فِي أَثْنَائِهِ نَقَاءٌ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مُتَّصِلَةً وَإِلَّا فَهُوَ حَيْضٌ وَالْوِلَادَةُ فِي الْأَوَّلِ خَالِيَةٌ عَنْ النِّفَاسِ، وَحَيْثُ لَمْ تَرَ نِفَاسًا عَقِبَ الْوِلَادَةِ فَلِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا، وَعَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ وَغَيْرُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِهِ فَإِنْ وُجِدَ قَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَهُوَ نِفَاسٌ، وَكَذَا مَا قَبْلَهُ، كَمَا فِي نَقَاءِ الْحَيْضِ فَمَا صَلَّتْهُ مَثَلًا يَقَعُ لَهَا نَفْلًا مُطْلَقًا، لَكِنْ لَا تَنْعَطِفُ الْحُرْمَةُ عَلَى وَطْءِ الزَّوْجِ، وَهَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنَّمَا يُحْسَبُ مِنْ النِّفَاسِ مِنْ حَيْثُ عَدُّهُ مِنْ السِّتِّينَ يَوْمًا أَوْ الْأَرْبَعِينَ يَوْمًا مَثَلًا لَا مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ لَمْ تَكُنْ صَلَّتْ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهَا قَضَاءُ صَلَوَاتِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَنُوزِعَ فِيهِ بِمَا هُوَ وَاضِحٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ: أَكْثَرُهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا.   [حاشية عميرة] إلَى مَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ أَنَّ الْحَافِظَةَ لِقَدْرِ الْحَيْضِ إنَّمَا تَخْرُجُ عَنْ التَّحَيُّرِ الْمُطْلَقِ إذَا حَفِظَتْ أَيْضًا قَدْرَ الدَّوْرِ وَعَلِمَتْ وَقْتَ ابْتِدَائِهِ، هَذَا لَفْظُهُ وَمِنْهُ نَقَلْت. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ دَمَ الْحَامِلِ إلَخْ) أَيْ وَلَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ بِالْإِقْرَاءِ، أَيْ إنْ كَانَ الْحَمْلُ لِصَاحِبِهَا أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ زِنًى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَمُقَابِلُهُ فِيهَا يَقُولُ هُوَ دَمٌ فَسَادٌ) وَيَسْتَنِدُ أَيْضًا «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبَايَا أَوْطَاسَ أَلَا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ» وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ جَعَلَ الْحَيْضَ دَلِيلًا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ، وَرُدَّ بِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا حَكَمَ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِهِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ، فَإِنَّ وُقُوعَ حَيْضِ الْحَامِلِ نَادِرٌ، فَإِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ حَصَلَ الظَّنُّ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ، إذْ الظَّاهِرُ عَدَمُ حَمْلِهَا فَإِنْ بَانَ خِلَافُهُ عَلَى النُّدُورِ بِأَنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا حَامِلٌ وَجَبَ الْعَمَلُ بِمَا بَانَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَسَوَاءٌ عَلَى الْأَوَّلِ تَخَلُّلٌ إلَخْ) بَلْ لَوْ اتَّصَلَ بِهَا كَانَ كَذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَمْ يُجَاوِزْ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ جَاوَزَهُ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ، وَإِنْ نَقَصَ مَجْمُوعُ الدِّمَاءِ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالنَّقَاءُ بَيْنَهُمَا حَيْضٌ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ وَلَوْ كَثُرَ جِدًّا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي يَقُولُ: هُوَ طُهْرٌ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالْجِمَاعِ. [وَأَقَلُّ النِّفَاسِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (النِّفَاسُ) هُوَ لُغَةً الْوِلَادَةُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ الدَّمُ الَّذِي أَوَّلُهُ يَعْقُبُ الْوِلَادَةِ) مِثْلُهُ لَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهَا نُفَسَاءُ مِنْ حِينِ الْوِلَادَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ: الْوِلَادَةُ، أَيْ وَلَوْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً، وَلَوْ خَرَجَ بَيْنَ تَوْأَمَيْنِ فَهُوَ حَيْضٌ لَا نِفَاسٌ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا أَصْلًا إلَّا بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، قَالَ: فَلَا نِفَاسَ لَهَا بِالْكُلِّيَّةِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، انْتَهَى. قُلْت: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَازُ وَطْءِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ عَقِبَ الْوِلَادَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَبْدَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَعَبَّرَ بَدَلَ اللَّحْظَةِ فِي التَّحْقِيقِ كَالتَّنْبِيهِ بِالْمَجَّةِ أَيْ الدَّفْعَةِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ بِأَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ، أَيْ لَا يَتَقَدَّرُ بَلْ مَا وُجِدَ مِنْهُ، وَإِنْ قَلَّ يَكُونُ نِفَاسًا، وَلَا يُوجَدُ أَقَلُّ مِنْ مَجَّةٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْ زَمَانِهَا بِاللَّحْظَةِ، فَالْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَاتِ وَاحِدٌ. (وَيَحْرُمُ بِهِ مَا حَرُمَ بِالْحَيْضِ) قِيَاسًا عَلَيْهِ، وَمِنْ ذَلِكَ حُرْمَةُ الطَّلَاقِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِهِ، وَالْمُصَنِّفُ هُنَا. (وَعُبُورُهُ سِتِّينَ) يَوْمًا (كَعُبُورِهِ) أَيْ الْحَيْضِ (أَكْثَرَهُ) فَيُنْظَرُ أَمُبْتَدَأَةٌ فِي النِّفَاسِ أَمْ مُعْتَادَةٌ، مُمَيِّزَةٌ أَمْ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ وَيُقَاسُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ، فَتُرَدُّ الْمُبْتَدَأَةُ الْمُمَيِّزَةُ إلَى التَّمْيِيزِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ الْقَوِيُّ عَلَى سِتِّينَ يَوْمًا، وَلَا ضَبْطَ فِي الضَّعِيفِ. وَغَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ إلَى لَحْظَةٍ فِي الْأَظْهَرِ، وَالْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ إلَى التَّمْيِيزِ لَا الْعَادَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَغَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ الْحَافِظَةِ إلَى الْعَادَةِ، وَتَثْبُتُ بِمَرَّةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَالنَّاسِيَةُ إلَى مَرَدِّ الْمُبْتَدَأَةِ فِي قَوْلٍ، وَتَحْتَاطُ فِي الْآخَرِ الْأَظْهَرِ فِي التَّحْقِيقِ.   [حاشية قليوبي] فَائِدَةٌ) قَدْ أَبْدَى أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيُّ حِكْمَةً لِكَوْنِ أَكْثَرِ النِّفَاسِ سِتِّينَ يَوْمًا فَقَالَ: لِأَنَّ دِمَاءَ الْحَيْضِ غِذَاءٌ لِلْحَمْلِ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، فَلَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ يَخْرُجُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَقَبْلَ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ نِصْفُهَا حَيْضٌ وَهُوَ سِتُّونَ يَوْمًا يَحْتَاجُ إلَى خُرُوجِهِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فِي مِثْلِهَا، أَيْ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِهَا قَدْ جُمِعَ الدَّمُ فِيهَا فِي أَزْمِنَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ، وَخَرَجَ فِي أَزْمِنَةٍ مُتَوَالِيَةٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (قِيَاسًا عَلَيْهِ) أَيْ قِيَاسًا لِلنِّفَاسِ عَلَى الْحَيْضِ فَهُوَ مِثْلُهُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: إلَّا فِي أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا عَدَمُ تَعَلُّقِ الْبُلُوغِ بِهِ لِوُجُودِهِ قَبْلَهُ، وَثَانِيهمَا عَدَمُ تَعَلُّقِ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ بِهِ أَيْضًا لِحُصُولِهِمَا قَبْلَهُ بِمُجَرَّدِ الْوِلَادَةِ. نَعَمْ لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِحَمْلِ الزِّنَا كَمَا يَأْتِي، وَيَنْبَغِي أَنَّهَا تَنْقَضِي بِالنِّفَاسِ بَعْدَهُ فَرَاجِعْهُ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ ثَالِثًا وَهُوَ عَدَمُ سُقُوطِ صَلَاةٍ بِأَقَلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُصَنِّفُ هُنَا) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا ضَبْطَ فِي الضَّعِيفِ) أَيْ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ التَّشْبِيهِ كَمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ نَقْصَ الْقَوِيِّ عَنْ الْأَقَلِّ أَيْضًا. (فَرْعٌ) يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ تَعَلُّمُ أَحْكَامِ الْحَيْضِ وَمَا مَعَهُ، وَيَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ لِتَعَلُّمِهِ إلَّا إنْ عَلَّمَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِسُؤَالِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ لِزِيَارَةِ الْقُبُورِ أَوْ أَهْلِهَا أَوْ غَيْرِهِمْ أَوْ لِحُضُورِ مَجْلِسِ ذِكْرٍ أَوْ جَمَاعَةٍ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَلَهُ وَطْؤُهَا عَقِبَ طُهْرِهَا بِلَا كَرَاهَةٍ، وَإِنْ خَافَتْ عَوْدَ الدَّمِ لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ التَّوَقُّفُ احْتِيَاطًا. (فَائِدَةٌ) الْوَطْءُ قَبْلَ الْغُسْلِ فِي الْحَيْضِ أَوْ بَعْدَهُ يُورِثُ الْجُذَامَ فِي الْوَلَدِ كَمَا قِيلَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] الْأُسْتَاذُ أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيُّ لِذَلِكَ مَعْنَى لَطِيفًا دَقِيقًا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي فَرَائِدِ رِحْلَتِهِ وَهُوَ أَنَّ الْمَنِيَّ يَمْكُثُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا يَتَغَيَّرُ، ثُمَّ يَمْكُثُ مِثْلَهَا عَلَقَةً، ثُمَّ يَمْكُثُ مِثْلَهَا مُضْغَةً، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، وَالْوَلَدُ يَتَغَذَّى بِدَمِ الْحَيْضِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجْتَمِعُ الدَّمُ مِنْ حِينِ النَّفْخِ لِأَنَّهُ غِذَاءٌ لِلْوَلَدِ، وَإِنَّمَا يَجْتَمِعُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَمَجْمُوعُ الْمُدَّةِ السَّابِقَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَأَكْثَرُ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَيَكُونُ أَكْثَرُهُ سِتِّينَ يَوْمًا، انْتَهَى. قُلْت: قَضِيَّةُ هَذَا أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ أَيْ غَالِبُ النِّفَاسِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَوْ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ، وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ الدُّفْعَةُ) وَهِيَ بِضَمِّ الدَّالِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَا ضَبْطَ فِي الضَّعِيفِ) أَيْ لِأَنَّ الطُّهْرَ بَيْنَ أَكْمَلِ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 كِتَابُ الصَّلَاةِ (الْمَكْتُوبَاتُ) أَيْ الْمَفْرُوضَاتُ مِنْهَا كُلُّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (خَمْسٌ) كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ خَمْسِينَ صَلَاةً فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ وَأَسْأَلُهُ التَّخْفِيفَ حَتَّى جَعَلَهَا خَمْسًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ»   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الصَّلَاةِ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَهِيَ تُطْلَقُ لُغَةً بِمَعْنَى الرَّحْمَةِ وَبِمَعْنَى التَّعَبُّدِ وَبِمَعْنَى الدُّعَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَمِنْهُ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْكِتَابِ أَنَّهَا مِنْ اللَّهِ رَحْمَةً إلَخْ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ مَعْنًى شَرْعِيٌّ أَيْضًا، فَهُوَ مِمَّا اتَّفَقَ فِيهِ الشَّرْعُ وَاللُّغَةُ، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ مِنْ صَلَيْت الْعَوْدَ بِالنَّارِ لِيَنْتَهِ لِأَنَّهَا تُلِينُ الْقَلْبَ، وَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ اشْتِقَاقًا إذْ يَجُوزُ اشْتِقَاقُ الْوَاوِيِّ مِنْ الْيَائِيِّ وَعَكْسُهُ، كَالْبَيْعِ مُشْتَقٌّ مِنْ الْبَاعِ، وَالْعِيدُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَوْدِ، أَوْ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الصَّلَوَيْنِ وَهُمَا عِرْقَانِ عِنْدَ خَاطِرَةِ الْمُصَلِّي مِنْ الْجَانِبَيْنِ يَنْحَنِيَانِ بِانْحِنَائِهِ عِنْدَ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَشَرْعًا أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ غَالِبًا أَوْ وَضْعًا فَلَا تُرَدُّ صَلَاةُ الْأَخْرَسِ وَالْمَرِيضِ لِعُرُوضِ الْمَانِعِ وَدَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ لِأَنَّ قِيَامَاتِهَا أَفْعَالٌ وَإِنْ لَمْ يَحْنَثْ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي نَظَرًا لِلْعُرْفِ، وَخَرَجَ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَنَحْوُهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ الْوَاجِبَةُ فَقَطْ لِأَنَّ الْمَنْدُوبَ لَيْسَ مِنْ حَقِيقَتِهَا بَلْ هُوَ تَابِعٌ عَارِضٌ فِيهَا، وَفُرِضَتْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ لِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَنِصْفٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَهِيَ أَفْضَلُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْإِيمَانِ ثُمَّ الصَّوْمُ ثُمَّ الْحَجُّ ثُمَّ الزَّكَاةُ عَلَى الصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَفْرُوضَاتُ) هُوَ تَفْسِيرٌ بِالْمُرَادِفِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي الْأَذَانِ كَمَا يَأْتِي، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَكْتُوبَ أَعَمُّ فَيَشْمَلُ الْمَنْدُوبَ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) أَيْ وَلَوْ تَقْدِيرًا فِيهِمَا كَأَيَّامِ الدَّجَّالِ وَلَيْلَةِ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّهَا قَدْرُ ثَلَاثِ لَيَالٍ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (خَمْسٌ) أَمَّا خُصُوصُ كَوْنِهَا خَمْسًا فَتَعَبُّدِيٌّ وَكَذَا خُصُوصُ عَدَدِ كُلِّ صَلَاةٍ وَكَذَا مَجْمُوعُ عَدَدِ الْخَمْسِ مِنْ كَوْنِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ لِهَذَا حِكْمَةً بِأَنَّ سَاعَاتِ الْيَقِظَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ سَاعَةً مِنْهَا النَّهَارُ اثْنَا عَشَرَ وَنَحْوُ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ أَوَّلُ اللَّيْلِ وَسَاعَتَيْنِ آخِرُهُ، فَكُلُّ رَكْعَةٍ تُكَفِّرُ ذُنُوبَ سَاعَةٍ فَتَأَمَّلْهُ. وَدَخَلَ فِي الْخَمْسِ الْجُمُعَةُ لِأَنَّهَا خَامِسَةُ يَوْمِهَا وَإِيرَادُ بَعْضِهِمْ لَهَا مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ كُلُّ يَوْمٍ مَعَ أَنَّ الْإِخْبَارَ بِوُجُوبِ الْخَمْسِ وَقَعَ قَبْلَ فَرْضِ الْجُمُعَةِ، وَحِينَ فُرِضَتْ لَمْ تَجْتَمِعْ مَعَ الظُّهْرِ فَتَأَمَّلْ، وَجَمْعُ الْخَمْسِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الصُّبْحَ كَانَتْ لِآدَمَ وَالظُّهْرَ لِدَاوُدَ وَالْعَصْرَ لِسُلَيْمَانَ وَالْمَغْرِبَ لِيَعْقُوبَ وَالْعِشَاءَ لِيُونُسَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَأَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ الْجُمُعَةُ ثُمَّ عَصْرُهَا ثُمَّ عَصْرُ غَيْرِهَا ثُمَّ صُبْحُهَا ثُمَّ صُبْحُ غَيْرِهَا ثُمَّ الْعِشَاءُ ثُمَّ الظُّهْرُ ثُمَّ الْمَغْرِبُ، وَفَضْلُ الْجَمَاعَاتِ تَابِعٌ لِفَضْلِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ، لَكِنَّ الَّذِي نَقَلَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ جَمَاعَةَ عَصْرِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ، وَأَنَّهَا مُؤَخَّرَةٌ عَنْ جَمَاعَةِ الْعِشَاءِ وَسَتَأْتِي. قَوْلُهُ: (كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ) أَيْ كَوْنُهَا خَمْسًا مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ أَيْ عِلْمُ ذَلِكَ ضَرُورِيٌّ يَشْتَرِكُ فِيهِ كُلُّ أَحَدٍ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ بَعْدَ ثُبُوتِ أَصْلِهِ بِمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (خَمْسِينَ صَلَاةً) لَكِنْ غَيْرَ هَذِهِ الْخَمْسِ لَمْ تُعْلَمْ كَيْفِيَّتُهُ وَلَا كَمِّيَّتُهُ، وَفِي كَلَامِ الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ مَا يُرْشِدُ إلَى أَنَّهَا عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ فَكَانَتْ الظُّهْرُ مَثَلًا عَشْرَةً وَالْعَصْرُ كَذَلِكَ وَهَكَذَا، وَقَالَ أَيْضًا إنَّ النَّسْخَ لَمْ يَقَعْ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَقَاؤُهَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ، وَنَازَعَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ فَعَلَهَا كَذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَلَا فِي وَقْتٍ مَعَ تَوَفُّرِ   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الصَّلَاةِ] قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ الْمَفْرُوضَاتُ) أَيْ عَلَى الْعَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (خَمْسٌ) الصُّبْحُ لِآدَمَ وَالظُّهْرُ لِدَاوُدَ وَالْعَصْرُ لِسُلَيْمَانَ وَالْمَغْرِبُ لِيَعْقُوبَ وَالْعِشَاءُ لِيُونُسَ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحٍ وَأَوْرَدَ فِيهِ خَبَرًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ) هِيَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَقِيلَ بِسِتَّةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 «وَقَوْلُهُ لِلْأَعْرَابِيِّ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» «وَلِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» . (الظُّهْرُ وَأَوَّلُ وَقْتِهِ زَوَالُ الشَّمْسِ) أَيْ وَقْتِ زَوَالِهَا، وَعِبَارَةُ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِالزَّوَالِ، (وَآخِرُهُ مَصِيرُ) أَيْ وَقْتُ مَصِيرِ (ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ سِوَى ظِلِّ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ) أَيْ الظِّلِّ الْمَوْجُودِ عِنْدَهُ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّمْسَ إذَا طَلَعَتْ وَقَعَ لِكُلِّ شَاخِصٍ ظِلٌّ طَوِيلٌ فِي جِهَةِ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ يَنْقُصُ بِارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ إلَى وَسَطِ السَّمَاءِ، وَهِيَ حَالَةُ الِاسْتِوَاءِ، وَيَبْقَى حِينَئِذٍ ظِلٌّ فِي غَالِبِ الْبِلَادِ، ثُمَّ تَمِيلُ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ فَيَتَحَوَّلُ الظِّلُّ إلَى جِهَةِ الْمَشْرِقِ، وَذَلِكَ الْمَيْلُ هُوَ الزَّوَالُ، وَالْأَصْلُ فِي الْمَوَاقِيتِ حَدِيثُ «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ وَالْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ أَيْ الشَّيْءِ   [حاشية قليوبي] الدَّوَاعِي عَلَى الْحِرْصِ عَلَيْهِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ: مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (جَعَلَهَا خَمْسًا) أَيْ مِنْ الصَّلَوَاتِ بِدَلِيلِ خَبَرِ الْأَعْرَابِيِّ مَفْرُوضَةٌ بِدَلِيلِ خَبَرِ مُعَاذٍ وَوُجُوبُهَا عَيْنًا لَا مَجَالَ لِلْعَقْلِ فِيهِ، وَهُوَ مُوَسَّعٌ فِي جَمِيعِ وَقْتِهَا لَكِنْ يَجِبُ فِي أَوَّلِهِ الْعَزْمُ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ الشُّرُوعُ فِيهِ، وَلَا يُغْنِي عَنْ هَذَا الْعَزْمِ ظُهُورُ حَالِ الشَّخْصِ أَنَّهُ لَا يُخْرِجُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا وَلَا الْعَزْمَ الْعَامَّ عِنْدَ أَوَّلِ التَّكْلِيفِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِكُلِّ وَاجِبٍ فِي وَقْتِهِ وَإِذَا مَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ لَمْ يَأْثَمْ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ الْمَوْتُ لِأَنَّ تَأْثِيمَهُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ مُحَقَّقٌ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْمَوْتُ قَبْلَ الْحَجِّ مِمَّنْ اسْتَطَاعَ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ عِنْدَ شَيْخِنَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: مِنْ أَوَّلِهَا. قَوْلُهُ: (الظُّهْرُ) بَدَأَ بِهَا لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ فِي الْوُجُودِ، بَلْ وَأَوَّلُ صَلَاةٍ فُرِضَتْ إمَّا بِإِخْبَارِ اللَّهِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بِتَوَقُّفِ الْوُجُوبِ عَلَى التَّعْلِيمِ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقَوْلِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا مَرَّ، وَلِفِعْلِهَا فِي وَقْتِ الظَّهِيرَةِ، وَلِأَنَّ وَقْتَهَا أَظْهَرُ الْأَوْقَاتِ وَصَرِيحُ هَذَا وَمَا يَأْتِي أَنَّهُ صَلَّاهَا بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ، فَمَا قِيلَ إنَّهُ صَلَّاهَا بِغَيْرِ رُكُوعٍ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِالزَّوَالِ) أَيْ فَوَقْتُ الزَّوَالِ لَيْسَ مِنْ الْوَقْتِ وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّ فِيهَا إيهَامَ الْإِخْبَارِ بِالْمَعْنَى عَنْ الزَّمَانِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ وَالزَّوَالُ الْمُرَادُ هُوَ مَيْلُ الشَّمْسِ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَيُعْرَفُ بِحُدُوثِ الظِّلِّ بَعْدَ عَدَمِهِ أَوْ بِزِيَادَتِهِ فَهُوَ تَنَاهِي قِصَرِهِ، وَذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَنَا وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ جِبْرِيلُ إنَّ حَرَكَةَ الْفَلَكِ بِقَدْرِ النُّطْقِ بِالْحَرْفِ الْمُحَرَّكِ قَدْرَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا. قَوْلُهُ: (ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الظِّلَّ يُوجَدُ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ، وَيُقَالُ لَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ الْفَيْءُ أَيْضًا، وَهُوَ لُغَةً السَّتْرُ، وَاصْطِلَاحًا أَمْرٌ وُجُودِيٌّ خَلَقَهُ اللَّهُ لِنَفْعِ الْبَدَنِ وَغَيْرِهِ لَا عَدَمِ الشَّمْسِ، بَلْ هِيَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، وَالْمِثْلُ الْقَدْرُ، وَيُقَالُ لَهُ الْقَامَةُ، وَهُوَ طُولُ كُلِّ شَاخِصٍ عَلَى بَسْطِ الْأَرْضِ، وَطُولُ كُلِّ إنْسَانٍ بِقَدَمِهِ سِتَّةُ أَقْدَامٍ وَنِصْفُ قَدَمٍ تَقْرِيبًا، وَهَذَا جُمْلَةُ الْوَقْتِ وَيَنْقَسِمُ إلَى سِتَّةِ أَوْقَاتٍ، وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ بِقَدْرِ الِاشْتِغَالِ بِهَا وَبِأَسْبَابِهَا وَسُنَنِهَا وَشُرُوطِهَا وَأَكْلِ لُقَمٍ يُكْسَرُ بِهَا حِدَةُ الْجُوعِ وَتَحْفَظُ مِنْ حَدَثٍ دَائِمٍ، وَنَحْوِ تَعَمُّمٍ وَتَقَمُّصٍ وَكُلُّ ذَلِكَ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ، وَقَوْلُ الْقَاضِي إنَّهُ إلَى رُبْعِ الْوَقْتِ ضَعِيفٌ، ثُمَّ وَقْتُ اخْتِيَارٍ. قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ إلَى نِصْفِ الْوَقْتِ، ثُمَّ وَقْتُ جَوَازٍ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُ وَاجِبَاتِهَا، وَإِذَا أَحْرَمَ بِهَا فِيهِ فَلَهُ الْإِتْيَانُ بِسُنَنِهَا لِأَنَّ تَأَخُّرَ بَعْضِهَا الْآنَ مِنْ الْمَدِّ الْجَائِزِ، ثُمَّ وَقْتُ حُرْمَةٍ أَيْ يَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ لِأَنَّ إيقَاعَهَا فِيهِ وَاجِبٌ، وَيَحْرُمُ الْإِتْيَانُ بِمَنْدُوبَاتِهَا إذَا أَحْرَمَ بِهَا فِيهِ ثُمَّ وَقْتُ ضَرُورَةٍ بِإِدْرَاكِ قَدْرِ تَكْبِيرَةِ آخِرِهِ، ثُمَّ وَقْتُ عُذْرٍ وَهُوَ وَقْتُ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ. قَوْلُهُ: (أَمَّنِي جِبْرِيلُ) أَيْ صَلَّى إمَامًا بِي. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْبَيْتِ) فِيمَا بَيْنَ الْحِجْرِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَالْمَحَلِّ الْمَعْرُوفِ بِالْمُعْجَمَةِ، كَذَا قَالُوا، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ كَانُوا مُسْتَقْبِلِينَ الْكَعْبَةَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِأَمْرِ اللَّهِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ، لَا يُقَالُ إنَّهُمْ صَلَّوْا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ مُسْتَقْبِلِينَ الشَّامَ لِمَا وَرَدَ أَنَّهُ لَمَّا أُمِرَ بِاسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَ يَجْعَلُ الْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي   [حاشية عميرة] عَشَرَ شَهْرًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الظُّهْرُ) بَدَأَ بِهَا لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَإِنْ قِيلَ إيجَابُ الْخَمْسِ كَانَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ فَلِمَ بَدَأَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالظُّهْرِ دُونَ الصُّبْحِ؟ فَالْجَوَابُ مَحْمُولٌ عَلَى حُصُولِ إعْلَامِهِ بِأَنَّ أَوَّلَ وُجُوبِ الْخَمْسِ مِنْ الظُّهْرِ، ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بَيَانِهَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ إلَّا عِنْدَ الظُّهْرِ. (فَائِدَةٌ) : قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الظُّهْرُ بِالضَّمِّ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَمِنْهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ انْتَهَى. وَقِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ أَوْ لِأَنَّهَا تُفْعَلُ وَقْتَ الظَّهِيرَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ) الظِّلُّ فِي اللُّغَةِ السِّتْرُ، ثُمَّ الظِّلُّ يَكُونُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ، وَالْفَيْءُ مُخْتَصٌّ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إلَى وَسَطِ السَّمَاءِ) هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَذَلِكَ الْمَيْلُ هُوَ الزَّوَالُ) هَذَا الْمَيْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 مِثْلَهُ، وَالْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَالْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، وَالْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ أَيْ الشَّيْءِ مِثْلَهُ، وَالْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ، وَالْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَالْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَالْفَجْرَ فَأَسْفَرَ وَقَالَ: الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ. وَقَوْلُهُ: «صَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ» أَيْ فَرَغَ مِنْهَا حِينَئِذٍ كَمَا شَرَعَ فِي الْعَصْرِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَئِذٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَافِيًا بِهِ اشْتِرَاكَهُمَا فِي وَقْتٍ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «وَقْتُ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مَا لَمْ تَحْضُرْ الْعَصْرُ» . وَقَوْلُهُ: " حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ " أَيْ حِينَ دَخَلَ وَقْتُ إفْطَارِهِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ «إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» . (وَهُوَ) أَيْ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ (أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ) وَعِبَارَةُ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ: وَبِهِ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ (وَيَبْقَى) وَقْتُهُ (حَتَّى تَغْرُبَ) الشَّمْسُ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ «وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ» وَإِسْنَادُهُ فِي مُسْلِمٍ. (وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا نُؤَخِّرَ) بِالْفَوْقَانِيَّةِ (عَنْ) وَقْتِ (مَصِيرِ الظِّلِّ   [حاشية قليوبي] ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَرَاجِعْهُ مِنْ أَمَاكِنِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ «لَمَّا أَتَى جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَجْلِ تَعْلِيمِهِ نَادَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّحَابَةَ فَاجْتَمَعُوا فَقَالَ: إنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ يُعَلِّمُكُمْ الصَّلَاةَ فَأَحْرَمَ جِبْرِيلُ وَأَحْرَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلْفَهُ، وَأَحْرَمَتْ الصَّحَابَةُ كَذَلِكَ مُقْتَدِينَ بِجِبْرِيلَ، لَكِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَهُ، فَصَارُوا يُتَابِعُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالرَّابِطَةِ» . قَالَ بَعْضُهُمْ. وَفِي هَذَا نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ، وَاحْتِيَاجُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى التَّعْلِيمِ هُنَا تَفْصِيلًا لَا يُنَافِي كَوْنَهُ أَعُطِيَ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إجْمَالًا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ، وَهِيَ ثَلَاثُونَ أَلْفَ مُعْجِزَةٍ سِوَى الْقُرْآنِ وَفِيهِ سِتُّونَ أَلْفَ مُعْجِزَةٍ. قَوْلُهُ: (حِينَ حُرِّمَ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ صَوْمٌ وَاجِبٌ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَنْدُوبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ حِينَ امْتَنَعَ عَلَى مَنْ يُرِيدُ الصَّوْمَ وَلَوْ نَفْلًا. قَوْلُهُ: (فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ) هُوَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ نَظَرًا إلَى حَقِيقَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ، فَالصُّبْحُ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ) أَيْ مَا بَيْنَ مُلَاصِقِ أَوَّلِ الْأُولَى مِمَّا قَبْلَهَا وَمُلَاصِقِ آخِرِ الثَّانِي مِمَّا بَعْدَهُ، وَهَذَا مِنْ التَّقْدِيرِ الَّذِي تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ خُصُوصًا فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ فَيَجِبُ تَقْدِيرُهُ، وَالتَّأْوِيلُ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا يَخْلُو عَنْ تَكَلُّفٍ مَعَ عَدَمِ الْوَفَاءِ بِالْمُرَادِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) فِيهِ خِرَازَةٌ بِاتِّحَادِ وَقْتِ الْفَرَاغِ وَالشُّرُوعِ فَالْمُرَادُ عَقِبَهُ، وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ صَلَّى بِي مُسْتَعْمَلٌ فِي الْأَعَمِّ مِنْ الشُّرُوعِ وَالْفَرَاغِ. قَوْلُهُ: (نَافِيًا بِهِ اشْتِرَاكَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ) رَدًّا لِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ مِنْ أَنَّهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِي قَدْرِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، وَوَافَقَهُ الْمُزَنِيّ مِنْ أَئِمَّتِنَا، وَلِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ وَقْتُ الظُّهْرِ إلَّا بِمَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ، وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيّ فِي ثَانِي قَوْلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) ضَمِيرُهُ عَائِدٌ إلَى مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ التَّأْوِيلِ فَقُدِّمَ عَلَى عَكْسِهِ الَّذِي قِيلَ إنَّهُ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ مِنْ حَمْلِ الْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ مَثَلًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (دَخَلَ وَقْتُ إفْطَارِهِ) أَيْ وَقَدْ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ فَلَا يُنَافِي أَنَّ رَمَضَانَ كَانَ لَمْ يُفْرَضْ بَعْدُ إذًا الْمُرَادُ وَقْتُ الْإِفْطَارِ مِنْ مُطْلَقِ الصَّوْمِ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ (وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ وَالتَّسَمُّحُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَنْهَجُ فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ مِنْ شُمُولِ وَقْتِ الْجَوَازِ فِي كَلَامِهِمْ لِوَقْتِ الضَّرُورَةِ وَالْحُرْمَةِ. قَوْلُهُ: (الْعَصْرِ) وَهُوَ لُغَةً الْعَشِيُّ وَهِيَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى فِي أَرْجَحِ الْأَقْوَالِ. قَوْلُهُ: (وَبِهِ يَدْخُلُ) أَيْ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ بَلْ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حَتَّى تَغْرُبَ) أَيْ يَتِمَّ غُرُوبُهَا فَحَتَّى بِمَعْنَى إلَى فَمَا بَعْدَهَا خَارِجٌ وَشَمَلَ الْغُرُوبَ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا كَمَا مَرَّ، وَلَوْ عَادَتْ بَعْدَ غُرُوبِهَا عَادَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَصَلَاتُهُ الْآنَ أَدَاءٌ كَمَا فِي قِصَّةِ الْإِمَامِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَتَجِبُ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ عَلَى مَنْ صَلَّاهَا وَقَضَاءُ الصَّوْمِ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ وَلَوْ حُبِسَتْ اسْتَمَرَّ الْوَقْتُ. قَوْلُهُ: (وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ إلَخْ) دَفَعَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ   [حاشية عميرة] طَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ حُدُوثَ الظِّلِّ بَعْدَ فَقْدِهِ حَالَةَ الِاسْتِوَاءِ أَوْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمَوْجُودِ فِيهَا، وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ ثُمَّ إذَا مَالَتْ الشَّمْسُ إلَى جَانِبِ الْمَغْرِبِ حَدَثَ ظِلٌّ فِي جَانِبِ الْمَشْرِقِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ بَقِيَ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ ظِلٌّ وَيَزْدَادُ إنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ وَالتَّحَوُّلُ إلَى الْمَشْرِقِ بِحُدُوثِهِ أَوْ زِيَادَتِهِ هُوَ الزَّوَالُ الَّذِي بِهِ يَدْخُلُ وَقْتُ الظُّهْرِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْعِشَاءُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ) أَيْ مُنْتَهَاهُ إلَى الثُّلُثِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَأَسْفَرَ) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ فَدَخَلَ عَقِبَ الْفَرَاغِ فِي الْإِسْفَارِ وَإِلَّا فَظَاهِرُهُ كَمَا تَرَى أَنَّهُ أَوْقَعَهَا فِي الْإِسْفَارِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: غَيْرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُدُوثِ زِيَادَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ، وَتِلْكَ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ لِأَنَّ خُرُوجَ وَقْتِ الظُّهْرِ لَا يَكَادُ يُعْرَفُ بِدُونِهَا، وَقِيلَ: إنَّهَا مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ، وَقِيلَ: فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا. (فَائِدَةٌ) الْعَصْرُ لُغَةً الْعَشِيُّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَمِنْهُ سُمِّيَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ اهـ. وَالْعَصْرَانِ الْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَرَوَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 مِثْلَيْنِ) بَعْدَ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ لِحَدِيثِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ، وَقَوْلِهِ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا: «الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ» مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، وَبَعْدَهُ وَقْتُ جَوَازٍ إلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ، ثُمَّ وَقْتُ كَرَاهَةٍ أَيْ يُكْرَهُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَيْهِ. (وَالْمَغْرِبُ) يَدْخُلُ وَقْتُهَا (بِالْغُرُوبِ وَيَبْقَى حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ فِي الْقَدِيمِ) كَمَا سَيَأْتِي. وَاحْتَرَزَ بِالْأَحْمَرِ عَمَّا بَعْدَهُ مِنْ الْأَصْفَرِ ثُمَّ الْأَبْيَضِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُحَرَّرِ لِانْصِرَافِ الِاسْمِ إلَيْهِ لُغَةً. (وَفِي الْجَدِيدِ يَنْقَضِي بِمُضِيِّ قَدْرِ) زَمَنِ (وُضُوءٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَخَمْسِ رَكَعَاتٍ) لِأَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّاهَا فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا. وَلِلْحَاجَةِ إلَى فِعْلِ مَا ذَكَرَ مَعَهَا اعْتَبَرَ مُضِيَّ قَدْرِ زَمَنِهِ، وَالِاعْتِبَارُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ، وَسَيَأْتِي سَنُّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ فِي وَجْهٍ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فَقِيَاسُهُ كَمَا قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ اعْتِبَارُ سَبْعِ رَكَعَاتٍ: (وَلَوْ شَرَعَ) فِيهَا (فِي الْوَقْتِ) عَلَى الْجَدِيدِ (وَمَدَّ) بِالتَّطْوِيلِ فِي الْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهَا (حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ) مِنْ الْخِلَافِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَعْضِهَا عَنْ وَقْتِهَا مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا أَدَاءٌ كَمَا سَيَأْتِي وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَمَا فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ، وَاسْتَدَلَّ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالْأَعْرَافِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا» ، صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ   [حاشية قليوبي] مَا دُونَ الرَّكْعَةِ لَيْسَ مِنْ الْوَقْتِ وَلِأَنَّهُ أَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ. قَوْلُهُ: (وَالِاخْتِيَارُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ جِبْرِيلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَارَ الصَّلَاةَ فِيهِ، أَوْ لِاخْتِيَارِ وُقُوعِهَا فِيهِ، أَوْ لِاخْتِيَارِ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْهُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُهُ: (بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا) ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ وَفِي الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَنْ اخْتِلَافِ صَلَاةِ جِبْرِيلَ فِيهَا فِي الْيَوْمَيْنِ مَعَ قَوْلِ جِبْرِيلَ: الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ، بِخِلَافِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ. قَوْلُهُ: (وَبَعْدَهُ وَقْتُ جَوَازٍ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ وَالِاخْتِيَارِ، وَمَعْنَى الْجَوَازِ فِيهِ جَوَازُ أَنْ تُؤَخَّرَ إلَيْهِ فَرَائِضُهَا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمَدُّ قَطْعًا، بَلْ يَحْرُمُ الْإِتْيَانُ بِالْمَنْدُوبِ فِيهَا كَمَا مَرَّ، أَوْ فِي وَقْتٍ يَسَعُ فَرَائِضَهَا، فَفِي جَوَازِ مَدِّهِ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا جَوَازُهُ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ، وَقُلْنَا إنَّهَا قَضَاءٌ، وَالثَّانِي عَدَمُ جَوَازِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ وَقْتُ كَرَاهَةٍ) أَيْ حَتَّى يَبْقَى مَا يَسَعُهَا فَوَقْتُ حُرْمَةٍ ثُمَّ وَقْتُ ضَرُورَةٍ وَلَهَا وَقْتُ عُذْرٍ كَمَا مَرَّ فَلَهَا سَبْعَةُ أَوْقَاتٍ قَوْلُهُ: (وَالْمَغْرِبُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِفِعْلِهَا وَقْتَ الْغُرُوبِ إذْ الْغُرُوبُ لُغَةً الْبُعْدُ أَوْ وَقْتُهُ أَوْ مَكَانُهُ. قَوْلُهُ: (وُضُوءٍ) الْأَوْلَى طُهْرٌ لِيَشْمَلَ التَّيَمُّمَ وَالْغُسْلَ وَإِزَالَةَ النَّجَسِ عَنْ بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ وَمَكَانٍ وَيُقَدَّرُ مُغَلَّظًا. قَوْلُهُ: (عَوْرَةٍ) لَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَوْلَى لِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (إلَى فِعْلِ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ الْقَوْلُ وَسَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ) أَيْ لِغَالِبِ النَّاسِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، أَوْ لِفِعْلِ نَفْسِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ طُولُهُ تَارَةً وَقِصَرُهُ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرَعَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ فِي وَقْتٍ لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَإِنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ قُلْنَا إنَّهَا أَدَاءٌ، وَإِذَا شَرَعَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ عَلَى الْقَوْلِ الْجَدِيدِ فَعَلَى الْجَوَازِ فِي غَيْرِهَا يَجُوزُ فِيهَا قَطْعًا،   [حاشية عميرة] ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ) إنَّمَا احْتَاجَ إلَى هَذَا مَعَ حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ السَّابِقِ لِصَرَاحَةِ هَذَا دُونَ ذَاكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. إذْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ فَقَدَّرَ أَدْرَكَهَا لِمَعْنَى (وَجَبَتْ) . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالِاخْتِيَارُ إلَخْ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ يُعْلَمُ أَنَّ تَسْمِيَتَهُ بِالْمُخْتَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ الرُّجْحَانِ أَيْ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ بَاقِي الْوَقْتِ. وَقَالَ فِي الْإِقْلِيدِ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاخْتِيَارِ جِبْرِيلَ إيَّاهُ، ثُمَّ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَصَنِيعُهُ يُفِيدُك أَنَّ جَمِيعَ وَقْتِ الظُّهْرِ اخْتِيَارٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الْجَدِيدِ إلَخْ) قَالُوا وَذَلِكَ يَسَعُ الْعِشَاءَ لَوْ جَمَعْت مَعَهَا، فَإِنْ لَمْ يَسَعْ بِسَبَبِ الِاشْتِغَالِ بِالْأَسْبَابِ فَلَا جَمْعَ. وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ: الْمَجْمُوعَتَانِ فِي مَعْنَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَالْمَغْرِبُ يَجُوزُ مَدُّهَا، وَسَلَفَ لَك مَا فِي مَعْنَاهَا وَنَقْضُهُ بِأَنَّ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ يَجُوزُ مَدُّهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسَتْرِ عَوْرَةٍ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ سَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَأَفَادَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْحُرَّةَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: السُّورَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْفَرْضِ تَكُونُ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَدَّ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ: وَمَدَّ إلَى غُرُوبِ الشَّفَقِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ يَقْتَضِي الِاتِّسَاعَ فِيمَا بَعْدَ الشَّفَقِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْكِتَابِ، قُلْت: عِبَارَةُ الْكِتَابِ أَحْسَنُ خِلَافًا لِابْنِ عَقِيبٍ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (عَلَى الْأَصَحِّ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ) هَذَا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ صُورَتُهُ مَا لَوْ أَخَّرَ غَيْرَ الْمَغْرِبِ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ حَتَّى خَرَجَ بَعْضُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ كَمَا سَيَأْتِي، وَهَذَا هُوَ الْآتِي وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْأَصَحِّ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ لِمَا سَتَعْرِفُهُ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَأَيْضًا فَكَلَامُ الرَّوْضَةِ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ، قُلْت: فَمَا حُكْمُ تَأْخِيرِ غَيْرِ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ إذَا شَرَعَ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا؟ قُلْت: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يَأْثَمْ قَطْعًا، وَلَا يُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَنَقَلَ مِنْ زَوَائِدِهِ عَنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَجْهًا قَائِلًا بِالْإِثْمِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 الشَّيْخَيْنِ، وَفِي الْبُخَارِيِّ نَحْوُهُ ، وَقِرَاءَتُهُ لَهَا تَقْرُبُ مِنْ مَغِيبِ الشَّفَقِ لِتَدَبُّرِهِ وَمَدِّهِ فِي الصَّلَاةِ إلَى ذَلِكَ يَجُوزُ بِنَاؤُهُ عَلَى امْتِدَادِ وَقْتِهَا إلَيْهِ، وَعَلَى عَدَمِ امْتِدَادِهِ إلَيْهِ. وَبَنَاهُ قَائِلُ الثَّانِي عَلَى الِامْتِدَادِ فَقَطْ (قُلْت: الْقَدِيمُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَرَجَّحَهُ طَائِفَةٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: بَلْ هُوَ جَدِيدٌ أَيْضًا لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ عَلَّقَ الْقَوْلَ بِهِ فِي الْإِمْلَاءِ، وَهُوَ مِنْ الْكُتُبِ الْجَدِيدَةِ عَلَى ثُبُوتِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ ثَبَتَتْ فِيهَا أَحَادِيثُ مِنْهَا حَدِيثُ مُسْلِمٍ وَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ. (وَالْعِشَاءُ) يَدْخُلُ وَقْتُهَا (بِمَغِيبِ الشَّفَقِ) أَيْ الْأَحْمَرِ الْمُنْصَرِفِ إلَيْهِ الِاسْمُ لِحَدِيثِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ. (وَيَبْقَى إلَى الْفَجْرِ) أَيْ الصَّادِقِ وَسَيَأْتِي لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ وَإِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى» ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي امْتِدَادَ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْأُخْرَى مِنْ الْخَمْسِ، أَيْ غَيْرِ الصُّبْحِ لِمَا سَيَأْتِي فِي وَقْتِهَا (وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ) لِحَدِيثِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مَحْمُولٌ   [حاشية قليوبي] وَعَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ فِيهِ يَجْرِي فِيهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ كَغَيْرِهَا، وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ الْحَدِيثُ، فَقَوْلُهُ وَمَدَّ أَيْ طَوَّلَ حَتَّى اسْتَغْرَقَ وَقْتَ الشَّفَقِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَدَّ الْمَخْصُوصَ لِأَنَّهُ جَائِزٌ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ قَرُبَ مَغِيبُهُ، فَالْغَايَةُ خَارِجَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ بَعْدُ نَظَرًا لِلْمُرَادِ هُنَا، وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَبَنَاهُ قَائِلُ الثَّانِي إلَخْ أَنَّهُ خَصَّ التَّطْوِيلَ بِالْمَدِّ الْمَخْصُوصِ، أَيْ وَهُوَ مَمْنُوعٌ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِهِ هَذَا صَرِيحُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَلَا يَتَّجِهُ فَهْمُ خِلَافِهِ وَمَا فِي غَالِبِ الشُّرُوحِ وَالْحَوَاشِي مِنْ مُخَالَفَتِهِ يَنْبَغِي، عَدَمُ الْمَيْلِ إلَيْهِ وَعَدَمُ التَّعْوِيلِ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. قَوْلُهُ: (قُلْت الْقَدِيمُ أَظْهَرُ) وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْخَطَّابِيُّ وَالسُّهَيْلِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْعِجْلِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالطَّبَرِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ، وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ عَمَّا اعْتَرَضَ بِهِ الْجَدِيدُ مِنْ حَدِيثِ جِبْرِيلَ بِأَنَّ جِبْرِيلَ إنَّمَا يُبَيِّنُ الْأَوْقَاتَ الْمُخْتَارَةَ، وَنَحْنُ نُسَلِّمُ أَنَّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ فِي الْمَغْرِبِ مُسَاوٍ لِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ. نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ الظُّهْرُ لِمَا مَرَّ فِيهَا وَلَوْ لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ عِنْدَ قَوْمٍ، كَأَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ مَعَ غُرُوبِهِ اُعْتُبِرَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ زَمَنٌ يَغِيبُ فِيهِ شَفَقُ أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ، أَيْ قَدْرُ ذَلِكَ، وَبِمُضِيِّ ذَلِكَ يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ، وَيَخْرُجُ وَقْتُ الْمَغْرِبِ مَعَ بَقَاءِ شَفَقِهِمْ، وَالْمُرَادُ بِقَدْرِ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ الْجُزْئِيَّةِ إلَى لَيْلِ الْبَلَدِ الْأَقْرَبِ، مِثَالُهُ لَوْ كَانَ الْبَلَدُ الْأَقْرَبُ مَا بَيْنَ غُرُوبِ شَمْسِهِ وَطُلُوعِهَا مِائَةَ دَرَجَةٍ وَشَفَقُهُمْ عِشْرُونَ مِنْهَا فَهُوَ خُمُسُ لَيْلِهِمْ فَخُمُسُ لَيْلِ الْآخَرِينَ هُوَ حِصَّةُ شَفَقِهِمْ، وَهَكَذَا طُلُوعُ فَجْرِهِمْ وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ عَلَى عِبَارَتِهِ وَغَيْرِهِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ وَتَحْرِيرِهِ، وَعَلَى هَذَا الْقَدِيمُ فَلَهَا خَمْسَةُ أَوْقَاتٍ حَقِيقَةً وَسَبْعَةُ أَوْقَاتٍ اعْتِبَارًا، وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ وَجَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَهُوَ أَوَّلُهُ بِقَدْرِ وَقْتِ الْجَدِيدِ، وَوَقْتُ جَوَازِ بِكَرَاهَةٍ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا عَلَى مَا مَرَّ، وَوَقْتُ حُرْمَةٍ بَعْدَهُ، وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ، وَلَهَا وَقْتُ عُذْرٍ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَقْتًا آخَرَ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى وَقْتِ الْفَضِيلَةِ مِنْ وَقْتِ الْجَدِيدِ، وَسَمَّاهُ وَقْتَ جَوَازِ بِلَا كَرَاهَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (ظَاهِرُهُ) أَيْ فَلَيْسَ صَرِيحًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هُوَ صَرِيحٌ لِأَنَّ نَفْيَ التَّفْرِيطِ يَلْزَمُهُ كَوْنُهَا فِي وَقْتِهَا وَهُوَ مَا قَبْلَ الْأُخْرَى إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ فِي الْحَدِيثِ صَلَاةٌ مَعْهُودَةٌ فَلَا يَكُونُ فِيهِ لِعُمُومِ الْمُرَادِ مِنْ الدَّلِيلِ قَوْلُهُ (وَالْعِشَاءُ) وَهِيَ لُغَةً أَوَّلُ اللَّيْلِ، وَلَيْسَتْ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ خِلَافًا لِمَنْ قَالَهُ. قَوْلُهُ: (الْمُنْصَرِفِ إلَيْهِ الِاسْمُ) فَأَلْ فِيهِ لِلْعَهْدِ إمَّا الذِّهْنِيُّ كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، أَوْ الذِّكْرِيُّ هُنَا لِتَقَدُّمِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ) وَالْمَشَقَّةُ تُنَافِي الْوُجُوبَ لَا النَّدْبَ. قَوْلُهُ: (عَنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ) أَيْ الْأَوَّلِ، وَلِلْعِشَاءِ سَبْعَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةِ أَوَّلِهِ وَاخْتِيَارٍ إلَى آخِرِ   [حاشية عميرة] قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقِيَاسُ هَذَا الْجَزْمِ بِالْجَوَازِ فِي الْمَغْرِبِ؛ انْتَهَى. قُلْت: لَعَلَّهَا فَارَقَتْ غَيْرَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَكَانَ ذَلِكَ ظَاهِرًا فِي عَدَمِ جَوَازِ إخْرَاجِ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَذَهَبَ إلَيْهِ مُقِرُّ الْأَصَحِّ وَمِنْ ثَمَّ اتَّضَحَ لَك كَوْنُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ هُوَ تَأْخِيرُهُ غَيْرَ الْمَغْرِبِ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ أَيْ إذَا قُلْنَا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ قُلْنَا فِي الْمَغْرِبِ إذَا خَرَجَ بَعْضُهَا بِالْمَدِّ خِلَافًا لِاخْتِصَاصِهَا عَنْ غَيْرِهَا بِكَوْنِهَا فُعِلَتْ فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلَا يُرَدُّ مَا عَسَاهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْمَدَّ فِي الْمَغْرِبِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ غَيْرِهَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَمَدُّهُ) هُوَ بِضَمِّ الدَّالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْعِشَاءُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ اسْمٌ لِأَوَّلِ الظَّلَامِ سُمِّيَتْ الصَّلَاةُ بِهِ لِأَنَّهَا تُفْعَلُ فِيهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الْمُنْصَرِفِ إلَيْهِ الِاسْمُ) يُغْنِي هَذَا أَنْ يَقُولَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُلُثِ اللَّيْلِ) يَجُوزُ فِيهِ ضَمُّ اللَّامِ وَإِسْكَانُهَا وَالنِّصْفُ مُثَلَّثُ النُّونِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ. (وَفِي قَوْلٍ نِصْفُهُ) لِحَدِيثِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْت صَلَاةَ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ» صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هَذَا الْقَوْلَ، وَكَلَامُهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ. (وَالصُّبْحُ) يَدْخُلُ وَقْتُهَا (بِالْفَجْرِ الصَّادِقِ، وَهُوَ الْمُنْتَشِرُ ضَوْءُهُ مُعْتَرِضًا بِالْأُفُقِ) أَيْ نَوَاحِي السَّمَاءِ بِخِلَافِ الْكَاذِبِ، وَهُوَ يَطْلُعُ قَبْلَ الصَّادِقِ مُسْتَطِيلًا، ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَعْقُبُهُ ظُلْمَةٌ (وَيَبْقَى) الْوَقْتُ (حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «وَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ» وَفِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ» . (وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا تُؤَخِّرَ عَنْ الْإِسْفَارِ) لِحَدِيثِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ وَقَوْلِهِ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا «الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ» مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ. (قُلْت: يُكْرَهُ) تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ عِشَاءً وَالْعِشَاءِ عَتَمَةً لِلنَّهْيِ عَنْ الْأَوَّلِ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ الْمَغْرِبِ» وَتَقُولُ الْأَعْرَابُ هِيَ الْعِشَاءُ، وَعَنْ الثَّانِي فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ أَلَا إنَّهَا الْعِشَاءُ» وَهُمْ يَعْتِمُونَ بِالْإِبِلِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ وَفِي رِوَايَةٍ بِحِلَابِ الْإِبِلِ. قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ لِكَوْنِهِمْ يَعْتِمُونَ بِحِلَابِ الْإِبِلِ أَيْ يُؤَخِّرُونَهُ إلَى شِدَّةِ الظَّلَامِ. (وَالنَّوْمُ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ   [حاشية قليوبي] ثُلُثِهِ، وَجَوَازٍ بِلَا كَرَاهِيَةٍ لِلْفَجْرِ الْأَوَّلِ وَبِكَرَاهَةٍ إلَى الْفَجْرِ الثَّانِي، وَوَقْتُ حُرْمَةٍ وَضَرُورَةٍ وَعُذْرٍ. قَوْلُهُ: (وَالصُّبْحُ) بِالضَّمِّ وَيَجُوزُ فِيهِ الْكَسْرُ، وَهُوَ لُغَةً أَوَّلُ النَّهَارِ، وَيُقَالُ لَهُ الْفَجْرُ، وَتَسْمِيَتُهُ غَدَاةً خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مُعْتَرِضًا) أَيْ فِي عُرْضِ الْأُفُقِ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ فِيمَا بَيْنَ شِمَالِهِ وَجَنُوبِهِ، وَالْمُسْتَطِيلُ الصَّاعِدُ إلَى الْأَعْلَى إلَى وَسَطِ السَّمَاءِ، وَالْعَرَبُ تُشَبِّهُهُ بِذَنَبِ السِّرْحَانِ بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ الذِّئْبِ، وَكَوْنُهُ تَعْقُبُهُ ظُلْمَةٌ غَالِبٌ. قَوْلُهُ: (حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ) وَطُلُوعُهَا بِطُلُوعِ جُزْءٍ مِنْهَا بِخِلَافِ غُرُوبِهَا إلْحَاقًا لِلْخَفِيِّ بِالظَّاهِرِ بِخِلَافِهِ فِي الْكُسُوفِ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَدَمُ صَلَاتِهِ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ الْإِسْفَارِ) أَيْ إلَيْهِ، فَعَنْ بِمَعْنَى إلَى، فَوَقْتُ الْإِسْفَارِ لَيْسَ مِنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، فَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ " فَأَسْفَرَ " أَيْ فَدَخَلَ بَعْدَ الْفَرَاغِ فِي وَقْتِ الْإِسْفَارِ الَّذِي هُوَ وَقْتُ الْجَوَازِ بِلَا كَرَاهَةٍ إلَى الِاحْمِرَارِ، ثُمَّ بِكَرَاهَةٍ حَتَّى يَبْقَى مَا يَسَعُهَا، ثُمَّ حُرْمَةٍ، ثُمَّ ضَرُورَةٍ، فَلَهَا سِتَّةُ أَوْقَاتٍ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَمَا وَرَدَ مِنْ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ بَيَانٌ لِلْجَوَازِ أَوْ خِطَابٌ لِمَنْ لَا يَعْرِفُهَا إلَّا بِهِ. قَوْلُهُ: (تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ عِشَاءً) وَلَوْ مَعَ التَّغْلِيبِ أَوْ مَعَ وَصْفِهَا بِالْأَوْلَى كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي التَّغْلِيبِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْخَطِيبُ. قَوْلُهُ: (وَالْعِشَاءِ عَتَمَةً) أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ، وَقِيلَ خِلَافُ الْأَوْلَى، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَأَصْلُ الْعَتَمَةِ الظُّلْمَةُ قَوْلُهُ: (وَالنَّوْمُ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ فِعْلِهَا وَبَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا إلَّا لِغَلَبَةِ نَوْمٍ فَلَا يُكْرَهُ وَإِلَّا لَظَنَّ اسْتِغْرَاقَ الْوَقْتِ بِالنَّوْمِ، فَيَحْرُمُ وَيَجِبُ إيقَاظُهُ عَلَى مَنْ عَلِمَ   [حاشية عميرة] وَيُقَالُ فِيهِ نَصِيفٌ عَلَى وَزْنِ رَغِيفٍ، وَقَالُوا أَيْضًا فِي الْخُمْسِ خَمِيسٌ، وَكَذَا فِي الثُّمْنِ وَالتُّسْعِ وَالْعُشْرِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الرُّبْعِ وَالسُّدْسِ وَالسُّبْعِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَمْ أَسْمَعْ فِي الثُّلْثِ شَيْئًا، انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدَّمَ هَذَا الْحُكْمَ عَلَى الْقَوْلِ بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ حَدِيثَهُ ثَابِتٌ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: لِأَنَّهُ تَضَافَرَ عَلَيْهِ خَبَرُ جِبْرِيلَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَخَبَرِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَلَهَا وَقْتُ كَرَاهَةٍ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الْفَجْرَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصُّبْحُ بِالْفَجْرِ الصَّادِقِ) أَيْ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَغُرَّنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ وَلَا هَذَا الْعَارِضُ لِعَمُودِ الصُّبْحِ حَتَّى يَسْتَطِيرَ» وَالصُّبْحُ بِالضَّمِّ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَفِيهِ لُغَةٌ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ أَوَّلُ النَّهَارِ سُمِّيَتْ بِهِ هَذِهِ الصَّلَاةُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مُسْتَطِيلًا) هَذَا تُشَبِّهُهُ الْعَرَبُ بِذَنَبِ الذِّئْبِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِطَالَةُ، وَكَوْنُ النُّورِ فِي أَعْلَاهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ) قَدَّمَ هَذَا عَلَى حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ لِأَنَّهُ أَصْرَحُ مِنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَنْ الْإِسْفَارِ) أَيْ الْإِضَاءَةِ، يُقَالُ: سَفَرَ الصُّبْحُ وَأَسْفَرَ، وَيَجِبُ حَمْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِ عَنْ بِمَعْنَى إلَى لِتَوَافُقِ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، أَوْ يُرَادُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْ الْإِسْفَارِ فَإِنَّهَا إذَا وَقَعَتْ فِيهِ صَدَقَ أَنَّهَا أُخِّرَتْ عَنْ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ لَكِنَّ هَذَا الْخَبَرَ يَقْتَضِي أَنَّ مُقَارَنَةَ آخِرِهَا لِلْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ الِاخْتِيَارِ، فَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى بَلْ مُتَعَيِّنٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت يُكْرَهُ إلَخْ) أَيْ وَمَا وَرَدَ مِنْ التَّسْمِيَةِ بِذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ وَهُوَ خِطَابٌ مَعَ مَنْ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْحَالُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَتَمَةٌ) هِيَ فِي اللُّغَةِ شِدَّةُ الظُّلْمَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالنَّوْمُ قَبْلَهَا) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: سِيَاقُ كَلَامِهِمْ يُشْعِرُ بِتَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا يَعْرِضُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَقَبْلَ الْفِعْلِ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: يَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ أَيْضًا قَبْلَهُ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ يَعْنِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 الْعِشَاءِ (وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكْرَهُهُمَا، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ. (إلَّا فِي خَيْرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَمُذَاكَرَةِ الْفِقْهِ وَإِينَاسِ الضَّيْفِ، وَلَا يُكْرَهُ الْحَدِيثُ لِحَاجَةٍ. (وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ) لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: سَأَلْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْحَاكِمُ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَفْظُ الصَّحِيحَيْنِ لِوَقْتِهَا، فَيَشْتَغِلُ أَوَّلَ الْوَقْتِ بِأَسْبَابِهَا كَالطَّهَارَةِ وَالسَّتْرِ وَنَحْوِهِمَا إلَى أَنْ يَفْعَلَهَا، وَسَوَاءٌ الْعِشَاءُ وَغَيْرُهَا (وَفِي قَوْلٍ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ أَفْضَلُ) أَيْ مَا لَمْ يُجَاوِزْ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ، وَجَوَابُهُ مَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إنَّ تَقْدِيمَهَا هُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَيُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ) إلَى أَنْ يَصِيرَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ   [حاشية قليوبي] بِهِ فِي هَذِهِ وَيُنْدَبُ فِي غَيْرِهَا، أَمَّا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا فَخِلَافُ الْأُولَى وَإِنْ عُلِمَ اسْتِغْرَاقُ خُرُوجِ الْوَقْتِ بِهِ بِالنَّوْمِ وَالْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُكْرَهُ وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ فِي غَيْرِ الْعِشَاءِ مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ وَلَوْ جُمُعَةً، فَلَا يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِنْ لَزِمَ فَوَاتُهَا بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ فِعْلِهَا فِي وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ الصُّبْحِ بِالنَّوْمِ بَعْدَ الْحَدِيثِ، وَلَا يُكْرَهُ بَعْدَ فِعْلِهَا مَجْمُوعَةً مَعَ الْمَغْرِبِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مَا يَسَعُهَا مِنْ وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ بَعْدَ فِعْلِ الْعَصْرِ مَجْمُوعَةً مَعَ الظُّهْرِ لِتَعَلُّقِ الْكَرَاهَةِ فِيهِ بِالْفِعْلِ وَالْكَلَامِ فِي حَدِيثٍ مُبَاحٍ، فَغَيْرُهُ أَشَدُّ كَرَاهَةً أَوْ حُرْمَةً هُنَا. قَوْلُهُ: (وَإِينَاسِ الضَّيْفِ) غَيْرِ نَحْوِ الْفَاسِقِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ بِغَيْرِ عُذْرٍ. (تَنْبِيهٌ) قَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَ مِنْ كَرَاهَةِ النَّوْمِ وَالْحَدِيثِ يَجْرِي فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَإِنَّمَا خُصَّتْ الْعِشَاءُ بِذِكْرِهِمَا لِأَنَّهَا مَحَلُّ النَّوْمِ أَصَالَةً، وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ الْحَدِيثُ قَبْلَ الْفِعْلِ لِأَنَّ الْوَقْتَ بَاعِثٌ عَلَى تَرْكِهِ بِطَلَبِ الْفِعْلِ فِيهِ. (فُرُوعٌ) يُنْدَبُ إيقَاظُ مَنْ نَامَ أَمَامَ الْمُصَلِّينَ أَوْ فِي الْمِحْرَابِ أَوْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ أَوْ عَلَى سَطْحٍ لَا حَاجِزَ لَهُ أَوْ فِي عَرَفَةَ وَقْتَ الْوُقُوفِ أَوْ وَفِي يَدِهِ رِيحٌ غَمِرَ بَالِغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ زَفَرٌ كَنَحْوِ لَحْمٍ، أَوْ نَامَ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَإِنْ صَلَّاهَا لِأَنَّ الْأَرْضَ تَعِجُّ أَيْ تَصِيحُ مُشْتَكِيَةً إلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ نَامَ مُسْتَلْقِيًا وَهُوَ أُنْثَى أَوْ مُنْكَبًّا وَهُوَ ذَكَرٌ، لِأَنَّهَا نَوْمَةٌ يَبْغُضُهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَلِصَلَاةِ لَيْلٍ، وَنَحْوِ تَسَحُّرٍ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ) بِإِيقَاعِ جَمِيعِهَا فِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ، وَلَا يَكْفِي الْإِحْرَامُ فِيهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ بِشَرْطِ الْعَزْمِ كَمَا مَرَّ، وَقَدْ يُطْلَبُ التَّأْخِيرُ كَمَا يَأْتِي. (فَرْعٌ) يُنْدَبُ التَّعْجِيلُ فِي النَّفْلِ ذِي الْوَقْتِ أَوْ السَّبَبِ أَيْضًا، وَرُبَّمَا شَمَلَهُمَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِمَا) كَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَكَلَامٍ قَصِيرٍ وَشُغْلٍ كَذَلِكَ وَطَلَبِ مَاءٍ أَوْ تُرَابٍ وَتَفْرِيغِ حَدَثٍ وَفِعْلٍ رَاتِبٍ وَأَكْلِ لُقَمٍ لِسَدِّ رَمَقٍ وَتَحَقُّقِ وَقْتٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ لِغَالِبِ النَّاسِ، وَهَذَا مِقْدَارُ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ سَوَاءٌ احْتَاجَ فِيهِ لِمَا ذُكِرَ أَوْ لَا، لَكِنَّ الْمُبَادَرَةَ فِيهِ أَفْضَلُ. قَوْلُهُ: (كَانَ يَسْتَحِبُّ تَأْخِيرَهَا إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مِنْ إخْبَارِهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ إخْبَارِ الرَّاوِي بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ تَأْخِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفِعْلِهَا أَحْيَانًا بَيَانًا لِلْجَوَازِ الَّذِي رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عِظَمِهَا مَنْعُهُ، وَلِذَلِكَ رَدَّ عَلَيْهِ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى التَّعْجِيلِ، وَبِهِ يَرُدُّ أَيْضًا دَعْوَى قُوَّةِ دَلِيلِ التَّأْخِيرِ الْمُسْتَنِدِ إلَى أَنْ كَانَ مَعَ الْمُضَارِعِ تُفِيدُ الدَّوَامَ وَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ يَنْزِلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ) أَيْ تَأْخِيرُهُ لِوَقْتِ الْبَرْدِ طَلَبًا لِلْخُشُوعِ أَوْ كَمَالِهِ الْفَائِتَ بِشِدَّةِ الْحَرِّ، وَهَذَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا طُلِبَ فِيهِ التَّأْخِيرُ نَدْبًا أَوْ وُجُوبًا فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، وَقَدْ أَوْصَلَهَا بَعْضُهُمْ إلَى نَحْوِ أَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً، وَضَابِطُهَا اشْتِمَالُ التَّأْخِيرِ عَلَى كَمَالٍ خَلَا عَنْهُ التَّقْدِيمُ، كَقُدْرَةٍ عَلَى قِيَامٍ   [حاشية عميرة] خَوْفَ اسْتِغْرَاقِ الْوَقْتِ بِالنَّوْمِ، وَقَوْلُهُ: وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إطْلَاقُهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ جَمَعَهَا مَعَ الْمَغْرِبِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ، قَالَ: فَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فَهَلْ تَكُونُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ أَمْ بِمُضِيِّ قَدْرِ زَمَنِ الْفِعْلِ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ، قَالَ: وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ وَالْحَدِيثُ يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ سَوَاءٌ أَصَلَّى السُّنَّةَ أَمْ لَا. [وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ) قَالَ الْقَاضِي: وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَطَوَّلَ حَتَّى بَلَغَ آخِرَ الْوَقْتِ ثُمَّ سَلَّمَ فِي الْوَقْتِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحْسَنًا، وَخَالَفَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ، فَقَالَ: إنَّ الْمَدَّ إلَى خُرُوجِ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ خِلَافَ الْأَفْضَلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ الْإِبْرَادُ إلَخْ) الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ مَا فِي الْحَرَكَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ الْمَشَقَّةِ السَّالِبَةِ لِلْخُشُوعِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 «أَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» أَيْ هَيَجَانِهَا. وَفِي اسْتِحْبَابِ الْإِبْرَادِ بِالْجُمُعَةِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُبْرِدُ بِالْجُمُعَةِ، وَأَصَحُّهُمَا لَا لِشِدَّةِ الْخَطَرِ فِي فَوَاتِهَا الْمُؤَدِّي إلَى تَأْخِيرِهَا بِالتَّكَاسُلِ، وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي حَقِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَالْأَصَحُّ اخْتِصَاصُهُ بِبَلَدٍ حَارٍّ وَجَمَاعَةِ مَسْجِدٍ يَقْصِدُونَهُ مِنْ بُعْدٍ) وَلَا ظِلَّ فِي طَرِيقِهِمْ إلَيْهِ، فَلَا يُسَنُّ فِي بَلَدٍ مُعْتَدِلٍ، وَلَا لِمَنْ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا، وَلَا لِجَمَاعَةِ مَسْجِدٍ لَا يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ، وَلَا لِمَنْ كَانَتْ مَنَازِلُهُمْ قَرِيبَةً مِنْ الْمَسْجِدِ، وَلَا لِمَنْ يَمْشُونَ إلَيْهِ مِنْ بُعْدٍ فِي ظِلٍّ. وَالثَّانِي لَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ فَيُسَنُّ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ. وَذِكْرُ الْمَسْجِدِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَمِثْلُهُ الرِّبَاطُ وَنَحْوُهُ مِنْ أَمْكِنَةِ الْجَمَاعَةِ. (وَمَنْ وَقَعَ بَعْضُ صَلَاتِهِ فِي الْوَقْتِ) وَبَعْضُهَا خَارِجَهُ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ) فِي الْوَقْتِ (رَكْعَةٌ) فَأَكْثَرَ (فَالْجَمِيعُ أَدَاءٌ إلَّا) بِأَنْ وَقَعَ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ رَكْعَةٍ (فَقَضَاءٌ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» أَيْ مُؤَدَّاةً، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً لَا يُدْرِكُ الصَّلَاةَ مُؤَدَّاةً. وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّكْعَةَ تَشْتَمِلُ عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ إذْ مُعْظَمُ الْبَاقِي كَالتَّكْرِيرِ لَهَا، فَجَعَلَ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَابِعًا لَهَا بِخِلَافِ مَا دُونَهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْجَمِيعَ أَدَاءٌ مُطْلَقًا تَبَعًا لِمَا فِي الْوَقْتِ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُ قَضَاءٌ مُطْلَقًا تَبَعًا لِمَا بَعْدَ الْوَقْتِ. وَالرَّابِعُ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْوَقْتِ أَدَاءٌ وَمَا بَعْدَهُ قَضَاءٌ وَهُوَ التَّحْقِيقُ وَعَلَى الْقَضَاءِ   [حاشية قليوبي] أَوْ سُتْرَةٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ جَمَاعَةٍ أَوْ بُلُوغِ صَبِيٍّ، أَوْ انْقِطَاعِ حَدَثٍ، أَوْ نُزُولِ مُسَافِرٍ، أَوْ إيقَاعِهَا فِي مَسْجِدٍ وَلَوْ فُرَادَى، أَوْ وُقُوفٍ بِعَرَفَةَ، أَوْ رَمْيِ جِمَارٍ، أَوْ إنْقَاذِ غَرِيقٍ، وَخَرَجَ بِالظُّهْرِ أَذَانُهَا فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِهِ إلَّا لِقَوْمٍ يُعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتَخَلَّفُونَ عَنْ سَمَاعِهِ، وَخَرَجَ بِهَا أَيْضًا الْجُمُعَةُ كَمَا مَرَّ، وَسَائِرُ الصَّلَوَاتِ. قَوْلُهُ: (فِي شِدَّةِ الْحَرِّ) خَرَجَ بِهِ الِاعْتِدَالُ وَشِدَّةُ الْبَرْدِ لِمَا سَيَأْتِي، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَسْتَغْرِقُ الْوَقْتَ. قَوْلُهُ: (إلَى أَنْ يَصِيرَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ إلَخْ) وَغَايَتُهُ إلَى نِصْفِ الْوَقْتِ، وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ الْإِبْرَادُ فِي أَيَّامِ الدَّجَّالِ قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا لَا) أَيْ لَا يُطْلَبُ الْإِبْرَادُ فِي الْجُمُعَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِبَلَدٍ حَارٍّ) مُعْتَدِلٍ كَمِصْرِ وَلَا بَارِدٍ كَالشَّامِ، وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الْبُلْدَانِ خَالَفَتْ وَضْعَ الْقُطْرِ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالْقُطْرِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَقَدْ مَرَّ مِثْلُهُ فِي الْمَاءِ الْمُشْمِسِ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا حَرَارَةُ الزَّمَنِ. قَوْلُهُ: (وَجَمَاعَةِ مَسْجِدٍ) سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ عَدَمُ اعْتِبَارِهَا. قَوْلُهُ: (يَقْصِدُونَهُ) أَيْ يَأْتُونَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ بُعْدٍ) أَيْ بِحَيْثُ يَحْصُلُ لَهُمْ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً لِغَالِبِ النَّاسِ وَقِيلَ لِلشَّخْصِ نَفْسِهِ، وَالْمَشَقَّةُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا مَا تُذْهِبُ الْخُشُوعَ أَوْ كَمَالَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا لِمَنْ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا) وَكَذَا جَمَاعَةٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا لِجَمَاعَةِ مَسْجِدٍ لَا يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ) فَإِنْ كَانَ يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ يُسَنُّ لَهُ الْإِبْرَادُ سُنَّ لِهَؤُلَاءِ الْإِبْرَادُ لِأَجْلِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ وَقَعَ بَعْضُ صَلَاتِهِ فِي الْوَقْتِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِحْرَامَ بِالصَّلَاةِ فِي وَقْتٍ يَسَعُ جَمِيعَ فَرَائِضِهَا لَيْسَ حَرَامًا بِلَا خِلَافٍ، وَلَهُ الْمَدُّ فِيهَا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَنْدُوبَاتِهَا كَتَطْوِيلِ قِرَاءَتِهَا وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهَا أَوْ كُلُّهَا عَنْ الْوَقْتِ، وَفَارَقَ تَرْكَ تَثْلِيثِ الْوُضُوءِ مَثَلًا لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ، وَتَأْخِيرَ النَّفْلِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَهَمُّ، ثُمَّ إنْ وَقَعَ مِنْهَا رَكْعَةٌ فَأَكْثَرُ فِي الْوَقْتِ فَالْجَمِيعُ أَدَاءٌ وَإِلَّا فَقَضَاءٌ، وَأَنَّ الْإِحْرَامَ بِهَا فِي وَقْتٍ لَا يَسَعُ مَا ذُكِرَ لَيْسَ حَرَامًا أَيْضًا إنْ كَانَ تَأْخِيرُهَا لِعُذْرٍ وَيَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا فَحَرَامٌ قَطْعًا، وَلَيْسَ لَهُ الْإِتْيَانُ بِشَيْءٍ مِنْ مَنْدُوبَاتِهَا، ثُمَّ إنْ وَقَعَ مِنْهَا رَكْعَةٌ فَأَكْثَرُ فِي الْوَقْتِ فَأَدَاءٌ أَيْضًا، وَإِلَّا فَقَضَاءٌ مَعَ الْإِثْمِ فِيهِمَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ تَخْصِيصُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِهَذِهِ مَعَ شُمُولِهَا لِغَيْرِهَا مِمَّا ذُكِرَ، وَلَعَلَّهُ لِتَرَتُّبِ الْحُرْمَةِ عَلَى الْخِلَافِ وَشَمَلَتْ الصَّلَاةُ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ وَدَخَلَ فِيهَا الْجُمُعَةُ، وَهُوَ كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ تَسْمِيَتُهَا أَدَاءً وَقَضَاءً وَإِنْ فَاتَ كَوْنُهَا جُمُعَةً، وَإِنْ حَرُمَ لِفَوَاتِ شَرْطِهَا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَالْجَمِيعُ أَدَاءٌ) أَيْ عَلَى الْمَجَازِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَوْ الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ.   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ) لَا تَجُوزُ نِيَّةُ الْقَضَاءِ فِي ذَلِكَ مَعَ ظَنِّ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ، وَلَا نِيَّةُ الْأَدَاءِ مَعَ ظَنِّ عَدَمِ ذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ فِي صَلَاتِهِ تَبَيُّنُ خِلَافِ مَا نَوَاهُ. قَوْلُهُ: (إنَّ الرَّكْعَةَ تَشْتَمِلُ عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ) أَيْ وَأَقْوَالِهَا، أَوْ أَرَادَ بِالْأَفْعَالِ مَا يَشْمَلُهَا تَغْلِيبًا، أَوْ لِأَنَّهَا فِعْلُ اللِّسَانِ. قَوْلُهُ: (كَالتَّكْرِيرِ لَهَا) أَشَارَ بِالْكَافِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ تَكْرَارًا حَقِيقَةً لِاعْتِبَارِهِ فِي نَفْسِهِ وَلِزِيَادَتِهِ بِالتَّشَهُّدِ وَمَا مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْقَضَاءِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 يَأْثَمُ الْمُصَلِّي بِالتَّأْخِيرِ إلَى ذَلِكَ وَكَذَا عَلَى الْأَدَاءِ نَظَرًا لِلتَّحْقِيقِ، وَقِيلَ لَا نَظَرًا إلَى الظَّاهِرِ لِمُسْتَنِدٍ إلَى الْحَدِيثِ. (وَمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ) لِغَيْمٍ أَوْ حَبْسٍ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (اجْتَهَدَ بِوِرْدٍ وَنَحْوِهِ) كَخِيَاطَةٍ وَقِيلَ إنْ قَدَرَ عَلَى الصَّبْرِ إلَى الْيَقِينِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ، فَقَوْلُهُ: اجْتَهَدَ، أَيْ جَوَازًا إنْ قَدَرَ وَوُجُوبًا إنْ لَمْ يَقْدِرْ، وَسَوَاءٌ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى (فَإِنْ تَيَقَّنَ صَلَاتَهُ) بِالِاجْتِهَادِ (قَبْلَ الْوَقْتِ) وَعَلِمَ بَعْدَهُ (قَضَى فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا اعْتِبَارًا بِظَنِّهِ، فَإِنْ عَلِمَ فِي الْوَقْتِ أَعَادَ أَيْ   [حاشية قليوبي] إلَخْ قِيلَ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ. قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى الظَّاهِرِ الْمُسْتَنِدِ إلَى الْحَدِيثِ) لِأَنَّ لَفْظَ الْإِدْرَاكِ فِيهِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ كَمَنْ أَدْرَكَ جَمِيعَهَا فِي الْوَقْتِ وَهُوَ لَا إثْمَ فِيهِ، وَهَذَا مِثْلُهُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ) أَيْ جَهِلَ دُخُولَهُ لِعَدَمِ ظَنِّهِ، فَخَرَجَ مِنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَدْلُ رِوَايَةٍ عَنْ عِلْمٍ، أَوْ سَمِعَ أَذَانَهُ فِي الصَّحْرَاءِ، أَوْ أَذَّنَ مَأْذُونُهُ وَلَوْ صَبِيًّا مَأْمُونًا فِي ذَلِكَ، أَوْ رَأَى مِزْوَلَةً وَضَعَهَا عَارِفٌ ثِقَةٌ أَوْ أَقَرَّهَا لِأَنَّهَا كَالْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ وَمِثْلُهَا مِنْكَابٌ مُجَرَّبٌ، وَأَقْوَى مِنْهُمَا بَيْتُ الْإِبْرَةِ الْمَعْرُوفُ لِعَارِفٍ بِهِ. قَوْلُهُ: (بِوِرْدٍ وَنَحْوِهِ) لَفْظُ نَحْوِهِ قِيلَ مُسْتَدْرَكٌ لِأَنَّ مَا دَخَلَ تَحْتَهُ مِنْ الْوَرْدِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُشِيرُ إلَى رَدِّهِ لِأَنَّ الْوِرْدَ مَا كَانَ بِنَحْوِ ذِكْرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ وَنَحْوُهُ مَا كَانَ بِنَحْوِ صِنَاعَةٍ، وَمِنْهُ سَمَاعُ صَوْتِ دِيكٍ مُجَرَّبٍ، وَسَمَاعُ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ عَدَالَتُهُ أَوْ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ أَذَانَهُ أَوْ أَخْبَرَهُ عَنْ عِلْمٍ وَسَمَاعِ أَذَانِ ثِقَةٍ عَارِفٍ فِي الْغَيْمِ لَكِنَّ لَهُ فِي هَذِهِ تَقْلِيدَهُ، وَخَرَجَ بِالثِّقَةِ الْمَذْكُورِ الْفَاسِقُ وَمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ وَلَوْ مَسْتُورَهَا، وَالصَّبِيُّ وَإِنْ كَانَ مَأْمُونًا عَارِفًا وَفِي صَحْوٍ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالْهَرَوِيِّ مِنْ قَبُولِ قَوْلِ الصَّبِيِّ فِيمَا طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةُ كَرُؤْيَةِ النَّجَاسَةِ وَدَلَالَةِ الْأَعْمَى عَلَى الْقِبْلَةِ وَخُلُوِّ الْمَوْضِعِ عَنْ الْمَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ وَغُرُوبِهِمَا لَا فِيمَا طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادُ كَالْإِفْتَاءِ لَمْ يَعْتَمِدْهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (جَوَازًا إلَخْ) هُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْمِيَاهِ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ الِاجْتِهَادِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهُ مَعَ الْعَجْزِ، وَمَتَى وَقَعَ كَانَ وَاجِبًا، وَالْقُدْرَةُ تَعُمُّ مَا كَانَ بِالصَّبْرِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَمَا كَانَ بِغَيْرِهِ كَوُجُودِ مُخْبِرٍ عَنْ عِلْمٍ عِنْدَهُ، أَوْ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ، وَتَمَكَّنَ مِنْ سُؤَالِهِ بِلَا مَشَقَّةٍ، وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ، وَفَارَقَ مَنْعَ الِاجْتِهَادِ وَوُجُوبَ السُّؤَالِ فِي مِثْلِهِ فِي الْقِبْلَةِ بِتَكَرُّرِ الْوَقْتِ، وَقَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ بِجَوَازِ التَّقْلِيدِ لَهُ وَلَوْ لِأَعْمَى أَقْوَى إدْرَاكًا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاجْتِهَادِ كَالْبَصِيرِ الْعَاجِزِ لِعَجْزِ الْبَصِيرِ حَقِيقَةً، وَالْأَعْمَى فِي الْجُمْلَةِ يَقْتَضِي أَنَّ التَّقْلِيدَ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَعْمَى الْعَاجِزِ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ الْبَصِيرِ الْقَادِرِ لِمُجْتَهِدٍ آخَرَ، وَمُقْتَضَى مَا بَعْدُ عَنْ النَّوَوِيِّ جَوَازُهُ لَهُ كَمَا مَرَّ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا عَاجِزَيْنِ وَجَبَ التَّقْلِيدُ أَوْ قَادِرَيْنِ تَخَيَّرَا بَيْنَ تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ وَالِاجْتِهَادِ، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ مَنْعِ تَقْلِيدِ الْقَادِرِ عَلَى الِاجْتِهَادِ لِمُجْتَهِدٍ لِلْمَشَقَّةِ هُنَا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَنْعَ تَقْلِيدِ الْأَعْمَى لِغَيْرِهِ فِي الْأَوَانِي مَا لَمْ يَتَحَيَّرْ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ شَيْخُنَا: مَعْنَى الِاجْتِهَادِ بِالْوِرْدِ أَنَّهُ إذَا فَرَغَ مِنْ الْوَرْدِ يُصَلِّي مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْوِرْدَ سَبَبٌ لِلِاجْتِهَادِ تَأَمَّلْ، وَلِلْمُنَجِّمِ الْعَمَلُ بِحِسَابِهِ وُجُوبًا كَمَا فِي الصَّوْمِ وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَنْ صَدَّقَهُ مِثْلُهُ، وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ إنَّهُ كَالْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ أَيْ بَعْدَ إخْبَارِهِ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ حِينَئِذٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَيَقَّنَ) أَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ أَنَّ صَلَاتَهُ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا قَبْلَ الْوَقْتِ سَوَاءٌ عَلِمَ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ، وَتَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ: وَعَلِمَ بَعْدَهُ بَيَانٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا ذَكَرَهُ وَلِتَسْمِيَتِهَا قَضَاءً. (فَرْعٌ) يَجِبُ قَضَاءٌ عَلَى مَنْ جَهِلَ وُجُوبَ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عُذْرًا فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ أَيْضًا.   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ) مُحَصِّلُ مَا فِي الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ أَذَانَ الظُّهْرِ كَصَلَاتِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالرَّابِعُ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْوَقْتِ أَدَاءٌ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَنْوِي الْأَدَاءَ فَقَطْ نَظَرًا إلَى الِافْتِتَاحِ، قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَعَلَى الْقَضَاءِ يَأْثَمُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ: وَعَلَى هَذَا الْقَضَاءُ وَمَرْجِعُ الْإِشَارَةِ التَّحْقِيقُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اجْتَهَدَ بِوِرْدٍ وَنَحْوِهِ) لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ عَنْ عِيَانٍ كَرُؤْيَةِ الْفَجْرِ طَالِعًا امْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ، وَمِنْهُ أَذَانُ الْمُؤَذِّنِ فِي الصَّحْوِ إذَا كَانَ ثِقَةً عَارِفًا، وَأَمَّا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ فَقَدْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ اعْتِمَادَهُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الدِّيكِ، انْتَهَى. قُلْت ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ. (فَرْعٌ) لَوْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ أَعَادَ، وَلَوْ ظَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ وَتَبَيَّنَ وُقُوعَهَا فِيهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَضَى فِي الْأَظْهَرِ) اعْلَمْ أَنَّ لَنَا خِلَافًا فِيمَا لَوْ تَبَيَّنَ وُقُوعَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ أَهِيَ تَقَعُ قَضَاءً أَمْ أَدَاءً؟ . وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، فَالْأَظْهَرُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَضَاءِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 بِلَا خِلَافٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْوَقْتِ بِأَنْ تَيَقَّنَهَا فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالَ (فَلَا) يَقْضِي (وَيُبَادِرُ بِالْفَائِتِ) وُجُوبًا إنْ فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَنَدْبًا إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ كَالنَّوْمِ وَالنِّسْيَانِ مُسَارَعَةً إلَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ. (وَيُسَنُّ تَرْتِيبُهُ) كَأَنْ يَقْضِيَ الصُّبْحَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالظُّهْرَ قَبْلَ الْعَصْرِ. (وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الْحَاضِرَةِ الَّتِي لَا يَخَافُ فَوْتَهَا) مُحَاكَاةً لِلْأَدَاءِ فَإِنْ خَافَ فَوْتَهَا بَدَأَ بِهَا وُجُوبًا لِئَلَّا تَصِيرَ فَائِتَةً.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالَ) بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ أَيْ ظَنَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ. نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا قَبْلَ الْوَقْتِ وَجَبَ قَضَاؤُهَا كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، كَمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْوَقْتِ هَلْ صَلَّى، أَوْ لَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَهُ هَلْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ لَا، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ التَّنَاقُضِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ شَكَّ فِي الْفِعْلِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَالثَّانِي شَكَّ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهَا، وَعَلَى هَذَا يُنْظَرُ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي أَيِّ الصُّورَتَيْنِ هُمَا فَتَأَمَّلْ، وَلَوْ قَضَى صَلَاةً شَكَّ فِيهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِهِ مَا قَبْلَهُ وَيَجِبُ قَضَاؤُهَا وَفِيهِ بَحْثٌ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ الْحَالُ لَمْ يُعَاقَبْ فِي الْآخِرَةِ، وَإِذَا شَكَّ فِي مِقْدَارِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ قَضَى مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ فِعْلَهُ قَالَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَأَتْبَاعِهِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: يَقْضِي مَا تَيَقَّنَ تَرْكَهُ فَقَطْ عَلَى الْأَصَحِّ، ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُخْتَارَ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ يُصَلِّي تَارَةً وَيَتْرُكُ أُخْرَى وَلَا يُعِيدُ فَهُوَ كَقَوْلِ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ نَادِرًا فَهُوَ كَمُقَابِلِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَقْضِي) وَإِنْ وَصَلَ بَعْدَ فَرَاغِ صَلَاتِهِ إلَى بَلَدٍ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا فِي كَمُخَالَفَةِ مَطْلَعِهِ كَمَنْ أَقَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ مَجْمُوعَةٍ مَقْصُورَةٍ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا قَالُوهُ فِي الصَّوْمِ إنَّ لَهُ حُكْمَ الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا وُجُوبُ الْإِعَادَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَالْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ مَا يَشْمَلُ الْإِعَادَةَ لِيَدْخُلَ مَا لَوْ تَيَقَّنَ فِي الْوَقْتِ أَنَّهَا وَقَعَتْ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (كَالنَّوْمِ وَالنِّسْيَانِ) هُمَا مِثَالَانِ لِلْعُذْرِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَا لِغَيْرِهِ بِأَنْ حَصَلَا عَنْ نَحْوِ لَهْوٍ كَلَعِبِ شِطْرَنْجٍ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ تَرْتِيبُهُ) أَيْ وَالْبُدَاءَةُ بِأَوَّلِ مَا فَاتَهُ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ سَبَقَ مَا فَاتَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ أَوْلَى، بَلْ. قَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ إذَا شَرَعَ فِي الْقَضَاءِ، وَلَوْ أَفْسَدَ صَلَاةً عَمْدًا لَمْ يَجِبْ فِعْلُهَا فَوْرًا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَقَالَ شَيْخُنَا: يَجِبُ فِعْلُهَا فَوْرًا، وَيَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ بِالْفَوْرِيَّةِ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ التَّنَاقُضُ الْمَذْكُورُ، وَاللَّامُ فِي حَدِيثِ فَلْيُصَلِّهَا لِلْأَمْرِ، وَصَرَفَهُ عَنْ وُجُوبِ الْفَوْرِيَّةِ حَدِيثُ الْوَادِي، وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ فِي حَدِيثِ الْوَادِي لِكَوْنِهِ كَانَ بِهِ شَيْطَانٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ، فَتَأْخِيرُهُ لِيُفَارِقَهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْفَوْرِيَّةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِئَلَّا تَصِيرَ فَائِتَةً) يُفِيدُ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْفَائِتَ حَيْثُ كَانَ يُدْرِكُ مِنْ الْحَاضِرَةِ رَكْعَةً فِي وَقْتِهَا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْكِفَايَةِ،   [حاشية عميرة] الْقَضَاءَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْوَقْتِ، وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَدَاءِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ وَلَا تَضُرُّ نِيَّةُ الْأَدَاءِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ) حَكَى ابْنُ كَجٍّ عَنْ ابْنِ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ غَيْرَ الْمَعْذُورِ لَا يَقْضِي عَمَلًا بِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا» إلَخْ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَحِكْمَتُهُ التَّغْلِيظُ، وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ، وَقَوَّاهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ فِي الْإِقْلِيدِ، وَأَيَّدَهُ بِأَنَّ تَارِكَ الْأَبْعَاضِ عَمْدًا لَا يَسْجُدُ عَلَى وَجْهٍ مَعَ أَنَّهُ أَحْوَجُ إلَى الْجَبْرِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ وَالْمُتَوَلِّيَ وَالرُّويَانِيَّ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَنْ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ صَارَتْ قَضَاءً وَإِنْ أَوْقَعَهَا فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْهَا لَا يَجُوزُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَحِينَئِذٍ فَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ أَوْجَبْنَا الْفَوْرَ لَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُهَا إلَى آخِرِ الْوَقْتِ، وَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ فَفِي جَوَازِ إخْرَاجِهَا عَنْ الْوَقْتِ الْأَصْلِيِّ نَظَرٌ، وَيُتَّجَهُ الْمَنْعُ، انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ تَرْتِيبُهُ) أَيْ وَلَا يَجِبُ وَإِنْ كَانَ الْوَارِدُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ هُوَ التَّرْتِيبُ فِي قَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلِأَنَّ الْعَمَلَ الْمُجَرَّدَ لَا يَدُلُّ عِنْدَنَا عَلَى سِوَى الِاسْتِحْبَابِ، وَلَوْ فَاتَهُ الظُّهْرُ بِعُذْرٍ وَالْعَصْرُ بِغَيْرِ عُذْرٍ، فَالظَّاهِرُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ أَيْضًا وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الَّتِي لَا يَخَافُ فَوْتَهَا) صَادِقٌ بِمَا لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْهَا فِي الْوَقْتِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَعَبَّرَ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ بِالِاتِّسَاعِ وَالضِّيقِ لَا بِالْفَوَاتِ وَعَدَمِهِ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يُرَاعَى التَّرْتِيبُ، وَلَوْ فَاتَتْ الْجَمَاعَةُ قَالَ فَيُصَلِّي أَوَّلًا الْفَائِتَ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ إنْ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ فِي الْحَاضِرَةِ صَلَّاهَا وَإِلَّا صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا، وَمِثْلُهُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ، وَنَقَلَ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْحَاضِرَةِ. (فَرْعٌ) لَوْ شَرَعَ فِي الْفَائِتَةِ ثُمَّ خَافَ ضِيقَ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَطْعُهَا، وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْوَقْتِ هَلْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 (وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ) لِلنَّهْيِ عَنْهَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ. (وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ كَرُمْحٍ وَ) بَعْدَ (الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ) لِلنَّهْيِ عَنْهَا فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الرُّمْحِ وَهُوَ تَقْرِيبٌ. وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَتَّى تَرْتَفِعَ كَرُمْحٍ، وَعِنْدَ الِاصْفِرَارِ حَتَّى تَغْرُبَ، أَيْ لِلنَّهْيِ عَنْهَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الرُّمْحِ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ مَعَ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إنَّ ذِكْرَهُ أَجْوَدُ رِعَايَةً لِلِاخْتِصَارِ، فَإِنَّهُ يَنْدَرِجُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ أَيْ لِمَنْ صَلَّى مِنْ حِينِ صَلَاتِهِ، وَلِمَنْ لَمْ يُصَلِّ مِنْ الطُّلُوعِ وَالِاصْفِرَارِ، وَأَشَارَ الرَّافِعِيُّ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: رُبَّمَا انْقَسَمَ الْوَقْتُ الْوَاحِدُ إلَى مُتَعَلِّقٍ بِالْفِعْلِ وَإِلَى مُتَعَلِّقٍ بِالزَّمَانِ (إلَّا) صَلَاةً (لِسَبَبٍ كَفَائِتَةٍ) فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ صَلَاةِ جِنَازَةٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (وَ) صَلَاةِ (كُسُوفٍ وَتَحِيَّةٍ) لِلْمَسْجِدِ (وَسَجْدَةِ شُكْرٍ) أَوْ تِلَاوَةٍ، فَلَا تُكْرَهُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاتَهُ رَكْعَتَا سُنَّةِ الظُّهْرِ الَّتِي بَعْدَهُ فَقَضَاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَقِيسَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ عَلَيْهِ فِي الْفِعْلِ وَالْوَقْتِ، وَحُمِلَ النَّهْيُ عَلَى صَلَاةٍ لَا سَبَبَ لَهَا، وَهِيَ النَّافِلَةُ الْمُطْلَقَةُ، وَكَرَاهَتُهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي النَّهْيِ، وَقِيلَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا لَمْ تَنْعَقِدْ كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ، وَقِيلَ تَنْعَقِدُ كَالصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ وَأُدْرِجَتْ السَّجْدَةُ فِي الصَّلَاةِ لِشَبَهِهَا بِهَا فِي الشُّرُوطِ وَالْأَحْكَامِ،   [حاشية قليوبي] وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَمُقْتَضَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ جَمِيعِهَا فِيهِ، وَاعْتَمَدَهُ الطَّبَلَاوِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ، وَخَرَجَ بِفَوْتِهَا فَوْتُ جَمَاعَتِهَا وَلَوْ جُمُعَةً لَمْ يُدْرِكْ غَيْرَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِذَا رَأَى إمَامًا فِي حَاضِرَةٍ وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ فَالْأَفْضَلُ فِعْلُ الْفَائِتَةِ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ إنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ الْحَاضِرَةِ شَيْئًا فَعَلَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا خَلْفَ الْحَاضِرَةِ أَوْ يُحْرِمَ بِالْحَاضِرَةِ مَعَ الْإِمَامِ، لَكِنْ فِي الْأَوَّلِ اقْتَدَى فِي مَقْضِيَّةٍ خَلْفَ مُؤَدَّاةٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَدَمُ التَّرْتِيبِ، وَفِيهِمَا خِلَافٌ، وَلَوْ شَرَعَ فِي حَاضِرَةٍ فَتَذَكَّرَ فِيهِمَا فَائِتَةً أَتَمَّهَا وُجُوبًا، وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَكَانَتْ الْفَائِتَةُ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَلَوْ شَرَعَ فِي حَاضِرَةٍ مُنْفَرِدًا فَرَأَى جَمَاعَةً فَلَهُ قَلْبُهَا نَفْلًا، وَيَقْتَصِرُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ جَاوَزَهُمَا وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ شَرَعَ فِي فَائِتَةٍ مُعْتَقِدًا سَعَةَ الْوَقْتِ فَبَانَ ضِيقُهُ عَنْ جَمِيعِ الْحَاضِرَةِ وَجَبَ قَطْعُهَا، وَلَا يَجُوزُ قَلْبُهَا نَفْلًا وَإِنْ أَتَمَّ رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ فِي التَّشَهُّدِ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ وَلَوْ بِالسَّلَامِ يُفَوِّتُ جُزْءًا مِنْ الْوَقْتِ وَهُوَ حَرَامٌ. قَالَهُ شَيْخُنَا، وَاعْتَمَدَهُ وَهُوَ الْوَجْهُ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ جَوَازُ قَلْبِهَا نَفْلًا، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ) وَلَوْ تَقْدِيرًا كَمَا فِي أَيَّامِ الدَّجَّالِ، أَيْ لَوْ صَادَفَهُ التَّحَرُّمَ لَمْ تَنْعَقِدْ لِأَنَّهُ وَقْتٌ ضَيِّقٌ. قَوْلُهُ: (وَبَعْدَ الصُّبْحِ) أَيْ الْمُؤَدَّاةِ الْمُغْنِيَةِ عَنْ الْقَضَاءِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَصْرِ. قَوْلُهُ: (كَرُمْحٍ) وَهُوَ قَدْرُ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ تَقْرِيبًا وَإِلَّا فَالْمَسَافَةُ طَوِيلَةٌ لِأَنَّ الْفَلَكَ الْأَعْظَمَ يَتَحَرَّكُ فِي قَدْرِ النُّطْقِ بِحَرْفٍ مُحَرَّكٍ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (وَبَعْدَ الْعَصْرِ) وَلَوْ مَجْمُوعَةً تَقْدِيمًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (كَغَيْرِهِ) أَيْ كَمَا لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ فَهُوَ تَابِعٌ لَهُ، وَهَذَا مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنْ خَالَفَهُ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (إنَّ ذِكْرَهُ أَجْوَدُ) لِأَنَّ مِنْ الطُّلُوعِ إلَى الِارْتِفَاعِ وَمِنْ الِاصْفِرَارِ إلَى الْغُرُوبِ مُتَعَلِّقٌ بِالزَّمَنِ سَوَاءٌ صَلَّى الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (فَقَضَاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ) أَيْ وَدَاوَمَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا قَالُوا لِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ إذَا فَعَلَ شَيْئًا دَاوَمَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَأَجْمَعُوا عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ حَضَرَتْ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ الْعَصْرِ أَوْ قَبْلَهُمَا وَلَمْ يَتَحَرَّ فَاعِلُهَا تَأْخِيرَهَا لِأَجْلِ صَلَاتِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَأَمَّا الْوَاقِعُ الْآنَ مِنْ قَصْدِ تَأْخِيرِهَا لِأَجْلِ كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ فَلَا يَضُرُّ. قَوْلُهُ: (وَقِيسَ غَيْرُ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ وَقِيسَ عَلَى سُنَّةِ الظُّهْرِ الْمَقْضِيَّةِ الثَّابِتَةِ بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ الثَّابِتَةِ بِالْإِجْمَاعِ غَيْرُهُمَا مِنْ نَحْوِ التَّحِيَّةِ وَمَا مَعَهَا. قَوْلُهُ: (لَا سَبَبَ لَهَا) أَيْ أَصْلًا كَالنَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَحَرِّيهَا، وَإِنْ نَسِيَ الْوَقْتَ وَأَلْحَقَ بِهَا مَا لَهَا سَبَبٌ مُتَأَخِّرٌ، وَسَيَذْكُرُهُ كَرَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ وَالِاسْتِخَارَةِ. قَوْلُهُ: (كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا) أَيْ عَلَى التَّحْرِيمِ أَوْ التَّنْزِيهِ أَخْذًا مِمَّا   [حاشية عميرة] يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهَا، فَلَوْ قَضَاهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِهِ بِلَا خِلَافٍ، أَقُولُ: فَلَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ حَتَّى مَاتَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُ فِي الْآخِرَةِ كَالْوُضُوءِ احْتِيَاطًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالِاسْتِثْنَاءِ فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد) فِيهِ أَيْضًا أَنَّ جَهَنَّمَ لَا تُسْجَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (رِعَايَةً لِلِاخْتِصَارِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَإِنَّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لَمْ تَنْعَقِدْ) . قَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْفِعْلِ لَا يَتَنَاوَلُ جُزْئِيَّاتِهِ الْمَكْرُوهَةَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَالصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ تَعَلُّقَ الصَّلَاةِ بِالْوَقْتِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْمَكَانِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ دُونَ أَمْكِنَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَأَيْضًا فَالنَّهْيُ فِي الْوَقْتِ رَاجِعٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا: لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ لِيُصَلِّيَ التَّحِيَّةَ فَوَجْهَانِ أَقْيَسُهُمَا الْكَرَاهَةُ، كَمَا لَوْ أَخَّرَ الْفَائِتَةَ لِيَقْضِيَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ. وَلَا تُكْرَهُ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ فِيهَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى أَنَّهَا لَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ، وَتُكْرَهُ رَكْعَتَا الْإِحْرَامِ فِيهَا عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ السَّبَبُ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَقَدْ لَا يُوجَدُ. وَالثَّانِي يَقُولُ: السَّبَبُ إرَادَتُهُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهُوَ قَوِيٌّ، وَسَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْعِيدِ أَنَّ وَقْتَهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَذَكَرَهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ ذَوَاتِ السَّبَبِ، أَيْ وَهُوَ فِي حَقِّهَا دُخُولُ وَقْتِهَا، وَمِثْلُهَا صَلَاةُ الضُّحَى عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَنَّ وَقْتَهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَا تُكْرَهَانِ قَبْلَ ارْتِفَاعِهَا، وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهُمَا إلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَإِلَّا) صَلَاةً (فِي حَرَمِ مَكَّةَ) الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ لَا سَبَبَ لَهَا فَلَا تُكْرَهُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِحَدِيثِ «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَالثَّانِي تُكْرَهُ فِيهِ كَغَيْرِهِ. قَالَ: وَالصَّلَاةُ فِي الْحَدِيثِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ وَلَهَا سَبَبٌ.   [حاشية قليوبي] بَعْدَهُ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَالْحُرْمَةُ عَلَى التَّحْرِيمِ ذَاتِيَّةٌ، وَعَلَى الْآخَرِ لِلتَّلَبُّسِ بِالْعِبَادَةِ الْفَاسِدَةِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَنْعَقِدُ) أَيْ عَلَى التَّنْزِيهِ أَخْذًا مِنْ التَّشْبِيهِ بِقَوْلِهِ: كَالصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الصَّلَاةِ بِالْوَقْتِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَيْهِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْمَكَانِ لِعَدَمِ ذَلِكَ، وَبِأَنَّ النَّهْيَ فِي الْوَقْتِ رَاجِعٌ لِلذَّاتِ، وَبِالْمَكَانِ لِمَعْنًى خَارِجٍ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مَا لَهُ سَبَبٌ غَيْرُ مُتَأَخِّرٍ إذَا تَحَرَّاهُ لَا يَنْعَقِدُ أَيْ مَا دَامَ قَاصِدًا لِلتَّحَرِّي وَإِنْ خَافَ الْمَوْتَ فَإِنْ نَسِيَ التَّحَرِّيَ أَوْ تَذَكَّرَهُ لَكِنْ قَصَدَ إيقَاعَهَا لَا لِأَجْلِهِ، أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ فِي ذَلِكَ كَمَا اعْتَمَدَهُ الطَّبَلَاوِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ شَيْخُنَا، وَلَوْ قَصَدَ التَّأْخِيرَ جَاهِلًا بِأَنَّهُ تَحَرٍّ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِوُجُودِ التَّحَرِّي أَوْ لَا لِجَهْلِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ فِي النِّسْيَانِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (لِيُصَلِّيَ التَّحِيَّةَ) فَإِنْ قَصَدَهَا فَقَطْ فَلَا تَنْعَقِدُ. قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ مَعَ غَيْرِهَا لَا تَنْعَقِدُ أَيْضًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَسَجْدَةِ شُكْرٍ) خَرَجَ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَإِنْ قَرَأَ بِقَصْدِ السُّجُودِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ حَرُمَتْ الْقِرَاءَةُ وَالسُّجُودُ، وَلَا تَنْعَقِدُ أَوَّلًا بِقَصْدِهِ فَلَا يَسُنُّ وَتَنْعَقِدُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُكْرَهُ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ) وَكَذَا صَلَاةُ الْكُسُوفِ، وَإِنْ تَحَرَّى فِعْلَهَا لِأَنَّهَا صَاحِبَةُ الْوَقْتِ كَسُنَّةِ الْعَصْرِ، لَوْ تَحَرَّى تَأْخِيرَهَا عَنْهَا وَسَبَبَهَا، وَهُوَ أَوَّلُ التَّغَيُّرِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى صَلَاتِهَا أَوْ مُقَارِنٌ لَهَا، إنْ عَلِمَ بِهِ وَأَوْقَعَ إحْرَامَهُ مَعَ أَوَّلِهِ، وَقَدْ يَكُونُ مُقَارِنًا لِوَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَالتَّحِيَّةُ كَذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّبَبَ إنْ اُعْتُبِرَ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَهُوَ إمَّا مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهَا أَوْ مُتَأَخِّرٌ عَنْهَا، أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَقْتِ فَقَدْ يَكُونُ مُقَارِنًا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ السَّبَبَ إرَادَتُهُ إلَخْ) وَرَدَّ بِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْإِحْرَامُ، وَالْإِرَادَةُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِ لَا سَبَبُهُ إذْ لَوْ كَانَتْ الْإِرَادَةُ سَبَبًا لَمَا امْتَنَعَ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ مُطْلَقًا لِسَبَبِ إرَادَتِهِ عَلَى الْإِحْرَامِ بِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُكْرَهَانِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْعِيدِ وَالْمَرْجُوحُ فِي الضُّحَى، لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهَا مِنْ الِارْتِفَاعِ، وَعَدَمُ الْكَرَاهَةِ هُنَا فِي الْعِيدِ، مِنْ حَيْثُ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ لَا يُنَافِي كَرَاهَتَهَا مِنْ حَيْثُ طَلَبُ تَأْخِيرِهَا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ. (تَنْبِيهٌ) خَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ أَوْ الْخَمْسَةِ غَيْرُهَا، كَوَقْتِ إقَامَةِ الصَّلَاةِ وَبَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَبَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَوَقْتِ صُعُودِ الْخَطِيبِ إلَى الْمِنْبَرِ، فَالصَّلَاةُ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ مَكْرُوهَةٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَمُنْعَقِدَةٌ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ حَالَ الْخُطْبَةِ فَحَرَامٌ، وَلَا تَنْعَقِدُ إجْمَاعًا وَلَوْ فَرْضًا إلَّا رَكْعَتَيْ التَّحِيَّةِ، وَلَوْ مَعَ غَيْرِهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْجُمُعَةُ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، امْتَنَعَتْ الصَّلَاةُ مُطْلَقًا لِعَدَمِ طَلَبِ التَّحِيَّةِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ. (فَائِدَةٌ) قَالَ بَعْضُهُمْ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي سَبْعِ أَمَاكِنَ: عَلَى الْكَعْبَةِ وَعَلَى صَخْرَةِ الْمَقْدِسِ وَعَلَى طُورِ سَيْنَاءَ وَطُورِ زَيْتَا وَعَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَعَلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَعَلَى جَبَلِ عَرَفَاتٍ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي تُكْرَهُ) وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَنَا أَنَّهَا خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهَةٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِهِمَا. قَالَ الْمَحَامِلِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَتَعْمِيمُ الشَّارِحِ فِي الْحَرَمِ لِغَيْرِ الْمَسْجِدِ، دَفْعٌ لِتَوَهُّمِ إرَادَةِ الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ. نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّ الصَّلَاةَ وَقْتَ الْخُطْبَةِ لَا تَنْعَقِدُ فِي الْحَرَمِ كَغَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] لِلذَّاتِ، وَفِي الْمَكَانِ لِمَعْنًى خَارِجٍ كَمَا بَيَّنَ فِي الْأُصُولِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى أَنَّهَا لَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ) وَنَظَرَ أَيْضًا إلَى أَنَّ سَبَبَهَا مُتَأَخِّرٌ وَهُوَ الدُّعَاءُ، فَكَانَتْ كَصَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلِصَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنْ يَمْنَعَ الْكَرَاهَةَ فِي صَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَلَا تُكْرَهُ) . قَالَ الْمَحَامِلِيُّ: لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي تُكْرَهُ فِيهِ كَغَيْرِهِ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلِأَنَّ الْحَدِيثَيْنِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَعَمَّ مِنْ الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ لَا يُقَدَّمُ خُصُوصُ أَحَدِهِمَا عَلَى عُمُومِ الْآخَرِ إلَّا بِمُرَجِّحٍ انْتَهَى، وَلَك أَنْ تَقُولَ: الْمُرَجِّحُ أَنْ أَحَادِيثَ النَّهْيِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ دَخَلَهَا التَّخْصِيصُ بِخِلَافِ هَذَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 (فَصْلٌ) إنَّمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (طَاهِرٍ) بِخِلَافِ الْكَافِرِ، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ بِهَا فِي الدُّنْيَا لِعَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْهُ، لَكِنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وُجُوبَ عِقَابٍ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِهَا بِالْإِسْلَامِ، وَبِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا وَبِخِلَافِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ لِعَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْهُمَا. (وَلَا قَضَاءَ عَلَى كَافِرٍ) إذَا أَسْلَمَ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ (إلَّا الْمُرْتَدِّ) بِالْجَرِّ فَإِنَّهُ إذَا عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ فِي زَمَنِ الرِّدَّةِ حَتَّى زَمَنِ الْجُنُونِ فِيهَا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ زَمَنِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فِيهَا. وَالْفَرْقُ أَنَّ إسْقَاطَ الصَّلَاةِ فِيهَا عَنْ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ عَزِيمَةٌ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ رُخْصَةٌ، وَالْمُرْتَدُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا. (وَلَا) قَضَاءَ عَلَى (الصَّبِيِّ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إذَا   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ) وَمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا. قَوْلُهُ: (إنَّمَا تَجِبُ) أَيْ يُطْلَبُ فِعْلُهَا وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (كُلِّ مُسْلِمٍ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ اشْتَبَهَ صَبِيَّانِ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ، وَبَلَغَا مَعَ بَقَاءِ الِاشْتِبَاهِ لَمْ يُطَالَبْ أَحَدُهُمَا بِهَا، وَيُقَالُ عَلَى هَذَا لَنَا شَخْصٌ مُسْلِمٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ، لَا يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ إذَا تَرَكَهَا وَمِنْ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ، أَنَّ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ إسْلَامٌ كَصِغَارِ الْمَمَالِيكِ الَّذِينَ يَصِفُونَ الْإِسْلَامَ بِدَارِنَا، لَا يُؤْمَرُ بِهَا لِاحْتِمَالِ كُفْرِهِ وَلَا بِتَرْكِهَا لِاحْتِمَالِ إسْلَامِهِ. وَقَالَ الْخَطِيبُ الْوَجْهُ أَمْرُهُ بِهَا، قَبْلَ بُلُوغِهِ وَوُجُوبُهَا عَلَيْهِ بَعْدَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (بَالِغٍ عَاقِلٍ) أَيْ سَالِمِ الْحَوَاسِّ وَبَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ فَلَا يُطَالَبُ بِهَا مَنْ خُلِقَ أَعْمَى وَأَصَمَّ وَأَبْكَمَ، وَلَا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ الْقَضَاءُ إذَا صَحَّتْ حَوَاسُّهُ بِخِلَافِ الثَّانِي، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَوْرًا كَمَا مَرَّ إذَا بَلَغَتْهُ لِنِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ فِيمَا حَقُّهُ أَنْ يَعْلَمَ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ لِيَخْرُجَ النَّائِمُ وَالسَّاهِي وَالْجَاهِلُ بِوُجُوبِهَا، لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ وُجُوبِ انْعِقَادِ سَبَبٍ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْهُ) أَيْ مَعَ تَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الْإِسْلَامِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ عِقَابٍ إلَخْ) لِأَنَّ الْكَافِرَ وَلَوْ حَرْبِيًّا مُطَالَبٌ مِنْ الشَّارِعِ بِجَمِيعِ الشَّرْعِيَّاتِ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ، وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ، وَقِيلَ: إنَّ خِطَابَ الْحَرْبِيِّ إذًا لِعَدَمِ ذِمَّتِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ) وَإِنْ تَسَبَّبَتْ فِي الْحَيْضِ بِدَوَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَتُثَابُ عَلَى التَّرْكِ امْتِثَالًا. قَوْلُهُ: (وَلَا قَضَاءَ عَلَى كَافِرٍ) . قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَيْ مَطْلُوبٌ فَلَوْ قَضَى لَمْ يَنْعَقِدْ وَقَالَ الْخَطِيبُ يُنْدَبُ لَهُ الْقَضَاءُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِي قَضَائِهِ، مَا يَأْتِي فِي قَضَاءِ الصَّبِيِّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ) إذْ فِي وُجُوبِهِ عَلَيْهِ تَنْفِيرٌ لَهُ عَنْهُ وَمَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ، وَإِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ أُثِيبَ عَلَى مَا فَعَلَهُ فِي الْكُفْرِ مِمَّا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ كَصَدَقَةٍ وَعِتْقٍ. قَوْلُهُ: (إلَّا الْمُرْتَدِّ) بِالْجَرِّ عَلَى التَّبَعِيَّةِ أَيْ فَهُوَ أَوْلَى وَخَرَجَ بِالْمُرْتَدِّ الْمُنْتَقِلُ مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ قَبْلَ إسْلَامِهِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَالزِّيَادِيِّ وَفِي قَضَائِهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حَتَّى زَمَنِ الْجُنُونِ فِيهَا) أَيْ فِي الرِّدَّةِ إنْ اسْتَمَرَّتْ فَلَوْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ، فَلَا قَضَاءَ لِمَا بَعْدَ ذَلِكَ الْحُكْمِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ زَمَنِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فِيهَا) وَلَوْ مَعَ الْجُنُونِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَحَمَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مَا فِيهِ عَلَى جُنُونٍ، سَبَقَ الْحَيْضَ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ، وَيُرَادُ فِيهِ بِذِي الْحَيْضِ مَنْ بَلَغَتْ سِنَّ الْحَيْضِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِيهِ خُرُوجٌ عَنْ السَّهْوِ إلَى التَّكْرَارِ وَهُوَ أَسْهَلُ. قَوْلُهُ: (رُخْصَةٌ) أَيْ لُغَةً وَهِيَ السُّهُولَةُ وَالْخِفَّةُ لَا اصْطِلَاحًا لِأَنَّهَا الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ. قَوْلُهُ: (وَلَا قَضَاءَ عَلَى الصَّبِيِّ) أَيْ وَاجِبٌ فَيُنْدَبُ لَهُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ فِي زَمَنِ التَّمْيِيزِ، وَلَوْ قَبْلَ سَبْعِ سِنِينَ، وَحُكْمُ قَضَائِهِ كَأَدَائِهِ مِنْ تَعَيُّنِ الْقِيَامِ فِيهِ، وَعَدَمِ جَمْعِهِ فَرْضَيْنِ بِتَيَمُّمٍ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ عَلَى مَنْ تَجِبُ الصَّلَاةُ] فَصْلٌ قَوْلُهُ: (إنَّمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ يَرُدُّ عَلَى مَفْهُومِهَا سُؤَالٌ تَقْدِيرُهُ أَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ إنْ أُرِيدَ بِهِ عَدَمُ وُجُوبِ الْمُطَالَبَةِ وَالْعِقَابِ مَعًا وَرَدِّ الْكَافِرِ، وَإِنْ أُرِيدَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ لَمْ يُعْلَمْ حُكْمُ الْآخَرِ مَعَ وُرُودِ الْكَافِرِ أَيْضًا عَلَى تَقْدِيرِ إرَادَةِ الثَّانِي ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إذَا أَسْلَمَ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ) وَيُثَابُ عَلَى الْقُرَبِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَالْعِتْقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا الْمُرْتَدَّ) (فَرْعٌ) لَوْ انْتَقَلَ النَّصْرَانِيُّ إلَى التَّهَوُّدِ مَثَلًا ثُمَّ أَسْلَمَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي مُدَّةِ التَّهَوُّدِ أَيْضًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (تَغْلِيظًا عَلَيْهِ) أَيْ وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ الصَّلَاةَ بِالْإِسْلَامِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِالرِّدَّةِ كَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ. (فَرْعٌ) لَوْ أَسْلَمَ أَبُوهُ فِي حَالِ جُنُونِ الْوَلَدِ زَمَنَ الرِّدَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي مِنْ الْآنَ لِأَنَّهُ جُنُونٌ فِي زَمَنِ الْإِسْلَامِ الْمَحْكُومِ بِهِ تَبَعًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) ظَاهِرُهُ إطْلَاقُ الصَّبِيِّ عَلَى الْأُنْثَى، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ اللُّغَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 بَلَغَ (وَيُؤْمَرُ بِهَا لِسَبْعٍ وَيُضْرَبُ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «مُرُوا الصَّبِيَّ بِالصَّلَاةِ إذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ، وَإِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا» وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَالَ: وَالْأَمْرُ وَالضَّرْبُ وَاجِبٌ عَلَى الْوَلِيِّ أَبًا كَانَ أَوْ جِدًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: يَجِبُ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ تَعْلِيمُ أَوْلَادِهِمْ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ بَعْدَ سَبْعِ سِنِينَ، وَضَرْبُهُمْ عَلَى تَرْكِهَا بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ. (وَلَا) قَضَاءَ عَلَى شَخْصٍ (ذِي حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ إذَا طَهُرَ (أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ) إذَا أَفَاقَ (بِخِلَافِ) ذِي (السُّكْرِ) إذَا أَفَاقَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ مِنْ الصَّلَاةِ زَمَنَهُ لِتَعَدِّيهِ بِشُرْبِ   [حاشية قليوبي] وَعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَلَا يَقْضِي مَا قَبْلَ زَمَنِ التَّمْيِيزِ وَلَا يَنْعَقِدُ لَوْ فَعَلَهُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَفِي كَلَامِهِ إطْلَاقُ الصَّبِيِّ عَلَى الْأُنْثَى، وَهُوَ مِنْ أَسْرَارِ اللُّغَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُؤْمَرُ بِهَا) مَعَ التَّهْدِيدِ لِسَبْعٍ أَيْ بَعْدَ تَمَامِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ مَيَّزَ لَا قَبْلَ السَّبْعِ، وَإِنْ مَيَّزَ أَيْضًا وَالتَّمْيِيزُ هُنَا أَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيَشْرَبَ وَحْدَهُ، وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ وَكَالصَّلَاةِ فِي الْأَمْرِ وَالضَّرْبِ سَائِرُ الشَّرَائِعِ الظَّاهِرَةِ، وَلَوْ مَنْدُوبَةً كَالسِّوَاكِ أَيْ مِمَّا يَعْتَقِدُهُ الْوَلِيُّ وَيَدْخُلُ فِيهَا مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ وَيَدْخُلُ فِيهَا أَيْضًا، مَا طُلِبَ مِنْهُ قَضَاؤُهُ مِمَّا بَعْدَ السَّبْعِ كَالْأَدَاءِ. قَوْلُهُ: (وَيُضْرَبُ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ) أَيْ مِنْ ابْتِدَائِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَبَعًا لِلصَّيْمَرِيِّ بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الْأَفْصَحِ، خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْبُلُوغِ. قَوْلُهُ: (وَالضَّرْبُ وَاجِبٌ عَلَى الْوَلِيِّ) أَيْ لِأَجْلِ التَّأْدِيبِ لَا لِكَوْنِهِ عُقُوبَةً فَيَتَقَيَّدُ بِالْمُكَلَّفِ، أَيْ فَهُوَ بِوِلَايَةٍ الْمَقْصُودِ مِنْهَا التَّأْدِيبُ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلِيِّ فِيمَا قَبْلَهُ الْجِنْسُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا وِلَايَةٌ خَاصَّةٌ لِشُمُولِهَا لِلْأُمَّهَاتِ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْآبَاءِ وَإِنْ أَوْفَى الْأَوَّلُ بِمَعْنَى الْوَاوِ، فَيُفِيدُ طَلَبَهُ مِنْ الْأُمَّهَاتِ، وَإِنْ عَلَوْنَ مَعَ وُجُودِ الْآبَاءِ، وَإِنْ قَرُبُوا وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ، وَبَعْدَهُمْ الزَّوْجُ لَكِنْ فِي الْأَمْرِ، لَا فِي الضَّرْبِ، لِأَنَّ لَهُ الضَّرْبَ لِحَقِّ نَفْسِهِ، لَا لِحَقِّ اللَّهِ، ثُمَّ الْوَصِيُّ أَوْ الْقَيِّمُ ثُمَّ الْمُلْتَقِطُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْوَدِيعُ، ثُمَّ الْمُسْلِمُونَ وَلِغَيْرِ الزَّوْجِ الضَّرْبُ وَالْفَقِيهُ فِي الْمُتَعَلِّمِ، كَالزَّوْجِ فَلَهُ الْأَمْرُ، لَا الضَّرْبُ إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ التَّأْدِيبَ، فَإِنْ وَكَّلَهُ الْوَلِيُّ قَامَ مَقَامَهُ وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، وَجَبَ عَلَيْهِ النَّهْيُ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ، وَلَوْ صَغَائِرَ وَمِنْهَا تَرْكُ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَوْ مَقْضِيَّةً أَوْ مُعَادَةً كَمَا مَرَّ. (فَرْعٌ) إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ رَشِيدًا سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْ الْأَوْلِيَاءِ وَإِلَّا اسْتَمَرَّ، وَأُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ وَلَوْ لِمَنْدُوبٍ فِي مَالِهِ، ثُمَّ عَلَى الْأَبِ ثُمَّ عَلَى الْأُمِّ، وَيَجِبُ تَعْلِيمُهُمْ مَا يُضْطَرُّونَ إلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي يَكْفُرُ جَاحِدُهَا، وَمِنْهَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْيَضُ مُشَرَّبٌ بِحُمْرَةٍ وُلِدَ بِمَكَّةَ، وَبُعِثَ فِيهَا وَهَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ، وَمَاتَ بِهَا وَدُفِنَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا قَضَاءَ عَلَى شَخْصٍ ذِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) أَيْ لَا قَضَاءَ مَطْلُوبٌ مِنْهُمَا اتِّفَاقًا، فَيُكْرَهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقَضَاءُ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَيَنْعَقِدُ لَوْ فَعَلَتْهُ وَيَقَعُ نَفْلًا مُطْلَقًا فَلَهَا جَمْعُ صَلَوَاتٍ مِنْهُ بِتَيَمُّمٍ كَمَا مَرَّ. وَهَلْ تَجِبُ فِيهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ رَاجِعْهُ، وَأَجَابَ عَنْ اسْتِشْكَالِهِ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ بِفَسَادِ الْوَقْتِ هُنَاكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ قَوِيٌّ. وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كَالْخَطِيبِ بِالْكَرَاهَةِ، وَعَدَمِ الِانْعِقَادِ كَمَا مَرَّ عَنْهُ فِي الْحَيْضِ وَقَدَّرَ الشَّارِحُ لَفْظَ شَخْصٍ لِيَصِحَّ عَطْفُ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ) أَيْ لَا قَضَاءَ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا، فَيُنْدَبُ لَهُمَا الْقَضَاءُ، وَيَجِبُ فِيهِ مَا فِي الْأَدَاءِ مِنْ قِيَامٍ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ، فِي الصَّبِيِّ وَإِنَّمَا وَجَبَ قَضَاءُ صَوْمِ يَوْمٍ اسْتَغْرَقَهُ الْإِغْمَاءُ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ، فَلَا مَشَقَّةَ فِيهِ، وَاسْتَشْكَلَ طَلَبُ الْقَضَاءِ هُنَا مَعَ عَدَمِ طَلَبِهِ مِنْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَنْ وَصَلَ إلَى سِنِّ التَّمْيِيزِ كَسَبْعِ سِنِينَ، فَأَكْثَرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيلَ الْكَلَامُ هُنَا فِيمَنْ سَبَقَ لَهُ تَمْيِيزٌ، وَقِيلَ فِيمَنْ سَبَقَ لَهُ تَكْلِيفٌ، وَقِيلَ فِيمَنْ وَصَلَ إلَى سِنِّ التَّكْلِيفِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ، وَمَحَلُّ عَدَمِ الْقَضَاءِ فِي الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ فِي غَيْرِ الْمُتَعَدِّي بِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَلَمْ تَقَعْ فِيمَا   [حاشية عميرة] وَيُؤْمَرُ بِهَا إلَخْ) يُؤْمَرُ أَيْضًا بِقَضَاءِ مَا فَاتَ بَعْدَ السَّبْعِ إلَى الْبُلُوغِ، فَإِنْ بَلَغَ يُؤْمَرُ. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، ثُمَّ إنَّهُ لَا بُدَّ فِي بُلُوغِ السِّنِّ الْمَذْكُورِ مِنْ التَّمْيِيزِ فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالتَّعْلِيمُ وَالضَّرْبُ عَلَيْهِ يُشْرَعَانِ بِمُجَرَّدِ التَّمْيِيزِ كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ الْآنَ مِنْ الْمُعَلِّمِينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا ذِي حَيْضٍ) أَيْ وَلَوْ تَسَبَّبَتْ بِخِلَافِ الْجُنُونِ إذَا تَسَبَّبَتْ فِي حُصُولِهِ وَمِثْلُهُ الْإِغْمَاءُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ جُنُونٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَرَدَ النَّصُّ فِي الْجُنُونِ، أَعْنِي حَدِيثَ " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ " وَقِيسَ عَلَى الْمَجْنُونِ مَنْ فِي مَعْنَاهُ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْعِبَادَةُ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا، خَرَجَ النَّائِمُ وَالنَّاسِي لِحَدِيثِ «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» فَيَبْقَى مَنْ عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ. (فَرْعٌ) ذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ فِي طَبَقَاتِهِمَا عَنْ الْبَيْضَاوِيِّ فِي شَرْحِ التَّبْصِرَةِ أَنَّ الْحَائِضَ لَا يَجُوزُ لَهَا الْقَضَاءُ، وَفِي شَرْحِ الْوَسِيطِ لِلْعِجْلِيِّ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَكَذَا فِي الْبَحْرِ، قَالَ: يُكْرَهُ لِلْحَائِضِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِخِلَافِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 الْمُسْكِرِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهُ مُسْكِرًا فَلَا قَضَاءَ. (وَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْأَسْبَابُ) أَيْ الْكُفْرُ وَالصِّبَا وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ (وَبَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ تَكْبِيرَةٌ) أَيْ قَدْرُهَا (وَجَبَتْ الصَّلَاةُ) لِإِدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ الْإِتْمَامُ بِاقْتِدَائِهِ بِمُقِيمٍ فِي جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ (وَفِي قَوْلٍ: يُشْتَرَطُ رَكْعَةٌ) أَخَفُّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ كَمَا أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُدْرَكُ بِأَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ (وَالْأَظْهَرُ) عَلَى الْأَوَّلِ (وُجُوبُ الظُّهْرِ بِإِدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ آخِرِ) وَقْتِ (الْعَصْرِ وَ) وُجُوبُ (الْمَغْرِبِ) بِإِدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ (آخِرِ) وَقْتِ (الْعِشَاءِ) لِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى فِي جَوَازِ الْجَمْعِ فَكَذَا فِي الْوُجُوبِ. وَالثَّانِي لَا تَجِبُ الظُّهْرُ وَالْمَغْرِبُ بِمَا ذُكِرَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ لِلظُّهْرِ فِي الْمُقِيمِ وَرَكْعَتَيْنِ فِي الْمُسَافِرِ، وَثَلَاثٍ لِلْمَغْرِبِ، لِأَنَّ جَمْعَ الصَّلَاتَيْنِ الْمُلْحَقَ، بِهِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إذَا تَمَّتْ الْأُولَى وَشَرَعَ فِي الثَّانِيَةِ فِي الْوَقْتِ، وَلَا تَجِبُ وَاحِدَةٌ مِنْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ بِإِدْرَاكِ جُزْءٍ مِمَّا بَعْدَهَا لِانْتِفَاءِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْوُجُوبِ إدْرَاكُ زَمَنِ الطَّهَارَةِ. وَيُشْتَرَطُ فِيهِ امْتِدَادُ السَّلَامَةِ مِنْ الْمَوَانِعِ   [حاشية قليوبي] تَعَدَّى بِهِ وَإِلَّا وَجَبَ الْقَضَاءُ فِيهَا، وَمِنْهَا الْوَاقِعُ فِي نَحْوِ جُنُونٍ بِلَا تَعَدٍّ فِي رِدَّةٍ أَوْ فِي سُكْرٍ بِتَعَدٍّ، فَيَقْضِي مَا انْتَهَى إلَيْهِ زَمَنُ الرِّدَّةِ أَوْ السُّكْرِ لَا مَا بَعْدَهُ فَقَوْلُهُمْ لَوْ سَكِرَ مَثَلًا بِتَعَدٍّ ثُمَّ جُنَّ بِلَا تَعَدٍّ قَضَى زَمَنَ السُّكْرِ لَا زَمَنَ جُنُونِهِ بَعْدَهُ، بِخِلَافِ زَمَنِ جُنُونِ الْمُرْتَدِّ لِأَنَّ مَنْ جُنَّ فِي رِدَّتِهِ مُرْتَدٌّ فِي جُنُونِهِ حُكْمًا، وَمَنْ جُنَّ فِي سُكْرِهِ لَيْسَ بِسَكْرَانَ فِي دَوَامِ جُنُونِهِ قَطْعًا انْتَهَى. كَلَامٌ سَاقِطٌ مُتَهَافِتٌ وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ فَاسِدٌ، لِأَنَّ زَمَنَ الْجُنُونِ الَّذِي لَا يَقْضِي هُوَ مَا اتَّصَلَ بِالسُّكْرِ لَا مَا وَقَعَ فِيهِ، كَمَا أَنَّ الْمَجْنُونَ فِي الرِّدَّةِ إنَّمَا يَقْضِي مَا انْتَهَى إلَيْهِ زَمَنَ الرِّدَّةِ فَقَطْ، لَا مَا بَعْدَهُ. كَمَا لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ أُصُولِهِ فِي زَمَنِ جُنُونِهِ لِلْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا كَمَا مَرَّ. فَهُمَا فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ مُسْلِمٌ قَبْلَ جُنُونِهِ، لَمْ يَقْضِ مِنْ زَمَنِ الْجُنُونِ شَيْئًا فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. (تَنْبِيهٌ) مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ مِنْ دُخُولِ كُلٍّ مِنْ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْهَا يُرَاجَعُ فِيهِ أَهْلُ الْخِبْرَةِ، وَحِينَئِذٍ يَنْتَظِمُ مِنْهَا صُوَرٌ كَثِيرَةٌ تَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ صُورَةً، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ إمَّا بِتَعَدٍّ أَوْ لَا، وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا فِي رِدَّةٍ أَوْ لَا، فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ صُورَةً وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا مَعَ مِثْلِهِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ، فَهِيَ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً بِحَسَبِ الضَّرْبِ، وَالْمُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ مِنْهَا سِتَّةٌ وَسِتُّونَ صُورَةً بِحَسَبِ الْعَقْلِ، وَالْوَاقِعُ مِنْهَا مَا يَقُولُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِهِ وَحَاصِلُ الْحُكْمِ فِيهَا أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهَا فِي رِدَّةٍ، وَانْفَرَدَ بِالتَّعَدِّي أَوْ اجْتَمَعَ مَعَ مُتَعَدٍّ بِهِ أَيْضًا مِنْ مِثْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ، مِنْهَا وَجَبَ فِيهِ الْقَضَاءُ وَإِنَّ مَا كَانَ بِغَيْرِ تَعَدٍّ سَوَاءٌ انْفَرَدَ بِعَدَمِ التَّعَدِّي أَوْ اجْتَمَعَ مَعَ غَيْرِ مُتَعَدٍّ بِهِ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ، لَمْ يَجِبْ فِيهِ الْقَضَاءُ وَإِنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ مَا تَعَدَّى بِهِ وَغَيْرُهُ، وَجَبَ قَضَاءُ زَمَنِ الْمُتَعَدِّي بِهِ، سَوَاءٌ أَسَبَقَ أَوْ تَأَخَّرَ وَاَللَّهُ الْمُعِينُ وَالْمُلْهِمُ. قَوْلُهُ: (الْأَسْبَابُ) كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْمَوَانِعِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَوَانِعُ الْوُجُوبِ كَالصِّبَا لَا مَوَانِعُ الصِّحَّةِ، إلَّا أَنْ يُرَادَ أَسْبَابُ الْمَنْعِ وَهُوَ بَعِيدٌ. قَوْلُهُ: (قَدْرَ تَكْبِيرَةٍ) أَيْ فَأَكْثَرَ إلَى قَدْرِ زَمَنٍ لَا يَسَعُهَا فَهُوَ مُسَاوٍ لِوَقْتِ الْحُرْمَةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَتَّصِلَ ذَلِكَ بِالْخُلُوِّ مِنْ وَقْتِ الَّتِي بَعْدَهَا، فَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ إلَّا إنْ كَانَ قَدْرًا يَسَعُ الصَّلَاةَ، وَطُهْرَهَا فَإِنْ وَسِعَ الَّتِي قَبْلَهَا أَيْضًا، وَجَبَتْ إنْ كَانَتْ تُجْمَعُ مَعَهَا. قَوْلُهُ: (كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ إلَخْ) مُقْتَضَى هَذَا التَّشْبِيهِ الْوُجُوبُ بِدُونِ قَدْرِ تَكْبِيرَةٍ، وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ حَجَرٍ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَقَلُّ مِنْ التَّكْبِيرَةِ غَيْرُ مَحْسُوسٍ، يَتَعَذَّرُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ أُنِيطَ الْحُكْمُ بِقَدْرٍ مَحْسُوسٍ بِخِلَافِ الرَّبْطِ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ فَإِنَّهُ يُوجَدُ بِأَيِّ جُزْءٍ مِنْهَا وَفِيهِ بَحْثٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (أَخَفُّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْوَسَطُ الْمُعْتَدِلُ، وَلَا فِعْلُ الشَّخْصِ نَفْسِهِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا أَنَّ الْجُمُعَةَ إلَخْ) وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَا هُنَا فَوَاتُ أَصْلٍ وَمَا فِي الْجُمُعَةِ فَوَاتُ وَقْتٍ، أَوْ بِأَنَّ مَا هُنَا إدْرَاكُ إسْقَاطٍ، وَمَا فِي الْجُمُعَةِ إدْرَاكُ إثْبَاتٍ، فَاحْتِيطَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ يُقَالُ مَا هُنَا فَوَاتٌ بِغَيْرِ بَدَلٍ فَاكْتَفَى الْوُجُوبُ فِيهِ بِالْقَدْرِ الْيَسِيرِ، بِخِلَافِهِ فِي الْجُمُعَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَلْ لَا بُدَّ إلَخْ) مُقْتَضَى تَعْلِيلِ هَذَا الْقَوْلِ اشْتِرَاطُ إدْرَاكِ قَدْرِ زَمَنِ طَهَارَةِ الْأُولَى فِي وَقْتِهَا أَيْضًا وَظَاهِرُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوُجُوبِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، إدْرَاكُ ذَلِكَ يُخَالِفُهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (رَكْعَتَيْنِ لِلْمُسَافِرِ) قَالَ شَيْخُنَا: إنْ لَمْ يَرِدْ الْإِتْمَامُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ قَدْرُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: الْوَجْهُ اعْتِبَارُ رَكْعَتَيْنِ فِي حَقِّهِ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا أَخَفَّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ كَمَا مَرَّ. وَأَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا فِي الْفَرْضِ قَدْرَ وَاجِبَاتِهِ فَقَطْ لَا مَعَ سُنَنِهِ كَالسُّورَةِ وَالْقُنُوتِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي الْوُجُوبِ وَالِاسْتِقْرَارِ أَيْضًا امْتِدَادُ زَمَنِ السَّلَامَةِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَيْ   [حاشية عميرة] السُّكْرِ) أَيْ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَسْكَرُ لِقِلَّتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَهِلَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَخَفُّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ) ظَاهِرَةٌ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِعْلُ الشَّخْصِ نَفْسِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَمَا أَنَّ الْجُمُعَةَ إلَخْ) أَيْ وَلِمَفْهُومِ حَدِيثِ " مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ " وَرَدَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 زَمَنَ إمْكَانِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ. (وَلَوْ بَلَغَ فِيهَا) بِالسِّنِّ (أَتَمَّهَا) وُجُوبًا (وَأَجْزَأَتْهُ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يَجِبُ إتْمَامُهَا، بَلْ يُسْتَحَبُّ، وَلَا تُجْزِئُهُ لِابْتِدَائِهَا فِي حَالِ النُّقْصَانِ (أَوْ) بَلَغَ (بَعْدَهَا) فِي الْوَقْتِ بِالسِّنِّ أَوْ الِاحْتِلَامِ أَوْ الْحَيْضِ (فَلَا إعَادَةَ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي تَجِبُ لِوُقُوعِهَا حَالَ النُّقْصَانِ (وَلَوْ حَاضَتْ) أَوْ نَفِسَتْ (أَوْ جُنَّ) أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ (أَوَّلَ الْوَقْتِ) وَاسْتَغْرَقَهُ مَا   [حاشية قليوبي] امْتِدَادًا مُتَّصِلًا، كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ لَفْظُ الِامْتِدَادِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ خَلَا قَدْرُ الطُّهْرِ وَعَادَ الْمَانِعُ ثُمَّ خَلَا قَدْرُ الصَّلَاةِ، وَعَادَ الْمَانِعُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا وُجُوبَ وَإِلَيْهِ مَالَ شَيْخُنَا، وَاعْتَمَدَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (زَمَنَ إمْكَانِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ) أَيْ قَدْرَ زَمَنِ الْوَاجِبِ مِنْ طَهَارَةِ الْحَدَثِ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَمِنْ طَهَارَةِ الْخَبَثِ وَإِنْ كَثُرَ وَمِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَأَقْوَالِهَا الْوَاجِبَةِ، وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ تَقْدِيمِ الطَّهَارَةِ مِنْ نَحْوِ الصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا، وَهَذَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَ كُلِّ شَخْصٍ بِحَالِهِ فَتَأَمَّلْهُ. وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: إنَّ اعْتِبَارَهُمْ هُنَا زَمَنَ الطَّهَارَةِ الْمُمْكِنِ تَقْدِيمُهَا مِنْ نَحْوِ الصَّبِيِّ، وَعَدَمَ اعْتِبَارِهِ مِنْهُ فِيمَا يَأْتِي مُشْكِلٌ انْتَهَى. مَرْدُودٌ بِأَنَّ زَمَنَ تِلْكَ الطَّهَارَةِ لَمْ يُعْتَبَرْ مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ الَّتِي وَجَبَتْ فِي الْمَحَلَّيْنِ، وَإِنَّمَا زَمَنُ الطَّهَارَةِ الْمُعْتَبَرُ هُنَا مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ، لِأَجْلِهَا لَا لِأَجْلِ الْأُولَى الْمُدْرِكِ مِنْهَا قَدْرَ التَّكْبِيرَةِ تَأَمَّلْ. فَإِنَّ الْمَحَلَّيْنِ سَوَاءٌ وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْخُلُوِّ مِنْ الْمَوَانِعِ قَدْرَ الْمُؤَدَّاةِ وَطُهْرِهَا فَلَوْ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مَعَ زَمَنِ الطَّهَارَةِ، قَدْرَ مَا يَسَعُ رَكْعَتَيْنِ لَمْ تَجِبْ وَاحِدَةٌ مِنْ الثَّلَاثِ، أَوْ قَدْرَ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَجَبَتْ الْمَغْرِبُ فَقَطْ، أَوْ قَدْرَ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَجَبَتْ الْعَصْرُ أَيْضًا عَلَى الْمُسَافِرِ دُونَ الْمُقِيمِ، أَوْ قَدْرَ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ وَجَبَتْ الظُّهْرُ أَيْضًا عَلَى الْمُسَافِرِ، أَوْ قَدْرَ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، فَأَكْثَرَ وَجَبَتْ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا عَلَى الْمُقِيمِ أَيْضًا وَلَوْ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ قَدْرَ رَكْعَةٍ وَمِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ، قَدْرَ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَجَبَتْ الْمَغْرِبُ فَقَطْ فَلَوْ كَانَ قَدْ شَرَعَ فِي الْعَصْرِ، وَقَعَتْ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا وَبَقِيَتْ الْمَغْرِبُ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَمِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ، كَذَلِكَ لَمْ تَجِبْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ قَدْ شَرَعَ فِي الْعَصْرِ، وَقَعَتْ نَفْلًا أَيْضًا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَأَتْبَاعُهُ فَرَاجِعْهُ وَيُقَاسُ بِهَذَا إدْرَاكُ الزَّمَنِ فِي وَقْتِ الصُّبْحِ، بَعْدَ إدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ وَقْتِ الْعِشَاءِ. (تَنْبِيهٌ) قَدْ اعْتَبَرُوا وَقْتَ الطَّهَارَةِ وَسَكَتُوا عَنْ وَقْتِ السَّتْرِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَلَعَلَّهُ لِشِدَّةِ احْتِيَاجِ الصَّلَاةِ إلَى الطَّهَارَةِ دُونَ غَيْرِهَا بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ فِيهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بِالسِّنِّ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِي الْأَصْلِ، وَقَدْ يَتَصَوَّرُ بِالْمَنِيِّ فِيمَا إذَا أَحَسَّ بِهِ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ، وَلَمْ يَخْرُجْ إلَى الظَّاهِرِ فَمَنَعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ، بِإِمْسَاكِهِ بِحَائِلٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ، وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ وَيَجْرِي فِيهَا مَا فِي الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غُسْلٌ حَتَّى لَوْ قَطَعَ الذَّكَرَ، وَفِيهِ الْمَنِيُّ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ أَيْضًا، مَا لَمْ يَبْرُزْ مِنْ الْمُتَّصِلِ بِالْبَدَنِ شَيْءٌ وَلَوْ يَسِيرًا كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَأَجْزَأَتْهُ) وَلَوْ مَجْمُوعَةً مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا أَوْ كَانَتْ بِالتَّيَمُّمِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فِيهَا الْفَرْضِيَّةَ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَلَوْ أَدْرَكَهَا. نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُ فِعْلُ الْجُمُعَةِ حِينَئِذٍ وَيَنْبَغِي انْعِقَادُهَا بِهِ لَوْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُجْزِئُهُ) أَيْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَالْحَجِّ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْحَجَّ وَظِيفَةُ الْعُمْرِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْكَمَالُ وَكَالصَّبِيِّ الْعَبْدُ إذْ أُعْتِقَ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي الظُّهْرِ، وَلَوْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ فِعْلِهَا فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ فِعْلُهَا. نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُ فِعْلُهَا حِينَئِذٍ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي تَجِبُ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (لِوُقُوعِهَا حَالَ النُّقْصَانِ) أَيْ وَطُرُوُّ الْكَمَالِ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ مِثْلُهُ فِي أَوَّلِهِ، وَعُلِمَ مِنْ ذِكْرِهِ الْحَيْضَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِعَادَةِ فِي هَذِهِ، وَاَلَّتِي قَبْلَهَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ الْمَرْجُوحِ، وَعَلَى النَّدْبِ الْمُعْتَمَدِ مَا يَعُمُّ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْمُعَادَةِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، فَشَرْطُهَا الْوَقْتُ أَوْ مِمَّا طُلِبَ قَضَاؤُهَا مِنْهُ، فَهَذِهِ لَيْسَتْ مَقْضِيَّةً لِأَنَّهُ فَعَلَهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ، فَرَاجِعْهُ وَخَرَجَ بِالصَّبِيِّ الْخُنَثِي إذَا اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ، وَلَوْ بَعْدَ فِعْلِ الظُّهْرِ، فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إنْ أَدْرَكَهَا لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الظُّهْرِ إنْ لَمْ يُدْرِكْ الْجُمُعَةَ. قَوْلُهُ: (أَوَّلَ الْوَقْتِ) هُوَ قَيْدٌ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ بِكَوْنِ الطُّهْرِ يُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ وَلِخُرُوجِ الْخُلُوِّ فِي أَثْنَائِهِ زَمَنًا لَا يَسَعُ الْفَرْضَ، وَطُهْرُهُ مُتَّصِلًا كَمَا مَرَّ فَهُوَ أَوْلَى   [حاشية عميرة] الْقُونَوِيُّ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ لَا يُفِيدُ عَدَمَ اللُّزُومِ، وَإِنَّمَا يُفِيدُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ مُؤَدَّاةً. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَثَلَاثٍ لِلْمَغْرِبِ) أَيْ ثَلَاثَةٍ لِلْمَغْرِبِ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ زِيَادَةً عَلَى التَّكْبِيرِ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (زَمَنَ إمْكَانِ الطَّهَارَةِ) لَوْ زَالَ الصِّبَا آخِرَ الْوَقْتِ ثُمَّ اعْتَرَاهُ جُنُونٌ مَثَلًا بَعْدَ زَمَنٍ يَسَعُ الْفَرْضَ فَقَطْ فَيَنْبَغِي لُزُومُهُ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا عَلَى زَوَالِ الْمَانِعِ، بَلْ يَنْبَغِي جَرَيَانُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي زَوَالِ الْكُفْرِ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مُمْكِنَةٌ بِأَنْ يُسَلِّمَ هَذَا، وَلَكِنَّ قَضِيَّةَ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ خِلَافُ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَجْزَأَتْهُ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا مَضْرُوبٌ عَلَيْهَا، وَقَدْ شَرَعَ فِيهَا بِشَرَائِطِهَا فَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ حَالِهِ إلَى الْكَمَالِ كَالْعَبْدِ إذَا شَرَعَ فِي الظُّهْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ عَتَقَ قَبْلَ إتْمَامِهَا وَقَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا إعَادَةَ عَلَى الصَّحِيحِ) لَا يُقَالُ هَذَا نَفْلٌ فَكَيْفَ يَسْقُطُ الْفَرْضُ لِأَنَّا نَقُولُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 ذَكَرَ (وَجَبَتْ تِلْكَ) الصَّلَاةُ (إنْ أَدْرَكَ) مَنْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ مَا عَرَضَ (قَدْرَ الْفَرْضِ) أَخَفُّ مَا يُمْكِنُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِهِ بِأَنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا، فَإِنْ لَمْ تُجْزِئْ طَهَارَتُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ كَالْمُتَيَمِّمِ اُشْتُرِطَ إدْرَاكُ زَمَنِ الطَّهَارَةِ أَيْضًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ قَدْرَ الْفَرْضِ (فَلَا) تَجِبُ تِلْكَ الصَّلَاةُ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِهَا. (فَصْلُ الْأَذَانِ) بِالْمُعْجَمَةِ (وَالْإِقَامَةِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ لِمُوَاظَبَةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَيْهِمَا (وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِأَنَّهُمَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ فَإِنْ اتَّفَقَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِهِمَا قُوتِلُوا عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. (وَإِنَّمَا يُشْرَعَانِ لِلْمَكْتُوبَةِ) دُونَ النَّافِلَةِ (وَيُقَالُ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ كَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالتَّرَاوِيحِ (الصَّلَاةَ جَامِعَةً)   [حاشية قليوبي] مِنْ عُدُولِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَنْهُ إلَى الْأَثْنَاءِ لِشُمُولِهِ لِمَا لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ الْقَدْرُ فِي أَزْمِنَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ، كَأَنْ أَفَاقَ قَدْرَ الطَّهَارَةِ ثُمَّ جُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ أَيْضًا ثُمَّ جُنَّ وَلَا يَنْبَغِي الْوُجُوبُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ. مِنْ شَرْطِ اتِّصَالِ الْخُلُوِّ وَلِمَا لَوْ خَلَا فِي نَحْوِ وَسَطِ الْوَقْتِ قَدْرَ الْفَرْضِ فَقَطْ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ إنْ كَانَ الظُّهْرُ مِمَّا يُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ اسْتِدْرَاكُ مَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ، وَطُهْرٌ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَخَفُّ مَا يُمْكِنُهُ) كَذَا عَبَّرَ هُنَا وَهُوَ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ فِعْلِ نَفْسِهِ، وَقَالَ فِيمَا مَرَّ أَخَفُّ مَا يُمْكِنُهُ أَحَدٌ، وَهُوَ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِقَوْلِهِمْ هُنَا إنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ لَأَمْكَنَهُ إتْمَامُهَا قَبْلَ طُرُوُّ الْمَانِعِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي اعْتِبَارِ فِعْلِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ ذَاكَ فَتَأَمَّلْهُ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ مِنْ فِعْلِ غَالِبِ النَّاسِ فِي ظَنِّهِ حَتَّى لَوْ شَكَّ فِي إدْرَاكِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تُجْزِئْ طَهَارَتُهُ قَبْلَ الْوَقْتِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَكَانَ قَبْلَهُ مِنْ أَهْلِ الصِّحَّةِ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ. (فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) وَحُكْمُهُمَا وَمَا يُطْلَبُ فِيهِمَا، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِالْبَابِ، وَهُوَ أَنْسَبُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ وَالْآذَانُ مِنْ آذَنَ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ، أَوْ أَذَّنَ بِتَشْدِيدِ الذَّالِ بِمَعْنَى أَعْلَمَ، وَيُقَالُ لَهُ التَّأْذِينُ وَالْأَذِينُ لُغَةً الْإِعْلَامُ وَاصْطِلَاحًا أَلْفَاظٌ مَخْصُوصَةٌ، يُعْلَمُ بِهَا دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَالْإِقَامَةُ لُغَةً كَالْأَذَانِ وَشَرْعًا أَلْفَاظٌ مَخْصُوصَةٌ، تُقَالُ لِاسْتِنْهَاضِ الْحَاضِرِينَ لِفِعْلِ الصَّلَاةِ، وَهُمَا حَقٌّ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْقَدِيمِ الْمُعْتَمَدِ غَالِبًا، وَقِيلَ لِلْوَقْتِ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُسَافِرَ الْمُؤَخِّرَ، هَلْ يُؤَذِّنُ لِلْأُولَى فِي وَقْتِهَا قَوْلُهُ: (أَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا) هُوَ تَأْوِيلٌ لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ. قَوْلُهُ: (سُنَّةٌ) أَيْ عَلَى الْكِفَايَةِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُنْفَرِدِ، وَكَذَا فِي حَقِّهِ وَتَعَيُّنُهُمَا عَلَيْهِ عَارِضٌ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَقِيلَ سُنَّةُ عَيْنٍ فِي حَقِّهِ وَبِهِ. قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَلَا بُدَّ فِي الْبَلَدِ مِنْ ظُهُورِ الشِّعَارِ وَلَوْ مَعَ تَعَدُّدٍ اُحْتِيجَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِمُوَاظَبَةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَيْهِمَا) هُوَ دَلِيلٌ لِلتَّأْكِيدِ اللَّازِمِ لَهُ السُّنِّيَّةُ، وَقِيلَ دَلِيلٌ لِلسُّنِّيَّةِ فَقَطْ، وَالتَّأْكِيدُ مِنْ الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ لِلْجَمَاعَةِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يُشْرَعَانِ) أَيْ نَدْبًا أَوْ وُجُوبًا فَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَأَوَّلُ ظُهُورِ مَشْرُوعِيَّتِهِمَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ فِي الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، فَلَا يُنَافِي مَا قِيلَ إنَّ جِبْرِيلَ أَذَّنَ وَأَقَامَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِصَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَنْ فِيهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَلَا مَا قِيلَ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَآهُمَا لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ فِي السَّمَاءِ عَلَى أَنَّ رُؤْيَتَهُ لَهُمَا لَا تَقْتَضِي مَشْرُوعِيَّتَهُمَا قِيلَ، وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْمَكْتُوبَةِ) أَيْ مِنْ الْخَمْسِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا   [حاشية عميرة] أُجِيبُ بِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ تَعَلُّقِ الْفَرْضِ لَا مُسْقِطٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِهَا) أَيْ وَكَمَا لَوْ هَلَكَ النِّصَابُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهِ. (فَصْلُ الْأَذَانِ إلَخْ) [فَصْلُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَة] الْأَذَانُ فِي اللُّغَةِ الْإِعْلَامُ، يُقَالُ: أَذِنَ بِشَيْءٍ إذْنًا وَتَأْذِينًا وَأَذِينًا أَعْلَمَ بِهِ، وَمِنْهُ {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ} [التوبة: 3] أَيْ إعْلَامٌ وَالْأَذَانُ بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالذَّالِ الِاسْتِمَاعُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْإِقَامَةِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُقِيمُ إلَى الصَّلَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (سُنَّةٌ) أَيْ وَلَيْسَا بِفَرْضٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ بِهِمَا فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ مَعَ ذِكْرِهِ الْوُضُوءَ وَالِاسْتِقْبَالَ، وَالْقَائِلُ بِالْفَرْضِيَّةِ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ " فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ " قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْمَكْتُوبَةِ) أَيْ مِنْ الْخَمْسِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِمَّا تَشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ) أَيْ إلَّا الْجِنَازَةَ لِأَنَّ الْمُشَيِّعِينَ حَاضِرُونَ وَلَا تَرُدُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ نَحْوَ الْعِيدِ ثُمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 لِوُرُودِهِ فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْكُسُوفِ وَيُقَاسُ بِهِ نَحْوُهُ، وَنَصْبُ الصَّلَاةِ عَلَى الْإِغْرَاءِ، وَجَامِعَةً عَلَى الْحَالِ كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ. (وَالْجَدِيدُ نَدْبُهُ) أَيْ الْأَذَانِ (لِلْمُنْفَرِدِ) بِالصَّلَاةِ فِي صَحْرَاءَ أَوْ بَلَدٍ إنْ لَمْ يَبْلُغْهُ أَذَانُ الْمُؤَذِّنِينَ، وَكَذَا إنْ بَلَغَهُ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّحْقِيقِ وَالتَّنْقِيحِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْحَدِيثُ الْآتِي، وَالْقَدِيمُ لَا يُنْدَبُ لَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُنْفَرِدِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ كَالْوَجِيزِ وَالْجُمْهُورُ اقْتَصَرُوا عَلَى أَنَّهُ يُؤَذِّنُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْخِلَافِ، وَأَفْصَحَ فِي الرَّوْضَةِ بِتَرْجِيحِ طَرِيقِهِمْ وَاكْتَفَى عَنْهَا هُنَا بِذِكْرِ الْجَدِيدِ كَالْمُحَرَّرِ. وَيَكْفِي فِي أَذَانِهِ إسْمَاعُ نَفْسِهِ بِخِلَافِ أَذَانِ الْإِعْلَامِ. (وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ) نَدْبًا، رَوَى الْبُخَارِيُّ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ لَهُ: إنِّي أَرَاك تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْت فِي غَنَمِك أَوْ بَادِيَتِك فَأَذَّنْت لِلصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، أَيْ سَمِعْت مَا قُلْته لَك بِخِطَابٍ لِي كَمَا فَهِمَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَأَوْرَدَهُ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى ذَلِكَ لِيَظْهَرَ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى أَذَانِ الْمُنْفَرِدِ وَرَفْعِ صَوْتِهِ بِهِ، وَقِيلَ: إنَّ ضَمِيرَ سَمِعْته لِقَوْلِهِ: " لَا يَسْمَعُ " إلَى آخِرِهِ فَقَطْ. (لَا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ) . قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا:   [حاشية قليوبي] يَأْتِي لِأَنَّ اسْمَ الْمَكْتُوبَةِ خَاصٌّ بِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ لِأَنَّهَا الْمُرَادَةُ فِي الْإِطْلَاقِ فَهُمَا حَقٌّ لَهَا أَصَالَةٌ كَمَا مَرَّ. فَلَا يُرَدُّ طَلَبُ الْأَذَانِ فِي أُذُنِ مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ، وَلَوْ بَهِيمَةً أَوْ الْمَغْمُومَ أَوْ الْمَصْرُوعَ أَوْ الْغَضْبَانَ أَوْ عِنْدَ مُزْدَحَمِ الْجَيْشِ، أَوْ عَلَى الْحَرِيقِ أَوْ وَقْتَ تَغَوُّلِ الْغِيلَانُ، وَطَلَبُهُمَا مَعًا خَلْفَ الْمُسَافِرِ وَفِي أُذُنَيْ الْمَوْلُودِ. قَوْلُهُ: (دُونَ النَّافِلَةِ) وَمِنْهَا الْمُعَادَةُ وَكَذَا الْمَنْذُورَةُ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَيُكْرَهَانِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ) أَيْ بَدَلًا عَنْ الْإِقَامَةِ أَصَالَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَهُوَ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَ إرَادَةِ الْجَمَاعَةِ الْفِعْلَ، فَلَا يُرَدُّ عَدَمُ طَلَبِ ذَلِكَ لِلْمُنْفَرِدِ. قَوْلُهُ: (فِي الْعِيدِ) أَيْ إذَا فَعَلَ جَمَاعَةٌ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) أَيْ الْعِيدِ مِنْ كُلِّ نَفْلٍ تُطْلَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، إذَا أُرِيدَ فِعْلَهُ جَمَاعَةٌ فَخَرَجَ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَيُنْدَبُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ، لِأَنَّهُمَا كَصَلَاةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، وَكَذَا مِنْ الْوَتْرِ وَنَحْوِهِ إذَا فُعِلَ كَذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الصَّلَاةُ جَامِعَةً) وَمِثْلُهُ هَلُمُّوا إلَى الصَّلَاةِ أَوْ إلَى الْفَلَاحِ، أَوْ الصَّلَاةُ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَلَهُ: (وَنَصْبُ إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لِتَعَيُّنِ الرَّفْعِ فِيهَا نِيَابَةً عَنْ الْفَاعِلِ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُمَا عَلَى الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ، وَرَفْعُ الْأَوَّلِ وَنَصْبُ الثَّانِي وَعَكْسُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْأَذَانِ) دَفَعَ بِذَلِكَ عَوْدَ الضَّمِيرِ لِكُلِّ الْمُوهِمِ، لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْإِقَامَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ: قَوْلُهُ: (لِلْمُنْفَرِدِ) أَيْ الذَّكَرِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ بَلَغَهُ) أَيْ يُطْلَبُ لَهُ الْأَذَانُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ بَلَغَهُ أَذَانٌ غَيْرُهُ، إلَّا إنْ سَمِعَ الْأَذَانَ مِنْ مَحَلٍّ وَقَصَدَ الصَّلَاةَ فِيهِ، وَصَلَّى فِيهِ فَلَا يُطْلَبُ لَهُ الْأَذَانُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَاكْتَفَى عَنْهَا) أَيْ طَرِيقُ الْجُمْهُورِ بِذِكْرِ الْجَدِيدِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْجَدِيدِ قَدْ يَكُونُ نَافِيًا لِلْقَدِيمِ، فَهُوَ قَاطِعٌ وَقَدْ لَا يَنْفِيهِ فَهُوَ حَاكٍ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ) أَيْ الْمُؤَذِّنُ الْمُنْفَرِدُ زِيَادَةً عَلَى مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ، الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ تَوْطِئَةً لَهُ وَقِيلَ الْمُؤَذِّنُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (قَالَ لَهُ) أَيْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (سَمِعْت مَا قُلْته لَك وَهُوَ أَنِّي أَرَاك تُحِبُّ إلَخْ) بِخِطَابٍ لِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَأَوْرَدُوهُ) أَيْ الذِّكْرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ، بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كُلَّهُ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حَسَبِ فَهْمِهِمْ، وَلَفْظُ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ إنَّك رَجُلٌ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، فَأَذِّنْ وَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ، جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنَّ ضَمِيرَ إلَخْ) وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى نَدْبِهِ لِلْمُنْفَرِدِ، فَإِنَّ طَلَبَ رَفْعِ صَوْتِهِ بِهِ مُسْتَلْزِمٌ لِطَلَبِهِ. قَوْلُهُ: (لَا بِمَسْجِدٍ إلَخْ) أَيْ لَا يَرْفَعُ الْمُنْفَرِدُ صَوْتَهُ بِالْأَذَانِ لِنَفْسِهِ فِي مَسْجِدٍ،   [حاشية عميرة] الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ فِي هَذَيْنِ مَكْرُوهَانِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ الْأَذَانُ) احْتَرَزَ عَنْ الْإِقَامَةِ فَإِنَّهَا مَنْدُوبَةٌ لَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَيُقِيمُ لِلْفَائِتَةِ قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَأَفْصَحَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُفْصِحْ قَدْ أَشَارَ إلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْمُنْفَرِدِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجَدِيدُ نَدَبَهُ لِلْمُنْفَرِدِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِيَظْهَرَ الِاسْتِدْلَال) الْأَحْسَنُ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا عِلَّةً لَأَوْرَدُوهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ عِلَّةً لِقَوْلِهِ أَيْ سَمِعْت. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: التَّقْيِيدُ بِالْمَسْجِدِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَرْفَعُ فِي غَيْرِهِ، وَكَأَنَّ سَبَبَهُ شِدَّةُ الِاعْتِنَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ بِأَمْرِ الْأَذَانِ فَيَكُونُ الْإِيهَامُ فِيهَا أَكْثَرَ، وَفِي مَعْنَاهَا الرَّبْطُ. وَأَمَّا وُقُوعُ الْجَمَاعَةِ فَلِأَنَّ الْأَذَانَ قَبْلَهَا لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ لِأَنَّهُ مَدْعُوٌّ بِالْأَوَّلِ، انْتَهَى. وَهَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي الْمُنْفَرِدِ يُؤَذِّنُ وَإِنْ بَلَغَهُ أَذَانُ غَيْرِهِ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مُنْفَرِدٍ يُرِيدُ الصَّلَاةَ بَعْدَ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ أَوْ يُصَلِّي فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَفِيهِ نَظَرٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 وَانْصَرَفُوا أَيْ فَلَا يَرْفَعُ فِي ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ السَّامِعُونَ دُخُولَ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى سِيَّمَا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ، وَذِكْرُ الْمَسْجِدِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَمِثْلُهُ الرِّبَاطُ وَنَحْوُهُ مِنْ أَمْكِنَةِ الْجَمَاعَةِ، وَلَوْ أُقِيمَتْ جَمَاعَةٌ ثَانِيَةٌ فِي الْمَسْجِدِ سُنَّ لَهُمْ الْأَذَانُ فِي الْأَظْهَرِ. وَلَا يَرْفَعُ فِيهِ الصَّوْتَ خَوْفَ اللَّبْسِ عَلَى السَّامِعِينَ وَتُسَنُّ الْإِقَامَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيهِمَا. (وَيُقِيمُ لِلْفَائِتَةِ) مَنْ يُرِيدُ فِعْلَهَا (وَلَا يُؤَذِّنُ) لَهَا (فِي الْجَدِيدِ) وَالْقَدِيمُ يُؤَذِّنُ لَهَا، أَيْ حَيْثُ تَفْعَلُ جَمَاعَةٌ لِيُجَامِعَ الْقَدِيمَ السَّابِقَ فِي الْمُؤَدَّاةِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يُؤَذِّنْ الْمُنْفَرِدُ لَهَا فَالْفَائِتَةُ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ مِنْ اقْتِصَارِ الْجُمْهُورِ فِي الْمُؤَدَّاةِ عَلَى أَنَّهُ يُؤَذِّنُ، يَجْرِي الْقَدِيمُ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ، وَيَدُلُّ لِلْجَدِيدِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاتَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ، فَدَعَا بِلَالًا فَأَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ فَصَلَّاهَا ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا» ؛ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَاسْتَدَلَّ فِي الْمُهَذَّبِ لِلْقَدِيمِ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، وَفِيهِ: «فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ إلَى آخِرِهِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. فَفِيهِ زِيَادَةُ عِلْمٌ بِالْأَذَانِ عَلَى الْأَوَّلِ، فَقُدِّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، فَإِنَّ الرَّاوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ ابْنُهُ أَبُو عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ لِصِغَرِ   [حاشية قليوبي] صَلَّتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَانْصَرَفُوا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمُنْفَرِدَ، وَالْمَسْجِدَ وَالْجَمَاعَةَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَكَذَا الِانْصِرَافُ وَوُقُوعُ الصَّلَاةِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ السَّامِعُونَ، وَلَوْ غَيْرَ الْمُصَلِّينَ أَوْ غَيْرَ الْمُنْصَرِفِينَ. قَوْلُهُ: (دُخُولَ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى) إنْ كَانَ هَذَا الْأَذَانُ قَرِيبًا مِنْ آخِرِ الْوَقْتِ، أَوْ عَدَمَ دُخُولِ وَقْتِ تِلْكَ الصَّلَاةِ قَبْلَهُ إنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ أَوَّلِهِ. قَوْلُهُ: (سُنَّ لَهُمْ) أَيْ لِلْجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ لَمْ تَنْصَرِفْ الْجَمَاعَةُ الْأُولَى أَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ مَكْرُوهَةً. قَوْلُهُ: (وَلَا يَرْفَعُ فِيهِ) أَيْ الْأَذَانِ لِلْجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ الصَّوْتَ فَوْقَ مَا يَسْمَعُونَ. قَوْلُهُ: (خَوْفَ اللَّبْسِ عَلَى السَّامِعِينَ) مِنْ تَوَهُّمِ مَا مَرَّ وَالْمُرَادُ أَنَّ شَأْنَ ذَلِكَ اللَّبْسُ، فَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إلَّا عَارِفٌ. قَوْلُهُ: (وَتُسَنُّ الْإِقَامَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) وَهُمَا مَسْأَلَةُ الْمُنْفَرِدِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَمَسْأَلَةُ الْجَمَاعَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (مَنْ يُرِيدُ فِعْلَهَا) أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ فِعْلِهَا سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُؤَذِّنُ) أَيْ الذَّكَرُ لَهَا لِأَنَّ الْأُنْثَى لَا يُطْلَبُ مِنْهَا الْأَذَانُ مُطْلَقًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِيُجَامِعَ الْقَدِيمَ السَّابِقَ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْقَدِيمَ هُنَا غَيْرُ الْقَدِيمِ الْأَوَّلِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ لِيُجَامِعَ إلَخْ. لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْقَدِيمَ هُنَا يَقُولُ بِنَدْبِهِ لِلْمُنْفَرِدِ فِي الْمُؤَدَّاةِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْأَوَّلُ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ بِنَدْبِهِ لِلْمُنْفَرِدِ فِي الْمُؤَدَّاةِ فَالْفَائِتَةِ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الرَّافِعِيِّ الْمُوَافِقِ لِمَا فِي الْوَجِيزِ. قَوْلُهُ: (مِنْ اقْتِصَارِ الْجُمْهُورِ) وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الْقَاطِعَةُ النَّافِيَةُ لِلْقَدِيمِ هُنَاكَ الْمُوَافِقَةُ لِلْجَدِيدِ مِنْ الْحَاكِيَةِ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ إلَخْ) وَلَمْ يُصَلِّ صَلَاةَ الْخَوْفِ، لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ شُرِعَتْ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا الْأَذَانُ لِلْحَاضِرَةِ لِأَنَّهُ لَا يُنْدَبُ لَهَا أَذَانٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ) أَيْ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى   [حاشية عميرة] قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَوْ أُقِيمَتْ إلَخْ) لَا يُقَالُ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ لَا بِمَسْجِدٍ إلَخْ، لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ فِي الْمُنْفَرِدِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَرْفَعُ فِيهِ صَوْتَهُ، يُسْتَثْنَى الرَّفْعُ بِقَدْرِ مَا يَسْمَعُ الْحَاضِرُونَ فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي الْأَذَانِ لِلْجَمَاعَةِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ. . قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ هَذِهِ وَمَسْأَلَةُ الْجَدِيدِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْأَظْهَرِ تَوْجِيهٌ مُقَابِلُهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ مَدْعُوٌّ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ حَضَرُوا فَكَمَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْأُولَى إذَا حَضَرُوا لَا يُطْلَبُ مِنْهُمْ إعَادَتُهُ كَذَلِكَ الثَّانِيَةُ لِاشْتِرَاكِ الْجَمِيعِ فِي الدُّعَاءِ بِالْأَوَّلِ، وَوَجْهُ الْأَظْهَرِ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (تَنْبِيهٌ) قَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ آحَادَ الْجَمَاعَةِ بِالْأُولَى قَبْلَ إقَامَتِهَا لَا يُطْلَبُ مِنْهُمْ أَذَانٌ لِأَنَّهُمْ مَدْعُوُّونَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ قَالُوا: إنَّ الْمُنْفَرِدَ يُؤَذِّنُ وَإِنْ بَلَغَهُ أَذَانُ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ بِعُمُومِهِ يَشْمَلُ مَا لَوْ حَضَرَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا، وَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ قَالَ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ إنَّ قَيْدَ الْوُقُوعِ مُخْرِجٌ مَا قَبْلَهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْأَذَانُ لِأَنَّهُ مَدْعُوٌّ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ. انْتَهَى. وَقَدْ يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مُرِيدِ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، لَكِنْ يَمْنَعُ مِنْهُ أَنَّ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ فِي الْمُنْفَرِدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُقِيمُ لِلْفَائِتَةِ) أَيْ اتِّفَاقًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ حَيْثُ تَفْعَلُ جَمَاعَةٌ) يَقْتَضِي أَنَّ الْمُنْفَرِدَ لَا يُؤَذِّنُ لِلْفَائِتَةِ لَا فِي الْجَدِيدِ وَلَا فِي الْقَدِيمِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: قُلْت: الْقَدِيمُ أَظْهَرُ خَاصًّا بِالْجَمَاعَةِ. نَعَمْ عَلَى طَرِيقِ الْجُمْهُورِ لَا إشْكَالَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (عَلَى إطْلَاقِهِ) أَيْ فَلَا يُقَيِّدُ بِالْفِعْلِ جَمَاعَةً، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ التَّقْيِيدَ مِنْ قَوْلِهِ لِيُجَامِعَ الْقَدِيمَ إلَى آخِرِهِ لَا يَأْتِي عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ. قَوْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 سِنِّهِ، فَقَدَّمَ الْأَوَّلَ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ (قُلْت: الْقَدِيمُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَنْ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَسَارُوا حَتَّى ارْتَفَعَتْ، ثُمَّ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى صَلَاةَ الْغَدَاةِ» . (فَإِنْ كَانَتْ فَوَائِتَ لَمْ يُؤَذِّنْ لِغَيْرِ الْأُولَى) قَطْعًا، وَفِي الْأُولَى الْخِلَافُ. (وَيُنْدَبُ لِجَمَاعَةِ النِّسَاءِ الْإِقَامَةُ) بِأَنْ تَأْتِيَ بِهَا إحْدَاهُنَّ (لَا الْآذَانُ عَلَى الْمَشْهُورِ) فِيهِمَا لِأَنَّ الْأَذَانَ يُخَافُ مِنْ رَفْعِ الْمَرْأَةِ الصَّوْتَ بِهِ الْفِتْنَةُ وَالْإِقَامَةُ لِاسْتِنْهَاضِ الْحَاضِرِينَ وَلَيْسَ فِيهَا رَفْعُ الْأَذَانِ. وَالثَّانِي يُنْدَبَانِ بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِمَا وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَكِنْ لَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا فَوْقَ مَا تُسْمِعُ صَوَاحِبَهَا. وَالثَّالِثُ لَا يُنْدَبَانِ الْأَذَانُ لِمَا تَقَدَّمَ وَالْإِقَامَةُ تَبَعٌ لَهُ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُنْفَرِدَةِ بِنَاءً عَلَى نَدْبِ الْأَذَانِ لِلْمُنْفَرِدِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فِي هَذَا كُلِّهِ كَالْمَرْأَةِ. (وَالْأَذَانُ مُثَنًّى وَالْإِقَامَةُ فُرَادَى إلَّا لَفْظَ الْإِقَامَةِ) فَإِنَّهُ مُثَنًّى لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ؛ إلَّا الْإِقَامَةَ أَيْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي النَّسَائِيّ، ثُمَّ الْمُرَادُ مُعْظَمُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، فَإِنَّ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ فِي آخِرِ الْأَذَانِ مُفْرَدَةٌ.   [حاشية قليوبي] طَلَبِ هَذَا الْأَذَانِ. قَوْلُهُ: (قُلْت الْقَدِيمُ) هُنَا الْقَائِلُ بِالْأَذَانِ لِلْفَائِتَةِ أَظْهَرُ، وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ) أَيْ وَخَرَجُوا مِنْ الْوَادِي الَّذِي أَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ بِهِ شَيْطَانًا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ) . قَالَ بَعْضُهُمْ فِي تَعْدِيَتِهِ بِالْبَاءِ دُونَ اللَّامِ، إشْعَارٌ بِأَنَّ مَعْنَى أَذَّنَ أَعْلَمَ النَّاسَ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لِيَحْضُرُوهَا لَا بِمَعْنَى الْأَذَانِ الْمَشْهُورِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (صَلَاةَ الْغَدَاةِ) أَيْ صَلَاةَ الصُّبْحِ الَّتِي فَاتَتْ بِالنَّوْمِ، وَنَوْمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَيْنَيْهِ اللَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا رُؤْيَةُ الشَّمْسِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَتْ فَوَائِتَ) أَيْ وَصَلَّاهَا مُتَوَالِيَةً وَإِنْ تَذَكَّرَ كُلَّ وَاحِدَةٍ، بَعْدَ فَرَاغِ مَا قَبْلَهَا، وَكَذَا لَوْ وَالَى بَيْنَ حَاضِرَةٍ وَفَائِتَةٍ، وَإِنْ قَدَّمَ الْفَائِتَةَ أَوْ وَالَى بَيْنَ حَاضِرَتَيْنِ، كَمَا فِي صَلَاةِ الْجُمَعِ وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالْفَوَائِتِ، لِأَنَّ عَدَمَ الْأَذَانِ لِلْفَائِتَةِ مَعَ الْحَاضِرَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ لَا مَقْطُوعٌ بِهِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ قَطْعًا نَعَمْ إنْ دَخَلَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ بَعْدَ فَرَاغِ مَا قَبْلَهَا أَذَّنَ لَهَا لِدُخُولِ وَقْتِهَا الْحَقِيقِيِّ فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ وَكَذَا لَوْ أَذَّنَ لِصَلَاةٍ ثُمَّ أَرَادَ تَقْدِيمَ غَيْرِهَا عَلَيْهَا فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لَهُ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُؤَذِّنْ لِغَيْرِ الْأُولَى) فَيَحْرُمُ بِقَصْدِهِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ. قَوْلُهُ: (وَيُنْدَبُ لِجَمَاعَةِ النِّسَاءِ الْإِقَامَةُ) لَا الْأَذَانُ عَلَى الْمَشْهُورِ. اعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِقَامَةِ وَالْأَذَانِ لِلنِّسَاءِ حَرَامٌ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ قَطْعًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْأَذَانِ فَقَطْ. وَكَذَا لَوْ قَصَدَتْ فِيهِ التَّشْبِيهَ بِالرِّجَالِ، وَإِلَّا فَيُكْرَهُ وَلَيْسَ أَذَانًا مُطْلَقًا بَلْ عَلَى صُورَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُنْفَرِدَةِ) بِجَمِيعِ أَحْكَامِهِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِنَاءً عَلَى نَدْبِ الْأَذَانِ لِلْمُنْفَرِدِ إلَى أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ لَهَا قَطْعًا إذَا لَمْ يُنْدَبْ لَهُ، وَأَنَّهُ يُنْدَبُ لَهَا الْإِقَامَةُ قَطْعًا، وَمَا فِي كَلَامِ شَيْخِ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ هُنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فِي هَذَا كُلِّهِ كَالْمَرْأَةِ) فِي الْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا وَفِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ أَيْضًا، وَخَرَجَ بِالْأَذَانِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْغِنَاءُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ مَعَ الْمَدِّ مِمَّنْ ذُكِرَ فَلَا يَحْرُمَانِ وَلَوْ بِرَفْعِ الصَّوْتِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ وَظَائِفِ الرِّجَالِ وَأَلْحَقَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ الْقِرَاءَةَ بِالْأَذَانِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَحْرُمُ سَمَاعُ الْأَجْنَبِيِّ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَعَ الشَّهْوَةِ أَوْ خَوْفِ الْفِتْنَةِ. قَوْلُهُ: (إنْ يَشْفَعُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ شَفْعًا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْمُرَادُ مُعْظَمُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) وَالْمُصَنِّفُ رَاعَى لَفْظَ الرِّوَايَةِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ إلَخْ. إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُعْظَمُ مِنْ حَيْثُ الْكَلِمَاتُ، لِأَنَّهُ أَخْرَجَ بِهِ التَّكْبِيرَ أَوَّلَ الْأَذَانِ وَالتَّوْحِيدَ آخِرَهُ، وَهُمَا خَمْسُ كَلِمَاتٍ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَأَخْرَجَ بِهِ التَّكْبِيرَ أَوَّلَ الْإِقَامَةِ مَعَ لَفْظِ الْإِقَامَةِ، وَهُمَا أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ مِنْ إحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ التَّكْبِيرَ آخِرَ الْإِقَامَةِ مُثَنًّى أَيْضًا فَهُوَ مَعَ ذَلِكَ سِتُّ كَلِمَاتٍ مِنْ الْإِحْدَى عَشْرَةَ الْمَذْكُورَةِ، وَدَعْوَى أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْهُ لِتَكْرَارِهِ أَوْ لِتَسَاوِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِيهِ لَا تَسْتَقِيمُ مَعَ عَدِّهِ الْمَذْكُورَ، وَلَوْ أَرَادَ الْمُعْظَمَ مِنْ حَيْثُ النَّوْعُ لَكَانَ   [حاشية عميرة] الشَّارِحِ: (عَلَى الْأَوَّلِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَفِيهِ زِيَادَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْقَدِيمُ أَظْهَرُ) بِهَذَا. قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُؤَذِّنْ لِغَيْرِ الْأُولَى) أَيْ إذَا وَالَى بَيْنَهُمَا، وَلَوْ وَالَى بَيْنَ مُؤَدَّاةٍ وَفَائِتَةٍ وَقُلْنَا لَا يُؤَذِّنُ لِلْفَائِتَةِ لَمْ يُؤَذِّنْ لِلْمُؤَدَّاةِ أَيْضًا، أَيْ إذَا قَدَّمَ الْفَائِتَةَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْمُنْفَرِدَةِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا تُشْعِرُ بِهِ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ، وَقَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى نَدْبِ الْأَذَانِ لِلْمُنْفَرِدِ اقْتَضَى صَنِيعُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّا إذَا قُلْنَا: لَا يُنْدَبُ الْأَذَانُ لِلْمُنْفَرِدِ، يَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ فِي الْمُنْفَرِدَةِ، وَذَلِكَ يُفِيدُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا عَدَمُ أَذَانِهَا جَزْمًا، عَلَى هَذَا التَّفْرِيعِ وَهُوَ كَذَلِكَ. الْأَمْرُ الثَّانِي عَدَمُ إقَامَتِهَا جَزْمًا، وَعَلَيْهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمُنْفَرِدَ وَإِنْ قُلْنَا لَا يُؤَذِّنُ يُقِيمُ جَزْمًا كَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 وَالتَّكْبِيرُ فِي أَوَّلِهِ أَرْبَعٌ وَفِي الْإِقَامَةِ مُثَنًّى فَهُوَ إحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً. وَالْأَذَانُ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً بِالتَّرْجِيحِ وَسَيَأْتِي (وَيُسَنُّ إدْرَاجُهَا وَتَرْتِيلُهُ) لِلْأَمْرِ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ الْحَاكِمِ، وَالْإِدْرَاجُ الْإِسْرَاعُ، وَالتَّرْتِيلُ التَّأَنِّي. (وَالتَّرْجِيعُ فِيهِ) وَهُوَ كَمَا فِي الدَّقَائِقِ أَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ سِرًّا قَبْلَ قَوْلِهِمَا جَهْرًا لِوُرُودِهِ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ. وَالْمُرَادُ بِالسِّرِّ وَالْجَهْرِ خَفْضُ الصَّوْتِ وَرَفْعُهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ (وَالتَّثْوِيبُ) بِالْمُثَلَّثَةِ (فِي الصُّبْحِ) وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ: " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " مَرَّتَيْنِ لِوُرُودِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، قَالَ: وَسَوَاءٌ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَمَا بَعْدَهُ انْتَهَى. وَقِيلَ: إنْ ثَوَّبَ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يُثَوِّبْ فِي الثَّانِي. وَاحْتَرَزَ بِالصُّبْحِ عَمَّا عَدَاهَا فَيُكْرَهُ فِيهِ التَّثْوِيبُ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَ) يُسَنُّ (أَنْ يُؤَذِّنَ قَائِمًا) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ " يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ " وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ (لِلْقِبْلَةِ) لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ سَلَفًا وَخَلَفًا. وَالْإِقَامَةُ كَالْأَذَانِ فِيمَا ذُكِرَ، وَيُسَنُّ الِالْتِفَاتُ فِيهِمَا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ يَمِينًا فِي الْأُولَى وَشِمَالًا فِي الثَّانِيَةِ مِنْ غَيْرِ تَحْوِيلِ صَدْرِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَقَدَمَيْهِ عَنْ   [حاشية قليوبي] أَوْلَى، لِأَنَّ أَنْوَاعَ الْأَذَانِ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ إنْ عَدَّ التَّكْبِيرَ مَرَّتَيْنِ، وَهِيَ تَكْبِيرٌ ثُمَّ شَهَادَةُ اللَّهِ ثُمَّ شَهَادَةٌ لِرَسُولِهِ، ثُمَّ حَيْعَلَةُ صَلَاةٍ ثُمَّ حَيْعَلَةُ فَلَاحٍ ثُمَّ تَكْبِيرٌ ثُمَّ تَوْحِيدٌ، وَمِنْهَا خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ مُثَنًّى وَأَنْوَاعُ الْإِقَامَةِ، كَذَلِكَ مَعَ زِيَادَةِ لَفْظِ الْإِقَامَةِ فَهِيَ سَبْعَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ، وَمِنْهَا خَمْسَةٌ فُرَادَى فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ، وَكَانَتْ الْإِقَامَةُ أَقَلَّ مِنْ الْأَذَانِ لِأَنَّهَا كَثَانٍ لَهُ كَمَا فِي خُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ، وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، وَقِرَاءَةِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَذَانُ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً بِالتَّرْجِيعِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الصَّوَابَ عَدَمُ اعْتِبَارِ التَّرْجِيعِ، هُنَا لِأَنَّ بِهِ يَصِيرُ كُلٌّ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ أَرْبَعًا فَيَأْتِي الْمُعْظَمُ السَّابِقُ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْإِدْرَاجُ الْإِسْرَاعُ) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي اسْتِنْهَاضِ الْحَاضِرِينَ. قَوْلُهُ: (وَالتَّرْتِيلُ التَّأَنِّي) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي إعْلَامِ الْغَائِبِينَ، وَالْمُرَادُ بِهِ كَمَا قِيلَ أَنْ يَأْتِيَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ فِي نَفَسٍ إلَّا التَّكْبِيرَ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ مَعَ ذَلِكَ امْتِدَادُ الْحُرُوفِ وَتَطْوِيلُهَا. قَوْلُهُ: (أَنْ يَأْتِيَ إلَخْ) فَهُوَ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ لِلثَّانِي، وَقِيلَ لَهُمَا وَضُعِّفَا بِأَنَّ إسْقَاطَهُ لَا يُخِلُّ بِالْأَذَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ قَوْلُهُ: (سِرًّا) بِأَنْ يُسْمِعَ الْمُنْفَرِدُ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ أَهْلَ الْمَسْجِدِ أَوْ نَحْوَهُمْ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ قَوْلِهِمَا جَهْرًا) فَإِنْ جَهَرَ فِي الْأَوَّلَيْنِ أَعَادَهُمَا سِرًّا. (فَائِدَةٌ) قَوْلُ الْمُؤَذِّنِ اللَّهُ أَكْبَرُ أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَشْهَدُ أَعْلَمُ وَأُذْعِنُ، وَالْفَلَاحُ الْفَوْزُ بِالْمَطْلُوبِ، وَالْقِيَاسُ ضَمُّ رَاءِ أَكْبَرَ الْأُولَى، وَالْقَوْلُ بِفَتْحِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ تَبَعًا لِلْمُبَرِّدِ. وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ. قَوْلُهُ: (وَالتَّثْوِيبُ) مِنْ ثَابَ إذَا رَجَعَ لِأَنَّهُ طَلَبٌ ثَانٍ بِالْحُضُورِ إلَى الصَّلَاةِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ مَنْ دَعَا شَخْصًا مِنْ بُعْدٍ يُلَوِّحُ إلَيْهِ بِثَوْبِهِ لِيَرَاهُ، وَخُصَّ بِالصُّبْحِ وَلَوْ مَقْضِيَّةً لِمَا يَعْرِضُ فِي وَقْتِهَا مِنْ التَّكَاسُلِ بِالنَّوْمِ، وَالْقَضَاءُ يُحَاكِي الْأَدَاءَ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ بَعْدَ الْأَذَانِ عَلَى الْأَوْلَى أَوْ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ لَا بَدَلَهُمَا، لِأَنَّهُ يَبْطُلُ الْأَذَانُ فِي اللَّيْلَةِ ذَاتِ الْمَطَرِ أَوْ الرِّيحِ أَوْ الظُّلْمَةِ، أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) أَيْ الْيَقَظَةُ لَهَا خَيْرٌ مِنْ رَاحَتِهِ. قَوْلُهُ: (قَائِمًا) فَيُكْرَهُ قَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا أَشَدُّ إلَّا لِعُذْرٍ كَرَاكِبٍ. قَوْلُهُ: (لِلْقِبْلَةِ) فَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا فِي الْمُنْفَرِدِ مُطْلَقًا، وَفِي غَيْرِهِ إلَّا إنْ تَوَقَّفَ الْإِعْلَامُ عَلَى تَرْكِهَا كَالدَّوَرَانِ حَوْلَ الْمَنَارِ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْمَعَ آخِرَ أَذَانِهِ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ، وَلَوْ فِي الْمُسَافِرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْإِقَامَةُ كَالْأَذَانِ وَيُنْدَبُ فِيهِ كَوْنُهُ عَلَى عَالٍ كَمَنَارَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ سَطْحِهِ، وَأَنْ يَضَعَ أُصْبُعَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا فِي أُذُنَيْهِ، وَالْمُسَبِّحَةُ أَوْلَى لِيَعْلَمَ الْبَعِيدُ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ فَيُجِيبُ. (تَنْبِيهٌ) الدَّوَرَانُ حَوْلَ الْمَنَارَةِ لِجِهَةِ يَمِينِ الْمُؤَذِّنِ حَالَ اسْتِقْبَالِهِ الْقِبْلَةَ، كَمَا أَنَّ الطَّوَافَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عَكْسَ مَا هُنَا فِي الصُّورَةِ، وَكَذَا دَوَرَانُ دَابَّةِ الرَّحَى، وَالسَّانِيَةِ وَالدَّرَّاسَةِ، لِأَنَّهُ عَنْ يَمِينِ مُسْتَقْبِلِهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ الِالْتِفَاتُ) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْخُطْبَةَ. قَوْلُهُ: (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ، أَيْ نَوْعَيْهِمَا فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِأَنَّهُمَا خِطَابٌ آدَمِيٌّ،   [حاشية عميرة] سَلَفَ، وَقَدْ يَعْتَذِرُ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِنَاءً إلَى آخِرِهِ رَاجِعٌ لِلْخِلَافِ فِي الْأَذَانِ فَقَطْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَرْتِيلُهُ) يُسْتَثْنَى التَّكْبِيرُ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ كُلَّ تَكْبِيرَتَيْنِ فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ لِخِفَّةِ لَفْظِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَمَا فِي الدَّقَائِقِ) بِخِلَافِ مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ ثَانِيًا وَبِخِلَافِ تَعْبِيرِ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا. وَقِيلَ: التَّرْجِيعُ رُكْنٌ لِوُرُودِهِ كَبَاقِي أَلْفَاظِ الْأَذَانِ، وَرَدَ بِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي أَصْلِ الْأَذَانِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الرَّائِيِّ. قُلْت: وَفِي الرَّدِّ بِذَلِكَ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالتَّثْوِيبُ فِي الصُّبْحِ) شَامِلٌ لِلْمَقْضِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لِلْفَائِتَةِ، وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ أَنْ يُؤَذِّنَ قَائِمًا) وَيُكْرَهُ مِنْ جُلُوسٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ إلَّا فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ الرَّاكِبِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (يَمِينًا فِي الْأُولَى) أَيْ يَقُولُ الْأُولَى مَرَّتَيْنِ فِي مَرَّتَيْ الِالْتِفَاتِ، وَالثَّانِيَةُ كَذَلِكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 مَكَانِهِمَا. (وَيُشْتَرَطُ تَرْتِيبُهُ وَمُوَالَاتُهُ) لِأَنَّ تَرْكَهُمَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ. (وَفِي قَوْلٍ لَا يَضُرُّ كَلَامٌ وَسُكُوتٌ طَوِيلَانِ) بَيْنَ كَلِمَاتِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: الْمُرَادُ مَا لَمْ يَفْحُشْ الطُّولُ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مَعَ الْأَوَّلِ أَذَانًا، وَلَا يَضُرُّ الْيَسِيرُ جَزْمًا، وَفِي رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْكَلَامِ الْيَسِيرِ تَرَدُّدٌ لِلْجُوَيْنِيِّ، وَيَبْنِي فِي تَرْكِ التَّرْتِيبِ فِيهِ عَلَى الْمُنْتَظِمِ مِنْهُ، وَلَوْ تَرَكَ كَلِمَةً مِنْهُ أَتَى بِهَا وَأَعَادَ مَا بَعْدَهَا. (وَشَرْطُ الْمُؤَذِّنِ الْإِسْلَامُ وَالتَّمْيِيزُ) فَلَا يَصِحُّ أَذَانُ الْكَافِرِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ، وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا. (وَالذُّكُورَةُ) فَلَا يَصِحُّ أَذَانُ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ لِلرِّجَالِ كَإِمَامَتِهِمَا لَهُمْ، وَسَبَقَ أَذَانُهُمَا لِنَفْسِهِمَا   [حاشية قليوبي] كَالسَّلَامِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا، وَمِنْهُ التَّثْوِيبُ لِأَنَّهُ ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (يَمِينًا) فِي مَرَّتَيْ الْحَيْعَلَةِ الْأُولَى فَيَبْدَأُ مُسْتَقْبِلًا وَيُتِمُّهُمَا مَعًا مُلْتَفِتًا، وَكَذَا يَسَارًا فِي مَرَّتَيْ الْحَيْعَلَةِ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ تَرْتِيبُهُ وَمُوَالَاتُهُ) فَلَا يُعْتَدُّ بِغَيْرِ مَا رَتَّبَ وَيُعِيدُهُ فِي مَحَلِّهِ، وَيُكْرَهُ عَدَمُ تَرْتِيبِهِ إنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى وَإِلَّا فَيَحْرُمُ، وَلَا يَصِحُّ وَلَا يُعْتَدُّ بِغَيْرِ الْمُتَوَالِي عَلَى مَا يَأْتِي وَالْإِقَامَةُ كَالْأَذَانِ، وَلَمْ يَجْعَلْ الضَّمِيرَ عَائِدًا إلَى كُلِّ كَمَا فَعَلَ أَوَّلَ الْبَابِ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ، وَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا بِالْعَرَبِيَّةِ إلَّا فِي أَعْجَمِيٍّ لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَعْجَامٍ، وَيُشْتَرَطُ سَمَاعُ نَفْسِهِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ، وَسَمَاعُ جَمَاعَةٍ أَذَّنَ لَهُمْ وَلَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ، وَلَوْ بِالْقُوَّةِ وَسَمَاعُ أَهْلِ بَلَدٍ بِحَيْثُ يَظْهَرُ الشِّعَارُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ الْيَسِيرُ) مِنْ الْكَلَامِ وَالسُّكُوتِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِمَا الْقَطْعَ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْفَاتِحَةَ، وَلَا يُنْدَبُ الِاسْتِئْنَافُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَحْنٌ، لَكِنْ يُكْرَهُ لِلْقَادِرِ. وَقِيلَ: يَحْرُمُ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى، وَمَشَى عَلَيْهِ الْعَبَّادِيُّ، وَلَا يَضُرُّ فِيهِمَا يَسِيرُ نَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٌ أَوْ جُنُونٌ، لَكِنْ يُسَنُّ الِاسْتِئْنَافُ وَلَوْ عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ، وَيُسَنُّ تَأْخِيرُ رَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُمَا كَالْمُصَلِّي وَلَا يُكْرَهُ لَوِرْدٍ. نَعَمْ قَدْ يَجِبُ الْكَلَامُ لِنَحْوِ رُؤْيَةِ أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ، أَوْ عَقْرَبٍ تَدِبُّ إلَى إنْسَانٍ مَثَلًا وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُمَا نِيَّةٌ، بَلْ عَدَمُ الصَّارِفِ عَمْدًا فَلَا يَضُرُّ الْغَلَطُ فِيمَا أَذَّنَ لَهُ، وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ بِنَاءِ غَيْرِهِ، وَإِنْ اشْتَبَهَا صَوْتًا وَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ، أَوْ الْمُرَادُ الشَّأْنُ. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ الْمُؤَذِّنِ) وَمِثْلُهُ الْمُقِيمُ كَمَا مَرَّ. وَإِنَّمَا خَصَّهُ لِمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ أَذَانُ الْكَافِرِ) أَيْ وَلَوْ مُرْتَدًّا لَكِنْ لِلْمُرْتَدِّ فِيهِ أَنْ يَبْنِيَ إنْ قَصُرَ زَمَنُ الرِّدَّةِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ غَيْرُهُ لِلرِّيبَةِ، وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْكَافِرِ إذَا أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَيَسْتَأْنِفُ مَا مَضَى. نَعَمْ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ عِيسَوِيٍّ وَلَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِهِ، وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنْ الْيَهُودِ مَنْسُوبَةٌ إلَى أَبِي عِيسَى، وَإِسْحَاقُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصْفَهَانِيُّ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَسُولٌ لِلْعَرَبِ خَاصَّةً، قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ حَيْثُ اعْتَقَدَ رِسَالَتَهُ وَنُبُوَّتَهُ، لَزِمَهُ تَصْدِيقُهُ وَقَدْ قَالَ مِمَّا صَحَّ عَنْهُ، أُرْسِلْت إلَى النَّاسِ كَافَّةً الْعَجَمِ وَالْعَرَبِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَسَكْرَانَ) أَيْ إلَّا فِي أَوَائِلِ نَشْأَةِ السُّكْرِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا) يُفِيدُ عَدَمَ صِحَّةِ نَصْبِ الْإِمَامِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَمِثْلُهُ بَالِغٌ غَيْرُ أَمِينٍ أَوْ غَيْرُ عَارِفٍ بِالْأَوْقَاتِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ عَنْ عِلْمٍ وَإِنْ صَحَّ أَذَانُهُمْ، وَلَا يَسْتَحِقُّونَ الْمَعْلُومَ. قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَتَى صَحَّ أَذَانُهُ صَحَّ نَصْبُهُ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَى الْإِمَامِ، وَيَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ فِيهِ نَظَرٌ بِمَا سَيَأْتِي عَنْهُ فِي نَصْبِ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، حَيْثُ قَالَ: لَا يَسْتَحِقُّ نَصْبَهُ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ، فَالْوَجْهُ أَنَّ مَا هُنَا مِثْلُهُ، بَلْ أَوْلَى لِمَا لَا يَخْفَى، وَلَعَلَّهُ عِنْدَ ذِكْرِ هَذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحْضِرًا هُنَا مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ فَتَأَمَّلْ. وَرَاجِعْ وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ الِاسْتِئْجَارُ لِلْأَذَانِ بِشَرْطِ ذِكْرِ مُدَّةٍ وَأُجْرَةٍ مَعْلُومَتَيْنِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ الْإِمَامُ: اسْتَأْجَرْتُك كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ صَحَّ، وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرْزُقَ مُؤَذِّنًا أَوْ يَقِفَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَهُنَاكَ مُتَبَرِّعٌ وَتَدْخُلُ الْإِقَامَةُ فِي الْإِجَارَةِ لِلْأَذَانِ وَلَا يَصِحُّ إفْرَادُهَا بِالْإِجَارَةِ لِعَدَمِ الْكُلْفَةِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَالذُّكُورَةُ) وَلَوْ مِنْ نَحْوِ أَمْرٍ وَإِنْ حَرُمَ سَمَاعُهُ لِمَنْ خَشِيَ مِنْهُ فِتْنَةً. قَوْلُهُ: (لِلرِّجَالِ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ التَّكْرَارِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، أَيْ عَدَمُ صِحَّةِ أَذَانِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى لِلرِّجَالِ مَذْكُورٌ هُنَا، وَعَدَمُ صِحَّتِهِ مِنْهُمَا لَهُمَا وَلِلنِّسَاءِ مَذْكُورٌ فِيمَا مَرَّ. فَهُوَ مِنْهُمَا لَيْسَ أَذَانًا مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَتِهِ وَلِذَلِكَ حَرُمَ مِنْهُمَا لِلتَّشْبِيهِ بِالرِّجَالِ، كَمَا تَقَدَّمَ. فَلَيْسَ التَّقْيِيدُ بِالرِّجَالِ لِأَجْلِ الصِّحَّةِ مِنْهُمَا لِغَيْرِهِمْ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ فَرَتَّبَ عَلَيْهِ صِحَّةَ أَذَانِهِمَا لَهُمَا، وَلِلنِّسَاءِ اللَّازِمُ عَلَيْهِ مُنَاقَضَتُهُ لِمَا سَبَقَ. بَلْ قَالَ شَيْخُنَا: إنَّ الذُّكُورَةَ شَرْطٌ فِي أَذَانِ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ: تَرْتِيبُهُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَا يَضُرُّ الْيَسِيرُ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَكِنْ يُسْتَحَبُّ تَرْكُ ذَلِكَ بَلْ يُكْرَهُ، فَلَوْ عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ، وَلَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ لَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ قَالَ: وَحَيْثُ قُلْنَا فِي شَيْءٍ لَا يَكُونُ قَاطِعًا اُسْتُحِبَّ الِاسْتِئْنَافُ إلَّا فِي السُّكُوتِ وَالْكَلَامِ الْيَسِيرَيْنِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِلرِّجَالِ) عُمُومُهُ يَشْمَلُ الْمَحَارِمَ، وَقَوْلُهُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 وَلِلنِّسَاءِ. (وَيُكْرَهُ لِلْمُحْدِثِ) حَدَثًا أَصْغَرَ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ «لَا يُؤَذِّنُ إلَّا مُتَوَضِّئٌ» . (وَلِلْجُنُبِ أَشَدُّ) كَرَاهَةً لِغِلَظِ الْجَنَابَةِ (وَالْإِقَامَةُ أَغْلَظُ) مِنْ الْأَذَانِ فِي الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ لِقُرْبِهَا مِنْ الصَّلَاةِ. (وَيُسَنُّ صَيِّتٌ) أَيْ عَلِيُّ الصَّوْتِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ (حَسَنُ الصَّوْتِ) لِأَنَّهُ أَبْعَثُ عَلَى الْإِجَابَةِ بِالْحُضُورِ (عَدْلٌ) لِأَنَّهُ بِخَيْرٍ بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ (وَالْإِمَامَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْأَذَانِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا لِلْقِيَامِ بِحُقُوقِهَا أَشَقُّ مِنْهُ (قُلْت: الْأَصَحُّ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ لِإِعْلَامِهِ بِالْوَقْتِ أَكْثَرُ نَفْعًا مِنْهَا وَالثَّالِثُ هُمَا سَوَاءٌ فِي الْفَضِيلَةِ. (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْأَذَانِ (الْوَقْتُ) لِأَنَّهُ لِلْإِعْلَامِ بِهِ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَهُ (إلَّا الصُّبْحَ فَمِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ) يَصِحُّ الْأَذَانُ لَهَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَقِيلَ: مِنْ سُبُعٍ يَبْقَى مِنْ اللَّيْلِ فِي الشِّتَاءِ، وَنِصْفِ سُبُعٍ فِي الصَّيْفِ تَقْرِيبًا لِحَدِيثٍ فِيهِ، وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَكَأَنَّهُ أَرَادَهُ بِقَوْلِهِ فِي الْمُحَرَّرِ آخِرِ اللَّيْلِ. قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: قَوْلُ الْمِنْهَاجِ نِصْفِ اللَّيْلِ أَوْضَحُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ آخِرِ اللَّيْلِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ «إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» . (وَيُسَنُّ   [حاشية قليوبي] نَحْوِ الْمَوْلُودِ مِمَّا مَرَّ. وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَوَجْهُ النَّظَرِ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ لِلْمُحْدِثِ) أَيْ يُكْرَهُ الْأَذَانُ لِلصَّلَاةِ مِنْ الْمُحْدِثِ غَيْرِ الْمُتَيَمِّمِ، وَغَيْرِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَلَوْ لِنَفْسِهِ وَفِي اسْتِثْنَاءِ الْمُتَيَمِّمِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْدِثٍ فَتَأَمَّلْ. فَلَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ كَنَحْوِ الْمَوْلُودِ وَلَا لِلْمُتَيَمِّمِ لِنَفْسِهِ، وَلِغَيْرِهِ وَلَا لِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، لِنَفْسِهِ فَقَطْ، وَيُكْرَهُ أَذَانُ الْإِعْلَامِ أَيْضًا مِنْ الْفَاسِقِ وَالْأَعْمَى وَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، وَيَحْصُلُ بِأَذَانِهِمْ طَلَبُ الشِّعَارِ وَبِأَذَانِ الصَّبِيِّ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إذَا قُلْنَا بِهِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلِلْجُنُبِ أَشَدُّ) وَمِنْهُ الْجُنُبُ الْمُحْدِثُ. قَوْلُهُ: (وَالْإِقَامَةُ أَغْلَظُ) وَالْحَائِضُ أَغْلَظُ أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُحْدِثُ كَأَذَانِ جُنُبٍ مَعَ إقَامَةِ مُحْدِثٍ خِلَافًا لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ بِاسْتِوَائِهِمَا فِي هَذِهِ. نَعَمْ لَوْ طَرَأَ الْحَدَثُ فِي أَثْنَاءِ الْأَذَانِ أَوْ الْإِقَامَةِ فَإِتْمَامُهُمَا أَفْضَلُ، وَلَا كَرَاهَةَ لِأَنَّهُ دَوَامٌ. قَوْلُهُ: (عَدْلٍ) أَيْ فِي الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ الْمُنْصَرِفُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إنْ أُرِيدَ نَصْبُهُ لَهُمَا، وَإِلَّا كَفَى عَدْلُ الرِّوَايَةِ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهَا) أَيْ الْإِمَامَةِ وَلَوْ لِلْجُمُعَةِ، وَمِنْ خُطْبَتِهَا وَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِمَا الْإِقَامَةُ، وَالْإِمَامَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِقَامَةِ وَإِمَامَةُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ مِنْ خُطْبَتِهَا، إذْ مَأْخَذُ الْأَفْضَلِيَّةِ عُمُومُ النَّفْعِ، ثُمَّ الْوُجُوبُ، وَبِهَذَا عُلِمَ سُقُوطُ تَبَرِّي شَيْخِ الْإِسْلَامِ نَظَرًا إلَى أَنَّ أَفْضَلَ الْأَذَانِ فِي الْخَبَرِ فِي نَفْسِهِ، لَا عَلَى غَيْرِهِ وَإِلَى أَنَّ السَّلَفَ وَالْخَلَفَ وَاظَبُوا عَلَى الْإِمَامَةِ دُونَهُ، وَإِلَى أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ دُونَهُ وَقَدْ يُجَابُ بِشَغْلِهِمْ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَبِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ تَفْضِيلِ السُّنَّةِ عَلَى الْفَرْضِ، كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ وَجَوَابُ الزَّرْكَشِيّ فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُهُ الْوَقْتُ) أَيْ وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ كَمَا عُلِمَ مِنْ عَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَى نِيَّةٍ كَمَا مَرَّ. وَيَحْرُمُ قَبْلَهُ مَعَ الْعِلْمِ أَنَّ قَصْدَ الْأَذَانِ وَإِلَّا فَلَا إلَّا لِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ. وَهُوَ صَغِيرَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَيَحْرُمُ تَكْرِيرُ الْأَذَانِ، وَلَيْسَ مِنْهُ أَذَانُ الْمُؤَذِّنِينَ الْمَعْرُوفُ وَبَحَثَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ عَدَمَ الْحُرْمَةِ فِي التَّكْرِيرِ إنْ حَصَلَتْ بِهِ فَائِدَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَوَقْتُ الْإِقَامَةِ عِنْدَ إرَادَةِ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ إلَّا بِمَنْدُوبٍ كَأَمْرِ الْإِمَامِ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ إذَا كَبُرَ الْمَسْجِدُ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ، وَيُنَادِيهِمْ بِذَلِكَ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (فَمِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ شِتَاءً وَصَيْفًا لَكِنَّ الْأَوْلَى كَوْنُ الْأَذَانِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ عَلَى عَكْسِ مَا فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ وَهُوَ سُبُعُ اللَّيْلِ صَيْفًا وَنِصْفُ سُبُعِهِ شِتَاءً، لِتَسَاوِي الزَّمَنِ فِي ذَلِكَ تَقْرِيبًا. (فَائِدَةٌ) السَّحَرُ اسْمٌ لِلسُّدُسِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ. وَقَالَ الْخَطِيبُ اسْمٌ لِلنِّصْفِ الثَّانِي مِنْ اللَّيْلِ. قَوْلُهُ: (ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) وَكَانَ اسْمُهُ عَمْرًا وَقِيلَ: الْحُصَيْنُ فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ، وَعَمِيَ بَعْدَ بَدْرٍ بِسَنَتَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ وَاسْمُ أَبِيهِ، قَيْسُ بْنُ زَائِدَةَ وَاسْمُ أُمِّهِ   [حاشية عميرة] كَإِمَامَتِهِمَا لَك أَنْ تَتَوَقَّفَ فِي هَذَا الْقِيَاسِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَتَّجِهُ اسْتِوَاءُ أَذَانِ الْجُنُبِ وَإِقَامَةِ الْمُحْدِثِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِأَنَّهُ أَبْعَثُ عَلَى الْإِجَابَةِ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ: لِأَنَّ الدُّعَاءَ مِنْ الْعَادَاتِ إلَى الْعِبَادَاتِ جَذْبٌ إلَى خِلَافِ مَا تَقْتَضِيهِ الطِّبَاعُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَدْلٌ) خَرَجَ بِهِ الْفَاسِقُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَذَانُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَصَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِاسْتِحْبَابِ الْحُرِّيَّةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِأَنَّهُ لِإِعْلَامِهِ بِالْوَقْتِ إلَخْ) أَيْ: وَأَمَّا عَدَمُ مُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلِاحْتِيَاجِهِ إلَى فَرَاغٍ لِمُرَاعَاةِ الْأَوْقَاتِ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَشْغُولًا بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَا الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ، وَكَانَ مِنْ شَأْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ إذَا عَمِلَ عَمَلًا دَاوَمَ عَلَيْهِ، لَكِنَّ هَذَا الْحُكْمَ اسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ وَالْإِمَامَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا إقَامَةٌ لِلْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَلَا يَصِحُّ قَبْلَهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا يَجُوزُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي نِصْفِ اللَّيْلِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 مُؤَذِّنَانِ لِلْمَسْجِدِ يُؤَذِّنُ وَاحِدٌ) لِلصُّبْحِ (قَبْلَ الْفَجْرِ وَآخَرُ بَعْدَهُ) لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَاحِدٌ أَذَّنَ لَهَا الْمَرَّتَيْنِ اسْتِحْبَابًا أَيْضًا، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ. (وَيُسَنُّ لِسَامِعِهِ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ (مِثْلُ قَوْلِهِ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ» (إلَّا فِي حَيْعَلَتَيْهِ فَيَقُولُ) بَدَلَ كُلٍّ مِنْهُمَا (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ: «وَإِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ أَيْ سَامِعُهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، وَإِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ» وَالْإِقَامَةُ كَالْأَذَانِ فِي ذَلِكَ وَيَأْتِي لِتَكْرِيرِ الْحَيْعَلَتَيْنِ فِيهِ بِحَوْقَلَتَيْنِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَيَقُولُ بَدَلَ كَلِمَةِ الْإِقَامَةِ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا، لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد. (قُلْت: وَإِلَّا فِي التَّثْوِيبِ فَيَقُولُ) أَيْ بَدَلَ كُلٍّ مِنْ كَلِمَتَيْهِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (صَدَقْت وَبَرَرْت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ عَقِبَهَا.   [حاشية قليوبي] عَاتِكَةُ وَمَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ بِلَالٍ فَمَقْلُوبٌ قَالَهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ مُؤَذِّنَانِ) أَيْ فَأَكْثَرَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ يُؤَذِّنُ كُلٌّ وَحْدَهُ سَوَاءٌ فِي الصُّبْحِ وَغَيْرِهِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَالْحَدِيثِ لِلْأَغْلَبِ لَا لِلتَّقْيِيدِ وَلَفْظُ الْمَسْجِدِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يُؤَذِّنُ وَاحِدٌ لِلصُّبْحِ) وَكَذَا أَذَانَيْ الْجُمُعَةِ مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ وَإِلَّا اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ، فَإِنْ تَنَازَعَا أَقْرَعَ لِاسْتِوَاءِ الْأَذَانَيْنِ فِي الْفَضِيلَةِ، وَالْأَذَانُ الْأَوَّلُ فِي الْجُمُعَةِ حَدَثَ فِي زَمَنِ الْإِمَامِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَيُنْدَبُ كَوْنُ الْأَذَانِ فِي الْمَسْجِدِ، وَيُكْرَهُ خُرُوجُ الْمُؤَذِّنِ عَنْهُ إلَّا لِمَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْهُ، وَلَا يَكْفِي أَذَانُ مَكَان عَنْ آخَرَ وَيُكْرَهُ خُرُوجُ الْمُؤَذِّنِ، قَبْلَ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ لِسَامِعِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ السَّامِعَ نَحْوَ الْحَائِضِ، أَوْ لَمْ يَفْهَمْ كَلَامَهُ أَوْ قَارِئًا أَوْ ذَاكِرًا أَوْ طَائِفًا أَوْ مُدَرِّسًا أَوْ مُصَلِّيًا وَالْأَوْلَى لَهُ تَأْخِيرُهُ لِفَرَاغِهَا، وَتَبْطُلُ بِالْحَيْعَلَاتِ لَا جَوَابِهَا وَبِالتَّثْوِيبِ وَجَوَابِهِ، إلَّا نَحْوَ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَسَوَاءٌ سَمِعَ الْكُلُّ أَوْ الْبَعْضُ وَيُجِيبُ فِي الْكُلِّ مُرَتَّبًا، وَيَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: بِخِلَافِ الذِّكْرِ عَقِبَ الْعِيدِ فَرَاجِعْهُ مِنْ مَحَلِّهِ، وَدَخَلَ فِي الْأَذَانِ مَا كَانَ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ كَأَذَانِ الْمَوْلُودِ وَخَالَفَهُ فِي الْعُبَابِ، وَخَرَجَ أَذَانُ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَذَانًا، وَدَخَلَ فِي الذِّكْرِ مَا كَانَ عَقِبَ الْوُضُوءِ، لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يُقَدِّمُ ذِكْرَ الْوُضُوءِ إذَا عَارَضَهُ الْإِجَابَةُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِمَا تَعَارُضٌ فَرَاجِعْهُ نَعَمْ لَا تُسَنُّ الْإِجَابَةُ لِقَاضِي الْحَاجَةِ وَلَا مُجَامِعٍ وَنَحْوِهِمَا، إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ وَقَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ وَخَرَجَ بِسَامِعِهِ نَفْسُهُ، وَالْأَصَمُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَشْمَلُ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ تَعَدَّدَ الْمُؤَذِّنُونَ، وَاخْتَلَطَتْ أَصْوَاتُهُمْ فَيُجِيبُ الْكُلُّ وَإِذَا تَرَتَّبُوا فَإِجَابَةُ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ إلَّا فِي أَذَانَيْ صُبْحٍ، وَجُمُعَةٍ فَلَا أَوْلَوِيَّةَ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ كَلِمَةٍ عَقِبَهَا) أَيْ كَمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ سَامِعِهِ فَهُوَ الْأَفْضَلُ، وَلَا تَضُرُّ مُقَارَنَتُهُ وَلَا سَبْقُهُ بِفَرَاغِ الْكَلِمَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَا بِبَقِيَّةِ الْإِجَابَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْأَذَانِ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ مِثْلَ مَا يَقُولُ، دُونَ مِثْلِ مَا يَسْمَعُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَإِذَا أَجَابَ بَعْدَ فَرَاغِهِ كَالْمُصَلِّي مَثَلًا فَيُعِيدُ الْأَذَانَ إلَّا الْحَيْعَلَاتِ فَيَقُولُ جَوَابَهَا وَلَا يُعِيدُهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيَقُولُ إلَخْ) وَلَا يُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ مَعَهَا حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ كَمَا مَرَّ وَلَا يَكْفِي عَنْهُمَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ بَلْ إنَّهُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْإِقَامَةُ كَالْأَذَانِ) أَوْرَدَهَا بِجَعْلِ ضَمِيرِ سَامِعِهِ لِلْأَذَانِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ. وَلَوْ جَعَلَهُ رَاجِعًا لِكُلِّ الْمُتَرْجَمِ بِهِ أَوَّلُ الْبَابِ لَمْ تُرَدَّ وَيُكَرِّرُ أَلْفَاظَهُ الْإِجَابَةُ فِي إقَامَةِ الْحَنَفِيِّ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمَفْعُولِ. قَوْلُهُ: (وَيَأْتِي إلَخْ) أَيْ فَالتَّثْنِيَةُ فِي كَلَامِ   [حاشية عميرة] (فَائِدَةٌ) السَّحَرُ السُّدُسُ الْأَخِيرُ مِنْ اللَّيْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِسَامِعِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمِعْ أَيْ يَقْصِدْ السَّمَاعَ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَوْ عَلِمَ الْأَذَانَ وَلَكِنْ لَمْ يَسْمَعْ لِبُعْدٍ أَوْ صَمَمٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تُشْرَعُ لَهُ الْإِجَابَةُ، وَإِذَا تَرَكَ الْإِجَابَةَ حَتَّى فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَدَارَكُ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ لَا بَعْدَهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ تَكْبِيرَ الْعِيدِ أَيْ الَّذِي يُقَالُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ يَتَدَارَكُهُ النَّاسِي وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ، فَمَا الْفَرْقُ؟ انْتَهَى. وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ التَّرْجِيعَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجِيبُ فِيهِ لِقَوْلِهِ مِثْلَ مَا يَقُولُ، وَإِذَا سَمِعَ مُؤَذِّنَيْنِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ يُجِيبُ الْكُلَّ. وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ مُتَأَكِّدٌ يُكْرَهُ تَرْكُهُ، ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ) يُعَبَّرُ عَنْهُمَا بِالْحَوْقَلَةِ وَبِالْحَوْلَقَةِ، أَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ مَأْخَذُهُ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَالْحَاءُ مِنْ حَوْلَ وَالْقَافُ مِنْ قُوَّةٍ وَاللَّامُ مِنْ اللَّهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ جَمِيعَ الْأَلْفَاظِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَيَأْتِي لِتَكْرِيرِ الْحَيْعَلَتَيْنِ) مِنْ هُنَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَوْ جَمَعَ فَقَالَ إلَّا فِي حَيْعَلَاتِهِ لِيَشْمَلَ الْأَلْفَاظَ الْأَرْبَعَ لَكَانَ أَوْضَحَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْوُرُودِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 (وَ) يُسَنُّ (لِكُلٍّ) مِنْ الْمُؤَذِّنِ وَسَامِعِهِ (أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ فَرَاغِهِ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ» وَيُقَاسُ الْمُؤَذِّنُ عَلَى السَّامِعِ فِي الصَّلَاةِ (ثُمَّ) يَقُولُ: (اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْته) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ ذَلِكَ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أَيْ حَصَلَتْ. وَالْمُؤَذِّنُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ وَالدَّعْوَةُ الْأَذَانُ، وَالْوَسِيلَةُ مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ رَجَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَكُونَ لَهُ، وَالْمَقَامُ الْمَذْكُورُ هُوَ الْمُرَادُ فِي قَوْله تَعَالَى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] وَهُوَ مَقَامُ الشَّفَاعَةِ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمَدُهُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ. وَقَوْلُهُ: " الَّذِي وَعَدْته " بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ، لَا نَعْتٌ.   [حاشية قليوبي] الْمُصَنِّفِ بِاعْتِبَارِ النَّوْعِ. قَوْلُهُ: (فَيَقُولُ صَدَقْت إلَخْ) وَتَقَدَّمَ مَا يَزِيدُهُ فِي نَحْوِ اللَّيْلَةِ ذَاتِ الْمَطَرِ وَنَحْوِهَا. وَيَقُولُ الْمُجِيبُ لَهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ كَالْحَيْعَلَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ مِنْ الْمُؤَذِّنِ وَسَامِعِهِ) أَيْ وَالْمُقِيمِ وَسَامِعِهِ وَلَوْ أَدْخَلَهُ فِي كَلَامِهِ كَمَا مَرَّ. لَكَانَ أَوْلَى وَإِنْ خَالَفَ الظَّاهِرَ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُصَلِّيَ) وَيُسَلِّمَ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ. (فَائِدَةٌ) أَوَّلُ حُدُوثِ السَّلَامِ الْمَشْهُورِ كَانَ فِي مِصْرَ فِي عَامِ أَحَدٍ وَثَمَانِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ عَقِبَ عِشَاءِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِالْخُصُوصِ ثُمَّ حَدَثَ فِي بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ إلَّا الْمَغْرِبَ لِقِصَرِ وَقْتِهَا فِي عَامِ أَحَدٍ وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، أَحْدَثَهُ الْمُحْتَسِبُ نُورُ الدِّينِ الطُّنْبُذِيُّ وَاسْتَمَرَّ إلَى الْآنَ. وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ وَالْمُقِيمُ وَمَنْ يَسْمَعُهُمَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ: اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ لَيْلِك وَإِدْبَارُ نَهَارِك وَأَصْوَاتُ دُعَاتِك، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَيَعْكِسُ أَوَّلَهُ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَيُطْلَبُ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِمَا وَرَدَ أَنَّ الدُّعَاءَ بَيْنَهُمَا لَا يُرَدُّ. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، الْإِسْلَامُ وَالتَّمْيِيزُ، وَالتَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ، وَعَدَمُ بِنَاءِ الْغَيْرِ، وَدُخُولُ الْوَقْتِ وَالْعَرَبِيَّةُ لِمَنْ فِيهِمْ عَرَبِيٌّ، وَإِسْمَاعُ نَفْسِهِ لِلْمُنْفَرِدِ، وَإِسْمَاعُ غَيْرِهِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَيَنْفَرِدُ الْأَذَانُ بِاشْتِرَاطِ الذُّكُورَةِ، وَأَنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِمَا الطَّهَارَةُ وَالْعَدَالَةُ، وَالْقِيَامُ وَالِاسْتِقْبَالُ، وَالِالْتِفَاتُ فِي الْحَيْعَلَاتِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَالْإِجَابَةُ لَهُمَا، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقِبَهُمَا، وَانْفِرَادُ الْإِقَامَةِ بِالْإِدْرَاجِ، وَانْفِرَادُ الْأَذَانِ بِالتَّرْجِيعِ وَالتَّرْتِيلِ، وَرَفْعُ الصَّوْتِ وَكَوْنُهُ عَلَى عَالٍ، وَوَضْعُ الْأُصْبُعِ فِي الْأُذُنِ وَالْإِدَارَةُ حَوْلَ الْمَنَارَةِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ. نَعَمْ إنْ اُحْتِيجَ فِي الْإِقَامَةِ إلَى رَفْعِ صَوْتٍ أَوْ عُلُوٍّ نُدِبَ فِيهَا أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ) لَمْ يَقُلْ كَأَصْلِهِ وَالدَّرَجَةَ الْعَالِيَةَ الرَّفِيعَةَ، لَمَّا قَالُوا إنَّهَا لَمْ تَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ، وَعَطْفُ الْفَضِيلَةِ عَلَى الْوَسِيلَةِ، مُرَادِفٌ أَوْ مُغَايِرٌ، لِمَا قِيلَ إنَّهُمَا قُبَّتَانِ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ، إحْدَاهُمَا لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَالْأُخْرَى لِإِبْرَاهِيمَ وَآلِهِ، وَالْأُولَى مِنْ يَاقُوتَةٍ بَيْضَاءَ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، وَفَائِدَةُ سُؤَالِهِمَا مَعَ تَحَقُّقِ أَنَّهُمَا لَهُمَا، إظْهَارُ شَرَفِهِمَا، وَحُصُولُ الثَّوَابِ لِلدَّاعِي بِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَالْمُؤَذِّنُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ) أَيْ فَيَدْخُلُ فِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ لَا مُطْلَقًا فَلَا يُجِيبُ نَفْسَهُ كَمَا مَرَّ. وَلِذَلِكَ أَدْخَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِالْقِيَاسِ، وَلَوْ فَعَلَ الشَّارِحُ مِثْلَهُ لَكَانَ أَوْلَى، إذْ دُخُولُهُ فِي هَذَا دُونَ مَا قَبْلَهُ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ فَتَأَمَّلْهُ. (فَرْعٌ) يُنْدَبُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، بِقَدْرِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ، وَفِعْلُ الرَّاتِبَةِ الْقَبْلِيَّةَ، وَيُحْمَلُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فِيمَا إذَا تَعَدَّدَ الْمُؤَذِّنُونَ، إنَّ الْإِمَامَ لَا يُبْطِئُ بِالْخُرُوجِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ بَعْدِ الْأَوَّلِ، بَلْ يَخْرُجُ وَيَقْطَعُ عَلَيْهِ الْأَذَانَ عَلَى مَا إذَا خِيفَ فَوَاتُ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالدَّعْوَةُ) الْأَذَانُ التَّامَّةِ السَّالِمَةِ مِنْ النَّقْصِ. قَوْلُهُ: (لَا نَعْتٌ) لِفَقْدِ شَرْطِهِ مِنْ التَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ مَفْعُولًا لَا لِمَحْذُوفٍ أَوْ خَبَرًا كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] وَفِي وَجْهٍ يَقُولُ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ» قَالَ: أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ: وَهُوَ وَجْهٌ مُنْقَاسٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ عَقِبَهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَيْ لَا يُقَارِنُ وَلَا يَتَأَخَّرُ، وَمُقْتَضَاهُ الِامْتِنَاعُ عِنْدَ التَّقَدُّمِ، وَلَوْ كَانَ السَّامِعُ فِي صَلَاةٍ أَوْ جِمَاعٍ وَنَحْوِهِ أَجَابَ بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَلَوْ كَانَ فِي قِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ اُسْتُحِبَّ قَطْعُهُ لِيُجِيبَ وَفِي الْمُهِمَّاتِ لَوْ قَارَنَهُ كَفَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يُصَلِّيَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُهَا عَنْ السَّلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الَّذِي وَعَدْته) وَالْحِكْمَةُ فِي سُؤَالِهِ مَعَ وُقُوعِهِ لَا مَحَالَةَ إظْهَارُ شَرَفِهِ وَعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ لَا نَعْتٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ مُنَكَّرٌ، وَقَدْ وَقَعَ هَذَا مُنَكَّرًا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَجَمِيعِ كُتُبِ الْحَدِيثِ حِكَايَةً لِمَا فِي الْقُرْآنِ. (تَتِمَّةٌ) يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 (فَصْلُ: اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ) أَيْ الْكَعْبَةِ (شَرْطٌ لِصَلَاةِ الْقَادِرِ) عَلَيْهِ، فَلَا تَصِحُّ صَلَاةٌ بِدُونِهِ إجْمَاعًا بِخِلَافِ الْعَاجِزِ عَنْهُ كَمَرِيضٍ لَا يَجِدُ مَنْ يُوَجِّهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ، وَمَرْبُوطٍ عَلَى خَشَبَةٍ فَيُصَلِّي عَلَى حَالِهِ وَيُعِيدُ، وَيُعْتَبَرُ الِاسْتِقْبَالُ بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ أَيْضًا لِأَنَّ الِالْتِفَاتَ بِهِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي مِنْ كَرَاهَتِهِ (إلَّا فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ الِاسْتِقْبَالُ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ لِضَرُورَةٍ وَسَوَاءٌ فِيهِ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ. (وَ) إلَّا فِي (نَفْلِ السَّفَرِ فَلِلْمُسَافِرِ التَّنَفُّلُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا) أَيْ   [حاشية قليوبي] (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِالْبَابِ وَهُوَ أَنْسَبُ لَمَّا مَرَّ فِي الْأَذَانِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْكَعْبَةِ) أَيْ عَيْنِهَا يَقِينًا مَعَ الْقُرْبِ وَظَنًّا مَعَ الْبُعْدِ عِنْدَ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَدَلِيلُهُ الشَّطْرُ فِي الْآيَةِ لِأَنَّهُ الْعَيْنُ لُغَةً، وَتَفْسِيرُهُ بِالْجِهَةِ اصْطِلَاحٌ لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ، بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ أَصْلَ الْجِهَةِ لُغَةً الْعَيْنُ، لِأَنَّ مَنْ انْحَرَفَ عَنْ مُقَابَلَةِ شَيْءٍ لَا يُقَالُ إنَّهُ مُتَوَجِّهٌ نَحْوَهُ، فَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَصْلًا، وَمَنْ جَعَلَ الْجِهَةَ أَعَمَّ مِنْ الْعَيْنِ أَرَادَ الْمَجَازَ وَالْحَقِيقَةَ مَعًا مَعَ أَنَّ هَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ غَيْرُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَاعْتَبَرَ الْإِمَامُ مَالِكٌ الْجِهَةَ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ اعْتَبَرَ الْعَيْنَ مَعَ الْقُرْبِ وَالْجِهَةَ مَعَ الْبُعْدِ، وَاعْتَبَرَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ جُزْءًا مِنْ قَاعِدَةِ، مُثَلَّثٍ زَاوِيَتُهُ الْعُظْمَى عِنْدَ مُلْتَقَى بَصَرِهِ، وَكَانَتْ الْكَعْبَةُ قِبْلَةَ آبَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ يَسْتَقْبِلُهَا، ثُمَّ لَمَّا أُمِرَ بِالتَّوَجُّهِ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سَنَوَاتٍ، كَانَ يَجْعَلُ الْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَلَمَّا هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَحُوِّلَتْ الْقِبْلَةُ إلَيْهَا بَعْدَ الْهِجْرَةِ، بِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا فِي رَجَبٍ، فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ بَعْدَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا، فَاسْتَدَارَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ إلَيْهَا، وَقَوْلُ الْبُخَارِيِّ إنَّ أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا لِلْكَعْبَةِ الْعَصْرُ، مَحْمُولٌ عَلَى الْكَامِلَةِ وَسُمِّيَتْ كَعْبَةً لِتَرَبُّعِهَا وَقِبْلَةً لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُقَابِلُهَا بِوَجْهِهِ وَصَدْرِهِ. قَوْلُهُ: (شَرْطٌ) فَلَا يَسْقُطُ بِجَهْلٍ وَلَا غَفْلَةٍ، وَلَا إكْرَاهٍ وَلَا نِسْيَانٍ. نَعَمْ لَوْ اسْتَدْبَرَ نَاسِيًا وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ لَمْ يَضُرَّ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (الْقَادِرِ) أَيْ حِسًّا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ التَّمْثِيلِ. وَالِاسْتِثْنَاءِ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَصِحُّ صَلَاةٌ بِدُونِهِ) أَيْ الِاسْتِقْبَالِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ لِلْعَيْنِ بِدَلِيلِ تَذْكِيرِ الضَّمِيرِ، فَالْإِجْمَاعُ فِي مَحَلِّهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَمَرِيضٍ) وَمِثْلُهُ مَنْ يَخَافُ نَحْوَ غَرَقٍ بِنَفْسِهِ مَثَلًا، وَكَذَا مَنْ يَخَافُ ضَيَاعَ مَالِهِ أَوْ تَخَلُّفًا عَنْ رُفْقَتِهِ، وَتَلْزَمُهُمْ الْإِعَادَةُ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِيمَنْ خُطِفَ نَعْلُهُ، بِالْفِعْلِ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَيُعِيدُ) أَيْ لِعَدَمِ اسْتِقْبَالِهِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ شَرْطٌ فِي حَقِّ الْعَاجِزِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لِلْقَادِرِ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ، وَلِلْعَاجِزِ شَرْطٌ لِلْإِجْزَاءِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِالصَّدْرِ) أَيْ بِجَمِيعِهِ يَقِينًا مَعَ الْقُرْبِ وَظَنًّا مَعَ الْبُعْدِ، فَلَوْ خَرَجَ جُزْءٌ مِنْهُ عَنْ مُحَاذَاةِ الْعَيْنِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِقْبَالِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، الْعُرْفُ لَا الصَّدْرُ، قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ وَمَتَى كَانَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ أَكْثَرُ مِنْ سَمْتِ الْقِبْلَةِ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُمَا. كَمَا قَالَهُ الْفَارِقِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ قَوْلُهُمْ الْخَطَأُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، لِأَنَّهُ مَعَ عَدَمِ الرَّابِطَةِ انْتَهَى مَعْنًى، وَهُوَ وَجِيهٌ وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ وَاَللَّهُ الْمُعِينُ. نَعَمْ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ نَظَرٌ إذَا ظَنَّ أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْعَيْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا بِالْوَجْهِ أَيْضًا) أَيْ فِي الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ، أَمَّا الْمُضْطَجِعُ وَالْمُسْتَلْقِي، فَيَجِبُ بِالْوَجْهِ مَعَ تَقَدُّمِ الْبَدَنِ فِيهِمَا وَمَعَ رَفْعِ الرَّأْسِ فِي الْمُسْتَلْقِي إنْ تَيَسَّرَ. قَوْلُهُ: (كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي) أَيْ فِي انْحِرَافِ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ قِتَالٍ، وَغَيْرِهِ مِمَّا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ قَاعِدًا لَا قَائِمًا صَلَّى قَاعِدًا مُسْتَقْبِلًا، لِأَنَّهُ قَدْ عَهِدَ تَرْكَ الْقِيَامِ، كَمَا فِي النَّفْلِ مَعَ الْقُدْرَةِ دُونَ الِاسْتِقْبَالِ. قَوْلُهُ: (نَفْلِ السَّفَرِ) أَيُّ نَفْلٍ يَفْعَلُ فِيهِ وَإِنْ فَاتَ حَضَرًا. قَوْلُهُ: (فَلِلْمُسَافِرِ) يُفِيدُ أَنَّهُ مُبَاحٌ، وَإِنَّ الِاسْتِقْبَالَ مُسْتَحَبٌّ، وَالْمُرَادُ مَا دَامَ السَّفَرُ، فَلَوْ تَرَكَهُ أَتَمَّهَا لِلْقِبْلَةِ وُجُوبًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَطَلَتْ إلَّا إنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (رَاكِبًا وَمَاشِيًا) وَلَا يَضُرُّهُمَا   [حاشية عميرة] [فَصْلُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ] فَصْلُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْقِبْلَةِ) هِيَ فِي اللُّغَةِ الْجِهَةُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إجْمَاعًا) هُوَ يَدُلُّك عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْقِبْلَةِ أَعَمَّ مِنْ الْعَيْنِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِلضَّرُورَةِ) قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا، قَالَ نَافِعٌ: لَا أَرَى عَبْدَ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَكَرَ ذَلِكَ إلَّا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِلَّا فِي نَفْلِ السَّفَرِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ الِاسْتِقْبَالُ وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ فِي هَوْدَجٍ وَنَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي. وَخَرَجَ بِالنَّفْلِ الْجِنَازَةُ فَإِنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالْفَرَائِضِ لِأَنَّ تَجْوِيزَهَا عَلَى الرَّاحِلَةِ يُؤَدِّي إلَى مَحْوِ صُورَتِهَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ جَوَازُهَا عَلَى الرَّاحِلَةِ قَائِمًا، إذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ، يَعْنِي فِي حَالِ مَشْيِهَا، وَاسْتَظْهَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ: قِيَاسُهُ صِحَّتُهَا مَاشِيًا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ وَغَيْرِهِ، لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَدْ صَرَّحَ بِامْتِنَاعِ الْمَشْيِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَجَوَّزَ الْإِصْطَخْرِيُّ فِعْلَ النَّافِلَةِ لِلْحَاضِرِ الْمُتَرَدِّدِ فِي حَوَائِجِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْمُسَافِرِ) ظَاهِرُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 صَوْبَ مَقْصِدِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ أَيْ فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَأُلْحِقَ الْمَاشِي بِالرَّاكِبِ وَسَوَاءٌ الرَّاتِبَةُ وَغَيْرُهَا. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ الْعِيدُ وَالْكُسُوفُ وَالِاسْتِسْقَاءُ لِلرَّاكِبِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْمَاشِي لِنُدْرَتِهَا (وَلَا يُشْتَرَطُ طُولُ سَفَرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَالْقَصْرِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ النَّفَلَ يَتَوَسَّعُ فِيهِ كَجَوَازِهِ قَاعِدًا لِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ. وَيُشْتَرَطُ مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ أَنْ لَا يَكُونَ السَّفَرُ مَعْصِيَةً، وَأَنْ يُقْصَدَ بِهِ مَوْضِعٌ مُعَيَّنٌ، فَلَيْسَ لِلْعَاصِي بِسَفَرِهِ وَالْهَائِمِ التَّنَفُّلُ رَاكِبًا وَلَا مَاشِيًا كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (فَإِنْ أَمْكَنَ اسْتِقْبَالُ الرَّاكِبِ فِي مَرْقَدٍ) فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ (وَإِتْمَامُ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ لَزِمَهُ) ذَلِكَ لِتَيَسُّرِهِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الرَّاكِبَ ذَلِكَ. (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ سَهُلَ الِاسْتِقْبَالُ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا) يَجِبُ وَالسَّهْلُ بِأَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً وَأَمْكَنَ انْحِرَافُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَحْرِيفُهَا أَوْ سَائِرَةً وَبِيَدِهِ زِمَامُهَا وَهِيَ سَهْلَةٌ وَغَيْرُ السَّهْلِ أَنْ تَكُونَ مَقْطُورَةً وَصَعْبَةً وَالثَّانِي لَا يَجِبُ مُطْلَقًا لِأَنَّ وُجُوبَهُ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ السَّيْرَ وَالثَّالِثُ يَجِبُ مُطْلَقًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ. (وَيَخْتَصُّ) وُجُوبُ الِاسْتِقْبَالِ (بِالتَّحَرُّمِ، وَقِيلَ: يَغُطُّ فِي   [حاشية قليوبي] التَّحَوُّلُ عَنْهَا لِمُنْعَطَفَاتِ الطَّرِيقِ، وَلَوْ لِنَحْوِ زَحْمَةٍ أَوْ غُبَارٍ أَوْ سُهُولَةٍ، وَلَا يُكَلَّفَانِ التَّحَفُّظَ وَلَا الِاحْتِيَاطَ، وَلَا عَدَمَ الْعَدْوِ وَلِلرَّاكِبِ الرَّكْضُ لِحَاجَةٍ وَلَوْ لِلُحُوقِ بَعِيدٍ، وَلَوْ وَطِئَتْ الدَّابَّةُ نَجَاسَةً رَطْبَةً مُطْلَقًا أَوْ يَابِسَةً، وَلَمْ يُفَارِقْهَا حَالًا أَوْ أَوْطَأَهَا نَجَاسَةً، وَلَوْ يَابِسَةً أَوْ اتَّصَلَ بِهَا نَجَاسَةٌ، وَلَوْ فِي عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا أَوْ بَالَتْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِهِ، فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ وَطِئَ الْمَاشِي نَجَاسَةً عَمْدًا وَلَوْ يَابِسَةً أَوْ رَطْبَةً سَهْوًا، أَوْ يَابِسَةً سَهْوًا وَلَمْ يُفَارِقْهَا حَالًا، أَوْ عَدَلَ عَنْ طَرِيقِهِ لَا لِمَا مَرَّ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. نَعَمْ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى لَا يَضُرُّ بِشَرْطِهِ كَذَرْقِ الطُّيُورِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْمُرَادُ بِالْمَاشِي غَيْرُ الرَّاكِبِ فَيَشْمَلُ نَحْوَ الزَّاحِفِ. قَوْلُهُ: (وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ) دَفَعَ بِهَا تَوَهُّمَ تَرْكِهَا أَوْ صَلَاتِهَا عَلَى الْأَرْضِ لِمَقْصِدِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ طُولُ سَفَرِهِ) وَأَقَلُّهُ نَحْوُ مِيلٍ وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَحَلٌّ لَا يُسْمَعُ فِيهِ النِّدَاءُ فِي الْجُمُعَةِ، وَشَرَطَ شَيْخُنَا مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُعَدَّ مُسَافِرًا عُرْفًا وَنُوزِعَ فِيهِ، وَلَهُ التَّنَفُّلُ بِمُجَرَّدِ مُجَاوَزَةِ السُّورِ أَوْ الْعُمْرَانِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى تَقْيِيدِ السَّفَرِ هُنَا بِمَا سَيَأْتِي، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي مَرْقَدٍ) وَمِثْلُهُ كَمَا فِي الْبَهْجَةِ، وَغَيْرِهَا الْمِحَفَّةُ الْمَعْرُوفَةُ وَالسَّفِينَةُ لِغَيْرِ مَلَّاحٍ، وَهُوَ مَنْ لَهُ دَخْلٌ فِي سَيْرِ السَّفِينَةِ وَمِثْلُهُ مَسِيرُ الدَّابَّةِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَهُمَا كَغَيْرِهِمَا، وَمَعْنَى الْإِمْكَانِ السُّهُولَةُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الرَّاكِبُ) أَيْ الْمَذْكُورُ وَهُوَ مَنْ فِي الْمَرْقَدِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَوْ الْأَعَمُّ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (ذَلِكَ) أَيْ إتْمَامُ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ وَالِاسْتِقْبَالِ فِي الصَّلَاةِ جَمِيعِهَا، وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَسْهُلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُمَا، أَوْ سَهُلَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا أَوْ بَعْضُ أَحَدِهِمَا أَوْ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ سَهُلَ عَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ) أَيْ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَوْجُهِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ) أَيْ الِاسْتِقْبَالُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ، كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْأَوْجُهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ عَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ وَإِنْ سَهُلَ. قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) هُوَ تَعْمِيمٌ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ الْأَصَحِّ أَيْ سَوَاءٌ سَهُلَ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَعَذَّرَ) أَيْ الِاسْتِقْبَالُ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ عَلَى الْوَجْهِ، الثَّالِثِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ سَهُلَ فِي بَعْضِهَا. قَوْلُهُ: (وَيَخْتَصُّ الِاسْتِقْبَالُ) الَّذِي سَهُلَ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ بِالتَّحَرُّمِ، فَلَا يَلْزَمُهُ فِي غَيْرِهِ مَعَ سُهُولَتِهِ بِدَلِيلِ مَا   [حاشية عميرة] كَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الِاسْتِقْبَالُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ) إنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ عَلَى الْأَرْضِ لِجِهَةِ مَقْصِدِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَالْقَصْرِ) أَيْ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَغْيِيرٌ فِي الصَّلَاةِ نَفْسِهَا وَرَدَ بِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَ هَذَا لِأَجْلِهِ وَهُوَ الْخَوْفُ مِنْ الِانْقِطَاعِ وَاحْتِيَاجُهُ إلَى كَثْرَةِ النَّوَافِلِ وَمُلَازَمَةِ الْأَوْرَادِ مَوْجُودٌ فِي الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ بِخِلَافِ الْقَصْرِ وَالسَّفَرِ الْقَصِيرِ. قَالَ أَبُو حَامِدٍ: كَالْمِيلِ وَالْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ أَنْ يَخْرُجَ إلَى حَدٍّ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ النِّدَاءَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَخْتَصُّ بِالتَّحَرُّمِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: لَوْ وَقَفَ لِاسْتِرَاحَةٍ، أَوْ انْتِظَارِ رَفِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ لَزِمَهُ الِاسْتِقْبَالُ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَيُومِئُ الْمُتَوَجِّهُ إلَى الْقِبْلَةِ، فَإِنْ سَارَ سَيْرَ الْقَافِلَةِ جَازَ أَنْ يُتِمَّهَا إلَى جِهَةِ مَسِيرِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرِيدُ لِلسَّيْرِ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّهَا لِلْقِبْلَةِ بَلْ إنْ كَانَ نَزَلَ فِي أَثْنَائِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ قَبْلَ رُكُوبِهِ لِأَنَّهُ بِالْوُقُوفِ لَزِمَهُ التَّوَجُّهُ اهـ. وَقَوْلُهُ: قَبْلَ رُكُوبِهِ، أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ الْمُرِيدُ لِلسَّفَرِ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَالْحِكْمَةُ فِي الِاخْتِصَاصِ بِالتَّحَرُّمِ أَنْ يَقَعَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ بِالشُّرُوطِ، ثُمَّ يُجْعَلُ مَا بَعْدَهُ تَابِعًا لَهُ كَالنِّيَّةِ. قَوْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 السَّلَامِ أَيْضًا) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَا بَيْنَهُمَا جَزْمًا. وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ مَا دَامَ وَاقِفًا لَا يُصَلِّي إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ، وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا سَافَرَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وُجْهَةُ رِكَابِهِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَيَحْرُمُ انْحِرَافُهُ عَنْ طَرِيقِهِ) لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْقِبْلَةِ (إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، فَإِنْ انْحَرَفَ إلَى غَيْرِهَا عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، أَوْ نَاسِيًا وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِنْ طَالَ بَطَلَتْ فِي الْأَصَحِّ. (وَيُومِئُ بِرُكُوعِهِ وَسُجُودُهُ أَخْفَضُ) مِنْ رُكُوعِهِ أَيْ يَكْفِيهِ الْإِيمَاءُ بِهِمَا، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ السُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ تَمْيِيزًا بَيْنَهُمَا، رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إيمَاءً إلَّا الْفَرَائِضَ، وَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ فِي صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الرَّاحِلَةِ بِالْإِيمَاءِ يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَاشِيَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَيَسْتَقْبِلُ فِيهِمَا وَفِي إحْرَامِهِ) أَيْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِسُهُولَتِهِ عَلَيْهِ بِاللِّبْسِ (وَلَا يَمْشِي) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَشْيُ (إلَّا فِي قِيَامِهِ وَتَشَهُّدِهِ) لِطُولِهِمَا وَالثَّانِي   [حاشية قليوبي] بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ) اُنْظُرْ هَذَا الدَّلِيلَ فَإِنَّهُ لَا يُطَابِقُ الْمَدْلُولَ إلَّا إنْ كَانَتْ رَاحِلَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْهُلُ اسْتِقْبَالُهُ عَلَيْهَا فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ فَتَأَمَّلْ. (تَنْبِيهٌ) مَا قَرَّرْنَاهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِمَا، وَغَيْرِهِمَا مِنْ الشُّرَّاحِ وَالْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاكِبَ إمَّا خَاصٌّ بِمَنْ فِي نَحْوِ الْمَرْقَدِ أَوْ شَامِلٌ لَهُ وَحَاصِلُ مَا فِي كَلَامِهِمْ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ أَنَّ ذَلِكَ الرَّاكِبَ إنْ سَهُلَ عَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ، وَإِتْمَامُ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ لَزِمَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مِنْهُ، وَإِنْ سَهُلَ إلَّا الِاسْتِقْبَالَ فِي التَّحَرُّمِ لِمَنْ سَهُلَ عَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ. وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ مَنْ فِي نَحْوِ الْمَرْقَدِ إذَا لَمْ يَسْتَقْبِلْ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ، وَلَمْ يُتِمَّ جَمِيعَ الْأَرْكَانِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ فَيَتْرُكُهَا، وَأَنَّ غَيْرَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا سَهُلَ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ أَوْ بَعْضِهَا، وَمِنْ إتْمَامِ الْأَرْكَانِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا، وَهُوَ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ فِي الدَّابَّةِ الْوَاقِفَةِ، كَمَا فَعَلَ ابْنُ الصَّبَّاغِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. وَلَيْسَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَلَا غَيْرِهِ مَا يُفِيدُ تَقْيِيدَهُ بِذَلِكَ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ، وَاَللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ انْحِرَافُهُ) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ دَابَّتِهِ فَإِنْ أَحْرَفَهُ غَيْرُهُ وَلَوْ قَهْرًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا. وَلَوْ قَالَ وَلَا يَنْحَرِفُ لَكَانَ أَوْلَى، لِأَنَّ النَّهْيَ يُفِيدُ الْفَسَادَ بِخِلَافِ الْحُرْمَةِ، وَلَوْ قَصَدَ بِالِانْحِرَافِ قَطْعَ الصَّلَاةِ لَمْ يَحْرُمْ، وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِجَوَازِ قَطْعِ النَّفْلِ وَيَجُوزُ رُكُوبُ الدَّابَّةِ مَقْلُوبًا لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَلَكِنْ لَا يُكَلِّفُهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ) أَيْ فَلَا يَحْرُمُ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِانْحِرَافِهِ إلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ خَلْفَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا) وَكَذَا لِجِمَاحِ الدَّابَّةِ أَوْ غَفْلَتِهِ عَنْهَا، أَوْ إضْلَالِ طَرِيقٍ، فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ إنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي الْجَمِيعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِذَا نَوَى الرُّجُوعَ لِمَقْصِدٍ آخَرَ فَلْيَنْحَرِفْ فَوْرًا وَلَهُ سُلُوكُ طَرِيقٍ لَا يَسْتَقْبِلُ فِيهِ وَإِنْ سَهُلَ مَا يَسْتَقْبِلُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (يُومِئُ) أَيْ الرَّاكِبُ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْأَرْكَانِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَكْفِيهِ الْإِيمَاءُ) دَفَعَ بِذَلِكَ إيهَامَ كَلَامِهِ وُجُوبَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ، فَلَهُ الْإِتْمَامُ إنْ سَهُلَ، وَلَا يُكَلَّفُ بَذْلَ وُسْعِهِ فِي الْإِيمَاءِ وَلَا السُّجُودِ عَلَى نَحْوِ عُرْفِ الدَّابَّةِ وَإِنْ سَهُلَ. قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ السُّجُودِ أَخْفَضَ) دَفَعَ بِهِ إيهَامَ كَلَامِهِ عَدَمَ وُجُوبِهِ، وَمَحَلُّهُ إنْ سَهُلَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (إنَّ الْمَاشِيَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ) أَيْ وُجُوبًا وَكَذَا اسْتِقْبَالُهُ فِيهِمَا، وَفِي إحْرَامِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، نَعَمْ إنْ شَقَّ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ لِنَحْوِ وَحْلٍ أَوْ خَوْضٍ فِي مَاءٍ كَفَاهُ الْإِيمَاءُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَفِي إحْرَامِهِ) وَمِثْلُهُ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَمْشِي) مَعْطُوفٌ عَلَى يُتِمُّ فَفِيهِ الْأَظْهَرُ وَيُقَابِلُهُ تَخْصِيصُ الْمَشْيِ بِالْقِيَامِ وَانْظُرْ لِمَ سَكَتَ عَنْهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (إلَّا فِي قِيَامِهِ) وَمِثْلُهُ الِاعْتِدَالُ وَتَشَهُّدُهُ، وَمِثْلُهُ السَّلَامُ وَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ، وَبِذَلِكَ انْتَظَمَ مَا يُقَالُ إنَّ الْمَاشِيَ يَمْشِي فِي أَرْبَعٍ، وَلَا يَمْشِي فِي أَرْبَعٍ فَيَسْتَقْبِلُ فِيهَا، وَيُتِمُّهَا وَإِفْرَادُ السَّلَامِ بِالذِّكْرِ لِإِجْرَاءِ الْخِلَافِ فِيهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِعَدَمِ   [حاشية عميرة] الشَّارِحِ: (لَا يُصَلِّي إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ) أَيْ فَإِذَا سَارَ وَلَوْ بِإِرَادَتِهِ تَمَّمَ لِجِهَةِ مَقْصِدِهِ، وَصَحَّحَهُ الشَّاسِيُّ، وَخَالَفَ الْمَاوَرْدِيُّ، فَكَانَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُرِيدُ ضَعْفَ مَقَالَتِهِ، لَكِنَّهُ اعْتَمَدَهَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (عَامِدًا) مِثْلُهُ الْمُكْرَهُ، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ لِنُدُورِهِ وَمِثْلُ النَّاسِي مَا إذَا انْحَرَفَ خَطَأً أَوْ لِجِمَاحِ الدَّابَّةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ) أَيْ: وَلَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ وُسْعِهِ فِي خَفْضِهِ بَعْدَ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَسْتَقْبِلُ فِيهِمَا إلَخْ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ سَوَاءٌ سَهُلَ ذَلِكَ أَمْ لَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَمْشِي إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ الْمَشْيَ فِي الِاعْتِدَالِ دُونَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيِّنٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 يَكْفِيهِ أَنْ يُومِئَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَالرَّاكِبِ وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ فِيهِمَا وَيَلْزَمُهُ فِي الْإِحْرَامِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يَلْزَمُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي السَّلَامِ عَلَى الْأَصَحِّ. (وَلَوْ صَلَّى فَرْضًا عَلَى دَابَّةٍ، وَاسْتَقْبَلَ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَهِيَ وَاقِفَةٌ جَازَ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْقُولَةً لِاسْتِقْرَارِهِ فِي نَفْسِهِ (أَوْ سَائِرَةٌ فَلَا) يَجُوزُ لِأَنَّ سَيْرَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ بِدَلِيلِ جَوَازِ الطَّوَافِ عَلَيْهَا فَلَمْ يَكُنْ مُسْتَقِرًّا فِي نَفْسِهِ. (وَمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ وَاسْتَقْبَلَ جِدَارَهَا أَوْ بَابَهَا مَرْدُودًا أَوْ مَفْتُوحًا مَعَ ارْتِفَاعِ عَتَبَتِهَا ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ أَوْ عَلَى سَطْحِهَا مُسْتَقْبِلًا مِنْ بِنَائِهَا مَا سَبَقَ) أَيْ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ (جَازَ) أَيْ مَا صَلَّاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّاخِصُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ، فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَيْهِ لِأَنَّ الشَّاخِصَ سُتْرَةُ الْمُصَلِّي فَاعْتُبِرَ فِيهِ قَدْرُهَا، وَقَدْ سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا فَقَالَ: " كَمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَهِيَ ثُلُثَا ذِرَاعٍ إلَى ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ، وَلَا فَرْقَ فِي الْجَوَازِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهَا رَكْعَتَيْنِ.   [حاشية قليوبي] طُولِهِ، فَاعْتُبِرَ سُهُولَةُ الْمَشْيِ فِيهِ كَالِاعْتِدَالِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَلَّى فَرْضًا) وَلَوْ كِفَايَةً أَوْ بِحَسَبِ أَصْلِهِ أَوْ عَارِضًا فَشَمَلَ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ، وَصَلَاةَ الصَّبِيِّ وَالْمُعَادَةَ وَلَوْ نَدْبًا وَالْمَنْدُورَةَ، وَخَرَجَ النَّفَلُ وَإِنْ نَذَرَ إتْمَامَهُ لِجَوَازِهِ قَاعِدًا وَعَدَمِ وُجُوبِ قَضَائِهِ لَوْ فَسَدَ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إنَّهُ كَالْفَرْضِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، كَقَوْلِهِ عَنْ وَالِدِهِ إنَّهُ لَوْ نَذَرَ رَكْعَتَيْنِ عَلَى الدَّابَّةِ صَحَّ فِعْلُهُمَا عَلَيْهَا، لِأَنَّ الْوَصْفَ يُنَافِي النَّذْرَ وَلَا حَاجَةَ، لِجَعْلِ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةً فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى دَابَّةٍ) وَمِنْهَا الْآدَمِيُّ وَمِثْلُهَا الْأُرْجُوحَةُ، وَالسَّفِينَةُ وَالسَّرِيرُ عَلَى الْأَعْنَاقِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ وَاقِفَةٌ جَازَ) وَكَالْوَاقِفَةِ مَا لَوْ كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِ مُمَيِّزٍ، وَكَذَا حَامِلُ السَّرِيرِ وَلَوْ وَاحِدًا مِنْ حَامِلِيهِ حَيْثُ ضُبِطَ بَاقِيهمْ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَسِيرُ السَّفِينَةِ غَيَّرَهُ لِعَدَمِ نِسْبَةِ سَيْرِ مَا ذُكِرَ إلَيْهِ، وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ طَوَافُهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ سَائِرَةً) وَلَوْ فِي أَثْنَائِهَا وَمِنْهَا الْمَقْطُورَةُ فَلَا يَصِحُّ نَعَمْ إنْ خَافَ مِنْ نُزُولِهِ عَنْهَا نَحْوَ انْقِطَاعٍ عَنْ رُفْقَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ صَلَّى عَلَيْهَا وَأَعَادَ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِلَا إعَادَةٍ وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ لِمَا مَرَّ قِيلَ أَرَادَ بِهِ الْعَجْزَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ، وَإِنْ كَانَ ذَاكَ حِسِّيًّا وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ مَا فِي التَّيَمُّمِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَإِنْ كَانَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ مَشَتْ الدَّابَّةُ الْوَاقِفَةُ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ، أَوْ وَثَبَتَ وَثْبَةً فَاحِشَةً، وَلَوْ سَهْوًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَذَا قَالُوا، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إنَّهُ مُحْتَمَلٌ، وَلَا يَضُرُّ تَحْرِيكُ ذَنَبِهَا وَرَأْسِهَا وَرِجْلِهَا. قَوْلُهُ: (وَمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ) وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَأَفْضَلُهَا جِهَةُ الْبَابِ، وَالصَّلَاةُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْهَا خَارِجَهَا، إلَّا لِنَحْوِ جَمَاعَةٍ خَارِجَهَا إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ. نَعَمْ نَفْلٌ السَّبَبُ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَاسْتَقْبَلَ جِدَارَهَا إلَخْ) وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَلَا يَكْفِي اسْتِقْبَالُ هَوَائِهَا لَهُ، بِخِلَافِهِ مِنْ خَارِجِهَا فَيَكْفِيهِ هَوَاؤُهَا، وَلَوْ أَعْلَى مِنْهَا أَوْ مَحَلُّ هَدْمِهَا، أَوْ مَحَلُّ جُزْءٍ هُدِمَ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَنْهُ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ جِدَارُ الْحِجْرِ بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَهَوَاؤُهُ فَلَا يَكْتَفِي بِهِمَا، قَالُوا: لِأَنَّ ثُبُوتَهُ مِنْ الْبَيْتِ ظَنِّيٌّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ ارْتِفَاعِ عَتَبَتِهَا ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) تَقْرِيبًا وَمِثْلُهَا تُرَابُهَا غَيْرُ الْمُخْتَلِطِ بِغَيْرِهِ، وَمِثْلُهَا شَجَرَةٌ نَابِتَةٌ فِيهَا، وَخَشَبَةٌ مُسَمَّرَةٌ فِيهَا، أَوْ مَبْنِيَّةٌ أَوْ مَدْقُوقَةٌ، كَالْوَتَدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَرْضٌ لَا مَغْرُوزَةٌ وَلَا مَرْبُوطَةٌ، وَلَا حَشِيشٌ نَابِتٌ فِيهَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ بَعْضِهِمْ إنَّهُ يَكْفِي هُنَا مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، لَا يَسْتَقِيمُ مَنْطُوقًا وَلَا مَفْهُومًا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَلَوْ أُزِيلَ الشَّاخِصُ فِي الْأَثْنَاءِ لَمْ يَضُرَّ كَالرَّابِطَةِ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَالْخَطِيبُ، وَخَالَفَهُمَا شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفَرَّقَ بِأَنَّ أَمْرَ الِاسْتِقْبَالِ أَشَدُّ، وَلَوْ خَرَجَ عَنْ مُحَاذَاتِهِ فِي الْأَثْنَاءِ كَخَشَبَةٍ مُعَرَّضَةٍ فِي هَوَاءِ الْبَابِ، أَوْ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ بَطَلَتْ عِنْدَ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ، لَا إنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ لِدَوَامِ الْمُحَاذَاةِ فِيهَا. (فَرْعٌ) لَوْ كَانَ يُسَمِّرُ الشَّاخِصَ إذَا صَلَّى وَيُزِيلُهُ إذَا فَرَغَ كَفَى عِنْدَ غَيْرِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (كَمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ) بِمِيمٍ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ) لَوْ خَافَ انْقِطَاعًا عَنْ الرُّفْقَةِ بِسَبَبِ الِاسْتِقْبَالِ وَإِتْمَامِ الْأَرْكَانِ فَهَلْ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ وَيُومِئُ؟ هُوَ مُحْتَمَلٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَيَلْزَمُهُ فِي الْإِحْرَامِ فِي الْأَصَحِّ) تَفْرِيعٌ عَلَى الثَّانِي وَقَضِيَّتُهُ اللُّزُومُ وَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِدَلِيلِ جَوَازِ الطَّوَافِ) أَيْ بِخِلَافِ السَّفِينَةِ فَإِنَّهَا كَالدَّارِ، وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا بِأَنَّهُ لَوْ عَمَّ السَّيْلُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَطَافَ فِي زَوْرَقٍ، فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ. قُلْت: بَلْ الظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَأَيْضًا الْعُدُولُ إلَى السَّيْرِ فِي السَّفِينَةِ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ فِي حَالِ السَّيْرِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ. صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ وَاسْتَقْبَلَ جِدَارَهَا أَوْ بَابَهَا مَرْدُودًا أَوْ مَفْتُوحًا مَعَ ارْتِفَاعِ عَتَبَتِهَا ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ أَوْ عَلَى سَطْحِهَا مُسْتَقْبِلًا مِنْ بِنَائِهَا مَا سَبَقَ قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) رَوَى الشَّيْخَانِ أَيْضًا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ فِي الْكَعْبَةِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الدُّخُولَ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ فِي الْأُولَى وَصَلَّى فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 (وَمَنْ أَمْكَنَهُ عِلْمُ الْقِبْلَةِ) وَلَا حَائِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى جَبَلِ أَبِي قَيْسٍ أَوْ سَطْحٍ وَشَكَّ فِيهَا الظُّلْمَةَ أَوْ غَيْرَهَا (حَرُمَ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ) أَيْ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْمُجْتَهِدِ بِأَنْ يَعْمَلَ بِهِ فِيهَا (وَالِاجْتِهَادُ) أَيْ الْعَمَلُ بِهِ فِيهَا لِسُهُولَةِ عِلْمِهَا فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: لَا يَجُوزُ لَهُ اعْتِمَادُ قَوْلِ غَيْرِهِ يَعُمُّ الْمُجْتَهِدَ وَالْمُخْبِرَ عَنْ عِلْمٍ، وَلَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا جَبَلٌ أَوْ بِنَاءٌ، فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَهُ الْعَمَلُ بِالِاجْتِهَادِ لِلْمَشَقَّةِ فِي تَكْلِيفِ الْمُعَايَنَةِ بِالصُّعُودِ أَوْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهُ يَعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ مُقَدَّمًا عَلَى الِاجْتِهَادِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ عِلْمُ الْقِبْلَةِ (أَخَذَ بِقَوْلِ ثِقَةٍ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ) سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَمْ عَبْدًا ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى، بِخِلَافِ الْفَاسِقِ وَالْمُمَيِّزِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ مَعَ وُجُودِهِ (فَإِنْ فُقِدَ وَأَمْكَنَ الِاجْتِهَادُ) بِأَنْ كَانَ عَارِفًا بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ مِنْ حَيْثُ دَلَالَتُهَا عَلَيْهَا (حَرُمَ التَّقْلِيدُ) وَوَجَبَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ،   [حاشية قليوبي] مَضْمُومَةٍ فَهَمْزَةٌ سَاكِنَةٌ، وَقَدْ تُبْدَلُ وَاوًا كَذَلِكَ فَخَاءٌ مُعْجَمَةٌ فَرَاءٌ مُهْمَلَةٌ مَفْتُوحَتَيْنِ، ثُمَّ رَاءٌ وَحَاءٌ مُهْمَلَتَيْنِ، وَهِيَ الْحَقِيبَةُ الْمَحْشُوَّةُ الَّتِي يَسْتَنِدُ إلَيْهَا الرَّاكِبُ خَلْفَهُ مِنْ كُورِ الْبَعِيرِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَمْكَنَهُ) أَيْ سَهُلَ عَلَيْهِ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ، أَوْ رَقِيقٍ بَالِغٍ أَوْ غَيْرِهِ بَصِيرٍ أَوْ أَعْمَى. قَوْلُهُ: (عَلِمَ الْقِبْلَةَ) أَيْ عَلِمَ مُقَابَلَةَ عَيْنِهَا بِرُؤْيَةٍ فِي بَصِيرٍ أَوْ بِلَمْسِ الْأَعْمَى وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ كَأَخْبَارِ مَعْصُومٍ أَوْ عَدَدٍ تَوَاتَرَ مُطْلَقًا، أَوْ فِعْلِهِمْ فِي حَقٍّ بِصَبْرٍ وَكَمَوْضِعٍ نَشَأَ فِيهِ بِنَحْوِ مَكَّةَ، وَعَلِمَ فِيهِ إصَابَةَ عَيْنِهَا وَكَرُؤْيَةٍ أَوْ لَمْسِ مِحْرَابٍ أُجْمِعَ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى إلَيْهِ، وَمَالَ شَيْخُنَا إلَى أَنَّهُ يَلْحَقُ بِذَلِكَ الْقَرِينَةُ الْقَطْعِيَّةُ. قَوْلُهُ: (وَلَا حَائِلَ إلَخْ) هُوَ قَيْدٌ لِوُجُودِ الْمُشَاهَدَةِ الْمُمْكِنَةِ، وَالْمَسُّ كَذَلِكَ بَعْدَ زَوَالِ مَانِعِهِمَا الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَشَكَّ إلَخْ. قَوْلُهُ: (لِسُهُولَةِ عِلْمِهَا) بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ بِاللَّمْسِ فِي نَحْوِ الْأَعْمَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْعِلْمَ مُقَدَّمٌ عَلَى خَبَرِ الثِّقَةِ، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا أَخَذَ إلَخْ، وَرُبَّمَا أَدْخَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّقْلِيدِ وَيُرْشِدُ إلَيْهِ تَقْدِيمُهُ عَلَى الِاجْتِهَادِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَالَ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ مَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ مِمَّا يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْقِبْلَةِ، فَيَنْتَفِلُ لِمَا بَعْدَهُ وَشَرْطُ الْبِنَاءِ أَنْ لَا يَكُونَ مُتَعَدِّيًا بِهِ، وَإِلَّا كُلِّفَ إزَالَتَهُ أَوْ صُعُودَهُ أَوْ دُخُولَ الْمَسْجِدِ. قَوْلُهُ: (لِلْمَشَقَّةِ فِي تَكْلِيفِ الْمُعَايَنَةِ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَمِنْ الْمَشَقَّةِ تَكْلِيفُ الْأَعْمَى الذَّهَابَ إلَى حَائِطِ الْمِحْرَابِ مَعَ وُجُودِ الصُّفُوفِ، أَوْ تَعَثُّرُهُ بِالْجَالِسِينَ أَوْ بِالسَّوَارِي وَنَحْوِهَا، أَوْ صَلَاتُهُ خَلْفَ إمَامٍ بَعِيدٍ عَنْ حَائِطِ الْمِحْرَابِ. قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ إلَخْ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، مِنْ تَقْدِيمِ الِاجْتِهَادِ عَلَى الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَشَارَ إلَيْهِ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرْطَ الِاجْتِهَادِ فَقْدُ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ. قَوْلُهُ: (أَخَذَ بِقَوْلِ ثِقَةٍ) هُوَ عَدْلُ الرِّوَايَةِ كَمَا يَأْتِي قَوْلُهُ: (يُخْبِرُ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ، أَخْبَرَ وَعَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ مَعَ إخْبَارِهِ، لِيُفِيدَ أَنَّ وُجُودَهُ مَانِعٌ مِنْ الِاجْتِهَادِ وَلَوْ قَبْلَ إخْبَارِهِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَيَجِبُ سُؤَالُهُ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ، وَكَانَ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَنْ عِلْمٍ) كَرُؤْيَتِهِ لِلْكَعْبَةِ أَوْ لِنَحْوِ الْمِحْرَابِ السَّابِقِ، وَلَيْسَ مِنْهُ الْإِخْبَارُ بِرُؤْيَةِ الْقُطْبِ وَنَحْوِهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ لِأَنَّهُ مِنْ أَدِلَّةِ الِاجْتِهَادِ كَمَا يَأْتِي وَأَمَّا الْمُخْبِرُ عَنْ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ فَهُوَ فِي مَرْتَبَتِهِ وَإِنْ قُدِّمَ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْفَاسِقِ) . قَالَ شَيْخُنَا: مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ، وَمِنْهُ الْكَافِرُ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُمَيِّزِ) مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ، وَغَيْرِ الْبَالِغِ لِأَنَّ الْخَارِجَ بِالْقَيْدِ مَا لَا يُجَامِعُهُ، وَلَعَلَّهُ نَظَرَ إلَى مَا يُمْكِنُ مِنْهُ الْإِخْبَارُ. (تَنْبِيهٌ) يُقَدَّمُ بَعْدَ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ رُؤْيَةُ مِحْرَابٍ ثَبَتَ بِالْآحَادِ، أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى إلَيْهِ أَوْ الْإِخْبَارُ بِهِ، وَبَعْدَهُ مِحْرَابٌ مُعْتَمَدٌ بِأَنْ كَثُرَ طَارِقُوهُ الْعَارِفُونَ، وَلَمْ يَطْعَنُوا فِيهِ، وَلَوْ بِبَلَدٍ صَغِيرٍ وَفِي مَرْتَبَتِهِ بَيْتُ الْإِبْرَةِ الْمَعْرُوفُ، فَلَا يَجْتَهِدُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. نَعَمْ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِي هَذَيْنِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، فَخِلَافُ مَا قَبْلَهُمَا مِنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ. (فَائِدَةٌ) أَصْلُ الْمِحْرَابِ صَدْرُ الْمَجْلِسِ لُغَةً، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُحَارِبُ فِيهِ الشَّيْطَانَ، وَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَلَا بِمَنْ فِيهِ خِلَافًا لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فُقِدَ) أَيْ الثِّقَةُ الْمُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ وَكَذَا مَا أُلْحِقَ بِهِ مِمَّا ذُكِرَ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ، أَوْ لَحِقَ بِهِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً قَوْلُهُ: (بِأَنْ كَانَ عَارِفًا بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ) هُوَ تَصْوِيرٌ لِإِمْكَانِ الِاجْتِهَادِ، وَلَا بُدَّ   [حاشية عميرة] الثَّانِيَةِ، كَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عِلْمُ الْقِبْلَةِ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمِحْرَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ ثَبَتَتْ صَلَاتُهُ فِيهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْكَعْبَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِيهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَرُمَ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ) لَوْ قَالَ بَدَلَهُ. الرُّجُوعُ إلَى غَيْرِهِ، لَكَانَ أَوْلَى لِيُوَافِقَ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ الْآتِيَةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَخَذَ بِقَوْلِ ثِقَةٍ) مِثْلُ ذَلِكَ الْمَحَارِيبُ الْمَوْجُودَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ صَلَّى كَيْفَ كَانَ، وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ (وَإِنْ تَحَيَّرَ) الْمُجْتَهِدُ لِغَيْمٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ تَعَارُضِ أَدِلَّةٍ (لَمْ يُقَلِّدْ فِي الْأَظْهَرِ) لِجَوَازِ زَوَالِ التَّحَيُّرِ عَنْ قُرْبٍ (وَصَلَّى كَيْفَ كَانَ) لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ (وَيَقْضِي) وُجُوبًا. وَالثَّانِي يُقَلِّدُ وَلَا يَقْضِي. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْخِلَافُ جَارٍ سَوَاءٌ ضَاقَ الْوَقْتُ أَمْ لَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ الْإِمَامُ: مَحَلُّهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ، وَلَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ قَبْلَ ضِيقِهِ قَطْعًا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ، انْتَهَى. وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى مَقَالَةِ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَهَا: وَفِيهِ أَيْ التَّقْلِيدِ احْتِمَالٌ مِنْ التَّيَمُّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ. (وَيَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَحْضُرُ) مِنْ الْخَمْسِ أَدَاءً كَانَتْ أَوْ قَضَاءً (عَلَى الصَّحِيحِ) إذْ   [حاشية قليوبي] أَنْ يَكُونَ مَعْرِفَةُ الْأَدِلَّةِ مِنْ مُعَلِّمٍ مُسْلِمٍ أَوْ مِنْ كَافِرٍ بَلَغَ حَدَّ التَّوَاتُرِ، أَوْ أَقَرَّ عَلَيْهَا مُسْلِمٌ عَارِفٌ وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِهَا، وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا وَإِنْ صَدَقَ الْمُعَلِّمُ عَلَيْهِ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا اعْتِبَارُ التَّصْدِيقِ. قَوْلُهُ: (وَالنُّجُومِ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَمِنْهَا قَلْبُ الْعَقْرَبِ الَّذِي هُوَ نَصٌّ فِي قِبْلَةِ مِصْرَ عِنْدَ طُلُوعِهِ مِنْ الْأُفُقِ، وَمِنْهَا الْكَوْكَبُ الْمُسَمَّى بِالْجَدْيِ بِالتَّصْغِيرِ وَبِالْقُطْبِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ، وَبِالْوَتَدِ وَبِفَاسِ الرَّحَى، وَهُوَ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ وَأَعَمُّهَا لِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِهِ فِي جَمِيعِ الْأَمَاكِنِ لِمُلَازَمَتِهِ مَكَانَهُ، فَيُجْعَلُ فِي الْيَمَنِ قُبَالَةَ الْوَجْهِ، وَفِي نَحْوِ الشَّامِ خَلْفَ الظَّهْرِ، وَفِي نَحْوِ الْعِرَاقِ خَلْفَ الْأُذُنِ الْيُمْنَى، وَفِي نَحْوِ مِصْرَ خَلْفَ الْأُذُنِ الْيُسْرَى، وَقَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ نَظْمًا: مَنْ وَاجَهَ الْقُطْبَ بِأَرْضِ الْيَمَنْ ... وَعَكْسُهُ الشَّامُ بِخَلْفِ الْأُذُنْ عِرَاقُ الْيُمْنَى وَيُسْرَى مِصْر ... قَدْ صَحَّحَ اسْتِقْبَالَهُ فِي الْعُمُرْ قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ مَعْرِفَةِ مَا ذُكِرَ لِيَخْرُجَ بِهِ مَعْرِفَةُ ذَوَاتِهَا، وَأَسْمَائِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) مِنْ الْأَدِلَّةِ الْجِبَالُ وَالرِّيَاحُ، وَهِيَ أَضْعَفُهَا وَأُصُولُهَا أَرْبَعٌ: الشَّمَالُ وَيُقَالُ لَهَا الْبَحْرِيَّةُ، وَمَبْدَؤُهَا مِنْ الْقُطْبِ الْمُتَقَدِّمِ، فَلَهَا حُكْمُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَيُقَاسَ عَلَيْهَا غَيْرُهَا مِمَّا يُنَاسِبُهَا، وَيُقَابِلُهَا الْجَنُوبُ، وَيُقَالُ لَهَا الْقِبْلِيَّةُ لِكَوْنِهَا إلَى جِهَةِ قِبْلَةِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، وَمَبْدَؤُهَا مِنْ نُقْطَةِ الْجَنُوبِ وَالصَّبَا، وَيُقَالُ لَهَا الشَّرْقِيَّةُ، وَمَبْدَؤُهَا مِنْ نُقْطَةِ الْمَشْرِقِ، وَيُقَابِلُهَا الدَّبُورُ، وَيُقَالُ لَهَا الْغَرْبِيَّةُ، وَمَبْدَؤُهَا مِنْ نُقْطَةِ الْمَغْرِبِ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ التَّقْلِيدُ) أَيْ الْعَمَلُ بِقَوْلِ مُجْتَهِدٍ آخَرَ وَلَوْ أَعْلَى مِنْهُ مَعْرِفَةً. قَوْلُهُ: (وَوَجَبَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ) وَلَوْ عَلَى الْأَعْمَى. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَحَيَّرَ لَمْ يُقَلِّدْ) أَيْ إنْ كَانَ بَصِيرًا وَإِلَّا فَلَهُ التَّقْلِيدُ وَلَوْ لِأَعْمَى أَقْوَى إدْرَاكًا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ) أَيْ الِاجْتِهَادُ صَلَّى فَلَا يُصَلِّي قَبْلَ ضِيقِهِ لِأَنَّهُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ. قَالَ شَيْخُنَا إلَّا إنْ أَيِسَ مِنْ زَوَالِ التَّحَيُّرِ، فَيُصَلِّي وَقْتَ يَأْسِهِ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ وَفَارَقَ مَنْ عَلِمَ مَاءً فِي حَدِّ الْغَوْثِ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُهُ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِتَيَقُّنِ الْمَاءِ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ) أَيْ الْأَظْهَرُ فِي أَنَّهُ لَا يُقَلِّدُ، وَمُقَابِلُهُ جَازَ سَوَاءٌ ضَاقَ الْوَقْتُ أَمْ لَا. فَالتَّعْلِيلُ بِحُرْمَةِ الْوَقْتِ يُرَادُ بِهِ عَدَمُ خُلُوِّ الْوَقْتِ عَنْ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِمَامُ مَحَلُّهُ) أَيْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى مَقَالَةِ الْإِمَامِ) أَيْ ارْتَضَاهَا وَحِينَئِذٍ فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ طُرُقٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّهُ قَالَ) أَيْ وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ قَالَ إلَخْ. وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ قَبْلَ آخِرِ الْوَقْتِ إنَّمَا هُوَ مِنْ بَحْثِ الْإِمَامِ، وَهُوَ مُعَارِضٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ، فَسُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ) أَيْ التَّقْلِيدِ احْتِمَالٌ بِجَوَازِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ كَالتَّيَمُّمِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ) وَلَوْ عَلَى الصَّبِيِّ، وَمِثْلُهُ تَجْدِيدُ الْأَعْمَى، وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَنْ تَحَيَّرَ فِي وَقْتِ السَّابِقَةِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ لِإِمْكَانِ زَوَالِ التَّحَيُّرِ فِي هَذِهِ. قَوْلُهُ: (لِكُلِّ صَلَاةٍ تَحْضُرُ) أَيْ يَدْخُلُ وَقْتُ فِعْلِهَا بِدَلِيلِ شُمُولِهِ لِلْمَقْضِيَّةِ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ قَوْلُهُ: (مِنْ الْخَمْسِ) وَمِنْهَا الْمُعَادَةُ وُجُوبًا وَخَرَجَ بِهَا غَيْرُهَا مِمَّا يَحْضُرُ وَقْتُ فِعْلِهِ، كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ   [حاشية عميرة] فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ السَّالِمَةُ مِنْ الطَّعْنِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِأَنْ كَانَ عَارِفًا بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ) أَيْ أَوْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ مُطْلَقًا عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ، أَوْ بِشَرْطِ السَّفَرِ عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ كَمَا سَيَأْتِي كُلُّ ذَلِكَ آخِرَ الصَّفْحَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَيْ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: فَيَحْرُمُ التَّقْلِيدُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى مَقَالَةِ الْإِمَامِ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نَقَلَ الرَّافِعِيُّ كَلَامَ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ ثُمَّ جَزَمَ فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى لَفْظِ الْوَجِيزِ بِأَنَّ الْإِطْلَاقَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ، وَغَفَلَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ، فَنَقَلَ كَلَامَ الْإِمَامِ سَاكِتًا عَلَيْهِ، انْتَهَى. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَفِيهِ أَيْ التَّقْلِيدِ احْتِمَالٌ مِنْ التَّيَمُّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ) أَيْ إذَا عَلِمَ وُصُولَهُ إلَى الْمَاءِ آخِرَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 لَائِقَةٌ بِبَقَاءِ الظَّنِّ بِالْأَوَّلِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الظَّنِّ، وَلَا يَجِبُ لِلنَّافِلَةِ جَزْمًا، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ بِمَا إذَا لَمْ يُفَارِقْ مَوْضِعَهُ كَمَا فِي طَلَبِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ حَتَّى إذَا فَارَقَهُ يَجِبُ التَّجْدِيدُ جَزْمًا. وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الطَّلَبَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُفِيدُ مَعْرِفَةَ الْعَدَمِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَأَدِلَّةُ الْقِبْلَةِ أَكْثَرُهَا سَمَاوِيَّةٌ لَا تَخْتَلِفُ دَلَالَتُهَا بِالْمَسَافَاتِ الْقَرِيبَةِ. نَعَمْ الْخِلَافُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَاكِرَ دَلِيلِ الِاجْتِهَادِ، فَالذَّاكِرُ دَلِيلَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُهُ قَطْعًا كَمَا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ فِي مَسْأَلَةِ وُقُوعِ الْحَادِثَةِ مَرَّةً أُخْرَى لِلْمُجْتَهِدِ الْمَقِيسَةِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْقِبْلَةِ إنَّهُ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّجْدِيدُ قَطْعًا. (وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الِاجْتِهَادِ وَتَعَلُّمِ الْأَدِلَّةِ كَأَعْمَى) لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ لَهَا وَبَصِيرٍ لَهُ أَهْلِيَّةُ مَعْرِفَتِهَا. (قَلَّدَ ثِقَةً عَارِفًا) بِهَا وَلَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً بِخِلَافِ الْفَاسِقِ وَالْمُمَيِّزِ وَلَا يَقْضِي مَا يُصَلِّيهِ بِالتَّقْلِيدِ، وَيُعِيدُ فِيهِ السُّؤَالَ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَحْضُرُ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي تَجْدِيدِ الِاجْتِهَادِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ. (وَإِنْ قَدَرَ) الشَّخْصُ عَلَى تَعَلُّمِهَا (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ التَّعَلُّمِ) عَلَيْهِ (فَيَحْرُمُ التَّقْلِيدُ) فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ التَّعَلُّمِ صَلَّى كَيْفَ كَانَ وَأَعَادَ وُجُوبًا. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ التَّعَلُّمُ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ، بَلْ هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَيَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ، وَلَا يَقْضِي مَا يُصَلِّيهِ بِهِ، هَذَا مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ إنَّهُ إنْ أَرَادَ سَفَرًا   [حاشية قليوبي] وَالنَّافِلَةِ، وَلَوْ مُؤَقَّتَةً وَمِنْهَا الْمُعَادَةُ نَدْبًا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَأَلْحَقَ الْإِسْنَوِيُّ الْمَنْذُورَةَ بِالْخَمْسِ وَضَعَّفَ. قَوْلُهُ: (وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ لَا الْحُكْمُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْمُرَادُ بِالْمَسَافَةِ أَيْ الْقَرِيبَةِ مَا وَافَقَتْ فِي الْإِقْلِيمِ الْوَاحِدِ، وَبِالْبَعِيدَةِ مَا خَالَفَتْ فِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ. . قَوْلُهُ: (لِذَاكِرٍ لِدَلِيلِهِ) أَيْ الِاجْتِهَادُ عِنْدَ حُضُورِ الْفَرْضِ الثَّانِي لَمْ يَحْتَجْ إلَى اجْتِهَادٍ، وَظَاهِرُ هَذَا جَوَازُ الْفَرْضِ الْأَوَّلِ وَإِنْ نَسِيَ فِيهِ الدَّلِيلَ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ، كَأَنْ أَخَّرَهُ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ وَهُوَ الَّذِي مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا آخِرًا، وَاعْتَمَدَهُ وَفَارَقَ الْمُعَادَةَ لِفَسَادِ الْأُولَى، بِأَنَّهَا فَرْضٌ ثَانٍ صُورَةً، وَمَعْنًى، تَذَكُّرُ الدَّلِيلِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَنْسَى مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ فِي الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ، كَالشَّمْسِ أَوْ الْقُطْبِ، وَقِيلَ أَنْ لَا يَنْسَى الْجِهَةَ الَّتِي صَلَّى إلَيْهَا أَوَّلًا. قَوْلُهُ: (وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الِاجْتِهَادِ وَتَعَلُّمِ الْأَدِلَّةِ) فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْأَدِلَّةِ عَدَمُ مَعْرِفَتِهَا، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى تَعَلُّمِهَا، لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، تَفْسِيرٌ لِلْعَجْزِ فِي ذَاتِهِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَيَجُوزُ تَعَلُّمُهَا مِنْ كَافِرٍ، كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِحُرْمَتِهِ، وَعَلَى كُلٍّ لَا يَعْتَمِدُهَا إلَّا إنْ أَقَرَّ عَلَيْهَا مُسْلِمٌ عَارِفٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَلَّدَ ثِقَةً عَارِفًا) أَيْ بِالْأَدِلَّةِ يَجْتَهِدُ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُمَيِّزِ) . قَالَ شَيْخُنَا مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ، وَمِثْلُهُ الْفَاسِقُ، وَمِنْهُ الْكَافِرُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْضِي مَا يُصَلِّيهِ بِالتَّقْلِيدِ) أَيْ إنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الْخَطَأُ، فَلَوْ أَبْصَرَ الْأَعْمَى أَوْ زَالَتْ الظُّلْمَةُ، فَرَأَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الصَّوَابِ أَعَادَهَا إنْ كَانَ بَعْدَهَا، وَاسْتَأْنَفَهَا إنْ كَانَ فِيهَا لِبُطْلَانِهَا، وَلَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ عَارِفَانِ، فَلَهُ تَقْلِيدُ أَيِّهِمَا شَاءَ، لَكِنْ يُنْدَبُ تَقْدِيمُ الْأَوْثَقِ وَالْأَعْلَمِ، وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ فَيَتَحَوَّلُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ، نَعَمْ إنْ قَالَ لَهُ الثَّانِي أَنْتَ عَلَى الْخَطَأِ قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعْلَمَ أَوْ قَالَ لَهُ أَخْطَأَ بِك الْأَوَّلُ، وَكَانَ هُوَ أَعْلَمُ وَجَبَ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ فِيهَا فَيَتَحَوَّلُ وُجُوبًا إنْ ظَهَرَ لَهُ الصَّوَابُ مُقَارِنًا لِلْخَطَّاءِ، كَأَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ أَيْضًا وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ الصَّوَابُ حَالًا، وَفَارَقَ هَذَا مَا قَبْلَهُ بِدَعْوَى الْخَطَّاءِ فِي هَذَا دُونَ ذَاكَ. قَوْلُهُ: (وَيُعِيدُ فِيهِ السُّؤَالَ) أَيْ وُجُوبًا وَيَلْزَمُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ مِنْ الْمَسْئُولِ، لِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ لَهُ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ السُّؤَالِ إنْ لَمْ تَكُنْ مَشَقَّةٌ بِمَا يُسْقِطُ الْجُمُعَةَ، وَالْأَصْلِيَّ وَأَعَادَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَدَرَ بِمَا يَصْرِفُهُ فِي الْحَجِّ) وَلَوْ بِالسَّفَرِ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَتُعْتَبَرُ الْقُدْرَةُ فِي الْمُسْلِمِ مِنْ بُلُوغِهِ وَفِي الْكَافِرِ مِنْ إسْلَامِهِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (الشَّخْصُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ لَيْسَ عَائِدًا لِمَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ فَقَطْ، كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَى شُمُولِهِ لِغَيْرِ الذَّكَرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) أَفَادَ كَلَامُهَا وُجُوبَ التَّعَلُّمِ عَيْنًا عَلَى الْمُنْفَرِدِ سَفَرًا، وَحَضَرًا وَكِفَايَةً عَلَى غَيْرِهِ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ مِحْرَابٌ مُعْتَمَدٌ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ، فِي طَرِيقِهِ أَوْ مَقْصِدِهِ أَوْ وُجِدَ عَارِفٌ، وَلَوْ وَاحِدًا فِي بَلَدٍ كَبِيرٍ أَوْ رَكْبٍ، وَإِنْ كَبَّرَ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ، وَإِلَّا فَفَرْضُ عَيْنٍ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهَا عَلَيْهِ بِأَنْ يُرَادَ بِالسَّفَرِ فِيهَا عَدَمُ الْعَارِفِ، وَبِالْحَضَرِ وُجُودُهُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ تَعَلُّمُ أَدِلَّتِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ مَنْ يُوثَقُ بِهِ أَنَّهُ سَاقِطٌ مِنْ نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ، وَأَنَّ وَلَدَهُ أَلْحَقَهُ بِهَامِشِهَا مُصَحِّحًا عَلَيْهِ، وَالْوَجْهُ إسْقَاطُهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ أَنَّ لِلْمُتَمَكِّنِ مِنْ التَّعْلِيمِ أَنْ يُقَلِّدَ عَارِفًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ عَارِفًا فَلَا يُنَافِي مَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الصَّحِيحِ) هَذَا الْخِلَافُ يَجْرِي فِي الْمُفْتِي فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَفِي الْمُقَلِّدِ هُنَا أَيْ فِي الْقِبْلَةِ، وَهُنَاكَ، وَفِي الشَّاهِدِ إذَا زَكَّى ثُمَّ شَهِدَ ثَانِيًا بَعْدَ طُولِ الزَّمَنِ، وَفِي طَلَبِ الْمُتَيَمِّمِ الْمَاءَ إذَا لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ مَوْضِعِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَلَّدَ ثِقَةً) لَوْ اخْتَلَفَ مُجْتَهِدَانِ فَالْأَحَبُّ تَقْلِيدُ الْأَعْلَمِ، قِيلَ: يَجِبُ فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ التَّعَلُّمِ) كَالْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 فَفَرْضُ عَيْنٍ وَإِلَّا فَفَرْضُ كِفَايَةٍ، وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ. (وَمَنْ صَلَّى بِالِاجْتِهَادِ فَتَيَقَّنَ الْخَطَأَ) فِي الْجِهَةِ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ (قَضَى فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لِعُذْرِهِ بِالِاجْتِهَادِ. (فَلَوْ تَيَقَّنَهُ فِيهَا وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا) بِنَاءً عَلَى الْقَضَاءِ، وَيَنْحَرِفُ عَلَى مُقَابِلِهِ إلَى جِهَةِ الصَّوَابِ وَيُتِمُّهَا. (وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ) فَظَهَرَ لَهُ الصَّوَابُ فِي جِهَةٍ غَيْرِ جِهَةِ الْأَوَّلِ (عَمِلَ بِالثَّانِي وَلَا قَضَاءَ) لِمَا فَعَلَهُ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ وَسَوَاءٌ تَغَيَّرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَمْ فِيهَا (حَتَّى لَوْ صَلَّى) صَلَاةً (أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ بِالِاجْتِهَادِ) أَرْبَعَ مَرَّاتٍ (فَلَا قَضَاءَ) لَهَا لِمَا ذُكِرَ وَيَنْدَرِجُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ الْخَطَأُ فِي   [حاشية قليوبي] لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يُقَلِّدَ مُجْتَهِدًا آخَرَ، لِأَنَّهُ فِي الْعَارِفِينَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ بِسَبَبِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ مُقَلِّدِهِ، وَكَذَا بِخَبَرِ ثِقَةٍ عَنْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِ، مِمَّا مَرَّ كَالْمِحْرَابِ. قَوْلُهُ: (فَتَيَقَّنَ الْخَطَأَ) وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الصَّوَابُ، وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ مَا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الِاجْتِهَادُ فَيَشْمَلُ خَبَرَ الثِّقَةِ، الْمُعَايِنِ لِلْكَعْبَةِ أَوْ الْقُطْبِ أَوْ الْمِحْرَابِ الْمُعْتَمَدِ، وَخَرَجَ بِهِ الظَّنُّ وَلَوْ بِخَبَرِ الثِّقَةِ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ لَا عِبْرَةَ بِتَرَدُّدٍ يَحْصُلُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (قَضَى) أَيْ لَزِمَهُ فِعْلُ الصَّلَاةِ ثَانِيًا لِاسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ فِي الْوَقْتِ وَلَا يَفْعَلُ حَتَّى يَظْهَرَ لَهُ الصَّوَابُ، وَلَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْيَقِينِ بِالصَّبْرِ أَوْ بِالِانْتِقَالِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ لُزُومِ الْقَضَاءِ بِالْأَكْلِ نَاسِيًا فِي الصَّوْمِ، وَبِالْخَطَإِ فِي وُقُوفِ عَرَفَةَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُقُوعَ الْخَطَإِ فِي الْقَضَاءِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا) بِمَعْنَى أَنَّ فِعْلَهَا يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا ظَهَرَ لَهُ الصَّوَابُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (يَظْهَرُ لَهُ الصَّوَابُ) أَيْ مُقَارِنًا لِظُهُورِ الْخَطَأِ أَوْ عَقِبَهُ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ زَمَنٍ، وَإِلَّا بَطَلَتْ كَمَا مَرَّ، لِتَأَذِّي جُزْءٍ مِنْهَا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ بِغَيْرِ ظَنِّهَا. قَوْلُهُ: (عَمِلَ بِالثَّانِي) وُجُوبًا مُطْلَقًا إنْ كَانَ أَرْجَحَ، فَإِنْ تَسَاوَيَا امْتَنَعَ الْعَمَلُ بِالثَّانِي فِيهَا، وَتَخَيَّرَ قَبْلَهَا وَيُعِيدُ مَا فَعَلَهُ، كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ لِتَرَدُّدِهِ حَالَ الشُّرُوعِ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) هَذَا التَّعْمِيمُ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ، لَا لِلْعَمَلِ بِالثَّانِي كَمَا عَلِمْت، وَفَائِدَةُ الْعَمَلِ بِالثَّانِي بَعْدَهَا، بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةٍ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ) وَكَذَا أَكْثَرُ فِي أَكْثَرَ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ خَطَأٌ فِيهَا، أَوْ بَعْدَهَا فِي جِهَةٍ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَيَنْدَرِجُ فِيهَا إلَخْ) أَيْ وَالتَّخْصِيصُ بِالْجِهَةِ أَوْلَى مُرَاعَاةً لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِيهَا انْحِرَافٌ) أَيْ إنْ كَانَ الثَّانِي أَرْجَحَ كَمَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] شُرُوطِ الصَّلَاةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بَلْ هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ نَادِرَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (إنْ أَرَادَ سَفَرًا فَفَرْضُ عَيْنٍ) أَيْ لِكَثْرَةِ الِاشْتِبَاهِ فِيهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَتَيَقَّنَ الْخَطَأَ) أَيْ وَلَوْ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ وَمِثْلُهُ مَحَارِيبُ الْمُسْلِمِينَ السَّالِمَةُ مِنْ الطَّعْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَضَى) يُوهِمُ اخْتِصَاصَ الْخِلَافِ بِمَا بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِي الْوَقْتِ، لَكِنْ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ الْقِبْلَةِ لِابْنِ الْقَاصِّ جَرَيَانُ الْقَوْلَيْنِ مُطْلَقًا كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ هُنَا فِي الْمُجْتَهِدِ إذَا تَيَقَّنَ الْخَطَأَ أَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ يَجْرِي فِي الْمُقَلِّدِ إذَا أَخْبَرَ مَنْ قَلَّدَهُ بِتَيَقُّنِ الْخَطَأِ أَوْ تَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ، أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ ثَالِثٌ هُوَ أَعْلَمُ مِنْ الَّذِي قَلَّدَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلَهُ فِي الْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْخَطَأِ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَبِخِلَافِ الْأَكْلِ نَاسِيًا فِي الصَّوْمِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالثَّانِي لَا يَجِبُ) هُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِقْبَالَ لِعُذْرٍ فَكَانَ كَالتَّرْكِ لِلْقِتَالِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَضِيَّةِ أَهْلِ قُبَاءَ فِي تَحَوُّلِهِمْ لَمَّا بَلَغَهُمْ النَّسْخُ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ النَّسْخَ إنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّهِمْ إلَّا بَعْدَ الْخَبَرِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ ثَبَتَ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُمْ كَانُوا مُتَمَسِّكِينَ بِنَصٍّ فَلَا يُنْسَبُونَ إلَى تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ الْمُجْتَهِدِ فَقَدْ يَكُونُ قَصَّرَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِنَاءٌ عَلَى الْقَضَاءِ) قَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ بِالْفَاءِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَيَنْحَرِفُ إلَخْ) اسْتَدَلَّ لَهُ بِقِصَّةِ أَهْلِ قُبَاءَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ) أَيْ وَلَوْ قُلْنَا بِعَدَمِ وُجُوبِ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَظَهَرَ لَهُ الصَّوَابُ) يُرِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ بِالثَّانِي إذَا اقْتَرَنَ ظُهُورُ الصَّوَابِ بِظُهُورِ الْخَطَأِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَهُوَ مُتَحَيِّرٌ، أَيْ فَلَا يُقَلِّدُ وَيُصَلِّي كَيْفَ كَانَ وَيَقْضِي، وَإِنْ كَانَ فِيهَا وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوَابِ عَنْ قُرْبٍ لِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ إلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ مَحْسُوبَةٍ. (فَائِدَةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَالْمُرَادُ بِالْمُقَارَنَةِ أَنْ يَظْهَرَا مَعًا أَوْ يَظْهَرَ الصَّوَابُ عَقِبَ ظُهُورِ الْخَطَأِ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ، انْتَهَى. فَلَا إشْكَالَ فِي قَوْلِنَا، يُرِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ إلَخْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الِاجْتِهَادَ الثَّانِيَ إذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ، فَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَصَوَّبَهُ الطَّبَرِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وُجُوبُ الْبَقَاءِ عَلَى الْجِهَةِ الْأُولَى، فَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ وُجُوبِ التَّحَوُّلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا أَخْذًا بِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ مَرْدُودٌ، بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ بَاطِلٌ وَمُخَالِفٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ، وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 التَّيَامُنِ أَوْ التَّيَاسُرِ، فَإِنْ تَيَقَّنَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَعَادَهَا، أَوْ فِيهَا اسْتَأْنَفَهَا عَلَى الْأَظْهَرِ فِيهِمَا، وَإِنْ ظَنَّهُ بِالِاجْتِهَادِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ يُؤَثِّرْ أَوْ فِيهَا انْحَرَفَ وَأَتَمَّهَا. بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَيْ كَيْفِيَّتِهَا، وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى فُرُوضٍ تُسَمَّى أَرْكَانًا، وَعَلَى سُنَنٍ تَأْتِي مَعَهَا (أَرْكَانُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ) وَفِي الرَّوْضَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ عُدَّ مِنْهَا الطُّمَأْنِينَةُ فِي مَحَالِّهَا الْأَرْبَعَةِ مِنْ الرُّكُوعِ وَمَا بَعْدَهُ أَرْكَانًا وَجَعَلَهَا هُنَا كَالْجُزْءِ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ اخْتِلَافٌ فِي اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى. (النِّيَّةُ) وَهِيَ الْقَصْدُ (فَإِنْ صَلَّى فَرْضًا) أَيْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ مَا هُوَ فَرْضٌ (وَجَبَ قَصْدُ فِعْلِهِ) بِأَنْ يَقْصِدَ فِعْلَ الصَّلَاةِ   [حاشية قليوبي] (تَنْبِيهٌ) : قَالَ السُّبْكِيُّ: مَحَلُّ جَوَازِ تَقْلِيدِ مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ، إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ فِيهَا خَطَأٌ بِاجْتِهَادِهِ فِيهَا، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَقْلِيدُهَا اهـ. بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ. أَيْ بَيَانِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ ذَاتُهَا، وَلَمَّا كَانَتْ الصِّفَةُ أَصَالَةً لِلْأَمْرِ الْحَالِّ عِنْدَ الذَّاتِ الْقَائِمِ بِهَا، سَوَاءٌ كَانَ لَازِمًا لَهَا أَوْ لَا، وَهَذَا لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا لِأَنَّهُ يُخْرِجُ الْأَرْكَانَ الْمَقْصُودَةَ بِالذَّاتِ، احْتَاجَ إلَى تَفْسِيرِ الصِّفَةِ بِالْكَيْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ اسْمٌ لِلْأَرْكَانِ وَالسُّنَنِ، وَالشُّرُوطِ لِأَنَّهَا مِنْ كَيْفِيَّاتِ الْفِعْلِ أَيْ كَوْنِ أَفْعَالِهَا مُقَارِنَةً لِلْوُضُوءِ مَثَلًا، وَبِذَلِكَ صَحَّ اشْتِمَالُهَا عَلَى الشُّرُوطِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الْكَيْفِيَّةُ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلصَّلَاةِ، لِأَنَّهَا اسْمٌ حَقِيقَةً لِلْأَرْكَانِ خَاصَّةً، وَلِهَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا كَفَاهُ، وَكَانَتْ صَلَاةً حَقِيقَةً، وَلِأَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّهُ سُمِّيَ مَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ بَعْضًا لِشَبَهِهِ لِلْبَعْضِ الْحَقِيقِيِّ، لَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ مَا يُجْزِئُ مِنْ الْأَرْكَانِ، لَيْسَ مِنْهَا لِأَنَّا نَقُولُ مَفْهُومُ الرُّكْنِ يَشْمَلُهُ مُطْلَقًا، كَمَا أَنَّ مَفْهُومَهَا يَشْمَلُ غَيْرَ الْأَرْكَانِ، مِمَّا هُوَ مِنْهَا لِدُخُولِهِ فِي نِيَّتِهَا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى سُنَنٍ) وَيُسَمَّى مَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ مِنْهَا بَعْضًا وَمَا لَا يُجْبَرُ هَيْئَةً، وَسَكَتَ عَنْ الشُّرُوطِ، لِعَدَمِ ذِكْرِهَا فِي الْبَابِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْكَيْفِيَّةِ كَمَا مَرَّ. وَقَوْلُهُمْ شُبِّهَتْ الصَّلَاةُ بِالْإِنْسَانِ، فَرُكْنُهَا كَرَأْسِهِ وَشَرْطُهَا كَحَيَاتِهِ، وَبَعْضُهَا كَعُضْوِهِ وَهَيْئَتُهَا كَشَعْرِهِ، أَرَادُوا بِهَا الصَّلَاةَ بِاعْتِبَارِ كَيْفِيَّتِهَا الْمَفْعُولَةِ، لَا بِحَسَبِ مَفْهُومِهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَالْجُزْءِ) أَيْ بِدَلِيلِ عَدَمِ اعْتِبَارِهَا رُكْنًا فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْمَعْنَى) لِأَنَّهَا لَا بُدَّ مِنْهَا مُطْلَقًا، وَلَا بُدَّ مِنْ تَدَارُكِهَا إذَا شَكَّ فِي فِعْلِهَا مَثَلًا، وَلَمْ يَعْدُو الْمُصَلِّي رُكْنًا هُنَا، لِتَحَقُّقِ صُورَةِ الصَّلَاةِ عَقْلًا وَحِسًّا فِي الْخَارِجِ بِدُونِهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ الصَّوْمَ بِمَعْنَى الْإِمْسَاكِ وَالْبَيْعَ بِمَعْنَى التَّمَلُّكِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ الْقَصْدُ) أَيْ هِيَ لُغَةً ذَلِكَ، وَمَفْهُومُ الْقَصْدِ يَعُمُّ مَا كَانَ فِيهِ مُلَاحَظَةٌ لِلْفِعْلِ أَوْ لَا، وَمَا كَانَ مُقَارِنًا لِلشُّرُوعِ فِي الْفِعْلِ أَوْ لَا فَإِنْ لُوحِظَ الْفِعْلُ، وَاقْتَرَنَتْ بِأَوَّلِهِ فَهِيَ النِّيَّةُ شَرْعًا، وَلِذَلِكَ يُقَالُ النِّيَّةُ شَرْعًا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ، فَقَوْلُهُ أَرَادَ أَيْ شَرَعَ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ النِّيَّةَ لُغَةً وَشَرْعًا قَصْدُ الْفِعْلِ مُطْلَقًا وَاعْتِبَارُ الِاقْتِرَانِ مُصَحِّحٌ لَهُ لِيَعْتَدَّ بِهِ مَرْدُودٌ، وَكَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ، اعْتِبَارُ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْآنِيَةِ فِي النِّيَّةِ، مُخَالِفٌ لِتَعْرِيفِهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَرْضًا) أَيْ وَلَوْ مَنْذُورًا أَوْ جِنَازَةً وَتَكْفِي نِيَّةُ النَّذْرِ فِي الْمَنْذُورِ، عَنْ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَأَمَّا مَنْذُورُ   [حاشية عميرة] فِي الْقِطْعَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ عَمِلَ بِالثَّانِي مَا نَصُّهُ التَّنْبِيهُ الثَّانِي مَحَلُّ مَا سَبَقَ إذَا رَجَحَ الثَّانِي فَإِنْ اسْتَوَيَا وَكَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ إدْرَاكِ الصَّوَابِ عَنْ قُرْبٍ بَطَلَتْ، وَإِنْ قَدَرَ فَهُوَ يَنْحَرِفُ وَيَبْنِي أَوْ يَسْتَأْنِفُ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، وَأَوْلَى بِالِاسْتِئْنَافِ، كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَزَادَ فِي الرَّوْضَةِ الصَّوَابُ الِاسْتِئْنَافُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَا ذَكَرَاهُ هُنَا لَا يَسْتَقِيمُ فَرَاجِعْهُ مِنْ الْمُهِمَّاتِ، انْتَهَى. وَمُرَادُهُ مَا سَلَفَ نَقْلُهُ عَنْهُ كَالْبَغَوِيِّ مِنْ الْبَقَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَوْ فِيهَا انْحَرَفَ وَأَتَمَّهَا) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَا يَعُودُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْجِهَةِ لِأَنَّ التَّيَامُنَ وَالتَّيَاسُرَ أَسْهَلُ مِنْ الْجِهَةِ، انْتَهَى. وَالْخِلَافُ السَّابِقُ هُوَ وَجْهٌ مَرْجُوحٌ قَائِلٌ بِأَنَّ تَغَيُّرَ الِاجْتِهَادِ فِي الْجِهَةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ مُوجِبٌ لِلِاسْتِئْنَافِ، وَهَذَا الْوَجْهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الشَّارِحُ. [بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ] قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ مَا هُوَ فَرْضٌ) كَأَنَّهُ دَفْعٌ لِمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ ضَمِيرَ فِعْلِهِ الْآتِي لَا يَصِحُّ عَوْدُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 وَهِيَ هُنَا مَا عَدَا النِّيَّةَ لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى وَلِذَلِكَ قِيلَ إنَّهَا شَرْطٌ (وَتَعْيِينُهُ) بِالرَّفْعِ مِنْ ظَهَرَ أَوْ غَيْرِهِ (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ) مَعَ مَا ذَكَرَ الصَّادِقُ بِالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ لِتَتَعَيَّنَ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ لِلصَّلَاةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالثَّانِي يَقُولُ هُوَ مُنْصَرِفٌ إلَيْهَا بِدُونِ هَذِهِ النِّيَّةِ، فَلَا يَجِبُ بِخِلَافِ الْمُعَادَةِ، فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا إلَّا بِقَصْدِ الْإِعَادَةِ (دُونَ الْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى) فَلَا تَجِبُ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لَهُ تَعَالَى، وَقِيلَ: تَجِبُ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الْإِخْلَاصِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَصِحُّ الْأَدَاءُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ وَعَكْسِهِ) هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ   [حاشية قليوبي] الْإِتْمَامِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى النَّفْلِيَّةِ، وَمِثْلُهُ نَذْرُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الرَّوَاتِبِ مَثَلًا. وَلَا تَكْفِي نِيَّةُ الْكِفَايَةِ عَنْ نِيَّةِ فَرْضِهَا، لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ فِي الْمَنْدُوبِ. قَوْلُهُ: (مَا هُوَ فَرْضٌ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْضِ مَا يُوصَفُ بِالْفَرْضِيَّةِ، وَلَوْ عَلَى غَيْرِ الْفَاعِلِ فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ، وَيَشْمَلُ صَلَاةَ الصَّبِيِّ، وَالْمُعَادَةَ وَالضَّمِيرُ فِي فِعْلِهِ عَائِدٌ إلَى مَا بِهَذَا الْمَعْنَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ هُنَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، لِأَنَّ النِّيَّةَ مِنْ الصَّلَاةِ لَا مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّهَا كَالشَّاةِ فِي الزَّكَاةِ تُزَكِّي نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا، وَلَا لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، بَلْ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ أَيْضًا لِمَا سَيَأْتِي عَلَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ إخْرَاجُ التَّكْبِيرَةِ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا، لِأَنَّهَا يُقْصَدُ بِهَا التَّحَرُّمُ، وَفِعْلُ غَيْرِهَا، وَلَا يَصِحُّ قَصْدُ فِعْلِهَا فِيهَا لِمَا سَتَعْرِفُهُ، وَاخْتَلَفَ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى، فَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَتَصَوَّرُ نِيَّتَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُرَادِ هُنَا، وَقَدْ عَلِمْت بُطْلَانَهُ، وَقِيلَ إنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّتُهَا وَإِنْ أَمْكَنَ مُلَاحَظَتُهَا مُنْفَرِدَةً، كَأَنْ يَنْوِي أَنَّهُ يَنْوِي الصَّلَاةَ مَثَلًا، وَهُوَ بَاطِلٌ أَيْضًا لِأَنَّ انْفِرَادَهَا بِمَعْنَى سَبْقِهَا الْفِعْلَ، كَمَا مَثَّلَ لَيْسَ مُرَادًا هُنَا، وَمُقْتَضَى عَدَمِ وُجُوبِهَا تَصَوُّرُهَا مَعَ الْمُقَارَنَةِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ إنْ نَوَى مَعَ التَّكْبِيرِ، أَنَّهُ يَنْوِي الْفِعْلَ لَمْ يَصِحَّ تَكْبِيرُهُ، وَلَا صَلَاتُهُ، وَإِنْ نَوَى نَفْسَ الْفِعْلِ، فَلَيْسَ هَذَا نِيَّةَ النِّيَّةِ، وَسَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي نِيَّةِ التَّكْبِيرَةِ فِيهَا فَتَأَمَّلْ. وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ وَلَوْ نَفْلًا هُوَ غَايَةٌ لِلصَّلَاةِ لَا لِلنِّيَّةِ، أَيْ الصَّلَاةِ وَلَوْ نَفْلًا لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ فِعْلِهَا، فَلَا يَكْفِي قَصْدُ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْفِعْلِ، كَمَا قَالَهُ. وَقَدْ يُقَالُ هُوَ غَايَةٌ لِلِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ الْفِعْلِ فِي النَّفْلِ، فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّعَرُّضِ لِلنَّفْلِيَّةِ عَلَى الْمُرَجَّحِ الْآتِي، فَهُوَ إشَارَةٌ لِرَدِّ الْخِلَافِ الَّذِي جَرَيَا عَلَى طَرِيقَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ، أَيْ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، أَوْ لِنِيَّةِ غَيْرِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَلِذَلِكَ قِيلَ إنَّهَا شَرْطٌ) قِيلَ فَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ افْتَتَحَهَا مَعَ مُقَارَنَةِ مُفْسِدٍ، كَخَبَثٍ وَزَالَ قَبْلَ إتْمَامِهَا فَعَلَى الرُّكْنِيَّةِ لَا تَصِحُّ، وَعَلَى الشَّرْطِيَّةِ تَصِحُّ. وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ مُفَادَ الشَّرْطِ وَالرُّكْنِ فِي اعْتِبَارِ الصِّحَّةِ وَاحِدٌ، وَلِأَنَّهُ بِتَمَامِ التَّكْبِيرَةِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِهَا فَيَلْزَمُ مُقَارَنَةُ جُزْئِيَّتِهَا لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَهُوَ مُفْسِدٌ، وَقَدْ صَرَّحُوا فِيمَا يَأْتِي أَنَّ الْكَلَامَ الْكَثِيرَ وَلَوْ سَهْوًا فِي أَثْنَائِهَا مُبْطِلٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) أَيْ عَطْفًا عَلَى قَصْدٍ لَا بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى فِعْلِهِ، لِأَنَّ قَصْدَ التَّعْيِينِ لَا يَكْفِي فِي النِّيَّةِ اهـ. قَوْلُهُ: (مِنْ ظُهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ كُلِّ مَا يُفِيدُ التَّعْيِينَ فَفِي الظُّهْرِ، نَحْوُ صَلَاةٍ يُسَنُّ الْإِبْرَادُ لَهَا، وَفِي الصُّبْحِ نَحْوُ صَلَاةٍ يُثَوَّبُ لَهَا أَوْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، أَوْ صَلَاةِ الْفَجْرِ أَوْ صَلَاةٍ يَقْنُتُ لَهَا أَبَدًا وَنَحْوُ ذَلِكَ، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ النَّفْلِ أَيْ لِأَنَّ قَصْدَ الْفِعْلِ وَالتَّعْيِينِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَوْجُودَانِ فِي النَّفْلِ فَلَا يَتَمَيَّزُ الْفَرْضُ عَنْهُ، إلَّا بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّعْيِينِ تَعْيِينًا مَخْصُوصًا، كَالظُّهْرِ مَثَلًا وَمُرَادٌ بِالنَّفْلِ الْأَصْلِيُّ فَسَقَطَ، مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ إرَادَةَ تَعْيِينِ مَخْصُوصٍ، فَأَوْجَبَ إسْقَاطَ هَذَا التَّعْلِيلِ فَتَأَمَّلْهُ. وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ مَا مَرَّ. فَتَجِبُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ، وَالتَّعْيِينِ فِي الْمُعَادَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مَعَ مَا ذَكَرَ) هُوَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالتَّعْيِينِ، وَضَمِيرُ الصَّادِقِ، وَيَتَعَيَّنُ عَائِدٌ إلَى مَا ذَكَرَ، وَهَذَا بِنَاءٌ مِنْهُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ، وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ، وَأَمَّا صَلَاةُ الصَّبِيِّ، فَيَجِبُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ أَيْضًا عِنْدَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ، كَوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَضَعَّفَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَاعْتَمَدَا مَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَفَارَقَتْ الْمُعَادَةُ بِأَنَّ صَلَاتَهُ تَقَعُ نَفْلًا اتِّفَاقًا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَضَى مَا فَاتَهُ فِي زَمَنِ التَّمْيِيزِ كَمَا مَرَّ. لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْآنَ مُكَلَّفًا بِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِقَصْدِ الْإِعَادَةِ) مُقْتَضَى ذَلِكَ، وُجُوبُ قَصْدِ الْإِعَادَةِ فِيهَا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا بِمَعْنَى مُلَاحَظَتِهَا، لِتَحَقُّقِ مَعْنَى الْإِخْلَاصِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْهَا، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِي عِبَادَةِ الْمُوَحِّدِ أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِثْلُهَا الْيَوْمُ وَالشَّهْرُ   [حاشية عميرة] عَلَى الْفَرْضِ لِأَنَّ ذَلِكَ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ. قَالَ الْقَايَاتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ أَوَّلًا فِي ذَاتِ الْفَرْضِ لَا فِي صِفَتِهِ، وَثَانِيًا عَلَى الْعَكْسِ، فَلَا يُرَدُّ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الشَّارِحِ: (الصَّادِقُ إلَخْ) يَرْجِعُ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ قَصْدُ فِعْلِهِ وَتَعْيِينِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى) مِثْلُهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي تَوْجِيهِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الذَّبْحِ: اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى قَلْبِ الْمُؤْمِنِ سَمَّى أَوْ لَمْ يُسَمِّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الْإِخْلَاصِ) اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى} [الليل: 19] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَدَاءِ نِيَّةُ الْأَدَاءِ، وَلَا فِي الْقَضَاءِ نِيَّةُ الْقَضَاءِ، وَعَدَمُ الصِّحَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ ذَلِكَ، وَمُرَادُهُمْ كَمَا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الصِّحَّةُ لِمَنْ نَوَى جَاهِلَ الْوَقْتِ لِغَيْمٍ أَوْ نَحْوِهِ أَيْ ظَانًّا خُرُوجَ الْوَقْتِ أَوْ بَقَاءَهُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ الْأَمْرَ بِخِلَافِ ظَنِّهِ، أَمَّا الْعَالِمُ بِالْحَالِ فَلَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ قَطْعًا لِتَلَاعُبِهِ، نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ تَصْرِيحِهِمْ (وَالنَّفَلُ ذُو الْوَقْتِ أَوْ السَّبَبِ كَالْفَرْضِ فِيمَا سَبَقَ) مِنْ اشْتِرَاطِ قَصْدِ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَتَعْيِينِهَا، كَصَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ النَّحْرِ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَرَاتِبَةِ الْعِشَاءِ، وَالْوَتْرِ، وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ. (وَفِي) اشْتِرَاطِ (نِيَّةِ النَّفْلِيَّةِ وَجْهَانِ) كَمَا فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ (قُلْت: الصَّحِيحُ لَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ النَّفْلِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ الْمَعْنَى الْمُعَلَّلِ بِهِ فِي الْفَرْضِيَّةِ، وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ، وَالْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الْخِلَافُ السَّابِقُ. (وَيَكْفِي فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ) وَهُوَ مَا لَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ وَلَا سَبَبٍ (نِيَّةُ فِعْلِ الصَّلَاةِ) لِحُصُولِهِ بِهَا، وَلَمْ يَذْكُرُوا هُنَا خِلَافًا فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ النَّفْلِيَّةِ، وَيُمْكِنُ مَجِيئُهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَمَجِيءُ الْخِلَافِ فِي الْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى.   [حاشية قليوبي] وَالسَّنَةُ، وَعَدَدُ الرَّكَعَاتِ وَالْقِبْلَةُ، لَكِنْ يُسَنُّ التَّعَرُّضُ لِمَا ذَكَرَ، وَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ، وَلَوْ بِالتَّأْخِيرِ إلَّا فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْخَطَأَ بِالْقَلْبِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ نَوَى جَاهِلَ الْوَقْتِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَدَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ وَتَبَيَّنَ خِلَافَهُ. وَبِهِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا. وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَقْيِيدِ مَسْأَلَةِ الْبَارِزِيِّ، وَهِيَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ، كَانَ مَحْبُوسًا فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ يَتَرَاءَى لَهُ الْفَجْرُ فَيُصَلِّي ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَنَّهُ خَطَأٌ سَابِقٌ عَلَى الْوَقْتِ، فَمَاذَا يَقْضِي، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ صَلَاةَ كُلِّ يَوْمٍ تَقَعُ قَضَاءً عَنْ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ، بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ، أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْقَضَاءِ، وَالْأَدَاءِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَالْوَجْهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ فَرْضَ ذَلِكَ الْوَقْتِ الَّذِي ظَنَّهُ بِخُصُوصِهِ، وَإِلَّا فَلَا تَقَعُ عَنْ الْفَائِتَةِ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ شَيْخَاهُ ابْنُ حَجَرٍ وَالرَّمْلِيُّ، وَذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ صَلَاةٌ فَائِتَةٌ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْعَالِمُ فَلَا تَنْعَقِدُ) أَيْ إنْ قَصَدَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ، وَهُوَ أَنَّ الْأَدَاءَ بِمَعْنَى الْقَضَاءِ وَعَكْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَضُرَّ، وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا فِي الْإِطْلَاقِ، وَلَا تَكْفِي نِيَّةُ صَلَاةِ الْوَقْتِ، قَالُوا لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَتَذَكَّرَ فَائِتَةً، وَهَذَا وَقْتُهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِنَحْوِ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ، أَوْ بِنَحْوِ صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ صَلَاةٍ يُثَوَّبُ لَهَا مَعَ وُجُودِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الِاشْتِبَاهَ فِي هَذَا بِمَا هُوَ مِنْ النَّوْعِ فَقَطْ فَيَرْجِعُ إلَى نِيَّةِ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ، وَقَدْ مَرَّ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ، وَفِي الْأَوَّلِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَكْتَفُوا بِهِ لِعُمُومِهِ مَعَ أَنَّ نَحْوَ الصُّبْحِ عُلِمَ وَالِاشْتِرَاكُ فِيهِ لَفْظِيٌّ قَوْله: (وَتَعْيِينِهَا كَصَلَاةِ عِيدِ) أَيْ وَإِنْ نَذَرَهَا مَعَ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْوَتْرِ) وَلَا يَكْفِي رَاتِبَةُ الْعِشَاءِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الرَّوَاتِبِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) ذَكَرَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ بِالتَّعْرِيفِ فَاقْتَضَى أَنَّهُمَا الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ، وَأَنَّ الْأَصَحَّ وُجُوبُ نِيَّةِ النَّفْلِيَّةِ هُنَا، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا ثُمَّ كَشَطَ أَدَاةَ التَّعْرِيفِ وَصَحَّحَ عَلَيْهِ لِيُفِيدَ أَنَّهُمَا وَجْهَانِ غَيْرُ الْأَوَّلَيْنِ، وَلِذَلِكَ عَبَّرَ هُنَا بِالصَّحِيحِ وَالِاسْتِدْرَاكِ حِينَئِذٍ عَلَى مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمَا، وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَمَا فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ دُونَ أَنْ يَقُولَ هُمَا السَّابِقَانِ فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى هَذَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَفِي اشْتِرَاطِ إلَخْ) أَوْ رَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَعَ إمْكَانِ إدْخَالِهِ فِي التَّشْبِيهِ السَّابِقِ جَرْيًا عَلَى تَرْتِيبِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ ذِكْرِهِ نِيَّةَ الْأَدَاءِ وَمَا بَعْدَهُ بَعْدَ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِيمَا قَبْلَهُ، وَحَيْثُ لَمْ تَجِبْ نِيَّةُ النَّفْلِيَّةِ فَهِيَ مَنْدُوبَةٌ كَمَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا لَا يَتَقَيَّدُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى وَجْهِ تَسْمِيَتِهِ بِالْمُطْلَقِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَذْكُرُوا إلَخْ) فَهِيَ إشَارَةٌ إلَى نَدْبِ ذَلِكَ هُنَا وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ بِخِلَافِ الْفَرْضِيَّةِ وَلَمْ يَقُلْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ لِيُفِيدَ أَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ لَا نَجْعَلُهَا فَرْضًا فِي الْوَاقِعِ الَّذِي هُوَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ فِي الْفَرْقِ فَتَأَمَّلْ، وَإِلْحَاقُ الْمَنْهَجِ سُنَّةَ الْوُضُوءِ وَالتَّحِيَّةَ وَالْإِحْرَامَ وَالِاسْتِخَارَةَ بِالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ هُوَ مِنْ حَيْثُ الِاكْتِفَاءُ فِي ذَلِكَ بِنِيَّةِ فِعْلِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ إلَى سَبَبِهِ فِي نِيَّتِهِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ السَّبَبِ فِيمَا لَهُ سَبَبٌ، وَهَذَا كَمَا تَرَى يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ النَّفْلِ الْمُقَيَّدِ، لَكِنَّ إطْلَاقَهُ لَهُ صَادِقٌ بِوُقُوعِهِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِيمَا وَجَدَ سَبَبَهُ كَالتَّحِيَّةِ وَسُنَّةِ الْوُضُوءِ لِحُصُولِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ لَا فِيمَا لَمْ يَقَعْ كَالِاسْتِخَارَةِ، لِأَنَّهُ مَعَ مُلَاحَظَةِ سَبَبِهِ لَا يَصِحُّ فَمَعَ عَدَمِهَا لَا يَصِحُّ بِالْأُولَى، فَلْيُخَصَّصْ الِاسْتِثْنَاءُ بِغَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، أَوْ بِمَا وَقَعَ   [حاشية عميرة] وَجْهُ الدَّلَالَةِ كَوْنُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَ الْمُجَازَاةَ لَا تَقَعُ بِمُجَرَّدِ الْفِعْلِ حَتَّى يَبْتَغِيَ بِهَا وَجْهَ رَبِّهِ الْأَعْلَى. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَتَعْيِينِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَصْدِ فِعْلِ الصَّلَاةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَمَا فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ) مِنْ هُنَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَوْ قَالَ الْوَجْهَانِ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَتْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 (وَالنِّيَّةُ بِالْقَلْبِ) فَلَا يَكْفِي النُّطْقُ مَعَ غَفْلَتِهِ، وَلَا يَضُرُّ النُّطْقُ بِخِلَافِ مَا فِيهِ كَانَ قَصْدُ الظُّهْرِ وَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى الْعَصْرِ. (وَيُنْدَبُ النُّطْقُ) بِالْمَنْوِيِّ (قُبَيْلَ التَّكْبِيرِ) لِيُسَاعِدَ اللِّسَانُ الْقَلْبَ. (الثَّانِي تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَيَتَعَيَّنُ) فِيهَا (عَلَى الْقَادِرِ اللَّهُ أَكْبَرُ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ بِهِ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَقَالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فَلَا يَكْفِي: اللَّهُ الْكَبِيرُ، وَلَا الرَّحْمَنُ أَكْبَرُ. (وَلَا تَضُرُّ زِيَادَةٌ لَا تَمْنَعُ الِاسْمَ   [حاشية قليوبي] سَبَبُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا كَمَا يَأْتِي، وَبِهَذَا عُلِمَ عَدَمُ صِحَّةِ قَوْلِ بَعْضِهِمْ لَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهُ نَفْلٌ مُطْلَقٌ حَصَلَ بِهِ ذَلِكَ الْمُقَيَّدُ خُصُوصًا مَعَ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّ مَا لَهُ سَبَبٌ مُتَأَخِّرٌ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَتِهِ حَالَ الشُّرُوعِ، وَشَمَلَتْ سُنَّةَ الْوُضُوءِ وَنَحْوَهَا مَا لَوْ وَقَعَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالتَّعْبِيرُ بِهَا أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِرَكْعَتَيْ الْوُضُوءِ وَنَحْوِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ صَلَاةِ النَّفْلِ، وَمِمَّا أُلْحِقَ بِذَلِكَ أَيْضًا صَلَاةُ الطَّوَافِ وَالْحَاجَةِ وَالزَّوَالِ وَإِرَادَةِ السَّفَرِ وَالْعَوْدِ مِنْهُ وَنُزُولِ الْمُسَافِرِ وَمُفَارَقَةِ الْمَنْزِلِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَسَبَقَ لِسَانُهُ) وَكَذَا لَوْ تَعَمَّدَهُ. قَوْلُهُ: (بِالْمَنْوِيِّ) أَيْ مِمَّا تُطْلَبُ نِيَّتُهُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا وَلَوْ غَيْرَ الْمَذْكُورِ هُنَا كَالْفَرْضِيَّةِ وَالِاقْتِدَاءِ وَالْجَمَاعَةِ وَالنَّفْلِيَّةِ وَالْأَدَاءِ وَالْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلِأَجْلِ إيهَامِ اقْتِصَارِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ حَوَّلَهُ الشَّارِحُ، وَمَا قِيلَ غَيْرُ هَذَا مَرْدُودٌ، وَخَرَجَ بِالْمَنْوِيِّ التَّكْبِيرَةُ وَالنِّيَّةُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، لَكِنْ لَا يَضُرُّ النُّطْقُ بِالنِّيَّةِ كَقَوْلِهِ: نَوَيْت كَذَا، بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ بِنَدْبِهِ، وَلَمْ يُخَالِفُوهُ فَرَاجِعْهُ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ، بَلْ هُوَ مُبْطِلٌ لِلنِّيَّةِ إلَّا مَعَ قَصْدِ التَّبَرُّكِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ فَيَضُرُّ الْإِطْلَاقُ هُنَا لِأَنَّ مَبْنَى النِّيَّاتِ عَلَى الْجَزْمِ بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ الْعُقُودِ، وَيَضُرُّ هُنَا التَّعْلِيقُ بِغَيْرِ الْمَشِيئَةِ أَيْضًا كَحُصُولِ شَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَقَّعًا إلَّا إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ شَرْطُهُ فِي الِاعْتِكَافِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ. قَوْلُهُ: (تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْآتِي بِهَا مَا كَانَ حَلَالًا لَهُ قَبْلَهَا فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا، وَفِي النَّفْلِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْخُرُوجَ مِنْهُ، وَلَا يُسَنُّ تَكْرَارُهَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، فَإِنْ كَرَّرَهَا لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ أَوْ بِقَصْدِ الذِّكْرِ لَمْ يَضُرَّ، أَوْ بِقَصْدِ الِافْتِتَاحِ خَرَجَ بِكُلِّ شَفْعٍ وَدَخَلَ بِكُلِّ وَتْرٍ، وَيَدْخُلُ بِكُلِّ إنْ قَصَدَ الْخُرُوجَ قَبْلَهُ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ فَأَحْرَمَ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَلَوْ كَبَّرَ بِنِيَّةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ كَبَّرَ بِنِيَّةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ لَمْ تَنْعَقِدْ أَيْضًا. وَلَوْ كَبَّرَ إمَامُهُ مَرَّتَيْنِ لَمْ يُفَارِقْهُ حَمْلًا عَلَى الْكَمَالِ، وَيُنْدَبُ النَّظَرُ قَبْلَهُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَإِطْرَاقُ رَأْسِهِ قَلِيلًا. قَوْلُهُ: (اللَّهُ أَكْبَرُ) خَصَّ هَذَا اللَّفْظَ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْقِدَمِ وَالْعِظَمِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَجْهَرَ بِهِ الْإِمَامُ، وَأَنْ لَا يُقَصِّرَ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ، وَأَنْ لَا يُطَوِّلَ بِالتَّمْطِيطِ، فَالْإِسْرَاعُ بِهِ أَوْلَى مِنْ تَمْطِيطِهِ لِئَلَّا تَزُولَ النِّيَّةُ بِخِلَافِ تَكْبِيرِ الِانْتِقَالَاتِ لِئَلَّا يَخْلُوَ بَاقِيهَا عَنْ الذِّكْرِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَدَّهُ وَإِنْ طَالَ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَفِي شَرْحِهِ خِلَافُهُ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا وَطَوَّلَ إلَى حَدٍّ لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْقُرَّاءِ، وَقَدْرُ الطُّولِ سِتُّ أَلِفَاتٍ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَوَصْلُ هَمْزَةِ اللَّهِ خِلَافُ الْأَوْلَى نَحْوُ مَأْمُومًا اللَّهُ أَكْبَرُ، وَقَطْعُهَا أَفْضَلُ، وَإِبْدَالُهَا وَاوًا مُبْطَلٌ كَمَدِّهَا، وَكَإِبْدَالِ هَمْزَةِ أَكْبَرَ وَاوًا لِلْعَالِمِ دُونَ الْجَاهِلِ، وَقِيلَ: لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا لُغَةٌ، كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَكَإِدْخَالِ وَاوٍ سَاكِنَةٍ أَوْ مُتَحَرِّكَةٍ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ، وَكَإِبْدَالِ كَافِ أَكْبَرَ هَمْزَةً إلَّا لِعَجْزٍ أَوْ جَهْلٍ عُذِرَ بِهِ، أَوْ لِمَنْ هِيَ لُغَتُهُ، وَكَزِيَادَةِ أَلِفٍ بَعْدَ الْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءِ أَوْ تَشْدِيدِهَا، وَلَا يَضُرُّ اللَّحْنُ فِيهَا وَلَا تَشْدِيدُ الرَّاءِ وَلَا تَكْرِيرُهَا وَلَا رَفْعُهَا، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ التَّكْبِيرَ جَزْمٌ فَلَيْسَ حَدِيثًا، وَبِفَرْضِهِ فَمَعْنَاهُ الْجَزْمُ بِالنِّيَّةِ بِعَدَمِ التَّرَدُّدِ فِيهَا لِأَنَّهُ مُبْطَلٌ كَمَا لَوْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَتَرَدَّدَ أَنَّهُ فِي غَيْرِهَا، وَكَأَنْ تَرَدَّدَ مُصَلِّي الظُّهْرِ أَنَّهُ فِي ظُهْرٍ أَوْ عَصْرٍ، أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي عَصْرٍ فَأَتَى بِبَعْضِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ، أَوْ مُصَلِّي سُنَّةِ الصُّبْحِ أَنَّهُ فِي الصُّبْحِ فَقَنَتَ ثُمَّ تَذَكَّرَ، أَوْ نَحْوُ   [حاشية عميرة] تُفِيدُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ أَيْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ كَالْفَرْضِ فِيمَا سَبَقَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) يُقَالُ: أَحْرَمَ الرَّجُلُ إذَا دَخَلَ فِي حُرْمَةٍ لَا تُهْتَكُ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَلَمَّا دَخَلَ بِهَذِهِ التَّكْبِيرَةِ فِي عِبَادَةٍ تَحْرُمُ فِيهَا أُمُورٌ قِيلَ لَهَا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، انْتَهَى. وَذَهَبَتْ الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهَا شَرْطٌ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ عَقِبَهَا، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي النَّجَاسَةِ إذَا كَانَتْ حَالَ التَّكْبِيرَةِ وَزَالَتْ مَعَ تَمَامِهَا. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَالْحِكْمَةُ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِهَا اسْتِحْضَارُ الْمُصَلِّي عَظَمَةَ مَنْ تَهَيَّأَ لِلْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَتَمَثَّلَ هَيْبَتَهُ فَيَخْشَعُ وَلَا يَغِيبُ قَلْبُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اللَّهُ أَكْبَرُ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هِيَ مَوْصُولَةٌ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِأَنَّ قَطْعَهَا عَلَى الْحِكَايَةِ يُوهِمُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي قَطْعُهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ مَأْمُومٌ: اللَّهُ أَكْبَرُ بِوَصْلِهَا، جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا تَضُرُّ زِيَادَةٌ لَا تَمْنَعُ) جَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَمْثِلَةِ عَدَمِ الضَّرَرِ اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَكْبَرُ، وَمَثَّلَ فِي الرَّوْضَةِ لِمَا يَضُرُّ تَطْوِيلُهُ اللَّهُ لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 كَاللَّهُ الْأَكْبَرُ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ (وَكَذَا اللَّهُ الْجَلِيلُ أَكْبَرُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي تَضُرُّ الزِّيَادَةُ فِيهِ لِاسْتِقْلَالِهَا بِخِلَافِ الْأَوْلَى (لَا أَكْبَرُ اللَّهُ) أَيْ لَا يَكْفِي (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا، وَالثَّانِي يُمْنَعُ ذَلِكَ. (وَمَنْ عَجَزَ) وَهُوَ نَاطِقٌ عَنْ التَّكْبِيرِ (تَرْجَمَ) عَنْهُ بِأَيِّ لُغَةٍ شَاءَ، وَلَا يَعْدِلُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ (وَوَجَبَ التَّعَلُّمُ إنْ قَدَرَ) عَلَيْهِ وَلَوْ بِالسَّفَرِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ، وَبَعْدَ التَّعَلُّمِ لَا يَجِبُ قَضَاءُ مَا صَلَّاهُ بِالتَّرْجَمَةِ قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ صَلَاتِهِ بِالتَّرْجَمَةِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ لِحُرْمَتِهِ، وَيَجِبُ الْقَضَاءُ لِتَفْرِيطِهِ بِالتَّأْخِيرِ، وَيَجِبُ عَلَى الْأَخْرَسِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ وَشَفَتَيْهِ وَلَهَاتِهِ بِالتَّكْبِيرِ قَدْرَ إمْكَانِهِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهَكَذَا حُكْمُ تَشَهُّدِهِ وَسَلَامِهِ وَسَائِرِ أَذْكَارِهِ. (وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي تَكْبِيرِهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مَعْنَى حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ أَنْ يُحَاذِيَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ أَعْلَى أُذُنَيْهِ، وَإِبْهَامَيْهِ شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ، وَرَاحَتَيْهِ مَنْكِبَيْهِ. وَذَالُ حَذْوَ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ مُعْجَمَةٌ (وَالْأَصَحُّ) فِي وَقْتِ الرَّفْعِ (رَفْعُهُ مَعَ ابْتِدَائِهِ) أَيْ التَّكْبِيرِ. وَالثَّانِي يُرْفَعُ قَبْلَ التَّكْبِيرِ وَيُكَبِّرُ مَعَ حَطِّ يَدَيْهِ، وَسَوَاءٌ عَلَى الْأَوَّلِ انْتَهَى التَّكْبِيرُ مَعَ   [حاشية قليوبي] ذَلِكَ، فَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ إنْ طَالَ الْفَصْلُ أَوْ فَعَلَ رُكْنًا وَلَوْ قَوْلِيًّا مَعَ التَّرَدُّدِ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ شَكَّ فِي الطَّهَارَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ قَبْلَ الشُّرُوعِ. قَوْلُهُ: (اللَّهُ الْجَلِيلُ) وَمِثْلُهُ كُلُّ وَصْفٍ لَمْ يُطِلْ بِزِيَادَتِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْصَافٍ نَحْوُ: عَزَّ وَجَلَّ، وَنَحْوُهُ: الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، بِخِلَافِ الضَّمِيرِ وَنَحْوِهِ وَالنِّدَاءُ وَالطَّوِيلُ نَحْوُ: اللَّهُ هُوَ أَكْبَرُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَكْبَرُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَكْبَرُ، وَاَللَّهُ يَا رَحْمَنُ أَكْبَرُ، وَاَللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَكْبَرُ، خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي هَذِهِ. قَوْلُهُ: (لَا أَكْبَرُ اللَّهُ) فَلَوْ أَتَى بِلَفْظِ أَكْبَرَ بَعْدَهُ لَمْ يَصِحَّ إلَّا إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ بِلَفْظِ اللَّهِ، وَيَجِبُ فِي التَّكْبِيرِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ أَوْ بِحَيْثُ يَسْمَعُ إنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحَ السَّمْعِ، أَوْ كَانَ نَحْوُ لَغَطٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا) وَبِذَلِكَ فَارَقَ صِحَّةَ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى سَلَامًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَنْ التَّكْبِيرِ) أَيْ بِالْعَرَبِيَّةِ وَقُدِّرَ بِغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَعْدِلُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْأَذْكَارِ لَيْسَ فِيهِ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ كَمَا مَرَّ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْفَاتِحَةَ وَنَحْوَهَا. قَوْلُهُ: (وَوَجَبَ التَّعَلُّمُ) وَوَقْتُهُ مِنْ الْبُلُوغِ فِي الْمُسْلِمِ وَلَوْ تَبَعًا، وَمِنْ الْإِسْلَامِ فِي الْبَالِغِ، وَاعْتَبَرَ ابْنُ حَجَرٍ التَّمْيِيزَ فِي الْمُسْلِمِ، وَلَا تَصِحُّ التَّرْجَمَةُ مِنْ الصَّبِيِّ الْقَادِرِ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَبِالسَّفَرِ) أَيْ وَلَوْ سَفَرَ الْقَصْرِ وَإِنْ طَالَ إنْ أَطَاقَهُ وَوَجَدَ مُؤْنَتَهُ بِمَا فِي وُجُوبِ الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ) أَيْ إنْ رُجِيَ التَّعَلُّمُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَهُ الصَّلَاةُ وَلَوْ مِنْ أَوَّلِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ عَلَى الْأَخْرَسِ) أَيْ الطَّارِئِ خَرَسُهُ، وَمِنْهُ مَرَضٌ يَمْنَعُ مِنْ النُّطْقِ بِخِلَافِ الْأَصْلِيِّ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (تَحْرِيكُ لِسَانِهِ إلَخْ) أَيْ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ بِمُحَاوَلَةِ مَخَارِجِ الْحُرُوفِ السَّابِقَةِ لَهُ وَاللَّهَاةُ الْجِلْدَةُ الْمُلْصَقَةُ فِي سَقْفِ الْحَنَكِ. قَوْلُهُ: (وَهَكَذَا حُكْمُ إلَخْ) أَيْ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ، وَإِذَا عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ كَالْمَرِيضِ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ إنْ وُجِدَا وَإِلَّا فَرَأْسُ سَاعِدَيْهِ وَإِلَّا فَرَأْسُ عَضُدَيْهِ سَوَاءٌ الرَّجُلُ وَغَيْرُهُ وَيُنْدَبُ فِي الْكَفَّيْنِ لِمَنْ ذُكِرَ كَشْفُهُمَا وَإِمَالَةُ رُءُوسِ أَصَابِعِهِمَا لِلْقِبْلَةِ وَتَفْرِيقُهَا وَسَطًا لِيَكُونَ لِكُلِّ عُضْوٍ اسْتِقْلَالٌ بِالْعِبَادَةِ، وَلَا يُكْرَهُ سَتْرُهَا وَيَفُوتُ سَنُّ الرَّفْعِ بِفَرَاغِ التَّكْبِيرِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُحَاذِيَ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ مُعْتَدِلًا سَلِيمًا وَإِلَّا رَاعَى ذَلِكَ الْقَدْرَ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَعَلَ الْمُمْكِنَ مِنْ الزِّيَادَةِ أَوْ النَّقْصِ، فَإِنْ تَعَارَضَا فَعَلَ الزِّيَادَةَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ فِي وَقْتِ الرَّفْعِ) أَيْ الْأَفْضَلُ فِيهِ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِجَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ فِيهِمَا اهـ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: يُسَنُّ   [حاشية عميرة] إلَهَ إلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ أَكْبَرُ انْتَهَى، وَعَلَّلَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ تُخْرِجُهُ عَنْ التَّكْبِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَاَللَّهِ الْأَكْبَرُ) عَلَّلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى التَّكْبِيرِ مَعَ زِيَادَةِ مُبَالَغَةٍ فِي التَّعْظِيمِ، وَهُوَ الْإِشْعَارُ بِالتَّخْصِيصِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا أَكْبَرُ اللَّهُ) أَيْ بِخِلَافِ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ يُسَمَّى سَلَامًا، وَهَذَا لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ عَجَزَ تَرْجَمَ) أَيْ فَهِيَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَاجِبَةٌ، وَدَلِيلُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهَا وَقَالَ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَقَوْلُهُ تَرْجَمَ أَيْ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ رُكْنٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ بَدَلٍ، وَالتَّرْجَمَةُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِأَيِّ لُغَةٍ شَاءَ) وَقِيلَ: تَتَعَيَّنُ السُّرْيَانِيَّةُ أَوْ الْعِبْرَانِيَّةُ لِأَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ بِهِمَا كِتَابًا فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْفَارِسِيَّةِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِأَيِّهَا شَاءَ، وَقِيلَ الْفَارِسِيَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْعَرَبِيَّةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَوْ بِالسَّفَرِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَيَجِبُ عَلَى الْأَخْرَسِ إلَخْ) فَإِنْ عَجَزَ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ. قَوْلُهُ: (تَشَهُّدِهِ) الْأَحْسَنُ جَعْلُ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى الْمُصَلِّي لَا عَلَى الْأَخْرَسِ فَقَطْ. [سُنَن الصَّلَاة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ وَاجِبِ التَّكْبِيرِ شَرَعَ فِي بَيَانِ سُنَّتِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 الْحَطِّ أَمْ لَا وَقِيلَ يُسَنُّ انْتِهَاؤُهُمَا مَعًا. (وَيَجِبُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ) يَعْنِي يَجِبُ قَرْنُهَا بِأَوَّلِهِ وَاسْتِصْحَابُهَا إلَى آخِرِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. (وَقِيلَ يَكْفِي) قَرْنُهَا (بِأَوَّلِهِ) وَلَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُهَا إلَى آخِرِهِ، وَقِيلَ: يَجِبُ بَسْطُهَا عَلَيْهِ، وَيُتَصَوَّرُ قَرْنُهَا بِأَوَّلِهِ بِأَنْ يَسْتَحْضِرَ مَا يَنْوِي قُبَيْلَهُ. (الثَّالِثُ الْقِيَامُ فِي فَرْضِ الْقَادِرِ) عَلَيْهِ فَيَجِبُ حَالَةَ الْإِحْرَامِ بِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: يَجِبُ أَنْ يُكَبِّرَ   [حاشية قليوبي] انْتِهَاؤُهُمَا مَعًا) ضَمِيرُ الْمُثَنَّى عَائِدٌ إلَى الْحَطِّ وَالتَّكْبِيرِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَهُوَ انْتِهَاءُ الرَّفْعِ وَالتَّكْبِيرِ مَعًا وَبَعْضُهُمْ قَالَ: إنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ يُجْعَلُ الضَّمِيرُ عَائِدًا إلَى الرَّفْعِ وَالتَّكْبِيرِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ، وَيَجْعَلُ يَدَيْهِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ تَحْتَ صَدْرِهِ وَإِنْ صَلَّى مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا وَهَذَا فِي الْقِيَامِ أَوْ بَدَلِهِ وَنَظَرَ مَا مَحَلُّهُمَا فِي نَحْوِ الِاعْتِدَالِ وَفِي الْقِيَامِ بَدَلَ الْقُعُودِ. قَوْلُهُ: (يَعْنِي يَجِبُ قَرْنُهَا إلَخْ) بِأَنْ يَتَصَوَّرَ فِي ذِهْنِهِ كُلَّ مَا يَجِبُ فِي النِّيَّةِ أَوْ يُنْدَبُ مِنْ قَصْدِ الْفِعْلِ وَغَيْرِهِ قُبَيْلَ التَّكْبِيرِ، وَيَسْتَمِرُّ مُسْتَحْضِرًا لِذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ التَّكْبِيرِ إلَى آخِرِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ اسْتِحْضَارُهَا ذِكْرًا لَا حُكْمًا، أَوْ إنَّهُ يَسْتَحْضِرُ ذَلِكَ مَعَ النُّطْقِ بِأَوَّلِهِ وَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ فِي بَقِيَّةِ التَّكْبِيرِ، وَهَذَا مَعْنَى الِاسْتِحْضَارِ حُكْمًا، وَهُوَ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمَا يُنَافِيهَا، فَقَوْلُهُ: وَيَتَصَوَّرُ إلَخْ جَارٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَقِيلَ: مَعْنَى قَرْنِهَا أَنْ يُجَدِّدَ ذَلِكَ الْقَصْدَ عِنْدَ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ التَّكْبِيرِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ هَذَا لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ الْقُوَّةُ الْبَشَرِيَّةُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجِبُ بَسْطُهَا عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ أَنْ يَقْصِدَ فِعْلَ الصَّلَاةِ فِي جُزْءٍ مِنْ التَّكْبِيرِ، وَالتَّعْيِينَ فِي جُزْءٍ آخَرَ، وَالْفَرْضِيَّةَ فِي آخَرَ وَهَكَذَا، وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِالْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَحْضِرًا لِلصَّلَاةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَالزِّيَادِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ عَدَمُ الْغَفْلَةِ بِذِكْرِ النِّيَّةِ حَالَ التَّكْبِيرِ مَعَ بَذْلِ الْمَجْهُودِ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: الْمُرَادُ بِهِ الِاكْتِفَاءُ بِاسْتِحْضَارِ مَا مَرَّ فِي جُزْءٍ مِنْ التَّكْبِيرِ أَوَّلَهُ أَوْ وَسَطَهُ أَوْ آخِرَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ اسْتِحْضَارُ ذَلِكَ قُبَيْلَ التَّكْبِيرِ وَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ فِيهِ وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ هُوَ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ مُسْتَحْضِرًا لِلصَّلَاةِ أَيْ لِمَا يُطْلَبُ اسْتِحْضَارُهُ لَهَا، وَأَمَّا اسْتِحْضَارُ ذَاتِهَا مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَكْفِي قَطْعًا. (تَنْبِيهٌ) هَلْ يَجِبُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِمَا يُزَادُ بَيْنَ لَفْظِ اللَّهِ وَأَكْبَرَ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَدَمَ الْوُجُوبِ، قَالَ: لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ. وَنَقَلَهُ الْعَبَّادِيُّ عَنْهُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ كَالْبُلْقِينِيِّ، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: هَلْ يَكْفِي اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِذَلِكَ أَوْ لَا لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا مَرَّ. الِاكْتِفَاءُ بِالْمُقَارَنَةِ فِي جُزْءٍ مِنْ التَّكْبِيرِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الثَّالِثُ الْقِيَامُ) وَالْوَاجِبُ مِنْهُ الَّذِي يُؤَدِّي بِهِ   [حاشية عميرة] فُرُوعٌ) لَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الْكُوعِ رَفَعَ السَّاعِدَ أَوْ مِنْ الْمَرْفِقِ رَفَعَ الْعَضُدَ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرَّفْعِ الْمَسْنُونِ، بَلْ كَانَ إذَا رَفَعَ يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ يَأْتِي بِالْمُمْكِنِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا فَالزِّيَادَةُ أَوْلَى، وَيُسْتَحَبُّ كَشْفُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرَّفْعِ وَأَنْ يُفَرِّقَ الْأَصَابِعَ تَفْرِيقًا وَسَطًا وَأَنْ يَأْتِيَ بِالتَّكْبِيرِ أَيْ تَكْبِيرِ التَّحَرُّمِ مُبَيَّنًا بِلَا مَدٍّ وَالْحِكْمَةُ فِي تَفْرِيقِ الْأَصَابِعِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ عُضْوٍ اسْتِقْلَالٌ فِي الْعِبَادَةِ بِصُورَتِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَذْوَ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَعْنَاهُ مُقَابِلُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ رَفْعُهُ مَعَ ابْتِدَائِهِ) لَوْ تَرَكَ حَتَّى أَتَى بِبَعْضِ التَّكْبِيرِ سُنَّ الرَّفْعُ أَيْضًا بِخِلَافِ مَا لَوْ فَرَغَ مِنْهُ قَبْلَ الرَّفْعِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَيُكَبِّرُ مَعَ حَطِّ يَدَيْهِ) أَيْ وَيَكُونُ انْتِهَاؤُهُمَا مَعًا لِئَلَّا يَخْلُوَ جُزْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ بِلَا ذِكْرٍ، كَذَا سَاقَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا الْوَجْهَ، لَكِنْ هُنَا وَجْهٌ ثَانٍ، وَفِي الْإِسْنَوِيِّ ثَالِثٌ، وَجَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ الثَّانِيَ أَنْ يَرْفَعَ غَيْرَ مُكَبِّرٍ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَدَاهُ قَارَّتَانِ فَإِذَا فَرَغَ أَرْسَلَهُمَا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَاسْتِصْحَابُهَا) قَالَ السُّبْكِيُّ: اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الِاسْتِصْحَابِ، فَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنْ يَسْتَمِرَّ اسْتِحْضَارُهَا إلَى آخِرِهِ. قَالَ: وَلَكِنَّ اسْتِحْضَارَ النِّيَّةِ لَيْسَ بِنِيَّةٍ وَإِيجَابُ مَا لَيْسَ بِنِيَّةٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يُوَالِي أَمْثَالَهَا، فَإِذَا وَجَدَ الْقَصْدَ الْمُعْتَبَرَ أَوَّلًا جَدَّدَ مِثْلَهُ، وَهَكَذَا مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ زَمَنٍ، وَلَيْسَ تَكْرِيرُ النِّيَّةِ كَتَكْرِيرِ التَّكْبِيرِ كَيْ يَضُرَّ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِالْفَرَاغِ مِنْ التَّكْبِيرِ، قَالَ: وَهَذَا الْوَجْهُ فِيهِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ لَا يَتَفَطَّنُ لَهَا كُلُّ أَحَدٍ وَلَا يَغْفُلُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَكْفِي) عَلَّلَ هَذَا الْوَجْهَ بِأَنَّ اسْتِصْحَابَ النِّيَّةِ ذِكْرًا فِي دَوَامِ الصَّلَاةِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَرَدَ مِنْ طَرَفِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي الِانْعِقَادِ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِتَمَامِ التَّكْبِيرِ، وَذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِوُجُودِ النِّيَّةِ قُبَيْلَ التَّكْبِيرِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَقِيلَ يَجِبُ بَسْطُهَا عَلَيْهِ) هَذَا يَتَخَلَّفُ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ لِأَنَّهُ فِيهِ مَقْصُودٌ وَاحِدٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الثَّالِثُ الْقِيَامُ) يُكْرَهُ أَنْ يُقَدِّمَ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَأَنْ يُلْصِقَ قَدَمَيْهِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 قَائِمًا حَيْثُ يَجِبُ الْقِيَامُ. (وَشَرْطُهُ نَصْبُ فَقَارِهِ) وَهُوَ عِظَامُ الظَّهْرِ (فَإِنْ وَقَفَ مُنْحَنِيًا) إلَى أَمَامِهِ أَوْ خَلْفِهِ (أَوْ مَائِلًا) إلَى الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ (بِحَيْثُ لَا يُسَمَّى قَائِمًا لَمْ يَصِحَّ) قِيَامُهُ (فَإِنْ لَمْ يُطِقْ انْتِصَابًا وَصَارَ كَرَاكِعٍ) لِكِبَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقِفُ كَذَلِكَ) لِقُرْبِهِ مِنْ الِانْتِصَابِ (وَيَزِيدُ انْحِنَاءَهُ لِرُكُوعِهِ إنْ قَدَرَ) عَلَى الزِّيَادَةِ، وَقَالَ الْإِمَامُ: يَقْعُدُ، فَإِذَا وَصَلَ إلَى الرُّكُوعِ ارْتَفَعَ إلَيْهِ لِأَنَّ حَدَّهُ يُفَارِقُ حَدَّ الْقِيَامِ فَلَا يَتَأَدَّى الْقِيَامُ بِهِ. (وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ دُونَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) لِعِلَّةٍ بِظَهْرِهِ (قَامَ وَفَعَلَهُمَا بِقَدْرِ إمْكَانِهِ) فِي الِانْحِنَاءِ لَهُمَا بِالصُّلْبِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِالرَّقَبَةِ وَالرَّأْسِ، فَإِنْ عَجَزَ أَوْمَأَ إلَيْهِمَا. (وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ) بِأَنْ يَلْحَقَهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ أَوْ زِيَادَةُ مَرَضٍ أَوْ خَوْفُ الْغَرَقِ أَوْ دَوَرَانُ الرَّأْسِ فِي السَّفِينَةِ (قَعَدَ كَيْفَ شَاءَ وَافْتِرَاشُهُ أَفْضَلُ مِنْ تَرَبُّعِهِ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ قُعُودُ عِبَادَةٍ بِخِلَافِ التَّرَبُّعِ، وَعَكْسُهُ وُجِّهَ بِأَنَّ الِافْتِرَاشَ لَا يَتَمَيَّزُ عَنْ قُعُودِ التَّشَهُّدِ بِخِلَافِ التَّرَبُّعِ. وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي قُعُودِ النَّفْلِ (وَيُكْرَهُ الْإِقْعَاءُ) فِي هَذَا الْقُعُودِ وَسَائِرِ قَعَدَاتِ الصَّلَاةِ (بِأَنْ يَجْلِسَ) الشَّخْصُ (عَلَى وَرِكَيْهِ)   [حاشية قليوبي] الرُّكْنَ قَدْرَ الطُّمَأْنِينَةِ كَبَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ، وَتَطْوِيلُهُ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ لِضَرُورَةِ الْإِتْيَانِ بِهَا، وَكَذَا لِلسُّورَةِ، وَهُوَ أَفْضَلُ الْأَرْكَانِ ثُمَّ السُّجُودُ ثُمَّ الرُّكُوعُ، وَلَا يَضُرُّ وُقُوفُهُ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ وَلَا اسْتِنَادُهُ لِنَحْوِ جِدَارٍ وَلَوْ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ لَسَقَطَ مَا لَمْ يَكُنْ مُعَلَّقًا، وَإِذَا طَوَّلَ الْأَرْكَانَ وَقَعَ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْهَا نَفْلًا كَمَسْحِ الرَّأْسِ لِإِمْكَانِ تَجَزِّي ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَشَمَلَ وُجُوبَ الْقِيَامِ مَا لَوْ كَانَ مَعَ الْإِعَانَةِ بِشَيْءٍ كَعَصَا سَوَاءٌ احْتَاجَ إلَيْهِ لِنُهُوضِهِ فَقَطْ أَوْ لِدَوَامِ قِيَامِهِ أَوْ لَهُمَا مَعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ إنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهَا وَقَدَرَ عَلَيْهَا بِمَا فِي التَّيَمُّمِ. وَقَالَ شَيْخُنَا بِمَا فِي الْفِطْرَةِ وَأَخَّرَ الْقِيَامَ عَنْ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرَةِ لِأَنَّ رُكْنِيَّتَهُ مَعَهُمَا وَبَعْدَهُمَا وَهُوَ قَبْلَهُمَا شَرْطٌ لِصِحَّتِهِمَا، فَلَوْ فَرَضَ مُقَارَنَتَهُمَا لِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ كَفَى، وَلِأَنَّهُمَا مُعْتَبَرَانِ فِي الْفَرْضِ، وَالنَّفَلُ بِخِلَافِهِ قَوْلُهُ: (فِي فَرْضٍ) وَلَوْ كِفَايَةً أَوْ بِالْأَصَالَةِ فَشَمَلَ صَلَاةَ الصَّبِيِّ وَالْجِنَازَةِ وَالْمُعَادَةِ وَالْمَنْذُورَةِ. قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ حَالَةَ الْإِحْرَامِ بِهِ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الرُّكْنِيَّةِ كَمَا عُلِمَ، وَتَفْسِيرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَا ذَكَرَهُ فِيهِ قُصُورٌ لِخُرُوجِ الْقِيَامِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ عَنْهُ مَعَ شُمُولِهِ لَهُ وَحَمْلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَلَيْهِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِتَصْرِيحِهِمَا بِوُجُوبِ الْقِيَامِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَقَارِهِ) هُوَ جَمْعٌ مُضَافٌ مُفْرَدُهُ فَقَارَةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِتَذْكِيرِ ضَمِيرِهِ نَظَرًا لِلْجَمْعِ وَجَمْعُ الْعِظَامِ نَظَرًا لِمَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ لَا يُسَمَّى قَائِمًا) بِأَنْ صَارَ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ أَقْرَبَ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ فِي حَالَةِ الِاسْتِوَاءِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُطِقْ) بِلُحُوقِ مَشَقَّةٍ تُذْهِبُ خُشُوعَهُ أَوْ كَمَالَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (يَقِفُ كَذَلِكَ) أَيْ وُجُوبًا، وَكَذَا يَزِيدُ وَيَكْفِيهِ ذَلِكَ وَلَوْ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، وَلَا يُكَلَّفُ تَأْخِيرَهَا إلَى الْقُدْرَةِ. قَوْلُهُ: (إنْ قَدَرَ) فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الزِّيَادَةِ وَجَبَ قَصْدُ الرُّكُوعِ بِقَلْبِهِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِمَامُ يَقْعُدُ) أَيْ حَالَةَ الْإِحْرَامِ وَالْقِرَاءَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ) وَمِثْلُهُ الْجُلُوسُ أَوْ الِاضْطِجَاعُ قَوْلُهُ: (قَامَ) أَيْ وُجُوبًا وَلَوْ بِمُعِينٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْمَأَ إلَيْهِمَا) أَيْ بِأَجْفَانِهِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِقَلْبِهِ، وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) أَيْ بِمَا مَرَّ وَقَالَ شَيْخُنَا بِأَنْ لَا تُحْتَمَلَ عَادَةً وَلَوْ تَسَبَّبَ فِي عَجْزِهِ فَإِنَّهُ الثَّوَابُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ زِيَادَةُ مَرَضٍ) وَكَذَا حُدُوثُهُ بِالْأُولَى وَلَوْ اسْتَمْسَكَ نَحْوَ بَوْلٍ حَالَةَ الْجُلُوسِ وَجَبَ الْجُلُوسُ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَلَوْ كَانَ لَوْ صَلَّى جَمَاعَةً جَلَسَ، وَلَوْ صَلَّى فُرَادَى قَامَ جَازَ الْأَمْرَانِ. قَالَهُ شَيْخُنَا، وَنَقَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ مُرَاعَاةُ الْقِيَامِ وَقَصْدُ عَدُوٍّ مُجَوِّزٍ لِلْجُلُوسِ لَا رُؤْيَتُهُ وَلَا فَسَادُ تَدْبِيرٍ. قَوْلُهُ: (وَافْتِرَاشُهُ أَفْضَلُ) ثُمَّ بَعْدَهُ الْإِقْعَاءُ الْمَنْدُوبُ ثُمَّ التَّرَبُّعُ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُخَالَفَةٌ لِذَلِكَ كَمَا زُعِمَ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي قُعُودِ النَّفْلِ) أَيْ فَالْقَادِرُ كَالْعَاجِزِ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ الْإِقْعَاءُ) وَكَذَا مَدُّ الرِّجْلَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْأُخْرَى مُعْتَمِدًا عَلَيْهَا كَالْمُتَرَوِّحِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَجْلِسَ إلَخْ) خَرَجَ بِذَلِكَ جُلُوسُهُ عَلَى عَقِبَيْهِ نَاصِبًا   [حاشية عميرة] وَيُسْتَحَبُّ إطْرَاقُ الرَّأْسِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَقَارِهِ) جَمْعٌ مُفْرَدُهُ فَقَارَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَقَالَ الْإِمَامُ) : اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْإِمَامَ وَافَقَ عَلَى إيجَابِ الْقِيَامِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ صُورَةَ قِيَامٍ، وَقَدْ يُفَرَّقُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ إلَخْ) لَوْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ دُونَ السُّجُودِ نَظَرَ إنْ قَدَرَ عَلَى أَقَلِّهِ أَتَى بِهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةٌ لِلرُّكُوعِ وَمَرَّةٌ لِلسُّجُودِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَكْمَلِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُهُ فِي الرُّكُوعِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلِّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ سُنَّةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِقَدْرِ إمْكَانِهِ) لَوْ احْتَاجَ فِي ذَلِكَ إلَى اعْتِمَادٍ عَلَى شَيْءٍ لَزِمَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَعَدَ كَيْفَ شَاءَ) لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ قَائِمًا فَعَجَزَ فَهَلْ يُجْزِئُهُ الْجُلُوسُ؟ وَجْهَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ تَرَبُّعِهِ) وَكَذَا بَاقِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 وَهُمَا أَصْلُ الْفَخِذَيْنِ (نَاصِبًا رُكْبَتَيْهِ) وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْإِقْعَاءِ فِي الصَّلَاةِ، صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ (ثُمَّ يَنْحَنِي) هَذَا الْمُصَلِّي قَاعِدًا (لِرُكُوعِهِ بِحَيْثُ تُحَاذِي جَبْهَتُهُ مَا قُدَّامَ رُكْبَتَيْهِ) وَهَذَا أَقَلُّ رُكُوعِهِ (وَالْأَكْمَلُ أَنْ تُحَاذِيَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ) وَرُكُوعُ الْقَاعِدِ فِي النَّفْلِ كَذَلِكَ، وَهُمَا عَلَى وِزَانِ رُكُوعِ الْقَائِمِ فِي الْمُحَاذَاةِ، وَسَيَأْتِي. (فَإِنْ عَجَزَ) الْمُصَلِّي (عَنْ الْقُعُودِ) بِالْمَعْنَى السَّابِقِ (صَلَّى لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ) اسْتِحْبَابًا وَيَجُوزُ عَلَى الْأَيْسَرِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْجَنْبِ (فَمُسْتَلْقِيًا) عَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ لِلْقِبْلَةِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَكَانَتْ بِهِ بَوَاسِيرُ صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» زَادَ النَّسَائِيّ «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا» ثُمَّ إذَا صَلَّى عَلَى هَيْئَةٍ مِنْ هَذِهِ الْهَيْئَاتِ، وَقَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَتَى بِهَا وَإِلَّا أَوْمَأَ بِهِمَا مُنْحَنِيًا، وَقَرَّبَ جَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ مِنْ الرُّكُوعِ. (وَلِلْقَادِرِ) عَلَى الْقِيَامِ (التَّنَفُّلُ قَاعِدًا وَكَذَا مُضْطَجِعًا فِي الْأَصَحِّ) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ   [حاشية قليوبي] قَدَمَيْهِ فَإِنَّهُ إقْعَاءٌ مَنْدُوبٌ فِي كُلِّ جُلُوسٍ يَعْقُبُهُ حَرَكَةٌ، وَيُكْرَهُ فِيهِ فَرْشُ قَدَمَيْهِ. قَوْلُهُ: (نَاصِبًا رُكْبَتَيْهِ) وَإِنْ لَمْ يَضَعْ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَهُمَا عَلَى وِزَانِ إلَخْ) أَيْ تَقْرِيبًا فِي الْآتِي وَتَحْقِيقًا هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى. قَوْلُهُ: (بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) وَهُوَ الْمَشَقَّةُ، أَيْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ فِي أَنْوَاعِ الْقُعُودِ. قَوْلُهُ: (صَلَّى لِجَنْبِهِ) أَيْ عَلَيْهِ وُجُوبًا قَوْلُهُ: (اسْتِحْبَابًا) مُتَعَلِّقٌ بِالْأَيْمَنِ إنْ قَدَرَ عَلَى الْأَيْسَرِ وَإِلَّا فَوُجُوبًا. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ عَلَى الْأَيْسَرِ) وَإِنْ كَرِهَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَيْمَنِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ وَجَبَ الْأَيْسَرُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْجَنْبِ) أَيْ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْجَنْبَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَمُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ) وَلَا يَجُوزُ مُنْكَبًّا عَلَى وَجْهِهِ إلَّا فِي الْكَعْبَةِ، وَيَظْهَرُ مَنْعُ الِاسْتِلْقَاءِ فِيهَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُسَقَّفَةً فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَرِجْلَاهُ لِلْقِبْلَةِ) نَدْبًا إنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَلِيلًا أَوْ كَانَ فِي الْكَعْبَةِ وَهِيَ مُسَقَّفَةٌ وَإِلَّا فَوُجُوبًا. قَوْلُهُ: (أَتَى بِهِمَا) أَيْ تَامَّيْنِ بِالْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (أَوْمَأَ بِهِمَا) أَيْ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ وُجُوبًا، فَإِنْ عَجَزَ أَوْمَأَ بِأَجْفَانِهِ كَذَلِكَ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِقَلْبِهِ، وَيَجِبُ كَوْنُ الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْهُ إلَى الرُّكُوعِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي بَعْضِهِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ طَرَأَ الْعَجْزُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَكَمَا مَرَّ مِنْ فِعْلِ الْمُمْكِنِ، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فِي هَوِيِّهِ مِنْ الْقِيَامِ قَبْلَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ، وَلَوْ طَرَأَتْ الْقُدْرَةُ فِي أَثْنَائِهَا وَجَبَ النُّهُوضُ فَوْرًا لِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ اضْطِجَاعٍ أَوْ قُعُودٍ أَوْ قِيَامٍ، وَيَجِبُ تَأْخِيرُ الْقِرَاءَةِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا لِمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ إنْ كَانَ قَبْلَ فَرَاغِهَا، وَلَا يَقْرَأُ فِي نُهُوضِهِ، وَلَا يُنْدَبُ إعَادَتُهَا، وَلَوْ قَدَرَ فِي الرُّكُوعِ مَثَلًا عَلَى الْقِيَامِ قَامَ رَاكِعًا وُجُوبًا، وَلَوْ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ، فَإِنْ انْتَصَبَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ أَوْ فِي الِاعْتِدَالِ عَلَى الْقِيَامِ مَثَلًا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْقِيَامُ إنْ كَانَ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ إلَّا لِنَحْوِ قُنُوتٍ، فَإِنْ قَامَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَيَجِبُ الْقِيَامُ إنْ كَانَ قَبْلَهَا لِيَطْمَئِنَّ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَقُمْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. قَوْلُهُ: (وَلِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ التَّنَفُّلُ قَاعِدًا) أَيْ مَعَ إتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَهُ الْقِيَامُ فِي أَثْنَائِهِ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلِّ وُجُوبِ الْجُلُوسِ كَالتَّشَهُّدِ الْآخِرِ وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ قُعُودُ الْقَائِمِ وَفِي الْقِرَاءَةِ مَا مَرَّ فِي طُرُوُّ الْعَجْزِ أَوْ الْقُدْرَةِ فِي الْفَرْضِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مُضْطَجِعًا) أَيْ لَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ أَنْ يُصَلِّيَ النَّفَلَ مُضْطَجِعًا عَلَى أَحَدِ جَنْبَيْهِ ابْتِدَاءً أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ مَعَ إتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَيْضًا بِأَنْ يَقْعُدَ لَهُمَا وُجُوبًا، وَلَهُ الْقُعُودُ أَوْ الْقِيَامُ فِي الْأَثْنَاءِ وَفِي الْقِرَاءَةِ مَا مَرَّ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُصَلِّي قَائِمًا أَنْ يَقْرَأَ فِي الْهَوِيِّ لِلرُّكُوعِ، وَلَا فِي النُّهُوضِ لِلْقِيَامِ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ.   [حاشية عميرة] الْجَلَسَاتِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) يَعْنِي كَيْفَ شَاءَ، وَالْأَوْجَهُ أَنْ يَرْجِعَ ذَلِكَ الْمَعْنَى لِلْعَجْزِ السَّابِقِ أَوْ لَهُ وَلِلْقُعُودِ مَعًا. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَيَجُوزُ عَلَى الْأَيْسَرِ) لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْتَلْقِيًا) أَيْ وَيَجِبُ رَفْعُ رَأْسِهِ بِوِسَادَةٍ وَنَحْوِهَا لِيَكُونَ وَجْهُهُ لِلْقِبْلَةِ قِيلَ: يَرُدُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ جَوَازُ الصَّلَاةِ مُسْتَلْقِيًا لِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ لِمُدَاوَاةِ بَصَرِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ مِنْ الرُّكُوعِ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ أَوْمَأَ بِطَرْفِهِ وَكَذَا بِحَاجِبِهِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْحَضْرَمِيُّ شَارِحُ الْمُهَذَّبِ، فَإِنْ عَجَزَ أَجْرَى الْأَفْعَالَ عَلَى قَلْبِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ شَرَعَ فِي السُّورَةِ فَعَجَزَ كَمَّلَهَا قَاعِدًا، وَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعُهَا لِيَرْكَعَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 «مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ» وَالْمُرَادُ بِالنَّائِمِ الْمُضْطَجِعُ وَالْيَمِينُ أَفْضَلُ مِنْ الْيَسَارِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَيَقْعُدُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَقِيلَ: يُومِئُ بِهِمَا وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقُولُ لِمَنْ يَقِيسُ الِاضْطِجَاعَ عَلَى الْقُعُودِ: الِاضْطِجَاعُ يَمْحُو صُورَةَ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْقُعُودِ. قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فَإِنْ اسْتَلْقَى مَعَ إمْكَانِ الِاضْطِجَاعِ لَمْ يَصِحَّ. (الرَّابِعُ الْقِرَاءَةُ) أَيْ لِلْفَاتِحَةِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَيُسَنُّ بَعْدَ التَّحَرُّمِ) لِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ (دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ) نَحْوُ " وَجَّهْت وَجْهِي   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ) يُقَدَّمُ الْقِيَامُ الْوَاجِبُ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَيَجُوزُ تَرْكُهُ لَهَا فِي الْمَنْدُوبِ وَانْفِرَادُهُ فِيهِ أَفْضَلُ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ دُونَ السُّورَةِ جَازَ لَهُ فِعْلُهَا مِنْ قُعُودٍ وَتَرْكُهَا أَفْضَلُ. (فَرْعٌ) الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَفْضِيلُ عَشْرِ رَكَعَاتٍ مِنْ قِيَامٍ عَلَى عِشْرِينَ رَكْعَةً مِنْ قُعُودٍ لِأَنَّ الْقِيَامَ أَفْضَلُ وَأَشَقُّ، وَاعْتَمَدَ ابْنُ حَجَرٍ تَفْضِيلَ الْعِشْرِينَ مِنْ حَيْثُ كَثْرَةُ الْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ، وَتَفْضِيلَ الْعَشْرِ مِنْ حَيْثُ الْقِيَامُ، وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ فِي ذَلِكَ لِوُجُوهٍ، مِنْهَا أَنَّهُ لَا تَكَادُ أَنْ تَتَّفِقَ الصَّلَاةُ فِي الْخُشُوعِ وَالتَّدَبُّرِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَعَدَمِ حَدِيثِ النَّفْسِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ. قَالَ: وَالْوَجْهُ أَنْ يُحْمَلَ التَّفْصِيلُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى خُصُوصِ الْقِيَامِ مُجَرَّدًا عَنْ غَيْرِ مُوَلًّى بِهِ أُسْوَةٌ، فَإِنَّهُ وَاضِحٌ جَلِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِالنَّائِمِ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ الْمُضْطَجِعُ لَا حَقِيقَةُ النَّائِمِ لِلْعِلْمِ بِانْتِفَائِهِ بِنَقْضِ وُضُوئِهِ بِالنَّوْمِ، وَتَسْمِيَتُهُ نَائِمًا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ عَلَى صُورَتِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْيَمِينُ) أَيْ الْجَنْبُ الْيَمِينُ أَفْضَلُ مِنْ الْجَنْبِ الْيَسَارِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا مَعًا وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْمَقْدُورُ مِنْهُمَا، وَإِذَا قَدَرَ عَلَيْهِمَا فَهَلْ يُكْرَهُ الْيَسَارُ عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ فِي الْعَاجِزِ فِي الْفَرْضِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُومِئُ بِهِمَا) أَيْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى جَنْبِهِ، وَالْإِيمَاءُ عَلَى هَذَا بِالْأَجْفَانِ أَوْ بِالْقَلْبِ، وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالثَّانِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَوَّلِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (الْقِرَاءَةُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الرُّكْنَ هُوَ مُطْلَقُ الْقِرَاءَةِ، وَكَوْنُهَا لِلْفَاتِحَةِ شَرْطٌ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِتَعْيِينِهَا، وَلِذَلِكَ كَفَى بِغَيْرِهَا عِنْدَ مَنْ لَا يُعَيِّنُهَا، وَكَوْنُهَا فِي الْقِيَامِ مَعْلُومٌ مِنْ التَّرْتِيبِ الْآتِي، وَمِنْ ذِكْرِهَا عَقِبَهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ) أَيْ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَلَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى أَوْ عَاجِزًا عَنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ مَأْمُومًا سَمِعَ قِرَاءَةَ إمَامِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّحَرُّمِ) أَيْ لَا قَبْلَهُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ، وَشَمَلَ مَا بَعْدَ التَّحَرُّمِ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي التَّعَوُّذِ أَوْ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِذَلِكَ وَلَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا، وَمُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِعَقِبِ الِافْتِتَاحِ كَالْمَنْهَجِ تَقْدِيمُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ لَا حَقِيقَةُ الْعَقِبِيَّةِ، وَيَفُوتُ أَيْضًا بِالسُّجُودِ مَعَ الْإِمَامِ وَلَوْ لِتِلَاوَةٍ لَا بِتَأْمِينِهِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ. قَوْلُهُ: (لِفَرْضٍ) أَيْ غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَوْ عَلَى الْقَبْرِ وَغَيْرِ مَا أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتِ الْحُرْمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَفْلٍ) أَيْ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ لَا سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ وَيَظْهَرُ عَدَمُ نَدْبِهِ فِي نَفْلٍ يَخْرُجُ بِهِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ عَنْ وَقْتِهِ لِأَنَّ وُقُوعَهُ كُلِّهِ فِي وَقْتِهِ أَوْلَى وَفِي ذِي سَبَبٍ يَخْرُجُ بِهِ سَبَبُهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ. قَوْلُهُ: (دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ فِي مُفْتَتَحِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (نَحْوُ وَجَّهْت) فَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ الْمَأْثُورِ، لَكِنَّ الْمَأْثُورَ أَفْضَلُ، وَمِنْهُ هَذَا الْمَذْكُورُ، وَمَعْنَى وَجَّهْت وَجْهِي أَقْبَلْت بِذَاتِي أَوْ بِعِبَادَتِي، وَفَطَرَ أَوْجَدَ الشَّيْءَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ، وَالسَّمَوَاتُ جَمْعُ سَمَاءٍ وَهِيَ لُغَةً اسْمٌ لِمَا عَلَا وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْأَجْرَامُ الْمَخْصُوصَةُ الْمُسَمَّاةُ بِالْأَفْلَاكِ الْعُلْوِيَّةِ الدَّائِمَةِ الْحَرَكَةِ لِنَفْعِ الْعَالَمِ، وَجَمَعَهَا لِانْتِفَاعِنَا بِجَمِيعِ الْأَجْرَامِ الَّتِي فِيهَا مِنْ الْكَوَاكِبِ السَّيَّارَةِ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ) لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا لَصَلَّى قَائِمًا، وَلَوْ صَلَّى مَعَ جَمَاعَةٍ قَعَدَ فِي بَعْضِهَا الْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا، كَذَا قَالُوهُ، وَغَرَضُهُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ قَائِمًا مَعَ الْجَمَاعَةِ، ثُمَّ إذَا عَرَضَ لَهُ الْعَجْزُ جَلَسَ فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ وَارِدٌ وَإِلَّا لَمْ يَنْقُصْ الْأَجْرُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ) عِبَارَةُ السُّبْكِيّ: وَصَاحِبُ هَذَا الْوَجْهِ يَحْمِلُ الْحَدِيثَ عَلَى الْفَرْضِ، وَيَقُولُ الْمُرَادُ بِهِ الْمَرِيضُ الَّذِي يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ أَوْ الْقُعُودُ مَعَ شِدَّةِ مَشَقَّةٍ فَيَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى الْقُعُودِ أَوْ الِاضْطِجَاعِ، وَالْأَجْرُ عَلَى النِّصْفِ، وَإِنْ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَأَتَى بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَمَّ أَجْرُهُ، وَذَكَرَ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ شَرْحِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِمَنْ يَقِيسُ الِاضْطِجَاعَ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ: هَذَا ثَابِتٌ بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَشَرْطُ الْمَقِيسِ أَنْ لَا يَكُونَ ثَابِتًا بِالنَّصِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ بَعْدَ التَّحَرُّمِ) خِلَافًا لِمَالِكٍ فِي اسْتِحْبَابِهِ قَبْلَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ) لَوْ تَعَوَّذَ قَبْلَهُ وَلَوْ سَهْوًا لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ وَلَا يَفْعَلُهُ الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ وَقَعَدَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ قَامَ بَعْدَ سَلَامِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (نَحْوُ وَجَّهْت) أَقْبَلْت بِوَجْهِي وَقِيلَ قَصَدْت بِعِبَادَتِي، وَفَطَرَ ابْتَدَأَ الْخَلْقَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ، وَجَمَعَ السَّمَوَاتِ فَقَطْ دُونَ الْأَرْضِ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لِأَنَّهُ لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْت، وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ " لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ إلَّا كَلِمَةَ مُسْلِمًا فَابْنُ حِبَّانَ (ثُمَّ التَّعَوُّذُ) لِلْقِرَاءَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] أَيْ إذَا أَرَدْت قِرَاءَتَهُ فَقُلْ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (وَيُسِرُّهُمَا) أَيْ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذَ فِي السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ: يُسْتَحَبُّ فِي الْجَهْرِيَّةِ الْجَهْرُ بِالتَّعَوُّذِ (وَيَتَعَوَّذُ كُلَّ رَكْعَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ لَا يَبْتَدِئُ فِيهِ قِرَاءَةً (وَالْأُولَى آكَدُ) مِمَّا بَعْدَهَا. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا هَذَا وَالثَّانِي: يَتَعَوَّذُ فِي الْأُولَى فَقَطْ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ وَاحِدَةٌ. (وَتَتَعَيَّنُ الْفَاتِحَةُ كُلَّ رَكْعَةٍ) لِحَدِيثِ   [حاشية قليوبي] وَغَيْرِهَا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا لِأَنَّ السَّبْعَةَ السَّيَّارَةَ وَهِيَ زُحَلُ وَالْمُشْتَرِي وَالْمِرِّيخُ وَالشَّمْسُ وَالزُّهْرَةُ وَعُطَارِدُ وَالْقَمَرُ مَثْبُوتَةٌ فِي السَّمَوَاتِ السَّبْعِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ، وَمَا عَدَاهَا فِي الْفَلَكِ الثَّامِنِ الْمُسَمَّى بِالْكُرْسِيِّ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالسَّمَوَاتِ مَا يَشْمَلُهُ، وَأَفْرَدَ الْأَرْضَ لِانْتِفَاعِنَا بِالْعُلْيَا مِنْهَا فَقَطْ، وَحَنِيفًا مَائِلًا عَمَّا يُخَالِفُ الدِّينَ الْحَقَّ، أَوْ مُسْتَقِيمًا لِإِطْلَاقِهِ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ، مُسْلِمًا مُنْقَادًا، وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَقُولُهُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى عَلَى أَنَّهُ لِلتَّغْلِيبِ أَوْ مُنَزَّلًا عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ. إنَّ صَلَاتِي الْمَعْرُوفَةَ، وَنُسُكِي عِبَادَتِي، فَهُوَ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ، وَمَحْيَايَ أَيْ إحْيَائِي، وَمَمَاتِي أَيْ إمَاتَتِي لِلَّهِ لَا لِغَيْرِهِ، رَبِّ أَيْ مَالِكِ الْعَالَمِينَ الْمَخْلُوقَاتِ، لَا شَرِيكَ لَهُ فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ، وَبِذَلِكَ الْمَذْكُورِ أُمِرْت مِنْ اللَّهِ، وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ مَا مَرَّ، وَيَجُوزُ الْإِتْيَانُ بِنَظْمِ الْآيَةِ، وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى إرَادَةِ مَعْنَى مَا قَبْلَهُ أَوْ مُطْلَقًا فَإِنْ أَرَادَ مَعْنَاهُ لَمْ يَجُزْ، بَلْ يَكْفُرُ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ التَّعَوُّذُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْتَتِحْ وَيَفُوتُ بِهِ الِافْتِتَاحُ وَلَوْ سَهْوًا عَلَى مَا مَرَّ وَيَأْتِي بِهِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ حَيْثُ كَانَ مِنْ الْمَدِّ الْجَائِزِ وَإِلَّا فَلَا. نَعَمْ لَوْ أَحْرَمَ وَالْإِمَامُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ تَابَعَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ إلَّا إنْ أَحْرَمَ فِي الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ وَلَمْ يَجْلِسْ مَعَهُ فَلَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي هَذِهِ، وَيَحْصُلُ التَّعَوُّذُ بِغَيْرِ الصِّيغَةِ الْمَشْهُورَةِ مِمَّا فِيهِ دَفْعُ الشَّيْطَانِ. قَوْلُهُ: (لِلْقِرَاءَةِ) وَلَوْ بَدَلًا وَكَذَا لِبَدَلِهَا مِنْ ذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَشَمَلَتْ الْقِرَاءَةَ غَيْرَ الْمَطْلُوبَةِ كَقِرَاءَةِ السُّورَةِ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ، وَيَتَعَوَّذُ لِلْفَاتِحَةِ لَا لِلسُّورَةِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (إذَا أَرَدْت قِرَاءَتَهُ) أَيْ وَلَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَلَوْ فِي نَحْوِ مُدَارَسَةٍ لِغَيْرِ الْأَوَّلِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (الشَّيْطَانِ) هُوَ اسْمٌ لِكُلِّ مُتَمَرِّدٍ وَهُوَ مِنْ شَاطَ بِمَعْنَى احْتَرَقَ، أَوْ مِنْ شَطَنَ بِمَعْنَى بَعُدَ، لِبُعْدِهِ عَنْ الْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ، أَوْ عَمَّنْ تَعَوَّذَ وَالرَّجِيمِ بِمَعْنَى الْمَرْجُومِ بِاللَّعْنِ أَوْ الطَّرْدِ أَوْ بِمَعْنَى الرَّاجِمِ بِالْوَسْوَسَةِ. قَوْلُهُ: (كُلَّ رَكْعَةٍ) أَيْ فِي قِيَامِهَا وَلَوْ فِي النَّفْلِ حَيْثُ قَامَ فِيهِ أَوْ فِي بَدَلِهِ، وَلَا تُجْزِيهِ فِي النَّفْلِ الْقِرَاءَةُ فِي نُهُوضِهِ إلَى قِيَامِهِ وَلَا فِي هَوِيِّهِ مِنْهُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ فِيهِمَا، وَلِغَيْرِهِ كَابْنِ حَجَرٍ فِي الثَّانِي، وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ الْجُلُوسِ الْجَائِزِ فِيهِ ذَلِكَ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ حَيْثُ الْتَزَمَ الْقِيَامَ فِيهِ اُعْتُبِرَ حُكْمُهُ بِإِلْزَامِهَا فِيهِ، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ قِرَاءَةٍ فِي صَلَاةٍ لَكَانَ أَوْلَى، لِيُدْخِلَ صَلَاةُ الْكُسُوفِ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِيَامَيْنِ، وَيَدُلُّ لَهُ التَّعْلِيلُ الْمَشْهُورُ، وَيُسَنُّ التَّعَوُّذُ وَالتَّسْمِيَةُ لِكُلِّ قِرَاءَةٍ خَارِجَ الصَّلَاةِ إلَّا التَّسْمِيَةَ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي، وَيَجْهَرُ بِهَا إنْ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ وَلَوْ مِنْ أَثْنَاءِ السُّورَةِ، وَلَا يَتَعَوَّذُ بَعْدَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا خَارِجَهَا. قَوْلُهُ: (مِمَّا بَعْدَهَا) وَهُوَ مَرْتَبَةٌ وَاحِدَةٌ. قَوْلُهُ: (فِي الْأُولَى فَقَطْ) قَالَ شَيْخُنَا: فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فِيهَا فَاتَ فِي الْبَقِيَّةِ، وَلَا يَتَعَوَّذُ لِلسُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (كُلَّ رَكْعَةٍ) أَيْ مَرَّةً فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَفِيهَا مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَقَدْ تَتَعَدَّدُ لِعَارِضٍ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ كُلَّمَا عَطَسَ وَقُلْنَا بِصِحَّةِ النَّذْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ مَرْغُوبٌ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ رَاحَةِ الْبَدَنِ فَإِذَا عَطَسَ فِي الْقِيَامِ قَرَأَهَا فِيهِ كَذَا قَالُوا وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ، وَالْوَجْهُ عَدَمُ شُمُولِ النَّذْرِ لِهَذَا لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ، ثُمَّ عَلَى صِحَّتِهِ إنْ   [حاشية عميرة] يُنْتَفَعُ مِنْ الْأَرْضِ إلَّا بِالطَّبَقَةِ الْأُولَى بِخِلَافِ السَّمَوَاتِ، فَإِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُوَزَّعَةٌ عَلَيْهَا، وَالْحَنِيفُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَائِلِ الْمُسْتَقِيمِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ الْمُرَادُ الْمَائِلُ إلَى الْحَقِّ، وَالْحَنِيفُ أَيْضًا عِنْدَ الْعَرَبِ مَنْ كَانَ عَلَى مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَالنُّسُكُ الْعِبَادَةُ فَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، يَقُولُ هَكَذَا وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً، وَمِثْلُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِلْقِرَاءَةِ) فَمَنْ لَا يُحْسِنُهَا يَنْبَغِي عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ فِي حَقِّهِ وَقَوْلُهُ: مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، الشَّيْطَانُ: اسْمٌ لِكُلِّ مُتَمَرِّدٍ مِنْ شَطَنَ إذَا بَعُدَ، أَوْ شَاطَ إذَا احْتَرَقَ، وَالرَّجِيمُ الْمَطْرُودُ وَقِيلَ الْمَرْجُومُ، وَفِي الْإِقْلِيدِ هُوَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ لِأَنَّهُ يَرْجُمُ بِالْوَسْوَسَةِ. قَوْلُهُ: (فَقُلْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) هُوَ بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذَ إلَخْ) قِيَاسًا عَلَى الْأَذْكَارِ الْمُسْتَحَبَّةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يُسْتَحَبُّ فِي الْجَهْرِيَّةِ الْجَهْرُ) أَيْ تَبَعًا لِلْقِرَاءَةِ وَكَمَا فِي خَارِجِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَتَعَوَّذُ فِي الْأُولَى فَقَطْ) لَوْ تَرَكَهُ عَلَى هَذَا فِي الْأُولَى أَتَى بِهِ فِيمَا بَعْدُ، ثُمَّ هَذَا الْخِلَافُ يَجْرِي فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ. قَوْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 الشَّيْخَيْنِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» أَيْ كُلَّ رَكْعَةٍ لِمَا فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ «ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ إلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ اصْنَعْ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ» (إلَّا رَكْعَةَ مَسْبُوقٍ) فَإِنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ فِيهَا عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. (وَالْبَسْمَلَةُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْفَاتِحَةِ عَمَلًا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّهَا آيَةً سَنَّهَا. صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِهَا مِنْ حَيْثُ الْعَمَلُ الظَّنُّ (وَتَشْدِيدَاتُهَا) مِنْهَا لِأَنَّهَا هُيِّئَتْ لِحُرُوفِهَا الْمُشَدَّدَةِ وَوُجُوبُهَا شَامِلٌ لِهَيْئَتِهَا. (وَلَوْ أَبْدَلَ ضَادًا) مِنْهَا أَيْ أَتَى بَدَلَهَا (بِظَاءٍ لَمْ تَصِحَّ) قِرَاءَتُهُ لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَغْيِيرِهِ النَّظْمَ. وَالثَّانِي تَصِحُّ لِعُسْرِ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْحَرْفَيْنِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ. (وَيَجِبُ تَرْتِيبُهَا) بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى نَظْمِهَا الْمَعْرُوفِ، فَلَوْ بَدَأَ بِنِصْفِهَا الثَّانِي لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَيَبْنِي عَلَى الْأَوَّلِ إنْ سَهَا بِتَأْخِيرِهِ وَلَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ. وَيَسْتَأْنِفُ إنْ تَعَمَّدَ أَوْ طَالَ الْفَصْلُ (وَمُوَالَاتُهَا) بِأَنْ يَأْتِيَ بِأَجْزَائِهَا عَلَى الْوَلَاءِ (فَإِنْ تَخَلَّلَ   [حاشية قليوبي] عَطَسَ فِيهَا كَرَّرَهَا أَوْ بَعْدَهَا أَعَادَهَا أَوْ قَبْلَهَا فَقَدْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ وَاجِبَانِ، فَيَحْتَاجُ إلَى تَمْيِيزٍ فَرَاجِعْهُ، وَإِنْ عَطَسَ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ أَخَّرَهَا لِمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ وَمَرَّ فِي الْعَاجِزِ تَعَدُّدُهَا فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ عِنْدَ انْتِقَالِهِ إلَى أَكْمَلَ. قَوْلُهُ: (الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ) مِنْ الْإِسَاءَةِ بِمَعْنَى النَّقْصِ فِي أَفْعَالِهَا الْمُخِلَّةِ بِهَا، وَاسْمُهُ خَلَّادُ بْنُ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ الْأَنْصَارِيُّ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ لِقُوَّتِهِ وَدَلَالَتِهِ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ. قَوْلُهُ: (مَسْبُوقٍ) وَهُوَ هُنَا مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ زَمَنًا يَسَعُ قِرَاءَتَهَا لِلْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ سَوَاءٌ أَدْرَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا وَلَوْ فِي الرَّكَعَاتِ الْأَرْبَعِ كَبُطْءِ الْحَرَكَةِ أَوْ الِاقْتِدَاءِ بِأَئِمَّةٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى كَمَسْبُوقٍ حُكْمًا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ، وَقَوْلُهُمْ مَعَ الْإِمَامِ يَشْمَلُ مَا لَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا أَوْ سَكَتَ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ اقْتَدَى بِمَنْ فِي الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ مَعَهُ وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ، وَلَا يَبْعُدُ الْتِزَامُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُ الضَّمِيرَيْنِ لِلْفَاتِحَةِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى لَا يَسْتَقِرُّ تَعَيُّنُهَا عَلَيْهِ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهَا عَنْهُ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُمَا لِلْقِرَاءَةِ، وَيُرْشِدُ إلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ التَّأْوِيلِ بِقَوْلِهِ أَيْ الْفَاتِحَةِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّأْوِيلِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (وَالْبَسْمَلَةُ مِنْهَا) وَمِنْ كُلِّ سُورَةٍ إلَّا سُورَةَ بَرَاءَةٍ لِنُزُولِهَا فِي وَقْتِ الْحَرْبِ وَالسَّيْفِ وَالْبَسْمَلَةُ لِلْأَمَانِ فَتُكْرَهُ فِي أَوَّلِهَا، وَتُنْدَبُ فِي أَثْنَائِهَا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَالْخَطِيبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ: تَحْرُمُ فِي أَوَّلِهَا وَتُكْرَهُ فِي أَثْنَائِهَا، وَتُنْدَبُ فِي أَثْنَاءِ غَيْرِهَا اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (عَمَلًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعَمَلُ فَلَا يَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ أَيْ وَلَا مِنْ غَيْرِهَا بَلْ وَلَا يَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّهَا قُرْآنٌ فَلَا يَكْفُرُ جَاحِدُ قُرْآنِيَّتِهَا وَلَا مُثْبِتُهَا لِعَدَمِ تَوَاتُرِهَا، وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْبَسْمَلَةِ الَّتِي فِي أَثْنَاءِ سُورَةِ النَّمْلِ. قَوْلُهُ: (وَتَشْدِيدَاتُهَا) أَيْ شَدَّاتُهَا الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ شَدَّةً، فَلَوْ خَفَّفَ مُشَدَّدًا فَفِيهِ تَفْصِيلُ الْإِبْدَالِ الْآتِي أَوْ شَدَّدَ مُخَفَّفًا أَوْ زَادَ حَرْفًا حَرُمَ عَلَيْهِ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى وَتَعَمَّدَ. قَوْلُهُ: (وَوُجُوبُهَا) أَيْ الْحُرُوفِ شَامِلٌ لِهَيْئَاتِهَا وَمِنْ الْهَيْئَاتِ الْحَرَكَاتُ وَالسَّكَنَاتُ وَالْمَدُّ وَالْقَصْرُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَإِنْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَبْدَلَ ضَادًا بِظَاءٍ) قَيَّدَ بِهَا لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْخِلَافِ فَغَيْرُهَا مِثْلُهَا قَوْلُهُ: (أَتَى بَدَلَهَا) أَشَارَ إلَى دَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْبَاءَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَتْرُوكِ كَمَا مَرَّ عَنْهُ، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ أَوَّلَ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ) وَفِي غَيْرِهَا التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْقَطْعِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَفِيهِ مَا يَأْتِي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى خَالَفَ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَجِبُ فِي الْفَاتِحَةِ سَهْوًا لَمْ يَحْرُمْ مُطْلَقًا وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَا قِرَاءَتُهُ، لَكِنْ يَجِبُ إعَادَةُ مَا فِيهِ إبْدَالٌ أَوْ تَغْيِيرُ مَعْنًى عِنْدَ تَذَكُّرِهِ، وَيَكْفِي مَا فَعَلَهُ قَبْلَ إعَادَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ حَتَّى طَالَ الْفَصْلُ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ أَوْ عَمْدًا حَرُمَ مُطْلَقًا، وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ حَالًا إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى، فَإِنْ عَانَدَ وَاعْتَقَدَ مَعْنَاهُ كَفَرَ، وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ وَجَبَ إعَادَتُهُ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ إنْ قَطَعَ الْقِرَاءَةَ قَبْلَ الرُّكُوعِ، فَإِنْ رَكَعَ قَبْلَ إعَادَتِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَالْحُرْمَةُ فِيمَا ذَكَرَ صَغِيرَةٌ، وَمِنْ الْمُغَيِّرِ لِلْمَعْنَى إبْدَالُ الضَّادِ بِالظَّاءِ وَالْحَاءِ بِالْهَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِالْمُهْمَلَةِ أَوْ بِالزَّايِ وَتَخْفِيفِ إيَّاكَ وَكَسْرِ كَافِهَا وَكَسْرِ تَاءِ أَنْعَمْت أَوْ ضَمِّهَا وَالْكَلَامِ فِي الْقَادِرِ أَوْ مَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ، وَلَيْسَ مِنْ الْمُغَيِّرِ ضَمُّ رَاءِ الرَّحْمَنِ وَلَا فَتْحُ الْمُوَحَّدَةِ فِي نَعْبُدُ وَلَا كَسْرُ نُونِهِ وَنُونِ نَسْتَعِينُ وَلَا ضَمُّ صَادِ الصِّرَاطِ وَلَا النُّطْقُ بِقَافِ الْعَرَبِ الْمُتَرَدِّدَةِ بَيْنَ الْقَافِ وَالْكَافِ لِأَنَّهُ لَيْسَ إبْدَالًا، بَلْ حَرْفٌ غَيْرُ صَافٍ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَمِثْلُ الْفَاتِحَةِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ بَدَلُهَا مِنْ الْقُرْآنِ وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ حَيْثُ الْبُطْلَانُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْحُرْمَةُ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ، وَالْقِرَاءَةُ بِالشَّاذِّ فِيهَا التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ، وَهِيَ مَا وَرَاءَ السَّبْعَةِ، وَعِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، أَوْ مَا وَرَاءَ الْعَشَرَةِ وَاعْتَمَدَهُ الطَّبَلَاوِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ كَمَا نُقِلَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ بَدَأَ بِنِصْفِهَا الثَّانِي لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ بَدَأَ بِهِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا. قَوْلُهُ: (وَيَبْنِي) أَيْ يُكْمِلُ الْفَاتِحَةَ بِقِرَاءَةِ النِّصْفِ الثَّانِي عَلَى النِّصْفِ الْأَوَّلِ الَّذِي قَرَأَهُ بَعْدَ النِّصْفِ الثَّانِي الَّذِي بَدَأَ بِهِ إنْ سَهَا بِتَأْخِيرِهِ كَالْأَوَّلِ، أَيْ لَمْ يَقْصِدْ عِنْدَ شُرُوعِهِ فِيهِ التَّكْمِيلَ بِهِ عَلَى الثَّانِي الَّذِي بَدَأَ بِهِ أَوَّلًا وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَ فَرَاغِهِ مِنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ شُرُوعِهِ فِي الثَّانِي الَّذِي يُعِيدُهُ بَعْدَ الْأَوَّلِ، وَيَسْتَأْنِفُ إنْ تَعَمَّدَ تَأْخِيرَ الْأَوَّلِ إنْ قَصَدَ عِنْدَ شُرُوعِهِ فِيهِ التَّكْمِيلَ بِهِ عَلَى الثَّانِي الَّذِي بَدَأَ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ طَالَ الْفَصْلُ) أَيْ عَمْدًا بَيْنَ مَا ذُكِرَ   [حاشية عميرة] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 ذِكْرٌ) كَتَسْبِيحٍ لِدَاخِلٍ (قَطَعَ الْمُوَالَاةَ) وَإِنْ قَلَّ (فَإِنْ تَعَلَّقَ بِالصَّلَاةِ كَتَأْمِينِهِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ وَفَتْحِهِ عَلَيْهِ) إذَا تَوَقَّفَ فِيهَا (فَلَا) يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ (فِي الْأَصَحِّ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ، وَقِيلَ: لَيْسَ بِمَنْدُوبٍ فَيَقْطَعُهَا (وَيَقْطَعُ السُّكُوتَ) الْعَمْدَ (الطَّوِيلَ) لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْقِرَاءَةِ. (وَكَذَا يَسِيرٌ قَصَدَ بِهِ قَطْعَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي: لَا يَقْطَعُ لِأَنَّ قَصْدَ الْقَطْعِ لَا يُؤَثِّرُ وَحْدَهُ، وَالسُّكُوتُ الْيَسِيرُ لَا يُؤَثِّرُ وَحْدَهُ، فَكَذَا إذَا اجْتَمَعَا، وَجَوَابُهُ الْمَنْعُ. (فَإِنْ جَهِلَ الْفَاتِحَةَ) أَيْ لَمْ يَعْرِفْهَا وَقْتَ الصَّلَاةِ   [حاشية قليوبي] فَالْمُضِرُّ قَصْدُ التَّكْمِيلِ وَعَمْدُهُ، وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِالسَّهْوِ وَعَدَمِهِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ مِنْ أَنَّ السَّاهِيَ لَا يَقْصِدُ ذَلِكَ وَالْعَامِدَ يَقْصِدُهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَخَلَّلَ ذِكْرٌ) أَيْ مِنْ عَامِدٍ عَالِمٍ، وَمِنْهُ الْحَمْدُ عَقِبَ الْعُطَاسِ مَثَلًا فَيَقْطَعُ الْقِرَاءَةَ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ مَنْدُوبٌ حَالَةَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَعَ أَنَّ الْوَجْهَ عَدَمُ نَدْبِهِ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ، وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ أَنَّ الذِّكْرَ الْكَثِيرَ سَاهِيًا كَالسُّكُوتِ الْكَثِيرِ سَاهِيًا فَلَا يَضُرُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَدَخَلَ فِي الذِّكْرِ الْقُرْآنُ غَيْرُ الْفَاتِحَةِ مُطْلَقًا، وَلَوْ قَرَأَ بَعْضَهَا مَعَ الشَّكِّ فِيمَا قَبْلَهُ كَأَنْ شَكَّ هَلْ قَرَأَ مَا قَبْلَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَرَأَ لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهَا كُلِّهَا عَلَى الْأَوْجَهِ، وَقِيلَ: يُعِيدُ مَا قَرَأَهُ مَعَ الشَّكِّ وَحْدَهُ، وَلَوْ كَرَّرَ آيَةً أَوْ كَلِمَةً مِنْهَا فَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ صِحَّتِهَا لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا فَقَالَ الْمُتَوَلِّي إنْ كَرَّرَ مَا هُوَ فِيهِ أَوْ مَا قَبْلَهُ وَاسْتَصْحَبَ بَنَى وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يَسْتَأْنِفُ مُطْلَقًا، وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ: يَبْنِي مُطْلَقًا، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ عِنْدَ السَّنْبَاطِيِّ وَشَيْخِنَا. (فَائِدَةٌ) الذِّكْرُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ ضِدُّ السُّكُوتِ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَا يُقَابِلُ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَبِضَمِّهِ ضِدُّ النِّسْيَانِ، وَقِيلَ: هُمَا لُغَتَانِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (قَطَعَ الْمُوَالَاةَ) وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ فِيهِ الْقَطْعَ بِخِلَافِ السُّكُوتِ، أَيْ لِمُنَافَاتِهِ لِلْإِعْجَازِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَحْوَ الْأَذَانِ وَالْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (كَتَأْمِينِهِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ) وَإِنْ لَمْ يُؤَمِّنْ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ وَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَنْدُوبٍ تَعَلَّقَ بِإِمَامِهِ كَسُؤَالِ رَحْمَةٍ عِنْدَ قِرَاءَةِ آيَتِهَا، أَوْ اسْتِغْفَارٍ كَذَلِكَ، أَوْ اسْتِعَاذَةٍ مِنْ عَذَابٍ كَذَلِكَ، أَوْ سُجُودِ تِلَاوَةٍ كَذَلِكَ، أَوْ صَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ، كَمَا قَالَهُ الْعِجْلِيّ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ بِعَدَمِ سَنِّهَا، وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَلَى مَا لَوْ أَتَى بِالظَّاهِرِ نَحْوُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الرُّكْنَ، وَحَمَلَ الْأَوَّلَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالضَّمِيرِ، وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ قَالَ بِعَدَمِ الْقَطْعِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِحَيْثُ تَعَلَّقَ بِإِمَامِهِ، وَبِالْقَطْعِ إنْ تَعَلَّقَ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْدُوبًا، بَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الذِّكْرَ كَمَا يَأْتِي، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَدَمُ الْقَطْعِ بِقِرَاءَةِ غَيْرِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَعْتَمِدُوهُ. قَوْلُهُ: (إذَا تَوَقَّفَ) أَيْ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَوْ مَنْدُوبَةً، فَلَا يَفْتَحُ عَلَيْهِ مَا دَامَ يُرَدِّدُهَا، فَإِنْ فَتَحَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ قَطْعُ الْمُوَالَاةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الذِّكْرِ فِي الْفَتْحِ وَلَوْ مَعَ الْفَتْحِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْفَتْحَ مَنْدُوبٌ وَلَوْ فِي الْوَاجِبِ وَفِيهِ نَظَرٌ فِي الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ وَقِيَاسُ النَّظَائِرِ وُجُوبُهُ فِي هَذِهِ وَأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ وَإِنْ طَالَ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مَنْدُوبٌ) أَيْ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَالتَّسْبِيحُ لِلدَّاخِلِ وَالْحَمْدُ لِلْعَاطِسِ مَنْدُوبٌ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّهُ يَقْطَعُ الْقِرَاءَةَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَقْطَعُ السُّكُوتَ الطَّوِيلَ) الْعَمْدَ بِالْفِعْلِ وَلَوْ لِتَدَبُّرٍ أَوْ تَأَمُّلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا إلَّا لِعُذْرٍ كَإِعْيَاءٍ أَوْ جَهْلٍ أَوْ غَلَبَهُ نَحْوُ سُعَالٍ أَوْ تَذَكُّرِ آيَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ نِسْيَانٍ لِلْمُوَالَاةِ أَوْ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِلْقِرَاءَةِ، وَلَا يُغْتَفَرُ نِسْيَانُ التَّرْتِيبِ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ الْأَرْكَانِ لِأَنَّهُ أَقْوَى وَآكَدُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا يَسِيرٌ) أَيْ بِالْفِعْلِ حَالَةَ الْعَمْدِ مَعَ قَصْدِ الْقَطْعِ. قَوْلُهُ: (لَوْ شَكَّ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ) أَيْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا قَبْلَ فَرَاغِهَا اسْتَأْنَفَهَا أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَرْكَانِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ قَصْدَ الْقَطْعِ لَا يُؤَثِّرُ وَحْدَهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ سُكُوتٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْقَاطِعِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ قَصْدُ قَطْعِ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ كَقَطْعِ الرُّكُوعِ وَهُوَ فِيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلنِّيَّةِ بِخِلَافِ قَصْدِ قَطْعِ الصَّلَاةِ، وَأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ فِي الْفَاتِحَةِ مَعَ قَصْدِ الْإِتْيَانِ بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ انْقَطَعَتْ قِرَاءَتُهُ لِشُرُوعِهِ فِي الْقَاطِعِ وَأَنَّهُ لَوْ قَصَدَ الْإِتْيَانَ بِثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ وَشَرَعَ فِيهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْفِعْلَ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ يُرَدُّ بِأَنَّ السُّكُوتَ مُنَافٍ لِلْقِرَاءَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَمْ   [حاشية عميرة] الْمَتْنِ: (لَمْ تَصِحَّ قِرَاءَتُهُ) هَذَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ لِتَغْيِيرِ الْمَعْنَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ تَخَلَّلَ ذِكْرٌ) أَيْ وَلَوْ قُرْآنًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَوْ أَتَى بِذَلِكَ نَاسِيًا لِلصَّلَاةِ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ كَالسُّكُوتِ الْكَثِيرِ نَاسِيًا وَهُوَ لَا يَضُرُّ. (فَائِدَةٌ) الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ ضِدُّ الْإِنْصَاتِ وَذَالُهُ مَكْسُورَةٌ وَبِالْقَلْبِ ضِدُّ النِّسْيَانِ، وَذَالُهُ مَضْمُومَةٌ، قَالَهُ الْكِسَائِيُّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا فِي الْأَصَحِّ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ عَدَمُ الْقَطْعِ وَلَوْ طَالَ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَيْسَ بِمَنْدُوبٍ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ التَّأْمِينَ فَأَمَّنَ الْمَأْمُومُ. قَوْلُهُ: (الْعَمْدَ) . قَالَ الرَّافِعِيُّ: سَوَاءٌ كَانَ مُخْتَارًا أَمْ لِعَارِضٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 بِطَرِيقٍ، أَيْ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْمُعَلِّمِ أَوْ الْمُصْحَفِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (فَسَبْعُ آيَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ) يَأْتِي بِهَا بَدَلَ الْفَاتِحَةِ الَّتِي هِيَ سَبْعُ آيَاتٍ بِالْبَسْمَلَةِ. (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْمُتَوَالِيَةِ فَمُتَفَرِّقَةٌ. قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ جَوَازُ الْمُتَفَرِّقَةِ مَعَ حِفْظِهِ مُتَوَالِيَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْقُرْآنِ (أَتَى بِذِكْرٍ) غَيْرِهِ كَتَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلٍ. قَالَ الْبَغَوِيّ: يَجِبُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الذِّكْرِ، وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ. (وَلَا يَجُوزُ نَقْصُ حُرُوفِ الْبَدَلِ) مِنْ قُرْآنٍ أَوْ ذِكْرٍ (عَنْ الْفَاتِحَةِ فِي الْأَصَحِّ) وَحُرُوفُهَا   [حاشية قليوبي] يَعْرِفْهَا وَقْتَ الصَّلَاةِ) أَيْ لَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا مِنْهَا حَالَ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَإِلَّا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لَوْ عَرَفَهَا بَعْدَهُ وَلَوْ فِي الْوَقْتِ مَا لَمْ يَقْصُرْ، وَسَيَأْتِي مَا لَوْ عَرَفَ بَعْضَهَا، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ تَعَذَّرَتْ إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ وَفَسَّرَ الْجَهْلَ بِعَدَمِهَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ مَنْ جَهِلَ شَيْئًا لَا يَأْتِي فِيهِ قَصْدُ الْإِتْيَانِ بِبَدَلٍ عَنْهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ الْمُعَلِّمِ أَوْ الْمُصْحَفِ) دَخَلَ فِي الْعَدَمِ الْحِسِّيُّ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ فِي مَحَلٍّ يَلْزَمُهُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ، وَالشَّرْعِيُّ بِأَنْ تَوَقَّفَ عَلَى أُجْرَةٍ عَجَزَ عَنْهَا كَمَا فِي شِرَاءِ الْمَاءِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَالِكَ الْمُصْحَفِ إعَارَتُهُ وَلَا إجَارَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُعَلِّمَ إعَارَةُ نَفْسِهِ وَإِنْ انْفَرَدَ، وَيَلْزَمُهُ إجَارَتُهَا، وَفَارَقَ الْمُصْحَفَ بِدَوَامِ نَفْعِ الْمُتَعَلِّمِ، وَبِأَنَّهُ قَدْ عُهِدَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِالْأَبْدَانِ بِلَا بَدَلٍ، وَلَمْ يُعْهَدْ بَذْلُ الْمَالِ بِالْبَدَلِ إلَّا فِي الْمُضْطَرِّ، كَذَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفِي شَرْحِهِ مَا يُفِيدُ عَدَمَ اللُّزُومِ كَالْمُصْحَفِ فَرَاجِعْهُ، وَفَارَقَ مَا هُنَا وُجُوبُ إعَارَةِ فَحْلٍ تَعَيَّنَ لِلضِّرَابِ بِوُجُوبِ الْبَدَلِ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ. (فُرُوعٌ) لَوْ قَدَرَ عَلَى مُصْحَفٍ لِغَائِبٍ لَزِمَهُ الْقِرَاءَةُ فِيهِ مَعَ بَذْلِ الْأُجْرَةِ لَهُ، وَلَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ مَعَ الْقِيَامِ كَأَنْ كَانَتْ الْفَاتِحَةُ مَنْقُوشَةً فِي أَسْفَلِ جِدَارٍ أَمَامَهُ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا مِنْ الْقِيَامِ أَوْ مَعَ الِاسْتِقْبَالِ كَأَنْ كَانَتْ مَنْقُوشَةً خَلْفَهُ أَوْ مَعَهُمَا كَأَنْ كَانَتْ مَنْقُوشَةً فِي أَسْفَلِ جِدَارٍ خَلْفَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا قَاعِدًا، وَلِغَيْرِ الْقِرَاءَةِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ وَالِاسْتِقْبَالُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَبْلَ قِرَاءَتِهِ وَبَعْدَهَا لِلرُّكُوعِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَهُ قِرَاءَتُهَا فِي غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَبْلَ أَنْ يَقُومَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) كَبَلَادَةٍ وَضِيقِ وَقْتٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِنْهُ نِسْيَانُهَا كُلَّمَا حَفِظَهَا فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (فَسَبْعُ آيَاتٍ) اُنْظُرْ هَلْ يَجِبُ مُوَالَاتُهَا وَمُوَالَاةُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ كَالْفَاتِحَةِ رَاجِعْهُ، وَيُتَّجَهُ اعْتِبَارُهُ فِي ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ وُجُوبِ تَوَالِي الْآيَاتِ الْمُتَوَالِيَةِ مِنْ حَيْثُ الِاكْتِفَاءُ بِهَا هُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (جَوَازُ الْمُتَفَرِّقَةِ) وَإِنْ لَمْ تُفِدْ مَعْنًى مَنْظُومًا كَثُمَّ نَظَرَ، وَمِنْهَا فَوَاتِحُ السُّوَرِ مِنْ الْحُرُوفِ الْمُتَفَرِّقَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْقِرَاءَةَ بِهَا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ عَدَمُ الصَّارِفِ، وَكَذَا فِي الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (يَجِبُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الذِّكْرِ) الشَّامِلِ لِلدُّعَاءِ، وَلَا يَجِبُ تَقْدِيمُ الذِّكْرِ عَلَى الدُّعَاءِ، لَكِنْ، يَجِبُ تَقْدِيمُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا وَلَوْ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَشَمَلَ مَا ذَكَرَ مَا لَوْ كَانَتْ السَّبْعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ التَّسْبِيحِ وَحْدَهُ مَثَلًا، قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ آمَنْت بِاَللَّهِ وَهَكَذَا إلَّا نَحْوَ سُبْحَانَ اللَّهِ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَفِيهِ بَحْثٌ، وَشَمَلَ مَا ذَكَرَ أَلْفَاظَ التَّعَوُّذِ وَدُعَاءَ الِافْتِتَاحِ، لَكِنْ يَتَّجِهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْبَدَلِيَّةَ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ أَصَالَةً كَمَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَهُوَ الْوَجْهُ، وَفِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ قَاسِمٍ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ. وَقَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ طَلَبَ فِي الْبَدَلِ الْإِتْيَانَ بِالتَّعَوُّذِ وَالِافْتِتَاحِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى غَيْرِهِمَا كَرَّرَهُمَا عَنْ الْمَنْدُوبِ وَالْوَاجِبِ، وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ قَصْدِ الْبَدَلِيَّةِ وَإِلَّا فَلَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ الْأَنْوَاعَ كَالْآيَاتِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ نَقْصُ حُرُوفِ الْبَدَلِ) وَلَا يَجِبُ أَنْ تُسَاوِيَ حُرُوفُ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الذِّكْرِ أَوْ آيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ لِكُلِّ آيَةٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ. قَوْلُهُ: (وَحُرُوفُهَا) بِالْبَسْمَلَةِ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ حَرْفًا وَيَقُومُ الْمُشَدَّدُ عَنْ الْمُشَدَّدِ وَالْمُنْفَكَّانِ مِنْ الْبَدَلِ عَنْ الْمُشَدَّدِ لَا عَكْسُهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمَالَ شَيْخُنَا إلَى خِلَافِهِ.   [حاشية عميرة] كَالسُّعَالِ، وَالتَّوَقُّفِ فِي الْقِرَاءَةِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا لَمْ يَضُرَّ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَالْإِعْيَاءُ كَالنِّسْيَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَسَبْعُ آيَاتٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ تَشْتَمِلَ عَلَى الشَّدَّاتِ أَوْ عَلَى حَرْفَيْنِ بَدَلَ الْحَرْفِ الْمُشَدَّدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَوَازُ الْمُتَفَرِّقَةِ) نَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ فِي ذَلِكَ وَقَالَ: إنَّ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِمْ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَوَازِ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ، بَلْ أَطْلَقُوا الْكَلَامَ إطْلَاقًا يَصِحُّ مَعَهُ الْحَمْلُ عَلَى مَا قَيَّدَ غَيْرُهُمْ. قَوْلُهُ: (سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ) تَشْبِيهًا لِمُقَاطَعَةِ الْأَنْوَاعِ بِغَايَاتِ الْآيَاتِ نَحْوُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، كَذَا وَرَدَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجُوزُ نَقْصُ حُرُوفِ الْبَدَلِ) يُشْتَرَطُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ حَرْفًا بِقِرَاءَةِ مَالِكٍ بِالْأَلِفِ وَالثَّانِي يَجُوزُ سَبْعُ آيَاتٍ أَوْ سَبْعَةُ أَذْكَارٍ أَقَلُّ مِنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ، كَمَا يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمٍ قَصِيرٍ قَضَاءً عَنْ يَوْمٍ طَوِيلٍ، وَدَفَعَ بِأَنَّ الصَّوْمَ يَخْتَلِفُ زَمَانُهُ طُولًا وَقِصَرًا فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي قَضَائِهِ مُسَاوَاةً، بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ لَا تَخْتَلِفُ فَاعْتُبِرَ فِي بَدَلِهَا الْمُسَاوَاةُ. (فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا) مِنْ قُرْآنٍ وَلَا ذِكْرٍ (وَقَفَ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ) فِي (ظَنِّهِ) وَلَا يُتَرْجِمُ عَنْهَا بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ لِفَوَاتِ الْإِعْجَازِ فِيهَا دُونَهُ. (وَيُسَنُّ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ) لِقَارِئِهَا (آمِينَ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (خَفِيفَةُ الْمِيمِ بِالْمَدِّ، وَيَجُوزُ الْقَصْرُ) وَهُوَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ. (وَيُؤَمِّنُ) الْمَأْمُومُ فِي الْجَهْرِيَّةِ (مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ) فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ ذَلِكَ أَمَّنَ عَقِبَ تَأْمِينِهِ (وَيَجْهَرُ بِهِ فِي الْأَظْهَرِ) تَبَعًا لَهُ. وَالثَّانِي يُسِرُّهُ كَالتَّكْبِيرِ، وَالْمُنْفَرِدُ يَجْهَرُ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُمْ: لَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْفَاتِحَةِ أَيْ وَهُوَ آيَةٌ فَأَكْثَرَ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَاسْتَدَلَّ بَعْدَهُمْ الْحَمْدُ لِلَّهِ مِنْ الذِّكْرِ، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ مِنْ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ حَيْثُ قَالُوا: أَنْوَاعُ الذِّكْرِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَمِثْلُ الْفَاتِحَةِ فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ الْقُرْآنِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: بِدَلِيلِ عَدِّهِمْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ الذِّكْرِ مَعَ أَنَّهَا بَعْضُ آيَةٍ أَيْضًا، وَالْمَقْدُورُ عَلَيْهِ مِنْ آيَاتِ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْضِ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَبْلُغْ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ يُكَرِّرُهُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى بَدَلٍ مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْفَاتِحَةِ وَبَعْضِ الْقُرْآنِ وَلَمْ يَبْلُغْ مَجْمُوعُهُمَا قَدْرَ الْفَاتِحَةِ كَمَّلَ عَلَيْهِمَا مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا، وَإِلَّا كَرَّرَ بِقَدْرِ الْبَاقِي. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُقَدِّمُ تَكْرِيرَ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ عَلَى تَكْرِيرِ الْقُرْآنِ، وَلَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ التَّرْتِيبِ فِيمَا يَحْفَظُهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ مَعَ غَيْرِهَا، فَإِذَا كَانَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ آيَةً فَأَكْثَرَ أَوْ آخِرَهَا قَدَّمَ مَا يَحْفَظُهُ مِنْهَا وَأَخَّرَ الْبَدَلَ أَوْ وَسَطَهَا وَسَّطَهُ كَذَلِكَ أَوْ طَرَفَيْهَا قَدَّمَهُ وَأَخَّرَهُ كَذَلِكَ، وَيُقَدِّمُ الْبَدَلَ وَلَوْ بِتَرْجَمَةِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عَلَى التَّكْرِيرِ كَمَا يُقَدِّمُهُ عَلَى الْوُقُوفِ، وَلَا تَكْرِيرَ فِي الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ بَلْ يَأْتِي بِمَا يَحْفَظُهُ مِنْهُ وَيُتَمِّمُ عَلَيْهِ مِنْ الْوُقُوفِ بَعْدَهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: يُكَرِّرُهُ كَالْقُرْآنِ، وَرَدَّهُ شَيْخُنَا، وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ وَاجِبٌ بَدَلًا فَلَا يَقُومُ عَنْ بَدَلَيْنِ وَاجِبَيْنِ أَصْلِيَّيْنِ، وَلَا يُرَدُّ الْقُرْآنُ لِشَرَفِهِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّ فِيهِ بَحْثًا دَقِيقًا. قَوْلُهُ: (وَقَفَ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ) وَمِثْلُهَا السُّورَةُ وَالتَّشَهُّدُ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَذْكَارِ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ. قَوْلُهُ: (فِي ظَنِّهِ) اقْتَضَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْيَقِينُ وَهُوَ يُخَالِفُ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ بِالرُّكُوعِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْإِتْيَانِ بِالشَّيْءِ بِخِلَافِ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ ذَاكَ رُخْصَةٌ بِخِلَافِ هَذَا، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى مَرْتَبَةٍ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِمَّا بَعْدَهَا عَادَ إلَيْهَا وُجُوبًا، أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ نُدِبَ الْعَوْدُ إلَيْهَا، وَلَا يَجِبُ وَلَوْ بِالْوُقُوفِ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ) أَيْ بَعْدَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ، وَكَذَا بَدَلُهَا إنْ اشْتَمَلَ عَلَى دُعَاءٍ وَلَوْ مِنْ أَوَّلِهِ، وَفَارَقَ نَدْبَ التَّعَوُّذِ فِي الْبَدَلِ. مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الشَّيْطَانِ وَشَمَلَ قَارِئَهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَخَرَجَ بِعَقِبَ نَحْوُ سُجُودِهِ وَلَوْ سَهْوًا فَيَفُوتُ بِهِ، وَيَحْسُنُ بَعْدَ آمِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَا يُسَنُّ الدُّعَاءُ قَبْلَهُ مِنْ أَحَدٍ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ حَجَرٍ (رَبِّ اغْفِرْ لِي) لِوُرُودِهِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ إنَّهُ مِنْ أَمَاكِنِ إجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَلَمْ يُوَافِقُوهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِالْمَدِّ) قَالُوا وَهُوَ أَفْصَحُ وَنَظَرُوا فِيهِ بِأَنَّهُ بِهَذَا الْوَزْنِ لَيْسَ عَرَبِيًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ مِنْ أَبْنِيَةِ الْعَجَمِ كَقَابِيلٍ، وَاعْتِذَارُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ الْأَلِفَ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ إشْبَاعِ الْفَتْحَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ تَأَمَّلْ، وَيُسَنُّ بَعْدَ آمِينَ سَكْتَةٌ أَيْضًا وَهِيَ مِنْ الْإِمَامِ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ، وَيُسَنُّ سَكْتَةٌ ثَالِثَةٌ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ بِسَكْتَةٍ بَعْدَ التَّحَرُّمِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَتَعَوَّذُ فِيهَا وَيَفْتَتِحُ سِرًّا كَمَا مَرَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ سُكُوتٌ عَنْ الْجَهْرِ أَوْ مَجَازًا وَالْمُرَادُ سَكْتَةٌ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالِافْتِتَاحِ، كَمَا زَادَ ابْنُ حَجَرٍ سَكْتَةٌ بَيْنَ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ وَسَكْتَةٌ بَيْنَ التَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ، فَتَكُونُ سَكَتَاتٍ سِتَّةً. قَوْلُهُ: (مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ) أَيْ لِلتَّخْفِيفِ، وَلَوْ شَدَّدَ الْمِيمَ لَمْ يَضُرَّ إلَّا إنْ قَصَدَ غَيْرَ الدُّعَاءِ وَحْدَهُ فَلَا يَضُرُّ الْإِطْلَاقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَكَذَا لَوْ شَرِكَ عَلَى قِيَاسِ نَظَائِرِهِ، وَتَجُوزُ فِيهِ الْإِمَالَةُ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ. قَوْلُهُ: (فِي الْجَهْرِيَّةِ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ سِرِّيَّةً، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ فِيهِ سَوَاءٌ أَمَّنَ الْإِمَامُ فِيهِ أَوْ قَدَّمَهُ عَنْهُ أَوْ أَخَّرَهُ أَوْ تَرَكَهُ، وَيُؤَمِّنُ الْمَأْمُومُ لِنَفْسِهِ أَيْضًا، فَإِنْ فَرَغَا مَعًا كَفَاهُ تَأْمِينُ وَاحِدٍ وَيُسِرُّ الْمَأْمُومُ فِي تَأْمِينِ نَفْسِهِ. وَأَمَاكِنُ طَلَبِ الْجَهْرِ   [حاشية عميرة] أَيْضًا أَنْ لَا يَقْصِدَ غَيْرَ الْبَدَلِيَّةِ وَلَوْ افْتِتَاحًا أَوْ تَعَوُّذًا، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ اشْتِرَاطَ قَصْدِ الْبَدَلِيَّةِ فِيهِمَا لِمَكَانِ الْقَرِينَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ غَيْرِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَفَ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ) مِثْلُهَا التَّشَهُّدُ وَالْقُنُوتُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالسُّورَةُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. ثُمَّ اُنْظُرْ هَلْ يَجِبُ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ كَمَا فِي الْأَخْرَسِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ) أَيْ لَكِنْ بَعْدَ الْفَصْلِ بِسَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ لِيَتَمَيَّزَ الْقُرْآنُ مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (خَفِيفَةُ الْمِيمِ) لَوْ شَدَّدَ مَعَ الْمَدِّ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ إذْ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ قَاصِدِينَ إلَيْك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 بِهِ أَيْضًا. (وَتُسَنُّ سُورَةٌ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ إلَّا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ فِي الْأَظْهَرِ) لِلِاتِّبَاعِ فِي الشِّقَّيْنِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ دَلِيلُهُ الِاتِّبَاعُ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ، وَالِاتِّبَاعَانِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِمَا غَيْرُهُمَا، وَالسُّورَةُ عَلَى الثَّانِي أَقْصَرُ كَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ سَنُّ تَطْوِيلِ قِرَاءَةِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَكَذَا الثَّالِثَةُ عَلَى الرَّابِعَةِ عَلَى الثَّانِي، ثُمَّ فِي تَرْجِيحِهِمْ الْأَوَّلَ تَقْدِيمٌ لِدَلِيلِهِ النَّافِي عَلَى دَلِيلِ الثَّانِي الْمُثْبِتِ عَكْسُ الرَّاجِحِ فِي الْأُصُولِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَالْعِبَارَةُ تَصْدُقُ بِالْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ بِالْمَأْمُومِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي. (قُلْت: فَإِنْ سَبَقَ بِهِمَا) مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ (قَرَأَهَا فِيهِمَا) حِينَ   [حاشية قليوبي] مِنْ الْمَأْمُومِ خَمْسَةٌ: هَذَا، وَالْفَتْحُ عَلَى الْإِمَامِ، وَدُعَاءُ الْقُنُوتِ فِي مَحَالِّهِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا يُؤَمِّنُ الْمَأْمُومُ إذَا لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ أَوْ لَمْ يُمَيِّزْ أَلْفَاظَهُ، وَفِي الْعُبَابِ وَالدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ يُؤَمِّنُ إذَا سَمِعَ تَأْمِينَ الْمَأْمُومِينَ وَضُعِّفَ. قَوْلُهُ: (الْمَلَائِكَةُ) وَهُمْ مِنْ شَهِدَ تِلْكَ الصَّلَاةَ فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي السَّمَاءِ، وَقِيلَ الْحَفَظَةُ، وَقِيلَ جَمِيعُ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَأْمِينِهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ قَوْلُهُ: (وَتُسَنُّ سُورَةٌ) لِغَيْرِ الْجُنُبِ الْفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَإِلَّا الْفَاتِحَةَ لِمَنْ يَعْرِفُهَا، وَتُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ لَا فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ، وَلَا تَحْصُلُ بِهَا السُّنَّةُ قَبْلَهَا وَهِيَ اسْمٌ لِقِطْعَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَقَلُّهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ، وَالْمُرَادُ هُنَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ بِالْبَسْمَلَةِ أَوْ بَعْضِ آيَةٍ، وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّهَا تَحْصُلُ وَلَوْ غَيْرَ مُرَتَّبَةٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ إنْ خَرَجَتْ بِذَلِكَ عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ، وَإِلَّا فَيُتَّجَهُ الْحُصُولُ وَإِنْ كُرِهَ أَوْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ الْإِعْجَازُ فَرَاجِعْهُ. فَإِنْ قِيلَ: لَمْ تَجِبْ السُّورَةُ كَالْفَاتِحَةِ لِحَدِيثِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهَا، وَلِحَدِيثِ «أُمُّ الْقُرْآنِ عِوَضٌ عَنْ غَيْرِهَا وَلَيْسَ غَيْرُهَا عِوَضًا عَنْهَا» وَأَقَلُّ كَمَالِ السُّورَةِ ثَلَاثُ آيَاتٍ، وَسُورَةٌ كَامِلَةٌ أَكْمَلُ مِنْ قَدْرِهَا، وَأَكْثَرُ مِنْهَا أَكْمَلُ مِنْهَا، وَتَحْصُلُ السُّورَةُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ لِمَنْ عَجَزَ عَنْ الْقُرْآنِ، وَلَا يُكَرِّرُ الْفَاتِحَةَ إنْ حَفِظَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ كَرَّرَهَا عَنْ السُّورَةِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَفِي هَذِهِ لَوْ ظَهَرَ لَهُ خَلَلٌ فِي قِرَاءَتِهِ الْأُولَى كَفَتْهُ الثَّانِيَةُ كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ كَوُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ) أَيْ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَإِنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ، أَمَّا غَيْرُهَا فَيَقْرَأُ السُّورَةَ مَا لَمْ يَتَشَهَّدْ. قَوْلُهُ: (وَالسُّورَةُ عَلَى الثَّانِي أَقْصَرُ) أَيْ مَجْمُوعُ الْقِرَاءَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ أَقْصَرُ مِنْ مَجْمُوعِهَا فِي الْأَوِّلَتَيْنِ، وَيُسَنُّ تَطْوِيلُ قِرَاءَةِ الْأُولَى بِأَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْأُولَى أَوْ قَرِيبَةً مِنْهُ كَمَا فِي الْخَادِمِ. قَوْلُهُ: (لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ) قَالُوا: وَهُوَ اتِّفَاقُ الشَّيْخَيْنِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَلَى النَّفْيِ، وَانْفِرَادُ مُسْلِمٍ بِالْإِثْبَاتِ أَوْ التَّخْفِيفِ عَلَى الْمُصَلِّي. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ تَفْصِيلٌ) أَيْ فِي الْمَأْمُومِ، وَأَمَّا الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ فَلَا تَفْصِيلَ فِيهِمَا، بَلْ يَقْرَآنِ فِي الْأُولَتَيْنِ مُطْلَقًا وَلَا يَقْرَآنِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مُطْلَقًا، وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ أَحَدُهُمَا فِي الْأَوِّلَتَيْنِ لَمْ يَتَدَارَكْ الْقِرَاءَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ قِيَاسًا عَلَى مَا سَيَأْتِي وَلِأَنَّ هَيْئَاتِهِمَا عَدَمُ الْقِرَاءَةِ كَمَا فِي الْجَهْرِ وَعَدَمِهِ وَلَوْ لِسَهْوٍ أَوْ نِسْيَانٍ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ يَتَدَارَكُ فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ سَبَقَ بِهِمَا) أَيْ بِالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ قَرَأَهَا فِيهِمَا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ لَا يَقْرَأَهَا فِي الْأُولَتَيْنِ، وَأَنْ لَا يَتَمَكَّنَ مِنْ قِرَاءَتِهَا فِيهِمَا وَأَنْ لَا تَسْقُطَ عَنْهُ تَبَعًا لِلْفَاتِحَةِ فِيهِمَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي هَذَا السُّقُوطِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ السُّورَةُ فِيهِمَا فَكَيْفَ يَحْتَمِلُهَا إلَّا أَنْ يُرَادَ بِسُقُوطِهَا عَدَمُ طَلَبِهَا مِنْ الْمَأْمُومِ لِعَدَمِ إدْرَاكِهِ زَمَنَهَا فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُتَأَمَّلْ. وَكَلَامُهُمْ فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَمِثْلُهَا الثُّلَاثِيَّةُ وَيَقْرَأُ فِي الثَّالِثَةِ سُورَتَيْ الْأُولَيَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَلَعَلَّهُ فِيمَا لَوْ فَاتَتْهُ فِيهِمَا وَطُلِبَتْ فِي الثَّالِثَةِ، فَإِنْ فَاتَتْهُ فِي إحْدَاهُمَا طُلِبَتْ صُورَتُهَا فَقَطْ، وَفِي كَلَامِهِ نَظَرٌ، وَمَا يَقْرَأُ فِي قِيَامِ الرَّكْعَةِ يُسَمَّى سُورَةً وَإِنْ   [حاشية عميرة] وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُخَيِّبَ مَنْ قَصَدَك. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتُسَنُّ سُورَةٌ) أَيْ غَيْرُ الْفَاتِحَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) هَذَا الْقَوْلُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ، وَكَذَا فِي الْجَدِيدِ مِنْ الْمُزَنِيّ وَالْبُوَيْطِيِّ، وَأَفْتَى بِهِ الْأَكْثَرُونَ، وَالثَّانِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (لِلِاتِّبَاعِ) فَإِنْ قُلْت قَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَهَلَّا وَجَبَتْ السُّورَةُ فِي الْأَوَّلَيْنِ؟ قُلْت: لِمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أُمِّ الْقُرْآنِ عِوَضٌ عَنْ غَيْرِهِمَا وَلَيْسَ غَيْرُهَا مِنْهَا عِوَضًا. قَوْلُهُ: (وَالسُّورَةُ عَلَى الثَّانِي) اقْتَصَرَ فِي الْخَادِمِ عَلَى النِّصْفِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ سَبَقَ بِهِمَا) لَوْ تَرَكَهَا الْمُصَلِّي عَمْدًا فِي الْأُولَيَيْنِ فَالظَّاهِرُ تَدَارُكُهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ كَنَظِيرِهِ مِنْ سُجُودِ السَّهْوِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ، إنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ لَمْ يُدْرِكْهُمَا مَعَ الْإِمَامِ، وَهَذَا مَعْنَى سَبَقَهُ بِهِمَا، وَقَوْلُهُ: قَرَأَهَا فِيهِمَا، أَيْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ عِنْدَ تَدَارُكِهِمَا، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ صَارَ الضَّمِيرَانِ مِنْ قَوْلِهِ بِهِمَا وَفِيهِمَا رَاجِعَيْنِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ خِلَافًا لِمَا شَرَحَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَرَأَهَا فِيهِمَا) الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَعَدَمِ تَدَارُكِ الْجَهْرِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَالْجَهْرُ صِفَةٌ فَكَانَتْ أَخَفَّ عَلَى أَنَّ مُقَابِلَ النَّصِّ قَائِلٌ بِعَدَمِ التَّدَارُكِ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ الْجَهْرِ، وَفَرَّقَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّ السُّنَّةَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 تَدَارَكَهُمَا (عَلَى النَّصِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ مِنْ السُّورَةِ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيهِمَا، وَقِيلَ: عَلَى الثَّانِي فَقَطْ. (وَلَا سُورَةَ لِلْمَأْمُومِ) فِي الْجَهْرِيَّةِ لِلنَّهْيِ عَنْ قِرَاءَتِهَا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (بَلْ يَسْتَمِعُ) لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: 204] (فَإِنْ بَعُدَ) فَلَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَتَهُ (أَوْ كَانَتْ) الصَّلَاةُ (سِرِّيَّةً قَرَأَ) السُّورَةَ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ وَإِنْ وَرَدَ فِي الْفَجْرِ. (وَيُسَنُّ لِلصُّبْحِ وَالظُّهْرِ طِوَالُ الْمُفَصَّلِ، وَلِلْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ أَوْسَاطُهُ وَلِلْمَغْرِبِ قِصَارُهُ) لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ، وَأَوَّلُ الْمُفَصَّلِ الْحُجُرَاتُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الدَّقَائِقِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَطِوَالُهُ إلَى عَمَّ، وَمِنْهَا إلَى الضُّحَى أَوْسَاطُهُ، وَمِنْهَا إلَى آخِرِ الْقُرْآنِ قِصَارُهُ (وَلِصُبْحِ الْجُمُعَةِ فِي الْأُولَى الم تَنْزِيلُ، وَفِي الثَّانِيَةِ هَلْ أَتَى) بِكَمَالِهِمَا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَهَذَا تَفْصِيلٌ   [حاشية قليوبي] كَثُرَ، وَلَيْسَ هُنَا طَلَبُ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِكُلِّ رَكْعَةٍ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى النَّصِّ) وَمُقَابِلُهُ قَاسَهُ عَلَى الْجَهْرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: تَبَعًا لِشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَالْأَوَّلُ، قَالَ السُّنَّةُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ عَدَمُ الْجَهْرِ وَالسُّورَةُ لَا يُسَنُّ فِعْلُهَا وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مُفَادَ الْعِبَارَتَيْنِ فِي الْمَعْنَى وَاحِدٌ لِرَفْضِ الْإِبَاحَةِ مَعَ أَنَّ الثَّانِيَةَ أَبْلَغُ لِإِفَادَتِهَا الْكَرَاهَةَ نَصًّا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُفَرَّعٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لِأَنَّهَا عَلَيْهِ مَطْلُوبَةٌ أَصَالَةً فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِدْرَاكٍ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى السَّبْقِ أَيْضًا، وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا سُورَةَ لِلْمَأْمُومِ) أَيْ لَا يُنْدَبُ لَهُ فِي الْجَهْرِيَّةِ لِفِعْلِ الْإِمَامِ وَلَوْ فِي السَّرِيَّةِ، وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ تَأْخِيرُ فَاتِحَتِهِ عَنْ فَاتِحَةِ الْإِمَامِ فِي الْأُولَتَيْنِ وَلَوْ فِي السَّرِيَّةِ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ، وَيَشْتَغِلُ إذَا لَمْ يَسْمَعْ بِغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَتَهُ) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُعْدِ عَدَمُ السَّمَاعِ فَيَشْمَلُ الْأَصَمَّ، وَكَذَا لَوْ سَمِعَهَا وَلَمْ يُمَيِّزْ أَلْفَاظَهَا، وَفَارَقَ مَا هُنَا إجَابَةَ الْمُؤَذِّنِ بِطَلَبِ الْبَدَلِ هُنَا. قَوْلُهُ: (قَرَأَ السُّورَةَ) . قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَوْ سُورَةَ السَّجْدَةِ أَوْ آيَةً فِيهَا سَجْدَةٌ، وَخَالَفَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ طَلَبَ مِنْ الْمَأْمُومِ خُصُوصَ عَدَمِ قِرَاءَةِ آيَةٍ فِيهَا سَجْدَةٌ خَلْفَ الْإِمَامِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ السُّجُودِ فَيُخَصَّصُ بِهِ الْعُمُومُ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ، وَأَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ بِقَصْدِ السُّجُودِ إلَّا فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ بِخُصُوصِ سَجْدَةِ سُورَةِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا فِي غَيْرِ السُّورَةِ قَالَ: لِأَنَّهُ مَحَلُّ السُّجُودِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُ السُّجُودِ فِي غَيْرِهَا، وَظَاهِرُ ذَلِكَ الْبُطْلَانُ بِمُجَرَّدِ الْقِرَاءَةِ، وَالْوَجْهُ عَدَمُهُ حَتَّى يَشْرَعَ فِي السُّجُودِ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ) أَيْ لِمُنْفَرِدٍ وَإِمَامٍ مَحْصُورَيْنِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ هُنَا نَوْعُ الْقِرَاءَةِ لَا خُصُوصُ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ. نَعَمْ يُسَنُّ فِي صُبْحِ الْمُسَافِرِ سُورَتَا الْإِخْلَاصِ. قَوْلُهُ: (طِوَالُ) بِكَسْرِ الطَّاءِ جَمْعُ طَوِيلَةٍ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ جَوَازُ ضَمِّهَا أَيْضًا وَهِيَ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ جَوَازُ تَشْدِيدِ الْوَاوِ مُبَالَغَةً فِي الطُّولِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَقَوْلُ التَّتَّائِيِّ الْمَالِكِيِّ طِوَالٌ بِكَسْرِ الطَّاءِ لَا غَيْرُهُ جَمْعُ طَوِيلٍ وَبِضَمِّهَا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ وَبِفَتْحِهَا الْمُدَّةُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ فَلَعَلَّهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ طُوَالَاتُ الْمُفَصَّلِ جَمْعُ طَوِيلَةٍ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلسُّوَرِ مَرْدُودٌ لِعَدَمِ التَّأْنِيثِ الْحَقِيقِيِّ مَعَ أَنَّ نَقْلَ الثِّقَاتِ لَا مَطْعَنَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (الْمُفَصَّلِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ فَوَاصِلِ سُوَرِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الظُّهْرَ يُسَنُّ فِيهَا الْقَرِيبُ مِنْ الطِّوَالِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَطِوَالُهُ إلَخْ) الْغَايَةُ فِي ذَلِكَ دَاخِلَةٌ فِيمَا بَعْدَهَا عَلَى الْأَصْلِ فِيهَا، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ كَالْمَنْهَجِ إسْقَاطَ هَذَا التَّحْدِيدِ لِوُرُودِ نَحْوِ (لَمْ يَكُنْ) مَعَ (الطَّارِقِ) . قَوْلُهُ: (الْحُجُرَاتُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُرَجَّحُ، وَقِيلَ: أَوَّلُهُ (الْقِتَالُ) ، وَقِيلَ: أَوَّلُهُ الْجَاثِيَةُ. قَوْلُهُ: (وَلِصُبْحِ الْجُمُعَةِ) عَطْفٌ عَلَى لِلصُّبْحِ قَبْلَهُ فَيُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمَأْمُومِ، وَهُوَ دَلِيلٌ لِمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ، وَالْمُرَادُ بِالْإِمَامِ هُنَا مَا يَعُمُّ غَيْرَ الْمَحْصُورِينَ، وَيُسَنُّ دَوَامُ ذَلِكَ، وَلَا نَظَرَ لِتَوَهُّمِ اعْتِقَادِ الْعَوَامّ وُجُوبَهَا.   [حاشية عميرة] الْإِسْرَارُ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ، لَا نَقُولُ يُسَنُّ تَرْكُهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، بَلْ نَقُولُ: لَا يُسَنُّ فِعْلُهَا، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ) أَمَّا تَفْرِيعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَوَجْهُ تَفْرِيعِ مُقَابِلِ النَّصِّ عَلَيْهِ مَا يَلْزَمُ هُنَا مِنْ تَطْوِيلِ الْأَخِيرَتَيْنِ عَلَى الْأَوِّلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَتَهُ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَوْ سَمِعَ صَوْتًا لَا يُمَيِّزُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ كَانَتْ سِرِّيَّةً) مِثْلُ ذَلِكَ الْإِسْرَارُ بِالْجَهْرِيَّةِ، وَأَمَّا عَكْسُهُ فَمَحَلُّ نَظَرٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَنَّ لِلْعَكْسِ الْمَذْكُورِ حُكْمَ الْجَهْرِيَّةِ، وَعَزَاهُ لِلرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي الشِّقَّيْنِ، وَاقْتَصَرَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى نَقْلِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَعَزَاهُ لِشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (طِوَالُ) بِكَسْرِ الطَّاءِ، جَمْعٌ مُفْرَدُهُ طَوِيلٌ وَطُوَالٌ بِضَمِّ الطَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ، وَسُمِّيَ الْمُفَصَّلَ لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ فِيهِ بَيْنَ السُّوَرِ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا تَفْصِيلٌ) الْإِشَارَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 لِلسُّورَةِ فِيمَا سَبَقَ، وَيَتَأَدَّى أَصْلُ الِاسْتِحْبَابِ بِقِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ لَكِنَّ السُّورَةَ أَحَبُّ، حَتَّى أَنَّ السُّورَةَ الْقَصِيرَةَ أَوْلَى مِنْ بَعْضِ سُورَةٍ طَوِيلَةٍ أَيْ وَإِنْ كَانَ أَطْوَلَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَوْلَى مِنْ قَدْرِهَا مِنْ طَوِيلَةٍ. (الْخَامِسُ الرُّكُوعُ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ انْحِنَاءٌ (وَأَقَلُّهُ) لِلْقَائِمِ (أَنْ يَنْحَنِيَ قَدْرَ بُلُوغِ رَاحَتَيْهِ رُكْبَتَيْهِ) إذَا أَرَادَ وَضْعَهُمَا عَلَيْهِمَا وَهُوَ مُعْتَدِلُ الْخِلْقَةِ سَالِمُ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ التَّمَاسُّ مِنْ وَضْعِ الرَّاحَتَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ بِالِانْحِنَاءِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الِانْحِنَاءِ لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ فِي الرُّكُوعِ وَالرَّاحَةُ مَا عَدَا الْأَصَابِعَ مِنْ الْكَفِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي السُّجُودِ وَتَقَدَّمَ رُكُوعُ الْقَاعِدِ (بِطُمَأْنِينَةٍ بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ رَفْعُهُ عَنْ هَوِيِّهِ) بِأَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ قَبْلَ رَفْعِهِ، وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ " ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.   [حاشية قليوبي] فَائِدَةٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ يُسَنُّ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي عِشَاءِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ أَبَدًا وَسُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ فِي مَغْرِبِهَا كَذَلِكَ لِوُرُودِهِ. قَوْلُهُ: (الم تَنْزِيلُ إلَخْ) وَكَذَا غَيْرُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِكَمَالِهِمَا) عَلَى الْأَكْمَلِ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ كُلٍّ وَلَوْ آيَةَ السَّجْدَةِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَقِرَاءَةُ سُورَتَيْنِ قَصِيرَتَيْنِ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ الْبَعْضِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَهَذَا) الْإِشَارَةُ لِقَوْلِهِ: وَلِلصُّبْحِ إلَخْ. تَفْصِيلٌ لِلسُّورَةِ فِيمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ: وَتُسَنُّ سُورَةٌ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ. قَوْلُهُ: (بِقِرَاءَةِ شَيْءٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَلِمَةً وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَهُ، وَتَقَدَّمَ كَمَالُهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ أَطْوَلَ) مَرْجُوحٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَوْنُ السُّورَةِ أَحَبَّ هُوَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مُطْلَقًا، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِمَّا قَرَأَهُ فِي الْأُولَى، وَإِلَّا اقْتَصَرَ مِنْهَا عَلَى مَا دُونَ الْأُولَى، وَتُسَنُّ الْقِرَاءَةُ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ وَمُوَالَاتِهِ حَتَّى لَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَى سُورَةَ النَّاسِ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الْبَقَرَةِ أَقَلَّ مِنْهَا. نَعَمْ لَوْ قَرَأَ {هَلْ أَتَى} فِي الْأُولَى مِنْ صُبْحِ الْجُمُعَةِ قَرَأَ سُورَةَ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فِي الْأُولَى، وَإِنْ قَرَأَ غَيْرَهُمَا جَمَعَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ، وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْهُمَا فِيهِمَا قَرَأَ بَدَلَهُمَا {سَبِّحْ} وَ {هَلْ أَتَاك} وَإِلَّا قَرَأَ سُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ أَفْضَلِيَّةِ السُّورَةِ مَا وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ بِبَعْضِهَا كَآيَتَيْ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَكَالتَّرَاوِيحِ الْمَطْلُوبِ فِيهَا الْقِيَامُ بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ فِي الشَّهْرِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: فَإِنْ لَمْ يُرِدْ فِيهَا الْقِيَامَ بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ فَالسُّورَةُ أَفْضَلُ. (تَنْبِيهٌ) يُسَنُّ الْجَهْرُ لِغَيْرِ مَأْمُومٍ فِي صُبْحٍ وَأُولَتَيْ الْمَغْرِبَيْنِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَخُسُوفِ الْقَمَرِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَكَذَا التَّرَاوِيحُ وَوَتْرُ رَمَضَانَ، وَإِنْ وَصَلَهُ وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ لَيْلًا أَوْ وَقْتَ صُبْحٍ وَالْمَقْضِيَّةُ لَيْلًا أَوْ وَقْتَ صُبْحٍ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهَا بِوَقْتِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيُسِرُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ رَاتِبَةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ وَالْمَغْرِبِ، وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى الْإِسْرَارُ مُطْلَقًا حَيْثُ يَسْمَعُ أَجْنَبِيٌّ، وَإِلَّا فَالتَّوَسُّطُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ كَنَوَافِلِ اللَّيْلِ الْمُطْلَقَةِ وَلَوْ لِلرَّجُلِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ تَشْوِيشٌ عَلَى نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ وَإِلَّا كُرِهَ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، وَالْإِسْرَارُ بِقَدْرِ إسْمَاعِ نَفْسِهِ، وَالْجَهْرُ مَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ مَنْ بِقُرْبِهِ، وَعَلَى هَذَا نَتَصَوَّرُ الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَيُرَادُ بِهَا عَلَيْهِ الْإِسْرَارُ فِي بَعْضٍ وَالْجَهْرُ فِي بَعْضٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الرُّكُوعُ) وَهُوَ لُغَةً الِانْحِنَاءُ مُطْلَقًا، وَشَرْعًا انْحِنَاءٌ مَخْصُوصٌ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّهُ شَارَكَهُمْ فِيهِ سُجُودُ الْمَلَائِكَةِ لِآدَمَ وَسُجُودُ إخْوَةِ يُوسُفَ وَأَبَوَيْهِ لَهُ فَإِنَّهُ كَانَ بِصُورَةِ الرُّكُوعِ، وَبِمَا يُصَرِّحُ بِهِ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ كَانَتْ لِخَمْسَةٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، وَكُلُّ مَا ثَبَتَ لِنَبِيٍّ فَهُوَ لِأُمَّتِهِ إلَّا مَا ثَبَتَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا قِيلَ إنَّ صَلَاةَ جِبْرِيلَ الظُّهْرَ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ كَانَتْ بِغَيْرِ رُكُوعٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَنْحَنِيَ) وَلَوْ بِمُعِينٍ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ أَوْ مَعَ مَيْلٍ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِرَقَبَتِهِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِقَصْدِهِ، وَيُغْنِي عَنْ قَصْدِهِ الْإِتْيَانُ بِذِكْرِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي الِانْحِنَاءِ أَنْ يَكُونَ خَالِصًا يَقِينًا وَإِلَّا فَلَا يَكْفِيهِ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ، فَقَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ انْحِنَاءٌ مُسْتَدْرَكٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَنْحَنِيَ سَاقِطًا مِنْ النُّسْخَةِ الَّتِي وَقَعَتْ لِلشَّارِحِ فَرَاجِعْهُ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ ذَكَرَ أَنَّهَا مَكْتُوبَةٌ بِهَامِشِ نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ بِغَيْرِ خَطِّهِ. قَوْلُهُ: (إذَا أَرَادَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ التَّعْبِيرِ قَبْلَهُ بِقَدْرِ بُلُوغِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلطُّمَأْنِينَةِ لِأَنَّهَا سُكُونٌ بَيْنَ حَرَكَتَيْنِ وَلَا يَكْفِي عَنْهَا زِيَادَةُ خَفْضِ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (عَنْ هَوِيِّهِ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا، وَقِيلَ بِالضَّمِّ الصُّعُودُ وَبِالْفَتْحِ السُّقُوطُ مِنْ هَوَى يَهْوِي كَرَمَى يَرْمِي، وَأَمَّا هَوِيَ يَهْوَى كَبَقِيَ يَبْقَى، فَهُوَ بِمَعْنَى أَحَبَّ.   [حاشية عميرة] فِيهِ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ: وَيُسَنُّ لِلصُّبْحِ وَالظُّهْرِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَيَتَأَدَّى أَصْلُ الِاسْتِحْبَابِ بِقِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَلِمَةً وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ الْفَائِدَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (رَاحَتَيْهِ) جَمْعُ الرَّاحَةِ رَاحٌ بِغَيْرِ تَاءٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ رَفْعُهُ عَنْ هَوِيِّهِ) هَذَا وَكَذَا تَفْسِيرُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْآتِي يُفِيدُك أَنَّ زِيَادَةَ الْهَوِيِّ عَلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ مِنْ غَيْرِ اسْتِقْرَارٍ لَا يُغْنِي عَنْ الطُّمَأْنِينَةِ شَيْئًا وَهُوَ كَذَلِكَ، ثُمَّ الْهَوِيُّ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ السُّقُوطُ وَبِالضَّمِّ الصُّعُودُ، وَالْفِعْلُ هَوَى يَهْوِي كَضَرَبَ يَضْرِبُ بِخِلَافِ هَوِيَ يَهْوَى كَعَلِمَ يَعْلَمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 (وَلَا يَقْصِدُ بِهِ غَيْرَهُ) أَيْ بِالْهَوِيِّ غَيْرَ الرُّكُوعِ (فَلَوْ هَوَى لِتِلَاوَةٍ فَجَعَلَهُ) عِنْدَ بُلُوغِ حَدِّ الرُّكُوعِ (رُكُوعًا لَمْ يَكْفِ) عَنْهُ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى الْقِيَامِ ثُمَّ يَرْكَعَ (وَأَكْمَلُهُ تَسْوِيَةُ ظَهْرِهِ وَعُنُقِهِ) كَالصَّفِيحَةِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَنَصْبُ سَاقَيْهِ) لِأَنَّهُ أَعْوَنُ (وَأَخْذُ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ وَتَفْرِقَةُ أَصَابِعِهِ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ فِي الْأَوَّلِ الْبُخَارِيُّ، وَفِي الثَّانِي ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ (لِلْقِبْلَةِ) أَيْ لِجِهَتِهَا لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ. (وَيُكَبِّرُ فِي ابْتِدَاءِ هَوِيِّهِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ كَإِحْرَامِهِ) أَيْ يَرْفَعُهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ. (وَيَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثَلَاثًا) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ فِي التَّكْبِيرِ وَالرَّفْعِ الشَّيْخَانِ وَفِي التَّسْبِيحِ مُسْلِمٌ، وَفِي تَثْلِيثِهِ أَبُو دَاوُد. (وَلَا يَزِيدُ الْإِمَامُ) عَلَى التَّسْبِيحَاتِ الثَّلَاثِ تَخْفِيفًا عَلَى الْمَأْمُومِينَ (وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ: «اللَّهُمَّ لَك رَكَعْت وَبِك آمَنْت وَلَك أَسْلَمْت، خَشَعَ لَك سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي» ) لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لِلِاتِّبَاعِ،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْصَدُ بِهِ غَيْرُهُ) أَيْ يَجِبُ أَنْ لَا يُقْصَدَ بِالْهُوِيِّ غَيْرُهُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُ غَيْرِهِ مَعَهُ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَلَا قَصْدُ غَيْرِهِ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، فَلَوْ شَكَّ بَعْدَ رُكُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَعَادَ بِقَصْدِ قِيَامِهَا لِقِرَاءَتِهَا فَتَذَكَّرَ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا أَنَّهُ قَرَأَهَا كَفَاهُ هَذَا الْقِيَامُ عَنْ الِاعْتِدَالِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلَوْ هَوَى لِتِلَاوَةٍ) أَيْ بِقَصْدِهَا فَقَطْ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ) أَيْ لَمْ يَكْفِهِ هَوِيُّهُ لِتِلَاوَةٍ عَنْ هَوِيِّهِ لِلرُّكُوعِ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ. نَعَمْ إنْ كَانَ تَابِعًا لِإِمَامٍ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ لِتِلَاوَةٍ ثُمَّ هَوَى فَهَوَى مَعَهُ بِقَصْدِ التِّلَاوَةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ يَسْجُدُ لَهَا فَتَبَيَّنَ أَنَّ إمَامَهُ هَوَى لِلرُّكُوعِ كَفَاهُ هُوِيُّهُ مَعَهُ لِلرُّكُوعِ لِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ عَلَيْهِ، فَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ سُجُودِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ فَرُكُوعٌ فَقَطْ، فَإِنْ عَادَ لِلْقِيَامِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ هَوَى لِلسُّجُودِ سَاهِيًا عَنْ الرُّكُوعِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ لَمْ يَكْفِهِ هَوِيُّهُ عَنْهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِانْتِصَابُ لِيَرْكَعَ مِنْهُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ لِإِلْغَاءِ فِعْلِ السَّاهِي كَذَا قِيلَ، وَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ كَمَا مَرَّ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَنَصْبُ سَاقَيْهِ) لَوْ قَالَ نَصْبُ رُكْبَتَيْهِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ نَصْبُ السَّاقَيْنِ دُونَ عَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (لِجِهَتِهَا) دَخَلَ فِيهِ يَمِينُ الْعَيْنِ وَيَسَارُهَا، وَخَرَجَ عَنْهُ يَمِينُ الْجِهَةِ وَيَسَارُهَا، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُكَبِّرُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى تَسْوِيَةٍ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ مُقَارَنَةُ ابْتِدَاءِ الرَّفْعِ ابْتِدَاءَ التَّكْبِيرِ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ فَيَمُدُّ التَّكْبِيرَ هُنَا بَعْدَ حَطِّ يَدَيْهِ إلَى الرُّكُوعِ كَمَا فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثًا) هَذَا لِكُلِّ مُصَلٍّ وَأَكْمَلُ مِنْهُ لِلْمُنْفَرِدِ وَنَحْوُهُ خَمْسٌ فَسَبْعٌ فَتِسْعٌ فَإِحْدَى عَشْرَةَ، وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِدُونِ الثَّلَاثِ وَلَوْ بِغَيْرِ هَذِهِ الصِّيغَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ إلَخْ) وَالتَّسْبِيحُ السَّابِقُ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَانْضِمَامُ التَّسْبِيحِ الثَّلَاثِ إلَيْهَا أَفْضَلُ مِنْ بَقِيَّةِ التَّسْبِيحِ. قَوْلُهُ: (خَشَعَ إلَخْ) هُوَ دَعَاهُ أَوْ الْمُرَادُ عَلَى صُورَةِ الْخَاشِعِ، وَفِي الْمُحَرَّرِ بَعْدَ عَصَبِي شَعْرِي وَبَشَرِي. قَوْلُهُ: (قَدَمِي) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ وَإِلَّا لَقَالَ قَدَمَايَ وَالْمُرَادُ جَمِيعُ بَدَنِهِ. وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَلْبُوسُ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ كَفُّهُ لِكَوْنِهِ يَسْجُدُ عَلَيْهِ.   [حاشية عميرة] بِمَعْنَى أَحَبَّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَقْصِدُ بِهِ غَيْرَهُ) أَيْ: وَأَمَّا أَنْ يَقْصِدَ بِالرُّكُوعِ الرُّكُوعَ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَرْكَانِ اكْتِفَاءً بِانْسِحَابِ النِّيَّةِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِلِاتِّبَاعِ) هُوَ مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَكَعَ يَشْخَصُ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ، وَمَعْنَى يَشْخَصُ يَرْفَعُ، وَيُصَوِّبُ يَخْفِضُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ) أَيْ وَقِيَاسًا عَلَى السُّجُودِ فَإِنَّ ذَلِكَ وَارِدٌ فِيهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُكَبِّرُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَحَلِّ: اعْلَمْ أَنَّ أَكْمَلَ الرُّكُوعِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا فِي الْهَيْئَةِ، وَقَدْ فَرَغَ الْمُصَنِّفُ مِنْهُ، وَالثَّانِي فِي الذِّكْرِ، وَقَدْ شَرَعَ الْآنَ فِيهِ اهـ. قُلْت: وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ قِرَاءَةُ يُكَبِّرُ بِنَصْبِ الرَّاءِ عَطْفًا عَلَى تَسْوِيَةٍ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ أَكْمَلَهُ، وَقَدْ يُسَوِّي، وَأَنْ يُكَبِّرَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَيْفِيَّةُ الرَّفْعِ أَنْ يَبْتَدِئَ بِهِ قَائِمًا وَهُوَ قَائِمٌ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ فَإِذَا حَاذَى كَفَّاهُ مَنْكِبَيْهِ انْحَنَى، نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَتَعْبِيرُ الْمِنْهَاجِ بِخَالَفَهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا يَعُودُ هُنَا الْخِلَافُ هُنَاكَ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ إلَخْ) الْعُمْدَةُ فِي عَدَمِ وُجُوبِ هَذِهِ الْأَذْكَارِ وَنَحْوِهَا مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» عَدَمُ ذِكْرِهَا لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَرَكَهَا لِلْعِلْمِ بِهِ كَمَا اعْتَذَرَ بِهِ أَئِمَّتُنَا عَنْ تَرْكِ التَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بِوُجُوبِهَا. قَوْلُهُ: (لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 رَوَاهُ مُسْلِمٌ إلَى " عَصَبِي " وَابْنُ حِبَّانَ إلَخْ جَعَلَ لِطُولِهِ زِيَادَةً لِلْمُنْفَرِدِ وَأُلْحِقَ بِهِ إمَامُ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيلِ. (السَّادِسُ الِاعْتِدَالُ قَائِمًا) لِحَدِيثِ «ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْمُصَلِّي قَاعِدًا يَعُودُ بَعْدَ الرُّكُوعِ إلَى الْقُعُودِ (مُطْمَئِنًّا) لِمَا فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ «فَإِذَا رَفَعْت رَأْسَك أَيْ مِنْ الرُّكُوعِ فَأَقِمْ صُلْبَك حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ إلَى مَفَاصِلِهَا» . (وَلَا يَقْصِدُ بِهِ غَيْرَهُ، فَلَوْ رَفَعَ فَزَعًا) أَيْ خَوْفًا (مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَكْفِ) رَفْعُهُ لِذَلِكَ عَنْ رَفْعِ الصَّلَاةِ. (وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ مَعَ ابْتِدَاءِ «رَفْعِ رَأْسِهِ قَائِلًا: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَإِذَا انْتَصَبَ قَالَ: رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ: أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت، وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْت، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ» ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ إلَى لَك الْحَمْدُ وَمُسْلِمٌ إلَى آخِرِهِ، جَعَلَ عَجْزَهُ لِطُولِهِ زِيَادَةً لِلْمُنْفَرِدِ، وَأَلْحَقَ بِهِ إمَامَ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيلِ، وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَيُسِرُّ بِمَا بَعْدَهُ الْمَأْمُومُ وَالْمُنْفَرِدُ بِالْجَمِيعِ. وَالْمُبَلِّغُ كَالْإِمَامِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَمَعْنَى   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ) تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ إنْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهَا وَإِلَّا فَلَا لِلصَّارِفِ كَمَا فِي الْجَنَابَةِ. قَوْلُهُ: (لِلَّهِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ بَدَلٌ مِنْ كَافِ لَك وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ شَرْطَ إبْدَالِ الظَّاهِرِ مِنْ الْمُضْمَرِ أَحَدُ أُمُورِ الْإِحَاطَةِ أَوْ الشُّمُولِ أَوْ كَوْنُهُ بَعْضًا أَوْ كَالْبَعْضِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الِاعْتِدَالُ) وَلَوْ فِي نَفْلٍ وَفِي الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَالْعَجْزِ عَنْهُ مَا مَرَّ، وَهُوَ لُغَةً الِاسْتِقَامَةُ وَالْمُسَاوَاةُ وَنَحْوُهُمَا قَوْلُهُ: (قَائِمًا) لَوْ أَسْقَطَهُ أَوْ عَبَّرَ بِمَا يَأْتِي لَكَانَ أَوْلَى، وَنَصْبُهُ قِيلَ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ الِاعْتِدَالِ، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يَتَحَمَّلُ ضَمِيرًا. قَوْلُهُ: (وَالْمُصَلِّي قَاعِدًا) لَوْ قَالَ: وَغَيْرُ الْقَائِمِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَكَانَ أَوْلَى، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالِاعْتِدَالُ بِعَوْدٍ لِبَدْءٍ كَمَا قَالَ فِي الْمَنْهَجِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُصَلِّي مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الْقُعُودُ لِيَرْكَعَ مِنْهُ فَيَعُودُ إلَى بَدْئِهِ وَهُوَ الْقُعُودُ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَقْتَضِي عَوْدَ الْمُضْطَجِعِ إلَى الِاضْطِجَاعِ وَالْمُسْتَلْقِي إلَى الِاسْتِلْقَاءِ لَمْ يُصِبْ وَهُوَ إمَّا سَاهٍ أَوْ مُتَلَاهٍ أَوْ رُكْنُ فَهْمِهِ عَنْ الصَّوَابِ وَاهٍ. نَعَمْ مَنْ قَدَرَ فِي الْفَرْضِ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَ رُكُوعِهِ قَاعِدَ الْعَجُزِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى الْقِيَامِ عَكْسُهُ وَبِعَكْسِهِ، وَلَا يُرَدُّ لِلْعُذْرِ. قَوْلُهُ: (مُطْمَئِنًّا) مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ، وَأَصْلُهُ بِطُمَأْنِينَةٍ وَعَدْلٍ عَنْهُ لِمُنَاسَبَةِ قَائِمًا، وَقِيلَ فِي إعْرَابِهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ خَوْفًا) أَشَارَ إلَى أَنَّ فَزَعًا بِفَتْحِ الزَّايِ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ لِيَكُونَ فِيهِ مَحْضُ الْقَصْدِ لِغَيْرِ الِاعْتِدَالِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ كَوْنِهِ حَالًا بِكَسْرِ الزَّايِ، أَيْ فَازِعًا بِمَعْنَى خَائِفًا، لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي قَصْدَ الِاعْتِدَالِ مَعَهُ وَهُوَ لَا يَضُرُّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ) وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي وَجَدَ فِيهِ الْخَوْفَ وَيُنْدَبُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ حَيْثُ أَتَى بِمَا يُبْطِلُ عَمْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ) أَيْ لِكُلِّ مُصَلٍّ أَيْ وَلَوْ مَأْمُومًا أَوْ امْرَأَةً رَفْعُ يَدَيْهِ أَيْ كَفَّيْهِ مَعَ ابْتِدَاءِ تَكْبِيرِهِ ثُمَّ يُرْسِلُهُمَا وَيَمُدُّ التَّكْبِيرَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَائِلًا) إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا وَخَصَّ الْإِمَامُ مَالِكٌ التَّسْمِيعَ بِالْإِمَامِ وَالتَّحْمِيدَ بِالْمَأْمُومِ. قَوْلُهُ: (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) وَمِثْلُهُ مَنْ حَمِدَ اللَّهَ سَمِعَهُ أَوْ سَمِعَ لَهُ. قَوْلُهُ: (رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ) . قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهِيَ أَوْ لِوُرُودِهَا، وَيَجُوزُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهِيَ أَوْلَى لِزِيَادَتِهَا، وَيَجُوزُ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ، أَوْ وَلَك أَوْ لَك الْحَمْدُ رَبَّنَا، أَوْ الْحَمْدُ لِرَبِّنَا، أَوْ لِرَبِّنَا الْحَمْدُ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَزِيدَ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ لِمَا وَرَدَ أَنَّهُ يَتَسَابَقُ إلَيْهَا ثَلَاثُونَ مَلَكًا يَكْتُبُونَ ثَوَابَهَا لِقَائِلِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَحِكْمَةُ الثَّلَاثِينَ كَوْنُهَا عَدَدَ حُرُوفِهَا. قَوْلُهُ: (مِلْءَ السَّمَوَاتِ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لِإِمَامِ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ، وَكَلَامُهُ هُنَا يُخَالِفُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُبَلِّغُ كَالْإِمَامِ) أَيْ فِي نَدْبِ الْجَهْرِ وَعَدَمِهِ، وَفِي نَدْبِ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ   [حاشية عميرة] الظَّاهِرُ أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ الْكَافِ فِي لَك. قَوْلُهُ: (إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَهُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ الَّتِي زَادَهَا الشَّارِحُ. (فَرْعٌ) يُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَزَعًا) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْكَسْرِ أَيْضًا اسْمُ فَاعِلٍ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) لَوْ قَالَ: مَنْ حَمِدَ اللَّهَ سَمِعَهُ كَفَى ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ الرَّوْضَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ) رُوِيَ أَيْضًا فِي الصَّحِيحِ بِالْوَاوِ وَهِيَ عَاطِفَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ أَطَعْنَاك؛ وَلَك الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمِلْءَ دُونَ شِئْت لِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِهِ عَلَى مَعْنَى مَا شِئْت مِلْأَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيُسِرُّ بِمَا بَعْدَهُ) أَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ تَقَبَّلَهُ مِنْهُ. وَمِلْءَ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ وَبِالنَّصْبِ أَيْ مَالِئًا، بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ جِسْمًا. وَقَوْلُهُ: مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَيْ كَالْكُرْسِيِّ {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [البقرة: 255] وَأَهْلَ بِالنَّصْبِ مُنَادَى، وَالثَّنَاءُ الْمَدْحُ، وَالْمَجْدُ الْعَظَمَةُ، وَأَحَقُّ مُبْتَدَأٌ، وَلَا مَانِعَ إلَخْ خَبَرُهُ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ، وَالْجَدُّ الْغِنَى، وَمِنْك بِمَعْنَى عِنْدَك؛ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ. (وَيُسَنُّ الْقُنُوتُ فِي اعْتِدَالِ ثَانِيَةِ الصُّبْحِ، وَهُوَ: " اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْت " إلَخْ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَتَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الشَّرْحِ: " وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْت، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْت، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْت، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْت، إنَّك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك، إنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت، تَبَارَكْت رَبَّنَا وَتَعَالَيْت " لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ رَفَعَ يَدَيْهِ فَيَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي» إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ " رَبَّنَا " وَقَالَ: صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُنَا دُعَاءً نَدْعُو بِهِ فِي الْقُنُوتِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَفِي وَتْرِ اللَّيْلِ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، فَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَزَادَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ قَبْلَ " تَبَارَكْت " " وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت " قَالَ فِي الرَّوْضَةِ. وَقَدْ جَاءَتْ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ (وَالْإِمَامُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ) لِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا بِلَفْظِ الْجَمْعِ، فَحُمِلَ عَلَى الْإِمَامِ. (وَالصَّحِيحُ سَنُّ الصَّلَاةِ عَلَى   [حاشية قليوبي] جِسْمًا) أَيْ مِنْ نُورٍ كَمَا أَنَّ السَّيِّئَاتِ تُقَدَّرُ جِسْمًا مِنْ ظُلْمَةٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ التَّقْدِيرِ عَلَى كَوْنِهِ صِفَةً أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بَعْدُ) هُوَ صِفَةٌ لِشَيْءٍ أَيْ شَيْءٍ كَائِنٍ بَعْدُ أَوْ حَالٌ مِنْهُ وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِمِلْءَ وَشِئْت أَيْضًا، وَمَنْ قَالَ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِشِئْتَ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَأَخُّرَ خَلْقِ الْكُرْسِيِّ غَيْرُهُ مُسْتَقِيمٌ تَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ) أَيْ فَهِيَ فِيهِ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي أَرْضٍ فَلَاةٍ وَكَذَا كُلُّ سَمَاءٍ مَعَ مَا فِي جَوْفِهَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَذَا الْعَنَاصِرُ وَالْكُرْسِيُّ وَمَا حَوَى بِالنِّسْبَةِ لِلْفَلَكِ الْأَعْظَمِ الْمُسَمَّى بِالْعَرْشِ، وَبِالْفَلَكِ الْأَطْلَسِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مُنَادَى) وَيَجُوزُ رَفْعُهُ خَبَرًا لِأَنْتَ أَيْ أَنْتَ الْمُتَأَهِّلُ. قَوْلُهُ: (وَأَحَقُّ مُبْتَدَأٌ) وَيَجُوزُ كَوْنُهُ خَبَرًا عَنْ الْجُمْلَةِ قَبْلَهُ أَيْ هَذَا الْقَوْلُ أَحَقُّ نَحْوُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَنْزٌ أَوْ خَبَرًا عَنْ الْحَمْدِ، فَلَكَ خَبَرٌ أَوَّلٌ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَمْدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا مَانِعَ إلَخْ خَبَرُهُ) أَيْ لَفْظًا وَهُوَ مَقُولُ الْقَوْلِ مَعْنًى وَعَدَمُ نَصْبِ مَانِعٌ بِلَا إمَّا أَنَّهُ لُغَةٌ أَوْ أَنَّهُ مِنْ بَابِ وَصْفِ الْمُنَادَى لَا نِدَاءِ الْمَوْصُوفِ. قَوْلُهُ: (وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ) أَيْ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَخَبَرِهِ وَأُفْرِدَ عَبْدٌ بِاعْتِبَارِ كُلٍّ مِنْ جِهَةِ لَفْظِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْجَدُّ) أَيْ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِمَّا بِكَسْرِهَا فَالِاجْتِهَادُ، وَيُطْلَقُ الْأَوَّلُ عَلَى أَبِ الْأَبِ مَثَلًا وَعَلَى الْقَطْعِ، وَيَجُوزُ إرَادَةُ الثَّانِي فِي الْحَدِيثِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ) أَيْ بَعْدَ مَا يُطْلَبُ الْإِتْيَانُ بِهِ لِلْمُنْفَرِدِ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (الْقُنُوتُ) وَهُوَ لُغَةً الْعِبَادَةُ أَوْ الدُّعَاءُ مُطْلَقًا، وَشَرْعًا مَا اشْتَمَلَ عَلَى دُعَاءٍ وَثَنَاءٍ وَلَوْ آيَةً قَصَدَهُ بِهَا. قَوْلُهُ: (فِي الِاعْتِدَالِ إلَخْ) فَلَوْ قَنَتَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ اهْدِنِي إلَخْ) وَهَذَا أَفْضَلُ مِنْ قُنُوتِ عُمَرَ الْآتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَجَمْعُهُمَا أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَيُقَدَّمُ هَذَا عَلَى ذَاكَ. قَوْلُهُ: (فِيمَنْ) أَيْ مَعَهُمْ أَوْ أَكُنْ فِيهِمْ. قَوْلُهُ: (لَا يَذِلُّ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ لَا يَحْصُلُ لَهُ ذِلَّةٌ فِي نَفْسِهِ أَوْ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ، أَيْ لَا يُذِلُّهُ أَحَدٌ، وَمِثْلُهُ يَعِزُّ الْآتِي. قَوْلُهُ: (قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا: وَيُسَنُّ لَك الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْت أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك لِأَنَّهَا وَرَدَتْ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَالْإِمَامُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ) أَيْ وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْتِيَ فِي الْقُنُوتِ وَلَوْ بِغَيْرِ مَا وَرَدَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لِأَنَّ الْمَأْمُومِينَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ بَقِيَّةَ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ، فَالْأَوْلَى فِيهَا اتِّبَاعُ الْوَارِدِ فَتُكْرَهُ مُخَالَفَتُهُ فِيهَا بِخِلَافِ الْقُنُوتِ. قَوْلُهُ: (سَنُّ الصَّلَاةِ) وَكَذَا السَّلَامُ عَلَيْهِ وَكَذَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى   [حاشية عميرة] لِأَنَّ ذِكْرَ الِاعْتِدَالِ كَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. قَوْلُهُ: (كَالْكُرْسِيِّ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ مُتَعَلِّقٌ بِمِلْءَ دُونَ شِئْت لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ خَلْقُ الْكُرْسِيِّ مُتَأَخِّرًا عَنْ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ، وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِشِئْتَ عَلَى مَعْنَى مَا شِئْت مِلْأَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَأَحَقُّ مُبْتَدَأٌ) جَوَّزَ ابْنُ الصَّلَاحِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِمَا قَبْلَهُ، أَيْ هَذَا الْقَوْلُ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَالْجَدُّ الْغِنَى) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَرُوِيَ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الِاجْتِهَادُ فِي الْهَرَبِ. [الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ الْقُنُوتُ) لَوْ قَنَتَ قَبْلَ الِاعْتِدَالِ لَمْ يُجْزِئْهُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِفِعْلِهِ مَطْلُوبًا قَوْلِيًّا لَمْ يَبْطُلْ فِعْلُهُ. (فَائِدَةٌ) الْقُنُوتُ لَهُ مَعَانٍ مِنْهُ الدُّعَاءُ كَمَا هُنَا سَوَاءٌ كَانَ بِخَيْرٍ أَمْ بِشَرٍّ، يُقَالُ: قَنَتَ لَهُ وَقَنَتَ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِيمَنْ هَدَيْت) أَيْ مَعَهُمْ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: 29] . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْإِمَامُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ) عَلَّلَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِهِ) رَوَاهَا النَّسَائِيّ فِي قُنُوتِ الْوَتْرِ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مَعَ زِيَادَةِ فَاءٍ فِي أَنَّك وَوَاوٍ فِي إنَّهُ بِلَفْظِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ فَأُلْحِقَ بِهِ قُنُوتُ الصُّبْحِ وَالثَّانِي يَقُولُ لَمْ تَرِدْ فِي قُنُوتِهِ. (وَ) الصَّحِيحُ سَنُّ (رَفْعِ يَدَيْهِ) فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْحَاكِمِ، وَالثَّانِي قَاسَهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ. كَمَا قِيسَ الرَّفْعُ فِيهِ عَلَى رَفْعِ النَّبِيِّ يَدَيْهِ كُلَّمَا صَلَّى الْغَدَاةَ يَدْعُو عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَهُ الْقُرَّاءَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. (وَ) الصَّحِيحُ أَنَّهُ (لَا يَمْسَحُ وَجْهَهُ) أَيْ لَا يُسَنُّ ذَلِكَ لِعَدَمِ وُرُودِهِ، وَالثَّانِي يُدْخِلُهُ فِي حَدِيثِ «سَلُوا اللَّهَ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ وَلَا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا، فَإِذَا فَرَغْتُمْ فَامْسَحُوا بِهَا وُجُوهَكُمْ» لَكِنْ. قَالَ أَبُو دَاوُد: رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ كُلُّهَا وَاهِيَةٌ، وَالْخِلَافُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ إذَا قُلْنَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فَإِنْ قُلْنَا لَا فَلَا يَمْسَحُ جَزْمًا، وَسَكَتَ عَنْ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ لِلْعِلْمِ بِهِ. (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِ) لِلِاتِّبَاعِ فِي ظَاهِرِ حَدِيثِ الْحَاكِمِ الْمُتَقَدِّمِ، وَالثَّانِي لَا كَسَائِرِ الْأَدْعِيَةِ أَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَيُسِرُّ بِهِ جَزْمًا. (وَ) الصَّحِيحُ بِنَاءً عَلَى جَهْرِ الْإِمَامِ بِهِ (أَنَّهُ يُؤَمِّنُ الْمَأْمُومُ لِلدُّعَاءِ وَيَقُولُ الثَّنَاءَ) وَأَوَّلُهُ أَنَّك تَقْضِي، وَالثَّانِي يُؤَمِّنُ فِيهِ أَيْضًا وَأَلْحَقَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالدُّعَاءِ، فَيُؤَمِّنُ   [حاشية قليوبي] آلِهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ. قَوْلُهُ: (فَحُمِلَ عَلَى الْإِمَامِ) وَحَدِيثُ «مَا مِنْ إمَامٍ يَؤُمُّ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ إلَّا خَانَهُمْ» مَحْمُولٌ عَلَى الْقُنُوتِ فَقَطْ وَلَوْ بِغَيْرِ مَا وَرَدَ لِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (رَفْعُ يَدَيْهِ فِيهِ) أَيْ فِي الْقُنُوتِ، وَكَذَا فِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ رَفْعًا مُقْتَصَدًا بِتَفْرِيقٍ أَوْ جَمْعٍ، وَهُوَ أَوْلَى، وَكَشْفُهُمَا وَرَفْعُ أَصَابِعِهِمَا وَجَعْلُ بُطُونِهِمَا إلَى السَّمَاءِ فِي الثَّنَاءِ مُطْلَقًا وَكَذَا فِي الدُّعَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِدَفْعِ شَيْءٍ وَإِلَّا فَعَكْسُهُ، وَيُكْرَهُ بِيَدٍ نَجِسَةٍ وَرَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: فِي الصَّلَاةِ خَاصَّةً، وَيُكْرَهُ لِلْخَطِيبِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (كَمَا قِيسَ) هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الثَّانِي أَيْ فَهُوَ مُعَارَضَةُ قِيَاسٍ بِقِيَاسٍ أَيْ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَاسَ الرَّفْعَ فِي الْقُنُوتِ عَلَى الرَّفْعِ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ، وَالثَّانِي قَاسَ عَدَمَ الرَّفْعِ فِيهِ عَلَى عَدَمِ الرَّفْعِ فِي غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ، وَاعْتَضَدَ الْأَوَّلُ بِحَدِيثِ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ وَبِمُنَاسَبَةِ الْقُنُوتِ وَالدُّعَاءِ فِي مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (الْغَدَاةَ) هِيَ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَذَلِكَ مُدَّةَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا كَمَا سَيَأْتِي. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَعَلَّ الْحَامِلَ عَلَى ذَلِكَ دَفْعُ تَمَرُّدِ الْقَاتِلِينَ، وَمِنْ دُعَائِهِ فِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَثَ قَدْرَ تِلْكَ الْمُدَّةِ يَدْعُو عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ الْعَامِرِيِّ حَتَّى مَاتَ كَافِرًا يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اكْفِنِي عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ بِمَا شِئْت، وَابْعَثْ عَلَيْهِ دَاءً يَقْتُلُهُ» فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ طَاعُونًا، فَمَاتَ بِهِ. قَوْلُهُ: (لَا يُسَنُّ) أَيْ بَلْ يُسَنُّ تَرْكُهُ فَفِعْلُهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُدْخِلُهُ فِي حَدِيثِ إلَخْ) وَأَخْرَجَهُ الْأَوَّلُ مِنْهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ يُطْلَبُ الْكَفُّ فِيهَا فَيُسَنُّ خَارِجَهَا، وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَمْ يَرِدْ الْمَسْحَ فِي الصَّلَاةِ فِي حَدِيثٍ وَلَا أَثَرٍ وَلَا قِيَاسٍ، وَوَرَدَ خَارِجَهَا مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ فَيُسَنُّ، وَيُكْرَهُ مَسْحُ الصَّدْرِ وَغَيْرِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَأَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِ) أَيْ فِي الْجَهْرِيَّةِ وَالسِّرِّيَّةِ وَلَوْ قَضَاءً كَصُبْحٍ أَوْ وَتْرٍ نَهَارًا بِأَنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَهُوَ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ، وَشَمَلَ الْقُنُوتُ الدُّعَاءَ وَالثَّنَاءَ وَلِلنَّازِلَةِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَذَا يُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْهَرَ بِكُلِّ دُعَاءٍ دَعَا بِهِ فِي الصَّلَاةِ كَسُؤَالِ رَحْمَةٍ وَاسْتِعَاذَةٍ مِنْ عَذَابٍ، وَأَنْ يُوَافِقَهُ الْمَأْمُومُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَيُسِرُّ بِهِ) وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَبَعًا لِإِفْتَاءِ وَالِدِهِ وَأَنَّهُ يَجْهَرُ بِهِ فِي النَّازِلَةِ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. قَوْلُهُ: (يُؤَمِّنُ) أَيْ جَهْرًا. قَوْلُهُ: (وَيَقُولُ الثَّنَاءَ) أَيْ سِرًّا أَوْ يَقُولُ فِيهِ جَهْرًا أَشْهَدُ أَوْ بَلَى أَوْ وَأَنَا مِنْ الشَّاهِدِينَ، أَوْ يَقُولُ فِيهِ صَدَقْت،   [حاشية عميرة] فِي الْأَذْكَارِ بِأَنَّ الْإِمَامَ يُكْرَهُ لَهُ تَخْصِيصُ نَفْسِهِ بِالدُّعَاءِ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ وَمُقْتَضَاهُ اطِّرَادُهُ فِي سَائِرِ أَدْعِيَةِ الْإِمَامِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَكَذَا الْجِيلِيُّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ إلَخْ اللَّهُمَّ نَقِّنِي اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي» وَبِهَذَا يَقُولُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَعَلَى هَذَا فَالْفَرْقُ أَنَّ الْكُلَّ مَأْمُورُونَ بِهِ هُنَاكَ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ اهـ. قُلْت: وَكَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا إذَا تَأَمَّلْته تَجِدُهُ ظَاهِرًا فِي اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالْقُنُوتِ. قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ) أَيْ هَكَذَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (كَمَا قِيسَ الرَّفْعُ فِيهِ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ إذْ كَيْفَ يُسَوَّغُ الْقِيَامُ مَعَ كَوْنِ الْحُكْمِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ الْحَاكِمِ. فَقَوْلُهُ: (أَيْ لَا يُسَنُّ ذَلِكَ) مِنْ هُنَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَوْ قَالَ لَا مَسَحَ وَجْهَهُ كَانَ أَوْلَى اهـ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَمْ يَرِدْ فِي الْمَسْحِ فِي الصَّلَاةِ حَدِيثٌ، وَلَا أَثَرٌ وَلَا قِيَاسٌ، وَإِنَّمَا وَرَدَ خَارِجَ الصَّلَاةِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ مُسْتَعْمَلٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ خَارِجَهَا فَقَطْ. قَوْلُهُ: «فَإِذَا فَرَغْتُمْ فَامْسَحُوا بِهَا وُجُوهَكُمْ» قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَرَدَ فِي حَدِيثٍ حِكْمَةُ ذَلِكَ وَهِيَ الْإِفَاضَةُ عَلَيْهِ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِهِ) أَيْ حَتَّى بِالثَّنَاءِ، وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْمَأْمُومَ يُوَافِقُهُ فِيهِ هَذَا قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُسِرَّ بِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْهَرَ بِهِ كَمَا لَوْ سَأَلَ الْإِمَامَ الرَّحْمَةَ أَوْ اسْتَعَاذَ مِنْ النَّارِ، فَإِنَّهُ يَجْهَرُ وَيُوَافِقُهُ فِيهِ الْمَأْمُومُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اهـ. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِالدُّعَاءِ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ لَا يَفْعَلُهَا أَئِمَّةُ هَذَا الزَّمَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنَّهُ يُؤَمِّنُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 فِيهَا، هَذَا إنْ سَمِعَ الْإِمَامَ (فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ) لِبُعْدٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَنَتَ) كَمَا يَقْنُتُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُسِرُّ. (وَيُشْرَعُ الْقُنُوتُ) أَوْ يُسْتَحَبُّ (فِي سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ) أَيْ بَاقِيهَا (لِلنَّازِلَةِ) كَالْوَبَاءِ وَالْقَحْطِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْعَدُوِّ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى قَاتِلِي أَصْحَابِهِ الْقُرَّاءِ بِبِئْرِ مَعُونَةَ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيُقَاسُ غَيْرُ الْعَدُوِّ عَلَيْهِ (لَا مُطْلَقًا عَلَى الْمَشْهُورِ) لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ فِي النَّازِلَةِ وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْقُنُوتِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ، وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِهِ فِي السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ، وَمَحَلُّهُ اعْتِدَالُ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ. (السَّابِعُ: السُّجُودُ وَأَقَلُّهُ مُبَاشَرَةُ بَعْضِ جَبْهَتِهِ مُصَلَّاهُ) بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهَا حَائِلٌ كَعِصَابَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ لِجِرَاحَةٍ   [حاشية قليوبي] وَمُوَافَقَتُهُ الْإِمَامَ أَوْلَى كَبَقِيَّةِ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ بِصَدَقْتَ وَبَرَرْت مَعَ أَنَّهُ خِطَابُ آدَمِيٍّ لِمَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ مِنْ الرَّابِطَةِ، وَلَوْ رَوَّدَهُ أَيْضًا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ إجَابَةَ الْمُؤَذِّنِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ مِنْ الْمُصَلِّي كَمَا مَرَّ. وَقَالَ الْخَطِيبُ بِالْبُطْلَانِ فِيهِمَا وَكَالثَّنَاءِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ النَّارِ وَسُؤَالُ الْجَنَّةِ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يُطْلَبُ مِنْ الْمَأْمُومِ فِعْلُهُ فَيُوَافِقُ الْإِمَامَ فِيهِ إنْ جَهَرَ بِهِ وَإِلَّا أَسَرَّهُ. قَوْلُهُ: (فَيُؤَمِّنُ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي أَنْ يُؤَمِّنْ إنْ أَتَى فِيهَا بِلَفْظِ الْأَمْرِ نَحْوُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَيُوَافِقُ فِيهَا إنْ أَتَى بِغَيْرِ لَفْظِهِ نَحْوُ: وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: لَا يَأْتِي بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِأَنَّهَا رُكْنٌ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مَرْدُودٌ، وَإِنْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْمُصَنَّفَاتِ وَلَوْ أَتَى الْإِمَامُ بِقُنُوتِ الْإِمَامِ عُمَرَ، فَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ نَقْلًا عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّهُ يُشَارِكُ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى: اللَّهُمَّ عَذِّبْ الْكَفَرَةَ فَيُؤَمِّنُ إلَخْ، وَيَتَوَقَّفُ فِي أَوَّلِهِ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ) وَكَذَا لَوْ سَمِعَ صَوْتَهُ وَلَمْ يُمَيِّزْ حُرُوفَهُ. قَوْلُهُ: (قَنَتَ) أَيْ سِرًّا كَمَا يَقْنُتُ الْمَأْمُومُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِمَامَ يُسِرُّ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَيُشْرَعُ الْقُنُوتُ) أَيْ الْمُتَقَدِّمُ فِي الصُّبْحِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يَنْبَغِي أَنْ يُؤْتَى فِي كُلِّ نَازِلَةٍ بِمَا يُنَاسِبُهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ بَاقِيهَا) لِأَنَّ الصُّبْحَ فِيهَا الْقُنُوتُ مُطْلَقًا، وَخَرَجَ بِالْمَكْتُوبَاتِ غَيْرُهَا فَيُكْرَهُ فِي الْجِنَازَةِ وَفِي نَفْلٍ لَمْ تُطْلَبْ فِيهِ الْجَمَاعَةُ. وَيُبَاحُ فِيمَا طُلِبَتْ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْهُ. قَوْلُهُ (لِلنَّازِلَةِ) أَيْ الْعَامَّةِ أَوْ الْخَاصَّةِ بِمَنْ يَقْنُتُ أَوْ بِغَيْرِهِ وَتَعَدَّى نَفْعُهُ كَعَالِمٍ وَشُجَاعٍ كَمَا قَيَّدَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ شَيْخُنَا: الزِّيَادِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ. قَوْلُهُ: (كَالْوَبَاءِ وَالْقَحْطِ) وَكَذَا الْجَرَادُ وَالطَّاعُونُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ) أَيْ يُبَاحُ فِي النَّازِلَةِ وَغَيْرِهَا، وَالثَّالِثُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِهِ) أَيْ لَا الْمُنْفَرِدُ وَفِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (السُّجُودُ) وَهُوَ لُغَةً التَّطَامُنُ وَالذِّلَّةُ وَالْخُضُوعُ وَشَرْعًا مَا سَيَأْتِي، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الرُّكُوعِ، وَمِنْهُ {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} [يوسف: 100] كَمَا مَرَّ، وَمِنْهُ {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ} [البقرة: 34] وَحِكْمَةُ تَكْرَارِهِ مَرَّتَيْنِ كَوْنُهُ مَحَلَّ إجَابَةِ الدُّعَاءِ أَوْ لِأَنَّ آدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ لَمَّا أُخْبِرَ بِأَنَّ اللَّهَ تَابَ عَلَيْهِ، فَحِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ رَأَى قَبُولَ تَوْبَتِهِ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَسَجَدَ ثَانِيًا، أَوْ لِأَنَّ النَّفْسَ عَاتَبَتْ صَاحِبَهَا بِوَضْعِ أَشْرَفِ أَعْضَائِهِ عَلَى مَحَلِّ مَوَاطِئِ الْأَقْدَامِ وَقَرْعِ النِّعَالِ فَأَعَادَهُ إرْغَامًا لَهَا، أَوْ لِأَنَّ إبْلِيسَ لَمَّا امْتَنَعَ مِنْهُ حِينَ أُمِرَ بِهِ لِآدَمَ فَكَرَّرَ رَغْمًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (جَبْهَتِهِ) وَهِيَ طُولًا مَا بَيْنَ صُدْغَيْهِ وَعَرْضًا مَا بَيْنَ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ وَحَاجِبَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهَا حَائِلٌ) نَعَمْ لَا يَضُرُّ شَعْرٌ نَبَتَ عَلَيْهَا أَوْ بَعْضُهَا فَيَكْفِيهِ السُّجُودُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْعِبْهَا، وَإِنْ سَهُلَ عَلَى الْخَالِي مِنْهُ لِأَنَّهُ مِثْلُ بَشَرَتِهَا وَخُصَّتْ بِالْكَشْفِ دُونَ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ لِسُهُولَتِهِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ غَايَةِ   [حاشية عميرة] أَيْ يَجْهَرُ كَتَأْمِينِهِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ الثَّنَاءَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسِرُّهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُؤَمِّنُ فِيهِ أَيْضًا) أَيْ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّأْمِينَ وَإِنْ قَارَنَ الثَّنَاءَ يَرْجِعُ إلَى الدُّعَاءِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الثَّنَاءَ الْمَذْكُورَ لَهُ ارْتِبَاطٌ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ السَّابِقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ قَنَتَ) لَوْ سَمِعَ صَوْتًا لَمْ يَفْهَمْهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَعَدَمِ السَّمَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (كَمَا يَقْنُتُ بِنَاءً) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ كَمَا يَقْنُتُ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ يُسِرُّ الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْإِمَامِ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا إنْ سَمِعَ الْإِمَامَ. [الْقُنُوتُ فِي سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ] قَوْلُهُ: (أَيْ بَاقِيهَا) أَيْ، وَأَمَّا الصُّبْحُ فَقَدْ سَلَفَ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَتْ النَّازِلَةُ خَاصَّةً فَهَلْ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ نَزَلَتْ بِهِ وَلِغَيْرِهِ الْقُنُوتُ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (قَنَتَ شَهْرًا) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: كَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى الْقُنُوتِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ دَفْعَ تَمَرُّدِ الْقَاتِلِينَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ النَّازِلَةِ كَمَا شَرَحَهُ كَذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ قُلْت: الْكَلَامُ حِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَوَازِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: أَوَّلًا أَنْ يُشْرَعَ بِمَعْنَى يُسْتَحَبُّ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْفِيَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ لَا عَدَمُ الْجَوَازِ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مُقَابِلًا لِأَوَّلِ الْكَلَامِ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَيُشْرَعُ الْقُنُوتُ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (السُّجُودُ) هُوَ لُغَةً التَّطَامُنُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَقَلُّهُ مُبَاشَرَةُ) سَيَأْتِي دَلِيلُهُ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 أَجْزَأَ السُّجُودُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمُرَادُ مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ فِي إزَالَةِ الْعِصَابَةِ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ فَقَالَ: وَشَقَّ إزَالَتُهَا (فَإِنْ سَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ) كَطَرَفِ عِمَامَتِهِ (جَازَ إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ) فِي قِيَامِهِ وَقُعُودِهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ، فَلَا يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ، فَإِنْ سَجَدَ عَلَيْهِ عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، أَوْ جَاهِلًا أَوْ سَاهِيًا لَمْ تَبْطُلْ، وَيَجِبُ إعَادَةُ السُّجُودِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَلَا يَجِبُ وَضْعُ يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَقَدَمَيْهِ) فِي السُّجُودِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ وَضْعُهَا لَوَجَبَ الْإِيمَاءُ بِهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ وَضْعِهَا وَالْإِيمَاءِ بِهَا لَا يَجِبُ فَلَا يَجِبُ وَضْعُهَا (قُلْت: الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ» وَالْأَوَّلُ يَقُولُ الْأَمْرُ فِيهِ أَمْرُ نَدْبٍ فِي غَيْرِ الْجَبْهَةِ، وَيَكْفِي عَلَى الْوُجُوبِ وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَالِاعْتِبَارُ فِي الْيَدِ بِبَاطِنِ الْكَفِّ سَوَاءٌ الْأَصَابِعُ وَالرَّاحَةُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِي الرِّجْلِ بِبُطُونِ الْأَصَابِعِ وَلَا يَجِبُ كَشْفُ شَيْءٍ مِنْهَا وَعَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ يُتَصَوَّرُ رَفْعُ جَمِيعِهَا بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى حَجَرَيْنِ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ قَصِيرٌ يَنْبَطِحُ عَلَيْهِ عِنْدَ السُّجُودِ وَيَرْفَعُهَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَيَجِبُ أَنْ يَطْمَئِنَّ) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا (وَيَنَالَ مَسْجَدُهُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ بِضَبْطِ الْمُصَنَّفِ أَيْ مَوْضِعُ سُجُودِهِ (ثِقَلَ رَأْسِهِ) فَإِنْ سَجَدَ عَلَى قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِ وَجَبَ أَنْ يَتَحَامَلَ عَلَيْهِ حَتَّى يَنْكَبِسَ وَيَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي يَدٍ لَوْ فُرِضَتْ تَحْتَ   [حاشية قليوبي] التَّوَاضُعِ بِمُبَاشَرَةِ الْإِنْسَانِ بِأَشْرَفِ أَعْضَائِهِ مَوَاطِئَ الْأَقْدَامِ وَقَرْعَ النِّعَالِ كَمَا مَرَّ، وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَوْرَةً فِي الصَّلَاةِ لِكُلِّ أَحَدٍ أَصَالَةً. قَوْلُهُ: (مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) أَيْ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ وَلَا إعَادَةَ إلَّا إنْ كَانَ تَحْتَهَا نَجَسٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ) أَيْ وَلَيْسَ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهِ كَشَرْعٍ وَسِلْعَةٍ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ السُّجُودُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَطَرَفِ عِمَامَتِهِ) أَيْ وَهِيَ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ كَتِفِهِ مَثَلًا فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يَضُرَّ كَمِنْدِيلٍ وَعُودٍ فِيهَا وَلَوْ الْتَصَقَ بِجَبْهَتِهِ شَيْءٌ فِي سَجْدَتِهِ، فَإِنْ نَحَّاهُ قَبْلَ سُجُودِهِ ثَانِيًا لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ) أَيْ فِي قِيَامِهِ إنْ صَلَّى قَائِمًا أَوْ فِي قُعُودِهِ إنْ صَلَّى قَاعِدًا، وَهَذَا مَا عَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ وَالْمُتَأَخِّرِينَ، وَمَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ مَا يَتَحَرَّكُ فِي قِيَامِهِ يَضُرُّ وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ اسْتِدْرَاكُ قَوْلِهِمْ أَوْ قُعُودُهُ فَتَأَمَّلْ وَالْحَرَكَةُ خَاصَّةٌ بِالْجَبْهَةِ. قَوْلُهُ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ إنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ زَوَالِهِ وَسُجُودِهِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ، نَعَمْ إنْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الِاقْتِصَارِ عَلَى ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِيهِ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمُبْطَلَ وَشَرَعَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ وَضْعُ جُزْءٍ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ، وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ وُجُوبَ وَضْعِ ذَلِكَ الْجُزْءِ، وَهُوَ يَشْمَلُ بَعْضَ بَاطِنِ أُصْبُعٍ فَيَكْفِي وَإِنْ كُرِهَ الِاقْتِصَارُ عَلَى جُزْءٍ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ الْأَصَابِعُ وَالرَّاحَةُ) أَيْ غَيْرُ الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِبُطُونِ الْأَصَابِعِ) أَيْ الْأَصْلِيَّةِ وَلَوْ قُطِعَتْ الْكَفُّ أَوْ الْأَصَابِعُ مِنْ الرِّجْلِ سَقَطَ الْوَاجِبُ كَمَا قَالُوهُ، وَظَاهِرُهُ السُّقُوطُ، وَإِنْ جَعَلَ لَهَا بَدَلًا مِنْ نَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقِيَاسُ نَظَائِرِهَا وُجُوبُ وَضْعِ الْبَدَلِ إنْ سَهُلَ فَرَاجِعْهُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِمَشَقَّةٍ وَضْعُ الْبَاطِنِ هُنَا فِي الْجُمْلَةِ أَوْ يُقَالُ إنْ وَجَبَ غَسْلُهُ وَجَبَ وَضْعُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْأَعْضَاءُ فَإِنْ عُلِمَ الزَّائِدَةُ مِنْهَا لَمْ يَكْفِ وَضْعُهُ أَوْ الْأَصْلِيُّ كَفَى وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُ كَمَا مَرَّ أَوْ اشْتَبَهَ وَجَبَ وَضْعُ جُزْءٍ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْمُشْتَبَهَيْنِ، وَلَا يَكْفِي الْمُشْتَبَهُ مَعَ عَدَمِ وَضْعِ أَصْلِيٍّ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ كَشْفُ شَيْءٍ مِنْهَا) بَلْ يُكْرَهُ كَشْفُ الرُّكْبَتَيْنِ مُطْلَقًا وَالْقَدَمَيْنِ وَالْيَدَيْنِ مِنْ غَيْرِ الذَّكَرِ بَلْ يَحْرُمُ كَشْفُهَا إنْ لَزِمَ عَلَيْهِ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ أَنْ يَطْمَئِنَّ) أَيْ حَالَ وَضْعِ جَمِيعِ مَا يَجِبُ وَضْعُهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَهُوَ حَالَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْجِيمِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ، وَيَجُوزُ كَسْرُهَا لَكِنْ فِيهِ إيهَامُ الْمَوْضِعِ الْمُتَّخَذِ مَسْجِدًا لِأَنَّهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ. قَوْلُهُ: (وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ) أَيْ أَنْ يُحِسَّ بِهِ حَيْثُ أَمْكَنَ عُرْفًا لَا نَحْوُ قِنْطَارِ قُطْنٍ مَثَلًا، وَمِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ عَلَى التِّبْنِ،   [حاشية عميرة] حَدِيثِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» ، وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لِلشَّارِحِ مِثْلُ هَذَا بِتَرْكِ الدَّلِيلِ أَوْ لِعُمُومِ دَلِيلٍ يَأْتِي بَعْدَ مُحَافَظَةٍ عَلَى الِاخْتِصَارِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ كَشْفُ شَيْءٍ مِنْهَا) فِي الْحَدِيثِ «شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا» وَهُوَ دَالٌّ عَلَى وُجُوبِ كَشْفِ الْأَكُفِّ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَلَّلَ عَدَمَ الْوُجُوبِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ إظْهَارُ الْخُشُوعِ وَالتَّوَاضُعِ وَوَضْعُ الْجَبْهَةِ قَدْ حَصَلَ بِهِ غَايَةُ التَّوَاضُعِ وَأَيْضًا هِيَ بَارِزَةٌ لَا تَشُقُّ مُبَاشَرَةُ الْأَرْضِ بِهَا بِخِلَافِ الْكَفَّيْنِ، فَقَدْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 ذَلِكَ (وَأَنْ لَا يَهْوِيَ لِغَيْرِهِ) بِأَنْ يَهْوِيَ لَهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ (فَلَوْ سَقَطَ لِوَجْهِهِ) أَيْ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّ السُّجُودِ (وَجَبَ الْعَوْدُ إلَى الِاعْتِدَالِ) لِيَهْوِيَ مِنْهُ لِانْتِفَاءِ الْهَوِيِّ فِي السُّقُوطِ وَلَوْ هَوَى لِيَسْجُدَ فَسَقَطَ عَلَى جَبْهَتِهِ إنْ نَوَى الِاعْتِمَادَ عَلَيْهَا لَمْ يُحْسَبْ عَنْ السُّجُودِ وَإِلَّا حُسِبَ. (وَأَنْ تَرْتَفِعَ أَسَافِلُهُ عَلَى أَعَالِيهِ فِي الْأَصَحِّ) بِأَنْ يَرْفَعَ أَسَافِلَهُ فِيمَا إذَا كَانَ مَوْضِعُ الْجَبْهَةِ مُرْتَفِعًا قَلِيلًا. وَالثَّانِي يَجُوزُ تَسَاوِي الْأَسَافِلِ وَالْأَعَالِي، فَلَا حَاجَةَ إلَى رَفْعِ الْأَسَافِلِ فِيمَا ذُكِرَ، وَمَهْمَا كَانَ الْمَكَانُ مُسْتَوِيًا فَالْأَسَافِلُ أَعْلَى، وَلَوْ كَانَتْ الْأَعَالِي أَعْلَى مِنْ الْأَسَافِلِ لِارْتِفَاعِ مَوْضِعِ الْجَبْهَةِ كَثِيرًا لَمْ يُجْزِئْهُ جَزْمًا لِعَدَمِ اسْمِ السُّجُودِ، كَمَا لَوْ أَكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ وَمَدَّ رِجْلَيْهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ بِهِ عِلَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ السُّجُودُ إلَّا مَمْدُودَ الرِّجْلَيْنِ أَجْزَأَهُ، ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَأَكْمَلُهُ: يُكَبِّرُ لِهَوِيِّهِ بِلَا رَفْعٍ) لِيَدَيْهِ (وَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ فِي التَّكْبِيرِ الشَّيْخَانِ، وَفِي عَدَمِ الرَّفْعِ   [حاشية قليوبي] وَلَا يَجِبُ التَّحَامُلُ فِي غَيْرِ الْجَبْهَةِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَهْوَى إلَخْ) دَفَعَ بِذَلِكَ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ وُجُوبِ قَصْدِ نَفْيِ الْغَيْرِ فَلَا يَصِحُّ التَّفْرِيغُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ سَقَطَ إلَخْ، لَكِنْ فِي كَلَامِهِ إيهَامُ أَنَّ الْهَوِيَّ بِقَصْدِ غَيْرِ السُّجُودِ مَعَهُ مُضِرٌّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا ضَرَّ مَعَ الْإِطْلَاقِ لِسَبْقِ قَصْدِ الصَّارِفِ عَلَيْهِ فَاسْتَصْحَبَ وَلَوْ لَمْ يَسْبِقْ قَصْدُ الصَّارِفِ لَمْ يَضُرَّ الْإِطْلَاقُ. قَوْلُهُ: (إنْ نَوَى الِاعْتِمَادَ عَلَيْهَا) أَيْ فَقَطْ لَمْ تُحْسَبْ عَنْ السُّجُودِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي نَوَى الِاعْتِمَادَ فِيهِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ، فَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ أَدْنَى رَفْعٍ وَإِذَا زَادَ عَلَيْهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ هُوِيَّهُ قَبْلَ نِيَّةِ الِاعْتِمَادِ مُعْتَدٌّ بِهِ وَبَعْدَهَا لَاغٍ فَرَفَعَهُ إنْ كَانَ لِمَا قَبْلَهَا فَهُوَ زِيَادَةُ فِعْلٍ بِلَا مُوجِبٍ فَيَضُرُّ أَوْ لِمَا بَعْدَهَا فَهُوَ نَقْصٌ عَمَّا عَلَيْهِ فَلَا يَكْفِي وَبِهَذَا عُلِمَ مَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْعَوْدِ إلَى الِاعْتِدَالِ، وَمَا فِي قَوْلِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الطَّنْدَتَائِيِّ مِنْ وُجُوبِ عَوْدِهِ لِمَحَلِّ السُّقُوطِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْوِ الِاعْتِمَادَ عَلَى جَبْهَتِهِ فَقَطْ سَوَاءٌ نَوَى السُّجُودَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الِاعْتِمَادِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا. قَوْلُهُ: (حُسِبَ) أَيْ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ قَبْلَ الصَّارِفِ لِأَنَّ السُّقُوطَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَا يُعَدُّ فِعْلًا، وَلَوْ سَقَطَ لِجَنْبِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِمِثْلِ مَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ غَيْرَ الْهَوِيِّ فَلَهُ السُّجُودُ مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ إنْ لَمْ يَنْوِ بِرَفْعِهِ مِنْهُ الِاسْتِقَامَةَ فَقَطْ وَإِلَّا وَجَبَ الْجُلُوسُ لِيَسْجُدَ مِنْهُ وَلَا يَقُومُ، فَإِنْ قَامَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. قَوْلُهُ: (أَسَافِلُهُ) وَهِيَ عَجِيزَتُهُ وَمَا حَوْلَهَا، وَأَعَالِيهِ رَأْسُهُ وَمَنْكِبَاهُ، وَكَذَا يَدَاهُ. قَوْلُهُ: (وَمَهْمَا إلَخْ) أَيْ مَتَى سَجَدَ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَطْلُوبَةِ فِي السُّجُودِ، مِنْ رَفْعِ بَطْنِهِ عَنْ فَخِذَيْهِ وَكَانَ الْمَكَانُ مُسْتَوِيًا، لَزِمَ أَنْ تُرْفَعَ الْأَسَافِلُ، وَهَذَا وَاضِحٌ، وَلَا يَجُوزُ فَهْمُ غَيْرِهِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (أَجْزَأَهُ) أَيْ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودُ إلَّا بِوَضْعِ نَحْوِ مِخَدَّةٍ تَحْتَ رِجْلَيْهِ أَوْ رَأْسِهِ، فَيَجِبُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا إنْ حَصَلَ حَقِيقَةُ السُّجُودِ بِتَنْكِيسٍ وَغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَيُنْدَبُ. فَلَوْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ لَوْ يُمْكِنُهُ التَّنْكِيسُ لِمَيْلِهَا، صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، وَتَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ بَعْضُ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ إتْمَامُ بَعْضِ الْأَرْكَانِ، وَلَيْسَ لَهُ صَلَاةُ النَّفْلِ مَعَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَأَكْمَلَهُ يُكَبِّرُ لِهُوِيِّهِ) أَيْ يَبْتَدِئُ بِالتَّكْبِيرِ مَعَ ابْتِدَاءِ   [حاشية عميرة] تَشُقُّ مُبَاشَرَةُ الْأَرْضِ بِهِمَا لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، كَذَا قَالُوهُ، وَالرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي مُسْلِمٍ وَدَلَالَتُهَا بَيِّنَةٌ تَحْتَاجُ إلَى قُوَّةٍ فِي الْجَوَابِ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ أَجَابَ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مَسْجِدِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ مُلْتَفٌّ بِهِ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَيْهِ يَقِيهِ بَرْدَ الْحَصَى، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. قَوْلُهُ: (بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ) إنَّمَا ضَبَطَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْكَسْرَ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا يُوهِمُ هُنَا إرَادَةَ الْمَوْضِعِ الْمُتَّخَذِ مَسْجِدًا قَوْلُهُ: (فَإِنْ سَجَدَ عَلَى قُطْنٍ إلَخْ) الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَى ابْنُ حِبَّانَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك مِنْ الْأَرْضِ وَلَا تَنْقُرْ نَقْرًا» وَذَهَبَ الْإِمَامُ إلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّحَامُلِ، قَالَ: وَيَكْفِي مُجَرَّدُ الْإِمْسَاسِ، بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يُقِلَّ رَأْسَهُ اهـ. (فَرْعٌ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأَعْضَاءَ السِّتَّةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّحَامُلُ وَقَدْ يُوَجَّهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ هَوَى لِيَسْجُدَ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَصَدَ الْهَوِيَّ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ السُّقُوطُ قَبْلَ فِعْلِ الْهَوِيِّ، كَذَا رَأَيْته فِي ابْنِ شُهْبَةَ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا حَسَبَ) اسْتِصْحَابًا لِلْقَصْدِ الْأَوَّلِ، أَيْ: وَلَا يَقْدَحُ كَوْنُ السُّقُوطِ لَيْسَ فِعْلًا بِالِاخْتِيَارِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَسَافِلُهُ عَلَى أَعَالِيهِ) الْمُرَادُ بِالْأَسَافِلِ الْعَجِيزَةُ وَبِالْأَعَالِي الرَّأْسُ وَالْمَنْكِبَانِ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ «أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَضَعَ يَدَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَرَفَعَ عَجِيزَتَهُ، وَقَالَ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْجُدُ» . قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجُوزُ تَسَاوِي الْأَسَافِلِ وَالْأَعَالِي) عَلَّلَ بِحُصُولِ اسْمِ السُّجُودِ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَمَهْمَا كَانَ الْمَكَانُ مُسْتَوِيًا إلَخْ) إذَا نَظَرْت إلَى مَا سَلَفَ مِنْ اعْتِبَارِ وَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ اتَّضَحَ لَك مَا قَالَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 الْبُخَارِيُّ، وَفِي الْبَاقِي الْأَرْبَعَةُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، (ثُمَّ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ) لِلِاتِّبَاعِ فِي ضَمِّ الْأَنْفِ إلَى الْجَبْهَةِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَيَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مِنْ غَيْرِ تَثْلِيثٍ مُسْلِمٌ وَبِهِ أَبُو دَاوُد. (وَلَا يَزِيدُ الْإِمَامُ) عَلَى ذَلِكَ تَخْفِيفًا عَلَى الْمَأْمُومِينَ (وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ اللَّهُمَّ لَك سَجَدْت وَبِك آمَنْت وَلَك أَسْلَمْت، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ جَعَلَ لِطُولِهِ زِيَادَةً لِلْمُنْفَرِدِ وَأَلْحَقَ بِهِ إمَامَ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيلِ. (وَيَضَعُ يَدَيْهِ) فِي سُجُودِهِ (حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (وَيَنْشُرُ أَصَابِعَهُ مَضْمُومَةً لِلْقِبْلَةِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي النَّشْرِ وَالضَّمِّ الْبُخَارِيُّ وَفِي الْبَاقِي الْبَيْهَقِيُّ (وَيُفَرِّقُ رُكْبَتَيْهِ وَيَرْفَعُ بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ وَمَرْفِقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ) لِلِاتِّبَاعِ فِي الثَّلَاثَةِ فِي السُّجُودِ وَفِي الثَّالِثِ فِي الرُّكُوعِ، رَوَاهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ فِي السُّجُودِ أَبُو دَاوُد، وَفِي الثَّالِثِ فِيهِ الشَّيْخَانِ، وَفِي الثَّالِثِ فِي الرُّكُوعِ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَيُقَاسُ الْأَوَّلَانِ فِيهِ الْمَزِيدَانِ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ بِالْأَوَّلَيْنِ فِي السُّجُودِ، وَفِي الرَّوْضَةِ يُسْتَحَبُّ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ بِشِبْرٍ وَيُقَاسُ بِهِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الرُّكْبَتَيْنِ. (وَتَضُمُّ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى) بَعْضَهُمَا إلَى بَعْضٍ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَمَا اقْتَضَاهُ السِّيَاقُ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا وَأَحْوَطُ لَهُ، وَضَمُّ الْخُنْثَى الْمَزِيدُ عَلَى الْمُحَرَّرِ مَذْكُورٌ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الرُّكُوعِ وَفِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي السُّجُودِ أَيْضًا، وَفِيهِ هُنَا عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَضُمُّ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ أَيْ الْمَرْفِقَيْنِ إلَى الْجَنْبَيْنِ. (الثَّامِنُ الْجُلُوسُ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ مُطْمَئِنًّا) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: «ثُمَّ   [حاشية قليوبي] الْهَوِيِّ، وَيُمِدُّ التَّكْبِيرَ إلَى السُّجُودِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْفَهُ) أَفَادَ بِالْوَاوِ نَدْبَ وَضْعِهِمَا مَعًا، وَيُنْدَبُ كَشْفُهُ وَبِثُمَّ فِيمَا قَبْلَهُ التَّرْتِيبُ وَمُخَالَفَةُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَكْرُوهَةٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَفِيهِ بَحْثٌ، لِأَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ وَضْعِ الْأَنْفِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ لَهُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَا يُعَارِضُهُ حَدِيثُ السَّبْعَةِ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ ثِقَةٍ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلنَّدْبِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْتَدِلُّوا بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْجَبْهَةِ. قَوْلُهُ: (سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى) خَصَّ هَذَا بِالسُّجُودِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الْبُعْدِ عَنْ اللَّهِ بِانْخِفَاضِهِ، وَأَقَلُّهُ مَرَّةٌ وَأَدْنَى كَمَالِهِ ثَلَاثٌ كَمَا ذَكَرَهُ، وَأَكْثَرُهُ إحْدَى عَشْرَةَ وَالْأَوْلَى زِيَادَةُ (وَبِحَمْدِهِ) وَتَقَدَّمَ فِي الرُّكُوعِ بَيَانُ الْأَفْضَلِ مِنْهُ، وَيَأْتِي الْمَأْمُومُ بِمَا يُمْكِنُهُ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ. قَوْلُهُ: (وَصَوَّرَهُ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ إرَادَةِ خَلْقِ الْمَادَّةِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ) أَيْ مَنْفَذَهُمَا قَوْلُهُ: (تَبَارَكَ اللَّهُ) أَيْ تَعَالَى شَأْنُهُ فِي خَلْقِهِ وَحِكْمَتِهِ وَالْخَالِقِينَ الْمُقَدَّرِينَ تَقْدِيرًا. قَوْلُهُ: (وَيَضَعُ) أَيْ الْمُصَلِّي مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَيُفَرِّقُ) أَيْ الذَّكَرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ كَابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (رُكْبَتَيْهِ) سَوَاءٌ صَلَّى قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا. قَوْلُهُ: (وَيَرْفَعُ مَرْفِقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ) أَيْ الذَّكَرُ، وَيُنْدَبُ رَفْعُ السَّاعِدَيْنِ، عَنْ الْأَرْضِ فِي السُّجُودِ وَلَوْ امْرَأَةً وَخُنْثَى إلَّا لِنَحْوِ طُولِ السُّجُودِ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ) أَيْ فِي الْقِيَامِ وَالسُّجُودِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَيُسَنُّ تَفْرِيقُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ أَيْ إنْ أَمْكَنَ. قَوْلُهُ: (فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) لَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَوْلَى، لِيَشْمَلَ ضَمَّ الْقَدَمَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ فِي الرُّكُوعِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَضَمَّ الْبَطْنِ إلَى الْفَخِذَيْنِ، وَالْمَرْفِقَيْنِ إلَى الْجَنْبَيْنِ فِي السُّجُودِ، وَالْعَارِي كَالْمَرْأَةِ وَلَوْ فِي خَلْوَةٍ. وَيَجِبُ الضَّمُّ عَلَى سَلَسٍ يَسْتَمْسِكُ بَوْلُهُ بِهِ، وَيُسَنُّ كَشْفُ قَدَمَيْ الذَّكَرِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَكْفِي سَتْرُهُمَا كَالْكَفَّيْنِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَرْفِقَيْنِ إلَخْ) لَوْ سَكَتَ عَنْهُ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ. (فَرْعٌ) يُنْدَبُ فِي السُّجُودِ أَيْضًا سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجِلَّهُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ سِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك، وَبِعَفْوِك مِنْ عُقُوبَتِك، وَأَعُوذُ بِك مِنْك، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى   [حاشية عميرة] وَأَنْفَهُ) وُجُوبُ وَضْعِ الْأَنْفِ قَوِيٌّ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ، وَلَا يَرُدُّهُ حَدِيثُ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ» حَيْثُ أَسْقَطَ الْأَنْفَ لِأَنَّ ذِكْرَهُ زِيَادَةُ ثِقَةٍ، وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي أَبِي دَاوُد. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهُوَ صَحِيحٌ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مَا يَدُلُّ لَهُ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَضَعُ يَدَيْهِ) لَوْ قَدَّمَهُ عَلَى التَّسْبِيحِ فِي السُّجُودِ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (يُسْتَحَبُّ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ بِشِبْرٍ) قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا تَفْرِيقُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ بِهِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الرُّكْبَتَيْنِ) أَيْ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. قَوْلُهُ: (عَلَى فَخِذَيْهِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا» (وَيَجِبُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِرَفْعِهِ غَيْرَهُ) فَلَوْ رَفَعَ لِلَدْغَةِ عَقْرَبٍ أَوْ دُخُولِ شَوْكَةٍ فِي جَبِينِهِ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ لِلسُّجُودِ، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي فَتَاوِيهِ (وَأَنْ لَا يُطَوِّلَهُ وَلَا الِاعْتِدَالَ) لِأَنَّهُمَا لِلْفَصْلِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ تَطْوِيلِهِمَا فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ (وَأَكْمَلُهُ يُكَبِّرُ) مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ. (وَيَجْلِسُ مُفْتَرِشًا) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ فِي الْأَوَّلِ الشَّيْخَانِ، وَفِي الثَّانِي التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَسَيَأْتِي مَعْنَى الِافْتِرَاشِ. (وَاضِعًا يَدَيْهِ) عَلَى فَخِذَيْهِ (قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَيَنْشُرُ أَصَابِعَهُ) مَضْمُومَةً لِلْقِبْلَةِ كَمَا فِي السُّجُودِ أَخْذًا مِنْ الرَّوْضَةِ (قَائِلًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْفَعْنِي وَارْزُقْنِي وَاهْدِنِي وَعَافِنِي) لِلِاتِّبَاعِ رَوَى بَعْضَهُ أَبُو دَاوُد وَبَاقِيَهُ ابْنُ مَاجَهْ. (ثُمَّ يَسْجُدُ الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى) فِي الْأَقَلِّ وَالْأَكْمَلِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ. (وَالْمَشْهُورُ سَنُّ جِلْسَةٍ خَفِيفَةٍ) لِلِاسْتِرَاحَةِ (بَعْدَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ يَقُومُ عَنْهَا) بِأَنْ لَا يَعْقُبَهَا تَشَهُّدٌ لِحَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي، فَإِذَا كَانَ فِي وَتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالثَّانِي لَا تُسَنُّ لِحَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حَجَرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ اسْتَوَى قَائِمًا» ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ: " وَهُوَ غَرِيبٌ وَلَوْ صَحَّ وَجَبَ حَمْلُهُ لِيُوَافِقَ غَيْرَهُ عَلَى تَبْيِينِ الْجَوَازِ فِي وَقْتٍ أَوْ أَوْقَاتٍ " ثُمَّ السُّنَّةُ فِي هَذِهِ الْجِلْسَةِ الِافْتِرَاشُ لِلِاتِّبَاعِ،   [حاشية قليوبي] نَفْسِك. وَيُنْدَبُ كَثْرَةُ الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ مُطْلَقًا لِوُرُودِ الْإِجَابَةِ فِيهِ كَحَدِيثِ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ فِي سُجُودِكُمْ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» وَقَمِنٌ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَوْ فَتْحِهَا بِمَعْنَى حَقِيقٌ. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ: سَجَدْت لَك فِي طَاعَةِ اللَّهِ، أَوْ تُبْت إلَى اللَّهِ لَمْ يَضُرَّ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: اسْتَعَنَّا بِاَللَّهِ بَعْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ: وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الدُّعَاءِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الشُّرُوطِ أَنَّ التَّشْرِيكَ مُضِرٌّ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (لِلَدْغَةِ عَقْرَبٍ) اللَّدْغُ بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُعْجَمَةِ لِذَوَاتِ السُّمُومِ وَبِعَكْسِهَا لِغَيْرِهَا كَنَارٍ، وَلَمْ يَرِدْ فِي اللُّغَةِ إهْمَالُهُمَا وَلَا إعْجَامُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يُطَوِّلَهُ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يُطْلَبُ تَطْوِيلُهُمَا. نَعَمْ لَا يَضُرُّ تَطْوِيلُ اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، لِأَنَّهُ طُلِبَ تَطْوِيلُهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَسَيَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ الْمُبْطَلِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ لِلْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ فَأَكْثَرَ، زِيَادَةٌ عَلَى مَا يُطْلَبُ لِذَلِكَ الْمُصَلِّي عِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ وَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَعَلَى مَا يُطْلَبُ لِلْمُنْفَرِدِ مُطْلَقًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ. وَتَطْوِيلُ الْجُلُوسِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ التَّشَهُّدَ الْوَاجِبَ عَلَى مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (يُكَبِّرُ مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ) وَيُمِدُّهُ إلَى جُلُوسِهِ. قَوْلُهُ: (وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ) وَإِنْ تَسَامَتْ رُءُوسُهُمَا آخِرَ الرُّكْبَتَيْنِ، فَلَوْ أَرْسَلَهُمَا فِي جَانِبَيْهِ فَلَا بَأْسَ. قَوْلُهُ: (وَاجْبُرْنِي) أَيْ فِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إلَى جَبْرٍ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَغْنِنِي فَعَطْفُ اُرْزُقْنِي بَعْدَهُ عَامٌّ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ اُرْزُقْنِي فَعَطْفُهُ مُرَادِفٌ فَمَا بَعْدَهُ تَأْكِيدٌ لَهُ، وَطَلَبُ الرِّزْقِ يَنْصَرِفُ لِلْحَلَالِ مِنْهُ، وَكَوْنُ الرِّزْقِ مَا يَنْفَعُ وَلَوْ حَرَامًا مَا هُوَ فِيمَا إذَا اُسْتُعْمِلَ بِالْفِعْلِ فَالطَّلَبُ الْمُطْلَقُ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ اتِّفَاقًا، فَمَا اعْتَرَضَ بِهِ بَعْضُهُمْ هُنَا نَاشِئٌ عَنْ الْغَفْلَةِ وَعَدَمِ التَّأَمُّلِ. قَوْلُهُ: (وَعَافِنِي) أَيْ مِنْ بَلَاءِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاعْفُ عَنِّي. رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ، رَبِّ هَبْ لِي قَلْبًا تَقِيًّا نَقِيًّا مِنْ الشِّرْكِ بَرِيًّا لَا كَافِرًا وَلَا شَقِيًّا. قَوْلُهُ: (وَالْأَكْمَلُ) وَمِنْهُ التَّكْبِيرُ مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ، وَيَمُدُّهُ إلَى الْقِيَامِ، وَلَا يُكَبِّرُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ يَسْجُدُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ. قَوْلُهُ: (كَالْأُولَى) فَهُمَا رُكْنٌ وَاحِدٌ فِي الْعَدْوِ، رُكْنَانِ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (خَفِيفَةٍ) أَيْ بِقَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا قَالُوهُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَنْدُوبُ وَلَوْ ضُبِطَتْ بِقَدْرِ الْمَطْلُوبِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ كَانَ أَوْلَى فَرَاجِعْهُ وَلِلْمَأْمُومِ وَلَوْ بَطِيءَ الْحَرَكَةِ فِعْلُهَا لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ تَرَكَهَا الْإِمَامُ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَيَجِبُ تَرْكُهُ لِطُولِهِ، وَيُكْرَهُ تَطْوِيلُهَا عَلَى مَا ذُكِرَ، وَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ وَهِيَ فَاصِلَةٌ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) خَرَجَ بِهَا سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَنَحْوُهُ، فَلَا تُسَنُّ فِيهِ. قَوْلُهُ: (يَقُومُ عَنْهَا) وَلَوْ بِإِرَادَتِهِ فَشَمَلَ مَنْ قَصَدَ تَرْكَ   [حاشية عميرة] وَلَوْ أَرْسَلَهُمَا مِنْ جَانِبَيْ فَخِذَيْهِ كَانَ كَإِرْسَالِهِمَا فِي الْقِيَامِ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ انْعَطَفَتْ أَطْرَافُ أَصَابِعِهِمَا عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فَلَا بَأْسَ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ يَسْجُدُ الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى) إنَّمَا شُرِعَ تَكْرَارُ السُّجُودِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّوَاضُعِ، ثُمَّ إنَّ صَنِيعَ الْمُصَنِّفِ كَمَا تَرَى يَقْتَضِي أَنَّ السَّجْدَتَيْنِ مَعًا رُكْنٌ وَاحِدٌ، وَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَ أَعْنِي الْغَزَالِيَّ أَنَّهُمَا رُكْنَانِ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: فَائِدَةُ ذَلِكَ تَظْهَرُ فِي التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ وَالتَّأَخُّرِ عَنْهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ. (التَّاسِعُ، وَالْعَاشِرُ، وَالْحَادِي عَشَرَ: التَّشَهُّدُ وَقُعُودُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ (فَالتَّشَهُّدُ وَقُعُودُهُ إنْ عَقِبَهُمَا) مَعَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (سَلَامٌ رُكْنَانِ وَإِلَّا فَسُنَّتَانِ) أَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي فَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَلَمْ يَجْلِسْ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ، ثُمَّ سَلَّمَ؛ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، دَلَّ عَدَمُ تَدَارُكِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ. وَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَالتَّشَهُّدُ مِنْهُ دَلَّ عَلَى وُجُوبِهِ مَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَا: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " قُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَخْ " وَالْمُرَادُ فَرْضُهُ فِي الْجُلُوسِ آخِرَ الصَّلَاةِ لِمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مَحَلُّهُ فَيَتْبَعُهُ فِي الْوُجُوبِ (وَكَيْفَ قَعَدَ) فِي التَّشَهُّدَيْنِ (جَازَ وَيُسَنُّ فِي الْأَوَّلِ الِافْتِرَاشُ فَيَجْلِسُ عَلَى كَعْبِ يُسْرَاهُ) بِحَيْثُ يَلِي   [حاشية قليوبي] التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، فَتُسَنُّ لَهُ، وَخَرَجَ مَنْ يُصَلِّي قَاعِدًا. قَوْلُهُ: (التَّشَهُّدُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَالتَّشَهُّدُ وَقُعُودُهُ) أَيْ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِمَا رُكْنَيْنِ، فَلَيْسَ التَّعْرِيفُ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ أَوَّلُهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَيْدِهِ. قَوْلُهُ: (مَعَ الصَّلَاةِ) نَصَّ عَلَيْهَا لِأَجْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: إنْ عَقِبَهَا سَلَامٌ لَا لِسُكُوتِهِ عَنْهَا لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ جَعْلَ التَّشَهُّدِ شَامِلًا لَهَا لِتَدْخُلَ فِيهِ مَعَ قُعُودِهَا، وَيَكُونُ ذِكْرُهَا بَعْدُ لِبَيَانِ وُجُوبِهَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهَا كَبَعْضِ أَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ الْمَنْدُوبَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إنْ عَقِبَهُمَا) الْمُرَادُ بِالْعَقِبِ الْبَعْدِيَّةُ، وَغُلِّبَ فِي ذَلِكَ التَّشَهُّدُ عَلَى الْقُعُودِ لِأَنَّ السَّلَامَ فِيهِ لَا عَقِبَهُ، كَمَا تَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَنْهَجِ أَنَّ عَقِبَهُمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ الرَّاجِعِ لِلتَّشَهُّدِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَنْسَبُ مِمَّا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ ضَمِيرِ غَيْرِ التَّثْنِيَةِ الرَّاجِعِ إلَى الثَّلَاثَةِ: التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ وَالْقُعُودِ، لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ قُعُودُهُمَا خَرَجَ قُعُودُ السَّلَامِ أَوْ الْقُعُودُ مُطْلَقًا، لَزِمَ كَوْنُ السَّلَامِ عَقِبَ قُعُودِهِ، وَكُلُّ بَاطِلٍ وَفِيهِ تَسَمُّحٌ أَوْ الرَّاجِعُ إلَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَطْ، لِأَنَّهُ يُوهِمُ وُجُوبَ التَّشَهُّدِ فِي غَيْرِ الْآخِرِ وَفِيهِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (رُكْنَانِ) وَالرُّكْنُ مِنْ التَّشَهُّدِ أَلْفَاظُهُ الْوَاجِبَةُ، وَمِنْ الْقُعُودِ مَا قَارَنَهَا مَعَ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَإِنْ لَمْ تَشْمَلْهُ الْعِبَارَةُ. قِيلَ: وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: الرُّكْنُ مِنْ الْقُعُودِ جُزْءٌ بِطُمَأْنِينَةٍ وَلَوْ قَبْلَ التَّشَهُّدِ، كَمَا قِيلَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي قِيَامِ الْقِرَاءَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. يَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ: هُنَا وَالْقُعُودُ لَهُمَا أَيْ التَّشَهُّدُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَالْوَجْهُ مُسَاوَاةُ مَا هُنَا لِمَا هُنَاكَ وَلَا مُعَارَضَةَ فَتَأَمَّلْ. نَعَمْ لَا يَجِبُ الْقُعُودُ فِي نَفْلِ الْمُسَافِرِ الْمَاشِي، وَيَكْفِي الِاضْطِجَاعُ فِي نَفْلِ غَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي) قَدَّمَهُ لِسُهُولَتِهِ مَعَ دَلِيلِهِ. قَوْلُهُ: (كُنَّا نَقُولُ) أَيْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ فِي الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيَّنُ، فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: وَالْمُرَادُ فَرْضُهُ إلَخْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَكَرَهُ لِقَوْلِهِ: وَهُوَ مَحَلُّهُ إلَخْ، وَضَمِيرُ نَقُولُ عَائِدٌ إلَى الصَّحَابَةِ وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا تَابِعِينَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِجِبْرِيلَ فِيهِ فَكَانَا يَقُولَانِهِ، إذْ يَبْعُدُ اخْتِرَاعُ الصَّحَابَةِ لَهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَوْلَ السَّابِقَ لَمْ يَكُنْ مَفْرُوضًا أَصْلًا أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا بِفَرْضِيَّتِهِ، وَيَحْتَمِلُ تَوَجُّهَ الْفَرْضِيَّةِ إلَى أَلْفَاظِهِ الْمَخْصُوصَةِ، فَلَا يُنَافِي كَوْنُ الْأَوَّلِ كَانَ مَفْرُوضًا مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ بُدِّلَتْ أَلْفَاظُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مُلَازَمَتِهِمْ عَلَيْهِ، إذْ لَمْ يُنْقَلْ تَرْكُهُ. وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ قَبْلَ عِبَادِهِ هُوَ بَيَانٌ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُقَدِّمُونَ ذِكْرَ اللَّهِ عَلَى ذِكْرِ عِبَادِهِ، لَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَلَفَّظُونَ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى فُلَانٍ) بَيَانٌ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى ذِكْرِ جِبْرِيلَ مَثَلًا، بَلْ يَذْكُرُونَ غَيْرَهُ نَحْوُ مِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِهِمْ لَكِنْ لَمْ يَرِدْ مِقْدَارٌ مُعَيَّنٌ فِيمَا يَقُولُونَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي حَدِيثِ أَنَّهُ قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ إلَخْ، وَهَذَا دَلِيلٌ لِكَوْنِهِ فِي الْآخِرِ، وَأَمَّا دَلِيلُ كَوْنِهَا فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ صَرِيحُ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلَفْظُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ، أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْك، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك إذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا عَلَيْك فِي صَلَاتِنَا؟ ، اهـ. وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: وَأُولَى أَحْوَالِ وُجُوبِهَا الصَّلَاةُ، لِأَنَّ مَا ذُكِرَ نَصٌّ فِي ذَلِكَ وَإِرَادَةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مِنْ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ، وَلَعَلَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَسْتَدِلَّ بِهِ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوْلَى) بِمَعْنَى الْأَنْسَبِ أَنْ يَكُونَ وُجُوبُهَا خَاصًّا بِالصَّلَاةِ وَالتَّبَرِّي بِقَوْلِهِ: قَالُوا لِمَا ذَكَرَهُ الْكَشَّافُ مِنْ أَنَّ وُجُوبَهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَوَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَحَلِّ الْخِتَامِ. قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ بِمَعْنَى لَمْ يَحْرُمْ، فَلَا يُنَافِي كَرَاهَةَ الْإِقْعَاءِ كَمَا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْأَخِيرِ الِافْتِرَاشُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ رِجْلَهُ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ) جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْقِيَامَ أَفْضَلُ، ثُمَّ السُّجُودَ، ثُمَّ الرُّكُوعَ. [جلسة الِاسْتِرَاحَة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (الصَّلَاةُ إلَخْ) اخْتَارَ الْحَلِيمِيُّ وُجُوبَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ) هَذَا وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي قُولُوا إلَخْ مَوْضِعُ الِاسْتِدْلَالِ. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَعْنَاهُ) أَيْ قَدَّمَهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالسَّاهِي) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 ظَهْرُهَا الْأَرْضَ (وَيَنْصِبُ يُمْنَاهُ وَيَضَعُ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ) مِنْهَا (لِلْقِبْلَةِ وَفِي الْآخِرِ التَّوَرُّكُ وَهُوَ كَالِافْتِرَاشِ، لَكِنْ يُخْرِجُ يُسْرَاهُ مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ وَيُلْصِقُ وَرِكَهُ بِالْأَرْضِ) لِلْإِتْبَاعِ فِيهِمَا، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ مُسْتَوْفِزٌ فِي الْأَوَّلِ لِلْقِيَامِ بِخِلَافِهِ فِي الْآخِرِ، وَالْقِيَامُ عَنْ الِافْتِرَاشِ أَهْوَنُ (وَالْأَصَحُّ يَفْتَرِشُ الْمَسْبُوقُ) فِي التَّشَهُّدِ الْآخِرِ لِإِمَامِهِ لِاسْتِيفَازِهِ لِلْقِيَامِ. (وَالسَّاهِي) فِي تَشَهُّدِهِ الْآخِرِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى السُّجُودِ بَعْدَهُ، وَالثَّانِي يَتَوَرَّكَانِ الْأَوَّلُ مُتَابَعَةً لِإِمَامِهِ وَالثَّانِي نَظَرًا إلَى أَنَّهُ قُعُودٌ آخِرَ الصَّلَاةِ، وَالثَّالِثُ فِي الْأَوَّلِ إنْ كَانَ جُلُوسُهُ مَحَلَّ تَشَهُّدِهِ افْتَرَشَ وَإِلَّا تَوَرَّكَ لِلْمُتَابَعَةِ. (وَيَضَعُ فِيهِمَا) أَيْ فِي التَّشَهُّدَيْنِ (يُسْرَاهُ عَلَى طَرَفِ رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى مَنْشُورَةَ الْأَصَابِعِ) لِلْإِتْبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (بِلَا ضَمٍّ) بِأَنْ يُفَرِّجَ بَيْنَهَا تَفْرِيجًا مُقْتَصِدًا (قُلْت: الْأَصَحُّ الضَّمُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِيَتَوَجَّهَ جَمِيعُهَا إلَى الْقِبْلَةِ (وَيَقْبِضُ مِنْ يُمْنَاهُ) وَيَضَعُهَا عَلَى طَرَفِ رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى (الْخِنْصِرَ وَالْبِنْصِرَ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا وَثَالِثِهِمَا (وَكَذَا الْوُسْطَى فِي الْأَظْهَرِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالثَّانِي يُحَلِّقُ بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَالْوُسْطَى لِلْإِتْبَاعِ أَيْضًا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَالْأَصَحُّ فِي كَيْفِيَّةِ التَّعْلِيقِ أَنْ يُحَلِّقَ بِرَأْسَيْهِمَا، وَالثَّانِي يَضَعُ رَأْسَ الْوُسْطَى بَيْنَ عُقْدَتَيْ الْإِبْهَامِ (وَيُرْسِلَ الْمُسَبِّحَةَ) وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ (وَيَرْفَعَهَا عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا اللَّهُ) لِلْإِتْبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَلَا يُحَرِّكُهَا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقِيلَ   [حاشية قليوبي] كَالْفَرْشِ لَهُ، كَمَا سُمِّيَ التَّوَرُّكُ بِذَلِكَ لِجُلُوسِهِ عَلَى الْوَرِكِ. وَعِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يُسَنُّ التَّوَرُّكُ مُطْلَقًا. وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ: يُسَنُّ الِافْتِرَاشُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَيَضَعُ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ) أَيْ بُطُونَهَا وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ كَمَا فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (لِلْقِيَامِ) أَيْ أَصَالَةً فَيُنْدَبُ كَالتَّوَرُّكِ لِمَنْ يُصَلِّي مِنْ جُلُوسٍ، وَفِيهِ إعْلَامُ غَيْرِهِ بِالتَّشَهُّدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَدَفْعُ اشْتِبَاهِ مَا فَعَلَهُ مِنْ الرَّكَعَاتِ. قَوْلُهُ: (يَفْتَرِشُ الْمَسْبُوقُ) أَيْ وَلَوْ خَلِيفَةً عَنْ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ، وَيُقَدَّمُ عَلَى مُرَاعَاةِ الْمُسْتَخْلِفِ لِلِاتِّفَاقِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَالسَّاهِي) أَيْ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَلَوْ لِعَمْدٍ وَلَمْ يُرِدْ تَرْكَهُ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا وَعُلِمَ مِنْ إمَامِهِ تَرْكُهُ، وَلَوْ أَرَادَ السُّجُودَ بَعْدَ التَّوَرُّكِ فَلَهُ الِافْتِرَاشُ كَعَكْسِهِ وَيُنْدَبُ الِافْتِرَاشُ وَالتَّوَرُّكُ، وَلَوْ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّشَهُّدَ، وَلِمَنْ يُصَلِّي مُضْطَجِعًا إنْ أَمْكَنَ، وَطَلَبُ الِافْتِرَاشِ هُنَا لِمَنْ أَطْلَقَ لِكَوْنِ الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ مَحَلَّ سُجُودِ السَّهْوِ أَصَالَةً لَا يُنَافِي طَلَبَ تَرْكِ الرَّمَلِ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ لِمَنْ لَمْ يُرِدْ السَّعْيَ عَقِبَهُ، لِأَنَّ مَحَلَّهُ أَصَالَةً طَوَافُ الْإِفَاضَةِ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ الضَّمُّ) وَلَوْ لِلْإِبْهَامِ. قَوْلُهُ: (إلَى الْقِبْلَةِ) أَيْ لِعَيْنِهَا غَالِبًا فَلَا يُرَدُّ ضَمُّ مَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا. قَوْلُهُ: (وَيَقْبِضُ مِنْ يُمْنَاهُ) أَيْ بَعْدَ وَضْعِهَا مَنْشُورَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَالْخَطِيبِ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِمْ أَنَّ الْقَبْضَ مُقَارِنٌ لِلْوَضْعِ، فَالْوَاوُ فِي وَيَضَعُ فِي عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْأَوَّلِ لِلْبَعْدِيَّةِ، وَعَلَى الثَّانِي لِلْمَعِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَثَالِثُهُمَا) الْأَفْصَحُ الْفَتْحُ فِي ثَالِثِ الْخِنْصَرِ قَالَهُ الْفَارِسِيُّ. قَوْلُهُ: (وَيُرْسِلُ الْمُسَبِّحَةَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ سُمِّيَتْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا إلَى التَّسْبِيحِ، وَتُسَمَّى السَّبَّابَةُ لِأَنَّهُ يُشَارُ بِهَا عِنْدَ السَّبِّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيَرْفَعُهَا) أَيْ مُمَايَلَةُ الرَّأْسِ إنْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهَا وَإِلَّا فَلَا يَرْفَعُ سَبَّابَةَ الْيُسْرَى عَنْهَا، بَلْ يُكْرَهُ لِأَنَّ هَيْئَتَهَا عَدَمُ الرَّفْعِ فَلَا نُغَيِّرُ. بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُسَمَّى مُسَبِّحَةً، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّنْزِيهِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ قَوْلِهِ) أَيْ مَعَهُ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا فَوَقْتَهُ كَمَا يَرْفَعُ الْعَاجِزُ عَنْ الْقُنُوتِ يَدَيْهِ فِي الْوَقْتِ لَهُ، وَيَقْصِدُ أَنَّ الْمَعْبُودَ وَاحِدٌ فَيَجْمَعُ فِي التَّوْحِيدِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ وَالِاعْتِقَادِ، وَخُصَّتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ لَهَا عِرْقًا مُتَّصِلًا   [حاشية عميرة] الْمُرَادُ بِهِ مَنْ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ سَوَاءٌ حَصَلَ سَبَبُهُ لِسَهْوٍ أَوْ عَمْدٍ، ثُمَّ إنَّ هَذَا وَاضِحٌ إنْ أَرَادَ السُّجُودَ أَوْ أَطْلَقَ وَإِلَّا فَالْمُتَّجَهُ التَّوَرُّكُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِلَا ضَمٍّ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى وَضْعِهَا عَلَى الرُّكْبَةِ فِي الرُّكُوعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت: الْأَصَحُّ الضَّمُّ) حَتَّى الْإِبْهَامِ. قَوْلُهُ: (وَثَالِثُهُمَا) قَالَ الْفَارِسِيُّ: الْفَصِيحُ فَتْحُ صَادِ الْخِنْصَرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُرْسِلُ الْمُسَبِّحَةَ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا يُشَارُ بِهَا إلَى التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ، وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ التَّسْبِيحَ هُوَ التَّنْزِيهُ، وَتُسَمَّى أَيْضًا السَّبَّابَةُ لِأَنَّهَا يُشَارُ بِهَا عِنْدَ الْمُخَاصَمَةِ وَالسَّبِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَرْفَعُهَا) حِكْمَةُ الرَّفْعِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمَعْبُودَ وَاحِدٌ فَيَكُونُ جَامِعًا فِي تَوْحِيدِهِ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالِاعْتِقَادِ، وَيُكْرَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 يُحَرِّكُهَا لِلِاتِّبَاعِ أَيْضًا، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: الْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ اهـ. وَتَقْدِيمُ الْأَوَّلِ النَّافِي عَلَى الثَّانِي الْمُثْبِتِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ (وَالْأَظْهَرُ ضَمُّ الْإِبْهَامِ إلَيْهَا كَعَاقِدِ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ) لِلِاتِّبَاعِ، وَالثَّانِي يَضَعُ الْإِبْهَامَ عَلَى الْوُسْطَى الْمَقْبُوضَةِ كَعَاقِدِ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ لِلِاتِّبَاعِ أَيْضًا، رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ. (وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرْضٌ فِي التَّشَهُّدِ الْآخِرِ وَفِي مَعْنَاهُ تَشَهُّدُ الصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ وَالصَّلَاةِ الْمَقْصُورَةِ لِأَنَّهَا كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاجِبَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: 56] وَأُولَى أَحْوَالِ وُجُوبِهَا الصَّلَاةُ وَالْمُنَاسِبُ لَهَا مِنْهَا التَّشَهُّدُ آخِرَهَا، فَتَجِبُ فِيهِ أَيْ مَعَهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْغَزَالِيُّ، وَمَعِيَّةُ لَفْظٍ لِآخَرَ مِنْ مُتَكَلِّمٍ بِمَعْنَى الْبَعْدِيَّةِ، فَالْمَعْنَى أَنَّهَا بَعْدَهُ، وَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ وُجُوبِ تَرْتِيبِ الْأَرْكَانِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَقَالَ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ. (وَالْأَظْهَرُ سَنُّهَا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْإِتْيَانُ بِهَا فِيهِ قِيَاسًا عَلَى الْآخِرِ، وَتَكُونُ فِيهِ سُنَّةً لِكَوْنِهِ سُنَّةً، وَالثَّانِي لَا تُسَنُّ فِيهِ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ. (وَلَا   [حاشية قليوبي] بِنِيَاطِ الْقَلْبِ، فَرَفْعُهَا يُحَرِّكُهُ لِيَنْتَبِهَ لِلتَّوْحِيدِ، وَيُدِيمُ رَفْعَهَا إلَى الْقِيَامِ أَوْ السَّلَامِ بِخِلَافِ الْوُسْطَى، فَإِنَّ لَهَا عِرْقًا مُتَّصِلًا بِالذَّكَرِ، وَلِذَلِكَ يُسْتَقْبَحُ الْإِشَارَةُ بِهَا. وَلَوْ جَعَلَ لِلسَّبَّابَةِ بَدَلًا وَأَمْكَنَ رَفْعُهُ نُدِبَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُحَرِّكُهَا) لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (لِمَا قَامَ إلَخْ) وَهُوَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الصَّلَاةِ عَدَمُ الْحَرَكَةِ، أَوْ لِأَنَّ التَّحْرِيكَ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ، وَتَحْرِيكُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ. بَلْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّ الْمُرَادَ بِالتَّحْرِيكِ فِي حَدِيثِهِ الرَّفْعُ فَلَا مُعَارَضَةَ. قَوْلُهُ: (ضَمُّ الْإِبْهَامِ إلَيْهَا) بِحَيْثُ تَكُونُ رَأْسُ الْإِبْهَامِ عَلَى طَرَفِ الرَّاحَةِ عِنْدَ أَسْفَلِ السَّبَّابَةِ. قَوْلُهُ: (كَعَاقِدِ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ) هَذَا قَوْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَشَرَطَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ وَضْعَ الْخِنْصَرِ فَوْقَ الْبِنْصِرِ، وَإِلَّا فَهُوَ تِسْعَةٌ وَخَمْسُونَ، وَالْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِالْجَمِيعِ، وَمِنْهَا التَّحْلِيقُ بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَالْوُسْطَى، وَوَضْعُ رَأْسِ الْوُسْطَى بَيْنَ عُقْدَتَيْ الْإِبْهَامِ، وَإِرْسَالُ الْإِبْهَامِ بِجَانِبِ السَّبَّابَةِ فَهِيَ كَيْفِيَّاتٌ خَمْسٌ، وَيُلْصِقُ ظُهُورَ أَصَابِعِهِ بِرُكْبَتِهِ. (فَرْعٌ) لَوْ عَجَزَ عَنْ هَيْئَةِ الِافْتِرَاشِ أَوْ التَّوَرُّكِ الْمَعْرُوفَةِ وَقَدَرَ عَلَى عَكْسِهَا فَعَلَهُ، لِأَنَّهُ الْمَيْسُورُ. وَلَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِهِ كَنَصْبِ يُمْنَاهُ فَقَطْ أَتَى بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ هَيْئَتُهَا فَلَا تُغَيَّرُ كَمَا فِي الْمُسَبِّحَةِ فِيمَا مَرَّ. (فَائِدَةٌ) : فِي كَيْفِيَّةِ الْعَدَدِ بِالْكَفِّ وَالْأَصَابِعِ الْمُشَارِ إلَى بَعْضِهِ بِقَوْلِهِمْ: كَعَاقِدِ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ كَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ، قَالُوا: إنَّ الْوَاحِدَ يُكْنَى عَنْهُ بِضَمِّ الْخِنْصَرِ لَا قُرْبِ بَاطِنِ الْكَفِّ مِنْهُ، وَالِاثْنَيْنِ بِضَمِّ الْبِنْصِرِ مَعَهَا كَذَلِكَ، وَالثَّلَاثَةَ بِضَمِّ الْوُسْطَى مَعَهُمَا كَذَلِكَ، وَالْأَرْبَعَةَ بِرَفْعِ الْخِنْصَرِ عَنْهُمَا، وَالْخَمْسَةَ بِرَفْعِ الْبِنْصِرِ مَعَهُ مَعَ بَقَاءِ الْوُسْطَى، وَالسِّتَّةَ بِضَمِّ الْبِنْصِرِ وَحْدَهُ، وَالسَّبْعَةَ بِضَمِّ الْخِنْصَرِ وَحْدَهُ عَلَى لَحْمَةِ أَصْلِ الْإِبْهَامِ، وَالثَّمَانِيَةَ بِضَمِّ الْبِنْصِرِ مَعَهُ كَذَلِكَ، وَالتِّسْعَةَ بِضَمِّ الْوُسْطَى مَعَهُمَا كَذَلِكَ، وَالْعَشَرَةَ بِجَعْلِ السَّبَّابَةِ عَلَى نِصْفِ الْإِبْهَامِ، وَالْعِشْرِينَ بِمَدِّهِمَا مَعًا، وَالثَّلَاثِينَ بِلُصُوقِ طَرَفَيْ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ، وَالْأَرْبَعِينَ بِمَدِّ الْإِبْهَامِ بِجَانِبِ السَّبَّابَةِ، وَالْخَمْسِينَ بِعَطْفِ الْإِبْهَامِ كَأَنَّهَا رَاكِعَةٌ، وَالسِّتِّينَ بِتَحْلِيقِ السَّبَّابَةِ فَوْقَ الْإِبْهَامِ، وَالسَّبْعِينَ بِوَضْعِ طَرَفِ الْإِبْهَامِ عَلَى الْأُنْمُلَةِ الْوُسْطَى مِنْ السَّبَّابَةِ مَعَ عَطْفِ السَّبَّابَةِ عَلَيْهَا قَلِيلًا، وَالثَّمَانِينَ بِوَضْعِ طَرَفِ السَّبَّابَةِ عَلَى ظُفْرِ الْإِبْهَامِ، وَالتِّسْعِينَ بِعَطْفِ السَّبَّابَةِ حَتَّى تَلْتَقِيَ عَلَى الْكَفِّ وَضَمِّ الْإِبْهَامِ إلَيْهَا، وَالْمِائَةَ بِفَتْحِ الْيَدِ كُلِّهَا. قَوْلُهُ: (وَفِي مَعْنَاهُ إلَخْ) أَوْرَدَ هَذَا نَظَرًا إلَى أَنَّ لَفْظَ آخِرٍ يَسْتَدْعِي سَبْقَ أَوَّلٍ، وَلَوْ حُمِلَ الْآخِرُ عَلَى مَعْنَى آخِرِ الصَّلَاةِ لَشَمَلَ ذَلِكَ اهـ. قَوْلُهُ: (وَأَوْلَى أَحْوَالِهَا إلَخْ) أَيْ لِانْضِمَامِهَا إلَى السَّلَامِ الَّذِي فِي التَّشَهُّدِ لِلْخُرُوجِ مِنْ كَرَاهَةِ إفْرَادِهِمَا، وَقَوْلُ إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِوُجُوبِهَا قَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فَمِنْ الصَّحَابَةِ عُمَرُ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمِنْ التَّابِعِينَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ وَالشَّعْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ، وَمِنْ غَيْرِهِمْ إِسْحَاقُ وَمَالِكُ بْنُ الْمَوَّازِ بِوَاوٍ مُشَدَّدَةٍ وَآخِرُهُ زَايٌ مُعْجَمَةٌ، وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَأَحْمَدُ فِي آخِرِ قَوْلَيْهِ، فَمَنْ ادَّعَى أَنَّ إمَامَنَا الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَذَّ فِي ذَلِكَ وَلَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ فَقَدْ غَلِطَ، مَعَ أَنَّ إيجَابَهَا لَمْ يُخَالَفْ نَصًّا وَلَا إجْمَاعًا وَلَا قِيَاسًا وَلَا مَصْلَحَةً رَاجِحَةً، وَوُجُوبَهَا كَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ كَمَا مَرَّ، وَقِيلَ: لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى أَنَّهَا بَعْدَهُ) أَيْ أَخْذًا مِنْ إضَافَةِ الْمَعِيَّةِ إلَيْهَا، وَإِلَّا فَالْمَعِيَّةُ صَادِقَةٌ بِعَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْإِتْيَانُ إلَخْ) أَشَارَ   [حاشية عميرة] رَفْعُ سَبَّابَةِ الْيُسْرَى وَلَوْ مِنْ فَاقِدِهَا مِنْ الْيُمْنَى. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُحَرِّكُهَا) . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّحْرِيكِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ هُوَ الرَّفْعُ. قَوْلُهُ: (لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ) مِنْهُ أَنَّ التَّحْرِيكَ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 تُسَنُّ) الصَّلَاةُ (عَلَى الْآلِ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ) وَقِيلَ: تُسَنُّ فِيهِ، وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِهَا فِي الْآخِرِ فَإِنْ لَمْ تَجِبْ فِيهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا سَيَأْتِي لَمْ تُسَنَّ فِي الْأَوَّلِ جَزْمًا (وَتُسَنُّ فِي الْآخِرِ وَقِيلَ تَجِبُ) فِيهِ لِحَدِيثِ «أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْك فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك قَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ» إلَخْ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ إلَّا صَدْرَهُ فَمُسْلِمٌ، فَالصَّلَاةُ فِيهِ عَلَى الْآلِ الْمَزِيدَةُ فِي الْجَوَابِ مَطْلُوبَةٌ قَالَ الثَّانِي عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ كَالْجَوَابِ، وَقَالَ الْأَوَّلُ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ كَاَلَّذِي بَعْدَهَا وَهُوَ أَظْهَرُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَى هَذَا الْخِلَافَ قَوْلَيْنِ وَمَشَى فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى تَرْجِيحِهِ، وَرَجَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ وَجْهَانِ، وَلَوْ صَلَّى فِي الْأَوَّلِ عَلَى النَّبِيِّ وَلَمْ نَسُنَّهَا فِيهِ أَوْ صَلَّى فِيهِ عَلَى الْآلِ وَلَمْ نَسُنَّهَا فِيهِ مَعَ قَوْلِنَا بِوُجُوبِهَا فِي الثَّانِي، فَقَدْ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا مِنْ مَحَلِّهِ إلَى غَيْرِهِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَمْدِهِ فِي وَجْهٍ يَأْتِي فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ وَآلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَارِبُهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ. (وَأَكْمَلُ التَّشَهُّدِ مَشْهُورٌ) وَرَدَ فِيهِ أَحَادِيثُ اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْهَا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ فَكَانَ يَقُولُ: «التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ   [حاشية قليوبي] إلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي سَنِّهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْإِتْيَانِ بِهَا وَعَدَمِهِ الْمُسْتَنِدِ لِلْقِيَاسِ وَعَدَمِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ) الَّذِي هُوَ الْأَظْهَرُ، وَمُقَابِلُهُ الْمَذْكُورَانِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ يَجْرِيَانِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فِيهِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْأَخِيرِ، وَإِنْ قِيلَ بِنَدْبِهِمَا فِي الْأَخِيرِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لَمْ تُنْدَبْ فِي الْأَوَّلِ قَطْعًا، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ الْقَاطِعَةُ هِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ اصْطِلَاحِهِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِذِكْرِ الْبِنَاءِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَاَلَّذِي بَعْدَهَا) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، خِلَافًا لِزَعْمِ بَعْضِهِمْ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (هَذَا الْخِلَافُ) الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ: تُسَنُّ فِي الْأَخِيرِ، وَقِيلَ: تَجِبُ. وَصَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ مَا فِي الْمَنْهَجِ كَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَوْلُهُ: (فِي وَجْهٍ) أَيْ مَرْجُوحٍ، وَلَا يُسَنُّ سُجُودُ السَّهْوِ فِي هَذَا أَيْضًا عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ: (أَقَارِبُهُ الْمُؤْمِنُونَ) أَيْ وَالْمُؤْمِنَاتُ، فَهُوَ تَغْلِيبٌ. وَقِيلَ: كُلُّ مُسْلِمٍ، وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَقَامِ الدُّعَاءِ. قَوْلُهُ: (اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ مِنْهَا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ) مَعَ أَنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَوَائِدِ كَذِكْرِ الْمُبَارَكَاتِ الْمُوَافِقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً} [النور: 61] وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (التَّحِيَّاتُ) جَمْعُ تَحِيَّةٍ بِمَعْنَى الْبَقَاءِ الدَّائِمِ، أَوْ السَّلَامَةِ مِنْ الْآفَاتِ. وَهِيَ مُبْتَدَأٌ   [حاشية عميرة] وَالثَّانِي يُرْسِلُهُ أَيْضًا مَعَ طُولِ الْمُسَبِّحَةِ، وَقِيلَ: يَقْبِضُهُ وَيَجْعَلُهُ فَوْقَ الْوُسْطَى. قَالَ: فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَيْهَا يَعْنِي إلَى الْمُسَبِّحَةِ خَرَجَ بِهِ الْقَوْلُ بِقَبْضِهَا وَجَعْلِهَا فَوْقَ الْوُسْطَى، وَقَوْلُهُ: كَعَاقِدِ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ، أَشَارَ بِهِ إلَى جَعْلِ الْإِبْهَامِ مَقْبُوضَةً تَحْتَ الْمُسَبِّحَةِ، فَخَرَجَ بِهِ قَوْلُ إرْسَالِهَا مَعَهَا، وَهَذَا التَّقْدِيرُ هُوَ الصَّوَابُ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ عَقْدَ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ شَرْطُهَا عِنْدَ الْحِسَابِ أَنْ يَضَعَ طَرَفَ الْخِنْصَرِ عَلَى الْبِنْصِرِ، وَأَمَّا الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ فَهِيَ تِسْعٌ وَخَمْسُونَ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْفُقَهَاءُ بِالْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي إتْبَاعًا لِرِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ، ثُمَّ نَقَلَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ عَنْ صَاحِبِ الْإِقْلِيدِ أَنَّهُ أَجَابَ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ وَضْعِ الْخِنْصَرِ عَلَى الْبِنْصِرِ فِي عَقْدِ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ طَرِيقَةُ أَقْبَاطِ مِصْرَ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا يَشْتَرِطُونَ فِيهَا ذَلِكَ اهـ. (فَائِدَةٌ) : كَيْفَمَا فَعَلَ الْمُصَلِّي مِنْ الْهَيْئَاتِ الْمَذْكُورَةِ حَصَلَ السُّنَّةُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُنَاسِبُ لَهَا مِنْهَا التَّشَهُّدُ آخِرُهَا) كَانَ وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ لِلتَّشَهُّدِ اشْتِمَالَهُ عَلَى السَّلَامِ، وَأَمَّا الِاخْتِصَاصُ بِالْآخِرِ فَلِأَنَّهُ خَاتِمَةُ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (فَتَجِبُ فِيهِ أَيْ مَعَهُ) إنَّمَا صَنَعَ هَكَذَا لِأَنَّ قَوْلَهُ فَتَجِبُ فِيهِ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فَرْضٌ فِي التَّشَهُّدِ فَهُوَ الْمُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ مَعَهُ لِيَكُونَ هَذَا التَّفْسِيرُ تَفْسِيرًا لِلْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ فَالْمَعْنَى أَنَّهَا بَعْدَهُ أَيْ الْمُرَادُ مِنْ الْمَتْنِ. قَوْلُهُ: (قِيَاسًا عَلَى الْآخِرِ) أَيْ وَلِأَنَّ السَّلَامَ سُنَّةٌ مَشْرُوعٌ فِيهِ، فَلْتَكُنْ الصَّلَاةُ كَذَلِكَ لِأَنَّ جَمْعَهُمَا مُسْتَحَبٌّ. قَوْلُهُ: (لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ) فِي أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْلِسُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كَأَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَى الرَّضْفِ» ، وَالرَّضْفُ الْحِجَارَةُ الْمُحْمَاةُ قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) وَالْإِسْنَوِيُّ أَنَّا إذَا قُلْنَا بِالْوُجُوبِ فِي الثَّانِي فَفِيهَا فِي الْأَوَّلِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَوَّلِ اهـ. وَهَذَا الْبِنَاءُ كَمَا نَرَى قَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ السُّنِّيَّةِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَقَدْ يُعْتَذَرُ عَنْهُ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْخِلَافُ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا هَذَا الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ بِتَرْجِيحِهِ. قَوْلُهُ: (اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لِأُمُورٍ مِنْهَا زِيَادَةُ الْمُبَارَكَاتِ عَلَى وَفْقِ قَوْله تَعَالَى: {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61] وَمِنْهَا أَنَّ صِغَرَ سِنِّ الرَّاوِي يَقْوَى مَعَهُ رُجْحَانُ الْمُتَأَخِّرِ، وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مُسْلِمٍ، وَحَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَهُوَ أَصَحُّ. قَوْلُهُ: (فَكَانَ يَقُولُ التَّحِيَّاتُ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: جَمْعُ تَحِيَّةٍ، فَقِيلَ هِيَ الْبَقَاءُ الدَّائِمُ، وَقِيلَ الْعَظَمَةُ، وَقِيلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَأَقَلُّهُ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) إذْ مَا بَعْدَ التَّحِيَّاتِ مِنْ الْكَلِمَاتِ الثَّلَاثِ تَوَابِعُ لَهُ وَقَدْ سَقَطَ أُولَاهَا فِي حَدِيثِ غَيْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَاءَ فِي حَدِيثِهِ سَلَامٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالتَّنْوِينِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ فِيهِ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَقِيلَ يُحْذَفُ وَبَرَكَاتُهُ) لِلْغِنَى عَنْهُ يَرْحَمُهُ اللَّهُ (وَ) قِيلَ يُحْذَفُ (الصَّالِحِينَ) لِلْغِنَى عَنْهُ بِإِضَافَةِ الْعِبَادِ إلَى اللَّهِ لِانْصِرَافِهِ إلَى الصَّالِحِينَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6] (وَ) قِيلَ: (يَقُولُ: وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ) بَدَلَ وَأَشْهَدُ إلَخْ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَاهُ. (قُلْت: الْأَصَحُّ) يَقُولُ: (وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لَكِنْ بِلَفْظِ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَالْمُرَادُ إسْقَاطُ لَفْظِ أَشْهَدُ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَقِيلَ إلَخْ حِكَايَةُ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَوْ أَخَلَّ بِتَرْتِيبِ التَّشَهُّدِ نُظِرَ إنْ غَيَّرَ تَغْيِيرًا مُبْطِلًا لِلْمَعْنَى لَمْ يُحْسَبْ   [حاشية قليوبي] وَلِلَّهِ خَبَرٌ عَنْهَا، وَمَا بَعْدَهَا نَعْتٌ إنْ لَمْ يُذْكَرْ مَعَهُ الْخَبَرُ، وَإِلَّا فَهِيَ جَمَلٌ. وَقَدْ وَرَدَ فِيهَا الْعَطْفُ أَيْضًا، وَالسَّلَامَةُ بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ أَوْ السَّلَامَةِ مِنْ النَّقَائِصِ أَوْ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى، وَضَمِيرُ عَلَيْنَا لِلْجَمَاعَةِ الْحَاضِرِينَ مِنْ إنْسٍ وَجِنٍّ وَمَلَائِكَةٍ وَلَوْ غَيْرَ الْمُصَلِّينَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَقِيلَ: لِكُلِّ مُسْلِمٍ. وَالصَّالِحِينَ، جَمْعُ صَالِحٍ وَهُوَ الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ عِبَادِهِ، فَعَطْفُهُ خَاصٌّ. قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّهُ) أَيْ التَّشَهُّدِ، فَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُ كَلِمَةٍ أَوْ حَرْفٍ مِنْهُ، وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ إنْ لَمْ يُعِدْهُ. نَعَمْ لَا يَتَعَيَّنُ الْجَمْعُ بَيْنَ لَفْظِ أَشْهَدُ الثَّانِيَةِ وَالْوَاوِ، فَجَمْعُهُمَا مِنْ الْأَكْمَلِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ نَقْلًا عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَلَا يَضُرُّ إسْقَاطُ شَدَّةِ الرَّاءِ مِنْ رَسُولٍ، وَلَا إسْقَاطُ شَدَّةِ اللَّامِ مِنْ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ يَضُرُّ فِي الْعَالِمِ دُونَ الْجَاهِلِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ التَّنْوِينَ فِي مُحَمَّدٍ كَذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ كَلِمَةٍ مِنْهُ كَالنَّبِيِّ وَاَللَّهِ وَمُحَمَّدٍ وَالرَّسُولِ، وَالرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ بِغَيْرِهَا، وَلَا أَشْهَدُ بِأَعْلَمُ، وَلَا ضَمِيرُ عَلَيْنَا بِظَاهِرٍ، وَلَا إبْدَالُ حَرْفٍ مِنْهُ كَكَافِ عَلَيْك بِاسْمٍ ظَاهِرٍ، وَلَا أَلِفُ أَشْهَدُ بِالنُّونِ، وَلَا هَاءُ بَرَكَاتِهِ بِظَاهِرٍ، وَجَوَّزَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي الثَّانِي، وَيَجُوزُ إبْدَالُ يَاءِ النَّبِيِّ بِالْهَمْزِ، وَيَضُرُّ إسْقَاطُهُمَا مَعًا. قَالَ مَشَايِخُنَا: إلَّا فِي الْوَقْفِ، وَيَضُرُّ إسْقَاطُ تَنْوِينِ سَلَامٍ الْمُنَكَّرِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَلَا يَضُرُّ تَنْوِينُ الْمُعَرَّفِ وَلَا زِيَادَةُ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَ التَّشَهُّدِ، بَلْ يُكْرَهُ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ سَقَطَ أُولَاهَا) قَالَ النَّوَوِيُّ: فِي ثَانِيَتِهَا وَثَالِثِهَا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَقُولُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُهُ) وَهَذَا الْوَجْهُ قَدْ اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. قَوْلُهُ: (لَوْ أَخَلَّ إلَخْ) هَذَا الْإِخْلَالُ حَرَامٌ وَإِنْ أَجْزَأَ، وَمُفَارَقَتُهُ لِلْفَاتِحَةِ ظَاهِرٌ، وَعَنْ الْعَلَّامَةِ الْعَبَّادِيِّ أَنَّهُ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى وَتَعَمَّدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ لَمْ يُجْزِئْهُ فَرَاجِعْهُ. وَتُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ فِيهِ أَيْضًا، وَتُعْتَبَرُ بِمَا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ.   [حاشية عميرة] السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ، وَقِيلَ الْمُلْكُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُلُوكَ كَانَتْ تُحَيَّا بِتَحِيَّةٍ مَعْرُوفَةٍ كَعَمٍّ صَبَاحًا وَأَبَيْت اللَّعْنَ، وَإِنَّمَا جُمِعَتْ لِأَنَّ كُلَّ مَلِكٍ كَانَتْ لَهُ تَحِيَّةٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَلْفَاظَ الدَّالَّةَ مُسْتَحَقَّةٌ لَهُ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (الْمُبَارَكَاتُ إلَخْ) تَقْدِيرُهُ وَالْمُبَارَكَاتُ، وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ بِدَلِيلِ التَّصْرِيحِ بِالْعَاطِفِ فِي بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ، فَأَمَّا الْمُبَارَكَاتُ فَمَعْنَاهَا النَّامِيَاتُ. وَالصَّلَوَاتُ هِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَقِيلَ كُلُّ صَلَاةٍ، وَقِيلَ الرَّحْمَةُ، وَقِيلَ الدُّعَاءُ. وَالطَّيِّبُ ضِدُّ الْخَبِيثِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكَلِمَاتِ الطَّيِّبَةَ الصَّالِحَةَ لِلثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهَا الْبَارِئُ دُونَ غَيْرِهِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهَا الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ. وَقَوْلُهُ: سَلَامٌ عَلَيْك فِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْأَزْهَرِيُّ أَحَدُهُمَا اسْمُ السَّلَامِ أَيْ اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْك فَإِنَّهُ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ الْمُسْلَمُ مِنْ الْآفَاتِ، وَالثَّانِي سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْك تَسْلِيمًا وَسَلَامًا. وَقَوْلُهُ: عَلَيْنَا أَيْ عَلَى الْحَاضِرِينَ مِنْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمَلَائِكَةِ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَشْهَدُ) إنَّمَا وَجَبَتْ الْوَاوُ هُنَا دُونَ الْأَذَانِ لِأَنَّ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ يُطْلَبُ فِيهَا السُّكُوتُ عَلَى كُلِّ كَلِمَةٍ ثُمَّ أُلْحِقَتْ بِهِ الْإِقَامَةُ هَذَا حِكْمَتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْعُمْدَةُ الْإِتْبَاعُ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ سَقَطَ أَوَّلُهَا إلَخْ) قَدْ جَعَلَ الرَّافِعِيُّ الضَّابِطَ فِي جَوَازِ الْإِسْقَاطِ كَوْنَ اللَّفْظِ تَابِعًا لِغَيْرِهِ أَوْ سَاقِطًا مِنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ. قَوْلُهُ: (يَقُولُ) أَيْ فِي الْإِتْيَانِ أَقَلُّ التَّشَهُّدِ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. قَوْلُهُ: (فَالْمُرَادُ إسْقَاطُ لَفْظِ أَشْهَدُ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَكِنَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ يُعْرَكُ عَلَيْهِ تَعَيُّنُ لَفْظِ الْجَلَالَةِ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ الْإِتْيَانُ بِالضَّمِيرِ بَدَلَهَا اهـ. وَمُرَادُهُ ثُبُوتُ ذَلِكَ فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَوْ أَخَلَّ بِتَرْتِيبِ التَّشَهُّدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 مَا جَاءَ بِهِ، وَإِنْ تَعَمَّدَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْطُلْ الْمَعْنَى أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ فِيهِ قَوْلَانِ وَالتَّحِيَّةُ مَا يُحَيَّا بِهِ مِنْ سَلَامٍ وَغَيْرِهِ، وَمِنْهُ الصَّلَاةُ أَيْ الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ وَالْقَصْدُ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِجَمِيعِ التَّحِيَّاتِ مِنْ الْخَلْقِ وَالْمُبَارَكَاتُ النَّامِيَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ الصَّالِحَاتُ. (وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ - اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ) كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الصَّلَاةَ الْوَاجِبَةَ وَالْمَنْدُوبَةَ فِي التَّشَهُّدَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَأَكْمَلُ مِنْ قَوْلِهِ وَآلِهِ أَنْ يُقَالَ: وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ. (وَالزِّيَادَةُ إلَى حَمِيدٍ مَجِيدٍ) الْوَارِدَةُ فِيهِ وَهِيَ: كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ. (سُنَّةٌ فِي) التَّشَهُّدِ (الْآخِرِ) بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَلَا تُسَنُّ فِيهِ، كَمَا لَا تُسَنُّ فِيهِ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ وَفِيمَا قَالَهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا فِي الْحَدِيثِ أَكْمَلُ الصَّلَاةِ. وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَيَانِ الْأَكْمَلِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ، وَفِي بَعْضِهَا أَيْضًا بَعْدَ آلِ   [حاشية قليوبي] نَعَمْ لَا يَضُرُّ زِيَادَةُ مِيمٍ فِي عَلَيْك، وَلَا يَاءِ نِدَاءٍ قَبْلَ أَيُّهَا، وَلَا وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ بَعْدَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لِوُرُودِهَا فِي رِوَايَةٍ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَلَا زِيَادَةُ عَبْدِهِ مَعَ رَسُولِهِ، وَلَا زِيَادَةُ سَيِّدِنَا قَبْلَ مُحَمَّدٍ هُنَا وَفِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ الْآتِيَةِ، بَلْ هُوَ أَفْضَلُ لِأَنَّ فِيهِ مَعَ سُلُوكِ الْأَدَبِ امْتِثَالَ الْأَمْرِ، وَأَمَّا حَدِيثُ: «لَا تُسَيِّدُونِي فِي الصَّلَاةِ» فَبَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْحُفَّاظِ. (تَنْبِيهٌ) : اللَّحْنُ فِي إعْرَابِ التَّشَهُّدِ كَالتَّرْتِيبِ. قَوْلُهُ: (مَالِكٌ لِجَمِيعِ التَّحِيَّاتِ) فَلِذَلِكَ جُمِعَتْ، لِأَنَّهُ كَانَ لِكُلِّ مَلِكٍ تَحِيَّةٌ مَخْصُوصَةٌ بِهِ: كَأَنْعِمْ صَبَاحًا أَوْ مَسَاءً، وَأَبَيْت اللَّعْنَ وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَيَجْرِي فِيهَا مَا مَرَّ فِي التَّشَهُّدِ مِنْ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ وَاللَّحْنِ، وَيَجُوزُ فِيهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَالصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِمَا إذَا قَصَدَ الْإِنْشَاءَ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَلَعَلَّهُ لَا يَشْتَرِطُهُ، وَيَجُوزُ إبْدَالُ الصَّلَاةِ بِالرَّحْمَةِ وَفِي زِيَادَةِ سَيِّدِنَا مَا تَقَدَّمَ، وَيَجُوزُ إبْدَالُ لَفْظِ مُحَمَّدٍ بِالنَّبِيِّ وَالرَّسُولِ لَا بِغَيْرِهِمَا، كَأَحْمَدَ وَالْعَاقِبِ وَالْحَاشِرِ، وَعَلَيْهِ فَارَقَ الْخُطْبَةَ بِعَدَمِ الْوُرُودِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَأَكْمَلُ إلَخْ) أَيْ إنَّ لَفْظَ مُحَمَّدٍ أَكْثَرُ حُرُوفًا مِنْ الضَّمِيرِ الَّذِي حُذِفَ فَهُوَ مِنْ الْأَكْمَلِ. قَوْلُهُ: (الْوَارِدَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (إبْرَاهِيمَ) خُصَّ بِالذِّكْرِ لِاخْتِصَاصِهِ بِجَمْعِ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ لَهُ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [هود: 73] وَالتَّشْبِيهُ فِي كَمَا صَلَّيْت عَائِدٌ لِآلِ مُحَمَّدٍ لَا لَهُ أَيْضًا، لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إبْرَاهِيمَ وَآلِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِنْ حَيْثُ طَلَبُ الدُّعَاءِ أَوْ الْكَيْفِيَّةُ، وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّ التَّشْبِيهَ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ بِأَصْلِ الصَّلَاةِ، أَوْ الْمَجْمُوعِ بِالْمَجْمُوعِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ وَقِيلَ: لِإِفَادَةِ الْمُضَاعَفَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ إبْرَاهِيمَ. قَوْلُهُ: (سُنَّةٌ) وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ فِي وَقْتٍ يَسَعُ جَمِيعَهَا. قَوْلُهُ: (فِي التَّشَهُّدِ الْآخِرِ) أَيْ لِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَلَوْ مَسْبُوقًا تَبَعًا لِإِمَامِهِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) فَلَا تُسَنُّ فِيهِ بَلْ تُكْرَهُ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَلَوْ فَرَغَ الْمَأْمُومُ مِنْهُ قَبْلَ إمَامِهِ وَهُمَا فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ الْآخِرِ، فَلِلْمَأْمُومِ أَنْ يَدْعُوَ بِمَا شَاءَ وَلَوْ بِالْمَأْثُورِ، وَلَا يَأْتِي بِهَا وَلَا بِمَا بَعْدَهَا مِنْ تَمَامِ التَّشَهُّدِ، وَلَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرَّحْمَةِ فَيُكْرَهُ. وَقِيلَ: يَحْرُمُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ وَمَا قِيلَ مِنْ وُرُودِهِ وَهْمٌ. (فَرْعٌ) لَوْ عَجَزَ عَنْ التَّشَهُّدِ جَالِسًا لِكَوْنِهِ مَكْتُوبًا عَلَى رَأْسِ جِدَارٍ مَثَلًا: قَامَ لَهُ كَمَا فِي الْفَاتِحَةِ فِي عَكْسِهِ، ثُمَّ يَجْلِسُ لِلسَّلَامِ.   [حاشية عميرة] إلَخْ) أَمَّا التَّرْتِيبُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ فَهُوَ رُكْنٌ كَمَا سَلَفَ. قَوْلُهُ: (وَأَكْمَلُ مِنْ قَوْلِهِ وَآلِهِ إلَخْ) إنَّمَا نَبَّهَ عَلَى هَذَا هُنَا لِأَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ الْآتِي وَالزِّيَادَةُ إلَخْ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْأَقَلِّ الْمَذْكُورِ لَا يُقَالُ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَقَلِّ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ فَوَاتَ الضَّمِيرِ مِنْ آلِهِ مَانِعٌ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَيْهِ. نَعَمْ هُوَ زِيَادَةٌ عَلَى بَعْضِ الْأَقَلِّ الْمَذْكُورِ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَنَفَعَنَا بِهِ مَا أَدْرَاهُ بِأَسَالِيبِ الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (الْوَارِدَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ يُرِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ أَلْ فِي الزِّيَادَةِ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ وَهُوَ الْوَارِدُ فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (سُنَّةٌ فِي الْآخِرِ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: دَلِيلُ عَدَمِ وُجُوبِهَا فِيهِ وَعَدَمِ اسْتِحْبَابِهَا فِي الْأَوَّلِ الْإِجْمَاعُ. قَوْلُهُ: (فَلَا تُسَنُّ فِيهِ) لَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ تَشَهَّدَ التَّشَهُّدَ كَامِلًا تَبَعًا لِلْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا قَالَهُ إشَارَةٌ) يُرِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَالزِّيَادَةُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ مَا فِي الْحَدِيثِ هُوَ أَكْمَلُ الصَّلَاةِ، يَعْنِي بِمَعُونَةِ أَنَّ أَلْ فِي لَفْظِ الزِّيَادَةِ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ، وَهُوَ الْوَارِدُ فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إلَخْ) . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْمَعَ مَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك النَّبِيِّ وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 إبْرَاهِيمَ الثَّانِي فِي الْعَالَمِينَ وَآلُ إبْرَاهِيمَ إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَأَوْلَادُهُمَا. (وَكَذَا الدُّعَاءُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْآخِرِ بِمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ سُنَّةٌ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ بِدِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ لِحَدِيثِ «إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى آخِرِهَا، ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ أَوْ مَا أَحَبَّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ: «ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَيَدْعُو بِهِ» أَمَّا التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ فَلَا يُسَنُّ بَعْدَهُ الدُّعَاءُ لِمَا تَقَدَّمَ. (وَمَأْثُورُهُ) عَنْ النَّبِيِّ (أَفْضَلُ) مِنْ غَيْرِ الْمَأْثُورِ وَمِنْهُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت إلَخْ أَيْ وَمَا أَسْرَرْت وَمَا أَعْلَنْت وَمَا أَسْرَفْت وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إلَه إلَّا أَنْتَ» لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ: (وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ) الدُّعَاءُ (عَلَى قَدْرِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُمَا، فَإِنْ زَادَ لَمْ يَضُرَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا فَيُكْرَهُ لَهُ التَّطْوِيلُ. اهـ. (وَمَنْ عَجَزَ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ نَاطِقٌ وَالْكَلَامُ فِي الْوَاجِبَيْنِ لِمَا سَيَأْتِي. (تَرْجَمَ) عَنْهُمَا وَتَقَدَّمَ فِي تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ أَنَّهُ يُتَرْجِمُ عَنْهُ بِأَيِّ لُغَةٍ شَاءَ، وَأَنَّهُ يَجِبُ التَّعَلُّمُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِالسَّفَرِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ هُنَا، أَمَّا الْقَادِرُ عَلَيْهِمَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْجَمَتُهُمَا (وَيُتَرْجِمُ بِالدُّعَاءِ) الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَسْنُونٌ (وَالذِّكْرِ الْمَنْدُوبِ) كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ فِيهِ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ) كَانَ تَشَهُّدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَشَهُّدِنَا بِلَفْظِ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ: إنَّهُ كَانَ يَقُولُ: وَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ مَرْدُودٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى تَرَدُّدِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي أَذَانٍ فَعَلَهُ مَرَّةً فِي سَفَرٍ. قَوْلُهُ: (وَآلُ إبْرَاهِيمَ إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَأَوْلَادُهُمَا) وَكُلُّ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَهُمَا مِنْ أَوْلَادِ إِسْحَاقَ، وَلَيْسَ مِنْ أَوْلَادِ إسْمَاعِيلَ نَبِيٌّ غَيْرُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي ذَلِكَ حِكْمَةُ امْتِيَازِهِ وَانْفِرَادِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَائِرِ أَنْوَاعِ الْكَمَالَاتِ وَالْفَضَائِلِ، وَفِيمَا ذُكِرَ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِأَوْلَادِهِمَا مَا يَعُمُّ الْأَنْبِيَاءَ وَغَيْرَهُمْ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الدُّعَاءُ) أَيْ بِغَيْرِ مُحَرَّمٍ. وَلَا تَعْلِيقٍ، وَإِلَّا فَتَبْطُلُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (فَلْيَقُلْ إلَخْ) وَصَرَفَهُ عَنْ الْوُجُوبِ الْإِجْمَاعُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُسَنُّ بَعْدَهُ الدُّعَاءُ) وَلَوْ لِمُنْفَرِدٍ وَإِمَامِ مَحْصُورِينَ، بَلْ يُكْرَهُ فِيهِ لِمَا مَرَّ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت) الْمَعْنَى مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِي كُلِّهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا عَلَى غَيْرِهِ وَمَا تَأَخَّرَ عَنْهُ، أَوْ الْمَعْنَى مَا سَلَفَ مِنْهَا وَمَا سَيَقَعُ، وَمَعْنَى غُفْرَانِهِ عَلَى هَذَا عَدَمُ مُؤَاخَذَتِهِ بِهِ إذَا وَقَعَ. وَمِنْ الْمَأْثُورِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ، اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْت نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِك وَارْحَمْنِي إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَالْمَسِيحُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَوْ الْمُعْجَمَةِ، وَالْمَأْثَمُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ أَوْ الْمُثَلَّثَةِ الْإِثْمُ، وَالْمَغْرَمُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ مَا يَلْزَمُ أَدَاؤُهُ بِلَا حَقٍّ، وَرُبَّمَا يُوجَدُ فِيهِ خُلْفُ وَعْدٍ أَوْ خُلْفُ كَذِبٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. وَفِتْنَةُ الْمَحْيَا بِالدُّنْيَا وَالشَّهَوَاتِ وَنَحْوِهِمَا كَتَرْكِ الْعِبَادَاتِ، وَفِتْنَةُ الْمَمَاتِ بِنَحْوِ مَا عِنْدَ الِاحْتِضَارِ أَوْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْمُرَادُ أَقَلُّ مِمَّا أَتَى بِهِ مِنْهُمَا، سَوَاءٌ الْأَقَلُّ أَوْ الْأَكْمَلُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا) أَيْ لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ فَيُكْرَهُ لَهُ وَلَا يُكْرَهُ، وَلَا يُنْدَبُ لِإِمَامِهِمْ فَلَهُ أَنْ يُطِيلَ مَا شَاءَ مَا لَمْ يَقَعْ فِي سَهْوٍ كَالْمُنْفَرِدِ. (فَائِدَةٌ) قَالَ فِي الْأُمِّ: فَإِنْ لَمْ يَزِدْ أَيْ الْمُصَلِّي مُطْلَقًا عَلَى ذَلِكَ أَيْ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ كَرِهْته. قَوْلُهُ: (وَالْكَلَامُ فِي الْوَاجِبَيْنِ)   [حاشية عميرة] آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ اهـ. (فَائِدَةٌ) إنَّمَا خَصَّ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ اللَّهِ هِيَ الرَّحْمَةُ، وَلَمْ تُجْمَعْ الرَّحْمَةُ وَالْبَرَكَةُ لِنَبِيٍّ غَيْرِهِ. قَالَ تَعَالَى: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73] فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إعْطَاءَ مَا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَةُ مِمَّا سَبَقَ إعْطَاؤُهُ لِإِبْرَاهِيمَ، وَيَدُلُّ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى أَنَّ الْإِشَارَةَ بِهَذِهِ الْآيَةِ اتِّفَاقُ آخِرِهَا مَعَ آخِرِ التَّشَهُّدِ فِي قَوْلِهِ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَالْحَمِيدُ الْمَحْمُودُ. وَالْمَجِيدُ بِمَعْنَى الْمَاجِدِ، وَهُوَ الْكَامِلُ فِي الشَّرَفِ وَالْكَرَمِ. قَوْلُهُ: (أَوْ دُنْيَوِيٍّ) لَنَا وَجْهٌ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي جَارِيَةً حَسْنَاءَ صِفَتُهَا كَذَا وَنَحْوُهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ إلَخْ) الصَّارِفُ عَنْ الْوُجُوبِ الْإِجْمَاعُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَا أَخَّرْت) قِيلَ مَعْنَى هَذَا طَلَبُ غُفْرَانِ مَا سَيَقَعُ عَلَى تَقْدِيرِ الْوُقُوعِ، وَقِيلَ: أَرَادَ الْمُتَأَخِّرَ مِنْ الذُّنُوبِ الَّتِي صَدَرَتْ مِنْهُ، وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي بَعْضِ شَرْحِ الرِّسَالَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَالْأَوَّلُ بَحْثٌ لَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى قَدْرِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ) . قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 وَالْقُنُوتِ وَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ وَالتَّسْبِيحَاتِ. (الْعَاجِزُ لَا الْقَادِرُ فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا لِعُذْرِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، فَلَوْ تَرْجَمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَالثَّانِي يُتَرْجِمَانِ أَيْ يَجُوزُ لَهُمَا التَّرْجَمَةُ لِقِيَامِ غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَقَامَهَا فِي أَدَاءِ الْمَعْنَى، وَالثَّالِثُ لَا يُتَرْجِمَانِ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْمَنْدُوبِ حَتَّى يُتَرْجِمَ عَنْهُ، ثُمَّ الْمُرَادُ الدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ الْمَأْثُورَانِ، فَلَا يَجُوزُ اخْتِرَاعُ دَعْوَةٍ أَوْ ذِكْرٍ بِالْعَجَمِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ قَطْعًا، نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ تَصْرِيحًا فِي الْأُولَى، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِشْعَارًا فِي الثَّانِيَةِ (الثَّانِي عَشَرَ: السَّلَامُ وَأَقَلُّهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وَالْأَصَحُّ جَوَازُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) بِالتَّنْوِينِ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ فَيَكُونُ صُورَةً ثَانِيَةً لِلْأَقَلِّ (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَا يُجْزِئُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: ثَبَتَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْخُرُوجِ) مِنْ الصَّلَاةِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَالثَّانِي تَجِبُ مَعَ السَّلَامِ لِيَكُونَ الْخُرُوجُ كَالدُّخُولِ بِنِيَّةٍ لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ الصَّلَاةِ (وَأَكْمَلُهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ يَمِينًا   [حاشية قليوبي] إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ، نَظَرًا لِلْخِلَافِ بَعْدَهُ فِي الْمَنْدُوبِ. قَوْلُهُ: (إنْ قَدَرَ) وَقَبْلَ الْقُدْرَةِ يَأْتِي بِذِكْرِ غَيْرِهِمَا وَلَا يُتَرْجِمُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ) أَيْ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ. قَوْلُهُ: (الْعَاجِزُ) وَإِنْ قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ تَرْجَمَ) أَيْ الْقَادِرُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ اخْتِرَاعُ إلَخْ) أَيْ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ مِنْ الْعَاجِزِ كَالْقَادِرِ. قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّهُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) وَكَذَا عَكْسُهُ وَإِنْ كُرِهَ لِتَأْدِيَتِهِ مَعْنَاهُ، وَحِكْمَةُ السَّلَامِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ كَانَ مَشْغُولًا عَنْ النَّاسِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ، وَشَرْطُهُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ وَمُوَالَاتُهُ وَعَدَمُ زِيَادَةٍ فِيهِ وَتَعْرِيفُهُ وَالْخِطَابُ فِيهِ وَمِيمُ الْجَمْعِ، وَلَا يَضُرُّ تَنْوِينُهُ مَعَ التَّعْرِيفِ وَلَا زِيَادَةُ وَاوٍ قَبْلَهُ، وَفَارَقَ التَّكْبِيرَ بِالِاحْتِيَاطِ لِلِانْعِقَادِ وَلَا زِيَادَةُ التَّامِّ بَعْدَ السَّلَامِ، وَلَا سُكُوتٌ لَا يَقْطَعُ الْفَاتِحَةَ. وَلَوْ قَالَ: السِّلْمُ عَلَيْكُمْ بِكَسْرٍ فَسُكُونٌ أَوْ فَتْحٍ فَسُكُونٌ أَوْ فَتْحٍ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ السَّلَامَ كَفَى وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّهُ يَكُونُ بِمَعْنَى الصُّلْحِ وَالِانْقِيَادِ وَنَحْوِ أَصَالَةٍ. قَوْلُهُ: (بِالتَّنْوِينِ) فَبِغَيْرِ تَنْوِينٍ لَا يُجْزِئُ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (لَا يُجْزِئُهُ) بَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ وَخَاطَبَ، أَوْ قَصَدَ الْخُرُوجَ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ الصَّلَاةِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، فَلَوْ عَيَّنَ غَيْرَ مَا هُوَ فِيهِ عَمْدًا بَطَلَتْ عَلَيْهِمَا، أَوْ خَطَأً بَطَلَتْ عَلَى الثَّانِي الْمَرْجُوحِ دُونَ الْأَوَّلِ الرَّاجِحِ. نَعَمْ مَنْ صَلَّى نَفْلًا مُطْلَقًا وَسَلَّمَ قَبْلَ إتْمَامِ مَا عَيَّنَهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ اقْتِصَارٍ وَلَا قَصْدِ خُرُوجٍ؛ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَرَحْمَةُ اللَّهِ) وَلَا يُسَنُّ زِيَادَةُ وَبَرَكَاتِهِ. قَوْلُهُ: (مَرَّتَيْنِ) وَالثَّانِيَةُ مِنْ مُلْحَقَاتِ الصَّلَاةِ لَا مِنْهَا، فَتَحْرُمُ لِعُرُوضِ مَانِعٍ كَحَدَثٍ وَخُرُوجِ وَقْتِ جُمُعَةٍ، وَتَخَرُّقِ خُفٍّ، وَكَشْفِ عَوْرَةٍ، وَطُرُوِّ نَجَاسَةٍ لَا يُعْفَى عَنْهَا، وَلَوْ سَلَّمَهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهُ سَلَّمَ الْأُولَى فَبَانَ عَدَمُهَا أَعَادَهُمَا مَعًا لِوُجُودِ الصَّارِفِ لِمَا لَيْسَ مِنْهَا، وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ سَلَامِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ سَلَّمَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ، وَلَا يَسْجُدُ لِأَنَّهُ سُكُوتٌ فِي رُكْنٍ طَوِيلٍ. قَوْلُهُ: (يَمِينًا) أَيْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَشِمَالًا أَيْ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ سَلَّمَ الْأُولَى عَنْ يَسَارِهِ سَلَّمَ الثَّانِيَةَ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ:   [حاشية عميرة] الدَّمِيرِيِّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَقَلُّهُمَا اهـ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: أَكْمَلُهُمَا وَإِلَّا فَكَانَتْ سُنَّةً عِنْدَ إسْقَاطِ سُنَّةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْعَاجِزُ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْوَاجِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (السَّلَامُ) . قَالَ الْقَفَّالُ فِي الْمَحَاسِنِ: فِي السَّلَامِ مَعْنًى وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا عَنْ النَّاسِ وَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ اهـ. ثُمَّ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُفْهِمُ أَنَّ الْوَاجِبَ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِالتَّنْوِينِ) أَمَّا بِغَيْرِهِ فَلَا يُجْزِئُ قَوْلًا وَاحِدًا. (فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ كَانَ الْإِتْيَانُ بِهِ مُبْطِلًا لِلصَّلَاةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَلِأَنَّهَا أَعْنِي النِّيَّةَ تَلِيقُ بِالْأَفْعَالِ دُونَ التُّرُوكِ، كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْأُولَى شَامِلَةٌ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَعَ السَّلَامِ) أَيْ الْأَوَّلِ وَانْظُرْ هَلْ يَجِبُ الْأَمْرُ إنْ بِأَوَّلِهِ أَوْ بِجَمِيعِهِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ الصَّلَاةِ) لَكِنْ لَوْ عَيَّنَ عَمْدًا غَيْرَ مَا هُوَ فِيهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ. (فَرْعٌ) الْمُتَنَفِّلُ إذَا نَوَى عَدَدًا ثُمَّ سَلَّمَ قَبْلَ تَمَامِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ التَّحَلُّلَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْخَادِمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَرَحْمَةُ اللَّهِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَقُولُ وَبَرَكَاتُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ وَالثَّالِثُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، حَكَاهَا السُّبْكِيُّ وَاخْتَارَ الثَّانِيَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ فَعَلَهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ كَانَ حِكْمَةُ هَذِهِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْعَدْلِ فِي حَقِّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ يَبْدَأُ بِهَا يَمِينًا وَيُكْمِلُهَا شِمَالًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 وَشِمَالًا مُلْتَفِتًا فِي الْأُولَى حَتَّى يَرَى خَدَّهُ الْأَيْمَنَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْأَيْسَرَ) لِلْإِتْبَاعِ فِي ذَلِكَ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا، وَيَبْتَدِئُ السَّلَامَ فِي الْمَرَّتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَيُنْهِيهِ مَعَ تَمَامِ الِالْتِفَاتِ. (نَاوِيًا السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ مِنْ مَلَائِكَةٍ وَإِنْسٍ وَجِنٍّ) مُؤْمِنِينَ أَيْ يَنْوِيهِ بِمَرَّةِ الْيَمِينِ عَلَى مَنْ عَلَى الْيَمِينِ وَبِمَرَّةِ الْيَسَارِ عَلَى مَنْ عَلَى الْيَسَارِ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا، وَالْمُنْفَرِدُ يَنْوِيهِ بِالْمَرَّتَيْنِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهِ (وَيَنْوِي الْإِمَامُ السَّلَامَ عَلَى الْمُقْتَدِينَ) هَذَا يَزِيدُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِالْمُقْتَدِينَ خَلْفَهُ وَلَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا أَصْلِهَا وَيَلْحَقُ بِالْإِمَامِ فِي ذَلِكَ الْمَأْمُومُ (وَهُمْ الرَّدُّ عَلَيْهِ) فَيَنْوِيهِ مِنْهُمْ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ بِالْأُولَى وَمَنْ خَلْفَهُ بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ، وَبِالْأُولَى أَفْضَلُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ الرَّدَّ عَلَى بَعْضٍ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيٍّ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. وَحَدِيثُ سَمُرَةَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ، وَأَنْ نَتَحَابَّ، وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُصَلٍّ أَنْ يَنْوِيَ بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ أَيْضًا إنْ لَمْ نُوجِبْهَا. (الثَّالِثَ عَشَرَ: تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ) السَّابِقَةِ (كَمَا ذَكَرْنَا) فِي عَدِّهَا   [حاشية قليوبي] يُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ عَنْ يَمِينِهِ عَلَى نَظِيرِ مَا فِي قِرَاءَةِ سُورَتَيْ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الْجُمُعَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ) أَيْ بِوَجْهِهِ فِي ابْتِدَائِهَا، وَيُنْهِيهَا مَعَ انْتِهَاءِ الِالْتِفَاتِ وَيَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَمَامُهَا إلَى الْقِبْلَةِ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (نَاوِيًا السَّلَامَ إلَخْ) وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ وَضْعَ السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ لِلتَّحَلُّلِ مِنْهَا، وَلَوْ مَحَضَهُ لِلسَّلَامِ عَلَيْهِمْ أَوْ لِإِعْلَامِهِمْ بِفَرَاغِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. قَوْلُهُ: (إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا) هَذَا تَعْمِيمٌ فِي فَاعِلِ نَاوِيًا وَمَجْرُورِ عَلَى، وَبِذَلِكَ تَكَرَّرَ مَعَ مَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ: وَيَنْوِي الْإِمَامُ إلَخْ، وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: هَذَا يَزِيدُ إلَخْ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مُؤْمِنِينَ) هُوَ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ فِي الْمَلَائِكَةِ، وَقَيَّدَ فِي الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَدَخَلَ فِيهِمْ غَيْرُ الْمُصَلِّينَ، وَلَوْ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ إلَى مُنْقَطِعِ الْأَرْضِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَذَا فِي الرَّوْضَةِ) تَبَرَّأَ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ لَا يَنْوِيَانِ عَلَى مَنْ خَلْفَهُمَا أَوْ أَمَامِهِمَا، وَأَنَّ الْمُنْفَرِدَ لَا يَنْوِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُصَلِّينَ مَعَ بَعْضِهِمْ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ، يَرُدُّ عَلَيْهِ مَأْمُومٌ فِي طَرَفِ صَفٍّ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَنْ خَلْفَهُ وَكَذَا أَمَامَهُ، وَالْمُنْفَرِدُ كَالْمَأْمُومِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَيَنْوِيهِ مِنْهُمْ إلَخْ) وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْ تَأَخُّرِ تَسْلِيمَتَيْ الْمَأْمُومِ عَنْ تَسْلِيمَتَيْ الْإِمَامِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مُصَلٍّ يَنْوِي السَّلَامَ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَيَنْوِي الرَّدَّ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ مِمَّنْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَوْ خَلْفَهُ أَوْ أَمَامَهُ. قَوْلُهُ: (حَدِيثُ عَلِيٍّ إلَخْ) هُوَ فِي السَّلَامِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمُقْتَدِينَ، وَشَامِلٌ لِلْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ. وَعَطْفُ الْمُؤْمِنِينَ فِيهِ مُرَادِفٌ أَوْ خَاصٌّ لِشُمُولِ مَا قَبْلَهُ لِلْمُنَافِقِينَ لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ ظَاهِرًا. قَوْلُهُ: (وَحَدِيثُ سَمُرَةَ) هُوَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَكَانَ الْأَنْسَبُ لِلشَّارِحِ ذِكْرَهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ نَتَحَابَّ وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ) هُوَ مِنْ عَطْفِ السَّبَبِ أَوْ الْمُرَادِفِ أَوْ الْمُغَايِرِ بِحَمْلِ الْمَحَبَّةِ عَلَى نَحْوِ عَدَمِ الْمُشَاحَنَةِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمُصَافَحَةُ الْمُصَلِّينَ خِلَافُ الْأَوْلَى مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا خَلْفَ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَنْوِيَ إلَى آخِرِهِ) أَيْ مُقَارِئًا لِلسَّلَامِ أَوْ لِبَعْضِهِ، فَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ قَبْلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَصَرِيحُ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ، أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ صَارِفٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْأَرْكَانِ مَعَهُ، فَلِذَلِكَ مَالَ بَعْضُهُمْ إلَى الِاشْتِرَاطِ، وَإِنَّمَا سَكَتُوا عَنْهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَالْوَجْهُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ هُنَا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَوْضُوعَ السَّلَامِ لِلتَّحَلُّلِ مِنْ الصَّلَاةِ فَنِيَّةُ غَيْرِهِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْهُ إلَّا إنْ تَمَحَّضَتْ لِغَيْرِهِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ بِوُجُوبِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ مَعَهُ وَإِلَى هَذَا مَالَ شَيْخُنَا.   [حاشية عميرة] (فَائِدَةٌ) : يُسَنُّ أَنْ يَفْصِلَ إحْدَى التَّسْلِيمَتَيْنِ عَنْ الْأُخْرَى. قَوْلُهُ: (وَالْمُنْفَرِدُ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ سُنَّةِ الْعَصْرِ الْآتِي، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَوْلُ الْمَتْنِ: (الثَّالِثَ عَشَرَ تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ إلَى آخِرِهِ) لِحَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ، وَلِأَنَّهُ الْوَارِدُ مَعَ قَوْلِهِ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَجَعْلُ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ شَرْطَيْنِ أَظْهَرُ مِنْ جَعْلِهِمَا رُكْنَيْنِ وَصُوَرُ تَرْكِ الْمُوَالَاةِ بِتَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْأَرْكَانِ) أَمَّا السُّنَنُ فَالتَّرْتِيبُ بَيْنَهَا رُكْنٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 الْمُشْتَمِلِ عَلَى وُجُوبِ قَرْنِ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّهُ الْقِيَامُ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَنَّ قُعُودَ التَّشَهُّدِ مُقَارِنٌ لَهُ، فَالتَّرْتِيبُ الْمُرَادُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَعَدُّهُ مِنْ الْأَرْكَانِ بِمَعْنَى الْفُرُوضِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ صَحِيحٌ، وَبِمَعْنَى الْإِجْزَاءِ فِيهِ تَغْلِيبٌ. (فَإِنْ تَرَكَهُ) أَيْ التَّرْتِيبَ (عَمْدًا) بِتَقْدِيمِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ (بِأَنْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِتَلَاعُبِهِ بِخِلَافِ تَقْدِيمِ الْقَوْلِيِّ كَأَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ التَّشَهُّدِ فَيُعِيدُهَا بَعْدَهُ. (وَإِنْ سَهَا) فِي التَّرْتِيبِ بِتَرْكِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ (فَمَا) فَعَلَهُ (بَعْدَ الْمَتْرُوكِ لَغْوٌ) لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. (فَإِنْ تَذَكَّرَ) الْمَتْرُوكَ (قَبْلَ بُلُوغِ مِثْلِهِ. فَعَلَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ حَتَّى فَعَلَ مِثْلَهُ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى (تَمَّتْ بِهِ) أَيْ بِمِثْلِهِ الْمَفْعُولِ (رَكْعَتُهُ) الْمَتْرُوكُ آخِرُهَا لِوُقُوعِهِ فِي مَحَلِّهِ (وَتَدَارَكَ الْبَاقِي) مِنْ الصَّلَاةِ وَيَسْجُدُ فِي آخِرِهَا لِلسَّهْوِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ. (فَلَوْ تَيَقَّنَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ) الرَّكْعَةِ (الْأَخِيرَةِ سَجَدَهَا وَأَعَادَ تَشَهُّدَهُ) لِوُقُوعِهِ قَبْلَ مَحَلِّهِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ   [حاشية قليوبي] (تَنْبِيهٌ) : هَلْ يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْمُصَلِّي الرَّدُّ لِسَلَامِ الْمُصَلِّي عَلَيْهِ الْوَجْهُ. نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَصَدَهُ بِهِ. قَوْلُهُ: (تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ) خَرَجَ بِهَا السُّنَنُ مَعَ بَعْضِهَا أَوْ مَعَ الْأَرْكَانِ، فَتَرْتِيبُهَا شَرْطٌ لِلِاعْتِدَادِ بِهَا مِنْ حَيْثُ حُصُولُ ثَوَابِهَا وَسَكَتَ عَنْ مُوَالَاةِ الصَّلَاةِ، وَالْوَجْهُ فِيهَا أَنْ يُقَالَ: إنْ فُسِّرَتْ بِعَدَمِ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ، أَوْ بِطُولِ الْفَصْلِ بَعْدَ السَّلَامِ نَاسِيًا فَهُوَ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَمَعْلُومٌ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ عَدَمُ تَقَدُّمِهِ فِي الْأَرْكَانِ السَّابِقَةِ. قَوْلُهُ: (التَّشَهُّدِ) الْمُشْتَمِلِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (فِيمَا عَدَا ذَلِكَ) فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِيَامِ مَعَ الْقِرَاءَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الشَّارِحَ يَرَى أَنَّ الْقِيَامَ يَحْصُلُ بِجُزْءٍ مِمَّا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَعَدُّهُ إلَخْ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ بِمَعْنَى الْمُتَرَتِّبِ الَّذِي هُوَ الْهَيْئَةُ الْحَاصِلَةُ لِلشَّيْءِ الْمُرَتَّبِ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْأَفْعَالِ لِأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ شَيْءٍ فِي مَرْتَبَتِهِ. قَوْلُهُ: (صَحِيحٌ) أَيْ حَقِيقَةٌ، وَإِلَّا فَهُوَ صَحِيحٌ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (رُكْنٍ فِعْلِيٍّ) أَيْ عَلَى فِعْلِيٍّ آخَرَ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِمْ: أَوْ عَلَى قَوْلِيٍّ لِيَدْخُلَ تَقْدِيمُ الرُّكُوعِ عَلَى الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ، لِأَنَّ الْبُطْلَانَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْقِيَامِ الَّذِي هُوَ فِعْلِيٌّ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُتَصَوَّرُ تَقْدِيمُ فِعْلِيٍّ عَلَى قَوْلِيٍّ مَحْضٍ وَلَا عَكْسُهُ، وَلَا فِعْلِيٍّ عَلَى مِثْلِهِ كَذَلِكَ، وَلَا قَوْلِيٍّ عَلَى قَوْلِيٍّ كَذَلِكَ، وَالْجَوَابُ بِمَا قِيلَ: إنَّ الرُّكْنَ الْفِعْلِيَّ فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ هُوَ مَا سَبَقَ عَلَى الْقَوْلِيِّ مَرْدُودٌ بِأَنَّ مَحَلَّ الْقَوْلِ مِنْهُ اتِّفَاقًا، وَلِذَلِكَ عَدُّوهُ رُكْنًا طَوِيلًا، وَيَلْزَمُ أَنَّ الْفَاتِحَةَ لَيْسَتْ فِي الْقِيَامِ أَوْ أَنَّهَا فِي قِيَامٍ آخَرَ وَكُلٌّ بَاطِلٌ، أَوْ بِمَا قِيلَ: إنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي مَحَلِّ الْقَوْلِيَّةِ هُوَ الْأَقْوَالُ وَالْفِعْلُ تَابِعٌ لَهَا لِعَدَمِ تَصَوُّرِ وُجُودِهَا بِدُونِهِ مَرْدُودٌ أَيْضًا بِعَدَمِ سُقُوطِ الْفِعْلِ بِسُقُوطِ الْأَقْوَالِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْفِعْلَ الْمُقَدَّمَ عَلَى مَحَلِّهِ يَخْرُجُ عَنْ الرُّكْنِيَّةِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِهِمْ: فَمَا بَعْدَ الْمَتْرُوكِ لَغْوٌ، وَلِذَلِكَ تَجِبُ إعَادَتُهُ وَلَا نَظَرَ إلَى قَصْدِهِ وَلَا إلَى صُورَتِهِ الَّتِي سَمَّوْهُ رُكْنًا لِأَجْلِهَا، وَلَا يُتَصَوَّرُ تَقْدِيمُ رُكْنٍ عَلَى مَحَلِّهِ مَعَ بَقَاءِ رُكْنِيَّتِهِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا جَاءَ الْبُطْلَانُ مِنْ جِهَةِ الْخَلَلِ بِتَرْكِ الرُّكْنِ الْمُتَقَدِّمِ، وَكَانَ حَقُّهُ الْبُطْلَانَ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الْبُطْلَانُ بِالْفِعْلَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ لِوُجُودِ انْخِرَامِ هَيْئَةِ الصَّلَاةِ فِيهِمَا دُونَ غَيْرِهِمَا، فَتَأَمَّلْ هَذَا وَارْجِعْ إلَيْهِ وَعُضَّ عَلَيْهِ بِالنَّوَاجِذِ فَإِنَّك لَا تَعْثِرُ عَلَى مِثْلِهِ فِي مُؤَلَّفٍ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَالْمُلْهِمُ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ تَقْدِيمِ الْقَوْلِيِّ) عَلَى مِثْلِهِ أَوْ عَلَى فِعْلِيٍّ كَالتَّشَهُّدِ قَبْلَ السُّجُودِ، وَهَذَا كُلُّهُ بِحَسَبِ الصُّورَةِ لِخُرُوجِهَا عَنْ الرُّكْنِيَّةِ كَمَا مَرَّ، وَالْبُطْلَانُ بِتَقْدِيمِ السَّلَامِ عَلَى مَحَلِّهِ لِلْخُرُوجِ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ لَا مِنْ جِهَةِ الرُّكْنِيَّةِ. قَوْلُهُ: (فَيُعِيدُهَا بَعْدَهُ) أَيْ وُجُوبًا وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ الرُّكْنِيَّةِ كَالْقُعُودِ لَهَا، لِأَنَّ الِاعْتِدَادَ بِهِ تَابِعٌ لِلِاعْتِدَادِ بِهَا، فَلَيْسَ فِيهَا تَرْكُ فِعْلٍ مُخْلٍ بَلْ، وَلَا تَقْدِيمُ فِعْلٍ عَلَى مِثْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَذَكَّرَ الْمَتْرُوكَ) أَيْ عَلِمَ بِتَرْكِهِ أَوْ شَكَّ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَعَلَهُ) أَيْ وُجُوبًا فَوْرًا فَلَوْ مَكَثَ لِيَتَذَكَّرَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَيُعْذَرُ الْمَأْمُومُ تَبَعًا لِإِمَامِهِ فَيَتَدَارَكُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (الْمَتْرُوكُ آخِرُهَا) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْمَتْرُوكِ لَغْوٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَالْآخِرُ مَتْرُوكٌ أَبَدًا، وَخَرَجَ بِرَكْعَةٍ أُخْرَى فِعْلُ مِثْلِهِ فِي رَكْعَةٍ، كَقِرَاءَةٍ فِي نَحْوِ سُجُودٍ لِمَنْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْقِيَامِ فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا، وَلَا يَقُومُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ مَقَامَ سُجُودِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ حَيْثُ تَقُومُ مَقَامَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (فِي آخِرِ صَلَاتِهِ) أَوْ بَعْدَهَا، وَقَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ وَإِنْ مَشَى قَلِيلًا عُرْفًا أَوْ تَكَلَّمَ كَذَلِكَ أَوْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ، وَكَذَا لَوْ وَطِئَ   [حاشية عميرة] أَوْ شَرْطٌ فِي الِاعْتِدَادِ بِهَا لَا فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَمَعْلُومٌ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي عِدَّةِ السَّابِقِ بِخِلَافِ قَرْنِ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَمَّتْ بِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الْمِثْلِ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ بُلُوغِ مِثْلِهِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: أَيْ بِمِثْلِهِ الْمَفْعُولُ. قَوْلُهُ: (الْمَتْرُوكُ آخِرُهَا) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَمَّتْ بِهِ رَكْعَتُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ مِنْ أَثْنَائِهَا قَامَ الْمَأْتِيُّ بِهِ مَقَامَ ذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 (أَوْ مِنْ غَيْرِهَا لَزِمَهُ رَكْعَةٌ) لِأَنَّ النَّاقِصَةَ كَمُلَتْ بِسَجْدَةٍ مِنْ الَّتِي بَعْدَهَا وَلَغَا بَاقِيهَا. (وَكَذَا إنْ شَكَّ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأَخِيرَةِ وَغَيْرِهَا أَيْ فِي أَيَّتِهِمَا الْمَتْرُوكُ مِنْهَا السَّجْدَةُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ رَكْعَةٌ أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي الصُّورَتَيْنِ. (وَإِنْ عَلِمَ فِي قِيَامِ ثَانِيَةٍ تَرْكَ سَجْدَةٍ) مِنْ الْأُولَى (فَإِنْ كَانَ جَلَسَ بَعْدَ سَجْدَتِهِ) الَّتِي فَعَلَهَا (سَجَدَ) مِنْ قِيَامِهِ اكْتِفَاءً بِجُلُوسِهِ، سَوَاءٌ نَوَى بِهِ الِاسْتِرَاحَةَ أَمْ لَا. (وَقِيلَ إنْ جَلَسَ بِنِيَّةِ الِاسْتِرَاحَةِ لَمْ يَكْفِهِ) لِقَصْدِهِ سُنَّةً (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَلَسَ بَعْدَ سَجْدَتِهِ (فَلْيَجْلِسْ مُطْمَئِنًّا ثُمَّ يَسْجُدْ، وَقِيلَ يَسْجُدْ فَقَطْ) اكْتِفَاءً بِالْقِيَامِ عَنْ الْجُلُوسِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ الْفَصْلُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْقِيَامِ، وَيَسْجُدُ فِي الصُّورَتَيْنِ لِلسَّهْوِ. (وَإِنْ عَلِمَ فِي آخِرِ رُبَاعِيَّةٍ تَرْكَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ جَهِلَ مَوْضِعَهَا) أَيْ الْخَمْسِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. (وَجَبَ رَكْعَتَانِ) أَخْذًا بِالْأَسْوَأِ، وَهُوَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَرْكُ سَجْدَةٍ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَسَجْدَةٍ مِنْ الثَّالِثَةِ فَيَنْجَبِرَانِ بِالثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ، وَيَلْغُو بَاقِيهِمَا، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مَا ذُكِرَ وَتَرْكَ سَجْدَةٍ مِنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى (أَوْ أَرْبَعٍ) جَهِلَ مَوْضِعَهَا (فَسَجْدَةٌ   [حاشية قليوبي] نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا عِنْدَ شَيْخِنَا وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَأَعَادَ تَشَهُّدَهُ) أَيْ وَيُحْسَبُ جُلُوسُهُ عَنْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلَوْ بِقَصْدِ التَّشَهُّدِ، لِأَنَّهُ مِنْ الصَّلَاةِ، وَمِثْلُهُ جُلُوسُ مَنْ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ بِقَصْدِ الْقِيَامِ، وَكَذَا هَوَى مَنْ نَسِيَ الرُّكُوعَ فَيَقُومُ عِنْدَ تَذَكُّرِهِ رَاكِعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِانْتِصَابِهِ فَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَإِنْ تَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ بِوُجُوبِ انْتِصَابِهِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، إلَّا أَنْ حُمِلَ عَلَى هَوَى لَيْسَ فِي صُورَةِ هُوِيِّ الرُّكُوعِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إنْ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ رَاجِحِيَّةٌ أَوْ مَرْجُوحِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ فِي أَيَّتِهِمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ تَرْكَ السَّجْدَةِ مُتَيَقَّنٌ، وَإِنَّمَا التَّرَدُّدُ فِي مَحَلِّهَا وَهَذَا لِمُرَاعَاةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِهِ بَلْ الشَّكُّ فِي فِعْلِهَا كَذَلِكَ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَرْكَانِ نَعَمْ الشَّكُّ فِي النِّيَّةِ أَوْ التَّكْبِيرَةِ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ خِلَافًا لِجُمَعٍ. قَوْلُهُ: (لِقَصْدِهِ سُنَّةً) تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ قَوْلُهُ: (وَإِنْ عَلِمَ) وَالشَّكُّ مِثْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (سَجَدَ مِنْ قِيَامِهِ) أَيْ نَزَلَ سَاجِدًا، فَإِنْ نَزَلَ جَالِسًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. قَوْلُهُ: (اكْتِفَاءً بِالْقِيَامِ) وَرَدَّ بِأَنَّهُ لَاغٍ وَلَيْسَ عَلَى صُورَةِ مَا طُلِبَ فِي مَوْضِعِهِ. قَوْلُهُ: (رُبَاعِيَّةٍ) نِسْبَةٌ إلَى رُبَاعَ الْمَعْدُولِ عَنْ أَرْبَعٍ. قَوْلُهُ: (وَيَلْغُو بَاقِيهِمَا) مِمَّا بَيْنَ الْمَتْرُوكِ وَالْمَحْسُوبِ. قَوْلُهُ: (أَخْذًا بِالْأَسْوَاءِ) أَيْ بِمَا فِيهِ اللُّزُومُ أَكْثَرُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ، وَمُقَابِلُهُ فِي الْأُولَى لُزُومُ رَكْعَةٍ فَقَطْ بِكَوْنِ السَّجْدَتَيْنِ مِنْ رَكْعَةٍ فَقَطْ أَوْ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ) عَلَى الْأَخْذِ بِالْأَسْوَأِ، وَمُقَابِلُهُ لُزُومُ رَكْعَةٍ وَسَجْدَةٍ فَقَطْ بِجَعْلِ الْمَتْرُوكِ سَجْدَتَيْنِ مِنْ رَكْعَةٍ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ، وَسَجْدَةً عَنْ الْأَخِيرَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ: وَالصَّوَابُ فِي هَذِهِ لُزُومُ سَجْدَةٍ وَرَكْعَتَيْنِ، لِأَنَّ الْأَسْوَأَ فِيهَا تَرْكُ أُولَى الْأُولَى، وَثَانِيَةِ الثَّانِيَةِ، وَوَاحِدَةٍ مِنْ الرَّابِعَةِ، وَفِي الْأَرْبَعِ لُزُومُ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ بِجَعْلِ الْمَتْرُوكِ مِثْلَ مَا ذَكَرَ فِي أُولَى الصُّورَةِ السَّابِقَةِ مَعَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ، وَفِي السِّتِّ لُزُومُ سَجْدَتَيْنِ وَثَلَاثِ رَكَعَاتٍ بِجَعْلِ الْمَتْرُوكِ مَا ذُكِرَ مَعَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الرَّابِعَةِ وَهَذَا التَّقْدِيرُ لَا مَحِيصَ عَنْهُ، فَإِنْ قِيلَ: هَذَا فِيهِ تَرْكُ شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ   [حاشية عميرة] الْمَتْرُوكِ، ثُمَّ يُكْمِلُهَا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ تَمَّتْ بِهِ رَكْعَتُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ عَيْنَهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (رُبَاعِيَّةٍ) هُوَ نِسْبَةٌ إلَى (رُبَاعَ) الْمَعْدُولِ عَنْ (أَرْبَعٍ) . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ رَكْعَتَانِ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الصَّوَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَكْعَتَانِ وَسَجْدَةٌ لِأَنَّ الْأَسْوَأَ تَرْكُ السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَوَاحِدَةٍ مِنْ الرَّابِعَةِ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قِيلَ إذَا قَدَّرْنَا تَرْكَ السَّجْدَةِ الْأُولَى وَبُطْلَانَ السُّجُودِ الَّذِي بَعْدَهَا فَلَا يَكُونُ الْمَتْرُوكُ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ فَقَطْ، قُلْنَا: هَذَا خَيَالٌ فَاسِدٌ فَإِنَّ الْمَعْدُودَ تَرْكُهُ إنَّمَا هُوَ الْمَتْرُوكُ حِسًّا لَا الْمَأْتِيُّ بِهِ حِسًّا الْبَاطِلُ شَرْعًا لِسُلُوكِ أَسْوَأِ التَّقَادِيرِ، إذْ لَوْ قُلْنَا بِهَذَا اللُّزُومِ فِي كُلِّ صُورَةٍ، وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَحِيلُ قَوْلُهُمْ لَوْ تَرَكَ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ أَوْ أَرْبَعًا لِأَنَّا إذَا جَعَلْنَا الْمَتْرُوكَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى هُوَ السَّجْدَةُ الثَّانِيَةُ كَمَا سَلَكَ الْأَصْحَابُ، فَيَكُونُ قِيَامُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَرُكُوعُهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا عَدَا السُّجُودَ بَاطِلًا، وَهَكَذَا فِي غَيْرِهَا، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ الْمَتْرُوكُ هُوَ السُّجُودُ فَقَطْ بَلْ أَنْوَاعًا مِنْ الْأَرْكَانِ. قَالَ: وَإِنَّمَا تَرَكْت هَذَا الْخَيَالَ وَإِنْ كَانَ وَاضِحَ الْبُطْلَانِ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَلِجُ فِي صَدْرِ مَنْ لَا حَاصِلَ لَهُ وَإِلَّا فَمِنْ حَقِّ هَذَا السُّؤَالِ السَّخِيفِ أَنْ لَا يُدَوَّنَ فِي تَصْنِيفٍ، وَمُقْتَضَى إشْكَالِهِ هَذَا أَنْ يَلْزَمَ فِي الْأَرْبَعِ كَالْخَمْسِ ثَلَاثٌ وَفِي السَّبْعِ كَالسِّتِّ ثَلَاثٌ بَعْدَ سَجْدَةٍ بِأَنْ يُقَدَّرَ فِي الْأَرْبَعِ تَرْكُ أُولَى الْأُولَى وَثَانِيَةِ الثَّانِيَةِ وَثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّالِثَةِ، وَفِي السِّتِّ يُقَدَّرُ الْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ مِنْ الرَّابِعَةِ فَيَأْتِي بِسَجْدَةٍ ثُمَّ ثَلَاثٍ، وَأَصْلُ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ لِابْنِ الْخُطَبَاءِ فِي كِتَابٍ لَهُ عَلَى التَّنْبِيهِ ذَكَرَهُ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 ثُمَّ رَكْعَتَانِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَسَجْدَةً مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجْدَةً مِنْ الرَّابِعَةِ فَتَلْغُو الْأُولَى وَتَكْمُلُ الثَّانِيَةُ بِالثَّالِثَةِ: (أَوْ خَمْسٌ أَوْ سِتٌّ) جَهِلَ مَوْضِعَهَا. (فَثَلَاثٌ) أَيْ فَيَجِبُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ فِي الْخَمْسِ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الْأُولَى وَسَجْدَتَيْنِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَسَجْدَةً مِنْ الثَّالِثَةِ فَتَكْمُلُ بِالرَّابِعَةِ، وَأَنَّهُ فِي السِّتِّ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ كُلٍّ مِنْ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ. (أَوْ سَبْعٌ) جَهِلَ مَوْضِعَهَا (فَسَجْدَةٌ ثُمَّ ثَلَاثٌ) أَيْ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ لِأَنَّ الْحَاصِلَ لَهُ رَكْعَةٌ إلَّا سَجْدَةً وَفِي ثَمَانِ سَجَدَاتٍ يَلْزَمُهُ سَجْدَتَانِ وَثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَيُتَصَوَّرُ بِتَرْكِ طُمَأْنِينَةٍ أَوْ سُجُودٍ عَلَى عِمَامَةٍ وَفِي الصُّوَرِ السَّبْعِ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. (قُلْت: يُسَنُّ إدَامَةُ نَظَرِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي (إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ) لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ (وَقِيلَ يُكْرَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ) لِفِعْلِ الْيَهُودِ لَهُ (وَعِنْدِي لَا   [حاشية قليوبي] الْجُلُوسُ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي تَرْكِ السَّجَدَاتِ فَقَطْ قُلْنَا: هَذَا خَيَالٌ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ شَرْعًا كَالْمَتْرُوكِ حِسًّا لِسُلُوكِ أَسْوَأِ التَّقَادِيرِ انْتَهَى كَلَامُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُحْسَبَ الْجُلُوسُ مَعَ عَدَمِ سُجُودٍ قَبْلَهُ، وَقَدْ عَلِمْت بِهَذَا رَدَّ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا يَأْتِي، وَإِنْ تَبِعَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ وَمَا قِيلَ فِي رَدِّ ذَلِكَ الِاعْتِرَاضِ بِتَصْوِيرِ الْأَصْحَابِ الْمَسْأَلَةَ بِمَا لَوْ سَجَدَ عَلَى كُورِ عِمَامَتِهِ لَا يُجْدِي نَفْعًا، وَمَا قِيلَ إنَّ الْإِسْنَوِيَّ ذَكَرَ الِاعْتِرَاضَ وَرَدَّهُ فَغَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَلَعَلَّهُ مُتَقَوَّلٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ التَّاجِ السُّبْكِيُّ فِي التَّوْشِيحِ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ نَظْمًا هَذِهِ الْأَبْيَاتِ: وَتَارِكُ ثَلَاثِ سَجَدَاتٍ ذُكِرْ ... وَسَطَ الصَّلَاةِ تَرَكَهَا فَقَدْ أُمِرْ بِحَمْلِهَا عَلَى خِلَافِ الثَّانِي ... عَلَيْهِ سَجْدَةٌ وَرَكْعَتَانِ وَأَهْمَلَ الْأَصْحَابُ ذِكْرَ السَّجْدَهْ ... وَأَنْتَ فَانْظُرْ تَلْقَ ذَاكَ عُدَّهْ وَلَمَّا رَآهُ وَالِدُهُ السُّبْكِيُّ كَتَبَ عَلَيْهِ جَوَابًا مِنْ رَأْسِ الْقَلَمِ بِقَوْلِهِ: لَكِنَّهُ مَعَ حُسْنِهِ لَا يُرَدّْ ... إذْ الْكَلَامُ فِي الَّذِي لَا يُعْقَدْ إلَّا السُّجُودَ فَإِذَا مَا انْضَمَّ لَهْ ... تَرْكُ الْجُلُوسِ فَلْيُعَامَلْ عَمَلَهْ وَإِنَّمَا السَّجْدَةُ لِلْجُلُوسْ ... وَذَاكَ مِثْلُ الْوَاضِحِ الْمَحْسُوسْ وَقَدْ عَلِمْت رَدَّهُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَالْهَادِي. قَوْلُهُ: (مِنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى) يَعْنِي الثَّانِيَةَ أَوْ الرَّابِعَةَ. قَوْلُهُ: (جَهِلَ مَوْضِعَهَا) فِي الْجَمِيعِ، فَإِنْ عَلِمَ مَحَلَّهَا فَهُوَ وَاضِحٌ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَتَلْغُو الْأُولَى) فِيهِ تَسَامُحٌ وَالْمُرَادُ مَا بَعْدَ الْمَتْرُوكِ مِنْهَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي، وَلَوْ قَالَ: فَتَكْمُلُ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَكَانَ أَوْلَى، وَمُقَابِلُ الْأَسْوَأِ فِي هَذِهِ لُزُومُ رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ بِجَعْلِ الْمَتْرُوكِ سَجْدَتَيْنِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَتَكْمُلُ) أَيْ الثَّالِثَةُ لَوْ قَالَ: فَتَكْمُلُ الْأُولَى بِالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ لَكَانَ أَوْلَى، بَلْ كَانَ صَوَابًا وَمُقَابِلُ الْأَسْوَأِ فِي هَذِهِ لُزُومُ سَجْدَةٍ وَرَكْعَتَيْنِ، بِجَعْلِ السَّجْدَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَنَّهُ فِي السِّتِّ إلَخْ) وَمُقَابِلُ هَذَا لُزُومُ سَجْدَتَيْنِ وَرَكْعَتَيْنِ بِجَعْلِ الْمَتْرُوكِ سَجْدَتَيْنِ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ غَيْرِ الثَّالِثَةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الصُّوَرِ السَّبْعِ) وَهِيَ تَرْكُ سَجْدَتَيْنِ وَمَا بَعْدَهَا، وَلَا لِحَاجَةٍ لِجَهْلِ الْمَحَلِّ فِي السَّبْعِ وَلَا فِي الثَّمَانِ وَتَصْوِيرُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِمَنْ أَدْرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ آخِرِ صَلَاةِ الْإِمَامِ صَحِيحٌ لَكِنْ لَا مَفْهُومَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَيُتَصَوَّرُ) أَيْ التَّرْكُ لَا بِقَيْدِ الْجَهْلِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (إدَامَةُ نَظَرِهِ) وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَالْأَعْمَى وَالْعَاجِزِ وَمَنْ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ عَلَى جِنَازَةٍ، وَكَذَا لَوْ صَلَّى خَلْفَ نَبِيٍّ أَوْ عِنْدَ الْكَعْبَةِ أَوْ فِيهَا. نَعَمْ يُنْدَبُ النَّظَرُ إلَى جِهَةِ الْعَدُوِّ فِي الْخَوْفِ وَإِلَى مُسَبِّحَتِهِ وَلَوْ مَسْتُورَةً عِنْدَ رَفْعِهَا فِي التَّشَهُّدِ إلَى قِيَامِهِ أَوْ سَلَامِهِ، وَلَوْ كَانَ فِي مَحَلِّ سُجُودٍ مَا يُلْهِي كَتَزْوِيقٍ أَوْ صُوَرٍ لَمْ يُسَنَّ النَّظَرُ إلَيْهِ، وَيُسَنُّ النَّظَرُ إلَيْهِ عِنْدَ التَّحَرُّمِ وَإِزَالَةِ مَا فِيهِ وَكَنْسِهِ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ، وَرُبَّمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْبِيرُ بِالْإِدَامَةِ. قَوْلُهُ: (لِفِعْلِ الْيَهُودِ) أَيْ لِأَنَّهُ شِعَارُهُمْ كَمَا قَالَهُ الْعَبْدَرِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (وَعِنْدِي   [حاشية عميرة] مَسْأَلَةِ الثَّلَاثِ فَتَبِعَهُ غَيْرُهُ كَابْنِ الْمُقْرِي. قَوْلُهُ: (فَتَلْغُو الْأُولَى) يَنْبَغِي أَنْ تُكْمِلَ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَيَلْغُو بَاقِيهِمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُسَنُّ إدَامَةُ نَظَرِهِ إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ تُجَاهَ الْكَعْبَةِ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ أَيْ مِنْ حَيْثُ جَمْعُ النَّظَرِ فِي مَكَان وَاحِدٍ، وَمَوْضِعُ السُّجُودِ أَشْرَفُ وَأَسْهَلُ مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ الْإِطْلَاقِ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ. نَعَمْ اسْتَثْنَوْا حَالَةَ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ لِلْمُسَبِّحَةِ وَقَوْلُ الْمَتْنِ نَظَرِهِ أَيْ وَلَوْ فِي ظُلْمَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قِيلَ يُكْرَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ) قَائِلُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 يُكْرَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا) إذْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ. (وَ) يُسَنُّ (الْخُشُوعُ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] (وَتَدَبُّرُ الْقِرَاءَةِ) أَيْ تَأَمُّلُهَا قَالَ تَعَالَى {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29] (وَالذِّكْرِ) قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاءَةِ (وَدُخُولُ الصَّلَاةِ بِنَشَاطٍ) لِلذَّمِّ عَلَى ضِدِّ ذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: 142] (وَفَرَاغِ قَلْبٍ) مِنْ الشَّوَاغِلِ لِأَنَّهَا تُشَوِّشُ الصَّلَاةَ (وَجَعْلُ يَدَيْهِ تَحْتَ صَدْرِهِ آخِذًا بِيَمِينِهِ يَسَارَهُ) مُخَيَّرًا بَيْنَ بَسْطِ أَصَابِعِ الْيَمِينِ فِي عَرْضِ الْمَفْصِلِ وَبَيْنَ نَشْرِهَا فِي صَوْبِ السَّاعِدِ. رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ وَائِلِ بْنِ حَجَرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى» زَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ عَلَى صَدْرِهِ أَيْ آخِرِهِ فَيَكُونُ آخِرُ إلَيْهِ تَحْتَهُ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ وَالسِّينُ فِي الرُّسْغِ أَفْصَحُ، وَهُوَ الْمَفْصِلُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ (وَالدُّعَاءُ فِي سُجُودِهِ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا   [حاشية قليوبي] لَا يُكْرَهُ) أَيْ فَيُبَاحُ. نَعَمْ يُنْدَبُ إنْ حَصَلَ بِهِ خُشُوعٌ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا يُطْلَبُ، وَيُكْرَهُ إنْ خَافَ بِهِ ضَرَرًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، بَلْ يَحْرُمُ إنْ ظَنَّ بِهِ الضَّرَرَ وَيُنْدَبُ فَتْحُ الْعَيْنَيْنِ فِي السُّجُودِ لِيَسْجُدَا مَعَهُ وَكَذَا فِي الرُّكُوعِ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ الْخُشُوعُ) أَيْ فِي دَوَامِ صَلَاتِهِ، وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ فَيَكْتَفِي بِوُجُودِهِ فِي جُزْءٍ مِنْهَا وَهُوَ سُكُونُ الْجَوَارِحِ مَعَ حُضُورِ الْقَلْبِ، فَلَوْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ مَثَلًا كُرِهَ تَسْوِيَتُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ كَمَا فِي الْأَحْيَاءِ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ مَنْ خَشَعَ فِي صَلَاتِهِ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَخَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ تَأَمُّلُهَا) أَيْ بِمَعْرِفَةِ مَعَانِيهَا وَلَوْ إجْمَالًا، وَيُنْدَبُ لِلْمُصَلِّي وَغَيْرِهِ تَرْتِيلُهَا، لِمَا وَرَدَ أَنَّ حَرْفًا بِتَرْتِيلٍ كَحَرْفَيْنِ بِغَيْرِهِ ثَوَابًا، وَيُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَيْضًا سُؤَالُ الرَّحْمَةِ عِنْدَ آيَتِهَا، وَسُؤَالُ الْجَنَّةِ عِنْدَ آيَتِهَا، وَالِاسْتِعَاذَةُ مِنْ النَّارِ عِنْدَ آيَتِهَا، وَالتَّسْبِيحُ عِنْدَ آيَتِهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ آيَتِهِ، وَالتَّفَكُّرُ عِنْدَ آيَةٍ فِيهَا مَثَلٌ وَأَنْ يَقُولَ: بَلَى، وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الشَّاهِدِينَ عِنْدَ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: 8] وَ {اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} عِنْدَ آخِرِ تَبَارَكَ وَآمَنْت بِاَللَّهِ عِنْدَ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ} [المرسلات: 50] وَلَا نَكْذِبُ بِآلَائِك يَا رَبِّ عِنْدَ {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13] وَغَيْرُهَا وَلَا يَقْصِدُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ الْقُرْآنِ أَوْ الذِّكْرِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالذِّكْرِ) أَيْ تَدَبُّرُهُ بِمَعْرِفَةِ مَعَانِيهِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يُثَابُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ عَرَفَ مَعْنَاهُ وَلَوْ إجْمَالًا بِخِلَافِ الْقُرْآنِ لِلتَّعَبُّدِ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ: يُثَابُ مُطْلَقًا كَالْقُرْآنِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الشَّوَاغِلِ) أَيْ وَلَوْ أُخْرَوِيَّةً أَوْ فِي مَسْأَلَةٍ فِقْهِيَّةٍ، وَهَذَا زِيَادَةٌ عَلَى حُضُورِ الْقَلْبِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْخُشُوعِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَجَعْلُ يَدَيْهِ) أَيْ بَعْدَ حَطِّهِمَا مِنْ التَّكْبِيرِ وَقَبْلَ إرْسَالِهِمَا، بَلْ قِيلَ بِكَرَاهَتِهِ وَيُنْدَبُ ذَلِكَ الْجَعْلُ فِي كُلِّ قِيَامٍ أَوْ بَدَلُهُ، وَلَوْ اضْطِجَاعًا إنْ تَيَسَّرَ. قَوْلُهُ: (تَحْتَ صَدْرِهِ) أَيْ بِحِذَاءِ قَلْبِهِ إشَارَةً إلَى حِفْظِ الْإِيمَانِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهِ) أَيْ بِكَفِّهَا أَوْ زَنْدِهَا لَوْ قُطِعَتْ. قَوْلُهُ: (مُخَيَّرٌ إلَخْ) أَيْ أَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَسَيَأْتِي الْأَفْضَلُ. قَوْلُهُ: (عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ) أَيْ قَابِضًا بَعْضَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهَذَا أَفْضَلُ الْكَيْفِيَّاتِ أَوْ بِلَا قَبْضٍ وَهِيَ بَعْدَهَا فِي الْفَضِيلَةِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مُحْتَمِلٌ لَهُمَا وَمَا قَبْلَهُ أَعَمُّ مِنْهُمَا، وَلَوْ أَرْسَلَ يَدَيْهِ مِنْ غَيْرِ عَبَثٍ فَلَا بَأْسَ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ عَدَمُ الْعَبَثِ بِهِمَا وَقَدْ وُجِدَ، وَالْمُرَادُ بِظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى بَعْضُ كُوعِهَا وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الْيَدِ لَا رَأْسَ الزَّنْدِ كَمَا قِيلَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمَفْصِلُ إلَخْ) أَيْ لَا رَأْسُ عَظْمِ الْكُوعِ. قَوْلُهُ: (وَالدُّعَاءُ فِي سُجُودِهِ) أَيْ بِدِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ إنْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ   [حاشية عميرة] الْعَبْدَرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا. قَوْلُهُ: (لِفِعْلِ الْيَهُودِ لَهُ) وَلِأَنَّهُ خِلَافُ مَا تَقْتَضِيهِ الطَّبِيعَةُ مِنْ اسْتِرْسَالِ الْأَعْضَاءِ فَيَكُونُ مُتَكَلَّفًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا) أَيْ مِنْ نَحْوِ عَدُوٍّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْخُشُوعُ) هُوَ السُّكُونُ، وَفَسَّرَهُ الْإِمَامُ بِلِينِ الْقَلْبِ وَكَفِّ الْجَوَارِحِ، وَالْحَدِيثُ فِي شَخْصٍ عَبِثَ فِي صَلَاتِهِ بِلِحْيَتِهِ لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ، وَفِي الرَّافِعِيِّ وَجْهُ أَنَّهُ شَرْطٌ لَكِنْ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، وَالْعَبَثُ مَكْرُوهٌ حَتَّى لَوْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ أَوْ طَرَفُ عِمَامَتِهِ كُرِهَ لَهُ تَسْوِيَتُهُ قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَدَبُّرُ الْقِرَاءَةِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُصَلِّي مِنْ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ سُؤَالُ الرَّحْمَةِ وَالتَّعَوُّذُ مِنْ الْعَذَابِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفَرَاغُ قَلْبٍ) قِيلَ: إذَا كَثُرَ حَدِيثُ النَّفْسِ أَبْطَلَ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ تَفَكَّرَ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ فَلَا بَأْسَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَعْلُ يَدَيْهِ) أَيْ فِي الْقِيَامِ وَبَدَلِهِ، وَكَذَا فِي الِاضْطِجَاعِ إنْ لَمْ يَشُقَّ. قَوْلُهُ: (مُخَيَّرًا إلَخْ) هُوَ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 الدُّعَاءِ أَيْ فِي سُجُودِكُمْ» . (وَأَنْ يَعْتَمِدَ فِي قِيَامِهِ مِنْ السُّجُودِ وَالْقُعُودِ عَلَى يَدَيْهِ) أَيْ بَطْنِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ لَهُ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فِي صِفَةِ صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ جَلَسَ وَاعْتَمَدَ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ قَامَ. (وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ فِي الْأَصَحِّ) لِلْإِتْبَاعِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي الصُّبْحِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيُقَاسُ غَيْرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي لَا يُسَنُّ تَطْوِيلُهَا لِلْإِتْبَاعِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيُقَاسُ عَلَيْهِمَا غَيْرُهُمَا وَفِي تَطْوِيلِ الثَّالِثَةِ عَلَى الرَّابِعَةِ إذْ قُلْنَا يَقْرَأُ السُّورَةَ فِيهِمَا الْوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ قِيَاسًا عَلَى تَطْوِيلِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ، وَالثَّانِي لَا بَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا لِلْإِتْبَاعِ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِمَا الْعِشَاءُ وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ وَتَقْدِيمَ الْقِيَاسِ فِيهِ عَلَى النَّصِّ لِأَنَّ دَلِيلَ أَصْلِهِ وَهُوَ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ النَّافِي لِقِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَدِيثِ إثْبَاتِهَا الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَالذِّكْرُ بَعْدَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْت وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، ثُمَّ قَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَيُسَنُّ بَعْدَ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ أَيْضًا. (وَأَنْ يَنْتَقِلَ لِلنَّفْلِ مِنْ مَوْضِعِ فَرْضِهِ) تَكْثِيرًا   [حاشية قليوبي] إمَامًا لِمَحْصُورِينَ، أَوْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ طُولٌ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَتَطْوِيلُ إلَخْ) أَيْ فِيمَا لَمْ يُطْلَبْ عَكْسُهُ فِيهِ، كَصَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَكَسَبِّحْ وَهَلْ أَتَاك. قَوْلُهُ: (رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ الْمُثْبِتُ لِلْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ دَلِيلَ أَصْلِهِ إلَخْ) أَيْ دَلِيلَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ الثَّابِتُ فِيهِ تَطْوِيلُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ مُقَدَّمٌ، فَالْقَائِلُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ يَقُولُ بِتَطْوِيلِ الْأُولَى مِنْهُمَا عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا قِيَاسًا عَلَى الْأَوِّلَتَيْنِ فَسَقَطَ بِذَلِكَ اعْتِرَاضُ بَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِمْ فِيمَا مَرَّ، وَتُسَنُّ سُورَةٌ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَالذِّكْرُ بَعْدَهَا) أَيْ عَقِبَهَا فَيَفُوتُ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا وَبِالرَّاتِبَةِ إلَّا الْمَغْرِبَ لِرَفْعِهَا مَعَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَلَا يَفُوتُ ذِكْرٌ بِذِكْرٍ آخَرَ. وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّ مَا وَرَدَ بِهِ أَمْرٌ مَخْصُوصٌ يَفُوتُ بِمُخَالَفَتِهِ كَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَالْإِخْلَاصِ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، قَبْلَ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَهُ وَيَفُوتُ بِانْثِنَاءِ رِجْلِهِ وَلَوْ بِجَعْلِ يَمِينِهِ لِلْقَوْمِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَا يَفُوتُ الذِّكْرُ بِطُولِ الْفَصْلِ وَلَا بِالرَّاتِبَةِ، وَإِنَّمَا الْفَائِتُ كَمَالُهُ فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ عُرْفًا بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَلَهُ الْحَمْدُ) وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ يُحْيِي وَيُمِيتُ. قَوْلُهُ: (لَا مَانِعَ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي رُكْنِ الِاعْتِدَالِ. قَوْلُهُ: (مَنْ سَبَّحَ إلَخْ) أَيْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُرَتِّبَهَا كَمَا ذُكِرَ أَوَّلًا وَلَا بَيْنَ أَنْ يَأْتِيَ بِعَدَدِ كُلِّ نَوْعٍ وَحْدَهُ أَوْ لَا، وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ لَا تَضُرُّ خِلَافًا لِلصُّوفِيَّةِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: الذِّكْرُ كَأَسْنَانِ الْمِفْتَاحِ إذَا دَارَ لَمْ يَفْتَحْ، وَيُنْدَبُ أَنْ يُقَدِّمَ الْقُرْآنَ إنْ طُلِبَ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ، ثُمَّ الِاسْتِغْفَارَ ثَلَاثًا، ثُمَّ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ إلَخْ. ثُمَّ التَّسْبِيحَ وَمَا مَعَهُ. قَوْلُهُ: (دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ) أَيْ مِنْ الْخَمْسِ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ أَصَالَةً فَتَدْخُلُ الْمُعَادَةُ، وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُعَادَةِ، وُجُوبًا وَظَاهِرُ التَّعْبِيرِ، بِكُلِّ فَوَاتُ الثَّوَابِ الْمَذْكُورِ بِتَرْكِ ذَلِكَ الذِّكْرِ أَوْ بَعْضِهِ، وَلَوْ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ سَهْوًا وَتَوَافُقُهُ عَلَى مُدَاوَمَةِ، ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ عُمْرِهِ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (غُفِرَتْ خَطَايَاهُ) هُوَ بِظَاهِرِهِ يَشْمَلُ الْكَبَائِرَ. وَخَصَّصَهُ غَالِبُ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ بِالصَّغَائِرِ، وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ يُقَلِّلُ مِنْ الْكَبَائِرِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ صَغَائِرُ حَتَّى يَمْحُوَهَا. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ) أَيْ بِمَا شَاءَ دِينًا وَدُنْيَا، وَيُكْرَهُ لِإِمَامِ غَيْرِ مَحْصُورِينَ تَطْوِيلُهُ إنْ انْتَظَرُوهُ، وَمِثْلُهُ الذِّكْرُ الْمُتَقَدِّمُ وَيُسَنُّ الْإِسْرَارُ بِهِمَا إلَّا لِنَحْوِ مُعَلِّمٍ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَنْتَقِلَ لِلنَّفْلِ مِنْ مَوْضِعِ فَرْضِهِ) وَكَذَا عَكْسُهُ، وَكَذَا مِنْ مَحَلِّ فَرْضٍ لِفَرْضٍ   [حاشية عميرة] وَأَقَرَّهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْقُعُودِ عَلَى يَدَيْهِ) أَيْ نَحْوُ قُعُودِ التَّشَهُّدِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ دَلِيلَ أَصْلِهِ إلَى آخِرِهِ) لَك أَنْ تَقُولَ دَلِيلُ أَصْلِهِ الْمَذْكُورُ نَافٍ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَقَضِيَّةُ اعْتِبَارِهِ رَفْعُ هَذَا الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالْقِيَاسِ وَأَيْضًا فَتَطْوِيلُ الثَّالِثَةِ عَلَى الرَّابِعَةِ فَرْعٌ عَنْ ثُبُوتِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا وَهُوَ فَرْعٌ عَنْ اعْتِبَارِ الدَّلِيلِ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَوَّلِ فَلَا يَكُونُ عَاضِدًا لِلْقِيَاسِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالذِّكْرُ بَعْدَهَا) قَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إذَا انْصَرَفَ مِنْ الصَّلَاةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ سَوْقِ الْأَذْكَارِ الْوَارِدَةِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ مِنْ ذَلِكَ بِالِاسْتِغْفَارِ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا قَالَهُ أَبُو الطَّيِّبِ. قَوْلُهُ: (الدُّعَاءُ أَيْضًا) مِنْ الْوَارِدِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك الْحَدِيثَ وَمِنْهُ مَا سَلَفَ اسْتِحْبَابُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَمِنْهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْجُبْنِ وَأَعُوذُ بِك أَنْ أَرُدَّ إلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وَأَعُوذُ بِك مِنْ فِتْنَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 لِمَوَاضِعِ السُّجُودِ فَإِنَّهَا تَشْهَدُ لَهُ. قَالَ الْبَغَوِيّ (وَأَفْضَلُهُ إلَى بَيْتِهِ) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» . (وَإِذَا صَلَّى وَرَاءَهُمْ نِسَاءٌ مَكَثُوا حَتَّى يَنْصَرِفْنَ) لِلْإِتْبَاعِ فِي مُكْثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالرِّجَالِ مَعَهُ لِذَلِكَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَأَنْ يَنْصَرِفَ فِي جِهَةِ حَاجَتِهِ) أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ (وَإِلَّا فَيَمِينُهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَاجَةٌ فَيَنْصَرِفُ فِي جِهَةِ يَمِينِهِ لِأَنَّهَا مَحْبُوبَةٌ. (وَتَنْقَضِي الْقُدْوَةُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ) التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى (فَلِلْمَأْمُومِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ ثُمَّ يُسَلِّمَ) وَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ فِي الْحَالِ. (وَلَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى تَسْلِيمَةٍ سَلَّمَ) هُوَ (ثِنْتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إحْرَازًا لِفَضِيلَةِ الثَّانِيَةِ.   [حاشية قليوبي] آخَرَ، وَمِنْ نَفْلٍ لِنَفْلٍ آخَرَ، وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ لَا لِإِخْرَاجِ غَيْرِهِ، وَلَوْ قَالَ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ مَحَلِّ صَلَاةٍ لِأُخْرَى لَشَمَلَ الْجَمِيعَ، وَيُنْدَبُ الِانْتِقَالُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِفِعْلٍ خَفِيفٍ لِمَنْ لَمْ يَنْتَقِلْ قَبْلَهُ: خِلَافًا لِلْخَطِيبِ، وَيُسَنُّ لِمَنْ لَمْ يَنْتَقِلْ الْفَصْلُ بِكَلَامِ إنْسَانٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَا يَسُنُّ لِكُلِّ رَكْعَةٍ مَثَلًا بِغَيْرِ إحْرَامٍ. قَوْلُهُ: (وَأَفْضَلُهُ إلَى بَيْتِهِ) أَيْ وَفِعْلُ النَّفْلِ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَوْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَلِمَنْ بَيْتُهُ خَارِجَ الْحَرَمِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ صُوَرٌ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَالْإِحْرَامِ مِنْ مِيقَاتٍ بِهِ مَسْجِدٌ، وَالِاسْتِخَارَةِ وَالضُّحَى وَإِنْشَاءِ سَفَرٍ وَقُدُومٍ مِنْهُ، وَمَا شَرَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَسُنَّةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، دَخَلَ وَقْتُهَا وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ خَوْفِ فَوْتِ وَقْتٍ أَوْ تَبْكِيرٍ فِي جُمُعَةٍ، أَوْ تَعَلُّمٍ أَوْ تَعْلِيمٍ أَوْ خَوْفِ تَكَاسُلٍ، أَوْ فِي اعْتِكَافٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَكَثُوا) أَيْ الرِّجَالُ وَلَوْ احْتِمَالًا فَيَشْمَلُ الْخَنَاثَى، وَيَنْصَرِفُ الْخَنَاثَى فُرَادَى قَبْلَ الرِّجَالِ وَبَعْدَ النِّسَاءِ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْقِيَاسُ اسْتِحْبَابُ انْصِرَافِهِمْ فُرَادَى، إمَّا قَبْلَ النِّسَاءِ أَوْ بَعْدَهُنَّ لَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ، لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِكَوْنِهِمْ فُرَادَى وَهُوَ مَطْلُوبٌ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ. وَيُسَنُّ لِلنِّسَاءِ الْمُشَاوَرَةُ فِي الِانْصِرَافِ وَيُنْدَبُ انْصِرَافُ الْمُرْدِ كَالْخَنَاثَى بَعْدَهُمْ. قَوْلُهُ: (فَيَمِينِهِ) هُوَ مَجْرُورٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَالْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَحَلِّ الصَّلَاةِ، كَبَابِ الْمَسْجِدِ مَثَلًا، وَقِيلَ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ مَكَانِ مُصَلَّاهُ. نَعَمْ إنْ كَانَ جِهَةُ يَمِينِهِ طَرِيقَهُ الَّتِي جَاءَ مِنْهَا انْصَرَفَ جِهَةَ يَسَارِهِ تَقْدِيمًا لِمُخَالَفَةِ الطَّرِيقِ. قَوْلُهُ: (وَتَنْقَضِي الْقُدْوَةُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ) أَيْ بِفَرَاغِهِ مِنْ الْمِيمِ مِنْ عَلَيْكُمْ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى. وَلَا تَضُرُّ مُقَارَنَةُ الْمَأْمُومِ لَهُ فِيهَا، لِأَنَّ الْقُدْوَةَ تَخْتَلُّ بِشُرُوعِهِ فِيهَا، وَلِذَلِكَ لَوْ أَحْرَمَ شَخْصٌ خَلْفَ الْإِمَامِ حِينَئِذٍ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَأَتْبَاعِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَالْخَطِيبِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، إنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى مُفَارَقَتَهُ وَيُنْدَبُ لِلْمَأْمُومِ أَنْ لَا يَشْرَعَ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى، حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ بَعْدَ فَرَاغِهِ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْ الْقِبْلَةِ، بِحَيْثُ يَعْلَمُ الدَّاخِلُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ، وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالْقِيَامِ، وَيُنْدَبُ جَعْلُ يَمِينِهِ لِلْقَوْمِ وَلَوْ حَالَ دُعَائِهِ إلَّا فِي مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ فِي مُقَابَلَةِ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ فَيَجْعَلُ يَسَارَهُ إلَيْهِمْ لِئَلَّا يَسْتَدْبِرَ الْقَبْرَ الشَّرِيفَ، وَيُنْدَبُ لِمَنْ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ فِي ذَلِكَ، أَنْ يَجْعَلَ رَأْسَهُ لِجِهَةِ الْقَبْرِ أَيْضًا، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا زِيدَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ أَمَامِ الْحُجْرَةِ، وَخَلْفِهَا فَهُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ، وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةً لِلْأَدَبِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَلِلْمَأْمُومِ) أَيْ الَّذِي فَرَغَتْ صَلَاتُهُ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ مَعَ الْإِمَامِ فِي مَحَلِّ جُلُوسِهِ، لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَلَهُ التَّطْوِيلُ، وَإِنْ كُرِهَ إلَّا فَلْيَقُمْ فَوْرًا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ تَسْلِيمَتَيْهِ، فَإِنْ مَكَثَ بَعْدَهُمَا زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ الْمَطْلُوبِ، وَهُوَ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ بِقَدْرِ أَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ الْوَاجِبِ كَمَا مَرَّ. بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] الدُّنْيَا وَأَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيُسْتَحَبُّ الْإِسْرَارُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ إلَّا عِنْدَ إرَادَةِ التَّعَلُّمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يَنْتَقِلَ لِلنَّفْلِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ فَلْيَفْصِلْ بِكَلَامِ إنْسَانٍ فَفِي مُسْلِمٍ النَّهْيُ عَنْ وَصْلِ صَلَاةٍ بِصَلَاةٍ إلَّا بَعْدَ كَلَامٍ أَوْ خُرُوجٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا تَشْهَدُ لَهُ) قَدْ وَرَدَ فِي تَفْسِيرٍ قَوْله تَعَالَى {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ} [الدخان: 29] إنَّ الْمُؤْمِنَ إذَا مَاتَ بَكَى عَلَيْهِ مُصَلَّاهُ مِنْ الْأَرْضِ وَمِصْعَدُ عَمَلِهِ مِنْ السَّمَاءِ ثُمَّ هَذِهِ الْعِلَّةُ تَقْتَضِي أَنْ يَنْتَقِلَ لِلْفَرْضِ مِنْ مَوْضِعِ نَفْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَنْ يَنْتَقِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ يَفْتَتِحُهَا مِنْ أَفْرَادِ النَّوَافِلِ كَالضُّحَى وَالتَّرَاوِيحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِلَّا فَيَمِينُهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ أَطْلَقَ النَّوَوِيُّ فِي رِيَاضِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ وَالْعِيَادَةِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ أَنْ يَذْهَبَ فِي طَرِيقٍ وَأَنْ يَرْجِعَ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يُخَالِفُ مَا هُنَا. قَوْلُهُ: (التَّسْلِيمَةُ الْأُولَى) لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ الْأُولَى حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ الثَّانِيَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلِلْمَأْمُومِ إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إنْ سَهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 بَابٌ بِالتَّنْوِينِ (شُرُوطُ الصَّلَاةِ) وَهِيَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ مِنْهَا (خَمْسَةٌ) أَوَّلُهَا (مَعْرِفَةُ الْوَقْتِ) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، أَيْ الْعِلْمُ بِدُخُولِهِ أَوْ ظَنُّهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، فَمَنْ صَلَّى بِدُونِ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْوَقْتِ (وَ) ثَانِيهَا (الِاسْتِقْبَالُ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي فَصْلِهِ (وَ) ثَالِثُهَا (سَتْرُ الْعَوْرَةِ) صَلَّى فِي الْخَلْوَةِ أَوْ غَيْرِهَا، فَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ (وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ) حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا (مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ) لِحَدِيثِ الْبَيْهَقِيّ، وَإِذَا   [حاشية قليوبي] بَابٌ بِالتَّنْوِينِ لِقَطْعِهِ عَمَّا بَعْدَهُ وَيَجُوزُ تَرْكُهُ عَلَى نِيَّةِ الْإِضَافَةِ لِلْجُمْلَةِ بَعْدَهُ، وَعَلَى كُلٍّ هُوَ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ أَوْ عَكْسُهُ، وَالْمَذْكُورُ فِيهِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ وَمَوَانِعُهَا وَآخِرُهُ عَمَّا قَبْلَهُ، مَعَ أَنَّ الشُّرُوطَ تَتَقَدَّمُ عَلَى الْمَشْرُوطِ أَمَّا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا مُقَارَنَتُهَا لَهُ، أَوْ لِضَمِّهِ الْمَوَانِعَ إلَيْهَا، وَهِيَ لَا يُتَصَوَّرُ تَقْدِيمُهَا. قَوْلُهُ: (شُرُوطُ الصَّلَاةِ) هِيَ جَمْعُ شَرْطٍ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا، وَيُجْمَعُ الْمَفْتُوحُ أَيْضًا عَلَى شَرَائِطَ وَأَشْرَاطٍ، وَيُقَالُ لَهُ شَرِيطَةٌ وَالشَّرْطُ لُغَةً: الْعَلَامَةُ، وَشَرْعًا: مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمَ لِذَاتِهِ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِالْعَدَمِ فِي أَوَّلِهِ مَا يَعُمُّ عَدَمَ الصِّحَّةِ، كَالْقَادِرِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَعَمْدُ الْإِجْزَاءِ، كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَخَرَجَ بِهِ السَّبَبُ، فَإِنَّهُ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ، وَخَرَجَ بِآخِرِهِ الْمَانِعُ فَإِنَّهُ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ، وَإِخْرَاجُهُ بِهَذَا أَنْسَبُ مِنْ إخْرَاجِهِ بِأَوَّلِهِ، وَقَيْدٌ لِذَاتِهِ. زَادَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ، لَيَدْخُلَ الشَّرْطُ الْمُقَارِنُ لِلسَّبَبِ أَوْ الْمَانِعُ، فَإِنَّ لُزُومَ الْوُجُودِ لِلْأَوَّلِ وَالْعَدَمَ لِلثَّانِي لِمُقَارَنَةِ مَا ذُكِرَ، لَا لِذَاتِ الشَّرْطِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَذِكْرُهُ إيضَاحٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَا يَلْزَمُ مِنْ كَذَا كَذَا، يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَرَتُّبُهُ عَلَيْهِ، وَصُدُورُهُ عَنْهُ وَخَصَّ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ ذَلِكَ الْقَيْدَ، بِشَطْرِ التَّعْرِيفِ الثَّانِي، وَالْوَجْهُ رُجُوعُهُ لِأَوَّلِهِ أَيْضًا لِيَدْخُلَ، فَقْدُ الشَّرْطِ الْمُقَارِنِ لِمُوجِبٍ، كَصَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، فَإِنَّ صِحَّتَهُمَا لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ لَا لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا فَتَأَمَّلْ. وَعَدُّ الْمَوَانِعِ مِنْ الشُّرُوطِ مَجَازٌ أَوْ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ، وَهُوَ مَا مَالَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ أَوْلَى لِصِدْقِ تَعْرِيفِ الشَّرْطِ السَّابِقِ، عَلَيْهِ، لِأَنَّ عَدَمَ الْعَدَمِ وُجُودٌ وَقَوْلُهُمْ مَفْهُومُ الشَّرْطِ وُجُودِيٌّ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَمَا وُجِّهَ بِهِ الْأَوَّلُ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِ الْمَوَانِعِ شُرُوطًا، بُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِالْكَلَامِ الْقَلِيلِ نَاسِيًا لِأَنَّ الشُّرُوطَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا النِّسْيَانُ، مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِمَّا دَخَلَ فِي الشَّرْطِ، كَمَا لَمْ يَدْخُلْ النَّجِسُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ فِي طَهَارَةِ الْخَبَثِ فَتَأَمَّلَ. قَوْلُهُ: (خَمْسَةٌ) أَيْ بِعَدَمِ عَدِّ الْمَوَانِعِ شُرُوطًا وَإِلَّا فَهِيَ تِسْعَةٌ، كَمَا عَدَّهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَذَلِكَ وَلَمْ يَعُدُّوا الْإِسْلَامَ، وَالتَّمْيِيزَ اكْتِفَاءً عَنْهُمَا بِطُهْرِ الْحَدَثِ، وَلَا يَرِدُ بَقَاءُ طَهَارَةِ الْمُرْتَدِّ، لِأَنَّهُ قَطْعٌ فِي الدَّوَامِ وَلَا طَهَارَةُ نَحْوِ الْوَلِيِّ لِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَالصَّبِيِّ لِطَوَافِهِ لِوُجُودِ الشَّرْطَيْنِ فِي النِّيَّةِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ مِنْ غَيْرِ الْفَاعِلِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا نِيَّةُ الْكَافِرِ فِي نَحْوِ الْكَفَّارَةِ، وَنِيَّةُ الْكَافِرَةِ فِي الطُّهْرِ مِنْ نَحْوِ الْحَيْضِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي نِيَّةِ التَّقَرُّبِ، لَا نِيَّةِ التَّمْيِيزِ، وَلَمْ يَعُدُّوا الْعِلْمَ بِالْكَيْفِيَّةِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ مُطْلَقًا، فَإِنَّ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ جَمِيعَ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَأَقْوَالِهَا فَرْضٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا، أَوْ أَنَّ جَمِيعَهَا نَفْلٌ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا، أَوْ أَنَّ بَعْضَهَا فَرْضٌ وَبَعْضَهَا نَفْلٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِفَرْضٍ نَفْلًا، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْعَامِّيُّ وَالْمُتَفَقِّهُ، وَخَصَّهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِالْعَامِّيِّ لِيَخْرُجَ الْمُتَفَقِّهُ، وَهُوَ مَنْ عَرَفَ مِنْ الْعِلْمِ طَرَفًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى بَاقِيه، فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْفَرْضِ مِنْ السُّنَّةِ حَقِيقَةً، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْعِلْمُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْرِفَةِ مَا يَعُمُّ الْعِلْمَ وَالظَّنَّ، وَأَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُضَافًا مَحْذُوفًا هُوَ الْمَقْصُودُ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَصِحَّ) وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْوَقْتِ، وَهَذَا شَأْنُ كُلِّ مَا لَهُ نِيَّةٌ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى الْجَزْمِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، كَالْأَذَانِ وَفِطْرِ رَمَضَانَ. قَوْلُهُ: (وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ) وَهِيَ لُغَةً النَّقْصُ وَالْمُسْتَقْبَحُ عَنْ الْأَعْيُنِ، وَلَوْ مِنْ الْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ)   [حاشية عميرة] [بَاب شُرُوطُ الصَّلَاةِ] ِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (شُرُوطُ الصَّلَاةِ) الشَّرْطُ فِي اللُّغَةِ الْإِلْزَامُ كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لَا الْعَلَامَةُ كَمَا فِي الْإِسْنَوِيِّ وَالشَّرَطُ بِفَتْحِ الرَّاءِ الْعَلَامَةُ وَجَمْعُهُ أَشْرَاطٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْعِلْمُ بِدُخُولِهِ إلَخْ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ مَا تَصْدُقُ بِهِ الْعِبَارَةُ الْأُولَى مِنْ تَصَوُّرِ حَقِيقَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ) هِيَ فِي اللُّغَةِ النُّقْصَانُ وَالْمُسْتَقْبَحُ وَسُمِّيَ بِهَا الْمِقْدَارُ الْآتِي لِقُبْحِ ظُهُورِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 زَوَّجَ أَحَدُكُمْ أَمَتَهُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ فَلَا تَنْظُرُ إلَى عَوْرَتِهِ، وَالْعَوْرَةُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، (وَكَذَا الْأَمَةُ) عَوْرَتُهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لَهَا بِالرَّجُلِ، وَالثَّانِي عَوْرَتُهَا كَالْحُرَّةِ إلَّا رَأْسَهَا، أَيْ عَوْرَتُهَا مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَالرَّأْسَ، وَالثَّالِثُ عَوْرَتُهَا مَا لَا يَبْدُو مِنْهَا فِي حَالِ خِدْمَتِهَا، بِخِلَافِ مَا يَبْدُو كَالرَّأْسِ وَالرَّقَبَةِ وَالسَّاعِدِ وَطَرَفِ السَّاقِ، وَسَوَاءٌ الْقِنَّةُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُكَاتِبَةُ وَالْمُسْتَوْلَدَةُ وَكَذَا الْمُبَعَّضَةُ (وَ) عَوْرَةُ (الْحُرَّةِ مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) ظَهْرِهِمَا وَبَطْنِهِمَا إلَى الْكُوعَيْنِ قَالَ تَعَالَى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] وَهُوَ مُفَسَّرٌ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ (وَشَرْطُهُ) أَيْ السَّاتِرُ   [حاشية قليوبي] بِخِلَافِ الْعَاجِزِ عَنْهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُ جَمِيعِ أَرْكَانِ صَلَاتِهِ، كَرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَمِنْهُ احْتِيَاجُهُ لِفَرْشِ سُتْرَتِهِ عَلَى نَجَسٍ مَحْبُوسٍ عَلَيْهِ، أَوْ تَنَجُّسُهَا مَعَ عَجْزِهِ عَنْ مَاءٍ يَغْسِلُهَا بِهِ، أَوْ مَنْ يَغْسِلُهَا لَهُ، أَوْ عَنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَيَجِبُ قَطْعُ ثَوْبِهِ إنْ لَمْ يَنْقُصْ بِقَطْعِهِ قَدْرًا زَائِدًا عَنْ أُجْرَةِ ثَوْبٍ يُصَلِّي فِيهِ، وَلَا نَظَرَ لِثَمَنِ مَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا يُبَاعُ فِيهَا مَسْكَنٌ وَلَا خَادِمٌ. قَوْلُهُ: (وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ) أَيْ الذَّكَرِ، يَقِينًا وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ يَطُوفُ الْوَلِيُّ بِهِ. قَوْلُهُ: (مَا بَيْنَ. . . إلَخْ) شَمِلَ الْبَشَرَةَ وَالشَّعْرَ وَإِنْ خَرَجَ بِالْمَدِّ عَنْ الْعَوْرَةِ، وَقِيلَ عَوْرَةُ الرَّجُلِ سَوْأَتَاهُ فَقَطْ، وَخَرَجَ السُّرَّةُ وَالرُّكْبَةُ فَلَيْسَتَا مِنْ الْعَوْرَةِ، لَكِنْ يَجِبُ سَتْرُ الْجُزْءِ الْمُلَاصِقِ مِنْهُمَا لَهَا، لِتَمَامِ سَتْرِهَا الْوَاجِبِ، وَكَذَا عَوْرَتُهُ مَعَ النِّسَاءِ الْمَحَارِمِ أَوْ مَعَ الرِّجَالِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا مَعَ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ فَجَمِيعُ بَدَنِهِ، وَأَمَّا فِي الْخَلْوَةِ فَسَوْأَتَاهُ. (فَائِدَةٌ) السُّرَّةُ مَحَلُّ الْقَطْعِ وَالسِّرُّ مُثَلَّثُ الْأَوَّلِ هُوَ مَا يُقْطَعُ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (عَوْرَتُهَا) أَيْ الْأَمَةُ فِي الصَّلَاةِ، وَكَذَا مَعَ الرِّجَالِ الْمَحَارِمِ، أَوْ النِّسَاءِ وَأَمَّا مَعَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ، فَجَمِيعُ بَدَنِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ، وَفِي الْخَلْوَةِ كَالرَّجُلِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا: كَالْحُرَّةِ وَسَيَأْتِي وَلَوْ عَتَقَتْ فِي صَلَاتِهَا مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ مَثَلًا، لَمْ تَبْطُلْ إنْ كَانَتْ عَاجِزَةً عَنْ سُتْرَتِهَا أَوْ سَتَرَتْهَا فَوْرًا بِلَا فِعْلٍ كَثِيرٍ، وَبِلَا اسْتِدْبَارِ قِبْلَةٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ وَإِنْ جَهِلَتْ الْعِتْقَ، وَلَوْ قَالَ لَهَا سَيِّدُهَا إنْ صَلَّيْت صَلَاةً صَحِيحَةً فَأَنْت حُرَّةٌ، قَبْلَهَا فَصَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ، صَحَّتْ صَلَاتُهَا مُطْلَقًا، وَعَتَقَتْ إنْ عَجَزَتْ عَنْ السِّتْرِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْمُبَعَّضَةُ) فَصَّلَهَا لِأَنَّ فِيهَا وَجْهًا أَنَّهَا كَالْحُرَّةِ مُطْلَقًا، كَمَا فِي الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَقِيلَ لَيْسَ بَاطِنُ قَدَمَيْهَا مِنْ الْعَوْرَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ النِّسَاءِ الْكَافِرَاتِ، فَمَا لَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَأَمَّا عِنْدَ النِّسَاءِ الْمُسْلِمَاتِ وَالرِّجَالِ الْمَحَارِمِ فَكَالرَّجُلِ وَأَمَّا عِنْدَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ فَجَمِيعُ الْبَدَنِ، وَأَمَّا فِي الْخَلْوَةِ فَكَالْمَحَارِمِ وَقِيلَ كَالرَّجُلِ. (تَنْبِيهٌ) عَوْرَةُ الْخُنْثَى الرَّقِيقِ لَا تَخْتَلِفُ، وَالْخُنْثَى الْحُرُّ كَالْأُنْثَى الْحُرَّةِ، ابْتِدَاءً وَكَذَا دَوَامًا، عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَخَالَفَهُ الْخَطِيبُ، وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ، وَاعْتَمَدُوا أَنَّهُ لَوْ انْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْهُ، مِنْ غَيْرِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بَعْدَ إحْرَامِهِ، لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِلشَّكِّ بَعْدَ تَحَقُّقِ الِانْعِقَادِ، كَمَا فِي الْجُمُعَةِ لَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ، ثُمَّ بَطَلَتْ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَفَرَّقَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، بِأَنَّ الشَّكَّ هُنَا فِي شَرْطٍ رَاجِعٌ لِذَاتِهِ، وَذَاكَ فِي شَرْطٍ رَاجِعٌ لِغَيْرِهِ، لَا يُجْدِي نَفْعًا لِمَنْ تَأَمَّلَهُ فَرَاجِعْهُ. (فَرْعٌ) يَجُوزُ التَّكَشُّفُ فِي الْخَلْوَةِ لِأَدْنَى غَرَضٍ كَتَبَرُّدٍ وَكَنْسِ تُرَابٍ وَتَنَظُّفٍ وَخَوْفِ غُبَارٍ سَوَاءً الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ وَلَا يَجِبُ سِتْرُ عَوْرَةِ الشَّخْصِ عَنْ نَفْسِهِ مُطْلَقًا، إلَّا فِي الصَّلَاةِ لِأَجْلِهَا. (فَائِدَةٌ) قَالَ الْقَفَّالُ: لَمَّا كَانَ لِلتَّمَثُّلِ بَيْنَ يَدَيْ كَبِيرٍ مِنْ الْعِبَادِ، يُتَجَمَّلُ بِطَهَارَةِ الثِّيَابِ وَالْبَدَنِ، فَبَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعِبَادِ أَوْلَى   [حاشية عميرة] الْمُرَادُ بِهِ مُقَابِلُ الْمَرْأَةِ فَيَدْخُلُ الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى عَوْرَةِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ لَكِنْ فَائِدَةُ ذَلِكَ إذَا أَحْرَمَ الْوَلِيُّ عَنْهُ فَيَجِبُ السَّتْرُ فِي الطَّوَافِ. (فَائِدَةٌ) السُّرَّةُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُقْطَعُ مِنْهُ السِّرُّ وَهُوَ الَّذِي تَقْطَعُهُ الْقَابِلَةُ وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ سِرٌّ عَلَى وَزْنِ فِعْلٍ وَسِرَرٌ بِكَسْرِ السِّينِ وَسَرَرٌ بِفَتْحِهَا يُقَالُ عَرَفْتُك قَبْلَ أَنْ يُقْطَعَ سِرُّك وَلَا يُقَالُ سُرَّتُك لِأَنَّهَا لَا تُقْطَعُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَوْلُهُ: (إلْحَاقًا لَهَا بِالرَّجُلِ) بِجَامِعِ أَنَّ رَأْسَهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ نَعَمْ يَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ لَنَا وَجْهًا بِأَنَّ عَوْرَةَ الرَّجُلِ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ خَاصَّةً وَهَذَا لَا يَجْرِي فِي الْأَمَةِ. قَوْلُهُ: (فِي حَالِ خِدْمَتِهَا) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْحُرَّةِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُفَسَّرٌ إلَى آخِرِهِ) وَلِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مِنْ الْعَوْرَةِ مَا وَجَبَ كَشْفُهُمَا فِي الْإِحْرَامِ. (فَائِدَةٌ) صَوْتُ الْمَرْأَةِ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا يَحْرُمُ سَمَاعُهُ وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ لَوْ جَهَرَتْ وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى رِقًّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 (مَا مَنَعَ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ وَلَوْ) هُوَ (طِينٌ وَمَاءٌ كَدِرٌ) كَأَنْ صَلَّى فِيهِ عَلَى جِنَازَةٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي السِّتْرِ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا (وَالْأَصَحُّ) عَلَى الْأَوَّلِ (وُجُوبُ التَّطَيُّنِ عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ) وَنَحْوِهِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَالتَّلْوِيثِ، وَلَا يَكْفِي مَا يُدْرَكُ مِنْهُ لَوْنُ الْبَشَرَةِ كَالثَّوْبِ الرَّقِيقِ وَالْغَلِيظِ الْمُهَلْهَلِ النَّسْجِ وَالْمَاءِ الصَّافِي لِلْعَوْرَةِ (لَا أَسْفَلَهُ) لَهَا فَسَتْرٌ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ. (فَلَوْ رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ) أَيْ الْمُصَلِّي (مِنْ جَيْبِهِ) أَيْ طَوْقِ قَمِيصِهِ لَسِعَتِهِ (فِي رُكُوعٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَكْفِ) السِّتْرُ بِهَا الْقَمِيصَ (فَلْيَزُرَّهُ أَوْ يَشُدَّ وَسَطَهُ) بِضَمِّ الزَّاي وَفَتْحِ الدَّالِ وَالسِّينِ فِي الْأَحْسَنِ حَتَّى لَا تُرَى عَوْرَتُهُ مِنْهُ وَلَوْ رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ مِنْ ذَيْلِهِ بِأَنْ كَانَ فِي عُلُوٍّ وَالرَّائِي فِي سُفْلٍ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَمَعْنَى رُئِيَتْ عَوْرَتُهُ فِي الْقِسْمَيْنِ كَانَتْ بِحَيْثُ تُرَى وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ مَا أُمِرَ بِهِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَأَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ هَلْ تَنْعَقِدُ ثُمَّ تَبْطُلُ عِنْدَ الرُّكُوعِ أَوْ غَيْرِهِ   [حاشية قليوبي] وَأَحْرَى. قَوْلُهُ: (مَا مَنَعَ) أَيْ جُرْمٌ مَنَعَ كَمَا سَيَأْتِي، وَجَعْلُ مَا مَصْدَرِيَّةً، لِأَجْلِ صِحَّةِ الْحَمْلِ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ نَحْوَ الظُّلْمَةِ، وَدَخَلَ فِي الْجُرْمِ الْحَرِيرُ لِلرَّجُلِ، وَإِنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ، بِأَنْ وَجَدَ غَيْرَهُ وَلَوْ طِينًا وَحَشِيشًا، وَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعُ مَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ مِنْهُ، وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ النَّجِسُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَيُقَدَّمُ غَيْرُ الْحَرِيرِ فِيهَا، وَلَوْ نَحْوُ طِينٍ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. وَيُقَدَّمُ الْحَرِيرُ عَلَى الْمَغْصُوبِ، وَمِنْ الْجُرْمِ خَيْمَةٌ خَرَقَهَا فِي عُنُقِهِ، وَجَبَ ضِيقُ الرَّأْسِ وَحُفْرَةٌ كَذَلِكَ، وَكَذَا أَرْضٌ لِمُضْطَجِعٍ، أُسْبِلَ فَوْقَهُ ثَوْبٌ، قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَنُوزِعَ فِيهِ لَكِنْ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهَا قَطْعًا فِي بَاطِنِ قَدَمَيْ الْمَرْأَةِ الْوَاقِفَةِ، وَيَكْفِي إرْخَاءُ ذَيْلِهَا عَلَى الْأَرْضِ، فَإِنْ تَقَلَّصَ حَالَةَ رُكُوعِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهَا، وَيَجِبُ قَبُولُ عَارِيَّةِ السُّتْرَةِ وَاسْتِئْجَارُهَا، وَسُؤَالُهَا إنْ جَوَّزَ الْإِعْطَاءَ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا، وَلَا يَجِبُ قَبُولُ هِبَتِهَا وَلَا قَرْضِهَا، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ طِينٍ فِيهِمَا وَلَا ثَمَنِهَا مُطْلَقًا، وَيَحْرُمُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَلَا يَصِحُّ لَوْ وَقَعَ وَلَا صَلَاتِهِ عَارِيًّا، وَيَحْرُمُ غَصْبُهَا مِنْ مَالِكِهَا إلَّا لِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مُضِرٍّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ هُوَ طِينٌ) فَطِينٌ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرٍ لِ (كَانَ) فَلَا اعْتِرَاضَ، بِأَنَّ لَوْ تَخْتَصُّ بِالْأَفْعَالِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ نَصْبُ طِينًا خَبَرًا لَكَانَ. قَوْلُهُ: (عَلَى جِنَازَةٍ) أَيْ أَوْ غَيْرِهَا وَأَمْكَنَهُ إتْمَامُ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ فِي الْمَاءِ، بِلَا مَشَقَّةٍ. قَالَ الْخَطِيبُ وَابْنُ حَجَرٍ، وَلَهُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ عَلَى الْبَرِّ عَارِيًّا بِلَا إعَادَةٍ فَإِنْ كَانَ مَشَقَّةً فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا بِالْأُولَى، وَيُخَيَّرُ فِي هَذِهِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بَيْنَ مَا ذُكِرَ وَبَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَاءِ بِالْإِيمَاءِ، أَوْ بِالْخُرُوجِ لِيَسْجُدَ عَلَى الْبَرِّ وَيَعُودَ إلَى الْمَاءِ وَلَا إعَادَةَ فِيهِمَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ) أَيْ فَاقِدِ السُّتْرَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ الثَّوْبِ، وَهِيَ الْمُرَادُ بِهِ وَيَظْهَرُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي مَحِلِّ فَقْدِهَا مَا قِيلَ فِي فَقْدِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَكْفِي إلَخْ) لَكِنْ يَجِبُ السِّتْرُ بِالثَّوْبِ الْمَذْكُورِ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ، وَلَوْ مِنْ الطِّينِ وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ بِدُونِهِ مَعَ وُجُودِهِ، لِأَنَّهُ الْمَيْسُورُ، وَخَرَجَ بِلَوْنِ الْبَشَرَةِ مَا يَحْكِي حَجْمَهَا كَالسَّرَاوِيلِ، فَلَا يَضُرُّ بَلْ يَجِبُ السَّتْرُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا وَحْدَهُ فِي الْمَرْأَةِ، وَخِلَافُ الْأُولَى فِي الرَّجُلِ وَالْبَشَرَةُ ظَاهِرُ الْجِلْدَةِ، وَيُقَالُ لِبَاطِنِهِ أَدَمَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْمَاءُ الصَّافِي وَالزُّجَاجُ) لَا يَكْفِي. وَكَذَا لَوْنُ الْحِبْرِ وَالْحِنَّاءِ وَنَحْوِهِمَا. قَوْلُهُ: (فَسَتْرُ) مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ، فَالْمَعْنَى يَجِبُ أَنْ يَسْتُرَ أَعْلَى السَّاتِرِ وَجَوَانِبِهِ وَالْعَوْرَةَ، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ مُضَافًا إلَى مَفْعُولِهِ أَيْ يَجِبُ أَنْ يَسْتُرَ الْمُصَلِّي أَعْلَاهُ، وَجَوَانِبَهُ أَيْ أَعْلَى عَوْرَتِهِ وَجَوَانِبِهَا، وَهَذَا وَإِنْ احْتَاجَ إلَى مُضَافٍ أَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ، لِمَا لَا يَخْفَى وَيَجِبُ سَتْرُهَا حَتَّى عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرَهَا هُوَ كَالْأَعْمَى أَوْ لَمْ يَرَهَا غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ جَيْبِهِ) وَكَذَا مِنْ كُمِّهِ الْوَاسِعِ، فَيَجِبُ إرْخَاؤُهُ وَلَوْ رُئِيَتْ مِنْهُ بَعْدَ الْإِرْخَاءِ، لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي كُمِّ الْمَرْأَةِ الْوَاصِلِ إلَى ذَيْلِهَا، بِخِلَافِ الْقَصِيرِ لِنَحْوِ الرُّسْغِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَحْسَنِ) أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ أَمَّا الثَّالِثُ فَلِعَدَمِ صَلَاحِيَّةٍ بَيِّنٍ فِيهِ بِعَدَمِ تَعَدُّدٍ، فَالْأَصَحُّ مَعَ صَلَاحِيَّتِهَا السُّكُونُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِخِفَّتِهِ وَمُقَابِلُ الْأَحْسَنِ فِيهِ الضَّمُّ، وَلَا يَجُوزُ الْكَسْرُ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمُنَاسَبَةِ الْوَاوِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ إشْبَاعِ ضَمَّةِ الْهَاءِ، وَالْأَصَحُّ فِي هَذَا الْوُجُوبُ، خِلَافًا لِثَعْلَبٍ فِي تَجْوِيزِهِ الْكَسْرَ وَالْفَتْحَ أَيْضًا. نَظَرًا إلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قَبْلَ الْوَاوِ مَا لَا يُنَاسِبُهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ ذَيْلِهِ) أَيْ فِي قِيَامٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ، سَوَاءً رَآهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ، لَا لِنَقْصِ ثَوْبِهِ بَلْ لِنَحْوِ جَمْعِ ذَيْلِهِ عَلَى عَقِبَيْهِ. فَلَوْ قَالَ كَانَ إلَخْ. كَانَ أَوْلَى وَلَعَلَّهُ قَصَرَهُ لِكَوْنِهِ فِي الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (فِي الْقِسْمَيْنِ) هُمَا الْجَيْبُ وَالذَّيْلُ.   [حاشية عميرة] وَحُرِّيَّةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَا مَنَعَ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَوْنُ الْبَشَرَةِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ جُرْمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا مَا يَصِفُ الْحَجْمَ دُونَ اللَّوْنِ كَالسَّرَاوِيلِ الضَّيِّقَةِ فَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى لِلرَّجُلِ وَفِيهِ وَجْهٌ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْبَشَرَةُ) هِيَ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَالْبَاطِنُ يُسَمَّى أَدَمَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ طِينٌ) أَيْ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الثَّوْبِ. قَوْلُهُ: (أَيْ السَّاتِرُ) أَيْ وَلَيْسَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الشَّخْصِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ جَيْبِهِ) يُقَالُ: جُبْت الْقَمِيصَ أُجِيبُهُ وَأَجُوبُهُ إذَا قَوَّرْته. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الرَّاءِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 أَوْ لَا تَنْعَقِدُ أَصْلًا فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَيَكْفِي سَتْرُ مَوْضِعِ الْجَيْبِ قَبْلَهُ (وَلَهُ سَتْرُ بَعْضِهَا بِيَدِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ مَقْصُودِ السَّتْرِ وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ السَّوْأَةِ وَالثَّانِي يَقُولُ بَعْضٌ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا لَهُ وَيَكْفِي بِيَدِ غَيْرِهِ قَطْعًا وَإِنْ ارْتَكَبَ بِهِ مُحَرَّمًا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ. (فَإِنْ وَجَدَ كَافِي سَوْأَتَيْهِ) أَيْ قُبُلِهِ وَدُبُرِهِ (تَعَيَّنَ لَهُمَا) لِأَنَّهُمَا أَفْحَشُ مِنْ غَيْرِهِمَا وَسُمِّيَا سَوْأَتَيْنِ لِأَنَّ انْكِشَافَهُمَا يَسُوءُ صَاحِبُهُمَا (أَوْ) كَافِي (إحْدَاهُمَا فَقُبُلُهُ) يُسْتَرُ لِأَنَّهُ لِلْقِبْلَةِ (وَقِيلَ) يُسْتَرُ (دُبُرَهُ) لِأَنَّهُ أَفْحَشُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ) بَيْنَهُمَا لِتَعَارُضِ الْمَعْنَيَيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَسْتُرَ بِهِ قُبُلَهُ وَقِيلَ دُبُرَهُ وَقِيلَ أَيَّهمَا شَاءَ وَسَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَى يَدُلُّ الْوُجُوبُ فِيهِمَا الِاسْتِحْبَابَ فَعَلَى الْوُجُوبِ لَوْ عَدَلَ فِيهِمَا إلَى غَيْرِ السَّوْأَتَيْنِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إلَى الدُّبُرِ وَعَلَى الثَّانِي إلَى الْقُبُلِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَعَلَى الِاسْتِحْبَابِ تَصِحُّ. (وَ) رَابِعُ الشُّرُوطِ (طَهَارَةُ الْحَدَثِ) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا عِنْدَ إحْرَامِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَحْرَمَ مُتَطَهِّرًا (فَإِنْ سَبَقَهُ) الْحَدَثُ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِبُطْلَانِ طَهَارَتِهِ كَمَا لَوْ تَعَمَّدَ الْحَدَثَ (وَفِي الْقَدِيمِ) لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بَلْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ تُرَى) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ وَجَّهَ النَّاظِرُ نَظَرَهُ إلَيْهَا لَرَآهَا عَلَى حَالَتِهَا الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، سَوَاءً رُئِيَتْ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ قَصَدَ حَالَ إحْرَامِهِ، أَنَّهُ لَا يَزُرْهُ مَثَلًا فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ، لَمْ تَنْعَقِدْ نِيَّتُهُ فَلْيُحَرَّرْ. قَوْلُهُ (وَلَهُ) أَيْ يَكْفِيه أَخْذًا مِنْ مُقَابِلِهِ. فَهُوَ وَاجِبٌ بِيَدِهِ وَيَكْفِيه بِيَدِ غَيْرِهِ، وَإِنْ حَرُمَ وَلَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهَا مَعَ الْحُرْمَةِ، وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الْبَعْضُ الْمَكْشُوفُ، قَدْرَ يَدِهِ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَوْ جَمِيعَ الْعَوْرَةِ، وَخَصَّ شَيْخُنَا الْوُجُوبَ بِالْأَوَّلِ، وَفِي الْعُبَابِ يَجِبُ عَلَى الْعَارِي، وَضْعُ ظَهْرِ إحْدَى يَدَيْهِ عَلَى قُبُلِهِ، وَالْأُخْرَى عَلَى دُبُرِهِ، وَلَمْ يَرْتَضِيه شَيْخُنَا وَإِذَا سَتَرَ بِيَدِهِ سَقَطَ عَنْهُ، وُجُوبُ وَضْعِهَا عَلَى الْأَرْضِ فِي السُّجُودِ، بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ مُرَاعَاةً لِلسَّتْرِ، لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَتَبِعَهُ الْخَطِيبُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِوُجُوبِ الْوَضْعِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ، لِأَنَّهُ الْآنَ عَاجِزٌ عَنْ السَّتْرِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ يُتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا لِتَعَارُضِ الْوَاجِبَيْنِ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَعَارَضَ الْقِيَامُ أَوْ الْفَاتِحَةُ مَعَ السَّتْرِ لِنَحْوِ قِصَرِ السَّاتِرِ، فَعَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْخِلَافِ. قَالَ شَيْخُنَا وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ بِالْيَدِ خَارِجَ الصَّلَاةِ، كَهُوَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ السَّوْأَةِ) وَهِيَ مَا يَنْقُضُ مَسُّهَا الْوُضُوءَ، وَهِيَ الْمُرَادُ بِالْقُبُلِ وَالدُّبُرِ فِيمَا بَعْدَهُ، كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ مَا يَنْقُضُ فِي الدُّبْرِ مَسْتُورٌ بِذَاتِهِ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَسْتَتِرُ بِالْأَلْيَيْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لِلْقِبْلَةِ) أَيْ أَوْ بَدَلُهَا كَمَقْصِدِ الْمُسَافِرِ الْمُتَنَفِّلِ، وَمُقْتَضَى هَذَا تَخْصِيصُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ بِالصَّلَاةِ، إلَّا أَنْ تَجْعَلَ مُسْتَنِدَاتٍ لِلْأَقْوَالِ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ) وَكَذَا الْخُنْثَى وَالْمُرَادُ بِقُبُلِهِ آلَتَا الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَإِنْ كَفَى أَحَدُهُمَا قُدِّمَ آلَةُ الرِّجَالِ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ، وَعَكْسُهُ وَإِلَّا تُخُيِّرَ وَهَذَا يَقْتَضِي عَدَمَ التَّخَيُّرِ فِي الْوَاضِحِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ تَعَارَضَ جَمْعٌ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْحُرَّةِ ثُمَّ الرَّقِيقَةِ ثُمَّ الْخُنْثَى الْحُرِّ ثُمَّ الرَّقِيقِ، ثُمَّ الْأَمْرَدِ ثُمَّ الرَّجُلِ، وَيُقَدَّمُ مَنْ سَتَرَ جَمِيعَ عَوْرَتِهِ وَلَوْ رَجُلًا عَلَى مَنْ يَسْتُرُ بَعْضَهَا، وَيُقَدَّمُ الْمُصَلِّي عَلَى الْمَيِّتِ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ يُكَفَّنُ بِهِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ. قَوْلُهُ: (مُتَطَهِّرًا) لَيْسَ قَيْدًا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فَفَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ، وَدَائِمُ الْحَدَثِ فِي غَيْرِ حَدَثِهِ الدَّائِمِ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِهِ لِعِلَّةِ الْقَوْلِ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ سَبَقَهُ) وَكَذَا لَوْ   [حاشية عميرة] لِمَكَانِ الضَّمِيرِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِرُؤْيَتِهِ مِنْ أَسْفَلَ. قَوْلُهُ: (فِي الْقِسْمَيْنِ) هُمَا قَوْلُ الْمَتْنِ مِنْ جَيْبِهِ وَقَوْلُهُ فِي الشَّرْحِ مِنْ ذَيْلِهِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) وَجْهُ الثَّانِي أَنَّ السَّاتِرَ إمَّا شَعْرُ لِحْيَتِهِ أَوْ رَأْسُهُ أَوْ الْتِصَاقُ صَدْرِهِ بِمَوْضِعِ إزَارِهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسَّتْرُ بِبَعْضِ الْإِنْسَانِ لَا يَصِحُّ عَلَى وَجْهٍ يَأْتِي، وَمَدْرِكُ الْأَوَّلِ صِحَّةُ السَّتْرِ بِبَعْضِهِ كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَعَيَّنَ لَهُمَا) وَلَا يَأْتِي الْوَجْهُ الْقَائِلُ بِعَدَمِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْغَيْرِ الْكَافِي لِلطَّهَارَةِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ. نَعَمْ لَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلسَّوْأَتَيْنِ لَاشْتَرَاك الْجَمِيعِ فِي وُجُوبِ السَّتْرِ صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ، وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَى بَدَلَ الْوُجُوبِ إلَى آخِرِهِ. (فَائِدَةٌ) لَيْسَ لِلْعَارِي أَخْذُ الثَّوْبِ مِنْ مَالِكِهِ قَهْرًا وَيَلْزَمُهُ قَبُولُ الْعَارِيَّةِ لَا الْهِبَةِ. نَعَمْ يَتَّجِهُ الْوُجُوبُ فِي الْمَاءِ الْكَدِرِ وَالطِّينِ وَالثَّوْبِ النَّجِسِ كَالْعَدَمِ بِخِلَافِ الْحَرِيرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ لِبْسُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ فَالْخِلَافُ فِي الْوُجُوبِ بَلْ فِي الصِّحَّةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) هُمَا وُجُوبُ مَا يَكْفِي السَّوْأَتَيْنِ، وَوُجُوبُ مَا يَكْفِي إحْدَاهُمَا، وَقَوْلُهُ فِيهِمَا الضَّمِيرُ فِيهِ، وَفِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ فِيهِمَا رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ سَبَقَهُ) هَذَا قَدْ يَخْرُجُ بِهِ تَعَمُّدُ إخْرَاجِ بَاقِيه، لَكِنْ حَكَى الْعِرَاقِيُّونَ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 (يَبْنِي) بَعْدَ الطَّهَارَةِ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْهَا لِعُذْرِهِ بِالسَّبْقِ بِخِلَافِ الْمُعْتَمَدِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْعَى فِي تَقْرِيبِ الزَّمَانِ وَتَقْلِيلِ الْأَفْعَالِ مَا أَمْكَنَهُ وَمَا لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ مِنْ الذَّهَابِ إلَى الْمَاءِ وَاسْتِقَائِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ إلَّا إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ فِي تَحْصِيلِ الْمَاءِ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ تَطْهِيرِهِ أَنْ يَعُودَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ إنْ قَدَرَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي أَقْرَبِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا لَمْ يَسْتَخْلِفْ أَوْ مَأْمُومًا يَقْصِدُ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ فَلَهُمَا الْعَوْدُ إلَيْهِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُرَادُ فِي الْإِمَامِ إذَا انْتَظَرَهُ الْمَأْمُومُونَ وَفِي الْمَأْمُومِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ بِأَنْ يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْأَخِيرِ لِمَا سَيَأْتِي فِي كَرَاهَةِ وُقُوفِ الْمَأْمُومِ فَرْدًا (وَيَجْرِيَانِ) أَيْ الْقَوْلَانِ (فِي كُلِّ مُنَاقِضٍ) أَيْ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ (عَرَضَ) فِيهَا (بِلَا تَقْصِيرٍ) مِنْ الْمُصَلِّي (وَتَعَذَّرَ دَفْعُهُ فِي الْحَالِ) كَأَنْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ أَوْ بَدَنُهُ وَاحْتَاجَ إلَى غَسْلِهِ لِعَدَمِ الْعَفْوِ عَمَّا تَنَجَّسَ بِهِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ فِي الْجَدِيدِ وَيَبْنِي فِي الْقَدِيمِ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْهَا (فَإِنْ أَمْكَنَ) الدَّفْعُ فِي الْحَالِ (بِأَنْ كَشَفَتْهُ رِيحٌ فَسَتَرَ فِي الْحَالِ) أَوْ تَنَجَّسَ رِدَاؤُهُ فَأَلْقَاهُ فِي الْحَالِ (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ وَيُغْتَفَرُ هَذَا الْعَارِضُ. (وَإِنْ قَصَّرَ بِأَنْ فَرَغَتْ مُدَّةٌ خَفَّ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ فَاحْتَاجَ إلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ أَوْ الْوُضُوءِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ. (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ قَطْعًا لِتَقْصِيرِهِ حَيْثُ افْتَتَحَهَا، وَبَقِيَّةُ الْمُدَّةِ لَا   [حاشية قليوبي] أُكْرِهَ عَلَيْهِ، أَمَّا لَوْ نَسَبَهُ فَتَبْطُلُ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ تَعَمَّدَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَيُثَابُ النَّاسِي وَغَيْرُهُ. عَلَى مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ كَالْأَذْكَارِ وَالْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْجُنُبِ، وَعَلَى قَصْدِ الْعِبَادَةِ، وَيُنْدَبُ لِمَنْ أَحْدَثَ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَأْخُذَ بِأَنْفِهِ لِيُوهِمَ النَّاسَ، أَنَّهُ رَعَفَ لِئَلَّا يَأْثَمَ النَّاسُ، بِالْوَقِيعَةِ فِيهِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ ارْتَكَبَ مَا يُوهِمُ الْوَقِيعَةَ فِيهِ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يَقْصِدُ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَالْجَمَاعَةُ عُذْرٌ مُطْلَقًا وَالْمُنْفَرِدُ وَالْإِمَامُ الْمُسْتَخْلَفُ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَتَعَذَّرَ دَفْعُهُ) أَيْ فِيهِمَا وَإِلْقَاؤُهُ فِي الثَّوْبِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي. وَخَرَجَ بِذَلِكَ نَجَاسَةٌ جَافَّةٌ، أَلْقَاهَا حَالًا أَوْ رَطْبَةٌ، وَأَلْقَى ثَوْبَهُ بِهَا مِنْ غَيْرِ مَسٍّ وَلَا حَمْلَ فِيهَا، فَلَا تَبْطُلُ. نَعَمْ إنْ لَزِمَ تَنَجُّسُ مَسْجِدٍ فِي إلْقَاءِ الرَّطْبَةِ، وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ حَرُمَ إلْقَاؤُهَا، وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ. (فَرْعٌ) يَحْرُمُ تَنْجِيسُ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَيُعْفَى عَنْ ذَرْقِ طَيْرٍ فِي فِرَاشٍ أَوْ أَرْضٍ، إنْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ رُطُوبَتِهِ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَعَدَمِ مَكَان خَالٍ مِنْهُ، وَعَدَمِ تَعَمُّدِ وَطْئِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ التَّحَفُّظُ فِي مَشْيه، وَلَا جُلُوسِهِ وَلَا سُجُودِهِ، فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَاقِفٌ مَثَلًا عَلَيْهَا، وَجَبَ التَّحَوُّلُ حَالَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا خَالِيًا مِنْهَا، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ. فَإِنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) قَالَ شَيْخُنَا وَمِنْهُ الْغُسْلُ كَنُقْطَةِ بَوْلٍ وَهُوَ بِجَانِبِ نَهْرٍ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. قَوْلُهُ: (رِيحٌ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الْحَيَوَانُ، وَلَوْ آدَمِيًّا كَذَلِكَ وَتَبْطُلُ بِكَشْفِهِ عَوْرَةَ نَفْسِهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ سَهْوًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ بِإِكْرَاهِ غَيْرِهِ لَهُ عَلَى كَشْفِهَا وَكَذَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الِانْحِرَافِ عَنْ الْقِبْلَةِ، لِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَهُ فَأَحْرَفَهُ عَنْهَا، أَوْ ضَايَقَهُ كَذَلِكَ إنْ عَادَ حَالًا فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (فَأَلْقَاهُ فِي الْحَالِ) أَيْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَمِنْهُ خُرُوجُ الدَّمِ بِنَحْوِ قَصْدٍ حَيْثُ لَمْ يُلَوِّثْ مَا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِيهِ.   [حاشية عميرة] لَا يَضُرُّ، أَيْ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَدِيمِ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ قَدْ بَطَلَتْ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فَعَلَيْهِ لَوْ أَحْدَثَ حَدَثًا آخَرَ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَكَذَا صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَدِيمِ، لَكِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ الْبُطْلَانَ تَفْرِيعًا عَلَيْهِ أَيْضًا، انْتَهَى. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ تَعَمَّدَ) أَيْ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ قَطْعًا وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا لِلصَّلَاةِ، وَأَمَّا الْمُكْرَهُ فَفِي الْبَيَانِ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ فِعْلٌ كَأَنْ أُلْقِيَ عَلَى امْرَأَةٍ أَنْ يَكُونَ كَالسَّبْقِ وَإِنْ حَدَثَ مِنْهُ فِعْلٌ نُقِضَ قَطْعًا كَالسَّاهِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الْقَدِيمِ يَبْنِي) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَكْبَرَ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ سَبَقَهُ فِي الرُّكُوعِ وَفَرَّعْنَا عَلَى الْقَدِيمِ، قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: يَعُودُ إلَيْهِ، وَفَصَّلَ الْإِمَامُ فَقَالَ: إنْ سَبَقَهُ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ عَادَ إلَيْهِ، أَوْ بَعْدَهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْعَوْدِ إلَيْهِ لِأَنَّ رُكُوعَهُ قَدْ تَمَّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ ذَلِكَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَجْرِيَ كَلَامُ الصَّيْدَلَانِيُّ عَلَى إطْلَاقِهِ كَيْ يَنْتَقِلَ مِنْ الرُّكُوعِ إلَى الرُّكْنِ الَّذِي بَعْدَهُ، فَإِنَّ الِانْتِقَالَ وَاجِبٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى شَيْءٍ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّحْقِيقِ يُخَالِفُ هَذَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الصَّوَابُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ عُذْرٌ مُطْلَقًا فَيَدْخُلُ الْمُنْفَرِدُ وَالْإِمَامُ الْمُسْتَخْلَفُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ تَبْطُلْ) أَيْ بِلَا خِلَافٍ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالْقِيَاسُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، انْتَهَى. وَمُدْرَكُهُ النَّظَرُ إلَى أَنْ تِلْكَ اللَّحْظَةَ مِنْ الصَّلَاةِ وَقَدْ سَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْعِرَاقِيُّ شَارِحُ الْمُهَذَّبِ مُعَلِّلًا بِمَا ذَكَرْنَاهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَطَلَتْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 تَسَعُهَا. (وَ) خَامِسُ الشُّرُوطِ (طَهَارَةُ النَّجَسِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ) فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ النَّجَسِ الَّذِي لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا. (وَلَوْ اشْتَبَهَ طَاهِرٌ وَنَجِسٌ) مِنْ ثَوْبَيْنِ أَوْ بَيْتَيْنِ (اجْتَهَدَ) فِيهِمَا لِلصَّلَاةِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ كَمَا فِي الْأَوَانِي، أَيْ جَوَازًا إنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ وَوُجُوبًا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَمِنْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى مَاءٍ يَغْسِلُ بِهِ أَحَدُهُمَا، وَلَوْ صَلَّى فِيمَا ظَنَّهُ الطَّاهِرَ مِنْ الثَّوْبَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى لَمْ يَجِبْ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ فِي الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ فَلَوْ اجْتَهَدَ فَتَغَيَّرَ ظَنَّهُ عَمِلَ بِالِاجْتِهَادِ الثَّانِي فِي الْأَصَحِّ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فَيُصَلِّي فِي الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ كَمَا لَا تَجِبُ إعَادَةُ الْأُولَى، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُصَلِّي عُرْيَانًا وَتَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيُقَاسُ بِالثَّوْبَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ الْبَيْتَانِ، وَيُقَالُ فِيهِمَا فِي مُقَابِلِ الْأَصَحِّ يُصَلِّي فِي أَحَدِهِمَا وَيُعِيدُ، وَلَوْ اجْتَهَدَ فِي الثَّوْبَيْنِ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ صَلَّى عُرْيَانَا، وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَوْ نَجُسَ بَعْضُ ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ وَجَهِلَ) ذَلِكَ الْبَعْضَ فِي   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ) لَا تَبْطُلُ بِلَدْغِ الْعَقْرَبِ بِخِلَافِ الْحَيَّةِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْقَوْلَيْنِ) أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ. قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ افْتَتَحَهَا عَالِمًا بِقِصَرِ الْمُدَّةِ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إذَا عَلِمَ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ قَبْلَ فَرَاغِهَا، لَمْ تَنْعَقِدْ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ. مَا لَوْ كَانَ وَاقِفًا فِي مَاءٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِضَرُورَةِ الْحُكْمِ بِالْحَدَثِ، قَبْلَ الْغُسْلِ وَفَارَقَ دَفْعَ التَّنَجُّسِ حَالًا فِيمَا مَرَّ، بِأَنَّهُ لَمْ تُعْهَدْ صَلَاةٌ مَعَ حَدَثٍ، بِلَا إعَادَةٍ. نَعَمْ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، بِقَدْرٍ لَا تَسَعُهُ الْمُدَّةُ صَحَّ إحْرَامُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ، لِإِمْكَانِ اقْتِصَارِهِ عَلَى قَدْرِ مَا تَسَعُهُ مِنْهُ. قَوْلُهُ (وَالْبَدَنُ) أَيْ لَوْ دَاخِلَ عَيْنِهِ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ فَمِهِ. قَوْلُهُ: (مَعَ النَّجِسِ) أَيْ وَإِنْ جَهِلَهُ وَيَجِبُ عَلَى مَنْ رَآهُ إعْلَامُهُ بِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ ثَوْبَيْنِ أَوْ بَيْتَيْنِ) وَكَذَا مِنْ بَدَنَيْنِ، كَأَنْ تَنَجَّسَ بَدَنٌ وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَاشْتَبَهَ فَفِي كُلِّ اثْنَيْنِ مَعَ الثَّالِثِ، مَا فِي الْبَيْتَيْنِ أَوْ الثَّوْبَيْنِ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَاءٍ يَغْسِلُ بِهِ أَحَدَهُمَا) وَإِذَا غَسَلَهُ بِالِاجْتِهَادِ فَلَهُ الصَّلَاةُ فِيهِمَا، وَلَوْ مَجْمُوعَيْنِ وَلَوْ خَفِيَتْ النَّجَاسَةُ فِي مَكَان، كَبَيْتٍ وَجَبَ غَسْلُ كُلِّهِ إنْ ضَاقَ عُرْفًا، وَإِلَّا فَلَا، وَلَهُ الصَّلَاةُ فِي كُلِّهِ، وَلَوْ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ إلَّا قَدْرَ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ، وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الشَّكَّ فِي النَّجَاسَةِ لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ، ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَمِنْهُ مَا لَوْ وَضَعَ يَدَهُ الْمُبْتَلَّةَ عَلَى مَحِلٍّ مَشْكُوكٍ، فِي نَجَاسَتِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ يَدِهِ، وَلَا يَلْزَمُ غَسْلُهَا وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِحَالِهِ، وَلَوْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، لَمْ تَبْطُلْ بِالْأَوْلَى لِلشَّكِّ بَعْدَ تَحَقُّقِ الِانْعِقَادِ، وَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي هَذِهِ، وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْبُطْلَانِ، فِيمَا لَوْ نَقَلَ رِجْلَهُ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ إلَى مَحِلٍّ مَشْكُوكٍ فِي نَجَاسَتِهِ، مَبْنِيٌّ عَلَى الْبُطْلَانِ بِالشَّكِّ، وَتَقَدَّمَ ضَعْفُهُ وَاعْتِمَادُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لَهُ فِيهِمَا فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ وَافَقَهُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْبُطْلَانُ لِتَرَدُّدِهِ فِي بُطْلَانِ نِيَّتِهِ أَوْ فِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ فَهُوَ مُمْكِنٌ مَعَ النَّظَرِ فِيهِ، لِإِلْغَاءِ هَذَا التَّرَدُّدِ كَمَا فِي الشَّكِّ فِي التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ، وَكَمَا فِي الشَّكِّ فِي حَدَثِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجِبْ تَجْدِيدُ الِاجْتِهَادِ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ لِأَنَّ الدَّلِيلَ هُنَا غَيْرُ مُحَقَّقِ التَّغَيُّرِ، وَبِهَذَا فَارَقَ وُجُوبَ تَجْدِيدِهِ فِي الْقِبْلَةِ وَالْأَوَانِي. قَوْلُهُ: (عُمِلَ بِالِاجْتِهَادِ الثَّانِي) أَيْ كَمَا فِي الْقِبْلَةِ، وَكَمَا فِي الْأَوَانِي، إذَا غَسَلَ أَعْضَاءً بَيْنَ الِاجْتِهَادَيْنِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ نَقْضُ اجْتِهَادٍ بِآخَرَ، لِأَنَّهُ بِغَسْلِ أَعْضَائِهِ مِنْ مَاءِ الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ فِي الْمِيَاهِ، وَبِنَزْعِ الثَّوْبِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ بِالِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ، هُنَا لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ مُقْتَضَى الِاجْتِهَادَيْنِ، لِانْفِصَالِ الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّانِي، وَلَوْ لَمْ يَغْسِلْ أَعْضَاءَهُ بَيْنَ الِاجْتِهَادَيْنِ، أَوْ صَلَّى هُنَا بِالثَّوْبَيْنِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، لِاجْتِمَاعِ مُقْتَضَى الِاجْتِهَادَيْنِ عَلَيْهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَا هُنَا مُسَاوٍ لِمَا فِي الْمِيَاهِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، كَمَا فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ غَيْرُ   [حاشية عميرة] حَمَلَهُ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا لَوْ دَخَلَ ظَانًّا سَعَةَ الْوَقْتِ، فَإِنْ قَطَعَ بِانْقِضَائِهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ، فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ، انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ، حَيْثُ أَمْكَنَ الْغُسْلُ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَطَهَارَةُ النَّجَسِ) . قَالَ الرَّافِعِيُّ: النَّجَاسَةُ قِسْمَانِ: قِسْمٌ لَا يَقَعُ فِي مَظِنَّةِ الْعُذْرِ وَالْعَفْوِ، وَقِسْمٌ يَقَعُ فِيهِمَا. أَمَّا الْأَوَّلُ ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُنَا إلَخْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالطَّهَارَةِ فِي اللِّبَاسِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ، وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ يُفِيدُ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّهِ، وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَاتِ يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَلَوْ صَلَّى بِنَجَسٍ لَمْ يَعْلَمْهُ بَطَلَتْ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ بِدَلِيلِ تُعَادُ الصَّلَاةُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ مِنْ الدَّمِ، وَقِيلَ: يُعْذَرُ الْجَاهِلُ بِالنَّجَسِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمَنَاهِي بِدَلِيلِ «تَنَزَّهُوا مِنْ الْبَوْلِ» وَنَحْوِهِ، وَالْجَاهِلُ يَعْذُرُ فِي خِطَابِ التَّكْلِيفِ، وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الْآتِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الثَّوْبِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ الْحَيْضِ «وَإِذَا أَدْبَرَتْ اغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ «صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ» الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ لِلثَّوْبِ، وَالثَّانِي لِلْبَدَنِ، وَالثَّالِثُ لِلْمَكَانِ. قَوْلُهُ: (مِنْ ثَوْبَيْنِ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ أَوْ بَدَنَيْنِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 جَمِيعِ الثَّوْبِ أَوْ الْبَدَنِ. (وَجَبَ غَسْلُ كُلِّهِ) لِتَصِحَّ الصَّلَاةُ فِيهِ إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ النَّجَاسَةِ مَا بَقِيَ جُزْءٌ مِنْهُ بِلَا غُسْلٍ، وَلَوْ أَصَابَ شَيْءٌ رَطْبٌ بَعْضَ هَذَا الثَّوْبِ لَمْ نَحْكُمْ بِنَجَاسَتِهِ لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ نَجَاسَةَ مَوْضِعِ الْإِصَابَةِ، وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي مُقَدَّمِ الثَّوْبِ مَثَلًا وَجَهِلَ. وَضْعَهَا وَجَبَ غَسْلُ مُقَدَّمِهِ فَقَطْ. (فَلَوْ ظَنَّ) بِالِاجْتِهَادِ (طَرَفًا) مِنْهُ النَّجَسُ كَالْكُمِّ وَالْيَدِ (لَمْ يَكْفِ غَسْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلِاجْتِهَادِ، وَمُقَابِلُهُ الْمَزِيدُ فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى الشَّرْحِ يَجْعَلُ الْوَاحِدَ بِاعْتِبَارِ أَجْزَائِهِ كَالْمُتَعَدِّدِ، وَفِي الشَّرْحِ: وَلَوْ اشْتَبَهَ مَكَانٌ مِنْ بَيْتٍ أَوْ بِسَاطٍ لَا يَتَحَرَّى فِي الْأَصَحِّ أَيْ لَمْ يُجْزِئْ التَّحَرِّي كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَوْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِأَنَّ النَّجِسَ هَذَا الْكُمُّ مَثَلًا يَقْبَلُ قَوْلَهُ فَيَكْفِي غَسْلُهُ. (وَلَوْ غَسَلَ نِصْفَ نَجِسٍ) كَثَوْبٍ (ثُمَّ بَاقِيه فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ غَسَلَ مَعَ بَاقِيه مُجَاوِرَهُ) مِنْ الْمَغْسُولِ أَوَّلًا (طَهُرَ كُلُّهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَغْسِلْ الْمُجَاوِرَ. (فَغَيْرُ الْمُنْتَصَفِ) بِفَتْحِ الصَّادِ يَطْهُرُ وَالْمُنْتَصَفُ وَهُوَ الْمُجَاوِرُ نَجِسٌ لِمُلَاقَاتِهِ وَهُوَ رَطْبٌ لِلنَّجَسِ وَالثَّانِي لَا يَطْهُرُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُ بِالْمُجَاوِرِ مُجَاوِرَهُ وَهَلُمَّ مِنْ النِّصْفَيْنِ إلَى آخِرِ الثَّوْبِ، وَإِنَّمَا يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَدُفِعَ بِأَنَّ نَجَاسَةَ الْمُجَاوِرِ لَا تَتَعَدَّى إلَى مَا بَعْدَهُ كَالسَّمْنِ الْجَامِدَ يَنْجُسُ مِنْهُ مَا حَوْلَ النَّجَاسَةِ فَقَطْ. (وَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ مُلَاقٍ بَعْضَ لِبَاسِهِ نَجَاسَةً وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ) كَطَرَفِ عِمَامَتِهِ الْمُتَّصِلِ بِنَجَاسَةٍ مِنْ غَيْرِ حَرَكَةٍ أَوْ مَعَهَا. (وَلَا قَابِضٍ طَرَفَ شَيْءٍ) كَحَبْلٍ. (عَلَى نَجَسٍ إنْ تَحَرَّكَ) ذَلِكَ   [حاشية قليوبي] مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْوَاحِدَ) أَيْ حَالَةَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ، وَلَوْ شَقَّهُ نِصْفَيْنِ مَثَلًا لَمْ يَجُزْ الِاجْتِهَادُ فِيهِمَا، لِاحْتِمَالِ انْقِسَامِ النَّجَاسَةِ فِيهِمَا فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ فَصَلَ كُمَّهُ جَازَ الِاجْتِهَادُ، يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا عُلِمَ عَدَمُ انْقِسَامِهَا، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْكُمِّ فَتَأَمَّلْهُ قَوْلُهُ: (بِالِاجْتِهَادِ) وَسَيَأْتِي الِاحْتِرَازُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، لَوْ أَخْبَرَهُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اشْتَبَهَ مَكَانٌ مِنْ بَيْتٍ أَوْ بِسَاطٍ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ بَعْضُ ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ، لَيْسَ قَيْدًا فَيَجِبُ غَسْلُ كُلِّهِ أَيْضًا، لَكِنْ إنْ ضَاقَ عُرْفًا إلَخْ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ التَّحَرِّي) أَيْ فَيَحْرُمُ فَهُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنْ الْجَوَازِ، لَا بِضَمِّهِ مِنْ الْإِجْزَاءِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالْحُرْمَةُ مِنْ حَيْثُ الْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ، لَا مِنْ حَيْثُ ذَاته فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَسَلَ) أَيْ بِالصَّبِّ فِي غَيْرِ إجَابَةٍ أَمَّا بِالصَّبِّ فِيهَا فَلَا يَطْهُرُ، إلَّا بِغَسْلِ كُلِّهِ دَفْعَةً كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، لِأَنَّ مَا لَمْ يُغْسَلْ مِنْهُ، مُلَاقٍ لِلْمَاءِ الْقَلِيلِ فِي الْإِجَابَةِ مَعَ عَدَمِ الْمَشَقَّةِ، وَبِهَذَا فَارَقَ غَسْلَ الْإِنَاءِ الْمُتَنَجِّسِ. نَعَمْ إنْ غَسَلَ النِّصْفَ الثَّانِي، مَعَ مُجَاوِرِهِ الَّذِي هُوَ الْمُنْتَصَفُ فِي الْإِجَابَةِ جَارٍ لِفَقْدِ مَا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ نَجِسٍ) أَيْ مُتَنَجِّسٌ كُلُّهُ يَقِينًا أَوْ بَعْضُهُ، وَاشْتُبِهَ لَكِنْ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ إذَا غُسِلَ بَعْضُهُ فِي إجَّانَةِ بِالصَّبِّ، الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْمُتَنَجِّسِ بِالشَّكِّ. قَوْلُهُ: (فَغَيْرُ الْمُنْتَصَفِ) أَيْ جَانِبَاهُ وَهُمَا غَيْرُ الْمُجَاوِرِ لَهُمَا. قَوْلُهُ: (لَا تَتَعَدَّى إلَى مَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ الثَّوْبِ الْمَغْسُولِ فَلَوْ وَقَعَ فِي مَائِعٍ أَوْ مَاءٍ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ أَوْ مَسَّهُ أَحَدٌ مَعَ رُطُوبَةِ تَنَجُّسِ مَا مَسَّهُ بِهِ. قَوْلُهُ: (بَعْضُ لِبَاسِهِ) وَكَذَا مَحْمُولُهُ وَبَدَنُهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ) وَفَارَقَ صِحَّةَ السُّجُودِ عَلَى مَا لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ، بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا الِاتِّصَالُ بِالنَّجِسِ، وَهُنَاكَ كَوْنُ السُّجُودِ عَلَى قَرَارٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا قَابِضٍ) أَيْ حَامِلٍ، وَلَوْ بِلَا قَبْضٍ كَوَضْعِهِ عَلَى عَاتِقِهِ، وَلَوْ اتَّصَلَ نَحْوَ الْحَبْلِ بِطَاهِرٍ   [حاشية عميرة] نَجَسٌ) يَجُوزُ فِيهِ فَتْحُ الْجِيمِ وَكَسْرُهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلِاجْتِهَادِ) بَلْ لَوْ فَصَلَهُ نِصْفَيْنِ امْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ عَلَى مَوْضِعِ الشَّقِّ نَعَمْ إنْ كَانَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إصَابَةَ النَّجَاسَةِ لِمَوْضِعٍ مُتَمَيِّزٍ كَالْكُمِّ ثُمَّ عَرَضَ اشْتِبَاهُهُ بِالْكُمِّ الْآخَرِ فَهُنَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ بَعْدَ فَصْلِ أَحَدِ الْكُمَّيْنِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الشَّرْحُ إلَى آخِرِهِ) مَوْقِعُ هَذَا الْكَلَامِ مِمَّا قَبْلَهُ التَّعَرُّضُ لِلْبَيْتِ وَالْبِسَاطِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ مُلَاقٍ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ صَلَّى فِي مَوْضِعِ نَجَسٍ لِحَبْسٍ فِيهِ مَثَلًا وَتَعَارَضَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَتَغْطِيَةُ الْمَحِلِّ قَلَعَ ثَوْبَهُ وَصَلَّى عُرْيَانَا وَلَا إعَادَةَ عَلَى أَظْهَرْ الْقَوْلَيْنِ، وَالثَّانِي يُصَلِّي عَلَى النَّجَاسَةِ وَيُعِيدُ، انْتَهَى. وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ هُنَا لَوْ حُبِسَ فِي مَوْضِعِ نَجَسٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّي وَيَتَحَامَلُ قَدْرَ الْمُمْكِنِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ، بَلْ يَنْحَنِي إلَى السُّجُودِ إلَى الْقَدْرِ الَّذِي لَوْ زَادَ عَلَيْهِ أَصَابَ النَّجَاسَةَ ثُمَّ يُعِيدُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْضُ لِبَاسِهِ) يُفْهَمُ حُكْمُ الْبَدَنِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّك بِحَرَكَتِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ مَعْدُودٌ مِنْ لِبَاسِهِ فَصَارَ كَذَيْلِ قَمِيصِهِ الطَّوِيلِ الَّذِي لَا يَرْتَفِعُ بِارْتِفَاعِهِ، فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ تَنَجُّسِ الذَّيْلِ الْمَذْكُورِ، وَاسْتَشْكَلَ السُّبْكِيُّ ذَلِكَ بِصِحَّةِ السُّجُودِ عَلَيْهِ، قَالَ: وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا قَابِضٍ طَرَفَ شَيْءٍ إلَى آخِرِهِ) مِثْلُ الْقَبْضِ الشَّدُّ فِي الْوَسَطِ أَوْ الرِّجْلِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَوْ كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 الشَّيْءُ الْكَائِنُ عَلَى النَّجَسِ بِحَرَكَتِهِ. (وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ) بِهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ حَامِلٌ لِمُتَّصِلٍ بِنَجَاسَةٍ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ فَكَأَنَّهُ حَامِلٌ لَهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الرَّابِعَةِ يَقُولُ لَيْسَ حَامِلًا لِلطَّرَفِ الْمُتَّصِلِ بِالنَّجَاسَةِ بِخِلَافِ طَرَفِ الْعِمَامَةِ الْمُتَّصِلِ بِهَا لِأَنَّهُ مِنْ مَلْبُوسِهِ. (فَلَوْ جَعَلَهُ) أَيْ طَرَفَ الشَّيْءِ الْكَائِنِ عَلَى نَجَسٍ (تَحْتَ رِجْلِهِ صَحَّتْ) صَلَاتُهُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا لِعَدَمِ الْحَمْلِ لَهُ. (وَلَا يَضُرُّ نَجَسٌ يُحَاذِي صَدْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِعَدَمِ مُلَاقَاتِهِ لَهُ، وَالثَّانِي يَقُولُ الْمُحَاذِي مِنْ مَكَانِ صَلَاتِهِ فَتُعْتَبَرُ طَهَارَتُهُ. (وَلَوْ وَصَلَ عَظْمَهُ) لِانْكِسَارِهِ وَاحْتِيَاجِهِ إلَى الْوَصْلِ. (بِنَجَسٍ) مِنْ الْعَظْمِ (لِفَقْدِ الطَّاهِرِ) الصَّالِحِ لِلْوَصْلِ (فَمَعْذُورٌ) فِي ذَلِكَ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ نَزْعُهُ إذَا وَجَدَ الطَّاهِرَ كَمَا فِي   [حاشية قليوبي] مُتَّصِلٍ بِنَجِسٍ، كَأَنْ كَانَ عَلَى سَاجُورٍ كَلْبٌ، وَهُوَ مَا يُجْعَلُ فِي عُنُقِهِ، أَوْ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ بِهَا نَجَسٌ فِي مَحِلٍّ آخَرَ، أَوْ عَلَى مَحِلٍّ طَاهِرٍ مِنْ سَفِينَةٍ فِيهَا نَجَسٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْدُودًا بِهِ لَمْ يَضُرَّ مُطْلَقًا، وَإِلَّا بَطَلَتْ. نَعَمْ. إنْ لَمْ تَنْجَرَّ السَّفِينَةُ بِجَرِّهِ أَيْ الْحَبْلِ أَوْ الشَّخْصِ، بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا مَعًا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا، قُوَّةٌ تَنْجَرُّ بِهَا عُرْفًا فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ، لَمْ تَبْطُلْ، وَلَوْ حُمِلَ طَرَفُ حَبْلٍ مَرْبُوطٍ، بِوَتَدٍ مَرْبُوطٍ بِهِ حَبْلُ سَفِينَةٍ، فِيهَا نَجَسٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بَيْنَ الْحَبْلَيْنِ رَبْطٌ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا فَرَاجِعْهُ. (فَرْعٌ) لَوْ حُبِسَ عَلَى مَحِلٍّ نَجِسٍ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ بِالْإِيمَاءِ، وَيَنْخَفِضَ فِي سُجُودِهِ إلَى حَيْثُ لَوْ زَادَ لَمَسَ النَّجِسَ، وَتَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ نَعَمْ إنْ كَانَ مَعَهُ مَا يَفْرِشُهُ عَلَى النَّجِسِ وَلَوْ سَاتِرَ عَوْرَتِهِ فَرَشَهُ عَلَيْهِ، وُجُوبًا وَصَلَّى عَارِيًّا وَلَوْ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ غَضُّ بَصَرِهِمْ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ إلَخْ) نَعَمْ يُكْرَه إنْ قَرُبَ مِنْهُ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُحَاذِيًا لَهُ عُرْفًا، وَمِثْلُ صَدْرِهِ ظَهْرُهُ وَبَقِيَّةُ بَدَنِهِ مِنْ سَائِرِ جِهَاتِهِ، وَلَوْ قَالَ يُحَاذِي شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ، أَوْ مَلْبُوسِهِ لَشَمِلَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَصَلَ) أَيْ الْمُكَلَّفُ الْمُخْتَارُ الْعَامِدُ الْعَالِمُ وَلَوْ غَيْرَ مَعْصُومٍ، خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ. قَوْلُهُ: (وَاحْتِيَاجُهُ) بِنَحْوِ خَلَلٍ فِي الْعُضْوِ أَوْ مُبِيحِ تَيَمُّمٍ. قَوْلُهُ: (لِفَقْدِ الطَّاهِرِ) أَيْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ مِنْهُ، فِي التَّيَمُّمِ فِي وَقْتِ إرَادَةِ الْوَصْلِ، وَلَا عِبْرَةَ بِوُجُودِهِ بَعْدَهُ، كَمَا لَا عِبْرَةَ بِوُجُودِ عَظْمِ الْآدَمِيّ وَلَوْ حَرْبِيًّا، لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْوَصْلِ بِهِ مُطْلَقًا لِاحْتِرَامِهِ. قَوْلُهُ: (الصَّالِحُ لِلْوَصْلِ) أَيْ وَلَيْسَ النَّجِسُ أَصْلُحَ مِنْهُ، وَإِلَّا كَعَظْمِ كَلْبٍ لِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، إنَّهُ أَوْفَقُ الْعِظَامِ، لِعَظْمِ الْآدَمِيِّ. فَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ يُعْذَرُ فِيهِ، وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا كَالْخَطِيبِ وَخَالَفَهُمْ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (فَمَعْذُورٌ) أَيْ فَيُعْطَى حُكْمَ الطَّاهِرِ مُطْلَقًا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ حَامِلِهِ، وَلَا يَتَنَجَّسُ مَائِعٌ بِهِ وَلَا جَامِدٌ بِمَسِّهِ مَعَ رُطُوبَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكْتَسِ لَحْمًا أَوْ جِلْدًا كَمَا سَيَأْتِي. وَمِثْلُ هَذَا مَا لَوْ فَعَلَهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَصَبِيٍّ وَمُكْرَهٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ بَعْدَ كَمَالِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ عَلَيْهِ نَزْعُهُ إذَا وَجَدَ الطَّاهِرَ) وَهُوَ   [حاشية عميرة] طَرَفُ الْحَبْلِ مُلْقًى عَلَى سَاجُورِ كَلْبٍ أَوْ مَشْدُودٍ بِالسَّاجُورِ، وَهُوَ الْخَشَبَةُ الَّتِي تُجْعَلُ فِي عُنُقِ الْكَلْبِ فَوَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ، وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ لِأَنَّ بَيْنَ الْكَلْبِ وَطَرَفِ الْحَبْلِ وَاسِطَةً، وَلَوْ كَانَ طَرَفُ الْحَبْلِ عَلَى مَوْضِعٍ طَاهِرٍ مِنْ حِمَارٍ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي السَّاجُورِ وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ لِأَنَّ السَّاجُورَ قَدْ يُعَدُّ مِنْ تَوَابِعِ الْحَبْلِ وَأَجْزَائِهِ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْبُطْلَانَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. قُلْت فَرْضُ الْإِرْشَادِ الْمَسْأَلَةُ بِمَا لَوْ شَدَّ طَرَفَ الْحَبْلِ بِالسَّاجُورِ أَوْ الْحِمَارِ فَافْهَمْ أَنَّ الْإِلْقَاءَ بِخِلَافِهِ. قَالَ شَارِحُهُ: وَقَوْلُ الْحَاوِي لَا سَاجُورَ كَلْبٍ أَيْ لَا حَبْلَ لَقِيَ سَاجُورَ كَلْبٍ، فَلَا تَبْطُلُ أَيَتَنَاوَلُ صُورَةَ الشَّدِّ وَالرَّاجِحُ فِيهَا الْبُطْلَانُ، وَحَمَلَهُ عَلَى مُلَاقَاتِهِ بِدُونِ شَدٍّ خِلَافَ الظَّاهِرِ، انْتَهَى. وَهُوَ مُخَالِفٌ كَلَامَ الْإِسْنَوِيِّ: وَقَوْلُهُ: الْكَائِنُ عَلَى النَّجَسِ أَيْ فَالْمُضِرُّ تَحَرُّكُ الطَّرَفِ الْمُتَّصِلِ بِالنَّجَاسَةِ. وَقَوْلُ الْمَتْنِ: وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ، أَيْ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ طَرَفِ الْعِمَامَةِ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ الْحَمْلِ لَهُ) فَأَشْبَهَ مَا لَوْ صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ طَرَفُهُ مُتَنَجِّسٌ أَوْ تَحْتَ الْبِسَاطِ نَجَاسَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُحَاذِي صَدْرَهُ) الْخِلَافُ جَارٍ فِيمَا يُحَاذِي شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ سَوَاءً الرُّكُوعُ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ يُوهِمُ جَرَيَانُهُ فِي الْأَعْلَى وَالْجَوَانِبِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ. نَعَمْ ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ أَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْجِدَارِ النَّجِسِ أَوْ الْمُتَنَجِّسِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ وَصَلَ عَظْمَهُ إلَخْ) حُكْمُ الْوَشْمِ كَالْوَصْلِ، وَكَذَا لَوْ خَاطَ جُرْحَهُ بِخَيْطٍ نَجِسٍ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ وَصَلَ جَوْفَهُ مُحَرَّمٌ نَجِسٌ أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ مُكْرَهًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَايَاهُ. قَوْلُهُ: (وَقَضِيَّةُ مَا فِي التَّتِمَّةِ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت يَلْزَمُ إذًا اتِّحَادُ الشِّقَّيْنِ. قُلْت: قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ عَلَى هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِأَيِّ ضَرَرٍ وَإِنْ لَمْ يَرْتَقِ إلَى مُبِيحِ التَّيَمُّمِ، أَوْ يُقَالُ قَوْلُهُ الْآتِي قِيلَ، وَإِنْ خَافَ لَا يَأْتِي هُنَا فَافْتَرَقَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَقَضِيَّةُ مَا فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ نَزْعِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ مِنْهُ ضَرَرًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْقِدْ الطَّاهِرَ أَيْ وَجَدَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ (نَزْعُهُ) أَيْ النَّجِسِ (إنْ لَمْ يَخَفْ) مِنْ نَزْعِهِ (ضَرَرًا ظَاهِرًا) وَهُوَ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ كَتَلَفِ عُضْوٍ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ. (قِيلَ: وَإِنْ خَافَ) ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ نَزْعُهُ أَيْضًا لِتَعَدِّيهِ بِوَصْلِهِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْوُجُوبِ رِعَايَةً لِخَوْفِ الضَّرَرِ. (فَإِنْ مَاتَ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ النَّزْعُ قَبْلَهُ (لَمْ يُنْزَعْ) مِنْهُ، أَيْ لَمْ يَجِبْ النَّزْعُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ بِزَوَالِ التَّكْلِيفِ، وَالثَّانِي يَجِبُ النَّزْعُ لِئَلَّا يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى حَامِلًا لِنَجَاسَةٍ تَعَدَّى بِحَمْلِهَا، وَسَوَاءٌ فِي وُجُوبِ النَّزْعِ فِي الْحَيَاةِ أَوْ الْمَوْتِ اكْتَسَى الْعَظْمُ اللَّحْمَ أَمْ لَمْ يَكْتَسِهْ، وَقِيلَ: إنْ اكْتَسَاهُ لَا يَجِبُ نَزْعُهُ (وَيُعْفَى عَنْ مَحِلِّ اسْتِجْمَارِهِ) فِي صَلَاتِهِ رُخْصَةً (وَلَوْ حَمَلَ مُسْتَجْمِرًا) فِي الصَّلَاةِ (بَطَلَتْ فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا حَاجَةَ إلَى حَمْلِهِ فِيهَا، وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ لِلْعَفْوِ عَنْ مَحِلِّ   [حاشية قليوبي] الْمُعْتَمَدُ بَلْ يَحْرُمُ إنْ خِيفَ مِنْهُ ضَرَرٌ، كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَيْ وَجَدَهُ) يَعْنِي إذَا كَانَ الطَّاهِرُ الصَّالِحُ مَوْجُودًا مَقْدُورًا عَلَيْهِ، فِيمَا تَقَدَّمَ وَقْتُ الْوَصْلِ بِالنَّجِسِ، وَإِنْ فَقَدَهُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ عَلَيْهِ) وَلَوْ حَائِضًا وَلَوْ بَعْدَ الْوَصْلِ، أَوْ جُنَّ لَكِنْ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، نَزْعُ ذَلِكَ النَّجِسِ وَمِثْلُهُ الْمُحْتَرَمُ سَوَاءً اكْتَسَى لَحْمًا وَجِلْدًا فِيهِمَا أَوْ لَا، لَكِنْ مَعَ أَمْنِ الضَّرَرِ لِأَنَّ حُكْمَ التَّعَدِّي مُسْتَمِرٌّ عَلَيْهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا فِي التَّتِمَّةِ، لِأَنَّهُ دَوَامٌ وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ نَزْعِهِ بِنَفْسِهِ، نَزَعَهُ الْحَاكِمُ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وُجُوبُ النَّزْعِ عَلَى الْكَافِرِ، إذَا أَسْلَمَ دُونَ الْمُكْرَهِ كَالصَّبِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ) أَيْ عِنْدَ خَوْفِ الضَّرَرِ عَدَمُ الْوُجُوبِ. قَالَ شَيْخُنَا: بَلْ يَحْرُمُ النَّزْعُ كَمَا فِي الْمَيِّتِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (أَيْ لَمْ يَجِبْ النَّزْعُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) وَلَوْ قَالَ: لَمْ يَجُزْ النَّزْعُ كَمَا هُوَ مُفَادُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، لَوَافَقَ الْمُعْتَمَدَ، وَكَانَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ، وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَغَسْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكْتَسِ جِلْدًا وَلَا لَحْمًا. قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَلْقَى إلَخْ) هَذِهِ عِلَّةُ الْمَرْجُوحِ وَنَظَرُوا فِيهَا بِأَنَّ الْأَجْزَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تُرَدُّ إلَى أَصْحَابِهَا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَقِيَ مَلَائِكَةَ اللَّهِ فِي الْقَبْرِ، أَوْ الْمُرَادُ أَوَّلُ أَحْوَالِ قُدُومِهِ عَلَى اللَّهِ. (فُرُوعٌ) كُلُّ مَا مَرَّ مِنْ أَحْكَامِ الْوَصْلِ يَجْرِي فِي الْوَشْمِ، وَخِيَاطَةِ الْجُرْحِ بِخَيْطٍ نَجِسٍ، وَالتَّدَاوِي بِنَحْوِ دُهْنٍ نَجِسٍ، فَيَحْرُمُ فِعْلُهُ عَلَى مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ عَامِدٍ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ، بِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَوْ حَائِضًا وَرَقِيقًا، وَتَجِبُ إزَالَتُهُ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الْخَوْفِ، وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهُ، وَيَنْجُسُ مَا لَاقَاهُ، مَا لَمْ يَكْتَسِ جِلْدًا وَلَوْ رَقِيقًا، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ أَكَلَ حَرَامًا أَوْ شَرِبَهُ، كَخَمْرٍ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ لِعُذْرٍ كَإِكْرَاهٍ أَنْ يَتَقَايَاهُ مَعَ عَدَمِ خَوْفِ الضَّرَرِ. نَعَمْ صَلَاتُهُ مَعَهُ صَحِيحَةٌ، لِأَنَّهُ فِي مَعْدِنِ النَّجَاسَةِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الْوَصْلِ كَمَا مَرَّ، وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْآدَمِيِّ، وَلَوْ مُهْدَرًا كَمَا مَرَّ. وَأَمَّا الْخِضَابُ وَصَبْغُ نَحْوِ الشَّعْرِ وَالنَّقْشِ، وَتَطْرِيفُ نَحْوِ الْأَصَابِعِ، وَتَحْمِيرُ الْوَجْهِ وَتَجْعِيدُ الشَّعْرِ، فَحَرَامٌ بِالنَّجِسِ مُطْلَقًا، وَكَذَا بِالسَّوَادِ إلَّا لِحْيَةَ الرَّجُلِ الْمُحَارِبِ، لِإِرْهَابِ الْعَدُوِّ، وَكَذَا بِغَيْرِ السَّوَادِ إنْ مَنَعَ مِنْهُ حَلِيلٌ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ فِي الْخَلِيَّةِ، وَمَعَ النَّدْبِ بِنَحْوِ الْحِنَّاءِ فِي نَحْوِ يَدِ امْرَأَةٍ، وَلِحْيَةِ رَجُلٍ وَيَحْرُمُ أَخْذُ شُعُورٍ نَحْوِ اللِّحْيَةِ، وَالْحَوَاجِبِ وَوَشْرِ الْأَسْنَانِ أَيْ تَرْقِيقِهَا، بِنَحْوِ الْمِبْرَدِ وَيُكْرَهُ نَتْفُ الشَّيْبِ، وَلَوْ مِنْ لِحْيَةِ رَجُلٍ، وَأَخْذُ شَعْرِ الْخَدِّ وَالرَّقَبَةِ وَقَصِّ اللِّحْيَةِ، وَيَجُوزُ عَجْنُ نَحْوِ سِرْجِينٍ وَلَوْ رَطْبًا لِغَرَضٍ، وَإِلَّا فَيَحْرُمُ وَكُلُّ مَا حَرُمَ فِعْلُهُ تَجِبُ إزَالَتُهُ فَوْرًا. قَوْلُهُ: (وَيُعْفَى عَنْ مَحِلِّ اسْتِجْمَارِهِ) وَكَذَا عَمَّا يُلَاقِيه مِنْ الْبَدَنِ، وَالثَّوْبِ غَالِبًا عَادَةً، وَلَوْ بِرُكُوبٍ أَوْ جُلُوسٍ، وَلَا يَضُرُّ عَرَقُ الْمَحَلِّ وَسَيَلَانِهِ بِهِ، إلَّا إنْ جَاوَزَ صَفْحَةً أَوْ حَشَفَةً، فَيَجِبُ إزَالَةُ الْجَمِيعِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ التَّنَاقُضُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (فِي صَلَاتِهِ) بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَتَنَجُّسِ مَائِعٍ، أَوْ مَاءٍ قَلِيلٍ وَقَعَ فِيهِ نَجَسٌ. قَالَهُ شَيْخُنَا، وَمُقْتَضَى هَذَا عَدَمُ الْعَفْوِ فِي الطَّوَافِ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَمَلَ مُسْتَجْمَرًا بَطَلَتْ) وَكَذَا لَوْ حَمَلَ حَامِلَهُ وَكَالْحَمْلِ الْقَابِضُ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ يَدِهِ أَوْ عَكْسِهِ وَكَالْمُسْتَجْمَرِ كُلُّ ذِي نَجَاسَةٍ، وَلَوْ   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ الْوَصْلُ بِالنَّجِسِ أَسْرَعُ انْجِبَارًا مِنْ الطَّاهِرِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عُذْرًا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ) مِنْهُ بُطْءُ الْبُرْءِ. قَوْلُهُ: (رِعَايَةً لِخَوْفِ الضَّرَرِ) أَيْ وَلِأَنَّ النَّجَاسَةَ يَسْقُطُ حُكْمُهَا عِنْدَ خَوْفِ الضَّرَرِ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ، كَذَا قَالُوهُ، وَلَك أَنْ تَقُولَ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَنْعُ الْمُضْطَرِّ الْعَاصِي مِنْهَا فَلْتُشْتَرَطْ التَّوْبَةُ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى آخِرِهِ) هَذَا التَّعْلِيلُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُهَذَّبُ وَشَرْحُهُ، وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ تَعْلِيلًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّ فِي النَّزْعِ مُثْلَةً وَهَتْكًا لِحُرْمَةِ الْمَيِّتِ، قَالَ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ حُرْمَةُ النَّزْعِ كَمَا أَنَّ قَضِيَّةَ الْأَوَّلِ الْجَوَازُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْتَجْمِرًا) مِثْلُهُ لَوْ حَمَلَ شَخْصًا عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا أَوْ طَيْرًا مُتَنَجِّسٌ لِمَنْفَذٍ. قَالَ فِي شَرْحِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 الِاسْتِجْمَارِ. (وَطِينُ الشَّارِعِ الْمُتَيَقَّنِ نَجَاسَتَهُ يُعْفَى عَنْهُ عَمَّا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ غَالِبًا وَيَخْتَلِفُ بِالْوَقْتِ وَمَوْضِعِهِ مِنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ) فَيُعْفَى فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ عَمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي زَمَنِ الصَّيْفِ، وَيُعْفَى فِي الذَّيْلِ وَالرِّجْلِ عَمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الْكُمِّ وَالْيَدِ، وَمَا لَا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ غَالِبًا لَا يُعْفَى عَنْهُ، وَمَا تُظَنُّ نَجَاسَتُهُ لِغَلَبَتِهَا فِيهِ قَوْلًا الْأَصْلُ، وَالظَّاهِرُ أَظْهَرُهُمَا طَهَارَتُهُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَمَا لَمْ يُظَنُّ نَجَاسَتُهُ لَا بَأْسَ بِهِ. (وَ) يُعْفَى (عَنْ قَلِيلِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَنَمِيمِ الذُّبَابِ) أَيْ رَوْثِهِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ. (وَالْأَصَحُّ لَا يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ) لِكَثْرَتِهِ (وَلَا) عَنْهُ (قَلِيلٍ) مِنْهُ (انْتَشَرَ بِعَرَقٍ) لِمُجَاوَزَتِهِ مَحِلَّهُ (وَتُعْرَفُ الْكَثْرَةُ) وَالْقِلَّةُ   [حاشية قليوبي] مَعْفُوًّا عَنْهَا، كَحَيَوَانٍ مُتَنَجِّسِ الْمَنْفَذِ وَصَبِيٍّ بِثَوْبِهِ، أَوْ بَدَنِهِ نَجَسٌ، أَوْ غَيْرِ مُسْتَنْجٍ وَبَيْضَةٍ اسْتَحَالَتْ دَمًا وَعُنْقُودٍ اسْتَحَالَ بَاطِنُهُ خَمْرًا، وَمَيِّتٍ وَمَيْتَةٍ وَمُذَكَّاةٍ، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ سَمَكٍ، وَمِنْهُ مَنْ وَصَلَ عَظْمَهُ بِنَجِسٍ. قَالَهُ شَيْخُنَا. وَهُوَ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ لِعُذْرٍ أَوْ اكْتَسَى جِلْدًا، أَوْ لَحْمًا وَفِي عُمُومِهِ وَقْفَةٌ فَرَاجِعْهُ، وَمِنْهُ مَا خُبِزَ بِسِرْجِينٍ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَخَالَفَهُ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ. قَالَ بَعْضُهُمْ، وَمِنْهُ مَا وَقَعَتْ فِيهِ مَيْتَةٌ لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا لَوْ حَمَلَهُ، وَهِيَ فِيهِ فَرَاجِعْهُ. (فَرْعٌ) يَحْرُمُ انْغِمَاسُ، مُسْتَجْمِرٍ فِي نَحْوِ مَاءٍ قَلِيلٍ لِتَنَجُّسِهِ بِهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ غَمْسَ نَحْوِ الذُّبَابِ، وَتَحْرُمُ الْمُجَامَعَةُ مَعَ اسْتِجْمَارِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، وَلِزَوْجَتِهِ مَنْعُهُ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ لِنَحْوِ مُسَافِرٍ اهـ. قَوْلُهُ: (وَطِينُ الشَّارِعِ) وَكَذَا مَاؤُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَحَلُّ الْمُرُورِ. قَوْلُهُ: (الْمُتَيَقَّنُ نَجَاسَتُهُ) وَلَوْ بِخَبَرِ عَدْلٍ، مَا لَمْ تَتَمَيَّزُ عَيْنُ النَّجَاسَةِ، وَإِلَّا فَلَا يُعْفَى عَنْهَا وَشَمِلَتْ نَجَاسَةُ الطِّينِ مَا لَوْ كَانَتْ مِنْ مُغَلَّظٍ، وَلَوْ مِنْ دَمِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يُعْفَى عَنْهُ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا. كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي هَذَا وَجَمِيعِ الْمَعْفُوَّاتِ الْآتِيَةِ، وَخَرَجَ بِهِ نَحْوُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَالْمَاءِ الْقَلِيلِ وَالْمَائِعِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَتَلْوِيثِهِ، فَلَا يُعْفَى فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ. يَنْبَغِي الْعَفْوُ عَمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ، كَإِخْرَاجِ مَائِعٍ مِنْ ظَرْفٍ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي، وَسَوَاءً أَصَابَهُ الطِّينُ الْمَذْكُورُ مِنْ شَارِعٍ، أَوْ مِنْ شَخْصٍ أَصَابَهُ أَوْ مِنْ مَحَلٍّ انْتَقَلَ إلَيْهِ، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ كَلْبٍ انْتَفَضَ، كَمَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا آخِرًا، وَلَا يُكَلَّف التَّحَرُّزَ فِي مُرُورِهِ عَنْهُ وَلَا الْعُدُولَ إلَى مَكَانٍ خَالٍ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (عَمَّا يَتَعَذَّرُ) أَيْ عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَهُوَ مَا لَا يُنْسَبُ صَاحِبُهُ إلَى سَقْطَةٍ أَوْ كَبْوَةٍ أَوْ قِلَّةِ تَحَفُّظٍ. قَوْلُهُ: (وَيَخْتَلِفُ) أَيْ الْعَفْوُ فِي الطِّينِ الْمَذْكُورِ، وَيُعْفَى فِي حَقِّ الْأَعْمَى، مَا لَا يُعْفَى فِي حَقِّ الْبَصِيرِ. (فَرْعٌ) مِيَاهُ الْمَيَازِيبِ وَالسُّقُوفِ وَنَحْوِهَا، مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهَا وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِطَهَارَةِ أَوْرَاقٍ تُبْسَطُ رَطْبَةً عَلَى الْحِيطَانِ الْمَعْمُولَةِ بِالرَّمَادِ النَّجِسِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيُعْفَى) أَيْ فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ، أَوْ فِيهَا وَغَيْرِهَا مَا مَرَّ عَلَى عَامِرٍ. قَوْلُهُ: (عَنْ قَلِيلِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ) وَمِثْلُهُ فَضَلَاتُ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ. قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ وَمِثْلُهُ بَوْلُ الْخُفَّاشِ، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَرَجَّحَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ الْعَفْوَ عَنْ كَثِيرِهِ أَيْضًا. قَالَ وَذَرْقُهُ كَبَوْلِهِ، وَقَالَ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَكَذَا سَائِرُ الطُّيُورِ، وَيُعْفَى عَنْ ذَرْقِهَا وَبَوْلِهَا، وَلَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ عَلَى نَحْوِ بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا رَطْبًا أَوْ جَافًّا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا فَرَاجِعْهُ مَعَ مَا ذَكَرُوهُ فِي ذَرْقِ الطُّيُورِ فِي الْمَسَاجِدِ. فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي مُخَالَفَتِهِ لِمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ عَدَمِ الْعَفْوِ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ، نَحْوِ الصَّلَاةِ وَالْعَفْوِ مُطْلَقًا فِيهَا فَالْوَجْهُ، حَمْلُ مَا هُنَا فِيهَا عَلَى مَا قَالُوهُ فَتَأَمَّلْ وَحَرِّرْ. قَوْلُهُ: (وَوَنِيمُ الذُّبَابِ) هُوَ رَوْثُهُ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى دَمِ الْبَرَاغِيثِ، وَالْمُرَادُ الْقَلِيلُ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ، وَبَوْلُهُ كَذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ بَوْلٌ وَلَعَلَّ تَعْبِيرَهُمْ بِالْبَوْلِ فِي الطُّيُورِ، إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَالْمُشَاهَدُ عَدَمُهُ، وَالذُّبَابُ مُفْرَدٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَجَمْعُهُ ذِبَّانُ وَأَذِبَّةٌ كَغُرَابٍ وَغِرْبَانٍ وَأَغْرِبَةٍ. قَوْلُهُ: (فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ) سَوَاءٌ الْجَافُّ وَالرَّطْبُ بِعَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا   [حاشية عميرة] الْإِرْشَادِ: أَوْ مَا فِيهِ نَجَاسَةٌ لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا تُظَنُّ نَجَاسَتُهُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَغَلَّطُوا مَنْ ادَّعَى طَرْدَ الْقَوْلَيْنِ فِي كُلِّ أَصْلٍ وَظَاهِرٍ، فَقَدْ نَجْزِمُ بِالظَّاهِرِ كَالْبَيِّنَةِ وَالْخَبَرِ وَمَسْأَلَةِ الظَّبْيَةِ، أَوْ بِالْأَصْلِ، كَمَنْ ظَنَّ طَهَارَةً أَوْ حَدَثًا أَوْ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ دَمُ الْبَرَاغِيثِ إلَى آخِرِهِ) وَكَذَا الْقُمَّلُ وَالْبَقُّ وَغَيْرُهُمَا مِمَّا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ وَبَوْلُ الْخُفَّاشِ لِأَنَّهُ تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى. (فَائِدَةٌ) الْبَرَاغِيثُ مُفْرَدُهُ بُرْغُوثٌ بِالضَّمِّ، وَالْفَتْحُ قَلِيلٌ، وَالذُّبَابُ مُفْرَدٌ يَجْمَعُ عَلَى ذِبَّانِ وَأَذِبَّةٍ كَغُرَابٍ وَأَغْرِبَةٍ وَغِرْبَانٍ، وَلَا يُقَالُ ذُبَانَةٌ. قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ وَالْأَزْهَرِيُّ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الذُّبَابُ مَعْرُوفٌ الْوَاحِدَةُ ذُبَابَةٌ، وَلَا يُقَالُ ذُبَانَةٌ بِنُونٍ فِي آخِرِهِ، وَجَمْعُ الْقِلَّةِ أَذِبَّةٌ، وَالْكَثْرَةُ ذِبَّانِ كَغُرَابٍ وَأَغْرِبَةٍ وَغِرْبَانٍ، انْتَهَى. قَوْلُهُ: (لِمُجَاوَزَتِهِ مَحِلِّهِ) هَذَا التَّعْلِيلُ مَوْجُودٌ فِي مَحِلِّ النَّجْوِ إذَا عَرِقَ، وَقَدْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 (بِالْعَادَةِ) وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَمَاكِنِ فَيَجْتَهِدُ الْمُصَلِّي فِي ذَلِكَ، فَإِنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ أَقَلِيلٌ هُوَ أَمْ كَثِيرٌ فَلَهُ حُكْمُ الْقَلِيلِ فِي أَرْجَحِ احْتِمَالِيّ الْإِمَامِ، وَالثَّانِي أَحْوَطُ. (قُلْت: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ الْعَفْوُ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ، وَقُوَّةُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ تُعْطِي تَصْحِيحَ الْعَفْوِ فِي كَثِيرِ دَمِ الْبَرَاغِيثِ، كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِاللُّبْسِ لِمَا قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: لَوْ حَمَلَ ثَوْبَ بَرَاغِيثِ أَوْ صَلَّى عَلَيْهِ إنْ كَثُرَ دَمُهُ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَصَحِّ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ مَا فِيهِ الْوَنِيمُ ثُمَّ دَمُ الْبَرَاغِيثِ رَشَحَاتٌ تَمُصُّهَا مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ، ثُمَّ تَمُجُّهَا، وَلَيْسَ لَهَا دَمٌ فِي نَفْسِهَا، ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ. (وَدَمُ الْبَثَرَاتِ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ جَمْعُ بَثْرَةٍ بِسُكُونِهَا، وَهِيَ خُرَّاجٌ صَغِيرٌ (كَالْبَرَاغِيثِ) أَيْ كَدَمِهَا فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ فَقَطْ عَلَى تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ سَوَاءٌ أَخَرَجَ بِنَفْسِهِ أَمْ عَصَرَهُ. (وَقِيلَ: إنْ عَصَرَهُ فَلَا) يُعْفَى عَنْهُ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ، وَصَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْعَفْوَ عَنْ كَثِيرِهِ وَعَنْ الْمَعْصُورِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْقَلِيلِ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالرَّافِعِيِّ، وَظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ تَصْحِيحُ الْعَفْوِ عَنْ الْكَثِيرِ الْمَعْصُورِ وَغَيْرِهِ. (وَالدَّمَامِيلِ وَالْقُرُوحِ) أَيْ الْجِرَاحَاتِ (وَمَوْضِعِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ قِيلَ كَالْبَثَرَاتِ) فَيُعْفَى عَنْ دَمِهَا قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ عَلَى مَا سَبَقَ (وَالْأَصَحُّ) لَيْسَتْ مِثْلَهَا لِأَنَّهَا لَا تَكْثُرُ كَثْرَتَهَا فَيُقَالُ فِي دَمِهَا فِي جُزْئِيَّاتِهِ (إنْ كَانَ مِثْلَهُ يَدُومُ غَالِبًا   [حاشية قليوبي] يُخْرِجُهُ عَنْ الْعَفْوِ مُلَاقَاتُهُ لِأَجْنَبِيٍّ يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، كَمَاءِ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ أَوْ مَا تَسَاقَطَ، مِنْ نَحْوِ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ بُصَاقٍ، أَوْ مَاءِ حَلْقٍ أَوْ دُهْنِ رِيشَةٍ فَصَادَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَمُجُّهَا) يُفِيدُ أَنَّ دَمَ الْبَرَاغِيثِ مِنْ الْقَيْءِ لَا مِنْ الرَّوْثِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِاللُّبْسِ) أَيْ الْعَفْوُ الْمَذْكُورُ فِي دَمِ الْبَرَاغِيثِ، وَوَنِيمِ الذُّبَابِ مُقَيَّدٌ بِاللُّبْسِ فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ كَمَا مَرَّ. وَالْمُرَادُ بِاللُّبْسِ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ، وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ وَقُيِّدَ بِالْكَثِيرِ لِلْعَفْوِ عَنْ الْقَلِيلِ، وَلَوْ لِغَيْرِ اللُّبْسِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْعَفْوُ مُطْلَقًا) أَيْ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا لَكِنْ فِي اللُّبْسِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَمَحَلُّ الْعَفْوِ مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ لَا يَشُقُّ فِيهِمَا، وَمَا لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا بِفِعْلِهَا، أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ، وَلَوْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ بِأَمْرِهِ أَوْ رِضَاهُ قَصْدًا فِيهِمَا، كَقَتْلِهِ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ لَا فِي نَحْوِ نَوْمٍ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْكَثِيرِ الْمَعْصُورِ) هُوَ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْجِرَاحَاتُ) تَفْسِيرٌ لِلْقُرُوحِ، لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَكَثِيرُهُ) لَعَلَّهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ.   [حاشية عميرة] قَالَ الرَّافِعِيُّ فِيهِ بِالْعَفْوِ فَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِعَدَمِ عُمُومِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْإِسْنَوِيِّ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَرْتَضِ ذَلِكَ حَيْثُ عَلَّلَ الْعَفْوَ وَالْآتِي بِعُمُومِ الْبَلْوَى، وَعَلَّلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي هَذَا عُسْرُ الِاحْتِرَازِ فَأَلْحَقَ غَيْرَ الْغَالِبِ مِنْهُ بِالْغَالِبِ كَالْقَصْرِ فِي السَّفَرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْعَادَةِ) أَيْ فَمَا يَقَعُ التَّلَطُّخُ بِهِ غَالِبًا، وَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ قَلِيلٌ وَإِنْ زَادَ فَكَثِيرٌ لِأَنَّ أَصْلَ الْعَفْوِ ثَبَتَ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ، فَيُنْظَرُ أَيْضًا فِي الْعُرْفِ إلَيْهِ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ حُكْمُ الْقَلِيلِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَفْوُ إلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ الْكَثْرَةِ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُطْلَقًا) هُوَ شَامِلٌ لِلْكَثِيرِ الْمُنْتَشِرِ بِعَرَقٍ بَلْ وَلِلْكَثِيرِ الْحَاصِلِ بِالْقَتْلِ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ فِي الثَّانِي كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الشَّرْحِ) أَيْ الشَّرْحُ الْكَبِيرُ. قَوْلُهُ: (كَمَا صَحَّحَهُ) أَيْ النَّوَوِيُّ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِاللُّبْسِ) قُيِّدَ أَيْضًا بِعَدَمِ الْقَتْلِ كَمَا فِي مَتْنِ الْإِرْشَادِ، وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ دَمُ الْبَرَاغِيثِ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا مَذْكُورٌ تَوْطِئَةً لِمَعْنَى التَّشْبِيهِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (بِسُكُونِهَا) وَالْفَتْحُ لُغَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ إنَّ عَصْرَهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَالْبَرَاغِيثِ. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَ) أَيْ النَّوَوِيُّ. قَوْلُهُ: (كَمَا قَيَّدَهُ إلَخْ) وَكَذَا فِي التَّحْقِيقِ، وَعَلَيْهِ مَشَى الْإِرْشَادُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِي الْعَصْرِ مَحَلُّهُمَا عِنْدَ الْقِلَّةِ، ثُمَّ قَالَ يَعْنِي فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْوَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي دَمِ الْقَمْلَةِ وَنَحْوِهَا إذَا قَتَلَهَا فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَاَلَّذِي قَالَهُ جَمِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَعْصُورَ الْكَثِيرَ لَا يُعْفَى عَنْهُ جَزْمًا وَأَنَّ الْحُكْمَ فِي دَمِ الْمَقْتُولِ مِنْ نَحْوَ الْقُمَّلِ كَذَلِكَ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْعَصْرُ هُنَا نَظِيرَ الْقَتْلِ هُنَاكَ، فَإِذَا خَرَجَ بِلَا عَصْرٍ وَلَا قَتْلٍ وَكَانَ قَلِيلًا عُفِيَ عَنْهُ جَزْمًا، وَكَذَا إنْ كَثُرَ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ خَرَجَ بِعَصْرٍ أَوْ قَتْلٍ فَإِنْ كَثُرَ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ، وَإِنْ قَلَّ عُفِيَ عَنْهُ فِي الْأَصَحِّ، قَالَ: وَعِبَارَةُ الْكِتَابِ تُشْعِرُ بِأَنَّ الْأَصَحَّ قَائِلٌ بِالْعَفْوِ عَنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مَعَ الْعَصْرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. قَوْلُهُ: (كَالرَّافِعِيِّ) أَيْ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ إلَخْ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَقِيلَ: إنَّ عَصْرَهُ فَلَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قِيلَ كَالْبَثَرَاتِ) أَيْ لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَالِبَةً فَلَيْسَتْ بِنَادِرَةٍ فَإِذَا وُجِدَتْ الدَّمَامِيلُ دَامَتْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ إنْ كَانَ مِثْلَهُ إلَخْ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: تَعْبِيرُ الْمُحَرِّرِ وَالْكِتَابِ يَقْتَضِي جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِيمَا يَدُومُ غَالِبًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حُكْمُهُ كَدَمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 فَكَالِاسْتِحَاضَةِ) أَيْ كَدَمِهَا فَيُحْتَاطُ لَهُ كَمَا قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِإِزَالَةِ مَا أَصَابَ مِنْهُ وَعَصْبِ مَحَلِّ جُرُوحِهِ عِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ نَظِيرَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ، وَيُعْفَى عَمَّا يُسْتَصْحَبُ مِنْهُ بَعْدَ الِاحْتِيَاطِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ هُنَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ مِثْلَهُ لَا يَدُومُ غَالِبًا (فَكَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يُعْفَى) أَيْ دَمِ الْأَجْنَبِيِّ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا لِأَنَّهُ لَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ. (وَقِيلَ: يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ) لِلتَّسَامُحِ فِيهِ فَيَكُونُ حُكْمُ ذَلِكَ الدَّمِ الَّذِي لَا يَدُومُ مِثْلُهُ غَالِبًا كَذَلِكَ فَفِيهِ عَدَمُ الْعَفْوِ، ثُمَّ فِي الِاحْتِيَاطِ فِي الَّذِي يَدُومُ مِثْلُهُ غَالِبًا عَدَمُ الْعَفْوِ أَيْضًا، وَمَا يُعْفَى بَعْدَهُ ضَرُورِيٌّ لَا خِلَافَ فِيهِ. (قُلْت الْأَصَحُّ أَنَّهَا كَالْبَثَرَاتِ وَالْأَظْهَرُ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلِ دَمِ الْأَجْنَبِيِّ) مِنْ إنْسَانٍ وَغَيْرِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَيَّدَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ: بِغَيْرِ دَمِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْء مِنْهُ قَطْعًا، وَالْجُمْهُورُ سَكَتُوا عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ الْخِلَافُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ حَكَاهُ الْجُمْهُورُ قَوْلَيْنِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافَ مَا فِي الْمُحَرَّرِ مِنْ حِكَايَتِهِ وَجْهَيْنِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ وَجَمَاعَةٍ. (وَالْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ كَالدَّمِ) فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِيهِ. لِأَنَّهُ أَصْلُهُمَا (وَكَذَا مَاءُ الْقُرُوحِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فِي جُزْئِيَّاتِهِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِكُلِّ دُمَّلٍ عَلَى انْفِرَادِهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ فِي الِاحْتِيَاطِ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى الرَّدِّ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ، حَيْثُ قَالَ: لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْعَفْوِ، عَمَّا يَدُومُ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ الْعَفْوُ) أَيْ فِي الصَّلَاةُ فَقَطْ عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَنْ قَلِيلَ دَمِ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ مُغَلَّظٍ وَلَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ، وَلَمْ يَتَضَمَّخْ بِهِ عَبَثًا، كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِهِ، وَصَرِيحُ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ الْعَفْوُ عَنْ التَّضَمُّخِ بِهِ أَيْضًا، إلَّا أَنْ يَتَضَمَّخَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ فَتَبْطُلُ بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ التَّضَمُّخِ بِمَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَعْفُوَّاتِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ، مَا يَعُمُّ دَمَ غَيْرِهِ، وَدَمَ نَفْسِهِ إذَا جَاوَزَ مَحَلَّ سَيَلَانِهِ غَالِبًا أَوْ انْتَقَلَ عَنْ مَحَلِّهِ، وَلَوْ مِنْ الْعُضْوِ إلَيْهِ أَوْ مِنْ عُضْوِهِ لِعُضْوِهِ الْآخَرِ، وَشَمِلَ الْعَفْوُ مَا كَانَ مُتَفَرِّقًا، وَلَوْ جُمِعَ صَارَ كَثِيرًا عُرْفًا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِلتَّوَسُّعِ فِي الدَّمِ، وَفَارَقَ بِذَلِكَ مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (كَالدَّمِ) أَيْ دَمِ الْبَثَرَاتِ فِي نَجَاسَتِهِ. قَوْلُهُ: (فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِيهِ) أَيْ فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ مِنْ عَدَمِ الْعَفْوِ عِنْدَ اخْتِلَاطِهِ بِأَجْنَبِيٍّ وَمِنْهُ رُطُوبَةُ الْمَنَافِذِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، كَدَمْعِهِ وَرِيقِهِ، وَخَالَفَهُ ابْنُ حَجَرٍ، لِأَنَّهُ ضَرُورِيٍّ وَمِنْ عَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ الْكَثِيرِ بِفِعْلِهِ، كَعَصْرِ الدُّمَّلِ أَوْ مَحَلِّ الْفَصْدِ، أَوْ الْحَجْمِ أَوْ حَكِّ الدُّمَّلِ لِنَحْوِ وَضْعِ دَوَاءٍ عَلَيْهِ، وَلَوْ مُكْرَهًا عَلَى ذَلِكَ، أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ رِضَاهُ، وَلَيْسَ مِنْ الْفِعْلِ فَجْرُ الدُّمَّلِ بِنَحْوِ إبْرَةٍ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. (فَرْعٌ) الْبَلْغَمُ الْخَارِجُ مِنْ غَيْرِ الْمَعِدَةِ طَاهِرٌ، وَالْخَارِجُ مِنْهَا نَجِسٌ، وَلَا يُعْفَى عَنْهُ إلَّا عَنْ فَمِ مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ، وَيُعْفَى عَنْ الْخَارِجِ مِنْ فَمِ النَّائِمِ إنْ كَانَ مِنْ الْمَعِدَةِ يَقِينًا مُطْلَقًا، وَلَوْ فِي ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ لِلْمَشَقَّةِ بِكَثْرَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَعِدَتِهِ يَقِينًا فَهُوَ طَاهِرٌ. (تَنْبِيهٌ) مَتَى أُرِيدَ غَسْلُ نَجِسٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ كَطِينِ الشَّارِعِ، وَجَبَ فِيهِ مَا فِي غَيْرِهِ، وَمِنْهُ التَّسْبِيعُ وَالتُّرَابُ فِي نَحْوِ كَلْبٍ. نَعَمْ   [حاشية عميرة] الِاسْتِحَاضَةِ بِلَا شَكٍّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ هُنَا وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَلَطَخَاتُ الدَّمَامِيلِ وَالْفَصْدُ إنْ دَامَ غَالِبًا فَكَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَإِلَّا فَفِي إلْحَاقِهَا بِالْبَثَرَاتِ تَرَدُّدٌ اهـ. قُلْت يُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الْكِتَابِ عَلَى مَا يَدُومُ مِثْلُهُ غَالِبًا وَلَيْسَ سَيَلَانُهُ دَائِمًا وَاَلَّذِي فِي هَذِهِ الْكُتُبِ عَلَى دَائِمِ السَّيَلَانِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ، فَإِنَّ تَصْحِيحَ الْمُصَنِّفِ الْعَفْوُ كَمَا سَيَأْتِي لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مَا يَدُومُ وَمَا لَا يَدُومُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ قِيلَ كَالْبَثَرَاتِ فَيُعْفَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَكَدَمِ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ لِأَنَّ الْبَثَرَاتِ أَعَمُّ وُجُودًا مِنْهَا، وَأَغْلَبُ لَكِنْ سَلَفَ فِي التَّيَمُّمِ أَنَّ الشَّارِحَ حَمَلَهُ عَلَى الْمُنْتَقِمِ بِقَرِينَةِ التَّشْبِيهِ بِدَمِ الْأَجْنَبِيِّ. قَوْلُهُ: (فَفِيهِ عَدَمُ الْعَفْوِ ثُمَّ فِي الِاحْتِيَاطِ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا أَنْ يُوَضِّحَ وَجْهَ اشْتِمَالِ التَّشْبِيهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَتْنِ عَلَى عَدَمِ الْعَفْوِ كَيْ يَتَّضِحَ بِذَلِكَ وَجْهُ مُقَابِلِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الِاحْتِيَاطِ إلَخْ) تَوْجِيهٌ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيمَا يَدُومُ غَالِبًا بِأَنَّ الْقَوْلَ بِالِاحْتِيَاطِ مَعْنَاهُ عَدَمُ الْعَفْوِ وَإِلَّا لَمَا وَجَبَ الِاحْتِيَاطُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْأَصَحُّ إلَخْ) هَذَا تَصْحِيحٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ قِيلَ كَالْبَثَرَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَظْهَرُ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلٍ إلَخْ) لَوْ تَلَطَّخَ بِهِ عَمْدًا، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْعَفْوِ عَنْ ذَلِكَ قَالَ فِي التَّحْقِيقِ يَعُدُّ حِكَايَةَ التَّقْيِيدِ عَنْ صَاحِبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 وَالْمُتَنَفِّطُ الَّذِي لَهُ رِيحٌ) كَالدَّمِ فِي نَجَاسَتِهِ وَمَا ذُكِرَ فِيهِ. (وَكَذَا بِلَا رِيحٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِتَحَلُّلِهِ بَعْلَةٍ، وَالثَّانِي هُوَ طَاهِرٌ كَالْعَرَقِ. (قُلْت: الْمَذْهَبُ طَهَارَتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ أَنَّهُ طَاهِرٌ قَطْعًا كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ. (وَلَوْ صَلَّى بِنَجِسٍ) غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ (لَمْ يَعْلَمْهُ) ثُمَّ عَلِمَهُ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ. (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْقَضَاءُ فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهِ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ، وَالْقَدِيمُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لِعُذْرِهِ بِالْجَهْلِ. (وَإِنْ عَلِمَ) بِالنَّجَسِ (ثُمَّ نَسِيَ) فَصَلَّى ثُمَّ تَذَكَّرَ (وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ وَجَبَ قَطْعًا الْإِعَادَةُ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ التَّطْهِيرِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي وُجُوبُهُ الْقَوْلَانِ لِعُذْرِهِ بِالنِّسْيَانِ وَالْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ، وَتَجِبُ إعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ تَيَقَّنَ مُصَاحَبَةَ النَّجَسِ لَهَا بِخِلَافِ مَا احْتَمَلَ حُدُوثَهُ بَعْدَهَا فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهَا، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.   [حاشية قليوبي] قَدْ مَرَّ فِي النَّجَاسَةِ عَنْ الْعَلَّامَةِ ابْنِ قَاسِمٍ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ ثَوْبًا فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ، لِأَجْلِ تَنْظِيفِهِ مِنْ الْوَسَخِ لَمْ يَضُرَّ بَقَاءُ لَوْنِ الدَّمِ فِيهِ، وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَاطُهُ بِمَاءِ الْغُسْلِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ قَطْعًا) حَمَلَ الْمَذْهَبَ عَلَى طَرِيقِ الْقَطْعِ لِقَرِينَةِ الْعُدُولِ عَنْ الْأَظْهَرِ إلَيْهِ، وَلِيُوَافِقَ مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ تَصْحِيحِهَا وَلَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ، وَلَا أَصْلِهَا تَرْجِيحٌ لِوَاحِدٍ مِنْ الطَّرِيقِينَ. قَوْلُهُ: (لِفَوَاتِ الشَّرْطِ) هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْلِيلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِالتَّفْرِيطِ، إذْ لَا تَفْرِيطَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ أَصَالَةً، وَلِمَا يَلْزَمُ عَلَى التَّفْرِيطِ مِنْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ فَوْرًا بَعْدَ الْوَقْتِ، مَعَ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، وَذَكَرَ الشَّارِحُ التَّفْرِيطَ فِي الثَّانِيَةِ لِأَجْلِ طَرِيقِ الْقَطْعِ فِيهَا وَعَلَيْهِ، فَالْقَضَاءُ فِيهَا عَلَى الْفَوْرِ وَقِيلَ عَلَى التَّرَاخِي. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا احْتَمَلَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَهُوَ يَشْمَلُ مَا بِرَاجِحِيَّةٍ أَوْ مَرْجُوحِيَّةٍ، أَوْ اسْتِوَاءٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نَظَرًا لِلتَّخْفِيفِ، عَلَى وِزَانِ مَنْ شَكَّ بَعْدَ صَلَاتِهِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ. نَعَمْ قَدْ مَرَّ فِيمَنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ أَنَّهُ يَقْضِي مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فِعْلُهُ مِنْهَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هُنَا قَدْ وُجِدَ الْفِعْلُ يَقِينًا، فَلَمْ يُوجِبُوا الْقَضَاءَ مَعَ الشَّكِّ فِي الصِّحَّةِ، قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الشَّكَّ لَيْسَ فِي الْفِعْلِ، وَعَدَمِهِ إذْ لَا جَامِعَ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي أَنَّهُ هَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ قَضَاءٌ، وَمَا هُنَا مِنْ هَذِهِ فَتَأَمَّلْ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي الْأَوَّلِ بُعْدٌ وَلَعَلَّهُ مَحْمَلُ قَوْلِ الْقَاضِي، بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ اهـ. (فَرْعٌ) لَوْ مَاتَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ أَوْ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ، فَفِي وُسْعِ اللَّهِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ لِعُذْرِهِ حَالَةَ الْفِعْلِ، وَلَا يُنَافِيه الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالتَّفْرِيطِ عَلَى مَا مَرَّ، لِأَنَّهُ لِتَرَتُّبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَيَجِبُ إعْلَامُ مَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ كَمَا مَرَّ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهَا وَيَجِبُ قَبُولُ خَبَرِ الْعَدْلِ فِيهَا، وَفِي نَحْوِ كَشْفِ عَوْرَةٍ، وَكُلِّ مُبْطِلٍ فَيَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فِي كَلَامٍ قَلِيلٍ مُبْطِلٍ، وَيَجِبُ تَعْلِيمُ مَنْ رَآهُ يُخِلُّ بِعِبَادَةٍ فِي رَأْي مُقَلِّدِهِ، عَيْنًا إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ، وَلَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ إنْ قُوبِلَ بِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ مَعَ عَدَمِ بَذْلِهَا وَيَلْزَمُ الْقَادِرُ عَلَيْهَا بَذْلُهَا، وَمَحَلُّ الْوُجُوبِ مَعَ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ.   [حاشية عميرة] الْبَيَانِ، وَلَمْ أَجِدْ تَصْرِيحًا بِمُخَالَفَتِهِ وَلَا مُوَافَقَتِهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: قَدْ وَافَقَهُ الشَّيْخُ نَصْرُ فِي فَتَاوِيهِ الْمَقْصُودُ، قَالَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيُّ: وَمِمَّا يُعْفَى عَنْهُ الْبَلْغَمُ إذَا كَثُرَ كَمَا سَبَقَ فِي النَّجَاسَاتِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَصْلُهُمَا) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ لِأَنَّهُمَا دَمَانِ مُسْتَحِيلَانِ إلَى نَتِنٍ وَفَسَادٍ. قَوْلُهُ: (كَالدَّمِ فِي نَجَاسَتِهِ) قِيَاسًا عَلَى الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا بِلَا رِيحٍ) . قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَحَيْثُ نَجَّسْنَاهُ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ دَمِ الْبَثَرَاتِ لَا دَمَ الْقُرُوحِ. قَوْلُهُ: (أَيْ إنَّهُ طَاهِرٌ قَطْعًا) يُرِيدُ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَبَّرَ بِهِ عَنْ طَرِيقَةِ الْقَطْعِ، وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ مِنْ الْأَظْهَرِ وَمُقَابِلِهِ عَلَى طَرِيقَةِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (لِعُذْرِهِ بِالْجَهْلِ) وَلِحَدِيثِ النَّعْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ عَلَى الْمَذْهَبِ) . (فَرْعٌ) لَوْ رَأَيْنَا فِي ثَوْبِ شَخْصٍ نَجَاسَةً لَا يَعْلَمُهَا وَجَبَ عَلَيْنَا إعْلَامُهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِصْيَانِ، بَلْ هُوَ كَزَوَالِ الْمُفْسِدِ، قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ الَّتِي يَشُكُّ فِي أَنَّهَا عَلَيْهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 (فَصْلٌ: تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ) عَمْدًا مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ، وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. (بِحَرْفَيْنِ) أَفُهِمَا أَوْ لَا نَحْوِ قُمْ وَعَنْ (أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ) نَحْوِ قِ مِنْ الْوِقَايَةِ. (وَكَذَا مُدَّةٍ بَعْدَ حَرْفٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا أَلِفٌ أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ، وَالثَّانِي قَالَ إنَّهَا لَا تَعُدُّ حَرْفًا، وَهَذَا كُلُّهُ يَسِيرٌ فَبِالْكَثِيرِ مِنْ بَابِ أَوْلَى. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثِ مُسْلِمٍ «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» ، وَالْكَلَامُ يَقَعُ عَلَى الْمُفْهِمِ وَغَيْرِهِ الَّذِي هُوَ حَرْفَانِ وَتَخْصِيصُهُ بِالْمُفْهِمِ اصْطِلَاحٌ لِلنُّحَاةِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّنَحْنُحَ وَالضَّحِكَ وَالْبُكَاءَ وَالْأَنِينَ وَالنَّفْخَ إنْ ظَهَرَ بِهِ) أَيْ بِكُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ (حَرْفَانِ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا) تَبْطُلُ بِهِ، وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ بِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ. (وَيُعْذَرُ فِي يَسِيرِ الْكَلَامِ إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ) إلَيْهِ (أَوْ نَسِيَ الصَّلَاةَ) أَيْ نَسِيَ أَنَّهُ فِيهَا. (أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) فِيهَا (إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ) بِخِلَافِ بَعِيدِ الْعَهْدِ بِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ، (لَا كَثِيرِهِ) فَإِنَّهُ لَا   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ) الَّتِي هِيَ الْمَوَانِعُ، وَتُسَمَّى شُرُوطًا بِاعْتِبَارِ عَدَمِهَا، كَمَا فِي الطَّهَارَةِ مِنْ الْحَدَثِ وَالنَّجِسِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (تَبْطُلُ) وَيُرَادِفُهُ تَفْسُدُ، لِأَنَّ الْبَاطِلَ وَالْفَاسِدَ عِنْدَنَا سَوَاءٌ، قَالَ النَّوَوِيُّ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ النُّسُكِ، وَالْعَارِيَّةِ وَالْكِتَابَةِ وَالْخُلْعِ، وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ مِثْلُهَا، كَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ إذْ الْبَاطِلُ مَا كَانَ لِفَقْدِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهِ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ مِنْ ضَمَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِعْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى قَضَاءً، وَالْفَاسِدُ مَا كَانَ لِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ، وَحُكْمُهُ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ، وَعَدَمِهِ وَفِعْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، يُسَمَّى قَضَاءً فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِالنُّطْقِ) أَيْ التَّلَفُّظِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ بِغَيْرِ اللِّسَانِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالْأَنْفِ، إنْ سَمِعَ نَفْسَهُ، وَلَوْ كَانَ حَدِيدَ السَّمْعِ، أَوْ كَانَ بِحَيْثُ يُسْمَعُ لَوْ كَانَ مُعْتَدِلَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ إلَخْ) دَخَلَ فِي الْغَيْرِ مَنْسُوخُ التِّلَاوَةِ وَالتَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَالْأَحَادِيثُ، وَلَوْ قُدْسِيَّةً، وَلَوْ قَالَ قَالَ اللَّهُ، أَوْ قَالَ النَّبِيُّ، أَوْ قَافٌ أَوْ صَادٌ، بَطَلَتْ مَا لَمْ يَقْصِدْ أَنَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ، وَخَرَجَ بِالنُّطْقِ الْإِشَارَةُ وَلَوْ مِنْ أَخْرَسَ أَوْ بِاللِّسَانِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهَا الْإِفْهَامَ كَمَا يَأْتِي، وَيُنْدَبُ لِلْمُصَلِّي رَدُّ السَّلَامِ بِهَا، كَمَا يَجُوزُ رَدُّهُ وَالتَّشْمِيتُ بِغَيْرِ الْخِطَابِ نَحْوُ عَلَيْهِ السَّلَامِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِحَرْفَيْنِ) أَيْ بِمُسَمَّاهُمَا وَكَذَا الْحَرْفُ. قَوْلُهُ: (أَفُهِمَا) أَيْ مَجْمُوعُهُمَا، فَلَا بُدَّ مِنْ تُوَالِيهِمَا، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ الصَّادُ، وَانْظُرْ مَا ضَابِطُ الْمُوَالَاةِ هُنَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْعُرْفِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مُفْهِمٌ) أَيْ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ عَدَمَ الْإِفْهَامِ كَعَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (نَحْوُ قِ) مِنْ الْوِقَايَةِ وَعِ مِنْ الْوَعْيِ وَفِ مِنْ الْوَفَاءِ، وَشِ مِنْ الْوَشْيِ، وَحَذْفُ هَاءِ السَّكْتِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْخَطَأِ صِنَاعَةً، لِوُجُوبِهِ فِيهَا جَبْرًا لِلْكَلِمَةِ بِمَا دَخَلَهَا مِنْ الْوَهَنِ، بِالْحَذْفِ حَتَّى بَقِيَتْ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَتَرَكَّبُ الْكَلَامُ مِنْ أَقَلِّ مِنْ حَرْفَيْنِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِصَرْفِ الْحَدِيثِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (إنْ ظَهَرَ) أَيْ وُجِدَ مِنْ عَالِمٍ عَامِدٍ غَيْرِ مَعْذُورٍ. قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ وَلَوْ لِمَرَضٍ، أَوْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ لِمُصْلِحَةِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (حَرْفَانِ) أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ أَوْ مُدَّةٌ بَعْدَ حَرْفٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ، فَلَا يُعْتَبَرُ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَسِيَ الصَّلَاةَ) خَرَجَ مَنْ نَسِيَ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ فِيهَا فَتَبْطُلُ. قَوْلُهُ: (أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ) أَيْ تَحْرِيمَ مَا أَتَى بِهِ فَلَا تَبْطُلُ، وَإِنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ جِنْسِ الْكَلَامِ فِيهَا، لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى، وَمِنْهُ تَكْبِيرُ مُبَلِّغٍ أَوْ إمَامٌ جَهَرَ أَوْ تَسْبِيحٌ مِنْ مُنَبِّهٍ عَلَى خَطَأٍ، وَفَاتِحٍ عَلَى إمَامٍ بِقَصْدِ الْإِعْلَامِ فِي ذَلِكَ، فَلَا تَبْطُلُ مَعَ الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِهِ، وَمِنْهُ مَنْ أَتَى بِشَيْءٍ غَيْرِ مُبْطِلٍ، وَظَنَّهُ مُبْطِلًا، فَتَكَلَّمَ بِقَلِيلٍ عَامِدًا فَلَا تَبْطُلُ، وَفَارَقَ مَنْ أَكَلَ فِي الصَّوْمِ نَاسِيًا، فَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ فَأَكَلَ عَامِدًا، فَإِنَّهُ يُفْطِرُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ النَّوَوِيِّ، بِأَنَّ جِنْسَ الْكَلَامِ اُغْتُفِرَ عَمْدًا فِي الصَّلَاةِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ مَا أَتَى بِهِ، وَجَهِلَ كَوْنَهُ مُبْطِلًا أَوْ نَسِيَ حُرْمَةَ الْكَلَامِ، وَفِي الصَّلَاةِ، كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ. قَوْلُهُ: (إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ) أَيْ أَسْلَمَ قَرِيبًا وَلَوْ مُخَالِطًا لَنَا   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ مُبْطِلَات الصَّلَاةُ] فَصْلٌ: (تَبْطُلُ بِالنُّطْقِ) . (قَوْلُهُ وَالثَّانِي قَالَ إنَّهَا لَا تُعَدُّ حَرْفًا) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ لِأَنَّ الْمُدَّةَ قَدْ تَتَّفِقُ لِإِشْبَاعِ الْحَرَكَةِ وَلَا تُعَدُّ حَرْفًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْبُكَاءُ) أَيْ وَلَوْ لِأَمْرِ الْآخِرَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ) زَادَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَكَادُ يَبِينُ مِنْهُ حَرْفٌ فَأَشْبَهَ الصَّوْتَ الْغُفْلَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ) لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ النِّسْيَانِ، وَدَلِيلُ النَّاسِي حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ، وَدَلِيلُ الْجَاهِلِ حَدِيثُ الْمَأْمُومِ، وَهُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 يُعْذَرُ فِيهِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ. (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ، وَالثَّانِي يَقُولُ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْعُذْرِ كَمَا سُوِّيَ بَيْنَهُمَا فِي الْعَمْدِ، وَالْيَسِيرُ بِالْعُرْفِ، وَيُصَدِّقُ بِمَا فِي الشَّرْحِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ كَالْكَلِمَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ وَنَحْوِهَا، وَأَسْقَطَ ذَلِكَ مِنْ الرَّوْضَةِ (وَ) يُعْذَرُ (فِي التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا تَقَدَّمَ وَغَيْرِهِ كَالسُّعَالِ وَالْعُطَاسِ وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ حِرْمَانٌ (لِلْغَلَبَةِ) هِيَ رَاجِعَةٌ لِلْجَمِيعِ (وَتَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ) لِلْفَاتِحَةِ هُوَ رَاجِعٌ إلَى التَّنَحْنُحِ فَقَطْ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (لَا الْجَهْرِ) بِالْقِرَاءَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ سُنَّةٌ لَا ضَرُورَةَ إلَى التَّنَحْنُحِ لَهُ، وَالثَّانِي يُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ إقَامَةً لِشِعَارِهِ، وَسَكَتُوا عَنْ ظُهُورِ أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَيْنِ (وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ بَطَلَتْ فِي الْأَظْهَرِ) لِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فِيهَا، وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ كَالنَّاسِي، وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ   [حاشية قليوبي] قَبْلَهُ وَمِثْلُهُ مِنْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ، بِحَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَا يُوصِلُهُ إلَيْهِمْ بِمَا يَجِبُ بَذْلُهُ فِي الْحَجِّ. (تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ هَذَا فِي الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ، أَمَّا دَقَائِقُ الْعِلْمِ كَقَصْدِ الْإِعْلَامِ فِي الْمُبَلِّغِ مَثَلًا، فَيُعْذَرُ فِيهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ تَارِكُهَا إلَى تَقْصِيرٍ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ الْكَلَامُ الْكَثِيرُ. قَوْلُهُ: (يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ) أَيْ فَلَا مُسَاوَاةَ مَعَ هَذَا الْفَرْقِ الظَّاهِرِ، كَمَا يَقُولُ الْمُقَابِلُ. قَوْلُهُ: (وَيُصَدَّقُ) أَيْ الْكَلَامُ الْيَسِيرُ عُرْفًا بِمَا فِي الشَّرْحِ، وَهُوَ خَمْسُ كَلِمَاتٍ فَأَقَلُّ، لِأَنَّ نَحْوَ الشَّيْءِ لَا يُسَاوِيه، وَيُصَدَّقُ بِغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَمُقْتَضَى مَا فِي الشَّرْحِ الْبُطْلَانُ بِالسِّتَّةِ، وَمُقْتَضَى مَا فِي غَيْرِهِ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِأَكْثَرَ مِنْهَا، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُمَا، وَهُوَ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِالسِّتَّةِ إلَى مَا دُونَهَا، وَالْبُطْلَانُ بِمَا زَادَ عَلَيْهَا فَلِذَلِكَ أَسْقَطَهُمَا مِنْ الرَّوْضَةِ، وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الْكَلِمَاتِ الْعُرْفِيَّةِ بِدَلِيلِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ مُعَاوِيَةَ بِالْإِعَادَةِ بِقَوْلِهِ وَاثُكْلَ أُمَّاهُ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ لَمَّا قَالَ لِلْعَاطِسِ: يَرْحَمُك اللَّهُ، وَنَظَرَ إلَيْهِ الصَّحَابَةُ نَظَرَ اعْتِرَاضٍ، فَضَرَبُوا بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ» ، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِ كَلِمَاتٍ نَحْوِيَّةٍ، وَقِيلَ الْكَثِيرُ مَا زَادَ عَلَى ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ، وَقِيلَ مَا زَادَ عَلَى مَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَقِيلَ مَا يَقَعُ فِي قَدْرِ مَا يَسَعُ رَكْعَةٍ مِنْ تِلْكَ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ كُلَّهَا فَهَذِهِ أَقْوَالٌ. قَوْلُهُ: (لِلْغَلَبَةِ) أَيْ وَكَانَ قَلِيلًا عُرْفًا فِي الْجَمِيعِ، وَلَا نَظَرَ لِحُرُوفِهِ، وَإِنْ كَثُرَتْ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْغَلَبَةِ عَدَمُ قُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِهِ. نَعَمْ إنْ صَارَ طَبِيعَةً لَهُ بِحَيْثُ لَا يَخْلُو مِنْهُ زَمَنًا يَسَعُ الصَّلَاةَ عُذِرَ فِيهِ مُطْلَقًا، وَلَا يَضُرُّ الصَّوْتُ الْغُفْلُ أَيْ الْخَالِي عَنْ الْحُرُوفِ، وَعَنْ نَحْوِ تَنَحْنُحٍ مُطْلَقًا، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا بِحَرْفٍ، وَإِلَّا فَيَضُرُّ لِأَنَّهُ كَالْمُدَّةِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ صَهَلَ كَالْفَرَسِ مَثَلًا، فَهُوَ كَالتَّنَحْنُحِ فَيَبْطُلُ، إنْ ظَهَرَ فِيهِ حَرْفَانِ. قَوْلُهُ: (لِلْفَاتِحَةِ) وَكَذَا كُلُّ قَوْلٍ وَاجِبٍ كَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ. قَوْلُهُ: (رَاجِعٌ إلَى التَّنَحْنُحِ) أَيْ لِأَنَّ غَيْرَهُ مِمَّا ذُكِرَ مَعَهُ، لَا تَتَوَقَّفُ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ الْعُذْرُ فِي هَذَا بِقِلَّةٍ، وَلَا بِكَثْرَةٍ بَلْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَإِنْ كَثُرَتْ حُرُوفُهُ، وَيُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ أَيْضًا لِإِخْرَاجِ نُخَامَةٍ خِيفَ مِنْهَا، بُطْلَانُ صَوْمِهِ أَوْ صَلَاتِهِ كَأَنْ حَصَلَتْ فِي حَدِّ الظَّاهِرِ. قَوْلُهُ: (لَا الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ) وَلَوْ لِلْفَاتِحَةِ، وَكَذَا غَيْرُ الْقِرَاءَةِ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالتَّبْلِيغِ، وَإِنْ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ صَلَاةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَصْحِيحُ صَلَاةِ غَيْرِهِ، نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ صَلَاةِ نَفْسِهِ عَلَيْهِ، كَجَهْرِ مُبَلِّغٍ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ سَمَاعُ الْأَرْبَعِينَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ عُذِرَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتُوا إلَخْ) أَيْ فِي السَّعْلَةِ الْوَاحِدَةِ مَثَلًا لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا كَمَا قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَة. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ بَطَلَتْ) وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الصَّلَاةِ بِغَيْرِ طُهْرٍ، أَوْ بِغَيْرِ اسْتِقْبَالٍ أَوْ بِغَيْرِ سُتْرَةٍ،   [حاشية عميرة] مُعَاوِيَةُ بْن الْحَكَمِ الَّذِي تَكَلَّمَ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَمَقَهُ الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ لَهُ حَالَتَانِ عَدَمُ الْعُذْرِ وَقَدْ سَلَفَ، وَحَالَةُ عُذْرٍ وَقَدْ شَرَعَ الْآن فِي بَيَانِهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَ الصَّلَاةِ) وَإِنَّ السَّبْقَ وَالنِّسْيَانَ فِي الْكَثِيرِ نَادِرٌ. قَوْلُهُ: (وَيُصَدَّقُ بِمَا فِي الشَّرْحِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ: الْأَظْهَرُ الْعُرْفُ وَالثَّانِي الْقَدْرُ الْوَاقِعُ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ، وَالثَّالِثُ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ وَنَحْوُهَا، فَحَاوَلَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَدَّ الثَّالِثِ إلَى الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ حَرْفَانِ) مَشَى فِي الْإِرْشَادِ عَلَى اعْتِبَارِ الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ اغْتِفَارَهُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لِلْغَلَبَةِ. قَوْلُهُ: (لِلْجَمِيعِ) أَيْ قَوْلُ الْمَتْنِ وَفِي التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (إقَامَةً لِشِعَارِهِ) قِيلَ يَدْخُلُ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ بَعْضَ السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ احْتَاجَ لِلتَّنَحْنُحِ لِلْجَهْرِ لَا يُعْذَرُ جَزْمًا، لِأَنَّ الشِّعَارَ قَدْ وُجِدَ بِقِرَاءَةِ بَعْضِ السُّورَةِ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتُوا عَنْ ظُهُورِ أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَيْنِ) هُوَ كَمَا قَالَ بِالنَّظَرِ إلَى السَّعْلَةِ الْوَاحِدَةِ مَثَلًا، فَقَدْ رَاجَعْت الرَّوْضَةَ وَأَصْلَهَا فَوَجَدْتهمَا كَذَلِكَ، فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ لِلْغَلَبَةِ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي كُتُبِهِمَا عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، لَكِنْ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّ غَلَبَةَ الْكَلَامِ وَالسُّعَالِ يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْكَثْرَةَ وَالْقِلَّةَ فِي نَفْسِ السُّعَالِ لَا فِي الْأَحْرُفِ الْخَارِجَةِ بِالسَّعْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ الْحَالُ الثَّانِي فِي الْكَلَامِ بِعُذْرٍ، فَمَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 الْخِلَافَ فِي الْيَسِيرِ، وَأَنَّهَا تَبْطُلُ بِالْكَثِيرِ جَزْمًا. (وَلَوْ نَطَقَ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ بِقَصْدِ التَّفْهِيمِ كَ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} [مريم: 12] مُفْهِمًا بِهِ مَنْ يَسْتَأْذِنُ فِي أَخْذِ شَيْءٍ أَنْ يَأْخُذَهُ (إنْ قَصَدَ مَعَهُ) أَيْ التَّفْهِيمَ (قِرَاءَةً لَمْ تَبْطُلْ) كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ. (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ فَقَطْ. (بَطَلَتْ) بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ شَيْئًا فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَبْطُلُ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ كَلَامَ الْآدَمِيِّ، فَلَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ، وَفِي الدَّقَائِقِ وَالتَّحْقِيقِ الْجَزْمُ بِالْبُطْلَانِ (وَلَا تَبْطُلُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ إلَّا أَنْ يُخَاطِبَ) بِهِ (كَقَوْلِهِ لِعَاطِسٍ: رَحِمَك اللَّهُ) فَتَبْطُلُ بِهِ خِلَافٌ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَخِطَابُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا يَضُرُّ كَأَعْلَمُ مِنْ أَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ   [حاشية قليوبي] بِخِلَافِ مَا لَوْ غُصِبَتْ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (بِنَظْمِ الْقُرْآنِ) أَيْ بِصُورَةِ قُرْآنٍ عَلَى نَظْمِهِ الْمَعْرُوفِ، وَزَادَ لَفْظَ نَظْمٍ لِيَصِحَّ التَّقْسِيمُ، وَسَوَاءً ابْتَدَأَ بِهِ أَوْ انْتَهَى فِي قِرَاءَتِهِ إلَيْهِ، أَوْ قَالَهُ تَبَعًا لِإِمَامِهِ أَوْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْإِفْهَامِ، وَمِنْهُ (كهيعص) مَثَلًا وَخَرَجَ بِذَلِكَ نَحْوُ (قِ) ، (ص) (ن) وَنَحْوُ يَا إبْرَاهِيمُ، سَلَامٌ، كُنْ، فَإِنْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ مَعَ كُلٍّ مِنْهَا عَلَى انْفِرَادِهِ، لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ سَوَاءً جَمَعَهَا أَوْ فَرَّقَهَا، وَخَرَجَ نَحْوُ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 277] {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257] فَتَبْطُلُ إنْ تَعَمَّدَ وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. قَالَ الْقَفَّالُ وَيَكْفُرُ إنْ تَعَمَّدَ وَاعْتَقَدَ مَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (إنْ قَصَدَ مَعَهُ) أَيْ التَّفْهِيمَ قِرَاءَةً أَيْ أَوْ ذِكْرٌ، لِأَنَّهُ يَصِحُّ قَصْدُ الذَّكَرِ، بِالْقُرْآنِ لَا عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ شَيْئًا) هَذِهِ مِمَّا يَشْمَلُهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهَا عَنْهُ لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ. قَوْلُهُ: (كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبَ. قَوْلُهُ: (إنَّهَا تَبْطُلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا لَوْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَكُونُ) هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى مَا يُشْبِهُ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْقَرِينَةِ، الصَّارِفَةِ كَقِرَاءَةِ الْجُنُبِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَبْطُلُ بِالذِّكْرِ) وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ حَيْثُ خَلَا عَنْ صَارِفٍ أَوْ قَصَدَهُ، وَلَوْ مَعَ الصَّارِفِ كَمَا مَرَّ فِي الْقُرْآنِ، وَمِنْهُ سُبْحَانَ اللَّهِ فِي التَّنْبِيهِ كَمَا يَأْتِي، وَتَكْبِيرَاتُ الِانْتِقَالَاتِ مِنْ مُبَلِّغٍ أَوْ إمَامٍ جَهَرَا. قَالَ شَيْخُنَا، وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الذِّكْرِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ، وَاكْتَفَى الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ بِقَصْدِ ذَلِكَ، فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ عِنْدَ أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ، وَمِنْهُ اسْتَعَنْت بِاَللَّهِ أَوْ تَوَكَّلْت عَلَى اللَّهِ عِنْدَ سَمَاعِ آيَتِهَا، وَمِنْهُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَشَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ كُلُّ مَا لَفْظُهُ الْخَبَرُ نَحْوُ صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ، أَوْ آمَنْت بِاَللَّهِ عِنْدَ سَمَاعِ الْقِرَاءَةِ، بَلْ قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لَا يَضُرُّ الْإِطْلَاقُ فِي هَذَا، كَمَا فِي نَحْوِ سَجَدْت لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ قَالَ الْغَافِرُ أَوْ السَّلَامُ، فَإِنْ قَصَدَ أَنَّهُ اسْمُ اللَّهِ، أَوْ الذِّكْرُ لَمْ تَبْطُلُ وَإِلَّا بَطَلَتْ. (تَنْبِيهٌ) مِنْ الذِّكْرِ التَّلَفُّظُ بِالْقُرْبَةِ كَنَذْرٍ، وَعِتْقٍ وَوَقْفٍ وَصَدَقَةٍ حَيْثُ خَلَتْ عَنْ خِطَابٍ، وَتَعْلِيقٍ قَالَهُ شَيْخُنَا: كَابْنِ حَجَرٍ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الْبُطْلَانَ فِي غَيْرِ نَذْرِ التَّبَرُّرِ، سَوَاءً قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا، أَوْ نَذْرٌ عَلَيَّ كَذَا، أَوْ نَذَرْت لِلَّهِ كَذَا، وَلَا يَتَقَيَّدُ مَا ذُكِرَ بِالْكَلَامِ الْقَلِيلِ. قَوْلُهُ: (وَالدُّعَاءُ) غَيْرُ الْمُحَرَّمِ وَلَوْ مَنْظُومًا خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، أَوْ مُسَجَّعًا أَوْ مُسْتَحِيلًا خِلَافًا لِلْعَبَّادِيِّ، لِعَدَمِ حُرْمَتِهِ، وَلِأَنَّهُ مِنْ التَّمَنِّي أَوْ ضِمْنِيًّا نَحْوُ أَنَا الْمُذْنِبُ كَمْ أَحْسَنْت إلَيَّ، وَأَسَأْت وَلَوْ قَالَ النِّعْمَةُ أَوْ الْعَافِيَةُ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الدُّعَاءَ بَطَلَتْ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُخَاطِبَ بِهِ) أَيْ بِالذِّكْرِ أَوْ الدُّعَاءِ، وَلَوْ لِغَيْرِ عَاقِلٍ كَقَوْلِهِ لِلْقَمَرِ رَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ، وَمَا وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَإِبْلِيسَ فِي الصَّلَاةِ: أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللَّهِ» ، فَلَعَلَّهُ كَانَ سَهْوًا أَوْ قِيلَ وُرُودُ الْمَنْعِ أَوْ مَرْوِيٌّ بِالْحِكَايَةِ، وَتَقَدَّمَ جَوَازُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لِلْمَأْثُورِ دُونَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَرَسُولُهُ) أَيْ لَا تَبْطُلُ بِخِطَابِ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، عِنْدَ سَمَاعِ ذِكْرِهِ كَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْك يَا مُحَمَّدُ. (تَنْبِيهٌ) يُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ إجَابَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ بِكَثِيرِ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ، وَلَوْ مَعَ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ حَيْثُ، لَمْ تَزِدْ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ كَخِطَابِهِ، وَالْمُرَادُ بِهَا جَوَابُ كَلَامِهِ، وَلَوْ بِلَا مُنَادَاةٍ فَلَوْ ابْتَدَأَهُ الْمُصَلِّي، بِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِذَا تَمَّتْ الْإِجَابَةُ بِالْفِعْلِ أَتَمَّ صَلَاتَهُ مَكَانَهُ، وَسُئِلَ شَيْخُنَا عَمَّا لَوْ كَانَ الْمُجِيبُ إمَامًا، وَلَزِمَ تَأَخُّرُهُ عَنْ الْقَوْمِ أَوْ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِمْ، بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثمِائَةِ ذِرَاعٍ، هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ حَالًا، أَوْ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِالْمُبْطِلِ، أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِجَابَةِ، أَوْ يُغْتَفَرُ لَهُ عَوْدُهُ إلَى مَحَلِّهِ الْأَوَّلِ، أَوْ لَهُمْ مُتَابَعَتُهُ فِي مَحَلِّهِ الْآنَ، كَشِدَّةِ الْخَوْفِ، فَقَالَ: سُئِلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ: بِأَنَّ   [حاشية عميرة] إلَى الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، أَوْ غَلَبَهُ الضَّحِكُ أَوْ السُّعَالُ فَبَانَ مِنْهُ حَرْفَانِ أَوْ تَكَلَّمَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا تَحْرِيمُ الْكَلَامِ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ تَبْطُلْ، وَإِنْ كَثُرَ بَطَلَتْ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ. وَهُوَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ يُورَثُ نَظَرًا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَسَكَتُوا. قَوْلُهُ: (وَهَذَا) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ كَالنَّاسِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ نَطَقَ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الْقُرْآنِ، وَالذِّكْرِ قَدْ يَلْحَقُ بِالْكَلَامِ الْمُضِرِّ لِعَارِضٍ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ) عَلَّلَهُ غَيْرُهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى التَّسْبِيحِ الْوَارِدِ فِي الْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَخِطَابُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا يَضُرُّ) لَا تَبْطُلُ بِإِجَابَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 وَمِنْ التَّشَهُّدِ. (وَلَوْ سَكَتَ طَوِيلًا) عَمْدًا (بِلَا غَرَضٍ لَمْ تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ السُّكُوتَ لَا يَخْرِمُ هَيْئَةَ الصَّلَاةِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: هَذَا السُّكُوتُ مُشْعِرٌ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا، أَمَّا السُّكُوتُ الْيَسِيرُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ جَزْمًا، وَكَذَا الطَّوِيلُ نَاسِيًا، أَوْ لِغَرَضٍ كَتَذَكُّرِ مَا نَسِيَهُ، وَقِيلَ فِي كُلِّ وَجْهَانِ، لَكِنَّهُمَا فِي الْأَوَّلِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ عَمْدَهُ مُبْطِلٌ، وَسَيَأْتِي فِي بَابٍ يَلِي هَذَا أَنَّ تَطْوِيلَ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ بِسُكُوتٍ يُبْطِلُ عَمْدُهُ فِي الْأَصَحِّ لِإِخْلَالِهِ بِالْمُوَالَاةِ. (وَيُسَنُّ لِمَنْ نَابَهُ شَيْءٌ) فِي صَلَاتِهِ (كَتَنْبِيهِ إمَامِهِ) عَلَى سَهْوٍ (وَإِذْنِهِ لِدَاخِلٍ) أَيْ لِمُسْتَأْذِنٍ فِي الدُّخُولِ (وَإِنْذَارِهِ أَعْمَى) أَنْ يَقَعَ فِي بِئْرٍ مَثَلًا (أَنْ يُسَبِّحَ) الرَّجُلُ أَيْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ. (وَتُصَفِّقُ الْمَرْأَةُ بِضَرْبِ) بَطْنِ (الْيَمِينِ عَلَى ظَهْرِ الْيَسَارِ) فَلَوْ ضَرَبَتْ عَلَى بَطْنِهَا عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ بَطَلَتْ صَلَاتُهَا وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لِمُنَافَاةِ اللَّعِبِ لِلصَّلَاةِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» (وَلَوْ فَعَلَ فِي صَلَاتِهِ غَيْرَهَا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهَا) كَزِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ (بَطَلَتْ) لِتَلَاعُبِهِ بِهَا (إلَّا أَنْ يَنْسَى) أَنَّهُ فَعَلَ مِثْلَهُ فَلَا تَبْطُلُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يُعِدْهَا؛ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ اقْتَدَى فِي حَالِ سُجُودِ الْإِمَامِ مَثَلًا وَجَبَتْ مُتَابَعَتُهُ فِيهِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابٍ يَلِي هَذَا أَنَّهُ لَوْ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا عَمْدًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ فِي الْأَصَحِّ وَكَذَا لَوْ قَالَ مَرَّتَيْنِ لَمْ تَبْطُلْ   [حاشية قليوبي] الْقَلْبَ إلَى الْأَوَّلِ أَمْيَلُ، وَفِيهِ بُعْدٌ، وَالْوَجْهُ الْمَيْلُ إلَى الثَّانِي، إلَّا إنْ كَانَ هُوَ الْمُرَادَ مِنْ كَلَامِهِ، أَمَّا غَيْرُ نَبِيِّنَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، فَتَجِبُ إجَابَتُهُمْ بِالْقَوْلِ، أَوْ الْفِعْلِ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، وَلَوْ فِي الْفَرْضِ، وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَخِطَابِهِمْ أَيْضًا، وَنُقِلَ عَنْ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، أَنَّ إجَابَتَهُمْ مَنْدُوبَةٌ، وَضُعِّفَ وَأَمَّا إجَابَةُ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ فَحَرَامٌ فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا، وَمَكْرُوهَةٌ فِي النَّفْلِ إلَّا لِوَالِدٍ، وَلَوْ أُنْثَى أَوْ بَعِيدًا إنْ شُقَّ عَلَيْهِ عَدَمُ الْإِجَابَةِ، فَلَا تُكْرَهُ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ فِي الْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَكَتَ طَوِيلًا) وَلَوْ عَمْدًا بِلَا قَصْدِ قَطْعٍ لَمْ تَبْطُلْ وَمِثْلُهُ نَوْمٌ مُمْكِنٌ، وَلَوْ فِي رُكْنٍ قَصِيرٍ، إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْهُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ إلَخْ) الْمَعْنَى أَنَّ التَّسْبِيحَ لِلرَّجُلِ، وَالتَّصْفِيقَ لِلْأُنْثَى بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ، عِنْدَ التَّنْبِيهِ مَنْدُوبٌ، وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى فَلَوْ فَعَلَا ذَلِكَ لَا لِعَارِضٍ، أَوْ صَفَّقَ الرَّجُلُ مُطْلَقًا، أَوْ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ، أَوْ سَبَّحَتْ حَصَلَتْ سُنَّةُ التَّنْبِيهِ، وَإِنْ كُرِهَ مِنْ حَيْثُ الْمُخَالَفَةِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ، وَالتَّنْبِيهُ فِي نَحْوِ إنْذَارِ الْأَعْمَى وَاجِبٌ، فَلَوْ تَوَقَّفَ عَلَى مَشْيٍ أَوْ كَلَامٍ مُبْطِلٍ، وَجَبَ، وَبَطَلَتْ بِهِ، وَلَا بُدَّ فِي التَّسْبِيحِ مِنْ قَصْدِ الذِّكْرِ، وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَضُرُّ فِي التَّصْفِيقِ قَصْدُ الْإِعْلَامِ، وَلَا تَوَالِيهِ وَلَا زِيَادَتِهِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ بُعْدُ إحْدَى الْيَدَيْنِ، عَنْ الْأُخْرَى وَعَوْدِهَا إلَيْهَا، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيُصَرِّحُ بِهِ التَّعَلُّلُ، بِأَنَّهُ فِعْلٌ خَفِيفٌ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ دَفْعَ الْمَارِّ الْآتِي. قَوْلُهُ: (بِضَرْبِ بَطْنِ الْيَمِينِ عَلَى ظَهْرِ الْيَسَارِ) أَوْ عَكْسِهِ أَوْ ضَرْبِ ظَهْرٍ عَلَى ظَهْرٍ أَوْ بَطْنٍ عَلَى بَطْنٍ، وَكُلُّ يَدٍ مِنْهُمَا إمَّا ضَارِبَةٌ أَوْ مَضْرُوبَةٌ، فَالْكَيْفِيَّاتُ ثَمَانِيَةٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ) أَيْ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، فَلَا يَضُرُّ قَصْدُ اللَّعِبِ مَعَ غَيْرِهِ، كَمَا فِي الذِّكْرِ فَرَاجِعْهُ وَخُصَّتْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ بِذَلِكَ، لِغَلَبَتِهِ فِيهَا فَغَيْرُهَا كَذَلِكَ، وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ خَفِيفٍ كَرَفْعِ الْأُصْبُعِ الْوُسْطَى، بِقَصْدِ الْفَاحِشَةِ. (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يُكْرَهُ التَّصْفِيقُ خَارِجَ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا، وَلَوْ بِضَرْبِ بَطْنٍ عَلَى بَطْنٍ، وَبِقَصْدِ اللَّعِبِ، وَمَعَ بُعْدِ إحْدَى الْيَدَيْنِ عَنْ الْأُخْرَى. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنَّهُ حَرَامٌ بِقَصْدِ اللَّعِبِ، وَكَتَصْفِيقٍ فِيمَا ذُكِرَ ضَرْبُ الصَّبِيِّ عَلَى بَعْضِهِ، أَوْ بِنَحْوِ قَضِيبٍ أَوْ ضَرْبٍ خَشَبٍ عَلَى مِثْلِهِ، حَيْثُ حَصَلَ بِهِ الطَّرَبُ. قَوْلُهُ: (كَزِيَادَةِ رُكُوعٍ) أَيْ صُورَتِهِ لِغَيْرِ مُقْتَضًّ، فَلَا يَضُرُّ وُجُودُهُ لِنَحْوِ مَنْدُوبٍ كَقَتْلِ حَيَّةٍ صَالَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَثُرَ أَيْ مَا لَمْ يَتَوَالَ كَمَا يَأْتِي، وَلَا فِي نَحْوِ هُوِيِّهِ لِسُجُودٍ، وَلَوْ لِتِلَاوَةٍ، وَإِنْ قَطَعَهُ لِتَرْكِهِ، وَلَا فِي قِيَامِهِ مِنْهُ، وَلَا فِي قِيَامِهِ عَنْ الْجُلُوسِ، وَلَا فِي تَوَرُّكِهِ أَوْ افْتِرَاشِهِ فِي التَّشَهُّدِ، خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ اقْتَدَى إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَجَبَتْ مُتَابَعَتُهُ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ السَّجْدَةِ، أَوْ أَحْدَثَ قَبْلَ شُرُوعِ الْمَأْمُومِ فِيهَا، امْتَنَعَ عَلَيْهِ فِعْلُهَا فِيهِمَا، فَإِنْ فَعَلَهَا عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.   [حاشية عميرة] النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَذَا إجَابَتُهُ بِالْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَوَّلِ) هُوَ الطَّوِيلُ نَاسِيًا قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ لِمَنْ نَابَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْكِتَابِ تَقْضِي أَنَّ الْخُنْثَى يُسَبِّحُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ السُّنَّةُ فِي حَقِّهِ التَّصْفِيقُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الْفُتُوحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَتَنْبِيهِ إمَامِهِ) مِثْلُ ذَلِكَ إعْلَامُ غَيْرِهِ بِأَمْرِ مَا أَرَادَ الْمُصَلِّي إعْلَامَهُ بِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْذَارُهُ أَعْمَى إلَخْ) الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِ الْكِتَابِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ حُكْمِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَلَا يُنَافِي كَوْنَ الْإِنْذَارِ وَاجِبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يُسَبِّحَ) . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هُوَ مَنْدُوبٌ إذَا كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 عَلَى النَّصِّ، وَعَنْ ذَلِكَ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَعَلَ دُونَ أَتَى. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهَا كَالْمَشْيِ وَالضَّرْبِ. (فَتَبْطُلُ بِكَثِيرِهِ لَا قَلِيلِهِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ، فَكَانَ إذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ أَنَّهُ يُعْذَرُ فِيهَا فِي الْكَثِيرِ لِحَاجَةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقَلِيلِ الْأَكْلُ فَتَبْطُلُ بِهِ لِمَا سَيَأْتِي. (وَالْكَثْرَةُ) وَالْقِلَّةُ (بِالْعُرْفِ فَالْخُطْوَتَانِ أَوْ الضَّرْبَتَانِ قَلِيلٌ وَالثَّلَاثُ) مِنْ ذَلِكَ (كَثِيرٌ إنْ تَوَالَتْ) لَا إنْ تَفَرَّقَتْ بِأَنْ تُمَدَّ الثَّانِيَةُ مَثَلًا مُنْقَطِعَةً عَنْ الْأُولَى عَادَةً. (وَتَبْطُلُ بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ) قَطْعًا كَمَا قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلْحَاقًا لَهَا بِالْكَثِيرِ (لَا الْحَرَكَاتِ الْخَفِيفَةِ الْمُتَوَالِيَةِ كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ فِي سُبْحَةٍ أَوْ حَكٍّ فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لَهَا بِالْقَلِيلِ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى كَثْرَتِهَا (وَسَهْوُ الْفِعْلِ) الْكَثِيرِ (كَعَمْدِهِ) فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَهَا، وَالثَّانِي وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ كَعَمْدِ قَلِيلِهِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ، وَجَهْلُ التَّحْرِيمِ كَالسَّهْوِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي. (وَتَبْطُلُ بِقَلِيلِ الْأَكْلِ) لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا (قُلْت إلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا تَحْرِيمَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا تَبْطُلُ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الشَّرْحِ بِخِلَافِ كَثِيرِهِ، فَتَبْطُلُ بِهِ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ) لَوْ رَفَعَ الْمُصَلِّي رَأْسَهُ عَنْ مَحَلِّ سُجُودِهِ لِنَحْوِ خُشُونَتِهِ، أَوْ نَقَلَ جَبْهَتَهُ لِمَحَلٍّ آخَرَ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَمَامِ السُّجُودِ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (بِكَثِيرِهِ) أَيْ يَقِينًا وَلَوْ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ تَمَامِهَا، لِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِهَا. نَعَمْ إنْ عُذِرَ فِي الْكَثِيرِ لِنَحْوِ جَرَبٍ، أَوْ حَكَّةٍ أَوْ قُمَّلٍ لَمْ يَضُرَّ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ الْفِعْلِ، فَلَيْسَ مِمَّا يَأْتِي أَوْ مِنْ الْمَأْكُولِ فَلَيْسَ مِمَّا هُنَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَالْخُطْوَتَانِ) مُثَنَّى خُطْوَةٍ وَإِنْ اتَّسَعَتْ جَدًّا حَيْثُ خَلَتْ عَنْ الْوَثْبَةِ، وَهِيَ بِفَتْحِ الْخَاءِ، نَقْلُ الْقَدَمِ عَنْ مَحَلِّهِ سَوَاءً أَعَادَهُ إلَى مَحَلِّهِ أَوْ غَيَّرَهُ، فَإِنْ أَعَادَهُ لِذَلِكَ بَعْدَ سُكُونِهِ فَخُطْوَةُ ثَانِيَةٌ، وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ، وَبِضَمِّهَا مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ، وَذَهَابُ الْيَدِ وَعَوْدِهَا كَالرِّجْلِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ شَأْنَ الْيَدِ الْعَوْدُ إلَى مَحَلِّهَا، بِخِلَافِ الرِّجْلِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (وَالثَّلَاثُ كَثِيرٌ) فَتَبْطُلُ بِفِعْلِهَا أَوْ بِالشُّرُوعِ فِيهَا بَعْدَ قَصْدِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِعُضْوٍ أَوْ أَعْضَاءٍ، كَيَدَيْهِ وَرَأْسِهِ مَعًا أَوْ مُتَوَالِيَةً، وَسَوَاءٌ كَانَتْ لِعُذْرٍ، كَقَتْلِ حَيَّةٍ صَالَتْ عَلَيْهِ، أَوْ دَفْعِ مَارٍّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (الْفَاحِشَةُ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِأَنَّ الْوَثْبَةَ لَا تَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ، فَتَبْطُلُ بِهَا وَلَوْ لِعُذْرٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ) أَيْ مَعَ قَرَارِ سَاعِدِهِ وَرَاحَتِهِ، وَهِيَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ مَعَ قَرَارِ كَفِّهِ، لِأَنَّ الْأَصَابِعَ بَعْضُ الْكَفِّ بَلْ الْوَجْهُ، الِاكْتِفَاءُ بِقَرَارِ سَاعِدِهِ فَقَطْ، فَرَاجِعْهُ وَكَالْأَصَابِعِ آذَانُهُ وَأَجْفَانُهُ وَحَوَاجِبُهُ وَلِسَانُهُ وَشَفَتَاهُ، وَذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ. قَوْلُهُ: (فِي سَبْحَةٍ) أَوْ لِحَلِّ عَقْدٍ أَوْ عَبَثًا لَا بِقَصْدِ لَعِبٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ) وَقَالُوا: لِأَنَّ الْفِعْلَ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ، بِدَلِيلِ نُفُوذِ اسْتِيلَادِ السَّفِيهِ دُونَ إعْتَاقِهِ، لَا يُقَالُ قَدْ اُغْتُفِرَ هُنَا قَلِيلُ الْفِعْلِ عَمْدًا، لِأَنَّهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (بِقَلِيلِ الْأَكْلِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ الْمَأْكُولِ وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مُفْطِرٍ فَيَشْمَلُ الْمَشْرُوبَ وَغَيْرَهُ، وَلَوْ بِإِدْخَالِ نَحْوِ عُودٍ فِي أُذُنِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ جَاهِلًا) أَيْ مَعْذُورًا. كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَبْطُلُ   [حاشية عميرة] التَّنْبِيهُ قُرْبَةً وَمُبَاحٌ إذَا كَانَ مُبَاحًا، قَالَ غَيْرُهُ: وَوَاجِبٌ إذَا كَانَ وَاجِبًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْفَتْحُ عَلَى الْإِمَامِ فِيهِ تَفْصِيلُ الْقِرَاءَةِ السَّابِقَةِ اهـ. بِمَعْنَاهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِكَثِيرِهِ لَا قَلِيلِهِ) وَجْهُ ذَلِكَ بَعْدَ كَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ أَنَّ الْمُصَلِّي يَعْسُرُ عَلَيْهِ السُّكُونُ عَلَى هَيْئَةٍ وَاحِدَةٍ فِي زَمَانٍ طَوِيلٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ التَّعْظِيمِ فَعُفِيَ عَنْ الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُخِلُّ بِالتَّعْظِيمِ دُونَ الْكَثِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْخُطْوَتَانِ) الْخُطْوَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَبِالضَّمِّ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ تَوَالَتْ) أَيْ وَلَوْ مِنْ أَجْنَاسٍ كَخُطْوَةٍ وَضَرْبَةٍ وَخَلْعِ نَعْلٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي سُبْحَةٍ) مِثْلُهُ مَا لَوْ حَرَّكَهَا فِي عَقْدِ شَيْءٍ أَوْ حَلِّهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَوْ لِغَيْرِ سَبَبٍ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَخْ) أَيْ وَعَلَيْهِ يَكُونُ ذَهَابُ الْأُصْبُعِ وَجَذْبُهَا حَرَكَةً وَاحِدَةً. قَوْلُهُ: (الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ) يَعْنِي أَنَّ الْجُمْهُورَ اقْتَصَرُوا عَلَى حُكْمِ الْبُطْلَانِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْوَجْهَ الْآخَرَ، وَلِهَذَا كَانَ الْأَصَحُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَةً لِلْقَطْعِ بِالْبُطْلَانِ لِأَنَّهُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ الْفِعْلَ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ بِدَلِيلِ نُفُوذِ إحْبَالِ السَّفِيهِ دُونَ إعْتَاقِهِ، وَقَالُوا: وَلَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِقَلِيلِ الْكَلَامِ الْعَمْدِ دُونَ قَلِيلِ الْفِعْلِ الْعَمْدِ لِأَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ الْفِعْلِ يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ) صَحَّحَهُ أَيْضًا فِي التَّتِمَّةِ وَهُوَ قَوِيٌّ يَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي) الَّذِي سَيَأْتِي هُوَ قَوْلُهُ مَعَ النِّسْيَانِ أَوْ جَهْلِ التَّحْرِيمِ. قَوْلُهُ: (لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا) أَيْ فَلَيْسَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَفْعَالِ وَمِثْلُ الْأَكْلِ سَائِرُ مَا يُفْطِرُ الصَّائِمَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 مَعَ النِّسْيَانِ أَوْ جَهْلِ التَّحْرِيمِ فِي الْأَصَحِّ وَالْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ بِالْعُرْفِ. (فَلَوْ كَانَ بِفَمِهِ سُكَّرَةٌ) فَذَابَتْ (فَبَلِعَ) بِكَسْرِ اللَّامِ (ذَوْبَهَا بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْأَكْلِ وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ لِعَدَمِ الْمَضْغِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ سُكَّرَةٌ تَذُوبُ وَتَسُوغُ أَيْ تَنْزِلُ إلَى الْجَوْفِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى الْبَلْعِ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي التَّفْرِيعِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ تَعْبِيرِ الْغَزَالِيِّ بِامْتِصَاصِهَا. (وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) إذَا تَوَجَّهَ (إلَى جِدَارٍ أَوْ سَارِيَةٍ) أَيْ عَمُودٍ. (أَوْ عَصًا مَغْرُوزَةٍ أَوْ بَسَطَ مُصَلَّى) كَسَجَّادَةٍ بِفَتْحِ السِّينِ (أَوْ خَطَّ قُبَالَتَهُ) أَيْ تُجَاهَهُ خَطًّا طُولًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. (دَفْعُ الْمَارِّ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِ الْمَذْكُورَاتِ الْمُرَادِ   [حاشية قليوبي] بِهِ) أَيْ بِقَلِيلٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَمَحَلُّهُ، إنْ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى مَضْغٍ كَثِيرٍ، لِأَنَّهُ مِنْ الْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ فِي الْأَصَحِّ) . قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَة، قَدْ اُعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِتَصْحِيحِ طَرِيقِ الْقَطْعِ فِي كَثِيرِ الْفِعْلِ، سَهْوًا مَعَ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِهِ، وَعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ الْأَكْلِ انْتَهَى. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا اُعْتُبِرَ هُنَا الْمُفْطِرُ، وَكَثِيرُ الْأَكْلِ نَاسِيًا غَيْرَ مُفْطِرٍ، فَكَانَ قِيَاسُهُ أَنْ لَا تَبْطُلَ بِهِ الصَّلَاةُ، فَلَا يُقَالُ بِالْقَطْعِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَعَدَلَ إلَخْ) . قَالَ بَعْضُهُمْ الْوَجْهُ إسْقَاطُ هَذَا، لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَكْلِ فِيمَا ذُكِرَ الْفِعْلُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ. نَعَمْ فِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافِ مُرَكَّبٌ مِنْهُمَا مَعًا فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ مَعَ حُرْمَةِ الْمُرُورِ مُرَاعَاةً لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ مِنْ طَلَبِ الْخُشُوعِ، وَعَدَمِ الْحَرَكَةِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (لِلْمُصَلِّي) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَقَدَّمَ هَذَا عَلَى النَّفْلِ لِمَا سَيَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ، وَمِثْلُ الْمُصَلِّي مَنْ أَحْرَمَ بِسُجُودِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ، وَيُسَنُّ الدَّفْعُ لِغَيْرِ الْمُصَلَّى عَنْهُ، لِأَنَّ حِكْمَتَهُ الْأَصْلِيَّةُ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ وَتَشْوِيشُ الْخُشُوعِ. قَوْلُهُ: (إذَا تَوَجَّهَ) قَدَّرَ تَوَجَّهَ لِيَصِحَّ عَطْفُ بَسَطَ، وَخَطَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّرَ إذْ الدَّفْعُ تُوهِمُ أَنَّ تَوَجُّهَ مَصْدَرُ نَائِبِ الْفَاعِلِ، فَيَتَكَرَّرُ مَعَ مَا بِعَهْدٍ، وَلِإِفَادَةِ شَرْطِيَّةِ الدَّفْعِ، وَاخْتِصَاصِهِ بِوَقْتِ وُجُودِ السُّتْرَةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ، أَوْ بَعْضِهَا سَوَاءً وَضَعَهَا الْمُصَلِّي أَوْ غَيْرُهُ، وَلَوْ نَحْوَ رِيحٍ وَلَوْ مَغْصُوبَةً أَوْ ذَاتَ أَعْلَامٍ، أَوْ مُتَنَجِّسَةً أَوْ نَجِسَةً، لِأَنَّ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَاهَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ. نَعَمْ لَا تُعْتَبَرُ سُتْرَةٌ فِي مَحَلٍّ مَغْصُوبٍ لِأَنَّهُ لَا قَرَارَ لَهَا وَدَخَلَ فِيهَا مَا لَوْ كَانَتْ حَيَوَانًا وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ، وَمِنْهُ الصُّفُوفُ وَالْجِنَازَةُ، وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَعَلَيْهِ حَدِيثُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَعْتَرِضُ رَاحِلَتَهُ فَيُصَلِّي إلَيْهَا» ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ الْحَيَوَانُ سُتْرَةً، بَلْ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تُنَافِي اعْتِبَارَ السُّتْرَةِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى جِدَارٍ أَوْ سَارِيَةٍ) وَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ فَ (أَوْ) فِيهِمَا لِلتَّخْيِيرِ وَفِيمَا بَعْدَهُمَا لِلتَّنْوِيعِ، فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى مَرْتَبَةٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَإِلَّا لَمْ يُعْتَبَرْ حُكْمُهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (عَصَا) وَمِثْلُهَا رُمْحٌ وَنُشَّابَةٌ وَغَيْرُهُمَا. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْفَرَّاءُ: أَوَّلُ شَيْءٍ سُمِعَ مِنْ اللَّحْنِ: هَذِهِ عَصَاتِي، وَإِنَّمَا هِيَ عَصَايَ كَمَا فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ. قَوْلُهُ: (كَسَجَّادَةٍ) وَمِثْلُهَا مَتَاعٌ أَوْ تُرَابٌ جَمَعَهُ، وَلَا يَقْدَحُ فِي اعْتِبَارِ السَّجَّادَةِ إمْكَانُ جَمْعِهَا كَالْمَتَاعِ، وَلَا كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا أَوْ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ ذَاتَ أَعْلَامٍ، وَكَذَا نَحْوُ الْجِدَارِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ تُجَاهُهُ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِقُبَالَتِهِ مِنْ حَيْثُ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ، وَلَيْسَ مُعْتَبَرًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (طُولًا) أَيْ فِيمَا بَيْنَ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَمَوْقِفِ الْمُصَلِّي، لَا عَرْضًا بَيْنَ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ، خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ حَجَرٍ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مُوَافَقَةُ ابْنِ حَجَرٍ، فِي أَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ تَحْصُلُ فِي الْعَرْضِ أَيْضًا، وَيَظْهَرُ بَقَاءُ طَلَبِ الدَّفْعِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (دَفْعُ الْمَارِّ) أَيْ   [حاشية عميرة] الْإِمْسَاكَ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ شَرْطٌ كَمَا يُشْتَرَطُ تَرْكُ الْأَفْعَالِ وَتَرْكُ الْكَلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) اُعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِتَصْحِيحِ طَرِيقِ الْقَطْعِ فِي الْفِعْلِ الْكَثِيرِ سَهْوًا مَعَ أَنَّ قَلِيلَ الْأَكْلِ مُضِرٌّ بِخِلَافِ قَلِيلِ الْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ) اعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْإِبْطَالِ بِالْأَكْلِ فَقِيلَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ، وَقِيلَ لِوُجُودِ الْمُفْطِرِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا الْوَجْهَانِ فِي مَسْأَلَةِ السُّكَّرَةِ إذَا وَصَلَتْ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ (تَنْبِيهٌ) لَوْ نَزَلَتْ نُخَامَةٌ مِنْ رَأْسِهِ وَتَعَارَضَ بَلْعُهَا مَعَ ظُهُورِ حَرْفَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي قَطْعِهَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْطَعُهَا وَيُغْتَفَرُ ظُهُورُ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (إذَا تَوَجَّهَ) تَقْدِيرٌ لِصِحَّةِ عَطْفِ بَسَطَ وَخَطَّ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا مِنْ الْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ أَوْ الْمَوْصُوفِ بِهَا لِأَنَّ لَامَ الْمُصَلِّي لِلْجِنْسِ، فَتَكُونُ الْحَالِيَّةُ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ وَالْوَصْفِيَّةُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ سَارِيَةٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ ظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ اسْتِوَاءُ الْجَمِيعِ فِي الرُّتْبَةِ لِأَنَّ غَرَضَهُ بَيَانُ حُكْمِ دَفْعِ الْمَارِّ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَالْكُلُّ سَوَاءٌ فِي تَمَكُّنِ الْمُصَلِّي مِنْ الدَّفْعِ، وَأَمَّا بَيَانُ حُكْمِ الصَّلَاةِ إلَيْهَا فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ. نَعَمْ فِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَى سِنِّ الصَّلَاةِ إلَيْهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ عَصًا) . قَالَ الْفَرَّاءُ: أَوَّلُ لَحْنٍ سُمِعَ هَذِهِ عَصَاتِي، وَإِنَّمَا هِيَ كَمَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى " عَصَايَ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 بِالْمُصَلِّي مِنْهَا أَعْلَاهُ إذَا لَمْ يَزِدْ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ هُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى، وَأَلْحَقَ بِهَا الْبَاقِيَانِ لِاشْتِرَاكِ الْخَمْسَةِ فِي سِنِّ الصَّلَاةِ إلَيْهَا الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ سِنُّ الدَّفْعِ، وَقَوْلُهُ: بَيْنَ يَدَيْهِ، أَيْ أَمَامَهُ إلَى السُّتْرَةِ الَّتِي هِيَ غَايَةُ إمْكَانِ سُجُودِهِ الْمُقَدَّرِ بِالثَّلَاثَةِ أَذْرُعٍ. (وَالصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ سِنِّ الدَّفْعِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ هُوَ بَعْدَ حَمْلِهِ عَلَى الْمُصَلِّي إلَى سُتْرَةٍ مُحْتَمِلٌ لِلْكَرَاهَةِ الْمُقَابِلَةِ لِلصَّحِيحِ وَظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ نَصًّا رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ مِنْ الْإِثْمِ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ، وَلَوْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ سُتْرَةٍ أَوْ تَبَاعَدَ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهُ الدَّفْعُ لِتَقْصِيرِهِ، وَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَفِيهَا إذَا صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَجْعَلَهَا مُقَابِلَةً لِيَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ وَلَا يَصْمُدُ لَهَا بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ لَا يَجْعَلُهَا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَهِيَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ ثُلُثَا ذِرَاعٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْخَطُّ كَذَلِكَ وَسَنُّ الصَّلَاةِ إلَيْهَا الْمُشَارُ إلَيْهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ دَلِيلُهُ الِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ فِي الْجِدَارِ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفِي الْأُسْطُوَانَةِ وَالْعَنَزَةِ أَيْ الْعَمُودِ وَالْحَرْبَةِ الشَّيْخَانِ وَالْمُصَلَّى قِيسَ عَلَى الْخَطِّ   [حاشية قليوبي] بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ، لِأَنَّهُ صَائِلٌ، بِأَفْعَالٍ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالتَّلَفِ وَدَخَلَ فِي الْمَارِّ مَا لَوْ كَانَ غَيْرَ عَاقِلٍ، وَلَوْ حَامِلًا أَوْ رَقِيقًا، أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَوْ آدَمِيَّةً حَامِلًا. قَوْلُهُ: (الْمُرَادُ بِالْمُصَلَّى) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ مَا يُصَلَّى عَلَيْهِ أَوْ أَمَامَهُ. قَوْلُهُ: (أَعْلَاهُ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَمِثْلُهُ الْخَطُّ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَزِدْ مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ أَحَدِ الْمَذْكُورَاتِ، الْجِدَارِ وَالسَّارِيَةِ، وَالْعَصَا بِاعْتِبَارِ أَسْفَلِهَا، وَالْمُصَلَّى وَالْخَطِّ، بِاعْتِبَارِ أَعْلَاهُمَا كَمَا مَرَّ. وَبَيْنَ الْمُصَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ، بِمَا فِي التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ، فَفِي الْقَائِمِ قَدَمَاهُ، وَفِي الْقَاعِدِ أَلْيَاهُ، وَفِي الْمُضْطَجِعِ جَنْبُهُ، وَفِي الْمُسْتَلْقِي رَأْسُهُ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا فِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، مِمَّا يُوهَمُ الْمُخَالَفَةَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ، وَاعْتَبَرَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ فِي الْقَاعِدِ رُكْبَتَيْهِ، وَفِي الْمُسْتَلْقِي قَدَمَيْهِ، وَلَهُ وَجْهٌ إذَا كَانَ طُولُ الْمُصَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ، ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ فَأَكْثَرَ، وَانْظُرْ مَا حُكْمُهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ طُولَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ) لَعَلَّ الْمَعْنَى مَا يَمْنَعُ النَّاسَ شَرْعًا مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ. وَالْمُرَادُ بِأَرَادَ أَنْ يَمُرَّ، أَيْ يَشْرَعَ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَلْيَدْفَعْهُ) وَفِي رِوَايَةٍ «فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» بِمَعْنَى أَنَّهُ شَيْطَانُ الْإِنْسِ، أَوْ مَعَهُ شَيْطَانٌ مِنْ الْجِنِّ يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ، وَصَرْفُ الْأَمْرِ عَنْ الْوُجُوبِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَأُلْحِقَ بِهَا الْبَاقِيَانِ) وَهُمَا الْمُصَلَّى وَالْخَطُّ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ فِيهِمَا إنَّمَا تَحْصُلُ، بِتَخَطِّيهِمَا أَوْ مِنْ أَسْفَلِهِمَا أَوْ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِمَا، إذَا كَانَا عَنْ يَمِينِ الْمُصَلِّي أَوْ شِمَالِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَى السُّتْرَةِ الَّتِي هِيَ عَلَيْهِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَتَحْرِيمُ الْمُرُورِ) أَيْ عَلَى الْعَامِدِ الْعَالِمِ الْمُكَلَّفِ الْمُعْتَقِدِ لِلْحُرْمَةِ، وَإِنْ زَالَتْ السُّتْرَةُ كَمَا مَرَّ. وَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ تَمْكِينُ مُوَلِّيه غَيْرِ الْمُكَلَّفِ مِنْ الْمُرُورِ. نَعَمْ إنْ قَصَّرَ الْمُصَلِّي بِوُقُوفِهِ فِي مَحِلِّ الْمُرُورِ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ وَلَا يُسَنُّ الدَّفْعُ. قَوْلُهُ: (أَرْبَعِينَ) فِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ «أَرْبَعِينَ خَرِيفًا» أَيْ عَامًا. قَوْلُهُ: (ظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ) أَيْ مَنْ لُفِظَ عَلَيْهِ، فَقُدِّمَ عَلَى النَّدْبِ وَعَلَيْهِ، فَالدَّفْعُ أَخَفُّ لِأَنَّهُ كَالتَّنْبِيهِ. قَوْلُهُ: (رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ كَابْنِ حَجَرٍ، إنَّ لَفْظَةَ مِنْ الْإِثْمِ لَمْ تُوجَدْ فِي رِوَايَةٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَبَاعَدَ عَنْهَا) وَمِنْ التَّبَاعُدِ مُجَاوَزَةُ أَعْلَى الْمُصَلِّي، أَوْ الْخَطُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مِنْ مَوْقِفِ الْمُصَلِّي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طُولُهُمَا ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ. قَوْلُهُ: (إلَى سُتْرَةٍ) خَرَجَ الْمُصَلِّي عَلَى سُتْرَةٍ، كَالسَّجَّادَةِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لَا إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِيَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ) ظَاهِرُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْفَضِيلَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُصْمَدَ إلَيْهَا إلَّا فِي نَحْوِ جِدَارٍ عَرِيضٍ يَعْسُرُ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَا يَخْرُجُ بِالْكَرَاهَةِ عَنْ سَنِّ الدَّفْعِ، وَحُرْمَةِ الْمُرُورِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ الْخَطُّ كَذَلِكَ) أَيْ يَكُونَ طُولُهُ فِيمَا بَيْنَ أَعْلَاهُ إلَى جِهَةِ الْمُصَلِّي، ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ وَصَرَّحَ بِهَذَا، مَعَ شُمُولِ، مَا قَبْلَهُ لَهُ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي سُتْرَةِ الْقِبْلَةِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا مَا هُنَا، وَالْمُصَلَّى كَالْخَطِّ وَسَكَتَ عَنْهُ لِأَنَّهُ تُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، اتِّفَاقًا كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (الْمُشَارُ إلَيْهِ) أَيْ الْمُسْتَفَادُ حُكْمُهُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ غَيْرِ تَوَجُّهٍ إلَى إفَادَتِهِ، كَاسْتِفَادَةِ صِحَّةِ صَوْمِ الْجُنُبِ، مِنْ آيَةِ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ} ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ هَذَا مِنْ الِاقْتِضَاءِ، لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ. (تَنْبِيهٌ) تُقَدَّمُ السُّتْرَةُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَوْ تَعَارَضَا. قَوْلُهُ: (وَالْعَنَزَةُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ، هِيَ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ) يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ امْرَأَةٌ أَوْ رَجُلٌ مُسْتَقْبِلُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ) إنْ قُلْت فَهَلَّا وَجَبَ الدَّفْعُ إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ؟ قُلْت: كَأَنَّهُ لِمَا فِي الْفِعْلِ مِنْ مُنَافَاةِ الْخُشُوعِ الْمَطْلُوبِ فِي الصَّلَاةِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِذَا قُلْنَا لَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ، فَلَا يَنْتَهِي الْحَالُ إلَى دَفْعٍ مُحَقَّقٍ، وَلَكِنْ يُسَنُّ بِرِفْقٍ بِقَصْدِ التَّنْبِيهِ. قَوْلُهُ: (الْمُشَارُ إلَيْهِ) مَنْشَأُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 الْمَأْمُورِ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ فَهُمَا أَيْ الْخَطُّ وَالْمُصَلَّى عِنْدَ عَدَمِ الشَّاخِصِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. (قُلْت: يُكْرَهُ الِالْتِفَاتُ) بِوَجْهٍ (لَا لِحَاجَةٍ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: «هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَا يُكْرَهُ لِحَاجَةٍ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَلْتَفِتُ إلَى الشِّعْبِ، وَكَانَ أَرْسَلَ إلَيْهِ فَارِسًا مِنْ أَجْلِ الْحَرَسِ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، (وَرَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ لِيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» . (وَكَفُّ شَعْرِهِ أَوْ ثَوْبِهِ) لِحَدِيثِ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ وَلَا أَكُفُّ ثَوْبًا وَلَا شَعْرًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ «أُمِرْنَا أَنْ نَسْجُدَ وَلَا نَكُفَّ» ، وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ عَنْ كَفِّهِ أَنَّهُ يَسْجُدُ مَعَهُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالنَّهْيُ لِكُلِّ مَنْ صَلَّى كَذَلِكَ سَوَاءٌ تَعَمَّدَهُ لِلصَّلَاةِ أَمْ كَانَ قَبْلَهَا لِمَعْنًى وَصَلَّى عَلَى حَالِهِ، وَذُكِرَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ وَشَعْرُهُ مَعْقُوصٌ أَوْ مَرْدُودٌ تَحْتَ عِمَامَتِهِ أَوْ ثَوْبُهُ أَوْ كُمُّهُ مُشَمَّرٌ. (وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى فَمِهِ بِلَا حَاجَةٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ فِي الصَّلَاةِ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَلَا يُكْرَهُ لِحَاجَةٍ كَالتَّثَاؤُبِ فَيُسَنُّ فِيهِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ: «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ» (وَالْقِيَامُ عَلَى رِجْلٍ) وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ تَكَلُّفٌ يُنَافِي هَيْئَةَ الْخُشُوعِ.   [حاشية قليوبي] الْحَرْبَةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ، الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ كَمَا فَسَّرَهَا الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُصَلَّى قِيسَ عَلَى الْخَطِّ) لَكِنْ قُدِّمَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي الْمُرَادِ وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، إذَا كَانَ فِيهِ أَعْلَامٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد) وَمِنْ لَفْظِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا، فَلْيَخُطَّ خَطًّا، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ انْتَهَى. وَمَعْنَى لَا يَضُرُّ عَدَمُ نَقْصِ أَجْرِهِ، بِتَشْوِيشِ خُشُوعِهِ، كَمَا حُمِلَ الْقَطْعُ فِي حَدِيثِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ، وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ عَلَى قَطْعِ الْخُشُوعِ، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (يُكْرَهُ) أَيْ تَنْزِيهًا الِالْتِفَاتُ لَا بِقَصْدِ لَعِبٍ وَإِلَّا حَرُمَ، وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَكَذَا لَوْ لَوَى عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ. قَوْلُهُ: (لَا لِحَاجَةٍ) فَلَا يُكْرَهُ كَلَمْحِ الْبَصَرِ. قَوْلُهُ: (اخْتِلَاسٌ) أَيْ نَقْصٌ مِنْ ثَوَابِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَرَفْعُ بَصَرِهِ) وَلَوْ أَعْمَى إلَّا لِحَاجَةٍ، وَكَذَا جَمِيعُ الْمَكْرُوهَاتِ، وَذَكَرَ الْحَاجَةَ فِي بَعْضِهَا، لِحِكْمَةٍ كَنَصِّ حَدِيثٍ أَوْ نَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (فِي صَلَاتِهِمْ) فَلَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِهَا، بَلْ يَنْدُبُ فِي دُعَاءِ الْوُضُوءِ، كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ، وَلِلِاعْتِبَارِ كَمَا قَالَ ابْنُ دَقِيقٍ الْعِيدُ، وَلِأَنَّهُ يُزِيلُ الْهُمُومَ. قَوْلُهُ: (وَكَفُّ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ، مَعَ انْكِفَافِ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ سَابِقًا، عَلَى إحْرَامِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، وَمِثْلُهُ شَدُّ وَسَطِهِ وَلَوْ عَلَى جِلْدِهِ. قَوْلُهُ: (شَعْرِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي. نَعَمْ يَجِبُ كَفُّ شَعْرِ امْرَأَةٍ، وَخُنْثَى تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَلَا يُكْرَهُ بَقَاؤُهُ مَكْفُوفًا بِالضَّفْرِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (أَوْ ثَوْبِهِ) أَيْ مَلْبُوسِهِ وَلَوْ نَحْوَ شَدِّ، عَلَى كَتِفِهِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَكَثِيرٌ مِنْ جَهَلَةِ الْفُقَهَاءِ يَفْرِشُونَ مَا عَلَى أَكْتَافِهِمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ لِعُذْرٍ، أَوْ حَاجَةٍ كَدَفْعِ غُبَارٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى) أَيْ حِكْمَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ فَلَا يَرِدُ، أَنَّهُ يُكْرَهُ الْكَفُّ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَلِلْقَاعِدِ وَالطَّائِفِ. قَوْلُهُ: (وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى فَمِهِ) وَكَذَا غَيْرُهَا. قَوْلُهُ: (كَالتَّثَاؤُبِ) وَهُوَ مَكْرُوهٌ، إذَا كَانَ بِاخْتِيَارِهِ، وَعُلِمَ مِنْ الْحَدِيثِ، أَنَّهُ لَمْ يَتَثَاءَبْ قَطُّ. قَوْلُهُ: (بِيَدِهِ) وَالْأَوْلَى بِظَهْرِ الْيَسَارِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ تَكَلُّفٌ) يُفِيدُ أَنَّهَا مَرْفُوعَةٌ عَنْ الْأَرْضِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالصَّافِنِ، فَلَا يُكْرَهُ كَوْنُهَا عَلَى الْأَرْضِ مَعَ   [حاشية عميرة] الْإِشَارَةِ جَعْلُ سِنِّ الدَّفْعِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهَا أَحْوَالُ كَمَالٍ حَيْثُ ارْتَبَطَ السِّنُّ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ قُلْت: وَقَالَ جَمَاعَةٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْخَطِّ، قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَالَ فِي الْقَدِيمِ وَسُنَنُ حَرْمَلَةَ: يُسْتَحَبُّ، وَنَفَاهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ لِاضْطِرَابِ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِيهِ وَضَعَّفَهُ، انْتَهَى. قُلْت وَاخْتَارَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْخَطَّ لَا يَكْفِي وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ لِلْمَارَّةِ. [الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت يُكْرَهُ إلَخْ) أَيْ وَهَذِهِ أُمُورٌ يُطْلَبُ اجْتِنَابُهَا فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ عَائِشَةَ إلَخْ) رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِت، فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ» . وَوَرَدَ أَيْضًا «لَوْ يَعْلَمُ الْمُصَلِّي مَنْ يُنَاجِي مَا الْتَفَتَ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا» وَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ حَرَامٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَرَفَعَ بَصَرَهُ) . (فَائِدَةٌ) نَقَلَ الدَّمِيرِيِّ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ قَالَ: يُسْتَحَبُّ أَنَّهُ يَرْمُقُ بِبَصَرِهِ السَّمَاءَ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (وَلَا أَكُفُّ ثَوْبًا إلَخْ) الَّذِي فِي الْإِسْنَوِيِّ: أُمِرْت أَنْ لَا أَكْفِت الشَّعْرَ وَلَا الثِّيَابَ، وَأَسْنَدَهُ لِرِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ. قَالَ: وَالْكَفْتُ الْجَمْعُ. قَوْلُهُ: (أَوْ كُمُّهُ مُشَمَّرٌ) أَوْ مَشْدُودُ الْوَسَطِ أَوْ مَغْرُوزُ عَذْبَةِ الْعِمَامَةِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُهُ: (نَهَى إلَخْ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: حِكْمَةُ ذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 نَعَمْ إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ كَوَضْعِ الْأُخْرَى فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ. (وَالصَّلَاةُ حَاقِنًا) بِالنُّونِ أَيْ بِالْبَوْلِ (أَوْ حَاقِبًا) بِالْمُوَحَّدَةِ أَيْ بِالْغَائِطِ (أَوْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ يَتُوقُ إلَيْهِ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ يَشْتَاقُ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» أَيْ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ، وَتُكْرَهُ أَيْضًا مَعَ مُدَافَعَةِ الرِّيحِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَسَوَاءٌ فِي الطَّعَامِ الْمَأْكُولُ وَالْمَشْرُوبُ (وَأَنْ يَبْصُقَ) إذَا عَرَضَ لَهُ الْبُصَاقُ (قِبَلَ وَجْهِهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ) بِخِلَافِ يَسَارِهِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ» وَهَذَا كَمَا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ حَرُمَ الْبُصَاقُ فِيهِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ: «وَالْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا، بَلْ يَبْصُقُ   [حاشية قليوبي] عَدَمِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا، لِرَاحَةٍ مَثَلًا وَيُنْدَبُ تَفْرِيقُ قَدَمَيْهِ، بِنَحْوِ شِبْرٍ فَيُكْرَه ضَمُّهُمَا، وَيُسَمَّى الصَّافِدَ. قَوْلُهُ: (وَالصَّلَاةُ حَاقِنًا أَوْ حَاقِبًا) أَحَدُهُمَا بِالْمُوَحَّدَةِ لِلْغَائِطِ وَالْآخَرُ بِالنُّونِ لِلْبَوْلِ، وَبِالْمِيمِ لَهُمَا وَسَيَأْتِي، فَالْأَوْلَى تَفْرِيغُ نَفْسِهِ، وَإِنْ فَاتَهُ الْجَمَاعَةُ وَيَجِبُ تَفْرِيغُ نَفْسِهِ إنْ خَافَ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَلَا كَرَاهَةَ فِي الْعَارِضِ، فِي الْأَثْنَاءِ وَفِي خَوْفِ حَبْسِهِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (بِحَضْرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْحَاءِ، وَمَا قَرُبَ حُضُورُهُ عُرْفًا كَالْحَاضِرِ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَشْتَاقُ) فَسَّرَ بِهِ التَّوَقَانَ، لِيُفِيدَ أَنَّهُمَا مُسَاوِيَانِ لِشِدَّةِ الْجُوعِ عِنْدَ مَنْ عَبَّرَ بِهِ، فَيَأْكُلُ قَدْرَ الشِّبَعِ الشَّرْعِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَمَا. قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَخَرَجَ الشَّوْقُ وَهُوَ مَيْلُ النَّفْسِ إلَى الْأَطْعِمَةِ اللَّذِيذَةِ، فَلَا كَرَاهَةَ مَعَهُ، وَتَوَقَانُ الْجِمَاعِ بِحَضْرَةِ حَلِيلَتِهِ كَالْأَكْلِ. قَوْلُهُ: (الْأَخْبَثَانِ) اسْتِدْلَالُهُ بِذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا يُفِيدُ أَنَّ لَامَهُ لِلْجِنْسِ، وَيُصَدَّقُ بِهِمَا مَعًا بِالْأَوْلَى، وَيُسَمَّى الْحَاقِمُ بِالْمِيمِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مُدَافَعَةِ الرِّيحِ) وَيُسَمَّى الْحَافِزُ بِالْفَاءِ وَالزَّايِ، وَكَذَا بِالْخُفِّ وَيُسَمَّى الْحَازِقُ بِالزَّايِ وَالْقَافِ، وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِمَا عَكْسَ ذَلِكَ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ. قَوْلُهُ: (قِبَلَ وَجْهِهِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِهَةَ إمَامِهِ، وَلَوْ غَيَّرَ جِهَةَ الْقِبْلَةِ كَنَفْلِ السَّفَرِ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَنْ يَمِينِهِ) إكْرَامًا لِمَلَكِهِ، لِأَنَّهُ كَاتِبُ الْحَسَنَاتِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ يَسَارِهِ) قِيلَ لِعَدَمِ مُرَاعَاةِ مَلَكِهِ، لِأَنَّهُ كَاتِبُ السَّيِّئَاتِ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَتَنَحَّى عَنْهُ حَالَةَ الصَّلَاةِ، وَهَذَا مَرْدُودٌ وَإِنْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهِ. نَعَمْ يُكْرَهُ لِجِهَةِ الْيَسَارِ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ، إكْرَامًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَيُكْرَهُ الْبُصَاقُ خَارِجَ الصَّلَاةِ، قِبَلَ وَجْهِهِ مُطْلَقًا وَلِجِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَجِهَةِ يَمِينِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ) مَدْلُولُ الْحَدِيثِ أَكْثَرُ، مِمَّا يُفِيدُهُ الدَّلِيلُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ الْبُصَاقُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ الْعَبَّادِيُّ وَإِدْخَالُ الْبُصَاقِ فِيهِ حَرَامٌ أَيْضًا، وَجُدْرَانُهُ وَلَوْ مِنْ خَارِجٍ مِثْلُهُ، وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ فِي ذَلِكَ، أَنْ اتَّصَلَ بِجُزْءٍ مِنْهُ، وَلَيْسَ مُسْتَهْلَكًا فِي نَحْوِ مَاءِ مَضْمَضَةٍ، لِأَنَّ قَطْعَ هَوَاءِ الْمَسْجِدِ بِالْبُصَاقِ مَكْرُوهٌ. (فَرْعٌ) يَحْرُمُ الْبُصَاقُ إذَا اتَّصَلَ بِغَيْرِ مِلْكِهِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ كَحُصْرِ الْمَسْجِدِ وَخَزَائِنِهِ، مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالِهِ غَيْرَ مِلْكِهِ، وَيَحْرُمُ إخْرَاجُ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ مِنْهُ، كَجِصٍّ وَحَجَرٍ وَتُرَابٍ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا الشَّمْعُ وَالزَّيْتُ، قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ فَرَاجِعْهُ، وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهَا فِيمَا لَا يَجُوزُ. قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ) وَفِي رِوَايَةٍ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ يَسَارُهُ فَارِغًا، فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ كَمَا عُلِمَ. (تَنْبِيهٌ) تُكْرَهُ الصَّنَائِعُ فِي الْمَسْجِدِ، وَاتِّخَاذُهُ حَانُوتًا لَهَا، إنْ لَمْ يَكُنْ تَضْيِيقٌ عَلَى الْمُصَلِّينَ، وَلَا إزْرَاءٌ بِهِ فِيهِمَا، وَإِلَّا   [حاشية عميرة] مُنَافَاتُهُ لِهَيْئَةِ الْخُشُوعِ. قَوْلُهُ: (فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ إلَخْ) فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَيْضًا بَدَلَ هَذَا فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّلَاةُ حَاقِنًا إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ تَفْرِيغُهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَتُوقُ إلَخْ) مِثْلُ هَذَا فِيمَا يَظْهَرُ لَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ حَلِيلَتِهِ وَهُوَ يَتُوقُ إلَى جِمَاعِهَا. وَقَوْلُهُ: يَتُوقُ شَامِلٌ لِمَنْ لَيْسَ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفَوَاكِهِ وَالْمَشَارِبِ اللَّذِيذَةِ قَدْ تَتُوقُ النَّفْسُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ جُوعٍ وَلَا عَطَشٍ، بَلْ لَوْ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ وَحَصَلَ التَّوَقَانُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ، وَاعْتُذِرَ عَنْ الشَّيْخِ فِي ذِكْرِ الْحُضُورِ بِالتَّبَرُّكِ بِلَفْظِ الْحَدِيثِ، ثُمَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي زَوَالَ الْكَرَاهَةِ بِزَوَالِ التَّوَقَانِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الشِّبَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَاهُ فِي الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلْجَمَاعَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ. نَعَمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ وَلَا تُعَجِّلُوا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ» . قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَأْكُلُ حَاجَتَهُ بِكَمَالِهَا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَأَمَّا مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ يَأْكُلُ لُقَمًا يَكْسِرُ بِهَا سَوْرَةَ الْجُوعِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَلَامُهُ هَذَا يُخَالِفُ الْأَصْحَابَ، وَجَعْلُ الْعُذْرِ قَائِمًا إلَى الشِّبَعِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بَقَاءُ الْكَرَاهَةِ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَى الشِّبَعِ يَعْنِي مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ الْمَذْكُورَةِ، وَوَجْهُ عَدَمِ اللُّزُومِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَنْقَطِعَ الْكَرَاهَةُ بَعْدَ تَنَاوُلِ مَا يَكْسِرُ سَوْرَةَ الْجُوعِ، وَإِنْ طُلِبَ مِنْهُ اسْتِيفَاءُ الشِّبَعِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِيفَائِهِ اسْتِمْرَارُ الْكَرَاهَةِ بَعْدَ أَكْلِ اللُّقَمِ. قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ) الْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ كَكُمِّهِ» وَبَصَقَ وَبَزَقَ لُغَتَانِ بِمَعْنًى. (وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى خَاصِرَتِهِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ كَالرَّجُلِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَالْمُبَالَغَةُ فِي خَفْضِ الرَّأْسِ فِي رُكُوعِهِ) لِمُجَاوَزَتِهِ أَكْمَلَهُ الَّذِي هُوَ فِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تَسْوِيَةِ ظَهْرِهِ وَعُنُقِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَالصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ) وَمِنْهُ مَسْلَخُهُ. (وَالطَّرِيقِ وَالْمَزْبَلَةِ) أَيْ مَوْضِعِ الزِّبْلِ (وَالْكَنِيسَةِ وَعَطَنِ الْإِبِلِ) هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَنْحِي إلَيْهِ الْإِبِلُ الشَّارِبَةُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ تَجْتَمِعَ كُلُّهَا فِيهِ فَتُسَاقَ إلَى الْمَرْعَى (وَالْمَقْبَرَةِ الطَّاهِرَةِ) بِأَنْ لَمْ تُنْبَشْ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَذْكُورَاتِ خَلَا الْكَنِيسَةِ فَلَمْ تَرِدْ فِي حَدِيثٍ وَأُلْحِقَتْ بِالْحَمَّامِ، وَالْمَعْنَى فِي الْكَرَاهَةِ فِيهِمَا أَنَّهُمَا مَأْوَى الشَّيَاطِينِ، وَفِي الطَّرِيقِ اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِمُرُورِ النَّاسِ فِيهِ، وَفِي الْمَزْبَلَةِ نَجَاسَتُهَا تَحْتَ الثَّوْبِ الْمَفْرُوشِ عَلَيْهَا   [حاشية قليوبي] حَرُمَتْ كَالْوُضُوءِ مَعَ الْعُذْرِ عَلَى حَصِيرِهِ. قَوْلُهُ: (وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا) أَيْ إذْهَابُ صُورَتِهَا وَلَوْ فِي تُرَابِ الْمَسْجِدِ الدَّاخِلِ فِي وَقْفِهِ، أَوْ عَلَى بَلَاطِهِ أَوْ حَصِيرِهِ، وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ، مَثَلًا وَالدَّفْنُ الْمَذْكُورُ قَاطِعٌ لِدَوَامِ الْإِثْمِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَلِابْتِدَائِهِ أَيْضًا عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ. قَوْلُهُ: (لُغَتَانِ) وَيُقَالُ بِالسِّينِ أَيْضًا فَهِيَ ثَلَاثَةٌ. قَوْلُهُ: (وَوَضْعُ يَدِهِ إلَخْ) وَيُسَمَّى الِاخْتِصَارَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَيُكْرَهُ الْمَشْيُ كَذَلِكَ خَارِجَ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ، لِأَنَّهَا مِشْيَةُ إبْلِيسَ. قَوْلُهُ: (لِمُجَاوَزَتِهِ أَكْمَلَهُ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُبَالَغَةِ مَا خَالَفَ الْأَكْمَلَ، سَوَاءً بِخَفْضِ رَأْسِهِ فَقَطْ أَوْ مَعَ صَدْرِهِ، وَأَقَلُّ الرُّكُوعِ كَأَكْمَلِهِ، وَلَا تَقُومُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةُ مَقَامَ الطُّمَأْنِينَةِ، كَمَا مَرَّ فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ رُكُوعُهُ فِي هَذِهِ، وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ اعْتَدَلَ قَبْلَ أَنْ يَطْمَئِنَّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَمَّامِ) أَيْ الْقَدِيمُ بِأَنْ كُشِفَتْ فِيهِ الْعَوْرَاتُ، وَإِنْ دُرِسَ أَوْ هُجِرَ مَا لَمْ يُتَّخَذْ نَحْوُ مَسْجِدٍ، لَا فِي الْجَدِيدِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَتُكْرَهُ فِي الْحَشِّ مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ مِنْ ابْتِدَائِهِ، وَلَا تُكْرَهُ عَلَى سَطْحِهِمَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَالطَّرِيقِ) أَيْ مَحَلُّ الْمُرُورِ فِي وَقْتِ الْمُرُورِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ، وَالْمُرَادُ بِمَكَانِ الْمُرُورِ مَا شَأْنُهُ الطُّرُوقُ، وَبِوَقْتِ الْمُرُورِ مَا جَرَّتْ الْعَادَةُ بِالْمُرُورِ فِيهِ، فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَوْ فِي الْبَرِّيَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَالْأَسْوَاقِ وَرِحَابِ الْمَسَاجِدِ. (فَرْعٌ) تُكْرَهُ الصَّلَاةُ خَلْفَ شَبَابِيكِ الْمَدَارِسِ عَلَى الشَّوَارِعِ، فَتَرْكُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِيهَا أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَأُلْحِقَتْ إلَخْ) يُفِيدُ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ عَلَى سَطْحِهَا، وَهِيَ مَعْبَدُ الْيَهُودِ وَالْبِيعَةُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مَعْبَدُ النَّصَارَى، وَعَكْسُ ذَلِكَ الَّذِي اُشْتُهِرَ فِي الْعُرْفِ بَيْنَ الْعَامَّةِ خِلَافُ الْأَصْلِ. قَوْلُهُ: (نَجَاسَتُهَا تَحْتَ الثَّوْبِ) إنْ كَانَتْ مَنْبُوشَةً وَإِلَّا فَتُكْرَهُ عَلَى مَا حَاذَى الْمَيِّتَ، لِنَجَاسَةِ مَا تَحْتَهُ مِنْ   [حاشية عميرة] يَبْصُقَ فِي ثَوْبِهِ، فَإِنَّ فِيهِ إذْهَابَ الصُّورَةِ بِخِلَافِ الْبَصْقِ عَلَى الْيَسَارِ وَإِنْ كَانَ هُنَا جَائِزًا قَوْلُهُ: (حَرُمَ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ الْكَرَاهَةُ. قَوْلُهُ: (لُغَتَانِ) بِمَعْنَى وَبِالسِّينِ خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَهَا. . قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ نَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُبَالَغَةُ إلَخْ) . قَالَ السُّبْكِيُّ: التَّقْيِيدُ بِالْمُبَالَغَةِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ عَدَمِهَا وَهُوَ خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَكَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْأَصْحَابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ وَلَك أَنْ تَقُولَ: حَالَةُ الرُّكُوعِ الْكَامِلَةِ فِيهَا خَفْضُ رَأْسٍ بِاعْتِبَارِ الْحَالَةِ قَبْلَهَا، وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ تُصَدِّقُ أَنَّهَا مُبَالَغَةٌ فَلَا إشْكَالَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْحَمَّامِ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَاعْتَمَدَهُ الشَّيْخَانِ وَقِيلَ لِكَثْرَةِ النَّجَاسَةِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ فِي الْمَسْلَخِ أَوْ مَوْضِعٍ طَاهِرٍ فِي الْحَمَّامِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحَمِيمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمَزْبَلَةِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْكَنِيسَةِ) هِيَ لِلنَّصَارَى وَالْبَيْعَةِ لِلْيَهُودِ، وَلَوْ مُنِعَ أَهْلُهَا مِنْ دُخُولِهَا حَرُمَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمَقْبَرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ. قَوْلُهُ: (اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِمُرُورِ النَّاسِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَ الطَّرِيقَ وَصَلَّى كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (نَجَاسَتُهَا تَحْتَ الثَّوْبِ إلَخْ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هَذَا فِي الْبَسْطِ عَلَى النَّجَاسَةِ، أَمَّا الْبَسْطُ عَلَى مَا غَلَبَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ فَإِنَّهُ يُزِيلُ الْكَرَاهَةَ عَلَى مَا تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ ضَعُفَ بِالْحَائِلِ. قَوْلُهُ: (نَجَاسَةُ مَا تَحْتَهَا بِالصَّدِيدِ) ثُمَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْقَاضِي كَمَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ احْتِرَامُهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمِنْ الْمَعْنَيَيْنِ يَظْهَرُ لَك أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا لَوْ حَاذَى الْمَيِّتَ حَتَّى لَوْ وَقَفَ بَيْنَ الْمَوْتَى فَلَا كَرَاهَةَ. نَعَمْ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقَبْرِ إلَّا قَبْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَحْرُمُ، انْتَهَى. وَمَا صَوَّرَ بِهِ الْمَسْأَلَةَ خَالَفَهُ فِي الْكِفَايَةِ فَقَالَ: تُكْرَهُ عَلَى الْقَبْرِ وَبِجَانِبِهِ وَإِلَيْهِ. (تَتِمَّةٌ) : قَالَ فِي الْأَحْيَاءِ: تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْأَسْوَاقِ وَالرِّحَابِ الْخَارِجَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 مَثَلًا، وَفِي عَطَنِ الْإِبِلِ نِفَارُهَا الْمُشَوِّشُ لِلْخُشُوعِ، وَفِي الْمَقْبَرَةِ غَيْرِ الْمَنْبُوشَةِ، وَلَمْ يُقَيِّدْ فِي الْحَدِيثِ نَجَاسَةَ مَا تَحْتَهَا بِالصَّدِيدِ، أَمَّا الْمَنْبُوشَةُ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ، وَمَعَهُ تُكْرَهُ وَأُلْحِقَ بِعَطَنِ الْإِبِلِ مَأْوَاهَا لَيْلًا لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَلَا تُكْرَهُ فِي مُرَاحِ الْغُثْمِ بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ مَأْوَاهَا لَيْلًا لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِيهَا، وَإِنْ تُصُوِّرَ فِيهَا مِثْلُ عَطَنِ الْإِبِلِ فَلَا تَكْرَهُ فِيهِ أَيْضًا. (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ (سُجُودِ السَّهْوِ) وَهُوَ كَمَا سَيَأْتِي سَجْدَتَانِ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ. (سُنَّةٌ عِنْدَ تَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ) مِنْ الصَّلَاةِ (أَوْ فِعْلِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ) فِيهَا وَلَوْ بِالشَّكِّ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِيهِمَا فَرْضًا كَانَتْ الصَّلَاةُ أَوْ نَفْلًا. (فَالْأَوَّلُ) الْمَتْرُوكُ مِنْهَا (إنْ كَانَ رُكْنًا وَجَبَ تَدَارُكُهُ) بِفِعْلِهِ (وَقَدْ يُشْرَعُ) مَعَ تَدَارُكِهِ (السُّجُودَ كَزِيَادَةٍ) بِالْكَافِ (حَصَلَتْ بِتَدَارُكِ رُكْنٍ كَمَا سَبَقَ فِي) رُكْنِ (التَّرْتِيبِ) مِنْ حُصُولِهَا،   [حاشية قليوبي] الصَّدِيدِ، وَلِذَلِكَ لَا تَكْرَهُ فِي مَقَابِرِ الْأَنْبِيَاءِ الشُّهَدَاءِ. (تَنْبِيهُ) مَحَالُّ النَّجَاسَةِ كَمَحَالِّ الْقَصَّابِينَ كَالْمَقْبَرَةِ فِيمَا ذُكِرَ. (فَرْعُ) تَحْرُمُ الصَّلَاةُ مُتَوَجِّهًا قَبْرَ نَبِيٍّ، وَتُكْرَهُ فِي غَيْرِهِ، وَلَا تَبْطُلُ فِيهِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَفِي عَطَنِ الْإِبِلِ نِفَارُهَا) لِأَنَّهُ شَأْنُهَا، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ وَلَا تُكْرَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مِنْ غَنَمٍ وَبَقَرٍ وَحَمِيرٍ، إلَّا مَعَ وُجُودِ النِّفَارِ بِالْفِعْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. بَابٌ فِي بَيَانِ سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَقَدَّمَهُ عَلَى صَلَاةِ النَّفْلِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ، مَعَ طَلَبِهِ فِيهَا اهْتِمَامًا بِشَأْنِ الْفَرْضِ، وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ طَلَبِهِ أَصَالَةً عَلَى أَنَّهُ لَوْ أُخِّرَ عَنْ النَّفْلِ وَغَيْرِهِ لَتَوَهَّمَ تَوَقُّفُ طَلَبِهِ عَلَى وُجُودِ أَسْبَابِهِ كُلِّهَا فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ تَرْكُ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنْ الْأَبْعَاضِ، لَا يَأْتِي فِي النَّفْلِ مِنْهُ إلَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَارْتِكَابُ مَا لَا يُوهِمُ بَاطِلًا أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ فَتَأَمَّلْ. وَقَدَّمَ سُجُودَ السَّهْوِ عَلَى سُجُودِ التِّلَاوَةِ، لِاخْتِصَاصِهِ بِالصَّلَاةِ. وَأَخَّرَ سُجُودَ الشُّكْرِ، لِاخْتِصَاصِهِ بِخَارِجِهَا وَوَسَّطَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ لِوُجُودِهِ فِيهِمَا، وَأَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهِ لِجَبْرِ الْخَلَلِ فِي الصَّلَاةِ غَيْرِ الْمُبْطِلِ، وَقَدْ يُطْلَبُ لِرَغْمِ أَنْفِ الشَّيْطَانِ، وَالسَّهْوُ لُغَةً اللِّينُ وَيُرَادِفُهُ الذُّهُولُ، وَالْغَفْلَةُ وَالنِّسْيَانُ وَقِيلَ السَّهْوُ زَوَالُ الصُّورَةِ عَنْ الْمُدْرَكَةِ، دُونَ الْحَافِظَةِ وَالنِّسْيَانُ زَوَالُهَا عَنْهُمَا مَعًا، وَالْغَفْلَةُ تَعُمُّهُمَا وَالذُّهُولُ مِثْلُهَا، أَوْ مَعَ زَوَالِ الْحُكْمِ وَشَرْعًا سَجْدَتَانِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِالتَّنْوِينِ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ الْإِضَافَةِ الْمُقْتَضَى لِفَقْدِ أَحَدِ رُكْنَيْ الْإِسْنَادِ، وَهُوَ الْمُبْتَدَأُ. قَوْلُهُ: (هُوَ) أَيْ سُجُودُ السَّهْوِ أَوْ السَّهْوُ عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) لِنِيَابَتِهِ عَنْ سُنَّةٍ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جُبْرَانَاتِ الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (مِنْ الصَّلَاةِ) خَرَجَ بِهِ الْمَنْدُوبُ فِيهَا كَقُنُوتِ النَّازِلَةِ، وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ فَلَا سُجُودَ لِتَرْكِهِمَا وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِالشَّكِّ فِيهِمَا) أَيْ الْمَأْمُورِ وَالْمَنْهِيِّ، فَالْأَوَّلُ كَالشَّكِّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ، وَالثَّانِي كَالشَّكِّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا كَمَا يَأْتِي، فَالْمُرَادُ بِالْمَنْهِيِّ مَا يَعُمُّ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (فَرْضًا كَانَتْ الصَّلَاةُ أَوْ نَفْلًا) نَعَمْ لَا سُجُودَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَأُلْحِقَ بِالصَّلَاةِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَلَا مَانِعَ مِنْ زِيَادَةِ الْجَابِرِ لِأَنَّهُ لِلْخَلَلِ وَهُوَ فِيهِمَا وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (بِالْكَافِ) قِيلَ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَقِيلَ لِأَنَّ اللَّامَ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ السُّجُودُ لِلزِّيَادَةِ، أَوْ تَقْتَضِي طَلَبَ السُّجُودِ لَهَا دَائِمًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا، وَقِيلَ لِإِدْخَالِ مَسْأَلَةِ الشَّكِّ الْمَذْكُورَةِ، لِأَنَّ السُّجُودَ فِيهَا لِلتَّرَدُّدِ فِي الزِّيَادَةِ، وَلَيْسَ فِيهَا زِيَادَةٌ، وَقِيلَ لِأَنَّ اللَّامَ تُوجِبُ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ فِيهِ، لِكَوْنِهِ مِنْ   [حاشية عميرة] [بَاب سُجُودِ السَّهْوِ] ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (سُنَّةٌ) الصَّارِفُ لِأَحَادِيثِهِ عَنْ الْوُجُوبِ مَا فِي بَعْضِهَا كَانَتْ الرَّكْعَةُ لَهُ نَافِلَةً وَالسَّجْدَتَانِ، وَلِأَنَّ الْبَدَلَ كَمُبْدَلِهِ أَوْ أَخَفُّ، وَلِذَا وَجَبَتْ جُبْرَانَاتُ الْحَجِّ دُونَ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الصَّلَاةِ) خَرَجَ بِهِ قُنُوتُ النَّازِلَةِ وَنَحْوُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ فِي الصَّلَاةِ لَا مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِالشَّكِّ) دَفْعٌ لِمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ قُصُورِ الْعِبَارَةِ عَنْ إفَادَةِ إيقَاعِ الرُّكْنِ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي فِعْلِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ حُصُولِهَا) أَيْ لَا مِنْ السُّجُودِ أَيْضًا كَمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ. قَوْلُهُ: (يَسْجُدُ) أَيْ عَمْدًا كَانَ ذَلِكَ أَوْ سَهْوًا أَخْذًا مِنْ الْمَأْخُوذِ الْآتِي. قَوْلُهُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 وَقَدْ لَا يُشْرَعُ السُّجُودُ بِأَنْ لَا تَحْصُلَ زِيَادَةٌ كَمَا إذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ السَّلَامَ فَتَذَكَّرَهُ وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَيُسَلِّمَ مِنْ غَيْرِ سُجُودِ، فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ فَهُوَ مَسْأَلَةُ السُّكُوتِ الطَّوِيلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابٍ يَلِيه هَذَا أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَلَى الرَّاجِحِ، وَقَدْ يُقَالُ: يَسْجُدُ لَهُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ بِالسُّكُوتِ. (أَوْ) كَانَ (بَعْضًا وَهُوَ الْقُنُوتُ أَوْ قِيَامُهُ) وَإِنْ اسْتَلْزَمَ تَرْكُهُ تَرْكَ الْقُنُوتَ. (أَوْ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ أَوْ قُعُودُهُ) وَإِنْ اسْتَلْزَمَ تَرْكُهُ تَرْكَ التَّشَهُّدِ (وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّهَا سُنَّةٌ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ. (سَجَدَ) لِتَرْكِهِ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا (وَقِيلَ إنْ تَرَكَ عَمْدًا فَلَا) يَسْجُدُ (قُلْت: وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ حَيْثُ سَنَّنَّاهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَذَلِكَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ عَلَى وَجْهٍ، وَفِي الْآخِرِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ   [حاشية قليوبي] الْفِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ مِنْ تَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ، كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ بِالْكَافِ مِثَالًا لَهُ، وَإِيضَاحُهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الرُّكْنَ لَيْسَ مِنْ الْمَأْمُورِ الَّذِي يَكْفِي السُّجُودُ لِتَرْكِهِ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَدَارُكِهِ، أَشَارَ إلَى حُكْمٍ آخَرَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ طَلَبُ السُّجُودِ مَعَ تَدَارُكِهِ، وَلَمَّا كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ طَلَبَهُ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي الزِّيَادَةِ، أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهَا مِثَالٌ لَا قَيْدٌ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْكَافَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِيَدْفَعَ بِهِ، مَا يَلْزَمُ عَلَى اللَّازِمِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ حُصُولِهَا) أَيْ لَا مِنْ السُّجُودِ لَهَا أَيْضًا كَمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ يُقَالُ يَسْجُدُ لَهُ) هُوَ مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي السُّكُوتِ الطَّوِيلِ عَمْدًا وَصَرِيحٌ مَا قَبْلُهُ بِقَوْلِهِ، فَتَذَكَّرْهُ أَنَّهُ فِي السُّكُوتِ سَهْوًا وَمِنْهَا أَنَّ مَا سَيَأْتِي مُبْطِلٌ، فَلَا سُجُودَ فِيهِ لِيُؤْخَذَ مِنْهُ السُّجُودُ فِي هَذَا، وَمِنْهَا أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ السُّجُودَ هُنَا مَأْخُوذٌ مِنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِيمَا سَيَأْتِي، فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَقَدْ يُقَالُ يَجْرِي فِي الْأَخْذِ هُنَا وَجْهَانِ إلَخْ. وَمِنْهَا إنَّ أَخْذَ الْحُكْمِ مِنْ ضَعِيفٍ لِيَجْرِيَ عَلَى صَحِيحٍ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ، وَمِنْهَا أَنَّ صَرِيحَ مَا يَأْتِي أَنَّ السُّكُوتَ الطَّوِيلَ سَهْوًا فِي الرُّكْنِ الْقَصِيرِ، لَا يُبْطِلُ جَزْمًا، وَصَرِيحُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ فِي الرُّكْنِ الطَّوِيلِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَسَعُ الْقَوْلُ بِهِ، وَلَا الْمَصِيرُ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْقُنُوتُ) أَيْ الْمَعْهُودُ شَرْعًا، وَهُوَ مَا اشْتَمَلَ عَلَى ثَنَاءٍ وَدُعَاءٍ سَوَاءً الْوَارِدُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَنْ عُمَرَ أَوْ عَنْ غَيْرِهِمَا، وَتَرْكُ بَعْضِ أَحَدِ الْأَوَّلَيْنِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ أَوْ إبْدَالُ حَرْفٍ مِنْهُ بِغَيْرِهِ، وَلَوْ بِمَعْنَاهُ كَتَرْكِ كُلِّهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ قِيَامُهُ) أَيْ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بِأَنْ لَا يَقِفَ زَمَنًا يَسَعُ أَقَلَّ قُنُوتٍ مِمَّا مَرَّ، وَإِلَّا لَمْ يَسْجُدْ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إفْتَاءَ وَالِدِهِ بِعَدَمِ السُّجُودِ. (فَرْعٌ) لَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِحَنَفِيٍّ فِي الصُّبْحِ، سَجَدَ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ قَنَتَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْمَأْمُومَ يَرَى طَلَبَهُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ، فَتَرْكُهُ لَهُ لِاعْتِقَادِ عَدَمِهِ يُجْعَلُ كَالسَّهْوِ بِتَرْكِهِ، وَفِعْلُهُ لَهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ عِنْدَهُ، فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي الْخَلَلِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُبْطِلٍ عِنْدَهُ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اقْتَدَى مُصَلِّي الظُّهْرِ بِمُصَلِّي الصُّبْحِ، وَلَمْ يَقْنُتْ لِاعْتِقَادِ الْمَأْمُورِ خَلَلًا فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَدَى مُصَلِّي الصُّبْحِ بِمُصَلِّي سُنَّتِهِ، لِعَدَمِ الْخَلَلِ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ وَتَحَمُّلِهِ خَلَلَ الْمَأْمُومِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ اسْتَلْزَمَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْقِيَامَ بَعْضٌ، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ تَرْكُهُ مُنْفَرِدًا فَيَجُوزُ قَصْدُ جَبْرِ خَلَلِهِ، وَحَدُّهُ بِالسُّجُودِ، وَأَمَّا قِيَامُ مَنْ لَا يُحْسِنُهُ فَوَاقِعٌ أَصْلًا وَبَدَلًا. أَوْ بَدَلًا فَقَطْ كَقِيَامِ الْفَاتِحَةِ، وَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ فِي قُعُودِ التَّشَهُّدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ) أَيْ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَكَذَا الْمَقْصُودُ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَأَكْثَرَ، وَقَصَدَ أَنْ يَتَشَهَّدَ عَقِبَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا، فَتَرَكَ وَاحِدًا مِمَّا قَصَدَهُ وَلَوْ سَهْوًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ، وَخَالَفَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَكَذَا ابْنُ قَاسِمٍ وَهُوَ الْوَجْهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ إنْ لَمْ يَطْلُبْ أَصَالَةً لَمْ يَسْجُدْ لِتَرْكِهِ، وَإِنْ عَزَمَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ عَزْمَهُ لَا يَجْعَلُهُ مَطْلُوبًا، وَإِنْ طُلِبَ فَالْوَجْهُ السُّجُودُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي التَّشَهُّدِ أَعَادَ الضَّمِيرَ لِلتَّشَهُّدِ، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ لِقَوْلِهِ فِي الْأَظْهَرِ وَعَوْدُهُ لِلْقُنُوتِ أَيْضًا، كَمَا فَعَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ طَلَبُهُ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَاعْتَمَدُوهُ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا بَعْضٌ، مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِهِ. قَوْلُهُ: (حَيْثُ سَنَنَّاهَا إلَى آخِرِهِ) خَصَّهُ الشَّارِحُ بِالتَّشَهُّدِ دُونَ الْقُنُوتِ، لِمَا تَقَدَّمَ وَجُمْلَةُ الْأَبْعَاضِ فِي   [حاشية عميرة] بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ مَبْنِيٌّ هُنَا عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ هُنَاكَ، وَلَمَّا فُهِمَ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ الْبِنَاءِ اسْتَغْنَى بِهِ عَنْ التَّصْرِيحِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 يَسْجُدُ لِتَرْكِهَا (وَلَا تَجَبُّرُ سَائِرَ السُّنَنِ) أَيْ بَاقِيهَا إذَا تُرِكَتْ بِالسُّجُودِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ فِيهَا بِخِلَافِ الْأَبْعَاضِ لِوُرُودِهِ فِي بَعْضِهَا، «فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَلَمْ يَجْلِسْ، ثُمَّ سَجَدَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ قَبْلَ السَّلَامِ سَجْدَتَيْنِ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِيهِ تَرْكُ التَّشَهُّدِ مَعَ قُعُودِهِ الْمَشْرُوعِ لَهُ، وَفِي مَعْنَاهُ تَرْكُ التَّشَهُّدِ وَحْدَهُ وَقِيسَ عَلَيْهِ تَرْكُ الْقُنُوتِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ قِيَامِهِ الْمَشْرُوعِ لَهُ بِجَامِعِ الذِّكْرِ الْمَقْصُودِ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ. وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ حَيْثُ سُنِّنَتْ مُلْحَقَةً بِالتَّشَهُّدِ لِمَا ذُكِرَ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ السُّنَنُ أَبْعَاضًا لِقُرْبِهَا بِالْجَبْرِ بِالسُّجُودِ مِنْ الْأَبْعَاضِ الْحَقِيقِيَّةِ أَيْ الْأَرْكَانِ، وَفِي الرَّوْضَةِ لَوْ أَرَادَ الْقُنُوتَ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ لِنَازِلَةٍ وَقُلْنَا بِهِ فَنَسِيَهُ لَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ عَلَى الْأَصَحِّ، ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ. (وَالثَّانِي) : أَيْ الْفِعْلُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ. (إنْ لَمْ يُبْطِلْ عَمْدُهُ كَالِالْتِفَاتِ وَالْخُطْوَتَيْنِ لَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ) لِعَدَمِ وُرُودِ السُّجُودِ لَهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ: لِسَهْوِهِ، كَذَا لِعَمْدِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ أَبْطَلَ عَمْدُهُ كَرَكْعَةٍ زَائِدَةٍ. (سَجَدَ) لِسَهْوِهِ (إنْ لَمْ تَبْطُلْ) الصَّلَاةُ (بِسَهْوِهِ كَكَلَامٍ كَثِيرٍ) فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِسَهْوِهِ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا تَقَدَّمَ وَدَلِيلُ السُّجُودِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقِيَاسُ غَيْرِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الْمُتَنَفِّلِ فِي السَّفَرِ إذَا انْحَرَفَ عَنْ طَرِيقِهِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ نَاسِيًا وَعَادَ عَلَى قُرْبٍ فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ بِخِلَافِ الْعَامِدِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى الْمَنْصُوصِ الْمَذْكُورِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَتَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ) بِسُكُوتٍ أَوْ ذِكْرٍ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ. (يُبْطِلُ عَمْدَهُ فِي   [حاشية قليوبي] كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سِتَّةٌ، الْقُنُوتُ وَقِيَامُهُ وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَقُعُودُهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ، وَعَلَى آلِهِ بَعْدَ الْأَخِيرِ، وَإِنْ عُدَّ قُعُودُهُمَا فَهِيَ ثَمَانِيَةٌ، وَزَادَ الْمُتَأَخِّرُونَ الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ، بَعْدَ الْقُنُوتِ وَهَذِهِ سِتَّةٌ بِإِسْقَاطِ الْقِيَامِ لَهَا، وَسَبْعَةٌ بَعْدَهُ وَاحِدًا وَاثْنَا عَشَرَ، بِاعْتِبَارِ كُلٍّ مِنْهَا فَجُمْلَتُهَا عَلَى هَذَا عِشْرُونَ، وَالْخِلَافُ فِي عَدِّهَا لَفْظِيٌّ، وَيُتَصَوَّرُ السُّجُودُ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ بِتَرْكِ إمَامِهِ لَهَا لَا بِنَفْسِهِ، لِأَنَّهُ إنْ سَلَّمَ عَامِدًا تَرْكَهَا فَاتَتْ، أَوْ سَاهِيًا وَعَادَ لَهَا طَلَبَ فِعْلَهَا، لَا السُّجُودَ عَنْهَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَجْبُرُ سَائِرَ السُّنَنِ) فَلَوْ سَجَدَ لِشَيْءٍ مِنْهَا عَامِدًا عَالِمًا، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ، وَيُنْدَبُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ لِلْخَلَلِ الْحَاصِلِ بِهَذَا السُّجُودِ. (تَنْبِيهٌ) لَا يَلْزَمُ مِنْ مَعْرِفَةِ طَلَبِ السُّجُودِ مَعْرِفَةُ، مَحَلِّهِ خِلَافًا لِمُدَّعِيهِ. قَوْلُهُ: (بِجَامِعِ إلَخْ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ، أَوْ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ تَابِعًا وَلَا مُقَدِّمَةً لِغَيْرِهِ، فَلَا يَرِدُ نَحْوُ أَذْكَارِ السُّجُودِ وَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ مَفْهُومُ مَا مَرَّ، بِقَوْلِهِ مِنْهَا لِأَنَّ قُنُوتَ النَّازِلَةِ مَسْنُونٌ فِيهَا كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ، فَلَا سُجُودَ لَهُ وَإِنْ قَصَدَ تَرْكَهُ لِأَجْلِ السُّجُودِ، بِخِلَافِ قُنُوتِ وَتْرِ رَمَضَانَ. قَوْلُهُ: (مَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي نَقْلِ الْقَوْلِيِّ. قَوْلُهُ: (كَذَا لِعَمْدِهِ) وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَمْ يَسْجُدْ لَهُ لَشَمِلَهُمَا وَالْجَهْلُ بِالْمَشْرُوعِيَّةِ، كَالسَّهْوِ فِيمَا يَظْهَرُ إذَا عُلِمَ بَعْدَ تَرْكِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا تَبْطُلُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْبُطْلَانِ، لَا فِي السُّجُودِ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لَكَانَ أَوْلَى، إذْ لَا سُجُودَ مَعَ الْبُطْلَانِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْجُدُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَسْجُدُ فَلَا اسْتِثْنَاءَ. قَوْلُهُ: (وَتَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ) وَهُوَ فِي الِاعْتِدَالِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ لِلْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ، زِيَادَةً عَلَى مَا يُطْلَبُ لِذَلِكَ الْمُصَلِّي. قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ لَا زِيَادَةً عَلَى مَا يُطْلَبُ لِلْمُنْفَرِدِ مُطْلَقًا، وَفِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ التَّشَهُّدَ الْوَاجِبَ، زِيَادَةً عَلَى مَا ذُكِرَ. نَعَمْ لَا يَضُرُّ تَطْوِيلُ مَطْلُوبٍ كَصَلَاةِ التَّسْبِيحِ، وَلَا تَطْوِيلُ اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الصُّبْحِ. قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، لِأَنَّهُ طُلِبَ فِيهِ التَّطْوِيلُ فِي الْجُمْلَةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْقُنُوتَ لِلنَّازِلَةِ فِي نَحْوِ الْعِيدِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَفِي الرَّوَاتِبِ مَكْرُوهٌ،   [حاشية عميرة] بِالْمُقَابِلِ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لَهُ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَائِرَ السُّنَنِ) فَلَوْ سَجَدَ فِيهَا ظَانًّا جَوَازَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ. قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَنَظَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَبَيَّنَ الْعِرَاقِيُّ النَّظَرَ بِأَنَّ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ لَا يَعْرِفُ مَشْرُوعِيَّةَ السُّجُودِ، وَمَنْ عَرَفَ ذَلِكَ عَرَفَ مَحَلَّهُ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (بِجَامِعِ إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، وَفِي أَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا سُجُودَ وَلِذَا عَلَّلَ الْغَزَالِيُّ اخْتِصَاصَ السُّجُودِ بِهَذِهِ الْأَبْعَاضِ بِأَنَّهَا مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ الْمَخْصُوصَةِ بِالصَّلَاةِ، انْتَهَى. وَخَرَجَ بِالْمَخْصُوصَةِ بِالصَّلَاةِ تَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ. قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ إلَخْ) عَلَّلَ غَيْرُهُ السُّجُودَ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهَا ذِكْرٌ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِهِ فِي الْأَوَّلِ قِيَاسًا عَلَى التَّشَهُّدِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ) لِأَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 الْأَصَحِّ) لَا خِلَالَهُ بِالْمُوَالَاةِ (فَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ) وَالثَّانِي لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ وَفِي السُّجُودِ لِسَهْوِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ (فَالِاعْتِدَالُ قَصِيرٌ) لِأَنَّهُ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (وَكَذَا الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ) قَصِيرٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا، وَالثَّانِي طَوِيلٌ كَالْجُلُوسِ بَعْدَهُمَا. (وَلَوْ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًّا) إلَى رُكْنٍ طَوِيلٍ (كَفَاتِحَةٍ) أَوْ بَعْضِهَا (فِي رُكُوعٍ أَوْ) جُلُوسِ (تَشَهُّدٍ) آخَرَ وَكَتَشَهُّدٍ أَوْ بَعْضِهِ فِي قِيَامٍ (لَمْ تَبْطُلْ بِعَمْدِهِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي تَبْطُلُ كَنَقْلِ الرُّكْنِ الْفِعْلِيِّ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ نَقْلَ الْفِعْلِيِّ يُغَيِّرُ هَيْئَةَ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ نَقْلِ الْقَوْلِيِّ، وَلَوْ نَقَلَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ أَوْ التَّشَهُّدِ إلَى الِاعْتِدَالِ، وَلَمْ يُطِلْ فَفِيهِ الْخِلَافُ، وَلَوْ أَطَالَهُ بِنَقْلِ كُلِّ الْفَاتِحَةِ أَوْ التَّشَهُّدِ بَطَلَتْ فِي الْأَصَحِّ، وَهَذَا مِنْ صُوَرِ مَا تَقَدَّمَ فِي تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ (وَ) عَلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ (يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِتَرْكِهِ التَّحَفُّظَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ مُؤَكَّدًا كَتَأْكِيدِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (وَعَلَى هَذَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ قَوْلِنَا) الْمُتَقَدِّمِ (مَا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ لَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ) وَيُضَمُّ إلَيْهَا مَا تَقَدَّمَ فِي تَطْوِيلِ الْقَصِيرِ تَفْرِيعًا عَلَى الْمَرْجُوحِ، وَقَوْلُهُ وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ كَذَا الْعُمْدَةُ كَمَا سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيُقَاسُ بِهِ الْعَمْدُ فِي تَطْوِيلِ الْقَصِيرِ عَلَى   [حاشية قليوبي] وَمُقْتَضَاهُ الْبُطْلَانُ لِعَدَمِ طَلَبِهِ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لِلْفَصْلِ) بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ ذِكْرُ وَاجِبٍ مَعَ مُوَافَقَتِهِ لِلْعَادَةِ كَالْقِيَامِ، وَلَا يَرِدُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَالْقُنُوتُ لِأَنَّهُمَا مَسْنُونَانِ، وَالْمُرَادُ أَظْهَرُ مَقَاصِدِهِ الْفَصْلِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ أَيْضًا بِدَلِيلِ وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ فِيهِ لِيُوجَدَ فِيهِ الْخُشُوعُ وَالسَّكِينَةُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجُلُوسِ. وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلِ أَنَّهُمَا طَوِيلَانِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ. (فَرْعٌ) لَوْ قَامَ نَاسِيًا لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَعَادَ لَهُ بَعْدَمَا صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ طُلِبَ مِنْهُ أَنْ يَسْجُدَ، لِأَنَّ عَمْدَ هَذَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ مُبْطِلٌ، فَهُوَ مِنْ قَاعِدَةِ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ. قَوْلُهُ: (رُكْنًا) سَيَأْتِي مَفْهُومُهُ. قَوْلُهُ: (قَوْلِيًّا) أَيْ غَيْرَ التَّكْبِيرَةِ وَالسَّلَامِ لِأَنَّ نَقْلَ أَحَدِهِمَا مُبْطِلٌ، وَغَيْرَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ التَّشَهُّدِ فَلَا يَسْجُدُ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَحَلُّهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ مِنْ بَدَلِهَا مِنْ قُرْآنٍ أَوْ ذِكْرٍ لَا يَكُونُ رُكْنًا إلَّا بِقَصْدِهِ، وَكَذَا نَحْوُ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (إلَى رُكْنٍ طَوِيلٍ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ تَمْثِيلِهِ بِالْفَاتِحَةِ لِأَنَّهَا فِي الْقَصِيرِ مُبْطِلَةٌ، وَتَقْيِيدُ التَّشَهُّدِ بِالْأَخِيرِ لِجَعْلِهِ رُكْنًا لِلِاحْتِرَازِ، فَالْوَجْهُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ فِيهِمَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْفَاتِحَةِ فِي الِاعْتِدَالِ تَطْوِيلُهُ لِإِمْكَانِ وُجُودِهَا فِي قَدْرِ زَمَنِ الذِّكْرِ الْمَطْلُوبِ فِيهِ، وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ الرُّكْنِ غَيْرُ مَشْرُوطٍ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى هَذَا اسْتَثْنَى إلَخْ) وَكَذَا يُسْتَثْنَى مَا لَوْ فَرَّقَهُمْ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ مَثَلًا أَرْبَعَ فِرَقٍ وَصَلَّى بِكُلِّ رَكْعَةٍ أَوْ فِرْقَتَيْنِ وَصَلَّى بِوَاحِدَةٍ ثَلَاثًا وَبِالْأُخْرَى رَكْعَةً، فَإِنَّهُ يَسْجُدُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِمُخَالَفَتِهِ بِالِانْتِظَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وُرُودِهِ أَيْ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، فَلَا يَرِدُ عَدَمُ طَلَبِ السُّجُودِ لِلِانْتِظَارِ فِي نَحْوِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَيَسْجُدُ أَيْضًا مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ الِانْتِظَارَ أَوْ اقْتَدَى بَعْدَهُ.   [حاشية عميرة] الصَّلَاةِ لَا مِنْهَا، فَلَا يَرُدُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (لَا خِلَالَهُ بِالْمُوَالَاةِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَمَا لَوْ قَصَرَ الْأَرْكَانَ الطَّوِيلَةَ وَنَقَصَ بَعْضَهَا، وَعِبَارَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي إيرَادِ مَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَقْلًا لِأَنَّ سَائِرَ الْأَرْكَانِ قَدْ يَجُوزُ تَطْوِيلُهَا، فَإِذَا طَوَّلَ الْقَصِيرَ أَيْضًا فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ وَهِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلِمَنْ ذَهَبَ إلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ أَنْ يَقُولَ مَعْنَى الْمُوَالَاةِ إنْ كَانَ بِأَنْ لَا يَتَخَلَّلَ فَصْلٌ طَوِيلٌ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ بَيْنَ أَرْكَانِهَا فَهُوَ مَقْصُودٌ هُنَا، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنًى آخَرَ فَلَا نُسَلِّمُ اشْتِرَاطَ الْمُوَالَاةِ بِمَعْنًى آخَرَ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا نَعَمْ) عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْمُصَلِّيَ مَأْمُورٌ بِالتَّحَفُّظِ، وَإِحْضَارِ الذِّهْنِ أَمْرًا مُؤَكَّدًا كَتَأْكِيدِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَيَسْجُدُ عِنْدَ تَرْكِهِ قِيَاسًا عَلَيْهِ، وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَنْ يَسْجُدَ عِنْدَ عَمْدِ ذَلِكَ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَصِيرٌ) أَيْ فَيُؤْمَرُ الْمُصَلِّي فِيهِ بِالتَّخْفِيفِ، وَلِهَذَا لَا يُسَنُّ تَكْرَارُ الذِّكْرِ فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ نَقْلِ الْقَوْلِيِّ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلِهَذَا لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَكْرِيرِهِ عَلَى الْمَنْصُوصِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَطَالَهُ بِنَقْلِ كُلِّ الْفَاتِحَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ خَلَا الِاعْتِدَالُ عَنْ الذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ تَبْطُلُ، وَأَنَّهُ لَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ كَوْنُ الذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ أَطْوَلَ مِنْ الْفَاتِحَةِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ حَيْثُ ذُكِرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ التَّطْوِيلَ يَلْحَقُ بِقَدْرِ الْقِيَامِ الْوَاجِبِ، انْتَهَى. قَوْلُهُ: (مَا تَقَدَّمَ) الْمُرَادُ بِهِ قَوْلُهُ بِسُكُوتٍ أَوْ ذِكْرٍ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 الْمَرْجُوحِ فِيهِ، وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَمْ يُحْسَبْ عَلَى الصَّحِيحِ، بَلْ يُعِيدُهُ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ، وَذَلِكَ صَادِقٌ بِالْعَمْدِ وَالسَّهْوِ فَتُضَمُّ مَسْأَلَةُ السَّهْوِ إلَى الْمُسْتَثْنَى. (وَلَوْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ) مَعَ قُعُودِهِ أَوْ وَحْدَهُ (فَذَكَرَهُ بَعْدَ انْتِصَابِهِ لَمْ يَعُدْ لَهُ) لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ فَلَا يَقْطَعُهُ لِسُنَّةٍ. (فَإِنْ عَادَ) عَامِدًا (عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِزِيَادَتِهِ قُعُودًا عَمْدًا (أَوْ نَاسِيًا) أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ (فَلَا) تَبْطُلُ وَيَلْزَمُهُ الْقِيَامُ عِنْدَ تَذَكُّرِهِ (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ أَوْ جَاهِلًا) تَحْرِيمَهُ (فَكَذَا) لَا تَبْطُلُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامّ وَيَسْجُدُ، وَالثَّانِي تَبْطُلُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُنْفَرِدِ وَفِي مَعْنَاهُ الْإِمَامُ، وَلَوْ تَخَلَّفَ الْمَأْمُومُ عَنْ انْتِصَابِهِ لِلتَّشَهُّدِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُفَارَقَتَهُ فَيُعْذَرُ، وَلَوْ عَادَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ قِيَامِ الْإِمَامِ حَرُمَ قُعُودُهُ مَعَهُ لِوُجُوبِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ بِانْتِصَابِ الْإِمَامِ، وَلَوْ انْتَصَبَ مَعَهُ ثُمَّ عَادَ هُوَ لَمْ يَجُزْ لَهُ مُتَابَعَتُهُ فِي الْعُودِ لِأَنَّهُ إمَّا مُخْطِئٌ بِهِ فَلَا يُوَافِقُهُ فِي الْخَطَأِ أَوْ عَامِدٌ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، بَلْ يُفَارِقُهُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ عَادَ نَاسِيًا، وَقِيلَ لَا يَنْتَظِرُهُ، وَلَوْ عَادَ مَعَهُ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ (وَلِلْمَأْمُومِ) إذَا انْتَصَبَ دُونَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (إنَّهُ لَوْ قَنَتَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى بَيَانِ مَفْهُومِ الرُّكْنِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ أَنَّهُ إذَا نَقَلَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ أَوْ الْقُنُوتَ أَوْ السُّورَةَ سَجَدَ إنْ نَوَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا سُجُودَ لِنَقْلِ نَحْوِ التَّسْبِيحِ وَإِنْ نَوَاهُ. نَعَمْ لَا سُجُودَ لِتَقْدِيمِ السُّورَةِ عَلَى الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ، وَلَا لِتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْقُنُوتِ فِي قِيَامِهِ أَوْ عَلَى التَّشَهُّدِ فِي جُلُوسِهِ، وَلَوْ الْأَخِيرَ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا لِلصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ قِيلَ بِنَدْبِهَا فِيهِ، وَلَا لِلتَّسْمِيَةِ قَبْلَ التَّشَهُّدِ وَإِنْ كُرِهَتْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ. (تَنْبِيهٌ) قَدْ عُلِمَ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكُونُ رُكْنًا تَارَةً كَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَبَعْضًا تَارَةً كَالْأَوَّلِ وَسُنَّةً تَارَةً عِنْدَ سَمَاعِ ذِكْرِهِ، وَمَكْرُوهَةً تَارَةً كَتَقْدِيمِهَا عَلَى مَحَلِّهَا، فَإِذَا أَتَى بِهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهَا أَحَدَ الْأَوَّلَيْنِ فَرَاجِعْهُ. وَقَوْلُ الْعَبَّادِيُّ: بِعَدَمِ السُّجُودِ فِي نَقْلِ التَّشَهُّدِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَسِيَ) أَيْ الْمُصَلِّي مُطْلَقًا وَلَوْ مَأْمُومًا بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْعَوْدِ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي، وَلَيْسَ النِّسْيَانُ قَيْدًا، وَسَيَأْتِي. وَقَوْلُ الشَّارِحِ: هَذَا كُلُّهُ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: فَإِنْ عَادَ إلَى آخِرِهِ، وَرُجُوعُ الضَّمِيرِ وَنَحْوِهِ لِبَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِ صَحِيحٌ وَلَا يُخَصِّصُهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ انْتِصَابِهِ) أَيْ إلَى مَحَلِّ تُجْزِئُهُ الْقِرَاءَةُ فِيهِ بِأَنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ، وَمِثْلُ الْقِيَامِ نَائِبُهُ كَشُرُوعِ الْمُصَلِّي قَاعِدًا فِي الْقِرَاءَةِ عَمْدًا، فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ فِي هَذِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَلَمْ يَعْتَمِدْ إفْتَاءَ وَالِدِهِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ كَمَا فِي قَطْعِ الْقِرَاءَةِ لِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ، أَوْ التَّعَوُّذِ لِوُجُودِ الْفَرْقِ، لِمَا مَرَّ مِنْ النِّيَابَةِ هُنَا، وَيُتَّجَهُ أَنَّ عَدَمَ الْبُطْلَانِ هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ وَاقِعَةٌ فِي الْقَصْدِ لَا فِي الْفِعْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يُتَّجَهُ مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ عَادَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى الْقَاعِدَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَادَ) لَمْ يَقُلْ لَهُ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ، لِأَنَّهُ لَا يَنْتَظِمُ مَعَ قَوْلِهِ: أَوْ نَاسِيًا أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَاسِيًا أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ) كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ الشُّرَّاحِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كَيْفَ يَنْسَاهَا مَعَ أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى التَّشَهُّدِ فِيهَا، فَالْوَجْهُ أَنْ يُفَسَّرَ بِنِسْيَانِ تَحْرِيمِ الْعَوْدِ كَمَا ذَكَرُوهُ مَعَ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوْ صَرِيحِهِ، وَمِثْلُ نِسْيَانِ حُرْمَةِ الْعَوْدِ شَكُّهُ فِيهَا، وَفَارَقَ بُطْلَانُهَا لِمَنْ نَسِيَ حُرْمَةَ الْكَلَامِ بِأَنَّ الْعُودَ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَبِعَدَمِ اغْتِفَارِ قَلِيلِ الْكَلَامِ عَمْدًا، وَتَبْطُلُ لِمَنْ جَهِلَ الْبُطْلَانَ مَعَ عِلْمِهِ حُرْمَةَ الْعَوْدِ. قَوْلُهُ: (مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامّ) أَيْ وَكُلُّ مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ يُعْذَرُ فِي جَهْلِهِ الْمُتَفَقِّهُ وَغَيْرُهُ، لِأَنَّهُ مِنْ دَقَائِقِ الْعِلْمِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَنْ انْتِصَابِهِ) أَيْ الْإِمَامُ وَإِنْ جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ، أَوْ بِقَصْدِ التَّشَهُّدِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ لِأَنَّ الْجُلُوسَ لَا يَكُونُ لِلتَّشَهُّدِ إلَّا بِذِكْرِهِ. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) . قَالَ شَيْخُنَا: إنْ طَالَ الْفَصْلُ، أَوْ قُصِدَ التَّخَلُّفُ، أَوْ شَرَعَ فِي التَّشَهُّدِ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ فِي الْأُولَى وَشُرُوعِهِ فِي الْمُبْطِلِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلِأَنَّهُ أَحْدَثَ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ فِي الثَّالِثَةِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ تَخَلُّفَهُ لِلْقُنُوتِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْإِمَامِ فِي قِيَامِهِ كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ قَدْ وَافَقَ الْإِمَامَ فِي الْجُلُوسِ إذَا جَلَسَ، وَلِأَنَّهُ هُنَاكَ أَحْدَثَ قِيَامَ قُنُوتٍ لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَلْ يُفَارِقُهُ) وَهُوَ أَوْلَى مِنْ انْتِظَارِهِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ مِنْ تَشَهُّدٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (سَهْوًا) قَيْدٌ لِوُجُوبِ الْعَوْدِ، فَفِي الْعَمْدِ   [حاشية عميرة] لَوْ قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ) صُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقْنُتَ بِنِيَّةِ الْقُنُوتِ، وَإِلَّا فَلَا سُجُودَ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي الْكَافِي، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَفِي مَعْنَاهُ الْإِمَامُ) لَك أَنْ تَقُولَ: هَلَّا أَدْخَلَهُ فِي الْعِبَارَةِ نَصًّا، وَقَدْ يُعْتَذَرُ بِأَنَّ إفْرَادَ الضَّمَائِرِ السَّابِقَةِ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، لَا يُقَالُ: يُمْكِنُ رُجُوعُهَا إلَى الْمُصَلِّي لِأَنَّا نَقُولُ الْمُصَلِّي يَشْمَلُ الْإِمَامَ. قَوْلُهُ: (سَهْوًا) هُوَ تَصْرِيحٌ بِمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْمَتْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 الْإِمَامِ سَهْوًا (الْعَوْدُ لِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ فِي الْأَصَحِّ) فَهِيَ مُجَوِّزَةٌ لِعَوْدِهِ الْمُمْتَنِعِ فِي غَيْرِهِ، وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ لِتَلَبُّسِهِ بِرُكْنِ الْقِيَامِ كَغَيْرِهِ بَلْ يَصْبِرُ إلَى أَنْ يَلْحَقَهُ الْإِمَامُ. (قُلْت: الْأَصَحُّ وُجُوبُهُ) أَيْ الْعَوْدُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِوُجُوبِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَأَصْلُ الْخِلَافِ هَلْ يَعُودُ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْجَوَازِ، وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي الْوُجُوبِ، وَحَاصِلُ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ كَمَا حَكَاهَا الْمُصَنِّفُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مَعَ تَصْحِيحِ الْوُجُوبِ فِيهِ أَخْذًا مِنْ قُوَّةِ كَلَامِ الشَّرْحِ، وَلَوْ انْتَصَبَ عَامِدًا فَقَطَعَ الْإِمَامُ بِحُرْمَةِ الْعَوْدِ كَمَا لَوْ رَكَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ عَمْدًا. وَتَعَقَّبَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ اسْتَحَبُّوا الْعَوْدَ فَضْلًا عَنْ الْجَوَازِ يَعْنِي فَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ الْمَقِيسِ، وَرَجَّحَهُ فِيهِ فِي التَّحْقِيقِ حَاكِيًا فِيهِ الْوُجُوبَ أَيْضًا. (وَلَوْ تَذَكَّرَ) الْمُصَلِّي (قَبْلَ انْتِصَابِهِ عَادَ لِلتَّشَهُّدِ) الَّذِي نَسِيَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِفَرْضٍ. (وَيَسْجُدُ إنْ كَانَ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ) مِنْهُ إلَى الْقُعُودِ لِتَغْيِيرِهِ نَظْمَ الصَّلَاةِ بِمَا فَعَلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ، أَوْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ، فَلَا يَسْجُدُ لِقِلَّةِ مَا فَعَلَهُ حِينَئِذٍ. (وَلَوْ نَهَضَ عَمْدًا) مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ (فَعَادَ بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (إنْ كَانَ) فِيمَا نَهَضَ (إلَى   [حاشية قليوبي] يُسْتَحَبُّ وَإِنْ انْتَصَبَ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ وُجُوبُهُ أَيْ الْعَوْدُ) إلَّا إنْ لَحِقَهُ الْإِمَامُ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ: أَوْ نَوَى فِرَاقَهُ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَوْدُ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفِي نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ نَظَرٌ، لِأَنَّ فِعْلَهُ لَاغٍ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَالِاكْتِفَاءُ بِهَا يُؤَدِّي إلَى الِاعْتِدَادِ بِهِ بِخِلَافِ لُحُوقِ الْإِمَامِ لَهُ لِأَنَّ فِي عَوْدِهِ حِينَئِذٍ فُحْشَ مُخَالَفَةٍ مَعَ مُوَافَقَةِ الْإِمَامِ فِيهِ، وَفَارَقَ الِاعْتِدَادَ بِلُحُوقِهِ هُنَا وُجُوبُ الْعَوْدِ عَلَى مَنْ قَامَ ظَانًّا سَلَامَ إمَامِهِ وَإِنْ سَلَّمَ إمَامُهُ بَعْدَ قِيَامِهِ، أَوْ نَوَى مُفَارِقَتِهِ بَعْدَهُ بِأَنَّهُ هُنَا فَعَلَ شَيْئًا لِلْإِمَامِ فِعْلُهُ، وَقَدْ وَافَقَهُ فِيهِ. (تَنْبِيهٌ) يَجْرِي مَا ذُكِرَ فِي عَكْسِهِ بِأَنْ سَجَدَ الْمَأْمُومُ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَعْنَى عَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى الْعَامِدِ مِنْ حَيْثُ إنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ لَوْ لَمْ يُعِدْ وَإِلَّا فَهُوَ حَرَامٌ، لِأَنَّهُ مِنْ السَّبْقِ وَلَوْ مِنْ ابْتِدَائِهِ، وَمَعْنَى الْوُجُوبِ عَلَى السَّاهِي مِنْ حَيْثُ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ لَوْ لَمْ يُعِدْ بَعْدَ عِلْمِهِ، وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْعَوْدِ عَلَيْهِ إنْ صَارَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبُ قَبْلَ عِلْمِهِ فِي صُورَةِ الْقِيَامِ أَوْ بَلَغَ حَدَّ الرَّاكِعِ فِي عَكْسِهِ، وَإِلَّا نُدِبَ لَهُ الْعَوْدُ لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ، وَقِيلَ: يَجِبُ الْعَوْدُ هُنَا مُطْلَقًا لِإِلْغَاءِ ابْتِدَاءِ فِعْلِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ) وَهِيَ يَجِبُ يَجُوزُ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ لَا يَجِبُ مُسَاوٍ لِيَجُوزُ فَهُمَا وَاحِدٌ. نَعَمْ يَدْخُلُ النَّدْبُ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (انْتَصَبَ) أَيْ وَصَلَ إلَى مَحَلِّ أَجْزَاءِ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ قَيْدٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ بِحُرْمَةِ الْعَوْدِ إذْ قَبْلَهُ لَا حُرْمَةَ. قَوْلُهُ: (اسْتَحَبُّوا الْعَوْدَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْعَمْدُ هُنَا كَالسَّهْوِ لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ. قَوْلُهُ: (فَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِحْبَابُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ. قَوْلُهُ: (الْمُصَلِّي وَلَوْ مَأْمُومًا) لَكِنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (عَادَ) أَيْ نَدْبًا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَيَسْجُدُ) أَيْ إنْ دَامَتْ صَلَاتُهُ، فَإِنْ نَوَى الْمُتَنَفِّلُ الِاقْتِصَارَ عَلَى مَا فَعَلَهُ وَعَادَ لَمْ يَجُزْ لَهُ السُّجُودُ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ مِنْ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَهَضَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ: هُوَ مُحْتَرَزُ (نَسِيَ) فِيمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، فَالْمُرَادُ بِالتَّشَهُّدِ فِيهِ الْأَوَّلُ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: عَمْدًا عَزْمُهُ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ التَّشَهُّدِ حَالَ نُهُوضِهِ وَحَالَ عَوْدِهِ، فَبُطْلَانُ صَلَاتِهِ بِالْعَوْدِ فَقَطْ بِأَنَّهُ عَبَثٌ، وَلِذَلِكَ رَتَّبَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَعَادَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ بُطْلَانِهَا بِالنُّهُوضِ وَالْعَوْدِ مَعًا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، لِأَنَّ نُهُوضَهُ مَحْسُوبٌ لَهُ   [حاشية عميرة] لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي النِّسْيَانِ، وَأَمَّا عَمْدُ الْقِيَامِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ نَهَضَ عَمْدًا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَرِدَ صُورَةُ عَمْدِ الْمَأْمُومِ عَلَى عِبَارَةِ الْكِتَابِ، وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لَهَا الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَرِيبًا تَتْمِيمًا لِأَحْكَامِ أَقْسَامِ الْمَأْمُومِ. قَوْلُهُ: (لِوُجُوبِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ أَمْرُهَا مُتَأَكِّدٌ بِدَلِيلِ سُقُوطِ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ بِهَا عَنْ الْمَأْمُومِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ انْتَصَبَ عَامِدًا) أَهْمَلَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا لَوْ صَارَ الْمَأْمُومُ فِي نُهُوضِهِ عَمْدًا إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا كَالِانْتِصَابِ، كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَأْمُومِ فَيَجْرِي فِيهَا مَا تَقَرَّرَ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ تَعَيُّنُ مَا سَيَأْتِي عَنْ التَّحْقِيقِ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ مِنْ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (لِتَغْيِيرِهِ نَظْمَ الصَّلَاةِ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ أَتَى بِفِعْلٍ غَيَّرَ نَظْمَ الصَّلَاةِ، وَلَوْ أَتَى بِهِ عَمْدًا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ صَحَّحَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَدَمَ السُّجُودِ مُطْلَقًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ نَهَضَ عَمْدًا) هُوَ قَسِيمُ قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَلَوْ نَسِيَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 الْقِيَامِ أَقْرَبَ) مِنْ الْقُعُودِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ أَوْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ، فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَشَمَلَ الصُّورَتَيْنِ قَوْلُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَإِنْ عَادَ قَبْلَ مَا صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ. (وَلَوْ نَسِيَ قُنُوتًا فَذَكَرَهُ فِي سُجُودِهِ لَمْ يَعُدْ لَهُ) لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ (أَوْ قَبْلَهُ عَادَ) لِعَدَمِ التَّلَبُّسِ بِهِ (وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ إنْ بَلَغَ حَدَّ الرَّاكِعِ) فِي هُوِيِّهِ لِزِيَادَتِهِ رُكُوبًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ فَلَا يَسْجُدُ (وَلَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ) بِالْمَعْنَى السَّابِقِ كَالْقُنُوتِ (سَجَدَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فِعْلِهِ (أَوْ ارْتِكَابِ نَهْيٍ) أَيْ مَنْهِيٍّ يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ كَكَلَامٍ قَلِيلٍ نَاسِيًا (فَلَا) يَسْجُدُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ارْتِكَابِهِ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ سَهْوُهُ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي سَجَدَ لِتَيَقُّنِ مُقْتَضِيهِ، وَلَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ مَنْدُوبٍ فِي الْجُمْلَةِ لَا يَسْجُدُ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ قَدْ لَا يَقْتَضِيه. (وَلَوْ سَهَا) بِمَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ (وَشَكَّ هَلْ سَجَدَ) أَوْ لَا (فَلْيَسْجُدْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السُّجُودِ (وَلَوْ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ (أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا أَتَى بِرَكْعَةٍ) لِأَنَّ   [حاشية قليوبي] مُطْلَقًا. وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: إنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِوُصُولِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ قِيَامُهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، لِأَنَّ نُهُوضَهُ حِينَئِذٍ عَبَثٌ لِعَدَمِ حُسْبَانِهِ لَهُ، وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَعَادَ) أَيْ بِالْفِعْلِ فَلَا تَبْطُلُ بِقَصْدِ الْعَوْدِ. نَعَمْ إنْ عَزَمَ فِي ابْتِدَاءِ نُهُوضِهِ عَلَى الْعَوْدِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ نُهُوضِهِ لِأَنَّهُ شُرُوعٌ فِي الْمُبْطِلِ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ) أَيْ مِنْهُ إلَى الْقُعُودِ، فَإِنْ عَادَ قَبْلَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا، وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِ صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْفِعْلِ الْقَلِيلِ كَالْخُطْوَتَيْنِ فَتَأَمَّلْ. (تَنْبِيهٌ) حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ قَامَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ غَيْرَ قَاصِدٍ تَرْكَهُ، فَلَهُ الْعَوْدُ مَا لَمْ يَنْتَصِبْ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الْقُعُودِ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ قَامَ عَنْهُ قَاصِدًا تَرْكَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِالْقِيَامِ مُطْلَقًا، ثُمَّ إنْ عَزَمَ عَلَى فِعْلِهِ بَعْدَ قَصْدِ تَرْكِهِ فَلَهُ الْعَوْدُ أَيْضًا مَا لَمْ يَنْتَصِبْ، لِأَنَّ النَّفَلَ يَجُوزُ فِعْلُهُ بَعْدَ قَصْدِ تَرْكِهِ مَا لَمْ يَفُتْ مَحَلُّهُ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ مَنْ قَامَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ سَاهِيًا غَيْرَ قَاصِدٍ تَرْكَهُ فَلَهُ الْعُودُ وَإِنْ انْتَصَبَ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ قَامَ قَاصِدًا تَرْكَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ أَوْ قَصَدَ وُصُولَهُ لِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُعِدْ لِأَنَّهُ مِمَّا يُبْطِلُ عَمْدُهُ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا يَأْتِي. وَعَلَى هَذَا يُنَزَّلُ كَلَامُهُمْ فَافْهَمْ هَذَا، فَإِنَّهُ مِمَّا يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ، وَلَا التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَسِيَ) أَيْ الْمُصَلِّي مُطْلَقًا، وَتَخَلُّفُ بَعْضِ الْأَحْكَامِ فِي الْمَأْمُومِ لَا يَضُرُّ، وَالنِّسْيَانُ لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضٍ) فَهُوَ بَعْدَ وَضْعِ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ، وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا مَعَهُ التَّحَامُلَ وَالتَّكَيُّسَ وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ، وَمَنْ عَادَ بَعْدَ هُوِيِّهِ أَوْ سُجُودِهِ إلَيْهِ فَفِيهِ مَا مَرَّ فِي الْقَائِمِ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (إنْ بَلَغَ حَدَّ الرَّاكِعِ) أَيْ أَقَلَّ الرُّكُوعِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ) اعْلَمْ أَنَّ جُمْلَةَ صُوَرِ تَرْكِ الْمَنْدُوبِ وَلَوْ يَقِينًا أَوْ غَيْرَ بَعْضُ عَشَرَةٍ، أَحَدُهَا: تَيَقُّنُ تَرْكِ بَعْضِ مُعَيَّنٌ، كَالْقُنُوتِ وَفِيهِ السُّجُودُ. ثَانِيهَا: تَيَقُّنُ تَرْكِ بَعْضِ مُبْهَمٍ فِي الْأَبْعَاضِ كَالْقُنُوتِ أَوْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ مَثَلًا، وَفِيهِ السُّجُودُ أَيْضًا وَهَاتَانِ مَعْلُومَتَانِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى ثَالِثُهَا: الشَّكُّ فِي تَرْكِ بَعْضِ مُعَيَّنٍ، كَالْقُنُوتِ هَلْ فَعَلَهُ أَوْ لَا؟ وَفِيهِ السُّجُودُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فِعْلِهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. رَابِعُهَا: الشَّكُّ فِي تَرْكِ بَعْضِ مُبْهَمٍ فِيهَا، كَأَنْ شَكَّ هَلْ فَعَلَ جَمِيعَ الْأَبْعَاضِ أَوْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا؟ وَالْوَجْهُ فِيهَا عَدَمُ السُّجُودِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ، لِأَنَّهَا الْمُحْتَرَزُ عَنْهَا بِقَوْلِهِ: مُعَيَّنٌ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا مُضْعِفَانِ الشَّكُّ وَالْإِبْهَامُ. خَامِسُهَا: تَيَقُّنُ تَرْكِ مَنْدُوبٍ مُبْهَمٍ فِي الْأَبْعَاضِ وَالْهَيْئَاتِ. سَادِسُهَا: تَيَقُّنُ تَرْكِ هَيْئَةٍ مُعَيَّنَةٍ، كَتَسْبِيحِ الرُّكُوعِ. سَابِعُهَا: الشَّكُّ فِي فِعْلِ هَيْئَةٍ مُعَيَّنَةٍ كَمَا ذُكِرَ. ثَامِنُهَا: تَيَقُّنُ تَرْكِ هَيْئَةٍ مُبْهَمَةٍ. تَاسِعُهَا: الشَّكُّ فِي تَرْكِ هَيْئَةٍ مُبْهَمَةٍ. عَاشِرُهَا: الشَّكُّ فِي تَرْكِ مَنْدُوبٍ مُطْلَقًا، وَلَا سُجُودَ فِي هَذِهِ السِّتَّةِ كَمَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ فِي أَوَّلِهَا قَدْ لَا يَقْتَضِي السُّجُودَ، وَفِي الْبَقِيَّةِ لَيْسَ بَعْضًا وَعَدَمُ السُّجُودِ فِي الشَّكِّ فِيهَا أَوْلَى مِنْ عَدَمِهِ مَعَ تَيَقُّنِهَا، وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّ تَقْيِيدَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْبَعْضَ بِالْمُعَيَّنِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا يُغْتَرُّ بِمَا انْتَقَدَ بِهِ عَلَيْهِ بَعْضُ أَكَابِرِ الْفُضَلَاءِ وَالْعُلَمَاءِ، وَالْحَقُّ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ، وَالتَّسْلِيمُ لَهُ أُولَى مِنْ النِّزَاعِ. قَوْلُهُ: (بِالْمَعْنَى السَّابِقِ) وَهُوَ كَوْنُهُ   [حاشية عميرة] التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ. كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ السَّابِقَ: وَلَوْ تَذَكَّرَ قَبْلَ انْتِصَابِهِ قَسِيمُ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَذَكَرَهُ بَعْدَ انْتِصَابِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ بَلَغَ حَدَّ الرَّاكِعِ) شَرْطٌ لِقَوْلِهِ: وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ قَوْلُهُ: (أَيْ تَرَدَّدَ) أَيْ بِاسْتِوَاءٍ أَوْ رُجْحَانٍ فَلَا يَعْمَلُ بِظَنِّهِ وَلَا بِقَوْلِ غَيْرِهِ، لِأَنَّ لَفْظَ الشَّكِّ وَقَعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 الْأَصْلَ عَدَمُ فِعْلِهَا (وَسَجَدَ) لِلتَّرَدُّدِ فِي زِيَادَتِهَا، وَلَا يَرْجِعُ فِي فِعْلِهَا إلَى ظَنِّهِ وَلَا إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ جَمْعًا كَثِيرًا، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ وَلِيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ» أَيْ رَدَّتْهَا السَّجْدَتَانِ إلَى الْأَرْبَعِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْجُدُ وَإِنْ زَالَ شَكُّهُ قَبْلَ سَلَامِهِ) بِأَنْ تَذَكَّرَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ لِفِعْلِهَا مَعَ التَّرَدُّدِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُعْتَبَرُ التَّرَدُّدُ بَعْدَ زَوَالِهِ. (وَكَذَا حُكْمُ مَا يُصَلِّيه مُتَرَدِّدًا، وَاحْتَمَلَ كَوْنَهُ زَائِدًا) أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلتَّرَدُّدِ فِي زِيَادَتِهِ وَإِنْ زَالَ شَكُّهُ قَبْلَ سَلَامِهِ. (وَلَا يَسْجُدُ لِمَا يَجِبُ بِكُلِّ حَالٍ إذَا زَالَ شَكُّهُ مِثَالُهُ شَكَّ فِي الثَّالِثَةِ) فِي الْوَاقِعِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ (أَثَالِثَةٌ هِيَ أَمْ رَابِعَةٌ فَتَذَكَّرَ فِيهَا) أَنَّهَا ثَالِثَةٌ وَأَتَى بِرَابِعَةٍ. (لَمْ يَسْجُدْ) لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْهَا مَعَ التَّرَدُّدِ لَا بُدَّ مِنْهُ (أَوْ) تَذَكَّرَ (فِي الرَّابِعَةِ) الَّتِي أَتَى بِهَا أَنَّ مَا قَبْلَهَا ثَالِثَةٌ (سَجَدَ) لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْهَا قَبْلَ التَّذَكُّرِ مُحْتَمِلٌ لِلزِّيَادَةِ. (وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ لَمْ يُؤَثِّرْ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ   [حاشية قليوبي] مِمَّا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ. قَوْلُهُ: (أَصَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا) أَيْ فِي صَلَاةٍ رُبَاعِيَّةٍ وَلَوْ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ الَّذِي عَقَدَ نِيَّتَهُ عَلَيْهِ، وَجَوَازُ الِاقْتِصَارِ لَهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِلتَّرَدُّدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ السُّجُودَ لَيْسَ لِلشَّكِّ فِي فِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُرْجَعُ فِي فِعْلِهَا إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ) وَلَا فِي تَرْكِهَا كَذَلِكَ، إلَّا إنْ تَذَكَّرَ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَذَكَّرَ مَا وَقَعَ لَهُ حِينَ نَبَّهُوهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَعَ إلَى قَوْلِ الصَّحَابَةِ لِبُلُوغِهِمْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ كَمَا يَأْتِي، لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِ كَوْنِهِمْ كَانُوا كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي وَقْتِ جَوَازِ نَسْخِ الْأَحْكَامِ وَتَغْيِيرِهَا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ذُو الْيَدَيْنِ فِيمَا ذَكَرَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ جَمْعًا كَثِيرًا) أَيْ وَلَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَإِلَّا رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمْ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْيَقِينَ قَالَ شَيْخُنَا: وَفِعْلُهُمْ كَقَوْلِهِمْ كَمَا فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (رَدَّتْهَا السَّجْدَتَانِ إلَى أَرْبَعٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ نَزْعٌ، مِنْهَا الزِّيَادَةُ الْوَاقِعُ بِهَا الْخَلَلُ فَرَجَعَتْ إلَى أَرْبَعَةٍ كَامِلَةٍ كَمَا هُوَ أَصْلُهَا، وَجَمَعَ ضَمِيرَ شَفَعْنَ بِاعْتِبَارِ انْضِمَامِ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إلَيْهِمَا، وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ مَعْنَى شَفَعْنَ لَهُ صَلَاةً جَعَلْنَهَا سِتًّا بِضَمِّ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ جَعْلِهِمَا رَكْعَةً مَعَ الرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ إلَى الْأَرْبَعِ، وَكَذَا مَا قِيلَ: إنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ السَّجْدَتَيْنِ شَفْعٌ، وَقَدْ انْضَمَّا إلَى شَفْعٍ، وَلَا يَخْفَى نَكَارَةُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ إذْ لَا قَائِلَ بِأَنَّ السَّجْدَتَيْنِ بِرَكْعَةٍ، وَلَا بِأَنَّ بَعْضَ رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ فَرْضٌ وَبَعْضُهَا نَفْلٌ، فَمَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مِمَّا يُوهَمُ أَنَّ الزِّيَادَةَ لَهُ نَافِلَةٌ يُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ أَوْ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى مَا لَا يُتَوَقَّفُ فِيهِ عَلَى نِيَّةِ ثَوَابِ النَّافِلَةِ، أَوْ أَنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ أَوْ مَرْوِيٌّ بِالْمَعْنَى. قَوْلُهُ: (مَا يُصَلِّيه مُتَرَدِّدًا) وَكَانَ مِمَّا يُبْطِلُ عَمْدُهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْوَاقِعِ) رَفَعَ بِهِ التَّنَاقُضَ فِي كَلَامِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الشَّكُّ فِي أَنَّهَا ثَالِثَةٌ أَوْ رَابِعَةٌ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي الرَّابِعَةِ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَذَا لَوْ تَذَكَّرَ قَبْلَهُمَا بَعْدَ أَنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْقُعُودِ، وَاعْتَرَضَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ الْمُبْطِلَ إنَّمَا هُوَ النُّهُوضُ مَعَ الْعَوْدِ، لَا النُّهُوضُ وَحْدَهُ، وَهُنَا لَمْ يَعُدْ وَرَدَّهُ ابْنُ حَجَرٍ وَانْتَصَرَ لِلْإِسْنَوِيِّ وَهُوَ الْوَجْهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَوْ قَامَ إمَامُهُ لِخَامِسَةٍ فَإِنْ فَارَقَهُ قَبْلَ أَنْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ لَمْ يَسْجُدْ وَإِلَّا سَجَدَ، وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. (فَرْعٌ) سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ مَثَلًا ظَانًّا تَمَامَهَا، وَأَحْرَمَ بِأُخْرَى بَعْدَهَا ثُمَّ تَذَكَّرَ، فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ سَلَامِهِ وَإِحْرَامِهِ فَالثَّانِيَةُ صَحِيحَةٌ وَيُعِيدُ الْأُولَى، أَوْ بَيْنَ سَلَامِهِ وَتَذَكُّرِهِ بَعْدَ إحْرَامِهِ بِالثَّانِيَةِ بَطَلَتَا وَلَزِمَهُ إعَادَتُهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَنَى عَلَى الْأُولَى وَأَتَمَّهَا، وَلَا يُحْسَبُ مَا فَعَلَهُ مِنْ الثَّانِيَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَقْعُدَ ثُمَّ يَقُومَ لِإِتْمَامِهَا وَلَا يَضُرُّ إحْرَامُهُ بِالثَّانِيَةِ، وَلَا اسْتِدْبَارُهُ الْقِبْلَةَ قَبْلَ إحْرَامِهِ، وَلَا وَطْؤُهُ نَجَاسَةً، وَلَا مُفَارَقَتُهُ مُصَلَّاهُ، وَلَا كَلَامٌ قَلِيلٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ) أَيْ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ   [حاشية عميرة] فِي الْحَدِيثِ وَهَذَا مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ. قَوْلُهُ: (لِلتَّرَدُّدِ فِي زِيَادَتِهَا) هَذَا التَّعْلِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقِيلَ: الْعِلَّةُ الْخَبَرُ، وَلَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ تَرْكَ مَأْمُورٍ وَلَا فِعْلَ مَنْهِيٍّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَرْجِعُ فِي فِعْلِهَا إلَخْ) لَا يُقَالُ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قِصَّةُ ذِي الْيَدَيْنِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُخْبِرُوهُ بِالْفِعْلِ إنَّمَا أَخْبَرُوهُ بِالتَّرْكِ. نَعَمْ قَضِيَّتُهَا تَأْثِيرُ الشَّكِّ بَعْدَ السَّلَامِ الْمُسْتَنِدِ إلَى قَوْلِ الْغَيْرِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَذَكَّرَ عَقِبَ إخْبَارِهِمْ. قَوْلُهُ: (أَيْ رَدَّتْهَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْخَامِسَةَ وَالْخَلَلَ الْحَاصِلَ بِزِيَادَتِهَا زَالَ شَرْعًا وَذَهَبَ أَثَرُهُ بِسَبَبِ السُّجُودِ، فَهُوَ جَابِرٌ لِلْخَلَلِ الْحَاصِلِ مِنْ النُّقْصَانِ تَارَةً وَمِنْ الزِّيَادَةِ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (أَوْ تَذَكَّرَ فِي الرَّابِعَةِ) لَوْ تَذَكَّرَ بَيْنَهُمَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالْقِيَاسُ السُّجُودُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 وُقُوعُ السَّلَامِ عَنْ تَمَامٍ وَالثَّانِي يُؤَثِّرُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فِعْلِهِ فَيُبْنَى عَلَى الْمُتَيَقَّنِ، وَيَسْجُدُ كَمَا فِي صُلْبِ الصَّلَاةِ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَإِنْ طَالَ اسْتَأْنَفَ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ. وَمَرْجِعُ الطُّولِ الْعُرْفُ، وَلَا فَرْقَ فِي الْبِنَاءِ بَيْنَ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَيَمْشِيَ وَيَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ، وَبَيْنَ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ. (وَسَهْوُهُ حَالَ قُدْوَتِهِ) كَأَنْ سَهَا عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (يَحْمِلُهُ إمَامُهُ) كَمَا يَحْمِلُ عَنْهُ الْجَهْرَ وَالسُّورَةَ وَغَيْرَهُمَا (فَلَوْ ظَنَّ سَلَامَهُ فَسَلَّمَ فَبَانَ خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافَ ظَنِّهِ (سَلَّمَ مَعَهُ) أَيْ بَعْدَ سَلَامِهِ (وَلَا سُجُودَ) لِأَنَّ سَهْوَهُ فِي حَالِ الْقُدْوَةِ. (وَلَوْ ذَكَرَ فِي تَشَهُّدِهِ تَرْكَ رُكْنٍ غَيْرِ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرَةِ قَامَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ إلَى رَكْعَتِهِ) الَّتِي فَاتَتْ بِفَوَاتِ الرُّكْنِ كَأَنْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ رَكْعَةٍ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَخِيرَةِ كَمَّلَهَا. (وَلَا يَسْجُدُ) لِأَنَّ سَهْوَهُ فِي حَالِ الْقُدْوَةِ وَزَادَ عَلَى الْمُحَرَّرِ قَوْلَهُ كَالشَّرْحِ غَيْرَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرَةِ لِأَنَّ التَّارِكَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَيْسَ فِي صَلَاةٍ. (وَسَهْوُهُ بَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ سَلَامِ إمَامِهِ   [حاشية قليوبي] سَلَامِهِ التَّرَدُّدُ فِي حَالِهِ قَبْلَ صَلَاتِهِ أَوْ فِيهَا، وَخَرَجَ بِالتَّرَدُّدِ تَذَكُّرُ حَالِهِ، وَإِخْبَارُ عَدَدٍ بِالتَّوَاتُرِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا ظَنُّهُ بِخَبَرِ عَدْلٍ لِأَنَّ الظَّنَّ مَعَهُ كَالْيَقِينِ. قَوْلُهُ: (فِي تَرْكِ فَرْضٍ) عَدَلَ عَنْ أَنْ يَقُولَ فِي تَرْكِ رُكْنٍ لِيَشْمَلَ الرُّكْنَ وَبَعْضَهُ، وَالشَّرْطَ وَبَعْضَهُ، وَالْمُعَيَّنَ مِنْهُمَا وَالْمُبْهَمَ كَتَرْكِ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْضِهَا، أَوْ الرُّكُوعِ أَوْ طُمَأْنِينَتِهِ أَوْ بَعْضِ الْأَرْكَانِ، أَوْ الِاسْتِقْبَالِ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ أَوْ بَعْضِهَا، أَوْ السِّتْرِ كَذَلِكَ، أَوْ الْوُضُوءِ أَوْ بَعْضِهِ، وَلَوْ نِيَّتَهُ وَإِنْ كَانَ الْآنَ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ، أَوْ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ أَوْ بَعْضِ ذَلِكَ، وَمِنْهُ مَا لَوْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ أَوْ عَكْسِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ. نَعَمْ التَّرَدُّدُ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مُوجِبُ الْإِعَادَةِ، لِأَنَّ التَّارِكَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ إلَّا إنْ تَذَكَّرَ فِعْلَهُمَا وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ، وَخَرَجَ بِالتَّرَدُّدِ بَعْدَ الْفَرَاغِ كَمَا مَرَّ مَا لَوْ تَرَدَّدَ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَحُكْمُهُ ظَاهِرٌ، وَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَيَلْزَمُهُ فِعْلُ مَا تَرَدَّدَ فِيهِ فِي غَيْرِ الشُّرُوطِ، وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ فِيهَا. نَعَمْ التَّرَدُّدُ فِي بَعْضِ الرُّكْنِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ لَا يُؤَثَّرُ فِيهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ. (فَرْعٌ) عَلَيْهِ صَلَاتَانِ فَصَلَّى وَاحِدَةً مِنْهُمَا ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا شَكَّ فِي أَيَّتِهِمَا الَّتِي صَلَّاهَا لَزِمَهُ إعَادَتُهُمَا مَعًا لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ يَقِينًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الشَّكِّ فِي النِّيَّةِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ السَّلَامِ عَنْ تَمَامٍ) وَالْأَصْلُ فِي الْأَفْعَالِ الْعُقَلَاءُ وُقُوعُهَا عَلَى السَّدَادِ. قَوْلُهُ: (وَسَهْوٌ مُحَالٌ قُدْوَتُهُ) أَيْ مُدَّةُ وُجُودِهَا حِسًّا أَوْ حُكْمًا، كَسَهْوِ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ فِي رَكْعَتِهَا الثَّانِيَةِ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ. قَوْلُهُ: (يَحْمِلُهُ إمَامُهُ) إنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْمِلُ مُقْتَضَاهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ سُجُودُ السَّهْوِ فَلَا يَطْلُبُ مِنْ الْمَأْمُومِ، وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ يَحْمِلُ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ فِي صَلَاتِهِ أَيْضًا بِمَعْنَى كَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (كَمَا يَحْمِلُ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ، وَقَدَّمَ الْقِيَاسَ عَلَى الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ، وَلَعَلَّ ذِكْرَهُ حِينَئِذٍ لِبَيَانِ ضَعْفِهِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُمَا) كَالْقُنُوتِ فِي الْجَهْرِيَّةِ قَالَ الْعَلَامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَكَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ بَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ الْمَأْمُومُ، أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يُسَلَّمَ ثَانِيًا مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ بَعْدَ سَلَامِهِ الْوَاقِعِ مِنْهُ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ لِوُقُوعِهِ لَغْوًا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَهَذَا مَا قَالَهُ الْعَلَامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَمَشَى عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ: ضَمِيرُ سَلَامِهِ عَائِدٌ لِلْإِمَامِ فَبَعُدَ تَفْسِيرُ لِمَعَ أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يُسَلِّمَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَهَذَا مَعَ بُعْدِهِ يُوهِمُ عَدَمَ صِحَّةِ سَلَامِ الْمَأْمُومِ مَعَ الْإِمَامِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَكْمَلِ. قَوْلُهُ: (وَلَا سُجُودَ) وَإِنْ كَانَ مَا فَعَلَهُ مُبْطِلًا وَتَعَمَّدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ذَكَرَ) أَيْ تَذَكَّرَ أَيْ عَلِمَ وَخَرَجَ بِهِ الشَّكُّ فَيَسْجُدُ لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْجُدُ) جَوَابٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلِقَوْلِ الشَّارِحِ كَمَّلَهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ التَّارِكَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا) أَيْ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرَةِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ فِي صَلَاةٍ) وَكَلَامُهُ فِي الْعِلْمِ بِتَرْكِهِمَا، وَمِثْلُهُ الشَّكُّ فِيهِ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْهُ قَبْلَ فِعْلِ رُكْنٍ أَوْ مَضَى زَمَنُهُ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالشُّرُوطُ مِثْلُهُمَا فِيمَا ذُكِرَ وَقَدْ مَرَّ، وَيَجْرِي الشَّكُّ فِي النِّيَّةِ وَالْعِلْمُ بِتَرْكِهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِهِمْ الصَّوْمَ مِنْ الشَّكِّ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى الشَّكِّ فِي أَنَّ النِّيَّةَ فِيهِ وَقَعَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَسَهْوُهُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ سَهْوَهُ مَعَ سَلَامِ إمَامِهِ مَحْمُولٌ عَنْهُ فَقَوْلُهُ: بِسَلَامِ إمَامِهِ بِمَعْنَى بَعْدَهُ، لَا   [حاشية عميرة] إنْ كَانَ بَعْدَمَا صَارَ إلَى الْقِيَام أَقْرَبَ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ: يَسْجُدُ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِانْتِقَالَاتِ وَاجِبَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ إلَخْ) قَضِيَّةُ حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ أَنَّهُ يُؤَثِّرُ عِنْدَ إخْبَارِ الْجَمْعِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَذَكَّرَ الْحَالَ عَقِبَ إخْبَارِهِمْ لَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ) عُلِّلَ أَيْضًا بِأَنَّ عُرُوضَ هَذَا الشَّكِّ لِلْمُصَلِّي كَثِيرٌ، فَلَوْ كُلِّفَ بِتَدَارُكِهِ بَعْدَ السَّلَامِ عَسُرَ وَشَقَّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَحْمِلُهُ إمَامُهُ) لِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ الَّذِي تَكَلَّمَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَامَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 (لَا يَحْمِلُهُ) أَيْ إمَامُهُ لِانْتِهَاءِ الْقُدْوَةِ. (فَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ بِسَلَامِ إمَامِهِ) فَذَكَرَ (بَنَى وَسَجَدَ) لِأَنَّ سَهْوَهُ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْقُدْوَةِ، وَلَوْ سَهَا الْمُنْفَرِدُ ثُمَّ اقْتَدَى لَا يَحْمِلُ الْإِمَامُ سَهْوَهُ (وَيَلْحَقُهُ) أَيْ الْمَأْمُومُ (سَهْوَ إمَامِهِ) كَمَا يَحْمِلُ الْإِمَامُ سَهْوَهُ وَفِيهِمَا حَدِيثُ «لَيْسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ» فَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ السَّهْوُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَضَعَّفَهُ (فَإِنْ سَجَدَ) أَيْ إمَامُهُ (لَزِمَهُ مُتَابَعَتُهُ) فَإِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَاسْتَثْنَى فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مَا إذَا تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُ الْإِمَامِ فَلَا يَلْحَقُهُ سَهْوَهُ، وَلَا يَحْمِلُ الْإِمَامُ سَهْوَهُ وَمَا إذَا تَيَقَّنَ غَلَطَ الْإِمَامِ فِي ظَنِّهِ وُجُودُ مُقْتَضٍ لِلسُّجُودِ فَلَا يُتَابِعُهُ فِيهِ. (وَإِلَّا) أَيْ   [حاشية قليوبي] أَنَّهُ تَصْوِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَلِذَلِكَ فَرَّعَهُ بِالْفَاءِ وَهَذَا مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ قَالَ: وَإِذَا أَحْرَمَ شَخْصٌ خَلْفَ الْإِمَامِ حِينَئِذٍ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ جَمَاعَةً، وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ اخْتِلَالُ الْقُدْوَةِ بِالشُّرُوعِ فِي السَّلَامِ لِبَقَاءِ حُكْمِهَا، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَقَالَ: إنَّ سَهْوَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مَحْمُولٍ فَيَسْجُدُ لَهُ، وَلَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ لِاخْتِلَالِ الْقُدْوَةِ بِمَا ذُكِرَ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ: يُحْمَلُ السَّهْوُ فَلَا يَسْجُدُ لَهُ وَبِانْعِقَادِ إحْرَامِ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ فُرَادَى لَا جَمَاعَةً وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ الضِّدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ) خَرَجَ مَا لَوْ قَامَ لِيَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ ظَانًّا سَلَامَ الْإِمَامِ فَبَانَ عَدَمُهُ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقُعُودُ، وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَهُ، وَلَا يَكْفِيه نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ فِي قِيَامِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ حَصَلَ مِنْهُ قُعُودٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَدَّ بِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ كَأَنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا فِي رَكْعَةٍ ثَانِيَةٍ بَعْدَ قِيَامِهِ فَرَاجِعْهُ، وَعَلَى كُلٍّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. قَوْلُهُ: (وَيَلْحَقُهُ سَهْوُ إمَامِهِ) وَإِنْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ سُجُودِهِ لِلسَّهْوِ كَمَا يُفِيدُهُ فَحْوَى كَلَامِهِمْ، وَجَبْرُ الْخَلَلِ لَا يَمْنَعُ وُجُودَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ سَجَدَ أَيْ إمَامُهُ) وَلَوْ لِغَيْرِ سَهْوٍ كَاعْتِقَادِ حَنَفِيٍّ تَرْكَ الْقُنُوتِ فِي الْوَتْرِ وَإِنْ أَتَى بِهِ الْمَأْمُومُ مَعَهُ فِي مَحَلِّهِ لَزِمَهُ مُتَابَعَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِسَهْوِهِ لِأَنَّهُ الْآنَ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ، حَتَّى لَوْ تَرَكَ بَعْضَهُ امْتَنَعَ عَلَى الْمَأْمُومِ إتْمَامُهُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ مُتَابَعَتِهِ لَهُ فِي قِيَامِهِ لِخَامِسَةٍ، وَأَمَّا السُّجُودُ لِأَجْلِ سَهْوِ الْإِمَامِ فَهُوَ فِي الْأَخِيرِ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ مَسْبُوقًا وَسَجَدَ الْإِمَامُ الْحَنَفِيُّ بَعْدَ سَلَامِ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ مُتَابَعَتُهُ، وَإِنَّمَا يَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاةِ نَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ شَافِعِيًّا مُوَافِقًا وَلَمْ يُتِمَّ الْمَأْمُومُ التَّشَهُّدَ الْوَاجِبَ أَوْ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ الْوَاجِبَةَ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ لِإِتْمَامِهِمَا لِأَنَّهُ سُجُودٌ جَابِرٌ لَا لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ، وَهُوَ لَا يَقَعُ جَابِرًا قَبْلَ تَمَامِ الْوَاجِبِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، فَلَوْ سَجَدَ قَبْلَ تَمَامِهِمَا عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ، ثُمَّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ بَعْدَ تَمَامِهِمَا وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ وَسَلَّمَ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا وَطَالَ الْفَصْلُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِيهِمَا، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى الصَّلَاةِ لِيَسْجُدَ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ بَطَلَتْ أَيْضًا، وَلَوْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَى الْمَأْمُومِ السُّجُودُ، وَلَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ فِي هَذِهِ سَجْدَةً فَقَطْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَلَا يَجُوزُ لِلْمَسْبُوقِ فِعْلُ الثَّانِيَةِ، وَيُنْدَبُ لِلْمُوَافِقِ فِعْلُهَا كَمَا فِي غَيْرِ هَذِهِ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا لَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ. قَوْلُهُ: (عَمْدًا) فَلَوْ كَانَ سَهْوًا وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ بَعْدَ التَّذَكُّرِ، وَلَوْ بِالْعَوْدِ بَعْدَ سَلَامِهِ وَإِنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ بِشُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الْهُوِيِّ لِلسَّجْدَةِ الْأُولَى إنْ قَصَدَ الْمَأْمُومُ التَّخَلُّفَ، وَإِلَّا فَبِشُرُوعِهِ لِلْهَوِيِّ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَا إذَا تَيَقَّنَ غَلَطَ الْإِمَامِ إلَخْ) . قَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي التَّصْحِيحِ لِابْنِ قَاضِي عَجْلُونَ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُشْكِلَةٌ تَصْوِيرًا وَحُكْمًا وَاسْتِثْنَاءً إذْ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ تَيَقُّنُ الْغَلَطِ مَعَ كَوْنِهِمَا فِي الصَّلَاةِ؟ وَكَيْف لَا يَسْجُدُ مَعَ أَنَّ سُجُودَ الْإِمَامِ غَلَطًا مُوجِبٌ لِلسُّجُودِ؟ وَكَيْف يُسْتَثْنَى غَيْرُ السَّاهِي مِنْ السَّاهِي؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ التَّيَقُّنُ بِكِتَابَتِهِ لَهُ أُرِيدُ السُّجُودَ لِلسُّورَةِ مَثَلًا، أَوْ بِأَنَّهُ تَكَلَّمَ لَهُ بِذَلِكَ قَلِيلًا نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا، أَوْ بَعْدَ سَلَامِ نَفْسِهِ وَقَبْلَ سَلَامِهِ وَبِأَنَّ   [حاشية عميرة] كَذَلِكَ الْحَكِيمُ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي تَرْكِ الرُّكْنِ الْمَذْكُورِ، وَلَكِنْ هَلْ يَسْجُدُ أَوْ لَا؟ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ: كُنْت أَقُولُ يَسْجُدُ ثُمَّ رَجَعَتْ وَقُلْت: لَا سُجُودَ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: السُّجُودُ أَظْهَرُ كَالْمَسْبُوقِ إذَا شَكَّ فِي إدْرَاكِ الرُّكُوعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ السَّلَامُ، ثُمَّ تَذَكَّرَ قَبْلَ الْخِطَابِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَمْ يَسْجُدْ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ ثُمَّ بَحَثَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيُّ السُّجُودَ إذَا نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ عِنْدَ النُّطْقِ بِالسَّلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِسَلَامِ إمَامِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَا مَعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَزِمَهُ مُتَابَعَتُهُ) أَيْ وَيَكُونُ سُجُودُهُ لِأَجْلِ سَهْوِ الْإِمَامِ وَقِيلَ لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا مَسَائِلُ مِنْهَا الْخِلَافُ الْآتِي فِي سُجُودِهِ، إذَا لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ الْمُتَابَعَةُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ سَهْوَ الْإِمَامِ، بَلْ لَوْ لَمْ يَسْجُدْ إلَّا وَاحِدَةً سَجَدَ الْمَأْمُومُ أُخْرَى حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ نَسِيَ. أَقُولُ: وَقَدْ يُشْكِلُ الِاتِّبَاعُ بِمَا لَوْ قَامَ إلَى خَامِسَةٍ، فَإِنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُتَابِعُهُ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّ الْإِمَامَ تَذَكَّرَ تَرْكَ رُكْنٍ فَقَامَ لِيَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَوْ تَحَقَّقَ الْحَالُ أَعْنِي الْخَلَلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ طُلِبَ مِنْهُ الْمُتَابَعَةُ فِي السُّجُودِ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الْمُوَافَقَةُ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قَامَ الْإِمَامُ لِيَأْتِيَ بِهَا، لِأَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ قَدْ تَمَّتْ، بَلْ لَوْ بَقِيَ عَلَى الْمَأْمُومِ رَكْعَةٌ لَمْ يُتَابِعْهُ فِيمَا قَامَ إلَيْهِ أَيْضًا ذَكَرَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ إمَامُهُ (فَيَسْجُدْ) هُوَ (عَلَى النَّصِّ) وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ لَا يَسْجُدُ وَهُوَ نَاظِرٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ سَهْوُ إمَامِهِ وَإِنْ لَزِمَهُ مُتَابَعَتُهُ فِي السُّجُودِ، وَهَذَا الْكَلَامُ فِي الْمُوَافِقِ. (وَلَوْ اقْتَدَى مَسْبُوقٌ بِمَنْ سَهَا بَعْدَ اقْتِدَائِهِ كَذَا قَبْلَهُ فِي الْأَصَحِّ) وَسَجَدَ الْإِمَامُ (فَالصَّحِيحُ) فِي الصُّورَتَيْنِ (أَنَّهُ) أَيْ الْمَسْبُوقُ (يَسْجُدُ مَعَهُ) رِعَايَةً لِلْمُتَابَعَةِ. (ثُمَّ) يَسْجُدُ أَيْضًا (فِي آخِرِ صَلَاتِهِ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ سُجُودِ السَّهْوِ الَّذِي لَحِقَهُ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ مَعَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ مَوْضِعَ السُّجُودِ آخِرُ الصَّلَاةِ، وَفِي قَوْلٍ فِي الْأُولَى، وَوَجْهٌ فِي الثَّانِيَةِ: يَسْجُدُ مَعَهُ مُتَابَعَةً وَلَا يَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاةِ نَفْسِهِ، وَهُوَ الْمُخَرَّجُ السَّابِقُ، وَفِي وَجْهٍ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ مَعَهُ وَلَا فِي آخِرِ صَلَاةِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ السَّهْوَ. (فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ سَجَدَ) هُوَ (آخِرَ صَلَاةِ نَفْسِهِ) فِي الصُّورَتَيْنِ (عَلَى النَّصِّ) وَمُقَابِلُهُ الْقَوْلُ الْمُخَرَّجُ السَّابِقُ. (وَسُجُودُ السَّهْوِ وَإِنْ كَثُرَ) أَيْ السَّهْوُ (سَجْدَتَانِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ) فِي وَاجِبَاتِهِ وَمَنْدُوبَاتِهِ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ فِيهِمَا: سُبْحَانَ مَنْ لَا يَنَامُ وَلَا يَسْهُو، وَهُوَ لَائِقٌ بِالْحَالِ، وَقَوْلُهُ فِي الْمُحَرَّرِ بَيْنَهُمَا جَلْسَةٌ أَدْخَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّشْبِيهِ. (وَالْجَدِيدُ أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ السُّجُودِ (بَيْنَ تَشَهُّدِهِ وَسَلَامِهِ) أَيْ تَشَهُّدِهِ الْمَخْتُومِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ. وَفِي الْقَدِيمِ إنْ سَهَا بِنَقْصٍ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بِزِيَادَةٍ فَبَعْدَهُ، وَفِي قَدِيمٍ آخَرَ يَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ قَبْلَهُ وَإِنْ شَاءَ بَعْدَهُ لِثُبُوتِ فِعْلِ الْأَمْرَيْنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فِي الْبَابِ، وَاسْتَنَدَ الْقَدِيمُ الْأَوَّلُ إلَى أَنَّ السَّهْوَ فِي الْأَوَّلِ بِالنَّقْصِ، وَفِي الثَّانِي بِالزِّيَادَةِ وَحَمَلَ الْجَدِيدُ السُّجُودَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ تَدَارُكٌ   [حاشية قليوبي] الْحُكْمَ الْمَنْفِيَّ هُنَا عَدَمُ مُتَابَعَتِهِ فِي هَذَا السُّجُودِ، وَأَمَّا كَوْنُ سُجُودِهِ. هَذَا يَقْتَضِي السُّجُودَ لَهُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ فَذَلِكَ حُكْمٌ آخَرُ، وَبَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةِ. قَوْلُهُ: (فَيَسْجُدُ هُوَ) أَيْ الْمَأْمُومُ السَّجْدَتَيْنِ سَوَاءً تَرَكَهُمَا الْإِمَامُ أَوْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَوْ كَانَ يَرَى السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَصَدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقُدْوَةَ انْقَطَعَتْ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا نَاظِرٌ إلَخْ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ لُحُوقَ سَهْوِ الْإِمَامِ لِلْمَأْمُومِ فِيهِ خِلَافٌ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا الْكَلَامُ) أَيْ قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُهُ سَهْوُ إمَامِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْمُوَافِقِ) وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَنْ تَتِمُّ صَلَاتُهُ مَعَ تَمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (رِعَايَةً لِلْمُتَابَعَةِ) فَالسُّجُودُ مَعَهُ وَاجِبٌ، وَلَوْ خَلِيفَةً عَنْ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ، فَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ مَعَهُ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَسْجُدُ إلَخْ) . قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: نَدْبًا وَإِنْ فَاتَتْهُ الْمُتَابَعَةُ بِنَحْوِ غَفْلَةٍ، وَفَارَقَ الْمُوَافِقَ الْمُتَقَدِّمَ بِأَنَّ سُجُودَ الْإِمَامِ فِيهِ فِي مَحَلِّ سُجُودِهِ هُوَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: بِالْوُجُوبِ هُنَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ مِنْ مُقَابِلِ الصَّحِيحِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْقَوْلِ لِأَنَّهُ مُخَرَّجٌ. قَوْلُهُ: (سَجَدَ هُوَ) أَيْ نَدْبًا كَالْمُوَافِقِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَثُرَ السَّهْوُ) وَيَقَعُ السُّجُودُ جَابِرًا لِجَمِيعِ الْخَلَلِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ جَبْرَ خَلَلٍ مُعَيَّنٍ، وَإِلَّا فَاتَ جَبْرُ غَيْرِهِ وَلَا يُكَرِّرُهُ لَهُ، وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ بِمَا عَيَّنَهُ بَلْ بِغَيْرِهِ سَجَدَ الْخَلَلَ بِهَذَا السُّجُودِ، وَيَدْخُلُ مَعَهُ جَبْرُ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ تَرْكَهُ. قَوْلُهُ: (سَجْدَتَانِ) أَيْ بِنِيَّةِ سُجُودِ السَّهْوِ وُجُوبًا بِالْقَلْبِ فَقَطْ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَا يَحْتَاجُ الْمَأْمُومُ إلَى نِيَّةٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كَمَا فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ الْآتِي، وَلَا يَحْصُلُ الْجَبْرُ بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ إنْ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا قَبْلَ فِعْلِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِشُرُوعِهِ فِيهَا أَوْ بَعْدَ فِعْلِهَا لَمْ تَبْطُلْ، وَلَوْ عَنَّ لَهُ السُّجُودُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكْفِهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ، لِأَنَّ قَصْدَ تَرْكِ السَّجْدَةِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا أَلْغَى الَّتِي فَعَلَهَا، كَذَا تَحَرَّرَ مَعَ بَعْضِ مَشَايِخِنَا فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (فِي وَاجِبَاتِهِ) فَإِنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ تَرَكَهُ، فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ آنِفًا. قَوْلُهُ: (بَيْنَ تَشَهُّدِهِ) أَيْ الشَّامِلُ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُؤَخِّرُهُ عَنْ الْوَاجِبِ وُجُوبًا وَعَنْ الْمَنْدُوبِ نَدْبًا وَلَا يَضُرُّ طُولُ الْفَصْلِ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، وَلَا تَشَهُّدُهُ بَعْدَهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (قَبْلَ السَّلَامِ) نَعَمْ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ تَأْخِيرُ سُجُودِهِ لِمَا بَعْدَ سَلَامِهِ فِي السِّرِّيَّةِ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَبِزِيَادَةٍ) أَيْ فَقَطْ أَوْ مَعَ النَّقْصِ. قَوْلُهُ: (وَحُمِلَ الْجَدِيدُ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ:   [حاشية عميرة] فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَسْجُدُ عَلَى النَّصِّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يَرَى السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ، فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يَسْجُدُ بِمُجَرَّدِ سَلَامِ الْإِمَامِ وَلَا يَتَأَخَّرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْإِمَامُ بِسُجُودِهِ، لِأَنَّ الْقُدْوَةَ انْقَطَعَتْ بِالسَّلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ كَثُرَ) لَوْ سَجَدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِبَعْضِ الْأَسْبَابِ فَقَطْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ وَيَنْجَبِرُ مَا نَوَاهُ فَقَطْ، وَيُحْتَمَلُ الْبُطْلَانُ لِأَنَّهُ زَادَ سُجُودًا عَلَى غَيْرِ الْمَشْرُوعِ، وَيُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ إنْ قَصَدَ الْأَوَّلَ دُونَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ إلَخْ) لَوْ حَصَلَ زِيَادَةٌ وَنَقْصٌ سَجَدَ عَلَى هَذَا قَبْلَ السَّلَامِ فَقَطْ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لِأَنَّ الَّذِينَ ذَهَبُوا إلَى أَنَّهُ بَعْدَ السَّلَامِ فِي الزِّيَادَةِ قَالُوا بِصِحَّتِهِ قَبْلَهُ، انْتَهَى. أَقُولُ: كَيْف يَجْتَمِعُ هَذَا مَعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 لِلْمَتْرُوكِ قَبْلَ السَّلَامِ سَهْوًا لِمَا فِي الْحَدِيثِ الثَّالِثِ الْآمِرِ بِالسُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلزِّيَادَةِ (فَإِنْ سَلَّمَ عَمْدًا) عَلَى الْجَدِيدِ، وَكَذَا الْقَدِيمُ فِي النَّقْصِ مِنْ غَيْرِ سُجُودٍ (فَاتَ فِي الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ كَالسَّهْوِ إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ سَجَدَ وَإِلَّا فَلَا (أَوْ سَهْوًا وَطَالَ الْفَصْلُ) وَمَرْجِعُهُ الْعُرْفُ (فَاتَ فِي الْجَدِيدِ) بِخِلَافِ الْقَدِيمِ فِي السَّهْوِ بِالنَّقْصِ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ (فَلَا) يَفُوتُ (عَلَى النَّصِّ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحَدِيثِ الْمَحْمُولِ عَلَى ذَلِكَ وَقِيلَ يَفُوتُ حَذَرًا مِنْ إلْغَاءِ السَّلَامِ بِالْعَوْدِ إلَى الصَّلَاةِ (وَإِذَا سَجَدَ) فِي صُورَةِ السَّهْوِ عَلَى النَّصِّ أَوْ الْقَدِيمِ (صَارَ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ فِي الْأَصَحِّ) فَيَجِبُ أَنْ يُعِيدَ السَّلَامَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَإِذَا أَحْدَثَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَالثَّانِي لَا يَضُرُّ لِحُصُولِ التَّحَلُّلِ بِالسَّلَامِ، وَدَفَعَ بِأَنَّ نِسْيَانَهُ السَّهْوَ الَّذِي لَوْ ذَكَرَهُ لَسَجَدَ لِرَغْبَتِهِ فِي السُّجُودِ يُخْرِجُ السَّلَامَ عَنْ كَوْنِهِ مُحَلِّلًا، وَإِذَا سَجَدَ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي السَّلَامِ عَمْدًا لَا يَكُونُ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ قَطْعًا (وَلَوْ سَهَا إمَامُ الْجُمُعَةِ وَسَجَدُوا فَبَانَ فَوْتُهَا أَتَمُّوهَا ظُهْرًا) كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا (وَسَجَدُوا) أَيْضًا لِتَبَيُّنِ أَنَّ ذَاكَ السُّجُودَ لَيْسَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، وَلَوْ ظَنَّ سَهْوًا فَسَجَدَ فَبَانَ عَدَمُهُ سَجَدَ فِي الْأَصَحِّ لِزِيَادَةِ   [حاشية قليوبي] إنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ سَلَّمَ بَعْدَ السُّجُودِ، قُلْنَا: هَذَا كَافٍ فِي سُقُوطِ دَلِيلِهِ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ بَعْدَهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِمَا فِي الْحَدِيثِ) أَيْ السَّابِقِ فِي كَلَامِهِ الْمُتَعَرِّضِ لِلزِّيَادَةِ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ نَقْصٌ فِي الْمَعْنَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي النَّقْصِ) قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ أَوْ سَهْوًا. قَوْلُهُ: (وَطَالَ الْفَصْلُ) أَيْ بَيْنَ تَذَكُّرِهِ وَسَلَامِهِ وَمِثْلُهُ لَوْ وَطِئَ نَجَاسَةً أَوْ تَكَلَّمَ كَثِيرًا أَوْ أَتَى بِفِعْلٍ مُبْطِلٍ وَكَالسَّهْوِ الْجَهْلُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَفُوتُ) أَيْ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَدِّ. نَعَمْ يَفُوتُ بِعُرُوضِ مَانِعٍ كَتَخَرُّقِ خُفٍّ، وَفَرَاغِ مُدَّتِهِ وَحَدَثٍ، وَإِنْ تَطَهَّرَ عَنْ قُرْبٍ، وَرُؤْيَةِ مَاءٍ لِتَيَمُّمٍ، وَلَا يَصِحُّ الْعَوْدُ فِيهَا، وَنِيَّةِ إتْمَامٍ أَوْ إقَامَةٍ وَضِيقِ وَقْتِ جُمُعَةٍ عَنْهُ، وَيَصِحُّ عَوْدُهُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ، وَلَا يَضُرُّ فِي عَوْدِهِ انْقِلَابُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا وَإِنْ كَانَ حَرَامًا لِفَوَاتِ الْوَقْتِ، وَلَا لُزُومُ الْإِتْمَامِ وَنَحْوِهِ وَيُؤَخَّرُ السُّجُودُ إلَى قُبَيْلِ السَّلَامِ وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ، وَلَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ خُصُوصًا فِي تَصْوِيرِ لُزُومِ الْإِتْمَامِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا سَجَدَ) أَيْ أَرَادَ السُّجُودَ. قَوْلُهُ: (صَارَ عَائِدًا إلَى الصَّلَاةِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ: بِأَنَّ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ: أَمَّا عَلَى الْآخَرِ فَلَا يَصِيرُ عَائِدًا وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ تَذَكَّرَ تَرْكَ رُكْنٍ أَوْ شَكَّ فِيهِ لَزِمَهُ تَدَارُكُهُ قَبْلَ سُجُودِهِ، فَإِنْ سَجَدَ قَبْلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَبِهَذَا يُلْغَزُ فَيُقَالُ لَنَا شَخْصٌ أَتَى بِسُنَّةٍ فَلَزِمَهُ قَرْضٌ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ إمَامًا وَخَلْفَهُ مَأْمُومٌ، فَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَيْهِ وَالْجُلُوسُ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَامَ وَيُلْغَى مَا فَعَلَهُ، وَلَهُ مُوَافَقَتُهُ إلَى سَلَامِهِ، أَوْ مُفَارَقَتُهُ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا، وَقَدْ سَلَّمَ قَبْلَ عَوْدِ الْإِمَامِ، أَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ أَوْ شَرَعَ فِيهِ لَمْ تَعُدْ قُدْوَتُهُ بِعَوْدِ الْإِمَامِ، وَلَا يَلْزَمُهُ مُوَافَقَتُهُ وَإِلَّا عَادَتْ، وَلَزِمَهُ مُوَافَقَتُهُ، وَهَذَا مَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَضُرُّ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَجِبُ إعَادَةُ السَّلَامِ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ نِسْيَانَهُ السَّهْوَ) أَيْ فَالْمَنْسِيُّ السَّهْوُ، وَأَمَّا سَلَامُهُ فَعَمْدٌ مُطْلَقًا.   [حاشية عميرة] قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْخِلَافُ فِي الْأَجْزَاءِ، وَقِيلَ: فِي الْأَفْضَلِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ قَالُوا بِصِحَّتِهِ أَيْ فِي حَالِ النَّقْصِ. قَوْلُهُ: (مِنْ التَّعَرُّضِ لِلزِّيَادَةِ) أَيْ وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ نَقْصٌ فِي الْمَعْنَى، ثُمَّ اُنْظُرْ هَلْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْحَدِيثِ الثَّالِثِ: إنَّ السُّجُودَ لِلتَّرَدُّدِ لَا لِلزِّيَادَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَاتَ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ لِأَنَّ مَحَلَّهُ قَبْلَ السَّلَامِ، وَقَدْ قَطَعَ الصَّلَاةَ بِالسَّلَامِ فَفَوَّتَهُ عَلَى نَفْسِهِ عَمْدًا، وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ الْقِيَاسُ عَلَى النَّوَافِلِ الَّتِي تُقْضَى لَا فَرْقَ بَيْنَ تَرْكِهَا عَمْدًا وَسَهْوًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَاتَ فِي الْجَدِيدِ) لِتَعَذُّرِ الْبِنَاءِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْقَدِيمِ إلَخْ) عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ جُبْرَانُ الصَّلَاةِ فَجَازَ أَنْ يَتَرَاخَى عَنْهَا كَجُبْرَانِ الْحَجِّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: قَضِيَّتُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْمُبَادَرَةِ عَقِبَ التَّذَكُّرِ. قَوْلُهُ: (فِي السَّهْوِ بِالنَّقْصِ) إنَّمَا قُيِّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمَتْنِ: أَوْ سَهْوًا فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالسُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ يُوجِبُ الْمُبَادَرَةَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مِنْ إلْغَاءِ السَّلَامِ) الَّذِي هُوَ رُكْنٌ بِسَبَبِ سُنَّةِ تَدَارَكَهَا، وَلِأَنَّهُ يُصَيِّرُ الْأَمْرَ فِي الْإِلْغَاءِ وَعَدَمِهِ مَوْقُوفًا عَلَى اخْتِيَارِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْهُودٍ، قُلْت: بَلْ هُوَ مَعْهُودٌ كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ عَلَى إمَامِهِ بِرُكْنٍ كَرُكُوعٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْعُودُ فَيَلْغُو. قَوْلُهُ: (وَدُفِعَ بِأَنَّ نِسْيَانَهُ إلَى قَوْلِهِ يُخْرِجُ السَّلَامَ عَنْ كَوْنِهِ مُحَلِّلًا) اُنْظُرْ كَيْفَ يَتَّجِهُ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِ الْعَوْدِ، فَإِنَّ عَدَمَ إيجَابِ الْعَوْدِ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ مُحَلِّلًا، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُحَلِّلًا إذَا عَادَ. قَوْلُهُ: (قَطْعًا) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ فَقَلَّدَهُ فِيهِ الرَّافِعِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ فِي عَوْدِهِ هُنَا وَجْهَانِ صَرَّحَ بِهِمَا الْفُورَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 السُّجُودِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي لَا يَسْجُدُ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ يَجْبُرُ نَفْسَهُ كَمَا يَجْبُرُ غَيْرَهُ. بَابٌ فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ (تُسَنُّ سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَهُنَّ فِي الْجَدِيدِ أَرْبَعً عَشْرَةَ مِنْهَا سَجْدَتَا الْحَجِّ) وَتِسْعٌ فِي الْأَعْرَافِ وَالرَّعْدِ وَالنَّحْلِ وَالْإِسْرَاءِ وَمَرْيَمَ وَالْفُرْقَانِ وَالنَّمْلِ وَالم تَنْزِيلُ وَحُمَّ السَّجْدَةُ وَثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ فِي النَّجْمِ وَالِانْشِقَاقِ وَاقْرَأْ، وَفِي الْقَدِيمِ إحْدَى عَشْرَةَ بِإِسْقَاطِ ثَلَاثِ الْمُفَصَّلِ، وَاسْتَدَلَّ لِلْجَدِيدِ بِحَدِيثِ «عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَقْرَأَ بِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ» ؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَالسَّجْدَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْهُ سَجْدَةُ ص وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهَا. وَاسْتَدَلَّ لِلْقَدِيمِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوُّلِ الْمَدِينَةِ»   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (كَمَا يَجْبُرُ غَيْرَهُ) أَيْ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ وَبَعْدَهُ أَيْ إذَا وَقَعَ كَانَ مَجْبُورًا. نَعَمْ لَوْ قَصَدَ بِالسُّجُودِ جَبْرَ مُعَيَّنٍ جَبَرَهُ فَقَطْ وَفَاتَ جَبْرُ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ لَهُ السُّجُودُ ثَانِيًا لِجَبْرِهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ السُّجُودَ لَا يَجْبُرُ نَفْسَهُ. بَابٌ فِي حُكْمِ سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَذِكْرُهُمَا هُنَا اسْتِطْرَادِيٌّ، وَمَحَلُّهُمَا بَعْدَ صَلَاةِ النَّفْلِ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ. قَوْلُهُ: (بِالتَّنْوِينِ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (تُسَنُّ سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ) لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِيهَا، مِنْهَا: حَدِيثُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «إذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ آيَةَ سَجْدَةٍ وَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ: يَا وَيْلَتَاهُ أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْت بِالسُّجُودِ فَعَصَيْت فَلِيَ النَّارُ» ، وَمَحَلُّ السُّنِّيَّةِ إنْ قَرَأَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَلَوْ بِقَصْدِ السُّجُودِ، أَوْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ لَا بِقَصْدِ السُّجُودِ، أَوْ فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَوْ بِقَصْدِ السُّجُودِ، لَكِنْ خَصَّهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِسَجْدَةِ (الم تَنْزِيلُ) فَقَطْ، وَعَمَّمَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي كُلِّ آيَةِ سَجْدَةٍ، وَمَا عَدَا هَذَا لَا يُسَنُّ لَكِنْ إنْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ بِقَصْدِ السُّجُودِ وَسَجَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ قَرَأَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لَا بِقَصْدِ السُّجُودِ لَمْ تُكْرَهْ الْقِرَاءَةُ، وَلَا يُسَنُّ السُّجُودُ وَلَا يَبْطُلُ وَإِنْ قَرَأَ فِيهِ لِيَسْجُدَ بَعْدَهُ فَكَذَلِكَ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِلْقِرَاءَةِ، وَإِنْ قَرَأَ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ بِقَصْدِ السُّجُودِ فِيهِ فِيهِمَا حَرَّمَتْ الْقِرَاءَةُ السُّجُودَ وَكَانَ بَاطِلًا. (تَنْبِيهٌ) لَا يَصِحُّ نَذَرَ السُّجُودِ إذَا لَمْ يُسَنَّ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَلَوْ تَعَارَضَ مَعَ التَّحِيَّةِ قَدَّمَهُ عَلَيْهَا لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِوُجُوبِهِ، وَلَا يَفُوتُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ. (فَرْعٌ) يَقُومُ مَقَامَ السُّجُودِ لِلتِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ مَا يَقُومُ مَقَامَ التَّحِيَّةِ لِمَنْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا، وَلَوْ مُتَطَهِّرًا وَهُوَ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَرْبَعَ عَشَرَةَ) سَجْدَةً. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِ السُّجُودِ بِهَذِهِ الْمَوَاضِعِ، أَنَّ فِيهَا مَدْحَ مَنْ يَسْجُدُ وَذَمَّ غَيْرِهِ تَصْرِيحًا، أَوْ تَلْوِيحًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْهَا سَجْدَتَا الْحَجِّ) نَصَّ عَلَيْهِمَا لِخِلَافِ الْإِمَامِ مَالِك وَأَبِي حَنِيفَةَ. فِي الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا، وَمَحَلُّهَا بَعْدَ {تُفْلِحُونَ} وَمَحَلُّ الْأُولَى بَعْدَ {مَا يَشَاءُ} . قَوْلُهُ: (فِي الْأَعْرَافِ) أَيْ بَعْدَ آخِرِهَا، وَفِي الرَّعْدِ بَعْدَ {وَالْآصَالِ} وَفِي النَّحْلِ بَعْدَ {يُؤْمَرُونَ} وَفِي الْإِسْرَاءِ بَعْدَ {خُشُوعًا} وَفِي مَرْيَمَ بَعْدَ {بُكِيًّا} وَفِي الْفُرْقَانِ، بَعْدَ {نُفُورًا} وَفِي النَّمْلِ بَعْدَ {الْعَظِيمِ} وَفِي الم السَّجْدَةِ بَعْدَ {لَا يَسْتَكْبِرُونَ} وَفِي حم السَّجْدَةِ بَعْدَ {لَا يَسْأَمُونَ} وَفِي النَّجْمِ   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ التَّفْرِيعِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السُّجُودَ بَعْدَ السَّلَامِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَحُكْمُهُ وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ، وَإِذَا سَجَدَ لَا يَصِيرُ عَائِدًا لِلصَّلَاةِ جَزْمًا. [بَاب فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ] بَابٌ تُسَنُّ سَجَدَاتُ التِّلَاوَةِ قَوْلُهُ: (حَدِيثُ النَّسَائِيّ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ، إلَّا أَنَّهُ حُجَّةٌ لِاعْتِضَادِهِ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، لَيْسَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ. (لَا) سَجْدَةُ (ص) أَيْ لَيْسَتْ مِنْ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ (بَلْ هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ (تُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَتَحْرُمُ فِيهَا) وَتُبْطِلُهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِمَنْ عَلِمَ ذَلِكَ، فَإِنْ جَهِلَهُ أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَلَا، لَكِنْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَالثَّانِي لَا تَحْرُمُ فِيهَا وَلَا تُبْطِلُهَا لِتَعَلُّقِهَا بِالتِّلَاوَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ سُجُودِ الشُّكْرِ، وَفِي وَجْهٍ لِابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهَا مِنْ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَالصَّارِفُ عَنْهُ إلَى الشُّكْرِ حَدِيثُ النَّسَائِيّ «سَجَدَهَا دَاوُد تَوْبَةً وَسَجَدَهَا شُكْرًا» ، أَيْ عَلَى قَبُولِ تَوْبَتِهِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ. (وَيُسَنُّ) السُّجُودُ (لِلْقَارِئِ وَالْمُسْتَمِعِ) أَيْ قَاصِدِ السَّمَاعِ (وَيَتَأَكَّدُ لَهُ بِسُجُودِ الْقَارِئِ قُلْت) : كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَيُسَنُّ لِلسَّامِعِ) مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِلسَّمَاعِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَقْرَأُ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ حَتَّى مَا يَجِدُ بَعْضُنَا مَوْضِعًا لِمَكَانِ جَبْهَتِهِ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: فِي غَيْرِ صَلَاةٍ. (وَإِنْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ سَجَدَ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (لِقِرَاءَتِهِ فَقَطْ) أَيْ وَلَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ (وَ) سَجَدَ. (الْمَأْمُومُ لِسَجْدَةِ إمَامِهِ) أَيْ وَلَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَتِهِ مِنْ غَيْرِ سُجُودٍ وَلَا لِقِرَاءَةِ غَيْرِ الْإِمَامِ مِنْ   [حاشية قليوبي] بَعْدَ آخِرِهَا، وَفِي الِانْشِقَاقِ بَعْدَ {لَا يَسْجُدُونَ} وَفِي اقْرَأْ بَعْدَ آخِرِهَا. قَوْلُهُ: (أَقْرَأَنِي) أَيْ ذَكَرَ لِي أَوْ أَخْبَرَنِي. قَوْلُهُ: (وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ) أَيْ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ مُثْبِتٌ، أَوْ بِأَنَّ التَّرْكَ إنَّمَا يُنَافِي الْوُجُوبَ. قَوْلُهُ: (لَا سَجْدَةَ ص) وَمَحَلُّهَا بَعْدَ أَنَابَ. قَوْلُهُ: (بَلْ هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ) فَتَصِحُّ مِنْ قَارِئِهَا وَسَامِعِهَا بِنِيَّةِ الشُّكْرِ لَا بِنِيَّةِ التِّلَاوَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صِحَّتُهَا فِي الطَّوَافِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهَا تُنْدَبُ فِيهِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ مَا يُخَالِفُهُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَنْبَغِي نَدْبُ سُجُودِ الشُّكْرِ فِيهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَتُبْطِلُهَا) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْهُوِيِّ وَإِنْ جَهِلَ الْبُطْلَانَ، أَوْ إنْ نَوَى مَعَهَا التِّلَاوَةَ، وَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ مُفَارَقَةُ إمَامِهِ غَيْرِ الْحَنَفِيِّ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَهُ انْتِظَارُ إمَامِهِ الْحَنَفِيِّ لِأَنَّهُ لِاعْتِقَادِهِ لَهَا كَالسَّاهِي وَهُوَ أَفْضَلُ، لِأَنَّ الْمَأْمُومَ يَرَى السُّجُودَ فِي الْجُمْلَةِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ وُجُوبَ مُفَارَقَتِهِ فِي الْمَسِّ وَنَحْوِهِ، وَيَسْجُدُ الْمَأْمُومُ إنْ لَمْ يُفَارِقْهُ قَبْلَ الْهُوِيِّ وَسُجُودُهُ لِأَجْلِ سُجُودِ إمَامِهِ لَا لِانْتِظَارِهِ لِأَنَّهُ كَالسَّاهِي بِهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِمَامِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ السُّجُودِ وَلَوْ هَوَى مَعَهُ لِظَنِّهِ أَنَّهُ يَرْكَعُ فَالْوَجْهُ انْتِظَارُهُ فِي الرُّكُوعِ وَيَعُودُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَيَنْوِي بِهَا التِّلَاوَةَ، وَتَدْخُلُ الصَّلَاةُ. قَوْلُهُ: (عَلَى قَبُولِ تَوْبَتِهِ) أَيْ تَقَعُ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ، وَخَصَّ دَاوُد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لِنَبِيٍّ غَيْرِهِ نَدِمَ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْهُ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ بَكَى حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ مِنْ دُمُوعِهِ، وَلَا يَرِدُ آدَم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ بُكَاءَهُ لِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ، وَلَا يَعْقُوبُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَمْرٍ وَقَعَ مِنْهُ أَوْ لِأَنَّهُ حُزْنٌ لَا بُكَاءَ فِيهِ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بَيَاضُ عَيْنَيْهِ عَنْ بُكَاءٍ. قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَهُ إلَخْ) أَيْ لِإِيهَامِهِ اعْتِبَارَ الْمُلَاحَظَةِ. قَوْلُهُ: (لِلْقَارِئِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مُمَيِّزٌ وَلَوْ أَصَمَّ وَأُنْثَى وَصَغِيرًا لِجَمِيعِ الْآيَةِ فَلَا يَكْفِي سَمَاعُ بَعْضِهَا مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ مَشْرُوعَةٍ بِأَنْ لَا تَكُونَ حَرَامًا لِذَاتِهَا كَقِرَاءَةِ جُنُبٍ مُسْلِمٍ بِقَصْدِهَا، وَلَا مَكْرُوهَةً لِذَاتِهَا كَقِرَاءَةِ مُصَلٍّ بِقَصْدِ السُّجُودِ، أَوْ فِي جِنَازَةٍ مُطْلَقًا أَوْ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ، وَإِنْ حَرُمَتْ لِخَارِجٍ كَرَفْعِ صَوْتِ امْرَأَةٍ بِحَضْرَةِ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ كُرِهَتْ كَذَلِكَ كَقِرَاءَةٍ فِي سُوقٍ أَوْ فِي طَرِيقٍ فَدَخَلَ قِرَاءَةُ الْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ وَالْمُدَرِّسِ، وَمَنْ يُقْرَأُ عَلَيْهِ فَيَسْجُدُ كَسَامِعِيهِ، وَدَخَلَ الْخَطِيبُ لَكِنْ لَا يَسْجُدُ سَامِعُوهُ وَإِنْ سَجَدَ فَوْقَ الْمِنْبَرِ أَوْ تَحْتَهُ لِأَنَّهُ إعْرَاضٌ. قَوْلُهُ: (وَالْمُسْتَمِعُ) أَيْ لِجَمِيعِ الْآيَةِ، فَلَا يَكْفِي بَعْضُهَا مِنْ قَارِئٍ وَاحِدٍ، فَلَا يَكْفِي مِنْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مُمَيِّزٌ وَلَوْ جِنِّيًّا أَوْ مَلَكًا أَوْ كَافِرًا، وَلَوْ جُنُبًا أَوْ مُعَانِدًا لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ الْحُرْمَةَ لَا مِنْ مَجْنُونٍ وَنَائِمٍ وَسَاهٍ وَسَكْرَانَ، وَطَيْرٍ قِرَاءَةٌ مَشْرُوعَةٌ بِمَا مَرَّ، وَمِنْهَا قِرَاءَةُ مُصَلٍّ فِي الْقِيَامِ وَلَوْ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ لِأَنَّهُ مَحَلُّهَا، وَلَا سُجُودَ لِبَدَلِ الْفَاتِحَةِ وَلَوْ الْآيَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْهُ، وَلَا يَسْجُدُ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ لِصَمَمٍ أَوْ بُعْدٍ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ سُجُودُ تِلَاوَةٍ. نَعَمْ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي سَمَاعِ قِرَاءَةِ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ جُنُبٍ بِقَصْدِ التَّعَلُّمِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَأَكَّدُ إلَخْ) فَلَا يَتَوَقَّفُ سُجُودُ أَحَدِهِمَا عَلَى سُجُودِ الْآخَرِ، وَلَا يُسَنُّ الِاقْتِدَاءُ وَلَا يَضُرُّ. قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ صَلَاةٍ) لَعَلَّ هَذَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِ بِحُكْمِهِ، فَلَا يُخَصِّصُهُ فَلَا يُقَالُ. يَلْزَمُ خُلُوُّ السُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ عَنْ دَلِيلٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ) لِعَدَمِ طَلَبِ إصْغَائِهِ لَهُ وَلَوْ مُصَلِّيًا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْجُدُ لِقِرَاءَتِهِ) أَيْ لَا يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ مِنْ غَيْرِ سُجُودِ إمَامِهِ مَا لَمْ يُفَارِقْهُ، وَلَهُ فِرَاقُهُ   [حاشية عميرة] مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ. قَوْلُهُ: (رَوَى الشَّيْخَانِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى دُخُولِ السَّامِعِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (فَإِنْ سَجَدَ إمَامُهُ فَتَخَلَّفَ) هُوَ (أَوْ انْعَكَسَ) ذَلِكَ أَيْ سَجَدَ هُوَ دُونَ إمَامِهِ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِمُخَالَفَتِهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ تَنَازَعَ فِيهِ قَرَأَ وَسَجَدَ، فَالْفَرَّاءُ يُعْمِلُهُمَا فِيهِ، وَالْكِسَائِيُّ يَقُولُ: حُذِفَ فَاعِلُ الْأَوَّلِ. وَالْبَصْرِيُّونَ يُضْمِرُونَهُ، وَهُوَ مُفْرَدٌ لَا مَثْنَى لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّأْوِيلِ. فَالتَّرْكِيبُ صَحِيحٌ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ: (وَمَنْ سَجَدَ خَارِجَ الصَّلَاةِ) أَيْ أَرَادَ السُّجُودَ (نَوَى) سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ (وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ) بِهَا (رَافِعًا يَدَيْهِ) كَالرَّفْعِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (ثُمَّ) كَبَّرَ (لِلْهُوِيِّ بِلَا رَفْعٍ) لِيَدَيْهِ (وَسَجَدَ) سَجْدَةً (كَسَجْدَةِ الصَّلَاةِ وَرَفَعَ) رَأْسَهُ (مُكَبِّرًا) وَجَلَسَ (وَسَلَّمَ) مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ كَتَسْلِيمِ الصَّلَاةِ (وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ شَرْطٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا السَّلَامُ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ لَا بُدَّ مِنْهُمَا وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ أَيْضًا، وَقِيلَ: لَا. وَمُدْرَكُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ السَّجْدَةَ تَلْحَقُ بِالصَّلَاةِ أَوْ لَا تَلْحَقُ بِهَا، وَلَا يُسْتَحَبُّ التَّشَهُّدُ فِي الْأَصَحِّ. (وَتُشْتَرَطُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ) قَطْعًا كَالطَّهَارَةِ وَالسَّتْرِ وَالِاسْتِقْبَالِ (وَمَنْ سَجَدَ فِيهَا) أَيْ أَرَادَ السُّجُودَ فِي الصَّلَاةِ (كَبَّرَ   [حاشية قليوبي] لِلسُّجُودِ وَهُوَ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ لَا يَفُوتُ بِهِ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ وَمَا لَمْ يُحْدِثْ إمَامُهُ وَإِلَّا فَيَسْجُدُ، وَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُ الْإِمَامِ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْآيَةِ لَمْ يَسْجُدْ وَإِنْ سَجَدَ الْإِمَامُ، وَإِذَا لَمْ يُفَارِقْهُ فِي الْأُولَى سَجَدَ بَعْدَ الْفَرَاغِ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ تَأْخِيرَ السُّجُودِ إلَى مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ إنْ خَشِيَ عَلَى بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ التَّخَلُّفَ لِبُعْدٍ، أَوْ صَمَمٍ، أَوْ جَهْلٍ، أَوْ إسْرَارَهُ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَوْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ بِسُجُودِ إمَامِهِ بَعْدَ انْتِصَابِهِ لَمْ يَسْجُدْ، أَوْ قَبْلَهُ وَجَبَ أَنْ يَهْوِيَ خَلْفَهُ، فَإِنْ رَفَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ سُجُودِهِ هُوَ وَجَبَ عَوْدُهُ مَعَهُ وَلَا يَسْجُدُ، وَفَارَقَ سُجُودَ السَّهْوِ فِيهِمَا بِأَنَّهُ يُطْلَبُ فِعْلُهُ مِنْ الْمَأْمُومِ وَإِنْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ سُجُودَ السَّهْوِ جَائِزٌ بِخِلَافِ هَذَا وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ هُنَا لِلْمُتَابَعَةِ كَسُجُودِ السَّهْوِ لِلْمَسْبُوقِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ لَا يَسْجُدُ الْمَأْمُومُ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ خَلْفَ الْإِمَامِ، أَيْ مَا لَمْ يُفَارِقْهُ وَإِلَّا فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ يَكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ قِرَاءَةُ آيَةِ سَجْدَةٍ خَلْفَ الْإِمَامِ لَمْ يَسْجُدْ أَيْضًا، وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ فَلَهُ السُّجُودُ، وَهُوَ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ لَا بِقَصْدِ السُّجُودِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ نَفْسِهِ وَغَيْرُ إمَامِهِ، وَإِنْ فَارَقَ إمَامَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ هُوِيِّ الْإِمَامِ، أَوْ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي الْهُوِيِّ دُونَ الْإِمَامِ إنْ قَصَدَ الْمُخَالَفَةَ فِيهِمَا لِأَنَّهُ شُرُوعٌ فِي الْمُبْطِلِ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهَا فَبِرَفْعِ رَأْسِ الْإِمَامِ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى، وَبِسُجُودِهِ هُوَ فِي الثَّانِيَةِ إنْ خَالَفَ بَعْدَ عِلْمِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا تَبْطُلُ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ السُّجُودِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مِنْ التَّأْوِيلِ) بِقَوْلِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (نَوَى سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ) أَيْ نَوَى السُّجُودَ لِلتِّلَاوَةِ، وَلَا تَجِبُ مُلَاحَظَةُ الْآيَةِ وَلَا عَيْنِهَا. قَوْلُهُ: (وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ) أَيْ مِنْ جُلُوسٍ أَوْ قِيَامٍ، وَلَا يُنْدَبُ الْقِيَامُ لِيَأْتِيَ بِهَا مِنْهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ كَبَّرَ لِلْهُوِيِّ) فَلَوْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً فَفِيهِ مَا يَأْتِي فِيمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا. قَوْلُهُ: (وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامُ شَرْطٌ) أَيْ رُكْنٌ وَكَذَا مَا بَعْدَهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَرْكَانِ أَرْبَعَةٌ: النِّيَّةُ، وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَالسَّجْدَةُ، وَالسَّلَامُ، وَأَمَّا الرَّفْعُ مِنْ السُّجُودِ فَهُوَ وَاجِبٌ لِأَنَّ بِهِ يَتِمُّ السُّجُودُ، وَسَكَتَ عَنْ الْجُلُوسِ لِلسَّلَامِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ إذْ يَكْفِي عَنْهُ الِاضْطِجَاعُ كَمَا فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، فَلَا يَكْفِي غَيْرُهَا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَكَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ لَا يُخَالِفُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ. قَوْلُهُ: (كَالطَّهَارَةِ) أَيْ مِنْ الْحَدَثِ وَالنَّجِسِ غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ. قَوْلُهُ: (وَالسَّتْرُ) لِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فِي غَيْرِ الْحُرَّةِ، وَفِيهَا لِمَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ، وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الْآيَةِ فَلَا يَجُوزُ لِلْقَارِئِ أَوْ السَّامِعِ أَنْ يَسْجُدَ قَبْلَ تَمَامِهَا وَلَوْ بِحَرْفٍ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَةِ كُلِّهَا أَوْ سَمَاعِهَا مِنْ قَارِئٍ وَاحِدٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ سَجَدَ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا   [حاشية عميرة] وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنْ دَخَلَ فِي الْإِطْلَاقِ فَهُوَ خَارِجٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ عُلِمَ الْحَالُ بِرُؤْيَةِ السَّاجِدِينَ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (حُذِفَ فَاعِلُ الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ اسْمٌ ظَاهِرٌ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَذْهَبَ الْبَصْرِيِّينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَاسْتَحَبَّ الرَّافِعِيُّ الْقِيَامَ لِيَحُوزَ فَضِيلَتَهُ، وَخَالَفَ النَّوَوِيُّ فَصَحَّحَ اسْتِحْبَابَ تَرْكِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا السَّلَامُ) . قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهَا تَفْتَقِرُ إلَى التَّحَرُّمِ، فَتَفْتَقِرُ إلَى التَّحَلُّلِ كَالصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسْتَحَبُّ التَّشَهُّدُ) كَمَا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ، وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ جَوَازُ التَّشَهُّدِ كَالْقِيَامِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتُشْتَرَطُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ) مِنْهَا دُخُولُ الْوَقْتِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 لِلْهُوِيِّ وَلِلرَّفْعِ) مِنْ السَّجْدَةِ نَدْبًا. (وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ) فِيهِمَا (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَلَا يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ) بَعْدَهَا. (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ. (وَيَقُولُ) فِيهَا دَاخِلَ الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا. «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ وَصَوَّرَهُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. (وَلَوْ كَرَّرَ آيَةً) خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْ أَتَى بِهَا مَرَّتَيْنِ (فِي مَجْلِسَيْنِ سَجَدَ لِكُلٍّ) مِنْ الْمَرَّتَيْنِ عَقِبَهَا. (وَكَذَا الْمَجْلِسُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي تَكْفِيه السَّجْدَةُ الْأُولَى عَنْ الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ. وَالثَّالِثُ يَكْفِيه إنْ لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ لِلْمَرَّةِ الْأُولَى كَفَاهُ سَجْدَةٌ عَنْهُمَا. (وَرَكْعَةٌ كَمَجْلِسٍ) فِيمَا ذُكِرَ (وَرَكْعَتَانِ كَمَجْلِسَيْنِ) فَيَسْجُدُ فِيهِمَا (فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ) مَنْ سُنَّ لَهُ السُّجُودُ عَقِبَ الْقِرَاءَةِ (وَطَالَ الْفَصْلُ لَمْ يَسْجُدْ) بِخِلَافِ مَا إذَا قَصُرَ فَيَسْجُدُ. وَمَرْجِعُ الطُّولِ وَالْقِصَرِ الْعُرْفُ، وَمَنْ كَانَ مُحْدِثًا عِنْدَ الْقِرَاءَةِ وَتَطَهَّرَ عَلَى الْقُرْبِ يَسْجُدُ. (وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ الصَّلَاةَ) فَلَوْ فَعَلَهَا فِيهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (وَتُسَنُّ لِهُجُومِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ   [حاشية قليوبي] أَوْ مَأْمُومًا، وَتَجِبُ نِيَّتُهَا عَلَى غَيْرِ الْمَأْمُومِ وَتُنْدَبُ لَهُ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: لَا تَجِبُ لَهَا نِيَّةٌ مُطْلَقًا لِشُمُولِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ لَهَا بِوَاسِطَةِ شُمُولِهَا لِلْقِرَاءَةِ وَالنِّيَّةِ بِالْقَلْبِ، فَإِنْ تَلَفَّظَ بِهَا بَطَلَتْ كَمَا لَوْ كَبَّرَ بِقَصْدِ الْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ) أَيْ لَا يُنْدَبُ لَهُ، وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ قَبْلَ رُكُوعِهِ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ. قَوْلُهُ: (وَيَقُولُ) أَيْ نَدْبًا وَهَذَا دَاخِلٌ فِي التَّشْبِيهِ السَّابِقِ فَذِكْرُهُ إيضَاحٌ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ أَيْضًا: اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَك أَجْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَك ذُخْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتهَا مِنْ عَبْدِك دَاوُد، أَيْ كَمَا تَقَبَّلْت جِنْسَهَا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ أَتَى بِهَا مَرَّتَيْنِ) يُفِيدُ أَنَّ قَصْدَ التَّكْرَارِ غَيْرُ مُرَادٍ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَرَّتَيْنِ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ لِكَوْنِهِ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّ حَقِيقَةَ التَّكْرَارِ لِمَا قَالَ السَّعْدُ: إنَّ مَا زَادَ عَلَى الْمَرَّتَيْنِ تَكْرَارَاتٌ مُتَعَدِّدَاتٌ، وَعَلَى كُلٍّ لَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِمَرَّتَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَجْلِسَيْنِ تَعَدُّدُ مَحَلِّ قِرَاءَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْمَجْلِسُ) أَيْ لَوْ كَرَّرَ الْآيَةَ فِيهِ سَجَدَ لِكُلِّ مَرَّةٍ عَقِبَهَا. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ) أَيْ بَيْنَ السَّجْدَةِ وَقِرَاءَتِهَا. قَوْلُهُ: (كَفَاهُ سَجْدَةٌ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الْمَرَّتَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا جَارٍ عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ، وَمَحَلُّهُ عَلَى الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا إحْدَى الْمَرَّتَيْنِ بِعَيْنِهَا، وَإِلَّا كَفَى عَنْهَا، وَيَسْجُدُ لِلْأُخْرَى إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلَ، وَلَوْ زَادَ عَلَى مَرَّتَيْنِ فَلَهُ تَكْرَارُ السُّجُودِ بِعَدَدِهِ وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ جَمِيعِهِ، كَمَا لَوْ طَافَ أَسَابِيعَ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ، لَكِنْ مَحَلُّهُ هُنَا إنْ لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ بَيْنَ كُلِّ مَرَّةٍ وَسُجُودِهَا وَلَهُ جَمْعُهَا فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي الطَّوَافِ، وَسَوَاءٌ كَرَّرَهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا أَوْ فِيهِمَا مَعًا، وَلَا يَحْتَاجُ الْمُصَلِّي إلَى قِيَامٍ لِمَا بَعْدَ السَّجْدَةِ الْأُولَى. نَعَمْ لَا يَسْجُدُ فِي الصَّلَاةِ لِقِرَاءَتِهِ قَبْلَهَا فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (مُحْدِثًا) أَيْ حَدَثًا أَصْغَرَ مُطْلَقًا، أَوْ أَكْبَرَ وَهُوَ غَيْرُ الْقَارِئِ، وَسَكَتَ عَنْ فَوَاتِهَا بِالْإِعْرَاضِ مَعَ قِصَرِ الْفَصْلِ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَدَمُ الْفَوَاتِ فَلَهُ الْعَوْدُ، وَاَلَّذِي قَالَهُ شَيْخُنَا: إنَّهَا تَفُوتُ بِهِ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ. (تَنْبِيهٌ) سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ إذَا فَاتَتْ لَا تُقْضَى وَكَذَا سَجْدَةُ الشُّكْرِ وَإِنْ نَذَرَهُمَا كَذَوَاتِ السَّبَبِ. قَوْلُهُ: (وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ الصَّلَاةَ) هُوَ تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ سَجْدَةِ ص كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ فَعَلَهَا فِيهَا بَطَلَتْ) إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا، وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. قَوْلُهُ: (أَوْ انْدِفَاعُ نِقْمَةٍ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى النِّعْمَةِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْهُجُومُ أَيْضًا، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ هُجُومِ النِّعْمَةِ وَانْدِفَاعِ النِّقْمَةِ ظَاهِرَتَيْنِ لِيَخْرُجَ مَا لَا وَقْعَ لَهُ وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ: لِيَخْرُجَ الْمَعْرِفَةُ وَسَتْرُ الْمَسَاوِئِ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ السُّجُودُ لَهُمَا.   [حاشية عميرة] الْمُهَذَّبِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ قَرَأَ الْآيَةَ أَوْ سَمِعَهَا وَذَكَرَ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ قَرِيبًا مِنْهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ سَمَاعَ الْآيَةِ بِكَمَالِهَا شَرْطٌ كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ، فَلَا يَكْفِي سَمَاعُ كَلِمَةِ السَّجْدَةِ وَنَحْوِهَا فَلْيُتَفَطَّنْ لَهُ، انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَخْ) أَيْ كَمَا فِي سُجُودِ الصَّلَاةِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا السُّجُودِ إلَى نِيَّةٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ تَنْسَحِبُ عَلَيْهَا أَيْ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ، فَإِنَّ سَبَبَهُ لَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: كَيْف يُتَصَوَّرُ سُجُودُ التِّلَاوَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ وَصَوَّرَهُ) وَلِذَا حَذَفَهَا فِي التَّحْقِيقِ وَقَوْلُهُ: وَالثَّانِي تَكْفِيه إلَى آخِرِهِ أَيْ كَمَا تَكْفِي الثَّانِيَةُ عَنْ الْأُولَى عِنْدَ تَرْكِهِ فِي الْأُولَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَرَكْعَةٌ كَمَجْلِسٍ) أَيْ وَإِنْ طَالَتْ وَرَكْعَتَانِ كَمَجْلِسَيْنِ، أَيْ وَإِنْ قَصُرَتَا نَظَرًا لِلِاسْمِ فِيهِمَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَوْ قَرَأَ الْآيَةَ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: الْأَوَّلُ كَحُدُوثِ وَلَدٍ أَوْ مَالٍ لَهُ. وَالثَّانِي كَنَجَاتِهِ مِنْ الْهَدْمِ وَالْغَرَقِ، رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا جَاءَهُ شَيْءٌ يَسُرُّهُ خَرَّ سَاجِدًا» ، وَلَا يُسَنُّ السُّجُودُ لِاسْتِمْرَارِ النِّعَمِ. (أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى) كَزَمِنٍ (أَوْ عَاصٍ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ يَتَظَاهَرُ بِعِصْيَانِهِ، رَوَى الْحَاكِمُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ لِرُؤْيَةِ زَمِنٍ» . وَالسَّجْدَةُ لِذَلِكَ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْهُ. (وَيُظْهِرُهَا لِلْعَاصِي) لَعَلَّهُ يَتُوبُ (لَا لِلْمُبْتَلَى) لِئَلَّا يَتَأَذَّى وَيُظْهِرُهَا أَيْضًا لِحُصُولِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَإِنْ خَافَ مِنْ إظْهَارِ السُّجُودِ لِلْفَاسِقِ مَفْسَدَةً أَوْ ضَرَرًا أَخْفَاهُ. (وَهِيَ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي كَيْفِيَّتِهَا وَشُرُوطِهَا (وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُمَا) أَيْ السَّجْدَتَيْنِ. (عَلَى الرَّاحِلَةِ لِلْمُسَافِرِ) بِأَنْ يُومِئَ بِهِمَا لِمَشَقَّةِ النُّزُولِ. وَالثَّانِي لَا لِفَوَاتِ الرُّكْنِ الْأَظْهَرِ أَيْ السُّجُودِ (فَإِنْ سَجَدَ لِتِلَاوَةِ صَلَاةٍ جَازَ عَلَيْهَا قَطْعًا) كَسُجُودِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) أَيْ فِي وَقْتٍ لَا يُتَيَقَّنُ حُصُولُهَا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَوَقَّعًا لَهَا قَبْلَهُ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ: وَقَدْ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ شَيْءٍ وَقَعَ عَقِبَ سَبَبِهِ عَادَةً كَرِبْحٍ مُتَعَارَفٍ لِتَاجِرٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (كَحُدُوثِ وَلَدٍ) نَعَمْ لَا تُسَنُّ لَهُ بِحَضْرَةِ عَقِيمٍ، وَكَذَا كُلُّ نِعْمَةٍ بِحَضْرَةِ مَنْ لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا. قَوْلُهُ: (مَالٍ لَهُ) وَكَذَا لِوَلَدِهِ أَوْ صَدِيقِهِ، أَوْ نَحْوِ عَالِمٍ أَوْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا يُقَالُ فِي انْدِفَاعِ النِّقْمَةِ. قَوْلُهُ: (لِاسْتِمْرَارِ النِّعَمِ) أَيْ النِّعَمِ الْمُسْتَمِرَّةِ كَدَوَامِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالشَّمِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِئَلَّا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ لِاسْتِغْرَاقِ الْعُمْرِ فِي السُّجُودِ. قَوْلُهُ: (أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى) أَيْ الْعِلْمُ بِهِ وَلَوْ لِأَعْمَى. قَوْلُهُ: (كَزَمِنٍ) وَمِثْلُهُ نَقْصُ عُضْوٍ وَلَوْ خِلْقَةً، أَوْ اخْتِلَالُ عَقْلِ أَوْ ضَعْفُ حَرَكَةٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَاصٍ) وَإِنْ لَمْ يَفْسُقْ كَصَغِيرَةٍ لَمْ يُصِرَّ عَلَيْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْمَنْهَجِ بِفَاسِقٍ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمِنْهُ الْكَافِرُ وَشَافِعِيٌّ يَرَى حَنَفِيًّا يَشْرَبُ نَبِيذًا، وَمِنْهُ رُؤْيَةُ مَقْطُوعٍ فِي سَرِقَةٍ أَوْ مَجْلُودٍ فِي زِنًى، وَيَسْجُدُ الْعَاصِي لِرُؤْيَةِ عَاصٍ آخَرَ إلَّا إنْ اتَّحِدَا جِنْسًا وَنَوْعًا وَصِفَةً وَمَحَلًّا وَقَدْرًا. نَعَمْ فِي سُجُودِ صَاحِبِ الْأَكْثَرِ فِي الْقَدْرِ نَظَرٌ، فَتَأَمَّلْهُ. وَفِي كَلَامِ الْعَبَّادِيِّ عَدَمُ تَصَوُّرِ الِاتِّحَادِ فِي الْعِصْيَانِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَتَظَاهَرُ بِعِصْيَانِهِ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا قَالَ: وَتَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ الصَّغِيرَةِ وَلَوْ بَعْدَ فِعْلِ مُكَفِّرٍ لَهَا وِفَاقًا لِقَوْلِ السُّبْكِيّ بِهِ، وَالتَّكْفِيرُ بِهِ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ، وَعَلَيْهِ فَيَسْجُدُ لِرُؤْيَتِهِ بَعْدَ الْمُكَفِّرِ، وَلَا يَسْجُدُ لِرُؤْيَتِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ، لَكِنَّ التَّعْلِيلَ بِالسَّلَامَةِ مِنْهُ يُخَالِفُهُ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِالسُّجُودِ، لَكِنْ لَا يُظْهِرُهُ لَهُ وَهُوَ الْوَجْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيُظْهِرُهَا إلَخْ) وَلَوْ اجْتَمَعَ فِيهِ الِابْتِلَاءُ وَالْعِصْيَانُ أَظْهَرَهَا لَهُ وَبَيَّنَ السَّبَبَ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ فِيهَا، وَمِنْهُ فَوَاتُهَا بِطُولِ الْفَصْلِ أَوْ الْإِعْرَاضِ، وَلَوْ مَعَ قَصْرِهِ وَعَدَمِ قَضَائِهَا إذَا فَاتَتْ وَلَوْ مَنْذُورَةً، وَمِنْهُ تَكَرُّرُهَا بِتَكَرُّرِ السَّبَبِ، وَلَوْ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ كَعَاصٍ فَيَسْجُدُ كُلَّمَا رَآهُ، وَلَهُ جَمْعُ أَسْبَابٍ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ لَا جَمْعَ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَا يَصِحُّ، وَفَارَقَ الطَّهَارَةَ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّدَاخُلِ. قَوْلُهُ: (فِي كَيْفِيَّتِهَا) شَمِلَ أَرْكَانَهَا وَسُنَنَهَا، وَمِنْهَا النِّيَّةُ فَيَنْوِي سُجُودَ الشُّكْرِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهُ عَنْ نِعْمَةٍ، أَوْ دَفْعِ نِقْمَةٍ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ سَبَبًا بِعَيْنِهِ، فَإِنْ عَيَّنَهُ كَانَ عَنْهُ، وَلَهُ السُّجُودُ لِغَيْرِهِ بِشَرْطِهِ. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِسَجْدَةٍ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ وَلَوْ عَقِبَ صَلَاةٍ، وَلَا بِرُكُوعٍ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ، وَلَا بِصَلَاةٍ بِنِيَّةِ الشُّكْرِ أَوْ بِنِيَّةِ التِّلَاوَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ صُورَةُ الرُّكُوعِ عِنْدَ تَحِيَّةِ الْعُظَمَاءِ فَهُوَ حَرَامٌ، بَلْ قِيلَ: إنَّهُ كُفْرٌ وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَلَى مَنْ قَصَدَ تَعْظِيمَهُمْ كَتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] الصَّلَاةِ ثُمَّ أَعَادَهَا خَارِجَهَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا، وَإِطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي التَّكْرَارِ يَقْتَضِي طَرْدُهُ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَرَ إلَخْ) لَوْ قَصَدَ عَدَمَ السُّجُودِ ثُمَّ بَدَا لَهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْجُدُ أَعْنِي مَعَ قَصْرِ الْفَصْل. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) هَذَا الَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ مُسْتَفَادٌ مِنْ لَفْظِ الْهُجُومِ فَيُسْتَغْنَى عَنْهُ، ثُمَّ اُنْظُرْ لَوْ طَالَ الزَّمَنُ هَلْ يَسْقُطُ أَوْ لَا؟ . قَوْلُهُ: (كَحُدُوثِ وَلَدٍ إلَخْ) يَقْتَضِي كَلَامُ الْكِفَايَةِ أَنَّ حُدُوثَ النِّعْمَةِ عَلَى الْوَلَدِ وَنَحْوِهِ كَهِيَ عَلَيْهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُ الْعِلْمُ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ وَنَحْوِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ رُؤْيَةِ مُبْتَلًى أَوْ عَاصٍ) لَوْ رَآهُمَا وَهَجَمَتْ عَلَيْهِ نِعْمَةٌ مَثَلًا فَهَلْ يَكْفِيه سُجُودٌ وَاحِدٌ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ كَنَظِيرِهِ مِنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ السَّابِقِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَيُفَرَّقُ، وَلَوْ تَأَخَّرَ سُجُودُ الشُّكْرِ عَنْ سَبَبِهِ فَالْوَجْهُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ طُولِ الْفَصْلِ وَعَدَمِهِ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُظْهِرُهَا لِلْعَاصِي إلَخْ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ لَوْ أَسَرَّ فِي الْعَاصِي وَأَظْهَرَ فِي الْمُبْتَلَى حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ، وَقَدْ يُمْنَعُ فِي الثَّانِي. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُومِئَ بِهِمَا إلَخْ) صَنِيعُهُ يَشْعُرُ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ صَحَّا لِصَوْبِ الْمَقْصِدِ عَلَيْهَا قَطْعًا وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ ثُمَّ إحْرَامُهُ لِلْقِبْلَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا) رَجَحَ هَذَا فِي الْجِنَازَةِ لِنُدْرَتِهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 بَابٌ بِالتَّنْوِينِ (صَلَاةُ النَّفْلِ) وَهُوَ مَا عَدَا الْفَرَائِضَ (قِسْمَانِ: قِسْمٌ لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمْيِيزِ لِمُحَوَّلٍ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ، أَيْ لَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، فَلَوْ صَلَّى جَمَاعَةً لَمْ يُكْرَهْ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. (فَمِنْهُ الرَّوَاتِبُ مَعَ الْفَرَائِضِ، وَهِيَ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَكَذَا بَعْدَهَا وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   [حاشية قليوبي] بَابٌ بِالتَّنْوِينِ أَيْ بِالْإِضَافَةِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابَيْنِ قَبْلَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّفَلَ مُطْلَقًا لُغَةً: الزِّيَادَةُ، وَفِي فَائِهِ السُّكُونُ وَالتَّحْرِيكُ أَوْ التَّحْرِيكُ فِي الْأَمْوَالِ، وَشَرْعًا: مَا طَلَبَ الشَّارِعُ فِعْلُهُ وَجَوَّزَ تَرْكَهُ، وَيُرَادِفُهُ الْمَنْدُوبُ وَالْمُرَغَّبُ فِيهِ وَالْحَسَنُ اتِّفَاقًا وَكَذَا السُّنَّةُ. وَالْمُسْتَحَبُّ وَالتَّطَوُّعُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: السُّنَّةُ مَا وَاظَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى فِعْلِهِ وَالْمُسْتَحَبُّ مَا فَعَلَهُ أَحْيَانًا أَوْ أَمَرَ بِهِ، وَالتَّطَوُّعُ مَا يُنْشِئُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ نَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُعَبِّرْ الْمُصَنِّفُ كَالْوَجِيزِ وَالتَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِمَا بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ، وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْحَسَنِ لِمَا قِيلَ: إنَّهُ يَشْمَلُ الْوَاجِبُ، وَلَا بِالْمُرَغَّبِ فِيهِ لِطُولِ عِبَارَتِهِ، وَلَا بِالْمَنْدُوبِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ، إذْ أَصْلُهُ الْمَنْدُوبُ إلَيْهِ وَأَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهِ لِجَبْرِ خَلَلٍ يَحْصُلُ فِي الْعِبَادَاتِ الْأَصْلِيَّةِ غَيْرِ مُبْطِلٍ لَهَا، أَوْ تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ مَنْدُوبَاتِهَا كَتَرْكِ خُشُوعٍ وَتَدَبُّرِ قِرَاءَةٍ فِي الصَّلَاةِ وَفِعْلٍ نَحْوَ غِيبَةٍ فِي الصَّوْمِ، وَلَا يَقُومُ مَقَامَ الْفَرَائِضِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: لَا مَانِعَ مِنْ قِيَامِهِ عَنْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا فَعَلَهُ مِنْهَا خَلَلٌ وَتُحْسَبُ بِقَدْرِ زِيَادَةِ فَضْلِهَا عَلَيْهِ، كَأَنْ يَجْعَلَ فِي الصَّلَاةِ مَثَلًا كُلَّ سَبْعِينَ رَكْعَةٍ مِنْهُ بِرَكْعَةٍ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ النَّفَلُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ مَا عَدَا الْفَرْضَ مِنْ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ، لِأَنَّ الْعِبَادَةَ إمَّا قَلْبِيَّةٌ كَالْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّوَكُّلِ، وَالصَّبْرِ وَالرِّضَا، وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، وَمَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالطَّهَارَةِ مِنْ الرَّذَائِلِ وَأَفْضَلُهَا الْإِيمَانُ، وَلَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا، وَقَدْ تَكُونُ تَطَوُّعًا بِالتَّجْدِيدِ، وَإِمَّا بَدَنِيَّةٌ كَالْإِسْلَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَأَفْضَلُهَا الْإِسْلَامُ وَفِيهِ مَا مَرَّ فِي الْإِيمَانِ، ثُمَّ الصَّلَاةُ، ثُمَّ الصَّوْمُ، ثُمَّ الْحَجُّ، ثُمَّ الزَّكَاةُ، وَفَرْضُ كُلٍّ مِنْهَا أَفْضَلُ مِنْ نَفْلِهِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةٍ، فَفَرْضُ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ الْفَرَائِضِ الْبَدَنِيَّةِ، وَنَفْلُهَا أَفْضَلُ النَّوَافِلِ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانَتْ أَفْضَلَ أَعْمَالِ الْبَدَنِ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا مَا تَفَرَّقَ فِي غَيْرِهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَقِرَاءَةٍ وَتَسْبِيحٍ، وَلِبْسٍ وَطَهَارَةٍ، وَسَتْرٍ وَاسْتِقْبَالٍ، وَتَرْكِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَزَادَتْ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَنَحْوِهِمَا، وَالْكَلَامُ فِي الْإِكْثَارِ مِنْهَا مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْآكَدِ مِنْ غَيْرِهَا، أَوْ فِي شَغْلِ الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا وَهَذَا أَوْجَهُ وَأَدُقُّ، وَإِلَّا فَصَوْمُ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ بِلَا خِلَافٍ، وَفِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ اخْتِلَافَ فَضِيلَةِ هَذِهِ الْأَرْكَانِ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا كَمَا يُقَالُ: التَّصَدُّقُ بِالْخُبْزِ لِلْجَائِعِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَاءِ، وَلِلْعَطْشَانِ عَكْسُهُ، وَالتَّصَدُّقُ بِدِرْهَمِ غَنِيٍّ شَدِيدِ الْبُخْلِ، أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ أَوْ صِيَامٍ يَوْمٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (قِسْمٌ لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً) قَدَّمَهُ لِانْضِمَامِ بَعْضِهِ إلَى الْفَرْضِ، وَلِكَثْرَةِ وُقُوعِ أَفْرَادِهِ وَعُمُومِهَا، وَلِكَوْنِهِ كَالْبَسِيطِ، وَلِكَثْرَةِ تَكْرَارِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَخَّرَ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تَعْرِيفِهِ وَفَقْدِ الْقِسْمَيْنِ مَعًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَلَى التَّمْيِيزِ) أَيْ لَا عَلَى الْحَالِ لِفَسَادِهِ لِلُزُومِ عَدَمِ نَدْبِهِ، وَلَوْ فُعِلَ جَمَاعَةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُكْرَهْ) بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِيهِ عَلَى الدَّوَامِ، فَلَا يَرِدُ نَدْبُ الْجَمَاعَةِ فِي نَحْوَ وَتْرِ رَمَضَانَ. قَوْلُهُ: (فَمِنْهُ الرَّوَاتِبُ مَعَ الْفَرَائِضِ) يُطْلَقُ الرَّاتِبُ عَلَى التَّابِعِ لِغَيْرِهِ، وَعَلَى مَا يَتَوَقَّفُ فِعْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَعَلَى مَا لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ فَقَوْلُهُ: مَعَ الْفَرَائِضِ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَقَيَّدَ لِإِخْرَاجِ نَحْوِ التَّهَجُّدِ عَلَى الثَّانِي، وَفِيهِ تَجَوُّزٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاتِبِ الْمُقَدَّمِ، وَلِإِخْرَاجِ نَحْوِ الْعِيدِ عَلَى الثَّالِثِ. قَوْلُهُ: (رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ) وَكَانَتَا وَاجِبَتَيْنِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ خَصَائِصِهِ كَمَا فِي الْعُبَابِ، وَيَسُنُّ الِاضْطِجَاعُ بَعْدَهُمَا وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ وَإِنْ أَخَّرَهُمَا عَنْ الصُّبْحِ، وَحِكْمَتُهُ تَذَكُّرُ ضَجْعَةِ الْقَبْرِ لِيُفْرِغَ وُسْعَهُ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، فَإِنْ لَمْ يَضْطَجِعْ نُدِبَ أَنْ   [حاشية عميرة] [بَاب صَلَاةُ النَّفْلِ] ِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا عَدَا الْفَرْضَ) شَامِلٌ لِمَا وَاظَبَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِمَا فَعَلَهُ أَحْيَانًا أَوْ أَمَرَ بِهِ، وَلِمَا يُنْشِئُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ الْأَوْرَادِ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى ذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ خَصَّهُ بِالْأَخِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً) لَوْ قَالَ: يُسَنُّ فُرَادَى كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمْيِيزِ) أَيْ لَا عَلَى الْحَالِيَّةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى نَفْيَ سُنِّيَّتِهِ حَالَ كَوْنِهِ جَمَاعَةً وَهُوَ فَاسِدٌ. قَوْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 كَانَ يُصَلِّي مَا ذُكِرَ (وَقِيلَ: لَا رَاتِبَةَ لِلْعِشَاءِ) وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهَا فِي الْحَدِيثِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ. (وَقِيلَ) مِنْ الرَّوَاتِبِ (أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ» . (وَقِيلَ: وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا) لِحَدِيثِ «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّارِ» وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ (وَقِيلَ: وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ) لِحَدِيثِ عَلِيٍّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ» ، حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ (وَالْجَمِيعُ سُنَّةٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الرَّاتِبِ الْمُؤَكَّدِ) مِنْ حَيْثُ التَّأْكِيدِ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَخِيرِ الْجَمِيعُ مُؤَكَّدٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ الرَّاجِحُ الْمُؤَكَّدُ الْعَشْرُ الْأُوَلُ فَقَطْ. (وَ) قِيلَ مِنْ الرَّوَاتِبِ (رَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ قُلْت هُمَا سُنَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ الْأَمْرُ بِهِمَا) وَلَفْظُهُ (صَلَّوْا قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ) أَيْ رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي لَفْظِ أَبِي دَاوُد، وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ» وَاسْتَدَلَّ لِمُقَابِلِ الصَّحِيحِ بِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «مَا رَأَيْت أَحَدًا يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَدَفَعَ بِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَأَنَسٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَ   [حاشية قليوبي] يَفْصِلَ بِكَلَامٍ أَوْ نَحْوِهِ، لِئَلَّا يَعْتَقِدَ الْعَوَامُّ أَنَّ الصُّبْحَ أَرْبَعٌ كَانْتِقَالٍ مِنْ مَحَلِّهِ لَا بِصَلَاةِ نَفْلٍ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَرَوَاتِبِهَا، وَفِي نِيَّتِهِمَا عَشْرُ، كَيْفِيَّاتٍ سُنَّةُ الصُّبْحِ، أَوْ رَكْعَتَيْ الصُّبْحِ، أَوْ الْفَجْرِ، أَوْ الْبَرْدِ بِسُكُونِ الرَّاءِ، أَوْ الْغَدَاةِ، أَوْ الْوُسْطَى عَلَى قَوْلٍ، وَلَا يَضُرُّ لَوْ قَالَ: رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ سُنَّةُ الصُّبْحِ، وَمَا قِيلَ: إنَّهُ يُطْلَبُ تَخْفِيفُهُمَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ، وَيُنْدَبُ فِيهِمَا قِرَاءَةُ آيَةِ الْبَقَرَةِ {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136] إلَى قَوْلِهِ {مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136] فِي الْأُولَى، وَآيَةِ آلِ عِمْرَانَ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64] إلَى قَوْلِهِ: {مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْكَافِرُونَ فِي الْأُولَى، وَالْإِخْلَاصِ فِي الثَّانِيَةِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَقِرَاءَةُ أَلَمْ نَشْرَحْ فِي الْأُولَى، وَأَلَمْ تَرَ كَيْفَ فِي الثَّانِيَةِ، لِمَا قِيلَ: إنَّ مَنْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأَلَمْ وَأَلَمْ، لَا يَمَسُّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَلَمٌ أَيْ وَجَعٌ أَوْ ضَرَرٌ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ) . قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْأَكْمَلُ تَطْوِيلُهُمَا، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ يُخَالِفُهُ. نَعَمْ إنْ حُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَنْ أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَالثَّانِي عَلَى مَنْ بَادَرَ بِهَا لَكَانَ وَجِيهًا لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْتَظِرُهُ إذَا بَادَرَ لَهَا لِتَرْفَعَهَا مَعَ عَمَلِ النَّهَارِ، فَلَا يَنْبَغِي التَّطْوِيلُ عَلَيْهِمْ بِانْتِظَارِهِمْ لَهُ، فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْعِشَاءِ) وَلَوْ لِلْحَاجِّ بِعَرَفَةَ وَيُنْدَبُ لَهُ تَرْكُ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ. قَوْلُهُ: (كَانَ يُصَلِّي مَا ذُكِرَ) أَيْ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ كَانَ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمُضَارِعِ، وَالْمُوَاظَبَةُ الْمُلَازَمَةُ عَلَى الشَّيْءِ بِأَنْ لَا يَتْرُكَهُ إلَّا لِعُذْرٍ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ) أَيْ فَانْتَفَتْ الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهِمَا الْمُقْتَضِيَةُ لِلتَّأْكِيدِ، فَقَوْلُهُ لَا رَاتِبَةَ لِلْعِشَاءِ أَيْ مُؤَكَّدَةً، فَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَالْجَمِيعُ سُنَّةٌ إلَخْ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (وَالْجَمِيعُ سُنَّةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ أَخْذًا مِنْ (كَانَ) الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمُضَارِعِ فِيهِ كَمَا مَرَّ، وَخُرُوجُ الْبَعْضِ عَنْ التَّأْكِيدِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ، لِمُعَارَضَتِهِ بِعَدَمِ الْمُوَاظَبَةِ بِالْفِعْلِ، فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ: وَزِيَادَةُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ إلَخْ مُرَادُهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُؤَكَّدِ لَا مِنْهُ، بِدَلِيلِ رَفْعِ الْمَعْطُوفِ بَعْدَهُ، وَإِذَا أَحْرَمَ قَبْلَ الظُّهْرِ بِرَكْعَتَيْنِ انْصَرَفَتَا لِلْمُؤَكَّدَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُمَا وَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْأَرْبَعِ فِي إحْرَامٍ وَاحِدٍ وَكَذَا فِي الْمُتَأَخِّرِ، وَلَهُ إذَا أَخَّرَ الْمُتَقَدِّمَ أَنْ يُحْرِمَ بِالثَّمَانِيَةِ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ أَحْرَمَ حِينَئِذٍ بِأَرْبَعٍ انْصَرَفَ لِلْمُؤَكَّدَاتِ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ، وَلَا بُدَّ فِي إحْرَامِهِ مُطْلَقًا أَنْ يُعَيِّنَ الْقَبْلِيَّةَ أَوْ الْبَعْدِيَّةَ أَوْ هُمَا. قَوْلُهُ: (هُمَا سُنَّةٌ) أَفَادَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَصْلِ سُنِّيَّتِهِمَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ الْآتِي لَا فِي التَّأْكِيدِ   [حاشية عميرة] الْمَتْنِ: (وَالْجَمِيعُ سُنَّةٌ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رَاتِبَةِ الْعِشَاءِ، وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ التَّأْكِيدِ) أَيْ فَفِي كَلَامِ الْمَتْنِ أَنَّ الْجَمِيعَ سُنَّةٌ رَوَاتِبُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهَا مُؤَكَّدَةٌ أَمْ لَا؟ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْجَمِيعُ مُؤَكَّدٌ لِظَاهِرِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْعَشْرُ فَقَطْ لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَخِيرِ الْجَمِيعُ مُؤَكَّدٌ) وَذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ: وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ لِأَنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ قَائِلٌ بِمَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ شُرُوعِ الْمُؤَذِّنِ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ كَمَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ الْمُتَّجَهُ بِدَلِيلِ حَدِيثِ: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» انْتَهَى. قُلْت: فَلَوْ كَانَ الِاشْتِغَالُ بِالْإِجَابَةِ يَمْنَعُ فِعْلَهُمَا قَبْلَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرَاعَى الْإِجَابَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 يَرَانَا نُصَلِّيهِمَا فَلَمْ يَنْهَنَا» قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَاسْتِحْبَابُهُمَا قَبْلَ شُرُوعِ الْمُؤَذِّنِ فِي الْإِقَامَةِ فَإِنْ شَرَعَ فِيهَا كُرِهَ الشُّرُوعُ فِي غَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» . قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَيْسَتَا مِنْ الرَّوَاتِبِ الْمُؤَكَّدَةِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِهِمَا، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ لِلْعِلْمِ بِهِ. (وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعٌ) وَكَذَا رَكْعَتَانِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلُ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا» وَالثَّانِي لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ» . (وَقَبْلَهَا مَا قَبْلَ الظُّهْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ الْأَوَّلُ لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ: «جَاءَ سُلَيْكُ الْغَطَفَانِيُّ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ: أَصَلَّيْت قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ؟ قَالَ لَا. قَالَ: فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» وَالثَّانِي بِالْقِيَاسِ عَلَى الظُّهْرِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُسْتَأْنَسُ فِيهِ بِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا» ، قَالَ: وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا. (وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الْوَتْرُ وَأَقَلُّهُ رَكْعَةٌ وَأَكْثَرُهُ إحْدَى عَشْرَةَ) رَكْعَةً (وَقِيلَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ) رَكْعَةً، وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ، وَأَكْمَلُ مِنْهُ خَمْسٌ ثُمَّ سَبْعٌ ثُمَّ تِسْعٌ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَيَحْصُلُ بِكُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ: «أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ» وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوتِرَ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ» وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهَا حَسَبَتْ فِيهِ سُنَّةَ الْعِشَاءِ.   [حاشية قليوبي] وَعَدَمِهِ، وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا جَوَابُ الْمُؤَذِّنِ لَوْ تَعَارَضَا إنْ أَمْكَنَ تَعَارُضُهُمَا، وَيُؤَخِّرُهُمَا لِمَا بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إنْ عَارَضَتَا نَحْوَ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ مَعَ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعٌ وَكَذَا رَكْعَتَانِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا نَصَّانِ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَيَنْوِي بِالْقَبَلِيَّةِ سُنَّةَ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُقُوعُهَا، وَكَذَا الْبَعْدِيَّةِ إنْ لَمْ يَشُكَّ فِي وُقُوعِهَا، وَإِذَا وَجَبَتْ الظُّهْرُ صَلَّاهَا بِسُنَنِهَا وَتَنْقَلِبُ سُنَّةُ الْجُمُعَةِ الَّتِي صَلَّاهَا قَبْلَهَا نَفْلًا مُطْلَقًا، وَلَا تَنْقَلِبُ إلَى سُنَّةِ الظُّهْرِ. قَوْلُهُ: (وَقَبْلَهَا مَا قَبْلَ الظُّهْرِ) لَمْ يَقُلْ: وَقَبْلَهَا أَرْبَعٌ كَاَلَّتِي بَعْدَهَا إشَارَةً لِلْقِيَاسِ كَمَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (أَصَلَّيْت قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالرَّكْعَتَيْنِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ، بَلْ هُمَا سُنَّةُ الْجُمُعَةِ، فَيَصِحُّ الْإِحْرَامُ بِهِمَا بِقَصْدِ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ وَالتَّحِيَّةُ دَاخِلَةٌ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا وَهِيَ الْمُصَحِّحَةُ لَهُمَا حَتَّى لَوْ كَانَ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ امْتَنَعَتَا أَصْلًا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَطِيبُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ، مَعَ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ مِنْ الْقِسْمِ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ الرَّوَاتِبِ، وَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ مِنْهَا وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْمَنْهَجِ، وَحَمَلُوا الْأَوَّلَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ فِي النِّيَّةِ إلَى الْفَرَائِضِ كَسُنَّةِ الْعِشَاءِ مَثَلًا، وَالثَّانِي عَلَى أَنَّ وَقْتَهُ وَقْتُ رَاتِبَةِ الْعِشَاءِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَى هَذَا التَّهَجُّدُ وَالتَّرَاوِيحُ، وَقَدْ يُعْتَذَرُ بِعَدَمِ طَلَبِهِمَا دَوَامًا مُؤَكَّدًا، أَوْ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَصْحِيحُ التَّسْمِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّهُ رَكْعَةٌ) وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لِلْخِلَافِ فِي جَوَازِهِ بِهَا، وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ) . قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: وَعَلَيْهَا تُحْمَلُ نِيَّتُهُ الْمُطْلَقَةُ وَنَذْرُهُ الْمُطْلَقُ، فَلَوْ قَامَ الرَّابِعَةَ فِيهِمَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ نَوَاهَا مَعَ الْفَرْضِ فِي الثَّانِي بَطَلَتْ نِيَّتُهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ الْخَطِيبُ كَالْعَلَّامَةِ السَّنْبَاطِيِّ: إنَّهُ فِي الْإِطْلَاقِ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ مَا عَدَا الرَّكْعَةَ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَقْرَأَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ سُورَةَ (سَبِّحْ) ، وَفِي الثَّانِيَةِ مِنْهَا الْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّالِثَةِ الْإِخْلَاصَ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ سَوَاءً اقْتَصَرَ عَلَيْهَا، أَوْ زَادَ عَلَيْهَا بِوَصْلٍ أَوْ فَصْلٍ، وَمَتَى صَلَّى الرَّكْعَةَ الْمُفْرَدَةَ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا سَوَاءً وَصَلَ أَمْ لَا، وَبَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَجُزْ الْإِتْيَانُ بِهِ لِفَوَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْذُورًا عِنْدَ شَيْخِنَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ، وَمَتَى صَلَّى شَيْئًا مِنْهُ غَيْرَهَا حَصَلَ لَهُ ثَوَابُ كَوْنِهِ مِنْ الْوَتْرِ. قَوْلُهُ: (وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهَا إلَخْ) أَيْ إنَّ أُمَّ سَلَمَةَ لَمَّا «رَأَتْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي   [حاشية عميرة] لِإِمْكَانِ تَدَارُكِ الرَّكْعَتَيْنِ أَدَاءً بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ. قَوْلُهُ: (كُرِهَ الشُّرُوعُ) خَرَجَ الدَّوَامُ فَإِنَّهُ يُكْمِلُ النَّفَلَ مَا لَمْ يَخْشَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) أَيْ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ لَك أَنَّ مَا يُفْهِمُهُ ظَاهِرُ الْمَتْنِ مِنْ أَنَّهَا مِنْ الرَّوَاتِبِ الْمُؤَكَّدَةِ لَيْسَ مُرَادًا، وَوَجْهُ الْإِفْهَامِ عَطْفُهَا عَلَيْهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعٌ وَقَبْلَهَا مَا قَبْلَ الظُّهْرِ) هَذَا الصَّنِيعُ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَرْبَعَ بَعْدَهَا رَوَاتِبُ مُؤَكَّدَةٌ، وَأَنَّ مَا قَبْلَهَا كَالظُّهْرِ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَشَرْحُ الْمُهَذَّبِ مِنْ أَنَّهَا كَالظُّهْرِ. قَوْلُهُ: (قَالَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا) إنْ قِيلَ مُحْتَمَلٌ أَنَّهُمَا التَّحِيَّةُ قُلْت: يَمْنَعُ مِنْهُ قَوْلُهُ: أَصَلَّيْت قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْقِسْمُ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً) فَاقْتَضَتْ عِبَارَةُ الْكِتَابِ أَنَّهُ قَسِيمٌ لِلرَّوَاتِبِ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ قِسْمٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 (وَلِمَنْ زَادَ عَلَى رَكْعَةٍ الْفَصْلُ) بَيْنَ الرَّكَعَاتِ بِالسَّلَامِ فَيَنْوِي رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا مِنْ الْوَتْرِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَهُوَ أَفْضَلُ) مِنْ الْوَصْلِ الْآتِي لِزِيَادَتِهِ عَلَيْهِ بِالسَّلَامِ وَغَيْرِهِ (وَالْوَصْلُ بِتَشَهُّدٍ) فِي الْآخِرَةِ (أَوْ تَشَهُّدَيْنِ فِي الْآخِرَتَيْنِ) قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ بِتَسْلِيمٍ» ، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوتِرُ بِخَمْسٍ لَا يَجْلِسُ إلَّا فِي آخِرِهَا» ، «وَقَالَتْ: لَمَّا سُئِلَتْ عَنْ وَتْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ إلَّا فِي الثَّامِنَةِ وَلَا يُسَلِّمُ، وَالتَّاسِعَةُ ثُمَّ يُسَلِّمُ» ، رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَلَا يَجُوزُ فِي الْوَصْلِ أَكْثَرُ مِنْ تَشَهُّدَيْنِ وَلَا فِعْلُ أَوَّلِهِمَا قَبْلَ الْآخِرَتَيْنِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَوَقْتُهُ بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «إنَّ اللَّهَ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ وَهِيَ الْوَتْرُ فَجَعَلَهَا فِيمَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ» وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ " فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ " وَقِيلَ وَقْتُهُ وَقْتُ الْعِشَاءِ " (وَقِيلَ: شَرْطُ الْإِيثَارِ بِرَكْعَةٍ سَبْقُ نَفْلٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ) مِنْ سُنَّتِهَا أَوْ غَيْرِهَا لِيُوتِرَ النَّفَلَ (وَيُسَنُّ جَعْلُهُ آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وِتْرًا» فَمَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ أَيْ تَنَفُّلٌ فِي اللَّيْلِ بَعْدَ نَوْمٍ يُؤَخِّرُ الْوَتْرَ لِيَفْعَلَهُ بَعْدَ التَّهَجُّدِ وَمَنْ لَا تَهَجُّدَ لَهُ يُوتِرُ بَعْدَ رَاتِبَةِ الْعِشَاءِ، وَوِتْرُهُ آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ مَنْ   [حاشية قليوبي] بَعْدَ الْعِشَاءِ ثَلَاثَ عَشَرَةَ رَكْعَةً» ظَنَّتْ أَنَّهَا كُلَّهَا وَتْرٌ فَأَخْبَرَتْ بِهِ، وَعَلَى الرَّاجِحِ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا كَذَلِكَ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ بَطَلَ الْجَمِيعُ، أَوْ بِرَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ بَطَلَ الْإِحْرَامُ السَّادِسُ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا وَقَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (الْفَصْلِ) أَيْ فَصْلُ الْأَخِيرَةِ بِإِحْرَامٍ مُسْتَقِلٍّ سَوَاءً فَصَلَ مَا قَبْلَهَا أَوْ وَصَلَهُ، وَلَهُ فِيهِ حِينَئِذٍ التَّشَهُّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَهُ فِيهِ أَنْ يَنْوِيَ سُنَّةَ الْوَتْرِ أَوْ مُقَدِّمَةَ الْوَتْرِ أَوْ مِنْ الْوَتْرِ أَوْ الْوَتْرَ أَيْضًا، وَلَا يَصِحُّ بِنِيَّةِ الشَّفْعِ، وَلَا بِنِيَّةِ سُنَّةِ الْعِشَاءِ، وَلَا بِنِيَّةِ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَمَا قِيلَ: إنَّ وَصْلَ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ، رَدَّهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّ مَحَلَّ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُوقِعْ فِي حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ كَمَا هُنَا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْفَصْلُ أَفْضَلُ مِنْ الْوَصْلِ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنْ تَسَاوَيَا عَدَدًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِتَشَهُّدٍ) وَهُوَ أَفْضَلُ لِأَنَّ تَشْبِيهَ الْوَتْرِ بِالْمَغْرِبِ مَكْرُوهٌ. قَوْلُهُ: (الشَّفْعِ) أَيْ الزَّوْجُ الشَّامِلُ لِرَكْعَتَيْنِ، أَوْ أَرْبَعٍ، أَوْ سِتٍّ، أَوْ ثَمَانٍ، أَوْ عَشْرٍ، لَكِنْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ زَادَ فِي إحْرَامٍ عَلَى رَكْعَتَيْنِ كَذَا قِيلَ، وَيَرُدُّهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَقِبَهُ بِقَوْلِهِ: خِلَافُ الْمَنْقُولِ إلَخْ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْوَتْرِ: سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ثَلَاثًا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك، وَبِمُعَافَاتِك مِنْ عُقُوبَتِك، وَبِك مِنْك، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ فِي الْوَصْلِ إلَخْ) فَلَوْ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ، أَوْ جَلَسَ بِقَصْدِ التَّشَهُّدِ فِي ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (صَلَاةِ الْعِشَاءِ) فَلَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهَا وَلَوْ مَقْضِيَّةً أَوْ مَجْمُوعَةً تَقْدِيمًا، وَهَلْ وَإِنْ لَمْ تُغْنِ عَنْ الْقَضَاءِ؟ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (حُمْرِ) هُوَ بِسُكُونِ الْمِيمِ: جَمْعُ أَحْمَرَ لَا بِضَمِّهَا: جَمْعُ حَمَارٍ، وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا أَعَزُّ أَمْوَالِ الْعَرَبِ عِنْدَهُمْ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ وَقْتُهُ وَقْتُ الْعِشَاءِ) أَيْ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فِعْلِهَا، وَهُوَ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَنِ. قَوْلُهُ: (تَهَجُّدٌ) هُوَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْيَقَظَةِ يُقَالُ: هَجَدَ: إذَا نَامَ، وَتَهَجَّدَ: إذَا زَالَ نَوْمُهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ تَنَفَّلَ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الْفَرْضُ كَقَضَاءٍ، كَذَلِكَ حَيْثُ وَقَعَ بَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ وَبَعْدَ نَوْمٍ وَلَوْ قَبْلَ وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَيَقَعُ الْوَتْرُ فِي هَذِهِ تَهَجُّدًا وَوَتْرًا لِوُجُودِ النَّوْمِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (إنَّ مَنْ لَا تَهَجُّدَ لَهُ إلَخْ)   [حاشية عميرة] مِنْهَا وَأَفْضَلُهَا، وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى شَيْخُنَا فِي الْمَنْهَجِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ أَبَا حَنِيفَةَ عَلَى وُجُوبِهِ حَتَّى صَاحِبَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِزِيَادَتِهِ عَلَيْهِ بِالسَّلَامِ وَغَيْرِهِ) مِنْهُ التَّكْبِيرُ وَالنِّيَّةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَقِيلَ: الْوَصْلُ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَفْصُولُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي اللَّطِيفِ مَجْزُومًا بِهِ أَنَّ الْوَصْلَ يُكْرَهُ، وَقِيلَ: الْأَفْضَلُ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ الْفَصْلُ بِخِلَافِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ يَقْتَدِي بِهِ الْمُخَالِفُ وَغَيْرُهُ، وَعَكَسَ الرُّويَانِيُّ فَقَالَ: أَنَا أُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَأُفَضِّلُ إمَامًا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ خَلَلٌ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ ثَابِتٌ صَحِيحٌ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ فَإِذَا زَادَ فَالْفَصْلُ أَفْضَلُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِتَشَهُّدٍ) أَيْ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ التَّشَهُّدَيْنِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَالْمُرَادُ التَّشَهُّدَانِ مِنْ غَيْرِ سَلَامٍ، وَإِلَّا فَهُوَ فَصْلٌ فَاضِلٌ عَلَى غَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ تَشَهُّدَيْنِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ سَلَامٍ فِي الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَخَرَجَ عَنْ الْوَصْلِ. قَوْلُهُ: (كَانَ يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ بِتَسْلِيمٍ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ سَاقَ هَذَا دَلِيلًا لِلْفَصْلِ الْفَاضِلِ كَمَا فَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (لِيُوتِرَ النَّفَلَ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فِي الرَّدِّ عَلَى هَذَا: يَكْفِي كَوْنُهُ وَتْرًا فِي نَفْسِهِ، أَوْ وَتْرًا لِمَا قَبْلَهُ فَرْضًا كَانَ أَوْ سُنَّةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ تَهَجَّدَ) الْهُجُودُ فِي اللُّغَة النَّوْمُ، يُقَالُ: هَجَدَ إذَا نَامَ، وَتَهَجَّدَ: أَزَالَ النَّوْمَ كَأَثِمَ وَتَأَثَّمَ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ لَيْلًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 لَا تَهَجُّدَ لَهُ إذَا وَثِقَ بِاسْتِيقَاظِهِ أَوَاخِرَ اللَّيْلِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْوَتْرَ لِيَفْعَلَهُ آخِرَ اللَّيْلِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ» (فَإِنْ أَوْتَرَ ثُمَّ تَهَجَّدَ لَمْ يُعِدْهُ) لِحَدِيثِ «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. (وَقِيلَ: يَشْفَعُهُ بِرَكْعَةٍ) بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا أَوَّلَ التَّهَجُّدِ. (ثُمَّ يُعِيدُهُ) بَعْدَ تَمَامِ التَّهَجُّدِ كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ (وَيُنْدَبُ الْقُنُوتُ آخِرَ وَتْرِهِ) بِثَلَاثٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَفِي الْوَتْرِ بِرَكْعَةٍ. (فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ) وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قَنَتَ فِيهِ لَمَّا جَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَيْهِ فَصَلَّى بِهِمْ أَيْ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ. (وَقِيلَ:) فِي (كُلِّ السَّنَةِ) لِإِطْلَاقِ مَا تَقَدَّمَ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْنُتُ فِي وَتْرِ اللَّيْلِ وَعَلَّمَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ قُنُوتَ الْوَتْرِ» . (وَهُوَ كَقُنُوتِ الصُّبْحِ) فِي لَفْظِهِ وَمَحَلِّهِ وَالْجَهْرِ بِهِ وَاقْتِضَاءِ السُّجُودِ بِتَرْكِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَفِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ. (وَيَقُولُ قَبْلَهُ: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُك إلَى آخِرِهِ) أَيْ: وَنَسْتَهْدِيك وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَيْ نُسْرِعُ نَرْجُو رَحْمَتَك وَنَخْشَى عَذَابَك إنَّ عَذَابَك الْجِدَّ بِالْكَفَّارِ مُلْحَقٌ. هَذَا مَا فِي الْمُحَرَّرِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِنَحْوِهِ مِنْ فِعْلِ عُمَرَ   [حاشية قليوبي] أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: صَلَاةُ اللَّيْلِ لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَفِعْلَ بَعْضِهِ آخِرَ اللَّيْلِ وَلَوْ فُرَادَى أَفْضَلُ مِنْ كُلِّهِ أَوْ لَهُ وَلَوْ جَمَاعَةً. قَوْلُهُ: (لَمْ يُعِدْهُ) أَيْ لَمْ تَجُزْ إعَادَتُهُ فَيَبْطُلُ مِنْ الْعَالِمِ الْعَامِدِ، وَيَقَعُ لِغَيْرِهِ نَفْلًا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: «لَا وَتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» ) أَيْ أَدَاءً وَلَوْ بِرَكْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا خِلَافَ الْأَوْلَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ» ، وَحُمِلَ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ، وَيَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ اثْنَيْنِ قَضَاءً. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَشْفَعُهُ إلَخْ) . قَالَ شَيْخُنَا: فَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ وَتْرًا إلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا يُنَازَعُ فِيهِ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ يُعِيدُهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ يُعِيدُ صُورَتَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْوَتْرِ بِرَكْعَةٍ) أَوْرَدَهَا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ آخِرُ رَكَعَاتِ وَتْرِهِ، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى آخِرِ مَا يَقَعُ وَتْرًا لَشَمِلَهَا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (لَمَّا جَمَعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - النَّاسَ) أَيْ جَمَعَ الرِّجَالَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ التَّرَاوِيحَ، وَجَمَعَ النِّسَاءَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ بِمُهْمَلَةٍ فَمُثَلَّثَةٍ سَاكِنَةٍ لِيُصَلِّيَ بِهِنَّ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَاقْتِضَاءُ السُّجُودِ) أَيْ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِهِ، وَكَذَا بِفِعْلِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لِعَدَمِ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِهِ، كَمَا لَوْ قَنَتَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَإِنْ طَالَ بِهِ الِاعْتِدَالُ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا، وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ بِتَطْوِيلِهِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْفِدُ) الْحَفْدُ: هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ آخِرُ الْإِسْرَاعِ، وَالْجِدُّ: بِكَسْرِ الْجِيمِ الْحَقُّ أَوْ الَّذِي لَا يَتَخَلَّفُ، وَالْمُلْحِقُ: بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِهَا بِمَعْنَى اللَّاحِقِ بِهِمْ، أَوْ الَّذِي أَلْحَقَهُ اللَّهُ بِهِمْ. قَوْلُهُ: (هَذَا مَا فِي الْمُحَرَّرِ) وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ زِيَادَةُ: اللَّهُمَّ عَذِّبْ الْكَفَرَةَ أَهْلَ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِك، وَيُكَذِّبُونَ رَسُولَك، وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَك، وَيَدِينُونَ دِينًا غَيْرَ دِينِك، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْعَلْ فِي قُلُوبِهِمْ الْإِيمَانَ وَالْحِكْمَةَ، وَثَبِّتْهُمْ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَوْزِعْهُمْ أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِك الَّذِي عَاهَدَتْهُمْ عَلَيْهِ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّك وَعَدُوِّهِمْ إلَهَ الْحَقِّ فَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ، انْتَهَى. وَالْحِكْمَةُ الْمُرَادَةُ هُنَا مَا يَمْنَعُ مِنْ الْقَبِيحِ، وَأَصْلُهَا وَضْعُ الشَّيْءِ فِي مَحَلِّهِ. وَمَعْنَى أَوْزِعْهُمْ: أَلْهِمْهُمْ، وَالْمُرَادُ بِالْعَهْدِ الْقِيَامُ بِأَوَامِرِ   [حاشية عميرة] بَعْدَ النَّوْمِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، قَالَ: وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنْ تَرْكِ النَّوْمِ فَهُوَ مِنْ بَابِ قَصْرِ الْعَامِ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ مِنْ الْأَضْدَادِ يُقَالُ: تَهَجَّدَ إذَا سَهِرَ وَتَهَجَّدَ إذَا نَامَ، انْتَهَى. أَقُولُ: وَقَوْلُهُ: وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ ظَاهِرُهُ الرُّجُوعُ إلَى الْهُجُودِ وَيَأْبَاهُ قَوْلُهُ، فَهُوَ مِنْ بَابِ قَصْرِ الْعَامِ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ، وَلَوْ جَعَلَ مَرْجِعَ الْإِشَارَةِ التَّهَجُّدَ لَاسْتَقَامَ. قَوْلُهُ: (كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ) يُسَمَّى هَذَا نَقْضُ الْوَتْرِ. قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: وَقَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنْ نَقْضِ الْوَتْرِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْوَتْرِ بِرَكْعَةٍ) أَشَارَ بِهَذَا الصَّنِيعِ إلَى أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (رَوَى أَبُو دَاوُد إلَخْ) أَيْ وَحَيْثُ فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يُخَالَفْ فَهُوَ إجْمَاعٌ. قَوْلُهُ: (لِإِطْلَاقِ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) لِهَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هَذَا الْوَجْهُ قَوِيٌّ. وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ: إنَّهُ الْمُخْتَارُ. أَقُولُ: وَقِصَّةُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَدْ يُقَالُ لَا تُخَصِّصُهُ لِأَنَّهَا مِنْ ذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْعُمُومَ مِنْ لَفْظِ الرَّاوِي فَلَا حُجَّةَ فِيهِ، بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: لِإِطْلَاقِ مَا تَقَدَّمَ، وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ. قَوْلُهُ: (وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك) التَّوَكُّلُ هُوَ الِاعْتِمَادُ وَإِظْهَارُ الْعَجْزِ، وَقَوْلُهُ: نَحْفِدُ هُوَ مِنْ حَفَدَ وَأَحْفَدَ لُغَةٌ فِيهِ، وَالْجِدُّ مَعْنَاهُ الْحَقُّ قَالَ ابْنُ مَالِك: هُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (قُلْت: الْأَصَحُّ) يَقُولُهُ (بَعْدَهُ) . قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّ قُنُوتَ الصُّبْحِ ثَابِتٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْوَتْرِ أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْقَنُوتَيْنِ لِلْمُنْفَرِدِ وَلِإِمَامِ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيلِ وَأَنَّ غَيْرَهُمَا يَقْتَصِرُ عَلَى قُنُوتِ الصُّبْحِ. (وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تُنْدَبُ فِي الْوَتْرِ) الْمَأْتِيِّ بِهِ. (عَقِبَ التَّرَاوِيحِ جَمَاعَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِنَاءً عَلَى نَدْبِهَا فِي التَّرَاوِيحِ الَّذِي هُوَ الْأَصَحُّ الْآتِي. وَقَوْلُهُ عَقِبَ وَجَمَاعَةً جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، فَلَا مَفْهُومَ لَهُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إذَا اسْتَحْبَبْنَا الْجَمَاعَةَ فِي التَّرَاوِيحِ نَسْتَحِبُّهَا فِي الْوَتْرِ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَصْدُقُ مَعَ فِعْلِهَا جَمَاعَةً وَفُرَادَى وَمَعَ كَوْنِ الْوَتْرِ عَقِبَهَا وَمُتَرَاخِيًا عَنْهَا وَلَوْ أَرَادَ تَهَجُّدًا بَعْدَ التَّرَاوِيحِ أَخَّرَ الْوَتْرَ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالتَّنْبِيهِ، وَوَتْرُ غَيْرَ رَمَضَانَ لَا يُنْدَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ. (وَمِنْهُ) أَيْ الْقِسْمُ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الضُّحَى وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرُهَا ثَنَتَا عَشْرَةَ) رَكْعَةً وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «أَوْصَانِي خَلِيلِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلَاثٍ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا وَيَزِيدُ مَا شَاءَ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: «صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُبْحَةَ الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهَا قَرِيبٌ مِنْهُ. وَالسُّبْحَةُ بِضَمِّ السِّينِ الصَّلَاةُ، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنْ صَلَّيْت الضُّحَى عَشْرًا لَمْ يُكْتَبْ لَك ذَلِكَ الْيَوْمَ ذَنْبٌ، وَإِنْ صَلَّيْتهَا ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَك بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ فِي إسْنَادِهِ نَظَرٌ، وَضَعَّفَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ فِيهِ: أَكْثَرُهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَأَدْنَى الْكَمَالِ أَرْبَعٌ، وَأَفْضَلُ مِنْهُ سِتٌّ، ثُمَّ وَقْتُهَا فِيمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى الِاسْتِوَاءِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ إلَى الزَّوَالِ. وَفِي الرَّوْضَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَقْتُ الضُّحَى مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ارْتِفَاعِهَا. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقْتُهَا الْمُخْتَارُ إذَا مَضَى رُبْعٌ   [حاشية قليوبي] اللَّهِ، وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَلَا يُسَنُّ قِرَاءَةُ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَثَلًا لِكَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تُنْدَبُ فِي الْوَتْرِ) أَيْ وَلَوْ قَضَاءً كَالتَّرَاوِيحِ قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِنْ عَدَمِ طَلَبِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَقْضِيَّةِ مِنْ الْخَمْسِ فَهَذَا أَوْلَى فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَرَادَ إلَخْ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا تَقَدَّمَ، بَلْ وَلَوْ تَرَكَ التَّرَاوِيحَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (الضُّحَى) وَهِيَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ وَصَلَاةُ الْإِشْرَاقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيّ وَشَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ، وَقِيلَ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ: إنَّهَا صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ. قَوْلُهُ: (رَكْعَتَانِ) وَقِرَاءَةُ سُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ فِيهِمَا، أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ وَالشَّمْسِ وَالضُّحَى. قَوْلُهُ: (وَأَكْثَرُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً) هَذَا وَجْهٌ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (وَالْأَفْضَلُ يُسَلِّمُ إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِجَوَازِ جَمْعِ أَرْبَعٍ أَوْ سِتٍّ أَوْ ثَمَانٍ فِي إحْرَامٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَهُ التَّشَهُّدُ فِي كُلِّ شَفْعٍ، فَإِنْ تَشَهَّدَ فِي وَتْرٍ فَفِيهِ مَا فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: «وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَيْقِظُ آخِرَ اللَّيْلِ فَيَفُوتُ وَقْتُهُ. قَوْلُهُ: (وَضَعَّفَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) فَسَقَطَ كَوْنُهُ دَلِيلًا. قَوْلُهُ: (وَأَكْثَرُهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ) فَضْلًا وَعَدَدًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا فَكَمَا لَوْ زَادَ فِي الْوَتْرِ كَمَا مَرَّ، وَلَا مَانِعَ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ الْأَقَلِّ عَلَى الْأَكْثَرِ كَمَا فِي الْقَصْرِ لِمَنْ بَلَغَ سَفَرُهُ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ. قَوْلُهُ: (مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَوْنُهُ إلَى الزَّوَالِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْضًا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ: إلَى الِاسْتِوَاءِ وَهَذِهِ صَاحِبَةُ وَقْتٍ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا وَقْتُ الْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ: (الْمُخْتَارُ) أَيْ الَّذِي يُخْتَارُ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ لَا عَنْهُ. قَوْلُهُ: النَّهَارُ، انْتَهَى وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ الْقَلَمِ لَفْظَةُ (بَعْضٍ) قَبْلَ أَصْحَابِنَا وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ حِكَايَةَ وَجْهٍ بِذَلِكَ كَالْأَصَحِّ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ   [حاشية عميرة] بِالْفَتْحِ النَّسَبُ وَالْعَظَمَةُ وَالْحَظُّ، وَبِالْكَسْرِ: نَقِيضُ الْهَزْلِ، وَبِالضَّمِّ: الرَّجُلُ الْعَظِيمُ، انْتَهَى. وَمُلْحِقٌ بِالْكَسْرِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ. قَوْلُهُ: (وَمُتَرَاخِيًا عَنْهَا) زَادَ بَعْضُهُمْ وَمَعَ تَرْكِ التَّرَاوِيحِ. قَوْلُهُ: (وَتْرُ غَيْرِ رَمَضَانَ إلَخْ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمَتْنِ السَّابِقِ، وَمِنْهُ الْوَتْرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الضُّحَى) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهَا صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ} [ص: 18] أَيْ يُصَلِّينَ وَلَكِنْ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهَا غَيْرُهَا وَأَنَّ صَلَاةَ الْإِشْرَاقِ رَكْعَتَانِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ عِنْدَ زَوَالِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَفْضَلُ مِنْهُ سِتٌّ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيَنْوِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ الضُّحَى، انْتَهَى. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ التَّسْلِيمَ الْمَذْكُورَ سُنَّةٌ، وَأَنَّ الْوَصْلَ جَائِزٌ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ صَرَّحَ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 وَإِنْ لَمْ يَحْكِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَالْأَوَّلُ أَوْفَقُ لِمَعْنَى الضُّحَى، وَهُوَ كَمَا فِي الصِّحَاحِ حِينَ تُشْرِقُ الشَّمْسُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَمِنْهُ قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُهَذَّبِ: وَوَقْتُهَا إذَا أَشْرَقَتْ الشَّمْسُ إلَى الزَّوَالِ، أَيْ أَضَاءَتْ وَارْتَفَعَتْ بِخِلَافِ شَرَقَتْ فَمَعْنَاهُ طَلَعَتْ. (وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) لِدَاخِلِهِ عَلَى وُضُوءٍ (رَكْعَتَانِ) قَبْلَ الْجُلُوسِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَإِنْ صَلَّى أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ وَكَانَتْ كُلُّهَا تَحِيَّةً لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ. (وَتَحْصُلُ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ آخَرَ) سَوَاءٌ نُوِيَتْ مَعَهُ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَلَاةٍ قَبْلَ الْجُلُوسِ، وَقَدْ وُجِدَتْ بِمَا ذُكِرَ، وَلَا يَضُرُّهُ نِيَّةُ التَّحِيَّةِ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ خِلَافَ نِيَّةِ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ مَقْصُودَةٍ فَلَا تَصِحُّ. (لَا بِرَكْعَةٍ) أَيْ لَا تَحْصُلُ بِهَا التَّحِيَّةُ (عَلَى الصَّحِيحِ قُلْت:) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ. (وَكَذَا الْجِنَازَةُ وَسَجْدَةُ تِلَاوَةٍ وَ) سَجْدَةُ (شُكْرٍ) أَيْ لَا تَحْصُلُ   [حاشية قليوبي] وَكَأَنَّهُ سَقَطَ) أَيْ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) التَّحِيَّةُ مَا يُحَيَّا بِهِ الشَّيْءُ أَوْ يُعَظَّمُ بِهِ، وَهِيَ أَنْوَاعٌ: فَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَلَوْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بِالصَّلَاةِ، وَتَحِيَّةُ الْبَيْتِ بِالطَّوَافِ، وَلَا يَفُوتُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الطَّوَافِ، وَتَحِيَّةُ الْحَرَمِ بِالْإِحْرَامِ، وَتَحِيَّةُ مِنًى بِالرَّمْيِ، وَتَحِيَّةُ عَرَفَةَ بِالْوُقُوفِ، وَتَحِيَّةُ الْمُسْلِمِ عِنْدَ لِقَائِهِ بِالسَّلَامِ، وَتَحِيَّةُ الْخَطِيبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْخُطْبَةِ، وَتَفُوتُ التَّحِيَّةُ بِالْإِعْرَاضِ أَوْ بِطُولِ الْفَصْلِ وَلَوْ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا، أَوْ بِالْجُلُوسِ عَمْدًا لَا لِيَأْتِيَ بِهَا مِنْهُ وَلَوْ مُتَمَكِّنًا، وَلَا لِشُرْبٍ وَوُضُوءٍ وَنَحْوِهِمَا مُسْتَوْفِزًا، وَلَا سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ سَمِعَهَا عِنْدَ دُخُولِهِ وَمِثْلُهَا سُنَّةُ الْوُضُوءِ، وَشَمِلَ الْمَسْجِدُ الْمُشَاعَ وَالْمَنْقُولَ بَعْدَ إثْبَاتِهِ كَبَلَاطِهِ وَنَحْوَ رِدَاءٍ أَثْبَتَهُ وَوَقَفَهُ مَسْجِدًا ثُمَّ أَزَالَهُ، وَشَمِلَ الْمَظْنُونَ بِالِاجْتِهَادِ لَا بِالْقَرِينَةِ كَمَنَارَةٍ وَمِنْبَرٍ وَتَزْوِيقٍ وَشَرَارِيفٍ، فَلَا دَلَالَةَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَسْجِدِيَّةِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَتُسَنُّ التَّحِيَّةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ الْمُتَلَاصِقَةِ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لِأَنَّ لَهَا حُكْمَ الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ الْوَجْهُ، وَخَرَجَ بِهِ الرِّبَاطُ وَالْمَدْرَسَةُ وَمُصَلَّى الْعِيدِ، وَمَا فِي حَرِيمِ النَّهْرِ، وَمَا أَرْضُهُ مُحْتَكَرَةٌ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٌ. نَعَمْ إنْ بَنَى فِي هَذَيْنِ دِكَّةٍ مَثَلًا وَوَقَفَهَا مَسْجِدًا فَلَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ مَسْجِدًا، فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْمَنْهَجِ (غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ نَفْسُ الْكَعْبَةِ لِأَنَّ تَحِيَّتَهَا الطَّوَافُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِدَاخِلِهِ) وَلَوْ زَحْفًا أَوْ حَبْوًا أَوْ مَحْمُولًا، وَإِنْ لَمْ يَرِدْ الْجُلُوسُ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. نَعَمْ إنْ خَافَ فَوْتَ جَمَاعَةٍ وَلَوْ فِي نَفْلٍ أَوْ غَيْرَ الْجَمَاعَةِ الْقَائِمَةِ، أَوْ كَانَ قَدْ صَلَّى جَمَاعَةً، أَوْ خَافَ فَوْتَ رَاتِبَةٍ مَثَلًا كُرِهَتْ لَهُ، كَخَطِيبٍ دَخَلَ فِي وَقْتِ الْخُطْبَةِ فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ: يُرِيدُ الْجُلُوسَ فِيهِ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى وُضُوءٍ) وَكَذَا لَوْ تَوَضَّأَ فِيهِ عَلَى قُرْبٍ إنْ جَلَسَ لَهُ مُسْتَوْفِزًا كَمَا مَرَّ. قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: يُكْرَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا، أَوْ لَمْ يُرِدْ التَّحِيَّةَ بِالصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كَمَا فِي الْأَذْكَارِ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ رَكْعَتَيْنِ: زَادَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَهِيَ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ، وَالْقَرْضُ الْحَسَنُ، وَالذِّكْرُ الْكَثِيرُ، وَصَلَاةُ سَائِرِ الْحَيَوَانِ وَالْجَمَادِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ الْحِمَارَ وَالْكَلْبَ وَالْغُرَابَ الْأَبْقَعَ. قَوْلُهُ: (أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ) شَفْعًا أَوْ وَتْرًا عَيَّنَ عَدَدًا أَوْ لَا وَلَهُ التَّشَهُّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَمَا فِي النَّفْلِ، وَانْظُرْ لَوْ نَوَى عَدَدًا، أَهَلْ لَهُ النَّقْصُ عَنْهُ أَوْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْقَلْبُ إلَى الْجَوَازِ أَمْيَلُ. قَوْلُهُ: (وَتَحْصُلُ إلَخْ) أَيْ تَحْصُلُ التَّحِيَّةُ وَفَضْلُهَا مَا لَمْ تَنْفِ، وَإِلَّا سَقَطَ الطَّلَبُ فَقَطْ. وَرُدَّ فِي الْإِطْلَاقِ بِأَنَّ نِيَّةَ غَيْرِهَا مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ نِيَّةٌ لَهَا ضِمْنًا فَنِيَّتُهَا مَعَهُ تَصْرِيح بِهَا، وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ لِلْعَامِدِ الْعَالِمِ، وَانْقَلَبَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا لِغَيْرِهِ، وَلَوْ نَوَى قَلْبَهَا نَفْلًا مُطْلَقًا بَطَلَتْ كَمَا مَالَ إلَيْهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ. قِيلَ: وَهُوَ وَجِيهٌ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا سُنَّةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ) وَمِثْلُهَا سُنَّةُ الْوُضُوءِ، وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ، وَالْإِحْرَامُ وَالِاسْتِخَارَةُ، وَقُدُومُ الْمُسَافِرِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، مِمَّا سَيَأْتِي وَيُتَّجَهُ فِي ذَلِكَ جَوَازُ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَيْضًا وَقِيَاسُ مَا مَرَّ جَوَازُ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ فِيمَا نَوَاهُ فِيهَا فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (كَالْأَصَحِّ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى وُضُوءٍ) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ الرَّفْعَةَ وَزَادَ: وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ إذَا كَانَ لَهُ شُغْلٌ يَشْغَلُهُ عَنْ الصَّلَاةِ إسْنَوِيٌّ. قَوْلُهُ: (سَوَاءً نَوَيْت مَعَهُ أَمْ لَا) نَظَرَ فِيهِ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَالَ لَوْ قِيلَ: بِأَنَّ الْأَمْرَ يَسْقُطُ وَلَا يَحْصُلُ ثَوَابُ التَّحِيَّةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 بِهَا التَّحِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ. وَالثَّانِي تَحْصُلُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الْأَرْبَعِ لِحُصُولِ الْإِكْرَامِ بِهَا الْمَقْصُودِ مِنْ الْحَدِيثِ. (وَتَتَكَرَّرُ) التَّحِيَّةُ (بِتَكَرُّرِ الدُّخُولِ عَلَى قُرْبٍ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَالْبُعْدِ، وَالثَّانِي لَا لِلْمَشَقَّةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ زَادَهَا فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا. (وَيَدْخُلُ وَقْتُ الرَّوَاتِبِ قَبْلَ الْفَرْضِ بِدُخُولِ وَقْتِ الْفَرْضِ وَبَعْدَهُ بِفِعْلِهِ وَيَخْرُجُ النَّوْعَانِ) أَيْ وَقْتُهُمَا (بِخُرُوجِ وَقْتِ الْفَرْضِ) فَفِعْلُ الْقَبْلِيَّةَ فِيهِ بَعْدَ الْفَرْضِ أَدَاءٌ. (وَلَوْ فَاتَ النَّفَلُ الْمُؤَقَّتُ) كَصَلَاتَيْ الْعِيدِ وَالضُّحَى وَرَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ. (نُدِبَ قَضَاؤُهُ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا تَقْتَضِي الْفَرَائِضُ بِجَامِعِ التَّأْقِيتِ، وَالثَّانِي لَا يُنْدَبُ قَضَاؤُهُ لِأَنَّ قَضِيَّةَ التَّأْقِيتِ فِي الْعِبَادَةِ اشْتِرَاطُ الْوَقْتِ فِي الِاعْتِدَادِ بِهَا خُولِفَ ذَلِكَ فِي الْفَرَائِضِ لِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَرَدَ فِيهَا كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَالثَّالِثُ يَقْضِي الْمُسْتَقِلَّ كَالْعِيدِ وَالضُّحَى لِمُشَابَهَتِهِ الْفَرَائِضَ فِي الِاسْتِقْلَالِ بِخِلَافِ رَوَاتِبِهَا. وَكُلُّ هَذَا بِالنَّظَرِ إلَى الْقِيَاسِ، وَاسْتُدِلَّ لِلْأَوَّلِ بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَضَى رَكْعَتَيْ سُنَّةِ الظُّهْرِ الْمُتَأَخِّرَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بَعْدَ الشَّمْسِ لَمَّا نَامَ فِي الْوَادِي عَنْ الصُّبْحِ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَفِي مُسْلِمٍ نَحْوُهُ، ثُمَّ عَلَى الْقَضَاءِ يَقْضِي أَبَدًا، وَفِي قَوْلٍ: يَقْضِي فَائِتَ النَّهَارِ مَا لَمْ تَغْرُبْ شَمْسُهُ، وَفَائِتُ اللَّيْلِ مَا لَمْ يَطْلُعْ فَجْرُهُ. وَلَا مَدْخَلَ لِلْقَضَاءِ فِي غَيْرِ الْمُؤَقَّتِ مِمَّا لَهُ سَبَبٌ كَالتَّحِيَّةِ. (وَقِسْمٌ يُسَنُّ جَمَاعَةً كَالْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ) لِمَا سَيَأْتِي فِي   [حاشية قليوبي] لِحُصُولِ الْإِكْرَامِ بِهَا إلَخْ) لَكِنْ أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ. قَوْلُهُ: (وَيَدْخُلُ وَقْتُ الرَّوَاتِبِ إلَخْ) هَذَا الْمَذْكُورُ فِي وَقْتِ الْفِعْلِ، وَأَمَّا الْوَقْتُ الزَّمَانِيُّ فَيَدْخُلُ بِوَقْتِ الْفَرْضِ فِيهَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِفِعْلِهِ) أَيْ وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ. قَوْلُهُ: (بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ) لِشُمُولِهِ لِلنَّفْلِ وَالْفَرْضِ. قَوْلُهُ: (قَضَى رَكْعَتَيْ سُنَّةِ الظُّهْرِ إلَخْ) وَوَرَدَ أَنَّهُ وَاظَبَ عَلَى صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَبَدًا وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا مَدْخَلَ لِلْقَضَاءِ إلَخْ) وَإِنْ نَذَرَ ذَلِكَ وَإِنْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَمِنْهُ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ وَفِعْلُهَا بَعْدَ السُّقْيَا لِلشُّكْرِ لَا قَضَاءً. نَعَمْ يُنْدَبُ قَضَاءُ نَفْلٍ مُطْلَقٍ أَبْطَلَهُ، أَوْ وِرْدٍ لَهُ فَاتَهُ. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِنْ لَفْظِ مِنْ فِي كَلَامِهِ أَوَّلًا أَنَّ أَفْرَادَ هَذَا الْقِسْمِ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ فِيمَا ذَكَرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي، وَيَنْوِي فِي إفْرَادِهِ أَسْبَابَهَا مُطْلَقًا وَلَهُ فِعْلُهَا وَلَوْ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، إلَّا مَا تَأَخَّرَ سَبَبُهُ كَرَكْعَتِي الِاسْتِخَارَةِ، وَمِنْ أَفْرَادِهِ رَكْعَتَانِ بِمَنْزِلِهِ عِنْدَ إرَادَةِ السَّفَرِ، وَبَعْدَ قُدُومٍ مِنْهُ قَبْلَ دُخُولِ مَنْزِلِهِ وَكَوْنُهُمَا بِمَسْجِدٍ أَفْضَلُ، وَرَكْعَتَانِ عَقِبَ خُرُوجٍ مِنْ حَمَّامٍ أَوْ مِنْ مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلسَّفَرِ، أَوْ فِي أَرْضٍ لَا يُعْبَدُ اللَّهُ فِيهَا، وَلِمَنْ زُفَّتْ لَهُ عَرُوسٌ قَبْلَ الْوَقَاعِ وَلَهَا أَيْضًا، وَبَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْكَعْبَةِ مُسْتَقْبِلًا بِهِمَا وَجْهَهَا، وَقَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَعِنْدَ حِفْظِ الْقُرْآنِ، وَبَعْدَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ، وَنَتْفِ الْإِبِطِ، وَقَصِّ الشَّارِبِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، وَحَلْقِ الرَّأْسِ. قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: وَبَعْدَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عِنْدَ بَعْض الصُّوفِيَّةِ، وَلِلِاسْتِخَارَةِ وَلِلْحَاجَةِ إلَى اللَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ، وَأَوْصَلَهَا فِي الْإِحْيَاءِ إلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَلَهُ فِي الْحَاجَةِ إلَى اللَّهِ لَا إلَى الْآدَمِيِّ فَرَاجِعْهُ. وَلِلْقَتْلِ وَلَوْ بِحَقٍّ، وَلِلتَّوْبَةِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا وَلَوْ مِنْ صَغِيرَةٍ، وَصَلَاةُ الْأَوَّابِينَ عِنْدَ غَيْرِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْمَعْرُوفَةُ بِصَلَاةِ الْغَفْلَةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْثَرُهَا عِشْرُونَ رَكْعَةً، وَبَعْدَ الزَّوَالِ رَكْعَتَانِ أَوْ أَرْبَعٌ، وَصَلَاةُ التَّسْبِيحِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ إمَّا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ نَهَارًا أَفْضَلُ، أَوْ بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَهُوَ أَفْضَلُ بِلَيْلٍ، يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ، وَقَبْلَ الرُّكُوعِ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، زَادَ فِي الْإِحْيَاءِ: وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَفِي كُلٍّ مِنْ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ، وَالسُّجُودَيْنِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا وَبَعْدَهُمَا عَشْرًا، فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ مَرَّةً فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَثَلَاثمِائَةٍ فِي الرَّكَعَاتِ الْأَرْبَعِ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ يُطْلَبُ فِعْلُهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، أَوْ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَوْ فِي كُلِّ سَنَةٍ، أَوْ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً، وَأَمَّا صَلَاةُ الرَّغَائِبِ وَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي أَوَّلِ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَصَلَاةُ مِائَةِ رَكْعَةٍ فِي لَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ فَهُمَا بِدْعَتَانِ مَذْمُومَتَانِ قَبِيحَتَانِ سَوَاءً فُعِلَتَا جَمَاعَةً أَمْ فُرَادَى.   [حاشية عميرة] لَاتَّجَهَ، قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» . قَوْلُهُ: (فَفَعَلَ الْقَبْلِيَّةَ إلَخْ) هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ جَعْلِ الْخُرُوجِ مُتَرَتِّبًا عَلَى الْخُرُوجِ، وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَةَ يَخْرُجُ وَقْتُهَا بِفِعْلِ الْفَرْضِ، وَوَجْهٌ أَنَّ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْمُتَأَخِّرَةِ يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِدُخُولِ وَقْتِ الْفَرْضِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْقِيَاسُ طَرْدُهُ فِي سَائِرِ السُّنَنِ. قَوْلُهُ: مِمَّا لَهُ سَبَبٌ يَرِدُ عَلَى هَذَا الِاسْتِسْقَاءُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَفُوتُ بِالسُّقْيَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ: أَقُولُ: وَلَنَا أَنَّ نَقُولَ: هِيَ أَدَاءٌ لَا قَضَاءٌ فَلَا اسْتِثْنَاءَ وَلَا وُرُودَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِسْمٌ يُسَنُّ جَمَاعَةً) يَأْتِي فِي نَصْبِهِ مَا سَلَفَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 أَبْوَابِهَا (وَهُوَ أَفْضَلُ مِمَّا لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً) لِتَأَكُّدِهِ بِسِنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهِ (لَكِنَّ الْأَصَحَّ تَفْضِيلُ الرَّاتِبَةِ) لِلْفَرَائِضِ (عَلَى التَّرَاوِيحِ) بِنَاءً عَلَى سَنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الرَّاتِبَةِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَدِلَّتِهَا السَّابِقَةِ دُونَ التَّرَاوِيحِ لِمَا سَيَأْتِي فِيهَا، وَالثَّانِي تَفْضِيلُ التَّرَاوِيحِ عَلَى الرَّاتِبَةِ لِسَنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، فَإِنْ قُلْنَا لَا تُسَنُّ فِيهَا فَالرَّاتِبَةُ أَفْضَلُ مِنْهَا جَزْمًا. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُسَنُّ فِي التَّرَاوِيحِ) وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ لَيَالِيَ مِنْ رَمَضَانَ وَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ وَصَلَّى النَّاسُ بِصَلَاتِهِ فِيهَا وَتَكَاثَرُوا فَلَمْ يَخْرُجْ لَهُمْ فِي الرَّابِعَةِ. وَقَالَ لَهُمْ صَبِيحَتَهَا: خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَتَعْجَزُوا عَنْهَا» وَرَوَى ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَمَضَانَ ثَمَانِي رَكَعَاتٍ ثُمَّ أَوْتَرَ، فَلَمَّا كَانَتْ الْقَابِلَةُ اجْتَمَعْنَا فِي الْمَسْجِدِ وَرَجَوْنَا أَنْ يَخْرُجَ إلَيْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا» ، الْحَدِيثُ. وَكَأَنَّ جَابِرًا إنَّمَا حَضَرَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ عِشْرِينَ رَكْعَةً» كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَانْقَطَعَ النَّاسُ عَنْ فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ إلَى زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَفَعَلَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فَجَمَعَهُمْ عُمَرُ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَصَلَّى   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ) أَفْضَلُ هَذَا الْقِسْمِ الْوَتْرُ، ثُمَّ رَكْعَتَا الْفَجْرِ عَقِبَهُ، ثُمَّ الرَّوَاتِبُ الْمُؤَكَّدَةُ، ثُمَّ الضُّحَى، ثُمَّ مَا تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ أَوْ سَبَبٍ غَيْرِ فِعْلٍ كَالزَّوَالِ، ثُمَّ رَكْعَتَا الطَّوَافِ وَالْإِحْرَامِ وَالتَّحِيَّةِ وَسُنَّةِ الْوُضُوءِ، ثُمَّ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. قَوْلُهُ: (وَقِسْمٌ يُسَنُّ جَمَاعَةً) سَكَتَ عَنْ إعْرَابِهِ لِعِلْمِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِمَّا لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً أَيْ مِنْ حَيْثُ مُقَابِلَةِ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ، فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ، وَأَفْضَلُ هَذَا الْقِسْمِ صَلَاةُ عِيدِ الْأَضْحَى، ثُمَّ الْفِطْرِ، ثُمَّ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، ثُمَّ الِاسْتِسْقَاءِ، ثُمَّ التَّرَاوِيحِ، وَإِذَا جُمِعَ مَعَ الْقَسْمِ الْأَوَّلِ فَهُمَا عَلَى تَرْتِيبِهِمَا إلَّا أَنَّ مَرْتَبَةَ التَّرَاوِيحِ عَقِبَ الرَّوَاتِبِ غَيْرِ الْمُؤَكَّدَةِ. قَوْلُهُ: (كَالْعِيدِ إلَخْ) قِيلَ: هَذِهِ الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ التَّرَاوِيحَ وَالْوَتْرَ هُنَا. قَوْلُهُ: (عَلَى الرَّاتِبَةِ) أَيْ عَلَى جِنْسِهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَدِلَّتِهَا السَّابِقَةِ) مِنْ دُخُولِ كَانَ عَلَى الْمُضَارِعِ غَالِبًا كَمَا مَرَّ آنِفًا. قَوْلُهُ: (دُونَ التَّرَاوِيحِ) أَيْ دُونَ مُوَاظَبَتِهِ عَلَى جَمَاعَةِ التَّرَاوِيحِ الَّتِي هِيَ سَبَبٌ فِي تَفْضِيلِهَا، فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي، وَصَلَاتُهَا بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً) قِيلَ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الرَّوَاتِبَ الْمُؤَكَّدَةَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ عَشْرٌ، فَضُوعِفَتْ فِيهِ لِأَنَّهُ وَقْتُ اجْتِهَادٍ وَتَشْمِيرٍ، وَكَانَتْ لَيْلًا لِقُوَّةِ الْأَبْدَانِ فِيهِ بِالْفِطْرِ، وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ عَدَمِ الرِّيَاءِ. قَوْلُهُ: (خَرَجَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ) أَيْ فِيهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ وَالْمُرَادُ أَوَّلُهُ. قَوْلُهُ: (لَيَالِيَ) أَيْ ثَلَاثًا لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ لَهُمْ فِي الرَّابِعَةِ. قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «وَاسْتَمَرَّ يُصَلِّيهَا فِي بَيْتِهِ فُرَادَى إلَى آخِرِ الشَّهْرِ» . (تَنْبِيهٌ) هَذَا يُشْعِرُ كَمَا تَرَى أَنَّ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ لَمْ تُشْرَعْ إلَّا فِي آخِرِ سِنِي الْهِجْرَةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ صَلَّاهَا مَرَّةً ثَانِيَةٍ، وَلَا وَقَعَ عَنْهَا سُؤَالٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ إلَخْ) أَيْ خَشِيت الْمَشَقَّةَ عَلَيْكُمْ بِتَوَهُّمِ فَرْضِيَّتِهَا أَوْ فَرْضِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا بِسَبَبِ الْمُلَازَمَةِ، أَوْ أَنَّ اللَّهَ كَانَ أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ إنْ لَازَمَ عَلَى جَمَاعَتِهَا فُرِضَتْ هِيَ أَوْ جَمَاعَتُهَا أَوْ هُمَا، أَوْ أَنَّ اللَّهَ خَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يَجْعَلَهَا فَرْضًا فَيُلَازِمَ عَلَيْهَا أَوْ لَا فَلَا، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (حَضَرَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ) أَيْ وَكَانَ الْبَاقِي مِنْهَا ثَمَانِ رَكَعَاتٍ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ، وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَضْعِيفِ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَيْثُ مُعَارَضَتِهَا فِي الْعَدَدِ. قَوْلُهُ: (فَفَعَلَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ) أَيْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ. قَوْلُهُ: (فَجَمَعَهُمْ) أَيْ جَمَعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الرِّجَالَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ قُرْآنًا، وَالنِّسَاءَ عَلَى   [حاشية عميرة] فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَكَأَنَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ هُنَا اكْتِفَاءً بِمَا سَلَفَ رَوْمًا لِلِاخْتِصَارِ. قَوْلُهُ: (يُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِيهِ) حَكَى فِي الْكِفَايَةِ وَجْهًا أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْمَذْكُورَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الرَّاتِبَةِ لِلْفَرَائِضِ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُؤَكَّدَةِ وَغَيْرِهَا، وَيُحْتَمَلُ التَّخْصِيصُ بِالْمُؤَكَّدَةِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ، وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الصَّوَابُ، ثُمَّ رَأَيْته صَرَّحَ بِهِ فِي مَتْنِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تُسَنُّ فِي التَّرَاوِيحِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ خَتْمَ الْقُرْآنِ فِي مَجْمُوعِهَا أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ ثَلَاثًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَفِي مِنْهَاجِ الْحَلِيمِيِّ أَنَّ السَّنَةَ فِي وَقْتِهَا رَبْعُ اللَّيْلِ فَصَاعِدًا، وَأَنَّ فِعْلَهَا بِالْعِشَاءِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مِنْ بِدَعِ الْكُسَالَى وَلَيْسَ مِنْ الْقِيَامِ الْمَسْنُونِ، إنَّمَا الْقِيَامُ مَا كَانَ فِي وَقْتِ النَّوْمِ عَادَةً، وَلِذَا سُمِّيَ فِعْلُهَا قِيَامًا. قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَخْرُجْ لَهُمْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الصَّحِيحَيْنِ: إنَّهُ صَلَّاهَا فِي بَيْتِهِ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ. قَوْلُهُ: (خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 بِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ يَنَامُوا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةٍ. وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَجَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمْ كَانُوا يُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ، وَسُمِّيَتْ كُلُّ أَرْبَعٍ مِنْهَا تَرْوِيحَةً لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَرَوَّحُونَ عَقِبَهَا أَيْ يَسْتَرِيحُونَ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَا تَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ، بَلْ يَنْوِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ أَوْ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ قَالَ: وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَمْ تَصِحَّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ الِانْفِرَادَ بِهَا أَفْضَلُ كَغَيْرِهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ لِبُعْدِهِ عَنْ الرِّيَاءِ وَرُجُوعِ النَّبِيِّ إلَيْهِ بَعْدَ اللَّيَالِي السَّابِقَةِ. (وَلَا حَصْرَ لِلنَّفْلِ الْمُطْلَقِ) وَهُوَ مَا لَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ وَلَا سَبَبٍ، «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي ذَرٍّ الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ اسْتَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ مِنْ رَكْعَةٍ وَأَكْثَرَ، سَوَاءً عَيَّنَ ذَلِكَ فِي نِيَّتِهِ أَمْ أَطْلَقَهَا، وَيَتَشَهَّدُ فِي الرَّكْعَةِ إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا. (فَإِنْ أَحْرَمَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ فَلَهُ التَّشَهُّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) فِي الْعَدَدِ الشَّفْعِ كَمَا فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَفِي الْعَدَدِ الْوَتْرِ يَأْتِي بِتَشَهُّدٍ فِي الْآخِرَةِ (وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ) لِجَوَازِ التَّطَوُّعِ بِهَا   [حاشية قليوبي] سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَيْثَمَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: عَلَى تَمِيمٍ الدَّارِيِّ. قَوْلُهُ (أَيْ يَسْتَرِيحُونَ) أَيْ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَيَطُوفُونَ طَوَافًا كَامِلًا بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ، ثُمَّ إنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ طَوَافٌ جَعَلُوا بَدَلَ كُلِّ طَوَافٍ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَصَارَتْ عِنْدَهُمْ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً يَنْوِي بِهَا كُلِّهَا التَّرَاوِيحَ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ حُدُوثِ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ فَصَارَ إجْمَاعًا. وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: الْعِشْرُونَ فِي حَقِّهِمْ أَحَبُّ إلَيَّ، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ لِغَيْرِهِمْ لِشَرَفِهِمْ بِهِجْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَفْنِهِ وَوَطَنِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ وُجِدَ فِيهَا أَوْ فِي مَزَارِعِهَا وَنَحْوِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقِيمًا بِهَا وَالْعِبْرَةُ فِي قَضَائِهَا بِوَقْتِ الْأَدَاءِ فَمَنْ فَاتَتْهُ وَهُوَ فِي الْمَدِينَةِ فَلَهُ قَضَاؤُهَا وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ، أَوْ وَهُوَ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ قَضَاهَا وَلَا فِي الْمَدِينَةِ عِشْرِينَ، وَلَوْ أَدْرَكَ بَعْضَ رَمَضَانَ فِي الْمَدِينَةِ وَبَعْضَهُ فِي غَيْرِهَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ، وَهَلْ يَكْفِي فِي إدْرَاكِ الْيَوْمِ جُزْءٌ مِنْ لَيْلَتِهِ أَوْ نَهَارِهِ أَوْ مِنْهُمَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِكُلِّ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَصِحَّ) فَتَبْطُلُ إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ وَإِلَّا فَهِيَ نَفْلٌ مُطْلَقٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ) أَيْ مَعَ تَأَكُّدِ هَذِهِ بِطَلَبِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا فَأَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ، فَلَا تُغَيَّرُ عَنْ الْإِجْمَاعِ الْوَارِدِ فِيهَا، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ جَوَازَ جَمْعِ سُنَّةِ الظُّهْرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَغَيْرِهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ) يُقَالُ: لَا قِيَاسَ مَعَ الْفَارِقِ بِأَنَّ هَذِهِ أَشْبَهَتْ الْفَرَائِضَ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَرُجُوعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَيْهِ) وَيُرَدُّ بِأَنَّ رُجُوعَهُ كَانَ لِخَوْفِ الْمَشَقَّةِ، لَا الْأَفْضَلِيَّةِ فَتَأَمَّلْ. (تَنْبِيهٌ) مَا يَقَعُ عِنْدَ فِعْلِ التَّرَاوِيحِ مِنْ الْوَقُودِ وَالتَّنَافُسِ فِيهِ إنْ كَانَ مِنْ رِيعِ وَقْفٍ عَلِمَ الْوَاقِفُ بِهِ فِي زَمَنِهِ، أَوْ مِنْ مَالٍ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ وَفِيهِ نَفْعٌ جَازَ، وَإِلَّا فَحَرَامٌ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ مَا لَا يَتَقَيَّدُ، أَيْ مَا لَيْسَ مَحْدُودًا بِوَقْتٍ، وَلَا مُعَلَّقًا بِسَبَبٍ. قَوْلُهُ: (خَيْرُ مَوْضُوعٍ) بِإِضَافَةِ مَوْضُوعٍ إلَيْهِ أَيْ أَفْضَلُ عِبَادَةٍ وَرَدَتْ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِتَنْوِينِهِمَا وَيَلْزَمُهُ مُسَاوَاةُ الصَّلَاةِ لِغَيْرِهَا، وَفَوَاتُ التَّرْغِيبِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: اسْتَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَكُلٌّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُصْرِ الْمَذْكُورِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ فِي نِيَّتِهِ، لَا الْمُقَابِلَ لِمَا لَا تَنْحَصِرُ أَفْرَادُهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ رَكْعَةٍ) بِلَا كَرَاهَةٍ وَلَا خِلَافِ الْأَوْلَى بِخِلَافِهَا فِي الْوَتْرِ، لِلْخِلَافِ فِي جَوَازِهَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ التَّشَهُّدُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيمٍ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) أَوْ كُلِّ ثَلَاثٍ أَوْ   [حاشية عميرة] قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَعْنَاهُ خَشِيت أَنْ تُتَوَهَّمُوا فَرْضَهَا. قَوْلُهُ: (ذَلِكَ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ جَمَاعَةً. قَوْلُهُ: (عَقِبَهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ: كُلُّ أَرْبَعٍ. قَوْلُهُ: (أَمْ أَطْلَقَهَا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هَذِهِ الْحَالَةُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لِلْأُولَى وَلَمْ يَسْتَوْفِهَا، يَعْنِي تَعَرَّضَ لِلْأُولَى بِقَوْلِهِ: فَإِنْ أَحْرَمَ بِأَكْثَرَ إلَخْ، وَبِقَوْلِهِ: وَإِذَا نَوَى عَدَدًا، وَعَدَمُ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ لَيْسَتْ بِعَدَدٍ، وَكَانَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَاوَلَ اسْتِفَادَةَ ذَلِكَ مِنْ صَدْرِ الْمَتْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) كَذَا لَهُ ذَلِكَ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ وَكُلِّ أَرْبَعٍ كَمَا قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ، فَإِنْ قُلْت: صَنِيعُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْمَحَلِّ لَا يَفِي بِذَلِكَ وَمَا مُرَادُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؟ قُلْت: مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بَيَانُ مُرَادِ الرَّافِعِيِّ عَلَى وَفْقِ مَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ حَيْثُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ثُمَّ إنْ تَطَوَّعَ بِرَكْعَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّشَهُّدِ فِيهَا، وَإِنْ زَادَ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، وَلَهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ فِي كُلِّ اثْنَتَيْنِ كَمَا فِي الْفَرَائِضِ الرُّبَاعِيَّةِ، فَلَوْ كَانَ الْعَدَدُ وَتْرًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّشَهُّدِ فِي الْأَخِيرَةِ أَيْضًا، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؟ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: فِيهِ احْتِمَالٌ لَا بِالْأَنْجُدِ فِي الْفَرَائِضِ صَلَاةٌ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، لَكِنَّ الْأَظْهَرَ الْجَوَازُ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً وَيَتَحَلَّلَ عَنْهَا فَيَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ مِنْهَا إلَى أُخْرَى، انْتَهَى. فَقَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَفِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ مَا يَقْتَضِي مَنْعَهُ. (قُلْت: الصَّحِيحُ مَنْعُهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَا عَهْدَ بِذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى تَشَهُّدٍ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفَرِيضَةِ لَجَازَ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ قَرَأَ السُّورَةَ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ وَإِنْ أَتَى بِتَشَهُّدَيْنِ فَفِي قِرَاءَتِهَا بَعْدَ الْأَوَّلِ الْقَوْلَانِ فِي الرَّوْضَةِ. (وَإِذَا نَوَى عَدَدًا فَلَهُ أَنْ يَزِيدَ) عَلَيْهِ (وَ) أَنْ (يَنْقُصَ) عَنْهُ (بِشَرْطِ تَغْيِيرِ النِّيَّةِ قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ. (وَإِلَّا) بِأَنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ قَبْلَ التَّغْيِيرِ عَمْدًا (فَتَبْطُلُ) صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا نَوَاهُ (فَلَوْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ فَقَامَ إلَى ثَالِثَةٍ سَهْوًا) فَتَذَكَّرَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ لِلزِّيَادَةِ إنْ شَاءَ) هَا، ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لِزِيَادَةِ الْقِيَامِ، وَالثَّانِي لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقُعُودِ فِي إرَادَةِ الزِّيَادَةِ، بَلْ يَمْضِي   [حاشية قليوبي] كُلِّ أَرْبَعٍ وَهَكَذَا، وَإِنْ كَانَ مَا أَحْرَمَ بِهِ فَرْدًا وَفَارَقَ الْوَتْرَ بِتَعَيُّنِ الْوَارِدِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (مَنَعَهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) بِأَنْ يَتَشَهَّدَ عَقِبَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَعَ إحْرَامِهِ بِأَكْثَرَ مِنْهَا، أَوْ أَنْ يُوقِعَ رَكْعَةٍ بَيْنَ تَشَهُّدَيْنِ وَلَمْ يَرِدْ الِاقْتِصَارُ فِي الصُّورَتَيْنِ فَتَبْطُلُ بِشُرُوعِهِ فِي التَّشَهُّدِ، حَتَّى لَوْ قَصَدَ ذَلِكَ فِي نِيَّتِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ. قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَيَجْرِي هَذَا الْحُكْمُ فِي غَيْرِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ مِنْ النَّوَافِلِ وَالْفَرَائِضِ، وَخَالَفَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَرَائِضِ لِأَنَّهَا لِاسْتِقْرَارِ أَمْرِهَا لَا يَضُرُّ فِيهَا مَا ذُكِرَ، إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ نَفْلٌ مَطْلُوبٌ قَوْلِيٌّ لِغَيْرِ مَحَلِّهِ وَهُوَ وَجِيهٌ حِينَئِذٍ، وَعَلَى كَلَامِ شَيْخِنَا لَوْ تَشَهَّدَ فِي الثَّالِثَةِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ دُونَ الثَّانِيَةِ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ نَظَرًا لِلتَّشَهُّدِ الْمَطْلُوبِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوْ لَا؟ نَظَرًا لِفِعْلِهِ فَرَاجِعْهُ. (تَنْبِيهٌ) نَوَى رَكْعَةً وَتَشَهَّدَ عَقِبَهَا، ثُمَّ قَصَدَ زِيَادَةَ رَكْعَةٍ يَأْتِي بِهَا وَتَشَهَّدَ عَقِبَهَا ثُمَّ قَصَدَ أُخْرَى وَهَكَذَا، هَلْ ذَلِكَ مِنْ الْمَمْنُوعِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْقَلْبُ إلَى الصِّحَّةِ أَمْيَلُ لِأَنَّ كُلَّ تَشَهُّدٍ مَطْلُوبٌ مِنْهُ حَالَةَ فِعْلِهِ حَرِّرْهُ، وَلَوْ قَصَدَ النَّقْصَ فِي أَثْنَاءِ رَكْعَةٍ بِتَرْكِ بَاقِيهَا، فَهَلْ تَصِحُّ وَيَتْرُكُ بَاقِيهَا وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِجَوَازِ تَرْكِ النَّفْلِ أَوْ تَبْطُلُ وَيَخْتَصُّ قَصْدُ النَّقْصِ بِرَكْعَةٍ كَامِلَةٍ؟ حَرِّرْهُ أَيْضًا وَالْقَلْبُ إلَى الْبُطْلَانِ أَمْيَلُ، وَيُصَرِّحُ بِهِ إيرَادُ الشَّارِحِ الرَّكْعَةَ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي النَّقْصِ. قَوْلُهُ: (إذْ لَا عَهْدَ بِذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ لَمْ يُعْهَدْ لَنَا صَلَاةٌ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ يَقَعُ فِيهَا رَكْعَةٌ غَيْرُ الْأَخِيرَةِ بَيْنَ التَّشَهُّدَيْنِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (فَفِي قِرَاءَتِهَا إلَى آخِرِهِ) أَيْ مَتَى أَتَى بِتَشَهُّدٍ لَا يَقْرَأُ السُّورَةَ فِيمَا بَعْدَهُ، وَعَدَمُ التَّشَهُّدِ أَوْلَى لِكَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ، وَيُكْرَهُ مَا فِيهِ تَشْبِيهٌ بِالْمَغْرِبِ بِأَنْ تَقَعَ الرَّكْعَةُ الْأَخِيرَةُ بَيْنَ تَشَهُّدَيْنِ، وَخَالَفَ بَعْضُهُمْ فِي هَذِهِ فَقَالَ: لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْوَتْرِ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ الرَّكْعَةِ هُنَا، وَفَارَقَ قِرَاءَةُ السُّورَةِ هُنَا عَمْدَ قِرَاءَتِهَا فِي الْفَرَائِضِ بَعْدَ الْأُولَتَيْنِ وَإِنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ لِطَيِّهِ بَعْدَهُمَا بِخُصُوصِهِ، وَلِذَلِكَ يَسْجُدُ لِتَرْكِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ) إلَّا لِمَانِعٍ كَرُؤْيَةِ مَا قَبْلَ الزِّيَادَةِ. قَوْلُهُ: (فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ) بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي النَّقْصِ كَهَوِيٍّ مِنْ قِيَامٍ، أَوْ تَشَهُّدٍ فِي جُلُوسٍ، أَوْ فِي الزِّيَادَةِ كَشُرُوعِهِ فِي الْقِيَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ شُرُوعٌ فِي الْمُبْطِلِ. قَوْلُهُ: (فَقَامَ) أَيْ أَوْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الْقُعُودِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، فَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى ذَلِكَ لَمْ يَسْجُدْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ مَا نَوَاهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْيَقِينِ، فَإِنْ قَامَ لِغَيْرِهِ بِلَا نِيَّةِ زِيَادَةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَقْعُدُ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقُعُودُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَقُومُ) أَيْ إنْ شَاءَ الْقِيَامَ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الزِّيَادَةَ مِنْ قُعُودٍ لِأَنَّهَا نَفْلٌ، وَيُمْكِنُ رُجُوعُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ شَاءَ إلَى هَذِهِ أَيْضًا وَإِنْ خَالَفَهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ النِّيَّةَ لَغْوٌ لِوُقُوعِهَا فِي   [حاشية عميرة] وَيَتَشَهَّدُ فِي الرَّكْعَةِ إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ: فَإِنْ أَحْرَمَ بِأَكْثَرَ إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ فِي الْآخِرَةِ هُوَ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ، وَلَهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ مِنْ كُلِّ اثْنَتَيْنِ إلَى قَوْلِهِ أَيْضًا فَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ: بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ شَامِلٌ لِلشَّفْعِ وَالْوَتْرِ كَمَا فَصَّلَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْعَدَدِ الشَّفْعِ، وَفِي الْعَدَدِ الْوَتْرِ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَأْتِي بِتَشَهُّدٍ فِي الْأَخِيرَةِ يَعْنِي بَعْدَ التَّشَهُّدِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَلَوْ قَالَ عَقِبَ الْآخِرَةِ أَيْضًا كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكَانَ أَوْضَحَ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ: وَفِي كُلٍّ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَهُ الْإِمَامُ هُوَ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ إلَخْ؟ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ: وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ مُرَادُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَدَدُ شَفْعًا أَوْ وَتْرًا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إلَى آخِرِهِ لَيْسَ فِي الْكَبِيرِ فَلَعَلَّهُ فِي الصَّغِيرِ، وَقَوْلُهُ أَعْنِي الشَّارِحَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - آخِرًا وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى تَشَهُّدٍ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعَدَدُ شَفْعًا أَوْ وَتْرًا هُوَ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ أَوَّلًا وَإِنْ زَادَ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ هَذَا الْمَقَامُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَتَى بِتَشَهُّدَيْنِ إلَخْ) شَامِلٌ لِمَا إذَا تَشَهَّدَ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ الْمُتَّجَهُ وَمُقْتَضَى تَعْلِيلٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنُ انْتَهَى قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ نَوَى عَدَدَ إلَخْ) لَوْ نَوَى خَمْسَةً مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 فِيهَا كَمَا لَوْ نَوَاهَا قَبْلَ الْقِيَامِ، وَإِنْ لَمْ يَشَأْ الزِّيَادَةَ قَعَدَ وَتَشَهَّدَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ نَوَى رَكْعَةً فَلَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا بِشَرْطِ تَغْيِيرِ النِّيَّةِ كَمَا سَبَقَ. (قُلْت: نَفْلُ اللَّيْلِ) أَيْ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ فِيهِ (أَفْضَلُ) مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِي النَّهَارِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» . (وَأَوْسَطُهُ أَفْضَلُ) مِنْ طَرَفَيْهِ (ثُمَّ آخِرُهُ) أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِهِ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ النِّصْفُ الثَّانِي أَفْضَلُ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثُّلُثُ الْأَوْسَطُ أَفْضَلُ الْأَثْلَاثِ، وَأَفْضَلُ مِنْهُ السُّدُسُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ؟ فَقَالَ: جَوْفُ اللَّيْلِ» وَقَالَ: «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُد، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ» وَقَالَ «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، وَمَنْ يَسْأَلُنِي: فَأُعْطِيَهُ، وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» . رَوَى الْأَوَّلَ مُسْلِمٌ وَالثَّانِيَيْنِ الشَّيْخَانِ، وَمَعْنَى يَنْزِلُ رَبُّنَا يَنْزِلُ أَمْرُهُ (وَ) يُسَنُّ (أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ بِأَنْ يَنْوِيَهُمَا أَوْ يُطْلِقَ النِّيَّةَ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ. (وَيُسَنُّ التَّهَجُّدُ) هُوَ التَّنَفُّلُ فِي اللَّيْلِ بَعْدَ نَوْمٍ قَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ} [الإسراء: 79] (وَيُكْرَهُ قِيَامُ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا) «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ   [حاشية قليوبي] فِعْلٍ لَاغٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَوَى رَكْعَةً) أَوْرَدَهَا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَدَدًا وَلِعَدَمِ وُجُودِ النَّقْصِ فِيهَا عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ آخِرُهُ أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِهِ) أَيْ نِصْفُهُ الْآخِرُ أَفْضَلُ مِنْ نَفْسِهِ الْأَوَّلِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الرَّوْضَةِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ السُّدُسُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ وَإِنْ كَانَا أَفْضَلَ مِنْ بَقِيَّتِهِ، وَمَا قِيلَ بِخِلَافِ هَذَا غَيْرُ وَاضِحٍ، وَيَتَّجِهُ أَنَّ السُّدُسَ الْخَامِسَ أَفْضَلُ مِنْ السَّادِسِ، وَالْمُرَادُ بِاللَّيْلِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ جَوْفُهُ الْمُتَقَدِّمُ. قَوْلُهُ: (أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ إلَخْ) فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ فِي السُّؤَالِ أَوْ فِي الْجَوَابِ، بِمَعْنَى أَيِّ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ أَوْ صَلَاةُ جَوْفِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ؟ . قَوْلُهُ: (يَنْزِلُ أَمْرُهُ) أَيْ حَامِلُ أَمْرِهِ كَمَا فِي رِوَايَةِ إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ مُنَادِيًا يُنَادِي إلَى آخِرِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَنْوِيَهُمَا) فَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ مِنْهُمَا فَالْأَفْضَلُ الْإِتْيَانُ بِهِ، وَلَا يُنْدَبُ التَّنَفُّلُ بِالْأَوْتَارِ، وَلَا يُكْرَهُ التَّشْبِيهُ بِالْمَغْرِبِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ يُطْلِقُ) أَيْ الْأَفْضَلُ لِمَنْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ لِمَا شَاءَ. قَوْلُهُ: (مَثْنَى) أَيْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وَالثَّانِي تَأْكِيدٌ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إرَادَةِ اثْنَيْنِ فَقَطْ. (تَنْبِيهٌ) لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَلَا النَّقْصُ فِي غَيْرِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ فِيهِمَا. نَعَمْ مَنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ مُنْفَرِدًا أَتَمَّ رَأَى جَمَاعَةً يُدْرِكُهَا، فَلَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ رَكْعَتَيْنِ أَنْ يَنْوِيَ قَلْبُهُ نَفْلًا وَيَقْتَصِرَ عَلَيْهِمَا وَيُسَلِّمَ وَيُدْرِكَ الْجَمَاعَةَ. قَوْلُهُ: (أَيْ التَّنَفُّلُ) وَلَوْ بِالْوَتْرِ فَهُوَ حِينَئِذٍ وَتْرٌ وَتَهَجُّدٌ كَمَا مَرَّ، وَالْفَرْضُ وَلَوْ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا كَالنَّفْلِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ نَوْمٍ) وَلَوْ قَبْلَ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَبَعْدَ فِعْلِهَا وَلَوْ مَجْمُوعَةً تَقْدِيمًا كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ) أَيْ بِالْقُرْآنِ أَيْ صَلِّ بِاللَّيْلِ صَلَاةً تُسَمَّى بِالتَّهَجُّدِ، أَوْ سُمِّيَتْ الصَّلَاةُ قُرْآنًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ قِيَامُ كُلِّ اللَّيْلِ) أَيْ سَهَرُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ، أَمَّا بَعْضُهُ فَيُكْرَهُ إنْ حَصَلَ بِهِ ضَرَرٌ وَإِلَّا   [حاشية عميرة] الْوَتْرِ مَثَلًا فَهَلْ لَهُ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ أَوْ لَا؟ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ شَاءَ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ يَقُومُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَحْتَاجُ إلَخْ) عَلَّلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْقِيَامَ فِي النَّافِلَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ. قَوْلُهُ: (قَعَدَ وَتَشَهَّدَ) لَا يُقَالُ: لَوْ تَرَكَ قَعَدَ لَاسْتَغْنَى عَنْهُ، لِأَنَّا نَقُولُ: يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْقُعُودِ وَهُوَ فَاسِدٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت: نَفْلُ اللَّيْلِ إلَخْ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَإِنْ قِيلَ: إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ وَالْأَحَادِيثُ وَالْمَعْنَى يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الرَّوَاتِبُ اللَّيْلِيَّةُ أَفْضَلَ مِنْ النَّهَارِيَّةِ، قُلْت: مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ حُكْمُهُمْ بِتَفْضِيلِ سُنَّةِ الْفَجْرِ، انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَوْسَطُهُ أَفْضَلُ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هَذَا إذَا قَسَمَهُ إلَى أَثْلَاثٍ مُتَسَاوِيَةٍ، فَإِنْ أَرَادَ الْإِتْيَانَ بِثُلُثٍ مَا فَالْأَفْضَلُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ لِحَدِيثِ صَلَاةِ دَاوُد - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. قَوْلُهُ: (كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ) عِبَارَتُهَا فَإِنْ أَرَادَ نِصْفَيْ اللَّيْلِ فَالنِّصْفُ الثَّانِي أَفْضَلُ، وَإِنْ أَرَادَ أَحَدَ أَثْلَاثِهِ فَالْأَوْسَطُ، وَأَفْضَلُ مِنْهُ السُّدُسُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ، انْتَهَى. وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ: فَإِنْ أَرَادَ الْإِتْيَانَ بِسُدُسٍ مَا فَالْأَفْضَلُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ، انْتَهَى. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْأَخِيرَ أَفْضَلُ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَأَفْضَلُ مِنْهُ إلَخْ) عَلَّلَ هَذَا بِأَنَّ النَّوْمَ قَبْلَ الْقِيَامِ أَكْثَرُ، فَيَكُونُ أَنْشَطَ مَعَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ صَلَاةِ دَاوُد، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْآتِي بِهَذَا أَفْضَلُ مُطْلَقًا، وَيَلِيه الثُّلُثُ الْأَوْسَطُ، وَيَلِيهِمَا إحْيَاءُ النِّصْفِ الثَّانِي أَيْ وَلَوْ جَمِيعَهُ كَمَا هُوَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَأَفْضَلُ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ مَحَلَّ هَذَا النُّزُولِ آخِرُ الثُّلُثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَا نَفْسَ الثُّلُثِ الثَّالِثِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ النُّزُولَ فِي هَذَا الْوَقْتِ ثُمَّ يَسْتَمِرُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كُلِّ اللَّيْلِ إلَخْ) بِخِلَافِ صِيَامِ كُلِّ الدَّهْرِ، لِأَنَّ مَا يَفُوتهُ مِنْ الْمَأْكَلِ نَهَارًا، يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّك تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ. فَقُلْت بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِك عَلَيْك حَقًّا» إلَى آخِرِهِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَقَوْلُهُ: دَائِمًا احْتِرَازًا عَنْ إحْيَاءِ لَيَالٍ مِنْهُ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ أَحْيَا اللَّيْلَ» . (وَ) يَكْرَه (تَخْصِيص لَيْلَة الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي» (وَ) يُكْرَهُ (تَرْكُ تَهَجُّدٍ اعْتَادَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ ثُمَّ تَرَكَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.   [حاشية قليوبي] فَلَا. قَوْلُهُ: (دَائِمًا فَيُكْرَهُ) وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّهُ شَأْنُهُ ذَلِكَ، فَرُبَّمَا يَفُوتُ بِهِ مَصَالِحُ النَّهَارِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْرَاكٍ، وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ كَرَاهَةِ صَوْمِ الدَّهْرِ لِأَنَّهُ يَسْتَدْرِكُ بِاللَّيْلِ مَا فَاتَهُ فِي النَّهَارِ. قَوْلُهُ: (لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَصَلَ ضَعْفٌ عَنْ إعْمَالِ نَهَارِهَا بِخِلَافِ بَقِيَّةِ اللَّيَالِي، وَلَا كَرَاهَةَ فِي ضَمِّ غَيْرِهَا إلَيْهَا لِحُصُولِ الْأَمَانِ غَالِبًا سَوَاءً كَانَ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا، مُتَّصِلًا بِهَا قَبْلُ أَوْ مُنْفَصِلًا عَنْهَا، كَمَا فِي الْخُرُوجِ مِنْ كَرَاهَةِ الْإِفْرَادِ فِي الصَّوْمِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (بِقِيَامٍ) أَيْ بِصَلَاةٍ فَقَطْ لَا بِغَيْرِهَا كَقُرْآنٍ وَذِكْرٍ وَصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ هَذِهِ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ الْقُرْآنِ غَيْرَ سُورَةِ الْكَهْفِ. قَوْلُهُ: (اعْتَادَهُ) قَالَ شَيْخُنَا: وَيُنْدَبُ قَضَاؤُهُ إذَا فَاتَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مِثْلَ فُلَانٍ) قِيلَ: إنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَرَدَّهُ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّرُقِ. (فَرْعٌ) يُنْدَبُ عَدَمُ الْإِخْلَالِ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَإِنْ قَلَّتْ، وَأَنْ يَنْوِيَهَا عِنْدَ النَّوْمِ وَإِطَالَةُ الْقِيَامِ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ كَثْرَةِ الرَّكَعَاتِ، وَأَنْ يَعْتَادَ مِنْهَا مَا يَظُنُّ مُدَاوَمَتَهُ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَمْسَحَ وَجْهَهُ مِنْ النَّوْمِ إذَا تَيَقَّظَ مِنْهُ، وَأَنْ يَنْظُرَ إلَى السَّمَاءِ، وَأَنْ يَقْرَأَ آيَةَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [آل عمران: 190] وَأَنْ يَفْتَتِحَ تَهَجُّدَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، وَأَنْ يَنَامَ إذَا نَعَسَ فِيهِ، وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ خُصُوصًا عِنْدَ السَّحَرِ لِمَا مَرَّ مِنْ نُزُولِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى.   [حاشية عميرة] لَيْلًا بِخِلَافِ قِيَامِ كُلِّ اللَّيْلِ دَائِمًا، فَإِنَّهُ يُعَطِّلُ عَلَيْهِ الْمَصَالِحَ النَّهَارِيَّةَ مَعَ ضَرَرِهِ لِلزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ مِنْ اللَّيْلِ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مَثَلًا لَمْ يُكْرَهْ، وَالظَّاهِرُ التَّعْوِيلُ عَلَى مَا يَضُرُّ. [تَخْصِيص لَيْلَة الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَخْصِيصُ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ إلَى آخِرِهِ) كَانَ حِكْمَتُهُ خَوْفَ التَّقْصِيرِ فِي التَّبْكِيرِ لِلْجُمُعَةِ بِخِلَافِ الْمُعْتَادِ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَقَلُّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا إمَامٌ وَمَأْمُومٌ، وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِعَادَةِ. (هِيَ) أَيْ الْجَمَاعَةُ (فِي الْفَرَائِضِ غَيْرَ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَوَاظَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ بَعْدِ الْهِجْرَةِ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ هَيْئَةِ الْجُمُعَةِ أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي عَشْرَةِ آلَافٍ لَهُ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَمَنْ صَلَّى فِي اثْنَيْنِ لَهُ كَذَلِكَ، لَكِنَّ دَرَجَاتِ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْجُمُعَةِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا، فَتَكُونُ فِيهَا فَرْضَ عَيْنٍ كَمَا عَبَّرُوا بِهِ هُنَا، وَقَوْلُهُ غَيْرَ بِالنَّصْبِ بِمَعْنَى إلَّا أُعْرِبَتْ إعْرَابَ الْمُسْتَثْنَى وَأُضِيفَتْ إلَيْهِ كَمَا نُقَرِّرُ فِي عِلْمِ النَّحْوِ (وَقِيلَ: فَرْضُ كِفَايَةٍ لِلرِّجَالِ فَتَجِبُ بِحَيْثُ يَظْهَرُ الشِّعَارُ فِي الْقَرْيَةِ) مَثَلًا فَفِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ يَكْفِي إقَامَتُهَا فِي مَوْضِعٍ، وَفِي الْكَبِيرَةِ وَالْبَلَدِ تُقَامُ فِي الْمَحَالِّ، فَلَوْ أَطْبَقُوا عَلَى إقَامَتِهَا فِي الْبُيُوتِ لَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ. (فَإِنْ امْتَنَعُوا   [حاشية قليوبي] كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَيْ بَيَانُ أَحْكَامِ الْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ مَا فِي الْجُمُعَةِ ثُمَّ فِي صُبْحِهَا، ثُمَّ فِي صُبْحِ غَيْرِهَا، ثُمَّ الْعِشَاءِ، ثُمَّ الْعَصْرِ وَلَوْ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ فِي الظُّهْرِ، ثُمَّ فِي الْمَغْرِبِ كَذَا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. وَجَعَلَ ابْنُ قَاسِمٍ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ تَابِعًا لِفَضْلِ الصَّلَوَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَوْلَى تَفْضِيلُ جَمَاعَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (فِيهَا) وَكَذَا فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ لُغَةً: اثْنَانِ وَأَقَلُّ الْجَمْعِ: ثَلَاثَةٌ. قَوْلُهُ: (إمَامٌ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ إذْ لَا تَتَوَقَّفُ الْجَمَاعَةُ وَلَا فَضْلُهَا لِلْمَأْمُومِ عَلَى نِيَّتِهَا مِنْهُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ) يَدُلُّ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: تُقَامُ فِيهِمْ دُونَ يُقِيمُونَ. قَوْلُهُ: (سُنَّةٌ) أَيْ عَلَى الْكِفَايَةِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعَاتِبْ مَنْ تَرَكَهَا، وَاسْتِحْوَاذُ الشَّيْطَانِ يَكُونُ فِي تَرْكِ الْمَنْدُوبِ كَالْوَاجِبِ. قَوْلُهُ: (الْفَذِّ) بِالْفَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمُنْفَرِدِ. قَوْلُهُ: (دَرَجَةً) أَيْ صَلَاةً وَقُدِّمَتْ رِوَايَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ نَظَرًا لِلِاهْتِمَامِ بِالْفَصَائِلِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَحِكْمَتُهَا أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا، فَهِيَ ثَلَاثُونَ يَرْجِعُ لِكُلٍّ رَأْسُ مَالِهِ وَاحِدٌ فَيَبْقَى مَا ذَكَرَ، انْتَهَى. أَيْ وَالْحِكْمَةُ فِي شَيْءٍ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْهِجْرَةِ) مُتَعَلِّقٌ، بِوَاظَبَ لِأَنَّهُ لَمْ تَقَعْ جَمَاعَةٌ بِمَكَّةَ، وَلَمْ تُشْرَعْ إلَّا بَعْدَ الْهِجْرَةِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ، وَلَعَلَّهُ بَعْدَ الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ صَلَّى فِيهِمَا جِبْرِيلُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَكْمَلُ) أَيْ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةِ. قَوْلُهُ: (بِالنَّصْبِ) أَيْ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى إلَّا، وَيَجُوزُ عَلَى الْحَالِيَّةِ لِأَنَّ غَيْرَ لَا يَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ إلَّا إذَا وَقَعَتْ بَيْنَ ضِدَّيْنِ، وَيَجُوزُ فِيهَا الْجَرُّ بِجَعْلِ اللَّامِ لِلْجِنْسِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ نَكِرَةً فِي الْمَعْنَى. قَوْلُهُ: (الشِّعَارُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ وَفَتْحِهِ جَمْعُ شَعِيرَةٍ بِمَعْنَى عَلَامَةٍ، أَيْ بِحَيْثُ يَظْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ الْبَلَدِ إقَامَتُهَا فِيهَا. قَوْلُهُ: (فَفِي الْقَرْيَةِ إلَخْ) بَيَانٌ لِبَعْضِ أَفْرَادِ مَا يَظْهَرُ بِهِ الشِّعَارُ، وَالْمُرَادُ الْمَحَالُّ الَّتِي يَطْلُبُ الِاثْنَانِ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ إلَيْهَا.   [حاشية عميرة] [كِتَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ] ِ قَوْلُهُ: (أَقَلُّ الْجَمَاعَةِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ الرَّجُلُ مَعَ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ رَفِيقِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» . وَهَذَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مَأْخَذُهُ التَّوْقِيفُ، فَلَا يُنَافِي مَا اُشْتُهِرَ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، لِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْ أَقَلِّ الْجَمْعِ بَحْثٌ لُغَوِيٌّ مَأْخَذُهُ اللِّسَانُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. قَوْلُهُ: «دَرَجَةً» ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّرَجَةِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ وَرَدَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَفِي بَعْضِهَا التَّعْبِيرُ بِالضِّعْفِ وَهُوَ مُشْعِرٌ بِذَلِكَ، انْتَهَى. وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ عَلَى النِّسْبَةِ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمُوَاظَبَةِ وَمِنْ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَأَمَّا عَدَمُ الْوُجُوبِ فَمِنْ لَفْظِ أَفْضَلُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْهِجْرَةِ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ: مَعْلُومٌ. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى إلَّا إلَى آخِرِهِ) أَعْرَبَهُ الْإِسْنَوِيُّ حَالًا، وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَقْعَدَ، وَأَمَّا جَعْلُهَا صِفَةً فَمُمْتَنِعٌ لِعَدَمِ كَوْنِهَا مَعْرِفَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) هَذَا وَقَوْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 كُلُّهُمْ) مِنْ إقَامَتِهَا عَلَى مَا ذَكَرَ (قُوتِلُوا) أَيْ قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَعَلَى السُّنَّةِ لَا يُقَاتَلُونَ، وَقِيلَ نَعَمْ حَذَرًا مِنْ إمَاتَتِهَا. (وَلَا يَتَأَكَّدُ النَّدْبُ لِلنِّسَاءِ تَأَكُّدَهُ لِلرِّجَالِ فِي الْأَصَحِّ) لِمَزِيَّتِهِمْ عَلَيْهِنَّ، قَالَ تَعَالَى {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228] وَالثَّانِي نَعَمْ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، فَيُكْرَهُ تَرْكُهَا لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَيْسَتْ فِي حَقِّهِنَّ فَرْضًا جَزْمًا. (قُلْت الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ) كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (وَقِيلَ) فَرْضُ (عَيْنٍ) وَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) الْأَوَّلُ لِحَدِيثِ «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ أَوْ بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمْ الصَّلَاةُ إلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ» أَيْ غَلَبَ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَالثَّانِي وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا لِحَدِيثِ «لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بِدَلِيلِ السِّيَاقِ وَرَدَ فِي قَوْمٍ مُنَافِقِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَلَا يُصَلُّونَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْخِلَافُ فِي الْمُؤَدَّاةِ. أَمَّا الْمَقْضِيَّةُ فَلَيْسَتْ الْجَمَاعَةُ فِيهَا فَرْضَ عَيْنٍ وَلَا كِفَايَةٍ قَطْعًا وَلَكِنَّهَا سُنَّةٌ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الصُّبْحَ جَمَاعَةً حِينَ فَاتَتْهُمْ بِالْوَادِي» . وَبَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ سُنِّيَّتَهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ مِمَّا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فِي الْبُيُوتِ) وَمِثْلُهَا مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ) أَيْ إنْ لَمْ يَظْهَرْ بِهِ الشِّعَارُ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَا ذَكَرَ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ بِهِ الشِّعَارُ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا إذْ لَا عِبْرَةَ بِظُهُورِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ (قُوتِلُوا) أَيْ كَالْبُغَاةِ. قَوْلُهُ: (فَيُكْرَهُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهَا غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ فِي حَقِّ النِّسَاءِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ، فَيُحْمَلُ التَّأْكِيدُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مُجَرَّدِ النَّدْبِ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ) هُوَ نَصُّ الْإِمَامِ فَالْأَصَحُّ بِمَعْنَى الرَّاجِحِ وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ أَوَّلًا بِقِيلَ حِكَايَةٌ لِكَلَامِ أَصْلِهِ، وَحِكَايَةُ مُقَابِلِهِ بِقِيلَ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهُ وَجْهٌ لِلْأَصْحَابِ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ بِكَلَامِهِ التَّعْبِيرَ بِالنَّصِّ. قَوْلُهُ: (إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمُهَذَّبِ، وَعَلَيْهِ يُشْتَرَطُ فِي الْوُجُوبِ كَوْنُهُ عَلَى الْأَحْرَارِ الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ الْعُقَلَاءِ الْمُقِيمِينَ غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ، وَكَوْنُهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْمُؤَدَّاةِ مِنْ الْخَمْسِ، وَإِنْ لَمْ تُغْنِ عَنْ الْقَضَاءِ، وَتُنْدَبُ لِلرَّقِيقِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَلِذِي سَفَرٍ وَامْرَأَةٍ لَا لِبُصَرَاءَ عُرَاةٍ فِي ضَوْءٍ، فَهِيَ وَالِانْفِرَادُ فِي حَقِّهِمْ سَوَاءٌ، وَلِذِي عُذْرٍ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ، وَلِأَجِيرٍ إنْ رَضِيَ مُؤَجِّرُهُ، وَيُظْهِرُ حُرْمَةَ الْإِجَارَةِ بُطْلَانُهَا عَلَى مَنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الشِّعَارُ، وَحُرْمَةُ السَّفَرِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (إلَّا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ) وَبَقِيَّةُ الْحَدِيثِ «فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنْ الْغَنَمِ الْقَاصِيَةَ» أَيْ الْبَعِيدَةَ. قَوْلُهُ: (حُزَمٌ) بِضَمِّ الْحَاءِ، وَرُوِيَ بِكَسْرِهَا مَعَ فَتْحِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ فِيهِمَا: جَمْعُ حُزْمَةٍ أَيْ جُمْلَةٍ مِنْ أَعْوَادِ الْحَطَبِ. قَوْلُهُ: (فَأُحَرِّقَ إلَخْ) هُوَ إمَّا لِلزَّجْرِ، أَوْ قَبْلَ تَحْرِيمِ حَرْقِ الْحَيَوَانِ، أَوْ لِخُصُوصِ هَؤُلَاءِ، أَوْ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ نُقِضَ، أَوْ أَنَّهُ يُحَرِّقُ الْبُيُوتَ دُونَ أَصْحَابِهَا كَقَوْلِهِمْ لِمَنْ أَحْرَقَ مَالَ غَيْرِهِ. أَحْرَقَ عَلَى فُلَانٍ مَالَهُ أَوْ الْمُرَادُ إتْلَافُ الْمَالِ كَمَا يُقَالُ لِمَنْ أَتْلَفَ مَالَهُ: أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ تَعْزِيرًا لَهُمْ. قَوْلُهُ (السِّيَاقِ) وَهُوَ أَوَّلُ الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ: «أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْت» إلَخْ. قَوْلُهُ (وَلَا يُصَلُّونَ) أَيْ فَالتَّحْرِيقُ عَلَيْهِمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِتَرْكِهِمْ الصَّلَاةَ لَا الْجَمَاعَةَ، أَوْ لِتَرْكِهِمْ الْجَمَاعَةَ مَعَ تَوَقُّفِ الشِّعَارِ عَلَيْهِمْ فَسَقَطَ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى كَوْنِ الْجَمَاعَةِ فَرْضَ عَيْنٍ.   [حاشية عميرة] الْمُغْنِي: لَا يَجْرِيَانِ فِي الْمُعَادَةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَحَالِّ) جَمْعُ مَحَلَّةٍ وَهِيَ الْحَارَةُ. قَوْلُهُ: (لِمَزِيَّتِهِمْ عَلَيْهِنَّ) وَلِمَا فِي اجْتِمَاعِهِنَّ مِنْ الْعُسْرِ وَالْمَشَقَّةِ. قَوْلُهُ: (فَيُكْرَهُ تَرْكُهَا) قَضِيَّتُهُ فَوَاتُ ثَوَابِ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا حَيْثُ تَرَكَ الْجَمَاعَةَ لِغَيْرِ عُذْرٍ. (فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا بِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَفَعَلَهَا مَنْ يَحْصُلُ بِهِ الشِّعَارُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُتَأَكِّدَةٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بِحَيْثُ يُكْرَهُ تَرْكُهَا أَيْضًا، كَمَا يُرْشِدُ لِذَلِكَ عُمُومُ قَوْلِهِمْ وَعُذْرُ تَرْكِهَا كَذَا كَذَا إلَخْ. وَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ الْآتِي: وَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهَا وَإِنْ قُلْنَا سُنَّةٌ إلَّا لِعُذْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْأَصَحُّ إلَخْ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَاَلَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ الْأَوَّلُونَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا لِقِيَامِ غَيْرِهِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ، انْتَهَى. وَمُرَادُهُ بِدَلِيلِهِمْ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ» . إذْ الْمُرَادُ بِالْفَذِّ فِيهِ مَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ الْأَوَّلُ: (لِحَدِيثِ " مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ " إلَخْ) كَانَ وَجْهُ حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى الْكِفَايَةِ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْجَمَاعَةِ إظْهَارُ الشِّعَارِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، وَالصَّوَابُ اسْتِفَادَةُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ فِيهِمْ. قَوْلُهُ: (بِدَلِيلِ السِّيَاقِ) يُرِيدُ صَدْرَ الْحَدِيثِ وَهُوَ مَا فِي الْبُخَارِيِّ «إنَّ أَثْقَلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْت» وَإِلَخْ. وَاسْتَدَلَّ الرَّافِعِيُّ عَلَى عَدَمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 يَتَّفِقُ فِيهِ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ، كَأَنْ يَفُوتَهُمَا ظُهْرٌ أَوْ عَصْرٌ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَالْمَنْذُورَةُ لَا تُشْرَعُ الْجَمَاعَةُ فِيهَا أَيْ لَا تُسْتَحَبُّ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَتَقَدَّمَ مَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ النَّفْلِ فِي بَابِهِ. (وَ) الْجَمَاعَةُ (فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ أَفْضَلُ) مِنْهَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ كَالْبَيْتِ وَجَمَاعَةُ الْمَرْأَةِ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ: «أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» أَيْ فَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ. وَقَالَ: «لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. وَإِمَامَةُ الرَّجُلِ لَهُنَّ أَفْضَلُ مِنْ إمَامَةِ الْمَرْأَةِ، وَحُضُورُهُنَّ الْمَسْجِدَ فِي جَمَاعَةِ الرِّجَالِ يُكْرَهُ لِلشَّوَابِّ دُونَ الْعَجَائِزِ خَوْفَ الْفِتْنَةِ. (وَمَا كَثُرَ جَمْعُهُ) مِنْ الْمَسَاجِدِ (أَفْضَلُ) مِمَّا قَلَّ جَمْعُهُ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ. (إلَّا لِبِدْعَةِ إمَامِهِ) كَالْمُعْتَزِلِيِّ (أَوْ تَعَطُّلِ مَسْجِدٍ قَرِيبٍ لِغَيْبَتِهِ) عَنْهُ بِكَوْنِهِ إمَامَهُ أَوْ يَحْضُرُ النَّاسُ بِحُضُورِهِ، فَقَلِيلُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ فِي ذَلِكَ. (وَإِدْرَاكُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَيْ لَا تُسْتَحَبُّ) أَيْ إنْ لَمْ تُنْدَبْ الْجَمَاعَةُ فِيهَا قَبْلَ النَّذْرِ، وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى أَصْلِهَا كَالْعِيدِ، وَإِذَا فُعِلَتْ الْجَمَاعَةُ فِيمَا لَمْ تُسَنَّ فِيهِ مَعَ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ مَحَلُّهَا أَصَالَةً فِيهِمَا، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا كَفَرْضٍ خَلْفَ نَفْلٍ وَلَوْ مُطْلَقًا، أَوْ عَكْسُهُ حَصَلَ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ فِيمَا أَصْلُهُ الْجَمَاعَةُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ، وَيَصِحُّ نَذَرَ الْجَمَاعَةِ مِمَّنْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشِّعَارُ لِأَنَّهَا مُتَأَكِّدَةٌ فِي حَقِّهِ نَدْبًا أَوْ كِفَايَةً أَوْ مُطْلَقًا نَظَرًا لِأَصْلِهَا، وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا وَإِذَا نَذَرَهَا وَلَمْ تَتَيَسَّرْ لَهُ سَقَطَتْ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ كَثُرَتْ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ الْمَرْأَةِ الذُّكُورُ يَقِينًا وَلَوْ غَيْرَ بَالِغِينَ. قَوْلُهُ: (وَجَمَاعَةُ الْمَرْأَةِ فِي الْبَيْتِ) وَإِنْ قَلَّتْ: أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَثُرَتْ وَأُلْحِقَ بِهَا الْخُنْثَى وَالْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ عِنْدَ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ) سَوَاءٌ طُلِبَتْ فِيهَا الْجَمَاعَةُ أَوْ لَا فِي بَيْتِهِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا إلَّا الْمَكْتُوبَةَ، وَمِثْلُهَا مَا طُلِبَتْ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، وَأَلْحَقَ بِهَا صَلَاةَ الضُّحَى وَسُنَّةَ الْإِحْرَامِ، وَالطَّوَافَ، وَالِاسْتِخَارَةَ، وَقُدُومَ السَّفَرِ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الِانْفِرَادَ بِالْمَكْتُوبَةِ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِيهَا فِي غَيْرِهِ وَهُوَ وَجِيهٌ، وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (لَا تَمْنَعُوا) فَيُكْرَهُ مَنْعُهُنَّ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَإِمَامَةُ الرَّجُلِ) أَيْ الذَّكَرِ ثُمَّ الْخُنْثَى لَهُنَّ أَفْضَلُ، وَلَوْ مَعَ خَلْوَةٍ مُحَرَّمَةٍ، وَحُرْمَتُهَا لِخَارِجٍ. قَوْلُهُ: (الْمَسْجِدَ) أَيْ مَحَلَّ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِ الرِّجَالِ، فَذِكْرُ الْمَسْجِدِ وَالرِّجَالِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَمِثْلُ الشَّوَابِّ ذَوَاتُ الْهَيْئَاتِ أَوْ الرِّيحِ مِنْ الْعَجَائِزِ، وَيَحْرُمُ الْحُضُورُ عَلَى ذَاتِ الْخَلِيلِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْإِذْنُ لَهَا مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ مِنْهَا أَوْ عَلَيْهَا، وَيُسَنُّ الْحُضُورُ لِلْعَجَائِزِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَالْعِيدِ، وَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ لَهُنَّ أَفْضَلَ مِنْ الِانْفِرَادِ فِي بُيُوتِهِنَّ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَسَاجِدِ) وَكَذَا غَيْرُ الْمَسَاجِدِ، وَلَعَلَّ تَقْيِيدَهُ بِهَا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَوْ تَعَطُّلِ مَسْجِدٍ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ قَيْدًا أَيْضًا. نَعَمْ جَمَاعَةُ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَإِنْ قَلَّتْ، بَلْ الِانْفِرَادُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ جَمَاعَةِ غَيْرِهَا، وَأَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الِانْفِرَادَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَأَنَّ الِانْفِرَادَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي الْأَقْصَى، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ: فَضِيلَةُ الذَّاتِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى فَضِيلَةِ الْمَكَانِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ فَضِيلَةُ الْمَكَانِ مُتَضَاعِفَةً، فَتَأَمَّلْ. وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا كَالْعَلَّامَةِ ابْنِ قَاسِمٍ فِي الثَّانِي وَلِي بِهِمَا أُسْوَةٌ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِصَلَاتَيْنِ فِي الْأَقْصَى وَالْجَمَاعَةُ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ. قَوْلُهُ: (كَالْمُعْتَزِلِيِّ) وَالْقَدْرِيِّ وَالرَّافِضِيِّ وَالْمُجَسِّمِ وَكُلِّ بِدْعَةٍ لَا يُكْفَرُ بِهَا، وَمِثْلُهُ الْفَاسِقُ وَالْمُتَّهَمُ بِهِ، وَالْمُخَالِفُ كَالْمَالِكِيِّ وَالْحَنَفِيِّ، إذَا لَمْ يَأْتِ بِمُبْطِلٍ، وَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُهُمْ سُنِّيَّةَ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ كَالِاقْتِدَاءِ بِالْمُتَنَفِّلِ، وَتَحْصُلُ الْفَضِيلَةُ خَلْفَ هَؤُلَاءِ مُطْلَقًا وَلَا كَرَاهَةَ إنْ تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ بِغَيْرِهِمْ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ لِخَارِجٍ فَلَا يُنَافِي بَقَاءَ الْكَرَاهَةِ فِيهِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيُنْظَرُ مَا مَعْنَى الْخَارِجِ هُنَا. قَوْلُهُ: (مَسْجِدٍ قَرِيبٍ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ جَمَاعَةُ بَيْتِهِ إذَا   [حاشية عميرة] الْوُجُوبِ بِحَدِيثِ: «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الْوَاحِدِ» . قَوْلُ الْمَتْنِ ": (وَفِي الْمَسْجِدِ إلَخْ) لَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ فِي بَيْتِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ، فَفِي الْحَاوِي: الْمَسْجِدُ أَوْلَى، وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي: الْبَيْتُ أَوْلَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ قَضِيَّةُ تَقْدِيمِهِمْ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِبَادَةِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِمَكَانِهَا، انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ صَلَاتَهُ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً أَوْلَى، وَإِنْ لَزِمَ عَلَى ذَلِكَ صَلَاةُ أَهْلِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَحُضُورُهُنَّ إلَخْ) كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ صَرِيحٌ فِي اسْتِحْبَابِ تَرْكِ الْخُرُوجِ لِلْعَجَائِزِ، وَقَالَ فِي خُرُوجِهِنَّ لِلْجُمُعَةِ: لَا بَأْسَ بِهِ إذَا احْتَرَزْنَ عَنْ الطِّيبِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) مَعَ الْإِمَامِ (فَضِيلَةٌ وَإِنَّمَا تَحْصُلُ بِالِاشْتِغَالِ بِالتَّحَرُّمِ عَقِبَ تَحَرُّمِ إمَامِهِ) بِخِلَافِ الْمُتَرَاخِي عَنْهُ. (وَقِيلَ:) تَحْصُلُ (بِإِدْرَاكِ بَعْضِ الْقِيَامِ وَقِيلَ بِأَوَّلِ رُكُوعٍ) أَيْ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَسِيطِ، وَأَقَرَّهُ الْوَجْهُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ فِيمَنْ لَمْ يَحْضُرْ إحْرَامَ الْإِمَامِ، فَأَمَّا مَنْ حَضَرَهُ وَأَخَّرَ فَقَدْ فَاتَتْهُ فَضِيلَةُ التَّكْبِيرَةِ وَإِنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ. (وَالصَّحِيحُ إدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ) أَيْ الْإِمَامُ وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ مَعَهُ بِأَنْ سَلَّمَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ، وَالثَّانِي لَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ لِأَنَّ مَا دُونَهَا لَا يُحْسَبُ مِنْ صَلَاتِهِ، وَدُفِعَ بِحُسْبَانِ التَّحَرُّمِ، فَتَحْصُلُ بِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَكِنْ دُونَ فَضِيلَةِ مَنْ أَدْرَكَهَا مِنْ أَوَّلِهَا. (وَلْيُخَفِّفْ الْإِمَامُ) نَدْبًا (مَعَ فِعْلِ الْأَبْعَاضِ) وَالْهَيْئَاتِ أَيْ السُّنَنِ غَيْرَ الْأَبْعَاضِ فَيُخَفِّفُ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ الْمُسْتَحَبَّ لِلْمُنْفَرِدِ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَأَوْسَاطِهِ وَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَالْأَصْلُ فِي التَّخْفِيفِ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ «إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ» وَغَيْرُهُ. (إلَّا أَنْ يَرْضَى بِتَطْوِيلِهِ مَحْصُورُونَ) أَيْ لَا يُصَلِّي وَرَاءَهُ غَيْرُهُمْ، فَلَا بَأْسَ بِالتَّطْوِيلِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِي   [حاشية قليوبي] تَعَطَّلَتْ لِغَيْبَتِهِ وَإِنْ قَلَّتْ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ. نَعَمْ مَنْ عَلَيْهِ إمَامَةٌ فِي مَسْجِدٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ يُصَلِّي مَعَهُ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ الْمَيْسُورُ بِالْمَعْسُورِ بِخِلَافِ مُدَرِّسٍ لَمْ يَحْضُرْ طَلَبَتُهُ لِأَنَّهُ لَا تَعْلِيمَ بِلَا مُتَعَلِّمٍ. قَوْلُهُ: (بِالِاشْتِغَالِ بِالتَّحَرُّمِ) وَلَا يُنْدَبُ الْإِسْرَاعُ لِإِدْرَاكِهَا أَوْ غَيْرِهَا، وَلَوْ جَمِيعَ الرَّكَعَاتِ إلَّا لِخَوْفِ فَوْتِ الْوَقْتِ أَوْ الْجَمَاعَةِ أَوْ الْجُمُعَةِ، بَلْ يَجِبُ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ وَتَوَقَّفَ إدْرَاكُهَا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْمُتَرَاخِي عَنْهُ) مُطْلَقًا لِغَيْرِ وَسْوَسَةٍ خَفِيفَةٍ، أَوْ بِقَدْرِ رُكْنَيْنِ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ بِإِدْرَاكِ إلَخْ) هُوَ دَفْعٌ لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ إدْرَاكَ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ رُكُوعٍ كَافٍ فِي الْفَضِيلَةِ. قَوْلُهُ: (قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) يُفِيدُ حُصُولَ الْفَضِيلَةِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ حَضَرَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ أَوْ لَا، وَهُوَ وَاضِحٌ فَرَاجِعْهُ. (فَرْعٌ) يُقَدَّمُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ عَلَى فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ وَعَلَى إدْرَاكِ غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ. قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يُسَلِّمْ) أَيْ يَشْرَعُ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى، وَإِلَّا فَلَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ جَمَاعَةً وَلَا فُرَادَى عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَإِنْ كَانَ شَرْحُهُ لَا يُفِيدُهُ، وَعِنْدَ الْخَطِيبِ تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ فُرَادَى، وَعِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ تَنْعَقِدُ جَمَاعَةً. نَعَمْ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِسَلَامِ الْإِمَامِ إلَّا بَعْدَ عَوْدِهِ لِلصَّلَاةِ لِنَحْوِ سُجُودِ سَهْوٍ، فَالْوَجْهُ انْعِقَادُ صَلَاتِهِ جَمَاعَةً لِتَبَيُّنِ أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الصَّلَاةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (دُونَ فَضِيلَةِ إلَخْ) وَلِهَذَا لَوْ رَجَا جَمَاعَةً يُدْرِكُهَا مِنْ أَوَّلِهَا نُدِبَ لَهُ انْتِظَارُهَا مَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ وَقْتِ فَضِيلَةٍ أَوْ اخْتِيَارٍ، إنَّمَا أَدْرَكَ الْفَضِيلَةَ فِي هَذِهِ مَنْ أَوَّلُ صَلَاتِهِ لِانْسِحَابِ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهَا، وَبِهَذَا فَارَقَ الْإِمَامُ إذَا نَوَى الْإِمَامَةَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ حَيْثُ لَا تَنْعَطِفُ الْجَمَاعَةُ عَلَى مَا مَضَى، وَفَارَقَتْ نِيَّةُ الصَّوْمِ قَبْلَ الزَّوَالِ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ. قَوْلُهُ: (مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَأَوْسَاطِهِ) أَيْ فَلَا يَأْتِي بِهِمَا بَلْ بِالْقِصَارِ، وَلَا يَأْتِي بِبَعْضِ السُّورَةِ مِنْ الطِّوَالِ مَثَلًا لِأَنَّ السُّورَةَ أَكْمَلُ مِنْ بَعْضِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَيُنْقِصُ مِنْ الْأَذْكَارِ قَدْرًا يُظْهِرُ بِهِ التَّخْفِيفَ. نَعَمْ الم تَنْزِيلُ وَهَلْ أَتَى فِي   [حاشية عميرة] وَصَحَّحَ اسْتِحْبَابَهُ فِي الْعِيدِ وَالْمُدْرِكُ فِي الْجَمِيعِ وَاحِدٌ قَالَ وَلَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْإِذْنُ لِعَجُوزٍ وَلَا شَابَّةٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِدْرَاكُ تَكْبِيرَةِ إلَخْ) دَلِيلُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ مُرْسَلٌ لِأَنَّ عِمَارَةَ لَمْ يُدْرِكْ أَنَسًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ لَا يَحْسُنُ الِاسْتِدْلَال بِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالِاشْتِغَالِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ حَضَرَ التَّكْبِيرَةَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْحُصُولَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الْحَاشِيَةِ عَلَى الْإِدْرَاكِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا «فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» . انْتَهَى. أَقُولُ: وَهُوَ يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ عَاضِدًا لِلْمُرْسَلِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَاشِيَةِ أَيْ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ بِإِدْرَاكِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّكْبِيرِ وَتَعْلِيلُ الثَّالِثِ الْقِيَاسَ عَلَى إدْرَاكِهِ بِالرُّكُوعِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ مَعَهُ إلَخْ) عَلَّلَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُدْرِكْ الْجَمَاعَةَ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِجَوَازِ الِاقْتِدَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعْنًى، وَلَوْ أَحْرَمَ مُعْتَقِدًا إدْرَاكَ الْإِمَامِ فَتَبَيَّنَ سَبْقُ الْإِمَامِ لَهُ بِالسَّلَامِ ثُمَّ عَادَ الْإِمَامُ عَنْ قُرْبٍ لِسُجُودِ سَهْوٍ فَالظَّاهِرُ انْعِقَادُ الْقُدْوَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلْيُخَفِّفْ الْإِمَامُ فَإِنْ طَوَّلَ كُرِهَ) ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي، وَيُكْرَهُ التَّطْوِيلُ لِيَلْحَقَ آخَرُونَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يَرْضَى بِتَطْوِيلِهِ إلَخْ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمْ أَوْ اخْتَلَفُوا فِي الِاخْتِيَارِ أَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ مَطْرُوقًا بِحَيْثُ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ أَوْ لَا لَمْ يُطَوِّلْ بِالِاتِّفَاقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ جَمَاعَةٍ: يُسْتَحَبُّ. (وَيُكْرَهُ التَّطْوِيلُ) لِيَلْحَقَ آخَرُونَ، أَوْ رَجُلٌ شَرِيفٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لِتَضَرُّرِ الْمُقْتَدِينَ بِهِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْجِدُ فِي سُوقٍ أَوْ مَحَلَّةٍ وَعَادَةُ النَّاسِ يَأْتُونَهُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ فَوْجًا فَوْجًا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّجُلُ الْمُنْتَظِرُ مَشْهُورًا بِعِلْمِهِ وَدِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ. (وَلَوْ أَحَسَّ) الْإِمَامُ (فِي الرُّكُوعِ أَوْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ بِدَاخِلٍ) يَقْتَدِي بِهِ. (لَمْ يُكْرَهْ انْتِظَارُهُ فِي الْأَظْهَرِ إنْ لَمْ يُبَالِغْ فِيهِ) أَيْ الِانْتِظَارِ. (وَلَمْ يَفْرُقْ) بِضَمِّ الرَّاءِ (بَيْنَ الدَّاخِلِينَ) بِانْتِظَارِ بَعْضِهِمْ لِصَدَاقَةٍ أَوْ سِيَادَةٍ مَثَلًا دُونَ بَعْضٍ، بَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الِانْتِظَارِ لِلَّهِ تَعَالَى، لَا لِلتَّوَدُّدِ إلَيْهِمْ وَاسْتِمَالَةِ قُلُوبِهِمْ. (قُلْت: الْمَذْهَبُ اسْتِحْبَابُ انْتِظَارِهِ) بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ. (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَأَصْلُ الْخِلَافِ هَلْ يَنْتَظِرُهُ أَوْ لَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ حَكَاهُمَا كَمَا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَثِيرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي الْكَرَاهَةِ نَافِينَ الِاسْتِحْبَابَ، وَآخَرُونَ فِي الِاسْتِحْبَابِ نَافِينَ الْكَرَاهَةَ، فَمَعْنَى لَا يَنْتَظِرُ عَلَى الْأَوَّلِ يُكْرَهُ، وَعَلَى الثَّانِي لَا يُسْتَحَبُّ، فَحَصَلَ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ أَقْوَالٌ يُكْرَهُ يُسْتَحَبُّ لَا يُكْرَهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ بِمَا رَجَّحَهُ أَيْ يُبَاحُ كَمَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهُ الْكَرَاهَةِ مَا فِيهِ مِنْ التَّطْوِيلِ الْمُخَالِفِ لِلْأَمْرِ بِالتَّخْفِيفِ، وَوَجْهُ الِاسْتِحْبَابِ الْإِعَانَةُ عَلَى إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالْجَمَاعَةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَوَجْهُ الْإِبَاحَةِ الرُّجُوعُ إلَى الْأَصْلِ لِتَسَاقُطِ الدَّلِيلَيْنِ بِتَعَارُضِهِمَا وَدُفِعَ التَّعَارُضُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّخْفِيفِ عَدَمُ الْمَشَقَّةِ، وَالِانْتِظَارُ   [حاشية قليوبي] صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ يُنْدَبُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُمَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (يُسْتَحَبُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْأَرِقَّاءِ وَالْأُجَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ، فَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُمْ بِغَيْرِ إذْنٍ لَهُمْ فِي التَّطْوِيلِ وَلَوْ رَضِيَ الْمَأْمُومُونَ إلَّا وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ مَثَلًا رَاعَاهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُلَازِمًا، وَالْمُرَادُ بِالْمَحْصُورِينَ أَنْ لَا يُصَلِّيَ وَرَاءَهُ غَيْرُهُمْ وَلَوْ غَيْرَ مَحْصُورِينَ بِالْعَدَدِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ التَّطْوِيلُ) وَكَذَا تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ وَلَوْ قَبْلَ الْإِقَامَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَحَسَّ الْإِمَامُ) وَمِثْلُهُ الْمُنْفَرِدُ، وَلَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يَأْتِي: قَوْلُهُ (فِي الرُّكُوعِ) أَيْ غَيْرِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ. قَوْلُهُ: (بِدَاخِلٍ) أَيْ فِي مَحَلِّ الصَّلَاةِ وَإِنْ بَعُدَ لَا خَارِجَهُ، وَإِنْ قَرُبَ وَهُوَ الْمَسْجِدُ أَوْ الْبَيْتُ الْمُعَدُّ لِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ، أَوْ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا فِي الصَّحْرَاءِ. قَوْلُهُ: (يَقْتَدِي بِهِ) أَيْ وَهُوَ يَعْتَقِدُ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ بِالرُّكُوعِ، وَإِدْرَاكَ الْجَمَاعَةِ بِالتَّشَهُّدِ، وَلَمْ يَكُنْ بِهِ وَسْوَسَةٌ وَلَمْ يَخَفْ الْإِمَامُ خُرُوجَ الْوَقْتِ أَوْ بُطْلَانَ صَلَاةِ الدَّاخِلِ كَأَنْ يَرْكَعَ قَبْلَ تَمَامِ التَّكْبِيرَةِ، وَيَحْرُمُ الِانْتِظَارُ عِنْدَ خَوْفِ خُرُوجِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ مُطْلَقًا، وَفِي غَيْرِهَا إنْ امْتَنَعَ الْمَدُّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ فِيهِ) بِأَنْ يُطَوِّلَ زَمَنًا لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ لَظَهَرَ أَثَرُهُ، وَلَوْ بِانْضِمَامِ مَأْمُومٍ لِآخَرَ. قَوْلُهُ: (بَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الِانْتِظَارِ لِلَّهِ) هَذَا يُوَافِقُ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ مَعْنَى الِانْتِظَارِ لِلَّهِ هُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا يُخَالِفُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ سَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الِانْتِظَارِ لِتَوَدُّدٍ أَوْ نَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا نَعَمْ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ وَالثَّانِي لَا بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا أَخْذًا مِمَّا سَيَذْكُرُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْخَطِيبُ. قَوْلُهُ: (فَمَعْنَى لَا يَنْتَظِرُ عَلَى الْأَوَّلِ يُكْرَهُ) وَمَعْنَى يَنْتَظِرُ عَلَيْهِ لَا يُكْرَهُ أَيْ يُبَاحُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الثَّانِي) أَيْ وَمَعْنَى لَا يَنْتَظِرُ عَلَيْهِ لَا يُسْتَحَبُّ أَيْ فَيُبَاحُ، وَمَعْنَى يَنْتَظِرُ عَلَيْهِ يُسْتَحَبُّ. قَوْلُهُ: (أَقْوَالٌ) أَيْ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا يُكْرَهُ وَهُوَ مَعْنَى لَا يَنْتَظِرُ عَلَى الْأَوَّلِ وَثَانِيهَا يُسْتَحَبُّ وَهُوَ مَعْنَى يَنْتَظِرُ عَلَى الثَّانِي، وَثَالِثُهَا لَا يُكْرَهُ وَهُوَ مَعْنَى يَنْتَظِرُ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ مَعْنَى لَا يَنْتَظِرُ عَلَى   [حاشية عميرة] وَيُكْرَهُ التَّطْوِيلُ إلَخْ) لَوْ حَضَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ وَالْإِمَامُ يَرْجُو زِيَادَةً فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ الْإِحْرَامَ. قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَلَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الِانْتِظَارُ بِلَا خِلَافٍ وَقَوْلُهُ: لِيَلْحَقَ آخَرُونَ أَيْ لَمْ يُحِسَّ بِهِمْ هَذَا مُرَادُهُ فَلَا يَكُونُ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَلَا يَنْتَظِرُ فِي غَيْرِهِمَا لِأَنَّ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ أَحَسَّ بِدَاخِلٍ، وَمِنْ ثَمَّ جَرَى الْخِلَافُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَحَسَّ) هِيَ اللُّغَةُ الْمَعْرُوفَةُ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى بِدُونِ هَمْزَةٍ وَمِنْ الْأُولَى قَوْلُهُ {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم: 98] . قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ لَمْ يُبَالِغْ) لَوْ لَحِقَ آخَرُ وَكَانَ انْتِظَارُهُ يُؤَدِّي إلَى الْمُبَالَغَةِ مَعَ ضَمِيمَةِ مَا حَصَلَ قَبْلَ دُخُولِهِ فَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ كَانَ يُؤَدِّي إلَى الْمُبَالَغَةِ عَلَى انْفِرَادِهِ. قَالَهُ الْإِمَامُ. قَوْلُهُ: (لَا لِلتَّوَدُّدِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ يَعْنِي لَوْ سَوَّى بَيْنَهُمْ فِي التَّوَدُّدِ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمْ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَوَّلِ يُكْرَهُ) أَيْ لِأَنَّ فِيهِ تَشْرِيكًا فِي الْعِبَادَةِ وَلِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّطْوِيلِ. قَوْلُهُ: (أَيْ يُبَاحُ) مِثْلُ هَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ الِاسْتِحْبَابِ الْإِعَانَةُ إلَخْ) قَدْ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ أَيْضًا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحُكْمِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَأْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 الْمَذْكُورُ لَا يَشُقُّ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، وَحَيْثُ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ الْمَشْرُوطِ الْمَذْكُورَةِ يُجْزَمُ بِكَرَاهَةِ الِانْتِظَارِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ، وَبِعَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ أَيْ بِإِبَاحَتِهِ عَلَى الثَّانِي (وَلَا يَنْتَظِرُ فِي غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنْ الْقِيَامِ وَغَيْرِهِ جَزْمًا أَيْ يُجْزَمُ بِكَرَاهَتِهِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَقِيلَ: يُطْرَدُ الْخِلَافُ فِيهِ لِإِفَادَةِ بَرَكَةِ الْجَمَاعَةِ. (وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) صَلَاةٌ مِنْ الْخَمْسِ (وَحْدَهُ، وَكَذَا جَمَاعَةٌ فِي الْأَصَحِّ إعَادَتُهَا مَعَ جَمَاعَةٍ يُدْرِكُهَا) فِي الْوَقْتِ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ صَلَاتِهِ الصُّبْحَ لِرَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ، وَقَالَا:   [حاشية قليوبي] الثَّانِي وَهُمَا بِمَعْنَى يُبَاحُ، فَالْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ صَرِيحَانِ وَالثَّالِثُ ضِمْنِيٌّ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ طُرُقٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ بَعْدُ، فَتَعْبِيرُهُ بِالْمَذْهَبِ صَحِيحٌ وَالْمُرَادُ بِالْإِبَاحَةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْتَظِرُ فِي غَيْرِهِمَا) نَعَمْ يُنْدَبُ الِانْتِظَارُ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ لِنَحْوِ مَزْحُومٍ، أَوْ لِمُوَافِقٍ تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ الرَّكْعَةِ عَلَيْهِ، وَفِي الْقِيَامِ لِمَأْمُومٍ أَحَسَّ بِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَظَنَّ عَدَمَ عِلْمِهِ بِشُرُوطِ التَّكْبِيرَةِ. (تَنْبِيهٌ) شَمِلَ الِانْتِظَارُ الْمَذْكُورُ، وَعَدَمُهُ الْجَمَاعَةَ الْمَطْلُوبَةَ وَالْمَكْرُوهَةَ بِنَاءً عَلَى حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ إشَارَةٌ إلَى الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ شَارِحِ الْأَصْلِ وَمَا فَهِمَهُ الْجَلَالُ هُوَ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ، إذْ الطَّرِيقَةُ الَّتِي فِي الْمَجْمُوعِ هِيَ طَرِيقَةُ الْغَزَالِيِّ الَّتِي اعْتَمَدَهَا فِي وَجِيزِهِ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهَا كَالْمُرَكَّبَةِ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَلَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) صَلَاةٌ لَا تَلْزَمُ إعَادَتُهَا، وَلَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى، أَوْ صَبِيًّا أَوْ رَقِيقًا فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْخَمْسِ) وَمِنْهَا الْجُمُعَةُ فَيُعِيدُهَا جُمُعَةً مَنْ أَدْرَكَهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ بَلَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَا تَصِحُّ إعَادَتُهَا ظُهْرًا وَلَا عَكْسَهُ. نَعَمْ لَوْ أَدْرَكَهَا مَعْذُورٌ بَعْدَ أَنْ صَلَّى ظُهْرَهُ صَلَّاهَا، لَكِنْ لَا يُقَالُ لَهَا مُعَادَةٌ. قَالَ شَيْخُنَا: لِأَنَّهَا فَرْضُهُ الْآنَ وَتَنْقَلِبُ ظُهْرُهُ نَفْلًا مُطْلَقًا، وَلِذَلِكَ تَنْعَقِدُ بِهِ لَوْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فَرَاجِعْهُ، وَمِنْهَا صَلَاةُ الْخَوْفِ وَصَلَاةُ السَّفَرِ وَتَجُوزُ إعَادَةُ الْمَقْصُورَةِ تَامَّةً، وَعَكْسُهُ حَضَرًا وَسَفَرًا عَلَى مَا ذَكَرَ فِي مَحَلِّهِ، وَخَرَجَ بِالْخَمْسِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَمَا يَأْتِي، وَالْوِتْرُ وَإِنْ طُلِبَتْ فِيهِ الْجَمَاعَةُ أَوْ نَذْرُهُ، وَالنَّفَلُ الْمُطْلَقُ وَإِنْ نَذَرَهُ فَلَا تَصِحُّ إعَادَةُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ مَا لَهُ سَبَبٌ كَالتَّحِيَّةِ وَلَا تُنْدَبُ إعَادَةُ النَّفْلِ الْمُؤَقَّتِ وَإِنْ نَذَرَهُ، لَكِنْ تَصِحُّ إعَادَتُهُ. نَعَمْ تُنْدَبُ إعَادَةُ مَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ وَإِنْ نَذَرَهُ. قَوْلُهُ (مَعَ جَمَاعَةٍ) أَيْ فِي جَمَاعَةٍ فَيَكْفِي مَعَهُ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ وَإِنْ كَانَا مُعِيدَيْنِ. قَوْلُهُ: (يُدْرِكُهَا) أَيْ الْجَمَاعَةَ فِي جَمِيعِهَا بِأَنْ لَا يَنْفَرِدَ بِجُزْءٍ مِنْهَا كَتَأْخِيرِ إحْرَامِ إمَامٍ مُعِيدٍ، أَوْ تَأْخِيرِ سَلَامِ مَأْمُومٍ مُعِيدٍ عَنْ سَلَامِ إمَامِهِ، وَلَوْ لِتَمَامِ تَشَهُّدٍ وَاجِبٍ، أَوْ لِإِرَادَةِ سُجُودِ سَهْوٍ أَوْ لِتَدَارُكِ نَحْوِ رُكْنٍ فَاتَهُ فَتَبْطُلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُ مَسْبُوقٍ بِرَكْعَةٍ مِنْهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ يَكْفِي إدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ بِجُزْءٍ مِنْهَا، وَلَا بُدَّ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ مَعَ الْجَمَاعَةِ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: لَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ مَعَ الْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا. (تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ وَالْخَطِيبِ أَنَّهُ لَا تَتَقَيَّدُ الْإِعَادَةُ بِمَرَّةٍ وَسَيَأْتِي، وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: لَا تَجُوزُ الْإِعَادَةُ إلَّا مَرَّةً فَقَطْ، وَإِنْ جَرَى خِلَافٌ فِي صِحَّةِ الْأُولَى. وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: إذَا جَرَى خِلَافٌ فِي صِحَّةِ الْأُولَى وَلَوْ مَذْهَبِيًّا قَوِيَ مُدْرِكُهُ جَازَتْ إعَادَتُهَا، وَلَوْ بِالِانْفِرَادِ إذَا أَتَى بِمَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ كَخُرُوجٍ مِنْ حَمَّامٍ صَلَّى فِيهِ، وَتَجُوزُ إعَادَتُهَا ثَالِثًا بِالْجَمَاعَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ الطَّبَلَاوِيُّ وَغَيْرُهُ كَالْمُزَنِيِّ مِنْ أَئِمَّتِنَا: تَجُوزُ الْإِعَادَةُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَلَا تَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ وَلَا بِجَمَاعَةٍ. قَوْلُهُ: (فِي الْوَقْتِ) أَيْ فِي وَقْتِهَا وَإِنْ كَانَ وَقْتَ كَرَاهَةٍ، وَيَكْفِي فِيهِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ لَا دُونَهَا لِوُجُودِ الْأَدَاءِ فِيهَا، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ الْجَمَاعَةُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. وَنُقِلَ عَنْهُ   [حاشية عميرة] الرَّجُلِ الَّذِي دَخَلَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ الصَّلَاةِ «مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا؟» . قَوْلُهُ: (يُجْزَمُ بِكَرَاهَةِ الِانْتِظَارِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلَيْ الْكَرَاهَةِ، وَلَهُمَا شُرُوطٌ الثَّانِي أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَ الدَّاخِلِينَ فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ بِهِ لِصَدَاقَتِهِ أَوْ شَرَفِهِ كَانَ مَمْنُوعًا جَزْمًا. وَكَذَا إذَا عَمَّهُمْ وَلَمْ يَقْصِدْ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بَلْ التَّوَدُّدَ وَالِاسْتِمَالَةَ. قَالَ وَحَيْثُ انْتَظَرَ لَا بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالِاتِّفَاقِ نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ لِلتَّشْرِيكِ انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ. فَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ عَلَى قَوْلِ الْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِإِبَاحَتِهِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنْ يُرَادَ بِالشَّرْطِ الْمَنْفِيِّ عَوْدُ الرُّكُوعِ وَالتَّشَهُّدِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَزْمِ بِالْكَرَاهَةِ فِي غَيْرِهِمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَعَ جَمَاعَةٍ) لَوْ فُرِضَ أَنَّ شَخْصَيْنِ صَلَّى كُلٌّ مِنْهُمَا فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَصَدَا الْإِعَادَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا أَحَدٌ لَمْ يَحْضُرْ الْجَمَاعَةَ، فَالظَّاهِرُ الِاسْتِحْبَابُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ. (فَرْعٌ) رُبَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْطِ الْجَمَاعَةِ وُجُوبُ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ كَالْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ صَلَاتِهِ الصُّبْحَ) مِنْ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا: إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ بِالِانْفِرَادِ وَالْجَمَاعَةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُقْصِرُهُ عَلَى الِانْفِرَادِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي جَمَاعَةٍ قَدْ حَصَلَ فَضِيلَتُهَا فَلَا تُطْلَبُ مِنْهُ الْإِعَادَةُ، وَجَوَابُهُ مَنْعُ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ اسْتَوَتْ الْجَمَاعَتَانِ أَمْ زَادَتْ الثَّانِيَةُ بِفَضِيلَةٍ، كَكَوْنِ الْإِمَامِ أَعْلَمَ أَوْ أَوْرَعَ، أَوْ الْجَمْعِ أَكْثَرَ، أَوْ الْمَكَانِ أَشْرَفَ، وَقِيلَ: لَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ فِي الْمُسْتَوِيَتَيْنِ، وَالْعِبَارَةُ تَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى أَفْضَلَ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَسَيَأْتِي مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الِاسْتِحْبَابُ فِي ذَلِكَ. (وَفَرْضُهُ) فِي الصُّورَتَيْنِ. (الْأُولَى فِي الْجَدِيدِ) لِمَا سَبَقَ فِي الْحَدِيثِ، وَفِي الْقَدِيمِ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا يَحْتَسِبُ اللَّهَ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا فَيَنْوِي بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ. (وَالْأَصَحُّ) عَلَى الْجَدِيدِ (أَنَّهُ يَنْوِي بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ) أَيْضًا، وَالثَّانِي وَاخْتَارَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ يَنْوِي الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ مَثَلًا، وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْفَرْضِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الرَّاجِحُ اخْتِيَارُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، قَالَ: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ صَلَّى إذَا رَأَى مَنْ يُصَلِّي تِلْكَ الْفَرِيضَةَ وَحْدَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُ لِتَحْصُلَ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، وَهَذَا اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ فِي الْمُهَذَّبِ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ؟ فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ إعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ لِمَنْ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَقَلَّ مِنْ الْأُولَى وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الشَّفَاعَةُ إلَى مَنْ يُصَلِّي مَعَ الْحَاضِرِ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ فِي عَدَمِ الصَّلَاةِ مَعَهُ وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَطْرُوقَ لَا تُكْرَهُ فِيهِ جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ. (وَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ. (وَإِنْ قُلْنَا) هِيَ (سُنَّةٌ) لِتَأَكُّدِهَا   [حاشية قليوبي] اعْتِبَارُ إيقَاعِ جَمِيعِهَا فِي الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ) وَكَانَ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ بِمِنًى. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ جَمَاعَةَ الثَّانِيَةِ لَا تَنْقَلِبُ إلَى الْأُولَى قَطْعًا، وَاسْتِدْرَاكُ جَابِرٍ لِمَا فَاتَ مِنْ الْكَمَالِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى جَمَاعَةٍ فِي الثَّانِيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُقَابِلُ مَبْنِيًّا عَلَى الْقَدِيمِ، فَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ جَوَابَهُ الْمَذْكُورَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (مَنَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَنَعَ عَدَمَ الطَّلَبِ الْمَذْكُورِ، لَا حُصُولَ الْفَضِيلَةِ. قَوْلُهُ: (أَفْضَلَ مِنْ الثَّانِيَةِ) وَكَذَا لَوْ خَلَتْ الثَّانِيَةُ عَنْ الْفَضِيلَةِ كَعُرَاةٍ بُصَرَاءَ فِي ضَوْءٍ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ إلَخْ) وَقِيلَ: فَرْضُهُ الثَّانِيَةُ، وَقِيلَ: كُلٌّ مِنْهُمَا فَرْضٌ لِلْأَمْرِ فِي الْحَدِيثِ فَيَنْوِي الْفَرْضَ فِيهِمَا، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالنَّافِلَةِ فِي الْحَدِيثِ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ. قَوْلُهُ: (يَنْوِي بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ) لَكِنْ لَا يَقْصِدُ أَنَّهُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ فَيَكْفِيهِ الْإِطْلَاقُ أَوْ كَوْنُهَا فَرْضًا فِي الْجُمْلَةِ أَوْ عَلَى الْمُكَلَّفِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ الْفَسَادُ فِي الْأُولَى لَمْ تُجْزِئْهُ الثَّانِيَةُ عَنْهَا، وَتَقَعُ نَفْلًا مُطْلَقًا، وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ بِالِاكْتِفَاءِ حَمَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ بِأَنَّ الْفَرْضَ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا. وَقَالَ شَيْخُنَا بِالِاكْتِفَاءِ إنْ أَطْلَقَ فِيهَا نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ وَهُوَ وَجِيهٌ، وَيَحْتَمِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْمَنْهَجِ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ حَتَّى لَا تَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً، أَيْ نَفْلًا يُسَمَّى ظُهْرًا، مَثَلًا لَوْ فُرِضَ وُجُودُهُ. نَعَمْ إنْ نَسِيَ الْأُولَى عِنْدَ فِعْلِ الثَّانِيَةِ كَفَتْ عَنْهَا، وَحَمَلَ عَلَيْهَا شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ. قَوْلُهُ: (الرَّاجِحُ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا أَنَّهُ الْمَذْهَبُ قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ مَعَ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (فَقَالَ) أَيْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ) هُوَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ) مُتَعَلِّقٌ بِالشَّفَاعَةِ وَلَيْسَ قَيْدًا، لَكِنْ مَا مَعْنَى الْعُذْرِ هُنَا؟ . قَوْلُهُ: (وَأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَطْرُوقَ) وَهُوَ مَا تُكَرَّرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَلَوْ فُرَادَى، وَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ جَمَاعَةً قَبْلَ الرَّاتِبِ وَلَا بَعْدَهُ وَلَا مَعَهُ، وَتُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْمَطْرُوقِ إلَّا بِإِذْنِ الرَّاتِبِ، وَهُوَ مَا لَا يُصَلَّى فِيهِ إلَّا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَيُقْفَلُ إلَى صَلَاةٍ أُخْرَى، وَأَخْذُ الْمُصَنِّفِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَدِيثِ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ فِيهِ بِالْإِذْنِ وَلَا يَثْبُتُ بِهَا الطُّرُوقُ. قَوْلُهُ: (وَلَا رُخْصَةَ) أَيْ لَا تَسْقُطُ الْكَرَاهَةُ عَلَى قَوْلِ النَّدْبِ، أَوْ الْحُرْمَةِ عَلَى قَوْلِ الْوُجُوبِ عَمَّنْ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشِّعَارُ فِيهِمَا إلَّا بِعُذْرٍ. نَعَمْ يَحْصُلُ لِمَنْ قَصَدَ فِعْلَهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ لَوْلَا الْعُذْرُ ثَوَابُ   [حاشية عميرة] الرَّدُّ عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِالِاسْتِحْبَابِ فِيمَا عَدَا الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ. قَوْلُهُ: (مَنَعَ ذَلِكَ) وَيُؤَيِّدُ الْمَنْعَ قِصَّةُ مُعَاذٍ فِي إمَامَتِهِ بِقَوْمِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ إلَخْ) لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَوْ تَعَيَّنَتْ لِلنَّفْلِيَّةِ لَمْ يُسْتَحَبَّ فِعْلُهَا فِي جَمَاعَةٍ. وَقِيلَ كِلَاهُمَا فَرْضٌ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مَأْمُورٌ بِهَا وَالْأُولَى مُسْقِطَةٌ لِلْحَرَجِ كَمَا يَفْعَلُ فَرْضَ الْكِفَايَةِ. ثَانِيًا بَعْدَ فِعْلِهِ أَوْ لَا وَلَوْ تَذَكَّرَ خَلَلًا فِي الْأُولَى أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِإِجْزَاءِ الثَّانِيَةِ. لَكِنْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَأَقَرَّهُ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَطَوُّعٌ مَحْضٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَنْوِي بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ) خَطَرَ لِي فِي تَوْجِيهِ ذَلِكَ الْقِيَاسُ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ إذَا فَعَلَهُ فِرْقَةٌ ثَانِيَةٌ بَعْدَ سُقُوطِهِ بِالْأُولَى، لَكِنْ يُفَرِّقُ بِأَنَّهَا تَقَعُ لَهُمْ فَرْضًا بِخِلَافِ الْإِعَادَةِ هُنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا رُخْصَةَ) هِيَ بِالسُّكُونِ وَيَجُوزُ الضَّمُّ، وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ الشَّخْصُ الْمُتَرَخِّصُ، وَالرُّخْصَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 (إلَّا بِعُذْرٍ) لِحَدِيثِ «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَقَوْلُهُ «لَا صَلَاةَ» أَيْ كَامِلَةٌ، (عَامٍّ كَمَطَرٍ) لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا لِبَلِّهِ الثَّوْبَ وَمِثْلُهُ ثَلْجٌ يَبُلُّ الثَّوْبَ. (أَوْ رِيحٍ عَاصِفٍ) أَيْ شَدِيدَةٍ (بِاللَّيْلِ) لِعِظَمِ مَشَقَّتِهَا فِيهِ دُونَ النَّهَارِ. (وَكَذَا وَحَلٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (شَدِيدٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِتَلْوِيثِهِ الرِّجْلَ بِالْمَشْيِ فِيهِ، وَالثَّانِي قَالَ يُعْتَدُّ لَهُ بِالْخُفِّ وَنَحْوِهِ. (أَوْ خَاصٍّ كَمَرَضٍ) لِمَشَقَّةِ الْمَشْيِ مَعَهُ (وَحَرٍّ وَبَرْدٍ شَدِيدَيْنِ) لِمَشَقَّةِ الْحَرَكَةِ فِيهِمَا لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ عَلَى الظُّهْرِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ أَوَّلَ الْكَلَامِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ فِي مَعْنَاهَا، وَلَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَذُكِرَا هُنَا كَالْمُحَرَّرِ مِنْ الْخَاصِّ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ مِنْ الْعَامِّ لِأَنَّهُمَا قَدْ يُحِسُّ بِهِمَا ضَعِيفُ الْخِلْقَةِ دُونَ قَوِيِّهَا، فَيَكُونَانِ مِنْ الْخَاصِّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَحَسَّ بِهِمَا قَوِيُّ الْخِلْقَةِ، فَيُحِسُّ بِهِمَا ضَعِيفُهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى، فَيَكُونَانِ مِنْ الْعَامِّ. (وَجُوعٍ وَعَطَشٍ ظَاهِرَيْنِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَحَضَرَهُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَتَاقَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ فَيَبْدَأُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، فَيَأْكُلُ لُقَمًا تَكْسِرُ حِدَّةَ الْجُوعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ مِمَّا يُؤْتَى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً كَالسَّوِيقِ وَاللَّبَنِ. (وَمُدَافَعَةِ حَدَثٍ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ، فَيَبْدَأُ بِتَفْرِيغِ نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُكْرَهُ مَعَ هَذِهِ الْأُمُورِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي آخِرِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ، فَلَا تُطْلَبُ مَعَهَا فَضْلًا عَنْ طَلَبِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ شَدِيدَيْنِ إلَى مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ لِيُخَالِفَ التَّعْبِيرَ بِهِ فِيمَا قَبْلَهُ، وَعَنْ قَوْلِهِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا الْأَخْبَثَيْنِ، بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ إلَى حَدَثٍ لِيَشْمَلَ الرِّيحَ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ. (وَخَوْفِ ظَالِمٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) لَهُ أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْخَوْفِ مِمَّنْ يُطَالِبُهُ بِحَقٍّ هُوَ ظَالِمٌ فِي   [حاشية قليوبي] قَصْدِهِ، وَالرُّخْصَةُ بِسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لُغَةً: السُّهُولَةُ، وَعُرْفًا: انْتِقَالٌ مِنْ صُعُوبَةٍ إلَى سُهُولَةٍ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ الْأَصْلِيِّ. قِيلَ: وَبِفَتْحِ الْخَاءِ اسْمٌ لِلشَّخْصِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِعُذْرٍ) وَهُوَ مَا يُذْهِبُ الْخُشُوعَ أَوْ كَمَالَهُ، وَالتَّعْلِيلُ بِغَيْرِهِ لِلُزُومِهِ لَهُ. قَوْلُهُ: (عَامٌّ) وَهُوَ مَا لَا يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (كَمَطَرٍ) لِمَنْ لَمْ يَجِدْ كِنًّا يَمْشِي فِيهِ، وَتَقَاطُرُ السُّقُوفِ كَالْمَطَرِ. قَوْلُهُ: (وَحَلٌ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. قَوْلُهُ: (عَاصِفٌ) وَصْفٌ لِلرِّيحِ بِاعْتِبَارِ لَفْظِهَا لِأَنَّهَا مُؤَنَّثَةٌ، وَمِثْلُهَا الْبَارِدَةُ وَشِدَّةُ الظُّلْمَةِ. قَوْلُهُ: (بِاللَّيْلِ) وَمِنْهُ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ. قَوْلُهُ: (لِتَلْوِيثِهِ الرِّجْلَ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلشِّدَّةِ، وَسَوَاءٌ فِيهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. قَوْلُهُ: (وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: (فِي مَعْنَاهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَذُكِرَا) أَيْ الْحَرُّ وَالْبَرْدُ مِنْ الْخَاصِّ هُنَا أَيْ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَأَشَارَ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَتَاقَتْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلظُّهُورِ الْمُسَاوِي لِلِاشْتِيَاقِ، وَخَرَجَ بِهِ الشَّوْقُ وَهُوَ الْمَيْلُ إلَى الْأَطْعِمَةِ اللَّذِيذَةِ فَلَيْسَ عُذْرًا وَمَا قَرُبَ حُضُورُهُ كَالْحَاضِرِ. قَوْلُهُ: (فَيَأْكُلُ لُقَمًا إلَخْ) . قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: بَلْ يَأْكُلُ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى حَالَةٍ لَا يُعْذَرُ فِيهَا ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ: (فَيَبْدَأُ) أَيْ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ، وَإِلَّا حَرُمَ قَطْعُ الْفَرْضِ إنْ لَمْ يَخْشَ ضَرَرًا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَإِلَّا وَجَبَ قَطْعُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ. وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ طَرَأَ فِي أَثْنَائِهَا. قَوْلُهُ: (ظَالِمٍ) لَيْسَ قَيْدًا إذًا لِمُعْتَبَرِ فَوَاتِ مَعْصُومٍ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ. وَإِنْ قَلَّ أَوْ اخْتِصَاصٍ، وَمِنْهُ فَوَاتُ وَقْتِ بَذْرٍ بِتَأْخِيرِهِ وَفَوَاتُ تَمَلُّكٍ مُبَاحٍ كَصَيْدٍ وَفَوَاتُ رِيحٍ لِمُتَوَقِّعِهِ وَأَكْلُ طَيْرٍ لِبَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ، وَتَلَفُ خُبْزٍ فِي تَنُّورٍ. قَوْلُهُ (أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ) أَيْ الدَّفْعُ عَنْهُ لَيْسَ قَيْدًا، وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ، وَخَرَجَ بِالْمَعْصُومِ   [حاشية عميرة] لُغَةً: التَّسْهِيلُ وَشَرْعًا مَعْرُوفَةٌ. قَوْلُهُ: (إلَّا مِنْ عُذْرٍ) زَادَ الدَّمِيرِيِّ: وَمَا الْعُذْرُ قَالَ خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ انْتَهَى. وَصَحَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَدَمَ حُصُولِ الثَّوَابِ عِنْدَ الْعُذْرِ، وَخَالَفَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ. وَنَقَلُوا الْحُصُولَ عَنْ الْأَحَادِيثِ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَقُولُ: وَقَدْ يُؤَيَّدُ بِأَنَّ مَنْ صَلَّى قَاعِدًا لِعَجْزٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْقَائِمِ. وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ فِيمَنْ كَانَ لَهُ عَادَةٌ ثُمَّ حَبَسَهُ الْعُذْرُ. قَوْلُهُ. (أَيْ شَدِيدَةٍ) أَفَادَ بِهَذَا أَنَّ الرِّيحَ مُؤَنَّثَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَالَ (عَاصِفٍ) نَظَرًا لِلَّفْظِ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْحَاءِ) وَإِسْكَانُهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. قَوْلُهُ: (لِتَلْوِيثِهِ) قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ أَشَقُّ الْمَطَرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُرَادُ مَا لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلْوِيثُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَحَلُ مُتَفَاحِشًا. قَوْلُهُ: (لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا) رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنَادِي بِالْمَدِينَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَالْغَدَاةِ الْقَرَّةِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» . وَالْقَرَّةُ بِالْفَتْحِ الْبَارِدَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْقُرِّ بِالضَّمِّ وَهُوَ الْبَرْدُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ) أَيْ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُكْرَهُ مَعَ هَذِهِ الْأُمُورِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجُوعٍ وَعَطَشٍ وَمُدَافَعَةِ حَدَثٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمِنْ الْخَوْفِ عَلَى الْمَالِ أَنْ يَكُونَ خُبْزُهُ فِي التَّنُّورِ وَقِدْرُهُ عَلَى النَّارِ وَلَا تَعْوِيضَ. قَالَ فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ ظَالِمٍ لَشَمِلَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 مَنْعِهِ بَلْ عَلَيْهِ الْحُضُورُ وَتَوْفِيَةُ ذَلِكَ الْحَقِّ. (وَ) خَوْفِ (مُلَازَمَةِ غَرِيمٍ مُعْسِرٍ) بِإِضَافَةِ غَرِيمٍ كَمَا قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: الْمَعْنَى أَنْ يَخَافَ مُلَازَمَةَ غَرِيمٍ لَهُ بِأَنْ يَرَاهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَا يَجِدُ وَفَاءً لِدَيْنِهِ. قَالَ فِي الْبَسِيطِ: وَعَسُرَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ ذَلِكَ، وَالْغَرِيمُ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْمَدِينِ وَالدَّائِنِ، وَلَفْظُ الْمُحَرَّرِ أَوْ خَافَ مِنْ حَبْسِ الْغَرِيمِ وَمُلَازَمَتِهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَطَفَ الْمُلَازَمَةَ بِأَوْ. (وَعُقُوبَةٍ يُرْجَى تَرْكُهَا إنْ تَغَيَّبَ أَيَّامًا) بِأَنْ يُعْفَى عَنْهَا كَالْقِصَاصِ مَجَّانًا، أَوْ عَلَى مَالٍ، وَكَحَدِّ الْقَذْفِ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُ الْعَفْوَ كَحَدِّ السَّرِقَةِ، وَاسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ جَوَازَ التَّغَيُّبِ لِمَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ بِأَنَّ مُوجِبَهُ كَبِيرٌ وَالتَّخْفِيفُ يُنَافِيهِ، وَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَهَذَا التَّغَيُّبُ طَرِيقٌ إلَيْهِ (وَعُرْيٍ) وَإِنْ وُجِدَ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي خُرُوجِهِ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَعْتَادَهُ (وَتَأَهُّبٍ لِسَفَرٍ مَعَ رُفْقَةٍ) تَرْحَلُ لِلْمَشَقَّةِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهُمْ. (وَأَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ) كَبَصَلٍ وَكُرَّاثٍ وَثُومٍ نِيءٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إزَالَةُ رِيحِهِ بِغَسْلٍ وَمُعَالَجَةٍ لِلتَّأَذِّي بِهِ بِخِلَافِ الْمَطْبُوخِ لِقِلَّةِ مَا يَبْقَى مِنْ رِيحِهِ فَيُغْتَفَرُ، وَأَسْقَطَ مِنْ الْمُحَرَّرِ " وَهُوَ نِيءٌ " اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِكَرِيهٍ، وَلَوْ ذَكَرَهُ كَانَ أَوْضَحَ وَأَحْسَنَ. (وَحُضُورِ قَرِيبٍ مُحْتَضَرٍ) أَيْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَإِنْ كَأَنْ لَهُ مُتَعَهِّدٌ لِتَأَلُّمِ قَرِيبِهِ بِغَيْبَتِهِ عَنْهُ (أَوْ مَرِيضٍ) عَطْفٌ عَلَى مُحْتَضَرٍ. (بِلَا مُتَعَهِّدٍ أَوْ) لَهُ مُتَعَهِّدٌ، لَكِنْ (يَأْنَسُ بِهِ) أَيْ بِالْحَاضِرِ لِتَضَرُّرِ الْمَرِيضِ بِغَيْبَتِهِ، فَحِفْظُهُ أَوْ تَأْنِيسُهُ أَفْضَلُ مِنْ حِفْظِ الْجَمَاعَةِ وَالْمَمْلُوكِ الزَّوْجَةِ وَكُلِّ مَنْ لَهُ مُصَاهَرَةٌ، وَالصَّدِيقُ كَالْقَرِيبِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي لَهُ مُتَعَهِّدٌ، أَمَّا الَّذِي لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ فَالْحُضُورُ عِنْدَهُ عُذْرٌ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُ الْمُحَرَّرِ التَّمْرِيضُ عُذْرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ   [حاشية قليوبي] نَفْسُ مُرْتَدٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ وَزَانٍ مُحْصِنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَأَمْوَالِهِمْ. قَوْلُهُ: (بِإِضَافَةِ غَرِيمٍ) أَيْ لِيَكُونَ الْمَخُوفُ مِنْهُ مَذْكُورًا وَإِلَّا فَيَجُوزُ تَنْوِينُهُ وَمَا بَعْدَهُ صِفَةٌ لَهُ أَوْ حَالٌ، وَلَكِنْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يُسَاعِدُهُ وَيُرَادُ بِالْغَرِيمِ الْمَدِينُ وَالدَّائِنُ وَالْمَخُوفُ مِنْهُ مَحْذُوفٌ. قَوْلُهُ: (وَعَسُرَ إلَخْ) فَلَوْ قَدَرَ عَلَى إثْبَاتِ إعْسَارِهِ وَلَوْ بِيَمِينٍ مِنْ غَيْرِ حَبْسٍ لَمْ يَكُنْ عُذْرًا. قَوْلُهُ: (أَيَّامًا) وَإِنْ كَثُرَتْ وَبَلَغَتْ شُهُورًا أَوْ سِنِينَ مَا دَامَ يَرْجُو الْعَفْوَ كَصَبِيٍّ حَتَّى يَبْلُغَ. قَوْلُهُ: (كَالْقِصَاصِ) وَمِثْلُهُ التَّعْزِيرُ وَلَوْ لِلَّهِ. قَوْلُهُ: (كَحَدِّ السَّرِقَةِ) وَكُلِّ مَا لَا يَقْبَلُ الْعَفْوَ كَحَدِّ الزِّنَى وَالشُّرْبِ. قَوْلُهُ: (وَالتَّخْفِيفُ) أَيْ بِجَوَازِ الْغَيْبَةِ الْمُؤَدِّي لِلتَّأْخِيرِ. قَوْلُهُ: (وَأَجَابَ) أَيْ الْإِمَامُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْإِشْكَالُ أَقْوَى. قَوْلُهُ: (وَعُرِّيَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مَعَ تَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ، وَبِكَسْرِهَا مَعَ التَّشْدِيدِ، وَالْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ وُجُودِ لِبَاسٍ لَائِقٍ بِهِ وَمِثْلُهُ عَدَمُ وُجُودِ مَرْكُوبٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِسَفَرٍ لِغَيْرِ نُزْهَةٍ) وَيَكْفِي مُجَرَّدُ الْوَحْشَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ) كَثُومٍ وَكُرَّاثٍ وَبَصَلٍ وَفُجْلٍ وَأَكْلُهَا مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الرَّاجِحِ. وَكَذَا فِي حَقِّنَا وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَيُكْرَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ لِمَنْ أَكَلَهَا. نَعَمْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ لَا يُكْرَهُ أَكْلُهَا لِمَنْ قَدَرَ عَلَى إزَالَةِ رِيحِهَا وَلَا لِمَنْ لَمْ يُرِدْ الِاجْتِمَاعَ مَعَ النَّاسِ، وَيَحْرُمُ أَكْلُهَا بِقَصْدِ إسْقَاطِ وَاجِبٍ مِنْ ظُهُورِ شِعَارٍ أَوْ جُمُعَةٍ. وَيَجِبُ السَّعْيُ فِي إزَالَةِ رِيحِهَا وَيَجِبُ الْحُضُورُ وَإِنْ تَأَذَّى النَّاسُ بِهِ، وَيُصَلِّي مُعْتَزِلًا وَحْدَهُ. وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِالنَّيْءِ تَبِعَ فِيهِ الْجُمْهُورَ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّقٌ بِظُهُورِ رِيحِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ نِيئَةً أَوْ مَطْبُوخَةً أَوْ مَشْوِيَّةً. (تَنْبِيهٌ) يَلْحَقُ بِذَلِكَ مَنْ بِهِ رِيحٌ كَرِيهٌ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ كَبَخَرٍ وَصُنَانٍ وَجِرَاحٍ مُنْتِنَةٍ. (فَائِدَةٌ) ذَكَرَ بَعْضُ الثِّقَاتِ أَنَّ مَنْ أَكَلَ الْفُجْلَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ الطَّاهِرِ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ رِيحُهُ وَلَا يَتَجَشَّى مِنْهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ لَوْ عَلِمَ آكِلُ رُءُوسِ الْفُجْلِ مَا فِيهَا مِنْ الضَّرَرِ لَمْ يَعَضَّ عَلَى رَأْسِ فُجْلَةٍ، قَالَ: وَمَنْ أَكَلَ عُرُوقَهُ مُبْتَدِئًا بِأَطْرَافِهَا لَا يَتَجَشَّى مِنْهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِتَأَلُّمِ قَرِيبِهِ) أَيْ الْحَيِّ بِغَيْبَتِهِ عَنْ الْمَرِيضِ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِالْحَاضِرِ) وَلَوْ بِظَنِّ الْحَاضِرِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّدِيقُ) وَمِثْلُهُ الزَّوْجَةُ وَالْمَمْلُوكُ وَالْمُعْتِقُ وَالْعَتِيقُ وَالْأُسْتَاذُ. قَوْلُهُ: (كَمَا يَشْمَلُهُ قَوْلُ   [حاشية عميرة] بِإِضَافَةِ غَرِيمٍ) أَيْ فَيَكُونُ مَفْعُولُ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ وَخَوْفِ مُلَازَمَةِ غَرِيمٍ مُعْسِرٍ إيَّاهُ أَيْ الْمُعْسِرِ. وَيَجُوزُ أَيْضًا التَّنْوِينُ مَعَ نَصْبِ مُعْسِرٍ أَوْ مَعَ جَرِّهِ أَيْضًا وَعَلَى الْأَخِيرَةِ يَكُونُ فَاعِلُ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعُرْيٍ) يُقَالُ فَرَسٌ عُرْيٌ أَيْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ أَيْضًا عَرِيَ مِنْ ثِيَابِهِ إذَا تَعَرَّى كَعَمِيَ، يَعْرَى عَرِيًّا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيَجُوزُ قِرَاءَةُ عِبَارَةِ الْكِتَابِ بِالْوَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَأَحْسَنَ) أَيْ لِأَنَّ الْمَطْبُوخَ مِنْ الثُّومِ مَثَلًا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ، وَلَكِنْ اُغْتُفِرَتْ لِقِلَّتِهَا أَيْ فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِالْكَرِيهِ نَوْعُ خَفَاءٍ. قَوْلُهُ: (عَطْفٌ عَلَى مُحْتَضَرٍ) يَلْزَمُ عَلَى هَذَا إخْرَاجُ الْأَجْنَبِيِّ الْمُحْتَاجِ إلَى الْمُتَعَهِّدِ مَعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 لِلْمَرِيضِ مُتَعَهِّدٌ، وَلَوْ كَانَ الْمُتَعَهِّدُ مَشْغُولًا بِشِرَاءِ الْأَدْوِيَةِ مَثَلًا عَنْ الْخِدْمَةِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَهِّدٌ. (فَصْلٌ: لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ) كَعِلْمِهِ بِحَدَثِهِ أَوْ نَجَاسَةِ ثَوْبِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ (أَوْ يَعْتَقِدُهُ) أَيْ الْبُطْلَانَ (كَمُجْتَهِدَيْنِ اخْتَلَفَا فِي الْقِبْلَةِ أَوْ) فِي (إنَاءَيْنِ) مِنْ الْمَاءِ طَاهِرٍ وَنَجِسٍ بِأَنْ أَدَّى اجْتِهَادُ أَحَدِهِمَا إلَى غَيْرِ مَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُ الْآخَرِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَتَوَضَّأَ كُلٌّ مِنْ إنَائِهِ فِي الثَّانِيَةِ، فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْآخَرِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ لِاعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ. (فَإِنْ تَعَدَّدَ الطَّاهِرُ) مِنْ الْآنِيَةِ كَأَنْ كَانَتْ ثَلَاثَةً، وَالطَّاهِرُ مِنْهَا اثْنَانِ، وَالْمُجْتَهِدُونَ ثَلَاثَةٌ، وَظَنَّ كُلٌّ مِنْهُمْ طَهَارَةَ إنَائِهِ فَقَطْ (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ) أَيْ صِحَّةُ اقْتِدَاءِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ (مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ إنَاءُ الْإِمَامِ لِلنَّجَاسَةِ) وَهُوَ فِي الثَّلَاثَةِ الثَّالِثُ، فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِصَاحِبِهِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ لِتَرَدُّدِ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي اسْتِعْمَالِ غَيْرِهِ لِلنَّجِسِ (فَإِنْ ظَنَّ) وَاحِدٌ (طَهَارَةَ إنَاءِ غَيْرِهِ اقْتَدَى بِهِ قَطْعًا) أَوْ نَجَاسَتَهُ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ قَطْعًا (فَلَوْ اشْتَبَهَ خَمْسَةٌ) مِنْ الْأَوَانِي (فِيهَا نَجِسٌ   [حاشية قليوبي] الْمُحَرَّرِ) بِخِلَافِ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ لِأَنَّ الْأُنْسَ لَيْسَ عُذْرًا فِي الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ التَّمْرِيضِ. (تَنْبِيهٌ) مِنْ الْأَعْذَارِ زَلْزَلَةٌ وَنُعَاسٌ وَسَعْيٌ فِي تَحْصِيلِ مَالٍ وَلَوْ لِغَيْرِهِ وَدُخُولُ هَمٍّ عَلَيْهِ أَوْ اشْتِغَالٌ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِمَيِّتٍ، وَنِسْيَانٌ وَإِكْرَاهٌ وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةِ إمَامٍ وَبُطْءُ قِرَاءَتِهِ وَتَرْكُهُ سُنَّةً مَقْصُودَةً، وَكَرَاهَةُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَفِسْقُهُ وَلَوْ بِالتُّهْمَةِ وَاشْتِغَالٌ بِمَنْدُوبٍ نَحْوُ مُنَاضَلَةٍ وَمُسَابَقَةٍ وَسَمْنٍ مُفْرِطٍ وَخَشْيَةِ فِتْنَةٍ لَهُ أَوْ بِهِ وَوُجُودِ مُؤْذٍ لَهُ وَلَوْ بِالشَّتْمِ وَعَمًى، وَإِنْ أَحْسَنَ الْمَشْيَ بِالْعَصَا إلَّا إنْ وَجَدَ قَائِدًا لَائِقًا بِهِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا بِمَا فِي الْفِطْرَةِ وَبَرَصٍ وَجُذَامٍ، وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ مَنْعُ صَاحِبِهِمَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَمُخَالَطَةُ النَّاسِ وَالْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ. (فَصْلٌ فِي صِفَاتِ الْأَئِمَّةِ) الْوَاجِبَةِ عَلَى مَعْنَى الشُّرُوطِ وَالْمَنْدُوبَةِ عَلَى مَعْنَى الْكَمَالِ، وَقَدْ يَتَعَيَّنُ كَوْنُ الْإِنْسَانِ إمَامًا كَأَعْمَى أَصَمَّ لَا يَهْتَدِي بِغَيْرِهِ أَوْ مَأْمُومًا كَأَلْثَغَ مَعَ قَارِئٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَعْتَقِدُهُ أَيْ الْبُطْلَانَ) كَمَا يَأْتِي. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ كَوْنُ صَلَاةِ الْإِمَامِ مُشْتَمِلَةً عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ عِنْدَ الْمَأْمُومِ، وَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُ نَدْبِ بَعْضِهَا النَّاشِئِ عَنْ تَقْلِيدِ الْمَذْهَبِ، بِخِلَافِ الْمُوَافِقِ فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَوْ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ وَتُدْفَعُ الْفِتْنَةُ بِصُورَةِ الْمُتَابَعَةِ مِنْ غَيْرِ رَبْطٍ، وَبِهَذَا عُلِمَ صِحَّةُ اقْتِدَاءِ شَافِعِيٍّ نَوَى الْإِتْمَامَ بِحَنَفِيٍّ نَوَى الْقَصْرَ وَقَدْ نَوَيَا إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، مَعَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى الْقَصْرَ فِي الْجُمْلَةِ وَصِحَّةَ الْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِ مَاءِ طَهَارَةِ الْحَنَفِيِّ بِلَا نِيَّةٍ، مَعَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى ذَلِكَ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ إلَخْ) فَلَوْ اقْتَدَى ثَالِثٌ بِأَحَدِهِمَا مَعَ ظَنِّ طَهَارَتِهِ فَلَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْآخَرِ إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فِيهِ عَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الثَّوْبَيْنِ، وَلَا وَجْهَ لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَقَطْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَظُنَّ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْإِنَاءَيْنِ الْآخَرَيْنِ طَهَارَةً وَلَا نَجَاسَةً. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْإِنَاءُ لَا صَاحِبُهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ بِصَاحِبِهِ. قَوْلُهُ: (الثَّالِثُ) الْمُرَادُ بِهِ ثَالِثٌ دَائِرٌ فِي الثَّلَاثَةِ وَهُوَ إنَاءُ إمَامِ الثَّالِثَةِ مَعَ إمَامِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَإِنَاءُ إمَامِ الثَّانِيَةِ مَعَ إمَامِ الثَّالِثَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ) وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ كَمَا فِي نِسْيَانِ وَاحِدَةٍ مِنْ الْخَمْسِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ مَكْرُوهٌ فَلَا فَضِيلَةَ فِيهِ، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مُخَالَفَتُهُ لِكَوْنِهِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (لِتَرَدُّدِ إلَخْ) كَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ لِتَرَدُّدِهِ فِي طَهَارَةِ   [حاشية عميرة] أَنَّ حُكْمَهُ كَالْقَرِيبِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمُحَرَّرِ مِنْ الْأَعْذَارِ غَلَبَةُ النُّعَاسِ وَالسَّمْنُ الْمُفْرِطُ. [فَصْلٌ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ يَعْلَمُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ] (فَصْلٌ: لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ) قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ يَعْتَقِدُهُ) أَيْ يَعْتَقِدُ الْبُطْلَانَ مِنْ حَيْثُ اجْتِهَادِ نَفْسِهِ كَمَا فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ وَالْأَوَانِي، أَوْ مِنْ حَيْثُ اخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ فِي الْفُرُوعِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْحَنَفِيِّ الَّذِي مَسَّ ذَكَرَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْإِمَامِ صَحِيحَةً فِي اعْتِقَادِهِ وَغَيْرَ صَحِيحَةٍ فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ النَّاشِئِ عَمَّا ذَكَرْنَاهُ، بِخِلَافِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا اعْتِدَادَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ أَصْلًا وَنَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاعْتِقَادِ هُنَا الظَّنُّ الْغَالِبُ لَا مُصْطَلَحُ الْأُصُولِيِّ فِي الْحُكْمِ الْجَازِمِ لِغَيْرِ دَلِيلٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمُجْتَهِدَيْنِ) مِثْلُ الِاثْنَيْنِ فِي الْقِبْلَةِ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا، كَمَا أَنَّ مِثْلَ الْإِنَاءَيْنِ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا إذَا كَانَ الطَّاهِرُ وَاحِدًا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ فِي الثَّلَاثَةِ الثَّالِثُ) أَيْ بِخِلَافِ الثَّانِي لِأَنَّهُ جَاهِلٌ بِحَالِهِ. وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُصُولِ النَّجَسِ إلَى إنَائِهِ فَسُومِحَ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 عَلَى خَمْسَةٍ) مِنْ الرِّجَالِ (فَظَنَّ كُلٌّ طَهَارَةَ إنَاءٍ فَتَوَضَّأَ بِهِ وَأَمَّ كُلٌّ) مِنْهُمْ (فِي صَلَاةٍ) مِنْ الْخَمْسِ بِالْبَاقِي مُبْتَدَئِينَ بِالصُّبْحِ (فَفِي الْأَصَحِّ) السَّابِقُ (يُعِيدُونَ الْعِشَاءَ إلَّا إمَامَهَا فَيُعِيدُ الْمَغْرِبَ) لِتَعَيُّنِ إنَائِهِمَا لِلنَّجَاسَةِ فِي حَقِّ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمُقْتَدِينَ فِيهِمَا، وَالثَّانِي يُعِيدُ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا صَلَّاهُ مَأْمُومًا وَهُوَ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ. (وَلَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِحَنَفِيٍّ مَسَّ فَرْجَهُ أَوْ افْتَصَدَ فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ) أَيْ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ (فِي الْفَصْدِ دُونَ الْمَسِّ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي) أَيْ بِاعْتِقَادِهِ، وَالثَّانِي عَكْسُ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِ الْمُقْتَدَى بِهِ أَنْ يَنْقُضَ الْوُضُوءَ دُونَ الْمَسِّ، وَلَوْ تَرَكَ الِاعْتِدَالَ أَوْ الطُّمَأْنِينَةَ، أَوْ قَرَأَ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاءُ الشَّافِعِيِّ بِهِ، وَقِيلَ يَصِحُّ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ، وَلَوْ حَافَظَ عَلَى وَاجِبَاتِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ، وَلَوْ شَكَّ فِي إتْيَانِهِ بِهَا فَكَذَلِكَ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ فِي تَوَقِّي الْخِلَافِ. (وَلَا تَصِحُّ قُدْوَةٌ بِمُقْتَدٍ) لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ   [حاشية قليوبي] إمَامِهِ وَإِنَّمَا أُلْغِيَ هَذَا التَّرَدُّدُ لِمُعَارَضَتِهِ بِالِاجْتِهَادِ عِنْدَ الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (السَّابِقُ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ كَالْمِنْهَاجِ مِنْ أَنَّهُمَا غَيْرُهُمَا. قَوْلُهُ: (لِتَعَيُّنِ إنَائِهِمَا) أَيْ إمَامَيْ الْعِشَاءِ وَالْمَغْرِبِ لِلنَّجَاسَةِ بِحَسْبِ فِعْلِهِمْ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ مَعَ احْتِمَالِ الطَّهَارَةِ وَعَدَمِ ظَنِّ النَّجَاسَةِ، وَبِالِاقْتِدَاءِ لَزِمَتْ الطَّهَارَةُ، وَلَمْ يَبْقَ فِي الْأَخِيرِ احْتِمَالُهَا فَامْتَنَعَ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ فَحَيْثُ خَالَفَ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ، وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ يُعِيدُ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا صَلَّاهُ مَأْمُومًا آخِرًا بِعَدَدِ النَّجِسِ، فَلَوْ كَانَ النَّجِسُ اثْنَيْنِ أَعَادَ كُلٌّ مِنْهُمْ صَلَاتَيْنِ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) وَهُوَ التَّرَدُّدُ الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِاعْتِقَادِهِ) أَيْ فَاعْتِقَادُ الْمَأْمُومِ الصِّحَّةَ أَلْغَى اعْتِقَادَ الْإِمَامِ الْبُطْلَانَ، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ عَالِمًا بِحَالِ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ بِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ، وَحَمَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الْأَصَحَّ عَلَى أَنَّ الْحَنَفِيَّ غَيْرُ عَالِمٍ بِحَالِ نَفْسِهِ، وَحَمْلُ التَّلَاعُبِ عَلَى صُورَةِ الْمُتَلَاعِبِ غَيْرُ مُتَّجَهٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَرَكَ) أَيْ يَقِينًا لِأَنَّهُ وَمَا بَعْدَهُ مَفْهُومُ الظَّنِّ السَّابِقِ، وَالْمُرَادُ التَّرْكُ بِالْفِعْلِ فَالِاقْتِدَاءُ بِهِ قَبْلَ التَّرْكِ صَحِيحٌ وَإِنْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ التَّرْكُ لِاحْتِمَالِ مُخَالَفَةِ الْعَادَةِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ أَيْ دَوَامُهُ بِالْمُتَابَعَةِ بَلْ تَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ حَالًا إنْ عُلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ عَمْدًا وَإِلَّا فَعِنْدَ انْتِقَالِهِ إلَى رُكْنٍ بَعْدَهُ لِاحْتِمَالِ السَّهْوِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ مِنْ الِابْتِدَاءِ يَرُدُّهُ مَسْأَلَةُ الْجَيْبِ الْمَفْتُوحِ لِاحْتِمَالِ دَوَامِ الصِّحَّةِ، نَعَمْ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ قَاصِدٌ لِلتَّرْكِ حَالَ إحْرَامِهِ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَافَظَ) أَيْ يَقِينًا كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَكَّ إلَخْ) هَذَا الْحُكْمُ يَأْتِي فِي الْمُوَافِقِ فِي الْمَذْهَبِ أَيْضًا وَإِذَا وُجِدَ التَّرْكُ فَفِيهِ مَا مَرَّ إنْ عُلِمَ حَالًا وَإِلَّا فَفِيهِ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ بَانَ إمَامُهُ امْرَأَةً إلَخْ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ حَالِ الْإِمَامِ وَلَوْ فَاسِقًا، كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَلَوْ رَأَى مَنْ أَغْفَلَ لَمْعَةً فِي أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ، وَحَمْلُهُ عَلَى التَّجْدِيدِ بَعِيدٌ وَلَوْ طَوَّلَ الْإِمَامُ الِاعْتِدَالَ لِكَوْنِ مَذْهَبِهِ يَرَاهُ دُونَ مَذْهَبِ الْمَأْمُومِ فَلَهُ مُوَافَقَتُهُ فِيهِ كَمَنْ اقْتَدَى فِيهِ بِمَنْ فِي الْقِيَامِ، وَلَهُ السُّجُودُ وَانْتِظَارُهُ فِيهِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ طَوِيلٌ. وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ يَتَعَيَّنُ الثَّانِي غَيْرُ مُتَّجَهٍ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (فِي تَوَقِّي الْخِلَافِ) أَيْ فِي مُرَاعَاتِهِ بِفِعْلِ مَا يُطْلَبُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (بِمُقْتَدٍ) وَلَوْ احْتِمَالًا حَالَ قُدْوَتِهِ وَلَوْ حُكْمًا فَلَوْ وَقَفَ اثْنَانِ سَوَاءٌ يُصَلِّيَانِ جَمَاعَةً فَمَنْ ظَنَّ مِنْهُمَا أَنَّهُ إمَامٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مَأْمُومٌ أَوْ   [حاشية عميرة] ذَلِكَ، وَجَوَّزَ كَمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُومُ حَالَ الْإِمَامِ فِي الطَّهَارَةِ وَعَدَمِهَا. وَهَذَا بِخِلَافِ الثَّالِثِ فَإِنَّا بَعْدَ أَنْ حَكَمْنَا بِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ الثَّانِي لَمَّا ذَكَرَ تَعَيُّنَ الثَّالِثِ لِلنَّجَاسَةِ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى الْحُكْمِ بِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْكُلِّ لِتَيَقُّنِ النَّجَاسَةِ فِي أَحَدِ الْآنِيَةِ. قَوْلُهُ: (فَفِي الْأَصَحِّ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَعَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ النَّقِيبِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ مُرَادَ الْمُحَرَّرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عُدُولُهُ إلَى الْفَاءِ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذَا خِلَافٌ فِي قَدْرِ الْمَقْضِيِّ، مُفَرَّعٌ عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُرْشِدُ إلَى الثَّانِي إتْيَانُهُ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَلَوْ اشْتَبَهَ إلَخْ انْتَهَى. فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ إلَى قَوْلِهِ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي) أَيْ فَهُوَ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الِاجْتِهَادُ فِي الْقِبْلَةِ أَوْ الْأَوَانِي لَا يَقْتَدِي أَحَدُ الْمُخْتَلِفَيْنِ بِالْآخَرِ نَظَرًا إلَى اعْتِقَادِهِ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ قَالَ بِهِ الْقَفَّالُ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْحَنَفِيَّ مُتَلَاعِبٌ فِي الْفَصْدِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَقَعُ مِنْهُ نِيَّةٌ صَحِيحَةٌ بِخِلَافِ الْمَسِّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَعَلَّهُ الْحَقُّ اهـ وَأُجِيبَ مِنْ طَرَفِ الْأَصَحِّ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا نَسِيَ الْإِمَامُ الْفَصْدَ وَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ. نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْخَوَاطِرِ السَّرِيعَةِ وَاسْتَحْسَنَهُ، أَقُولُ لَوْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ فَصْدَهُ ثُمَّ صَلَّى إمَامًا فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ نَسِيَ وَإِنْ فُرِضَ دُخُولُ الْحَنَفِيِّ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْفَصْدِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ تَرُدُّ عَلَى الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ جَازِمٌ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَ الْمَأْمُومِ. قَوْلُ الْمَتْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 يَلْحَقُهُ سَهْوُهُ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ الِاسْتِقْلَالُ وَحَمْلُ سَهْوِ الْغَيْرِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ. (وَلَا بِمَنْ تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ كَمُقِيمٍ تَيَمَّمَ) لِعَدَمِ الْمَاءِ، وَفَاقِدٍ لِلطَّهُورَيْنِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِصَلَاتِهِ، وَقِيلَ يَجُوزُ اقْتِدَاءُ مِثْلِهِ بِهِ. (وَلَا) قُدْوَةُ (قَارِئٍ بِأُمِّيٍّ فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّ الْإِمَامَ بِصَدَدِ تَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ عَنْ الْمَأْمُومِ الْمَسْبُوقِ، فَإِذَا لَمْ يُحْسِنْهَا لَمْ يَصِحَّ لِلتَّحَمُّلِ، وَالْقَدِيمُ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ فِي السِّرِّيَّةِ لِقِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ فِيهَا بِخِلَافِ الْجَهْرِيَّةِ، فَيَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ عَنْهُ فِي الْقَدِيمِ، وَفِي ثَالِثِ مَخْرَجٍ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ فِي السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ بِنَاءً عَلَى لُزُومِ الْقِرَاءَةِ لِلْمَأْمُومِ فِيهِمَا فِي الْجَدِيدِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: هَذِهِ الْأَقْوَالُ جَارِيَةٌ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَأْمُومُ كَوْنَ الْإِمَامِ أُمِّيًّا أَمْ لَا، وَقِيلَ هِيَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهُ أُمِّيًّا، فَإِنْ عَلِمَ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا. (وَهُوَ مَنْ يُخِلُّ بِحَرْفٍ أَوْ تَشْدِيدَةٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ) بِأَنْ لَا يُحْسِنَهُ (وَمِنْهُ أَرَتُّ) بِالْمُثَنَّاةِ (يُدْغِمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ) أَيْ الْإِدْغَامِ (وَأَلْثَغُ) بِالْمُثَلَّثَةِ (يُبْدِلُ حَرْفًا بِحَرْفٍ) أَيْ يَأْتِي بِغَيْرِهِ بَدَلَهُ كَأَنْ يَأْتِيَ بِالْمُثَلَّثَةِ بَدَلَ السِّينِ، أَوْ بَالِغَيْنِ بَدَلَ الرَّاءِ، فَيَقُولُ: الْمُثْتَقِيمَ غَيْغِ الْمَغْضُوبِ. (وَتَصِحُّ) قُدْوَةُ أُمِّيٍّ (بِمِثْلِهِ) فِيمَا يُخِلُّ بِهِ كَأَرَتَّ بِأَرَثِّ وَأَلْثَغَ بِأَلْثَغ فِي الْكَلِمَةِ بِخِلَافِهِمَا فِي كَلِمَتَيْنِ، وَبِخِلَافِ الْأَرَتِّ بِالْأَلْثَغِ وَعَكْسِهِ، فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيمَا ذَكَرَ يُحْسِنُ مَا لَا   [حاشية قليوبي] شَكَّ فِي أَنَّهُ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ لَمْ تَصِحَّ، وَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ إنْ شَكَّ فِي الِابْتِدَاءِ لِعَدَمِ صِحَّةِ النِّيَّةِ مِنْهُ مُطْلَقًا. وَكَذَا إنْ شَكَّ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَطَالَ الْفَصْلُ أَوْ فَعَلَ رُكْنًا مَعَ الشَّكِّ كَمَا فِي أَصْلِ النِّيَّةِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ فَإِنْ تَذَكَّرَ وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ أَنَّهُ إمَامٌ فَلَا إعَادَةَ أَوْ أَنَّهُ مَأْمُومٌ أَعَادَ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ شَيْئًا فَعَلَى قَوْلِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: إنَّ الشَّكَّ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَا يُؤَثِّرُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ أَيْضًا، وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُفَرِّقُوا فِيهَا بَيْنَ الشَّكِّ وَالظَّنِّ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجْتَمِعَانِ) أَيْ التَّبَعِيَّةُ وَالِاسْتِقْلَالُ. قَوْلُهُ: (كَمُقِيمٍ تَيَمَّمَ) أَيْ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ بِحَالِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ تَبَيُّنِ الْحَدَثِ الْآتِي وَلَوْ تَبَيَّنَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ أَوْ السُّتْرَةِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ بِخِلَافِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْخُطْبَةِ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ. قَوْلُهُ: (بِأُمِّيٍّ) نِسْبَةً إلَى الْأُمِّ كَأَنَّهُ عَلَى حَالَةِ وِلَادَتِهِ وَأَصْلُهُ لُغَةً مَنْ لَا يَكْتُبُ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى مَا هُنَا، قِيلَ مَجَازٌ وَقِيلَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ وَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ مِنْ الِابْتِدَاءِ كَالْأُنْثَى خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ فَلَا إعَادَةَ. قَوْلُهُ: (مَخْرَجٍ) أَيْ الْجَدِيدُ السَّابِقُ فِي صَلَاةِ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ. قَوْلُهُ: (أَمْ لَا) يَشْمَلُ مَا لَوْ شَكَّ فِي أُمِّيَّتِهِ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَشْدِيدَةٍ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ إرَادَةِ الْحَرْفِ الْحَقِيقِيِّ فِيمَا قَبْلَهُ فَهُوَ عَطْفٌ خَاصٍّ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْفَاتِحَةِ) وَبَدَلُهَا مِثْلُهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَالتَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ لَا يُسَمَّى أُمِّيًّا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَا إمَامَتُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ شَرْطَ الْخَطِيبِ صِحَّةُ إمَامَتِهِ بِالْقَوْمِ فِي الْجُمُعَةِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْإِخْلَالَ بِبَعْضِ الشَّدَّاتِ فِي التَّشَهُّدِ مُخِلٌّ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ حَيْثُ التَّسْمِيَةِ فَهُوَ مُمْكِنٌ وَعَلَيْهِ فَالْوَجْهُ إسْقَاطُ بَدَلِ الْفَاتِحَةِ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ مِقْدَارُ حُرُوفِهَا صَحِيحًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يُدْغِمُ) وَيَلْزَمُهُ الْإِبْدَالُ. قَوْلُهُ: (يُبْدِلُ إلَخْ) وَلَوْ مَعَ الْإِدْغَامِ فَكُلُّ كَالْجَمْعَةِ أَلْثَغُ وَلَا عَكْسَ نَعَمْ لَا تُفَسِّرُ لُثْغَةٌ يَسِيرَةٌ لَا تُخْرِجُ الْحُرُوفَ عَنْ أَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (فِي الْكَلِمَةِ) أَيْ أَنْ يَتَّحِدَ مَحَلُّ الْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ فِي الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمَأْتِيِّ بِهِ كَ (غَيْغ) وَ (غَيْم) فَإِنْ اخْتَلَفَ مَحَلُّ الْحَرْفِ لَمْ يَصِحَّ، إنْ اتَّحَدَ الْحَرْفُ الْمَأْتِيُّ بِهِ، وَالْكَلِمَةُ كَأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يُبْدِلُ نُونَ نَسْتَعِينُ الْأَوَّلُ وَالْآخَرُ يُبْدِلُ الثَّانِيَةَ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِهِمَا فِي الْكَلِمَتَيْنِ) وَإِنْ اتَّحَدَ الْحَرْفُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ كَأَنْ أَبْدَلَ   [حاشية عميرة] فِي الْجَدِيدِ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ فِي التَّعَلُّمِ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَالْقَدِيمِ إنْ كَانَتْ سِرِّيَّةً صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ فِي الْجَهْرِيَّةِ بَلْ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْإِمَامُ، وَفِي السِّرِّيَّةِ يَقْرَأُ لِنَفْسِهِ فَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ اهـ. أَقُولُ: فَلَوْ سَبَقَ عَلَى هَذَا فِي السِّرِّيَّةِ فَانْظُرْ مَا حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (فَيَتَحَمَّلُ الْإِمَامُ) أَيْ فِي الْجَهْرِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي ثَالِثِ) أَيْ جَدِيدٍ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى لُزُومِ إلَخْ) اسْتَنَدَ قَائِلُهُ أَيْضًا إلَى الْقِيَاسِ، عَلَى اقْتِدَاءِ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ وَالْمُومِئِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَرْكَانَ الْفِعْلِيَّةَ لَا يَدْخُلُهَا التَّحَمُّلُ وَعُمُومُ الْبَلْوَى فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ وَبِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْهُ لَيْسَ بِنَقْصٍ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فِي الْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَشْدِيدَةٍ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَالِغْ الشَّخْصُ فِي التَّشْدِيدِ كُرِهَتْ صَلَاتُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُدْغِمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ) إمَّا بِالْإِبْدَالِ كَقَارِئِ مُسْتَقِيمٍ بِتَاءٍ مُشَدَّدَةٍ أَوْ سِينٍ مُشَدَّدَةٍ وَإِمَّا بِزِيَادَةٍ كَتَشْدِيدِ اللَّامِ مِنْ مَالِكٍ أَوْ الْكَافِ مِنْهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْبُطْلَانُ خَاصٌّ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ كَمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْفَأْفَاءِ قَالَ: وَلَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَرَتَّ قِسْمًا مِنْ الْأُمِّيِّ وَقَدْ فَسَّرَ الْأُمِّيَّ بِمَنْ يُخِلُّ بِحَرْفٍ أَوْ تَشْدِيدَةٍ. [قُدْوَةُ أُمِّيٍّ بِمِثْلِهِ فِي الصَّلَاةِ] قَوْلُهُ: (فِيمَا يُخِلُّ بِهِ) لَوْ أَبْدَلَ السِّينَ ثَاءً وَأَبْدَلَهَا الْآخَرُ زَايًا فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ، وَمِثْلُهُ فِيمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 يُحْسِنُ الْآخَرُ، وَمِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَخَذَ التَّقْيِيدَ بِالْكَلِمَةِ فِيمَا سَبَقَ. (وَتُكْرَهُ) الْقُدْوَةُ (بِالتِّمْتَامِ) وَمَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ (وَالْفَأْفَاءِ) وَبِهَمْزَتَيْنِ مَمْدُودًا وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ الْفَاءَ، وَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ إذْ لَا فَاءَ فِيهَا، وَجَوَازُ الْقُدْوَةِ بِهِمَا مَعَ زِيَادَتِهِمَا لِعُذْرِهِمَا فِيهَا. (وَاللَّاحِنِ) بِمَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَضَمِّ هَاءِ لِلَّهِ. (فَإِنْ غَيَّرَ مَعْنَى كَأَنْعَمْتَ بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ أَبْطَلَ صَلَاةَ مَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ) وَلَمْ يَتَعَلَّمْ (فَإِنْ عَجَزَ لِسَانُهُ أَوْ لَمْ يَمْضِ زَمَنُ إمْكَانِ تَعَلُّمِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ فَكَأُمِّيٍّ) فَقُدْوَةُ مِثْلِهِ بِهِ صَحِيحَةٌ، وَقُدْوَةُ صَحِيحِ اللِّسَانِ بِهِ كَقُدْوَةِ قَارِئٍ بِأُمِّيٍّ (وَإِلَّا) إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ. (فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ وَالْقُدْوَةُ بِهِ) . قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ قِيلَ: لَيْسَ لِهَذَا اللَّاحِنِ   [حاشية قليوبي] أَحَدُهُمَا الرَّاءَ مِنْ الصِّرَاطِ وَالْآخَرُ الرَّاءَ مِنْ صِرَاطِ. قَوْلُهُ: (وَبِخِلَافِ الْأَرَتِّ بِالْأَلْثَغِ وَعَكْسُهُ) فَلَا تَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ فِي كَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَتَيْنِ، نَعَمْ إنْ اتَّحَدَتْ الْكَلِمَةُ وَالْحَرْفُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ وَمَحَلُّهُ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ كَأَنْ أَبْدَلَ أَحَدُهُمَا سِينَ الْمُسْتَقِيمِ مُثَلَّثَةً وَأَبْدَلَهَا الْآخَرُ مُثَنَّاةً وَأَدْغَمَهَا فِيمَا بَعْدَهَا، وَقَوْلُ شَيْخِ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَرْفًا وَأَبْدَلَهُ الْآخَرُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ صَلَاةَ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِبَدَلٍ بَاطِلَةٌ مِنْ أَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (وَمِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ) وَهُوَ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحْسِنُ مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَيْضًا عَدَمُ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ أَخْرَسَ بِأَخْرَسَ. وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا بِالْخَرَسِ الطَّارِئِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى طَارِئِ الْخَرَسِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ وَشَفَتَيْهِ وَلَهَاتِهِ بِقَدْرِ إمْكَانِهِ، فَقَدْ يُحْسِنُ أَحَدُهُمَا مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَصْلِيًّا فِيهِمَا صَحَّ اقْتِدَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا صَحَّ اقْتِدَاءُ الْأَصْلِيِّ بِالطَّارِئِ دُونَ عَكْسِهِ. قَالَ ذَلِكَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: وَفِي شَرْحِهِ إطْلَاقُ عَدَمِ الصِّحَّةِ لِلْأَخْرَسَيْنِ مُطْلَقًا وَقَالَا أَيْضًا: إنَّهُ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى فِي ذَلِكَ مَنْ يُحْسِنُ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ بِمَنْ يُحْسِنُهَا دُونَ عَكْسِهِ، وَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ فِيهِمَا مَعَ الْعَجْزِ كَمَا فِي اقْتِدَاءِ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ وَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) يُجْرَى فِي الْأُمِّيِّ الَّذِي أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ مَا فِي اللَّاحِنِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (وَتُكْرَهُ بِالتِّمْتَامِ) وَكَذَا مَجْهُولُ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْأُمِّيَّةِ وَالْأُنُوثَةِ وَغَيْرِهَا فَالرَّبْطُ بِهِمْ صَحِيحٌ وَلَا يَضُرُّ الشَّكُّ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِنَقْصِهِ كَمَا يَأْتِي. نَعَمْ يَجِبُ الْبَحْثُ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ حَالِ مَنْ أَسَرَّ فِي جَهْرِيَّةٍ وَلَا تَجِبُ مُفَارَقَتُهُ فِي الْأَثْنَاءِ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ عِنْدَ الِاقْتِدَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ إلَّا إذَا عَلِمَ الْخَلَلَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بَعْدَ السَّلَامِ أَسْرَرْت لِعِلْمِي بِجَوَازِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمِيمَ زَائِدَةٌ، وَأَشَارَ بِالْفَاءِ إلَى أَنَّ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ. وَكَذَا سَائِرُ الْحُرُوفِ. قَوْلُهُ: (لِعُذْرِهِمَا) لَيْسَ قَيْدًا فَغَيْرُ الْمَعْذُورِ مِثْلُهُ لِأَنَّ الْمُكَرَّرَ حَرْفٌ قُرْآنِيٌّ عَلَى الصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: (وَاللَّاحِنِ) مِنْ اللَّحْنِ بِالسُّكُونِ عَلَى الْأَفْصَحِ الْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ وَبِالتَّحْرِيكِ الْفِطْنَةُ. كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ بِالتَّحْرِيكِ وَالسُّكُونِ يُطْلَقُ عَلَى الْفِطْنَةِ وَعَلَى الْخَطَأِ فِي الْإِعْرَابِ. اهـ. وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (بِمَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى) وَإِنْ كَانَ عَالِمًا عَامِدًا وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا، وَمِنْهُ ضَمُّ هَاءِ (لِلَّهِ) أَوْ لَامِهِ وَكَسْرُ دَالِ الْحَمْدِ وَكَسْرُ نُونِ نَسْتَعِينُ أَوْ كَسْرُ تَائِهِ أَوْ نُونِ نَعْبُدُ أَوْ فَتْحُ بَائِهِ أَوْ كَسْرُهَا أَوْ ضَمُّ صَادِ الصِّرَاطِ أَوْ هَاءِ عَلَيْهِمْ أَوْ رَاءِ الرَّحْمَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (كَأَنْعَمْتَ بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ) أَوْ تَخْفِيفِ إيَّاكَ وَإِبْدَالِ الْحَاءِ هَاءً أَوْ ذَالِ الَّذِينَ زَايًا أَوْ دَالًا مُهْمَلَةً وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ (أَبْطَلَ صَلَاةَ مَنْ إلَخْ) يَلْزَمُهُ بُطْلَانُ إمَامَتِهِ. وَهَذَا فِي الْفَاتِحَةِ مُطْلَقًا. وَكَذَا فِي غَيْرِهَا إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ وَإِلَّا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِمَامَتُهُ وَوَقَّتَ إمْكَانَ التَّعَلُّمِ مِنْ الْبُلُوغِ وَلَوْ بِالِاحْتِلَامِ لِلْمُسْلِمِ الْعَاقِلِ، وَإِلَّا فَمِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ الْإِفَاقَةِ، وَالْمُرَادُ بِإِمْكَانِ التَّعَلُّمِ الْقُدْرَةُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى الْمُعَلِّمِ بِمَا جِيبَ بَذْلُهُ فِي الْحَجِّ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ. قَوْلُهُ: (فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَ عَالِمًا عَامِدًا قَادِرًا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَلَا إمَامَتُهُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ بِهِ مُفَارَقَتُهُ إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُ انْتِظَارُهُ إلَى الرُّكُوعِ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْقِرَاءَةَ عَلَى الصَّوَابِ فَارَقَهُ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ لِهَذَا اللَّاحِنِ إلَخْ) فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَفِي الْبُطْلَانِ مَا مَرَّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّحْنَ حَرَامٌ عَلَى الْعَالِمِ الْعَامِدِ الْقَادِرِ مُطْلَقًا وَإِنَّ مَا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَا يَضُرُّ فِي   [حاشية عميرة] يَظْهَرُ لَوْ كَانَ يُسْقِطُ الْحَرْفَ الْأَخِيرَ وَالْآخَرُ يُبْدِلُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ) هَذَا إذَا كَانَ عَالِمًا عَامِدًا سَوَاءٌ الْفَاتِحَةُ وَغَيْرُهَا، فَإِنْ كَانَ مَعَ الْجَهْلِ أَوْ النِّسْيَانِ لَمْ يَضُرَّ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ وَضَرَّ فِي مُوَالَاتِهَا فَإِنْ تَفَطَّنَ لِلصَّوَابِ وَاسْتَأْنَفَ صَحَّ ثُمَّ إمْكَانُ التَّعَلُّمِ فِي الْكَافِرِ مِنْ وَقْتِ الْإِسْلَامِ، وَفِي الْمُسْلِمِ مِنْ التَّمْيِيزِ فِيمَا يَظْهَرُ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْمُمَيِّزِ وَلَا الِاقْتِدَاءُ بِهِ إذْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِلَّا فَتَصِحُّ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا جَوَازَ قِرَاءَةِ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ لَهُ خِلَافًا لِمَا حَاوَلَهُ الْإِمَامُ، لَكِنْ هَلْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 قِرَاءَةُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِمَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ بِلَا ضَرُورَةٍ. (وَلَا تَصِحُّ قُدْوَةُ رَجُلٍ وَلَا خُنْثَى بِامْرَأَةٍ وَلَا خُنْثَى) لِأَنَّ الْمَرْأَةَ نَاقِصَةٌ عَنْ الرَّجُلِ، وَالْخُنْثَى الْمَأْمُومُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا وَالْإِمَامُ أُنْثَى، وَتَصِحُّ قُدْوَةُ الْمَرْأَةِ بِالْمَرْأَةِ وَبِالْخُنْثَى، كَمَا تَصِحُّ قُدْوَةُ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ بِالرَّجُلِ. (وَتَصِحُّ) الْقُدْوَةُ (لِلْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ) الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةٌ (وَبِمَا مَسَحَ الْخُفَّ) لِلِاعْتِدَادِ بِصَلَاتِهِمَا. (وَلِلْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ وَالْمُضْطَجِعِ) وَلِلْقَاعِدِ بِالْمُضْطَجِعِ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ قِيَامًا» ، فَهُوَ نَاسِخٌ لِمَا فِي حَدِيثِهِمَا عَنْهَا «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» مِنْ قَوْلِهِ: «وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعِينَ» وَيُقَاسُ الْمُضْطَجِعُ عَلَى الْقَاعِدِ، فَقُدْوَةُ الْقَاعِدِ بِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى. (وَ) تَصِحُّ (لِلْكَامِلِ) أَيْ الْبَالِغِ الْحُرِّ (بِالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ) لِلِاعْتِدَادِ بِصَلَاتِهِمَا، وَسَوَاءٌ فِي الصَّبِيِّ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّ عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ سِتِّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ» وَأَنَّ عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ، نَعَمْ الْبَالِغُ أَوْلَى مِنْ الصَّبِيِّ، وَالْحُرُّ أَوْلَى مِنْ الْعَبْدِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْعَبْدُ الْبَالِغُ أَوْلَى مِنْ الْحُرِّ الصَّبِيِّ. (وَالْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ سَوَاءٌ عَلَى النَّصِّ) وَقِيلَ. الْأَعْمَى أَوْلَى لِأَنَّهُ أَخْشَعُ، وَقِيلَ: الْبَصِيرُ أَوْلَى لِأَنَّهُ عَنْ النَّجَاسَةِ أَحْفَظُ، وَلِتَعَارُضِ الْمَعْنَيَيْنِ سِوَى الْأَوَّلِ بَيْنَهُمَا. (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ قُدْوَةِ السَّلِيمِ بِالسَّلِسِ) بِكَسْرِ اللَّامِ، أَيْ سَلِسِ الْبَوْلِ. (وَالطَّاهِرِ بِالْمُسْتَحَاضَةِ غَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ) لِصِحَّةِ صَلَاتِهِمَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ، وَالثَّانِي يَقُولُ: صَلَاتُهُمَا صَلَاةُ ضَرُورَةٍ، وَيُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَ الْجَزْمُ بِصِحَّةِ قُدْوَةِ مِثْلِهِمَا بِهِمَا كَمَا فِي الْأُمِّيِّ بِمِثْلِهِ. أَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِهَا لِطَاهِرَةٍ وَلَا مُتَحَيِّرَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ، كَمَا ذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ،   [حاشية قليوبي] صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَالْقُدْوَةِ بِهِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا مَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى فَفِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ لَا يَضُرُّ فِيهِمَا إلَّا إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا قَادِرًا، وَأَمَّا فِي الْفَاتِحَةِ فَإِنْ قَدَرَ وَأَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ ضَرَّ فِيهِمَا وَإِلَّا فَكَأُمِّيٍّ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَصِحُّ قُدْوَةُ رَجُلٍ إلَخْ) سَوَاءٌ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ، فَلَا يَصِحُّ الرَّبْطُ لِمَنْ عَلِمَ فِي الِابْتِدَاءِ وَيَتَبَيَّنُ الْبُطْلَانُ لِمَنْ عَلِمَ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ. (تَنْبِيهٌ) يُكْرَهُ لِمَنْ اتَّضَحَ بِالْأُنُوثَةِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْمَرْأَةِ وَلِلرَّجُلِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِمَنْ اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ، نَعَمْ إنْ اتَّضَحَ بِأَمْرٍ قَطْعِيٍّ لَمْ يُكْرَهْ كَالْوِلَادَةِ وَنَحْوِهَا. (فَرْعٌ) يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْمَلَكِ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِفَ بِذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ وَالْجِنُّ كَالْإِنْسِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ: وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى صُورَةِ الْبَشَرِ. وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ الْوَجْهُ هُنَا وَتَقَدَّمَ فِيهِ زِيَادَةٌ فِي بَابِ الْحَدَثِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْقَاعِدِ بِالْمُضْطَجِعِ) وَكَذَا غَيْرُ الْمُسْتَلْقِي بِهِ مَعَ عِلْمِ الِانْتِقَالَاتِ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ نَاسِخٌ) أَيْ لِأَنَّهُ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ إمَامَةَ أَبِي بَكْرٍ بِالنَّاسِ كَانَتْ فِي ظُهْرِ يَوْمِ الْأَحَدِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقِبَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَجْمَعِينَ) بِالنَّصْبِ حَالًا مِنْ الضَّمِيرِ أَوْ بِمَحْذُوفٍ عَلَى أَنَّهُ تَأْكِيدٌ مَقْطُوعٌ أَوْ أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ أَيْ أَعْنِيكُمْ. قَوْلُهُ: (وَالْحُرُّ أَوْلَى مِنْ الْعَبْدِ) أَيْ إنْ اسْتَوَيَا بُلُوغًا أَوْ عَدَمَهُ إلَّا إنْ كَانَ الْعَبْدُ أَفْقَهَ فَيَتَسَاوَيَانِ. قَوْلُهُ: (فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَخْ) هُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا شَمِلَهُ عُمُومُ الِاسْتِثْنَاءِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَعْمَى) وَكَذَا الْأَصَمُّ. قَوْلُهُ: (أَيْ سَلَسِ الْبَوْلِ) قَيَّدَ بِهِ نَظَرًا لِمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ الْأَعَمُّ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ) . قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَيَجِبُ   [حاشية عميرة] يُنْدَبُ لَهُ السُّورَةُ مَحَلُّ نَظَرٍ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْفَأْفَاءِ وَنَحْوِهِ فِي اللَّحْنِ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَرْأَةَ نَاقِصَةٌ) وَلِحَدِيثِ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» . وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُضْطَجِعِ) أَيْ وَلَوْ مُومِيًا. قَوْلُهُ: (فَهُوَ نَاسِخٌ إلَخْ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ الْأَحَدِ ثُمَّ تُوُفِّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضُحَى يَوْمِ الِاثْنَيْنِ. قَوْلُهُ: (بِالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ) وَكَذَا الصَّبِيُّ الْعَبْدُ فَلَوْ أَسْقَطَ الْوَاوَ لَدَخَلَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَبْدٌ فَقِيهٌ وَحُرٌّ غَيْرُ فَقِيهٍ حُكِيَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَحَكَاهَا فِي التَّقَدُّمِ فِي إمَامَةِ الْجِنَازَةِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ هُنَاكَ تَقْدِيمَ الْحُرِّ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْبَابَانِ سَوَاءٌ. قَوْلُهُ (وَقِيلَ الْبَصِيرُ) رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مُخْتَصَرِ التَّهْذِيبِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْ النَّجَاسَةِ شَرْطٌ وَالْخُشُوعَ سُنَّةٌ. (فَائِدَةٌ) الْأَصَمُّ فِي هَذَا كَالْأَعْمَى، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (لِصِحَّةِ صَلَاتِهِمَا إلَخْ) أَيْ وَكَمَا فِي النَّجَاسَةِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ. قَوْلُهُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا عَلَى الصَّحِيحِ. (وَلَوْ بَانَ إمَامُهُ) بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ (امْرَأَةً أَوْ كَافِرًا مُعْلِنًا) بِكُفْرِهِ كَالْيَهُودِيِّ (قِيلَ أَوْ مُخْفِيًا) كُفْرَهُ كَالزِّنْدِيقِ (وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) لِصَلَاتِهِ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ فِيهِمَا إذْ تَمْتَازُ الْمَرْأَةُ بِالصَّوْتِ وَالْهَيْئَةِ وَغَيْرِهِمَا وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى لِأَنَّ أَمْرَهُ يَنْتَشِرُ وَيُعْرَفُ مُعْلِنُ الْكُفْرِ بِالْغِيَارِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ مُخْفِيهِ، فَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ (لَا) إنْ بَانَ (جُنُبًا) أَوْ مُحْدِثًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (وَذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ) فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ، فَلَا تَجِبُ إعَادَةُ صَلَاةِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ مِنْهُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ الظَّاهِرَةِ، وَفِيهَا كَلَامٌ يَأْتِي. (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ إنَّ مُخْفِيَ الْكُفْرِ هُنَا كَمُعْلِنِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَتَجِبُ إعَادَةُ صَلَاةِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ لِنَقْصِهِ بِالْكُفْرِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ مَثَلًا لَا نَقْصَ فِيهِ بِالْجَنَابَةِ، وَذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ نَحْوُ الْمَزِيدِ هُنَا إنَّ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ هُوَ الْأَقْوَى دَلِيلًا وَإِنَّ صَاحِبَيْ التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ وَغَيْرَهُمَا قَطَعُوا بِأَنَّ النَّجَاسَةَ كَالْحَدَثِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْخَفِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَأَنَّ الْإِمَامَ أَشَارَ إلَى أَنَّ الظَّاهِرَةَ كَمَسْأَلَةِ الزِّنْدِيقِ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا يُخْفَى، أَيْ فَتَكُونُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيهِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهَذَا أَقْوَى، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخِ فِي التَّنْبِيهِ، أَيْ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ النَّجَاسَةَ وَحَكَمَ بِالْإِعَادَةِ، وَتَعَقَّبَهُ فِي التَّصْحِيحِ بِالْخَفِيَّةِ مُعَبِّرًا بِالصَّوَابِ، لَكِنَّهُ. قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَلَوْ بَانَ عَلَى الْإِمَامِ نَجَاسَةٌ فَكَمُحْدِثٍ، وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ ظَاهِرَةً فَوَجْهَانِ، وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ حِكَايَةِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ   [حاشية قليوبي] الْقَضَاءُ إذَا تَبَيَّنَ الْحَالُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا مِنْ تَبَيُّنِ الْحَدَثِ بَلْ أَوْلَى بِعَدَمِ الْقَضَاءِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَوَالِدِهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْضًا نَظَرًا لِلْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ، وَيُمْكِنُ تَنْزِيلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (امْرَأَةً) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْفَاعِلِ أَوْ مُرَادِفُ الْفَاعِلِ، وَالْأَصْلُ وَلَوْ بَانَتْ أُنُوثَةُ إمَامِهِ أَوْ كُفْرُهُ. وَهَكَذَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُومُ فِي الْمَرْأَةِ رَجُلًا أَوْ خُنْثَى وَإِنْ ظَنَّهَا عِنْدَ الِاقْتِدَاءِ رَجُلًا. قَوْلُهُ: (أَوْ كَافِرًا) أَيْ وَلَوْ بِقَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ أَسْلَمَ وَصَلَّى إمَامًا ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ عَنْ حَقِيقَةٍ أَوْ أَنَّهُ ارْتَدَّ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ كَافِرٌ بِهَذَا الْقَوْلِ. قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِ الْإِمَامِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْأُمُورَ الَّتِي قَلَّ أَنْ تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ يُنْسَبُ تَارِكُهَا إلَى التَّقْصِيرِ فِي الْبَحْثِ عَنْهَا، أَوْ يُقَالَ هَذَا تَعْلِيلُ مَنْ يُوجِبُ الْبَحْثَ جَرَى عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ وَلَيْسَ مَقْصُودًا عَنْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا) وَكَذَا كُلُّ مَا يَخْفَى عَلَى الْمَأْمُومِ كَتَرْكِ النِّيَّةِ وَكَوْنِهِ مَأْمُومًا وَنِيَّةِ إقَامَةٍ مُبْطِلَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَتَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ فِي الْأَوْلَى إنْ اسْتَمَرَّ الْإِمَامُ فِي صُورَةِ الصَّلَاةِ وَفَضْلُ الْجَمَاعَةِ حَاصِلٌ لِلْمَأْمُومِ فِي ذَلِكَ. نَعَمْ إنْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ وَكَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. قَوْلُهُ: (وَذَا نَجَاسَةٍ خَفِيَّةٍ) هِيَ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَالرَّمْلِيِّ الْحُكْمِيَّةُ بِأَنْ لَا تُدْرَكَ بِطَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ، وَمُقَابِلُهَا الظَّاهِرَةُ وَسَتَأْتِي وَعِنْدَ الطَّبَلَاوِيِّ وَالسَّنْبَاطِيِّ وَغَيْرِهِمَا هِيَ الَّتِي لَوْ تَأَمَّلَهَا الْمَأْمُومُ بِفَرْضِهَا فَوْقَ مَلْبُوسِ الْإِمَامِ، وَمَعَ الْقُرْبِ مِنْهُ لَمْ يَرَهَا، وَظَاهِرُ شَرْحِ شَيْخِنَا مُوَافَقَةُ هَذَا. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ) بِمَعْنَى الرَّاجِحِ وَالْمَنْصُوصُ بِمَعْنَى النَّصِّ لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ بِمَعْنَى تَرْجِيحِهِمْ لَهُ. قَوْلُهُ: (هُنَا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا. فَذَلِكَ اعْتَمَدَ النَّوَوِيُّ فِيهِ وُجُوبَ الْإِعَادَةِ هُنَا وَفِي غَيْرِ مَا هُنَا لَا مُخَالَفَةَ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّ صَاحِبَيْ التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْقَضَاءِ فِي الْخَفِيَّةِ وَإِنَّ فِي الظَّاهِرَةِ طُرُقًا ثَلَاثَةً، أَحَدُهَا: قَاطِعَةٌ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِيهَا كَالْخَفِيَّةِ وَهِيَ مَا فِي التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِمَا، ثَانِيهَا: قَاطِعَةٌ بِالْإِعَادَةِ فِيهَا، وَهِيَ مَا فِي التَّنْبِيهِ وَالْكِفَايَةِ وَهِيَ الرَّاجِحَةُ، ثَالِثُهَا: حَاكِيَةٌ لِوَجْهَيْنِ وَهِيَ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَكَلَامِ الْإِمَامِ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى. وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّ الْأَعْمَى لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَفِي ذِكْرِ الشَّارِحِ كَلَامَ التَّحْقِيقِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِمُخَالَفَةِ كَلَامِهِ فِي كُتُبِهِ. قَوْلُهُ: (مُعَبِّرًا بِالصَّوَابِ) أَيْ قَائِلًا لَا إعَادَةَ فِي الْخَفِيَّةِ عَلَى   [حاشية عميرة] لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا) أَيْ فَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمِنْهَاجِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ كَافِرًا) وَلَوْ بِإِخْبَارِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) عَلَّلَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَسْأَلَةَ الْكَافِرِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إمَامًا بِخِلَافِ الْجُنُبِ كَمَا فِي حَالَةِ تَيَمُّمِهِ. وَعَلَّلَهُ الْأَصْحَابُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَنْبَنِي عَلَى الْعِلَّتَيْنِ مَسْأَلَةُ مُخْفِي الْكُفْرِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 وُجُوبُ الْإِعَادَةِ فِيهَا. (وَالْأُمِّيُّ كَالْمَرْأَةِ فِي الْأَصَحِّ) بِجَامِعِ النَّقْصِ، فَيُعِيدُ الْقَارِئُ الْمُؤْتَمُّ بِهِ، وَالثَّانِي كَالْجُنُبِ بِجَامِعِ الْخَفَاءِ فَلَا يُعِيدُ الْمُؤْتَمُّ بِهِ، وَالْخِلَافُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْجَدِيدِ الْمَانِعِ مِنْ قُدْوَةِ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ، وَلَوْ بَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ كَوْنُ الْإِمَامِ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا نَوَى الْمَأْمُومُ الْمُفَارَقَةَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَ امْرَأَةً أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا ذَكَرَ فَيَسْتَأْنِفُهَا، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ عَرَفَ الْمَأْمُومُ حَدَثَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَتَفَرَّقَا، وَلَمْ يَتَطَهَّرْ، ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ نَاسِيًا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ. (وَلَوْ اقْتَدَى) رَجُلٌ (بِخُنْثَى) وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ. (فَبَانَ رَجُلًا لَمْ يَسْقُطْ الْقَضَاءُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ وَجَبَ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ بِهِ فِي الظَّاهِرِ لِلتَّرَدُّدِ فِي حَالِهِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَوْ بَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ اسْتَمَرَّ الْمَأْمُومُ فِيهَا عَلَى الثَّانِي وَاسْتَأْنَفَهَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَا إذَا اقْتَدَى خُنْثَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ بَانَ امْرَأَةً، وَخُنْثَى بِخُنْثَى ثُمَّ بَانَ رَجُلَيْنِ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ، أَوْ الْإِمَامُ رَجُلًا أَوْ الْمَأْمُومُ امْرَأَةً. (وَالْعَدْلُ أَوْلَى) بِالْإِمَامَةِ (مِنْ الْفَاسِقِ) إنْ اخْتَصَّ بِزِيَادَةِ الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ   [حاشية قليوبي] الصَّوَابِ. قَوْلُهُ: (وَالْأُمِّيُّ كَالْمَرْأَةِ) فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ فِيهِ وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا شَأْنُهُ عَدَمُ الْخَفَاءِ كَتَرْكِ الْقِيَامِ وَالسُّتْرَةِ وَالْقِرَاءَةِ أَوْ بَعْضِهَا وَالتَّكْبِيرَةِ وَالتَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ، نَعَمْ لَوْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ عَقِبَ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ ثُمَّ كَبَّرَ الْإِمَامُ ثَانِيًا لِشَكِّهِ فِي تَكْبِيرَتِهِ الْأُولَى مَثَلًا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُومُ بِهِ لَمْ يَضُرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ إلَى غَيْرِهِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِالْأَصَحِّ فِي مَحَلِّهِ خِلَافًا لِمَنْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى ضَابِطٍ هُوَ أَنَّ كُلَّ مَا لَا تَلْزَمُ فِيهِ الْإِعَادَةُ بَعْدَ الْفَرَاغِ إذَا تَبَيَّنَ فِي الْأَثْنَاءِ تَجِبُ فِيهِ الْمُفَارَقَةُ حَالًا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافٍ، وَلَا يُغْنِي عَنْهَا تَرْكُ الْمُتَابَعَةِ وَأَنَّ كُلَّ مَا تَلْزَمُ فِيهِ الْإِعَادَةُ بَعْدَ الْفَرَاغِ إذَا تَبَيَّنَ فِي الْأَثْنَاءِ يَجِبُ فِيهِ الِاسْتِئْنَافُ، وَيَبْطُلُ مَا مَضَى. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَرَفَ إلَخْ) هَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّ بَيَانَ الْحَدَثِ لَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَفَرَّقَا) قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ يَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ تَفَرَّقَا زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ طُهْرُ الْإِمَامِ فَلَا إعَادَةَ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ مِنْ حَالِهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْهِرَّةِ حَيْثُ لَمْ يُحْكَمْ بِطَهَارَةِ فَمِهَا وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ مَاءٍ وَلَغَتْ فِيهِ. كَذَا قَالُوهُ وَالْوَجْهُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اقْتَدَى بِخُنْثَى) أَيْ فِي الْوَاقِعِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ بِالتَّرَدُّدِ فِي حَالِهِ أَيْ فِي أَنَّهُ رَجُلٌ أَوْ خُنْثَى. وَهَذَا التَّرَدُّدُ لَا يَضُرُّ فِي النِّيَّةِ كَمَا مَرَّ لِاعْتِضَادِهِ بِالْحَمْلِ عَلَى الْكَمَالِ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّرَدُّدِ فِي كَوْنِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ خُنْثَى لِعَدَمِ انْعِقَادِ نِيَّتِهِ فِي ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ. وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي. وَشَمِلَ التَّرَدُّدُ الظَّنَّ وَالشَّكَّ وَالْوَهْمَ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ جَزَمَ بِأَنَّهُ رَجُلٌ فِي اعْتِقَادِهِ حَالَةَ النِّيَّةِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ خُنْثَى وَاتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَمُطْلَقًا بَعْدَ فَرَاغِهَا فَلَا إعَادَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَأْمُومُ امْرَأَةً) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا أَوْ الْمَأْمُومُ امْرَأَةً، وَعَلَيْهَا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ أَيْ سَوَاءٌ بِأَنَّ الْمَأْمُومَ فِي الْأُولَى امْرَأَةٌ أَمْ لَا، أَوْ بِأَنَّ الْإِمَامَ فِي الثَّانِيَةِ رَجُلٌ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (وَالْعَدْلُ) أَيْ فِي الرِّوَايَةِ وَلَوْ رَقِيقًا وَامْرَأَةً، وَهُوَ مَنْ لَا يَرْتَكِبُ كَبِيرَةً وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ أَوْ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ. قَوْلُهُ: (أَوْلَى مِنْ الْفَاسِقِ) فَلِلْفَاسِقِ حَقٌّ فِي الْإِمَامَةِ وَلِذَلِكَ يَحْصُلُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ مُطْلَقًا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إنْ كَانَ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ غَيْرُهُ.   [حاشية عميرة] إنْ كَانَتْ ظَاهِرَةً فَوَجْهَانِ) قَدْ جَعَلَ طَرِيقَةَ الْخِلَافِ ضَعِيفَةً فَيُخَالِفُ، مَا سَلَف عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأُمِّيُّ كَالْمَرْأَةِ فِي الْأَصَحِّ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ سَلَف فِي الْمَتْنِ وَلَا قَارِئٌ بِأُمِّيٍّ فِي الْجَدِيدِ، وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّ مُقَابِلَهُ قَوْلٌ قَدِيمٌ يَفْصِلُ بَيْنَ السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ، وَقَوْلٌ مُخَرَّجٌ بِالصِّحَّةِ مُطْلَقًا وَإِنَّ النَّوَوِيَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ جَارِيَةٌ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَأْمُومُ كَوْنَ الْإِمَامِ أُمِّيًّا أَمْ لَا اهـ. لَا يُقَالُ قَوْلُهُ أَمْ لَا هِيَ عَيْنُ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا فَكَيْفَ عَبَّرَ بِالْأَصَحِّ وَالْخِلَافُ أَقْوَالٌ لِأَنَّا نَقُولُ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّا إذَا قُلْنَا بِالْجَدِيدِ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ إذَا انْكَشَفَ الْحَالُ بَعْدَ الصَّلَاةِ جَرَى لَنَا خِلَافٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ، الْأَصَحُّ لَا تَصِحُّ وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ وَالثَّانِي يَقُولُ: إنَّمَا بَطَلَتْ الْقُدْوَةُ فَقَطْ وَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ لَا تَجِبُ إعَادَتُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي كَالْجُنُبِ إلَخْ) فَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ فَقْدَ الْقِرَاءَةِ نَقْصٌ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ بِأَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى كَوْنِهِ قَارِئًا أَسْهَلُ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى كَوْنِهِ مُتَطَهِّرًا وَإِنْ شَاهَدَ الطَّهَارَةَ فَعُرُوضُ الْحَدَثِ بَعْدَهَا أَسْهَلُ بِخِلَافِ عَوْدِهِ أُمِّيًّا بَعْدَ مَا سَمِعَ قِرَاءَتَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ) هُوَ قَسِيمُ قَوْلِهِ السَّابِقِ بَعْدَ الصَّلَاةِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (لِلتَّرَدُّدِ) هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ هُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْقَضَاءِ فِيمَا لَوْ ظَنَّ كَوْنَهُ رَجُلًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ خُنْثَى مُشْكِلًا ثُمَّ اتَّضَحَ بَعْدَ ذَلِكَ كَوْنُهُ رَجُلًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَمْضِ قَبْلَ تَبَيُّنِ الرُّجُولِيَّةِ رُكْنٌ. قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ احْتِمَالَيْنِ فِي نَظِيرِ هَذَا وَهُوَ مَا لَوْ اقْتَدَى خُنْثَى بِامْرَأَةٍ يَظُنُّهَا رَجُلًا ثُمَّ بَانَ الْخُنْثَى أُنْثَى. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِلتَّرَدُّدِ فِي حَالِهِ هِيَ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ الَّتِي نَسَبَهَا لِلرَّافِعِيِّ وَبَنَى كَلَامَهُ عَلَيْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 مِنْ الْفَضَائِلِ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ أَنْ لَا يُحَافِظَ عَلَى الشَّرَائِطِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَفْقَهَ أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَأِ) أَيْ الْأَكْثَرِ قُرْآنًا (وَالْأَوْرَعِ) أَيْ الْأَكْثَرِ وَرَعًا، وَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَدَالَةِ بِالْعِفَّةِ وَحُسْنِ السِّيرَةِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي الصَّلَاةِ إلَى الْأَفْقَهِ لِكَثْرَةِ الْوَقَائِعِ فِيهَا، وَقِيلَ: الْأَوْرَعُ أَوْلَى مِنْ الْآخَرَيْنِ لِأَنَّهُ أَكْرَمُ عِنْدَ اللَّهِ، وَمَا يَقَعُ فِي الصَّلَاةِ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى كَثِيرِ الْفِقْهِ فَنَادِرٌ، وَقِيلَ: يَسْتَوِي الْأَفْقَهُ وَالْأَقْرَأُ لِتَقَابُلِ الْفَضِيلَتَيْنِ، وَقِيلَ الْأَقْرَأُ أَوْلَى مِنْ الْآخَرَيْنِ، حَكَاهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَيَدُلُّ لَهُ فِيمَا قَبْلُ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ» وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فِي الْمُسْتَوِينَ فِي غَيْرِ الْقِرَاءَةِ كَالْفِقْهِ لِأَنَّ أَهْلَ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ كَانُوا يَتَفَقَّهُونَ مَعَ الْقِرَاءَةِ فَلَا يُوجَدُ قَارِئٌ إلَّا وَهُوَ فَقِيهٌ، فَالْحَدِيثُ فِي تَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْمُسْتَوِينَ عَلَى غَيْرِهِ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَهْمًا مِنْ الشَّرْحِ أَنَّ الْأَقْرَأَ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَوْرَعِ عَنْهُ الْجُمْهُورُ. (وَيُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ وَالْأَقْرَأُ عَلَى الْأَسَنِّ النَّسِيبِ) فَعَلَى أَحَدِهِمَا مِنْ بَابِ أَوْلَى. أَمَّا الْأَفْقَهُ فَلِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْأَقْرَأُ فَإِلْحَاقًا، وَالْمُرَادُ بِالْأَسَنِّ مَنْ يَمْضِي عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ زَمَنٌ أَكْثَرُ مِنْ زَمَنِ الْآخَرِ فِيهِ، وَبِالنَّسِيبِ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى قُرَيْشٍ أَوْ غَيْرِهِمْ مِمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ كَالْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ. (وَالْجَدِيدُ تَقْدِيمُ الْأَسَنِّ عَلَى النَّسِيبِ) لِأَنَّ فَضِيلَةَ الْأَوَّلِ فِي ذَاتِهِ وَالثَّانِي فِي آبَائِهِ، وَفَضِيلَةٌ بِالذَّاتِ أَوْلَى، وَالْقَدِيمُ تَقْدِيمُ النَّسِيبِ لِأَنَّ فَضِيلَتَهُ مُكْتَسَبَةٌ بِالْآبَاءِ، وَفَضِيلَةُ الْآخَرِ مُضِيُّ زَمَنٍ لَا اكْتِسَابَ فِيهِ وَالْفَضِيلَةُ الْمُكْتَسَبَةُ أَوْلَى.   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ يَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْوَاقِفِ أَوْ النَّاظِرِ أَنْ يُنَصِّبَ فِي الْإِمَامَةِ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ كَفَاسِقٍ وَمُبْتَدِعٍ، وَلَا يَصِحُّ نَصْبُهُ لَوْ وَقَعَ مِنْهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَلُومُ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ وَلَيْسَ مِنْهُ مَنْ يَتَّهِمُهُ أَكْثَرُ الْقَوْمِ بِأَمْرٍ مَذْمُومٍ شَرْعًا لِأَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إمَامًا. وَلَا يُكْرَهُ الِائْتِمَامُ بِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِقَوْلِهِ: وَيُكْرَهُ إمَامَتُهُ إلَى آخِرِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (الْأَفْقَهَ) أَيْ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ، وَمَحَلُّ هَذَا التَّقْدِيمِ فِي الْمُسْتَوَيَيْنِ فِي الْبُلُوغِ وَغَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْأَكْثَرِ قُرْآنًا) أَيْ الْأَكْثَرِ حِفْظًا بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي صِحَّةِ الْقِرَاءَةِ بِالسَّلَامَةِ مِنْ اللَّحْنِ وَتَغْيِيرِ أَوْصَافِ الْحُرُوفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْأَقَلُّ أَوْلَى، وَيُقَدَّمُ مَنْ تَمَيَّزَ بِقِرَاءَةٍ مِنْ السَّبْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْوَرِعُ مِنْ حَيْثُ هُوَ يُقَدَّمُ بِهِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ. وَالْمُرَادُ بِالْعِفَّةِ تَرْكُ مَا فِيهِ شُبْهَةٌ وَبِحَسَنِ السِّيرَةِ الذِّكْرُ بَيْنَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ وَأَعْلَى الْوَرَعِ الزُّهْدُ كَمَا قَالُوا: وَفِيهِ بَحْثٌ دَقِيقٌ وَهُوَ تَرْكُ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ مِنْ الْحَلَالِ وَقَبْلَهُ مَرَاتِبُ مُتَفَاوِتَةٌ، وَلَعَلَّهَا مِنْ أَقْسَامِ الْوَرَعِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا فَيُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى فَصَحَّ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ بِقَوْلِهِ الْأَكْثَرِ وَرَعًا فَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَهُ مَرْتَبَةٌ أَعْلَى مِنْهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَالْفِقْهِ) أَيْ فِقْهِ السُّنَّةِ بَعْدَ فِقْهِ الْقُرْآنِ وَحِينَئِذٍ فَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْأَقْرَأِ فِيهِ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ زِيَادَةِ قِرَاءَتِهِ بَلْ مِنْ حَيْثُ زِيَادَةِ فِقْهِهِ اللَّازِمِ لَهَا فَإِذَا اسْتَوَيَا فِيهَا، وَزَادَ أَحَدُهُمَا بِفِقْهِ السُّنَّةِ فَهُوَ الْمُقَدَّمُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ اسْتِوَاءِ الْأَقْرَأِ وَالْأَوْرَعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَقْرَأَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مَنْ يَمْضِي إلَخْ) أَيْ فَيُقَدَّمُ   [حاشية عميرة] لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ ثُمَّ إنَّ آخِرَ كَلَامِهِ كَمَا تَرَى يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ انْكَشَفَتْ الْخُنُوثَةُ ثُمَّ الِاتِّضَاحُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ صَحَّتْ. وَإِنْ تَأَخَّرَ الِاتِّضَاحُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَقَوْلُهُ لِلتَّرَدُّدِ فِي حَالِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ اقْتَدَى بِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ الْخُنُوثَةَ وَبِهِ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ. حَيْثُ قَالَ بِخُنْثَى فِي ظَنِّهِ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي قَائِلًا بِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ مَعَ عِلْمِ الْخُنُوثَةِ وَأَنَّ الْقَضَاءَ وَعَدَمَهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَا يَظْهَرُ بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْعَدْلُ أَوْلَى إلَخْ) مَا سَلَف إلَى هُنَا مُتَعَلِّقٌ بِمَنْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَمَنْ لَا يَصِحُّ، وَمِنْ هُنَا إلَى آخِرِ الْفَصْلِ فِيمَنْ هُوَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَفْقَهَ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْأَكْثَرَ قُرْآنًا) يَعْنِي فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْأَكْثَرَ تِلَاوَةً، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْأَقَلُّ قُرْآنًا أَصَحَّ لِكَوْنِ الْأَكْثَرِ يَلْحَنُ لَحْنًا لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى، فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَاسْتَدَلَّ فِي الْإِقْلِيدِ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَفْقَهِ بِتَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرُهُ أَكْثَرُ قُرْآنًا كَأُبَيٍّ وَمُعَاذٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي زَيْدٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمْ جَمَعَ الْقُرْآنَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ دَلِيلٌ جَيِّدٌ اهـ. أَقُولُ: الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ مُسْلِمٍ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُشْكِلُ عَلَيْهِ هَذَا الدَّلِيلُ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (لِكَثْرَةِ الْوَقَائِعِ فِيهَا) بِخِلَافِ الَّذِي يَجِبُ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ مَحْصُورٌ وَالْوَقَائِعُ لَا تَنْحَصِرُ. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْأَقْرَأُ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْفِقْهَ وَالْقِرَاءَةَ يَخْتَصَّانِ بِالصَّلَاةِ الْأَوَّلُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا، وَالثَّانِي شَرْطٌ فِيهَا بِخِلَافِ السِّنِّ وَالنَّسَبِ وَغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فَضِيلَةَ الْأَوَّلِ فِي ذَاتِهِ إلَخْ) لَمْ يَسْتَدِلَّ بِحَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ «لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، لِأَنَّ ظَاهِرَهُ كِبَرُ السِّنِّ الْمَعْرُوفُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ عَنْ الْهِجْرَةِ وَهِيَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بَعْدَهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَجَمَاعَةٍ تَأْخِيرُهَا عَنْ السِّنِّ وَالنَّسَبِ نَافِينَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ. وَعَنْ صَاحِبَيْ التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ: تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِمَا. وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ وَقَدَّمَ فِيهِ الْوَرَعَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالسِّنِّ وَالنَّسَبِ، وَأَخَّرَهُ فِي التَّنْبِيهِ عَنْ الْكُلِّ وَأَقَرَّهُ فِي التَّصْحِيحِ. (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ الشَّخْصَانِ فِي الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْوَرَعِ وَالسِّنِّ فِي الْإِسْلَامِ وَالنَّسَبِ. وَكَذَا الْهِجْرَةُ (فَنَظَافَةِ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ) مِنْ الْأَوْسَاخِ. (وَحُسْنِ الصَّوْتِ وَطِيبِ الصَّنْعَةِ وَنَحْوِهَا) كَحُسْنِ الْوَجْهِ يُقَدَّمُ بِهَا لِأَنَّهَا تُفْضِي إلَى اسْتِمَالَةِ الْقُلُوبِ وَكَثْرَةِ الْجَمْعِ أَيْ يُقَدَّمُ بِكُلٍّ مِنْهَا عَلَى مُقَابِلِهِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهَا وَتَشَاحَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (تَتِمَّةٌ) يُقَدَّمُ فِي النَّسَبِ الْهَاشِمِيُّ أَوْ الْمُطَّلِبِيِّ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى غَيْرِهِ، وَسَائِرِ قُرَيْشٍ عَلَى سَائِرِ الْعَرَبِ، وَجَمِيعُ الْعَرَبِ عَلَى جَمِيعِ الْعَجَمِ. وَفِي الْهِجْرَةِ مَنْ هَاجَرَ عَلَى مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ، وَمَنْ تَقَدَّمَتْ هِجْرَتُهُ عَلَى مَنْ تَأَخَّرَتْ هِجْرَتُهُ، وَأَوْلَادُ مَنْ هَاجَرَ أَوْ تَقَدَّمَتْ هِجْرَتُهُ عَلَى أَوْلَادِ غَيْرِهِمْ. (وَمُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ بِمِلْكٍ وَنَحْوِهِ) كَإِجَارَةٍ وَإِعَارَةٍ وَإِذْنٍ مِنْ سَيِّدِ الْعَبْدِ لَهُ،   [حاشية قليوبي] شَابٌّ أَسْلَمَ أَمْسِ عَلَى شَيْخٍ أَسْلَمَ الْيَوْمَ، وَيُقَدَّمُ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا مَا لَمْ يَبْلُغْ قَبْلَ إسْلَامِ الْآخَرِ. قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْكَلَامُ فِيمَا إذَا اسْتَوَيَا فِي الْبُلُوغِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي سِنِّ الْإِسْلَامِ قُدِّمَ بِسِنِّ الْكِبَرِ فِي الْعُمُرِ. قَوْلُهُ: (مُكْتَسَبَةٌ بِالْآبَاءِ) أَيْ فِي الْآبَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا. وَلِذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّ شَرَفَ النَّسَبِ بِفَضِيلَةٍ اكْتَسَبَهَا الْآبَاءُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّرَفَ الْحَاصِلَ لِهَذَا إنَّمَا سَرَى إلَيْهِ بِسَبَبِ فَضِيلَةٍ اكْتَسَبَهَا آبَاؤُهُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إنَّ فَضِيلَةَ هَذَا مُكْتَسَبَةٌ لَهُ بِسَبَبِ آبَائِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ. قَوْلُهُ: (وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا فِي التَّنْبِيهِ مَرْجُوحٌ فَيُقَدَّمُ بِالْوَرَعِ عَلَى الْهِجْرَةِ، وَهِيَ عَلَى السِّنِّ وَهُوَ عَلَى النَّسَبِ، وَيُقَدَّمُ فِي الْهِجْرَةِ الْأَقْدَمُ هِجْرَةً عَلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ) وَإِنْ لَمْ تُطْلَبْ مِنْهُ الْهِجْرَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَأَهْلِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَوْلَادُ مَنْ هَاجَرَ) وَكَذَا أَوْلَادُ مَنْ قُدِّمَ هِجْرَتُهُ وَمِثْلُهُمْ أَوْلَادُ مَنْ يُقَدَّمُ بِصِفَةٍ مِمَّا تَقَدَّمَ كَالْأَفْقَهِ وَالْأَقْرَأِ. (تَنْبِيهٌ) مَا اقْتَضَاهُ مَا ذَكَرَ مِنْ تَقْدِيمِ التَّابِعِيِّ وَوَلَدِهِ عَلَى الصَّحَابِيِّ وَوَلَدِهِ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي تَفْضِيلَ التَّابِعِيِّ عَلَى الصَّحَابِيِّ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ سُخَفَاءِ الْعُقُولِ وَاغْتَرَّ بِهِ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (فَنَظَافَةُ الثَّوْبِ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ حُسْنِ السِّيرَةِ أَيْ الذِّكْرِ بَيْنَ النَّاسِ كَمَا مَرَّ وَالْمُعْتَمَدُ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ تَرْتِيبُهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، فَيُقَدَّمُ بَعْدَ حُسْنِ السِّيرَةِ بِنَظَافَةِ الثَّوْبِ فَالْبَدَنِ فَطِيبِ الصَّنْعَةِ فَحُسْنِ الصَّوْتِ فَحُسْنِ الْوَجْهِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوِهَا وَقَدَّمَ الْأَذْرَعِيُّ بِلُبْسِ الْبَيَاضِ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ. قَوْلُهُ: (يُقَدَّمُ فِي النَّسَبِ) أَيْ بَعْدَ تَقْدِيمِ الْمُنْتَسِبِ إلَى الْمُهَاجِرِ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُنْتَسِبُ إلَى الْهَاشِمِيِّ مَثَلًا يُقَدَّمُ عَلَى الْمُنْتَسِبِ إلَى مَنْ بَعْدَهُ، وَهَكَذَا الْبَقِيَّةُ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ. (تَنْبِيهٌ) فِي ذِكْرِ حَاصِلِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا هُوَ الرَّاجِحُ وَهُوَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْعَدْلُ فَالْأَفْقَهُ فَالْأَقْرَأُ فَالْأَوْرَعُ فَالْمُهَاجِرُ فَالْأَقْدَمُ هِجْرَةً فَالْأَسَنُّ، فَالنَّسِيبُ فَأَوْلَادُ هَؤُلَاءِ عَلَى تَرْتِيبِ الْآبَاءِ، فَالْأَحْسَنُ سِيرَةً فَالْأَنْظَفُ ثَوْبًا فَبَدَنًا فَالْأَطْيَبُ صَنْعَةً فَالْأَحْسَنُ صَوْتًا فَالْأَحْسَنُ   [حاشية عميرة] وَلِأَنَّ النَّوَوِيَّ قَالَ: إنَّهُ خِطَابٌ لِمَالِكٍ وَرُفْقَتِهِ وَكَانُوا فِي الْإِسْلَامِ وَالنَّسَبِ وَالْهِجْرَةِ وَالْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ سَوَاءً اهـ. وَالْعَجَبُ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ اسْتَدَلَّ بِهِ مَعَ نَقْلِهِ هَذَا الْكَلَامَ عَنْ النَّوَوِيِّ قُبَيْلَ ذَلِكَ بِيَسِيرٍ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا قَالَاهُ وَيُدْفَعُ الْإِشْكَالُ بِأَنْ نَقُولَ الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ تَقْدِيمُ النَّسِيبِ إلَخْ) اسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ يَعْنِي الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى وَقِيسَ عَلَيْهَا الصُّغْرَى وَعَلَى نَسَبِ قُرَيْشٍ غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فَضِيلَتَهُ مُكْتَسَبَةٌ بِالْآبَاءِ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ لِأَنَّ شَرَفَ النَّسَبِ بِفَضِيلَةٍ اكْتَسَبَتْهَا الْآبَاءُ اهـ وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ، بَلْ عِبَارَتُهُ لَا تَكَادُ تُفْهَمُ فَتَأَمَّلْ وَلَوْ قَالَ الْآبَاءُ لَوَافَقَ صَنِيعَ الرَّافِعِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ اسْتَوَيَا إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قُبَيْلَ هَذَا: يَتَلَخَّصُ أَنَّ الْمُرَجِّحَاتِ الْأُصُولِ سِتَّةٌ: الْفِقْهُ وَالْقِرَاءَةُ وَالْوَرَعُ، وَالْهِجْرَةُ وَالسِّنُّ وَالنَّسَبُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهَا فَسَيَأْتِي، وَإِنْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِأَحَدِهِمَا مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ قُدِّمَ تَعَارَضَتْ فَفِيهِ مَا سَبَقَ اهـ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَوْلَادِ غَيْرِهِمْ) رُبَّمَا يَشْمَلُ ذَلِكَ وَلَدَ الْهَاشِمِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْهِجْرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى النَّسَبِ فَوَلَدُ الْمُهَاجِرِ مُقَدَّمٌ كَأَبِيهِ. وَهَذَا الْكَلَامُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ فَضِيلَةَ وَلَدِ الْمُهَاجِرِ مِنْ حَيِّزِ النَّسَبِ. وَاتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى تَقْدِيمِ نَسَبِ قُرَيْشٍ عَلَى غَيْرِهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَذْهَبَ ذَاهِبٌ إلَى تَقْدِيمِ وَلَدِ الْمُهَاجِرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 (أَوْلَى) بِالْإِمَامَةِ فِيمَا اسْتَحَقَّ مَنْفَعَتَهُ إذَا كَانَ أَهْلًا لَهَا مِنْ غَيْرِهِ الْأَجْنَبِيِّ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا) لَهَا كَامْرَأَةٍ لِرِجَالٍ (فَلَهُ التَّقْدِيمُ) لِمَنْ يَكُونُ أَهْلًا. وَفِي ذَلِكَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ: «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد: «فِي بَيْتِهِ وَلَا فِي سُلْطَانِهِ» . وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ، وَسَاكِنُ الْمَوْضِعِ بِحَقٍّ وَصِدْقُهُ عَلَى الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَوْضَحُ مِنْ صِدْقِ قَوْلِهِ: مُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهَا إذْ نُوزِعَ فِي صِدْقِهِ عَلَى الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْهَا. (وَيُقَدَّمُ) السَّيِّدُ (عَلَى عَبْدِهِ السَّاكِنِ) بِإِذْنِهِ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَمْ لَا لِرُجُوعِ فَائِدَةِ السُّكُونِ إلَيْهِ دُونَ الْعَبْدِ، فَلَا يَجِيءُ فِيهِ خِلَافُ الْمُسْتَعِيرِ الْآتِي لِرُجُوعِ فَائِدَةِ السُّكُونِ إلَيْهِ (لَا مُكَاتَبِهِ فِي مِلْكِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ سَيِّدَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ. (وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمُكْرِي) الْمَالِكِ نَظَرًا إلَى مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى مِلْكِ الرَّقَبَةِ. (وَ) تَقْدِيمُ (الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ وَالرُّجُوعَ فِي الْمَنْفَعَةِ، وَالثَّانِي تَقْدِيمُ الْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ السُّكْنَى إلَى أَنْ يُمْنَعَ وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ لِلْمَسْجِدِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُبْعَثَ إلَيْهِ لِيَحْضُرَ فَإِنْ خِيفَ فَوَاتُ أَوَّلِ الْوَقْتِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ غَيْرُهُ. (وَالْوَالِي فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْلَى مِنْ الْأَفْقَهِ وَالْمَالِكِ) فَمَا ذَكَرَ مَعَهُمَا أَوْلَى، وَفِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ السَّابِقُ. وَيَتَقَدَّمُ أَيْضًا عَلَى   [حاشية قليوبي] وَجْهًا. قَوْلُهُ: (الْأَجْنَبِيِّ) قَيَّدَ بِهِ لِئَلَّا يَرُدَّ مَا يَأْتِي مِنْ تَقْدِيمِ السَّيِّدِ وَالْمُسْتَعِيرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا وَلَوْ بِنَحْوِ أُنُوثَةٍ أَوْ كُفْرٍ فَلَهُ تَقْدِيمُ مَنْ هُوَ أَهْلٌ. وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ لِمَنْ هُوَ أَهْلٌ أَنْ يُقَدَّمَ غَيْرُهُ بِالْأَوْلَى. وَشَمِلَهَا قَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَلِمُقَدَّمٍ بِمَكَانٍ تَقْدِيمٌ. وَخَرَجَ بِهِ الْمُقَدَّمُ بِالصِّفَاتِ كَالْفِقْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ تَقْدِيمُهُ. قَوْلُهُ: «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» ) أَيْ لَا يَتَقَدَّمُ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ فِي مَحَلِّ اسْتِحْقَاقِهِ. وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ وَدَفَعَ بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ حَمْلَ السُّلْطَانِ عَلَى الْمَلِكِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَصِدْقُهُ) الْأَوْلَى وَصِدْقُهَا إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِالْمَذْكُورِ وَمَا ذَكَرَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ وَنَحْوَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى مِلْكٍ، كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَإِنْ جُعِلَ مَرْفُوعًا عَطْفًا عَلَى مُسْتَحِقٍّ كَانَ صِدْقُهُ عَلَى الْأَخِيرَتَيْنِ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ لَا يُقَالُ هَذَا لَا يُنَافِي الْأَوْضَحِيَّةَ لِلْإِبْهَامِ فِي الرَّفْعِ وَالْجَرِّ لِرَدِّهِ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي فَسَادِ الصِّدْقِ لَا فِي إبْهَامِ الْإِعْرَابِ فَتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (السُّكُونِ) هُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى السُّكْنَى. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ سَيِّدَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ) أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ هَذَا فِي الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِالْكَسْبِ فِي الْفَاسِدَةِ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْمَالِكِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا يُفِيدُهُ تَعْلِيلُ الْمُقَابِلِ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ) أَيْ وَالْمَنْفَعَةَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ الرَّاتِبَ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِ الْوَالِي، وَيُقَدَّمُ الْوَالِي عَلَيْهِ إلَّا إنْ كَانَ قَدْ رَتَّبَهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَالِي أَيْضًا. وَهَذَا فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ بِأَنْ لَا   [حاشية عميرة] غَيْرِ الْقُرَشِيِّ عَلَى وَلَدِ الْقُرَشِيِّ هَذَا وَهْمٌ مِنْ شَيْخِنَا بِلَا شَكٍّ. وَأَمَّا عِبَارَةُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَابِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَحْوِهِ) مَثَّلَ لَهُ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا وَلَا يَمْلِكُهَا لِأَنَّهَا لَا تُورَثُ عَنْهُ، وَحِينَئِذٍ فَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ لَا تَشْمَلُ الْمُسْتَعِيرَ وَالْعَبْدَ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِهِ الْأَجْنَبِيِّ) قَيَّدَ بِهِ لِئَلَّا يَرُدَّ مَا سَيَأْتِي مِنْ تَقْدِيمِ السَّيِّدِ وَالْمُعِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) اسْمُ يَكُنْ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَأْذَنُ بِحَضْرَةِ الْمُعِيرِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَوَجْهُ الْإِفَادَةِ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ وَالْعَبْدَ عَلَى مَا شَرَحَ الْإِسْنَوِيُّ لَا يُسْتَفَادَانِ مِنْ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْهَا) إذْ الْمُسْتَعِيرُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا الِانْتِفَاعُ حَقِيقَةٌ انْتَهَى. وَأَمَّا الْعَبْدُ فَظَاهِرٌ أَقُولُ لَوْ قُرِئَ وَنَحْوُهُ بِالرَّفْعِ اتَّضَحَ شُمُولُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ لِذَلِكَ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمِثَالِ الَّذِي تَكَلَّفَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ جَعَلَ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ بِمِلْكٍ عَائِدًا عَلَى مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ. وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَبْقَى الْكَلَامَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ كَمَا يَلُوحُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ. (فَائِدَةٌ) السُّكُونُ مَصْدَرُ سَكَنَ الْمَكَانَ. قَوْلُهُ: (لِرُجُوعِ فَائِدَةِ السُّكُونِ إلَيْهِ) زَادَ الرَّافِعِيُّ فَهُوَ الْمَالِكُ وَالسَّاكِنُ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ الْمُسْتَعِيرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمُكْرِي) أَيْ الْمَالِكِ لِلرَّقَبَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا يَأْتِي. أَمَّا الْمُكْرِي غَيْرُ الْمَالِكِ فَالْمُكْتَرِي مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ) الْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِ الْمُسْتَعِيرِ وَوَجْهُ الْأَحْسَنِيَّةِ شُمُولُ هَذَا لِلْمُعِيرِ غَيْرِ الْمَالِكِ لِلرَّقَبَةِ فَإِنَّهُ مِثْلُ مَالِكِهَا فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْمَالِكِ) أَيْ إذَا رَضِيَ بِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِي مِلْكِهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْوَلِيُّ يَشْمَلُ الْقُضَاةَ وَغَيْرَهُمْ. قَوْلُهُ: (فَمَا ذَكَرَ مَعَهُمَا أَوْلَى) لَك أَنْ تَقُولَ مِنْ جُمْلَةِ مَا ذَكَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 الْإِمَامِ الرَّاتِبِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ تَقَدُّمَ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ لَا يَلِيقُ بِبَذْلِ الطَّاعَةِ فَإِنْ أَذِنَ فِي تَقْدِيمِ غَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ ثُمَّ يُرَاعَى فِي حُضُورِ الْوُلَاةِ تَفَاوُتُ دَرَجَتِهِمْ فَالْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ. وَالْوَالِي فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ اخْتَصَّ ذَلِكَ الْغَيْرُ بِصِفَاتٍ مُرَجِّحَةٍ هُوَ أَوْلَى مِنْ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ أَيْضًا، فَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ بَعْضِهَا إلَى مَا قَالَهُ نَظَرًا لِلْمَالِ. فَصْلٌ (لَا يَتَقَدَّمُ) الْمَأْمُومُ (عَلَى إمَامِهِ فِي الْمَوْقِفِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُقْتَدِينَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ (فَإِنْ تَقَدَّمَ) عَلَيْهِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ. (فِي الْجَدِيدِ) كَمَا تَبْطُلُ بِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فِي الْفِعْلِ وَالْقَدِيمِ لَا تَبْطُلُ كَمَا لَا تَبْطُلُ بِوُقُوفِهِ عَلَى يَسَارِهِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ لَمْ تَنْعَقِدْ وَالشَّرْحِ لَا تَنْعَقِدُ لَوْ تَقَدَّمَ عِنْدَ التَّحَرُّمِ، وَتَبْطُلُ لَوْ تَقَدَّمَ فِي خِلَالِهَا. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَوْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ. وَقِيلَ إنْ جَاءَ مِنْ خَلْفِ الْإِمَامِ صَحَّتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِهِ أَوْ مِنْ قُدَّامِهِ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ تَقَدُّمِهِ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَهَذَا أَوْجَهُ. (وَلَا تَضُرُّ مُسَاوَاتُهُ) لِلْإِمَامِ (وَيُنْدَبُ تَخَلُّفُهُ) عَنْهُ. (قَلِيلًا) فَتُكْرَهُ مُسَاوَاتُهُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَالِاعْتِبَارُ) فِي التَّقَدُّمِ وَالْمُسَاوَاةِ فِي الْقِيَامِ. (بِالْعَقِبِ) وَهُوَ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ، فَلَوْ تَسَاوَيَا فِيهِ وَتَقَدَّمَتْ أَصَابِعُ الْمَأْمُومِ لَمْ يَضُرَّ وَلَوْ تَقَدَّمَ عَقِبُهُ وَتَأَخَّرَتْ أَصَابِعُهُ ضَرَّ.   [حاشية قليوبي] يُصَلِّي فِيهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ إلَّا جَمَاعَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ يُقْفَلَ كَمَا مَرَّ، وَإِلَّا فَالرَّاتِبُ كَغَيْرِهِ وَلَوْ بِحَضْرَتِهِ، فَلَا تُكْرَهُ جَمَاعَةُ غَيْرِهِ حِينَئِذٍ مَعَهُ وَلَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيُقَدَّمُ الرَّاتِبُ فِي مَحَلِّهِ وَلَوْ عَلَى السَّاكِنِ فِيهِ إلَّا عَلَى مَنْ وَلَّاهُ. قَوْلُهُ: (وَالْوَالِي إلَخْ) وَلَوْ فَاسِقًا أَوْ جَائِرًا وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ الْقُضَاةَ. وَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ الْأَعَمُّ وِلَايَةً فَالْأَعَمُّ وَالْأَعْلَى فَالْأَعْلَى. وَفِي كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ مَا يَقْتَضِي أَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيمِ الْوَالِي إنْ شَمِلَتْ وِلَايَتُهُ الْإِمَامَةَ فَرَاجِعْهُ. (فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ وَآدَابِهِ. وَشُرُوطُهُ سَبْعَةٌ عَدَمُ التَّقَدُّمِ فِي الْمَكَانِ وَاتِّحَادُهُ وَعِلْمُ الِانْتِقَالَاتِ وَنِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ وَالتَّبَعِيَّةُ وَمُوَافَقَةُ نَظْمِ الصَّلَاةِ وَعَدَمُ الْمُخَالَفَةِ فِي السُّنَنِ. وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَيْنِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَ، فِعْلُهُمَا إلَخْ أَيْ نَظْمُ صَلَاتِهِمَا إلَّا الْقُنُوتَ وَالتَّشَهُّدَ، وَالْمَذْكُورُ هُنَا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ. قَوْلُهُ: (لَا يَتَقَدَّمُ) أَيْ يَقِينًا فِي غَيْرِ صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ عَلَى إمَامِهِ فِيمَا تَوَجَّهَ إلَيْهِ وَلَوْ جِهَةَ مَقْصِدِهِ فِي الْمُسَافِرِ. وَالْمُرَادُ بِالتَّقَدُّمِ كَوْنُهُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْإِمَامِ سَوَاءٌ كَانَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ الْإِمَامِ كَأَنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْمَأْمُومِ أَوْ لَا بِفِعْلِهِمَا كَدَوَرَانِ سَرِيرٍ أَوْ سَفِينَةٍ. وَنَقَلَ عَنْ إفْتَاءِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي الثَّانِيَةِ قَطْعَ الْقُدْوَةِ دُونَ الْبُطْلَانِ فَرَاجِعْهُ. وَالْمُرَادُ بِالْمَوْقِفِ مَكَانُ الصَّلَاةِ وَلَوْ بِغَيْرِ وُقُوفٍ. وَذَكَرَ الْوُقُوفَ لِلْأَغْلَبِ وَالْأَكْثَرِ فَإِنْ تَقَدَّمَ بِغَيْرِ نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ فِي الْفَرْضِ وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا مُطْلَقًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا وَطَالَ الْفَصْلُ عُرْفًا وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (فِي الْفِعْلِ) أَيْ الْمُبْطِلِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (كَمَا لَا تَبْطُلُ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ بِجَامِعِ مُخَالَفَةِ الْمَطْلُوبِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ لَمْ تَنْعَقِدْ) فَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ وَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ إلَى الْأَثْنَاءِ لِعِلْمِ الِابْتِدَاءِ مِنْهُ بِالْأَوْلَى، وَلِعُمُومِهِ لَهُ تَغْلِيبًا أَوْ حَقِيقَةً فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لِعِبَارَةِ الشَّرْحِ. قَوْلُهُ: (لَوْ شَكَّ) وَلَوْ حَالَ النِّيَّةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ. قَوْلُهُ: (تَصِحُّ صَلَاتُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (قَلِيلًا) أَيْ عُرْفًا. قَوْلُهُ: (فَتُكْرَهُ مُسَاوَاتُهُ) وَلَوْ فِي إمَامَةِ النِّسْوَةِ نَعَمْ تُنْدَبُ الْمُسَاوَاةُ فِي إمَامَةِ عَارٍ لِعُرَاةٍ بُصَرَاءَ فِي ضَوْءٍ. قَوْلُهُ: (بِالْعَقِبِ) أَيْ لِمَنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ. وَفِي السُّجُودِ بِالرُّكْبَتَيْنِ لِمَنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا، وَفِي الْجُلُوسِ بِالْأَلْيَةِ كَذَلِكَ، وَفِي الْمُسْتَلْقِي بِالرَّأْسِ وَمُقَدَّمِ الْبَدَنِ، وَفِي   [حاشية عميرة] الْعَدْلُ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْمَالِكِ الْفَاسِقِ أَعْنِي إذَا رَضِيَ بِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِي مِلْكِهِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَعْنَى أَوْلَوِيَّةِ الْإِمَامِ أَنَّهُ بَعْدَ رِضَاءِ الْمَالِكِ بِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ يُسَنُّ لَهُ التَّقَدُّمُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إذْنِ الْمَالِكِ لَهُ بِخُصُوصِهِ. وَلَا كَذَلِكَ الْعَدْلُ مَعَ الْمَالِكِ الْفَاسِقِ. [فَصْلٌ لَا يَتَقَدَّمُ الْمَأْمُومُ عَلَى إمَامِهِ] (فَصْلٌ لَا يَتَقَدَّمُ إلَخْ) قَوْلُهُ: (كَمَا لَا تَبْطُلُ إلَخْ) أَيْ بِجَامِعِ أَنَّهَا مُخَالَفَةٌ فِي الْمَوْقِفِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا تَضُرُّ مُسَاوَاتُهُ) . قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِالِاتِّفَاقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُنْدَبُ تَخَلُّفُهُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ خَوْفًا مِنْ التَّقَدُّمِ وَمُرَاعَاةً لِلْمَرْتَبَةِ بَلْ تُكْرَهُ الْمُسَاوَاةُ اهـ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ) إيضَاحُ هَذَا مَا نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي أَصَابَ الْأَرْضَ مِنْ مُؤَخَّرِ الرِّجْلِ قَالَ: وَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 وَفِي الْقُعُودِ بِالْأَلْيَةِ وَفِي الِاضْطِجَاعِ بِالْجَنْبِ. ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ. (وَيَسْتَدِيرُونَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ خَلْفَ الْمَقَامِ. (وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ. (أَقْرَبَ إلَى الْكَعْبَةِ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ) مِنْهُ إلَيْهَا فِي جِهَتِهِ. (فِي الْأَصَحِّ) تَفْرِيعًا عَلَى الْجَدِيدِ لِانْتِفَاءِ تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يَقُولُ هُوَ فِي مَعْنَى التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ لَا يُظْهِرُ بِهِ مُخَالَفَةً مُنْكَرَةً بِخِلَافِ الْأَقْرَبِ فِي جِهَةِ الْإِمَامِ فَيَضُرُّ جَزْمًا وَالْجُمْهُورُ قَطَعُوا بِالْأَوَّلِ وَعَبَّرَ فِيهِ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ، وَقَوْلُ الْمُحَرَّرِ فِي الْأَظْهَرِ أَيْ مِنْ الْخِلَافِ. (وَكَذَا لَوْ وَقَفَا) أَيْ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ. (فِي الْكَعْبَةِ) أَيْ دَاخِلِهَا. (وَاخْتَلَفَتْ جِهَتَاهُمَا) كَأَنْ كَانَ وَجْهُ الْمَأْمُومِ إلَى وَجْهِ الْإِمَامِ أَوْ ظَهْرُهُ إلَى ظَهْرِهِ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْمَأْمُومِ أَقْرَبَ إلَى الْجِدَارِ الَّذِي تَوَجَّهَ إلَيْهِ مِنْ الْإِمَامِ إلَى مَا تَوَجَّهَ إلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ لِمَا تَقَدَّمَ، وَزَادَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ حِكَايَةَ طَرِيقِ الْقَطْعِ بِهِ وَتَصْحِيحِهَا مِمَّا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْأُولَى، وَلَوْ وَقَفَ الْإِمَامُ فِي الْكَعْبَةِ وَالْمَأْمُومُ خَارِجَهَا جَازَ وَلَهُ التَّوَجُّهُ إلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ، وَلَوْ وَقَفَا بِالْعَكْسِ جَازَ أَيْضًا لَكِنْ لَا يَتَوَجَّهُ الْمَأْمُومُ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي وَجَّهَ إلَيْهَا الْإِمَامُ عَلَى الْجَدِيدِ لِتَقَدُّمِهِ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ (وَيَقِفُ الذَّكَرُ عَنْ يَمِينِهِ) أَيْ الْإِمَامِ بَالِغًا كَانَ الْمَأْمُومُ أَوْ صَبِيًّا. (فَإِنْ حَضَرَ آخَرُ) فِي الْقِيَامِ (أَحْرَمَ عَنْ يَسَارِهِ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ أَوْ يَتَأَخَّرَانِ) حَيْثُ أَمْكَنَ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ   [حاشية قليوبي] الْمُضْطَجِعِ بِالْجَنْبَيْنِ، وَفِي الْمُعَلِّقِ بِالْحَبْلِ الْمُعَلَّقِ بِهِ، وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ بِجَمِيعِ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ عَلَى جُزْءٍ مِمَّا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ سَوَاءٌ اتَّحَدَا فِي الْقِيَامِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ اخْتَلَفَا، وَقَدْ أَوْصَلَهَا بَعْضُهُمْ إلَى سِتٍّ وَثَلَاثِينَ صُورَةً، فَلَوْ قَدَّمَ الْمَأْمُومُ رِجْلًا وَأَخَّرَ أُخْرَى فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَى الْمُتَقَدِّمَةِ وَحْدَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَفِي الْقُعُودِ بِالْأَلْيَةِ) أَيْ بِجَمِيعِهَا أَوْ بِمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ مِنْهَا كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَفِي الِاضْطِجَاعِ بِالْجَنْبِ) أَيْ بِجَمِيعِهِ أَوْ بِمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ مِنْهُ فَلَا يَضُرُّ التَّقَدُّمُ فِي جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَيَسْتَدِيرُونَ) نَدْبًا فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا، وَإِنْ اتَّسَعَ الْمَسْجِدُ وَقَفُوا فِي أُخْرَيَاتِهِ. قَوْلُهُ: (خَلْفَ الْمَقَامِ) بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَقَامُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْكَعْبَةِ لِأَنَّ وَجْهَهُ كَانَ مِنْ جِهَتِهَا وَالْقُرْبُ مِنْهُ أَفْضَلُ، وَإِنْ فَوَّتَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ عَلَى غَيْرِهِ لِقِصَرِ زَمَنِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ) أَيْ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَإِنْ كُرِهَتْ الْمُسَاوَاةُ وَالْأَقْرَبِيَّةُ الْمُفَوِّتَتَانِ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ. وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُتَّصِلُ بِمَا وَرَاءَ الْإِمَامِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ. وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: إنَّهُ مَنْ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ حَائِلٌ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ مِنْ الْإِمَامِ فِيهِ نَظَرٌ لِمُنَافَاتِهِ لِمَا ذَكَرَ وَلِبُعْدِهِ فِيمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَثَلًا إلَّا رَجُلَانِ مُتَقَدِّمَانِ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فِي جِهَتِهِ) أَيْ الْإِمَامِ، وَمِنْهَا بَعْضُ كُلٍّ مِنْ الرُّكْنَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فَلَوْ اسْتَقْبَلَ الْمَأْمُومُ أَحَدَهُمَا لَمْ تَصِحَّ إنْ اعْتَمَدَ عَلَى الرِّجْلِ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ. وَكَذَا إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا لِوُجُودِ التَّقَدُّمِ هُنَا حَقِيقَةً، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا مَرَّ وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الْإِمَامُ رُكْنًا لَمْ يَجُزْ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ فِي إحْدَى الْجِهَتَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَلَا فِي أَرْكَانِهِمَا عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْجُمْهُورُ قَطَعُوا إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافِ وَتَقَدَّمَ مُوَافَقَتُهُ لِلرَّوْضَةِ مَعَ عُدُولِهِ عَنْ عِبَارَةِ أَصْلِهِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَقَفَا بِالْعَكْسِ) هَذِهِ تَمَامُ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ. وَالضَّابِطُ فِيهَا أَنْ يُقَالَ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ ظَهْرُ الْمَأْمُومِ إلَى وَجْهِ الْإِمَامِ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا. (تَنْبِيهٌ) لَوْ وَقَفَ صَفٌّ طَوِيلٌ فِي أُخْرَيَاتِ الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجِهِ صَحَّتْ صَلَاةُ مَنْ حَاذَى بَدَنَهُ كُلَّهُ جِرْمَ الْكَعْبَةِ فَيَجِبُ انْحِرَافُ غَيْرِهِ إلَى عَيْنِهَا. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْجِرْمَ الصَّغِيرَ كُلَّمَا بَعُدَ كَثُرَتْ مُحَاذَاتُهُ فَاسِدٌ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى عَاقِلٍ، فَضْلًا عَنْ فَاضِلٍ لِأَنَّ الَّذِي يَكْثُرُ بِمَعْنَى يَتَّسِعُ إنَّمَا هُوَ قَاعِدَةُ الزَّاوِيَةِ الْحَادِثَةِ مِنْ الْخَطَّيْنِ الْمُلْتَقِيَيْنِ عَلَى مَرْكَزِهِ الْخَارِجَيْنِ إلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ. وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ مَتَى كَانَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ أَكْثَرُ مِنْ سَمْتِ الْكَعْبَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمَا عَلَى مَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَنْ يَمِينِهِ) وَإِنْ فَاتَهُ نَحْوُ سَمَاعِ قِرَاءَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ اسْتِمْرَارُ الْفَضِيلَةِ لَهُمَا بَعْدَ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ وَإِنْ دَامَا عَلَى مَوْقِفِهَا مِنْ غَيْرِ   [حاشية عميرة] ثَابِتُ الْعَقِبِ مَا فَضَلَ مِنْ مُؤَخَّرِ الْقَدَمِ عَنْ السَّاقِ اهـ. أَقُولُ: وَهَذَا الْأَخِيرُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ فِي سَاقِهِ تَدْوِيرٌ وَلَا يَفْضُلُ مِنْ مُؤَخَّرِ قَدَمِهِ عَنْ سَاقِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (وَيَسْتَدِيرُونَ) كَأَنَّهُ قَالَ مَحَلُّ مَا سَلَفَ إذَا بَعُدُوا عَنْ الْكَعْبَةِ وَإِلَّا فَحُكْمُهُمْ هَذَا. قَوْلُهُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 لِسَعَةِ الْمَكَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. (وَهُوَ) أَيْ تَأَخُّرُهُمَا. (أَفْضَلُ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فَقُمْت عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِرَأْسِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ» . وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فَقُمْت عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِيَدِي حَتَّى أَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَقَامَ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا جَمِيعًا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ» ، تَرْجَمَ الْبَيْهَقِيُّ عَلَيْهِ بَابَ الرَّجُلِ يَأْتَمُّ بِالرَّجُلِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ بَابَ الصَّبِيِّ يَأْتَمُّ بِرَجُلٍ وَلَوْ جَاءَ الثَّانِي فِي التَّشَهُّدِ أَوْ السُّجُودِ فَلَا تَقَدُّمَ وَلَا تَأَخُّرَ حَتَّى يَقُومُوا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا التَّقَدُّمُ أَوْ التَّأَخُّرُ لِضِيقِ الْمَكَانِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ حَافَظُوا عَلَى الْمُمْكِنِ. (وَلَوْ حَضَرَ) مَعَ الْإِمَامِ فِي الِابْتِدَاءِ (رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ صَفَّا) أَيْ قَامَا صَفًّا (خَلْفَهُ وَكَذَا امْرَأَةٌ أَوْ نِسْوَةٌ) تَقُومُ أَوْ يَقُمْنَ خَلْفَهُ وَإِنْ حَضَرَ مَعَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الرَّجُلِ، وَإِنْ حَضَرَ مَعَهُ امْرَأَةٌ وَرَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ قَامَ الرَّجُلَانِ أَوْ الرَّجُلُ وَالصَّبِيُّ خَلْفَهُ صَفًّا، وَقَامَتْ الْمَرْأَةُ خَلْفَهُمَا بِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ «أَنَسٍ: قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ فَقُمْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا» وَلَوْ حَضَرَ مَعَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَخُنْثَى وَقَفَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْخُنْثَى خَلْفَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ، وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الْخُنْثَى لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ. (وَيَقِفُ خَلْفَهُ الرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ النِّسَاءُ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ. ثَلَاثًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَوْله: " يَلِيَنِّي " بِتَشْدِيدِ النُّونِ بَعْدَ الْيَاءِ وَبِحَذْفِهَا وَتَخْفِيفِ النُّونِ رِوَايَتَانِ. وَالنُّهَى جَمْعُ نُهْيَةٍ بِضَمِّ النُّونِ وَهُوَ الْعَقْلُ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلِيهِ فِي الصَّلَاةِ الرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ النِّسَاءُ» ، لَكِنَّهُ ضَعَّفَهُ، وَفِي التَّحْقِيقِ كَالتَّنْبِيهِ ثُمَّ الْخَنَاثَى ثُمَّ النِّسَاءُ. (وَتَقِفُ إمَامَتُهُنَّ وَسْطَهُنَّ) بِسُكُونِ السِّينِ. رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَمَّتَا نِسَاءً   [حاشية قليوبي] ضَمِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ. وَكَذَا لَوْ تَأَخَّرَا، وَلَا بُعْدَ فِيهِ لِطَلَبِهِ هُنَا مِنْهُمَا ابْتِدَاءً فَلَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْقِيَامِ) وَمِنْهُ الِاعْتِدَالُ. قَوْلُهُ: (فَأَخَذَ بِرَأْسِي إلَخْ) وَهَذَا مِنْ مُعْجِزَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْهُ يُؤْخَذُ طَلَبُ الْإِرْشَادِ وَلَوْ بِالْفِعْلِ لِمَنْ خَالَفَ مَطْلُوبًا. قَوْلُهُ: (أَوْ السُّجُودِ) وَمِثْلُهُ الرُّكُوعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا إلْحَاقُهُ بِالْقِيَامِ تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ لِسُهُولَتِهِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَقُومُوا) أَيْ إنْ قَامُوا فَلَا تَقَدُّمَ لِمَنْ يُصَلِّي جَالِسًا. قَوْلُهُ: (رَجُلَانِ) وَالْأَوْلَى كَوْنُ الْحُرِّ أَوْ الْبَالِغِ مِنْهُمَا لِجِهَةِ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (امْرَأَةٌ) وَلَوْ مَحْرَمًا لَهُ أَوْ حَلِيلَتَهُ، وَكَذَا مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أُمِّ سُلَيْمٍ) بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ هِيَ أُمُّ أَنَسٍ وَاسْمُهَا مُلَيْكَةُ. قَوْلُهُ: (وَيَتِيمٌ) وَاسْمُهُ ضُمَيْرَةُ وَقِيلَ سُلَيْمُ ابْنُ أُمِّ سُلَيْمٍ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ) هَذِهِ عِلَّةُ عَدَمِ مُسَاوَاتِهِ لِلرَّجُلِ، وَمَا بَعْدَهَا عِلَّةُ عَدَمِ مُسَاوَاتِهِ لِلْمَرْأَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ خُنْثَى مُنْفَرِدًا مَعَ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَقِفُ فِيمَا بَيْنَ يَمِينِهِ وَخَلْفِهِ لِتَعَارُضِ الِاحْتِمَالَيْنِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الصِّبْيَانُ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَفِّ الرِّجَالِ مَا يَسَعُهُمْ وَإِلَّا كَمَّلَ بِهِمْ، وَاسْتَوْجَهَ بَعْضُهُمْ تَقْدِيمَ الْأَحْرَارِ عَلَى الْأَرِقَّاءِ. وَلَا بُعْدَ فِيهِ وَأَفْضَلُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا إنْ لَمْ يُكْرَهْ ثُمَّ مَا يَلِيه، وَهَكَذَا وَكَذَا النِّسَاءُ الْخُلَّصُ وَأَفْضَلُ صُفُوفِهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ الْخُلَّصِ أَوْ الْخَنَاثَى آخِرُهَا، ثُمَّ مَا قَبْلَهُ وَهَكَذَا اهـ. وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى وَإِذَا اجْتَمَعَ الْخَنَاثَى مَعَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَالْقِيَاسُ تَفْضِيلُ أَوْسَطِ صُفُوفِهِمْ ثُمَّ مَا يَلِيه مِمَّا قَبْلَهُ وَمِمَّا بَعْدَهُ وَهَكَذَا، وَمَتَى أَمْكَنَ جَعْلُ الْخَنَاثَى صَفًّا وَاحِدًا فَلَا يَنْبَغِي تَعَدُّدُهُمْ وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ يَمِينُهُ وَإِنْ فَاتَ نَحْوُ سَمَاعِ قِرَاءَةٍ كَمَا مَرَّ. (تَنْبِيهٌ) يُؤَخَّرُ جِنْسُ النِّسَاءِ وَلَوْ بَعْدَ إحْرَامِهِنَّ لِغَيْرِهِنَّ وَتُؤَخَّرُ الْخَنَاثَى لِجِنْسِ الذُّكُورِ وَلَا تُؤَخَّرُ الصِّبْيَانُ لِلرِّجَالِ، وَتُؤَخَّرُ الْعُرَاةُ لِلْمَسْتُورِينَ مِنْ جِنْسِهِمْ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثًا) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ مَا ذَكَرَ ثَلَاثًا بَعْدَ الْمَرَّةِ الْأُولَى فَفِيهِ دَلِيلٌ لِحُكْمِ الْخَنَاثَى وَإِلَّا فَلَا وَتَقْدِيمُهُمْ عَلَى النِّسَاءِ لِلِاحْتِيَاطِ. قَوْلُهُ: (أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى) أَمَّا الْأَحْلَامُ فَهِيَ جَمْعُ حُلْمٍ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا يَعْنِي الِاحْتِلَامَ: أَيْ وَقْتَهُ وَهُوَ الْبُلُوغُ. وَقِيلَ جَمْعُ حِلْمٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ بِمَعْنَى التَّأَنِّي. وَيَلْزَمُهُ الْعَقْلُ. وَأَمَّا النُّهَى بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْهَاءِ فَهِيَ جَمْعُ نُهْيَةٍ كَغُرْفَةٍ وَهُوَ الْعَقْلُ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنَى الْبُلُوغِ. قَوْلُهُ: (بِتَشْدِيدِ النُّونِ) وَهِيَ إمَّا نُونُ التَّوْكِيدِ الثَّقِيلَةُ مَعَ حَذْفِ نُونِ الْوِقَايَةِ أَوْ الْخَفِيفَةُ مَعَ بَقَاءِ نُونِ الْوِقَايَةِ وَإِدْغَامِهَا فِيهَا. الْفِعْلُ فِيهِمَا مَبْنِيٌّ عَلَى فَتْحِ آخِرِهِ وَهُوَ الْيَاءُ وَمَحَلُّهُ جُزِمَ فَاللَّامُ الْأَمْرِ، وَمَعَ التَّخْفِيفِ فَالنُّونُ لِلْوِقَايَةِ وَالْفِعْلُ مَجْزُومٌ بِحَذْفِ الْيَاءِ. قَوْلُهُ: (إمَامَتُهُنَّ) وَكَذَا إمَامُ عُرَاةٍ بُصَرَاءَ فِي ضَوْءٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِسُكُونِ السِّينِ) عَلَى الْأَفْصَحِ. وَكَذَا كُلُّ مَا صَلُحَ فِيهِ مَعْنًى بَيِّنٌ وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ الْفَتْحُ كَوَسَطِ الدَّارِ. قَوْلُهُ: (فَقَامَتَا وَسَطَهُنَّ) وَكَانَ ذَلِكَ بِعِلْمِ   [حاشية عميرة] وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الرَّجُلِ) لَوْ كَانَتْ مَحْرَمًا لِلرَّجُلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يُصَفَّانِ خَلْفَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ) أَيْ فَثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّبِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 فَقَامَتَا وَسْطَهُنَّ، وَلَوْ أَمَّهُنَّ خُنْثَى تَقَدَّمَ عَلَيْهِنَّ. ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَكُلُّ مَا ذَكَرَ مُسْتَحَبٌّ وَمُخَالَفَتُهُ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ. (وَيُكْرَهُ وُقُوفُ الْمَأْمُومِ فَرْدًا بَلْ يَدْخُلُ الصَّفَّ أَوْ وَجَدَ سَعَةً) فِيهِ (وَإِلَّا فَلْيَجُرَّ شَخْصًا) مِنْهُ (بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلْيُسَاعِدْهُ الْمَجْرُورُ) بِمُوَافَقَتِهِ فَيَقِفُ مَعَهُ صَفًّا. رَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ: أَيُّهَا الْمُصَلِّي هَلَّا دَخَلْت فِي الصَّفِّ أَوْ جَرَرْت رَجُلًا مِنْ الصَّفِّ فَيُصَلِّيَ مَعَك، أَعِدْ صَلَاتَك» . وَضَعَّفَهُ وَالْأَمْرُ بِالْإِعَادَةِ لِلِاسْتِحْبَابِ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ: «أَنَّهُ انْتَهَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الصَّفِّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بِسَنَدِ الْبُخَارِيِّ: «فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَى إلَى الصَّفِّ» وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ مَعَ أَنَّهُ أَتَى بِبَعْضِ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا خَلْفَ الصَّفِّ. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: لَهُ أَنْ يَخْرِقَ الصَّفَّ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فُرْجَةٌ، وَكَانَتْ فِي صَفٍّ قُدَّامَهُ لِتَقْصِيرِهِمْ بِتَرْكِهَا. وَيُؤْخَذُ مِنْ الْكَرَاهَةِ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُقَارَنَةِ. (وَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ (بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ. (بِأَنْ يَرَاهُ أَوْ بَعْضَ صَفٍّ أَوْ يَسْمَعَهُ أَوْ مُبَلِّغًا) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَقَدْ يَعْلَمُ بِهِدَايَةِ غَيْرِهِ إذَا كَانَ أَعْمَى أَوْ أَصَمَّ فِي ظُلْمَةٍ. (وَإِذَا جَمَعَهُمَا مَسْجِدٌ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَحَالَتْ أَبْنِيَةٌ) نَافِذَةٌ أَغْلَقَ   [حاشية قليوبي] النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَمْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَكُلُّ مَا ذَكَرَ) بِقَوْلِهِ وَيَقِفُ الذَّكَرُ إلَى هُنَا. قَوْلُهُ: (وَمُخَالَفَتُهُ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ) لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ تَفُوتُ بِهَا فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ بِهَا، وَلَوْ أَحْرَمَا مَعًا عَنْ يَمِينِهِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ إمَامُهُمَا وَلَمْ يَتَأَخَّرَا خَلْفَهُ. قَوْلُهُ: (فَرْدًا) بِأَنْ يَكُونَ فِي كُلٍّ مِنْ جَانِبَيْهِ فُرْجَةٌ تَسَعُ وَاقِفًا فَأَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الصُّفُوفِ وَالْفَائِتِ فِي تَقْطِيعِ الصُّفُوفِ فَضِيلَةُ الصَّفِّ لَا فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَأَتْبَاعِهِ. قَوْلُهُ: (سَعَةً) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَا يَشْمَلُ الْفُرْجَةَ وَأَصْلُهَا مَا دُونَ الْفُرْجَةِ، وَأَقَلُّ الْفُرْجَةِ مَا يَسَعُ وَاقِفًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلْيَجُرَّ) نَدْبًا وَلَوْ قَبْلَ إحْرَامِهِ وَسَيَأْتِي وَقْتُهُ الْفَاضِلُ. قَوْلُهُ: (شَخْصًا) أَيْ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا مَعَ سَلَامَةِ عَاقِبَتِهِ وَيَدْخُلُ الرَّقِيقُ فِي ضَمَانِهِ وَإِنْ جَهِلَ رِقَّهُ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ الصَّفِّ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَإِلَّا وَقَفَ مَعَهُمَا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا خَرَقَهُمَا وَصَفَّ مَعَ الْإِمَامِ، وَلِلثَّلَاثَةِ فَضِيلَةُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِعُذْرِهِمْ وَلَوْ صَفَّ شَخْصٌ أَوْ أَكْثَرُ أَمَامَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ بِلَا عُذْرٍ كُرِهَ لَهُمْ. وَقِيلَ: يَحْرُمُ وَلَيْسَ لَهُمْ فَضِيلَةُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَلَا فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْوَجِيهِ لِمُخَالَفَتِهِمْ الْمَطْلُوبَ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةِ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَاهُ، نَعَمْ إنْ قَصُرَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ كَبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، فَالْمُتَقَدِّمُ حِينَئِذٍ هُوَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْإِحْرَامِ) فَيُكْرَهُ قَبْلَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَجْرُورُ مُكْرَهًا وَإِلَّا حَرُمَ الْجَرُّ. قَوْلُهُ: (وَلْيُسَاعِدْهُ الْمَجْرُورُ) نَدْبًا وَإِنْ جَهِلَ الْحُكْمَ كَأَنْ أَسَرَهُ إلَيْهِ قَبْلَ جَرِّهِ بَلْ يُنْدَبُ التَّأْخِيرُ وَلَوْ بِلَا جَرٍّ وَيَحْصُلُ لَهُ بِالْإِعَانَةِ أَجْرٌ كَأَجْرِ صَفِّهِ أَوْ أَكْثَرَ. وَقِيلَ: تَبْقَى لَهُ فَضِيلَةُ صَفِّهِ. قَوْلُهُ: (لِلِاسْتِحْبَابِ) وَلَوْ مُنْفَرِدًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا تُنْدَبُ الْإِعَادَةُ مُنْفَرِدًا إلَّا لِمَنْ جَرَى خِلَافٌ فِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا لِخُصُوصِ الْأَمْرِ بِالْإِعَادَةِ فِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَخْرِقَ الصَّفَّ) وَإِنْ تَعَدَّدَ وَخَرَجَ بِالْخِرَقِ التَّخَطِّي فَهُوَ كَالْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (فُرْجَةٌ) فَلَا يَخْرِقُ لِلسَّعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِمْ) خَرَجَ مَا لَوْ تَرَكُوهَا لِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ مَطَرٍ، أَوْ طَرَأَتْ بَعْدَ إحْرَامِهِمْ. قَوْلُهُ: (فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْفَائِتُ جَمِيعَ الدَّرَجَاتِ فِيمَا فَاتَتْ فِيهِ لَا فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (عِلْمُهُ) أَيْ قَبْلَ سَبَقِهِ بِمُبْطِلٍ كَرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ. وَقَالَ الطَّبَلَاوِيُّ: لَا بُطْلَانَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ وَيَجْرِي عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ إلَى أَنْ يُوَافِقَ الْإِمَامُ. قَوْلُهُ: (يَسْمَعَهُ) أَيْ الْإِمَامَ وَلَوْ فَاسِقًا أَوْ صَبِيًّا. قَوْلُهُ: (مُبَلِّغًا) وَلَوْ غَيْرَ مُصَلٍّ إنْ كَانَ   [حاشية عميرة] وَالرَّجُلِ فَفِي الرَّجُلَيْنِ مِنْ بَابِ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسَطَهُنَّ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جَلَسْت وَسْطَ الْقَوْمِ بِالتَّسْكِينِ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ وَجَلَسْت وَسَطَ الدَّارِ بِالْفَتْحِ لِأَنَّهُ اسْمٌ قَالَ: وَكُلُّ مَوْضِعٍ صَلُحَ فِيهِ بَيْنَ فَهُوَ بِالْإِسْكَانِ وَإِلَّا فَهُوَ بِالْفَتْحِ، وَرُبَّمَا يُسَكَّنُ وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ اهـ. قَوْلُهُ: (رَوَى الْبَيْهَقِيُّ إلَخْ) فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ الَّذِي سَاقَهُ الشَّارِحُ. وَرُوِيَ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ قَالَ: «مِنْ السُّنَّةِ إذَا أَمَّتْ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ أَنْ تَقِفَ وَسَطَهُنَّ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَذَلِكَ يَنْصَرِفُ إلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلْيُسَاعِدْهُ الْمَجْرُورُ) يَنْبَغِي أَنْ تَحْصُلَ لِهَذَا الْمُسَاعِدِ فَضِيلَةُ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ تَأَخُّرُهُ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَعْلَمُ بِهِدَايَةِ غَيْرِهِ إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْ عَبَّرَ بِالْكَافِ بَدَلَ الْبَاءِ كَانَ أَوْلَى. وَنَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالِانْتِقَالِ فِي حَالَ الِانْتِقَالِ، بِدَلِيلِ الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الصَّفِّ، قَالَ: وَحِينَئِذٍ فَالْمُتَّجَهُ حُصُولُ الْعِلْمِ قَبْلَ تَأَخُّرِهِ عَنْ شَيْءٍ يَكُونُ بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 أَبْوَابَهَا أَوَّلًا. وَقِيلَ، لَا يَصِحُّ فِي الْإِغْلَاقِ. وَإِذَا لَمْ تَكُنْ نَافِذَةً لَا يُعَدُّ الْجَامِعُ لَهُمَا مَسْجِدًا وَاحِدًا. (وَلَوْ كَانَا بِفَضَاءٍ) أَيْ مَكَان وَاسِعٍ (شَرَطَ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ) بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ. (تَقْرِيبًا وَقِيلَ تَحْدِيدًا) وَهَذَا التَّقْدِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ عُرْفِ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ يَعُدُّونَهُمَا فِي ذَلِكَ مُجْتَمَعِينَ، وَعَلَى التَّقْرِيبِ لَا تَضُرُّ زِيَادَةُ أَذْرُعٍ يَسِيرَةٍ كَثَلَاثَةٍ وَنَحْوِهَا، وَتَضُرُّ عَلَى التَّحْدِيدِ. قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (فَإِنْ تَلَاحَقَ شَخْصَانِ أَوْ صَفَّانِ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ أَيْضًا. وَالْمُرَادُ بِهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ خَلْفَ الْإِمَامِ صَفَّانِ أَوْ شَخْصَانِ أَحَدُهُمَا وَرَاءَ الْآخَرِ. (اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ) الْمَذْكُورَةُ. (بَيْنَ الْأَخِيرِ وَالْأَوَّلِ) مِنْ الشَّخْصَيْنِ أَوْ الصَّفَّيْنِ لَا بَيْنَ الْأَخِيرِ وَالْإِمَامِ حَتَّى لَوْ كَثُرَتْ الصُّفُوفُ وَبَلَغَ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْأَخِيرِ فَرْسَخًا جَازَ. (وَسَوَاءٌ) فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ (الْفَضَاءُ الْمَمْلُوكُ وَالْوَقْفُ وَالْمُبَعَّضُ) أَيْ الَّذِي بَعْضُهُ مِلْكٌ وَبَعْضُهُ وَقْفٌ وَالْمَوَاتُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُحَوَّطُ وَالْمُسَقَّفُ، كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَأَصْلِ الرَّوْضَةِ فَهُمَا مِنْ الشَّرْحِ. (وَلَا يَضُرُّ) بَيْنَ الشَّخْصَيْنِ أَوْ   [حاشية قليوبي] عَدْلَ رِوَايَةٍ أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ كَافِرًا وَاعْتَقَدَ صِدْقَهُ أَوْ صَبِيًّا مَأْمُونًا، وَبَعْضُ الصَّفِّ كَالْمُبَلِّغِ قَوْلُهُ: (أَعْمَى وَأَصَمَّ) وَفِي نُسْخَةٍ أَعْمَى أَوْ أَصَمَّ، وَهِيَ أَوْلَى لِئَلَّا يَلْزَمَ اسْتِدْرَاكُ الظُّلْمَةِ. (فَرْعٌ) زَوَالُ الْمُبَلِّغِ فِي الْأَثْنَاءِ كَالِابْتِدَاءِ فَتَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ إنْ لَمْ يُرْجَ وُجُودُهُ قَبْلَ مُبْطِلٍ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا جَمَعَهُمَا) أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَجْمَعَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ مَكَانَ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِهِ بِالْقُرْبِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: يَكْفِي الْعِلْمُ بِالِانْتِقَالَاتِ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَحَالَتْ أَبْنِيَةٌ كَثِيرَةٌ. قِيلَ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الْخَالِصُ وَمِنْهُ رَحْبَتُهُ وَهِيَ مَا حُوِّطَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْبِنَاءِ لِأَجْلِهِ وَإِنْ هُجِرَتْ أَوْ اُنْتُهِكَتْ. وَيَلْزَمُ الْوَاقِفَ تَمْيِيزُهَا عَنْ الْمَسْجِدِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. فَإِنْ عَلِمَ حُدُوثَهَا بَعْدَهُ فَهِيَ كَحَرِيمِهِ وَهِيَ مَا حُوِّطَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ إلْقَاءِ نَحْوِ قُمَامَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ، وَالْمَسَاجِدُ الْمُتَلَاصِقَةُ الْمُتَنَافِذَةُ كَالْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ. وَانْفَرَدَ كُلٌّ بِإِمَامٍ وَلَا يَضُرُّ نَحْوُ نَهْرٍ فِيهَا إلَّا إنْ كَانَ سَابِقًا عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (نَافِذَةٌ) بِحَيْثُ يُمْكِنُ الِاسْتِطْرَاقُ مِنْهَا عَادَةً بِلَا نَحْوِ وَثْبَةٍ فَاحِشَةٍ. قَوْلُهُ: (أَغْلَقَ أَبْوَابَهَا) وَلَوْ بِقُفْلٍ أَوْ ضَبَّةٍ لَيْسَ لَهَا مِفْتَاحٌ مَا لَمْ تُسَمَّرْ، فَإِنْ سُمِّرَتْ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ ضَرَّ كَزَوَالِ مُرَقِّي دِكَّةٍ أَوْ سَطْحٍ لَيْسَ لَهُمَا غَيْرُهُ كَجِدَارٍ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا. وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ بِمَا إذَا كَانَ بِأَمْرِهِمَا وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَيُجْرَى مِثْلُهُ فِي التَّسْمِيرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَا يُعَدُّ إلَخْ) فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ وَإِنْ وُجِدَتْ رُؤْيَةٌ مِنْ نَحْوَ شُبَّاكٍ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ) وَهُوَ شِبْرَانِ تَقْرِيبًا وَيَزِيدُ عَلَى الذِّرَاعِ الْمِصْرِيِّ بِنَحْوِ ثَمَنِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ عُرْفِ النَّاسِ) لِأَنَّ مَا لَا ضَابِطَ لَهُ لُغَةً وَلَا شَرْعًا فَمَرْجِعُهُ الْعُرْفُ وَحِكْمَتُهُ وُصُولُ صَوْتِ الْإِمَامِ لِلْمَأْمُومِ فِي ذَلِكَ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) مِمَّا هُوَ دُونَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، فَتَضُرُّ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِهِ إلَخْ) فَالتَّلَاحُقُ لَيْسَ مُعْتَبَرًا. قَوْلُهُ: (وَرَاءَ الْآخَرِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَسَيَأْتِي الْيَمِينُ وَالْيَسَارُ. وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ شَامِلَةٌ لَهُمَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَلَوْ أَبْقَاهَا الشَّارِحُ عَلَى عُمُومِهَا لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (حَتَّى لَوْ كَثُرَتْ إلَخْ) لَكِنْ لَا يَصِحُّ إحْرَامُ وَاحِدٍ مَنْ صُفَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ قَبْلَهُ أَكْثَرُ مِنْ، الْمَسَافَةِ إلَّا بَعْدَ إحْرَامِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي قَبْلَهُ، وَلَوْ زَالَ بَعْضُ الصُّفُوفِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِغَيْرِ إذْنِ مَنْ خَلْفَهُ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَضُرَّ، وَلَا يَتَوَقَّفُ أَفْعَالُ صَفٍّ عَلَى أَفْعَالِ مَنْ قَبْلَهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ رَوَابِطَ لِبَعْضِهَا. قَوْلُهُ: (فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ) الَّذِي هُوَ اعْتِبَارُ الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (وَبَعْضُهُ وَقْفٌ) أَيْ بَعْضُهُ الشَّائِعُ مَوْقُوفُ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بَعْضُهُ الْمُعَيَّنُ مَوْقُوفُ غَيْرِ مَسْجِدٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمَوَاتُ)   [حاشية عميرة] مُتَخَلِّفًا بِغَيْرِ عُذْرٍ. وَنَبَّهَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ قَضِيَّةَ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْمُبَلِّغَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَغَيْرِهِ. وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ خَبَرُ الصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ كَدَلَالَةِ الْأَعْمَى عَلَى الْقِبْلَةِ. فَقَدْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يُقْبَلُ خَبَرُ الصَّبِيِّ فِيمَا طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَسْأَلَتُنَا فَرْدٌ مِنْهُ اهـ. قَوْلُهُ: (نَافِذَةً) مِنْهُ قَدْ يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَاقِفَ فِي نَفْسِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ إذَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ شُبَّاكٌ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ لَكِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ، وَأَفْتَى هُوَ. وَكَذَا الْإِسْنَوِيُّ بِالصِّحَّةِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّ مَدَارَ مَا عَلَّلَ بِهِ الشَّيْخَانِ عَدَمَ الصِّحَّةِ عِنْدَ عَدَمِ النُّفُوذِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعَدُّ الْبِنَاءَانِ حِينَئِذٍ مَسْجِدًا وَذَلِكَ مُتَخَلِّفٌ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ. أَقُولُ: وَهُوَ سَنَدٌ قَوِيٌّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَقْرِيبًا) قَالَ الْإِمَامُ كَيْفَ يَطْمَعُ الْفَقِيهُ هُنَا فِي التَّحْدِيدِ وَنَحْنُ فِي إثْبَاتِ التَّقْرِيبِ عَلَى عُلَالَةٍ انْتَهَى. وَعِلَّةُ الْفَقِيهِ مِنْ عَدَمِ وُرُودِ ضَابِطٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَضُرُّ الشَّارِعُ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْفَضَاءِ وَكَمَا لَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 الصَّفَّيْنِ. (الشَّارِعُ الْمَطْرُوقُ وَالنَّهْرُ الْمُحْوِجُ إلَى سِبَاحَةٍ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ عَوْمٍ. (عَلَى الصَّحِيحِ) وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: الشَّارِعُ قَدْ تَكْثُرُ فِيهِ الزَّحْمَةُ فَيَعْسُرُ الِاطِّلَاعُ عَلَى أَحْوَالِ الْإِمَامِ وَالْمَاءُ حَائِلٌ كَالْجِدَاءِ. وَأُجِيبَ بِمَنْعِ الْعُسْرِ وَالْحَيْلُولَةِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَلَا يَضُرُّ جَزْمًا الشَّارِعُ غَيْرُ الْمَطْرُوقِ وَالنَّهْرُ الَّذِي يُمْكِنُ الْعُبُورُ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْهِ إلَى الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ سِبَاحَةٍ بِالْوُثُوبِ فَوْقَهُ أَوْ الْمَشْيِ فِيهِ، أَوْ عَلَى جِسْرٍ مَمْدُودٍ عَلَى حَافَّتَيْهِ. وَذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اعْتِبَارُ الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ الشَّخْصَيْنِ أَوْ الصَّفَّيْنِ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ يَسَارِهِ أَيْضًا. (فَإِنْ كَانَا فِي بِنَاءَيْنِ كَصَحْنٍ وَصُفَّةٍ أَوْ بَيْتٍ) مِنْ مَكَان وَاحِدٍ. (فَطَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا إنْ كَانَ بِنَاءُ الْمَأْمُومِ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا) لِبِنَاءِ الْإِمَامِ (وَجَبَ اتِّصَالُ صَفٍّ مِنْ أَحَدِ الْبِنَاءَيْنِ بِالْآخَرِ) كَأَنْ يَقِفَ وَاحِدٌ بِطَرَفِ الصُّفَّةِ وَآخَرُ بِالصَّحْنِ مُتَّصِلًا بِهِ وَذَلِكَ لِيَحْصُلَ الرَّبْطُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الْمَوْقِفِ الَّذِي أَوْجَبَ اخْتِلَافُ الْبِنَاءِ افْتِرَاقَهُمَا فِيهِ. (وَلَا تَضُرُّ) فِي الِاتِّصَالِ الْمَذْكُورِ. (فُرْجَةٌ لَا تَسَعُ وَاقِفًا فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْحَقِيقَةِ. (وَإِنْ كَانَ) بِنَاءُ الْمَأْمُومِ (خَلْفَ بِنَاءِ الْإِمَامِ فَالصَّحِيحُ) مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَنْعُ الْقُدْوَةِ لِانْتِفَاءِ الرَّبْطِ بِمَا تَقَدَّمَ: (صِحَّةُ الْقُدْوَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ) أَوْ الشَّخْصَيْنِ بِالْبِنَاءَيْنِ وَقَفَ أَحَدُهُمَا بِآخِرِ بِنَاءِ الْإِمَامِ، وَالثَّانِي بِأَوَّلِ بِنَاءِ الْمَأْمُومِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا. (أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ) تَقْرِيبًا الْقَدْرُ الْمَشْرُوعُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ لِإِمْكَانِ السُّجُودِ يُعَدَّانِ بِهِ مُتَّصِلَيْنِ. وَهَذَا الِاتِّصَالُ هُوَ الرَّابِطُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الْمَوْقِفِ هُنَا. (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ إلَّا الْقُرْبُ كَالْفَضَاءِ) بِأَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ. عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ (إنْ لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ أَوْ حَالَ) مَا فِيهِ (بَابٌ نَافِذٌ) يَقِفُ بِحِذَائِهِ صَفٌّ أَوْ رَجُلٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا   [حاشية قليوبي] عَطْفٌ عَلَى الْمَمْلُوكِ أَيْ الَّذِي كُلُّهُ مَوَاتٌ. وَكَذَا بَعْضُهُ الْمُعَيَّنُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الشُّيُوعُ فِي الْمَوَاتِ مَعَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (الْمَطْرُوقُ) أَيْ الَّذِي يَكْثُرُ طُرُوقُهُ بِالْفِعْلِ وَلَوْ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (عَنْ يَمِينِ إلَخْ) وَيَدْخُلُ فِيهِ أَوْ يُقَاسُ عَلَيْهِ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلُهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَكَان وَاحِدٍ) بِأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا مَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَهُ بِبُعْدِ الْمَسَافَةِ أَوْ نَحْوِ جِدَارٍ لَا مَنْفَذَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَطَرِيقَانِ) هُمَا طَرِيقُ، الْخُرَاسَانِيِّينَ وَيُقَالُ لَهَا طَرِيقُ الْمُرَاوَزَةِ وَهِيَ الْأُولَى فِي كَلَامِهِ، وَطَرِيقُ الْعِرَاقِيِّينَ وَهِيَ الثَّانِيَةُ الْمُعْتَمَدَةُ. قَوْلُهُ: (لِيَحْصُلَ الرَّبْطُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ تَوَقُّفُ جَعْلِ الْمَكَانَيْنِ وَاحِدًا عَلَى الْمَأْمُومِيَّةِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ إحْرَامِ هَذَا الْوَاحِدِ الْوَاقِفِ عَلَى إحْرَامِ غَيْرِهِ لَا تَقَدُّمُهُ فِي الْمَوْقِفِ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا تُوقَفُ أَفْعَالُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ. وَنَقَلَ عَنْ بَعْضِهِمْ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِمُتَّجَهٍ. قَوْلُهُ: (فُرْجَةٌ لَا تَسَعُ وَاقِفًا) وَمِثْلُهَا عَتَبَةٌ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ عَرِيضَةً فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوفِ وَاحِدٍ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَقَفَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) وَفِي تَقَدُّمِ إحْرَامِ هَذَا الْوَاقِفِ عَلَى إحْرَامِ غَيْرِهِ، وَتُقَدَّمُ أَفْعَالُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (تَقْرِيبًا) أَيْ فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ قَدْرٍ لَا يَسَعُ وَاقِفًا كَاَلَّذِي تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (الْقَدْرُ الْمَشْرُوعُ) مَجْرُورٌ صِفَةٌ لِثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَجُمْلَةُ يُعَدَّانِ إلَى آخِرِهِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٌ. وَيَجُوزُ رَفْعُهُ مُبْتَدَأً وَيُعَدَّانِ خَبَرُهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ عِلَّةٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (مَا فِيهِ) هُوَ مِنْ تَقْدِيرِ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ إذْ لَا يَصِحُّ كَوْنُ الْبَابِ النَّافِذِ حَائِلًا. قَوْلُهُ: (بِحِذَائِهِ) أَيْ فِي   [حاشية عميرة] كَانَا فِي سَفِينَتَيْنِ مَكْشُوفَتَيْنِ مِنْ مَكَان وَاحِدٍ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَيْتُ وَالصَّحْنُ مَثَلًا مِنْ مَكَانَيْنِ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ لِعَدَمِ الِاجْتِمَاعِ وَهُوَ إنَّمَا يُتَّجَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ، لَكِنْ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ادَّعَى أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمَكَانَيْنِ كَالْمَكَانِ قَالَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَكِنْ مَعَ مُرَاعَاةِ بَاقِي الشُّرُوطِ مِنْ مُحَاذَاةِ الْأَسْفَلِ لِلْأَعْلَى بِجُزْءٍ مِنْهُمَا اهـ. وَقَوْلُهُ: لَكِنْ مَعَ مُرَاعَاةِ إلَخْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ أَصْحَابَ الطَّرِيقَيْنِ يَشْتَرِطُونَ مَعَ الَّذِي اعْتَبَرَهُ فِيهِمَا الْمُحَاذَاةَ أَيْضًا. وَقَدْ تَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ لَكِنْ الشَّارِحُ كَمَا سَيَأْتِي خَصَّهُ بِالْأُولَى، ثُمَّ إنَّ مَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْبِنَاءَيْنِ مِنْ مَكَانَيْنِ حَتَّى عِنْدَ أَصْحَابِ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ الْحَقُّ فَقَدْ رَأَيْت فِي التَّحْقِيقِ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ أَيْضًا: مِنْ مَكَان وَاحِدٍ مُتَعَلِّقٌ بِالثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ وَذَلِكَ كَمَا فِي الْمَدَارِسِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، فَإِذَا وَقَفَ الْإِمَامُ فِي أَحَدِهَا وَالْمَأْمُومُ فِي آخَرَ فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَصَحُّهُمَا) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ أُولَاهُمَا وَلَمْ يُصَرِّحْ غَيْرُهُ بِتَرْجِيحٍ وَالْأُولَى مَعْرُوفَةٌ بِالْخُرَاسَانِيِّي نَ وَالْعِرَاقِيِّينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَالْفَضَاءِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْفَضَاءِ فَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ لِلدَّلِيلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ) قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 (فَإِنْ حَالَ مَا يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَا الرُّؤْيَةَ) كَالشُّبَّاكِ. (فَوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَدَمُ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ أَخْذًا مِنْ تَصْحِيحِهِ الْآتِي فِي الْمَسْجِدِ الْمَوَاتِ. (أَوْ) حَالَ. (جِدَارٌ بَطَلَتْ) أَيْ لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ. (بِاتِّفَاقِ الطَّرِيقَيْنِ) وَالْوَجْهَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ أَيْضًا. وَيَلْحَقُ بِالْجِدَارِ الْبَابُ الْمُغْلَقُ وَبِالشُّبَّاكِ الْبَابُ الْمَرْدُودُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي. وَيُؤْخَذُ مِنْ فَرْضِ الْجِدَارِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى فَرْضُ الْبَابِ وَالشُّبَّاكِ بِحَمْلِهِمَا عَلَيْهَا. (قُلْت: الطَّرِيقُ الثَّانِي أَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِذَا صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ فِي بِنَاءٍ آخَرَ) عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي (صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ خَلْفَهُ وَإِنْ حَالَ جِدَارٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ) وَيَكُونُ ذَاكَ كَالْإِمَامِ لِمَنْ خَلْفَهُ لَا يَجُوزُ تَقَدُّمُهُمْ عَلَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: وَلَا تُقَدَّمُ تَكْبِيرُهُمْ أَيْ لِلْإِحْرَامِ عَلَى تَكْبِيرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ. (وَلَوْ وَقَفَ فِي عُلُوٍّ وَإِمَامُهُ فِي سُفْلٍ أَوْ عَكْسِهِ) كَصَحْنِ الدَّارِ وَصُفَّةٍ مُرْتَفِعَةٍ أَوْ سَطْحٍ بِهَا. (شُرِطَ مُحَاذَاةُ بَعْضِ بَدَنِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ. (بَعْضَ بَدَنِهِ) أَيْ الْإِمَامِ كَأَنْ يُحَاذِيَ رَأْسُ السَّافِلِ قَدَمَ الْعَالِي فَيَحْصُلَ الِاتِّصَالُ بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ،   [حاشية قليوبي] آخِرِ الْمَسْجِدِ وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّفِّ وَرَاءَهُ وَلَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ وَرَاءَ الْحَائِلِ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ. قَوْلُهُ: (فَوَجْهَانِ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْوَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَفِي بَابِ النَّفَقَاتِ وَفِي مَوْضِعٍ ثَالِثٍ فِي بَابِ الدَّعَاوَى بِنَاءً عَلَى مَرْجُوحٍ. وَقِيلَ: رَابِعٌ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، قِيلَ: وَخَامِسٌ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَأُجِيبَ عَنْ هَذَيْنِ بِأَنَّ التَّرْجِيحَ فِيهِمَا مَعْلُومٌ مِنْ تَعْرِيفِهِمَا. قَوْلُهُ: (أَيْ لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ) أَيْ وَلَا الصَّلَاةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ، وَتَأْوِيلُ الشَّارِحِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ سَبْقِ الِانْعِقَادِ بِذِكْرِ الْبُطْلَانِ، وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ أَوْ لَمْ يَقِفْ صَوَابُهُ وَلَمْ يَقِفْ بِالْوَاوِ وَكَذَا قِيلَ. فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَلْحَقُ بِالْجِدَارِ) أَيْ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ أَيْضًا الْبَابُ الْمَرْدُودُ، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَيُؤْخَذُ إلَخْ إلَى أَنَّ الْبَابَ الْمَرْدُودَ وَالشُّبَّاكَ قَدْ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي الْحَائِلِ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ، فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا فِي الْحَائِلِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ أَيْضًا وَلَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ الْحَائِلِ أَوْ وُقُوفِ وَاحِدٍ بِحِذَاءِ الْبَابِ النَّافِذِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مَنْ خَلْفَهُ) وَكَذَا مَنْ بِأَحَدِ جَانِبَيْهِ وَتُعْتَبَرُ الْمَسَافَةُ الَّتِي هِيَ ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ لَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ، وَلَوْ أُغْلِقَ الْبَابُ أَوْ رُدَّ أَوْ سُمِّرَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِفِعْلِ أَحَدِهِمَا أَوْ بِأَمْرِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ مَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ مِنْ غَيْرِهِ عَوْدُ فَتْحِهِ أَوْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ حَالَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ إلَى الْإِمَامِ إلَّا بِاسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ. قَوْلُهُ: (كَالْإِمَامِ) فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِمَّنْ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ خَلْفَهُ بِهِ بِخِلَافِ أُنْثَى لِذُكُورٍ أَوْ أُمِّيٍّ لِقَارِئٍ وَلَوْ تَعَدَّدَ الرَّابِطَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ وَاحِدٍ لِلْمُتَابَعَةِ، وَظَاهِرُهُ تَعْيِينُ كَوْنِهِ وَاحِدًا لِلْجَمِيعِ، وَفِيهِ بَحْثٌ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ رَابِطَةٌ بِحَسْبِ مُرَادِهِمْ، وَلَوْ نَوَى تَرْكَ مُتَابَعَةِ رَابِطَتِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِقَصْدِهِ الْمُبْطِلَ لَا لِقَطْعِ نِيَّةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَرَادَ نَقْلَ الْمُتَابَعَةِ مِنْ رَابِطَةٍ لِرَابِطَةٍ أُخْرَى فِي التَّعَدُّدِ امْتَنَعَ لِمَا ذَكَرَ فَإِنْ نَقَلَ بَطَلَتْ إلَّا إنْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْأُولَى. كَذَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ فَرَاجِعْهُ. وَعَلَى وُجُوبِ تَقَدُّمِ إحْرَامِ الرَّابِطَةِ لَا يَجُوزُ رَبْطُهُ بِمَنْ تَأَخَّرَ إحْرَامُهُ عَنْهُ، نَعَمْ إنْ بَطَلَ الرَّابِطَةُ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ اتَّجَهَ جَوَازُ الرَّابِطَةِ بِالْمُتَأَخِّرِ لِلضَّرُورَةِ هُنَا فَتَأَمَّلْ وَحَرِّرْ. قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ تَقَدُّمُهُمْ عَلَيْهِ) أَيْ لَا فِي الْمَكَانِ وَلَا فِي الْأَفْعَالِ وَإِنْ كَانَ بَطِيءَ الْحَرَكَةِ أَوْ تَخَلَّفَ لِعُذْرٍ، وَإِنْ فَاتَتْهُمْ الرَّكْعَةُ تَبَعًا لَهُ، وَلَهُ سَبْقُهُمْ وَلَوْ سَبَقَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ تَخَلَّفَ هُوَ عَنْ الْإِمَامِ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ وَجَبَ عَلَيْهِمْ نِيَّةُ مُفَارَقَتِهِ، وَيُتَابِعُونَ الْإِمَامَ إنْ عَلِمُوا بِانْتِقَالَاتِهِ وَلَوْ بِالسَّمَاعِ. كَذَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: كَمَا لَوْ زَالَتْ الرَّابِطَةُ فِي الْأَثْنَاءِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَقَدُّمُ تَكْبِيرِهِمْ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ وَكَذَا سَلَامُهُمْ. قَوْلُهُ: (فِي عُلُوٍّ) أَيْ بِنَحْوِ أَبْنِيَةٍ لَا بِنَحْوِ ارْتِفَاعِ الْمَكَانِ كَجَبَلٍ أَحَدُهُمَا فِي أَسْفَلِهِ وَالْآخَرُ أَعْلَى مِنْهُ عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ بَيْنَهُمَا إلَّا قَدْرُ الْمَسَافَةِ فَقَطْ، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَكْسِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا   [حاشية عميرة] الْإِسْنَوِيُّ: أَيْ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ وَالتَّعْبِيرُ فِيهِ قَلَاقَةٌ وَيَقْتَضِي أَنَّ الْبَابَ النَّافِذَ يُسَمَّى حَائِلًا اهـ. وَأَمَّا الشَّارِحُ فَإِنَّهُ فَرَضَ الْكَلَامَ فِي الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ أَلْحَقَ الْأُولَى بِهَا فِي الْبَابِ الْمُغْلَقِ وَالْمَرْدُودِ وَالشُّبَّاكِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ آخِرًا. قَوْلُهُ: (فَرْضُ الْبَابِ) أَيْ الْمَغْلُوقِ وَالْمَرْدُودِ بَلْ وَكَذَا الْمَفْتُوحُ فِيمَا يَظْهَرُ وَبِهِ يَظْهَرُ لَك أَنَّ صَنِيعَ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَحْسَنُ مِنْ صَنِيعِ الْإِسْنَوِيِّ السَّالِفِ فِي الْحَاشِيَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ عَكْسِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ضَمِيرُهُ يَرْجِعُ إلَى الْوُقُوفِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَأْمُومِ) كَأَنَّهُ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ الْمُحْدِثُ عَنْهُ، وَخَالَفَ الْإِسْنَوِيُّ فَقَالَ: أَيْ بَعْضُ بَدَنِ أَحَدِهِمَا بَعْضُ بَدَنِ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 وَالِاعْتِبَارُ فِي السَّافِلِ بِمُعْتَدِلِ الْقَامَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ قَصِيرًا أَوْ قَاعِدًا فَلَمْ يُحَاذِ، وَلَوْ قَامَ مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ لَحَاذَى كَفَى ذَلِكَ. ثُمَّ هَذَا الشَّرْطُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى لَيْسَ كَافِيًا وَحْدَهُ بَلْ يُضَمُّ إلَى مَا تَقَدَّمَ حَتَّى لَوْ وَقَفَ الْمَأْمُومُ عَلَى صُفَّةٍ مُرْتَفِعَةٍ وَالْإِمَامُ فِي الصَّحْنِ فَلَا بُدَّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ وُقُوفِ رَجُلٍ عَلَى طَرَفِ الصُّفَّةِ، وَوُقُوفِ آخَرَ فِي الصَّحْنِ مُتَّصِلًا بِهِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَوْ أَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَلَوْ وَقَفَ فِي مَوَاتٍ وَإِمَامُهُ فِي مَسْجِدٍ) اتَّصَلَ بِهِ الْمَوَاتُ. (فَإِنْ لَمْ يَحُلْ شَيْءٌ) بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ. (فَالشَّرْطُ التَّقَارُبُ) أَيْ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ كَمَا فِي الْفَضَاءِ (مُعْتَبَرًا مِنْ آخِرِ الْمَسْجِدِ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ الصَّلَاةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ. (وَقِيلَ: مِنْ آخِرِ صَفٍّ) فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا الْإِمَامُ فَمِنْ مَوْقِفِهِ. (وَإِنْ حَالَ جِدَارٌ) لَا بَابَ فِيهِ. (أَوْ) فِيهِ. (بَابٌ مُغْلَقٌ مُنِعَ) الِاقْتِدَاءُ. (وَكَذَا الْبَابُ الْمَرْدُودُ وَالشُّبَّاكُ فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا إلَى مَنْعِ الْمُشَاهَدَةِ فِي الْأَوَّلِ وَمَنْعِ الِاسْتِطْرَاقِ فِي الثَّانِي، وَالْمُقَابِلُ يَنْظُرُ إلَى الِاسْتِطْرَاقِ فِي الْأَوَّلِ وَالْمُشَاهَدَةِ فِي الثَّانِي لَكِنَّ جَانِبَ الْمَنْعِ أَوْلَى بِالتَّغْلِيبِ. أَمَّا الْبَابُ الْمَفْتُوحُ فَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْوَاقِفِ بِحِذَائِهِ وَالصَّفِّ الْمُتَّصِلِ بِهِ وَإِنْ خَرَجُوا عَنْ الْمُحَاذَاةِ بِخِلَافِ الْعَادِلِ عَنْ مُحَاذَاتِهِ فَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاؤُهُ لِلْحَائِلِ. وَقِيلَ يَجُوزُ إذَا كَانَ الْجِدَارُ، لِلْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَائِهِ، وَالشَّارِعُ الْمُتَّصِلُ بِالْمَسْجِدِ كَالْمَوَاتِ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ الصَّفِّ مِنْ الْمَسْجِدِ بِالطَّرِيقِ وَالْفَضَاءُ الْمَمْلُوكُ الْمُتَّصِلُ بِالْمَسْجِدِ كَالشَّارِعِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ، وَهُوَ جَامِعٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّ الْبَغَوِيّ قَالَ بِاشْتِرَاطِ   [حاشية قليوبي] عَلَى عُلُوٍّ، وَضَمِيرُهُ يَعُودُ عَلَى الْوُقُوفِ الْمَفْهُومِ مِنْ وَقَفَ. قَوْلُهُ: (حَتَّى لَوْ كَانَ إلَخْ) وَأَمَّا عَكْسُ هَذِهِ بِأَنْ وُجِدَتْ الْمُحَاذَاةُ بِالْفِعْلِ لِطُولِهِ وَلَوْ كَانَ مُعْتَدِلًا لَمْ يُحَاذِ فَلَا يَضُرُّ لِوُجُودِ الْمُحَاذَاةِ حَقِيقَةً. وَقِيلَ: يَضُرُّ. قَوْلُهُ: (الْمَبْنِيُّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ الرَّاجِحَةُ فَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِالْمَسَافَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ أَنَّ الِارْتِفَاعَ يُعْتَبَرُ مِنْ الْمَسَافَةِ مُمْتَدًّا وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ فِي قَرْيَةٍ عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ يَسْمَعُونَ نِدَاءَ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ خَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَغَيْرُهُ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي ذَلِكَ وَاعْتَبَرُوا زَوَالَهُ وَفَرْضَ الْقَرْيَةِ عَلَى مُحَاذَاةِ مَحَلِّهَا مِنْ الْأَرْضِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ عَدَمُ اعْتِبَارِ قَدْرِ مَسَافَةِ الِارْتِفَاعِ هُنَا فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ) إمَّا لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ، وَإِمَّا لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِمُحَاذَاةِ الْبَدَنِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (فِي مَوَاتٍ وَإِمَامُهُ فِي مَسْجِدٍ) وَكَذَا عَكْسُهُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ، وَبِذَلِكَ تُتَمَّمُ الْأَحْوَالُ الْأَرْبَعَةُ، وَالْمُرَادُ بِالْمَوَاتِ هُنَا: مَا لَيْسَ مَسْجِدًا خَالِصًا وَفِي نِسْبَةِ الِاتِّصَالِ لِلْمَوَاتِ اعْتِبَارُ تَأْخِيرِهِ عَنْ الْمَسْجِدِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ، وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ فِيمَا لَوْ وَقَفَا فِي مَسْجِدَيْنِ بَيْنَهُمَا مَوَاتٌ أَوْ شَارِعٌ أَوْ نَهْرٌ لَيْسَتْ أَرْضُهُ مَسْجِدًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ شَيْءٌ) أَيْ مِمَّا يَمْنَعُ الْمُرُورَ أَوْ الرُّؤْيَةَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ حَالَ جِدَارٌ) وَأَقَلُّهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنْ يُحَوَّجَ إلَى وَثْبَةٍ فَاحِشَةٍ وَمِثْلُ الْجِدَارِ وَهْدَةٌ بَيْنَهُمَا كَأَنْ كَانَا عَلَى سَطْحَيْنِ بَيْنَهُمَا شَارِعٌ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ إلَّا إنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا دَرَجٌ مَثَلًا مِنْ الْمُنْخَفِضِ، بِحَيْثُ يُمْكِنُ اسْتِطْرَاقُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْبَارٍ لِلْقِبْلَةِ. وَهَذَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ: ازْوِرَارٌ وَانْعِطَافٌ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ التَّفْسِيرِ أَوْ الْمُرَادِفِ أَوْ الْأَخَصِّ وَلَا يَضُرُّ نَحْوُ تَيَامُنٍ أَوْ تَيَاسُرٍ. قَوْلُهُ: (وَالشَّارِعُ الْمُتَّصِلُ) وَمِثْلُهُ الْبِنَاءُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْفَضَاءُ الْمَمْلُوكُ) وَكَذَا الْمُبَعَّضُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ   [حاشية عميرة] وَالِاعْتِبَارُ فِي السَّافِلِ إلَخْ) لَوْ كَانَ مُحَاذِيًا بِالْفِعْلِ لِطُولِهِ وَلَوْ كَانَ مُعْتَدِلًا لَمْ يُحَاذِ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (الْمَبْنِيُّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى) خَالَفَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَكُونَا فِي مَسْجِدٍ فَإِنْ كَانَا صَحَّ مُطْلَقًا اهـ. فَاقْتَضَى صَنِيعُهُ أَنَّ الْحُكْمَ مَفْرُوضٌ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ مَعًا وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَضَمَّ إلَى مَسْأَلَةِ الْمَسْجِدِ مَا لَوْ كَانَ الْمُرْتَفِعُ أَكَمًا نَظَرًا إلَى أَنَّهُمَا فِي قَرَارٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا عُلُوًّا وَسُفْلًا وَلَكِنَّ الْعِرَاقِيَّ فَهِمَ كَمَا فَهِمَ الشَّارِحُ، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ التَّحْقِيقِ ظَاهِرَةً فِي جَرَيَانِ ذَلِكَ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ) لَعَلَّ هَذَا الْمَحَلَّ مَأْخَذُ الشَّارِحِ الْبِنَاءَ عَلَى الْأَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ: مِنْ آخِرِ صَفٍّ) أَيْ نَظَرًا إلَى أَنَّ الِاتِّصَالَ مُرَاعًى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ لَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ خَارِجَهُ، فَالِاعْتِبَارُ مِنْ آخِرِ الْمَسْجِدِ أَيْضًا لَا مِنْ مَوْقِفِ الْمَأْمُومِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنَعَ) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ الِانْتِقَالَاتِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ إلَخْ) يَعْنِي وَقِيلَ: يَأْتِي هُنَا طَرِيقُ الْمُرَاوَزَةِ وَقِسْ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْبَغَوِيّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 اتِّصَالِ صَفٍّ مِنْ الْمَسْجِدِ بِالْفَضَاءِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمَوَاتِ. (قُلْتُ: يُكْرَهُ ارْتِفَاعُ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ وَعَكْسُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ) كَتَعْلِيمِ الْإِمَامِ الْمَأْمُومَ صِفَةَ الصَّلَاةِ، وَكَتَبْلِيغِ الْمَأْمُومِ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ. (فَيُسْتَحَبُّ) ارْتِفَاعُهُمَا لِذَلِكَ. (وَلَا يَقُومُ) مُرِيدُ الصَّلَاةِ. (حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ. (وَلَا يَبْتَدِئُ نَفْلًا بَعْدَ شُرُوعِهِ) أَيْ الْمُؤَذِّنُ (فِيهَا) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» ، (فَإِنْ كَانَ فِيهَا أَتَمَّهُ إنْ لَمْ يَخْشَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ) بِإِتْمَامِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَإِنْ خَشِيَهُ قَطَعَ النَّفَلَ وَدَخَلَ فِي الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْهُ بِفَرْضِيَّتِهَا أَوْ تَأَكُّدِهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا تُدْرَكُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ فَفَوَّتَهَا بِسَلَامِهِ كَمَا صَرَّحَ لَهُ هُنَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.   [حاشية قليوبي] أَنَّ الطَّرِيقَيْنِ فِي الْبِنَاءَيْنِ لَا يَجْرِيَانِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْفَضَاءِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ شَرْحِ الرَّوْضِ جَرَيَانُهُمَا فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ مَرْجُوحٌ. (فَرْعٌ) لَوْ كَانَا فِي سَفِينَتَيْنِ صَحَّ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَكْشُوفَتَيْنِ وَلَمْ تُرْبَطْ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى بِشَرْطِ الْمَسَافَةِ وَعَدَمِ الْحَائِلِ وَالْمَاءُ بَيْنَهُمَا كَالنَّهْرِ بَيْنَ الْمَكَانَيْنِ. قَوْلُهُ: (يُكْرَهُ ارْتِفَاعُ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ وَعَكْسُهُ) وَلَوْ عَلَى جَبَلٍ أَوْ حَائِطٍ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَتَفُوتُ بِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي مَسْجِدٍ بُنِيَ كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ ارْتِفَاعٌ يَظْهَرُ فِي الْحِسِّ عُرْفًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْرَ قَامَةٍ وَضَمِيرُ عَكْسِهِ عَائِدٌ لِارْتِفَاعِ الْمَأْمُومِ فَهُوَ انْخِفَاضُهُ عَنْ الْإِمَامِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِكُلِّ مَأْمُومٍ أَنْ يَكُونَ مَوْقِفُهُ مُرْتَفِعًا عَنْ مَوْقِفِ الْإِمَامِ أَوْ مُنْخَفِضًا عَنْهُ، وَهَذَا بِظَاهِرِهِ يَشْمَلُ مَا لَوْ ارْتَفَعَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ أَوْ انْخَفَضَ وَحْدَهُ وَنِسْبَةُ الْكَرَاهَةِ لِلْمَأْمُومِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَالْوَجْهُ فِي هَذَيْنِ نِسْبَةُ الْكَرَاهَةِ لِلْإِمَامِ حَيْثُ لَا عُذْرَ، عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعَكْسَ رَاجِعٌ لِارْتِفَاعِ الْإِمَامِ، فَنَسَبَ الْكَرَاهَةَ إلَيْهِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ كَتَعْلِيمٍ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ الْمَفْهُومِ مِنْ انْخِفَاضِ الْمَأْمُومِ وَمَا بَعْدَهُ مُسْتَثْنًى مِنْ ارْتِفَاعِ الْمَأْمُومِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقُومُ) أَيْ يُنْدَبُ وَالْمُرَادُ يَتَوَجَّهُ وَلَوْ قَاعِدًا وَدَخَلَ فِيهِ الْإِمَامُ، نَعَمْ يُنْدَبُ لِلْمُقِيمِ أَنْ يُقِيمَ قَائِمًا: وَكَذَا بَطِيءُ الْحَرَكَةِ أَنْ يُقِيمَ فِي وَقْتٍ يُدْرِكُ فَضِيلَةَ التَّحَرُّمِ. قَوْلُهُ: (مُرِيدُ الصَّلَاةِ) هُوَ أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمَأْمُومِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (الْمُؤَذِّنُ) الْمُرَادُ الْمُقِيمُ وَإِنْ لَمْ يُؤَذِّنْ وَالتَّعْبِيرُ بِهِ لِلْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَبْتَدِئُ نَفْلًا) أَيْ فَيُكْرَهُ. قَوْلُهُ: (فَوْتَ الْجَمَاعَةِ) أَيْ إنْ لَمْ يَرْجُ جَمَاعَةً بَعْدَهَا وَإِلَّا فَلَا يَقْطَعُهُ. قَوْلُهُ: (قَطَعَ النَّفَلَ) أَيْ نَدْبًا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَوُجُوبًا فِيهَا، وَخَرَجَ بِفَوْتِ الْجَمَاعَةِ فَوْتُ بَعْضِ الرَّكَعَاتِ أَوْ التَّحَرُّمِ، وَبِالنَّفَلِ الْفَرْضُ فَلَا يَجُوزُ قَطْعُ الْمَقْضِيِّ مِنْهُ إلَّا لِجَمَاعَةٍ تُنْدَبُ فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ فِي نَوْعِهِ وَلَيْسَ فَوْرِيًّا وَلَا الْمُؤَدَّى مِنْهُ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ. وَكَذَا إنْ اتَّسَعَ إلَّا إنْ كَانَ لِأَجْلِ جَمَاعَةٍ تُنْدَبُ فِيهِ بَعْدَ قَلْبِهِ نَفْلًا وَيُنْدَبُ إتْمَامُ رَكْعَتَيْنِ مِنْهُ بَعْدَ قَلْبِهِ نَفْلًا وَيُسَلِّمُ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَةٍ بَعْدَ قَلْبِهِ نَفْلًا فَرَاجِعْهُ.   [حاشية عميرة] فَرْعٌ) الدَّارُ وَالْمَدْرَسَةُ مَعَ الْمَسْجِدِ يَأْتِي فِيهِمَا الطَّرِيقَانِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ جَامِعٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْفَضَاءِ الْمَمْلُوكِ أَنَّهُ كَالشَّارِعِ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الصَّحِيحَ إلْحَاقُهُ بِالْمَوَاتِ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ الِاتِّصَالُ فَإِلْحَاقُهُ بِالْمَوَاتِ هُوَ مَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَاشْتِرَاطُ الِاتِّصَالِ الْمَحْكِيُّ بِقِيلَ هِيَ مَقَالَةُ الْبَغَوِيّ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ جَامِعٌ أَيْضًا) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَمَا ذَكَرَهُ وَقَوْلُهُ: بِالْفَضَاءِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالْفَضَاءُ الْمَمْلُوكُ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّهُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنَّ الْبَغَوِيّ. [ارْتِفَاعُ الْمَأْمُوم عَلَى إمَامِهِ وَعَكْسُهُ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَقُومُ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُرِيدَ بِهِ التَّوَجُّهَ وَالْإِقْبَالَ لِيَشْمَلَ مَنْ يُصَلِّي مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَتَّى يَفْرُغَ الْمُؤَذِّنُ) يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ أَقَامَ غَيْرُ مَنْ أَذَّنَ. قَوْلُهُ: (إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ) وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ: إذَا أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَخْشَ إلَخْ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ إتْمَامَهُ إذَا رَجَا جَمَاعَةً أُخْرَى بِسَبَبِ تَلَاحُقِ الثَّانِي. قَالَ: وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تُجْعَلَ أَلْ فِي الْجَمَاعَةِ لِلْجِنْسِ لَا لِلْعَهْدِ اهـ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْهُ بِفَرْضِيَّتِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ: لِأَنَّهَا فَرْضٌ أَوْ صِفَةُ فَرْضٍ، وَنَقَلَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ قَالَ: يَقْتَصِرُ مِنْهُ عَلَى مَا يُمْكِنُ قَالَ: أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ وَهُوَ أَصْوَبُ مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ يَعْنِي بِالْقَطْعِ. وَنَقَلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ ذَلِكَ لَوْ خَافَ فَوْتَ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ وَأَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ نَقَلَهُ عَنْ بَحْثِ صَاحِبِ الذَّخَائِرِ ثُمَّ رَجَّحَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 (فَصْلٌ شَرْطُ الْقُدْوَةِ) فِي الِابْتِدَاءِ (أَنْ يَنْوِيَ الْمَأْمُومُ مَعَ التَّكْبِيرِ الِاقْتِدَاءَ أَوْ الْجَمَاعَةَ) وَإِلَّا فَلَا تَكُونُ صَلَاتُهُ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ، وَنِيَّةُ الْجَمَاعَةِ صَالِحَةٌ لِلْإِمَامِ وَعَبَّرَ بِهَا فِيهِ أَبُو إِسْحَاقَ ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ. وَتَتَعَيَّنُ بِالْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ لِلِاقْتِدَاءِ وَلِلْإِمَامَةِ وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الْإِمَامَ يَنْوِي الْجَمَاعَةَ. وَصَحَّحَ أَنَّهُ لَا يَنْوِيهَا قَاصِرًا بِهَا عَلَى الِاقْتِدَاءِ. وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي جَوَازُ قُدْوَةِ الْمُنْفَرِدِ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَا تَكْبِيرَ فِيهَا. (وَالْجُمُعَةُ كَغَيْرِهَا) فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يَقُولُ اخْتَصَّتْ بِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا بِالْجَمَاعَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى نِيَّتِهَا فِيهَا. (فَلَوْ تَرَكَ هَذِهِ النِّيَّةَ وَتَابَعَ فِي الْأَفْعَالِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَى صَلَاةِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ رَابِطٍ بَيْنَهُمَا، وَالثَّانِي يَقُولُ: الْمُرَادُ بِالْمُتَابَعَةِ هُنَا أَنْ يَأْتِيَ بِالْفِعْلِ بَعْدَ الْفِعْلِ لَا لِأَجْلِهِ، وَإِنْ تَقَدَّمَهُ انْتِظَارٌ كَثِيرٌ لَهُ فَلَا نِزَاعَ فِي الْمَعْنَى. (وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْإِمَامِ) فِي النِّيَّةِ بَلْ تَكْفِي نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ الْحَاضِرِ أَوْ الْجَمَاعَةِ مَعَهُ. (فَإِنْ عَيَّنَهُ وَأَخْطَأَ) كَأَنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَبَانَ أَنَّهُ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ) فِي ذِكْرِ بَعْضِ بَقِيَّةِ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. وَالْمَذْكُورُ مِنْهَا هُنَا ثَلَاثَةٌ: نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ، وَاتِّفَاقُ نَظْمِ الصَّلَاةِ، وَالْمُوَافَقَةُ فِي السُّنَنِ الَّتِي تَفْحُشُ مُخَالَفَتُهَا. قَوْلُهُ: (فِي الِابْتِدَاءِ) قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ مَعَ التَّكْبِيرِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاتِّفَاقِ وَسَيَأْتِي مَفْهُومُهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ التَّكْبِيرِ) أَيْ مَعَ جُزْءٍ مِنْهُ كَمَا فِي أَصْلِ النِّيَّةِ، وَأَوْلَى وَلَوْ قَصَدَ عَدَمَ الِاقْتِدَاءِ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ كَأَنْ قَالَ: نَوَيْت الِاقْتِدَاءَ إلَّا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَثَلًا أَوْ إلَّا فِي تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ مَثَلًا صَحَّ الِاقْتِدَاءُ وَلَغَا مَا قَصَدَهُ. قَوْلُهُ: (وَتَتَعَيَّنُ بِالْقَرِينَةِ) وَالْقَرِينَةُ صَارِفَةٌ لِلنِّيَّةِ إلَى مَا صَدَقَاتُهَا كَنِيَّةِ الْمَأْمُومِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ الْمُنْصَرِفَةِ إلَى الْإِمَامِ الْحَاضِرِ بِقَرِينَةِ الْحُضُورِ، أَوْ كَنِيَّةِ الْحَدَثِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْجُنُبِ الْمُنْصَرِفَةِ إلَى الْجَنَابَةِ بِقَرِينَةِ كَوْنِهَا عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْجُمُعَةُ كَغَيْرِهَا) مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارِ الْمُتَابَعَةِ وَإِلَّا فَالْجُمُعَةُ لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا كَالْمُعَادَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ بِالْمَطَرِ تَقْدِيمًا. وَقَيَّدَ بِالْمَذْكُورَةِ لِإِخْرَاجِ النِّيَّةِ فِي الْأَثْنَاءِ الْآتِيَةِ. (فَرْعٌ) : قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْإِمَامَةُ فِي مَحَلٍّ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ تَرَكَ هَذِهِ النِّيَّةَ) أَيْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْإِتْيَانُ بِهَا وَلَوْ لِنِسْيَانٍ أَوْ جَهْلٍ، وَلَمْ يَتَذَكَّرْ الْإِتْيَانَ بِهَا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِي نَحْوِ الْجُمُعَةِ وَصَارَ مُنْفَرِدًا فِي غَيْرِهَا كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَاعْتَمَدُوهُ. قَوْلُهُ: (وَتَابَعَ) عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا غَيْرُ مَعْذُورٍ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَفْعَالِ) وَلَوْ فِعْلًا وَاحِدًا فَلَامُهُ لِلْجِنْسِ وَمِثْلُهُ السَّلَامُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَى صَلَاةِ غَيْرِهِ) أَيْ مَعَ انْضِمَامِ الْمُتَابَعَةِ لِأَنَّ الِانْتِظَارَ لَا يَضُرُّ كَمَا يَأْتِي إنْ كَانَ يَسِيرًا مُطْلَقًا، أَوْ كَثِيرًا مَعَ عَدَمِ الْمُتَابَعَةِ وَلَوْ انْتَظَرَ فِي كُلِّ رُكْنٍ يَسِيرًا وَلَوْ جَمَعَ كَانَ كَثِيرًا لَمْ يَضُرَّ عِنْدَ شَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ، وَخَالَفَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ. قَوْلُهُ: (لَا لِأَجْلِهِ) أَيْ الْإِمَامِ أَوْ فِعْلِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا نِزَاعَ فِي الْمَعْنَى) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْإِتْيَانُ بِالْفِعْلِ لِأَجْلِ فِعْلِ الْآخَرِ ضَرَّ اتِّفَاقًا أَوْ لَا لِأَجْلِهِ لَمْ يَضُرَّ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْإِمَامِ) بِاسْمٍ أَوْ صِفَةٍ بِلِسَانٍ أَوْ بِقَلْبٍ، إلَّا إنْ تَعَدَّدَتْ الْأَئِمَّةُ فَيَجِبُ تَعْيِينُ وَاحِدٍ. قَوْلُهُ: (الْحَاضِرِ) هُوَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ فَلَا حَاجَةَ لِمُلَاحَظَتِهِ لِتَعْيِينِهِ بِالْقَرِينَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَعَهُ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَيَّنَهُ) أَيْ بِقَلْبِهِ بِأَنْ لَاحَظَ اسْمَهُ كَزَيْدٍ أَوْ وَصْفَهُ الْمُعَلَّقَ بِاسْمِهِ كَالْحَاضِرِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ زَيْدٌ، وَلَمْ يُلَاحِظْ شَخْصَهُ وَأَخْطَأَ بِأَنْ ظَهَرَ أَنَّهُ غَيْرُ زَيْدٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ لَمْ تَنْعَقِدْ فَإِنْ لَاحَظَ الْحَاضِرَ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقٍ بِالِاسْمِ، أَوْ لَاحَظَ شَخْصَهُ وَلَوْ مَعَ تَعَلُّقِهِ بِالِاسْمِ لَمْ تَبْطُلْ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْخَطَأُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ فَإِنْ أَشَارَ إلَيْهِ إلَخْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِشَارَةَ الْحِسِّيَّةَ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَنْزِلُ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ شَرْطُ الْقُدْوَةِ] ِ إلَخْ) قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَعَ التَّكْبِيرِ) . قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَسَائِرِ مَا يَنْوِيه وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَنْ يَكُونَ مِنْ أَوَّلِ التَّكْبِيرِ إلَخْ ثُمَّ اعْتَرَضَ اشْتِرَاطَ كَوْنِهَا مَعَ التَّكْبِيرِ بِصِحَّتِهَا فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ النِّيَّةُ لِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ عَمَلٌ. وَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» . قَوْلُهُ: (وَتَتَعَيَّنُ بِالْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ لِلِاقْتِدَاءِ) عِبَارَةُ السُّبْكِيّ كَانَ مُرَادُهُمْ بِنِيَّةِ الْجَمَاعَةِ هُنَا الْحَاضِرَةَ الَّتِي مَعَ الْإِمَامِ فَيَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ. قَوْلُهُ: (فَلَا حَاجَةَ إلَخْ) ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ بَدَلَهُ، وَكَانَ التَّصْرِيحُ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ مُغْنِيًا عَنْ التَّصْرِيحِ بِنِيَّةِ الْجَمَاعَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ رَابِطٍ بَيْنَهُمَا) زَادَ غَيْرُهُ وَفِيهِ مَا يُشْغِلُ الْقَلْبَ وَيَسْلُبُ الْخُشُوعَ فَيَمْنَعُ مِنْهُ. [تَعْيِينُ الْإِمَامِ فِي النِّيَّةِ] . قَوْلُهُ: (فِي النِّيَّةِ) هُوَ مَعْنَى عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَحَيْثُ قَالَ: لَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يُعَيِّنَ فِي نِيَّتِهِ الْإِمَامَ اهـ. وَعِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُهُ فَيَشُقُّ تَكْلِيفُهُ الْمَعْرِفَةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ عَيَّنَهُ إلَخْ) لَيْسَ، الْمُرَادُ تَعْيِينَهُ. بِالْإِشَارَةِ الْقَلْبِيَّةِ إلَى ذَاتِهِ إنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يَعْتَقِدَهُ بِقَلْبِهِ زَيْدًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 عَمْرٌو. (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِمُتَابَعَتِهِ مَنْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَإِنْ قَالَ الْحَاضِرُ أَوْ هَذَا فَوَجْهَانِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الْأَرْجَحُ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ: (وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْإِمَامِ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ) فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ. (وَتُسْتَحَبُّ) لَهُ لِيَنَالَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ: يَنَالُهَا مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لِتَأَدِّي شِعَارِ الْجَمَاعَةِ بِمَا جَرَى. وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِيمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فَاقْتَدَى بِهِ جَمْعٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمْ: يَنَالُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُمْ نَالُوهَا بِسَبَبِهِ. كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ. زَادَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْهُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِهِمْ وَلَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الْفَضِيلَةُ. وَعَبَّرَ فِي قَوْلِهِ بِالْوَجْهِ الثَّالِثِ، وَمِنْ فَوَائِدِ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ هَلْ تَصِحُّ جُمُعَتُهُ؟ وَالْأَصَحُّ لَا تَصِحُّ وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ. وَسَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْ وَقْتِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ وَذَكَرَ الْجُوَيْنِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ: أَنَّهَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ: وَقَالَ فِي الْبَيَانِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ: تَجُوزُ بَعْدَهُ وَقَالَ هُنَا لَا تَصِحُّ عِنْدَهُ أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِمَامٍ الْآنَ. (فَلَوْ أَخْطَأَ فِي تَعْيِينِ تَابِعِهِ) الَّذِي نَوَى الْإِمَامَةَ بِهِ. (لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّ غَلَطَهُ فِي النِّيَّةِ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهَا وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا سَبَقَ.   [حاشية قليوبي] كَلَامُهُمْ الَّذِي ظَاهِرُهُ لِلْمُخَالَفَةِ أَوْ التَّنَاقُضِ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (لِمُتَابَعَتِهِ) أَيْ لِرَبْطِهِ مُتَابَعَتَهُ بِمَنْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، وَإِذَا بَطَلَتْ فِي هَذَا مَعَ كَوْنِ الْمَتْبُوعِ مِمَّنْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فَبُطْلَانُهَا بِرَبْطِهَا بِمَنْ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ أَوْلَى كَمَا لَوْ رَأَى شَخْصًا فَظَنَّهُ مُصَلِّيًا فَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُصَلٍّ، أَوْ رَأَى جَمَادًا مَلْفُوفًا فِي ثَوْبٍ كَالْآدَمِيِّ فَاقْتَدَى بِهِ. فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ: إنَّهَا تَنْعَقِدُ فُرَادَى مَرْدُودٌ. (فَرْعٌ) لَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِجُزْئِهِ كَيَدِهِ مَثَلًا فَإِنْ نَوَى بِهِ جُمْلَتَهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَتُسْتَحَبُّ) أَيْ إنْ رَجَا مَنْ يَقْتَدِي بِهِ وَإِلَّا فَلَا تُسْتَحَبُّ لَكِنْ، لَا تَضُرُّ لَوْ أَتَى بِهَا. نَعَمْ تَجِبُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ شَرْطُهَا الْجَمَاعَةُ كَالْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ فَوَائِدِ الْوَجْهَيْنِ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ الثَّالِثِ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ) لَا تَصِحُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ لَا تَصِحُّ جُمُعَةُ الْإِمَامِ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْإِمَامِ. وَكَذَا الْقَوْمُ إنْ عَلِمُوا بِهِ وَإِلَّا فَكَمَا لَوْ بَانَ مُحْدِثًا. قَوْلُهُ: (تَجُوزُ بَعْدُهُ) أَيْ تَصِحُّ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ مِنْ الْإِمَامِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ نَحْوِ الْجُمُعَةِ وَلَا تَنْعَطِفُ عَلَى مَا مَضَى قَبْلَهَا، بِخِلَافِ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ، وَبِخِلَافِ الْمَأْمُومِ الْمَسْبُوقِ لِأَنَّهُ اسْتِصْحَابٌ. قَوْلُهُ: (لَا تَصِحُّ) نِيَّةُ الْإِمَامِ الْإِمَامَةَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ وَهُوَ غَرِيبٌ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي الْفَوْرِيَّةُ بِهَا عِنْدَ إحْرَامِ مِمَّنْ خَلْفَهُ، وَيُغْتَفَرُ مُضِيُّ ذَلِكَ الْجُزْءِ فُرَادَى، أَوْ يُقَالُ بِانْعِطَافِ النِّيَّةِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِمَامٍ الْآنَ) وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ سَيَصِيرُ إمَامًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ مُسَاوٍ لِلْإِشْكَالِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَضُرَّ) أَيْ الْخَطَأُ نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ يَضُرُّ الْخَطَأُ فِي نَحْوِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَجِبُ لَهُ التَّعَرُّضُ فِيهِ لِلْمَأْمُومِ جُمْلَةً، وَلَوْ عَيَّنَ فِي الْجُمُعَةِ دُونَ أَرْبَعِينَ بِالْعَدَدِ أَوْ بِالْأَسْمَاءِ لَمْ يَضُرَّ إلَّا إنْ نَوَى عَدَمَ الْإِمَامَةِ بِغَيْرِهِمْ فَيَضُرُّ سَوَاءٌ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ أَوْ لَا. كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا كَغَيْرِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] فَيَبِينَ عَمْرًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. لَكِنْ لَوْ عَبَّرَ الشَّارِحُ بِالْبَاءِ بَدَلَ الْكَافِ كَانَ أَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِمُتَابَعَتِهِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ وَجْهَ الْبُطْلَانِ الْمُتَابَعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ انْعَقَدَتْ مُنْفَرِدًا وَإِذَا لَمْ يُتَابِعْ لَا بُطْلَانَ. وَهَذَا مَا حَاوَلَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَيَشْهَدُ لَهُمَا حَالَةُ سَبْقِ الْإِمَامِ بِالتَّحَرُّمِ وَمَا لَوْ صَلَّى خَلْفَ رَجُلٍ فَبَانَ أُنْثَى. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَ الْحَاضِرُ) لَيْسَ الْمُرَادُ تَعَيُّنَ الْقَوْلِ اللَّفْظِيِّ. وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يَقْصِدَ بِقَلْبِهِ الْحَاضِرَ أَوْ يُشِيرَ إلَيْهِ إشَارَةً قَلْبِيَّةً. وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ أَيْ فِي حَالَةِ التَّعْيِينِ ثُمَّ الْخَطَأِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ التَّعْيِينَ، قَدْ يُفَارِقُ الرَّبْطَ الْقَلْبِيَّ بِالْحَاضِرِ، وَتَصْوِيرُهُ عُسْرٌ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَإِنْ تَكَلَّفَ مُتَكَلِّفٌ تَصْوِيرَ عَقْدِ الِاقْتِدَاءِ بِزَيْدٍ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ رَبْطٍ بِمَنْ هُوَ فِي الْمِحْرَابِ فَهَذَا فِي تَصْوِيرِهِ عُسْرٌ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ يَعْنِي مَنْ حَضَرَ وَمَنْ سَيَرْكَعُ بِرُكُوعِهِ وَيَسْجُدُ بِسُجُودِهِ اهـ. قَوْلُهُ: (فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ) أَيْ أَمَّا صَلَاةُ الْإِمَامِ فَصَحِيحَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ أَفْعَالَهُ غَيْرُ مَرْبُوطَةٍ بِفِعْلِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمَأْمُومِ. نَعَمْ إذَا لَمْ يَنْوِ كَانَ مُنْفَرِدًا عَلَى الصَّحِيحِ. وَكَذَا لَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُ وَخَالَفَ الْقَفَّالُ فَجَعَلَ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ إذَا عَلِمَ بِهِمْ. وَلَنَا قَوْلٌ أَيْضًا إنَّهَا شَرْطٌ كَمَذْهَبِ أَحْمَدَ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ فَوَائِدِ الْوَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا قَوْلُ الشَّارِحِ. وَقِيلَ: يَنَالُهَا مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ وَمُقَابِلُهُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ حِكَايَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ لَا تَصِحُّ) أَيْ وَلَكِنْ إذَا كَانَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَجَهِلُوا فَجُمُعَتُهُمْ صَحِيحَةٌ. كَمَا لَوْ بَانَ مُحْدِثًا. وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ جُمُعَتُهُ دُونَ الْجُمُعَةِ إشَارَةٌ لِمَا قُلْنَاهُ نَعَمْ إنْ قُلْنَا بِالْوَجْهِ الشَّاذِّ أَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامِ لِلْإِمَامَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ احْتَمَلَ حِينَئِذٍ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ، وَاحْتَمَلَ أَنْ تَصِحَّ كَمَسْأَلَةِ الْمُحْدِثِ لِعُذْرِهِمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 (وَتَصِحُّ قُدْوَةُ الْمُؤَدِّي بِالْقَاضِي وَالْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ، وَفِي الظُّهْرِ بِالْعَصْرِ وَبِالْعُكُوسِ) أَيْ الْقَاضِي بِالْمُؤَدِّي وَالْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ وَفِي الْعَصْرِ بِالظُّهْرِ، وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ (وَكَذَا الظُّهْرُ بِالصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ وَهُوَ) أَيْ الْمُقْتَدِي فِي ذَلِكَ. (كَالْمَسْبُوقِ) يُتِمُّ صَلَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ. (وَلَا تَضُرُّ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي الْقُنُوتِ) فِي الصُّبْحِ. (وَالْجُلُوسِ الْأَخِيرِ فِي الْمَغْرِبِ وَلَهُ فِرَاقُهُ إذَا اشْتَغَلَ بِهِمَا) بِالنِّيَّةِ وَاسْتِمْرَارُهُ أَفْضَلُ. ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَتَجُوزُ الصُّبْحُ خَلْفَ الظُّهْرِ فِي الْأَظْهَرِ) وَقَطَعَ بِهِ كَعَكْسِهِ بِجَامِعِ أَنَّهُمَا صَلَاتَانِ مُتَّفِقَتَانِ فِي النَّظْمِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى فَرَاغِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ قَبْلَ الْإِمَامِ (فَإِذَا قَامَ) الْإِمَامُ (لِلثَّالِثَةِ فَإِنْ شَاءَ) الْمَأْمُومُ. (فَارَقَهُ) بِالنِّيَّةِ (وَسَلَّمَ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ قُلْتُ انْتِظَارُهُ أَفْضَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْقُنُوتُ فِي الثَّانِيَةِ) بِأَنْ وَقَفَ الْإِمَامُ يَسِيرًا. (قَنَتَ وَإِلَّا تَرَكَهُ) . قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْ لَا يَجْبُرُهُ بِالسُّجُودِ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُهُ عَنْهُ. (وَلَهُ فِرَاقُهُ) بِالنِّيَّةِ (لِيَقْنُتَ) تَحْصِيلًا لِلسُّنَّةِ، وَلَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ خَلْفَ الظُّهْرِ فَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ إلَى الرَّابِعَةِ لَمْ يُتَابِعْهُ بَلْ يُفَارِقُهُ بِالنِّيَّةِ وَيَجْلِسُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، وَلَيْسَ لَهُ انْتِظَارُهُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ تَشَهُّدًا لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ قُدْوَةُ الْمُؤَدِّي إلَى آخِرِهِ) وَهَذَا مُفَادُ شَرْطِ اتِّفَاقِ نَظْمِ الصَّلَاتَيْنِ، وَهَذَا الِاقْتِدَاءُ تُصَاحِبُهُ الْكَرَاهَةُ وَمَعَ ذَلِكَ تَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ فِيمَا تُطْلَبُ فِيهِ أَصَالَةً عِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ. وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَالْمُخَالِفِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ تَجُوزُ وَإِنْ لَزِمَهُ الصِّحَّةُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الِاشْتِرَاطِ وَعَدَمِهِ مَعَ إيهَامِ الْجَوَازِ لِلْإِبَاحَةِ أَوْ السُّنِّيَّةِ. (تَنْبِيهٌ) هَذِهِ الْأَنْوَاعُ مُتَدَاخِلَةٌ إنْ لَمْ تُحْمَلْ عَلَى مَا لَا تَدَاخُلَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ. . . إلَخْ) لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا تَضُرُّ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ. . . إلَخْ) وَهَذَا مُفَادُ شَرْطِ عَدَمِ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ فِي سُنَنٍ تَفْحُشُ الْمُخَالَفَةُ فِيهَا. وَلِهَذَا تَضُرُّ عَدَمُ مُتَابَعَتِهِ كَأَنْ هَوَى الْمَأْمُومُ لِلسُّجُودِ وَالْإِمَامُ فِي قِيَامِ الْقُنُوتِ أَوْ قَامَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالْإِمَامُ فِيهِ أَوْ جَلَسَ لِلْإِتْيَانِ بِالتَّشَهُّدِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ قِيَامِ الْإِمَامِ. وَكَذَا لَوْ تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي هَذِهِ وَجَعَلَهُ مِنْ الْمَعْذُورِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ، وَتَخَلُّفُهُ لِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَهُ. كَذَا قَالُوا هُنَا فَانْظُرْ مَعَ مَا مَرَّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ فِي قَوْلِهِمْ: لَوْ قَامَ الْمَأْمُومُ عَنْ التَّشَهُّدِ وَانْتَصَبَ وَالْإِمَامُ فِيهِ أَوْ نَزَلَ إلَى السُّجُودِ عَنْ الْقُنُوتِ وَالْإِمَامُ فِيهِ حَيْثُ قَالُوا إنَّهُ إنْ كَانَ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى الْإِمَامِ أَوْ عَامِدًا عَالِمًا خُيِّرَ بَيْنَ الْعَوْدِ وَبَقَائِهِ حَتَّى يَلْحَقَهُ الْإِمَامُ وَالْأَفْضَلُ لَهُ الْعَوْدُ فَالْوَجْهُ أَنْ تُخَصَّ الْمُخَالَفَةُ هُنَا فِي السُّنَنِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الصَّلَاةِ لَا مِنْهَا، كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ، فَرَاجِعْ وَانْظُرْ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُفِيدُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ فِرَاقُهُ) أَيْ وَلَا تَفُوتُهُ الْفَضِيلَةُ. قَوْلُهُ: (كَعَكْسِهِ) وَهُوَ لَا خِلَافَ فِيهِ فَالْمُنَاسِبُ فِيهِ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (فَارَقَهُ بِالنِّيَّةِ) أَيْ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ مَعَهُ وَتَجُوزُ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (قَنَتَ) أَيْ نَدْبًا بِأَنْ أَدْرَكَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى وَجَوَازًا إنْ لَمْ يَسْبِقْهُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ لَمْ يَنْوِ مُفَارَقَتَهُ قَبْلَ تَمَامِهِمَا. قَوْلُهُ: (لَا يَجْبُرُهُ بِالسُّجُودِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَدَى بِتَخَالُفٍ فِي الصُّبْحِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ مُطْلَقًا لِاعْتِقَادِهِ خَلَلًا فِي صَلَاةِ إمَامِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ فِرَاقُهُ) فَعَدَمُ الْمُفَارَقَةِ أَفْضَلُ. قَوْلُهُ: (بَلْ يُفَارِقُهُ بِالنِّيَّةِ) أَيْ وُجُوبًا وَإِنْ جَلَسَ الْإِمَامُ لِلِاسْتِرَاحَةِ أَوْ   [حاشية عميرة] بِالْجَهْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ) دَلِيلُهُ قِصَّةُ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقِيسَ عَلَيْهِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَالْمَسْبُوقِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى الدَّلِيلِ أَعْنِي الْقِيَاسَ عَلَى الْمَسْبُوقِ. قَوْلُهُ: (ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) أَيْ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا اسْتِمْرَارُهُ الْقُنُوتَ وَالتَّشَهُّدَ كَالْمَسْبُوقِ، وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ كَالْمَسْبُوقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ الصُّبْحُ خَلْفَ الظُّهْرِ) وَلَا تَجُوزُ الْجُمُعَةُ إذَا كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ خَلْفَ الظُّهْرِ وَلَوْ مَقْصُورَةً. قَوْلُهُ: (كَعَكْسِهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَجُوزُ الصُّبْحُ خَلْفَ الظُّهْرِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَنْتَظِرُ إلَخْ) أَيْ وَذَلِكَ يُحْوِجُ إلَى الْمُفَارَقَةِ وَرَدَّ بِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ بَلْ الِانْتِظَارُ أَفْضَلُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَعْلِيلِ الْبُطْلَانِ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ سَبَقَهُ بِالْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ جَزْمًا. قَوْلُهُ: (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْقِيَاسُ السُّجُودُ اهـ. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ الْقِيَاسُ عَلَى الْمُخَالِفِ إذَا تَرَكَهُ لِاعْتِقَادِهِ عَدَمَ مَشْرُوعِيَّةِ الرُّكُوعِ بَعْدَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ فِرَاقُهُ) . قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 بِخِلَافِ الصُّبْحِ خَلْفَ الظُّهْرِ. (فَإِنْ اخْتَلَفَ فِعْلُهُمَا) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ (كَمَكْتُوبَةٍ وَكُسُوفٍ أَوْ جِنَازَةٍ لَمْ تَصِحَّ) الْقُدْوَةُ فِيهِمَا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ، وَالثَّانِي تَصِحُّ لِاكْتِسَابِ الْفَضِيلَةِ، وَيُرَاعِي كُلٌّ وَاجِبَاتِ صَلَاتِهِ، فَإِذَا اقْتَدَى مُصَلِّي الْمَكْتُوبَةِ بِمُصَلِّي الْجِنَازَةِ لَا يُتَابِعُهُ فِي التَّكْبِيرَاتِ وَالْأَذْكَارِ الَّتِي بَيْنَهَا، بَلْ إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ تُخُيِّرَ هُوَ بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ الْمُتَابَعَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْتَظِرَ سَلَامَ الْإِمَامِ، أَوْ بِمُصَلِّي الْكُسُوفِ تَابَعَهُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ إنْ شَاءَ رَفَعَ رَأْسَهُ مَعَهُ وَفَارَقَهُ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ قَبْلَ الرَّفْعِ وَلَا يَنْتَظِرُهُ بَعْدَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ. (فَصْلٌ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ) أَيْ الْإِمَامِ أَيْ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ (وَيَتَقَدَّمَ) ابْتِدَاءُ فِعْلِ الْمَأْمُومِ (عَلَى فَرَاغِهِ مِنْهُ) أَيْ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْفِعْلِ، فَلَا يَجُوزُ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ وَلَا التَّخَلُّفُ عَنْهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. وَفِي   [حاشية قليوبي] تَشَهَّدَ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَحْدَثَ. . . إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ أَحْدَثَ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ مَعَ طَلَبِهِ مِنْهُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اقْتَدَى مُصَلِّي الصُّبْحِ بِمُصَلِّي الظُّهْرِ، وَقَامَ الْإِمَامُ مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ فَتَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ عَلَى الْمَأْمُومِ، وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ تَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ إلَّا إنْ فَرَغَتْ صَلَاتُهُ فِي مَحَلٍّ يُطْلَبُ لِلْإِمَامِ فِيهِ التَّشَهُّدُ، وَتَشَهَّدَ فِيهِ بِالْفِعْلِ نَعَمْ لَهُ الِانْتِظَارُ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ، كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِيهَا. وَكَذَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي التَّشَهُّدِ. قَوْلُهُ: (وَكُسُوفٍ) أَيْ وَهَذَا مَفْهُومُ شَرْطِ اتِّفَاقِ نَظْمِ الصَّلَاةِ فَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ لِمَنْ أَحْرَمَ فِيهَا بِرُكُوعَيْنِ. وَكَذَا لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ فِي صَلَاتَيْ كُسُوفٍ إحْدَاهُمَا بِرُكُوعٍ وَالْأُخْرَى بِرُكُوعَيْنِ نَعَمْ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِمُصَلِّي الْكُسُوفِ بِرُكُوعَيْنِ بَعْدَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِاتِّفَاقِ النَّظْمِ حِينَئِذٍ، وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ مَا بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ، وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُصَلِّي بِمَنْ يَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ، وَصَحَّ عَكْسُهُ وَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِمُصَلِّي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ وَيُغْتَفَرُ لَهُ تَطْوِيلُ الِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسُ لِلْمُتَابَعَةِ. قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفِي شَرْحِهِ مَا يُخَالِفُهُ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ وَعَلَيْهِ فَيَنْتَظِرُهُ إذَا اعْتَدَلَ فِي السُّجُودِ بَعْدَهُ أَوْ فِي الرُّكُوعِ قَبْلَهُ، وَهُوَ أَوْلَى وَإِذَا جَلَسَ فِي إحْدَى السَّجْدَتَيْنِ وَالْأُولَى أَوْلَى. قَوْلُهُ: (أَوْ جِنَازَةٍ) لَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ لَشَمِلَ الصُّوَرَ السِّتَّ. قَوْلُهُ: (لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ) أَيْ بِحَسْبِ الْوَضْعِ وَلَوْ فِي الِابْتِدَاءِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِنِيَّةِ الْإِمَامِ أَوْ جَهِلَ الْبُطْلَانَ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَصْلٌ) فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ. وَالْمَذْكُورُ فِيهِ شَرْطٌ وَاحِدٌ وَهُوَ التَّبَعِيَّةُ. قَوْلُهُ: (مُتَابَعَةُ) الْأَوْلَى تَبَعِيَّةُ الْإِمَامِ إذْ لَا مَعْنَى لِلْمُفَاعَلَةِ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ إلَخْ) هُوَ مِنْ الْمُفْرَدِ الْمُضَافِ أَيْ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ كُلِّ فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِ الْمَأْمُومِ عَنْ ابْتِدَاءِ مِثْلِهِ مِنْ أَفْعَالِ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَقَدَّمُ إلَخْ) أَيْ وَيَتَقَدَّمُ ابْتِدَاءُ كُلِّ فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِ الْمَأْمُومِ عَلَى فَرَاغِ مِثْلِهِ مِنْ أَفْعَالِ الْإِمَامِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ وَيَتَقَدَّمُ. . . إلَخْ مُتَعَيِّنٌ لَا بُدَّ مِنْهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُسْتَدْرِكٌ لِلْإِيضَاحِ. وَبِذَلِكَ سَقَطَ اعْتِرَاضُ بَعْضِهِمْ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا ابْنِ حَجَرٍ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ ثُمَّ تَفْسِيرُ الْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ بِمَا ذَكَرَ صَحِيحٌ سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهَا مَا يُبْطِلُ تَرْكَهَا كَالتَّخَلُّفِ أَوْ السَّبْقِ بِرُكْنَيْنِ أَوْ مَا يُحَرِّمُ تَرْكَهَا، إنْ لَمْ يَبْطُلْ كَالسَّبْقِ بِرُكْنٍ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ مَا يَشْمَلُ تَرْكَهَا الْمَكْرُوهَ كَالْمُقَارَنَةِ عَلَى نَظِيرِ قَوْلِهِمْ تُنْدَبُ الطَّهَارَةُ ثَلَاثًا مَعَ وُجُوبِ أُولَاهَا وَتَفْسِيرُهَا بِالْمَنْدُوبَةِ لَا يَسْتَقِيمُ.   [حاشية عميرة] السُّبْكِيُّ وَتَرْكُ الْفِرَاقِ أَفْضَلُ كَقَطْعِ الْقُدْوَةِ بِالْعُذْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ جِنَازَةٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ لَأَفَادَ سِتَّ مَسَائِلَ فِي الْمَذْكُورَاتِ. [فَصْلٌ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ] (فَصْلٌ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ) قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُتَابَعَةُ) لَوْ عَبَّرَ بِالتَّبَعِيَّةِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ أَنَّ الْمَأْمُومَ يُطْلَبُ مِنْهُ الشُّرُوعُ فِي الْمُتَابَعَةِ عَقِبَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الْهُوِيِّ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ الْإِمَامُ إلَيْهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَيَتَقَدَّمُ أَيْ ابْتِدَاءُ الْمَأْمُومِ عَلَى فَرَاغِهِ يُصَدَّقُ بِمَا لَوْ وَقَعَ ابْتِدَاءُ الْمَأْمُومِ عَقِبَ ابْتِدَاءِ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ. وَلَكِنْ لَمْ يُكْمِلْ الْمَأْمُومُ الرُّكُوعَ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْهُ وَبِمَا لَوْ سَبَقَهُ الْمَأْمُومُ بِالرُّكُوعِ بَعْدَ تَأَخُّرِ الِابْتِدَاءِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ) أَيْ فَمَفْهُومُ الْعِبَارَةِ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فَلَا اعْتِرَاضَ. وَأَمَّا الْمُقَارَنَةُ فَقَدْ صَرَّحَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 صَحِيحِ مُسْلِمٍ حَدِيثُ: «لَا تُبَادِرُوا الْإِمَامَ إذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ: «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا.» (فَإِنْ قَارَنَهُ) فِي الْفِعْلِ أَوْ الْقَوْلِ (لَمْ يَضُرَّ إلَّا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) فَتَضُرُّ الْمُقَارَنَةُ فِيهَا أَيْ تَمْنَعُ انْعِقَادَ الصَّلَاةِ. وَيُشْتَرَطُ تَأَخُّرُ جَمِيعِ تَكْبِيرَةِ الْمَأْمُومِ عَنْ جَمِيعِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ. وَقِيلَ تَضُرُّ الْمُقَارَنَةُ فِي السَّلَامِ أَيْضًا اعْتِبَارًا لِلتَّحَلُّلِ بِالتَّحْرِيمِ، ثُمَّ الْمُقَارَنَةُ فِي الْأَفْعَالِ مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَفِي أَصْلِهَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَغَيْرُهُ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ لِنِيَّتِهَا وَأَنَّ الْمُتَابَعَةَ شَرْطٌ فِي حُصُولِ فَضِيلَتِهَا. (وَإِنْ تَخَلَّفَ) الْمَأْمُومُ (بِرُكْنٍ) فِعْلِيٍّ (بِأَنْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْهُ وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهُ) كَأَنْ ابْتَدَأَ الْإِمَامُ رَفْعَ الِاعْتِدَالِ وَالْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ. (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ تَخَلُّفَهُ يَسِيرٌ، وَالثَّانِي تَبْطُلُ فِي التَّخَلُّفِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَوْ اعْتَدَلَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ فِي الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ. (أَوْ) تَخَلَّفَ (بِرُكْنَيْنِ بِأَنْ فَرَغَ) الْإِمَامُ (مِنْهُمَا وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهُمَا) كَأَنْ ابْتَدَأَ الْإِمَامُ هَوِيَّ السُّجُودِ وَالْمَأْمُومُ فِي قِيَامِ الْقِرَاءَةِ. (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ) كَتَخَلُّفِهِ لِقِرَاءَةِ السُّورَةِ. (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِفُحْشِ تَخَلُّفِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. (وَإِنْ كَانَ) عُذْرٌ (بِأَنْ أَسْرَعَ) الْإِمَامُ (قِرَاءَتَهُ وَرَكَعَ قَبْلَ إتْمَامِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ) وَهُوَ بَطِيءُ الْقِرَاءَةِ،   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ) تُنْدَبُ الْمُقَارَنَةُ فِي بَطِيءِ الْقِرَاءَةِ وَفِيمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَطْمَئِنُّ مَعَ الْإِمَامِ إلَّا بِهَا. وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ انْتِظَارُ الْمَأْمُومِ لِيَطْمَئِنَّ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (لَا تُبَادِرُوا إلَخْ) فِيهِ نَفْيُ السَّبْقِ فَقَطْ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ لِصَرَاحَتِهِ فِي النَّهْيِ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْقَوْلِ) زَادَهُ لِيَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُتَّصِلًا. قَوْلُهُ: (فَتَضُرُّ الْمُقَارَنَةُ) أَيْ فِي التَّكْبِيرَةِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الْأَثْنَاءِ إلَّا إنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بَعْدَهَا مُطْلَقًا. نَعَمْ لَوْ كَبَّرَ عَقِبَ تَكْبِيرَةِ إمَامِهِ ثُمَّ كَبَّرَ إمَامُهُ ثَانِيًا خُفْيَةً لِشَكِّهِ فِي تَكْبِيرِهِ مَثَلًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَأْمُومُ لَمْ يَضُرَّ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ الْمُعْتَمَدِ، وَإِنَّمَا أَثَّرَ الشَّكُّ هُنَا لِلِاحْتِيَاطِ لِلنِّيَّةِ فَلَا يُنَافِي الشَّكَّ فِي حَالِ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ. وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ فِيمَنْ ظَنَّ إحْرَامَ إمَامِهِ فَأَحْرَمَ: أَنَّ صَلَاتَهُ تَنْعَقِدُ فُرَادَى مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ تَأَخُّرُ جَمِيعِ تَكْبِيرَةِ الْمَأْمُومِ عَنْ جَمِيعِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَلَا يَكْفِي الشَّكُّ كَمَا مَرَّ وَذَكَرَ هَذِهِ لِدَفْعِ إيهَامِ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ السَّابِقَةَ لَا تَضُرُّ إلَّا فِي الْجَمِيعِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْمُقَارَنَةُ فِي الْأَفْعَالِ) أَيْ الْمَطْلُوبُ فِيهَا عَدَمُهَا وَمِثْلُهَا الْأَقْوَالُ الْمَطْلُوبُ فِيهَا ذَلِكَ وَلَوْ أَدْخَلَهَا فِي كَلَامِهِ هُنَا مَا فَعَلَ أَوَّلًا لَكَانَ أَنْسَبَ. قَوْلُهُ: (مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ) أَيْ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ وَخَرَجَ بِالْمُقَارَنَةِ السَّبْقُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي الْفَاتِحَةِ مُطْلَقًا كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَحَرَامٌ فِي الْأَفْعَالِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (إنَّ الْجَمَاعَةَ تَحْصُلُ. . .) أَيْ فَتَصِحُّ مَعَهَا الْجُمُعَةُ، وَيَخْرُجُ بِهَا عَنْ نَذْرِهَا، وَتَصِحُّ مَعَهَا الْمُعَادَةُ وَيَسْقُطُ بِهَا الشِّعَارُ وَيَجْرِي فَوَاتُ الْفَضِيلَةِ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةِ، كَالِانْفِرَادِ خَلْفَ الصَّفِّ لَا فِي أَثْنَائِهِ وَلَا فِي نَحْوِ صَلَاةِ حَاقِنٍ. وَقَوْلُ شَيْخِنَا بِالْفَوَاتِ فِي الْمُفَارَقَةِ الْمُخَيَّرِ فِيهَا بَيْنَ الِانْتِظَارِ وَعَدَمِهِ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ الْآتِي فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ تَعْمِيمَ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ دُونَ الْخِلَافِ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا التَّخَلُّفَ حَرَامٌ لِقَوْلِ مُقَابِلِهِ بِالْبُطْلَانِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً تَنْزِيهِيَّةً كَالْمُقَارَنَةِ، وَلَعَلَّ التَّخَلُّفَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا حَرَامٌ عِنْدَهُ كَغَيْرِهِ. قَوْله: (وَلَوْ اعْتَدَلَ إلَخْ) هُوَ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ وَبَعْضِ رُكْنٍ وَفِيهِ الْخِلَافُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَالتَّخَلُّفُ بِرُكْنٍ أَوْ بَعْضِهِ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى. وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَوْ طَوَّلَ الِاعْتِدَالَ بِمَا لَا يُبْطِلُهُ حَتَّى جَلَسَ الْإِمَامُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَفَارَقَ الْبُطْلَانَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَبِأَنَّ الْبُطْلَانَ فِيهِ مِنْ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ لَا مِنْ السَّبْقِ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا هُنَا فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (لِقِرَاءَةِ السُّورَةِ) وَمِثْلُهَا الْقُنُوتُ وَجُلُوسُ الِاسْتِرَاحَةِ وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَلَوْ لِإِتْمَامِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا إنَّ   [حاشية عميرة] بِهَا. قَوْلُهُ: «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ» الْحَدِيثُ) هَذَا الْحَدِيثُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ مَنْعُ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَالْأَوَّلُ خَاصٌّ بِمَنْعِ التَّقَدُّمِ لَكِنْ دَلَالَتُهُ أَصْرَحُ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ التَّنْبِيهِ عَلَى هَذَا أَنَّ عِبَارَةَ الْمَتْنِ لَا تَفِي بِهِ بَلْ رُبَّمَا تُوهِمُ جَوَازَ الشُّرُوعِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ أَوْ وُجُوبَهُ. كَمَا يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ نَعَمْ يُفْهَمُ مِنْهَا امْتِنَاعُ التَّقَدُّمِ فِي التَّكْبِيرَةِ فَقَوْلُهُ بَعْدُ وَلَوْ سَبَقَ إمَامَهُ بِالتَّحَرُّمِ لَمْ تَنْعَقِدْ مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ بِدَلِيلِ مَا فِي الْمَتْنِ قَبْلَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ (مُفَوِّتَةٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ) يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ تَفْوِيتُ الْفَضِيلَةِ بِمَا حَصَلَتْ فِيهِ الْمُقَارَنَةُ. قَوْلُهُ: (وَفِي أَصْلِهَا) أَيْ وَاَلَّذِي فِي أَصْلِهَا إلَخْ. قَوْلُهُ: (بِرُكْنٍ) أَيْ فَقَطْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ) لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 وَلَوْ اشْتَغَلَ بِإِتْمَامِهَا لِاعْتِدَالِ الْإِمَامِ وَسَجَدَ قَبْلَهُ. (فَقِيلَ يَتْبَعُهُ وَتَسْقُطُ الْبَقِيَّةُ) لِلْعُذْرِ. (وَالصَّحِيحُ) لَا بَلْ (يُتِمُّهَا وَيَسْعَى خَلْفَهُ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ وَهِيَ الطَّوِيلَةُ) فَلَا يُعَدُّ مِنْهَا الْقَصِيرُ وَهُوَ الِاعْتِدَالُ وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ، فَيَسْعَى خَلْفَهُ إذَا فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ مَعَ فَرَاغِهِ مِنْهَا بِأَنْ ابْتَدَأَ فِي الرَّفْعِ اعْتِبَارًا بِبَقِيَّةِ الرَّكْعَةِ. (فَإِنْ سُبِقَ بِأَكْثَرَ) مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنْ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْفَاتِحَةِ إلَّا وَالْإِمَامُ قَائِمٌ عَنْ السُّجُودِ أَوْ جَالِسٌ لِلتَّشَهُّدِ. (فَقِيلَ يُفَارِقُهُ) بِالنِّيَّةِ لِتَعَذُّرِ الْمُوَافَقَةِ. (وَالْأَصَحُّ) لَا يُفَارِقُهُ بَلْ (يَتْبَعُهُ فِيمَا فِيهِ ثُمَّ يَتَدَارَكُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) مَا فَاتَهُ كَالْمَسْبُوقِ. وَقِيلَ يُرَاعِي نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ وَيَجْرِي عَلَى أَثَرِ الْإِمَامِ وَهُوَ مَعْذُورٌ. (وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ) الْمَأْمُومُ (الْفَاتِحَةَ لِشُغْلِهِ   [حاشية قليوبي] التَّخَلُّفَ لِإِتْمَامِهِ مَطْلُوبٌ. وَالْمُتَخَلِّفُ لِهَذَا الْإِتْمَامِ مَعْذُورٌ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ بِمُجَرَّدِ تَخَلُّفِهِ إنْ قَصَدَهُ وَإِلَّا فَبَعْدَ تَمَامِهِمَا نَعَمْ لَوْ كَانَا فِي التَّشَهُّدِ وَشَكَّ فِي سَجْدَتَيْهِ فَلَهُ فِعْلُهُمَا بَعْدَ سَجْدَتَيْ الْإِمَامِ. وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِيهِمَا قَبْلَ قِيَامِهِ وَبَعْدَ قِيَامِ الْإِمَامِ لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ، وَاعْتِبَارًا لِلدَّوَامِ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) مِنْهُ نَوْمٌ لَمْ تَبْطُلْ بِهِ كَأَنْ نَامَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ثُمَّ انْتَبَهَ فَقَامَ فَرَكَعَ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَتَخَلَّفُ وَيُتِمُّ الْفَاتِحَةَ وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ. كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ يَجِبُ أَنْ يَرْكَعَ مَعَهُ حَيْثُ لَمْ يُدْرِكْ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَمِنْ الْعُذْرِ نِسْيَانُ الْفَاتِحَةِ أَوْ الشَّكُّ فِيهَا قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ وَلَوْ بَعْدَ رُكُوعِهِ فَيَعُودُ إلَيْهَا وُجُوبًا مَا لَمْ يَرْكَعْ مَعَهُ الْإِمَامُ قَبْلَ عَوْدِهِ. وَمِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَمِنْ الْعُذْرِ انْتِظَارُ الْمُوَافِقِ فَرَاغَ إمَامِهِ مِنْ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَلَوْ فِي السِّرِّيَّةِ سَوَاءٌ اشْتَغَلَ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ أَوْ لَا، وَمِنْ الْعُذْرِ وَسْوَسَةٌ خَفِيفَةٌ عُرْفًا وَلَيْسَ مِنْهُ تَرْكُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَمْدًا لِغَيْرِ مُوجِبٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ بَطِيءُ الْقِرَاءَةِ) أَيْ خِلْقَةً وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْإِسْرَاعَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُوَ الْقِرَاءَةُ الْمُعْتَدِلَةُ، أَمَّا الْإِسْرَاعُ الْحَقِيقِيُّ فَيَكْفِي الْمَأْمُومَ فِيهِ مَا قَرَأَهُ وَلَوْ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرُّكُوعُ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَرْكَعْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. نَعَمْ إنْ كَانَ اشْتَغَلَ بِسُنَّةٍ فَقِيَاسُ مَا قَبْلَهُ أَنَّهُ يَتَخَلَّفُ لِقِرَاءَةِ قَدْرِ مَا فَاتَهُ مِنْ زَمَنِ الْفَاتِحَةِ لَا بِقَدْرِ مَا أَتَى بِهِ وَهُوَ حِينَئِذٍ مَعْذُورٌ. قَوْلُهُ: (إذَا فَرَغَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ السَّبْقَ بِرُكْنَيْنِ فِيمَا قَبْلَهُ شَامِلٌ لِمَا فِي الْمَآلِ وَإِنْ خَالَفَهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ ابْتَدَأَ فِي الرَّفْعِ) وَمِنْهُ الشُّرُوعُ فِي النُّهُوضِ مَا لَمْ يَكُنْ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ قَائِمٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ شُرُوعٌ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَمَا قَبْلَهُ مَنْسُوبٌ إلَى الْأُولَى لِقَوْلِهِ: اعْتِبَارًا بِبَقِيَّةِ الرَّكْعَةِ مَعَ أَنَّ الرَّكْعَةَ تَتِمُّ بِتَمَامِ السُّجُودِ. قَوْلُهُ: (أَوْ جَالِسٌ لِلتَّشَهُّدِ) بِأَنْ شَرَعَ فِيهِ وَإِلَّا فَهُوَ جُلُوسُ اسْتِرَاحَةٍ فَلَا يُعْتَبَرُ، وَإِطْلَاقُهُ التَّشَهُّدَ يَشْمَلُ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ. وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَخَالَفَ الْخَطِيبُ فِي الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا بَطَلَتْ بِالْفَرَاغِ مِنْ الرُّكْنَيْنِ لِعَدَمِ اغْتِفَارِ الْأَكْثَرِيَّةِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (لَا يُفَارِقُهُ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ مُفَارَقَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ يَتَّبِعُهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ) وَهُوَ قِيَامُ الثَّانِيَةِ وَهَلْ يَبْتَدِئُ لَهَا قِرَاءَةً أَوْ يَكْتَفِي بِقِرَاءَتِهِ الْأُولَى عَنْهَا اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الثَّانِيَ إذَا لَمْ يَجْلِسْ، وَعَلَيْهِ لَوْ فَرَغَ مِمَّا لَزِمَهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ رَكَعَ مَعَهُ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا تَرْجِيحُ الْأُولَى وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ وَعَلَيْهِ فَيَتْرُكُ مَا بَقِيَ مِمَّا لَزِمَهُ، وَيَشْرَعُ فِي قِرَاءَةٍ جَدِيدَةٍ لِلثَّانِيَةِ، وَيَأْتِي فِيهَا مَا وَقَعَ لَهُ فِي الْأُولَى وَهَكَذَا، وَعَلَى الثَّانِي أَيْضًا لَوْ لَمْ يَفْرُغْ مِمَّا لَزِمَهُ إلَّا فِي الرَّابِعَةِ تَبِعَهُ فِيهِ وَيُغْتَفَرُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ لِأَنَّهُ بِمُوَافَقَةِ الْإِمَامِ فِي أَوَّلِ الْقِيَامِ تَجَدَّدَ لَهُ حُكْمٌ مُسْتَقِلٌّ، وَإِنْ   [حاشية عميرة] عَنْ النَّوَوِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اعْتَدَلَ الْإِمَامُ إلَخْ) كَانَ وَجْهُهُ عَدَمَ إدْرَاجِ هَذِهِ فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اشْتَغَلَ إلَخْ) حِكْمَةُ ذِكْرِ هَذَا بَيَانُ شَرْطِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ، ثُمَّ اُنْظُرْ كَيْفَ هَذَا مَعَ فَرْضِ الْمُقَسِّمِ فِيمَنْ تَخَلَّفَ رُكْنَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَعَ فَرَاغِهِ مِنْهَا بِأَنْ ابْتَدَأَ فِي الرَّفْعِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ ابْتَدَأَ فِي الرَّفْعِ قَبْلَ فَرَاغِهِ لَا يَسْعَى عَلَى نَظْمِ صَلَاتِهِ لَكِنَّهُ قَدْ فَسَّرَ الْأَكْثَرَ فِيمَا يَأْتِي بِأَنْ لَمْ يَفْرُغْ إلَّا وَالْإِمَامُ قَائِمٌ عَنْ السُّجُودِ أَوْ جَالِسٌ لِلتَّشَهُّدِ، فَهَذِهِ الصُّورَةُ كَمَا تَرَى تَجَاذَبَهَا الطَّرَفَانِ لَكِنْ يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ مَا فِي الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ زُحِمَ عَنْ السُّجُودِ إذَا رَكَعَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ ذَلِكَ لَا يُوَافِقُهُ اهـ. لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ الرَّافِعِيَّ مِثْلُ الْأَكْثَرِ تَصْرِيحٌ بِمَا يُفْهَمُ مِنْ هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْمُقَارَنَةُ وَلَوْ فِي جُزْءٍ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ مِنْ الْمُقَارَنَةِ فِي الْمَتْنِ الْمُسَاوَاةُ بِمَا ذَكَرَ، وَمِثْلُهُ أَيْضًا بِمَا إذَا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ اهـ. فَلْيُرَاجَعْ الرَّافِعِيُّ فَإِنِّي لَمْ أَرَ الثَّانِيَ فِيهِ لَكِنْ مَعَ عَجَلَةٍ فِي الْكَشْفِ. قَوْلُهُ: (اعْتِبَارًا بِبَقِيَّةِ الرَّكْعَةِ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْبَقِيَّةِ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ الَّذِي فِيهِ الْإِمَامُ مِنْ الرَّكْعَةِ عِنْدَ فَرَاغِ الْمَأْمُومِ مِنْ الْفَاتِحَةِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَتَخَلَّفُ فِيمَا لَوْ زُحِمَ عَنْ السُّجُودِ، وَكَانَ الْمُرَادُ الْقَدْرَ الَّذِي أَدْرَكَهُ الْمَأْمُومُ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلًا. قَوْلُهُ: (لِلتَّشَهُّدِ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ الْأَخِيرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَتْبَعُهُ) أَيْ فَلَوْ تَخَلَّفَ أَدْنَى تَخَلُّفٍ بَطَلَتْ نَظَرًا لِمَا مَضَى مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ) وَقَدْ رَكَعَ الْإِمَامُ (فَمَعْذُورٌ) كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا سَبَقَ. (هَذَا كُلُّهُ فِي) الْمَأْمُومِ (الْمُوَافِقِ) بِأَنْ أَدْرَكَ مَحَلَّ الْفَاتِحَةِ (فَأَمَّا مَسْبُوقٌ رَكَعَ الْإِمَامُ فِي فَاتِحَتِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِالِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ تَرَكَ قِرَاءَتَهُ وَرَكَعَ) مَعَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ غَيْرَ مَا قَرَأَهُ (وَهُوَ) بِالرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ (مُدْرِكٌ لِلرَّكْعَةِ) حُكْمًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ اشْتَغَلَ بِالِافْتِتَاحِ أَوْ التَّعَوُّذِ (لَزِمَهُ قِرَاءَةٌ بِقَدْرِهِ) لِأَنَّهُ أَدْرَكَ ذَلِكَ الْقَدْرَ وَقَصَّرَ بِتَفْوِيتِهِ بِالِاشْتِغَالِ بِمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ. وَالثَّانِي: يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ وَيَرْكَعُ مَعَ الْإِمَامِ مُطْلَقًا وَمَا اشْتَغَلَ مَأْمُورٌ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ. وَالثَّالِثُ: يَتَخَلَّفُ وَيُتِمُّ الْفَاتِحَةَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ أَدْرَكَ الْقِيَامَ الَّذِي هُوَ مَحَلُّهَا فَإِنْ رَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى هَذَا. وَالشِّقُّ الثَّانِي مِنْ التَّفْصِيلِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْ الْإِمَامِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي. وَالشِّقُّ الْأَوَّلُ مِنْ التَّفْصِيلِ لِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ مِنْ الرُّكُوعِ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إذَا قُلْنَا التَّخَلُّفُ بِرُكْنٍ لَا يُبْطِلُ: وَقِيلَ: تَبْطُلُ لِأَنَّهُ تَرَكَ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ فِيمَا فَاتَتْ بِهِ رَكْعَةٌ، فَهُوَ كَالتَّخَلُّفِ بِهَا، أَمَّا الْمُتَخَلِّفُ عَلَى الشِّقِّ الثَّانِي مِنْ التَّفْصِيلِ لِيَقْرَأَ قَدْرَ مَا فَاتَهُ. فَقَالَ الْبَغَوِيّ وَهُوَ مَعْذُورٌ لِإِلْزَامِهِ بِالْقِرَاءَةِ، وَالْمُتَوَلِّي كَالْقَاضِي حُسَيْنٍ غَيْرُ مَعْذُورٍ لِاشْتِغَالِهِ بِالسُّنَّةِ عَنْ الْفَرْضِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ. كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ كَإِمَامِهِ. وَلَا يُنَافِي فِي ذَلِكَ قَوْلَ الْبَغَوِيّ. بِعُذْرِهِ فِي التَّخَلُّفِ لِأَنَّهُ لِتَدَارُكِ مَا فَوَّتَهُ بِتَقْصِيرِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ أَنَّهُ لَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ عَقِبَ تَكْبِيرِ الْمَسْبُوقِ رَكَعَ مَعَهُ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ، وَسَكَتَا هُنَا عَنْ سُقُوطِهَا لِلْعِلْمِ بِهِ. (وَلَا يَشْتَغِلُ الْمَسْبُوقُ بِسُنَّةٍ بَعْدَ التَّحَرُّمِ) أَيْ لَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. (بَلْ) يَشْتَغِلُ (بِالْفَاتِحَةِ) فَقَطْ (وَإِلَّا أَنْ يَعْلَمَ) أَيْ يَظُنَّ   [حاشية قليوبي] لَمْ يَقْصِدْ مُوَافَقَتَهُ بَلْ وَإِنْ قَصَدَ مُخَالَفَتَهُ. قَوْلُهُ: (لِشُغْلِهِ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ كَأَنْ عَلِمَ عَدَمَ إدْرَاكِ الْفَاتِحَةِ مَعَ شُغْلِهِ بِهِ. قَوْلُهُ: (هَذَا فِي الْمُوَافِقِ) وَهُوَ مَنْ أَدْرَكَ أَوَّلَ الْقِيَامِ مَعَ الْإِمَامِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: أَدْرَكَ مَحَلَّ الْفَاتِحَةِ دُونَ أَنْ يَقُولَ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ، وَقَدْ يُطْلَقُ الْمُوَافِقُ عَلَى مَنْ يُدْرِكُ زَمَنًا يَسَعُ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ لِلْمُعْتَدِلِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ أَوَّلَ الْقِيَامِ، وَهَذَا مُعْتَبَرٌ فِي إلْزَامِهِ بِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ وَفِيهِ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْبَغَوِيّ، كَمَا تَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَأَمَّا مَسْبُوقٌ) هُوَ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ أَوَّلَ الْقِيَامِ وَإِنْ أَدْرَكَ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ. قَوْلُهُ: (تَرَكَ قِرَاءَتَهُ وَرَكَعَ) وَيَكْفِيه مَا قَرَأَهُ وَإِنْ كَانَ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ فَإِنْ لَمْ يَرْكَعْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا مَرَّ وَيَجْرِي هَذَا فِي الْمُوَافِقِ بِالْأُولَى. قَوْلُهُ: (حُكْمًا) لِتَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي عَنْ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ اشْتَغَلَ) أَوْ سَكَتَ قَوْلُهُ: (بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ زَمَنِهِ لَا بِقَدْرِ حُرُوفِهِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (بِمَا لَا يُؤْمَرُ) أَيْ بِحَسْبِ الْأَصْلِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الشِّقِّ الثَّانِي) وَهُوَ إنْ لَمْ يَشْتَغِلْ وَالْأَوَّلُ هُوَ إنْ اشْتَغَلَ. قَوْلُهُ: (فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ) فَيَتَّبِعُ الْإِمَامَ فِي تُجَوَّزْ السُّجُودِ وَلَا يَرْكَعُ فَإِنْ رَكَعَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَتَلْغُو قِرَاءَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُتَوَلِّي كَالْقَاضِي إلَخْ) فَلَيْسَ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، بَلْ إنْ فَرَغَ وَالْإِمَامُ فِي الرُّكُوعِ رَكَعَ وَأَدْرَكَ الرَّكْعَةَ أَوْ فِي الِاعْتِدَالِ هَوَى مَعَهُ لِلسُّجُودِ، وَلَا يَرْكَعُ وَإِلَّا لَمْ يُتَابِعْهُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ عَيْنًا قُبَيْلَ هُوِيِّ الْإِمَامِ لِلسُّجُودِ لَا قَبْلَ ذَلِكَ، إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَفْرُغُ قَبْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِشُرُوعِ الْإِمَامِ فِي   [حاشية عميرة] التَّخَلُّفِ وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا. هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ كَلَامِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ عُذْرُهُ فِي التَّخَلُّفِ لِزَحْمَةٍ. وَكَذَا نِسْيَانُ الْقُدْوَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ التَّخَلُّفُ بِالْأَكْثَرِ مَا دَامَ عُذْرُ الزَّحْمَةِ أَوْ النِّسْيَانِ قَائِمًا، ثُمَّ قَوْلُهُمْ يَتْبَعُهُ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ جَلَسَ الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْقِيَامِ لِلثَّانِيَةِ فَقَدْ اتَّفَقَا فِي الْقِيَامِ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ الْفَاتِحَةَ بَعْدُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا قَرَأَهُ مِنْهَا قَبْلُ، ثُمَّ لَوْ فُرِضَ رُكُوعُ الْإِمَامِ قَبْلَ إكْمَالِهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَخَلَّفَ لِلْبَقِيَّةِ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ. قَوْلُهُ: (وَيَرْكَعُ مَعَ الْإِمَامِ) لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» . قَوْلُهُ: (الَّذِي هُوَ مَحَلُّهَا) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدْرَكَهُ رَاكِعًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْ الْإِمَامِ) اُنْظُرْ هَذَا التَّخَلُّفَ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ مَعْذُورٍ) أَيْ مَعَ أَمْرِهِ بِالتَّخَلُّفِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الْإِمَامَ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ، وَلَا يَرْكَعُ لِأَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ بَلْ يُتَابِعُهُ فِي هُوِيِّهِ لِلسُّجُودِ. قَالَهُ الْإِمَامُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ الْفَارِقِيُّ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْإِمَامَ قَبْلَ سُجُودِهِ وَإِلَّا فَلْيُتَابِعْهُ قَطْعًا وَلَا يَقْرَأُ اهـ. أَقُولُ: وَكَلَامُ الْفَارِقِيِّ فِي هَذَا مُشْكِلٌ لَا يَسْمَحُ بِهِ مَنْ مَنَعَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَأَوْجَبَ الْقِرَاءَةَ عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ بِالِاشْتِغَالِ بِالسُّنَّةِ عَنْ الْفَرْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَا هُنَا إلَخْ) حَيْثُ قَالَا فِي فَاتِحَتِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَظُنُّ إلَخْ) لَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 (إدْرَاكَهَا) مَعَ الِاشْتِغَالِ بِسُنَّةٍ مِنْ افْتِتَاحٍ أَوْ تَعَوُّذٍ فَيَأْتِي بِهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ. (وَلَوْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ فِي رُكُوعِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ) بِأَنْ نَسِيَهَا (أَوْ شَكَّ) فِي فِعْلِهَا (لَمْ يَعُدْ إلَيْهَا) بِالْعَوْدِ إلَى مَحَلِّهَا لِفَوَاتِهِ (بَلْ يُصَلِّي رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، فَلَوْ عَلِمَ) بِتَرْكِهَا (أَوْ شَكَّ) فِي فِعْلِهَا (وَقَدْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَرْكَعْ هُوَ قَرَأَهَا) لِبَقَاءِ مَحَلِّهَا (وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ) كَمَا فِي بَطِيءِ الْقِرَاءَةِ. وَقِيلَ: لَا؛ لِتَقْصِيرِهِ بِالنِّسْيَانِ (وَقِيلَ:) لَا يَقْرَأُ بَلْ (يَرْكَعُ وَيَتَدَارَكُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) رَكْعَةً. (وَلَوْ سَبَقَ إمَامَهُ بِالتَّحَرُّمِ لَمْ تَنْعَقِدْ) صَلَاتُهُ لِرَبْطِهَا بِمَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ (أَوْ بِالْفَاتِحَةِ أَوْ التَّشَهُّدِ) بِأَنْ فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِيهِ (لَمْ يَضُرَّهُ   [حاشية قليوبي] الْهُوِيِّ لِلسُّجُودِ. قَوْلُهُ: (بِعُذْرِهِ فِي التَّخَلُّفِ) أَيْ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ فِي تَخَلُّفِهِ. قَوْلُهُ: (الْمَسْبُوقُ) أَيْ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ أَوَّلَ الْقِيَامِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَا يَنْبَغِي) أَيْ لَا يُنْدَبُ لَهُ بَلْ يُنْدَبُ تَرْكُهُ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ الْحُرْمَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَقَوْلُهُ فَيَأْتِي بِهَا أَيْ نَدْبًا. قَوْلُهُ: (يَظُنُّ) أَيْ بِحَسْبِ حَالِهِ وَحَالِ الْإِمَامِ فَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ فَغَيْرُ مَعْذُورٍ فَفِيهِ مَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْبَغَوِيّ إذْ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ أَيْ مَعَ عَدَمِ الطَّلَبِ أَصَالَةً. قَوْلُهُ: (فِي رُكُوعِهِ) أَيْ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ قَبْلَهُ وَأَدْرَكَهُ الْإِمَامُ فِيهِ كَمَا مَرَّ، وَمِثْلُ الْفَاتِحَةِ بَقِيَّةُ الْأَرْكَانِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ عَلِمَ تَرَكَهَا إلَخْ) وَلَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ فَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَالْأَصَحُّ لَا وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ عَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ، وَعَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَجْرِي فِي هَذِهِ عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ إذَا فَرَغَ مِنْهَا قَبْلَ تُجَوَّزْ الْإِمَامِ لِلسُّجُودِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (قَرَأَهَا) أَيْ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ أَنَّهُ قَرَأَهَا. وَكَذَا يُقَالُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ. وَأَمَّا الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الْعَوْدُ إلَى قِرَاءَتِهَا مُطْلَقًا فَإِنْ لَمْ يَعُودَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمَا إلَّا إنْ تَذَكَّرَا فِي الشَّكِّ عَنْ قُرْبٍ. وَلَوْ شَكَّ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ مَعًا وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ الْعَوْدُ. وَكَذَا عَلَى الْمَأْمُومِ إنْ عَلِمَ بِشَكِّ الْإِمَامِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْعَوْدُ مَعَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا لَا يَعُودُ الْمَأْمُومُ مُطْلَقًا وَيَنْتَظِرُ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ إنْ كَانَ رُكْنًا طَوِيلًا وَإِلَّا فَفِيمَا بَعْدَهُ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي بَطِيءِ الْقِرَاءَةِ) فَيُغْتَفَرُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ. (تَنْبِيهٌ) قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي أَوَّلِ الْقِيَامِ يُقَالُ لَهُ مُوَافِقٌ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ قَدْرَ زَمَنِ الْفَاتِحَةِ، وَإِنَّ مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَنَ يُقَالُ لَهُ أَيْضًا مُوَافِقٌ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ أَوَّلَ الْقِيَامِ وَضِدُّهُ الْمَسْبُوقُ فِيهِمَا وَيَتَحَصَّلُ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهَا مِمَّا مَرَّ. وَلَوْ شَكَّ فِي الزَّمَنِ الَّذِي أَدْرَكَهُ هَلْ يَسَعُ الْفَاتِحَةَ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ رُكُوعِهِ تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِهَا وَهُوَ مَعْذُورٌ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ، وَإِلَّا فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ. وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَخَالَفَهُ بَعْضُهُمْ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ) أَيْ لَا جَمَاعَةً وَلَا فُرَادَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَيُجْزِئُهُ) لَكِنْ تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا، وَقُدِّمَتْ مُرَاعَاةُ هَذَا الْخِلَافِ لِقُوَّتِهِ عَلَى مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فِي الْبُطْلَانِ بِتَكْرِيرِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. وَفِي الْأَنْوَارِ عَدَمُ نَدْبِ الْإِعَادَةِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ وُقُوعٌ   [حاشية عميرة] اشْتَغَلَ بِهَا بِنَاءً عَلَى هَذَا الظَّنِّ فَأَخْلَفَ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُعْذَرُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ، كَمَا سَلَفَ نَظِيرُهُ فِي الْمُوَافِقِ، وَيَكُونُ مَحَلَّ مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ وَالْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي السَّابِقَةِ عِنْدَ عَدَمِ الظَّنِّ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ بِالتَّقْصِيرِ، وَقَوْلُهُمْ: لِأَنَّهُ قَصَّرَ بِاشْتِغَالِهِ بِمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ كَمَا سَلَفَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَمَنْ يَظُنُّ مَأْمُورٌ بِهَا فَلَا تَقْصِيرَ، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَقْرَأُ بِقَدْرِ مَا اشْتَغَلَ بِهِ فَقَطْ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ. وَأَمَّا احْتِمَالُ أَنْ يَرْكَعَ مَعَهُ لِعُذْرِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ قِرَاءَةٌ بِقَدْرِهَا لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ وَقَدْ اشْتَغَلَ بِشَيْءٍ هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ فَبَعِيدٌ بَلْ يُحْتَمَلُ أَيْضًا فَرْضُ مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ وَالْقَاضِي فِي مِثْلِ هَذَا بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، ثُمَّ رَأَيْت الْبَارِزِيَّ صَرَّحَ بِهِ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ التَّعْلِيلُ السَّالِفُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ) لَوْ فُرِضَ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ عَمْدًا حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ فَعَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ يُفَارِقُ وَيَقْرَأُ، وَبَحَثَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ يَقْرَأُ وَتَجِبُ الْمُفَارَقَةُ وَقْتَ خَوْفِهِ مِنْ السَّبْقِ بِرُكْنَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَرْكَعُ) أَيْ الْحَدِيثُ «وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» . قَوْلُهُ: (بِأَنْ فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ شُرُوعِ الْإِمَامِ إلَخْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ شُرُوعُهُ عَنْ شُرُوعِ الْإِمَامِ، وَلَكِنْ فَرَغَ الْإِمَامُ قَبْلَهُ لَا يَأْتِي هَذَا الْخِلَافُ. وَكَذَا لَوْ سَبَقَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَفْرُغْ قَبْلَ شُرُوعِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَضُرَّهُ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْضَبِطُ كَمَا فِي بُعْدِ الْإِمَامِ أَوْ إسْرَارِهِ أَوْ وُجُودِ لَغَطٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ. وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ: تَجِبُ إعَادَتُهُ عَلَّلَ بِأَنَّ فِعْلَهُ مُتَرَتِّبٌ عَلَى فِعْلِ الْإِمَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 وَيُجْزِئُهُ. وَقِيلَ: تَجِبُ إعَادَتُهُ) مَعَ فِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ أَوْ بَعْدَهُ. وَقِيلَ: يَضُرُّ أَيْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. (وَلَوْ تَقَدَّمَ) عَلَى الْإِمَامِ (بِفِعْلٍ كَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ إنْ كَانَ) ذَلِكَ (بِرُكْنَيْنِ) وَهُوَ عَامِدٌ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا، فَلَا تَبْطُلُ لَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ فَيَأْتِي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِرَكْعَةٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ التَّقَدُّمُ بِرُكْنٍ أَوْ أَقَلَّ (فَلَا) تَبْطُلُ عَمْدًا كَانَ أَوْ سَهْوًا لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهِ يَسِيرَةٌ. (وَقِيلَ: تَبْطُلُ بِرُكْنٍ) فِي الْعَمْدِ تَامٍّ بِأَنْ فَرَغَ مِنْهُ وَالْإِمَامُ فِيمَا قَبْلَهُ قِيلَ وَغَيْرُ تَامٍّ كَأَنْ رَكَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ وَالتَّقَدُّمُ بِرُكْنَيْنِ يُقَاسُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي التَّخَلُّفِ بِهِمَا، لَكِنْ مَثَّلَهُ الْعِرَاقِيُّونَ بِمَا إذَا رَكَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ فَلَمَّا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ سَجَدَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ: فَيَجُوزُ أَنْ يُقَدِّرَ مِثْلَهُ فِي التَّخَلُّفِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِالتَّقَدُّمِ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهِ أَفْحَشُ. (تَتِمَّةٌ) إذَا رَكَعَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ فَفِي الْعَمْدِ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْعَوْدُ إلَى الْقِيَامِ لِيَرْكَعَ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ الْمَنْصُوصِ. وَالثَّانِي وَقَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْإِمَامُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَوْدُ فَإِنْ عَادَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ أَدَّى رُكْنًا وَفِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَقِيلَ يَجِبُ الْعَوْدُ وَفِي السَّهْوِ يُتَخَيَّرُ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالدَّوَامِ. وَقِيلَ: يَجِبُ الْعَوْدُ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ الْعَوْدُ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّقَدُّمُ بِفِعْلٍ وَإِنْ لَمْ يُبْطِلْ لِحَدِيثِ النَّهْيِ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَغَيْرِهِ. (فَصْلٌ) إذَا (خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ) بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ (انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ) بِهِ (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَقَطَعَهَا الْمَأْمُومُ) بِأَنْ نَوَى   [حاشية قليوبي] فِي الْخِلَافِ الْآخَرِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ عَلِمْت جَوَابَهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَبْطُلُ) وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى الْإِمَامِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي بَعْدَهُ فِي الرُّكُوعِ. قَوْلُهُ: (بِرُكْنٍ أَوْ أَقَلَّ) وَكَذَا بِرُكْنٍ وَبَعْضِ رُكْنٍ بِطَرِيقِ الْأُولَى، وَهَذَا السَّبْقُ وَلَوْ بِبَعْضِ رُكْنٍ حَرَامٌ عَلَى الْعَامِدِ الْعَالِمِ فَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ تَامٌّ تَصْوِيرٌ لِلرُّكْنِ وَبِقَوْلِهِ غَيْرُ تَامٍّ تَصْوِيرٌ لِلْأَقَلِّ. قَوْلُهُ: (يُقَاسُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ مَشَايِخِنَا. قَوْلُهُ: (يُسْتَحَبُّ لَهُ الْعَوْدُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِذَا لَمْ يَعُدْ وَهَوَى الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ فَيَعْتَدِلُ، وَيُدْرِكُ الْإِمَامَ وَإِذَا عَادَ وَلَوْ بِقَصْدِ الِاعْتِدَالِ أَوْ مُوَافَقَةِ الْإِمَامِ وَرَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ لِلْجُمُعَةِ لَهُ الرُّكُوعُ الثَّانِي كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ الْوَجْهُ لِأَنَّ الثَّانِيَ لِلْمُتَابَعَةِ فَإِنْ لَمْ يَرْكَعْ مَعَ الْإِمَامِ لِلْجُمُعَةِ لَهُ عِنْدَهُمَا، لَلْجُمُعَةُ قِيَامُهُ عَنْ اعْتِدَالِهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْهُ حَالَ عَوْدِهِ، وَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ عَوْدِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ. قَوْلُهُ: (وَفِي السَّهْوِ يَتَخَيَّرُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَنْبَغِي كَوْنُ الْعَوْدِ أَوْلَى لِأَجْلِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (فَأَقَلَّ) أَيْ أَقَلَّ مِنْ الرُّكْنِ وَذَكَرَهُ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَيُجْزِئُهُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَيُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ الْأَقْوَى كَمَا مَرَّ. (فَصْلٌ) فِي انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ وَمَا يَتْبَعُهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَلَوْ فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ كَتَرْكِ طُمَأْنِينَةِ اعْتِدَالٍ أَوْ تَرْكِ وَضْعِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ. قَوْلُهُ (انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ) أَيْ وَإِنْ بَقِيَتْ الصُّورَةُ بِدَوَامِ الْإِمَامِ، وَتَجِبُ عَلَى   [حاشية عميرة] فَلَا يُعْتَدُّ بِمَا أَتَى بِهِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَبْطُلُ) لَوْ عَلِمَ الْحَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَظَاهِرٌ وُجُوبُ عَوْدِهِ إلَى الْإِمَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَبَقَهُ بِرُكْنٍ وَاحِدٍ سَهْوًا فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ كَمَا سَيَأْتِي عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَدْ يُقَالُ فِي الْأُولَى الْوَاجِبُ عَوْدُهُ إلَى الْإِمَامِ أَوْ الرُّكْنِ الَّذِي لَا يَبْطُلُ السَّبْقُ بِهِ، وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَعَلَيْهِ فَلَوْ هَوَى لِلسُّجُودِ وَالْإِمَامُ بَعْدُ فِي الْقِيَامِ ثُمَّ عَلِمَ الْحَالَ جَازَ لَهُ الْعَوْدُ إلَى الِاعْتِدَالِ أَوْ الرُّكُوعِ كَمَا يَجُوزُ إلَى الْقِيَامِ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ فَرَغَ مِنْهُ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ: وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ أَنْ يُقَدِّرَ مِثْلَهُ إلَخْ) أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ تَجْرِيَ مَقَالَتُهُمْ هَذِهِ فِي التَّخَلُّفِ إلَخْ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي التَّقَدُّمِ الْقِيَاسُ عَلَى التَّخَلُّفِ كَمَا سَلَفَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. [تَتِمَّةٌ إذَا رَكَعَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ] قَوْلُهُ: (فَفِي الْعَمْدِ يُسْتَحَبُّ ثُمَّ قَوْلُهُ: وَفِي السَّهْوِ يُتَخَيَّرُ) أَقُولُ قَدْ سَلَفَ عَنْ غَيْرِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ مَحَلَّ الْبُطْلَانِ إذَا تَقَدَّمَ الْإِمَامُ بِرُكْنَيْنِ وَشَرَعَ فِي الِانْتِقَالِ إلَى مَا بَعْدَهُمَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ هُنَا فِي الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ جَازَ فِيمَا لَوْ سَبَقَهُ بِالرُّكُوعِ وَانْتَقَلَ إلَى الِاعْتِدَالِ، وَلَمْ يَفْرُغْ مِنْهُ أَيْ فَيُسْتَحَبُّ الْعَوْدُ فِي الْعَمْدِ وَيُتَخَيَّرُ فِي السَّهْوِ. [فَصْلٌ إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ] (فَصْلٌ: خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ إلَخْ) قَوْلُ الْمَتْنِ: (انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ بِهِ) أَيْ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْمَأْمُومَ بَاقٍ فِيهَا حُكْمًا فَلَهُ أَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 الْمُفَارَقَةَ. (جَازَ) سَوَاءٌ قُلْنَا الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ أَمْ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا يَلْزَمُ إتْمَامُهَا. وَكَذَا فَرْضُ الْكِفَايَةِ إلَّا فِي الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ (وَ) هَذَا إلَى آخِرِ الْفَصْلِ مَوْجُودٌ بِالنُّسَخِ الَّتِي بِأَيْدِينَا وَلَيْسَ مَوْجُودًا بِالشَّرْحِ مَا كُتِبَ عَلَيْهِ. كَمَا ذُكِرَ فِي السِّيَرِ (وَفِي قَوْلٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَدِيمٌ. (لَا يَجُوزُ إلَّا بِعُذْرٍ) فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] . وَقَوْلُهُ (يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) أَيْ ابْتِدَاءً هُوَ مَا ضَبَطَ بِهِ الْإِمَامُ الْعُذْرَ، وَأَلْحَقُوا بِهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَمِنْ الْعُذْرِ تَطْوِيلُ الْإِمَامِ) أَيْ الْقِرَاءَةَ لِمَنْ لَا يَصْبِرُ لِضَعْفٍ أَوْ شُغْلٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. (أَوْ تَرْكُهُ سُنَّةً مَقْصُودَةً كَتَشَهُّدٍ) وَقُنُوتٍ فَيُفَارِقُهُ لِيَأْتِيَ بِهَا. (وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الْقُدْوَةَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ جَازَ) مَا نَوَاهُ (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتَدِيَ جَمْعٌ بِمُنْفَرِدٍ فَيَصِيرَ إمَامًا. وَالثَّانِي يَقُولُ الْجَوَازُ يُؤَدِّي إلَى تَحَرُّمِ الْمَأْمُومِ قَبْلَ الْإِمَامِ، وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالْقُدْوَةِ   [حاشية قليوبي] الْمَأْمُومِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ فِي هَذِهِ وَلَا يَكْتَفِي بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِدَوَامِ الصُّورَةِ وَحَيْثُ انْقَطَعَتْ فَلِلْمَأْمُومِ الِاقْتِدَاءُ بِغَيْرِهِ، وَعَكْسُهُ وَسَهْوُ نَفْسِهِ غَيْرُ مَحْمُولٍ عَنْهُ وَلَا يَلْحَقُهُ سَهْوُ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ وَإِنْ حَرُمَ فِي نَحْوِ تَوَقُّفِ الشِّعَارِ عَلَيْهِ نَعَمْ تَبْطُلُ فِي الْمُعَادَةِ، وَفِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ لِمَنْ نَوَاهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا يَلْزَمُ إتْمَامُهَا) إلَّا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ غَيْرِ الْبَالِغِينَ الْأَحْرَارِ لِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِإِحْيَائِهِمْ فَهُمَا سُنَّةٌ فِي حَقِّهِمْ وَلُزُومُ الْإِتْمَامِ لَهُمْ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ صِحَّةِ الْخُرُوجِ مِنْ الْإِحْرَامِ لَا لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (إلَّا فِي الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَثُرُوا وَصَلَّوْا فِيهَا طَائِفَةً بَعْدَ أُخْرَى لِوُقُوعِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ مِنْ الْجَمِيعِ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِمَّنْ يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْيَاءُ وَكَانَ فِي غَيْرِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ وَخَرَجَ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ غَيْرُهَا مِنْ أُمُورِ تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ، فَلَا يَحْرُمُ قَطْعُهَا إلَّا إنْ تَعَيَّنَتْ، وَلَا يَحْرُمُ قَطْعُ الْعِلْمِ وَنَحْوِهِ لِمَنْ شَرَعَ فِيهِ لِاسْتِقْلَالِ مَسَائِلِهِ. قَوْلُهُ: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَحُمِلَ النَّهْيُ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي الْمَنْدُوبِ، وَإِلْحَاقُ الْجَمَاعَةِ بِهِ لِطَلَبِ التَّخْفِيفِ فِيهَا جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ مِنْ جَوَازِ قَطْعِ صَوْمِ النَّفْلِ، وَغَيْرُ الصَّوْمِ مِثْلُهُ، وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال بِجَوَازِ مُفَارَقَةِ الْفِرْقَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَمُفَارَقَةِ الرَّجُلِ مُعَاذًا حِينَ طَوَّلَ فَغَيْرُ نَاهِضٍ دَلِيلًا لِأَنَّهُ مِنْ حَالَةِ الْعُذْرِ. قَوْلُهُ: (وَأَلْحَقُوا إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مِنْ أَعْذَارِ التَّرْكِ وَلَوْ فِي الِابْتِدَاءِ لِأَنَّ الْمُرَادَ النَّظَرُ لِمَنْ عَادَتُهُ التَّطْوِيلُ وَالْقِرَاءَةُ غَيْرُ قَيْدٍ فَسَائِرُ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَأَقْوَالِهَا. كَذَلِكَ وَلَوْ لِمَنْ رَضِيَ بِالتَّطْوِيلِ ابْتِدَاءً إذَا حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ لَا يَصْبِرُ إلَخْ) هُوَ قَيْدٌ لِجَوَازِ التَّرْكِ، وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ أَسْقَطَهُ مِنْ الْمُحَرَّرِ مَعَ أَنَّهُ قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَضَابِطُهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ الْخُشُوعُ أَوْ كَمَالُهُ. قَوْلُهُ: (تَرْكُهُ سُنَّةً مَقْصُودَةً) . قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يُجْبَرُ بِالسَّهْوِ أَوْ قَوِيُّ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا أَوْ وَرَدَ دَلِيلٌ بِعِظَمِ فَضْلِهَا كَالسُّورَةِ هُنَا. وَهَذَا بَيَانٌ لِلسُّنَّةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ هُنَا بِالْأَوَّلِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَا تَجِبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ عَيْنًا كَالْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (مُنْفَرِدًا) خَرَجَ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِهَا جَمَاعَةً ثُمَّ نَقَلَهَا لِجَمَاعَةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَ لِبُطْلَانِ الْأُولَى أَوْ فَرَاغِهَا فَلَا كَرَاهَةَ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ قَوْلُ التَّحْقِيقِ أَنَّهُ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا صَوَّرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَمِثْلُ هَذِهِ صُورَةُ الِاسْتِخْلَافِ. قَوْلُهُ: (فَيَصِيرُ إمَامًا) لَكِنْ لَا تَحْصُلُ لَهُ الْفَضِيلَةُ إلَّا إنْ نَوَى الْإِمَامَةَ مِنْ وَقْتِهَا، وَلَا تَنْعَطِفُ نِيَّتُهُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْمَأْمُومِينَ أَوْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ. وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ تَتَكَرَّرُ فِي الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ أَوْ بَعْضِهَا، وَسَيَأْتِي خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يُؤَدِّي) أَيْ قَدْ يُؤَدِّي كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا بَعْدَهُ، وَأَلْحَقَ مَا لَمْ يُؤَدِّ بِمَا أَدَّى، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تَنْعَطِفُ عَلَى مَا مَضَى قَبْلَهَا كَمَا فِي الْإِمَامِ. قَالَ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، وَلَوْ فَرَّعَهُ بِالْفَاءِ لَكَانَ   [حاشية عميرة] يَقْتَدِيَ بِغَيْرِهِ وَيَقْتَدِيَ غَيْرُهُ بِهِ، وَيَسْجُدَ لِسَهْوِهِ أَيْضًا. كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ وَهَلْ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ الْحَاصِلِ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ الظَّاهِرُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَا لَا يَتَعَيَّنُ فِعْلُهُ لَا يَلْزَمُ عِنْدَنَا بِالشُّرُوعِ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلِأَنَّ إخْرَاجَ نَفْسِهِ مِنْ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ حُصُولِ شَرْطِهَا لَا يَمْنَعُ حُصُولَهَا بِدَلِيلِ جَوَازِهِ فِي الْجُمُعَةِ بَعْدَ حُصُولِ رَكْعَةٍ اهـ. وَمُرَادُهُ حُصُولُهَا فِيمَا قَبْلَ الْقَطْعِ وَكَأَنَّهُ يَرَى حُصُولَ الثَّوَابِ وَهُوَ خِلَافُ مَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ أَوْ يُقَالُ مُرَادُهُ حُصُولُ أَصْلِ الْجَمَاعَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَلْحَقُوا بِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا لَا يُرَخِّصُ فِي الِابْتِدَاءِ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ لَا يَصْبِرُ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ التَّطْوِيلُ عُذْرًا إلَّا بِهَذَا الْمُقَيِّدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ ": (وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدٌ إلَخْ) خَرَجَ بِهَذَا مَا لَوْ افْتَتَحَهَا فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ نَقَلَ نَفْسَهُ لِأُخْرَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعًا كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُهُ: (يُؤَدِّي إلَخْ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَارَ مَأْمُومًا بِالنِّيَّةِ وَقَدْ يَكُونُ افْتَتَحَ هَذِهِ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْإِمَامِ فَيَصِيرُ مُحْرِمًا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ قَبْلَ إمَامِهِ وَالْإِمَامُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 (وَإِنْ كَانَ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى) أَيْ غَيْرِ رَكْعَةِ الْإِمَامِ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْمَنْعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِاخْتِلَافِهِمَا (ثُمَّ يَتْبَعُهُ قَائِمًا كَانَ أَوْ قَاعِدًا) وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ نَظْمِ صَلَاتِهِ لَوْ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ رِعَايَةً لِحَقِّ الِاقْتِدَاءِ (فَإِنْ فَرَغَ الْإِمَامُ أَوَّلًا فَهُوَ كَمَسْبُوقٍ) فَيُتِمُّ صَلَاتَهُ (أَوْ) فَرَغَ (هُوَ) أَوَّلًا (فَإِنْ شَاءَ فَارَقَهُ) بِالنِّيَّةِ وَسَلَّمَ (وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) وَهُوَ أَفْضَلُ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ فِي الِاقْتِدَاءِ فِي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ، ثُمَّ الْجَوَازُ فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ وَاقْتِدَاءِ الْمُنْفَرِدِ يُصَاحِبُهُ الْكَرَاهَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَيُؤْخَذُ مِنْهَا فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَارَنَةِ وَفَوَاتُهَا فِي الْأُولَى أَيْضًا ظَاهِرٌ بِقَطْعِ الْقُدْوَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ فِي الْمُفَارَقَةِ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِانْتِظَارِ. (وَمَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ) مَعَ الْإِمَامِ (فَأَوَّلُ صَلَاتِهِ) وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ آخِرُهَا (فَيُعِيدُ فِي الْبَاقِي) مِنْ الصُّبْحِ الَّتِي أَدْرَكَ الْأُولَى، مِنْهَا وَقَنَتَ مَعَ   [حاشية قليوبي] أَوْلَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْرَأَ بِالتَّحْتِيَّةِ عَطْفًا عَلَى يَقُولُ وَبِهِ صَرَّحَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (فِي هَذِهِ الصُّورَةِ) وَهِيَ وَإِنْ كَانَ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. نَعَمْ لَوْ اقْتَدَى الْمُنْفَرِدُ فِي جُلُوسِهِ الْأَخِيرِ بِمَنْ لَيْسَ فِيهِ كَقَائِمٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ مُتَابَعَتُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ فَيَنْتَظِرُهُ فِيهِ لِأَنَّهُ دَوَامٌ. وَكَذَا لَوْ اقْتَدَى فِي سُجُودِهِ الْأَخِيرِ بَعْدَ طُمَأْنِينَتِهِ. وَكَذَا قَبْلَهَا وَبَعْدَ وَضْعِ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ فَيَنْتَظِرُهُ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ انْتِظَارُهُ فِي الْجُلُوسِ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْوَضْعِ الْمَذْكُورِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمُتَابَعَةُ لِلْإِمَامِ وَلَوْ فِي الْقِيَامِ. قَوْلُهُ: (قَائِمًا كَانَ) أَيْ الْإِمَامُ أَوْ قَاعِدًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُومُ أَيْضًا قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا فِي غَيْرِ مَا مَرَّ فَشَمِلَ مَا لَوْ اقْتَدَى فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِمَنْ فِي الْقِيَامِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ فَوْرًا، وَيُغْتَفَرُ لَهُ تَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ لِلْمُتَابَعَةِ لَلْجُمُعَةُ لَهُ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ إنْ كَانَ اطْمَأَنَّ فِيهِ، وَإِلَّا فَمَا فَعَلَهُ مَعَ الْإِمَامِ فَلَوْ فَارَقَ الْإِمَامَ قَبْلَ فِعْلِهِ، أَعَادَهُ وُجُوبًا، وَشَمِلَ أَيْضًا لَوْ اقْتَدَى قَائِمًا أَوْ فِي الِاعْتِدَالِ بِمَنْ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ فِي جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْجُلُوسُ مَعَهُ. وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ إحْدَاثُ جُلُوسِ تَشَهُّدٍ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَفْضَلُ) أَيْ إنْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ نَحْوُ خُرُوجِ وَقْتٍ وَالْأَفْضَلُ بِمَعْنَى الْأَوْلَى كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ لِمَا فِيهِ مِنْ بَقَاءِ الْعَمَلِ الَّذِي ارْتَكَبَهُ بِاقْتِدَائِهِ الْمَكْرُوهِ، فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى فَضِيلَةٍ فِي الْقَطْعِ وَلَا عَلَى فَضِيلَةِ جَمَاعَةٍ فِي الْبَقَاءِ. وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ أَخْذًا مِنْ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (يُصَاحِبُهُ الْكَرَاهَةُ) بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فِي الثَّانِيَةِ) وَهِيَ اقْتِدَاءُ الْمُنْفَرِدِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأُولَى) وَهِيَ قَطْعُ الْقُدْوَةِ فَقَوْلُهُ بِقَطْعِ الْقُدْوَةِ مُتَعَلِّقٌ بِفَوَاتِهَا أَيْ فَوَاتِهَا بِسَبَبِ قَطْعِهِ قُدْوَةَ نَفْسِهِ أَيْ لَا لِعُذْرٍ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ إلَخْ) هُوَ فِي غَيْرِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ كَالِاقْتِدَاءِ فِي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ، كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّارِحِ الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ وَدَفَعَ بِهَذَا تَوَهُّمَ اسْتِوَاءِ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ فِي الْفَوَاتِ، وَعَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مِنْ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ وَإِنْ كُرِهَ لَا تَفُوتُ بِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَأَنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْمُفَارَقَةِ وَالِانْتِظَارِ يُحْمَلُ الْكَلَامُ هُنَا عَلَى عُمُومِهِ، وَيَلْزَمُهُ عَدَمُ اعْتِمَادِ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الثَّانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ أَنَّهُ مُعْتَمَدٌ اتِّفَاقًا فَالْوَجْهُ مَا تَقَدَّمَ، بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا كَرَاهَةَ فِيهِ أَصْلًا كَتَرْكِ الْإِمَامِ سُنَّةً مَقْصُودَةً. قَوْلُهُ: (وَمَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ فَأَوَّلُ صَلَاتِهِ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (نَعَمْ إلَخْ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ آخِرُهَا الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ طَلَبِ الْقِرَاءَةِ فِيهِ وَمَحَلُّ قِرَاءَتِهِ لَهَا إنْ لَمْ يَقْرَأْهَا مَعَ الْإِمَامِ، وَلَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ تَبَعًا   [حاشية عميرة] قَائِمٌ فَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ وَأَنْ يُفَارِقَ فِي الْحَالِ، وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ، وَأَمَّا الصِّحَّةُ مَعَ الِانْتِظَارِ فَرُبَّمَا يَمْنَعُ مِنْهَا عَدَمُ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْجُلُوسِ كَمَا فِي الْمَغْرِبِ خَلْفَ الظُّهْرِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَفْضَلُ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ يَكُونُ أَفْضَلَ مَعَ حُكْمِهِ بِكَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ مَا فِي الْمُفَارَقَةِ مِنْ قَطْعِ الْعَمَلِ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ وَفَوَاتَ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى آخَرَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْجَوَازُ فِي قَطْعِ الْقُدْوَةِ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ قَطْعِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ دُونَ غَيْرِهِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ. قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ مِنْهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ الْكَرَاهَةُ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ فِي الْمُفَارَقَةِ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِانْتِظَارِ) مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِهِ اقْتِدَاءُ الْمُنْفَرِدِ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ وَفَرَاغُهُ قَبْلَ الْإِمَامِ. وَقَدْ صَرَّحَ الشَّارِحُ أَوَّلًا بِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْأَفْضَلِيَّةِ لَهُ فَلْيُحْمَلْ كَلَامُهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَإِنْ أَرَادَ مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ ابْتِدَاءً خَلْفَ الظُّهْرِ اقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهَا مَسْنُونَةٌ فِي مِثْلِ ذَلِكَ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ الصُّبْحُ خَلْفَ الظُّهْرِ فِي الْأَظْهَرِ أَنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا وَلَا سُنَّةً فَأَيْنَ الْفَضِيلَةُ الْحَاصِلَةُ لِلْجَمَاعَةِ. وَإِنْ أَرَادَ التَّصْوِيرَ بِمَا لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ بَعْضًا أَوْ طَوَّلَ أَشْكَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَبَيْنَ الِانْتِظَارِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ الِانْتِظَارُ بِالِاسْتِمْرَارِ فِي الصَّلَاةِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّ مُرَادَهُ الْمَسْأَلَتَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 الْإِمَامِ (الْقُنُوتَ) فِي مَحَلِّهِ وَفَعَلَهُ مَعَ الْإِمَامِ لِلْمُتَابَعَةِ (وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْمَغْرِبِ تَشَهَّدَ فِي ثَانِيَتِهِ) لِأَنَّهَا مَحَلُّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ وَتَشَهُّدُهُ مَعَ الْإِمَامِ لِلْمُتَابَعَةِ، نَعَمْ لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ قَرَأَ السُّورَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ مِنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ. (وَإِنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ الْإِمَامَ (رَاكِعًا أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ قُلْتُ بِشَرْطِ أَنْ يَطْمَئِنَّ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . كَمَا ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ صَاحِبَ الْبَيَانِ صَرَّحَ بِهِ وَأَنَّ كَلَامَ كَثِيرٍ مِنْ النَّقَلَةِ أَشْعَرَ بِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْأَكْثَرُونَ انْتَهَى. وَفِي الْكِفَايَةِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ «عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ انْتَهَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ» إلَى آخِرِهِ السَّابِقِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي. وَسَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ أَنَّ مَنْ لَحِقَ الْإِمَامَ الْمُحْدِثَ رَاكِعًا لَمْ تُحْسَبْ رَكْعَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَمِثْلُهُ مَنْ لَحِقَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعِ رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ سَهْوًا، كَمَا ذَكَرَ هُنَاكَ. (وَلَوْ شَكَّ فِي إدْرَاكِ حَدِّ الْإِجْزَاءِ) بِالطُّمَأْنِينَةِ عَلَى مَا سَبَقَ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ. (لَمْ تُحْسَبْ رَكْعَتُهُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِدْرَاكِ. وَالثَّانِي يَقُولُ: الْأَصْلُ بَقَاءُ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ. وَتَبِعَ الْمُحَرَّرُ الْغَزَالِيَّ فِي حِكَايَةِ قَوْلَيْنِ وَحَكَاهُ فِي الشَّرْحِ عَنْ الْإِمَامِ وَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَصَوَّبَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَعَ تَصْحِيحِهِ طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِالْأَوَّلِ، قَالَ: لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ رُخْصَةٌ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِيَقِينٍ (وَيُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ ثُمَّ لِلرُّكُوعِ) كَغَيْرِهِ (فَإِنْ نَوَاهُمَا بِتَكْبِيرَةٍ لَمْ تَنْعَقِدْ) صَلَاتُهُ لِلتَّشْرِيكِ بَيْنَ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ مَقْصُودَةٍ (وَقِيلَ: تَنْعَقِدُ نَفْلًا) . قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَنَوَى بِهَا الزَّكَاةَ وَصَدَقَةَ التَّطَوُّعِ أَيْ فَتَقَعُ صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ وَدُفِعَ الْقِيَاسُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ جَامِعٌ مُعْتَبَرٌ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهَا   [حاشية قليوبي] لِلْفَاتِحَةِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ قِرَاءَتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ. وَخَرَجَ بِالسُّورَةِ الْجَهْرُ فَلَا يَقْضِيه لِأَنَّهُ صِفَةٌ. قَوْلُهُ: (رَاكِعًا) أَيْ أَحْرَمَ حَالَ رُكُوعِ الْإِمَامِ لَا قَبْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ مِنْ الْفَاتِحَةِ شَيْئًا فَلَا يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ، وَيَجِبُ الْإِحْرَامُ عَلَى مَنْ تَسْقُطُ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْحُرْمَةِ، وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا وَسَكَتَ قَدْرًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِإِمَامٍ فِي الرُّكُوعِ رَكَعَ مَعَهُ وَلَا يَتَخَلَّفُ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بِخِلَافِ مَنْ سَكَتَ بَعْدَ إحْرَامِهِ مَعَ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ) وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ عَقِبَ إحْرَامِهِ فَيَرْكَعُ هُوَ وَيُتِمُّ الرَّكْعَةَ بِنَفْسِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَطْمَئِنَّ) أَيْ يَقِينًا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ، وَمِثْلُهُ ظَنٌّ لَا تَرَدُّدَ مَعَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي نَحْوِ بَعِيدٍ أَوْ أَعْمَى وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الرُّكُوعُ مَحْسُوبًا لِلْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَا يُدْرِكُ الْمَأْمُومُ بِهِ الرَّكْعَةَ وَلَا تُدْرَكُ بِالرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ لِمَنْ يُصَلِّيهَا كَذَلِكَ. وَكَذَا لِمَنْ يُصَلِّيهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ الثَّانِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ لِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ بِهِ فِي هَذِهِ دُونَ غَيْرِهَا بَلْ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (سَهْوًا) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَأْمُومُ، وَكَذَا عَمْدًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِعَمْدِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ إتْيَانُ الرَّكْعَةِ لِمُقْتَضٍ كَأَنْ تَرَكَ رُكْنًا مِمَّا قَبْلَهَا سَهْوًا وَعَلِمَ بِهِ الْمَأْمُومُ جَازَ لَهُ مُتَابَعَتُهُ فِيمَا يَأْتِي بِهِ بَلْ يَظْهَرُ وُجُوبُهَا عَلَيْهِ الْقَرَّةُ لَهُ وَيُدْرِكُ بِهَا الْجُمُعَةَ لَوْ كَانَ مَسْبُوقًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ وَلَوْ بِرَاجِحِيَّةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، نَعَمْ إنْ طَرَأَ لَهُ الشَّكُّ بَعْدَ سَلَامِ نَفْسِهِ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الشَّكِّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَتَبِعَ الْمُحَرَّرَ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ حَيْثُ تَنَاقَضَ كَلَامُهُ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ أَوْلَى وَكَانَ حَقُّهُ التَّعْبِيرَ بِالْأَصَحِّ أَوْ الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (وَيُكَبِّرُ) أَيْ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقَعَ جَمِيعُ التَّكْبِيرَةِ فِي مَحَلٍّ تُجْزِئُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ وَإِلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ فَرْضًا قَطْعًا وَلَا نَفْلًا عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (كَغَيْرِهِ) أَيْ كَغَيْرِهِ مِنْ ذِكْرٍ أَوْ كَغَيْرِ الرُّكُوعِ. قَوْلُهُ. (فَإِنْ نَوَاهُمَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ جَاهِلًا بِذَلِكَ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ هُنَا وَفِي كَلَامِهِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مَا يُخَالِفُهُ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ فِيهِ جَامِعٌ مُعْتَبَرٌ) أَيْ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْوَاجِبِ هُنَا شَرْطٌ لِلِاعْتِدَادِ بِالْمَنْدُوبِ وَأَيْضًا   [حاشية عميرة] الْمَذْكُورَتَانِ فِي كَلَامِنَا أَوْ لَا وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يَحْكُمُ بِالْكَرَاهَةِ فِي الْأُولَى ثُمَّ يَعْتَرِفُ بِحُصُولِ الْفَضِيلَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَشَهَّدَ فِي ثَانِيَتِهِ) قَدْ وَافَقْنَا الْحَنَفِيَّةَ عَلَى هَذَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ إلَخْ) لَوْ وَقَعَ بَعْضُ التَّكْبِيرِ رَاكِعًا لَمْ تَنْعَقِدْ فَرْضًا قَطْعًا وَلَا نَفْلًا عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ فِيهِ جَامِعٌ مُعْتَبَرٌ) كَانَ وَجْهُ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ تَكْبِيرَ التَّحَرُّمِ رُكْنٌ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 شَيْئًا لَمْ تَنْعَقِدْ) صَلَاتُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي تَنْعَقِدُ فَرْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِأَنَّ قَرِينَةَ الِافْتِتَاحِ تُصْرَفُ إلَيْهِ وَالْأَوَّلُ يَقُولُ: وَقَرِينَةُ الْهُوِيِّ تُصْرَفُ إلَيْهِ فَتَعَارَضَتَا، إنْ نَوَى بِالتَّكْبِيرَةِ التَّحَرُّمَ فَقَطْ أَوْ الرُّكُوعَ فَقَطْ لَمْ يَخْفَ الْحُكْمُ كَمَا قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ مِنْ الِانْعِقَادِ فِي الْأُولَى وَعَدَمِهِ فِي الثَّانِيَةِ. (وَلَوْ أَدْرَكَهُ) أَيْ الْإِمَامَ (فِي اعْتِدَالِهِ فَمَا بَعْدَهُ انْتَقَلَ مَعَهُ مُكَبِّرًا) مُوَافَقَةً لَهُ فِي تَكْبِيرِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُ فِي التَّشَهُّدِ وَالتَّسْبِيحَاتِ) أَيْضًا. وَالثَّانِي لَا يُوَافِقُهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ لَهُ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ مَنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ الْإِمَامَ (فِي سَجْدَةٍ) أُولَى أَوْ ثَانِيَةٍ (لَمْ يُكَبِّرْ لِلِانْتِقَالِ إلَيْهَا) وَالثَّانِي يُكَبِّرُ لِذَلِكَ كَمَا يُكَبِّرُ لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ. وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الرُّكُوعَ مَحْسُوبٌ لَهُ دُونَ السُّجُودِ وَمِثْلُهُ التَّشَهُّدُ. (وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ الْمَسْبُوقُ مُكَبِّرًا إنْ كَانَ) جُلُوسُهُ مَعَ الْإِمَامِ (مَوْضِعَ جُلُوسِهِ) لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا بِأَنْ أَدْرَكَهُ فِي ثَانِيَةِ الْمَغْرِبِ أَوْ ثَالِثَةِ الرُّبَاعِيَّةِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُلُوسُهُ مَعَ الْإِمَامِ مَوْضِعَ جُلُوسِهِ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا، كَأَنْ أَدْرَكَهُ فِي ثَانِيَةِ الرُّبَاعِيَّةِ أَوْ ثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ. (فَلَا) يُكَبِّرُ عِنْدَ قِيَامِهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُكَبِّرُ لِئَلَّا يَخْلُوَ الِانْتِقَالُ عَنْ ذِكْرٍ، وَالسُّنَّةُ لِلْمَسْبُوقِ أَنْ يَقُومَ عَقِبَ تَسْلِيمَتَيْ الْإِمَامِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَقُومَ عَقِبَ الْأُولَى فَلَوْ مَكَثَ بَعْدَهُمَا فِي مَوْضِعِ جُلُوسِهِ لَمْ يَضُرَّ، أَوْ فِي غَيْرِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا عَالِمًا فَإِنْ كَانَ سَاهِيًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَهَلْ لِلْمَسْبُوقِينَ أَوْ لِلْمُقِيمِينَ خَلْفَ مُسَافِرٍ الِاقْتِدَاءُ فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِمْ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ حَصَلَتْ، وَإِذَا أَتَمُّوا فُرَادَى نَالُوا فَضْلَهَا. كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ آخِرَ الِاسْتِخْلَافِ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ حَكَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَسْبُوقِينَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَقَالَ: أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ. قَالَ: وَلَا يَفْتُرُ بِتَصْحِيحِ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ الْمَنْعُ وَكَأَنَّهُ اغْتَرَّ بِقَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ. لَعَلَّ الْأَصَحَّ الْمَنْعُ. انْتَهَى. وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ ذَاكَ مِنْ حَيْثُ حُصُولُ الْفَضِيلَةِ وَهَذَا مِنْ حَيْثُ جَوَازُ اقْتِدَاءِ الْمُنْفَرِدِ يَدُلُّ   [حاشية قليوبي] فَرْقٌ كَبِيرٌ بَيْنَ عِبَادَةٍ مَالِيَّةٍ وَبَدَنِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (فَتَعَارَضَتَا) أَيْ وَلَا مُرَجِّحَ فَلَا يُنَافِي مَا لَوْ أَتَى بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ بَدَلَ الْفَاتِحَةِ لِعَجْزِهِ عَنْهَا لِأَنَّ قَرِينَةَ الْبَدَلِيَّةِ مُرَجِّحَةٌ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ فِيمَنْ هُوَ مُلَاحِظٌ لِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ أَمَّا مَنْ لَمْ تَخْطُرْ بِبَالِهِ لِجَهْلِهِ بِطَلَبِهَا أَوْ غَفْلَتِهِ عَنْهَا فَتَكْبِيرَتُهُ صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (فِي التَّشَهُّدِ) وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ وَالتَّسْبِيحُ وَالدُّعَاءُ فَيَأْتِي بِهَا تَبَعًا. قَوْلُهُ: (دُونَ السُّجُودِ) أَيْ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ لَهُ قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَيُكَبِّرُ لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ إنْ سَمِعَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْمَعْ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ، وَلَا يُكَبِّرُ لِسُجُودِ السَّهْوِ إنْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا وَإِلَّا فَيُكَبِّرُ لَهُ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَقِبَ الْأُولَى) فَإِنْ قَامَ قَبْلَهَا وَلَوْ قَبْلَ تَمَامِهَا عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ لِلْقُعُودِ عِنْدَ تَذَكُّرِهِ أَوْ عِلْمِهِ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ قِرَاءَةٍ وَنَحْوِهَا قَبْلَ عَوْدِهِ. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) . قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنْ زَادَ جُلُوسُهُ عَلَى قَدْرِ جُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ الْمَطْلُوبِ لِأَنَّ جُلُوسَهُ لِتَشَهُّدِ الْإِمَامِ فِيهِ لَيْسَ جُلُوسَ اسْتِرَاحَةٍ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَشَهَّدْ هُوَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ) أَيْ أَنَّ الْفَضِيلَةَ قَدْ حَصَلَتْ لَهُ أَوَّلًا فَلَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ لِأَجْلِهَا لِعَدَمِ حُصُولِهَا بِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَنْعُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ فِي نَفْسِهِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ صِحَّتِهِ فَتَأَمَّلْ.   [حاشية عميرة] فَقْدُ الصَّارِفِ، وَمِنْهُ حَالَةُ التَّشْرِيكِ بِلَا رَيْبٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الصَّدَقَةِ فَإِنَّ قَصْدَ التَّطَوُّعِ مَانِعٌ مِنْ اعْتِبَارِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ لَا يَضُرُّ فِي كَوْنِهَا تَطَوُّعًا لَا يُقَالُ: وَقَصْدُ الْفَرْعِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ لَا يَقْدَحُ فِي قَصْدِ النَّفْلِيَّةِ لِأَنَّا نَقُولُ قَصْدُ النَّفْلِيَّةِ هُنَا مَعْنَاهُ قَصْدٌ لِلتَّكْبِيرِ لِلِانْتِقَالِ لِلرُّكُوعِ، وَذَلِكَ لَا يُصَحِّحُ انْعِقَادَ الصَّلَاةِ نَفْلًا قَطْعًا بِخِلَافِ قَصْدِ التَّطَوُّعِ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ، وَإِنْ صَحِبَهُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا الْفَرْقُ بِأَنَّ الْبَدَنِيَّةَ أَضْيَقُ مِنْ الْمَالِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ يَقُولُ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْحُكْمَ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ لِوُجُودِ التَّكْبِيرِ مَعَ النِّيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ زَادَ الْعِرَاقِيُّ وَلَمْ يَفُتْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّكْبِيرُ لِلتَّحَرُّمِ وَقَصْدُ الْأَرْكَانِ لَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقًا اهـ أَقُولُ: كَأَنَّهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِمَكَانِ قَرِينَةِ الرُّكُوعِ اشْتَرَطُوا هُنَا قَصْدَ التَّكْبِيرِ لِلتَّحَرُّمِ هَذَا غَايَةُ مَا يُقَالُ وَالْإِشْكَالُ فِيهِ قُوَّةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُ) عِلَّتُهُ الْمُوَافَقَةُ. قَوْلُهُ: (أُولَى أَوْ ثَانِيَةٍ) رُبَّمَا يَخْرُجُ بِهَذَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ، وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يُكَبِّرُ لِأَنَّهَا تُحْسَبُ لَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي غَيْرِهِ بَطَلَتْ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اغْتِفَارَ قَدْرِ جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ إلَخْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ جَوَازَ اقْتِدَاءِ الْمُنْفَرِدِ. قَالَ: وَاقْتِدَاءُ الْمَسْبُوقِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَغَيْرِهِ. بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ أَيْ كَيْفِيَّتِهَا مِنْ حَيْثُ الْقَصْرُ وَالْجَمْعُ الْمُخْتَصِّ هُوَ بِجَوَازِهِمَا. وَخَتَمَ بِجَوَازِ الْجَمْعِ بِالْمَطَرِ لِلْمُقِيمِ. (إنَّمَا تُقْصَرُ رُبَاعِيَّةٌ) مِنْ الْخَمْسِ فَلَا قَصْرَ فِي الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ (مُؤَدَّاةٌ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ الْمُبَاحِ) أَيْ الْجَائِزِ طَاعَةً كَانَ كَالسَّفَرِ لِلْحَجِّ وَزِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ غَيْرَهَا كَسَفَرِ التِّجَارَةِ (لَا فَائِتَةُ الْحَضَرِ) أَيْ لَا تُقْصَرُ إذَا قُضِيَتْ فِي السَّفَرِ (وَلَوْ قَضَى فَائِتَةَ السَّفَرِ) أَيْ أَرَادَ قَضَاءَهَا. (فَالْأَظْهَرُ قَصْرُهُ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ قَصْرٍ، وَالثَّانِي: يَقْصُرُ فِيهِمَا، وَالثَّالِثُ: يُتِمُّ فِيهِمَا اعْتِبَارًا لِلْأَدَاءِ فِي الْقَصْرِ. وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْحَصْرِ فِي الْمُؤَدَّاةِ دُونَ مَا قَبْلَهُ، فَالْمُرَادُ مِنْ نَفْيِ الْحَصْرِ لِلْقَصْرِ فِي الْمَقْضِيَّةِ مَا ذَكَرَ فِيهَا مِنْ التَّفْصِيلِ عَلَى الرَّاجِحِ فَيَضُمُّ مِنْهُ إلَى الْمُؤَدَّاةِ مَقْضِيَّةَ فَائِتَةِ السَّفَرِ فِيهِ، وَلَوْ شَكَّ فِي أَنَّ الْفَائِتَةَ فَائِتَةُ حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ   [حاشية قليوبي] بَابُ كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَمَا يَتْبَعُهَا وَشُرِعَتْ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ قَالَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ. وَقِيلَ: فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ قَالَهُ الدُّولَابِيُّ. وَقِيلَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَأَوَّلُ الْجَمْعِ كَانَ فِي سَفَرِ غَزْوَةِ تَبُوكَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ. قَوْلُهُ: (الْمُخْتَصِّ هُوَ بِجَوَازِهِمَا) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُمَا مُبَاحَانِ وَفِيهِ مَا مَرَّ فِي مَسْحِ الْخُفِّ وَسَيَأْتِي بَعْضُهُ وَمِنْ وُجُوبِ الْجَمْعِ مَا لَوْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْأُولَى قَدْرٌ لَوْ لَمْ يَنْوِ الْجَمْعَ فِيهِ عَصَى وَمِنْ وُجُوبِ الْقَصْرِ مَا لَوْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الثَّانِيَةِ قَدْرٌ لَوْ لَمْ يَقْصِرْهُمَا فِيهِ لَخَرَجَ شَيْءٌ مِنْهُمَا خُرُوجًا يَأْثَمُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْجَمْعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى. (فَرْعٌ) لَوْ أَدْرَكَ جَمَاعَةً فِي وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا فُرَادَى، وَلَوْ أَحْرَمَ مَعَهُمْ أَدْرَكَهَا كُلَّهَا فِي الْوَقْتِ لِسُقُوطِ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ مَثَلًا لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ مَعَهُمْ لِخُرُوجِهِ مِنْ الْإِثْمِ وَإِنْ كَانَ لَوْ أَحْرَمَ مَعَهُمْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِحْرَامُ مَعَهُمْ لِأَنَّ كَوْنَهَا أَدَاءً لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ الْإِثْمِ وَلَوْ كَانَ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا مُنْفَرِدًا لَا جَمَاعَةً فَلَهُ الْإِحْرَامُ مَعَهُمْ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَدِّ وَهُوَ جَائِزٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْخَمْسِ) وَلَوْ بِحَسْبِ الْأَصْلِ فَشَمِلَ صَلَاةَ الصَّبِيِّ وَصَلَاةَ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فَلَهُ الْقَصْرُ كَغَيْرِهِ، وَشَمِلَ الْمُعَادَةَ وُجُوبًا لِغَيْرِ إفْسَادٍ وَإِنْ كَانَ أَتَمَّ أَصْلَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَشَمِلَ الْمُعَادَةَ نَدْبًا لَكِنْ إنْ قَصَرَ أَصْلَهَا كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَصْرُهَا. كَمَا لَوْ شَرَعَ فِيهَا تَامَّةً ثُمَّ أَفْسَدَهَا وَخَرَجَ النَّافِلَةُ وَلَوْ مُطْلَقَةً وَالْمَنْذُورَةُ. قَوْلُهُ: (مُؤَدَّاةٌ) أَيْ يَقِينًا كَمَا يَأْتِي وَلَوْ مَجَازًا بِأَنْ شَرَعَ فِيهَا بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي السَّفَرِ وَأَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ شَرْحُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ تَبَعًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَكْفِي إدْرَاكُ زَمَنٍ يَسَعُ رَكْعَةً مِنْ الْوَقْتِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي السَّفَرِ، مُرَادُهُمَا أَنَّهُ يَجُوزُ قَصْرُهَا لِكَوْنِهَا فَائِتَةَ سَفَرٍ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ الْخَطِيبِ مِنْ مَنْعِ قَصْرِهَا لِأَنَّهَا عِنْدَهُ فَائِتَةُ حَضَرٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا عِنْدَهُمَا مُؤَدَّاةٌ بِذَلِكَ الزَّمَنِ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَدَمُ صِحَّةِ وَصْفِ الصَّلَاةِ بِالْقَضَاءِ وَلِمَا مَرَّ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْقَضَاءِ فِيمَا لَوْ لَمْ يُوقِعْ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ شُرُوعُهُ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا فَأَكْثَرَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْجَائِزِ) فَالْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ غَيْرُ الْحَرَامِ. قَوْلُهُ: (طَاعَةً) شَمِلَ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ سَفَرُ الْحَجِّ مِثَالًا لَهُمَا لِوُجُوبِهِ فِي حَالَةٍ وَنَدْبِهِ فِي أُخْرَى. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهَا) مُبَاحًا أَوْ مَكْرُوهًا وَيَصِحُّ كَوْنُ سَفَرِ التِّجَارَةِ مِثَالًا لَهُمَا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا كَالتِّجَارَةِ فِي أَكْفَانِ   [حاشية عميرة] يَعْنِي مَنَعَ مِنْهُ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ مَانِعٌ مِنْ الْفَضِيلَةِ كَمَا سَلَفَ. فَلِهَذَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ كَانَ الْمُلَائِمُ لَهُ أَنْ يَقُولَ مِنْ حَيْثُ فَوَاتِ الْفَضِيلَةِ. [بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنَّمَا تُقْصَرُ) قَدَّمَ الْقَصْرَ لِلْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا قَصْرَ فِي الصُّبْحِ) تَعَرَّضَ لِمُحْتَرَزِ هَذَا الْقَيْدِ دُونَ الْقُيُودِ الْآتِيَةِ لِأَنَّ الْخَارِجَ بِهَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْجَائِزِ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مَعْنَاهُ الْأُصُولِيَّ وَحِينَئِذٍ فَالْخَارِجُ بِهِ الْحَرَامُ لَا غَيْرُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَكْرُوهُ كَسَفَرِ الْمُنْفَرِدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا فَائِتَةُ الْحَضَرِ) لِأَنَّهَا قَدْ تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ أَرْبَعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَظْهَرُ قَصْرُهُ إلَخْ) نَظَرًا إلَى قِيَامِ الْعُذْرِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقْصُرُ فِيهِمَا) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ مَا كَانَ يَلْزَمُهُ فِي الْأَدَاءِ. قَوْلُهُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 أَتَمَّ فِيهِ احْتِيَاطًا. (وَمَنْ سَافَرَ مِنْ بَلْدَةٍ) لَهَا سُورٌ (فَأَوَّلُ سَفَرِهِ مُجَاوَزَةُ سُورِهَا) الْمُخْتَصِّ بِهَا وَإِنْ كَانَ دَاخِلَهُ مَوَاضِعُ خَرِبَةٌ وَمَزَارِعُ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا هُوَ دَاخِلُهُ مَعْدُودٌ مِنْ الْبَلْدَةِ. (فَإِنْ كَانَ وَرَاءَهُ عِمَارَةٌ) أَيْ دُورٌ مُتَلَاصِقَةٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. وَفِي الْمُحَرَّرِ عِمَارَاتٌ وَدُورٌ (اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَتُهَا) أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) لِتَبَعِيَّتِهَا لِلْبَلَدِ بِالْإِقَامَةِ فِيهَا (قُلْتُ: الْأَصَحُّ لَا يُشْتَرَطُ) مُجَاوَزَتُهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنْ الْبَلَدِ، وَهَذَا التَّصْحِيحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ شَرْحِ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ. (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لَهَا (سُورٌ) مُطْلَقًا أَوْ فِي صَوْبِ سَفَرِهِ (فَأَوَّلُهُ مُجَاوَزَةُ الْعُمْرَانِ) حَتَّى لَا يَبْقَى بَيْتٌ مُتَّصِلٌ وَلَا مُنْفَصِلٌ وَالْخَرَابُ الَّذِي يَتَخَلَّلُ الْعِمَارَاتِ حُدُودٌ مِنْ الْبَلَدِ كَالنَّهْرِ بَيْنَ جَانِبَيْهَا (لَا الْخَرَابُ) الَّذِي لَا عِمَارَةَ وَرَاءَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ إقَامَةٍ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ مَعْدُودٌ مِنْ الْبَلَدِ. وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَ) لَا (الْبَسَاتِينُ) وَالْمَزَارِعُ الْمُتَّصِلَةُ بِالْبَلَدِ فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا وَإِنْ كَانَتْ مَحُوطَةً لِأَنَّهَا لَمْ تُتَّخَذْ لِلسُّكْنَى. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ لِمَا ذَكَرَ فَإِنْ كَانَ   [حاشية قليوبي] الْمَوْتَى وَالسَّفَرِ مُنْفَرِدًا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَلَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ إلَّا بِثَلَاثَةٍ. قَوْلُهُ: (يَقْصُرُ فِيهِمَا) اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْفَوَاتِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ وَلَوْ بِرُجْحَانٍ. قَوْلُهُ: (احْتِيَاطًا) أَيْ بِالرُّجُوعِ إلَى الْأَصْلِ مِنْ لُزُومِهَا ذِمَّةً تَامَّةً. قَوْلُهُ: (لَهَا سُورٌ) هُوَ بِالْهَمْزَةِ اسْمٌ لِبَقِيَّةِ الشَّيْءِ وَبِعَدَمِهِ اسْمٌ لِلْمُرَادِ هُنَا بِمَعْنَى الْمُحِيطِ بِالشَّيْءِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَخْتَصُّ بِالْبَلَدِ وَلَوْ مِنْ نَحْوِ تُرَابٍ لِمَنْعِ الْعَدُوِّ أَوْ جَبَلٍ، وَإِنْ تَعَدَّدَ إنْ لَمْ يُهْجَرْ وَسَافَرَ مِنْ جِهَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ اُعْتُبِرَ الْخَنْدَقُ وَهُوَ مَا يُحْفَرُ حَوْلَ الْبَلَدِ اسْتِغْنَاءً بِهِ عَنْ السُّورِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ فَإِنْ فُقِدَا اُعْتُبِرَتْ الْقَنْطَرَةُ وَهِيَ مَا عُقِدَ خَارِجَ الْبَابِ فِي عَرْضِ حَائِطِهِ لَا مَا زَادَ عَلَى عَرْضِهَا، وَسَوَاءٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ سَافَرَ فِي الْبَرِّ أَمْ فِي الْبَحْرِ فِي عَرْضِ الْبَلَدِ أَوْ فِي طُولِهِ، وَمَا فِي شَرْحِ الْمُعْسِرِ الرَّمْلِيِّ مِمَّا يُوهِمُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَعَ السُّورِ مَا يُعْتَبَرُ مَعَ الْعُمْرَانِ فِي سَيْرِ الْبَحْرِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. قَوْلُهُ: (دُورٌ مُتَلَاصِقَةٌ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاصَقَتِهَا لِلسُّورِ وَأَنَّهَا الْمُرَادُ بِالْعِمَارَةِ فَعَطْفُ الْمُحَرَّرِ لَهَا تَفْسِيرٌ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا التَّصْحِيحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) وَهُوَ مَا اخْتَصَرَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ عِبَارَةِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ لِلرَّافِعِيِّ. وَهَذَا تَمْهِيدٌ لِلِاعْتِرَاضِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُحْتَمِلٌ) أَيْ عِبَارَةُ الشَّرْحِ مُحْتَمِلَةٌ لِلِاشْتِرَاطِ وَعَدَمِهِ وَلَيْسَ فِيهَا تَصْحِيحٌ لِأَحَدِهِمَا فَنِسْبَةُ التَّصْحِيحِ إلَيْهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورِ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَمَا قِيلَ خِلَافُ هَذَا مَرْجُوحٌ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (مُجَاوَزَةُ الْعُمْرَانِ) أَيْ خُرُوجُهُ مِنْهَا إنْ سَافَرَ مِنْ دَاخِلِهَا وَخُرُوجُهُ مِنْ مُحَاذَاتِهَا، إنْ سَافَرَ مِنْ جَانِبِهَا وَسَيْرُ السَّفِينَةِ فِي الْبَحْرِ كَذَلِكَ، فَيُشْتَرَطُ خُرُوجُ السَّفِينَةِ مِنْ مُحَاذَاةِ الْعُمْرَانِ لِمَنْ سَافَرَ فِي طُولِ الْبَحْرِ وَجَرْيُهَا أَوْ جَرْيُ الزَّوْرَقِ إلَيْهَا آخِرَ مَرَّةٍ لِمَنْ سَافَرَ فِي عَرْضِهِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ سَافَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي طُولِهِ فَلِمَنْ فِي السَّفِينَةِ بَعْدَ جَرْيِ الزَّوْرَقِ آخِرَ مَرَّةٍ أَنْ يَتَرَخَّصَ وَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْكَلَامُ فِي خَرَابٍ لَمْ يُدَرَّسْ وَلَمْ يُهْجَرْ بِالتَّحْوِيطِ عَلَى الْعَامِرِ، وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ قَطْعًا وَفِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ السَّنْبَاطِيِّ مَا يُصَرِّحُ بِخِلَافِ هَذَا وَلَعَلَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ. قَوْلُهُ: (الْمُتَّصِلَةِ) رَاجِعٌ لِلْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لِمَا ذُكِرَ) بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ مَعْدُودٌ   [حاشية عميرة] اعْتِبَارًا لِلْأَدَاءِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ رُدَّتْ إلَى رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا فَاتَتْ يَأْتِي بِأَرْبَعٍ كَالْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (فَالْمُرَادُ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ يَرُدُّ عَلَيْهَا حُكْمُ فَوَائِتِ الْحَضَرِ الْمُسْتَفَادُ مِنْ حَصْرِ الْقَصْرِ فِي الْمُؤَدَّاةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالتَّفْصِيلِ مَا يَشْمَلُ قَوْلَ الْمَتْنِ لَا فَائِتَةَ الْحَضَرِ فَلَا إيرَادَ حِينَئِذٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (سُورِهَا) هُوَ بِالْهَمْزِ الْبَقِيَّةُ وَبِعَدَمِهِ الْمُحِيطُ بِالْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (أَيْ دُورٌ مُتَلَاصِقَةٌ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَيْ تَلَاصُقًا مُعْتَادًا وَنَقَلَ عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى بَابِ الْبَلَدِ قَنْطَرَةٌ اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَتُهَا. قَوْلُهُ: (وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) يَعْنِي حُكِيَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ شَرْحِ الرَّافِعِيِّ هَذَا التَّصْحِيحُ. قَالَ الشَّارِحُ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ ثُمَّ رَاجَعْت الرَّافِعِيَّ فَوَجَدْت آخِرَ كَلَامِهِ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ الِاشْتِرَاطِ. وَلِذَا نَسَبَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ ذَلِكَ وَقَالَ اعْتَمِدْهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُحْتَمَلٌ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّارِحَ يَقُولُ هَذَا الَّذِي نَسَبَهُ النَّوَوِيُّ لِشَرْحِ الرَّافِعِيِّ مِنْ تَرْجِيحِ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ كَلَامُ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ يَحْتَمِلُهُ. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) هَذَا الَّذِي نَسَبَهُ لِشَرْحِ الْمُهَذَّبِ صَوَّرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَهْجُرُوهُ بِالتَّحْوِيطِ عَلَى الْعَامِرِ دُونَهُ، وَلَا اتَّخَذَ مَزَارِعَ وَنَفَى ابْنُ النَّقِيبِ الْخِلَافَ فِي الْمَهْجُورِ وَالْمُتَّخَذِ مَزَارِعَ. قَوْلُهُ: (لِمَا ذَكَرَ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ مَعْدُودٌ مِنْ الْبَلَدِ. وَقَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَجْتَمِعُونَ لِلسَّمَرِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْ مُتَفَرِّقَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا رَجَعَ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 فِيهَا قُصُورٌ أَوْ دُورٌ تُسْكَنُ فِي بَعْضِ فُصُولِ السَّنَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُجَاوَزَتِهَا. كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ الرَّافِعِيِّ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْجُمْهُورُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْبَلَدِ. (وَالْقَرْيَةُ كَبَلْدَةٍ) فَيُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْعُمْرَانِ فِيهَا لَا الْخَرَابِ وَالْبَسَاتِينِ وَالْمَزَارِعِ وَإِنْ كَانَتْ مَحُوطَةً. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ الْمَحُوطَةِ. وَكَذَا قَالَ الْإِمَامُ فِي الْبَسَاتِينِ دُونَ الْمَزَارِعِ وَالْقَرْيَتَانِ لَا انْفِصَالَ بَيْنَهُمَا: يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُمَا وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ. وَالْمُنْفَصِلَتَانِ يَكْفِي مُجَاوَزَةُ إحْدَاهُمَا. وَاشْتَرَطَ ابْنُ سُرَيْجٍ مُجَاوَزَةَ الْمُتَقَارِبَتَيْنِ وَلَوْ جَمَعَ سُورَ قُرًى مُتَفَاصِلَةٍ أَوْ بَلْدَتَيْنِ مُتَقَارِبَتَيْنِ لَمْ يُشْتَرَطْ مُجَاوَزَةُ السُّورِ. (وَأَوَّلُ سَفَرِ سَاكِنِ الْخِيَامِ) كَالْأَعْرَابِ وَالْأَكْرَادِ. (مُجَاوَزَةُ الْحِلَّةِ) مُجْتَمَعَةً كَانَتْ أَوْ مُتَفَرِّقَةً بِحَيْثُ يَجْتَمِعُونَ لِلسَّمَرِ فِي نَادٍ وَاحِدٍ، وَيَسْتَعِيرُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَهِيَ كَأَبْنِيَةِ الْقَرْيَةِ وَالْحِلَّتَانِ كَالْقَرْيَتَيْنِ الْمُتَقَارِبَتَيْنِ، وَيُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ مَرَافِقِهَا كَمَطْرَحِ الرَّمَادِ وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَالنَّادِي وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا مَعْدُودَةٌ مِنْ مَوَاضِعِ إقَامَتِهِمْ. (وَإِذَا رَجَعَ) مِنْ السَّفَرِ (انْتَهَى سَفَرُهُ بِبُلُوغِهِ مَا شُرِطَ مُجَاوَزَتُهُ ابْتِدَاءً) مِنْ سُورٍ أَوْ عُمْرَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَيَنْتَهِي تَرَخُّصُهُ. (وَلَوْ نَوَى) الْمُسَافِرُ (إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِمَوْضِعٍ) عَيَّنَهُ (انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِوُصُولِهِ) أَيْ بِوُصُولِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَلَوْ نَوَى بِمَوْضِعٍ وَصَلَ إلَيْهِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ   [حاشية قليوبي] مِنْ الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (فِي بَعْضِ فُصُولِ السَّنَةِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ فَصْلٌ مِنْهَا فَأَكْثَرُ أَوْ بَعْضُ كُلِّ فَصْلٍ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ مَطْرَحِ الرَّمَادِ وَالْمَقَابِرِ وَنَحْوِهَا فِي الْبَلَدِ وَالْقَرْيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الْحِلَّةِ. قَوْلُهُ: (لَا انْفِصَالَ بَيْنَهُمَا) أَيْ عُرْفًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ اسْمُهُمَا وَكَالْقَرْيَتَيْنِ الثَّلَاثُ وَالْأَكْثَرُ. قَوْلُهُ: (يَكْفِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَاشْتَرَطَ ابْنُ سُرَيْجٍ) مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَشْتَرِطْ مُجَاوَزَةَ السُّورِ) فَلَهُ الْقَصْرُ فِي جِدَارِهِ حَيْثُ فَارَقَ الْعُمْرَانَ، وَإِنْ سَافَرَ مِنْ جِهَتِهِ. قَوْلُهُ: (مُجَاوَزَةُ الْحِلَّةِ) وَإِنْ اتَّسَعَتْ كَالْبَلَدِ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْحَاءِ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْحَيِّ النَّازِلِ فِيهَا أَوْ لِمَنْزِلِهِ، وَمِنْهُ الْمَرَافِقُ الْمَذْكُورَةُ وَالْخَيْمَةُ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِأَرْبَعَةِ أَعْوَادٍ تُنْصَبُ وَيُسْقَفُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، وَجَمْعُهَا خِيَمٌ وَجَمْعُهُ خِيَامٌ كَقَلْعَةٍ وَقِلَعٍ وَقِلَاعٍ. وَإِطْلَاقُ الْخَيْمَةِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ مِنْ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا مَجَازٌ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ قَيْدٌ فِي الْمُتَفَرِّقَةِ لِتَصِيرَ كَالْمُجْتَمِعَةِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْحِلَّةُ فِي بَعْضِ وَادٍ أَوْ بَعْضِ مِصْعَدٍ أَوْ بَعْضِ مَهْبِطٍ اُشْتُرِطَ مُجَاوَزَةُ بَقِيَّةِ ذَلِكَ فِي الثَّلَاثَةِ إنْ اعْتَدَلَتْ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ. وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ حِلَّةٍ مَرَافِقُ خَاصَّةٌ بِهَا فَهِيَ فِي اعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَا لَهَا عَلَى حِدَتِهَا كَالْقُرَى فِيمَا مَرَّ وَمَنْ كَانَ نَازِلًا وَحْدَهُ اُعْتُبِرَ مُجَاوَزَةُ رَحْلِهِ. (تَنْبِيهٌ) شَمِلَ مَا ذَكَرَ جَوَازَ التَّرَخُّصِ لِمَنْ قَصَدَ سَفَرَ قَصْرٍ إذَا جَاوَزَ مَا تُعْتَبَرُ مُجَاوَزَتُهُ وَإِنْ قَصَدَ إقَامَةً بَعْدَهُ وَلَوْ بِمَوْضِعٍ قَرِيبٍ فَلَهُ التَّرَخُّصُ قَبْلَهُ. وَكَذَا فِيهِ إنْ نَوَى إقَامَةً لَا تَقْطَعُ السَّفَرَ وَسَيَأْتِي مَنْ نَوَى الرُّجُوعَ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا رَجَعَ) هُوَ قَيْدٌ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَمَحَلُّ الِانْتِهَاءِ لَا يَتَقَيَّدُ بِالرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ. قَوْلُهُ: (بِبُلُوغِهِ) أَيْ وُصُولِهِ إلَى السُّورِ أَوْ الْعُمْرَانِ أَوْ مَرَافِقِ الْحِلَّةِ، وَمَنْ نَوَى رُجُوعًا إلَى وَطَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ الْإِقَامَةَ بِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ سَافَرَ مِنْهُ أَوْ لِحَاجَةٍ أَوْ لِغَيْرِ وَطَنِهِ لَا لِحَاجَةٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّرَخُّصُ فِي مَوْضِعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْإِقَامَةِ وَلَا فِي رُجُوعِهِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ سَفَرَ قَصْرٍ. قَوْلُهُ: (بِمَوْضِعٍ) سَيَذْكُرُ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ وَفِيمَا   [حاشية عميرة] قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَيْ مِنْ سَفَرِ الْقَصْرِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الرُّجُوعُ مِنْ دُونِهِ فَإِنْ كَانَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ انْتَهَى سَفَرُهُ بِعَزْمِهِ عَلَى الْعَوْدِ وَإِنْ رَجَعَ لِحَاجَةٍ فَإِنْ كَانَ لِمَحَلِّ وَطَنِهِ لَمْ يَتَرَخَّصْ وَإِنْ كَانَ مَحَلَّ إقَامَتِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِيطَانٍ فَلَهُ التَّرَخُّصُ. قَالَ: وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يَتَرَخَّصُ إذَا عَادَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ عَائِدًا بِالنِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ اهـ. أَقُولُ: لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ نِيَّةِ الرُّجُوعِ مِنْ السَّفَرِ الطَّوِيلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ فِي غَيْرِ وَطَنِهِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْقَصْرِ وَلَا تُؤَثِّرُ النِّيَّةُ وَإِنْ كَانَ لِوَطَنِهِ فَيَنْقَطِعُ التَّرَخُّصُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الرُّجُوعِ وَبَعْدَ سَفَرٍ جَدِيدٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمِنْهَاجِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مَا يُوَافِقُ هَذَا عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِحُكْمِ الْعَوْدِ لِحَاجَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِبُلُوغِهِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْ أَنْشَأَ سَفَرًا مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ وَنَوَى أَنَّهُ إذَا قَضَى مَنَاسِكَهُ رَجَعَ إلَى الشَّامِ عَنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَلَا يَتَرَخَّصُ فِي الْمَدِينَةِ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ اهـ. وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَدِينَةُ وَطَنَهُ ثُمَّ رَأَيْت نُسْخَةً فِيهَا إسْقَاطُ (لَا) مِنْ لَا يَتَرَخَّصُ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) مِنْهُ مَرَافِقُ الْحِلَّةِ وَقَوْلُهُ فَيَنْتَهِي تَرَخُّصُهُ هُوَ الْحُكْمُ الْمُرَادُ مِنْ الْمَتْنِ. قَوْلُهُ: (عَيَّنَهُ) لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ عَلَى دُونِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 أَيَّامٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِالنِّيَّةِ، وَلَوْ نَوَى إقَامَةَ مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ لَمْ يَنْقَطِعْ سَفَرُهُ وَلَوْ أَقَامَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ بِلَا نِيَّةٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ بِتَمَامِهَا. وَأَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ حَدِيثُ: «يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ «وَكَانَ يَحْرُمُ عَلَى الْمُهَاجِرِ الْإِقَامَةُ بِمَكَّةَ وَمُسَاكَنَةُ الْكُفَّارِ» . كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَالتَّرْخِيصُ بِالثَّلَاثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْأَرْبَعَةِ وَأَلْحَقَ بِإِقَامَتِهَا نِيَّةَ إقَامَتِهَا، وَتُعْتَبَرُ بِلَيَالِيِهَا (وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا يَوْمَا دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ فِيهِمَا الْحَطَّ وَالرَّحِيلَ، وَهُمَا مِنْ أَشْغَالِ السَّفَرِ، وَالثَّانِي يُحْسَبَانِ مِنْهَا كَمَا يُحْسَبُ مِنْ مُدَّةِ مَسْحِ الْخُفِّ يَوْمُ الْحَدَثِ وَيَوْمُ النَّزْعِ، فَلَوْ دَخَلَ يَوْمَ السَّبْتِ وَقْتَ الزَّوَالِ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَقْتَ الزَّوَالِ صَارَ مُقِيمًا عَلَى الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ لَيْلًا لَمْ تُحْسَبْ بَقِيَّةُ اللَّيْلَةِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَوْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ الْعَبْدُ أَوْ الزَّوْجَةُ أَوْ الْجَيْشُ وَلَمْ يَنْوِ السَّيِّدُ وَلَا الزَّوْجُ وَلَا الْأَمِيرُ فَأَقْوَى الْوَجْهَيْنِ لَهُمْ الْقَصْرُ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَقِلُّونَ، فَنِيَّتُهُمْ كَالْعَدَمِ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَعَبَّرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالْأَصَحِّ، وَلَوْ نَوَى إقَامَةَ الْأَرْبَعَةِ الْمُحَارِبُ أَيْ الْمُقِيمُ عَلَى الْقِتَالِ فَكَغَيْرِهِ. وَفِي قَوْلٍ يَقْصُرُ أَبَدًا لِأَنَّهُ قَدْ يُضْطَرُّ إلَى الِارْتِحَالِ فَلَا يَكُونُ لَهُ قَصْدٌ جَازِمٌ، وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ مُطْلَقًا انْقَطَعَ سَفَرُهُ وَفِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ صَالِحًا لَهَا كَالْمَفَازَةِ قَوْلٌ إنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ، وَنِيَّتُهُ لَغْوٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَلَوْ نَوَاهَا وَهُوَ سَائِرٌ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا لِوُجُودِ السَّفَرِ ذَكَرَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ انْتَهَى. وَذَكَرَ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ يَصِيرُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِقَامَةُ فَيَعُودُ إلَيْهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ. (وَلَوْ أَقَامَ بِبَلَدٍ) أَوْ قَرْيَةٍ (بِنِيَّةِ أَنْ يَرْحَلَ إذَا حَصَلَتْ حَاجَةٌ يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ وَقْتٍ قَصَرَ   [حاشية قليوبي] بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِوُصُولِهِ. . .) وَإِنْ لَمْ يَمْكُثْ فِيهِ وَلَهُ التَّرَخُّصُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ وَإِنْ بَقِيَ مِنْ مَقْصِدِهِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. وَكَذَا بَعْدَ إقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (يُقِيمُ) أَيْ يَمْكُثُ وَلَوْ لَحْظَةً. قَوْلُهُ: (وَكَانَ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى يُقِيمُ فَهُوَ حَدِيثٌ آخَرُ. قَوْلُهُ: (رَوَاهُ) أَيْ الْمَذْكُورَ وَالْأَنْسَبُ رَوَاهُمَا كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَتُعْتَبَرُ بِلَيَالِيِهَا) فَهِيَ تَابِعَةٌ لِلْأَيَّامِ فَلَوْ دَخَلَ فِي أَثْنَاءِ لَيْلَةٍ لَغَا الْيَوْمُ قَبْلَهَا وَبَاقِيهَا. قَوْلُهُ: (يُحْسَبَانِ مِنْهَا) أَيْ تُحْسَبُ مُدَّةُ إقَامَتِهِ فِيهِمَا مِنْهَا. قَوْلُهُ: (فَأَقْوَى الْوَجْهَيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَكَغَيْرِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِمُدَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَوَاهَا وَهُوَ سَائِرٌ) أَيْ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي بَلَدٍ بَعْدَ دُخُولِهِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ هُوَ فِيهِ، وَاسْتَمَرَّ سَائِرًا فِيهِمَا لَمْ يَنْقَطِعْ سَفَرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (تَنْبِيهٌ) سَكَتَ عَنْ إقَامَةِ مَا بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَأَرْبَعَةٍ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ، وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مَحْمُولٌ عَلَى نِيَّةِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (كُلَّ وَقْتٍ) مُرَادُهُ مُدَّةٌ لَا تَقْطَعُ السَّفَرَ. قَوْلُهُ: (قَصَرَ) أَيْ فَيُجْزِئهُ بِغَيْرِ سُقُوطِ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ وَالتَّوَجُّهِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فِي النَّافِلَةِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ مَبْدَأِ سَفَرِهِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ مِنْ التَّرَخُّصِ إلَى وُصُولِهِ اعْتِبَارًا بِقَصْدِهِ أَوَّلًا مَسَافَةَ الْقَصْرِ. قُلْت: وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ قَصَدَ بَعْدَ أَنْ سَارَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ الرُّجُوعَ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي سَارَ مِنْهُ لِيُقِيمَ بِهِ وَكَانَ مَحَلَّ إقَامَتِهِ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطَنَهُ ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الصَّالِحِ فِي الْإِقَامَةِ وَغَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَوَى إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ مُجَرَّدَ وُصُولِ الْمَقْصِدِ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا نِيَّتِهَا لَا يُؤَثِّرُ شَيْئًا فِي التَّرَخُّصِ. قَوْلُهُ: (الْإِقَامَةُ بِمَكَّةَ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَبْلَ الْفَتْحِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) . قَالَ السُّبْكِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ إقَامَتِهِمَا مَا يُكْمَلُ بِهِ الرَّابِعُ. قَوْلُهُ: (يُحْسَبَانِ) أَيْ يُحْسَبُ مِنْهُمَا مُدَّةُ الْإِقَامَةِ مِنْهُمَا. وَقَوْلُهُ: كَمَا يُحْسَبُ مِنْ مُدَّةِ مَسْحِ الْخُفِّ إلَخْ يَعْنِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْحَدَثُ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ مَثَلًا حُسِبَ بَاقِي النَّهَارِ مِنْ الْمُدَّةِ وَلَا نُهْمِلُهُ وَنَبْدَأُ مِنْ الْغَدِ. قَالَ السُّبْكِيُّ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي الصَّحِيحَ الَّذِي فِي الْمَتْنِ لَا يَضُرُّ انْضِمَامُ إقَامَةِ يَوْمِ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ إلَى الثَّلَاثَةِ، وَلَوْ زَادَتْ بِالتَّلْفِيقِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ. قَوْلُهُ: (صَارَ مُقِيمًا عَلَى الثَّانِي) أَيْ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ وَإِنْ دَخَلَ صَحْوَةَ يَوْمِ السَّبْتِ عَلَى عَزْمِ عَشِيَّةِ الْأَرْبِعَاءِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّخْصَ لَوْ نَوَى إقَامَةً تَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَهِيَ دُونَ الْأَرْبَعَةِ لَمْ يَصِرْ مُقِيمًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا سَلَفَ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ. لَكِنَّهُ قَدْ يُخَالِفُ قَوْلَ الْغَزَالِيِّ كَشَيْخِهِ إذَا نَوَى زِيَادَةً عَلَى الثَّلَاثِ صَارَ مُقِيمًا. قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هُوَ مُخَالِفٌ فِي الصُّورَةِ، وَلَا مُخَالَفَةَ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْجُمْهُورَ احْتَمَلُوا زِيَادَةً لَا تَبْلُغُ الْأَرْبَعَةَ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، وَهُمَا لَمْ يَحْتَمِلَا زِيَادَةً عَلَى الثَّلَاثِ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، وَفَرْضُ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ بِحَيْثُ لَا تَبْلُغُ الْأَرْبَعَةَ وَيَكُونُ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ كَالْجُمْهُورِ تُغْتَفَرُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ إذَا كَانَتْ دُونَ الْأَرْبَعِ مَعْنَاهُ الزِّيَادَةُ مِنْ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تُحْسَبْ بَقِيَّةُ اللَّيْلَةِ عَلَى الْأَوَّلِ) وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَيْلَةُ دُخُولِهِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا) لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَهَا بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ لِحَرْبِ هَوَازِنَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (وَقِيلَ:) قَصَرَ (أَرْبَعَةً) فَقَطْ أَيْ غَيْرَ تَامَّةٍ لِأَنَّ الْقَصْرَ يَمْتَنِعُ بِنِيَّةِ إقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَبِفِعْلِهَا أَوْلَى لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ النِّيَّةِ. (وَفِي قَوْلٍ) قَصَرَ (أَبَدًا) أَيْ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ لِظُهُورِ أَنَّهُ لَوْ زَادَتْ حَاجَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ لَقَصَرَ فِي الزَّائِدِ أَيْضًا. (وَقِيلَ: الْخِلَافُ) الْمَذْكُورُ وَهُوَ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ (فِي خَائِفِ الْقِتَالِ) وَالْمُقَاتِلِ (لَا التَّاجِرِ وَنَحْوِهِ) كَالْمُتَّفِقَةِ فَلَا يَقْصُرَانِ فِي الزَّائِدِ عَلَيْهَا قَطْعًا وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْحَرْبِ أَثَرًا فِي تَغْيِيرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَلَهُ الْقَصْرُ إلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ كَمَا وَصَفْنَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الْقَصْرَ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِذَا زَادَ لَمْ يَقْصُرْ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ النَّافِي لِلزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ مَحْكِيٌّ قَوْلًا فِي طَرِيقَةٍ مَنْفِيٌّ فِي أُخْرَى أَسْقَطَهَا مِنْ الرَّوْضَةِ، فَسَاغَ تَعْبِيرُهُ فِيهِ هُنَا بِقِيلَ نَظَرًا لِلطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مُشَوِّشًا لِلْفَهْمِ عَلَى أَنَّهَا الْمُصَحَّحَةُ فَلَوْ قَالَ بَدَلَ قِيلَ: وَفِي قَوْلٍ كَانَ حَسَنًا. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَرْبَعَةَ لَا يُحْسَبُ مِنْهَا يَوْمُ الدُّخُولِ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ. (وَلَوْ   [حاشية قليوبي] لِحَرْبِ هَوَازِنَ) وَهِيَ غَزْوَةُ الطَّائِفِ حِينَ حَاصَرَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِلْكَ الْمُدَّةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ، وَقَدْ أَقَامَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ تِلْكَ الْمُدَّةَ يَقْصُرُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) وَرُوِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ وَتِسْعَةَ عَشَرَ وَعِشْرِينَ وَحُمِلَ الْأَخِيرُ عَلَى حُسْبَانِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَالْأَوَّلُ عَلَى فَوَاتِ يَوْمٍ قَبْلَ حُضُورِ الرَّاوِي لَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ غَيْرَ تَامَّةٍ) لِأَنَّ التَّامَّةَ دَاخِلَةٌ فِي خِلَافِ الْمُحَارِبِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) أَشَارَ بِذِكْرِهَا إلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ تَمَامِ الْأَرْبَعَةِ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَتَعْبِيرُ الْمُحَرَّرِ بِالْأَصَحِّ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اصْطِلَاحٌ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ الْخِلَافِ وَتَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ مُجَارَاةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ فِي الْمِنْهَاجِ بِنَوْعِ الْخِلَافِ. وَحَكَى مُقَابِلَيْهِ تَارَةً بِقِيلَ وَتَارَةً بِقَوْلٍ وَمُرَادُ الشَّارِحِ بِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ مَا عَبَّرَ عَنْهُ الْمِنْهَاجُ بِقِيلَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ. وَمُرَادُهُ بِالطَّرِيقَةِ الْمَحْكِيِّ فِيهَا قَوْلًا مَا ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَالْمُحَرِّرُ لِأَنَّ مُقَابِلَهَا الَّتِي هِيَ مَنْفِيٌّ فِيهَا غَيْرُ مَذْكُورَةٍ. وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لَهَا لِيُبَيِّنَ بِهَا شِدَّةَ ضَعْفِ هَذَا الْقَوْلِ بِنَفْيِهِ فِيهَا الْمُسَوِّغَ لِلتَّعْبِيرِ فِيهِ بِقِيلَ فِي الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لَهُ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: نَظَرًا لِلطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لَهُ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا اعْتَنَى بِذِكْرِ الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لَهُ احْتَاجَ لِذِكْرِهِ، وَلَكِنْ تَعْبِيرُهُ فِيهِ بِقِيلَ مُشَوِّشٌ لِلْفَهْمِ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ وَجْهٌ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: عَلَى أَنَّهَا الْمُصَحِّحَةُ إلَى سَبَبِ اعْتِنَاءِ الْمُصَنِّفِ بِهَا دُونَ الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى وَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لِلتَّشْوِيشِ أَيْضًا. قَوْلُهُ (لَكَانَ حَسَنًا) فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لَا حُسْنَ فِيهَا أَصْلًا وَاقْتِصَارُهُ عَلَى عَدَمِ حُسْبَانِ يَوْمِ   [حاشية عميرة] يَوْمِهِ بِخِلَافِهِ عَلَى الثَّانِي فَإِنَّ الْبَعْضَ الَّذِي أَقَامَهُ مِنْهَا مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَصَرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا) يُحْتَمَلُ اطِّرَادُ هَذَا فِي الرُّخَصِ مِنْ الْفِطْرِ وَغَيْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهُ بِالْقَصْرِ لِأَنَّهُمْ مَنَعُوهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ لِعَدَمِ وُرُودِهِ مَعَ أَنَّ أَصْلَهُ قَدْ وَرَدَ فَالْمَنْعُ فِيمَا لَمْ يَرِدْ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْلَى. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا أَقْوَى. وَقَوْلُهُ: فَالْمَنْعُ فِيمَا لَمْ يَرِدْ أَيْ يَمْنَعُ مِنْهُ فِي الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ كَمَا امْتَنَعَ الْقَصْرُ بَعْدَهَا لِعَدَمِ وُرُودِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ قَصَرَ أَرْبَعَةً) عِبَارَةُ السُّبْكِيّ: ثُمَّ يَعُودُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي كَيْفِيَّةِ احْتِسَابِهَا قَالَ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ مَجِيءُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يَقْصُرُ إلَى أَرْبَعَةٍ مُلَفَّقَةٍ يَعْنِي وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالثَّانِي يَعْنِي وَهُوَ الْأَصَحُّ إلَى أَسْبَقِ غَايَتَيْنِ إمَّا أَرْبَعَةٌ تَامَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ مُلَفَّقَةٌ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ تَامَّةٍ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ الصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِدُونِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ يَرَى أَنَّ الْمُقِيمَ لِحَاجَةٍ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْقَصْرَ يَمْتَنِعُ بِنِيَّةِ إقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ التَّامَّةِ. قَوْلُهُ: (إلَى أَرْبَعَةٍ) الْغَايَةُ خَارِجَةٌ وَقَوْلُهُ كَمَا وَصَفْنَا أَيْ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. قَوْلُهُ: (مَحْكِيٌّ قَوْلًا فِي طَرِيقَةٍ) أَيْ مَحْكِيٌّ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقَةِ عَلَى حَالَةٍ هُوَ فِيهَا مُقَابِلُ الْقَوْلِ الْمُصَحَّحِ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقَةِ فَهُوَ مَرْجُوحٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَزَادَهُ ضَعْفًا نَفْيُهُ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى. وَقَوْلُهُ: فَسَاغَ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِقِيلَ نَظَرًا لِلطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لَهُ كَانَ مُرَادُهُ مِنْهُ أَنَّ نَفْيَهُ فِي الطَّرِيقَةِ الْقَاطِعَةِ لَمَّا مَنَعَ نِسْبَتَهُ لِلْإِمَامِ سَاغَ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِقِيلَ، كَأَنَّهُ مِنْ تَخْرِيجِ الْحَاكِيَةِ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُشَوِّشًا لِلْفَهْمِ أَيْ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ وَجْهٌ وَقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهَا إلَخْ بَاعِثٌ آخَرُ عَلَى التَّشْوِيشِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّرِيقَةَ الْحَاكِيَةَ لَهُ هِيَ الرَّاجِحَةُ. وَحِكَايَتُهُ بِقِيلَ مَعَ اقْتِضَائِهَا أَنَّهُ وَجْهٌ يُوهِمُ أَنَّهُ طَرِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ هَذَا مُرَادُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَنْشَؤُهُ الْكَاشِفُ لَك عَمَّا قَرَّرْنَاهُ فِي بَيَانِ مُرَادِهِ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ أَظْهَرُهُمَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ الْقَصْرُ يَعْنِي فِيمَا بَلَغَ الْأَرْبَعَةَ فَأَكْثَرَ لِأَنَّ نَفْسَ الْإِقَامَةِ أَبْلَغُ مِنْ نِيَّتِهَا، وَأَصَحُّهُمَا يَقْصُرُ لِقِصَّةِ هَوَازِنَ وَعَلَيْهِ كَمْ يَقْصُرُ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الْمُدَّةُ الْوَارِدَةُ فِي الْقِصَّةِ وَبَيَّنَهَا وَالثَّانِي أَبَدًا، وَذَكَرَ دَلِيلَهُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَقْصُرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ جَزْمًا وَبَعْدَهَا قَوْلَانِ. وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا الْمُصَحِّحَةُ أَيْ مَعَ أَنَّ حِكَايَتَهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ يَقْتَضِي كَوْنَهُ لَيْسَ مِنْ الطَّرِيقَةِ الرَّاجِحَةِ وَإِنْ كَانَ هُوَ فِيهَا مُقَابِلَ الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (يَوْمُ الدُّخُولِ) لَمْ يَقُلْ وَيَوْمُ الْخُرُوجِ كَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِكَوْنِ الْفَرْضِ أَنَّهُ يَتَوَقَّعُ حَاجَةً، وَقَدْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 عَلِمَ بَقَاءَهَا) أَيْ بَقَاءَ حَاجَتِهِ (مُدَّةً طَوِيلَةً) وَهِيَ الزَّائِدَةُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ. (فَلَا قَصْرَ) لَهُ أَصْلًا (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ مُطْمَئِنٌّ بَعِيدٌ عَنْ هَيْئَةِ الْمُسَافِرِ بِخِلَافِ الْمُتَوَقِّعِ لِلْحَاجَةِ كُلَّ وَقْتٍ لِيَرْحَلَ وَسَوَاءٌ الْمُحَارِبُ وَغَيْرُهُ كَالتَّاجِرِ. وَقِيلَ فِيهِمَا خِلَافُ الْمُتَوَقَّعِ مِنْ الْقَصْرِ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَبَدًا. وَاسْتَنْكَرَهُ الْإِمَامُ فِي غَيْرِ الْمُحَارِبِ، هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ. (فَصْلٌ طَوِيلُ السَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً) وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا وَبِهَا عَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ بُرْدٍ مَسَافَةَ الْقَصْرِ. كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَقْصُرَانِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعَةِ بُرُدٍ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ جَزَمَ، وَأَسْنَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَمِثْلُهُ إنَّمَا يُفْعَلُ عَنْ تَوْقِيفٍ (قُلْتُ) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَهِيَ مَرْحَلَتَانِ) أَيْ سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ (بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ) أَيْ الْحَيَوَانَاتِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ (وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ) فِي الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ (فَلَوْ قَطَعَ الْأَمْيَالَ فِيهِ فِي سَاعَةٍ) أَوْ لَحْظَةٍ لِشِدَّةِ جَرْيِ السَّفِينَةِ بِالْهَوَاءِ (قَصَرَ) فِيهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا يَقْصُرُ لَوْ قَطَعَ الْأَمْيَالَ فِي الْبَرِّ فِي يَوْمِ السَّعْيِ وَلَا تُحْسَبُ مِنْ الْمَسَافَةِ مُدَّةُ الرُّجُوعِ حَتَّى لَوْ قَصَدَ مَوْضِعًا عَلَى مَرْحَلَةٍ بِنِيَّةِ أَنْ لَا يُقِيمَ فِيهِ بَلْ يَرْجِعُ فَلَيْسَ لَهُ الْقَصْرُ لَا ذَاهِبًا وَلَا جَائِيًا، وَإِنْ نَالَتْهُ مَشَقَّةُ مَرْحَلَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ، لِأَنَّهُ لَا يَسْعَى سَفَرًا طَوِيلًا وَالْغَالِبُ فِي الرُّخَصِ الِاتِّبَاعُ وَالْمَسَافَةُ تَحْدِيدٌ. وَقِيلَ: تَقْرِيبٌ فَلَا يَضُرُّ نَقْصُ مِيلٍ وَهُوَ مُنْتَهَى مَدِّ الْبَصَرِ أَرْبَعَةُ آلَافِ خَطْوَةٍ، وَالْخَطْوَةُ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ وَاحْتَرَزَ بِالْهَاشِمِيَّةِ أَيْ الْمَنْسُوبَةِ لِبَنِي هَاشِمٍ عَنْ الْمَنْسُوبَةِ لِبَنِي أُمَيَّةَ   [حاشية قليوبي] الدُّخُولِ لِعَدَمِ وُجُودِ يَوْمِ الْخُرُوجِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ. (فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَصْرِ) وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ طُولُ السَّفَرِ وَجَوَازُهُ وَدَوَامُهُ وَعِلْمُ الْمَقْصِدِ وَنِيَّةُ الْقَصْرِ، وَعَدَمُ الرَّبْطِ بِمُتِمٍّ، وَعَدَمُ الْمُنَافِي لِلْقَصْرِ وَالْعِلْمُ بِالْكَيْفِيَّةِ الَّذِي زَادَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (طَوِيلُ السَّفَرِ إلَخْ) وَيَكْفِي ظَنُّ طُولِهِ بِالِاجْتِهَادِ. قَوْلُهُ: (عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ) التَّعْلِيقُ حَذْفُ أَوَّلِ السَّنَدِ كَحَذْفِ شَيْخِ الرَّاوِي وَالْجَزْمُ عَدَمُ صِيغَةِ التَّمْرِيضِ نَحْوُ: قِيلَ وَرُوِيَ وَالْإِسْنَادُ عَدَمُ حَذْفِ وَاحِدٍ مِنْ السَّنَدِ. قَوْلُهُ: (عَنْ تَوْقِيفٍ) أَيْ سَمَاعٍ أَوْ رِوَايَةٍ مِنْ الشَّارِحِ إذْ لَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ فَصَحَّ كَوْنُهُ دَلِيلًا. قَوْلُهُ: (يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ) بِغَيْرِ لَيْلَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ لَيْلَتَيْنِ كَذَلِكَ بِغَيْرِ يَوْمٍ بَيْنَهُمَا أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مُتَّصِلَيْنِ وَلَا يَكُونَانِ إلَّا قَدْرَ مُعْتَدِلَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالِاعْتِدَالِ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْأَيَّامِ أَوْ اللَّيَالِيِ الطَّوِيلَةِ أَوْ الْقَصِيرَةِ، وَيُعْتَبَرُ مَعَ الِاعْتِدَالِ زَمَنُ صَلَاةٍ وَأَكْلٍ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (الْحَيَوَانَاتِ) أَيْ الْإِبِلِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَطَعَ) أَيْ لَوْ فُرِضَ ذَلِكَ أَوْ الْمُرَادُ بِاللَّحْظَةِ مَا يَسَعُ قَصْرًا وَلَوْ لِصَلَاةٍ أَوْ لِبَعْضِهَا وَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ نِيَّةٍ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَالْمَسَافَةُ تَحْدِيدٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِوُجُودِ التَّقْدِيرِ فِيهَا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَكَوْنِ الْقَصْرِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَبِهَذَيْنِ فَارَقَ مَسَافَةَ الِاقْتِدَاءِ وَاعْتِبَارَ الْمَرْحَلَتَيْنِ لِوُجُودِ الْمَسَافَةِ فِيهِمَا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا. قَوْلُهُ: (وَالْخَطْوَةُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ مِنْ الْآدَمِيِّ كَمَا يُؤْخَذُ   [حاشية عميرة] الْمَذْكُورَةُ وَلَمْ تَحْصُلْ فَلَا خُرُوجَ وَقَوْلُهُ قُبَيْلَ هَذَا. لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَرْبَعَةَ يَعْنِي بِهَا الَّتِي إقَامَتُهَا لَا تَمْنَعُ الْقَصْرَ وَهِيَ النَّاقِصَةُ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِحُسْبَانِ يَوْمِ الْخُرُوجِ هُنَا لِأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي لَا يَبْلُغُ الْأَرْبَعَةَ وَلَا يَبْلُغُ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ فِيهِ مَكَثَ أَوْ خَرَجَ فَإِنْ بَلَغَ الْأَرْبَعَةَ أَوْ أَكْمَلَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ قَبْلَ الْخُرُوجِ، فَلَا قَصْرَ فِيمَا زَادَ فَلَا يُنَافِي حُسْبَانَ يَوْمِ الْخُرُوجِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ الزَّائِدَةُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ غَيْرِ التَّامَّةِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِيهِمَا إلَخْ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجْهُ الْقَصْرِ الْقِيَاسُ عَلَى عَدَمِ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِهَذَا الشَّخْصِ. قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ) أَيْ نَاقِصَةٍ. [فَصْلٌ طَوِيلُ السَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّةً] (فَصْلٌ طَوِيلُ السَّفَرِ) قَوْلُهُ: (أَيْ سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ وَهُمَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ أَوْ يَوْمَانِ مُعْتَدِلَانِ أَوْ لَيْلَتَانِ مُعْتَدِلَتَانِ اهـ. وَلَمْ يُقَيِّدْ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ لِأَنَّهُمَا قَدْرُ الْيَوْمَيْنِ الْمُعْتَدِلَيْنِ أَوْ اللَّيْلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (الِاتِّبَاعُ) لَفْظُ حَدِيثٍ رَأَيْته فِي الرَّافِعِيِّ مَرْفُوعًا. «يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَا تَقْصُرُوا فِي أَدْنَى أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ إلَى عُسْفَانَ وَإِلَى طَائِفٍ» اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَقَرَّرَ. قَوْلُهُ (نَقْصُ مِيلٍ) بَلْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 فَالْمَسَافَةُ بِهَا أَرْبَعُونَ إذْ كُلُّ خَمْسَةٍ مِنْهَا قَدْرُ سِتَّةٍ هَاشِمِيَّةٍ. (وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ أَوَّلًا) أَيْ أَوَّلَ السَّفَرِ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ طَوِيلٌ فَيَقْصُرَ فِيهِ (فَلَا قَصْرَ لِلْهَائِمِ) أَيْ مَنْ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ. (وَإِنْ طَالَ تَرَدُّدُهُ) وَقِيلَ: إذَا بَلَغَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لَهُ الْقَصْرُ. قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَهُوَ شَاذٌّ مُنْكَرٌ. (وَلَا طَالِبِ غَرِيمٍ وَآبِقٍ يَرْجِعُ مَتَى وَجَدَهُ) أَيْ وَجَدَ مَطْلُوبَهُ مِنْهُمَا. (وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ) وَإِنْ طَالَ سَفَرُهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِطُولِهِ أَوَّلَهُ، فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُهُ قَبْلَ مَرْحَلَتَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ قَصَرَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَيَشْمَلُهُ قَوْلُ الْمُحَرَّرِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ قَاصِدًا لِقَطْعِهِ أَيْ الطَّوِيلِ فِي الِابْتِدَاءِ وَيَشْمَلُ الْهَائِمَ أَيْضًا إذَا قَصَدَ سَفَرَ مَرْحَلَتَيْنِ. (وَلَوْ كَانَ لِمَقْصِدِهِ) بِكَسْرِ الصَّادِ كَمَا ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ (طَرِيقَانِ طَوِيلٌ) يَبْلُغُ مَسَافَةَ الْقَصْرِ (وَقَصِيرٌ) لَا يَبْلُغُهَا (فَسَلَكَ الطَّوِيلَ لِغَرَضٍ كَسُهُولَةٍ أَوْ أَمْنٍ) أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ عِيَادَةٍ، وَكَذَا تَنَزُّهٌ وَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْجُوَيْنِيِّ (قَصَرَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ سَلَكَهُ لَا لِغَرَضٍ بَلْ لِمُجَرَّدِ الْقَصْرِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (فَلَا) يَقْصُرُ (فِي الْأَظْهَرِ) الْمَقْطُوعِ بِهِ كَمَا لَوْ سَلَكَ الْقَصِيرَ وَطَوَّلَهُ بِالذَّهَابِ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى أَنَّهُ طَوِيلٌ مُبَاحٌ، وَلَوْ بَلَغَ كُلٌّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَأَحَدُهُمَا أَطْوَلُ فَسَلَكَهُ لِغَيْرِ   [حاشية قليوبي] مِنْ ذِكْرِ الْقَدَمَيْنِ لِأَنَّهُمَا مِنْ نَحْوِ الْفَرَسِ حَافِرَانِ، وَمِنْ نَحْوِ الْبَقَرِ ظِلْفَانِ، وَمِنْ نَحْوِ الْجَمَلِ خُفَّانِ، وَمِنْ نَحْوِ الطَّيْرِ وَالْأَسَدِ ظُفْرَانِ. وَقِيلَ: مِنْ الْبَعِيرِ. وَقِيلَ: مِنْ الْفَرَسِ. وَقِيلَ: مِنْ أَيِّ حَيَوَانٍ وَبِالضَّمِّ التَّخَطِّي. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ) جَمْعُ قَدَمٍ وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ أُصْبُعًا وَهُوَ نِصْفُ ذِرَاعٍ فَالذِّرَاعُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا، وَالْأُصْبُعُ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ مُعْتَرِضَاتٍ، وَالشُّعَيْرَةُ سِتُّ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الْبِرْذَوْنِ فَالْمَسَافَةُ بِالْبُرْدِ وَالْفَرَاسِخِ وَالْأَمْيَالِ مَا ذَكَرَهُ، وَبِالْخَطَوَاتِ مِائَةُ أَلْفِ خَطْوَةٍ وَاثْنَانِ وَتِسْعُونَ أَلْفَ خَطْوَةٍ، وَبِالْأَذْرُعِ مِائَتَا أَلْفٍ وَثَمَانِيَةٌ وَثَمَانُونَ أَلْفًا وَبِالْأَقْدَامِ خَمْسُمِائَةِ أَلْفٍ وَسِتَّةٌ وَسَبْعُونَ أَلْفًا وَبِالْأَصَابِعِ سِتَّةُ آلَافِ أَلْفٍ وَتِسْعُمِائَةِ أَلْفٍ وَاثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، وَبِالشُّعَيْرَاتِ أَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَأَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ وَاثْنَانِ وَسَبْعُونَ أَلْفًا، وَبِالشُّعَيْرَاتِ مِائَتَا أَلْفِ أَلْفٍ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَثَمَانُمِائَةِ أَلْفٍ وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا. قَوْلُهُ: (لِيَعْلَمَ أَنَّهُ طَوِيلٌ) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحَلِّ الْمُعَيَّنِ كَوْنُ السَّفَرِ مَرْحَلَتَيْنِ فِي الِابْتِدَاءِ وَإِنْ غَيَّرَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِيهِ كَأَنْ قَصَدَ أَنْ يَرْجِعَ مَتَى وَجَدَ غَرَضَهُ أَوْ أَنْ يُقِيمَ بِمَحَلٍّ قَرِيبٍ وَلَهُ الْقَصْرُ إلَى وُصُولِهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَنْ لَا يَدْرِي إلَخْ) أَيْ وَلَا غَرَضَ لَهُ صَحِيحٌ، وَيُقَالُ لَهُ عَائِثٌ فَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْ طَرِيقًا لَهُ رَاكِبُ التَّعَاسِيفِ. قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْهَائِمِ وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (قَصَرَ) أَيْ إلَى أَنْ يُقِيمَ وَإِنْ زَادَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَيَشْمَلُ الْهَائِمَ إلَخْ) أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِي تَسْمِيَتِهِ حِينَئِذٍ هَائِمًا تَجَوُّزٌ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الصَّادِ) عَلَى الْأَفْصَحِ. قَوْلُهُ: (كَمَا ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي بَابِ الْغُسْلِ مِنْ دَقَائِقِ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (لِغَرَضٍ) أَيْ غَيْرِ الْقَصْرِ وَلَوْ مَعَ الْقَصْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا تَنَزُّهٌ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا أَنَّهُ يَقْصُرُ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى السَّفَرِ بَلْ عَلَى الْعُدُولِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (بَلْ لِمُجَرَّدِ الْقَصْرِ) فَالْقَصْرُ لَيْسَ غَرَضًا وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ غَرَضٌ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَيْسَ مُجَوِّزًا لِلْقَصْرِ مُطْلَقًا. وَيَلْحَقُ بِهِ مَنْ لَا غَرَضَ لَهُ أَصْلًا وَإِنَّمَا قَصَرَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَكَالتَّنَزُّهِ التَّنَقُّلُ لِرُؤْيَةِ الْبِلَادِ. قَوْلُهُ (فَلَا يَقْصُرُ) وَلَوْ جَاهِلًا أَوْ غَالِطًا. قَوْلُهُ: (الْمَقْطُوعِ بِهِ)   [حاشية عميرة] وَمِيلَيْنِ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ الرِّفْعَةِ. قَوْلُهُ: (لِيَعْلَمَ أَنَّهُ طَوِيلٌ) فِي بَحْثٍ فَإِنْ عَلِمَ الطُّولَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَصْدِ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ هُنَا يَرُدُّ عَلَيْهَا مَا لَوْ عَلِمَ التَّابِعُ أَنَّ مَسِيرَ مَتْبُوعِهِ لَا يَنْقُصُ عَنْ مَرْحَلَتَيْنِ. وَكَذَلِكَ طَالِبُ الْغَرِيمِ وَالْآبِقُ وَالْهَائِمُ عِنْدَ قَصْدِ الْمَرْحَلَتَيْنِ مَعَ عَدَمِ تَعْيِينِ الْمَوْضِعِ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ قَرِيبًا. نَعَمْ تُفِيدُ أَنَّ طَالِبَ الْآبِقِ مَثَلًا لَوْ قَصَدَ سَفَرًا طَوِيلًا مِنْ الْأَوَّلِ، ثُمَّ عَنَّ لَهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ أَنْ يَرْجِعَ مَتَى وَجَدَهُ يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَى أَنْ يَجِدَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْنَ يَتَوَجَّهُ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُسَمَّى أَيْضًا رَاكِبَ التَّعَاسِيفِ، وَعِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّ سَبَبَ الْقَصْرِ وَهُوَ إعَانَةُ الْمُسَافِرِ عَلَى مَقَاصِدِهِ مُمْتَنِعٌ مَفْقُودٌ فِيهِ اهـ بِمَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِطُولِهِ) هُوَ صَالِحٌ لَأَنْ يَجْعَلَ عِلَّةَ الْمَسْأَلَةِ الْهَائِمَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بَلْ لِمُجَرَّدِ الْقَصْرِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ غَرَضٌ أَصْلًا. نَعَمْ هَلْ هُوَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ قَضِيَّةُ صَنِيعِ الشَّارِحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِسْنَوِيِّ لَا، وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ قَضِيَّةُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ أَنْ يَقْصُرَ جَزْمًا عِنْدَ غَرَضِ الْقَصْرِ فَقَطْ مَعَ أَنَّهُ مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ اهـ بِمَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (مُبَاحٌ) نَازَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْإِبَاحَةِ قَالَ: وَإِذَا حَرُمَ رَكْضُ الدَّابَّةِ وَإِتْعَابُهَا لِغَيْرِ غَرَضٍ فَإِتْعَابُ نَفْسِهِ أَوْلَى، وَأَوْرَدَ حَدِيثَ «إنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْمَاشِينَ فِي الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ أَرَبٍ» . قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَلَغَ إلَخْ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هِيَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِمَّا قَبْلَهَا لِأَنَّهُ إتْعَابٌ لَا لِغَرَضٍ أَصْلًا وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 غَرَضٍ قَصَرَ بِلَا خِلَافٍ. (وَلَوْ تَبِعَ الْعَبْدُ أَوْ الزَّوْجَةُ أَوْ الْجُنْدِيُّ مَالِكَ أَمْرِهِ) أَيْ السَّيِّدَ أَوْ الزَّوْجَ أَوْ الْأَمِيرَ (فِي السَّفَرِ وَلَا يَعْرِفُ مَقْصِدَهُ فَلَا قَصْرَ) لَهُمْ لِانْتِفَاءِ عِلْمِهِمْ بِطُولِ السَّفَرِ أَوَّلَهُ، فَلَوْ سَارُوا مَرْحَلَتَيْنِ قَصَرُوا. ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ النَّصِّ الْمَذْكُورَةِ فِي الرَّوْضَةِ وَهِيَ لَوْ أَسَرَ الْكُفَّارُ رَجُلًا فَسَارُوا بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهِ لَمْ يَقْصُرْ، وَإِنْ سَارَ مَعَهُمْ يَوْمَيْنِ قَصَرَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ لَوْ عَرَفُوا أَنَّ سَفَرَهُ مَرْحَلَتَانِ قَصَرُوا، كَمَا لَوْ عَرَفُوا أَنَّ مَقْصِدَهُ مَرْحَلَتَانِ (فَلَوْ نَوَوْا مَسَافَةَ الْقَصْرِ قَصَرَ الْجُنْدِيُّ دُونَهُمَا) . قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ تَحْتَ يَدِ الْأَمِيرِ وَقَهْرِهِ أَيْ وَهُمَا مَقْهُورَانِ فَنِيَّتُهُمَا كَالْعَدَمِ. وَمِثْلُهُمَا الْجَيْشُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قِيلَ: بِأَنَّهُ لَيْسَ تَحْتَ قَهْرِ الْأَمِيرِ كَالْآحَادِ لِعِظَمِ الْفَسَادِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ الْبَغَوِيّ: لَوْ نَوَى الْمَوْلَى وَالزَّوْجُ الْإِقَامَةَ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهَا لِلْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ بَلْ لَهُمَا التَّرَخُّصُ، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْجُنْدِيِّ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْخِلَافَ فِي الشَّرْحِ وَسَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَوْلُهُ مَالِكَ أَمْرِهِ لَا يُنَافِيه التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الْجُنْدِيِّ لِأَنَّ الْأَمِيرَ الْمَالِكَ لِأَمْرِهِ لَا يُبَالِي بِانْفِرَادِهِ عَنْهُ وَمُخَالَفَتُهُ لَهُ بِخِلَافِ مُخَالَفَةِ الْجَيْشِ إذْ يَخْتَلُّ بِهَا نِظَامُهُ. (وَمَنْ قَصَدَ سَفَرًا طَوِيلًا فَسَارَ ثُمَّ نَوَى رُجُوعًا انْقَطَعَ) سَفَرُهُ فَلَا يَقْصُرُ. (فَإِنْ سَارَ) إلَى مَقْصِدِهِ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ. (فَسَفَرٌ   [حاشية قليوبي] إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ طُرُقٍ فَحَقُّهُ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِ غَرَضٍ) أَيْ صَحِيحٍ وَمِنْهُ مُجَرَّدُ الْقَصْرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَصَرُوا) أَيْ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قَصْدُ مَتْبُوعِهِمْ وَمَنْعُهُمْ مِنْ الْقَصْرِ ابْتِدَاءً لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِهِ وَقَدْ عَلِمُوهُ. وَلِهَذَا فَارَقُوا الْهَائِمَ وَلَهُمْ قَصْرُ مَا فَاتَ مِنْ الصَّلَوَاتِ قَبْلَ عِلْمِهِمْ. قَوْلُهُ: (قَصَرَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ الْهَرَبَ أَوْ الْعَوْدَ إذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ. وَكَذَا الْعَبْدُ إذَا قَصَدَ الْإِبَاقَ أَوْ الرُّجُوعَ إنْ عَتَقَ. وَكَذَا الزَّوْجَةُ إذَا قَصَدَتْ النُّشُوزَ، أَوْ الرُّجُوعَ إذَا طَلُقَتْ. قَوْلُهُ (وَيُؤْخَذُ) أَيْ بِالْأُولَى لِوُجُودِ التَّبَعِيَّةِ هُنَا. قَوْلُهُ: (مِمَّا تَقَدَّمَ) فِيمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَطْلُوبَهُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (لَوْ عَرَفُوا) أَيْ بِإِخْبَارِ مَتْبُوعِهِمْ وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْقَصْرُ لِعَدَمِ غَرَضٍ صَحِيحٍ أَوْ عِصْيَانٍ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ كَابْنِ حَجَرٍ لِعَدَمِ سَرَيَانِ مَعْصِيَتِهِ عَلَيْهِمْ أَوْ بِرُؤْيَتِهِ يَقْصُرُ أَوْ يَجْمَعُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، لَا بِإِعْدَادِهِ زَادَا كَثِيرًا مَثَلًا إلَّا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ أَنَّهُ لِطُولِ السَّفَرِ. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِيمَا لَوْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامِ الْعِيدِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قِيلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ عِنْدَ الشَّارِحِ بِكَوْنِهِ تَحْتَ قَهْرِ الْأَمِيرِ اخْتِلَالُ نِظَامِهِ بِعَدَمِ إرْهَابِ الْعَدُوِّ وَسُقُوطِ هَيْبَتِهِ عِنْدَهُ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِمُخَالَفَةِ الْجَيْشِ وَبِكَوْنِهِ لَيْسَ تَحْتَ قَهْرِهِ ضِدَّ ذَلِكَ وَمُخَالَفَةُ الْآحَادِ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ فَلَا نَظَرَ لِلْإِثْبَاتِ فِي الدِّيوَانِ وَعَدَمِهِ، وَمُرَادُ غَيْرِ الشَّارِحِ بِمَا ذَكَرَ سُقُوطُ هَيْبَةِ الْأَمِيرِ مَثَلًا فِي نَفْسِهِ أَوْ عِنْدَ جَيْشِهِ وَعَدَمُهَا، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِمُخَالَفَةِ الْمُثْبِتِ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهُ عَلَيْهِ. وَهَذَا الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمَنْهَجِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ يَخْتَلُّ بِهِ النِّظَامُ، فَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُثْبِتِ، وَلَا نِيَّةُ الْجَيْشِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. (فَائِدَةٌ) الْجُنْدِيُّ وَاحِدُ الْجُنْدِ وَهُمْ الْأَنْصَارُ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى كُلِّ مُقَاتِلٍ. قَوْلُهُ: (بَلْ لَهُمَا التَّرَخُّصُ) . قَالَ شَيْخُنَا وَإِنْ عَلِمَا بِنِيَّةِ الْمَتْبُوعِ وَخَالَفَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي الْعِلْمِ. بَلْ قَالَ: الْوَجْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ أَيْضًا إعَادَةُ مَا قَصَرُوهُ مِنْ وَقْتِ نِيَّةِ إقَامَةِ مَتْبُوعِهِمْ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الشَّرْحِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ نُسَخِ الْمُحَرَّرِ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا الْخِلَافُ فَلَعَلَّهَا الَّتِي وَقَعَتْ لِلْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (نَوَى رُجُوعًا) أَوْ رَجَعَ بِالْفِعْلِ أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (انْقَطَعَ سَفَرُهُ) أَيْ فِي مَوْضِعِهِ إنْ مَكَثَ فِيهِ مَا دَامَ فِيهِ نَعَمْ إنْ نَوَى رُجُوعًا لِغَيْرِ وَطَنِهِ لِحَاجَةٍ لَمْ يَنْقَطِعْ سَفَرُهُ فَلَهُ التَّرَخُّصُ فِي مَوْضِعِهِ وَلَوْ إلَى ثَمَانِيَةَ   [حاشية عميرة] مَالِكَ أَمْرِهِ) إنَّمَا صَحَّ إفْرَادُ الضَّمِيرِ لِلْعَطْفِ بِأَوْ، وَمَالِكُ أَمْرِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ سَيِّدُهَا أَوْ الزَّوْجُ بِإِذْنِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ سَارُوا مَرْحَلَتَيْنِ قَصَرُوا) خَالَفَ ذَلِكَ مَا سَلَفَ فِي طَالِبِ الْغَرِيمِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ لِلْمَتْبُوعِ هُنَا قَصْدًا صَحِيحًا. قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ بِطَرِيقِ الْأُولَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مَرْحَلَتَانِ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَصَدُوهُ. قَوْلُهُ: (وَقَهْرِهِ) إنْ كَانَ الْأَمِيرُ مَالِكَ أَمْرِ الْجُنْدِيِّ فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (وَمِثْلُهُمَا الْجَيْشُ) أَيْ وَلَوْ مُتَطَوِّعًا فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ مَالِكِ أَمْرِهِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ مِنْ اخْتِلَالِ النِّظَامِ. وَقَوْلُهُ الْمَالِكُ لِأَمْرِهِ أَيْ بِاعْتِبَارِ مِلْكِهِ لِأَمْرِ جُمْلَةِ الْجَيْشِ، وَهُوَ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ الْجُنْدِيُّ فِي ذَاتِهِ لَيْسَ تَحْتَ يَدِ الْأَمِيرِ وَقَهْرِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَمِيرَ لَا يُبَالِي بِتَخَلُّفِهِ وَانْفِرَادِهِ عَنْهُ، وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ أَنَّ الْجُنْدِيَّ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُثْبَتِ فِي الدِّيوَانِ وَالْمُتَطَوِّعِ، وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ دُونَ الْأَمِيرِ امْتَنَعَ تَرَخُّصُهُ بِخِلَافِ الْجَيْشِ كَمَا سَلَفَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ نَوَى رُجُوعًا) أَيْ قَبْلَ بُلُوغِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ أَوْ بَعْدَهَا وَإِنَّمَا انْقَطَعَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ لِزَوَالِ قَصْدِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ الْمُبِيحِ لِلْقَصْرِ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 جَدِيدٌ) فَإِنْ كَانَ مَرْحَلَتَيْنِ قَصَرَ وَإِلَّا فَلَا. (وَلَا يَتَرَخَّصُ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ كَآبِقٍ وَنَاشِزَةٍ) وَغَرِيمٍ قَادِرٍ عَلَى الْأَدَاءِ لِأَنَّ السَّفَرَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ بِالْقَصْرِ وَغَيْرِهِ، فَلَا تُنَاطُ بِالْمَعْصِيَةِ. (فَلَوْ أَنْشَأَ) سَفَرًا (مُبَاحًا ثُمَّ جَعَلَهُ مَعْصِيَةً) كَالسَّفَرِ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ أَوْ الزِّنَا بِامْرَأَةٍ (فَلَا تَرَخُّصَ) لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) مِنْ حِينِ الْجَعْلِ، وَالثَّانِي لَهُ التَّرَخُّصُ اكْتِفَاءً بِكَوْنِ السَّفَرِ مُبَاحًا فِي ابْتِدَائِهِ، وَلَوْ تَابَ تَرَخَّصَ جَزْمًا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ اللُّقَطَةِ. (وَلَوْ أَنْشَأَهُ عَاصِيًا ثُمَّ تَابَ فَمُنْشِئُ السَّفَرِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الشِّينِ (مِنْ حِينِ التَّوْبَةِ) فَإِنْ قَصَدَ مِنْ حِينِهَا مَرْحَلَتَيْنِ تَرَخَّصَ وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ: فِي تَرَخُّصِهِ الْوَجْهَانِ فِيمَا قَبْلَهَا أَحَدُهُمَا لَا نَظَرًا إلَى اعْتِبَارِ كَوْنِ السَّفَرِ مُبَاحًا فِي الِابْتِدَاءِ. (وَلَوْ اقْتَدَى بِمُتِمٍّ) مُقِيمٍ أَوْ مُسَافِرٍ (لَحْظَةً) كَأَنْ أَدْرَكَهُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ أَوْ أَحْدَثَ هُوَ عَقِبَ اقْتِدَائِهِ (لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ) وَلَوْ اقْتَدَى فِي الظُّهْرِ بِمَنْ يَقْضِي الصُّبْحَ مُسَافِرًا كَانَ أَوْ مُقِيمًا فَقِيلَ: لَهُ الْقَصْرُ لِتَوَافُقِ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْعَدَدِ وَالْأَصَحُّ لَا لِأَنَّ الصُّبْحَ تَامَّةٌ فِي نَفْسِهَا، وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ خَلْفَ الْجُمُعَةِ أَتَمَّ لِأَنَّهَا صَلَاةُ إقَامَةٍ. وَقِيلَ: إنْ قُلْنَا هِيَ ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ فَلَهُ الْقَصْرُ وَإِلَّا فَهِيَ كَالصُّبْحِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَسَوَاءٌ كَانَ إمَامُهَا مُسَافِرًا أَوْ مُقِيمًا. فَهَذَا حُكْمُهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَوْ نَوَى الظُّهْرَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ فِي الْحَضَرِ أَوْ السَّفَرِ لَمْ يَجُزْ الْقَصْرُ بِلَا خِلَافٍ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَ شَرْطٌ لِلْقَصْرِ وَهُوَ أَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِمُتِمٍّ وَلَا بِمُصَلٍّ صَلَاةً تَامَّةً فِي نَفْسِهَا قَطْعًا أَوْ صَلَاةَ جُمُعَةٍ. وَيَصِحُّ إدْرَاجُهَا فِي الْمُتِمِّ. (وَلَوْ رَعَفَ   [حاشية قليوبي] عَشَرَ يَوْمًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (إلَى مَقْصِدِهِ إلَخْ) صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يَتَرَخَّصُ إذَا سَارَ إلَى مَقْصِدِهِ إلَّا إنْ كَانَ الْبَاقِي لَهُ قَدْرُ مَرْحَلَتَيْنِ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَرَخَّصُ الْعَاصِي) خِلَافًا لِلْمُزَنِيِّ مِنْ أَئِمَّتِنَا، وَلَوْ شَرِكَ فِي سَفَرِهِ بَيْنَ حَرَامٍ وَجَائِزٍ لَمْ يَتَرَخَّصْ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ. قَوْلُهُ: (فَلَا تُنَاطُ) أَيْ تَتَعَلَّقُ. قَوْلُهُ: (تَرَخَّصَ جَزْمًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِمَقْصِدِهِ مَرْحَلَتَانِ نَظَرًا لِمُنْشِئِهِ وَمَنَعَهُ الْخَطِيبُ فِي دُونِ الْمَرْحَلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (عَاصِيًا) أَيْ مُتَلَبِّسًا بِسَفَرٍ حَرَامٍ فِي ذَاتِهِ لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِتَحْصِيلِ حَرَامٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ فَشَمِلَ سَفَرَ مَنْ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ إذَا سَافَرَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقِيلَ فَوَاتُهَا، وَسَفَرَ صَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ أَصْلِهِ، لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لَهُمَا التَّرَخُّصُ عَقِبَ الْفَوَاتِ وَالْبُلُوغِ، إذَا قَصَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الِابْتِدَاءِ سَفَرًا طَوِيلًا وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ لِانْقِطَاعِ الْعِصْيَانِ عَنْهُمَا، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي شَرْحِهِ عَنْ زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ لَوْ قَصَدَ صَبِيٌّ أَوْ كَافِرٌ سَفَرَ قَصْرٍ ثُمَّ بَلَغَ أَوْ أَسْلَمَ فَلَهُ التَّرَخُّصُ انْتَهَى فَيَكُونُ حُكْمُ هَؤُلَاءِ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَمُنْشِئُ السَّفَرِ مِنْ حِينِ التَّوْبَةِ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا هُنَا كَلَامٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الشِّينِ) لَعَلَّ هَذَا الضَّبْطَ لِكَوْنِهِ مَرْسُومًا بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ فَتْحُهُمَا، أَيْ فَابْتِدَاءُ السَّفَرِ ذَلِكَ. وَلَوْ قَصَدَ الْمَعْصِيَةَ بَعْدَ تَوْبَتِهِ لَمْ يَتَرَخَّصْ فَإِنْ تَابَ ثَانِيًا فَلَهُ التَّرَخُّصُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ سَفَرِهِ قَدْرُ مَرْحَلَتَيْنِ لِأَنَّ التَّوْبَةَ الْأُولَى قَطَعَتْ الْمَعْصِيَةَ الْأُولَى. كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اقْتَدَى بِمُتِمٍّ) أَيْ وَلَوْ فِي نَافِلَةٍ وَالْمُرَادُ حَالَ اقْتِدَائِهِ فَلَوْ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ جَازَ لِلْمَأْمُومِ الْقَصْرُ. وَكَذَا لَوْ عَادَ الْإِمَامُ لِسُجُودِ سَهْوٍ بَعْدَ سَلَامِهِمَا وَنَوَى الْإِتْمَامَ فَإِنْ عَادَ لَهُ قَبْلَ سَلَامِ الْمَأْمُومِ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ كَالْإِمَامِ لِتَبَيُّنِ بَقَاءِ الْقُدْوَةِ. قَوْلُهُ: (أَحْدَثَ هُوَ) أَيْ الْمَأْمُومُ. وَكَذَا الْإِمَامُ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ) فَنِيَّتُهُ الْقَصْرَ لَا تَضُرُّ وَإِنْ عَلِمَ حَالَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقَصْرِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمُقِيمِ إذَا نَوَى الْقَصْرَ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ. قَوْلُهُ: (قَطْعًا) أَيْ لَا خِلَافَ فِي إتْمَامِهَا. قَوْلُهُ: (رَعَفَ) هُوَ مُثَلَّثُ الْعَيْنِ وَالْفَتْحُ   [حاشية عميرة] يَنْوِيَ الرُّجُوعَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَيَعُودَ وَإِلَّا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ الْوَطَنِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَتَرَخَّصُ الْعَاصِي) هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوَّلًا الْمُبَاحُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَهُ التَّرَخُّصُ) أَيْ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. قَوْلُهُ: (تَرَخَّصَ جَزْمًا) أَيْ فَيَبْنِي عَلَى الْقَصْرِ الْأَوَّلِ. هَذِهِ الْحَاشِيَةُ كَتَبْتهَا ثُمَّ رَاجَعْت الْكُتُبَ فَلَمْ أَرَ لِي سَلَفًا فِيهَا غَيْرَ أَنِّي رَأَيْت الشَّيْخَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ صَرَّحَ بِخِلَافِهَا فَكَشَفْت النِّهَايَةَ لِلْإِمَامِ فَرَأَيْت عِبَارَتَهُ دَالَّةً لِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْجُمْهُورُ قَطَعُوا بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ الْإِصْلَاحَ يَمْحُو الذَّنْبَ بِخِلَافِ الْعَكْسِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ اقْتَدَى بِمُتِمٍّ إلَخْ) وَلَوْ فِي نَافِلَةٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الْقُدْوَةِ ثُمَّ نَوَى الْإِمَامُ الْإِتْمَامَ يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ، قَالَ: فَلَوْ قَدَّمَ لَحْظَةً عَلَى مُتِمٍّ لَكَانَ أَوْلَى اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُتِمِّ لَا يَحْصُلُ حَقِيقَةً إلَّا فِي حَالِ التَّلَبُّسِ بِالْإِتْمَامِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَحْدَثَ هُوَ) أَيْ الْمَأْمُومُ وَمِثْلُهُ الْإِمَامُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ) دَلِيلُهُ مَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ قَالَ «سَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ كَيْفَ أُصَلِّي إذَا كُنْت بِمَكَّةَ وَلَمْ أُصَلِّ مَعَ الْإِمَامِ؟ فَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ) أَوْ أَحْدَثَ (وَاسْتَخْلَفَ مُتِمًّا) مِنْ الْمُقْتَدِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ (أَتَمَّ الْمُقْتَدُونَ) الْمُسَافِرُونَ لِأَنَّهُمْ مُقْتَدُونَ بِالْخَلِيفَةِ حُكْمًا بِدَلِيلِ أَنَّ سَهْوَهُ يَلْحَقُهُمْ (وَكَذَا لَوْ عَادَ الْإِمَامُ وَاقْتَدَى بِهِ) يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ. (وَلَوْ لَزِمَ الْإِتْمَامُ مُقْتَدِيًا) كَمَا تَقَدَّمَ (فَفَسَدَتْ صَلَاتُهُ أَوْ صَلَاةُ إمَامِهِ أَوْ بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا أَتَمَّ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْإِتْمَامَ بِالِاقْتِدَاءِ وَمَا ذَكَرَ لَا يَدْفَعُهُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا وَلَمْ يَنْوِ الْقَصْرَ ثُمَّ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ. (وَلَوْ اقْتَدَى بِمَنْ ظَنَّهُ مُسَافِرًا) فَنَوَى الْقَصْرَ الَّذِي هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسَافِرِ أَنْ يَنْوِيَهُ (فَبَانَ مُقِيمًا) أَتَمَّ لِتَقْصِيرِهِ فِي ظَنِّهِ إذْ شِعَارُ الْإِقَامَةِ ظَاهِرٌ (أَوْ) اقْتَدَى نَاوِيًا لِلْقَصْرِ (بِمَنْ جَهِلَ سَفَرَهُ) أَيْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَوْ مُقِيمٌ (أَتَمَّ) وَإِنْ بَانَ مُسَافِرًا قَاصِرًا (لِتَقْصِيرِهِ) فِي ذَلِكَ لِظُهُورِ شِعَارِ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ، وَالْأَصْلُ الْإِتْمَامُ. وَقِيلَ: يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ فِيمَا إذَا بَانَ كَمَا ذَكَرَهُ (وَلَوْ عَلِمَهُ) أَوْ ظَنَّهُ (مُسَافِرًا وَشَكَّ فِي نِيَّتِهِ) الْقَصْرَ (قَصَرَ) أَيْ جَازَ لَهُ الْقَصْرُ بِأَنْ يَنْوِيَهُ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسَافِرِ فَإِنْ بَانَ أَنَّهُ مُتِمٌّ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ. كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي التَّكَلُّمِ عَلَى لَفْظِ الْوَجِيزِ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ. (وَلَوْ شَكَّ فِيهَا) أَيْ فِي نِيَّةِ الْإِمَامِ الْقَصْرَ (فَقَالَ) مُطْلَقًا عَلَيْهَا فِي نِيَّتِهِ (إنْ قَصَرَ قَصَرْت وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ أَتَمَّ (أَتْمَمْتُ قَصَرَ فِي الْأَصَحِّ) وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ لَمْ يَضُرَّ أَيْ التَّعْلِيقُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا الْأَصَحُّ جَوَازُ التَّعْلِيقِ فَإِنْ أَتَمَّ الْإِمَامُ أَتَمَّ، وَإِنْ قَصَرَ قَصَرَ وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ الْجَزْمِ بِالْقَصْرِ أَيْ فِي جَوَازِهِ، فَفِي قَصْرِ الْإِمَامِ يَلْزَمُ هَذَا الْمَأْمُومَ الْإِتْمَامُ، وَعَلَى الْأَصَحِّ لَا يَلْزَمُ فَقَوْلُ الشَّيْخِ قَصَرَ أَيْ فِي قَصْرِ الْإِمَامِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ إذَا أَتَمَّ يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ الْإِتْمَامُ   [حاشية قليوبي] أَفْصَحُ، ثُمَّ الضَّمُّ ثُمَّ الْكَسْرُ وَإِنْ قَلَّ الرُّعَافُ لِأَنَّ دَمَ الْمَنَافِذِ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مُطْلَقًا. وَخَالَفَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْقَلِيلِ لِأَنَّ اخْتِلَاطَهُ بِالْأَجْنَبِيِّ ضَرُورِيٌّ هُنَا. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِمْ) أَيْ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِنَظْمِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَإِنْ نَوَوْا الِاقْتِدَاءَ بِهِ لَزِمَهُمْ الْإِتْمَامُ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَاقْتَدَى بِهِ إلَى آخِرِهِ) وَقِيلَ. يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ وَإِنْ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ نَقْصُ الْأَصْلِ عَنْ الْفَرْعِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا) أَيْ بَعْدَ لُزُومِ الْإِتْمَامِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فَإِنْ بَانَا مَعًا أَوْ سَبَقَ عِلْمُ الْحَدَثِ فَلَهُ الْقَصْرُ لِانْتِفَاءِ الرَّبْطِ فِي الْحَقِيقَةِ الْمُقْتَضِي لِلْإِتْمَامِ وَحُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ الْمُحْدِثِ لَا تُنَافِي ذَلِكَ نَظَرًا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي اقْتِدَاءٍ صَحِيحٍ فِي صَلَاةٍ مُغْنِيَةٍ عَنْ الْقَضَاءِ وَإِلَّا كَإِمَامٍ أُمِّيٍّ أَوْ مُتَيَمِّمٍ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ فَلَهُ الْقَصْرُ، انْتَهَى. وَفِيهِ بَحْثٌ فَتَأَمَّلْهُ وَلَوْ تَبَيَّنَ لِلْمَأْمُومِ حَدَثُ نَفْسِهِ فَلَهُ الْقَصْرُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بَانَ أَنَّهُ مُتِمٌّ) أَيْ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْحَالُ كَاَلَّتِي بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ) هِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي جَوَازِ التَّعْلِيقِ لَا فِي الْقَصْرِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ فِي جَوَازِهِ) أَيْ لَا فِي نِيَّتِهِ فَهِيَ لَاغِيَةٌ وَغَيْرُ مُضِرَّةٍ عَلَى الثَّانِي أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا لَا يَجْرِي فِي   [حاشية عميرة] رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ أَبِي الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . وَقَوْلُهُ أَيْضًا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ أَيْ وَإِحْرَامُهُ صَحِيحٌ وَلَا يَضُرُّ نِيَّةُ الْقَصْرِ وَإِنْ عَلِمَ الْحَالَ بِخِلَافِ الْمُقِيمِ يَنْوِي الْقَصْرَ فَإِنَّ إحْرَامَهُ فَاسِدٌ. قَوْلُهُ: (بِلَا خِلَافٍ) وَجْهُ عَدَمِ تَوَافُقِ الصَّلَاتَيْنِ بِخِلَافِ الظُّهْرِ خَلْفَ الصُّبْحِ. قَوْلُهُ: (قَطْعًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ تَامَّةٌ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ إدْرَاجُهَا فِي الْمُتِمِّ) مَرْجِعُ الضَّمِيرِ الصَّلَاةُ التَّامَّةُ بِقِسْمَيْهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ رَعَفَ) هُوَ مُثَلَّثُ الْعَيْنِ لَكِنَّ الضَّمَّ ضَعِيفٌ وَالْكَسْرَ أَضْعَفُ مِنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بَانَ إمَامُهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ بَانَ حَدَثُ نَفْسِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْإِتْمَامَ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ مِثْلَ فَوَائِتِ الْحَضَرِ. قَوْلُهُ: (أَتَمَّ لِتَقْصِيرِهِ) لَوْ بَانَ حَدَثُهُ مَعَ تَبَيُّنِ إقَامَتِهِ أَوْ قَبْلَهُ قَصَرَ قَالُوا لِأَنَّهُ لَا قُدْوَةَ فِي الْبَاطِنِ لِحَدَثِهِ وَلَا فِي الظَّاهِرِ لِظَنِّهِ إيَّاهُ مُسَافِرًا، وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ مَجْهُولِ الْحَدَثِ جَمَاعَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَدْ رَأَيْت فِي الرَّافِعِيِّ مَعْنَى هَذَا الْإِشْكَالِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ عَدَمِ الْإِتْمَامِ، وَقَدْ يُنَازِعُهُ كَلَامُهُمْ فِي الْمَسْبُوقِ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ ثُمَّ بَانَ أَنَّ الْإِمَامَ مُحْدِثٌ فَإِنَّهُمْ رَجَّحُوا الْإِدْرَاكَ وَمَأْخَذُ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدٌ اهـ. أَقُولُ: وَلَمَّا كَانَ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى مَرْجُوحٍ عَدَلَ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ) عَلَّلَ أَيْضًا بِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَيْسَ لَهَا شِعَارٌ تُعْرَفُ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا دَفْعُ مَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنَّفِ مِنْ جَرَيَانِ هَذَا الْخِلَافِ فِي حَالَةِ تَبَيُّنِ الْإِتْمَامِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَصَرَ قَصَرَ) هُوَ آخِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ الْجَزْمِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَزْمِ عَدَمُ التَّعْلِيقِ بِدَلِيلِ عَدَمِ إجْرَاءِ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الظَّنِّ السَّابِقَةِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَصَحِّ لَا يَلْزَمُهُ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ الْأَصَحُّ جَوَازُ التَّعْلِيقِ. وَقَوْلُهُ: يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ الْإِتْمَامُ أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافٍ. قَوْلُهُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 قَطْعًا، وَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَقَالَ: كُنْت نَوَيْت الْإِتْمَامَ لَزِمَ الْمَأْمُومَ الْإِتْمَامُ أَوْ نَوَيْت الْقَصْرَ جَازَ لِلْمَأْمُومِ الْقَصْرُ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْمَأْمُومِ مَا نَوَاهُ لَزِمَهَا الْإِتْمَامُ احْتِيَاطًا. وَقِيلَ: لَهُ الْقَصْرُ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْإِمَامِ. (وَيُشْتَرَطُ لِلْقَصْرِ نِيَّتُهُ) بِخِلَافِ الْإِتْمَامِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَيَلْزَمُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ (فِي الْإِحْرَامِ) كَأَصْلِ النِّيَّةِ. (وَالتَّحَرُّزُ عَنْ مُنَافِيهَا دَوَامًا) أَيْ فِي دَوَامِ الصَّلَاةِ كَنِيَّةِ الْإِتْمَامِ فَلَوْ نَوَاهُ بَعْدَ نِيَّةِ الْقَصْرِ أَتَمَّ. (وَلَوْ أَحْرَمَ قَاصِرًا ثُمَّ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ يَقْصُرُ أَوْ يُتِمُّ) أَتَمَّ (أَوْ) تَرَدَّدَ أَيْ شَكَّ. (فِي أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ) أَمْ لَا أَتَمَّ، وَإِنْ تَذَكَّرَ فِي الْحَالِ أَنَّهُ نَوَاهُ لِتَأَدِّي جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ حَالَ التَّرَدُّدِ عَلَى التَّمَامِ وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ مِنْ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ، وَلَمْ يُصْدِرْهُمَا بِالْفَاءِ لِضَمِّهِ إلَيْهِمَا فِي الْجَوَابِ مَا لَيْسَ مِنْ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ اخْتِصَارًا. فَقَالَ: (أَوْ قَامَ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى أَحْرَمَ (إمَامُهُ لِثَالِثَةٍ فَشَكَّ هَلْ هُوَ مُتِمٌّ أَمْ سَاهٍ أَتَمَّ) وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ سَاهٍ، كَمَا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ نَفْسِهِ. (وَلَوْ قَامَ الْقَاصِرُ لِثَالِثَةٍ عَمْدًا بِلَا مُوجِبٍ لِلْإِتْمَامِ) مِنْ نِيَّتِهِ أَوْ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) كَمَا لَوْ قَامَ الْمُتِمُّ إلَى رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ. (وَإِنْ كَانَ) قِيَامُهُ (سَهْوًا) فَتَذَكَّرَ (عَادَ وَسَجَدَ لَهُ وَسَلَّمَ فَإِنْ أَرَادَ) حِينَ التَّذَكُّرِ (أَنْ يُتِمَّ عَادَ) لِلْقُعُودِ (ثُمَّ نَهَضَ مُتِمًّا) أَيْ نَاوِيًا الْإِتْمَامَ. وَقِيلَ لَهُ أَنْ يَمْضِيَ فِي قِيَامِهِ. (وَيُشْتَرَطُ) لِلْقَصْرِ أَيْضًا (كَوْنُهُ) أَيْ الشَّخْصِ النَّاوِي لَهُ (مُسَافِرًا فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ فَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِيهَا) أَوْ شَكَّ هَلْ نَوَاهَا (أَوْ بَلَغَتْ سَفِينَتُهُ) فِيهَا (دَارَ إقَامَتِهِ) أَوْ شَكَّ هَلْ بَلَغَتْهَا (أَتَمَّ) وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا الْعِلْمُ بِجَوَازِ الْقَصْرِ فَلَوْ قَصَرَ جَاهِلًا بِجَوَازِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ. ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَكَأَنْ تَرَكَهُ لِبَعْدِ أَنْ   [حاشية قليوبي] مَسْأَلَةِ الْعِلْمِ وَالظَّنِّ السَّابِقَةِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ فِيهَا، وَقَدْ يُرَادُ بِقَوْلِهِ فِيهَا بِأَنْ بَانَ مُتِمًّا وَلَوْ بِقَوْلِهِ أَوْ احْتِمَالًا فَيُسَاوِي مَا هُنَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَأَصْلِ النِّيَّةِ) أَيْ حُكْمًا وَخِلَافًا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (أَيْ شَكَّ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ التَّرَدُّدَ طَرَأَ لَهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَا حَالَ النِّيَّةِ فَلَا مُدَافَعَةَ وَلَا مُنَافَاةَ. قَوْلُهُ: (فِي الْجَوَابِ) بِقَوْلِهِ أَتَمَّ مَا لَيْسَ مِنْ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَوْ قَامَ إلَخْ الْمَعْطُوفِ عَلَى أَحْرَمَ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُنَافِي لِلْقَصْرِ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ فِي نِيَّتِهِ. قَوْلُهُ: (فَشَكَّ إلَخْ) وَلَهُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُتِمٌّ وَإِلَّا فَلَا يُتَابِعُهُ، وَلَهُ انْتِظَارُهُ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالِانْتِظَارِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُتِمٌّ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَخَرَجَ بِشَكَّ مَا لَوْ عَلِمَ بِسُهُولَةٍ كَحَنَفِيٍّ بَعْدَ ثَلَاثَةِ مَرَاحِلَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ، وَلَهُ انْتِظَارُهُ وَمُفَارَقَتُهُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَلَهُ الْإِتْمَامُ وَلَكِنْ لَا يُوَافِقُهُ فِي السَّهْوِ بِالْقِيَامِ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ سَاهٍ) وَفَارَقَ عَدَمَ لُزُومِ الْإِتْمَامِ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ إمَامِهِ كَمَا تَقَدَّمَ لِخَفَاءِ النِّيَّةِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مَا لَيْسَ مِنْهُ) أَيْ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمُنَافِي مَا يَفْعَلُهُ بِاخْتِيَارِهِ، وَهَذَا بِفِعْلِ غَيْرِهِ، إنْ كَانَ مِنْ الْمُنَافِي أَيْضًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (قَامَ) أَيْ صَارَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ مِنْهُ إلَى الْقُعُودِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ فِي الِابْتِدَاءِ الْوُصُولَ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي الْقِيَامِ لِأَنَّهُ شُرُوعٌ فِي الْمُبْطِلِ. فَقَوْلُهُ: عَمْدًا أَيْ قَاصِدًا الْقِيَامَ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى ذَلِكَ عَادَ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ عَمْدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (نَاوِيًا الْإِتْمَامَ) فَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ حَالَ قُعُودِهِ فَلَهُ الْقَصْرُ وَإِرَادَتُهُ الْوَاقِعَةُ قَبْلَ قُعُودِهِ لَغْوٌ لِإِلْغَاءِ مَا هِيَ فِيهِ. وَبِهَذَا فَارَقَتْ مَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي   [حاشية عميرة] وَعَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ) قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ كَالْإِسْنَوِيِّ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَا يَجْرِي فِي مَسْأَلَةِ الْعِلْمِ وَالظَّنِّ السَّابِقَةِ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ وَالْمُوَافِقِ لِكَلَامِ الْبَهْجَةِ، وَلِمَا مَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا جَرَيَانَهُ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَنَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى أَنَّ فَسَادَ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ كَفَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ لِلْقَصْرِ نِيَّتُهُ) لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِهِ انْعَقَدَتْ تَامَّةً. قَوْلُهُ: (كَأَصْلِ النِّيَّةِ) قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ هُنَا كَمَا هُنَاكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالتَّحَرُّزُ عَنْ مُنَافِيهَا دَوَامًا) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِحْضَارُهَا ذِكْرًا. قَوْلُهُ: (أَيْ شَكَّ) فَسَّرَ هَذَا بِالشَّكِّ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا لَيْسَ بِهَذَا الْمَعْنَى وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ اعْتَرَضَ عِبَارَةَ الْمَتْنِ حَيْثُ جَعَلَ الْمُقَسِّمُ الْإِحْرَامَ قَاصِرًا ثُمَّ جَعَلَ مِنْ الْأَقْسَامِ الشَّكَّ فِي نِيَّةِ الْقَصْرِ اهـ. أَقُولُ الْمُرَادُ أَحْرَمَ قَاصِرًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَا تَدَافُعَ. قَوْلُهُ: (لِضَمِّهِ إلَيْهَا إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ فَرْضُ الشَّكِّ مِنْهُ يَجْعَلُهُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ مَشَى الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَشَكَّ إلَخْ) وَفَارَقَ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُسَافِرِ الَّذِي جَهِلَ فِي النِّيَّةِ بِوُجُودِ قَرِينَةِ الْقِيَامِ هُنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَتَمَّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ فِي الْجَوَابِ إلَخْ. (قَوْلُ الْمَتْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 يَقْصُرَ مَنْ لَا يَعْلَمُ جَوَازَهُ. (وَالْقَصْرُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا بَلَغَ) السَّفَرُ (ثَلَاثَ مَرَاحِلَ) فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهَا فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ يُوجِبُ الْقَصْرَ فِي الْأَوَّلِ وَالْإِتْمَامَ فِي الثَّانِي. وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَأَكْثَرُ عَمَلًا وَيُسْتَثْنَى عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَلَّاحُ الَّذِي يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ وَمَعَهُ أَهْلُهُ وَأَوْلَادُهُ فِي سَفِينَتِهِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ الْإِتْمَامُ لِأَنَّهُ فِي وَطَنِهِ. وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ. (وَالصَّوْمُ) أَيْ صَوْمُ رَمَضَانَ لِلْمُسَافِرِ سَفَرًا طَوِيلًا (أَفْضَلُ مِنْ الْفِطْرِ إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ) أَيْ بِالصَّوْمِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَبْرِئَةِ الذِّمَّةِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى فَضِيلَةِ الْوَقْتِ فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ. (فَصْلٌ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا) فِي وَقْتِ الْأُولَى (وَتَأْخِيرًا) فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ (وَ) بَيْنَ (الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ كَذَلِكَ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ: وَكَذَا الْقَصِيرُ فِي قَوْلٍ فَإِنْ كَانَ سَائِرًا وَقْتَ الْأُولَى فَتَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ وَإِلَّا فَعَكْسُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ سَائِرًا وَقْتَ الْأُولَى فَتَقْدِيمُهَا أَفْضَلُ. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ   [حاشية قليوبي] النِّيَّةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْقَصْرُ) أَيْ مِنْ ابْتِدَاءِ السَّفَرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: بَلَغَ السَّفَرُ وَلَمْ يَقُلْ الْمُسَافِرَ، نَعَمْ الْإِتْمَامُ لِمُدِيمِ السَّفَرِ وَلِمَلَّاحِ السَّفِينَةِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا مُرَاعَاةً لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدَّمَ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ عِنْدَنَا. قَوْلُهُ: (فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ) فَالْقَصْرُ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ بِالْكَرَاهَةِ أَيْ غَيْرِ الشَّدِيدَةِ. وَكَذَا الْإِتْمَامُ أَفْضَلُ فِيمَا زَادَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِحَاجَةٍ يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ وَقْتٍ، وَقَدْ يُكْرَهُ الْإِتْمَامُ فِي نَحْوِ مَنْ يَخْلُو عَنْ حَدَثِهِ مَعَ الْقَصْرِ أَوْ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ، أَوْ كَرِهَتْ نَفْسُهُ الْقَصْرَ أَوْ لَمْ تَطْمَئِنَّ إلَيْهِ أَوْ زَادَتْ صَلَاتُهُ مَعَ الْقَصْرِ بِفَضِيلَةٍ نَحْوِ جَمَاعَةٍ وَقَدْ يَحْرُمُ الْإِتْمَامُ كَمَنْ يَخَافُ بِهِ فَوْتَ عَرَفَةَ أَوْ إنْقَاذَ أَسِيرٍ أَوْ ضِيقَ وَقْتٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (صَوْمُ رَمَضَانَ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمِثْلُهُ كُلُّ صَوْمٍ وَاجِبٍ كَنَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ، وَمِنْهُ مَا مَرَّ فِي الْوَاجِبِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، بَلْ تَقَدَّمَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِطْرُهُ فِيهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَأَلْحَقَ الزَّرْكَشِيُّ النَّفَلَ الْمُؤَقَّتَ مِنْ الصَّوْمِ بِالْفَرْضِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَالصَّوْمُ خِلَافُ الْأَوْلَى عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ فِي الْقَصْرِ أَوْ مَكْرُوهٌ فَإِنْ تَحَقَّقَ الضَّرَرُ بِالصَّوْمِ وَجَبَ الْفِطْرُ، وَقَدْ يُكْرَهُ الصَّوْمُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي كَرَاهَةِ الْإِتْمَامِ وَشَمِلَ الضَّرَرُ مَا فِي الْحَالِ أَوْ الْمُسْتَقْبَلِ خُصُوصًا فِي الْجِهَادِ وَالْحَجِّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) سَفَرًا وَحَضَرًا. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ) أَيْ يُبَاحُ وَقَدْ يُطْلَبُ فِعْلُهُ أَوْ تَرْكُهُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الْقَصْرِ، وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُزَنِيِّ الْجَمْعَ مُطْلَقًا إلَّا فِي عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمَا لِلنُّسُكِ لَا لِلسَّفَرِ. قَوْلُهُ: (الظُّهْرِ) وَمِثْلُهَا الْجُمُعَةُ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) عَدَلَ عَنْهُ فِي الْمَنْهَجِ إلَى الْمَغْرِبَيْنِ اخْتِصَارًا وَغَلَّبَ الْمَغْرِبَ لِلنَّهْيِ عَنْ تَسْمِيَتِهَا عِشَاءً، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّغْلِيبَ. لَوْ قَالَ: الْعِشَاءَيْنِ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْكَرَاهَةِ. وَفِي الْأَنْوَارِ خِلَافُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (سَائِرًا فِي وَقْتِ الْأُولَى) أَوْ لَوْ مَعَ الثَّانِيَةِ أَوْ نَازِلًا فِيهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِسُهُولَةِ جَمْعِ التَّأْخِيرِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ   [حاشية عميرة] وَالْقَصْرُ أَفْضَلُ) لِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ» . كَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَلَاثَ مَرَاحِلَ) هِيَ مُدَّةُ الْقَصْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّيْخِ بَلَغَ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ أَيْ كَانَ مُدَّةُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهَا بِالْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ أَفْضَلُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ. قَوْلُهُ: (لِلْمُسَافِرِ سَفَرًا طَوِيلًا) أَيْ مَرْحَلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ أَمَّا الْقَصِيرُ فَلَا يَجُوزُ الْفِطْرُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ إلَخْ) بِهَذَا فَارَقَ كَوْنَ الْقَصِيرِ فَاضِلًا عَلَى مَا سَلَفَ. [فَصْلٌ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ كَذَلِكَ فِي السَّفَرِ] (فَصْلٌ يَجُوزُ الْجَمْعُ إلَخْ) قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَجُوزُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَرْكَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَسَدَتْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَكِنْ تَنْعَقِدُ نَفْلًا. كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَحْرِ، نَظِيرَ مَا لَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ الْوَقْتِ جَاهِلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْعُرْفِ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ ضَابِطٌ. قَوْلُهُ: (رَوَى الشَّيْخَانِ إلَخْ) حِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّ الثَّانِيَةَ تَابِعَةٌ وَالتَّبَعِيَّةُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْمُوَالَاةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ زَاغَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، ثُمَّ رَكِبَ» وَرَوَيَا أَيْضًا وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» . وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا عَجَّلَ بِهِ السَّيْرُ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ» . وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ مُعَاذٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إذَا غَابَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَإِنْ ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعِشَاءِ، ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا» وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هُوَ مَحْفُوظٌ، وَدَلِيلُ الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ إطْلَاقُ السَّفَرِ فِي الْأَحَادِيثِ. وَالرَّاجِحُ قَيَّدَهُ بِالطَّوِيلِ كَمَا فِي الْقَصْرِ بِجَامِعِ الرُّخْصَةِ، وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ وَلَا جَمْعُ الصُّبْحِ إلَى غَيْرِهَا وَلَا الْعَصْرِ إلَى الْمَغْرِبِ. (وَشُرُوطُ التَّقْدِيمِ ثَلَاثَةٌ الْبُدَاءَةُ بِالْأُولَى) لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهَا وَالثَّانِيَةُ تَبَعٌ فَلَوْ صَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ الظُّهْرِ لَمْ يَصِحَّ، وَيُعِيدُهَا بَعْدَ الظُّهْرِ. وَكَذَا لَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ (فَلَوْ صَلَّاهُمَا) مُبْتَدِئًا بِالْأُولَى (فَبَانَ فَسَادُهَا) بِفَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ (فَسَدَتْ الثَّانِيَةُ) أَيْضًا لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالْأُولَى لِفَسَادِهَا (وَنِيَّةُ الْجَمْعِ) لِيَتَمَيَّزَ التَّقْدِيمُ الْمَشْرُوعُ عَنْ التَّقْدِيمِ سَهْوًا (وَمَحَلُّهَا) الْفَاضِلُ (أَوَّلُ الْأُولَى وَيَجُوزُ فِي أَثْنَائِهَا فِي الْأَظْهَرِ) لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ. وَالثَّانِي لَا. كَالْقَصْرِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ مَعَ التَّحَلُّلِ مِنْهَا فِي الْأَصَحِّ (وَالْمُوَالَاةُ بِأَنْ لَا يَطُولَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ فَإِنْ طَالَ وَلَوْ بِعُذْرٍ) كَالسَّهْوِ وَالْإِغْمَاءِ (وَجَبَ تَأْخِيرُ الثَّانِيَةِ إلَى وَقْتِهَا، وَلَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ وَيُعْرَفُ طُولُهُ) وَقِصَرُهُ (بِالْعُرْفِ) وَمِنْ الْيَسِيرِ قَدْرُ الْإِقَامَةِ. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أُسَامَةَ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَالَى بَيْنَهُمَا وَتَرَكَ الرَّوَاتِبَ بَيْنَهُمَا وَأَقَامَ الصَّلَاةَ بَيْنَهُمَا» . (وَلِلْمُتَيَمِّمِ الْجَمْعُ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ طَلَبٍ خَفِيفٍ) وَالتَّيَمُّمُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ وَالْمَانِعُ يَقُولُ تَخَلُّلُ ذَلِكَ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ يُطَوِّلُ الْفَصْلَ بَيْنَهُمَا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَوْ صَلَّى بَيْنَهُمَا رَكْعَتَيْنِ سُنَّةً رَاتِبَةً بَطَلَ الْجَمْعُ. (وَلَوْ جَمَعَ) بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (ثُمَّ عَلِمَ) بَعْدَ فَرَاغِهِمَا   [حاشية قليوبي] بِأَنْ كَانَ نَازِلًا فِي وَقْتِ الْأُولَى فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْضًا. وَأَلْحَقَ ابْنُ حَجَرٍ بِهِ النَّازِلَ فِيهِمَا. وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ يُوَافِقُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اخْتِصَاصُ التَّأْخِيرِ بِالنَّازِلِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ أَوْ بِهِ وَبِالسَّائِرِ فِيهِمَا، وَظَاهِرُ الْمَنْهَجِ قَرِيبٌ مِنْهُ، نَعَمْ لَوْ اقْتَرَنَ بِأَحَدِ الْجَمْعَيْنِ فَضِيلَةٌ كَجَمَاعَةٍ أَوْ سِتْرٍ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْآخَرِ مُطْلَقًا وَالْأَفْضَلِيَّةُ فِي أَحَدِ الْجَمْعَيْنِ إذَا جَمَعَ لَا تُنَافِي أَنَّ تَرْكَ الْجَمْعِ أَفْضَلُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (عَجَّلَ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ. قَوْلُهُ: (وَشُرُوطُ جَمْعِ التَّقْدِيمِ ثَلَاثَةٌ) بَلْ أَكْثَرُ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا بَقَاءُ السَّفَرِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ وَعَدَمُ دُخُولِ وَقْتِهَا قَبْلَ فَرَاغِهَا وَتَيَقُّنُ صِحَّةِ الْأُولَى وَتَيَقُّنُ نِيَّةِ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ: (الْبُدَاءَةُ بِالْأُولَى) أَيْ وَكَوْنُهَا صَحِيحَةً يَقِينًا وَإِنْ وَجَبَتْ إعَادَتُهَا فَيَجْمَعُ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ مَثَلًا إذَا أَيِسَ فِي وَقْتِ الْأُولَى مِنْ وُجُودِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ فَوَاتِ الثَّانِيَةِ، سَوَاءٌ جَمْعُ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَلَا تَجْمَعُ الْمُتَحَيِّرَةُ تَقْدِيمًا وَلَهَا الْجَمْعُ تَأْخِيرًا وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ طُهْرِهَا وَقْتَ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (لَمْ تَصِحَّ) أَيْ فَرْضًا مُطْلَقًا وَلَا نَفْلًا لِلْعَالِمِ. قَوْلُهُ: (فَسَدَتْ الثَّانِيَةُ) أَيْ فَسَدَ كَوْنُهَا فَرْضًا عَلَى مَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (وَنِيَّةُ الْجَمْعِ يَقِينًا) أَيْ حَالَ تَلَبُّسِهِ بِالسَّفَرِ وَإِنْ شَرَعَ فِيهِ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّهَا الْفَاضِلُ) أَيْ لَا الْجَائِزُ فَانْتَفَى الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْحَصْرِ فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (مَعَ التَّحَلُّلِ مِنْهَا) أَيْ فِي التَّسْلِيمَةِ وَإِنْ كَانَ رَفَضَهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ قَصَدَ تَرْكَهَا، أَمَّا بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَمِنْهُ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ فَلَا يَكْتَفِي بِالنِّيَّةِ فِيهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ. نَعَمْ إنْ رَفَضَهَا بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَقَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ ارْتَدَّ كَذَلِكَ ثُمَّ عَادَ لَهَا أَوْ أَسْلَمَ عَلَى الْفَوْرِ فَلَهُ الْجَمْعُ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، إنْ رَفَضَهَا فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ نَوَى فِي الْأُولَى أَوْ لَا فَلَا جَمْعَ إلَّا إنْ تَذَّكَّرهَا عَنْ قُرْبٍ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْيَسِيرِ قَدْرُ الْإِقَامَةِ) وَكَذَا قَدْرُ تَيَمُّمٍ وَوُضُوءٍ وَلَوْ مُجَدَّدًا وَطَلَبٍ خَفِيفٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْمَصْرُوفُ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ رَكْعَتَيْنِ مَعَ الِاعْتِدَالِ فَزَمَنُ هَذِهِ الْأُمُورِ مُغْتَفَرٌ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ أَوْ وُجِدَ فِيهِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مِنْهُ كَأَذَانِ امْرَأَةٍ أَوْ خُنْثَى وَالِاعْتِبَارُ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ لَا بِفِعْلِ الشَّخْصِ بِنَفْسِهِ فَلَا يَرُدُّ بَطِيءَ الْحَرَكَةِ. قَوْلُهُ: (لَوْ صَلَّى إلَخْ) وَغَيْرُ الرَّاتِبَةِ كَذَلِكَ وَلَوْ فِي الزَّمَنِ الْمُغْتَفَرِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ صَلَّى مَا لَوْ لَمْ يُصَلِّ فَلَا يَضُرُّ وَإِنْ كَانَ الزَّمَنُ قَدْرَ زَمَنِ رَكْعَتَيْنِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ، وَهَلْ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ كَالصَّلَاةِ؟ رَاجِعْهُ وَالْقَلْبُ إلَى عَدَمِ   [حاشية عميرة] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 (تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ الْأُولَى بَطَلَتَا) الْأُولَى لِتَرْكِ الرُّكْنِ وَتَعَذُّرِ التَّدَارُكِ بِطُولِ الْفَصْلِ، وَالثَّانِيَةُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا مِنْ الِابْتِدَاءِ بِالْأُولَى لِبُطْلَانِهَا. (وَيُعِيدُهُمَا جَامِعًا) إنْ شَاءَ (أَوْ) عَلِمَ تَرْكَهُ (مِنْ الثَّانِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ) الْفَصْلُ (تَدَارَكَ) وَصَحَّتَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ طَالَ (فَبَاطِلَةٌ وَلَا جَمْعَ) لِطُولِ الْفَصْلِ بِهَا فَيُعِيدُهَا فِي وَقْتِهَا (وَلَوْ جَهِلَ) أَيْ لَمْ يَدْرِ أَنَّ التَّرْكَ مِنْ الْأُولَى أَمْ مِنْ الثَّانِيَةِ (أَعَادَهُمَا لِوَقْتَيْهِمَا) رِعَايَةً لِلِاحْتِمَالَيْنِ إذْ بِاحْتِمَالِ التَّرْكِ مِنْ الْأُولَى يَبْطُلَانِ وَبِاحْتِمَالِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى عُلِمَتْ مِمَّا تَقَدَّمَ. وَذَكَرْت هُنَا مَبْدَأً لِلتَّقْسِيمِ (وَإِذَا أَخَّرَ الْأُولَى) إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ (لَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ) بَيْنَهُمَا (وَالْمُوَالَاةُ وَنِيَّةُ الْجَمْعِ) فِي الْأُولَى (عَلَى الصَّحِيحِ) وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَالثَّانِي يَجِبُ ذَلِكَ كَمَا فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْوَقْتَ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ لِلثَّانِيَةِ وَالْأُولَى تَبَعٌ لَهَا عَلَى خِلَافِهِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ فَلَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ، وَإِذَا انْتَفَى انْتَفَتْ الْمُوَالَاةُ وَنِيَّةُ الْجَمْعِ وَعَلَى الثَّانِي لَوْ أَخَلَّ بِالتَّرْتِيبِ أَوْ أَتَى بِهِ وَأَخَلَّ بِالْمُوَالَاةِ أَوْ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ، صَارَتْ الْأُولَى قَضَاءً يَمْتَنِعُ قَصْرُهَا فِي وَجْهٍ تَقَدَّمَ. (وَيَجِبُ كَوْنُ التَّأْخِيرِ) إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ (بِنِيَّةِ الْجَمْعِ) قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الْأُولَى بِزَمَنٍ لَوْ اُبْتُدِئَتْ فِيهِ كَانَتْ أَدَاءً نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْأَصْحَابِ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْهُمْ بِزَمَنٍ   [حاشية قليوبي] الْمَنْعِ أَمْيَلُ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْمَنْعِ أَيْضًا فِي صَلَاةِ رَكْعَةٍ فَقَطْ أَوْ جِنَازَةٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ فَرَاغِهِمَا) قَيَّدَ بِهِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ تَذَّكَّرهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ فَرَاغِ الْأُولَى أَتَمَّهَا، وَلَهُ الْجَمْعُ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ لَغَا إحْرَامُهُ بِهَا وَيُكَمِّلُ الْأُولَى إنْ لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ بَيْنَ سَلَامِهِ مِنْهَا وَتَذَكُّرِهِ وَلَهُ الْجَمْعُ أَيْضًا وَإِلَّا بَطَلَتَا، وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ أَيْضًا. وَقَوْلُهُمْ: إنْ لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ يُفِيدُ أَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ الثَّانِيَةِ قَبْلَ تَذَكُّرِهِ لَغْوٌ لَا تَكْمُلُ بِهِ الْأُولَى لِبِنَائِهِ عَلَى إحْرَامٍ لَاغٍ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إنَّهُ لَا يَلْغُو مِنْهُ إلَّا مَا قَبْلَ مِثْلِ الْمَتْرُوكِ وَهُوَ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ طُولِ الْفَصْلِ وَعَدَمِهِ فَرَاجِعْهُ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ يَجْرِي فِيمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (بَطَلَتَا) أَيْ الْأُولَى مُطْلَقًا وَالثَّانِيَةُ فَرْضًا وَتَقَعُ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا. كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ) أَيْ بَيْنَ سَلَامِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَتَذَكُّرِ الْمَتْرُوكِ. قَوْلُهُ: (لِطُولِ الْفَصْلِ بِهَا) أَيْ بِالثَّانِيَةِ الْبَاطِلَةِ فَلَا يُعِيدُهَا جَامِعًا وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ مَا مَرَّ أَنَّ وُجُودَ الصَّلَاةِ بَيْنَهُمَا مُضِرٌّ مُطْلَقًا. فَلَوْ قَالَ لِفِعْلِ الثَّانِيَةِ لَكَانَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُقَالَ لِشُبْهَةِ بُطْلَانِهَا. قَوْلُهُ: (لِوَقْتَيْهِمَا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ تَأْخِيرًا. وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَاعْتَمَدَهُ. وَفِي الْمَنْهَجِ خِلَافُهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (انْتَفَتْ الْمُوَالَاةُ) أَيْ وُجُوبُهَا كَالنِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي وَجْهٍ تَقَدَّمَ) صَوَابُهُ فِي قَوْلٍ لِمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ فِي قَضَاءِ الْفَائِتَةِ فَتَجِبُ إعَادَتُهَا إنْ كَانَ صَلَّاهَا مَقْصُورَةً لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ الْجَمْعِ) أَيْ بِنِيَّةِ التَّأْخِيرِ لِأَجْلِ الْجَمْعِ فَلَا يَكْفِي نِيَّةُ التَّأْخِيرِ مُطْلَقًا. فَلَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ يَبْطُلْ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (بَعْدَ فَرَاغِهِمَا) كَذَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، فَلَوْ عَلِمَ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ الْأُولَى فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ فَهُوَ كَمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ وَإِلَّا بَنَى عَلَى الْأُولَى وَبَطَلَ إحْرَامُهُ بِالثَّانِيَةِ، وَبَعْدَ الْبِنَاءِ يَأْتِي بِهَا أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ تَدَارَكَهُ وَبَنَى. وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَلَامَ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا لِهَذَا التَّفْصِيلِ الَّذِي لَا يَصِحُّ مَعَهُ عُمُومُ قَوْلِهِ بَطَلَتَا وَيُعِيدُهُمَا، وَلَا قَوْلُهُ وَإِلَّا فَبَاطِلَةٌ وَلَا جَمْعَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الصَّحِيحِ) هُمَا فِي الْجَمْعِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ شَرْحَيْ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. (تَنْبِيهٌ) لَوْ جَمَعَ تَأْخِيرًا فَتَذَكَّرَ فِي تَشَهُّدِ الْعَصْرِ تَرْكَ سَجْدَةٍ لَا يَعْلَمُ مَكَانَهَا مِنْ الْعَصْرِ أَوْ الظُّهْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً أُخْرَى ثُمَّ يُعِيدَ الظُّهْرَ، وَيَكُونُ جَامِعًا فَإِنْ كَانَ أَحْرَمَ بِالْعَصْرِ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الظُّهْرِ امْتَنَعَ الْبِنَاءُ وَوَجَبَ إعَادَةُ الصَّلَاتَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الظُّهْرِ، فَلَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ بِالْعَصْرِ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا انْتَفَى إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ انْتِفَاءُ التَّرْتِيبِ الَّذِي اعْتَبَرَهُ الْوَجْهُ الثَّانِي فَيَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهِ نَفْيُ الْمُوَالَاةِ، وَنِيَّةُ الْجَمْعِ اللَّذَيْنِ اعْتَبَرَهُمَا الْوَجْهُ الثَّانِي أَيْضًا فَإِنَّ وُجُوبَهُمَا عِنْدَهُ إنَّمَا هُوَ مَعَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ فَإِذَا انْتَفَى انْتَفَيَا. وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا وَأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ مَعَ عَدَمِ لُزُومِ التَّرْتِيبِ، وَحَيْثُ انْتَفَتْ الْمُوَالَاةُ انْتَفَى نِيَّةُ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ: (انْتَفَتْ الْمُوَالَاةُ) اسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أُسَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِأَنَّ الْأُولَى بِخُرُوجِ وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ أَشْبَهَتْ الْفَائِتَةَ، ثُمَّ إذَا أَوْجَبْنَا التَّرْتِيبَ وَالْمُوَالَاةَ لَوْ تَرَكَهُمَا صَحَّتْ الثَّانِيَةُ لِوُقُوعِهَا فِي وَقْتِهَا، وَصَارَتْ الْأُولَى قَضَاءً كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (فِي وَجْهٍ تَقَدَّمَ) فِيهِ تَجَوُّزٌ فَإِنَّ الْمُتَقَدِّمَ قَوْلُ لَا وَجْهَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِنِيَّةِ الْجَمْعِ) لَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 يَسَعُهَا أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ مُبَيِّنٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَدَاءِ فِي الرَّوْضَةِ الْأَدَاءُ الْحَقِيقِيُّ بِأَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا بِخِلَافِ الْإِتْيَانِ بِرَكْعَةٍ مِنْهَا فِي الْوَقْتِ: وَالْبَاقِي بَعْدَهُ فَتَسْمِيَتُهُ أَدَاءً بِتَبَعِيَّةِ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ لِمَا فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ أَخَّرَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْجَمْعِ أَوْ بِنِيَّتِهِ فِي زَمَنٍ لَا تَكُونُ الصَّلَاةُ فِيهِ أَدَاءً عَلَى مَا ذَكَرَ (فَيَعْصِي وَتَكُونُ قَضَاءً) يَمْتَنِعُ قَصْرُهَا فِي وَجْهٍ تَقَدَّمَ. (وَلَوْ جَمَعَ تَقْدِيمًا) بِأَنْ صَلَّى الْأُولَى فِي وَقْتِهَا نَاوِيًا الْجَمْعَ (فَصَارَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) أَوْ فِي الْأُولَى كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (مُقِيمًا) بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ أَوْ بِانْتِهَاءِ السَّفِينَةِ إلَى مَقْصِدِهِ (بَطَلَ الْجَمْعُ) لِزَوَالِ الْعُذْرِ فَيَتَعَيَّنُ تَأْخِيرُ الثَّانِيَةِ إلَى وَقْتِهَا وَلَا تَتَأَثَّرُ الْأُولَى بِمَا اتَّفَقَ (وَفِي الثَّانِيَةِ وَبَعْدَهَا) لَوْ صَارَ مُقِيمًا (لَا يَبْطُلُ) الْجَمْعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْعِقَادِهَا أَوْ تَمَامِهَا قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ، وَالثَّانِي يَقُولُ هِيَ مُعَجَّلَةٌ عَلَى وَقْتِهَا لِلْعُذْرِ وَقَدْ زَالَ الْعُذْرُ قَبْلَهُ وَأَدْرَكَهُ الْمُصَلِّي فَلْيُعِدْهَا فِيهِ. (أَوْ) جَمَعَ (تَأْخِيرًا فَأَقَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا لَمْ يُؤَثِّرْ) مَا ذَكَرَ لِتَمَامِ الرُّخْصَةِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ (وَقَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ فَرَاغِهِمَا (يَجْعَلُ الْأُولَى قَضَاءً) لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلثَّانِيَةِ فِي الْأَدَاءِ لِلْعُذْرِ، وَقَدْ زَالَ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إذَا أَقَامَ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأُولَى أَدَاءً. (وَيَجُوزُ الْجَمْعُ) بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ (بِالْمَطَرِ تَقْدِيمًا) لِلْمُقِيمِ بِشُرُوطِ التَّقْدِيمِ السَّابِقَةِ. رَوَى   [حاشية قليوبي] الْجَمْعُ قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ: وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ إنْ أَرَادَ أَنَّ الْأُولَى أَدَاءٌ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (الْأَدَاءُ الْحَقِيقِيُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مَا يَسَعُ رَكْعَتَيْنِ إنْ أَرَادَ الْقَصْرَ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ بَعْدُ أَوْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَأَكْثَرَ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَأْتِيَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الزَّمَنُ يَسَعُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْإِتْيَانِ بِرَكْعَةٍ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ تَأْخِيرًا وَإِدْرَاكُ الزَّمَنِ لَا تَبَعِيَّةَ فِيهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي زَمَنٍ إلَخْ) بِأَنْ لَمْ يَسَعْ الزَّمَنُ إيقَاعَ جَمِيعِهَا فَيَعْصِي بِتَأْخِيرِهَا إلَى وَقْتِ الْحُرْمَةِ، وَتَكُونُ قَضَاءً لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ مِنْهَا فِي الْوَقْتِ شَيْئًا بِالْفِعْلِ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِدْرَاكِ الزَّمَنِ كَمَا مَرَّ. وَهَذَا مِمَّا لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إدْرَاكَ الزَّمَنِ كَافٍ فِي الْأَدَاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ) وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْأُولَى فَالْمُرَادُ يَجْمَعُ شَرَعَ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ أَيْضًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَتَأَثَّرُ إلَخْ) أَيْ وَلَا تَصِيرُ قَضَاءً وَلَا تَبْطُلُ بِمَا وَجَدَ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ) أَيْ فَالتَّبَعِيَّةُ بَاقِيَةٌ بِذَلِكَ. وَلِهَذَا لَوْ خَرَجَ وَقْتُ التَّبَعِيَّةِ بِأَنْ دَخَلَ وَقْتُهَا الْحَقِيقِيُّ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَ الْجَمْعُ فَتَبْطُلُ. وَيَجِبُ اسْتِئْنَافُهَا. قَوْلُهُ: (قَبْلَ فَرَاغِهِمَا) سَوَاءٌ قَدَّمَ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةَ وَسَوَاءٌ زَالَ الْعُذْرُ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ وَالتَّعْلِيلُ لِلْأَغْلَبِ، وَفَارَقَ هَذَا مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ زَوَالَ الْوَصْفِ بِكَوْنِهَا صَارَتْ قَضَاءً مَعَ صِحَّتِهَا أَخَفُّ مِنْ زَوَالِ الْأَصْلِ بِإِبْطَالِهَا وَلِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى فِي غَيْرِ الْعُذْرِ. (تَنْبِيهٌ) لَوْ جَمَعَ تَأْخِيرًا فَتَذَكَّرَ فِي تَشَهُّدِ الْعَصْرِ تَرْكَ سَجْدَةٍ وَشَكَّ هَلْ هِيَ مِنْ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ؟ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً أُخْرَى لِإِتْمَامِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يُعِيدَ الظُّهْرَ وَيَكُونُ جَامِعًا فَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِالْعَصْرِ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الظُّهْرِ امْتَنَعَ الْبِنَاءُ، وَوَجَبَ إعَادَةُ الصَّلَاتَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ مِنْ الظُّهْرِ فَلَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ بِالْعَصْرِ. قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ. وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَعَلَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (يَنْبَغِي إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (بِالْمَطَرِ) خَرَجَ بِهِ الْوَحَلُ وَالرِّيحُ وَالظُّلْمَةُ وَالْخَوْفُ فَلَا   [حاشية عميرة] حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ يَبْطُلْ الْجَمْعُ قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُبَيِّنٌ إلَخْ) قِيلَ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ وَإِلَّا عَصَى وَصَارَتْ قَضَاءً قُلْنَا مَا حَاوَلَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ، وَإِلَّا عَصَى وَصَارَتْ قَضَاءً اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: صَارَتْ قَضَاءً نَظَرًا إلَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ خُرُوجُ الْوَقْتِ كُلِّهِ بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ صَلَّى الْأُولَى إلَخْ) فَمَا يُفْهِمُهُ مِنْ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ لَيْسَ مُرَادًا بِقَرِينَةِ بَاقِي الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي الْأُولَى) أَيْ كَمَا يُفْهَمُ بِطَرِيقِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ هِيَ مُعَجَّلَةٌ إلَخْ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا، وَقَدْ عُلِّلَتْ الْأُولَى أَيْضًا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْعَصْرِ وَرَدَّ بِأَنَّ تَخَلُّفَ الْقَصْرِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ هَذَا ثُمَّ إذَا قُلْنَا بِالْبُطْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَوْ عَلِمَ حُصُولَهَا بَطَلَتْ وَإِلَّا انْقَلَبَتْ نَفْلًا. وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَقَدْ زَالَ الْعُذْرُ قَبْلَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَحْصُلْ الْإِقَامَةُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ يَتَخَلَّفُ هَذَا الْوَجْهُ. وَصَنِيعُ الْإِسْنَوِيِّ يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا: هِيَ مُعَجَّلَةٌ) أَيْ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ خُرُوجَ الْفَقِيرِ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ التَّعْجِيلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُؤَثِّرْ) كَمَا فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَأَوْلَى. قَوْلُهُ: (يَنْبَغِي إلَخْ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ خِلَافُهُ بَلْ زَعَمَ أَنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ مَحَلُّهُ إذَا أَقَامَ قَبْلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِالْمَدِينَةِ سَبْعًا جَمِيعًا وَثَمَانِيًا جَمِيعًا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ» . قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: أَرَى ذَلِكَ بِعُذْرِ الْمَطَرِ (وَالْجَدِيدُ مَنَعَهُ تَأْخِيرًا) لِأَنَّ الْمَطَرَ قَدْ يَنْقَطِعُ قَبْلَ أَنْ يَجْمَعَ وَالْقَدِيمُ جَوَازُهُ كَمَا فِي الْجَمْعِ بِالسَّفَرِ فَيُصَلِّي الْأُولَى مَعَ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِهَا سَوَاءٌ اتَّصَلَ الْمَطَرُ أَمْ انْقَطَعَ قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ. وَفِي التَّهْذِيبِ إذَا انْقَطَعَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَجُزْ الْجَمْعُ، وَيُصَلِّي الْأُولَى فِي آخِرِ وَقْتِهَا (وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ وُجُودُهُ) أَيْ الْمَطَرِ (أَوَّلُهُمَا) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ لِيُقَارِنَ الْجَمْعُ الْعُذْرَ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُهُ عِنْدَ سَلَامِ الْأُولَى) أَيْضًا لِيَتَّصِلَ بِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ. وَلَا يَضُرُّ انْقِطَاعُهُ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَسَوَاءٌ قَوِيُّ الْمَطَرِ وَضَعِيفُهُ إذَا بَلَّ الثَّوْبَ (وَالثَّلْجُ وَالْبَرَدُ كَمَطَرٍ إنْ ذَابَا) لِبَلِّهِمَا الثَّوْبَ فَإِنْ لَمْ يَذُوبَا فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بِهِمَا (وَالْأَظْهَرُ تَخْصِيصُ الرُّخْصَةِ بِالْمُصَلِّي جَمَاعَةً بِمَسْجِدٍ بَعِيدٍ يَتَأَذَّى بِالْمَطَرِ فِي طَرِيقِهِ) بِخِلَافِ مَنْ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً، أَوْ يَمْشِي إلَى الْمَسْجِدِ فِي كِنٍّ أَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ بِبَابِ دَارِهِ فَلَا يَتَرَخَّصُ لِانْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ كَغَيْرِهِ عَنْهُ. وَالثَّانِي يَتَرَخَّصُ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ. وَقَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ هُوَ لَفْظُ الْمُحَرَّرِ وَفِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ. وَقِيلَ الْأَظْهَرُ تَبَعًا لِأَصْلِهَا. بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِهَا هِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْخَمْسِ فِي الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ، وَتَخْتَصُّ بِاشْتِرَاطِ أُمُورٍ فِي لُزُومِهَا وَأُمُورٍ فِي   [حاشية قليوبي] جَمْعَ بِهَا وَكَذَا الْمَرَضُ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الرَّوْضِ تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ مِنْ جَوَازِ الْجَمْعِ بِهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا. وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمُفْتِي بِهِ، وَنَقَلَ أَنَّهُ نَصٌّ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَبِهِ يُعْلَمُ جَوَازُ عَمَلِ الشَّخْصِ بِهِ لِنَفْسِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمَرَضِ حَالَةَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا وَعِنْدَ سَلَامِهِ مِنْ الْأُولَى وَبَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْمَطَرِ. قَوْلُهُ: (سَبْعًا جَمِيعًا وَثَمَانِيًا) أَيْ مِنْ الرَّكَعَاتِ وَذَكَرَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ يَقُولَ جَمَعَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ لِأَجْلِ دَفْعِ تَوَهُّمِ جَوَازِ الْقَصْرِ مَعَ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ: (أَرَى ذَلِكَ) هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا أَيْ أَظُنُّ أَوْ أَعْتَقِدُ وَرِوَايَةُ. وَلَا مَطَرَ شَاذَّةٌ أَوْ يُرَادُ وَلَا مَطَرَ كَثِيرٌ وَدَائِمٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي التَّهْذِيبِ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْجَدِيدِ. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ) هَذَا الشَّرْطُ بَدَلُ السَّفَرِ فِي الْمُسَافِرِ وَإِنْ لَمْ يَسْلُوهُ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ مِثْلِ مَا هُنَا فِي السَّفَرِ. قَوْلُهُ: (وُجُودُهُ) أَيْ الْمَطَرِ يَقِينًا كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، أَوْ ظَنًّا كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فَإِنْ شَكَّ فِي بَقَائِهِ بَطَلَ الْجَمْعُ وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ. قَوْلُهُ: (لِيَتَّصِلَ) أَيْ فَالِاتِّصَالُ شَرْطٌ فَلَوْ انْقَطَعَ بَيْنَهُمَا بَطَلَ الْجَمْعُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ) قَالَ شَيْخُنَا إلَّا إنْ كَانَ قِطَعًا كِبَارًا فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ الْجَمْعُ. قَوْلُهُ: (جَمَاعَةً) أَيْ وَلَوْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الثَّانِيَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَاكْتَفَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِالْجَمَاعَةِ حَالَ الْإِحْرَامِ بِالثَّانِيَةِ وَإِنْ صَلَّى الْأُولَى مُنْفَرِدًا عِنْدَهُمَا كَبَقِيَّةِ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (يَتَأَذَّى) أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالنَّظَرِ لِغَالِبِ النَّاسِ، نَعَمْ لِإِمَامِ الْمَسْجِدِ وَمُجَاوِرِيهِ الْجَمْعُ تَبَعًا لِغَيْرِهِمْ، وَعَلَى هَذَا حُمِلَ جَمْعُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَطَرِ مَعَ قُرْبِ بَيْتِهِ لِلْمَسْجِدِ أَوْ مُلَاصَقَتِهِ لَهُ. وَلِلْمُنْفَرِدِ الْجَمْعُ فِي الْمَسْجِدِ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ) لَيْسَ الْمَسْجِدُ قَيْدًا وَالْمُرَادُ مَحَلُّ الْجَمَاعَةِ. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي رَاتِبَةً بَيْنَ الْمَجْمُوعَتَيْنِ وُجُوبًا فِي التَّقْدِيمِ وَنَدْبًا فِي التَّأْخِيرِ. وَكَذَا لَا يُقَدِّمُ رَاتِبَةَ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى مُطْلَقًا وَلَهُ تَأْخِيرُ رَوَاتِبِ الْأُولَى الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ الثَّانِيَةِ كَالْمُتَأَخِّرَةِ، وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّوَاتِبَ عَلَى أَيِّ كَيْفِيَّةٍ أَرَادَ مِنْ تَرْتِيبٍ وَعَدَمِهِ وَجَمْعٍ فِي إحْرَامٍ وَعَدَمِهِ لَكِنْ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ رَاتِبَتَيْ صَلَاتَيْنِ فِي إحْرَامٍ وَاحِدٍ. بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ هِيَ صَلَاةٌ أَصْلِيَّةٌ تَامَّةٌ عَلَى قَدْرِ الْمَقْصُورَةِ. وَقِيلَ: ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا أَوْ لِمَا جُمِعَ فِيهَا مِنْ   [حاشية عميرة] فَرَاغِ الْأُولَى: قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُهُ إلَخْ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِاسْتِصْحَابِ الْمَطَرِ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْبَقَاءُ وَإِنْ أَوْهَمَ تَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ خِلَافَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَذُوبَا فَلَا إلَخْ) اسْتَثْنَى فِي الشَّامِلِ مَا إذَا كَانَ الْبَرْدُ قِطَعًا كِبَارًا وَخَافَ مِنْ السُّقُوطِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ) وَقَوْلُهُ: عَنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِانْتِقَاءِ وَالضَّمِيرُ فِي عَنْهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: يَتَرَخَّصُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 صِحَّتِهَا، وَالْبَابُ مَعْقُودٌ لِذَلِكَ مَعَ آدَابٍ تُشْرَعُ فِيهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ (إنَّمَا تَتَعَيَّنُ) أَيْ تَجِبُ وُجُوبَ عَيْنٍ. وَقِيلَ: وُجُوبُهَا وُجُوبُ كِفَايَةٍ (عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ) أَيْ بَالِغٍ عَاقِلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (حُرٍّ ذَكَرٍ مُقِيمٍ بِلَا مَرَضٍ وَنَحْوِهِ) فَلَا جُمُعَةَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ بِخِلَافِ السَّكْرَانِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا ظُهْرًا كَغَيْرِهَا وَلَا عَلَى عَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَمُسَافِرٍ وَمَرِيضٍ لِحَدِيثِ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إلَّا امْرَأَةٌ أَوْ مُسَافِرٌ أَوْ عَبْدٌ أَوْ مَرِيضٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُ وَأُلْحِقَ بِالْمَرْأَةِ الْخُنْثَى لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَتَى فَلَا يَلْزَمُهُ، وَبِالْمَرِيضِ نَحْوُهُ وَشَمِلَهُمَا قَوْلُهُ (وَلَا جُمُعَةَ عَلَى مَعْذُورٍ بِمُرَخِّصٍ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) أَيْ يُتَصَوَّرُ فِي الْجُمُعَةِ وَتَقَدَّمَتْ الْمُرَخِّصَاتُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مِنْهَا الرِّيحُ الْعَاصِفَةُ بِاللَّيْلِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي الْجُمُعَةِ (وَالْمُكَاتَبُ) لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (وَكَذَا مَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ) لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الرِّقِّ، وَالثَّانِي عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ الْوَاقِعَةُ فِي نَوْبَتِهِ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّيِّدِ مُهَايَأَةٌ (وَمَنْ صَحَّتْ ظُهْرُهُ) مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ كَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ   [حاشية قليوبي] الْخَيْرَاتِ، أَوْ لِجَمْعِ خَلْقِ آدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِهَا أَوْ لِاجْتِمَاعِهِ بِحَوَّاءَ فِي عَرَفَةَ فِيهَا أَوْ لِأَنَّهُ جَامَعَهَا فِيهَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَيَوْمُهَا أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ. وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ مُطْلَقًا حَتَّى مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَلَيْلَتُهَا كَيَوْمِهَا فِي الْأَجْرِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ، وَفُرِضَتْ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ وَلَمْ تُقَمْ بِهَا كَمَا لَمْ تُقَمْ بِهَا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلِخَفَاءِ الْإِسْلَامِ. وَأَقَامَهَا أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِنَقِيعِ الْخَضِمَانِ بِنُونٍ مَفْتُوحَةٍ فَقَافٍ مَكْسُورَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ فَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ فَخَاءٍ مَفْتُوحَةٍ مُعْجَمَةٍ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ فَمِيمٍ فَأَلْفٍ وَآخِرُهُ فَوْقِيَّةٌ، اسْمُ قَرْيَةٍ عَلَى مِيلٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْمِيمِ) وَإِسْكَانِهَا وَفَتْحِهَا وَحُكِيَ كَسْرُهَا. قَوْلُهُ: (وَالْبَابُ مَعْقُودٌ لِذَلِكَ) أَيْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ ذَلِكَ وَذِكْرُ غَيْرِهِ مَعَهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ السَّكْرَانِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ النَّفْيَ قَبْلَهُ شَامِلٌ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ وَإِلَّا فَهُوَ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ لِانْعِقَادِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ مَعَ تَعَدِّيهِ نَعَمْ إنْ أَفَاقَ قَبْلَ فَوَاتِهَا لَزِمَهُ فِعْلُهَا، وَمِثْلُهُ فِي هَذَا الْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَمُسَافِرٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَهْلِ مَحَلٍّ لَا يَسْمَعُ أَهْلُهُ النِّدَاءَ مِنْهَا وَلَهُ الِانْصِرَافُ، وَلَوْ بَعْدَ إقَامَتِهَا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا امْرَأَةٌ إلَخْ) هُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى تَأْوِيلِ عَلَيْهِ بِمَعْنَى لَا يُتْرَكُ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ كَلَامٍ غَيْرِ مُوجَبٍ مَعْنًى. وَكَذَا يُقَالُ فِي حَدِيثِ إلَّا أَرْبَعَةٌ الْمَذْكُورِ فِي الْمَنْهَجِ. وَيَجُوزُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الرَّفْعُ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ الْمَحْذُوفِ إنْ صَحَّ وَنُقِلَ عَنْ الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ أَنَّ بَعْضَ الْمُتَقَدِّمِينَ يَرْسُمُ الْمَنْصُوبَ بِصُورَةِ الْمَرْفُوعِ وَالْمَجْرُورِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْحَدِيثَيْنِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَعْذُورٍ إلَخْ) وَمِنْهُ الِاحْتِيَاجُ إلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ لَهُ بِخِلَافِهِ فِي خُرُوجِ الْوَقْتِ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا دُونَهُ، وَمِنْهُ الِاشْتِغَالُ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَمِنْهُ إجَارَةُ الْعَيْنِ لِمَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ لَزِمَ فَسَادُ عَمَلِهِ، وَمِنْهُ حَبْسٌ لِمَنْ مُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ لَهَا وَإِنْ حَرُمَ مَنْعُهُ بِأَنْ يَكُونَ فِي خُرُوجِهِ مَصْلَحَةٌ، وَمِنْهُ مَرَضٌ يَشُقُّ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَمِنْهُ الْعَمَى نَعَمْ لَوْ اجْتَمَعَ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي مَحَلِّهِمْ جَمْعٌ تَصِحُّ بِهِ الْجُمُعَةُ لَزِمَتْهُمْ فِيهِ، كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا. وَمِنْ الْعُذْرِ إبْرَارُ قَسَمٍ مِنْ حَلَفَ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ مَثَلًا لِخَوْفٍ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي خَلْفَ زَيْدٍ فَوَلِيَ زَيْدٌ إمَامًا فِي الْجُمُعَةِ. وَقِيلَ فِي هَذِهِ يُصَلِّي خَلْفَهُ وَلَا يَحْنَثُ مُكْرَهٌ شَرْعًا كَمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ زَوْجَتَهُ اللَّيْلَةَ فَإِذَا هِيَ حَائِضٌ. كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَنْزِعُ ثَوْبَهُ فَأَجْنَبَ وَاحْتَاجَ إلَى نَزْعِهِ لِتَعَذُّرِ غُسْلِهِ فِيهِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ لِلْجُمُعَةِ بَدَلًا فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (الرِّيحُ الْعَاصِفَةُ إلَخْ) نَعَمْ تُتَصَوَّرُ هُنَا فِيمَا بَعْدَ الْفَجْرِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُكَاتَبُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْذُورٍ مَعْنًى وَرَفَعَهُ اسْتِقْلَالًا لِتَنَافُرِ الْعَطْفِ. وَذَكَرَهُ مَعَ شُمُولِ الْعَبْدِ لَهُ لِلْخِلَافِ فِيهِ،   [حاشية عميرة] [بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ] ِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا أَوْ لِمَا جُمِعَ فِيهَا مِنْ الْخَيْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَحْوِهِ) مِنْ ذَلِكَ الِاشْتِغَالُ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ، وَلَمَّا وَلِيَ خَطَابَةَ الْجَامِعِ الْعَتِيقِ بِمِصْرَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْمَوْتَى قَبْلَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ يَقُولُ لِأَهْلِهَا وَحُمَّالِهَا: اذْهَبُوا فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْكُمْ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَدِيثِ: إلَّا امْرَأَةٌ إلَخْ) هَكَذَا الرِّوَايَةُ بِالرَّفْعِ وَلَعَلَّ فِيهَا اخْتِصَارًا. وَالتَّقْدِيرُ إلَّا أَرْبَعَةً امْرَأَةٌ إلَخْ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً هُوَ الْمُسْتَثْنَى، وَامْرَأَةٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ» إلَخْ قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَنْ بِمَعْنَى غَيْرِ نَحْوُ النَّاسُ كُلُّهُمْ هَلْكَى إلَّا الْعَالِمُونَ، وَنُوزِعَ بِأَنَّ فِيهِ وَصْفَ الْمَعْرِفَةِ بِالنَّكِرَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُكَاتَبِ) عَطْفُهُ عَلَى مَا سَلَفَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مَعْذُورًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَلَيْسَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ (صَحَّتْ جُمُعَتُهُ) لِأَنَّهَا تَصِحُّ لِمَنْ تَلْزَمُهُ فَلِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ أَوْلَى، وَتُجْزِئُهُ عَنْ الظُّهْرِ وَيُسْتَحَبُّ حُضُورُهَا لِلْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيَّ وَالْعَجُوزِ (وَلَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ الْجَامِعِ) قَبْلَ فِعْلِهَا (إلَّا الْمَرِيضَ وَنَحْوَهُ فَيَحْرُمُ انْصِرَافُهُ) قَبْلَ فِعْلِهَا (إنْ دَخَلَ الْوَقْتُ) قَبْلَ انْصِرَافِهِ (إلَّا أَنْ يَزِيدَ ضَرَرُهُ بِانْتِظَارِهِ) فِعْلَهَا فَيَجُوزُ انْصِرَافُهُ قَبْلَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَانِعَ فِي الْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ مِنْ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ الْمَشَقَّةُ فِي حُضُورِ الْجَامِعِ وَقَدْ حَضَرُوا مُتَحَمِّلِينَ لَهَا، وَالْمَانِعُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ صِفَاتٌ قَائِمَةٌ بِهِمْ لَا تَزُولُ بِالْحُضُورِ (وَتَلْزَمُ الشَّيْخَ الْهَرِمَ وَالزَّمِنَ إنْ وَجَدَا مَرْكَبًا) مِلْكًا أَوْ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ (وَلَمْ يَشُقَّ الرُّكُوبُ) عَلَيْهِمَا (وَالْأَعْمَى يَجِدُ قَائِدًا) مُتَبَرِّعًا أَوْ بِأُجْرَةٍ أَوْ مِلْكًا لَهُ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ قَبْلَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَأَطْلَقَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ. وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ إنْ كَانَ يُحْسِنُ الْمَشْيَ بِالْعَصَا مِنْ غَيْرِ قَائِدٍ لَزِمَهُ. (وَأَهْلُ الْقَرْيَةِ إنْ كَانَ فِيهِمْ جَمْعٌ تَصِحُّ بِهِ الْجُمُعَةُ) وَهُوَ أَرْبَعُونَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ كَمَا سَيَأْتِي (أَوْ بَلَغَهُمْ صَوْتٌ عَالٍ فِي هُدُوٍّ) لِلْأَصْوَاتِ وَالرِّيَاحِ (مِنْ طَرَفٍ يَلِيهِمْ لِبَلَدِ الْجُمُعَةِ لَزِمَتْهُمْ وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ وَلَا بَلَغَهُمْ الصَّوْتُ الْمَذْكُورُ   [حاشية قليوبي] وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (صَحَّتْ جُمُعَتُهُ) أَيْ أَجْزَأَهُ عَنْ ظُهْرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ. لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الصِّحَّةِ الْإِجْزَاءُ. وَعَلَيْهِ تَصِحُّ الْأَوْلَوِيَّةُ لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ بِهَا الظُّهْرُ عَنْ الْكَامِلِينَ فَعَنْ غَيْرِهِمْ أَوْلَى. كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِجَعْلِ تُجْزِئُهُ عَطْفَ تَفْسِيرٍ عَلَى صَحَّتْ مَثَلًا فَلَا مُخَالَفَةَ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي. قَوْله: (وَتُجْزِئُهُ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ مَعْنَى الصِّحَّةِ وَالْإِجْزَاءِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْكِفَايَةُ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِنْ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ. قَوْلُهُ: (وَالْعَجُوزُ) أَيْ إنْ أَذِنَ الزَّوْجُ وَلَمْ تَكُنْ ذَاتَ هَيْئَةٍ أَوْ رِيحٍ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ فِعْلِهَا) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ إقَامَتِهَا وَمِنْهُ مَنْ أَكَلَ مَا لَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ لَا بِقَصْدِ إسْقَاطِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَمِنْهُ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ أَيْضًا وَنَحْوُهُمَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ فِعْلِهَا مَا لَوْ شَرَعَ فِيهَا، فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهَا وَلَوْ بِقَلْبِهَا نَفْلًا. قَوْلُهُ: (وَنَحْوَهُ) أَيْ مِمَّنْ سَقَطَ عَنْهُ الْحُضُورُ لِلْمَشَقَّةِ كَالْأَعْمَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ انْصِرَافُهُ) إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ حُضُورِهِ وَعَلَى الْحُرْمَةِ لَوْ انْصَرَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْعَوْدُ. قَوْلُهُ: (بِانْتِظَارِهِ فِعْلَهَا) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا. قَوْلُهُ: (مَرْكَبًا) أَيْ لَائِقًا وَلَوْ نَحْوَ قِرْدٍ. وَكَذَا قَائِدُ الْأَعْمَى. قَوْلُهُ: (بِإِجَارَةٍ) لِمِثْلِهِ زَائِدَةٍ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ فِي الْفِطْرَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ إعَارَةٍ) أَيْ لِمَا لَا مِنَّةَ فِيهِ، وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَظْهَرُ الْوُجُوبُ كَمَا فِي طَلَبِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِوُجُودِ الْبَدَلِ هُنَا رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْقَاضِي إلَخْ) حَمَلَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَلَى مَنْ مَنْزِلُهُ قَرِيبٌ مِنْ الْمَسْجِدِ بِحَيْثُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ أَصْلًا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَأَهْلُ الْقَرْيَةِ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إسْقَاطِهِ الْجُمُعَةَ عَنْ أَهْلِ الْقُرَى. قَوْلُهُ: (عَالٍ) أَيْ مُعْتَدِلٌ وَكَوْنُهُ بِالْأَذَانِ لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (لَزِمَتْهُمْ) أَيْ الْجُمُعَةُ فِي مَحَلِّهِمْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ تَعْطِيلُهُ مِنْهَا، وَإِنْ فَعَلُوهَا فِي غَيْرِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِعْلَهَا فِيهِ حَرُمَ عَلَيْهِ وَسَقَطَتْ عَنْ الْبَقِيَّةِ لِنَقْصِهِمْ. وَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ وَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَلْزَمُهُمْ السَّعْيُ إلَى بَلَدِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ سَمِعُوا النِّدَاءَ مِنْهُ وَتَلْزَمُهُمْ فِي بَلَدِ الْجُمُعَةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، نَعَمْ   [حاشية عميرة] كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا تَصِحُّ إلَخْ) إيضَاحُهُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي حَقِّ أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ إذَا حَضَرُوا انْعَقَدَتْ لَهُمْ وَأَجْزَأَتْهُمْ لِأَنَّهَا أَكْمَلُ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَتْ أَخْصَرَ فِي الصُّورَةِ، وَإِذَا أَجْزَأَتْ عَنْ الْكَامِلِينَ الَّذِينَ لَا عُذْرَ لَهُمْ فَلَأَنْ تُجْزِئَ أَصْحَابَ الْعُذْرِ بِالْأَوْلَى اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ وَجَدَا مَرْكَبًا) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَنْ لَا يَجِبَ قَبُولُ هِبَتِهِ. وَنُقِلَ عَنْ الشَّاشِيِّ عَدَمُ الْوُجُوبِ إذَا وَجَدَا مَنْ يَحْمِلُهُمَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَأَنَّهُ أَرَادَ مِنْ الْآدَمِيِّينَ فَيَكُونَ مُتَّجِهًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَهْلُ الْقَرْيَةِ) خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَخَصَّ الْوُجُوبَ بِأَهْلِ الْمَدَائِنِ. (تَنْبِيهٌ) حُكْمُ أَهْلِ الْبَسَاتِينِ وَالْخِيَامِ كَأَهْلِ الْقُرَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بَلَغَهُمْ) أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ، وَلَكِنْ بَلَغَهُمْ صَوْتٌ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ طَرَفٍ يَلِيهِمْ) . قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ سَكَتُوا عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ الْمُسْتَمِعُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَوْضِعُ إقَامَتِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ لِبَلَدِ الْجُمُعَةِ يُفِيدُ أَنَّ أَهْلَ الْقَرْيَتَيْنِ إذَا نَقَصَ عَدَدُ كُلٍّ عَنْ الْوَاجِبِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الِاجْتِمَاعُ فِي إحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ. (فَائِدَةٌ) إنَّمَا اُعْتُبِرَ طَرَفُ الْبَلَدِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَكَان صَالِحٍ لِلْجُمُعَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَلِيهِمْ لِبَلَدِ الْجُمُعَةِ) فِيهِ تَقْدِيمُ الْوَصْفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 (فَلَا) تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ لِلْأُولَى. وَيَدُلُّ لِلثَّانِيَةِ حَدِيثُ أَبِي دَاوُد «الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ سَمَاعُ مَنْ أَصْغَى إلَيْهِ وَلَمْ يُجَاوِزْ سَمْعُهُ حَدَّ الْعَادَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَلُفَّ الْمُنَادِي عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ كَمَنَارَةٍ أَوْ سُوَرٍ، وَلَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ. وَلَوْ كَانَتْ قَرْيَةً عَلَى قِمَّةِ جَبَلٍ يَسْمَعُ أَهْلُهَا النِّدَاءَ لِعُلُوِّهَا وَلَوْ كَانَتْ عَلَى اسْتِوَاءِ الْأَرْضِ مَا سَمِعُوا أَوْ كَانَتْ فِي وَهْدَةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَا يَسْمَعُ أَهْلُهَا النِّدَاءَ لِانْخِفَاضِهَا وَلَوْ كَانَتْ عَلَى اسْتِوَاءٍ لَسَمِعُوهُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ فِي الْأُولَى وَتَجِبُ فِي الثَّانِيَةِ اعْتِبَارًا بِتَقْدِيرِ الِاسْتِوَاءِ. وَالثَّانِي وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَكْسُ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِنَفْسِ السَّمَاعِ وَعَدَمِهِ (وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ) الْجُمُعَةُ بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا (السَّفَرُ بَعْدَ الزَّوَالِ) لِتَفْوِيتِهَا بِهِ (إلَّا أَنْ تُمْكِنَهُ الْجُمُعَةُ فِي طَرِيقِهِ) أَوْ مَقْصِدِهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (أَوْ يَتَضَرَّرُ بِتَخَلُّفِهِ) لَهَا (عَنْ الرُّفْقَةِ) بِأَنْ يَفُوتَهُ السَّفَرُ مَعَهُمْ أَوْ يَخَافُ فِي لُحُوقِهِمْ بَعْدَهَا (وَقَبْلُ الزَّوَالِ كَبَعْدِهِ) فِي الْحُرْمَةِ (فِي الْجَدِيدِ) وَالْقَدِيمِ لَا لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ   [حاشية قليوبي] لَوْ صَلَّوْا فِيهِ الْعِيدَ جَازَ لَهُمْ الِانْصِرَافُ وَتَرْكُهَا إلَّا إنْ دَخَلَ وَقْتُهَا عَقِبَ فَرَاغِ الْعِيدِ وَقَبْلَ انْصِرَافِهِمْ قَوْلُهُ: (مَنْ أَصْغَى) أَيْ لَوْ أَصْغَى وَهُوَ بِطَرَفِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَيْضًا عَلَى مُسْتَوٍ مِنْهُ. وَالْمُرَادُ بِالطَّرَفِ آخِرُ مَحَلٍّ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ لِمَنْ سَافَرَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُجَاوِزْ إلَخْ) اعْتِبَارُ الِاعْتِدَالِ فِي الصَّوْتِ وَالسَّمَاعِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ تَمْيِيزُ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ، وَأَنَّهَا تَلْزَمُ ثَقِيلَ السَّمْعِ وَالْأَصَمَّ حَيْثُ سَمِعَ الْمُعْتَدِلُ، وَأَنَّهَا لَا تَلْزَمُ مَنْ سَمِعَ لِحِدَّةِ سَمْعِهِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (اعْتِبَارًا بِتَقْدِيرِ الِاسْتِوَاءِ) فَإِنْ اُعْتُبِرَ هَذَا الْقَيْدُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَهُمَا مِنْ أَفْرَادِهِ وَإِلَّا فَهُمَا وَارِدَانِ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ عِنْدَ شَيْخِنَا كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنْ يُفْرَضَ زَوَالُ الْجَبَلِ، وَارْتِفَاعُ الْمُنْخَفَضِ وَتُجْعَلُ الْقَرْيَةُ عَلَى الِاسْتِوَاءِ فِي مُحَاذَاةِ مَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ. وَقَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ: يُفْرَضُ الصُّعُودُ أَوْ الْهُبُوطُ مُمْتَدًّا إلَى غَيْرِ جِهَةِ بَلَدِ الْجُمُعَةِ وَالْقَرْيَةُ عَلَى طَرَفِهِ لِأَنَّهُمْ يَقْطَعُونَ تِلْكَ الْمَسَافَةِ فِي الْوُصُولِ إلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ النَّاسَ فِي الْجُمُعَةِ سِتَّةُ أَقْسَامٍ بِاعْتِبَارِ اللُّزُومِ وَالصِّحَّةِ وَالِانْعِقَادِ أَحَدُهَا: مِنْ وُجِدَتْ فِيهِ الْأَوْصَافُ الثَّلَاثَةُ، وَهُوَ الْكَامِلُ. ثَانِيهَا: مَنْ انْتَفَتْ كُلُّهَا فِيهِ كَالْمَجْنُونِ. ثَالِثُهَا: مَنْ وُجِدَ فِيهِ اللُّزُومُ وَالصِّحَّةُ وَهُوَ الْمُقِيمُ. رَابِعُهَا: مَنْ وُجِدَ فِيهِ الصِّحَّةُ وَالِانْعِقَادُ وَهُوَ الْمَعْذُورُ بِنَحْوِ الْمَرَضِ. خَامِسُهَا: مَنْ وُجِدَ فِيهِ اللُّزُومُ وَحْدَهُ وَهُوَ الْمُرْتَدُّ. سَادِسُهَا: مَنْ وُجِدَ فِيهِ الصِّحَّةُ فَقَطْ وَهُوَ الْمَرْأَةُ وَالْمُسَافِرُ وَنَحْوُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى إلَخْ) فَإِذَا سَافَرَ فَهُوَ عَاصٍ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ رُخَصُ السَّفَرِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا أَوْ إلَى الْيَأْسِ مِنْ إدْرَاكِهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا اعْتِمَادُ هَذَا نَعَمْ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ جُنُونٌ أَوْ مَوْتٌ سَقَطَ عَنْهُ الْإِثْمُ مِنْ ابْتِدَائِهِ. قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ. فَإِنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ. وَخَرَجَ بِالسَّفَرِ النَّوْمُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَلَا يَحْرُمُ، وَإِنْ عَلِمَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ بِهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ النَّوْمِ الْفَوَاتُ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَيُكْرَهُ السَّفَرُ لَيْلَتَهَا بِأَنْ يُجَاوِزَ السُّورَ قَبْلَ الْفَجْرِ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ جِدًّا أَنَّ مَنْ سَافَرَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ دَعَا عَلَيْهِ مَلَكَاهُ. قَوْلُهُ: (يُمْكِنُهُ) أَيْ بِحَسَبِ ظَنِّهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ السَّفَرُ إلَّا إنْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ جُمُعَةُ بَلَدِهِ بِأَنْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ كَمَا مَرَّ. وَقَوْلُ شَيْخِنَا فِي حَاشِيَتِهِ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي شَرْحِهِ بِعَدَمِ الْحُرْمَةِ فِي هَذِهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَصْحِيحُ صَلَاةِ غَيْرِهِ مَمْنُوعٌ إذْ لَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ لِتَعْطِيلِهِ جُمُعَةَ بَلَدِهِ. فَتَأَمَّلْهُ وَقَدْ مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا آخِرًا. قَوْلُهُ: (أَوْ يَتَضَرَّرُ) وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْوَحْشَةِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ وَيَتَكَرَّرُ كَثِيرًا. قَوْلُهُ: (بِتَخَلُّفِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ سَوَاءٌ فِي مَحَلِّهِ أَوْ بَعْدَ لُحُوقِهِ لَهُمْ كَمَا فَعَلَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (مُبَاحًا) أَيْ غَيْرَ مَطْلُوبٍ فَيَشْمَلُ الْمَكْرُوهَ أَوْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَاجِبًا) أَيْ غَيْرَ فَوْرِيٍّ وَإِلَّا كَالسَّفَرِ لِإِنْقَاذِ أَسِيرٍ وَإِدْرَاكِ عَرَفَةَ فَهُوَ وَاجِبٌ فَضْلًا عَنْ الْجَوَازِ. قَوْلُهُ: (وَمَا فِي نُسَخِ الْمُحَرَّرِ) الَّتِي عِبَارَتُهَا: وَيَحْرُمُ السَّفَرُ بَعْدَ الزَّوَالِ إنْ كَانَ مُبَاحًا لِأَنَّهُ أَخَّرَ فِيهَا الشَّرْطَ لِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَمَحَلُّهُ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَقَبْلَ الزَّوَالِ) أَيْ مِنْ الْفَجْرِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَغَيْرِهِ. وَحَاصِلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ السَّفَرَ الْمُبَاحَ حَرَامٌ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ، وَإِنَّ الطَّاعَةَ لَا تَحْرُمُ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (بِبَلَدِ الْجُمُعَةِ) أَيْ وَهُمْ مِنْ أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ. أَمَّا   [حاشية عميرة] بِالْجُمْلَةِ عَلَى الْوَصْفِ بِالْجَارِ وَالْمَجْرُورِ، وَقَدْ مَنَعَهُ ابْنُ عُصْفُورٍ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ لِلْأُولَى) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: دَلِيلُهَا عُمُومُ الْأَدِلَّةِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي مَنْعِهِمْ الْوُجُوبَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى قَالَ: وَلَوْ دَخَلَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الْبَلَدَ وَأَقَامُوا الْجُمُعَةَ مَعَ أَهْلِ الْبَلَدِ سَقَطَتْ عَنْهُمْ، وَأَسَاءُوا لِتَعْطِيلِهَا فِي بُقْعَتِهِمْ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْإِسَاءَةِ وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيِّ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمَدْلُولُهَا التَّحْرِيمُ إلَّا أَنَّ الْأَكْثَرِينَ قَدْ صَرَّحُوا بِالْجَوَازِ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِالتَّحْرِيمِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَتْ عَلَى اسْتِوَاءٍ لَسَمِعُوهُ) الْمُرَادُ لَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 وَعُورِضَ بِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْيَوْمِ، وَلِذَلِكَ يَجِبُ السَّعْيُ إلَيْهَا قَبْلَ الزَّوَالِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ، وَقَيَّدَ التَّشْبِيهَ الْمُفْهِمَ لِلْحُرْمَةِ بِقَوْلِهِ (إنْ كَانَ سَفَرًا مُبَاحًا) أَيْ كَالسَّفَرِ لِلتِّجَارَةِ (وَإِنْ كَانَ طَاعَةً) وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا كَالسَّفَرِ لِلْحَجِّ بِقِسْمَيْهِ (جَازَ) قَطْعًا (قُلْت: الْأَصَحُّ أَنَّ الطَّاعَةَ كَالْمُبَاحِ) فَيَحْرُمُ فِي الْجَدِيدِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مَحْكِيَّةٌ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَرَجَّحَهَا فِيهَا أَيْضًا أَمَّا السَّفَرُ لِطَاعَةٍ بَعْدَ الزَّوَالِ فَفِي الرَّوْضَةِ لَا يَجُوزُ، وَفِي أَصْلِهَا الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ وَيُوَافِقُهُمَا إطْلَاقُ الْمِنْهَاجِ الْحُرْمَةَ كَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَمَا فِي نُسَخِ الْمُحَرَّرِ مِنْ تَقْيِيدِهَا بِالْمُبَاحِ مِنْ غَلَطِ النُّسَّاخِ بِتَقْدِيمِ الشَّرْطِ عَلَى مَحَلِّهِ (وَمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ) وَهُمْ بِبَلَدِ الْجُمُعَةِ (تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِي ظُهْرِهِمْ) وَقْتَهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْجَمَاعَةِ. وَالثَّانِي لَا تُسَنُّ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي هَذَا الْوَقْتِ شِعَارًا الْجُمُعَةُ فَإِنْ كَانُوا بِغَيْرِ بَلَدِ الْجُمُعَةِ سُنَّتْ لَهُمْ بِالْإِجْمَاعِ. قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَيُخْفُونَهَا) اسْتِحْبَابًا (إنْ خَفِيَ عُذْرُهُمْ) لِئَلَّا يُتَّهَمُوا بِالرَّغْبَةِ عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَلَا يُسْتَحَبُّ الْإِخْفَاءُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (وَيُنْدَبُ لِمَنْ أَمْكَنَ زَوَالُ عُذْرِهِ) قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ كَالْعَبْدِ يَرْجُو الْعِتْقَ وَالْمَرِيضِ يَتَوَقَّعُ الْخِفَّةَ (تَأْخِيرُ ظُهْرِهِ إلَى الْيَأْسِ مِنْ) إدْرَاكِ (الْجُمُعَةِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَزُولُ عُذْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَأْتِي بِهَا كَامِلًا، وَيَحْصُلُ الْيَأْسُ بِرَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ (وَ) يُنْدَبُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِمَنْ لَا يُمْكِنُ زَوَالُ عُذْرِهِ (كَالْمَرْأَةِ وَالزَّمِنِ تَعْجِيلُهَا) أَيْ الظُّهْرِ لِيَحُوزَ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هَذَا اخْتِيَارُ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: يُسْتَحَبُّ لَهُ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ حَتَّى تَفُوتَ الْجُمُعَةُ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْشَطُ لَهَا، وَلِأَنَّهَا صَلَاةُ الْكَامِلِينَ فَاسْتُحِبَّ كَوْنُهَا الْمُقَدَّمَةَ قَالَ: وَالِاخْتِيَارُ التَّوَسُّطُ فَيُقَالُ إنْ كَانَ هَذَا الشَّخْصُ جَازِمًا بِأَنَّهُ لَا يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ تَقْدِيمُ الظُّهْرِ، وَإِنْ كَانَ لَوْ تَمَكَّنَ أَوْ نَشِطَ حَضَرَهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّأْخِيرُ (وَلِصِحَّتِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (مَعَ شَرْطِ غَيْرِهَا) مِنْ الْخَمْسِ أَيْ كُلُّ شَرْطٍ لَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ   [حاشية قليوبي] أَهْلُ قَرْيَةٍ دُونَ أَرْبَعِينَ فَالْجَمَاعَةُ فِي حَقِّهِمْ فَرْضُ كِفَايَةٍ. قَوْلُهُ (فَلَا يُسْتَحَبُّ الْإِخْفَاءُ) . قَالَ شَيْخُنَا بَلْ يُسْتَحَبُّ الْإِظْهَارُ. وَأَمَّا عَكْسُهُ الْمُتَقَدِّمُ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى إنْ كَانَ فِي أَمْكِنَةِ الْجَمَاعَةِ. قَوْلُهُ: (تَأْخِيرُ ظُهْرِهِ) مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الْجَوَازِ فَلَوْ لَمْ يُؤَخِّرُ وَزَالَ عُذْرُهُ بَعْدَ فِعْلِهِ الظُّهْرَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْجُمُعَةُ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا إلَّا إنْ كَانَ خُنْثَى، وَاتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ فَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا إنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ وَإِلَّا أَعَادَ الظُّهْرَ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ ظُهْرِ كُلِّ جُمُعَةٍ تَقَدَّمَتْ لِوُقُوعِ ظُهْرِ الَّتِي بَعْدَهَا قَضَاءً عَنْهَا. وَمِثْلُهُ عَبْدٌ تَبَيَّنَ عِتْقُهُ وَلَوْ اتَّضَحَ فِي أَثْنَاءِ ظُهْرِهِ بَطَلَتْ إنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ وَلَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَقَامَ الْمُسَافِرُ فِي أَثْنَاءِ ظُهْرِهِ فَلَهُ إتْمَامُهَا، وَتُجْزِئُهُ وَلَهُ قَلْبَهَا نَفْلًا وَيُسَلِّمُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ إنْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ مَعَ ذَلِكَ، إلَّا نُدِبَ قَطْعُهَا لِإِدْرَاكِهَا. قَوْلُهُ: (وَيَحْصُلُ الْيَأْسُ بِرَفْعِ الْإِمَامِ إلَخْ) أَيْ لَا بِعَدَمِ التَّمَكُّنِ كَبَعِيدِ الدَّارِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ. وَيَجِبُ الظُّهْرُ فَوْرًا عَلَى مَنْ أَيِسَ مِنْهَا مِمَّنْ تَلْزَمُهُ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْأَصَحُّ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَيْ كُلُّ شَرْطٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ،   [حاشية عميرة] فُرِضَتْ مَسَافَةُ انْخِفَاضِهَا مُمْتَدَّةً عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَهِيَ عَلَى آخِرِهَا لَسُمِعَتْ. هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقِسْ عَلَيْهِ نَظِيرَهُ فِي الْأُولَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ تُمْكِنَهُ) الْمُرَادُ مِنْهُ غَلَبَةُ الظَّنِّ. قَوْلُهُ: (وَقَيَّدَ التَّشْبِيهَ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ الشَّرْطُ رَاجِعًا لِلْقِسْمَيْنِ كَمَا فَهِمَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِيُوَافِقَ مَا فِي الْمُحَرَّرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ كَانَ سَفَرًا مُبَاحًا) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَلَامُهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ الْمَكْرُوهِ وَخِلَافُ الْأَوْلَى وَالْقِيَاسُ امْتِنَاعُ التَّرْكِ بِهِمَا اهـ. أَقُولُ: وَهَذَا ظَاهِرٌ غَنِيٌّ عَنْ الْبَيَانِ فَإِنَّهُ إذَا حَرَّمَ الْمُبَاحَ حَرَّمَ الْمَكْرُوهَ وَخِلَافُ الْأَوْلَى بِالْأَوْلَى. (فَرْعٌ) يُكْرَهُ السَّفَرُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي الصَّيْفِ الْيَمَنِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنْ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَارْتَضَاهُ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ) قِيلَ الصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِالطَّلَبِ، ثُمَّ اُنْظُرْ هَذَا الْخِلَافَ هَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى كُلِّ أَقْوَالِ طَلَبِ الْجَمَاعَةِ أَوْ هُوَ خَاصٌّ بِقَوْلِ السُّنَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِمَنْ أَمْكَنَ) عَبَّرَ فِي الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ بِالتَّوَقُّعِ وَالرَّجَاءِ وَهُوَ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَى الْيَأْسِ) أُورِدُ عَلَيْهِ مَا إذَا كَانَ مَنْزِلُهُ بَعِيدًا وَانْتَهَى الْوَقْتُ إلَى حَدِّ لَوْ أَخَذَ فِي السَّعْيِ لَمْ يُدْرِكْ فَإِنَّ الْيَأْسَ حَاصِلٌ، وَمَعَ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 (شُرُوطٌ) خَمْسَةٌ (أَحَدُهَا وَقْتُ الظُّهْرِ) بِأَنْ تُفْعَلَ كُلُّهَا فِيهِ. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ» ، وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: «كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ نَرْجِعُ نَتْبَعُ الْفَيْءَ» (فَلَا تُقْضَى) إذَا فَاتَتْ (جُمُعَةً) بَلْ تُقْضَى ظُهْرًا (فَلَوْ ضَاقَ) الْوَقْتُ (عَنْهَا) بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَا يَسْعَ خُطْبَتَيْنِ وَرَكْعَتَيْنِ يُقْتَصَرُ فِيهِمَا عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ (صَلَّوْا ظُهْرًا وَلَوْ خَرَجَ) الْوَقْتُ (وَهُمْ فِيهَا وَجَبَ الظُّهْرُ بِنَاءً) عَلَى مَا فَعَلَ مِنْهَا فَيُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ حِينَئِذٍ (وَفِي قَوْلٍ اسْتِئْنَافًا) فَيَنْوِي الظُّهْرَ حِينَئِذٍ وَيَنْقَلِبُ مَا فَعَلَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ نَفْلًا أَوْ يَبْطُلُ قَوْلَانِ: أَصَحُّهُمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْأَوَّلُ: وَلَوْ شَكَّ هَلْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمْ فِيهَا أَتَمُّوهَا جُمُعَةً لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَقْتِ. وَقِيلَ: ظُهْرًا عَوْدًا إلَى الْأَصْلِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي شَرْطِ الْجُمُعَةِ هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ الْمُوَافِقَيْنِ (وَالْمَسْبُوقُ) الْمُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً (كَغَيْرِهِ) فِي أَنَّهُ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ سَلَامِهِ يُتِمُّ صَلَاتَهُ ظُهْرًا. (وَقِيلَ: يُتِمُّهَا جُمُعَةً) لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِجُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ (الثَّانِي)   [حاشية قليوبي] وَلَا يَمْنَعُهُ كَوْنُ غَيْرِ مُتَوَغِّلَةً فِي الْإِبْهَامِ. قَوْلُهُ: (شُرُوطٌ خَمْسَةٌ) وَعَدَّهَا فِي الْمَنْهَجِ سِتَّةً بِجَعْلِ شَرْطِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ كَوْنُهُمْ أَرْبَعِينَ شَرْطًا لِلْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهَا وَقْتُ الظُّهْرِ) أَيْ ظُهْرُ يَوْمِهَا كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْرِيفُ وَكَوْنُهَا لَا تُقْضَى، وَجَوَّزَهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ قَبْلَ الزَّوَالِ. قَوْلُهُ: (كُلُّهَا) أَيْ مَعَ خُطْبَتَيْهَا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (نُجَمِّعُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَيْ نَخْطُبُ وَنُصَلِّي فَفِيهِ زِيَادَةُ كَوْنِ الْخُطْبَةِ فِي الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (نَتْبَعُ الْفَيْءَ) أَيْ نَتَحَرَّى الْمَشْيَ فِي الظِّلِّ. قَوْلُهُ: (فَلَا تُقْضَى) أَيْ وَلَوْ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ أُخْرَى أَوْ تَبَعًا لِجُمُعَةٍ أُخْرَى كَمَا يُفِيدُهُ التَّفْرِيعُ فَالتَّفْرِيعُ فِي مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ) أَيْ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَلَوْ بِخَبَرٍ عَدْلِ الرِّوَايَةِ. وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِيهِ وَلَهُمْ فِي هَذِهِ تَعْلِيقُ النِّيَّةِ قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (صَلَّوْا ظُهْرًا) أَيْ أَحْرَمُوا بِهَا فَلَا يَصِحُّ إحْرَامُهُمْ بِالْجُمُعَةِ حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ ضِيقُهُ بَعْدَ إحْرَامِهِمْ بِهَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْإِحْرَامِ بِهَا، وَلَا تَنْقَلِبُ ظُهْرًا فَقَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمْ فِيهَا إلَخْ أَيْ وَكَانَ الْإِحْرَامُ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَلَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا بِضِيقِهِ عَمَّيْ بَقِيَ مِنْهَا لَمْ تَنْقَلِبْ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ. وَلَمْ يَعْتَمِدُهُ شَيْخُنَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ: لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِتَلَفِهِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ الظُّهْرُ) وَإِنْ فَعَلُوا رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ قَوْلُهُ: (بِنَاءً) أَيْ وُجُوبًا. وَكَذَا اسْتِئْنَافًا. قَوْلُهُ: (فَيَنْوِي الظُّهْرَ) أَيْ بِإِحْرَامٍ وَتَكْبِيرٍ وَلَوْ تَبَيَّنَ سَعَةُ الْوَقْتِ وَجَبَتْ الْجُمُعَةُ، وَتَنْقَلِبُ الظُّهْرُ نَفْلًا مُطْلَقًا إنْ أَتَمُّوهَا قَبْلَ التَّبَيُّنِ وَإِلَّا بَطَلَتْ. قَوْلُهُ: (وَيَنْقَلِبُ إلَخْ) أَيْ بِلَا تَشَهُّدٍ وَسَلَامٍ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ بِاسْتِوَاءٍ لِأَنَّهُمْ فِي ظَنِّ خُرُوجِهِ وَلَوْ بِخَبَرِ عَدْلٍ يَلْزَمُهُمْ الِاسْتِئْنَافُ. كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (قَبْلَ سَلَامِهِ) وَتَجِبُ الْمُفَارَقَةُ عَلَى مَنْ يُمْكِنُهُ مَعَهَا السَّلَامُ فِي الْوَقْتِ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى أَخَفِّ مُمْكِنٍ. وَتَتِمُّ الْجُمُعَةُ لَهُمْ إنْ كَانُوا أَرْبَعِينَ وَإِلَّا لَزِمَهُمْ الظُّهْرُ اسْتِئْنَافًا. قَوْلُهُ: (وَالْمَسْبُوقُ) أَيْ الْمُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ كَغَيْرِهِ فِيمَا ذَكَرَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (يُتِمُّ صَلَاتَهُ ظُهْرًا) لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْوَقْتَ حَقِيقَةً وَلَا   [حاشية عميرة] إلَى رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّأْخِيرُ) أَيْ كَالضَّرْبِ الْأَوَّلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقْتُ الظُّهْرِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّهُمَا صَلَاتَا وَقْتٍ عَلَى الْبَدَلِ فَكَانَ وَقْتُ أَحَدِهِمَا وَقْتَ الْآخَرِ كَصَلَاةِ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَلِأَنَّ آخِرَ الْوَقْتِ فِيهِمَا وَاحِدٌ إجْمَاعًا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ كَذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا تُقْضَى) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ بِالْوَاوِ لَا بِالْفَاءِ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَضَاءِ لَا يُؤْخَذُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْوَقْتِ لِأَنَّ ثَمَّ وَاسِطَةٌ وَهِيَ الْقَضَاءُ فِي وَقْتِ ظُهْرِ يَوْمٍ آخَرَ كَمَا فِي رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. قَوْلُهُ: (إذَا فَاتَتْ) لَوْ فَاتَتْهُ فَأَخَّرَ الْقَضَاءَ إلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَصَلَّى الْحَاضِرَةَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ أَدْرَكَ جُمُعَةً ثَانِيَةً فِي الْبَلَدِ فَأَرَادَ قَضَاءَ الثَّانِيَةِ مَعَهُمْ فَالظَّاهِرُ امْتِنَاعُ ذَلِكَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (الْوَقْتُ) بَلْ يَحْرُمُ فِعْلُ الظُّهْرِ وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الضِّيقِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ الظُّهْرُ) أَيْ وَلَوْ فَعَلُوا فِي الْوَقْتِ غَالِبَهَا خِلَافًا لِمَالِكٍ فِيمَا إذَا وَقَعَ فِي الْوَقْتِ رَكْعَةٌ لَنَا إنَّهَا عِبَادَةٌ لَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِهَا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَتَنْقَطِعُ بِهِ كَالْحَجِّ، وَأَيْضًا الْوَقْتُ شَرْطُ ابْتِدَاءٍ فَيَكُونُ شَرْطَ دَوَامٍ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ بِنَاءً أَيْ وُجُوبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ اسْتِئْنَافًا) . قَالَ الرَّافِعِيُّ الْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهَا ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ أَوْ مُسْتَقِلَّةٌ لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي الزَّوَائِدِ الثَّانِيَةَ مَعَ أَنَّ الرَّاجِحَ الْبِنَاءُ كَمَا سَلَفَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ ظُهْرًا) أَيْ كَالشَّكِّ فِي خُرُوجِ الْوَقْتِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا. (فَرْعٌ) لَوْ أَخْبَرَهُمْ عَدْلٌ وَهُمْ فِيهَا بِخُرُوجِهِ قَالَ الدَّارِمِيُّ: أَتَمُّوا جُمُعَةً إلَّا أَنْ يَعْلَمُوا اهـ. وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الشَّارِحِ الْآتِيَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَقِيلَ: بِأَوَّلِ الْخُطْبَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَغَيْرِهِ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى الدَّلِيلِ وَهُوَ الْقِيَاسُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا إلَخْ) أَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 مِنْ الشُّرُوطِ (أَنْ تُقَامَ فِي خِطَّةِ أَبْنِيَةِ أَوْطَانِ الْمُجَمِّعِينَ) لِأَنَّهَا لَمْ تُقَمْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إلَّا فِي مَوَاضِعِ الْإِقَامَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَهِيَ مَا ذُكِرَ، سَوَاءٌ فِيهِ الْمَسْجِدُ وَالدَّارُ وَالْفَضَاءُ بِخِلَافِ الصَّحْرَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَبْنِيَةُ مِنْ حَجَرٍ أَمْ طِينٍ أَمْ خَشَبٍ وَلَوْ انْهَدَمَتْ أَبْنِيَةُ الْبَلْدَةِ أَوْ الْقَرْيَةِ فَأَقَامَ أَهْلُهَا عَلَى الْعِمَارَةِ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ فِيهَا لِأَنَّهَا وَطَنُهُمْ وَسَوَاءٌ كَانُوا فِي مَظَالَّ أَمْ لَا (وَلَوْ لَازِمَ أَهْلُ الْخِيَامِ الصَّحْرَاءَ) أَيْ مَوْضِعًا مِنْهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ. (أَبَدًا فَلَا جُمُعَةَ) عَلَيْهِمْ (فِي الْأَظْهَرِ) إذْ لَيْسَ لَهُمْ أَبْنِيَةُ الْمُسْتَوْطِنِينَ فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ فَلَا تَلْزَمُهُمْ. وَالثَّانِي: تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ فِي مَوْضِعِهِمْ لِأَنَّهُمْ اسْتَوْطَنُوهُ وَلَوْ لَمْ يُلَازِمُوهُ أَبَدًا بِأَنْ انْتَقَلُوا عَنْهُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ جَزْمًا. وَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ فِي مَوْضِعِهِمْ وَعَلَى الْأَظْهَرِ فِي الْأَوْلَى لَوْ سَمِعُوا النِّدَاءَ مِنْ مَحَلِّ الْجُمُعَةِ (لَزِمَتْهُمْ الثَّالِثُ) مِنْ الشُّرُوطِ (أَنْ لَا يَسْبِقَهَا وَلَا يُقَارِنَهَا جُمُعَةٌ فِي بَلْدَتِهَا) لِامْتِنَاعِ تَعَدُّدِهَا فِي الْبَلْدَةِ إذْ لَمْ تُفْعَلْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْ الْبَلْدَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (إلَّا إذَا كَبِرَتْ وَعَسُرَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي مَكَان) وَاحِدٍ فَيَجُوزُ تَعَدُّدُهَا حِينَئِذٍ (وَقِيلَ لَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ) وَيُتَحَمَّلُ فِيهَا الْمَشَقَّةُ فِي الِاجْتِمَاعِ فِي مَكَان وَاحِدٍ. (وَقِيلَ: إنْ حَالَ نَهْرٌ عَظِيمٌ بَيْنَ شِقَّيْهَا) كَبَغْدَادَ (كَانَا) أَيْ الشِّقَّانِ (كَبَلَدَيْنِ) فَيُقَامُ فِي كُلِّ شِقٍّ جُمُعَةٌ (وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ) الْبَلْدَةُ (قُرًى فَاتَّصَلَتْ) أَبْنِيَتُهَا (تَعَدَّدَتْ الْجُمُعَةُ بِعَدَدِهَا) فَيُقَامُ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ جُمُعَةٌ كَمَا كَانَ وَمَنْشَأُ هَذَا الْخِلَافِ سُكُوتُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا دَخَلَ بَغْدَادَ عَلَى إقَامَةِ جُمُعَتَيْنِ بِهَا. وَقِيلَ: ثَلَاثٍ فَقَالَ الْأَوَّلُ الْأَصَحُّ   [حاشية قليوبي] حُكْمًا وَبِهَذَا فَارَقَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ لِوُجُودِ الْعَدَدِ وَنِيَّةِ الْمُقْتَدِي الْجُمُعَةَ فِي التَّشَهُّدِ. قَوْلُهُ: (الثَّانِي أَنْ تُقَامَ) أَيْ أَنْ تَقَعَ إقَامَتُهَا. قَوْلُهُ: (فِي خِطَّةٍ) هِيَ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لُغَةً عَلَامَةُ الْبِنَاءِ. وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَا بَيْنَ تَفْعَلُوا لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَصِحُّ فِي مَحَلٍّ يَصِحُّ فِيهِ قَصْرُ الصَّلَاةِ لَا اسْتِقْلَالًا وَلَا تَبَعًا. وَهَذَا مَا اقْتَضَاهُ شَرْحُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ كَغَيْرِهِ. وَمَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ صِحَّتِهَا لِمَنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْقَصْرُ فِي مَحَلِّ الْقَصْرِ تَبَعًا غَيْرُ مُتَّجِهٍ وَإِنْ مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الْمَوَاضِعُ. قَوْلُهُ: (الصَّحْرَاءَ) أَيْ مَا يَجُوزُ فِيهِ قَصْرُ الصَّلَاةِ وَلَوْ مَسْجِدًا وَلَوْ تَبَعًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ جَزْمًا) أَيْ مَا لَمْ يُقِيمُوا إقَامَةً تَقْطَعُ السَّفَرَ وَإِلَّا لَزِمَتْهُمْ فِيمَا يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فَأَقَامَ أَهْلُهَا) وَهُمْ الْمُسْتَوْطِنُونَ بِهَا وَقْتَ الْخَرَابِ، وَإِنْ لَمْ تَلْزَمُهُمْ لِصِغَرٍ مَثَلًا. وَكَذَا ذُرِّيَّتُهُمْ بَعْدَهُمْ كَمَا مَالَ إلَيْهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَخَرَجَ بِأَهْلِهَا غَيْرُهُمْ كَالطَّارِئِينَ لِعِمَارَتِهَا فَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْعِمَارَةِ) أَيْ عَلَى عَدَمِ التَّحَوُّلِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا مَحَلَّ الْعِمَارَةِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ مَوْضِعًا مِنْهَا) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأُولَى) وَمِثْلُهَا الثَّانِيَةُ حَيْثُ انْقَطَعَ سَفَرُهُمْ. قَوْلُهُ: (لَزِمَتْهُمْ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (الثَّالِثُ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَسْبِقَهَا إلَخْ) أَيْ أَنْ لَا يَقَعَ فِيهَا سَبْقٌ عِنْدَ التَّعَدُّدِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ. قَوْلُهُ: (وَعَسُرَ) أَيْ شَقَّ بِمَا لَا يَحْتَمِلُ عَادَةً اجْتِمَاعَهُمْ أَيْ فِي مَكَان مِنْ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِهَا فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَلَوْ غَيْرَ مَسْجِدٍ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ: وَالْعِبْرَةُ بِمَنْ يَغْلِبُ حُضُورُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: الْعِبْرَةُ بِمَنْ حَضَرَ بِالْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ. وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ: الْعِبْرَةُ بِمَنْ تَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ. وَفِي شَرْحِهِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ مُوَافَقَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ. وَفِي شَرْحِهِ هُنَا مُوَافَقَةُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَنَفْيُهُ فِيهِ بِقَوْلِهِ: لَا بِمَنْ تَلْزَمُهُ رَاجِعٌ لِمَنْ يَغْلِبُ حُضُورُهُ فَرَاجِعْهُ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ: الْعِبْرَةُ بِمَنْ تَصِحُّ مِنْهُ. كَذَلِكَ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَيُقَدَّمُ عِنْدَ جَوَازِ التَّعَدُّدِ مِنْ أَمَامِهَا أَفْضَلُ، ثُمَّ مِنْ مَسْجِدِهَا أَقْدَمُ ثُمَّ مِنْ مَحَلِّهَا أَقْرَبُ، ثُمَّ مِنْ جُمَعِهَا أَكْثَرُ وَمِنْ صُوَرِ جَوَازِ التَّعَدُّدِ بُعْدُ طَرَفَيْ الْبَلَدِ بِحَيْثُ تَحْصُلُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، لِأَنَّهَا تُسْقِطُ السَّعْيَ عَنْ بَعِيدِ الدَّارِ،   [حاشية عميرة] كَمَا يُغْتَفَرُ فِي حَقِّ الْمَسْبُوقِ حُضُورُ الْخُطْبَةِ وَالْعَدَدُ وَفُرِّقَ بِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّارِحِ بِالْوَقْتِ أَشَدُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي خِطَّةٍ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَرَادَ بِهَا الرَّحْبَةَ الْمَعْدُودَةَ مِنْ الْبَلَدِ. قَالَ: وَالْخِطَّةُ هِيَ الَّتِي خُطَّ عَلَيْهَا أَعْلَامٌ بِأَنَّهَا اُخْتُبِرَتْ لِلْبِنَاءِ. (فَرْعٌ) لَوْ أُقِيمَتْ فِي خِطَّةِ الْأَبْنِيَةِ بِأَرْبَعِينَ رَجُلًا وَاقْتَدَى بِالْإِمَامِ جَمَاعَةٌ آخَرُونَ لَكِنَّهُمْ خَارِجُونَ عَنْ الْخِطَّةِ الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ تَبَعًا لِمَنْ فِي الْخِطَّةِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَظْهَرِ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الَّذِينَ لَمْ يُلَازِمُوا مَكَانًا لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ سَمِعُوا النِّدَاءَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ إنْ حَالَ نَهْرٌ إلَخْ) هَذَا الْوَجْهُ وَاَلَّذِي يَلِيهِ اعْتَرَضَهُمَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 سَكْتُهُ لِعُسْرِ الِاجْتِمَاعِ فِي مَكَان. وَالثَّانِي لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُنْكِرُ عَلَى مُجْتَهِدٍ وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِالتَّعَدُّدِ وَالثَّالِثُ لِحَيْلُولَةِ النَّهْرِ وَالرَّابِعُ لِأَنَّهَا كَانَتْ قُرًى فَاتَّصَلَتْ (فَلَوْ سَبَقَتْ جُمُعَةٌ) وَالْبِنَاءُ عَلَى امْتِنَاعِ التَّعَدُّدِ (فَالصَّحِيحَةُ السَّابِقَةُ) مُطْلَقًا (وَفِي قَوْلٍ إنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَعَ الثَّانِيَةِ فَهِيَ الصَّحِيحَةُ) حَذَرًا مِنْ التَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ وَمِنْ تَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ عَلَى أَكْثَرِ أَهْلِ الْبَلَدِ الْمُصَلِّينَ مَعَهُ بِإِقَامَةِ الْأَقَلِّ (وَالْمُعْتَبَرُ سَبْقُ التَّحَرُّمِ) وَهُوَ بِآخِرِ التَّكْبِيرِ. وَقِيلَ: بِأَوَّلِهِ (وَقِيلَ) سَبْقُ (التَّحَلُّلِ وَقِيلَ) السَّبْقُ (بِأَوَّلِ الْخُطْبَةِ) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْخُطْبَتَيْنِ بِمَثَابَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ دَخَلَتْ طَائِفَةٌ فِي الْجُمُعَةِ فَأُخْبِرُوا أَنَّ طَائِفَةً سَبَقَتْهُمْ بِهَا اُسْتُحِبَّ لَهُمْ اسْتِئْنَافُ الظُّهْرِ، وَلَهُمْ إتْمَامُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا كَمَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمْ فِيهَا. (فَلَوْ وَقَعَتَا مَعًا أَوْ شُكَّ) فِي الْمَعِيَّةِ (اُسْتُؤْنِفَتْ الْجُمُعَةُ) بِأَنْ وَسِعَهَا الْوَقْتُ لِتَدَافُعِ الْجُمُعَتَيْنِ فِي الْمَعِيَّةِ فَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي صُورَةِ الشَّكِّ عَدَمُ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ وَبَحَثَ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا تَقَدُّمُ إحْدَى الْجُمُعَتَيْنِ، فَلَا تَصِحُّ جُمُعَةٌ أُخْرَى فَيَنْبَغِي لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُمْ بِيَقِينٍ أَنْ يُصَلُّوا بَعْدَهَا الظُّهْرَ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهَذَا مُسْتَحَبٌّ (وَإِنْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تَتَعَيَّنْ) كَأَنْ سَمِعَ مَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ أَنَّ خَارِجَ الْمَسْجِدِ تَكْبِيرَتَيْنِ مُتَلَاحِقَتَيْنِ فَأُخْبِرَا بِذَلِكَ وَلَمْ يَعْرِفَا الْمُتَقَدِّمَ مِنْهُمَا (أَوْ تَعَيَّنَتْ وَنَسِيَتْ صَلَّوْا ظُهْرًا) لِالْتِبَاسِ   [حاشية قليوبي] وَمِنْ جَوَازِهِ أَيْضًا وُقُوعُ خِصَامٍ وَعَدَاوَةٍ بَيْنَ أَهْلِ جَانِبَيْ الْبَلَدِ، إنْ لَمْ تَكُنْ مَشَقَّةٌ، وَعَلَيْهِ لَوْ نَقَصَ عَدَدُ جَانِبَيْهِ أَوْ كُلُّ جَانِبٍ عَنْ الْأَرْبَعِينَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ فِيهِ وَلَا فِي الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ) هُوَ صِفَةٌ لِلْأَوَّلِ أَوْ مُبْتَدَأٌ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَالصَّحِيحَةُ السَّابِقَةُ) وَيَلْزَمُ الْمَسْبُوقِينَ الظُّهْرُ إنْ عَلِمُوا بَعْدَ سَلَامِ الْجُمُعَتَيْنِ فَإِنْ عَلِمُوا قَبْلَ سَلَامِ إمَامِ السَّابِقَةِ لَزِمَهُمْ الْإِحْرَامُ مَعَهُ وَلَوْ قَبْلَ سَلَامِهِ لِأَنَّ إحْرَامَهُمْ كَانَ بَاطِلًا. أَمَّا لَوْ عَلِمُوا بَعْدَ سَلَامِهِ وَقَبْلَ سَلَامِهِمْ فَقَالَ شَيْخُنَا فَلَهُمْ بِنَاءُ الظُّهْرِ عَلَى مَا فَعَلُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إحْرَامَهُمْ كَانَ بَاطِلًا فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) يُقَابِلُهُ التَّفْصِيلُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (السُّلْطَانُ) وَمِثْلُهُ نَائِبُهُ وَإِمَامٌ وَلَّاهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُعْتَبَرُ) أَيْ فِي السَّبْقِ سَبْقُ التَّحَرُّمِ أَيْ تَمَامُهُ مِنْ أَحَدِ الْإِمَامَيْنِ قَبْلَ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ دَخَلَتْ طَائِفَةٌ فِي الْجُمُعَةِ) أَيْ أَحْرَمُوا بِهَا. قَوْلُهُ: (فَأُخْبِرُوا) أَيْ أَخْبَرَهُمْ عَدْلٌ وَلَوْ رِوَايَةٌ فَأَكْثَرُ فِي وَقْتٍ لَا يُمْكِنُهُمْ فِيهِ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ مَعَ السَّابِقِينَ. قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِي وَقْتٍ لَا يُدْرِكُونَ فِيهِ الْإِحْرَامَ مَعَ إمَامِ السَّابِقِينَ لِأَنَّ الْيَأْسَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِسَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (اُسْتُحِبَّ لَهُمْ إلَخْ) أَيْ لَزِمَهُمْ الظُّهْرُ إمَّا اسْتِئْنَافًا وَهُوَ أَفْضَلُ لِاتِّسَاعِ الْوَقْتِ أَوْ بِنَاءً عَلَى مَا فَعَلُوهُ مِنْ الْجُمُعَةِ وَاسْتَشْكَلَ الزَّرْكَشِيُّ صِحَّةَ الْبِنَاءِ مَعَ فَسَادِ إحْرَامِهِمْ. قَالَهُ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ: وَهُوَ إشْكَالٌ قَوِيٌّ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ ظَنَّهُمْ الصِّحَّةَ عِنْدَ إحْرَامِهِمْ كَافٍ فِي صِحَّتِهِ. وَيَكْفِي فَقَالَ فِي فَسَادٍ إذَا تَبَيَّنَ، عَدَمُ صِحَّةِ جُمُعَةٍ. انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَرُدُّهُ مَا مَرَّ قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْإِتْمَامُ وَإِنْ كَانَ فِي هَذِهِ وَاجِبًا لِخُرُوجِ الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (اُسْتُؤْنِفَتْ الْجُمُعَةُ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمْ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَإِنْ أَيِسَ مِنْ ذَلِكَ فَالْوَاجِبُ الظُّهْرُ وَجَمَاعَتُهَا حِينَئِذٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَفِعْلُ رَوَاتِبِهَا جَمِيعِهَا وَمَا فُعِلَ مِنْ رَاتِبَةِ الْجُمُعَةِ يَنْقَلِبُ نَفْلًا مُطْلَقًا. . قَوْلُهُ: (كَأَنْ سَمِعَ إلَخْ) دَفَعُوا مَا قِيلَ: إنْ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إذَا تَرَكَهَا يَكُونُ فَاسِقًا فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ، وَإِنْ كَانَ دَفْعُهُ مُمْكِنًا بِقُرْبِ الْمَسْجِدَيْنِ مَثَلًا قَوْلُهُ: (صَلَّوْا ظُهْرًا) أَيْ وُجُوبًا اسْتِئْنَافًا. وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا حِينَئِذٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِي هَذِهِ وَجَوَازُ الْبِنَاءِ فِيهَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْبُطْلَانِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، إذْ لَا وَجْهَ لِوُجُوبِ الظُّهْرِ عَلَى الْكَامِلِينَ مَعَ سَنِّ جَمَاعَتِهَا وَلَا لِبِنَاءِ الظُّهْرِ مَعَ الْعِلْمِ بِبُطْلَانِ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ لَا شَكَّ فِيهِ. وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي كَوْنِهِ فِي أَيِّ الطَّائِفَتَيْنِ بَلْ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ بِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْبُطْلَانِ وُجُوبُ إتْمَامِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: يُسَنُّ فِعْلُ الظُّهْرِ لِمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ السَّابِقِينَ أَوْ أَنَّ التَّعَدُّدَ لِحَاجَةٍ بِقَصْدِ الْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ التَّعَدُّدَ مُطْلَقًا. وَيَجِبُ عَلَى مَنْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ أَنَّهُ مِنْ الْمَسْبُوقِينَ أَوْ أَنَّ التَّعَدُّدَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ انْتَهَى. وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ   [حاشية عميرة] بِأَنَّهُ يَلْزَمُ قَائِلَهُمَا جَوَازُ الْقَصْرِ إذَا قُطِعَ النِّدَاءُ، وَجَاوَزَ قَرْيَةً مِنْ تِلْكَ الْقُرَى فَالْتَزَمَهُ ذَلِكَ الْقَائِلُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ إلَخْ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمُتَّجِهُ أَنَّ الْخَطِيبَ الْمَنْصُوبَ مِنْهُ مِثْلُهُ. قَوْلُهُ: (سَبْقُ التَّحَلُّلِ) أَيْ آخِرُهُ وَعِلَّتُهُ حُصُولُ الْأَمْنِ مِنْ عُرُوضِ فَسَادٍ يَطْرَأُ فِي الصَّلَاةِ فَكَانَ اعْتِبَارُهُ أَوْلَى. قَوْلُ الشَّارِحِ: (كَمَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ) نَظِيرُ قَوْلِهِ وَلَهُمْ إتْمَامُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا. قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) هَذَا جَعَلَهُ النَّوَوِيُّ جَوَابًا عَنْ بَحْثِ الْإِمَامِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (كَأَنْ سَمِعَ مَرِيضًا إلَخْ) أَمَّا غَيْرُ هَؤُلَاءِ فَفَاسِقٌ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ. قَوْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 الصَّحِيحَةِ بِالْفَاسِدَةِ (وَفِي قَوْلٍ جُمُعَةً) وَالِالْتِبَاسُ يَجْعَلُ الصَّحِيحَةَ كَالْعَدَمِ. وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَرْجِيحُ طَرِيقَةٍ قَاطِعَةٍ فِي الثَّانِيَةِ بِالْأَوَّلِ. وَأَشَارَ فِي الْمُحَرَّرِ إلَى ذَلِكَ بِتَعْبِيرِهِ فِي الْأُولَى بِأَقْيَسِ الْقَوْلَيْنِ. وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْأَصَحِّ، وَلَوْ كَانَ السُّلْطَانُ فِي إحْدَى الْجُمُعَتَيْنِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، وَقُلْنَا فِيمَا قَبْلَهَا إنَّ جُمُعَتَهُ هِيَ الصَّحِيحَةُ مَعَ تَأَخُّرِهَا فَهَاهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِحُضُورِهِ. (الرَّابِعُ) مِنْ الشُّرُوطِ (الْجَمَاعَةُ) لِأَنَّهَا لَمْ تُفْعَلْ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ إلَّا كَذَلِكَ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (وَشَرْطُهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ فِيهَا (كَغَيْرِهَا) أَيْ كَشَرْطِهَا فِي غَيْرِهَا كَنِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَالْعِلْمِ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ وَعَدَمِ التَّقَدُّمِ عَلَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ (وَ) زِيَادَةٌ (أَنْ تُقَامَ بِأَرْبَعِينَ مُكَلَّفًا حُرًّا ذَكَرًا) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا» وَالصِّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ مَعَ الْإِقَامَةِ الدَّاخِلَةِ فِي الِاسْتِيطَانِ تَقَدَّمَ اعْتِبَارُهَا فِي الْوُجُوبِ، وَاعْتُبِرَتْ هُنَا فِي الِانْعِقَادِ (مُسْتَوْطِنًا) بِمَحَلِّ الْجُمُعَةِ الْمَعْلُومِ مِنْ الشَّرْطِ الثَّانِي (لَا يَظْعَنُ) عَنْهُ (شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إلَّا لِحَاجَةٍ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُجَمِّعْ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ مَعَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِقَامَةِ أَيَّامًا لِعَدَمِ الِاسْتِيطَانِ، وَكَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ فِيهَا يَوْمَ جُمُعَةٍ كَمَا   [حاشية قليوبي] كَذَلِكَ، لِأَنَّ فِعْلَ الظُّهْرِ مِمَّنْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ السَّابِقِينَ مَثَلًا إعَادَةٌ لِلْجُمُعَةِ ظُهْرًا وَهُوَ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا. وَالْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ لَا يُرَاعَى إذَا كَانَ يُوقِعُ فِي خِلَافٍ آخَرَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَا ذُكِرَ بَلْ يُوجَدُ مَعَ تَعَيُّنِ الْحَاجَةِ لِلتَّعَدُّدِ فَتَأَمَّلْ. وَيَجُوزُ فِعْلُ رَاتِبَةِ الْجُمُعَةِ الْقَبْلِيَّةَ مَعَ احْتِمَالِ صِحَّتِهَا، وَلَا يَجُوزُ فِعْلُ رَوَاتِبِهَا الْبَعْدِيَّةِ إلَّا لِمَنْ ظَنَّ صِحَّتَهَا. قَوْلُهُ (الرَّابِعُ الْجَمَاعَةُ) وَلَوْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَقَطْ وَلَا يَكْفِي دُونَ رَكْعَةٍ وَسَوَاءٌ الْمَسْبُوقُ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (كَنِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ) أَيْ مَعَ التَّحَرُّمِ مِنْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَالْمُرَادُ بِهَا نِيَّةُ الْجَمَاعَةِ. قَوْلُهُ: (بِأَرْبَعِينَ) لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ هُوَ قَدْرُ زَمَنِ بَعْثِ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْرُ مِيقَاتِ مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْجُمُعَةُ مِيقَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْرُ الْعَدَدِ الَّذِي كَمَا قِيلَ لَمْ يَجْتَمِعْ إلَّا وَفِيهِمْ وَلِيٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَشَرْطُهُمْ صِحَّةُ إمَامَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ لِلْبَاقِينَ وَدَوَامُهُمْ إلَى تَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ بِأَنْ لَا تَبْطُلَ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ سَلَامِهِمْ فَلَا تَصِحُّ، وَفِيهِمْ نَحْوُ حَنَفِيٍّ تَارِكٍ لِنَحْوِ الْبَسْمَلَةِ مَثَلًا وَلَا أُمِّيٍّ. قَوْلُهُ: (وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا) وَلَمْ تَثْبُتْ إقَامَتُهَا بِدُونِ ذَلِكَ الْعَدَدِ سَلَفًا وَخَلَفًا، وَخُرُوجُ الْجُمُعَةِ عَنْ الْقِيَاسِ جَعَلَهَا كَالرُّخْصَةِ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَجَوَّزَهَا أَبُو حَنِيفَةَ بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَالْإِمَامُ مَالِكٌ بِاثْنَيْ عَشَرَ، وَشَرَطَ كَوْنَ الْخَطِيبِ مِنْ الْمُسْتَوْطِنِينَ. قَوْلُهُ: (الْمَعْلُومِ) هُوَ مَجْرُورٌ صِفَةٌ لِمَحَلٍّ لِدَفْعِ إرَادَةِ مُطْلَقِ الِاسْتِيطَانِ الشَّامِلِ لِلْمُسَافِرِ لِأَنَّهُ مُسْتَوْطِنٌ بِبَلَدِهِ. وَقِيلَ مَنْصُوبٌ صِفَةٌ لِمُسْتَوْطِنًا لِدَفْعِ اعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيِّ وَهُوَ مَرْدُودٌ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَظْعَنُ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِمَعْنَى الِاسْتِيطَانِ، وَلَوْ اسْتَوْطَنَ بَلَدَيْنِ اُعْتُبِرَ مَا فِيهِ أَهْلُهُ وَمَالُهُ ثُمَّ مَا فِيهِ أَهْلُهُ ثُمَّ إقَامَتُهُ فِيهِ أَكْثَرَ فَإِنْ اسْتَوَيَا انْعَقَدَتْ بِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (مَعَ عَزْمِهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْوَجْهَ الْحَقَّ الَّذِي لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ أَنْ يُقَالَ فِي تَقْرِيرِ الدَّلِيلِ إنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعَزْمُ عَلَى الْإِقَامَةِ غَيْرَ مُوجِبٍ لِلتَّجَمُّعِ اقْتَضَى أَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي ذَاتِهَا، فَلَا اعْتِرَاضَ بِمَا قِيلَ إنَّهُ لَمْ يُجَمِّعْ لِعَدَمِ قَصْدِهِ إقَامَةً تَقْطَعُ السَّفَرَ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «اسْتَمَرَّ يَقْصُرُ وَيُجَمِّعُ   [حاشية عميرة] الْمَتْنِ: (الْجَمَاعَةُ) لَمْ يُقَيِّدْهُ الشَّارِحُ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْمُقْرِي وَغَيْرُهُ، كَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّهَا إذَا حَصَلَتْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِهِ فَقَدْ حَصَلَتْ الْجَمَاعَةُ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ حُكْمًا. وَإِنْ تَخَلَّفَ الثَّوَابُ فِيمَا إذَا فَارَقَ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَرْبَعِينَ) لَوْ كَانَ فِيهِمْ أُمِّيٌّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ: لَمْ تَصِحَّ الْجُمُعَةُ اهـ. وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ لَوْ كَانَ فِيهِمْ مُخِلٌّ بِخِلَافِ تَرْكِ الْبَسْمَلَةِ مَثَلًا. وَقَيَّدَ شَارِحُ الرَّوْضِ مَسْأَلَةَ الْأُمِّيِّ بِأَنْ يَكُونَ قَصَّرَ فِي التَّعَلُّمِ وَإِلَّا فَتَصِحُّ إذَا كَانَ الْإِمَامُ قَارِئًا. (فَرْعٌ) مِنْ زِيَادَةِ صَاحِبِ الرَّوْضِ لَوْ كَانَ فِي الْمَأْمُومِينَ خُنْثَى زَائِدٌ عَلَى الْأَرْبَعِينَ ثُمَّ انْفَضَّ بَعْضُهُمْ، وَكَمُلَ الْعَدَدُ بِالْخُنْثَى لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّا نَشُكُّ فِي الْمَانِعِ مِنْ الصِّحَّةِ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَتَأَخَّرَ إحْرَامُ مَنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ قَالَ الشَّارِحُ: وَلَا يُشْكِلُ بِصِحَّتِهَا خَلْفَ الصَّبِيِّ وَالْمُسَافِرِ لِأَنَّ الْإِمَامَ مَتْبُوعٌ وَتَقَدُّمُ إحْرَامِهِ ضَرُورِيٌّ فَاغْتُفِرَ اهـ. وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا بِأَرْبَعِينَ) خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَجَوَّزَهَا بِإِمَامٍ وَمَأْمُومَيْنِ وَحُكِيَ عِنْدَنَا عَنْ الْقَدِيمِ، وَقَوْلُهُ مَعَ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ مُكَلَّفًا إلَخْ. قَوْلُهُ: (الْمَعْلُومُ مِنْ الشَّرْطِ الثَّانِي) خَالَفَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ وَصْفٌ لِلْمَكَانِ، وَهَذَا لِلْأَشْخَاصِ، أَقُولُ: الْحَقُّ مَعَ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَظَرًا إلَى إضَافَةِ الْأَوْطَانِ فِيمَا سَلَفَ لِلْمُجْمِعِينَ. فَتَأَمَّلْ هَذَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ الْمَعْلُومِ بِالْجَرِّ صِفَةً لِمَحَلِّ الْجُمُعَةِ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُرَادَ مَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَظْعَنُ إلَخْ) خَرَجَ الْمُتَفَقِّهَةُ مَثَلًا إذَا أَقَامُوا بِبَلَدٍ مُدَّةً طَوِيلَةً وَلَكِنْ عَلَى عَزْمِ الرُّجُوعِ إلَى بِلَادِهِمْ، وَقَوْلُهُ لَا يَظْعَنُ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ. قَوْلُهُ: (مَعَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِقَامَةِ أَيَّامًا إلَخْ) هَذَا مَا قَالَهُ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَصَلَّى بِهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ تَقْدِيمًا كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ. (وَالصَّحِيحُ انْعِقَادُهَا بِأَرْبَعِينَ) وَتَنْعَقِدُ بِالْمَرْضَى لِكَمَالِهِمْ وَعَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ تَخْفِيفٌ. وَالثَّانِي لَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ كَالْمُسَافِرِينَ. وَحَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَوْلًا (وَأَنَّ الْإِمَامَ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَوْقَ أَرْبَعِينَ) وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ لِإِشْعَارِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ بِزِيَادَتِهِ. قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ وَحَكَى الْخِلَافَ قَوْلَيْنِ أَيْضًا ثَانِيهِمَا قَدِيمٌ (وَلَوْ انْفَضَّ الْأَرْبَعُونَ) الْحَاضِرُونَ (أَوْ بَعْضُهُمْ فِي الْخُطْبَةِ فَلَمْ يُحْسَبْ الْمَفْعُولُ) مِنْ أَرْكَانِهَا (فِي غَيْبَتِهِمْ) لِعَدَمِ سَمَاعِهِمْ لَهُ الْمُشْتَرَطِ كَمَا سَيَأْتِي (وَيَجُوزُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى) مِنْهَا (إنْ عَادُوا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ) وَمَرْجِعُهُ الْعُرْفُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَكَذَا بِنَاءُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ إنْ انْفَضُّوا بَيْنَهُمَا) أَيْ يَجُوزُ إنْ عَادُوا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ (فَإِنْ عَادُوا بَعْدَ طُولِهِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ) فِيهِمَا لِلْخُطْبَةِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ الْمُوَالَاةِ فِي ذَلِكَ الَّتِي فَعَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُمْ فِيهَا، وَالثَّانِي يَجُوزُ الْبِنَاءُ فِي ذَلِكَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَهُ   [حاشية قليوبي] مُدَّةَ دَوَامِهِ بِمَكَّةَ» وَهُوَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، وَلَا بِمَا قِيلَ: إنَّ عَدَمَ تَجَمُّعِهِ بِعَرَفَةَ لِعَدَمِ الْأَبْنِيَةِ، وَلَا بِمَا قِيلَ: إنَّ عَزْمَهُ وَهُوَ بِعَرَفَةَ عَلَى الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ لَا يَجْعَلُهُ مُقِيمًا بِعَرَفَةَ، وَلَا بِمَا قِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَتَنْعَقِدُ بِالْمَرْضَى) وَتَنْقَلِبُ ظُهْرُهُمْ لَوْ كَانُوا فَعَلُوهَا نَفْلًا مُطْلَقًا. كَذَا قَالُوا وَلَعَلَّهُ حَذَرًا مِنْ إعَادَةِ الظُّهْرِ جُمُعَةً. وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الِانْعِقَادِ وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اللُّزُومِ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْمَحْسُوبَ لَهُمْ ظُهْرُهُمْ الَّتِي صَلَّوْهَا أَوَّلًا لِأَنَّهَا فِي مَحَلِّهَا، وَأَنَّ هَذِهِ الْجُمُعَةَ هِيَ الَّتِي كَالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ فَلَيْسَتْ مُعَادَةً وَلَا مَانِعَةً مِنْ الِانْعِقَادِ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا مِنْ عَدَمِ لُزُومِهَا لَهُمْ. فَرَاجِعْهُ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْأَرْبَعُونَ مَرْضَى وَهُوَ كَذَلِكَ. وَيَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ ظُهْرِهِمْ جُمُعَةً وَيَجِبُ عَلَيْهِ إقَامَتُهَا إذَا انْفَرَدُوا كَمَا مَرَّ. وَمِثْلُهُمْ الْأُجَرَاءُ وَالْمَحْبُوسُونَ وَالْخُرْسُ حَيْثُ خَطَبَ لَهُمْ نَاطِقٌ، وَصَحَّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِمْ طَارِئُ الْخَرَسِ وَلَا أَصَمُّ لِأَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِمِنْ فِيهِمْ أَصَمُّ، وَمِثْلُهُمْ الْأُمِّيُّونَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ بِأَنْ اتَّفَقَتْ أُمِّيَّتُهُمْ وَلَا تَقْصِيرَ مِنْهُمْ فِي التَّعْلِيمِ. وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا مِنْ صِحَّتِهَا مِنْهُمْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أُمِّيَّتُهُمْ حَيْثُ لَا تَقْصِيرَ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا لِمَا مَرَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ اقْتِدَائِهِمْ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَتَنْعَقِدُ بِالْجِنِّ حَيْثُ عُلِمَتْ ذُكُورَتُهُمْ. قَالَ شَيْخُنَا وَهُمْ عَلَى صُوَرِ الْآدَمِيِّينَ خِلَافًا لِمَا قِيلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ ابْنِ قَاسِمٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَالْمُسَافِرِينَ) لَمْ يَقُلْ كَالْعَبِيدِ مَثَلًا لِقُوَّةِ شَبَهِ الْمَرِيضِ بِالْمُسَافِرِ بِطُرُوِّ الْمُسْقِطِ. قَوْلُهُ: (إنْ عَادُوا إلَخْ) وَيَجِبُ إعَادَةُ مَا فُعِلَ مِنْ أَرْكَانِهَا فِي غَيْبَتِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَمَرْجِعُهُ الْعُرْفُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَضَبَطَهُ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ بِمَا بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجُمَعِ وَغَيْرِهِ بِمَا فِي صِيَغِهِ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ فَرَاغِ الْخُطْبَةِ وَإِحْرَامِ الْإِمَامِ إذَا عَادُوا فَوْرًا أَدْرَكُوا الْجُمُعَةَ وَلَوْ بَعْدَ إحْرَامِ الْإِمَامِ مُطْلَقًا فَإِنْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ فَوْرًا وَطَالَ الْفَصْلُ قَبْلَ عَوْدِهِمْ أَدْرَكُوا الْجُمُعَةَ أَيْضًا إنْ قَرَءُوا الْفَاتِحَةَ وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّهُ مِنْ التَّبَاطُؤِ. وَقِيلَ: يَلْزَمُ الِاسْتِئْنَافُ هُنَا بِخِلَافِ   [حاشية عميرة] وَغَيْرِهِ وَأَطْبَقَ عَلَيْهِ الشُّرَّاحُ وَهُوَ لَا يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ انْعِقَادِهَا بِالْمُقِيمِ غَيْرِ الْمُسْتَوْطِنِ لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لَمْ يَزَلْ يَقْصُرُ حَتَّى رَجَعَ إلَيْهَا» وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَقَامَ بِمَكَّةَ وَبِعَرَفَاتٍ وَبِمِنًى وَبِالْمُحَصَّبِ» . وَفِي كُلِّ ذَلِكَ لَمْ تَبْلُغْ إقَامَتُهُ أَرْبَعًا وَلَمْ يَنْقَطِعْ سَفَرُهُ وَأَيْضًا فَعَرَفَاتٌ لَمْ يَكُنْ بِهَا خِطَّةُ أَبْنِيَةٍ تَصِحُّ فِيهَا الْجُمُعَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّهُ كَشَفَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَوَجَدَ فِيهَا صَاحِبَ الْمُهَذَّبِ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ فَاعْتَرَضَهُ الشَّارِحُ وَمَنَعَ مِنْ صِحَّةِ الدَّلِيلِ لِمَا قُلْنَا فَلِلَّهِ الْحَمْدُ، ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ قَالَ لَمْ يَصِحَّ عِنْدِي دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ انْعِقَادِهَا بِالْمُقِيمِ. ثُمَّ قَضِيَّةُ شَرْطِ الِاسْتِيطَانِ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فِي بَلَدٍ سِنِينَ كَثِيرَةً مِنْ غَيْرِ اسْتِيطَانٍ وَلَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُمْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ وَإِنْ كَانَ هُوَ قَضِيَّةُ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ انْفَضَّ الْأَرْبَعُونَ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْعَدَدُ الْمَشْرُوطُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ الْأَرْبَعُونَ يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي سَمَاعِ الْوَاجِبِ مِنْ الْخُطْبَةِ. وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَاكْتَفَى بِالْخُطْبَةِ مُنْفَرِدًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْأَرْبَعُونَ) لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا عَلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْإِمَامِ زَائِدًا عَلَيْهِمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُحْسَبْ الْمَفْعُولُ) أَيْ بِلَا خِلَافٍ وَأَجْرَوْا خِلَافًا فِي الِانْفِضَاضِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ الْإِمَامُ: الْفَرْقُ أَنَّ كُلَّ مُصَلٍّ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ فَجَازَ أَنْ يُتَسَامَحَ فِي الْعَدَدِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْخُطْبَةِ إسْمَاعُ النَّاسِ فَلَمْ يَحْتَمِلُوا نَقْصَ الْعَدَدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِانْفِضَاضُ بِعُذْرٍ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 (وَإِنْ انْفَضُّوا) أَيْ الْأَرْبَعُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ (فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ) نَظَرًا إلَى اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي دَوَامِهَا كَالْوَقْتِ فَيُتِمُّهَا مَنْ بَقِيَ ظُهْرًا (وَفِي قَوْلٍ لَا) تَبْطُلُ (إنْ بَقِيَ اثْنَانِ) مَعَ الْإِمَامِ اكْتِفَاءً بِدَوَامِ مُسَمَّى الْجَمْعِ. وَفِي قَدِيمٍ يَكْفِي وَاحِدٌ مَعَهُ اكْتِفَاءً بِدَوَامِ مُسَمَّى الْجَمَاعَةِ. وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ صِفَةُ الْكَمَالِ فِي الصَّحِيحِ. وَفِي رَابِعٍ مُخَرَّجٍ لَهُ إتْمَامُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ أَحَدٌ وَفِي خَامِسٍ مُخَرَّجٍ إنْ كَانَ الِانْفِضَاضُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَطَلَتْ أَوْ بَعْدَهَا فَلَا وَيُتِمُّ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ وَحْدَهُ. وَكَذَا مَنْ مَعَهُ إنْ بَقِيَ أَحَدٌ كَمَا فِي الْمَسْبُوقِ الْمُدْرِكِ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ يُتِمُّهَا. (تَتِمَّةٌ) لَوْ لَحِقَ أَرْبَعُونَ قَبْلَ انْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ تَمَّتْ بِهِمْ الْجُمُعَةُ. وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ. وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا يَمْتَنِعُ عِنْدِي اشْتِرَاطُ بَقَاءِ أَرْبَعِينَ سَمِعُوهَا فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا اللَّاحِقُونَ لَا تَسْتَمِرُّ الْجُمُعَةُ، وَلَوْ لَحِقَ أَرْبَعُونَ عَلَى الِاتِّصَالِ بِانْفِضَاضِ الْأَوَّلِينَ قَالَ فِي الْوَسِيطِ: تَسْتَمِرُّ الْجُمُعَةُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا سَمِعُوا الْخُطْبَةَ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَتَصِحُّ) الْجُمُعَةُ (خَلْفَ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ) أَيْ خَلْفَ كُلٍّ مِنْهُمْ (فِي الْأَظْهَرِ إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ) لِصِحَّتِهَا مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُمْ. وَالثَّانِي يَقُولُ الْإِمَامُ أَوْلَى بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْكَمَالِ مِنْ غَيْرِهِ، وَالْخِلَافُ فِي الصَّبِيِّ قَوْلَانِ وَفِي الْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ وَجْهَانِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ بِأَوَّلِهِمَا وَرَجَّحَ الْقَطْعَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ. وَزَادَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلَانِ وَلَوْ صَلَّيَا ظُهْرَ يَوْمِهِمَا قَبْلَ   [حاشية قليوبي] التَّبَاطُؤِ لِأَنَّ فِيهِ حُضُورَ إحْرَامِ الْإِمَامِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْضُهُمْ) أَيْ الَّذِي يَتَحَقَّقُ الْبُطْلَانُ بِانْفِضَاضِهِ فَلَا يَرِدُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ كَانُوا أَحَدًا وَأَرْبَعِينَ وَفِيهِمْ خُنْثَى، وَبَطَلَتْ صَلَاةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِلشَّكِّ فِي بُطْلَانِهَا. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ) أَيْ بَطَلَ كَوْنُهَا جُمُعَةً فَيُتِمُّهَا الْبَاقُونَ ظُهْرًا. كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ سَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ إلَّا إنْ عَادَ الَّذِي انْفَضَّ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَأَدْرَكَ الْفَاتِحَةَ مَعَ الْإِمَامِ فَتَسْتَمِرُّ جُمُعَةً. قَوْلُهُ: (فَيُتِمُّهَا مَنْ بَقِيَ ظُهْرًا) . قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَأَمْكَنَ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ بَعْدَهَا، وَاحْتُمِلَ عَوْدُ مَنْ انْفَضَّ وَلَا يَلْزَمُهُمْ انْتِظَارُ عَوْدِهِ لِأَنَّ هَذَا دَوَامٌ وَيَلْزَمُ مَنْ انْفَضَّ أَنْ يُقِيمُوا الْجُمُعَةَ إنْ بَلَغُوا أَرْبَعِينَ وَأَمْكَنَتْهُمْ، وَإِلَّا فَلَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ وَلَوْ فَوْرًا وَلَا يَلْزَمُ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ مِمَّنْ ذُكِرَ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا هُنَا كَلَامٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَلَا يُغْتَرُّ بِهِ. وَخَرَجَ بِالِانْفِضَاضِ مَا لَوْ تَبَيَّنَ حَدَثُ بَعْضِهِمْ غَيْرِ الْإِمَامِ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَتَتِمُّ الْجُمُعَةُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ هُوَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ لِبَقَاءِ الْعَدَدِ صُورَةً إلَى تَمَامِهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ إنْشَاءُ جُمُعَةٍ لِلْقَوْمِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (خَامِسٌ مُخَرَّجٍ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (لَوْ لَحِقَ أَرْبَعُونَ) أَوْ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ لِأَنَّ الْإِمَامَ مِنْهُمْ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ إلَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ، وَسَوَاءٌ أَحْرَمُوا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا بِأَنْ لَا يَنْفَضَّ وَاحِدٌ مِنْ الْأَوَّلِينَ إلَّا بَعْدَ إحْرَامِ وَاحِدٍ مِنْ اللَّاحِقِينَ، وَسَوَاءٌ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ، وَسَوَاءٌ أَدْرَكُوا الْفَاتِحَةَ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ لَا وَفَارَقَ التَّبَاطُؤَ بِالتَّقْصِيرِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِمَامُ إلَى آخِرِهِ) مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (أَرْبَعُونَ) فِيهِ مَا مَرَّ قَبْلَهُ لِبَقَاءِ الْمُوَالَاةِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الِاتِّصَالِ) بِأَنْ لَا يَطُولَ فَصْلٌ عُرْفًا بَيْنَ انْفِضَاضِ آخِرِ الْأَوَّلِينَ وَإِحْرَامِ أَوَّلِ اللَّاحِقِينَ. قَوْلُهُ: (قَالَ فِي الْوَسِيطِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (سَمِعُوا الْخُطْبَةَ) أَيْ حَضَرُوا خُطْبَةَ ذَلِكَ الْمَحَلِّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَتِهِمْ الْفَاتِحَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ قَرَأَهَا الْأَوَّلُونَ وَفِيهِ نَظَرٌ بِعَدَمِ تَقْصِيرِ هَؤُلَاءِ كَمَا مَرَّ. وَقِيلَ: يَكْفِي سَمَاعُ خُطْبَةٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَلَوْ مِنْ خُطَبَاءَ مُتَعَدِّدِينَ سَمِعُوا مِنْ كُلٍّ بَعْضَهَا. قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ خَلْفَ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ) أَيْ وَإِنْ نَوَوْا غَيْرَ الْجُمُعَةِ كَالظُّهْرِ وَفِي الِانْتِظَارِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَفِي كَلَامِهِ تَغْلِيبٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَلَّيَا) أَيْ الْعَبْدُ وَالْمُسَافِرُ. وَكَذَا الصَّبِيُّ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ لِأَنَّ صَلَاتَهُ نَفْلٌ مُطْلَقًا أَصْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُعَادَةً، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ نَوَوْا الْجُمُعَةَ وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُمْ الظُّهْرَ لِأَنَّهَا مُعَادَةٌ، وَشَرَطَهَا الْجَمَاعَةُ لِتَمَامِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ تَصِحُّ نِيَّتُهُمْ الظُّهْرَ لِاحْتِمَالِ انْتِظَارِ غَيْرِهِمْ لَهُمْ إلَى تَمَامِهَا وَطُرُوقُ بُطْلَانِهَا لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ جُمُعَةِ الْقَوْمِ رَاجِعْهُ. قَالَ بَعْضُهُمْ:   [حاشية عميرة] إلَخْ) وَلِأَنَّ الْمُوَالَاةَ لَهَا مَوْقِعٌ فِي اسْتِمَالَةِ النُّفُوسِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَطَلَتْ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا أَثَّرَ ذَلِكَ فِي الْخُطْبَةِ الَّتِي هِيَ مُقَدَّمَةٌ فَفِي الصَّلَاةِ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ بَقِيَ اثْنَانِ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ عَلَى الصَّحِيحِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا سَمِعُوا إلَخْ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ حِينَ الْخُطْبَةِ اهـ. وَأَفْهَمَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ وَقْتَ الصَّلَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُتَنَفِّلًا فَفِيهِ الْقَوْلَانِ وَأَوْلَى بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ وَلَا نَقْصَ فِيهِ اهـ. وَقَوْلُهُ: إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ كُلٍّ مِنْهُمْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 الْجُمُعَةِ فَفِي صِحَّتِهَا خَلْفَهُمَا الْقَوْلَانِ فِي صِحَّتِهَا خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ الَّذِي تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ أَظْهَرُهُمَا الصِّحَّةُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ جَزْمًا (وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ فِي الْأَظْهَرِ إنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ) كَغَيْرِهَا. وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي الْجُمُعَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَهِيَ لَا تَحْصُلُ بِالْإِمَامِ الْمُحْدِثِ، وَدُفِعَ هَذَا بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ حُصُولِهَا لِمَأْمُومِ الْجَاهِلِ بِحَالِهِ بَلْ تَحْصُلُ لَهُ وَيَنَالُ فَضِيلَتَهَا فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا. كَمَا قَالَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ نَظَرًا لِاعْتِقَادِهِ حُصُولَهَا. وَحَكَى فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِالْأَوَّلِ وَصَحَّحَهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ بِأَنْ تَمَّ بِهِ (فَلَا) تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ جَزْمًا (وَمَنْ لَحِقَ الْإِمَامَ الْمُحْدِثَ) أَيْ الَّذِي بَانَ حَدَثُهُ (رَاكِعًا لَمْ تُحْسَبْ رَكْعَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا مَعَ الْبِنَاءِ عَلَى حُصُولِ الْجَمَاعَةِ بِالْإِمَامِ الْمُحْدِثِ لِأَنَّ الْمُحْدِثَ لِعَدَمِ حُسْبَانِ صَلَاتِهِ لَا يَتَحَمَّلُ عَنْ الْمَسْبُوقِ الْقِرَاءَةَ، وَالثَّانِي تُحْسَبُ وَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ التَّحَمُّلِ. (الْخَامِسُ) مِنْ الشُّرُوطِ (خُطْبَتَانِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) لِلِاتِّبَاعِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: ثَبَتَتْ صَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ خُطْبَتَيْنِ. وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا» (وَأَرْكَانُهُمَا خَمْسَةٌ حَمْدًا لِلَّهِ تَعَالَى) لِلِاتِّبَاعِ. رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «كَانَتْ خُطْبَةُ   [حاشية قليوبي] وَفِيمَا ذَكَرُوهُ هُنَا إعَادَةُ الظُّهْرِ جُمُعَةً. وَقَدْ مَنَعُوهُ كَعَكْسِهِ فَلَعَلَّ هَذَا مُسْتَثْنًى، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ صَلَاتَهُمْ الْجُمُعَةَ هَذِهِ كَالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ أَوْ سُنَّةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرَضِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَرْبَعَةِ) وَهُمْ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُسَافِرُ وَالْمُتَنَفِّلُ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ مُعِيدُونَ نَاوُونَ الْجُمُعَةَ، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَخَرَجَ بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ مُسْتَوْطِنٌ أَعَادَهَا وَمُسَافِرٌ أَقَامَ بِوَطَنِهِ وَمَرِيضٌ حَضَرَ بَعْدَ أَنْ صَلَّيَا ظُهْرَهُمَا فَتَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِهِمْ كَمَا مَرَّ. قَالَهُ شَيْخُنَا وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ لَهُمْ بِكَوْنِهِمْ زَائِدِينَ عَنْ الْأَرْبَعِينَ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الِانْعِقَادِ كَمَا مَرَّ، وَلِئَلَّا يَلْزَمَ مُسَاوَاةُ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ لِغَيْرِهِ فَيَفُوتُ مَفْهُومُ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالْمُسَافِرِ فَتَأَمَّلْ. وَيَتَّجِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ صَبِيٌّ بَلَغَ وَعَبْدٌ عَتَقَ بَعْدَ أَنْ صَلَّيَا ظُهْرَهُمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ إنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ) سَوَاءٌ بَانَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي الْخُطْبَةِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا، وَخَرَجَ بِالْإِمَامِ غَيْرُهُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَتِمُّ لِغَيْرِ الْمُحْدِثِ وَلَوْ الْإِمَامَ وَحْدَهُ، وَمِثْلُ الْحَدَثِ النَّجَاسَةُ الْخَفِيَّةُ وَكُلُّ مَا لَا تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ مَعَهُ. وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ بَانَ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى أَوْ كَافِرًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا تَلْزَمُ فِيهِ الْإِعَادَةُ، فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ لِأَحَدٍ مِنْ الْقَوْمِ وَإِنْ كَثُرُوا لِلُّزُومِ الْإِعَادَةِ لَهُمْ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (الْمُحْدِثَ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ فِي رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ. قَوْلُهُ: (الْخَامِسُ) أَيْ عَلَى مَا سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ السَّادِسُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (خُطْبَتَانِ) . (فَائِدَةٌ) الْخُطَبُ الْمَشْرُوعَةُ عَشْرٌ مِنْهَا سِتٌّ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَهِيَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَفِي الْحَجِّ أَرْبَعٌ وَكُلُّهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وُجُوبًا فِي غَيْرِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَجَوَازًا فِيهِ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَعَرَفَةَ وَكُلُّهَا ثِنْتَانِ إلَّا الثَّلَاثَةَ الْبَاقِيَةَ مِنْ خُطَبِ الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الصَّلَاةِ) وُجُوبًا لِأَنَّ الشَّرْطَ يَتَقَدَّمُ عَلَى مَشْرُوطِهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَرُدُّ خُطْبَةَ عَرَفَةَ وَنَحْوِهَا فَرَاجِعْهُ. وَلِيُدْرِكَ الصَّلَاةَ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْخُطْبَةَ، وَلِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} [الجمعة: 10] قَوْلُهُ: (لِلْإِتْبَاعِ) أَيْ الْمُنْعَقِدِ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إذْ لَمْ تَقَعْ فِي زَمَنِهِمْ إلَّا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَمُخَالَفَةُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي اجْتِهَادِهِ بِجَوَازِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ شَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ لِأَنَّهَا بَعْدَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ فَهِيَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ. قَوْلُهُ: (حَمْدًا لِلَّهِ) أَيْ مَصْدَرًا لِحَمْدِهِ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ كَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَلَا يَكْفِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا مَا لَوْ تَرَكَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ الْفَاتِحَةَ أَوْ آيَةً مِنْهَا كَالْبَسْمَلَةِ، وَهَذَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي جَمْعِ الْأَرْيَافِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ الْمَالِكِيَّةِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ قَوْلُهُ: (فَلَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ جَزْمًا) أَيْ لِفَقْدِ الْعَدَدِ وَهَذَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَأَقَرَّهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُتَطَهِّرًا وَالْمَأْمُومُونَ مُحْدِثِينَ تَحْصُلُ الْجُمُعَةُ لِلْإِمَامِ اهـ. ثُمَّ إذَا حَصَلَتْ لِلْإِمَامِ فَهَلْ يَسُوغُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْشَاءُ جُمُعَةٍ لِلْقَوْمِ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُحْدِثَ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ يُفِيدُك أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ سَوَاءٌ أَدْرَكَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ أَمْ لَا وَأَصْرَحُ مِنْهُ فِي هَذَا قَوْلُ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فَأَمَّا غَيْرُ الْمَحْسُوبِ فَلَا يَصْلُحُ لِلتَّحَمُّلِ فِيهِ عَنْ الْغَيْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدْرَكَ جَمِيعَ الرَّكْعَةِ فَإِنَّهُ قَدْ فَعَلَهَا بِنَفْسِهِ فَتَصِحُّ عَلَى وَجْهِ الِانْفِرَادِ فَإِنَّ الرُّكُوعَ لَا يُبْتَدَأُ بِهِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُحْسَبُ) قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ» الْحَدِيثَ (وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِأَنَّ مَا يَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى يَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ (وَلَفْظُهُمَا) أَيْ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ (مُتَعَيِّنٌ) كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فَيَكْفِي الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (وَالْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى فِي خُطْبَتِهِ» . (وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ غَرَضَهَا الْوَعْظُ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِغَيْرِ لَفْظِهَا فَيَكْفِي أَطِيعُوا اللَّهَ. وَالثَّانِي وَقْفٌ مَعَ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ (وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَرْكَانٌ فِي الْخُطْبَتَيْنِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (وَالرَّابِعُ قِرَاءَةُ آيَةٍ فِي إحْدَاهُمَا) لَا بِعَيْنِهَا (وَقِيلَ فِي الْأُولَى وَقِيلَ فِيهِمَا) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (وَقِيلَ لَا تَجِبُ) فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَلْ تُسْتَحَبُّ، وَسَكَتُوا عَنْ مَحَلِّهِ وَيُقَاسُ بِمَحَلِّ الْوُجُوبِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، يُسْتَحَبُّ جَعْلُهَا فِي الْأُولَى. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ «يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77] » وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْخُطْبَةِ، وَذَلِكَ مُحْتَمِلٌ لِلْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَصَادِقٌ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا، وَفِي إحْدَاهُمَا فَقَطْ، وَعَيَّنَ الثَّانِي الْأُولَى لِتَكُونَ الْقِرَاءَةُ نَسِيَهَا فِي مُقَابَلَةِ الدُّعَاءِ فِي الثَّانِيَةِ وَحَكَى الْوُجُوبَ وَالِاسْتِحْبَابَ قَوْلَيْنِ أَيْضًا وَسَوَاءٌ فِي الْآيَةِ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالْحِكَمُ وَالْقِصَّةُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا مُفْهِمَةً فَلَا يَكْفِي ثُمَّ نَظَرَ وَإِنْ عُدَّ آيَةً وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِشَطْرِ آيَةٍ طَوِيلَةٍ. (وَالْخَامِسُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ دُعَاءٍ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ) كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ (وَقِيلَ: لَا يَجِبُ) بَلْ يُسْتَحَبُّ، وَحَكَى الْخِلَافَ قَوْلَيْنِ أَيْضًا وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْمُؤْمِنَاتِ وَبِهِمَا عَبَّرَ فِي الْوَسِيطِ وَفِي التَّنْزِيلِ   [حاشية قليوبي] خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا نَحْوُ " الشُّكْرُ لِلَّهِ " وَلَا غَيْرُ لَفْظِ اللَّهِ كَالرَّحْمَنِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّلَاةُ) أَيْ مَصْدَرُهَا وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا يَضُرُّ فِيهَا قَصْدُ الْخَبَرِيَّةِ وَلَا صَرْفُهَا إلَى غَيْرِهَا، وَنُوزِعَ فِيهِ، وَخَرَجَ نَحْوُ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ وَتُنْدَبُ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ وَالصَّحْبِ. قَوْلُهُ: (عَلَى رَسُولِ اللَّهِ) وَكَذَا بَقِيَّةُ أَسْمَائِهِ كَالْعَاقِبِ وَالْحَاشِرِ وَخَرَجَ بِأَسْمَائِهِ ضَمِيرُهُ كَصَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَكْفِي وَإِنْ تَقَدَّمَ لَهُ مَرْجِعٌ. قَوْلُهُ: (يَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ رَسُولِهِ) أَيْ غَالِبًا فَلَا يُرَدُّ الذَّبْحُ لِوُجُودِ الْمَانِعِ فِيهِ بِإِيهَامِ التَّشْرِيكِ. قَوْلُهُ: (وَلَفْظُهُمَا مُتَعَيَّنٌ) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ وَخَالَفَا غَيْرَهُمَا لِلتَّعَبُّدِ بِلَفْظِهِمَا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُهُ: (وَالْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى) فَلَا يَكْفِي التَّحْذِيرُ مِنْ الدُّنْيَا وَغُرُورِهَا مِنْ غَيْرِ حَثٍّ عَلَى الطَّاعَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى لَفْظِ الْوَصِيَّةِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ عَدَمَ تَعَيُّنِ لَفْظِ التَّقْوَى لَا خِلَافَ فِيهِ. كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (آيَةٍ) أَيْ كَامِلَةٍ، وَكَذَا بَعْضُ آيَةٍ بِقَدْرِ آيَةٍ كَمَا سَيَأْتِي وَيَجْرِي فِيهَا مَا فِي الْفَاتِحَةِ مِنْ اللَّحْنِ وَالْعَجْزِ عَنْهَا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِيهِمَا) لِأَنَّهَا رُكْنٌ فَأَشْبَهَتْ مَا قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77] أَيْ آيَةَ وَنَادَوْا إلَى آخِرِهَا لَا ذَلِكَ اللَّفْظَ فَقَطْ، وَلَوْ أَتَى بِآيَاتٍ تَتَضَمَّنُ جَمِيعَ الْأَرْكَانِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى خُطْبَةً عُرْفًا أَوْ بِآيَةٍ تَتَضَمَّنُ رُكْنًا مِنْهَا اُعْتُدَّ بِهِ إنْ قَصَدَ بِهَا ذَلِكَ الرُّكْنَ فَقَطْ، فَلَوْ قَصَدَ بِهَا رُكْنَيْنِ لَمْ تَكْفِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ كَانَ غَيْرَ الْآيَةِ كَالصَّلَاةِ وَالْوَصِيَّةِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا هُوَ الْآيَةُ وَقَصَدَهُمَا فَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ أَنَّهَا تَحْسُبُ عَنْ الْقُرْآنِ كَمَا لَوْ قَصَدَهُ وَحْدَهُ أَوْ أَطْلَقَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْقِصَّةُ) وَكَذَا الْحِكْمَةُ وَمَنْسُوخُ الْحُكْمِ دُونَ التِّلَاوَةِ يُسَنُّ قِرَاءَةُ سُورَةٍ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْحَاضِرُونَ لِوُرُودِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَعَدُّدٌ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ التَّحَرُّمُ. قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا مُفْهِمَةً) مُعْتَمَدٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَبْعُدُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُ التَّفْهِيمِ مَنْدُوبًا وَلَا يَحْتَاجُ فِي دُخُولِ الْإِنَاثِ فِيهِ إلَى قَصْدِ تَغْلِيبٍ أَوْ مِنْ حَيْثُ   [حاشية عميرة] الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ. قَوْلُهُ: (الْحَدِيثَ) مِنْهُ عَقِبَ هَذَا ثُمَّ يَقُولُ وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) الظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُتَعَيَّنٌ) فَلَوْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَمْ يَكْفِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ غَرَضَهُمَا الْوَعْظُ) لَمْ يَقُولُوا فِي الْحَمْدِ إنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الثَّنَاءُ فَمَا الْفَرْقُ؟ . قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي وَقَفَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ وَالثَّانِي قَاسَ عَلَى الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ خُطْبَةٌ، وَلِلِاتِّبَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ: فِيهِمَا) عَلَّلَ بِأَنَّهُمَا بَدَلٌ مِنْ رَكْعَتَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْخَامِسُ مَا يَقَعُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا أَعْلَمُ عَلَى رُكْنِيَّتِهِ دَلِيلًا وَلَا عَلَى تَخْصِيصِهِ بِالثَّانِيَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ لَا يَجِب) أَيْ لِأَنَّهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12] قَالَ الْإِمَامُ وَأَرَى أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ مُتَعَلِّقًا بِأُمُورِ الْآخِرَةِ غَيْرَ مُقْتَصِرٍ عَلَى أَوْطَارَ الدُّنْيَا، وَأَنْ يُخَصَّصَ بِالسَّامِعِينَ كَأَنْ يَقُولَ: وَحَكَمَ اللَّهُ، أَمَّا الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ بِخُصُوصِهِ فَفِي الْمُهَذَّبِ لَا يُسْتَحَبُّ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ مُحْدَثٌ. وَفِي شَرْحِهِ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا كَرْهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُجَازَفَةٌ فِي وَصْفِهِ وَنَحْوِهَا وَيُسْتَحَبُّ بِالِاتِّفَاقِ الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ بِالصَّلَاحِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْحَقِّ وَالْقِيَامِ بِالْعَدْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلِجُيُوشِ الْإِسْلَامِ. وَفِي الرَّوْضَةِ بَعْضُ ذَلِكَ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا) كُلِّهَا (عَرَبِيَّةً) كَمَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ. وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُصَلِّينَ مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ خَطَبَ أَحَدُهُمْ بِلِسَانِهِ، وَيَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ الْخُطْبَةَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ التَّعَلُّمِ وَلَمْ يَتَعَلَّمْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ عَصَوْا كُلُّهُمْ بِذَلِكَ وَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ بَلْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ. هَذَا مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ عَلَى الْبَعْضِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ أَنْ يَجِبَ أَنْ يَتَعَلَّمَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ إنْ لَمْ يَتَعَلَّمُوا عَصَوْا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ: إنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ عَلَى الْجَمِيعِ، وَيَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ وَسَقَطَتْ لَفْظَةُ كُلٍّ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهَا ضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي لَمْ يَتَعَلَّمُوا وَمَعْنَاهُ انْتَفَى التَّعَلُّمُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَأَجَابَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ سُؤَالِ مَا فَائِدَةُ الْخُطْبَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَوْمُ بِأَنَّ فَائِدَتَهَا الْعِلْمُ بِالْوَعْظِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِيمَا لَوْ سَمِعُوا الْخُطْبَةَ وَلَمْ يَفْهَمُوا مَعْنَاهَا أَنَّهَا تَصِحُّ. (مُرَتَّبَةَ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى) كَمَا ذَكَرْت مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالْحَمْدِ ثُمَّ الصَّلَاةِ ثُمَّ الْوَصِيَّةِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ، وَسَيَأْتِي تَصْحِيحُ الْمُصَنِّفِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ وَلَا بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ غَيْرِهِمَا. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ ذَلِكَ   [حاشية قليوبي] ذِكْرُهُنَّ بِخُصُوصِهِنَّ، وَأَقَلُّ مَا يَكْفِي فِي الرُّكْنِيَّةِ دُخُولُ أَرْبَعِينَ فِي دُعَائِهِ مِنْ الْحَاضِرِينَ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ وَلَوْ بِقَصْدِهِمْ فَقَطْ. وَيَحْرُمُ الدُّعَاءُ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَغْفِرَةِ جَمِيعِ ذُنُوبِهِمْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِمَامُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ (غَيْرَ مُقْتَصِرٍ إلَخْ) فَيَجُوزُ كَوْنُهُ عَامًّا لِلدُّنْيَوِيِّ وَالْأُخْرَوِيِّ. قَوْلُهُ: (لَا بَأْسَ بِهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. قَوْلُهُ: (لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ إذْ الْمُرَادُ بِالْأَئِمَّةِ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَظِيمَةٌ كَالسُّلْطَانِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ نِيَّةُ الْخُطْبَةِ وَلَا نِيَّةُ فَرْضِيَّتِهَا وَفِي مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّتِهَا مَا فِي الصَّلَاةِ فِيمَا مَرَّ. وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْخَطِيبِ ذَكَرًا أَوْ كَوْنُهُ تَصِحُّ إمَامَتُهُ لِلْقَوْمِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَكَوْنُهُ مُتَطَهِّرًا بِخِلَافِ الْقَوْمِ كَمَا يَأْتِي، وَلَوْ بَانَ مُحْدِثًا فَكَالْإِمَامِ كَمَا مَرَّ وَشَرْطُ الذُّكُورَةِ جَارٍ فِي سَائِرِ الْخُطَبِ كَالْإِسْمَاعِ وَالسَّمَاعِ وَكَوْنِ الْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً. قَوْلُهُ: (كُلُّهَا) أَيْ الْخُطْبَةُ أَيْ كُلُّ أَرْكَانِهَا فِي الْخُطْبَتَيْنِ، وَلَا يَضُرُّ غَيْرُ الْعَرَبِيَّةِ فِي غَيْرِ الْأَرْكَانِ وَإِنْ عَرَفَهَا. قَوْلُهُ: (عَرَبِيَّةً) وَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ لَا يَعْرِفُونَهَا وَجَوَابُهَا مَا سَيَأْتِي عَنْ الْقَاضِي، وَلَا يَكْفِي غَيْرُ الْعَرَبِيَّةِ وَفِي الْقَوْمِ عَرَبِيٌّ. قَوْلُهُ: (خَطَبَ أَحَدُهُمْ بِلِسَانِهِ) وَلَوْ غَيْرَ لِسَانِ الْقَوْمِ وَإِنْ عَرَفَهُ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْآيَةِ بَلْ يَقِفُ بِقَدْرِهَا كَمَا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ. قَوْلُهُ (وَلَمْ يَتَعَلَّمْهَا بِلِسَانِهِ) وَلَوْ غَيْرَ لِسَانِ الْقَوْمِ وَإِنْ عَرَفَهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْآيَةِ بَلْ يَقِفُ بِقَدْرِهَا كَمَا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَعَلَّمْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ عَصَوْا) صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي عَنْهُمْ تَعَلُّمُ نَحْوِ صَبِيٍّ وَعَبْدٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالِاكْتِفَاءِ لِصِحَّةِ خُطْبَتِهِمَا بِهِمْ وَإِمَامَتِهِمَا لَهُمْ. قَوْلُهُ: (بَلْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَنَّهُمْ لَا يَلْزَمُهُمْ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ فِي بَلَد سَمِعُوا النِّدَاءَ مِنْهُ وَأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ وُجُوبُ التَّعَلُّمِ بِسَمَاعِهِ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا قَبْلَهُ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَعُلِمَ بِقَوْلِهِ: وَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ خُطْبَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَسَقَطَتْ لَفْظَةُ كُلٍّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى عَدَمِ إسْقَاطِهَا أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ وَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ وَلَا قَائِلَ بِهِ. وَبِذَلِكَ بَطَلَ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ مَا فِي الرَّوْضَةِ غَلَطٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْعِلْمُ بِالْوَعْظِ) أَيْ مَعَ كَوْنِ الْعَرَبِيَّةِ هِيَ الْأَصْلُ فَلَا يَرِدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي   [حاشية عميرة] لَا يَجِبُ غَيْرُ الْخُطْبَةِ. فَكَذَا فِيهَا كَالتَّسْبِيحِ. قَوْلُهُ: (وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ) . قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ التَّذْكِيرُ لِلتَّغْلِيبِ وَالْإِشْعَارِ بِأَنَّ طَاعَتَهَا لَمْ تَقْصُرْ عَنْ طَاعَةِ الرِّجَالِ الْكَامِلِينَ حَتَّى عُدَّتْ مِنْ جُمْلَتِهِمْ أَوْ نِسَائِهِمْ فَتَكُونُ مِنْ ابْتِدَائِيَّةً. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُخَصِّصَ بِالسَّامِعِينَ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِمْ الْحَاضِرِينَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) . قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَجُوزُ وَصْفُهُ بِالصِّفَاتِ الْكَاذِبَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَعَلَّهُ إذَا عَلِمَ الْقَوْمُ ذَلِكَ اللِّسَانَ. قَوْلُهُ: (وَمَعْنَاهُ انْتَفَى التَّعَلُّمُ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مِنْ بَابِ عُمُومِ السَّلْبِ لَا مِنْ سَلْبِ الْعُمُومِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُرَتَّبَةَ الْأَرْكَانِ إلَخْ) جُعِلَ التَّرْتِيبُ هُنَا شَرْطًا خِلَافَ نَظِيرِهِ مِنْ التَّيَمُّمِ وَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَذَا أَطْلَقَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقَضِيَّتُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 فَيَأْتِي بَعْدَ الْوَصِيَّةِ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ الدُّعَاءِ حَكَاهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَ) كَوْنُهَا بَعْدَ (الزَّوَالِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: «كَانَ التَّأْذِينُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -» . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ هَيْئَةِ الْجُمُعَةِ: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْرُجُ إلَى الْجُمُعَةِ مُتَّصِلًا بِالزَّوَالِ. وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْأَئِمَّةِ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ (وَالْقِيَامُ فِيهِمَا إنْ قَدَرَ وَالْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا، وَكَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا» فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَنِيبَ، وَلَوْ خَطَبَ قَاعِدًا جَازَ كَالصَّلَاةِ، وَيَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ سَوَاءٌ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ أَمْ سَكَتَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا قَعَدَ لِعَجْزِهِ فَإِنْ بَانَ أَنَّهُ كَانَ قَادِرًا فَهُوَ كَمَا لَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَتَجِبُ الطُّمَأْنِينَةُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَلَوْ خَطَبَ قَاعِدًا لِعَجْزِهِ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا بِالِاضْطِجَاعِ بَلْ بِسَكْتَةٍ وَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي الْأَصَحِّ (وَإِسْمَاعُ أَرْبَعِينَ كَامِلِينَ) عَدَدُ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ بِالِاتِّفَاقِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْإِمَامِ بِأَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ لِيَحْصُلَ وَعْظُهُمْ الْمَقْصُودُ بِالْخُطْبَةِ، فَلَوْ لَمْ يَسْمَعُوهَا لِبُعْدِهِمْ أَوْ إسْرَارِهِ لَمْ تَصِحَّ وَلَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ لَمْ تَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ وَالْمُشْتَرَطُ إسْمَاعُ أَرْكَانِهَا فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الِانْفِضَاضِ   [حاشية قليوبي] غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ ذِكْرَ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى لَيْسَ قَيْدًا، وَالْكَلَامُ فِي أَرْكَانِ كُلِّ خُطْبَةٍ مَعَ بَعْضِهَا لَا فِي أَرْكَانِ خُطْبَةٍ مَعَ أَرْكَانِ الْأُخْرَى. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الزَّوَالِ) أَيْ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِهَا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَلَوْ عَبَّرَ بِذَلِكَ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَالْقِيَامُ إلَخْ) وَعَدَّ الْقِيَامَ هُنَا شَرْطًا لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مَاهِيَّةِ الْخُطْبَةِ لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا الْوَعْظُ بِخِلَافِهِ فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَطَبَ قَاعِدًا) فَصَلَ بِسَكْتَةٍ وُجُوبًا. وَكَذَا مُضْطَجِعًا وَمُسْتَلْقِيًا كَالْعَجْزِ فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ) وَالْحَالُ أَنَّهُ صَلَّى قَائِمًا كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا بَعْدَهُ، وَلَا يَجِبُ سُؤَالُهُ عَنْ قُعُودِهِ. فِي الْخُطْبَةِ وَلَا عَنْ كَوْنِهِ مُخَالِفًا فِي الْمَذْهَبِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَانَ) أَيْ قَبْلَ الصَّلَاةِ. وَكَذَا بَعْدَ صَلَاتِهِ قَائِمًا إذْ لَوْ صَلَّى قَاعِدًا وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ قَادِرٌ لَزِمَتْ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ لِلْكُلِّ وَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ لِأَنَّ الْقِيَامَ شَأْنُهُ الظُّهُورُ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَانَ امْرَأَةً مَثَلًا كَمَا مَرَّ. وَإِنَّمَا جُعِلَ فِي الْخُطْبَةِ كَالْحَدَثِ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ كَمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا) فَلَا تَلْزَمُ إعَادَةُ الْخُطْبَةِ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ أَوْ زَائِدًا عَلَيْهِمْ. كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِالثَّانِي. قَوْلُهُ: (فِي الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَفْصِلْ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَكْفِ الِاضْطِجَاعُ أَيْ مِنْ غَيْرِ سُكُوتٍ وَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِالِاضْطِجَاعِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ السُّكُوتِ الَّذِي يَكْفِي فِي الْمُضْطَجِعِ أَوْ الْمُسْتَلْقِي. قَوْلُهُ: (وَإِسْمَاعُ أَرْبَعِينَ) وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا مَعَانِيَ أَلْفَاظِ الْخُطْبَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ طُهْرُهُمْ وَلَا سَتْرُهُمْ وَلَا كَوْنُهُمْ بِمَحَلِّ الصَّلَاةِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا كَوْنُهُمْ دَاخِلَ السُّورِ أَوْ الْعُمْرَانِ بِخِلَافِ الْخَطِيبِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ صَلَاتِهَا فِي ذَلِكَ وَلَوْ تَبَعًا. (تَنْبِيهٌ) يُعْتَبَرُ فِي الْجُمُعَةِ فِي الْخَوْفِ إسْمَاعُ ثَمَانِينَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ أَرْبَعُونَ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَرْفَعَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْإِسْمَاعِ، فَلَا يَصِحُّ فِيهِ قَوْلُهُمْ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي السَّمَاعِ حَتَّى لَا يَضُرَّ اللَّغَطُ مَثَلًا. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يَضُرُّ النَّوْمُ خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَهُ كَالصَّمَمِ وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْضُهُمْ) أَيْ غَيْرُ الْخَطِيبِ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ مَا   [حاشية عميرة] جَوَازُ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِ الْأُولَى وَالدُّعَاءِ فِي أَوَّلِ الثَّانِيَةِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ) مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ غَيْرِهِمَا، وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ هَذَا تَعَيُّنُ الْقِرَاءَةِ فِي الثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ أَنَّهُ إذَا فُعِلَتْ الْقِرَاءَةُ فِي الْأُولَى تَكُونُ بَعْدَ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ وَالْوَصِيَّةِ. وَكَذَا الدُّعَاءُ فِي الثَّانِيَةِ يَكُونُ بَعْدَ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ وَالْوَصِيَّةِ فِيهَا فَإِنْ فُرِضَ تَأْخِيرُ الْقِرَاءَةِ إلَى الثَّانِيَةِ كَانَتْ مَعَ الْوَصِيَّةِ مُؤَخَّرَتَيْنِ عَنْ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ وَالْوَصِيَّةِ فِي الثَّانِيَةِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَا بَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَهِيَ مُرَادُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ غَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَخْ) غَرَضُ الشَّارِحِ مِنْ هَذَا تَتْمِيمُ الدَّلِيلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى بُعْدِ الزَّوَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْقِيَامُ فِيهِمَا) عَدَّهُ شَرْطًا هُنَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ وَعْظٌ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ إلَخْ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ اخْتِصَاصَ هَذَا بِالْفَقِيهِ الْمُوَافِقِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ كَمَا لَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ صِحَّةُ صَلَاةِ الْقَوْمِ وَسَمَاعِهِمْ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ عِلْمَهُ بِحَالِ نَفْسِهِ اقْتَضَى عَدَمَ اعْتِبَارِ سَمَاعِهِ وَصَلَاتِهِ لِعِلْمِهِ بِفَقْدِ شَرْطِهِمَا. (فَرْعٌ) لَوْ عَلِمُوا بِحَالِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَالظَّاهِرُ. أَنَّ الْخُطْبَةَ صَحِيحَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِسْمَاعُ أَرْبَعِينَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هُوَ مُفِيدٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْكَلَامُ) فِيهَا (وَيُسَنُّ الْإِنْصَاتُ) لَهَا وَالْقَدِيمُ يَحْرُمُ الْكَلَامُ، وَيَجِبُ الْإِنْصَاتُ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] ذُكِرَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْخُطْبَةِ، وَسُمِّيَتْ قُرْآنًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَاسْتَدَلَّ لِلْأَوَّلِ بِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَأَوْمَأَ النَّاسُ إلَيْهِ بِالسُّكُوتِ فَلَمْ يَقْبَلْ. وَأَعَادَ الْكَلَامَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثَّالِثَةِ: مَاذَا أَعْدَدْت لَهَا؟ قَالَ: حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ: إنَّك مَعَ مَنْ أَحْبَبْت» : وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ الْكَلَامَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ وُجُوبَ السُّكُوتِ. وَالْأَمْرُ فِي الْآيَةِ لِلِاسْتِحْبَابِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ وَلَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ عَلَى الْخَطِيبِ قَطْعًا. وَقِيلَ بِطَرْدِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ تَخْرِيجًا عَلَى أَنَّ الْخُطْبَتَيْنِ بِمَثَابَةِ رَكْعَتَيْنِ أَوَّلًا. وَالْخِلَافُ فِي كَلَامٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ مُهِمٌّ نَاجِزٌ فَأَمَّا إذَا رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ أَوْ عَقْرَبًا تَدُبُّ إلَى إنْسَانٍ فَأَنْذَرَهُ أَوْ عَلَّمَ إنْسَانًا شَيْئًا مِنْ الْخَيْرِ أَوْ نَهَاهُ عَنْ مُنْكَرٍ فَهَذَا لَيْسَ بِحَرَامٍ قَطْعًا. وَيَجُوزُ لِلدَّاخِلِ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ أَنْ يَتَكَلَّمَ مَا لَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ مَكَانًا وَالْقَوْلَانِ بَعْدَ قُعُودِهِ وَعَلَى الْقَدِيمِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُسَلِّمَ فَإِنْ سَلَّمَ حَرُمَتْ إجَابَتُهُ، وَيَحْرُمُ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ عَلَى الصَّحِيحِ فِيهِمَا وَعَلَى الْجَدِيدِ يَجُوزَانِ قَطْعًا. وَيُسْتَحَبُّ التَّشْمِيتُ عَلَى الْأَصَحِّ وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ وُجُوبَ رَدِّ السَّلَامِ وَوَافَقَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَصَرَّحَ فِيهِ بِكَرَاهَةِ السَّلَامِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَحَيْثُ حَرُمَ الْكَلَامُ لَا تَبْطُلُ بِهِ جُمُعَةُ الْمُتَكَلِّمِ قَطْعًا هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ. أَمَّا مَنْ لَا يَسْمَعُهَا لِبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ، وَزَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ السَّامِعِينَ فَفِيهِ عَلَى الْقَدِيمِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالذِّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ، وَأَصَحُّهُمَا يَحْرُمُ لِئَلَّا يُشَوِّشَ عَلَى السَّامِعِينَ. فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ السُّكُوتِ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْأَرْبَعِينَ السَّامِعِينَ لِلْخُطْبَةِ، وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِمْ   [حاشية قليوبي] يَقُولُ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي سَمَاعِ النِّدَاءِ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا سَمَاعُ الْحَاضِرِينَ بِالْفِعْلِ وَهُنَاكَ سَمَاعُ شَخْصٍ مَا وَلَوْ بِالْفَرْضِ. قَوْلُهُ: (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ) وَحِينَئِذٍ يُنْدَبُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِالْإِشَارَةِ مَا أَمْكَنَ. قَوْلُهُ: (الْإِنْصَاتُ) هُوَ السُّكُوتُ مَعَ الْإِصْغَاءِ وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ السَّمَاعِ أَيْ عَلَى طَرِيقَةِ الْإِسْنَوِيِّ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ السَّمَاعِ بِالْفِعْلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ يَحْرُمُ) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ فِي وَقْتِ ذِكْرِ أَرْكَانِ الْخُطْبَةِ فَلَا يَحْرُمُ اتِّفَاقًا قَبْلَهَا وَلَا بَيْنَهَا وَلَا بَعْدَهَا، بَلْ وَلَا يُكْرَهُ أَيْضًا وَلَوْ بَعْدَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ. قَوْلُهُ: (إنَّ رَجُلًا) هُوَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ وَهَذِهِ وَاقِعَةٌ قَوْلِيَّةٌ وَالِاحْتِمَالُ يَعُمُّهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (فَهَذَا لَيْسَ بِحَرَامٍ) بَلْ يَجِبُ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَيُنْدَبُ فِي الْأَخِيرَيْنِ. وَكَذَا يُنْدَبُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ سَمَاعِ ذِكْرِهِ وَلَوْ بِرَفْعِ صَوْتٍ بِلَا مُبَالَغَةٍ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ وَاللَّغْوُ فِي الْحَدِيثِ سِيقَ لِلتَّنْفِيرِ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ نَحْوِ هَذَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ وُجُوبَ رَدِّ السَّلَامِ) عَلَى مَنْ سَلَّمَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (فَرْعٌ) تَحْرُمُ الصَّلَاةُ إجْمَاعًا فَرْضًا وَنَفْلًا. وَكَذَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ بَعْدَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ. وَلَا تَنْعَقِدُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ مَا دَامَ يَخْطُبُ وَلَوْ حَالَ الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ نَعَمْ تَصِحُّ التَّحِيَّةُ لِلدَّاخِلِ قَبْلَ جُلُوسِهِ وَلَوْ فِي ضِمْنِ غَيْرِهَا كَسُنَّةِ الْجُمُعَةِ، وَيَجِبُ تَخْفِيفُهَا كَصَلَاةِ الْخَطِيبِ فِي أَثْنَائِهَا بِأَنْ لَا يَسْتَوْفِيَ الْأَكْمَلَ وَلَا يَزِيدَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فِيهَا ابْتِدَاءً. وَكَذَا دَوَامًا فَلَوْ لَمْ يُخَفِّفْهَا بَطَلَتْ وَلَوْ أَحْرَمَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ جَلَسَ الْخَطِيبُ فِيهَا، وَلَوْ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ وَجَبَ قَطْعُهُمَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَهُ إتْمَامُهُمَا وَلَا يُصَلِّي، فِي غَيْرِ   [حاشية عميرة] لِاشْتِرَاطِ السَّمَاعِ مِنْ الْحَاضِرِينَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِمَاعَ لَا يَتَحَقَّقُ، إلَّا بِحُصُولِ السَّمَاعِ اهـ. مُنَقَّحًا وَأَقُولُ فِيهِ تَأْيِيدٌ لِمَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى الْإِقْبَاضِ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ، وَيُشْتَرَطُ لِتَحَقُّقِ الصِّفَةِ وَهِيَ الْإِقْبَاضُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْقَبْضِ اهـ. قَوْلُهُ: (بِالِاتِّفَاقِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ لَنَا وَجْهًا بِاشْتِرَاطِ كَوْنِ الْإِمَامِ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ كَمَا سَلَفَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ الْإِنْصَاتُ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هُوَ السُّكُوتُ مَعَ الْإِصْغَاءِ وَهُوَ الِاسْتِمَاعُ فَلَا يُنَافِي مَا سَبَقَ مِنْ وُجُوبِ السَّمَاعِ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَدَلَّ لَهُ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَلِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ عَلَى قَوْلٍ مَشْهُورٍ انْتَهَى. أَيْ وَكَأَنَّهُمْ مُؤْتَمُّونَ حَالَ الْخُطْبَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَهَاهُ عَنْ مُنْكَرٍ) رُبَّمَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ تَسْمِيَةُ الْأَمْرِ بِالْإِنْصَاتِ لَغْوًا فِي حَدِيثٍ إذَا قُلْت لِصَاحِبِك إلَخْ ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ فِي مِثْلِ هَذَا تُسْتَحَبُّ الْإِشَارَةُ، وَلَا يَتَكَلَّمُ مَا أَمْكَنَ وَبِهِ يَحْصُلُ جَوَابُ الْإِشْكَالِ وَأَيْضًا. فَاللَّغْوُ يَصْدُقُ بِغَيْرِ الْحَرَامِ. قَوْلُهُ (وَأَصَحُّهُمَا يَحْرُمُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَفِي وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يَجِبُ نَصَّ عَلَيْهِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ وَقَالُوا: الْبَعِيدُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْإِنْصَاتِ وَبَيْنَ الذِّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْآدَمِيِّينَ وَغَيْرُهُ أَعْنِي عَلَى الْقَدِيمِ. قَوْلُهُ: (فَيَتَخَيَّرُ) هُوَ يُشْكِلُ عَلَى التَّعْلِيلِ الَّذِي قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَصَحُّهُمَا يَحْرُمُ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ زَادُوا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّ الْقَوْلَيْنِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 غَيْرُهُمْ مِنْ الْكَامِلِينَ سَمِعُوهَا أَوْ لَا. وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْقَوْمِ (قُلْت: الْأَصَحُّ أَنَّ تَرْتِيبَ الْأَرْكَانِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِدُونِهِ (وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ الْمُوَالَاةِ وَطَهَارَةِ الْحَدَثِ) الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ (وَالْخَبَثِ) فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ (وَالسَّتْرِ) لِلْعَوْرَةِ فِي الْخُطْبَةِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فِي الْجُمُعَةِ. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ وَاحِدٌ مِمَّا ذُكِرَ فِيهَا. أَمَّا الْمُوَالَاةُ فَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْوَعْظِ بِدُونِهَا، وَأَمَّا الْبَاقِي فَلِشَبَهِ الْخُطْبَةِ بِالْأَذَانِ فَإِنَّهَا ذِكْرٌ يَتَقَدَّمُ الصَّلَاةَ وَعَلَى اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِيهَا لَوْ سَبَقَهُ حَدَثٌ لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا يَأْتِي بِهِ مِنْهَا حَالَ الْحَدَثِ فَلَوْ تَطَهَّرَ وَعَادَ وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فِي الْأَصَحِّ. وَمَسْأَلَةُ السَّتْرِ مَزِيدَةٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ مَذْكُورَةٌ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَتُسَنُّ) الْخُطْبَةُ (عَلَى مِنْبَرٍ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ   [حاشية قليوبي] مَسْجِدٍ لِعَدَمِ التَّحِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْقَوْمِ) أَيْ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهَا لِلتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ، وَفِي التَّعْمِيمِ بِقَوْلِهِ سَمِعُوهَا أَوْ لَا إشَارَةٌ إلَى جَعْلِ الْقَدِيمِ وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ وَلَوْ طَرْقًا مُقَابِلًا لِلْجَدِيدِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (إنَّ تَرْتِيبَ الْأَرْكَانِ لَيْسَ بِشَرْطٍ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (اشْتِرَاطُ الْمُوَالَاةِ) أَيْ بَيْنَ أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ وَبَيْنَهُمَا. وَكَذَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَهِيَ وَإِنْ عُلِمَتْ مِمَّا مَرَّ فِي الِانْفِضَاضِ لَمْ تُذْكَرْ هُنَاكَ بِعِنْوَانِ الشَّرْطِيَّةِ، وَضَبَطَهَا الرَّافِعِيُّ بِمَا بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجُمَعِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، وَلَا يَضُرُّ الْوَعْظُ بَيْنَ الْأَرْكَانِ وَإِنْ طَالَ عُرْفًا إلَّا إنْ طَالَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ كَالسُّكُوتِ الطَّوِيلِ. (فَائِدَةٌ) لَوْ سَرَدَ الْأَرْكَانَ أَوَّلًا ثُمَّ أَتَى بِهَا مُتَخَلِّلَةً فَإِنْ لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ بِالْمُتَخَلِّلَةِ حَسِبْت الْأُولَى وَإِلَّا حَسِبْت الْمُتَخَلِّلَةَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَعْتَدَّ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ فِي حَالِ الْحَدَثِ قَطْعًا وَلَا بِمَا قَبْلَهُ إنْ طَالَ الْفَصْلُ كَذَلِكَ مُطْلَقًا وَأَنَّهُ لَا يَبْنِي بِنَفْسِهِ وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ عَلَى الْأَصَحِّ الْمُعْتَمَدِ نَعَمْ إنْ اسْتَخْلَفَ عَنْ قُرْبٍ وَاحِدًا مِمَّنْ حَضَرَ مَا مَضَى بَنَى عَلَى مَا فَعَلَهُ الْأَوَّلُ إلَّا فِي الْإِغْمَاءِ فَلَا يَبْنِي خَلِيفَتُهُ مُطْلَقًا، وَجَوَّزَ الْخَطِيبُ الْبِنَاءَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ. وَفِي شَرْحِهِ لِلْكِتَابِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي آخِرِ الْكِتَابِ مُوَافَقَةُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْإِغْمَاءِ هُنَا مُطْلَقًا. (تَنْبِيهٌ) سَكَتُوا عَنْ الْعَجْزِ عَنْ السُّتْرَةِ وَالطُّهْرِ عَنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْهَا لَا يَخْطُبُ بِخِلَافِ الْقِيَامِ كَمَا مَرَّ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْوَجْهُ صِحَّةُ خُطْبَةِ الْعَاجِزِ عَنْ السُّتْرَةِ كَالصَّلَاةِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (مِنْبَرٍ) مِنْ النَّبْرِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَهُوَ الِارْتِفَاعُ وَسَوَاءٌ فِي مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْطُبُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مِنْبَرِهِ، وَأَوَّلُ مَنْ أَمَرَ بِهِ تَمِيمٌ الدَّارِيِّ وَاَلَّذِي نَجَرَهُ بَاقُومُ الرُّومِيُّ، وَكَانَ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ غَيْرَ الْمُسْتَرَاحِ وَمِنْ خَشَبِ الْأَثْلِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَشَرَةِ أَقْوَالٍ. وَلَمَّا خَطَبَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ نَزَلَ دَرَجَةً ثُمَّ عُمَرُ دَرَجَةً ثُمَّ عَلِيٌّ دَرَجَةً، فَلَمَّا تَوَلَّى مُعَاوِيَةُ لَمْ يُجَدِّدْ دَرَجَةً يَنْزِلُ إلَيْهَا فَزَادَ فِيهِ سِتَّ دَرَجَاتٍ مِنْ أَسْفَلِهِ تِسْعًا فَلَمَّا   [حاشية عميرة] فَقِيلَ أَرْبَعُونَ حَتَّى إذَا لَمْ يَسْمَعُوا أَثِمَ الْجَمِيعُ كَفَرْضِ الْكِفَايَةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ. وَقِيلَ: السَّامِعُونَ خَاصَّةً وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ لِبُعْدٍ أَوْ صَمَمٍ لَا إثْمَ عَلَيْهِ جَزْمًا وَهُوَ مَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَقِيلَ فِي الْمَأْمُومِينَ مُطْلَقًا لِئَلَّا يَكْثُرَ اللَّغَطُ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، قَالَ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لِلثَّلَاثَةِ وَهُوَ فِي الْأَوَّلِ أَظْهَرُ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ مَحْمَلَ الْقَوْلَيْنِ بَعْدَ جُلُوسِ الشَّخْصِ فَلَا يَحْرُمُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ مَوْضِعًا. وَكَذَلِكَ فِي حَالِ الدُّعَاءِ لِلْمُلُوكِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُرْشِدِ اهـ. وَمَا نَسَبَهُ لِلْغَزَالِيِّ رَأَيْت فِي قِطْعَةِ السُّبْكِيّ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ فِي التَّصْوِيرِ حَيْثُ قَالَ: قَالَ الْغَزَالِيُّ إنَّ الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ عَدَا الْأَرْبَعِينَ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْأَرْبَعِينَ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْكَلَامُ جَزْمًا اهـ. وَفِي نُكَتِ الْعِرَاقِيِّ طَرِيقَةُ الْغَزَالِيِّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ إنَّ الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ عَدَا الْأَرْبَعِينَ، وَأَمَّا الْأَرْبَعُونَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ جَزْمًا ثُمَّ رَاجَعْت الرَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَرَأَيْت الْأَمْرَ عَلَى مَا قَالَ السُّبْكِيُّ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: وَقِيلَ: فِي الْمَأْمُومِينَ مُطْلَقًا الَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ فِي حِكَايَةِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي السَّامِعِينَ، وَفِي غَيْرِهِمْ وَجْهَانِ كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ) اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُصَلِّي عَقِبَ الْخُطْبَةِ» فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا مُسْتَتِرًا، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ شَمِلَ ذَلِكَ الْحَدَثَ الْأَكْبَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ. قِيلَ: الْقَوْلَانِ فِي الطَّهَارَةِ وَمَا بَعْدَهَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ بَدَلٌ عَنْ رَكْعَتَيْنِ أَمْ لَا. قَالَ الْإِمَامُ لَا أَرْضَاهُ مَعَ الْقَطْعِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاسْتِقْبَالِ، وَالْوَجْهُ بِنَاؤُهُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يَتَطَهَّرَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ فَتَخْتَلَّ الْمُوَالَاةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى مِنْبَرٍ) «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلًا يَخْطُبُ إلَى جِذْعٍ فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إلَيْهِ فَحَنَّ الْجِذْعُ حَتَّى سُمِعَ مِنْهُ مِثْلُ صَوْتِ الْعِشَارِ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْتَزَمَهُ فَسَكَنَ» وَالْعِشَارُ الْإِبِل الَّتِي تَحِنُّ إلَى أَوْلَادِهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 عَلَيْهِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (أَوْ) مَوْضِعٍ (مُرْتَفِعٍ) إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْبَرٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ فِي بُلُوغِ صَوْتِ الْخَطِيبِ عَلَيْهِ النَّاسَ. وَيُسَنُّ كَوْنُ الْمِنْبَرِ عَلَى يَمِينِ الْمِحْرَابِ لِأَنَّ مِنْبَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ كَذَلِكَ أَيْ عَلَى يَمِينِ الْمُسْتَقْبِلِ لِلْمِحْرَابِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (وَيُسَلِّمُ عَلَى مَنْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ) إذَا انْتَهَى إلَيْهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ أَيْ يُسَنُّ ذَلِكَ. (وَأَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ إذَا صَعِدَ) الْمِنْبَرَ (وَيُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ وَيَجْلِسَ) بَعْدَ السَّلَامِ (ثُمَّ يُؤَذَّنَ) بِفَتْحِ الذَّالِ فِي حَالِ جُلُوسِهِ لِلِاتِّبَاعِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ رَوَى الْأَخِيرَ أَيْ التَّأْذِينَ حَالَ الْجُلُوسِ الْبُخَارِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَا قَبْلَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ. وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَيَجْلِسُ وَيَشْتَغِلُ الْمُؤَذِّنُ بِالْأَذَانِ كَمَا جَلَسَ، وَإِذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ قَامَ وَالْمُرَادُ بِصُعُودِ الْمِنْبَرِ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنْ يَبْلُغَ فِي صُعُودِهِ الدَّرَجَةَ الَّتِي تَلِي مَوْضِعَ الْجُلُوسِ الْمُسَمَّى بِالْمُسْتَرَاحِ. وَفِي الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَقِفُ عَلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي تَلِي الْمُسْتَرَاحَ» . قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ فِيهِ: وَيَلْزَمُ السَّامِعِينَ رَدُّ السَّلَامِ عَلَيْهِ فِي الْمَرَّتَيْنِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالسَّلَامِ فِي بَاقِي الْمَوَاضِعِ (وَ) يُسَنُّ (أَنْ تَكُونَ) الْخُطْبَةُ (بَلِيغَةً) لَا مُبْتَذَلَةً رَكِيكَةً فَإِنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْقُلُوبِ (مَفْهُومَةً) أَيْ قَرِيبَةً مِنْ الْأَفْهَامِ لَا غَرِيبَةً وَحْشِيَّةً فَإِنَّهَا لَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَكْثَرُ النَّاسِ. (قَصِيرَةً) لِأَنَّ الطَّوِيلَةَ تُمِلُّ. وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ: «أَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ» . بِضَمِّ الصَّادِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ كَالْوَجِيزِ مَائِلَةٌ إلَى الْقِصَرِ أَيْ مُتَوَسِّطَةٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا» . أَيْ مُتَوَسِّطَةً (وَلَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَ) لَا (شِمَالًا فِي شَيْءٍ مِنْهَا) بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى مَا   [حاشية قليوبي] احْتَرَقَ أَبْدَلَهُ الْمُظَفَّرُ صَاحِبُ الْيَمَنِ بِغَيْرِهِ، ثُمَّ أَبْدَلَهُ الظَّاهِرُ بِغَيْرِهِ ثُمَّ أَبْدَلَهُ الْمُؤَيَّدُ شَيْخٌ بِغَيْرِهِ، ثُمَّ أَبْدَلَهُ الظَّاهِرُ خَوْش قَدِمَ بِغَيْرِهِ فَلَمَّا احْتَرَقَ أَبْدَلَهُ السُّلْطَانُ الْأَشْرَفُ قَايِتْبَايْ طَابَ ثَرَاهُ بِالْمِنْبَرِ الرُّخَامِ الْمَوْجُودِ الْآنَ عَلَى صِفَةِ مِنْبَرِ مُعَاوِيَةَ تَقْرِيبًا. قَوْلُهُ: (أَوْ مُرْتَفَعٍ إلَخْ) أَفَادَ الشَّارِحُ أَنَّ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرْتَفَعٌ أَسْنَدَ الْخَطِيبُ ظَهْرَهُ إلَى خَشَبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَمَا كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَنِدُ إلَى الْجِذْعِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ سِوَارِي مَسْجِدِهِ. وَيُقَالُ لَهُ الْعَذْقُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلنَّخْلَةِ وَبِكَسْرِهَا اسْمٌ لِلْغُصْنِ، وَذَلِكَ قَبْلَ عَمَلِهِ الْمِنْبَرَ الْمَذْكُورَ فَلَمَّا فَارَقَهُ الْمِنْبَرَ حَنَّ كَحَنِينِ الْعِشَارِ فَنَزَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْتَزَمَهُ وَخَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يَغْرِسَهُ فَيَعُودَ أَخْضَرَ أَوْ يَكُونَ فِي الْجَنَّةِ مَعَهُ، فَاخْتَارَ الْجَنَّةَ فَوَعَدَهُ بِهَا فَسَكَنَ، ثُمَّ دُفِنَ تَحْتَ الْمِنْبَرِ الشَّرِيفِ، فَلَمَّا هُدِمَ الْمَسْجِدُ أَخَذَهُ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ فَاسْتَمَرَّ عِنْدَهُ حَتَّى أَكَلَتْهُ الْأَرْضُ. قَوْلُهُ: (عَلَى يَمِينِ الْمُسْتَقْبِلِ لِلْمِحْرَابِ) بَعِيدًا عَنْهُ بِنَحْوِ ذِرَاعَيْنِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَيُسَلِّمُ عَلَى مَنْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ) وَكَذَا كُلُّ صَفٍّ مَرَّ عَلَيْهِ قُبَالَتَهُ، وَلَا تُطْلَبُ لَهُ التَّحِيَّةُ إنْ حَضَرَ وَقْتَ الْخُطْبَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ إذَا صَعِدَ) مُسْتَدْبِرًا لِلْقِبْلَةِ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ فِي مَقَاصِدِ التَّحْدِيثِ، وَلِذَلِكَ طُلِبَ كَوْنُ الْمِنْبَرِ فِي صَدْرِ الْمَسْجِدِ لِئَلَّا يَلْزَمَ اسْتِدْبَارُ خَلْقٍ كَثِيرٍ، وَيُنْدَبُ لَهُ اسْتِقْبَالُهُمْ مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَاعْتَمَدَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الذَّالِ) دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَوْدِ ضَمِيرِهِ لِلْخَطِيبِ عِنْدَ كَسْرِهَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا. وَيَعُودُ الضَّمِيرُ لِلْمُؤَذِّنِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ. وَيُنْدَبُ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ وَاحِدًا كَالْمُقِيمِ، وَكَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ بَيْنَ يَدَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) هِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لِإِفَادَتِهَا مُقَارَنَةَ الْأَذَانِ لِلْجُلُوسِ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ. (فَرْعٌ) اتِّخَاذُ الْمَرْقَى الْمَعْرُوفِ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ لِمَا فِيهَا مِنْ الْحَثِّ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقِرَاءَةِ الْآيَةِ الْمُكَرَّمَةِ وَطَلَبِ الْإِنْصَاتِ بِقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَؤُهُ فِي خُطَبِهِ وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ وَلَا الْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ اتَّخَذُوا مَرْقِيًّا. وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّهُ لَهُ أَصْلًا فِي السُّنَّةِ وَهُوَ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ خَطَبَ فِي عَرَفَةَ لِشَخْصٍ مِنْ الصَّحَابَةِ اسْتَنْصِتْ النَّاسَ» . قَوْلُهُ: (بَلِيغَةً) أَيْ فَصَيْحَةً جَزْلَةً. قَوْلُهُ: (أَيْ مُتَوَسِّطَةً) فَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْقِصَرِ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ لِمَا وَرَدَ «أَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَاقْصَرُوا الْخُطْبَةَ» . وَحِكْمَتُهُ لُحُوقِ الْمُتَأَخِّرِ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَسْتَمِرُّ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ طَلَبِ اسْتِدْبَارِهِ لَهُمْ أَوْ عَكْسَهُ، وَيُكْرَهُ مُخَالَفَةُ مَا ذُكِرَ كَالِاحْتِبَاءِ لِأَنَّهُ يَجْلِبُ النَّوْمَ.   [حاشية عميرة] (فَائِدَةٌ) كَانَ مِنْبَرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَ دَرَجٍ مِنْهَا دَرَجَةُ الْمُسْتَرَاحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ مُرْتَفَعٌ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرْتَفَعٌ اسْتَنَدَ إلَى خَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا لِحَدِيثِ الْجِذْعِ. قَوْلُهُ: (إذَا انْتَهَى إلَيْهِ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّهُ يُرِيدُ فِرَاقَهُمْ. قَوْلُهُ: (كَمَا جَلَسَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَيْ عِنْدَ جُلُوسِهِ. وَفِي نُكَتِ الْعِرَاقِيِّ أَنَّ النَّوَوِيَّ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: إنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَيْسَتْ عَرَبِيَّةً وَإِنَّ الْعَجَمَ تُطْلِقُهَا بِمَعْنَى عِنْدَ. قَوْلُهُ: (وَلَا شِمَالًا) زَادَ الشَّارِحُ لَفْظَةَ لَا لِدَفْعِ مَا قِيلَ لَوْ الْتَفَتَ يَمِينًا فَقَطْ أَوْ شِمَالًا فَقَطْ صَدَقَ أَنَّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ يَمِينًا وَشِمَالًا فَيَرُدُّ عَلَى الْعِبَارَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 تَقَدَّمَ مِنْ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِمْ إلَى فَرَاغِهَا أَيْ يُسَنُّ ذَلِكَ، وَيُسَنُّ لَهُمْ أَنْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ مُسْتَمِعِينَ لَهُ (وَيَعْتَمِدُ عَلَى سَيْفٍ أَوْ عَصًا وَنَحْوِهِ) رَوَى أَبُو دَاوُد: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَامَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا أَوْ قَوْسٍ» . وَرُوِيَ أَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى سَيْفٍ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْقَوْسِ. وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ قَامَ بِالسِّلَاحِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ الْيُسْرَى كَعَادَةِ مَنْ يُرِيدُ الضَّرْبَ بِالسَّيْفِ وَالرَّمْيَ بِالْقَوْسِ، وَيَشْغَلُ يَدَهُ الْيُمْنَى بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ جَعَلَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى أَوْ أَرْسَلَهُمَا وَلَا يَعْبَثُ بِهِمَا (وَيَكُونَ جُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ فِي الْجُمُعَةِ. (نَحْوَ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ) أَيْ يُسَنُّ ذَلِكَ. وَقِيلَ يَجِبُ فَلَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْهُ (وَإِذَا فَرَغَ) مِنْ الْخُطْبَةِ (شَرَعَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ وَبَادَرَ الْإِمَامُ لِيَبْلُغَ الْمِحْرَابَ مَعَ فَرَاغِهِ) مِنْ الْإِقَامَةِ فَيَشْرَعُ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ الْمُبَالَغَةُ فِي تَحْقِيقِ الْمُوَالَاةِ الَّتِي تَقَدَّمَ وُجُوبُهَا وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي النُّزُولِ مِنْ الْمِنْبَرِ عَقِبَ فَرَاغِهَا وَيَأْخُذَ الْمُؤَذِّنُونَ فِي الْإِقَامَةِ، وَيَبْلُغَ الْمِحْرَابَ مَعَ فَرَاغِ الْإِقَامَةِ انْتَهَى. فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِاسْتِحْبَابِ مَا ذُكِرَ هُنَا (وَيَقْرَأَ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ. (فِي الْأُولَى الْجُمُعَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُنَافِقِينَ جَهْرًا) لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ: «كَانَ يَقْرَأُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْجَهْرِ» . وَرَوَى هُوَ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] ، وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1] قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: كَانَ يَقْرَأُ هَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَهَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ فَهُمَا سُنَّتَانِ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا لَوْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ فِي الْأُولَى قَرَأَهَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ قَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِي الْأُولَى قَرَأَ الْجُمُعَةَ فِي الثَّانِيَةِ كَيْ لَا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ عَنْ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ الْيُسْرَى) مَنْ ابْتِدَاءِ طُلُوعِهِ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْمَرْقَى بِالْيَمِينِ كَمَا يَدْفَعُهُ لَهُ بَعْدَ نُزُولِهِ بِهَا، وَيُكْرَهُ وُقُوفُهُ عَلَى كُلِّ دَرَجَةٍ فِي طُلُوعِهِ وَدَقُّهُ الدَّرَجَ بِرِجْلِهِ أَوْ غَيْرِهَا وَالْإِسْرَاعُ فِي صُعُودِهِ أَوْ هُبُوطِهِ أَوْ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ، وَالْإِشَارَةُ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ الْحَاضِرِينَ وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِلَا عَطَشٍ كَذَلِكَ. (فَرْعٌ) يُكْرَهُ كَرَاهَةً قَوِيَّةً كِتَابَةُ الْحَفَائِظِ فِي رَمَضَانَ وَتَفْرِقَتُهَا عَلَى الْمُصَلِّينَ وَقَبُولُهُمْ لَهَا وَالْمَشْيُ بَيْنَ الصُّفُوفِ لِلسُّؤَالِ أَوْ غَيْرِهِ وَالتَّصَدُّقُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (نَحْوَ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ) وَيُنْدَبُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ وَسُورَةُ الْإِخْلَاصِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا كَمَا فِي الْعُبَابِ وَابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ) أَيْ إنْ لَمْ يَمَسَّ نَجَاسَةً كَوُقُوفِهِ عَلَيْهَا، وَلَا يَقْبِضُ حَرْفَهُ إنْ كَانَ يَنْجَرُّ بِجَرِّهِ وَعَلَيْهِ أَوْ فِيهِ نَجَاسَةٌ. قَوْلُهُ: (شَرَعَ الْمُؤَذِّنُ) أَيْ نَدْبًا كَمُبَادَرَةِ الْإِمَامِ وَلَوْ غَيْرَ الْخَطِيبِ. قَوْلُهُ: (وَيَقْرَأَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمَأْمُومُونَ بِهِمَا، وَقِرَاءَةُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةٍ غَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (جَهْرًا) وَلَوْ مَسْبُوقًا فِي ثَانِيَتِهِ وَيَقْرَأُ فِيهَا الْمُنَافِقِينَ مُطْلَقًا. وَقَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ يَقْرَأُ الْجُمُعَةَ فِيهَا إنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ لِعَدَمِ تَحَمُّلِهَا عَنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَعَلَى هَذَا فَيَجْمَعُ مَعَهَا الْمُنَافِقُونَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَهَلْ أَتَاك) وَإِنْ كَانَتْ أَطْوَلَ مِنْ سَبِّحْ لِوُرُودِهِ مَعَ حِكْمَةِ لُحُوقِ الْمُتَأَخِّرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَرَأَهَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ) أَيْ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا اقْتَصَرَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ أَوْ عَلَى بَعْضِهَا. (فَرْعٌ) قَالُوا حِكْمَةُ قِرَاءَةِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ كَوْنُ الْأُولَى فِيهَا اسْمُ الْجُمُعَةِ الْمُوَافِقُ لِاسْمِ يَوْمِهَا وَالْمُنَافِقِينَ تَلِيهَا فِي الْمُصْحَف الشَّرِيف وَالتَّوَالِي مَطْلُوب وَاَللَّه أَعْلَم.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (مِنْ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِمْ إلَخْ) فَلَوْ اسْتَدْبَرَهُمْ أَوْ اسْتَدْبَرُوهُ كُرِهَ. (فَرْعٌ) يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَحْتَبِيَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ لِأَنَّهُ يَجْلِبُ النَّوْمَ. قَوْلُهُ: (فِي يَدِهِ الْيُسْرَى) ظَاهِرُهُ حَتَّى مِنْ أَوَّلِ الصُّعُودِ، وَانْظُرْ إذَا انْتَهَى صُعُودُهُ وَأَخَذَ فِي التَّحَوُّلِ لِلْإِقْبَالِ عَلَيْهِمْ هَلْ يَكُونُ مَبْدَأُ التَّحَوُّلِ مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَمْ يَسْتَوِي الْأَمْرَانِ؟ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمُنَافِقِينَ) اُنْظُرْ مَا حِكْمَتُهَا. قَوْلُهُ: (مَعَ الْمُنَافِقِينَ) لَوْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْرَأُ الْمُنَافِقِينَ، وَلَوْ وَسِعَهُمَا فَالظَّاهِرُ الْبُدَاءَةُ بِالْجُمُعَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 (فَصْلٌ: يُسَنُّ الْغُسْلُ لِحَاضِرِهَا) أَيْ لِمَنْ يُرِيدُ حُضُورَ الْجُمُعَةَ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ (وَقِيلَ: لِكُلِّ أَحَدٍ) حَضَرَ أَوْ لَا وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ: «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» . أَيْ إذَا أَرَادَ مَجِيئَهَا وَحَدِيثُ ابْنِ حِبَّانَ وَأَبِي عَوَانَةَ: «مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَلْيَغْتَسِلْ» . وَصَرَفَ الْأَمْرَ عَنْ الْوُجُوبِ إلَى النَّدْبِ حَدِيثُ «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ. وَقَوْلُهُ: فَبِهَا أَيْ بِالسُّنَّةِ أَخَذَ أَيْ بِمَا جَوَّزَتْهُ مِنْ الْوُضُوءِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ. وَنِعْمَتْ الْخَصْلَةُ أَوْ الْفِعْلَةُ وَالْغُسْلُ مَعَهَا أَفْضَلُ. وَيَدُلُّ لِلثَّانِي حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ: «غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» أَيْ بَالِغٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ ثَابِتٌ طَلَبُهُ نَدْبًا لِمَا تَقَدَّمَ. (وَوَقْتُهُ مِنْ الْفَجْرِ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» وَسَيَأْتِي تَمَامُهَا. (وَتَقْرِيبُهُ مِنْ ذَهَابِهِ) إلَى الْجُمُعَةِ (أَفْضَلُ) لِأَنَّهُ أَفْضَى إلَى الْغَرَضِ مِنْ انْتِفَاءِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ حَالَ الِاجْتِمَاعِ. (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْغُسْلِ لِنَفَادِ الْمَاءِ بَعْدَ الْوُضُوءِ أَوْ لِقُرُوحٍ فِي غَيْرِ أَعْضَائِهِ (تَيَمَّمَ) بِنِيَّةِ الْغُسْلِ (فِي الْأَصَحِّ) وَحَازَ الْفَضِيلَةَ وَالثَّانِي وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ، وَرَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْغُسْلِ التَّنَظُّفُ وَقَطْعُ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ، وَالتَّيَمُّمُ لَا يُفِيدُ هَذَا الْغَرَضَ. (وَمِنْ الْمَسْنُونِ غُسْلُ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ) لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا كَالْجُمُعَةِ وَسَيَأْتِي وَقْتُ غُسْلِ الْعِيدِ فِي بَابِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَيَدْخُلُ وَقْتُ الْغُسْلِ لِلْكُسُوفِ بِأَوَّلِهِ (وَ) الْغُسْلُ (لِغَاسِلِ الْمَيِّتِ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِحَدِيثِ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ) فِيمَا يُطْلَبُ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْآدَابِ وَمِنْهَا الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا مَا فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرُهُ تَبَعٌ. قَوْلُهُ: (يُسَنُّ) وَقَدْ يَجِبُ بِالنَّذْرِ وَيُنْدَبُ الْوُضُوءُ لِذَلِكَ الْغُسْلِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُبَابِ وَكَذَا سَائِرُ الْأَغْسَالِ وَلَوْ لِحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ أَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا وَالتَّيَمُّمُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمَاءِ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ يُرِيدُ حُضُورَهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْحُضُورُ كَذَاتِ حَلِيلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَإِنْ خَالَفَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِيهِ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لِكُلِّ أَحَدٍ) فَهُوَ كَالْعِيدِ حَقٌّ لِلْيَوْمِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ غُسْلَ الْعِيدِ لِلزِّينَةِ. قَوْلُهُ: (كُلِّ مُحْتَلِمٍ) وَشُمُولُهُ لِغَيْرِهِ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِالْحَاضِرِ. قَوْلُهُ: (وَوَقْتُهُ مِنْ الْفَجْرِ) ظَاهِرُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَرَاجِعْهُ عَلَى الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَتَقْرِيبُهُ) أَصْلًا وَبَدَلًا مِنْ ذَهَابِهِ أَفْضَلُ وَإِنْ كَثُرَ رِيحُهُ الْكَرِيهُ وَيُقَدِّمُهُ عَلَى التَّبْكِيرِ إنْ عَارَضَهُ وَيَخْرُجُ وَقْتُهُ بِصُعُودِ الْخَطِيبِ إلَى الْمِنْبَرِ أَوْ بِفَرَاغِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَلَا يُبْطِلُهُ حَدَثٌ وَلَا جَنَابَةٌ وَتُنْدَبُ إعَادَتُهُ. قَوْلُهُ: (تَيَمَّمَ) أَيْ عَنْ الْغُسْلِ أَيْ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ عَنْ الْوُضُوءِ وَلَوْ جَمَعَهُمَا فِي نِيَّتِهِ كَفَى قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ الْغُسْلِ) قَالَ شَيْخُنَا فَيَقُولُ: نَوَيْت التَّيَمُّمَ بَدَلًا عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَلَا يَكْفِي نَوَيْت التَّيَمُّمَ عَنْ الْغُسْلِ لِعَدَمِ ذِكْرِ السَّبَبِ كَسَائِرِ الْأَغْسَالِ، وَيَكْفِي نَوَيْت التَّيَمُّمَ لِطُهْرِ الْجُمُعَةِ أَوْ لِلْجُمُعَةِ أَوْ لِلصَّلَاةِ أَوْ عَنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ الْبَدَلِيَّةَ، وَيُكْرَهُ تَرْكُ التَّيَمُّمِ كَالْغُسْلِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمَسْنُونِ) أَيْ مِنْ بَعْضِهِ لِأَنَّهَا كَثِيرَةٌ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ أَنَّ كُلَّ ذِي سَبَبٍ مُسْتَقْبَلٍ مَنْدُوبٌ وَكُلَّ ذِي مَاضٍ وَاجِبٌ إلَّا مِنْ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَالْإِسْلَامِ، وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ السَّبَبِ فِي جَمِيعِ الْأَغْسَالِ إلَّا فِي الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ فَيَنْوِي فِيهِمَا رَفْعَ الْجَنَابَةِ أَوْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ لِاحْتِمَالِ إنْزَالِهِ. وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قَلَّ مَنْ جُنَّ إلَّا وَأُنْزِلَ وَأُلْحِقَ بِهِ الْإِغْمَاءُ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَيَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ جَنَابَةٌ كَصَبِيٍّ، وَخَالَفَهُ الْخَطِيبُ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لِاسْتِحَالَةِ مَا يُضَافُ إلَيْهِ إنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ لِذَلِكَ الِاحْتِمَالِ إقَامَةً لِلْمَظِنَّةِ مَقَامَ الْيَقِينِ كَمَا فِي النَّوْمِ مَعَ احْتِمَالِ الْخَارِجِ لِأَنَّ الْغُسْلَ هُنَا لَهُ عَلَامَةٌ وَشَأْنُهَا الظُّهُورُ وَهِيَ الْمَنِيُّ وَهَذَا مَرْدُودٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ. وَلَوْ بَانَ بَعْدَ الْغُسْلِ أَنَّهُ جُنُبٌ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ كَوُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ وَفِيهِ نَظَرٌ خُصُوصًا عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا) هُوَ عِلَّةٌ لِطَلَبِ الْغُسْلِ فِي أَصْلِهِ وَإِنْ طُلِبَ لِلْمُنْفَرِدِ. قَوْلُهُ: (وَقْتُ غُسْلِ الْعِيدِ) وَيَدْخُلُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ وَفَارَقَ الْجُمُعَةَ نَظَرًا لِاتِّسَاعِ وَقْتِهِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (لِلْكُسُوفِ بِأَوَّلِهِ) وَيَخْرُجُ بِالِانْجِلَاءِ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ يُسَنُّ الْغُسْلُ لِمَنْ يُرِيدُ حُضُورَ الْجُمُعَةَ] فَصْلٌ: يُسَنُّ الْغُسْلُ إلَخْ) قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِكُلِّ أَحَدٍ) أَيْ فَيَكُونُ حَقًّا لِلْيَوْمِ. قَوْلُهُ: (مَعَهَا، وَقَوْلُهُ: الْفِعْلَةُ) الضَّمِيرُ فِيهِمَا رَاجِعٌ لِلْخَصْلَةِ. قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ أَعْضَائِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ الْغُسْلِ) فَيَقُولُ: نَوَيْت التَّيَمُّمَ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنِ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الْوُجُوهِ. قَوْلُهُ: (كَالْجُمُعَةِ) أَيْ فَالدَّلِيلُ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْغُسْلُ لِغَاسِلِ الْمَيِّتِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ اخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ تَعَبُّدٌ أَمْ لِنَجَاسَتِهِ عِنْدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَالصَّارِفُ لِلْأَمْرِ عَنْ الْوُجُوبِ حَدِيثُ: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي غُسْلِ مَيِّتِكُمْ غُسْلٌ إذَا غَسَّلْتُمُوهُ» صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ (وَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَا) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُغْمَى عَلَيْهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَإِذَا أَفَاقَ اغْتَسَلَ» . وَقِيسَ الْمَجْنُونُ بِالْمُغْمَى عَلَيْهِ (وَالْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ) «لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ بِالْغُسْلِ لَمَّا أَسْلَمَ» . وَكَذَلِكَ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ رَوَاهُمَا ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا وَلَيْسَ أَمْرَ وُجُوبٍ لِأَنَّ جَمَاعَةً أَسْلَمُوا فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْغُسْلِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ فِي الْكُفْرِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ فَإِنْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَلَا عِبْرَةَ بِغُسْلٍ مَضَى فِي الْكُفْرِ فِي الْأَصَحِّ (وَأَغْسَالِ الْحَجِّ) وَسَتَأْتِي فِي بَابِهِ (وَآكُدُهَا) أَيْ الْأَغْسَالُ الْمَسْنُونَةُ (غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ ثُمَّ) غُسْلُ (الْجُمُعَةِ وَعَكْسُهُ الْقَدِيمُ) فَقَالَ: آكُدُهَا غُسْلُ الْجُمُعَةِ ثُمَّ غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ (قُلْت: الْقَدِيمُ هُنَا أَظْهَرُ وَرَجَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَأَحَادِيثُهُ صَحِيحَةٌ كَثِيرَةٌ) وَهِيَ أَحَادِيثُ غُسْلِ الْجُمُعَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْهَا حَدِيثَا الشَّيْخَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَوَّلَ الْفَصْلِ. (وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) يَعْنِي مِنْ الْأَحَادِيثِ الطَّالِبَةِ لِغُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ بَلْ اعْتَرَضَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَلَى التِّرْمِذِيِّ فِي تَحَسُّبٍ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ مِنْهَا فَعَلَى تَصْحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ لَهُ أَوْلَى، وَوَجَّهَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ الْجَدِيدَ بِأَنَّ لِلشَّافِعِيِّ قَدِيمًا بِوُجُوبِ غُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ دُونَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ لَهُ قَدِيمًا بِوُجُوبِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ هَذَا غَرِيبًا وَذَاكَ مَشْهُورًا. وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي الْقَدِيمِ فِي وُجُوبِ غُسْلِ   [حاشية قليوبي] لِغَاسِلِ الْمَيِّتِ) وَإِنْ كَانَ الْغَاسِلُ لَهُ حَائِضًا أَوْ حَرُمَ الْغُسْلُ كَالشَّهِيدِ أَوْ كُرِهَ كَالْكَافِرِ الْحَرْبِيِّ وَأَصْلُ طَلَبِهِ إزَالَةُ ضَعْفِ بَدَنِ الْغَاسِلِ بِمُعَالَجَةِ جَسَدٍ خَاوٍ وَلِذَلِكَ يُنْدَبُ الْوُضُوءُ مِنْ تَيَمُّمِهِ لِأَنَّ فِيهِ مَسُّ جَسَدِهِ، وَمِثْلُهُ الْحَمْلُ لَكِنْ بَعْدَهُ وَقِيلَ قَبْلَهُ. وَيُنْدَبُ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ أَيْضًا لِيَكُونَ حَمْلُهُ عَلَى طَهَارَةٍ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ حَدِيثَ: «مَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» بِقَوْلِهِ: مَنْ حَمَلَهُ أَيْ أَرَادَ حَمْلَهُ. وَيَخْرُجُ وَقْتُهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ غُسْلِ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْإِسْلَامِ وَكُلِّ غَيْرِ مُوَقَّتٍ بِطُولِ الْفَصْلِ أَوْ الْإِعْرَاضِ وَلَا يُقْضَى إذَا فَاتَ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَيَتَّجِهُ عَدَمُ فَوَاتِهِ بِذَلِكَ وَإِذَا وُجِدَ غُسْلٌ بَعْدَهُ دَخَلَ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْكَافِرِ إلَخْ) شَمِلَ الْأُنْثَى إذَا غَسَّلَهَا زَوْجُهَا، وَيُنْدَبُ لَهُ حَلْقُ رَأْسِهِ وَلَوْ أُنْثَى أَوْ صَغِيرًا. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ بَعْدَ غُسْلِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَبْلَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنْ أَجْنَبَ فِي الْكُفْرِ فَبَعْدَهُ وَإِلَّا فَقَبْلَهُ. (تَنْبِيهٌ) : قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ الْعِبَارَةُ كَالَّتِي قَبْلَهَا مَقْلُوبَةٌ وَالْأَصْلُ وَلِمَنْ أَسْلَمَ مِنْ كُفْرِهِ وَلِمَنْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ إذَا لِلْوَقْتِ فَتُفِيدُ ذَلِكَ مَعَ طَلَبِ الْمُبَادَرَةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ فِيهِمَا وَضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ الْأُولَى وَالْهَمْزَةِ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا إلَخْ) أَيْ طَلَبُ الْغُسْلِ الْمَنْدُوبِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ) أَيْ مَعَ الْمَنْدُوبِ وَلَعَلَّ أَمْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَيْسٍ بِذَلِكَ كَانَ مَعَ أَمْرِهِ بِالْوَاجِبِ أَوْ مَعَ عِلْمِ قَيْسٍ بِهِ أَوْ هُوَ الْوَاجِبُ لَمَّا قِيلَ إنَّهُ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ فِي الْكُفْرِ وَمِنْ لَازِمِهَا الْجَنَابَةُ. قَوْلُهُ: (وَأَغْسَالِ الْحَجِّ) زَمَانًا وَمَكَانًا وَمِثْلُهُ الْعُمْرَةُ كَالْإِحْرَامِ وَدُخُولُ الْحَرَمِ وَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَحَرَمِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَمِنْ الْمَسْنُونِ الْغُسْلُ لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَلِلِاعْتِكَافِ وَلِلْأَذَانِ وَلِكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَلِدُخُولِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَكُلِّ مَسْجِدٍ وَمِنْ حَلْقِ الْعَانَةِ أَوْ الرَّأْسِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَقَصِّ الشَّارِبِ، وَنَحْوِ الْفَصْدِ وَتَغَيُّرِ الْبَدَنِ وَكُلِّ اجْتِمَاعٍ وَلَوْ لِصَلَاةٍ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إلَّا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ مِنْهُ بِمَاءٍ مُعْتَدِلٍ إلَى الْبَرْدِ وَفِي سَبِيلِ وَادٍ وَكُلِّ يَوْمٍ فِي أَيَّامِ زِيَادَةِ النِّيلِ فِيهِ بَلْ فِي كُلِّ وَقْتٍ فِيهَا وَغَيْرِ الْمَذْكُورَاتِ. قَوْلُهُ: (صَحِيحَةٌ كَثِيرَةٌ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَفْضَلَهَا مَا كَثُرَتْ أَحَادِيثُهُ وَصَحَّتْ ثُمَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ ثُمَّ مَا   [حاشية عميرة] مَنْ قَالَ بِهَا وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا الْوُضُوءُ لِمَسِّهِ. قَوْلُهُ: (بَلْ اعْتِرَاضٌ إلَخْ) رُبَّمَا يُشِيرُ بِهَذَا إلَى الرَّدِّ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ: عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ أَحَادِيثَهُ يَعْنِي الْقَدِيمَ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ وَهُوَ أَصْوَبُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَاعْتَرَضَ) الْمُعْتَرِضُ هُوَ الْجَمَّالُ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ) يَعْنِي قَوْلَهُ وَعَكْسُهُ الْقَدِيمُ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَوَجْهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِبَارَتُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 غَاسِلِ الْمَيِّتِ وَنَدَبَهُ كَمَا نَسَبَهُ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَذَكَرَ فِيهَا مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَنَّ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ يَدْفَعُهُ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ وَوَجَدَ مَنْ يُرِيدُهُ لِغُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَمَنْ يُرِيدُهُ لِلْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ لِأَيِّهِمَا يَدْفَعُهُ (وَيُسَنُّ التَّبْكِيرُ إلَيْهَا) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ أَيْ كَغُسْلِهَا ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةَ أَيْ وَاحِدَةً مِنْ الْإِبِلِ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» . وَرَوَى النَّسَائِيّ «فِي الْخَامِسَةِ كَاَلَّذِي يُهْدِي عُصْفُورًا، وَفِي السَّادِسَةِ بَيْضَةً» وَالسَّاعَاتُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَقِيلَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَمَنْ جَاءَ فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ فِي آخِرِهَا مُشْتَرَكَانِ فِي تَحْصِيلِ أَصْلِ الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَلَكِنَّ بَدَنَةَ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ مِنْ بَدَنَةِ الْآخَرِ، وَبَدَنَةُ الْمُتَوَسِّطِ مُتَوَسِّطَةٌ يَعْنِي وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْمُرَادُ تَرْتِيبُ الدَّرَجَاتِ وَفَضْلُ السَّابِقِ عَلَى الَّذِي يَلِيهِ لِئَلَّا يَسْتَوِيَ فِي الْفَضِيلَةِ رَجُلَانِ جَاءَا فِي طَرَفَيْ سَاعَةٍ.   [حاشية قليوبي] صَحَّتْ أَحَادِيثُهُ ثُمَّ مَا تَعَدَّى نَفْعُهُ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا شَيْءٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى سَبْرِ أَحَادِيثَ وَقَدْ أَيِسَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَيْ مُتَّفَقٍ عَلَى صِحَّتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالتَّبْكِيرُ إلَيْهَا) أَيْ مِمَّنْ يُرِيدُ حُضُورَهَا قَالَ شَيْخُنَا حَيْثُ طُلِبَ وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى. وَفِي التَّقْيِيدِ بِالطَّلَبِ تَأَمُّلٌ وَالْوَجْهُ الْإِطْلَاقُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ رَاحَ) . قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: مُقْتَضَاهُ خُصُوصُ هَذَا الثَّوَابِ بِمَنْ اغْتَسَلَ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَأَصْلُ الرَّوَاحِ لُغَةً السَّيْرُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَسُمِّيَ بِهِ مَا هُنَا لِأَنَّهُ سَعَى لِمَا يَحْصُلُ بَعْدَهُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ الْإِشَارَةَ إلَيْهِ وَهُوَ «مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ وَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا» فَقَوْلُهُ غَسَّلَ بِالتَّخْفِيفِ عَلَى الْأَفْصَحِ بِمَعْنَى غَسَلَ بَدَنَهُ فَمَا بَعْدَهُ تَأْكِيدٌ أَوْ بِمَعْنَى غَسَّلَ حَلِيلَتَهُ أَيْ أَلْزَمَهَا الْغُسْلَ بِوَطْئِهِ لَهَا لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ فِي السَّعْيِ الْآتِي، أَوْ بِمَعْنَى غَسَلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ، أَوْ بِمَعْنَى غَسَلَ ثِيَابَهُ أَوْ بِمَعْنَى غَسَلَ رَأْسَهُ مِنْ دُهْنٍ اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُمْ. وَمَعْنَى بَكَّرَ مُخَفَّفًا عَجَّلَ الْحُضُورَ وَمُشَدَّدًا بَادَرَ بِالصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَمَعْنَى ابْتَكَرَ أَدْرَكَ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ. وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ تَعْجِيلُ الْحُضُورِ كَمَا مَرَّ. وَالْمُرَادُ بِالْخُطُوَاتِ مِنْ مَحَلِّ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ مَثَلًا إلَى مَحَلِّ جُلُوسِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَنْتَهِي بِوُصُولِ الْمَسْجِدِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. (تَنْبِيهٌ) يَحْصُلُ التَّبْكِيرُ لِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ بِأَنْ يَتَهَيَّأَ لِلصَّلَاةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا وَمِنْ الرَّوَاحِ فِيمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقْصِدَ مَنْ يُرِيدُ الْحُضُورَ أَنَّ حُضُوره لِلصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى التَّبْكِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَاحِدَةً مِنْ الْإِبِلِ) شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَهَاؤُهُ لِلْوَحْدَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ) أَيْ لِصُعُودِ الْمِنْبَرِ مِنْ نَحْوِ خَلْوَةٍ. قَوْلُهُ: (الذِّكْرَ) أَيْ الْخُطْبَةَ. قَوْلُهُ: (كَاَلَّذِي يُهْدِي عُصْفُورًا) وَهَذِهِ السَّاعَةُ سَاقِطَةٌ مِنْ الرِّوَايَةِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (وَالسَّاعَاتُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ) عَلَى الصَّحِيحِ الْمُعْتَمَدِ. وَقِيلَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَقِيلَ مِنْ الزَّوَالِ وَآخِرُهَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ إلَى صُعُودِ الْإِمَامِ لِلْمِنْبَرِ. وَالْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ يُقَسَّمُ سِتَّةَ أَقْسَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ كُلُّ قِسْمٍ مِنْهَا يُسَمَّى سَاعَةً. قَوْلُهُ: (قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ) فِي الْبَقَرَةِ وَالْكَبْشِ وَالدَّجَاجَةِ وَالْعُصْفُورِ وَالْبَيْضَةِ، وَمَحَلُّ حُصُولِ هَذَا الثَّوَابِ إنْ اسْتَمَرَّ فِي مَحَلِّ الصَّلَاةِ إلَى أَنْ صَلَّى أَوْ خَرَجَ بِعُذْرٍ وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ وَإِلَّا فَاتَهُ وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ سَاعَةِ عَوْدِهِ. وَسُئِلَ شَيْخُنَا عَنْ أَسْنَانِ تِلْكَ الْحَيَوَانَاتِ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا كَالْأُضْحِيَّةِ فَقِيلَ لَهُ فَالدَّجَاجَةُ وَالْعُصْفُورُ فَتَوَقَّفَ ثُمَّ مَالَ إلَى اعْتِبَارِ الْكَمَالِ عُرْفًا فِي الْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَسْتَوِيَ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ جَوَابُهُ فِي كَلَامِ شَرْحِ الْمُهَذِّب   [حاشية عميرة] وَاعْلَمْ أَنَّ مَا نَقَلْنَاهُ يَقْتَضِي تَرَدُّدَ قَوْلِهِ فِي وُجُوبِ هَذَا الْغُسْلِ فِي الْقَدِيمِ لِأَنَّهُ لَوْ جَزَمَ فِيهِ بِوُجُوبِهِ لَمَا انْتَظَمَ مِنْهُ الْقَوْلُ بِأَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ آكَدُ مِنْهُ اهـ. وَغَرَضُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ هَذَا الْكَلَامِ دَفْعُ مَا يُقَالُ كَيْفَ صَحَّ الْحُكْمُ فِي الْقَدِيمِ بِأَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ آكَدُ مِنْهُ مَعَ أَنَّ الْجَزْمَ بِوُجُوبِهِ فِي الْقَدِيمِ. كَمَا أَوْرَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَقَالَ إنَّ الرَّافِعِيَّ حَاوَلَ الْجَوَابَ يَعْنِي بِمَا سَلَفَ عَنْهُ. قَالَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَسَبَبُ هَذِهِ الْمُحَاوَلَةِ مِنْهُ عَدَمُ إغْلَاطِهِ عَلَى أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلًا بِوُجُوبِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الثَّوَابَ الْمَخْصُوصَ إنَّمَا يَحْصُلُ لِمَنْ اغْتَسَلَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ أَهْلَ الْحِسَابِ مِنْهُ يَحْسِبُونَ الْيَوْمَ، وَيَعُدُّونَ السَّاعَاتِ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ أَوَّلُ الْيَوْمِ شَرْعًا وَبِهِ يَدْخُلُ وَقْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْفَلَكِيَّةَ وَإِلَّا لَاخْتَلَفَ الْأَمْرُ بِالْيَوْمِ الشَّاتِي وَالصَّائِفِ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ «يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَاعَةً» ، وَهُوَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ أَيَّامِهِ. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ يَخْتَارُ لَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ إلَى الْوَقْتِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ اتِّبَاعًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَائِهِ (مَاشِيًا) لَا رَاكِبًا لِلْحَثِّ عَلَى ذَلِكَ مَعَ غَيْرِهِ فِي حَدِيثٍ. رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. (بِسَكِينَةٍ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ: «إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ» وَهُوَ مُبَيِّنٌ لِلْمُرَادِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] أَيْ امْضُوا كَمَا قُرِئَ بِهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَقْيِيدُ الْمَشْيِ إلَى الْجُمُعَةِ عَلَى سَكِينَةٍ بِمَا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْفَلَكِيَّةَ) وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا خَمْسَ عَشْرَةَ دَرَجَةً دَائِمًا وَلَا الزَّمَانِيَّةَ أَيْضًا لِأَنَّهَا نِصْفُ سُدُسِ النَّهَارِ دَائِمًا وَأَوَّلُهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ، وَلَا تَرْتِيبَ دَرَجَاتِ السَّابِقِينَ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَدَدَ السَّاعَاتِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَتَقَدَّمَ الْمُرَادُ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْيَوْمَ الثَّانِيَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دَرَجَةً فِي أَقْصَرِ الْأَيَّامِ وَنِصْفُهُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ دَرَجَةً فَلَا يَكُونُ فِيهِ سِتُّ سَاعَاتٍ إلَّا مَعَ حِصَّةِ الْفَجْرِ وَالْيَوْمُ الصَّائِفُ مِائَتَانِ وَنَحْوُ عَشْرِ دَرَجَاتٍ وَنِصْفُهُ مِائَةٌ وَخَمْسُ دَرَجَاتٍ فَهُوَ نَحْوُ سَبْعِ سَاعَاتٍ بِغَيْرِ حِصَّةِ الْفَجْرِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْحَدِيثِ إلَخْ) هُوَ دَلِيلٌ لِلْمَنْفِيِّ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (إنَّ الْإِمَامَ إلَخْ) وَهُوَ الصَّحِيحُ وَحِكْمَتُهُ قُوَّةُ الْهَيْئَةِ فِيهِ وَتَشَوُّفُ النَّاسِ لَهُ وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْمُبَكِّرِ أَوْ أَكْثَرُ قَالَهُ شَيْخُنَا. لَكِنْ يُنْظَرُ أَيُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمُبَكِّرِينَ فَرَاجِعْهُ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ ثَوَابُ السَّاعَةِ الَّتِي لَوْلَا طَلَبُ التَّأْخِيرِ لَجَاءَ فِيهَا فَرَاجِعْهُ. فَإِنْ بَكَّرَ فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِي الْبَدَنَةِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (مَاشِيًا) أَيْ فِي ذَهَابِهِ إنْ لَاقَ بِهِ الْمَشْيُ وَلَمْ تَحْصُلْ لَهُ مَشَقَّةٌ تُذْهِبُ الْخُشُوعَ وَيُخَيَّرُ فِي رُجُوعِهِ لِانْتِهَاءِ الْعِبَادَةِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُنْدَبُ الْمَشْيُ فِي عَوْدِهِ أَيْضًا لِمَا وَرَدَ «أَنَّ رَجُلًا قِيلَ لَهُ: هَلَّا اشْتَرَيْت لَك حِمَارًا تَرْكَبُهُ إذَا أَتَيْت إلَى الصَّلَاةِ فِي الرَّمْضَاءِ وَالظَّلْمَاءِ؟ فَقَالَ: إنِّي أُحِبُّ أَنْ يُكْتَبَ لِي أَجْرُ مَمْشَايَ فِي ذَهَابِي وَعَوْدِي. فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَدْ كَتَبَ اللَّهُ لَك ذَلِكَ» . وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ خُصُوصِيَّةٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ نَظَرًا لِاعْتِقَادِهِ أَوْ بِأَنَّ الْمُرَادَ كُتِبَ لَهُ مَجْمُوعُ ذَلِكَ أَيْ الذَّهَابِ وَحْدَهُ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكِبَ فِي عَوْدِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ رُكُوبَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ لِأَنَّ بَيَانَ الْجَوَازِ فِيمَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْحُرْمَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ هُنَا، فَرُكُوبُهُ لِبَيَانِ عَدَمِ الْأَفْضَلِيَّةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا رَاكِبًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَشْيِ مُطْلَقُ الْمُضِيِّ لِيُلَائِمَ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ إلَخْ) هُوَ الْمُتَقَدِّمُ آنِفًا. قَوْلُهُ: (بِسَكِينَةٍ) وَهِيَ التَّأَنِّي فِي الْمَشْيِ وَالْحَرَكَاتِ وَاجْتِنَابِ الْعَبَثِ وَالْوَقَارُ مُرَادِفٌ لَهَا أَوْ هُوَ حُسْنُ الْهَيْئَةِ كَغَضِّ الْبَصَرِ وَخَفْضِ الصَّوْتِ وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ يَمِينًا وَشِمَالًا. وَيُطْلَبُ ذَلِكَ لِلرَّاكِبِ فِيهِ وَفِي دَابَّتِهِ. قَوْلُهُ: (بِمَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ) أَيْ وَقْتُهَا   [حاشية عميرة] الْغُسْلِ، قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَلَى الْأَوْجُهِ كُلِّهَا الْأَرْبَعَ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي قُسِمَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ عَلَيْهَا اهـ. فَإِنْ قُلْت: مَا الْمُرَادُ بِالسَّاعَاتِ بِاعْتِبَارِ مَا حَكَاهُ الشَّارِحُ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قُلْت: قِيلَ: جَعَلَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْجُمُعَةِ شِتَاءً وَصَيْفًا مَقْسُومًا عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَاعَةً، كَمَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ لَا الْفَلَكِيَّةَ وَلَا تَرْتِيبَ السَّابِقِ فِي الْفَصْلِ، وَالسَّاعَاتُ بِهَذَا الْمَعْنَى تُعْرَفُ بِالزَّمَانِيَّةِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمِيقَاتِ. وَهَذَا الْكَلَامُ لِي فِيهِ بَحْثٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الصَّحِيحَ اعْتِبَارُ السَّاعَاتِ مِنْ الْفَجْرِ، وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ الْحِصَّةَ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ أَزْيَدُ مِنْ بَاقِي النَّهَارِ بِنَحْوِ ثَلَاثِينَ دَرَجَةً فَيَلْزَمُ زِيَادَاتُ السَّاعَاتِ فِيهَا، سَوَاءٌ اعْتَبَرْنَا الْفَلَكِيَّةَ أَمْ غَيْرَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا لَاخْتَلَفَ الْأَمْرُ بِالْيَوْمِ الشَّاتِي وَالصَّائِفِ) زَادَ الرَّافِعِيُّ وَلَفَاتَتْ الْجُمُعَةُ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي لِمَنْ جَاءَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ اهـ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الطَّوِيلَ مِنْهَا تَزِيدُ سَاعَاتُهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد إلَخْ دَلِيلٌ لِقَوْلِ الشَّيْخَيْنِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْفَلَكِيَّةَ وَإِلَّا لِاخْتِلَافِ إلَخْ وَفِي قِطْعَةِ السُّبْكِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالسَّاعَاتُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَقِيلَ: مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقِيلَ: مِنْ أَوَّلِ الزَّوَالِ وَيَكُونُ أَطْلَقَ السَّاعَاتِ عَلَى اللَّحَظَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَاعَةً إلَخْ وَاعْلَمْ أَنَّ السَّاعَاتِ الْفَلَكِيَّةَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً يَخُصُّ كُلَّ سَاعَةٍ سِتَّةَ عَشَرَ دَرَجَةً فَإِذَا اسْتَوَى اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِائَةً وَثَمَانِينَ دَرَجَةً فَإِذَا وَصَلَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى نِهَايَةِ طُولِهِ أَخَذَ مِنْ الْآخَرِ سَاعَتَيْنِ ثَلَاثِينَ دَرَجَةً فَتَكُونُ غَايَةُ الْقَصْرِ الِانْتِهَاءَ إلَى عَشْرِ سَاعَاتٍ هَذَا اصْطِلَاحُ أَهْلِ الْمِيقَاتِ، وَعِنْدَهُمْ ابْتِدَاءُ النَّهَارِ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَالرَّاجِحُ كَمَا عَلِمْت اعْتِبَارُ السَّاعَاتِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْحِصَّةَ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ أَزْيَدُ مِنْ بَاقِي النَّهَارِ بِكَثِيرٍ فَمَتَى اعْتَبَرْنَا الْفَلَكِيَّةَ لَزِمَ زِيَادَةُ عَدَدِهَا عَلَى السِّتِّ وَاخْتِلَافُهَا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الزَّمَانِيَّةِ بِالنَّظَرِ إلَى اخْتِلَافِ الْبَدَنَةِ مَثَلًا كَمَالًا وَنَقْصًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ إلَّا بِأَنْ يُقَسَّمَ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ سِتُّ سَاعَاتٍ مُتَسَاوِيَةِ الْأَجْزَاءِ، لَكِنْ يَلْزَمُهُ زِيَادَةُ أَجْزَاءِ كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ وَأَنَّهُ لَا يَسْعَى إلَى غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ أَيْضًا (وَأَنْ يَشْتَغِلَ فِي طَرِيقِهِ وَحُضُورِهِ) قَبْلَ الْخُطْبَةِ (بِقِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ) أَوْ صَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالطَّرِيقُ مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَفِي التَّنْزِيلِ {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: 36] وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ» . وَفِي مُسْلِمٍ: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا كَانَ يَعْمِدُ إلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ» . (وَلَا يَتَخَطَّى) رِقَابَ النَّاسِ لِلْحَثِّ عَلَى ذَلِكَ مَعَ غَيْرِهِ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إلَّا إذَا كَانَ إمَامًا أَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ فُرْجَةٌ لَا يَصِلُهَا بِغَيْرِ تَخَطٍّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ التَّخَطِّي، أَمَّا الْإِمَامُ وَفَرْضُهُ فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا إلَّا بِهِ فَلِلضَّرُورَةِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلِتَفْرِيطِ الْجَالِسِينَ وَرَاءَ الْفُرْجَةِ بِتَرْكِهَا سَوَاءٌ وَجَدَ غَيْرَهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ قَرِيبَةً أَمْ بَعِيدَةً وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ إنْ كَانَ لَهُ مَوْضِعٌ غَيْرُهَا أَنْ لَا يَتَخَطَّى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعٌ، وَكَانَتْ قَرِيبَةً بِحَيْثُ لَا يَتَخَطَّى أَكْثَرَ مِنْ رَجُلَيْنِ وَنَحْوِهِمَا دَخَلَهَا وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً   [حاشية قليوبي] بِخُرُوجِهِ لَوْ لَمْ يُسْرِعْ أَوْ بِفَوَاتِهَا لَمَسْبُوقٌ كَذَلِكَ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَيَجِبُ الْإِسْرَاعُ فِي ذَلِكَ. كَمَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا. قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ الْإِسْرَاعُ وَلَا يَجِبُ السَّعْيُ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهَا إلَّا بِهِ كَبَعِيدِ الدَّارِ. قَوْلُهُ: (لَا يَسْعَى إلَخْ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَخْشَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ فَلَا يَسْعَى لِإِدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَلَا لِلرَّكَعَاتِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الصَّلَوَاتِ) وَمِثْلُهَا كُلُّ عِبَادَةٍ. وَكَذَا يُنْدَبُ تَخَالُفُ الطَّرِيقِ وَأَنْ يَذْهَبَ فِي الْأَطْوَلِ. قَوْلُهُ: (فِي طَرِيقِهِ) فَلَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِيهَا إلَّا لِشَغْلِ قَلْبٍ أَوْ لَهْوٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَرَاهَةُ الْعَبَثِ بِالْيَدَيْنِ. (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: يُكْرَهُ التَّشْبِيكُ لِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ كَمَا فِيهَا لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ عَقِبَهَا وَعَلَيْهِ حُمِلَ التَّشْبِيكُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَخَطَّى) أَيْ سَوَاءٌ أَلِفَ مَوْضِعًا لَا يَصِلُهُ إلَّا بِالتَّخَطِّي أَوْ لَا فَيَحْرُمُ إنْ تَحَقَّقَ أَذًى لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْحَدِيثُ وَإِلَّا فَلَا يَحْرُمُ وَفِيهِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (رِقَابَ النَّاسِ) أَيْ الْجَالِسِينَ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يُكْرَهُ خَرْقُ الصُّفُوفِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (إمَامًا) وَمِثْلُهُ كُلُّ مَنْ يُتَسَامَحُ بِتَخَطِّيهِ لِصَلَاحٍ أَوْ مَنْصِبٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ كَانَ مِمَّنْ تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ، وَلَا يَسْمَعُ إلَّا بِالتَّخَطِّي بَلْ يَجِبُ التَّخَطِّي فِي هَذِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فُرْجَةٌ) وَهِيَ خَلَاءٌ ظَاهِرٌ أَقَلُّهُ مَا يَسَعُ وَاقِفًا وَخَرَجَ بِهَا السَّعَةُ فَلَا يَتَخَطَّى لَهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (نُدِبَ أَنْ لَا يَتَخَطَّى) فَإِنْ تَخَطَّى فَخِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِلْقَرِيبَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا تَخَطِّي أَكْثَرِ مِنْ صَفٍّ فَقَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا أَيْ الرَّجُلَيْنِ كَالْمَرْأَتَيْنِ وَالصَّبِيَّيْنِ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ صَفٌّ آخَرُ وَحَمْلُهُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (دَخَلَهَا) أَيْ نَدْبًا ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ رَجَا سَدَّهَا أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (بَعِيدَةً) بِأَنْ يَكُونَ فِيهَا تَخَطِّي صَفَّيْنِ فَأَكْثَرَ. وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمَنْهَجِ وَاحِدًا وَاثْنَيْنِ وَحَمْلُهُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ أَوْ رَجُلَيْنِ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ إنْ خَلَا جَانِبَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَمَرَّ مِنْ الْجِهَةِ الْخَالِيَةِ فَلَا يَتَخَطَّى أَصْلًا فِيهِمَا أَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِهَةِ الْخَالِيَةِ فِي الثَّانِيَةِ فَهُوَ مِنْ تَخَطِّي صَفٍّ لَا مِنْ تَخَطِّي رَجُلٍ. فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَخَطَّى) فَإِنْ تَخَطَّى فَخِلَافُ الْأَوْلَى وَفِي الْمَنْهَجِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلْيَتَخَطَّ) أَيْ نَدْبًا. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ التَّخَطِّيَ يُوجَدُ فِيهِ سِتَّةُ أَحْكَامٍ فَيَجِبُ إنْ تَوَقَّفَتْ الصِّحَّةُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ مَعَ التَّأَذِّي، وَيُكْرَهُ مَعَ عَدَمِ الْفُرْجَةِ أَمَامَهُ، وَيُنْدَبُ فِي الْفُرْجَةِ الْقَرِيبَةِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا وَفِي الْبَعِيدَةِ لِمَنْ لَمْ يَرْجُ سَدَّهَا وَلَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا وَخِلَافُ الْأَوْلَى فِي الْقَرِيبَةِ لِمَنْ وَجَدَ مَوْضِعًا، وَفِي الْبَعِيدَةِ إنْ رَجَا سَدَّهَا وَوَجَدَ مَوْضِعًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيُبَاحُ فِي هَذِهِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَوْضِعًا. (فَرْعٌ) يُكْرَهُ التَّخَطِّي فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ مِنْ مَجَامِعِ النَّاسِ بِلَا أَذًى وَيَحْرُمُ إقَامَةُ شَخْصٍ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لِيَجْلِسَ مَكَانَهُ فَإِنْ قَامَ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا بَأْسَ لَكِنْ يُكْرَهُ انْتِقَالُهُ إلَى دُونِ مَحَلِّهِ ثَوَابًا إلَّا لِمَصْلَحَةٍ كَنَحْوِ عَالِمٍ وَقَارِئٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ يَجْلِسُ فِي مَكَان لِيَقُومَ لَهُ مِنْهُ إذَا قَدِمَ، وَيُكْرَهُ بَعْثُ سَجَّادَةٍ وَنَحْوِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ مَعَ عَدَمِ إحْيَاءِ الْبُقْعَةِ خُصُوصًا فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَة   [حاشية عميرة] هَذِهِ الْحِصَّةِ عَلَى أَجْزَاءِ كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ بَعْدِ الزَّوَالِ لِطُولِ الْحِصَّةِ الْأُولَى كَمَا عَلِمْت فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَفَاتَتْ الْجُمُعَةُ إلَخْ لَمْ أَدْرِ مَعْنَاهُ خُصُوصًا مَعَ تَصْحِيحِهِ اعْتِبَارَهَا مِنْ الْفَجْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَتَخَطَّى) أَيْ وَيَحْرُمُ أَنْ يُقِيمَ رَجُلًا لِيَجْلِسَ مَكَانَهُ، فَإِنْ قَامَ الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ لَمْ يُكْرَهْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَجْلِسَ مَكَانَهُ ثُمَّ إنْ تَقَرَّبَ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ انْتَقَلَ إلَى مِثْلِ الْأَوَّلِ لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ لِأَنَّ الْإِيثَارَ بِالْقُرْبِ مَكْرُوهٌ. قَوْلُهُ: (فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد إلَخْ) هُوَ «مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ، وَبَكَّرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 وَرَجَا أَنْ يَتَقَدَّمُوا إلَيْهَا إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَقْعُدَ مَوْضِعَهُ، وَلَا يَتَخَطَّى وَإِلَّا فَلْيَتَخَطَّ. (وَأَنْ يَتَزَيَّنَ بِأَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَطِيبٍ) لِذِكْرِهِمَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي التَّخَطِّي، وَأَوْلَى الثِّيَابِ الْبِيضُ فَإِنْ لَبِسَ مَصْبُوغًا فَمَا صُبِغَ غَزْلُهُ. ثُمَّ نُسِجَ كَالْبُرُودِ لَا مَا صُبِغَ مَنْسُوجًا (وَإِزَالَةِ الظُّفْرِ) وَالشَّعْرِ لِلِاتِّبَاعِ. وَرَوَى الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَيَقُصُّ شَارِبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الصَّلَاةِ» (وَالرِّيحِ) الْكَرِيهَةِ كَالصُّنَانِ لِأَنَّهُ يَتَأَذَّى بِهِ غَيْرُهُ فَيُزَالُ بِالْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ. (قُلْت:) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَأَنْ يَقْرَأَ الْكَهْفَ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا) أَيْ لِحَدِيثِ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَحَدِيثِ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ   [حاشية قليوبي] وَلِغَيْرِهِ تَنْحِيَتُهَا وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ بِغَيْرِ حَمْلٍ لِئَلَّا يَضْمَنَهَا. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَتَزَيَّنَ) أَيْ مَنْ حَضَرَ غَيْرَ الْعَجُوزِ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (وَطِيبٍ) أَيْ لِغَيْرِ مُحْرِمٍ وَصَائِمٍ وَامْرَأَةٍ تُرِيدُ الْحُضُورَ وَلَوْ عَجُوزًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْبِيضُ) وَأَوْلَاهَا الْجَدِيدُ إنْ لَمْ يَخْشَ تَلْوِيثَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْبُرُودِ) مِنْهَا الْمَعْرُوفُ بِالطُّرَحِ وَالْقَلِيعَةِ عِنْدَ الْعَوَامّ. قَوْلُهُ: (لَا مَا صُبِغَ مَنْسُوجًا) فَهُوَ بَعْدَ الْبُرُودِ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ السَّاذَجِ وَغَيْرُ الْأَسْوَدِ أَوْلَى مِنْهُ، وَلَا يُكْرَهُ لَهُ لُبْسُ غَيْرِ الْأَبْيَضِ. نَعَمْ إدَامَةُ لُبْسِ الْأَسْوَدِ وَلَوْ فِي النِّعَالِ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَإِزَالَةُ الظُّفْرِ) عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ لِلْغَالِبِ، وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ وُجِدَتْ، لَكِنَّ الْأَوْلَى فِي كَيْفِيَّتِهِ فِي الرِّجْلَيْنِ بِمَا فِي التَّخْلِيلِ فِي الْوُضُوءِ، وَفِي الْيَدَيْنِ بِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ. وَقِيلَ: إنَّهُ وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِسَبَّابَةِ الْيُمْنَى عَلَى التَّوَالِي وَيَخْتِمُهَا بِإِبْهَامِهَا، ثُمَّ يَبْدَأَ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى وَيَخْتِمَهَا بِسَبَّابَتِهَا. وَنَقَلَ فِي التَّجَارِبِ عَنْ السُّبْكِيّ وَالْبِرْمَاوِيِّ سَوَاءٌ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ أَنَّ إزَالَتَهَا عَلَى خِلَافِ التَّوَالِي أَمَانٌ مِنْ الرَّمَدِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْإِبْهَامِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ ثُمَّ السَّبَّابَةِ، عَلَى تَوَالِي حُرُوفِ خوابس يُجْعَلُ كُلُّ حَرْفٍ مِنْ أَوَّلِ اسْمِ أُصْبُعٍ ثُمَّ يَبْدَأُ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْخِنْصَرِ ثُمَّ السَّبَّابَةِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ عَلَى تَوَالِي حُرُوفِ أَوْ حُسِبَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى إزَالَةِ ظُفْرِ يَدٍ أَوْ بَعْضِهَا كَالِانْتِعَالِ فِي رِجْلٍ وَاحِدَةٍ. وَيَنْبَغِي غَسْلُ مَوْضِعِ قَلْمِ الظُّفْرِ لِمَا قِيلَ إنَّ الْحَكَّ بِهِ قَبْلَ الْغَسْلِ يُورِثُ الْبَرَصَ. وَلَا يُكْرَهُ الْقَصُّ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَمَا نُسِبَ لِسَيِّدِنَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ كَرَاهَتِهِ لَمْ يَثْبُتْ وَإِنْ كَانَ مَنْظُومًا. قَوْلُهُ: (وَالشَّعْرِ) مِنْ الْإِبْطِ وَالْعَانَةِ وَالشَّارِبِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ الْعَانَةَ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا لِلْغَالِبِ. (تَنْبِيهٌ) حَلْقُ الرَّأْسِ فِي غَيْرِ الْمَوْلُودِ وَإِسْلَامِ الْكَافِرِ وَالنُّسُكِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحْلِقْ رَأْسَهُ إلَّا فِي نُسُكٍ مَرَّتَيْنِ وَقِيلَ ثَلَاثًا. (فَرْعٌ) يُكْرَهُ الْقَزَعُ بِقَافٍ فَزَايٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ فَمُهْمَلَةٍ وَهُوَ حَلْقُ، بَعْضِ الرَّأْسِ وَلَوْ مُتَعَدِّدًا. قَوْلُهُ: (كَالصُّنَانِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ رِيحِ الْفَمِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ الْفَرْجِ أَوْ الثِّيَابِ. قَوْلُهُ: (فَيُزَالُ) أَيْ نَدْبًا بَلْ وُجُوبًا فِيمَا أَكَلَهُ بِقَصْدِ إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا. وَتَقَدَّمَ فِي أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِهَذَا وَنَحْوِهِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْهُ. (تَنْبِيهٌ) هَذِهِ الْمَنْدُوبَاتُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَخْتَصُّ بِالْجُمُعَةِ بَلْ فِيهَا مَا لَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى بَعْضِهِ. قَوْلُهُ: (سُورَةَ الْكَهْفِ) لِمَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ أَهْوَالِ الْقِيَامَةِ الْوَارِدِ أَنَّ قِيَامَهَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ. وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ مَنْ دَاوَمَ عَلَى الْعَشْرِ آيَاتِ أَوَّلِهَا أَمِنَ مِنْ الدَّجَّالِ. قَوْلُهُ: (يَوْمَهَا) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ اللَّيْلِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ آكَدُ وَالْإِكْثَارُ مِنْ قِرَاءَتِهَا وَأَقَلُّهُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ أَفْضَلُ. قَوْلُهُ: (أَضَاءَ لَهُ) أَيْ غُفِرَ لَهُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ أَوْ أَكْثَرَ لَهُ الثَّوَابَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَهُ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ، لَكِنْ يَرُدُّهُ حَدِيثُ «وَغُفِرَ لَهُ إلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى» . وَفَضَلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. وَحَدِيثُ «غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ» . وَغَيْرُ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةٍ: «لِمَنْ قَرَأَهَا لَيْلًا زِيَادَةٌ وَصَلَّى عَلَيْهِ أَلْفُ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَعُوفِيَ مِنْ الْبَلِيَّةِ وَذَاتِ الْجَنْبِ وَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ» . لَكِنَّ هَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّ قِرَاءَتَهَا لَيْلًا أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَتِهَا نَهَارًا إلَّا أَنْ يُرَادَ مُجَرَّدُ التَّرْغِيبِ. وَالْمُرَادُ بِالْجُمُعَتَيْنِ الْمَاضِيَةُ وَالْمُسْتَقْبِلَةِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قَرَأَهَا فِي إحْدَى الْجُمُعَتَيْنِ أَوْ فِيهِمَا ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ الْكَعْبَةَ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ عَلَى أَنَّ   [حاشية عميرة] وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ» إلَخْ. قَوْلُهُ: (لَا مَا صُبِغَ) . قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ يُكْرَهُ لُبْسُهُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِرَاءَتُهَا نَهَارًا آكَدُ. (فَائِدَةٌ) ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» . قَوْلُهُ: (أَضَاءَ لَهُ مِنْ النُّورِ) ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَدَلَهُ غُفِرَ قَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» . رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ (وَيُكْثِرَ الدُّعَاءَ) يَوْمَهَا رَجَاءَ أَنْ يُصَادِفَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ فَفِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ بَعْدَ ذِكْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ: «فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَلِّلُهَا» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: " وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيَّةٌ ". وَوَرَدَ تَعْيِينُهَا أَيْضًا فِي حَدِيثِ «يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَاعَةً السَّابِقِ قَرِيبًا فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ» . وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ» أَيْ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ أَيْ يَفْرُغَ مِنْهَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَعْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: يُحْتَمَلُ أَنَّهَا مُنْتَقِلَةٌ تَكُونُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ فِي وَقْتٍ وَفِي بَعْضِهَا فِي وَقْتٍ آخَرَ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَقَالَ فِيهِ بَعْدَ ذِكْرِ أَقْوَالِ التَّعْيِينِ بِمَا ذُكِرَ وَغَيْرُهُ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَلَيْسَ مَعْنَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ وَقْتٌ لِهَذِهِ السَّاعَةِ بَلْ الْمَعْنَى أَنَّهَا تَكُونُ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِقَوْلِهِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي صَحِيحٌ. وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَلَّغَهُ أَنَّهُ يُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَأَنَّهُ اسْتَحَبَّ الدُّعَاءَ فِيهَا. (وَ) يُكْثِرَ (الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتَهَا لِحَدِيثِ: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلِيَّ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ فَمَنْ صَلَّى عَلِيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَصَحَّحَ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ حَدِيثَ: «إنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَأَكْثِرُوا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيَّ فِيهِ» . (وَيَحْرُمُ   [حاشية قليوبي] الْمُرَادَ بِالْإِضَاءَةِ مَا مَرَّ. وَكَذَا إنْ أُرِيدَ بِالنُّورِ حَقِيقَتُهُ، وَبِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ مَا فِي السَّمَاءِ لِاسْتِوَاءِ النَّاسِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْكَعْبَةُ عَلَى هَذَا لَزِمَ كَثْرَةُ نُورِ الْبَعِيدِ عَنْهُ عَلَى نُورِ الْقَرِيبِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى اخْتِلَافِهِ بِالْكَيْفِيَّةِ كَمَا فِي دَرَجَاتِ الْجَمَاعَةِ أَوْ عَلَى مُجَرَّدِ التَّرْغِيبِ. قَوْلُهُ: (سَاعَةَ الْإِجَابَةِ) أَيْ إنَّ الدُّعَاءَ فِيهَا مُسْتَجَابٌ وَيَقَعُ مَا دُعِيَ بِهِ حَالًا يَقِينًا فَلَا يُنَافِي أَنَّ كُلَّ دُعَاءٍ مُسْتَجَابٌ كَمَا يُرَاجَعُ مِنْ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْعَصْرِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ آخِرِ سَاعَةٍ أَوْ مُضِرٌّ إلَّا أَنَّ جُعِلَ ظَرْفًا لِلْآخِرِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ سَاعَةٍ. قَوْلُهُ: (هِيَ مَا بَيْنَ) أَيْ لَحْظَةٌ لَطِيفَةٌ فِيمَا بَيْنَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ. وَالْمُرَادُ كُلُّ خَطِيبٍ فَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْخُطَبَاءِ وَلَوْ فِي الْمَحَلِّ الْوَاحِدِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَأَنَّهُ إذَا صَادَفَهَا أَهْلُ مَحَلٍّ كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَلَا يُنَافِي طَلَبُ الدُّعَاءِ هُنَا وَقْتَ الْخُطْبَةِ مَا مَرَّ مِنْ طَلَبِ الْإِنْصَاتِ فِيهِ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِالدُّعَاءِ اسْتِحْضَارُهُ بِالْقَلْبِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. أَوْ فِيمَا عَدَا وَقْتَ ذِكْرِ الْأَرْكَانِ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ. وَهُوَ أَظْهَرُ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ حُرْمَةِ الْكَلَامِ وَعَدَمِ كَرَاهَتِهِ اتِّفَاقًا فِي غَيْرِ وَقْتِ ذِكْرِهَا. قَوْلُهُ: (قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) هُوَ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ كَالْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (صَحِيحٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ اعْتِذَارٌ عَنْ جَعْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لَهَا لِعَدَمِ ذِكْرِهَا هُنَا فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَيُكْثِرُ الصَّلَاةَ إلَخْ) أَيْ لِمَا قِيلَ «إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْمَعُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ بِأُذُنَيْهِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتِهَا» . لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ شَيْءٌ وَأَقَلُّ إكْثَارِهَا ثَلَاثُمِائَةِ مَرَّةٍ. كَمَا قَالَهُ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ، وَيُقَدِّمُهَا عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْكَهْفِ وَالدُّخَانِ، وَيُقَدِّمُ عَلَيْهَا تَكْبِيرَ الْعِيدِ وَلَوْ وَافَقَ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ لِأَنَّ الْأَقَلَّ أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ كَمَا طُلِبَ تَرْكُ أَخْذِ الظَّفَرِ وَالشَّعْرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ، وَتَرْكُ الطِّيبِ فِيهِ لِلصَّائِمِ وَالْمُحَدَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ كُلَّ مَحَلٍّ طُلِبَ فِيهِ ذِكْرٌ بِخُصُوصِهِ فَالِاشْتِغَالُ بِهِ فِيهَا أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ مَأْثُورٍ آخَرَ.   [حاشية عميرة] وَالْمُرَادُ الْجُمُعَةُ الْمَاضِيَةُ وَقِيلَ: الْمُسْتَقْبِلَةُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ ذِكْرِ أَقْوَالِ التَّعْيِينِ) أَيْ الْأَقْوَالِ الَّتِي سَاقَهَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ بِمَا ذُكِرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (التَّشَاغُلُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ) هَذَا يُفِيدُك أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَرُبَ مَنْزِلُهُ جِدًّا مِنْ الْجَامِعِ وَيَعْلَمُ الْإِدْرَاكَ وَلَوْ تَوَجَّهَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْكُثَ فِي بَيْتِهِ لِشَغْلٍ مَعَ عِيَالِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْجَامِعِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ} [الجمعة: 9] إلَخْ وَهُوَ أَمْرٌ مُهِمٌّ فَتَفَطَّنْ لَهُ. (تَتِمَّةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: كَرَاهَةُ تَشْبِيكِ الْأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ خَاصٌّ بِمَنْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ اهـ. وَلِمُسْتَمِعِ الْخَطِيبِ إذَا ذَكَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ هَذَا أَنَّهُ مُبَاحٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ ثُمَّ حَاوَلَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى مُحَافَظَةً عَلَى الِاسْتِمَاعِ، وَلَوْ احْتَاجَ الْوَلِيُّ إلَى بَيْعِ مَالِ الْيَتِيمِ وَقْتَ النِّدَاءِ لِضَرُورَةٍ فَدَفَعَ فِيهِ شَخْصٌ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ دِينَارًا أَوْ دَفَعَ فِيهِ شَخْصٌ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا نِصْفَ دِينَارٍ فَهَلْ يَجِبُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي احْتِمَالَانِ لِلرُّويَانِيِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 عَلَى ذِي الْجُمُعَةِ) أَيْ مَنْ تَلْزَمُهُ (التَّشَاغُلُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ) الْمَزِيدُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ الْعُقُودِ وَالصَّنَائِعِ وَغَيْرِهَا (بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ) قَالَ تَعَالَى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] أَيْ اُتْرُكُوهُ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَهُوَ بِالتَّرْكِ فَيَحْرُمُ الْفِعْلُ وَقِيسَ عَلَى الْبَيْعِ غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ فِي تَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ، وَتَقْيِيدُ الْأَذَانِ بِبَيْنِ يَدَيْ الْخَطِيبِ أَيْ بِوَقْتِ كَوْنِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَقَدَّمَ، فَانْصَرَفَ النِّدَاءُ فِي الْآيَةِ إلَيْهِ فَلَوْ أُذِّنَ قَبْلَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ لَمْ يَحْرُمْ الْبَيْعُ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. وَكَذَا مَا قِيسَ بِهِ قَالَ فِيهَا وَحُرْمَتُهُ فِي حَقِّ مَنْ جَلَسَ لَهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَمَّا إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ فَقَامَ لَهُ بِقَصْدِ الْجُمُعَةِ فَبَاعَ فِي طَرِيقِهِ أَوْ وَقَعَ فِي الْجَامِعِ، وَبَاعَ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ الْبَيْعَ فِي الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ انْتَهَى. وَلَوْ تَبَايَعَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ دُونَ الْآخَرِ أَثِمَ الْآخَرُ أَيْضًا لِإِعَانَتِهِ عَلَى الْحَرَامِ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَصَاحِبِ الْعُدَّةِ كُرِهَ لَهُ وَهُوَ شَاذٌّ وَفِيهِ إذَا تَبَايَعَا وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْجُمُعَةِ لَمْ يَحْرُمْ بِحَالٍ وَلَمْ يُكْرَهْ (فَإِنْ بَاعَ) مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ (صَحَّ) بَيْعُهُ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ لِمَعْنًى خَارِجٍ عَنْهُ وَيُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ الْعُقُودِ (وَيُكْرَهُ) التَّشَاغُلُ الْمَذْكُورُ (قَبْلَ الْأَذَانِ) الْمَذْكُورِ (بَعْدَ الزَّوَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِخِلَافِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَلَا يُكْرَهُ وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى الْبَيْعِ فِي الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا. (فَصْلٌ: مَنْ أَدْرَكَ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ) مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى أَنْ سَلَّمَ (أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ) أَيْ لَمْ تَفُتْهُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فِي تَفْوِيتِ الْجُمُعَةِ) قَالَ شَيْخُنَا: فَإِنْ لَمْ تُفَوَّتْ لَمْ يَحْرُمْ، وَلَوْ حَالَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِدَوَرَانِ الْحُكْمِ مَعَ الْعِلَّةِ. وَفِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا يَدُلُّ لَهُ، وَمَا فِي كَلَامِ شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِمَّا يُخَالِفُ بَعْضَ ذَلِكَ لَمْ يَعْتَمِدْهُ. قَوْلُهُ: (لِإِعَانَتِهِ) فَهُوَ إثْمُ إعَانَتِهِ وَهُوَ دُونَ إثْمِ التَّشَاغُلِ. وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْمَالِكِ الْإِعَانَةُ فِي بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي بِأَنَّ فِي الْإِعَانَةِ هُنَا تَفْوِيتَ وَاجِبٍ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ، وَثَمَّ تَفْوِيتُ اتِّسَاعٍ عَلَى النَّاسِ وَلَيْسَ الْمَالِكُ مَمْنُوعًا مِنْهُ لِجَوَازِ إرَادَتِهِ لَهُ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الشَّافِعِيِّ الْكَلَامُ مَعَ الْمَالِكِيِّ وَقْتَ الْخُطْبَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اثْنَيْنِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَيْعِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ حُرْمَةَ التَّشَاغُلِ وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ كَشِرَاءِ مَاءِ طَهَارَةٍ وَسَاتِرِ عَوْرَةٍ وَدَوَاءِ مَرِيضٍ وَطَعَامِهِ، وَنَفَقَةِ نَحْوِ طِفْلٍ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ كَذَلِكَ. وَخَرَجَ بِالْمَصْلَحَةِ الضَّرُورَةُ كَاضْطِرَارٍ وَكَفَنِ مَيِّتٍ خِيفَ تَغَيُّرُهُ فَلَا حُرْمَةَ حِينَئِذٍ وَيُقَدِّمُ الْوَلِيُّ الْعَقْدَ بِلَا إثْمٍ عَلَى الرِّبْحِ بِهِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الزَّوَالِ) أَيْ فِي بَلَدٍ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالتَّأْخِيرِ نَحْوِ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ مَا لَمْ يَفْحُشُ التَّأْخِيرُ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَلَا يُكْرَهُ) نَعَمْ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ مِنْ الْفَجْرِ حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يُفَوِّتُ كَغَيْرَةِ كَبَعِيدِ الدَّارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَصْلٌ) فِيمَا يُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَحُكْمُ الِاسْتِخْلَافِ وَالزَّحْمَةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (رُكُوعَ الثَّانِيَةِ) أَيْ مَعَ سَجْدَتَيْهَا وَمَعَ اسْتِمْرَارِ الْقَوْمِ فِيهِمَا، وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ فِي التَّشَهُّدِ بَعْدَهُمَا وَتَقْيِيدُهُ بِالِاسْتِمْرَارِ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ وَلَيْسَ شَرْطًا وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْمُفَارَقَةُ كَغَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ الْأَرْبَعِينَ إنْ عَلِمَ أَنَّ بَقَاءَهُ مَعَهُ يُخْرِجُهُ عَنْ الْوَقْتِ وَلَوْ شَكَّ وَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ فِي سَجْدَةٍ فَعَلَهَا فَإِنْ فَرَغَ مِنْهَا قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ تَمَّتْ جُمُعَتُهُ، وَإِلَّا أَتَمَّهَا ظُهْرًا، وَلَوْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ مَعَ نَفْسِهِ حُسِبَتْ لَهُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ فَاسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ فِيهِ وَلَا تُدْرَكُ بِإِدْرَاكِهِ فِي رَكْعَةٍ قَامَ الْإِمَامُ لَهَا سَهْوًا، بَلْ لَا تَجُوزُ لَهُ مُتَابَعَتُهُ فِيهَا فَإِنْ تَابَعَهُ عَالِمًا عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ وَلَا تَحْصُلُ لَهُ الْجُمُعَةُ، وَإِنْ انْتَظَرَهُ الْقَوْمُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنُ حَجَرٍ: تَحْصُلُ لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَنَّ قِيَامَهُ لَهَا لِجَبْرِ رُكْنٍ تَرَكَهُ مَثَلًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ مَعَهُ وَيُدْرِكُ بِهَا الْجُمُعَةَ إنْ انْتَظَرَ الْقَوْمُ الْإِمَامَ وَإِلَّا فَلَا. وَعَلَى هَذَا لَوْ عَلِمَ الْقَوْمُ بِتَرْكِ الرُّكْنِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْقِيَامُ مَعَهُ أَيْضًا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَلَوْ كَانَ الرُّكْنُ مِمَّا يَلْزَمُهُمْ اسْتِئْنَافُ الصَّلَاةِ بِتَرْكِهِ كَالْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْضِهَا فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الِاسْتِئْنَافِ عَلَيْهِمْ مَعَهُ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ بَاطِلَةٌ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَفُتْهُ) دَفَعَ بِهِ إيهَامَ كَلَامِ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ أَدْرَكَ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى أَنْ سَلَّمَ] فَصْلٌ: مَنْ أَدْرَكَ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ إلَخْ) قَوْلُهُ: (وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى أَنْ سَلَّمَ) هَذَا تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ فَيُصَلِّي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَلَيْسَ بِشَرْطٍ إذْ لَوْ فَارَقَهُ فِي التَّشَهُّدِ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجَمَّالُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 (فَيُصَلِّي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ رَكْعَةً) لِإِتْمَامِهَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» . وَقَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إلَيْهَا أُخْرَى» . رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ وَقَالَ: فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَوْلُهُ: فَلْيُصَلِّ هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ. وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ أَنَّ مَنْ لَحِقَ الْإِمَامَ الْمُحْدِثَ رَاكِعًا تُحْسَبُ رَكْعَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ فَاسْتُغْنِيَ بِهِ عَنْ التَّقْيِيدِ هُنَا بِغَيْرِ الْمُحْدِثِ (وَإِنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ الْإِمَامَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ (فَاتَتْهُ) الْجُمُعَةُ لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ (فَيُتِمُّ بَعْدَ سَلَامِهِ) أَيْ الْإِمَامَ (ظُهْرًا أَرْبَعًا) وَفِيهِ حَدِيثُ: «مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلْيُضِفْ إلَيْهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ الرُّكُوعَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَلْيُصَلِّ الظُّهْرَ أَرْبَعًا» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْوِي فِي اقْتِدَائِهِ الْجُمُعَةَ) مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ وَالثَّانِي الظُّهْرَ لِأَنَّهَا الَّتِي يَفْعَلُهَا. (تَتِمَّةٌ) مَنْ صَلَّى الرَّكْعَةَ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ فَارَقَهُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ. وَقُلْنَا بِالرَّاجِحِ أَنَّهُ لَا تَضُرُّ الْمُفَارَقَةُ أَتَمَّهَا جُمُعَةً كَمَا لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا) مِنْ الصَّلَوَاتِ (بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَرُعَافٍ (جَازَ) لَهُ   [حاشية قليوبي] الْمُصَنِّفِ: أَنَّ الْجُمُعَةَ تَحْصُلُ لَهُ بِتَرْكِ الْفَاتِحَةِ الْمَعْلُومِ انْتِفَاؤُهُ مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (لِإِتْمَامِهَا) وَيَجْهَرُ فِيهَا وَلَوْ اقْتَدَى بِهَذَا الْمَسْبُوقِ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ أَرْبَعُونَ نَاوِينَ الْجُمُعَةَ حَصَلَتْ لَهُمْ الْجُمُعَةُ. كَذَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَأَفْتَى بِانْقِلَابِ صَلَاتِهِمْ ظُهْرًا وَيُتِمُّونَهَا أَرْبَعًا إنْ كَانُوا جَاهِلِينَ وَإِلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُمْ مِنْ أَصْلِهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ بَلْ وَأَوْجُهُ مِنْهُ عَدَمُ انْعِقَادِ إحْرَامِهِمْ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ تُحْسَبْ رَكْعَتُهُ) أَيْ إلَّا إنْ كَانَ أَدْرَكَ مَعَهُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فَتُحْسَبُ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُ شَيْئًا وَمِثْلُهُ الْمُتَبَاطِئُ بِأَنْ حَضَرَ إحْرَامَ الْإِمَامِ أَوْ أَوَّلَ قِيَامِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُحْرِمْ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ إنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ، وَأَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ وَالْجُمُعَةَ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَحْدَهُ إنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَرْبَعًا) تَأْكِيدٌ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْجُمُعَةَ تُسَمَّى ظُهْرًا مَقْصُورَةً، وَلَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ جُمُعَةً صَحِيحَةً وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهَا، وَتَنْقَلِبُ ظُهْرُهُ الْمَذْكُورَةُ نَفْلًا مُطْلَقًا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ) أَيْ بِحَسَبِ مَا هُوَ شَأْنُهُ الْأَصْلِيُّ فَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِالظُّهْرِ بِنَحْوِ سَفَرٍ وَنِيَّةُ الْجُمُعَةِ جَائِزٌ لِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَوَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ. كَذَا قَالُوهُ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَنْ عَلِمَ ضِيقَ الْوَقْتِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَالْوَجْهُ فِي هَذِهِ وُجُوبُ نِيَّةِ الظُّهْرِ، وَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ الْجُمُعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ الْيَأْسَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالسَّلَامِ إذْ قَدْ يَتَذَكَّرُ الْإِمَامُ تَرْكَ رُكْنٍ فَيَأْتِيَ بِرَكْعَةِ فَيُدْرِكَ ذَلِكَ الْمَسْبُوقُ الْجُمُعَةَ أَيْ إذَا صَلَّاهَا الْمَسْبُوقُ مَعَهُ وَالْقَوْمُ يَنْتَظِرُونَهُ كَمَا تَقَدَّمَ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، إذْ لَا تُدْرَكُ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ فَتَأَمَّلْ وَقَدْ أَشَارُوا بِهَذَا التَّعْلِيلِ بَعْدَ الْأَوَّلِ إلَى وُجُوبِ نِيَّةِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمَسْبُوقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ نَاوِيًا لَهَا كَمَا مَرَّ. وَقَدْ عَلِمْت جَوَابَهُ وَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَيَخْرُجُ عَنْ التَّعْلِيلَيْنِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مَا لَوْ كَانَ الْمَسْبُوقُ وَالْإِمَامُ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ وَقَدْ نَوَى الْإِمَامُ الظُّهْرَ فَلَا يَلْزَمُ الْمَسْبُوقَ نِيَّةُ الْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ بِالْأَوْلَى مِمَّا مَرَّ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ إذَا قَامَ الْإِمَامُ الَّذِي نَوَى الظُّهْرَ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ فَلِلْمَسْبُوقِ الْعَالِمِ بِحَالِهِ أَنْ يَقُومَ مَعَهُ وَيُدْرِكُ الْجُمُعَةَ إنْ أَتَمَّ رَكْعَةً قَبْلَ سَلَامِ الْقَوْمِ، وَتَوَقَّفَ الْيَأْسُ هُنَا عَلَى سَلَامِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِحْرَامُ بِغَيْرِهَا مَعَ إمْكَانِ إدْرَاكِهَا كَمَا مَرَّ. فَلَا تُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ حُصُولِ الْيَأْسِ بِرَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ فِيمَنْ لَا تَلْزَمُهُ مِنْ الْمَعْذُورِينَ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِانْتِظَارِهِ إلَى فَرَاغِهَا. قَوْلُهُ: (تَتِمَّةٌ) هِيَ مَفْهُومُ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ لِمُنَاسَبَةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَرُعَافٍ) وَنَجَاسَةٍ وَقَعَتْ عَلَيْهِ وَتَعَذَّرَ دَفْعُهَا حَالًا. وَكَذَا الْإِغْمَاءُ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَدَثِ بِخِلَافِهِ فِي الْخُطْبَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (جَازَ لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَلَا عَلَى الْقَوْمِ فَيُنْدَبُ لَهُمْ إلَّا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ   [حاشية عميرة] التَّشَهُّدِ فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ صِحَّةِ جُمُعَةِ الْمَسْبُوقِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ التَّبَعِيَّةِ لِجُمُعَةِ الْإِمَامِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْحَاشِيَةِ الْمَسْطُورَةِ بِذَيْلِ الصَّفْحَةِ أَيْ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ وَهِيَ فِي الصَّفْحَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَوَّلُ كَلَامِ الْمُحَشِّي زَادَ السُّبْكِيُّ فِي قِطْعَتِهِ إنَّ السُّبْكِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَاوَلَ ذَلِكَ حَتَّى فِي حَقِّ مَنْ أَدْرَكَ أَوَّلَ الثَّانِيَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ مُشْكِلٌ فَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: إنَّ مَنْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ اسْتَخْلَفَهُ فَاقْتَدَى بِهِ شَخْصٌ فِيهَا أَتَمَّ الْخَلِيفَةُ الظُّهْرَ وَالْمُقْتَدِي بِهِ الْجُمُعَةَ وَظَاهِرُهُ كَمَا تَرَى أَنَّ الْمُقْتَدَى بِهِ يُتِمُّ الْجُمُعَةَ حَيْثُمَا أَدْرَكَ مَعَهُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، سَوَاءٌ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْخَلِيفَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا. وَذَلِكَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى حُصُولِ الْجُمُعَةِ لِلْمَأْمُومِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَلَا يَضُرُّهُ حَدَثُ الْإِمَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيُتِمُّ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى اسْتِئْنَافِ نِيَّةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 (الِاسْتِخْلَافُ فِي الْأَظْهَرِ) فَيُتِمُّ الْقَوْمُ الصَّلَاةَ مُقْتَدِينَ بِالْخَلِيفَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ كَمَا سَيَأْتِي. وَالثَّانِي يَقُولُ يُتِمُّونَهَا وُحْدَانًا فَفِي الْجُمُعَةِ إنْ كَانَ الْحَدَثُ فِي الْأُولَى يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا أَوْ فِي الثَّانِيَةِ فَيُتِمُّونَهَا ظُهْرًا مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْإِمَامُ: يُشْتَرَطُ حُصُولُ الِاسْتِخْلَافِ عَلَى قُرْبٍ فَلَوْ فَعَلُوا عَلَى الِانْفِرَادِ رُكْنًا امْتَنَعَ الِاسْتِخْلَافُ بَعْدَهُ (وَلَا يَسْتَخْلِفُ لِلْجُمُعَةِ إلَّا مُقْتَدِيًا بِهِ قَبْلَ حَدَثِهِ) لِأَنَّ فِي اسْتِخْلَافِ غَيْرِ الْمُقْتَدِي ابْتِدَاءَ جُمُعَةٍ بَعْدَ انْعِقَادِ جُمُعَةٍ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ (كَوْنُهُ) أَيْ الْمُقْتَدِي (حَضَرَ الْخُطْبَةَ وَلَا الرَّكْعَةَ الْأُولَى فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا (وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ الْخُطْبَةَ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ إدْرَاكُهُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْخُطْبَةَ ثُمَّ) عَلَى   [حاشية قليوبي] الْجُمُعَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الِاسْتِخْلَافُ فِيهَا، وَيَجِبُ امْتِثَالُ مَنْ أُرِيدَ تَقْدِيمُهُ فِي هَذِهِ لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهِ عَلَى الْإِمَامِ. وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ اسْتِخْلَافُ أَكْثَرِ مِنْ وَاحِدٍ لِيُصَلِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ بِجَمَاعَةٍ إلَّا إنْ سَبَقَ خَلِيفَةٌ لَا يَحْتَاجُونَ مَعَهُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ فَيَمْتَنِعُ عَلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يَنْوِ قَطْعَ الْقُدْوَةِ بِهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْخَلِيفَةُ فِي غَيْرِ السَّبْقِ الْمَذْكُورِ قُدِّمَ خَلِيفَةُ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ ثُمَّ خَلِيفَةُ الْقَوْمِ ثُمَّ خَلِيفَةُ الْإِمَامِ غَيْرِ الرَّاتِبِ ثُمَّ مَنْ اسْتَخْلَفَ نَفْسُهُ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ هُوَ الرَّاتِبُ قُدِّمَ مُطْلَقًا. كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ وَحَرِّرْهُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا وَقَعَ خَلِيفَتَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ مَعًا، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْخَلِيفَةُ مِنْ نَوْعٍ كَأَنْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ اثْنَيْنِ مَثَلًا تَسَاقَطَا إنْ وَقَعَا مَعًا وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَوَّلُ. (تَنْبِيهٌ) خُرُوجُ الْإِمَامِ بِالْحَدَثِ عَمْدًا يُبْطِلُ صَلَاةَ الْمَأْمُومِينَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ (يُتِمُّونَهَا وُحْدَانًا) فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِخْلَافُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ. وَفِي اسْتِخْلَافِ الْمُقْتَدِي فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِصِحَّتِهِ. قَوْلُهُ: (يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا) أَيْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ أَيْضًا وَيَكُونُ مَا وَقَعَ عُذْرًا فِي جَوَازِ فَوَاتِهَا وَإِنْ أَمْكَنَ فِعْلُهَا. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ حُصُولُ الِاسْتِخْلَافِ) أَيْ الَّذِي لَا يَحْتَاجُونَ مَعَهُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ فَعَلُوا) رُكْنًا وَلَوْ قَوْلِيًّا أَوْ قَصِيرًا. وَكَذَا لَوْ طَالَ الْفَصْلُ عُرْفًا وَقَدَّرَهُ شَيْخُنَا بِمَا يَسَعُ الرُّكْنَ الْمَذْكُورَ، وَخَرَجَ بِالرُّكْنِ فِعْلُ مَا دُونَهُ فَلَا يُمْنَعُ وَلَا يَلْزَمُهُمْ إعَادَتُهُ. قَوْلُهُ: (امْتَنَعَ الِاسْتِخْلَافُ) أَيْ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ بِلَا تَجْدِيدِ نِيَّةٍ وَفِيهَا مُطْلَقًا، وَتَبْطُلُ إنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَلَا تَنْقَلِبُ ظُهْرًا لِأَنَّهُ كَاسْتِخْلَافِ غَيْرِ الْمُقْتَدِي. قَوْلُهُ: (مُقْتَدِيًا بِهِ) وَلَوْ صُورَةً فَقَوْلُهُ قَبْلَ حَدَثِهِ أَيْ قَبْلَ ظُهُورِهِ وَإِنْ كَانَ حَالَةَ الِاقْتِدَاءِ مُحْدِثًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ. (فَرْعٌ) الِاسْتِخْلَافُ فِي الْخُطْبَةِ كَالصَّلَاةِ فَلَا يَسْتَخْلِفُ فِي أَثْنَائِهَا إلَّا مَنْ حَضَرَ مَا مَضَى مِنْهَا وَلَا بَعْدَ فَرَاغِهَا لِلصَّلَاةِ إلَّا مَنْ حَضَرَهَا مِنْ أَوَّلِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَفِي الثَّانِيَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (ابْتِدَاءَ جُمُعَةٍ إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَالِابْتِدَاءُ الْمَذْكُورُ مُمْتَنِعٌ وَإِنْ كَانَ حُكْمِيًّا كَاسْتِخْلَافِ الْمَسْبُوقِينَ مَنْ يُتِمُّ أَوْ جَازَ التَّعَدُّدُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ هُنَا. وَهَذَا إنْ نَوَى الْخَلِيفَةُ الْجُمُعَةَ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْ فَإِنْ نَوَى الظُّهْرَ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ إنْ كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ كَمَا مَرَّ، وَإِلَّا صَحَّتْ، وَتَسْتَمِرُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] الِاسْتِخْلَافُ فِي الْأَظْهَرِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ غَايَةَ أَمْرِهِ الِاقْتِدَاءُ بِإِمَامَيْنِ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي اسْتِخْلَافِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرَّتَيْنِ الْأُولَى حِينَ ذَهَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُصْلِحَ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَالثَّانِيَةُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتَدَلَّ لِلثَّانِي «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَقَالَ: مَكَانَكُمْ حَتَّى رَجَعَ» وَأَمَّا قَضِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ فَذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ لَا يَلِيقُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَحَدٌ عَلَيْهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْجَنَابَةَ كَانَتْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ الْبَعْدِيَّةِ فَذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَأَيْضًا فَقِصَّةُ الْمَرَضِ وَآخِرُ الْأَمْرَيْنِ فَتَكُونُ نَاسِخَةً وَأَمَّا دَعْوَى الْخُصُوصِيَّةِ فَيَمْنَعُهَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشَارَ إلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَثْبُتَ مَكَانَهُ فَتَرَكَ ذَلِكَ أَدَبًا. نَعَمْ يَطْرُقُ دَلِيلُ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يُخْرِجْ نَفْسَهُ مِنْ الصَّلَاةِ، فَلَا يَنْهَضُ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ عِنْدَ بُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَالَ فَالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال بِاسْتِخْلَافِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ طُعِنَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ. وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَجَعَلَ اسْتِخْلَافَ مَنْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ مُسْتَفَادًا بِالْأَوْلَى مِنْ قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (فَائِدَةٌ) خَرَجَ الْإِمَامُ بِحَدَثٍ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. قَوْلُهُ: (يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا) أَيْ وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ لِلْعُذْرِ، هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَضَرَ الْخُطْبَةَ) أَمَّا السَّمَاعُ فَلَا يُشْتَرَطُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ابْتِدَاءُ إمَامَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ الْخُطْبَةَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ إدْرَاكُ الرَّكْعَةِ إلَخْ) أَيْ لِيَكُونَ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ وَعَبَّرَ الشَّارِحُ بِالْإِدْرَاكِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ مُجَرَّدَ حُضُورِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَيْسَ كَافِيًا. وَلِذَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَلَا إدْرَاكُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 الْأَصَحِّ (إنْ كَانَ أَدْرَكَ) الرَّكْعَةَ (الْأُولَى تَمَّتْ جُمُعَتُهُمْ) أَيْ الْقَوْمِ الشَّامِلِ لَهُ سَوَاءٌ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي الْأُولَى أَمْ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (وَإِلَّا) كَأَنْ اقْتَدَى فِي الثَّانِيَةِ (فَتَتِمُّ) الْجُمُعَةُ (لَهُمْ دُونَهُ) أَيْ غَيْرَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً فَيُتِمُّهَا ظُهْرًا. وَالثَّانِي تَتِمُّ لِأَنَّهُ صَلَّى رَكْعَةً فِي جَمَاعَةٍ (وَيُرَاعِي الْمَسْبُوقُ) الْخَلِيفَةُ (نَظْمَ) صَلَاةِ (الْمُسْتَخْلِفِ فَإِذَا صَلَّى) بِهِمْ (رَكْعَةً تَشَهَّدَ) جَالِسًا (وَأَشَارَ إلَيْهِمْ) بَعْدَ التَّشَهُّدِ عِنْدَ الْقِيَامِ (لِيُفَارِقُوهُ) بِالنِّيَّةِ وَيُسَلِّمُوا (أَوْ يَنْتَظِرُوا) سَلَامَهُ بِهِمْ وَهُوَ الْأَفْضَلُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَيَأْتِي بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ أَوْ رَكْعَةٍ عَلَى الْخِلَافِ. وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ   [حاشية قليوبي] وَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ تَوَافُقُ نَظْمِ صَلَاتِهِ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ الْقَوْمِ لِوُجُودِ رَبْطِ الِاقْتِدَاءِ قَبْلَهُ فَلَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى) أَيْ أَدْرَكَ رُكُوعَهَا مَعَ الْإِمَامِ وَإِنْ أَحْرَمَ فِيهِ أَوْ لَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا مِنْ الْفَاتِحَةِ قَبْلَهُ وَلَوْ أَحْرَمَ مَعَهُ فِي الْقِيَامِ لَمْ يُشْتَرَطْ رُكُوعُهُ مَعَهُ لَكِنْ لَا يَرْكَعُ الْخَلِيفَةُ إلَّا بَعْدَ إتْمَامِ فَاتِحَتِهِ. وَإِنْ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ إتْمَامِ فَاتِحَةِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأُولَى) كَاعْتِدَالِهَا أَوْ سُجُودِهَا. قَوْلُهُ: (فَيُتِمُّهَا ظُهْرًا) وَيَكُونُ الِاسْتِخْلَافُ وَلَوْ مِنْ نَفْسِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ عُذْرًا لَهُ فِي فَوَاتِهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُمْ وَعُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً أَنَّ الْخَلِيفَةَ لَوْ لَمْ يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ الْأُولَى وَأَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ بِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا مَعَ الْإِمَامِ بِأَنْ اسْتَخْلَفَهُ بَعْدَهَا أَنَّهُ يُدْرِكُ الْجُمُعَةَ، كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَقَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْأُولَى وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا هُنَا إدْرَاكَ جَمِيعِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ الْإِمَامِ وَاكْتَفُوا فِي الْأُولَى بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ لِتَوَقُّفِ صَلَاةِ الْقَوْمِ عَلَى إمَامٍ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ. قَوْله: (وَيُرَاعِي الْمَسْبُوقُ إلَخْ) عَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ الْتَزَمَ ذَلِكَ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ وَلِذَلِكَ لَا يَحْتَاجُونَ مَعَهُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يُرَاعِي إلَّا نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ وَيَجِبُ عَلَى الْقَوْمِ مُوَافَقَتُهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَإِنْ كَانُوا فِي غَيْرِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي اقْتِدَاءِ الْمُصَلِّي فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ بِغَيْرِهِ. وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْمُرَاعَاةُ مَنْدُوبَةٌ فِي الْمَنْدُوبِ لِلْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ. وَمِنْهَا سُجُودُ السَّهْوِ وَإِنْ حَصَلَ السَّهْوُ قَبْلَ اقْتِدَائِهِ وَإِذَا سَجَدَ بِهِمْ وَانْتَظَرُوهُ بَعْدَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعِيدُوهُ مَعَهُ أَيْضًا لَوْ فَعَلَهُ فِي آخِرِ صَلَاةِ نَفْسِهِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ مُوَافَقَتُهُ فِيهِ عَلَى الْأَوْجُهِ. وَكَذَا مُرَاعَاتُهُ مَنْدُوبَةٌ فِي الْوَاجِبِ مِنْ الْأَقْوَالِ وَإِنَّمَا تَجِبُ فِي الْوَاجِبِ مِنْ الْأَفْعَالِ فَقَطْ قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ مِنْ تَنَاقُضٍ فِي كَلَامِهِمْ كَثِيرٌ فَقَوْلُهُ: تَشَهَّدَ أَيْ نَدْبًا وَجَالِسًا وُجُوبًا بِقَدْرِ الْوَاجِبِ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَنَاقُضٌ يَعْرِفُهُ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَأَشَارَ إلَيْهِمْ) أَيْ نَدْبًا. قَوْلُهُ: (أَوْ يَنْتَظِرُوا) وَجَازَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ الِانْتِظَارُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ جُلُوسِهِ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا   [حاشية عميرة] الرَّكْعَةِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (كَأَنْ اقْتَدَى فِي الثَّانِيَةِ) عَبَّرَ بِالْكَافِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ اقْتَدَى فِي الْأُولَى بَعْدَ فَوَاتِ الرُّكُوعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (دُونَهُ) اُنْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ إلَخْ) زَادَ السُّبْكِيُّ فِي قِطْعَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَمَرَّ مَأْمُومًا إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ إذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً جُعِلَ تَبَعًا لِلْإِمَامِ فِي إدْرَاكِ الْجُمُعَةِ. وَالْخَلِيفَةُ إمَامٌ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ تَبَعًا لِلْمَأْمُومَيْنِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا أَدْرَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَأَحْدَثَ الْإِمَامُ فِيهَا لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ فِي الْأُولَى آكَدُ وَأَقْوَى، فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَمَامِ الْإِمَامِ. قَالَ: وَمِنْ هَذَا الْفَرْقِ تَسْتَفِيدُ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ أَوَّلِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ بَعْدَ السُّجُودِ وَأَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ لَا يُدْرِكُ الْجُمُعَةَ، وَإِنْ شُرِطَ إدْرَاكُهَا بِرُكُوعِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَسْتَمِرَّ مَعَ الْإِمَامِ إلَى السَّلَامِ اهـ. أَقُولُ: فَلَعَلَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَظَرَ إلَى ذَلِكَ فَقَالَ فِيمَا سَلَفَ وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى أَنْ سَلَّمَ، لَكِنَّ السُّبْكِيَّ كَمَا تَرَى إنَّمَا شَرَطَ بَقَاءَ الْإِمَامِ إلَى السَّلَامِ لَا بَقَاءَ الْمَأْمُومِ مَعَهُ. وَهَذَا يَصْدُقُ بِأَنْ يُفَارِقَهُ فِي التَّشَهُّدِ وَيَسْتَمِرَّ مَعَهُ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ فَتَأَمَّلْ. بَقِيَ شَيْءٌ شَخْصٌ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فِي الْأُولَى فَأَحْرَمَ خَلْفَهُ، وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْ سُجُودِ الْأُولَى لَا أَحْسَبُ أَحَدًا يَتَوَقَّفُ فِي حُصُولِ الْجُمُعَةِ لِهَذَا الْمَسْبُوقِ كَبَقِيَّةِ الْقَوْمِ. وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ جُمُعَتَهُ إنَّمَا صَحَّتْ تَبَعًا لِإِمَامِهِ وَقَدْ خَرَجَ إمَامُهُ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَضُرَّهُ. وَهَذَا عِنْدَ التَّأَمُّلِ رُبَّمَا يُنَازَعُ فِيمَا حَاوَلَهُ السُّبْكِيُّ إلَّا أَنْ يُجِيبَ بِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ فِي الْأُولَى آكَدُ كَمَا سَلَفَ، ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِ السُّبْكِيّ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَوْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ وَسُجُودَهَا ثُمَّ اسْتَخْلَفَهُ يُتِمُّ ظُهْرًا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُتِمَّ جُمُعَةً كَمَا مَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي تَتِمُّ لَهُ لِأَنَّهُ صَلَّى رَكْعَةً فِي جَمَاعَةٍ) أَيْ كَالْمَسْبُوقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَظْمَ صَلَاةِ الْمُسْتَخْلِفِ) أَيْ لَا نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَشَهَّدْ جَالِسًا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الظَّاهِرُ عَدَمُ وُجُوبِ التَّشَهُّدِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ تَفْسِيرِ الْمُؤَلِّفِ بِالنَّظْمِ لِأَنَّ لَا يَزِيدُ عَلَى بَقَاءِ إمَامِهِ حَقِيقَةً. قَالَ: بَلْ الْمُتَّجِهُ أَيْضًا أَنَّ الْقُعُودَ غَيْرُ وَاجِبٍ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ يَجُوزُ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 مَسْبُوقٌ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي صَلَّاهَا بِهِمْ صَحَّتْ لَهُ الْجُمُعَةُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْجُمُعَةِ خَلْفَ الظُّهْرِ وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَتَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ لَهُمْ الِانْفِرَادَ بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَضُرُّ اقْتِدَاؤُهُمْ فِيهَا بِمُصَلِّي الظُّهْرِ. وَقَوْلُهُ لِيُفَارِقُوهُ إلَى آخِرِهِ عِلَّةٌ غَائِبَةٌ لِلْإِشَارَةِ أَيْ فَيَكُونُ بَعْدَهَا وَلَيْسَ نَاشِئًا عَنْهَا كَمَا قِيلَ: أَمَّا غَيْرُ الْجُمُعَةِ فَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِيهَا غَيْرَ مُقْتَدٍ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ فِي تَرْتِيبِ صَلَاتِهِ كَأَنْ يَسْتَخْلِفُهُ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ مِنْ الرَّبَاعِيَةِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ أَوْ الْأَخِيرَةِ لِاحْتِيَاجِهِ بَعْدَهُمَا إلَى الْقِيَامِ وَهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى الْقُعُودِ. وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مُقْتَدِيًا بِهِ فِي غَيْرِ الْأُولَى جَازَ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَيُرَاعِي الْخَلِيفَةُ نَظْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَفِي اسْتِخْلَافِهِ فِي ثَانِيَةِ الصُّبْحِ يَقْنُتُ فِيهَا وَيَقْعُدُ لِلتَّشَهُّدِ وَيَأْتِي بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ثُمَّ يَقْنُتُ فِي ثَانِيَتِهِ لِنَفْسِهِ وَعِنْدَ قِيَامِهِ إلَيْهَا يُفَارِقُونَهُ بِالنِّيَّةِ، وَيُسَلِّمُونَ أَوْ يَنْتَظِرُونَ سَلَامَهُ بِهِمْ وَهُوَ الْأَفْضَلُ كَمَا قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ. وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْمَسْبُوقُ نَظْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَفِي اسْتِخْلَافِهِ قَوْلَانِ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَرْجَحُهُمَا دَلِيلًا وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَقْيَسُهُمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. وَفِي التَّحْقِيقِ أَظْهَرُهُمَا صِحَّتُهُ، وَيُرَاقِبُ الْمَأْمُومِينَ إذَا أَتَمَّ الرَّكْعَةَ فَإِنْ هَمُّوا بِالْقِيَامِ قَامَ وَإِلَّا قَعَدَ (وَلَا يَلْزَمُهُمْ اسْتِئْنَافُ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ) أَيْ أَنْ يَنْوُوهَا بِالْخَلِيفَةِ (فِي الْأَصَحِّ) فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا لِتَنْزِيلِ الْخَلِيفَةِ مَنْزِلَةَ الْأَوَّلِ فِي دَوَامِ الْجَمَاعَةِ، وَالثَّانِي يَقُولُ بِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ صَارُوا مُنْفَرِدِينَ (وَمَنْ زُوحِمَ عَنْ السُّجُودِ) عَلَى الْأَرْضِ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ (فَأَمْكَنَهُ عَلَى إنْسَانٍ) مَثَلًا كَظَهْرِهِ أَوْ رِجْلِهِ (فَعَلَ) ذَلِكَ لُزُومًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ سُجُودٍ يُجْزِئُهُ، وَقَدْ رَوَى   [حاشية قليوبي] مُرَاعَاةً لِلْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ عَلَى أَنَّ جُلُوسَهُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ، إمَّا وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا فَهُمْ قَدْ وَافَقُوهُ فِي جُلُوسٍ مَطْلُوبٍ لَهُ فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ كَذَا قِيلَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ) عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ مِنْ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَتِمُّ لَهُ أَوْ رَكْعَةٍ عَلَى مُقَابِلِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الرَّكْعَةِ إلَخْ) وَكَذَا فِي الَّتِي بَعْدَهَا مِنْ بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ حَيْثُ انْتَظَرَ الْقَوْمُ سَلَامَهُ حَتَّى لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي ثَانِيَتِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ مَعَهُ فِي رَابِعَتِهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ عَيْنًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ جُلُوسِ الْخَلِيفَةِ وَلَا الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ وَيُسَلِّمُ لِنَفْسِهِ لِتَمَامِ جُمُعَتِهِ. وَهَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ عَلَيْهِ كَالرَّيْمِيِّ وَغَيْرِهِ زَاعِمِينَ بِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ الْحُكْمِيَّ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا إنْ سَبَقَهُ اقْتِدَاءٌ حَقِيقِيٌّ، وَلَوْ جَاءَ مَسْبُوقٌ فَرَأَى الْإِمَامَ قَدْ سَلَّمَ وَالْقَوْمُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاقْتِدَاءُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَتَتِمُّ لَهُ الْجُمُعَةُ. كَذَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ حَجَرٍ كَمَا مَرَّ فَرَاجِعْهُ، فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا ظَاهِرًا وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ أَوْ غَفْلَةٌ. قَوْلُهُ: (وَقَوْلُهُ لِيُفَارِقُوهُ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ التَّخْيِيرُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ نَاشِئًا عَنْ الْإِشَارَةِ لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهَا خُصُوصًا مَعَ الْبُعْدِ وَعَدَمِ الِاسْتِقْبَالِ فَكَيْفَ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ نَاشِئًا عَنْهَا انْتَهَى. قَوْلُهُ: (فِيهَا) أَيْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَهُوَ قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ مُقْتَدٍ بِهِ) أَيْ وَهُوَ يُصَلِّي أَيْضًا وَهَذَا يُرَاعِي نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ. فَلَا حَاجَةَ لِمَا تَرَدَّدَ فِيهِ بَعْضُهُمْ هُنَا وَمُوَافَقَةُ النَّظْمِ وَالْفَوْرِيَّةُ هُنَا شَرْطٌ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِمْ لِنِيَّةِ اقْتِدَاءٍ فَيَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ مَعَ مُخَالَفَتِهِ وَبُعْدِ طُولِ الْفَصْلِ لَكِنْ، يَحْتَاجُونَ فِي جَوَازِ الْمُتَابَعَةِ إلَى نِيَّةِ اقْتِدَاءٍ كَمَا مَرَّ. وَلَا عِبْرَةَ بِمُخَالَفَةِ نَظْمِ الْمَأْمُومِينَ حَيْثُ تَوَافَقَ نَظْمُ الْإِمَامِ وَالْخَلِيفَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اسْتَخْلَفَ) أَيْ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ الْمُقَسَّمُ وَالظَّرْفُ بِقَوْلِهِ فِي غَيْرِ الْأُولَى مُتَعَلِّقٌ بِاسْتَخْلَفَ. قَوْلُهُ: (جَازَ اتِّفَاقًا) أَيْ بِلَا خِلَافٍ سَوَاءٌ وَافَقَ فِي نَظْمِ الصَّلَاةِ أَمْ لَا فَلَيْسَ كَغَيْرِ الْمُقْتَدِي الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (وَيُرَاعِي الْخَلِيفَةُ) أَيْ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ كَانَ مُقْتَدِيًا بِهِ قَبْلَ اسْتِخْلَافِهِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (يَقْنُتُ فِيهَا) وَلَوْ تَرَكَ هَذَا الْقُنُوتَ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ. قَوْلُهُ: (وَيَقْعُدُ لِلتَّشَهُّدِ) أَيْ وُجُوبًا لِأَنَّهُ مِنْ الْأَفْعَالِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَأْتِي بِهِ) أَيْ نَدْبًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهُمَا صِحَّتُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيُرَاقِبُ الْمَأْمُومِينَ إلَخْ) أَيْ لِيَرْجِعَ إلَيْهِمْ فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَبْلَهُ، فَلَيْسَ هَذَا مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي صَلَاتِهِ إلَى فِعْلِ غَيْرِهِ فَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ) قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ زُحِمَ) أَيْ مُنِعَ   [حاشية عميرة] الْمُفَارَقَةُ بَعْدَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْ الْجُمُعَةِ فَهَذَا أَوْلَى وَنَبَّهَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ أَيْضًا أَنْ يُقَدِّمَ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ. قَوْلُهُ: (بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا تَحْصُلُ لِلْخَلِيفَةِ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (كَمَا قِيلَ) يُرِيدُ الْإِمَامَ الْإِسْنَوِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ اعْتَرَضَ بِأَنَّ التَّخْيِيرَ لَا يُفْهَمُ مِنْ الْإِشَارَةِ لَا سِيَّمَا مَعَ الِاسْتِدْبَارِ وَكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ. قَوْلُهُ: (اتِّفَاقًا) أَيْ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ كَمَا سَلَفَ الْخِلَافُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَيَقْعُدُ وَيَأْتِي بِهِ) ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا سَلَفَ نَقَلْنَا لَهُ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فِي بَحْثِهِ عَدَمَ الْوُجُوبِ فِي خَلِيفَةِ الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (مُنْفَرِدِينَ) أَيْ بِدَلِيلِ تَحَمُّلِهِ سَهْوَهُمْ الْعَارِضَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَبْلَ اسْتِخْلَافِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ زُحِمَ) قَالَ الْإِمَامُ لَيْسَ فِي الزَّمَانِ مَنْ يُحِيطُ بِأَطْرَافِ مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ. قَوْلُهُ: (فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى) حَمَلَهُ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي أَمَّا إذَا كَانَ فِي الثَّانِيَةِ فَيَسْجُدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: إذَا اشْتَدَّ الزِّحَامُ فَلْيَسْجُدْ أَحَدُكُمْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ، وَلَا بُدَّ فِي إمْكَانِهِ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى رِعَايَةِ هَيْئَةِ السَّاجِدِ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى مُرْتَفَعٍ، وَالْمَسْجُودُ عَلَيْهِ فِي مُنْخَفَضٍ، وَقِيلَ: لَا يَضُرُّ الْخُرُوجُ عَنْ هَيْئَةِ السَّاجِدِ لِلْعُذْرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودُ عَلَى شَيْءٍ مَعَ الْإِمَامِ (فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ) التَّمَكُّنَ مِنْهُ (وَلَا يُومِئُ بِهِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يُومِئُ بِهِ أَقْصَى مَا يُمْكِنُهُ كَالْمَرِيضِ لِلْعُذْرِ وَالثَّالِثُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا (ثُمَّ) عَلَى الصَّحِيحِ (إنْ تَمَكَّنَ) مِنْهُ (قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ) فِي الثَّانِيَةِ (سَجَدَ فَإِنْ رَفَعَ) مِنْ السُّجُودِ (وَالْإِمَامُ قَائِمٌ قَرَأَ) فَإِنْ رَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ إتْمَامِهِ الْفَاتِحَةَ رَكَعَ مَعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي فِي قَوْلِهِ (أَوْ رَاكِعٌ فَالْأَصَحُّ يَرْكَعُ) مَعَهُ (وَهُوَ كَمَسْبُوقٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَحَلَّ الْقِرَاءَةِ، وَالثَّانِي لَا يَرْكَعُ مَعَهُ لِأَنَّهُ مُؤْتَمٌّ بِهِ فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ فَيَتَخَلَّفُ وَيَقْرَأُ وَيَسْعَى خَلْفَهُ وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ (فَإِنْ كَانَ إمَامُهُ فَرَغَ مِنْ الرُّكُوعِ وَلَمْ يُسَلِّمْ وَافَقَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ) كَالْمَسْبُوقِ (ثُمَّ صَلَّى رَكْعَةً بَعْدَهُ) وَبِهَذَا قَطَعَ الْإِمَامُ وَحَكَى غَيْرُهُ مَعَهُ الْوَجْهَ السَّابِقَ أَنَّهُ يَشْتَغِلُ بِتَرْتِيبِ صَلَاةِ نَفْسِهِ (وَإِنْ كَانَ سَلَّمَ فَاتَتْ الْجُمُعَةُ) لِأَنَّهُ لَمْ تَتِمَّ لَهُ رَكْعَةٌ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ فِي الْحَالِ فَيُتِمُّ فِي هَذَا الْجُمُعَةَ وَفِيمَا قَبْلَهُ الظُّهْرَ (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُهُ السُّجُودُ حَتَّى رَكَعَ   [حاشية قليوبي] مِنْ السُّجُودِ مَعَ الْإِمَامِ لِأَجْلِ الزَّحْمَةِ. قَوْلُهُ: (عَلَى إنْسَانٍ) وَلَوْ رَقِيقًا وَلَمْ يَأْذَنْ وَشَقَّ عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُهُ إنْ لَمْ يَتْلَفْ بِسَبَبِ سُجُودِهِ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لُزُومًا) أَيْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ وَنَدْبًا فِي غَيْرِهَا إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِالسُّجُودِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخْشَ مِنْهُ فِتْنَةً. قَوْلُهُ: (أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُهُ السُّجُودُ) أَيْ بِهَيْئَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَأَطْلَقَهُ الشَّارِحُ لِيَجْرِيَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ أَيْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي زُحِمَ فِيهِ سَوَاءٌ الِاعْتِدَالُ أَوْ غَيْرُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْلِسَ وَيَنْتَظِرَ وَالِانْتِظَارُ وَاجِبٌ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ وَفِي الْجَمَاعَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَمَنْدُوبٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ تَطْوِيلُ الْقِيَامِ لِيُدْرِكَهُ الْمَعْذُورُ وَإِنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ) أَيْ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سَجَدَ عَلَى نَظْمِ نَفْسِهِ. كَذَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ انْتِصَابِهِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَمَتَى انْتَصَبَ الْإِمَامُ فِيهَا وَافَقَهُ الْمَأْمُومُ وُجُوبًا فِيهِ وَلَا يَجْرِي عَلَى نَظْمِ نَفْسِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ كَمَسْبُوقٍ) فَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ إنْ اطْمَأَنَّ يَقِينًا قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ وَتَمَّتْ جُمُعَتُهُ مَعَ الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ وَإِلَّا أَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ قَوْلُهُ: (فِيمَا هُوَ فِيهِ) مِنْ الِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ أَوْ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ فَإِنْ تَبِعَهُ فِي الِاعْتِدَالِ نَزَلَ مَعَهُ سَاجِدًا وَحُسِبَ لَهُ أَوْ تَبِعَهُ سَاجِدًا سَجَدَ مَعَهُ بِالْأُولَى، سَوَاءٌ أَدْرَكَهُ فِي السَّجْدَتَيْنِ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا فَيَسْجُدُ هُوَ الثَّانِيَةَ، وَإِنْ تَبِعَهُ فِي التَّشَهُّدِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ سَجْدَتَيْهِ فَلَهُ سُجُودُهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَقَدْ مَرَّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ. وَفِي فَرَاغِهِ مِنْهُمَا مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَعَهُ) أَيْ الْإِمَامِ فِيهِ طَرِيقَانِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ) أَيْ إمَامُهُ سَلَّمَ أَيْ شَرَعَ فِي السَّلَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ وَلَوْ احْتِمَالًا وَلَمْ يَعُدْ الْإِمَامُ لِسُجُودِ سَهْوٍ مَثَلًا كَمَا يَأْتِي فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَارَنَهُ فَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّهَا لَا تَفُوتُهُ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ   [حاشية عميرة] مَتَى تَمَكَّنَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ، نَعَمْ إنْ كَانَ مَسْبُوقًا لَحِقَهُ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ تَمَكَّنَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ سَجَدَ وَأَدْرَكَ الْجُمُعَةَ وَإِلَّا فَاتَتْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِلَّا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ نَفْسِهِ مِنْ الصَّلَاةِ قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ عِنْدِي لِأَنَّهُ يَتَوَقَّعُ الْمُضِيَّ فِيهَا فَكَيْفَ يَخْرُجُ عَنْهَا عَمْدًا. كَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمُهَذَّبِ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إبْطَالُ الصَّلَاةِ وَيَنْتَظِرُ الْجُمُعَةَ إنْ زَالَ الزِّحَامُ اهـ. أَقُولُ الْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الشَّخْصَ لَوْ اسْتَمَرَّ فِي الِاعْتِدَالِ فَلَمْ تَزُلْ الزَّحْمَةُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ تَابَعَهُ فِي السُّجُودِ وَأَدْرَكَ الْجُمُعَةَ، وَلَوْ فُرِضَ إخْرَاجُ نَفْسِهِ فَزَالَ الزِّحَامُ كَمَا ذَكَرْنَا فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ فَكَيْفَ يُفْسَحُ لَهُ فِي تَفْوِيتِهَا مَعَ احْتِمَالِ تَحْصِيلِهَا بِمَا ذَكَرْنَا وَتَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ الْجُمُعَةَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَذَكَّرَ الْإِمَامُ تَرْكَ رُكْنٍ فَيَعُودَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ) وَنُدُورِ هَذَا الْعُذْرِ وَعَدَمِ دَوَامِهِ. قَوْلُهُ: (لِلْعُذْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُومِئُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ رَفَعَ إلَخْ) ذَكَرَ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ تُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَرْكَعُ مَعَهُ) هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْمَتْنِ، وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ ثُمَّ عَلَى هَذَا الثَّانِي يَجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْأَرْكَانِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِالسُّنَنِ مَعَ مُرَاعَاةِ الْوَسَطِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْإِمَامِ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَاتَتْ الْجُمُعَةُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ عَادَ الْإِمَامُ لِسُجُودِ السَّهْوِ كَانَ الْمَأْمُومُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 الْإِمَامُ) فِي الثَّانِيَةِ (فَفِي قَوْلٍ يُرَاعِي نَظْمَ) صَلَاةِ (نَفْسِهِ) فَيَسْجُدُ الْآنَ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَرْكَعُ مَعَهُ وَيَحْسِبُ رُكُوعَهُ الْأَوَّلَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ وَقْتَ الِاعْتِدَادِ بِالرُّكُوعِ، وَالثَّانِيَ لِلْمُتَابَعَةِ (فَرَكْعَتُهُ مُلَفَّقَةٌ مِنْ رُكُوعِ الْأُولَى وَسُجُودِ الثَّانِيَةِ) الَّذِي أَتَى بِهِ (وَتُدْرَكُ بِهَا الْجُمُعَةُ فِي الْأَصَحِّ) لِصِدْقِ الرَّكْعَةِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ بِهَا وَالثَّانِي يَقُولُ لَا لِنَقْصِهَا. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ السَّابِقِ يَحْسِبُ رُكُوعَهُ الثَّانِيَ دُونَ الْأَوَّلِ لِطُولِ الْمُدَّةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّجُودِ. وَعَلَى هَذَا تُدْرَكُ الْجُمُعَةُ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ جَزْمًا (فَلَوْ سَجَدَ عَلَى تَرْتِيبِ) صَلَاةِ (نَفْسِهِ عَالِمًا بِأَنَّ وَاجِبَهُ الْمُتَابَعَةُ) فِي الرُّكُوعِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَظْهَرِ ذَاكِرًا لِذَلِكَ (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ نَسِيَ) ذَلِكَ الْمَعْلُومَ عِنْدَهُ (أَوْ جَهِلَ) ذَلِكَ (لَمْ يَحْسِبْ سُجُودَهُ الْأَوَّلَ) لِمُخَالَفَتِهِ بِهِ الْإِمَامَ وَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ لِعُذْرِهِ (فَإِذَا سَجَدَ ثَانِيًا حَسَبَ) هَذَا السُّجُودَ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ كَالْإِمَامِ وَالصَّيْدَلَانِيُّ. وَهُوَ الْمُرَادُ فِي قَوْلِ الْمُحَرَّرِ فَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ يَحْسِبُ بِهِ أَيْ فَتَكْمُلُ بِهِ الرَّكْعَةُ (وَالْأَصَحُّ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ) الْمُلَفَّقَةِ مِنْ رُكُوعِ الْأُولَى وَسُجُودِ الثَّانِيَةِ لِمَا تَقَدَّمَ (إذَا كَمُلَتْ السَّجْدَتَانِ) فِيهَا (قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَمُلَتَا بَعْدَ سَلَامِهِ. وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ فِيمَا ذُكِرَ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْسِبْ سُجُودَهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ لِكَوْنِ فَرْضِهِ الْمُتَابَعَةَ وَجَبَ أَنْ لَا يَحْسِبَ وَالْإِمَامُ فِي رُكْنٍ بَعْدَ الرُّكُوعِ قَالَ: وَالْمَفْهُومُ مِنْ   [حاشية قليوبي] بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ بِمُجَرَّدِ هَوِيِّهِ لِلسُّجُودِ لِأَنَّهُ شُرُوعٌ فِي الْمُبْطِلِ وَيَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِالْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ لِعَدَمِ الْيَأْسِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَسِيَ) أَيْ اسْتَمَرَّ نِسْيَانُهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ سُجُودِ رَكْعَتِهِ الثَّانِيَةِ أَوْ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ ذَلِكَ لَزِمَهُ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِيمَا هُوَ فِيهِ سَوَاءٌ حُسِبَ لَهُ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (ذَلِكَ الْمَعْلُومَ عِنْدَهُ) وَهُوَ وُجُوبُ الْمُتَابَعَةِ وَقَيَّدَ بِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ نَسِيَ الصَّلَاةَ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (أَوْ جَهِلَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ سَجَدَ ثَانِيًا) قَالَ فِي الْمَنْهَجِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا أَيْ عَنْ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ فِي حَالِ الْقُدْوَةِ. قَوْلُهُ: (حُسِبَ هَذَا السُّجُودُ) أَيْ الثَّانِي وَإِنْ فَعَلَهُ حَالَ جُلُوسِ الْإِمَامِ لِلتَّشَهُّدِ أَوْ حَالَ رُكُوعِهِ أَوْ اعْتِدَالِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا حُسِبَ هَذَا السُّجُودُ لِلِاعْتِدَادِ بِالْهَوِيِّ لَهُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْإِمَامِ بِخِلَافِ هَوِيِّهِ الْأَوَّلِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِمَامِ الْقَائِمِ فِي الثَّانِيَةِ فَأَلْغَى السُّجُودَ الْمُرَتَّبَ عَلَيْهِ كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ بَعْدَهُ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ سَجَدَ أَوَّلًا ثُمَّ قَامَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ، وَسَجَدَ ثَانِيًا فَإِنْ تَذَكَّرَ أَوْ عَلِمَ حَالَ قِيَامِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَوِيُّ لِلْمُتَابَعَةِ بِلَا رُكُوعٍ. وَإِنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ الثَّانِيَةَ سَجَدَ هُوَ ثَانِيَتَهُ حَالَ جُلُوسِ الْإِمَامِ لِعَدَمِ الْفُحْشِ وَتَمَّتْ رَكْعَتُهُ وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي جُلُوسِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ سَجْدَتَيْهِ فَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْهِ أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ، وَتَتِمُّ لَهُ الْجُمُعَةُ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ آنِفًا وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا فَقَالَ لَا يَسْجُدُ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَتَفُوتُهُ الْجُمُعَةُ. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) يُفِيدُ هَذَا أَنَّ الْأَصَحَّ هُوَ السَّابِقُ وَتَقَدَّمَ مُقَابِلُهُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ) أَيْ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يَعُدْ الْإِمَامُ لِسُجُودِ سَهْوٍ وَإِلَّا تَمَّتْ لَهُ الْجُمُعَةُ، وَإِنْ كَانَ سَجَدَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لَتَبَيَّنَ بَقَاءُ الْقُدْوَةِ وَلَوْ لَمْ يَسْجُدْ إلَّا   [حاشية عميرة] فَفِي قَوْلٍ إلَخْ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا» وَقَدْ سَجَدَ إمَامُهُ وَلِقَوْلِهِ: «وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» . أَوْ فَاقْضُوا وَدَلِيلُ الْأَظْهَرِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» . وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ الْآنَ فَوَجَبَ أَنْ يَرْكَعَ مَعَهُ. وَأَمَّا إذَا سَجَدَ فَسَجَدُوا فَلَا يُعَارِضُ هَذَا نَظَرًا إلَى الْفَاءِ التَّعْقِيبِيَّةِ، وَالسُّجُودُ قَدْ فَاتَ. وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ فِيهِ «وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا» . وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» إلَخْ فَلَوْ قُلْنَا بِهِ هُنَا لَعَطَّلَنَا أَوَّلَ الْخَبَرِ بِخِلَافِ أَمْرِهِ بِالْمُتَابَعَةِ فَإِنَّ فِيهِ عَمَلًا بِأَوَّلِ الْخَبَرِ وَآخِرِهِ لِأَنَّهُ يَأْمُرُ بِالْمُتَابَعَةِ حَالًا وَيَتَدَارَكُ الْفَائِتَ مَا لَا إذَا سَلَّمَ وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) هَذَا الْأَصَحُّ وَمُقَابِلُهُ الْآتِي قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ذَكَرُوا أَنَّ مَنْشَأَ هَذَا الْخِلَافِ التَّرَدُّدُ فِي تَفْسِيرِ لَفْظِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ قَالَ: فَيَرْكَعُ فِي الثَّانِيَةِ وَتَسْقُطُ الْأُخْرَى فَمِنْ قَائِلٍ أَرَادَ بِالْأُخْرَى الْأَخِيرَةَ، وَمِنْ قَائِلٍ أَرَادَ الْأُولَى قَالُوا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَالثَّانِي أَشْبَهُ بِكَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ لَا لِنَقْصِهَا) رُدَّ بِأَنَّ التَّلْفِيقَ لَيْسَ بِنَقْصٍ فِي حَقِّ الْمَعْذُورِ وَإِنْ كَانَ نَقْصًا فَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ، أَلَا تَرَى أَنَّا إذَا احْتَسَبْنَا بِالرُّكُوعِ الثَّانِي فِي مَسْأَلَتِنَا حَكَمْنَا بِإِدْرَاكِ الْجُمُعَةِ بِلَا خِلَافٍ مَعَ حُصُولِ التَّلْفِيقِ بَيْنَ هَذَا الرُّكُوعِ وَذَلِكَ التَّحَرُّمِ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ السَّابِقُ إلَخْ) أَخَّرَهُ إلَى هُنَا لِأَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ وَتُدْرَكُ بِهَا الْجُمُعَةُ فِي الْأَصَحِّ مُفَرَّعٌ عَلَى الْأَصَحِّ الْأَوَّلِ خَاصَّةً دُونَ مُقَابِلِهِ. قَوْلُهُ: (ذَاكِرًا لِذَلِكَ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مُرَادُ الْمَاتِنِ بِقَوْلِهِ الْآتِي: وَإِنْ نَسِيَ. قَوْلُهُ: (ذَلِكَ الْمَعْلُومَ) وَهُوَ وُجُوبُ الْمُتَابَعَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ جَهِلَ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ عَالِمًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ إدْرَاكُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ أَنْ لَا يُحْسَبَ لَهُ شَيْءٌ مِمَّا يَأْتِي بِهِ عَلَى غَيْرِ سَبِيلِ الْمُتَابَعَةِ وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ لِتَمَامِ الرَّكْعَةِ وَلَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ. وَسَكَتَ عَلَى ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ. وَلَوْ فَرَغَ مِنْ سُجُودِ الْأَوَّلِ فَوَجَدَ الْإِمَامَ سَاجِدًا فَتَابَعَهُ فِي سَجْدَتَيْهِ حُسِبَتَا لَهُ وَتَكُونُ رَكْعَتُهُ مُلَفَّقَةً (وَلَوْ تَخَلَّفَ بِالسُّجُودِ) فِي الْأُولَى (نَاسِيًا) لَهُ (حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ لِلثَّانِيَةِ) فَذَكَرَهُ (رَكَعَ مَعَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَظْهَرِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُرَاعِي نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ كَالْمَزْحُومِ وَفَرَّقَ الْقَاطِعُ بِالْأَوَّلِ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِالنِّسْيَانِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَطَرِيقُ الْقَطْعِ أَظْهَرُ. (تَتِمَّةٌ) لَوْ زُحِمَ عَنْ السُّجُودِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ. وَقِيلَ: يَرْكَعُ مَعَهُ قَطْعًا وَقِيلَ: يُرَاعِي نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ قَطْعًا وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الزِّحَامَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ فِيهَا أَكْثَرُ. بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَيْ كَيْفِيَّتِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي الْفَرَائِضِ فِيهِ فِي الْجَمَاعَةِ وَغَيْرِهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. (هِيَ أَنْوَاعٌ) أَرْبَعَةٌ كَمَا سَيَأْتِي (الْأَوَّلُ) مَا يُذْكَرُ فِي قَوْلِهِ (يَكُونُ الْعَدُوُّ فِي) جِهَةِ (الْقِبْلَةِ فَيُرَتِّبُ الْإِمَامُ الْقَوْمَ صَفَّيْنِ   [حاشية قليوبي] مَعَ الْإِمَامِ لِلسَّهْوِ حُسِبَ لَهُ عَنْ سُجُودِ رَكْعَتِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْوَجِيهِ، وَيَطْلُبُ لَهُ سُجُودَ السَّهْوِ فِي آخِرِ صَلَاةِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) تَقَدَّمَ جَوَابُهُ وَجَوَابُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ الْأَوَّلُ لِإِمْكَانِ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ بِالْمُتَابَعَةِ بَعْدَ خِلَافِ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ فَرَغَ مِنْ سُجُودِهِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ هَوِيَّهُ انْقَلَبَ مِنْ اللَّغْوِ إلَى الِاعْتِدَادِ بِهِ لِفِعْلِ الْإِمَامِ لَهُ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ رَكَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ، وَرَكَعَ الْإِمَامُ بَعْدَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْقَلِبْ سُجُودُهُ مَعَ ذَلِكَ لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ بَعْدُ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ بِخِلَافِ الْهَوِيِّ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (نَاسِيًا) وَسَائِرُ الْأَعْذَارِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (رَكَعَ مَعَهُ) أَيْ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا عَلَى مَا مَرَّ وَقَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ يَجْرِي عَلَى نَظْمِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ. قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) وَلَوْ فِي رَكْعَةٍ ثَالِثَةٍ أَوْ رَابِعَةٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا ذَكَرُوا إلَخْ) وَكَذَا ذِكْرُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى. بَابٌ فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَيْ الْخَائِفِ أَوْ حَالَةَ الْخَوْفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَمْنِ وَلَعَلَّهَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَمَا يَتْبَعُهَا. قَوْلُهُ: (فِي الْفَرَائِضِ) أَيْ الْمُؤَدَّاةِ أَوْ الْفَائِتَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ. وَكَذَا النَّفَلُ الْمُؤَقَّتُ كَالْعِيدِ وَالضُّحَى. وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَنْهَجِ.   [حاشية عميرة] الْجُمُعَةِ) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُقَابِلَهُ لِعِلْمِهِ مِنْ نَظِيرِهِ السَّابِقِ وَلِذَا عَلَّلَ الْأَصَحَّ هُنَا بِقَوْلِهِ الْآتِي لِمَا تَقَدَّمَ. وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالثَّانِي لَا وَإِنْ قُلْنَا تُدْرَكُ بِالْمُلَفَّقَةِ لِأَنَّ الْمُلَفَّقَةَ فِيهَا نَقْصُ وَاحِدٍ وَهُنَا اثْنَانِ كَمَا سَبَقَ اهـ. وَأَحَدُ النَّقْصَيْنِ هُوَ التَّلْفِيقُ وَالْآخَرُ الْقُدْوَةُ الْحُكْمِيَّةُ فَإِنَّهُ لَمْ يُتَابِعْ إمَامَهُ هُنَا فِي مُعْظَمِ رَكْعَتِهِ مُتَابَعَةً حِسِّيَّةً بَلْ سَجَدَ مُتَخَلِّفًا وَأَلْحَقْنَاهُ حُكْمًا لِكَوْنِهِ مَعْذُورًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إذَا كَمُلَتْ السَّجْدَتَانِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ بِرَفْعِ رَأْسِهِ قَبْلَ السَّلَامِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ فَرَغَ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي هُنَا بَحْثُ الرَّافِعِيِّ السَّابِقُ. قَوْلُهُ: (فَتَابَعَهُ فِي سَجْدَتَيْهِ إلَخْ) لَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ إلَّا فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ سَجَدَهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْجُدُ الْأُخْرَى خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ حَيْثُ بَحَثَ الِانْتِظَارَ فِي السَّجْدَةِ الَّتِي سَجَدَهَا مَعَ الْإِمَامِ وَأَجْرَى احْتِمَالًا كَمَا يَنْتَظِرُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْقَوْلِ الْأَظْهَرِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْمَزْحُومِ) أَيْ يَجْرِي هَذَا الْقَوْلُ هُنَا كَمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الْمَزْحُومِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَرْكَعُ مَعَهُ قَطْعًا) لَعَلَّ وَجْهَ هَذَا كَثْرَةُ الزِّحَامِ فِي الْجُمُعَةِ كَمَا أَنَّ وَجْهَ الَّذِي بَعْدَهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَوْنُ الْجَمَاعَةِ شَرْطًا فِي الْجُمُعَةِ أَوْ نَقُولُ وَجْهُ الْأَوَّلِ التَّرَدُّدُ فِي حُصُولِ الْجُمُعَةِ بِالرَّكْعَةِ الْمُلَفَّقَةِ، وَوَجْهُ الثَّانِي التَّرَدُّدُ فِي حُصُولِ الْجُمُعَةِ بِالْقُدْوَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَالرَّافِعِيُّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ تَعْلِيلًا. [بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ] ِ قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةٌ كَمَا سَيَأْتِي) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ثَلَاثَةٌ وَكَأَنَّهُ جَعَلَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَاحِدًا. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 وَيُصَلِّي بِهِمْ فَإِذَا سَجَدَ سَجَدَ مَعَهُ صَفٌّ سَجْدَتَيْهِ وَحَرَسَ صَفٌّ فَإِذَا قَامُوا سَجَدَ مَنْ حَرَسَ وَلَحِقُوهُ وَسَجَدَ مَعَهُ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ حَرَسَ أَوَّلًا وَحَرَسَ الْآخَرُونَ فَإِذَا جَلَسَ سَجَدَ مَنْ حَرَسَ وَتَشَهَّدَ بِالصَّفَّيْنِ وَهَذِهِ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعُسْفَانَ) رَوَاهَا مُسْلِمٌ ذَاكِرًا فِيهَا سُجُودَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَالثَّانِيَ فِي الثَّانِيَةِ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ صَادِقَةٌ بِذَلِكَ وَبِعَكْسِهِ. وَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا وَيَجُوزُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ يَتَقَدَّمَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ الصَّفُّ الثَّانِي وَيَتَأَخَّرَ الْأَوَّلُ إذَا لَمْ تَكْثُرْ أَفْعَالُهُمْ بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ بِخُطْوَتَيْنِ يَنْفُذُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي التَّقَدُّمِ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَهَلْ هَذَا التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ أَفْضَلُ أَوْ مُلَازَمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مَكَانَهُ أَفْضَلُ؟ وَجْهَانِ: وَالْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِلْوَارِدِ فِي الْعَكْسِ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُزَادَ عَلَى صَفَّيْنِ وَيَحْرُسَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (هِيَ أَنْوَاعٌ أَرْبَعَةٌ) اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الثَّلَاثَةَ الْأُولَى مِنْهَا مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا وَرَدَتْ فِي الْأَحَادِيثِ، وَاخْتَارَ الرَّابِعَ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَمْ تَرِدْ بِهِ السُّنَّةُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَشُرِعَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فِيمَا بَيْنَ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسٍ وَلَمْ يَقَعْ فِيهَا قِتَالٌ بَلْ خَوْفٌ وَغَنِيمَةٌ، وَكَانَتْ قَبْلَ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَلَمْ تُفْعَلْ فِيهِ لِفَقْدِ شَرْطِهَا. قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ مُوَزَّعَةٌ عَلَى أَحْوَالِ الْعَدُوِّ فَلَا يَجُوزُ فِعْلُ نَوْعٍ مِنْهَا فِي غَيْرِ حَالَتِهِ إلَّا إنْ جَازَ فِي الْأَمْنِ. قَوْلُهُ: (مَا يُذْكَرُ فِي قَوْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمَذْكُورَ هُوَ مَحَلُّ النَّوْعِ لَا نَفْسُهُ وَالنَّوْعُ مَذْكُورٌ فِي ضِمْنِهِ. وَكَذَا مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (يَكُونُ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ) أَيْ وَلَا سَاتِرَ وَفِي الْمُسْلِمِينَ كَثْرَةٌ عَلَى مَا يَأْتِي. قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذِهِ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ لِصِحَّتِهِ وَجَوَازِهِ فَلَا يَصِحُّ مَعَ فَقْدِ شَرْطٍ مِنْهَا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ضِيقِ الْوَقْتِ كَالْأَنْوَاعِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (ذَاكِرًا فِيهَا) أَيْ الرِّوَايَةُ سُجُودُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ إلَخْ وَكُلٌّ فِي مَكَانِهِ. قَوْلُهُ: (وَبِعَكْسِهِ) أَيْ عَكْسِ ذَلِكَ الْمَذْكُورِ فِي الرِّوَايَةِ، وَهُوَ سُجُودُ الصَّفِّ الثَّانِي فِي الْأُولَى وَالْأَوَّلِ فِي الثَّانِيَةِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَكَانِهِ. وَالْعِبَارَةُ صَادِقَةٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا) أَيْ كَمَا جَازَ الْأَصْلُ الَّذِي فِي الرِّوَايَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْأَصْلِ الْوَارِدِ فِي الرِّوَايَةِ، وَلَا يَجُوزُ رُجُوعُ ضَمِيرِهِ لِلْعَكْسِ لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ أَيْضًا، وَلِمَا يَأْتِي بَعْدَ أَيْ إذَا سَجَدَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي الْأُولَى، وَأَرَادَ الصَّفُّ الثَّانِي أَنْ يَسْجُدَ فِي الثَّانِيَةِ، فَلَهُ أَنْ يَسْجُدَ مَكَانَهُ كَمَا مَرَّ وَلَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ مَكَانَ الْأَوَّلِ لِيَسْجُدَ، وَيَتَأَخَّرَ الْأَوَّلُ مَكَانَهُ لِيَحْرُسَ، لِأَنَّ الْحِرَاسَةَ لِلْمُتَأَخِّرِ أَنْسَبُ، وَمَحَلُّ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ الْقِيَامُ وَمِنْهُ الِاعْتِدَالُ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ تَكْثُرْ أَفْعَالُهُمْ) وَلَمْ تُغْتَفَرْ كَثْرَةُ الْأَفْعَالِ هُنَا لِعَدَمِ وُرُودِهَا. قَوْلُهُ: (وَهَلْ هَذَا التَّقَدُّمُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ وُرُودِ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ فِي الرِّوَايَةِ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ أَنَّهُ وَارِدٌ فِيهَا، وَسَيَأْتِي مَا يُفِيدُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ حَمْلُهُ الْوَجْهَ الْآخَرَ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ لَا الْأَفْضَلِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَرْجَحُهُمَا أَفْضَلِيَّةُ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ) هُوَ مُبْتَدَأٌ رَاجِعٌ لِلتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَمُوَافِقٌ خَبَرُهُ، وَلِلْوَارِدِ مُتَعَلِّقٌ بِهَذَا الْخَبَرِ، وَفِي الْعَكْسِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُبْتَدَأِ وَفِي الْحَدِيثِ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَارِدِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ صُورَةَ الْعَكْسِ فِيهَا سُجُودُ الصَّفِّ الثَّانِي فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَهُوَ فِي مَكَانِهِ، فَإِذَا تَقَدَّمَ فِيهَا لِلسُّجُودِ مَكَانَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فِيهَا لِلْحِرَاسَةِ، كَانَ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ. فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا التَّقَدُّمَ وَالتَّأَخُّرَ لَيْسَ مِنْ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَيَظْهَرُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ يَعُودُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ إلَى مَكَانِهِ وَيَسْجُدُ، وَيَتَأَخَّرُ الصَّفُّ الثَّانِي إلَى مَكَانِهِ لِيَحْرُسَ فَرَاجِعْهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ   [حاشية عميرة] عِبَارَتَهُمَا كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ صَادِقَةٌ بِأَرْبَعِ كَيْفِيَّاتٍ سُجُودُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ، وَالْعَكْسُ مَعَ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَعَدَمُهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي. وَيَجُوزُ فِيهِ أَيْضًا رُبَّمَا يُوهِمُ اقْتِصَارَ الصِّدْقِ عَلَى ثَلَاثَةٍ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ: أَفْضَلُ الْكَيْفِيَّاتِ مَا جَاءَ فِي مُسْلِمٍ اهـ. وَهُوَ لَا يُنَافِي التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ فِي الْحَاشِيَةِ الْآتِيَةِ عَلَى قَوْلِهِ وَبِعَكْسِهِ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ اعْتِدَالُ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْحَاجَةِ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ مَحَلَّهُ قِيَامُ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَبِعَكْسِهِ) هُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا نَحْوُ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعُسْفَانَ اهـ. فَأَخَذَ كَثِيرُونَ بِهِ وَقَالُوا إنَّهُ وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إلَى الْعَدُوِّ، فَإِذَا حَرَسُوا كَانُوا جُنَّةً لِمَنْ خَلْفَهُمْ وَمَنَعُوا مِنْ مَعْرِفَةِ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ، وَرَدَّهُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ بِأَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُ فَقَدَّمَهُمْ بِالسُّجُودِ وَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا جَمَاعَةٌ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَرَجَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فَقَالَ: هُوَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْحَدِيثَ ثُمَّ ذَكَرَ الْكَيْفِيَّةَ الْأُخْرَى إعْلَامًا بِجَوَازِهَا أَيْضًا اهـ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبِعَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْعَكْسِ) أَيْ وَهُوَ سُجُودُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ، فَالْمُرَادُ بِالْعَكْسِ هُنَا عَكْسُ الْعَكْسِ السَّابِقِ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 صَفَّانِ. (وَلَوْ حَرَسَ فِيهِمَا) أَيْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ (فِرْقَتَا صَفٍّ) عَلَى الْمُنَاوَبَةِ وَدَامَ غَيْرُهُمَا عَلَى الْمُتَابَعَةِ. (جَازَ وَكَذَا فِرْقَةٌ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ صَلَاةُ هَذِهِ الْفِرْقَةِ لِزِيَادَةِ التَّخَلُّفِ فِيهَا عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ، وَدُفِعَ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ لِتَعَدُّدِ الرَّكْعَةِ لَا تَضُرُّ. وَعُسْفَانُ قَرْيَةٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ بِقُرْبِ خَلِيصٍ. (الثَّانِي) مِنْ الْأَنْوَاعِ مَا يُذْكَرُ فِي قَوْلِهِ (يَكُونُ) الْعَدُوُّ (فِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْقِبْلَةِ (فَيُصَلِّي) الْإِمَامُ بَعْدَ جَعْلِهِ الْقَوْمَ فِرْقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ (مَرَّتَيْنِ كُلَّ مَرَّةٍ بِفِرْقَةٍ) تَذْهَبُ الْمُصَلِّيَةُ أَوَّلًا إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَتَأْتِي الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهَا تِلْكَ الصَّلَاةَ، وَتَكُونُ لَهُ نَافِلَةً. (وَهَذِهِ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَطْنِ نَخْلٍ) رَوَاهَا الشَّيْخَانِ. وَهُوَ وَإِنْ جَازَتْ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ نُدِبَ إلَيْهَا فِيهِ عِنْدَ كَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَقِلَّةِ عَدُوِّهِمْ وَخَوْفِ هُجُومِهِمْ عَلَيْهِمْ فِي الصَّلَاةِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ رَكْعَتَيْنِ أَمْ ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ: (أَوْ تَقِفُ فِرْقَةٌ فِي وَجْهِهِ) أَيْ الْعَدُوِّ. (وَيُصَلِّي) الْإِمَامُ (بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً فَإِذَا قَامَ لِلثَّانِيَةِ فَارَقَتْهُ) بِالنِّيَّةِ (وَأَتَمَّتْ وَذَهَبَتْ إلَى وَجْهِهِ) أَيْ الْعَدُوِّ (وَجَاءَ الْوَاقِفُونَ) وَالْإِمَامُ مُنْتَظِرٌ لَهُمْ (فَاقْتَدُوا بِهِ فَصَلَّى بِهِمْ الثَّانِيَةَ فَإِذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ قَامُوا فَأَتَمُّوا ثَانِيَتَهُمْ) وَهُوَ مُنْتَظِرُ لَهُمْ (وَلَحِقُوهُ وَسَلَّمَ بِهِمْ. وَهَذِهِ صَلَاةُ   [حاشية قليوبي] كَالْمُحَرَّرِ صَادِقَةٌ بِسُجُودِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِي الْأُولَى فِي مَكَانِهِ، وَبِسُجُودِ الصَّفِّ الثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ، أَوْ بَعْدَ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَهُمَا وَارِدَانِ فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَصَادِقَةٌ بِعَكْسِ ذَلِكَ، وَهُوَ سُجُودُ الصَّفِّ الثَّانِي فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَهُوَ فِي مَكَانِهِ أَوْ بَعْدَ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَهُمَا غَيْرُ وَارِدَيْنِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ بِمِثْلِ هَذَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ، وَاَللَّهُ أَوْلَى مَنْ وَفَّقَ وَأَلْهَمَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَرَسَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: بِشَرْطِ الْمُقَاوَمَةِ فِي كُلِّ حَارِسٍ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَيُكْرَهُ كَوْنُ الْحَارِسِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ. قَوْلُهُ: (وَعُسْفَانُ) أَيْ بِضَمِّ الْعَيْنِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِعَسْفِ السُّيُولِ فِيهَا، أَوْ لِكَوْنِ السُّيُولِ عَسَفَتْهَا فَأَذْهَبَتْ أَثَرَهَا، وَتُعْرَفُ الْآنَ بِبِئْرٍ فِيهَا. قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِهَا) أَوْ فِيهَا مَعَ سَائِرٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ وَإِنْ جَازَتْ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ إلَخْ) صَرِيحُهُ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ فِي الْأَصْلِيَّةِ خَلْفَ الْمُعَادَةِ فِي الْخَوْفِ سُنَّةٌ وَفِي الْأَمْنِ مُبَاحٌ، وَكَرَاهَةُ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُعَادَةِ، وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: بِسَنِّهَا فِي الْأَمْنِ أَيْضًا كَالْخَوْفِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا، وَفِيمَا يَأْتِي يُخَالِفُهُ، وَعَلَى كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ يُقَالُ: إنَّ الْأَمْنَ يُفَارِقُ الْخَوْفَ مِنْ حَيْثُ شَرْطِيَّةُ كَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْخَوْفِ دُونَ الْأَمْنِ، وَفِيهِ بَحْثٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا فِي الْأَمْنِ مَكْرُوهَةٌ كَغَيْرِهَا، إنَّمَا سُنَّتْ فِي الْخَوْفِ لِلْعُذْرِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ) هَذِهِ التَّرْجَمَةُ أَخَذَهَا الشَّارِحُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالرَّابِعِ فِيمَا سَيَأْتِي، وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ التَّرْجَمَةِ بِتَعْبِيرِهِ بِأَوْ الَّتِي هِيَ لِلتَّنْوِيعِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَارَقَتْهُ) أَيْ وُجُوبًا وَجَوَازًا عِنْدَ الرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ، وَنَدْبًا فِي الْقِيَامِ وَوُجُوبًا عِنْدَ رُكُوعِهِمْ وَلَوْ لَمْ تُفَارِقْهُ، وَذَهَبَتْ إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ سَاكِتَةً، ثُمَّ جَاءَتْ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ فَصَلَّى بِهَا رَكْعَتَهُ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ ذَهَبَتْ سَاكِتَةً إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ، وَثُمَّ عَادَتْ الْأُولَى بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ إلَى مَحَلِّهَا وَأَتَمَّتْ صَلَاتَهَا وَذَهَبَتْ إلَى الْعَدُوِّ، وَثُمَّ عَادَتْ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ إلَى مَحَلِّهَا أَيْضًا وَأَتَمَّتْ صَلَاتَهَا، جَازَ كَمَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَيُغْتَفَرُ لَهَا   [حاشية عميرة] وَدَفَعَ إلَخْ) هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ غَيْرِهِ الْقَدْرُ الْمُحْتَمَلُ فِي رَكْعَةٍ لِلْعُذْرِ لَا يَضُرُّ انْضِمَامُ مِثْلِهِ إلَيْهِ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى كَمَا لَوْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ فِي رَكْعَةٍ، وَبِرُكْنٍ فِي أُخْرَى. قَوْلُهُ: (مَا يُذْكَرُ فِي قَوْلِهِ) هَذَا وَكَذَا مَا سَلَفَ وَمَا يَأْتِي دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ الْأَنْوَاعُ هِيَ الصَّلَوَاتُ الْمَفْعُولَةُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَا نَفْسُ الْأَحْوَالِ. قَوْلُهُ: (وَتَكُونُ لَهُ نَافِلَةً) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ هَذَا بِتَعَدُّدِ الْإِمَامِ نَعَمْ الصَّحَابَةُ لَا تُؤَثِّرُ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلِذَا سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ اهـ. أَقُولُ: فِي حَالَةِ الْخَوْفِ قَطَعُوا النَّظَرَ عَنْ تَكْلِيفِ مِثْلِ هَذَا، وَاغْتُفِرَ اقْتِدَاءً بِمَا وَرَدَ كَمَا أَنَّ كُلًّا مِنْ صَلَاةِ عُسْفَانَ وَذَاتِ الرِّقَاعِ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَا يُفْسِدُ عِنْدَ الْأَمْنِ، وَلَكِنْ جَازَ ذَلِكَ فِي الْخَوْفِ لِوُرُودِهِ وَمِنْ هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ رُبَّمَا يَذْهَبُ الْفَهْمُ إلَى اسْتِشْكَالِ تَفْضِيلِ غَيْرِهَا عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ) ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ بِمَعْنَى عِبَارَتِهِ السَّابِقَةِ لِأَنَّ وُقُوفَ فِرْقَةٍ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِذَا قَامَ لِلثَّانِيَةِ فَارَقَتْهُ) يُرِيدُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ هَذَا وَإِنْ جَازَتْ الْمُفَارَقَةُ عَقِبَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَتَمَّتْ خَرَجَ بِهِ كَيْفِيَّةٌ أُخْرَى، رَوَاهَا ابْنُ عُمَرَ هِيَ ذَهَابُهَا إلَى الْعَدُوِّ مُصَلِّيَةً سَاكِتَةً وَتَجِيءُ الْأُخْرَى فَتُصَلِّي مَعَهُ رَكْعَةً وَيُسَلِّمُ، ثُمَّ تَقْضِي كُلُّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً، وَهِيَ مَفْضُولَةٌ، وَقِيلَ مُمْتَنِعَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْإِمَامُ مُنْتَظِرٌ) لَوْ تَرَكَ الِانْتِظَارَ وَرَكَعَ فَأَدْرَكُوهُ فِيهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ كَمَا فِي الْأَمْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَأَتَمُّوا ثَانِيَتَهُمْ) وَيَقْرَءُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَاتِ الرِّقَاعِ) رَوَاهَا الشَّيْخَانِ أَيْضًا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ) صَلَاةِ (بَطْنِ نَخْلٍ) لِسَلَامَتِهَا عَمَّا فِي تِلْكَ مِنْ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَالثَّانِي عَكْسُهُ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ فِي كُلِّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي بَعْضِهَا. وَبَطْنُ نَخْلٍ، وَذَاتُ الرِّقَاعِ مَوْضِعَانِ مِنْ نَجْدٍ. (وَيَقْرَأُ الْإِمَامُ فِي انْتِظَارِهِ) الْفِرْقَةَ (الثَّانِيَةَ) فِي الْقِيَامِ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ. (وَيَتَشَهَّدُ) فِي انْتِظَارِهَا فِي الْجُلُوسِ وَبَعْدَ لُحُوقِهَا فِي الْقِيَامِ يَقْرَأُ مِنْ السُّورَةِ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ ثُمَّ يَرْكَعُ. (وَفِي قَوْلٍ يُؤَخِّرُ) الْقِرَاءَةَ وَالتَّشَهُّدَ (لِتَلْحَقَهُ) فَتُدْرِكَهُمَا مَعَهُ وَيَشْتَغِلَ هُوَ بِمَا شَاءَ مِنْ الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ إلَى لُحُوقِهَا، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ، وَالْقَطْعُ بِهِ فِي التَّشَهُّدِ هُوَ الرَّاجِحُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي أُخِّرَتْ الْقِرَاءَةُ لَهُ فِي قَوْلٍ التَّسْوِيَةُ فِي الْفِرْقَتَيْنِ فِي الْقِرَاءَةِ بِهِمَا، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَجِيءُ فِي الصَّلَاةِ الثُّنَائِيَّةِ. (فَإِنْ صَلَّى مَغْرِبًا فَبِفِرْقَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ عَكْسِهِ) الْجَائِزِ أَيْضًا (فِي الْأَظْهَرِ) لِسَلَامَتِهِ مِنْ التَّطْوِيلِ فِي عَكْسِهِ بِزِيَادَةِ تَشَهُّدٍ فِي أُولَى الثَّانِيَةِ، وَالثَّانِي عَكْسُهُ أَفْضَلُ لِتَنْجَبِرَ بِهِ الثَّانِيَةُ عَمَّا فَاتَهَا مِنْ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ. (وَيَنْتَظِرُ) الْإِمَامُ فِي صَلَاتِهِ بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ الثَّانِيَةَ (فِي) جُلُوسِ (تَشَهُّدِهِ أَوْ قِيَامِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ) أَيْ انْتِظَارُهُ فِي الْقِيَامِ (أَفْضَلُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لِلتَّطْوِيلِ بِخِلَافِ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي انْتِظَارُهُ فِي الْجُلُوسِ أَفْضَلُ لِيُدْرِكُوا مَعَهُ الرَّكْعَةَ مِنْ أَوَّلِهَا كَالْفِرْقَةِ الْأُولَى، وَتَبِعَ الشَّيْخَ هُنَا الْمُحَرَّرَ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ وَجْهَيْنِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي حِكَايَتِهِ قَوْلَيْنِ وَهَلْ يَقْرَأُ الْإِمَامُ فِي انْتِظَارِهِ فِي الْقِيَامِ أَوْ يَشْتَغِلُ بِالذِّكْرِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَكَذَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ فِي انْتِظَارِهِمْ بَعْدَ قَوْلِهِ إنَّ الْفِرْقَةَ الْأُولَى إنَّمَا تُفَارِقُهُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ   [حاشية قليوبي] الْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ بِلَا ضَرُورَةٍ لِقِيَامِ الْخَوْفِ. قَوْلُهُ: (قَامُوا) وَلَوْ فَوْرًا وَيُنْدَبُ لَهُمْ كَالْفِرْقَةِ الْأُولَى التَّخْفِيفُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُنْتَظِرٌ لَهُمْ) أَيْ فِي الْقِيَامِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَفْضَلُ مِنْ بَطْنِ نَخْلٍ) أَيْ وَمِنْ عُسْفَانَ أَيْضًا، وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّتِهَا فِي الْجُمْلَةِ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْفِرْقَةَ الْأُولَى فِيهَا نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ وَقَدْ مَنَعَهَا فِي الْأَمْنِ أَبُو حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَأَحْمَدُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَالْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ مَمْنُوعَةٌ إجْمَاعًا، فَإِنْ أَرَادَ بِالْجُمْلَةِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى لِكُلٍّ مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ، وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مَوْجُودٌ فِي الْفِرْقَةِ الْأُولَى بِرَكْعَتَيْهَا فِي صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ، وَفِيمَنْ سَجَدَ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ عُسْفَانَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِسَلَامَتِهَا إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَلْقَمِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ الْفَرْقِ تَفْضِيلُ عُسْفَانَ عَلَى بَطْنِ نَخْلٍ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ. وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَمُحَصَّلُ مَا قَالَاهُ أَنَّ ذَاتَ الرِّقَاعِ أَفْضَلُ الْجَمِيعِ، وَأَنَّ بَطْنَ نَخْلٍ أَفْضَلُ مِنْ عُسْفَانَ لِعَدَمِ اشْتِمَالِهَا عَلَى مُبْطِلٍ فِي الْأَمْنِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ اقْتِدَاءَ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ فِي الْمُعَادَةِ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ، شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَقَدْ عَلِمْته. قَوْلُهُ: (وَذَاتُ الرِّقَاعِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَفُّوا أَقْدَامَهُمْ فِيهَا بِالْخِرَقِ لَمَّا تَقَطَّعَتْ جُلُودُهَا، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ لِوُرُودِ الْحَدِيثِ بِهِ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَ السَّفَرِ إلَيْهَا. وَقِيلَ لِتَرَقُّعِ رَايَاتِهِمْ فِيهَا، وَقِيلَ سُمِّيَتْ بِاسْمِ شَجَرَةٍ فِيهَا وَقِيلَ بِاسْمِ جَبَلٍ فِيهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَوْضِعَانِ مِنْ نَجْدٍ) أَيْ مِنْ أَرْضِ غَطَفَانَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ وَثَانِيهِ الْمُهْمَلِ. قَوْلُهُ: (وَالْقَطْعُ بِهِ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ قَاطِعَةٌ، وَهِيَ فِي التَّشَهُّدِ أَرْجَحُ وَحَاكِيَةٌ وَهِيَ فِي الْقِرَاءَةِ أَرْجَحُ. قَوْلُهُ: (وَمَا ذُكِرَ فِي الصَّلَاةِ الثُّنَائِيَّةِ) وَمِنْهَا الْجُمُعَةُ فَتَصِحُّ كَصَلَاةِ عُسْفَانَ بِسَمَاعِ أَرْبَعِينَ لِلْخُطْبَةِ، وَكَصَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ بِشَرْطِ سَمَاعِ ثَمَانِينَ فَأَكْثَرَ، وَإِحْرَامِ أَرْبَعِينَ مِنْهُمْ فِي كُلٍّ مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ، وَيَضُرُّ نَقْصُهُمْ فِي الْفِرْقَةِ الْأُولَى فِي رَكْعَتَيْهَا إلَّا فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ، وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لِيَكُونَ لِاشْتِرَاطِ سَمَاعِ ثَمَانِينَ فَائِدَةٌ. وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ النَّقْصُ حَالَ إحْرَامِهِمْ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (الْجَائِزِ) أَيْ لَا الْفَاضِلِ الَّذِي يُفْهِمُهُ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لِأَنَّهُ قِيلَ بِكَرَاهَتِهِ. قَوْلُهُ: (قَوْلَيْنِ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الصَّوَابُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ قَوْلِهِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ إرَادَةِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ   [حاشية عميرة] سِرًّا لِأَنَّهُمْ مُقْتَدُونَ حُكْمًا. قَوْلُهُ: (بِزِيَادَةِ تَشَهُّدٍ) هَذِهِ الزِّيَادَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَلَاةِ الْمَأْمُومِينَ دُونَ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي انْتِظَارُهُ فِي الْجُلُوسِ أَفْضَلُ) أَيْ فَعَلَيْهِ يَسْتَمِرُّ جَالِسًا فَإِذَا أَحْرَمُوا نَهَضَ إلَيْهِمْ مُكَبِّرًا وَيُكَبِّرُونَ مُتَابَعَةً لَهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمِنْهُ تَسْتَفِيدُ أَنَّ الشَّخْصَ فِي حَالَةِ الْأَمْنِ إذَا كَبَّرَ وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَقَامَ عَقِبَ إحْرَامِ الْمَأْمُومِ يُطْلَبُ مِنْ الْمَأْمُومِ أَنْ يُكَبِّرَ أَيْضًا مُتَابَعَةً لَهُ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَقْتَضِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الِانْتِظَارَ إنَّمَا هُوَ بِإِطَالَةِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 تَشَهُّدِهِمْ. (أَوْ) صَلَّى (رُبَاعِيَّةً) بِأَنْ كَانُوا فِي الْحَضَرِ، أَوْ أَرَادُوا الْإِتْمَامَ فِي السَّفَرِ (فَبِكُلٍّ) مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ. (رَكْعَتَيْنِ) وَيَتَشَهَّدُ بِهِمَا وَيَنْتَظِرُ الثَّانِيَةَ فِي جُلُوسِ التَّشَهُّدِ أَوْ قِيَامِ الثَّالِثَةِ، وَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا تَقَدَّمَ. (فَلَوْ صَلَّى) بَعْدَ جَعْلِهِمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ (بِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً) وَفَارَقَتْهُ كُلُّ فِرْقَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ وَأَتَمَّتْ، وَهُوَ مُنْتَظِرٌ فَرَاغَ الْأُولَى فِي قِيَامِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَفَرَاغَ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ فِي تَشَهُّدِهِ، أَوْ قِيَامَ الثَّالِثَةِ وَفَرَاغَ الثَّالِثَةِ فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ وَفَرَاغَ الرَّابِعَةِ فِي تَشَهُّدِهِ الْآخِرِ فَيُسَلِّمُ بِهَا. (صَحَّتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ لِزِيَادَتِهِ عَلَى الِانْتِظَارَيْنِ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ كَمَا سَبَقَ، وَصَلَاةُ الْفِرْقَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ إنْ عَلِمُوا بُطْلَانَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالثَّالِثُ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْفِرَقِ الثَّلَاثِ لِمُفَارَقَتِهَا قَبْلَ انْتِصَافِ صَلَاتِهَا عَلَى خِلَافِ الْمُفَارَقَةِ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا بَعْدَ الِانْتِصَافِ، وَالرَّابِعُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْجَمِيعِ وَأَسْقَطَ قَوْلَ الْمُحَرَّرِ فِي جَوَازِ مَا ذُكِرَ إذَا مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ الَّذِي نَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ عَنْ الْإِمَامِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ فِي الرَّوْضَةِ لَمَّا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَمْ يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُونَ، وَالصَّحِيحُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ، وَبَقِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّهُ إنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ فَهُوَ كَفِعْلِهِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ وَيُقَاسُ بِمَا ذَكَرَ الْمُغْرِبُ إذَا صَلَّى بِكُلِّ فِرْقَةٍ رَكْعَةً. (وَسَهْوُ كُلِّ فِرْقَةٍ) مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ فِي الثُّنَائِيَّةِ (مَحْمُولٌ فِي أُولَاهُمْ) لِاقْتِدَائِهِمْ فِيهَا وَالْمُقْتَدِي يَحْمِلُ سَهْوَهُ الْإِمَامُ. (وَكَذَا ثَانِيَةُ الثَّانِيَةِ) سَهْوُهُمْ فِيهَا مَحْمُولٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِاسْتِمْرَارِ اقْتِدَائِهِمْ بِانْتِظَارِ الْإِمَامِ لَهُمْ، وَالثَّانِي يَقُولُ انْفَرَدُوا بِهَا حِسًّا. (لَا ثَانِيَةُ الْأُولَى) لِمُفَارِقَتِهِمْ الْإِمَامَ أَوَّلَهَا. (وَسَهْوُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (فِي الْأُولَى يَلْحَقُ الْجَمِيعَ) فَتَسْجُدُ الْأُولَى آخِرَ صَلَاتِهَا وَكَذَا الثَّانِيَةُ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ (وَ) سَهْوُهُ (فِي الثَّانِيَةِ لَا يَلْحَقُ الْأَوَّلِينَ) لِمُفَارِقَتِهِمْ   [حاشية قليوبي] أَوْ مَعَ الْأَخِيرِ، كَمَا فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ هُنَا فِيهَا تَشَهُّدُ الْإِمَامِ أَوْ مَعَ الْأَخِيرِ، لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِانْتِظَارِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيَتَشَهَّدُ بِهِمَا) أَيْ الْفِرْقَتَيْنِ أَيْ يَكُونَ تَشَهُّدُهُ حَالَةَ اقْتِدَائِهِمَا ثُمَّ تُفَارِقُهُ الْأُولَى وَهُوَ جَالِسٌ يَنْتَظِرُ الثَّانِيَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَوْ حَالَ قِيَامِهِ فِي انْتِظَارِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُنْتَظِرٌ فَرَاغَ إلَخْ) الْأَوْلَى وَهُوَ مُنْتَظِرٌ حُضُورَ إلَخْ إلَّا أَنْ يَكُونَ آثَرَ الْفِرْقَةَ الرَّابِعَةَ فَغَلَّبَهَا عَلَى مَنْ قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَ مُوَهِّمًا غَيْرَ الْمُرَادِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (صَحَّتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ) وَيُنْدَبُ سُجُودُ السَّهْوِ فِي كُلِّ مَا خَالَفَ الْوَارِدَ مِنْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ لِأَنَّهُ قِيلَ فِيهَا بِالْبُطْلَانِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَسَهْوُ كُلِّ فِرْقَةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ سَهْوَ الْإِمَامِ يَلْحَقُ مَنْ حَضَرَهُ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ، لَا مَنْ فَارَقَ قَبْلَهُ، وَأَنَّ سَهْوَ الْقَوْمِ مَحْمُولٌ حَالَ اقْتِدَائِهِمْ وَلَوْ حُكْمًا   [حاشية عميرة] وَالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ، بَلْ لَوْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ جَازَ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ) قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: تَبْطُلُ بِالِانْتِظَارِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ فَإِنَّ الْأُولَى لَا انْتِظَارَ فِيهَا، وَقَالَ الْجُمْهُورُ بِالِانْتِظَارِ الثَّانِي وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي الثَّالِثَةِ لِمُخَالَفَتِهِ الْوَارِدَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُنْتَظِرِينَ فِيمَا وَرَدَهُمْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ بِخِلَافِ الْمُنْتَظِرِينَ هُنَا، وَأَيْضًا مِنْ جِهَةِ طُولِهِ كَمَا بَيَّنَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ بَطَلَتْ صَلَاةُ الرَّابِعَةِ فَقَطْ إنْ عَلِمَتْ، وَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ بَطَلَتْ صَلَاةُ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ إنْ عَلِمَتَا. فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَصَلَاةُ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ الْمَذْكُورِ فِي الْأُمِّ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ لِزِيَادَتِهِ عَلَى الِانْتِظَارَيْنِ إلَخْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ بِانْتِظَارٍ ثَالِثٍ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ بِالِانْتِظَارِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي الرَّابِعَةِ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ كَمَا عَلِمْت وَإِنَّمَا تَبْطُلُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الرَّابِعَةِ فَقَطْ، وَكَذَا الْإِمَامُ فِيهِمَا بَلْ الْمُرَادُ زِيَادَتُهُ مِنْ حَيْثُ الطُّولِ الْمُخَالِفِ لِمَا وَرَدَ فِي انْتِظَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْوَارِدَ انْتِظَارُهُ فِي قِيَامٍ وَفِي تَشَهُّدٍ، وَهَذَا زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ، وَذَلِكَ لَا يَكَادُ يَبِينُ مِنْ كَلَامِهِ إلَّا بِمُرَاجَعَةِ أُصُولِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (لِمُفَارَقَتِهَا إلَخْ) أَرْشَدَك بِهِ إلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْأَوَّلُ بِخِلَافِ الرَّابِعَةِ فَإِنَّهَا لَمْ تُفَارِقْ وَذَلِكَ عِلَّةُ الصِّحَّةِ. قَوْلُهُ: (تَبْطُلُ صَلَاةُ الْجَمْعِ) الظَّاهِرُ أَنَّ عِلَّةَ هَذَا عَدَمُ الْوُرُودِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ لَمْ يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُونَ. قَوْلُهُ: (كَفِعْلِهِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ) أَيْ فَتَبْطُلُ صَلَاةُ الرَّابِعَةِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْفِرْقَتَيْنِ فِي الثُّنَائِيَّةِ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ، أَمَّا لَوْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ فَالْحُكْمُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مُسْتَمِرٌّ فِي الْأَرْبَعِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَك أَنْ تُدْرِجَهُ فِي كَلَامِهِ، وَثَانِيَةُ الرَّابِعَةِ كَثَانِيَةِ الثَّانِيَةِ، وَثَانِيَةُ الْبَوَاقِي كَثَانِيَةِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (لِمُفَارَقَتِهِمْ الْإِمَامَ إلَخْ) هَلْ مَبْدَؤُهَا انْتِصَابُ الْإِمَامِ قَائِمًا لِأَنَّ الْجَمِيعَ صَائِرُونَ إلَيْهِ أَمْ رَفْعُ رَأْسِهِ مِنْ السُّجُودِ وَجْهَانِ، قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَبْدَؤُهَا نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ اهـ. وَقَدْ سَلَفَ لَك عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، فَإِذَا قَامَ لِلثَّانِيَةِ فَارَقَتْهُ أَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 لَهُ قَبْلَ سَهْوِهِ وَيَلْحَقُ الْآخِرِينَ. (وَيُسَنُّ حَمْلُ السِّلَاحِ) كَالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ وَالْقَوْسِ وَالنُّشَّابِ بِخِلَافِ التُّرْسِ وَالدِّرْعِ. (فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ) الثَّلَاثَةِ مِنْ الصَّلَاةِ احْتِيَاطًا (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) قَالَ تَعَالَى: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102] وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ وَبَعْضُهُمْ بِالثَّانِي، وَهُمَا فِي الطَّاهِرِ فَالنَّجَسُ كَسَيْفٍ عَلَيْهِ دَمٌ أَوْ سُقِيَ سُمًّا نَجِسًا وَنَبْلٍ بِرِيشِ مَيْتَةٍ لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ، وَكَذَا الْبَيْضَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْجَبْهَةِ، وَيُكْرَهُ حَمْلُ مَا يَتَأَذَّى بِهِ أَحَدٌ كَالرُّمْحِ فِي وَسَطِ الْقَوْمِ، وَلَوْ كَانَ فِي تَرْكِ الْحَمْلِ تَعَرُّضٌ لِلْهَلَاكِ ظَاهِرًا وَجَبَ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَيَجُوزُ تَرْكُ الْحَمْلِ لِلْعُذْرِ كَمَرَضٍ أَوْ مَطَرٍ. قَالَ الْإِمَامُ: وَوَضْعُ السَّيْفِ مَثَلًا بَيْنَ يَدَيْهِ كَحَمْلِهِ إذَا كَانَ مَدُّ الْيَدِ إلَيْهِ فِي السُّهُولَةِ كَمَدِّهَا إلَيْهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ. (الرَّابِعُ:) مِنْ الْأَنْوَاعِ بِمَحَلِّهِ (أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ) فَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ بِحَالٍ (أَوْ يَشْتَدَّ الْخَوْفُ) وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ الْقِتَالُ فَلَمْ يَأْمَنُوا الْعَدُوَّ لَوْ وَلَّوْا عَنْهُ أَوْ انْقَسَمُوا (فَيُصَلِّي) كُلٌّ مِنْهُمْ (كَيْفَ أَمْكَنَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا) وَلَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ الْوَقْتِ، قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] (وَيُعْذَرُ فِي تَرْكِ) اسْتِقْبَالِ (الْقِبْلَةِ) بِسَبَبِ الْعَدُوِّ لِلضَّرُورَةِ، فَلَوْ انْحَرَفَ عَنْهَا بِجِمَاحِ الدَّابَّةِ وَطَالَ الزَّمَانُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ كَالْمُصَلِّينَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ كَحَالَةِ الْأَمْنِ (وَكَذَا الْأَعْمَالُ الْكَثِيرَةُ) كَالطَّعَنَاتِ وَالضَّرَبَاتِ الْمُتَوَالِيَةِ يُعْذَرُ فِيهَا (لِحَاجَةٍ) إلَيْهَا (فِي الْأَصَحِّ) قِيَاسًا عَلَى مَا فِي الْآيَةِ مِنْ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ وُرُودِ الْعُذْرِ بِهَا، وَالثَّالِثُ يُعْذَرُ فِيهَا بِدَفْعِ أَشْخَاصٍ دُونَ شَخْصٍ وَاحِدٍ لِنُدْرَةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي دَفْعِهِ. (لَا صِيَاحٍ) أَيْ لَا يُعْذَرُ فِيهِ لِعَدَمِ   [حاشية قليوبي] لَا بَعْدَ مُفَارَقَتِهِمْ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ التُّرْسِ وَالدِّرْعِ) فَيُكْرَهُ حَمْلُهُ كَالْجَعْبَةِ، وَكَلَامُهُ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ السِّلَاحِ، وَهُوَ مُسْتَثْنًى أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَيُرَادُ بِالسِّلَاحِ مَا يَقْتُلُ الْغَيْرَ لَا مَا يَدْفَعُ مُطْلَقًا. وَالْأَوَّلُ مَا فِي غَيْرِ الْمَجْمُوعِ، وَالثَّانِي مَا فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ حَمْلُ مَا يَتَأَذَّى بِهِ إلَخْ) بَلْ يَحْرُمُ، إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يُؤْذِي كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مُؤْذِيًا أَوْ نَجِسًا وَإِنْ وَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (كَحَمْلِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ عَنْهُ لَا فِي حُكْمِهِ إذْ قَدْ يَجِبُ الْوَضْعُ حَيْثُ يَحْرُمُ الْحَمْلُ كَالنَّجِسِ. قَوْلُهُ: (الرَّابِعُ) أَيْ النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنْ الْأَنْوَاعِ السَّابِقَةِ. قَوْلُهُ: (بِمَحَلِّهِ) أَيْ مَعَ مَحَلِّهِ بِدَلِيلِ عَدَمِ التَّأْوِيلِ بِمَا يُذْكَرُ كَالْأَنْوَاعِ قَبْلَهُ أَوْ الْبَاءُ ظَرْفِيَّةٌ، أَيْ فِي مَحَلِّهِ رَدًّا عَلَى الْإِسْنَوِيِّ الْقَائِلِ: " بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ "، وَالصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِالثَّالِثِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا مَانِعَ مِنْ إرَادَتِهِمَا مَعًا. قَوْلُهُ (لَوْ وَلَّوْا إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ أَحَدِ الْأَنْوَاعِ السَّابِقَةِ. قَوْلُهُ: (فَيُصَلِّي) أَيْ وَلَوْ أَوَّلَ الْوَقْتِ، حَيْثُ وُجِدَ أَيْ بَعْدَ الشُّرُوعِ وَكَذَا قَبْلَهُ، حَيْثُ لَمْ يَرْجُ إلَّا مَنْ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ رَجَاهُ وَلَوْ بِقَدْرِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ وَجَبَ التَّأْخِيرُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ) أَيْ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا أَوَّلَ الْبَابِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ انْحَرَفَ) هُوَ مُحْتَرَزٌ سَبَبَ الْعَدُوِّ. قَوْلُهُ: (وَطَالَ الزَّمَنُ) أَيْ عُرْفًا فَإِنْ لَمْ يَطُلْ لَمْ يَبْطُلْ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (كَالْمُصَلِّينَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ) . نَعَمْ يُغْتَفَرُ هُنَا التَّقَدُّمُ عَلَى الْإِمَامِ فِي جِهَتِهِ، وَزِيَادَةُ الْمَسَافَةِ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ. قَوْلُهُ: (وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ إلَخْ) وَتَقَعُ لَهُمْ سُنَّةً لَا فَرْضًا، كِفَايَةً لِلْعُذْرِ. كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَرَاجِعْهُ. نَعَمْ إنْ كَانُوا فِي مَحَلٍّ غَيْرِ مُحْتَاجٍ لِشِعَارٍ فَظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْأَعْمَالُ) وَمِنْهَا النُّزُولُ وَالرُّكُوبُ. قَوْلُهُ: (لِحَاجَةٍ إلَيْهَا) بِخِلَافِ مَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَلَا يُغْتَفَرُ إنْ كَانَ يَضُرُّ فِي الْأَمْنِ، وَلَوْ انْضَمَّ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَكَذَلِكَ كَمَا لَوْ احْتَاجَ إلَى ضَرْبَةٍ فَقَصَدَ الْأَرْبَعَةَ فَيَضُرُّ شُرُوعُهُ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ إلَى اثْنَيْنِ لَمْ تَضُرَّ الْأَرْبَعَةُ، وَلَوْ احْتَاجَ إلَى ثَلَاثَةٍ فَقَصَدَ سِتَّةً ضَرَّ شُرُوعُهُ فِي الرَّابِعَةِ، فَإِنْ احْتَاجَ إلَى أَرْبَعَةٍ مِنْهَا لَمْ تَضُرَّ كُلُّهَا، لِعَدَمِ قَصْدِ الْمُبْطِلِ. كَذَا قَالُوا هُنَا وَقِيَاسُ الْأَمْنِ فِيمَا لَوْ قَصَدَ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ حَيْثُ، قَالُوا يَضُرُّ شُرُوعُهُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ يَضُرُّ هُنَا كَذَلِكَ، لِأَنَّ غَيْرَ الْمُبْطِلِ مَعَ الْمُبْطِلِ مُبْطِلٌ، فَإِنْ قَالُوا اُغْتُفِرَ هُنَا لِلضَّرُورَةِ، قُلْنَا فَالْوَاجِبُ بِقَدْرِهَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لَا صِيَاحٌ) أَيْ نُطْقٌ بِمُبْطِلِ وَلَوْ بِلَا رَفْعِ   [حاشية عميرة] الْأَفْضَلَ تَأْخِيرُ الْمُفَارَقَةِ إلَى الْقِيَامِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ تَرْكُ الْحَمْلِ لِلْعُذْرِ إلَخْ) أَيْ عَلَى قَوْلِ الْوُجُوبِ، وَكَذَا يَصِحُّ تَخْرِيجُهُ عَلَى قَوْلِ السُّنَّةِ أَيْضًا، لِأَنَّ الْمُرَادَ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ. قَوْلُهُ: (بِمَحَلِّهِ) يَعْنِي أَنَّهُ ذَكَرَ النَّوْعَ وَمَحَلَّهُ، وَقَالَ هُنَا بِمَحَلِّهِ، وَقَالَ فِيمَا سَلَفَ مَا يُذْكَرُ كَأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَفَنُّنٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ) مَأْخُوذٌ مِنْ الْتِصَاقِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ عَنْ الْوَقْتِ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ هَذَا النَّوْعَ إنَّمَا يُرْتَكَبُ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَهُوَ حَاصِلُ مَا يُفْهَمُ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَأَمَّا بَاقِي الْأَنْوَاعِ فَالظَّاهِرُ فِيهَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا الْأَعْمَالُ الْكَثِيرَةُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّلَاثُ الْمُتَوَالِيَةُ وَيُحْتَمَلُ الْكَثْرَةُ عُرْفًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 الْحَاجَةِ إلَيْهِ. (وَيُلْقِي السِّلَاحَ إذَا دَمِيَ) حَذِرًا مِنْ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَوْ يَجْعَلُهُ فِي قِرَابِهِ تَحْتَ رِكَابِهِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ إنْ احْتَمَلَ الْحَالُ ذَلِكَ (فَإِنْ عَجَزَ) عَمَّا ذُكِرَ شَرْعًا بِأَنْ احْتَاجَ إلَى إمْسَاكِهِ (أَمْسَكَهُ وَلَا قَضَاءَ) لِلصَّلَاةِ حِينَئِذٍ (فِي الْأَظْهَرِ) . وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَقْضِي لِنَدُورَ عُذْرِهِ أَيْ دَمِيَ السِّلَاحُ، وَمَنَعَ لَهُمْ نَدُورُهُ، وَقَالَ: هُوَ عَامٌّ، وَخَرَّجَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ، وَقَالَ: هَذِهِ أَوْلَى بِنَفْيِ الْقَضَاءِ لِلْقِتَالِ الَّذِي احْتَمَلَ لَهُ الِاسْتِدْبَارَ وَغَيْرَهُ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَجَعَلَ الْأَقْيَسَ نَفْيَ الْقَضَاءِ وَالْأَشْهَرَ وُجُوبَهُ، وَاقْتَصَرَ فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى الْأَقْيَسِ، وَلَمْ يَزِدْ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى كَلَامِ الْإِمَامِ شَيْئًا وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَبْلَهُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْقَطْعُ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ. (وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْمَأَ) بِهِمَا (وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ) مِنْ الرُّكُوعِ فِي الْإِيمَاءِ بِهِمَا (وَلَهُ ذَا النَّوْعُ) أَيْ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ (فِي كُلِّ قِتَالٍ وَهَزِيمَةٍ مُبَاحَيْنِ) أَيْ لَا إثْمَ فِيهِمَا كَقِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ لِأَهْلِ الْبَغْيِ وَقِتَالِ الرُّفْقَةِ لِقُطَّاعِ الطَّرِيقِ بِخِلَافِ عَكْسِهِمَا وَكَهَرَبِ الْمُسْلِمِ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ مِنْ الثَّلَاثَةِ بِخِلَافِ مَا دُونَهَا. (وَهَرَبٍ مِنْ حَرِيقٍ وَسَيْلٍ وَسَبُعٍ) إذَا لَمْ يَجِدْ مَعْدِلًا عَنْهُ. (وَغَرِيمٍ عِنْدَ الْإِعْسَارِ وَخَوْفِ حَبْسِهِ) بِأَنْ لَا يُصَدِّقَهُ الْمُسْتَحِقُّ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ. (وَالْأَصَحُّ مَنْعُهُ لِمُحْرِمٍ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ) بِفَوْتِ وُقُوفِ عَرَفَةَ لَوْ صَلَّى مُتَمَكِّنًا لِأَنَّهُ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ مَا هُوَ حَاصِلٌ كَفَوْتِ النَّفْسِ، وَالثَّانِي يَقُولُ الْحَجُّ بِالْإِحْرَامِ   [حاشية قليوبي] صَوْتٍ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَتَبْطُلُ بِهِ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ كَرَدِّ خَيْلٍ أَوْ لِيَعْرِفَ أَنَّهُ فُلَانٌ، بَلْ وَإِنْ وَجَبَ كَتَنْبِيهِ مَنْ يُرَادُ قَتْلُهُ أَوْ خَوْفِ وُقُوعِهِ فِي مُهْلِكٍ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَدَمُ الْبُطْلَانِ مَعَ الْحَاجَةِ، وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ كَإِمْسَاكِ السِّلَاحِ النَّجِسِ، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ، وَصِيَاحٌ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى الْأَعْمَالِ. وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُصَرِّحُ بِهِ، وَقِيلَ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى تَرْكِ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ لِإِفَادَتِهِ الشَّأْنَ الْمَذْكُورَ سَابِقًا. قَوْلُهُ: (أَوْ يَجْعَلُهُ) أَيْ فَوْرًا وَيُغْتَفَرُ حَمْلُهُ زَمَنَ جَعْلِهِ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ زَادَ عَلَى زَمَنِ الْإِلْقَاءِ، وَالْبَيْضَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ السُّجُودِ كَالسِّلَاحِ الْمُتَنَجِّسِ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَقْضِي) هُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَنَقْلُ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُعْتَرِضٌ. قَوْلُهُ: (أَوْلَى بِنَفْيِ الْقَضَاءِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ هُنَاكَ كَمَا هُنَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَشْهَرَ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْ الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ: (وَالسُّجُودُ) يَصِحُّ نَصْبُهُ وَرَفْعُهُ، وَكَوْنُهُ أَحَفْضَ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (وَلَهُ إلَخْ) إنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعُهَا، وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَكَذَا إنْ كَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَلَمْ يَرْجُ الْأَمْنَ فِي بَقِيَّةِ الْوَقْتِ، وَإِلَّا فَعِنْدَ ضِيقِهِ. قَوْلُهُ: (لَا إثْمَ فِيهِمَا) فَالْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ غَيْرُ الْحَرَامِ، وَكَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ الْبَاغِيَ آثِمٌ بِقِتَالِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الثَّلَاثَةِ) لَيْسَ قَيْدًا فِي غَيْرِ الصِّنْفِ، وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ نَوْعٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ قَدَّمَهُ عَلَى هَذَا. قَوْلُهُ: (مِنْ حَرِيقٍ) لَا شِدَّةِ حَرٍّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَسَبُعٍ) وَمِثْلُهُ خَوْفُ لُحُوقِ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ، يَرْجُو الْعَفْوَ عَنْهُ، وَخَوْفُ انْقِطَاعٍ عَنْ رُفْقَةٍ وَخُرُوجٌ مِنْ أَرْضِ مَغْصُوبَةٍ، وَلُحُوقُ دَابَّةٍ شَرَدَتْ أَوْ عَبْدٍ آبِقٍ أَوْ خَاطِفٍ، نَحْوِ نَعْلِهِ إنْ خَافَ ضَيَاعَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَضُرُّ وَطْءُ نَجَاسَةٍ جَافَّةٍ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ فَارَقَهَا حَالًا، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ، وَإِذَا زَالَ عُذْرُهُ أَتَمَّ صَلَاتَهُ مَكَانَهُ مُسْتَقْبَلًا، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ رُكُوعُهُ وَسُجُودُهُ بِالْإِيمَاءِ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ إنْ تَبَيَّنَ حَائِلٌ يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ نَحْوِ السَّبُعِ إلَيْهِ، لَزِمَهُ الْقَضَاءُ كَمَا يَأْتِي فِي الْعَدُوِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْإِلْحَاقِ فِي هَذَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ قَطْعُ قُدْوَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ بُعْدُ مَسَافَتِهِ عَنْهُ، وَلَا تَأَخُّرُهُ عَنْهُ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ وَالْخَطِيبُ وَابْنُ قَاسِمٍ وَغَيْرُهُمْ، وَخَالَفَهُمْ شَيْخُنَا فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ مَنْعُهُ لِمُحْرِمٍ بِالْحَجِّ) خَرَجَ بِهِ مَرِيدُ الْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ: (فَوْتَ الْحَجِّ) خَرَجَ بِهِ الْعُمْرَةُ لِتَيَسُّرِ قَضَائِهَا بَلْ لِعَدَمِ فَوَاتِهَا،   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ) لَوْ احْتَاجَ إلَى إنْذَارِ أَحَدٍ مِمَّنْ يُرِيدُ الْكَافِرُ الْفَتْكَ بِهِ فَيَحْتَمِلُ اغْتِفَارُهُ عَدَمَ الْقَضَاءِ، وَيَحْتَمِلُ وُجُوبَ الْقَضَاءِ. قَوْلُهُ: (شَرْعًا) رَدٌّ لِمَا يُقَالُ التَّعْبِيرُ بِالْعَجْزِ غَيْرُ صَوَابٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هَذَا تَخْرِيجُ الْإِمَامِ وَمُقَابِلُهُ هُوَ الْمَنْصُوصُ وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْأَصْحَابِ، فَعَلَى الْمُصَنِّفِ اعْتِرَاضَانِ حِكَايَةُ الْقَوْلَيْنِ وَمُخَالَفَةُ الْمَنْصُوصِ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ. قَوْلُهُ: (أَيْ دَمِيَ السِّلَاحُ) جَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ دَمِيَ السِّلَاحُ مِنْ الْعَامِّ، وَعَلَّلَ الْقَضَاءَ بِنُدْرَةِ الْقِتَالِ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَيْ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ) أَيْ بِلَا إعَادَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي كُلِّ قِتَالٍ إلَخْ) يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا إذَا كَانَ عَلَيْهِ قِصَاصٌ يَرْجُو الْعَفْوَ عَنْهُ لَوْ سَكَنَ غَلِيلُ الْوَلِيِّ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ لَا إثْمَ فِيهِمَا أَيْ لِيَشْمَلَ الْمُبَاحَ الْوَاجِبَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْجَائِزِ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 كَالْحَاصِلِ وَالْفَوَاتُ طَارٍّ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ وَيُحَصِّلُ الْوُقُوفَ لِأَنَّ قَضَاءَ الْحَجِّ صَعْبٌ وَقَضَاءُ الصَّلَاةِ هَيِّنٌ وَالثَّانِي يُصَلِّي مُتَمَكِّنًا وَيُفَوِّتُ الْحَجَّ لِعِظَمِ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ، وَهَذَا أَشْبَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَأَقْرَبُ فِي الصَّغِيرِ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ الصَّوَابُ الْأَوَّلُ (وَلَوْ صَلَّوْا) هَذَا النَّوْعَ (لِسَوَادٍ ظَنُّوهُ عَدُوًّا فَبَانَ) بِخِلَافِ ظَنِّهِمْ كَإِبِلٍ أَوْ شَجَرٍ (قَضَوْا فِي الْأَظْهَرِ) لِتَرْكِهِمْ فُرُوضًا مِنْ الصَّلَاةِ بِظَنِّهِمْ الَّذِي تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ وَالثَّانِي لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لِوُجُودِ الْخَوْفِ عِنْدَ الصَّلَاةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] وَسَوَاءٌ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ كَانُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَمْ دَارِ الْإِسْلَامِ اسْتَنَدَ ظَنُّهُمْ إلَى إخْبَارٍ أَمْ لَا، وَقِيلَ إنْ كَانُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يَسْتَنِدْ ظَنُّهُمْ إلَى إخْبَارٍ وَجَبَ الْقَضَاءُ قَطْعًا. (فَصْلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ) كَلُبْسِهِ وَالتَّدَثُّرِ بِهِ وَاتِّخَاذِهِ سِتْرًا. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ حُذَيْفَةَ حَدِيثَ «لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْهُ أَيْضًا: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ   [حاشية قليوبي] كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْعُمْرَةَ الْمَنْذُورَةَ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ كَالْحَجِّ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَوْتَ مَا هُوَ حَاصِلٌ) أَيْ لَهُ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا بِالْحَجِّ فِي جَوَازِ التَّرْكِ إنْقَاذَ غَرِيقٍ، أَيْ لَيْسَ عَبْدَهُ وَلَا دَابَّتَهُ وَنَحْوَهُمَا، وَخَوْفَ صَائِلٍ أَيْ عَلَى غَيْرِ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، وَخَوْفَ انْفِجَارِ مَيِّتٍ، وَأَمَّا نَحْوُ عَبْدِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ فَهِيَ كَخَطْفِ نَعْلِهِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ أَعْوَامًا. قَوْلُهُ: (هَذَا النَّوْعَ) وَكَذَا مَا قَبْلَهُ مِمَّا يَمْتَنِعُ فِي الْأَمْنِ قَوْلُهُ: (ظَنُّوهُ عَدُوًّا) وَلَوْ بِخَيَرِ عَدْلٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ، الشَّامِلِ لِلشَّكِّ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ ظَنِّهِمْ إلَخْ) وَكَذَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لَوْ بَانَ كَمَا ظَنُّوا أَنَّهُ عَدُوٌّ لَكِنْ ظَهَرَ بَيْنَهُمْ مَانِعٌ كَخَنْدَقٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ حِصْنٍ أَوْ بَانَ الْعَدُوُّ، قَدْرَ ضِعْفِهِمْ فَأَقَلَّ. نَعَمْ لَوْ بَانَ أَنَّ قَصْدَ الْعَدُوِّ الصُّلْحُ فَلَا قَضَاءَ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى النِّيَّةِ، فَقَوْلُهُ الَّذِي تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ يَعْنِي بِمَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ. (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا يَحِلُّ وَمَا لَا يَحِلُّ مِنْ الْمَلْبُوسِ، الَّذِي مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُقَاتِلُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الرِّجَالِ) جَمْعُ رَجُلٍ، وَهُوَ الذَّكَرُ وَلَوْ احْتِمَالًا، فَيَشْمَلُ الْخُنْثَى الْبَالِغَ الْعَاقِلَ، وَلَوْ كَافِرًا وَإِنْ لَمْ نَمْنَعْهُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ) الشَّامِلِ لِلْقَزِّ، كَمَا يَأْتِي بِمَا يُتَعَارَفُ فِيهِ فِي الْبَدَنِ بِلَا حَائِلٍ بِغِطَاءٍ، أَوْ فَرْشٍ أَوْ لُبْسٍ. فَشَمِلَ الْجُلُوسَ تَحْتَ نَامُوسِيَّةٍ وَإِنْ بَعُدَتْ أَوْ بُشْخَانَةٍ وَالْغِطَاءَ بِلِحَافٍ، وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ تَحْتَهُ، وَخَرَجَ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ عَلَى حَائِلٍ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ رَقِيقًا وَاتِّخَاذُهُ لَا بِقَصْدِ اسْتِعْمَالِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَالْمَشْيُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِغَيْرِ حَائِلٍ وَسَتْرُ حَيَوَانٍ بِهِ، وَيَحْرُمُ سَتْرُ جُدْرَانٍ وَنَحْوِهَا، بِهِ كَسَتْرِ ضَرَائِحِ الْأَوْلِيَاءِ إلَّا الْكَعْبَةَ وَقُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ، نَعَمْ لَا يَحْرُمُ سَتْرُ الْجُدْرَانِ بِهِ فِي أَيَّامِ الزِّينَةِ، بِقَدْرِ مَا يَدْفَعُ الضَّرَرَ وَيَحْرُمُ الْمُرُورُ وَالْفُرْجَةُ عَلَيْهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. (تَنْبِيهٌ) يُعْلَمُ مِمَّا هُنَا وَمِمَّا يَأْتِي فِي زَكَاةِ النَّقْدِ أَنَّ الْمَحْمَلَ الْمَشْهُورَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَلَا تَحِلُّ الْفُرْجَةُ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ كِسْوَةُ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَكَذَا الذَّهَبُ الَّذِي عَلَى الْكِسْوَةِ وَالْبُرْقُعُ. فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ وَيَحِلُّ لُبْسُ خُلَعِ الْمُلُوكِ، لِمَنْ خَافَ مِنْ تَرْكِهَا ضَرَرًا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَلَا يَحِلُّ غِطَاءُ عِمَامَةٍ. قَالَ شَيْخُنَا: لِلرَّجُلِ وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ. وَلَا يَحِلُّ كِتَابَةٌ عَلَيْهِ وَلَوْ لِصَدَاقِ امْرَأَةٍ أَوْ اسْمِهَا وَلَا يَحِلُّ الرَّسْمُ عَلَيْهِ وَتَحِلُّ خِيَاطَتُهُ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ اسْتِعْمَالًا.   [حاشية عميرة] يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ) أَيْ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ قَضَاءَ الْحَجِّ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّهُ عُهِدَ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ لِمَا هُوَ الْيَسِيرُ مِنْ هَذَا كَمَا فِي الْجُمَعِ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ مَعَ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالْمُتَّجِهُ الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ. قَوْلُهُ: (هَذَا النَّوْعَ) مِثْلُهُ كَمَا نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ صَلَاةُ عُسْفَانَ وَذَاتِ الرِّقَاعِ اهـ. لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ الْبُطْلَانُ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ بِالْفِرْقَةِ الْأَخِيرَةِ، وَفِي صَلَاة عُسْفَانَ بِغَيْرِ الْإِمَامِ. [فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ بِفَرْشٍ وَغَيْرِهِ] (فَصْلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ إلَخْ) قَوْلُهُ: (وَلَا الدِّيبَاجَ) وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْحَرِيرِ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَيَجُوزُ فِيهِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 عَلَيْهِ» ، (وَيَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُهُ) لِحَدِيثِ «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَالْخُنْثَى كَالرَّجُلِ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ افْتِرَاشِهَا) إيَّاهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْفَرْشِ مَا فِي اللُّبْسِ مِنْ التَّزَيُّنِ لِلزَّوْجِ الْمَطْلُوبِ (وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الصَّبِيَّ) إذْ لَيْسَ لَهُ شَهَامَةٌ تُنَافِي خُنُوثَةَ الْحَرِيرِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ. (قُلْت: الْأَصَحُّ حِلٌّ افْتِرَاشِهَا) إيَّاهُ وَبِهِ. (قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي فِي الصَّبِيِّ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ، بَلْ يَمْنَعُهُ مِنْهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ. وَالثَّالِثُ الْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ لَهُ إلْبَاسُهُ قَبْلَ سَبْعِ سِنِينَ دُونَ مَا بَعْدِهَا كَيْ لَا يَعْتَادَهُ، وَتَعَقَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، قَالَ: وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَصْحَابُ عَلَى تَزْيِينِ الصِّبْيَانِ يَوْمَ الْعِيدِ بِحُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْمُصَبَّغِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْحَرِيرُ. (وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ لُبْسُهُ لِلضَّرُورَةِ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُهْلِكَيْنِ أَوْ فُجَاءَةِ حَرْبٍ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَلِلْحَاجَةِ كَجَرَبٍ وَحَكَّةٍ وَدَفْعِ قُمَّلٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا» ، وَأَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمَا لَمَّا شَكَوَا إلَيْهِ الْقُمَّلَ فِي قُمُصِ الْحَرِيرِ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ السَّفَرُ   [حاشية قليوبي] فُرُوعٌ) يَحِلُّ مِنْهُ الْأَزْرَارُ بِالْعَادَةِ، كَالتَّطْرِيفِ الْآتِي وَخَيْطِ خِيَاطَةٍ وَخَيْطِ سُبْحَةٍ لَا شَرَارِيبِهَا، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ جَوَازُ الشَّرَارِيبِ تَبَعًا لِلْخَيْطِ. وَيَحِلُّ خَيْطُ مُصْحَفٍ وَكِيسِهِ لَا كِيسِ دَرَاهِمَ، وَيَحِلُّ خَيْطُ غِطَاءِ كُوزٍ وَغِطَاؤُهُ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَخَيْطُ مِيزَانٍ وَخَيْطُ مِنْطَقَةٍ وَقِنْدِيلٍ وَلِيقَةِ دَوَاةٍ وَنَحْوِ تِكَّةِ لِبَاسٍ، وَخَيْطُ مِفْتَاحٍ وَيَحِلُّ اتِّخَاذُ وَرَقِ الْكِتَابَةِ مِنْهُ لِأَنَّهُ اسْتِحَالَةٌ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ حِلُّ مِنْدِيلِ فِرَاشِ الزَّوْجَةِ لِلرَّجُلِ. قَالَ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا كَالِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَرِيرِ الْمُتَقَدِّمِ حِلُّهُ لَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْحَرِيرِ) وَمِنْهُ الْقَزُّ وَمِثْلُهُ الْمُزَعْفَرُ إنْ صُبِغَ أَكْثَرُهُ وَيُكْرَهُ الْمُعَصْفَرُ. قَوْلُهُ: (وَالتَّدَثُّرِ بِهِ) وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ كَمَا مَرَّ إلَّا إنْ كَانَ حَشْوًا وَلَوْ لِمِخَدَّةٍ أَوْ لِحَافٍ، وَمِنْهُ مَا لَوْ خَاطَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِ اللِّحَافِ، أَوْ خَاطَ ثَوْبَ حَرِيرٍ بَيْنَ ثَوْبَيْنِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ حَرُمَ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَاتِّخَاذِهِ سِتْرًا) وَمِنْهُ النَّامُوسِيَّةُ وَنَحْوُهَا كَمَا مَرَّ حَيْثُ عُدَّ مُسْتَعْمِلًا عُرْفًا وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ. (فَائِدَةٌ) اسْتِعْمَالُ الذَّهَبِ كَالْحَرِيرِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ، فَيَحْرُمُ الْجُلُوسُ تَحْتَ السُّقُوفِ الْمُذَهَّبَةِ إنْ حَصَلَ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ شَيْءٌ مِنْهَا، وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْأَوَانِي الْمُمَوَّهَةِ، وَأَمَّا النَّعْلُ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ فِيهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُهُ) وَلَوْ مُزَرْكَشًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَلَوْ فِي الْمَدَارِسِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ النَّوْمُ مَعَهَا وَلَا عُلُوُّهَا وَلَا مُعَانَقَتُهَا مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الثَّوْبِ مَعَهَا. قَوْلُهُ: (وَأَنَّ لِلْوَلِيِّ) وَلَوْ غَيْرَ أَبٍ وَجَدٍّ إلْبَاسُهُ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَالنَّعْلُ مِنْ الْمَلْبُوسِ. قَوْلُهُ: (حِلُّ افْتِرَاشِهَا) وَمِثْلُهُ تَدَثُّرُهَا. نَعَمْ يَحْرُمُ فِيهِمَا الْمُزَرْكَشُ بِمَا مَرَّ آنِفًا. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ الْأَصَحَّ الْجَوَازُ مُطْلَقًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْعِيدِ) أَيْ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَالْمُصَبَّغِ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْمَصْبُوغُ. قَوْلُهُ: (لُبْسُهُ) وَفَرْشُهُ وَالتَّدَثُّرُ بِهِ. قَوْلُهُ: (مُهْلِكَيْنِ) الْمُرَادُ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يُبَحْ التَّيَمُّمُ. قَوْلُهُ: (لِلْحَاجَةِ) وَلَوْ بِتَعَمُّمٍ أَوْ تَقَمُّصٍ حَيْثُ لَا إزَارَ، وَمِنْهَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الْخَلْوَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعُ مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَحَكَّةٍ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ لِأَنَّهَا جَرَبٌ يَابِسٌ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ أَنَّ آذَاهُ غَيْرُهُ، وَلَا يَضُرُّ قُدْرَتُهُ عَلَى إزَالَتِهَا بِدَوَاءٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] وَأَصْلُهُ دِيبَاهْ بِالْهَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (افْتِرَاشِهَا) مِثْلُهُ التَّدَثُّرُ بِالْأَوْلَى، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْفُرُشِ إلَخْ أَيْ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الْأَكْلُ فِي الْأَوَانِي مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْوَجْهُ الثَّانِي إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَوْجُهُ فِي الصَّبِيِّ جَارِيَةٌ فِي اسْتِعْمَالِ الْحُلِيِّ أَيْضًا، وَنُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الصَّبِيِّ فِي غَيْرِ يَوْمَيْ الْعِيدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ) اسْتَثْنَى ثَلَاثَ صُوَرٍ حَالَةَ الضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ وَالْقِتَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لُبْسُهُ) أَفْهَمَ جَوَازَ غَيْرِ اللُّبْسِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُهْلِكَيْنِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مِثْلُ ذَلِكَ الْخَوْفُ عَلَى الْعُضْوِ وَالْمَنْفَعَةُ قَالَ: بَلْ الْمُتَّجِهُ إلْحَاقُ الْأَلَمِ الشَّدِيدِ بِذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَيْدًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ. (تَنْبِيهٌ) خَطَرَ بِذِهْنِي أَنْ يُقَالَ هَلَّا جُوِّزَ التَّزَيُّنُ بِالْحَرِيرِ فِي الْحُرُوبِ غَيْظًا لِلْكُفَّارِ وَلَوْ وُجِدَ غَيْرُهُ كَتَحْلِيَةِ الْآلَةِ لِأَنَّ بَابَ الْحَرِيرِ أَوْسَعُ، وَالْجَوَابُ: أَنَّ التَّحْلِيَةَ مُسْتَهْلَكَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ، وَفِي الْآلَةِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْ الْبَدَنِ بِخِلَافِ التَّزَيُّنِ بِالْحَرِيرِ فِيهِمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، عَلَى أَنَّ ابْنَ كَجٍّ جَوَّزَ اتِّخَاذَ الْقَبَاءِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَصْلُحُ لِلْقِتَالِ مِنْ الْحَرِيرِ وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ، وَقَدْ عَلِمْت جَوَابَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 وَالْحَضَرُ. وَفُجَاءَةُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمَدِّ وَبِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ. (وَلِلْقِتَالِ كَدِيبَاجٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ) فِي دَفْعِ السِّلَاحِ قِيَاسًا عَلَى دَفْعِ الْقُمَّلِ (وَيَحْرُمُ الْمُرَكَّبُ مِنْ إبْرَيْسَمٍ) أَيْ حَرِيرٍ (وَغَيْرِهِ إنْ زَادَ وَزْنُ الْإِبْرَيْسَمِ وَيَحِلُّ عَكْسُهُ) تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ فِيهِمَا. (وَكَذَا) يَحِلُّ (إنْ اسْتَوَيَا) وَزْنًا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَغْلِبُ الْحَرَامُ وَإِبْرَيْسَمٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَبِكَسْرِهِمَا وَبِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ. (وَيَحِلُّ مَا طُرِّزَ أَوْ طُرِّفَ بِحَرِيرٍ قَدْرَ الْعَادَةِ) فِي التَّطْرِيفِ وَقَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ فِي الطِّرَازِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَإِنْ جَاوَزَ ذَلِكَ حَرُمَ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عُمَرَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إلَّا مَوْضِعَ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ» ، وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ لَهُ جُبَّةٌ يَلْبَسُهَا لَهَا لِبْنَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ» ، وَاللِّبْنَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا نُونٌ رُقْعَةٌ فِي جَيْبِ الْقَمِيصِ أَيْ طَوْقِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد «مَكْفُوفَةُ الْجَيْبِ وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ» ، وَالْمَكْفُوفُ الَّذِي جُعِلَ لَهُ كُفَّةٌ بِضَمِّ الْكَافِ، أَيْ سِجَافٌ. (وَ) يَحِلُّ (لُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا) كَالطَّوَافِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ لُبْسِهِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ فَرْضٌ فَيَحْرُمُ لِقَطْعِهِ الْفَرْضَ بِخِلَافِ النَّفْلِ   [حاشية قليوبي] وَلِلْقِتَالِ) وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْفَجْأَةِ فَهُوَ أَعَمُّ، وَمَا فِي ابْنِ حَجَرٍ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (كَدِيبَاجٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَجِيمُهُ بَدَلٌ مِنْ هَاءٍ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّدْبِيجِ، وَهُوَ النَّقْشُ وَالتَّحْسِينُ وَجَمْعُهُ دَيَابِيجُ أَوْ دَبَابِيجُ. قَوْلُهُ: (إنْ زَادَ وَزْنُ الْإِبْرَيْسَمِ) وَلَوْ احْتِمَالًا لِأَنَّهُ لَيْسَ طَارِئًا عَلَى الثَّوْبِ، وَلِذَلِكَ لَوْ شَكَّ فِي زِيَادَةِ وَزْنِ الْمُطَرَّزِ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا فِي الضَّبَّةِ وَلَفْظُ الْإِبْرَيْسَمِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ مَا تَمُوتُ دُودَتُهُ فِيهِ، فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْهُ حَيَّةً فَهُوَ الْقَزُّ، وَاسْمُ الْحَرِيرِ يَعُمُّهُمَا. قَوْلُهُ: (يَحِلُّ إنْ اسْتَوَيَا وَزْنًا فِي الْأَصَحِّ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ مَعَ التَّفْسِيرِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ مَعَ التَّعْظِيمِ. قَوْلُهُ: (مَا طُرِّزَ أَوْ طُرِّفَ بِحَرِيرٍ) خَرَجَ مَا طُرِّزَ أَوْ طُرِّفَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا، كَالْمَنْسُوجِ بِهِمَا نَعَمْ لَا يَحْرُمُ لُبْسُ نَحْوِ شَاشٍ فِي طَرَفِهِ: نَحْوِ قَصَبٍ لَمْ يَحْصُلْ بِوَضْعِهِ عَلَى النَّارِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ مَنْسُوجًا فِيهِ. قَوْلُهُ: (فِي التَّطْرِيفِ) وَهُوَ التَّسْجِيفُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ وَزْنٌ بَلْ عَادَةُ أَمْثَالِهِ، فَلَوْ فَعَلَهُ زَائِدًا لَزِمَهُ قَطْعُهُ، وَلَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ بِبَيْعِهِ لِمَنْ هُوَ عَادَتُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ كَافِرٌ دَارًا بَنَاهَا عَالِيَةً لِمُسْلِمٍ، وَلَوْ اشْتَرَى زَائِدًا عَلَى عَادَةِ أَمْثَالِهِ مِنْ أَهْلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ دَوَامٌ كَمَا لَوْ اشْتَرَى كَافِرٌ دَارًا عَالِيَةً مِنْ مُسْلِمٍ. قَوْلُهُ: (وَقَدْرُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ) أَيْ عَرْضًا وَلَوْ احْتِمَالًا وَإِنْ زَادَ طُولًا. قَوْلُهُ: (فِي الطِّرَازِ) وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَزْنُ وَأَصْلُهُ مَا عَلَى الْكَتِفِ. وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ الشَّامِلُ لِمَا فِي دَاخِلِ الثَّوْبِ وَخَارِجِهِ وَلَوْ بِالْإِبْرَةِ وَسَوَاءٌ فِي الْمَنْسُوجِ مَا لَحْمَتُهُ الْحَرِيرُ أَوْ سُدَاهُ أَوْ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَخَرَجَ بِالْحَرِيرِ الْكَتَّانُ وَالْقُطْنُ وَالصُّوفُ وَنَحْوُهَا وَإِنْ غَلَّتْ أَثْمَانُهَا عَنْهُ. (فُرُوعٌ) تُسَنُّ الْعَذَبَةُ بِطَرَفِ الْعِمَامَةِ وَكَوْنُهَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا وَيَحْرُمُ إطَالَتُهَا فَاحِشًا، وَيُسَنُّ فِي كُمِّ الرَّجُلِ إلَى رُسْغِهِ وَفِي ذَيْلِهِ إلَى نِصْفِ سَاقِهِ وَيُكْرَهُ زِيَادَتُهُ عَلَى الْكَعْبِ وَيَحْرُمُ مَعَ الْخُيَلَاءِ وَفِي كُمِّ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى مَا يَحْصُلُ بِهِ احْتِيَاطُ السَّتْرِ، وَفِي ذَيْلِهَا زِيَادَةٌ نَحْوُ رُبْعِ ذِرَاعٍ عَنْ الْكَعْبِ وَيُنْدَبُ التَّقَنُّعُ وَالتَّسَرْوُلُ وَالْإِزَارُ وَلَوْ لِلرِّجَالِ، وَيَحْرُمُ إفْرَاطُ سَعَةِ الْأَكْمَامِ أَوْ الثِّيَابِ أَوْ طُولِهَا مَعَ الْخُيَلَاءِ، وَيُكْرَهُ بِغَيْرِهَا إلَّا لِمَنْ صَارَتْ شِعَارًا لَهُ لِنَحْوِ عِلْمٍ، بَلْ يُنْدَبُ إنْ كَانَ سَبَبًا لِامْتِثَالِ أَمْرٍ أَوْ اجْتِنَابِ نَهْيٍ وَيُنْدَبُ التَّعَمُّمُ قَائِمًا وَالتَّسَرْوُلُ جَالِسًا لِأَنَّ عَكْسَهُمَا يُورِثُ الْفَقْرَ وَالنِّسْيَانَ، وَيُكْرَهُ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ أَوْ خُفٍّ وَاحِدٍ وَالِانْتِعَالُ قَائِمًا لِغَيْرِ نَحْوَ مَدَاسٍ خَشْيَةَ السُّقُوطِ. وَيُنْدَبُ خَلْعُ النَّعْلِ أَوْ الْخُفِّ لِلْجُلُوسِ وَجَعْلُهُ فِي غَيْرِ أَمَامِهِ إلَّا لِخَوْفٍ عَلَيْهِ. (فَائِدَةٌ) لَمْ يَتَحَرَّرُ فِي طُولِ عِمَامَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ إزَارُهُ أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ وَنِصْفًا تَقْرِيبًا فِي عَرْضِ ذِرَاعَيْنِ تَقْرِيبًا. وَكَذَا رِدَاؤُهُ وَقِيلَ كَانَ سِتَّةَ أَذْرُعٍ فِي عَرْضِ ثَلَاثَةٍ وَكُلُّهَا مِنْ صُوفٍ. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ لُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ) أَيْ الْمُتَنَجِّسِ لِمَا يَأْتِي، وَكَاللُّبْسِ   [حاشية عميرة] فَائِدَةٌ) تَجُوزُ كِتَابَةُ الصَّدَاقِ فِي الْحَرِيرِ كَنَسْجِهِ وَخِيَاطَتِهِ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ عَسَاكِرَ مُفْتِي الشَّامِ، وَتَبِعَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْبَارِزِيُّ، لَكِنْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِالتَّحْرِيمِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْكِتَابَةَ اسْتِعْمَالٌ مِنْ الْكُتَّابِ لِلْحَرِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ إبْرَيْسَمٍ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ هُوَ الَّذِي حَلَّ مِنْ عَلَى الدُّودَةِ بَعْدَ مَوْتِهَا فِيهِ، وَالْقَزُّ مَا قَطَعَتْهُ وَخَرَجَتْ مِنْهُ حَيَّةً فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَلُّهُ، وَيُغْزَلُ كَالْكَتَّانِ، قَالَ: كَذَا رَأَيْته فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْإِبْرَيْسَمُ) فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا إنْ اسْتَوَيَا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنَافِعِ الْإِبَاحَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ طُرِّفَ إلَخْ) الْمُطَرَّفُ هُوَ الَّذِي جُعِلَ فِي طَرَفِهِ حَرِيرٌ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: سَوَاءٌ كَانَ مِنْ خَارِجٍ أَمْ مِنْ دَاخِلٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (النَّجِسِ) أَيْ الْمُتَنَجِّسِ، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الطَّهَارَةِ تَشُقُّ خُصُوصًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 (لَا جِلْدُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) أَيْ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفَجْأَةِ قِتَالٍ) وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ لَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي حَيَاتِهِ بِحَالٍ، وَكَذَا الْكَلْبُ إلَّا لِأَغْرَاضٍ مَخْصُوصَةٍ فَبَعْدَ مَوْتِهِمَا أَوْلَى. (وَكَذَا جِلْدُ الْمَيْتَةِ) لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ. (فِي الْأَصَحِّ) كَجِلْدِ الْكَلْبِ وَالثَّانِي يَحِلُّ مُطْلَقًا بِخِلَافِ جِلْدِ الْكَلْبِ لِغِلَظِ نَجَاسَتِهِ. (وَيَحِلُّ الِاسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ عَلَى الْمَشْهُورِ) سَوَاءٌ عَرَضَتْ لَهُ النَّجَاسَةُ كَالزَّيْتِ أَمْ لَا كَوَدَكِ الْمَيْتَةِ، وَالثَّانِي لَا لِمَا يُصِيبُ بَدَنَ الْإِنْسَانِ وَثِيَابَهُ مِنْ الدُّخَانِ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْ السِّرَاجِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ قَلِيلٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ. وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ فِي بَيَانِ الْمُشْكِلِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ: إنْ كَانَ جَامِدًا فَخُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَأَلْقُوهُ، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ، أَوْ فَانْتَفِعُوا بِهِ» وَقَالَ: إنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ " اسْتَصْبِحُوا بِهِ وَلَا تَأْكُلُوهُ " وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.   [حاشية قليوبي] الِافْتِرَاشُ وَالتَّدَثُّرُ بِهِ وَتَوَسُّدُهُ وَلَوْ فِي مَسْجِدٍ كَمَا يَأْتِي وَلِغَيْرِ آدَمِيٍّ، نَعَمْ يَحْرُمُ إنْ لَزِمَ تَنَجُّسٌ بِغَيْرِ عَرَقٍ. قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) هُوَ تَعْمِيمٌ لِيَشْمَلَ الصَّلَاةَ وَنَحْوَهَا كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: لِقَطْعِهِ إلَخْ، وَقِيلَ هُوَ تَعْمِيمٌ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (كَالطَّوَافِ) هُوَ مِثَالٌ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لَا لِنَحْوِهَا كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ وَلَوْ فَرْضًا وَمِثْلُهُ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ الصَّلَاةِ أَوْ نَحْوِهَا، وَلَوْ أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ لَكَانَ صَوَابًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْهَجِ إذْ اللُّبْسُ مِنْ حَيْثُ هُوَ جَائِزٌ، وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ وَالْمَسْجِدِ وَحُرْمَتُهُ فِيهِمَا لِقَطْعِ الْفَرْضِ وَصَوْنِ الْمَسْجِدِ عَنْ النَّجَاسَةِ. وَالْمُرَادُ بِنَحْوِهَا نَفْلُ صَلَاةِ نَذْرِهِ لِحُرْمَةِ قَطْعِهِ حِينَئِذٍ، وَلَمْ يُمَثِّلْ لَهُ الشَّارِحُ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ كَمَا عَلِمْت. قَوْلُهُ: (لِقَطْعِهِ الْفَرْضَ) مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا عُلِمَ وَبِخِلَافِ النَّفْلِ مُطْلَقًا إلَّا إنْ اسْتَمَرَّ فِيهِ لِتَلَبُّسِهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ) أَيْ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ لِغَيْرِهِمَا وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ، وَيَحِلُّ لَهُمَا وَخَرَجَ بِلُبْسِهِ افْتِرَاشُهُ وَالتَّدَثُّرُ بِهِ فَهُمَا حَلَالٌ مُطْلَقًا. وَكَالْجِلْدِ بَقِيَّةُ الْأَجْزَاءِ، فَيَحْرُمُ تَسْمِيدُ الْأَرْضِ وَدَبْغُ الْجِلْدِ بِدُهْنِهِمَا نَعَمْ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُ الشِّيتَةِ الْمَعْرُوفَةِ لِمُشْطِ الْكَتَّانِ مَا لَمْ تَكُنْ رُطُوبَةٌ. قَوْلُهُ: (إلَّا لِضَرُورَةٍ) أَوْ حَاجَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْحَرِيرِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا جِلْدُ الْمَيْتَةِ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ) وَكَذَا لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُ بَقِيَّةِ أَجْزَائِهَا نَعَمْ يَحِلُّ الِامْتِشَاطُ بِمُشْطٍ مِنْ نَحْوَ الْعَاجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَيْثُ لَا رُطُوبَةً، وَمَحَلُّ حُرْمَةُ لُبْسِهِ لِلْآدَمِيِّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ فَوْقَ الثِّيَابِ كَفِرَاءِ الذِّئَابِ، وَيَحِلُّ لِغَيْرِ آدَمِيٍّ افْتِرَاشُهُ مُطْلَقًا وَالتَّدَثُّرُ بِهِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ) إلَّا فِي مَسْجِدٍ مُطْلَقًا وَفِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَمَوْقُوفٍ إنْ لَوَّثَ فِيهِمَا وَيَحِلُّ طِلَاءُ السُّفُنِ بِهِ وَإِطْعَامُهُ لِبَهِيمَةٍ وَجَعْلِهِ صَابُونًا مَثَلًا. (تَنْبِيهٌ) يَجُوزُ تَنْجِيسُ الْبَدَنِ لِغَرَضِ كَعَجْنِ سِرْجِينٍ وَوَطْءِ مُسْتَحَاضَةِ وَإِصْلَاحِ فَتِيلَةٍ فِي زَيْتٍ نَجِسٍ بِنَحْوِ أُصْبُعٍ وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ وَالتَّدَاوِي بِهِ وَيَحِلُّ تَنْجِيسُ مِلْكِهِ كَوَضْعِ زَيْتٍ نَجِسٍ فِي إنَاءٍ طَاهِرٍ مَا لَمْ يُضَيِّعْ بِهِ مَالًا وَتَنْجِيسُ مِلْكِ غَيْرِهِ وَمَوْقُوفٍ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَالْوُقُودِ بِالسِّرْجِينِ فِي الْبُيُوتِ، وَتَرْبِيَةُ نَحْوَ الدَّجَاجِ فِيهَا وَتَسْمِيدُ الْأَرْضِ وَدَبْغُ الْجِلْدِ بِغَيْرِ مُغَلَّظٍ كَمَا مَرَّ. (فَرْعٌ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: يَحْرُمُ إلْقَاءُ الْقُمَّلَ وَنَحْوَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ حَيًّا لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِمَوْتِهِ فِيهِ وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ الْحَيِّ فِي غَيْرِهِ إنْ تَأَذَّى أَوْ آذَى، وَخَالَفَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَجَوَّزَ إلْقَاءَهُ حَيًّا بِلَا أَذًى وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (كَوَدَكِ الْمَيْتَةِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُغَلَّظٍ كَمَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] عَلَى الْفَقِيرِ وَفِي اللَّيْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا جِلْدُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِمَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ عِيدِ الْفِطْرِ وَعِيدِ الْأَضْحَى (هِيَ سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ (وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) نَظَرًا إلَى أَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ تَرَكَهَا أَهْلُ بَلَدٍ قُوتِلُوا عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. (وَتُشْرَعُ جَمَاعَةً) كَمَا فَعَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَلِلْمُنْفَرِدِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ) وَلَا يَخْطُبُ الْمُنْفَرِدُ وَيَخْطُبُ إمَامُ الْمُسَافِرِينَ. (وَوَقْتُهَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَزَوَالِهَا وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا لِتَرْتَفِعَ) الشَّمْسُ (كَرُمْحٍ) كَمَا فَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ إنَّمَا يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالِارْتِفَاعِ لِيَنْفَصِلَ عَنْ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ أَيْ وَقْتٍ كَمَا تَقَدَّمَ (وَهِيَ رَكْعَتَانِ يُحْرِمُ بِهِمَا) بِنِيَّةِ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ الْأَضْحَى (ثُمَّ يَأْتِي بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ سَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ) وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبَّرَ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الْأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ» . (يَقِفُ بَيْنَ كُلِّ ثِنْتَيْنِ كَآيَةٍ مُعْتَدِلَةٍ يُهَلِّلُ وَيُكَبِّرُ وَيُمَجِّدُ) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ بِنَحْوِهِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ، (وَيَحْسُنُ) فِي ذَلِكَ (سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ   [حاشية قليوبي] [بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ] ِ الْمُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا كَرَفْعِ الْيَدَيْنِ وَفِي التَّكْبِيرَاتِ وَإِنْ تَوَالَى وَالْمَطْلُوبُ فِيهَا مَا لَمْ يُطْلَبْ فِي غَيْرِهَا، وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَالْعِيدُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعَوْدِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعُودُ عَلَى عِبَادِهِ فِيهِ بِالسُّرُورِ كُلَّ عَامٍ، وَلِذَلِكَ طُلِبَ عَقِبَ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ الْمُوجِبَيْنِ لِلْمَغْفِرَةِ مِنْ الذُّنُوبِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ السُّرُورِ. وَقِيلَ لِعَوْدِهِ فِي كُلِّ عَامٍ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَيُرْسَمُ بِالْيَاءِ فِي مُفْرَدٍ وَجَمْعِهِ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ أَعْوَادِ الْخَشَبِ. قَوْلُهُ: (لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) هَذِهِ عِلَّةُ التَّأْكِيدِ اللَّازِمِ لَهَا السُّنِّيَّةُ، فَهِيَ دَلِيلٌ لَهُمَا وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى السُّنِّيَّةِ بِأَنَّهَا صَلَاةٌ ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ لَا أَذَانَ لَهَا كَمَا فِي الْأُصُولِ، وَمَشْرُوعِيَّتُهَا كَانَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ كَالْأُضْحِيَّةِ وَأَوَّلُ عِيدٍ صَلَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِيدُ الْفِطْرِ فِيهَا، وَفُرِضَ رَمَضَانُهَا فِي شَعْبَانِهَا وَزَكَاةُ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانِهَا الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (جَمَاعَةً) وَلَوْ لِلنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ. وَكَذَا لِلْحَاجِّ إلَّا فِي مِنًى فَتُنْدَبُ لَهُ فُرَادَى. قَوْلُهُ (وَيَخْطُبُ إمَامُ الْمُسَافِرِينَ) وَكَذَا غَيْرُهُمْ كَالْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ. وَكَذَا النِّسَاءُ إنْ أَمَّهُنَّ ذَكَرٌ، وَلَا تَخْطُبُ إمَامَتُهُنَّ فَإِنْ وَعَظَتْهُنَّ وَاحِدَةٌ بِغَيْرِ خُطْبَةٍ فَلَا بَأْسَ. قَوْلُهُ: (طُلُوعِ الشَّمْسِ) أَيْ ابْتِدَاؤُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ يَوْمٍ يُعَيِّدُ فِيهِ النَّاسُ وَلَوْ فِي ثَانِي شَوَّالٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا لِتَرْتَفِعَ) فَلَوْ فَعَلَهَا قَبْلَهُ لَمْ تُكْرَهْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافٌ لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ) وَلَا يَفُوتُ بِالتَّكْبِيرَاتِ لِنُدْرَتِهَا وَيَفُوتُ بِالتَّعَوُّذِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ. قَوْلُهُ: (سَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ) وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيُكْرَهُ تَرْكُ شَيْءٍ مِنْهَا وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا، وَعِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ فِي الرَّكْعَةُ الْأُولَى سِتٌّ وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ ثَلَاثٌ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ، وَهِيَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَبْلَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ. وَفِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ، فَلَا يُوَافِقُهُ فِي فِعْلِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ مُفَارَقَتُهُ، وَلَا تَبْطُلُ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَعَلَى كُلٍّ لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ شَافِعِيًّا وَتَرَكَهَا إمَامُهُ أَوْ نَقَصَ عَنْهَا وَلَوْ بِغَيْرِ اعْتِقَادِ تَابَعَهُ فِيهِمَا، وَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يُتَابِعْهُ فِي الزِّيَادَةِ نَدْبًا وَإِنْ تَابَعَهُ فِي التَّكْبِيرِ لَمْ يَضُرَّ، أَوْ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ مَعَهُ وَتَوَالَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. نَعَمْ لَوْ صَلَّى الْعِيدَ خَلْفَ الصُّبْحِ لَمْ يَتْرُكْهَا الْمَأْمُومُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَيَأْخُذُ الشَّاكُّ فِي عَدَدِهِ بِالْيَقِينِ. قَوْلُهُ: (يَقِفُ) أَيْ يَفْصِلُ نَدْبًا وَإِنْ صَلَّى جَالِسًا أَوْ مُضْطَجِعًا فَيُكْرَهُ تَوَالِيهَا وَلَوْ مَعَ الرَّفْعِ، وَلَا   [حاشية عميرة] بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى أَنَّهَا إلَخْ) أَيْ فَيُعَدُّ تَرْكُهَا تَهَاوُنًا بِالدِّينِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِلْمُنْفَرِدِ إلَخْ) لِأَنَّهَا صَلَاةُ نَفْلٍ كَالِاسْتِسْقَاءِ، وَنُقِلَ عَنْ الْقَدِيمِ أَنَّهُ كَالْجُمُعَةِ فِي الشَّرَائِطِ حَتَّى لَا تَصِحُّ لِلْمُنْفَرِدِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْقَوْمِ. نَعَمْ يُسْتَثْنَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إقَامَتُهَا فِي الْخُطْبَةِ، وَتَقْدِيمُ الْخُطْبَتَيْنِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْعَدَدُ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ تَرَكَهُمَا لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ. قَوْلُهُ: (وَيَخْطُبُ إمَامُ الْمُسَافِرِينَ) سَكَتَ عَنْ جَمَاعَةِ الْعَبِيدِ وَالْمُتَّجِهُ الْخُطْبَةُ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَالْمُتَّجِهُ فِيهِنَّ أَنْ لَا خُطْبَةَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ شَأْنِهِنَّ. نَعَمْ إنْ وَعَظَتْهُنَّ وَاحِدَةٌ فَلَا بَأْسَ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته فِي أَمْرِ النِّسْوَةِ قَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِيهِنَّ فِي خُطْبَةِ الْكُسُوفِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (كَمَا فَعَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَلِيَزُولَ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ سَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ) لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ يَرَى دُونَ ذَلِكَ تَابَعَهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُمَجِّدُ) أَيْ يُعَظِّمُ. قَوْلُهُ: (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَلَا يَقُولُ ذَلِكَ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) وَهِيَ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ (ثُمَّ يَتَعَوَّذُ وَيَقْرَأُ) الْفَاتِحَةَ وَمَا سَيَأْتِي. (وَيُكَبِّرُ فِي الثَّانِيَةِ) بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ (خَمْسًا) بِالصِّفَةِ السَّابِقَةِ (قَبْلَ الْقِرَاءَةِ) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ. (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْجَمِيعِ) السَّبْعِ وَالْخَمْسِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رَوَيْنَاهُ فِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ، وَيَضَعُ يُمْنَاهُ عَلَى يُسْرَاهُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ (وَلَسْنَ فَرْضًا وَلَا بَعْضًا) فَلَا يُجْبَرُ تَرْكُ شَيْءٍ مِنْهَا بِالسُّجُودِ (وَلَوْ نَسِيَهَا وَشَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ فَاتَتْ) لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا. (وَفِي الْقَدِيمِ يُكَبِّرُ مَا لَمْ يَرْكَعْ) فَإِنْ تَذَكَّرَ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ قَطَعَهَا وَكَبَّرَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَهَا، أَوْ بَعْدَهَا كَبَّرَ وَاسْتُحِبَّ اسْتِئْنَافُهَا، فَإِنْ رَكَعَ لَا يَعُودُ إلَى الْقِيَامِ لِيُكَبِّرَ. (وَيَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى ق وَفِي الثَّانِيَةِ اقْتَرَبَتْ بِكَمَالِهِمَا جَهْرًا) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ بِ قِ وَاقْتَرَبَتْ» ، وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاك حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» . قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَهُوَ سُنَّةٌ أَيْضًا. (وَيُسَنُّ بَعْدَهَا خُطْبَتَانِ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ» ، وَتَكْرِيرُهَا مَقِيسٌ عَلَى الْجُمُعَةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حَدِيثٌ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ قُدِّمَتْ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا كَالسُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ إذْ قُدِّمَتْ. (أَرْكَانُهَا كَهِيَ) أَيْ كَأَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ (فِي الْجُمُعَةِ) وَهِيَ حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى فِيهِمَا وَقِرَاءَةُ آيَةٍ فِي إحْدَاهُمَا، وَالدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْقِيَامُ، فَإِنْ قَامَ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يُسَنُّ الْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا. أَمَّا الْجُلُوسُ قَبْلَهُمَا عَلَى الْمِنْبَرِ فَقِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ، وَالْأَصَحُّ يُسْتَحَبُّ لِلِاسْتِرَاحَةِ، وَقَبْلَهُ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ كَمَا سَبَقَ فِي الْجُمُعَةِ. (وَيُعَلِّمُهُمْ) اسْتِحْبَابًا (فِي) عِيدِ (الْفِطْرِ الْفِطْرَةَ وَ) فِي عِيدِ (الْأَضْحَى الْأُضْحِيَّةَ) أَيْ أَحْكَامَهَا وَالْفِطْرَةُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ، وَهِيَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بِكَسْرِ الْفَاءِ مُوَلَّدَةٌ وَابْنُ الرِّفْعَةِ كَابْنِ أَبِي الدَّمِ بِضَمِّهَا.   [حاشية قليوبي] تَبْطُلُ صَلَاتُهُ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ) فِي إضَافَةِ بَيْنَ إلَى كُلِّ تَسَامُحٌ وَخَرَجَ بِهَا مَا قَبْلَ التَّكْبِيرَاتِ وَمَا بَعْدَهَا فَلَا فَصْلَ. قَوْلُهُ: (كَآيَةِ مُعْتَدِلَةٍ) ضَبَطَهَا بَعْضُهُمْ بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ. قَوْلُهُ: (وَيُمَجِّدُ) أَيْ يُعَظِّمُ بِتَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ. قَوْلُهُ: (وَيَحْسُنُ) فَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَذْكَارِ أَوْلَى مِنْ السُّكُوتِ، وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الْعُبَابِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَسِيَهَا) فَالْعَمْدُ أَوْلَى بِالْفَوَاتِ. قَوْلُهُ: (وَشَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ) بِخِلَافِ التَّعَوُّذِ فَلَا تَفُوتُ بِهِ كَمَا لَا يَفُوتُ الِافْتِتَاحُ بِهَا وَإِنْ فَاتَ بِالتَّعَوُّذِ. قَوْلُهُ: (فَاتَتْ) وَلَا يَتَدَارَكُهَا فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأُولَى ق إلَخْ) وَفِي تَرْكِهَا مَا فِي الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ (بِكَمَالِهِمَا) وَلَوْ إمَامَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ وَفِي بَدَلِهِمَا مَا فِي الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (جَهْرًا) وَلَوْ مُنْفَرِدًا. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ بَعْدَهَا خُطْبَتَانِ) إلَّا بِنَذْرٍ فَيَجِبَانِ، وَيُشْتَرَطُ لَهُمَا حِينَئِذٍ مَا فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ إلَّا الْعَدَدَ، وَنَحْوَهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا وُجُوبُ الْقِيَامِ وَحْدَهُ فِي نَذْرِهِمَا وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَدَّمَهَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا) بَلْ يَحْرُمُ إنْ قَصَدَهَا لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْقِيَامُ وَلَا غَيْرُهُ) إلَّا الْإِسْمَاعَ وَالسَّمَاعَ وَكَوْنَهَا عَرَبِيَّةً، وَذُكُورَةَ الْخَطِيبِ، فَتَصِحُّ خُطْبَةُ الْجُنُبِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْآيَةِ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ يُسْتَحَبُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِقَدْرِ جُلُوسِ الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] وَلِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرٍ فِي الصَّلَاةِ يَعْقُبُهُ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ، فَكَذَا هَذَا، فَلَوْ وَالَى كُرِهَ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ) قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: هِيَ أَعْمَالُ الْخَيْرِ الَّتِي يَبْقَى لِلشَّخْصِ ثَمَرَتُهَا أَبَدًا، وَيَنْدَرِجُ فِيهَا مَا فُسِّرَتْ بِهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَأَعْمَالِ الْحَجِّ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَالْكَلَامِ الطَّيِّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَسْنَ فَرْضًا وَلَا بَعْضًا) نُقِلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَرْكُهَا وَمُوَالَاتُهَا وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا. زَادَ السُّبْكِيُّ: وَيُكْرَهُ تَرْكُ وَاحِدَةٍ مِنْهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الْقَدِيمِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَحَلَّهَا بَاقٍ وَهُوَ الْقِيَامُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الثَّانِيَةِ اقْتَرَبَتْ) أَيْ يَجْهَرُ وَلَوْ مُنْفَرِدًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ بَعْدَهَا خُطْبَتَانِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، قَالَهُ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِ الْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْقِيَامُ) أَيْ لِأَنَّهُمَا سُنَّةٌ كَصَلَاةِ الْعِيدِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ الْوَقْتُ وَلَا الْأَرْبَعُونَ، قَالَ: وَمُقْتَضَى التَّعْبِيرِ الْمَذْكُورِ فِي الْمِنْهَاجِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْعَرَبِيَّةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالطَّهَارَةِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ اهـ. قَوْلُهُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 (يَفْتَتِحُ) اسْتِحْبَابًا (الْأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ) وَلَاءٍ (وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعِ وَلَاءً) قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ التَّابِعِينَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَلَوْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِالْحَمْدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالثَّنَاءِ جَازَ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَثِيرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْخُطْبَةِ وَإِنَّمَا هِيَ مُقَدِّمَةٌ لَهَا، وَمَنْ قَالَ مِنْهُمْ يَفْتَتِحُ الْخُطْبَةَ بِهَا يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ افْتِتَاحَ الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ بِبَعْضِ مُقَدِّمَاتِهِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ نَفْسِهِ. (وَيُنْدَبُ الْغُسْلُ) لِلْعِيدِ، رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْتَسِلُ لِلْعِيدَيْنِ» ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ. (وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ وَفِي قَوْلٍ بِالْفَجْرِ) كَالْجُمُعَةِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ أَهْلَ الْقُرَى الَّذِينَ يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ يُبَكِّرُونَ لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنْ قُرَاهُمْ فَلَوْ لَمْ يَجُزْ الْغُسْلُ قَبْلَ الْفَجْرِ لَشَقَّ عَلَيْهِمْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ تَأْخِيرُ صَلَاتِهَا وَتَقَدُّمُ صَلَاتِهِ فَعُلِّقَ غُسْلُهُ بِالنِّصْفِ الثَّانِي، وَقِيلَ بِجَمِيعِ اللَّيْلِ (وَ) يُنْدَبُ (التَّطَيُّبُ وَالتَّزَيُّنُ كَالْجُمُعَةِ) بِأَنْ يَتَزَيَّنَ بِأَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَإِزَالَةِ الظُّفْرِ وَالرِّيحِ الْكَرِيهَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، سَوَاءٌ فِي الْغُسْلِ وَمَا بَعْدَهُ الْقَاعِدُ فِي بَيْتِهِ وَالْخَارِجُ لِلصَّلَاةِ، هَذَا حُكْمُ الرِّجَالِ. وَأَمَّا النِّسَاءُ فَيُكْرَهُ لِذَوَاتِ الْجَمَالِ وَالْهَيْئَةِ الْحُضُورُ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْعَجَائِزِ وَيَتَنَظَّفْنَ بِالْمَاءِ وَلَا يَتَطَيَّبْنَ وَيَخْرُجْنَ فِي ثِيَابٍ بِذَاتِهِنَّ. (وَفِعْلُهَا) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ (بِالْمَسْجِدِ أَفْضَلُ) لِشَرَفِهِ (وَقِيلَ بِالصَّحْرَاءِ) أَفْضَلُ لِأَنَّهَا أَرْفَقُ بِالرَّاكِبِ وَغَيْرِهِ. (إلَّا لِعُذْرٍ) كَضِيقِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْأَوَّلِ، فَتُكْرَهُ فِيهِ التَّشْوِيشُ بِالزِّحَامِ وَوُجُودِ الْمَطَرِ أَوْ الثَّلْجِ عَلَى الثَّانِي فَتُكْرَهُ فِي الصَّحْرَاءِ عَلَى قِيَاسِ كَرَاهَتِهَا فِي الْمَسْجِدِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ إذَا وَجَدَ مَطَرًا أَوْ غَيْرَهُ وَضَاقَ الْمَسْجِدُ الْأَعْظَمُ صَلَّى الْإِمَامُ فِيهِ وَاسْتَخْلَفَ مَنْ يُصَلِّي بِبَاقِي النَّاسِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: إنَّ   [حاشية قليوبي] مُوَلَّدَةٌ) أَيْ لَا عَرَبِيَّةٌ وَلَا مُعَرَّبَةٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَفْصِلُ إلَخْ) وَيُسَنُّ إفْرَادُ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ بِنَفَسٍ وَتَفُوتُ التَّكْبِيرَاتُ بِالشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ وَلَا تُتَدَارَكُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (يَفْتَتِحُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ التَّكْبِيرَاتِ لَيْسَتْ مِنْ الْخُطْبَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا مُقَدِّمَةٌ لَهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ. قَوْلُهُ: (مِنْ السُّنَّةِ إلَخْ) هُوَ قَوْلُ تَابِعِيٍّ وَاحْتُجَّ بِهِ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِيهِ فَمَا فِي الْمَنْهَجِ مَرْجُوحٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ (جَازَ) بَلْ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّهُ حَسَنٌ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْوَلَاءِ عَدَمُ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا عُرْفًا. (تَنْبِيهٌ) يُطْلَبُ فِي الْقَضَاءِ مَا فِي الْأَدَاءِ مِنْ تَكْبِيرَاتِ الصَّلَاةِ وَطَلَبِ الْخُطْبَةِ إنْ صَلَّوْهَا جَمَاعَةً، وَإِنْ لَمْ تُطْلَبْ وَتَكْبِيرَاتِهَا وَالْجَهْرَ وَالسُّورَتَيْنِ، وَتَعْلِيمُ أَحْكَامِ الْفِطْرَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيُنْدَبُ الْغُسْلُ) وَلَوْ لِنَحْوِ حَائِضٍ وَذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْدُوبَاتِ الْعِيدِ كَالتَّكْبِيرِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَسَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَأَتْبَاعِهِ وَتَخْرُجُ كُلُّهَا بِالْغُرُوبِ. قَوْلُهُ: (بِنِصْفِ اللَّيْلِ) وَبَعْدَ الْفَجْرِ أَفْضَلُ وَتَقْرِيبُهُ مِنْ ذَهَابِهِ أَفْضَلُ وَلَيْسَ هُنَا دَرَجَاتٌ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ لِعَدَمِ النَّصِّ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ أَهْلَ الْقُرَى) وَالْأَوْلَى لَهُمْ إقَامَتُهَا فِي قُرَاهُمْ وَيُكْرَهُ ذَهَابُهُمْ لِغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَالتَّطَيُّبُ) بِفَوْقِيَّةٍ أَوَّلِهِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ النَّدْبُ وَلِمُنَاسَبَةِ مَا بَعْدَهُ وَمَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَالتَّزَيُّنُ كَالْجُمُعَةِ) إلَّا فِي عَشَرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ نَعَمْ يُنْدَبُ هُنَا أَغْلَى الْمَلْبُوسِ، وَلَوْ غَيْرَ أَبْيَضَ لِإِظْهَارِ النِّعْمَةِ. وَيُقَدَّمُ عَلَى الْأَبْيَضِ لَوْ وَقَعَ الْعِيدُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْخَارِجُ إلَخْ) نَعَمْ يُرَاعَى الِاسْتِسْقَاءُ لَوْ وَقَعَ يَوْمَ الْعِيدِ. قَوْلُهُ: (لِذَوَاتِ الْجَمَالِ وَالْهَيْئَةِ) قَالَ شَيْخُنَا الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَفِعْلُهَا بِالْمَسْجِدِ أَفْضَلُ إلَخْ) وَيُنْدَبُ عَدَمُ تَعَدُّدِهَا وَلِلْإِمَامِ الْمَنْعُ مِنْهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ. قَوْلُهُ: (قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) ذَكَرَهُ لِتَعَارُضِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (مَنْ يُصَلِّي) وَيُكْرَهُ أَنْ يَخْطُبَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْإِمَامِ وَلَا عِلْمِ رِضَاهُ وَيَحْرُمُ مَعَ النَّهْيِ، وَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ وَاسْتَخْلَفَ بِمَنْ يُصَلِّي بِغَيْرِهِمْ خَارِجَهُ فَفِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَوْضِعٍ آخَرَ)   [حاشية عميرة] مُوَلَّدَةٌ) أَيْ لَا عَرَبِيَّةٌ وَلَا مُعَرَّبَةٌ وَكَأَنَّهَا مِنْ الْفِطْرَةِ الَّتِي هِيَ الْخِلْقَةُ أَيْ زَكَاةُ الْخِلْقَةِ وَهِيَ اسْمٌ لِلْمُخْرَجِ. قَوْلُهُ: (مِنْ التَّابِعِينَ) نَبَّهَ عَلَى هَذَا لِأَنَّ قَوْلَ التَّابِعِيِّ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ عَلَى الصَّحِيحِ بِخِلَافِ الصَّحَابِيِّ وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ مَرْفُوعٌ مُرْسَلٌ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالتَّطَيُّبُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هُوَ بِالتَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ فِي أَوَّلِهِ لِيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْإِضْمَارِ وَيُوَافِقَ مَا بَعْدَهُ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَصَادِرِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَتَزَيَّنَ إلَخْ) هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ التَّشْبِيهِ فِي الْمَتْنِ نَعَمْ مِنْ التَّزَيُّنِ اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَفْضَلُ قَطْعًا وَأَلْحَقَ بِهِ بَيْتَ الْمَقْدِسِ الصَّيْدَلَانِيُّ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَسَكَتَ الْجُمْهُورُ عَنْهُ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ اهـ. أَمَّا مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ «أَصَابَنَا مَطَرٌ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ فَيَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ» إلَى آخِرِهِ أَيْ يَخْرُجُ إلَى الْمُصَلَّى لِذِكْرِهَا فِيهِ وَمُوَاظَبَتِهِ عَلَى الْخُرُوجِ إلَيْهَا لِضِيقِ مَسْجِدِهِ عَمَّنْ يَحْضُرُ صَلَاةَ الْعِيدِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ. (وَيَسْتَخْلِفُ) الْإِمَامُ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِلصَّحْرَاءِ. (مَنْ يُصَلِّي بِالضَّعَفَةِ) كَالشُّيُوخِ وَالْمَرْضَى كَمَا اسْتَخْلَفَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَبَا مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ فِي ذَلِكَ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ يُفْهِمُ أَنَّ الْخَلِيفَةَ لَا يَخْطُبُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْجِيلِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ (وَيَذْهَبُ فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ فِي آخَرَ) لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ» . وَالْأَرْجَحُ فِي سَبَبِ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ فِي أَطْوَلِ الطَّرِيقَيْنِ تَكْثِيرًا لِلْأَجْرِ، وَيَرْجِعُ فِي أَقْصَرِهِمَا وَقِيلَ: إنَّهُ كَانَ يَتَصَدَّقُ عَلَى فُقَرَائِهِمَا، وَقِيلَ: لِيَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ، وَيُسْتَحَبُّ الذَّهَابُ فِي طَرِيقٍ وَالرُّجُوعُ فِي آخَرَ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي رِيَاضِهِ. (وَيُبَكِّرُ النَّاسُ) لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ وَيَنْتَظِرُوا الصَّلَاةَ. (وَيَحْضُرُ الْإِمَامُ وَقْتَ صَلَاتِهِ) لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ السَّابِقِ. (وَيُعَجِّلُ) الْحُضُورَ (فِي الْأَضْحَى) وَيُؤَخِّرُهُ فِي الْفِطْرِ قَلِيلًا. «كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ وَلَّاهُ الْبَحْرَيْنِ أَنْ عَجِّلْ الْأَضْحَى وَأَخِّرْ الْفِطْرَ» ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: هُوَ مُرْسَلٌ. وَحِكْمَتُهُ اتِّسَاعُ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ وَوَقْتُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ. (قُلْت:) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ. (وَيَأْكُلُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَيُمْسِكُ فِي الْأَضْحَى) عَنْ الْأَكْل حَتَّى يُصَلِّيَ. قَالَ بُرَيْدَةَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ» ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ   [حاشية قليوبي] أَيْ كُنْ. قَوْلُهُ: (أَفْضَلُ قَطْعًا) ثُمَّ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ ثُمَّ الْأَقْصَى ثُمَّ غَيْرَهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (لَا يَخْطُبُ) عَلَى مَا مَرَّ وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مُؤَوَّلٌ وَلَا يَتَنَاوَلُ الْإِذْنَ غَيْرَ مَرَّةٍ هُنَا وَكُلَّ مَا لَا يَتَكَرَّرُ كَالْكُسُوفِ. (تَنْبِيهٌ) يَدْخُلُ وَاحِدٌ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ مِنْهَا وَيَدْخُلُ فِي إمَامَةِ الْعِشَاءِ وَلَوْ مَعَ الْخَمْسِ إمَامَةُ الْوِتْرِ فِي رَمَضَانَ وَالتَّرَاوِيحِ. قَوْلُهُ: (تَكْثِيرًا لِلْأَجْرِ) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْأَجْرِ فِي الرُّجُوعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِبَادَةً وَلَا وَسِيلَةً لَهَا، وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ نَعَمْ يُنْدَبُ الرُّكُوبُ لِلْغُزَاةِ إرْهَابًا لِلْعَدُوِّ. قَوْلُهُ: (وَيُبَكِّرُ النَّاسُ) مِنْ الْفَجْرِ لِغَيْرِ بَعِيدِ الدَّارِ وَهُوَ لِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ بِالتَّهَيُّؤِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اعْتِبَارُ قَصْدِ الصَّلَاةِ لِمُرِيدِ التَّبْكِيرِ كَمَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: التَّبْكِيرُ هُنَا مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ الْمُنَاسِبُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَقْتَ صَلَاتِهِ) وَأَفْضَلُهُ فِي الْفِطْرِ بَعْدَ رُبْعِ النَّهَارِ وَفِي الْأَضْحَى بَعْدَ سُدُسِهِ قَالَهُ الْإِمَامُ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، فَالْوَجْهُ خِلَافُهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَمَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ مِنْ مُوَافَقَةِ كَلَامِ الْإِمَامِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَيُعَجِّلُ) أَيْ الْإِمَامُ الْحُضُورَ لِلْخُطْبَةِ وَيَخْطُبُ وَحِكْمَتُهُ اتِّسَاعُ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ وَعَكْسُ ذَلِكَ فِي عِيدِ الْفِطْرِ لِاتِّسَاعِ وَقْتِ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَالتَّعْجِيلِ عَقِبَ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ. وَقَالَ شَيْخُنَا مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (الْبَحْرَيْنِ) هُوَ إقْلِيمٌ بَيْنَ حَضْرَمَوْتَ وَالْبَصْرَةِ وَمِنْهُ مَدِينَةُ هَجَرَ. قَوْلُهُ: (وَيَأْكُلُ) وَلَوْ فِي الطَّرِيقِ وَلَوْ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ) لَوْ اتَّفَقَ الْخُرُوجُ لِلِاسْتِسْقَاءِ وَالْعِيدِ تُرِكَ التَّزَيُّنُ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (وَأُلْحِقَ بِهِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ إلَخْ) اسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ قَالَ: وَلَيْسَ بِظَاهِرِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بُقْعَةٌ فِي سَعَةِ مَسْجِدِهَا بَلْ جِبَالٌ وَأَوْعَارٌ. قَوْلُهُ: (أَمَّا مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَمْ يُلْحِقُوا مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ يَعْنِي بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي نَفْيِ الْخِلَافِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الشَّرَفُ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ يَعْنِي مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَذْهَبُ فِي طَرِيقٍ) أَيْ أَطْوَلَ. قَوْلُهُ: (تَكْثِيرًا لِلْأَجْرِ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ عَدَمُ الْأَجْرِ فِي الرُّجُوعِ وَيُخَالِفُهُ مَا ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ فِي قِصَّةِ الرَّجُلِ الَّذِي سَأَلَ فِي شِرَاءِ حِمَارٍ يَرْكَبُهُ فِي الظَّلْمَاءِ وَالرَّمْضَاءِ كَمَا أَسْلَفْنَاهُ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ، هَذَا مَعْنَى مَا فِي الْإِسْنَوِيِّ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: الذَّهَابُ أَفْضَلُ مِنْ الرُّجُوعِ، فَلَا تَكُونُ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ مَانِعَةً مِنْ الْأَجْرِ فِي الرُّجُوعِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَقَوْلُ الْإِمَامِ إنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ غَلَطٌ، بَلْ يُثَابُ فِي رُجُوعِهِ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت وَيَأْكُلُ إلَخْ) وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَاسَ حُكْمُ الْإِمْسَاكِ فِي النَّحْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 وَالْحَاكِمُ، وَحِكْمَتُهُ امْتِيَازُ يَوْمِ الْعِيدِ عَمَّا قَبْلَهُ بِالْمُبَادَرَةِ بِالْأَكْلِ أَوْ تَأْخِيرِهِ. (وَيَذْهَبُ مَاشِيًا) كَالْجُمُعَةِ. (بِسَكِينَةٍ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ» (وَلَا يُكْرَهُ الْفِعْلُ قَبْلَهَا) بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ وَلَا بَعْدَهَا (لِغَيْرِ الْإِمَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِخِلَافِ الْإِمَامِ فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ لِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ صَلَّى عَقِبَ الْحُضُورِ وَخَطَبَ عَقِبَ الصَّلَاةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ وَغَيْرِهَا. (فَصْلٌ: يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ) اللَّامُ فِيهِ لِلْجِنْسِ الصَّادِقِ بَعِيدِ الْفِطْرِ وَعِيدِ الْأَضْحَى وَدَلِيلُهُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ قَوْله تَعَالَى {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} [البقرة: 185] أَيْ عِدَّةَ صَوْمِ رَمَضَانَ {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ} [البقرة: 185] أَيْ عِنْدَ إكْمَالِهَا. وَفِي عِيدِ الْأَضْحَى الْقِيَاسُ عَلَى عِيدِ الْفِطْرِ (فِي الْمَنَازِلِ وَالطُّرُقِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ) لَيْلًا وَنَهَارًا. (بِرَفْعِ الصَّوْتِ) إظْهَارًا لِشِعَارِ الْعِيدِ (وَالْأَظْهَرُ إدَامَتُهُ حَتَّى يُحْرِمَ الْإِمَامُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ) وَالثَّانِي حَتَّى يَخْرُجَ لَهَا. وَالثَّالِثُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا. قِيلَ وَمِنْ الْخُطْبَتَيْنِ وَهُوَ فِيمَنْ لَا يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ (وَلَا يُكَبِّرُ الْحَاجُّ لَيْلَةَ الْأَضْحَى بَلْ يُلَبِّي) لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ شِعَارُهُ (وَلَا يُسَنُّ لَيْلَةَ الْفِطْرِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ، وَالثَّانِي يَقِيسُهُ عَلَى التَّكْبِيرِ لَيْلَةَ الْأَضْحَى عَلَى مَا سَيَأْتِي فَيُكَبِّرُ خَلْفَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ (وَيُكَبِّرُ   [حاشية قليوبي] الْإِمَامَ، وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ كَالْإِمْسَاكِ فِي الْأَضْحَى. قَوْلُهُ: (وَيَطْعَمُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالْعَيْنِ أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَأْكُولِ الْمَطْعُومُ وَلَوْ مَشْرُوبًا، وَأَفْضَلُهُ عَلَى مَا فِي الْفِطْرِ لِلصَّائِمِ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ نَسْخُ تَحْرِيمِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (وَحِكْمَتُهُ) أَيْ الْأَصْلِيَّةُ فَلَا يَرِدُ مُفْطِرُ رَمَضَانَ أَوْ صَائِمُ عَرَفَةَ. قَوْلُهُ: (بِالْمُبَادَرَةِ إلَخْ) أَيْ تُطْلَبُ الْمُبَادَرَةُ وَالتَّأْخِيرُ فِي الْعِيدَيْنِ كَافٍ فِي تَمْيِيزِهِمَا عَلَى غَيْرِهِمَا الَّذِي لَمْ يُطْلَبْ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي الْحِكْمَةِ إنَّ فِيهِ مُوَافَقَةُ الْمَسَاكِينِ فِي طَلَبِ الصَّدَقَةِ فِي الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَفِي الْأَضْحَى بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ. نَعَمْ يُكْرَهُ لِمَنْ يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقَيَّدَ بِمَنْ يَسْمَعُ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْإِمَامِ) إنْ حَضَرَ وَقْتَ الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ لَهُ. (فَصْلٌ فِي طَلَبِ التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدِ) وَكَيْفِيَّتِهِ وَوَقْتِهِ. قَوْلُهُ: (لَيْلَتَيْ الْعِيدِ) وَلَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ (وَدَلِيلُهُ) أَيْ التَّكْبِيرُ الْمُرْسَلُ وَهُوَ فِي الْفِطْرِ أَفْضَلُ وَالْمُقَيَّدُ فِي الْأَضْحَى أَفْضَلُ مِنْهُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (فِي الْمَنَازِلِ إلَخْ) دَخَلَ فِيهِ خَلْفُ الصَّلَاةِ وَيُزَادُ عَلَى مَا فِي كَلَامِهِ نَحْوُ التَّرَاوِيحِ. قَوْلُهُ: (بِرَفْعِ الصَّوْتِ) إلَّا لِغَيْرِ ذِكْرٍ بِحَضْرَةِ غَيْرِ مَحْرَمٍ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يُحْرِمَ الْإِمَامُ) أَيْ حَتَّى يَدْخُلُ وَقْتُ إحْرَامِهِ الْمَطْلُوبُ سَوَاءٌ صَلَّى مَعَهُ أَوْ مُنْفَرِدًا أَوْ لَمْ يُصَلِّ أَوْ أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ، وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسَنُّ التَّكْبِيرُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ، وَيُسَنُّ مِنْ حَيْثُ دُخُولُهُ فِي عُمُومِ الْوَقْتِ فِيمَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] فَرْعٌ) الشُّرْبُ كَالْأَكْلِ. قَوْلُهُ: (وَلَا بَعْدَهَا) يُسْتَثْنَى مَنْ يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ. [فَصْلٌ يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ] (فَصْلٌ يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ إلَخْ) قَوْله تَعَالَى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ} [البقرة: 185] قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْوَاوُ وَإِنْ كَانَتْ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ لَكِنَّ دَلَالَتَهَا عَلَى التَّرْتِيبِ أَرْجَحُ، كَمَا قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ وَلِأَنَّ الْأَدِلَّةَ تُثْبِتُ الْمُرَادَ اهـ. وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ الْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ جَمْعُ مُقَارَنَةٍ، وَجَمْعُ مُعَاقَبَةٍ، وَذَلِكَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَمْلُ الْوَاوِ هُنَا عَلَى الْجَمْعِ الْمُطْلَقِ، خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُهَا عَلَى التَّرْتِيبِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي حَتَّى يَخْرُجَ) أَيْ لِأَنَّ بِخُرُوجِهِ تَشْتَغِلُ النَّاسُ بِالتَّهَيُّؤِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَالْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ إلَخْ) تَوْجِيهُهُ أَنَّ الْإِمَامَ وَمَنْ مَعَهُ يُقِيمُونَ الشِّعَارَ بِالصَّلَاةِ فَمَنْ لَا يُصَلِّي يُقِيمُهُ بِالتَّكْبِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُسَنُّ) أَيْ التَّكْبِيرُ إلَخْ، شُرُوعٌ فِي بَيَانِ التَّكْبِيرِ الْمُقَيَّدِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقِيسُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ، وَالثَّانِي يَقُولُ: هُوَ عِيدٌ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْمُطْلَقُ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْمُقَيَّدُ وَهُوَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ مُوَافِقٌ لِتَعْلِيلِ الشَّارِحِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 الْحَاجُّ مِنْ ظُهْرِ) يَوْمِ (النَّحْرِ) لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاتِهِ بَعْدَ انْتِهَاءِ وَقْتِ التَّلْبِيَةِ. (وَيَخْتِمُ بِصُبْحِ آخِرِ) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ) لِأَنَّهَا آخِرُ صَلَاتِهِ بِمِنًى (وَغَيْرُهُ كَهُوَ) أَيْ غَيْرُ الْحَاجِّ كَالْحَاجِّ فِي ذَلِكَ (فِي الْأَظْهَرِ) تَبَعًا لَهُ (وَفِي قَوْلٍ) يُكَبِّرُ غَيْرُهُ (مِنْ مَغْرِبِ لَيْلَةِ النَّحْرِ) وَيَخْتِمُ بِصُبْحِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَفِي قَوْلٍ مِنْ صُبْحِ) يَوْمِ (عَرَفَةَ وَيَخْتِمُ بِعَصْرِ آخِرِ) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا) فِي الْأَمْصَارِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ لِلْحَدِيثِ أَيْ الَّذِي رَوَاهُ الْحَاكِمُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ، وَقَالَ فِيهِ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ لِلْفَائِتَةِ) فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا (وَالرَّاتِبَةِ) وَمِنْهَا صَلَاةُ الْعِيدِ. (وَالنَّافِلَةِ) الْمُطْلَقَةِ لِأَنَّهُ شِعَارُ الْوَقْتِ، وَالثَّانِي لَا وَإِنَّمَا هُوَ شِعَارٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَرَائِضِ الْمُؤَدَّاةِ. (وَصِيغَتُهُ الْمَحْبُوبَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ) بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ. (كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَبْلَ كَبِيرًا اللَّهُ أَكْبَرُ وَبَعْدَ أَصِيلًا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ صَدَقَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ. (وَلَوْ شَهِدُوا يَوْمَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَيُكَبِّرُ الْحَاجُّ) سَوَاءٌ كَانَ بِمِنًى أَوْ غَيْرِهَا وَالتَّعْلِيلُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ أَوْ لِمَا مِنْ شَأْنِهِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَخَرَجَ بِهِ الْمُعْتَمِرُ فَيُكَبِّرُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُشْتَغِلًا بِذِكْرِ طَوَافٍ وَسَعْيٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مِنْ ظُهْرِ إلَخْ) أَيْ إنْ تَحَلَّلَ فِيهِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالتَّحَلُّلِ سَوَاءٌ قَدَّمَهُ أَوْ أَخَّرَهُ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أَمْرُ شَيْخِنَا، فَغَايَةُ مَا يَقَعُ فِيهِ التَّكْبِيرُ لِلْحَاجِّ مِنْ الْفَرَائِضِ خَمْسَ عَشْرَةَ صَلَاةً مِنْ ظُهْرِ النَّحْرِ إلَى صُبْحِ آخِرِ التَّشْرِيقِ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ مُبْتَدِئًا تَكْبِيرَهُ، فَالضَّمَائِرُ بَعْدَهُ رَاجِعَةٌ لِلْقَوْلَيْنِ، وَآخِرُ الْوَقْتِ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا صُبْحُ آخِرِ التَّشْرِيقِ كَمَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْحَاجِّ. قَوْلُهُ: (مِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَخْ) وَالْمُعْتَبَرُ الْوَقْتُ، وَهُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَغُرُوبُ الشَّمْسِ آخِرَ الْأَيَّامِ سَوَاءٌ وُجِدَ فِيهِ صَلَاةٌ أَوْ لَا، نَعَمْ مُسْتَثْنًى مِنْ ذَلِكَ لَيْلَةُ الْعِيدِ لِمَا مَرَّ مِنْ دَلِيلِهَا الْخَاصِّ الْمُقَدَّمِ عَلَى الْعُمُومِ هُنَا، بَلْ يَلْزَمُ عَلَى دُخُولِهَا أَنْ يُسَمَّى تَكْبِيرُهَا مُقَيَّدًا وَمُرْسَلًا، وَلَا قَائِلَ بِهِ وَغَايَةُ مَا يَقَعُ فِيهِ التَّكْبِيرُ مِنْ صَلَوَاتِ الْفَرَائِضِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الصَّحِيحِ عِشْرُونَ صَلَاةً، وَعَلَى إدْخَالِ اللَّيْلِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ. وَقَالَ شَيْخُنَا يُكَبِّرُ عَقِبَ الْمَغْرِبِ الَّتِي عَقِبَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَيْضًا فَيُزَادُ عَلَى مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا) أَيْ عَمَلُ النَّاسِ فِي الْأَمْصَارِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ أَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ وَهِيَ الْخَمْسَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ وَهِيَ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ مِنْهَا. وَلَا يَقْضِي هَذَا التَّكْبِيرَ إذَا فَاتَ وَفَوَاتُهُ بِطُولِ الْفَصْلِ عَقِبَ الصَّلَاةِ أَوْ بِإِعْرَاضٍ عَنْهُ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ يَتَدَارَكُهُ، وَإِنْ كَانَ تَرَكَهُ عَمْدًا وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ إذْ يَلْزَمُ تَدَارُكُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ، وَلَا قَائِلَ بِهِ فَإِنْ قَيَّدَهُ بِدَوَامِ وَقْتِهِ وَرُدَّ عَلَيْهِ مَا لَا وَقْتَ لَهُ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ رَجَعَ شَيْخُنَا عَنْهُ وَعَمَّا فِي حَاشِيَتِهِ تَبَعًا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَالرَّاتِبَةِ) أَيْ مَعَ الْفَرَائِضِ بِقَرِينَةِ الْعَطْفِ أَوْ الْأَعَمِّ. وَعَلَيْهِ الشَّارِحُ وَشَمِلَتْ الْفَرِيضَةَ الْمَقْضِيَّةَ وَالْمَنْذُورَةَ وَالْجِنَازَةَ. قَوْله: (وَالنَّافِلَةِ) الْمُطْلَقَةِ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَوْ مَا يَعُمُّهَا وَالْمُؤَقَّتَةَ وَذَاتَ السَّبَبِ لَا سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ) أَيْ وَمَا بَعْدَهَا إلَى بَعْدِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَيَزِيدُ اللَّهُ أَكْبَرُ قَبْلَ كَبِيرًا وَيُقَدِّمُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يَنْتَظِمُ التَّكْبِيرَ الْمَعْرُوفَ. قَوْلُهُ: (وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ) وَبَعْدَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ) هَلْ يُكَبِّرُ خَلْفَ الْفَوَائِتِ، عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاتِهِ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِابْتِدَائِهِ، وَأَمَّا أَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200] الْآيَةَ، وقَوْله تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ مَغْرِبِ لَيْلَةِ النَّحْرِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى تَكْبِيرِ عِيدِ الْفِطْرِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، هَذَا كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ مَعَ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي عِيدِ الْفِطْرِ، عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَالشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَيَخْتِمُ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ مِنْ صُبْحِ عَرَفَةَ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ جَامِعًا بَيْنَ الذِّكْرِ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ وَالْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُشْعِرُ بِأَنَّ التَّكْبِيرَ يَكُونُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَلَوْ قَبْلَ فِعْلِ الصُّبْحِ وَبَعْدَ فِعْلِ الْعَصْرِ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا هُوَ شِعَارٌ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْهُ الْإِسْنَوِيُّ، بَلْ قَالَ: وَالثَّانِي عَقِبَ الْفَرَائِضِ خَاصَّةً مُؤَدَّاةً، أَوْ فَائِتَةً مُطْلَقًا كَالْأَذَانِ يُطْلَبُ فِي هَذَا دُونَ غَيْرِهِ، وَالثَّالِثُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 الثَّلَاثِينَ قَبْلَ الزَّوَالِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ أَفْطَرْنَا وَصَلَّيْنَا الْعِيدَ) حَيْثُ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ جَمْعَ النَّاسِ وَالصَّلَاةَ وَإِلَّا فَكَمَا لَوْ شَهِدُوا بَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ، وَسَيَأْتِي. (وَإِنْ شَهِدُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ) فِي صَلَاةِ الْعِيدِ وَصَلَّى فِي الْغَدِ أَدَاءً وَتُقْبَلُ فِي غَيْرِهَا كَوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ. (أَوْ) شَهِدُوا (بَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ أَفْطَرْنَا وَفَاتَتْ الصَّلَاةُ) أَدَاءً (وَيُشْرَعُ قَضَاؤُهَا مَتَى شَاءَ فِي الْأَظْهَرِ) كَغَيْرِهَا. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ شَهْرِ الْعِيدِ. (وَقِيلَ فِي قَوْلٍ) لَا يَفُوتُ أَدَاؤُهَا، بَلْ (تُصَلَّى مِنْ الْغَدِ أَدَاءً) لِعِظَمِ حُرْمَتِهَا. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ الْفَوَاتُ كَطَرِيقِ الْقَطْعِ بِهِ الرَّاجِحَةِ، وَلَوْ شَهِدُوا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَعَدَلُوا بَعْدَهُ فَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ التَّعْدِيلِ، وَفِي قَوْلٍ بِوَقْتِ الشَّهَادَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُمَا.   [حاشية قليوبي] أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَهَذِهِ عَلَى التَّأْوِيلِ السَّابِقِ مَذْكُورَةٌ فِي مَحَلِّهَا. وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُقَدَّمَةٌ مِنْ تَأْخِيرٍ لِمُوَافَقَةِ مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي الْأَمْصَارِ. فَقَدْ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ: إنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَمْ يَرِدْ: وَأَعَزَّ جُنْدَهُ وَيُنْدَبُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَحْبِهِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ كَمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أَفْطَرْنَا) أَيْ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (جَمْعَ النَّاسِ) أَيْ مَنْ يَتَيَسَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ. قَوْلُهُ: (وَالصَّلَاةَ) وَلَوْ رَكْعَةً، وَلَوْ صَلَّاهَا وَحْدَهُ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً صَلَّاهَا مَعَهُمْ. وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَعَلَيْهِ فَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ شَرْطِ الْوَقْتِ عِنْدَهُ فِي الْمُعَادَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَتُصَلَّى مِنْ الْغَدِ أَدَاءً) فَتَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَى طُلُوعِ شَمْسِهِ، وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ قَبُولُ الْبَيِّنَةِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ عَلَى نَظِيرِ مَا لَوْ وَقَفُوا الْعَاشِرَ غَلَطًا فِي الْحَجِّ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. وَمِنْ ذَلِكَ يُعْلَمُ عَدَمُ صِحَّةِ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَالْقِيَاسُ خِلَافُهُ كَمَا فِي حُلُولِ الدُّيُونِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَفَاتَتْ الصَّلَاةُ أَدَاءً) أَيْ قَطْعًا فَحَقُّهُ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (بِوَقْتِ التَّعْدِيلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (تَتِمَّةٌ) يُنْدَبُ إحْيَاءُ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ بِذِكْرٍ أَوْ صَلَاةٍ وَأَوْلَاهَا صَلَاةُ التَّسْبِيحِ. وَيَكْفِي مُعْظَمُهَا وَأَقَلُّهُ صَلَاةُ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ، وَالْعَزْمُ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ كَذَلِكَ. وَمِثْلُهُمَا لَيْلَةُ نِصْفِ شَعْبَانَ، وَأَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ وَلَيْلَةُ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا مَحَالُّ إجَابَةِ الدُّعَاءِ. (فَائِدَةٌ) التَّهْنِئَةُ بِالْأَعْيَادِ وَالشُّهُورِ وَالْأَعْوَامِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: مَنْدُوبَةٌ وَيُسْتَأْنَسُ لَهَا بِطَلَبِ سُجُودِ الشُّكْرِ عِنْدَ النِّعْمَةِ وَبِقِصَّةِ كَعْبٍ وَصَاحِبِيهِ وَتَهْنِئَةِ أَبِي طَلْحَةَ لَهُ.   [حاشية عميرة] عَقِبَ فَرَائِضِ هَذِهِ الْأَيَّامِ، أَدَاءً أَوْ قَضَاءً، لِأَنَّهُ قَضَاءُ مَا كَانَ التَّكْبِيرُ مَأْمُورًا بِهِ فِيهِ، وَالرَّابِعُ عَقِبَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ، وَعَقِبَ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ، وَنَبَّهَ أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ قَاصِرَةٌ عَنْ إفَادَةِ مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ، عَقِبَ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ وَنَحْوِهِمَا، وَعَنْ تَنَاوُلِ الْعِيدِ وَالضُّحَى، وَنَحْوِهِمَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الرَّاتِبَةَ هِيَ التَّابِعَةُ لِلْفَرَائِضِ اهـ بِمَعْنَاهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ) وَجْهُ اخْتِيَارِ، هَذِهِ الزِّيَادَةِ الِاقْتِدَاءُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ قَالَهَا عَلَى الصَّفَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ) اقْتَضَى هَذَا الصَّنِيعُ مِنْ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ أَنَّهُ يَزِيدُ هَذَا ثُمَّ يَخْتِمُ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَخْ. وَاَلَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، بَعْدَ ذِكْرِ التَّكْبِيرَاتِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ فِيهِ أَحَدَ شَيْئَيْنِ، أَمَّا الْمَذْكُورُ أَوَّلًا وَهُوَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَأَمَّا كَبِيرًا إلَى أَصِيلًا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا اهـ. ثُمَّ رَاجَعْت الرَّوْضَةَ فَرَأَيْت فِيهَا بَعْدَ الَّذِي حَكَاهُ الشَّارِحُ عَنْهَا، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، وَكَأَنَّ وَجْهَ إسْقَاطِ الشَّارِحِ لِذَلِكَ دُخُولُهُ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ، يُرْشِدُ لِهَذَا النَّظَرُ لِلْمَعْنَى. قَوْلُهُ: (جَمْعَ النَّاسِ وَالصَّلَاةَ) أَيْ وَلَوْ رَكْعَةً. قَوْلُهُ: (وَالْعِتْقِ الْمُعَلَّقَيْنِ إلَخْ) وَكَذَا يَجُوزُ صَوْمُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ التَّشْرِيقِ فِيمَا يَظْهَرُ وَقَدْ يُمْنَعُ بِظَاهِرِ حَدِيثِ الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَتَى شَاءَ إلَخْ) هُوَ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ أَوْلَى. قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَإِنْ عَسُرَ جَمْعُ النَّاسِ فَالتَّأْخِيرُ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ فِي قَوْلٍ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ، وَفَاتَتْ الصَّلَاةُ. قَوْلُهُ: (فَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ التَّعْدِيلِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ وَقْتُ جَوَازِ الْحُكْمِ، وَوَجْهُ الثَّانِي إسْنَادُ التَّعْدِيلِ إلَى الزِّيَادَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ كُسُوفُ الشَّمْسِ وَكُسُوفُ الْقَمَرِ، وَيُقَالُ فِيهِمَا خُسُوفَانِ، وَفِي الْأَوَّلِ كُسُوفٌ وَالثَّانِي خُسُوفٌ، وَهُوَ أَشْهَرُ، وَحُكِيَ عَكْسُهُ. (هِيَ سُنَّةٌ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مُؤَكَّدَةٌ «لِأَنَّهُ أَمَرَ بِهَا وَصَلَّى لِكُسُوفِ الشَّمْسِ» ، رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ. (فَيُحْرِمُ بِنِيَّةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَيَرْكَعُ ثُمَّ يَرْفَعُ ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، ثُمَّ يَرْكَعُ ثُمَّ يَرْفَعُ ثُمَّ يَعْتَدِلُ ثُمَّ يَسْجُدُ) السَّجْدَتَيْنِ وَيَأْتِي بِالطُّمَأْنِينَةِ فِي مَحَالِّهَا (فَهَذِهِ رَكْعَةٌ ثُمَّ يُصَلِّي ثَانِيَةً كَذَلِكَ) هَذَا أَقَلُّهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، فَهِيَ رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ كَمَا فَعَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَلَا يَجُوزُ زِيَادَةُ رُكُوعٍ ثَالِثٍ) فَأَكْثَرَ (لِتَمَادِي الْكُسُوفِ وَلَا نَقْصِهِ) أَيْ نَقْصُ رُكُوعٍ مِنْ الرُّكُوعَيْنِ   [حاشية قليوبي] بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهَا مَعَ عَدَمِ تَكْرَارِهَا، وَأَوَّلُ كُسُوفٍ وَقَعَ كَانَ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ أَوْ فِي الْعَاشِرَةِ كَمَا يَأْتِي، وَمَيْلُ الْجَلَالِ إلَى أَنَّهَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ مِنْ كَسَفَ كَضَرْبِ مُتَعَدِّيًا وَلَازِمًا. يُقَالُ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ وَكَسَفَهَا اللَّهُ تَعَالَى. وَكَذَا يُقَالُ فِي خَسَفَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَشْهُرُ) لِأَنَّ الْكَسْفَ السِّتْرُ وَالْخَسْفَ الْمَحْوُ وَنُورُ الشَّمْسِ لَا يُفَارِقُ جِرْمَهَا وَإِنَّمَا يَسْتُرُهُ الْقَمَرُ عَنَّا بِحَيْلُولَتِهِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا. وَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ الْكُسُوفُ إلَّا فِي أَوَاخِرِ الشُّهُورِ فَإِنْ وَقَعَ فِي غَيْرِهَا فَهُوَ مِنْ خَرْقِ الْعَادَةِ، وَنُورُ الْقَمَرِ مُمْتَدٌّ مِنْ نُورِ الشَّمْسِ، وَلَيْسَ لَهُ نُورٌ فِي ذَاتِهِ فَإِذَا حَالَتْ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا مُحِيَ نُورُهُ، وَذَلِكَ عِنْدَ مُقَابَلَتِهِمَا. وَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ الْخُسُوفُ إلَّا فِي أَنْصَافِ الشُّهُورِ، وَمَا وَقَعَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ خَرْقِ الْعَادَةِ أَيْضًا وَمِنْ الْأَوَّلِ أَيْضًا كُسُوفُ الشَّمْسِ فِي عَاشِرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ يَوْمَ مَوْتِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَنَةِ ثَمَانٍ مِنْ الْهِجْرَةِ. وَمَاتَ وَعُمْرُهُ سَبْعُونَ يَوْمًا عَلَى الصَّحِيحِ. وَمِنْهُ الْكُسُوفُ يَوْمَ عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ فِي سَنَةِ إحْدَى وَسِتِّينَ. (تَنْبِيهٌ) وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الْعَلَّامَةِ الْبُرُلُّسِيِّ هُنَا كَلَامٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ يَعْرِفُهُ مَنْ لَهُ الْخِبْرَةُ بِحَرَكَاتِ الْأَفْلَاكِ. (فَائِدَةٌ) تُسَنُّ الصَّلَاةُ فُرَادَى لَا بِالْهَيْئَةِ الْآتِيَةِ لِبَقِيَّةِ الْكَوَاكِبِ وَالْآيَاتِ السَّمَاوِيَّةِ وَالزَّلَازِلِ وَالصَّوَاعِقِ، وَلَا يَجُوزُ لَهَا خُطْبَةٌ وَلَا جَمَاعَةٌ وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِوُجُودِهَا، وَيَخْرُجُ بِزَوَالِهَا كَالْكُسُوفِ فَيَصِحُّ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إلَخْ) كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا دَلِيلُ التَّأْكِيدِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيُحْرِمُ إلَخْ) أَيْ مَعَ تَعْيِينِ الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ وَتَعْيِينِ كَوْنِهَا بِرُكُوعَيْنِ أَوْ لَا وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ مَا نَوَاهُ. فَلَوْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ تَخَيَّرَ بَيْنَ الْكَيْفِيَّتَيْنِ وَفَارَقَ الْوِتْرَ بِعَدَمِ تَعَدُّدِ الرَّكَعَاتِ هُنَا إذْ لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَإِذَا اخْتَارَ كَيْفِيَّةً تَعَيَّنَتْ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا قَبْلَ الْوُصُولِ لِمَا يُعَيِّنُهَا، كَالْقِيَامِ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الرُّكُوعَيْنِ أَوْ الْهَوِيِّ لِلسُّجُودِ فِي الْكَيْفِيَّةِ الْأُخْرَى. نَعَمْ يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فَيَنْوِي مَا هُوَ فِيهِ، وَتَنْصَرِفُ نِيَّتُهُ الْمُطْلَقَةُ إلَيْهِ وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ عَلَى الْأَوْجَهِ. وَقِيلَ فِي هَذِهِ يَتَخَيَّرُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي فِعْلِهِ خِلَافَهُ يَلْزَمُ مُخَالَفَةُ نَظْمِ الصَّلَاةِ وَقَدْ مَرَّ مَنْعُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (هَذَا أَقَلُّهَا) أَيْ أَقَلُّ كَمَالِهَا، وَأَقَلُّهَا حَقِيقَةً كَسُنَّةِ الظُّهْرِ. قَوْلُهُ: (فَأَكْثَرَ) وَإِنْ زَادَ عَلَى خَمْسَةٍ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا إلَّا   [حاشية عميرة] [بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ] ِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهَا) وَالصَّارِفُ عَنْ الْوُجُوبِ إلَى النَّدْبِ، حَدِيثُ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيُحْرِمُ إلَخْ) مَسْأَلَةٌ مُكَرَّرَةٌ فِي الْكِتَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ يَرْفَعُ ثُمَّ يَعْتَدِلُ) فِيهِ مَيْلٌ إلَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِي الرَّفْعِ الْأَوَّلِ. وَيَقُولُ فِي الثَّانِي: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ خِلَافٍ، صَرَّحَ بِهَذَا الْمَاوَرْدِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَكَذَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ كَجٍّ، وَلَكِنْ نَصَّ الْأُمُّ، وَمُخْتَصَرُ الْمُزَنِيّ وَالْبُوَيْطِيِّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِيهِمَا، وَاعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ كَمَا سَيَأْتِي، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، وَالرَّافِعِيِّ وَلَكِنْ بَعْضُهُمْ أَوَّلَهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَالِثٍ) جَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْخِلَافَ ثَابِتًا فِي زِيَادَةِ رَابِعٍ وَخَامِسٍ، لِوُرُودِهِمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَمَنَعَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الْخَامِسِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (مِنْ الرُّكُوعَيْنِ) أَيْ فَلَيْسَ الضَّمِيرُ عَائِدًا لِلرُّكُوعِ الثَّالِثِ لِفَسَادِهِ. قَوْلُهُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 (لِلِانْجِلَاءِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُزَادُ وَيُنْقَصُ مَا ذَكَرَ لِمَا ذُكِرَ وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي إعَادَةِ الصَّلَاةِ إذَا بَقِيَ الْكُسُوفُ بَعْدَ السَّلَامِ. وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ. وَمَا فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثَةُ رُكُوعَاتٍ» ، وَفِي أُخْرَى لَهُ أَرْبَعَةُ رُكُوعَاتٍ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ خَمْسَةُ رُكُوعَاتٍ، أَجَابَ الْأَئِمَّةُ عَنْهَا بِأَنَّ رِوَايَاتِ الرُّكُوعَيْنِ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ، فَقُدِّمَتْ. وَمَا فِي حَدِيثَيْ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ» ، أَيْ مِنْ غَيْرِ تَكْرِيرِ رُكُوعٍ، كَمَا قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: أَجَابَ عَنْهُمَا أَصْحَابُنَا بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَحَادِيثَنَا أَشْهَرُ وَأَصَحُّ وَأَكْثَرُ رُوَاةً، وَالثَّانِي أَنَّا نَحْمِلُ أَحَادِيثَنَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالْحَدِيثَيْنِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ، قَالَ: فَفِيهِ تَصْرِيحٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَنَحْوِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِلْكُسُوفِ وَكَانَ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ اهـ. وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ امْتِنَاعِ نَقْصِ رُكُوعٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ قَصَدَ فِعْلَهَا بِالرُّكُوعَيْنِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأُمِّ أَنَّ مَنْ صَلَّى الْكُسُوفَ وَحْدَهُ ثُمَّ أَدْرَكَهَا مَعَ الْإِمَامِ صَلَّاهَا مَعَهُ . (وَالْأَكْمَلُ) فِيهَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ (أَنْ يَقْرَأَ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ) وَمَا يَتَقَدَّمُهَا مِنْ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ. (الْبَقَرَةَ) أَوْ قَدْرَهَا إنْ لَمْ يُحْسِنْهَا. (وَفِي الثَّانِي كَمِائَتَيْ آيَةٍ مِنْهَا، وَفِي الثَّالِثِ مِائَةً وَخَمْسِينَ) مِنْهَا (وَالرَّابِعِ مِائَةً تَقْرِيبًا) وَفِي نَصٍّ آخَرَ لِلثَّانِي آلَ عِمْرَانَ أَوْ قَدْرَهَا، وَفِي الثَّالِثِ النِّسَاءَ أَوْ قَدْرَهَا، وَفِي الرَّابِعِ الْمَائِدَةَ أَوْ قَدْرَهَا وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَفِي اسْتِحْبَابِ التَّعَوُّذِ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْقَوْمَةِ الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ. قَالَ: وَهُمَا الْوَجْهَانِ فِي التَّعَوُّذِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الِاسْتِحْبَابُ. (وَيُسَبِّحُ فِي الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ قَدْرَ مِائَةٍ مِنْ الْبَقَرَةِ وَفِي الثَّانِي ثَمَانِينَ وَالثَّالِثِ سَبْعِينَ وَالرَّابِعِ خَمْسِينَ تَقْرِيبًا) وَيَقُولُ فِي الرَّفْعِ مِنْ كُلِّ رُكُوعٍ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ   [حاشية قليوبي] لِأَجْلِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) أَيْ فُرَادَى لِمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَقُدِّمَتْ) لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ وَغَيْرُهَا مُحْتَمَلٌ إذْ لَمْ يُرِدْ تَكَرُّرَ فِعْلِهَا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَدَدِ الرِّوَايَاتِ. وَحِينَئِذٍ فَيَمْتَنِعُ غَيْرُهَا ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَالْجَوَابُ بِحَمْلِ الرِّوَايَاتِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، بَلْ هُوَ سَبْقُ قَلَمٍ لِاقْتِضَائِهِ جَوَازَ فِعْلِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ رُكُوعَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَشْهُرُ وَأَصَحُّ) فَامْتَنَعَ غَيْرُهَا مِمَّا فِيهِ زِيَادَةٌ لَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ فَيَجُوزُ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَعَ مَا بَعْدَهُ. كَمَا مَشَى عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَحْدَهُ) وَكَذَا جَمَاعَةً كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مِنْ جَوَازِ إعَادَتِهَا فِي جَمَاعَةٍ . قَوْلُهُ: (وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَقْرَأَ) وَإِنْ عَلِمَ الِانْجِلَاءَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يَرْضَ الْمَأْمُومُونَ أَوْ لَمْ يَنْحَصِرُوا، نَعَمْ يُخَفِّفُ لِنَحْوِ ضِيقِ وَقْتِ جُمُعَةٍ. قَوْلُهُ: (قَدْرَهَا) أَيْ الْبَقَرَةِ وَهِيَ مِائَتَانِ وَثَمَانُونَ وَسِتُّ آيَاتٍ، وَآلُ عِمْرَانَ مِائَتَا آيَةٍ، وَالنِّسَاءُ مِائَةٌ وَسَبْعُونَ وَسِتُّ آيَاتٍ، وَالْمَائِدَةُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ آيَةً. فَالْمُرَادُ مِنْ الْقَدْرِ فِي الْجَمِيعِ الْآيَاتُ الْمُعْتَدِلَةُ. قَوْلُهُ: (وَهُمَا) أَيْ النَّصَّانِ الْمَذْكُورَانِ مُتَقَارِبَانِ، إذْ السُّورَةُ الثَّالِثَةُ تَزِيدُ عَلَى مُقَابِلِهَا بِنَحْوِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ آيَةً، وَالرَّابِعَةُ تَزِيدُ عَلَى مُقَابِلِهَا بِنَحْوِ عِشْرِينَ آيَةً. قَوْلُهُ: (فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ) قَيَّدَ بِهَا لِأَنَّهَا مَحَلُّ طَلَبِ الْقِرَاءَةِ كَمَا هُنَا. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَيُسَبِّحُ) وَإِنْ عَلِمَ الِانْجِلَاءَ   [حاشية عميرة] وَالثَّانِي يُزَادُ) هُوَ مُمْكِنٌ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَعَلَّ وَجْهَهُ فِيهَا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِامْتِدَادِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ رِوَايَاتِ الرُّكُوعَيْنِ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ قُلْنَا بِالْجَوَازِ وَأَحْرَمَ، وَأَطْلَقَ هَلْ يَنْصَرِفُ إلَى النَّوْعِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ. قَوْلُهُ: (وَالْحَدِيثَيْنِ) الْمُرَادُ بِهِمَا حَدِيثُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرُهُ الْمَأْخُوذَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ، وَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُنَافِي إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ اعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيِّ، بِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ النَّقْصُ بِسَبَبِ الِانْجِلَاءِ، لِتَعُودَ إلَى رَكْعَتَيْنِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ، فَلَأَنْ يَمْتَنِعَ ذَلِكَ بِلَا سَبَبٍ أَوْلَى، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فِيمَا سَلَفَ هَذَا أَقَلُّهَا، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَقَلِّ الْكَمَالِ، لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا تَقَرَّرَ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (فَرْعٌ) لَوْ نَوَاهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَنْ يَزِيدَ رُكُوعًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَقْرَأَ إلَخْ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ التَّطْوِيلَ مَطْلُوبٌ وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُونَ غَيْرَ مَحْصُورِينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمِائَتَيْ آيَةٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُرِيدَ الْآيَاتِ الْمُتَوَسِّطَةَ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ. قَوْلُهُ: (وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ) قَدْ يُقَالُ كَيْفَ التَّقَارُبُ فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ، إلَّا أَنْ يُعْتَذَرَ بِأَنَّ مِائَةً وَخَمْسِينَ مِنْ الْبَقَرَةِ، قَدْ تَكُونُ آيَاتُهَا مُقَارِبَةً لِلنِّسَاءِ، وَفِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 إلَى آخِرِهِ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «انْخَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى» . قَالَ مُسْلِمٌ: «وَالنَّاسُ مَعَهُ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدْ انْجَلَتْ الشَّمْسُ» . وَرَوَيَا أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي قِرَاءَةً طَوِيلَةً، وَهِيَ أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، وَأَنَّهُ قَالَ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعَيْنِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ» . (وَلَا يُطَوِّلُ السَّجَدَاتِ فِي الْأَصَحِّ) كَالْجُلُوسِ بَيْنَهَا وَالِاعْتِدَالِ وَالتَّشَهُّدِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ، وَحَكَى فِيهِ وَفِي الرَّوْضَةِ الْخِلَافَ قَوْلَيْنِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ: فِيهِ قَوْلَانِ، وَيُقَالُ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَ فِي الْمُحَرَّرِ الْأَظْهَرَ وَقِيسَ مُقَابِلُهُ عَلَى الرُّكُوعِ. (قُلْت: الصَّحِيحُ تَطْوِيلُهَا) كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ. (ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ) فِي صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكُسُوفِ الشَّمْسِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَلَفْظُهُ: «فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ مَا رَأَيْته قَطُّ يَفْعَلُهُ فِي صَلَاتِهِ» ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَلَفْظُهَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، فَسَجَدَ سُجُودًا طَوِيلًا، وَفِي الثَّانِيَةِ: ثُمَّ سَجَدَ وَهُوَ دُونَ السُّجُودِ الْأَوَّلِ» . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «مَا رَكَعْت رُكُوعًا قَطُّ وَلَا سَجَدْت سُجُودًا قَطُّ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهُ» . وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ تَطْوِيلَ السُّجُودِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. (وَنَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ يُطَوِّلُهَا نَحْوَ الرُّكُوعِ الَّذِي قَبْلَهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ الْبَغَوِيّ: فَالسُّجُودُ الْأَوَّلُ كَالرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، وَالسُّجُودُ الثَّانِي كَالرُّكُوعِ الثَّانِي، وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَتُسَنُّ جَمَاعَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ أَيْ تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِيهَا وَيُنَادَى لَهَا الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ كَمَا «فَعَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ جَمَاعَةً، وَبَعَثَ لَهَا مُنَادِيًا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ» . رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ، وَتُسَنُّ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَتُسَنُّ فِي الْجَامِعِ. (وَيَجْهَرُ بِقِرَاءَةِ كُسُوفِ الْقَمَرِ لَا الشَّمْسِ) لِأَنَّ الْأُولَى فِي اللَّيْلِ، وَالثَّانِيَةَ فِي النَّهَارِ، وَمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ   [حاشية قليوبي] كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (انْخَسَفَتْ الشَّمْسُ) وَصَحَّ أَنَّهُ انْخَسَفَ الْقَمَرُ أَيْضًا وَصَلَّى لَهُ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالِاعْتِدَالِ) وَمَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ طَوِيلٌ شَاذٌّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (فِي الْمُحَرَّرِ الْأَظْهَرَ إلَخْ) فَالْمُصَنِّفُ لَمْ يُوَافِقْ فِي تَعْبِيرِهِ الْوَاقِعِ وَلَا أَصْلِهِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْأَصَحِّ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ، أَوْ بِالْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْخِلَافَ أَقْوَالٌ كَمَا مَرَّ، إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِمَعْنَى الرَّاجِحِ أَوْ يُقَالَ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى رَدِّ تَعْبِيرِ الرَّافِعِيِّ بِالْأَظْهَرِ الْمُشْعِرِ بِقُوَّةِ الْخِلَافِ. وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ خِلَافُ اصْطِلَاحِهِ. قَوْلُهُ: (ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ) فِي هَذَا أَوْ مَا سَيَأْتِي بِقَوْلِهِ: وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ رَدٌّ عَلَى الرَّافِعِيِّ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ بِالْقِيَاسِ لِأَنَّ النَّصَّ مُقَدَّمٌ. قَوْلُهُ: (فِي الْبُوَيْطِيِّ) نِسْبَةً إلَى بُوَيْطَ قَرْيَةٍ بِصَعِيدِ مِصْرَ الْأَدْنَى، وَهُوَ أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى الْقُرَشِيُّ، كَانَ خَلِيفَةَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي حَلْقَتِهِ، مَاتَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَالسُّجُودُ الْأَوَّلُ كَالرُّكُوعِ الْأَوَّلِ وَالسُّجُودُ الثَّانِي كَالرُّكُوعِ الثَّانِي) وَهَكَذَا فَيُسَبِّحُ قَدْرَ مِائَةِ آيَةٍ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ فِي الْأَوَّلِ، ثُمَّ ثَمَانِينَ فِي الثَّانِي، ثُمَّ سَبْعِينَ فِي الثَّالِثِ، ثُمَّ خَمْسِينَ فِي الرَّابِعِ أَوْ بِبَعْضٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يُطِيلُ الِاعْتِدَالَ وَلَا الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (وَاخْتَارَهُ) يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَى الْحُكْمِ كُلِّهِ . قَوْلُهُ: (وَتُسَنُّ جَمَاعَةً) وَغَيْرَ جَمَاعَةٍ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْعِيدِ. وَكَذَا فِي حُضُورِ النِّسَاءِ   [حاشية عميرة] نَظَرٌ بِاعْتِبَارِ الْمِائَتَيْنِ فِي الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ قَرَأَ) صَرَّحَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي، بِخِلَافِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (وَالِاعْتِدَالُ) قَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ تَطْوِيلُ الِاعْتِدَالِ، لَكِنْ أَجَابَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهَا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ، مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ. قَوْلُهُ: (وَأَطْلَقَ فِي الْمُحَرَّرِ الْأَظْهَرَ) أَيْ لَمْ يَقُلْ أَظْهَرَ الْوَجْهَيْنِ، وَلَا أَظْهَرَ الْقَوْلَيْنِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَلَيْتَ الْمُؤَلِّفَ تَرَكَ مَا فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى حَالِهِ، أَيْ لِيُفِيدَ أَنَّ الْخِلَافَ قَوْلَانِ: مُوَافَقَةٌ لِاصْطِلَاحِهِ، وَلِمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ) يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَى مَقَالَةِ الْبَغَوِيّ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَى الْحُكْمِ كُلِّهِ. قَوْلُهُ: (بِالنَّصْبِ إلَخْ) دَفْعٌ لِاعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيِّ عَلَى نَصْبِهَا حَالًا، أَوْ رَفْعِهَا الْمُحْوِجِ إلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَهَرَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ» ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: «صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُسُوفٍ لَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا» ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِسْرَارَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، وَالْجَهْرَ فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ. (ثُمَّ) بَعْدَ الصَّلَاةِ (يَخْطُبُ الْإِمَامُ) كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (خُطْبَتَيْنِ بِأَرْكَانِهِمَا فِي الْجُمُعَةِ) قِيَاسًا عَلَيْهَا (وَيَحُثُّ) النَّاسَ فِيهِمَا (عَلَى التَّوْبَةِ وَالْخَيْرِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَالصَّدَقَةِ وَيُحَذِّرُهُمْ الْغَفْلَةَ وَالِاغْتِرَارَ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَسْمَاءَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ» ، وَيَخْطُبُ إمَامُ الْمُسَافِرِينَ، وَلَا تَخْطُبُ إمَامَةُ النِّسَاءِ، وَلَوْ قَامَتْ وَاحِدَةٌ وَعَظَتْهُنَّ فَلَا بَأْسَ. (وَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعٍ أَوَّلٍ) مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ. (أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ) كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ (أَوْ فِي) رُكُوعٍ (ثَانٍ أَوْ قِيَامٍ ثَانٍ) مِنْ أَيِّ رَكْعَةٍ (فَلَا) يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ أَيْ شَيْئًا مِنْهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الرُّكُوعَ الثَّانِيَ وَقِيَامَهُ كَالتَّابِعِ لِلْأَوَّلِ وَقِيَامِهِ، وَالثَّانِي يُدْرِكُ مَا لَحِقَ بِهِ الْإِمَامُ وَيُدْرِكُ بِالرُّكُوعِ الْقَوْمَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَسَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ هُوَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ وَاعْتَدَلَ وَجَلَسَ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ، وَسَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ ثُمَّ أَتَى بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِرُكُوعِهَا، وَضَعُفَ هَذَا الْقَوْلُ بِأَنَّ الْإِتْيَانَ فِيهِ بِقِيَامٍ وَرُكُوعٍ مِنْ غَيْرِ سُجُودٍ مُخَالِفٌ لِنَظْمِ الصَّلَاةِ. (وَتَفُوتُ صَلَاةُ) كُسُوفِ (الشَّمْسِ بِالِانْجِلَاءِ) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِهَا، وَقَدْ حَصَلَ. وَلَوْ انْجَلَى بَعْضُهَا فَلَهُ الشُّرُوعُ فِي الصَّلَاةِ لِلْبَاقِي كَمَا لَوْ لَمْ يَنْكَشِفْ مِنْهَا إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرُ، وَلَوْ حَالَ سَحَابٌ، وَشَكَّ فِي الِانْجِلَاءِ صَلَّى لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكُسُوفِ، وَلَوْ كَانَتْ تَحْتَ غَمَامٍ فَظَنَّ الْكُسُوفَ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ. (وَبِغُرُوبِهَا كَاسِفَةً) لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ. (وَ) تَفُوتُ صَلَاةُ كُسُوفِ. (الْقَمَرِ بِالِانْجِلَاءِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَطُلُوعِ الشَّمْسِ) لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ بَعْدَ طُلُوعِهَا (لَا) طُلُوعِ   [حاشية قليوبي] فِيهَا . قَوْلُهُ: (يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى لِكُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ يَخْطُبُ) فَلَوْ قَدَّمَهَا لَمْ تَصِحَّ وَيَحْرُمُ إنْ قَصَدَهَا كَمَا فِي الْعِيدِ، وَلَا يُنْدَبُ فِيهَا وَلَا فِي صَلَاتِهَا اسْتِغْفَارٌ، وَلَا تَكْبِيرٌ وَلَا تَكْفِي خُطْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيُنْدَبُ هُنَا ثِيَابُ الْبِذْلَةِ وَالْمِهْنَةِ، وَعَدَمُ التَّزَيُّنِ وَغَيْرُ ذَلِكَ كَمَا فِي الِاسْتِسْقَاءِ. قَوْلُهُ: (وَيُحَرِّضُهُمْ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ قَاضِي الْمَحَلِّ أَوْ غَيْرُهُ كَمَا يَأْتِي، وَيَجِبُ مَا ذَكَرَ بِالْأَمْرِ كَمَا فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَيَخْطُبُ إمَامُ الْمُسَافِرِينَ) وَكَذَا إمَامُ الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ. وَكَذَا إمَامُ النِّسَاءِ كَمَا مَرَّ فِي الْعِيدِ . قَوْلُهُ: (أَيْ شَيْئًا مِنْهَا) يُشِيرُ إلَى أَنَّ عَدَمَ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ لَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَتَى إلَخْ) فَعَلَيْهِ يَتَوَالَى ثَلَاثُ قِيَامَاتٍ وَثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ. قَوْلُهُ: (وَتَفُوتُ صَلَاةُ إلَخْ) وَيَلْزَمُهُ فَوَاتُ الْخُطْبَةِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ فَلَوْ انْجَلَتْ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ تَفُتْ الْخُطْبَةُ وَعَلَى هَذِهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ، وَشَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّهَا وَعْظٌ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا بِعَدَمِ فَوَاتِ الْخُطْبَةِ فِي الْحَالِ الْأُولَى فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِالِانْجِلَاءِ) أَيْ التَّامِّ يَقِينًا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا فَلَهُ الشُّرُوعُ مَعَ الشَّكِّ فِيهِ فَإِنْ تَبَيَّنَ الِانْجِلَاءُ قَبْلَ الشُّرُوعِ بَطَلَتْ إنْ كَانَ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَإِلَّا وَقَعَتْ نَفْلًا إنْ فَعَلَهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَضُرُّ الِانْجِلَاءُ فِي أَثْنَائِهَا، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَا تُوصَفُ بِأَدَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ، ثُمَّ قَالَ وَلَا مَانِعَ مِنْ وَصْفِهَا بِذَلِكَ كَغَيْرِهَا بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ قَبْلَ الِانْجِلَاءِ أَوْ دُونَهَا. قَوْلُهُ: (صَلَّى) وَإِنْ قَالَ الْمُنَجِّمُونَ إنَّهَا انْجَلَتْ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَسْتَيْقِنَ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشُّرُوعُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ الشَّكِّ فِي وُجُودِ الْكُسُوفِ، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي ظَنُّهُ أَيْضًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَتِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَخْبَارِ عَدَدِ التَّوَاتُرِ عَنْ مُشَاهَدَةٍ، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي خَبَرُ عَدْلَيْنِ عَنْ مُشَاهَدَةٍ، وَلَا عَدَدُ التَّوَاتُرِ عَنْ غَيْرِ مُشَاهَدَةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحْسُوسٍ. وَمِنْهُ إخْبَارُ الْمُنَجِّمِينَ سَوَاءٌ أَخْبَرُوا بِوُجُودِهِ أَوْ دَوَامِهِ. هَكَذَا عَنْ شَيْخِنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَلِيَ بِهِ أُسْوَةٌ أَنَّهُ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِخَبَرِ عَدْلٍ وَلَوْ عَنْ غَيْرِهِ مُشَاهَدَةً بَلْ وَبِخَبَرِ نَحْوِ صَبِيٍّ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ،   [حاشية عميرة] التَّقْدِيرِ . قَوْلُهُ: (وَالْجَهْرُ فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ) أَيْ فَيَكُونُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ صَلَّى لِكُسُوفِ الْقَمَرِ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ فِي ثَانٍ أَوْ قِيَامٍ ثَانٍ إلَخْ) وَأَمَّا بَعْدَهُمَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ سِوَى الْجَمَاعَةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ شَيْئًا مِنْهَا) هِيَ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَهِيَ أَوْضَحُ. قَوْلُهُ: (قَامَ هُوَ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَسْجُدُ، لِأَنَّهُ إذَا أَدْرَكَ بِالرُّكُوعِ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْقِيَامِ فَلَأَنْ يَحْصُلَ لَهُ السُّجُودُ الَّذِي فَعَلَهُ بِالْأَوْلَى . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَفُوتُ صَلَاةُ كُسُوفِ الشَّمْسِ إلَخْ) . بِمَعْنَى يَمْتَنِعُ فِعْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ، لَا بِمَعْنَى فَوَاتِ الْأَدَاءِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 (الْفَجْرِ فِي الْجَدِيدِ) لِبَقَاءِ الِانْتِفَاعِ بِضَوْئِهِ وَالْقَدِيمُ تَفُوتُ بِهِ لِذَهَابِ اللَّيْلِ. (وَلَا بِغُرُوبِهِ) قَبْلَ الْفَجْرِ. (خَاسِفًا) كَمَا لَوْ اسْتَتَرَ بِغَمَامٍ وَلَوْ خَسَفَ بَعْدَ الْفَجْرِ صَلَّى فِي الْجَدِيدِ غَابَ أَمْ لَا، وَقِيلَ إنْ لَمْ يَغِبْ صَلَّى قَطْعًا، وَلَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ وَطَلَعَتْ الشَّمْسُ فِي أَثْنَائِهَا لَمْ تَبْطُلْ كَمَا لَوْ انْجَلَى الْكُسُوفُ فِي الْأَثْنَاءِ. (وَلَوْ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ أَوْ فَرْضٌ آخَرُ قُدِّمَ الْفَرْضُ) الْجُمُعَةُ أَوْ غَيْرُهَا (إنْ خِيفَ فَوْتُهُ) لِضِيقِ وَقْتِهِ فَفِي الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ لَهَا ثُمَّ يُصَلِّيهَا، ثُمَّ يُصَلِّي الْكُسُوفَ ثُمَّ يَخْطُبُ لَهَا. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْفَرْضِ (فَالْأَظْهَرُ تَقْدِيمُ الْكُسُوفِ) لِتَعَرُّضِهَا لِلْفَوَاتِ بِالِانْجِلَاءِ (ثُمَّ يَخْطُبُ لِلْجُمُعَةِ) فِي صُورَتِهَا (مُتَعَرِّضًا لِلْكُسُوفِ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَهُ وَالْجُمُعَةَ بِالْخُطْبَتَيْنِ لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ. (ثُمَّ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ) وَالثَّانِي يُقَدِّمُ الْجُمُعَةَ أَوْ الْفَرْضَ الْآخَرَ لِأَنَّهُمَا أَهَمُّ. (وَلَوْ اجْتَمَعَ عِيدٌ أَوْ كُسُوفٌ وَجِنَازَةٌ قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ)   [حاشية قليوبي] كَمَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ. وَالتَّعْلِيلُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ هُنَا لِلِاحْتِيَاطِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ الَّتِي لَا نَظِيرَ لَهَا مَمْنُوعٌ بِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الشُّرُوعِ فِيهَا مَعَ الشَّكِّ فِي الِانْجِلَاءِ مَعَ أَنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْمَنْعِ فِيهَا إذَا فَعَلَهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِبَقَاءِ الِانْتِفَاعِ بِضَوْئِهِ) أَيْ لِبَقَاءِ وَقْتِ الِانْتِفَاعِ بِضَوْئِهِ فَلَهُ الشُّرُوعُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَإِنْ غَرَبَ كَاسِفًا قَبْلَهُ، وَيَجْهَرُ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ . قَوْلُهُ: (أَوْ فَرْضٌ آخَرُ) وَلَوْ مَنْذُورًا لِأَنَّهُ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ. قَوْلُهُ: (تَقْدِيمُ الْكُسُوفِ) أَيْ صَلَاتِهِ، وَيُنْدَبُ تَخْفِيفُهَا بِقِرَاءَةِ سُورَةٍ قَصِيرَةٍ، وَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ، وَالْأَوْلَى صَلَاتُهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَيُؤَخِّرُ خُطْبَتَهَا لِمَا بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ كَمَا فِي تَحْرِيرِ الْعِرَاقِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَهُ إلَخْ) بَلْ يَجِبُ قَصْدُ الْجُمُعَةِ هُنَا وَحْدَهَا لِوُجُودِ الصَّارِفِ، فَلَا تَصِحُّ مَعَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَالْمُرَادُ الْقَصْدُ فِي الْأَرْكَانِ فَلَا يَتَنَاقَضُ بِقَوْلِهِ: مُتَعَرِّضًا لِلْكُسُوفِ لِأَنَّهُ فِيمَا بَيْنَ الْأَرْكَانِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَسْقُطُ خُطْبَةُ الْكُسُوفِ اسْتِغْنَاءً بِالتَّعَرُّضِ الْمَذْكُورِ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْكُسُوفِ لَا تَفُوتُ خُطْبَتُهُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (تَشْرِيكٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ) أَيْ نَفْلٍ مَقْصُودٍ فَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ اجْتَمَعَ عِيدٌ وَكُسُوفٌ فَهُوَ كَاجْتِمَاعِ الْفَرْضِ مَعَ الْكُسُوفِ لَكِنْ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ الصَّلَاتَيْنِ وَيُؤَخِّرَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أَنْ يَقْصِدَهُمَا مَعًا بِالْخُطْبَةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ الْجَمْعِ بَيْنَ سُنَّتَيْنِ مَقْصُودَتَيْنِ مِنْ الصَّلَوَاتِ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ، مَعَ مَنْعِهِ ذَلِكَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ كَمَا مَرَّ قَبْلَهُ . قَوْلُهُ: (قُدِّمَتْ) أَيْ الْجِنَازَةُ وُجُوبًا إنْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَلَوْ فَرْضًا وَلَوْ جُمُعَةً، فَإِنْ لَمْ يَخَفْ تَغَيُّرُهُ قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ وُجُوبًا أَيْضًا إنْ اتَّسَعَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَلَوْ فَرْضًا فَإِنْ خِيفَ خُرُوجُ وَقْتِ الْفَرْضِ قُدِّمَ عَلَيْهَا. وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ صَلَوَاتٌ فَعِنْدَ أَمْنِ الْفَوَاتِ تُقَدَّمُ الْجِنَازَةُ ثُمَّ الْكُسُوفُ ثُمَّ الْفَرِيضَةُ أَوْ الْعِيدُ، وَعِنْدَ خَوْفِ الْفَوَاتِ تُقَدَّمُ الْفَرِيضَةُ ثُمَّ الْجِنَازَةُ إلَّا مَعَ خَوْفِ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ كَمَا مَرَّ. ثُمَّ الْعِيدُ ثُمَّ الْكُسُوفُ تَقْدِيمًا لِلْأَخْوَفِ، فَالْآكَدُ أَيْ بَعْدَ تَقْدِيمِ الْأَهَمِّ الَّذِي هُوَ الْفَرْضُ وَلَوْ قَالَ قُدِّمَ مَا يُخَافُ فَوْتُهُ مُطْلَقًا ثُمَّ الْأَهَمُّ فَالْأَخْوَفُ. فَالْآكَدُ لَكَانَ أَوْلَى وَلَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِ الْكُسُوفِ مَعَ الْعِيدِ أَوْ بِفَرْضِ وُقُوعِهِ. (تَنْبِيهٌ) إذَا قُدِّمَ الْكُسُوفُ عَلَى الْفَرْضِ صَلَّى الْفَرْضَ ثُمَّ خَطَبَ لِلْكُسُوفِ.   [حاشية عميرة] (تَنْبِيهٌ) تَقْيِيدُهُ الْفَوَاتَ بِالصَّلَاةِ، يَقْتَضِي أَنَّ الْخُطْبَةَ لَا تَفُوتُ بِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْفَجْرِ) لَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا قِيلَ: إنَّ الْقَمَرَ لَا يَخْسِفُ إلَّا فِي لَيْلَةِ الثَّالِثَ عَشَرَ، أَوْ الرَّابِعَ عَشَرَ، وَهُوَ فِيهِمَا لَا يَغِيبُ قَبْلَ الْفَجْرِ، لِأَنَّ هَذَا قَوْلُ الْمُنَجِّمِينَ {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة: 39] ، وَلِأَنَّ الْفَقِيهَ يَفْرِضُ الْمَسَائِلَ لِلتَّدْرِيبِ، وَإِنْ لَمْ تَقَعْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَسَفَ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَخْ) لَوْ غَابَ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، قَالَ فِي الْكِفَايَةِ، فَيَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، فِيمَا لَوْ غَابَ بَعْدَ الْفَجْرِ خَاسِفًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَقْدِيمُ الْكُسُوفِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَعَلَى هَذَا يَقْرَأُ فِي كُلِّ قِيَامٍ بِالْفَاتِحَةِ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَمَا أَشْبَهَهَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. (تَنْبِيهٌ) إذَا قُدِّمَ الْكُسُوفُ عَلَى فَرْضٍ غَيْرِ الْجُمُعَةِ، فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ تَقْدِيمُ الْخُطْبَةِ أَيْضًا، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّهَا لَا تَفُوتُ بِالِانْجِلَاءِ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُمْ يَقْتَصِرُ عَلَى الْفَاتِحَةِ إلَخْ. يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت فِي تَحْرِيرِ الْعِرَاقِيِّ نَقْلًا عَنْ التَّنْبِيهِ، أَنَّهُ يُصَلِّي الْكُسُوفَ ثُمَّ الْفَرْضَ ثُمَّ يَخْطُبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُدِّمَتْ) أَيْ إنْ حَضَرَ وَلِيُّهَا؛ وَغَيْرُ الْجُمُعَةِ مِنْ الْفِرَاضِ كَالْجُمُعَةِ، وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ النَّاسَ مُخْطِئُونَ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ الْآنَ، مِنْ تَأْخِيرِ الْجِنَازَةِ مَعَ اتِّسَاعِ وَقْتِ الْفَرْضِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا خَطَأٌ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 لِمَا يُخَافُ مِنْ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ بِتَأَخُّرِهَا، وَإِنْ اجْتَمَعَ جُمُعَةٌ وَجِنَازَةٌ وَلَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ، وَإِنْ ضَاقَ قُدِّمَتْ الْجُمُعَةُ، وَلَوْ اجْتَمَعَ خُسُوفٌ وَوِتْرٌ قُدِّمَ الْخُسُوفُ وَإِنْ خِيفَ فَوَاتُ الْوِتْرِ لِأَنَّهَا آكَدُ. بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ أَيْ طَلَبُ السُّقْيَا، وَسَيَأْتِي أَنَّهَا رَكْعَتَانِ. (هِيَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَاجَةِ) لِانْقِطَاعِ مَاءِ الزَّرْعِ أَوْ قِلَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَكْفِي بِخِلَافِ انْقِطَاعِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلَوْ انْقَطَعَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَاحْتَاجَتْ سُنَّ لِغَيْرِهِمْ أَيْضًا أَنْ يُصَلُّوا وَيَسْتَسْقُوا لَهُمْ وَيَسْأَلُوا الزِّيَادَةَ لِأَنْفُسِهِمْ، وَسَوَاءٌ فِي سَنِّهَا أَهْلُ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى وَالْبَوَادِي وَالْمُسَافِرُونَ لِاسْتِوَاءِ الْكُلِّ فِي الْحَاجَةِ وَقَدْ فَعَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَتُعَادُ ثَانِيًا وَثَالِثًا إنْ لَمْ يُسْقَوْا) حَتَّى يَسْقِيَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى (فَإِنْ تَأَهَّبُوا لِلصَّلَاةِ فَسُقُوا قَبْلَهَا اجْتَمَعُوا لِلشُّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَيُصَلُّونَ عَلَى الصَّحِيحِ) شُكْرًا. وَالثَّانِي اسْتَنَدَ إلَى «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا صَلَّى هَذِهِ الصَّلَاةَ إلَّا عِنْدَ   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يُقَدِّمُ عَرَفَةَ إذَا خِيفَ فَوْتُهَا عَلَى انْفِجَارِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ بِلَا مَشَقَّةٍ بِخِلَافِ قَضَاءِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ يَشُقُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ الَّتِي وُقُوعُهَا نَادِرٌ عَنْ الْكُسُوفِ، يُقَالُ: سَقَاهُ وَأَسْقَاهُ بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: سَقَاهُ لِلْخَيْرِ {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: 21] . وَأَسْقَاهُ لِغَيْرِهِ {لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16] وَشُرِعَتْ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ مِنْ الْهِجْرَةِ. وَيَظْهَرُ أَنَّهَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (طَلَبُ السُّقْيَا) أَيْ لُغَةً مِنْ اللَّهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَسِينُهَا لِلطَّلَبِ وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ، وَشَرْعًا طَلَبُ سُقْيَا الْعِبَادِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ حَاجَتِهِمْ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَدْنَاهَا مُطْلَقُ الدُّعَاءِ، وَيَلِيهِ الدُّعَاءُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَلَوْ نَفْلًا، وَأَعْلَاهَا الصَّلَاةُ بِالْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِمَرْجِعِ الضَّمِيرِ بِقَوْلِهِ هِيَ سُنَّةٌ أَيْ مُؤَكَّدَةٌ. قَوْلُهُ: (لِانْقِطَاعِ مَاءٍ) وَكَذَا لِمُلُوحَتِهِ، وَنَحْوِهَا وَالزَّرْعُ لَيْسَ قَيْدًا فَالْوَجْهُ إسْقَاطُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ انْقَطَعَ إلَخْ) هُوَ مِمَّا دَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَتَوَهَّمَ فِي الْمَنْهَجِ أَنَّ الشَّارِحَ أَوْرَدَهُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَجَعَلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ لِأَنْفُسِهِمْ فِيهَا نَفْعٌ لَهُمْ فَلَا تَخْلُو عَنْ حَاجَةٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَنْ طَائِفَةٍ) أَيْ غَيْرِ أَهْلِ بِدْعَةٍ أَوْ بَغْيٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمُسَافِرُونَ) وَكَذَا النِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ وَالصِّبْيَانُ، وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِهِمْ هُنَا لِطَلَبِ خُرُوجِهِمْ فِيمَا يَأْتِي أَوْ لِأَنَّ الْكَامِلِينَ هُمْ الْمَقْصُودُونَ بِالْأَصَالَةِ، وَفِي صَلَاتِهِمْ وَالْخُطْبَةِ لَهُمْ مَا مَرَّ فِي الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ. قَوْلُهُ: (وَتُعَادُ) وَلَوْ لِمُنْفَرِدٍ فَلَا تَتَقَيَّدُ إعَادَتُهَا بِجَمَاعَةٍ، وَلَا بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ بَلْ حَتَّى يَحْصُلَ الْمَقْصُودُ ثُمَّ إنْ اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ لَمْ تَتَوَقَّفْ إعَادَتُهَا عَلَى صَوْمٍ وَإِلَّا فَمَعَهُ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ. قَوْلُهُ: (لِلصَّلَاةِ) بِلَا صَوْمٍ أَوْ مَعَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيُصَلُّونَ) أَيْ بِالْهَيْئَةِ الْآتِيَةِ مَعَ الْخُطْبَةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَمْتَنِعْ بِفَوَاتِ سَبَبِهَا كَمَا مَرَّ فِي الْكُسُوفِ لِأَنَّهُ لَا غِنَى لِلنَّاسِ عَنْ وُجُودِ الْغَيْثِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، إذْ لَا يَخْلُو عَمَّنْ   [حاشية عميرة] وَقَالَ السُّبْكِيُّ: قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ تَخَوُّفَ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ، أَنَّ تَقْدِيمَ الْجِنَازَةِ عَلَى الْفَرْضِ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَاجِبٌ اهـ. وَإِذَا ذَهَبَ مَعَهَا الْوَلِيُّ فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْحَمَّالُونَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصَّدِيقَ وَالصِّهْرَ وَالزَّوْجَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا بَاقِي أَهْلِ الْبَلَدِ لَوْ أَرَادُوا التَّوَجُّهَ، وَتَرْكَ الْجُمُعَةِ فَالْوَجْهُ الِامْتِنَاعُ. قَوْلُهُ: (لِمَا يَخَافُ مِنْ تَغَيُّرِ الْمَيِّتِ) أَقُولُ وَلِأَنَّ صَلَاتَهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ. [بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتُعَادُ إلَخْ) رُوِيَ «أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ» ، لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَالْعُقَيْلِيُّ وَابْنُ طَاهِرٍ. نَعَمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ دَعَوْت فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي فَإِنْ قِيلَ لِمَ شُرِعَتْ الْإِعَادَةُ، هُنَا دُونَ الْكُسُوفِ كَمَا سَلَفَ، قُلْت: أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِشِدَّةِ الْحَاجَةِ هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَثَالِثًا) أَيْ وَأَكْثَرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالدُّعَاءِ) أَيْ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ. قَوْلُهُ: (شُكْرًا) قَالَ صَاحِبُ الْمُذَاكَرَةِ، وَيَنْوُونَ بِصَلَاتِهِمْ الشُّكْرَ، وَيُبَدِّلُونَ الشِّكَايَةَ بِالشُّكْرِ اهـ. وَقَوْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 الْحَاجَةِ» . وَقَطَعَ بِالْأَوَّلِ الْأَكْثَرُونَ، وَأُجْرِيَ الْوَجْهَانِ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ الْمَاءُ، وَأَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوا لِلِاسْتِزَادَةِ. (وَيَأْمُرُهُمْ الْإِمَامُ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوَّلًا وَالتَّوْبَةِ وَالتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِوُجُوهِ الْبِرِّ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ) . فِي الدَّمِ وَالْعِرْضِ وَالْمَالِ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ أَثَرٌ فِي إجَابَةِ الدُّعَاءِ. (وَيَخْرُجُونَ إلَى الصَّحْرَاءِ فِي الرَّابِعِ صِيَامًا فِي ثِيَابِ بِذْلَةٍ وَتَخَشُّعٍ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الِاسْتِسْقَاءِ يُصَلِّي الْعِيدَ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَوْلُهُ: مُتَبَذِّلًا هُوَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ النِّهَايَةِ، مِنْ تَبَذَّلَ أَيْ لَبِسَ ثِيَابَ الْبِذْلَةِ وَالْبِذْلَةُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ الْمِهْنَةُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَثِيَابُ الْبِذْلَةِ هِيَ الَّتِي تُلْبَسُ فِي حَالِ الشُّغْلِ وَمُبَاشَرَةِ الْخِدْمَةِ وَتَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ فِي بَيْتِهِ . (وَيُخْرِجُونَ الصِّبْيَانَ وَالشُّيُوخَ) لِأَنَّ دُعَاءَهُمْ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ. (وَكَذَا الْبَهَائِمُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يُسْتَحَبُّ إخْرَاجُهَا إذْ لَيْسَ لَهَا أَهْلِيَّةُ دُعَاءٍ، وَرُدَّ بِحَدِيثِ: «خَرَجَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَسْتَسْقِي فَإِذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ رَافِعَةً بَعْضَ قَوَائِمِهَا إلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: ارْجِعُوا فَقَدْ اُسْتُجِيبَ لَكُمْ مِنْ أَجْلِ شَأْنِ النَّمْلَةِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ . (وَلَا يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْحُضُورَ) لِأَنَّهُمْ مُسْتَرْزِقُونَ، وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ. (وَلَا   [حاشية قليوبي] يَنْتَفِعُ بِهِ فَكَأَنَّ سَبَبَهَا لَمْ يَفُتْ. كَذَا قِيلَ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِمَا يَأْتِي بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالدُّعَاءِ وَيُصَلُّونَ) هُمَا تَفْسِيرٌ لِلشُّكْرِ أَوْ تَفْصِيلٌ لَهُ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، أَوْ يُصَلُّونَ تَفْسِيرٌ لِلشُّكْرِ وَالدُّعَاءِ لِاشْتِمَالِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهَا شُكْرٌ وَفِيهَا دُعَاءٌ. قَوْلُهُ: (شُكْرًا) أَيْ تَقَعُ شُكْرًا وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ نِيَّةِ الِاسْتِسْقَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لِلِاسْتِزَادَةِ) أَيْ الَّتِي يُنْتَفَعُ بِهَا وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ ظَاهِرَةٍ. قَوْلُهُ: (وَيَأْمُرُهُمْ الْإِمَامُ) وَمِثْلُهُ نَائِبُهُ أَوْ قَاضِي الْمَحَلِّ أَوْ مُطَاعٍ فِيهِ أَوْ حَاكِمٌ فِي بَلَدٍ لَا إمَامَ فِيهِ. وَبِأَمْرِهِ لَهُمْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّوْمُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يَأْتِي وَيَكْفِي فِيهِ مَا فِي النَّذْرِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ وُجُوبُ ذَلِكَ بِالْأَمْرِ بِالِاسْتِسْقَاءِ، بَلْ كُلُّ مَا لَيْسَ مَعْصِيَةً يَجِبُ بِأَمْرِهِ وَلَوْ مُبَاحًا، وَلَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْصِيَةِ، وَلَكِنْ يُعَزَّرُ مَنْ خَالَفَهُ لِشَقٍّ وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ عَلَى الْإِمَامِ بِأَمْرِهِ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ، وَيَبْعُدُ إيجَابُ الشَّخْصِ شَيْئًا عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا يَسْقُطُ الْوُجُوبُ بِرُجُوعِهِ عَنْ الْأَمْرِ وَلَا بِالسُّقْيَا فِي أَثْنَائِهِ، وَيَجِبُ فِي الصَّوْمِ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ لَيْلًا وَلَا يَقْضِي إذَا فَاتَ. وَيُجْزِئُ عَنْهُ صَوْمُ غَيْرِهِ وَلَوْ نَفْلًا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ. وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ فِطْرُهُ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِمَا لَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ فَقَالَا: لَا يُجْزِئُ عَنْهُ غَيْرُهُ. وَيَجُوزُ فِطْرُهُ بِمَا يَجُوزُ بِهِ فِطْرُ رَمَضَانَ وَهُوَ الْوَجْهُ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) بَلْ أَرْبَعَةٍ بِيَوْمِ الْخُرُوجِ فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْرِ وَيَجُوزُ صَوْمُهَا وَلَوْ مِنْ نِصْفِ شَعْبَانَ الثَّانِي لِأَنَّهُ لِسَبَبٍ. قَوْلُهُ: (وَالتَّوْبَةِ) وَوُجُوبُهَا بِالْأَمْرِ تَأْكِيدٌ لِوُجُوبِهَا شَرْعًا وَتَرَدَّدَ شَيْخُنَا فِي وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِوُجُوهِ الْبِرِّ) كَالصَّدَقَةِ وَيَجِبُ مِنْهَا أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ فَإِنْ عَيَّنَ قَدْرًا كَالْفِطْرَةِ فَأَقَلَّ اُعْتُبِرَ بِهَا أَوْ كَالْكَفَّارَةِ اُعْتُبِرَ بِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ يَشْمَلُ الْكَفَّارَةَ الْعُظْمَى، وَيُعْتَبَرُ فِيهَا بِالْعُمْرِ الْغَالِبِ، وَكَالْعِتْقِ وَيُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ بِمَا فِي الْكَفَّارَةِ بِهِ كَكِفَايَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَفِّرِ يَجِبُ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَالْخُرُوجِ إلَخْ) وَالْأَمْرُ بِهِ تَأْكِيدٌ لِوُجُوبِهِ الشَّرْعِيِّ كَمَا مَرَّ . قَوْلُهُ: (وَيَخْرُجُونَ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ لَيْسَ مِمَّا دَخَلَ فِي الْأَمْرِ وَإِنَّمَا يُسَنُّ فِعْلُهُ لَهُمْ فِي ذَاتِهِ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْإِمَامِ الْأَمْرُ بِهِ كَالصِّيَامِ، لَكِنْ هَلْ يَجِبُ بِأَمْرِهِ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَجِبُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِمَنْدُوبٍ كَمَا مَرَّ، وَنُوزِعَ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (إلَى الصَّحْرَاءِ) أَيْ وَلَوْ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. قَوْلُهُ: (وَتَخَشُّعٍ) عَطْفٌ عَلَى ثِيَابٍ، وَيُنْدَبُ الْمَشْيُ وَالْحَفَا لَا كَشْفُ الرَّأْسِ وَالْعُرْيُ. قَوْلُهُ: (وَيُخْرِجُونَ الصِّبْيَانَ) وَمُؤْنَةُ إخْرَاجِهِمْ فِي مَالِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُمْ مُؤْنَتُهُمْ، وَمِثْلُهُمْ النِّسَاءُ غَيْرُ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ، وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ حَلِيلِ ذَاتِ الْحَلِيلِ. وَكَذَا الْعَبِيدُ بِإِذْنِ سَادَاتِهِمْ لَا الْمَجَانِينَ وَإِنْ أَمِنَتْ ضَرَاوَتُهُمْ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْبَهَائِمُ) وَتُبْعَدُ أَوْلَادُهَا عَنْهَا لِيَكْثُرَ الصِّيَاحُ وَالضَّجِيجُ. قَوْلُهُ: (نَبِيٌّ) هُوَ سُلَيْمَانُ. قَوْلُهُ: (نَمْلَةٍ) قِيلَ: اسْمُهَا حَرْمَى، وَقِيلَ طَافِيَةٌ، وَقِيلَ شَاهِدَةٌ، وَكَانَتْ عَرْجَاءَ وَقَالَ الدَّمِيرِيِّ اسْمُهَا عَيْجَلُونَ. قَوْلُهُ: (رَافِعَةً إلَخْ) وَهِيَ مُلْقَاةٌ عَلَى ظَهْرِهَا وَهِيَ تَدْعُو بِقَوْلِهَا: اللَّهُمَّ إنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِك لَا غِنَى بِنَا عَنْ رِزْقِك، فَلَا تُهْلِكُنَا بِذُنُوبِ بَنِي آدَمَ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَدْعِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ) أَيْ لَا يَجِبُ مَنْعُهُمْ بَلْ يَنْدُبُ عَلَى أَحَدِ احْتِمَالَيْنِ لِابْنِ حَجَرٍ فَتَمْكِينُهُمْ مِنْ خُرُوجِهِمْ مَكْرُوهٌ كَإِخْرَاجِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَلَا   [حاشية عميرة] الْمِنْهَاجِ وَالدُّعَاءِ وَيُصَلُّونَ، كَأَنَّهُ عَطْفُ تَفْصِيلٍ لِلشُّكْرِ، لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ) تَصْرِيحٌ بِبَعْضِ أَرْكَانِ التَّوْبَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَخَشُّعٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ ثِيَابٍ إلَخْ. قَوْلُهُ: (إذْ لَيْسَ لَهَا أَهْلِيَّةُ دُعَاءٍ) وَلِأَنَّ النَّاسَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 يَخْتَلِطُونَ بِنَا) لِأَنَّهُ قَدْ يَحِلُّ بِهِمْ عَذَابٌ بِكُفْرِهِمْ الْمُتَقَرَّبِ بِهِ فِي اعْتِقَادِهِمْ. (وَهِيَ رَكْعَتَانِ) كَمَا فَعَلَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (كَالْعِيدِ) فِي التَّكْبِيرَاتِ سَبْعًا وَخَمْسًا وَالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ وَمَا يُقْرَأُ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ (لَكِنْ قِيلَ يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ) بَدَلَ {اقْتَرَبَتِ} [القمر: 1] {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: 1] لِاشْتِمَالِهَا عَلَى اللَّائِقِ بِالْحَالِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10] {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 11] وَالْأَصَحُّ يَقْرَأُ {اقْتَرَبَتِ} [القمر: 1] كَمَا يَقْرَأُ فِي الْأُولَى {ق} [ق: 1] وَمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِي الْأُولَى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] وَقَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1] » قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: ضَعِيفٌ (وَلَا تَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْعِيدِ فِي الْأَصَحِّ) فَيَجُوزُ فِعْلُهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِهِ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ . (وَيَخْطُبُ) بَعْدَ الصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي جَوَازُ أَنْ يَخْطُبَ قَبْلَهَا دَلِيلُ الْأَوَّلِ حَدِيثُ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ إلَى الِاسْتِسْقَاءِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَطَبَ» . (كَالْعِيدِ) أَيْ كَخُطْبَتَيْهِ فِي الْأَرْكَانِ وَغَيْرِهَا (لَكِنْ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى بَدَلَ التَّكْبِيرِ) أَوَّلُهُمَا فَيَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ بَدَلَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ. وَيُكْثِرُ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ، وَمِنْ قَوْلِ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10] {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 11] (وَيَدْعُو فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى: اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا) هُوَ الْمَطَرُ (مُغِيثًا) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ مُرْوِيًا مُشْبِعًا (هَنِيئًا) هُوَ الطَّيِّبُ الَّذِي لَا يُنَغِّصُهُ شَيْءٌ (مَرِيئًا) بِالْهَمْزِ هُوَ الْمَحْمُودُ الْعَاقِبَةِ (مَرِيعًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ ذَا رِيعٍ أَيْ نَمَاءٍ (غَدَقًا) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ كَثِيرَ الْخَيْرِ (مُجَلِّلًا) بِكَسْرِ اللَّامِ يُجَلِّلُ الْأَرْضَ أَيْ يَعُمُّهَا كَجُلِّ الْفَرَسِ. (سَحًّا) بِالْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ شَدِيدَ الْوَقْعِ عَلَى الْأَرْضِ (طَبَقًا) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالْبَاءِ يُطَبِّقُ الْأَرْضَ فَيَصِيرُ كَالطَّبَقِ عَلَيْهَا (دَائِمًا) إلَى انْتِهَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ الْقَانِطِينَ) أَيْ الْآيِسِينَ بِتَأْخِيرِهِ (اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُك إنَّك كُنْت غَفَّارًا فَأَرْسِلْ السَّمَاءَ) أَيْ الْمَطَرَ (عَلَيْنَا مِدْرَارًا) أَيْ كَثِيرًا. رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا اسْتَسْقَى قَالَ: اللَّهُمَّ   [حاشية قليوبي] يَخْتَلِطُونَ بِنَا) أَيْ يُكْرَهُ لَنَا تَمْكِينُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي مُصَلَّانَا أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ غَيْرَ بَاغِينَ، وَيَمْنَعُهُمْ الْإِمَامُ مِنْ خُرُوجِهِمْ اسْتِقْلَالًا فِي يَوْمٍ وَمَا فِي الْأُمِّ مُؤَوَّلٌ. (فَرْعٌ) يَجُوزُ إجَابَةُ دُعَاءِ الْكَافِرِينَ، وَيَجُوزُ الدُّعَاءُ لَهُ وَلَوْ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، خِلَافًا لِمَا فِي الْأَذْكَارِ إلَّا مَغْفِرَةَ ذَنْبِ الْكُفْرِ مَعَ مَوْتِهِ عَلَى الْكُفْرِ فَلَا يَجُوزُ. قَوْلُهُ: (كَالْعِيدِ) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحْرِمَ فِيهَا بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مُوَافَقَتُهُ. وَنَقَلَ أَنَّهُ ضَرَبَ عَلَيْهِ بِالْقَلَمِ، وَعَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ يَنْظُرُ فِي التَّكْبِيرِ فِيمَا زَادَ هَلْ يَتْرُكُهُ أَوْ يَزِيدُهُ أَوْ يَنْقُصُهُ حَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (ضَعِيفٌ) أَيْ الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ قِرَاءَةُ السُّورَتَيْنِ سُنَّةً أَيْضًا كَمَا فِي الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (فِي أَيْ وَقْتٍ) . وَلَوْ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ، لِأَنَّهَا ذَاتُ سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ، وَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الْعِيدِ كَانَ أَوْلَى، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ الْخِلَافِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِهِ) وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ الْمُخْتَارُ. . قَوْلُهُ: (فَيَقُولُ) أَيْ بَدَلَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَخْ، لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ: «مَنْ قَالَهَا غُفِرَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ» . قَوْلُهُ: (أَسْقِنَا) هُوَ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَسْقَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ جَوَازُ وَصْلِهَا مِنْ سَقَى. قَوْلُهُ: (مُغِيثًا) هُوَ فِي الْأَصْلِ الْمُنْقِذُ مِنْ الشِّدَّةِ. قَوْلُهُ: (هَنِيئًا) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ كَمَرِيئًا. قَوْلُهُ: (مَرِيعًا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ) وَبَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ قَبْلَ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَرُوِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَبَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ مَكْسُورَةٌ أَوْ فَوْقِيَّةٌ كَذَلِكَ، وَهُمَا بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُمَا مِنْ أَرْبَعَ الْبَعِيرُ أَكَلَ الرَّبِيعَ وَرَتَعَتْ الْمَاشِيَةُ أَكَلَتْ مَا شَاءَتْ. قَوْلُهُ: (يَعُمُّهَا) أَيْ بِالنَّبَاتِ النَّاشِئِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (بِالْمُهْمَلَتَيْنِ) أَيْ مَعَ تَشْدِيدِ الثَّانِيَةِ، يُقَالُ سَحَّ إذَا سَالَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ، وَسَاحَ إذَا سَالَ عَلَى وَجْهِ   [حاشية عميرة] يَشْتَغِلُونَ بِهَا وَبِأَصْوَاتِهَا قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُغِيثًا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ الْمُنْقِذُ مِنْ الشِّدَّةِ. قَوْلُهُ: (هُوَ الْمَحْمُودُ الْعَاقِبَةِ إلَخْ) بِتَسْمِينِ الدَّوَابِّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِدْرَارًا) صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ وَمَعْنَاهُ كَثِيرُ الدَّرِّ. قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يُتَعَجَّبُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 اسْقِنَا غَيْثًا.» إلَى آخِرِهِ وَفِيهِ بَيْنَ الْقَانِطِينَ وَمَا بَعْدَهُ زِيَادَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. ذُكِرَ فِي الْمُحَرَّرِ أَكْثَرُهَا وَأَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ اخْتِصَارًا. (وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بَعْدَ صَدْرِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ) وَهُوَ نَحْوُ ثُلُثِهَا كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ (وَيُبَالِغُ فِي الدُّعَاءِ) حِينَئِذٍ (سِرًّا وَجَهْرًا) {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55] فَإِذَا أَسَرَّ دَعَا النَّاسُ سِرًّا وَإِذَا جَهَرَ أَمَّنُوا وَيَرْفَعُونَ كُلُّهُمْ أَيْدِيَهُمْ فِي الدُّعَاءِ مُشِيرِينَ بِظُهُورِ أَكُفِّهِمْ إلَى السَّمَاءِ. رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَسْقَى فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ» . وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْقَصْدَ دَفْعُ الْبَلَاءِ بِخِلَافِ قَاصِدِ حُصُولِ شَيْءٍ فَيَجْعَلُ بَطْنَ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ. وَذَكَرَ فِي الْمُحَرِّرِ دُعَاءً أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ اخْتِصَارًا. (وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ فَيَجْعَلُ يَمِينَهُ يَسَارَهُ وَعَكْسَهُ) رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اسْتِسْقَائِهِ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ» . وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورِ: «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَوَّلَ رِدَاءً فَجَعَلَ عِطَافَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، وَجَعَلَ عِطَافَهُ الْأَيْسَرَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ» . (وَيَنْكُسُهُ عَلَى الْجَدِيدِ فَيَجْعَلُ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَعَكْسَهُ) رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَيْضًا قَالَ: «اسْتَسْقَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِأَسْفَلِهَا فَيَجْعَلَهُ أَعْلَاهَا، فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ» . فَهَمُّهُ بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَتُرِكَ لِلسَّبَبِ الْمَذْكُورِ وَالْقَدِيمُ يَنْظُرُ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ وَيَحْصُلُ التَّحْوِيلُ وَالتَّنْكِيسُ بِجَعْلِ الطَّرَفِ الْأَسْفَلِ الَّذِي عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ، وَالطَّرَفَ الْأَسْفَلَ الَّذِي عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، وَالْحِكْمَةُ فِيهِمَا التَّفَاؤُلُ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ إلَى الْخِصْبِ وَالسَّعَةِ. رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَسْقَى وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ لِيَتَحَوَّلَ الْقَحْطُ» . (وَيُحَوِّلُ -   [حاشية قليوبي] الْأَرْضِ. قَوْلُهُ (زِيَادَةٌ مَذْكُورَةٌ إلَخْ) وَهِيَ اللَّهُمَّ إنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ مِنْ اللَّأْوَاءِ، وَالْجَهْدِ وَالضَّنْكِ مَا لَا نَشْكُو بِالنُّونِ، إلَّا إلَيْك، اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ، وَاكْشِفْ عَنَّا مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفُهُ غَيْرُك، وَاللَّأْوَاءُ بِالْهَمْزِ وَالْمَدِّ شِدَّةُ الْجُوعِ، وَالْجَهْدُ التَّعَبُ وَالضَّنْكُ شِدَّةُ التَّعَبِ. قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَهُ) أَيْ الْأَكْثَرُ وَفِيهِ اقْتِصَارٌ عَلَى بَعْضِ حَدِيثٍ وَلَا بِدَعَ فِيهِ . قَوْلُهُ: (وَيَسْتَقْبِلُ) أَيْ نَدْبًا بَعْدَ صَدْرِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ اسْتَقْبَلَ فِي الْأُولَى، لَمْ يُعِدْهُ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَيْئَاتِهَا. قَوْلُهُ: (وَيُبَالِغُ فِي الدُّعَاءِ) قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَيُطْلَبُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ إنَّك أَمَرْتنَا بِدُعَائِك، وَوَعَدَتْنَا إجَابَتَك وَقَدْ دَعَوْنَاك كَمَا أَمَرْتنَا، فَأُحِبْنَا كَمَا وَعَدْتنَا، اللَّهُمَّ فَامْنُنْ عَلَيْنَا بِمَغْفِرَةِ مَا قَارَفْنَا وَإِجَابَتِكَ فِي سُقْيَانَا، وَسِعَةٍ فِي رِزْقِنَا، وَيُنْدَبُ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ كَثْرَةُ الِاسْتِغْفَارِ، وَالشَّفَاعَةُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ، بِخَالِصِ عَمَلِهِ وَبِأَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ. قَوْلُهُ: (بِظُهُورِ أَكُفِّهِمْ إلَخْ) حَاصِلُ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّنَاقُضِ فِيهِ، إنَّ الْإِشَارَةَ بِظَهْرِ الْكَفِّ فِي كُلِّ صِيغَةٍ فِيهَا، رَفْعٌ نَحْوَ اكْشِفْ وَارْفَعْ وَبِبَطْنِهِ فِي كُلِّ صِيغَةٍ، فِيهَا تَحْصِيلٌ نَحْوَ اسْقِنَا وَأَنْبِتْ لَنَا وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَصْدِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ التَّحْصِيلُ وَالرَّفْعُ، رَاعَى الثَّانِيَ كَمَا لَوْ سَمِعَ شَخْصًا دَعَا بِهِمَا فَقَالَ: اللَّهُمَّ افْعَلْ لِي مِثْلَ ذَلِكَ، وَيُكْرَهُ رَفْعُ الْيَدِ النَّجِسَةِ فِي الدُّعَاءِ وَلَوْ بِحَائِلٍ كَدَاخِلِ كُمِّهِ. قَوْلُهُ: (وَيُحَوِّلُ) أَيْ الذَّكَرُ عِنْدَ أَيْ بَعْدَ اسْتِقْبَالِهِ، رِدَاءَهُ لَا غَيْرَهُ مِنْ نَحْوِ قَمِيصِهِ. قَوْلُهُ: (وَحَوَّلَ) أَيْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رِدَاءَهُ، وَكَانَ طُولُهُ أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ وَنِصْفَ تَقْرِيبًا، وَعَرْضُهُ ذِرَاعَانِ تَقْرِيبًا، وَجِنْسُهُ مِنْ الصُّوفِ كَإِزَارِهِ قَدْرًا وَجِنْسًا، وَعِمَامَتُهُ جِنْسًا، وَلَمْ يَرِدْ فِيهَا تَقْدِيرٌ. فَالتَّحْوِيلُ يَكُونُ فِيمَا قَارَبَ ذَلِكَ، لَا فِي نَحْوِ الْبُرْدَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَلَبَ ظَهْرَ الْبَطْنِ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَالدَّوَامِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْكُسْ أَوْ بِالْفِعْلِ فَقَطْ، لِأَنَّ الرِّدَاءَ مَعَهُمَا يَعُودُ إلَى حَالِهِ الْأَوَّلِ، كَمَا سَيَأْتِي وَفِي ذِكْرِ مَعْنَى الْحَدِيثِ، بِقَوْلِهِمْ فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ، قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ نَظَرٌ يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ. قَوْلُهُ: (وَيَنْكُسُهُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ، وَضَمِّ ثَالِثِهِ مُخَفَّفًا مِنْ بَابِ نَصَرَ، وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ، مُشَدَّدًا وَلَا يُطْلَبُ تَنْكِيسُ الرِّدَاءِ غَيْرِ الْمُرَبَّعِ، كَمَا لَا يُطْلَبُ التَّحْوِيلُ، وَلَا التَّنْكِيسُ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّ فِي التَّنْكِيسِ مَعَ التَّحْوِيلِ عَوْدُ وَجْهِ الرِّدَاءِ الْمُلَاصِقِ لِلثِّيَابِ إلَى حَالِهِ قَبْلَهُمَا الْمُنَافِي لِتَغَيُّرِ الْحَالِ فَقَوْلُهُ وَالْحِكْمَةُ فِيهِمَا أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ، أَوْ الْمَقْصُودُ أَوْ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ أَوْ -   [حاشية عميرة] الْجَمِيعَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَأَسْقَطَهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَأَكْثَرُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُبَالِغُ فِي الدُّعَاءِ) وَيَكُونُ مِنْهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ أَمَرْتنَا بِدُعَائِك، وَوَعَدْتنَا إجَابَتَك، وَقَدْ دَعَوْنَاك كَمَا أَمَرْتنَا، فَأَجِبْنَا كَمَا وَعَدْتنَا. اللَّهُمَّ فَامْنُنْ عَلَيْنَا بِمَغْفِرَةِ مَا قَارَفْنَا، وَإِجَابَتِك فِي سُقْيَانَا، وَسَعَةٍ فِي رِزْقِنَا، ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ) اُنْظُرْ هَلْ يَفْعَلُ التَّحْوِيلَ عِنْدَ إرَادَةِ الِاسْتِقْبَالِ، أَوْ مَعَهُ أَوْ عَقِبَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَنْكُسُهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يُقَالُ نَكَسَ يَنْكُسُ كَقَعَدَ يَقْعُدُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 النَّاسُ مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ تَحْوِيلِ الْخَطِيبِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى التَّنْكِيسِ. فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ، وَيَفْعَلُ النَّاسُ بِأَرْدِيَتِهِمْ كَفِعْلِ الْإِمَامِ. رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَقَلَبَ ظَهْرًا لِبَطْنٍ» ، وَحَوَّلَ النَّاسُ مَعَهُ. (قُلْت: وَيُتْرَكُ مُحَوَّلًا حَتَّى يَنْزَعَ الثِّيَابَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - غَيَّرَ رِدَاءَهُ بَعْدَ التَّحْوِيلِ، وَيُتْرَكُ وَيُنْزَعُ مَبْنِيَّانِ لِلْمَفْعُولِ فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَيَتْرُكُونَهَا أَيْ الْأَرْدِيَةَ مُحَوَّلَةً إلَى أَنْ يَنْزِعُوا الثِّيَابَ، فَإِذَا فَرَغَ الْخَطِيبُ مِنْ الدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلًا أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ وَحَثَّهُمْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَعَا لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَقَرَأَ آيَةً وَآيَتَيْنِ وَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ. (وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الِاسْتِسْقَاءَ فَعَلَهُ النَّاسُ) مُحَافَظَةً عَلَى السُّنَّةِ (وَلَوْ خَطَبَ) لَهُ (قَبْلَ الصَّلَاةِ جَازَ) نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ. قَالَ: وَيَحْتَجُّ لَهُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ ثُمَّ صَلَّى» وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: قَالَ أَصْحَابُنَا تَقَدُّمُ الْخُطْبَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ. (وَيُسَنُّ أَنْ يَبْرُزَ لِأَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ وَيَكْشِفَ غَيْرَ عَوْرَتِهِ لِيُصِيبَهُ) الْمَطَرُ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أَصَابَنَا مَطَرٌ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَسَرَ ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ الْمَطَرُ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ صَنَعْت هَذَا؟ قَالَ: لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ» . أَيْ بِتَكْوِينِهِ وَتَنْزِيلِهِ. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ بِلَفْظِ: «كَانَ إذَا مَطَرَتْ السَّمَاءُ حَسَرَ ثَوْبَهُ عَنْ ظَهْرِهِ حَتَّى يُصِيبَهُ الْمَطَرُ» الْحَدِيثَ. وَفِي الصَّحَاحِ حَسَرْت كُمِّي عَنْ ذِرَاعِي كَشَفْت. (وَأَنْ يَغْتَسِلَ أَوْ يَتَوَضَّأَ فِي السَّيْلِ) رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا سَالَ السَّيْلُ قَالَ: اُخْرُجُوا بِنَا إلَى هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ طَهُورًا فَنَتَطَهَّرُ مِنْهُ» . (وَيُسَبِّحَ عِنْدَ الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ) رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ إذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ وَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَرْقَ فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ. وَذَكَرَ فِي التَّنْبِيهِ وَالرَّوْضَةِ: وَكَانَ ذِكْرُهُ لِمُقَارَنَتِهِ الرَّعْدَ الْمَسْمُوعَ. -   [حاشية قليوبي] تَحَوُّلُ الطَّرَفَيْنِ، لِأَنَّهُمَا يَسْتَمِرَّانِ عَلَى التَّغَيُّرِ. قَوْلُهُ: (وَيُحَوِّلُ النَّاسُ) أَيْ الذُّكُورُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْمُشْتَمِلُ عَلَى التَّنْكِيسِ) أَيْ لِيَصِحَّ الدَّلِيلُ بَعْدَهُ، فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَنْزَعَ الثِّيَابَ) أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْعَوْدِ إلَى مَحَلِّ نَزْعِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الِاسْتِسْقَاءَ) أَوْ لَمْ يَكُنْ إمَامٌ وَلَا مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَعَلَهُ النَّاسُ) أَيْ نَدْبًا وَلَوْ بِالْهَيْئَةِ السَّابِقَةِ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الصَّحْرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ. نَعَمْ يُكْرَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَيَحْرُمُ إنْ خَافُوا فِتْنَةً مِنْهُ. قَوْلُهُ: " (وَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ جَازَ) وَكَذَا يَجُوزُ تَرْكُ الْخُطْبَةِ دُونَ الصَّلَاةِ وَعَكْسُهُ لِتَوَسُّعِهِمْ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، بِدَلِيلِ جَوَازِ الصَّلَاةِ بَعْدَ السُّقْيَا. كَمَا مَرَّ وَبِهَذَا فَارَقَ نَحْوَ الْكُسُوفِ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ) أَيْ مُؤَكَّدًا. قَوْلُهُ: (لِأَوَّلِ مَطَرِ السَّنَةِ) الْمُرَادُ بِهِ الْمَطَرُ الْأَوَّلُ فِي ابْتِدَاءِ السَّنَةِ، سَوَاءٌ أَوَّلُهُ وَوَسَطُهُ وَآخِرُهُ وَهَذَا مِنْ حَيْثُ الْآكَدِيَّةُ، وَإِلَّا فَيَنْدُبُ لِكُلِّ مَطَرٍ، وَأَوَّلُ كُلِّ مَطَرٍ آكَدُ ثُمَّ أَوْسَطُهُ وَأَسْمَاءُ كُلِّ مَطَرٍ خَمْسَةٌ فَالْأَوَّلُ الْوَسْمِيُّ ثُمَّ الْوَلِيُّ ثُمَّ الرَّسَعُ، ثُمَّ الصَّيْفُ ثُمَّ الْحَمِيمُ، وَفِي مُطَابَقَةِ الدَّلِيلِ لِلْمَدْلُولِ تَأَمُّلٌ. قَوْلُهُ: (بِتَكْوِينِهِ) أَيْ إيجَادِهِ وَزَوْلِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَكْشِفُ غَيْرَ عَوْرَتِهِ) وَهِيَ عَوْرَةُ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرَ عَوْرَةِ الْخَلْوَةِ، إنْ كَانَ خَالِيًا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْحَاجَةِ الَّتِي تُكْشَفُ لَهَا الْعَوْرَةُ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ هُنَا عَوْرَةُ الْمَحَارِمِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَتَوَضَّأُ) هِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَجَمْعُهَا أَفْضَلُ ثُمَّ الْغُسْلُ، وَحْدَهُ ثُمَّ الْوُضُوءُ وَحْدَهُ، وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِمَا مِنْ حَيْثُ التَّبَرُّكُ إلَى نِيَّةٍ، وَلَهُ نِيَّةُ السَّبَبِ فِيهِمَا، وَنِيَّةُ غَيْرِهِمَا، إنْ صَادَفَهُ وَيَحْصُلُ مَعَهُ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ، وَهَذَا الْمُعْتَمَدُ، وَالنِّيلُ كَالسَّيْلِ فَيُسَنُّ الْغُسْلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ فِي أَيَّامِ الزِّيَادَةِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا لِلْحِكْمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (وَكَانَ ذِكْرُهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ نَدْبِ التَّسْبِيحِ لِلْبَرْقِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (فَفِي الرَّوْضَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْمُشْتَمِلِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ، وَقَلْبُ ظَهْرِ الْبَطْنِ لَا يُمَكِّنُ مَنْعَ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّحْوِيلِ، وَالتَّنْكِيسِ السَّابِقَيْنِ ثُمَّ رَأَيْت ذَلِكَ مَسْطُورًا مِنْ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ، وَكَذَا السُّبْكِيّ فِي شَرْحِهِ لَكِنْ الْحَدِيثُ لَا إشْكَالَ فِيهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَمْ يَنْكُسْ وَإِنَّمَا فَعَلَ لِتَحْوِيلٍ فَقَطْ، وَالْقَلْبُ مَعَهُ مُمْكِنٌ. قَوْلُهُ: (مَبْنِيَّانِ لِلْمَفْعُولِ) أَيْ فَيَشْمَلُ ذَلِكَ الْمَأْمُومِينَ بِدَلِيلِ مَا سَاقَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ أَنْ يَبْرُزَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} [ق: 9] ، قَالَ: فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تُصِيبَ الْبَرَكَةُ رَأْسِي وَرِجْلِي. قَوْلُهُ: (رَوَى مُسْلِمٌ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِهِ اتَّفَقَ الشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 (وَلَا يُتْبِعَ بَصَرَهُ الْبَرْقَ) رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا رَأَى أَحَدُكُمْ الْبَرْقَ أَوْ الْوَدْقَ فَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ. الْوَدْقُ بِالْمُهْمَلَةِ الْمَطَرُ. (وَيَقُولَ عِنْدَ الْمَطَرِ اللَّهُمَّ صَيِّبًا) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ مَطَرًا (نَافِعًا) رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ ذَلِكَ» . (وَيَدْعُوَ بِمَا شَاءَ) لِحَدِيثِ الْبَيْهَقِيّ «يُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ عِنْدَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ وَنُزُولِ الْغَيْثِ وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَرُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ» . (وَ) يَقُولَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْمَطَرِ أَيْ فِي أَثَرِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ: (مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَيُكْرَهُ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا) بِفَتْحِ النُّونِ وَبِالْهَمْزِ آخِرَهُ أَيْ بِوَقْتِ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي إضَافَةِ الْأَمْطَارِ إلَى الْأَنْوَاءِ فَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّ النَّوْءَ هُوَ الْفَاعِلُ لِلْمَطَرِ حَقِيقَةً كَفَرَ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ وَقْتٌ أَوْقَعَ اللَّهُ فِيهِ الْمَطَرَ فَهُوَ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ لِإِيهَامِهِ الْأَوَّلَ. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الصُّبْحِ عَلَى أَثَرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَمَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» . (وَ) يُكْرَهُ (سَبُّ الرِّيحِ) رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ تَعَالَى. أَيْ مِنْ رَحْمَتِهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلَا تَسُبُّوهَا وَاسْأَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا وَاسْتَعِيذُوا بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّهَا» . (وَلَوْ تَضَرَّرُوا بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ رَفْعَهُ) بِأَنْ يَقُولُوا كَمَا   [حاشية قليوبي] وَحْدَهُ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَالْمُنَاسِبُ فِيهِ، أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ مَنْ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَفِي الْحَدِيثِ «بَعَثَ اللَّهُ السَّحَابَ فَنَطَقَتْ أَحْسَنَ النُّطْقِ، وَضَحِكَتْ أَحْسَنَ الضَّحِكِ، فَالرَّعْدُ نُطْقُهَا وَالْبَرْقُ ضَحِكُهَا» ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ الرَّعْدَ مَلَكٌ، وَالْبَرْقَ لَمَعَانُ أَجْنِحَتِهِ الَّتِي يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيَكُونُ الْمَسْمُوعُ صَوْتَهُ أَوْ صَوْتَ تَسْبِيحِهِ، أَوْ صَوْتَ سَوْقِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْفَلَاسِفَةِ: إنَّ الرَّعْدَ صَوْتُ اصْطِكَاكِ السَّحَابِ، وَالْبَرْقَ مَا يَتَقَدَّمُ ذَلِكَ الِاصْطِكَاكَ، فَقَوْلُهُ وَذُكِرَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. قَوْلُهُ: (لِمُقَارَنَتِهِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ أَيْ لَا لِكَوْنِهِ يُشْرَعُ لَهُ، ذِكْرٌ مُسْتَقِلٌّ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (الرَّعْدَ الْمَسْمُوعَ) يُفِيدُ أَنَّ الْأَصَمَّ لَا يُسَبِّحُ لِلرَّعْدِ، إلَّا أَنْ يُرَادَ مَا شَأْنُهُ السَّمَاعُ، فَيَشْمَلُهُ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُشِيرُ) شَامِلٌ لِلْإِشَارَةِ بِغَيْرِ الْبَصَرِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْوَدْقَ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ لَا يُشِيرُونَ إلَيْهِ، وَيَقُولُونَ عِنْدَهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ. قَوْلُهُ: (وَيَقُولُ) أَيْ نَدْبًا وَثَلَاثًا. قَوْلُهُ: (صَيِّبًا) مِنْ صَابَ يَصُوبُ إذَا نَزَلَ إلَى أَسْفَلَ، وَفِي رِوَايَةٍ بِالسِّينِ بِمَعْنَى الْعَطَاءِ. قَوْلُهُ: (بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ) وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهَا، وَهُوَ الْأَنْسَبُ مَعَ السِّينِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ) الْمُرَادُ بِهَا الْمُقَارَنَةُ وَبِالصُّفُوفِ الْجِهَادُ، وَبِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ أَلْفَاظُهَا أَوْ التَّوَجُّهُ إلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ كَمَا فِي الذَّبْحِ لِإِبْهَامِ الْفَاعِلِينَ هُنَاكَ، وَانْفِرَادِ النَّوْءِ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِنَوْءٍ) لَوْ قَالَ فِي نَوْءِ كَذَا، لَمْ يُكْرَهْ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. قَوْلُهُ: (بِوَقْتِ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ) أَيْ بِوَقْتِ سُقُوطِ مَنْزِلَةٍ مِنْ الْمَنَازِلِ فِي الْأُفُقِ الْغَرْبِيِّ الْمُقَارِنِ، لِطُلُوعِ نَظِيرَتِهَا مِنْ الْأُفُقِ الشَّرْقِيِّ، فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَفِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ إضَافَةَ الْمَطَرِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، إنَّمَا هِيَ لِلطَّالِعَةِ، وَإِنَّمَا نُسِبَ لِلْغَارِبَةِ نَظَرًا لِاسْمِ النَّوْءِ الَّذِي هُوَ السُّقُوطُ. قَوْلُهُ: (كَفَرَ) أَيْ حَقِيقَةً كَمَا فِي الْحَدِيثِ، لِأَنَّ فِيهِ اعْتِقَادَ التَّأْثِيرِ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ. قَوْلُهُ: (أَثَرِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَبِفَتْحِهِمَا. قَوْلُهُ: (لِإِيهَامِهِ الْأَوَّلَ) أَيْ إنَّهُ فَاعِلٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْفَاعِلَ مَحْذُوفٌ، وَنَائِبَهُ ضَمِيرُهُ مُطِرْنَا وَبِنَوْءِ ظَرْفُ لَغْوٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لِإِيهَامِ السَّبَبِيَّةِ الْقَرِيبَةِ مِنْ الْفَاعِلِيَّةِ . قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ سَبُّ الرِّيحِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَيُطْلَبُ الدُّعَاءُ عِنْدَهَا لِمَا وَرَدَ، أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: عِنْدَ هُبُوبِهَا. اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا إلَخْ. قَوْلُهُ: (أَيْ مِنْ رَحْمَتِهِ) أَيْ فِي الْوَاقِعِ وَنِسْبَةُ الْعَذَابِ إلَيْهَا، فِي الظَّاهِرِ لَا يُنَافِيهِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ مَجْمُوعُهَا. قَوْلُهُ (بِكَثْرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْكَافِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقُولُوا) أَيْ نَدْبًا لِأَنَّ الدُّعَاءَ بِرَفْعِ الضَّرَرِ   [حاشية عميرة] التَّخْصِيصِ، بَلْ ظَاهِرُ الثَّانِي الْعُمُومُ. قَوْلُهُ: (لِمُقَارَنَتِهِ الرَّعْدَ الْمَسْمُوعَ) يَعْنِي ذُكِرَ لِأَجْلِ الْمُقَارَنَةِ لَا لِأَنَّهُ يُشْرَعُ لِأَجْلِهِ تَسْبِيحٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَيِّبًا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مِنْ صَابَ يَصُوبُ إذَا نَزَلَ مِنْ عُلُوٍّ إلَى أَسْفَلَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ «اللَّهُمَّ سَيْبًا» وَهُوَ الْعَطَاءُ. قَوْلُهُ: (كَافِرٌ بِي) أَيْ حَقِيقَةً إنْ اعْتَقَدَ التَّأْثِيرَ أَوْ كَافِرٌ بِنِعَمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إنْ لَمْ يَعْتَقِدْ التَّأْثِيرَ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسَبُّ الرِّيحِ) فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا عَصَفَتْ الرِّيحُ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا شُكِيَ إلَيْهِ ذَلِكَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا» ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَيْ اجْعَلْ الْمَطَرَ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالْمَرَاعِي لَا فِي الْأَبْنِيَةِ وَنَحْوِهَا. (وَلَا يُصَلَّى لِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعَدَمِ وُرُودِ الصَّلَاةِ لَهُ. بَابٌ بِالتَّنْوِينِ (إنْ تَرَكَ) الْمُكَلَّفُ. (الصَّلَاةَ) الْمَعْهُودَةَ الصَّادِقَةَ بِإِحْدَى الْخَمْسِ. (جَاحِدًا وُجُوبَهَا) بِأَنْ أَنْكَرَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ. (كَفَرَ) لِإِنْكَارِهِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ بِخِلَافِ مَنْ أَنْكَرَهُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ لِجَوَازِ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فَلَمْ يَعْلَمْهُ (أَوْ) تَرَكَهَا (كَسَلًا قُتِلَ حَدًّا) لَا كُفْرًا، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ» الْحَدِيثَ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ فَلَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ، «وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ كَافِرٌ» . (وَالصَّحِيحُ قَتْلُهُ بِصَلَاةٍ فَقَطْ) لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ (بِشَرْطِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ) فِيمَا لَهَا وَقْتُ ضَرُورَةٍ بِأَنْ تُجْمَعَ مَعَ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِهَا فَلَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الظُّهْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا بِتَرْكِ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، وَيُقْتَلُ فِي الصُّبْحِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي الْعَصْرِ بِغُرُوبِهَا، وَفِي الْعِشَاءِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ: فَيُطَالَبُ بِأَدَائِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا وَيُتَوَعَّدُ بِالْقَتْلِ إنْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْوَقْتِ فَإِنْ أَصَرَّ   [حاشية قليوبي] مَطْلُوبٌ، وَلَيْسَ مُنَافِيًا لِلتَّوَكُّلِ وَالتَّفْوِيضِ لِلَّهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُصَلَّى لِذَلِكَ) أَيْ الصَّلَاةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بَلْ يُصَلَّى لَهُ فُرَادَى كَمَا مَرَّ فِي الزَّلَازِلِ، وَالرِّيَاحِ. بَابٌ هُوَ أَنْسَبُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْفَصْلِ، لِأَنَّهُ فِي الْفَرْضِ، وَلِأَنَّهُ تَرْكٌ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَعْبِيرِهِ بِالْبَابِ قَبْلَهُ، وَقُدِّمَ عَلَى الْجَنَائِزِ تَبَعًا لِلْمُزَنِيِّ وَالْجُمْهُورِ، لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِصَلَاةٍ فِي الْحَيَاةِ فَهُوَ أَنْسَبُ مِنْ ذِكْرِ الْوَجِيزِ، وَالشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ لَهُ بَعْدَهَا وَمِنْ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ لَهُ أَوَائِلَ الصَّلَاةِ، وَدُفِعَ بِذِكْرِ التَّنْوِينِ تَوَهُّمُ الْإِضَافَةِ لِفَسَادِهَا، إلَّا أَنْ يُرَادَ الْإِضَافَةُ لِلْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (الصَّلَاةَ) خَرَجَ غَيْرُهَا فَالزَّكَاةُ وَالْحَجُّ يُقَاتَلُ عَلَيْهِمَا، وَالصَّوْمُ يُحْبَسُ وَيُمْنَعُ الْأَكْلَ حَتَّى يَصُومَ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (الْخَمْسِ) خَرَجَ بِهَا النَّافِلَةُ وَالْمَنْذُورَةُ وَلَوْ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ أَنْكَرَهُ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْجَحْدِ لُغَةً وَجَحْدُ رُكْنٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ أَوْ شَرْطٍ كَذَلِكَ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ التَّرْكِ وَالْجَحْدِ، عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ لَازِمٌ لِلثَّانِي. قَوْلُهُ: (كَسَلًا) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوْ تَهَاوُنًا. قَوْلُهُ: (فِيمَا لَهَا إلَخْ) أَفَادَ بِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ، وَقْتُ الْعُذْرِ، لِأَنَّ وَقْتَ الضَّرُورَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ. قَوْلُهُ: (فَيُطَالَبُ) أَيْ يُطَالِبُهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فِي ذَلِكَ فَلَا عِبْرَةَ بِطَلَبِ غَيْرِهِمَا، وَالتَّوَعُّدُ بِالْقَتْلِ، إنْ لَمْ يَفْعَلْ كَالْأَمْرِ وَلَا يَحْتَاجُ لِجَمْعِهِمَا خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا) مُتَعَلِّقٌ -   [حاشية عميرة] شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ» [بَابٌ تَرَكَ الْمُكَلَّفُ الصَّلَاةَ الْمَعْهُودَةَ الصَّادِقَةَ بِإِحْدَى الْخَمْسِ جَاحِدًا وُجُوبَهَا] قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَابٌ) عَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِفَصْلٍ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا، ثُمَّ خَطَّ عَلَيْهِ وَعَبَّرَ الْبَابَ، وَقُدِّمَ عَلَى الْجَنَائِزِ تَبَعًا لِلْمُزَنِيِّ وَالْجُمْهُورِ، وَفِيهِ مُنَاسَبَةٌ وَذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ بَعْدَهَا، وَتَبِعَهُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ أَنْكَرَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ) يَخْرُجُ بِهِ نَحْوُ قَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ كَمَا سَيَأْتِي، وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أُمُورِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ، الْمَعْلُومَةِ بِالضَّرُورَةِ، وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّ عَلَى عِبَارَةِ الْمَتْنِ مُؤَاخَذَةً، مِنْ حَيْثُ إنَّ الْجَحْدَ كَافٍ فِي الْكُفْرِ، وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ التَّرْكُ، ثُمَّ عِبَارَةُ الشَّيْخِ تَشْمَلُ جَحْدَ الْجُمُعَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَنَا قَوْلًا بِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَالْحَنَفِيُّ يُخَالِفُ فِي وُجُوبِهَا عَلَى أَهْلِ الْقُرَى. قَوْلُهُ: (لِإِنْكَارِهِ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ تَكْذِيبًا لِلشَّارِعِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُنَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ خُرُوجُ الْوَقْتِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَضِيقُهُ بِحَيْثُ يَبْقَى مَا لَا يَسَعُ الْفِعْلَ، وَضِيقُهُ عَنْ رَكْعَةٍ، وَقَدْ قِيلَ بِكُلٍّ وَإِلَّا وُجِّهَ عَلَى مَا أَوْضَحْته فِي الْمُهِمَّاتِ اعْتِبَارُ الرَّكْعَةِ. وَقَوْلُهُ: (إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا) هَذَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، وَأَمَّا فِيهَا فَيُطَالَبُ عِنْدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 وَأَخْرَجَ اسْتَوْجَبَ الْقَتْلَ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَوْجَهُ إنَّمَا يُقْتَلُ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ، وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُ الرَّابِعَةِ، وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا إذَا تَرَكَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ، وَامْتَنَعَ عَنْ الْقَضَاءِ إذَا تَرَكَ قَدْرًا يَظْهَرُ بِهِ لَنَا اعْتِيَادُهُ لِلتَّرْكِ. (وَيُسْتَتَابُ) عَلَى الْكُلِّ قَبْلَ الْقَتْلِ وَتَكْفِي الِاسْتِتَابَةُ فِي الْحَالِ، وَفِي قَوْلٍ: يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَهُمَا فِي الِاسْتِحْبَابِ، وَقِيلَ فِي الْوُجُوبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الِاسْتِتَابَةَ فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ مُسْتَحَبَّةٌ، وَقِيلَ وَاجِبَةٌ. (ثُمَّ يُضْرَبُ عُنُقُهُ) بِالسَّيْفِ إنْ لَمْ يَتُبْ (وَقِيلَ: يُنْخَسُ بِحَدِيدَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ) وَقِيلَ: يُضْرَبُ بِالْخَشَبِ حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ (وَيُغَسَّلُ) وَيُكَفَّنُ (وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ) وَقِيلَ: لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُكَفَّنُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَإِذَا دُفِنَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ طُمِسَ قَبْرُهُ حَتَّى يُنْسَى وَلَا يُذْكَرَ (تَتِمَّةٌ) تَارِكُ الْجُمُعَةِ يُقْتَلُ، فَإِنْ قَالَ أُصَلِّيهَا ظُهْرًا، فَقَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا يُقْتَلُ، وَأَقَرَّهُ الرَّافِعِيُّ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَزَادَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّاشِيِّ أَنَّهُ يُقْتَلُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَهُوَ الْقَوِيُّ.   [حاشية قليوبي] بِأَدَائِهَا فَتَكْفِي الْمُطَالَبَةُ، وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، إلَى أَنْ يَبْقَى بَعْدَ الْأَمْرِ، مَا يَسَعُهَا بِطُهْرِهَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَصَرَّ) أَيْ لَمْ يَفْعَلْ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَخَرَجَ بِالتَّوَعُّدِ الْمَذْكُورِ مَا تَرَكَهُ قَبْلَهُ، وَلَوْ غَالِبَ عُمُرِهِ فَلَا قَتْلَ بِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَالِاسْتِحْبَابِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِي الْوُجُوبِ) أَيْ كَالْمُرْتَدِّ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُرْتَدَّ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ، فَوَجَبَ إنْقَاذُهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُضْرَبُ عُنُقُهُ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فِي ذَلِكَ، لَا غَيْرِهِمَا وَلَوْ مِنْ أَهْلِ السَّطْوَةِ فَإِنْ قَتَلَهُ غَيْرُهُمَا، بَعْدَ الْأَمْرِ، وَلَوْ قَبْلَ خُرُوجٍ لِوَقْتٍ، وَلَيْسَ مِثْلُهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ إلَّا أَنْ قَتَلَهُ فِي حَالَةِ جُنُونِهِ أَوْ سُكْرِهِ . قَوْلُهُ: (تَارِكُ الْجُمُعَةِ يُقْتَلُ) أَيْ إنْ تَرَكَهَا فِي مَحَلٍّ مُجْمَعٍ عَلَى وُجُوبِهَا فِيهِ، كَالْأَمْصَارِ لَا الْقُرَى لِعَدَمِ وُجُوبِهَا فِيهَا، عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا لَا يُقْتَلُ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ لِذَلِكَ، وَلَا يُقْتَلُ بِهَا حَتَّى يَبْقَى مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ، مَا لَا يَسَعُ خُطْبَتَيْهَا وَرَكْعَتَيْهَا لَا قَبْلَهُ، وَإِنْ أَيِسَ مِنْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ إدْرَاكُهَا فِي غَيْرِ بَلَدِهِ، لَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يُقْتَلُ) مَا لَمْ يَتُبْ بِأَنْ يُصَلِّيَ بِالْفِعْلِ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ أُصَلِّي، فَإِنْ قَالَ: صَلَّيْت أَوْ تَرَكْتهَا لِعُذْرٍ، كَعَدَمِ الْمَاءِ صُدِّقَ، فَلَا يُقْتَلُ. وَإِنْ ظَنَّ كَذِبَهُ لَكِنْ يُؤْمَرُ، بِأَنْ يُصَلِّيَ وُجُوبًا فِي الْعُذْرِ الْبَاطِلِ، وَنَدْبًا فِي غَيْرِهِ. (تَتِمَّةٌ) قَالَ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: مَنْ ادَّعَى أَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى حَالَةً، أَسْقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةَ أَوْ أَبَاحَتْ لَهُ الْخَمْرَ، أَوْ أَكْلَ مَالَ النَّاسِ، كَزَعْمِ بَعْضِ الْمُتَصَوِّفَةِ، فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ قَتْلِهِ بَلْ قَتْلُ مِثْلِهِ، أَفْضَلُ مِنْ قَتْلِ مِائَةِ كَافِرٍ، لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَكْثَرُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. -   [حاشية عميرة] ضِيقِ الْوَقْتِ، عَنْ فِعْلِهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَصَرَّ وَأَخْرَجَ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى التَّوَعُّدُ الْمَذْكُورُ، فَلَا قَتْلَ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ التَّوَعُّدُ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ، حَتَّى لَوْ تَرَكَ التَّوَعُّدَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ مَثَلًا، ثُمَّ تَوَعَّدَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ عَلَى الظُّهْرِ، فَلَا قَتْلَ. قَوْلُهُ: (أَوْجُهٌ) وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْوَاحِدَةَ يُحْتَمَلُ تَرْكُهَا لِشُبْهَةِ الْجَمْعِ، وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الثَّلَاثَ أَقَلُّ الْجَمْعِ، فَيُغْتَفَرُ لِاحْتِمَالِ عُذْرٍ وَوَجْهُ الثَّالِثِ، احْتِمَالُ أَنْ يَسْتَنِدَ إلَى تَأْوِيلٍ مِنْ «تَرْكِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ، أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ» قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. قَوْلُهُ: (إذَا ضَاقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ إلَخْ) اُنْظُرْ عَلَى هَذَا إذَا تَرَكَ الصُّبْحَ مَثَلًا، فَهَلْ نَقُولُ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَخْرُجَ الظُّهْرُ عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ، أَوْ لَا يُعْتَبَرُ هُنَا وَقْتُ الضَّرُورَةِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ الْفِعْلُ فِي كُلٍّ مِنْ الْفَرْضَيْنِ عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِهِ، أَمْ يَخْتَصُّ بِالثَّانِي. قَوْلُهُ: (مِنْ أَدَائِهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ الثَّانِيَةِ . قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَتُبْ) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْحَدَّ هُنَا شَرْطُهُ دَوَامُ الِامْتِنَاعِ. (فَرْعٌ) تَارِكُ الْجُمُعَةِ لَا يَسْقُطُ قَتْلُهُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ، لِأَنَّ فِعْلَ الظُّهْرِ لَيْسَ قَضَاءً لَهَا بِخِلَافِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، فَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِالْقَضَاءِ. ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّوْبَةَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ لَا تَتَحَقَّقُ، إلَّا بِفِعْلِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا فِي الْجُمُعَةِ فَتُحَقَّقُ بِالتَّوْبَةِ فَقَطْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ يَمُوتَ) أَيْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَمْلُهُ عَلَى الصَّلَاةِ لَا قَتْلُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُغَسَّلُ إلَخْ) أَيْ كَسَائِرِ أَرْبَابِ الْكَبَائِرِ، بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْحَدَّ يُسْقِطُ الْعُقُوبَةَ الْأُخْرَوِيَّةَ، كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 كِتَابُ الْجَنَائِزِ بِالْفَتْحِ جَمْعُ جِنَازَةٍ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ، مِنْ جَنَزَهُ أَيْ سَتَرَهُ، وَذُكِرَ هُنَا دُونَ الْفَرَائِضِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الصَّلَاةِ. (لِيُكْثِرَ) كُلُّ مُكَلَّفٍ (ذِكْرَ الْمَوْتِ) اسْتِحْبَابًا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» يَعْنِي الْمَوْتَ، حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، زَادَ النَّسَائِيّ: «فَإِنَّهُ مَا يُذْكَرُ فِي كَثِيرٍ إلَّا قَلَّلَهُ وَلَا قَلِيلٍ إلَّا كَثَّرَهُ» أَيْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَمَلِ وَالدُّنْيَا، وَقَلِيلٍ مِنْ الْعَمَلِ. وَهَاذِمُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ قَاطِعُ. (وَيَسْتَعِدَّ) لَهُ (بِالتَّوْبَةِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) إلَى أَهْلِهَا بِأَنْ يُبَادِرَ إلَيْهِمَا فَلَا يَخَافُ مِنْ فَجْأَةِ الْمَوْتِ الْمُفَوِّتِ لَهُمَا، وَصَرَّحَ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّوْبَةِ لِئَلَّا يَغْفُلَ عَنْهُ. (وَالْمَرِيضُ آكَدُ) بِمَا ذُكِرَ أَيْ أَشَدُّ طَلَبًا بِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَيُضْجَعُ الْمُحْتَضَرُ) أَيْ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ (لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ لِضِيقِ مَكَان وَنَحْوِهِ) كَعِلَّةٍ بِجَنْبِهِ (أُلْقِيَ عَلَى قَفَاهُ وَوَجْهُهُ وَأَخْمَصَاهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (لِلْقِبْلَةِ) بِأَنْ يُرْفَعَ رَأْسُهُ قَلِيلًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ الْإِلْقَاءُ الْمَذْكُورُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ. وَوَسَّطَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِضْجَاعِ عَلَى الْأَيْمَنِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ بِالْإِضْجَاعِ عَلَى الْأَيْسَرِ إلَى الْقِبْلَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا قِيلَ بِالْإِلْقَاءِ عَلَى الْقَفَا أَوَّلًا فَتَعَذَّرَ   [حاشية قليوبي] [كِتَابُ الْجَنَائِزِ] الْمُشْتَمِلُ عَلَى بَعْضِ إفْرَادِ الصَّلَوَاتِ، الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الصَّلَاةُ عَلَى الْمَقْتُولِ بِتَرْكِهَا. قَوْلُهُ: (اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ) وَقِيلَ بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِذَلِكَ، وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلنَّعْشِ، وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ نِيَّةُ الْمُصَلِّي إذَا قَالَ: أُصَلِّي عَلَى هَذِهِ الْجِنَازَةِ، فَعَلَى كَوْنِهَا اسْمًا لِلنَّعْشِ، لَا تَصِحُّ النِّيَّةُ مُطْلَقًا، وَعَلَى كَوْنِهَا اسْمًا لَهُ فِي النَّعْشِ، لَا تَصِحُّ عَلَى مَيِّتٍ بِلَا نَعْشٍ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ، وَقَدْ هَجَرَ فَالنِّيَّةُ صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لِيُكْثِرَ نَدْبًا ذِكْرَ الْمَوْتِ) أَيْ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ بِاسْتِحْضَارِهِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ قَاطِعٌ) لِقَطْعِهِ مُدَّةَ الْحَيَاةِ، وَبِالْمُهْمَلَةِ مُزِيلُ الشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ، كَهَدْمِ الْجِدَارِ وَالْمَوْتُ عَدَمُ الْحَيَاةِ، عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ، وَقِيلَ: عَرَضٌ يُضَادُّ الْحَيَاةَ، وَنُقِضَ بِشُمُولِهِ لِلْجَمَادِ، وَقَبْلَ مُفَارِقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ، وَنُقِضَ بِإِخْرَاجِهِ لِلْجَنِينِ، قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، وَالرُّوحُ جِسْمٌ لَطِيفٌ سَارٍ فِي الْبَدَنِ، كَسَرَيَانِ الْمَاءِ فِي الْعُودِ الْأَخْضَرِ، وَقِيلَ كَسَرَيَانِ النَّارِ فِي الْفَحْمِ، وَقِيلَ الدَّمُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيَسْتَعِدَّ) أَيْ وُجُوبًا بِالتَّوْبَةِ وَلَوْ مِنْ صَغِيرَةٍ، وَإِنْ أَتَى بِمُكَفِّرٍ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ، وَتَوْبَةُ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ مَجَازٌ. قَوْلُهُ: (وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) أَيْ الْخُرُوجِ مِنْهَا فِي الْمَالِ، وَالْعِرْضِ وَالنَّفْسِ، وَمَنْ عَجَزَ عَنْهَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَزْمُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا، إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرِيضُ آكَدُ) وَيُكْرَهُ لَهُ الْجَزَعُ وَالتَّضَجُّرُ مُطْلَقًا، وَالشَّكْوَى إلَّا لِنَحْوِ طَبِيبٍ وَصَدِيقٍ، وَلَا يُكْرَهُ لَهُ الْأَنِينُ، -   [حاشية عميرة] [تَتِمَّةٌ تَارِكُ الْجُمُعَةِ] كِتَابُ الْجَنَائِزِ قَوْلُهُ: (اسْتِحْبَابًا) وَأَمَّا الْمَعْطُوفُ الْآتِي فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ عَلَى عِبَارَةِ الْمَتْنِ نَوْعُ مُؤَاخَذَةٍ. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ) وَقَالَ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ نَقْلًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ مَعْنَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَشَرْطِ مُسْلِمٍ أَنَّهُمَا لَا يُخَرِّجَانِ، لَا الْحَدِيثَ الْمُجْمَعَ عَلَى ثِقَةِ نَقْلَتِهِ إلَى الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ. قَوْلُهُ: (أَيْ قَاطِعٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَأَمَّا بِالْإِهْمَالِ فَهُوَ الْمُزِيلُ لِلشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ وَرَدُّ الْمَظَالِمِ، أَوْلَى مِنْهُ أَنْ يَقُولَ وَالْخُرُوجَ مِنْ الْمَظَالِمِ، لِيَشْمَلَ إبْرَاءَ صَاحِبِهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ) أَيْ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى حَتَّى إذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ إلَخْ) أَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 يُضْجَعُ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ. وَالْأَخْمَصَانِ هُمَا أَسْفَلُ الرِّجْلَيْنِ، وَحَقِيقَتُهُمَا الْمُنْخَفِضُ مِنْ أَسْفَلِهِمَا، قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ. (وَيُلَقَّنُ الشَّهَادَةَ) أَيْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: الْمُرَادُ ذَكِّرُوا مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِمَا يَصِيرُ إلَيْهِ. (بِلَا إلْحَاحٍ) لِئَلَّا يَضْجَرَ، وَلَا يُقَالُ لَهُ: قُلْ، بَلْ يَتَشَهَّدُ عِنْدَهُ، وَلْيَكُنْ غَيْرَ وَارِثٍ لِئَلَّا يَتَّهِمَهُ بِالِاسْتِعْجَالِ لِلْإِرْثِ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ غَيْرُ الْوَرَثَةِ لَقَّنَهُ أَشْفَقُهُمْ عَلَيْهِ. وَإِذَا قَالَهَا مَرَّةً لَا تُعَادُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهَا. وَنُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُلَقَّنُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَيْضًا. قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ. (وَيُقْرَأُ عِنْدَهُ {يس} [يس: 1] قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ {يس} [يس: 1] » رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ: الْمُرَادُ بِهِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ. (وَلْيُحْسِنْ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ: «لَا يَمُوتَن أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى» أَيْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَرْحَمُهُ وَيَعْفُو عَنْهُ. وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ عِنْدَهُ تَحْسِينُ ظَنِّهِ وَتَطْمِيعُهُ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى. (فَإِذَا مَاتَ غُمِّضَ) وَإِلَّا لَبَقِيَتْ عَيْنَاهُ مَفْتُوحَتَيْنِ وَقَبُحَ مَنْظَرُهُ. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دَخَلَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَخَصَ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ: إنَّ الرُّوحَ إذَا   [حاشية قليوبي] وَاشْتِغَالُهُ بِذِكْرٍ أَوْ قُرْآنٍ أَوْلَى مِنْهُ، وَيُنْدَبُ لَهُ تَعَهُّدُ نَفْسِهِ بِتِلَاوَةٍ وَذِكْرٍ وَحِكَايَةِ الصَّالِحِينَ، وَوَصِيَّةِ أَهْلِهِ بِالصَّبْرِ وِتْرِك نَحْوِ نَوْحٍ وَنَدْبٍ وَغَيْرِهِمَا، وَتَحْسِينُ خَلْقِهِ، وَاسْتِرْضَاءُ مَنْ لَهُ بِهِ عَلَاقَةٌ مِنْ خِدْمَةٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ، وَتَرْكُ الْمُنَازَعَةِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا، وَتُنْدَبُ عِيَادَتُهُ، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ رَمَدٍ، وَإِنَّ لَمْ يَعْرِفْهُ وَلَوْ كَافِرًا رُجِيَ إسْلَامُهُ، أَوْ لَهُ قَرَابَةٌ أَوْ جِوَارٌ، إلَّا جَازَتْ وَتُكْرَهُ لِنَحْوِ مُبْتَدِعٍ، وَتُكْرَهُ إطَالَتُهَا وَتَكْرَارُهَا، إلَّا لِتَأَنُّسٍ وَنَحْوِهِ كَتَبَرُّكٍ، وَيُنْدَبُ أَمْرُهُ بِالصَّبْرِ وَوَعْدُهُ بِالْأَجْرِ، وَالدُّعَاءُ لَهُ بِالشِّفَاءِ، وَمِنْهُ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، أَنْ يَشْفِيَك بِشِفَائِهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَأَنْ يُرَغِّبُهُ عَائِدُهُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَالتَّوْبَةِ وَأَنْ يَطْلُبَ الدُّعَاءَ مِنْهُ، وَأَنْ يُوصِيَ خَادِمَهُ بِالرِّفْقِ بِهِ، وَالصَّبْرِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَيُضْجَعُ) أَيْ نَدْبًا بَعْدَ التَّلْقِينِ الْآتِي، إنْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا فُعِلَا مَعًا. قَوْلُهُ: (وَيُلَقَّنُ) نَدْبًا وَلَوْ صَبِيًّا هُنَا لَا بَعْدَ الدَّفْنِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) وَلَا يُنْدَبُ الرَّفِيقُ الْأَعْلَى، كَمَا وَقَعَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (وَلَا يُقَالُ لَهُ قُلْ) وَلَا اشْهَدْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ كَوْنُهَا آخِرَ كَلَامِهِ، لِيَفُوزَ بِهَا مَعَ السَّابِقِينَ، أَوْ بِعَدَمِ الْحِسَابِ أَوْ بِتَقَدُّمِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَقُلْ مِثْلَهُ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْحَدِيثُ. نَعَمْ يَجِبُ تَلْقِينُ الشَّهَادَتَيْنِ، لِكَافِرٍ رُجِيَ إسْلَامُهُ، وَيُقَالُ لَهُ قُلْ. قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَتَّهِمَهُ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إرْثٌ، وَيَنْبَغِي تَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِالتُّهْمَةِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ. قَوْلُهُ: (أَشْفَقُهُمْ) إنْ وُجِدَ وَإِلَّا تَرَكَهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهَا) وَلَوْ بِأُخْرَوِيٍّ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَا يَقْرَأُ عَلَيْهِ) أَيْ عَادَةً بَلْ يَقْرَأُ عِنْدَهُ، وَلَا مَانِعَ مِنْ الْأَوَّلِ كَالسَّلَامِ عَلَيْهِ، وَيُنْدَبُ قِرَاءَةُ سُورَةِ الرَّعْدِ عِنْدَهُ أَيْضًا، لِتَسْهِيلِهَا خُرُوجَ الرُّوحِ، وَلِمَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ، أَنَّهُ يَمُوتُ رَيَّانًا، وَيَدْخُلُ قَبْرَهُ رَيَّانًا وَيَخْرُجُ مِنْهُ رَيَّانًا، وَيُنْدَبُ أَنْ يُجَرَّعَ مَاءً، خُصُوصًا لِمَنْ ظَهَرَ مِنْهُ أَمَارَةُ طَلَبِهِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِيهِ بِمَاءٍ، وَيَقُولُ لَهُ: قُلْ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا حَتَّى أَسْقِيَك. قَوْلُهُ: (بِثَلَاثٍ) أَيْ مِنْ الْأَيَّامِ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ عِنْدَهُ) أَيْ لِلْحَاضِرِينَ عِنْدَ الْمَرِيضِ مِنْ النَّاسِ. (فَائِدَةٌ) قَدْ دَلَّتْ الْأَحَادِيثُ عَلَى أَنَّ جِبْرِيلَ يَحْضُرُ مَوْتَ كُلِّ مُؤْمِنٍ، مَا لَمْ يَمُتْ جُنُبًا. قَوْلُهُ: (تَحْسِينُ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ) نَدْبًا، وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَى مَنْ رَأَى مِنْهُ يَأْسًا وَقُنُوطًا، وَالرَّجَاءُ لَهُ أَوْلَى كَالصَّحِيحِ إنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْيَأْسُ، وَإِلَّا فَالْخَوْفُ لَهُ أَوْلَى، وَإِنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْأَمْنُ، وَإِلَّا اسْتَوَيَا. نَعَمْ الْأَوْلَى لِلْمَرِيضِ تَقْدِيمُ الرَّجَاءِ وَعَكْسُهُ.   [حاشية عميرة] فَلَيْسَ الْخِلَافُ رَاجِعًا لِلِاسْتِقْبَالِ أَيْضًا، كَمَا يُوهِمُهُ الْمَتْنُ. قَوْلُهُ: (وَحَقِيقَتُهُمَا) أَيْ وَهَذِهِ الْحَقِيقَةُ لَيْسَتْ مُرَادَةً هُنَا . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُلَقَّنُ الشَّهَادَةَ إلَخْ) قِيلَ عُمُومُ الْكَلَامِ يَشْمَلُ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ، لَكِنْ قِيَاسُ عَدَمِ تَلْقِينِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عَدَمُهُ هُنَا، وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ هُنَا لِلْمَصْلَحَةِ فَيُفْعَلُ، وَهُنَاكَ لِلْفِتْنَةِ وَهُوَ لَا يُفْتَنُ، بَلْ بَحَثَ وُجُوبُهُ عَلَى الْوَلِيِّ كَتَعْلِيمِ الشَّرَائِعِ. قَوْلُهُ: (وَلْيَكُنْ غَيْرَ وَارِثٍ) لَوْ كَانَ فَقِيرًا لَا شَيْءَ لَهُ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْوَارِثَ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهَا) لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنْ يَكُونَ آخَرُ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ: لَا يُعِيدُهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِكَلَامِ الدُّنْيَا أَيْ بِخِلَافِ التَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ اهـ. وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ نَظَرًا لِلْغَرَضِ السَّابِقِ، وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، دَخَلَ الْجَنَّةَ» بَحَثَ فِي الْخَادِمِ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ أَعَمَّ مِنْ اللَّفْظِيِّ وَالنَّفْسَانِيِّ، وَأَنَّهُ لَوْ نَطَقَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّوْحِيدِ يَكْفِي، كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى» . قَوْلُهُ: (لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ) وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، أَنْ يُلَقِّنَهُ الشَّهَادَتَيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ يَقْتَصِرَ بَعْدَ ذَلِكَ، عَلَى لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. قَوْلُهُ: (رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ إلَخْ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، ثُمَّ قَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ» قَالَ الْمُصَنِّفُ: نَاظِرٌ أَيْنَ تَذْهَبُ، وَقُبِضَ خَرَجَ مِنْ الْجَسَدِ، وَشَخَصَ بَصَرُهُ بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّ الرَّاءِ شَخَصَ، أَيْ بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْخَاءِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَيُسْتَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ حَالَ إغْمَاضِهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَشُدَّ لَحْيَاهُ بِعِصَابَةٍ) عَرِيضَةٍ تُرْبَطُ فَوْقَ رَأْسِهِ لِئَلَّا يَبْقَى فَمُهُ مُنْفَتِحًا فَتَدْخُلَهُ الْهَوَامُّ. (وَلُيِّنَتْ مَفَاصِلُهُ) فَيُرَدُّ سَاعِدُهُ إلَى عَضُدِهِ وَسَاقُهُ إلَى فَخْذِهِ وَفَخِذُهُ إلَى بَطْنِهِ، ثُمَّ يَمُدُّهَا وَيُلَيَّنُ أَصَابِعُهُ أَيْضًا وَذَلِكَ لِيُسْهِلَ غُسْلُهُ فَإِنَّ فِي الْبَدَنِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الرُّوحِ بَقِيَّةَ حَرَارَةٍ إذَا لُيِّنَتْ الْمَفَاصِلُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَانَتْ، وَإِلَّا لَمْ يُمْكِنْ تَلْيِينُهَا بَعْدَ ذَلِكَ. (وَسُتِرَ جَمِيعُ بَدَنِهِ بِثَوْبٍ خَفِيفٍ) بَعْدَ نَزْعِ ثِيَابِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَيُجْعَلُ طَرَفُ الثَّوْبِ تَحْتَ رَأْسِهِ وَطَرَفُهُ الْآخَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ، وَاحْتَرَزَ بِالْخَفِيفِ عَنْ الثَّقِيلِ فَإِنَّهُ يَحْمِيهِ فَيُغَيِّرُهُ. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «سُجِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ مَاتَ بِثَوْبِ حِبَرَةٍ» ، هُوَ بِالْإِضَافَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ. وَسُجِّيَ: غُطِّيَ جَمِيعُ بَدَنِهِ. (وَوُضِعَ عَلَى بَطْنِهِ شَيْءٌ ثَقِيلٌ) كَمِرْآةٍ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَدِيدٌ فَطِينٌ رَطْبٌ، وَيُصَانُ الْمُصْحَفُ عَنْهُ. (وَوُضِعَ عَلَى سَرِيرٍ وَنَحْوِهِ) لِئَلَّا يُصِيبَهُ نَدَاوَةُ الْأَرْضِ فَتُغَيِّرَهُ. (وَنُزِعَتْ) عَنْهُ (ثِيَابُهُ) الَّتِي مَاتَ فِيهَا بِحَيْثُ لَا يُرَى بَدَنُهُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَإِنَّهَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادَ فِيمَا حُكِيَ. (وَوُجِّهَ لِلْقِبْلَةِ كَمُحْتَضَرٍ) وَقَدْ تَقَدَّمَ كَيْفِيَّةُ تَوْجِيهِهِ (وَيَتَوَلَّى ذَلِكَ) جَمِيعَهُ (أَرْفَقُ مَحَارِمِهِ) بِهِ بِأَسْهَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَتَوَلَّاهُ الرِّجَالُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ مِنْ النِّسَاءِ، فَإِنْ تَوَلَّاهُ الرِّجَالُ مِنْ نِسَاءِ الْمَحَارِمِ، أَوْ النِّسَاءُ مِنْ رِجَالِ الْمَحَارِمِ جَازَ. (وَيُبَادَرُ) بِفَتْحِ الدَّالِ (بِغُسْلِهِ إذَا تَيَقَّنَ مَوْتُهُ) بِظُهُورِ أَمَارَاتِهِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ كَأَنْ تَسْتَرْخِيَ قَدَمَاهُ فَلَا تَنْتَصِبَا أَوْ يَمِيلَ أَنْفُهُ أَوْ يَنْخَسِفَ صُدْغَاهُ، وَإِنْ شَكَّ فِي مَوْتِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِهِ عِلَّةٌ، وَاحْتُمِلَ عُرُوضُ سَكْتَةٍ أَوْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ فَزَعٍ أَوْ غَيْرِهِ أُخِّرَ إلَى الْيَقِينِ بِتَغَيُّرِ الرَّائِحَةِ أَوْ غَيْرِهِ. (وَغُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ فُرُوضُ كِفَايَةٍ) فِي حَقِّ الْمَيِّتِ   [حاشية قليوبي] (فَائِدَةٌ) الظَّنُّ أَقْسَامٌ وَاجِبٌ كَحُسْنِ الظَّنِّ بِاَللَّهِ، وَحَرَامٌ كَسُوءِ الظَّنِّ بِاَللَّهِ، وَبِالْمُسْلِمِ الظَّاهِرِ الْعَدَالَةِ، وَمُبَاحٌ كَمَنْ يُخَالِطُ الرَّيْبَ، وَيَتَجَاهَرُ بِالْخَبَائِثِ، وَمِنْ الْجَائِزِ ظَنُّ الشُّهُودِ وَتَقْوِيمُ الْأَمْوَالِ وَأَرْشُ الْجِنَايَاتِ. قَوْلُهُ: (نَاظِرٌ) وَلَوْ أَعْمَى وَبَقَاءُ النَّظَرِ بَعْدَ مُفَارِقَةِ الرُّوحِ، غَيْرُ بَعِيدٍ لِبَقَاءِ حَرَارَةِ الْبَدَنِ، خُصُوصًا فِي عُضْوٍ أَقْرَبَ إلَى مَحَلِّ خُرُوجِ الرُّوحِ، لِأَنَّهَا تَدْخُلُ وَتَخْرُجُ مِنْ الْيَافُوخِ، وَالْعَيْنُ آخِرُ شَيْءٍ، تُنْزَعُ مِنْهُ الرُّوحُ وَأَوَّلُ شَيْءٍ تَحِلُّهُ الْحَيَاةُ، وَأَوَّلُ شَيْءٍ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ. قَوْلُهُ: (وَلُيِّنَتْ مَفَاصِلُهُ) وَلَوْ بِنَحْوِ دُهْنٍ تُوقَفُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُغَسَّلْ وَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ قَوْلُهُ: (جَمِيعِ بَدَنِهِ) إلَّا رَأْسَ الْمُحْرِمِ وَوَجْهَ الْمُحْرِمَةِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ نَزْعِ ثِيَابِهِ) وَلَوْ نَبِيًّا وَشَهِيدًا وَالْعِلَّةُ لِلْغَالِبِ، وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، بِمَا فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ، وَتُرَدُّ ثِيَابُ الشَّهِيدِ إلَيْهِ، كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلَى بَطْنِهِ) أَيْ فَوْقَ مَا سُتِرَ بِهِ بَدَنُهُ أَوْ تَحْتَهُ. قَوْلُهُ: (ثَقِيلٌ) نَحْوَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَأَكْثَرَ، وَكَوْنُهُ مِنْ الْحَدِيدِ أَوْلَى كَمَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (وَيُصَانُ الْمُصْحَفُ عَنْهُ) وُجُوبًا إنْ خِيفَ تَنَجُّسُهُ وَإِلَّا فَنَدْبًا، وَكُتُبُ الْعِلْمِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى سَرِيرٍ) وَإِنَّ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى أَرْضٍ وَالْعِلَّةُ لِلْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (وَنُزِعَتْ) أَيْ قَبْلَ سَتْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَوُجِّهَ لِلْقِبْلَةِ) فَيُشَدُّ مَا ثَقُلَ بِهِ بَطْنُهُ بِنَحْوِ خِرْقَةٍ. قَوْلُهُ: (وَيَتَوَلَّى ذَلِكَ جَمِيعَهُ) أَيْ التَّغْمِيضَ وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَوَلَّاهُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالزَّوْجُ كَالْمُحْرِمِ، وَيَجُوزُ مِنْ الْأَجَانِبِ مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ بِلَامِسٍ، وَاسْتَبْعَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَيُبَادَرُ) أَيْ وُجُوبًا إنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ بِالتَّأْخِيرِ وَإِلَّا فَنَدْبًا. قَوْلُهُ: (إذَا تَيَقَّنَ مَوْتَهُ) قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ رَاجِعٌ إلَى التَّغْمِيضِ وَمَا بَعْدَهُ، وَإِنْ خَالَفَهُ ظَاهِرُ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ تَسْتَرْخِيَ قَدَمَاهُ) وَيَنْخَلِعَ كَفَّاهُ، وَتَتَقَلَّصَ خُصْيَتَاهُ وَتَسْتَرْخِيَ جِلْدَتَاهُمَا قَوْلُهُ: (أُخِّرَ) أَيْ وُجُوبًا. قَوْلُهُ (فُرُوضُ كِفَايَةٍ) وَإِنْ تَكَرَّرَ مَوْتُهُ بَعْدَ حَيَاةٍ   [حاشية عميرة] اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْهُ لَهُ. قَوْلُهُ (إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ إلَخْ) . (فَائِدَةٌ) قِيلَ: إنَّ الْعَيْنَ آخِرُ شَيْءٍ تُنْزَعُ مِنْهُ الرُّوحُ وَأَوَّلُ شَيْءٍ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنُزِعَتْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ هَذَا عَلَى مَا سَلَفَ اهـ. أَقُولُ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى هَذَا فِيمَا سَلَفَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَغُسْلُهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَسْقُطُ بِفِعْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 الْمُسْلِمِ بِالْإِجْمَاعِ. أَمَّا الْكَافِرُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي فَرْعِ الْأَوْلِيَاءِ. (وَأَقَلُّ الْغُسْلِ تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) مَرَّةً (بَعْدَ إزَالَةِ النَّجَسِ) عَنْهُ إنْ كَانَ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَيْضًا فَلَا يَكْفِي لَهُمَا غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَيِّ أَنَّ الْغَسْلَةَ لَا تَكْفِيهِ عَنْ النَّجَسِ وَالْحَدَثِ، وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا تَكْفِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْغُسْلِ، وَكَأَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ هُنَاكَ. (وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ) أَيْ لَا تُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْغُسْلِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْقَصْدَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ النَّظَافَةُ، وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ. وَالثَّانِي يَجِبُ لِأَنَّهُ غُسْلٌ وَاجِبٌ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ فَيَنْوِي عِنْدَ إفَاضَةِ الْمَاءِ الْقَرَاحِ الْغُسْلَ الْوَاجِبَ أَوْ غُسْلَ الْمَيِّتِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (فَيَكْفِي) عَلَى الْأَصَحِّ (غَرَقُهُ) عَنْ الْغُسْلِ (أَوْ غُسْلُ كَافِرٍ) لَهُ (قُلْت:) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ وُجُوبُ غُسْلِ الْغَرِيقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنَّا إلَّا بِفِعْلِنَا. (وَالْأَكْمَلُ وَضْعُهُ بِمَوْضِعٍ خَالٍ) مِنْ النَّاسِ (مَسْتُورٍ) عَنْهُمْ لَا يَدْخُلُهُ إلَّا الْغَاسِلُ وَمَنْ يُعِينُهُ وَالْوَلِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَتِرُ عِنْدَ الِاغْتِسَالِ فَيَسْتَتِرُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَدْ يَكُونُ بِبَعْضِ بَدَنِهِ مَا يُكْرَهُ ظُهُورُهُ، وَقَدْ تَوَلَّى غُسْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يُنَاوِلُ الْمَاءَ، وَالْعَبَّاسُ وَاقِفٌ، ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ. (عَلَى لَوْحٍ) أَوْ سَرِيرٍ هِيَ لِذَلِكَ وَلِيَكُنْ مَوْضِعُ رَأْسِهِ أَعْلَى لِيَنْحَدِرَ الْمَاءُ عَنْهُ وَلَا يَقِفُ تَحْتَهُ. (وَيُغَسَّلُ فِي قَمِيصٍ) يُلْبَسُ عِنْدَ غُسْلِهِ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُ، وَقَدْ «غُسِّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَمِيصٍ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَلِيَكُنْ الْقَمِيصُ سَحِيقًا أَوْ بَالِيًا، وَيُدْخِلُ الْغَاسِلُ يَدَهُ فِي كُمِّهِ إنْ كَانَ وَاسِعًا يَغْسِلُهُ مِنْ تَحْتِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَتَقَ رُءُوسَ الدَّخَارِيصِ وَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي مَوْضِعِ الْفَتْقِ، فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ قَمِيصٌ أَوْ لَمْ يَتَأَتَّ غُسْلُهُ فِيهِ سُتِرَ مِنْهُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ نَظَرِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ. (بِمَاءٍ بَارِدٍ) لِأَنَّهُ يَشُدُّ الْبَدَنَ بِخِلَافِ الْمُسَخَّنِ فَإِنَّهُ يُرْخِيهِ إلَّا أَنْ يُحْتَاجَ إلَيْهِ لِوَسَخٍ   [حاشية قليوبي] حَقِيقَةٍ، وَيَحْرُمُ تَرْكُهَا عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ، وَغَيْرِ قَرِيبٍ، وَعَلَى جَارٍ قَصَّرَ فِي عِلْمِهِ بِعَدَمِ الْبَحْثِ عَنْهُ. (تَنْبِيهٌ) مَشْرُوعِيَّةُ الْغُسْلِ وَالْحَنُوطِ وَالسِّدْرِ وَالْكَافُورِ، وَكَوْنِ الثِّيَابِ وِتْرًا وَالْحَفْرِ وَالصَّلَاةِ، بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَلَا تَعَارُضَ، أَنَّ الْمَلَائِكَةَ غَسَّلَتْ آدَمَ، وَصَلَّتْ عَلَيْهِ وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ فِي الْقَبْرِ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ غَائِبًا النَّجَاشِيُّ. قَوْلُهُ: (بَدَنِهِ) وَمِنْهُ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ . قَوْلُهُ: (أَيْ لَا تُشْتَرَطُ) أَفَادَ أَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ، الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ الْبُطْلَانُ. قَوْلُهُ: (نِيَّةُ الْغَاسِلِ) وَلَا مَنْ يَمَّمَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّا) مَعَاشِرَ الْآدَمِيِّينَ، وَلَوْ غَيْرَ الْمُكَلَّفِينَ، وَمِنْهُمْ الْمَيِّتُ لَوْ غَسَّلَ نَفْسَهُ كَرَامَةً، وَالْجِنُّ كَالْآدَمِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الْمَلَائِكَةِ، وَالصَّلَاةُ كَالْغُسْلِ. نَعَمْ يَكْفِي تَكْفِينُ الْمَلَائِكَةِ، وَدَفْنُهُمْ لِوُجُودِ السِّتْرِ. قَوْلُهُ: (مَسْتُورٍ) وَتَحْتَ سَقْفٍ كَمَا فِي الْأُمِّ، وَيُنْدَبُ كَمَا فِي وَقْتِ مَوْتِهِ، أَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ فِي أَوَّلِ وَضْعِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُزَنِيّ عَنْ الْإِمَامِ، وَيُنْدَبُ التَّبْخِيرُ عِنْدَهُ، مِنْ وَقْتِ مَوْتِهِ، وَبَعْدَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا. قَوْلُهُ: (وَالْوَلِيُّ) أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ عَدَاوَةٌ، وَإِلَّا فَالْأَجْنَبِيُّ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَأُسَامَةُ يُنَاوِلُ الْمَاءَ) وَكَذَا شُقْرَانُ مَوْلَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُمْ خَمْسَةٌ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ، وَشُقْرَانُ وَأُسَامَةُ وَالْعَبَّاسُ، وَكَانَتْ أَعْيُنُهُمْ مَعْصُوبَةً، وَكَانَ مَوْتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحْوَةَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، وَدُفِنَ لَيْلَةَ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ، وَكَانَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَصَلُّوا عَلَيْهِ فُرَادَى خِلَافًا لِمَا فِي الْمَجْمُوعِ، لِأَنَّهُ الْإِمَامُ وَلَمْ يَكُنْ خَلِيفَةً بَعْدُ يُجْعَلُ إمَامًا وَجُمْلَةُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ سِتُّونَ أَلْفًا، وَمِنْ غَيْرِهِمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا، وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمُّهُ الْعَبَّاسُ، ثُمَّ بَنُو هَاشِمٍ ثُمَّ الْمُهَاجِرُونَ، ثُمَّ الْأَنْصَارُ ثُمَّ أَهْلُ الْقُرَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْمَلَائِكَةُ، ثُمَّ الرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ، وَمَاتَ عَنْ مِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، كُلُّهُمْ لَهُ صُحْبَةٌ، خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ، وَمَنْ قَالَ: إنَّهُمْ صَلُّوا عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ سَمَّى اللَّيْلَةَ يَوْمًا بِالتَّغْلِيبِ، أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِلَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ الَّتِي تَلِيهِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (سَرِيرٍ) وَيُنْدَبُ رَفْعُهُ إنْ خِيفَ الرَّشَّاشُ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ «غُسِّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَمِيصٍ» ) وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي تَجْرِيدِهِ، أَوْ   [حاشية عميرة] الْمُمَيِّزِ، مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ، كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى لَوْحٍ) رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غُسِّلَ عَلَى سَرِيرٍ، وَأَنَّهُ اسْتَمَرَّ إلَى أَنْ غُسِّلَ عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَحُمِلَ عَلَيْهِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَاءٍ بَارِدٍ) وَاسْتَحَبَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 أَوْ بَرْدٍ، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَكُونُ الْمَاءُ فِي إنَاءٍ كَبِيرٍ، وَيُبْعَدُ عَنْ الْمُغْتَسَلِ بِحَيْثُ لَا يُصِيبُهُ رَشَّاشُهُ. (وَيُجْلِسُهُ الْغَاسِلُ) بِرِفْقٍ. (عَلَى الْمُغْتَسَلِ مَائِلًا إلَى وَرَائِهِ، وَيَضَعُ يَمِينَهُ عَلَى كَتِفِهِ وَإِبْهَامَهُ فِي نُقْرَةِ قَفَاهُ) لِئَلَّا يَمِيلَ رَأْسُهُ (وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى وَيُمِرُّ يَسَارَهُ عَلَى بَطْنِهِ إمْرَارًا بَلِيغًا لِيَخْرُجَ مَا فِيهِ) مِنْ الْفَضَلَاتِ وَيَكُونُ عِنْدَهُ حِينَئِذٍ مِجْمَرَةٌ مُتَّقِدَةٌ فَائِحَةُ الطِّيبِ، وَالْمُعِينُ يَصُبُّ عَلَيْهِ مَاءً كَثِيرًا لِئَلَّا تَظْهَرَ رَائِحَةُ مَا يَخْرُجُ. (ثُمَّ يُضْجِعُهُ لِقَفَاهُ وَيَغْسِلُ بِيَسَارِهِ وَعَلَيْهَا خِرْقَةٌ) مَلْفُوفَةٌ بِهَا (سَوْأَتَيْهِ) أَيْ دُبُرَهُ وَقُبُلَهُ وَمَا حَوْلَهُ كَمَا يَسْتَنْجِي الْحَيُّ. وَفِي النِّهَايَةِ وَالْوَسِيطِ أَنَّهُ يَغْسِلُ كُلَّ سَوْأَةٍ بِخِرْقَةٍ، وَهُوَ أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ، لَكِنْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ الْأَوَّلُ، وَيَتَعَهَّدُ مَا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ قَذَرٍ وَنَحْوِهِ. (ثُمَّ) بَعْدَ إلْقَاءِ الْخِرْقَةِ وَغَسْلِ يَدِهِ بِمَاءٍ وَأُشْنَانٍ. (يَلُفُّ) خِرْقَةً (أُخْرَى) عَلَى الْيَدِ (وَيُدْخِلُ أُصْبُعَهُ فَمَهُ وَيُمِرُّهَا عَلَى أَسْنَانِهِ) بِشَيْءٍ مِنْ الْمَاءِ كَمَا يَسْتَاكُ الْحَيُّ وَلَا يَفْتَحُ فَاهُ. (وَيُزِيلُ مَا فِي مَنْخِرَيْهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ (مِنْ أَذًى) بِأُصْبُعِهِ مَعَ شَيْءٍ مِنْ الْمَاءِ. (وَيُوَضِّئُهُ كَالْحَيِّ) ثَلَاثًا ثَلَاثًا بِمَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ، وَقِيلَ: يُسْتَغْنَى عَنْهُمَا بِمَا تَقَدَّمَ، وَيُمِيلُ رَأْسَهُ فِيهِمَا لِئَلَّا يَصِلَ الْمَاءُ بَاطِنَهُ، وَلِخَوْفِ ذَلِكَ حَكَى الْإِمَامُ تَرَدُّدًا فِي أَنَّهُ يَكْفِي وُصُولُ الْمَاءِ مَقَادِيمَ الثَّغْرِ وَالْمَنْخِرَيْنِ، أَوْ يُوصَلُ الدَّاخِلَ، وَقَطَعَ بِأَنَّ أَسْنَانَهُ لَوْ كَانَتْ مُتَرَاصَّةً لَا تُفْتَحُ. (ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ ثُمَّ لِحْيَتَهُ بِسِدْرٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ خِطْمِيٍّ (وَيُسَرِّحُهُمَا) إنْ تَلَبَّدَ شَعْرُهُمَا (بِمُشْطٍ وَاسِعِ الْأَسْنَانِ بِرِفْقٍ) لِيَقِلَّ الِانْتِتَافُ (وَيَرُدُّ الْمُنْتَتَفَ إلَيْهِ) بِأَنْ يُوضَعَ فِي كَفَنِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ قُبَيْلَ بَابِ التَّكْفِينِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ (وَيَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ ثُمَّ الْأَيْسَرَ) الْمُقْبِلَيْنِ مِنْ عُنُقِهِ إلَى قَدَمِهِ (ثُمَّ يُحَرِّفُهُ) بِالتَّشْدِيدِ (إلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ مِمَّا يَلِي الْقَفَا وَالظَّهْرِ إلَى الْقَدَمِ، ثُمَّ يُحَرِّفُهُ إلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَيَغْسِلُ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ فَهَذِهِ) الْأَغْسَالُ الْمَذْكُورَةُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ -   [حاشية قليوبي] لَا فَغَشِيَهُمْ جَمِيعًا النُّعَاسُ، فَسَمِعُوا قَائِلًا يَقُولُ: لَا تُجَرِّدُوا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَرِيرُهُ الَّذِي غُسِّلَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَمَرَّ بَعْدَهُ مَوْجُودًا، إلَى أَنْ غُسِّلَ عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَحُمِلَ عَلَيْهِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (بِمَاءٍ بَارِدٍ) وَأَوْلَاهُ الْمِلْحُ وَيُقَدَّمُ غَيْرُ مَاءِ زَمْزَمَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فِي إنَاءٍ كَبِيرٍ) يُغْرَفُ مِنْهُ بِصَغِيرٍ إلَى مُتَوَسِّطٍ يَصُبُّ بِهِ فَالْآنِيَةُ ثَلَاثَةٌ. قَوْلُهُ: (وَيُجْلِسُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَرْجِعُ هَذِهِ الضَّمَائِرِ. قَوْلُهُ: (بَلِيغًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ تَكْرَارُهُ لَا شِدَّتُهُ. قَوْلُهُ: (وَبِخِرْقَةٍ) مَلْفُوفَةٍ وُجُوبًا إلَّا فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ، فَنَدْبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِجَوَازِ الْمَسِّ، وَالنَّظَرِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (الْأَوَّلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَغَسْلِ يَدَيْهِ) أَيْ إنْ تَلَوَّثَتْ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْيَدِ) أَيْ الْيُسْرَى. قَوْلُهُ: (أُصْبُعَهُ) أَيْ السَّبَّابَةَ. قَوْلُهُ: (كَمَا يَسْتَاكُ الْحَيُّ) مِنْ حَيْثُ الْإِمْرَارُ إذْ الْأَوْلَى فِي الْحَيِّ أَنْ يَكُونَ بِعُودٍ، وَفِي بَاطِنِ الْأَسْنَانِ. قَوْلُهُ: (بِأُصْبُعِهِ) أَيْ الْخِنْصَرِ مِنْ الْيُسْرَى، وَيُزِيلُ مَا تَحْتَ أَظَافِيرِهِ إنْ لَمْ يُقَلِّمُهَا. قَوْلُهُ: (وَيُوَضِّئُهُ كَالْحَيِّ) يُفِيدُ وُجُوبَ النِّيَّةِ فِيهِ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ نَدْبَهَا، كَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ وَيَكْفِيهِ فِيهِ نِيَّةُ سُنَّةِ الْغُسْلِ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا يُنْدَبُ تَكْرِيرُ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيُسَرِّحُهُمَا) أَيْ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ. قَوْلُهُ: (إنْ تَلَبَّدَ) لَيْسَ قَيْدًا لِلْحُكْمِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: قَيْدٌ لِطَلَبِ التَّسْرِيحِ مُطْلَقًا. وَقَالَ شَيْخُنَا: قَيْدٌ فِي كَوْنِ الْمِشْطِ وَاسِعَ الْأَسْنَانِ. قَوْلُهُ: (فِي كَفَنِهِ) نَدْبًا وَدَفْنُهُ وَاجِبٌ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُحَرِّفُهُ) وَيَحْرُمُ كَبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ احْتِرَامًا لَهُ، وَإِنْ كُرِهَ لَهُ حَيًّا لِأَنَّهُ حَقُّهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ الْمَاءُ الْقَرَاحُ فِيهَا، كَمَا فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالسِّدْرُ، وَنَحْوَهُ الْمَذْكُورُ هُنَا مِنْ جُمْلَةِ الِاسْتِعَانَةِ الْآتِيَةِ، قَدَّمَهُ عَلَى مَحَلِّهِ كَمَا   [حاشية عميرة] الْمَاوَرْدِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ كَوْنَهُ مَالِحًا. قَوْلُهُ: (إنْ تَلَبَّدَ) وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَلَبَّدْ لِإِزَالَةِ مَا فِي أُصُولِهِ مِنْ السِّدْرِ، وَمَا عَسَاهُ يَكُونُ مِنْ الْوَسَخِ. قَوْلُهُ: (بِمِشْطٍ) هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا، وَبِضَمِّهَا مَعَ الشِّينِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْأَيْمَنِ) أَيْ لِلْحَدِيثِ وَأَمَّا الشِّقَّانِ الْمُقْبِلَانِ فَلِشَرَفِهِمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَهَذِهِ غَسْلَةٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ لَك فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ كَيْفِيَّتَيْنِ، إحْدَاهُمَا غُسْلُهُ بِالسِّدْرِ ثُمَّ يُزَالُ، وَهَكَذَا ثَانِيًا وَثَالِثًا، ثُمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 عَنْ السِّدْرِ وَنَحْوِهِ فِيهَا غَسْلَةٌ (وَيُسْتَحَبُّ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً) فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ النَّظَافَةُ زِيدَ حَتَّى تَحْصُلَ، فَإِنْ حَصَلَتْ بِشَفْعٍ اُسْتُحِبَّ الْإِيتَارُ بِوَاحِدَةٍ. (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يُسْتَعَانَ فِي الْأُولَى بِسِدْرٍ أَوْ خِطْمِيٍّ) بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَحُكِيَ فَتْحُهَا لِلتَّنْظِيفِ وَالْإِنْقَاءِ، وَمِنْهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. (ثُمَّ يَصُبُّ مَاءَ قَرَاحٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ أَيْ خَالِصٍ (مِنْ فَرْقِهِ إلَى قَدَمِهِ بَعْدَ زَوَالِ السِّدْرِ) أَوْ نَحْوِهِ بِالْمَاءِ فَلَا تُحْسَبُ غَسْلَةُ السِّدْرِ وَلَا مَا أُزِيلَ بِهِ مِنْ الثَّلَاثِ لِتَغَيُّرِ الْمَاءِ بِهِ التَّغَيُّرِ السَّالِبِ لِلطَّهُورِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُحْسَبُ مِنْهَا غَسْلَةُ الْمَاءِ الْقَرَاحِ، فَيَكُونُ الثَّلَاثُ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ فَيَسْقُطُ الْوَاجِبُ بِأُولَاهَا. (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَجْعَلَ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ) مِنْ الثَّلَاثِ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ. (قَلِيلَ كَافُورٍ) بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ الْمَاءَ لِأَنَّ رَائِحَتَهُ تَطْرُدُ الْهَوَامَّ، وَهُوَ فِي الْأَخِيرَةِ آكَدُ وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ بَعْدَ الْغُسْلِ ثُمَّ يُنَشَّفُ تَنْشِيفًا بَلِيغًا لِئَلَّا تَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ فَيَسْرَعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَاسِلَاتِ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا وَاغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْأَخِيرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ مِنْهُنَّ: وَمَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَفِي رِوَايَةٍ فَضَفَرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا» ، وَقَوْلُهُ: " أَوْ خَمْسًا " إلَى آخِرِهِ هُوَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فِي النَّظَافَةِ إلَى الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ مَعَ رِعَايَةِ -   [حاشية قليوبي] سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ زِيدَ، أَيْ مِنْ الْمَاءِ الْقَرَاحِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُسْتَعَانَ فِي الْأُولَى) أَيْ مَعَهَا قَبْلَ فِعْلِهَا لِأَنَّهَا هِيَ الْمَذْكُورَةُ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ يَصُبُّ مَاءَ قَرَاحٍ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَهُ لِعَدَمِ طَلَبِ التَّحْرِيفِ فِيهِ كَمَا هُنَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَصُبُّ إلَخْ) أَيْ يَعُمُّ بَدَنَهُ بِهِ سَوَاءٌ مَعَ تَحْرِيفٍ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (فَلَا تُحْسَبُ إلَخْ) أَيْ فَهُمَا غَسْلَتَانِ قَبْلَ ثَلَاثَةِ الْمَاءِ، الْقَرَاحِ الَّتِي يَسْقُطُ الْوَاجِبُ بِأُولَاهَا كَمَا ذَكَرَهُ، فَجُمْلَةُ مَا فِي كَلَامِهِ خَمْسُ غَسَلَاتٍ هَذَا صَرِيحُ كَلَامِ الشَّارِحِ، الَّذِي قَرَّرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ، وَبَعْضُهُمْ قَرَّرَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ فِيهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا، كَمَا يُرَاجَعُ وَيُعْرَفُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ، وَيُنْدَبُ الْغَسْلَتَانِ بِالسِّدْرِ وَالْمُزِيلَةِ قَبْلَ الثَّانِيَةِ، مِنْ مَاءِ الْقَرَاحِ فَتَكُونُ الْغَسَلَاتُ سَبْعَةً، وَيُنْدَبَانِ قَبْلَ الثَّالِثَةِ أَيْضًا، فَتَكُونُ تِسْعَةً وَلَهُ تَأْخِيرُ ثَلَاثَةِ الْمَاءِ الْقَرَاحِ عَنْ السِّتَّةِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (السَّالِبُ لِلطَّهُورِيَّةِ) أَيْ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (فَرْقِهِ) هُوَ وَسَطُ الرَّأْسِ، لِأَنَّهُ مَحَلُّ فَرْقِ الشَّعْرِ، -   [حاشية عميرة] يُغَسَّلُ ثَلَاثًا بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ، وَاحِدَةٌ لِلْوَاجِبِ، وَثِنْتَانِ لِلتَّثْلِيثِ، فَالْجُمْلَةُ تِسْعَةٌ الثَّانِيَةُ وَاحِدَةٌ بِالسِّدْرِ، وَأُخْرَى مُزِيلَةٌ، وَأُخْرَى بِالْقَرَاحِ، ثُمَّ تُعَادُ الثَّلَاثُ هَكَذَا ثَانِيًا وَثَالِثًا، فَالْجُمْلَةُ تِسْعٌ أَيْضًا فَالْكَيْفِيَّةُ الْأُولَى فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْإِسْنَوِيُّ وَحَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ قَرِيبٌ مِنْهَا، وَالثَّانِيَةُ فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي الْمَنْهَجِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَيْهَا بِأَنْ يُجْعَلَ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، أَيْ بِأَنْ يُقَالَ فَيَغْسِلُ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ، ثُمَّ يُصَبُّ مَاءُ قَرَاحٍ بَعْدَ زَوَالِ السِّدْرِ، فَهَذِهِ غَسْلَةٌ وَيُسْتَحَبُّ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً أَيْ كَذَلِكَ أَقُولُ، لَكِنْ يُنَافِيهِ وَأَنْ يُسْتَعَانَ فِي الْأُولَى إلَّا أَنْ يَحْمِلَ عَلَى الْأُولَى مِنْ كُلٍّ مِنْ الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثِ، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَسْلُكْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا فَهِمَ كَيْفِيَّةً أُخْرَى حَاوَلَ حَمْلَ الْمَتْنِ عَلَيْهَا، هِيَ أَنْ يُغَسَّلَ أَوَّلًا بِالسِّدْرِ ثُمَّ يُزِيلَهُ ثُمَّ ثَلَاثًا فَبِالْمَاءِ الْقَرَاحِ، فَقَوْلُهُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ إلَخْ. يُرِيدُ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِالْغَسْلَةِ، هُوَ تَعْمِيمُ الْبَدَنِ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ السِّدْرِ وَمُزِيلِهِ، وَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَيُسْتَحَبُّ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً أَيْ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ، وَقَوْلُهُ وَأَنْ يُسْتَعَانَ إلَى قَوْلِهِ بَعْدَ زَوَالِ السِّدْرِ، تَفْصِيلٌ وَبَيَانٌ لِمَا هُوَ الْأَكْمَلُ فِي الْأُولَى، وَإِفَادَةٌ لِأَنَّ غَسْلَةَ السِّدْرِ وَالْمُزِيلَةَ، لَا تُحْسَبُ، وَإِنَّمَا تُحْسَبُ الَّتِي بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ، وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِنْتَاجِ، فِيمَا يَأْتِي فَتَكُونُ الثَّلَاثَةُ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ، يَسْقُطُ الْوَاجِبُ بِأَوَّلِهَا ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَحَاوَلَهُ هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ بَلْ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ، وَكَذَا صَنَعَ فِي الْبَهْجَةِ وَالْإِرْشَادِ لَكِنْ شَارِحَاهُ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَا ذَلِكَ، نَبَّهَا عَلَى أَنَّ الْأَكْمَلَ، هُوَ الْكَيْفِيَّةُ الْأُولَى أَيْ الَّتِي اعْتَمَدَهَا الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (عَنْ السِّدْرِ) أَيْ الَّذِي سَلَفَ ذِكْرُهُ فِي الرَّافِعِيِّ، وَاَلَّذِي سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الْمِنْهَاجُ، أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْبَدَنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَانِيَةً وَثَالِثَةً) أَيْ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ النَّظَافَةُ زِيدَ إلَخْ) صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي غَسْلَةِ السِّدْرِ، وَمُزِيلِهِ بِأَنْ يُكَرَّرَا مَعًا، وَيَكُونُ وِتْرًا إذَا حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِشَفْعٍ، وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلْمَقْدِسِيِّ، وَاعْلَمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْإِنْقَاءِ، إنَّمَا هِيَ فِي غَسْلَةِ السِّدْرِ وَمُزِيلَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْحَدِيثِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ الْإِرْشَادُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ غَسَلَاتِ الْمَاءِ الْقَرَاحِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْأُولَى بَاقِي الْبَدَنِ غَيْرُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ فَرْقِهِ) هُوَ وَسَطُ الرَّأْسِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ فَرْقِ الشَّعْرِ، وَلِهَذَا سُمِّيَ الْمَفْرِقُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 الْوِتْرِ لَا لِلتَّخْيِيرِ، وَقَوْلُهُ: " إنْ رَأَيْتُنَّ " أَيْ احْتَجْتُنَّ، وَكَافُ ذَلِكَ بِالْكَسْرِ خِطَابًا لِأُمِّ عَطِيَّةَ. وَمَشَطْنَا وَضَفَرْنَا بِالتَّخْفِيفِ وَثَلَاثَةَ قُرُونٍ أَيْ ضَفَائِرَ الْقَرْنَيْنِ وَالنَّاصِيَةَ. (وَلَوْ خَرَجَ بَعْدَهُ) أَيْ الْغُسْلِ (نَجَسٌ وَجَبَ إزَالَتُهُ فَقَطْ) وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِمَا وُجِدَ (وَقِيلَ) تَجِبُ إزَالَتُهُ (مَعَ الْغُسْلِ إنْ خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ) لِيُخْتَمَ أَمْرُهُ بِالْأَكْمَلِ (وَقِيلَ) يَجِبُ مَعَ (الْوُضُوءِ) لَا الْغُسْلِ فِي الْخَارِجِ مِنْ الْفَرْجِ كَمَا فِي الْحَيِّ. وَأَطْلَقَ الْجُمْهُورُ الْخِلَافَ، وَأَشَارَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ إلَى تَخْصِيصِهِ بِالْخَارِجِ قَبْلَ الْإِدْرَاجِ فِي الْكَفَنِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يُوَافِقُ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ صَاحِبُ الْأَمَالِي: فَجَزَمُوا بِالِاكْتِفَاءِ بِغَسْلِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ الْإِدْرَاجِ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْإِدْرَاجِ (وَيُغَسِّلُ الرَّجُلَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةَ الْمَرْأَةُ) هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَالْأَوَّلُ فِيهِمَا الْمَنْصُوبُ. (وَيُغَسِّلُ أَمَتَهُ وَزَوْجَتَهُ وَهِيَ زَوْجَهَا) أَيْ لَهُمْ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَا تُغَسِّلُ سَيِّدَهَا فِي الْأَصَحِّ لِانْتِقَالِهَا عَنْهُ وَالزَّوْجَةُ لَا تَنْقَطِعُ حُقُوقُهَا بِالْمَوْتِ بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ: «لَوْ مِتِّ قَبْلِي لَغَسَّلْتُك وَكَفَّنْتُك» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَسَوَاءٌ فِي الْأَمَةِ فِي الشِّقَّيْنِ الْقِنَّةُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ. أَمَّا الْمُكَاتَبَةُ فَلَهُ غُسْلُهَا أَيْضًا لِارْتِفَاعِ كِتَابَتِهَا بِمَوْتِهَا، وَلَيْسَ لَهَا غُسْلُهُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ غُسْلُ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَالْمُسْتَبْرَأَةِ وَلَا لَهُنَّ غُسْلُهُ بِلَا خِلَافٍ لِحُرْمَةِ بُضْعِهِنَّ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ فِي الزَّوْجَةِ الْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ فِي الشِّقَّيْنِ إلَّا أَنَّ غُسْلَ الذِّمِّيَّةِ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ مَكْرُوهٌ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ كَالْمُهَذَّبِ عَنْ النَّصِّ، وَفِي شَرْحِهِ لِسَيِّدِ الذِّمِّيَّةِ غُسْلُهَا. (وَيَلُفَّانِ) أَيْ السَّيِّدُ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ. (خِرْقَةً) عَلَى يَدِهِمَا (وَلَا مَسَّ) بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَيِّتِ، أَيْ يَنْبَغِي ذَلِكَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ صَحَّ الْغُسْلُ، وَلَا يُبْنَى عَلَى الْخِلَافِ فِي انْتِقَاضِ طُهْرِ الْمَلْمُوسِ، وَأَمَّا وُضُوءُ الْغَاسِلِ فَيُنْتَقَضُ. (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا أَجْنَبِيٌّ) فِي الْمَيِّتِ الْمَرْأَةِ (أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ) فِي الرَّجُلِ. (يُمِّمَ فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لِفَقْدِ الْغَاسِلِ بِفَقْدِ الْمَاءِ الثَّانِي بِغُسْلِ الْمَيِّتِ -   [حاشية قليوبي] وَيُقَالُ لَهُ مَفْرَقٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْعَلَ إلَخْ) وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَيَحْرُمُ فِعْلُهُ فِي الْمُحْرِمِ. قَوْلُهُ: (وَكَافٍ ذَلِكَ) أَيْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالْكَسْرِ، لِأَنَّهُ خِطَابٌ لِمُؤَنَّثٍ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ ذَلِكُنَّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ، وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ، بِقَوْلِهِ: خِطَابًا لِأُمِّ عَطِيَّةَ، لِأَنَّ غَيْرَهَا تَبَعٌ لَهَا فَلَمْ يَحْتَجْ لِخِطَابِهِ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ إزَالَتُهُ) أَيْ قَبْلَ الصَّلَاةِ، لِمَنْعِهِ مِنْ صِحَّتِهَا عَلَيْهِ، وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وُجُوبُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَيْضًا، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَطْعُ الْخَارِجِ مِنْهُ صَلَّى عَلَيْهِ كَالْحَيِّ السَّلِسِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ) لِعَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ كَمَا لَا يُجَنَّبُ بِالْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ فِيهِمَا الْمَنْصُوبُ) أَيْ لِيَصِحَّ تَذْكِيرُ الْفِعْلِ فِي الثَّانِي، بِوُجُودِ الْفَاصِلِ وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى. نَعَمْ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ وَالْخُنْثَى وَلَوْ كَبِيرًا يُغَسِّلَانِ الْفَرِيقَيْنِ، وَيُغَسِّلُهُمَا الْفَرِيقَانِ قَالَ شَيْخُنَا، وَيَقْتَصِرُ فِيهِمَا عَلَى غَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ: (وَيُغَسِّلُ أَمَتَهُ وَزَوْجَتَهُ) أَيْ وَإِنْ تَزَوَّجَ نَحْوَ أُخْتِهَا، وَهِيَ زَوْجُهَا، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ غُسْلِهِ كَأَنْ، وَلَدَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ وَالْكَلَامُ هُنَا مِنْ حَيْثُ الْجَوَازُ، وَسَتَأْتِي الْأَوْلَوِيَّةُ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ غَسْلُ الْمُزَوِّجَةِ) وَكَذَا الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَلَوْ مَسْبِيَّةً. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ فِي الزَّوْجَةِ الْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ) وَكَذَا الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ، وَالضَّابِطُ فِي جَوَازِ الْغُسْلِ فِي الزَّوْجِ وَزَوْجَتِهِ، وَالسَّيِّدِ وَأَمَتِهِ حِلُّ الْبُضْعِ قَبْلَ الْمَوْتِ لِأَحَدِهِمَا، إلَّا فِي أَمَتِهِ الْمُكَاتَبَةِ لِمَا ذَكَرَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَيَلُفَّانِ) أَيْ نَدْبًا كَمَا مَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغَاسِلُ مُتَطَهِّرًا. قَوْلُهُ: (يَنْبَغِي) أَيْ يُنْدَبُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ) أَيْ لَمْ -   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (كَافُورًا أَوْ شَيْئًا) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا شَكًّا مِنْ الرَّاوِي. قَوْلُهُ: (خِطَابًا لِأُمِّ عَطِيَّةَ) أَيْ لِأَنَّ غَيْرَهَا تَبَعٌ لَهَا، وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى: {عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ} [يونس: 83] . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُغَسِّلُ الرَّجُلَ الرَّجُلُ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ إلْحَاقَ الْأَمْرِ بِالْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ فِيهِمَا الْمَنْصُوبُ) حِكْمَةُ ذَلِكَ إفَادَةُ الِاخْتِصَاصِ هَذِهِ الْحَاشِيَةُ كَتَبْتهَا وَلَمْ أَرَ إلَى الْآنَ هَلْ لِي فِيهَا سَلَفٌ أَمْ لَا، وَفِيهَا إنَّ إفَادَةَ الِاخْتِصَاصِ إنَّمَا هِيَ فِي تَقْدِيمِ الْمَعْمُولِ عَلَى عَامِلِهِ. وَأَمَّا كَوْنُهَا فِي تَقْدِيمِ الْمَفْعُولِ عَلَى الْفَاعِلِ فَلَمْ أَعْلَمْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُغَسِّلُ أَمَتَهُ) قِيَاسًا عَلَى الزَّوْجَةِ. قَوْلُهُ: (لِانْتِقَالِهَا عَنْهُ) قَدْ يَرِدُ أُمُّ الْوَلَدِ وَيُجَابُ بِأَنَّهَا انْتَقَلَتْ عَنْهُ إلَى الْحُرِّيَّةِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّ عَلَقَتَهَا بَاقِيَةٌ. قَوْلُهُ: (لِحُرْمَةِ بُضْعِهِنَّ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَا يُغَسِّلُ الْمَجُوسِيَّةَ وَالْوَثَنِيَّةَ، وَكُلَّ أَمَةٍ يَحْرُمُ بُضْعُهَا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ السَّيِّدُ) أَحْسَنُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ أَيْ الْحَلِيلُ وَالزَّوْجَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ) لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ، وَهُنَاكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 فِي ثِيَابِهِ، وَيَلُفُّ الْغَاسِلُ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً وَيَغُضُّ طَرْفَهُ مَا أَمْكَنَهُ، فَإِنْ اضْطَرَّ إلَى النَّظَرِ نَظَرَ لِلضَّرُورَةِ. (وَأَوْلَى الرِّجَالِ بِهِ) أَيْ بِالرَّجُلِ فِي غُسْلِهِ (أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ وَهُمْ رِجَالُ الْعَصَبَاتِ مِنْ النَّسَبِ ثُمَّ الْوَلَاءِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الزَّوْجَةُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَنْظُرُ مِنْهُ إلَى مَا لَا يَنْظُرُونَ، وَهُوَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَبَعْدَهُمْ ذَوُو الْأَرْحَامِ، ثُمَّ الرِّجَالُ الْأَجَانِبُ، ثُمَّ الزَّوْجَةُ، ثُمَّ النِّسَاءُ الْمَحَارِمُ. وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الزَّوْجَةُ عَلَى الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ. (وَ) أَوْلَى النِّسَاءِ (بِهَا) أَيْ بِالْمَرْأَةِ فِي غُسْلِهَا (قَرَابَاتُهَا وَيُقَدَّمْنَ عَلَى زَوْجٍ فِي الْأَصَحِّ) وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ مِنْهَا إلَى مَا لَا يَنْظُرْنَ إلَيْهِ. (وَأَوْلَاهُنَّ ذَاتُ مَحْرَمِيَّةٍ) وَهِيَ مَنْ لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا، فَإِنْ اسْتَوَتْ اثْنَتَانِ فِي الْمَحْرَمِيَّةِ فَالَّتِي فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ أَوْلَى كَالْعَمَّةِ مَعَ الْخَالَةِ وَاَللَّوَاتِي لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهُنَّ يُقَدَّمُ مِنْهُنَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ. (ثُمَّ) بَعْدَ الْقَرَابَاتِ ذَوَاتُ الْوَلَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ثُمَّ (الْأَجْنَبِيَّةُ ثُمَّ رِجَالُ الْقَرَابَةِ كَتَرْتِيبِ صَلَاتِهِمْ قُلْت إلَّا ابْنَ الْعَمِّ وَنَحْوَهُ) وَهُوَ قَرِيبٌ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ (فَكَالْأَجْنَبِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا حَقَّ لَهُ فِي غُسْلِهَا بِلَا خِلَافٍ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ: نَبَّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَغَيْرُهُ وَأَهْمَلَهُ الْأَكْثَرُونَ. (وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى رِجَالِ الْقَرَابَةِ (الزَّوْجُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمْ ذُكُورٌ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَى مَا لَا يَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وَالثَّانِي يُقَدَّمُونَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ تَدُومُ، -   [حاشية قليوبي] يُوجَدُ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ فِيهِ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ بِسَمَاعِ النِّدَاءِ، أَوْ فِي مَحَلٍّ يُطْلَبُ الْمَاءُ مِنْهُ أَوْ بِمَحَلِّ الْغَيْبَةِ الْآتِي كُلٌّ مُحْتَمَلٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَيِّتِ الْمَرْأَةِ) وَمِثْلُهَا الْأَمْرَدُ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ. قَوْلُهُ: (يَمَّمَ) بِنِيَّةٍ نَدْبًا كَالْغُسْلِ وَلَوْ صَرَفَ الْوُضُوءَ، أَوْ الْغُسْلَ أَوْ التَّيَمُّمَ لِغَيْرِهِ، عِنْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَنْصَرِفْ وَلَا بُدَّ مِنْ زَوَالِ نَجَاسَةٍ عَلَيْهِ، وَلَوْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ قَبْلَ التَّيَمُّمِ وَيُقَدَّمُ غَسْلُهَا عَلَيْهِ، إنْ قَلَّ الْمَاءُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ إزَالَتُهَا دُفِنَ بِلَا صَلَاةٍ، فَإِنْ تَيَسَّرَ قَبْلَ دَفْنِهِ، وَجَبَ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا، وَقَالَ شَيْخُنَا فِي مَرَّةٍ يُنْبَشُ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَلَوْ وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ لِفَقْدِهِ، وَجَبَ غُسْلُهُ وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ إنْ غَلَبَ وُجُودُ الْمَاءِ كَالْحَيِّ، وَوُجُودُ الْمُغَسِّلِ كَوُجُودِ الْمَاءِ فِيمَا ذَكَرَ. (فَرْعٌ) لَوْ أَمْكَنَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْغُسْلُ بِلَا مَسٍّ، وَلَا نَظَرٍ وَجَبَ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الدَّرَجَةُ، كَمَا فِي الْمَنْهَجِ لِيُخْرِجَ بِهِ الصِّفَةَ كَالسِّنِّ وَالْفِقْهِ. قَالَ شَيْخُنَا: كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَهَذَا التَّرْتِيبُ مَنْدُوبٌ إلَّا فِي التَّفْوِيضِ، لِغَيْرِ الْجِنْسِ فَوَاجِبٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تُقَدَّمُ الزَّوْجَةُ عَلَيْهِمْ) وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا بَعْدَهُمْ، وَذِكْرُ الشَّارِحُ لِهَذِهِ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الرِّجَالِ لِفَهْمِهِ أَنَّ الرِّجَالَ لَيْسُوا قَيْدًا. قَوْلُهُ: (وَبَعْدَهُمْ ذَوُو الْأَرْحَامِ) أَيْ بَعْدَ بَيْتِ الْمَالِ إنْ انْتَظَمَ. قَوْلُهُ: (ذَاتُ مَحْرَمِيَّةٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَوَتْ اثْنَتَانِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ تَقْدِيمُ مَنْ فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ، إنْ بَعُدَتْ عَلَى غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ بَعْدَ الْقَرَابَاتِ) تَقَدَّمَ فِي الرَّجُلِ تَقْدِيمُ ذَوِي الْوَلَاءِ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَقِيَاسُهُ هُنَا تَقْدِيمُ ذَوَاتِ الْوَلَاءِ عَلَى ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ فَرَاجِعْهُ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْقَرَابَاتِ تَبَعًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ، صَرِيحٌ فِي صِحَّتِهِ لُغَةً خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ إلَخْ) وَيُؤَخَّرُ عَنْ   [حاشية عميرة] كَافِرٌ وَامْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ غَسَّلَهُ الْكَافِرُ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُمِّمَ فِي الْأَصَحِّ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ عَلَى الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ نَجَاسَةٌ مَاذَا يَفْعَلُ؟ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُزِيلُهَا لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهَا. قَوْلُهُ: (وَأَوْلَى النِّسَاءِ) هَذَا الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْمُرَادُ وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ، وَأَوْلَى الرِّجَالِ بِهَا قَرَابَاتُهَا، ثُمَّ التَّعْبِيرُ بِالْقَرَابَاتِ نَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُؤَلِّفَ تَوَهَّمَ أَنَّ الْقَرَابَةَ خَاصَّةٌ بِالْأُنْثَى. الثَّانِي أَنَّ الْقَرَابَاتِ مِنْ كَلَامِ الْعَوَامّ، كَمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ، وَسَبَبُهُ أَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُجْمَعُ إلَّا إذَا اخْتَلَفَ نَوْعُهُ، وَأَيْضًا فَهِيَ مَصْدَرٌ، وَقَدْ أَطْلَقَهَا عَلَى الْأَشْخَاصِ، وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ إنَّهَا مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الرَّحِمِ، تَقُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ وَقُرْبٌ، وَتَقُولُ ذُو قَرَابَتِي، وَلَا تَقُولُ هُمْ قَرَابَتِي وَلَا هُمْ قَرَابَاتِي، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ قُلْ: هُوَ قَرِيبِي، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ اهـ. (فَائِدَةٌ) مَذْهَبُنَا أَنَّ الْمَوْتَ مُحَرِّمٌ لِلنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ دُونَ النَّظَرِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ أَوْلَى النِّسَاءِ يَنْدَفِعُ بِهِ إشْكَالُ الْإِسْنَوِيِّ الْأَوَّلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ذَاتُ مَحْرَمِيَّةٍ) رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ عُمُومِهِ أَنَّ بِنْتَ الْعَمِّ الْبَعِيدَةَ إذَا كَانَتْ أُمًّا مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُخْتًا تُقَدَّمُ عَلَى بِنْتِ الْعَمِّ الْقَرِيبَةِ، وَلَكِنْ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَحْرَمِيَّةُ مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ، وَلِذَا لَمْ يُعَبِّرْ بِالرَّضَاعِ هُنَا بِالْكُلِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ بَعْدَ الْقَرَابَاتِ ذَوَاتُ الْوَلَاءِ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّ ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ يُقَدَّمْنَ هُنَا عَلَى ذَوَاتِ الْوَلَاءِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 وَالنِّكَاحُ يَنْتَهِي بِالْمَوْتِ ثُمَّ كُلُّ مَنْ قُدِّمَ شَرْطُهُ الْإِسْلَامُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا لِلْمَيِّتِ. (وَلَا يَقْرَبُ الْمُحْرِمُ طِيبًا) كَالْكَافُورِ فِي غُسْلِهِ وَكَفَنِهِ. (وَلَا يُؤْخَذُ شَعْرُهُ وَظُفْرُهُ) إبْقَاءً لِأَثَرِ الْإِحْرَامِ، «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ وَهُوَ وَاقِفٌ مَعَهُ بِعَرَفَةَ: لَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَتُطَيَّبُ الْمُعْتَدَّةُ) الَّتِي كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الطِّيبُ بِأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ. (فِي الْأَصَحِّ) لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الطِّيبِ وَهُوَ التَّفَجُّعُ عَلَى زَوْجِهَا وَالتَّحَرُّزُ عَنْ الرِّجَالِ، وَالثَّانِي يُسْتَصْحَبُ التَّحْرِيمُ قِيَاسًا عَلَى الْمُحْرِمِ، وَرُدَّ بِأَنَّ التَّحَرُّمَ فِي الْمُحْرِمِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَخْذُ ظُفْرِهِ وَشَعْرِ إبْطِهِ وَعَانَتِهِ وَشَارِبِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ كَالرُّويَانِيِّ: وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَوْ الْكَثِيرِينَ الْجَدِيدُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَالْحَيِّ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّ مَصِيرَهُ إلَى الْبِلَى. (قُلْت: الْأَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ أَجْزَاءَ الْمَيِّتِ مُحْتَرَمَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ، بِهَذَا قَالَ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ فِيهِ شَيْءٌ مُعْتَمَدٌ، وَنَقَلَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَرَاهَتَهُ عَنْ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ، وَلِذَلِكَ عَبَّرَ هُنَا بِالْأَظْهَرِ وَفِي الرَّوْضَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَتُفْعَلُ هَذِهِ الْأُمُورُ قَبْلَ الْغُسْلِ. (فَصْلٌ: يُكَفَّنُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا) مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِ حَرِيرٍ لِلرَّجُلِ، وَيَحْرُمُ تَكْفِينُهُ بِالْحَرِيرِ، وَيُكْرَهُ تَكْفِينُهَا بِهِ لِلسَّرَفِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَ مُكْثِرًا فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ أَوْ مُتَوَسِّطًا فَمِنْ وَسَطِهَا، أَوْ مُقِلًّا فَمِنْ -   [حاشية قليوبي] الْأَجْنَبِيَّاتِ. قَوْلُهُ: (شَرْطُهُ الْإِسْلَامُ) وَالْحُرِّيَّةُ الْكَامِلَةُ وَعَدَمُ الْقَتْلِ، وَعَدَمُ عَدَاوَةٍ وَفِسْقٍ وَصِبًا وَجُنُونٌ وَوِصَايَةٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْرَبُ الْمُحْرِمَ إلَخْ) أَيْ فَيَحْرُمُ تَطْيِيبُهُ لَا الْبَخُورُ عِنْدَهُ، وَيَحْرُمُ أَخْذُ شَعْرِهِ. وَلَوْ مِنْ رَأْسِهِ فَلَا يَحْلِقُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَيَحْرُمُ أَخْذُ ظُفْرِهِ وَلَا فِدْيَةَ عَلَى فَاعِلِ مَا ذَكَرَ. وَكُلُّ ذَلِكَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ بَعْدَهُ كَغَيْرِهِ وَيَحْرُمُ أَخْذُ الْقُلْفَةِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُحْرِمٍ، وَإِنْ عَصَى بِتَأْخِيرِهَا، وَإِذَا تَعَذَّرَ إزَالَةُ مَا تَحْتَهَا أَوْ غَسْلُهُ، دُفِنَ بَعْدَ غَسْلِ بَقِيَّةِ بَدَنِهِ بِلَا صَلَاةٍ، خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، حَيْثُ قَالَ: يُصَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ، عَمَّا تَحْتَهَا أَوْ تُزَالُ، نَعَمْ يُزَالُ شَعْرٌ وَظُفْرٌ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ، زَوَالُ نَجَاسَةٍ، أَوْ غَسْلُ مَا تَحْتَهُ وَلَوْ مِنْ مُحْرِمٍ. (فَصْلٌ فِي التَّكْفِينِ) أَيْ كَيْفِيَّتِهِ، وَمَا يُكَفَّنُ بِهِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا. قَوْلُهُ: (يُكَفَّنُ) وَلَوْ ذِمِّيًّا. قَوْلُهُ: (بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا) أَيْ بِمَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ، لَا لِحَاجَةٍ فَلَا يُكَفَّنُ بِالْحَرِيرِ مِنْ لُبْسِهِ، لِحَكَّةٍ أَوْ قَمْلٍ، وَكَذَا الْقِتَالُ وَجَوَّزَهُ شَيْخُنَا فِي الشَّهِيدِ فِي الْقِتَالِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الرَّمْلِيِّ، وَيُكَفَّنُ بِهِ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ، وَإِنْ كُرِهَ كَالْمَرْأَةِ وَيُقَدَّمُ الْحَرِيرُ عَلَى الْجِلْدِ، وَهُوَ عَلَى الْحَشِيشِ وَهُوَ عَلَى الطِّينِ وَالْمُزَعْفَرِ، كَالْحَرِيرِ وَيُكْرَهُ الْمُعَصْفَرُ، وَلَوْ لِلْمَرْأَةِ وَيُكَفَّنُ بِالنَّجَسِ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، عَارِيًّا إنْ لَمْ يُوجَدْ نَحْوَ طِينٍ، وَكُلُّ كَفَنٍ نَقَصَ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ تُمِّمَ مِمَّا بَعْدَهُ، وَسِتْرُ التَّابُوتِ كَالتَّكْفِينِ. قَوْلُهُ: (الْعَوْرَةَ) وَهِيَ هُنَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فِي الذَّكَرِ، وَمَا عَدَا الْوَجْهَ، وَالْكَفَّيْنِ فِي الْأُنْثَى وَلَوْ رَقِيقَةً، لِأَنَّ الرِّقَّ يَزُولُ هُنَا بِالْمَوْتِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ) قَالَ شَيْخُنَا: نَدْبًا وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقِلَّةِ وَالتَّوَسُّطِ، -   [حاشية عميرة] وَهُوَ عَكْسُ مَا سَلَفَ فِي غُسْلِ الرَّجُلِ، فَمَا الْفَرْقُ؟ وَلَعَلَّهُ قُوَّةُ الذُّكُورِ بِدَلِيلِ عَقْلِهِمْ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ كُلُّ مَنْ قَدَّمَ شَرْطَهُ الْإِسْلَامُ) لَا يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَقَدُّمِهِ الْبُلُوغُ وَلَا الْحُرِّيَّةُ وَلَا الْعَدَالَةُ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ أَحَالُوا عَلَى الصَّلَاةِ، وَسَيَأْتِي فِي الصَّلَاةِ أَنَّ الْحُرَّ الْبَعِيدَ يُقَدَّمُ عَلَى الرَّقِيقِ الْقَرِيبِ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا . قَوْلُهُ: (لِمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَأَيْضًا فَقِيَاسًا عَلَى عَدَمِ خَتْنِهِ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ) أَيْ فَهُوَ جَدِيدٌ أَيْضًا، وَلِذَا عَبَّرَ بِالْأَظْهَرِ، وَلَمْ يَقُلْ: قُلْت: الْقَدِيمُ أَظْهَرُ. [فَصْلٌ يُكَفَّنُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا] (فَصْلٌ: يُكَفَّنُ إلَخْ) قَوْلُهُ: (بِالْحَرِيرِ) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِثْنَاءَ الْحَرِيرِ إذَا كَانَ عَلَى قَتِيلِ الْمَعْرَكَةِ وَلَا سِيَّمَا إذَا تَلَطَّخَ بِالدَّمِ فَيُدْفَنُ فِيهِ كَمَا هُوَ. (فَرْعٌ) يَجُوزُ تَكْفِينُ الْمُحَدَّةِ فِيمَا حَرُمَ عَلَيْهَا لُبْسُهُ كَمَا يَجُوزُ تَطْيِيبُهَا. قَوْلُهُ: (فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ) لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 خَشِنِهَا وَسَيَأْتِي فِي الزِّيَادَةِ كَلَامٌ آخَرُ. (وَأَقَلُّهُ ثَوْبٌ) وَهُوَ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ أَوْ جَمِيعَ الْبَدَنِ إلَّا رَأْسَ الْمُحْرِمِ وَوَجْهَ الْمُحْرِمَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْأَوَّلُ فَيَخْتَلِفُ قَدْرُهُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَجَزَمَ بِالثَّانِي الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ. (وَلَا تُنَفَّذُ) بِالتَّشْدِيدِ (وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهِ) أَيْ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الثَّوْبِ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ الْآتِي ذِكْرُهُمَا فِي الْأَفْضَلِ فَإِنَّهُمَا حَقٌّ لِلْمَيِّتِ تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهِمَا، وَلَوْ أَوْصَى بِسَائِرِ الْعَوْرَةِ فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ لَمْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ وَيَجِبُ تَكْفِينُهُ بِسَاتِرٍ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَلَوْ لَمْ يُوصِ، فَقَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ يَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَبَعْضُهُمْ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ، وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ كُفِّنَ بِثَوْبٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ وَبَعْضُهُمْ بِثَلَاثَةٍ كُفِّنَ بِهَا وَقِيلَ بِثَوْبٍ، وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى ثَوْبٍ، فَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ، وَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَوْلُ التَّتِمَّةِ أَقْيَسُ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَقَالَ الْغُرَمَاءُ ثَوْبٌ وَالْوَرَثَةُ ثَلَاثَةٌ أُجِيبَ الْغُرَمَاءُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ إلَى إبْدَاءِ ذِمَّتُهُ أَحْوَجُ مِنْهُ إلَى زِيَادَةِ السِّتْرِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ: يُكَفَّنُ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ، وَالْوَرَثَةُ بِسَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ، نَقَلَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ الِاتِّفَاقَ عَلَى سَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَلَوْ اتَّفَقَتْ الْوَرَثَةُ وَالْغُرَمَاءُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ جَازَ بِلَا خِلَافٍ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَآخَرُونَ، وَقَدْ يَتَشَكَّكُ فِيهِ إنْسَانٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ ذِمَّتَهُ تَبْقَى مُرْتَهَنَةً بِالدَّيْنِ، انْتَهَى. (وَالْأَفْضَلُ لِلرَّجُلِ ثَلَاثَةٌ) قَالَتْ عَائِشَةُ: «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَّةٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا   [حاشية قليوبي] وَالْإِكْثَارِ الْعُرْفُ. قَوْلُهُ: (فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ) وَإِنْ كَانَ مُقَتِّرًا عَلَى نَفْسِهِ، إلَّا أَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ، لِأَنَّ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ أَوْلَى، وَيَبْقَى الْمُفْلِسُ عَلَى مَا كَانَ لِرِضَاهُ لِنَفْسِهِ بِالرَّذَالَةِ. قَوْلُهُ: (فَمِنْ خَشِنِهَا) وَإِنْ اعْتَادَ الْجِيَادَ فِي حَيَاتِهِ. قَوْلُهُ: (وَجَزَمَ بِالثَّانِي الْإِمَامُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ) وَهُوَ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ جَمِيعَ الْبَدَنِ عَلَى الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَعْنَى كَوْنِ الثَّوْبِ أَقَلُّ، هُوَ مِنْ حَيْثُ سُقُوطُ الْوَاجِبِ بِهِ، فِي نَحْوِ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ الثَّوْبَ الْوَاحِدَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى أَيْ مَحْضُ حَقِّهِ فِي سَاتِرِ الْعَوْرَةِ، وَمَعَ الْآدَمِيِّ فِيمَا بَقِيَ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ. قَوْلُهُ: (حَقٌّ لِلْمَيِّتِ) أَيْ مَحْضُ حَقِّهِ، وَسَوَاءٌ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ) أَيْ إنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ، لِأَنَّ النَّقْصَ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ مَكْرُوهٌ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (فَقَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ إلَخْ) . هُمَا مَسْأَلَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ، وَبَعْضُهُمْ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ. ثَانِيَتُهُمَا: لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّنُ بِثَلَاثَةٍ، وَبَعْضُهُمْ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ، فَالْمُجَابُ طَالِبُ الثَّوْبِ فِي الْأُولَى، وَطَالِبُ الثَّلَاثَةِ فِي الثَّانِيَةِ، لِأَنَّهُ طَلَبُ الْأَكْثَرِ فِيهِمَا، وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُوبَ الثَّلَاثَةِ، وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (كُفِّنَ بِهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (قَوْلُ التَّتِمَّةِ أَقِيسُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيُكَفَّنُ بِثَلَاثٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (أُجِيبَ الْغُرَمَاءُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (نَقَلَ صَاحِبُ الْحَاوِي إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَتَشَكَّكُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: رِضَا الْغُرَمَاءِ بِذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى رَجَاءِ إبْرَائِهِمْ لَهُ، أَوْ عَدَمِ مُطَالَبَتِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَلَا تَكُونُ ذِمَّتُهُ مَرْهُونَةً فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] مُسْتَغْرِقٌ وَمِنْ عَادَتِهِ التَّقْتِيرُ عَلَى نَفْسِهِ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ التَّقْتِيرِ وَلَا يَكُونُ مِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَوْبٌ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ جَوَازِ التَّطْيِينِ وَهُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ الثَّوْبُ فُعِلَ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ تَقْدِيمَ الْإِذْخِرِ وَنَحْوِهِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) اُسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّ كِسْوَةَ الرَّقِيقِ لَا يَكْفِي فِيهَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ لِأَنَّهُ تَحْقِيرٌ وَإِذْلَالٌ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، فَالْمَيِّتُ أَوْلَى، ثُمَّ هَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ غَرِيبٍ، وَهُوَ أَنَّ الشَّخْصَ بِمَوْتِهِ هَلْ يَصِيرُ كُلُّهُ عَوْرَةً أَمْ عَوْرَتُهُ مَا كَانَ فِي حَيَاتِهِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ شَارِحُ التَّعْجِيزِ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِإِسْقَاطِهِ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ إسْقَاطَ الزَّائِدِ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ إلَخْ) قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ. قَوْلُهُ: (كُفِّنَ بِثَوْبٍ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي عَنْ التَّتِمَّةِ الَّذِي قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَقْيَسُ. قَوْلُهُ (إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ) قَضِيَّتُهُ وُجُوبُ الثَّلَاثِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ: أَقَلُّ الْكَفَنِ ثَوْبٌ أَوْ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ، لِأَنَّ مَعْنَى ذَاكَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي إسْقَاطِ الْفَرْضِ إلَى زِيَادَةٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا عِنْدَ اتِّسَاعِ التَّرِكَةِ فَتَسْتَوْفِي الثَّلَاثُ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَتَشَكَّكُ فِيهِ إنْسَانٌ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ الْمَيِّتُ خَرِبَتْ ذِمَّتُهُ وَقَدْ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِالتَّرِكَةِ فَأَذِنَ الْغُرَمَاءُ فِي صَرْفِهَا فِي الْكَفَنِ، وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ مُتَضَمِّنٌ لِلْمُسَامَحَةِ بِمَا يَتَعَلَّقُ مِنْ الدَّيْنِ بِذَلِكَ، فَلَا أَثَرَ لِتَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَمْنَعَ الْمُطَالَبَةَ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَيُجَابُ مِنْ طَرَفِ النَّوَوِيِّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ الدَّيْنَ عَنْ ذِمَّتِهِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ، ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي قَبْلَهَا قَابِلَةٌ لِهَذَا التَّشْكِيكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ سَتْرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَيَجُوزُ رَابِعٌ وَخَامِسٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. (وَلَهَا) أَيْ وَالْأَفْضَلُ لِلْمَرْأَةِ. (خَمْسَةٌ) رِعَايَةً لِزِيَادَةِ السِّتْرِ فِيهَا وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ مَكْرُوهَةٌ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لِلسَّرَفِ وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ فِيمَا ذُكِرَ. (وَمَنْ كُفِّنَ مِنْهُمَا بِثَلَاثَةٍ فَهِيَ لَفَائِفُ) يَسْتُرُ كُلٌّ مِنْهَا جَمِيعَ الْبَدَنِ (وَإِنْ كُفِّنَ) الرَّجُلُ (فِي خَمْسَةٍ زِيدَ عِمَامَةٌ وَقَمِيصٌ تَحْتَهُنَّ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَفَّنَ ابْنًا لَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ وَثَلَاثِ لَفَائِفَ. (وَإِنْ كُفِّنَتْ فِي خَمْسَةٍ فَإِزَارٌ وَخِمَارٌ وَقَمِيصٌ وَلِفَافَتَانِ وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثُ لَفَائِفَ فَإِزَارٌ وَخِمَارٌ) وَالْإِزَارُ وَالْمِئْزَرُ مَا تُسْتَرُ بِهِ الْعَوْرَةُ وَالْخِمَارُ مَا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ وَيُجْعَلُ بَعْدَ الْقَمِيصِ وَهُوَ بَعْدَ الْإِزَارِ، ثُمَّ يُلَفُّ. رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى الْغَاسِلَاتِ فِي تَكْفِينِ ابْنَتِهِ أُمِّ كُلْثُومٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - الْحِقَاءَ ثُمَّ الدِّرْعَ ثُمَّ الْخِمَارَ ثُمَّ الْمِلْحَفَةَ، ثُمَّ أُدْرِجَتْ بَعْدُ فِي الثَّوْبِ الْآخَرِ» . وَالْحِقَاءُ بِكَسْرِ الْحَاءِ. الْإِزَارُ، وَالدِّرْعُ: الْقَمِيصُ (وَيُسَنُّ الْأَبْيَضُ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا خَيْرُ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَسَيَأْتِي فِي الزِّيَادَةِ أَنَّ الْمَغْسُولَ أَوْلَى مِنْ الْجَدِيدِ. (وَمَحَلُّهُ أَصْلُ التَّرِكَةِ) يَبْدَأُ بِهِ فِي جُمْلَةِ مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي أَوَّلَ الْفَرَائِضِ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَنْ لِزَوْجِهَا مَالٌ فَكَفَنُهَا عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ الْآتِي (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لِلْمَيِّتِ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ تَرِكَةٌ (فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ قَرِيبٍ وَسَيِّدٍ) سَوَاءٌ فِي الْمَيِّتِ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ لِعَجْزِهِ بِالْمَوْتِ وَالْقِنُّ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبُ لِانْفِسَاخِ كِتَابَتِهِ بِمَوْتِهِ. (وَكَذَا الزَّوْجُ) مَعْطُوفٌ عَلَى أَصْلِ التَّرِكَةِ أَيْ عَلَيْهِ كَفَنُ زَوْجَتِهِ فِي جُمْلَةِ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهَا   [حاشية قليوبي] وَالْأَفْضَلُ) أَيْ مِنْ الزِّيَادَةِ الْآتِيَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ) بَلْ هِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَتَحْرُمُ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، أَوْ غَائِبٌ أَوْ امْتَنَعَ مِنْهَا بَعْضُهُمْ. قَوْلُهُ: (مَكْرُوهَةٌ) أَوْ حَرَامٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَهِيَ لَفَائِفُ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَدْبًا. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وُجُوبًا، وَلَا تُجَابُ الْوَرَثَةُ لَوْ طَلَبُوا غَيْرَهَا، أَوْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأُولَى وَاجِبَةٌ لِذَاتِهَا، وَالْأُخْرَيَانِ وَاجِبَتَانِ لِأَدَاءِ الْمُسْتَحَبِّ، وَلِذَلِكَ صَحَّ إسْقَاطُهُمَا بِالْوَصِيَّةِ مَثَلًا، وَمَنْعُ الْوَرَثَةِ مِنْ النَّقْصِ عَنْهُمَا لِأَدَاءِ الْمُسْتَحَبِّ، لَا لِذَاتِهِمَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا مَكْرُوهٌ) الْمُعْتَمَدُ كَرَاهَتُهُ. قَوْلُهُ: (فَإِزَارٌ إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ. قَوْلُهُ: (الْمِلْحَقَةُ) هِيَ لِفَافَةٌ، وَكَذَا الثَّوْبُ الْمَذْكُورُ مَعَهَا. قَوْلُهُ: (يَبْدَأُ بِهِ) أَيْ يَقْدُمُ بِهِ مِنْهَا عَلَى مَالِ الْوَارِثِ، أَوْ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ طَلَبَاهُ. نَعَمْ إنْ رَضِيَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ بِتَكْفِينِهِ مِنْ مَالِ الْأَجْنَبِيِّ جَازَ، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ إبْدَالُهُ، وَيَلْزَمُهُمْ رَدُّهُ إنْ أَبْدَلُوهُ، إلَّا إنْ عَلِمُوا جَوَازَهُ مِنْ دَافِعِهِ، وَلَوْ سُرِقَ الْكَفَنُ قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ وَجَبَ إبْدَالُهُ مِنْهَا، أَوْ بَعْدَهَا، فَكَذَلِكَ إنْ كُفِّنَ فِي دُونِ ثَلَاثَةٍ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَوْ كَانَ حَيًّا، أَوْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَفَنَاءُ الْكَفَنِ كَسَرِقَتِهِ إنْ ظَهَرَ مِنْ الْمَيِّتِ شَيْءٌ، وَلَوْ فُتِحَ قَبْرٌ فَوَجَدَ الْكَفَنَ قَدْ بَلِيَ وَجَبَ بِدَالُهُ، قَبْلَ سَدِّ الْقَبْرِ وَيَكْفِي وَضْعُهُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ لَفٍّ فِيهِ إنْ لَزِمَ عَلَى لَفِّهِ تَمَزُّقُ الْمَيِّتِ، وَإِلَّا لُفَّ فِيهِ وَلَوْ أَكَلَ الْمَيِّتَ سَبْعٌ مَثَلًا، قَبْلَ بَلَاءِ الْكَفَنِ عَادَ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ. قَوْلُهُ: (مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) وَلَوْ فِي وَقْتِ الْمَوْتِ فَدَخَلَ الِابْنُ الْكَبِيرُ الْفَقِيرُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِعَجْزِهِ بِالْمَوْتِ. نَعَمْ   [حاشية عميرة] الْعَوْرَةِ، وَقَدْ يُمْنَعُ الْغَرِيمُ مِنْ الزَّائِدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ رَابِعٌ وَخَامِسٌ) أَيْ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ خِلَافُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ نَحْوَ صَغِيرٍ امْتَنَعَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَهِيَ لَفَائِفُ) فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى لِفَافَةٍ مَعَ قَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ لِلرَّجُلِ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) تَوْجِيهُهُ أَنَّ الْخَمْسَةَ فِيهَا كَالثَّلَاثَةِ فِي الرَّجُلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَحَلُّهُ أَصْلُ التَّرِكَةِ) دَلِيلُهُ الْإِجْمَاعُ «وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفَّنَ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ فِي نَمِرَةٍ وَالرَّجُلَ الَّذِي مَاتَ مُحْرِمًا فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَمْ يَسْأَلْ هَلْ هُنَاكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَبَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَكْفِينُ الِابْنِ الْبَالِغِ الْفَقِيرِ، لِأَنَّ نَفَقَتَهُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، لَكِنْ نُقِلَ فِي الْكَبِيرِ عَنْ التَّتِمَّةِ وُجُوبُ تَكْفِينِهِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ نَفَقَتَهُ تَجِبُ إذَا كَانَ عَاجِزًا وَالْمَيِّتُ عَاجِزٌ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ. وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: لِعَجْزِهِ بِالْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (وَالْقِنُّ إلَخْ) لَوْ كَانَ مُبَعَّضًا فَعَلَيْهِ وَعَلَى السَّيِّدِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ ثُمَّ مَاتَ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لِبُطْلَانِ الْمُهَايَأَةِ كَمَا فِي الْكِتَابَةِ، وَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِذِي النَّوْبَةِ. قَوْلُهُ: (مَعْطُوفٌ عَلَى أَصْلِ التَّرِكَةِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ مَحَلَّ التَّعَلُّقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ، وَالثَّانِي قَالَ صَارَتْ بِالْمَوْتِ أَجْنَبِيَّةً، وَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ مَالٌ وَجَبَ فِي مَالِهَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ وَلَا كَانَ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ يَجِبُ كَفَنُهُ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَنَفَقَتِهِ فِي الْحَيَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ فَعَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَلْزَمُهُمْ التَّكْفِينُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَوْبٍ، وَكَذَا بَيْتُ الْمَالِ وَمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُمَا التَّكْفِينُ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ. (وَتُبْسَطُ أَحْسَنُ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعُهَا وَالثَّانِيَةُ فَوْقَهَا وَكَذَا الثَّالِثَةُ) أَيْ فَوْقَ الثَّانِيَةِ. (وَيُذَرُّ) بِالْمُعْجَمَةِ (عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ حَنُوطٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ وَكَافُورٌ يُذَرُّ عَلَى الْأُولَى قَبْلَ وَضْعِ الثَّانِيَةِ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ قَبْلَ وَضْعِ الثَّالِثَةِ. (وَيُوضَعُ الْمَيِّتُ فَوْقَهَا مُسْتَلْقِيًا) عَلَى ظَهْرِهِ. (وَعَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ) وَيُسْتَحَبُّ تَبْخِيرُ الْكَفَنِ بِالْعُودِ أَوَّلًا (وَتُشَدُّ أَلْيَاهُ) بِخِرْقَةٍ بَعْدَ أَنْ يُدَسَّ بَيْنَهُمَا قُطْنٌ عَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ (وَيُجْعَلُ عَلَى مَنَافِذِ بَدَنِهِ) مِنْ الْمَنْخِرَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ (قُطْنٌ) عَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ (وَتُلَفُّ عَلَيْهِ اللَّفَائِفُ) بِأَنْ يُثْنَى كُلٌّ مِنْهَا مِنْ طَرَفِ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ عَلَى الْأَيْمَنِ ثُمَّ مِنْ طَرَفِ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ عَلَى الْأَيْسَرِ كَمَا يَفْعَلُ الْحَيُّ بِالْقَبَاءِ، وَيُجْمَعُ الْفَاضِلُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَيَكُونُ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ أَكْثَرَ (وَتُشَدُّ) بِشِدَادٍ خَوْفَ الِانْتِشَارِ عِنْدَ الْحَمْلِ. (فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ نُزِعَ الشِّدَادُ) عَنْهُ (وَلَا يُلْبَسُ الْمُحْرِمُ الذَّكَرُ مَخِيطًا، وَلَا   [حاشية قليوبي] لَا يَلْزَمُ الْفَرْعَ كَفَنُ زَوْجَةِ أَبِيهِ، وَلَوْ مَاتَ مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ بَعْدَ مَوْتِ غَيْرِهِ وَضَاقَ مَالُهُ، قُدِّمَ هُوَ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَالْقِنُّ إلَخْ) وَالْمُبَعَّضُ يُوَزَّعُ كَفَنُهُ بِحَسَبِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ لِبُطْلَانِهَا، وَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهُ بِذِي النَّوْبَةِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الزَّوْجُ) أَيْ عَلَيْهِ كَفَنُهَا مَعَ بَقِيَّةِ مُؤَنِ تَجْهِيزِهَا، وَمَحَلُّهُ فِي الزَّوْجِ الْمُوسِرِ وَلَوْ بِمَا خَصَّهُ مِنْ التَّرِكَةِ، أَوْ بِمَالٍ حَصَلَ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ دَفْنِهَا، وَيُعْتَبَرُ الْيَسَارُ بِمَا فِي الْفِطْرَةِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِمَا فِي الْفَلَسِ وَفِيهِ نَظَرٌ، بِمَا مَرَّ فِي زَوْجَتِهِ لِاسْتِوَائِهَا فِي زَوَالِ الْإِعْفَافِ وَالْخِدْمَةِ بِمَوْتِهِمَا فَرَاجِعْهُ. (فَرْعٌ) لَوْ أَوْصَتْ الزَّوْجَةُ بِأَنْ تُكَفَّنَ مِنْ تَرِكَتِهَا فَهِيَ وَصِيَّةُ الْوَارِثِ، فَتَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ. قَوْلُهُ: (لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا) شَمِلَ الْحُرَّةَ وَالْأَمَةَ، وَالْبَائِنَ وَالْحَامِلَ، وَالرَّجْعِيَّةَ لَا النَّاشِزَةَ مَثَلًا، وَخَادِمُ الزَّوْجَةِ بِالنَّفَقَةِ مِثْلُهَا، وَلَوْ مَاتَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ زَوْجَةٍ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا قَدَّمَ مَنْ يَخَافُ تَغَيُّرُهُ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَبِالْقُرْعَةِ فِي الْأُولَى وَبِالسَّبْقِ فِي الثَّانِيَةِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. نَعَمْ يُقَدِّمُ فِي الْمَعِيَّةِ الْأَبَ أَوْ الْأُمَّ ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ، وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ الْبَرَّ عَلَى الْفَاجِرِ. قَوْلُهُ: (عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ الْمُوسِرِينَ مِنْهُمْ بِمَا فِي الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ كَفَّنَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ كَفَى عَنْهُمْ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بَيْتُ الْمَالِ) بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا زَادَ عَلَى الثَّوْبِ، وَنَحْوَ الْحَنُوطِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) وَمِنْهُ الزَّوْجَةُ، وَلَا يَجِبُ فِي تَرِكَتِهَا مَا زَادَ عَلَى الثَّوْبِ، وَلَوْ كَفَّنَهَا غَيْرُهُ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ لِغِيبَتِهِ مَثَلًا رَجَعَ عَلَيْهِ إنْ كَفَّنَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ أَوْ أَشْهَدَ . قَوْلُهُ: (عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ إلَخْ) فَالْمُرَادُ بِالتَّسَاوِي كَوْنُهَا تَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ، وَكَذَا لِمَا زِيدَ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ) وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هُوَ صَنْدَلٌ وَكَافُورٌ وَذَرِيرَةُ قَصَبٍ مَخْلُوطَةٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلُّ مَا خُلِطَ لِأَجْلِ الْمَيِّتِ فَهُوَ حَنُوطٌ، وَعَلَى هَذَيْنِ فَعَطْفُ الْكَافُورِ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ. قَوْلُهُ: (عَلَى ظَهْرِهِ) وَيَدَاهُ عَلَى صَدْرِهِ، أَوْ مُرْسَلَتَانِ بِجَنْبِهِ. قَوْلُهُ: (بِخِرْقَةٍ) كَالْمُسْتَحَاضَةِ، وَإِدْخَالُ الْقُطْنِ فِي دُبُرِهِ وَاجِبٌ لِعُذْرٍ وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ، وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ بَعْضُهُ خَارِجًا مُطْلَقًا. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: تَصِحُّ مَعَ الْعُذْرِ. قَوْلُهُ: (مَنَافِذِ بَدَنِهِ) وَمِنْهَا الْجِرَاحَةُ فِيهِ، وَيُسَنُّ وَضْعُهُ أَيْضًا عَلَى مَوَاضِعِ السُّجُودِ إكْرَامًا لَهَا. قَوْلُهُ: (وَتُشَدُّ) أَيْ فِي غَيْرِ مُحْرِمٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَقْدِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ. (فَرْعٌ) قَالُوا: يَحْرُمُ كِتَابَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ اسْمٍ مُعَظَّمٍ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْمَيِّتِ، لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِالصَّدِيدِ. قَوْلُهُ: (نُزِعَ الشِّدَادُ) أَيْ شِدَادُ اللَّفَائِفِ فَقَطْ تَفَاؤُلًا بِانْحِلَالِ الشِّدَّةِ عَنْهُ، وَقِيلَ: جَمِيعُ مَا فِيهِ تَعَقُّدٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي -   [حاشية عميرة] بِالزَّوْجِ إذَا لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَيَاةِ) وَكَانَتْ مَعَهُ كَالْأَبِ وَالِابْنِ لَكِنْ تَكْفِينُهَا وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهَا وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ غَنِيَّةً. قَوْلُهُ: (وَمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) دَخَلَ فِيهِ الزَّوْجُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالثَّانِيَةَ فَوْقَهَا إلَخْ) الْمُرَادُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ فِي الرُّتْبَةِ، فَيُفِيدُ اعْتِبَارَ السِّعَةِ وَالْحُسْنِ فَيُوَافِقُ مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (نُزِعَ الشِّدَادُ) الظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ النَّزْعِ بِشِدَادِ اللَّفَائِفِ دُونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 يُسْتَرُ رَأْسُهُ وَلَا وَجْهُ الْمُحْرِمَةِ) إبْقَاءً لِأَثَرِ الْإِحْرَامِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُ طِيبًا (وَحَمْلُ الْجِنَازَةِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ فِي الْأَصَحِّ) كَحَمْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ «وَحَمْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ» ، رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، الْأَوَّلُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَالثَّانِي بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَالثَّانِي التَّرْبِيعُ أَفْضَلُ، وَالثَّالِثُ هُمَا سَوَاءٌ. (وَهُوَ) أَيْ الْحَمْلُ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ (أَنْ يَضَعَ الْخَشَبَتَيْنِ الْمُقَدَّمَتَيْنِ) وَهُمَا الْعَمُودَانِ (عَلَى عَاتِقِيهِ وَرَأْسُهُ بَيْنَهُمَا وَيَحْمِلُ الْمُؤَخَّرَتَيْنِ رَجُلَانِ) أَحَدُهُمَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَالْآخَرُ مِنْ الْأَيْسَرِ، وَلَوْ تَوَسَّطَ الْمُؤَخَّرَتَيْنِ وَاحِدٌ كَالْمُقَدَّمَتَيْنِ لَمْ يَرَ مَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِخِلَافِ الْمُقَدَّمَتَيْنِ (وَالتَّرْبِيعُ أَنْ يَتَقَدَّمَ رَجُلَانِ وَيَتَأَخَّرَ آخَرَانِ) فِي حَمْلِهَا يَضَعُ أَحَدُ الْمُتَقَدِّمَيْنِ الْعَمُودَ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَالْآخِرُ الْعَمُودَ الْأَيْسَرَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ وَالْمُتَأَخِّرَانِ كَذَلِكَ (وَالْمَشْيُ أَمَامُهَا بِقُرْبِهَا) بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ رَآهَا (أَفْضَلُ) مِنْهُ بِبَعْدِهَا فَلَا يَرَاهَا لِكَثْرَةِ الْمَاشِينَ مَعَهَا، وَالْمَشْيُ أَمَامَهَا أَفْضَلُ مِنْهُ خَلْفَهَا لِلرَّاكِبِ وَالْمَاشِي، وَفِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْكَبَ فِي ذَهَابِهِ مَعَهَا إلَّا لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ ضَعْفٍ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَلَا بَأْسَ، بِهِ وَهُوَ لِغَيْرِ عُذْرٍ يُكْرَهُ، رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ» ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا قَرِيبًا مِنْهَا، وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ (وَيُسْرَعُ بِهَا) نَدْبًا لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» (إنْ لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ بِالْإِسْرَاعِ فَيَأْتِي بِهِ حِينَئِذٍ، وَالْإِسْرَاعُ فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ، وَدُونَ الْخَبَبِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ الضُّعَفَاءُ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ الْإِسْرَاعِ أَوْ انْفِجَارِهِ أَوْ انْتِفَاخِهِ زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ.   [حاشية قليوبي] الْقَبْرِ شَيْءٌ مَعْقُودٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُلْبَسُ وَلَا يُسْتَرُ أَيْ فَهُمَا حَرَامٌ) . (فَرْعٌ) يُكْرَهُ إعْدَادُ الْكَفَنِ إلَّا مِنْ وَجْهٍ حَلَالٍ أَوْ أَثَرٍ صَالِحٍ، وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِمَّا ذَكَرَ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الْمَيِّتِ، وَبِهَذَا فَارَقَ إبْدَالَ ثِيَابِ الشَّهِيدِ. قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْكَيْفِيَّتَيْنِ تَارَةً وَتَارَةً أَفْضَلُ، وَمَنْ حَمَلَهَا تَبَرُّكًا قُدِّمَ الْمُقَدَّمُ عَلَى الْمُؤَخَّرِ، وَالْأَيْمَنُ مِنْ الْحَامِلِ عَلَى الْأَيْسَرِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَشْيُ أَمَامَهَا بِقُرْبِهَا) لَوْ قَالَ: وَبِأَمَامِهَا وَبِقُرْبِهَا لَكَانَ أَوْلَى، لِإِفَادَةِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا صَنَعَ الشَّارِحُ، وَالْحَاصِلُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَشْيَ أَفْضَلُ وَلَوْ خَلْفَهَا، أَوْ بَعِيدًا مِنْ الرُّكُوبِ وَلَوْ أَمَامَهَا، أَوْ قَرِيبًا وَأَنَّهُ أَمَامَهَا أَفْضَلُ مِنْهُ خَلْفَهَا، وَلَوْ مَشَى بِالْقُرْبِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُقُوعِ التَّعَارُضِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّاكِبُ إلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى نَاسًا رُكْبَانًا فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ: أَلَا تَسْتَحْيُونَ إنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ يَمْشُونَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ، وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ» . قَوْلُهُ: (وَدُونَ الْخَبَبِ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ فَمُوَحَّدَتَيْنِ: هُوَ الْمَشْيُ عَلَى الْهَيِّنَةِ وَالتَّأَنِّي. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ الْإِسْرَاعِ) هُوَ مَفْهُومُ تَقْيِيدِهِ الْخَوْفَ قَبْلَهُ بِالْإِسْرَاعِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ لَوْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ مَعَ الْإِسْرَاعِ مِنْ غَيْرِهِ كَشِدَّةِ حَرٍّ طُلِبَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْإِسْرَاعِ، وَلِذَلِكَ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ وَلَمْ يَقُلْ: أَسْرَعَ، وَيَلْزَمُ مِنْ خَوْفِ التَّغَيُّرِ بِمَا ذَكَرَ مَعَ الْإِسْرَاعِ أَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ مَعَ التَّأَنِّي أَوْلَى، وَلِذَلِكَ سَكَتَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْإِسْرَاعِ) أَيْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ. (فَائِدَةٌ) يَنْدُبُ الْقِيَامُ لِلْجِنَازَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَأَنْ يَدْعُوَ لَهَا وَيُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا إنْ كَانَتْ أَهْلًا لَهُ، وَأَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، أَوْ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، أَوْ {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب: 22] ، اللَّهُمَّ زِدْنَا إيمَانًا وَتَصْدِيقًا وَتَسْلِيمًا، أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس: 52] لِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ كُتِبَ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] شِدَادِ الْأَلْيَيْنِ السَّابِقِ وَنَحْوِهِ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِقُرْبِهَا) لَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ فَانْظُرْ مَاذَا يُرَاعَى . قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ الْإِسْرَاعِ) يَعْنِي لَوْ أَتَى بِالسُّنَّةِ، وَهِيَ الْإِسْرَاعُ وَلَكِنْ خِيفَ التَّغَيُّرُ لَا مِنْ الْإِسْرَاعِ، بَلْ مِنْ أَمْرِ غَيْرِهِ كَشِدَّةِ الْحَرِّ. وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّارِحُ: فِيمَا يَأْتِي زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ، وَلَمْ يَقُلْ أَسْرَعَ بِهَا. قَوْلُهُ: (زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 (فَصْلٌ لِصَلَاتِهِ أَرْكَانٌ أَحَدُهَا النِّيَّةُ) كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ (وَوَقْتُهَا كَغَيْرِهَا) أَيْ كَوَقْتِ نِيَّةِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ وَقْتُ التَّكْبِيرِ لِلْإِحْرَامِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَجِبُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ (وَتَكْفِي نِيَّةُ الْفَرْضِ) فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُ وَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ نِيَّةُ فَرْضِ كِفَايَةٍ) تَعَرُّضًا لِكَمَالِ وَصْفِهَا. (وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ) كَزَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو أَوْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ بَلْ تَكْفِيهِ نِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى هَذَا الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا وَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ إمَامُهُ جَازَ. (فَإِنْ عَيَّنَ وَأَخْطَأَ) كَأَنْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَى زَيْدٍ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو، أَوْ رَجُلٍ فَكَانَ امْرَأَةً (بَطَلَتْ) أَيْ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا إذَا لَمْ يُشِرْ إلَى الْمُعَيَّنِ فَإِنْ أَشَارَ صَحَّتْ فِي الْأَصَحِّ (وَإِنْ حَضَرَ مَوْتَى نَوَاهُمْ) أَيْ قَصَدَهُمْ فِي نِيَّتِهِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ وَيَجِبُ عَلَى الْمُقْتَدِي نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ (الثَّانِي:) مِنْ الْأَرْكَانِ (أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَمَا دُفِنَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا» . (فَإِنْ خَمَّسَ) عَمْدًا (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ زَادَ ذِكْرًا، وَالثَّانِي يَقُولُ: زَادَ رُكْنًا، وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُكَبِّرُ خَمْسًا» ، وَلَا تَبْطُلُ فِي السَّهْوِ جَزْمًا، وَلَا مَدْخَلَ لِسُجُودِ السَّهْوِ فِيهَا. (وَلَوْ خَمَّسَ إمَامُهُ) وَقُلْنَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (لَمْ يُتَابِعْهُ فِي الْأَصَحِّ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْأَظْهَرِ وَرَجَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْقَطْعَ بِهِ (بَلْ يُسَلِّمُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَمَا يَتْبَعُهَا) وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَمْ تُشْرَعْ إلَّا فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ فِي الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ «وَلَمْ يُصَلِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى زَوْجَتِهِ خَدِيجَةَ بِمَكَّةَ» . قَوْلُهُ: (يَجِبُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ) وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ جَوَازُ الِاقْتِدَاءِ فِي أَثْنَائِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، فَلَا وَجْهَ لِقَصْرِ كَلَامِهِ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى فَقَطْ. قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُ) أَيْ لِلْفَرْضِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي صَبِيًّا وَلَوْ مَعَ الرِّجَالِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَفَارَقَ عَدَمَ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عَلَى رَأْيِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِأَنَّ فِي صَلَاتِهِ هُنَا إسْقَاطًا عَنْ الْمُكَلَّفِينَ فِي الْجُمْلَةِ وَالْمَرْأَةُ كَالصَّبِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ) أَيْ الْحَاضِرِ، أَمَّا الْغَائِبُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ قَرِينَةِ الْحُضُورِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (نَوَاهُمْ) وَلَهُ أَنْ يَنْوِيَ مَعَهُمْ مَيِّتًا آخَرَ كَمَا سَيَأْتِي، فَإِنْ نَوَى مَعَهُمْ حَيًّا أَوْ نَقَصَ مِنْهُمْ بِلَا تَعْيِينٍ، أَوْ زَادَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ نِيَّتِهِمْ، أَوْ نَوَى بَعْضَهُمْ مُبْهَمًا ثُمَّ بَعْضَهُمْ كَذَلِكَ، أَوْ ذَكَرَ عَدَدَهُمْ فَبَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُ بَطَلَتْ فِي الْجَمِيعِ. نَعَمْ إنْ جَهِلَ الْحَيُّ فِي صُورَتِهِ لَمْ تَبْطُلْ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَكَذَا لَوْ أَشَارَ إلَيْهِمْ فِي الْأَخِيرَةِ لَمْ تَبْطُلْ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ، وَمَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا . قَوْلُهُ: (فَإِنْ خَمَّسَ) الْمُرَادُ فَإِنْ زَادَ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسٍ، وَإِنْ كَرَّرَ الْأَذْكَارَ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ أَخَّرَهَا إلَيْهَا. نَعَمْ لَوْ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ ثَلَاثًا مُتَوَالِيًا بَطَلَتْ كَمَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا، وَكَذَا لَوْ اعْتَقَدَ الْبُطْلَانَ بِالزِّيَادَةِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُتَابِعْهُ) أَيْ لَمْ تَنْدُبْ لَهُ مُتَابَعَتُهُ، فَلَا يَضُرُّ لَوْ تَابَعَ عَلَى مَا   [حاشية عميرة] تَتِمَّةٌ) الْمَنْصُوصُ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ عَدَمُ اسْتِحْبَابِ الْقِيَامِ لَهَا، وَخَالَفَ الْمُتَوَلِّي وَاخْتَارَ مَقَالَتَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ [فَصْلٌ أَرْكَانٌ صَلَاة الْجِنَازَةُ] (فَصْلٌ: لِصَلَاتِهِ أَرْكَانٌ إلَخْ) . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَكْفِي نِيَّةُ الْفَرْضِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الظُّهْرَ مَثَلًا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِكَوْنِهَا فَرْضَ عَيْنٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ إلَخْ) هُوَ شَامِلٌ لِصَلَاةِ الصَّبِيِّ وَلِصَلَاةِ النِّسَاءِ، وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّ النِّسَاءَ إذَا صَلَّيْنَ مَعَ الرِّجَالِ تَقَعُ لَهُنَّ نَافِلَةً. قَوْلُهُ: (تَعَرُّضًا لِكَمَالِ وَصْفِهَا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: بَدَّلَهُ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ فَرْضِ الْعَيْنِ، وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَلَك أَنْ تَقُولَ هَلْ يَجْرِي نَظِيرُ هَذَا الْوَجْهِ فِي فُرُوضِ الْأَعْيَانِ؟ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ) لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُهُ. قَوْلُهُ: (كَزَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو) وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ الْغَائِبَ، وَعَلَيْهِ فَيُعَيِّنُهُ وَلَوْ بِإِضَافَتِهِ لِلْبَلَدِ وَنَحْوِهَا فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَوَاهُمْ) لَوْ نَوَى بَعْضُهُمْ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ ثُمَّ صَلَّى عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ كَذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ، وَلَوْ اعْتَقَدَهُمْ عَشَرَةً فَبَانُوا أَحَدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) وَالثَّانِي يُتَابِعُهُ وَإِنْ قُلْنَا بِالْبُطْلَانِ فَارَقَهُ (الثَّالِثُ: السَّلَامُ) وَهُوَ (كَغَيْرِهَا) أَيْ كَسَلَامِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي كَيْفِيَّتِهِ وَتَعَدُّدِهِ وَنِيَّةِ الْخُرُوجِ مَعَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ (الرَّابِعُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الْأُولَى) قَبْلَ الثَّانِيَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبَّرَ عَلَى الْمَيِّتِ أَرْبَعًا وَقَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى» . (قُلْت تُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ قِرَاءَتَهَا إلَى التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ جَازَ. (الْخَامِسُ: الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الثَّانِيَةِ) أَيْ عَقِبَهَا، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعَيُّنِ الْفَاتِحَةِ قَبْلَهَا، رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ حَدِيثَ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً إلَّا بِطَهُورٍ وَالصَّلَاةَ عَلَيَّ» لَكِنْ ضَعَّفَاهُ. (وَالصَّحِيحُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ لَا تَجِبُ) فِيهَا، بَلْ تُسَنُّ، وَقِيلَ تَجِبُ، وَهُوَ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي التَّشَهُّدِ الْآخِرِ، وَهَذِهِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ. (السَّادِسُ: الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَا يُجْزِئُ فِي غَيْرِهَا بِلَا خِلَافٍ وَلَيْسَ لِتَخْصِيصِهِ بِهَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ انْتَهَى، وَأَقَلُّهُ   [حاشية قليوبي] تَقَدَّمَ وَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ، سَوَاءٌ كَانَ الْإِمَامُ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا. نَعَمْ لِلْمَسْبُوقِ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِي الزَّائِدِ وَيَحْسُبُ لَهُ. قَوْلُهُ: (كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ) مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ مَنْ يُحْسِنُ الْقُرْآنَ بِمَنْ يُحْسِنُ الذِّكْرَ، وَلَا هُمَا بِمَنْ وَاجِبُهُ الْوُقُوفُ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ . قَوْلُهُ: (بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى) وَلَوْ فِيمَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَلَوْ مِمَّا زَادَهُ عَلَيْهَا، وَفَارَقَتْ الْفَاتِحَةُ غَيْرَهَا مِنْ الْأَرْكَانِ بِأَنَّ الْقِرَاءَةَ أَكْمَلُ، وَقِيلَ: إنَّهَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ دَخِيلَةٌ أَيْ غَيْرُ أَصْلِيَّةٍ، إذْ الْمَطْلُوبُ فِيهَا أَصَالَةُ الدُّعَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَزِمَ مِنْ ذَلِكَ خُلُوُّ الْأُولَى عَنْ ذِكْرٍ، وَجَمْعِ رُكْنَيْنِ فِي غَيْرِهَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمَحَلُّ تَأْخِيرِهَا فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ، وَمِثْلُهُ مَنْ شَرَعَ فِيهَا وَنَازَعَ بَعْضُهُمْ فِيهِمَا وَخُصُوصًا فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا يُقَاسُ بِالشُّرُوعِ فِي نَحْوِ الْقُنُوتِ لِإِمْكَانِ التَّدَارُكِ هُنَا وَسَيَأْتِي . قَوْلُهُ: (الصَّلَاةُ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُنْدَبُ السَّلَامُ مَعَهَا وَلَا يُكْرَهُ هُنَا إفْرَادُ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ الْوَارِدِ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَهَلْ بَقِيَّةُ أَسْمَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ كَالْحَاشِرِ وَالْعَاقِبِ؟ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ تَعَيُّنُهَا عَقِبَهَا، وَمَا بَحَثَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْبِنَاءِ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (بَلْ تُسَنُّ) وَيُنْدَبُ أَنْ يُقَدِّمَ قَبْلَهُمَا الْحَمْدَ لِلَّهِ، وَيُؤَخِّرَ عَنْهُمَا الدُّعَاءَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الثَّانِيَةِ) أَيْ -   [حاشية عميرة] عَشَرَ وَجَبَ إعَادَةُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَمِيعِ، لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ الْعَكْسِ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى حَيٍّ وَمَيِّتٍ صَحَّتْ مَعَ الْجَهْلِ دُونَ الْعِلْمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُتَابِعْهُ فِي الْأَصَحِّ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هَذَا الْخِلَافُ فِي الْوُجُوبِ لِأَجْلِ الْمُتَابَعَةِ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الِاسْتِحْبَابِ، انْتَهَى. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ فِي الِاسْتِحْبَابِ. قَوْلُهُ: (فَارَقَهُ) لَوْ فَعَلَ الْإِمَامُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ السَّهْوِ وَنَحْوَهُ: فَالْمَأْمُومُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْمُفَارَقَةِ وَالِانْتِظَارِ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (الثَّالِثُ السَّلَامُ) لِحَدِيثِ «تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ قَرَأَ فِيهَا بِالْفَاتِحَةِ، وَقَالَ: فَعَلَتْهُ لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوْلُهُ: إنَّهَا سُنَّةٌ كَقَوْلِ الصَّحَابِيِّ مِنْ السُّنَّةِ كَذَا فَيَكُونُ مَرْفُوعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت: تُجْزِئُ إلَخْ) يُسْتَفَادُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: إخْلَاءُ الْأُولَى عَنْ ذِكْرٍ يَكُونُ فِيهَا، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ رُكْنِ الْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ رُكْنَيْنِ فِي تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ . قَوْلُهُ: (عَقِبَهَا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالتَّخْصِيصُ بِالثَّانِيَةِ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ. قَوْلُهُ: (وَكَأَنَّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ وَفِي قَوْلِهِ: ذَكَرَهُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَيْ عَقِبَهَا. قَوْلُهُ: (لَكِنْ ضَعَّفَاهُ) أَقُولُ: رَوَى الْحَاكِمُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ نَحْوَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَسَيَأْتِي أَكْمَلُهُ . (السَّابِعُ: الْقِيَامُ عَلَى الْمَذْهَبِ إنْ قَدَرَ) عَلَيْهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ، وَقِيلَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ لِشِبْهِهَا بِالنَّافِلَةِ فِي جَوَازِ التَّرْكِ، وَالثَّانِي يَجِبُ إنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ. (وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَاتِ) فِيهَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَوَضْعُهُمَا عَلَى صَدْرِهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ. (وَإِسْرَارُ الْقِرَاءَةِ) فِيهَا فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ. (وَقِيلَ يَجْهَرُ لَيْلًا) رَوَى النَّسَائِيّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: «السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ مُخَافَتَةً، ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا، وَالتَّسْلِيمُ عِنْدَ الْأَخِيرَةِ» . (وَالْأَصَحُّ نَدْبُ التَّعَوُّذِ دُونَ الِافْتِتَاحِ) لِطُولِهِ، وَالثَّانِي يُنْدَبَانِ كَمَا فِي غَيْرِهَا، وَالثَّالِثُ لَا يُنْدَبُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَخْفِيفًا، وَلَا تُنْدَبُ السُّورَةُ فِي الْأَصَحِّ وَيُنْدَبُ التَّأْمِينُ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ (وَيَقُولُ فِي الثَّالِثَةِ: اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُك وَابْنُ عَبْدَيْك إلَخْ) وَبَقِيَّتُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ خَرَجَ مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا، أَيْ نَسِيمِ رِيحِهَا وَاتِّسَاعِهَا وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ فِيهَا، أَيْ مَا يُحِبُّهُ وَمَنْ يُحِبُّهُ إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَمَا هُوَ لَاقِيهِ، أَيْ مِنْ الْأَهْوَالِ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، اللَّهُمَّ إنَّهُ نَزَلَ بِك وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إلَى رَحْمَتِك وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ، وَقَدْ جِئْنَاك رَاغِبِينَ إلَيْك شُفَعَاءَ لَهُ، اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَاغْفِرْ لَهُ وَتَجَاوَزْ عَنْهُ، وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك رِضَاك، وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ، وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَجَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِك حَتَّى تَبْعَثَهُ آمِنًا إلَى جَنَّتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، جَمَعَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَصْحَابُ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً قَالَ: اللَّهُمَّ هَذِهِ أَمَتُك وَبِنْتُ عَبْدَيْك، وَيُؤَنِّثُ الضَّمَائِرَ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ ذَكَّرَهَا عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ لَمْ يَضُرَّ. (وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ) . رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ   [حاشية قليوبي] بِحَسَبِ إرَادَتِهِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ . قَوْلُهُ: (الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ) أَيْ بِخُصُوصِهِ وَلَوْ فِي عُمُومٍ بِقَصْدِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ بِأُخْرَوِيٍّ. قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ إلَخْ) وَلَوْ فِي صَغِيرٍ، وَمِنْهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرْطًا وَذُخْرًا لِوَالِدَيْهِ إلَخْ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَلَيْسَ لِتَخْصِيصِهِ إلَخْ نَفْيُ دَلِيلِ تَخْصِيصِ عَدَمِ الْخِلَافِ لَا نَفْيُ دَلِيلِ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ، فَلَا يُنَافِي مَا فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ . قَوْلُهُ: (الْقِيَامُ) وَلَوْ لِصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ مَعَ الرِّجَالِ. قَوْلُهُ: (فِي جَوَازِ التَّرْكِ) أَيْ لَا فِي جَوَازِ التَّنَفُّلِ بِصُورَتِهَا. قَوْلُهُ: (فِي التَّكْبِيرَاتِ) أَيْ الْمَطْلُوبَةِ لَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا، لَكِنْ لَا يَضُرُّ لَوْ رَفَعَ إلَّا فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَالَ السُّنَّةُ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ قَالَ مِنْ السُّنَّةِ وَالْمُرَادُ الطَّرِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ. قَوْلُهُ: (دُونَ الِافْتِتَاحِ) وَإِنْ صَلَّى عَلَى غَائِبٍ أَوْ قَبْرٍ، وَيُنْدَبُ الْإِسْرَارُ بِالتَّعَوُّذِ وَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ أَذْكَارِهَا إلَّا التَّكْبِيرَاتِ وَالسَّلَامَ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ الْقِرَاءَةَ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَيُنْدَبُ التَّأْمِينُ) وَبَعْدَهُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ) الْمَشْهُورُ فِيهِمَا الْجَرُّ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُمَا جُمْلَةً حَالِيَّةً. قَوْلُهُ: (مَا يُحِبُّهُ وَمَنْ يُحِبُّهُ) الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِيهِمَا لِلْمَيِّتِ، وَالْبَارِزُ لِمَحْبُوبِ الْمَيِّتِ مِنْ عَاقِلٍ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (نَزَلَ بِك) أَيْ صَارَ ضَيْفًا عِنْدَك. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا إلَخْ) وَلَا يَضُرُّ هَذَا التَّعْلِيقُ، وَإِنْ صَلَّى عَلَى نَبِيٍّ مَثَلًا عَلَى نَظِيرِ دُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ بِقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ إلَخْ، وَلَكِنْ الْأَوْلَى فِي نَحْوِ النَّبِيِّ تَرْكُهُ. قَوْلُهُ: (جَنْبَيْهِ) بِنُونٍ فَمُوَحَّدَةٍ مُثَنَّى جَنْبٍ، وَبِمُثَلَّثَةٍ، فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَهِيَ أَوْلَى لِعُمُومِهَا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ، كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (وَلَقِّهِ) أَيْ أَعْطِهِ تَكَرُّمًا وَآمِنْهُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَسُؤَالِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً إلَخْ) وَلَوْ كَانَ خُنْثَى أَوْ غَيْرَ مَعْرُوفٍ قَالَ: مَمْلُوكُك. قَوْلُهُ: (وَيُؤَنِّثُ الضَّمَائِرَ) أَيْ إلَّا ضَمِيرَ مَنْزُولٍ بِهِ، فَيَجِبُ أَنْ يُذَكَّرَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَفْرَدَهُ كَمَا ذَكَرَهُ، أَوْ جَمَعَهُ كَمَنْزُولٍ بِهِمْ، لِأَنَّهُ عَائِدٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا أَنَّثَهُ عَامِدًا عَالِمًا خِيفَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ. قَوْلُهُ: (عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ) قَالَ شَيْخُنَا: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ اعْتِبَارِ أَنَّهُ يُلَاحِظُ ذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ. قَوْلُهُ: (وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِ) وَيُنْدَبُ أَنْ يُقَدِّمَ عَلَيْهِمَا مَعًا مَا رَوَاهُ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ   [حاشية عميرة] أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرُوهُ أَنَّ «السُّنَّةَ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُخْلِصَ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ فِي التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ وَيُسَلِّمَ» . ثُمَّ قَالَ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ . قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّهُ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ هَذَا الْأَقَلَّ حَتَّى فِي الطِّفْلِ، فَلَا يَكْفِي الدُّعَاءُ لِوَالِدَيْهِ، لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ السَّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ، وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْإِشْكَالِ . قَوْلُهُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جِنَازَةٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا» إلَخْ، زَادَ التِّرْمِذِيُّ: " اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ " وَالْجَمْعُ بَيْنَ الدُّعَاءَيْنِ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي الْكَبِيرِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَتَقْدِيمُ الثَّانِي مِنْهُمَا لِأَنَّهُ بَعْضُ الْأَوَّلِ بِالْمَعْنَى. (وَيَقُولُ فِي الطِّفْلِ مَعَ هَذَا الثَّانِي اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ) أَيْ سَابِقًا مُهَيِّئًا مَصَالِحَهُمَا فِي الْآخِرَةِ. (وَسَلَفًا وَذُخْرًا) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (وَعِظَةً) أَيْ مَوْعِظَةً (وَاعْتِبَارًا وَشَفِيعًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ وَلَا تَحْرِمْهُمَا أَجْرَهُ، وَيَشْهَدُ لِلدُّعَاءِ لَهُمَا مَا فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ السَّابِقِ " وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ " (وَفِي الرَّابِعَةِ: اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا (وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ) أَيْ بِالِابْتِلَاءِ بِالْمَعَاصِي وَفِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ: وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْأَوَّلَانِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَلَوْ تَخَلَّفَ الْمُقْتَدِي بِلَا عُذْرٍ فَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ أُخْرَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِأَنَّ التَّخَلُّفَ بِالتَّكْبِيرِ هُنَا مُتَفَاحِشٌ شُبِّهَ بِالتَّخَلُّفِ بِرَكْعَةٍ، وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ احْتِمَالُ أَنَّهُ كَالتَّخَلُّفِ بِرُكْنٍ (وَيُكَبِّرُ الْمَسْبُوقُ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ   [حاشية قليوبي] لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَتِهِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ» ، انْتَهَى. وَهَذَا أَصَحُّ مَا فِي الْبَابِ، وَالْمُرَادُ بِإِبْدَالِ الزَّوْجِ وَلَوْ تَقْدِيرًا أَوْ صِفَةً فَيَدْخُلُ مَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ وَمِنْ الْحَوَرِ الْعَيْنِ، لِأَنَّ بَنَاتَ آدَمَ أَفْضَلُ مِنْهُنَّ، وَلِكُلِّ إنْسَانٍ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ ثِنْتَانِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَمَيِّتَنَا) وَلَا يَكْتَفِي بِهَذَا عَنْ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ إلَّا إنْ قَصَدَهُ فِيهِ بِخُصُوصِهِ وَلَوْ فِي عُمُومِهِ، وَحِينَئِذٍ يَكْفِي وَلَوْ فِي الصَّغِيرِ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ لَا تَسْتَدْعِي سَبْقَ ذَنْبٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (فِي الطِّفْلِ) أَيْ مِنْ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ يَقِينًا، وَفِي الْمَشْكُوكِ فِيهِ يُعَلِّقُ كَمَا يَأْتِي فِي الِاخْتِلَاطِ، وَفِي الطِّفْلَةِ يُؤَنِّثُ ضَمَائِرَهَا كَمَا مَرَّ، وَيُرَاعِي فِي الدُّعَاءِ مَا يُنَاسِبُ فَلَا يَقُولُ: فَرْطًا وَنَحْوَهُ إلَّا فِيمَنْ لَهُ أَصْلٌ مُسْلِمٌ، وَلَا عِظَةً وَنَحْوَهُ إلَّا فِيمَنْ لَهُ أَصْلٌ حَيٌّ وَهَكَذَا، وَفِي كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ حُرْمَةُ الدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ بِأُخْرَوِيٍّ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ، وَمِنْهُ جَوَازُ الدُّعَاءِ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَذْكَارِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّابِعَةِ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمَنْدُوبِ لِأَنَّ ذِكْرَهَا مَنْدُوبٌ، وَيُنْدَبُ تَطْوِيلُهَا بِقَدْرِ مَا يَأْتِي بِهِ فِي الثَّلَاثَةِ قَبْلَهَا، وَأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا آيَاتِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ إلَى الْعَظِيمِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَقَدَّمَ الْأَوَّلَانِ) لَكِنْ بِلَفْظِ وَلَا تُضِلَّنَا قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَخَلَّفَ الْمُقْتَدِي) وَكَذَا لَوْ تَقَدَّمَ، ثُمَّ إنْ أَحْرَمَ الْمُقْتَدِي عَقِبَ إحْرَامِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ، أَيْ شَرَعَ فِي التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَمِثْلُهَا الرَّابِعَةُ لِمَنْ أَحْرَمَ عَقِبَ الثَّانِيَةِ لِلْإِمَامِ، وَخَرَجَ بِالتَّكْبِيرِ الشُّرُوعُ فِي السَّلَامِ، فَلَا يَضُرُّ. وَخَرَجَ بِالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مَا زَادَهُ الْإِمَامُ فَلَا يَضُرُّ التَّخَلُّفُ بِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُنْدَبُ مُتَابَعَتُهُ فِيهِ. وَقَالُوا: لَهُ انْتِظَارُهُ فِيهِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ، وَقِيلَ: إنَّهُ كَغَيْرِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِلَا عُذْرٍ) أَمَّا لَوْ كَانَ لِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ وَجَهْلٍ وَعَدَمِ سَمَاعِ إمَامٍ وَبُطْءِ قِرَاءَةٍ، فَلَا تَبْطُلُ بِتَخَلُّفِهِ بِتَكْبِيرَةٍ وَلَا بِتَكْبِيرَتَيْنِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا عَدَمُ الْبُطْلَانِ وَلَوْ بِجَمِيعِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ الْوَجْهُ فِي غَيْرِ عَدَمِ السَّمَاعِ بَلْ مَعَهُ أَوْلَى مِنْ الصَّلَاةِ الْأَصْلِيَّةِ. قَوْلُهُ: (الْمَسْبُوقُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: الْمُرَادُ بِهِ مَنْ تَأَخَّرَ إحْرَامُهُ عَنْ إحْرَامِ الْإِمَامِ فِي الْأُولَى، أَوْ عَنْ تَكْبِيرِهِ فِيمَا بَعْدَهَا، وَإِنْ أَدْرَكَ مِنْ الْقِيَامِ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ أَوْ أَكْثَرَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَقَوْلِهِمْ: فَلَوْ كَبَّرَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ، جَوَازًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا لِمَا بَعْدَ الْأُولَى، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ، ثُمَّ اعْتَمَدَ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْوُجُوبَ قَالَ: وَهَذَا مُسْتَثْنَى مِمَّا تَقَدَّمَ آنِفًا نَظَرًا لِسُقُوطِهَا هُنَا، فَلَا   [حاشية عميرة] نَسِيمِ رِيحِهَا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُرَادُ بِهِ الْفَضَاءُ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَسْقُطُ هَذَا إذَا كَانَ أَبَوَاهُ مَيِّتَيْنِ؟ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَعِظَةً وَاعْتِبَارًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الرَّابِعَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ ذِكْرٍ فِيهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَمْ يُكَبِّرْ إلَخْ) لَوْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ الْأُخْرَى اُتُّجِهَ الصِّحَّةُ، وَلَوْ شَرَعَ مَعَ شُرُوعِهِ فِيهَا، وَلَكِنْ تَأَخَّرَ فَرَاغُ الْمَأْمُومِ هَلْ نَقُولُ بِالصِّحَّةِ أَمْ بِالْبُطْلَانِ؟ هُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (مُتَفَاحِشٌ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ هُنَا لَا تَظْهَرُ إلَّا بِالْمُوَافَقَةِ فِيهَا لِخُلُوِّهَا عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ عِبَارَةِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ تَخَلَّفَ بِالرَّابِعَةِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. قَوْلُهُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي غَيْرِهَا) كَالدُّعَاءِ رِعَايَةً لِتَرْتِيبِ صَلَاةِ نَفْسِهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَذَا ذَكَرُوهُ، وَهُوَ غَيْرُ صَافٍ عَنْ الْإِشْكَالِ، أَيْ لِمَا قَدَّمَهُ عَنْ النَّصِّ مِنْ جَوَازِ تَأْخِيرِ قِرَاءَتِهَا إلَى التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ. (فَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ أُخْرَى قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْفَاتِحَةِ) بِأَنْ كَبَّرَ عَقِبَ تَكْبِيرِهِ (كَبَّرَ مَعَهُ وَسَقَطَتْ الْقِرَاءَةُ) عَنْهُ كَمَا لَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ عَقِبَ تَكْبِيرِ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ مَعَهُ. (وَإِنْ كَبَّرَهَا وَهُوَ فِي الْفَاتِحَةِ تَرَكَهَا وَتَابَعَهُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَتَخَلَّفُ وَيُتِمُّهَا وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا رَكَعَ الْإِمَامُ فِي فَاتِحَةِ الْمَسْبُوقِ وَالْأَصَحُّ هُنَاكَ كَمَا تَقَدَّمَ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ اشْتَغَلَ بِافْتِتَاحٍ أَوْ تَعَوُّذٍ تَخَلَّفَ وَقَرَأَ بِقَدْرِهِ وَإِلَّا تَابَعَ الْإِمَامَ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخَانِ هَذَا التَّفْصِيلَ هُنَا، وَفِي الْكِفَايَةِ لَا شَكَّ فِي جَرَيَانِهِ هُنَا، وَبِهِ صَرَّحَ الْفُورَانِيُّ، أَيْ بِنَاءً عَلَى نَدْبِ التَّعَوُّذِ وَالِافْتِتَاحِ. (وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَدَارَكَ الْمَسْبُوقُ بَاقِيَ التَّكْبِيرَاتِ بِأَذْكَارِهَا) كَمَا فِي تَدَارُكِ بَقِيَّةِ الرَّكَعَاتِ. (وَفِي قَوْلٍ لَا تُشْتَرَطُ الْأَذْكَارُ) بَلْ يَأْتِي. بِبَاقِي التَّكْبِيرَاتِ نَسَقًا لِأَنَّ الْجِنَازَةَ تُرْفَعُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَلَيْسَ الْوَقْتُ وَقْتَ تَطْوِيلٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُرْفَعَ حَتَّى يُتِمَّ الْمَسْبُوقُ وَلَا يَضُرُّ رَفْعُهَا قَبْلَ إتْمَامِهِ . (وَتُشْتَرَطُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ) فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ كَالطَّهَارَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا تَقَدُّمُ غُسْلِ الْمَيِّتِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الزِّيَادَةِ (لَا الْجَمَاعَةُ) نَعَمْ تُسْتَحَبُّ فِيهَا كَعَادَةِ السَّلَفِ (وَيَسْقُطُ فَرْضُهَا بِوَاحِدٍ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ (وَقِيلَ: يَجِبُ) لِسُقُوطِ الْفَرْضِ (اثْنَانِ) أَيْ فِعْلُهُمَا (وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ) لِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيّ «صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلَهَ   [حاشية قليوبي] يُكَبِّرُ حَتَّى يَقْرَأَهَا أَوْ يَقْرَأَ قَدْرَ مَا أَدْرَكَهُ مِنْهَا قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ، حَتَّى لَوْ قَصَدَ تَأْخِيرَهَا لَمْ يُعْتَبَرْ قَصْدُهُ، وَكَذَا لَا يُعْتَدُّ بِتَكْبِيرِهِ لَوْ كَبَّرَ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا سَقَطَتْ هُنَا عَنْ الْمَسْبُوقِ نَظَرًا إلَى أَنَّ هَذَا مَحَلُّهَا الْأَصْلِيُّ، وَإِنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ فِيهِ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِثْنَاءِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ) التَّكْبِيرَةَ الثَّانِيَةَ أَوْ غَيْرَهَا. قَوْلُهُ: (كَبَّرَ مَعَهُ) أَيْ وُجُوبًا وَكَذَا لَوْ تَرَكَهَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: كَبَّرَ الْإِمَامُ لَوْ سَلَّمَ. فَيُتِمُّ الْمَسْبُوقُ الْفَاتِحَةَ لِفَوَاتِ الْمُتَابَعَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ هُنَاكَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ هُنَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ رَفْعُهَا قَبْلَ إتْمَامِهِ) وَلَا خُرُوجُهَا عَنْ الْقِبْلَةِ، وَلَا بُعْدُ الْمَسَافَةِ، وَلَا وُجُودُ حَائِلٍ، وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ عَلَيْهَا تَارَةً لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ رُفِعَتْ، فَإِنْ أَحْرَمَ عَلَيْهَا سَائِرَةً مَعَ الشُّرُوطِ لَمْ يَضُرَّ غَيْرُ بُعْدِ الْمَسَافَةِ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَضُرُّ خُرُوجُهَا عَنْ الْقِبْلَةِ أَيْضًا، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. نَعَمْ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهَذَا الْمَسْبُوقِ فِي أَحْوَالِهِ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. (فَرْعٌ) يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ كَغَيْرِهَا، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا سُجُودُ سَهْوٍ وَلَا تِلَاوَةٍ، وَتَبْطُلُ بِهِمَا مِنْ الْعَامِدِ الْعَالِمِ. قَوْلُهُ: (كَالطَّهَارَةِ) أَيْ لِلْمَيِّتِ وَلِمَا اتَّصَلَ بِهِ مِمَّا يَضُرُّ فِي الْحَيِّ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمُرَادَ طَهَارَةُ الْمُصَلِّي أَخْذًا مِنْ انْضِمَامِهَا لِبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ مِنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَالسِّتْرِ وَغَيْرِهِمَا. نَعَمْ يُمْكِنُ شُمُولُهَا لِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا بِتَجَوُّزٍ، وَعَلَيْهِ يَضُرُّ نَجَاسَةٌ عَلَى رِجْلِ تَابُوتٍ وَالْمَيِّتُ مَرْبُوطٌ عَلَيْهِ. نَعَمْ لَا يَضُرُّ اتِّصَالُ نَجَاسَةٍ فِي الْقَبْرِ لِأَنَّهُ كَانْفِجَارِهِ، وَهُوَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لَا الْجَمَاعَةُ) أَيْ لَا تُشْتَرَطُ الْجَمَاعَةُ فِيهَا، وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ، فَالْجَمَاعَةُ وَالْعَدَدُ فِيهَا مَنْدُوبَانِ. قَوْلُهُ: (بِوَاحِدٍ) وَلَوْ صَبِيًّا مَعَ وُجُودِ بَالِغٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَمُصَلِّيًا بِالذَّكَرِ أَوْ بِالْوُقُوفِ لِعَجْزٍ مَعَ وُجُودِ قَادِرٍ عَلَى الْفَاتِحَةِ   [حاشية عميرة] يَتَخَلَّفُ وَيُتِمُّ) أَيْ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِتَكْبِيرَتَيْنِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي كُلِّ مَنْ تَخَلَّفَ بِعُذْرٍ هُنَا. قَوْلُهُ: (أَيْ بِنَاءً عَلَى نَدْبِ التَّعَوُّذِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ إذَا لَوْ فَرَّعْنَا عَلَى عَدَمِ النَّدْبِ فَخَالَفَ وَاشْتُغِلَ بِهِمَا لَا يَتَخَلَّفُ عَلَى هَذَا الثَّالِثِ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالتَّخَلُّفِ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا رُفِعَتْ، أَمَّا إذَا بَقِيَتْ بِسَبَبٍ مَا فَيَقُولُ الْأَذْكَارَ قَطْعًا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ. أَقُولُ: فَلَوْ أَبْقَوْهَا مُرَاعَاةً لِلْأَمْرِ الْمَنْدُوبِ وَهُوَ اسْتِمْرَارُهَا حَتَّى يَفْرُغَ الْمَسْبُوقُ فَالْخِلَافُ ثَابِتٌ فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَلَامُ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ هَذَا لَا يَفِي بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُرْفَعَ) فَلَوْ رُفِعَتْ لَمْ يَضُرَّ، وَلَوْ حُوِّلَتْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا الْجَمَاعَةِ) كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَكَمَا فِي صَلَاةِ الصَّحَابَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ الْمُرَادُ نَفْيُ الْجَمَاعَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِدَاءِ، وَأَمَّا نَفْيُ الْجَمَاعَةِ إفْرَادًا فَمُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي. وَيَسْقُطُ فَرْضُهَا بِوَاحِدٍ، وَلَوْ حَمَلْنَا الْجَمَاعَةَ الْمَنْفِيَّةَ عَلَى الْعُمُومِ لَكَانَ قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ فَرْضُهَا بِوَاحِدٍ مُغْنِيًا عَنْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 إلَّا اللَّهُ» ، وَأَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ (وَقِيلَ:) يَجِبُ (أَرْبَعَةٌ) كَمَا يَجِبُ عِنْدَ قَائِلِهِ أَنْ يَحْمِلَ الْجِنَازَةَ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّ فِي أَقَلَّ مِنْهَا ازْدِرَاءً بِالْمَيِّتِ، قَالَ: وَسَوَاءٌ صَلُّوا جَمَاعَةً أَمْ أَفْرَادًا، كَذَا فِي الشَّرْحِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَمَنْ اعْتَبَرَ الْعَدَدَ قَالَ سَوَاءٌ إلَخْ، وَاقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى حِكَايَةِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ قَوْلَيْنِ وَالرَّافِعِيُّ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ بَعْدَ تَعْبِيرِهِ بِالْوُجُوهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا مَا لَوْ بَانَ حَدَثُ الْإِمَامِ أَوْ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ إنْ بَقِيَ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ سَقَطَ الْفَرْضُ وَإِلَّا فَلَا وَهَلْ الصِّبْيَانُ الْمُمَيِّزُونَ كَالْبَالِغِينَ عَلَى اخْتِلَافِ الْوُجُوهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ عَدَدٌ زَائِدٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَقَعَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ فَرْضَ كِفَايَةٍ. (وَلَا يَسْقُطُ) فَرْضُهَا (بِالنِّسَاءِ وَهُنَاكَ رِجَالٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ دُعَاءَهُمْ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، وَالثَّانِي اسْتَنَدَ إلَى صِحَّةِ صَلَاتِهِنَّ وَجَمَاعَتِهِنَّ كَالرِّجَالِ فَتَأْتِي عَلَيْهِ الْوُجُوهُ السَّابِقَةُ فِيهِمْ، وَعَلَى الْأَصَحِّ فِيهِنَّ إنْ لَمْ يَكُنْ رَجُلٌ صَلَّيْنَ لِلضَّرُورَةِ مُنْفَرِدَاتٍ وَسَقَطَ الْفَرْضُ بِهِنَّ، وَلَا تُسْتَحَبُّ لَهُنَّ الْجَمَاعَةُ، وَقِيلَ تُسْتَحَبُّ فِي جِنَازَةِ الْمَرْأَةِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إذَا لَمْ يَحْضُرْ إلَّا النِّسَاءُ تَوَجَّهَ الْفَرْضُ عَلَيْهِنَّ، وَإِذَا حَضَرْنَ مَعَ الرِّجَالِ لَمْ يَتَوَجَّهْ الْفَرْضُ عَلَيْهِنَّ فَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا رَجُلٌ وَنِسَاءٌ، وَقُلْنَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِثَلَاثَةٍ تَوَجَّهَ التَّتْمِيمُ عَلَيْهِنَّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُنْثَى فِي هَذَا الْفَصْلِ كَالْمَرْأَةِ، وَجَزَمَ بِهَذَا التَّشْبِيهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ فِيهِ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ إذَا صَلَّى الْخُنْثَى عَلَى الْمَيِّتِ فَلَهُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ فِي الْأَصَحِّ . (وَيُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَهُمْ بِمَوْتِ النَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى فَصَلَّى عَلَيْهِ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَذَلِكَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَمْ لَا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَمْ لَا، أَمَّا لِحَاضِرٍ فِي الْبَلَدِ فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ إلَّا مَنْ حَضَرَهُ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ -   [حاشية قليوبي] أَوْ غَيْرِهَا، وَاكْتَفَى بِالصَّبِيِّ لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ الْمَقْصُودَةِ، فَلَا يُنَافِي عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي إحْيَاءِ الْكَعْبَةِ وَرَدِّ السَّلَامِ عَلَى الْبَالِغِ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ بِدَلِيلِ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا نَعَمْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَفْرَدَهُمْ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِمْ طُرُقٌ. قَوْلُهُ: (عَدَدٌ زَائِدٌ) سَوَاءٌ صَلُّوا مَعَ غَيْرِهِمْ، أَوْ وَحْدَهُمْ، أَوْ فُرَادَى. قَوْلُهُ: (وَهُنَاكَ) أَيْ فِي مَحَلٍّ يَجِبُ السَّعْيُ فِيهِ لِلْجُمُعَةِ بِسَمَاعِ النِّدَاءِ، وَبَعْضُهُمْ ضَبَطَهُ بِمَا يَأْتِي فِي الْغَائِبِ وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (رِجَالٌ) أَيْ ذُكُورٌ وَلَوْ وَاحِدًا مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ، وَإِلَّا فَهُمْ كَالْعَدَمِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَيَتَوَجَّهُ عَلَى النِّسَاءِ مَعَ الصَّبِيِّ أَمْرُهُ بِالصَّلَاةِ وَضَرْبُهُ عَلَيْهَا، فَإِنْ امْتَنَعَ صَلَّيْنَ وَإِنْ حَضَرَ بَعْدَ صَلَاتِهِنَّ أَوْ صَلَاةِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَجُلٌ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِنَّ، وَتُسَنُّ الْجَمَاعَةُ لِلنِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَتَقَعُ صَلَاتُهُنَّ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِسَيْرِهِنَّ نَافِلَةً كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (إنَّ الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِ مَعَ الذُّكُورِ، إذْ لَا يَكْتَفِي بِصَلَاةِ النِّسَاءِ مَعَهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ تَعَدَّدَ لَمْ تَسْقُطْ إلَّا بِصَلَاةِ الْجَمِيعِ، وَيَسْقُطُ بِهِنَّ الْفَرْضُ عَنْ النِّسَاءِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ فِي جِنَازَةِ الرِّجَالِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ . قَوْلُهُ: (عَلَى الْغَائِبِ) خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَحَلُّهُ إنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ طُهْرَهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْحُضُورُ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَلَوْ فِي الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (فَصَلَّى عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ النَّجَاشِيِّ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ، وَمَا قِيلَ: إنَّهُ رُفِعَ وَهُوَ بِالْحَبَشَةِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعِ الْحَاجِبِ   [حاشية عميرة] شَرْطًا فِيهَا، فَكَذَلِكَ الْعَدَدُ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اثْنَانِ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ. هَكَذَا اسْتَدَلَّ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَلَكَ غَيْرَ ذَلِكَ كَمَا تَعْرِفُهُ مِنْ بَقِيَّةِ كَلَامِهِ الْآتِي. وَقَوْلُهُ: وَأَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ اثْنَانِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثَةٌ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ، وَقَوْلُهُ: قَالَ وَسَوَاءٌ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: عِنْدَ قَائِلِهِ. قَوْلُهُ: (وَاقْتَصَرَ فِيهَا إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ ذَكَرَ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ قَوْلَيْنِ، وَذَكَرَ الثَّانِيَ وَالرَّابِعَ وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (عَلَى حِكَايَةِ الْأَوَّلِ) الْمُرَادُ بِهِ مَا فِي قَوْلِ الْمَتْنِ، وَيَسْقُطُ فَرْضُهَا بِوَاحِدٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُنَاكَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا غَابَ عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ الْبَلَدِ، فَإِنَّ الْمُتَّجَهَ إلْحَاقُهُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ، فَإِنْ كَانَ فِي صَحْرَاءَ فَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِطَلَبِ الْمَاءِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: رِجَالٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مِثْلُهُمْ الْوَاحِدُ وَالصَّبِيُّ، وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِمُؤَلَّفِهِ مَا يُخَالِفُ كَلَامَهُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّبِيِّ قُلْت: وَمَا أَدْرِي مَاذَا يَقُولُ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ بِالْبَلَدِ إلَّا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَإِنَّ الْفَرْضَ يَتَعَلَّقُ بِهِنَّ بِلَا رَيْبٍ، وَأَمَّا صِحَّتُهَا مِنْهُنَّ فَلَا إشْكَالَ فِيهَا، فَإِنْ قَالَ بِصِحَّتِهَا وَتَعَلَّقَ الْفَرْضُ بِهِنَّ وَأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ مِنْهُنَّ إلَّا بِفِعْلِ الصَّبِيِّ فَفِي غَايَةِ الْبُعْدِ، وَهَذَا الْفَرْعُ مِمَّا لَمْ يَسْبِقْ بِهِ فِي عَصْرٍ بَلْ قَالَهُ أَوَّلًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَتَوَجَّهْ الْفَرْضُ عَلَيْهِنَّ) بَلْ تَقَعُ صَلَاتُهُنَّ مَعَهُمْ نَافِلَةً. قَوْلُهُ: (إلَّا بِثَلَاثَةٍ) كَذَا يُقَالُ لَوْ قُلْنَا بِاثْنَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعَةٍ. [الصَّلَاة عَلَى الْغَائِب] قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَنْ الْبَلَدِ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الشَّرْطَ غَيْبَتُهُ بِحَيْثُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 تَقْرِيبًا، قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ . (وَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ. (عَلَى الدَّفْنِ) فَإِنْ دُفِنَ قَبْلَهَا أَتَمَّ الدَّافِنُونَ وَصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ كَمَا قَالَ. (وَتَصِحُّ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدَّفْنِ عَلَى الْقَبْرِ سَوَاءٌ دُفِنَ قَبْلَهَا أَمْ بَعْدَهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْقَبْرِ. (وَالْأَصَحُّ تَخْصِيصُ الصِّحَّةِ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ الْمَوْتِ) وَالثَّانِي بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَقْتَ الْمَوْتِ، فَمَنْ كَانَ وَقْتُهُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ قَطْعًا وَمَنْ كَانَ وَقْتُهُ مُمَيِّزًا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَتَصِحُّ عَلَى الثَّانِي، وَإِلَى مَتَى يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ قِيلَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقِيلَ إلَى شَهْرٍ، وَقِيلَ مَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَيِّتِ، وَقِيلَ أَبَدًا . (وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَالٍ) وَكَذَا قَبْرُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ -، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الزِّيَادَةِ . (فَرْعٌ:) زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ لِطُولِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَصَ تَرْجَمَةَ التَّعْزِيَةِ بِفَصْلٍ لِقِصَرِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ. (الْجَدِيدُ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَتِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ (مِنْ الْوَالِي) لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، وَالْقَدِيمُ أَنَّ الْوَالِيَ أَوْلَى مِنْ الْوَلِيِّ كَمَا أَنَّهُ مِنْ الْمَالِكِ فِي إمَامَةِ الصَّلَوَاتِ، وَبَعْدَ الْوَالِي عَلَى الْقَدِيمِ إمَامُ الْمَسْجِدِ ثُمَّ الْوَلِيُّ (فَيُقَدَّمُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ) أَبُوهُ (وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ) وَإِنْ سَفَلَ (ثُمَّ الْأَخُ) لِأَنَّ الْأُصُولَ أَشْفَقُ مِنْ الْفُرُوعِ، وَالْفُرُوعَ أَشْفَقُ مِنْ الْحَوَاشِي،   [حاشية قليوبي] لِرُؤْيَتِهِ مَثَلًا. وَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي هَذَا الْمَحَلِّ غَيْرُ صَحِيحٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ الْحَائِلِ بَيْنَهُمَا إلَّا سِحْلِيَّةً غَيْرَ مُسَمَّرَةٍ، وَقَبْرٍ وَبَيْتٍ مُغْلَقٍ غَيْرِ مُسَمَّرٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا) أَيْ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَتَسْقُطُ بِهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ، بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا طَاهِرًا فَلَا تَصِحُّ عَلَى الْغَائِبِ وَالْقَبْرِ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِضِدِّ ذَلِكَ الصَّبِيِّ بِلَا خِلَافٍ، وَغَيْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَقْتَ الْمَوْتِ) الْمُعْتَمَدُ وَقْتُ الدَّفْنِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ أَبَدًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ . قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَنْبِيَاءِ) وَمِنْهُمْ سَيِّدُنَا عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ دَفْنِهِ، وَتَصِحُّ قَبْلَهُ مِمَّنْ حَضَرَ مَوْتَهُ قَالَ شَيْخُنَا: وَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ عَلَى قُبُورِهِمْ وَالتَّوَجُّهُ بِهَا إلَيْهَا، وَلَوْ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَكِنْ لَا تَبْطُلُ. (فَرْعٌ) تُنْدَبُ الصَّلَاةُ آخِرُ كُلِّ يَوْمٍ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَلَى مَنْ مَاتَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَيَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ، فَهَذِهِ أَسْهَلُ النِّيَّاتِ وَأَوْلَاهَا [فَرْعٌ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْوَالِي] . قَوْلُهُ: (فَرْعٌ زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ إلَخْ) فِيهِ تَسْلِيمٌ أَنَّهُ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى مَا قَبْلَهُ فَذِكْرُهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَأَجَابَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَسْتَدْعِي مُصَلِّيًا وَهُوَ يَسْتَدْعِي مَعْرِفَةَ أَوْصَافِهِ الَّتِي يَتَقَدَّمُ بِهَا. قَوْلُهُ: (الْوَلِيَّ) أَيْ الْقَرِيبَ وَلَوْ غَيْرَ وَارِثٍ، وَيُقَدَّمُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْلَى) أَيْ مِنْ الْأَجَانِبِ فَلَهُمْ وِلَايَةٌ وَالتَّرْتِيبُ مَنْدُوبٌ، فَلَوْ تَقَدَّمَ الْأَجْنَبِيُّ لَمْ يَأْثَمْ وَنَائِبُ مَنْ لَهُ الْحَقُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَبْعَدِ، فَإِنْ غَابَ وَلَا نَائِبَ لَهُ قُدِّمَ الْأَبْعَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. نَعَمْ لَوْ خِيفَ   [حاشية عميرة] يَجُوزُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي مَكَانِهِ لِلْخَارِجِ مِنْ الْبَلَدِ بِخِلَافِ الَّذِي فِي الْبَلَدِ، وَإِنْ أَفْرَطَ اتِّسَاعُهَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا مَاتَ بِهَدْمٍ وَتَعَذَّرَ غُسْلُهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْغَائِبَ إذَا كَانَ بِبِلَادِ الْحَرْبِ وَنَحْوِهَا وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ تَغْسِيلِهِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، بَلْ لَوْ شَكَّ فِي غُسْلِهِ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَقَلَ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ السُّوَرِ قَرِيبًا مِنْهُ، فَهُوَ كَدَاخِلِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ تَخْصِيصُ الصِّحَّةِ) أَيْ فِي الْغَائِبِ وَالدَّفْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: لِأَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يُتَطَوَّعُ بِهَا، انْتَهَى. وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي الْحَاضِرَةِ أَيْضًا إذَا لَمْ يَتَّصِفْ الشَّخْصُ بِالْأَهْلِيَّةِ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: لَا يُتَطَوَّعُ بِهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِصُورَتِهَا مِنْ غَيْرِ جِنَازَةٍ بِخِلَافِ صَلَاةِ الظُّهْرِ، فَإِنَّهُ يُؤْتَى بِصُورَتِهَا ابْتِدَاءً بِلَا سَبَبٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَكَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا تَقَعُ نَافِلَةً إذَا أُعِيدَتْ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِعَادَةُ غَيْرَ مَنْدُوبَةٍ. وَتَقَعُ نَافِلَةً أَيْضًا لِلنِّسَاءِ إذَا فَعَلْنَهَا مَعَ الرِّجَالِ. قَوْلُهُ (وَقِيلَ أَبَدًا) قَالَ السُّبْكِيُّ: هُوَ أَضْعَفُهَا . قَوْلُهُ: (بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْفَرْعِ، وَقَوْلُهُ: بِفَصْلٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: تَرْجَمَةَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ) أَيْ لِانْكِسَارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 وَدُعَاءُ الْأَشْفَقِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ. (وَالْأَظْهَرُ تَقْدِيمُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَشْفَقُ بِزِيَادَةِ قُرْبِهِ، وَالثَّانِي هُمَا سَوَاءٌ إذْ لَا مَدْخَلَ لِلْأُمُومَةِ فِي إمَامَةِ الرِّجَالِ، فَلَا يُرَجَّحُ بِهَا وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْحِيحُ طَرِيقِ الْقَطْعِ بِالْأَوَّلِ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَصَحِّ (ثُمَّ) بَعْدَهُمَا (ابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ الْعَصَبَةُ) الْبَاقُونَ (عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ) يُقَدَّمُ الْعَمُّ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُ الْعَمِّ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَوْ اجْتَمَعَ عَمَّانِ أَوْ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا لِأَبَوَيْنِ وَالْآخَرُ لِأَبٍ أَوْ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ، وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَخِيرَةِ، وَسَكَتَ عَنْ اجْتِمَاعِ ابْنِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَابْنِ أَخٍ لِأَبٍ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا كَاجْتِمَاعِ أَبَوَيْهِمَا فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ، ثُمَّ بَعْدَ عَصَبَةِ النَّسَبِ الْمُعْتَقُ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ. (ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ) وَالْأَخُ لِلْأُمِّ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ أَبُو الْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْخَالُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأُمِّ، وَقَوْلُ الْوَجِيزِ بَعْدَ ذِكْرِ الْعَصَبَاتِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ فَذَوُو الْأَرْحَامِ حَمَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَلَى وَارِثٍ مِنْ الْعَصَبَاتِ حَتَّى لَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ عَنْ التَّهْذِيبِ مِنْ تَقْدِيمِ أَبِي الْأُمِّ عَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ، وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَلَوْ اجْتَمَعَا) أَيْ اثْنَانِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (فِي دَرَجَةٍ) كَابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ فَالْأَسَنُّ الْعَدْلُ أَوْلَى عَلَى (النَّصِّ) مِنْ الْأَفْقَهِ، وَنَصَّ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ عَلَى أَنَّ الْأَفْقَهَ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ خَرَّجَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلًا فِي الْأُخْرَى، وَالْجُمْهُورُ قَرَّرُوا النَّصَّيْنِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وَالْأَسَنُّ أَشْفَقُ عَلَيْهِ فَدُعَاؤُهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَكْبَرُ سِنًّا فِي الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ شَابًّا وَإِنَّمَا يُقَدَّمُ إذَا حُمِدَتْ حَالُهُ، أَمَّا الْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ فَلَا، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: فَالْأَسَنُّ أَوْلَى عَلَى الْأَصَحِّ إنْ كَانَ عَدْلًا، وَالْحُرُّ أَوْلَى مِنْ الرَّقِيقِ، أَوْ مِنْ الْمُجْتَمِعِينَ فِي دَرَجَةٍ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: بَدَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِوُضُوحِهَا. (وَيُقَدَّمُ الْحُرُّ الْبَعِيدُ عَلَى الْعَبْدِ الْقَرِيبِ) أَيْ كَأَخٍ رَقِيقٍ وَعَمٍّ حُرٍّ نَظَرًا لِلْحُرِّيَّةِ، وَقِيلَ الْعَكْسُ نَظَرًا لِلْقُرْبِ، وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ لِتَعَارُضِ الْمَعْنَيَيْنِ وَلَوْ اجْتَمَعُوا فِي دَرَجَةٍ وَاسْتَوَتْ خِصَالُهُمْ فَإِنْ رَضُوا بِتَقْدِيمِ وَاحِدٍ فَذَاكَ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ. «وَيَقِفُ الْمُصَلِّي إمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا.   [حاشية قليوبي] الْفِتْنَةُ قُدِّمَ إجْمَاعًا وَبَعْدَ الْوَالِي عَلَى الْقَدِيمِ إمَامُ الْمَسْجِدِ أَيْ إنْ كَانَ هَذَا الْوَالِي هُوَ الَّذِي وَلَّى إمَامَ الْمَسْجِدِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ، وَإِلَّا قُدِّمَ إمَامُ الْمَسْجِدِ عَلَيْهِ، وَكَذَا يُقَالُ عَلَى الْجَدِيدِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُوَافِقْ اصْطِلَاحُهُ وَلَا أَصْلُهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ) مِنْهُ يُعْلَمُ تَقْدِيمُ الْأَخِ لِلْأَبِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ، وَابْنِ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ عَلَى الْأَظْهَرِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) اعْتِرَاضٌ أَيْضًا عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ فِي الْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ، وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ عُصْبَتُهُ) ثُمَّ إمَامُ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ نَائِبُهُ إنْ انْتَظَمَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ) يُقَدَّمُ مِنْهُمْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ، ثُمَّ أَبُو الْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأُمِّ، ثُمَّ الْخَالُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأُمِّ، وَيُقَدَّمُ الزَّوْجُ عَلَى الْأَجَانِبِ، وَكَذَا الزَّوْجَةُ عِنْدَ فَقْدِ الذُّكُورِ، وَتُقَدَّمُ الْقَرَابَاتُ بِتَقْدِيمِ الذَّكَرِ وَيُقَدَّمُ السَّيِّدُ فِي عَبْدِهِ عَلَى أَقَارِبِ الْعَبْدِ وَلَوْ أَحْرَارًا، وَوَلِيُّ الْمَرْأَةِ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَى أَمَتِهَا. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ فَلَا) وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْإِمَامَةِ أَصْلًا وَكَذَا الْقَاتِلُ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ كَمَا فِي الْغُسْلِ، وَيُمْكِنُ كَوْنُ الْفَاسِقِ شَامِلًا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَيُقَدَّمُ الْحُرُّ الْبَعِيدُ عَلَى الْعَبْدِ الْقَرِيبِ) بِمَعْنَى الْأَقْرَبِ إذْ الْكَلَامُ فِيمَنْ لَهُمَا قَرَابَةٌ وَاسْتَوَيَا بُلُوغًا، وَإِلَّا فَيُقَدَّمُ الْعَبْدُ الْبَالِغُ عَلَى الْحُرِّ الصَّبِيِّ، وَالرَّقِيقُ الْقَرِيبُ عَلَى الْحُرِّ الْأَجْنَبِيِّ، وَتُقَدَّمُ الْأَجَانِبُ بِمَا فِي الصَّلَوَاتِ. قَوْلُهُ: (قَطْعًا لِلنِّزَاعِ) يُفِيدُ أَنَّ الْقُرْعَةَ لِمَا   [حاشية عميرة] قَلْبِهِ وَتَأَلُّمِهِ، وَأَيْضًا فَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِ فَكَانَتْ كَالتَّكْفِينِ، وَبِالْقَدِيمِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، وَلَنَا وَجْهٌ أَيْضًا مَرْجُوحٌ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالصَّلَاةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقَرِيبِ. قَوْلُهُ: (أَبُوهُ) خَرَجَ أَبُو الْأُمِّ فَإِنَّهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ. قَوْلُهُ: (إذْ لَا مَدْخَلَ إلَخْ) أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ اسْتِقْلَالِهَا عَدَمُ صَلَاحِيَّتِهَا لِلتَّرْجِيحِ. قَوْلُهُ: (تَصْحِيحُ طَرِيقِ الْقَطْعِ) أَيْ إلْحَاقًا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْإِرْثِ، وَالطَّرِيقُ الْأَوْلَى إلْحَاقًا بِوِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَتَحَمُّلُ الْعَقْلِ فَإِنَّ فِيهِمَا قَوْلَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ) مِنْهُ تَسْتَفِيدُ أَنَّ ابْنَ الْأَخِ لِأَبٍ مُقَدَّمٌ عَلَى ابْنِ ابْنِ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ. (تَنْبِيهٌ) مَا سَلَفَ فِي الْغُسْلِ مِنْ اشْتِرَاطِ أَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ) قَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الزَّوْجَ لَا مَدْخَلَ لَهُ هُنَا، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ تَقْدِيمَهُ عَلَى الْأَجَانِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ مِنْ الْمُجْتَمِعِينَ فِي دَرَجَةٍ) إنَّمَا فَسَّرَ بِذَلِكَ كَلَامَ الْمُحَرَّرِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَالْحُرُّ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَالْأَسَنُّ وَكِلَاهُمَا مَسْبُوقٌ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ اُجْتُمِعَا فِي دَرَجَةٍ. قَوْلُهُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَعَجُزِهَا أَيْ الْمَرْأَةِ، كَذَا فَعَلَ أَنَسٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقِيلَ لَهُ: هَلْ كَانَ هَكَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُومُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَعَجِيزَةِ الْمَرْأَةِ؟ قَالَ نَعَمْ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَمُرَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ فَقَامَ وَسَطَهَا» ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ فَيَقِفُ عِنْدَ عَجِيزَتِهِ. (وَتَجُوزُ عَلَى الْجَنَائِزِ صَلَاةٌ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الدُّعَاءُ وَالْجَمْعُ فِيهِ مُمْكِنٌ، وَالْأَوْلَى إفْرَادُ كُلِّ جِنَازَةٍ بِصَلَاةٍ إنْ أَمْكَنَ، وَعَلَى الْجَمْعِ إنْ حَضَرَتْ دَفْعَةً قُدِّمَ إلَى الْإِمَامِ الرَّجُلُ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْمَرْأَةُ فَإِنْ كَانُوا رِجَالًا أَوْ نِسَاءً قُدِّمَ إلَيْهِ أَفْضَلُهُمْ بِالْوَرَعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُرَغِّبُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَا يُقَدَّمُ بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ مُتَعَاقِبَةً قُدِّمَ إلَيْهِ الْأَسْبَقُ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ أَفْضَلَ، فَلَوْ سَبَقَتْ امْرَأَةٌ ثُمَّ حَضَرَ رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ أُخِّرَتْ عَنْهُ وَلَوْ سَبَقَ صَبِيٌّ رَجُلًا قُدِّمَ الصَّبِيُّ، وَقِيلَ الرَّجُلُ، وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْأَوْلِيَاءِ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ رَضْوَ أَوْ حَضَرَتْ الْجَنَائِزُ مُرَتَّبَةً فَوَلِيُّ السَّابِقَةِ أَوْلَى رَجُلًا كَانَ مَيِّتُهُ أَوْ امْرَأَةً، وَإِنْ حَضَرَتْ مَعًا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ. (وَتَحْرُمُ) الصَّلَاةُ (عَلَى الْكَافِرِ) حَرْبِيًّا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا، قَالَ تَعَالَى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84] (وَلَا يَجِبُ غُسْلُهُ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ ذِمِّيًّا كَانَ أَوْ حَرْبِيًّا، لَكِنْ يَجُوزُ لَهُمْ وَقَدْ غَسَّلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَبَاهُ، رَوَاهُ، أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَضَمَّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَى الْمُسْلِمِينَ غَيْرَهُمْ فِي الشِّقَّيْنِ وَإِلَى الْغُسْلِ التَّكْفِينَ وَالدَّفْنَ فِي الْجَوَازِ لِلْمُسْلِمِ وَيُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ وَسَوَاءٌ فِي الْجَوَازِ الْقَرِيبُ وَالْأَجْنَبِيُّ، وَسَيَأْتِي فِي الزِّيَادَةِ أَنَّ الْقَرِيبَ الْكَافِرَ أَحَقُّ مِنْ الْمُسْلِمِ. (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ تَكْفِينِ الذِّمِّيِّ وَدَفْنِهِ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: انْتَهَتْ ذِمَّتُهُ، أَيْ عَهْدُهُ بِالْمَوْتِ فَلَا يَجِبَانِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: بَلْ يُنْدَبَانِ، وَلَا يَجِبُ تَكْفِينُ الْحَرْبِيِّ وَلَا دَفْنُهُ قَطْعًا، وَقِيلَ: يَجِبُ دَفْنُهُ فِي وَجْهٍ وَفِي وَجْهٍ لَا بَلْ يَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَيْهِ، فَإِنْ دُفِنَ فَلِئَلَّا يَتَأَذَّى النَّاسُ بِرَائِحَتِهِ، وَالْمُرْتَدُّ كَالْحَرْبِيِّ. (وَلَوْ وُجِدَ عُضْوُ مُسْلِمٍ عُلِمَ مَوْتُهُ صَلَّى عَلَيْهِ) بَعْدَ غُسْلِهِ وَمُوَارَاتِهِ بِخِرْقَةٍ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى جُمْلَةِ الْمَيِّتِ كَمَا صَلَّتْ الصَّحَابَةُ   [حاشية قليوبي] ذَكَرَ وَلَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَأْثَمْ لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّرْتِيبَ مَنْدُوبٌ. نَعَمْ لَوْ اجْتَمَعَ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ قُدِّمَ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ) أَيْ الذُّكُورِ إنْ كَانَ مَعَهُ أُنْثَى فِي نَعْشٍ وَاحِدٍ، أَوْ صَلَّى عَلَى قَبْرِهِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَعَجُزِهَا) وَلَوْ عَلَى الْقَبْرِ أَيْضًا وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ قَوْلُهُ: (وَتَجُوزُ عَلَى الْجَنَائِزِ صَلَاةٌ) بِأَنْ يَجْمَعَهُمْ فِي نِيَّتِهِ كَمَا مَرَّ فَذَاكَ فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ، وَهَذَا فِي جَوَازِ ذَلِكَ فَلَا تَكْرَارَ. قَوْلُهُ: (إنْ حَضَرَتْ) أَيْ فِي مَحَلٍّ يَحْرُمُ الْإِمَامُ عَلَيْهَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ) وَمِثْلُهُمَا الْخُنْثَى، وَهَلْ يُنَحَّى غَيْرُ النَّبِيِّ لَهُ؟ وَقِيَاسُ الْبَابِ عَدَمُ التَّنْحِيَةِ كَجَاهِلٍ سَبَقَ عَالِمًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانُوا رِجَالًا أَوْ نِسَاءً) زَادَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَنْهَجِ أَوْ خَنَاثَى، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيمَ فِيهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ، وَالتَّقْدِيمُ الْمَذْكُورُ هُوَ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ كَمَا قَالَهُ السَّنْبَاطِيُّ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ أَنَّ التَّقْدِيمَ بِالْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ بِدَلِيلِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى عَلَى تِسْعِ جَنَائِزَ فَجَعَلَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِيهِ، وَالنِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازُ. قَوْلُهُ: (رِضَا الْأَوْلِيَاءِ) سَوَاءٌ كَانَ أَوْلِيَاءُ رِجَالٍ أَوْ نِسَاءٍ، أَوْ خَنَاثَى أَوْ مُخْتَلِفِينَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَضُوا) أَيْ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ مِنْ وُقُوعِ النِّزَاعِ بَيْنَهُمْ، لِأَنَّهُ فِيمَنْ يُقَدَّمُ فَالْقُرْعَةُ وَاجِبَةٌ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (وَتَحْرُمُ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ عَلَى الْكَافِرِ وَلَوْ حُكْمًا كَالطِّفْلِ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهُمْ يُعَامَلُ فِي الدُّنْيَا مُعَامَلَةَ الْكُفَّارِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ فِي الْجَنَّةِ خَدَمًا لِأَهْلِهَا، وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ فِيمَنْ تَحَقَّقَ كُفْرُهُ، وَإِلَّا فَكَالْمُسْلِمِ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَنْبَغِي فِيهِ التَّعْلِيقُ كَالِاخْتِلَاطِ. قَوْلُهُ: (فِي الشِّقَّيْنِ) وَهُمَا عَدَمُ الْوُجُوبِ وَالْجَوَازِ. قَوْلُهُ: (فِي الْجَوَازِ لِلْمُسْلِمِ) أَيْ قَطْعًا فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (تَكْفِينِ الذِّمِّيِّ وَدَفْنِهِ) وَمِثْلُهُ الْمُعَاهَدُ وَالْمُؤْمِنُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُسْلِمِينَ) أَيْ بَعْدَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ.   [حاشية عميرة] وَالْأَوْلَى إفْرَادُ إلَخْ) لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا. قَوْلُهُ: (قَالَ تَعَالَى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ} [التوبة: 84] إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّ غُفْرَانَ الشِّرْكِ مُحَالٌ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ قَوْلُهُ: (أَوْ حَرْبِيًّا) لِأَنَّ الْغُسْلَ كَرَامَةٌ، وَلَيْسَ الْكَافِرُ مِنْ أَهْلِهَا. قَوْلُهُ: (فِي الشِّقَّيْنِ) الْمُرَادُ بِهِمَا مَا فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَجِبُ غُسْلُهُ وَمَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ لَكِنْ يَجُوزُ لَهُمْ قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ بِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُسْلِمِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْجَوَازِ لِلْمُسْلِمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَدَفْنِهِ) أَيْ كَمَا يَجِبُ أَنْ يُطْعَمَ وَيُسْقَى إذَا عَجَزَ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ تَكْفِينُ الْحَرْبِيِّ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ ذَلِكَ تَكْرَارٌ مَعَ الَّذِي سَلَفَ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَيْسَ بِتَكْرَارٍ، لِأَنَّ هَذَا فِي نَفْيِ الْوُجُوبِ، وَذَاكَ فِي الْجَوَازِ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ لَا) كَأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَحْكِيِّ بِقِيلِ. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ عُلِمَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابٍ بْن أَسِيد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَلْقَاهَا طَائِرُ نَسْرٍ بِمَكَّةَ مِنْ وَقْعَةِ الْجَمَلِ، وَعَرَفُوا أَنَّهَا يَدُهُ بِخَاتَمِهِ، رَوَاهَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ فِي الْأَنْسَابِ، وَذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا، وَوَقْعَةُ الْجَمَلِ فِي جُمَادَى سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْتُ صَاحِبِ الْعُضْوِ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، لَكِنْ يُدْفَنُ كَالْأَوَّلِ. (وَالسَّقْطُ) بِتَثْلِيثِ السِّينِ (إنْ اسْتَهَلَّ) أَيْ صَاحَ (أَوْ بَكَى) ثُمَّ مَاتَ (كَكَبِيرٍ) فَيُصَلَّى عَلَيْهِ لِتَيَقُّنِ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ بَعْدَهَا وَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ أَوْ لَمْ يَبْكِ. (فَإِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ كَاخْتِلَاجٍ) أَوْ تَحَرُّكٍ (صَلَّى عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ) وَقِيلَ قَطْعًا لِظُهُورِ حَيَاتِهِ بِالْأَمَارَةِ. وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِهَا وَيُغَسَّلُ قَطْعًا، وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ (وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ) أَمَارَةُ الْحَيَاةِ (وَلَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) حَدُّ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ (لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ إمْكَانِ حَيَاتِهِ. (وَكَذَا إنْ بَلَغَهَا) فَصَاعِدًا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. (فِي الْأَظْهَرِ) لِعَدَمِ ظُهُورِ حَيَاتِهِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى إمْكَانِهَا وَلَا يُغَسَّلُ فِي الْأُولَى، وَيُغَسَّلُ فِي الثَّانِيَةِ قَطْعًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ أَنَّ الْغُسْلَ أَوْسَعُ فَإِنَّ الذِّمِّيَّ يُغَسَّلُ بِلَا صَلَاةٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ فِي الْغُسْلِ فِيهِمَا قَوْلَانِ، وَحُكْمُ التَّكْفِينِ حُكْمُ الْغُسْلِ (وَلَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَقِيلَ يَجُوزُ غُسْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَمُ الشَّهَادَةِ، وَقِيلَ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ غُسْلُهُ وَتُتْرَكُ لِلِاشْتِغَالِ بِالْحَرْبِ. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ: وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (عُضْوُ) وَلَوْ ظُفْرًا أَوْ شَعْرًا إلَّا الشَّعْرَةَ الْوَاحِدَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمَشِيمَةُ الْمُسَمَّاةُ بِالْخَلَاصِ كَالْعُضْوِ لِأَنَّهَا تُقْطَعُ مِنْ الْوَلَدِ، فَهِيَ جُزْءٌ مِنْهُ، أَمَّا الْمَشِيمَةُ الَّتِي فِيهَا الْوَلَدُ فَلَيْسَتْ جُزْءًا مِنْ الْأُمِّ وَلَا مِنْ الْوَلَدِ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (مُسْلِمٍ) وَلَوْ بِالدَّارِ يَقِينًا لَا بِدَارِهِمْ، وَلَا مَنْ شَكَّ فِي إسْلَامِهِ. قَوْلُهُ: (عُلِمَ مَوْتُهُ) أَوْ ظُنَّ قَبْلَ انْفِصَالِ الْعُضْوِ مِنْهُ يَقِينًا، فَإِنْ عَلِمَ انْفِصَالَهُ حَالَ حَيَاتِهِ وَلَوْ بَعْدَ جُرْحٍ مَثَلًا، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ بِهِ، أَوْ شَكَّ فِي وَقْتِ انْفِصَالِهِ نُدِبَ مُوَارَاتُهُ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا كَالدَّمِ وَالظُّفْرِ وَالشَّعْرِ مِنْ الْحَيِّ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ غُسْلِهِ) أَيْ وُجُوبًا وَمُوَارَاتُهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى جُمْلَةِ الْمَيِّتِ) أَيْ وُجُوبًا إنْ كَانَ بَقِيَّتُهُ غُسِّلَتْ، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهَا وَنَدْبًا إنْ كَانَ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ تُغَسَّلْ الْبَقِيَّةُ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْعُضْوِ بِنِيَّتِهِ فَقَطْ، فَإِنْ نَوَى الْجُمْلَةَ لَمْ تَصِحَّ، فَإِنْ شَكَّ فِي غُسْلِ الْبَقِيَّةِ لَمْ تَجُزْ نِيَّتُهَا إلَّا إذَا عَلَّقَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ) أَيْ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ. (تَنْبِيهٌ) تَعْبِيرُهُمْ بِالْغُسْلِ فِي الْعُضْوِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ التَّيَمُّمُ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ، وَيُدْفَنُ بَعْدَ لَفِّهِ بِخِرْقَةٍ بِلَا طَهَارَةٍ وَلَا صَلَاةٍ، وَإِلَّا وَجَبَ تَيَمُّمُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ. وَتَعْبِيرُهُمْ بِسَتْرِهِ بِخِرْقَةٍ يُفْهِمُ عَدَمَ اعْتِبَارِ اللَّفَائِفِ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ مَثَلًا. قَالَ شَيْخُنَا: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ سَمَّى رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فَكَالْكَامِلِ، وَإِلَّا فَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَنْقُضُ لَمْسُهُ الْوُضُوءَ وَعَدَمُهُ، وَيَقِفُ الْمُصَلِّي عَلَيْهِ عِنْدَ رَأْسِهِ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَعَجُزِهِ إنْ كَانَ أُنْثَى، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَقَفَ حَيْثُ يَشَاءُ، وَيَجِبُ فِي دَفْنِ الْجُزْءِ مَا يَجِبُ فِي الْجُمْلَةِ، وَيُنْدَبُ دَفْنُ جُزْءِ الْحَيِّ كَمَا مَرَّ . قَوْلُهُ: (وَالسِّقْطُ) هُوَ لُغَةً: مَأْخُوذٌ مِنْ السُّقُوطِ وَهُوَ النَّازِلُ قَبْلَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ السِّتَّةِ. قَوْلُهُ: (صَاحَ) أَيْ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ فَهُوَ كَكَبِيرٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَبْكِ) صَوَابُهُ الْوَاوُ. قَوْلُهُ: (فَصَاعِدًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَلَغَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَجَعَلَ مَنْ بَلَغَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ كَكَبِيرٍ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ خَلْقُهُ، وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ. قَوْلُهُ: (وَحُكْمُ التَّكْفِينِ حُكْمُ الْغُسْلِ) وَكَذَا حُكْمُ الدَّفْنِ أَيْضًا . قَوْلُهُ: (وَلَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِشَهَادَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَهُ بِالْجَنَّةِ، أَوْ لِأَنَّ دَمَهُ يَشْهَدُ لَهُ بِالْجَنَّةِ، أَوْ   [حاشية عميرة] الصَّلَاةُ عَلَى بَاقِيهِ، لَكِنْ لَوْ عُلِمَتْ الصَّلَاةُ وَعُلِمَ فَصْلُ هَذَا الْعُضْوِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَإِنْ وَجَبَ التَّكْفِينُ وَالدَّفْنُ، وَلَوْ عَلِمْنَا عَدَمَ تَغْسِيلِ الْبَاقِي، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَى الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (كَالْأَوَّلِ) قَضِيَّتُهُ الْوُجُوبُ لَكِنْ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْأَجْزَاءِ الْمُنْفَصِلَةِ مِنْ الْحَيِّ اسْتِحْبَابُ الدَّفْنِ، وَقَدْ لَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا لِلْجَهْلِ بِحَالِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَالسِّقْطُ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ السُّقُوطِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَبْكِ) الْأَحْسَنُ وَلَمْ يَبْكِ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ تَيَقُّنِهَا) أَيْ وَلِمَفْهُومِ حَدِيثِ: «إذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ وَرِثَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ» . وَكَانَ وَجْهُ كَوْنِ الْمُتَحَرِّكِ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ الْيَقِينُ احْتِمَالَ أَنْ تَكُونَ الْحَرَكَةُ غَيْرَ اخْتِيَارِيَّةٍ بَلْ لِانْضِغَاطٍ وَنَحْوِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْفَصْلِ الْآتِي بِأَنَّ دَفْنَهُ أَيْضًا غَيْرُ وَاجِبٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ. وَيُوضَعُ فِي اللَّحْدِ عَلَى يَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (وَحُكْمُ التَّكْفِينِ حُكْمُ الْغُسْلِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: لَكِنْ بَعْدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 عَلَيْهِمْ» بِفَتْحِ اللَّامِ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ إبْقَاءُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ وَالتَّعْظِيمُ لَهُمْ بِاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ دُعَاءِ الْقَوْمِ (وَهُوَ) أَيْ الشَّهِيدُ الَّذِي لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ (مَنْ مَاتَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ بِسَبَبِهِ) كَأَنْ قَتَلَهُ أَحَدُهُمْ أَوْ أَصَابَهُ سِلَاحُ مُسْلِمٍ خَطَأً أَوْ عَادَ إلَيْهِ سِلَاحُهُ أَوْ تَرَدَّى فِي حَمْلَتِهِ فِي وَهْدَةٍ أَوْ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ أَوْ رَمَحَتْهُ دَابَّةٌ فَمَاتَ أَوْ وُجِدَ قَتِيلًا عِنْدَ انْكِشَافِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ مَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَثَرُ دَمٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبِ الْقِتَالِ. (فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَائِهِ) وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بِجِرَاحَةٍ فِي الْقِتَالِ يُقْطَعُ بِمَوْتِهِ مِنْهَا (أَوْ) مَاتَ (فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ فَغَيْرُ شَهِيدٍ فِي الْأَظْهَرِ) وَمُقَابِلُهُ يُلْحَقُ الْأَوَّلُ بِالْمَيِّتِ فِي الْقِتَالِ وَالثَّانِي بِالْمَيِّتِ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ، وَلَوْ انْقَضَى الْقِتَالُ وَحَرَكَةُ الْمَجْرُوحِ حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ فَشَهِيدٌ بِلَا خِلَافٍ، أَوْ وَهُوَ مُتَوَقِّعُ الْبَقَاءِ فَلَيْسَ بِشَهِيدٍ بِلَا خِلَافٍ. (وَكَذَا) لَوْ مَاتَ (فِي الْقِتَالِ لَا بِسَبَبِهِ) كَأَنْ مَاتَ بِمَرَضٍ أَوْ فَجْأَةً فَغَيْرُ شَهِيدٍ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ إنَّهُ شَهِيدٌ فِي وَجْهٍ لِمَوْتِهِ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ، أَمَّا الشَّهِيدُ الْعَارِي عَنْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ كَالْغَرِيقِ وَالْمَبْطُونِ وَالْمَطْعُونِ وَالْمَيِّتِ عِشْقًا وَالْمَيِّتَةِ طَلْقًا وَالْمَقْتُولِ فِي غَيْرِ الْقِتَالِ ظُلْمًا فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ . (وَلَوْ اُسْتُشْهِدَ جُنُبٌ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ)   [حاشية قليوبي] لِشَهَادَةِ دَمِهِ بِقَتْلِهِ حَيْثُ يُبْعَثُ وَهُوَ يَسِيلُ، أَوْ لِأَنَّهُ يُشَاهِدُ الْجَنَّةَ حِينَ مَوْتِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ تَشْهَدُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ قَبْضَ رُوحِهِ. قَوْلُهُ: (إبْقَاءُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ فَضِيلَةٌ مُكْتَسَبَةٌ تُعْلَمُ بِأَثَرِهَا، وَبِهَذَا فَارَقَ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (مَنْ مَاتَ) صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، حُرًّا أَوْ رَقِيقًا، عَاقِلًا أَوْ مَجْنُونًا، قَصَدَ الْحَرْبَ أَوْ لَا حَيْثُ قَاتَلَ. قَوْلُهُ: (فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ) أَيْ فِي مُحَارَبَةِ كَافِرٍ وَلَوْ وَاحِدًا أَوْ مُرْتَدًّا، أَوْ فِي قَطْعِ طَرِيقٍ أَوْ فِي صِيَالٍ، أَوْ قَتَلَهُ كَافِرٌ اسْتَعَانَ بِهِ الْبُغَاةُ، وَكَذَا عَكْسُهُ بِأَنْ قَتَلَهُ بَاغٍ اسْتَعَانَ بِهِ كَافِرٌ، وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي الْمَقْتُولِ مِنْ الْبُغَاةِ بِكَافِرٍ اسْتَعَنَّا بِهِ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَرَدَّى فِي حَمْلَتِهِ) أَوْ عَادُوا إلَيْهِ بَعْدَ انْهِزَامِهِمْ فَقَتَلُوهُ، وَالْحَمْلَةُ قُوَّةُ الْحَمِيَّةِ فِي شِدَّةِ الْقِتَالِ. قَوْلُهُ: (فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ) وَلَمْ يَقْتُلْهُ كَافِرٌ اسْتَعَانُوا مَثَلًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الشَّهِيدُ) أَيْ الَّذِي يُعْطَى مَنَازِلُ الشُّهَدَاءِ فِي الْآخِرَةِ. قَوْلُهُ: (الْعَارِي إلَخْ) أَيْ الْعَارِي عَنْ شَهَادَةِ الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ عَدَمُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ، فَعُلِمَ أَنَّ الشَّهِيدَ قِسْمَانِ: شَهِيدٌ فِي الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا وَهُوَ الْعَارِي عَنْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ، وَشَهِيدٌ فِيهِمَا وَهُوَ مَنْ فِيهِ الضَّابِطُ الْمَذْكُورُ. نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ تَحْصِيلَ الْكَسْبِ أَوْ الْمُفَاخَرَةَ، أَوْ لِيُقَالَ: إنَّهُ شُجَاعٌ مَثَلًا فَهُوَ وَشَهِيدٌ فِي الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ فَهُوَ قِسْمٌ ثَالِثٌ. وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ وَجَبَ فِيهِ الْغُسْلُ، وَالصَّلَاةُ كَغَيْرِ الشَّهِيدِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (كَالْغَرِيقِ) أَيْ وَإِنْ عَصَى فِيهِ بِنَحْوِ شُرْبِ خَمْرٍ. نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ غَرَقَ بِسَيْرِ سَفِينَتِهِ وَفِي وَقْتِ هَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَطْعُونِ) أَيْ الْمَيِّتُ بِالطَّاعُونِ وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِهِ، أَوْ بِغَيْرِهِ فِي زَمَنِهِ، أَوْ بَعْدَ زَمَنِهِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا. (فَرْعٌ) يَحْرُمُ دُخُولُ بَلَدِ الطَّاعُونِ وَالْخُرُوجُ مِنْهَا بِلَا حَاجَةٍ لِوُجُودِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَلَا يُكْرَهُ الْفِرَارُ مِنْ غَيْرِ الطَّاعُونِ نَحْوَ حَائِطٍ مَائِلٍ إلَى السُّقُوطِ، وَهَدَفٍ وَحَجَرٍ وَحَرِيقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَيِّتِ عِشْقًا) أَيْ وَلَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَسَوَاءٌ كَانَ لِمَنْ يَحْرُمُ عِشْقُهُ كَالْمُرْدِ أَوْ لَا، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكْتُمَ وَيَعِفَّ عَمَّا يَحْرُمُ وَلَوْ بِنَحْوِ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمَيِّتَةِ طَلْقًا) وَلَوْ مِنْ زِنًى مَا لَمْ تَتَسَبَّبْ فِي الْإِجْهَاضِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَقْتُولُ ظُلْمًا) وَلَوْ بِحَسَبِ الْهَيْئَةِ كَمَا قِيلَ، وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ مَنْ مَاتَ فِي غُرْبَةٍ أَوْ بِهَدْمٍ أَوْ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ. وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: أَنَّهُ إنْ كَانَ سَبَبُ الْمَوْتِ مَعْصِيَةً كَشَرْقٍ بِشُرْبِ خَمْرٍ، أَوْ رُكُوبِ بَحْرٍ لِشُرْبِهِ، أَوْ تَسْيِيرِ سَفِينَةٍ فِي وَقْتِ رِيحٍ عَاصِفٍ كَمَا مَرَّ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَغَيْرُ شَهِيدٍ، وَإِلَّا فَشَهِيدٌ وَلَا يَضُرُّ مُقَارَنَةُ مَعْصِيَةٍ لَيْسَتْ سَبَبًا كَزِنًى وَنُشُوزٍ، وَإِبَاقٍ وَشُرْبِ خَمْرٍ كَرَاكِبِ سَفِينَةٍ لِغَيْرِ شُرْبِهِ فَتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (جُنُبٌ) أَوْ   [حاشية عميرة] بُلُوغِهِ إمْكَانَ نَفْخِ الرُّوحِ قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ السَّتْرِ بِخِرْقَةٍ سَوَاءٌ أَوْجَبْنَا الْغُسْلَ أَمْ لَا، وَذُكِرَ أَنَّ الرَّافِعِيَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِمَا يَكُونُ عَلَى غَيْرِ هَيْئَةِ التَّكْفِينِ، وَأَطَالَ السُّبْكِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِوَضْعِ خِرْقَةٍ مِنْ غَيْرِ إحَاطَةٍ بِهِ كَإِحَاطَةِ الْكَفَنِ لَاسْتَقَامَ الْكَلَامُ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ مَاتَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنَّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَ فِي ضَابِطِ الشَّهِيدِ ثَلَاثَ قُيُودٍ: الْمَوْتُ حَالَ الْقِتَالِ، وَكَوْنُهُ قِتَالَ كُفَّارٍ، وَكَوْنُهُ بِسَبَبِ الْقِتَالِ فَذَكَرَ هُنَا ثَلَاثَ مَسَائِلَ لِبَيَانِ مَا خَرَجَ بِتِلْكَ الْقُيُودِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ) اسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِأَنَّ أَسْمَاءَ غَسَّلَتْ ابْنَهَا ابْنَ الزُّبَيْرِ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (كَأَنْ مَاتَ بِمَرَضٍ إلَخْ) جَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَغْتَالَهُ كَافِرٌ، وَعِبَارَتُهُ إذَا مَاتَ فِي مُعْتَرَكِ الْكُفَّارِ لَا بِسَبَبِ الْقِتَالِ، كَمَا إذَا مَاتَ بِمَرَضٍ أَوْ فَجْأَةً أَوْ اغْتَالَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ لَا فِي غُسْلِ الْمَوْتِ، انْتَهَى. أَقُولُ: فَعَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 كَغَيْرِهِ، وَالثَّانِي يُغَسَّلُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي غُسْلٍ وَجَبَ بِالْمَوْتِ وَهَذَا الْغُسْلُ كَانَ وَاجِبًا قَبْلَهُ، قُلْنَا: وَسَقَطَ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْوَجْهَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) أَيْ الشَّهِيدَ (تُزَالُ نَجَاسَتُهُ غَيْرُ الدَّمِ) أَيْ دَمِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ تُغْسَلَ، وَالثَّانِي لَا تُزَالُ سَدًّا لَبَابِ الْغُسْلِ عَنْهُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَلَوْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ لَا بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُغْسَلُ، وَالثَّانِي لَا، وَالثَّالِثُ إنْ أَدَّى غُسْلُهَا إلَى إزَالَةِ أَثَرِ الشَّهَادَةِ لَمْ تُغْسَلْ وَإِلَّا غُسِلَتْ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْجُنُبَ إذَا اُسْتُشْهِدَ كَغَيْرِهِ، وَأَنَّ النَّجَاسَةَ الَّتِي أَصَابَتْهُ لَا بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ تُزَالُ وَهِيَ تَصْدُقُ بِمَا إذَا أَدَّتْ إزَالَتُهَا إلَى إزَالَةِ دَمِ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ. (وَيُكَفَّنُ فِي ثِيَابِهِ الْمُلَطَّخَةِ بِالدَّمِ) نَدْبًا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَوْبُهُ سَابِغًا تُمِّمَ) وَإِنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ نَزْعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ وَتَكْفِينَهُ فِي غَيْرِهَا جَازَ، أَمَّا الدِّرْعُ وَالْجُلُودُ وَالْفِرَاءُ وَالْخِفَافُ فَتُنْزَعُ مِنْهُ. (فَصْلٌ: أَقَلُّ الْقَبْرِ حُفْرَةٌ تَمْنَعُ) إذَا رُدِمَتْ (الرَّائِحَةَ) أَنْ تَظْهَرَ مِنْهُ فَتُؤْذِيَ الْحَيَّ (وَالسَّبُعَ) أَنْ يَنْبُشَ لِيَأْكُلَ الْمَيِّتَ فَتُنْتَهَكَ حُرْمَتُهُ، وَفِي ذِكْرِ الرَّائِحَةِ وَالسَّبْعِ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ مَنْعِ أَحَدِهِمَا مَنْعُ الْآخَرِ بَيَانُ فَائِدَةِ الدَّفْنِ. (وَيُنْدَبُ أَنْ يُوَسَّعَ وَيُعَمَّقَ قَامَةً وَبَسْطَةً) بِأَنْ يَقُومَ رَجُلٌ مُعْتَدِلٌ وَيَبْسُطُ يَدَيْهِ مَرْفُوعَةً، «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَتْلَى أُحُدٍ احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَعْمِقُوا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَوْصَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يُعَمَّقَ قَبْرُهُ قَامَةً وَبَسْطَةً . (وَاللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ) بِفَتْحِ الشِّينِ   [حاشية قليوبي] نَحْوَ حَائِضٍ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُغَسَّلُ) أَيْ عَنْ الْجَنَابَةِ، وَعَلَيْهِ هَلْ تَجِبُ نِيَّةُ الْجَنَابَةِ عَنْهُ أَوْ لَا؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَأَمَّا سُقُوطُ غُسْلِ الْمَوْتِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (تُزَالُ نَجَاسَتُهُ) أَيْ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (غَيْرُ الدَّمِ) أَيْ دَمِ الشَّهَادَةِ، أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ غَسْلُهُ وَلَوْ بِمَاءٍ نَحْوَ الْوَرْدِ، وَأَمَّا حَكُّهُ بِنَحْوِ عُودٍ فَمَكْرُوهٌ مُطْلَقًا. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنْ أَزَالَ الْأَثَرَ فَكَالْمَاءِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الشَّهِيدِ إزَالَةُ دَمِ شَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ حَقُّهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تُغْسَلَ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَنْهِيًّا عَنْ إزَالَتِهَا، وَلَيْسَتْ أَثَرَ عِبَادَةٍ بِخِلَافِ دَمِ الشَّهَادَةِ. قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُغْسَلُ) أَيْ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ إزَالَةُ دَمِ الشَّهَادَةِ أَخْذًا مِنْ التَّفْصِيلِ بَعْدَهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هِيَ مُسَاوِيَةٌ لَهَا، بَلْ هِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا لِشُمُولِهَا إزَالَةَ غَيْرِ دَمِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (الْمُلَطَّخَةِ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ يُنْدَبُ تَكْفِينُهُ فِي ثِيَابِهِ مُطْلَقًا، لَكِنْ الْمُلَطَّخَةُ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (تُمِّمَ) أَيْ إلَى سَتْرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ وُجُوبًا وَمَا زَادَ نَدْبًا، وَيَجِبُ تَكْفِينُهُ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ كَمَا فِي غَيْرِهِ إنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ، وَدَخَلَ فِي ثِيَابِهِ مَا لَوْ كَانَتْ حَرِيرًا، وَقَدْ مَرَّ جَوَازُهُ عَنْ شَيْخِنَا كَشَيْخِهِ وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيِهِ الْمَرْجُوحِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الدِّرْعُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِثِيَابِهِ فِيمَا مَرَّ مَا اُعْتِيدَ التَّكْفِينُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (فَتُنْزَعُ) أَيْ نَدْبًا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ مَثَلًا، وَإِلَّا فَوُجُوبًا. (فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتْبَعُهُ. قَوْلُهُ: (أَقَلُّ الْقَبْرِ) وَمِثْلُ الْقَبْرِ أَنْ يُوضَعَ مَنْ مَاتَ فِي سَفِينَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْبَرِّ بَيْنَ لَوْحَيْنِ وَيُلْقَى فِيهِ، وَيُنْدَبُ أَنْ يُثَقَّلَ لِيَصِلَ إلَى الْقَرَارِ. قَوْلُهُ: (حُفْرَةٌ) خَرَجَ بِهَا وَضْعُهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فِي بِنَاءٍ كَالْفَسَاقِيِ الْمَعْهُودَةِ، فَلَا يَجُوزُ إلَّا لِعُذْرٍ كَانْهِيَارِ الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَزِمَ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ الْوَاوِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَيَانُ فَائِدَةِ الدَّفْنِ) أَيْ بَيَانُ مَا أَرَادَهُ الشَّارِعُ مِنْ الدَّفْنِ، وَقَدْ عُلِمَ عَدَمُ اللُّزُومِ بِنَحْوِ الْفَسَاقِيِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَمْنَعُ الرَّائِحَةَ بِنَحْوِ رَدْمِ تُرَابٍ بِلَا بِنَاءٍ، فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَمْنَعُ السَّبْعَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيُعَمَّقُ) هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِالْمُعْجَمَةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (قَامَةً وَبَسْطَةً) وَهُمَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ، وَنِصْفٌ بِالذِّرَاعِ   [حاشية عميرة] يَنْوِي رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَهَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ أَمْ لَا؟ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ هُوَ مُحْتَمَلٌ. [فَصْلٌ أَقَلُّ الْقَبْرِ] ِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يُوَسَّعَ) هُوَ الزِّيَادَةُ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ، وَالتَّعْمِيقُ الزِّيَادَةُ فِي النُّزُولِ وَهُوَ مِنْ مَادَّةِ قَوْله تَعَالَى: {مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27] . وَحَكَى ابْنُ مَكِّيٍّ أَنَّهُ يُقَالُ بِالْغَيْنِ أَيْضًا، وَأَنَّهُ قُرِئَ بِهِ شَاذًّا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَاللَّحْدُ) يُقَالُ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 (إنْ صَلُبَتْ الْأَرْضُ) بِخِلَافِ الرَّخْوَةِ، فَالشَّقُّ فِيهَا أَفْضَلُ، وَهُوَ أَنْ يُحْفَرَ فِي وَسَطِهَا كَالنَّهْرِ وَيُبْنَى الْجَانِبَانِ بِاللَّبِنِ أَوْ غَيْرِهِ، وَيُوضَعُ الْمَيِّتُ بَيْنَهُمَا، وَيُسَقَّفُ عَلَيْهِ بِاللَّبِنِ أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَيُرْفَعُ السَّقْفُ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يَمَسُّ الْمَيِّتَ. وَاللَّحْدُ أَنْ يُحْفَرَ فِي أَسْفَلِ حَائِطِ الْقَبْرِ الَّذِي مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ الْمَيِّتَ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: أَلْحِدُوا لِي لَحَدًّا وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيُوضَعُ رَأْسُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ) أَيْ مُؤَخَّرِهِ الَّذِي سَيَكُونُ عِنْدَ أَسْفَلِهِ رِجْلُ الْمَيِّتِ. (وَيُسَلُّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ بِرِفْقٍ) رَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْخِطْمِيَّ الصَّحَابِيَّ أَدْخَلَ الْحَارِثَ الْقَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ الْقَبْرِ، وَقَالَ: هَذَا مِنْ السُّنَّةِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُلَّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ» . (وَيُدْخِلُهُ الْقَبْرَ الرِّجَالُ) وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً بِخِلَافِ النِّسَاءِ لِضَعْفِهِنَّ عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا (وَأَوْلَاهُمْ) بِذَلِكَ (الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ (قُلْت:) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً مُزَوَّجَةً فَأَوْلَاهُمْ) بِهِ (الزَّوْجُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الصَّلَاةِ، وَيَلِيهِ الْأَحَقُّ بِهَا مِنْ الْمَحَارِمِ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُ الِابْنِ ثُمَّ الْأَخُ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ ثُمَّ الْعَمُّ، وَفِي تَقْدِيمِ مَنْ يُدْلِي بِأَبَوَيْنِ عَلَى مَنْ يُدْلِي بِأَبٍ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الصَّلَاةِ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَذَكَرَ فِيهِ بَعْدَ الْعَمِّ الْمَحْرَمَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَأَبِي الْأُمِّ وَالْخَالِ وَالْعَمِّ لِلْأُمِّ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ يَلِي أَبَا الْأُمِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ الْمَحَارِمِ فَعَبِيدُهَا، وَهُمْ أَحَقُّ مِنْ بَنِي الْعَمِّ لِأَنَّهُمْ كَالْمَحَارِمِ فِي جَوَازِ النَّظَرِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَبِيدٌ فَالْخُصْيَانُ الْأَجَانِبُ، لِضَعْفِ شَهْوَتِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَذَوُو الْأَرْحَامِ الَّذِينَ لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهُمْ كَبَنِي الْعَمِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَأَهْلُ الصَّلَاحِ مِنْ الْأَجَانِبِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَوْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي دَرَجَةٍ قُدِّمَ أَفْقَهُهُمَا وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَسَنَّ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَالْمُرَادُ بِالْأَفْقَهِ الْأَعْلَمُ بِإِدْخَالِ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ وَبِقَوْلِهِمْ الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ الْأَوْلَى فِي الدَّرَجَاتِ لَا فِي الصِّفَاتِ أَيْضًا، أَيْ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْأَفْقَهِ عَلَى الْأَسَنِّ.   [حاشية قليوبي] الْمَعْرُوفِ، أَوْ أَرْبَعٌ وَنِصْفٌ بِذِرَاعِ الْيَدِ. قَوْلُهُ: (احْفِرُوا) أَيْ وُجُوبًا وَهَمْزَتُهُ هَمْزَةُ وَصْلٍ، وَأَوْسَعُوا نَدْبًا، وَأَعْمِقُوا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَأَوْصَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) أَيْ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَهُوَ إجْمَاعٌ، وَذَكَرَهُ بَعْدَ الْحَدِيثِ لِبَيَانِ قَدْرِ التَّعْمِيقِ. قَوْلُهُ: (وَيَبْنِي) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ عَلَى أَنَّهَا مَانِعَةُ خُلُوٍّ قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ مِمَّا لَمْ تَمَسُّهُ النَّارُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَوْلُهُ: (وَيَرْفَعُ) أَيْ وُجُوبًا بِحَيْثُ لَا يَمَسُّ الْمَيِّتُ. قَوْلُهُ: (الرِّجَالُ) أَيْ هُمْ أَوْلَى مِنْ النِّسَاءِ «لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا طَلْحَةَ بِإِدْخَالِ ابْنَتِهِ أُمِّ كُلْثُومٍ» عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ وُجُودِ مَحَارِمِهَا كَفَاطِمَةَ. نَعَمْ يَنْدُبُ أَنْ يَلِيَ النِّسَاءُ حَمْلَهَا مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهَا إلَى الْمُغْتَسَلِ، وَمِنْهُ إلَى النَّعْشِ، وَمِنْهُ إلَى مَنْ فِي الْقَبْرِ وَحَلُّ الشِّدَادِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ فِيهِ إلَخْ) أَيْ فَمَا شَمِلَهُ عُمُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَوْلَادِ الْعَمِّ لَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَحَارِمِ) أَيْ وَيُقَدَّمُ مَحَارِمُ النَّسَبِ، ثُمَّ مَحَارِمُ الرَّضَاعِ، ثُمَّ مَحَارِمُ الْمُصَاهَرَةِ. قَوْلُهُ: (فَالْخُصْيَانُ) وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ الْمَمْسُوحُ، ثُمَّ الْمَجْبُوبُ، ثُمَّ الْعِنِّينُ. قَوْلُهُ: (فَأَهْلُ الصَّلَاحِ إلَخْ) وَبَعْدَهُمْ الْخَنَاثَى ثُمَّ النِّسَاءُ، وَقِيلَ: بِاسْتِوَائِهِمَا. وَيُقَدَّمْنَ بِتَرْتِيبِ الْغُسْلِ، وَالسَّيِّدُ فِي أَمَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ كَالزَّوْجِ، وَفِي غَيْرِهَا يُقَدَّمُ عَلَى الْأَجَانِبِ كَعَبْدِهِ، وَلَا حَقَّ لِلْوَالِي مَعَ الْقَرِيبِ جَزْمًا. وَجَمِيعُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ مُسْتَحَبٌّ. قَوْلُهُ: (الْأَفْقَهُ عَلَى الْأَسَنِّ) أَيًّ مَا اتِّحَادُ الدَّرَجَةِ لِأَنَّهُ مَعَ اخْتِلَافِ الدَّرَجَاتِ لَا تُعْتَبَرُ الصِّفَاتُ، وَمَعَ اتِّحَادِهَا تُعْتَبَرُ فَهُوَ بِعَكْسِ صِفَاتِ الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ، وَعَلَى هَذَا تُنَزَّلُ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ فَتَأَمَّلْ. وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَفْقَهِ عَلَى الْأَقْرَبِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ،   [حاشية عميرة] الْحَدَثُ وَفِي اللُّغَةِ: الْحَدَثُ وَأَصْلُهُ الْمَيْلُ. قَوْلُ الْمَتْنِ (الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ) نَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى أَنَّ الْأَفْقَهَ هُنَا مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَسَنِّ وَالْأَقْرَبِ. قَالَ: فَأَمَّا تَقْدِيمُهُ عَلَى الْأَسَنِّ فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ عَلَى الْأَقْرَبِ فَقَدْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ النَّصِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ. قَالَ: وَرَأَيْته أَيْضًا فِي نَصِّ الْأُمِّ وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا حَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى تَقْدِيمِ الْبَعِيدِ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَقْرَبِ الَّذِي لَيْسَ بِفَقِيهٍ، وَنَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى أَنَّ الْوَالِيَ لَا يُقَدَّمُ هُنَا قَطْعًا، وَإِنْ قَدَّمْنَاهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى قَوْلٍ. قَوْلُهُ: (فَعَبِيدُهَا) بَحَثَ بَعْضُهُمْ تَقْدِيمَ مَحَارِمِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ عَلَى الْعَبِيدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْقِبْلَةِ) لَوْ جُعِلَ الْقَبْرُ مُبْتَدَأً مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 (وَيَكُونُونَ وِتْرًا) ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، رَوَى ابْنُ حِبَّانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَنَهُ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ. (وَيُوضَعُ فِي اللَّحْدِ عَلَى يَمِينِهِ) نَدْبًا (لِلْقِبْلَةِ) وُجُوبًا، فَلَوْ دُفِنَ مُسْتَدْبِرًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا نُبِشَ وَوُجِّهَ لِلْقِبْلَةِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَإِنْ تَغَيَّرَ لَمْ يُنْبَشْ، وَلَوْ وُضِعَ عَلَى الْيَسَارِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ كُرِهَ وَلَمْ يُنْبَشْ وَيُقَاسُ بِاللَّحْدِ فِيمَا ذُكِرَ جَمِيعُهُ الشَّقُّ، وَيَشْمَلُهُمَا قَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَيَجِبُ أَنْ يُوضَعَ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ لِلْقِبْلَةِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُوضَعَ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ. (وَيُسْنَدُ وَجْهُهُ إلَى جِدَارِهِ) أَيْ الْقَبْرِ (وَظَهْرُهُ بِلَبِنَةٍ وَنَحْوِهَا) حَتَّى لَا يَنْكَبَّ وَلَا يَسْتَلْقِيَ، وَيُجْعَلُ تَحْتَ رَأْسِهِ لَبِنَةٌ أَوْ حَجَرٌ وَيُفْضِي بِخَدِّهِ الْأَيْمَنِ إلَيْهِ أَوْ إلَى التُّرَابِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: بِأَنْ يُنَحَّى الْكَفَنُ عَنْ خَدِّهِ وَيُوضَعَ عَلَى التُّرَابِ. (وَيُسَدُّ فَتْحُ اللَّحْدِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ التَّاءِ (بِلَبِنٍ) وَطِينٍ مَثَلًا حَتَّى لَا يَدْخُلَهُ تُرَابٌ (وَيَحْثُو مَنْ دَنَا ثَلَاثَ حَثَيَاتِ تُرَابٍ) بِيَدَيْهِ جَمِيعًا، رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَثَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِ الْمَيِّتِ ثَلَاثًا» ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ مَعَ الْأُولَى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: 55] ، وَمَعَ الثَّانِيَةِ: {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] ، وَمَعَ الثَّالِثَةِ: {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] . وَقَوْلُهُ حَثَيَاتٍ مِنْ يَحْثِي لُغَةٌ فِي يَحْثُو (ثُمَّ يُهَالُ) أَيْ يُرْدَمُ التُّرَابُ (بِالْمَسَاحِي) إسْرَاعًا بِتَكْمِيلِ الدَّفْنِ (وَيُرْفَعُ الْقَبْرُ شِبْرًا فَقَطْ) لِيُعْرَفَ فَيُزَارَ وَيُحْتَرَمَ. وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ قَبْرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رُفِعَ نَحْوًا مِنْ شِبْرٍ. وَلَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ فِي بِلَادِ الْكُفَّارِ فَلَا يُرْفَعُ قَبْرُهُ بَلْ يُخْفَى لِئَلَّا يَتَعَرَّضُوا لَهُ إذَا رَجَعَ الْمُسْلِمُونَ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَسْطِيحَهُ أَوْلَى مِنْ تَسْنِيمِهِ) كَمَا فُعِلَ بِقَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَبْرَيْ صَاحِبَيْهِ، رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ   [حاشية قليوبي] كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةً) أَيْ أَوْ أَقَلَّ وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَمَا فَوْقَهَا لِضَرُورَةِ الْجَمْعِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (دَفَنَهُ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ) وَفِي رِوَايَةٍ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَمَعَهُمْ خَامِسٌ، وَفِي رِوَايَةٍ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَقُثَمُ وَشُقْرَانُ مَوْلَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُمْ خَامِسٌ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَعَلَّ الْخَامِسَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ هُوَ الْعَبَّاسُ الْمَذْكُورُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (لِلْقِبْلَةِ وُجُوبًا) أَيْ فِي الْمُسْلِمِ، وَيُوَجَّهُ الْكَافِرُ لِأَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ. نَعَمْ يَجِبُ اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ بِكَافِرَةٍ حَامِلَةٍ بِمُسْلِمٍ إذَا بَلَغَ أَوَانُ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، كَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لِأَنَّ وَجْهَهُ إلَى ظَهْرِهَا وَتُدْفَنُ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُسْتَلْقِيًا نُبِشَ) وُجُوبًا وَإِنْ كَانَ رَأْسُهُ مَرْفُوعًا وَرِجْلَاهُ لِلْقِبْلَةِ. قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ) أَيْ وَلَوْ بِالرَّائِحَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُسْنَدُ) أَيْ نَدْبًا. قَوْلُهُ: (وَجْهُهُ) وَرِجْلَاهُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى لَا يَنْكَبَّ إلَخْ) وَلَا يَجِبُ نَبْشُهُ لَوْ انْكَبَّ أَوْ اسْتَلْقَى بَعْدَ الدَّفْنِ، وَكَذَا لَوْ انْهَالَ الْقَبْرُ أَوْ التُّرَابُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، وَيَجُوزُ نَبْشُهُ وَإِصْلَاحُهُ، أَوْ نَقْلُهُ لِمَحَلٍّ آخَرَ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. نَعَمْ لَوْ انْهَالَ عَلَيْهِ قَبْلَ تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ وَقَبْلَ طَمِّهِ وَجَبَ إصْلَاحُهُ . قَوْلُهُ: (وَيُسَدُّ فَتْحُ اللَّحْدِ) أَيْ نَدْبًا إنْ لَمْ يَصِلْ التُّرَابُ الْمُهَالُ إلَى الْمَيِّتِ وَإِلَّا وَجَبَ وَلَوْ بِمِلْكٍ غَائِبٍ، وَلَا يُنْدَبُ الْأَذَانُ عِنْدَ الدَّفْنِ كَمَا قِيلَ. قَوْلُهُ: (بِلَبِنٍ) أَيْ نَدْبًا، وَكَانَ عَدَدُ لَبِنَاتِ لَحْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعَ لَبِنَاتٍ كَمَا فِي مُسْلِمٍ. قَوْلُهُ: (وَيَحْثُو مَنْ دَنَا) فَالدُّنُوُّ لَازِمٌ لَهُ وَهُوَ مَنْدُوبٌ أَيْضًا. نَعَمْ لَا يُنْدَبُ الدُّنُوُّ إنْ حَصَلَ فِيهِ مَشَقَّةٌ، وَلَا الْحَثْوُ فِي التُّرَابِ إنْ لَزِمَ مِنْهُ نَجَاسَةٌ لِرُطُوبَتِهِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (لُغَةً فِي يَحْثُو) أَيْ وَالْمُصَنِّفُ جَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ، وَالْيَاءُ أَفْصَحُ مِنْ الْوَاوِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ الشَّارِحِ. وَالْحَثْوُ الْأَخْذُ بِالْكَفَّيْنِ مَعًا قِيلَ أَوْ بِأَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (تُرَابٍ) وَكَوْنُهُ مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ جِهَةِ رَأْسِ الْقَبْرِ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ مَعَ الْأُولَى إلَخْ) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ مَعَ ذَلِكَ فِي الْأُولَى: اللَّهُمَّ لَقِّنْهُ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ حُجَّتَهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ: اللَّهُمَّ افْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ، وَفِي الثَّالِثَةِ: اللَّهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جُثَّتِهِ. (فَائِدَةٌ) قِرَاءَةُ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [القدر: 1] عَلَى شَيْءٍ مِنْ تُرَابٍ مِنْ دَاخِلِ الْقَبْرِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَوَضْعُهُ عَلَى صَدْرِهِ تَحْتَ الْكَفَنِ أَمَانٌ مِنْ الْفِتَانِ. قَوْلُهُ: (بِالْمَسَاحِي) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَمْسَحُ الْأَرْضَ، وَهِيَ جَمْعُ مِسْحَاةٍ مِنْ الْحَسْوِ أَيْ الْكَشْفِ فَمِيمُهَا زَائِدَةٌ، وَلَا تَكُونُ إلَّا مِنْ حَدِيدٍ بِخِلَافِ الْمِجْرَفَةِ فَهِيَ مِنْ خَشَبٍ . قَوْلُهُ: (شِبْرًا) أَيْ قَدْرَهُ تَقْرِيبًا، وَرَفْعُ الْقَبْرِ فَوْقَ شِبْرٍ مَكْرُوهٌ. قَوْلُهُ: (فِي بِلَادِ الْكُفَّارِ) وَكَذَا لَوْ خِيفَ نَبْشُهُ لِعَدَاوَةٍ أَوْ أَخْذِ كَفَنٍ . قَوْلُهُ: (فِي قَبْرٍ) أَيْ شَقٍّ أَوْ لَحْدٍ، أَمَّا لَوْ فِي لَحْدَيْنِ وَلَوْ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا.   [حاشية عميرة] قَبْلِي إلَى بَحَرِي، وَأُضْجَعَ عَلَى ظَهْرِهِ وَأَخْمَصَاهُ لِلْقِبْلَةِ، وَرُفِعَتْ رَأْسُهُ قَلِيلًا كَمَا يُفْعَلُ فِي الْمُحْتَضَرِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَوْ يَحْرُمُ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالظَّاهِرُ التَّحْرِيمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْثُو مَنْ دَنَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْكِفَايَةِ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ الدَّفْنَ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ. وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ لِمَنْ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ. قَوْلُهُ: (مِنْ يَحْثِي إلَخْ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 صَحِيحٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ رَآهَا كَذَلِكَ، وَالثَّانِي تَسْنِيمُهُ أَوْلَى لِأَنَّ التَّسْطِيحَ صَارَ شِعَارًا لِلرَّوَافِضِ فَيُتْرَكُ مُخَالَفَةً لَهُمْ وَصِيَانَةً لِلْمَيِّتِ وَأَهْلِهِ عَنْ الِاتِّهَامِ بِالْبِدْعَةِ، وَدُفِعَ بِأَنَّ السُّنَّةَ لَا تُتْرَكُ لِمُوَافَقَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ فِيهَا (وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هِيَ عِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ، وَصَرَّحَ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُدْفَنَ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ، وَهَذَا يَصْدُقُ بِقَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: يُسْتَحَبُّ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ أَنْ يُدْفَنَ كُلُّ مَيِّتٍ فِي قَبْرٍ. أَيْ فَيَكُونُ دَفْنُ اثْنَيْنِ فِيهِ مَكْرُوهًا (إلَّا لِضَرُورَةٍ) كَأَنْ كَثُرَ الْمَوْتَى لِوَبَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَعَسُرَ إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَبْرٍ. (فَيُقَدَّمُ) فِي دَفْنِ اثْنَيْنِ (أَفْضَلُهُمَا) إلَى جِدَارِ اللَّحْدِ. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ إلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ» ، وَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ وَإِنْ كَانَ الِابْنُ أَفْضَلَ مِنْهُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ، وَكَذَا تُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ، وَيُقَدَّمُ الرَّجُلُ عَلَى الصَّبِيِّ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إلَّا عِنْدَ تَأَكُّدِ الضَّرُورَةِ، وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ. وَكَذَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الرَّوْضَةِ. وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَيْهِ (وَلَا يُجْلَسُ عَلَى الْقَبْرِ) وَلَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ (وَلَا يُوطَأُ) أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ إلَّا لِحَاجَةٍ بِأَنْ لَا يَصِلَ إلَى قَبْرِ مَيِّتِهِ إلَّا بِوَطْئِهِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَكَذَا يُكْرَهُ الِاسْتِنَادُ إلَيْهِ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ جَابِرٍ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُوطَأَ الْقَبْرُ» ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَسَيَأْتِي بِطُولِهِ فِي التَّجْصِيصِ. (وَيَقْرُبُ زَائِرُهُ) مِنْهُ (كَقُرْبِهِ مِنْهُ) فِي زِيَارَتِهِ (حَيًّا) أَيْ يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَسَيَأْتِي نَدْبُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ لِلرِّجَالِ. (وَالتَّعْزِيَةُ سُنَّةٌ قَبْلَ دَفْنِهِ وَبَعْدَهُ) أَيْ هُمَا سَوَاءٌ فِي أَصْلِ السُّنِّيَّةِ، وَتَأْخِيرُهَا أَحْسَنُ لِاشْتِغَالِ أَهْلِ الْمَيِّتِ بِتَجْهِيزِهِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إلَّا أَنْ يَرَى مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ جَزَعًا شَدِيدًا فَيُخْتَارُ تَقْدِيمُهَا لِيُصَبِّرَهُمْ. (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) تَقْرِيبًا فَلَا تَعْزِيَةَ بَعْدَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعَزِّي أَوْ الْمُعَزَّى غَائِبًا، وَفِي   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ) أَيْ لَا يُبَاحُ. قَوْلُهُ: (فَيَكُونُ دَفْنُ اثْنَيْنِ فِيهِ مَكْرُوهًا) وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ، وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا. وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ حَرَامٌ وَلَوْ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، أَوْ الْمَحْرَمِيَّةِ، أَوْ الصِّغَرِ، فَلَوْ دُفِنَ لَمْ يُنْبَشْ. قَوْلُهُ: (جِدَارِ اللَّحْدِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ. قَوْلُهُ: (فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرَفٍ مِنْهُ لِكَوْنِهِ لَوْ قُطِّعَ لَمْ يَسَعْهُمَا، وَذَلِكَ لِفَقْدِ الثِّيَابِ الْفَاضِلَةِ عَنْ الْكِفَايَةِ، فَهُوَ عُذْرٌ فِي الْجَمْعِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (عَلَى الْبِنْتِ) فَالْخُنْثَى يُقَدَّمُ عَلَى أُمِّهِ كَابْنِهَا الذَّكَرِ، وَالْوَجْهُ إلْحَاقُ الْخُنْثَى بِالْأُنْثَى، لِتَحَقُّقِ الْأَصْلِيَّةِ دُونَ الذُّكُورَةِ، وَيُقَدَّمُ الصَّبِيُّ عَلَى الْخُنْثَى وَالْخُنْثَى وَالذَّكَرُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَهَذَا قَبْلَ وَضْعِ الْمَفْضُولِ فِي اللَّحْدِ وَلَوْ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، وَإِلَّا فَلَا يُنَحَّى عَنْ مَكَانِهِ لِأَنَّهُ إزْرَاءٌ، وَيُقَدَّمُ فِي الْكَافِرِينَ أَخَفُّهُمَا كُفْرًا أَوْ عِصْيَانًا. قَوْلُهُ: (وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ) نَدْبًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَسٌّ وَإِلَّا وَجَبَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْلَسُ عَلَى الْقَبْرِ) أَيْ عَلَى مَا حَاذَى الْمَيِّتَ مِنْهُ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ. وَكُلُّ ذَلِكَ فَيُقْبَرُ الْمُسْلِمُ وَلَوْ مُهْدَرًا أَوْ بَعْدَ انْدِرَاسِهِ، وَإِنْ جَازَ الدَّفْنُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ لِلْحَاجَةِ فِيهِ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ وَلَوْ مُرْتَدًّا لِعَدَمِ احْتِرَامِهِ، فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَ. نَعَمْ يَنْبَغِي تَرْكُهُ فِي الذِّمِّيِّ دَفْعًا لِأَذَى الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ، لَكِنْ يُكْرَهُ الْمُكْثُ فِي مَقَابِرِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُوطَأُ) خَرَجَ بِهِ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقُبُورِ وَلَوْ بِالنَّعْلِ وَبِلَا حَاجَةٍ، فَلَا يُكْرَهُ. نَعَمْ يَحْرُمُ إنْ حَصَلَ تَنْجِيسٌ كَمَنْبُوشَةٍ مَعَ الْمَشْيِ حَافِيًا مَعَ رُطُوبَةِ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَيَحْرُمُ الْبَوْلُ وَالتَّغَوُّطُ عَلَى الْقَبْرِ، وَيُكْرَهُ الزَّرْعُ فِي الْمَقْبَرَةِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يَصِلَ إلَخْ) تَخْصِيصُ الْحَاجَةِ بِالْوَطْءِ لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (أَيْ يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ) أَيْ يُنْدَبُ. نَعَمْ إنْ كَانَ بُعْدُهُ عَنْهُ فِي الْحَيَاةِ لِخَوْفٍ كَالظُّلْمَةِ لَمْ يُعْتَبَرْ، وَلَوْ أَوْصَى بِقُرْبِهِ لِمَنْ كَانَ بَعِيدًا طُلِبَ قُرْبُهُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَالتَّعْزِيَةُ سُنَّةٌ) وَلَوْ فِي الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ أَوْ فِي مَالٍ مِنْ كُلِّ مَا يَعِزُّ عَلَى الْمُصَابِ وَيَدْعُو بِمَا يُنَاسِبُ. وَتَعْزِيَةُ الشَّابَّةِ لَأَجْنَبِيٍّ حَرَامٌ ابْتِدَاءً وَرَدًّا، وَيُكْرَهُ لَهُ ابْتِدَاءً وَرَدًّا كَالسَّلَامِ، وَيُكْرَهُ تَعْزِيَةُ تَارِكِ صَلَاةٍ وَمُحَارِبٍ وَمُبْتَدِعٍ وَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَلَوْ بِمُسْلِمٍ وَعَكْسُهُ، لَا تَعْزِيَةُ مُسْلِمٍ بِذِمِّيٍّ وَعَكْسُهُ، فَلَا يُكْرَهُ بَلْ مَنْدُوبَةٌ إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةُ   [حاشية عميرة] اللُّغَتَيْنِ حَيْثُ قَالَ: يَحْثُو وَقَالَ: حَثَيَاتٍ. قَوْلُهُ: (بِالْمَسَاحِي) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَمْسَحُ الْأَرْضَ. قَوْلُهُ: (فَيَكُونُ دَفْنُ اثْنَيْنِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ تَرَتُّبِ الْكَرَاهَةِ عَلَى مَا سَلَفَ. قَوْلُهُ: (كَانَ يَجْمَعُ إلَخْ) الْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ أَمْرَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ لَكَانَ كَافِيًا فِي نَفْيِ الْكَرَاهَةِ كَثْرَةُ الْمَوْتَى، وَالْحَاجَةُ إلَى تَكْفِينِ اثْنَيْنِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لِفَقْدِ الثِّيَابِ الْفَاضِلَةِ عَنْ الْكِفَايَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَبْلَ دَفْنِهِ وَبَعْدَهُ) الْمَعْنَى إمَّا قَبْلَهُ وَإِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَخْذًا مِنْ مُدَّةِ الْإِحْدَادِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (وَمَعْنَاهَا) أَيْ اصْطِلَاحًا، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَقْتُ التَّعْزِيَةِ مِنْ حِينَ الْمَوْتِ إلَى الدَّفْنِ وَبَعْدَ الدَّفْنِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَتُكْرَهُ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَيْ لِتَجْدِيدِ الْحُزْنِ بِهَا لِلْمُصَابِ بَعْدَ سُكُونِ قَلْبِهِ بِالثَّلَاثَةِ غَالِبًا، وَمَعْنَاهَا الْأَمْرُ بِالصَّبْرِ وَالْحَمْلُ عَلَيْهِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ الْوِزْرِ بِالْجَزَعِ، وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِالْمَغْفِرَةِ وَلِلْمُصَابِ بِجَبْرِ الْمُصِيبَةِ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «أَرْسَلَتْ إحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَدْعُوهُ وَتُخْبِرُهُ أَنَّ ابْنًا لَهَا فِي الْمَوْتِ، فَقَالَ الرَّسُولُ: ارْجِعْ إلَيْهَا فَأَخْبِرْهَا أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ» (وَيُعْزَى الْمُسْلِمُ بِالْمُسْلِمِ) أَيْ يُقَالُ فِي تَعْزِيَتِهِ بِهِ: (أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك) أَيْ جَعَلَهُ عَظِيمًا (وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) بِالْمَدِّ أَيْ جَعَلَهُ حَسَنًا (وَغَفَرَ لِمَيِّتِك وَ) الْمُسْلِمُ (بِالْكَافِرِ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك وَصَبَّرَك) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَأَخْلَفَ عَلَيْك (وَالْكَافِرُ بِالْمُسْلِمِ غَفَرَ اللَّهُ لِمَيِّتِك وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) وَيَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُعَزِّيَ الذِّمِّيَّ بِقَرِيبِهِ الذِّمِّيِّ فَيَقُولُ: أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْك وَلَا نَقَصَ عَدَدُك، وَهَذَا الثَّانِي لِتَكْثُرَ الْجِزْيَةُ لِلْمُسْلِمِينَ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ بِبَقَاءِ الْكَافِرِ وَدَوَامِ كُفْرِهِ، فَالْمُخْتَارُ تَرْكُهُ . (وَيَجُوزُ الْبُكَاءُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ) وَهُوَ قَبْلَهُ أَوْلَى، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَبَعْدَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقِيلَ مَكْرُوهٌ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِبْرَاهِيمُ وَلَدُهُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَجَعَلَتْ عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ أَيْ يَسِيلُ دَمْعُهُمَا» ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «عَنْ أَنَسٍ قَالَ: شَهِدْنَا دَفْنَ بِنْتٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَيْت عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ، وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ» ، وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - زَارَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى   [حاشية قليوبي] أَيَّامٍ) أَيْ مِنْ الْمَوْتِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِعَالِمٍ حَاضِرٍ بِلَا عُذْرٍ يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَّا فَابْتِدَاؤُهَا مِنْ عِلْمِهِ أَوْ قُدُومِهِ مِنْ غِيبَتِهِ أَوْ زَوَالِ عُذْرِهِ، وَتَحْصُلُ التَّعْزِيَةُ بِكِتَابٍ أَوْ رِسَالَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (تَقْرِيبًا) فَيُغْتَفَرُ لَهُ زِيَادَةُ نَحْوِ نِصْفِ يَوْمٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا. قَوْلُهُ: (وَبَعْدَ الدَّفْنِ إلَخْ) مَرْجُوحٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ لِيُوَافِقَ الْمُعْتَمَدَ عَلَى جَعْلِ الْجَارِّ فِي قَوْلِهِ: بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ: وَقْتَ التَّعْزِيَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَمَعْنَاهَا) أَيْ شَرْعًا، أَمَّا لُغَةً: فَهِيَ التَّصَبُّرُ وَالتَّسْلِيَةُ. وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ بِالْمُسْلِمِ وَيُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (إحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا زَيْنَبُ. قَوْلُهُ: (أَعْظَمَ) هُوَ أَفْصَحُ مِنْ عَظَّمَ خِلَافًا لِثَعْلَبٍ. قَوْلُهُ: (جَعَلَهُ حَسَنًا) أَيْ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَصَبَّرَك) وَفِي مَعْنَاهُ أَحْسَنَ اللَّهُ عَزَاءَك. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ) بَلْ يُنْدَبُ لِنَحْوِ جَارٍ وَقَرِيبٍ. قَوْلُهُ: (أَخْلَفَ إلَخْ) هَذَا فِيمَنْ يُوجَدُ بَدَلُهُ كَالْوَلَدِ، وَإِلَّا كَالْأَبِ. فَيُقَالُ: خَلَفَ بِلَا هَمْزٍ أَيْ صَارَ اللَّهُ تَعَالَى خَلِيفَةً عَلَيْك. قَوْلُهُ: (نَقَصَ) هُوَ مُخَفَّفٌ، وَيَجُوزُ فِي عَدَدِك رَفْعُهُ فَاعِلًا وَنَصْبُهُ مَفْعُولًا. قَوْلُهُ: (فَالْمُخْتَارُ تَرْكُهُ) مَرْجُوحٌ وَجَوَابُهُ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ. (فَرْعٌ) قَدْ عَزَّى الْخَضِرُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ بِقَوْلِهِ: إنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءٌ مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ، وَخَلْفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ فَبِاَللَّهِ فَثِقُوا وَإِيَّاهُ فَارْجُوَا، فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ. (فَائِدَةٌ) الْخَضِرِ نَبِيٌّ حَيٌّ إلَى آخِرِ الدَّهْرِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، وَاسْمُهُ بَرَّانُ بْنُ مَلْكَانِ بْنِ قَالِعِ بْنِ ارْفَخْشَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَقِيلَ إلْيَاسُ حَيٌّ أَيْضًا وَاقِفٌ بِخُرَاسَانَ عِنْدَ سَدِّ يَأْجُوجَ. قَوْلُهُ: (اُلْبُكَا) هُوَ بِالْقَصْرِ مَا كَانَ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ، وَلَوْ مَعَ دَمْعِ عَيْنٍ وَحُزْنِ قَلْبٍ، وَلَا خِلَافَ فِي إبَاحَتِهِ. وَبِالْمَدِّ مَا كَانَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ، وَهُوَ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ وَغَيْرِهَا. وَلَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِحُرْمَتِهِ كَمَا فِي أَذْكَارِ النَّوَوِيِّ. (تَنْبِيهٌ) إنْ كَانَ الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ لِخَوْفٍ عَلَيْهِ مِنْ هَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَنَحْوِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، أَوْ لِمَحَبَّةٍ وَرِقَّةٍ كَطِفْلٍ فَكَذَلِكَ، لَكِنْ الصَّبْرَ أَجْمَلُ، أَوْ لِصَلَاحٍ وَبَرَكَةٍ وَشَجَاعَةٍ وَفَقْدِ نَحْوِ عِلْمٍ فَمَنْدُوبٌ، أَوْ لِفَقْدِ صِلَةٍ وَبِرٍّ وَقِيَامٍ بِمَصْلَحَةٍ فَمَكْرُوهٌ، أَوْ لِعَدَمِ تَسْلِيمٍ لِلْقَضَاءِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِهِ فَحَرَامٌ. قَوْلُهُ: (أَوْلَى) أَيْ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْمُحْتَضَرِ. قَوْلُهُ: (تَذْرِفَانِ) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ   [حاشية عميرة] وَأَمَّا مَعْنَاهَا لُغَةً: فَهُوَ التَّسْلِيَةُ. وَقَوْلُهُ: الْأَمْرُ بِالصَّبْرِ أَيْ عَلَى الْعَزِيزِ الْمَفْقُودِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ أَفْصَحُ مِنْ عَظَّمَ خِلَافًا لِثَعْلَبٍ حَيْثُ عَكَسَ. قَالَ: وَالْعَزَاءُ يَعْنِي مِنْ قَوْلِهِ: وَأَحْسَنَ عَزَاءَك التَّسْلِيَةُ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الدُّعَاءِ لِلْحَيِّ، انْتَهَى. أَقُولُ: قَدْ اشْتَمَلَ هَذَا عَلَى الْأَمْرِ بِالصَّبْرِ، وَالْحَمْلِ عَلَيْهِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ، وَالدُّعَاءِ لِلْحَيِّ بِجَبْرِ الْمُصِيبَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) فِي ذِكْرِ هَذَا هُنَا دُونَ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا إشْعَارٌ بِأَنَّ مَعْنَاهُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْمَيِّتِ أَيْضًا، فَلْيُتَأَمَّلْ. [الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ] قَوْلُهُ: (تَذْرِفَانِ) مِنْ ذَرَفَ يَذْرِفُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ» ، وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ حَدِيثُ «فَإِذَا وَجَبَتْ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ. قَالُوا وَمَا الْوُجُوبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْمَوْتُ» اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: الْمُرَادُ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ . (وَيَحْرُمُ النَّدْبُ بِتَعْدِيدِ شَمَائِلِهِ) نَحْوَ وَا كَهْفَاهُ وَاجَبَلَاهُ (وَالنَّوْحُ) وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ (وَالْجَزَعُ بِضَرْبِ الصَّدْرِ وَنَحْوِهِ) كَشَقِّ الثَّوْبِ وَنَشْرِ الشَّعْرِ وَضَرْبِ الْخَدِّ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ بِلَفْظِ " أَوْ " بَدَلَ الْوَاوِ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «النَّائِحَةُ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالسِّرْبَالُ الْقَمِيصُ كَالدِّرْعِ، وَالْقَطِرَانُ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَسُكُونِهَا دُهْنُ شَجَرٍ يُطْلَى بِهِ الْإِبِلُ الْجُرْبُ وَيُسْرَجُ بِهِ، وَهُوَ أَبْلَغُ فِي اشْتِعَالِ النَّارِ فِي النَّائِحَةِ. (قُلْت: هَذِهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ) مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَابِ (يُبَادَرُ بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ وَ) تَنْفِيذِ (وَصِيَّتِهِ) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ تَعْجِيلًا لِلْخَيْرِ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ حَدِيثَ: «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» قَالَ الْمُصَنِّفُ: الْمُرَادُ بِالنَّفْسِ الرُّوحُ، وَمُعَلَّقَةٌ مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ. (وَيُكْرَهُ طَلَبُ الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ)   [حاشية قليوبي] إرْسَالُ الدُّمُوعِ بِلَا بُكَاءٍ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ النَّدْبُ) وَلَوْ بِغَيْرِ بُكَاءٍ وَهُوَ صَغِيرَةٌ كَبَقِيَّةِ الْمُحَرَّمَاتِ الْآتِيَةِ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا نُقِلَ عَنْ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ أَنَّهَا قَالَتْ يَوْمَ مَوْتِ أَبِيهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ، يَا أَبَتَاهُ إلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهُ. قَوْلُهُ: (بِتَعْدِيدٍ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ لِأَنَّ التَّعْدِيدَ هُوَ النَّدْبُ مَعَ قَرِينَةِ تَأَسُّفٍ، وَيَحْرُمُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ وَلَوْ بِغَيْرِ بُكَاءٍ. قَوْلُهُ: (وَضَرْبِ الْخَدِّ) الْمَعْرُوفُ بِاللَّطْمِ، وَكَذَا التَّضَمُّخُ بِنَحْوِ رَمَادٍ وَطِينٍ وَصَبْغٍ بِسَوَادٍ فِي مَلْبُوسٍ وَفِعْلُ كُلِّ مَا يُنَافِي الِانْقِيَادَ، وَالِاسْتِسْلَامُ لِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ. (فَرْعٌ) لَا بَأْسَ بِالرِّثَاءِ بِالْقَصَائِدِ كَقَوْلِ السَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَاذَا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدَ ... أَنْ لَا يَشُمَّ مَدَى الزَّمَانِ غَوَالِيَا صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبُ لَوْ أَنَّهَا ... صُبَّتْ عَلَى الْأَيَّامِ عُدْنَ لَيَالِيَا وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى تَجْدِيدِ حُزْنٍ أَوْ تَأَسُّفٍ، أَوْ مُجَاوَزَةِ حَدٍّ أَوْ تَبَرُّمٍ أَوْ كَثْرَةٍ مِنْهَا، وَلَا يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ إلَّا بِمَا أَوْصَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . قَوْلُهُ: (قُلْت هَذِهِ مَسَائِلُ مَنْشُورَةٌ) أَيْ مُتَفَرِّقَةٌ تَشْبِيهًا بِنَثْرِ الدُّرَرِ أَوْ الْجَوَاهِرِ. قَوْلُهُ: (يُبَادَرُ) أَيْ نَدْبًا فِي الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ طَلَبَ، وَإِلَّا فَوُجُوبًا. وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا بَعْدَهُ اهْتِمَامًا بِقَضَائِهِ. قَوْلُهُ: (مَحْبُوسَةٌ) أَيْ إنَّ قَصَّرَ   [حاشية عميرة] ذَرْفًا كَضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْبًا. قَوْلُهُ: (مَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَحَلُّ الْخِلَافِ الْبُكَاءُ الِاخْتِيَارِيُّ. قَالَ: وَالْبُكَاءُ بِالْقَصْرِ الدَّمْعُ، وَبِالْمَدِّ رَفْعُ الصَّوْتِ. قَالَ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ، انْتَهَى. قُلْت: لَكِنْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِتَحْرِيمِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْبُكَاءِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِتَعْدِيدٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَا مَعْنَى لِلْبَاءِ لِأَنَّهُ نَفْسُ التَّعْدِيدِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّعْدَادُ مَعَ الْبُكَاءِ كَمَا قَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِئَلَّا يَدْخُلَ الْمَادِحُ وَالْمُؤَرِّخُ قَالَ: وَيَحْرُمُ أَيْضًا الْبُكَاءُ إذَا انْضَمَّ إلَى النَّدْبِ كَعَكْسِهِ، وَالشَّمَائِلُ: جَمْعُ شِمَالٍ بِكَسْرِ الشِّينِ وَهُوَ مَا اتَّصَفَ بِهِ الشَّخْصُ مِنْ الطِّبَاعِ كَالْكَرَمِ وَنَحْوِهِ، انْتَهَى. وَمَا حَاوَلَهُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْبُكَاءِ بَعِيدٌ، وَقَوْلُهُ: يَدْخُلُ إلَخْ عَلَيْهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْمَادِحَ وَالْمُؤَرِّخَ لَا نُدْبَةَ فِي وَصْفِهِمَا، وَالْمُحَرَّمُ هُنَا هُوَ النُّدْبَةُ وَلَهَا صِيَغٌ مَخْصُوصَةٌ، وَالْوَجْهُ فِيهَا التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِضَرْبِ الصَّدْرِ إلَخْ) أَلْحَقَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ الْمُبَالَغَةَ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ مَعَ الْبُكَاءِ، فَقَالَ: إنَّهُ حَرَامٌ، انْتَهَى. وَسَبَبُ تَحْرِيمِ ذَلِكَ وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ يُشْبِهُ مِنْ الْمَظَالِمِ وَاَلَّذِي وَقَعَ عَدْلٌ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَلَا يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا إذَا أَوْصَى بِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُبَادَرُ إلَخْ) قَالَ الْأَصْحَابُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُ الدَّيْنِ سَأَلَ وَلِيَّهُ الْغُرَمَاءُ أَنْ يُحَلِّلُوهُ وَيَحْتَالُوا بِهِ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْحَوَالَةَ مُبَرِّئَةٌ لِلذِّمَّةِ لِلضَّرُورَةِ. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ الْكَلَامَ عَلَى مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ، أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ مَرْهُونَةً بِدَيْنِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ تَرِكَةٌ. قَوْلُهُ: (تَعْجِيلًا لِلْخَيْرِ) أَيْ لِلْمَيِّتِ وَلِلْمُوصَى لَهُ. [طَلَبُ الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ] قَوْلُهُ: (بِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: لَا يُكْرَهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ ظَاهِرٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لِضُرٍّ فِي بَدَنِهِ أَوْ ضِيقٍ فِي دُنْيَاهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ أَصَابَهُ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (إلَّا لِفِتْنَةِ دِينٍ) أَيْ لَا يُكْرَهُ لِخَوْفِ فِتْنَةٍ فِي دِينِهِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَقَالَ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَفْهُومٌ مِنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الرَّوْضَةِ لَا بَأْسَ. (وَيُسَنُّ التَّدَاوِي) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ «أَنَّ الْأَعْرَابَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَدَاوَى؟ فَقَالَ: تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ الْهَرَمِ» قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَإِنْ تَرَكَ التَّدَاوِيَ تَوَكُّلًا فَهُوَ فَضِيلَةٌ. (وَيُكْرَهُ إكْرَاهُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (عَلَيْهِ) أَيْ التَّدَاوِي، وَفِي الرَّوْضَةِ عَلَى تَنَاوُلِ الدَّوَاءِ أَيْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّشْوِيشِ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: حَدِيثُ «لَا تُكْرِهُوا مَرَضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ» ضَعِيفٌ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَادَّعَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ حَسَنٌ . (وَيَجُوزُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِمْ) وَفِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَأَصْدِقَائِهِ بَدَلَ وَنَحْوِهِمْ. (تَقْبِيلُ وَجْهِهِ) رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ بَعْدَ مَوْتِهِ» ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ . (وَلَا بَأْسَ بِالْإِعْلَامِ بِمَوْتِهِ لِلصَّلَاةِ) عَلَيْهِ (وَغَيْرِهَا) ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَصَحَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ. (بِخِلَافِ نَعْيِ الْجَاهِلِيَّةِ) فَإِنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَهُوَ النِّدَاءُ بِمَوْتِ الشَّخْصِ وَذِكْرُ مَآثِرِهِ وَمَفَاخِرِهِ، رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي إنْسَانٍ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ أَوْ   [حاشية قليوبي] فِي وَفَاتِهِ حَالَ حَيَاتِهِ وَلَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً وَلَيْسَ نَبِيًّا وَمِنْهُ رَهْنُ دِرْعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ افْتَكَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا يَأْتِي، وَيَنْبَغِي لِوَلِيِّهِ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ وَفَاؤُهُ حَالًا أَنْ يَسْأَلَ غُرَمَاءَهُ قَبْلَ غُسْلِهِ أَنْ يَحْتَالُوا بِهِ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُمْ إجَابَتُهُ وَبِهَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ، وَيُنْدَبُ أَنْ يُحَلِّلُوهُ لِيَبْرَأَ حَقِيقَةً لِأَنَّهَا حَوَالَةٌ مَجَازِيَّةٌ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْأَجْنَبِيُّ كَالْوَلِيِّ فِيمَا ذَكَرَ. قَالَ شَيْخُنَا: إلَّا فِي لُزُومِ الْإِجَابَةِ . قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ تَمَنِّي الْمَوْتِ إلَخْ) وَلَا يُكْرَهُ تَمَنِّيهِ لِغَيْرِ ضُرٍّ، وَلَا تَمَنِّيهِ لِغَرَضٍ أُخْرَوِيٍّ كَتَمَنِّي الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا بِمَكَانٍ شَرِيفٍ نَحْوِ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ. بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بِالنَّدْبِ فِي الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الضَّرَرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (فَلْيَقُلْ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ الْخَفِيفَةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَذَكَرَ مَا لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْمُدَّةِ بِخِلَافِ إذَا. قَوْلُهُ: (لَا يُكْرَهُ) بَلْ نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ نَدْبُهُ . قَوْلُهُ: (إلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً) زَادَ فِي رِوَايَةٍ «جَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ، وَعَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ» ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ لِعَدَمِ الْقَطْعِ بِنَفْعِهِ، وَقَدْ فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ لِقَوِيِّ التَّوَكُّلِ تُكْرَهُ كَعَكْسِهِ، بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهُ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَحْرُمُ تَرْكُهُ فِي نَحْوِ جُرْحٍ يُظَنُّ فِيهِ التَّلَفُ كَالْقَصْدِ، وَيَجُوزُ اعْتِمَادُ قَوْلِ الْكَافِرِ فِي الطِّبِّ مَا لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ. قَوْلُهُ: (لَا تُكْرِهُوا إلَخْ) لَيْسَ فِي الدَّلِيلِ مُطَابَقَةٌ لِلْمَدْلُولِ لِأَنَّ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فِي غَيْرِ التَّدَاوِي، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُمَا يَعُمَّانِ مَا فِيهِ الدَّوَاءُ، أَوْ أَنَّهُ لَا فَارِقَ بَيْنَ التَّدَاوِي وَغَيْرِهِ فِي طَلَبِ التَّرْكِ. قَوْلُهُ: (ضَعِيفٌ) أَيْ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْحُرْمَةِ بَلْ وَلَا عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَإِنَّمَا دَلِيلُهَا التَّشْوِيشُ . قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ) أَيْ وَيُنْدَبُ فِي نَحْوِ صَالِحٍ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ تُهْمَةٌ كَمُرُودَةٍ. وَتَقْبِيلُ مَحَلِّ السُّجُودِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَكَوْنُهُ بِلَا حَائِلٍ . قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهَا) كَاسْتِغْفَارِهِمْ لَهُ، وَبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، وَالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مُسْتَحَبٌّ) أَيْ إنْ كَانَ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يُكْرَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى النَّدْبِ كَمَا مَرَّ، وَتَقَدَّمَ مَا فِي الْمُرَائِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ النِّدَاءُ بِمَوْتِ الشَّخْصِ وَذِكْرُ مَآثِرِهِ وَمَفَاخِرِهِ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ النَّعْيَ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ مَا ذَكَرَ. وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: إنَّهُ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ وَضَمُّ   [حاشية عميرة] إلَخْ) وَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي أَجْوِبَةِ مَسَائِلَ سُئِلَ عَنْهَا التَّصْرِيحُ بِالِاسْتِحْبَابِ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ النَّصِّ. قَوْلُهُ: (تَدَاوَوْا) هَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي الطَّلَبِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ فَضِيلَةٌ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ عَقِبَ هَذَا، وَقِيلَ: إذَا كَانَ بِهِ جُرْحٌ يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ وَجَبَ، حَكَاهُ الْمُتَوَلِّي انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ) صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ بِالِاسْتِحْبَابِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُنْدَبَ لَهُمْ، وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَغَيْرِهَا) أَيْ كَالِاسْتِغْفَارِ لَهُ وَبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ بَلْ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ بِالنِّدَاءِ وَنَحْوِهِ، كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الصَّلَاةِ اهـ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَيْضًا وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذِكْرُ الْمَفَاخِرِ وَالْمَآثِرِ وَهِيَ نَعْيُ الْجَاهِلِيَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَعْيِ الْجَاهِلِيَّةِ) اعْلَمْ أَنَّ النَّعْيَ هُوَ الْإِخْبَارُ بِالْمَوْتِ، وَكَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ إذَا مَاتَ فِيهِمْ كَبِيرٌ بَعَثُوا رَاكِبًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 يَكْنُسُهُ فَمَاتَ فَدُفِنَ لَيْلًا أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ وَفِي رِوَايَةٍ مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي» وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَى عَنْ النَّعْيِ» ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَمُرَادُهُ نَعْيُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا مُجَرَّدُ الْإِعْلَامِ بِالْمَوْتِ، وَهُوَ بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَبِكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ مَصْدَرُ نَعَاهُ يَنْعِيهِ. (وَلَا يَنْظُرُ الْغَاسِلُ مِنْ بَدَنِهِ إلَّا قَدْرَ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ الْعَوْرَةِ) بِأَنْ يُرِيدَ مَعْرِفَةَ الْمَغْسُولِ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ يُكْرَهُ نَظَرُ الزَّائِدِ عَلَى ذَلِكَ، وَيَحْرُمُ نَظَرُ الْعَوْرَةِ أَيْ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ الْأَوَّلَ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقِيلَ مَكْرُوهٌ، وَأَنَّ الْمَسَّ فِيهِ كَالنَّظَرِ، وَأَنَّ نَظَرَ الْمُعِينِ فِيهِ مَكْرُوهٌ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: لَا يَنْظُرُ الْمُعِينُ إلَّا لِضَرُورَةٍ. (وَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ) كَأَنْ احْتَرَقَ وَلَوْ غُسِّلَ لَتَهَرَّى (يُمِّمَ) وَلَا يُغَسَّلُ مُحَافَظَةً عَلَى جُثَّتِهِ لِتُدْفَنَ بِحَالِهَا، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ: وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ قُرُوحٌ وَخِيفَ مِنْ غُسْلِهِ تَسَارُعُ الْبِلَى إلَيْهِ بَعْدَ الدَّفْنِ غُسِّلَ وَلَا مُبَالَاةَ بِمَا يَكُونُ بَعْدَهُ، فَالْكُلُّ صَائِرُونَ إلَى الْبِلَى. (وَيُغَسِّلُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ الْمَيِّتَ بِلَا كَرَاهَةٍ) ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَكَرِهَهُمَا الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ، دَلِيلُنَا أَنَّهُمَا طَاهِرَانِ كَغَيْرِهِمَا. (وَإِذَا مَاتَا غُسِّلَا غُسْلًا وَاحِدًا فَقَطْ) ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْغُسْلُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمَا سَقَطَ بِالْمَوْتِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَقَالَ الْحَسَنُ وَحْدَهُ: يُغَسَّلَانِ غُسْلَيْنِ (وَلْيَكُنْ الْغَاسِلُ أَمِينًا) أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَمِينًا كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالرَّوْضَةِ، وَقَالَ فِيهِ: فَإِنْ غَسَّلَهُ فَاسِقٌ وَقَعَ الْمَوْقِعَ. (فَإِنْ رَأَى خَيْرًا ذَكَرَهُ) اسْتِحْبَابًا كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (أَوْ غَيْرَهُ حَرُمَ ذِكْرُهُ إلَّا لَمَصْلَحَةٍ) كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ الْجُمْهُورَ أَطْلَقُوا وَأَنَّ صَاحِبَ الْبَيَانِ قَالَ: لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مُبْتَدِعًا مُظْهِرًا لِبِدْعَتِهِ وَرَأَى الْغَاسِلُ فِيهِ مَا يَكْرَهُ، فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِهِ فِي النَّاسِ زَجْرًا عَنْ بِدْعَتِهِ، وَإِنَّ مَا قَالَهُ مُتَعَيِّنٌ لَا عُدُولَ عَنْهُ، وَأَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ انْتَهَى. وَهَذَا الْبَحْثُ هُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ. (وَلَوْ تَنَازَعَ أَخَوَانِ أَوْ زَوْجَتَانِ) فِي الْغُسْلِ وَلَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَالْكَافِرُ أَحَقُّ بِقَرِيبِهِ الْكَافِرِ) مِنْ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ فِي غُسْلِهِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَمِثْلُهُ التَّكْفِينُ وَالدَّفْنُ. (وَيُكْرَهُ الْكَفَنُ الْمُعَصْفَرُ) وَالْمُزَعْفَرُ لِمَنْ لَا يُكْرَهُ لَهُ فِي الْحَيَاةِ وَهُوَ الْمَرْأَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ   [حاشية قليوبي] مَا بَعْدَهُ إلَيْهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا فَسَّرَهُ بِمَا ذَكَرَهُ لِأَجْلِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، إذْ الْأَوَّلُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (آذَنْتُمُونِي) بِالْمَدِّ أَيْ أَعْلَمْتُمُونِي . قَوْلُهُ: (يُكْرَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ) أَيْ فِي غَيْرِ صَغِيرٍ لَا يُشْتَهَى وَغَيْرِ الزَّوْجَيْنِ، وَلَا يَحْرُمُ فِيهِمَا وَلَا فِي غَيْرِهِمَا لِضَرُورَةٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّ الْمَسَّ كَالنَّظَرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَلَا يَحْرُمُ فِي الزَّوْجَيْنِ بَلْ يُكْرَهُ وَلَوْ مَعَ الشَّهْوَةِ. وَقَالَ السَّنْبَاطِيُّ: يَحْرُمُ مَعَ الشَّهْوَةِ فِيهِمَا، وَكَلَامُ الْخَطِيبِ يُوَافِقُهُ. قَوْلُهُ: (يُمِّمَ) وَلَا تَجِبُ نِيَّتُهُ كَالْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ قَوْلُهُ: (وَكَرِهَهُمَا الْحَسَنُ) وَالْمُرَادُ بِهِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ . قَوْلُهُ: (وَلِيَكُنْ الْغَاسِلُ أَمِينًا) وَكَذَا فَمُعِينُهُ، وَمَعْنَى يَنْبَغِي يُسْتَحَبُّ. وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ نَصْبُ غَيْرِ أَمِينٍ وَتَفْوِيضُهُ لَهُ، وَيُكْرَهُ لِلْقَرِيبِ تَفْوِيضُهُ لِفَاسِقٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ غَسَّلَهُ فَاسِقٌ أَجْزَأَ) وَلَوْ أَخْبَرَ أَنَّهُ غَسَّلَهُ كَفَى، وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ غَسَلَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إخْبَارٌ عَنْ فِعْلٍ لِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَتَحَدَّثَ بِهِ) أَيْ نَدْبًا إنْ لَمْ يَخَفْ وُقُوعَ النَّاسِ فِي بِدْعَتِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا الْبَحْثُ إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِهِ كَالْمَنْهَجِ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لِلثَّانِي. قَالَ   [حاشية عميرة] إلَى الْقَبَائِلِ يُنَادِي بِمَوْتِهِ ذَاكِرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنَاقِبِ وَالْمَفَاخِرِ. قَوْلُهُ: (وَمُرَادُهُ نَعْيُ الْجَاهِلِيَّةِ) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى فَصَلَّى عَلَيْهِ» . قَوْلُهُ: (مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَبِكَسْرِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ إلَخْ) لَوْ يُمِّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ، ثُمَّ وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَبْلَ دَفْنِهِ، وَجَبَ غُسْلُهُ دُونَ إعَادَةِ الصَّلَاةِ قَالَهُ السَّرَخْسِيُّ. قَوْلُهُ: (وَقَعَ الْمَوْقِعَ) نَعَمْ الْمُتَّجِهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِإِخْبَارِهِ فِي أَنَّهُ غَسَّلَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَرُمَ إلَخْ) فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» . وَوَرَدَ «كُفُّوا عَنْ مُسَاوِيهِمْ يَعْنِي الْمَوْتَى» ، وَضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمَرْأَةُ) أَمَّا الرَّجُلُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِ حَيًّا وَمَيِّتًا. وَقِيلَ: حَرَامٌ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُعَمِّمْ الشَّارِحُ الْمُعَصْفَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 الزِّينَةِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالْمَرْأَةِ، وَالْمُزَعْفَرُ أَيْضًا (وَ) تُكْرَهُ (الْمُغَالَاةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْكَفَنِ بِارْتِفَاعِهِ فِي الثَّمَنِ، وَيُسْتَحَبُّ تَحْسِينُهُ فِي الْبَيَاضِ وَالنَّظَافَةِ وَسُبُوغُهُ وَكَثَافَتُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَغَالَوْا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُهُ سَلْبًا سَرِيعًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَالْمَغْسُولُ) بِأَنْ لُبِسَ (أَوْلَى مِنْ الْجَدِيدِ) كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِأَنَّهُ لِلصَّدِيدِ، وَالْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ كَمَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . (وَالصَّبِيُّ كَبَالِغٍ فِي تَكْفِينِهِ بِأَثْوَابٍ) فَيُسْتَحَبُّ تَكْفِينُهُ بِثَلَاثَةٍ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَالْحَنُوطُ) أَيْ ذَرُّهُ كَمَا تَقَدَّمَ. (مُسْتَحَبٌّ، وَقِيلَ وَاجِبٌ) كَالْكَفَنِ، وَعَبَّرَ الرَّافِعِيُّ بِالتَّحْنِيطِ (وَلَا يَحْمِلُ الْجِنَازَةَ إلَّا الرِّجَالُ وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى) لِضَعْفِ النِّسَاءِ عَنْ حَمْلِهَا (وَيَحْرُمُ حَمْلُهَا عَلَى هَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ) كَحَمْلِهَا فِي غِرَارَةٍ (وَهَيْئَةٍ يُخَافُ مِنْهَا سُقُوطُهَا) ذَكَرَ الْمَسْأَلَتَيْنِ الرَّافِعِيُّ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَيُحْمَلُ الْمَيِّتُ عَلَى سَرِيرٍ أَوْ لَوْحٍ أَوْ مَحْمَلٍ وَأَيُّ شَيْءٍ حُمِلَ عَلَيْهِ أَجْزَأَ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ وَانْفِجَارُهُ قَبْلَ أَنْ يُهَيَّأَ لَهُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَيْدِي وَالرِّقَابِ حَتَّى يُوصَلَ إلَى الْقَبْرِ. (وَيُنْدَبُ لِلْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُهَا كَتَابُوتٍ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَالْخَيْمَةِ وَالْقُبَّةِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: عَلَى سَرِيرٍ، وَفِيهِ عِزٌّ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْخَيْمَةِ لِصَاحِبِ الْبَيَانِ، وَبِالْقُبَّةِ لِصَاحِبِ الْحَاوِي، وَبِالْمُكِبَّةِ وَأَنَّهَا تُغَطَّى بِثَوْبٍ لِلشَّيْخِ نَصْرِ الْمَقْدِسِيَّ، وَأَنَّهُمْ اسْتَدَلُّوا بِقِصَّةِ جِنَازَةِ زَيْنَبَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وَأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَى أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْصَتْ أَنْ يُتَّخَذَ لَهَا ذَلِكَ فَفَعَلُوهُ، وَهِيَ قَبْلَ زَيْنَبَ بِسِنِينَ كَثِيرَةٍ، فَقَوْلُهُ: كَتَابُوتٍ، أَيْ لَهَا فَإِنَّهُ مُشْتَمِلٌ فِي الْعَادَةِ عَلَى مَا هُوَ كَالْقُبَّةِ وَعَلَى تَغْطِيَتِهِ بِسِتَارَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (وَلَا يُكْرَهُ الرُّكُوبُ فِي الرُّجُوعِ مِنْهَا) هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَا بَأْسَ بِهِ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى ابْنِ الدَّحْدَاحِ، وَحِينَ انْصَرَفَ أُتِيَ بِفَرَسٍ مُعْرَوْرًى فَرَكِبَهُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ بِفَرَسٍ عُرْيٍ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: هُوَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ الثَّانِيَةِ مَنُونَةً   [حاشية قليوبي] شَيْخُنَا: وَالْوَجْهُ رُجُوعُهُ لِلْأَوَّلِ أَيْضًا لِيَخْرُجَ مَا لَوْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالْخَيْرِ، وَرَأَى عَلَيْهِ بَعْضَ عَلَامَاتِ أَهْلِ الْبِدْعَةِ فَيُسَنُّ عَدَمُ ذِكْرِهِ. قَوْلُهُ: (أَقْرَعَ) قَالَ شَيْخُنَا وُجُوبًا وَلَوْ عَلَى يَدِ قَاضٍ رُفِعَ إلَيْهِ الْأَمْرُ [الْأَحَقّ بِتَغْسِيلِ الْكَافِر] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْكَافِرُ أَحَقُّ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] . . قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمَرْأَةُ) وَمِثْلُهَا الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فِي الْمُعَصْفَرِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْمُزَعْفَرُ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَقَدْ مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَتُكْرَهُ الْمُغَالَاةُ فِي الْكَفَنِ) بَلْ تَحْرُمُ مِنْ التَّرِكَةِ، وَفِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. قَوْلُهُ: (وَكَثَافَتُهُ) أَيْ صَفَاقَتُهُ وَالْقُطْنُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ) وَفِي رِوَايَةٍ «حَسِّنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ بِهَا فِي قُبُورِهِمْ» . قَوْلُهُ: (بِثَلَاثَةٍ) يَقْتَضِي أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الذَّكَرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: كَبَالِغِ وَالصَّبِيَّةُ وَالْخُنْثَى فِي خَمْسَةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِالتَّحْنِيطِ) وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ مُسْتَحَبٌّ . قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْمِلُ إلَخْ) أَيْ نَدْبًا فَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِمْ مَعَ وُجُودِهِمْ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِنَّ وَتَقَدَّمَ مَا يَنْدُبُ لَهُنَّ. قَوْلُهُ: (كَتَابُوتٍ) وَهُوَ فِي اللُّغَةِ سَرِيرُ الْمَيِّتِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقُبَّةُ وَالْخَيْمَةُ وَالْمُكِبَّةُ الْمَذْكُورَاتُ، وَالْمُكِبَّةُ هِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ. قَوْلُهُ: (زَيْنَبَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ) أَيْ لِابْنَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَوَهَّمَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (فَفَعَلُوهُ) وَهُوَ أَوَّلُ نَعْشٍ غُطِّيَ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَوَّلُ مَنْ فُعِلَ لَهُ ذَلِكَ بِنْتُهُ فَاطِمَةُ بِأَمْرِ زَيْنَبَ زَوْجَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهَا رَأَتْهُ بِالْحَبَشَةِ، ثُمَّ فُعِلَ بِزَوْجَتِهِ الْمَذْكُورَةِ   [حاشية عميرة] لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ مُرَادَ الْمَتْنِ بَيَانَ الْكَرَاهَةِ الْحَاصِلَةِ بِسَبَبِ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لُبِسَ) قِصَّةُ أَبِي بَكْرٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبِهِ الْخَلِقِ، وَزِيَادَةُ ثَوْبَيْنِ. قَوْلُهُ: (كَمَا قَالَهُ) مَرْجِعُ الضَّمِيرِ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لِلصَّدِيدِ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْتَحَبٌّ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْمُفْلِسَ تَجِبُ لَهُ الْكِسْوَةُ دُونَ الطِّيبِ . قَوْلُهُ: (كَحَمْلِهَا فِي غِرَارَةٍ) وَكَذَا حَمْلُ الْكَبِيرِ عَلَى الْأَيْدِي وَالْكَتِفِ مِنْ غَيْرِ نَعْشٍ، وَوَضْعُ النَّعْشِ بِالْأَرْضِ وَجَرُّهُ بِالْحِبَالِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَتَابُوتٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ سَرِيرٌ فَوْقَهُ قُبَّةٌ أَوْ خَيْمَةٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ، قَالَ: وَأَوَّلُ مَنْ فَعَلَهُ زَيْنَبُ زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ قَدْ رَأَتْهُ فِي الْحَبَشَةِ لَمَّا هَاجَرَتْ، وَأَوْصَتْ بِهِ يَعْنِي إلَى أُخْتِهَا أُمِّ حَبِيبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، انْتَهَى. وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: وَهِيَ قَبْلَ زَيْنَبَ فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ فِي قَوْلِهِ: وَأَوَّلُ مَنْ فَعَلَهُ زَيْنَبُ. قَوْلُهُ: (عَلَى السَّرِيرِ) مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ كَالْخَيْمَةِ وَالْقُبَّةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَانَ الْمُرَادُ بِهِ نَفْسَ السَّرِيرِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 انْتَهَى. وَفِي الصَّحَاحِ اعْرَوْرَيْتُ الْفَرَسَ رَكِبْتُهُ عُرْيَانًا، وَفَرَسٌ عُرْيٌ لَيْسَ عَلَيْهِ سَرْجٌ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبِعَ جِنَازَةَ ابْنِ الدَّحْدَاحِ مَاشِيًا، وَرَجَعَ عَلَى فَرَسٍ» ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَالدَّحْدَاحُ بِمُهْمَلَاتٍ وَفَتْحِ الدَّالِ. (وَلَا بَأْسَ بِاتِّبَاعِ الْمُسْلِمِ) بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ (جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ: لَا يُكْرَهُ، رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت: إنَّ عَمَّك الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ اذْهَبْ فَوَارِهِ» قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: حَسَنٌ (وَيُكْرَهُ اللَّغْطُ فِي الْجِنَازَةِ) وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِي الْمَشْيِ مَعَهَا وَالْحَدِيثُ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا، بَلْ الْمُسْتَحَبُّ الْفِكْرُ فِي الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ وَفَنَاءِ الدُّنْيَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ، وَعَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ خَفْضَ الصَّوْتِ عِنْدَهَا. (وَإِتْبَاعُهَا) بِسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ (بِنَارٍ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي مِجْمَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يُكْرَهُ الْبَخُورُ فِي الْمِجْمَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهَا إلَى الْقَبْرِ وَعِنْدَهُ حَالَ الدَّفْنِ لِأَنَّهُ يَتَفَاءَلُ بِذَلِكَ فَأْلَ السَّوْءِ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مَرْفُوعًا: «لَا تُتْبَعُ الْجِنَازَةُ بِصَوْتٍ وَلَا نَارٍ» لَكِنْ فِيهِ مَجْهُولَانِ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ وَصَّى: لَا تُتْبِعُونِي بِصَارِخَةٍ وَلَا مِجْمَرَةٍ، وَلَا تَجْعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَ الْأَرْضِ شَيْئًا. وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: إذَا أَنَا مِتُّ فَلَا تَصْحَبُنِي نَارٌ وَلَا نَائِحَةٌ . (وَلَوْ اخْتَلَطَ مُسْلِمُونَ بِكَفَّارٍ) كَأَنْ انْهَدَمَ عَلَيْهِمْ سَقْفٌ وَلَمْ يَتَمَيَّزُوا (وَجَبَ) لِلْخُرُوجِ عَنْ الْوَاجِبِ (غُسْلُ الْجَمِيعِ وَالصَّلَاةُ) عَلَيْهِمْ (فَإِنْ شَاءَ، صَلَّى عَلَى الْجَمِيعِ) دَفْعَةً (بِقَصْدِ الْمُسْلِمِينَ) مِنْهُمْ (وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَالْمَنْصُوصُ أَوْ عَلَى وَاحِدٍ فَوَاحِدٍ نَاوِيًا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَالْمَنْصُوصُ، زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَقَالَ:   [حاشية قليوبي] مِثْلُهُ. وَصُورَتُهُ مَا يُعْهَدُ فِي بِلَادِ الرِّيفِ عِنْدَ الْعَوَامّ مِنْ كَوْنِهِ ثَوْبًا عَلَى جَرِيدٍ . قَوْلُهُ: (وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ إلَخْ) أَفَادَ بِهِ أَنَّ الِانْصِرَافَ بَعْدَ الدَّفْنِ لَا بَعْدَ الصَّلَاةِ كَمَا يُفْهِمُهُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ . قَوْلُهُ: (وَلَا بَأْسَ) فَهُوَ مُبَاحٌ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْأَمْرُ فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ) لِأَنَّهُ التَّابِعُ لَا بِإِسْكَانِهَا الْمُوهِمُ أَنَّ التَّابِعَ غَيْرُهُ يَأْمُرُهُ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (قَرِيبِهِ الْكَافِرِ) وَكَالْقَرِيبِ الزَّوْجُ وَالْجَارُ وَالصَّدِيقُ وَالْوَلِيُّ وَالْعَبْدُ وَزِيَارَةُ قَبْرِهِ كَذَلِكَ، وَخَرَجَ غَيْرُهُمْ مِنْ الْأَجَانِبِ فَيَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْظِيمِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَوَازَ زِيَارَةِ قُبُورِهِمْ أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الِاتِّعَاظِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِالْحُرْمَةِ فِيهَا أَيْضًا وَضُعِّفَ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ اللَّغْطُ) هُوَ بِسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِهَا: الْأَصْوَاتُ الْمُرْتَفِعَةُ. وَيُقَالُ: فِيهِ لِغَاطٌ بِوَزْنِ كِتَابٍ وَسَوَاءٌ كَانَ بِالْقِرَاءَةِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَيُنْدَبُ الْقِرَاءَةُ وَالذِّكْرُ سِرًّا . قَوْلُهُ: (بِنَارٍ) أَيْ إلَّا لِحَاجَةٍ كَسِرَاجٍ وَشَمْعَةٍ لِمَشْيٍ أَوْ دَفْنٍ لَيْلًا، وَالتَّبْخِيرُ لِنَحْوِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ. وَقَدْ مَرَّ نَدْبُ التَّبْخِيرِ عِنْدَهُ مِنْ أَوَّلِ مَوْتِهِ إلَى دَفْنِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَمَيَّزُوا) لَيْسَ الْجَمْعُ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ قَيْدًا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَيَكْفِي التَّمْيِيزُ بِالِاجْتِهَادِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْخُرُوجِ عَنْ الْوَاجِبِ) أَيْ مَعَ جَوَازِ ضِدِّهِ فَلَا مُعَارَضَةِ فِيهِ، وَلَا مُعَارَضَةَ فِي الصَّلَاةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (غَسْلُ الْجَمِيعِ) وَمَا يَجِبُ مِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ مِنْ كَفَنٍ وَحَمْلٍ وَدَفْنٍ فِي تِرْكَةِ كُلٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فِي الْكَافِرِ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تِرْكَةً فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، ثُمَّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا مَرَّ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قُرْعَةٍ وَأَنَّهُ يُغْتَفَرُ التَّفَاوُتُ لِلضَّرُورَةِ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا ظَاهِرًا. قَوْلُهُ: (اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ   [حاشية عميرة] أَوْ ارْتِفَاعَهُ قَوْلُهُ: (رَوَى أَبُو دَاوُد إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ لِمُطْلَقِ الْقَرَابَةِ، لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِمُؤْنَتِهِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا زِيَارَةُ قَبْرِهِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ نَقْلًا عَنْ الْأَكْثَرِينَ. قَوْلُهُ: (بَلْ الْمُسْتَحَبُّ إلَخْ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَلَا يُرْفَعُ صَوْتٌ بِقِرَاءَةٍ وَلَا ذِكْرٍ وَلَا غَيْرِهَا. (فَائِدَةٌ) اللَّغَطُ بِسُكُونِ الْغَيْنِ وَفَتْحِهَا: هُوَ الْأَصْوَاتُ الْمُرْتَفِعَةُ، وَيُقَالُ: فِيهِ لِغَاطٌ عَلَى وَزْنِ كِتَابٍ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ اخْتَلَطَ إلَخْ) اُنْظُرْ الْمُؤْنَةَ هُنَا عَلَى مَنْ وَمَاذَا يَجِبُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ أَعْيَانِ الْمَوْتَى؟ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْلِمُونَ) أَيْ وَلَوْ وَاحِدًا. قَوْلُهُ: (وَيُغْتَفَرُ) أَيْ كَمَا اُغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ نَحْوَ: نَوَيْت هَذَا عَنْ مَالِي الْغَائِبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَإِلَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 وَاخْتِلَاطُ الشُّهَدَاءِ بِغَيْرِهِمْ كَاخْتِلَاطِ الْكُفَّارِ (وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ تَقَدُّمُ غُسْلِهِ وَتُكْرَهُ قَبْلَ تَكْفِينِهِ فَلَوْ مَاتَ بِهَدْمٍ وَنَحْوِهِ) كَأَنْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ (وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ وَغُسْلُهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِفَقْدِ الشَّرْطِ، وَقَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ قَبْلَ تَكْفِينِهِ زَادَهُ وَجَوَازُهَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الرَّافِعِيِّ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: تَصِحُّ وَتُكْرَهُ، صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ. (وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ وَلَا الْقَبْرِ) فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمَا (عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا) وَالرَّافِعِيُّ قَالَ: حَرُمَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَعِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ، وَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ أَوْ الْقَبْرِ لَمْ تَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَالرَّافِعِيُّ هُنَا اقْتَصَرَ عَلَى التَّقَدُّمِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَقَالَ: قَالَ فِي النِّهَايَةِ: خَرَّجَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَقَدُّمِ الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِمَامِ، وَنَزَّلُوا الْجِنَازَةَ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: تَجْوِيزُ التَّقَدُّمِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَوْلَى فَإِنَّهَا لَيْسَتْ إمَامًا مَتْبُوعًا يَتَعَيَّنُ تَقَدُّمُهُ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ إشَارَةٌ إلَى تَرْتِيبِ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ الْمَنْعُ انْتَهَى. فَأَقَامَ النَّوَوِيُّ بَحْثَ الْإِمَامِ طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِالْجَوَازِ، وَطَرَدَهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مُقْتَضَى اصْطِلَاحِهِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْمَذْهَبِ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي تَقَدُّمِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ أَصَحُّهُمَا بُطْلَانُ صَلَاتِهِ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَجَمَاعَةٌ: إنْ جَوَّزْنَا تَقَدُّمَ الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِمَامِ جَازَ هَذَا وَإِلَّا فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَاحْتَرَزُوا بِالْحَاضِرَةِ عَنْ الْغَائِبَةِ عَنْ الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَتْ خَلْفَ ظَهْرِ الْمُصَلِّي لِلْحَاجَةِ إلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهَا لِنَفْعِ الْمُصَلِّي وَالْمُصَلَّى عَلَيْهِ. (وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَيِّتِ (فِي الْمَسْجِدِ) بِلَا كَرَاهَةٍ كَمَا صَرَّحَ   [حاشية قليوبي] الدُّعَاءَ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ جَائِزٌ، إلَّا إنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ كَمَا تَقَدَّمَ، أَوْ يُقَالُ: إنَّ الْعُمُومَ يَشْمَلُ ذَنْبَ الْكُفْرِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ. قَوْلُهُ: (وَاخْتِلَاطُ الشُّهَدَاءِ إلَخْ) . نَعَمْ هُنَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ لِلْجَمِيعِ، وَيُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُدْفَنُ غَيْرُهُمْ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَيَلْحَقُ بِهِمْ مَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِ وَإِسْلَامِهِ كَتَعَارُضِ بَيِّنَتَيْنِ مَثَلًا وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِالْكَيْفِيَّةِ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (كَاخْتِلَاطِ الْكُفَّارِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ غُسْلِ كُلٍّ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَغُسْلُ الشَّهِيدِ حَرَامٌ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَ وُجُوبَ الْغُسْلِ عَلَى حُرْمَتِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ وُجُوبُ الْغُسْلِ مَعَ أَنَّ بَابَ الْغُسْلِ أَوْسَعُ، بِدَلِيلِ غُسْلِ الْكَافِرِ وَغُسْلِ النَّجَاسَةِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى زَوَالِ دَمِ الشَّهَادَةِ، وَلَا تَعَارُضَ فِي الصَّلَاةِ لِتَقَيُّدِ نِيَّتِهَا بِغَيْرِ الشَّهِيدِ مِنْهُمْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَغُسْلُهُ) أَيْ طُهْرُهُ وَلَوْ بِالتَّيَمُّمِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفَارَقَ صِحَّةَ صَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فِي الصَّلَوَاتِ بِحُرْمَةِ الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (وَجَوَازَهَا) مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى ضَمِيرِ زَادَهُ دُفِعَ بِهِ مَا مَرَّ بِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْكَرَاهَةِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ) عُلِمَ مِنْهُ اعْتِبَارُ الْمَسَافَةِ وَعَدَمُ الْحَائِلِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ تُكْرَهُ الْمُسَاوَاةُ. وَتَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ مَا الْمُرَادُ بِالْحَاضِرَةِ وَالْغَائِبَةِ؟ وَكَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا سَائِرَةٌ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) لَوْ قَدَّمَ الشَّارِحُ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ وَجَعَلَهُ جَوَابًا عَنْ الْمُصَنِّفِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا. قَوْلُهُ: (مُسْتَحَبَّةٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ   [حاشية عميرة] فَعَنْ الْحَاضِرِ. وَفِي الصَّوْمِ كَأَنْ يَنْوِيَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ صَوْمَ غَدٍ إنْ كَانَ مِنْهُ، وَفِي الْحَجِّ كَأَنْ يَنْوِيَ إحْرَامًا كَإِحْرَامِ زَيْدٍ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَدْ تَتَعَيَّنُ الْكَيْفِيَّةُ الْأُولَى إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ لِاجْتِمَاعِهِمْ يُخْشَى مِنْهُ التَّغَيُّرُ، وَاعْتَرَضَ مَسْأَلَةَ اخْتِلَاطِ الشُّهَدَاءِ بِأَنَّ غُسْلَهُ حَرَامٌ فَدَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ فِعْلٍ حَرَامٍ وَتَرْكٍ وَاجِبٍ، قَالَ: وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ امْتِنَاعُ الْغُسْلِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ امْتِنَاعُ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَاخْتِلَاطُ الشُّهَدَاءِ إلَخْ) أَيْ وَلَكِنْ فِي الدُّعَاءِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَيُطْلِقُ، وَلَا يَقُولُ: إنْ كَانَ غَيْرَ شَهِيدٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَقَدَّمَ غُسْلُهُ) أَيْ كَصَلَاةِ الْمَيِّتِ نَفْسِهِ وَلِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ. قَوْلُهُ: (لِفَقْدِ الشَّرْطِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ مُشْكِلٌ وَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْمُمْكِنِ كَمَا فِي الْحَيِّ. قَوْلُهُ: (وَجَوَازَهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلصَّلَاةِ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ) فِي الْقُوتِ لَوْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ وَهِيَ سَائِرَةٌ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ، فَفِي صِحَّتِهَا وَجْهَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ لِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ طَرِيقَيْنِ أَصَحُّهُمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَقَدُّمِ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ، وَالثَّانِيَةُ الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ. (فَرْعٌ) لَوْ تَقَدَّمَ الْإِمَامُ لِكَوْنِهِ يَرَى ذَلِكَ، فَالْوَجْهُ عَدَمُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ. قَوْلُهُ: (قَالَ: وَلَا تَنْفُذُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَجَمَاعَةٌ) لَعَلَّ الْإِمَامَ مِنْهُمْ، فَإِنَّ هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا سَلَفَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَقَالَ فِيهِ: بَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ، وَفِيهَا: بَلْ هِيَ فِيهِ أَفْضَلُ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ بَيْضَاءَ وَأَخِيهِ فِي الْمَسْجِدِ» وَاسْمُهُ سَهْلٌ، وَالْبَيْضَاءُ وَصْفُ أُمِّهِمَا وَاسْمُهَا دَعْدُ، وَفِي تَكْمِلَةِ الصَّغَانِيِّ: إذَا قَالَتْ الْعَرَبُ فُلَانٌ أَبْيَضُ وَفُلَانَةُ بَيْضَاءُ فَالْمَعْنَى نَقَاءُ الْعِرْضِ مِنْ الدَّنَسِ وَالْعُيُوبِ. (وَيُسَنُّ جَعْلُ صُفُوفِهِمْ) أَيْ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ (ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِيهِ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إنَّهُ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَالَ الْحَاكِمُ هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَفْظُهُ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ إلَّا غُفِرَ لَهُ» وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مَعْنَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ " إلَّا أَوْجَبَ " أَيْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ. (وَإِذَا صَلَّى عَلَيْهِ فَحَضَرَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ صَلَّى) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بَعْدَ الدَّفْنِ» كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّفْنَ إنَّمَا كَانَ بَعْدَ صَلَاةٍ، وَتَقَعُ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ فَرْضًا كَالْأُولَى وَسَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ الدَّفْنِ أَمْ بَعْدَهُ جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فَيَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْمُتَوَلِّي (وَمَنْ صَلَّى لَا يُعِيدُ) أَيْ لَا تُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِعَادَةُ. (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي تُسْتَحَبُّ فِي جَمَاعَةٍ لِمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِيهِ تَوْجِيهُ النَّفْيِ بِأَنَّ الْمُعَادَةَ تَكُونُ تَطَوُّعًا، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ لَا تَطَوُّعَ فِيهَا، وَنَقَضَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِصَلَاةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ عَلَى الْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا تَقَعُ نَافِلَةً فِي حَقِّهِنَّ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ، وَقَالَ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ لَوْ صَلَّى ثَانِيًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُسْتَحَبَّةٍ وَتَقَعُ نَفْلًا. وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فَرْضًا، وَحَكَى فِيهِ وَجْهًا مُطْلَقًا بِاسْتِحْبَابِ الْإِعَادَةِ وَوَجْهًا بِكَرَاهَتِهَا (وَلَا تُؤَخَّرُ لِزِيَادَةِ مُصَلِّينَ) ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَقَاتِلُ نَفْسِهِ كَغَيْرِهِ فِي الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَلَوْ نَوَى الْإِمَامُ صَلَاةَ غَائِبٍ وَالْمَأْمُومُ صَلَاةَ حَاضِرٍ أَوْ عَكَسَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (جَازَ) ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَضَمَّ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَوْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْجِدِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ ضَمِيرِ صَلَّى الرَّاجِعِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ سُهَيْلٍ لِأَنَّهُمَا أَبَوَا حَيَّيْنِ، وَمَا قِيلَ: إنَّهُ مِنْ الْأَوَّلِ فَقَطْ، أَوْ أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ، أَوْ أَنَّهُ لِعُذْرٍ مَرْدُودٍ بِمَا وَرَدَ أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - صَلَّتْ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَهِيَ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ، فَاعْتَرَضَ عَلَيْهَا بَعْضُ الصَّحَابَةِ فَقَالَتْ لَهُمْ: مَا أَسْرَعُ مَا نَسِيتُمْ فِعْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسُهَيْلٍ. وَلَعَلَّ الْمُعْتَرِضَ لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ، وَتَوَهَّمَتْ أَنَّهُ بَلَغَهُ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ) وَالثَّلَاثَةُ فِي الْفَضِيلَةِ سَوَاءٌ فَيَتَخَيَّرُ الْمَسْبُوقُ بَيْنَهَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَيُحْسَبُ الْإِمَامُ صَفًّا إنْ كَانَ مَعَهُ اثْنَانِ لِأَنَّهُ يَقِفُ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ خَلْفَهُمَا، فَلَوْ حَضَرَ مَعَ الْإِمَامِ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ صَفَّ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَوَاحِدٌ بَعْدَهُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَالثَّالِثُ خَلْفَ هَذَا. قَوْلُهُ: (فَرْضًا كَالْأُولَى) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَا تُسْتَحَبُّ إلَخْ) أَيْ فَتَكُونُ خِلَافَ الْأُولَى. نَعَمْ قَدْ تَجِبُ كَمَا لَوْ صَلَّى فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (لَا يَتَطَوَّعُ بِهَا) قَالَ النَّوَوِيُّ: أَيْ لَا يُؤْتَى بِصُورَتِهَا تَطَوُّعًا مِنْ غَيْرِ جِنَازَةٍ، وَعَلَى هَذَا فَالنَّقْضُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ وَارِدٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (ثَانِيًا) أَوْ أَكْثَرَ. قَوْلُهُ: (وَتَقَعُ نَفْلًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَجْهًا مُطْلَقًا) أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْجَمَاعَةِ فِي صَلَاتِهِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ، وَكَذَا الْوَجْهُ بِكَرَاهَتِهَا الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُؤَخَّرُ) أَيْ لَا يُنْدَبُ تَأْخِيرُهَا وَإِنْ لَمْ يَخَفْ تَغَيُّرَ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي وَاحِدًا حَيْثُ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ. نَعَمْ تُؤَخَّرُ لِوَلِيٍّ قَرُبَ حُضُورُهُ. قَوْلُهُ: (وَقَاتِلُ نَفْسِهِ كَغَيْرِهِ إلَخْ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْسُوخٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الزَّجْرِ . قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَوَى الْإِمَامُ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ نَوَى كُلُّ أَحَدِ حَاضِرِينَ، أَوْ جَمَعَ كُلٌّ فِي نِيَّتِهِ غَائِبًا وَحَاضِرًا، أَوْ غَائِبِينَ أَوْ حَاضِرِينَ سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ   [حاشية عميرة] إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا حَدِيثُ: «مَنْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ» ، فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ وَأَيْضًا فَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ فِيهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مِمَّنْ ضَعَّفَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. بَلْ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: إنَّهُ حَدِيثٌ بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) قَالَ فِيهِ أَيْضًا، وَالسَّاقِطُ بِالْأَوْلَى عَنْ الْبَاقِينَ خَرَجَ الْفَرْضُ لَا نَفْسُهُ، وَلِأَنَّ بَعْضَهُمْ لَيْسَ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ بِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِفِعْلِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا تُسْتَحَبُّ إلَخْ) هِيَ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُعِيدَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَاتِلُ نَفْسِهِ كَغَيْرِهِ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُحْتَجًّا بِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ عَلَى الَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ» . وَأَجَابَ ابْنُ حِبَّانَ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَلَنَا حَدِيثُ: «الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا أَوْ فَاجِرًا وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ: هُوَ أَصَحُّ مَا فِي الْبَابِ إلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَالْمُرْسَلُ حُجَّةٌ إذَا اُعْتُضِدَ بِقَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا . قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ) أَيْ كَمَا لَوْ اقْتَدَى فِي الظُّهْرِ بِالْعَصْرِ مَثَلًا. وَقَوْلُ الشَّارِحِ: كُلٌّ مِنْهُمَا دَفْعٌ لِمَا قِيلَ: إفْرَادُ الضَّمِيرِ فِي عَكْسٍ مُشْكِلٌ. قَوْلُهُ: (لَوْ نَوَى الْإِمَامُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 نَوَى الْإِمَامُ غَائِبًا وَالْمَأْمُومُ غَائِبًا آخَرَ . (وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ) لِيَنَالَ الْمَيِّتُ دُعَاءَ الْمَارِّينَ وَالزَّائِرِينَ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (وَيُكْرَهُ الْمَبِيتُ بِهَا) ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْوَحْشَةِ (وَيُنْدَبُ سَتْرُ الْقَبْرِ بِثَوْبٍ) عِنْدَ الدَّفْنِ (وَإِنْ كَانَ) الْمَيِّتُ (رَجُلًا) أَيْ فَهُوَ فِي الْمَرْأَةِ آكَدُ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ رُبَّمَا يَنْكَشِفُ عِنْدَ الْإِضْجَاعِ وَحَلِّ الشِّدَادِ فَيَظْهَرُ مَا يُسْتَحَبُّ إخْفَاؤُهُ. (وَأَنْ يَقُولَ) مَنْ يُدْخِلُهُ الْقَبْرَ (بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا وَضَعَ الْمَيِّتَ فِي الْقَبْرِ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَبِاَللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ» وَفِي رِوَايَةٍ " وَعَلَى سُنَّةِ " وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ فِي الْقَبْرِ فَقُولُوا بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَالْمَسْأَلَتَانِ ذَكَرَهُمَا الرَّافِعِيُّ مَعَ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ بَعْدَهُمَا (وَلَا يُفْرَشُ تَحْتَهُ شَيْءٌ) مِنْ الْفِرَاشِ (وَلَا) يُوضَعُ تَحْتَ رَأْسِهِ (مِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ. وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ: لَا بَأْسَ بِهِ . (وَيُكْرَهُ دَفْنُهُ فِي تَابُوتٍ إلَّا فِي أَرْضٍ نَدِيَةٍ) بِتَخْفِيفِ التَّحْتَانِيَّةِ (أَوْ رِخْوَةٍ)   [حاشية قليوبي] نِيَّتُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَتْ. قَوْلُهُ: (وَالدَّفْنُ فِي الْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ) وَيُجَابُ طَالِبُهَا عَلَى مِلْكِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَيُجَابُ الْأَبُ عَلَى الْأُمِّ فِي دَفْنِ وَلَدٍ. نَعَمْ يُقَدَّمُ غَيْرُ الْمَقْبَرَةِ عَلَيْهَا لِأَمْرٍ مَذْمُومٍ فِيهَا شَرْعًا، نَحْوَ كَوْنِهَا مَغْصُوبَةً أَوْ مَمْلُوكَةً بِمَالٍ فِيهِ شُبْهَةٌ، أَوْ فِيهَا أَهْلُ بِدْعَةٍ أَوْ فَسَقَةٌ أَوْ تُرْبَتُهَا مَالِحَةٌ، وَيُقَدَّمُ الْأَصْلَحُ لِلْمَيِّتِ لَوْ تَنَازَعَ الْوَرَثَةُ مَثَلًا فِي دَفْنِهِ فِي إحْدَى مَقْبَرَتَيْنِ مَثَلًا، فَإِنْ تَسَاوَيَا قُدِّمَ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الصَّلَاةِ، وَلَوْ امْتَنَعَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ دَفْنِهِ ابْتِدَاءً فِي مِلْكِ أَحَدِهِمْ أُجِيبَ لَا فِي نَبْشِهِ كَمَا لَا يُنْبَشُ لَوْ بِيعَ مَحَلُّهُ، وَلَا يَجُوزُ دَفْنُ مُسْلِمٍ فِي مَقْبَرَةِ كُفَّارٍ وَلَا عَكْسُهُ، فَيَحْرُمُ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَيَجُوزُ وَلَوْ بِجَمْعِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فِي قَبْرٍ وَحَيْثُ حَرُمَ وَجَبَ نَقْلُهُ، وَيَجُوزُ جَعْلُ الْمَقْبَرَةِ وَلَوْ لِلْكُفَّارِ بَعْدَ الِانْدِرَاسِ مَسْجِدًا كَمَا كَانَ مَسْجِدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُكْرَهُ الدَّفْنُ فِي الْبَيْتِ إلَّا فِي نَبِيٍّ فَيَجِبُ لِأَنَّهُ مِنْ خَوَاصِّهِمْ، وَفِي مَحَلِّ مَوْتِهِ إلَّا الشَّهِيدَ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْوَحْشَةِ) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَحْشَةٌ كَأَنْ كَانُوا جَمَاعَةً أَوْ كَانَتْ مَسْكُونَةً فَلَا كَرَاهَةَ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ مُنَبِّهٍ: إنَّهَا تَرْفَعُ الْعَذَابَ عَنْ صَاحِبِ الْقَبْرِ أَرْبَعِينَ سَنَةً. قَوْلُهُ: (رَوَى التِّرْمِذِيُّ إلَخْ) كَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ وَتَبِعَهُ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرُهُ، وَإِسْقَاطُ لَفْظَةِ وَبِاَللَّهِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الرِّوَايَةِ، فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: إذَا تَأَمَّلَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ لَمْ تَجِدْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقًا لِوَاحِدَةٍ مِنْهَا مَرْدُودٌ، إلَّا إنْ أَرَادَ بِتَمَامِهَا. قَوْلُهُ: (مِخَدَّةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ) أَيْ مَعَ فَتْحِ الْخَاءِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلْإِفْضَاءِ بِهَا إلَى الْخَدِّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ) إلَّا لِغَرَضٍ كَتَسْكِينِ حُزْنٍ فَلَا تَحْرُمُ، وَمَا قِيلَ: إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُضِعَ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا نُزِعَتْ قَبْلَ إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ، وَبِفَرْضِ بَقَائِهَا فَإِقْرَارُ الصَّحَابَةِ لَهَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ. نَعَمْ تَحْرُمُ مِنْ مَالِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ التَّرِكَةِ . قَوْلُهُ: (إلَّا فِي أَرْضٍ نَدِيَةٍ إلَخْ) وَكَذَا لِنَحْوِ مَنْعِ سَبْعٍ أَوْ نَهْرٍ بِنَحْوِ حَرِيقٍ، وَغَيْرُ الْأَرْضِ النَّدِيَةِ أَوْلَى،   [حاشية عميرة] إلَخْ) مِثْلُ هَذَا مَا لَوْ نَوَى حَاضِرًا وَالْمَأْمُومُ حَاضِرًا آخَرَ، وَحُكْمُهُمَا يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى مِنْ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ. [وَالدَّفْنُ بِالْمَقْبَرَةِ] قَوْلُهُ: (لِيَنَالَ الْمَيِّتُ دُعَاءَ الْمَارِّينَ إلَخْ) قَالَ أَئِمَّتُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: وَدَفْنُ الْأَنْبِيَاءِ فِي مَوْضِعِ مَوْتِهِمْ مِنْ الْخَوَاصِّ. قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا الشُّهَدَاءُ كَمَا فِي قَتْلَى أُحُدٍ، انْتَهَى. وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ مَكْرُوهٌ، انْتَهَى. وَلَوْ تَنَازَعَ الْوَرَثَةُ فِي مَقْبَرَتَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِشَيْءٍ فَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنْ كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُجَابَ الْمُقَدَّمُ فِي الصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا أَقْرَعَ وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً أُجِيبَ الْقَرِيبُ دُونَ الزَّوْجِ، انْتَهَى. وَلَوْ حَفَرَ لِنَفْسِهِ قَبْرًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مَا دَامَ حَيًّا ذَكَرَهُ الْعَبَّادِيُّ، وَوَافَقَهُ الْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ، وَاسْتَثْنَى مَا إذَا مَاتَ عَقِبَهُ، انْتَهَى. وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ الْحَفْرِ فِي الْمُسَبَّلَةِ لِيَعُدَّهُ لِدَفْنِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَانِعٌ لِلْغَيْرِ لِتَوَهُّمِهِ شَغْلَهُ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ رَفْعَ التُّرَابِ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ انْدِرَاسِ الْمَيِّتِ حَرَامٌ فِيهَا وَقَدْ يَلُوحُ فَارِقٌ. (فَرْعٌ) لَا يَجُوزُ دَفْنُ مُسْلِمٍ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَعَكْسُهُ. [سَتْرُ الْقَبْرِ بِثَوْبٍ عِنْدَ الدَّفْنِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَلَّاجِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا أَدْخَلْتُمُونِي قَبْرِي فَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ سَنًّا، وَاقْرَءُوا عِنْدَ رَأْسِي أَوَّلَ الْبَقَرَةِ وَخَاتِمَتَهَا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَفَعَلَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (رَوَى التِّرْمِذِيُّ إلَخْ) إذَا تَأَمَّلْت هَذِهِ الرِّوَايَاتِ لَمْ تَجِدْ فِيهَا شَيْئًا مُوَافِقًا لِلَّفْظِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِخَدَّةٌ) بَلْ الْمَطْلُوبُ كَشْفُ خَدِّهِ وَالْإِفْضَاءُ بِهِ إلَى التُّرَابِ اسْتِكَانَةً وَتَوَاضُعًا، وَرَجَاءً لِرَحْمَةِ اللَّهِ، وَعَطْفَةً مِنْ اللَّهِ عَلَيْنَا بِالرَّحْمَةِ وَالْعَفْوِ فِي هَذَا الْمَنْزِلِ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ آمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. سُمِّيَتْ الْمِخَدَّةُ مِخَدَّةً لِأَنَّهَا آلَةٌ لِوَضْعِ الْخَدِّ. [الدّفن فِي تَابُوت] قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي تَابُوتٍ) هُوَ لُغَةُ قُرَيْشٍ، وَلُغَةُ الْأَنْصَارِ: تَابُوهُ وَلَعَلَّ وَجْهَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا فَلَا يُكْرَهُ، وَلَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ بِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَتَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (وَيَجُوزُ) مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (الدَّفْنُ لَيْلًا وَوَقْتَ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَتَحَرَّهُ) ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ: حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِنَّ، وَأَنَّ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا، وَذَكَرَ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ وَالطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ» مَحْمُولٌ كَمَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمُتَوَلِّي عَلَى تَحَرِّي ذَلِكَ وَقَصْدِهِ لِحِكَايَةِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَجَمَاعَةٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ كَرَاهَةِ الدَّفْنِ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا. وَنَقْبُرُ بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا نَدْفِنُ (وَغَيْرُهُمَا) أَيْ غَيْرُ اللَّيْلِ وَهُوَ النَّهَارُ وَغَيْرُ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ. (أَفْضَلُ) لِلدَّفْنِ مِنْهُمَا أَيْ فَاضِلٌ عَلَيْهِمَا، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْفَنَ نَهَارًا، وَسَكَتَ فِيهَا وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْمَذْكُورُ فِيهِ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَنْ الْفَضِيلَةِ فِي الْآخَرِ لِلْعِلْمِ بِهَا مِنْ النَّهْيِ، وَذَكَرَ فِيهِ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى حَدِيثَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «رَأَى نَاسٌ نَارًا فِي الْمَقْبَرَةِ فَأَتَوْهَا فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَبْرِ، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ: نَاوِلُونِي صَاحِبَكُمْ وَإِذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالذِّكْرِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. (وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاءُ) عَلَيْهِ (وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ) هَذِهِ الْمَسَائِلُ وَمَا بَعْدَهَا ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ إلَّا مَا يُنَبِّهُ عَلَيْهِ، قَالَ جَابِرٌ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، زَادَ التِّرْمِذِيُّ «وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُوطَأَ» . وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَالتَّجْصِيصُ التَّبْيِيضُ بِالْجِصِّ وَهُوَ الْجِيرُ، وَأَلْحَقَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ التَّطْيِينَ، وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَسَوَاءٌ فِي الْبِنَاءِ بِنَاءُ قُبَّةٍ أَمْ بَيْتٍ أَمْ غَيْرِهِمَا، وَفِي الْمَكْتُوبِ اسْمُ صَاحِبِهِ أَمْ غَيْرُ ذَلِكَ فِي لَوْحٍ عِنْدَ رَأْسِهِ أَمْ فِي غَيْرِهِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَلَوْ بُنِيَ) عَلَيْهِ (فِي مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ هُدِمَ) الْبِنَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي مِلْكِهِ، وَصَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِحُرْمَةِ الْبِنَاءِ فِيهَا.   [حاشية قليوبي] وَالْأَرْضُ الَّتِي لَا تُبْلِي سَرِيعًا أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ. (فَائِدَةٌ) يُقَالُ: أَرَمَ الْبَيْتَ كَضَرَبَ إذَا بَلِيَ، وَأَرَمَّ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ كَذَلِكَ، وَأَصْلُهُ أَرْمَمَ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْمِيمِ الْأُولَى إلَى الرَّاءِ وَحُذِفَتْ أَوْ أُدْغِمَتْ. قَوْلُهُ: (وَتَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ مَعَ عَدَمِ الْوَصِيَّةِ وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ . قَوْلُهُ: (لَيْلًا) نَعَمْ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ مَنْعُ الْكُفَّارِ مِنْ الدَّفْنِ نَهَارًا إنْ أَظْهَرُوهُ. قَوْلُهُ: (وَوَقْتُ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ) قَالَ شَيْخُنَا: سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِالزَّمَنِ أَوْ بِالْفِعْلِ، لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ، وَسَوَاءٌ حَرَمُ مَكَّةَ وَغَيْرُهُ. وَيَحْرُمُ مَعَ التَّحَرِّي فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْفِعْلِ وَبِغَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِ، إنَّمَا هُوَ فِي الصَّلَاةِ ذَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْعِبْرَةُ بِتَحَرِّي مَنْ يَدْفِنُهُ. قَوْلُهُ: (وَقَصْدِهِ) هُوَ مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى تَحَرِّي عَلَى وَجْهِ التَّفْسِيرِ. قَوْلُهُ: (لِحِكَايَةِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْفَنَ نَهَارًا) فَيُنْدَبُ أَنْ يُؤَخَّرَ مَنْ مَاتَ لَيْلًا إلَّا لِعُذْرٍ كَتَغَيُّرٍ، وَذَكَرَ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى تَأْوِيلِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (لِلْعِلْمِ) أَيْ بِنَفْيِهَا بِهَا مِنْ النَّهْيِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَأَلْحَقَ   [حاشية عميرة] الْكَرَاهَةِ كَوْنُهُ إضَاعَةَ مَالٍ مَعَ عَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ عَنْ السَّلَفِ، وَأَيْضًا لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ [الدَّفْنُ لَيْلًا] . قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَيْلًا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - دَفَنُوا كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: وَقْتُ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ لَهُ سَبَبًا مُقَدَّمًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إذَا لَمْ يَتَحَرَّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْوَقْتِ مِنْ قَوْلِهِ: وَوَقْتُ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (مَحْمُولٌ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْأَمْرُ مُخْتَصٌّ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ، فَلَا يَدْخُلُ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْفِعْلِ كَبَعْدِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، قَالَ: فَاعْلَمْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحَدِيثَ وَالْمَعْنَى وَكَلَامَ الْأَصْحَابِ دَالٌّ عَلَيْهِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي أَنَّ التَّحَرِّيَ حَرَامٌ كَتَحَرِّي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ النَّهَارُ) الْمُتَّجَهُ إلْحَاقُ مَا قَبْلَ الشَّمْسِ مِنْهُ بِاللَّيْلِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ نَازَعَ فِي اسْتِحْبَابِ التَّأْخِيرِ عَنْ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لِفَوَاتِ الْإِسْرَاعِ الْمَطْلُوبِ. وَقَالَ: إنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ قَالَ: لَمْ يَذْكُرْ الْفَضْلَ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا غَيْرِهَا، وَبِالْجُمْلَةِ فَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ الْمَتْنُ وَحَاوَلَهُ الشَّارِحُ سَنُّ التَّأْخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ إلَى النَّهَارِ، وَمِنْ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ إلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ حَاوَلَ الْإِسْنَوِيُّ بَحْثًا خِلَافَ الْأَمْرَيْنِ نَظَرًا إلَى طَلَبِ الْمُبَادَرَةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْآخَرِ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ: وَغَيْرُ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، وَقَوْلُهُ: لِلْعِلْمِ بِهَا الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْفَضِيلَةِ مِنْ قَوْلِهِ: عَنْ الْفَضِيلَةِ. قَوْلُهُ: (وَذُكِرَ فِيهِ إلَخْ) وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَقَدَّمَ دَلِيلَهَا وَهُوَ الْإِجْمَاعُ. [تَجْصِيصُ الْقَبْرِ وَالْبِنَاء عَلَيْهِ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْبِنَاءُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: سَوَاءٌ كَانَ الْبِنَاءُ بَيْتًا أَمْ قُبَّةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْكِتَابَةُ) قَالَ السُّبْكِيُّ: يَنْبَغِي عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إذَا كَتَبَ قَدْرَ الْحَاجَةِ لِلْإِعْلَامِ لِمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 وَيُنْدَبُ أَنْ «يُرَشَّ الْقَبْرُ بِمَاءٍ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ بِقَبْرِ سَعْدٍ» ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ «وَأَمَرَ بِهِ فِي قَبْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ» ، رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَسَعْدٌ الْمَذْكُورُ هُوَ ابْنُ مُعَاذٍ كَمَا فِي طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يُرَشَّ عَلَى الْقَبْرِ مَاءُ الْوَرْدِ، وَنَقَلَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَرَاهَةَ هَذَا وَأَنْ يُطْلَى الْقَبْرُ بِالْخَلُوقِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَآخَرِينَ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ. (وَيُوضَعُ عَلَيْهِ حَصًى) رَوَى الشَّافِعِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَشَّ عَلَى قَبْرِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ مَاءً وَوَضَعَ عَلَيْهِ حَصْبَاءَ» وَهِيَ بِالْمَدِّ وَبِالْمُوَحَّدَةِ الْحَصَى الصِّغَارُ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ. (وَعِنْدَ رَأْسِهِ حَجَرٌ أَوْ خَشَبَةٌ) رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَ حَجَرًا أَيْ صَخْرَةً عِنْدَ رَأْسِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَقَالَ: أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي» وَأَتَعَلَّمُ بِمَعْنَى عَلَّمَ مِنْ الْعَلَامَةِ. (وَجَمْعُ الْأَقَارِبِ فِي مَوْضِعٍ) ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُهَذَّبِ وَاسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ كَالرَّوْضَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَقَالَ فِيهِ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدَّمَ الْأَبُ إلَى الْقِبْلَةِ ثُمَّ الْأَسَنُّ فَالْأَسَنُّ (وَ) تُنْدَبُ (زِيَارَةُ الْقُبُورِ لِلرِّجَالِ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا» قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي دُخُولِ النِّسَاءِ فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُنَّ لَا يَدْخُلْنَ فِي ضَمِيرِ الرِّجَالِ. (وَتُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ) لِقِلَّةِ صَبْرِهِنَّ وَكَثْرَةِ جَزَعِهِنَّ (وَقِيلَ تَحْرُمُ) قَالَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُهَذَّبِ، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ» ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَضَمَّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَى شَيْخِ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَالدَّائِرُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ ضَمُّ زَايِ زَوَّارَاتِ جَمْعُ زُوَّارٍ جَمْعُ زَائِرَةٍ سَمَاعًا وَزَائِرٍ قِيَاسًا. (وَقِيلَ: تُبَاحُ) إذَا أُمِنَتْ الْفِتْنَةُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَالْحَدِيثُ فِيمَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا بُكَاءٌ وَنَوْحٌ وَتَعْدِيدٌ كَعَادَتِهِنَّ، وَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ الْإِبَاحَةَ مِنْ حِكَايَةِ الرَّافِعِيِّ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ، وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَذَكَرَ فِيهِ حَمْلَ   [حاشية قليوبي] بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ التَّطْيِينَ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ فَلَا يُكْرَهُ، كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (اسْمُ صَاحِبِهِ) نَعَمْ لَا كَرَاهَةَ فِي اسْمٍ صَالِحٍ، أَوْ مَنْ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ. قَوْلُهُ: (مُسَبَّلَةً) وَهِيَ مَا جَرَّتْ عَادَةُ النَّاسِ بِالدَّفْنِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ وَقْفِيَّتُهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مِنْهَا الْمَوَاتُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لِأَنَّهُ بِالْحَفْرِ. قَوْلُهُ: (هُدِمَ) أَيْ وُجُوبًا إنْ عُلِمَ حَالُهُ وَقْتَ وَضْعِهِ، وَإِلَّا فَلَا لِاحْتِمَالِ وَضْعِهِ بِحَقٍّ كَمَا فِي الْبِنَاءِ الْمَوْجُودِ فِي سَوَاحِلِ الْأَنْهَارِ، وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ وُجُوبِ الْهَدْمِ مَشَاهِدَ الصَّالِحِينَ وَالْعُلَمَاءِ. قَوْلُهُ: (بِحُرْمَةِ الْبِنَاءِ) وَلَوْ نَحْوَ بَيْتٍ لِيَأْوِيَ فِيهِ الزَّائِرُونَ، وَسَوَاءٌ بَاطِنُ الْأَرْضِ وَظَاهِرُهَا، وَمِنْهُ الْأَحْجَارُ الْمَشْهُورَةُ الْآنَ. قَوْلُهُ: (وَيُنْدَبُ أَنْ يُرَشَّ الْقَبْرُ) أَيْ حَالَ الدَّفْنِ بَعْدَ تَمَامِهِ. قَوْلُهُ: (بِمَاءٍ) أَيْ طَاهِرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بَارِدٍ، وَيَحْرُمُ بِالنَّجَسِ، وَيُكْرَهُ بِمَاءِ الْوَرْدِ. نَعَمْ يُسْتَحَبُّ إنْ قُصِدَ بِهِ إكْرَامُ الْمَلَائِكَةِ، وَلَا يَكْفِي الْمَطَرُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لِعَدَمِ فِعْلِنَا. قَوْلُهُ: (عِنْدَ رَأْسِهِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَكَذَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَخِي) أَيْ عُثْمَانَ، وَهُوَ أَوَّلُ مُهَاجِرٍ دُفِنَ فِي الْبَقِيعِ وَذَكَرَ الْأُخُوَّةَ فِيهِ لِلشَّفَقَةِ وَالْحُنُوِّ، أَوْ إخْوَةُ الْإِسْلَامِ. وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَخُوهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَلَمْ أَرَهُ فَرَاجِعْهُ . قَوْلُهُ: (جَمْعُ الْأَقَارِبِ) وَكَذَا مَحَارِمُ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ، وَالْأَصْدِقَاءِ، وَالْأَزْوَاجِ، وَالْأَرِقَّاءِ، وَالْعُتَقَاءِ، وَيُقَدَّمُونَ بِمَا فِي تَقْدِيمِ الدَّفْنِ إنْ أَمْكَنَ. قَوْلُهُ: (وَتُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ) وَكَذَا الْخَنَاثَى، وَتَحْرُمُ عَلَى مُعْتَدَّةٍ وَلَوْ عَنْ وَفَاةٍ وَبِغَيْرِ إذْنِ حَلِيلٍ. نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُنَّ كَالرِّجَالِ يُزَارُ قَبْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَالَ الْقَاضِي: وَيُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ الْمَيِّتِ لِمَنْ كَانَ يَزُورُهُ حَيًّا لِقَرَابَةٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ صَدَاقَةٍ، وَكَذَا لِقَصْدِ تَرَحُّمٍ عَلَيْهِ أَوْ اعْتِبَارٍ بِهِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. (فَرْعٌ) رُوحُ الْمَيِّتِ لَهَا ارْتِبَاطٌ بِقَبْرِهِ لَا تُفَارِقُهُ أَبَدًا، لَكِنَّهَا أَشَدُّ ارْتِبَاطًا بِهِ مِنْ عَصْرِ الْخَمِيسِ إلَى شَمْسِ يَوْمِ السَّبْتِ، وَلِذَلِكَ اعْتَادَ النَّاسُ الزِّيَارَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَفِي عَصْرِ الْخَمِيسِ، وَأَمَّا زِيَارَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِشُهَدَاءِ أُحُدٍ يَوْمَ السَّبْتِ فَلِضِيقِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَمَّا يُطْلَبُ فِيهِ مِنْ الْأَعْمَالِ مَعَ بُعْدِهِمْ عَنْ الْمَدِينَةِ، انْتَهَى.   [حاشية عميرة] سَيَأْتِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَضْعُ شَيْءٍ يُعْرَفُ بِهِ الْمَيِّتُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْجِيرُ) يُسَمَّى أَيْضًا الْقَصَّةُ بِفَتْحِ الْقَافِ، قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَحِكْمَةُ النَّهْيِ التَّزْيِينُ أَقُولُ: وَإِضَاعَةُ الْمَالِ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُنْدَبُ أَنْ يُرَشَّ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: حَضَرْت جِنَازَةً بِحَلَبِ فَوَقَعَ عَقِبَ دَفْنِهَا مَطَرٌ غَزِيرٌ، فَقُلْت لَهُمْ: هَذَا يَكْفِي عَنْ الرَّشِّ، انْتَهَى. قَالَ الْغَزِّيِّ: وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِنْ غُسْلِ الْغَرِيقِ. قَوْلُهُ: (عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) هُوَ أَوَّلُ مَنْ دُفِنَ بِالْبَقِيعِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ. قَوْلُهُ: (وَأَتَعَلَّمُ بِمَعْنَى عَلَّمَ إلَخْ) هُوَ مَاضِي أَتَعَلَّمُ الَّذِي فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِلْعَجُوزِ تَرْكُ الزِّيَارَةِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ (وَلْيُسَلِّمْ الزَّائِرُ) فَيَقُولُ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ خَرَجَ إلَى الْمَقْبَرَةِ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، زَادَ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ: «اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ» وَإِسْنَادُهَا ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ: دَارَ، أَيْ أَهْلَ دَارٍ، وَنَصْبُهُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ أَوْ النِّدَاءِ، وَقَوْلُهُ: إنْ شَاءَ اللَّهُ لِلتَّبَرُّكِ. (وَيَقْرَأُ وَيَدْعُو) عَقِبَ قِرَاءَتِهِ وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ الْمَيِّتَ وَهُوَ عَقِبَ الْقِرَاءَةِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ (وَيَحْرُمُ نَقْلُ الْمَيِّتِ) قَبْلَ دَفْنِهِ مِنْ بَلَدِ مَوْتِهِ (إلَى بَلَدٍ آخَرَ) لِيُدْفَنَ فِيهِ (وَقِيلَ: يُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ) فَيُخْتَارُ أَنْ يُنْقَلَ إلَيْهَا لِفَضْلِ الدَّفْنِ فِيهَا (نَصَّ عَلَيْهِ) الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَفْظُهُ لَا أُحِبُّهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَى آخِرِهِ، وَقَالَ بِالْكَرَاهَةِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، وَبِالْحُرْمَةِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، وَوَجْهُهُ أَنَّ فِي نَقْلِهِ تَأْخِيرَ دَفْنِهِ الْمَأْمُورِ بِتَعْجِيلِهِ، وَتَعْرِيضَهُ لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ وَتَغَيُّرِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ صَحَّ «عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كُنَّا حَمَلْنَا الْقَتْلَى يَوْمَ أُحُدٍ لِنَدْفِنَهُمْ فَجَاءَنَا مُنَادِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَدْفِنُوا الْقَتْلَى فِي مَضَاجِعِهِمْ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، ذُكِرَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَسْأَلَةِ النَّقْلِ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَنَبْشُهُ بَعْدَ دَفْنِهِ لِلنَّقْلِ وَغَيْرِهِ حَرَامٌ إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ) وَهُوَ وَاجِبُ الْغُسْلِ فَيَجِبُ نَبْشُهُ تَدَارُكًا لِغُسْلِهِ الْوَاجِبِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَالَ: فَإِنْ تَغَيَّرَ وَخُشِيَ فَسَادُهُ لَمْ يَجُزْ نَبْشُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ (أَوْ فِي أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ مَغْصُوبَيْنِ) فَيَجِبُ نَبْشُهُ وَإِنْ تَغَيَّرَ لِيُرَدَّ كُلٌّ عَلَى صَاحِبِهِ إذَا لَمْ يَرْضَ بِبَقَائِهِ، وَفِي الثَّوْبِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّبْشُ لِرَدِّهِ لِأَنَّهُ   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ) وَضْعُ نَحْوَ الْجَرِيدِ وَالرَّيْحَانِ مَنْدُوبٌ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ مَالِكِهِ أَخْذُهُ مَا دَامَ رَطْبًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَيِّتِ بِهِ، وَإِذَا جَفَّ جَازَ لِكُلِّ أَحَدٍ أَخْذُهُ، وَلَوْ كَانَ مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ يُخَفِّفُ عَنْ الْمَيِّتِ بِوَضْعِهِ الْعَذَابَ مَا دَامَ رَطْبًا وَأَنَّهُ يَسْتَغْفِرُ لَهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلِيُسَلِّمَ) أَيْ الزَّائِرُ لِقُبُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْكُفَّارِ، وَيُنْدَبُ اسْتِقْبَالُ وَجْهِ الْمَيِّتِ حَالَ الْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ، وَأَنْ يَكُونَ قَائِمًا، وَأَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ إلَى السَّمَاءِ. قَوْلُهُ: (وَيَقْرَأُ) أَيْ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ وَيُهْدِي ثَوَابَهُ لِلْمَيِّتِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَهْلِ الْجَبَّانَةِ، وَمِمَّا وَرَدَ عَنْ السَّلَفِ أَنَّهُ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ إحْدَى عَشَرَةَ مَرَّةً، وَأَهْدَى ثَوَابَهَا إلَى الْجَبَّانَةِ غُفِرَ لَهُ ذُنُوبٌ بِعَدَدِ الْمَوْتَى فِيهَا. وَرَوَى السَّلَفُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ يُعْطَى لَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِعَدَدِ الْأَمْوَاتِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَفْتِنَّا) وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الْأَجْسَادِ الْبَالِيَةِ، وَالْعِظَامِ النَّخِرَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ الدُّنْيَا، وَهِيَ بِك مُؤْمِنَةٌ أَنْزِلْ عَلَيْهَا رَحْمَةً مِنْك وَسَلَامًا مِنِّي . قَوْلُهُ: (مِنْ بَلَدِ مَوْتِهِ) أَيْ مَحَلِّ مَوْتِهِ وَلَوْ بِصَحْرَاءَ، وَتَقْيِيدُهُ بِالْبَلَدِ لِأَجْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (إلَى بَلَدٍ آخَرَ) أَيْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِدَفْنِ أَهْلِهِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (بِقُرْبِ مَكَّةَ) الْمُرَادُ بِالْقُرْبِ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ فِي مُدَّةِ نَقْلِهِ، وَالْمُرَادُ بِمَكَّةَ جَمِيعُ الْحَرَمِ، وَبِالْمَدِينَةِ حَرَمُهَا أَيْضًا، وَبِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مَقَابِرُهُ، وَيَتَّجِهُ جَوَازُ النَّقْلِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لِلْأَشْرَافِ فِيهَا لَا عَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (فَيُخْتَارُ أَنْ يُنْقَلَ) وَلَوْ شَهِيدًا، وَالشَّكُّ فِي غَيْرِهِ بَعْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِهَا بِأَهْلِ مَحَلِّ مَوْتِهِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَيُنْقَلُ أَيْضًا لِمَقَابِرِ الصُّلَحَاءِ، وَمِنْ دَارِ حَرْبٍ، وَأَهْلِ بِدْعَةٍ وَفِسْقٍ وَفَسَادِ أَرْضٍ، وَعُمُومِ سَيْلٍ. قَوْلُهُ: (وَنَبْشُهُ بَعْدَ دَفْنِهِ لِلنَّقْلِ وَغَيْرِهِ حَرَامٌ) وَلَوْ لِنَحْوِ مَكَّةَ، وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ قَبْلَ الْبَلَاءِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ نَقْلٌ بَعْدَهُ فَلَا حُرْمَةَ، بَلْ تَحْرُمُ عِمَارَةُ الْقَبْرِ وَتَسْوِيَتُهُ كَذَا فِي الْمَنْهَجِ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَعَطْفُ التَّسْوِيَةِ تَفْسِيرٌ لِأَنَّ الْبِنَاءَ حَرَامٌ مُطْلَقًا، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذِكْرُ الصَّالِحِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَغَيَّرَ) وَلَوْ بِالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَرْضَ) شَامِلٌ لِمَا إذَا طَلَبَهُ أَوْ سَكَتَ. نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُ طَلَبُهُ، وَإِذَا رَضِيَ حَرُمَ النَّبْشُ، وَمِثْلُ الطَّلَبِ مَا لَوْ   [حاشية عميرة] الْحَدِيثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلْيُسَلِّمْ الزَّائِرُ) فِي الْحَدِيثِ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» . رَوَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْأَحْكَامِ وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (وَنَصْبُهُ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ جَوَازَ جَرِّهِ عَلَى الْبَدَلِ، وَقَوْلُهُ: لِلتَّبَرُّكِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا إلَى الْمَوْتِ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ، أَوْ الْمَوْتِ عَلَى الْإِسْلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) لَيْسَ مِنْ الْمَحْكِيِّ بِقِيلِ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَى الْكَرَاهَةِ فَيَنْتَفِي التَّحْرِيمُ أَيْضًا بِالْأَوْلَى، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَيْهِمَا وَهُوَ أَوْلَى، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يُفِيدُ الِاسْتِحْبَابُ نَصًّا وَفِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لِلطَّبَرِيِّ: أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ إلْحَاقُ الْقَرْيَةِ الَّتِي فِيهَا صَالِحُونَ بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ. قَوْلُهُ: (وَلِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: تَدَارُكًا لِغُسْلِهِ. قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ نَبْشُهُ إلَخْ) لَوْ دُفِنَ بِمَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 كَالتَّالِفِ فَيُعْطَى صَاحِبُهُ قِيمَتَهُ (أَوْ وَقَعَ فِيهِ) أَيْ فِي الْقَبْرِ (مَالٌ) خَاتَمٌ أَوْ غَيْرُهُ فَيَجِبُ نَبْشُهُ لِأَخْذِهِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هَكَذَا أَطْلَقَهُ أَصْحَابُنَا وَقَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا إذَا طَلَبَهُ صَاحِبُهُ، وَلَمْ يُوَافِقُوهُ عَلَى التَّقْيِيدِ. (أَوْ دُفِنَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ) فَيَجِبُ نَبْشُهُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَتَوْجِيهُهُ لِلْقِبْلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. (لَا لِلتَّكْفِينِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ السَّتْرُ وَقَدْ سَتَرَهُ التُّرَابُ، وَالِاكْتِفَاءُ بِهِ أَوْلَى مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ بِالنَّبْشِ، وَالثَّانِي يَقِيسُهُ عَلَى الْغُسْلِ. (وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ جَمَاعَةٌ بَعْدَ دَفْنِهِ عِنْدَ قَبْرِهِ سَاعَةً يَسْأَلُونَ لَهُ التَّثْبِيتَ) رَوَى أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» . وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْكُثَ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ الدَّفْنِ سَاعَةً يَدْعُو لِلْمَيِّتِ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَالرَّافِعِيُّ اقْتَصَرَ عَلَى أَنْ يَقِفَ عَلَى الْقَبْرِ   [حاشية قليوبي] كَانَ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ، لَوْ نُبِشَ غَيْرُ الثَّوْبِ الَّذِي كُفِّنَ فِيهِ لَمْ يَجُزْ نَبْشُهُ. قَوْلُهُ: (وَقَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ قَيَّدَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ الْوُجُوبَ بِالطَّلَبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَعِنْدَ عَدَمِ الطَّلَبِ يَجُوزُ وَلَا يَجِبُ، وَحَمْلُ الشَّارِحِ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ عَلَى الْوُجُوبِ مَعَ الْإِطْلَاقِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَتَأَمَّلْهُ، وَلَوْ بَلَعَ مَالَ نَفْسِهِ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ حَرُمَ نَبْشُهُ، وَحَرُمَ شَقُّ جَوْفِهِ لِإِخْرَاجِهِ أَوْ مَالَ غَيْرِهِ، فَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَطْلُبْهُ صَاحِبُهُ وَإِلَّا وَجَبَ أَوْ إنْ ضَمِنُوهُ لِصَاحِبِهِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مِنْ عَدَمِ النَّبْشِ مَعَ الضَّمَانِ لَمْ يُوَافِقْ هُوَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ) وَمِنْهُ الِاسْتِلْقَاءُ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ دُفِنَ فِي مَسْجِدٍ نُبِشَ مُطْلَقًا وَأُخْرِجَ مِنْهُ، وَيَحْرُمُ نَبْشُ لَحْدِ مَيِّتٍ، أَوْ فَتْحُ فَسْقِيَّةٍ لِدَفْنِ مَيِّتٍ آخَرَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَيَحْرُمُ إزَالَةُ عِظَامِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ عَنْ مَحَلِّهَا كَذَلِكَ، أَمَّا بَعْدَ الِانْدِرَاسِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا وَلَوْ ظَهَرَ عِظَامُ مَيِّتٍ قَبْلَ تَمَامِ حَفْرِ الْقَبْرِ وَجَبَ رَدْمُهُ وَسِتْرُهَا، أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ وُضِعَ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (لَا لِلتَّكْفِينِ) أَيْ لَا يَجُوزُ نَبْشُهُ لَهُ وَلَا لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَلَا لِدَفْنِهِ فِي الْحَرِيرِ وَإِنْ حَرُمَ. (فَرْعٌ) قَدْ يُنْبَشُ الْمَيِّتُ فِي صُوَرٍ: كَحَامِلٍ رُجِيَ حَيَاةُ جَنِينِهَا فَتُنْبَشُ وَيُشَقُّ جَوْفُهَا مِنْ غَيْرِ إخْرَاجٍ لَهَا مِنْ الْقَبْرِ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ، وَيُخْرَجُ الْجَنِينُ وَكَذَا قَبْلَ دَفْنِهَا، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ حَيَاتُهُ تُرِكَ دَفْنُهَا حَتَّى يَمُوتَ، وَغَلِطَ مَنْ قَالَ: يُوضَعُ عَلَى بَطْنِهَا شَيْءٌ ثَقِيلٌ لِيَمُوتَ، وَكَتَعْلِيقِ طَلَاقٍ، أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَذْرٍ عَلَى مَوْلُودٍ بِذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ، وَدُفِنَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهَا، وَكَدَعْوَى زَوْجِيَّةٍ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ عَلَى مَيِّتٍ دُفِنَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ فَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً، فَإِنْ ظَهَرَ خُنْثَى قُدِّمَتْ زَوْجِيَّةُ الرَّجُلِ كَمَا يَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ. وَكَلُحُوقِ نَدَاوَةٍ أَوْ سَيْلٍ، وَكَاخْتِلَافِ وَرَثَةٍ فِي ذُكُورَةٍ وَأُنُوثَةٍ لِلْإِرْثِ، وَكَدَعْوَى جَانٍ شَلَلَ عُضْوٍ كَإِصْبَعٍ خِلْقَةً، وَكَتَدَاعِي اثْنَيْنِ مَجْهُولًا لِعَرْضِهِ عَلَى قَائِفٍ، وَكَزِيَادَةِ كَفَنٍ فِي الْعَدَدِ لَا فِي الصِّفَةِ إذَا طَلَبَهُ الْوَرَثَةُ، وَكَوَضْعِ الْأَمْوَاتِ عَلَى بَعْضِهَا كَالْأَمْتِعَةِ، وَلَا يُنْبَشُ لِشَهَادَةٍ عَلَى صُورَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (تَنْبِيهَاتٌ) يَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمَسْبُوقِ بِالْحُضُورِ مَعَهُ مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ قِيرَاطٌ مِنْ الْأَجْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ: " إنَّهُ كَجَبَلٍ " أُحُدٍ أَوْ كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ، فَإِنَّ اسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى تَمَامِ الدَّفْنِ لَا الْمُوَارَاةِ فَقَطْ حَصَلَ لَهُ قِيرَاطٌ آخَرُ مِثْلُهُ، وَيَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَعَ الْحُضُورِ مَعَهُ إلَى تَمَامِ الدَّفْنِ مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ قَبْلَهَا قِيرَاطٌ فَقَطْ، وَلَا يَحْصُلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْحُضُورِ بِغَيْرِ صَلَاةٍ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا قِيرَاطٌ دُونَ قِيرَاطِ مَنْ حَضَرَ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بَلْ نَقَلَ أَنَّ تِلْكَ النُّسْخَةَ مَرْجُوعٌ عَنْهَا. وَفِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ مُوَافَقَةُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى جَنَائِزَ صَلَاةً وَاحِدَةً تَعَدَّدَ الْقِيرَاطُ بِعَدَدِهِمْ، انْتَهَى. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ: وَمَحَلُّهُ إنْ شَيَّعَ كُلًّا مِنْهُمْ إلَى تَمَامِ دَفْنِهِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْحَاضِرِ لَا الْغَائِبِ وَالْقَبْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. (فَرْعٌ) لَا يُسْأَلُ غَيْرُ بَالِغٍ وَلَا شَهِيدٌ وَلَا نَبِيٌّ وَلَا مَجْنُونٌ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ تَكْلِيفٌ، وَغَيْرُ هَؤُلَاءِ يُسْأَلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ دَفْنِهِ) وَبَعْدَ إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ أَوْلَى، وَكَذَا التَّلْقِينُ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ عَلَى مَنْ يُسْأَلُ فِي قَبْرِهِ وَإِنْ كَانَ بِدْعَةً، وَإِعَادَتُهُ ثَلَاثًا مَنْدُوبَةٌ أَيْضًا.   [حاشية عميرة] شَيْئًا وَلَا شَكَّ فِي نَبْشِهِ إنْ ضَيِّقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَنَحْوِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُضَيِّقْ فَفِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَقْرَبُ النَّبْشُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ إلَخْ) يُسَنُّ أَيْضًا التَّلْقِينُ فَيُقَالُ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مِنْ فِي الْقُبُورِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 وَيَسْتَغْفِرَ لِلْمَيِّتِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. (وَ) يُسَنُّ (لِجِيرَانِ أَهْلِهِ تَهْيِئَةُ طَعَامٍ يُشْبِعُهُمْ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ) لِشُغْلِهِمْ بِالْحُزْنِ عَنْهُ (وَيُلَحُّ عَلَيْهِمْ فِي الْأَكْلِ) نَدْبًا لِئَلَّا يَضْعُفُوا بِتَرْكِهِ. (وَيَحْرُمُ تَهْيِئَتُهُ لِلنَّائِحَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَقَوْلُهُ لِجِيرَانِ أَهْلِهِ أَحْسَنُ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ لِجِيرَانِهِ لِيَدْخُلَ فِيهِ مَا لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ فِي بَلَدٍ وَأَهْلُهُ فِي غَيْرِهِ وَالْأَبَاعِدُ مِنْ قَرَابَتِهِ كَالْجِيرَانِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جَاءَ خَبَرُ قَتْلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَقَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَمُؤْتَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْكَرْكِ وَقُتِلَ جَعْفَرٌ فِي جُمَادَى سَنَةَ ثَمَانٍ.   [حاشية قليوبي] وَمِنْهُ أَنْ يَقُولَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا، وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا، وَيَجْلِسُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ، وَيَنْبَغِي كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَمِنْ أَقَارِبِهِ أَوْلَى. وَنِسْبَتُهُ إلَى أُمِّهِ بِقَوْلِهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ دُونَ أَبِيهِ سَتْرًا عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ دُعَاءُ النَّاسِ بِآبَائِهِمْ كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَقَيَّدَهُ بِغَيْرِ وَلَدِ الزِّنَى وَالْمَنْفِيِّ قَالَ عَلِيٌّ: إنَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ فُلَانٌ ابْنُ فُلَانٍ، أَوْ فُلَانٌ ابْنُ أَمَةِ اللَّهِ انْتَهَى. وَفِي ذَلِكَ مَيْلٌ إلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا أَوَّلًا نَظَرًا لِلسَّتْرِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ اللَّهَ يَدْعُو النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأُمَّهَاتِهِمْ سَتْرًا مِنْهُ عَلَى عِبَادِهِ» ، انْتَهَى بِلَفْظِهِ، وَهَذَا مُعَارِضٌ لِمَا مَرَّ عَنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِنَحْوِ دُعَاءِ بَعْضِ أَفْرَادٍ بِآبَائِهِمْ لِتَشْرِيفٍ أَوْ تَخْصِيصٍ أَوْ إكْرَامٍ أَوْ نَحْوِهَا . قَوْلُهُ: (لِجِيرَانِ أَهْلِهِ) وَكَذَا لِمَعَارِفِهِ وَلَوْ غَيْرَ جِيرَانٍ. قَوْلُهُ: (يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ) أَيْ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ الْمَكْرُوهِ فِعْلُهَا. كَمَا فِي الرَّوْضَةِ مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِمَّا يُسَمَّى بِالْكَفَّارَةِ، وَمِنْ صُنْعِ طَعَامٍ لِلِاجْتِمَاعِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَهُ، وَمِنْ الذَّبْحِ عَلَى الْقَبْرِ، بَلْ ذَلِكَ كُلُّهُ حَرَامٌ إنْ كَانَ مِنْ مَالٍ مَحْجُورٍ وَلَوْ مِنْ التَّرِكَةِ، أَوْ مِنْ مَالِ مَيِّتٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا، وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنَّهُ اُعْتُضِدَ بِشَوَاهِدَ، وَأَنَّ الْمُلَقِّنَ يَجْلِسُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَأَنَّ الطِّفْلَ وَنَحْوَهُ لَا يُلَقَّنُ. زَادَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَوَائِدِ رِحْلَتِهِ عَنْ شَرْحِ الْوَسِيطِ لِفَخْرِ الدِّينِ بْنِ الْوَجِيهِ وَجْهَيْنِ: فِي أَنَّ التَّلْقِينَ قَبْلَ إهَالَةِ التُّرَابِ أَوْ بَعْدَهَا قَالَ: وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ. وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: التَّلْقِينُ بِدْعَةٌ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ شَيْءٌ. (فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ: يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ التَّلْقِينِ ثَلَاثًا وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] وَنَحْوُهُ لِأَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ. قَوْلُ الْمَتْن: (وَلِجِيرَانِ أَهْلِهِ تَهْيِئَة إِلَخْ) عَطْفٌ عَلَى أَنْ يَقِف. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِجِيرَانِ أَهْلِهِ تَهْيِئَةُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى أَنْ يَقِفَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 كِتَابُ الزَّكَاةِ هِيَ أَنْوَاعٌ تَأْتِي فِي أَبْوَابٍ (بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ) بَدَءُوا بِهِ وَبِالْإِبِلِ مِنْهُ لِلْبُدَاءَةِ بِالْإِبِلِ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي لِأَنَّهُ أَكْثَرُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ (إنَّمَا تَجِبُ مِنْهُ فِي النَّعَمِ: وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ) فَتَجِبُ فِي الثَّلَاثِ إجْمَاعًا (لَا الْخَيْلُ وَالرَّقِيقُ   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الزَّكَاةِ تَقَدَّمَ حِكْمَةُ ذِكْرِهَا عَقِبَ الصَّلَاةِ وَهِيَ شَامِلَةٌ لِإِخْرَاجِهَا وَمَا يُخْرِجُ وَمَا يُخْرَجُ عَنْهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. وَهِيَ لُغَةً: النَّمَاءُ أَيْ التَّنْمِيَةُ وَالتَّطْهِيرُ وَالْإِصْلَاحُ. وَشَرْعًا مَالٌ مَخْصُوصٌ يُخْرَجُ مِنْ مَالٍ أَوْ بَدَنٍ مَخْصُوصٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ. وَفُرِضَتْ فِي شَعْبَانَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ مَعَ زَكَاةِ الْفِطْرِ، أَوْ زَكَاةِ الْفِطْرِ بَعْدَهَا فِي رَمَضَانِهَا. قَوْلُهُ: (هِيَ أَنْوَاعٌ) أَيْ تَتَعَلَّقُ بِأَنْوَاعٍ، وَلَوْ قَالَ: بِأَجْنَاسٍ لَكَانَ أَوْلَى. وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ فِي الْحَقِيقَةِ ثَلَاثَةٌ: حَيَوَانٌ وَنَبَاتٌ وَجَوْهَرٌ وَعَدَّهَا بَعْضُهُمْ خَمْسَةً فَجَعَلَ الْحَيَوَانَ ثَلَاثَةً وَالنَّبَاتَ وَالنَّقْدَ، وَبَعْضُهُمْ سَبْعَةً بِجَعْلِ النَّبَاتِ ثَلَاثَةً حَبًّا وَعِنَبًا وَنَخْلًا وَالنَّقْدُ وَاحِدٌ، أَوْ بَعْضُهُمْ عَدَّهَا ثَمَانِيَةً بِجَعْلِ النَّقْدِ ذَهَبًا وَفِضَّةً، وَهَذَا أَنْسَبُ بِقَوْلِهِمْ: تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَتُدْفَعُ لِثَمَانِيَةٍ. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا دَاخِلٌ فِي عُمُومِ جِنْسٍ وَهِيَ حَيَوَانٌ، وَاخْتَصَّتْ بِالنِّعَمِ مِنْهُ لِكَثْرَةِ نَفْعِهِ. وَنَبَاتٌ وَاخْتَصَّتْ بِالْمُقْتَاتِ مِنْهُ لِأَنَّ بِهِ قِوَامَ الْبَدَنِ، وَجَوْهَرٌ وَاخْتَصَّتْ بِالنَّقْدِ مِنْهُ لِكَثْرَةِ فَوَائِدِهِ. وَثَمَرٌ وَاخْتَصَّتْ بِالنَّخْلِ وَالْعِنَبِ مِنْهُ لِلِاغْتِنَاءِ بِهِمَا عَنْ الْقُوتِ. وَيَدْخُلُ فِي النَّقْدِ التِّجَارَةُ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيمَتُهَا، وَإِنَّمَا وَجَبَ فِيهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْفَوَائِدِ وَالْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ النَّمَاءِ الْمَحْضِ. وَسَيَأْتِي فِي الصَّدَقَاتِ أَنَّهَا تُدْفَعُ لِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي آيَةِ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] . قَوْلُهُ: (الْحَيَوَانِ) وَالنَّعَمِ أَخَصُّ مِنْهُ وَالْمَاشِيَةُ أَخَصُّ مِنْهُمَا لِأَنَّهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ اسْمٌ لِلْإِبِلِ وَالْغَنَمِ الْمَعْرُوفِ مُسَاوَاتُهَا لِلْحَيَوَانِ فَلَعَلَّ هَذَا الْمَعْنَى قَدْ هُجِرَ فِي الْعُرْفِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِرَعْيِهَا وَهِيَ تَمْشِي. قَوْلُهُ: (لِلْبُدَاءَةِ بِالْإِبِلِ إلَخْ) هُوَ تَعْلِيلٌ لِلدَّعْوَتَيْنِ قَبْلَهُ، وَالْإِبِلُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَمَدْلُولُهُ جَمْعٌ. وَكَذَا الْغَنَمُ وَالْخَيْلُ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاخْتِيَالِهَا فِي مَشْيِهَا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَاسْمُ الْجَمْعِ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ لَزِمَهُ التَّأْنِيثُ نَحْوُ رَتَعَتْ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالرَّقِيقُ اسْمُ   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الزَّكَاةِ] ِ الزَّكَاةُ فِي اللُّغَةِ النُّمُوُّ وَالتَّطْهِيرُ وَالْمَدْحُ، وَفِي الشَّرْعِ اسْمٌ لِقَدْرٍ مِنْ مَالٍ مَخْصُوصٍ، يُصْرَفُ لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ بِشَرَائِطَ سُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَالَ يَنْمُو بِبَرَكَةِ إخْرَاجِهِ وَدُعَاءِ الْآخِذِ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} [الروم: 39] الْآيَةَ ثُمَّ هِيَ نَوْعَانِ زَكَاةُ بَدَنٍ وَزَكَاةُ مَالٍ، وَالثَّانِي ضَرْبَانِ مُتَعَلِّقٌ بِالْقِيمَةِ، وَهُوَ زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَمُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ: حَيَوَانٍ وَجَوْهَرٍ وَنَبَاتٍ، وَاخْتَصَّتْ مِنْ الْحَيَوَانِ بِالنَّعَمِ لِكَثْرَةِ النَّفْعِ بِهِ فِي الْمَأْكَلِ وَغَيْرِهِ، مَعَ كَثْرَتِهَا فِي نَفْسِهَا وَمِنْ الْجَوَاهِرِ بِالنَّقْدَيْنِ، لِكَوْنِهِمَا قِيَمَ الْأَشْيَاءِ، وَتَنْشَأُ عَنْهُمَا الْفَوَائِدُ كَالْحَيَوَانِ وَمِنْ النَّبَاتِ بِالْقُوتِ، لِأَنَّ بِهِ قِوَامَ الْبَدَنِ وَسَدَّ الضَّرُورَاتِ، فَتَعَلَّقَتْ بِهِ لِسَدِّ ضَرُورَةِ الْفُقَرَاءِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِيهِ، وَفِي بَدَءُوا بِهِ لِلْحَيَوَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي النَّعَمِ) يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ وَاحِدُ الْأَنْعَامِ، وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ الْوَاحِدِيِّ اتِّفَاقَ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى إطْلَاقِهِ عَلَى الثَّلَاثِ اهـ. وَكَذَلِكَ الْأَنْعَامُ تُطْلَقُ عَلَى الثَّلَاثِ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ} [النحل: 66] الْآيَةَ إلَى أَنْ قَالَ {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ} [النحل: 8] إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا الْخَيْلَ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ غَنَمٍ وَظِبَاءٍ) فَلَا تَجِبُ فِيهَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الْمُتَوَلِّدِ الْمَذْكُورِ (وَلَا شَيْءَ فِي الْإِبِلِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ وَخَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثٌ وَعِشْرِينَ أَرْبَعٌ وَخَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَسِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَسِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ، وَإِحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ وَسِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ، وَإِحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ وَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ ثُمَّ) فِي الْأَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ (فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَ) فِي (كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ) لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ بِالصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ وَمِنْ لَفْظِهِ «فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ» إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَهَذَا يَصْدُقُ بِمَا زَادَ وَاحِدَةً وَهُوَ الْمُرَادُ وَذَلِكَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثِ أَرْبَعِينَاتِ فَفِيهِ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بِلَفْظِ «فَإِذَا كَانَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ» ، فَصَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِذَلِكَ وَذَكَرُوا الضَّابِطَ الشَّامِلَ لَهُ بَعْدَهُ فَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ، وَفِي مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ. وَفِي مِائَةٍ وَسِتِّينَ أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَفِي مِائَةٍ وَسَبْعِينَ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ، وَفِي مِائَةٍ وَثَمَانِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَحِقَّتَانِ، وَفِي مِائَةٍ وَتِسْعِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي مِائَتَيْنِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَرْبَعِ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَلِلْوَاحِدَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ قِسْطٌ مِنْ الْوَاجِبِ. وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: لَا فَلَوْ تَلِفَتْ وَاحِدَةٌ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ سَقَطَ مِنْ الْوَاجِبِ جُزْءٌ مِنْ مِائَةٍ وَإِحْدَى   [حاشية قليوبي] جِنْسٍ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْمَاهِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ. وَلَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ وَهُوَ إمَّا إفْرَادِيٌّ إنْ أُطْلِقَ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَاللَّحْمِ وَالْعَسَلِ، أَوْ جَمْعِيٌّ إنْ اخْتَصَّ بِالْكَثِيرِ وَيُمَيَّزُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُفْرَدِهِ بِيَاءِ النَّسَبِ كَرُومٍ وَرُومِيٍّ، أَوْ بِالتَّاءِ غَالِبًا، أَمَّا فِي مُفْرَدِهِ كَتَمْرٍ وَتَمْرَةٍ، أَوْ فِي جَمْعِهِ نَحْوُ كَمَأٍ وَكَمْأَةٍ. وَمِنْهُ الْبَقَرُ لِأَنَّ مُفْرَدَهُ بَقَرَةٌ أَوْ بَاقُورَةٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ وَضْعًا وَخَصَّهُ الِاسْتِعْمَالُ بِالْكَثِيرِ وَجُعِلَ لَهُ مُفْرَدًا كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ غَنَمٍ وَظِبَاءٍ إلَخْ) أَيْ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ زَكَوِيٍّ وَغَيْرِهِ لَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَنَّ مَبْنَى الزَّكَاةِ عَلَى التَّخْفِيفِ وَخَرَجَ بِهِ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ زَكَوِيَّيْنِ كَبَقَرٍ وَغَنَمٍ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَيُلْحَقُ بِالْأَخَفِّ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ لَا السِّنِّ فَيَجِبُ فِي أَرْبَعِينَ بَيْنَ ضَأْنٍ وَمَعْزٍ مَا لَهُ سَنَتَانِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ فِي الْأَكْثَرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ هَذَا الضَّابِطَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا زَادَ عَلَى النُّصُبِ السَّابِقَةِ، وَوُجُودُهُ قَبْلَ زِيَادَةٍ تَسَعُ عَلَيْهَا مَعْلُومُ الِانْتِفَاءِ، فَمَا ذَكَرَهُ الْمَنْهَجُ مِنْ الْإِيهَامِ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْهُ قَوْلُهُ: (فَفِيهِ) أَيْ الْمُشْتَمِلِ إذْ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُزَادُ ثُلُثُ شَاةٍ مَعَ كُلِّ أَرْبَعِينَ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لِأَنَّهَا الْكَوَامِلُ. وَهَذَا الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمَنْهَجِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ عَلَى أَنَّ مَعَهَا ثُلُثًا فَهُوَ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ. وَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ هُنَا لَا يَسْتَقِيمُ لَفْظًا وَلَا مَعْنًى كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَرَاجِعِهِ. قَوْلُهُ: (الشَّامِلَ لَهُ) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ فَبَعْدَهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: ذَكَرُوا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلِلْوَاحِدَةِ إلَخْ) هُوَ مُفَادُ الْحَمْلِ السَّابِقِ. وَكَلَامُ الْإِصْطَخْرِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ التَّأْوِيلِ، وَيَرُدُّهُ التَّصْرِيحُ بِالْوَاحِدَةِ فِي الْخَبَرِ الْآخَرِ.   [حاشية عميرة] خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَأَوْجَبَهَا فِي إنَاثِ الْخَيْلِ، وَكَذَا فِي الذُّكُورِ تَبَعًا لِلْإِنَاثِ، وَسُمِّيَتْ خَيْلًا لِاخْتِيَالِهَا فِي مَشْيِهَا وَأَبْدَى بَعْضُهُمْ حِكْمَةً لِعَدَمِ الْوُجُوبِ فِيهَا. قَالَ: وَهِيَ كَوْنُهَا تُتَّخَذُ لِلزِّينَةِ، وَأَمَّا الْمُتَوَلِّدُ الْمَذْكُورُ فَعَدَمُ الْوُجُوبِ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى غَنَمًا، وَكَمَا لَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالظِّبَاءُ مَمْدُودًا جَمْعُ ظَبْيٍ. (وَهُوَ الْمُرَادُ) أَيْ لِلتَّصْرِيحِ بِهَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ. كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَحَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، كَمَا فِي بَاقِي النُّصُبِ، فَإِنَّهَا لَا تَتَغَيَّرُ إلَّا بِوَاحِدَةٍ قَوْلُهُ: (فَفِيهِ) مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِيهِ مَا مِنْ قَوْلِهِ بِمَا زَادَ قَوْلُهُ: (فَصَرَّحَ الْفُقَهَاءُ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ عِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ، أَعْنِي قَوْلَهُ: ثُمَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ إلَخْ. تَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ ثَابِتٌ بِزِيَادَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى الْعِشْرِينَ قَوْلُهُ: (الشَّامِلَ لَهُ) كَيْفَ الشُّمُولُ مَعَ أَنَّ الْوَاحِدَةَ يُقَابِلُهَا قِسْطٌ مِنْ الْوَاجِبِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْوَاحِدَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ قِسْطٌ مِنْ الْوَاجِبِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مَخْصُوصًا بِمَا عَدَا صُورَةَ الْمِائَةِ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَعَلَى قَوْلِ الْإِصْطَخْرِيِّ: لَا تَخْصِيصَ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَفْوٌ وَإِنْ تَوَقَّفَ تَغَيَّرَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ وَمَا بَعْدَهُ إلَى التِّسْعِ وَالْعِشْرِينَ فَهُوَ وَقْصٌ بِالِاتِّفَاقِ، يَعْنِي لَيْسَ فِيهِ نِصَابٌ مُغَيِّرٌ لِلْوَاجِبِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَدَدٌ بَيْنَ النُّصُبِ. قَالَ: فَإِنْ عَلَّقْنَا الْغَرَضَ بِهِ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 وَعِشْرِينَ جُزْءًا. وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ. وَقَالَ أَيْضًا: فِيمَا زَادَ بَعْضُ وَاحِدَةٍ يَجِبُ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَالصَّحِيحُ حِقَّتَانِ وَمَا بَيْنَ النُّصُبِ عَفْوٌ وَفِي قَوْلٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوَاجِبُ أَيْضًا فَلَوْ كَانَ مَعَهُ تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ فَتَلِفَ مِنْهَا أَرْبَعٌ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ وَجَبَتْ شَاةٌ. وَعَلَى الثَّانِي خَمْسَةُ أَتْسَاعِ شَاةٍ إنْ قُلْنَا التَّمَكُّنُ شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ دُونَ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ (وَبِنْتُ الْمَخَاضِ لَهَا سَنَةٌ) وَطَعَنَتْ فِي الثَّانِيَةِ (وَاللَّبُونُ سَنَتَانِ) وَطَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ (وَالْحِقَّةُ ثَلَاثٌ) وَطَعَنَتْ فِي الرَّابِعَةِ (وَالْجَذَعَةُ أَرْبَعٌ) وَطَعَنَتْ فِي الْخَامِسَةِ وَجْهُ التَّسْمِيَةِ أَنَّ الْأُولَى آنَ لِأُمِّهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمَخَاضِ أَيْ الْحَوَامِلِ، وَإِنَّ الثَّانِيَةَ آنَ لِأُمِّهَا أَنْ تَلِدَ فَتَصِيرَ لَبُونًا إنَّ الثَّالِثَةَ اسْتَحَقَّتْ أَنْ يَطْرُقَهَا الْفَحْلُ أَوْ أَنْ تُرْكَبَ وَيَحْمِلَ عَلَيْهَا قَوْلَانِ. وَإِنَّ الرَّابِعَةَ تَجْذَعُ مُقَدَّمَ أَسْنَانِهَا أَيْ تُسْقِطُهُ (وَالشَّاةُ) الْمَذْكُورَةُ (جَذَعَةُ ضَأْنٍ لَهَا سَنَةٌ) وَدَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ (وَقِيلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَوْ ثَنِيَّةُ مَعْزٍ لَهَا سَنَتَانِ) وَدَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ. (وَقِيلَ سَنَةٌ) وَمَا ذُكِرَ تَفْسِيرٌ لِلْجَذَعَةِ وَالثَّنِيَّةُ سَوَاءٌ كَانَتَا مِنْ الضَّأْنِ أَمْ مِنْ الْمَعْزِ. وَقَائِلُ الْأَوَّلِ فِيهِمَا وَاحِدٌ. وَكَذَا قَائِلُ الثَّانِي وَقُيِّدَتْ الشَّاةُ بِالْجَذَعَةِ أَوْ الثَّنِيَّةِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الْأُضْحِيَّةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ مِنْ غَنَمِ الْبَلَدِ (وَلَا يَتَعَيَّنُ غَالِبُ غَنَمِ الْبَلَدِ) وَالثَّانِي يَتَعَيَّنُ الْغَالِبُ مِنْهَا فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْ غَنَمِ الْبَلَدِ إلَّا بِخَيْرٍ مِنْهَا قِيمَةً أَوْ مِثْلُهَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يُجْزِئُ الذَّكَرُ) أَيْ جَذَعُ الضَّأْنِ أَوْ ثَنِيُّ الْمَعْزِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ إنَاثًا لَصَدَقَ الشَّاةُ عَلَى الذَّكَرِ وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُ مُطْلَقًا نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأُنْثَى لِمَا فِيهَا مِنْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَمَا بَيْنَ النُّصُبِ عَفْوٌ) أَيْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوَاجِبُ أَيْ لَا وُجُودَ أَوْ لَا عَدَّ مَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَزِيدُ الْوَاجِبُ بِوُجُودِهِ، وَلَا يَنْقُصُ بِعَدَمِهِ، وَلَوْ بَعْدَ وُجُودِهِ. قَوْلُهُ: (لَهَا سَنَةٌ) أَيْ كَامِلَةٌ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْمَشْرُوعِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ أَسْنَانَ الزَّكَاةِ تَحْدِيدِيَّةٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ النَّقْصُ فِيهَا إلَّا فِي ضَأْنٍ أَجْذَعَ بِرَمْيِ مُقَدَّمِ أَسْنَانِهِ فَيُجْزِئُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ. قَوْلُهُ: (آنَ لِأُمِّهَا) هُوَ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ مِنْ الْأَوَانِ أَيْ الزَّمَانِ لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ لَا وُجُودُ الْحَمْلِ بِالْفِعْلِ، وَفِي كَلَامِهِ إطْلَاقُ الْمَخَاضِ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَعَلَى كُلٍّ فَفِيهِ تَجَوُّزٌ بِإِطْلَاقِهَا عَلَى الْمَاخِضِ لِأَنَّ الْمَخَاضَ أَلَمُ الْوِلَادَةِ فِي الْوَالِدَةِ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ} [مريم: 23] . فَائِدَةٌ: وَلَدُ النَّاقَةِ إنْ وُلِدَ فِي أَوَانِ الْوِلَادَةِ وَهُوَ زَمَنُ الرَّبِيعِ سُمِّيَ الذَّكَرُ رُبَعًا وَالْأُنْثَى رُبَعَةٌ، أَوْ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ وَهُوَ الصَّيْفُ سُمِّيَ الذَّكَرُ هُبَعًا وَالْأُنْثَى هُبَعَةٌ، وَإِذَا فُطِمَ عَنْ الرَّضَاعِ سُمِّيَ فَصِيلًا وَفِي كُلِّ ذَلِكَ يُسَمَّى حُوَارًا إلَى تَمَامِ السَّنَةِ. قَوْلُهُ: (قَوْلَانِ) أَشْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا فِي رِوَايَةِ طَرُوقَةِ الْفَحْلِ، وَكَذَا رِوَايَةُ طَرُوقَةِ الْجَمَلِ بِالْجِيمِ وَصَحَّفَهُ قَائِلُ الْقَوْلِ الثَّانِي بِالْحَمَلِ بِالْحَاءِ. وَيُقَالُ فِي الذَّكَرِ اسْتَحَقَّ أَنْ يَطْرُقَ الْأُنْثَى أَوْ أَنْ يَرْكَبَ وَيَحْمِلَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (تُجْذَعُ مُقَدَّمُ أَسْنَانِهَا) أَيْ تَلْقَيْهِ، وَكَذَا الذَّكَرُ، وَيُقَالُ: لِمَا طَعَنَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ ثَنِيٌّ وَثَنِيَّةٌ، وَفِي التَّاسِعَةِ بَاذِلٌ لِأَنَّهُ بَذَلَ نَابَهُ أَيْ طَلَعَ وَفِي الْعَاشِرَةِ بَاذِلٌ وَمُخْلِفٌ وَفِيمَا بَعْدَهَا بَاذِلُ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ أَوْ مُخْلِفُ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ إلَى خَمْسٍ، ثُمَّ بَعْدَهُ يُقَالُ لِلذَّكَرِ عَوْدٌ، وَلِلْأُنْثَى عَوْدَةٌ ثُمَّ بَعْدَهُ إذَا كَبِرَ يُقَالُ: لِلذَّكَرِ فَحْمٌ وَلِلْأُنْثَى فَحْمَةٌ. ثُمَّ بَعْدَهُ يُقَالُ: نَابٌ وَشَارِفٌ. قَوْلُهُ: (وَالشَّاةُ) قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي إيجَابِهَا رِفْقٌ بِالْمَالِكِ بِعَدَمِ وُجُوبِ بَعِيرٍ كَامِلٍ وَبِالْفُقَرَاءِ بِدَفْعِ ضَرَرِ الْمُشَارَكَةِ بِخُمْسِ بَعِيرٍ اعْتِبَارًا بِوُجُوبِهِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ قَوْلُهُ: (الْمَذْكُورَةُ) أَيْ الْمُخْرَجَةُ عَنْ الْإِبِلِ. وَكَذَا الْمُخْرَجَةُ عَنْ الْغَنَمِ كَمَا يَأْتِي وَفِي عَدَمِهَا حِسًّا أَوْ شَرْعًا يُجْزِئُهُ إخْرَاجُ قِيمَتِهَا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ) فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ إلَّا إنْ أَجْذَعَتْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (تَفْسِيرٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ وَإِلَّا فَجَذَعُ الْمَعْزِ لَا يُجْزِئُ. قَوْلُهُ: (حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ) أَيْ هُنَا فِي الزَّكَاةِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الْأُضْحِيَّةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْحَيَوَانِ الْمَقْصُودِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَنَمِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الذَّكَرِ) أَيْ   [حاشية عميرة] لَبُونٍ الْعُقُودُ الْكَامِلَةُ دُونَ الْآحَادِ، وَإِنْ جَعَلْنَا الْوَقْصَ عَفْوًا كَانَ الْمُرَادُ مَا عَدَا صُورَةَ الْمِائَةِ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، يَعْنِي كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَذْهَبِ ثُمَّ بَعْدَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ، وَعَلَى رَأْيِ الْإِصْطَخْرِيِّ بَعْدَ الْعِشْرِينَ اهـ. مُوَضِّحًا. قَوْلُهُ: (إنْ قُلْنَا إلَخْ) أَيْ أَمَّا إذَا قُلْنَا: بِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ، فَإِنَّهُ تَجِبُ شَاةٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِتَلَفِ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَطَعَنَتْ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ فَهِيَ مُتَّصِفَةٌ بِذَلِكَ حَتَّى طَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ وَقِسْ الْبَاقِي. قَوْلُهُ: (وَمَا ذُكِرَ) الْحَاصِلُ أَنَّ سِنَّ الْجَذَعَةِ مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ سِنِّ الثَّنِيَّةِ مِنْهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ) أَيْ لِإِطْلَاقِ الشَّاةِ فِي الْخَبَرِ، وَكَمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَتَعَيَّنُ الْغَالِبُ إذَا كَانَ أَعْلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: (وَأَنَّهُ يُجْزِي الذَّكَرُ) لَا يُشْكَلُ عَلَيْهِ لَفْظُ الشَّاةِ فِي الْخَبَرِ، لِأَنَّ التَّاءَ لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ، وَكَمَا فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 الدَّرِّ وَالنَّسْلِ، وَالثَّالِثُ يُجْزِئُ فِي الْإِبِلِ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ، وَالْجَامِعَةُ لَهَا وَلِلذُّكُورِ (وَكَذَا بَعِيرُ الزَّكَاةِ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْزِئُ (عَنْ دُونِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ) لِأَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهَا فَمَا دُونَهَا أَوْلَى. وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُ الْبَعِيرُ النَّاقِصُ عَنْ قِيمَةِ شَاةٍ فِي الْخَمْسِ وَشَاتَيْنِ فِي الْعَشْرِ، وَثَلَاثٌ فِي الْخَمْسَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعٌ فِي الْعِشْرِينَ وَالثَّالِثُ لَا بُدَّ فِي الْعَشْرِ مِنْ حَيَوَانَيْنِ بَعِيرَيْنِ أَوْ شَاتَيْنِ أَوْ بَعِيرٌ وَشَاةٌ، وَفِي الْخَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ ثَلَاثَةِ حَيَوَانَاتٍ وَفِي الْعِشْرِينَ مِنْ أَرْبَعَةٍ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ، وَالْبَعِيرُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَبِإِضَافَتِهِ الْمَزِيدَةَ عَلَى الْمُحَرَّرِ إلَى الزَّكَاةِ أُرِيدَ الْأُنْثَى بِنْتُ الْمَخَاضِ فَمَا فَوْقَهَا. كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهَلْ الْفَرْضُ فِي الْخَمْسِ جَمِيعُهُ أَوْ خُمُسُهُ وَالْبَاقِي تَطَوُّعٌ؟ وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الْأَصَحُّ أَنَّ جَمِيعَهُ فَرْضٌ (فَإِنْ عَدِمَ بِنْتَ مَخَاضٍ) بِأَنْ لَمْ يَمْلِكْهَا وَقْتَ الْوُجُوبِ (فَابْنُ لَبُونٍ) وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْهَا وَلَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلُهَا. (وَالْمَعِيبَةُ كَمَعْدُومَةٍ) فَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ السَّابِقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا، وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ، فَإِنْ عَدِمَ ابْنَ اللَّبُونِ أَيْضًا حَصَلَ مَا شَاءَ مِنْهُمَا. وَقِيلَ: تَتَعَيَّنُ بِنْتُ الْمَخَاضِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ الْمَغْصُوبَةَ وَالْمَرْهُونَةَ كَالْمَعْدُومَةِ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ. (وَلَا يُكَلَّفُ كَرِيمَةً) عِنْدَهُ أَيْ إخْرَاجَهَا وَإِبِلُهُ مَهَازِيلُ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ عَامِلًا إيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (لَكِنْ تَمْنَعُ) الْكَرِيمَةُ عِنْدَهُ. (ابْنَ لَبُونٍ فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ بِنْتِ الْمَخَاضِ عِنْدَهُ. وَالثَّانِي يَقُولُ هِيَ لِعَدَمِ وُجُوبِ إخْرَاجِهَا كَالْمَعْدُومَةِ. (وَيُؤْخَذُ الْحِقُّ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ) عِنْدَ فَقْدِهَا فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ ابْنِ لَبُونٍ (لَا) عَنْ   [حاشية قليوبي] فَالْهَاءُ فِي الشَّاةِ لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا سُومِحَ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ سُومِحَ بِالذُّكُورَةِ. قَوْلُهُ: (بَعِيرُ الزَّكَاةِ) اُسْتُفِيدَ مِنْ الْإِضَافَةِ أَنَّهُ يُجْزِئُ ابْنُ الْمَخَاضِ إذَا عُدِمَتْ الْأُنْثَى. وَكَذَا ابْنُ اللَّبُونِ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِهَا. وَكَذَا مَا فَوْقَهُ، وَأَنَّهُ تُشْتَرَطُ أُنُوثَتُهُ إذَا كَانَ فِي إبِلِهِ أُنْثَى. كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ بَعِيرَ الزَّكَاةِ يُجْزِئُ قَدْ يُسْتَفَادُ مِنْ الْخِلَافِ أَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الشَّاةِ، وَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَتْ سَلَامَتُهُ كَمَا فِي الشَّاةِ وَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ مَعِيبَةً، وَقَدْ صَرَّحَ أَيْضًا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ يُطَالَبُ بِالشَّاةِ فَإِنْ دَفَعَ الْبَعِيرَ قُبِلَ مِنْهُ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَاعْتَمَدَهُ. وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ أَصْلٌ. وَقَوْلُهُ: (أُرِيدَ الْأُنْثَى إلَخْ) تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فِي ابْنِ اللَّبُونِ وَيُوَافِقُهُ التَّعْلِيلُ السَّابِقُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهَا فَعَمَّا دُونَهَا أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ جَمِيعَهُ فَرْضٌ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَدِمَ بِنْتَ مَخَاضٍ) أَيْ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إذْ لَا يَتَوَقَّفُ فِيمَا دُونَهَا عَلَى فَقْدِهَا كَمَا تَقَدَّمَ. وَالْمُرَادُ عَدَمُهَا وَقْتَ الْإِخْرَاجِ عَلَى الْأَصَحِّ سَوَاءٌ تَلِفَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِهَا، وَلَوْ مَلَكَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ تَعَيَّنَتْ. وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا وَارِثُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ يَمْلِكْهَا) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعَذُّرُ تَحْصِيلِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (كَالْمَعْدُومَةِ) أَيْ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحْصِيلِهَا مِنْ الْغَاصِبِ بِلَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ، وَلَا عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونَةِ بِهِ وَقَدْ حَلَّ أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا بِخِلَافِ قُدْرَتِهِ عَلَى الرُّجُوعِ فِي هِبَةِ وَلَدِهِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ تَمْنَعُ ابْنَ اللَّبُونِ) أَيْ وَحَقًّا وَلَهُ صُعُودٌ وَهُبُوطٌ مَعَهَا الْأُنْثَى مَعَ الْجُبْرَانِ، فَهِيَ بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا كَالْمَعْدُومَةِ وَالْخُنْثَى كَالذَّكَرِ وَلَا يُجْزِئُ ابْنُ الْمَخَاضِ مُطْلَقًا،   [حاشية عميرة] الْأُضْحِيَّةِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ سَلِيمَةً، وَلَوْ كَانَتْ الْإِبِلُ مِرَاضًا، لِأَنَّهَا وَجَبَتْ فِي الذِّمَّةِ لِكَوْنِهَا مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَخْ) أَيْ وَكَمَا فِي الشَّاةِ فِي أَرْبَعَيْ الْغَنَمِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الشَّاةَ هُنَا أَصْلٌ أَوْ بَدَلٌ عَنْ الْإِبِلِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ عَدِمَ بِنْتَ مَخَاضٍ إلَخْ) صَرَّحَ فِي الرَّوْضِ بِأَنَّ عَدَمَهَا مُعْتَبَرٌ أَيْضًا فِي أَجْزَائِهِ عَنْ دُونِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ يَمْلِكْهَا إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا الْإِطْلَاقُ وُجُوبَ الْإِخْرَاجِ إذَا كَانَ يَمْلِكُهَا خَارِجَةً عَنْ النِّصَابِ كَالْمَعْلُوفَةِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ عَدَمُ وُجُوبِ الْكَرَائِمِ رُبَّمَا يَمْنَعُ مِنْهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْلُوفَةَ قَدْ تَكُونُ غَيْرَ كَرِيمَةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلُهَا) أَيْ وَلَا جُبْرَانًا لِأَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ تُقَابِلُهَا الْأُنُوثَةُ، وَاعْلَمْ أَنَّ دَلِيلَ ذَلِكَ كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَفِيهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا، وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ وَهَذَا الدَّلِيلُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَكَتَبْته قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمَعِيبَةُ كَمَعْدُومَةٍ) لَوْ قَالَ: وَالْمَعِيبُ لَأَفَادَ حُكْمًا عَامًّا غَيْرَ خَاصٍّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَتَعَيَّنُ بِنْتُ الْمَخَاضِ) أَيْ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ فِي الْعَدَمِ كَالِابْتِدَاءِ فِي الْوُجُودِ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى ابْنَ اللَّبُونِ، صَارَ وَاجِدًا لَهُ مَعَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ التَّحْصِيلَ، وَيَصْعَدَ إلَى بِنْتِ اللَّبُونِ، وَيَأْخُذَ الْجُبْرَانَ. نَعَمْ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ ابْنُ اللَّبُونِ وَبِنْتُ اللَّبُونِ، فَأَرَادَ إخْرَاجَهَا مَعَ أَخْذِ الْجُبْرَانِ امْتَنَعَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُؤْخَذُ الْحَقُّ) أَيْ وَلَا جُبْرَانَ لِأَنَّ الْجُبْرَانَ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ الْإِنَاثِ. قَوْلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 بِنْتِ (لَبُونٍ) عِنْدَ عَدَمِهَا. (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَقِيسُهُ عَلَى ابْنِ اللَّبُونِ عِنْدَ عَدَمِ بِنْتِ الْمَخَاضِ نَظَرًا إلَى أَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ جَابِرَةٌ لِفَضِيلَةِ الْأُنُوثَةِ، وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ فِي ابْنِ اللَّبُونِ تُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ بِقُوَّةِ وُرُودِ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ بِخِلَافِهَا فِي الْحِقِّ فَلَا يُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ بِهَذِهِ الْقُوَّةِ، بَلْ هِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا جَمِيعًا فَلَيْسَتْ الزِّيَادَةُ هُنَا فِي مَعْنَى الزِّيَادَةِ هُنَاكَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَبْرِهَا هُنَاكَ جَبْرُهَا هُنَا. وَقَوْلُهُ الْأَصَحُّ عَبَّرَ بَدَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ. قَالَ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَحَكَتْ طَائِفَةٌ فِيهِ وَجْهَيْنِ. (وَلَوْ اتَّفَقَ) فَرْضَانِ فِي الْإِبِلِ. (كَمِائَتَيْ بَعِيرٍ) فَرْضُهَا بِحِسَابِ بَنَاتِ اللَّبُونِ خَمْسٌ وَبِحِسَابِ الْحِقَاقِ أَرْبَعٌ (فَالْمَذْهَبُ لَا يَتَعَيَّنُ أَرْبَعُ حِقَاقٍ بَلْ هُنَّ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ) وَالْقَدِيمُ يَتَعَيَّنُ الْحِقَاقُ نَظَرًا لِاعْتِبَارِ زِيَادَةِ السِّنِّ أَوَّلًا بِدَلِيلِ التَّرَقِّي إلَى الْجَذَعَةِ الَّتِي هِيَ مُنْتَهَى الْكَمَالِ فِي الْأَسْنَانِ، ثُمَّ الْعُدُولُ إلَى زِيَادَةِ الْعَدَدِ وَاسْتَدَلَّ فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ لِلْجَدِيدِ بِمَا فِي نُسْخَةِ كِتَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّدَقَةِ «فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ أَيَّ السِّنِينَ وُجِدَتْ أُخِذَتْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَرَأَهُ مِنْ الْكِتَابِ، وَلَمْ يَذْكُرْ سَمَاعَهُ لَهُ عَنْ أَبِيهِ فِي جُمْلَةِ حَدِيثِ الْكِتَابِ وَقَطَعَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِالْجَدِيدِ، وَحُمِلَ الْقَدِيمُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا الْحِقَاقُ. وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِتَصْحِيحٍ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ وَصُحِّحَ طَرِيقُ الْقَوْلَيْنِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَعَلَى الْقَدِيمِ إنْ وُجِدَتْ الْحِقَاقُ عِنْدَهُ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ مِنْ غَيْرِ نَفَاسَةٍ لَمْ يَجُزْ غَيْرُهَا وَإِلَّا نَزَلَ مِنْهَا إلَى بَنَاتِ اللَّبُونِ أَوْ صَعِدَ إلَى الْجِذَاعِ مَعَ الْجُبْرَانِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَإِنْ شَاءَ اشْتَرَى الْحِقَاقَ. (فَإِنْ وَجَدَ) عَلَى الْمَذْهَبِ الْجَدِيدِ. (بِمَالِهِ أَحَدَهُمَا) أُخِذَ مِنْهُ كَمَا سَبَقَ فِي الْحَدِيثِ، سَوَاءٌ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْآخَرِ شَيْءٌ أَمْ وُجِدَ بَعْضُهُ إذْ النَّاقِصُ الْمَعْدُومُ. وَكَذَلِكَ الْمَعِيبُ وَلَوْ كَانَ الْآخَرُ أَنْفَعَ لِلْمَسَاكِينِ لَمْ يُكَلَّفْ تَحْصِيلَهُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِمَالِهِ أَحَدُهُمَا. (فَلَهُ تَحْصِيلُ مَا شَاءَ) مِنْهَا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَقِيلَ يَجِبُ الْأَغْبَطُ لِلْفُقَرَاءِ) كَمَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ إذَا وُجِدَ فِي مَالِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَهُ أَنْ لَا يُحَصِّلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا بَلْ يَنْزِلُ أَوْ يَصْعَدُ   [حاشية قليوبي] وَعُلِمَ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى بِنْتِ الْمَخَاضِ لَا تُعِينُهَا وَفَارَقَ الْقُدْرَةَ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ فِي الطَّهَارَةِ وَالرَّقَبَةُ فِي الْكَفَّارَةِ بِأَنَّ بِنَاءَ الزَّكَاةِ عَلَى التَّخْفِيفِ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ يَتَعَيَّنُ الْحِقَاقُ) أَيْ سَوَاءٌ وُجِدَتْ بِمَالِهِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ بَنَاتِ اللَّبُونِ، وَإِنْ كَانَ بَنَاتُ اللَّبُونِ تَبِيع فَالطُّرُقُ جَارِيَةٌ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (فَإِنْ وُجِدَ بِمَالِهِ أَحَدُهُمَا) جُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الصُّوَرِ سِتٌّ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ: وُجُودُ أَحَدِهِمَا بِمَا لَهُ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ مِنْ الْآخَرِ، أَوْ مَعَ وُجُودِ بَعْضِهِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ: سَوَاءٌ لَمْ يُوجَدْ إلَخْ الثَّالِثَةُ: عَدَمُ وُجُودِ شَيْءٍ مِنْهُمَا الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِلَّا إلَى آخِرِهِ. الرَّابِعَةُ: وُجُودُهُمَا بِمَالِهِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ وَجَدَهُمَا إلَخْ. وَالْخَامِسَةُ: وُجُودُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْمَذْكُورِ، بِقَوْلِهِ: لَوْ وَجَدْت ثَلَاثَ حِقَاقٍ وَأَرْبَعَ بَنَاتِ تَبِيعَيْ إلَخْ. السَّادِسَةُ: وُجُودُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا دُونَ شَيْءٍ مِنْ الْآخَرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ وَجَدَ رُبَى فَقَطْ. إلَخْ. قَوْلُهُ: (أُخِذَ مِنْهُ) أَيْ جَوَازًا وَلَهُ تَحْصِيلُ الْآخَرِ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الصُّعُودُ وَالنُّزُولُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ يَتَعَيَّنُ. قَوْلُهُ: (إذْ النَّاقِصُ) أَيْ مَعَ وُجُودِ تَمَامِ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُهُمَا) أَيْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَا نَفِيسَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ النَّفِيسِ فَهُوَ كَالْعَدَمِ. قَوْلُهُ: (وَصَعِدَ إلَخْ) قَالَ   [حاشية عميرة] الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) رَاجِعْ لِقَوْلِهِ لَا لَبُونٍ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ إلَخْ) هَذَا الْقَدِيمُ جَارٍ سَوَاءٌ وَجَدَ السِّنَانَ فِي مَالِهِ أَمْ لَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُخِذَ) أَيْ وَلَيْسَ هُنَا صُعُودٌ وَلَا هُبُوطٌ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ لَا يُحَصِّلَ) هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَلَهُ تَحْصِيلُ مَا شَاءَ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ لَهُ بَنَاتُ لَبُونٍ مَثَلًا، وَلَكِنَّهَا جَارِيَةٌ فِي مِلْكِ وَلَدِهِ بِتَمْلِيكٍ مِنْ أَبِيهِ، لَمْ يُكَلَّفْ الْوَالِدُ الرُّجُوعَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَصَعِدَ إلَى أَرْبَعِ جِذَاعٍ) لَهُ أَيْضًا أَنْ يَجْعَلَهَا أَصْلًا، وَيَنْزِلُ إلَى أَرْبَعِ بَنَاتِ لَبُونٍ مَعَ دَفْعِ الْجُبْرَانِ، كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ بَنَاتَ اللَّبُونِ أَصْلًا، وَيَصْعَدَ إلَى خَمْسِ حِقَاقٍ مَعَ أَخْذِ الْجُبْرَانِ، وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَرْتَقِيَ مِنْ بَنَاتِ اللَّبُونِ إلَى الْجِذَاعِ، أَوْ يَنْزِلَ مِنْ الْحِقَاقِ إلَى بَنَاتِ الْمَخَاضِ، لِكَثْرَةِ الْجُبْرَانَاتِ مَعَ إمْكَانِ التَّقْلِيلِ وَقَوْلِي لَهُ أَيْضًا. أَنْ يَجْعَلَهَا إلَى قَوْلِي مَعَ أَخْذِ الْجُبْرَانِ، لَمْ أَرَهُ مَسْطُورًا فِي سُوءِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلْكَمَالِ الْمَقْدِسِيَّ، وَاَلَّذِي يَنْقَدِحُ فِي نَفْسِي إشْكَالُهُ وَمَنْعُهُ، إلَّا أَنْ يُسَاعِدَهُ نَقْلٌ وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ مَنْ حَصَّلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 مَعَ الْجُبْرَانِ فَإِنْ شَاءَ جَعَلَ الْحِقَاقَ أَصْلًا وَصَعِدَ إلَى أَرْبَعِ جِذَاعٍ فَأَخْرَجَهَا وَأَخَذَ أَرْبَعَ جُبْرَانَاتٍ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ بَنَاتَ اللَّبُونِ أَصْلًا وَنَزَلَ إلَى خَمْسِ بَنَاتِ مَخَاضٍ فَأَخْرَجَهَا وَدَفَعَ مَعَهَا خَمْسَ جُبْرَانَاتٍ. (وَإِنْ وَجَدَهُمَا) فِي مَالِهِ (فَالصَّحِيحُ تَعَيُّنُ الْأَغْبَطِ مِنْهُمَا لِلْفُقَرَاءِ) وَالْمُرَادُ بِهِمْ وَبِالْمَسَاكِينِ هُنَا جَمِيعُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلِشُهْرَتِهِمْ يَسْبِقُ اللِّسَانُ إلَى ذِكْرِهِمْ وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُونَا عِنْدَهُ. (وَلَا يُجْزِئُ) عَلَى الْأَوَّلِ. (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْأَغْبَطِ. (إنْ دَلَّسَ) الْمَالِكُ فِي إعْطَائِهِ. (أَوْ قَصَّرَ السَّاعِي) فِي أَخْذِهِ. (وَإِلَّا فَيُجْزِئُ وَالْأَصَحُّ) مَعَ إجْزَائِهِ. (وُجُوبُ قَدْرِ التَّفَاوُتِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَغْبَطِ وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ بَنَاتِ اللَّبُونِ أَرْبَعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَقِيمَةُ الْحِقَاقِ وَقَدْ أُخِذَتْ أَرْبَعَمِائَةٍ فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ خَمْسُونَ. (وَيَجُوزُ إخْرَاجُهُ دَرَاهِمَ) كَمَا يَجُوزُ إخْرَاجُ شِقْصٍ بِهِ. (وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ تَحْصِيلُ شِقْصٍ بِهِ) وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مِنْ الْأَغْبَطِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَقِيلَ مِنْ الْمُخْرَجِ لِئَلَّا يَتَبَعَّضَ. وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فَفِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ يُخْرِجُ خَمْسَةَ أَتْسَاعِ بِنْتِ لَبُونٍ، وَقِيلَ: نِصْفُ حِقَّةٍ. وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَيَصْرِفُ ذَلِكَ لِلسَّاعِي. وَفِي إخْرَاجِ الدَّرَاهِمِ قِيلَ: لَا يَجِبُ صَرْفُهَا إلَيْهِ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وُجُوبُ صَرْفِهَا إلَيْهِ لِأَنَّهَا جُبْرَانُ الظَّاهِرَةِ وَمُرَادُهُمْ بِالدَّرَاهِمِ نَقْدُ الْبَلَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، وَلِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا تَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّفَاوُتِ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَهُ كَيْفَ شَاءَ. وَلَا يَتَعَيَّنُ لِاسْتِحْبَابِهِ الشِّقْصُ بِالِاتِّفَاقِ. تَتِمَّةٌ: لَوْ وَجَدَ ثَلَاثَ حِقَاقٍ وَأَرْبَعَ بَنَاتِ لَبُونٍ تَخَيَّرَ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ الْحِقَاقَ مَعَ بِنْتِ اللَّبُونِ وَجُبْرَان وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ بَنَاتَ اللَّبُونِ مَعَ حِقَّةٍ وَيَأْخُذُ جُبْرَانًا وَلَهُ دَفْعُ حِقَّةٍ مَعَ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَثَلَاثِ جُبْرَانَاتٍ فِي الْأَصَحِّ وَمُقَابِلُهُ يَنْظُرُ إلَى بَقَاءِ بَعْضِ الْفَرْضِ عِنْدَهُ وَكَثْرَةِ الْجُبْرَانِ. وَلَوْ وَجَدَ حِقَّتَيْنِ فَقَطْ فَلَهُ أَنْ يُخْرِجَهُمَا مَعَ جَذَعَتَيْنِ وَيَأْخُذَ جُبْرَانَيْنِ، وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ خَمْسَ بَنَاتِ مَخَاضٍ، بَدَلَ بَنَاتِ اللَّبُونِ مَعَ خَمْسِ جُبْرَانَاتٍ، وَلَوْ وَجَدَ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ فَقَطْ فَلَهُ إخْرَاجُهُنَّ مَعَ بِنْتَيْ مَخَاضٍ وَجُبْرَانَيْنِ، وَلَهُ   [حاشية قليوبي] شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَهُ النُّزُولُ أَيْضًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَشَرْحُ الرَّوْضِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ يَمْتَنِعُ النُّزُولُ، وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، قَالَ: لِأَنَّهُ إنْ نَزَلَ إلَى بَنَاتِ الْمَخَاضِ لَزِمَ كَثْرَةُ الْجُبْرَانِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى بَنَاتِ اللَّبُونِ فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ مَا مَرَّ لِأَنَّهُ وَجَدَ بَعْضَ أَحَدِهِمَا بِمَالِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَنَزَلَ إلَخْ) وَفِي الصُّعُودِ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَ الْأَغْبَطُ) وَلَوْ فِي مَالٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ لَمْ يَكُونَا عِنْدَهُ) وَفُرِّقَ بِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ قَدْرٍ وَالتَّفَاوُتُ) أَيْ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى هَذَا) وَكَذَا عَلَى الْأَوَّلِ إذَا اخْتَارَ الشِّقْصَ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا كُلَّهَا وَقَعَ قَدْرُ الْوَاجِبِ فَرْضًا وَالْبَاقِي تَطَوُّعًا، وَفَارَقَ مَا مَرَّ لِأَنَّهُ هُنَاكَ بَدَلٌ أَوْ أَصْلٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ مِنْ الْمُخْرَجِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا يُسَاوِي الْأَغْبَطَ. قَوْلُهُ: (خَمْسَةَ أَتْسَاعِ بِنْتِ لَبُونٍ) لِأَنَّ قِيمَتَهَا تِسْعُونَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ حِقَّةٍ) لِأَنَّ قِيمَتَهَا مِائَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ   [حاشية عميرة] أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ، صَارَ وَاجِدًا لِلْوَاجِبَةِ، فَكَيْفَ يَأْخُذُ مَعَ ذَلِكَ جُبْرَانًا أَوْ يُعْطِيهِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِنَا التَّصْرِيحَ بِمَا قُلْته فَلِلَّهِ الْحَمْدُ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ بَحَثَ الْجَوَازَ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (لِلْفُقَرَاءِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْغِبْطَةُ مِنْ حَيْثُ زِيَادَةِ الْقِيمَةِ، أَوْ مِنْ حَيْثُ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَى الِارْتِفَاقِ بِالْحَمْلِ كَالْحِقَاقِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُنْظَرُ الْأَغْبَطُ مُرَاعِيًا فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةَ الْفُقَرَاءِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى إيجَابِ التَّفَاوُتِ، وَنَبَّهَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْغِبْطَةُ تَقْتَضِي زِيَادَةً فِي الْقِيمَةِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ تَفَاوُتٌ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ) أَيْ كَمَا فِي الْجُبْرَانِ وَكَمَا فِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْجُبْرَانَ فِي الذِّمَّةِ مُخَيَّرٌ فِيهِ كَالْكَفَّارَةِ، وَبِأَنَّ لِلْمَالِكِ مَنْدُوحَةً عَنْ الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ، بِأَنْ يَحْصُلَ الْفَرْضُ لَكِنَّهُ خُيِّرَ رِفْقًا بِهِ، كَيْ لَا يُكَلَّفَ الشِّرَاءَ فَوَكَّلَ الْأَمْرَ إلَى خِيرَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِلَّا فَيُجْزِي) لِلْمَشَقَّةِ فِي الرَّدِّ. قَوْلُهُ: (مَعَ إجْزَائِهِ) وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِالْإِجْزَاءِ الْحُسْبَانُ لَا الْكِفَايَةُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ) لِأَنَّ الْمُخْرَجَ مَحْسُوبٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ إخْرَاجُهُ دَرَاهِمَ) لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ جَبْرُ الْفَرْضِ، فَكَانَ كَالْجُبْرَانِ، وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَجِبُ كَمَا لَوْ تَعَذَّرَتْ الشَّاةُ الْوَاجِبَةُ فِي الْإِبِلِ، وَكَمَا لَوْ تَعَذَّرَتْ بِنْتُ الْمَخَاضِ مَعَ ابْنِ اللَّبُونِ فَلَمْ يَجِدْهُمَا فِي مَالِهِ وَلَا بِالثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (كَمَا يَجُوزُ إخْرَاجُ شِقْصٍ بِهِ) يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ الْقَائِلَ بِالْأَوَّلِ يَجُوزُ الثَّانِي بِخِلَافِ الْعَكْسِ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى هَذَا إلَخْ) كَذَا عَلَى الْأَوَّلِ، فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (نَقْدُ الْبَلَدِ) أَيْ لَا خُصُوصُ الدَّرَاهِمِ وَهِيَ الْفِضَّةُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُفَرِّقَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلتَّفَاوُتِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّفَاوُتِ. قَوْلُهُ: (تَتِمَّةٌ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 أَنْ يُخْرِجَ أَرْبَعَ جَذَعَاتٍ بَدَلَ الْحِقَاقِ وَيَأْخُذَ أَرْبَعَ جُبْرَانَاتٍ. كَذَا ذَكَرَ الْبَغَوِيّ الصُّورَتَيْنِ وَطَرَدَ الرَّافِعِيُّ الْوَجْهَ السَّابِقَ فِي الشِّقِّ الثَّانِي مِنْهُمَا لِبَقَاءِ بَعْضِ الْفَرْضِ عِنْدَهُ وَكَثْرَةِ الْجُبْرَانِ، وَلَوْ أَخْرَجَ عَنْ الْمِائَتَيْنِ حِقَّتَيْنِ وَبِنْتَيْ لَبُونٍ وَنِصْفًا لَمْ يَجُزْ لِلتَّشْقِيصِ. وَلَوْ مَلَكَ أَرْبَعَمِائَةٍ فَعَلَيْهِ ثَمَانُ حِقَاقٍ أَوْ عَشْرُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَيَعُودُ فِيهَا جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّفْرِيعِ، وَلَوْ أَخْرَجَ عَنْهَا أَرْبَعَ حِقَاقٍ وَخَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ جَازَ لِأَنَّ كُلَّ مِائَتَيْنِ أَصْلٌ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ لِتَفْرِيقِ الْفَرْضِ (وَمَنْ لَزِمَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ فَعَدِمَهَا وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ دَفَعَهَا وَأَخَذَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ) لَزِمَهُ (بِنْتُ لَبُونٍ فَعَدِمَهَا دَفَعَ بِنْتَ مَخَاضٍ مَعَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ) دَفَعَ (حِقَّةً وَأَخَذَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا) رَوَى ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ السَّابِقِ ذِكْرُهُ. وَصِفَةُ الشَّاةِ مَا تَقَدَّمَ فِي شَاةِ الْخَمْسِ وَالدَّرَاهِمِ هِيَ النُّقْرَةُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: الْخَالِصَةُ وَالشَّاتَانِ أَوْ الْعِشْرُونَ دِرْهَمًا هُوَ مُسَمَّى الْجُبْرَانِ الْوَاحِدُ، وَقَوْلُهُ: فَعَدِمَهَا أَيْ فِي مَالِهِ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ وَجَدَهَا فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ النُّزُولُ. وَكَذَا الصُّعُودُ إلَّا أَنْ لَا يَطْلُبَ جُبْرَانًا لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا كَمَا ذَكَرُوهُ فِيمَا سَيَأْتِي. (وَالْخِيَارُ فِي الشَّاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ لِدَافِعِهَا) سَاعِيًا كَانَ أَوْ مَالِكًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. (وَفِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ لِلْمَالِكِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمَا شَرْعًا تَخْفِيفًا عَلَيْهِ وَمُقَابِلُهُ لِلسَّاعِي إنْ دَفَعَ الْمَالِكُ غَيْرُ الْأَغْبَطِ فَإِنْ دَفَعَ الْأَغْبَطُ لَزِمَ السَّاعِيَ أَخْذُهُ قَطْعًا. (إلَّا أَنْ تَكُونَ إبِلُهُ مَعِيبَةً) بِمَرَضٍ أَوْ   [حاشية قليوبي] الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (نَقْدُ الْبَلَدِ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ دَرَاهِمَ كَعُرُوضٍ. قَوْلُهُ: (خَمْسَ بَنَاتِ مَخَاضٍ إلَخْ) وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ بَنَاتِ مَخَاضٍ بَدَلَ الْحِقَاقِ مَعَ ثَمَانِ جُبْرَانَاتٍ لِكَثْرَةِ الْجُبْرَانِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَعَ بِنْتَيْ مَخَاضٍ إلَخْ) أَوْ مَعَ حِقَّتَيْنِ، وَيَأْخُذُ جُبْرَانَيْنِ قَوْلُهُ: (الصُّورَتَيْنِ) وَهُمَا حِقَّتَانِ فَقَطْ، أَوْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (الْوَجْهُ السَّابِقُ) وَهُوَ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ وَمُقَابِلُهُ يُنْظَرُ إلَخْ قَوْلُهُ: (فِي الشِّقِّ الثَّانِي فِيهِمَا) وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَفِي الثَّانِيَةِ، وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ أَرْبَعَ جَذَعَاتٍ. قَوْلُهُ: (لِلتَّشْقِيصِ) فَلَوْ أَخْرَجَ الثَّالِثَةَ كَامِلَةً جَازَ لِعَدَمِ التَّشْقِيصِ وَفَارَقَ عَدَمَ إجْزَاءِ كِسْوَةِ خَمْسَةٍ وَإِطْعَامِ خَمْسَةٍ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِلنَّصِّ فِيهَا عَلَى عَدَمِ إجْزَاءِ ذَلِكَ مَعَ التَّطَوُّعِ هُنَا بِالزَّائِدِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ كُلَّ مِائَتَيْنِ إلَخْ) فَلَوْ صَرَّحُوا بِأَنَّ نِصْفَ كُلٍّ مِنْ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ عَنْ مِائَتَيْنِ فَهَلْ يَبْطُلُ الْإِخْرَاجُ أَوْ يُلْغَى التَّصْرِيحُ؟ رَاجِعْهُ وَانْظُرْهُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْجُبْرَانِ. قَوْلُهُ: (وَالدَّرَاهِمُ النَّقْرَةُ) أَيْ الْفِضَّةُ الْإِسْلَامِيَّةُ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهَا الْوَزْنُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْمُرَادُ بِهَا الْمَضْرُوبَةُ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (الْخَالِصَةُ) فَإِنْ غَلَبَتْ الْمُعَامَلَةُ بِالْمَغْشُوشَةِ وَجَبَ مِنْهَا مَا خَالِصُهُ قَدْرَ الْوَاجِبِ قَوْلُهُ: (فَعَدِمَهَا) أَيْ وَعَدِمَ ابْنَ اللَّبُونِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مَقَامَهَا بِالنَّصِّ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ لَا يَطْلُبَ جُبْرَانًا) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يَقَعُ الزَّائِدُ زَكَاةً لِأَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ يَقَعُ الْجُبْرَانُ فِي مُقَابَلَتِهَا   [حاشية عميرة] بِهَذِهِ التَّتِمَّةِ يُعْلَمُ أَنَّ لِلْمَسْأَلَةِ خَمْسَةَ أَحْوَالٍ، وُجُودُ أَحَدِ السِّنَّيْنِ فَقْدُهُمَا وُجُودُهُمَا، وُجُودُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وُجُودُ بَعْضٍ مِنْ أَحَدِهِمَا، فَالثَّلَاثُ الْأُوَلُ سَبَقَتْ فِي الْمَتْنِ، وَالْأَخِيرَتَانِ فِي التَّتِمَّةِ. قَوْلُهُ: (وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ إلَخْ) مِنْهُ تَسْتَفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّتَانِ، جَازَ لَهُ إخْرَاجُ ذَلِكَ مَعَ أَخْذِ جُبْرَانَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ دَفْعُ حِقَّةٍ إلَخْ) سَكَتَ عَلَى دَفْعِ بِنْتِ لَبُونٍ مَعَ أَرْبَعِ حِقَاقٍ، وَأَخْذِ الْجُبْرَانِ فَإِنَّهُ مُمْتَنِعٌ فِيمَا يَظْهَرُ، لِأَنَّ الْأَرْبَعَ حِقَاقٍ فَرْضُهُ فَيُخْرِجُهَا فَقَطْ بِلَا جُبْرَانٍ. قَوْلُهُ: (الصُّورَتَيْنِ) الْمُرَادُ بِهِمَا قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ خَمْسَ بَنَاتِ مَخَاضٍ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ أَرْبَعَ جَذَعَاتٍ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَعَدِمَهَا) أَيْ مِنْ مَالِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (دَفَعَهَا) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: أَيْ إنْ أَرَادَ وَلَهُ تَحْصِيلُ بِنْتِ الْمَخَاضِ. وَقَوْلُهُ: وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَهُ تَحْصِيلُهَا وَلَوْ وَجَدَ ابْنَ اللَّبُونِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ بِنْتَ اللَّبُونِ وَيَطْلُبَ الْجُبْرَانَ اهـ. بِمَعْنَاهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ كَانَ وَاجِبُهُ بِنْتَ الْمَخَاضِ، فَلَمْ يَجِدْهَا وَلَا ابْنَ اللَّبُونِ فِي مَالِهِ وَلَا بِالثَّمَنِ دَفَعَ الْقِيمَةَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ شَرْطَ ذَلِكَ، أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ، ثُمَّ رَأَيْت الْعِرَاقِيَّ فِي النُّكَتِ قَالَ: لَعَلَّ دَفْعَ الْقِيمَةِ إذَا فُقِدَ سَائِرُ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا) الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الزَّكَاةَ تُؤْخَذُ عِنْدَ الْمِيَاهِ غَالِبًا، وَلَيْسَ هُنَاكَ حَاكِمٌ وَلَا مُقَوِّمٌ يَضْبِطُ ذَلِكَ بِقِيمَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَصَاعِ الْمُصَرَّاةِ وَالْفِطْرَةِ وَنَحْوِهِمَا. قَوْلُهُ: (تَخْفِيفًا) أَيْ كَيْ لَا يُكَلَّفَ الشِّرَاءَ لِمَشَقَّتِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الصُّعُودِ) أَيْ لِيَدْفَعَ مَعِيبًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ الْجَوَازُ إذَا دَفَعَ سَلِيمًا، وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ الْمِنْهَاجِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 غَيْرِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الصُّعُودِ لِأَنَّ وَاجِبَهُ مَعِيبٌ وَالْجُبْرَانُ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ السَّلَمَيْنِ وَهُوَ فَرْقُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْمَعِيبَيْنِ، فَإِذَا أَرَادَ النُّزُولَ وَدَفَعَ الْجُبْرَانَ قَبْلُ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِزِيَادَةٍ. (وَلَهُ صُعُودُ دَرَجَتَيْنِ وَأَخْذُ جُبْرَانَيْنِ وَنُزُولُ دَرَجَتَيْنِ مَعَ) دَفْعِ (جُبْرَانَيْنِ بِشَرْطِ تَعَذُّرِ دَرَجَةٍ فِي الْأَصَحِّ) كَأَنْ يُعْطِيَ بَدَلَ بِنْتِ الْمَخَاضِ عِنْدَ فَقْدِهَا وَفَقْدِ بِنْتِ اللَّبُونِ حِقَّةً، وَيَأْخُذُ جُبْرَانَيْنِ أَوْ يُعْطِيَ بَدَلَ الْحِقَّةِ عِنْدَ فَقْدِهَا وَفَقْدِ بِنْتِ اللَّبُونِ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَيَدْفَعُ جُبْرَانَيْنِ وَجْهُ الِاشْتِرَاطِ النَّظَرُ إلَى تَقْلِيلِ الْجُبْرَانِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ الْقُرْبَى الْمَوْجُودَةُ لَيْسَتْ وَاجِبَةً فَوُجُودُهَا كَعَدَمِهَا، وَلَوْ صَعِدَ مَعَ وُجُودِهَا وَرَضِيَ بِجُبْرَانٍ وَاحِدٍ جَازَ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ تَعَذَّرَتْ دَرَجَةٌ فِي الصُّعُودِ وَوُجِدَتْ فِي النُّزُولِ كَأَنْ لَزِمَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَلَمْ يَجِدْهَا وَلَا حِقَّةً وَوَجَدَ بِنْتَ مَخَاضٍ فَفِي إخْرَاجِ الْجَذَعَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْجَوَازُ وَلَهُ الصُّعُودُ وَالنُّزُولُ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ بِشَرْطِ تَعَذُّرِ دَرَجَتَيْنِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنْ يُعْطِيَ بَدَلَ الْجَذَعَةِ عِنْدَ فَقْدِهَا وَفَقْدِ الْحِقَّةِ وَبِنْتِ اللَّبُونِ بِنْتَ مَخَاضٍ مَعَ ثَلَاثِ جُبْرَانَاتٍ، أَوْ يُعْطِيَ بَدَلَ بِنْتِ الْمَخَاضِ الْجَذَعَةَ عِنْدَ فَقْدِ مَا بَيْنَهُمَا وَيَأْخُذَ ثَلَاثَ جُبْرَانَاتٍ. (وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ جُبْرَانٍ مَعَ ثَنِيَّةٍ) يَدْفَعُهَا. (بَدَلَ جَذَعَةٍ) عَلَيْهِ عِنْدَ فَقْدِهَا. (عَلَى أَحْسَنِ الْوَجْهَيْنِ) لِأَنَّ الثَّنِيَّةَ وَهِيَ أَعْلَى مِنْ الْجَذَعَةِ بِسَنَةٍ لَيْسَتْ مِنْ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ. (قُلْت: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ الْجَوَازُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا فِي سَائِرِ الْمَرَاتِبِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ عَنْ الثَّنِيَّةِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ انْتِفَاءُ نِيَابَتِهَا فَإِنْ دَفَعَهَا وَلَمْ يَطْلُبْ جُبْرَانًا جَازَ قَطْعًا لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا. (وَلَا تُجْزِئُ شَاةٌ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ) لِجُبْرَانٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ أَخَذَ أَوْ رَضِيَ بِالتَّفْرِيقِ جَازَ لِأَنَّ الْجُبْرَانَ حَقُّهُ وَلَهُ إسْقَاطُهُ. (وَتُجْزِئُ شَاتَانِ وَعِشْرُونَ)   [حاشية قليوبي] وَهُوَ هُنَا عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا. وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَ بِنْتَ لَبُونٍ عَنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بَدَلًا عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ، يَكُونُ الْوَاجِبُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا وَالْمُتَطَوَّعُ الْبَاقِي وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا. وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ وَقَدْ يُنَافِيهِ مَا مَرَّ عَنْهُ فِي أَنَّ بِنْتَ الْمَخَاضِ الْمَأْخُوذَةَ عَنْ الشَّاةِ تَقَعُ كُلُّهَا فَرْضًا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ كَمَا مَرَّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ السَّلِيمَيْنِ) أَيْ مِنْ السِّنَّيْنِ إذْ لِسَنِّ الْوَاحِدُ لَا جُبْرَانَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَرَادَ إلَخْ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَنْعَ الصُّعُودِ قَبْلَهُ فِيمَا لَوْ دَفَعَ مَعِيبَةً لِيَأْخُذَ جُبْرَانًا فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ رَأَى فِيهِ السَّاعِي مَصْلَحَةً خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، فَلَوْ دَفَعَ سَلِيمَةً وَأَخَذَهُ جَازَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَخَرَجَ بِخِيَرَةِ الْمَالِكِ. وَمِثْلُهُ وَلِيُّ الْيَتِيمِ الْمُسْتَحِقُّونَ فَلَا خِيَارَ لَهُمْ، وَإِنْ انْحَصَرُوا كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَشَمِلَتْ خِيَرَةُ الْمَالِكِ مَا لَوْ أَخَذَ السَّاعِي الْجُبْرَانَ أَوْ دَفَعَهُ فَتَقْيِيدُ الرَّوْضِ بِالْأَوَّلِ مَرْدُودٌ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (الصُّعُودُ وَالنُّزُولُ) أَيْ أَحَدُهُمَا وَيَجُوزُ جَمْعُهُمَا كَمَا لَوْ لَزِمَهُ بِنْتَا لَبُونٍ فَعَدِمَهُمَا فَلَهُ دَفْعُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَحِقَّةٍ وَلَا جُبْرَانَ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (لَيْسَتْ مِنْ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ) فَكَانَ كَدَفْعِ فَصِيلٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ مَعَ دَفْعِ جُبْرَانٍ وَعَلَى مُصَحِّحِ الْمُصَنِّفِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْجَذَعَةَ تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: لَوْ كَانَ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَهِيَ كَرِيمَةٌ لَمْ تَمْنَعْ الصُّعُودَ، وَإِنْ مَنَعَتْ إخْرَاجَ ابْنِ اللَّبُونِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ بِشَرْطٍ. قَوْلُهُ: (فِي الصُّعُودِ) مِثْلُهُ لَوْ تَعَذَّرَتْ فِي النُّزُولِ، وَوُجِدَتْ فِي الصُّعُودِ، كَأَنْ كَانَ وَاجِبُهُ الْحِقَّةَ فَلَمْ يَجِدْهَا، وَلَا بِنْتَ اللَّبُونِ لَهُ أَنْ يَنْزِلَ إلَى بِنْتِ الْمَخَاضِ مَعَ وُجُودِ الْجَذَعَةِ. قَوْلُهُ: (وَالنُّزُولُ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ) قُلْت: وَالْقِيَاسُ جَوَازُ النُّزُولِ إلَى أَرْبَعٍ بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ النَّوَوِيِّ الْآتِي كَانَ يَصْعَدُ مِنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ مَعَ وُجُودِ الْجَذَعَةِ. قَوْلُهُ: (وَالنُّزُولُ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ) قُلْت: وَالْقِيَاسُ جَوَازُ النُّزُولِ إلَى أَرْبَعٍ بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ النَّوَوِيِّ الْآتِي كَانَ يَصْعَدُ مِنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ إلَى الثَّنِيَّةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ مَا بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (لَيْسَتْ مِنْ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ) فَكَانَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ فَصِيلًا دَفَعَ الْجُبْرَانَ، وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ، وَلَعَلَّ اعْتِبَارَ الشَّارِعِ لَهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إلَخْ) هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ بَدَلَ الْجَذَعَةِ مَثَلًا بِنْتَ لَبُونٍ أَوْ حِقَّتَيْنِ، وَيَأْخُذَ الْجُبْرَانَيْنِ، بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الثَّنِيَّةِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مَحَلُّ نَظَرٍ. ثُمَّ ذَكَرَ لِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةٌ فِي الدَّمِيرِيِّ، وَأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا إذَا أَخْرَجَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ جُبْرَانٍ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمْ يُجْزِئُ وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّ فِي الْوَاجِبِ مَعْنًى لَيْسَ فِي الْمُخْرَجِ قُلْت: وَالْأَوَّلُ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ مِنْ إجْزَاءِ التَّبِيعَيْنِ عَنْ الْمُسِنَّةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ وَكَمَا لَا يَجُوزُ فِي الْكَفَّارَةِ أَنْ يُطْعِمَ خَمْسَةً وَيَكْسُوَ خَمْسَةً، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، فَإِنَّهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 دِرْهَمًا. (لِجُبْرَانَيْنِ) مِنْ الْمَالِكِ أَوْ السَّاعِي نَظَرًا إلَى أَنَّ الشَّاتَيْنِ لِوَاحِدٍ وَالْعِشْرِينَ لِآخَرَ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَوْ تَوَجَّهَ جُبْرَانَانِ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ السَّاعِي جَازَ أَنْ يُخْرِجَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَعَنْ الْآخَرِ شَاتَيْنِ، وَيُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى قَبُولِهِ. وَكَذَا لَوْ تَوَجَّهَ ثَلَاثُ جُبْرَانَاتٍ فَأَخْرَجَ عَنْ أَحَدِهَا شَاتَيْنِ وَعَنْ الْآخَرَيْنِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ عَكْسُهُ جَازَ بِلَا خِلَافٍ. (وَ) لَا شَيْءَ. (فِي) الْبَقَرِ حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ فَفِيهَا تَبِيعٌ. (ابْنُ سَنَةٍ) وَطَعَنَ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ. (ثُمَّ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ وَكُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ لَهَا سَنَتَانِ) وَطَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ وَقِيلَ: سَنَةٌ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْيَمَنِ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا» . وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ وَالْبَقَرَةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، فَفِي سِتِّينَ تَبِيعَانِ وَفِي سَبْعِينَ تَبِيعٌ وَمُسِنَّةٌ، وَفِي ثَمَانِينَ مُسِنَّتَانِ، وَفِي تِسْعِينَ ثَلَاثَةُ أَتْبِعَةٍ وَفِي مِائَةٍ مُسِنَّةٌ وَتَبِيعَانِ، وَفِي مِائَةٍ وَعَشَرَةٍ مُسِنَّتَانِ وَتَبِيعٌ، وَفِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ مُسِنَّاتٍ أَوْ أَرْبَعَةُ أَتْبِعَةٍ وَحُكْمُهَا حُكْمُ بُلُوغِ الْإِبِلِ مِائَتَيْنِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّفْرِيعِ. (وَ) لَا شَيْءَ. (فِي الْغَنَمِ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ فَشَاةٌ) أَيْ فَفِيهَا شَاةٌ. (جَذَعَةُ ضَأْنٍ أَوْ ثَنِيَّةُ مَعْزٍ) وَسَبَقَ بَيَانُهُمَا. (وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ وَمِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ وَأَرْبَعِمِائَةٍ أَرْبَعٌ ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ) رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ السَّابِقِ ذِكْرُهُ. وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إلَى مِائَتَيْنِ فَفِيهَا شَاتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرِّجْلِ نَاقِصَةً عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا.   [حاشية قليوبي] فِي الْحَدِيثِ) وَإِنَّمَا جَازَ مَعَ رِضَا الْمَالِكِ الْأَخْذُ لَهُ لِأَنَّهُ سَامَحَ بِحَقِّهِ وَبِهَذَا يُرَدُّ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: إنَّ الشَّارِعَ إذَا خُيِّرَ بَيْنَ خَصْلَتَيْنِ يَمْتَنِعُ اخْتِرَاعُ خَصْلَةٍ ثَالِثَةٍ، كَمَا فِي إطْعَامِ خَمْسَةٍ وَكِسْوَةِ خَمْسَةٍ فِي الْكَفَّارَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ رَضِيَ) أَيْ الْمَالِكُ بِالتَّفْرِيقِ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَا السَّاعِي وَلَا الْمُسْتَحِقِّينَ وَإِنْ انْحَصَرُوا. قَوْلُهُ: (نَظَرَ إلَخْ) أَيْ حَمْلًا عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ قَصَدَ التَّبْعِيضَ لَمْ يَضُرَّ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ صَرَّحَ بِالتَّبْعِيضِ بَطَلَ الْإِخْرَاجُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تَبِيعٌ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْمَرْعَى، أَوْ لِأَنَّ قَرْنَهُ يَتْبَعُ أُذُنَهُ أَيْ يُسَاوِيهَا، وَيُجْزِئُ عَنْهُ تَبِيعَةٌ بِالْأَوْلَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَدُ الْبَقَرَةِ يُسَمَّى بَعْدَ الْوِلَادَةِ عِجْلًا فَإِذَا طَعَنَ فِي الثَّانِيَةِ سُمِّيَ جَذَعًا وَجَذَعَةً أَيْ وَيُسَمَّى تَبِيعًا وَتَبِيعَةً، فَإِذَا طَعَنَ فِي الثَّالِثَةِ فَهُوَ ثَنِيٌّ وَثَنِيَّةٌ، فَإِذَا دَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ فَرَبَاعٌ وَرَبَاعِيَةٌ، فَإِذَا دَخَلَ فِي السَّادِسَةِ فَضَالِعٌ، ثُمَّ يُقَالُ ضَالِعُ عَامٍ وَضَالِعُ عَامَيْنِ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (مُسِنَّةٌ) وَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا مُسِنٌّ وَيُجْزِئُ عَنْهَا تَبِيعَانِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَكَامُلِ أَسْنَانِهَا. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: لِطُلُوعِ أَسْنَانِهَا وَجَمْعُهَا مُسِنَّاتٌ تَصْحِيحًا وَمُسِنَّانٌ تَكْسِيرًا، وَلَا جُبْرَانَ فِي غَيْرِ الْإِبِلِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا) أَيْ فَفِيهَا صَدَقَةٌ مَنْدُوبَةٌ لِتَعَلُّقِهَا بِمَشِيئَتِهِ.   [حاشية عميرة] كَالْإِطْعَامِ عَنْ كَفَّارَةٍ وَالْكِسْوَةِ عَنْ أُخْرَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكُلُّ أَرْبَعِينَ) مِنْهَا الْأَرْبَعُونَ الْأُولَى وَقَوْلُهُ مُسِنٌّ تُسَمَّى ثَنِيَّةً أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَحُكْمُهَا إلَخْ) قَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: وَلَا جُبْرَانَ فِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ، قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: بَلْ عَلَيْهِ التَّحْصِيلُ أَوْ إخْرَاجُ الْأَعْلَى. كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ. أَقُولُ: قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْعُدُولِ إلَى الْقِيمَةِ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ الْعُدُولُ إلَيْهَا عِنْدَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَابْنِ لَبُونٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 فَصْلٌ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ كَأَنْ كَانَتْ إبِلُهُ كُلُّهَا أَرْحَبِيَّةً أَوْ مَهْرِيَّةً، أَوْ بَقَرُهُ كُلُّهَا جَوَامِيسَ أَوْ عِرَابًا أَوْ غَنَمُهُ كُلُّهَا ضَأْنًا أَوْ مَعْزًا (أُخِذَ الْفَرْضُ مِنْهُ) وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ. (فَلَوْ أُخِذَ عَنْ ضَأْنٍ مَعْزًا أَوْ عَكْسُهُ جَازَ فِي الْأَصَحِّ بِشَرْطِ رِعَايَةِ الْقِيمَةِ) بِأَنْ تُسَاوِي ثَنِيَّةُ الْمَعْزِ فِي الْقِيمَةِ جَذَعَةَ الضَّأْنِ وَعَكْسُهُ. وَهَذَا نَظَرٌ إلَى اتِّفَاقِ الْجِنْسِ وَمُقَابِلُهُ نَظَرٌ إلَى اخْتِلَافِ النَّوْعِ، وَالثَّالِثُ يَجُوزُ أَخْذُ الضَّأْنِ عَنْ الْمَعْزِ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ. وَقَوْلُهُمْ فِي تَوْجِيهِ الْأَوَّلِ كَالْمَهْرِيَّةِ مَعَ الْأَرْحَبِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى جَزْمًا حَيْثُ تَسَاوَيَا فِي الْقِيمَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قِيمَةَ الْجَوَامِيسِ دُونَ قِيمَةِ الْعِرَابِ، فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهَا عَنْ الْعِرَابِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ. وَلَا جُبْرَانَ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ فِيهِمَا. (وَإِنْ اخْتَلَفَ) النَّوْعُ. (كَضَأْنٍ وَمَعْزٍ) مِنْ الْغَنَمِ وَأَرْحَبِيَّةٍ وَمَهْرِيَّةٍ مِنْ الْإِبِلِ وَعِرَابٍ وَجَوَامِيسَ مِنْ الْبَقَرِ. (فَفِي قَوْلٍ يُؤْخَذُ الْأَكْثَرُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْأَغْبَطُ) لِلْفُقَرَاءِ وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُخْرِجُ مَا شَاءَ مُقَسِّطًا عَلَيْهِمَا بِالْقِيمَةِ فَإِذَا كَانَ) أَيْ وُجِدَ. (ثَلَاثُونَ عَنْزًا) وَهِيَ أُنْثَى الْمَعْزِ. (وَعَشْرُ نَعَجَاتٍ) مِنْ الضَّأْنِ (أَخَذَ عَنْزًا أَوْ نَعْجَةً بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ عَنْزٍ وَرُبْعِ نَعْجَةٍ) وَفِي عَكْسِ الصُّورَةِ بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ نَعْجَةٍ وَرُبْعِ عَنْزٍ. وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُؤْخَذُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ثَنِيَّةُ مَعْزٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ جَذَعَةُ ضَأْنٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ أَرْحَبِيَّةً وَعَشَرَةٌ مَهْرِيَّةً أَخَذَ مِنْهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِنْتَ مَخَاضٍ أَرْحَبِيَّةً وَعَلَى الثَّانِي بِنْتَ مَخَاضٍ أَرْحَبِيَّةً أَوْ مَهْرِيَّةً بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ أَرْحَبِيَّةً وَخُمُسَيْ مَهْرِيَّةً. وَلَوْ كَانَ لَهُ مِنْ الْبَقَرِ الْعِرَابِ ثَلَاثُونَ وَمِنْ الْجَوَامِيسِ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ قَوْلُهُ: (إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ) وَإِنْ اخْتَلَفَ مَكَانُهَا. قَوْلُهُ: (أَرْحَبِيَّةً) بِالرَّاءِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ نِسْبَةٌ إلَى أَرْحَبَ: قَبِيلَةٌ مِنْ هَمْدَانَ، وَالْمَهْرِيَّةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْهَاءِ نِسْبَةٌ إلَى مَهْرَةَ اسْمُ قَبِيلَةٍ أَيْضًا. وَالْمُجَيْدِيَّةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِالْجِيمِ نِسْبَةٌ إلَى فَحْلٍ يُقَالُ لَهُ: مُجَيْدٌ، وَقَالَ الدَّمِيرِيِّ: مَنْسُوبَةٌ إلَى الْمَجْدِ وَهُوَ الشَّرَفُ وَهِيَ دُونَ الْمَهْرِيَّةِ، وَالْعِرَابُ إبِلُ الْعَرَبِ، وَالْبَخَاتِيُّ إبِلُ التُّرْكِ وَلَهَا سَنَامَانِ. قَوْلُهُ: (أُخِذَ الْفَرْضُ مِنْهُ) وَلَا يَجِبُ مُرَاعَاةُ الْأَجْوَدِ أَوْ الْأَغْبَطِ وَخَرَجَ بِالنَّوْعِ الصِّفَةُ فَيَجِبُ فِيهَا مُرَاعَاةُ الْأَغْبَطِ. قَوْلُهُ: (جَزْمًا) وَفَارَقَ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي الْغَنَمِ بِتَمَايُزِ ذَاتِ الضَّأْنِ عَنْ الْمَعْزِ، وَكَذَا الْبَقَرُ. قَوْلُهُ: (وَمَعْلُومٌ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُكُوتِ الْمُصَنِّفِ عَنْهُ بِنَاءً عَلَى بَحْثِهِ الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) هُوَ بَحْثٌ لِلشَّارِحِ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَعَلَيْهِ بِفَارِقِ الْمَعْزِ عَنْ الضَّأْنِ مَعَ نَقْصِ الْقِيمَةِ الْمَعْلُومُ بِأَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ فِي الْمَعْزِ جَائِزَةٌ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُصَرِّحُوا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا مَمْنُوعٌ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْغَنَمِ جَارٍ فِي الْبَقَرِ، وَبِأَنَّ الدَّعْوَى أَنَّ قِيمَةَ الْجَوَامِيسِ دُونَ قِيمَةِ الْعِرَابِ دَائِمًا مَمْنُوعَةٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (كَضَأْنٍ) هُوَ جَمْعٌ مُفْرَدُهُ ضَائِنٌ لِلذَّكَرِ وَضَائِنَةٌ لِلْأُنْثَى، وَكَذَا الْمَعْزُ. قَوْلُهُ: (يُخْرِجُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْمَالِكِ فَالْأَخْذُ بَعْدَهُ بِمَعْنَى الْإِعْطَاءِ أَوْ بِمَعْنَى أَخْذِ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ] فَصْلٌ إنْ اتَّحَدَ إلَخْ قَوْلُهُ: (أَرْحَبِيَّةً أَوْ مَهْرِيَّةً) اعْلَمْ أَنَّ الْإِبِلَ الْعِرَابَ هِيَ إبِلُ الْعَرَبِ، وَيُقَابِلُهَا الْبَخَاتِيُّ وَهِيَ إبِلُ التُّرْكِ، وَلَهَا سَنَامَانِ، ثُمَّ إنَّ إبِلَ الْعَرَبِ مِنْهَا الْأَرْحَبِيَّةُ نِسْبَةٌ إلَى أَرْحَبَ قَبِيلَةٍ مِنْ هَمْدَانَ، وَمِنْهَا الْمَهْرِيَّةُ نِسْبَةً إلَى مَهْرَةَ بْنِ حَيْدَانَ أَبُو قَبِيلَةٍ، وَمِنْهَا الْمُجَيْدِيَّةُ نِسْبَة إلَى فَحْلِ الْإِبِلِ يُقَالُ لَهُ مُجَيْدٌ، وَهِيَ دُونَ الْمَهْرِيَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُخِذَ الْفَرْضُ مِنْهُ) لَوْ اتَّحَدَ النَّوْعُ وَلَكِنْ اخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ، وَلَا نَقَصَ أُخِذَ الْأَغْبَطُ كَمَا سَلَفَ فِي الْحِقَاقِ، وَبَنَاتِ اللَّبُونِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَنْ ضَأْنٍ مَعْزًا) الضَّأْنُ جَمْعٌ مُفْرَدُهُ ضَائِنٌ لِلْمُذَكَّرِ وَضَائِنَةٌ لِلْمُؤَنَّثِ، وَالْمَعْزُ جَمْعٌ مُفْرَدُهُ مَاعِزٌ لِلْمُذَكَّرِ وَمَاعِزَةٌ لِلْمُؤَنَّثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ الْأَكْثَرِ) وَإِنْ كَانَ الْأَحَظُّ خِلَافَهُ اتِّبَاعًا لِلْأَقَلِّ لِلْأَكْثَرِ، لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى كُلِّ نَوْعٍ مِمَّا يَشُقُّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ) مُقَابِلُ قَوْلِ الْمَتْنِ فَالْأَغْبَطُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَا شَاءَ) بَحَثَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 عَشْرٌ أُخِذَ مِنْهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مُسِنَّةٌ مِنْ الْعِرَابِ وَعَلَى الثَّانِي فِيمَا يَظْهَرُ مُسِنَّةٌ مِنْهَا بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ مِنْهَا وَرُبْعِ جَامُوسَةٍ. (وَلَا تُؤْخَذُ مَرِيضَةٌ وَلَا مَعِيبَةٌ) بِمَا تُرَدُّ بِهِ فِي الْبَيْعِ (إلَّا مِنْ مِثْلِهَا) أَيْ مِنْ الْمَرِيضَاتِ أَوْ الْمَعِيبَاتِ وَيَكْفِي مَرِيضَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ وَمَعِيبَةٌ مِنْ الْوَسَطِ. وَقِيلَ: تُؤْخَذُ مِنْ الْخِيَارِ وَلَوْ انْقَسَمَتْ الْمَاشِيَةُ إلَى صِحَاحٍ وَمِرَاضٍ أَوْ إلَى سَلِيمَةٍ وَمَعِيبَةٍ أُخِذَتْ صَحِيحَةٌ وَسَلِيمَةٌ بِالْقِسْطِ فَفِي أَرْبَعِينَ شَاةً نِصْفُهَا صِحَاحٌ وَنِصْفُهَا مِرَاضٌ، وَقِيمَةُ كُلِّ صَحِيحَةٍ دِينَارَانِ وَكُلِّ مَرِيضَةٍ دِينَارٌ تُؤْخَذُ صَحِيحَةٌ بِقِيمَةِ نِصْفِ صَحِيحَةٍ وَنِصْفِ مَرِيضَةٍ مِمَّا ذُكِرَ وَذَلِكَ دِينَارٌ وَنِصْفٌ. وَكَذَا لَوْ كَانَ نِصْفُهَا سَلِيمًا وَنِصْفُهَا مَعِيبًا كَمَا ذُكِرَ (وَلَا) يُؤْخَذُ (ذَكَرٌ إلَّا إذَا وَجَبَ) كَابْنِ لَبُونٍ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ عِنْدَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ. وَكَالتَّبِيعِ فِي الْبَقَرِ (وَكَذَا لَوْ تَمَحَّضَتْ ذُكُورًا) وَوَاجِبًا فِي الْأَصْلِ أُنْثَى يُؤْخَذُ عَنْهَا الذَّكَرُ بِسِنِّهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَعَلَى هَذَا يُؤْخَذُ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ ابْنُ لَبُونٍ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ ابْنِ لَبُونٍ يُؤْخَذُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْهَا لِئَلَّا يُسَوِّيَ بَيْنَ النِّصَابَيْنِ. وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالتَّقْوِيمِ وَالنِّسْبَةِ فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا يَكُونُ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ دِرْهَمًا بِنِسْبَةِ زِيَادَةِ السِّتِّ وَثَلَاثِينَ عَلَى الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ، وَهِيَ خُمُسَانِ وَخُمُسُ خُمُسٍ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ. وَعَلَى هَذَا تُؤْخَذُ أُنْثَى دُونَ قِيمَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ مَحْضِ الْإِنَاثِ بِأَنْ تَقُومَ الذُّكُورُ بِتَقْدِيرِهَا إنَاثًا وَالْأُنْثَى الْمَأْخُوذَةُ عَنْهَا. وَتُعْرَفُ نِسْبَةُ قِيمَتِهَا مِنْ الْجُمْلَةِ ثُمَّ تُقَوَّمُ ذُكُورًا وَتُؤْخَذُ أُنْثَى قِيمَتُهَا مَا تَقْتَضِيهِ النِّسْبَةُ أَيْ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا إنَاثًا أَلْفَيْنِ، وَقِيمَةُ الْأُنْثَى الْمَأْخُوذَةِ عَنْهَا خَمْسِينَ وَقِيمَتُهَا ذُكُورًا أَلْفًا أُخِذَ عَنْهَا أُنْثَى قِيمَتُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَالْوَجْهَانِ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ. أَمَّا الْغَنَمُ فَيُؤْخَذُ عَنْهَا الذَّكَرُ قَطْعًا. وَقِيلَ: عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَالْمُنْقَسِمَةُ مِنْ الثَّلَاثِ إلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ لَا يُؤْخَذُ عَنْهَا إلَّا الْإِنَاثُ كَالْمُتَمَحِّضَةِ إنَاثًا (وَفِي الصِّغَارِ صَغِيرَةٌ فِي الْجَدِيدِ) كَأَنْ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ عَنْهَا مِنْ الثَّلَاثِ فَيَبْنِي حَوْلَهَا عَلَى حَوْلِهَا كَمَا   [حاشية قليوبي] السَّاعِي مَا دَفَعَ لَهُ الْمَالِكُ. قَوْلُهُ: (فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا بَحَثَهُ أَوَّلًا. قَوْلُهُ: (وَلَا مَعِيبَةٌ) هُوَ عَطْفُ عَامٍّ بَعْدَ خَاصٍّ. قَوْلُهُ: (ذُكُورًا) خَرَجَ الْخَنَاثَى فَتَجِبُ أُنْثَى بِقِيمَةِ خُنْثَى، وَلَا تُجْزِئُ خُنْثَى لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَةِ الْبَاقِي. قَوْلُهُ: (بِسِنِّهَا) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُؤْخَذُ ابْنُ مَخَاضٍ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ ذُكُورًا، وَإِنْ كَانَتْ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْهُ فَابْنُ الْمَخَاضِ مِنْ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ، وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِقَوْلِهِمْ فِيمَا مَرَّ إنَّ إضَافَةَ الْبَعِيرِ إلَى الزَّكَاةِ تُفِيدُ أُنُوثَتَهُ. وَلِقَوْلِهِ وَعَلَى هَذَا إلَخْ إذْ الْوَاجِبُ فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ ذُكُورًا ابْنُ لَبُونٍ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْهُ لِأَنَّهُ بِسِنِّ الْأُنْثَى الْمَأْخُوذَةِ عَنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ لَوْ لَمْ تَكُنْ ذُكُورًا وَالنِّسْبَةُ الْآتِيَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ تَقْتَضِي أَنَّ ابْنَ اللَّبُونِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ أَصْلٌ لَا بَدَلٌ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لَهَا فَرَاجِعْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْغَنَمُ فَيُؤْخَذُ عَنْهَا الذَّكَرُ قَطْعًا) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: أَيْ بِالتَّقْسِيطِ صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضِ وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِمَا انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَالْمُتَمَحِّضَةِ إنَاثًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْأُنُوثَةِ، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَأْخُوذِ عَنْ الْإِنَاثِ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ الْمُنْقَسِمَةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الصِّغَارِ) وَهُوَ   [حاشية عميرة] ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْ أَعْلَى الْأَنْوَاعِ أَيْ مَعَ مُرَاعَاةِ التَّقْسِيطِ، كَمَا لَوْ انْقَسَمَتْ الْمَاشِيَةُ إلَى صِحَاحٍ وَمِرَاضٍ، وَأَجَابَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ النَّهْيَ وَرَدَ عَنْ أَخْذِ الْمِرَاضِ بِخِلَافِ هَذَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَخَذَ) لَوْ عَبَّرَ بِالْإِعْطَاءِ كَانَ أَوْلَى لِيُفِيدَ أَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْمَالِكِ، لَكِنَّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُخْرِجُ مَا شَاءَ يُفِيدُ أَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْمَالِكِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِقِيمَةِ إلَخْ) ضَابِطُ ذَلِكَ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ الْآتِيَةِ، أَنْ يَكُونَ نِسْبَةُ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ إلَى قِيمَةِ جَمِيعِ نِصَابِهِ كَنِسْبَةِ الْمَأْخُوذِ إلَى ذَلِكَ النِّصَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا تُؤْخَذُ مَرِيضَةٌ إلَخْ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] وَالْمُرَادُ بِالْخَبِيثِ الرَّدِيءُ لَا الْحَرَامُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة: 267] وَمِنْ الْأَدِلَّةِ أَيْضًا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ، وَلَا تَيْسُ الْغَنَمِ» وَالْعَوَارُ الْعَيْبُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا، ثُمَّ هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ كَوْنِ الْمَالِ فِيهِ صَحِيحٌ، وَمَعِيبٌ فَلَا يُنَافِي أَخْذَ الْمَعِيبِ مِنْ مِثْلِهِ. قَوْلُهُ: (بِمَا تُرَدُّ بِهِ فِي الْبَيْعِ) أَيْ فَتُجْزِئُ الْحَامِلُ، وَإِنْ لَمْ تُجْزِئْ فِي الْأُضْحِيَّةِ. قَوْلُهُ: (يُؤْخَذُ عَنْهَا الذَّكَرُ) كَأَنَّ ضَابِطَهُ حِينَئِذٍ اعْتِبَارُ أَقَلِّ مُجْزِئٍ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ. قَوْلُهُ: (بِسِنِّهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي الْمَنْعُ) أَيْ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِالْإِنَاثِ فَكَيْفَ التَّحْصِيلُ. قَوْلُهُ: (قَطْعًا) وَجْهُهُ عَدَمُ نَصِّ الشَّارِعِ فِيهَا عَلَى الْأُنْثَى بِخِلَافِ غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (لَا يُؤْخَذُ إلَخْ) أَيْ بِالتَّقْسِيطِ صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضِ وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الصِّغَارِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 سَيَأْتِي، وَالْقَدِيمُ لَا يُؤْخَذُ عَنْهَا إلَّا كَبِيرَةٌ لَكِنْ دُونَ الْكَبِيرَةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ الْكِبَارِ فِي الْقِيمَةِ. وَحَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ أَيْضًا وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجْتَهِدُ السَّاعِي فِي غَيْرِ الْغَنَمِ وَيَحْتَرِزُ عَنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَيَأْخُذُ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَصِيلًا فَوْقَ الْمَأْخُوذِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ فَوْقَ الْمَأْخُوذِ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ. وَلَوْ انْقَسَمَتْ الْمَاشِيَةُ إلَى صِغَارٍ وَكِبَارٍ فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ وُجُوبُ كَبِيرَةٍ فِي الْجَدِيدِ، وَفِي الْقَدِيمِ تُؤْخَذُ كَبِيرَةٌ بِالْقِسْطِ (وَلَا) تُؤْخَذُ (رُبَّى وَأَكُولَةٌ) وَهُمَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ الْحَدِيثَةُ الْعَهْدُ بِالنِّتَاجِ وَالْمُسَمَّنَةُ لِلْأَكْلِ (وَحَامِلٌ وَخِيَارٌ إلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ) بِذَلِكَ. وَالرُّبَى يُطْلَقُ عَلَيْهَا الِاسْمُ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ وِلَادَتِهَا. وَالْجَوْهَرِيُّ عَنْ الْأُمَوِيِّ: إلَى شَهْرَيْنِ. وَحُكِيَ خِلَافًا فِي أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْمَعْزِ أَوْ تُطْلَقُ عَلَى الضَّأْنِ أَيْضًا. قَالَ: وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْإِبِلِ قَالَ غَيْرُهُ وَالْبَقَرُ (وَلَوْ اشْتَرَكَ أَهْلُ الزَّكَاةِ فِي مَاشِيَةِ) نِصَابٍ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ. (زَكَّيَا كَرَجُلٍ) وَاحِدٍ (وَكَذَا لَوْ خَلَطَا مُجَاوَرَةً) لَكِنْ (بِشَرْطِ أَنْ لَا تَتَمَيَّزَ) مَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا عَنْ مَاشِيَةِ الْآخَرِ (فِي الْمُشْرَعِ) أَيْ مَوْضِعِ الشُّرْبِ بِأَنْ تُسْقَى مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ   [حاشية قليوبي] فِي الْمَعْزِ وَاضِحٌ، وَفِي غَيْرِهِ بِمَوْتِ الْأُمَّهَاتِ كَمَا ذَكَرَهُ، وَمَحَلُّ إجْزَاءِ الصَّغِيرَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْجِنْسِ. أَمَّا الشَّاةُ الْمَأْخُوذَةُ عَنْ الْإِبِلِ الصِّغَارِ فَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا تُجْزِئُ عَنْ الْكِبَارِ. قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الْغَنَمِ) أَمَّا الْغَنَمُ فَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِالْعَدَدِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى تَسْوِيَةٍ بَيْنَ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ كَبِيرَةٍ) أَيْ مَعَ رِعَايَةِ الْقِيمَةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْقِيَاسِ، وَإِنْ لَمْ تُوفِ تَمَّمَ بِنَاقِصَةٍ. كَذَا فِي الْمَنْهَجِ، وَلَعَلَّهُ فِيمَا لَوْ تَعَدَّدَ مَا يُخْرِجُهُ وَنَقَصَتْ قِيمَةُ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ الصِّحَاحِ عَنْ الْوَاجِبِ فَيُكْمِلُ بِجُزْءٍ مِنْ مَرِيضَةٍ، وَلَوْ غَيْرَ مُتَوَسِّطَةٍ لِأَنَّ التَّوَسُّطَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا انْفَرَدَتْ فَتَأَمَّلْ. وَمَعْنَى رِعَايَةِ الْقِيمَةِ عَنْ الْجَدِيدِ أَنْ تُعْرَفَ قِيمَةُ الْكَبِيرَةِ مِنْهَا لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا كِبَارًا، أَوْ قِيمَةُ الصَّغِيرَةِ مِنْهَا لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا صِغَارًا. وَيُؤْخَذُ كَبِيرَةٌ تُسَاوِي مَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ فِي الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَعَلَى الْقَدِيمِ بِاعْتِبَارِ نِسْبَةِ قِيمَةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ جُمْلَةِ الْكِبَارِ مَعَ قِيمَةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ الصِّغَارِ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (رُبَّى) بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُرَبِّي وَلَدَهَا وَجَمْعُهَا رُبَّاتٌ، وَمَصْدَرُهَا رِبَّاتٌ بِالْكَسْرِ، وَلَوْ كَانَتْ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا كَذَلِكَ أُخِذَ مِنْهَا كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَخِيَارٌ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ.   [حاشية عميرة] إلَخْ) دَلِيلُهُ وَدَلِيلُ نَحْوِهِ مِمَّا سَلَفَ قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] وَيَخُصُّ مَسْأَلَتَنَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُوا مِنِّي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ لَقَاتَلْتهمْ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الثَّلَاثِ) يُتَصَوَّرُ أَيْضًا بِغَيْرِ ذَلِكَ، لَكِنْ فِي الْمَعْزِ وَالْبَقَرِ، لِأَنَّ وَاجِبَهَا مَا لَهُ سَنَتَانِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَمُرَادُهُ فِي الْبَقَرِ أَنْ يَبْلُغَ قَدْرًا، يَكُونُ الْوَاجِبُ فِي أَصْلِهِ مُسِنَّةً كَالْأَرْبَعِينَ، وَإِلَّا فَالثَّلَاثُونَ فَيَجِبُ فِيهَا تَبِيعٌ وَهُوَ مَا لَهُ سَنَةٌ، وَحِينَئِذٍ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْبَقَرِ يُتَصَوَّرُ فِي الْإِبِلِ أَيْضًا، كَانَ بِمِلْكِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ أَوْلَادَ مَخَاضٍ فَيَجِبُ صَغِيرَةٌ أَزْيَدَ قِيمَةً مِنْ الْمَأْخُوذَةِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَكَ أَنْ تَعْتَذِرَ عَنْ اقْتِصَارِ الشَّارِحِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ عَلَى التَّصْوِيرِ بِالْمَوْتِ، بِأَنَّ غَرَضَهُمْ صِغَارٌ لَيْسَتْ مِنْ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ إلَّا بِمَوْتِ الْأُصُولِ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الْغَنَمِ) أَيْ أَمَّا الْغَنَمُ فَلَا يُؤَدِّي فِيهَا ذَلِكَ إلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهَا بِالْعَدَدِ. وَلِذَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّ الْجُمْهُورَ قَطَعُوا فِيهَا بِالْأَخْذِ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ كَبِيرَةٍ) أَيْ بِالْقِسْطِ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّصْحِيحِ لِابْنِ قَاضِي عَجْلُونٍ، وَحِينَئِذٍ فَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ. قَوْلُهُ الْمَتْنِ: (وَخِيَارٌ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَتْ الْمَاشِيَةُ كُلُّهَا خِيَارًا أُخِذَ مِنْهَا الْفَرْضُ إلَّا الْحَوَامِلَ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا الْحَامِلُ، وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ حَوَامِلَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ اشْتَرَكَ أَهْلُ الزَّكَاةِ إلَخْ) تُسَمَّى هَذِهِ خُلْطَةُ الشُّيُوعِ وَخُلْطَةُ الْأَعْيَانِ، وَالْآتِيَةُ خُلْطَةُ جِوَارٍ وَخُلْطَةُ أَوْصَافٍ. قَوْلُهُ: (وَاحِدٍ) بِقِيَاسِ الْأُولَى عَلَى خُلْطَةِ الْجُوَارِ ثُمَّ الْخُلْطَةِ قَدْ تُفِيدُ تَخْفِيفًا، كَمَا فِي ثَمَانِينَ شَاةً بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ أَوْ تَثْقِيلًا كَأَرْبَعِينَ كَذَلِكَ، أَوْ تَخْفِيفًا عَلَى أَحَدِهِمَا وَتَثْقِيلًا عَلَى الْآخَرِ، كَأَنْ مَلَكَا سِتِّينَ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَاهَا وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا، وَقَدْ لَا تُفِيدُ وَاحِدًا مِنْهُمَا كَمِائَتَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَتْنِ الْخُلْطَتَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا لَوْ خَلَطَا مُجَاوَرَةً) اسْتَدَلَّ عَلَى صِدْقِ اسْمِ الْخُلْطَةِ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي} [ص: 24] الْآيَةَ عَقِبَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} [ص: 23] قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِشَرْطِ إلَخْ) أَيْ فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلْمُجَاوَرَةِ فَقَطْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 أَوْ بِئْرٍ أَوْ حَوْضٍ أَوْ مِنْ مِيَاهٍ مُتَعَدِّدَةٍ. (وَالْمَسْرَحِ) الشَّامِلِ لِلْمَرْعَى أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي تَسْرَحُ إلَيْهِ لِتَجْتَمِعَ وَتُسَاقُ إلَى الْمَرْعَى وَالْمَوْضِعُ الَّذِي تَرْعَى فِيهِ لِأَنَّهَا مُسَرَّحَةٌ إلَيْهَا كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ. وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْمَسْرَحِ وَالْمَرْعَى كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَكَانَ أَوْضَحَ. (وَالْمُرَاحِ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ مَأْوَاهَا لَيْلًا (وَمَوْضِعِ الْحَلَبِ) بِفَتْحِ اللَّامِ مَصْدَرٌ. وَحُكِيَ سُكُونُهَا وَهُوَ الْمَحْلَبُ بِفَتْحِ الْمِيمِ. (وَكَذَا الرَّاعِي وَالْفَحْلُ فِي الْأَصَحِّ) وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ فِي الْفَحْلِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي الرَّاعِي، وَلَا بَأْسَ بِتَعَدُّدِهِ لَهُمَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْفُحُولُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا أَمْ مَمْلُوكَةً لِأَحَدِهِمَا أَمْ مُسْتَعَارَةً. وَظَاهِرُ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْفَحْلِ فِيمَا يُمْكِنُ بِأَنْ تَكُونَ مَاشِيَتُهُمَا نَوْعًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (لَا نِيَّةُ الْخُلْطَةِ فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يُشْتَرَطُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْحَالِبِ وَالْمَحْلَبِ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الْإِنَاءِ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، فَمَجْمُوعُ الشَّرْطِ بِاتِّفَاقٍ وَاخْتِلَافِ عَشَرَةٍ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخُلْطَةَ مُؤَثِّرَةٌ مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ السَّابِقِ ذِكْرُهُ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ. وَفِي حَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيّ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَالْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا فِي الْحَوْضِ وَالْفَحْلِ وَالرَّاعِي، نَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ لَكِنْ ضُعِّفَ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ وَمِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ شَاةً فَيَخْلِطَاهَا وَمِنْ مُقَابِلِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا أَرْبَعُونَ فَيُفَرِّقَاهَا فَخَلْطُ عِشْرِينَ بِمِثْلِهَا يُوجِبُ الزَّكَاةَ وَأَرْبَعِينَ بِمِثْلِهَا يُقَلِّلُهَا وَمِائَةٌ وَوَاحِدَةٌ بِمِثْلِهَا يُكْثِرُهَا وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الرَّاعِي وَالْفَحْلِ يُنْظَرُ إلَى أَنَّ الِافْتِرَاقَ فِيهِمَا لَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْمَالِ بِخِلَافِهِ فِيمَا قَبْلَهُمَا، عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ مَوْضِعِ الْإِنْزَاءِ وَالْمُشْتَرَطُ لِنِيَّةِ الْخُلْطَةِ. قَالَ: الْخُلْطَةُ تُغَيِّرُ أَمْرَ الزَّكَاةِ بِالتَّكْثِيرِ أَوْ التَّقْلِيلِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْثِرَ مِنْ غَيْرِ قَصْدِهِ وَرِضَاهُ، وَلَا أَنْ يُقَلِّلَ إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ الْفُقَرَاءِ وَدُفِعَ بِأَنَّ الْخُلْطَةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ مِنْ جِهَةِ خِفَّةِ الْمُؤْنَةِ بِاتِّحَادِ الْمَرَافِقِ. وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْقَصْدِ وَعَدَمِهِ وَقَوْلُهُ أَهْلُ الزَّكَاةِ احْتِرَازٌ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ عُيُوبَ الزَّكَاةِ خَمْسَةٌ الْمَرَضُ وَالْعَيْبُ وَالذُّكُورَةُ وَالصِّغَرُ وَرَدَاءَةُ النَّوْعِ. وَلَوْ كَانَتْ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا خِيَارًا أُخِذَ مِنْهَا الْخِيَارُ إلَّا الْحَامِلُ فَلَا تُؤْخَذُ، وَإِنْ كَانَتْ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا حَوَامِلَ فَإِنْ رَضِيَ بِدَفْعِهَا جَازَ أَخْذُهَا هُنَا وَإِنْ لَمْ تُجْزِئْ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَلَوْ دَفَعَ الْمَالِكُ الْخِيَارَ عَنْ غَيْرِهِ فَحَسَنٌ. قَوْلُهُ: (نِصَابٍ) خَرَجَ بِهِ دُونَ النِّصَابِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ إلَّا إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ آخَرُ أَوْ مَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ فَتَلْزَمُهُ وَحْدَهُ، فَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ عِشْرُونَ شَاةً فَخَلَطَاهَا إلَّا شَاتَيْنِ فَلَا خُلْطَةَ وَلَا زَكَاةَ إلَّا إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عِشْرُونَ أُخْرَى، أَوْ أَكْثَرُ فَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَتُسَاقُ إلَخْ) وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ الْمَمَرِّ بَيْنَهُمَا أَيْضًا. وَكَذَا الْمَحَلُّ الَّذِي تُوقَفُ فِيهِ عِنْدَ إرَادَةِ سَقْيِهَا أَوْ تُنَحَّى إلَيْهِ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا. وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ جُمْلَةَ الشُّرُوطِ عَشْرَةٌ هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَا يُنَافِي مَا زَادَهُ عَلَيْهِ، وَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ الْعَشَرَةِ سَبْعَةٌ الْمُشْرَعُ وَالْمَسْرَحُ وَالْمُرَاحُ، وَمَوْضِعُ الْحَلْبِ وَالرَّاعِي، وَالْفَحْلُ وَالْمَرْعَى وَالْمَحْلَبُ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ وَنِيَّةُ الْخُلْطَةِ وَاتِّحَادُ الْحَالِبِ، وَإِنَاءُ الْحَلْبِ وَيُزَادُ اشْتِرَاطُ مَوْضِعِ الْإِنْزَاءِ اتِّفَاقًا وَدَوَامُ الشَّرِكَةِ وَالْخُلْطَةِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا اتِّحَادُ الْجِنْسِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، كَمَا سَيَأْتِي عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَغَيْرِهِ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي مَوْضِعِ الْجُزْءِ مَثَلًا اتِّحَادُهُ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَخْتَصَّ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ بِفَحْلٍ، وَكَذَا الرَّاعِي. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِبِ) وَلَا فِي جَزِّ الصُّوفِ وَلَا فِي خَلْطِ اللَّبَنِ أَوْ الصُّوفِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْمَعُ) أَنْ يُكْرَهَ ذَلِكَ فَهُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لِلْمَالِكِ وَالسَّاعِي. قَوْلُهُ: (خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ) أَيْ خَشْيَةَ سُقُوطِهَا أَوْ قِلَّتِهَا أَوْ وُجُوبِهَا أَوْ كَثْرَتِهَا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَيَخْلِطَاهَا) أَيْ لِتَقِلَّ فَالْمَالِكُ مَنْهِيٌّ عَنْ الْجَمْعِ خَشْيَةَ الْكَثْرَةِ بِالتَّفْرِيقِ، وَلَوْ كَانَتْ مَخْلُوطَةً فَالسَّاعِي مَنْهِيٌّ عَنْ طَلَبِ التَّفْرِيقِ خَشْيَةَ الْقِلَّةِ بِدَوَامِ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ: (فَيُفَرِّقَاهَا) أَيْ خَشْيَةَ الْوُجُوبِ بِدَوَامِ الْخَلْطِ فَالْمَالِكُ مَنْهِيٌّ عَنْ التَّفْرِيقِ الْمُسْقِطِ لَهَا، وَالسَّاعِي مَنْهِيٌّ عَنْ طَلَبِ الْجَمْعِ فِيهَا لَوْ كَانَتْ مُفَرَّقَةً خَشْيَةَ سُقُوطِهَا بِدَوَامِ التَّفْرِيقِ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ لِلْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ وَيُشْتَرَطُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ، فَهُوَ عِلَاوَةٌ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ إذْ كَيْفَ لَا يَقُولُ بِاتِّحَادِ الْفَحْلِ مَعَ اعْتِبَارِهِ مَوْضِعَ الْإِنْزَاءِ أَيْ طَرُوقَ الْفَحْلِ. وَيَصِحُّ جَعْلُ الضَّمِيرِ لِلشَّأْنِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (أَيْ مَوْضِعُ الشُّرْبِ) يُقَالُ بَعِيرٌ شَارِعٌ أَيْ وَارِدُ الْمَاءِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمَحْلَبُ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَمَوْضِعُ الْحَلْبِ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إلَخْ) هَذَا الْحُكْمُ جَعَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ مُفَرَّعًا عَلَى الثَّانِي، وَكَذَا رَأَيْته فِي شَرْحِ السُّبْكِيّ، لَكِنَّهُ قَالَ عَقِبَهُ: هَكَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ، قَالَ: أَعْنِي السُّبْكِيَّ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا قُلْنَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْفَحْلِ وَمُقْتَضَى تَشْبِيهِهِ بِمَوْضِعِ الْحَلْبِ، أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ كَمَا أَنَّ مَوْضِعَ الْحَلْبِ يُشْتَرَطُ شَرْطُنَا اتِّحَادَ الْحَالِبِ أَمْ لَا اهـ. قَوْلُهُ: (مِنْ جِهَةِ خِفَّةِ الْمُؤْنَةِ إلَخْ) لَك أَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 عَنْ غَيْرِهِ. فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا أَوْ مُكَاتَبًا فَلَا أَثَرَ لِلِاشْتِرَاكِ وَالْخُلْطَةِ بَلْ إنْ كَانَ نَصِيبُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ نِصَابًا زَكَّاهُ زَكَاةَ الِانْفِرَادِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَالَ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْ دَوَامِ الِاشْتِرَاكِ وَالْخُلْطَةِ جَمِيعَ السَّنَةِ. فَلَوْ مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ خَلَطَا غُرَّةَ صَفَرٍ فَلَا تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي الْجَدِيدِ، فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْمُحَرَّمِ شَاةٌ. وَفِي الْقَدِيمِ نِصْفُ شَاةٍ وَتَثْبُتُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا قَطْعًا. وَإِذَا خَلَطَا عِشْرِينَ مِنْ الْغَنَمِ بِعِشْرِينَ وَأَخَذَ السَّاعِي شَاةً مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا لَا بِنِصْفِ شَاةٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ مِثْلِيَّةٍ، وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَلِلْآخَرِ خَمْسُونَ فَأَخَذَ السَّاعِي الشَّاتَيْنِ الْوَاجِبَتَيْنِ مِنْ صَاحِبِ الْمِائَةِ رَجَعَ بِثُلُثِ قِيمَتِهِمَا أَوْ مِنْ صَاحِبِ الْخَمْسِينَ رَجَعَ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِمَا، أَوْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً رَجَعَ صَاحِبُ الْمِائَةِ بِثُلُثِ قِيمَةِ شَاتِه وَصَاحِبُ الْخَمْسِينَ بِثُلُثَيْ قِيمَةِ شَاتِه، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. (وَالْأَظْهَرُ تَأْثِيرُ خُلْطَةِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَالنَّقْدِ وَعَرْضِ التِّجَارَةِ) بِاشْتِرَاطٍ أَوْ مُجَاوَرَةٍ لِعُمُومِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ. وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ. وَالثَّانِي لَا تُؤَثِّرُ مُطْلَقًا إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا فِي خُلْطَةِ الْمَاشِيَةِ مِنْ نَفْعِ الْمَالِكِ تَارَةً بِتَقْلِيلِ الزَّكَاةِ وَالثَّالِثُ تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الِاشْتِرَاكِ فَقَطْ. وَقِيلَ لَا تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الْجُوَارِ فِي النَّقْدِ وَعَرْضِ التِّجَارَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ) أَيْ فِي خُلْطَةِ الْجُوَارِ (النَّاطُورُ) بِالْمُهْمَلَةِ وَهُوَ حَافِظُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ (وَالْجَرِينُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ مَوْضِعُ تَجْفِيفِ التَّمْرِ (وَالدُّكَّانُ وَالْحَارِسُ وَمَكَانُ الْحِفْظِ وَنَحْوُهَا) كَالْمُتَعَهِّدِ وَصُورَتُهَا أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَفُّ نَخِيلٍ أَوْ زَرْعٍ فِي حَائِطٍ وَاحِدٍ، أَوْ كِيسُ دَرَاهِمَ فِي صُنْدُوقٍ وَاحِدٍ أَوْ أَمْتِعَةِ تِجَارَةٍ فِي دُكَّانٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ وَالرَّافِعِيُّ عَلَّلَ تَأْثِيرَ الْخُلْطَةِ بِالِارْتِفَاقِ بِاتِّحَادِ النَّاطُورِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ وَزَادَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اتِّحَادَ الْمَاءِ وَالْحِرَاثِ وَالْعَامِلِ وَجَذَّاذِ النَّخْلِ وَالْمُلَقِّحِ وَاللَّقَّاطِ وَالْحَمَّالِ وَالْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ وَالْمِيزَانُ لِلتَّاجِرَيْنِ فِي   [حاشية قليوبي] وَبِنَاءً يُشْتَرَطُ لِلْمَفْعُولِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي اشْتِرَاطِهِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيَلْزَمُهُ مَا ذُكِرَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (جَمِيعَ السَّنَةِ) فَلَوْ افْتَرَقَ مَالُهُمَا زَمَانًا طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا بِحَيْثُ يَضُرُّ لَوْ عُلِفَتْ كَمَا يَأْتِي وَعَلِمَ بِهِ أَحَدُهُمَا، أَوْ هُمَا بَطَلَتْ الْخُلْطَةُ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَالَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَلَا خُلْطَةَ بَيْنَ غَنَمٍ وَبَقَرٍ، وَذَكَرَهُ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ أَيْضًا فِي خُلْطَةِ الشُّيُوعِ وَالْجِوَارِ وَفِيهِ فِي الشُّيُوعِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ مَلَكَ كُلٌّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اخْتَلَفَ حَوْلَاهُمَا كَأَنْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ، وَالْآخَرُ أَرْبَعِينَ غُرَّةَ صَفَرٍ، وَخَلَطَاهَا غُرَّةَ رَبِيعٍ فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ شَاةٌ انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَمَّا إلْغَاءُ أَوَّلِ الْحَوْلِ الثَّانِي فِي مُتَقَدِّمِ الْمِلْكِ أَوْ حُسْبَانِ آخِرِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فِي الْآخَرِ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي اخْتِلَافِ الْمِلْكِ اعْتِبَارُ كُلِّ حَوْلٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ فَيَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ شَاةٌ غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ، وَعَلَى الْآخَرِ شَاةٌ غُرَّةَ صَفَرٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَجِبُ نِصْفُ شَاةٍ عَلَى كُلٍّ فِي غُرَّةِ حَوْلِهِ. وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ وَقْتُ الْمِلْكِ لِوَاحِدٍ كَأَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ، ثُمَّ أَرْبَعِينَ غُرَّةَ صَفَرٍ، ثُمَّ أَرْبَعِينَ غُرَّةَ رَبِيعٍ فَيَجِبُ فِي غُرَّةِ الْمُحَرَّمِ شَاةٌ، وَفِي غُرَّةِ صَفَرٍ نِصْفُ شَاةٍ لِوُجُودِ خُلْطَةِ الْأَوَّلِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ، وَفِي غُرَّةِ رَبِيعٍ ثُلُثُ شَاةٍ لِوُحُودِ خُلْطَةِ الْأَوَّلَيْنِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ثُلُثُ شَاةٍ فِي غُرَّةِ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَأَخَذَ السَّاعِي إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ نِيَّةَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ كَافِيَةٌ عَنْ نِيَّةِ الْآخَرِ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ فِي الدَّفْعِ بِخِلَافِ إخْرَاجِهِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ وَلَوْ عَنْ الْمُشْتَرَكِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ أَرْبَعُونَ مِنْ الْبَقَرِ، وَلِعَمْرٍو ثَلَاثُونَ مِنْهَا فَأَخَذَ السَّاعِي مِنْ زَيْدٍ مُسِنَّةً، وَمِنْ عَمْرٍو تَبِيعًا فَلَا تُرَاجَعُ عَلَى الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (خُلْطَةِ الثَّمَرِ إلَخْ) بِاشْتِرَاكٍ أَوْ مُجَاوَرَةٍ كَمَا فِي الْمَاشِيَةِ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اتِّحَادُ الْجِنْسِ فَرَاجِعْهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: لَا تُؤَثِّرُ إلَخْ) حَكَاهُ بِقِيلِ إشَارَةً إلَى أَنَّهَا طَرِيقَةٌ مُقَابِلَةٌ لِلطَّرِيقَةِ الْأُولَى الْحَاكِيَةِ لِلْأَقْوَالِ. قَوْلُهُ: (مَوْضِعُ تَجْفِيفِ الثَّمَرِ) هُوَ بِالْمُثَلَّثَةِ شَامِلٌ لِلزَّبِيبِ وَلِلتَّمْرِ بِالْمُثَنَّاةِ فَهُوَ مُرَادِفٌ لِلْمِرْبَدِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ دَالٌ مُهْمَلَةٌ، وَقِيلَ: الْجَرِينُ لِلزَّبِيبِ وَالْمُرِيدُ لِلتَّمْرِ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ) قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ أَحَدٌ إلَّا النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (وَالْعَامِلَ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَالْمُطَالِبُ بِالْأَمْوَالِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] تَقُولَ هَذَا قَدْ يُشْكَلُ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُ قَصْدِ السَّوْمِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ السَّوْمَ لَمَّا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ أَصْلُ الْوُجُوبِ، اُعْتُبِرَ قَصْدُهُ بِخِلَافِ الْخُلْطَةِ، وَلَا يُنْقَضُ بِمِثْلِ خَلْطِ عِشْرِينَ مِنْ الْغَنَمِ بِعِشْرِينَ أُخْرَى لِأَنَّهُ فَرْدٌ نَادِرٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 حَانُوتٍ وَاحِدٍ وَالْبَيْدَرِ اهـ. وَهُوَ بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ مَوْضِعُ دِيَاسِ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا. (وَلِوُجُوبِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ) أَيْ الزَّكَاةُ فِيهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (شَرْطَانِ) أَحَدُهُمَا (مُضِيُّ الْحَوْلِ فِي مِلْكِهِ) رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ حَدِيثَ: «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» (لَكِنْ مَا نَتَجَ مِنْ نِصَابٍ يُزَكَّى بِحَوْلِهِ) أَيْ النِّصَابُ بِأَنْ وُجِدَ فِيهِ مَعَ مُقْتَضٍ لِزَكَاتِهِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ كَمِائَةِ شَاةٍ نَتَجَ مِنْهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ، فَتَجِبُ شَاتَانِ وَكَأَرْبَعِينَ شَاةً وَلَدَتْ أَرْبَعِينَ ثُمَّ مَاتَتْ وَتَمَّ حَوْلُهَا عَلَى النِّتَاجِ فَتَجِبُ شَاةٌ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ بَقَاءُ شَيْءٍ مِنْ الْأُمَّهَاتِ وَلَوْ وَاحِدَةً وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِسَاعِيهِ: اعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ. وَهُوَ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَيُوَافِقُهُ أَنَّ الْمَعْنَى فِي اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ أَنْ يَحْصُلَ النَّمَاءُ وَالنِّتَاجُ نَمَاءٌ عَظِيمٌ فَتَتَبَّعْ الْأُصُولَ فِي الْحَوْلِ، وَإِنْ مَاتَتْ فِيهِ وَمَا نَتَجَ مِنْ دُونِ نِصَابٍ وَبَلَغَ بِهِ نِصَابًا يُبْتَدَأُ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ (وَلَا يُضَمُّ الْمَمْلُوكُ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَهِبَةٍ أَوْ إرْثٍ إلَى مَا عِنْدَهُ (فِي الْحَوْلِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ، وَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِ فِي النِّصَابِ مِثَالُهُ مِلْكُ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اشْتَرَى عَشْرًا فَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ كُلِّ حَوْلٍ لِلْعَشْرِ رُبْعُ مُسِنَّةٍ، وَعِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ لِلثَّلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَلِكُلِّ حَوْلٍ بَعْدَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ. وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: لَا يُضَمُّ فِي النِّصَابِ كَالْحَوْلِ فَلَا يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى الْعَشْرِ حَتَّى يَتِمَّ حَوْلُ الثَّلَاثِينَ فَيَسْتَأْنِفُ حَوْلَ الْجَمِيعِ. (فَلَوْ ادَّعَى) الْمَالِكُ (النِّتَاجَ بَعْدَ الْحَوْلِ صُدِّقَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِهِ قَبْلَهُ فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فَإِنْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي حَلَّفَهُ. وَنَحْوُهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَأَعَادَهَا فِي الرَّوْضَةِ آخِرَ كِتَابِ قِسْمِ الصَّدَقَاتِ. وَقَالَ: إنَّ الْيَمِينَ مُسْتَحَبَّةٌ بِلَا خِلَافٍ فِي هَذَا الَّذِي لَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ وَمُسْتَحَبَّةٌ. وَقِيلَ وَاجِبَةٌ فِيمَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ كَقَوْلِهِ: كُنْت بِعْت الْمَالَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ ثُمَّ اشْتَرَيْته، وَاتَّهَمَهُ السَّاعِي فِي ذَلِكَ فَيُحَلِّفُهُ. قَالَ: فَإِنْ قُلْنَا الْيَمِينُ مُسْتَحَبَّةٌ فَامْتَنَعَ مِنْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا أُخِذَتْ مِنْهُ لَا بِالنُّكُولِ بَلْ بِالسَّبَبِ   [حاشية قليوبي] وَجَذَّاذَ) بِتَشْدِيدِ الذَّالِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْفَاعِلُ. وَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْمُلَقِّحِ وَاللَّقَّاطِ وَالْمُنَادِي. قَوْلُهُ: (مَوْضِعُ دِيَاسِ الْحِنْطَةِ) وَقَدْ هُجِرَ الْآنَ اسْمُ الْبَيْدَرِ فِي غَالِبِ الْأَمَاكِنِ وَاشْتُهِرَ الْجَرِينُ لِذَلِكَ مَعَ إسْقَاطِ التَّحْتِيَّةِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) فَهِيَ أَوْلَى لِإِيهَامِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وُجُوبَ الْإِخْرَاجِ فَقَطْ، أَوْ لِدَفْعِ إيهَامِ أَنَّ الشُّرُوطَ فِي نَفْسِ الزَّكَاةِ الْمُخْرَجَةِ وَهَذَا أَدَقُّ. قَوْلُهُ: (فِي مِلْكِهِ) فَلَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا، فَإِنْ فُسِخَ الْعَقْدُ دَامَ الْحَوْلُ أَوْ أُجِيزَ اُعْتُبِرَ حَوْلُ الْمُشْتَرِي مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ. فَفِي الْفَسْخِ يَسْتَمِرُّ الْحَوْلُ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ وَفِي الْإِجَازَةِ يُبْتَدَأُ حَوْلُ الْمُشْتَرِي مِنْهَا أَوْ بِشَرْطِهِ لِلْمُشْتَرِي، فَفِي الْإِجَازَةِ يُعْتَبَرُ حَوْلُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَقْدِ، وَفِي الْفَسْخِ يُبْتَدَأُ حَوْلُ الْبَائِعِ مِنْهُ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ بَعْدَ زَوَالِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ) أَيْ لَا السَّوْمِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ، فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِيهِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْكَلَأُ الْمُبَاحُ أَيْضًا لِذَلِكَ أَوْ لِأَنَّ اللَّبَنَ شَبِيهٌ بِالْمَاءِ لِكَوْنِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ وَيُخْرَجُ بِهِ مَا لَوْ نَقَصَ الْعَدَدُ قَبْلَ عَامِ الْحَوْلِ. قَوْلُهُ: (نَتَجَ) أَيْ بِأَنْ تَمَّ انْفِصَالُ النِّتَاجِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَاتَتْ) يَقْتَضِي اعْتِبَارَ تَقَدُّمِ الِانْفِصَالِ عَلَى الْمَوْتِ، وَلَعَلَّهُ تَصْوِيرٌ، فَفِي الْبَهْجَةِ: لَوْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْأَرْبَعِينَ حَالَ وِلَادَةٍ أُخْرَى لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ، وَإِنْ شَكَّ فِي الْمَعِيَّةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَوْلِ فَرَاجِعْهُ، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مَاتَتْ لِمَا سَيَذْكُرُهُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ كَمِائَتَيْ شَاةٍ نَتَجَ مِنْهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ فَتَجِبُ شَاتَانِ انْتَهَى. إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ كَلَامَهُ فِي كَوْنِ النِّصَابِ مِنْ الصِّغَارِ لِأَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ فِي تَمَامِ النِّصَابِ. قَوْلُهُ: (فِي اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ) وَكَذَا فِي اشْتِرَاطِ السَّوْمِ. قَوْلُهُ: (اعْتَدَّ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ مُثَقَّلًا أَمْرٌ مِنْ الْإِعْدَادِ أَيْ الْحُسْبَانِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُضَمُّ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ فِي النِّتَاجِ كَمُوصًى بِأَوْلَادِهَا. قَوْلُهُ: (اتَّهَمَهُ السَّاعِي) أَيْ مَثَلًا كَمَا فِي ابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] إنَّ الْأَصْلَ الِانْفِرَادُ وَالْخَلْطُ عَارِضٌ، فَغَلَبَ حُكْمُ الْحَوْلِ الْمُنْعَقِدِ عَلَى الِانْفِرَادِ. [شُرُوط وُجُوب زَكَاة الْمَاشِيَة] قَوْلُهُ: (أَيْ الزَّكَاةُ فِيهَا) كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِهَذَا دَفْعَ مَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ مِنْ وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْحَوْلُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ مِنْ حَالَ إذَا ذَهَبَ وَمَضَى، وَلَوْ ضَلَّ مَالُهُ أَوْ سُرِقَ أَوْ غَابَ أَوْ كَانَ مُودِعًا فَجُحِدَ، ثُمَّ خَلَصَ مِنْ ذَلِكَ، وَجَبَتْ لِمَا مَضَى. قَوْلُهُ: (بِأَنْ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْأَرْبَعِينَ مَثَلًا لَوْ نَتَجَتْ عَشَرَةً مَثَلًا، ثُمَّ مَاتَ الْأَرْبَعُونَ تُزَكَّى الْعَشَرَةُ بِحَوْلِ أُصُولِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، ثُمَّ نَائِبُ الْفَاعِلِ فِي وُجِدَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى النِّتَاجِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ بِحَوْلِهِ. قَوْلُهُ: (كَأَرْبَعِينَ شَاةً إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى قَوْلِهِمْ يُشْتَرَطُ السَّوْمُ وَهُوَ الرَّعْيُ فِي جَمِيعِ النِّصَابِ، أَقُولُ: يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا سُقِيَتْ مِنْ لَبَنِ سَائِمَةٍ أُخْرَى بَقِيَّةَ الْحَوْلِ، أَوْ كَانَ الْإِنْتَاجُ قُبَيْلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 السَّابِقِ أَيْ لَهَا. (وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ فِي الْحَوْلِ) بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَعَادَ) بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ بَادَلَ بِمِثْلِهِ) كَإِبِلٍ بِإِبِلٍ أَوْ بِنَوْعٍ آخَرَ كَإِبِلٍ بِبَقَرٍ (اسْتَأْنَفَ) الْحَوْلَ لِانْقِطَاعِ الْأَوَّلِ بِمَا فَعَلَهُ. وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ وَالْفِرَارُ مِنْهَا مَكْرُوهٌ وَقِيلَ حَرَامٌ. (وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي (كَوْنُهَا سَائِمَةً) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إلَى آخِرِهِ دَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى نَفْيِ الزَّكَاةِ فِي مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ وَقِيسَ عَلَيْهَا مَعْلُوفَةُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «فِي كُلِّ سَائِمَةِ إبِلٍ فِي أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ» . قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَاخْتَصَّتْ السَّائِمَةُ بِالزَّكَاةِ لِتَوَفُّرِ مُؤْنَتِهَا بِالرَّعْيِ فِي كَلَإٍ مُبَاحٍ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ أُسِيمَتْ فِي كَلَأٍ مَمْلُوكٍ فَهَلْ هِيَ سَائِمَةٌ أَوْ مَعْلُوفَةٌ وَجْهَانِ فِي الْبَيَانِ (فَإِنْ عُلِفَتْ مُعْظَمَ الْحَوْلِ) لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (فَلَا زَكَاةَ) فِيهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ عُلِفَتْ دُونَ الْمُعْظَمِ (فَالْأَصَحُّ إنْ عُلِفَتْ قَدْرًا تَعِيشُ بِدُونِهِ بِلَا ضَرَرٍ بَيِّنٍ وَجَبَتْ) زَكَاتُهَا لِقِلَّتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَعِشْ بِدُونِهِ أَوْ عَاشَتْ بِدُونِهِ مَعَ ضَرَرٍ بَيِّنٍ (فَلَا) تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ وَالْمَاشِيَةُ تَصْبِرُ عَنْ الْعَلَفِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَلَا تَصْبِرُ الثَّلَاثَةَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي إنْ عُلِفَتْ قَدْرًا يُعَدُّ مُؤْنَةً بِالْإِضَافَةِ إلَى رِفْقِ الْمَاشِيَةِ فَلَا زَكَاةَ. وَإِنْ اُحْتُقِرَ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ وَجَبَتْ وَفُسِّرَ الرِّفْقُ بِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَأَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ مِنْهُ رِفْقُ إسَامَتِهَا. فَإِنَّ فِي الرَّعْيِ تَخْفِيفًا عَظِيمًا. وَالثَّالِثُ إنْ كَانَتْ الْإِسَامَةُ أَكْثَرَ مِنْ الْعَلَفِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ. وَالرَّابِعُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ مَعَ عَلَفِ مَا يَتَمَوَّلُ وَإِنْ قَلَّ: أَمَّا عَلَفُ مَا لَا يَتَمَوَّلُ فَلَا أَثَرَ لَهُ قَطْعًا وَمِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ تُسَامُ نَهَارًا وَتُعْلَفُ لَيْلًا فِي جَمِيعِ السَّنَةِ. وَلَوْ قَصَدَ بِالْعَلَفِ قَطْعَ السَّوْمِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ لَا مَحَالَةَ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَغَيْرُهُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ وَلَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الْعَلَفِ (وَلَوْ سَامَتْ) الْمَاشِيَةُ (بِنَفْسِهَا أَوْ اعْتَلَفَتْ السَّائِمَةُ أَوْ كَانَتْ عَوَامِلَ فِي حَرْثٍ)   [حاشية قليوبي] لَا بِالنُّكُولِ) فَالنُّكُولُ غَيْرُ مُوجَبٍ بَلْ هُوَ غَيْرُ مُسْقِطٍ. قَوْلُهُ: (بِبَيْعٍ) أَيْ بِلَا خِيَارٍ أَوْ خِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) وَلَوْ بِهِبَةٍ لِفَرْعِهِ وَرَجَعَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (مَكْرُوهٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (سَائِمَةً) أَيْ رَاعِيَةً. قَوْلُهُ: (دَلَّ بِمَفْهُومِهِ وَقَوْلُهُ: وَاخْتَصَّتْ السَّائِمَةُ) هُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ فِيهِ السَّوْمُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لِغَلَبَتِهِ فِي أَمْوَالِ الْعَرَبِ، وَالْقَيْدُ بِذَلِكَ الْمَعْنَى لَا مَفْهُومَ لَهُ كَمَا فِي الْأُصُولِ وَمُحَصَّلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي قَيْدٍ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ مَعْنًى مُخَصَّصٌ لَهُ، وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ كَمَا هُنَا عَلَى أَنَّ السَّوْمَ الَّذِي يُعْتَبَرُ هُنَا لَيْسَ هُوَ الَّذِي فِي أَمْوَالِهِمْ لِاعْتِبَارِ عَدَمِ التَّخَلُّلِ هُنَا، وَكَوْنُهُ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا مَعْلُوفَةٌ، وَأَوْرَاقُ الْأَشْجَارِ إنْ جُمِعَتْ لَهَا فَهِيَ مِنْ الْعَلَفِ. وَكَذَا كَلَأُ الْحَرَمِ إذَا جَمَعَهُ، وَإِلَّا فَمِنْ الْكَلَأِ وَالْمِيَاهِ الَّتِي تُسْقِطُ الْعُشْرَ، وَتُوجِبُ نِصْفَهُ كَالْعَلَفِ هُنَا أَيْضًا فَتَسْقُطُ زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ وَفَارَقَتْ الزُّرُوعَ كَمَا يَأْتِي بِأَنَّ احْتِيَاجَ الْمَاشِيَةِ إلَى الْعَلَفِ وَإِلَى التَّسَقِّي أَكْثَرُ غَالِبًا، وَلَمْ يَجْعَلُوا إخْرَاجَ الْأَرْضِ كَالْعَلَفِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْخَرَاجِ دَخْلٌ فِي تَنْمِيَةِ الزَّرْعِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عُلِفَتْ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ، وَلَوْ مُفَرَّقًا فِي الْحَوْلِ أَوْ بِمَغْصُوبٍ أَوْ مِنْ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ أَوْ مِنْ كَلَأٍ مُبَاحٍ، لَكِنْ جَزَّهُ وَقَدَّمَهُ لَهَا وَلَوْ فِي الْمَرْعَى. قَوْلُهُ: (لَيْلًا) أَيْ عَلَفًا تَحْتَاجُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَصَدَ بِالْعَلَفِ) أَيْ الَّذِي لَا يَقْطَعُ السَّوْمَ. قَوْلُهُ: (انْقَطَعَ) وَفَارَقَ عَدَمُ اعْتِبَارِ نِيَّةٍ عَدَمَ الْخُلْطَةِ بِوُجُودِهَا ظَاهِرًا مَعَ عَدَمِ اعْتِبَارِ فِعْلِ الْمَالِكِ فِيهَا بِخِلَافِ السَّوْمِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ سُلِّمَتْ بِنَفْسِهَا) فَلَا زَكَاةَ. وَكَذَا لَوْ أَسَامَهَا غَيْرُ الْمَالِكِ   [حاشية عميرة] الْحَوْلِ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَعَادَ) فِي التَّعْبِيرِ بِالْفَاءِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْعَوْدَ الْمُتَأَخِّرَ، يَكُونُ قَاطِعًا بِالْأَوْلَى وَكَذَا قَوْلُهُ بِمِثْلِهِ، يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُبَادَلَةَ بِغَيْرِ الْمِثْلِ كَالْمُبَادَلَةِ بِنَوْعٍ آخَرَ، أَوْلَى بِذَلِكَ، وَلَوْ مَاتَ اسْتَأْنَفَ الْوَارِثُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ تَعِشْ بِدُونِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَوَالِيًا أَمْ مُتَفَرِّقًا، وَقُدِّرَ ضَرَرُهُ لَوْ تَرَكَ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي فَهْمِ هَذَا الْمَحَلِّ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَمِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ إلَخْ، أَيْ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْأَصَحِّ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْعَلَفُ لَيْلًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ مُحْتَاجًا إلَيْهِ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ تَكْتَفِي بِالسَّوْمِ نَهَارًا فَلَا أَثَرَ لِلْعَلَفِ فِي حَالِ كِفَايَتِهَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ السُّبْكِيّ مَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرْته، حَيْثُ قَالَ تَنْبِيهٌ إذَا قُلْنَا: بِالْأَصَحِّ فَالْقَدْرُ الَّذِي تَعِيشُ بِدُونِهِ تَارَةً يَكُونُ لِقِلَّتِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَلَفِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَتَارَةً لِاسْتِغْنَائِهَا عَنْهُ بِالرَّعْيِ، وَإِنْ كَثُرَ كَمَا إذَا كَانَ الْمَرْعَى يَكْفِيهَا، وَلَكِنَّهُ يَعْلِفُهَا أَيْضًا فَإِنَّ الرُّويَانِيَّ جَزَمَ بِأَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهَا بِهِ. قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ الْقَفَّالُ لَوْ كَانَ يُسَرِّحُهَا كُلَّ يَوْمٍ، وَإِذَا رَدَّهَا بِاللَّيْلِ إلَى الْمُرَاحِ أَلْقَى شَيْئًا مِنْ الْعَلَفِ لَهَا، لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ قَالَ: وَأَرَادَ بِهِ مَا ذَكَرْته اهـ. قَوْلُهُ: (وَالْمَاشِيَةُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مَعْلُوفَةً قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ لَا مَعْلُوفَةً، وَلَا سَائِمَةً كَأَنْ سَامَتْ بِنَفْسِهَا عَقِبَ مِلْكِهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 (نَضْحٌ) وَهُوَ حَمْلُ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ (وَنَحْوُهُ) كَحَمْلِ غَيْرِ الْمَاءِ (فَلَا زَكَاةَ فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا فِي الْأَوَّلَيْنِ إلَى اعْتِبَارِ الْقَصْدِ فِي السَّوْمِ وَعَدَمِهِ فِي الْعَلَفِ وَفِي الثَّالِثَةِ إلَى أَنَّ الْعَوَامِلَ اقْتِنَاؤُهَا لِلِاسْتِعْمَالِ لَا لِلنَّمَاءِ كَثِيَابِ الْبَدَنِ وَمَتَاعِ الدَّارِ وَالثَّانِي يَقُولُ الِاسْتِعْمَالُ زِيَادَةُ فَائِدَةٍ عَلَى حُصُولِ الرِّفْقِ بِإِسَامَتِهَا، وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ حَدِيثُ الدَّارَقُطْنِيّ «لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ شَيْءٌ» . قَالَ: ابْنُ الْقَطَّانِ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ. (وَإِذَا وَرَدَتْ مَاءً أُخِذَتْ زَكَاتُهَا عِنْدَهُ) وَلَا يُكَلِّفُهُمْ السَّاعِي رَدَّهَا إلَى الْبَلَدِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَّبِعَ الْمَرَاعِيَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَرِدْ الْمَاءَ بِأَنْ اكْتَفَتْ بِالْكَلَإِ فِي وَقْتِ الرَّبِيعِ (فَعِنْدَ بُيُوتِ أَهْلِهَا) وَأَفْنِيَتِهِمْ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ تَجْوِيزُ تَكْلِيفِهِمْ الرَّدَّ إلَى الْأَفْنِيَةِ.، قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ حَدِيثُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ «تُؤْخَذُ صَدَقَاتُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مِيَاهِهِمْ» وَحَدِيثُ الْبَيْهَقِيّ «تُؤْخَذُ صَدَقَاتِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ عَلَى مِيَاهِهِمْ وَأَفْنِيَتِهِمْ» وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى الْحَالَيْنِ. (وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِي عَدَدِهَا إنْ كَانَ ثِقَةً وَإِلَّا فَتُعَدُّ عِنْدَ مَضِيقٍ) تَمُرُّ بِهِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَبِيَدِ كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالسَّاعِي أَوْ نَائِبِهِمَا قَضِيبٌ يُشِيرَانِ بِهِ إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ أَوْ يُصِيبَانِ بِهِ ظَهْرَهَا فَذَلِكَ أَبْعَدُ عَنْ الْغَلَطِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَدِّ وَكَانَ الْوَاجِبُ يَخْتَلِفُ بِهِ أَعَادَ الْعَدَّ. أَوْ الْمَالِكُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ أَوْ غَيْرُ الْعَالِمِ بِالسَّوْمِ أَوْ غَيْرُ الْعَالِمِ بِأَنَّهَا نِصَابٌ وَالْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا أَوْ الْغَاصِبُ لَهَا أَوْ الْوَارِثُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِمِلْكِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا نِصَابٌ، وَنَائِبُ الْمَالِكِ مِثْلُهُ، وَلَوْ وَكِيلًا أَوْ وَلِيًّا أَوْ حَاكِمًا كَانَ رَدَّهَا لَهُ غَاصِبٌ نَعَمْ لَا عِبْرَةَ بِإِسَامَةِ وَلِيِّ الْمَصْلَحَةِ فِي تَرْكِهَا. قَوْلُهُ: (عَوَامِلَ) أَيْ وَلَوْ فِي مُحَرَّمٍ كَقَطْعِ طَرِيقٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَاشِيَةِ الْحِلُّ. وَبِذَلِكَ فَارَقَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْحُلِيِّ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّقْدِ الْحُرْمَةُ. قَوْلُهُ: (فِي الْعَلَفِ) مُتَعَلِّقٌ بِنَظَرًا أَيْ لَمْ يَنْظُرْ فِي الْعَلَفِ لِلْقَصْدِ وَعَدَمِهِ، كَمَا لَمْ يَنْظُرْ لِذَلِكَ فِي السَّوْمِ فَيَضُرُّ وَلَوْ بِلَا قَصْدٍ. قَوْلُهُ: (إلَى أَنَّ الْعَوَامِلَ) وَيَكْفِي فِي عَمَلِهَا قَدْرُ زَمَنِ الْعَلَفِ الْمُسْقِطِ لِلْوُجُوبِ وَلَا يَضُرُّ مَا دُونَهُ وَقِيَاسُهُ أَنَّ سَوْمَهَا بِنَفْسِهَا كَعَلَفِهَا. وَكَذَا إسَامَةُ نَحْوِ غَاصِبٍ مِمَّنْ مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَعِنْدَ بُيُوتِ أَهْلِهَا) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُيُوتٌ بِأَنْ لَازَمُوا النُّجْعَةَ لَزِمَ السَّاعِيَ الذَّهَابُ إلَيْهِمْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ التَّمْكِينُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ، وَلَوْ تَوَحَّشَتْ الْمَاشِيَةُ لَزِمَ الْمَالِكَ تَسْلِيمُ الْوَاجِبِ، وَلَوْ تَوَقَّفَتْ عَلَى عِقَالٍ وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ التَّمْكِينِ، وَعَلَى هَذَا حُمِلَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا لَقَاتَلْتهمْ انْتَهَى. وَالْأَفْنِيَةُ كَالْبُيُوتِ وَهِيَ الرِّحَابُ أَمَامَ الْبُيُوتِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (الْمَالِكُ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُخْرِجُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثِقَةٌ. وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا أَعْرِفُ عَدَّهَا. قَوْلُهُ: (فَتُعَدُّ) أَيْ وُجُوبًا إنْ كَانَ فِي الْعَدِّ غَرَضٌ وَإِلَّا فَلَا كَمَا بَعْدَ الْعَدِّ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (أَعَادَا) بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ الْعَائِدُ لِلْمَالِكِ وَالسَّاعِي أَيْ وُجُوبًا كَمَا تَقَدَّمَ. بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِمَا يَعُمُّ الشَّجَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إطْلَاقُهُ فِي الْعُرْفِ عَلَيْهِ مَأْلُوفًا، وَالْمُرَادُ مِنْهُ حَبُّهُ وَثَمَرُهُ إذْ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ: غَصَبَ سَائِمَةً فَعَلَفَهَا أَوْ مَعْلُوفَةً فَأَسَامَهَا فَلَا زَكَاةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَضْحٌ وَنَحْوُهُ) لَوْ اسْتَعْمَلَهَا فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ فَفِي تَعْلِيقِ الْبَنْدَنِيجِيِّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعْمَلَهَا الْقَدْرَ الَّذِي لَوْ عَلَفَهَا فِيهِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الزَّكَاةُ فِيهَا، قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ إنَّمَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَالنِّيَّةُ وَلَوْ كَانَتْ مُعَدَّةً لِاسْتِعْمَالٍ مُحَرَّمٍ، كَآغَارَةٍ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِيهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْحُلِيِّ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْحِلُّ، وَفِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْحُرْمَةُ إلَّا مَا رُخِّصَ، فَإِذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي الْمُحَرَّمِ رَجَعَتْ إلَى أَصْلِهَا، وَلَا نَظَرَ إلَى الْفِعْلِ الْخَسِيسِ، وَإِذَا اُسْتُعْمِلَ الْحُلِيُّ فِي ذَلِكَ فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي أَصْلِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَدَمِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ الِاعْتِبَارُ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ إلَى السَّوْمِ. بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ إلَخْ النَّبَاتُ يَكُونُ مَصْدَرًا وَيَكُونُ اسْمًا لِلنَّابِتِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَيَنْقَسِمُ إلَى شَجَرٍ، وَهُوَ مَا لَهُ سَاقٌ وَإِلَى نَجْمٍ وَهُوَ مَا لَا سَاقَ لَهُ   [حاشية عميرة] [بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ] ِ إلَخْ النَّبَاتُ يَكُونُ مَصْدَرًا وَيَكُونُ اسْمًا لِلنَّابِتِ؛ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَيَنْقَسِمُ إلَى شَجَرٍ؛ وَهُوَ مَا لَهُ سَاقٌ وَإِلَى نَجْمٍ وَهُوَ مَا لَا سَاقَ لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 أَيْ النَّابِتُ مِنْ شَجَرٍ وَزَرْعٍ (تُخْتَصَرُ بِالْقُوتِ وَهُوَ مِنْ الثِّمَارِ الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ وَمِنْ الْحَبِّ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالْأَرُزُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ فِي أَشْهَرِ اللُّغَاتِ. (وَالْعَدَسُ وَسَائِرُ الْمُقْتَات اخْتِيَارًا) كَالذُّرَةِ وَالْحِمَّصِ وَالْبَاقِلَاءِ وَالدُّخْنِ وَالْجُلْبَانِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي ذَلِكَ لِوُرُودِهَا فِي بَعْضِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ. وَأُلْحِقَ بِهِ الْبَاقِي وَلَا تَجِبُ فِي السِّمْسِمِ وَالتِّبْنِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالرُّمَّانِ وَالتُّفَّاحِ وَنَحْوِهَا قَوْلًا وَاحِدًا. (وَفِي الْقَدِيمِ تَجِبُ فِي الزَّيْتُونِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ) بِسُكُونِ الرَّاءِ وَهُوَ شَبِيهٌ بِالزَّعْفَرَانِ. (وَالْقُرْطُمِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَالطَّاءِ وَضَمِّهِمَا (وَالْعَسَلِ) مِنْ النَّحْلِ، رُوِيَ الْأَوَّلُ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَا بَعْدَهُ خَلَا الزَّعْفَرَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ فِي الْقَدِيمِ، وَقِيسَ فِيهِ الزَّعْفَرَانُ عَلَى الْوَرْسِ وَاحْتَرَزُوا بِقَيْدِ الِاخْتِيَارِ عَمَّا يُقْتَاتُ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ كَحَبَّيْ الْحَنْظَلِ وَالْغَاسُولِ. وَمِنْ الْأَحَادِيثِ مَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ، وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا» . وَمَا رَوَى الْحَاكِمُ وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ وَلِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُمَا إلَى الْيَمَنِ: «لَا تَأْخُذَا الصَّدَقَةَ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ» . وَهَذَا الْحَصْرُ إضَافِيٌّ لِمَا رَوَى الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالسَّيْلُ وَالْبَعْلُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ   [حاشية قليوبي] وَشَجَرِهِ قَوْلُهُ: (أَيْ النَّابِتُ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ إرَادَةِ الْمَصْدَرِ. قَوْلُهُ: (مِنْ شَجَرٍ وَزَرْعٍ) دَفَعَ بِهِ إرَادَةَ اسْمِ الْمَصْدَرِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ النَّابِتَ فِي الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ وَهِيَ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً، ثُمَّ تَعَوَّضَهَا الْإِمَامُ مِنْ الْغَانِمِينَ وَوَقَفَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَضَرَبَ لَهَا خَرَاجًا مَعْلُومًا كَأَرْضِ مِصْرَ أَوْ فُتِحَتْ صُلْحًا بِشَرْطِ كَوْنِهَا لَنَا، وَأَسْكَنَهَا الْكُفَّارَ بِخَرَاجٍ وَهُوَ أُجْرَةٌ لَا تَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ، وَكُلُّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَخْذِ خَرَاجِهِ فَهُوَ جَائِزٌ سَوَاءٌ عَلِمَ صِحَّةَ أَخْذِهِ أَوْ لَا، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِحَقٍّ، كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ وَضْعِ الْأَيْدِي جَوَازُ الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَوْ أَخَذَ الْإِمَامُ الْخَرَاجَ بَدَلًا عَنْ الْعُشْرِ كَانَ كَأَخْذِ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ فَلَا يُجْزِئُ إلَّا إنْ كَانَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ فَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ حِينَئِذٍ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ قَدْرِ الْوَاجِبِ نَعَمْ لَا زَكَاةَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى الْمَسَاجِدِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْجِهَاتِ الْعَامَّةِ، وَلَا فِي النَّخِيلِ الْمُبَاحَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّةِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (وَالشَّعِيرُ) هُوَ: بِفَتْحِ الشِّينِ، وَيُقَالُ: بِكَسْرِهَا. قَوْلُهُ: (أَشْهَرِ اللُّغَاتِ) لِأَنَّهَا سَبْعُ لُغَاتٍ. قَوْلُهُ: (كَالذُّرَةِ) بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُخَفَّفَةِ، وَالدُّخْنُ الْمَذْكُورُ نَوْعٌ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَالْحِمَّصِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَكْسُورَةً أَوْ مَفْتُوحَةً، وَآخِرُهُ صَادٌ مُهْمَلَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْبَاقِلَاءِ) وَهُوَ الْفُولُ وَيُرْسَمُ آخِرُهُ بِالْأَلِفِ، فَتُخَفَّفُ اللَّامُ وَيُمَدُّ وَقَدْ يُقْصَرُ، وَبِالْيَاءِ فَتُشَدَّدُ اللَّامُ وَيُقْصَرُ. قَوْلُهُ: (وَالْجُلْبَانِ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَمِنْهُ الْمَاشُّ بِالْمُعْجَمَةِ آخِرُهُ. قَوْلُهُ: (فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي ذَلِكَ) أَيْ سَوَاءٌ زُرِعَ قَصْدًا أَمْ نَبَتَ اتِّفَاقًا وَفَارَقَ السَّائِمَةَ لِأَنَّ لَهَا اخْتِيَارًا، نَعَمْ لَوْ حَمَلَ السَّيْلُ مَثَلًا بَذْرًا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَنَبَتَ فِي دَارِنَا لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهُ. قَوْلُهُ: (السِّمْسِمِ) هُوَ بِكَسْرِ السِّينَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَالزَّعْفَرَانِ) وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرٍ كَالْبَاذِنْجَانِ عَنْ أَصْلٍ كَالْبَصَلِ. قَوْلُهُ: (وَالْوَرْسِ) وَهُوَ شَبِيهٌ بِالزَّعْفَرَانِ مِنْ حَيْثُ اللَّوْنِ وَالصَّبْغِ بِهِ نَعَمْ فِيهِ نَوْعٌ أَسْوَدُ، وَهُوَ يُخْرَجُ مِنْ ثَمَرٍ كَالسِّمْسِمِ عَنْ أَصْلٍ كَالْقُطْنِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَرْسِ الْكُرْكُمَ كَمَا قِيلَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ النَّحْلِ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا. وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (وَالْغَاسُولِ) وَكَذَا التُّرْمُسُ وَالْحُلْبَةُ. قَوْلُهُ: (كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ) جَعَلَهُ أَصْلًا لِلْعِنَبِ لِأَنَّ خَرْصَهُ كَانَ عِنْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ، وَالْعِنَبُ كَانَ بَعْدَهُ عِنْدَ فَتْحِ الطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ قَوْلُهُ: (إضَافِيٌّ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِأَهْلِ الْيَمَنِ خَاصَّةً. قَوْلُهُ: (وَالْبَعْلِ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَا لِأَنَّهُ مِمَّا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] كَالزَّرْعِ. قَالَ تَعَالَى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: 6] قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْقُوتِ) هُوَ مَا بِهِ يَعِيشُ الْبَدَنُ غَالِبًا فَيُخْرِجُ مَا يُؤْكَلُ تَنَعُّمًا أَوْ تَدَاوِيًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالشَّعِيرُ) يَجُوزُ فِيهِ الْكَسْرُ. قَوْلُهُ: (وَالدُّخْنِ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: الدُّخْنُ نَوْعٌ مِنْ الذُّرَةِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ شَبِيهٌ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ ثَمَرُ شَجَرٍ يُخْرِجُ شَيْئًا كَالزَّعْفَرَانِ يُصْبَغُ بِهِ فِي الْيَمَنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْعَسَلِ) أَيْ سَوَاءٌ أُخِذَ مِنْ نَحْلٍ مَمْلُوكٍ، أَمْ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمُبَاحَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ الْقَدِيمِ أَيْضًا الْوُجُوبُ فِي التُّرْمُسِ، وَحَبِّ الْفُجْلِ وَالْعُصْفُرِ. قَوْلُهُ: (كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ) قِيلَ: جَعَلَهُ أَصْلًا لِلْعِنَبِ، لِأَنَّ الْخَرْصَ فِيهِ كَانَ سَابِقًا لَمَّا افْتَتَحَ خَيْبَرَ بِخِلَافِ الْعِنَبِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا حَصَلَ فِي فَتْحِ الطَّائِفِ سِتَّةَ ثَمَانٍ. قَوْلُهُ: (إضَافِيٌّ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِأَهْلِ الْيَمَنِ خَاصَّةً، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ، يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُخَصِّصًا لِلْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ فَيَحْتَاجُ فِي إثْبَاتِ الزَّكَاةِ فِي الْأَرُزِّ، وَسَائِرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 نِصْفُ الْعُشْرِ» . وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي التَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ. فَأَمَّا الْقِثَّاءُ وَالْبِطِّيخُ وَالرُّمَّانُ وَالْقَضْبُ فَعَفْوٌ، عَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقَضْبُ بِسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ الرَّطْبَةُ بِسُكُونِ الطَّاءِ (وَنِصَابُهُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ) فَلَا زَكَاةَ فِي أَقَلَّ مِنْهَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ» . (وَهِيَ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيَّةٍ) لِأَنَّ الْوَسْقَ سِتُّونَ صَاعًا، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ وَقُدِّرَتْ بِهِ لِأَنَّهُ الرِّطْلُ الشَّرْعِيُّ قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ. (وَبِالدِّمَشْقِيِّ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا وَثُلُثَانِ) لِأَنَّ الرِّطْلَ الدِّمَشْقِيَّ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَالرِّطْلُ الْبَغْدَادِيُّ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فِيمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ، فَتُضْرَبُ فِي أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ تَبْلُغُ مِائَتَيْ أَلْفٍ وَثَمَانِيَةَ آلَافٍ، وَيُقْسَمُ ذَلِكَ عَلَى سِتِّمِائَةٍ يَخْرُجُ بِالْقِسْمَةِ مَا ذُكِرَ. (قُلْت الْأَصَحُّ ثَلَاثُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ وَسِتَّةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ. وَقِيلَ: بِلَا أَسْبَاعٍ وَقِيلَ: ثَلَاثُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بَيَانُهُ أَنْ تَضْرِبَ مَا سَقَطَ مِنْ كُلِّ رِطْلٍ وَهُوَ دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ فِي أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ تَبْلُغُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةَ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، يَسْقُطُ ذَلِكَ مِنْ مَبْلَغِ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ، فَيَكُونُ الزَّائِدُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ بِالْقِسْمَةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَهِيَ أَيْ الْخَمْسَةُ أَوْسُقٍ بِالْمَنِّ الصَّغِيرِ ثَمَانُمِائَةٍ وَبِالْكَبِيرِ الَّذِي وَزْنُهُ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ ثَلَاثُمِائَةِ مَنٍّ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ مَنًّا وَثُلُثَا مَنٍّ، وَلِمُسَاوَاةِ هَذَا الْمَنِّ لِلرِّطْلِ الدِّمَشْقِيِّ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِهِ. وَالْمَنُّ الصَّغِيرُ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: رِطْلَانِ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الرِّطْلَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ. وَهَذَا النِّصَابُ تَحْدِيدٌ، وَقِيلَ: تَقْرِيبٌ فَيُحْتَمَلُ نَقْصُ الْقَلِيلِ كَالرِّطْلِ وَالرِّطْلَيْنِ وَالِاعْتِبَارُ فِيهِ بِالْكَيْلِ، وَقِيلَ: بِالْوَزْنِ وَقَالَ فِي الْعِدَّةِ بِالتَّحْدِيدِ فِي الْكَيْلِ، وَبِالتَّقْرِيبِ فِي الْوَزْنِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِهِ لِلِاسْتِظْهَارِ، وَيُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْقَدِيمِ عَلَى الْمَذْهَبِ إلَّا الزَّعْفَرَانُ وَالْوَرْسُ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنْ لَا يَحْصُلَ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمَا قَدْرُ النِّصَابِ، فَيَجِبُ فِي الْقَلِيلِ مِنْهُمَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَالِاعْتِبَارُ فِي الْعَسَلِ بِالْوَزْنِ كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ (وَيُعْتَبَرُ) فِي قَدْرِ النِّصَابِ غَيْرُ الْحَبِّ (تَمْرًا وَزَبِيبًا إنْ تَتَمَّرَ أَوْ تَزَبَّبَ وَإِلَّا فَرُطَبًا وَعِنَبًا) وَتُخْرَجُ الزَّكَاةُ مِنْهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ فِي التَّنْبِيهِ. (وَالْحَبُّ   [حاشية قليوبي] الرَّطْبَةُ) هُوَ الْبِرْسِيمُ الْمَعْرُوفُ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ. قَوْلُهُ: (أَوْسُقٍ) جَمْعُ وَسْقٍ مِنْ وَسَقَ أَيْ جَمَعَ لِجَمْعِهِ الصِّيعَانَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْوَسْقَ سِتُّونَ صَاعًا) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: بِالْإِجْمَاعِ فَجَعَلْتهَا ثَلَاثَمِائَةِ صَاعٍ، وَأَوْجَبَهَا أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْقَلِيلِ كَالْكَثِيرِ. قَوْلُهُ: (وَبِالْكَبِيرِ) أَيْ الْمَنِّ الْكَبِيرِ الَّذِي هُوَ قَدْرُ الرِّطْلِ الدِّمَشْقِيِّ الَّذِي وَزْنُهُ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَالصَّغِيرُ رِطْلَانِ كَمَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (وَالِاعْتِبَارُ فِيهِ بِالْكَيْلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِالْمِصْرِيِّ سِتَّةُ أَرَادِبَ وَرُبْعُ إرْدَبٍّ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ فِي أَنَّهُ خَمْسَةُ أَرَادِبَ وَنِصْفٌ وَثُلُثُ إرْدَبٍّ فَهِيَ سِتُّمِائَةِ قَدَحٍ عَلَى قَوْلِ الْقَمُولِيِّ. الْمُعْتَمَدُ وَخَمْسُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَدَحًا عَلَى الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بِالْوَزْنِ) وَهُوَ بِالرِّطْلِ الْمِصْرِيِّ أَلْفُ رِطْلٍ وَأَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَنِصْفٌ وَثُلُثُ أُوقِيَّةٍ وَسُبْعَا دِرْهَمٍ عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي رِطْلِ بَغْدَادَ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَجَفَّفْ أَصْلًا أَوْ يَتَجَفَّفُ رَدِيئًا أَوْ كَانَ يَطُولُ زَمَنُ جَفَافِهِ، أَوْ اُحْتِيجَ لِقَطْعِهِ لِنَحْوِ   [حاشية عميرة] الْمُقْتَاتِ إلَى دَلِيلٍ قَالَ: وَقَدْ يُكْتَفَى بِكَوْنِهَا فِي مَعْنَى الْأَرْبَعَةِ عِنْدَ مَنْ يَجُوزُ الْقِيَاسُ عَلَى الْعَدَدِ الْمَحْصُورِ اهـ. أَقُولُ: كَيْفَ الْقِيَاسُ مَعَ كَوْنِ الْحَدِيثِ مُفِيدًا لِلنَّهْيِ عَنْ الْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ بِدَلَالَةِ الْمَنْطُوقِ، وَالْمَنْطُوقُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنِصَابُهُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ إلَخْ) خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَأَوْجَبَهَا فِي الْقَلِيلِ كَالْكَثِيرِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْوَسْقَ إلَخْ) إيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ الْخَمْسَةَ أَوْسُقٍ ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ كُلُّ صَاعٍ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ، يُضْرَبُ فِي ثَلَاثِمِائَةِ صَاعٍ يَخْرُجُ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ. قَوْلُهُ: (مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: هُوَ الَّذِي يَقْوَى فِي النَّفْسِ صِحَّتُهُ بِحَسَبِ التَّجْرِبَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ بِلَا أَسْبَاعٍ) قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: هُوَ الْأَقْيَسُ لِأَنَّ الْأُوقِيَّةَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَأَرْبَعَةُ دَوَانِقَ أَيْ أَسْدَاسٍ وَهِيَ ثُلُثَا دِرْهَمٍ. قَوْلُهُ: (تَسْقُطُ ذَلِكَ مِنْ مَبْلَغِ الضَّرْبِ) الْبَاقِي بَعْدَ هَذَا الْإِسْقَاطِ مِائَتَا أَلْفٍ، وَخَمْسَةُ آلَافٍ وَسَبْعُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَسُبْعَا دِرْهَمٍ. وَقَوْلُهُ: تَسْقُطُ ذَلِكَ إلَخْ أَسْهَلُ مِنْهُ، وَأَقْرَبُ أَنْ تَقُولَ أَلْفَا دِرْهَمٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 مُصَفًّى مِنْ تِبْنِهِ) بِخِلَافِ مَا يُؤْكَلُ قِشْرُهُ مَعَهُ كَالذُّرَةِ فَيَدْخُلُ فِي الْحِسَابِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُزَالُ تَنَعُّمًا كَمَا تُقَشَّرُ الْحِنْطَةُ (وَمَا اُدُّخِرَ فِي قِشْرِهِ) وَلَمْ يُؤْكَلْ مَعَهُ (كَالْأَرُزِّ وَالْعَلَسِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ. وَسَيَأْتِي أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْحِنْطَةِ. (فَعَشَرَةُ أَوْسُقٍ) نِصَابُهُ اعْتِبَارًا لِقِشْرِهِ الَّذِي ادِّخَارُهُ فِيهِ أَصْلَحُ لَهُ وَأَبْقَى بِالنِّصْفِ. وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ الْأَرُزَّ قَدْ يُخْرَجُ مِنْهُ الثُّلُثُ فَيُعْتَبَرُ مَا يَكُونُ صَافِيهِ نِصَابًا وَيُؤْخَذُ وَاجِبُهُمَا فِي قِشْرِهِ. (وَلَا يَكْمُلُ) فِي النِّصَابِ (جِنْسٌ بِجِنْسٍ) فَلَا يُضَمُّ التَّمْرُ إلَى الزَّبِيبِ وَلَا الْحِنْطَةُ إلَى الشَّعِيرِ. (وَيُضَمُّ النَّوْعُ إلَى النَّوْعِ) كَأَنْوَاعِ التَّمْرِ وَأَنْوَاعِ الزَّبِيبِ وَغَيْرِهِمَا (وَيُخْرَجُ مِنْ كُلٍّ بِقِسْطِهِ فَإِنْ عَسُرَ) لِكَثْرَةِ الْأَنْوَاعِ وَقِلَّةِ مِقْدَارِ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا (أَخْرَجَ الْوَسَطَ) مِنْهَا لَا أَعْلَاهَا وَلَا أَدْنَاهَا رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ، وَلَوْ تَكَلَّفَ وَأَخْرَجَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِقِسْطِهِ جَازَ. وَقِيلَ يَجِبُ ذَلِكَ وَقِيلَ يَجِبُ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْغَالِبِ وَيُجْعَلُ غَيْرُهُ تَبَعًا لَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ. (وَيُضَمُّ الْعَلَسُ إلَى الْحِنْطَةِ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهَا) وَهُوَ قُوتُ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ قَوْلُهُ: (وَالسُّلْتُ) بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ (جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ) فَلَا يُضَمُّ إلَى غَيْرِهِ. (وَقِيلَ: شَعِيرٌ) فَيُضَمُّ إلَيْهِ (وَقِيلَ: حِنْطَةٌ) فَيُضَمُّ إلَيْهَا وَهُوَ حَبٌّ يُشْبِهُ الْحِنْطَةَ فِي اللَّوْنِ وَالنُّعُومَةِ وَالشَّعِيرَ فِي بُرُودَةِ الطَّبْعِ. وَقِيلَ: إنَّهُ فِي صُورَةِ الشَّعِيرِ وَطَبْعُهُ حَارٌّ كَالْحِنْطَةِ فَأُلْحِقَ بِهَا فِي وَجْهٍ وَبِهِ فِي آخِرِ الشَّبَهَيْنِ وَالْأَوَّلُ قَالَ اكْتَسَبَ مِنْ تَرَكُّبِ الشَّبَهَيْنِ طَبْعًا انْفَرَدَ بِهِ وَصَارَ أَصْلًا بِرَأْسِهِ. (وَلَا يُضَمُّ ثَمَرُ عَامٍ وَزَرْعُهُ إلَى) ثَمَرِ وَزَرْعِ عَامٍ (آخَرَ) فِي إكْمَالِ النِّصَابِ وَإِنْ فُرِضَ إطْلَاعُ ثَمَرَةِ الْعَامِ الثَّانِي قَبْلَ جِدَادِ ثَمَرِ الْأَوَّلِ. (وَيُضَمُّ ثَمَرُ الْعَامِ بَعْضُهُ   [حاشية قليوبي] عَطَشٍ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ رَطْبًا وَعِنَبًا، وَيَجِبُ اسْتِئْذَانُ الْعَامِلِ فِي قَطْعِهِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِذْنُ وَيُعَزَّرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ. وَلَوْ اكْتَفَى بِقَطْعِ الْبَعْضِ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ وَيُضَمُّ غَيْرُ الْمُتَجَفِّفِ إلَيْهِ فِي النِّصَابِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ. قَوْلُهُ: (كَالذُّرَةِ) وَمِثْلُهُ قِشْرُ الْبَاقِلَاءِ الْأَسْفَلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيَدْخُلُ فِي الْحِسَابِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا الْقُشُورُ السُّفْلَى مِنْ الْقَمْحِ وَالْأَرُزِّ وَالْعَلَسِ وَنَحْوِهَا دُونَ الْعُلْيَا مِنْ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَالْأَرُزِّ وَالْعَلَسِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ إذْ لَيْسَ ثَمَّ غَيْرُهُمَا. قَوْلُهُ: (عَشْرَةُ أَوْسُقٍ) أَيْ غَالِبًا فَلَوْ وَجَدَ النِّصَابَ مِمَّا دُونَهَا أَوْ فَوْقَهَا اُعْتُبِرَ. قَوْلُهُ: (وَيُخْرِجُ مِنْ كُلٍّ بِقِسْطِهِ) أَيْ جَوَازًا فَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ نَوْعِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ نَوْعٍ مِنْهَا أَعْلَى جَازَ، كَمَا فِي الْعُبَابِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (أَخْرَجَ الْوَسَطَ) أَيْ جَوَازًا وَيَجُوزُ مِنْ الْأَعْلَى كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (جَازَ) بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ. قَوْلُهُ (وَيُضَمُّ الْعَلَسُ إلَى الْحِنْطَةِ) وَهُوَ قُوتُ صَنْعَاءَ الْيَمَنِ وَيَكُونُ فِي الْكِمَامِ الْوَاحِدُ حَبَّتَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالسُّلْتُ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِشَعِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا ذَكَرَهُ: وَإِنْ سُمِّيَ بِذَلِكَ وَانْظُرْ الطَّبْعَ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ مَا هُوَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُضَمُّ إلَخْ) وَكَذَا لَا يُضَمُّ ثَمَرُ نَخْلٍ أَوْ كَرْمٍ يَحْمِلُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ بَلْ كُلُّ مَرَّةٍ كَثَمَرِ عَامٍ، وَفَارَقَ مَا لَوْ حَصَلَ سُنْبُلُ الذُّرَةِ مَرَّتَيْنِ حَيْثُ يُضَمُّ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ يُرَادُ لِلدَّوَامِ، فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيُضَمُّ ثَمَرُ الْعَامِ   [حاشية عميرة] وَمِائَتَا دِرْهَمٍ ثَلَاثَةُ أَرْطَالٍ، وَثُلُثَا رِطْلٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعٍ، هِيَ سُبْعُ رِطْلٍ تَسْقُطُ ذَلِكَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ وَثُلُثَيْنِ، يَصِيرُ الْبَاقِي ثَلَاثُمِائَةٍ وَاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ رِطْلًا وَسِتَّةَ أَسْبَاعِ رِطْلٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (ثَمَانُمِائَةٍ مِنْ) أَيْ فَكُلٌّ مِنْ صَغِيرٍ رِطْلَانِ بِالْبَغْدَادِيِّ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الدَّقَائِقِ. قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ فِي قَدْرِ النِّصَابِ إلَخْ) هَذَا دَلِيلُهُ حَدِيثِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ السَّابِقِ رَأْسَ الصَّفْحَةِ. وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَرُطَبًا وَعِنَبًا لَا يُقَالُ هَذَا فِي مَعْنَى الْخَضْرَاوَاتِ، لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلِادِّخَارِ، لِأَنَّا نَقُولُ الْغَالِبُ فِي جِنْسِهِ الصَّلَاحِيَّةُ فَأُلْحِقَ النَّادِرُ بِالْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (قَدْ يُخْرَجُ مِنْهُ الثُّلُثُ) أَيْ قِشْرًا فَفِي شَرْحِ السُّبْكِيّ، هَذَا مَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَبَيَّنَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ فَقَالَ: لَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى يَكُونَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ مُقَشَّرًا، أَوْ سَبْعَةُ أَوْسُقٍ وَنِصْفًا غَيْرَ مُقَشَّرٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُضَمُّ التَّمْرُ إلَى الزَّبِيبِ) هُوَ بِالْإِجْمَاعِ وَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَاقِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُخْرَجُ مِنْ كُلٍّ بِقِسْطِهِ) لِانْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ الْمَوَاشِي، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ نَوْعًا مِنْهَا مَعَ مُرَاعَاةِ قِيمَةِ الْأَنْوَاعِ، وَلَا يُكَلَّفُ بَعْضًا مِنْ كُلٍّ لِلْمَشَقَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَكَلَّفَ إلَخْ) هُوَ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَإِنْ عَسُرَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجِبُ الْإِخْرَاجُ إلَخْ) مُقَابِلُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ، وَيُخْرِجُ مِنْ كُلٍّ بِقِسْطِهِ. قَوْلُهُ: (قُوتُ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: يَكُونُ مِنْهُ فِي الْكِمَامِ الْوَاحِدِ حَبَّتَانِ وَثَلَاثٌ، وَلَا يَزُولُ كِمَامُهُ إلَّا بِالرَّحَى الْخَفِيفَةِ أَوْ الْمِهْرَاسِ وَبَقَاؤُهُ فِيهِ أَصْلَحُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُضَمُّ ثَمَرُ عَامٍ إلَخْ) هُوَ بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُضَمُّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ لُطْفِهِ بِعَبِيدِهِ قَدْ أَجْرَى عَادَتَهُ، بِأَنَّ إدْرَاكَ الثِّمَارِ لَا يَكُونُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، بَلْ النَّخْلَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُدْرِكُ دَفْعَةً وَاحِدَةً إطَالَةً لِزَمَنِ التَّفَكُّهِ، وَنَفْعِ الْعِبَادِ، فَلَوْ اُعْتُبِرَ التَّسَاوِي فِي الْإِدْرَاكِ لَمْ يُتَصَوَّرْ وُجُوبُ الزَّكَاةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 إلَى بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ إدْرَاكُهُ) لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ أَوْ بِلَادِهِ حَرَارَةً وَبُرُودَةً كَنَجْدٍ وَتِهَامَةَ فَتِهَامَةُ حَارَّةٌ يَسْرُعُ إدْرَاكُ الثَّمَرِ بِهَا بِخِلَافِ نَجْدٍ لِبَرْدِهَا. (وَقِيلَ إنْ أَطْلَعَ الثَّانِي بَعْدَ جِدَادِ الْأَوَّلِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ فِي الصَّحِيحِ أَيْ قَطْعِهِ. (لَمْ يُضَمَّ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ ثَمَرَ عَامَيْنِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَطْلَعَ قَبْلَ جِدَادِ الْأَوَّلِ وَبَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا فِي التَّهْذِيبِ لَا يُضَمُّ وَعَلَيْهِ أَيْضًا يُقَامُ وَقْتَ الْجِدَادِ مَقَامَ الْجِدَادِ فِي أَفْقَهْ الْوَجْهَيْنِ، وَلَوْ أَطْلَعَ الثَّانِي قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِ الْأَوَّلِ ضُمَّ إلَيْهِ جَزْمًا (وَزَرْعَا الْعَامِ يُضَمَّانِ) وَذَلِكَ كَالذُّرَةِ تُزْرَعُ فِي الْخَرِيفِ وَالرَّبِيعِ وَالصَّيْفِ. (وَالْأَظْهَرُ) فِي الضَّمِّ (اعْتِبَارُ وُقُوعِ حَصَادَيْهِمَا فِي سَنَةٍ) وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ الْأَوَّلُ: خَارِجًا عَنْهَا، فَإِنْ وَقَعَ حَصَادُ الثَّانِي بَعْدَهَا فَلَا ضَمَّ لِأَنَّ الْحَصَادَ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَعِنْدَهُ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ وَالثَّانِي: الِاعْتِبَارُ بِوُقُوعِ الزَّرْعَيْنِ فِي سَنَةٍ وَإِنْ كَانَ حَصَادُ الثَّانِي خَارِجًا عَنْهَا لِأَنَّ الزَّرْعَ هُوَ الْأَصْلُ وَالْحَصَادُ فَرْعُهُ وَثَمَرَتُهُ، وَالثَّالِثُ: الِاعْتِبَارُ بِوُقُوعِ الزَّرْعَيْنِ وَالْحَصَادَيْنِ فِي سَنَةٍ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ يُعَدَّانِ زَرْعَ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الزَّرْعُ الْأَوَّلُ أَوْ حَصَادُ الثَّانِي خَارِجًا عَنْهَا وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا عَرَبِيَّةً. وَالرَّابِعُ: الِاعْتِبَارُ بِوُقُوعِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ الزَّرْعَيْنِ أَوْ الْحَصَادَيْنِ فِي سَنَةٍ وَفِي قَوْلٍ: إنَّ مَا زُرِعَ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ فِي الْعَامِ لَا يُضَمُّ إلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالضَّمِّ فِيمَا لَوْ وَقَعَ الزَّرْعُ الثَّانِي بَعْدَ اشْتِدَادِ حَبِّ الْأَوَّلِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ وَلَوْ وَقَعَ الزَّرْعَانِ مَعًا أَوْ عَلَى التَّوَاصُلِ الْمُعْتَادِ ثُمَّ أَدْرَكَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ بَقْلٌ لَمْ يَشْتَدَّ حَبُّهُ فَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ فِيهِ بِالضَّمِّ، وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ. فَرْعٌ: لَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي أَنَّهُ زَرْعُ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ صُدِّقَ الْمَالِكُ فِي قَوْلِهِ عَامَيْنِ، فَإِنْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي حَلَّفَهُ اسْتِحْبَابًا لِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ لَيْسَ مُخَالِفًا لِلظَّاهِرِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَوَاجِبٌ مَا شَرِبَ بِالْمَطَرِ أَوْ عُرُوقُهُ لِقُرْبِهِ مِنْ الْمَاءِ) وَهُوَ الْبَعْلُ (مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ الْعُشْرُ) وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ مَا شَرِبَ مِنْ مَاءٍ يَنْصَبُّ إلَيْهِ مِنْ جَبَلٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ كَبِيرَةٍ (وَ) وَاجِبُ (مَا سُقِيَ بِنَضْحٍ) بِأَنْ سُقِيَ مِنْ مَاءِ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ بِبَعِيرٍ أَوْ بَقَرَةٍ يُسَمَّى نَاضِحًا (أَوْ دُولَابٍ) أَوْ دَالِيَةٍ وَهِيَ مَا تُدِيرُهُ   [حاشية قليوبي] إلَخْ ضَائِعٌ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وُقُوعُ حَصَادَيْهِمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْمُرَادُ دَخَلَ وَقْتُ الْحَصَادِ لَا وُجُودُهُ بِالْفِعْلِ. وَالْمُعْتَمَدُ فِي الثِّمَارِ اعْتِبَارُ وَقْتِ الِاطِّلَاعِ لَا الْجِدَادِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَصَادِ وَالِاطِّلَاعِ لَيْسَ بِاخْتِيَارِ الْمَالِكِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ كَوْنُ الزَّرْعِ وَاقِعًا مِنْ الْمَالِكِ وَلَا بِقَصْدِهِ. تَنْبِيهٌ: اعْتِبَارُ الِاطِّلَاعِ فِي الْعَامِ وَعَدَمِهِ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ مُطْلَقًا حَيْثُ تَعَدَّدَ الِاطِّلَاعُ كَمَا مَرَّ. قَالَ فِي الْعُبَابِ وَالرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَوْ تَوَاصَلَ بَذْرُ الزَّرْعِ بِأَنْ امْتَدَّ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ مُتَلَاحِقًا عَادَةً فَذَلِكَ زَرْعٌ وَاحِدٌ وَإِنْ تَفَاضَلَ بِأَنْ اخْتَلَفَتْ أَوْقَاتُهُ عَادَةً ضَمُّ مَا حَصَلَ حَصَادُهُ فِي عَامٍ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ. انْتَهَى. قَوْلُهُ: (أَوْ دُولَابٍ) هُوَ فَارِسِيٌّ   [حاشية عميرة] ثُمَّ إنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَنَّ مَا بَيْنَ اطِّلَاعِ النَّخْلَةِ إلَى بُدُوِّ صَلَاحِهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ وَالْمُرَادُ بِالْعَامِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ اهـ. أَقُولُ: إذَا كَانَ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْعَامِ فَكَيْفَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَغَيْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ؟ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَثْمَرَتْ النَّخْلَةُ فِي الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ. فَإِنْ قَالُوا: الْمُرَادُ مَرَّتَيْنِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَيْضًا الْوَجْهُ الْآتِي ظَاهِرٌ أَوْ صَرِيحٌ فِي خِلَافِ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. قَوْلُهُ: (كَنَجْدٍ وَتِهَامَةَ) مِثْلُ الْأَوَّلِ إسْكَنْدَرِيَّةُ وَالشَّامُ، وَمِثْلُ الثَّانِي صَعِيدُ مِصْرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وُقُوعِ حَصَادَيْهِمَا فِي سَنَةٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَ حَصَادَيْهِمَا أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا اهـ. أَقُولُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَوَانُ الْحَصَادِ كَالْحَصَادِ. قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ فُرِضَ عَدَمُ الْحَصَادَيْنِ فِي سَنَةٍ، وَيَكُونُ مَحَلُّ اعْتِبَارِ الْحَصَادَيْنِ فِي سَنَةٍ غَيْرَ هَذَا. قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَرْعٌ. وَإِنْ تَوَاصَلَ بَذْرُ الزَّرْعِ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ مَثَلًا، مُتَلَاحِقًا عَادَةً فَذَاكَ زَرْعٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ تَفَاصَلَ وَاخْتَلَفَتْ أَوْقَاتُهُ عَادَةً ضُمَّ مَا حَصَلَ حَصَادُهُ فِي سَنَةٍ. قَوْلُهُ: (وَوَاجِبٌ مَا سُقِيَ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِنَضْحٍ) النَّضْحُ هُوَ السَّقْيُ مِنْ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ بِحَيَوَانٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ دُولَابٍ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَيُسَمَّى أَيْضًا الْمَنْجَنُونُ وَالدَّالِيَةُ، كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَقِيلَ: الدَّالِيَةُ هِيَ الْبَكَرَةُ، وَقِيلَ: جِذْعٌ قَصِيرٌ يُدَاسُ أَحَدُ طَرَفَيْهِ، فَيَرْفَعُ الْآخَرُ الْمَاءَ، وَسُمِّيَتْ دَالِيَةً لِأَنَّهَا تُدْلَى إلَى الْمَاءِ لِتُخْرِجَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 الْبَقَرَةُ، أَوْ نَاعُورَةٍ وَهِيَ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ (أَوْ بِمَاءٍ اشْتَرَاهُ) وَفِي مَعْنَاهُ الْمَغْصُوبُ لِوُجُوبِ ضَمَانِهِ وَالْمَوْهُوبُ لِعَظَمِ الْمِنَّةِ فِيهِ (نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ الْعُشْرِ وَالْفَرْقُ ثِقَلُ الْمُؤْنَةِ فِي هَذَا وَخِفَّتُهَا فِي الْأَوَّلِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عُشْرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» . وَحَدِيثُ مُسْلِمٍ: «فِيمَا سَقَتْ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ» . وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُد: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي أَوْ النَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» . وَالْعَثَرِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ مَا سُقِيَ بِمَاءِ السَّيْلِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْغَيْمُ الْمَطَرُ وَالسَّانِيَةُ وَالنَّاضِحُ اسْمٌ لِلْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ الَّذِي يُسْقَى عَلَيْهِ مِنْ الْبِئْرِ أَوْ النَّهْرِ وَالْأُنْثَى نَاضِحَةٌ. (وَالْقَنَوَاتُ كَالْمَطَرِ عَلَى الصَّحِيحِ) فَفِي الْمَسْقِيِّ بِمَا يَجْرِي فِيهَا مِنْ النَّهْرِ الْعُشْرُ. وَقِيلَ: نِصْفُهُ لِكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ فِيهَا وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ ذَلِكَ (وَ) وَاجِبُ (مَا سُقِيَ بِهِمَا) أَيْ بِالنَّوْعَيْنِ كَالنَّضْحِ وَالْمَطَرِ سَوَاءٌ (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ) أَيْ الْعُشْرِ عَمَلًا بِوَاجِبِ النَّوْعَيْنِ (فَإِنْ غُلِبَ أَحَدُهُمَا فَفِي قَوْلٍ يُعْتَبَرُ هُوَ) فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الْمَطَرَ فَالْوَاجِبُ الْعُشْرُ أَوْ النَّضْحَ فَنِصْفُ الْعُشْرِ (وَالْأَظْهَرُ بِقِسْطٍ) وَالْغَلَبَةُ وَالتَّقْسِيطُ (بِاعْتِبَارِ عَيْشِ الزَّرْعِ) أَوْ الثَّمَرِ (وَنَمَائِهِ وَقِيلَ: بَعْدَهُ السَّقِيَّاتِ) وَالْمُرَادُ النَّافِعَةُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَيُعَبَّرُ عَنْ الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ يَوْمِ الزَّرْعِ إلَى يَوْمِ الْإِدْرَاكِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَاحْتَاجَ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ زَمَنَ الشِّتَاءِ وَالرَّبِيعِ إلَى سَقِيَّتَيْنِ، فَسُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَفِي شَهْرَيْنِ مِنْ زَمَنِ الصَّيْفِ إلَى ثَلَاثِ سَقِيَّاتٍ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ فَإِنْ اعْتَبَرْنَا عَدَدَ السَّقِيَّاتِ فَعَلَى قَوْلِ التَّوْزِيعِ يَجِبُ خُمُسَا الْعُشْرِ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ نِصْفِ الْعُشْرِ، وَعَلَى قَوْلِ اعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ يَجِبُ نِصْفُ الْعُشْرِ لِأَنَّ عَدَدَ السَّقِيَّاتِ بِالنَّضْحِ أَكْثَرُ وَإِنْ اعْتَبَرْنَا الْمُدَّةَ فَعَلَى قَوْلِ التَّوْزِيعِ يَجِبُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَرُبْعُ نِصْفِ الْعُشْرِ، وَعَلَى قَوْلِ اعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ يَجِبُ الْعُشْرُ لِأَنَّ مُدَّةَ السَّقْيِ بِمَاءِ السَّمَاءِ أَطْوَلُ. وَلَوْ سُقِيَ الزَّرْعُ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَالنَّضْحِ وَجُهِلَ مِقْدَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَجَبَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ أَخْذًا بِالْأَسْوَأِ. أَوْ قِيلَ: نِصْفُ الْعُشْرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِي السَّقْيِ بِمَاءَيْنِ أَنَشَأَ الزَّرْعُ عَلَى قَصْدِ السَّقْيِ بِهِمَا أَمْ أَنْشَأَهُ قَاصِدًا السَّقْيَ بِأَحَدِهِمَا، ثُمَّ عَرَضَ السَّقْيُ بِالْآخَرِ. وَقِيلَ: فِي الْحَالِ الثَّانِي يُسْتَصْحَبُ حُكْمُ مَا قَصَدَهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي أَنَّهُ بِمَاذَا سُقِيَ صُدِّقَ الْمَالِكُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي حَلَّفَهُ وَهَذِهِ الْيَمِينُ مُسْتَحَبَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ زَرْعٌ مَسْقِيٌّ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَآخَرُ مَسْقِيٌّ بِالنَّضْحِ   [حاشية قليوبي] مُعَرَّبٌ. وَيُقَالُ لَهُ: الْمَنْجَنُونُ وَالدَّالِيَةُ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، فَعَطْفُ الدَّالِيَةِ بَعْدَهُ مُرَادِفٌ. وَقِيلَ: الدَّالِيَةُ الْبَكَرَةُ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَسُمِّيَتْ دَالِيَةً لِأَنَّهَا تُدَلَّى إلَى الْمَاءِ لِتُخْرِجَهُ مِنْ الْأَسْفَلِ إلَى الْأَعْلَى. وَالنَّاعُورَةُ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ وَمِنْ النَّاضِحِ الْآلَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِالشَّادُوفِ. قَوْلُهُ: (نِصْفَهُ) وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ كَالْعُشْرِ وَفَارَقَ النُّقُودَ بِدَوَامِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ النِّصْفُ كَمَا فِي الْمَعْلُوفَةِ لِكَثْرَةِ مُؤْنَةِ الْعَلَفِ غَالِبًا وَلِأَنَّ الْقُوتَ ضَرُورِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَالْقَنَوَاتُ كَالْمَطَرِ) وَمِثْلُهَا الْجُسُورُ الْمَعْرُوفَةُ، وَإِنْ احْتَاجَتْ لِلْإِصْلَاحِ كَثِيرًا. قَوْلُهُ: (عَيْشِ الزَّرْعِ) أَيْ مُدَّةَ بَقَائِهِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَخْذًا بِالْأَسْوَأِ) أَيْ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّحْكِيمُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ زِيَادَةِ أَحَدِهِمَا. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: وَجُهِلَ   [حاشية عميرة] فَائِدَةٌ: السَّيْحُ هُوَ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِسَبَبِ فَتْحِ مَكَان مِنْ النَّهْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا يُرِيدُهُ إلَخْ) كَأَنَّهُ عَلَى هَذَا يَرَى أَنَّ الدُّولَابَ مَا يُرِيدُهُ الشَّخْصُ عَلَى فَمِ الْبِئْرِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ إلَخْ) كَأَنَّهُ عَلَى هَذَا يَرَى أَنَّ الدُّولَابَ مَا يُدِيرُهُ الشَّخْصُ عَلَى فَمِ الْبِئْرِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالسَّانِيَةُ) يُقَالُ: سَنَتْ النَّاقَةُ وَكَذَا السَّحَابُ يَسْنُو إذَا سَقَتْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْقَنَوَاتُ كَالْمَطَرِ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا إنَّمَا تُحْفَرُ لِإِصْلَاحِ الْقَرْيَةِ، فَإِذَا تَهَيَّأَتْ وَصَلَ مَاءُ النَّهْرِ إلَيْهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْأُخْرَى بِخِلَافِ السَّقْيِ بِالنَّضْحِ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ: إنْ كَانَتْ تَنْهَارُ كَثِيرًا وَتَحْتَاجُ إلَى اسْتِحْدَاثِ حَفْرٍ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ فَنِصْفُ الْعُشْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سِوَى مُؤْنَةِ الْحَفْرِ الْأَوَّلِ، وَكَسَحَهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَالْعُشْرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَفِي قَوْلٍ يُعْتَبَرُ هُوَ وَالْأَظْهَرُ يُقَسَّطُ) قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: هُمَا كَالْقَوْلَيْنِ فِي تَنَوُّعِ الْمَاشِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُعَبَّرُ عَنْ الْأَوَّلِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْعَيْشَ هُوَ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ انْتِفَاعُ الزَّرْعِ بِالثَّلَاثِ فِي شَهْرَيْنِ، بِاعْتِبَارِ مَا حَصَلَ فِيهِ مِنْ النُّمُوِّ وَالزِّيَادَةِ مُسَاوِيًا لِمَا حَصَلَ فِي السَّنَةِ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ تَأْثِيرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يَجِبُ خُمُسَا الْعُشْرِ) جُمْلَةُ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الْعُشْرِ وَنِصْفُ خُمُسِهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَا يُشْتَرَطُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 وَلَمْ يَبْلُغْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا نِصَابًا ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ لِتَمَامِ النِّصَابِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْعُشْرُ فِي الْأَوَّلِ وَنِصْفُهُ فِي الْآخَرِ وَضُمَّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَى الزَّرْعِ فِي ذَلِكَ التَّمْرِ. (وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ فِيمَا تَقَدَّمَ (بِبُدُوِّ صَلَاحِ التَّمْرِ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ثَمَرَةٌ كَامِلَةٌ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بَلَحٌ وَحِصْرِمٌ. (وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ طَعَامٌ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بَقْلٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَمَامُ الِاشْتِدَادِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ تَمَامُ الصَّلَاحِ فِي التَّمْرِ وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي بَعْضِهِ كَبُدُوِّهِ فِي الْجَمِيعِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَاشْتِدَادُ بَعْضِ الْحَبِّ كَاشْتِدَادِ كُلِّهِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ قَوْلُهُ وَبُدُوُّ صَلَاحِ الثَّمَرِ ظُهُورُ مَبَادِئُ النُّضْجِ وَالْحَلَاوَةِ فِيمَا لَا يَتَلَوَّنُ، وَفِي غَيْرِهِ بِأَنْ يَأْخُذَ فِي الْحُمْرَةِ أَوْ السَّوَادِ. وَأُسْقِطَ قَوْلُ الْمُحَرَّرِ هُنَا تَفْرِيعًا عَلَى بُدُوِّ الصَّلَاحِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى أَوْ وَرِثَ نَخِيلًا مُثْمِرَةً وَبَدَا الصَّلَاحُ عِنْدَهُ كَانَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ لَا عَلَى مَنْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ عَنْهُ لِلْعِلْمِ بِتَفْرِيعِهِ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ بِمَا ذُكِرَ وُجُوبَ الْإِخْرَاجِ فِي الْحَالِ، بَلْ الْمُرَادُ انْعِقَادُ سَبَبِ وُجُوبِ إخْرَاجِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْحَبِّ الْمُصَفَّى عَنْ الصَّيْرُورَةِ كَذَلِكَ وَلَوْ أُخْرِجَ فِي الْحَالِ الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ مِمَّا يَتَتَمَّرُ وَيَتَزَبَّبُ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَلَوْ أَخَذَهُ السَّاعِي لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَمُؤْنَةُ جِدَادِ التَّمْرِ وَتَجْفِيفُهُ وَحَصَادُ الْحَبِّ وَتَصْفِيَتُهُ مِنْ خَالِصِ مَالِ الْمَالِكِ لَا يُحْسَبُ شَيْءٌ مِنْهَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ. (وَيُسَنُّ خَرْصُ الثَّمَرِ) الَّذِي تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ (إذَا بَدَا صَلَاحُهُ عَلَى مَالِكِهِ) لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَرْصِهِ فِي حَدِيثِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ الْمُتَقَدِّمِ أَوَّلَ الْبَابِ فَيَطُوفُ الْخَارِصُ بِكُلِّ نَخْلَةٍ وَيُقَدِّرُ مَا عَلَيْهَا رُطَبًا ثُمَّ تَمْرًا، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَعْضِ وَقِيَاسُ الْبَاقِي بِهِ وَإِنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ جَازَ أَنْ يُخْرَصَ الْجَمِيعُ رُطَبًا ثُمَّ تَمْرًا (وَالْمَشْهُورُ إدْخَالُ جَمِيعِهِ فِي الْخَرْصِ) وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ وَجَدِيدٍ يُتْرَكُ لِلْمَالِكِ ثَمَرُ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُهُ وَمُخْتَلِفُ ذَلِكَ بِقِلَّةِ عِيَالِهِ وَكَثْرَتِهِمْ وَيُقَاسُ بِالنَّخْلِ فِي ذَلِكَ كُلُّهُ الْكَرْمُ (وَأَنَّهُ يَكْفِي خَارِصٌ) وَاحِدٌ لِأَنَّ الْخَرْصَ يَنْشَأُ عَنْ اجْتِهَادٍ. وَفِي قَوْلٍ: لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ تَقْدِيرٌ لِلْمَالِ فَيُشْبِهُ التَّقْوِيمَ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ. (وَشَرْطُهُ) وَاحِدًا كَانَ أَوْ اثْنَيْنِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْخَرْصِ. (الْعَدَالَةُ) فِي الرِّوَايَةِ. (وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ   [حاشية قليوبي] مِقْدَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا لَوْ عُلِمَ كَثْرَةُ أَحَدِهِمَا وَجُهِلَتْ عَيْنُهُ، فَالْوَاجِبُ دُونَ الْعُشْرِ وَفَوْقَ نِصْفِهِ فَيَجِبُ إخْرَاجُ جُزْءٍ مُتَمَوَّلٍ زَائِدٍ عَلَى نِصْفِ الْعُشْرِ وَيُوقَفُ مَا زَادَ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ. قَوْلُهُ: (وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ إلَخْ) سَوَاءٌ تَأَخَّرَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا حَيْثُ اتَّحَدَ الْعَامُّ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْبُسْتَانِ الْوَاحِدِ، كَمَا بَحَثَهُ الْبُرُلُّسِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَحَرِّرْهُ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ: وَمُرَادُ الشَّارِحِ بِذِكْرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بُدُوِّ الصَّلَاحِ بُدُوُّهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ إذْ لَيْسَ هُنَا غَيْرَ مُتَلَوِّنٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (حَتَّى لَوْ اشْتَرَى) أَيْ شِرَاءً بِلَا خِيَارٍ أَوْ بِخِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ الْمَالِكُ لِلْمُشْتَرِي وَأَخَذَ السَّاعِي الزَّكَاةَ مِنْ الثَّمَرَةِ رَجَعَ عَلَيْهِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُمَا وَقَفَتْ، فَمَنْ تَمَّ لَهُ الْمِلْكُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ. وَتَعَلُّقُ الزَّكَاةِ عَيْبٌ حَادِثٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ قَهْرًا فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَلَهُ الرَّدُّ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَبَدَا صَلَاحُهَا قَبْلَهُ حَرُمَ الْقَطْعُ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِهَا. وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ نَحْوُ مُكَاتَبٍ وَبَدَا الصَّلَاحُ حِينَئِذٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَى أَحَدِ قَوْلِهِ: (لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ) أَيْ لِفَسَادِ الْقَبْضِ وَإِنْ تَتَمَّرَ أَوْ تَزَبَّبَ عِنْدَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ أَوْ بَدَلُهُ إنْ تَلِفَ، قَالَ شَيْخُنَا: وَلِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْوَاجِبُ وَلَا مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ إجْزَاءَ تِبْرٍ فِيهِ قَدْرَ الْوَاجِبِ وَإِجْزَاءَ زَرْعٍ فِي سُنْبُلِهِ أَعْطَاهُ الْمَالِكُ بِقَصْدِ الزَّكَاةِ لِنَحْوِ شَاعِرٍ أَوْ فَقِيرٍ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْوَاجِبِ، وَيَكُونُ نَحْوُ التِّبْنِ مُتَبَرِّعًا بِهِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ بَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (خَرْصُ) وَالْخَرْصُ هُوَ الْقَوْلُ بِغَيْرِ عِلْمٍ بَلْ بِالظَّنِّ وَالْحَزْرِ. قَوْلُهُ: (الثَّمَرِ) هُوَ بِالْمُثَلَّثَةِ الشَّامِلُ لِلْعِنَبِ وَالنَّخْلِ وَلَوْ مِنْ نَخِيلِ الْبَصْرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، سَوَاءٌ جَمَعَ أَنْوَاعَهُ أَوْ نَوْعًا مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بُدُوِّ صَلَاحِ بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ. قَوْلُهُ: (يَكْفِي   [حاشية عميرة] إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ وَيُشْتَرَطُ بُدُوُّ الِاشْتِدَادِ. قَوْلُهُ: (وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي بَعْضِهِ كَبُدُوِّهِ فِي الْجَمِيعِ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ إدْرَاكُ بَعْضِهَا جِدًّا بِسَبَبِ اخْتِلَافِ جِهَاتِ الْأَرْضِ، أَوْ أَنْوَاعِ الثِّمَارِ أَيْ إذَا كَانَ الضَّمُّ ثَابِتًا فِيهَا بِأَنْ يَكُونَ أَنْوَاعًا مِنْ الثِّمَارِ وَاحِدٌ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا مَانِعَ مِنْ الْقَوْلِ بِهِ، إلَّا أَنَّهُ هَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْبُسْتَانِ الْوَاحِدِ الظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ نَعَمْ. قَوْلُهُ: (وَفِي غَيْرِهِ بِأَنْ يَأْخُذَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الزَّكَاةَ فِي الثِّمَارِ خَاصَّةً بِالرُّطَبِ وَالْعِنَبِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا مِمَّا يَتَلَوَّنُ، وَلَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ عَلَى بُدُوِّ الصَّلَاحِ مِنْ حَيْثُ هُوَ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (خَرْصُ الثَّمَرِ) هُوَ فِي اللُّغَةِ الْقَوْلُ بِغَيْرِ عِلْمٍ بَلْ بِالظَّنِّ وَالْحَزْرِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: 10] وَفِي الِاصْطِلَاحِ الشَّرْعِيِّ حَزَرَ مَا يَجِيءُ عَلَى النَّخْلِ، أَوْ الْعِنَبِ تَمْرًا وَزَبِيبًا، وَالْمُرَادُ بِالثَّمَرِ فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ. قَوْلُهُ: (جَازَ أَنْ يُخْرَصَ إلَخْ) أَيْ يُخْرَصُ كُلُّ نَخْلَةٍ رُطَبًا ثُمَّ يُقَدَّرُ الْجَمِيعُ تَمْرًا هَذَا مُرَادُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 فَإِنْ اعْتَبَرْنَا اثْنَيْنِ جَازَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً، وَهَذَا مُقَابِلُ الْأَصَحِّ. (فَإِذَا خَرِصَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ حَقَّ الْفُقَرَاءِ يَنْقَطِعُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَرِ وَيَصِيرُ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ لِيُخْرِجَهُمَا بَعْدَ جَفَافِهِ وَيُشْتَرَطُ) فِي الِانْقِطَاعِ وَالصَّيْرُورَةِ الْمَذْكُورَيْنِ. (التَّصْرِيحُ) مِنْ الْخَارِصِ. (بِتَضْمِينِهِ) أَيْ حَقَّ الْفُقَرَاءِ لِلْمَالِكِ. (وَقَبُولُ الْمَالِكِ) التَّضْمِينَ. (عَلَى الْمَذْهَبِ) فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُ أَوْ ضَمِنَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ الْمَالِكُ بَقِيَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ عَلَى مَا كَانَ. (وَقِيلَ يَنْقَطِعُ) حَقُّهُمْ. (بِنَفْسِ الْخَرْصِ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَضْمِينِهِ مِنْ الْخَارِصِ بَلْ نَفْسُ الْخَرْصِ تَضْمِينٌ وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ. وَثَانِيهمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَضْمِينِ الْخَارِصِ وَعَلَى هَذَا قَالَ الْإِمَامُ: الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِ الْمَالِكِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّ حَقَّ الْفُقَرَاءِ لَا يَنْقَطِعُ عَنْ عَيْنِ التَّمْرِ بِخَرْصِهِ وَتَضْمِينُ الْخَارِصِ وَقَبُولُ الْمَالِكِ لَهُ لَغْوٌ، بَلْ يَبْقَى حَقُّهُمْ عَلَى مَا كَانَ. وَفَائِدَةُ الْخَرْصِ عَلَى هَذَا جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِي غَيْرِ قَدْرِ الزَّكَاةِ، وَيُسَمَّى هَذَا قَوْلَ الْعِبْرَةِ وَالْأَوَّلُ قَوْلَ التَّضْمِينِ وَعَلَيْهِ قَالَ: (فَإِذَا ضَمِنَ) أَيْ الْمَالِكُ. (جَازَ تَصَرُّفُهُ فِي جَمِيعِ الْمَخْرُوصِ بَيْعًا وَغَيْرَهُ) أَمَّا قَبْلَ الْخَرْصِ فَفِي التَّهْذِيبِ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا وَلَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ فَإِنْ لَمْ يَبْعَثْ الْحَاكِمُ خَارِصًا أَوْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ تَحَاكَمَ إلَى عَدْلَيْنِ يَخْرُصَانِ عَلَيْهِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْخَرْصِ فِي الْحَبِّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى قَدْرِهِ لِاسْتِتَارِهِ. (وَلَوْ ادَّعَى) الْمَالِكُ (هَلَاكَ الْمَخْرُوصِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ. (بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ أَوْ ظَاهِرِ   [حاشية قليوبي] خَارِصٌ وَاحِدٌ) وَلَوْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إنْ وُجِدَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ. قَوْلُهُ: (فِي الرِّوَايَةِ) قُيِّدَ بِهِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَا بَعْدَهُ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُهُ نَاطِقًا بَصِيرًا، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ السَّمَاعِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ اشْتِرَاطُهُ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْخَارِصِ) أَيْ إنْ فُوِّضَ إلَيْهِ التَّضْمِينُ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ السَّاعِي وَإِلَّا فَهُمَا الْمُعْتَبَرَانِ. قَوْلُهُ: (وَقَبُولُ الْمَالِكِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَوْرًا وَلَوْ بِنَائِبِهِ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ. قَوْلُهُ: (أَوْ ضَمَّنَهُ فَلَمْ يُقْبَلْ) وَكَذَا لَوْ قَبِلَ وَهُوَ مُعْسِرٌ أَوْ تَبَيَّنَ إعْسَارُهُ لِفَسَادِ التَّضْمِينِ حِينَئِذٍ، وَالتَّضْمِينُ أَنْ يَقُولَ: ضَمَّنْتُك إيَّاهُ بِكَذَا، أَوْ: خُذْهُ بِكَذَا تَمْرًا أَوْ: أَقْرَضْتُك نَصِيبَ الْفُقَرَاءِ مِنْ الرُّطَبِ بِمَا يَجِيءُ مِنْهُ مِنْ التَّمْرِ، وَلَوْ تَلِفَ بِغَيْرِ إتْلَافِهِ بَعْدَ التَّضْمِينِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْخَرْصِ ضَمِنَ حِصَّةَ الْفُقَرَاءِ رُطَبًا بِقِيمَتِهَا لَا بِمِثْلِهَا، وَفَارَقَ الْمَاشِيَةَ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهَا أَنْفَعُ بِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَلَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ كَمَا يَأْتِي، وَمِثْلُهُ الزَّرْعُ بَعْدَ اشْتِدَادِهِ، هَذَا مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَفِي ابْنِ شُهْبَةَ جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَبْعَثْ الْحَاكِمُ خَارِصًا أَوْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ تَحَاكَمَ إلَى عَدْلَيْنِ   [حاشية عميرة] قَطْعًا كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِمُرَاجَعَةِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الرِّوَايَةِ) إنَّمَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ لِقَوْلِ الْمَتْنِ بَعْدُ وَكَذَا إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَبُولُ الْمَالِكِ) وَالظَّاهِرُ اشْتِرَاطُ الْفَوْرِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ إلَخْ) أَخَّرَهُ هُنَا لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَيُشْتَرَطُ إلَخْ، مُفَرَّعٌ عَلَى الْأَظْهَرِ خَاصَّةً، وَتَوْجِيهُ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ أَنَّ الْخَرْصَ ظَنٌّ، وَتَخْمِينٌ وَتَوْجِيهٌ مُقَابِلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذِهِ مُعَاوَضَةٌ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، لِأَنَّ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مُمْتَنِعٌ وَلَكِنْ شُرِعَتْ لِلضَّرُورَةِ، فَلَوْ اُشْتُرِطَ اللَّفْظُ لِتَأْكِيدِ شَبَهِ الْبَيْعِ وَتَوَسَّطَ الْإِمَامُ فَشَرَطَ التَّضَمُّنَ دُونَ الْقَبُولِ. قَالَ الْبَغَوِيّ: وَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ ضَمَّنْتُك نَصِيبَ الْفُقَرَاءِ مِنْ الرُّطَبِ، بِمَا يَجِيءُ مِنْهُ مِنْ التَّمْرِ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَبْقَى إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْخَرْصَ ظَنٌّ وَتَخْمِينٌ فَلَا يَكْفِي فِي نَقْلِ حَقِّهِمْ إلَى ذِمَّةِ الْمَالِكِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى التَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ حَقَّ الْفُقَرَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ، فَكَيْفَ يَنْقَطِعُ حَقُّهُمْ مِنْ الْعَيْنِ، وَيَنْتَقِلُ إلَيْهَا وَهُوَ كَانَ فِيهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِذَا ضَمِنَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ جَعَلْنَاهُ عِبْرَةً نَفَذَ التَّصَرُّفُ فِيمَا عَدَا مِقْدَارَ الزَّكَاةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَيْعِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ قُبَيْلَ الصِّيَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَالِكُ الثَّمَرَ قَبْلَ الْخَرْصِ ضَمِنَ حِصَّةَ الْفُقَرَاءِ رُطَبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي جَمِيعِ الْمَخْرُوصِ بَيْعًا) ظَاهِرُ هَذَا وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَفِيهِ نَظَرٌ. ثُمَّ هَذَا لَيْسَ كَغَيْرِهِ مِنْ الضَّمَانِ إذْ لَوْ تَلِفَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا قَبْلَ الْخَرْصِ) أَيْ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا حَقَّ لِلْفُقَرَاءِ فِيهِ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ كَيْفَ شَاءَ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الزَّرْعَ لَا خَرْصَ فِيهِ، وَحَيْثُ اشْتَدَّ الْحَبُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى الْمَالِكِ الْأَكْلُ وَالتَّصَرُّفُ، وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي اجْتِنَابُ الْفَرِيكِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْفُولِ حَيْثُ عُلِمَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ الزَّرْعِ. قَوْلُهُ: (وَلَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ إلَخْ) مُعَيَّنٌ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ وَأَمَّا التَّصَرُّفُ فِيمَا عَدَا قَدْرَ الزَّكَاةِ شَائِعًا، فَإِنَّهُ نَافِدٌ وَكَذَا جَائِزٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 عُرْفٍ) كَالْبَرْدِ وَالنَّهْبِ وَالْجَرَادِ وَنُزُولِ الْعَسْكَرِ وَاتُّهِمَ فِي الْهَلَاكِ بِهِ. (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِي ذَلِكَ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ (فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الظَّاهِرُ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) بِوُقُوعِهِ. (عَلَى الصَّحِيحِ) لِإِمْكَانِهَا. (ثُمَّ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الْهَلَاكِ بِهِ) وَالثَّانِي يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ شَرْعًا وَالْيَمِينُ فِيمَا ذُكِرَ مُسْتَحَبَّةٌ. وَقِيلَ: وَاجِبَةٌ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى دَعْوَى الْهَلَاكِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قَبُولُهُ مَعَ الْيَمِينِ حَمْلًا عَلَى وَجْهٍ يُغْنِي عَنْ الْبَيِّنَةِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَوْ قَالَ: هَلَكَ بِحَرِيقٍ وَقَعَ فِي الْجَرِينِ وَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الْجَرِينِ حَرِيقٌ لَمْ يُبَالَ بِكَلَامِهِ. (وَلَوْ ادَّعَى حَيْفَ الْخَارِصِ) فِيمَا خَرْصَهُ. (أَوْ غَلَطَهُ) فِيهِ (بِمَا يَبْعُدُ لَمْ يُقْبَلْ) وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْأُولَى لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ كَمَا لَوْ ادَّعَى مَيْلَ الْحَاكِمِ أَوْ كَذَّبَ الشَّاهِدَ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَفِي الثَّانِيَةِ لَمْ يُقْبَلْ فِي حَطِّ جَمِيعِهِ وَفِي حَطِّ الْمُحْتَمَلِ مِنْهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يُقْبَلُ. (أَوْ بِمُحْتَمَلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ. (قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ صَادِقٌ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ إنْ كَانَ فَوْقَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ فِي مِائَةٍ قُبِلَ، فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ أَيْ اسْتِحْبَابًا، وَقِيلَ: وُجُوبًا. كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَإِنْ كَانَ قَدْرُ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ أَيْ كَوَسْقٍ فِي مِائَةٍ وَادَّعَاهُ بَعْدَ الْكَيْلَيْنِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُحَطُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ النَّفْسَ وَقَعَ فِي الْكَيْلِ وَلَوْ كِيلَ ثَانِيًا لَوُفِّيَ وَالثَّانِي يُحَطُّ لِأَنَّ الْكَيْلَ يَقِينٌ وَالْخَرْصَ تَخْمِينٌ فَالْإِحَالَةُ عَلَيْهِ أَوْلَى وَزَادَ قُلْت: هَذَا أَقْوَى. وَصَحَّحَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْأَوَّلَ وَكَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ الرَّافِعِيِّ، وَأَصَحُّهُمَا بَدَلٌ وَالثَّانِي وَيُوَافِقُهُ تَصْحِيحُ الْمُحَرَّرِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ تَصْوِيرُ الْإِمَامِ الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ فَوَاتِ عَيْنِ الْمَخْرُوصِ أَيْ فَإِنْ بَقِيَ أُعِيدَ كَيْلُهُ وَعُمِلَ، وَلَوْ ادَّعَى غَلَطَ الْخَارِصِ وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرًا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ. بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَضْرُوبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ. (نِصَابُ الْفِضَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَالذَّهَبُ عِشْرُونَ مِثْقَالًا بِوَزْنِ مَكَّةَ   [حاشية قليوبي] يُخْرَصَانِ عَلَيْهِ) وَانْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا التَّحَاكُمِ وَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَضْمِينٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ؟ قَوْلُهُ: (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ وُجُوبًا قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ مَعَ أَنَّ الْيَمِينَ مُسْتَحَبَّةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (غَلَطَهُ) ذُكِرَ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَالَةِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي اللُّغَةِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ غَلِطَ فِي كَلَامِهِ وَغَلَتَ بِالْمُثَنَّاةِ فِي الْحِسَابِ، فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُخَالِفٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (الْمُحْتَمَلِ) وَهُوَ الَّذِي لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ قَبْلُ، وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ غَلَطًا بَلْ قَالَ: وَجَدْته هَكَذَا صُدِّقَ إذْ لَا تَكْذِيبَ مَعَ احْتِمَالِ التَّلَفِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا يُقْبَلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (قِيلَ فِي الْأَصَحِّ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ الْآتِي فِي الشَّارِحِ. بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ   [حاشية عميرة] فِيمَا يَظْهَرُ وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُ هَذَا فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَاتُّهِمَ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الَّذِي عُرِفَ هُوَ وَعُمُومُهُ، لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ التَّصْرِيحُ بِالْحَلِفِ هُنَا، فَاسْتُشْكِلَ عَلَى نَظِيرِهِ مَعَ الْوَدِيعَةِ وَاَلَّذِي سَلَكَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُخَلَّصٌ مِنْ الْإِشْكَالِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُمُومِ الْكَثْرَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ غَلَطَهُ) تَقُولُ الْعَرَبِ: غَلِطَ فِي مَنْطِقِهِ وَغَلَتَ فِي الْحِسَابِ أَيْ بِالتَّاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْكَيْلَ يَقِينٌ وَالْخَرْصُ تَخْمِينٌ، وَالْمَالِكُ أَمِينٌ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ، ثُمَّ بِالنَّظَرِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إلَخْ. تَعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْقَدْرُ الَّذِي يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ، قَوْلُهُ: (هُوَ صَادِقٌ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمِنْهَاجِ، مِنْ حَيْثُ إنَّ عِبَارَتَهُ تَقْتَضِي جَرَيَانَ خِلَافٍ فِي الْقَدْرِ، لِلزَّائِدِ عَلَى مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ مَعَ أَنَّهُ يَقْبَلُ جَزْمًا. قَوْلُهُ: (وَزَادَ قُلْت إلَخْ) يُرْجَعُ لِقَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ. بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ إلَخْ [بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ] النَّقْدُ فِي اللُّغَةِ الْإِعْطَاءُ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمُعْطَى مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى الْمَفْعُولِ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ أُطْلِقَ عَلَى مَا يُقَابِلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 وَزَكَاتُهُمَا رُبْعُ عُشْرٍ) فِي النِّصَابِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ، وَلَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ وَأَوَاقٍ كَجَوَارٍ وَإِذَا نُطِقَ بِيَائِهِ تُشَدَّدُ وَتُخَفَّفُ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ فِي كِتَابِهِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ فِي زَكَاةِ الْحَيَوَانِ، «وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» وَالرِّقَّةُ وَالْوَرِقُ الْفِضَّةُ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ الْوَاوِ، وَالْأُوقِيَّةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالنُّصُوصِ الْمَشْهُورَةِ وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا شَيْءٌ، وَفِي عِشْرِينَ نِصْفُ دِينَارٍ» . وَقَوْلُهُ: بِوَزْنِ مَكَّةَ اسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِحَدِيثِ «الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ وَزْنُ مَكَّةَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَالدِّرْهَمُ سِتَّةُ دَوَانِقَ وَالْمِثْقَالُ دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ فَكُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ، وَلَوْ نَقَصَ عَنْ النِّصَابِ حَبَّةً أَوْ بَعْضَهَا فَلَا زَكَاةَ وَإِنْ رَاجَ رَوَاجَ التَّامِّ، وَلَوْ نَقَصَ فِي مِيزَانٍ وَتَمَّ فِي آخَرَ فَالصَّحِيحُ لَا زَكَاةَ، وَلَا يَكْمُلُ نِصَابُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ. (وَلَا شَيْءَ فِي الْمَغْشُوشِ) مِنْهُمَا (حَتَّى يَبْلُغَ خَالِصُهُ نِصَابًا) فَإِذَا بَلَغَهُ أَخْرَجَ الْوَاجِبَ خَالِصًا مِنْ الْمَغْشُوشِ مَا يَعْلَمُ اشْتِمَالَهُ عَلَى خَالِصٍ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ (وَلَوْ اخْتَلَطَ إنَاءٌ مِنْهُمَا) بِأَنْ أُذِيبَا مَعًا وَصِيغَ مِنْهُمَا الْإِنَاءُ (وَجَهِلَ أَكْثَرَهُمَا زَكَّى الْأَكْثَرَ ذَهَبًا وَفِضَّةً) فَإِذَا كَانَ وَزْنُهُ أَلْفًا مِنْ أَحَدِهِمَا سِتُّمِائَةٍ وَمِنْ الْآخَرِ أَرْبَعُمِائَةٍ زَكَّى سِتَّمِائَةٍ ذَهَبًا وَسِتَّمِائَةٍ فِضَّةً (أَوْ مَيَّزَ)   [حاشية قليوبي] هُوَ مَصْدَرٌ مَعْنَاهُ لُغَةً الْإِعْطَاءُ حَالًا، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى النُّقُودِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا قَابَلَ الْعَرْضَ وَالدَّيْنَ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمُضْرَبِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (رُبْعُ عُشْرٍ) وَهُوَ نِصْفُ مِثْقَالٍ فَيُدْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ مِثْقَالًا كَامِلًا، وَيَصِيرُ شَرِيكًا لَهُمْ فِيهِ، ثُمَّ يَبِيعُونَهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَيَقْسِمُونَ ثَمَنَهُ، أَوْ يَبِيعُهُمْ الْمُزَكِّي النِّصْفَ الَّذِي لَهُ أَوْ يَشْتَرِي نِصْفَهُمْ مِنْهُمْ وَإِنْ كُرِهَ لِلشَّخْصِ شِرَاءُ صَدَقَتِهِ وَلَوْ مَنْدُوبَةً لِلضَّرُورَةِ، وَحِصَّتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَمَانَةٌ مَعَهُمْ. قَوْلُهُ: (وَالدِّرْهَمُ سِتَّةُ دَوَانِقَ) وَهُوَ نِصْفُ مَجْمُوعِ الدِّرْهَمِ الطَّبَرِيِّ الَّذِي هُوَ أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ، وَالْبَغْلِيُّ الَّذِي هُوَ ثَمَانِيَةُ دَوَانِقَ لِأَنَّهُمْ جُمُوعُهَا ثُمَّ قَسَمُوهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ كَانَتْ كُلُّهَا طَبَرِيَّةً لَنَقَصَ النِّصَابُ أَوْ بَغْلِيَّةً لَزَادَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَجِبُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الدِّرْهَمَ كَانَ كَذَلِكَ، أَيْ سِتَّةَ دَوَانِقَ فِي زَمَنِهِ وَزَمَنِ خُلَفَائِهِ، فَالْجَمْعُ وَالْقِسْمَةُ سَابِقَانِ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ الْجَمْعَ وَالْقِسْمَةَ كَانَا فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَوْ فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَعَلَيْهِ فَيُجَابُ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى مَا قَالَهُ الْفُقَهَاءُ، فَلَعَلَّ النِّصَابَ كَانَ مِائَةً مِنْ كُلٍّ مِنْ الدِّرْهَمَيْنِ أَوْ أَنَّهُمْ عَلِمُوا ذَلِكَ مِنْ فَحْوَى كَلَامِهِ فَتَأَمَّلْ. وَالدَّانَقُ ثَمَانُ حَبَّاتٍ وَخُمُسَا حَبَّةٍ وَالدِّرْهَمُ سِتَّةُ أَمْثَالِهِ وَهُوَ خَمْسُونَ حَبَّةً وَخُمُسَا حَبَّةٍ بِحَبِّ الشَّعِيرِ كَمَا يَأْتِي، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَدِرْهَمُ الْإِسْلَامِ الْمَشْهُورُ الْآنَ سِتَّةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ مِنْ قِيرَاطٍ بِقَرَارِيطِ الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (وَالْمِثْقَالُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمِقْدَارُهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ جَاهِلِيَّةً وَلَا إسْلَامًا وَهُوَ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ شَعِيرَةً مُعْتَدِلَةً قُطِعَ مِنْ طَرَفِهَا مَا دَقَّ وَطَالَ، وَنِصَابُ الذَّهَبِ الْأَشْرَفِيِّ الْقَايِتْبَاي خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَسُبْعَانِ وَتُسْعٌ وَيُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَقَصَ إلَخْ) أَيْ فَالنِّصَابُ تَحْدِيدٌ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَغْشُوشِ) وَيُكْرَهُ إمْسَاكُهُ وَيَحْرُمُ التَّعَامُلُ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ كَدَرَاهِمِ الْبَلَدِ، وَيُكْرَهُ الضَّرْبُ عَلَى سِكَّةِ الْإِمَامِ مَا لَمْ يَزِدْ غِشُّهُ وَإِلَّا حَرُمَ. قَوْلُهُ: (خَالِصًا) أَيْ وُجُوبًا فِي نَحْوِ وَلِيِّ مَحْجُورٍ، وَقَيَّدَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ السَّبْكِ دُونَ قِيمَةِ الْغِشِّ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا. وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْخَالِصُ هُوَ الْوَاجِبُ يَقِينًا أَوْ بِقَوْلِ خَبِيرَيْنِ، وَيُقْبَلُ عِلْمُ الْمَالِكِ بِيَمِينِهِ وَلَا يَكْفِي اجْتِهَادُهُ فِيهِ، وَيَقَعُ الْغِشُّ تَطَوُّعًا عَلِمَهُ أَوْ لَا، وَلَا يُجْزِئُ الرَّدِيءُ عَنْ الْجَيِّدِ وَلَا الْمُكَسِّرِ عَنْ الصَّحِيحِ وَيَفْسُدُ الْقَبْضُ وَيَجِبُ الرَّدُّ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا أَخْرَجَ قَدْرَ التَّفَاوُتِ وَيُعْرَفُ بِتَقْوِيمِ الْمُخْرَجِ بِالْآخَرِ صَحِيحًا وَمَعِيبًا وَفَارَقَ الثَّمَرَ فِيمَا مَرَّ لِاشْتِمَالِهِ هُنَا عَلَى عَيْنِ الْوَاجِبِ، وَيَكْمُلُ الْأَنْوَاعُ بِبَعْضِهَا وَيَخْرُجُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِقِسْطِهِ إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَالْوَسَطُ كَمَا مَرَّ فِي الْمُعَشَّرَاتِ. قَوْلُهُ: (زَكَّى الْأَكْثَرَ) فَيَقَعُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَاجِبِ تَطَوُّعًا وَهَذَا فِي غَيْرِ وَلِيٍّ نَحْوِ مَحْجُورٍ فَيَجِبُ فِيهِ التَّمْيِيزُ عَلَى مَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] الْعَرْضَ فَيَشْمَلُ غَيْرَ الْمَضْرُوبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَزَكَاتُهُمَا إلَخْ) قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: بِمَا أَفْتَيْت جَوَازُ إخْرَاجِ الذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ وَعَكْسُهُ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: هُوَ الِاخْتِيَارُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا لِلضَّرُورَةِ قَوْلُهُ: (وَالْأُوقِيَّةُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ وَكَانَتْ الْأُوقِيَّةُ فِي عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. قَوْلُهُ: (بِالنُّصُوصِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ ذِكْرَ الدِّرْهَمِ وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (وَالْمِثْقَالُ إلَخْ) هُوَ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ شَعِيرَةً مُعْتَدِلَةً، وَالدِّرْهَمُ خَمْسُونَ شَعِيرَةً وَخُمُسَا شَعِيرَةٍ، وَهُوَ سِتَّةُ دَوَانِقَ وَكُلُّ دَانَقٍ ثَمَانُ حَبَّاتٍ وَخُمُسَانِ، وَالْمِثْقَالُ لَمْ يَخْتَلِفْ قَدْرُهُ جَاهِلِيَّةً وَلَا إسْلَامًا بِخِلَافِ الدِّرْهَمِ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّدْرِ الْأَوَّلِ بِالدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ، وَهُوَ ثَمَانِيَةُ دَوَانِقَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 بَيْنَهُمَا بِالنَّارِ قَالَ فِي الْبَسِيطِ: وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِسَبْكِ قَدْرِ يَسِيرٍ إذَا تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ (وَيُزَكِّي الْمُحْرِمُ مِنْ حُلِيٍّ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ حُلِيٍّ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ (وَغَيْرِهِ) بِالْجَرِّ (لَا الْمُبَاحِ فِي الْأَظْهَرِ) الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ فِي النَّقْدِ لِجَوْهَرِهِ أَوْ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ، فَتَجِبُ فِي الْمُبَاحِ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (فَمِنْ الْمُحَرَّمِ الْإِنَاءُ) مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ لِعَيْنِهِ (وَالسِّوَارُ وَالْخَلْخَالُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ (لِلُبْسِ الرَّجُلِ) بِأَنْ يَقْصِدَهُ بِاتِّخَاذِهِمَا فَهُمَا مُحَرَّمَانِ بِالْقَصْدِ (فَلَوْ اتَّخَذَ سِوَارًا) مَثَلًا (بِلَا قَصْدٍ أَوْ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ فَلَا زَكَاةَ) فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ الْمُحَرَّمِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ فِي الْأُولَى إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ لُبْسُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ إلَى أَنَّهُ مُعَدٌّ لِلنَّمَاءِ، وَلَوْ اتَّخَذَهُ لِيُعِيرَهُ فَلَا زَكَاةَ جَزْمًا وَلَوْ قَصَدَ كَنْزَهُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ جَزْمًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَحَكَى الْإِمَامُ فِيهِ خِلَافًا. (وَكَذَا لَوْ انْكَسَرَ الْحُلِيُّ) لِمَنْ لَهُ لُبْسُهُ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ الِاسْتِعْمَالُ (وَقَصَدَ إصْلَاحَهُ) لَا زَكَاةَ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ لِدَوَامِ صُورَتِهِ وَقَصْدِ إصْلَاحِهِ. وَالثَّانِي فِي الزَّكَاةِ لِتَعَذُّرِ اسْتِعْمَالِهِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْإِصْلَاحَ بِأَنْ احْتَاجَ فِي اسْتِعْمَالِهِ إلَى سَبْكٍ وَصَوْغٍ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَأَوَّلُ الْحَوْلِ وَقْتُ الِانْكِسَارِ. وَكَذَا لَوْ قَبْلَ الْإِصْلَاحِ وَقَصَدَ كَنْزَهُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَوَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِالنَّارِ) وَيَجُوزُ بِالْمَاءِ كَأَنْ يَضَعَ فِيهِ أَلْفًا ذَهَبًا وَيَعْلَمُ ارْتِفَاعَهُ ثُمَّ فِضَّةً، وَيُعْلَمُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَضَعُ الْمَخْلُوطَ فَالْأَقْرَبُ إلَى إحْدَى الْعَلَامَتَيْنِ هُوَ الْأَكْثَرُ، وَهَذَا الطَّرِيقُ مُمْكِنٌ فِيمَا إذَا جَهِلَ فِيهِ وُزِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَفِي الْمَعْلُومِ طَرِيقٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَضَعَ فِي الْمَاءِ سِتَّمِائَةٍ ذَهَبًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ فِضَّةً، وَيَعْلَمُ ارْتِفَاعَهُ ثُمَّ يَعْكِسُ ذَلِكَ وَيَعْلَمُهُ ثُمَّ يَضَعُ الْمَخْلُوطَ فَأَيُّ الْعَلَامَتَيْنِ وَصَلَ إلَيْهَا فَالْأَكْثَرُ مِنْهُ. وَهَذَا أَضْبَطُ وَلَوْ تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ مَعَ الِاحْتِيَاطِ وَلَمْ يُؤَخَّرْ لِوُجُوبِ الْإِخْرَاجِ عَلَى الْفَوْرِ، وَيُغْتَفَرُ التَّأْخِيرُ لِوُجُودِ آلَةِ السَّبْكِ إذَا لَمْ تَتَعَذَّرْ، وَمُؤْنَةُ السَّبْكِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (بِالْجَرِّ) فَضَمِيرُهُ رَاجِعٌ لِلْحُلِيِّ دَفَعَ بِذَلِكَ إرَادَةَ الْمَكْرُوهِ اللَّازِمِ عَلَيْهَا الْقَطْعُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ مَعَ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، الْأَصَحُّ مِنْهُمَا الْوُجُوبُ. كَذَا قَالُوا، وَيُمْكِنُ دَفْعُ ذَلِكَ بِأَنْ يَقْرَأُ بِالرَّفْعِ وَيَرْجِعُ الْخِلَافُ بِقَوْلِهِ فِي الْأَظْهَرِ إلَيْهِ كَالْمُبَاحِ وَكَوْنُهُ فِيهِ تَغْلِيبُ الْأَظْهَرِ عَلَى الْأَصَحِّ أَقَلَّ إيهَامًا مِنْ دُخُولِ الْمَكْرُوهِ فِي الْمُبَاحِ لِمُقَابَلَتِهِ بِالْحَرَامِ أَوْ مِنْ سُكُوتِ الْمُصَنِّفِ عَنْ ذِكْرِهِ فَتَأَمَّلْ. وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ تَبِعَ الشَّارِحَ فَقَالَ: وَذِكْرُ الْمَكْرُوهِ مِنْ زِيَادَتِي. قَوْلُهُ: (لَا الْمُبَاحِ) أَيْ إنْ عَلِمَهُ، فَلَوْ وَرِثَ حُلِيًّا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى مَضَى حَوْلٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (الْإِنَاءُ) نَعَمْ لَوْ اشْتَرَاهُ لِيَجْعَلَهُ حُلِيًّا مُبَاحًا ثُمَّ احْتَاجَ إلَى اسْتِعْمَالِهِ فَحَبَسَهُ سَنَةً لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِنْ الْمُحَرَّمِ التَّصَاوِيرُ الَّتِي تَتَّخِذُهَا الْمَرْأَةُ، وَالْمُزَرْكَشُ فِي غَيْرِ لُبْسِهَا. قَوْلُهُ: (وَالسِّوَارُ إلَخْ) وَالْمُعْتَبَرُ فِي زَكَاةِ كُلِّ مُحَرَّمٍ لِعَيْنِهِ كَالْإِنَاءِ عَيْنُهُ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فَيُخْرِجُ رُبْعَ عُشْرِهِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ نَوْعِهِ أَوْ مِنْهُ بِكَسْرِهِ أَوْ مُشَاعًا وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُحَرَّمِ بِالْقَصْدِ كَمَا فِي زَكَاةِ الْحُلِيِّ لِنَحْوِ لُبْسٍ أَوْ كَنْزٍ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَعَيْنِهِ. كَذَا فِي الْعُبَابِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا. وَلَا يُكْسَرُ هُنَا لِأَنَّهُ ضَرَرٌ وَفِي تَسْلِيمِهِ لِلسَّاعِي أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ اتَّخَذَ) أَيْ الرَّجُلُ وَلَوْ حُكْمًا. قَوْلُهُ: (أَوْ بِقَصْدِ إجَارَتِهِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ قَصْدِ لُبْسِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَإِنْ قَصَدَ بِالْإِجَارَةِ التِّجَارَةَ إذْ لَا حُرْمَةَ حِينَئِذٍ فَعُلِمَ أَنَّ الْقَصْدَ يَتَغَيَّرُ مِنْ الْحُرْمَةِ لِلْإِبَاحَةِ وَعَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ لَهُ لُبْسُهُ) لَوْ قَالَ لِلَّذِي لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ كَنْزَهُ) أَيْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِانْكِسَارِهِ، فَلَوْ مَضَى حَوْلٌ بَعْدَ كَسْرِهِ وَقَبْلَ عِلْمِهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَفَارَقَ   [حاشية عميرة] وَالطَّبَرِيُّ، وَهُوَ نِصْفُهَا فَجُمِعَا وَقُسِمَا دِرْهَمَيْنِ. قِيلَ: فَعَلَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعَصْرِ عَلَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ، وَهُوَ مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الدَّرَاهِمَ وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ، فَكَيْفَ تَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَمِنْ الْمُحَرَّمِ) مِنْهُ أَيْضًا التَّصَاوِيرُ الَّتِي تَتَّخِذُهَا الْمَرْأَةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ اتَّخَذَ) إنْ جَعَلَ فَاعِلَ اتَّخَذَ ضَمِيرَ الرَّجُلِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهَا قَطْعًا، لِأَنَّ الْقَرِينَةَ تَصْرِفُهُ إلَى الِاسْتِعْمَالِ الْجَائِزِ وَإِنْ جَعَلَ فَاعِلَهُ الشَّخْصَ، أَفَادَ ثُبُوتَ الْخِلَافِ فِيهَا كَالرَّجُلِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ اهـ. أَقُولُ: بَلْ الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، لَا جَرَمَ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالرَّجُلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا زَكَاةَ فِي الْأَصَحِّ) عَلَّلَ ذَلِكَ فِي الْأُولَى بِأَنَّ الزَّكَاةَ، إنَّمَا تَجِبُ فِي الْمَالِ النَّامِي، وَالنَّقْدُ غَيْرُ نَامٍ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا الْتَحَقَ بِالنَّامِيَاتِ لِكَوْنِهِ مُهَيَّأً لِلْإِخْرَاجِ فِيمَا يَعُودُ نَفْعُهُ، وَبِالصِّيَاغَةِ بَطَلَ هَذَا التَّهَيُّؤُ. قَوْلُهُ: (وَأَوَّلُ الْحَوْلِ وَقْتُ الِانْكِسَارِ) هُوَ كَذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدُ. قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: (وَحَرُمَ عَلَى ذُكُورِهَا) وَقِيسَ عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 الْوُجُوبُ وَلَوْ كَانَ الِانْكِسَارُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِعْمَالَ فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ (يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ حُلِيُّ الذَّهَبِ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» . صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ (إلَّا الْأَنْفُ وَالْأُنْمُلَةُ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَالْهَمْزَةِ (وَالسِّنُّ) فَيَجُوزُ اتِّخَاذُهَا لِمَنْ قُطِعَ أَنْفُهُ أَوْ أُنْمُلَتُهُ أَوْ قُلِعَتْ سِنُّهُ (لَا الْأُصْبُعُ) فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «أَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ اسْمٌ لِمَاءٍ كَانَتْ الْوَقْعَةُ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَقِيسَ عَلَى الْأَنْفِ الْأُنْمُلَةُ وَالسِّنُّ وَتَجْوِيزُ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْلَى. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأُنْمُلَةِ وَالْأُصْبُعِ أَنَّهَا تَعْمَلُ بِخِلَافِ الْأُصْبُعِ وَالْيَدِ فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَجُوزُ (وَيَحْرُمُ سِنُّ الْخَاتَمِ) مِنْ ذَهَبٍ عَلَى الرَّجُلِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَقَالَ الْإِمَامُ لَا يَبْعُدُ تَشْبِيهُ الْقَلِيلِ مِنْهُ بِالضَّبَّةِ الصَّغِيرَةِ فِي الْإِنَاءِ وَعَبَّرَ بِتَطْوِيقِ الْخَاتَمِ بِأَسْنَانِهِ. وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْخَاتَمَ أَلْزَمَ الشَّخْصَ مِنْ الْإِنَاءِ وَاسْتِعْمَالُهُ أَدْوَمُ (وَيَحِلُّ لَهُ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَحِلْيَةُ آلَاتِ الْحَرْبِ كَالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ وَالْمِنْطَقَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالدِّرْعِ وَالْخُفِّ وَأَطْرَافِ السِّهَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَغِيظُ الْكُفَّارَ (لَا مَا لَا يَلْبَسُهُ كَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ) وَالرِّكَابِ وَالثُّفْرِ وَبُرَّةِ النَّاقَةِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَلْحَقُهُ بِالْأَوَّلِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ تَحْلِيَةُ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ بِالذَّهَبِ (وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ حِلْيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ) بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ، وَلَيْسَ لَهَا التَّشَبُّهُ بِهِمْ وَإِنْ جَازَ لَهَا الْمُحَارَبَةُ بِآلَةِ الْحَرْبِ فِي الْجُمْلَةِ (وَلَهَا لُبْسُ أَنْوَاعِ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) كَالطَّوْقِ وَالْخَتْمِ وَالسِّوَارِ وَالْخَلْخَالِ. وَكَذَا النَّعْلُ وَقِيلَ: لَا لِلسَّرَفِ   [حاشية قليوبي] هَذَا مَا مَرَّ بِدَوَامِ الْإِبَاحَةِ هُنَا بِخِلَافِ ذَاكَ لِابْتِدَاءِ مِلْكِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَرْجَحُهُمَا الْوُجُوبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ لَوْ قَصَدَ حِينَ عِلْمِهِ إصْلَاحَهُ فَلَا زَكَاةَ، فَالْمُعْتَبَرُ فِي غَيْرِ الِاتِّخَاذِ قَصْدُ الْمُبِيحِ وَفِيهِ عَدَمُ قَصْدِ الْمُحَرَّمِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ) وَمِثْلُهُ الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَالْأُنْمُلَةُ) لَامُهَا لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ مَا عَدَا الْأَسَافِلَ لِأَنَّهَا لَا تَعْمَلُ، وَلِذَلِكَ يَمْتَنِعُ الْكُلُّ فِي الْأُصْبُعِ الْأَشَلِّ، وَلَامُ السِّنِّ لِلْجِنْسِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لَا الْأُصْبُعُ) أَيْ لِلرَّجُلِ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَصَرِيحُ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (الْخَاتَمِ) فَيَجُوزُ لُبْسُهُ بَلْ يُسَنُّ وَكَوْنُهُ فِي خِنْصَرِ الْيَمِينِ أَفْضَلُ، وَلَهُ الْخَتْمُ بِهِ لَوْ نَقَشَ عَلَيْهِ اسْمَهُ مَثَلًا، وَلَا كَرَاهَةَ فِي نَقْشِهِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهِ، وَيُسَنُّ جَعْلُ فَصِّهِ دَاخِلَ الْكَفِّ وَالْعِبْرَةُ فِي قَدْرِهِ وَعَدَدِهِ وَمَحَلِّهِ بِعَادَةِ أَمْثَالِهِ فَفِي الْفَقِيهِ الْخِنْصَرُ وَحْدَهُ، وَفِي الْعَامِّيِّ نَحْوُ الْإِبْهَامِ مَعَهُ. وَخَرَجَ بِهِ الْخَتْمُ فَيَحْرُمُ وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ أَسْفَلُ، وَرَسُولُ سَطْرٌ أَوْسَطُ، وَاَللَّهِ سَطْرٌ أَعْلَى. وَمَتَى خَالَفَ عَادَةَ أَمْثَالِهِ كُرِهَ أَوْ حَرُمَ، وَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ فِيهِمَا، وَلَهُ اتِّخَاذُ خَوَاتِمَ مُتَعَدِّدَةٍ لِيَلْبَسَ كُلَّ بَعْضٍ مِنْهَا فِي وَقْتٍ، وَلَا زَكَاةَ فِيهَا حِينَئِذٍ فَإِنْ لَبِسَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ عَادَتِهِ أَوْ قَصَدَ ذَلِكَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ. وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ غَيْرِ الْفِضَّةِ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَحِلْيَةُ آلَاتِ الْحَرْبِ) تَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ الْفِضَّةِ فَقَطْ وَلَوْ غَيْرَ مُقَاتِلٍ. وَمِنْهَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ السِّهَامُ وَالدِّرْعُ وَالْخُفُّ. وَكَذَا الْخُوذَةُ وَالْبَيْضَةُ وَالْحَرْبَةُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالتَّحْلِيَةُ قِطَعٌ كَالصَّفَائِحِ تُسَمَّرُ عَلَى الْآلَاتِ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ، وَتَحِلُّ بِالنَّقْدِ الْمَضْرُوبِ إنْ جَعَلَ لَهَا عُرًى، وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ وَتَجِبُ زَكَاتُهَا وَتَحِلُّ بِالتَّمْوِيهِ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ حَصَلَ مِنْهَا شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ. قَوْلُهُ: (وَالْمِنْطَقَةِ) أَيْ تَحِلُّ لِلرَّجُلِ فَقَطْ. وَكَذَا تَحْلِيَةُ التَّاجِ لِلْمَرْأَةِ لَا لِلرَّجُلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفَارَقَ الْمِنْطَقَةَ لِأَنَّ فِيهَا تَنْشِيطًا وَتَقْوِيَةً لِلْبَدَنِ. نَعَمْ يُرَدُّ حِلُّ الْخُفِّ وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ تَحْلِيَةُ سِكِّينِ الْمِهْنَةِ وَالْمِقْلَمَةِ وَالْمِرْآةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالدَّوَاةِ وَالْمِقْرَاضِ. قَوْلُهُ: (كَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَالرِّكَابِ) وَبُرَّةِ الْبَعِيرِ وَاللَّبَبِ وَالْقِلَادَةِ وَتَعْبِيرُهُ بِالسَّرْجِ يُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْخَيْلِ، بِخِلَافِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فَيَحْرُمُ جَزْمًا، وَبِهِ صَرَّحَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ. قَوْلُهُ: (وَلَهَا لُبْسُ) أَيْ لَا افْتِرَاشُ وَلَا   [حاشية عميرة] الْفِضَّةُ قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ اتِّخَاذُهَا) يَجُوزُ أَيْضًا شَدُّهَا بِهِ إذَا تَحَرَّكَتْ ثُمَّ كُلُّ مَا جَازَ بِالذَّهَبِ، فَهُوَ بِالْفِضَّةِ أَجْوَزُ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (كَانَتْ الْوَاقِعَةُ عِنْدَهُ) يَعْنِي بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ قَالَ الشَّاعِرُ: إنَّ الْكِلَابَ مَاؤُنَا فَحَلُّوهُ قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ) أَشَارَ بِالْفَاءِ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُسْتَفَادٌ مِنْ التَّعْلِيلِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَسْأَلَةُ الْفِضَّةِ لَا تُؤْخَذُ مِنْ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِمَامُ) هُوَ مُقَابِلُ الصَّحِيحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحِلُّ لَهُ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَاتَمُ) بَلْ هُوَ سُنَّةٌ لِلرَّجُلِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي الْيَمِينِ وَأَنْ يُجْعَلَ فَصُّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) يُسْتَثْنَى الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ فَلَا يَجُوزُ تَحْلِيَةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا خِلَافٌ، لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلْقِتَالِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 (وَكَذَا مَا نُسِجَ بِهِمَا) لَهَا لُبْسُهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا لِمَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ الْمُبَالَغَةِ فِي السَّرَفِ) لِلْمَرْأَةِ (كَخَلْخَالٍ وَزْنُهُ مِائَتَا دِينَارٍ. وَكَذَا إسْرَافُهُ) أَيْ الرَّجُلِ (فِي آلَةِ الْحَرْبِ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ فِي الْأَصَحِّ (وَ) الْأَصَحُّ (جَوَازُ تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِفِضَّةٍ) لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ. (وَكَذَا لِلْمَرْأَةِ بِذَهَبٍ) لَا لِلرَّجُلِ. وَالثَّانِي الْجَوَازُ لَهُمَا وَالثَّالِثُ الْمَنْعُ لَهُمَا. وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيَةُ سَائِرِ الْكُتُبِ قَطْعًا (و َشَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ الْحَوْلُ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ: «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» (وَلَا زَكَاةَ فِي سَائِرِ الْجَوَاهِرِ كَاللُّؤْلُؤِ) وَالْيَاقُوتُ لِعَدَمِ وُرُودِهَا فِي ذَلِكَ. بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ   [حاشية قليوبي] غِطَاءٌ كَمَرْتَبَةٍ وَلِحَافٍ، كَمَا قَالَهُ الْقُونَوِيُّ فَيَحْرُمَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا النَّعْلُ) وَمِثْلُهُ التَّاجُ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَةِ أَمْثَالِهَا وَمِثْلُ الْمَرْأَةِ الصَّبِيُّ غَيْرُ الْبَالِغِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مَا نُسِخَ بِهِمَا) وَمِثْلُهُ الْمُزَرْكَشُ فَلَهَا لُبْسُهُ لَا افْتِرَاشُهُ وَلَا التَّدَثُّرُ بِهِ، وَيَجُوزُ لُبْسُ الْعَصَائِبِ الْمُرَصَّعَةِ بِالنَّقْدِ وَإِنْ كَثُرَتْ، وَلَا زَكَاةَ فِيهَا. وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا بِمَا لَهَا عُرًى، وَلَوْ مِنْ غَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْإِجَارَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، وَتَجِبُ زَكَاتُهَا كَمَا مَرَّ فِي التَّحْلِيَةِ بِهَا. قَوْلُهُ: (تَحْرِيمُ الْمُبَالَغَةِ) وَيُكْرَهُ السَّرَفُ فَلَا مُبَالَغَةَ قَالَهُ الْخَطِيبُ، وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بَلْ اسْتَوْجَهَ الْإِبَاحَةَ فِيهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِالْحُرْمَةِ كَالْمُبَالَغَةِ. وَلَوْ اتَّخَذَتْ حُلِيًّا مُتَعَدِّدًا فَفِيهِ مَا مَرَّ فِي الْخَاتَمِ. وَمَتَى حَرُمَ أَوْ كُرِهَ وَجَبَتْ زَكَاةُ الْجَمِيعِ لَا الْقَدْرُ الزَّائِدُ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَجَوَازُ تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِفِضَّةٍ) وَكَذَا كِتَابَتُهُ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا كَوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ جَوَازَ كِتَابَتِهِ بِالذَّهَبِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَقِيَاسُهُ أَنَّ التَّحْلِيَةَ كَذَلِكَ. وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُخَالِفُهُ فِي الرَّجُلِ بِالذَّهَبِ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ فَرَاجِعْ وَحَرِّرْ وَجِلْدُ الْمُصْحَفِ وَلَوْ مُنْفَصِلًا وَكِيسُهُ مِثْلُهُ، وَكَذَا اللَّوْحُ وَالْعَلَاقَةُ بِخِلَافِ الْكُرْسِيِّ، وَالتَّفْسِيرُ إنْ حَرُمَ مَسُّهُ فَكَالْمُصْحَفِ وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ. وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُصْحَفِ مَا حَرُمَ مَسُّهُ وَإِنَّ لَمْ يُسَمِّ مُصْحَفًا وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَيْضًا حُرْمَةُ تَحْلِيَةِ التَّمَائِمِ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ مَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لِلْمَرْأَةِ) وَمِثْلُهَا الصَّبِيُّ فَيَحِلُّ لَهُمَا تَحْلِيَةُ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ فَهَذَانِ وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ فِي مُقَابَلَةِ الْأَصَحِّ الْمُفَصَّلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (سَائِرُ الْكُتُبِ) أَيْ يَحْرُمُ تَحْلِيَتُهَا وَلَوْ لِلْمَرْأَةِ وَلَوْ بِالْفِضَّةِ، وَسَوَاءٌ كُتُبُ الْحَدِيثِ وَالْعِلْمِ، وَمِثْلُهَا الْكَعْبَةُ وَقَبْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَنْبِيَاءِ فَيَحْرُمُ تَحْلِيَتُهَا وَلَوْ تَمْوِيهًا، وَيَحْرُمُ تَزْيِينُهَا بِالْقَنَادِيلِ مِنْ النَّقْدِ وَيَبْطُلُ وَقْفُهَا إلَّا إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا كَالْوَقْفِ عَلَى تَزْوِيقِ الْمَسَاجِدِ. قَوْلُهُ: (الْحَوْلُ) وَلَا يَنْقَطِعُ بِقَرْضِهِ لِغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَفِي الْمَجْمُوعِ إنَّ الذَّهَبَ إذَا صَدِئَ لَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ، وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَلَى صَدَأٍ يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِعَرْضِهِ عَلَى النَّارِ كَالْمُمَوَّهِ بِنَحْوِ نُحَاسٍ. بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ [بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ] قَدَّمَ الْمَعْدِنَ لِثُبُوتِهِ فِي مَحَلِّهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِهَا اسْمٌ لِلْمَحَلِّ وَلِمَا يُخْرَجُ مِنْ عَدَنَ بِمَعْنَى أَقَامَ. وَقِيلَ الْأَوَّلُ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِلثَّانِي، وَجَمَعَ مَعَهُ الرِّكَازَ لِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي عَدَمِ الْحَوْلِ وَهُوَ مِنْ رَكَزَ بِمَعْنَى خَفِيَ أَوْ بِمَعْنَى غَرَزَ وَمَعَهُمَا التِّجَارَةُ لِاعْتِبَارِهَا   [حاشية عميرة] قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ وَنَبَّهَ الرَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْكَثِيرَ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَطَعُوا بِتَحْرِيمِ قِلَادَةِ الْفَرَسِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ الْمُبَالَغَةِ) عَلَّلَ مُقَابِلَهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحُلِيِّ الَّذِي لَا سَرَفَ فِيهِ إذَا تَعَدَّدَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي الْجَوَازُ لَهُمَا) عُلِّلَ بِالْإِكْرَامِ وَعُلِّلَ الْمَنْعُ لَهُمَا، بِأَنَّ الْخَبَرَ وَرَدَ بِذَمِّ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا وَالثَّانِي الْجَوَازُ لَهُمَا وَالثَّالِثُ الْمَنْعُ) يُقَابِلَانِ قَوْلَ الْمَتْنِ وَكَذَا لِلْمَرْأَةِ يَذْهَبُ قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيَةُ سَائِرِ الْكُتُبِ) أَيْ لَا لِلْمَرْأَةِ وَلَا لِلرَّجُلِ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَحْلِيَةِ الْمَرْأَةِ لِلْمُصْحَفِ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْإِكْرَامِ وَالتَّحَلِّي، إذْ لَوْ كَانَتْ لِلْإِكْرَامِ فَقَطْ لَجَازَ لِلرِّجَالِ أَوْ لِلتَّحَلِّيَةِ، لَجَازَ فِي الْكُتُبِ. قَالَ: وَإِذَا جَازَ فِي الْمُصْحَفِ جَازَ أَيْضًا فِي عَلَاقَتِهِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْهُ، وَقِيلَ: لَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 (مَنْ اسْتَخْرَجَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مِنْ مَعْدِنٍ) أَيْ مَكَان خَلَقَهُ اللَّهُ فِيهِ مَوَاتٌ أَوْ مِلْكٌ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَيُسَمَّى الْمُسْتَخْرَجُ مَعْدِنًا أَيْضًا كَمَا فِي التَّرْجَمَةِ (لَزِمَهُ رُبْعُ عُشْرِهِ) لِلسِّكَّةِ إيَّاهُ كَمَا فِي غَيْرِ الْمَعْدِنِ لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ (وَفِي قَوْلِ الْخُمْسُ) كَالرِّكَازِ بِجَامِعِ الْخَفَاءِ فِي الْأَرْضِ (وَفِي قَوْلٍ إنْ حَصَلَ بِتَعَبٍ) بِأَنْ احْتَاجَ إلَى الطَّحْنِ وَالْمُعَالَجَةِ بِالنَّارِ (فَرُبْعُ عُشْرِهِ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ حَصَلَ بِلَا تَعَبٍ بِأَنْ اسْتَغْنَى عَنْهُمَا (فَخُمُسُهُ) كَمَا اخْتَلَفَ الْوَاجِبُ فِي الْمَسْقِيِّ بِالْمَطَرِ وَالْمَسْقِيِّ بِالنَّضْحِ (وَيُشْتَرَطُ النِّصَابُ لَا الْحَوْلُ عَلَى الْمَذْهَب فِيهِمَا) وَقِيلَ: فِي اشْتِرَاطِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلَانِ كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ مَا دُونَ النِّصَابِ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ وَالْحَوْلُ إنَّمَا اُشْتُرِطَ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ تَنْمِيَةِ الْمَالِ، وَالْمُسْتَخْرَجُ مِنْ الْمَعْدِنِ نَمَاءٌ فِي نَفْسِهِ. وَطَرِيقُ الْخِلَافِ فِي النِّصَابِ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ الْخُمُسِ وَفِي الْحَوْلِ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ رُبْعِ الْعُشْرِ (وَيُضَمُّ بَعْضُهُ) أَيْ الْمُسْتَخْرَجُ (إلَى بَعْضٍ) فِي النِّصَابِ (إنْ تَتَابَعَ الْعَمَلُ وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الضَّمِّ (اتِّصَالُ النَّيْلِ عَلَى الْجَدِيدِ) لِأَنَّ الْعَادَةَ تَفَرُّقُهُ وَالْقَدِيمُ إنْ طَالَ زَمَنُ الِانْقِطَاعِ لَا يُضَمُّ (وَإِذَا قَطَعَ الْعَمَلَ بِعُذْرٍ) ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ (ضُمَّ) قَصُرَ الزَّمَانُ أَمْ طَالَ عُرْفًا. وَقِيلَ: الطَّوِيلُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. وَقِيلَ: يَوْمٌ كَامِلٌ وَمِنْ الْعُذْرِ إصْلَاحُ الْآلَاتِ وَهَرَبُ الْأُجَرَاءِ وَالسَّفَرُ وَالْمَرَضُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَطَعَ الْعَمَلَ بِغَيْرِ عُذْرٍ (فَلَا يُضَمُّ الْأَوَّلُ إلَى الثَّانِي) طَالَ الزَّمَانُ أَمْ قَصُرَ لِإِعْرَاضِهِ (وَيُضَمُّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ كَمَا يَضُمُّهُ إلَى مَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ الْمَعْدِنِ فِي إكْمَالِ النِّصَابِ) فَإِذَا اسْتَخْرَجَ   [حاشية قليوبي] بِآخِرِ الْحَوْلِ فَقَطْ لَا بِجَمِيعِهِ، وَأَخَّرَهَا عَنْ النَّقْدِ لِتَعَلُّقِهَا بِهِ وَلِأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مَنْ اسْتَخْرَجَ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ لَا مُكَاتَبٍ وَذِمِّيٍّ وَعَبْدٍ، وَلِكُلٍّ أَخْذُهُ نَدْبًا وَمُنِعَ الذِّمِّيُّ مِنْهُ بِدَارِنَا، وَمَا أَخَذَهُ الْعَبْدُ فَلِسَيِّدِهِ فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ وَالْمُبَعَّضُ بَيْنَهُمَا أَوْ لِذِي النَّوْبَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَعْدِنٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا غَنِيمَةٌ لِأَخْذِهِ. قَوْلُهُ: (لِمِلْكِهِ) فَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ بِهِ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (تَفَرُّقُهُ) أَيْ بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَضْمُومَةِ وَالْقَافِ. قَوْلُهُ: (وَطَرِيقُ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (إنْ تَتَابَعَ الْعَمَلُ) أَيْ وَاتَّحَدَ الْمَكَانُ وَالْمُخْرَجُ، وَإِنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ عَنْ مِلْكِهِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَّ، وَإِنْ تَقَارَبَ الْمَكَانُ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الرِّكَازِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِإِعْرَاضِهِ) نَعَمْ يُتَسَامَحُ بِمَا اُعْتِيدَ الِاسْتِرَاحَةُ فِي مِثْلِهِ وَإِنْ طَالَ لَا بِغَيْرِهِ وَإِنْ قَصُرَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) وَعَلَيْهِ   [حاشية عميرة] [شَرْطُ زَكَاةِ النَّقْدِ] بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ قَوْلُهُ: (أَيْ مَكَانٌ إلَخْ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِإِقَامَةِ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ. يُقَالُ: عَدَنَ يَعْدِنُ عُدُونًا أَقَامَ، وَمِنْهُ جَنَّاتُ عَدْنٍ لِطُولِ الْإِقَامَةِ فِيهَا مِنْ اللَّهِ عَلَيْنَا بِذَلِكَ بِرَحْمَتِهِ آمِينَ. وَمِنْهُ أَيْضًا عَدَنَ لِلْبَلَدِ الْمَعْرُوفِ، لِأَنَّ تَبَعًا كَانَ يَحْبِسُ فِيهَا أَصْحَابَ الْجَرَائِمِ. وَقِيلَ: سُمِّيَ مَعْدِنًا لِإِقَامَةِ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَالرِّكَازُ دَفِينُ الْجَاهِلِيَّةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ: لِأَنَّهُ رَكَزَ فِي الْمَكَانِ أَيْ غُرِزَ مِنْ قَوْلِهِمْ رَكَزْت الرُّمْحَ. وَقِيلَ: لِخَفَائِهِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: 98] أَيْ صَوْتًا خَفِيًّا، وَالتِّجَارَةُ تَقْلِيبُ الْمَالِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ رَجَاءَ الرِّبْحِ، وَالْأَصْلُ فِي زَكَاةِ الْمَعْدِنِ قَوْله تَعَالَى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267] وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَخَذَ مِنْ الْمَعَادِنِ الْقَبَلِيَّةِ الصَّدَقَةَ» ، وَهِيَ بِقَافٍ وَبَاءٍ مَفْتُوحَتَيْنِ نَاحِيَةً مِنْ الْفُرْعِ بِضَمِّ الْفَاءِ، وَإِسْكَانِ الرَّاءِ قَرْيَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، قَرِيبَةٌ مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ ذَاتُ نَخْلٍ وَزَرْعٍ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاحِلَ مِنْ الْمَدِينَةِ. قَوْلُهُ: (كَمَا اخْتَلَفَ إلَخْ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مَأْخُوذٌ مِنْ الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: (كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى مُخَالَفَتِهِ لِمَا فِي الرَّافِعِيِّ حَيْثُ قَالَ: إنْ أَوْجَبْنَا رُبْعَ الْعُشْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّصَابِ، وَفِي الْحَوْلِ قَوْلَانِ: وَإِنْ أَوْجَبْنَا الْخُمُسَ فَلَا يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ، وَفِي النِّصَابِ قَوْلَانِ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ الْخُمُسِ) أَيْ فَوَجْهُ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ الْقِيَاسُ عَلَى الْغَنِيمَةِ، بِجَامِعِ أَنَّهُ مَالُ الْخُمُسِ، وَقَوْلُهُ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ رُبْعِ الْعُشْرِ، أَيْ فَوَجْهُ اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ عُمُومُ أَدِلَّةِ الْحَوْلِ السَّابِقَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُضَمُّ بَعْضُهُ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنَالَ فِي الدَّفْعَةِ الْوَاحِدَةِ نِصَابًا بَلْ مَا نَالَهُ بِدَفَعَاتٍ يُضَمُّ، لِأَنَّهُ هَكَذَا يُسْتَخْرَجُ فَأَشْبَهَ تَلَاحُقَ الثِّمَارِ، لَكِنَّ الضَّابِطَ فِي الثِّمَارِ أَنْ تَكُونَ ثِمَارَ عَامٍ، وَهَا هُنَا يُنْظَرُ بَدَلُهُ إلَى الْعَمَلِ. قَوْلُهُ: (لِإِعْرَاضِهِ) فَإِنَّ الْإِعْرَاضَ يُصَيِّرُ الثَّانِي مَالًا آخَرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي إكْمَالِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 مِنْ الْفِضَّةِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا بِالْعَمَلِ الْأَوَّلِ وَمِائَةً وَخَمْسِينَ بِالثَّانِي فَلَا زَكَاةَ فِي الْخَمْسِينَ، وَتَجِبُ فِي الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ كَمَا تَجِبُ فِيهَا لَوْ كَانَ مَالِكًا لِخَمْسِينَ مِنْ غَيْرِ الْمَعْدِنِ، وَيَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ مِنْ حِينِ تَمَامِهِمَا إذَا أَخْرَجَ حَقَّ الْمَعْدِنِ مِنْ غَيْرِهِمَا وَلَوْ اسْتَخْرَجَ اثْنَانِ مِنْ مَعْدِنٍ نِصَابًا فَوُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِ يَنْبَنِي عَلَى ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ فِي غَيْرِ الْمَوَاشِي، وَالْأَظْهَرُ كَمَا تَقَدَّمَ الثُّبُوتُ فِيهِ وَوَقْتُ وُجُوبِ حَقِّ الْمَعْدِنِ بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَوْلَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حُصُولُ النَّيْلِ فِي يَدِهِ وَوَقْتُ الْإِخْرَاجِ التَّخْلِيصُ وَالتَّنْقِيَةُ مِنْ التُّرَابِ وَالْحَجَرِ، فَلَوْ أَخْرَجَ مِنْهُ قَبْلَهُمَا لَمْ يُجْزِهِ وَمُؤْنَتُهُمَا عَلَى الْمَالِكِ. وَلَا زَكَاةَ فِي غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ مَعْدِنٍ، وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ يَجِبُ فِي كُلِّ مُسْتَخْرَجٍ مِنْهُ مُنْطَبِعًا كَانَ كَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ أَوْ غَيْرَهُ كَالْكُحْلِ وَالْيَاقُوتِ. «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ (يُصْرَفُ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ فِي الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْأَرْضِ فَأَشْبَهَ الْوَاجِبَ فِي الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ.، وَالثَّانِي يُصْرَفُ مَصْرِفَ خُمُسِ الْفَيْءِ لِأَنَّ الرِّكَازَ مَالٌ جَاهِلِيٌّ حَصَلَ الظُّفْرُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إيجَافِ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ فَكَانَ كَالْفَيْءِ فَيُصْرَفُ خُمُسُهُ مَصْرِفَ خُمُسِ الْفَيْءِ (وَشَرْطُهُ النِّصَابُ وَالنَّقْدُ) أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ: فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ قَوْلَانِ الْجَدِيدُ الِاشْتِرَاطُ. كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَاَلَّذِي فِي نُسَخِ مِنْ الشَّرْحِ تَرْجِيحُ طَرِيقِ الْقَوْلَيْنِ وَاسْتَدَلَّ لِعَدَمِ الِاشْتِرَاطِ بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ. (لَا الْحَوْلُ) فَلَا يُشْتَرَطُ بِلَا خِلَافٍ، وَعَلَى اشْتِرَاطِ النِّصَابِ لَوْ وُجِدَ دُونَهُ وَهُوَ مَالِكٌ مِنْ جِنْسِهِ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ وَجَبَتْ زَكَاةُ الرِّكَازِ وَعَلَى الْوُجُوبِ فِي غَيْرِ النَّقْدِ يُؤْخَذُ خُمُسُ الْمَوْجُودِ مِنْهُ لَا قِيمَتُهُ (وَهُوَ) أَيْ الرِّكَازُ (الْمَوْجُودُ الْجَاهِلِيُّ) أَيْ الَّذِي هُوَ مِنْ دَفِينِ الْجَاهِلِيَّةِ (فَإِنْ وُجِدَ إسْلَامِيٌّ) بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْإِسْلَامِ (عُلِمَ مَالِكُهُ فَلَهُ) لَا لِلْوَاجِدِ فَيَجِبُ رَدُّهُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَالِكُهُ (فَلُقَطَةٌ) يُعَرِّفُهُ الْوَاجِدُ سَنَةً ثُمَّ لَهُ تَمَلُّكُهُ إنْ لَمْ يَظْهَرْ مَالِكُهُ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيِّ الضَّرْبَيْنِ) الْجَاهِلِيِّ أَوْ الْإِسْلَامِيِّ (هُوَ) بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُضْرَبُ مِثْلُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ   [حاشية قليوبي] فَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ مَا يُمْكِنُ اتِّحَادُهُ كَآلَةٍ وَمَكَانِ حِفْظٍ وَأَجِيرٍ. قَوْلُهُ: (لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حُصُولُ النَّيْلِ فِي يَدِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ هَلَّا وَجَبَتْ زَكَاةُ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ إذَا وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ كَذَا فِي الْبُرُلُّسِيِّ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ، وَيَمْلِكُهُ بِالْإِحْيَاءِ أَيْ فَتَجِبُ زَكَاتُهُ مِنْ وَقْتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ السَّنْبَاطِيُّ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِحُصُولِهِ فِي يَدِهِ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (وَوَقْتُ الْإِخْرَاجِ إلَخْ) فَلَوْ تَلِفَ شَيْءٌ قَبْلَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ سَقَطَ وَاجِبُهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ لِفَسَادِ الْقَبْضِ وَيَلْزَمُ السَّاعِيَ رَدُّهُ فَإِنْ مَيَّزَهُ أَجْزَأَ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي تَمْيِيزِهِ، وَيَجِبُ رَدُّ مَا زَادَ وَيَرْجِعُ بِمَا نَقَصَ. وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ لَزِمَهُ رَدُّ قِيمَتِهِ وَيُصَدَّقُ فِيهَا، وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ الِاشْتِرَاطِ) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. قَوْلُهُ: (الْجَاهِلِيَّةِ) وَلَوْ احْتِمَالًا وَالْمُرَادُ بِهَا مَا قَبْلَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَعْدَهَا وَلَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ دَفَنَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَعَانَدَ فَهُوَ فَيْءٌ وَيُسْتَدَلُّ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ دَفِينِ الْجَاهِلِيَّةِ بِوُجُودِهِ فِي قُبُورِهِمْ أَوْ خَزَائِنِهِمْ أَوْ قِلَاعِهِمْ أَوْ مَوَاتٍ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنْ وُجِدَ غَيْرَ مَدْفُونٍ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ ظَاهِرًا فَلُقَطَةٌ وَإِلَّا   [حاشية عميرة] النِّصَابِ) لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ نِصَابًا ضُمَّ إلَيْهِ الثَّانِي بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَوْلَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، وَلَوْ وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ: هَلَّا وَجَبَ زَكَاةُ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ، إذَا وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُجْزِهِ) كَانَ وَجْهُهُ أَنَّ مُؤْنَةَ التَّخْلِيصِ عَلَى الْمَالِكِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ) اُنْظُرْ هَلْ يَأْتِي فِي ضَمِّهِ مَا سَلَفَ فِي الْمَعْدِنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَصْرِفُ) هُوَ هُنَا بِكَسْرِ الرَّاءِ اسْمٌ لِمَحَلِّ الصَّرْفِ، وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَمَصْدَرٌ. قَوْلُهُ: (فَيُصْرَفُ خُمُسُهُ إلَخْ) أَيْ وَالْبَاقِي لِوَاجِدِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَالْفَيْءِ فِي مَصْرِفِ الْخُمُسِ خَاصَّةً. قَوْلُهُ: (أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّقْدِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ الْمَضْرُوبَيْنِ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ الِاشْتِرَاطِ) أَيْ بِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَعْدِنِ. قَوْلُهُ: (بِلَا خِلَافٍ) نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، وَخَالَفَ الْمَعْدِنَ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ، لِأَنَّ الْمَعْدِنَ يَتَكَلَّفُ لِتَحْصِيلِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الَّذِي هُوَ مِنْ دَفِينِ الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ اسْمُ مَلِكٍ مِنْهُمْ أَوْ صَلِيبٌ، وَاسْتُشْكِلَ الثَّانِي، لِأَنَّ الصَّلِيبَ مَعْهُودٌ الْآنَ فِي مِلَّةِ النَّصَارَى، وَيَكْفِي فِي الِاهْتِدَاءِ إلَى كَوْنِهِ مِنْ دَفِينِهِمْ وُجُودُ الْعَلَامَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهَا كَوْنُهُ مِنْ دَفِينِهِمْ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ أَخْذِ الْغَيْرِ لَهُ ثُمَّ دَفَنَهُ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ: خِلَافًا لِلشَّيْخَيْنِ حَيْثُ قَالَا بَحْثًا لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْعَلَامَةِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ دَفِينِهِمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلُقَطَةٌ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 أَوْ كَانَ مِمَّا لَا أَثَرَ عَلَيْهِ كَالتِّبْرِ وَالْحُلِيِّ وَالْأَوَانِي فَهُوَ لُقَطَةٌ يَفْعَلُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الرِّكَازَ (الْوَاجِدُ وَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ) فِيهِ (إذَا وَجَدَهُ فِي مَوَاتٍ أَوْ مِلْكٍ أَحْيَاهُ) وَيَمْلِكُهُ فِي الثَّانِيَةِ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا سَيَأْتِي (فَإِنْ وُجِدَ فِي مَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ فَلُقَطَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) يَفْعَلُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: رِكَازٌ كَالْمَوَاتِ بِجَامِعِ اشْتِرَاكِ النَّاسِ فِي الثَّلَاثَةِ. (أَوْ) وُجِدَ (فِي مِلْكٍ شَخْصٍ فَلِلشَّخْصِ إنْ ادَّعَاهُ) فَأَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ كَالْأَمْتِعَةِ فِي الدَّارِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ (فَلِمَنْ مَلَكَ مِنْهُ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ) الْأَمْرُ إلَى الْمُحْيِي لِلْأَرْضِ فَيَكُونُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ لِأَنَّهُ بِالْإِحْيَاءِ مَلَكَ مَا فِي الْأَرْضِ وَبِالْبَيْعِ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ مَدْفُونٌ مَنْقُولٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُحْيِي أَوْ تَلَقَّى الْمِلْكَ عَنْهُ هَالِكًا فَوَرَثَتُهُ قَائِمُونَ مَقَامَهُ، فَإِنْ قَالَ بَعْضُ وَرَثَةِ مَنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ عَنْهُ: هُوَ لِمُوَرِّثِنَا، وَأَبَاهُ بَعْضُهُمْ سُلِّمَ نَصِيبُ الْمُدَّعِي إلَيْهِ وَسَلَكَ بِالْبَاقِي مَا ذَكَرَهُ. (وَلَوْ تَنَازَعَهُ) أَيْ الرِّكَازَ فِي الْمِلْكِ (بَائِعٌ وَمُشْتَرٍ أَوْ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ أَوْ مُعِيرٌ وَمُسْتَعِيرٌ) فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: هُوَ لِي وَأَنَا دَفَنْته (صُدِّقَ ذُو الْيَدِ) أَيْ الْمُشْتَرِي مَا وَالْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرُ (بِيَمِينِهِ) كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي مَتَاعِ الدَّارِ. وَهَذَا إذَا اُحْتُمِلَ صِدْقَ صَاحِبِ الْيَدِ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ فَإِنْ لَمْ يُحْتَمَلْ صِدْقُهُ فِي ذَلِكَ لِكَوْنِ مِثْلِهِ لَا يُمْكِنُ دَفْنُهُ فِي مُدَّةِ يَدِهِ فَلَا يُصَدَّقُ. وَلَوْ وَقَعَ النِّزَاعُ فِي مَسْأَلَتَيْ الْمُكْرِي وَالْمُعِيرِ بَعْدَ عَوْدِ الدَّارِ إلَى يَدِهِمَا فَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: أَنَا دَفَنْته بَعْدَ عَوْدِ الدَّارِ إلَيَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ، وَإِنْ قَالَ: دَفَنْته قَبْلَ خُرُوجِهَا مِنْ يَدَيَّ. فَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَالْأَصَحُّ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّ الْمَالِكَ سَلِمَ لَهُ حُصُولُ تَنَسُّخِ الْكَنْزِ فِي يَدِهِ فَيَدُهُ الْيَدُ السَّابِقَةُ.   [حاشية قليوبي] فَرِكَازٌ، كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ مِنْ دَفْنِهِمْ أَوْ لَا فَقَوْلُهُ الضَّرْبَيْنِ بِمَعْنَى الْقِسْمَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُهُ فِي الثَّانِيَةِ بِالْإِحْيَاءِ) وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِخْرَاجِ الَّذِي هُوَ الْوُجْدَانُ الْمَذْكُورُ، وَلَوْ حَمَلَ الْوُجْدَانُ عَلَى الْمِلْكِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ. وَعَلَى هَذَا إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ حِينِ مَلَكَهُ لَمْ يَصِحَّ مَا مَرَّ عَنْ الْعَلَّامَةِ الْبُرُلُّسِيِّ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ وُجِدَ فِي مَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ فَلُقَطَةٌ) وَإِنْ عُلِمَ الَّذِي سَبَّلَ الْمَسْجِدَ أَوْ الشَّارِعَ وَلَوْ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْحَقَّ صَارَ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَوْ وُجِدَ فِي أَرْضِ الْغَانِمِينَ فَلَهُمْ أَوْ فِي أَرْضِ الْفَيْءِ فَلِأَهْلِهِ، أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي مِلْكِ حَرْبِيٍّ أَوْ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ فَلَهُ، أَوْ فِي مَوْقُوفٍ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلِلْمُسْتَحِقِّ، وَلَوْ مَسْجِدًا لَا لِنَاظِرِهِ فَإِنْ لَمْ يَدَعْهُ انْتَقَلَ إلَى الْوَاقِفِ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ لَهُ: (وَإِنْ لَمْ يَدَعْهُ) بِأَنْ سَكَتَ أَوْ نَفَاهُ، وَفِي السُّكُوتِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ وَصَوَابُهُ كَدَعْوَاهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَدَعْهُ) أَيْ مَا لَمْ يَنْفِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ لِلْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ فَإِنْ نَفَاهُ فَلِلْإِمَامِ وَلِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُحْيِي فَأَمَرَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ. كَمَا لَوْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا أَوْ خَلَّفَ الْمُوَرِّثُ وَدِيعَةً وَلَمْ يَعْلَمْ لِذَلِكَ مَالِكٌ وَعَلَى هَذَا فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ وَإِذَا عَلِمَ الْمَالِكُ وَلَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ مِنْهُ حُفِظَ لَهُ، وَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ فَلِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَلِبَيْتِ الْمَالِ. وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ التَّنَاقُضُ فِي كَلَامِهِمْ. وَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ أَنَّ الْيَأْسَ مِنْ الْمَالِكِ كَعَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ فَيَكُونُ أَمْرُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ مَرْدُودٌ.   [حاشية عميرة] وَقِيلَ: إنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ يُحْفَظُ أَبَدًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي مَوَاتٍ) مِثْلُهُ الْخَرَابُ وَالْقِلَاعُ الْجَاهِلِيَّانِ وَكَذَا قُبُورُ أَهْلِهَا. قَوْلُهُ: (بِالْإِحْيَاءِ) أَيْ لَا بِالْوِجْدَانِ كَمَا فِي الْأُولَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلُقَطَةٌ) أَيْ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمَذْهَبِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْمَذْهَبَ فِي الْمَوْجُودِ فِي الشَّارِعِ أَنَّهُ لُقَطَةٌ، وَقِيلَ: رِكَازٌ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ فَلِذَا عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ ادَّعَاهُ) الَّذِي شَرَطَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ لَا يَنْفِيَهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ كَسَائِرِ مَا فِي يَدِهِ. قَوْلُهُ: (بِلَا يَمِينٍ) إنْ ادَّعَاهُ الْوَاجِدُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (عَنْهُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُحْيِي مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُحْيِي إلَخْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 فَصْلٌ التِّجَارَةُ تَقْلِيبُ الْمَالِ بِالْمُعَاوَضَةِ لِغَرَضِ الرِّبْحِ، وَفِي زَكَاتِهَا مَا رَوَى الْحَاكِمُ بِإِسْنَادَيْنِ وَقَالَ: هُمَا صَحِيحَانِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فِي الْإِبِلِ صَدَقَتُهَا، وَفِي الْبَقَرِ صَدَقَتُهَا، وَفِي الْغَنَمِ صَدَقَتُهَا، وَفِي الْبَزِّ صَدَقَتُهُ» . وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالزَّايِ يُطْلَقُ عَلَى الثِّيَابِ الْمُعَدَّةِ لِلْبَيْعِ. وَمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ سَمُرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي يُعَدُّ لِلْبَيْعِ» . (شَرْطُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ) كَغَيْرِهَا (مُعْتَبَرًا) أَيْ النِّصَابُ (بِآخِرِ الْحَوْلِ. وَفِي قَوْلٍ بِطَرَفَيْهِ) أَيْ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ دُونَ وَسَطِهِ. (وَ) فِي (قَوْلٍ بِجَمِيعِهِ) كَالنَّقْدِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ هُنَا بِالْقِيمَةِ وَيَعْسُرُ مُرَاعَاتُهَا كُلَّ وَقْتٍ لِاضْطِرَابِ الْأَسْعَارِ انْخِفَاضًا وَارْتِفَاعًا وَاكْتَفَى بِاعْتِبَارِهَا آخِرَ الْحَوْلِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَالثَّانِي يُضَمُّ إلَيْهِ وَقْتُ الِانْعِقَادِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ هُنَا بِالْأَوْجَهِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَنْصُوصٌ وَالْآخَرَانِ مُخَرَّجَانِ وَالْمُخَرَّجُ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْوَجْهِ تَارَةً وَبِالْقَوْلِ أُخْرَى (فَعَلَى الْأَظْهَرِ) وَهُوَ الِاعْتِبَارُ بِآخِرِ الْحَوْلِ (لَوْ رَدَّ) مَالَ التِّجَارَةِ (إلَى النَّقْدِ) بِأَنْ بِيعَ بِهِ (فِي خِلَالِ الْحَوْلِ وَهُوَ دُونَ النِّصَابِ وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ وَيُبْتَدَأُ حَوْلُهَا مِنْ) حِينِ (شِرَائِهَا) وَالثَّانِي لَا يَنْقَطِعُ وَلَوْ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ التِّجَارَةِ وَلَا يَكْفُرُ جَاحِدُ زَكَاتِهَا لِقَوْلِ الْقَدِيمِ بِعَدَمِهَا وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (تَقْلِيبُ الْمَالِ إلَخْ) مِنْهُ صِبَاغُ الثِّيَابِ وَدِبَاغُ أَوْ دَهْنٌ لِلْجُلُودِ، لَا صَابُونٌ لِغَسْلٍ وَمِلْحٌ لِعَجِينٍ لِهَلَاكِ عَيْنِهِ وَفَارَقَ الدِّبَاغَ بِأَنَّهُ يَنْقُلُ الْجِلْدَ مِنْ طَبْعٍ إلَى طَبْعٍ فَكَأَنَّهُ بَاقٍ. قَوْلُهُ: (عَلَى الثِّيَابِ) أَيْ وَعَلَى السِّلَاحِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَلَا زَكَاةَ فِيهَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الثَّانِي لِبَيَانِ الْمُرَادِ مِنْ الْأَوَّلِ، وَذَكَرَ الْأَوَّلَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إرَادَةِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فِي الثَّانِي. قَوْلُهُ: (لَوَرَدَ) أَيْ نَضَّ جَمِيعُهُ لَا بَعْضُهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (وَيُبْتَدَأُ حَوْلُهَا إلَخْ) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ عَلَى   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ زَكَاة التِّجَارَةُ] فَصْلُ شَرْطِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ قَوْلُهُ: (تُطْلَقُ عَلَى الثِّيَابِ) وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى السِّلَاحِ: قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَلَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِمَا فَتَعَيَّنَ إرَادَةُ التِّجَارَةِ، وَاسْتَدَلَّ لَهَا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267] وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّهُ مَالٌ يُبْتَغَى مِنْهُ النَّمَاءُ، فَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ كَالْمَوَاشِي، لَكِنْ لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا فِيهَا، لِأَنَّ لَنَا قَوْلًا قَدِيمًا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فِيهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِآخِرِ الْحَوْلِ) الْبَاءُ ظَرْفِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (بِالْقِيمَةِ) أَيْ بِخِلَافِ الَّذِي تَجِبُ فِي عَيْنِهِ، فَإِنَّ مُرَاعَاةَ الْحَوْلِ فِي الْعَيْنِ لَا تَعْسُرُ. قَوْلُهُ: (وَاكْتَفَى بِاعْتِبَارِهَا آخِرَ الْحَوْلِ) أَيْ وَكَمَا أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى النِّصَابِ فِي غَيْرِهَا تُعْتَبَرُ آخِرَ الْحَوْلِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِالْأَوْجَهِ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ. قَوْلُهُ: (لَوَرَدَ مَالُ التِّجَارَةِ) الْمُرَادُ نَضَّ جَمِيعُهُ نَاقِصًا مِنْ جِنْسِ مَا يَقُومُ بِهِ، أَمَّا لَوْ نَضَّ الْبَعْضُ فَقَطْ فَحَوْلُ التِّجَارَةِ بَاقٍ فِيهِ، وَإِنْ قَلَّ الْعَرْضُ جِدًّا، لِأَنَّ الرِّبْحَ كَامِنٌ فِيهِ، وَنَقْصُ الْمَالِ عَنْ النِّصَابِ لَمْ يَتَحَقَّقْ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِآخِرِ الْحَوْلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَضَّ جَمِيعُهُ نَاقِصًا، وَهَذَا مُرَادُهُمْ قَطْعًا، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ لَا إنْ نَضَّ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ: أَيْ صَارَ الْكُلُّ نَاضًّا إلَخْ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ التُّجَّارَ بِحَوَانِيتِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَنَحْوِهِمْ، إذَا نَضَّ مِنْ عُرُوضِهِمْ الْبَعْضُ نَاقِصًا، فَحَوْلُ التِّجَارَةِ بَاقٍ فِيهِ نَظَرًا لِمَا عِنْدَهُ مِنْ الْعُرُوضِ، وَإِنْ قُلْت فَلْيُتَفَطَّنْ لِذَلِكَ، لَكِنْ إذَا اشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ، وَنَقَدَ فِيهِ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ ذَلِكَ النَّضُّ ابْتَدَأَ الْحَوْلُ الْآنَ، فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَرَبَّصَ بِهِ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ مَالُ التِّجَارَةِ. قَوْلُهُ: (لِلْأَظْهَرِ وَغَيْرِهِ) الْمُرَادُ بِالْغَيْرِ مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الصُّورَةَ الْأَصْلِيَّةَ لِجَرَيَانِ الْأَظْهَرِ، وَمُقَابِلَيْهِ هِيَ حَالَةُ التَّرَبُّصِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا صُورَةُ الْمَتْنِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ، فَعَلَى الْأَظْهَرِ وَالصُّورَتَانِ اللَّتَانِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، فَإِنَّهَا فُرُوعٌ عَنْ صُورَةِ مَحَلِّ الْأَقْوَالِ، وَلَمْ يَحْكِ الْأَصْحَابُ الْأَقْوَالَ السَّابِقَةَ فِيهَا، وَإِنَّمَا قَضَوْا فِيهَا بِوَجْهَيْنِ مُتَفَرِّعَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي أَصَحُّهُمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الِانْقِطَاعُ، وَفِي مَسْأَلَتَيْ الشَّرْحِ عَدَمُ الِانْقِطَاعِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثُ فَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 بَادَلَهُ بِسِلْعَةٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ، وَلَوْ تَرَبَّصَ بِهِ حَتَّى تَمَّ الْحَوْلُ فَهَذِهِ الصُّورَةُ الْأَصْلِيَّةُ لِلْأَظْهَرِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ النَّقْدُ غَيْرَ مَا يَقُومُ بِهِ آخِرُ الْحَوْلِ كَأَنْ بَاعَهُ بِالدَّرَاهِمِ، وَالْحَالُ يَقْتَضِي التَّقْوِيمَ بِالدَّنَانِيرِ فَهُوَ كَبَيْعِهِ بِالسِّلْعَةِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْرِيعِ يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي أَيْضًا (وَلَوْ تَمَّ الْحَوْلُ وَقِيمَةُ الْعَرْضِ دُونَ النِّصَابِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُبْتَدَأُ حَوْلٌ وَيَبْطُلُ الْأَوَّلُ) فَلَا تَجِبُ لَهُ زَكَاةٌ وَالثَّانِي لَا بَلْ مَتَى بَلَغَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ نِصَابًا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ ثُمَّ يُبْتَدَأُ حَوْلٌ ثَانٍ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ زَكَّاهُمَا آخِرَهُ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَوْ كَانَ مَعَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ بِخَمْسِينَ مِنْهَا فَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ مِائَةً وَخَمْسِينَ لَزِمَهُ زَكَاةُ الْجَمِيعِ (وَيَصِيرُ عَرْضُ التِّجَارَةِ لِلْقِنْيَةِ بِنِيَّتِهَا) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ (وَإِنَّمَا يَصِيرُ الْعَرْضُ لِلتِّجَارَةِ إذَا اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهَا بِكَسْبِهِ بِمُعَاوَضَةٍ كَشِرَاءٍ) سَوَاءٌ كَانَ بِعَرْضٍ أَمْ نَقْدٍ أَمْ دَيْنٍ حَالٍّ أَمْ مُؤَجَّلٍ (وَكَذَا الْمَهْرُ وَعِوَضُ الْخُلْعِ) كَأَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ أَوْ خَالَعَ زَوْجَتَهُ بِعَرْضٍ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ فَهُمَا مَالُ تِجَارَةٍ بِنِيَّتِهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَقُولُ الْمُعَاوَضَةُ بِهِمَا لَيْسَتْ مَحْضَةً (لَا بِالْهِبَةِ) الْمَحْضَةِ (وَالِاحْتِطَابِ وَالِاسْتِرْدَادِ بِعَيْبٍ) كَأَنْ بَاعَ عَرْضَ قِنْيَةٍ بِمَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ وَاسْتَرَدَّ عَرْضَهُ فَالْمَكْسُوبُ بِمَا ذُكِرَ أَوْ نَحْوُهُ كَالِاحْتِشَاشِ وَالِاصْطِيَادِ وَالْإِرْثِ، وَرَدُّ الْعَرْضِ بِعَيْبٍ لَا يُصَيِّرُ مَالَ تِجَارَةٍ بِنِيَّتِهَا لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ فِيهِ وَالْهِبَةُ بِثَوَابٍ كَالشِّرَاءِ، وَلَوْ تَأَخَّرَتْ النِّيَّةُ عَنْ الْكَسْبِ بِمُعَاوَضَةٍ فَلَا أَثَرَ لَهَا وَقَالَ   [حاشية قليوبي] الْأَرْجَحِ. قَوْلُهُ: (بِسِلْعَةٍ) قَيَّدَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ بِمَا قِيمَتُهَا دُونَ نِصَابٍ، وَلَعَلَّهُ لِذِكْرِ الْخِلَافِ لِأَنَّهَا إذَا سَاوَتْ النِّصَابَ لَمْ يَنْقَطِعْ قَطْعًا، لِأَنَّ قِيمَتَهَا قَدْرُ النِّصَابِ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَرَبَّصَ بِهِ) أَيْ بِمَالِ التِّجَارَةِ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَوَّلًا قَبْلَ نَضُوضِهِ لَا بِمَا نَضَّ وَلَا بِمَا اشْتَرَاهُ ثَانِيًا. قَوْلُهُ: (يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي) وَكَذَا عَلَى الثَّالِثِ بِالْأَوْلَى قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ. وَلَا يَأْتِي عَلَى الثَّالِثِ نَظَرُ الْمُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ، وَلِلْأَصَحِّ فِي مَسْأَلَتَيْ الشَّارِحِ فَإِنَّ صُورَتَهُمَا أَنَّ السِّلْعَةَ الَّتِي تُبَدَّلُ بِهِ قِيمَتُهَا دُونَ نِصَابٍ. وَكَذَا النَّقْدُ الَّذِي مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ اهـ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَوَّرَ بِهِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُفِيدُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ذِكْرَ الْخِلَافِ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الَّذِي يَقْطَعُ الْحَوْلَ عَلَى الْأَوَّلِ يَقْطَعُهُ عَلَى الثَّانِي، وَالثَّالِثِ بِالْأَوْلَى وَلَا عَكْسَ لُزُومًا، فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْقِنْيَةِ) أَيْ بِجَمِيعِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ وَلَوْ مُبْهَمًا وَبَعْضُهُ نَقْدٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَشَمِلَ مَا لَوْ نَوَاهَا لِاسْتِعْمَالِ مُحَرَّمٍ كَمَا مَرَّ فِي الْعَوَامِلِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (بِمُعَاوَضَةٍ) وَمِنْهَا عُرُوضٌ أُخِذَتْ بَدَلَ فَرْضٍ وَكَذَا كُلُّ عَرْضٍ أَخَذَهُ بَدَلَ دَيْنٍ لَهُ أَوْ عَرْضٍ أَخَذَهُ بَدَلَ أُجْرَةٍ فِي إجَارَةٍ وَلَوْ لِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (لَا بِالْهِبَةِ) وَلَا بِالْقَرْضِ لِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ وَرَدَ بَدَلَهُ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِهِ. قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِرْدَادِ بِعَيْبٍ) وَكَذَا الْإِقَالَةُ لِعَدَمِ الْمُعَاوَضَةِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (عَرْضَ قِنْيَةٍ) خَرَجَ عَرْضُ التِّجَارَةِ فَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ لَا يَبْطُلُ حُكْمُهُ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَى نِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَالْإِرْثِ) إنْ نَوَى الْوَارِثُ لِانْقِطَاعِ نِيَّةِ الْمُوَرِّثِ بِمَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَأَخَّرَتْ النِّيَّةُ عَنْ الْكَسْبِ بِالْمُعَاوَضَةِ فَلَا أَثَرَ لَهَا) أَيْ تَأَخَّرَتْ عَنْ الْعَقْدِ. قَالَ شَيْخُنَا وَعَنْ الْمَجْلِسِ أَيْضًا لِأَنَّ الْوَاقِعَ فِيهِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِالْفَرْقِ الْآتِي وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ بِفِضَّةٍ وَنَقَدَ عَنْهَا فِي الْمَجْلِسِ ذَهَبًا أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِالذَّهَبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَمَا   [حاشية عميرة] يَصِحُّ تَفْرِيعُ الْوَجْهَيْنِ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ النَّقْدُ غَيْرَ مَا يُقَوَّمُ بِهِ) أَيْ وَهُوَ دُونَ نِصَابٍ. قَوْلُهُ: (يَأْتِي عَلَى الثَّانِي) أَيْ وَلَا يَأْتِي عَلَى الثَّالِثِ نَظَرًا لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي مَسْأَلَتَيْ الْمَتْنِ، وَلِلْأَصَحِّ فِي مَسْأَلَتَيْ الشَّرْحِ، فَإِنَّ صُورَتَهُمَا أَنَّ السِّلْعَةَ الَّتِي تُبْدَلُ بِهَا قِيمَتُهَا دُونَ نِصَابٍ، وَكَذَا النَّقْدُ الَّذِي مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا يَأْتِي عَلَى الثَّانِي) أَيْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَأَوْرَدَ الرَّافِعِيُّ السُّؤَالَ عَلَى الْغَزَالِيِّ غَافِلًا عَنْ هَذِهِ الدَّقِيقَةِ، وَكَأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ السُّؤَالَ غَيْرُ مُتَّجَهٍ فَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ كَالْوَجِيزِ إسْنَوِيٌّ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ زَكَاةُ الْجَمِيعِ) أَيْ وَابْتِدَاءُ حَوْلِ الْجَمِيعِ مِنْ وَقْتِ شِرَاءِ الْعَرْضِ، هَذَا مُرَادُهُ قَطْعًا بِخِلَافِ مَا لَوْ مَلَكَ الْخَمْسِينَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْجَمِيعَ أَيْضًا، وَلَكِنْ إذَا تَمَّ حَوْلُ الْخَمْسِينَ، كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَكِنْ اُنْظُرْ لِمَاذَا لَمْ تَجِبْ زَكَاةُ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ الْأُولَى عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مُرَادُهُ، وَيَكُونُ الشَّرْطُ لِزَكَاةِ الْخَمْسِينَ فَقَطْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إذَا اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهَا) وَذَلِكَ أَنَّ الْمَالِكَ بِالْمُعَاوَضَةِ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ التِّجَارَةُ، وَقَدْ يُقْصَدُ بِهِ غَيْرُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ مُمَيِّزَةٍ، وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُهَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَإِنْ خَلَا عَنْهَا الْعَقْدُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا الْمَهْرُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ يَسْتَأْجِرُ الْأَعْيَانَ وَيُؤَجِّرُهَا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالِاسْتِرْدَادُ بِعَيْبٍ) عُلِّلَ بِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمُعَاوَضَةِ عُرْفًا بَلْ هُوَ نَقْضٌ لَهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 الْكَرَابِيسِيُّ تُؤَثِّرُ فَيَصِيرُ الْعَرْضُ بِهَا لِلتِّجَارَةِ (وَإِذَا مَلَكَهُ) أَيْ عَرْضَ التِّجَارَةِ (بِنَقْدِ نِصَابٍ) كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَيْ بِعَيْنِ ذَلِكَ (فَحَوْلُهُ مِنْ حِينِ مَلَكَ) ذَلِكَ (النَّقْدَ) بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِنِصَابٍ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ نَقَدَهُ يَنْقَطِعُ حَوْلُ النَّقْدِ وَيُبْتَدَأُ حَوْلُ التِّجَارَةِ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ. وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ النَّقْدَ لَمْ يَتَعَيَّنْ صَرْفُهُ لِلشِّرَاءِ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الْأُولَى (أَوْ دُونَهُ) أَيْ النِّصَابِ (أَوْ بِعَرْضِ قِنْيَةٍ) كَالْعَبِيدِ وَالْمَاشِيَةِ (فَمِنْ الشِّرَاءِ) حَوْلُهُ (وَقِيلَ إنْ مَلَكَهُ بِنِصَابِ سَائِمَةٍ بُنِيَ عَلَى حَوْلِهَا) كَمَا لَوْ مَلَكَهُ بِنِصَابِ نَقْدٍ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمَقِيسِ مُخْتَلَفٌ عَلَى خِلَافِهِ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ (وَيُضَمُّ الرِّبْحُ إلَى الْأَصْلِ فِي الْحَوْلِ إنْ لَمْ يَنِضَّ) فَلَوْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ فِي الْحَوْلِ وَلَوْ قَبْلَ آخِرِهِ بِلَحْظَةٍ ثَلَاثَمِائَةٍ زَكَّاهَا آخِرَهُ (لَا إنْ نَضَّ) أَيْ صَارَ الْكُلُّ نَاضًّا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ نِصَابٌ وَأَمْسَكَهُ إلَى آخِرِ الْحَوْلِ أَوْ اشْتَرَى بِهِ عَرْضًا قَبْلَ تَمَامِهِ فَيُفْرِدُ الرِّبْحَ بِحَوْلِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: فَإِذَا اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَبَاعَهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمْسَكَهَا إلَى تَمَامِ الْحَوْلِ أَوْ اشْتَرَى بِهَا عَرْضًا وَهُوَ يُسَاوِي ثَلَاثَمِائَةٍ فِي آخِرِ الْحَوْلِ فَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ عَنْ مِائَتَيْنِ، فَإِذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَخْرَجَ عَنْ الْمِائَةِ. وَالثَّانِي يُزَكِّي الرِّبْحَ بِحَوْلِ الْأَصْلِ، وَلَوْ كَانَ النَّاضُّ الْمَبِيعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ فَهُوَ كَبَيْعِ عَرْضٍ بِعَرْضٍ فَيُضَمُّ الرِّبْحُ إلَى الْأَصْلِ. وَقِيلَ: عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا هُوَ مِنْ الْجِنْسِ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دُونَ نِصَابٍ كَأَنْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَبَاعَهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَأَمْسَكَهُمَا   [حاشية قليوبي] فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ لَا يَدُلُّ لَهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِعَيْنِ ذَلِكَ) فِي الْعَقْدِ لَا الْمَجْلِسِ وَفِيهِ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (عَلَى خِلَافِهِ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ) أَيْ لِأَنَّ وَاجِبَ السَّائِمَةِ فِي عَيْنِهَا وَوَاجِبَ مَا اشْتَرَاهَا بِهِ فِي قِيمَتِهِ، وَهِيَ مِنْ النَّقْدِ وَوَاجِبَ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ مِنْ النَّقْدِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (زَكَّاهَا) أَيْ قِيمَتَهُ وَهِيَ الثَّلَاثُمِائَةِ، وَإِنْ بَاعَهُ بِدُونِهَا فَإِنْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ زَكَّى الْجَمِيعَ. قَوْلُهُ: (لَا إنْ نَضَّ) وَلَوْ بِقِيمَتِهِ فِي إتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَوْ تَأَخَّرَ دَفْعُ الْقِيمَةِ أَوْ بَاعَهُ بِزِيَادَةٍ إلَى أَجَلٍ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الضَّمِّ أَيْضًا. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِنَقْدِ نِصَابٍ) لَوْ كَانَ النَّقْدُ دَيْنًا لِلْمُشْتَرِي فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِعَيْنِ ذَلِكَ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ، وَعُيِّنَ فِي الْمَجْلِسِ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ، وَجِنْسُهُ وَالْمُرَادُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَلَوْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ وَعُلِّلَ أَيْضًا النَّمَاءُ، بِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا وَجَبَتْ فِي النَّقْدِ، لِأَنَّهُ مَرْصَدٌ لِلنَّمَاءِ وَالنَّمَاءُ يَحْصُلُ بِالتِّجَارَةِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ فِي الْوُجُوبِ سَبَبًا فِي الْإِسْقَاطِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِنِصَابٍ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ نَقَدَهُ) الْمُرَادُ نَقَدَهُ بَعْدَ الْمَجْلِسِ، وَمِثْلُ هَذَا فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِمَالِ التِّجَارَةِ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ نَقَدَهُ لَهُ بَعْدَ الْمَجْلِسِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ، فَإِنَّ الْحَوْلَ يُبْتَدَأُ مِنْ الشِّرَاءِ، وَلَا يَنْبَنِي عَلَى عُرُوضِ التِّجَارَةِ الَّتِي عِنْدَهُ، لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِمَا فِي الذِّمَّةِ، وَلَا حَوْلَ لَهُ وَمَا نَقَدَهُ فِيهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ صَرْفُهُ لَهُ، وَلَوْ نَوَاهُ حِينَ الشِّرَاءِ، وَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ أَوْ دُونَهُ لَوْ كَانَ هَذَا الدُّونُ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ الَّذِي لَمْ يَنْقَطِعْ حَوْلُهُ، فَلَا إشْكَالَ فِي بَقَاءِ الْحَوْلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ بِعَرْضِ قِنْيَةٍ. فَائِدَةٌ: قَالَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الثَّمَنُ الَّذِي مَلَكَ بِهِ الْعَرْضَ هُوَ الْمُعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ، أَوْ الْمَجْلِسِ، أَمَّا الَّذِي نَقَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا، وَاَلَّذِي مَلَكَهُ بِهِ هُوَ مَا فِي الذِّمَّةِ، وَلَا حَوْلَ لَهُ انْتَهَى، وَمِنْهُ تُعْلَمُ صِحَّةُ مَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا، وَقَوْلُهُ: عَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ ظَاهِرَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ النَّقْدَ لَمْ يَتَعَيَّنْ صَرْفُهُ) الْمُرَادُ النَّقْدُ الَّذِي دَفَعَهُ بَعْدَ الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (عَلَى خِلَافِهِ) مُتَعَلِّقٌ مُخْتَلِفٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُضَمُّ الرِّبْحُ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى النِّتَاجِ بِالْأَوْلَى لِعُسْرِ مُرَاقَبَةِ الْقَيِّمِ ارْتِفَاعًا وَانْخِفَاضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا إنْ نَضَّ) أَيْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّتَاجِ أَنَّ النِّتَاجَ مِنْ عَيْنِ الْأُمَّهَاتِ وَالرِّبْحُ، إنَّمَا هُوَ مُكْتَسَبٌ بِحُسْنِ التَّصَرُّفِ، وَلِهَذَا يَرُدُّ الْغَاصِبُ النِّتَاجَ دُونَ الرِّبْحِ، وَلَوْ صَارَ نَاضًّا بِإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، فَكَمَا لَوْ نَضَّ بِالتِّجَارَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ تَأَخَّرَ دَفْعُ الْقِيمَةِ، أَوْ بَاعَهُ بِزِيَادَةٍ إلَى أَجَلٍ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الضَّمِّ أَيْضًا، وَلَوْ نَضَّ الرِّبْحُ بَعْدَ الْحَوْلِ، بِأَنْ كَانَ ظَاهِرًا قَبْلَ الْحَوْلِ ضُمَّ وَإِلَّا فَلَا. وَقَوْلُ الشَّارِحِ: أَيْ صَارَ الْكُلُّ نَاضًّا احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ نَضَّ الْبَعْضُ، وَلَوْ كَانَ نَاقِصًا وَمِنْ جِنْسِ مَا يُقَوَّمُ بِهِ، فَالْحَوْلُ وَالضَّمُّ بَاقٍ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنْ قَلَّ الْعِوَضُ، بَلْ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ نِصَابًا ثُمَّ نَضَّ، وَنَضَّ مَعَهُ رِبْحٌ لَا يُفْرَدُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 إلَى تَمَامِ حَوْلِ الشِّرَاءِ وَاعْتَبَرْنَا النِّصَابَ آخِرَ الْحَوْلِ فَقَطْ زَكَّاهُمَا إنْ ضَمَمْنَا الرِّبْحَ إلَى الْأَصْلِ وَإِلَّا زَكَّى مِائَةَ الرِّبْحِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أُخْرَى. وَإِنْ اعْتَبَرْنَا النِّصَابَ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ أَوْ فِي طَرَفَيْهِ فَابْتِدَاءُ حَوْلِ الْجَمِيعِ مِنْ حِينِ بَاعَ وَنَضَّ فَإِذَا تَمَّ زَكَّى الْمِائَتَيْنِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ وَلَدَ الْعَرْضِ) مِنْ الْحَيَوَانِ غَيْرِ السَّائِمَةِ كَالْخَيْلِ وَالْجَوَارِي وَالْمَعْلُوفَةِ (وَثَمَرَهُ) مِنْ الْأَشْجَارِ (مَالُ تِجَارَةٍ) وَالثَّانِي يَقُولُ لَمْ يُحَصَّلَا بِالتِّجَارَةِ (وَ) الْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّ حَوْلَهُ حَوْلُ الْأَصْلِ) وَالثَّانِي لَا بَلْ يُفْرَدُ بِحَوْلٍ مِنْ انْفِصَالِ الْوَلَدِ وَظُهُورِ الثَّمَرِ. وَإِذَا قُلْنَا: الْوَلَدُ لَيْسَ مَالَ تِجَارَةٍ وَنَقَصَتْ الْأُمُّ بِالْوِلَادَةِ جُبِرَ نَقْصُهَا مِنْ قِيمَتِهِ فَفِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَصَارَتْ بِالْوِلَادَةِ تِسْعَمِائَةٍ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ مِائَتَيْنِ يُزَكِّي الْأَلْفَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الْعَرْضِ السَّائِمَةِ (وَوَاجِبُهَا) أَيْ التِّجَارَةِ (رُبْعُ عُشْرِ الْقِيمَةِ) وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَخْصَرُ وَأَوْضَحُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ. وَالْمُخْرِجُ لِلزَّكَاةِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ الْقِيمَةَ أَيْ النَّقْدَ الَّذِي تُقَوَّمُ بِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ وَاجِبَ النَّقْدِ رُبْعُ الْعُشْرِ، وَعِبَارَةُ الْوَجِيزِ: وَأَمَّا الْمُخْرَجُ فَهُوَ رُبْعُ عُشْرِ الْقِيمَةِ (فَإِنْ مَلَكَ) الْعَرْضَ (بِنَقْدٍ قُوِّمَ بِهِ إنْ مَلَكَ نِصَابَ) دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ نَقْدِ الْبَلَدِ الْغَالِبِ (وَكَذَا دُونَهُ) أَيْ دُونَ النِّصَابِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُقَوَّمُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِبَقِيَّةِ النِّصَابِ مِنْ ذَلِكَ النَّقْدِ فَإِنْ كَانَ قُوِّمَ بِهِ لِبِنَاءِ حَوْلِ التِّجَارَةِ عَلَى حَوْلِهِ كَمَا فِي الْأَوَّلِ كَأَنْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهُوَ يَمْلِكُ مِائَةً أُخْرَى (أَوْ) مَلَكَ (بِعَرْضٍ) لِلْقِنْيَةِ (فَبِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ) مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ يُقَوَّمُ. وَكَذَا لَوْ مَلَكَ بِنِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ (فَإِنْ غَلَبَ نَقْدَانِ) عَلَى التَّسَاوِي (وَبَلَغَ بِأَحَدِهِمَا) دُونَ الْآخَرِ (نِصَابًا قُوِّمَ بِهِ فَإِنْ بَلَغَ) نِصَابًا (بِهِمَا قُوِّمَ بِالْأَنْفَعِ لِلْفُقَرَاءِ وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ) فَيُقَوَّمُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا.   [حاشية قليوبي] صَارَ الْكُلُّ نَاضًّا) فَلَوْ نَضَّ بَعْضُهُ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (إنْ ضَمَمْنَا) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ نَضُمَّ عَلَى الرَّاجِحِ زَكَّى مِائَةَ الرِّبْحِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَزَكَّى مِائَةَ الْأَصْلِ قَبْلَهَا عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ التِّجَارَةِ لِأَنَّ النَّضُوضَ لَا يَقْطَعُهُ لِكَوْنِهِ نِصَابًا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ تَمَّ الْحَوْلُ وَقِيمَتُهُ دُونَ نِصَابٍ اُبْتُدِئَ حَوْلٌ مِنْ آخِرِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ مَا يَتِمَّ بِهِ النِّصَابُ زَكَّاهُمَا آخِرَهُ. قَوْلُهُ: (أَنَّ وَلَدَ الْعَرْضِ مِنْ الْحَيَوَانِ مَالُ تِجَارَةٍ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ نَعَمٍ أَوْ خَيْلٍ أَوْ إمَاءٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَهُ فَرْخُ بَيْضٍ لِلتِّجَارَةِ، وَيُلْحَقُ بِوَلَدِهِ صُوفُهُ وَرِيشُهُ وَوَبَرُهُ وَشَعْرُهُ وَلَبَنُهُ وَسَمْنُهُ وَنَحْوُهَا، فَكُلُّهَا مَالُ تِجَارَةٍ. وَقَوْلُهُ: (وَثَمَرَهُ) أَيْ عَرْضَ التِّجَارَةِ مِنْ نَخْلٍ وَعِنَبٍ وَغَيْرِهِمَا مَالُ تِجَارَةٍ وَكَذَا تِبْنُهُ وَأَغْصَانُهُ وَأَوْرَاقُهُ وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَهُ نَبَاتُ بَذْرِهِ وَسَنَابِلُهُ. تَنْبِيهٌ: يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ الْمَالِكُ مِنْ اسْتِعْمَالِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ كَرُكُوبِ حَيَوَانِهَا وَسُكْنَى عَقَارِهَا وَلَا مِنْ الْأَكْلِ مِنْ حَيَوَانِهَا أَوْ ثِمَارِهَا أَوْ لَبَنِهَا وَلَا مِنْ اللُّبْسِ مِنْ نَحْوِ صُوفِهَا وَلَا مِنْ وَطْءِ إمَائِهَا، وَلَا مِنْ هِبَةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا مِنْ التَّصَدُّقِ بِهِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَلَا مِنْ إعَارَتِهِ، وَلَا إجَارَتِهِ، وَإِنَّ كُلَّ مَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِنَحْوِ الصَّدَقَةِ أَوْ اُسْتُهْلِكَ بِنَحْوِ الْأَكْلِ بَطَلَتْ فِيهِ التِّجَارَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ لَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ كَنِيَّةِ الْقِنْيَةِ أَوْ أَقْوَى، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَأَنَّ أُجْرَةَ مَا أَجَّرَهُ تَكُونُ لَهُ لَا مَالُ تِجَارَةٍ وَإِنْ كَسَبَ رَقِيقَ التِّجَارَةِ وَمَهْرَ إمَائِهَا لَيْسَ مَالَ تِجَارَةٍ أَيْضًا لِذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ الْأَمَةُ خَرَجَتْ كَوَلَدِهَا عَنْ مَالِ التِّجَارَةِ بِالْأَوْلَى مِمَّا مَرَّ لِامْتِنَاعِ بَيْعِهَا، وَإِنَّ مَا تَلِفَ مِنْ أَمْوَالِهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَوْ بِغَيْرِهِ خَرَجَ عَنْ مَالِ التِّجَارَةِ أَيْضًا إلَّا إنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ ضَامِنٌ فَبَدَّلَهُ مَالُ التِّجَارَةِ كَمَا مَرَّ. هَذَا مَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ مَحَلِّهِ وَيَعْمَلُ بِمَا وَافَقَ مِنْهُ الْمَنْقُولَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . قَوْلُهُ: (فَبِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ مَا غَلَبَ   [حاشية عميرة] الرِّبْحُ النَّاضُّ بِحَوْلٍ مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْ الْعَرْضِ، لَمْ يَنِضَّ وَلَيْسَ مُرَادًا فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (إنْ ضَمَمْنَا الرِّبْحَ) أَيْ النَّاضَّ وَذَلِكَ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَيْ بِخِلَافِ الْمِائَةِ الْأُولَى، فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا الْآنَ لِأَنَّهُ تَمَامُ حَوْلِهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ اعْتَبَرْنَا النِّصَابَ إلَخْ) بِهَذَا فَارَقَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ نِصَابًا، وَهُوَ حِكْمَةُ إفْرَادِ الشَّارِحِ لَهَا عَنْ الْأُولَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَثَمَرَهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: صُوفُ الْحَيَوَانِ، وَأَغْصَانُ الشَّجَرِ وَأَوْرَاقُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، أَيْ كَلَبَنِهِ وَسَمْنِهِ دَاخِلٌ هُنَا فِي الثَّمَرِ. قَوْلُهُ: (بَلْ يُفْرَدُ) أَيْ كَمَا فِي الرِّبْحِ النَّاضِّ. قَوْلُهُ: (وَظُهُورِ الثَّمَرِ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ التَّأْبِيرُ وَنَحْوُهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ النَّقْدُ) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ لَا مِنْ كَلَامِ الْمُحَرَّرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُوِّمَ بِهِ) لِأَنَّهُ لَمَّا حَصَّلَهُ بِهِ كَانَ أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَصَارَ كَالْمُسْتَحَاضَةِ تُرَدُّ إلَى عَادَتِهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ فَالْغَالِبُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُومُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِأَنَّ الْحَوْلَ الْمَبْنِيَّ عَلَى حَوْلِ النِّصَابِ الْأَوَّلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِنَقْلِ الرَّافِعِيِّ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ، وَتَصْحِيحُ الْأَوَّلِ عَنْ مُقْتَضَى إيرَادِ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ. وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي الْمُحَرَّرِ بِأَوْلَى الْوَجْهَيْنِ (وَإِنْ مَلَكَ بِنَقْدٍ وَعَرْضٍ قُوِّمَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْغَالِبِ) مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَفِيمَا إذَا كَانَ النَّقْدُ دُونَ نِصَابِ الْوَجْهِ السَّابِقِ. (وَتَجِبُ فِطْرَةُ عَبْدِ التِّجَارَةِ مَعَ زَكَاتِهَا) لِاخْتِلَافِ سَبَبِهِمَا (وَلَوْ كَانَ الْعَرْضُ سَائِمَةً فَإِنْ كَمُلَ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ (نِصَابُ إحْدَى الزَّكَاتَيْنِ) الْعَيْنُ وَالتِّجَارَةُ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ نِصَابِ الْأُخْرَى كَأَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا آخِرَ الْحَوْلِ أَوْ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ فَمَا دُونَهَا قِيمَتُهَا نِصَابٌ (وَجَبَتْ) زَكَاةُ مَا كَمُلَ نِصَابُهُ (أَوْ) كَمُلَ (نِصَابُهُمَا فَزَكَاةُ الْعَيْنِ) تَجِبُ (فِي الْجَدِيدِ) وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ فِي الْقَدِيمِ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الزَّكَاتَيْنِ وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي ثَمَرِ الْعَرْضِ إذَا بَلَغَ نِصَابًا، وَعَلَى الْجَدِيدِ تُضَمُّ السِّخَالُ إلَى الْأُمَّهَاتِ وَعَلَى الْقَدِيمِ تُقَوَّمُ مَعَ دَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَصُوفِهَا وَمَا اُتُّخِذَ مِنْ لَبَنِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ النِّتَاجَ مَالُ تِجَارَةٍ. وَلَا يَضُرُّ نَقْصُ قِيمَتِهَا عَلَى النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِآخِرِهِ (فَعَلَى هَذَا) أَيْ الْجَدِيدِ (لَوْ سَبَقَ حَوْلُ التِّجَارَةِ بِأَنْ اشْتَرَى بِمَالِهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ حَوْلِهَا (نِصَابَ سَائِمَةٍ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا ثُمَّ يَفْتَتِحُ) مِنْ تَمَامِهِ (حَوْلًا لِزَكَاةِ الْعَيْنِ أَبَدًا) أَيْ فَتَجِبُ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ. وَالثَّانِي يَبْطُلُ حَوْلُ التِّجَارَةِ وَتَجِبُ زَكَاةُ الْعَيْنِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا مِنْ الشِّرَاءِ وَلِكُلِّ حَوْلٍ بَعْدَهُ. وَعَلَى الْقَدِيمِ تَجِبُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ لِكُلِّ حَوْلٍ. (وَإِذَا قُلْنَا عَامِلُ الْقِرَاضِ لَا يَمْلِكُ الرِّبْحَ) الْمَشْرُوطَ لَهُ (بِالظُّهُورِ) بَلْ بِالْقِسْمَةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا سَيَأْتِي فِي   [حاشية قليوبي] التَّعَامُلُ بِهِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ فِي بَلَدٍ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى الْمَالِ وَهُوَ قَارَبَهَا أَوْ أَقْرَبُ بَلَدٍ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (قُوِّمَ بِهِ) لِأَنَّهُ تَخْمِينٌ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ النَّقْصُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْوَزْنَ فِيمَا مَرَّ لِأَنَّهُ أَضْبَطُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ لَا وَقْتَ الْإِخْرَاجِ فَيَضْمَنُ مَا نَقَصَ لَا مَا زَادَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ أَصْلِ الرَّوْضَةِ. وَفَارَقَ تَعَيُّنَ الْأَغْبَطِ فِي الْحَيَوَانِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْعَيْنِ أَشَدُّ. كَذَا قِيلَ. وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ لِأَنَّ مَا يُقَوَّمُ بِهِ هُنَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَغْبَطُ فِي مِلْكِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (قُوِّمَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ) وَيُعْرَفُ قَدْرُ مُقَابِلِهِ بِتَقْوِيمِ الْعَرْضِ يَوْمَ التَّمَلُّكِ بِهِ بِالنَّقْدِ الَّذِي مَعَهُ وَمَعْرِفَةُ النِّسْبَةِ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (وَالْبَاقِي بِالْغَالِبِ) أَيْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ ثُمَّ إنْ اتَّفَقَ جِنْسُهُمَا ضُمَّا فِي النِّصَابِ وَإِلَّا فَلَا، ثُمَّ إنْ بَلَغَ أَحَدُهُمَا نِصَابًا وَجَبَتْ زَكَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا. تَنْبِيهٌ: لَوْ شَكَّ فِي جِنْسِ النَّقْدِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ أَوْ فِي جِنْسِ الْعَرْضِ أَوْ قَدْرِهِ فَفِيهِ تَأَمُّلٌ يُرَاجَعُ وَالْوَجْهُ فِيهِ الْعَمَلُ بِالْأَحْوَطِ. قَوْلُهُ: (لِاخْتِلَافِ سَبَبِهِمَا) فَهُوَ كَالْقِيمَةِ مَعَ الْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِ الْعَبْدِ أَوْ مَعَ الْجَزَاءِ فِي قَتْلِ الْمُحْرِمِ صَيْدًا مَمْلُوكًا. قَوْلُهُ: (فَزَكَاةُ الْعَيْنِ) لِلنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ وَيُعْتَبَرُ فِي صُوفِهَا، وَنَحْوُهُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ إنْ كَانَتْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَإِنْ بَلَغَ نِصَابًا   [حاشية عميرة] يُقَوَّمُ بِهِ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا إلَخْ) أَيْ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِمَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (لِاخْتِلَافِ سَبَبِهِمَا) نَظِيرُهُ الْعَبْدُ الْمَقْتُولُ فِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ وَالْكَفَّارَةِ، وَوُجُوبِ الْقِيمَةِ وَالْجَزَاءِ فِي قَتْلِ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ الْمَمْلُوكَ. قَوْلُهُ: (وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ فِي الْقَدِيمِ) أَيْ نَظَرًا لِكَثْرَةِ النَّفْعِ فِيهَا بِسَبَبِ اعْتِبَارِ الصُّوفِ وَاللَّبَنِ وَسَائِرِ الْأَجْزَاءِ وَالْفَوَائِدِ وَعَدَمِ الْوَقْصِ، وَوَجْهُ الْجَدِيدِ قُوَّةُ زَكَاةِ الْعَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ، فَإِنَّ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَوْلًا فِي الْقَدِيمِ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ كَمَا أَسْلَفْنَاهُ فِيمَا مَضَى. قَوْلُهُ: (تُضَمُّ السِّخَالُ) أَيْ وَأَمَّا الصُّوفُ وَاللَّبَنُ وَنَحْوُهُمَا، فَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ فِيهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَمَّا غَلَبَتْ زَكَاةُ الْعَيْنِ فِيهَا امْتَنَعَتْ الزَّكَاةُ فِي فَوَائِدِهَا، وَيُرَجِّحُ هَذَا تَعْلِيلُهُمْ تَقْلِيبَ التِّجَارَةِ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ فِيهَا مِنْ الصُّوفِ وَالدَّرِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا سَلَفَ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقُوتِ مَا قَدْ يُرَجِّحُ الْأَوَّلَ حَيْثُ قَالَ: إذَا غَلَبَتْ زَكَاةُ الْعَيْنِ لَمْ تَسْقُطْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ عَنْ قِيمَةِ الْجَذَعِ، وَتِبْنُ الزَّرْعِ وَالْأَرْضِ انْتَهَى، فَقَدْ يُقَالُ: تِلْكَ الْفَوَائِدُ فِي مَعْنَى التِّبْنِ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ حِرْصًا عَلَى صِحَّةِ تَعْلِيلِ الْقَدِيمِ، وَالتِّبْنُ هُوَ الْقَصْلُ مَعَ وَرَقِهِ الْحَامِلُ لِلسَّنَابِلِ، وَالْحَبَّاتِ فَهُوَ نَظِيرُ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ فِي تَفَرُّعِ الثِّمَارِ عَنْهَا بِخِلَافِ الصُّوفِ وَاللَّبَنِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ الْعَيْنِ الْمُزَكَّاةِ وَمِنْ فَوَائِدِهَا التَّابِعَةِ لَهَا فَحَيْثُ سَقَطَتْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ فِي الْمَتْبُوعِ، اتَّجَهَ سُقُوطُهَا فِي التَّابِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ يَفْتَتِحُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى تَقْدِيمِ زَكَاةِ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا التِّجَارَةَ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ لِئَلَّا يُحْبِطُ مَا مَضَى مِنْ حَوْلِهَا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 بَابِهِ (فَعَلَى الْمَالِكِ) عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ (زَكَاةُ الْجَمِيعِ) رَأْسُ الْمَالِ وَالرِّبْحُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ (فَإِنْ أَخْرَجَهَا) مِنْ عِنْدِهِ فَذَاكَ أَوْ (مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ حُسِبَتْ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْأَصَحِّ) كَالْمُؤَنِ الَّتِي تَلْزَمُ الْمَالَ مِنْ أُجْرَةِ الدَّلَّالِ وَالْكَيَّالِ وَغَيْرِهِمَا. وَالثَّانِي مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالثَّالِثُ مِنْ الْجَمِيعِ بِالتَّقْسِيطِ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَتَيْنِ وَالرِّبْحُ مِائَةً فَثُلُثَا الْمُخْرَجِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَثُلُثُهُ مِنْ الرِّبْحِ (وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ) الْعَامِلُ الرِّبْحَ الْمَشْرُوطَ لَهُ (بِالظُّهُورِ لَزِمَ الْمَالِكَ زَكَاةُ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَامِلَ زَكَاةُ حِصَّتِهِ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا تَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ كَمَالِ التَّصَرُّفِ فِيهَا وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهَا بِطَلَبِ الْقِسْمَةِ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالثَّانِي لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ لِاحْتِمَالِ الْخُسْرَانِ. وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ تَرْجِيحِ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ، وَرَجَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْقَطْعَ بِاللُّزُومِ وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ عَلَيْهِ مِنْ حِينِ الظُّهُورِ، فَإِذَا تَمَّ وَحِصَّتُهُ نِصَابٌ لَزِمَهُ زَكَاتُهَا. وَلَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَلَهُ الِاسْتِبْدَادُ بِإِخْرَاجِهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ. بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ» . (تَجِبُ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي بِطُلُوعِ فَجْرِهِ   [حاشية قليوبي] وَجَبَتْ زَكَاتُهُ، وَلَا يُكْمَلُ بِالْعَيْنِ كَعَكْسِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ حَوْلَاهُمَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَخْرَجَهَا) أَيْ الْمَالِكُ مِنْ عِنْدِهِ فَذَاكَ ظَاهِرٌ وَوَاضِحٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا الْمَالِكُ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (حُسِبَتْ مِنْ الْمُرْبَحِ) إنْ لَمْ يُصَرِّحَا بِالتَّوْزِيعِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَحِصَّتُهُ نِصَابٌ) وَلَمْ تُعْتَبَرْ الشَّرِكَةُ هُنَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مِلْكِ الْعَامِلِ. وَهَذَا عَلَى الطَّرِيقِ، الْمَرْجُوحِ، كَقَوْلِهِ: وَلَهُ الِاسْتِبْدَادُ أَيْ الِاسْتِقْلَالُ بِإِخْرَاجِهَا وَهُوَ بِدَالَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ. فَرْعٌ: لَوْ بَاعَ مَالَ التِّجَارَةِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهَا أَوْ جَعَلَهُ صَدَاقًا، وَنَحْوُ ذَلِكَ بَعْدَ وُجُوبِهَا وَقَبْلَ إخْرَاجِهَا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا عِوَضَ فِيهِ. كَذَا قَالُوا. وَالْوَجْهُ صِحَّتُهُ وَاعْتِبَارُ قِيمَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ قَبْلَ الْوُجُوبِ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. وَرَاجِعْ وَافْهَمْ. بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ هِيَ لُغَةً إمَّا بِمَعْنَى الْفِطْرَةِ أَيْ الْخِلْقَةِ فَهِيَ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى سَبَبِهِ، وَحِكْمَتُهَا تَزْكِيَةُ النَّفْسِ وَتَنْمِيَةُ عَمَلِهَا أَوْ بِمَعْنَى الْفِطْرِ مِنْ الصَّوْمِ فَهِيَ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى جُزْءِ سَبَبِهِ وَحِكْمَتُهَا جَبْرُ خَلَلٍ يَقَعُ فِي الصَّوْمِ كَسُجُودِ السَّهْوِ لِلصَّلَاةِ وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهَا مِنْ خَوَاصِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَكَانَ مُقْتَضَى هَذَا عَدَمَ وُجُوبِهَا كَمَا قِيلَ بِهِ، وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ خَطَأٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: رُوعِيَ فِيهَا النَّصُّ الْآتِي. وَلِذَلِكَ لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا. وَفُرِضَتْ فِي رَمَضَانَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ وَلَفْظُ الْفِطْرَةِ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمُّهَا لَحْنٌ مُوَلَّدٌ لَا عَرَبِيٌّ وَلَا مُعَرَّبٌ، وَهِيَ شَرْعًا اسْمٌ لِمَا يُخْرَجُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَرَضَ) أَيْ أَوْجَبَ. قَوْلُهُ: (عَلَى كُلِّ) أَيْ عَنْ كُلِّ لِأَنَّهُ الْمُؤَدِّي عَنْهُ وَأَشَارَ بِعَلَى إلَى أَنَّ الْوُجُوبَ يُلَاقِيهِ ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ: (بِأَوَّلِ) أَيْ بِإِدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ أَوَّلِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْ مَعَ إدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ قَبْلَهَا   [حاشية عميرة] الْقَدِيمِ إلَخْ) قَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَدِيمَ وَالْجَدِيدَ جَارِيَانِ، سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ الزَّكَاتَانِ فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ أَوْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى. قَوْلُهُ: (وَحِصَّتُهُ نِصَابٌ) لَك أَنْ تَقُولَ هَلَّا اعْتَبَرَ الْخُلْطَةَ مَعَ شَرِيكِهِ. بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ [بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (زَكَاةُ الْفِطْرِ) أُضِيفَتْ إلَيْهِ لِأَنَّ وُجُوبَهَا يَدْخُلُ بِهِ، وَيُقَالُ لَهَا: زَكَاةُ الْفِطْرَةِ بِالْكَسْرِ أَيْ الْخِلْقَةِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] وَيُقَالُ بِالْكَسْرِ أَيْضًا لِلْمُخْرَجِ قَالَ النَّوَوِيُّ: لَكِنَّهَا مُوَلَّدَةٌ لَيْسَتْ عَرَبِيَّةً وَلَا مُعَرَّبَةً بَلْ اصْطِلَاحِيَّةً لِلْفُقَهَاءِ، وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهَا بِخِلَافِهِ زَكَاةِ الْعَيْنِ، فَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ إلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ رَمَضَانَ) يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ. قَوْلُهُ: (عَلَى كُلِّ حُرٍّ) أَيْ عَنْ كُلِّ حُرٍّ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ. وَقَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 وَالثَّالِثُ بِهِمَا (فَتُخْرَجُ) عَلَى الْأَوَّلِ (عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ دُونَ مَنْ وُلِدَ) بَعْدَهُ وَلَا تُخْرَجُ عَلَى الْآخَرِينَ عَنْ الْمَيِّتِ، وَتُخْرَجُ عَلَى الثَّانِي عَنْ الْمَوْلُودِ وَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ إخْرَاجِهَا عَنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ انْتِفَاءُ إخْرَاجِهَا عَنْهُ عَلَى الثَّالِثِ (وَيُسَنُّ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ صَلَاتِهِ) أَيْ الْعِيدِ بِأَنْ تُخْرَجَ قَبْلَهَا فِي يَوْمِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَدَلِيلُهُ مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ.» (وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِهِ) أَيْ الْعِيدِ فَيَجُوزُ إخْرَاجُهَا فِيهِ بَعْدَ صَلَاتِهِ وَإِذَا أُخِّرَتْ عَنْهُ تُقْضَى (وَلَا فِطْرَةَ عَلَى كَافِرٍ) لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (إلَّا فِي عَبْدِ) الْمُسْلِمِ (وَقَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ) فَتَجِبُ عَلَيْهِ عَنْهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) الْمَبْنِيُّ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْمُؤَدِّي. وَالثَّانِي: وَهُوَ عَدَمُ الْوُجُوبِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدِّي عَنْ غَيْرِهِ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا. وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْإِمَامُ: لَا صَائِرَ إلَى أَنَّ الْمُتَحَمَّلَ عَنْهُ يَنْوِي وَالْكَافِرُ لَا تَصِحُّ مِنْهُ النِّيَّةُ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَمَةَ كَالْعَبْدِ. وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِالْمُسْتَوْلَدَةِ وَلَوْ أَسْلَمَتْ ذِمِّيَّةٌ تَحْتَ ذِمِّيٍّ وَدَخَلَ وَقْتُ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ فِي الْعِدَّةِ فَفِي   [حاشية قليوبي] لِأَنَّهُمَا سَبَبُ الْوُجُوبِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ) يَقِينًا وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِهَا لِتَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ وَخَرَجَ مَنْ مَاتَ مَعَ الْغُرُوبِ لِعَدَمِ إدْرَاكِهِ الْجُزْءَ الثَّانِي، وَمَا لَوْ شَكَّ فِيهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (مَنْ وُلِدَ بَعْدَهُ) وَلَوْ احْتِمَالًا وَكَذَا مَعَهُ لِعَدَمِ إدْرَاكِ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ يَقِينًا وَالْعِبْرَةُ بِتَمَامِ الِانْفِصَالِ لَا بِمَا قَبْلَهُ، وَإِنْ سَبَقَ عَلَى الْغُرُوبِ. فَرْعٌ: لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا مَعَ أَوَّلِ الْغُرُوبِ فَلَا زَكَاةَ عَنْهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَوْ قَبْلَهُ فَعَلَى الْعَتِيقِ، نَعَمْ إنْ أَقَرَّ بَعْدَهُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَهُ فَعَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي نَقْلَهَا وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا. وَلَوْ وَقَعَ بَيْعُ الْعَبْدِ مَعَ الْغُرُوبِ فَلَا زَكَاةَ عَنْهُ عَلَى وَاحِدٍ، وَلَوْ وَقَعَ الْجُزْءَانِ فِي زَمَنِ خِيَارٍ لَهُمَا فَعَلَى مَنْ تَمَّ لَهُ الْمِلْكُ أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَعَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهُ الْمِلْكُ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ صَلَاتِهِ) أَيْ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا الْغَالِبِ وَهُوَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَاتٍ، نَعَمْ يُنْدَبُ تَأْخِيرُهَا عَنْهَا وَلَوْ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ لَا عَنْهُ، لِانْتِظَارِ نَحْوِ قَرِيبٍ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ إخْرَاجَهَا حَالَةَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَ الْخُرُوجِ إلَيْهَا وَالدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا يَفِي بِذَلِكَ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ إلَى بِمَعْنَى مِنْ. قَوْلُهُ: (فِي يَوْمِهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إخْرَاجِهَا لَيْلًا نَعَمْ لَوْ شَهِدُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ بِرُؤْيَتِهِ بِالْأَمْسِ فَإِخْرَاجُهَا لَيْلًا أَفْضَلُ، قَالَهُ شَيْخُنَا كَشَيْخِهِ الْبُرُلُّسِيِّ. وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ إخْرَاجِهَا فِيهِ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْعُدْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِهِ) وَلَوْ لِنَحْوِ قَرِيبٍ. قَوْلُهُ: (تُقْضَى) لِأَنَّ زَمَنَهَا الْمُقَدَّرَ لَهَا قَدْ فَاتَ، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ زَكَاةَ الْمَالِ وَيَجِبُ الْعَزْمُ فِي قَضَائِهَا إنْ لَمْ يُعْذَرْ فِي تَأْخِيرِهَا كَغَيْبَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ غَيْبَةِ مَالِهِ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لِأَنَّ غَيْبَتَهُ فِيهَا سَقَطَ لَهَا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَا فِطْرَةَ عَلَى كَافِرٍ) أَيْ عَنْ كَافِرٍ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ) وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِمَالِهِ، وَيَتَحَمَّلُهَا غَيْرُهُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) فَيَكْفِي عِنْدَهُ الْإِخْرَاجُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْهُ، وَنُقِلَ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وُجُوبُ النِّيَّةِ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهَا لِلتَّمْيِيزِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَالْمُسْتَوْلَدَةُ) أَيْ وَلَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ. قَوْلُهُ: (فِي الْعِدَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِدَخَلَ وَقْتٌ فَيُفِيدُ وُجُوبَهَا عَلَيْهِ عَنْهَا وَإِنْ أَصَرَّ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ، وَلَا نَظَرَ لِمُنَازَعَةِ   [حاشية عميرة] فَرْضٌ مَعْنَاهُ وَاجِبٌ، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ ذَلِكَ بَعْدُ وَمِنْ مَجِيءِ عَلَى بِمَعْنَى عَنْ، قَوْلُ الشَّاعِرِ: إذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ) أَيْ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى الْفِطْرِ مِنْ الْحَدِيثِ، وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهَا قُرْبَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعِيدِ، فَكَانَتْ كَالْأُضْحِيَّةِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ وَقْتَ الْعِيدِ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَا الْفَجْرِ، وَوَجْهُ الثَّالِثِ اعْتِبَارُ الشَّيْئَيْنِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَمْرَيْنِ، وَوَجَّهَهُ الْقَاضِي بِأَنَّ حَقِيقَةَ الْفِطْرِ، إنَّمَا تَحْصُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ إذْ اللَّيْلُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلصَّوْمِ، فَاشْتُرِطَ كِلَا الطَّرَفَيْنِ أَحَدُهُمَا لِدُخُولِ وَقْتِ الْفِطْرِ وَالْآخَرُ لِتَحَقُّقِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِخْرَاجِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَ الْمُؤَدِّي مِنْهُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَتَلَفِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ قَبْلَ الْغُرُوبِ بَعْدَ أَنْ زَكَّى عَنْهُ، لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ وَشَرْطُ الْإِخْرَاجِ عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَقْتَ الْغُرُوبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ صَلَاتِهِ) أَيْ عَنْ أَوَّلِهَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تُخْرَجَ قَبْلَهَا فِي يَوْمِهِ) أَيْ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ إخْرَاجِهَا لَيْلًا، لَكِنْ لَوْ شَهِدُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ بِرُؤْيَتِهِ فِي الْمَاضِيَةِ فَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الْعَبْدَ يُصَلِّي مِنْ الْغَدِ أَدَاءً، فَهَلْ يُقَالُ بِاسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ الْفِطْرَةِ أَمْ الْمُبَادَرَةِ أَوْلَى الظَّاهِرُ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَمْ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا الصَّارِفُ لِهَذَا الْأَمْرِ عَنْ الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (الْمُسْلِمِ) يُرِيدُ أَنَّ عِبَارَةَ الْمَتْنِ فِيهَا حَذْفٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَسْلَمَتْ ذِمِّيَّةٌ) هِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْحَصْرِ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 وُجُوبِ فِطْرَتِهَا عَلَيْهِ الْوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ مُدَّةِ التَّخَلُّفِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْآتِي فِي بَابِهِ، وَفِي وُجُوبِهَا عَلَى الْمُرْتَدِّ الْأَقْوَالُ فِي بَقَاءِ مِلْكِهِ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ تَبَيَّنَّا بَقَاءَهُ فَتَجِبُ وَإِلَّا فَلَا. ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَلَا) فِطْرَةَ عَلَى (رَقِيقٍ) أَمَّا غَيْرُ الْمُكَاتَبِ فَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَفِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ قِنًّا كَانَ أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُعَلَّقَ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ. وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلِضَعْفِ مِلْكِهِ وَلَا فِطْرَةَ عَلَى سَيِّدِهِ عَنْهُ لِنُزُولِهِ مَعَهُ مَنْزِلَةَ الْأَجْنَبِيِّ. وَقِيلَ: تَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (وَفِي الْمُكَاتَبِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ وَفِطْرَةُ زَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ فِي كَسْبِهِ كَنَفَقَتِهِمْ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَلْزَمُهُ) مِنْهُ الْفِطْرَةُ (قِسْطُهُ) مِنْ الْحُرِّيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِ بَعْضِهِ مُهَايَأَةٌ. وَكَذَا يَلْزَمُ كُلًّا مِنْ شَرِيكَيْنِ فِي عَبْدٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اخْتَصَّتْ الْفِطْرَةُ بِمَنْ وَقَعَ زَمَنُ وُجُوبِهَا فِي نَوْبَتِهِ. وَقِيلَ يُوَزَّعُ بَيْنَهُمَا كَمَا سَبَقَ (وَلَا) فِطْرَةَ عَلَى (مُعْسِرٍ) وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ (فَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ فِي نَفَقَتِهِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمِهِ شَيْءٌ) يُخْرِجُهُ فِي الْفِطْرَةِ (فَمُعْسِرٌ) بِخِلَافِ مَنْ فَضَلَ عَنْهُ مَا يُخْرِجُهُ فِيهَا مِنْ أَيِّ جِنْسٍ كَانَ مِنْ الْمَالِ فَهُوَ مُوسِرٌ لَكِنْ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ: (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ) أَيْ الْفَاضِلِ عَمَّا ذُكِرَ (فَاضِلًا عَنْ مَسْكَنٍ) يَحْتَاجُ إلَيْهِ (وَخَادِمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) وَهَذَا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَوْ ثَبَتَتْ الْفِطْرَةُ فِي ذِمَّةِ إنْسَانٍ بِعْنَا خَادِمَهُ وَمَسْكَنَهُ فِيهَا لِأَنَّهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ   [حاشية قليوبي] بَعْضِهِمْ فِيهِ. وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لَزِمَهُ فِطْرَةُ أَرْبَعٍ فَقَطْ لِأَنَّ وُجُوبَ نَفَقَةِ مَنْ زَادَ عَلَيْهَا لِحَبْسِهِ لَا لِلزَّوْجِيَّةِ. كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ. وَأَمَّا فِطْرَةُ الْبَاقِيَاتِ مِنْهُنَّ فَعَلَيْهِنَّ وَيَتَمَيَّزْنَ عِنْدَ الِاخْتِيَارِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الصَّحِيحُ) فَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لُزُومُ الْفِطْرَةِ وَفِي النِّيَّةِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَفِي وُجُوبِهَا عَلَى الْمُرْتَدِّ) عَنْ نَفْسِهِ وَعَمَّنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَفِي وُجُوبِهَا عَنْهُ أَيْضًا أَقْوَالٌ أَصَحُّهَا إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ تَبَيَّنَ بَقَاءُ مِلْكِهِ وَإِسْلَامُهُ فَتَجِبُ عَلَيْهِ وَعَنْهُ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا وَفِيهِ بَحْثٌ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِيمَنْ أَسْلَمَ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا حَالَ رِدَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ تَبَيَّنَ إجْزَاؤُهَا وَإِلَّا تَبَيَّنَ عَدَمُ إجْزَائِهَا. قَوْلُهُ: (فَلِضَعْفِ مِلْكِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ فَلَا فِطْرَةَ عَلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ كَوَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ. وَكَذَا لَا فِطْرَةَ عَلَى سَيِّدِهِ عَنْهُ أَيْ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَإِلَّا وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ جَزْمًا وَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. قَوْلُهُ: (قِسْطُهُ) أَيْ إنْ أَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَزِمَهُ فِطْرَةٌ كَامِلَةٌ عَمَّنْ فِي نَفَقَتِهِ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ، وَإِنْ تَعَدَّدَا. قَوْلُهُ: (مِنْ الشَّرِيكَيْنِ) أَوْ الشُّرَكَاءِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ مُهَايَأَةً فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ هُمَا مَسْأَلَةُ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ وَمَسْأَلَةُ الشُّرَكَاءِ. قَوْلُهُ: (اخْتَصَّتْ) أَيْ اخْتَصَّ وُجُوبُهَا بِمَنْ وَقَعَ زَمَنُ وُجُوبِهَا فِي نَوْبَتِهِ، وَزَمَنُ وُجُوبِهَا جُزْءٌ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَجُزْءٌ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ شَوَّالٍ، فَلَوْ كَانَتْ الْمُهَايَأَةُ يَوْمًا وَيَوْمًا أَوْ شَهْرًا وَشَهْرًا فَكَعَدِمِهَا فَتَجِبُ بِالْقِسْطِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ) وَلَوْ فِي لَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ يَوْمِهِ نَعَمْ يُسَنُّ لَهُ فِي هَذِهِ الْإِخْرَاجِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَيَقَعُ وَاجِبًا كَمَا لَوْ تَكَلَّفَ الْمُعْسِرُ، وَأَخْرَجَ، وَفِيهِ بَحْثٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ فِي نَفَقَتِهِ) وَفِي ذِكْرِ مِنْ تَغْلِيبِ الْعَاقِلِ عَلَى غَيْرِهِ لِشُمُولِهِ لِلدَّوَابِّ، وَكَالْقُوتِ دَسْتُ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِهِ وَبِمَنْ فِي نَفَقَتِهِ. وَكَذَا مَا اُعْتِيدَ مِنْ نَحْوِ سَمَكٍ وَكَعْكٍ وَنَقْلٍ وَغَيْرِهَا، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَالِ) وَمِنْهُ أُجْرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فِي الْمُؤَجَّرِ وَخَرَجَ بِهِ الْكَسْبُ فَلَا يُعْتَبَرُ وَمِنْ الْمَالِ الْمُؤَجَّرِ وَالْمَرْهُونِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ، وَلَوْ تَوَقَّفَ إخْرَاجُهَا عَنْهُمَا أَوْ عَنْ غَيْرِهِمَا عَلَى بَيْعِ جُزْءٍ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يُبَاعُ قَهْرًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ أَوْ تُؤَخَّرُ إلَى زَوَالِ الْحَقِّ وَيُعْذَرُ الْمَالِكُ بِتَأْخِيرِهَا أَوْ يُكَلَّفُ الِاقْتِرَاضَ وَالْإِخْرَاجَ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ. وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ بِلَا مَشَقَّةٍ وَرَضِيَ صَاحِبُ ذَلِكَ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا، رَاجِعْهُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالْمَالُ الْغَائِبُ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَالْمَعْدُومِ لِقَوْلِ الشَّيْخَيْنِ بِجَوَازِ أَخْذِ صَاحِبِهِ مِنْ الزَّكَاةِ وَتَرَدَّدَ فِيهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (يَحْتَاجُ إلَيْهِ) هُوَ قَيْدٌ فِي الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْحَاجَةِ فِي الْمَلْبَسِ أَيْضًا وَشَمِلَتْ الْحَاجَةُ مَا لَوْ كَانَتْ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمُمَوِّنِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَاجَةِ فِي الْخَادِمِ أَنْ تَكُونَ لِنَحْوِ زَمَانَةٍ، أَوْ مَنْصِبٍ لَا لِنَحْوِ رَعْيِ مَاشِيَةٍ، وَفِي الْمَسْكَنِ   [حاشية عميرة] الْمَتْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَا فِطْرَةَ عَلَى سَيِّدِهِ) وَلَوْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ فَاسِدَةً وَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ فِطْرَتُهُ دُونَ نَفَقَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِطْرَةُ زَوْجَتِهِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِطْرَتُهُ. قَوْلُهُ: (يَلْزَمُهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِمَنْ مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ) بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْ فِي نَفَقَتِهِ) لَوْ قَالَ الَّذِي بَدَّلَ مَنْ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الدَّوَابَّ، وَقَوْلُهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ أَيْ تَفْرِيعًا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَقْوَالِ الْوُجُوبِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ. نَعَمْ يُتَّجَهُ عَلَيْهِمَا اعْتِبَارُ اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِيهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَنْ مَسْكَنٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 الْتَحَقَتْ بِالدُّيُونِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَاضِلًا عَنْ دَيْنِ الْآدَمِيِّ عَلَى الْأَشْبَهِ بِالْمَذْهَبِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْمُوَافِقِ لِمُقْتَضَى كَلَامِ الْكَبِيرِ. وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَة. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هُوَ كَمَا قَالَ قَالَا وَالْإِمَامُ قَالَ يُشْتَرَطُ بِالِاتِّفَاقِ. وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ طَرِيقَانِ (وَمَنْ لَزِمَهُ فِطْرَتُهُ لَزِمَهُ فِطْرَةُ مَنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهُ) وَذَلِكَ بِمِلْكٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ نِكَاحٍ (لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ فِطْرَةُ الْعَبْدِ وَالْقَرِيبِ وَالزَّوْجَةِ الْكُفَّارِ) وَإِنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهُمْ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (وَلَا الْعَبْدَ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَإِنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا فِي كَسْبِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِفِطْرَةِ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَحْمِلُ عَنْ غَيْرِهِ؟ (وَلَا الِابْنَ فِطْرَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ) وَإِنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا لِلُزُومِ الْإِعْفَافِ الْآتِي فِي بَابِهِ (وَفِي الِابْنِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِطْرَتُهَا كَنَفَقَتِهَا. وَقَالَ الْأَوَّلُ: الْأَصْلُ فِي النَّفَقَةِ وَالْفِطْرَةِ الْأَبُ وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَلَا تَجِبُ الْفِطْرَةُ عَلَى الْمُعْسِرِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ فَيَتَحَمَّلُهَا الِابْنُ (وَلَوْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ أَوْ كَانَ عَبْدًا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ فِطْرَتُهَا. وَكَذَا سَيِّدُ الْأَمَةِ) وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُمَا وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا الْمُؤَدِّي فَتَلْزَمُهُمَا أَوْ تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدِّي فَلَا تَلْزَمُهُمَا. هَذَا أَحَدُ الطَّرِيقَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ) وَيَلْزَمُ سَيِّدَ الْأَمَةِ   [حاشية قليوبي] أَنْ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَلَوْ بِنَحْوِ رِبَاطٍ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْأُلْفَةِ هُنَا. وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِحَاجَةِ الْمَلْبَسِ وَيَظْهَرُ شُمُولُهَا لِحَاجَةِ التَّجَمُّلِ وَتَقَيَّدَ بِنَوْعٍ وَاحِدٍ فَرَاجِعْهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ أَمْكَنَهُ إبْدَالُ الْخَادِمِ وَالْمَسْكَنِ بِدُونِهِمَا وَإِخْرَاجُ التَّفَاوُتِ لَزِمَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ تَحْصِيلَ سَبَبِ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَاضِلًا عَنْ دَيْنِ الْآدَمِيِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَإِنْ وَافَقَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ وَاسْتِشْكَالُ الْأَوَّلِ فِي التَّصْحِيحِ بِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ لِبَيْعِهِمَا لَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَا هُنَا عَلَى الْفِطْرَةِ فَهُوَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ عَلَيْهَا إذْ الْمُقَدَّمُ عَلَى الْمُقَدَّمِ مُقَدَّمٌ مَرْدُودٌ لِأَنَّ بَيْعَهُمَا فِي الدَّيْنِ لِتَفْرِيغِ ذِمَّةٍ مَشْغُولَةٍ إذْ الدَّيْنُ ثَابِتٌ قَبْلُ، وَفِي بَيْعِهِمَا هُنَا شُغْلُ ذِمَّةٍ فَارِغَةٍ فَهُوَ كَإِلْزَامِهِ بِالْكَسْبِ لِوُجُوبِهَا وَهُوَ بَاطِلٌ إذْ تَحْصِيلُ سَبَبِ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَزِمَهُ إلَخْ) أَيْ مَنْ صَحَّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ لُزُومُ فِطْرَةِ نَفْسِهِ صَحَّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ لُزُومُ فِطْرَةِ غَيْرِهِ، إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ اللُّزُومَيْنِ وَخَرَجَ عَنْ مَنْطُوقِ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ إلَخْ، وَلَا الِابْنَ إلَخْ وَعَنْ مَفْهُومِهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْكَافِرِ إلَّا فِي عَبْدِهِ إلَى آخِرِهِ، وَبِقَوْلِهِ هُنَا وَلَا الْعَبْدُ إلَخْ فَعُلِمَ إنَّ فِي عِطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ تَجَوُّزًا وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ مِنْ الْمَنْطُوقِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْوُجُوبَ يُلَاقِيهِ ابْتِدَاءً لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا يُفِيدُهُ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا إلَخْ. تَنْبِيهٌ: لَا فِطْرَةَ عَلَى أَحَدٍ عَنْ قِنِّ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ قِنِّ مَسْجِدٍ أَوْ مَوْقُوفٍ، وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ وَلَا عَنْ مُعْسِرٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَا عَلَى مُسْتَأْجِرِ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ النَّفَقَةُ وَفِطْرَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَلَا عَلَى مُسْتَأْجِرِ عَبْدٍ بِنَفَقَتِهِ وَلَا عَلَى عَامِلِ قِرَاضٍ أَوْ مُسَاقٍ شَرْطٌ عَلَيْهِ نَفَقَةُ عَبْدِ الْمَالِكِ، بَلْ فِطْرَةُ هَؤُلَاءِ عَلَى سَادَاتِهِمْ وَلَا عَلَى مُوصًى لَهُ بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ مُطْلَقًا. وَكَذَا بِرَقَبَتِهِ، نَعَمْ إنْ وُجِدَ سَبَبُهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ أَوْ وَارِثُهُ فَعَلَيْهِمَا وَإِلَّا فَعَلَى الْمُوصِي أَوْ وَارِثِهِ، وَلَوْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ وَارِثِهِ بَعْدَهُ فَعَلَى الْوَارِثِ إنْ قُلْنَا بِبَقَاءِ الْوَصِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ وَجَعَلَ الْخِلَافَ طُرُقًا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ) أَيْ زَوْجَةَ الْمُعْسِرِ أَوْ الْعَبْدِ نَعَمْ يُنْدَبُ لَهَا الْإِخْرَاجُ وَلَا تَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ لَوْ أَيْسَرَ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) أَيْ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَهَا بَدَلٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ عَلَى هَذَا عَدَمُ بَيْعِ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ، وَبَيْعُهُمَا فِي الدَّيْنِ مَعَ أَنَّ الزَّكَاةَ فِي الْحَيَاةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّيْنِ جَزْمًا. قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ طَرِيقَانِ) الثَّانِيَةُ قَاطِعَةٌ وَالْأُولَى حَاكِيَةٌ لِلْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ بِمِلْكِ إلَخْ) رَوَى مُسْلِمٌ «لَيْسَ عَلَى مُسْلِمٍ فِي عَبْدِهِ وَلَا قَرِيبِهِ صَدَقَةٌ، إلَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ» وَقِيسَ الْبَاقِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا الْعَبْدُ إلَخْ) فِي عَطْفِهِ عَلَى مَا سَلَفَ تَجَوُّزٌ، لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا تَلْزَمُهُ فِطْرَةُ نَفْسِهِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُبَعَّضَ يَلْزَمُهُ مِنْ فِطْرَةِ زَوْجَتِهِ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ قُلْنَا: تَجِبُ عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ابْتِدَاءً فَتَلْزَمُهُمَا، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِمَا وَالزَّوْجُ مُتَحَمِّلٌ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ التَّحَمُّلِ بَقِيَ الْوُجُوبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . هَذَا الطَّرِيقُ الثَّانِي تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ وَالْفَرْقُ كَمَالُ تَسْلِيمِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ لِاسْتِخْدَامِ السَّيِّدِ لَهَا (وَلَوْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْعَبْدِ) الْغَائِبِ مَعَ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إخْرَاجِ فِطْرَتِهِ فِي الْحَالِ. وَقِيلَ: إذَا عَادَ. وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ) وَجْهُ وُجُوبِهَا أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ حَيًّا وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْهَا. وَعَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِ إخْرَاجِهَا فِي الْحَالِ. وَالثَّانِي مِنْهُ قَاسَهَا عَلَى زَكَاةِ الْمَالِ الْغَائِبِ وَالْأَوَّلُ قَالَ الْمُهْلَةُ شُرِعَتْ فِيهِ لِمَعْنَى النَّمَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ هُنَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّ مَنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ صَاعٍ) وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ) أَيْ إخْرَاجُهُ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَاجِبِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. وَالثَّانِي يَقُولُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْوَاجِبِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ بَعْضَ الصِّيعَانِ قَدَّمَ نَفْسَهُ ثُمَّ زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ ثُمَّ الْأَبَ ثُمَّ الْأُمَّ ثُمَّ) وَلَدَهُ (الْكَبِيرَ) فَإِذَا وَجَدَ صَاعًا أَخْرَجَهُ عَنْ نَفْسِهِ. وَقِيلَ: عَنْ زَوْجَتِهِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ   [حاشية قليوبي] بَعْدُ. وَكَذَا كُلُّ مَنْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ رُجُوعًا أَوْ أَدَّى عَنْ نَفْسِهِ مَعَ كَوْنِهَا عَلَى غَيْرِهِ وَيَعْمَلُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فَاعْتِقَادُهُ لَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ، وَالْكَلَامُ فِي حُرَّةٍ مُوسِرَةٍ وَإِلَّا فَلَا فِطْرَةَ عَلَيْهَا قَطْعًا وَفِي غَيْرِ النَّاشِزَةِ وَإِلَّا فَالْفِطْرَةُ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً قَطْعًا. قَوْلُهُ: (لِاسْتِخْدَامِ السَّيِّدِ) أَيْ لِتَمَكُّنِ السَّيِّدِ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ إذْ الْخِلَافُ فِي الْمُسْلِمَةِ لِزَوْجِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، نَعَمْ إنْ كَانَ زَوْجُهَا فِي هَذِهِ حُرًّا مُوسِرًا لَزِمَهُ فِطْرَتُهَا. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَهُوَ مِنْ الْقَاعِدَةِ لَكِنَّ الْعِلَّةَ الْمَذْكُورَةَ تَخَالُفُهُمَا. أَمَّا غَيْرُ الْمُسْلِمَةِ فَفِطْرَتُهَا عَلَى السَّيِّدِ قَطْعًا وَلَوْ مَعَ حُرٍّ مُوسِرٍ. قَوْلُهُ: (مَعَ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَلَا تَسْقُطُ فِطْرَتُهُ جَزْمًا، وَخَرَجَ فَالْعَبْدُ نَحْوُ قَرِيبٍ غَائِبٍ فَلَا فِطْرَةَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ إخْرَاجِ فِطْرَتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ الْغَائِبِ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ بِحُكْمٍ فِيهَا بِمَوْتِهِ وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ. كَذَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ فِي غَيْرِهِ وَمَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ بَقَاءُ الْوُجُوبِ حَتَّى يَقَعَ الْحُكْمُ بِمَوْتِهِ مِنْ قَاضٍ اجْتِهَادًا أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَحَيْثُ وَجَبَتْ لَزِمَ السَّيِّدَ قُوتٌ آخَرُ مَحَلَّ عِلْمِ وُصُولِهِ إلَيْهِ وَدَفَعَهَا لِأَهْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلِلسَّيِّدِ دَفْعُهَا بِنَفْسِهِ مِنْ أَيِّ قُوتٍ لِلضَّرُورَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنْ دَفَعَهَا لِلْحَاكِمِ مِنْ أَعْلَى الْأَقْوَاتِ بَرِئَ قَطْعًا، وَقَيَّدَ ابْنُ حَجَرٍ الْحَاكِمُ بِمَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَحَلِّ الْعَبْدِ قَاضِيًا أَوْ إمَامًا. قَوْلُهُ: (لِمَعْنَى النَّمَاءِ) أَيْ إنَّ الزَّكَاةَ شُرِعَتْ فِي الْمَالِ لِأَجْلِ النَّمَاءِ فِيهِ وَأُخِّرَتْ فِي الْغَائِبِ لِاحْتِمَالِ فَوْتِ النَّمَاءِ بِتَلَفِهِ. وَوُجُوبُ زَكَاةِ الْعَبْدِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي مِنْهُ) أَيْ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدَّمَهُ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ بَعْدَهُ وَقِيلَ بِالْجِيمِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ ثُمَّ الْأُمَّ ثُمَّ الْوَلَدَ الْكَبِيرَ) نَعَمْ قَدْ أَعْقَبَ شَيْخُنَا الزَّوْجَةَ بِخَادِمِهَا بِالنَّفَقَةِ وَلَوْ حُرًّا أَوْ مَمْلُوكًا لِلزَّوْجَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ بِالنَّفَقَةِ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِوُجُوبِ الْإِخْدَامِ هُنَا وَفِيهِ بَحْثٌ أَوْ هُوَ مُسْتَثْنًى، ثُمَّ بَعْدَ الْخَادِمِ الْمَذْكُورِ الرَّقِيقُ الْمَمْلُوكُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ، وَيُقَدَّمُ مِنْهُ أُمُّ الْوَلَدِ ثُمَّ الْمُدَبَّرُ ثُمَّ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ ثُمَّ غَيْرُهُ، وَأَخَّرَ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ كَالْمَنْهَجِ الْمَمْلُوكَ عَنْ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا يُوَافِقُهُ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ مَا مَرَّ، وَهُوَ الْوَجْهُ لِأَنَّ نَفْسَهُ أَلْزَمُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ خَادِمُ الزَّوْجَةِ حُرَّةً مُزَوَّجَةً بِزَوْجٍ مُوسِرٍ فَفِطْرَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ وَلَدَهُ الْكَبِيرَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ مَجْنُونًا. قَوْلُهُ: (عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ وُجُوبًا. وَكَذَا مَا بَعْدَهُ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ وَاجِبٌ وَفِيهِ مَنْدُوبٌ قَالَهُ   [حاشية عميرة] فِي مَحَلِّهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا تَجِبُ عَلَى الْمُؤَدِّي، فَإِنَّهُ لَا حَقَّ عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْأَمَةِ) أَيْ فَلَا تَتَحَوَّلُ الْفِطْرَةُ عَنْ السَّيِّدِ، وَإِنَّمَا الزَّوْجُ كَالضَّامِنِ فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ بَقِيَ الْوُجُوبُ عَلَى السَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (مَعَ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ) يَعْنِي انْقَطَعَ خَبَرُهُ مَعَ تَوَاصُلِ مَجِيءِ الرِّفَاقِ مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَلَمْ يَتَحَدَّثُوا بِخَبَرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ مَعَ عَدَمِ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الزَّكَاةُ قَوْلًا وَاحِدًا إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ سَبَبُ انْقِطَاعِ الْخَبَرِ عَدَمَ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ هَذَا مُرَادُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ) هُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ نَصِّهِ عَلَى عَدَمِ إجْزَائِهِ فِي الْكَفَّارَةِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ وَقِيلَ قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا لَا شَيْءَ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ قَوْلُهُ: (الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ إخْرَاجُهَا فِي الْحَالِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْفِطْرَةَ، فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ فِي الْحَالِ، وَنَصَّ فِي الْإِمْلَاءِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَصَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِطَرِيقَيْنِ، وَرَجَّحَ الْجَزْمَ فَصَاحِبُ الْمِنْهَاجِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَرَادَ بِالْمَذْهَبِ هُنَا، بِالنَّظَرِ لِوُجُوبِ الْإِخْرَاجِ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الطَّرِيقِ الْحَاكِيَةِ لِلْخِلَافِ فِيهِ، وَبِالنَّظَرِ لِوَقْتِ الْإِخْرَاجِ طَرِيقَ الْقَطْعِ، وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ إذَا عَادَ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الْحَاكِيَةِ، لِقَوْلَيْ الْإِمْلَاءِ فَلَوْ قَالَ: وَقِيلَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا إذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 فِطْرَتَهَا دَيْنٌ وَالدَّيْنُ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْفِطْرَةِ عَلَى طَرِيقٍ تَقَدَّمَ وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا أَوْ صَاعَيْنِ أَخْرَجَهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَزَوْجَتُهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقَرِيبِ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا آكَدُ إذْ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بِخِلَافِ نَفَقَتِهِ وَقِيلَ: يُؤَخِّرُهَا عَنْ الْقَرِيبِ لِأَنَّ عَلَقَتَهُ لَا تَنْقَطِعُ وَعَلَقَتُهَا يَعْرِضُ لَهَا الِانْقِطَاعُ. وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا أَوْ ثَلَاثَةُ آصُعٍ فَأَكْثَرُ، أَخْرَجَ الثَّالِثَ عَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ، وَالرَّابِعُ عَنْ الْأَبِ وَالْخَامِسُ عَنْ الْأُمِّ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرُهُ حِكَايَةُ وَجْهٍ بِتَقْدِيمِ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ عَلَى الْأَبَوَيْنِ، وَوَجْهُ بِتَقْدِيمِ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ، وَوَجْهُ بِأَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا كَالْخِلَافِ فِي نَفَقَتِهِمَا لَكِنَّ الْأَصَحَّ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْأُمِّ. قَالَ: وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ لِسَدِّ الْخُلَّةِ وَالْأُمُّ أَحْوَجُ وَأَقَلُّ حِيلَةً. وَالْفِطْرَةُ تَجِبُ لِتَطْهِيرِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ وَتَشْرِيفِهِ، وَالْأَبُ أَحَقُّ بِهَذَا فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَيَشْرُفُ بِشَرَفِهِ (وَهِيَ) أَيْ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (صَاعٌ وَهُوَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ وَثُلُثٌ) لِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ. وَالرِّطْلُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا (قُلْت: الْأَصَحُّ سِتُّمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ لِمَا سَبَقَ فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ: الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْكَيْلُ. وَإِنَّمَا قَدَّرَهُ الْعُلَمَاءُ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ وَزْنًا بِاخْتِلَافِ جِنْسِ مَا يُخْرَجُ كَالذُّرَةِ وَالْحِمَّصِ وَغَيْرِهِمَا. وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْكَيْلِ بِصَاعٍ مُعَايَرٍ بِالصَّاعِ الَّذِي كَانَ يُخْرَجُ بِهِ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ لَمْ يَجِدْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجُ قَدْرٍ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ. وَعَلَى هَذَا فَالتَّقْدِيرُ   [حاشية قليوبي] شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ قَالَ: وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ التَّلَفِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَقَاءُ، وَلَوْ أَخْرَجَ الصَّاعَ الْمَذْكُورَ عَنْ غَيْرِ نَفْسِهِ لَمْ يَقَعْ عَنْ الْمُخْرَجِ عَنْهُ، وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إنْ شَرَطَهُ وَتَبْقَى فِطْرَةُ نَفْسِهِ عَلَيْهِ. وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. وَلَوْ قَدَّمَ الْمُؤَخَّرَ فِي حَالَةِ النَّدْبِ فَتَلِفَ الَّذِي أَخَّرَهُ لِلْمُقَدَّمِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ عَنْهُ تَبَيَّنَ عَدَمُ إجْزَاءِ الَّذِي أَخْرَجَهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا، نَعَمْ إنْ كَانَ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تَقَدَّمَ الْأُمُّ) أَيْ فِي النَّفَقَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) أَبْطَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْفَرْقَ بِتَقْدِيمِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ عَلَى الْأَبِ وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الْوَلَدَ جُزْءٌ مِنْهُ فَهُوَ كَنَفْسِهِ، وَبِأَنَّ النَّظَرَ لِلشَّرَفِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي الْجَوَابِ الْأَوَّلِ بِتَأْخِيرِ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ. وَقَدْ يُقَالُ شَأْنُ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ عَدَمُ الْحَاجَةِ، وَفِيهِ بُعْدٌ فَتَأَمَّلْهُ. فَرْعٌ: لَوْ اسْتَوَى جَمَاعَةٌ فِي مَرْتَبَةٍ وَنَقَصَ وَاجِبُهُمْ كَصَاعٍ فَأَقَلَّ عَنْ زَوْجَتَيْنِ يُخَيَّرُ فِي إخْرَاجِهِ عَنْ إحْدَاهُمَا وَلَا يُقَسِّطُهُ بَيْنَهُمَا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ نَدْبُ الْقُرْعَةِ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ تَعَدَّدَ مَنْ تَلْزَمُهُ كَوَلَدَيْنِ عَنْ أَبٍ لَزِمَ كُلًّا نِصْفُ صَاعٍ فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الصَّاعِ احْتَاجَ فِي صِحَّةِ إخْرَاجِهِ إلَى إذْنِ الْآخَرِ أَوْ الْأَبِ. كَذَا بَحَثَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِإِذْنٍ وَأَنَّهَا تَسْقُطُ عَنْ الْآخَرِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْعَلَّامَةِ الْبُرُلُّسِيِّ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّفَ مَنْ لَزِمَتْ فِطْرَتُهُ لِغَيْرِهِ وَأَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ كَفَى. وَلَا يَرْجِعُ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى إذْنٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي إخْرَاجِ الشَّخْصِ عَنْ نَفْسِهِ. وَحُمِلَ هَذَا عَلَى مَا لَوْ أَعْسَرَ مَنْ لَزِمَتْهُ فِيهِ بُعْدٌ فَرَاجِعْهُ . قَوْلُهُ: (صَاعٌ) قَالَ الْقَفَّالُ: وَحِكْمَةُ الصَّاعِ أَنَّ الْفَقِيرَ لَا يَجِدُ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ فِي الْغَالِبِ وَالْمُتَحَصِّلُ مِنْ الصَّاعِ وَمَا يُضَمُّ إلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ فِي عَجْنِهِ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ، وَذَلِكَ كِفَايَةُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِكُلٍّ يَوْمٍ رِطْلَانِ. وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي هَذِهِ الْحِكْمَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْمُوجَبُ دَفْعُهَا لِثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ أَوْ لِصِنْفٍ مِنْ الْأَصْنَافِ السَّبْعَةِ مَثَلًا قَوْلُهُ: (وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ) وَيُعْلَمُ مِقْدَارُهُ مِنْ مِقْدَارِ الرِّطْلِ عَلَى الْخِلَافِ، وَسَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ التَّصْرِيحُ بِقَدْرِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّوَابُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (بِصَاعٍ مُعَايَرٍ إلَخْ) وَقُدِّرَ بِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ فَكَانَ مِقْدَارَ قَدَحَيْنِ تَقْرِيبًا فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَلَا نَظَرَ لِلْوَزْنِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ وَزْنُ الْحُبُوبِ وَلِأَنَّهُمَا يَزِيدَانِ عَلَى أَرْبَعَةِ الْأَمْدَادِ الَّتِي هِيَ الصَّاعُ بِنَحْوِ سُبْعَيْ مُدٍّ لِأَنَّ مِقْدَارَ الْقَدَحِ بِالدَّرَاهِمِ الْمِصْرِيَّةِ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا وَيَكْفِي عَنْ الْكَيْلِ بِالْقَدَحِ أَرْبَعُ حَفَنَاتٍ بِكَفَّيْنِ مُنْضَمَّيْنِ   [حاشية عميرة] عَادَ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (لِمَعْنَى النَّمَاءِ) أَيْ الَّذِي يَفُوتُهُ فِي الْغَيْبَةِ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ، لَكِنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ إنَّمَا عَلَّلَ بِهِ مَنْ مَنَعَ الْوُجُوبَ فِي الْمَالِ الْغَائِبِ، وَأَمَّا تَأْخِيرُ الْإِخْرَاجِ فِيهِ، فَعُلِّلَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْهُ وَالتَّكْلِيفُ مِنْ غَيْرِهِ خَرَجَ لِاحْتِمَالِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 بِخَمْسَةِ أَرْطَالٍ وَثُلُثٍ تَقْرِيبٌ (وَجِنْسُهُ) أَيْ الصَّاعُ الْوَاجِبُ (الْقُوتُ الْمُعَشَّرُ) أَيْ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ. وَكَذَا نِصْفُهُ (وَكَذَا الْأَقِطُ فِي الْأَظْهَرِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ. قَالَ فِي التَّحْرِيرِ: هُوَ لَبَنٌ يَابِسٌ غَيْرُ مَنْزُوعِ الزُّبْدِ. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ» وَمَنْشَأُ الْقَوْلَيْنِ التَّرَدُّدُ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَقَدْ صَحَّ، وَلِذَلِكَ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِجَوَازِهِ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ. وَفِي مَعْنَاهُ اللَّبَنُ وَالْجُبْنُ فَيُجْزِئَانِ فِي الْأَصَحِّ، وَأَجْزَأَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِمَنْ هُوَ قُوتُهُ، وَلَا يُجْزِئُ الْمَخِيضُ وَالْمَصْلُ وَالسَّمْنُ وَالْجُبْنُ الْمَنْزُوعُ الزُّبْدُ لِانْتِفَاءِ الِاقْتِيَاتِ بِهَا، وَلَا الْمُمَلَّحُ مِنْ الْأَقِطِ الَّذِي أَفْسَدَ كَثْرَةُ الْمِلْحِ جَوْهَرَهُ بِخِلَافِ ظَاهِرِ الْمِلْحِ فَيُجْزِئُ لَكِنْ لَا يُحْسَبُ الْمِلْحُ فَيُخْرِجُ قَدْرًا يَكُونُ مَحْضُ الْأَقِطِ مِنْهُ صَاعًا (وَيَجِبُ) فِي الْبَلَدِ مِنْ قُوتِ بَلَدِهِ وَقِيلَ قُوتُهُ. وَقِيلَ: (يَتَخَيَّرُ بَيْنَ) جَمِيعِ (الْأَقْوَاتِ) لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، إلَى آخِرِهِ وَأَجَابَ الْأَوَّلَانِ بِأَنَّ أَوْ فِيهِ لَيْسَتْ لِلتَّخْيِيرِ بَلْ لِبَيَانِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي تُخْرَجُ مِنْهَا، فَلَوْ كَانَ قُوتُ بَلَدِهِ الشَّعِيرَ وَقُوتُهُ الْبُرَّ تَنَعُّمًا تَعَيَّنَ الْبُرُّ عَلَى الثَّانِي وَأَجْزَأَ الشَّعِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَجْزَأَ غَيْرُهُمَا عَلَى الثَّالِثِ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا بِغَالِبِ قُوتِهِ وَغَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ (وَيُجْزِئُ) عَلَى الْأَوَّلَيْنِ (الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى) وَلَا عَكْسَ (وَالِاعْتِبَارُ فِي الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى بِالْقِيمَةِ فِي وَجْهٍ) فَمَا قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْآخَرِ أَعْلَى وَالْآخَرُ أَدْنَى وَيَخْتَلِفُ الْحَالُ عَلَى هَذَا بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْأَوْقَاتِ إلَّا أَنْ تُعْتَبَرَ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ فِي الْأَكْثَرِ (وَبِزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ فِي الْأَصَحِّ فَالْبُرُّ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ وَالْأَرُزِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالزَّبِيبُ   [حاشية قليوبي] مُعْتَدِلَيْنِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا نِصْفُهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَلَعَلَّهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ اخْتِصَاصِ مَا يُسْقَى بِغَيْرِ النَّضْجِ فَتَأَمَّلْهُ. وَدَخَلَ فِيهِ الْعَدَسُ وَالْمَاشُّ وَالْحِمَّصُ. قَوْلُهُ: (هُوَ لَبَنٌ) أَيْ الْأَقِطُ أَيْ وَلَوْ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَإِبِلٍ، خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْكَيْلِ إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَالْوَزْنُ. وَيُعْتَبَرُ فِي إخْرَاجِ اللَّبَنِ أَنْ يَبْلُغَ قَدْرَ صَاعِ أَقِطٍ. كَمَا فِي الْعُبَابِ. وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ كَابْنِ حَجَرٍ وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ خُصُوصًا مَعَ اعْتِبَارِ الْوَزْنِ فِيهِ وَمِعْيَارُ الْجُبْنِ كَالْأَقِطِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْزِئُ الْمَخِيضُ إلَخْ) وَكَذَا اللَّحْمُ وَإِنْ اقْتَاتُوهُ. قَوْلُهُ: (بَلَدِهِ) أَيْ مَحَلِّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَلَدًا. قَوْلُهُ: (بِغَالِبِ قُوتِهِ) عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ وَغَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ عَلَى الْوَجْهِ الرَّاجِحِ وَالْمُرَادُ بِهِ بَلَدُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ وَالْمُرَادُ غَلَبَتُهُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَضْمُومُ إلَيْهِ دُونَهُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ أَوْ يَكُونُ اسْتِعْمَالُهُ فِي أَكْثَرِ أَيَّامِهَا، فَلَوْ تَسَاوَى مَعَ غَيْرِهِ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ اخْتَلَطَ مِنْ جِنْسَيْنِ كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ فَإِنْ كَانَ حَبَّاتُ الشَّعِيرِ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيَةً لِحَبَّاتِ الْبُرِّ تَخَيَّرَ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا. وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الثَّانِيَةِ وَمُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَلِلْقَاعِدَةِ فِي الْأُولَى، فَالْوَجْهُ فِيهَا اعْتِبَارُ الشَّعِيرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ إخْرَاجَ الْأَعْلَى عَمَّا دُونَهُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ حَبَّاتُ الْبُرِّ أَكْثَرَ تَعَيَّنَ الْبُرُّ. وَيُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْمُخْتَلِطِ فِي الْأَوَّلَيْنِ دُونَ الثَّالِثَةِ إلَّا إنْ كَانَ خَالِصُ الْبُرِّ مِنْهُ قَدْرَ الْوَاجِبِ. وَيُعْتَبَرُ قُوتُ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَى بَلَدٍ عُدِمَ فِيهِ الْقُوتُ فَإِنْ اسْتَوَى إلَيْهِ بَلَدَانِ وَاخْتَلَفَ جِنْسُ قُوتِهِمَا تَخَيَّرَ، وَالْأَعْلَى أَكْمَلُ. قَوْلُهُ: (وَيُجْزِئُ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى) قَالَ شَيْخُنَا: وَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ فَرَاجِعْهُ. وَفَارَقَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِي زَكَاةِ الْمَالِ   [حاشية عميرة] تَلَفِهِ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ. قَوْلُهُ: (هُوَ لَبَنٌ يَابِسٌ) قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يُعْمَلُ مِنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ خَاصَّةً، وَعَلَّلَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّهُ مُقْتَاتٌ عَمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَمُكْتَالٌ فَيُجْزِئُ كَالْحُبُوبِ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ عَدَمُ إجْزَاءِ الْمُتَّخَذِ مِنْ غَيْرِ الزَّكَوِيِّ، كَالْمُتَّخَذِ مِنْ لَبَنِ الظَّبْيَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَصْلُ) قِيلَ: هُوَ مَاءُ الْأَقِطِ، قَالَهُ فِي الْمُجْمَلِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْبَيَانِ هُوَ لَبَنٌ مَنْزُوعُ الزُّبْدِ، وَفِي النِّهَايَةِ هُوَ الْمَخِيضُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ قُوتُهُ) أَيْ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْمُؤْنَةِ وَوَاجِبَةٌ فِي الْفَاضِلِ عَنْهَا فَكَانَتْ مِنْهَا، وَالْأَوَّلُ قَاسَ عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (لِبَيَانِ الْأَنْوَاعِ) أَيْ وَتَعَدُّدُهَا بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ النَّوَاحِي الْمُخْرَجِ مِنْهَا فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُجْزِئُ الْأَعْلَى إلَخْ) خُولِفَ ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ فَلَمْ يَجُزْ إخْرَاجُ الذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ مَثَلًا قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ الزَّكَوَاتِ الْمَالِيَّةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَالِ فَأُمِرَ أَنْ يُوَاسِيَ الْفُقَرَاءَ بِمَا وَاسَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ. وَالْفِطْرَةُ زَكَاةُ الْبَدَنِ فَوَقَعَ النَّظَرُ فِيهَا لِمَا هُوَ غِذَاءُ الْبَدَنِ، وَالْأَعْلَى يَحْصُلُ هَذَا الْغَرَضُ وَزِيَادَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالِاعْتِبَارُ بِالْقِيمَةِ إلَخْ) لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ. قَوْلُهُ: (وَيَخْتَلِفُ إلَخْ) لَمْ يُذْكَرْ مِثْلُ هَذَا فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 وَالشَّعِيرُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الشَّعِيرَ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الِاقْتِيَاتِ، وَقِيلَ التَّمْرُ خَيْرٌ مِنْهُ (وَأَنَّ التَّمْرَ خَيْرٌ مِنْ الزَّبِيبِ) لِذَلِكَ أَيْضًا. وَقِيلَ: الزَّبِيبُ خَيْرٌ مِنْهُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالصَّوَابُ تَقْدِيمُ الشَّعِيرِ عَلَى الزَّبِيبِ أَيْ مَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ كَتَرَدُّدِهِ فِي التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ. وَجَزَمَ بِتَقْدِيمِ التَّمْرِ عَلَى الشَّعِيرِ. وَقَدَّمَ الْبَغَوِيّ الشَّعِيرَ عَلَى التَّمْرِ فَعَبَّرَ عَنْ قَوْلَيْهِمَا وَعَنْ تَرَدُّدِ الْأَوَّلِ بِالْوَجْهَيْنِ (وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ قُوتٍ) وَاجِبٍ (وَعَنْ قَرِيبِهِ) أَوْ عَبْدِهِ (أَعْلَى مِنْهُ وَلَا يُبَعَّضُ الصَّاعُ) عَنْ وَاحِدٍ بِأَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ قُوتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ كَأَنْ وَجَبَ التَّمْرُ فَأَخْرَجَ نِصْفَ صَاعٍ مِنْهُ وَنِصْفًا مِنْ الْبُرِّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَرَأَيْت لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ تَجْوِيزَهُ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ أَوَّلَ الْبَابِ فَرَضَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، وَلَوْ مَلَكَ نِصْفَيْنِ مِنْ عَبْدَيْنِ فَأَخْرَجَ نِصْفَ صَاعٍ عَنْ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ مِنْ الْوَاجِبِ وَنِصْفًا عَنْ الثَّانِي مِنْ جِنْسٍ أَعْلَى مِنْهُ جَازَ، وَعَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَقْوَاتِ لَهُ إخْرَاجُهَا مِنْ جِنْسَيْنِ بِكُلِّ حَالٍ (وَلَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ أَقْوَاتٌ لَا غَالِبَ فِيهَا تَخَيَّرَ) بَيْنَهَا فَيُخْرِجُ مَا شَاءَ مِنْهَا (وَالْأَفْضَلُ أَشْرَفُهَا) أَيْ أَعْلَاهَا. وَهَذَا التَّعْبِيرُ مُوَافِقٌ لِتَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ فِيمَا تَقَدَّمَ بِغَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ (وَلَوْ كَانَ عَبْدُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ، ثُمَّ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْمُؤَدِّي. وَالثَّانِي الِاعْتِبَارُ بِقُوتِ بَلَدِ الْمَالِكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدِّي عَنْ غَيْرِهِ (قُلْت: الْوَاجِبُ الْحَبُّ السَّلِيمُ) فَلَا يُجْزِئُ الْمُسَوِّسُ وَالْمَعِيبُ وَلَا الدَّقِيقُ وَالسَّوِيقُ. كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ فِطْرَةَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْغَنِيِّ جَازَ كَأَجْنَبِيٍّ أُذِنَ) فَيَجُوزُ إخْرَاجُهَا عَنْهُ (بِخِلَافِ الْكَبِيرِ) فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَسْتَقِلُّ بِتَمْلِيكِهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُ فِطْرَتَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا عَنْهُ (وَلَوْ اشْتَرَكَ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ فِي عَبْدٍ لَزِمَ   [حاشية قليوبي] نَظَرًا لِقِيَامِ الْبَدَنِ الْمُعْتَبَرِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَبِزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (فَالْبُرُّ) وَيَلِيهِ السُّلْتُ. قَوْلُهُ: (أَنَّ الشَّعِيرَ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ) وَيَلِيهِ الدُّخْنُ وَالذُّرَةُ فَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُمَا فِي مَرْتَبَةِ الشَّعِيرِ أَيْ مِنْ حَيْثُ تَقْدِيمِهَا عَلَى مَا بَعْدَهُمَا. وَيَلِيهِمَا الْأَرُزُّ فَالْحِمَّصُ فَالْمَاشُّ فَالْعَدَسُ فَالْفُولُ فَالتَّمْرُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الزَّبِيبِ) وَيَلِيهِ الْأَقِطُ فَاللَّبَنُ فَالْجُبْنُ. فَجُمْلَةُ مَرَاتِبِ الْأَقْوَاتِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَرْتَبَةً مَرْمُوزٌ إلَيْهَا بِحُرُوفِ أَوَائِلِ كَلِمَاتِ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ نَظْمًا لِضَبْطِهَا: بِاَللَّهِ سَلْ شَيْخَ ذِي رَمْزٍ حَكَى مَثَلًا ... عَنْ فَوْرِ تَرْكِ زَكَاةِ الْفِطْرِ لَوْ جَهِلَا حُرُوفَ أَوَّلِهَا جَاءَتْ مَرْتَبَةُ ... أَسْمَاءِ قُوتِ زَكَاةِ الْفِطْرِ إنْ عَقَلَا فَالْبَاءُ مِنْ بِاَللَّهِ لِلْبُرِّ، وَالسِّينُ مِنْ سَلْ لِلسُّلْتِ، وَالشِّينُ لِلشَّعِيرِ، وَالذَّالُ لِلذُّرَةِ وَمِنْهَا الدُّخْنُ، وَالرَّاءُ لِلرُّزِّ وَالْحَاءُ لِلْحِمَّصِ، وَالْمِيمُ لِلْمَاشِّ، وَالْعَيْنُ لِلْعَدَسِ، وَالْفَاءُ لِلْفُولِ، وَالتَّاءُ لِلتَّمْرِ، وَالزَّايُ لِلزَّبِيبِ، وَالْأَلِفُ لِلْأَقِطِ، وَاللَّامُ لِلْبُنِّ، وَالْجِيمُ لِلْجُبْنِ. وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا لَكِنْ فِي كَلَامِ ابْنِ وَحْشِيَّةَ فِي الْفِلَاحَةِ مُخَالَفَةٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُبَعَّضُ الصَّاعُ) أَيْ مِنْ جِنْسَيْنِ عَنْ وَاحِدٍ، وَلَوْ مِنْ قُوتَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ إلَّا فِيمَا مَرَّ فِي الْمُخْتَلِطِ، وَيَجُوزُ مِنْ نَوْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (الْحَبُّ السَّلِيمُ) أَيْ وَلَوْ عَتِيقًا لَا قِيمَةَ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِطَعْمٍ وَلَا لَوْنٍ وَلَا رِيحٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُجْزِئُ الْمُسَوِّسُ) وَإِنْ كَانُوا يَقْتَاتُونَهُ، أَوْ بَلَغَ لُبُّهُ صَاعًا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْغَنِيِّ) وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ وَالْمَجْنُونُ. قَوْلُهُ: (جَازَ) فَإِنْ قَصَدَ الرُّجُوعَ وَخَرَجَ بِوَلَدِهِ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ فَلَا يُؤَدِّيَانِ مِنْ مَالِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ. قَوْلُهُ: (كَأَجْنَبِيٍّ أُذِنَ) وَمِنْهُ وَلَدُهُ الْكَبِيرُ وَلَا رُجُوعَ إلَّا بِشَرْطِهِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] زِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ الْآتِي كَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ اعْتِبَارُ زِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ فِي الْأَكْثَرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَخَيَّرَ) أَيْ وَيُفَارِقُ تَعَيُّنَ الْأَغْبَطِ فِي اجْتِمَاعِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ، لِأَنَّ زَكَاةَ الْمَالِ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِ الْمَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهَذَا التَّعْبِيرُ) يُؤَيِّدُ قَوْلَهُ لَا غَالِبَ فِيهَا تَخَيَّرَ حَيْثُ جَعَلَ التَّخْيِيرَ عِنْدَ عَدَمِ الْغَلَبَةِ، فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الْغَلَبَةِ عِنْدَ وُجُودِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْمَعِيبُ) مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مُتَغَيِّرَ الطَّعْمِ أَوْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 الْمُوسِرَ نِصْفُ صَاعٍ) وَلَا يَجِبُ غَيْرُهُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَوْ أَيْسَرَا) أَيْ الْمُشْتَرِكَانِ فِي عَبْدٍ (وَاخْتَلَفَ وَاجِبُهُمَا) بِاخْتِلَافِ قُوتِ بَلَدَيْهِمَا أَوْ قُوتِهِمَا (أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ وَاجِبِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ ذَلِكَ أَخْرَجَ جَمِيعَ مَا لَزِمَهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُخْرَجَ عَنْهُ وَاحِدٌ. فَلَا يَتَبَعَّضُ وَاجِبُهُ فَيُخْرَجَانِ مِنْ أَعْلَى الْقُوتَيْنِ فِي وَجْهٍ رِعَايَةً لِلْفُقَرَاءِ وَمِنْ أَدْنَاهُمَا فِي آخَرَ دَفْعًا لِضَرَرِ أَحَدِ الْمَالِكَيْنِ. وَقَوْلُهُ: مِنْ وَاجِبِهِ أَيْ قُوتِ بَلَدِهِ أَوْ قُوتِهِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بِبَلَدٍ آخَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ ابْتِدَاءً. فَإِنْ قُلْنَا: تَجِبُ بِالتَّحَمُّلِ فَالْمُخْرَجُ مِنْ قُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ السَّابِقِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ. بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَمَا تَجِبُ فِيهِ مِمَّا يَأْتِي بَيَانُهُ كَالْمَغْصُوبِ وَالضَّالِّ وَغَيْرِهِمَا وَتَرْجَمَ بَعْدَهُ بِفَصْلَيْنِ (شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ الْمَالِ) بِأَنْوَاعِهِ السَّابِقَةِ مِنْ حَيَوَانٍ وَنَبَاتٍ وَنَقْدٍ وَتِجَارَةٍ عَلَى مَالِكِهِ (الْإِسْلَامُ) لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الصَّدَقَةِ السَّابِقِ أَوَّلُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ فَرَضَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ بِهَا فِي الدُّنْيَا لَكِنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وُجُوبَ عِقَابٍ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ. كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ. وَيَسْقُطُ عَنْهُ بِالْإِسْلَامِ مَا مَضَى تَرْغِيبًا فِيهِ. (وَالْحُرِّيَّةُ) فَلَا تَجِبُ عَلَى الْقِنِّ إذَا مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ مَالًا زَكَوِيًّا. وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ يَأْتِي فِي بَابِهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ إذْ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُهُ مَتَى شَاءَ وَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ مِلْكَهُ زَائِلٌ. وَقِيلَ: نَعَمْ لِأَنَّ ثَمَرَةَ الْمِلْكِ بَاقِيَةٌ إذْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ. وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْقِنِّ فِيمَا ذُكِرَ (وَتَلْزَمُ الْمُرْتَدَّ إنْ أَبْقَيْنَا مِلْكَهُ) مُؤَاخَذَتُهُ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَزَلْنَاهُ فَلَا أَوْ قُلْنَا مَوْقُوفٌ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ الْآتِي فِي بَابِهِ فَمَوْقُوفَةٌ إنْ عَادَ الْإِسْلَامُ لَزِمَتْهُ لِتَبَيُّنِ بَقَاءِ مِلْكِهِ، وَإِنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا فَلَا. وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِيمَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فِي الرِّدَّةِ. أَمَّا الَّتِي لَزِمَتْهُ قَبْلَهَا، فَلَا تَسْقُطُ جَزْمًا   [حاشية قليوبي] لَزِمَ الْمُوسِرَ نِصْفُ صَاعٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مُهَايَأَةً فَإِنْ كَانَتْ وَوَقَعَ وَقْتُ الْوُجُوبِ فِي نَوْبَتِهِ لَزِمَهُ صَاعٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ ذَلِكَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَحَمَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ بَلَدُ الْعَبْدِ لَا قُوتَ فِيهِ، أَوْ كَانَ بِبَرِيَّةٍ وَبَلَدُ السَّيِّدِ مِنْ أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. فَرَاجِعْهُ. بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَمَا تَجِبُ فِيهِ قَوْلُهُ: (بِفَصْلَيْنِ) أَيْ وَالْأَنْسَبُ التَّعْبِيرُ بِالْبَابِ فِيهِمَا لِعَدَمِ دُخُولِهِمَا فِي هَذَا وَأَجَابَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَدَاءُ وَالتَّعْجِيلُ مُنَاسِبَيْنِ لِلْوُجُوبِ لِتَرَتُّبِهِمَا عَلَيْهِ صَحَّ التَّعْبِيرُ عَنْهُمَا بِالْفَصْلِ وَمَا فِي الْبُرُلُّسِيِّ فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ الْمَالِ) أَيْ وُجُوبِ أَدَائِهَا وَقُيِّدَ بِالْمَالِ لِأَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْإِسْلَامُ) نَعَمْ الْأَنْبِيَاءُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ وَوَصِيَّةُ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ} [مريم: 31] . إمَّا عَلَى فَرْضِ وُجُوبِهَا أَوْ عَلَى تَزْكِيَةِ النَّفْسِ وَبِهَذَا صَرَّحَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي فَتْحِ الرَّحْمَنِ. وَفِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ إنْ كَانَ عَدَمُ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ نِصَابًا بِشَرْطِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَلَى   [حاشية عميرة] الرَّائِحَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ إلَخْ) بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ فَلَا يُخْرَجَانِ مِنْ مَالِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ وَاجِبِهِ) نَظِيرُ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ مُحْرِمُونَ قَتَلُوا ظَبْيَةً، فَأَخْرَجَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَ شَاةٍ وَالْآخَرُ طَعَامًا بِقِيمَةِ ذَلِكَ، وَالْآخَرُ صَامَ بِعَدْلِهِ. بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ إلَخْ [بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَمَا تَجِبُ فِيهِ] أَيْ بَابُ شُرُوطِ مَنْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَشُرُوطِ الْمَالِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَأَمَّا بَيَانُ الْأَنْوَاعِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا فَقَدْ سَلَفَ ذَلِكَ فِيمَا سَلَفَ. قَوْلُهُ: (وَتَرْجَمَ بَعْدَهُ بِفَصْلَيْنِ) يُرِيدُ أَنَّ الْفَصْلَيْنِ لَيْسَا مِنْ الْبَابِ، فَلَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ الَّذِي فِيهِمَا لَيْسَ بَعْضًا مِنْ هَذَا الْبَابِ. قَوْلُهُ الْمَتْنِ: (شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ الْمَالِ الْإِسْلَامُ) قِيلَ: إنْ أَرَادَ التَّكْلِيفَ الْمُقْتَضِي لِلْعِقَابِ الْأُخْرَوِيِّ فَمَمْنُوعٌ، لِأَنَّ الْكَافِرَ عِنْدَنَا مُكَلَّفٌ بِالْفُرُوعِ، وَإِنْ أَرَادَ التَّكْلِيفَ بِالْإِخْرَاجِ أُشْكِلَ عَطْفُ الْحُرِّيَّةِ، لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِي أَصْلِ تَعَلُّقِ الْخِطَابِ، وَقَوْلُهُ زَكَاةُ الْمَالِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 وَيُجْزِئُهُ الْإِخْرَاجُ فِي حَالِ الرِّدَّةِ فِي هَذِهِ وَفِي الْأُولَى عَلَى قَوْلِ اللُّزُومِ فِيهَا نَظَرًا إلَى جِهَةِ الْمَالِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِصَاحِبِ التَّقْرِيبِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الزَّكَاةَ قُرْبَةٌ مُفْتَقِرَةٌ إلَى النِّيَّةِ (دُونَ الْمُكَاتَبِ) فَلَا تَلْزَمُهُ لِضَعْفِ مِلْكِهِ إذْ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ، وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَرِيبُهُ وَبِتَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ يَصِيرُ مَا فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ (وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَيُخْرِجُهَا مِنْهُ وَلِيُّهُمَا لِشُمُولِ حَدِيثِ الصَّدَقَةِ السَّابِقِ لِمَا لَهُمَا، وَلَا تَجِبُ فِي الْمَالِ الْمَنْسُوبِ إلَى الْجَنِينِ إذْ لَا وُثُوقَ بِوُجُودِهِ وَحَيَاتِهِ. وَقِيلَ: تَجِبُ فِيهِ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا (وَكَذَا مَنْ مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نِصَابًا) تَجِبُ زَكَاتُهُ عَلَيْهِ (فِي الْأَصْلِ) لِتَمَامِ مِلْكِهِ لَهُ. وَالثَّانِي لَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِنَقْصِهِ بِالرِّقِّ (وَ) تَجِبُ (فِي الْمَغْصُوبِ وَالضَّالِّ وَالْمَجْحُودِ) كَأَنْ أَوْدَعَ فَجُحِدَ أَيْ تَجِبُ فِي كُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ (فِي الْأَظْهَرِ) مَاشِيَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا. (وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا حَتَّى يَعُودَ) فَيُخْرِجُهَا عَنْ الْأَحْوَالِ الْمَاضِيَةِ، وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ سَقَطَتْ. وَالثَّانِي وَحُكِيَ قَدِيمًا أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي الْمَذْكُورَاتِ لِتَعَطُّلِ نَمَائِهَا وَفَائِدَتِهَا عَلَى مَالِكِهَا بِخُرُوجِهَا مِنْ يَدِهِ وَامْتِنَاعِ   [حاشية قليوبي] قَوْلِ اللُّزُومِ) وَكَذَا عَلَى الْأَظْهَرِ وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهُ وَإِذَا مَاتَ مُرْتَدًّا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ رَجَعَ الْإِمَامُ عَلَى الْآخِذِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (إلَى النِّيَّةِ) تَقَدَّمَ فِي الْفِطْرَةِ أَنَّهُ يَنْوِي لِلتَّمْيِيزِ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْمُكَاتَبِ) سَوَاءٌ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ وَالصَّحِيحَةُ. قَوْلُهُ: (لِسَيِّدِهِ) وَلَا زَكَاةَ عَلَى سَيِّدِهِ فِيهِ وَلَا فِي دَيْنٍ كَانَ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ مَضَتْ أَحْوَالٌ. قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ إلَخْ) نَظَمَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: طَلَبَتْ مِنْ الْمَلِيحِ زَكَاةَ حُسْنٍ ... عَلَى صِغَرٍ مِنْ السِّنِّ الْبَهِيِّ فَقَالَ وَهَلْ عَلَى مِثْلِي زَكَاةٌ ... عَلَى رَأْيِ الْعِرَاقِيِّ الْكَمِّيِّ فَقُلْت الشَّافِعِيُّ لَنَا إمَامٌ ... وَقَدْ فَرَضَ الزَّكَاةَ عَلَى الصَّبِيِّ فَقَالَ اذْهَبْ إذًا وَاقْبِضْ زَكَاتِي ... بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ مِنْ الْوَلِيِّ وَتَمَّمَهُ التَّقِيُّ السُّبْكِيُّ فَقَالَ: فَقُلْت لَهُ فَدَيْتُك مِنْ فَقِيهٍ ... أَيُطْلَبُ بِالْوَفَاءِ سِوَى الْمَلِيِّ نِصَابُ الْحُسْنِ عِنْدَك ذُو امْتِنَاعٍ ... بِخَدِّك وَالْقِوَامُ السَّمْهَرِيِّ فَإِنْ أَعْطَيْتنَا طَوْعًا وَإِلَّا ... أَخَذْنَاهَا بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ قَوْلُهُ: (أَيْضًا وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَمِثْلُهُمَا السَّفِيهُ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمَا وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الْكِفَايَةِ، وَعَلَّلَ بِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُكَلَّفَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ تَجِبُ فِي مَالِهِمْ لَا عَلَيْهِمْ. وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَإِنَّ مَعْنَى وُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ ثُبُوتُهَا فِي ذِمَّتِهِمْ. كَمَا يُقَالُ عَلَيْهِمْ: ضَمَانُ مَا أَتْلَفُوهُ وَهَذَا مِنْ خِطَابِ الْإِلْزَامِ لَا مِنْ خِطَابِ الْمُوَاجَهَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَوْلُهُ: (وَيُخْرِجُهَا مِنْهُ وَلِيُّهُمَا) أَيْ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ كَانَا حَنَفِيَّيْنِ وَالْأَحْوَطُ لَهُ فِي هَذِهِ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُلْزِمَهُ بِالْإِخْرَاجِ لِئَلَّا يَرْفَعَاهُ إلَى حَنَفِيٍّ فَيُغَرِّمَهُ فَإِنْ كَانَ حَنَفِيًّا وَهُمَا شَافِعِيَّانِ أَخَّرَهَا وَأَخْبَرَهُمَا بَعْدُ كَمَا لَهُمَا بِهَا، وَلَهُ رَفْعُ الْأَمْرِ إلَى حَاكِمٍ يُلْزِمُهُ بِالْإِخْرَاجِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَا تَجِبُ إلَخْ) أَيْ لَا عَلَى الْجَنِينِ وَلَا عَلَى وَرَثَتِهِ وَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا، وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنْ لَا حَمْلَ أَصْلًا فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَالِ الْجَنِينِ وَالْبَائِعِ إذَا فُسِخَ الْعَقْدُ بِأَنَّ الْبَائِعَ كَانَ لَهُ مِلْكٌ فَاسْتَصْحَبَ عَدَمَ الْوُجُوبِ هُنَا لِعَدَمِ ذَلِكَ فِي الْوَرَثَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالضَّالِّ) وَكَذَا مَا وَقَعَ فِي بَحْرٍ أَوْ نَسِيَ مَحَلَّهُ. قَوْلُهُ: (مَاشِيَةً) وَيُتَصَوَّرُ فِيهَا بِأَنْ تَضِلَّ أَوْ تُغْصَبَ بَعْدَ حَوْلِهَا سَائِمَةً وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْأَحْوَالِ الْمَاضِيَةِ) أَيْ إنْ لَنْ يَنْقُصْ النِّصَابُ بِالْوَاجِبِ وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ فِي الْأَحْوَالِ الَّتِي بَعْدَ   [حاشية عميرة] خَرَجَ زَكَاةُ الْفِطْرِ، فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ فِي قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (لِضَعْفِ مِلْكِهِ) أَيْ فَلَا يُحْتَمَلُ الْمُوَاسَاةُ بِدَلِيلِ عَدَمِ وُجُوبِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (يَصِيرُ مَا فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ) أَيْ فَيُبْتَدَأُ حَوْلُهُ مِنْ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (إذَا انْفَصَلَ حَيًّا) وَلَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى الْوَرَثَةِ لِضَعْفِ مِلْكِهِمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا حَتَّى يَعُودَ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْهُ وَالتَّكْلِيفُ مِنْ غَيْرِهِ لَا يُتَّجَهُ لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ يَتْلَفُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 تَصَرُّفِهِ فِيهَا (وَالْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ) بِأَنْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فِي يَدِ الْبَائِعِ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ عَلَى الْمُشْتَرِي (وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ) فِي الْمَغْصُوبِ. وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ وَانْتِزَاعِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ (وَتَجِبُ فِي الْحَالِ عَنْ) الْمَالِ (الْغَائِبِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) وَتُخْرَجُ فِي بَلَدِهِ فَإِنْ كَانَ سَائِرًا فَلَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ لِانْقِطَاعِ الطَّرِيقِ أَوْ انْقِطَاعِ خَبَرِهِ (فَكَمَغْصُوبٍ) فَتَجِبُ فِيهِ فِي الْأَظْهَرِ وَلَا يَجِبُ إخْرَاجُهَا حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ (وَالدَّيْنُ إنْ كَانَ مَاشِيَةً وَغَيْرُ لَازِمٍ كَمَالُ كِتَابَةٍ فَلَا زَكَاةَ) فِيهِ أَمَّا الْمَاشِيَةُ فَلِأَنَّ شَرْطَ زَكَاتِهَا السَّوْمُ، وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَّصِفُ بِسَوْمٍ. وَأَمَّا مَالُ الْكِتَابَةِ فَلِأَنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ تَامٍّ فِيهِ وَلِلْعَبْدِ إسْقَاطُهُ مَتَى شَاءَ (أَوْ عَرْضًا أَوْ نَقْدًا فَكَذَا) أَيْ لَا زَكَاةَ فِيهِ (فِي الْقَدِيمِ) لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ فِي الدَّيْنِ حَقِيقَةً (وَفِي الْجَدِيدِ إنْ كَانَ حَالًّا وَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ لِإِعْسَارٍ وَغَيْرِهِ) أَيْ لَا كَجُحُودٍ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ مَطْلٍ أَوْ غَيْبَةٍ (فَكَمَغْصُوبٍ) فَتَجِبُ فِيهِ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَا يَجِبُ إخْرَاجُهَا حَتَّى يَحْصُلَ (وَإِنْ تَيَسَّرَ) أَخْذُهُ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ مُقِرٍّ حَاضِرٍ بَاذِلٍ (وَجَبَ تَزْكِيَتُهُ فِي الْحَالِ) وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ (أَوْ مُؤَجَّلًا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَمَغْصُوبٍ) فَتَجِبُ فِيهِ فِي الْأَظْهَرِ وَقِيلَ: قَطْعًا وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا حَتَّى يَقْبِضَ (وَقِيلَ: يَجِبُ دَفْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ) وَهُوَ مَبْنِيٌّ   [حاشية قليوبي] النَّقْصِ قَوْلُهُ: (وَامْتِنَاعُ تَصَرُّفِهِ فِيهَا) فَلَوْ قَدَرَ عَلَى نَزْعِ الْمَغْصُوبِ أَوْ بَيِّنَةٍ فِي الْمَجْحُودِ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ حَالًا. قَوْلُهُ: (حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ) أَيْ مِنْ وَقْتِ انْقِطَاعِ الْخِيَارِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: مِنْ الشِّرَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ الَّذِي يُتَّجَهُ هُنَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الشِّرَاءِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، وَإِلَّا فَمِنْ انْقِطَاعِ الْخِيَارِ فَرَاجِعْهُ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي بَلَدِهِ) أَيْ الْمَالُ إنْ اسْتَقَرَّ فِيهِ وَهُنَاكَ سَاعٍ أَوْ حَاكِمٌ يَدْفَعُهَا لَهُ حَالًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ سَائِرًا فَلَا يَجِبُ الْإِفْرَاجُ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بَلَدٌ حَالَ الْحَوْلُ فِيهَا وَالْمَالُ سَائِرٌ عَلَيْهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالدَّيْنُ) قَالَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ: وَحَيْثُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي الدَّيْنِ وَقُلْنَا الزَّكَاةُ تَتَعَلَّقُ بِهِ تَعَلُّقَ الشَّرِكَةِ فَقَدْ مَلَكَ الْأَصْنَافَ بَعْضُهُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ وَاقِعٌ فِيهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ كَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ وَالدَّعْوَى بِهِ وَنَحْوِهَا فَيَنْبَغِي فِي الدَّعْوَى أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قَبْضَ ذَلِكَ، وَيَحْلِفُ كَذَلِكَ وَلَا يَحْلِفُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ وَلَا أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَاشِيَةً) وَكَذَا الْمُعَشَّرُ لِشَرْطِ الزُّهُورِ وَهُوَ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَسُومُ) أَيْ لَا يَتَّصِفُ بِالسَّوْمِ فَلَا يَرِدُ صِحَّةُ السَّلَمِ فِي اللَّحْمِ مِنْ السَّائِمَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْعَبْدُ إلَخْ) يَأْخُذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَحَالَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ بِهِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ عَلَى السَّيِّدِ وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَنُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَمِثْلُهَا دَيْنُ السَّيِّدِ عَلَيْهِ بِنَحْوِ مُعَامَلَةٍ كَمَا مَرَّ آنِفًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَيَسَّرَ أَخْذُهُ) أَوْ أُخِذَ بَدَلُهُ بِنَحْوِ ظُفْرٍ   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى خَلَاصِ الْمَغْصُوبِ أَوْ الْمَجْحُودِ بِبَيِّنَةٍ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ، وَالْإِخْرَاجُ حَالًا قَطْعًا، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِي الْفَرْقِ الْآتِي، وَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ ذِكْرُهُ فِي الدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي وَحُكِيَ قَدِيمًا إلَخْ) أَخَّرَ ذِكْرَهُ عَنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ، وَلَا يَجِبُ إلَخْ لِيَفْرُغَ مِنْ الْأَوَّلِ بِتَفْرِيعِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ تَجِبُ فِيهِ قَطْعًا وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ، ثُمَّ عَلَى طَرِيقِ الْقَطْعِ الْمُتَّجَهُ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْقَبْضِ بِخِلَافِهِ عَلَى طَرِيقِ الْقَوْلَيْنِ كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَقَدْ يُشْكَلُ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ: وَقِيلَ: يَجِبُ دَفْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ. حَيْثُ قَالَ: إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقِ الْقَطْعِ. قُلْت: لَا إشْكَالَ لِأَنَّهُ هُنَا مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْوُصُولِ بِدَفْعِ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ سَائِرًا) يَرْجِعُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ الْمَالَ. قَوْلُهُ: (وَمَا فِي الذِّمَّةِ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ يُذْكَرُ فِي السَّلَمِ فِي اللَّحْمِ كَوْنُهُ لَحْمَ رَاعِيَةٍ أَوْ مَعْلُوفَةٍ، فَإِذَا جَازَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الذِّمَّةِ لَحْمُ رَاعِيَةٍ، جَازَ أَنْ يَثْبُتَ الرَّاعِيَةُ نَفْسَهَا وَضَعَّفَهُ الْقُونَوِيُّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ اتِّصَافُهُ بِالسَّوْمِ الْمُحَقَّقِ، وَثُبُوتُهَا فِي الذِّمَّةِ أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ. قَوْلُهُ: (فَلِأَنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ تَامٍّ فِيهِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَوْ أَحَالَ سَيِّدَهُ بِالنُّجُومِ عَلَى شَخْصٍ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يَسْقُطُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِتَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ وَلَا فَسْخِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ عَرْضًا) أَيْ لِلتِّجَارَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ فِي الدَّيْنِ) اُسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ، وَلَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ أَوْ حَالٌّ حَنِثَ بِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ تَيَسَّرَ) لَوْ تَيَسَّرَ أَخْذُهُ بِالظُّفْرِ فَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ فِي الْحَالِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 عَلَى طَرِيقِ الْقَطْعِ الْمَقِيسِ عَلَى الْمَالِ الْغَائِبِ الَّذِي يَسْهُلُ إحْضَارُهُ. وَوَجْهُ طَرِيقِ الْخِلَافِ بِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ قَبْلَ الْحُلُولِ. وَقِيلَ: لَا تَجِبُ فِيهِ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا قَبْلَ الْحُلُولِ (وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهَا فِي أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ) لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِيهَا. وَالثَّانِي يَمْنَعُ كَمَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ. (وَالثَّالِثُ يَمْنَعُ فِي الْمَالِ الْبَاطِنِ وَهُوَ النَّقْدُ وَالْعَرْضُ) وَالرِّكَازُ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ: وَلَا يَمْنَعُ فِي الظَّاهِرِ وَهُوَ الْمَاشِيَةُ وَالزَّرْعُ وَالثَّمَرُ وَالْمَعْدِنُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الظَّاهِرَ يَنْمُو بِنَفْسِهِ وَالْبَاطِنُ إنَّمَا يَنْمُو بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ وَالدَّيْنُ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْوِجُ إلَى صَرْفِهِ فِي قَضَائِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا مِنْ جِنْسِ الْمَالِ أَمْ لَا (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِدَيْنٍ فَحَالَ الْحَوْلُ فِي الْحَجْرِ فَكَمَغْصُوبٍ) لِأَنَّ الْحَجْرَ مَانِعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَلَوْ عَيَّنَ الْحَاكِمُ لِكُلٍّ مِنْ غُرَمَائِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَمَكَّنَهُمْ مِنْ أَخْذِهِ فَحَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ أَخْذِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ قَطْعًا لِضَعْفِ مِلْكِهِ. وَقِيلَ: فِيهَا خِلَافُ الْمَغْصُوبِ (وَ) الْأَوَّلُ أَيْضًا (لَوْ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ وَدَيْنُ آدَمِيٍّ فِي تَرِكَةٍ) بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ أَدَاءِ الزَّكَاةِ (قُدِّمَتْ) تَقْدِيمًا لِدَيْنِ اللَّهِ وَفِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» (وَفِي قَوْلٍ) يُقَدَّمُ (الدَّيْنُ) لِافْتِقَارِ الْآدَمِيِّ وَاحْتِيَاجِهِ (وَفِي قَوْلٍ يَسْتَوِيَانِ) فَيُوَزَّعُ الْمَالُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَعُودُ فَائِدَتُهَا إلَى الْآدَمِيِّينَ أَيْضًا (وَالْغَنِيمَةُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ إنْ اخْتَارَ الْغَانِمُونَ تَمَلُّكَهَا وَمَضَى بَعْدَهُ حَوْلٌ وَالْجَمِيعُ صِنْفٌ زَكَوِيٌّ وَبَلَغَ نَصِيبُ كُلِّ شَخْصٍ نِصَابًا أَوْ بَلَغَهُ الْمَجْمُوعُ فِي مَوْضِعِ ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ) مَاشِيَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا (وَجَبَتْ زَكَاتُهَا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْتَارُوا تَمَلُّكَهَا (فَلَا) زَكَاةَ عَلَيْهِمْ فِيهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ أَوْ مَمْلُوكَةٌ مِلْكًا فِي نِهَايَةٍ مِنْ الضَّعْفِ يَسْقُطُ بِالْأَعْرَاضِ.   [حاشية قليوبي] كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: (أَوْ مُؤَجَّلًا) وَمِثْلُهُ مَا نَذَرَ عَدَمَ الْمُطَالَبَةَ بِهِ أَوْ الْمُوصَى بِهِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَدِيمٌ، وَمَا هُنَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْجَدِيدِ فَإِجْرَاءُ الْقَدِيمِ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا فَعَلَ الرَّافِعِيُّ انْتَهَى. وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ مُوَافِقٌ لِلْقَدِيمِ لَا أَنَّهُ هُوَ أَوْ مِنْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ قَبْضِهِ) الْمُرَادُ قَبْلَ حُلُولِهِ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ. لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي دَيْنٍ عَلَى مُوسِرٍ مُقِرٍّ مَلِيءٍ بَاذِلٍ. وَكَلَامُ الشَّارِحِ صَرِيحٌ فِيهِ أَيْضًا وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقِ الْقَطْعِ لِأَنَّ الْأَظْهَرَ الْمُوَافِقَ لَهَا لَا يَقُولُ بِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ مَقْطُوعٌ بِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ النَّقْدُ وَالْعَرْضُ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا لِشُمُولِ النَّقْدِ لِلرِّكَازِ وَالْعَرْضِ لِزَكَاةِ الْفِطْرِ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ إلَخْ) وَسَوَاءٌ دَيْنُ الضَّمَانِ وَغَيْرِهِ، وَدَيْنُ اللَّهِ كَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ وَغَيْرِهِ وَمَا اسْتَغْرَقَ النِّصَابَ وَغَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (فَكَمَغْصُوبٍ) فَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ لَا قَبْلَهُ وَفَارَقَ وُجُوبَ زَكَاةِ الْمَرْهُونِ حَالًا بِأَنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ جُزْءٌ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ غَيْرُهُ قَهْرًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَبِأَنَّ الرَّاهِنَ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِلَا حَاكِمٍ. قَوْلُهُ: (شَيْئًا مِنْ مَالِهِ) أَيْ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِمْ فَقَطْ وَسَوَاءٌ أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ أَمْ لَا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لَوْ تَرَكُوهُ لَهُ، وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ لَوْ أَخَذُوهُ أَيْضًا لِضَعْفِ مِلْكِهِمْ. قَوْلُهُ: (قُدِّمَتْ) أَيْ الزَّكَاةُ وَلَوْ عَنْ الْفِطْرَةِ عَلَى الدَّيْنِ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ وَكَالزَّكَاةِ كُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ، وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَالْحَجِّ إلَّا الْجِزْيَةُ فَكَدَيْنِ الْآدَمِيِّ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ أَنَّهَا أُجْرَةٌ، وَفِي اجْتِمَاعِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى يُقَدَّمُ مَا تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ، ثُمَّ مَا تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ وَخَرَجَ بِالتَّرِكَةِ الْحَيُّ فَيُقَدَّمُ فِيهِ دَيْنُ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَظْهَرِ) هِيَ الطَّرِيقَةُ الْحَاكِيَةُ لِلْخِلَافِ، وَقَوْلُهُ وَقِيلَ قَطْعًا هِيَ الطَّرِيقَةُ الْقَاطِعَةُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ حَتَّى يُقْبَضَ) هُوَ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ لَكِنَّهُ مُتَطَوِّعٌ بِهِ عَلَى الْأَوْلَى، وَقَوْلُ الْمَتْنِ وَقِيلَ: تَجِبُ مُفَرَّعٌ عَلَى طَرِيقِ الْقَطْعِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، ثُمَّ قَوْلُهُ قِيلَ قَبْضُهُ أَوْلَى مِنْهُ قَبْلَ حُلُولِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ وَقِيلَ تَجِبُ إلَخْ، إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ مَلِيًّا، وَلَا مَانِعَ سِوَى الْأَجَلِ. وَقَوْلُهُ الْمَقِيسُ عَلَى الْمَالِ الْغَائِبِ رُدَّ بِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ لَوْ كَانَ مِائَتَيْنِ مَثَلًا، فَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِ الْخَمْسَةِ وَالتَّكْلِيفُ بِهَا إجْحَافٌ لِأَنَّهَا تُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ مُؤَجَّلَةٍ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَخْ) أَيْ فَأُلْحِقَ بِالْمَغْصُوبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ) وَلَوْ زَكَاةُ فِطْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَدَيْنٌ) فَائِدَةٌ: ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الدَّيْنَ أَنَّ الْحَادِثَ كَغَيْرِهِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِافْتِقَارِ الْآدَمِيِّ إلَخْ) أَيْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 وَكَذَا لَوْ اخْتَارُوا تَمَلُّكَهَا وَهِيَ أَصْنَافٌ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي جَمِيعِهَا أَمْ بَعْضِهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَدْرِي مَاذَا يُصِيبُهُ وَكَمْ نَصِيبُهُ. وَكَذَا لَوْ كَانَتْ صِنْفًا لَا يَبْلُغُ نِصَابًا إلَّا بِالْخُمُسِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ لَا تَثْبُتُ مَعَ أَهْلِ الْخُمُسِ إذْ لَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ (وَلَوْ أَصْدَقَهَا نِصَابَ سَائِمَةٍ مُعَيَّنًا لَزِمَهَا زَكَاتُهُ إذَا تَمَّ حَوْلٌ مِنْ الْإِصْدَاقِ) سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ قَبَضَتْهُ أَمْ لَا لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِالْعَقْدِ وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ أَكْرَى دَارًا أَرْبَعَ سِنِينَ بِثَمَانِينَ دِينَارًا وَقَبَضَهَا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ إلَّا زَكَاةَ مَا اسْتَقَرَّ) لِأَنَّ مَا لَا يَسْتَقِرُّ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ بِانْهِدَامِ الدَّارِ فَمِلْكُهُ ضَعِيفٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ إذْ هُوَ بِفَرْضِ أَنْ يَعُودَ نِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّ عَوْدَ نِصْفِهِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ مِنْ غَيْرِ انْفِسَاخٍ لِعَقْدٍ، بِخِلَافِ عَوْدِ بَعْضِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ (فَيُخْرِجُ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى زَكَاةَ عِشْرِينَ) لِأَنَّهَا الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا (وَلِتَمَامِ الثَّانِيَةِ زَكَاةَ عِشْرِينَ لِسَنَةٍ) وَهِيَ الَّتِي زَكَّاهَا (وَعِشْرِينَ لِسَنَتَيْنِ) وَهِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الْآنَ (وَلِتَمَامِ الثَّالِثَةِ زَكَاةَ أَرْبَعِينَ لِسَنَةٍ) وَهِيَ الَّتِي زَكَّاهَا (وَعِشْرِينَ لِثَلَاثِ سِنِينَ) وَهِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الْآنَ (وَلِتَمَامِ الرَّابِعَةِ زَكَاةَ سِتِّينَ لِسَنَةٍ) وَهِيَ الَّتِي زَكَّاهَا (وَعِشْرِينَ لِأَرْبَعٍ) وَهِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الْآنَ (وَالثَّانِي يُخْرِجُ لِتَمَامِ الْأُولَى زَكَاةَ ثَمَانِينَ) لِأَنَّهُ مَلَكَهَا مِلْكًا تَامًّا وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَانَتْ أُجْرَةُ السِّنِينَ مُتَسَاوِيَةً وَأَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ الْمَقْبُوضِ. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّ كَلَامَ نَقَلَةِ الْمَذْهَبِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي   [حاشية قليوبي] الْآدَمِيِّ إنْ حُجِرَ عَلَيْهِ إلَّا الزَّكَاةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْتَارُوا إلَخْ) خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهِ مَدْخُولَ الشَّرْطِ، وَإِنْ أَمْكَنَ شُمُولُهُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِمَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ أَصْنَافٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الَّذِي يَخُصُّ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَبْلُغُ نِصَابًا. قَوْلُهُ: (لَوْ كَانَتْ صِنْفًا لَا يَبْلُغُ إلَخْ) أَوْ بَلَغَ وَهُوَ غَيْرُ زَكَوِيٍّ أَوْ زَكَوِيٌّ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا أَوْ بَلَغَ الْمَجْمُوعُ نِصَابًا بِالْخَمْسِ. قَوْلُهُ: (نِصَابَ سَائِمَةٍ) أَيْ نِصَابًا وَسَامَهُ سَوَاءٌ كَانَ سَائِمَةً قَبْلَهَا أَمْ لَا لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ، وَمَنَعَهَا مِنْهُ بَعْدَ طَلَبِهَا كَالْغَصْبِ فَإِنْ طَلَّقَهَا بِلَا وَطْءٍ قَبْلَ الْحَوْلِ رَجَعَ نِصْفُهُ لَهُ وَعَلَى كُلٍّ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ نِصْفُ شَاةٍ، أَوْ طَلَّقَ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ رَجَعَ لَهُ كَذَلِكَ شَائِعًا إنْ أَخَذَ السَّاعِي الْوَاجِبَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا، وَإِلَّا رَجَعَ هُوَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمُخْرَجِ وَلَوْ يُعَدُّ الرُّجُوعُ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) مِنْ أَنَّ السَّائِمَةَ لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ سَائِمَةٍ كَالنَّقْدِ لَزِمَهَا زَكَاتُهُ لِأَنَّهُ مِنْ الدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (وَقَبَضَهَا) فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا فَهِيَ مِنْ الدَّيْنِ إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَكَالْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ مِنْ حَيْثُ الْإِخْرَاجِ، وَأَمَّا الْوُجُوبُ فَمَجْزُومٌ بِهِ. قَوْلُهُ: (زَكَاةُ ثَمَانِينَ) قَالَ فِي   [حاشية عميرة] وَكَمَا يُقَدَّمُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ وَالْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَبَضَهَا) خَرَجَ مَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهَا فَإِنَّهُ إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ مَعِيبَةً فَكَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. تَنْبِيهٌ: كَلَامُ الْمِنْهَاجِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْإِخْرَاجِ، وَأَنَّ الْوُجُوبَ مَجْزُومٌ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعِشْرِينَ لِسَنَتَيْنِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْفُقَرَاءَ بِتَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى مَلَكُوا مِنْ هَذِهِ الْعِشْرِينَ نِصْفَ دِينَارٍ، فَلَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِجَمِيعِهَا فِي الْحَوْلِ الثَّانِي، بَلْ لِتِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَنِصْفٍ، وَإِذَا سَقَطَ النِّصْفُ فَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الزَّكَاةِ، وَهُوَ رُبْعُ عُشْرِهِ فَمَجْمُوعُ مَا يَلْزَمُ لِتَمَامِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ دِينَارٌ وَنِصْفُ الْأَرْبَعِ عُشْرُ النِّصْفِ، وَقِسْ الْإِخْرَاجَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ عَلَى ذَلِكَ هَكَذَا اسْتَدْرَكَهُ الرَّافِعِيُّ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ الثَّمَانِينَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَفَطَّنَ أَيْضًا لِأَمْرٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْحَوْلَ الثَّانِي مَثَلًا فِي مِقْدَارِ الزَّكَاةِ مِنْ الْإِعْطَاءِ لَا مِنْ حِينِ تَمَامِ الْحَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ، لِأَنَّ حِصَّةَ الْفُقَرَاءِ بَاقِيَةٌ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ إلَى حِينِ الْإِعْطَاءِ، وَحَاوَلَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْجَوَابَ عَنْ إشْكَالِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ بِتَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِالتَّعْجِيلِ عَنْ الثَّمَانِينَ أَوَّلًا، وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ الْمَنْقُولِ قَالَ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِهِ. فَرْعٌ: قَالَ الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ: إذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ فَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ مَا زَادَ عَلَى قِسْطِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ عِشْرِينَ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ حَيْثُ تَكُونُ الْأُجْرَةُ مِائَةً، فَإِنْ كَانَ مَضَى أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْحَوْلِ، جَازَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ وُجُودَ النِّصَابِ فِي مِلْكِهِ فَتَعْجِيلُهُ غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ دَرَاهِمُ لَا يَعْلَمُ بُلُوغَهَا نِصَابًا فَعَجَّلَ عَنْهَا ثُمَّ عَلِمَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمِنْهَاجِ لَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ فِيهَا، وَلَا فِي الْعِشْرِينَ الْأُولَى لِأَنَّهُ مَتَى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فَلَا نِصَابَ اهـ. اللَّهُمَّ إلَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 الذِّمَّةِ وَقُبِضَتْ، وَمَا إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً. فَصْلٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ أَيْ أَدَاؤُهَا (عَلَى الْفَوْرِ إذَا تَمَكَّنَ وَذَلِكَ بِحُضُورِ الْمَالِ وَالْأَصْنَافِ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّينَ لِأَنَّ حَاجَتَهُمْ إلَيْهَا نَاجِزَةٌ. أَمَّا زَكَاةُ الْفِطْرِ فَمُوَسَّعَةٌ بِلَيْلَةِ الْعِيدِ وَيَوْمِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا (وَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ بِنَفْسِهِ زَكَاةَ الْمَالِ الْبَاطِنِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ النَّقْدُ وَالْعَرْضُ، وَزِيدَ عَلَيْهِمَا هُنَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الرِّكَازُ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ (وَكَذَا الظَّاهِرُ) وَهُوَ الْمَاشِيَةُ وَالزَّرْعُ وَالثَّمَرُ وَالْمَعْدِنُ (عَلَى الْجَدِيدِ) وَالْقَدِيمُ يَجِبُ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَى الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا لِنَفَاذِ حُكْمِهِ، فَلَوْ فَرَّقَهَا الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ لَمْ تُحْسَبْ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ دَفْعُهَا إلَى الْجَائِرِ (وَلَهُ) مَعَ الْأَدَاءِ بِنَفْسِهِ فِي الْمَالَيْنِ (التَّوْكِيلُ) فِيهِ (وَالصَّرْفُ إلَى الْإِمَامِ) بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الصَّرْفَ إلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُ) مِنْ تَفْرِيقِهِ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِالْمُسْتَحَقِّينَ وَأَقْدَرُ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمْ وَالثَّانِي تَفْرِيقُهُ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ أَوْثَقُ. وَهَذَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْمَالِ الْبَاطِنِ. أَمَّا الظَّاهِرُ فَصَرْفُ زَكَاتِهِ إلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُ قَطْعًا. وَقِيلَ: عَلَى الْخِلَافِ وَهُوَ وَجْهَانِ وَقِيلَ: قَوْلَانِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ جَائِرًا) فَتَفْرِيقُ الْمَالِكِ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنْ   [حاشية قليوبي] الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ: وَالْأَصْحَابُ وَإِذَا أَخْرَجَ الْجَمِيعَ ثُمَّ انْهَدَمَتْ الدَّارُ يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِسْطِ الْأُجْرَةِ، وَلَا يَرْجِعُ الْمُخْرِجُ بِشَيْءٍ انْتَهَى فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَأَخْرَجَ إلَخْ) أَيْ لِئَلَّا يَنْقُصَ النِّصَابُ لَوْ أَخْرَجَ مِنْهَا كَذَا قَالُوهُ وَتَكَلَّفُوا فِي الْجَوَابِ عَنْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَعِنْدَ التَّأَمُّلِ فِيمَا مَرَّ فِيمَنْ عِنْدَهُ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ لَا إشْكَالَ فَتَأَمَّلْ. نَعَمْ، قَدْ يُقَالُ إنَّ التَّقْرِيرَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ كَوْنِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ عِشْرِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ. تَنْبِيهٌ: لِلثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَعَكْسُهُ حُكْمٌ لِلْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ لِتَعَرُّضِهِ لِلسُّقُوطِ بِتَلَفِ مُقَابِلِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ الْوُجُوبِ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ الْفَسْخُ بِانْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ. فَصْلٌ فِي أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ قَوْلُهُ: (بِحُضُورِ الْمَالِ) أَيْ بِحُضُورِ الْمَالِ إلَيْهِ أَوْ بِحُضُورِهِ عِنْدَ الْمَالِ وَلَوْ تَقْدِيرًا، فَلَوْ مَضَى بَعْدَ الْحَوْلِ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ حُضُورُهُ لِمَالِ غَائِبٍ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَنْقِيَةِ الْحَبِّ مِنْ نَحْوِ تِبْنٍ وَجَفَافِ ثَمَرٍ وَخُلُوِّ مَالِكٍ مِنْ مُهِمٍّ دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ. وَلَهُ انْتِظَارُ نَحْوِ صَالِحٍ وَجَارٍ أَوْ تَرْوِ فِي اسْتِحْقَاقٍ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. قَوْلُهُ: (الْمُسْتَحِقِّينَ) أَيْ مَنْ تُصْرَفُ لَهُ الزَّكَاةُ مِنْ إمَامٍ أَوْ سَاعٍ أَوْ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ بَعْضِهِمْ فِي حِصَّتِهِ، نَعَمْ لَا يَحْصُلُ التَّمَكُّنُ بِحُضُورِ الْمُسْتَحِقِّينَ دُونَ الْإِمَامِ فِي زَكَاةٍ طَلَبَهَا فِي مَالٍ ظَاهِرٍ وَالتَّمَكُّنُ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلْوُجُوبِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ عَنْ نَحْوِ جَائِعٍ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ التَّوْكِيلُ) أَيْ لِبَالِغٍ عَاقِلٍ، وَكَذَا لِسَفِيهٍ وَصَبِيٍّ إنْ نَوَى، وَعَيَّنَ الْمَدْفُوعَ لَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الصَّرْفَ إلَخْ) وَبَعْدَ الْإِمَامِ السَّاعِي، وَتَصَرُّفُ الْإِمَامِ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالنِّيَابَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (جَائِرًا) أَيْ فِي الزَّكَاةِ وَلَوْ عَدْلًا فِي غَيْرِهَا، وَهَذَا فِي الْمَالِ الْبَاطِنِ إنْ لَمْ يَطْلُبْهَا   [حاشية عميرة] أَنْ يُقَالَ هَذِهِ مَقَالَةٌ يَأْبَاهَا عُمُومُ قَوْلِهِمْ، يَجُوزُ التَّعْجِيلُ لِعَامٍ بَعْدَ انْعِقَادِ الْحَوْلِ. قَوْلُهُ: (وَمَا إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً) لَمْ يَقُلْ وَقُبِضَتْ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَبْضِ فِيهَا وَعَدَمِهِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ، وَلَمْ تُقْبَضْ كَذَلِكَ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَطْرُقُهَا خِلَافُ الدَّيْنِ كَمَا أَنَّ الْمُعَيَّنَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَطْرُقُهَا خِلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ. [فَصْلٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ أَيْ أَدَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ] فَصْلٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ إلَخْ أَيْ أَدَاؤُهَا يُرِيدُ أَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ لِلْأَدَاءِ لَا لِلْوُجُوبِ لَكِنْ لَك أَنْ تَقُولَ الْوُجُوبُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَدَاءِ، لِأَنَّهُ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَخْ) أَيْ كَمَا يُؤَدِّي الْكَفَّارَاتِ بِنَفْسِهِ وَقِيسَ الظَّاهِرُ عَلَى الْبَاطِنِ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ تَجِبُ إلَخْ) اسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] وَخَالَفَ الْبَاطِنَ لِأَنَّ النَّاسَ لَهُمْ غَرَضٌ فِي إخْفَاءِ أَمْوَالِهِمْ فَلَا يُفَوَّتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَالظَّاهِرُ لَا يُطْلَبُ إخْفَاؤُهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ أَوْثَقُ) وَلِيَتَنَاوَلَ ثَوَابَ تَقْدِيمِ الْأَقَارِبِ وَالْجِيرَانِ، فَتَفْرِيقُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 الصَّرْفِ إلَيْهِ. وَقِيلَ: فِيهِ الْخِلَافُ، وَتَفْرِيقُهُ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّوْكِيلِ بِلَا خِلَافٍ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالدَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُ مِنْ التَّوْكِيلِ قَطْعًا. وَفِيهَا كَأَصْلِهَا: لَوْ طَلَبَ الْإِمَامُ زِيَادَةَ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَجَبَ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ. وَأَمَّا الْأَمْوَالُ الْبَاطِنَةُ فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَيْسَ لِلْوُلَاةِ نَظَرٌ فِي زَكَاتِهَا، وَأَرْبَابُهَا أَحَقُّ بِهَا فَإِنْ بَذَلُوهَا طَوْعًا قَبِلَهَا الْوَالِي (وَتَجِبُ النِّيَّةُ فَيَنْوِي هَذَا فَرْضَ زَكَاةِ مَالِيٍّ أَوْ فَرْضَ صَدَقَةِ مَالِيٍّ وَنَحْوَهُمَا) أَيْ كَزَكَاةِ مَالِيٍّ الْمَفْرُوضَةِ، أَوْ صَدَقَةِ مَالِيٍّ الْمَفْرُوضَةِ. وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ. وَلَوْ نَوَى الزَّكَاةَ دُونَ الْفَرْضِيَّةِ أَجْزَأَهُ، وَقِيلَ: لَا كَمَا لَوْ نَوَى صَلَاةَ الظُّهْرِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الظُّهْرَ قَدْ تَقَعُ نَفْلًا كَالْمُعَادَةِ. وَالزَّكَاةُ لَا تَقَعُ إلَّا فَرْضًا. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ: إنْ قَالَ هَذِهِ زَكَاةُ مَالِيٍّ كَفَاهُ، وَإِنْ قَالَ زَكَاةٌ فَفِي إجْزَائِهِ وَجْهَانِ وَلَمْ يُصَحِّحْ شَيْئًا وَأَصَحُّهُمَا الْإِجْزَاءُ (وَلَا يَكْفِي هَذَا فَرْضُ مَالِيٍّ) لِأَنَّهُ يَكُونُ كَفَّارَةً وَنَذْرًا (وَكَذَا الصَّدَقَةُ) أَيْ صَدَقَةُ مَالِيٍّ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا تَكُونُ نَافِلَةً وَالثَّانِي يَكْفِي لِظُهُورِهَا فِي الزَّكَاةِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَا يَكْفِي مُطْلَقُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَعَبَّرَ فِيهِ فِي الْأُولَى بِالْأَصَحِّ. (وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَالِ) الْمُزَكَّى فِي النِّيَّةِ عِنْدَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ (وَلَوْ عَيَّنَ لَمْ يَقَعْ) أَيْ الْمُخْرَجُ (عَنْ غَيْرِهِ) فَلَوْ مَلَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ حَاضِرَةً وَمِائَتَيْنِ غَائِبَةً فَأَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا ثُمَّ بَانَ تَلَفُ الْغَائِبَةِ فَلَهُ جَعْلُ الْمُخْرَجِ عَنْ الْحَاضِرَةِ، وَلَوْ كَانَ عَيَّنَهُ عَنْ الْغَائِبَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إلَى الْحَاضِرَةِ، وَالْمُرَادُ الْغَائِبَةُ عَنْ مَجْلِسِهِ لَا عَنْ الْبَلَدِ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ نَقْلِ الزَّكَاةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ الْآتِي فِي كِتَابِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ. (وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ النِّيَّةُ إذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ) فَلَوْ دَفَعَ بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يَقَعْ الْمُوَقَّعُ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ وَضَمَّ إلَيْهِمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ السَّفِيهَ (وَتَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ   [حاشية قليوبي] فِيهِ فَإِنْ طَلَبَهَا فِيهِ أَوْ كَانَتْ عَنْ الْمَالِ الظَّاهِرِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا فَصَرَفَهَا لَهُ وَلَوْ جَائِرًا أَفْضَلُ، كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ بَعْضُهُ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (لَيْسَ لِلْوُلَاةِ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (بِالصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةُ) وَمِثْلُهُ فَرْضُ الصَّدَقَةِ فَالْمُعْتَمَدُ الِاكْتِفَاءُ بِهِمَا وَلَا يَضُرُّ شُمُولُهُمَا لِزَكَاةِ الْفِطْرِ لِخُرُوجِهَا بِالْقَرِينَةِ فَتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَوَى الزَّكَاةَ دُونَ الْفَرْضِيَّةِ أَجْزَأَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْمَذْكُورُ بَعْدَهُ دَلِيلٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَأَصَحُّهُمَا الْإِجْزَاءُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ إلَخْ) أَيْ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ غَيْرُ الَّتِي فِي الْمِنْهَاجِ فَلِذَلِكَ جَرَى فِيهَا طُرُقٌ وَلَمْ يَكْتَفُوا بِالْقَرِينَةِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّهَا إنَّمَا يُكْتَفَى بِهَا فِي تَخْصِيصِ النِّيَّاتِ لَا فِي صَرْفِ أَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ عَنْ الْحَاضِرَةِ إنْ تَلِفَتْ الْغَائِبَةُ انْصَرَفَ لِلْحَاضِرَةِ، وَلَوْ قَالَ عَنْ الْحَاضِرَةِ أَوْ الْغَائِبَةِ وَلَمْ تَتْلَفْ أَجْزَأَتْهُ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَيَخْرُجُ عَنْ الْأُخْرَى فَإِنْ تَلِفَتْ لَمْ تُجْزِئْهُ عَنْ الْبَاقِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (السَّفِيهُ) فَيَنْوِي الْوَلِيُّ عَنْهُ، وَلِلْوَلِيِّ تَفْوِيضُ النِّيَّةِ إلَيْهِ بَلْ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالنِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَوَى   [حاشية عميرة] الْمَالِكِ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ، أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ ظَاهِرًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَخَالَفَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَرَجَحَ أَنَّ صَرْفَ الظَّاهِرِ حَتَّى إلَى الْجَائِرِ أَفْضَلُ. قَوْلُهُ: (أَفْضَلُ مِنْ الصَّرْفِ إلَيْهِ) وَقِيلَ فِيهِ الْخِلَافُ أَيْ فَالرَّاجِحُ الْقَطْعُ بِكَوْنِهِ أَفْضَلَ، وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ إلَى الْمَالِ الْبَاطِنِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الشَّارِحِ لِذِكْرِ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ، وَهَذَا مَيْلٌ مِنْ الشَّارِحِ إلَى مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ أَنَّ صَرْفَ الظَّاهِرِ لِلْإِمَامِ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَ جَائِرًا خِلَافُ مَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (لِظُهُورِهَا) أَيْ وَكَثْرَةِ وُرُودِهَا فِي الْقُرْآنِ بِمَعْنَى ذَلِكَ. قَالَ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 58] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ هَذَا صَدَقَةٌ لَا يَكْفِي عَلَى الْأَصَحِّ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ، وَأَمَّا صَدَقَةُ مَالِي يُعَبَّرُ فِيهَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالْأَصَحِّ فَقَطْ، وَإِنَّمَا قَطَعَ بِتِلْكَ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إذَا لَمْ تُضَفْ يَكْثُرُ عُمُومُهَا لِإِطْلَاقِهَا عَلَى غَيْرِ الْمَالِ كَمَا فِي حَدِيثِ «بِكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ» قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَالِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: حَتَّى لَوْ قَالَ هَذَا عَنْ هَذَا أَوْ هَذَا كَفَى. قَالَ: فَلَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْأَدَاءِ فَلَهُ جَعْلُهُ عَنْ الْبَاقِي. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إلَخْ) أَيْ بَلْ تَقَعُ نَافِلَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ إلَخْ) أَيْ كَمَا تَكْفِي عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى السُّلْطَانِ وَلَوْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ مِنْ الْمُخَاطَبِ بِالزَّكَاةِ مُقَارِنَةً لِفِعْلِهِ، وَوَجْهُ الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى الْحَجِّ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 عِنْدَ الصَّرْفِ إلَى الْوَكِيلِ فِي الْأَصَحِّ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْوِيَ الْوَكِيلُ عَنْهُ التَّفْرِيقَ أَيْضًا) عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ، وَالثَّانِي لَا تَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ وَحْدَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَوْ نَوَى الْوَكِيلُ وَحْدَهُ لَمْ يَكْفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ فَوَّضَ إلَيْهِ النِّيَّةَ فَتَكْفِي وَلَوْ نَوَى الْمُوَكِّلُ وَحْدَهُ عِنْدَ تَفْرِيقِ الْوَكِيلِ كَفَى. قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَنَفَى فِيهِ الْخِلَافَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (وَلَوْ دَفَعَ) الزَّكَاةَ (إلَى السُّلْطَانِ كَفَتْ النِّيَّةُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ السُّلْطَانُ عِنْدَ الْقَسْمِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ لِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ فَالدَّفْعُ إلَيْهِ كَالدَّفْعِ إلَيْهِمْ (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ) عِنْدَ الدَّفْعِ إلَيْهِ (لَمْ يُجْزِئْ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ نَوَى السُّلْطَانُ) عِنْدَ الْقَسْمِ عَلَيْهِمْ كَمَا لَا يُجْزِئُ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ بِلَا نِيَّةٍ، وَالثَّانِي يُجْزِئُ نَوَى السُّلْطَانُ أَمْ لَمْ يَنْوِ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ إلَّا الْفَرْضَ. وَلَا يَقْسِمُ إلَّا الْفَرْضَ فَأَغْنَتْ هَذِهِ الْقَرِينَةُ عَنْ النِّيَّةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُ السُّلْطَانَ النِّيَّةُ إذَا أَخَذَ زَكَاةَ الْمُمْتَنِعِ) مِنْ أَدَائِهَا نِيَابَةً عَنْهُ لِتُجْزِئَهُ فِي الظَّاهِرِ فَلَا يُطَالَبُ بِهَا ثَانِيًا. وَقِيلَ: تُجْزِئُهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ فَلَا تَلْزَمُ السُّلْطَانُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ نِيَّتَهُ) أَيْ السُّلْطَانِ (تَكْفِي) فِي الْإِجْزَاءِ بَاطِنًا إقَامَةً لَهَا مُقَامَ نِيَّةِ الْمَالِكِ. وَالثَّانِي لَا تَكْفِي لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَنْوِ وَهُوَ مُتَعَبِّدٌ بِأَنْ يَتَقَرَّبَ بِالزَّكَاةِ. وَبَنَى الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الْخِلَافَ الْأَوَّلَ عَلَى الثَّانِي فَقَالَا: إنْ قُلْنَا لَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُمْتَنِعِ بَاطِنًا لَمْ تَجِبْ النِّيَّةُ عَلَى الْإِمَامِ، وَإِنْ قُلْنَا تَبْرَأُ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا تَجِبُ لِئَلَّا يَتَهَاوَنَ الْمَالِكُ فِيمَا هُوَ مُتَعَبِّدٌ عَنْهُ، وَالثَّانِي: تَجِبُ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِيمَا يَلِيهِ مِنْ أَمْرِ الزَّكَاةِ كَوَلِيِّ الطِّفْلِ وَالْمُمْتَنِعُ مَقْهُورٌ كَالطِّفْلِ.   [حاشية قليوبي] الْمُوَكِّلُ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ نَوَى عِنْدَ عَزْلِ الْمَالِ وَلَوْ قَبْلَ التَّفْرِقَةِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ أَجْزَاءِ الْعِبَادَةِ. وَلِلْمُسْتَحِقِّ فِي هَذِهِ الِاسْتِقْلَالُ بِالْأَخْذِ وَيَكْفِي بِهَا تَفْرِقَةُ الصَّبِيِّ، وَنَحْوُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمَالِكِ صَرْفُ مَا أَفْرَزَهُ بَلْ لَهُ صَرْفُ غَيْرِهِ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْمُسْتَحِقِّينَ لَا تَنْقَطِعُ إلَّا بِقَبْضِهَا. وَبِهَذَا فَارَقَ الشَّاةَ الْمُعَيَّنَةَ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَمِنْ التَّوْكِيلِ فِي النِّيَّةِ كَالتَّفْرِقَةِ أَنْ يَقُولَ لِغَيْرِهِ: أَخْرِجْ زَكَاتِي أَوْ زَكِّ عَنِّي أَوْ أَخْرِجْ فِطْرَتِي أَوْ أَهْدِ عَنِّي فِي الْهَدْيِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَكِيلِ النِّيَّةُ. وَلَهُ تَوْكِيلُ وَاحِدٍ فِي النِّيَّةِ وَوَاحِدٍ فِي الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ) هِيَ مَسْأَلَةُ نِيَّةِ الْوَكِيلِ وَحْدَهُ وَتَفْوِيضِ الْوَكِيلِ النِّيَّةَ إلَيْهِ، وَنِيَّةُ الْمُوَكِّلِ وَحْدَهُ . قَوْلُهُ: (إلَى السُّلْطَانِ) وَمِثْلُهُ السَّاعِي. قَوْلُهُ: (لَمْ يُجْزِئْ) أَيْ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمَالِكُ الزَّكَاةَ قَبْلَ صَرْفِ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (بِلَا نِيَّةٍ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ فِي النِّيَّةِ لَمْ يَقَعْ زَكَاةً فَيَسْتَرِدُّهُ ثُمَّ يَنْوِي ثُمَّ يُعِيدُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَوْ يُخْرِجُ غَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ السُّلْطَانُ) فَيَأْثَمُ بِتَرْكِهَا وَيَكْفِي عِنْدَ الْأَخْذِ أَوْ التَّفْرِقَةِ، وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْأَخْذُ مَعَ تَرْكِهَا فَلَا يَقَعُ زَكَاةً وَيَضْمَنُهُ الْإِمَامُ إلَّا إنْ اسْتَرَدَّهُ وَنَوَى ثُمَّ أَعَادَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ فَرَاجِعْهُ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلْمُمْتَنِعِ وَتَسْمِيَتُهُ مُمْتَنِعًا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. فُرُوعٌ: يُنْدَبُ لِآخِذِ الزَّكَاةِ الدُّعَاءُ لِلدَّافِعِ الْمَالِكِ، وَلَهُ مَعَ الدَّافِعِ غَيْرِ الْمَالِكِ كَأَنْ يَقُولَ: آجَرَك اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْت وَجَعَلَهُ لَك طَهُورًا وَبَارَكَ لَك فِيمَا أَبْقَيْت وَيُنْدَبُ لِكُلِّ دَافِعِ مَالٍ مِنْ زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ، وَلِقَارِئِ نَحْوِ دَرْسٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ فَرَاغِهِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} [البقرة: 127] الْآيَةَ. وَيُنْدَبُ التَّرَضِّي وَالتَّرَحُّمُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ الْأَخْيَارِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ، وَكَذَا السَّلَامُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ إلَّا تَبَعًا لَهُمْ، وَلَا تُكْرَهُ مِنْهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ عَلَى مَنْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَلُقْمَانَ وَمَرْيَمَ.   [حاشية عميرة] بِأَنَّ أَفْعَالَ النَّائِبِ فِي الْحَجِّ كَمَالِ الْمُوَكِّلِ فِي الزَّكَاةِ، لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ حَصَلَتْ بِهِمَا وَقَدْ وُجِدَتْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِمَّنْ وُجِدَ مِنْهُ الْفِعْلُ الْمُبَرِّئُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ قَدْرَ الزَّكَاةِ أَوَّلًا وَنَوَى كَانَ كَافِيًا عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْوَجْهَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ مَبْنِيَّانِ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا تَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ إلَخْ) قَضِيَّةُ الْكَلَامِ أَنَّ الْوَكِيلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَنْوِي، وَإِنْ لَمْ يُفَوَّضْ لَهُ النِّيَّةُ وَفِيهِ نَظَرٌ قَوْلُهُ: (فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ) يَرْجِعُ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ نَوَى الْوَكِيلُ إلَخْ وَقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ. وَقَوْلِهِ وَلَوْ نَوَى الْمُوَكِّلُ. وَقَوْلِهِ لَمْ تَجِبْ النِّيَّةُ إلَخْ أَيْ وَيُجْزِئُهُ فِعْلُ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ هَذَا قَضِيَّةُ كَلَامِهِ فَتَدَبَّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قُلْنَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَإِنْ قُلْنَا بِالْبَرَاءَةِ فَفِي وُجُوبِ النِّيَّةِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ اهـ. وَلِأَجْلِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَالرَّافِعِيُّ اعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 فَصْلٌ لَا يَصِحُّ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ الْحَوْلِيِّ (عَلَى مِلْكِ النِّصَابِ) لِفَقْدِ سَبَبِ وُجُوبِهَا (وَيَجُوزُ) تَعْجِيلُهَا (قَبْلَ الْحَوْلِ) بَعْدَ مِلْكِهِ النِّصَابَ لِوُجُودِ السَّبَبِ. وَالْأَوَّلُ مُقَيَّدٌ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِالزَّكَاةِ الْعَيْنِيَّةِ فَإِذَا مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَعَجَّلَ مِنْهَا خَمْسَةً أَوْ مَلَكَ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ شَاةً فَعَجَّلَ شَاةً لِيَكُونَ الْمُعَجَّلُ عَنْ زَكَاتِهِ إذَا تَمَّ النِّصَابُ وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ وَاتَّفَقَ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِئْهُ الْمُعَجَّلُ، وَلَوْ مَلَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَتَوَقَّعَ حُصُولَ مِائَتَيْنِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَعَجَّلَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةٍ فَحَصَلَ مَا تَوَقَّعَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ مَا عَجَّلَهُ عَنْ الْحَادِثِ، وَلَوْ مَلَكَ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَعَجَّلَ شَاتَيْنِ فَبَلَغَتْ عَشْرًا بِالتَّوَالُدِ لَمْ يُجْزِئْهُ مَا عَجَّلَهُ عَنْ النِّصَابِ الَّذِي كَمُلَ الْآنَ فِي الْأَصَحِّ. أَمَّا زَكَاةُ التِّجَارَةِ كَأَنْ اشْتَرَى عَرْضًا يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَعَجَّلَ زَكَاةَ مِائَتَيْنِ وَحَالَ الْحَوْلُ وَهُوَ يُسَاوِيهِمَا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اعْتِبَارَ النِّصَابِ فِيهَا بِآخِرِ الْحَوْلِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَلَوْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْنِ فَعَجَّلَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَحَالَ الْحَوْلُ وَهُوَ يُسَاوِيهِمَا أَجْزَأَهُ الْمُعَجَّلُ بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُهُ فِي الْمِائَتَيْنِ الزَّائِدَتَيْنِ (وَلَا تَعْجِيلَ لِعَامَيْنِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ زَكَاةَ الْعَامِ الثَّانِي لَمْ يَنْعَقِدْ حَوْلُهَا وَالتَّعْجِيلُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْحَوْلِ لَا يَجُوزُ كَالتَّعْجِيلِ قَبْلَ كَمَالِ النِّصَابِ، فَمَا عُجِّلَ لِعَامَيْنِ يُجْزِئُ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ، وَالثَّانِي اسْتَنَدَ إلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسَلَّفَ مِنْ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَأُجِيبَ بِانْقِطَاعِهِ كَمَا بَيَّنَهُ وَبِاحْتِمَالِ التَّسَلُّفِ فِي عَامَيْنِ وَالْجَوَازُ عَلَى الثَّانِي مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا بَقِيَ بَعْدَ التَّعْجِيلِ نِصَابٌ كَأَنْ مَلَكَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَاةً فَعَجَّلَ مِنْهَا شَاتَيْنِ، فَإِنْ عَجَّلَهُمَا مِنْ إحْدَى وَأَرْبَعِينَ لَمْ يُجْزِئْ الْمُعَجَّلُ لِلْعَامِ الثَّانِي لِنَقْصِ النِّصَابِ فِي   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ أَيْ فِي جَوَازِهِ وَعَدَمِهِ، وَقَدْ مَنَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ صِحَّةَ التَّعْجِيلِ. وَوَافَقَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ) أَيْ لِغَيْرِ وَلِيٍّ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ، وَلَوْ لِلْفِطْرَةِ وَيَجُوزُ لَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَسَوَاءٌ دَفَعَ الْمُعَجَّلَ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لِلْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْحَوْلِ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ وَبَعْدَ انْعِقَادِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ مُقَيَّدٌ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا بِالزَّكَاةِ الْعَيْنِيَّةِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَسَيَأْتِي مَفْهُومُهُ فِي التِّجَارَةِ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ مُقْتَضَى هَذَا الْقَيْدِ أَنَّ التَّعْجِيلَ فِي التِّجَارَةِ قَبْلَ وُجُودِ السَّبَبَيْنِ مَعًا وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِمَا فِيهِ مِنْ بُطْلَانِ الْقَاعِدَةِ وَالْوَجْهُ فِيهَا أَنَّ السَّبَبَ الْأَوَّلَ هُوَ انْعِقَادُ الْحَوْلِ. وَقَدْ وُجِدَ كَمَا فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ اعْتِبَارَ النِّصَابِ فِيهِ لِأَجْلِ انْعِقَادِ الْحَوْلِ فِيهِ لَا لِذَاتِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَعَجَّلَ شَاةً) أَيْ مِنْهَا لَا مِنْ غَيْرِهَا وَيَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا لَمْ يُجْزِئْهُ. قَوْلُهُ: (فَعَجَّلَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةٍ) أَيْ مِنْ الْمِائَتَيْنِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَمْ يُجْزِئْهُ. فَقَوْلُهُ: لَمْ يُجْرِئْهُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَلَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ أَرْبَعِينَ فَنَتَجَتْ أَرْبَعِينَ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ لَمْ تُجْزِئْهُ فَإِنْ عَجَّلَ بَعْدَ النِّتَاجِ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَلَوْ عَجَّلَ شَاتَيْنِ عَنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَنَتَجَتْ سَخْلَةً قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ تُجْزِئْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا وَظَاهِرُهُ عَدَمُ إجْزَاءِ الشَّاتَيْنِ، وَالْوَجْهُ إجْزَاءُ وَاحِدَةٍ لِتَمَامِ نِصَابِهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفَارَقَتْ هَذِهِ مَا قَبْلَهَا بِالْقَطْعِ فِيهِ لِبِنَاءِ حَوْلِ النِّتَاجِ عَلَى أَصْلِهِ وَتَقْيِيدُ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ بِالنِّصَابِ الَّذِي كَمُلَ يُفِيدُ الْإِجْزَاءَ عَنْ النِّصَابِ الْأَوَّلِ فِي إحْدَى الشَّاتَيْنِ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يُسَاوِيهِمَا) هَلْ بِالْمُخْرَجِ أَوْ دُونَهُ الظَّاهِرُ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَجْزَأَهُ الْمُعَجَّلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) وَلَمْ يَجْرِ هَذَا الْخِلَافُ فِيمَا قَبْلَ هَذِهِ لِوُجُودِ بَعْضِ الْمُعَجَّلِ عَنْهُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (يُجْزِئُ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ حِصَّةَ كُلِّ عَامٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ. قَوْلُهُ: (صَدَقَةً عَامَيْنِ) يَجُوزُ تَنْوِينُ صَدَقَةٍ وَإِضَافَتُهَا، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُجْزِئْ الْمُعَجَّلُ لِلْعَامِ الثَّانِي)   [حاشية عميرة] الْمِنْهَاجِ وَقَالَ: كَانَ يَنْبَغِي لَهُ تَقْدِيمُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى، وَأَنْ لَا يُعَبِّرَ فِي الْأُولَى بِالْأَصَحِّ لِأَنَّ فِيهَا طَرِيقَيْنِ. [فَصْلٌ لَا يَصِحُّ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ الْحَوْلِيِّ] فَصْلٌ لَا يَصِحُّ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ إلَخْ اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَنَعَ مِنْ التَّعْجِيلِ، وَوَافَقَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْعَبَّاسَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ، فَرَخَّصَ، لَهُ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ أُجِّلَ رِفْقًا فَجَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَجَلِهِ كَالدَّيْنِ، وَأَيْضًا فَلِأَنَّهَا حَقٌّ مَالِيٌّ وَجَبَ بِسَبَبَيْنِ فَجَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا كَالْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ وَقَدْ وَافَقَ الْمُخَالِفُ عَلَيْهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَبْلَ الْحَوْلِ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ . قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) صَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُ وَمَنْ قَالَ نَعَمْ الْأَكْثَرُونَ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 جَمِيعِ الْعَامِ فَالتَّعْجِيلُ لَهُ تَعْجِيلٌ عَلَى مِلْكِ النِّصَابِ فِيهِ. وَقِيلَ يُجْزِئُ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ كَالْبَاقِي عَلَى مِلْكِهِ (وَلَهُ تَعْجِيلُ الْفِطْرَةِ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ) لَيْلًا وَقِيلَ نَهَارًا لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ سَبَبٌ آخَرُ لَهَا (وَالصَّحِيحُ مَنْعُهُ قَبْلَهُ) أَيْ مَنْعُ التَّعْجِيلِ قَبْلَ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ عَلَى السَّبَبَيْنِ. وَالثَّانِي جَوَازُ تَقْدِيمِهِ فِي السَّنَةِ كَمَا حَكَاهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ زَكَاةِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَلَا الْحَبِّ قَبْلَ اشْتِدَادِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ تَحْقِيقًا وَلَا تَخْمِينًا (وَيَجُوزُ بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ قَبْلَ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِهِ تَخْمِينًا، وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ فِي الْحَالَيْنِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْقَدْرِ حِينَئِذٍ. وَالثَّالِثُ يَجُوزُ فِيهِمَا لِلْعِلْمِ بِالْقَدْرِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ نَقَصَ الْمُعَجَّلُ عَنْ الْوَاجِبِ أَخْرَجَ بَاقِيَهُ أَوْ زَادَ فَالزِّيَادَةُ تَطَوُّعٌ، وَلَا يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرِ وَانْعِقَادِ الْحَبِّ قَطْعًا. وَالْإِخْرَاجُ لَازِمٌ بَعْدَ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ لِأَنَّهُ وَقْتُهُ (وَشَرْطُ إجْزَاءِ الْمُعَجَّلِ) أَيْ وُقُوعِهِ زَكَاةً كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (بَقَاءُ الْمَالِكِ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ) عَلَيْهِ (إلَى آخِرِ الْحَوْلِ) فَلَوْ مَاتَ أَوْ تَلِفَ مَالُهُ أَوْ بَاعَهُ لَمْ يَكُنْ الْمُعَجَّلُ زَكَاةً كَمَا أَفْصَحَ بِذَلِكَ فِي الْمُحَرَّرِ (وَكَوْنُ الْقَابِضِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ مُسْتَحِقًّا) فَلَوْ كَانَ مَيِّتًا أَوْ مُرْتَدًّا لَمْ يُحْسَبْ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ عَنْ الزَّكَاةِ (وَقِيلَ: إنْ خَرَجَ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ) كَأَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ عَادَ (لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ الْمَالُ الْمُعَجَّلُ (وَلَا يَضُرُّ غِنَاهُ بِالزَّكَاةِ) أَيْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْمَدْفُوعَةِ إلَيْهِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا. وَيَضُرُّ غِنَاهُ بِغَيْرِهَا قَالَ الْفَارِقِيُّ: كَزَكَاةٍ أُخْرَى وَاجِبَةٍ أَوْ مُعَجَّلَةٍ أَخَذَهَا بَعْدَ الْأُولَى بِشَهْرٍ مَثَلًا (وَإِذَا لَمْ   [حاشية قليوبي] ظَاهِرُهُ الْإِجْزَاءُ لِلْعَامِ الْأَوَّلِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا لَمْ يَبْقَ مَعَهُ نِصَابٌ وَكَوْنُ إحْدَى الْمُعَجَّلَتَيْنِ بَاقِيَةً عَلَى مِلْكِهِ فَيَتِمُّ بِهَا النِّصَابُ يُقَالُ عَلَيْهِ لَمْ يُوجَدْ السَّوْمُ فِيهَا. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ مُسْتَقِيمٌ وَبِهِ يُعْلَمُ الرَّدُّ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (لَيْلًا) وَلَوْ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ) أَيْ رَمَضَانُ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ بَعْدَهُمَا) أَيْ وَالْمُخْرَجُ مِنْ غَيْرِهِمَا كَمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ أَخْرَجَ مِنْ عِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ أَوْ رُطَبٍ لَا يَتَتَمَّرُ أَجْزَأَهُ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَيْسَ تَعْجِيلًا. وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ لِمَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (أَيْ وُقُوعُهُ زَكَاةً) وَفِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ الْبُرُلُّسِيِّ هُنَا مَا لَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَهْلًا لِلْوُجُوبِ) الْمُرَادُ اسْتِمْرَارُهُ بِصِفَةِ الْوُجُوبِ وَلَا تُخْرِجُهُ الرِّدَّةُ عَنْهُ إذَا لَمْ يَمُتْ عَلَيْهَا، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا بَقَاءُ الْمَالِ وَالْمُخْرَجُ عَلَى صِفَتِهِ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ فَلَوْ أَخْرَجَ بِنْتَ مَخَاضٍ عَنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَبَلَغَتْ بِالتَّوَالُدِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ لَمْ تُجْزِهِ الْمُعَجَّلَةُ. وَإِنْ صَارَتْ عِنْدَ الْقَابِضِ بِنْتُ لَبُونٍ فَيَسْتَرِدُّهَا مِنْهُ وَيُعِيدُهَا لَهُ أَوْ بَدَلَهَا نَعَمْ إنْ تَلِفَتْ عِنْدَ الْقَابِضِ قَبْلَ آخِرِ الْحَوْلِ أَجْزَأَتْ. قَوْلُهُ: (مُسْتَحِقًّا) أَيْ أَهْلًا لِاسْتِحْقَاقِ الزَّكَاةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا لِمَا أَخَذَهُ بِالْخُصُوصِ فَلَا يَضُرُّ انْتِقَالُهُ عَنْ بَلَدِ الْمَالِكِ أَوْ عَكْسُهُ وَلَمْ تَضُرَّ رِدَّتُهُ إنْ يَعُدْ كَمَا مَرَّ. وَيَكْفِي احْتِمَالُ بَقَائِهِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ. فَلَوْ غَابَ   [حاشية عميرة] مَنْعِ تَعْجِيلِ زَكَاةِ عَامَيْنِ لِنِصَابٍ وَاحِدٍ فَكَانَ الرَّافِعِيُّ أَرَادَ ذَلِكَ، أَوْ أَرَادَ أَنْ يَعْزُوَ الْجَوَازَ إلَى الْأَكْثَرِينَ فَانْقَلَبَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لَيْلًا وَقِيلَ نَهَارًا) يَرْجِعَانِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ، وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْهُ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَمْ يَدْخُلْ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ سَبَبٌ آخَرُ لَهَا) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِرَمَضَانَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي جَوَازُ تَقْدِيمِهِ إلَخْ) عَلَّلَ هَذَا بِأَنَّ وُجُودَ الْمَخْرَجِ فِي نَفْسِهِ سَبَبٌ وَرَدَّهُ أَبُو الطَّيِّبِ، بِأَنَّ مَا لَهُ ثَلَاثَةٌ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا بِدَلِيلِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، فَإِنَّ سَبَبَهَا الزَّوْجَةُ وَالظِّهَارُ وَالْعَوْدُ اهـ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ إلَخْ) عَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّ لَهَا سَبَبًا وَاحِدًا وَاعْتَرَضَ الرَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَا إذَا عَرَفَ قَدْرَ نِصَابٍ، وَالثَّانِي بِأَنَّ لَهَا سَبَبَيْنِ الظُّهُورَ وَالْإِدْرَاكَ. قَوْلُهُ: (أَيْ وُقُوعُهُ زَكَاةً) هَذَا مُرَادُهُ مِنْ الْإِجْزَاءِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ تَعْبِيرُ الْمُحَرَّرِ بِالْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ، يَشْمَلُ مَا إذَا اسْتَمَرَّ الْوُجُوبُ عَلَى الْمَالِكِ، وَلَكِنْ وُجِدَ مَانِعٌ كَغِنَى الْفُقَرَاءِ، أَوْ لَمْ تَسْتَمِرَّ كَبَيْعِ الْمَالِ بِخِلَافِ التَّعْبِيرِ بِالْإِجْزَاءِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا حَيْثُ كَانَ الْوَاجِبُ بَاقِيًا قَالَ: وَتَعْبِيرُهُ أَيْضًا بِأَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ مَرْدُودٌ، لِأَنَّ الْأَهْلِيَّةَ تَثْبُتُ بِالْإِسْلَامِ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ وَصْفُهُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ هُنَا قَالَ: وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِمَا مَا إذَا أَتْلَفَ الْمَالِكُ النِّصَابَ لَا لِحَاجَةٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ، نَعَمْ قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِمَا مَا إذَا عَجَّلَ بِنْتَ مَخَاضٍ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، فَتَوَالَدَتْ حَتَّى بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ وَصَارَتْ الْمُخْرَجَةُ بِنْتَ لَبُونٍ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِي عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (كَمَا أَفْصَحَ بِذَلِكَ فِي الْمُحَرَّرِ) عَبَّرَ الشَّارِحُ بِهَذَا إشَارَةً إلَى أَنَّ ذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ الْمِنْهَاجِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْتَحِقًّا) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ ابْنَ سَبِيلٍ مَثَلًا وَكَانَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ مُقِيمًا غَنِيًّا. قَوْلُهُ: (لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَ الْأَخْذِ بِغَيْرِ صِفَةِ الْإِجْزَاءِ ثُمَّ اتَّصَفَ بِهَا وَرَدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ مُتَعَدٍّ فِي الْأَخْذِ بِخِلَافِ هَذَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 يَقَعْ الْمُعَجَّلُ زَكَاةً) الْعُرُوض مَانِعٌ (اسْتَرَدَّ) الْمَالِكُ (إنْ كَانَ شَرْطُ الِاسْتِرْدَادِ إنْ عَرَضَ مَانِعٌ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ قَالَ: هَذِهِ زَكَاتِي الْمُعَجَّلَةُ فَقَطْ) أَوْ عَلِمَ الْقَابِضُ أَنَّهَا مُعَجَّلَةٌ (اسْتَرَدَّ) لِذِكْرِهِ التَّعْجِيلَ أَوْ الْعِلْمِ بِهِ وَقَدْ بَطَلَ وَالثَّانِي: لَا يَسْتَرِدُّ وَيَكُونُ تَطَوُّعًا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّعْجِيلِ) بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الزَّكَاةِ (وَلَمْ يَعْلَمْهُ الْقَابِضُ لَمْ يَسْتَرِدَّ) وَيَكُونُ تَطَوُّعًا، وَالثَّانِي يَسْتَرِدُّ لِظَنِّهِ الْوُقُوعَ عَنْ الزَّكَاةِ وَلَمْ يَقَعْ عَنْهَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي مُثْبِتِ الِاسْتِرْدَادِ) وَهُوَ ذِكْرُ التَّعْجِيلِ أَوْ عِلْمُ الْقَابِضِ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَشَرْطُ الِاسْتِرْدَادِ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ (صُدِّقَ الْقَابِضُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ الْمُؤَدِّي وَهُوَ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ عِلْمِ الْقَابِضِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِعِلْمِهِ، وَعَلَى الِاسْتِرْدَادِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ إذَا نَازَعَهُ الْقَابِضُ فِي قَوْلِهِ قَصَدْتُ التَّعْجِيلَ فَإِنَّهُ أَعْرَفُ بِنِيَّتِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَتِهَا إلَّا مِنْ جِهَتِهِ (وَمَتَى ثَبَتَ) الِاسْتِرْدَادُ (وَالْمُعَجَّلُ تَالِفٌ وَجَبَ ضَمَانُهُ) بِالْمِثْلِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَبِالْقِيمَةِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا (وَالْأَصَحُّ) فِي الْمُتَقَوِّمِ (اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ) وَالثَّانِي قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إنْ وَجَدَهُ نَاقِصًا) نَقْصَ أَرْشٍ (فَلَا أَرْشَ) لَهُ لِأَنَّ النَّقْصَ حَدَثَ فِي مِلْكِ الْقَابِضِ فَلَا يَضْمَنُهُ وَالثَّانِي لَهُ أَرْشُهُ اعْتِبَارًا لَهُ بِالتَّلَفِ. وَلَوْ كَانَ الْمُعَجَّلُ بَعِيرَيْنِ أَوْ شَاتَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ الْآخَرُ رَجَعَ فِيهِ وَبِقِيمَةِ التَّالِفِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً) كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ، وَالثَّانِي   [حاشية قليوبي] وَجُهِلَ حَالُهُ لَمْ يَضُرَّ فَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لَزِمَ الْمَالِكَ إخْرَاجُ غَيْرِهِ لِدَفْعِهِ لَهُ وَيُصَدَّقُ وَارِثُهُ فِي عَدَمِ عِلْمِهِ بِالتَّعْجِيلِ بِيَمِينِهِ فَلَا يَسْتَرِدُّهُ. قَوْلُهُ: (وَاجِبَةً أَوْ مُعَجَّلَةً إلَخْ) فَإِنْ أَخَذَ زَكَاتَيْنِ إحْدَاهُمَا مُعَجَّلَةٌ رَدَّهَا مُطْلَقًا أَوْ مُعَجَّلَتَيْنِ رَدَّ الثَّانِيَةَ إنْ تَرَتَّبَتَا وَإِلَّا تَخَيَّرَ. كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا فَتَأَمَّلْهُ وَانْظُرْ تَصْوِيرَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُعَجَّلُ زَكَاةً) فَلَهُ الِاسْتِرْدَادُ بَعْدَ عُرُوضِ الْمَانِعِ لَا قَبْلَهُ وَالْمُسْتَرَدُّ لِلْمَالِكِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ، نَعَمْ لَوْ مَاتَ الْمَالِكُ مُرْتَدًّا فَالْمُسْتَرَدُّ فَيْءٌ فَالْمُطَالَبُ بِهِ الْإِمَامُ كَمَا مَرَّ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِثْلُ الزَّكَاةِ مَا لَهُ سَبَبَانِ كَدَمِ التَّمَتُّعِ. وَكَذَا الْكَفَّارَةُ وَنَحْوُهَا. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ تَطَوُّعًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مُعَجَّلًا لِلْإِمَامِ رَجَعَ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ) فَعَلَى الْأَصَحِّ بِالْأُولَى. قَوْلُهُ: (الْأَخِيرَةِ) وَهِيَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَبِالْقِيمَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَلَوْ كَانَ الْمُعَجَّلُ شَاةً مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَتَلِفَتْ قَبْلَ الْوُجُوبِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ إذْ لَا تَكْمُلُ الْمَاشِيَةُ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمُعَجَّلُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْقَابِضِ فَلَا زَكَاةَ لِنَقْصِ النِّصَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (نَاقِصًا) أَيْ قَبْلَ عُرُوضِ مَا يُثْبِتُ الرَّدَّ أَمَّا مَعَهُ وَبَعْدَهُ فَمَضْمُونٌ. قَوْلُهُ: (نَقْصَ أَرْشٍ) وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَغَرِمَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَهُوَ مَا لَا يُفْرَدُ بِعَقْدٍ وَلَوْ جُزْءًا. قَوْلُهُ: (كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ) وَلَوْ فِي الضَّرْعِ. وَكَذَا الصُّوفُ وَلَوْ قَبْلَ جَزِّهِ وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ كَثَمَرَةٍ لَا يَخْفَاك عَدَمُ تَصْوِيرِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ مِثَالٌ لِمَا هُوَ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ   [حاشية عميرة] وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُعَجَّلُ إلَخْ) أَفْهَمَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ قَبْلَ عُرُوضِ الْمَانِعِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِالتَّعْجِيلِ كَتَعْجِيلِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَأَفْهَمَتْ أَيْضًا، أَنَّهُ شَرَطَ الِاسْتِرْدَادَ بِدُونِ عَارِضٍ لَا يَسْتَرِدُّ لَكِنْ فِي صِحَّةِ الْقَبْضِ هُنَا نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَسْتَرِدُّ إلَخْ) عَلَّلَ هَذَا بِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ، بِأَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَى الْفَقِيرِ لَا يُسْتَرَدُّ فَكَأَنَّهُ قَالَ: هُوَ زَكَاةُ مَالِي إنْ وُجِدَ شَرْطُهُ وَإِلَّا كَانَ صَدَقَةً. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُعَجِّلَ لَوْ كَانَ الْإِمَامَ، وَذَكَرَ التَّعْجِيلَ يَرْجِعُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الزَّكَاةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى سَاكِنًا لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا، لَا يَكُونُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ لَكِنْ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ بِخِلَافٍ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَسْتَرِدُّ) رَجَّحَهُ فِي الْكِفَايَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُعْطِي هُوَ الْإِمَامُ، وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُصَدَّقُ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ دَفَعَ ثَوْبًا لِإِنْسَانٍ وَاخْتَلَفَا فِي الْعَارِيَّةِ وَالْهِبَةِ، فَإِنَّهُ يُصَدِّقُ الدَّافِعَ فِي الْعَارِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَبِالْقِيمَةِ إلَخْ) لَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْحَيَوَانَ بِالْمِثْلِ الصُّورِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُعَجَّلَ كَالْقَرْضِ. قَوْلُهُ: (يَوْمَ التَّلَفِ) لِأَنَّهُ وَقْتٌ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَى الْقِيمَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا أَرْشَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ النَّقْصُ بِفِعْلِهِ أَوْ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ وَغُرْمِهِ لِلْفَقِيرِ. قَوْلُهُ: (اعْتِبَارًا لَهُ بِالتَّلَفِ) إيضَاحُهُ أَنَّ جُمْلَتَهُ مَضْمُونَةٌ فَكَذَلِكَ جُزْؤُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الْمُعَجَّلُ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ نَقْصَ أَرْشٍ. قَوْلُهُ: (وَاللَّبَنِ) أَيْ وَلَوْ فِي الضَّرْعِ. قَوْلُهُ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 يَسْتَرِدُّهَا مَعَ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْمُوَقَّعُ كَأَنَّ الْقَابِضَ لَمْ يَمْلِكْهُ فِي الْحَقِيقَةِ. أَمَّا الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ كَالسَّمْنِ وَالْكِبَرِ فَتَتْبَعُ الْأَصْلَ فَيَسْتَرِدُّهُ مَعَهَا (وَتَأْخِيرُ الزَّكَاةِ) أَيْ أَدَائِهَا (بَعْدَ التَّمَكُّنِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ (يُوجِبُ الضَّمَانَ) لَهَا (إنْ تَلِفَ الْمَالُ) الْمُزَكَّى لِتَقْصِيرِهِ بِحَبْسِ الْحَقِّ عَنْ مُسْتَحِقِّهِ (وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ) بَعْدَ الْحَوْلِ (فَلَا) ضَمَانَ لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ (وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ) قَبْلَ التَّمَكُّنِ وَبَقِيَ بَعْضُهُ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَغْرَمُ قِسْطَ مَا بَقِيَ) وَالثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ، فَإِذَا تَلِفَ وَاحِدٌ مِنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَفِي الْبَاقِي أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّانِي (وَإِنْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ) لِتَقْصِيرِهِ بِإِتْلَافِهِ (وَهِيَ) أَيْ الزَّكَاةُ (تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ) الَّذِي تَجِبُ فِي عَيْنِهِ (تَعَلُّقَ الشَّرِكَةِ) بِقَدْرِهَا (وَفِي قَوْلٍ تَعَلُّقَ الرَّهْنِ) بِقَدْرِهَا مِنْهُ وَقِيلَ: بِجَمِيعِهِ (وَفِي قَوْلٍ) تَتَعَلَّقُ (بِالذِّمَّةِ) كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ إخْرَاجِهَا أَخَذَهَا الْإِمَامُ مِنْ مَالِهِ قَهْرًا، كَمَا يَقْسِمُ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ قَهْرًا إذَا امْتَنَعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ مِنْ قِسْمَتِهِ. وَلِلثَّانِي أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا وَلَمْ تُوجَدْ السِّنُّ الْوَاجِبَةُ فِي مَالِهِ كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَهُ   [حاشية قليوبي] فِي ذَاتِهَا. قَوْلُهُ: (كَالسَّمْنِ) قَالَ شَيْخُنَا وَكَذَا الْحَمْلُ. قَوْلُهُ: (أَدَائِهَا إلَى إخْرَاجِهَا) فَالْغَايَةُ صَحِيحَةٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْحَوْلِ) وَكَذَا قَبْلَهُ بِتَقْصِيرٍ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ) الَّذِي هُوَ الْمَرْجُوحُ. قَوْلُهُ: (وَاحِدٌ مِنْ خَمْسٍ) وَمِثْلُهُ خَمْسٌ مِنْ تِسْعٍ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ أَنَّ الْوَقَصَ عَفْوٌ بِخِلَافِ أَرْبَعٍ مِنْهَا فَيَجِبُ شَاةٌ يُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهَا لِأَنَّهَا قِسْطُ الْخَمْسَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ أَتْلَفَهُ) أَيْ الْمَالِكُ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ لَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ أَيْضًا لِأَنَّهُ ضَامِنٌ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لَهَا كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْعَبْدُ الْجَانِي الْمَرْهُونَ. قَوْلُهُ: (تَعَلُّقَ الشَّرِكَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ فِي الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (فَيُحْتَمَلُ فِيهِ إلَخْ) وَلِهَذَا   [حاشية عميرة] لِتَقْصِيرِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا كَمَا لَوْ أَخَّرَ لِانْتِظَارِ قَرِيبٍ، وَأَجَارَ أَوْ لِلشَّكِّ فِي حَالِ الْمُسْتَحِقِّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ تَلِفَ) زَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ خَطَأٌ سَوَاءٌ جَعَلْت يُوجِبُ بِمَعْنَى يَقْتَضِي أَوْ يُكَلِّفُ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي اشْتِرَاكَ مَا بَعْدَ إنْ وَمَا قَبْلَهَا فِي الْحُكْمِ وَيَكُونُ مَا بَعْدَهَا أَوْلَى بِعَدَمِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ التَّلَفَ هُوَ مَحَلُّ الضَّمَانِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَالْوَاجِبُ الْأَدَاءُ، وَثَبَتَ مَعَ ذَلِكَ أَيْضًا دُخُولُهَا فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَغْرَمَ لَوْ تَلِفَ قَالَ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ اهـ. أَقُولُ لَا خَفَاءَ أَنَّ إيجَابَ الضَّمَانِ بِالتَّأْخِيرِ لَهُ ثَمَرَاتٌ، مِنْهَا تَكْلِيفُ الْمَالِكِ الْإِخْرَاجَ عِنْدَ التَّلَفِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ وَمِنْهَا تَكْلِيفُهُ إيَّاهُ لَوْ عَرَضَ لَهُ حَائِلٌ دُونَ الْمَالِ مِنْ غَيْبَةٍ، أَوْ ضَلَالٍ أَوْ يَدٍ عَادِيَةٍ أَوْ إتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ، وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ حَالَةَ تَلَفِهِ بِآفَةٍ الَّتِي هِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ أَوْلَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَتَحَصَّلْ فِيهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ بِخِلَافِهِ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجُو الْعَوْدَ وَالْأَجْنَبِيُّ ضَامِنٌ فَهُوَ مُخْطِئٌ فِيمَا خَطَّأَ النَّوَوِيَّ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ فَقَطْ، وَهُوَ الرَّاجِحُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ الْحَوْلِ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ، وَلَوْلَا الْوُجُوبُ لَسَقَطَتْ، وَاحْتَجَّ كَثِيرُونَ بِأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ الْإِمْكَانُ مُدَّةً فَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ الثَّانِي مِنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ لَا مِنْ وَقْتِ الْإِمْكَانِ، فَلَوْ كَانَ الْإِمْكَانُ هُوَ وَقْتُ الْوُجُوبِ لَكَانَ بَيْنَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ دُونَ حَوْلٍ اهـ. وَمَنْ جَعَلَهُ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ قَاسَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ الْحَوْلِ الثَّانِي مِنْ الدَّفْعِ إذَا كَانَ نِصَابًا فَقَطْ اهـ. قُلْت كَأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَالشَّرِكَةِ الْحَقِيقِيَّةِ بِدَلِيلِ الْفَوْزِ بِالنَّمَاءِ لَمْ يَنْظُرُوا لِذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الزَّرْكَشِيّ مَا يَشْهَدُ لِلْإِسْنَوِيِّ وَهُوَ لَوْ مَكَثَ عِنْدَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ سَنَتَيْنِ لَزِمَهُ زَكَاةُ عَامٍ وَاحِدٍ، لَكِنَّ مَسْأَلَةَ تَلَفِ الْبَعْضِ السَّابِقَةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَلِذَا قَيَّدَ الشَّارِحُ فِيمَا سَلَفَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ الْحَوْلِ) صَرَّحَ بِهِ هُنَا لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَا عَدَمُ الْإِسْقَاطِ، وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِهِ فِيمَا سَلَفَ، فَإِنَّ الْحُكْمَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَهُوَ جَارٍ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَهُمَا قَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّانِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهِيَ إلَخْ) سُقُوطُ الزَّكَاةِ بِتَلَفِ الْمَالِ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَيْنِ دُونَ الذِّمَّةِ فَلَمَّا جَرَى ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَسُنَ الْبَحْثُ عَنْ وَجْهِ ذَلِكَ التَّعَلُّقِ. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِهَا مِنْهُ) يَعْنِي مِقْدَارَهَا مِنْ الْمَالِ كَالْمَرْهُونِ بِهَا قَوْلُ الْمَتْنِ (وَفِي قَوْلٍ بِالذِّمَّةِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ، وَهُوَ أَضْعَفُهَا وَأَنْكَرَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ. قَوْلُهُ: (وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 وَيَشْتَرِيَ السِّنَّ الْوَاجِبَةَ مَا يُبَاعُ الْمَرْهُونُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَلِلثَّالِثِ أَنَّهُ يَجُوزُ إخْرَاجُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَالِ، وَاعْتَذَرُوا لِلْأَوَّلِ عَنْ هَذَا بِأَنَّ أَمْرَ الزَّكَاةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ وَالْإِرْفَاقِ فَيُحْتَمَلُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ كَالشَّاةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْإِبِلِ فَقِيلَ لَا يَجْرِي فِيهِ قَوْلُ الشَّرِكَةِ. وَالْأَصَحُّ جَرَيَانُهُ وَتَكُونُ الشَّرِكَةُ بِقَدْرِ قِيمَةِ الشَّاةِ وَهَلْ الْوَاجِبُ عَلَى قَوْلِ الشَّرِكَةِ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً مَثَلًا شَاةٌ مُبْهَمَةٌ أَوْ جُزْءٌ مِنْ كُلِّ شَاةٍ، وَجْهَانِ يَأْتِيَانِ عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الرَّهْنِ أَيْضًا بِالْبَعْضِ. وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: أَنَّ الْجُمْهُورَ جَعَلُوا تَعَلُّقَ الرَّهْنِ وَالذِّمَّةِ قَوْلًا وَاحِدًا فَقَالُوا: تَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَالْمَالُ مُرْتَهَنٌ بِهَا وَحِكَايَةُ قَوْلٍ رَابِعٍ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِهِ تَعَلُّقَ الْأَرْشِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي لِسُقُوطِهَا بِتَلَفِ الْمَالِ، وَالتَّعَلُّقُ بِقَدْرِهَا مِنْهُ، وَقِيلَ: بِجَمِيعِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَأْتِي الْوَجْهَانِ فِي مَسْأَلَةِ الشِّيَاهِ السَّابِقَةِ (فَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمَالَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ (قَبْلَ إخْرَاجِهَا فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) أَيْ الْبَيْعِ (فِي قَدْرِهَا وَصِحَّتُهُ فِي الْبَاقِي) وَالثَّانِي بُطْلَانُهُ فِي الْجَمِيعِ، وَالثَّالِثُ صِحَّتُهُ فِي الْجَمِيعِ وَالْأَوَّلَانِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَيَأْتِيَانِ عَلَى تَعَلُّقِ الشَّرِكَةِ، وَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ أَوْ الْأَرْشِ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ. وَيَأْتِي الثَّالِثُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا. وَفِي قَوْلٍ: يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ عَلَى تَعَلُّقِ الشَّرِكَةِ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُسْتَحِقِّينَ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فِيهِ إذْ لِلْمَالِكِ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ مَالِهَا، وَعَلَى تَعَلُّقِ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ وَلِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَيُسَامَحُ فِيهِ بِمَا لَا يُسَامَحُ بِهِ فِي سَائِرِ الرُّهُونِ، وَعَلَى تَعَلُّقِ الْأَرْشِ يَكُونُ بِالْبَيْعِ مُخْتَارًا لِلْإِخْرَاجِ مِنْ مَالٍ آخَرَ. وَإِذَا صَحَّ فِي قَدْرِهَا فَمَا سِوَاهُ أَوْلَى، وَعَلَى تَعَلُّقِ الذِّمَّةِ يَصِحُّ بَيْعُ الْجَمِيعِ قَطْعًا. وَلَوْ بَاعَ بَعْضَ الْمَالِ وَلَمْ يَبْقَ قَدْرُ الزَّكَاةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ الْجَمِيعَ. وَإِنْ أَبْقَى قَدْرَهَا بِنِيَّةِ الصَّرْفِ فِيهَا أَوْ بِلَا نِيَّةٍ فَعَلَى تَعَلُّقِ الشَّرِكَةِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: أَقْيَسُهُمَا الْبُطْلَانُ لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْتَحِقِّينَ شَائِعٌ فَأَيُّ قَدْرٍ بَاعَهُ كَانَ حَقَّهُ وَحَقَّهُمْ وَالْأَوَّلُ قَالَ: مَا بَاعَهُ حَقُّهُ وَعَلَى تَعَلُّقِ الرَّهْنِ أَوْ الْأَرْشِ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ يَصِحُّ الْبَيْعُ. أَمَّا بَيْعُ مَالِ التِّجَارَةِ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ   [حاشية قليوبي] لَمْ يُشَارِكْ الْمُسْتَحِقُّ الْمَالِكَ فِيمَا حَدَثَ بَعْدَ الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ جَرَيَانُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ) أَيْ بِجُزْءٍ مِنْ الْإِبِلِ بِقَدْرِ إلَخْ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ الثَّانِي مِنْ الْإِخْرَاجِ إذَا كَانَ نِصَابًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ مَكَثَ عِنْدَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ عَامَيْنِ لَزِمَهُ زَكَاةُ عَامٍ وَاحِدٍ وَقَدْ مَرَّ مَا يُفِيدُهُ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا الثَّانِي وَقُيِّدَ بِالْحَيَوَانِ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِالْجُزْءِ الشَّائِعِ فِي غَيْرِهِ لَا خِلَافَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ فِي قَدْرِهَا) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَيَبْطُلُ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ جُزْءٌ بِقَدْرِ قِيمَةِ الشَّاةِ لِمَا مَرَّ. وَشَيْخُنَا خَالَفَ فِي هَذِهِ وَأَبْطَلَهَا فِي الْجَمِيعِ، وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ وَلَا يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ فِيهِ صَحِيحًا لَوْ أَخْرَجَ الْوَاجِبَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَوْ رَدَّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ قَدْرَ الزَّكَاةِ فَإِنْ كَانَ مَيَّزَهُ الْبَائِعُ لَهَا أَوْ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ امْتَنَعَ تَعَلُّقُ السَّاعِي بِمَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا. فَرْعٌ: لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ تَعَيَّنَ لِكَفَّارَةٍ سَقَطَتْ زَكَاةُ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَيُزَكِّي الْبَاقِيَ إنْ بَلَغَ نِصَابًا أَوْ بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ الزَّكَاةِ شَيْءٌ. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ الصَّرْفِ فِيهَا إلَخْ) خَرَجَ بِالنِّيَّةِ مَا لَوْ قَالَ بِاللَّفْظِ: بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْبَعِينَ شَاةً إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ لِلزَّكَاةِ أَوْ: بِعْتُك هَذَا الْحَبَّ إلَّا هَذَا الْإِرْدَبَّ مَثَلًا لِلزَّكَاةِ، أَوْ: بِعْتُك هَذَا إلَّا الْعُشْرَ أَوْ: إلَّا نِصْفَ الْعُشْرِ لِلزَّكَاةِ فَيَصِحُّ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (أَقْيَسُهُمَا الْبُطْلَانُ) أَيْ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِالْبَيْعِ) خَرَجَ بِهِ الْهِبَةُ مِنْهَا وَعِتْقُ رَقِيقِهَا وَالْمُحَابَاةُ فِي بَيْعِ   [حاشية عميرة] إلَخْ) وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ} [الذاريات: 19] . قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُمَا خَاصَّانِ بِالْمَوَاشِي وَأَمَّا الثِّمَارُ وَالنُّقُودُ وَنَحْوُهُمَا، فَهُوَ شَائِعٌ بِلَا خِلَافٍ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْإِطْلَاقَ. قَوْلُهُ: (وَتَعَلَّقَ الرَّهْنُ أَوْ الْأَرْشُ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْأَرْجَحَ عَلَيْهِمَا الصِّحَّةُ فِيمَا عَدَا قَدْرَ الزَّكَاةِ، وَجَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْأَرْجَحَ هُوَ الصِّحَّةُ فِي الْجَمِيعِ عَلَى قَوْلِ تَعَلَّقَ الرَّهْنُ وَالْأَرْشُ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ السُّبْكِيّ، بَلْ وَفِي الرَّافِعِيِّ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ يَخْتَارُ قَوْلَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيِّ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ عَلَى تَعَلُّقِ الرَّهْنِ وَالْأَرْشِ فَيَكُونُ فِي الْبَاقِي قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ الصِّحَّةُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، فَهِيَ فِي غَيْرِ قَدْرِ الزَّكَاةِ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ مَالِهَا) أَيْ ثُمَّ إنْ أَخْرَجَ فَذَاكَ، وَإِلَّا انْتَزَعَ السَّاعِي مِنْ الْمُشْتَرِي قَدْرَهَا. قَوْلُهُ: (فَيُسَامَحُ فِيهِ) أَيْ فَتَصِحُّ مَعَ عَدَمِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ بِالْبَيْعِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَعَلَى تَعَلُّقِ الْأَرْشِ. قَوْلُهُ: (أَقْيَسُهُمَا الْبُطْلَانُ) أَيْ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ مِنْ الْبَيْعِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ التَّعَلُّقَ شَائِعٌ أَوْ مُبْهَمٌ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِي التَّعْلِيلَيْنِ. قَوْلُهُ: (يَصِحُّ الْبَيْعُ) ظَاهِرُهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِ الْمَبِيعِ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 فَيَصِحُّ لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ.   [حاشية قليوبي] عَرْضِهَا أَوْ جَعْلُهُ عِوَضَ خُلْعٍ فَذَلِكَ كَبَيْعِ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ الْوُجُوبِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] سَلَفَ لَهُ عِنْدَ بَيْعِ الْكُلِّ مِنْ الصِّحَّةِ فِي غَيْرِ قَدْرِ الزَّكَاةِ خَاصَّةً، حَتَّى عَلَى تَعَلُّقِ الْأَرْشِ وَالرَّهْنِ، وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ فِيمَا لَوْ بَاعَ وَتَرَكَ قَدْرَ الزَّكَاةِ إنْ قُلْنَا بِالشَّرِكَةِ عَلَى الْإِبْهَامِ صَحَّ، أَوْ عَلَى الْإِشَاعَةِ بَطَلَ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ وَصَحَّ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ قُلْنَا بِالرَّهْنِ وَقُلْنَا الْجَمِيعُ مَرْهُونٌ لَمْ يَصِحَّ. وَإِنْ قُلْنَا قَدْرُ الزَّكَاةِ صَحَّ فِيمَا عَدَاهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَرْشِ فَإِنْ صَحَّحْنَا بَيْعَ الْجَانِي صَحَّ، وَإِلَّا فَكَالتَّفْرِيعِ عَلَى الرَّهْنِ. ذَكَرَ هَذَا التَّرْتِيبَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ فِيمَا عَدَاهُ مُخَالِفٌ لِمَا جَرَى عَلَيْهِ عِنْدَ بَيْعِ الْكُلِّ كَمَا سَلَفَ نَقْلُهُ عَنْهُ فِي الْهَامِشِ أَيْ عَلَى قَوْلِهِ، وَتَعَلُّقُ الرَّهْنِ وَاَلَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ فِي هَذِهِ صِحَّةُ الْبَيْعِ، وَلَمْ يَقُولَا فِيمَا عَدَاهُ، فَالشَّارِحُ مُوَافِقٌ لَهُمَا هُنَا إلَّا أَنَّهُ يُخَالِفُ مَا سَلَفَ لَهُ عِنْدَ بَيْعِ الْكُلِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْتَذِرَ عَنْ السُّبْكِيّ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِمَا عَدَاهُ الْقَدْرُ الَّذِي أَبْقَاهُ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ دَاخِلًا فِي الْبَيْعِ فَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِ، وَفِي الِاعْتِذَارِ نَظَرٌ. نَعَمْ قَدْ يَعْتَذِرُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ مَجِيءُ الْقَوْلَيْنِ عَلَى قَوْلِ الرَّهْنِ وَالْأَرْشِ، وَلَكِنْ بِدُونِ تَرْجِيحٍ. قَوْلُهُ: (أَمَّا بَيْعُ مَالِ التِّجَارَةِ إلَخْ) هُوَ قَسِيمُ قَوْلِهِ أَوْ لَا الَّذِي يَجِبُ فِي عَيْنِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 كِتَابُ الصِّيَامِ (يَجِبُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِإِكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا (أَوْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ) لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَا بُدَّ فِي الْوُجُوبِ عَلَى مَنْ لَمْ يَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ رُؤْيَتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي (وَثُبُوتُ رُؤْيَتِهِ) تَحْصُلُ (بِعَدْلٍ) قَالَ «ابْنُ عُمَرَ: أَخْبَرْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنِّي رَأَيْت الْهِلَالَ فَصَامَ وَأَمَرَ   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الصِّيَامِ اخْتَارَهُ عَلَى الصَّوْمِ الْمُجَرَّدِ لِإِفَادَةِ الزِّيَادَةِ الْقَلِيلَةِ التَّغْيِيرِ لِلْيَاءِ وَهُوَ لُغَةً الْإِمْسَاكُ وَلَوْ عَنْ نَحْوِ الْكَلَامِ وَمِنْهُ: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] أَيْ سُكُوتًا. وَشَرْعًا إمْسَاكٌ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ جَمِيعَ النَّهَارِ. وَفُرِضَ فِي شَعْبَانَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ. وَشَهْرُهُ أَفْضَلُ الشُّهُورِ، وَهُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِخِلَافِ مُطْلَقِ الصَّوْمِ. وَقِيلَ: إنَّهُ الْمَفْرُوضُ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ إلَّا أَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَضَلَّتْهُ فَالْخُصُوصِيَّةُ فِي تَعْيِينِهِ. قَوْلُهُ: (رَمَضَانَ) مِنْ الرَّمَضِ وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ لِوُجُودِهِ عِنْدَ وَضْعِ اسْمِهِ مِنْ الْعَرَبِ لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ وَضَعُوا اللُّغَةَ، وَقَدْ سَمَّوْا كُلَّ شَهْرٍ بِصِفَةٍ مِمَّا فِي زَمَنِهِ حَالَ وَضْعِهِ كَمْ سَمَّوْا الرَّبِيعَيْنِ لِوُجُودِ زَمَنِ الرَّبِيعِ عِنْدَهُمَا. وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي ذِكْرِهِ بِدُونِ لَفْظِ شَهْرِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لِمَا قِيلَ إنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَثْبُتْ كَمَا أَنْكَرَهُ النَّوَوِيُّ. قَوْلُهُ: (بِإِكْمَالِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ بِكَمَالِ وَهِيَ الْأَنْسَبُ اخْتِصَارًا وَمَعْنًى إلَّا أَنْ يُفَسَّرَ الْإِكْمَالُ بِالْحِسَابِ. قَوْلُهُ: (شَعْبَانَ) جَمْعُهُ شَعْبَانَاتٌ يُقَالُ شَعَّبْت الشَّيْءَ جَمَعْته وَشَعَّبْته أَيْضًا فَرَّقْته فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ وَالْعَرَبُ كَانَتْ تَجْتَمِعُ فِيهِ لِلْقِتَالِ بَعْدَ رَجَبٍ وَتُفَرِّقُ فِيهِ النَّهْبَ وَالْأَمْوَالَ وَتَتَفَرَّقُ فِيهِ لِأَخْذِ الثَّأْرِ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثِينَ) وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَجِبُ الصَّوْمُ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ عِنْدَ الْغَيْمِ. قَوْلُهُ: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ إلَخْ) فِيهِ أُمُورٌ يَحْتَمِلُهَا اللَّفْظُ بِحَسَبِ ذَاتِهِ أَحَدُهَا: أَنَّهُ إنْ حُمِلَ ضَمِيرُ صُومُوا وَرُؤْيَتِهِ عَلَى الْكُلِّيَّةِ فِيهِمَا كَانَ الْمَعْنَى يَصُومُ كُلُّ وَاحِدٍ إذَا رَأَى دُونَ غَيْرِهِ أَوْ حُمِلَ عَلَيْهَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، كَانَ الْمَعْنَى يَصُومُ كُلُّ وَاحِدٍ لِرُؤْيَةِ وَاحِدٍ أَوْ عَكْسُهُ. كَانَ الْمَعْنَى يَصُومُ وَاحِدٌ لِرُؤْيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ ثَانِيهَا: أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ الرُّؤْيَةُ عَلَى مَا هُوَ بِالْبَصَرِ كَانَ الْمَعْنَى مِنْ أَبْصَرَهُ يَصُومُ دُونَ غَيْرِهِ كَالْأَعْمَى. ثَالِثُهَا: أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ الرُّؤْيَةُ عَلَى الْعِلْمِ دَخَلَ التَّوَاتُرُ وَخَرَجَ خَبَرُ الْعَدْلِ رَابِعُهَا: أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ عَلَى مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ دَخَلَ خَبَرُ الْمُنَجِّمِ، خَامِسُهَا: أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ عَلَى إمْكَانِهَا دَخَلَ طَلَبُ الصَّوْمِ إذَا غُمَّ وَكَانَ بِحَيْثُ يُرَى. سَادِسُهَا: أَنَّهُ إنْ حُمِلَتْ عَلَى وُجُودِهِ لَزِمَ طَلَبُ الصَّوْمِ وَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِأَنْ أَخْبَرَ الْمُنَجِّمُ أَنَّ لَهُ قَوْسًا لَا يُرَى. سَابِعُهَا: أَنَّهُ إنْ جُعِلَ ضَمِيرُ صُومُوا لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ وَرُؤْيَتِهِ لِبَعْضِهِمْ لَزِمَ صَوْمُ كُلِّهِمْ لِرُؤْيَةِ بَعْضِهِمْ وَلَوْ وَاحِدًا عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ. ثَامِنُهَا: أَنَّ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ تَأْتِي فِي الْفِطْرِ بِقَوْلِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ. تَاسِعُهَا: أَنَّ ضَمِيرَ رُؤْيَتِهِ عَائِدٌ لِهِلَالِ رَمَضَانَ فِيهِمَا وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي الثَّانِي. عَاشِرُهَا: أَنَّ مَعْنَى غُمَّ اسْتَتَرَ بِالْغَمَامِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ اسْتَتَرَ بِغَيْرِهِ وَيَأْتِي فِي ضَمِيرِ عَلَيْكُمْ مَا فِي ضَمِيرِ صُومُوا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ فَرَاجِعْ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَالْوَجْهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ أَنْ تُحْمَلَ الرُّؤْيَةُ عَلَى إمْكَانِهَا فِي الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ مِمَّا يُفْهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَلَا يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ، تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَأَكْمِلُوا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ لَوْ تَبَيَّنَ الْحَالُ بِأَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي غُمَّ فِيهِ مِنْ رَمَضَانَ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (عِنْدَ   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الصِّيَامِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِإِكْمَالِ شَعْبَانَ إلَخْ) أَفْهَمَ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَيْنِ عَدَمَ الْوُجُوبِ بِغَيْرِهِمَا، كَإِخْبَارِ الْمُنَجِّمِ وَالْحَاسِبِ بَلْ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِمَا اعْتِمَادُهُمَا، وَيَجُوزُ لَهُمَا الْعَمَلُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ، وَلَا يُجْزِئُهُمَا عَنْ فَرْضِهِمَا. كَذَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَاسْتَشْكَلَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَثُبُوتِ رُؤْيَتِهِ إلَخْ) بَحَثَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ تَأَتِّي الْحُكْمِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَتَوَسَّطُ بِمُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (تَحْصُلُ) أَيْ تَكْفِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 النَّاسَ بِصِيَامِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ (وَفِي قَوْلٍ) يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ رُؤْيَتِهِ (عَدْلَانِ) كَغَيْرِهِ مِنْ الشُّهُورِ (وَشَرْطُ الْوَاحِدِ صِفَةُ الْعُدُولِ فِي الْأَصَحِّ لَا عَبْدٌ وَامْرَأَةٌ) فَلَيْسَا مِنْ الْعُدُولِ فِي الشَّهَادَةِ وَإِطْلَاقُ الْعُدُولِ يَنْصَرِفُ إلَيْهَا بِخِلَافِ إطْلَاقِ الْعَدْلِ فَيُصَدَّقُ بِهَا وَبِالرِّوَايَةِ، وَالْمَرْأَةُ لَا تُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ وَحْدَهَا، وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الثُّبُوتَ بِالْوَاحِدِ شَهَادَةٌ أَوْ رِوَايَةٌ، فَلَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَيَثْبُتُ بِهِ عَلَى الثَّانِي، وَيُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَهِيَ شَهَادَةُ حِسْبَةٍ. وَفِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ فِيهِ وَهِيَ الَّتِي يَرْجِعُ فِيهَا إلَى أَقْوَالِ الْمُزَكِّينَ وَجْهَانِ، وَيُشْتَرَطُ عَلَى قَوْلِ الْعَدْلَيْنِ جَزْمًا، وَعَلَيْهِ لَا مَدْخَلَ لِشَهَادَةِ النِّسَاءِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ الْعَبِيدِ جَزْمًا، وَلَا فَرْقَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً أَوْ مُغَيِّمَةً. وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْبَغَوِيّ: لَا نُوقِعُ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ الْمُعَلَّقَيْنِ بِهِلَالِ رَمَضَانَ، وَلَا نَحْكُمُ بِحُلُولِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إلَيْهِ. وَعَلَى أَنَّهُ رِوَايَةٌ قَالَ الْإِمَامُ وَابْنُ الصَّبَّاغِ: إذَا أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ بِالرُّؤْيَةِ لَزِمَ قَبُولُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ قَالُوا: يَجِبُ   [حاشية قليوبي] الْقَاضِي) وَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ ثَبَتَ عِنْدِي أَوْ حَكَمْت بِهِ وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ لَيْسَ هَذَا حُكْمًا حَقِيقَةً لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا وَقَعَ بِوُجُودِ الْهِلَالِ، وَلُزُومُ الصَّوْمِ نَاشِئٌ عَنْهُ وَتَابِعٌ لَهُ وَلَا يَحْكُمُ قَاضِي الضَّرُورَةِ بِعِلْمِهِ، بَلْ يَشْهَدُ عِنْدَ غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَثُبُوتُ رُؤْيَتِهِ) لِلصَّوْمِ وَكَذَا لِلْفِطْرِ وَالْحَجِّ وَالنَّذْرِ وَكُلِّ عِبَادَةٍ، وَتَجْهِيزِ مَيِّتٍ كَافِرٍ شَهِدَ عَدْلٌ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ، وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ لِلْإِرْثِ مِنْهُ لَا نَحْوُ عِتْقٍ وَطَلَاقٍ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِعَدْلٍ) لِإِفَادَتِهِ الظَّنَّ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: فَكُلُّ مَا أَفَادَ الظَّنَّ كَذَلِكَ فِي الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ، وَمِنْهُ خَبَرُ غَيْرِ الْعَدْلِ، وَلَوْ عَنْ الْعَدْلِ لِمَنْ وَثِقَ بِهِ أَوْ صَدَّقَهُ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ فَاسِقًا. وَمِنْهُ حِسَابُ الْمُنَجِّمِ لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ صَدَّقَهُ، بَلْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ: إنَّهُ إذَا دَلَّ الْحِسَابُ الْقَطْعِيُّ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَتِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْعَدْلِ لِرُؤْيَتِهِ، وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ بِهَا انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ وَلَا يَجُوزُ الصَّوْمُ حِينَئِذٍ وَمُخَالَفَةُ ذَلِكَ مُعَانَدَةٌ وَمُكَابَرَةٌ، وَمِنْ الظَّنِّ الِاجْتِهَادُ فِي نَحْوِ أَسِيرٍ أَوْ مَحْبُوسٍ لَا فِي أَهْلِ بَلَدٍ قَرُبَ عَهْدُهُمْ بِالْإِسْلَامِ مَثَلًا فَلَا بُدَّ فِيهِمْ مِنْ رُؤْيَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ، وَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْ هَؤُلَاءِ الْفِطْرُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ صَوْمِهِمْ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَرَ الْهِلَالَ وَلَوْ فِي الصَّحْوِ مَا لَمْ يَقْطَعْ بِعَدَمِهِ. وَمِنْهُ سَمَاعُ الطُّبُولِ وَضَرْبِ الدُّفُوفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُعْتَادُ فِعْلُهُ أَوَّلَ الشَّهْرِ وَآخِرَهُ، وَمِنْهُ رُؤْيَةُ الْقَنَادِيلِ الْمُعْتَادَةِ فَإِنْ طَفِئَتْ بَعْدَ النِّيَّةِ ثُمَّ أُعِيدَتْ كَمَا يَقَعُ عِنْدَ التَّرَدُّدِ فِي ثُبُوتِهِ صَحَّ صَوْمُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِزَوَالِهَا أَوْ عَلِمَ بِهِ وَنَوَى بَعْدَ إعَادَتِهَا وَإِلَّا فَلَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ عَلِمَ غَيْرُ الْقَاضِي فَسَقَ الشَّاهِدُ عِنْدَهُ أَيْ أَوْ كَذَّبَهُ فِي رُؤْيَتِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الصَّوْمُ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَالَ: وَالْمُحَكِّمُ كَالْحَاكِمِ لِمَنْ رَضِيَ بِهِ، وَلَوْ رَجَعَ الْعَدْلُ عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الصَّوْمِ وَلَا الْفِطْرِ آخِرًا، وَإِنْ لَمْ يَرَ الْهِلَالَ وَكَانَ صَحْوًا وَقَبْلَهُمَا يُؤَثِّرُ فَلَا يَصِحُّ. وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَدْلِ فِي أَثْنَاءِ رَمَضَانَ كَأَوَّلِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِطْلَاقُ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا قِيلَ إنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَشَرْطُ الْوَاحِدِ إلَخْ لِأَنَّ فِي ذِكْرِ الْعَدْلِ غُنْيَةً عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ تَوَهَّمَ شُمُولِ الْعُدُولِ لَهَا لِقَبُولِ شَهَادَتِهَا فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (وَحْدَهَا) أَيْ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَضَمُّ الْيَمِينِ إلَيْهِ مُؤَكَّدٌ لَا شَاهِدَ آخَرُ. قَوْلُهُ: (الشَّهَادَةُ حِسْبَةٌ) أَيْ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى دَعْوَى وَإِنْ اخْتَصَّتْ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَ قَاضٍ يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَوْ ضَرُورَةً. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا لَا تُشْتَرَطُ احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْعَدْلِ: إنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ إلَّا إنْ عُلِمَ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ الرُّؤْيَةُ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَا يَكْفِي مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لَا مَدْخَلَ لِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَلَا اعْتِبَارَ) غَايَرَ بَيْنَهُمَا لِقَبُولِ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ فِي الْجُمْلَةِ. فَرْعٌ: تَكْفِي الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (الْمُعَلَّقَيْنِ) أَيْ بِغَيْرِ الثُّبُوتِ وَتَقَدَّمَ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِعَدْلٍ) لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ ثَبَتَ بِعَدْلٍ أَيْضًا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ. قَوْلُهُ: (وَإِطْلَاقُ الْعُدُولِ إلَخْ) رَدٌّ لِمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ الْعَدْلَ أَيْضًا يُغْنِي عَنْ الْعُدُولِ آخِرًا. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ لَا تُقْبَلُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُقَالُ فِيهَا صِفَةُ الشُّهُودِ، فَإِنْ قُلْت وَكَذَا الرَّجُلُ لَا يُقْبَلُ وَحْدَهُ، قُلْت مُرَادُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ وَحْدَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَاهِدٍ آخَرَ، وَأَمَّا الْيَمِينُ فَلَيْسَتْ شَهَادَةً فَصُدِّقَ أَنَّهُ قُبِلَ فِي الشَّهَادَةِ وَحْدَهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى شَهَادَةٍ أُخْرَى وَلَا يَكْفِي مَعَهَا يَمِينٌ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) رَجَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَبُولَ الْمَسْتُورِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الصَّحِيحَ هُنَا أَنَّهَا شَهَادَةٌ اهـ. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِذَا صُمْنَا ثَلَاثِينَ وَلَمْ نَرَهُ فَلَا بُدَّ الْآنَ مِنْ الْبَحْثِ عَنْ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ. قَالَ فَتَأَمَّلُوا تَرْشُدُوا اهـ قَوْلُهُ: (لَا مَدْخَلَ وَلَا اعْتِبَارَ) غَايَرَ بَيْنَهُمَا فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (لَا نُوقِعُ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ) لَوْ صَدَرَ التَّعْلِيقُ وَنَحْوُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 الصَّوْمُ وَلَمْ يُفَرِّعُوهُ عَلَى شَيْءٍ. (وَإِذَا صُمْنَا بِعَدْلٍ وَلَمْ نَرَ الْهِلَالَ بَعْدَ ثَلَاثِينَ أَفْطَرْنَا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الشَّهْرَ يَتِمُّ بِمُضِيِّ ثَلَاثِينَ. وَالثَّانِي لَا نُفْطِرُ لِأَنَّهُ إفْطَارٌ بِوَاحِدٍ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ، كَمَا لَوْ شَهِدَ بِهِلَالِ شَوَّالٍ وَاحِدٌ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الشَّيْءَ يَثْبُتُ ضِمْنًا بِمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ مَقْصُودًا وَقَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي حَالَتَيْ الصَّحْوِ وَالْغَيْمِ. وَإِنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ بِالْإِفْطَارِ فِي حَالَةِ الْغَيْمِ دُونَ الصَّحْوِ (وَإِذَا رُئِيَ بِبَلَدٍ لَزِمَ حُكْمُهُ الْبَلَدَ الْقَرِيبَ دُونَ الْبَعِيدِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَلْزَمُ فِي الْبَعِيدِ أَيْضًا. (وَمَسَافَةُ الْبَعِيدِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَقِيلَ) الْبَعِيدُ (بِاخْتِلَافِ الْمُطَالِعِ، قُلْت: هَذَا أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ أَمْرَ الْهِلَالِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ. وَقَالَ الْإِمَامُ: اعْتِبَارُ الْمُطَالِعِ يُحْوِجُ إلَى حِسَابِ وَتَحْكِيمِ الْمُنَجِّمِينَ، وَقَوَاعِدُ الشَّرْعِ تَأْبَى، ذَلِكَ بِخِلَافِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ الَّتِي عَلَّقَ الشَّرْعُ بِهَا كَثِيرًا مِنْ الْأَحْكَامِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ شَكَّ فِي اتِّفَاقِ الْمُطَالِعِ لَمْ يَجِبْ الصَّوْمُ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يَرَوْا   [حاشية قليوبي] عَلَيْهَا وَكَانَ مِنْ غَيْرِ الرَّائِي وَإِلَّا وَقَعَا قَوْلُهُ: (صَدَّقَهُ) أَيْ الْمَوْثُوقُ بِهِ، وَكَذَا غَيْرُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَفْطَرْنَا) أَيْ وُجُوبًا وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ أَوْ دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى رُؤْيَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ مَنْ صَامَ بِخَبَرِ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَوْ مَنْ صَدَّقَهُ وَلَوْ فَاسِقًا أَوْ بِحِسَابِهِ أَوْ مَنْ صَدَّقَهُ، أَوْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ لَكِنْ يُنْدَبُ لِهَؤُلَاءِ إخْفَاءُ فِطْرِهِمْ. وَلِلْحَاكِمِ تَعْزِيرُ مَا أَظْهَرَهُ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ. وَإِذَا ظَنَّ هَذَا وَجَبَ الْإِخْفَاءُ كَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ. فَرْعٌ: تَرَدَّدَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ سُؤَالُ مَنْ ظَنَّ مِنْ الرُّؤْيَةِ أَوْ عَلِمَ بِحِسَابِهِ فَرَاجِعْهُ. وَلَا يَجُوزُ الصَّوْمُ بِإِخْبَارِ الْمَعْصُومِ فِي النَّوْمِ لِعَدَمِ ضَبْطِ النَّائِمِ أَفْعَالَهُ . قَوْلُهُ: (رُئِيَ) لَوْ قَالَ ثَبَتَ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَهُوَ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ شَهِدَ بِهِلَالِ شَوَّالٍ وَاحِدٌ) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّ عَدَمَ الْفِطْرِ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ. وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ اعْتِمَادُ خِلَافِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ الْبَعِيدُ) ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ) أَيْ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْمَغَارِبِ. وَالْمَعْنَى أَنْ يَكُونَ طُلُوعُ الشَّمْسِ أَوْ الْفَجْرِ أَوْ الْكَوَاكِبِ أَوْ غُرُوبُ ذَلِكَ فِي مَحَلٍّ مُتَقَدِّمًا عَلَى مِثْلِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ فَتَتَأَخَّرُ رُؤْيَتُهُ فِي بَلَدٍ عَنْ رُؤْيَتِهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ أَوْ تَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ. وَذَلِكَ مُسَبَّبٌ عَنْ اخْتِلَافِ عُرُوضِ الْبِلَادِ أَيْ بُعْدِهَا عَلَى خَطِّ الِاسْتِوَاءِ وَأَطْوَالِهَا أَيْ بُعْدِهَا عَنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ الْغَرْبِيِّ فَمَتَى تَسَاوَى طُولُ بَلَدَيْنِ لَزِمَ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي أَحَدِهِمَا رُؤْيَتُهُ فِي الْآخَرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ عَرْضُهُمَا أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ شُهُورٍ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي أَقْصَى الْجَنُوبِ وَالْآخَرُ فِي أَقْصَى الشَّمَالِ. وَمَتَى اخْتَلَفَ طُولُهُمَا بِمَا سَيَأْتِي امْتَنَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الرُّؤْيَةِ وَلَزِمَ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي الْبَلَدِ الشَّرْقِيِّ رُؤْيَتُهُ فِي الْبَلَدِ الْغَرْبِيِّ دُونَ الْعَكْسِ. كَمَا فِي مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ وَمِصْرَ الْمَحْرُوسَةِ فَيَلْزَمُ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي مَكَّةَ رُؤْيَتُهُ فِي مِصْرَ لَا عَكْسُهُ، لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْهِلَالِ مِنْ أَفْرَادِ الْغُرُوبِ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ. وَمَا ذَكَرَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَعَنْ السُّبْكِيّ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُخَالِفُ هَذَا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ اخْتِلَافُ الْمُطَالِعِ مَسَافَةُ قَصْرٍ وَنِصْفُهَا وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ بَلْ بَاطِلٌ. وَكَذَا قَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إنَّهَا تَحْدِيدٌ كَمَا عَلِمْت. تَنْبِيهٌ: اعْتِبَارُ الْمَسَافَةِ وَاخْتِلَافُ الْمُطَالِعِ مُعْتَبَرٌ بَيْنَ كُلِّ بَلَدٍ وَأُخْرَى بَعِيدَةٍ عَنْهَا بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ مَثَلًا فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يَلْزَمُ عَلَى اخْتِلَافِ الْمُطَالِعِ دُخُولُ الْبَلَدِ الْقَرِيبِ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ وَخُرُوجُ الْبَعِيدِ عَنْهُ خَطَأٌ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَالْإِمَامُ قَالَ إلَخْ) وَأَجَابَ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ فِي الْأُصُولِ وَالْأُمُورِ الْعَامَّةِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ فِي التَّوَابِعِ وَالْأُمُورِ الْخَاصَّةِ انْتَهَى. وَفِي الْجَوَابِ تَسْلِيمٌ لِمَا قَالَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ لَا يَصِحُّ اعْتِبَارُ الْمَسَافَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ مَسَافَةِ قَصْرٍ وَلَا يُمْكِنُ اخْتِلَافُ   [حاشية عميرة] بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ عُوِّلَتَا عَلَيْهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُصْحِيَةً) يُقَالُ أَصْحَتْ السَّمَاءُ إذَا انْقَشَعَ الْغَيْمُ عَنْهَا قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا لَمْ نُوجِبْ) احْتَرَزَ عَمَّا إذَا أَوْجَبْنَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ أَهْلَ الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ مُوَافَقَتُهُ إنْ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ رُؤْيَتُهُ فِي الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ عَنْهَا، أَمَّا بِقَوْلِهِ أَوْ بِطَرِيقٍ آخَرَ وَيَقْضُونَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُمْ لَزِمَهُ هُوَ الْفِطْرُ، كَمَا لَوْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمُتَّجِهُ اعْتِبَارُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي بَلَدِ الرُّؤْيَةِ وَقْتَ الْغُرُوبِ لَا أَوَّلَ الصَّوْمِ وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ اهـ. وَقَوْلُهُ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ مِثْلُهَا فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ كَانَ فِي مَكَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ. (وَإِذَا لَمْ نُوجِبْ عَلَى) أَهْلِ (الْبَلَدِ الْآخَرِ) وَهُوَ الْبَعِيدُ لِكَوْنِهِ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ لِاخْتِلَافِ الْمُطَالِعِ (فَسَافَرَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُمْ فِي الصَّوْمِ آخِرًا) لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُمْ. وَالثَّانِي يُفْطِرُ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ حُكْمُ الْبَلَدِ الْأَوَّلِ فَيَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ. (وَمَنْ سَافَرَ مِنْ الْبَلَدِ الْآخَرِ إلَى بَلَدِ الرُّؤْيَةِ عَيَّدَ مَعَهُمْ وَقَضَى يَوْمًا) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ، وَهِيَ مَفْرُوضَةٌ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ فِيمَا إذَا عَيَّدُوا التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَوْمِهِ، وَذَلِكَ شَرْطٌ لِلْقَضَاءِ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَإِذَا أَفْطَرَ قَضَى يَوْمًا إذَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَسُكُوتُهُ فِي الْمِنْهَاجِ عَنْ ذَلِكَ لِلْعَمَلِ بِهِ. (وَمَنْ أَصْبَحَ مُعَيِّدًا فَسَارَتْ سَفِينَتُهُ إلَى بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ أَهْلُهَا صِيَامٌ فَالْأَصَحُّ) مِنْ وَجْهَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ أَيْضًا (أَنَّهُ يُمْسِكُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ) . وَالثَّانِي لَا يَجِبُ إمْسَاكُهَا وَتُتَصَوَّرُ الْمَسْأَلَةُ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ صَوْمِ أَهْلِ الْبَلَدَيْنِ، لَكِنَّ الْمُنْتَقِلَ إلَيْهِمْ لَمْ يَرَوْهُ بِأَنْ يَكُونَ التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَوْمِهِمْ لِتَأَخُّرِ ابْتِدَائِهِ بِيَوْمٍ.   [حاشية قليوبي] رُؤْيَةٍ عِنْدَهُمَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ إلَخْ) فَإِنْ عَيَّدَ يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْ صَوْمِهِ لَمْ يَقْضِ شَيْئًا. قَوْلُهُ: (يُوَافِقُهُمْ فِي الصَّوْمِ آخِرًا) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ لَوْ أَفْسَدَهُ بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ غَيْرُ أَصْلِيٍّ سَوَاءٌ سَافَرَ قَبْلَ أَنْ عَيَّدَ أَوْ بَعْدَهُ، وَخَالَفَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ وَهُوَ وَاضِحٌ وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْهُمْ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ يَلْزَمُ قَضَاؤُهُ وَلَوْ أَفْسَدَهُ أَوْ لَمْ يُبَيِّتْ النِّيَّةَ فِيهِ لَوْ وَصَلَ إلَيْهِمْ لَيْلًا. وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ وَالْفِطْرُ آخِرًا كَالصَّوْمِ، فَلَوْ سَافَرَ صَائِمًا فَوَجَدَهُمْ مُفْطِرِينَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْفِطْرُ وَالْأَوَّلُ كَالْآخِرِ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ اتَّفَقُوا فِي أَوَّلِ الصَّوْمِ. قَوْلُهُ: (وَبِأَنْ يَكُونَ إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ اخْتَلَفَ الصَّوْمُ فِي الْأَوَّلِ إذْ هُوَ قَدْ عَيَّدَ قَبْلَ سَفَرِهِ وَضَمِيرُ صَوْمِهِمْ عَائِدٌ لِأَهْلِ الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَاعْتِرَاضُ بَعْضِهِمْ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. فَرْعٌ: قَالَ فِي الْمَنْهَجِ وَلَا أَثَرَ لِرُؤْيَتِهِ الْهِلَالَ نَهَارًا أَيْ فَلَا يَكُونُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ فَيُفْطِرُ وَلَا لِلْمُسْتَقْبَلِ فَيَثْبُتُ رَمَضَانُ مَثَلًا، وَمَنْ اعْتَبَرَ أَنَّهُ لِلْمُسْتَقْبِلَةِ صَحِيحٌ فِي رُؤْيَتِهِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ لَكِنْ لَا أَثَرَ لِكَمَالِ الْعَدَدِ بِخِلَافِهِ يَوْمُ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ فَلَا يُغْنِي عَنْ رُؤْيَتِهِ بَعْدَ الْغُرُوبِ لِلْمُسْتَقْبِلَةِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ. فَائِدَةٌ: رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ: هِلَالُ رَشَدٍ وَخَيْرٍ مَرَّتَيْنِ، آمَنْت بِاَلَّذِي خَلَقَك. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَهَبَ بِشَهْرِ كَذَا وَجَاءَ بِشَهْرِ كَذَا» انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] لَهُ حُكْمُهَا قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُمْ فِي الصَّوْمِ) كَذَلِكَ يُوَافِقُهُمْ فِي الْفِطْرِ، بِأَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي بَلَدِ الرُّؤْيَةِ ثُمَّ سَارَتْ بِهِ السَّفِينَةُ إلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ فَوَجَدَهُمْ مُعَيِّدِينَ وَسَيَأْتِي عَكْسُهَا فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُمْ. قَوْلُهُ: (فِيمَا إذَا عَيَّدُوا التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ رَمَضَانُ عِنْدَهُمْ نَاقِصًا، وَالْغَرَضُ أَنَّهُ سَابِقٌ بَلَدَ الْمُنْتَقِلِ بِيَوْمٍ فَلَمْ يَحْصُلْ لِلْمُنْتَقِلِ سِوَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ، أَمَّا إذَا عَيَّدُوا يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ صَوْمِهِ فَإِنَّهُ يُوَافِقُهُمْ، وَلَا قَضَاءَ لِأَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَقَدْ صَامَهَا. قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ شَرْطٌ لِلْقَضَاءِ) أَيْ لَا لِلُزُومِ التَّعْيِيدِ مَعَهُمْ. قَوْلُهُ: (لِلْعِلْمِ بِهِ) إنْ كَانَ غَرَضُهُ وَقَضَى وَمَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ فَمَمْنُوعٌ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ خَارِجٍ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَصْبَحَ مُعَيِّدًا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا مُفَرَّعَةٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الرُّؤْيَةِ لَا يَتَعَدَّى إلَى الْبَعِيدِ، وَأَنَّ لِلْمُنْتَقِلِ حُكْمَ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ) يَرْجِعُ أَيْضًا لِقَوْلِ الْمَتْنِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُمْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَجِبُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ تَجْزِئَةَ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ بِإِيجَابِ إمْسَاكِ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ بَعِيدَةٌ كَذَا قَالُوا. وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ فِيمَا لَوْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ ثُمَّ سَافَرَ فَوَصَلَ الْبَلَدَ لَيْلًا فَإِنَّهُ يُصْبِحُ صَائِمًا مَعَهُمْ. تَنْبِيهٌ: يَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا الْخِلَافِ فِي عَكْسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُفْطِرُ مَعَهُمْ وَالثَّانِي لَا. قَوْلُهُ: (وَتُتَصَوَّرُ إلَخْ) وَافَقَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى الْأُولَى وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَصُورَةٌ بَدَلُهَا أَنْ يَكُونَ الْمُعَيِّدُ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ، وَأَكْمَلَ الْعِدَّةَ ثُمَّ قَدِمَ يَوْمُ الْعِيدِ عَلَى بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ، وَأَهْلُهَا صِيَامٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ لَا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَلَا فِي آخِرِهِ، فَأَكْمَلَ الْعِدَّةَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَرَوْهُ) أَيْ هِلَالَ شَوَّالٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ صَوْمِهِمْ) ظَاهِرُهُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدَيْنِ جَمِيعًا وَحِينَئِذٍ فَصُورَتُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَنْ يَصُومَ كُلٌّ مِنْ الْبَلَدَيْنِ السَّبْتَ مَثَلًا، وَالْحَالُ أَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ لَهُمَا الْجُمُعَةُ ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الْبَلَدَيْنِ يَرَوْنَ هِلَالَ شَوَّالٍ لَيْلَةَ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَوْمِهِمْ، وَهِيَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 فَصْلٌ: وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ لِلصَّوْمِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِي الصَّوْمِ. وَفِي الشَّرْحِ لَمْ يُورِدُوا وَالْخِلَافُ فِي أَنَّهَا رُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ أَمْ شَرْطٌ هَاهُنَا أَيْ بَلْ جَزَمُوا بِأَنَّهَا رُكْنٌ كَالْإِمْسَاكِ. قَالَ: وَالْأَلْيَقُ بِمَنْ اخْتَارَ كَوْنَهَا شَرْطًا هُنَاكَ أَنْ يَقُولَ بِمِثْلِهِ هَاهُنَا. (وَيُشْتَرَطُ لِفَرْضِهِ التَّبْيِيتُ) لِلنِّيَّةِ أَيْ إيقَاعُهَا لَيْلًا. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ: رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) فِي التَّبْيِيتِ (النِّصْفُ الْآخَرُ مِنْ اللَّيْلِ) لِإِطْلَاقِهِ فِي الْحَدِيثِ. وَالثَّانِي تَقْرُبُ النِّيَّةُ مِنْ الْعِبَادَةِ لَمَّا تَعَذَّرَ اقْتِرَانُهَا بِهَا. (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْأَكْلُ وَالْجِمَاعُ بَعْدَهَا) وَقِيلَ يَضُرُّ فَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِهَا تَحَرُّزًا عَنْ تَخَلُّلِ الْمُنَاقِضِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعِبَادَةِ لَمَّا تَعَذَّرَ اقْتِرَانُهَا بِهَا. (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّجْدِيدُ) لَهَا (إذَا نَامَ) بَعْدَهَا (ثُمَّ تَنَبَّهَ) قَبْلَ الْفَجْرِ، وَقِيلَ: يَجِبُ تَقْرِيبًا لِلنِّيَّةِ مِنْ الْعِبَادَةِ بِقَدْرِ الْوُسْعِ. (وَيَصِحُّ النَّفَلُ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الزَّوَالِ وَكَذَا بَعْدَهُ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ النِّيَّةُ وَالصَّائِمُ وَالْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرِ وَتَعْبِيرُهُ عَنْهَا بِالشُّرُوطِ بِاعْتِبَارِ أَوْصَافِهَا كَالْإِسْلَامِ فِي الصَّائِمِ أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا لَا بُدَّ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى خِلَافَهُ. قَوْلُهُ: (النِّيَّةُ) وَمِنْهَا مَا لَوْ أَكَلَ لَيْلًا خَوْفًا مِنْ الْجُوعِ أَوْ شَرِبَ خَوْفًا مِنْ الْعَطَشِ إنْ لَاحَظَ مَعَ ذَلِكَ الصَّوْمَ. قَوْلُهُ: (بَلْ جَزَمُوا إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّوْمَ هُوَ الْإِمْسَاكُ وَهُوَ لَا يَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِ رَمَضَانَ إلَّا بِالنِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (لِفَرْضِهِ) وَلَوْ عَارِضًا كَأَمْرِ الْإِمَامِ أَوْ بِالنَّذْرِ أَوْ كَانَ النَّاوِي صَبِيًّا كَالْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ الْمَفْرُوضُ. وَلَا يَأْتِي هُنَا الِاخْتِلَافُ فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ لِلصَّبِيِّ فِي الصَّلَاةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (التَّبْيِيتُ) أَيْ كُلَّ لَيْلَةٍ عِنْدَنَا كَالْحَنَابِلَةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَإِنْ اكْتَفَى الْحَنَفِيَّةُ بِالنِّيَّةِ نَهَارًا لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَلِذَلِكَ تَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهُ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَنْوِيَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ صَوْمَ رَمَضَانَ كُلَّهُ لِيَنْفَعَهُ تَقْلِيدُ الْإِمَامِ مَالِكٍ فِي يَوْمٍ نَسِيَ النِّيَّةَ فِيهِ مَثَلًا لِأَنَّهَا عِنْدَهُ تَكْفِي لِجَمِيعِ الشَّهْرِ، وَعِنْدَنَا لِلَّيْلَةِ الْأُولَى فَقَطْ. قَوْلُهُ: (لَيْلًا) أَيْ فِيمَا بَيْنَ " غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَوْ قَارَنَهُ الْفَجْرُ لَمْ يَصِحَّ. وَكَذَا لَوْ شَكَّ حَالَ النِّيَّةِ هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ أَمْ لَا لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَهَا هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْ لَا فَتَصِحُّ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ كَانَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ لَا أَوْ شَكَّ نَهَارًا هَلْ نَوَى لَيْلًا أَوْ لَا فَإِنْ تَذَكَّرَ فِيهِمَا وَلَوْ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ أَنَّهَا وَقَعَتْ لَيْلًا أَجْزَأَ. وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْغُرُوبِ فِي نِيَّةِ الْيَوْمِ قَبْلَهُ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَلَوْ لَمْ تَقَعْ النِّيَّةُ لَيْلًا وَنَوَى نَهَارًا لَمْ يَقَعْ عَنْ رَمَضَانَ، وَلَا عَنْ غَيْرِهِ وَلَا نَفْلًا لِأَنَّ رَمَضَانَ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (لَمَّا تَعَذَّرَ اقْتِرَانُهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ لَمَّا تَعَذَّرَ صِحَّةُ الصَّوْمِ مَعَ اقْتِرَانِهَا لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ النَّهَارِ، وَلَوْ كَانَ مُرَادُهُ مَشَقَّةَ الِاقْتِرَانِ لَقَالَ لِعُسْرِ مُرَاقَبَةِ الْفَجْرِ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ لَا يَضُرُّ الْأَكْلُ وَالْجِمَاعُ بَعْدَهَا مَا دَامَ اللَّيْلُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِالْعِبَادَةِ. وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمُفْطِرَاتِ كَالْجُنُونِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِغْمَاءِ نَعَمْ تُبْطِلُهَا الرِّدَّةُ وَلَوْ نَهَارًا. وَكَذَا الرَّفْضُ لَيْلًا لَا نَهَارًا. وَلَا يَحْرُمُ الرَّفْضُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَا يَضُرُّ قَصْدُ قَلْبِهِ إلَى غَيْرِهِ وَلَا تَرْكُهُ مُنْجِزًا   [حاشية عميرة] لَيْلَةُ الثَّلَاثِينَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَلَا يَرَاهُ أَهْلُ الْبَلَدِ الْآخَرِ، فَيُعِيدُ شَخْصٌ مِنْ أَهْلِ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ ثُمَّ يُسَافِرُ فَيَجِدُ أَهْلَ تِلْكَ صَائِمِينَ، فَيُمْسِكُ مَعَهُمْ وَصَدَّقَ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ هُوَ يَوْمُ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَوْمِ الْبَلَدَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ لَهُمَا. [فَصْلٌ وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ لِلصَّوْمِ] فَصْلٌ النِّيَّةُ شَرْطٌ قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) الْجَوَابُ أَنَّ حَقِيقَةَ الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ، وَهُوَ لَا يَتَمَيَّزُ عَنْ الْإِمْسَاكِ الْعَادِي فَاعْتَبَرَ النِّيَّةَ رُكْنًا جَزْمًا فِي تَمَيُّزِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ لِفَرْضِهِ) أَيْ الْمَفْرُوضِ مِنْهُ قَوْلُهُ: (فَلَا صِيَامَ) لَعَلَّ الْمُخَالِفَ يُرْجِعُهُ إلَى نَفْيِ الْكَمَالِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الشَّرِيفَ يُفِيدُ عَدَمَ الصِّحَّةِ إذَا قَارَنْت الْفَجْرَ وَلَا مَانِعَ مِنْ الْتِزَامِ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت النَّقْلَ كَذَلِكَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْأَكْلُ وَالْجِمَاعُ إلَخْ) لِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْمَنْوِيَّةَ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَضُرُّ) قَائِلُهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَقِيلَ: إنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ حِينَ اجْتَمَعَ بِالْإِصْطَخْرِيِّ فِي الْحَجِّ وَأَخْبَرَهُ بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ تَنَبَّهَ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَمَرَّ إلَى الْفَجْرِ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 فِي قَوْلٍ) فِي جَمِيعِ سَاعَاتِ النَّهَارِ، وَالرَّاجِحُ الْمَنْعُ، «دَخَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَائِشَةَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قَالَتْ لَا. قَالَ: فَإِنِّي إذًا أَصُومُ قَالَتْ: وَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا آخَرَ فَقَالَ: أَعِنْدَك شَيْءٌ قُلْت نَعَمْ قَالَ: إذًا أُفْطِرُ وَإِنْ كُنْت فَرَضْت الصَّوْمَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلْأَوَّلِ وَقَالَ: إسْنَادُهَا صَحِيحٌ " هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ " وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْعَشَاءُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ بَعْدَهُ وَالْقَوْلُ الْمَرْجُوحُ يَقِيسُ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَدَفَعَ بِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يُخَالِفَ النَّفَلُ الْغَرَضَ فِي وَقْتِ النِّيَّةِ. وَوَرَدَ الْحَدِيثُ فِي النَّفْلِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْمُزَنِيّ وَأَبَا يَحْيَى الْبَلْخِيّ قَالَا بِوُجُوبِ التَّبْيِيتِ فِي النَّفْلِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ. (وَالصَّحِيحُ اشْتِرَاكُ حُصُولِ شَرْطِ الصَّوْمِ) فِي النِّيَّةِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ. (مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ) سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهُ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِهِ ثَوَابًا وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا أَنَّ مُدْرِكَ الرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ مُدْرِكٌ لِجَمِيعِ الرَّكْعَةِ ثَوَابًا أَمْ قُلْنَا إنَّهُ صَائِمٌ مِنْ حِينِ النِّيَّةِ وَإِلَّا يَبْطُلُ مَقْصُودُ الصَّوْمِ، وَقِيلَ عَلَى هَذَا أَيْ الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ. وَشَرْطُ الصَّوْمِ هُنَا الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ مِنْ أَكْلٍ وَجِمَاعٍ وَغَيْرِهِمَا، وَالْخُلُوُّ عَنْ الْكُفْرِ وَالْحَيْضِ وَالْجُنُونِ. (وَيَجِبُ) فِي النِّيَّةِ (التَّعْيِينُ فِي الْفَرْضِ) سَوَاءٌ فِيهِ رَمَضَانُ وَالنَّذْرُ وَالْكَفَّارَةُ وَغَيْرُهَا. أَمَّا النَّفَلُ فَيَصِحُّ بِنِيَّةِ مُطْلَقِ الصَّوْمِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هَكَذَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ التَّعْيِينُ فِي الصَّوْمِ الْمُرَتَّبِ كَصَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَأَيَّامِ الْبِيضِ وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ وَنَحْوِهَا، كَمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الرَّوَاتِبِ مِنْ نَوَافِلِ الصَّلَاةِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الصَّوْمَ فِي الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ مُنْصَرِفٌ إلَيْهَا، بَلْ لَوْ نَوَى بِهِ غَيْرَهَا حَصَلَتْ أَيْضًا كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَوْمٍ فِيهَا (وَكَمَالُهُ) أَيْ التَّعْيِينِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ   [حاشية قليوبي] وَلَا مُعَلِّقًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا كَالْحَجِّ. قَوْلُهُ: (فَرَضْت الصَّوْمَ) أَيْ نَوَيْته لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ نَفْلٌ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الزَّوَالِ) وَأَوَّلُهُ مِنْ الْفَجْرِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَهُ) . أَيْ الزَّوَالِ وَلَعَلَّهُ إلَى قُبَيْلِ اللَّيْلِ. قَوْلُهُ: (يَقِيسُ إلَخْ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَسْتَنِدْ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ إذْ الثَّانِي فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ فَلَا يُخَصِّصُهُ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (حُصُولِ شَرْطِ الصَّوْمِ إلَخْ) وَمِنْهُ عَدَمُ سَبْقِ مَاءِ مَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ بِمُبَالَغَةٍ فَيَضُرُّ لِأَنَّهُ يَضُرُّ لَوْ كَانَ صَائِمًا وَلَا يَضُرُّ سَبْقُهَا بِلَا مُبَالَغَةٍ وَوَصْفُ النَّوَوِيِّ هَذِهِ بِأَنَّهَا نَفِيسَةٌ غَيْرُ قَوِيٍّ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ كُلُّ مَا لَا يُفْطِرُ الصَّائِمَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَالْوَجْهُ إسْقَاطُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ هُنَا إلَى إخْرَاجِ النِّيَّةِ أَوْ التَّبْيِيتِ. قَوْلُهُ: (التَّعْيِينُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ لَا مِنْ حَيْثُ النَّوْعُ وَلَا الزَّمَنُ فَيَكْفِي نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ لِمَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ، وَلَوْ أَخْطَأَ فِي الِاسْمِ لَمْ يَضُرَّ مُطْلَقًا كَأَنْ سَمَّى الْخَمِيسَ بِالْجُمُعَةِ، وَلَا فِي الِاعْتِقَادِ كَأَنْ اعْتَقَدَ مَا ذُكِرَ إنْ لَاحَظَ الزَّمَانَ الْحَاضِرَ أَوْ غَدًا وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ النِّيَّةُ، وَلَوْ فِي الِاسْمِ وَالِاعْتِقَادِ مَعًا لِلْغَالِطِ دُونَ الْعَامِدِ لِتَلَاعُبِهِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةً مُعَيَّنَةً فَنَوَى رَمَضَانَ سَنَةً غَيْرَهَا لَمْ تَصِحَّ وَإِنْ كَانَ غَالِطًا لِعَدَمِ إمْكَانِ الْمُلَاحَظَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ فَرْضٍ لَمْ يَدْرِ سَبَبَهُ كَفَاهُ نِيَّةُ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ لِلضَّرُورَةِ مَعَ عَدَمِ إمْكَانِ ضَبْطِ أَفْرَادِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ، وَيَضُرُّ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ زَيْدٍ أَوْ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ التَّبَرُّكَ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهَا) كَالْوَاجِبِ بِأَمْرِ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيُجَابُ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ مُعْتَمَدٌ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ وَإِنْ كَانَ التَّعْيِينُ أَوْلَى مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بَلْ لَوْ نَوَى إلَخْ) دَفَعَ بِهِ إيرَادَ رَمَضَانَ عَلَى مَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ نَفَاهُ لَمْ يَحْصُلْ وَوَافَقَ عَلَيْهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَمَالُهُ) أَيْ لِأَنَّ أَقَلَّهُ عُلِمَ وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ عَنْ رَمَضَانَ، وَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ الْعَدِّ فِي الْأَقَلِّ لِأَنَّ ذِكْرَهُ بِالنَّظَرِ إلَى التَّبْيِيتِ وَلَا يَكْفِي نِيَّةُ صَوْمِ الْغَدِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ رَمَضَانَ. وَكَذَا نِيَّةُ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ أَوْ   [حاشية عميرة] بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (فِي جَمِيعِ سَاعَاتِ النَّهَارِ) هَذَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ شَرْطُ هَذَا الْقَوْلِ إنْ بَقِيَ بَعْدَ النِّيَّةِ جُزْءٌ مِنْ النَّهَارِ. قَوْلُهُ: (وَدَفَعَ إلَخْ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ فِي بَيَانِ الدَّفْعِ، لِأَنَّ النِّيَّةَ قَبْلَ الزَّوَالِ تَكُونُ، وَمُعْظَمُ النَّهَارِ بَاقٍ لِأَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِمَا لَوْ كَانَتْ النِّيَّةُ قُبَيْلَ الزَّوَالِ، فَإِنَّ ابْتِدَاءَ النَّهَارِ مِنْ الْفَجْرِ وَقَدْ مَضَى مُعْظَمُهُ، وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ: ضُبِطَ بِالزَّوَالِ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ بَيِّنٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ عَلَى الثَّانِي) يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ مُقَابِلَ الصَّحِيحِ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ الصَّوْمَ يَنْعَطِفُ عَلَى مَا مَضَى، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ جَزْمًا. وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَانَ الصَّوَابُ التَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (هُنَا) كَأَنَّهُ قُيِّدَ بِهَذَا نُظِرَ لِلتَّبْيِيتِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجِبُ التَّعْيِينُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُضَافَةٌ إلَى وَقْتٍ. قَوْلُهُ: (وَيُجَابُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَنْتَقِضُ هَذَا بِاشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فِي رَمَضَانَ قُلْت: قَوْلُهُ بَلْ لَوْ نَوَى إلَخْ يَمْنَعُ الْإِشْكَالَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَمَالُهُ فِي رَمَضَانَ إلَخْ) حَيْثُ عَادَ الضَّمِيرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 وَالشَّرْحِ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَكَمَالُ النِّيَّةِ. (فِي رَمَضَانَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَانَ هَذِهِ السَّنَةَ لِلَّهِ تَعَالَى) بِإِضَافَةِ رَمَضَانَ. (وَفِي الْأَدَاءِ وَالْفَرْضِيَّةِ وَالْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الصَّلَاةِ) كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَيْضًا، وَتَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَتَصْحِيحُ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ دُونَ الْآخَرِينَ: وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْفَرْضِيَّةِ هُنَا. وَالْفَرْقُ أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ مِنْ الْبَالِغِ لَا يَكُونُ إلَّا فَرْضًا بِخِلَافِ صَلَاتِهِ لِلظُّهْرِ فَتَكُونُ نَفْلًا فِي حَقِّ مَنْ صَلَّاهَا ثَانِيًا فِي جَمَاعَةٍ. (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّنَةِ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ الْأَدَاءُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ الْأَدَاءُ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ مَعْنَى الْقَضَاءِ. (وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ فَكَانَ مِنْهُ) وَصَامَهُ (لَمْ يَقَعْ عَنْهُ) لِلشَّكِّ فِي أَنَّهُ مِنْهُ حَالَ النِّيَّةِ فَلَيْسَتْ جَازِمَةً. (إلَّا إذَا اعْتَقَدَ كَوْنَهُ مِنْهُ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَصِبْيَانٍ رُشَدَاءَ) فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ لِظَنِّ أَنَّهُ مِنْهُ حَالَ النِّيَّةِ، وَلِلظَّنِّ فِي مِثْلِ هَذَا حُكْمُ الْيَقِينِ، فَتَصِحُّ النِّيَّةُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَيْهِ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اعْتِمَادَ الصَّبِيِّ الْمُرَاهِقِ أَيْضًا عَنْ الْجُرْجَانِيِّ وَالْمَحَامِلِيِّ. (وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ صَوْمَ غَدٍ إنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ إنْ كَانَ مِنْهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ رَمَضَانَ. (وَلَوْ اشْتَبَهَ) رَمَضَانُ عَلَى مَحْبُوسٍ (صَامَ شَهْرًا بِالِاجْتِهَادِ) وَلَا يَكْفِيهِ صَوْمُ شَهْرٍ بِلَا اجْتِهَادٍ وَإِنْ وَافَقَ رَمَضَانَ. (فَإِنْ وَافَقَ) صَوْمُهُ بِالِاجْتِهَادِ (مَا بَعْدَ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ) قَطْعًا (وَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ بَعْدَ الْوَقْتِ، وَالثَّانِي أَدَاءٌ لِلْعُذْرِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ غَيْرَ الْوَقْتِ وَقْتًا كَمَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (فَلَوْ نَقَصَ وَكَانَ رَمَضَانُ تَامًّا لَزِمَهُ يَوْمٌ آخَرُ) عَلَى الْقَضَاءِ، وَلَا يَلْزَمُهُ عَلَى الْأَدَاءِ كَمَا لَوْ كَانَ رَمَضَانُ نَاقِصًا. وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَإِنْ قُلْنَا قَضَاءً فَلَهُ إفْطَارُ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ إذَا عَرَفَ الْحَالَ وَإِنْ قُلْنَا أَدَاءً فَلَا وَلَوْ وَافَقَ صَوْمُهُ شَوَّالًا حَصَلَ مِنْهُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ إنْ كَمُلَ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ إنْ نَقَصَ، فَإِنْ قُلْنَا قَضَاءً وَكَانَ رَمَضَانُ نَاقِصًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى   [حاشية قليوبي] الْفُرُوضِ أَوْ فَرْضِ الْوَقْتِ أَوْ صَوْمِ الشَّهْرِ، قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَا بُدَّ أَنْ تَخْطِرَ فِي الذِّهْنِ صِفَاتُ الصَّوْمِ مَعَ ذَاتِهِ ثُمَّ يَضُمُّ الْقَصْدَ إلَى ذَلِكَ الْمَعْلُومِ، فَلَوْ خَطَرَ بِبَالِهِ الْكَلِمَاتُ مَعَ جَهْلِهِ مَعْنَاهَا لَمْ يَصِحَّ انْتَهَى فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَكَمَالُ النِّيَّةِ) وَهِيَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (بِإِضَافَةِ رَمَضَانَ) إلَى هَذِهِ فَنُونُهُ مَكْسُورَةٌ لِأَنَّهُ مَخْفُوضٌ وَذَلِكَ لِإِخْرَاجِ تَوَهُّمِ صَوْمِ رَمَضَانَ غَيْرِ هَذِهِ السَّنَةِ فِيهَا أَوْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ تَعَلُّقِ هَذِهِ بِنَوَيْتُ وَلَا مَعْنَى لَهُ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (تَعْيِينُ السَّنَةِ) فَلَوْ عَيَّنَ فَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ . قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ مِنْهُ) وَلَوْ زَادَ وَإِلَّا فَتَطَوُّعٌ أَوْ عَنْ شَعْبَانَ لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِالْوَاقِعِ، وَيَقَعُ تَطَوُّعًا إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ رَمَضَانَ وَجَازَ لَهُ صَوْمُهُ، وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (اعْتِمَادَ الصَّبِيِّ الْمُرَاهِقِ) أَيْ الْمُمَيِّزِ وَلَوْ غَيْرَ مُرَاهِقٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا. وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْفَاسِقُ وَالْكَافِرُ حَيْثُ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ وَالْحَاسِبُ وَالْمُنَجِّمُ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَلَا عِبْرَةَ بِإِخْبَارِ الْمَنَامِ وَلَوْ مِنْ صَادِقٍ كَمَا تَقَدَّمَ. وَهَذَا مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْجَمِيعِ وَاعْتَمَدَهُ. قَوْلُهُ: (بِالِاجْتِهَادِ) بِعَلَامَةٍ كَحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ رَمَضَانَ تِلْكَ السَّنَةَ يَكُونُ فِي الْبَرْدِ مَثَلًا وَتَدْخُلُ أَيَّامُ الْبَرْدِ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَ رَمَضَانَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَكْفِيهِ) وَلَا يَلْزَمُهُ مَعَ التَّحَيُّرِ   [حاشية عميرة] عَلَى التَّعْيِينِ الْوَاجِبِ ثُمَّ تَعَرَّضَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ مِنْ ذَلِكَ، فَرُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ لِكُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ قَوْلِهِ صَوْمِ الْغَدِ، ثُمَّ عَدَمُ التَّعَرُّضُ لَهُ فِيمَا بَعْدُ، وَاعْلَمْ أَنَّ لَفْظَ الْغَدِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّعْيِينِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي عِبَارَاتِهِمْ بِالنَّظَرِ إلَى أَنَّ التَّبْيِيتَ وَاجِبٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ) أَيْ سَوَاءٌ تَعَرَّضَ لِخُصُوصِ الْغَدِ أَمْ لَا، كَمَا لَوْ نَوَى فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ صَوْمَ الشَّهْرِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِلْيَوْمِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ: (كَمَا لَا يُشْتَرَطُ الْأَدَاءُ إلَخْ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ لِأَنَّ مَعْنَى الْأَدَاءِ يُغْنِي عَنْهُ، وَلِأَنَّ تَعْيِينَ الْيَوْمِ وَهُوَ الْغَدُ يُغْنِي عَنْهُ أَيْضًا، لِأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ اعْتَرَضَ التَّعْلِيلَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْأَدَاءَ أَوْ الْإِضَافَةَ، وَالثَّانِي بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْيَوْمِ الَّذِي يَصُومُهُ، وَاَلَّذِي يَصُومُ عَنْهُ تَرْتِيبِيٌّ فَالتَّعَرُّضُ لِلْغَدِ تَقْيِيدٌ لِلَّذِي يَصُومُهُ، وَالتَّعَرُّضُ لِلسَّنَةِ تَقْيِيدٌ لِلَّذِي يَصُومُ عَنْهُ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ نَوَى صَوْمَ الْغَدِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ فَرْضِ رَمَضَانَ صَحَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ: صِيَامُك هَذَا الْيَوْمَ هَلْ هُوَ عَنْ فَرْضِ هَذِهِ السَّنَةِ أَمْ سَنَةٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ، وَيَقْضِي يَوْمًا عَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ رَمَضَانُ كَامِلًا قَضَى يَوْمًا عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَيَوْمَيْنِ عَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي، وَإِنْ قُلْنَا أَدَاءً قَضَى يَوْمًا بِكُلِّ حَالٍ، وَلَوْ وَافَقَ صَوْمُهُ ذَا الْحِجَّةِ حَصَلَ مِنْهُ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا إنْ كَمُلَ، وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ إنْ نَقَصَ، فَإِنْ قُلْنَا قَضَاءً وَكَانَ رَمَضَانُ نَاقِصًا قَضَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ، وَأَرْبَعَةً عَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ كَامِلًا قَضَى أَرْبَعَةً عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَخَمْسَةً عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ قُلْنَا أَدَاءً قَضَى أَرْبَعَةً بِكُلِّ حَالٍ. (وَلَوْ غَلِطَ) فِي اجْتِهَادِهِ وَصَوْمِهِ (بِالتَّقْدِيمِ وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ) بَعْدَ بَيَانِ الْحَالِ (لَزِمَهُ صَوْمُهُ) بِلَا خِلَافٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ بِأَنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالَ إلَّا بَعْدَهُ (فَالْجَدِيدُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ) وَالْقَدِيمُ لَا يَجِبُ لِلْعُذْرِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ وَإِنْ تَبَيَّنَ الْحَالَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ رَمَضَانَ فَفِي وُجُوبِ قَضَاءِ مَا مَضَى مِنْهُ الْخِلَافُ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِوُجُوبِهِ وَهُمْ الْقَاطِعُ بِالْوُجُوبِ فِي الْأُولَى وَبَعْضُ الْحَاكِينَ لِلْخِلَافِ فِيهَا. (وَلَوْ نَوَتْ الْحَائِضُ صَوْمَ غَدٍ قَبْلَ انْقِطَاعِ دَمِهَا ثُمَّ انْقَطَعَ لَيْلًا صَحَّ) صَوْمُهَا بِهَذِهِ النِّيَّةِ (إنْ تَمَّ لَهَا فِي اللَّيْلِ أَكْثَرُ الْحَيْضِ) مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَمْ مُعْتَادَةً بِأَكْثَرَ الْحَيْضِ (وَكَذَا) إنْ تَمَّ لَهَا (قَدْرُ الْعَادَةِ) الَّتِي هِيَ دُونَ أَكْثَرِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ صَحَّ صَوْمُهَا بِتِلْكَ النِّيَّةِ. (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُ عَادَتِهَا، وَالثَّانِي يَقُولُ قَدْ تَتَخَلَّفُ فَلَا تَكُونُ النِّيَّةُ جَازِمَةً، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ لَهَا مَا ذُكِرَ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهَا بِتِلْكَ النِّيَّةِ لِعَدَمِ بِنَائِهَا عَلَى أَصْلٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهَا عَادَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ.   [حاشية قليوبي] لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ وَبِهَذَا فَارَقَ الصَّلَاةَ وَالْقِبْلَةَ، وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ اجْتَهَدَ أَيْضًا، وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إلَّا إنْ كَانَ يَصُومُ اللَّيْلَ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَجْزَأَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْأَدَاءَ الْحَقِيقِيَّ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ) هُوَ إنْ كَمُلَ وَالثَّانِي هُوَ إنْ نَقَصَ هُنَا وَمَا بَعْدَهُ وَكُلُّ حَالٍ أَيْ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ. قَوْلُهُ: (قَضَى يَوْمًا) بِكُلِّ حَالٍ. وَكَذَا إنْ كَمُلَا أَوْ نَقَصَا سَوَاءٌ قُلْنَا أَدَاءً أَوْ قَضَاءً. قَوْلُهُ: (قَضَى أَرْبَعَةً إلَخْ) وَكَذَا لَوْ كَمُلَا أَوْ نَقَصَا سَوَاءٌ قُلْنَا أَدَاءً أَوْ قَضَاءً . قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ إلَخْ) وَلَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ أَصْلًا فَلَا قَضَاءَ. وَلَوْ صَامَ شَهْرًا نَذَرَ صَوْمَهُ بِالِاجْتِهَادِ فَوَافَقَ رَمَضَانَ لَمْ يَقَعْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا نَفْلًا وَلَوْ لَزِمَهُ قَضَاءُ رَمَضَانَ فَوَافَقَ رَمَضَانَ آخَرَ أَدَاءً أَجْزَأَهُ عَنْ الْأَدَاءِ كَذَا فِي الْعُبَابِ. وَلَعَلَّهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْقَضَاءَ الْحَقِيقِيَّ كَمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ فَرَاجِعْهُ . قَوْلُهُ: (ثُمَّ انْقَطَعَ) قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي غَيْرِ تَمَامِ أَكْثَرِ الْحَيْضِ. قَوْلُهُ: (عَادَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ) أَيْ وَلَمْ يَتِمَّ أَكْثَرُهَا لَيْلًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] أُخْرَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ كَانَ مِنْهُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ سَكَتَ عَنْ التَّعْلِيقِ، فَإِنَّهُ لَا وُجُودَ لِلْجَزْمِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَسْتَنِدُ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ حَدِيثُ نَفْسٍ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَكَانَ مِنْهُ) لَوْ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ مِنْهُ فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ نَفْلًا قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ عَبْدٍ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ الِاسْتِنَادُ إلَى قَوْلِ الْمُنَجِّمِ وَالْحَاسِبِ وَالْمَنَامِ إذَا أَخْبَرَهُ فِيهِ الصَّادِقُ. قَوْلُهُ: (رُشَدَاءَ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِلْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (فَتَصِحُّ النِّيَّةُ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ سَلَفَ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَجِبُ الصَّوْمُ إذَا أَخْبَرَهُ مَنْ يَثِقُ بِهِ، وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى إخْبَارِ الرَّجُلِ الْكَامِلِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ أَبْقَيْنَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الْمَذْكُورُ هُنَا عَلَى اللُّزُومِ لِيَتَّفِقَ الْمَوْضِعَانِ، ثُمَّ رَأَيْت الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ صَرَّحَ بِالْوُجُوبِ، وَحُمِلَ كَلَامُ الْبَغَوِيّ عَلَى عُمُومِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ فَيُنْظَرُ فِي الْأَمَارَاتِ مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ وَالْفَوَاكِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: لَوْ تَحَيَّرَ فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ تَخْمِينًا، وَيَقْضِي كَالْقِبْلَةِ وَفَرَّقَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْوُجُوبُ، وَلَمْ يَظُنَّهُ وَفِي الْقِبْلَةِ تَحَقُّقُهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ ثُمَّ عَجَزَ عَنْ الشَّرْطِ فَأُمِرَ بِالصَّلَاةِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (قَطْعًا) أَيْ لَا يَأْتِي فِيهِ خِلَافُ الْقَضَاءِ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَنَظِيرُ هَذَا أَنْ يَظُنَّ فَوَاتَ رَمَضَانَ فَيَقْضِيهِ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ أَنَّهُ هُوَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَمَا لَوْ وَافَقَ مَا بَعْدَهُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ حُكْمًا وَتَعْلِيلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْجَدِيدُ إلَخْ) هَذَا الْخِلَافُ مُفَرَّعٌ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي الْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ، وَاسْتَشْكَلَ التَّخْرِيجُ وَأَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ بِأَنَّ الْوَجْهَيْنِ مُخَرَّجَانِ عَلَى أُصُولِ الشَّافِعِيِّ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ. لَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ اللَّيْلَ وَيُفْطِرُ النَّهَارَ، فَهُوَ كَأَيَّامِ الْعِيدِ قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ وَسَيَأْتِي شَرْطُهُ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ (الْإِمْسَاكُ عَنْ الْجِمَاعِ) فَمَنْ جَامَعَ بَطَلَ صَوْمُهُ بِالْإِجْمَاعِ (وَالِاسْتِقَاءَةِ) فَمَنْ تَقَيَّأَ عَامِدًا أَفْطَرَ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرُهُمْ وَذَرَعَهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ غَلَبَهُ. (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ شَيْءٌ إلَى جَوْفِهِ) بِالِاسْتِقَاءَةِ (بَطَلَ) صَوْمُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُفْطِرَ عَيْنُهَا كَالْإِنْزَالِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ بِهَا لِتَضَمُّنِهَا رُجُوعَ شَيْءٍ إلَى الْجَوْفِ وَإِنْ قَلَّ. (وَلَوْ غَلَبَهُ الْقَيْءُ فَلَا بَأْسَ) لِلْحَدِيثِ (وَكَذَا لَوْ اقْتَلَعَ نُخَامَةً) مِنْ الْبَاطِنِ. (وَلَفَظَهَا) أَيْ رَمَاهَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ فَلْيُرَخَّصْ فِيهِ، وَالثَّانِي يُفْطِرُ بِهِ كَالِاسْتِقَاءَةِ، (فَلَوْ نَزَلَتْ مِنْ دِمَاغِهِ وَحَصَلَتْ فِي حَدِّ الظَّاهِرِ مِنْ الْفَمِ فَلْيَقْطَعْهَا مِنْ مَجْرَاهَا وَلْيَمُجَّهَا، فَإِنْ تَرَكَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَى ذَلِكَ   [حاشية قليوبي] [فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ] فَصْلٌ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الصَّوْمِ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ عَمَّا يَأْتِي مِنْ مُبْطِلَاتِهِ وَالشَّرْطِيَّةُ مُنْصَرِفَةٌ لِوَضْعِهِ. قَوْلُهُ: (فَمَنْ جَامَعَ) أَيْ عَامِدًا عَالِمًا ذَاكِرًا لِلصَّوْمِ مُخْتَارًا أَوْ جَاهِلًا غَيْرَ مَعْذُورٍ بَطَلَ صَوْمُهُ، بِخِلَافِ الْمَعْذُورِ كَأَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا. وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمُفْطِرَاتِ نَعَمْ لَوْ عَلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ حَرَكَةٌ لَمْ يُفْطِرْ إلَّا بِالْإِنْزَالِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُبَاشِرٍ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ تُفْطِرُ هِيَ بِدُخُولِ الذَّكَرِ لِأَنَّهُ عَيْنٌ. قَوْلُهُ: (بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي حَنِيفَةَ لَا يَقُولُ بِالْفِطْرِ فِي اللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ اسْتَقَاءَ إلَخْ) نَعَمْ يُحْتَمَلُ اغْتِفَارُ الِاسْتِقَاءَةِ لِمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَيْلًا لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ وَفِي كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ فَيُفْطِرُ بِهَا. قَوْلُهُ: (نُخَامَةً) بِالْمِيمِ وَتُقَالُ بِالْعَيْنِ وَهِيَ الْفَضْلَةُ الْغَلِيظَةُ تَنْزِلُ مِنْ الدِّمَاغِ أَوْ تَصْعَدُ مِنْ الْبَاطِنِ فَلَا تَضُرُّ وَلَوْ نَجِسَةً وَخَرَجَ بِاقْتَطَعَ مَا لَوْ حَصَلَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ بِنَحْوِ سُعَالٍ فَلَفَظَهَا فَلَا يُفْطِرُ جَزْمًا وَبِلَفْظِهَا مَا لَوْ ابْتَلَعَهَا بَعْدَ وُصُولِهَا لِلظَّاهِرِ فَيُفْطِرُ جَزْمًا، وَمِثْلُ لَفْظِهَا مَا لَوْ بَقِيَتْ فِي فَمِهِ. قَوْلُهُ: (حَدِّ الظَّاهِرِ مِنْ الْفَمِ) وَهُوَ مَخْرَجُ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ عِنْدَ النَّوَوِيِّ وَاعْتَمَدُوهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهَا مِنْ وَسَطِ الْحَلْقِ أَوْ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَدَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ إلَى مُنْتَهَى الْخَيْشُومِ لَهُ حُكْمُ الظَّاهِرِ فِي الْإِفْطَارِ بِوُصُولِ الْقَيْءِ إلَيْهِ وَابْتِلَاعُ النُّخَامَةِ مِنْهُ وَعَدَمُ الْإِفْطَارِ بِوُصُولِ عَيْنٍ إلَيْهِ وَإِنْ أَمْسَكَهَا فِيهِ وَوُجُوبُ غَسْلِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ وَلَهُ حُكْمُ الْبَاطِنِ فِي عَدَمِ الْإِفْطَارِ بِابْتِلَاعِ الرِّيقِ مِنْهُ، وَعَدَمُ وُجُوبِ غَسْلِهِ لِنَحْوِ جُنُبٍ. وَفَرَّقَ السَّنْبَاطِيُّ بِأَنَّ أَمْرَ النَّجَاسَةِ أَغْلَظُ فَضَيَّقَ فِيهِ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ انْتَهَى فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلْيَمُجَّهَا) وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَوْ فَرْضًا بِالنُّطْقِ بِحُرُوفٍ تَوَقَّفَ إخْرَاجُهَا عَلَيْهَا وَإِنْ   [حاشية عميرة] فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَحَيْثُ كَانَ الْإِمْسَاكُ شَرْطًا وَالنِّيَّةُ شَرْطًا فَأَيْنَ حَقِيقَةُ الصَّوْمِ ثُمَّ الدَّلِيلُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْجِمَاعِ. قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} [البقرة: 187] وَالْإِجْمَاعُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (بِالْإِجْمَاعِ) فِي اللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِالْمَنْعِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ اسْتَقَاءَ إلَخْ) لَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَيْلًا وَأَصْبَحَ صَائِمًا فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ وُجُوبِ الِاسْتِقَاءَةِ نَظَرًا لِلصَّوْمِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ إلَخْ) خَرَجَ مَا لَوْ تَيَقَّنَ وُصُولَ شَيْءٍ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَأَمَّا إنْ قُلْنَا الِاسْتِقَاءَةُ مُفْطِرَةٌ بِنَفْسِهَا فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَكَسَبْقِ الْمَاءِ مِنْ الْمُبَالَغَةِ فِي الْمَضْمَضَةِ، قَالَ وَخَرَجَ إذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ شَيْئًا، فَإِنَّهُ لَا يَبْعُدُ إلْحَاقُهُ بِالْأَوَّلِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ غَلَبَهُ) هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مُحْتَرَزُ الِاسْتِقَاءَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (اقْتَلَعَ) خَرَجَ مَا لَوْ نَزَلَتْ بِنَفْسِهَا ثُمَّ لَفَظَهَا فَلَا يَضُرُّ قَطْعًا، وَالْبَاطِنُ مَخْرَجُ الْهَاءِ وَالْهَمْزَةِ وَالظَّاهِرُ مَخْرَجُ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَذَا الْمُهْمَلَةُ عِنْدَ النَّوَوِيِّ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْحَاءَ مِنْ وَسَطِ الْحَلْقِ، وَهُوَ جَوْفٌ ثُمَّ اُنْظُرْ هَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ النُّخَامَةُ الْخَارِجَةُ مِنْ الصَّدْرِ نَجِسَةً كَالْقَيْءِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ نَزَلَتْ مِنْ دِمَاغِهِ) أَيْ بِأَنْ انْصَبَّتْ فِي الثُّقْبَةِ النَّافِذَةِ مِنْ الدِّمَاغِ إلَى أَقْصَى الْفَمِ فَوْقَ الْحُلْقُومِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 (فَوَصَلَتْ الْجَوْفَ أَفْطَرَ فِي الْأَصَحِّ) لِتَقْصِيرِهِ، وَالثَّانِي لَا يُفْطِرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا وَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَنْ الْفِعْلِ وَلَوْ ابْتَلَعَهَا أَفْطَرَ، وَلَوْ لَمْ تَحْصُلْ فِي حَدِّ الظَّاهِرِ مِنْ الْفَمِ، أَوْ حَصَلَتْ فِيهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَطْعِهَا وَمَجَّهَا لَمْ تَضُرَّ. (وَ) الْإِمْسَاكُ (عَنْ وُصُولِ الْعَيْنِ إلَى مَا يُسَمَّى جَوْفًا، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ مَعَ هَذَا أَنْ يَكُونَ فِيهِ قُوَّةٌ تُحِيلُ الْغِذَاءَ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (أَوْ الدَّوَاءَ) وَأَلْحَقَ بِالْجَوْفِ عَلَى الْأَوَّلِ الْحَلْقَ قَالَ الْإِمَامُ وَمُجَاوِزًا الْحُلْقُومَ، (فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ بَاطِنُ الدِّمَاغِ وَالْبَطْنِ وَالْأَمْعَاءِ) . الْمَصَارِينُ جَمْعُ مِعًى بِوَزْنِ رِضًا. (وَالْمَثَانَةِ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَهِيَ مَجْمَعُ الْبَوْلِ. (مُفْطِرٌ بِالْإِسْعَاطِ أَوْ الْأَكْلِ أَوْ الْحُقْنَةِ أَوْ الْوُصُولِ مِنْ جَائِفَةٍ) بِالْبَطْنِ (أَوْ مَأْمُومَةٍ) بِالرَّأْسِ (وَنَحْوِهِمَا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوُصُولُ مِنْ الْجَائِفَةِ إلَى بَاطِنِ الْأَمْعَاءِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوُصُولُ مِنْ الْمَأْمُومَةِ إلَى خَرِيطَةِ الدِّمَاغِ الْمُسَمَّاةِ أُمُّ الرَّأْسِ دُونَ بَاطِنِهَا الْمُسَمَّى بَاطِنُ الدِّمَاغِ. (وَالتَّقْطِيرُ فِي بَاطِنِ الْأُذُنِ وَالْإِحْلِيلِ) أَيْ الذَّكَرِ (مُفْطِرٌ فِي الْأَصَحِّ) مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لِأَنَّهُ فِي جَوْفٍ غَيْرِ مُحِيلٍ، وَلَوْ أَوْصَلَ الدَّوَاءَ لِجِرَاحَةٍ عَلَى السَّاقِ إلَى دَاخِلِ اللَّحْمِ، أَوْ غَرَزَ فِيهِ سِكِّينًا وَصَلَتْ مُخَّهُ لَمْ يُفْطِرْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْفٍ، وَلَوْ طَعَنَ نَفْسَهُ أَوْ طَعَنَهُ غَيْرُهُ بِأُذُنِهِ فَوَصَلَ السِّكِّينُ جَوْفَهُ أَفْطَرَ. (وَشَرْطُ الْوَاصِلِ كَوْنُهُ مِنْ مَنْفَذٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (مَفْتُوحٍ فَلَا يَضُرُّ وُصُولُ الدُّهْنِ) إلَى   [حاشية قليوبي] كَثُرَتْ كَمَا فِي تَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ وُصُولِ الْعَيْنِ) وَلَوْ مِنْ نَحْوِ جَائِفَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ كَحَبَّةِ سِمْسِمٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ أَوْ لَمْ تُؤْكَلْ كَتُرَابٍ وَمِنْهَا دُخَانٌ مَعَهُ عَيْنٌ تَنْفَصِلُ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَخَرَجَ بِهَا الرِّيحُ وَمِنْهُ دُخَانٌ نَحْوُ بَخُورٍ لَيْسَ مَعَهُ عَيْنٌ تَنْفَصِلُ وَالطَّعْمُ. قَوْلُهُ: (الْحَلْقَ إلَخْ) لِأَنَّ الْحَلْقَ لَا يُسَمَّى جَوْفًا وَلَيْسَ فِيهِ قُوَّةُ الْإِحَالَةِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ شَرْطٌ فِيهِ وَخُصَّ الْإِلْحَاقُ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَمَا فِي الْبُرُلُّسِيِّ هُنَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِالْإِسْعَاطِ) وَهُوَ وُصُولُ الشَّيْءِ إلَى الدِّمَاغِ مِنْ الْأَنْفِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَصِلْ إلَى الدِّمَاغِ لَمْ يَضُرَّ بِأَنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْخَيْشُومَ كَمَا مَرَّ. وَمَا فِي الْبُرُلُّسِيِّ هُنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوُصُولُ إلَخْ) أَفَادَ بِهِ أَنَّ مِنْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى فِي فَلَا يُشْتَرَطُ خَرْقُ خَرِيطَةِ الدِّمَاغِ، وَلَا نَحْوِهَا فِي الْجَائِفَةِ فَلَا اعْتِرَاضَ بِمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَيَضُرُّ مَا جَاوَزَ عَظْمَ الرَّأْسِ أَوْ خَرْقَ جِلْدِ الْبَطْنِ قَوْلُهُ: (وَالْإِحْلِيلِ) سَوَاءٌ جَاوَزَ الْحَشَفَةَ أَمْ   [حاشية عميرة] يُشْتَرَطُ إلَخْ) لِأَنَّ غَيْرَ ذَلِكَ لَا تَغْتَذِي النَّفْسُ بِالْوَاصِلِ إلَيْهِ، وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْبَدَنُ فَأَشْبَهَ الْوَاصِلَ إلَى غَيْرِ جَوْفٍ وَأَيْضًا فَلِأَنَّ حِكْمَةَ الصَّوْمِ لَا تَخْتَلُّ بِهِ ثُمَّ الْغِذَاءُ يَشْمَلُ الْمَأْكُولَ وَالْمَشْرُوبَ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَوَّلِ) لَعَلَّهُ عَلَى الثَّانِي فَفِي الْإِسْنَوِيِّ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى الْوُصُولِ إلَى الْحَلْقِ وَعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ يَعْنِي الْأَوَّلَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْحَلْقَ كَالْجَوْفِ فِي الْبُطْلَانِ بِالْوُصُولِ إلَيْهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ: إذَا جَاوَزَ الشَّيْءُ الْحُلْقُومَ أَفْطَرَ اهـ. وَكَأَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الرَّوْضَةِ الْحَلْقُ كَالْجَوْفِ، لَكِنَّهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَالْجَوْفِ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ مَمْنُوعٌ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِمَامُ وَمُجَاوَزَةُ الْحُلْقُومِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِمَامَ قَالَ: يَلْحَقُ بِالْجَوْفِ الْحَلْقُ وَمُجَاوَزَةُ الْحُلْقُومِ، وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ مَا قُلْنَاهُ فِي ذَيْلِ الصَّفْحَةِ، وَاَلَّذِي قَالَهُ فِي ذَيْلِ الصَّفْحَةِ هُوَ الَّذِي قَالَهُ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي عَقِبَ هَذِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْإِسْعَاطِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلدِّمَاغِ وَالْأَكْلُ لِلْبَطْنِ، وَالْحُقْنَةُ لِلْأَمْعَاءِ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ لِلْجَمِيعِ. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْوَاصِلَ مِنْ الْأَنْفِ لَوْ جَاوَزَ الْخَيْشُومَ، وَحَاذَى الْعَيْنَ وَلَمْ يَبْلُغْ الدِّمَاغَ لَا يُؤَثِّرُ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِالْإِحْلِيلِ وَالْحَلْقِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ الْحُقْنَةِ) قِيلَ لَوْ عَبَّرَ بِالْإِحْقَانِ كَانَ أَوْلَى، فَإِنَّهُ الْفِعْلُ وَأَمَّا الْحُقْنَةُ فَهِيَ الْأَدْوِيَةُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ جَائِفَةٍ) هِيَ الَّتِي تَصِلُ إلَى الْجَوْفِ، وَاعْلَمْ أَنَّ جِلْدَةَ الرَّأْسِ الْمُشَاهَدَةَ بَعْدَ الْحَلْقِ يَلِيهَا لَحْمٌ، وَيَلِيهِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ تُسَمَّى السِّمْحَاقُ، وَيَلِيهَا عَظْمٌ يُسَمَّى الْقِحْفُ، وَبَعْدَهُ خَرِيطَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى دُهْنِ ذَلِكَ الدُّهْنِ، يُسَمَّى الدِّمَاغُ، وَتِلْكَ الْخَرِيطَةُ تُسَمَّى خَرِيطَةُ الدِّمَاغِ، وَأُمُّ الرَّأْسِ وَالْجِنَايَةُ الْوَاصِلَةُ إلَى الْخَرِيطَةِ تُسَمَّى مَأْمُومَةٌ، فَلَوْ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ مَأْمُومَةٌ أَوْ عَلَى بَطْنِهِ جَائِفَةٌ، فَوَصَلَ الدَّوَاءُ مِنْهُمَا جَوْفَهُ أَوْ خَرِيطَةَ دِمَاغِهِ أَفْطَرَ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بَاطِنَ الْأَمْعَاءِ وَبَاطِنَ الْخَرِيطَةِ كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فَبَاطِنُ الدِّمَاغِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَلَا الدِّمَاغُ نَفْسُهُ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْقِحْفِ وَكَذَا الْأَمْعَاءُ لَا يُشْتَرَطُ بَاطِنُهَا خِلَافَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ إسْنَوِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْإِحْلِيلِ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ مَخْرَجُ الْبَوْلِ وَاللَّبَنِ مِنْ الثَّدْيِ وَالضَّرْعِ وَوَزْنُهُ إفْعِيلٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 الْجَوْفِ (بِتَشَرُّبِ الْمَسَامِّ) كَمَا لَوْ طَلَى رَأْسَهُ أَوْ بَطْنَهُ بِهِ كَمَا لَا يَضُرُّ اغْتِسَالُهُ بِالْمَاءِ، وَإِنْ وَجَدَ لَهُ أَثَرًا فِي بَاطِنِهِ. (وَلَا) يَضُرُّ (الِاكْتِحَالُ وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ) أَيْ الْكُحْلِ (بِحَلْقِهِ) لِأَنَّهُ لَا مَنْفَذَ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْحَلْقِ وَالْوَاصِلِ إلَيْهِ مِنْ الْمَسَامِّ (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْوَاصِلِ (بِقَصْدٍ فَلَوْ وَصَلَ جَوْفَهُ ذُبَابٌ أَوْ بَعُوضَةٌ أَوْ غُبَارُ الطَّرِيقِ أَوْ غَرْبَلَةُ الدَّقِيقِ لَمْ يُفْطِرْ) لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْ ذَلِكَ يَعْسُرُ وَلَوْ فَتَحَ فَاهُ عَمْدًا حَتَّى دَخَلَ الْغُبَارُ جَوْفَهُ لَمْ يُفْطِرْ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّهْذِيبِ. (وَلَا يُفْطِرُ بِبَلْعِ رِيقِهِ مِنْ مَعْدِنِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ. (فَلَوْ خَرَجَ عَنْ الْفَمِ) لِأَعْلَى اللِّسَانِ (ثُمَّ رَدَّهُ) إلَيْهِ بِلِسَانِهِ أَوْ غَيْرِهِ. (وَابْتَلَعَهُ أَوْ بَلَّ خَيْطًا بِرِيقِهِ وَرَدَّهُ إلَى فَمِهِ) كَمَا يُعْتَادُ عِنْدَ الْفَتْلِ (وَعَلَيْهِ رُطُوبَةٌ تَنْفَصِلُ) وَابْتَلَعَهَا (أَوْ ابْتَلَعَ رِيقَهُ مَخْلُوطًا بِغَيْرِهِ) الطَّاهِرِ كَمَنْ فَتَلَ خَيْطًا مَصْبُوغًا تَغَيَّرَ بِهِ رِيقُهُ. (أَوْ مُتَنَجِّسًا) كَمَنْ دَمِيَتْ لِثَتُهُ أَوْ أَكَلَ شَيْئًا نَجِسًا وَلَمْ يَغْسِلْ فَمَه حَتَّى أَصْبَحَ (أَفْطَرَ) فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى رَدِّ الرِّيقِ وَابْتِلَاعِهِ، وَيُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْ ابْتِلَاعِ الْمَخْلُوطِ وَالْمُتَنَجِّسِ مِنْهُ، وَلَوْ أَخْرَجَ اللِّسَانَ وَعَلَيْهِ الرِّيقُ ثُمَّ رَدَّهُ وَابْتَلَعَ مَا عَلَيْهِ لَمْ يُفْطِرْ فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّ اللِّسَانَ كَيْفَمَا تَقَلَّبَ مَعْدُودٌ مِنْ دَاخِلِ الْفَمِ فَلَمْ يُفَارِقْ مَا عَلَيْهِ مَعْدِنُهُ. (وَلَوْ جَمَعَ رِيقَهُ فَابْتَلَعَهُ لَمْ يُفْطِرْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مَعْدِنِهِ، وَالثَّانِي يُفْطِرُ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ   [حاشية قليوبي] لَا وَخَصَّهُ الشَّارِحُ بِالذِّكْرِ مَعَ شُمُولِهِ لِلثَّدْيِ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ أَيْضًا نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَمِثْلُهُ فِي الْفَرْجِ مَا جَاوَزَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ فَهُوَ مُفْطِرٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ الْوَاصِلِ إلَخْ) مُكَرَّرٌ وَلَعَلَّهُ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِإِذْنِهِ) لَا إنْ طَعَنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِ مَنْ طَعَنَهُ وَفَارَقَ التَّمَكُّنَ مِنْ إخْرَاجِ الْخَيْطِ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِيهِ وَشَعْرَ الْمُحْرِمِ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ. قَوْلُهُ: (الْمَسَامِّ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْأَخِيرَةِ جَمْعُ سَمِّ بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَهِيَ ثَقْبُ الْبَدَنِ مِنْ مَحَالِّ شُعُورِهِ . قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ الِاكْتِحَالُ) أَيْ وَلَا يُكْرَهُ أَيْضًا نَهَارًا فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَعِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ يُفْطِرُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ بِحَلْقِهِ) وَكَذَا لَوْ وَجَدَ لَوْنَهُ فِي رِيقِهِ أَوْ نُخَامَتَهُ قَوْلُهُ: (بِقَصْدٍ) أَيْ مَعَ فِعْلٍ لِمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَوْ غُبَارُ الطَّرِيقِ) وَلَوْ نَجِسًا وَكَثِيرًا وَأَمْكَنَهُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ بِنَحْوِ إطْبَاقِ فَمٍ مَثَلًا، وَلَوْ وَضَعَ فِي فَمِهِ مَاءً مَثَلًا بِلَا غَرَضٍ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ نَاسِيًا لَمْ يَضُرَّ أَوْ سَبَقَهُ ضُرٌّ أَوْ وَضَعَهُ لِغَرَضٍ كَتَبَرُّدٍ وَعَطَشٍ فَنَزَلَ جَوْفَهُ أَوْ صَعِدَ إلَى دِمَاغِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ أَوْ ابْتَلَعَهُ نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ نَعَمْ لَوْ فَتَحَ فَمَه فِي الْمَاءِ فَدَخَلَ جَوْفَهُ أَفْطَرَ. قَوْلُهُ: (وَغَرْبَلَةُ الدَّقِيقِ إلَخْ) وَلَوْ لِغَيْرِ مُعْتَادِهَا وَكَثُرَتْ وَالْغَرْبَلَةُ أَصَالَةً إدَارَةُ نَحْوِ الْحَبِّ فِي نَحْوِ الْغِرْبَالِ لِإِخْرَاجِ طَيِّبِهِ مِنْ خَبِيثِهِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى دَخَلَ) هِيَ تَعْلِيلِيَّةٌ أَيْ لِأَجْلِ الدُّخُولِ أَوْ غَائِبَةً وَكَالْغُبَارِ مَا ذُكِرَ مَعَهُ وَنَحْوُهُ. قَوْلُهُ: (ذُبَابٌ) وَلَعَلَّهُ جَمَعَ الذُّبَابَ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِوَاحِدَةٍ وَيُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْبَعُوضِ بِالْأَوْلَى، وَلَوْ عَكَسَ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ لِصِغَرِ الْبَعُوضِ وَفِي الْجَلَّالِينَ أَنَّ الذُّبَابَ اسْمُ جِنْسٍ وَاحِدُهُ ذُبَابَةٌ وَأَنَّ الْبَعُوضَ صِغَارُ الْبَقِّ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ رُطُوبَةٌ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَمِثْلُهُ رُطُوبَةٌ عَلَى مَقْعَدَةِ مُسْتَنْجٍ اسْتَرْخَتْ وَلَا يَضُرُّ إعَادَةُ مَقْعَدَةٍ خَرَجَتْ مِنْ مَبْسُورٍ وَلَوْ بِأُصْبُعِهِ، وَإِنْ دَخَلَ بَعْضُ أُصْبُعِهِ مَعَهَا. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ الْغَائِطَ الْيَابِسَ إذَا أَخْرَجَهُ بِأُصْبُعِهِ لَا يَضُرُّ قِيَاسًا عَلَيْهِ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تَغَيَّرَ بِهِ رِيقُهُ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ قَيْدًا وَمَنْبَعُ الرِّيقِ تَحْتَ اللِّسَانِ، وَمِنْ مَنَافِعِهِ تَلْيِينُ لِسَانِهِ لِلنُّطْقِ وَيَابِسِ الْأَكْلِ. قَوْلُهُ: (دَمِيَتْ لِثَتُهُ) أَيْ وَلَيْسَ مَعْذُورًا فَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَشَقَّ عَلَيْهِ الْبَصْقُ عُفِيَ عَنْ أَثَرِهِ وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ فِيمَنْ عَمَّتْ بَلْوَاهُ بِذَلِكَ بِحَيْثُ يَجْرِي دَائِمًا   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: لَوْ جَاوَزَ الدَّاخِلُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ أَفْطَرَتْ قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ مَنْفَذٍ) لَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الطَّعْنِ بِالسِّكِّينِ، لِأَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْ الْجَوْفَ إلَّا مِنْ الْمَنْفَذِ الَّذِي قَطَعْته قَوْلُ الْمَتْنِ: (ذُبَابٌ) لَمْ تَظْهَرْ حِكْمَةُ جَمْعِ الذُّبَابِ وَإِفْرَادِ الْبَعُوضَةِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُفْطِرْ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّهْذِيبِ) لَوْ كَانَ كَثِيرًا يَنْبَغِي أَنْ يَضُرَّ كَالْعَمَلِ الْكَثِيرِ الْمَفْعُولِ عَمْدًا قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ رَدَّهُ) قَالَ بَعْضُهُمْ: جَعَلُوا لِلْفَمِ حُكْمَ الظَّاهِرِ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ كَذَلِكَ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فَمَا الْفَرْقُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بَلَّ خَيْطًا بِرِيقِهِ) حَكَى الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا فِي مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ ثُمَّ قَالَ: وَخَصَّ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي الْخِلَافَ بِالْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ، وَقَالَا فِي الْعَالِمِ يُفْطِرُ قَطْعًا. قَالَ الْقَاضِي: وَكُلُّ مَسْأَلَةٍ تَغْمُضُ عَلَى الْعَامِّيِّ، فَإِنَّهَا عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، ثُمَّ نَظَرَ الْأَذْرَعِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْجَهْلِ، لِأَنَّهُ يَخْفَى عَلَى غَالِبِ النَّاسِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ جَمَعَ رِيقَهُ) خَرَجَ مَا لَوْ اجْتَمَعَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ بَلَعَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 عَنْهُ هَيِّنٌ. (وَلَوْ سَبَقَ مَاءُ الْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ إلَى جَوْفِهِ) مِنْ بَاطِنٍ أَوْ دِمَاغٍ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إنْ بَالَغَ) فِي ذَلِكَ (أَفْطَرَ) لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ الْمُبَالَغَةِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ (فَلَا) يُفْطِرُ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَقِيلَ: يُفْطِرُ مُطْلَقًا لِأَنَّ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْجَوْفِ بِفِعْلِهِ وَقِيلَ لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا لِأَنَّ وُصُولَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَأَصْلُ الْخِلَافِ نَصَّانِ مُطْلَقَانِ بِالْإِفْطَارِ وَعَدَمِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الْأَوَّلَ عَلَى حَالِ الْمُبَالَغَةِ. وَالثَّانِيَ عَلَى حَالِ عَدَمِهَا. وَالْأَصَحُّ حِكَايَةُ قَوْلَيْنِ، فَقِيلَ: هُمَا فِي الْحَالَيْنِ. وَقِيلَ: هُمَا فِيمَا إذَا بَالَغَ، فَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ لَمْ يُفْطِرْ قَطْعًا وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُمَا فِيمَا إذَا لَمْ يُبَالِغْ فَإِنْ بَالَغَ أَفْطَرَ قَطْعًا وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ لَمْ يُفْطِرْ بِحَالٍ. (وَلَوْ بَقِيَ طَعَامٌ بَيْنَ أَسْنَانِهِ فَجَرَى بِهِ رِيقُهُ) مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ (لَمْ يُفْطِرْ إنْ عَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ) فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا أَفْطَرَ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ نَصَّانِ مُطْلَقَانِ بِالْإِفْطَارِ وَعَدَمِهِ حَمْلًا عَلَى هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ وَحَكَيَا قَوْلَيْنِ. (وَلَوْ أُوجِرَ) أَيْ صُبَّ فِي حَلْقِهِ (مُكْرَهًا لَمْ يُفْطِرْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ وَلَمْ يَقْصِدْ (فَإِنْ أُكْرِهَ حَتَّى أَكَلَ أَفْطَرَ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ لِأَنَّهُ دَفَعَ بِهِ الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِهِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: فَاَلَّذِي رَجَحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ يُفْطِرُ. قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَجَّحَ عَدَمُ الْفِطْرِ. (قُلْت الْأَظْهَرُ لَا يُفْطِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ أَكْلَهُ لَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْهُ (وَإِنْ أَكَلَ نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ   [حاشية قليوبي] أَوْ غَالِبًا أَنْ يُسَامَحَ بِمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فَيَكْفِي بَصْقُهُ الدَّمَ وَيُعَفِّي عَنْ أَثَرِهِ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ الرِّيقُ) وَلَوْ فَوْقَ حَائِلٍ كَنِصْفٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ الْمُبَالَغَةِ) وَمِثْلُهُ مَا تَوَلَّدَ مِنْ الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ. وَكَذَا كُلُّ مَنْهِيٍّ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (مَأْمُورٍ بِهِ) وَمِنْهُ الْمُبَالَغَةُ فِي غَسْلِ نَجَاسَةٍ بِفَمِهِ. وَكَذَا مَا لَوْ تَوَلَّدَ مِنْ غَسْلِ جَنَابَةٍ مِنْ أُذُنِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ إمَالَةُ رَأْسِهِ لِلْمَشَقَّةِ نَعَمْ إنْ عَلِمَ وُصُولَهُ مِنْهَا وَأَمْكَنَهُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ بِلَا مَشَقَّةٍ أَفْطَرَ بِهِ. وَلَا يَضُرُّ ابْتِلَاعُ رِيقِهِ بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ مَجُّهُ لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ. وَكَذَا وُصُولُ شَيْءٍ فِي فِيهِ إلَى جَوْفِهِ بِنَحْوِ عُطَاسٍ فَرْعٌ: أَكْلُ مَا قَلَعَهُ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ بِخِلَالٍ مَكْرُوهٌ بِخِلَافِهِ بِأُصْبُعِهِ وَيُفْطِرُ بِهِمَا مَعًا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) هَذَا الْوَجْهُ لَمْ يَنْظُرْ لِلِاخْتِيَارِ وَعَدَمِهِ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ لَمْ يَنْظُرْ لِلْأَمْرِ وَعَدَمِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ ابْتِلَاعِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا) أَيْ حَالَ الْجَرَيَانِ كَمَا مَرَّ أَفْطَرَ نَعَمْ يُعْذَرُ عَامِّيٌّ جَهِلَ الْفِطْرَ بِهِ وَيُنْدَبُ الْخِلَالُ لَيْلًا مُؤَكَّدًا وَلَا يَجِبُ وَلَوْ بَلَعَ الدَّرَاهِمَ خَوْفًا مِنْ الْقُطَّاعِ أَفْطَرَ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمَسْأَلَةِ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ أَصْلًا وَفَرْعًا . قَوْلُهُ: (مُكْرَهًا) وَكَذَا نَائِمٌ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَنَحْوُهُمَا فَلَا يُفْطِرُ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْغَزَالِيِّ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَظْهَرِ أَخْذًا بِظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِمَا فِي الشَّرْحِ . قَوْلُهُ: (لَا يُفْطِرُ) نَعَمْ إنْ تَنَاوَلَهُ لَا لِأَجْلِ الْإِكْرَاهِ أَفْطَرَ. وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَحَدِ إنَاءَيْنِ مُعَيَّنٍ   [حاشية عميرة] بِلَا خِلَافٍ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِلَّا فَلَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَقِبَ هَذَا إشَارَاتُ مَا سَبَقَ فِي الذَّاكِرِ لِلصَّوْمِ أَمَّا النَّاسِي وَالْجَاهِلُ فَلَا يُفْطِرُ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ بِلَا خِلَافٍ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَكِنْ سَبَقَ عَنْ الْقَاضِي مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْجَاهِلَ عَلَى وَجْهَيْنِ اهـ. يُرِيدُ مَا سَلَفَ فِي الْهَامِشِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَخَصَّ الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا أَفْطَرَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقُدْرَةُ قَبْلَ جَرَيَانِهِ أَمْ فِي حَالِ جَرَيَانِهِ، لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِإِمْسَاكِهِ هَكَذَا يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْكِتَابِ، وَمِنْ صَرِيحِ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَمِنْ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ بَعْدَ التَّكَلُّمِ عَلَى الْمَتْنِ وَقِيَاسُ الْحُكْمِ بِالْفِطْرِ إيجَابُ الْخِلَالِ لَكِنْ فِي الْأَنْوَارِ لَوْ وَضَعَ شَيْئًا فِي فَمِهِ عَمْدًا ثُمَّ ابْتَلَعَهُ نَاسِيًا لَا يَضُرُّ اهـ. وَفِي الرَّوْضَةِ مَا يُوَافِقُهُ. قَوْلُهُ: (وَحَكَيَا قَوْلَيْنِ) أَيْ فِي الْحَالَيْنِ مَعًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ دَفَعَ بِهِ الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ فَكَانَ كَمَا لَوْ أَكَلَ لِدَفْعِ الْمَرَضِ وَالْجُوعِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْإِكْرَاهَ قَادِحٌ فِي اخْتِيَارِهِ، وَالْمَرَضُ وَالْجُوعُ لَا يَقْدَحَانِ فِيهِ بَلْ يَزِيدَانِهِ تَأْثِيرًا قَوْلُهُ: (لَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْهُ) أَيْ فَأَشْبَهَ النَّاسِيَ لَكِنْ لَوْ قَصَدَ التَّلَذُّذَ بِالْأَكْلِ يَنْبَغِي الْفِطْرُ كَمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْجِمَاعِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ أَكَلَ نَاسِيًا إلَخْ) مِثْلُهُ الْأَكْلُ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ إذَا كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ نَشَأَ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَاسْتَشْكَلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا اعْتَقَدَ جَوَازَ الْأَكْلِ، فَمَا هُوَ الصَّوْمُ الَّذِي نَوَاهُ وَالْجَاهِلُ بِحَقِيقَةِ الصَّوْمِ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ قَصْدُهُ، وَالْجَوَابُ بِأَنْ يُفْرَضَ ذَلِكَ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 وَسَقَاهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (إلَّا أَنْ يُكْثِرَ) فَيُفْطِرُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ النِّسْيَانَ فِي الْكُثْرِ نَادِرٌ. (قُلْت: الْأَصَحُّ لَا يُفْطِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعُمُومِ الْحَدِيثِ (وَالْجِمَاعُ) نَاسِيًا (كَالْأَكْلِ) نَاسِيًا فَلَا يُفْطِرُ بِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ فِيهِ قَوْلًا جِمَاعُ الْمُحْرِمِ نَاسِيًا وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَهُ هَيْئَةٌ يَتَذَكَّرُ بِهَا الْإِحْرَامَ بِخِلَافِ الصَّائِمِ (وَ) الْإِمْسَاكُ (عَنْ الِاسْتِمْنَاءِ فَيُفْطِرُ بِهِ) لِأَنَّ الْإِيلَاجَ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ مُفْطِرٌ فَالْإِنْزَالُ بِنَوْعِ شَهْوَةٍ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُفْطِرًا (وَكَذَا خُرُوجُ الْمَنِيِّ بِلَمْسٍ وَقُبْلَةٍ وَمُضَاجَعَةٍ) يُفْطِرُ بِهِ لِأَنَّهُ إنْزَالٌ بِمُبَاشَرَةٍ. (لَا الْفِكْرُ وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ) لِأَنَّهُ إنْزَالٌ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ كَالِاحْتِلَامِ. (وَتُكْرَهُ الْقُبْلَةُ لِمَنْ حَرَّكَتْ شَهْوَتَهُ) خَوْفَ الْإِنْزَالِ (وَالْأَوْلَى لِغَيْرِهِ تَرْكُهَا) فَيَكُونُ فِعْلُهَا خِلَافَ الْأَوْلَى وَعَدَلَ هُنَا وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ قَوْلِ   [حاشية قليوبي] فَأَكَلَ مِنْ الْآخَرِ وَكَذَا الْأَكْلُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ إنَاءَيْنِ أُكْرِهَ عَلَى الْأَكْلِ مِنْ أَحَدٍ مَا غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَيُفْطِرُ كَمَا فِي الْجِنَايَاتِ فَرَاجِعْهُ وَدَخَلَ فِي الْإِكْرَاهِ مَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الزِّنَى وَمَا لَوْ خَافَ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِهَا تَلَفَ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ أَوْ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ فَأَكْرَهَهُ عَلَى الْأَكْلِ أَوْ عَلَى الشُّرْبِ فَلَا يُفْطِرُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أَنْ يَكْثُرَ) أَيْ الْمَأْكُولُ وَالْكَثِيرُ ثَلَاثُ لُقَمٍ فَأَكْثَرُ. فَرْعٌ: ابْتَلَعَ لَيْلًا خَيْطًا وَأَصْبَحَ بَعْضُهُ دَاخِلَ جَوْفِهِ وَبَعْضُهُ خَارِجَهُ فَإِنْ أَبْقَاهُ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ لِاتِّصَالِهِ بِالنَّجَاسَةِ، وَإِنْ نَزَعَهُ بَطَلَ صَوْمُهُ لِأَنَّهُ مِنْ الِاسْتِقَاءَةِ فَطَرِيقُهُ فِي صِحَّتِهِمَا أَنْ يُنْزَعَ مِنْهُ فِي غَفْلَتِهِ أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَوْ بِإِجْبَارِ حَاكِمٍ لَهُ عَلَى إخْرَاجِهِ وَبِإِكْرَاهٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ وُجُوبًا مُرَاعَاةً لِلصَّلَاةِ لِأَنَّ حُرْمَتَهَا أَشَدُّ لِوُجُوبِهَا مَعَ الْعُذْرِ وَبَلْعُهُ أَوْلَى مِنْ إخْرَاجِهِ لِعَدَمِ التَّنْجِيسِ، وَلَوْ لَمْ يَصِلْ طَرَفُهُ الدَّاخِلُ إلَى النَّجَاسَةِ لَمْ يَضُرَّ فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي الصَّوْمِ، وَلَوْ أَذِنَ فِي إخْرَاجِهِ أَوْ تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِ مَنْ أَخْرَجَهُ أَفْطَرَ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ غَرَضًا. وَبِذَلِكَ فَارَقَ الطَّعْنَ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ أَمْكَنَهُ قَطْعُهُ مِنْ حَدِّ الظَّاهِرِ وَإِخْرَاجُهُ وَابْتِلَاعُ مَا فِي الْبَاطِنِ لَزِمَهُ وَصِحَابَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْجِمَاعُ) وَلَوْ زَنَى وَطَالَ زَمَنُهُ أَوْ تَكَرَّرَ. قَوْلُهُ: (نَاسِيًا) وَمِثْلُهُ الْإِكْرَاهُ كَمَا مَرَّ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ لِمَا قِيلَ مِنْ عَدَمِ تَصَوُّرِهِ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ لَا تُوجَدُ إلَّا عَنْ اخْتِيَارٍ وَهُوَ مَرْدُودٌ وَالتَّقْيِيدُ لِأَجْلِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ الِاسْتِمْنَاءِ) أَيْ إخْرَاجِ الْمَنِيِّ مِنْ الذَّكَرِ بِالْيَدِ وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ أَوْ بِيَدِ حَلِيلَةٍ وَلَا يُفْطِرُ بِخُرُوجِ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْإِيلَاجَ) أَيْ وَلَوْ فِي هَوَى الْفَرْجِ أَوْ بِحَائِلٍ وَلَوْ ثَخِينًا أَوْ لِغَيْرِ آدَمِيٍّ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ، نَعَمْ، لَا يُفْطِرُ الْخُنْثَى بِإِيلَاجِهِ وَلَا بِإِيلَاجٍ فِيهِ إلَّا إنْ وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا خُرُوجُ الْمَنِيِّ بِلَمْسٍ) أَيْ بِحَيْثُ يُنْسَبُ خُرُوجُهُ إلَيْهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ، نَعَمْ لَوْ لَمَسَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَأَنْزَلَ بَعْدَهُ لَمْ يُفْطِرْ وَمَحَلُّ الْفِطْرِ بِهِ فِي لَمْسٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَلَوْ لِفَرْجٍ مُبَانٍ وَإِلَّا كَأَمْرَدَ وَمُحْرِمٍ وَعُضْوٍ مُبَانٍ فَلَا فِطْرَ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ، كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا آخِرًا وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَى قَوْلِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِتَقْيِيدِ لَمْسِ الْمُحْرِمِ بِكَوْنِهِ عَلَى وَجْهِ الْكَرَامَةِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ بِحَائِلٍ فَلَا فِطْرَ مَعَهُ. وَلَوْ كَانَ رَقِيقًا وَإِنْ كَرَّرَهُ أَوْ قَصَدَ بِهِ الْإِنْزَالَ أَوْ الْفِطْرَ أَوْ كَانَ بِفِعْلِهَا وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ . قَوْلُهُ: (خَوْفَ الْإِنْزَالِ إلَخْ) أَيْ فَلَا فِطْرَ بِهِ وَإِنْ كَرَّرَهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ يُنْزِلُ بِهِ وَهَذَا مَا مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ وَالْخَطِيبُ تَبَعًا لِظَاهِرِ مَا فِي الْمَجْمُوعِ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُفْطِرُ إذَا عَلِمَ الْإِنْزَالَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْهُ،   [حاشية عميرة] مَأْكُولٍ يَخْفَى حُكْمُهُ كَالتُّرَابِ، فَإِنَّ الْعَامِّيَّ قَدْ يَظُنُّ أَنَّ الصَّوْمَ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُعْتَادِ، وَهَذَا الْجَوَابُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قُرْبُ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِمَا لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا يَظُنُّ أَنَّهُ أَفْطَرَ، فَأَكَلَ ثَانِيًا وَرُدَّ بِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْجَهْلِ عَدَمُ الصَّوْمِ، وَفِي هَذَا التَّصْوِيرِ الصَّوْمُ فَلَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يُكْثِرَ) اُنْظُرْ هَلْ الْكَثْرَةُ بِالنَّظَرِ لِلْمَأْكُولِ أَمْ بِالنَّظَرِ لِلْفِعْلِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْجِمَاعُ) لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَى يَنْبَغِي أَنْ يُفْطِرَ بِهِ تَنْفِيرًا عَنْهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَالْأَكْلِ) قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَطُولَ زَمَنُهُ أَوْ لَا عَلَى مَا سَلَفَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ الْجِمَاعَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إنْ نَسِيَ أَحَدُهُمَا ذَكَّرَهُ الْآخَرُ بِخِلَافِ الْأَكْلِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ نَاسِيًا يَقْتَضِي أَنَّ التَّشْبِيهَ لَا يَتَوَجَّهُ إلَى حُكْمِهِ فِي الْإِكْرَاهِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَنْ الِاسْتِمْنَاءِ) وَلَوْ بِيَدِ زَوْجَتِهِ وَخَرَجَ بِالِاسْتِمْنَاءِ الْإِمْنَاءُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَا يُفْطِرُ بِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا خُرُوجُ إلَخْ) لَوْ خَرَجَ مَذْيٌ لَمْ يَضُرَّ خِلَافًا لِأَحْمَدَ ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيِّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا الْفِكْرُ) بِالْإِجْمَاعِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتُكْرَهُ الْقُبْلَةُ إلَخْ) أَيْ فِي الْفَمِ وَغَيْرِهِ مِنْ امْرَأَةٍ لِرَجُلٍ أَوْ عَكْسُهُ، وَكَذَا الْمُعَانَقَةُ وَاللَّمْسُ بِالْيَدِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» . قَوْلُهُ: (خَوْفَ الْإِنْزَالِ) يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ الْعِلَّةَ خَوْفُ الْإِنْزَالِ لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 أَصْلَيْهِمَا تُحَرِّكُ إلَى حَرَّكَتْ لِمَا لَا يَخْفَى (قُلْت: هِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَذَا قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَيْضًا، وَالرَّافِعِيُّ حَكَى عَنْ التَّتِمَّةِ وَجْهَيْنِ التَّحْرِيمَ وَالتَّنْزِيهَ، وَقَالَ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي التَّهْذِيبِ. (وَلَا يُفْطِرُ بِالْقَصْدِ وَالْحِجَامَةِ) وَسَيَأْتِي اسْتِحْبَابُ الِاحْتِرَازِ عَنْهُمَا (وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ لَا يَأْكُلَ آخِرَ النَّهَارِ إلَّا بِيَقِينٍ) كَأَنْ يُشَاهِدَ غُرُوبَ الشَّمْسِ (وَيَحِلُّ) الْأَكْلُ آخِرَهُ (بِالِاجْتِهَادِ) بِوِرْدٍ وَغَيْرِهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْيَقِينِ بِالصَّبْرِ (وَيَجُوزُ) الْأَكْلُ (إذَا ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْلِ. قُلْت: وَكَذَا لَوْ شَكَّ) فِيهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ (وَلَوْ أَكَلَ بِاجْتِهَادِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا) مِنْ النَّهَارِ. (وَبَانَ الْغَلَطُ بَطَلَ صَوْمُهُ أَوْ بِلَا ظَنٍّ وَلَمْ يَبِنْ الْحَالُ صَحَّ إنْ وَقَعَ) الْأَكْلُ (فِي أَوَّلِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ. (وَبَطَلَ) إنْ وَقَعَ الْأَكْلُ (فِي آخِرِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النَّهَارِ وَلَا مُبَالَاةَ بِالتَّسَمُّحِ فِي هَذَا الْكَلَامِ لِظُهُورِ الْمَعْنَى الْمُرَادِ. (وَلَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَفِي فَمِهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ صَحَّ صَوْمُهُ) وَإِنْ ابْتَلَعَ شَيْئًا مِنْهُ أَفْطَرَ. وَإِنْ سَبَقَ شَيْءٌ مِنْهُ إلَى جَوْفِهِ فَوَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِنْ سَبْقِ الْمَاءِ فِي الْمَضْمَضَةِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الصَّحِيحُ لَا يُفْطِرُ (وَكَذَا لَوْ كَانَ) طُلُوعَ الْفَجْرِ. (مُجَامِعًا فَنَزَعَ فِي الْحَالِ) صَحَّ صَوْمُهُ وَإِنْ أَنْزَلَ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَأَوْلَى مِنْ هَذَا بِالصِّحَّةِ أَنْ يُحِسَّ وَهُوَ مُجَامِعٌ بِتَبَاشِيرِ الصُّبْحِ فَيَنْزِعُ بِحَيْثُ يُوَافِقُ آخِرُ النَّزْعِ ابْتِدَاءَ الطُّلُوعِ (فَإِنْ مَكَثَ) بَعْدَ الطُّلُوعِ مُجَامِعًا (بَطَلَ)   [حاشية قليوبي] وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ قَالَ: وَالْفِكْرُ كَالنَّظَرِ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِمَا لَا يَخْفَى) وَهُوَ أَنَّ الْمَاضِيَ يُفِيدُ وُجُودَ التَّحَرُّكِ عِنْدَمَا ذُكِرَ بِخِلَافِ الْمُضَارِعِ لِشُمُولِهِ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَلَيْسَ مُرَادًا وَلَا يَغْتَرُّ بِمَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. تَنْبِيهٌ: النَّظَرُ وَالْفِكْرُ الْمُحَرِّكُ لِلشَّهْوَةِ كَالْقُبْلَةِ فَيَحْرُمُ وَإِنْ لَمْ يُفْطِرْ بِهِ . قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِيهِ) أَيْ فِي بَقَاءِ اللَّيْلِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَا تَصِحُّ النِّيَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِعَدَمِ الْجَزْمِ فِيهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَكَلَ بِاجْتِهَادٍ أَوَّلًا وَآخِرًا وَبَانَ الْغَلَطُ بَطَلَ صَوْمُهُ) وَكَذَا لَوْ جَامَعَ مَثَلًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَبَطَلَ) وَيَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ إنْ أَفْطَرَ بِالْجِمَاعِ فِي هَذِهِ، نَعَمْ لَوْ بَانَ لَهُ الصَّوَابُ فَلَا قَضَاءَ وَلَا كَفَّارَةَ. قَوْلُهُ: (بِالتَّسَمُّحِ إلَخْ) حَيْثُ أَطْلَقَ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ عَلَى آخِرِ اللَّيْلِ وَأَوَّلِهِ وَعَلَى مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أَوَّلُهُ أَوْ آخِرُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَفَظَهُ) هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فِي عَدَمِ الْفِطْرِ بِالسَّبْقِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ صَوْمُهُ فِي إمْسَاكِهِ لَوْ سَبَقَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى الْجَوْفِ أَفْطَرَ. كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ وَإِنْ كَانَ زَانِيًا، وَمَحَلُّ صِحَّةِ الصَّوْمِ حِينَئِذٍ إنْ لَمْ يَقْصِدْ اللَّذَّةَ بِالنَّزْعِ وَإِلَّا بَطَلَ صَوْمُهُ وَقَيَّدَ الْإِمَامُ جَوَازَ الْإِيلَاجِ بِمَا إذَا بَقِيَ مِنْ اللَّيْلِ مَا يَسَعُهُ مَعَ النَّزْعِ، وَإِلَّا امْتَنَعَ وَبَطَلَ   [حاشية عميرة] حُصُولُ اللَّذَّةِ. قَوْلُهُ: (لِمَا لَا يَخْفَى) أَيْ وَهُوَ تَنْزِيلُ الشَّهْوَةِ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ الْقُبْلَةِ مَنْزِلَةَ الْحَاصِلِ لِشِدَّةِ ارْتِبَاطِهَا بِهَا بِحَيْثُ يُخْشَى الْإِنْزَالُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُفْطِرُ بِالْفَصْدِ إلَخْ) وَأَمَّا حَدِيثُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْسُوخٌ. وَفِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ» قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحِلُّ بِالِاجْتِهَادِ كَغَيْرِهِ) وَيَكُونُ بِوِرْدٍ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ وَالْأَعْمَالِ. قَوْلُهُ: (بِالتَّسَمُّحِ فِي هَذَا الْكَلَامِ) يَعْنِي فِي رُجُوعِ ضَمِيرَيْ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ لِلنَّهَارِ. وَقَوْلُهُ بِالتَّسَمُّحِ أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا، لِأَنَّ الْمَعْنَى مِنْ النَّهَارِ فَقَدْ أَطْلَقَ أَوَّلَ النَّهَارِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، وَأَطْلَقَ آخِرَهُ عَلَى جُزْءٍ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، أَيْ بِاعْتِبَارِ الِاجْتِهَادِ وَكَذَا التَّسَمُّحُ فِي رُجُوعِ ضَمِيرَيْ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ إلَى النَّهَارِ مَعَ أَنَّ الْأَكْلَ فِي الْحَقِيقَةِ رُبَّمَا وَقَعَ فِي جُزْءٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ. [طَلَعَ الْفَجْرُ وَفِي فَمِهِ طَعَامٌ فَلَفَظَهُ الصَّائِم] قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَبَقَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ طَرْحِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَنَزَعَ) أَيْ لِأَنَّ النَّازِعَ لَيْسَ مُجَامِعًا. نَعَمْ لَوْ قَصَدَ بِنَزْعِهِ اللَّذَّةَ فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَضُرُّ. قَوْلُهُ: (وَأَوْلَى مِنْ هَذَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ التَّعْبِيرُ بِفَاءِ التَّعْقِيبِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَنْزِعَ عَقِبَ الْفَجْرِ، فَلَوْ أَحَسَّ بِالْفَجْرِ فَنَزَعَ بِحَيْثُ وَافَقَ طُلُوعُهُ آخِرَ نَزْعِهِ صَحَّ بِلَا خِلَافٍ، وَقَوْلُهُ وَافَقَ طُلُوعُهُ يَعْنِي ابْتِدَاءَ الطُّلُوعِ فَيُوَافِقُ عِبَارَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 صَوْمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِهِ إلَّا بَعْدَ الْمُكْثِ فَنَزَعَ حِينَ عَلِمَ. فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ (الْإِسْلَامُ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْكَافِرِ أَصْلِيًّا كَانَ أَوْ مُرْتَدًّا. (وَالْعَقْلُ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْمَجْنُونِ. (وَالنَّقَاءُ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ (جَمِيعَ النَّهَارِ) فَلَوْ ارْتَدَّ أَوْ جُنَّ أَوْ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ أَثْنَاءَ النَّهَارِ بَطَلَ صَوْمُهُ. (وَلَا يَضُرُّ النَّوْمُ الْمُسْتَغْرِقُ) لِلنَّهَارِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يَضُرُّ كَالْإِغْمَاءِ. وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْإِغْمَاءَ يُخْرِجُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ بِخِلَافِ النَّوْمِ إذْ يَجِبُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بِهِ دُونَ الْفَائِتَةِ بِالْإِغْمَاءِ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً مِنْ نَهَارِهِ) اتِّبَاعًا بِزَمَنِ الْإِغْمَاءِ زَمَنَ الْإِفَاقَةِ فَإِنْ لَمْ يُفِقْ ضَرَّ، وَالثَّانِي يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ لَا يَضُرُّ إذَا أَفَاقَ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: لَوْ شَرِبَ دَوَاءً لَيْلًا فَزَالَ عَقْلُهُ نَهَارًا فَفِي التَّهْذِيبِ إنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ الصَّوْمُ فِي الْإِغْمَاءِ فَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ، وَلَوْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ لَيْلًا وَبَقِيَ سُكْرُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ صَحَا   [حاشية قليوبي] صَوْمُهُ بِالنَّزْعِ وَإِنْ قَارَنَ الْفَجْرَ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ صَوْمُهُ) أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ ثُمَّ إنْ أَمْكَنَهُ صِحَّةُ صَوْمِهِ بِالنَّزْعِ وَلَمْ يَنْزِعْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ إنْ اسْتَمَرَّ لِظَنِّهِ بُطْلَانَ صَوْمِهِ أَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ وَإِنْ اسْتَمَرَّ مُجَامِعًا أَوْ عَلِمَ طُلُوعَهُ فَنَزَعَ حَالًا فَصْلٌ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّوْمِ وَالْمَذْكُورِ فِيهِ شُرُوطُ الصِّحَّةِ وَسَيَأْتِي شُرُوطُ الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (وَالْعَقْلُ) أَيْ الْغَرِيزِيُّ الَّذِي لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْجُنُونُ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالنِّفَاسُ) وَكَذَا نَحْوُ الْوِلَادَةِ مِنْ إلْقَاءِ عَلَقَةٍ أَوْ مُضْغَةٍ وَلَوْ بِلَا بَلَلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَفَرَّقَ إلَخْ) وَالْمَنْظُورُ إلَيْهِ فِي الْفَرْقِ وُجُوبُ قَضَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّائِمِ دُونَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (إذَا أَفَاقَ إلَخْ) صَرِيحُ هَذِهِ الْوُجُوهِ عَدَمُ صِحَّةِ الصَّوْمِ فِي الْإِغْمَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ لِجَمِيعِ النَّهَارِ بِلَا خِلَافٍ وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى شُرْبُ الدَّوَاءِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُزِيلُ عَقْلَهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ فَالْمُرَادُ بِزَوَالِ الْعَقْلِ فِيهِ وُجُودُهُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لِيَصِحَّ الْبِنَاءُ الْمَذْكُورُ عَقِبَهُ. بِقَوْلِهِ إنْ قُلْنَا إلَخْ إذْ لَا قَائِلَ بِالصِّحَّةِ مَعَ الِاسْتِغْرَاقِ كَمَا عُلِمَ. وَحِينَئِذٍ فَتَصْحِيحُ الْبُطْلَانِ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ ضَعِيفٌ لِمَا يَأْتِي، وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّارِحِ عَنْهُ لِلْعِلْمِ بِالصِّحَّةِ فِيهِ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ مِنْ صِحَّةِ صَوْمِ السَّكْرَانِ إذَا صَحَا لَحْظَةً مِنْ النَّهَارِ مَعَ تَعَدِّيهِ الْمُنْصَرِفَ إلَيْهِ السَّكَرَانُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. قَوْلُهُ: (فَزَالَ عَقْلُهُ) أَيْ بِغَيْرِ جُنُونٍ. وَكَذَا فِي السُّكْرِ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ قَوْلُهُ: (الثَّلَاثَةُ) وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهَا اثْنَانِ. قَوْلُهُ: (هُوَ   [حاشية عميرة] الشَّارِحِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَطَلَ) بِمَعْنَى لَمْ يَنْعَقِدْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) إذَا عَلِمَ ثُمَّ مَكَثَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ كَانَ صَوْمُهُ لَمْ يَنْعَقِدْ لِئَلَّا يَخْلُوَ جِمَاعٌ فِي رَمَضَانَ عَنْهَا، وَاسْتَشْكَلَهُ بِنَظِيرِهِ مِنْ الْحَجِّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ سَبْقُ النِّيَّةِ هُنَا. [فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلُ] فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ إلَخْ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْفَصْلِ شُرُوطُ الصِّحَّةِ، وَفِي الَّذِي بَعْدَهُ شُرُوطُ الْوُجُوبِ وَأَمَّا التَّعْبِيرُ بِالشَّرْطِ فِيمَا سَلَفَ فَهُوَ تَجَوُّزٌ وَالْمُرَادُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْعَقْلُ) أَيْ التَّمْيِيزُ فَيَصِحُّ صَوْمُ الْمُمَيِّزِ كَذَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ. وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ يَصِحُّ صَوْمُهُ إذَا أَفَاقَ لَحْظَةً كَمَا سَيَأْتِي وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّمْيِيزَ يَزُولُ بِهِ بَلْ النَّوْمُ يُزِيلُ التَّمْيِيزَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالنَّقَاءُ) بِالْإِجْمَاعِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَمِيعَ النَّهَارِ) يَرْجِعُ لِكُلٍّ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْعَقْلِ وَالنَّقَاءِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَضُرُّ إلَخْ) وَأَمَّا الْغَفْلَةُ فَلَا أَثَرَ لَهَا فِي الصَّوْمِ بِالِاتِّفَاقِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ النَّوْمِ) لَك أَنْ تَقُولَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا قَضَاءُ الصَّوْمِ كَمَا سَيَأْتِي فَفِيهِ أَهْلِيَّةُ الْخِطَابِ. نَعَمْ النَّائِمُ أَكْمَلُ مِنْهُ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَرَادَ بِالْأَهْلِيَّةِ غَرِيزَةَ الْعَقْلِ، لَكِنْ فِي زَوَالِهَا عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ نَظَرٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ نَهَارِهِ) أَيْ الْإِغْمَاءِ أَوْ الصِّيَامِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَضُرُّ مُطْلَقًا) كَالْمَجْنُونِ. قَوْلُهُ: (أَوَّلَ النَّهَارِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَوَّلُ جُزْءٍ تُقَارِنُهُ النِّيَّةُ حُكْمًا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 فِي بَعْضِهِ، فَهُوَ كَالْإِغْمَاءِ فِي بَعْضِ النَّهَارِ؛ قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ. (وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْعِيدِ) أَيْ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ الْأَضْحَى «نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَكَذَا التَّشْرِيقُ) أَيْ أَيَّامُهُ الثَّلَاثَةُ بَعْدَ يَوْمِ الْأَضْحَى لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا (فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ صِيَامِهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» فِي الْقَدِيمِ يَجُوزُ لِلتَّمَتُّعِ الْعَادِمِ الْهَدْيِ صَوْمُهَا عَنْ الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمْ يُرَخِّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يَضْمَنَ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهَذَا الْقَدِيمُ هُوَ الرَّاجِحُ دَلِيلًا أَيْ نُظِرَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يُرَخِّصْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَلَا يَحِلُّ التَّطَوُّعُ) بِالصَّوْمِ (يَوْمَ الشَّكِّ بِلَا سَبَبٍ) قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ. (فَلَوْ صَامَهُ) تَطَوُّعًا بِلَا سَبَبٍ (لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلصَّوْمِ فِي الْجُمْلَةِ (وَلَهُ صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ) وَالْكَفَّارَةِ (وَكَذَا لَوْ وَافَقَ عَادَةَ تَطَوُّعِهِ) كَأَنْ اعْتَادَ صَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَوَافَقَ أَحَدَهُمَا فَلَهُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا لِعَادَتِهِ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُقَدِّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَتَقَدَّمُوا أَصْلَهُ تَتَقَدَّمُوا بِتَاءَيْنِ حُذِفَتْ مِنْهُ إحْدَاهُمَا تَخْفِيفًا. (وَهُوَ) أَيْ يَوْمُ الشَّكِّ. (يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إذَا تَحَدَّثَ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ) أَيْ بِأَنَّ الْهِلَالَ رُئِيَ لَيْلَتَهُ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ وَلَمْ يَشْهَدْ بِهَا أَحَدٌ. (أَوْ شَهِدَ بِهَا صِبْيَانٌ أَوْ عَبِيدٌ أَوْ فَسَقَةٌ) وَظُنَّ صِدْقُهُمْ أَوْ عَدْلٌ وَلَمْ نَكْتَفِ بِهِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ، أَوْ قَالَ عَدَدٌ مِنْ النِّسْوَةِ أَوْ الْعَبِيدِ أَوْ الْفُسَّاقِ قَدْ رَأَيْنَاهُ، وَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ مِنْهُ. نَعَمْ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ قَالَ إنَّهُ رَآهُ مِمَّنْ ذُكِرَ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي   [حاشية قليوبي] الرَّاجِحُ دَلِيلًا) فَالْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَإِنْ نَفَرَ الْأَوَّلُ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: نَظَرًا إلَخْ إلَى أَنَّ مَحَلَّ رُجْحَانِ الدَّلِيلِ إذَا أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي هَذَا الِاحْتِمَالِ إبْطَالٌ لِلرُّجْحَانِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ عِنْدَ السَّبَبِ، وَمِنْهُ أَمْرُ الْإِمَامِ بِصَوْمِ الِاسْتِسْقَاءِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْقَضَاءِ) وَلَوْ لِنَذْرٍ أَوْ نَفْلٍ. قَوْلُهُ: (وَالنَّذْرِ) أَيْ الْمُطْلَقِ إذْ لَا يَصِحُّ نَذْرُ شَيْءٍ مِنْهُ بِعَيْنِهِ لِمَنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ وَلَا كَرَاهَةَ فِي صَوْمِهِ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، نَعَمْ إنْ تَحَرَّى صَوْمَهُ لِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ: (لِعَادَتِهِ) وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ بِمَرَّةٍ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا رَجُلٌ إلَخْ) وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ بِجَامِعِ السَّبَبِ. قَوْلُهُ: (وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ) أَيْ لَيْسَتْ مُطَبَّقَةً بِالْغَيْمِ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَظَنَّ صِدْقَهُمْ) أَيْ وَحَالُهُمْ يُشْعِرُ بِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَمْ نَكْتَفِ بِهِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (أَوْ شَهِدَ بِهَا صِبْيَانٌ إلَخْ) فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدَدِ فِيهِمْ وَفِيمَنْ بَعْدَهُمْ وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ وَمِنْ الْفَسَقَةِ الْكُفَّارِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَثْبُتْ) أَيْ لَا خُصُوصًا وَلَا عُمُومًا. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ هُنَا عَدَمُ صِحَّةِ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى. قَوْلُهُ: (يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُخْبَرِ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ. وَكَذَا مَنْ أَخْبَرَهُ أَيْضًا وَهَكَذَا، وَلَا يَخْرُجُ ذَلِكَ الْيَوْمُ عَنْ كَوْنِهِ يَوْمَ الشَّكِّ فِي ذَاتِهِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] يَصِحُّ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُسْتَغْرِقِ، وَقَالَ: إنَّهُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ السُّكْرِ، يَعْنِي لِأَنَّ السُّكْرَ حَرَامٌ، وَهَذَا دَوَاءٌ مَأْذُونٌ فِيهِ هَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ، إلَّا أَنَّ الْمَبْنِيَّ عَلَيْهِ أَيْضًا هُوَ الْإِغْمَاءُ غَيْرُ الْمُسْتَغْرِقِ، لِأَنَّ الْمُسْتَغْرِقَ لَمْ يَحْكِ الشَّارِحُ فِيهِ وَجْهًا بِصِحَّةِ الصَّوْمِ، ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ حَكَى فِي الْإِغْمَاءِ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا، كَالنَّوْمِ. تَنْبِيهٌ: لَا يَصِحُّ حَمْلُ مَسْأَلَةِ الدَّوَاءِ عَلَى أَنَّ الْحَاصِلَ بِالنَّهَارِ جُنُونٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْجُنُونُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مِنْ الشَّخْصِ يَتَرَتَّبُ حُكْمُهُ عَلَى الْإِغْمَاءِ بِالْأَوْلَى، وَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَنْ الثَّلَاثَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْحَجِّ) لَوْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ هَلْ لَهُ صَوْمُ الثَّالِثِ مِنْ السَّبْعَةِ إذَا أَقَامَ بِمَكَّةَ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِلَا سَبَبٍ) أَوْرَدَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى مَفْهُومِ هَذَا عَدَمَ صِحَّةِ صَوْمِهِ احْتِيَاطًا لِرَمَضَانَ. قَالَ: وَالِاحْتِيَاطُ سَبَبٌ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ سَبَبِيَّةَ الِاحْتِيَاطِ هَاهُنَا مَمْنُوعَةٌ شَرْعًا فَكَيْفَ الْإِيرَادُ فَلِذَا نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَفِي نَظَرِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَنْعَ سَبَبِيَّةِ الِاحْتِيَاطِ هُوَ مَوْضِعُ النِّزَاعِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلصَّوْمِ) أَيْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَهُ صَوْمُهُ عَنْ الْقَضَاءِ إلَخْ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 طَائِفَةٍ أَوَّلَ الْبَابِ، وَتَقَدَّمَ فِي أَثْنَائِهِ صِحَّةُ نِيَّةِ الْمُعْتَقِدِ لِذَلِكَ، وَوُقُوعُ الصَّوْمِ عَنْ رَمَضَانَ إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ فَلَا تَنَافِي بَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ. (وَلَيْسَ إطْبَاقُ الْغَيْمِ) لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ (بِشَكٍّ) فَلَا يَكُونُ هُوَ يَوْمَ شَكٍّ، بَلْ يَكُونُ مِنْ شَعْبَانَ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» وَلَا أَثَرَ لِظَنِّنَا رُؤْيَتَهُ لَوْلَا السَّحَابُ لِبُعْدِ الْهِلَالِ عَنْ الشَّمْسِ، وَلَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَتَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ فَلَمْ يَتَحَدَّثْ بِرُؤْيَتِهِ فَلَيْسَ بِيَوْمِ شَكٍّ، وَقِيلَ هُوَ يَوْمُ شَكٍّ، وَلَوْ كَانَ فِي السَّمَاءِ قِطَعُ سَحَابٍ يُمْكِنُ أَنْ يُرَى الْهِلَالُ مِنْ خِلَالِهَا وَأَنْ يَخْفَى تَحْتَهَا، وَلَمْ تَتَحَدَّثْ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ، فَقِيلَ: هُوَ يَوْمُ شَكٍّ، وَقِيلَ: لَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الْأَصَحُّ لَيْسَ بِشَكٍّ (وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) إذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ (عَلَى التَّمْرِ وَإِلَّا فَمَاءٌ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَقَالَ: «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَعَلَى الْمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: يُسَنُّ لِلصَّائِمِ أَنْ يُعَجِّلَ الْفِطْرَ وَأَنْ يُفْطِرَ عَلَى تَمْرٍ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَعَلَى مَاءٍ. (وَتَأْخِيرُ السَّحُورِ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ وَأَخَّرُوا السَّحُورَ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ (مَا لَمْ يَقَعْ فِي شَكٍّ) فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ فَالْأَفْضَلُ تَرْكُهُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَعِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ وَأَنْ يَتَسَحَّرَ وَيُؤَخِّرَهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» ، وَفِيهِمَا عَنْ   [حاشية قليوبي] إذَا تَبَيَّنَ) وَلَوْ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ مِنْهُ أَنْ لَا يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ لَيْسَ بِشَكٍّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ تَنْبِيهٌ: مِثْلُ يَوْمِ الشَّكِّ بَقِيَّةُ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ فَيَحْرُمُ صَوْمُ شَيْءٍ مِنْهُ بِلَا سَبَبٍ إنْ لَمْ يَصِلْهُ بِمَا قَبْلَهُ وَلَوْ بِيَوْمٍ، وَلَوْ وَصَلَهُ ثُمَّ أَفْطَرَ يَوْمًا امْتَنَعَ الصَّوْمُ بَعْدَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ بِمَا صَامَهُ مِنْهُ عَادَةً فَرَاجِعْهُ. فَائِدَةٌ: يَحْرُمُ الْوِصَالُ بِالصَّوْمِ لِأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَكَذَا الْإِمْسَاكُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ أَنْ لَا يَتَعَاطَى مُفْطِرًا بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ وَلَوْ بِنَحْوِ جِمَاعٍ. قَوْلُهُ: (تَعْجِيلُ الْفِطْرِ) بِغَيْرِ الْجِمَاعِ وَلَوْ عَلَى الْمَاءِ وَإِنْ رُجِيَ غَيْرُهُ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ، وَإِنْ اعْتَقَدَهُ فَضِيلَةً كَمَا فِي الْأُمِّ قَوْلُهُ: (عَلَى تَمْرٍ) وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُ وَتْرًا وَكَوْنُهُ بِثَلَاثٍ فَأَكْثَرَ وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِ الرُّطَبَ وَالْبُسْرَ وَالْعَجْوَةَ وَبَعْدَهُ مَاءُ زَمْزَمَ، ثُمَّ غَيْرُهُ، ثُمَّ الْحَلْوَاءُ بِالْمَدِّ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ. وَيُقَدِّمُ اللَّبَنَ عَلَى الْعَسَلِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ. وَيُكْرَهُ مَجُّ الْمَاءِ وَأَنْ يَتَقَايَاهُ، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) هِيَ أَوْلَى عَنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ لِأَنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ تَعْجِيلَ الْفِطْرِ سُنَّةٌ بِرَأْسِهَا وَأَنَّهُ عَلَى التَّمْرِ كَذَلِكَ، وَأَنَّهُ عَلَى الْمَاءِ عِنْدَ فَقْدِ التَّمْرِ. قَوْلُهُ: (وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ) عَطْفٌ عَلَى تَعْجِيلٍ، وَيُسَنُّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْفِطْرِ مِنْ تَمْرٍ وَغَيْرِهِ نَعَمْ إنْ خَشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا لَمْ يُسَنُّ وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمَأْكُولُ، وَبِضَمِّهَا الْأَكْلُ، وَتَأْخِيرُهُ مُوَافِقٌ لِحِكْمَةِ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّوْمِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ) قَصَرَهُ الشَّارِحُ مَعَ إمْكَانِ رُجُوعِهِ إلَى الْغُرُوبِ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ لِأَنَّهُ لَمَّا فُرِضَ الْأَوَّلُ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْغُرُوبِ لَمْ   [حاشية عميرة] وَمَا جَزَمَا بِهِ مِنْ تَحْرِيمِ الصَّوْمِ فِيهِ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْأَصْحَابِ، وَكَأَنَّ اعْتِرَاضَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ يَوْمَ شَكٍّ، وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ. فَرْعٌ إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِغَيْرِ سَبَبٍ عَلَى الصَّحِيحِ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ. قَالَ: وَعَلَى هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَصِلَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ قَبْلَهُ أَمْ لَا اهـ. ثُمَّ قَضِيَّةُ التَّحْرِيمِ الْفَسَادُ كَمَا فِي يَوْمِ الشَّكِّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَنْ الْقَضَاءِ) وَلَوْ عَنْ مُسْتَحَبٍّ وَلَوْ كَانَ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ تَعَيَّنَ فِعْلُهُ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (أَيْ بَانَ الْهِلَالُ) أَيْ أَمَّا إذَا قَالَ أَحَدٌ رَأَيْته فَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ. قَوْلُهُ: (وَظَنَّ صِدْقَهُمْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ وَإِنْ ظَنَّ صِدْقَهُمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَالَ عَدَدٌ) يُرِيدُ بِهَذَا عَدَمَ اشْتِرَاطِ لَفْظِ شَهَادَةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ إلَخْ) إنْ كَانَ مُرَادُهُ لَا يَصِحُّ، وَلَا يَجُوزُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَظُنَّ صِدْقَ الْمُخْبِرِ، وَيَكُونُ ظَنُّ الصِّدْقِ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ نَفْيَ الصِّحَّةِ فَقَطْ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ ظَنَّ الصِّدْقَ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ كَوْنَهُ مِنْ رَمَضَانَ وَبِهَذَا يَحْصُلُ عَدَمُ الْمُنَافَاةِ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَنَافِي بَيْنَ مَا ذُكِرَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَا هُنَا وَجْهُهُ عَدَمُ الثُّبُوتِ، وَاَلَّذِي قَالَهُ الْبَغَوِيّ مُفِيدٌ لِوُجُودِ الصَّوْمِ عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ، وَاَلَّذِي فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ نِيَّةَ الْمُعْتَقِدِ صَحِيحَةٌ، وَأَنَّهُ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ فَيَكُونُ هَذَا الثَّالِثُ مُقَيِّدًا لِكَلَامِ الْبَغَوِيّ، فَيَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ وَلَكِنْ لَا يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِمَنْ ذَكَرَ هَذَا مَا ظَهَرَ فِي مَعْنَى كَلَامِهِ وَيَجُوزُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى مُجَرَّدِ الظَّنِّ، وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ إنَّمَا هُوَ مَفْرُوضٌ فِي الِاعْتِقَادِ وَهُوَ أَعْلَى. قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَتَحَدَّثْ بِرُؤْيَتِهِ) يُفْهَمُ أَنَّهُ إذَا تَحَدَّثَ بِرُؤْيَتِهِ يَكُونُ يَوْمَ الشَّكِّ. كَمَا لَوْ تَمَحَّضَ الصَّحْوُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا سَلَفَ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ فَقَيَّدَ بِهِ لِأَخْذِهِ مِنْ أَطْبَاقِ الْغَيْمِ الْآتِي فِي الْمَتْنِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ) أَيْ فَهِيَ أَحْسَنُ لِأَنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ التَّعْجِيلَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ. قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَقَعْ إلَخْ) أَيْ لِحَدِيثِ دَعْ مَا يَرِيبُك. قَوْلُهُ: (فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ) إنْ قُلْت: هَلَّا، قَالَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 «زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قُمْنَا إلَى الصَّلَاةِ» ، وَكَانَ قَدْرُ مَا بَيْنَهُمَا خَمْسِينَ آيَةً وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ «تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجَرْعَةِ مَاءٍ» ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقْتُ السَّحُورِ بَيْنَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَنَّهُ يَحْصُلُ بِكَثِيرِ الْمَأْكُولِ، وَقَلِيلِهِ وَبِالْمَاءِ. (وَلْيَصُنْ لِسَانَهُ عَنْ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَنَفْسَهُ عَنْ الشَّهَوَاتِ) قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: اشْتَرَكَ النَّوْعَانِ فِي الْأَمْرِ بِهِمَا لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَمْرُ إيجَابٍ، وَالثَّانِيَ اسْتِحْبَابٌ اهـ وَقَوْلُ الْمُحَرَّرِ، وَأَنْ يَصُونَ اللِّسَانَ، يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ السُّنَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ كَغَيْرِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُسَنُّ لِلصَّائِمِ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ صَوْنُ لِسَانِهِ عَنْ الْكَذِبِ، وَالْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَيْنِ فَلَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ بِارْتِكَابِهِمَا، بِخِلَافِ ارْتِكَابِ مَا يَجِبُ اجْتِنَابُهُ مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ كَالِاسْتِقَاءَةِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى عُدُولِ الْمِنْهَاجِ عَمَّا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ الْكَفُّ عَنْ الشَّهَوَاتِ، الَّتِي لَا تُبْطِلُ الصَّوْمَ كَشَمِّ الرَّيَاحِينِ، وَالنَّظَرِ إلَيْهَا وَلَمْسِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّرَفُّهِ الَّذِي لَا يُنَاسِبُ حِكْمَةَ الصَّوْمِ، وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ عَنْ الْجَنَابَةِ) وَنَحْوِهَا (قَبْلَ الْفَجْرِ) لِيَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ مِنْ أَوَّلِ الصَّوْمِ (وَأَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ الْحِجَامَةِ) وَالْفَصْدِ لِأَنَّهُمَا يُضْعِفَانِهِ (وَالْقُبْلَةِ) بِنَاءً فِيمَنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ عَلَى إطْلَاقِ الْمُحَرَّرِ كَرَاهَتَهَا الْمُنْصَرِفِ إلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَعَلَى تَصْحِيحِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ كَرَاهَتَهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ يَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأَوْلَى لِمَنْ لَمْ تُحَرِّكْ الْقُبْلَةُ شَهْوَتَهُ تَرَكَهَا. (وَذَوْقِ الطَّعَامِ) خَوْفَ الْوُصُولِ إلَى حَلْقِهِ. (وَالْعَلْكِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الرِّيقَ، فَإِنْ ابْتَلَعَهُ أَفْطَرَ فِي وَجْهٍ تَقَدَّمَ   [حاشية قليوبي] يَصِحَّ الرُّجُوعُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ لِنَظِيرِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (النَّوْعَانِ) أَيْ الْحَاصِلَانِ مِنْ اللِّسَانِ وَالنَّفْسِ وَالْقَلْبِ كَاللِّسَانِ فِي الْغِيبَةِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ) أَيْ فَالْإِيجَابُ لَا مِنْ حَيْثُ الصَّوْمُ. قَوْلُهُ: (فَلَا حَاجَةَ إلَى عُدُولِ الْمِنْهَاجِ) عَنْ ذِكْرِ السُّنَّةِ إلَى صِيغَةِ الْأَمْرِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَشَمِّ الرَّيَاحِينِ وَالنَّظَرِ إلَيْهَا وَلَمْسِهَا) وَهِيَ مَا لَهَا رِيحٌ طَيِّبٌ كَالْمِسْكِ وَالطِّيبِ وَالْوَرْدِ وَالنِّرْجِسِ وَالرَّيْحَانِ، وَلَوْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَثَلًا وَسَوَاءٌ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي النَّهَارِ أَمَّا لَوْ اسْتَعْمَلَهُ لَيْلًا وَأَصْبَحَ مُسْتَدِيمًا لَهُ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا فِي الْمُحْرِمِ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ مَا يُخَالِفُهُ وَيُوَافِقُهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ: (مِنْ التَّرَفُّهِ) وَمِنْهُ دُخُولُ الْحَمَّامِ لِغَيْرِ عُذْرٍ. قَوْلُهُ: (قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ كُلُّ شَيْءٍ غَيْرُ مَطْلُوبٍ فِي الصَّوْمِ، وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ. قَالَ الْحَلِيمِيُّ: يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَصُومَ بِجَمِيعِ جَوَارِحِهِ فَلَا يَمْشِي بِرِجْلِهِ إلَى بَاطِلٍ وَلَا يَبْطِشُ بِيَدِهِ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ وَلَا يُدَاهِنُ وَلَا يَقْطَعُ الزَّمَنَ بِالْأَشْعَارِ وَالْحِكَايَاتِ الَّتِي لَا طَائِلَ تَحْتَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ انْتَهَى خُصُوصًا مَا يَحْرُمُ مُطَالَعَتُهُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الِاعْتِكَافِ فَرْعٌ: لَوْ تَابَ مَنْ ارْتَكَبَ فِي الصَّوْمِ مَا لَا يَلِيقُ ارْتَفَعَ عَنْ صَوْمِهِ النَّقْصُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ تَجُبُّ بِالْجِيمِ أَيْ تَجْبُرُ بِمَعْنَى تُزِيلُ مَا وَقَعَ قَبْلَهَا. وَلَوْ فَطَّرَ صَائِمًا قَدْ فَعَلَ مَا لَا يَلِيقُ، وَلَوْ مِمَّا يُحْبِطُ أَجْرَهُ لَمْ يَفُتْ الْأَجْرُ عَلَى مَنْ فَطَّرَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْوَجِيهِ فَرَاجِعْهُ . قَوْلُهُ: (أَنْ يَغْتَسِلَ) وَلَوْ مِنْ الِاحْتِلَامِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ فَإِنْ لَمْ يَغْتَسِلْ غَسَلَ مَا لَا يَخَافُ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ كَالْأُذُنِ وَالدُّبُرِ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْحِجَامَةِ) مِنْ حَاجِمٍ وَمَحْجُومٍ. قَوْلُهُ: (إنَّ الْأَوْلَى) أَيْ فَتُكْرَهُ. قَوْلُهُ: (وَذَوْقِ الطَّعَامِ) نَعَمْ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِحَاجَةٍ كَمَضْغٍ لِطِفْلٍ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْعَيْنِ) اسْمٌ لِلْفِعْلِ وَبِكَسْرِهَا اسْمٌ لِلْمَعْلُوكِ الَّذِي كُلَّمَا مُضِغَ قَوِيَ وَصَلُبَ وَاجْتَمَعَ وَمِنْهُ الْمُومْيَا. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] أَوْ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ. قُلْت: لِأَنَّهُ فَرَضَ الْأَوْلَى بَعْدَ تَحَقُّقِ الْغُرُوبِ كَمَا سَلَفَ فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ هَذَا لَهَا. قَوْلُهُ: (لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَمْرُ إيجَابٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَدْ يَكُونُ أَمْرَ نَدْبٍ كَمَا فِي أَحْوَالِ جَوَازِ الْغِيبَةِ وَالْكَذِبِ، ثُمَّ أَوْرَدَ أَنَّهُمَا قَدْ يَكُونَانِ وَاجِبَيْنِ كَمَا فِي التَّخَلُّصِ مِنْ ظَالِمٍ، وَكَمَا فِي مَسَاوِئِ الْخَاطِبِ، وَنَحْوِهِ وَرَدَّ بِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمَفْهُومِ الْكُلِّيِّ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ لَا يُنَافِي الْجَوَازَ فِي بَعْضِ جُزْئِيَّاتِهِ، وَاعْتَرَضَ أَيْضًا بِأَنَّ الْغِيبَةَ تَكُونُ بِالْقَلْبِ، فَقَيْدُ اللِّسَانِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَرَدَّ بِأَنَّهُ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى، لِأَنَّ اللِّسَانَ آلَةُ الْقَلْبِ ثُمَّ الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ) أَيْ ثَوَابُهُ. فَرْعٌ: لَوْ تَابَ هَلْ يَسْلَمُ الصَّوْمُ مِنْ النَّقْصِ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ وَأَنْ يَكُونَ غَايَتُهَا دَفْعَ الْإِثْمِ خَادِمٌ. قَوْلُهُ: (وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ إلَخْ) وَفِي الْحَدِيثِ «رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إلَّا السَّهَرُ» ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: لَمَّا كَانَا يُحْبِطَانِ الثَّوَابَ حَسُنَ عَدُّ الِاحْتِرَازِ عَنْهُمَا مِنْ آدَابِ الصَّوْمِ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْعَيْنِ) وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْمُومْيَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 وَإِنْ أَلْقَاهُ عَطَشُهُ. (وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ فِطْرِهِ «اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت» ) رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ مُعَاذِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَفْطَرَ قَالَ ذَلِكَ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ. (وَأَنْ يُكْثِرَ الصَّدَقَةَ وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانَ وَأَنْ يَعْتَكِفَ) فِيهِ (لَا سِيَّمَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْهُ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْآنَ» ، وَفِي رِوَايَةٍ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَرَوَيَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» ، وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ، فَالِاعْتِكَافُ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ وَكَذَا إكْثَارُ الصَّدَقَةِ وَالتِّلَاوَةِ فِيهِ، وَلِأَفْضَلِيَّةِ ذَلِكَ فِيهِ عُدَّ مِنْ السُّنَنِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَسْنُونًا عَلَى الْإِطْلَاقِ.   [حاشية قليوبي] أَفْطَرَ فِي وَجْهٍ تَقَدَّمَ) وَهُوَ مَرْجُوحٌ نَعَمْ إنْ انْفَصَلَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَعْلُوكِ أَفْطَرَ قَطْعًا وَحَرُمَ الْعَلْكُ حِينَئِذٍ، وَلَا يَضُرُّ وُصُولُ رِيحِهِ وَطَعْمِهِ إلَى جَوْفِهِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ فِطْرِهِ) أَيْ عَقِبَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْفِطْرُ وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ كَجِمَاعٍ وَإِدْخَالِ نَحْوِ عُودٍ فِي أُذُنِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بَلْ نُقِلَ أَنَّهُ يَكْفِي دُخُولُ وَقْتِ الْإِفْطَارِ لَكِنْ رُبَّمَا يُنَافِيهِ لَفْظُ. وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت فَتَأَمَّلْهُ وَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (رَوَى أَبُو دَاوُد إلَخْ) وَوَرَدَ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَقُولُ: «ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ» وَلَكِنَّ هَذَا رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي خُصُوصِ مَنْ أَفْطَرَ عَلَى الْمَاءِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الصَّدَقَةَ) وَمِنْهَا التَّوْسِعَةُ عَلَى عِيَالِهِ وَالْإِحْسَانُ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَإِفْطَارُ الصَّائِمِينَ بِعَشَاءٍ أَوْ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ) وَلَوْ فِي حَمَّامٍ أَوْ طَرِيقٍ لَا نَحْوِ حَوْشٍ وَهِيَ فِي الْمُصْحَفِ، وَإِلَى الْقِبْلَةِ وَجَهْرًا أَفْضَلُ إلَّا لِخَوْفِ رِيَاءٍ أَوْ تَشْوِيشٍ عَلَى قَارِئٍ آخَرَ أَوْ عَلَى نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ. قَوْلُهُ: (فِي رَمَضَانَ) صَرَّحَ بِهِ هُنَا لِطَلَبِ هَذِهِ الْأُمُورِ لَيْلًا وَنَهَارًا فِيهِ وَإِلَّا فَهِيَ مَطْلُوبَةٌ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (سِيَّمَا) كَلِمَةٌ تُفِيدُ أَنَّ مَا بَعْدَهَا أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا قَبْلَهَا لَا أَدَاةُ اسْتِثْنَاءٍ وَهِيَ تُشَدَّدُ وَتُخَفَّفُ وَمَعْنَاهَا الْمِثْلُ، وَمَا مَوْصُولَةٌ أَوْ زَائِدَةٌ وَيَجُوزُ رَفْعُ مَا بَعْدَهَا خَبَرًا لِمَحْذُوفٍ وَنَصْبُهُ بِمَحْذُوفٍ أَوْ جَرُّهُ بِالْإِضَافَةِ وَهُوَ أَرْجَحُ. قَوْلُهُ: (وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ) بِرَفْعِ أَجْوَدَ اسْمُ كَانَ، وَلَا يَجُوزُ نَصْبُهُ، وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ أَجْوَدُ أَكْوَانِهِ أَيْ أَوْقَاتِهِ أَوْ أَحْوَالِهِ. قَوْلُهُ: (وَأَنَّ جِبْرِيلَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ وَفِي عَرْضِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ نَظَرٌ، فَإِنَّ حِفْظَهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ مِنْ خَوَاصِّ الْبَشَرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُلْقِي عَلَى جِبْرِيلَ حِفْظَ مَا كَانَ يَقْرَؤُهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَيْهِ أَوْ يَكْشِفُ لَهُ عَنْ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فَيُقَابِلُ مَا يَقْرَؤُهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَرَاجِعْ وَانْظُرْ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ عَائِشَةَ إلَخْ) ذَكَرَهُ بَعْدَ الْأَوَّلِ لِإِفَادَتِهِ اسْتِغْرَاقَ الْعَشْرِ وَالْمُدَاوَمَةَ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ رَمَضَانَ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي رَمَضَانَ كُلُّ سَنَةٍ فَيُفِيدُ مُدَاوَمَةَ الِاعْتِكَافِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِعَشْرٍ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ تَارَةً وَالْعَشْرَ الْأَوْسَطَ تَارَةً أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ فِي جَمِيعِ أَيَّامِ رَمَضَانَ فِي بَعْضِ السِّنِينَ. قَوْلُهُ: (وَلِأَفْضَلِيَّةِ ذَلِكَ) أَيْ الِاعْتِكَافِ وَالصَّدَقَةِ وَالتِّلَاوَةِ وَغَيْرِهَا أَوْ الْإِكْثَارِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] الَّتِي كُلَّمَا مَضَغْته قَوِيَ وَصَلُبَ وَاجْتَمَعَ. قَوْلُهُ: (رَوَى أَبُو دَاوُد إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ وَقْتَ الِاسْتِحْبَابِ بَعْدَ الْفِطْرِ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت. وَلِقَوْلِ الرَّاوِي: كَانَ إذَا أَفْطَرَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يُكْثِرَ الصَّدَقَةَ) فِي الْحَدِيثِ «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» ، اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الصَّائِمُ قَدْ فَعَلَ مَا يُحْبِطُ الثَّوَابَ ثُمَّ فَطَّرَهُ مَا حُكْمُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي رَمَضَانَ) صَرَّحَ بِهِ هُنَا دُونَ مَا سَلَفَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تَكُونُ لَيْلًا وَنَهَارًا فِي رَمَضَانَ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ رَمَضَانَ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ فِي جَمِيعِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ أَفْرَادِ هَذَا الشَّهْرِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 فَصْلٌ شَرْطُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَهَذَا يَصْدُقُ مَعَ الْكُفْرِ وَالْحَيْضِ وَغَيْرِهِمَا، فَلَا يَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا وَوُجُوبُهُ عَلَى الْكَافِرِ مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهُ، وُجُوبُ عِقَابٍ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، وَوُجُوبُهُ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَيْضًا، لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ كَمَا سَيَأْتِي، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُرْتَدِّ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ أَنَّهُ انْعَقَدَ السَّبَبُ فِي حَقِّهِمْ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ. (وَإِطَاقَتُهُ) أَيْ الصَّوْمِ فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ لَا يُطِيقُهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ، لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ كَمَا سَيَأْتِي (وَيُؤْمَرُ بِهِ الصَّبِيُّ لِسَبْعٍ إذَا أَطَاقَ) وَفِي الْمُهَذَّبِ وَيُضْرَبُ عَلَى تَرْكِهِ لِعَشْرٍ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَفِي شَرْحِهِ: يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ وَيَضْرِبَهُ عَلَى تَرْكِهِ ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ اهـ. وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي الْقِيَاسِ بِأَنَّ ضَرْبَهُ عُقُوبَةٌ فَيَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا، وَكَأَنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَذْكُرْهُ لِذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالصَّبِيِّ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. (وَيُبَاحُ تَرْكه إذَا وَجَدَ بِهِ ضَرَرًا شَدِيدًا) وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي التَّيَمُّمِ ثُمَّ الْمَرَضِ إنْ كَانَ مُطْبِقًا فَلَهُ تَرْكُ النِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَ يُحَمُّ وَيَنْقَطِعُ فَإِنْ كَانَ يُحَمُّ وَقْتَ الشُّرُوعِ فَلَهُ تَرْكُ النِّيَّةِ،   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّوْمِ قَوْلُهُ (الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَنْ هُوَ مُكَلَّفٌ بِالصَّوْمِ حَالًا أَوْ مَآلًا فَمَا فِي الْبُرُلُّسِيِّ هُنَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا يُقَالُ) هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَنَائِبُهُ الْمَصْدَرُ الْمُؤَوَّلُ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ انْعَقَدَ السَّبَبُ إلَخْ فَالْمُرْتَدُّ كَالْحَائِضِ فِي انْعِقَادِ السَّبَبِ وَهُوَ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ مُخَاطَبًا بِهِ خِطَابَ تَكْلِيفٍ بِخِلَافِهَا فَقَوْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ: وَمَنْ أَلْحَقَ الْمُرْتَدَّ بِهَا فَقَدْ سَهَا إشَارَةٌ إلَى الشَّارِحِ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ شُمُولِ الْإِلْحَاقِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، مَعَ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمَنْهَجِ مَا يُصَرِّحُ بِالتَّخْصِيصِ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ: فَلَا اعْتِرَاضَ وَلَا سَهْوَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مَدٌّ لَا لِأَصْلِ الْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ) تَقَدَّمَ فِيهَا عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي السَّبْعِ تَمَامُهَا خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَابْنِ حَجَرٍ وَالْخَطِيبِ، فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا. قَوْلُهُ: (عُقُوبَةٌ) مَرْدُودٌ لِاخْتِصَاصِ الْعُقُوبَةِ بِالْبَالِغِ وَإِنَّمَا هُوَ لِمَصْلَحَةِ اعْتِيَادِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُبَاحُ تَرْكُهُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ يَجِبُ أَخْذًا مِنْ تَفْسِيرِ الْمَرَضِ بِمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَمَا لَا يُبِيحُهُ يَجُوزُ فِيهِ الْفِطْرُ حَيْثُ شَقَّ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ. وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَرَضَ بِمَا يَمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَ الصَّوْمِ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ مُجَوِّزٌ لَا مُوجِبٌ وَمَا لَا يُبِيحُهُ لَا يَجُوزُ مَعَهُ الْفِطْرُ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا عِنْدَ خَوْفِ الْهَلَاكِ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا، وَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا. وَمِثْلُ الْمَرَضِ غَلَبَةُ جُوعٍ وَعَطَشٍ لَا نَحْوُ صُدَاعٍ وَوَجَعِ أُذُنٍ وَسِنٍّ خَفِيفَةٍ. قَوْلُهُ: (لِلْمَرِيضِ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّى بِمَا أَمْرَضَهُ وَشَرَطَ جَوَازَ فِطْرِهِ نِيَّةَ التَّرَخُّصِ كَمَا   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ شَرْطُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ] َ قَوْلُهُ: (وَوُجُوبُهُ عَلَى الْكَافِرِ إلَخْ) لَمْ يَسْلُكْ صَاحِبُ الْمِنْهَاجِ مِثْلَ هَذَا فِي الْحَجِّ بَلْ أَخْرَجَ الْكَافِرَ بِقَيْدِ الْإِسْلَامِ، فَمَا وَجْهُ التَّفْرِقَةِ فَإِنْ قُلْت: قَدْ ذَكَرَ الْإِسْلَامَ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ، وَهُوَ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ هُنَا، قُلْت: فَهَلَّا فَعَلَ فِي الْحَجِّ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الصِّحَّةِ، وَفِي الْوُجُوبِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَوُجُوبُهُ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ إلَخْ لَمْ يَسْلُكْ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا الْمَسْلَكَ، بَلْ جَعَلَ عَدَمَ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمَا مَفْهُومًا بِالْأَوْلَى مِنْ جَعْلِ الْبَقَاءِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ. قَالَ: فَيَكُونُ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ وَإِلَّا يَلْزَمُ تَكْلِيفُ الْمُحَالِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْكَافِرِ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْكَافِرِ مَا يَشْمَلُ الْمُرْتَدَّ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ الْآتِيَ فِي الْمُرْتَدِّ، وَكَذَا يُقَالُ إلَخْ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَوُجُوبُهُ عَلَى الْمُرْتَدِّ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ، فَعِنْدَ التَّأَمُّلِ لَمْ يَجْعَلْهُ كَالْحَائِضِ فَانْدَفَعَ بِذَلِكَ مَا نَسَبَهُ إلَيْهِ شَارِحُ الْمَنْهَجِ مِنْ السَّهْوِ، وَفِي إلْحَاقِهِ بِالْحَائِضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ) صَنِيعُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقْتَضِي أَنَّهُمَا دَاخِلَانِ فِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ) أَيْ ابْتِدَاءً كَمَا صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَصَحَّحَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّ الصَّوْمَ وَجَبَ أَوَّلًا ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى الْفِدْيَةِ ثُمَّ قَضِيَّةُ تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ عَدَمُ الْقَضَاءِ لَوْ شُفِيَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 وَإِلَّا فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ فَإِنْ عَادَ وَاحْتَاجَ إلَى الْإِفْطَارِ أَفْطَرَ. (وَ) يُبَاحُ تَرْكُهُ (لِلْمُسَافِرِ سَفَرًا طَوِيلًا مُبَاحًا) فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَالصَّوْمُ أَفْضَلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ. (وَلَوْ أَصْبَحَ) الْمُقِيمُ (صَائِمًا فَمَرِضَ أَفْطَرَ) لِوُجُودِ الْمُبِيحِ لِلْإِفْطَارِ. (وَإِنْ سَافَرَ فَلَا) يُفْطِرُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْحَضَرِ وَقِيلَ يُفْطِرُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ السَّفَرِ. (وَلَوْ أَصْبَحَ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ صَائِمَيْنِ ثُمَّ أَرَادَا الْفِطْرَ جَازَ) لَهُمَا لِدَوَامِ عُذْرِهِمَا. (فَلَوْ أَقَامَ) الْمُسَافِرُ (وَشُفِيَ) الْمَرِيضُ (حَرُمَ) عَلَيْهِمَا (الْفِطْرُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِزَوَالِ عُذْرِهِمَا وَالثَّانِي يَجُوزُ لَهُمَا الْفِطْرُ اعْتِبَارًا بِأَوَّلِ الْيَوْمِ. (وَإِذَا أَفْطَرَ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ قَضَيَا) قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185] أَيْ فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ (وَكَذَا الْحَائِضُ) تَقْضِي مَا فَاتَهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَيْضِ وَمِثْلُهَا النُّفَسَاءُ (وَالْمُفْطِرُ بِلَا عُذْرٍ وَتَارِكُ النِّيَّةِ) عَمْدًا أَوْ سَهْوًا يَقْضِيَانِ وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِالْإِغْمَاءِ بِخِلَافِ مَا فَاتَ مِنْ الصَّلَاةِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا لِلْمَشَقَّةِ فِيهَا بِتَكَرُّرِهَا (وَالرِّدَّةُ) أَيْ يَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِهَا إذَا عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ، وَكَذَا السُّكْرُ يَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِهِ. (دُونَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ) فَلَا يَجِبُ   [حاشية قليوبي] قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ نَحْوُ حَصَادٍ وَبِنَاءٍ وَحَارِسٍ وَلَوْ مُتَبَرِّعًا فَتَجِبُ عَلَيْهِ النِّيَّةُ لَيْلًا ثُمَّ إنْ لَحِقَتْهُ مَشَقَّةٌ أَفْطَرَ قَوْلُهُ: (وَلِلْمُسَافِرِ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَالرَّمْلِيُّ وَإِنْ أَدَامَ السَّفَرَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْمَوْتُ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَسَوَاءٌ رَمَضَانُ وَالْكَفَّارَةُ وَالْمَنْذُورُ وَلَوْ مُعَيَّنًا فِي نَذْرِ صَوْمٍ وَلَوْ لِلدَّهْرِ، أَوْ نَذَرَ إتْمَامَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِيهِ أَوْ الْقَضَاءَ وَلَوْ لَمَّا تَعَدَّى بِفِطْرِهِ أَوْ ضَاقَ وَقْتُهُ، وَخَالَفَ السُّبْكِيُّ فِي مُدِيمِ السَّفَرِ وَفِي النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مُوَافَقَتُهُ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ الْأَوَّلُ وَابْنِ حَجَرٍ فِي الْمُضَيَّقِ وَالْمُتَعَدِّي بِفِطْرِهِ وَالطَّبَلَاوِيِّ فِي نَذَرَ صَوْمِ الدَّهْرِ وَالْعُبَابِ فِيمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْمَوْتُ نَعَمْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْوَاجِبَ بِأَمْرِ الْإِمَامِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ لَا يَجُوزُ فِطْرُهُ بِالسَّفَرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَضَرَّرَ) أَيْ ضَرَرًا لَا يُوجِبُ الْفِطْرَ قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَافَرَ) أَيْ بَعْدَ الْفَجْرِ وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ شَكَّ هَلْ فَارَقَ السُّورَ أَوْ الْعُمْرَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُفْطِرُ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ حَتَّى لَوْ أَفْطَرَ بِالْجِمَاعِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ نَعَمْ فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (جَازَ لَهُمَا) أَيْ بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ كَمَا مَرَّ. وَفَارَقَ امْتِنَاعَ الْقَصْرِ بَعْدَ الْإِتْمَامِ لِلْمُسَافِرِ بِأَنَّ صَوْمَ الْمُسَافِرِ مَنْدُوبٌ قَوْلُهُ: (قَضَيَا) وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْفَوْرُ بَلْ يُسَنُّ وَكَذَا فِي جَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ لَا يَجِبُ الْفَوْرُ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ وَهِيَ قَضَاءُ يَوْمِ الشَّكِّ، وَالْمُتَعَدِّي بِفِطْرِهِ وَالْمُرْتَدُّ وَتَارِكُ النِّيَّةِ لَيْلًا عَمْدًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيُنْدَبُ التَّتَابُعُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَقَدْ يَجِبُ فِيهِ الْفَوْرُ وَالتَّتَابُعُ لِضِيقِ الْوَقْتِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ لِرَمَضَانَ الَّذِي بَعْدَهُ إلَّا قَدْرُ زَمَنِ الْقَضَاءِ وَلَيْسَ هَذَا بِالْأَصَالَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِالْإِغْمَاءِ) عَلَّلَ أَنَّهُ مَرِضَ لِجَوَازِهِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ فِيهِمْ بِأَنْ لَا يَمْضِيَ عَلَيْهِمْ فِيهِ وَقْتُ صَلَاةٍ وَفِيهِ بَحْثٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا السُّكْرُ إلَخْ) ذِكْرُهُ مَعَ الرِّدَّةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ فِي الْمُتَعَدِّي بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي بِهِ إلَّا إنْ وَقَعَ فِي   [حاشية عميرة] وَيُبَاحُ تَرْكُهُ لِلْمَرِيضِ) وَلَوْ تَعَدَّى بِسَبَبِهِ وَمَنْ غَلَبَهُ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ حُكْمُهُ كَالْمَرِيضِ. قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْحَضَرِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ إذَا اجْتَمَعَ فِيهَا سَفَرٌ، وَحَضَرٌ يُغَلَّبُ جَانِبُ الْحَضَرِ فَلَا تُقْصَرْ. فَرْعٌ: لَوْ أَفْطَرَ بِالْجِمَاعِ لَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَصْبَحَ الْمُسَافِرُ) اسْتَشْكَلَ الْغَزَالِيُّ، مَسْأَلَةَ السَّفَرِ بِمَنْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُسَافِرٌ بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضِ الْمُقِيمِينَ قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا غَامِضٌ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي بِأَنَّ الْمُسَافِرَ يَجُوزُ لَهُ إخْلَاءُ الْيَوْمِ مِنْ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَمِثْلُهَا النُّفَسَاءُ) أَيْ وَلَوْ عَنْ زِنًى فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُفْطِرُ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ عَلَى الْمَعْذُورِ فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى، وَسَبَقَ فِي الصَّلَاةِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهَا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا. فَرْعٌ: فِي الْخَادِمِ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ تَارِكَ النِّيَّةِ وَلَوْ عَمْدًا قَضَاؤُهُ عَلَى التَّرَاخِي بِلَا خِلَافٍ، وَاعْتَرَضَ الزَّرْكَشِيُّ مَسْأَلَةَ الْعَمْدِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْإِغْمَاءِ) عَلَّلَ بِأَنَّهُ مَرَضٌ بِدَلِيلِ جَوَازِهِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ - بِخِلَافِ الْجُنُونِ. قَالَ بَعْضُهُمْ شَرْطُ جَوَازِ الْإِغْمَاءِ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَمْضِيَ عَلَيْهِ وَقْتُ صَلَاةٍ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالرِّدَّةِ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ ذَلِكَ بِالْإِسْلَامِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (دُونَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ كُلُّ مُفْطِرٍ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ يَقْضِي لَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَكَافِرٍ أَصْلِيٍّ اهـ. وَلَا يَرِدُ الْهَرِمُ وَنَحْوُهُ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 قَضَاءُ مَا فَاتَ بِهِ إذَا أَسْلَمَ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ. (وَالصِّبَا وَالْجُنُونُ) فَلَا يَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِهِمَا لِعَدَمِ مُوجِبِهِ، وَلَوْ اتَّصَلَ الْجُنُونُ بِالرِّدَّةِ وَجَبَ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اتَّصَلَ بِالسُّكْرِ، لِأَنَّ حُكْمَ الرِّدَّةِ مُسْتَمِرٌّ بِخِلَافِ السُّكْرِ. (وَإِذَا بَلَغَ) الصَّبِيُّ (بِالنَّهَارِ صَائِمًا) بِأَنْ نَوَى لَيْلًا. (وَجَبَ) عَلَيْهِ (إتْمَامُهُ بِلَا قَضَاءٍ) وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ إتْمَامُهُ وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ. (وَلَوْ بَلَغَ) الصَّبِيُّ (فِيهِ مُفْطِرًا أَوْ أَفَاقَ) الْمَجْنُونُ فِيهِ (أَوْ أَسْلَمَ) الْكَافِرُ فِيهِ. (فَلَا قَضَاءَ) عَلَيْهِمْ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَا أَدْرَكُوهُ مِنْهُ لَا يُمْكِنُهُمْ صَوْمُهُ، وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالْقَضَاءِ وَالثَّانِي يَلْزَمُهُمْ الْقَضَاءُ كَمَا تَلْزَمُهُمْ الصَّلَاةُ إذَا أَدْرَكُوا مِنْ آخِرِ وَقْتِهَا مَا لَا يَسَعُهَا، (وَلَا يَلْزَمُهُمْ إمْسَاكُ بَقِيَّةِ النَّهَارِ فِي الْأَصَحِّ) بِنَاءً عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْقَضَاءِ وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى لُزُومِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ، ذَلِكَ فَبَنَى خِلَافَ الْقَضَاءِ عَلَى خِلَافِ الْإِمْسَاكِ وَقِيلَ مَنْ يُوجِبُ الْإِمْسَاكَ يَكْتَفِي بِهِ وَلَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ، وَمَنْ يُوجِبُ الْقَضَاءَ لَا يُوجِبُ الْإِمْسَاكَ، فَفِيهِمَا حِينَئِذٍ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ يَجِبَانِ لَا يَجِبَانِ يَجِبُ الْقَضَاءُ دُونَ الْإِمْسَاكِ يَجِبُ الْإِمْسَاكُ دُونَ الْقَضَاءِ (وَيَلْزَمُ) أَيْ الْإِمْسَاكُ (مَنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ أَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ) لِأَنَّ نِسْيَانَهُ يُشْعِرُ بِتَرْكِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْعِبَادَةِ فَهُوَ ضَرْبُ تَقْصِيرٍ. (لَا مُسَافِرًا وَمَرِيضًا زَالَ عُذْرُهُمَا بَعْدَ الْفِطْرِ) بِأَنْ أَكَلَا أَيْ لَا يَلْزَمُهُمَا الْإِمْسَاكُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، فَإِنْ أَكَلَا فَلْيُخْفِيَاهُ كَيْ لَا يَتَعَرَّضَا لِلتُّهْمَةِ وَعُقُوبَةِ السُّلْطَانِ. (وَلَوْ زَالَ) عُذْرُهُمَا (قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَا وَلَمْ يَنْوِيَا لَيْلًا فَكَذَا) أَيْ لَا يَلْزَمُهُمَا الْإِمْسَاكُ. (فِي الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ مَنْ أَصْبَحَ تَارِكًا لِلنِّيَّةِ فَقَدْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَكَانَ كَمَا لَوْ أَكَلَ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُمَا الْإِمْسَاكُ حُرْمَةً لِلْيَوْمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ) الْإِمْسَاكُ. (مَنْ أَكَلَ يَوْمَ الشَّكِّ   [حاشية قليوبي] رِدَّةٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجِبُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا يُنْدَبُ فَلَوْ قَضَاهُ لَمْ يَنْعَقِدْ إلَّا يَوْمَ إسْلَامِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ يُنْدَبُ لَهُ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا وَيُنْدَبُ فِي الصَّبِيِّ قَضَاءُ مَا فَاتَ فِي زَمَنِ التَّمْيِيزِ دُونَ غَيْرِهِ وَالْمَجْنُونُ كَالْكَافِرِ فِيمَا ذُكِرَ وَأَوْجَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ الْقَضَاءَ عَلَى الْمَجْنُونِ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اتَّصَلَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِاتِّصَالِ الْجُنُونِ بِالرِّدَّةِ وُقُوعُهُ فِي زَمَنِهَا لَا بَعْدَهَا وَبِاتِّصَالِهِ بِالسُّكْرِ وُقُوعُهُ بَعْدَهُ لَا فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَالْوَاقِعُ فِي زَمَنِ كُلٍّ مِنْهُمَا يَقْضِيهِ وَالْوَاقِعُ بَعْدَهُ فِيهِمَا لَا يَقْضِيهِ، كَإِسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فِي الرِّدَّةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَصْلُ مُسْلِمٍ قَبْلَ رِدَّتِهِ لَمْ يَقْضِ مِنْ زَمَنِ الْجُنُونِ شَيْئًا. قَوْلُهُ (وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: حَتَّى لَوْ جَامَعَ فِيهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ. قَوْلُهُ: (فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ) أَيْ مَنْ بَلَغَ مُفْطِرًا أَوْ أَسْلَمَ أَوْ أَفَاقَ بَلْ يُنْدَبُ لَهُمْ. قَوْلُهُ: (كَمَا تَلْزَمُهُمْ الصَّلَاةُ إلَخْ) وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَوْ شَرَعَ أَحَدُهُمْ فِي الصَّلَاةِ أَمْكَنَهُ أَنْ يُتِمَّهَا وَلَا كَذَلِكَ الصَّوْمُ قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُهُمْ) أَيْ بَلْ يُنْدَبُ لَهُمْ الْإِمْسَاكُ وَفَارَقَ إسْلَامَ الْكَافِرِ مَنْ سَافَرَ لِبَلَدٍ أَهْلُهَا صِيَامٌ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ وَصَارَ مِنْهُمْ. وَيُنْدَبُ إخْفَاءُ الْفِطْرِ عِنْدَ مَنْ جَهِلَ عُذْرَ الْمُفْطِرِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (لَا يَلْزَمُهُمَا) أَيْ قَطْعًا وَفَارَقَ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيمَا بَعْدَهُ بِأَنَّ مَنْ تَعَاطَى الْفِطْرَ لَيْسَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الصَّوْمِ لَوْ كَانَ نَفْلًا. قَوْلُهُ: (مَنْ أَكَلَ) لَيْسَ قَيْدًا وَالْمُرَادُ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ صَائِمًا. قَوْلُهُ: (يَوْمَ الشَّكِّ) الْمُرَادُ   [حاشية عميرة] لِأَنَّهُمَا خُوطِبَا بِالْفِدْيَةِ دُونَ الصَّوْمِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْجُنُونِ) خِلَافًا لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَسْأَلَةِ الْجُنُونِ فَأَوْجَبَ الْقَضَاءَ بِهِ كَالْإِغْمَاءِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِلَا قَضَاءٍ) لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ فَلَوْ جَامَعَ بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَالْقَضَاءُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يُمْكِنُهُمْ صَوْمُهُ) أَيْ فَأَشْبَهَ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ، فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَلْزَمُهُمْ إمْسَاكٌ إلَخْ) فَرْعٌ: يُسَنُّ لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ نِسْيَانَهُ يُشْعِرُ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ الْأَكْلَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِ الْمَعْذُورِ، فَإِنْ فَاتَ الصَّوْمُ بِتَقْصِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ التَّحْرِيمُ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يَلْزَمُهُمَا الْإِمْسَاكُ) لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ كَمَا لَوْ قَصَرَ الْمُسَافِرُ ثُمَّ أَقَامَ وَمِثْلُهُمَا الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إذَا زَالَ عُذْرُهُمَا نَهَارًا بِالْأُولَى. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ) وَكَذَا يُسْتَحَبُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بِطَرِيقِ الْأُولَى قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَظْهَرُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِيمَا حَكَاهُ الْإِسْنَوِيُّ إذَا أَصْبَحَ يَوْمَ الشَّكِّ مُفْطِرًا ثُمَّ ثَبَتَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ فَيَجِبُ إمْسَاكُهُ فِي الْأَظْهَرِ. قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: الْقَوْلَانِ فِيمَا إذَا بَانَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَ الْأَكْلِ، فَإِنْ بَانَ بَعْدَهُ فَطَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ قَطْعًا، وَأَصَحُّهُمَا وَجْهَانِ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا الْوُجُوبُ اهـ. وَبِهَا اعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ حَيْثُ فَرَضَ الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ أَكَلَ مَعَ أَنَّ مَحَلَّهُمَا قَبْلَ الْأَكْلِ قَالَ: وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُفْطِرِ أَيْ فِي عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ الْآكِلُ فَصَرَّحَ بِهِ قَالَ: نَعَمْ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ صَوَابٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى الْقَطْعِ بِالْوُجُوبِ عِنْدَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 ثُمَّ ثَبَتَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ) وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِعُذْرِهِ كَمُسَافِرٍ قَدِمَ بَعْدَ الْأَكْلِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَكْلَ فِي السَّفَرِ مُبَاحٌ مَعَ الْعِلْمِ، بِأَنَّ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ بِخِلَافِ الْأَكْلِ فِي يَوْمِ الشَّكِّ، وَلَوْ بَانَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَ الْأَكْلِ فَحَكَى الْمُتَوَلِّي فِي لُزُومِ الْإِمْسَاكِ الْقَوْلَيْنِ، وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَمَاعَةٌ بِلُزُومِهِ. (وَإِمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ مِنْ خَوَاصِّ رَمَضَانَ بِخِلَافِ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ) فَلَا إمْسَاكَ عَلَى مُتَعَدٍّ بِالْفِطْرِ فِيهِمَا ثُمَّ الْمُمْسِكُ لَيْسَ فِي صَوْمٍ، فَلَوْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى الْإِثْمِ. فَصْلٌ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ فَلَا تَدَارُكَ لَهُ أَيْ لِلْفَائِتِ (وَلَا إثْمَ) بِهِ إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ كَمَرَضٍ اسْتَمَرَّ إلَى الْمَوْتِ (وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْ الْقَضَاءِ وَلَمْ يَقْضِ. (لَمْ يَصُمْ عَنْهُ وَلِيُّهُ فِي الْجَدِيدِ) بَلْ يُخْرِجُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدُّ طَعَامٍ وَفِي الْقَدِيمِ يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ أَيْ يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ عَنْهُ، وَيَجُوزُ لَهُ الْإِطْعَامُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّدَارُكِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ سَوَاءٌ فَاتَ بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِهِ، (وَكَذَا النَّذْرُ وَالْكَفَّارَةُ) فِي   [حاشية قليوبي] بِهِ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَكَّ وَقَضَاؤُهُ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَمَاعَةٌ بِلُزُومِهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (مِنْ خَوَاصِّ رَمَضَانَ) وَذَلِكَ لِأَنَّ وُجُوبَهُ أَصْلِيٌّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ وَلِأَنَّهُ سَيِّدُ الشُّهُورِ وَيَوْمٌ مِنْهُ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ. قَوْلُهُ: (سِوَى الْإِثْمِ) وَيُثَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ وَلَوْ ارْتَكَبَ فِيهِ مَكْرُوهًا كُرِهَ كَالِاسْتِيَاكِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ كَرَاهَتِهِ لَهُ. فَصْلٌ فِي فِدْيَةِ فِطْرِ صَوْمِ رَمَضَانَ قَوْلُهُ: (إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ) قَيْدٌ فِي عَدَمِ التَّدَارُكِ وَعَدَمِ الْإِثْمِ فَمَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ يَجِبُ تَدَارُكُهُ مَعَ الْإِثْمِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقَضَاءِ وَيَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ، وَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ مِنْ تَرِكَتِهِ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِالتَّمَكُّنِ أَنْ يُدْرِكَ زَمَنًا قَابِلًا لِلصَّوْمِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِهِ نَحْوُ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ، وَلَوْ قَبْلَ رَمَضَانَ الثَّانِي خِلَافًا لِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَاتَ) أَيْ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مَعْذُورًا فَصَحَّ التَّعْمِيمُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ) أَيْ إنْ مَاتَ مُسْلِمًا وَإِلَّا   [حاشية عميرة] عَدَمِ الْأَكْلِ قَالَ. فَمَا قَالَهُ فِي الْمِنْهَاجِ صَوَابٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَخَطَأٌ فِي الظَّاهِرِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ عَلَى قَاعِدَةِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِمْسَاكِ تَغْلِيظٌ، وَعُقُوبَةٌ قَدْ تُنْزِلُ الْمُخْطِئَ مَنْزِلَةَ الْعَامِدِ، لِانْتِسَابِهِ إلَى تَرْكِ التَّحَفُّظِ كَمَا فِي حِرْمَانِ الْقَاتِلِ خَطَأً مِنْ الْمِيرَاثِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ خَوَاصِّ رَمَضَانَ) وَذَلِكَ لِأَنَّ وُجُوبَهُ أَصْلِيٌّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) بِخِلَافِ الْمُتِمِّ لِلْحَجِّ الْفَاسِدِ. [فَصْلٌ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ] فَصْلٌ مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ إلَخْ قَوْلُهُ: (فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ) مِنْ صُوَرِهِ عُرُوضُ الْحَيْضِ الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ شَوَّالٍ كَذَلِكَ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ فَاتَ بِعُذْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا تَدَارُكَ لَهُ) كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ. قَوْلُهُ: (إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ إلَخْ) أَمَّا لَوْ فَاتَ بِغَيْرِهِ وَالصُّورَةُ عَدَمُ التَّمَكُّنِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَأْثَمُ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ مِنْ تَرِكَتِهِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ النَّذْرِ، وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الْقَوْلِ الْقَدِيمِ الْآتِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ التَّمَكُّنِ) ذَهَبَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ إلَى عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ إذَا مَاتَ قَبْلَ رَمَضَانَ الثَّانِي، قَالَ: لِأَنَّهُ قَضَاءُ مَوْضِعٍ فِي وَقْتٍ مَحْصُورٍ، وَمَاتَ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَمَنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ اهـ. وَخَالَفَهُ سَائِرُ الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ) يَنْبَغِي إذَا كَانَ وَارِثًا وَلَهُ تَرِكَةٌ أَنْ يَجِبَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ، ثُمَّ الْفِدْيَةُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ فَاتَ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْمُقْسَمَ أَوَّلًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 تَدَارُكِهِمَا الْقَوْلَانِ (قُلْت الْقَدِيمُ هُنَا أَظْهَرُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ وَذَهَبَ إلَى تَصْحِيحِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ تَصْحِيحُ الْجَدِيدِ، وَالْحَدِيثُ الْوَارِدُ بِالْإِطْعَامِ ضَعِيفٌ أَيْ وَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعِمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ الصَّحِيحُ وَقْفُهُ عَلَى رَاوِيهِ، وَمِنْ أَحَادِيثِ الْقَدِيمِ «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَتَأَوَّلَهُ وَنَحْوَهُ الْمُصَحِّحُونَ لِلْجَدِيدِ، بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَفْعَلَ وَلِيُّهُ مَا يَقُومُ مَقَامَ الصِّيَامِ، وَهُوَ الْإِطْعَامُ لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ فِي الْحَيَاةِ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالصَّلَاةِ. (وَالْوَلِيُّ) الَّذِي يَصُومُ عَلَى الْقَدِيمِ (كُلُّ قَرِيبٍ) أَيُّ قَرِيبٍ كَانَ: (عَلَى الْمُخْتَارِ) مِنْ احْتِمَالَاتٍ لِلْإِمَامِ وَهِيَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْوِلَايَةُ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ أَوْ مُطْلَقُ الْقَرَابَةِ أَوْ بِشَرْطِ الْإِرْثِ أَوْ الْعُصُوبَةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِذَا فَحَصْت عَنْ نَظَائِرِهِ وَجَدْت الْأَشْبَهَ اعْتِبَارُ الْإِرْثِ اهـ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِامْرَأَةٍ قَالَتْ لَهُ: إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا صُومِي عَنْ أُمِّك» ، وَهَذَا يُبْطِلُ احْتِمَالَ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالْعُصُوبَةِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَلَوْ صَامَ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) عَلَى الْقَدِيمِ (صَحَّ) بِأُجْرَةٍ أَوْ دُونِهَا كَمَا فِي الْحَجِّ. (لَا مُسْتَقِلًّا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ وَالثَّانِي يَصِحُّ كَمَا يُوَفَّى دَيْنُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ لَمْ يَفْعَلْ) ذَلِكَ. (عَنْهُ) وَلِيُّهُ (وَلَا فِدْيَةَ) لَهُ. (وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَنَّهُ يَفْعَلُهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَفِي رِوَايَةٍ يُطْعِمُ عَنْهُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ بِلَيْلَتِهِ مُدًّا، وَهَذِهِ   [حاشية قليوبي] تَعَيَّنَ الْإِطْعَامُ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ) أَيْ يُنْدَبُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَرَكَهُ وَإِلَّا وَجَبَ. قَوْلُهُ: (وَالْكَفَّارَةُ) وَلَوْ عَنْ يَمِينٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ ظِهَارٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيَجِبُ مِنْهَا مَا تَمَكَّنَ مِنْهُ فَلَوْ مَاتَ بَعْدَ لُزُومِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا لَزِمَ تَدَارُكُهُ الْعَشَرَةَ دُونَ مَا زَادَ، وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ فِي الصَّوْمِ إتْمَامُ كُلِّ يَوْمٍ شَرَعَ فِيهِ لَا غَيْرِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّتَابُعُ فِي كَفَّارَةِ ظِهَارٍ مَثَلًا وَلَا فِي نَذْرٍ شَرَطَ الْمَيِّتُ تَتَابُعَهُ لِانْقِطَاعِهِ بِالْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (كُلُّ قَرِيبٍ) أَيْ بَالِغٍ عَاقِلٍ وَلَوْ رَقِيقًا أَوْ بَعِيدًا وَبِلَا إذْنٍ كَالْحَجِّ الْوَاجِبِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَصِحَّ نِيَابَةُ الرَّقِيقِ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ لَمْ يَصُمْ عَنْهُ قَرِيبٌ وُزِّعَتْ التَّرِكَةُ بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَمَنْ خَصَّهُ شَيْءٌ مِنْهَا لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ أَوْ الصَّوْمُ بَدَلَهُ بِقَدْرِهِ وَلَا بِبَعْضِ يَوْمٍ صَوْمًا وَلَا إطْعَامًا بَلْ يَجْبُرُ الْمُنْكَسِرَ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْأَقَارِبُ فِي الصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ أُجِيبَ مَنْ طَلَبَ الْإِطْعَامَ كَمَا يُجَابُ مَنْ طَلَبَ الْأُجْرَةَ وَيَصُومُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَامَ) أَيْ أَوْ أُطْعِمَ أَجْنَبِيٌّ أَيْ مُكَلَّفٌ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ أَيْ أَوْ الْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ صَحَّ وَكَفَى عَنْ الْمَيِّتِ. قَوْلُهُ: (لَا مُسْتَقِلًّا) وَفَارَقَ صِحَّةَ الْحَجِّ الْوَاجِبِ عَنْهُ لِوُجُودِ النِّيَابَةِ فِيهِ فِي الْحَيَاةِ نَعَمْ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا أَوْ لَمْ يَأْذَنْ كَفَى إذْنُ الْحَاكِمِ لِلْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلٌ) وَفِي الصَّلَاةِ قَوْلٌ أَيْضًا وَفِيهَا وَجْهٌ أَنَّهُ يُطْعِمُ عَنْهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مُدٌّ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَهَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ   [حاشية عميرة] مَفْرُوضٌ فِي الْفَائِتِ بِعُذْرٍ لِقَوْلِهِ: وَلَا إثْمَ فَلَا تَشْمَلُ الْعِبَارَةُ الْفَائِتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ هَذَا مُحَصَّلُ إشْكَالِ الْإِسْنَوِيِّ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُقْسَمَ أَعَمُّ، وَلَكِنَّ الْحُكْمَ الَّذِي فِي جَزَاءِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ مُقَيَّدٌ بِحَالَةِ الْعُذْرِ بِدَلَالَةِ نَفْيِ الْإِثْمِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَقْيِيدُ الشَّرْطِ بِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْكَفَّارَةُ) أَيْ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ، لِأَنَّهُ لَا إطْعَامَ فِيهَا بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَوِقَاعِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ بِالْمَوْتِ يَعْجِزُ عَنْ الصِّيَامِ فَيَنْتَقِلُ إلَى إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا مِنْ غَيْرِ صَوْمٍ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَظْهَرُ) نُوزِعَ فِي هَذَا بِأَنَّ الصَّحِيحَ فِي الْمَذْهَبِ مَنْعُ الصِّيَامِ بَلْ الْمَعْرُوفُ الْقَطْعُ بِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ، وُضُوءُ الْمُسْلِمِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ «صُومِي عَنْ أُمِّك» بِمَعْنَى أَطْعِمِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمُخْتَارِ) وَجْهُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْوَلِيَّ مِنْ الْوَلْيِ، وَهُوَ الْقُرْبُ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى هُنَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ. فَرْعٌ: يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ الْبُلُوغُ فِيمَنْ يَصُومُ، قَالُوا فِي الْحَجِّ: لَا يَجُوزُ اسْتِنَابَةُ صَبِيٍّ وَلَا عَبْدٍ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِإِذْنِ الْوَلِيِّ) الْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ عَنْ الْحَيِّ هَلْ يَجُوزُ كَالْمَيِّتِ أَمْ يَمْتَنِعُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ؟ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا مُسْتَقِلًّا) يُشْكِلُ عَلَيْهِ صِحَّتُهُ فِي الْحَجِّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْحَجَّ عُهِدَ فِيهِ النِّيَابَةُ فِي الْحَيَاةِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَانْظُرْ هَلْ إطْعَامُ الْأَجْنَبِيِّ كَصَوْمِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الِاعْتِكَافِ قَوْلٌ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا كَفٌّ. قَوْلُهُ: (عَنْ كُلِّ يَوْمٍ بِلَيْلَتِهِ) كَذَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَاسْتَشْكَلَهُ وَلَدُهُ فَإِنَّ كُلَّ لَحْظَةٍ عِبَادَةٌ تَامَّةٌ، فَإِنْ قِيسَ عَلَى الصَّوْمِ فَاللَّيْلُ خَارِجٌ عَنْ الِاعْتِبَارِ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قِيلَ فِي الِاعْتِكَافِ. قَالَ الْبَغَوِيّ: جَازَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 الْمَسَائِلُ ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ، وَقَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ أَيْ عَنْ الشَّافِعِيِّ (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُدِّ) لِكُلِّ يَوْمٍ. (عَلَى مَنْ أَفْطَرَ) فِي رَمَضَانَ. (لِلْكِبَرِ) بِأَنْ لَمْ يُطِقْ الصَّوْمَ وَكَذَا مَنْ لَا يُطِيقُهُ لِمَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ. قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] الْمُرَادُ لَا يُطِيقُونَهُ وَالثَّانِي يَقُولُ لَا تَقْدِيرَ لِتَخْيِيرِهِمْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِدْيَةِ، ثُمَّ نُسِخَ بِتَعَيُّنِ الصَّوْمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَعْسَرَ بِالْفِدْيَةِ فَفِي اسْتِقْرَارِهَا فِي ذِمَّتِهِ الْقَوْلَانِ فِي الْكَفَّارَةِ أَظْهَرُهُمَا فِيهَا الِاسْتِقْرَارُ كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يَنْبَغِي هُنَا تَصْحِيحُ السُّقُوطِ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ لَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَةٍ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ (وَأَمَّا الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ فَإِنْ أَفْطَرَتَا خَوْفًا) مِنْ الصَّوْمِ. (عَلَى نَفْسِهِمَا) وَحْدَهُمَا أَوْ مَعَ وَلَدَيْهِمَا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَجَبَ) عَلَيْهِمَا (الْقَضَاءُ بِلَا فِدْيَةٍ) كَالْمَرِيضِ. (أَوْ) (عَلَى الْوَلَدِ) أَيْ وَلَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا (لَزِمَتْهُمَا) مَعَ الْقَضَاءِ (الْفِدْيَةُ فِي الْأَظْهَرِ) أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّهَا بَاقِيَةٌ بِلَا نَسْخٍ فِي حَقِّهِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُمَا كَالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ، لِأَنَّ الْوَلَدَ جُزْءٌ مِنْهُمَا، وَالثَّالِثُ يَلْزَمُ الْمُرْضِعَ لِانْفِصَالِ الْوَلَدِ عَنْهَا دُونَ الْحَامِلِ، وَسَكَتَ عَنْ إبَاحَةِ الْفِطْرِ لَهُمَا، وَعَنْ الضَّرَرِ الْمَخُوفِ لِلْعِلْمِ بِهِمَا مِنْ الْمَرَضِ، وَهَلْ تُفْطِرُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِإِرْضَاعِ غَيْرِ وَلَدِهَا قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْفَتَاوَى: لَا وَقَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ: نَعَمْ وَتَفْدِي وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْحَقُ   [حاشية قليوبي] تَقْلِيدُهُ لِأَنَّهُ مِنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ نَعَمْ يُصَلِّي أَجِيرًا لِحَجٍّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. وَكَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ مُعْتَكِفًا. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُصَامُ عَنْ حَيٍّ وَإِنْ عَجَزَ لِهَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَهَلْ يَتَصَدَّقُ عَنْهُ أَوْ يَعْتِقُ عَنْهُ؟ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ الْمُدِّ) أَيْ لَا عَلَى الْفَوْرِ كَمَا قَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا، قَالَ: فَلَوْ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَصَامَ أَجْزَأَهُ وَلَا فِدْيَةَ وَلِوَلِيِّهِ إذَا مَاتَ أَنْ يَصُومَ وَأَنْ يُطْعِمَ، وَلَوْ قَدَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ عَلَى الصَّوْمِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ فَالْوَجْهُ تَعَيُّنُ الصَّوْمِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ شَيْخُنَا: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْإِخْرَاجِ أَوْ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَقَعَ الْمَوْقِعُ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ: إنَّ الصَّوْمَ وَاجِبٌ ابْتِدَاءً وَلَا الْفِدْيَةُ كَذَلِكَ، وَإِنْ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِيَ. قَوْلُهُ: (لِكُلِّ يَوْمٍ) وَلَهُ إخْرَاجُهُ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَتِهِ وَلَا يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ. قَوْلُهُ: (فِي رَمَضَانَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَالرَّافِعِيِّ: وَمِثْلُهُ النَّذْرُ وَالْقَضَاءُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ يُطِقْ الصَّوْمَ) أَيْ فِي زَمَنٍ أَصْلًا فَإِنْ أَطَاقَهُ فِي زَمَنٍ وَجَبَ قَدْرَ إطَاقَتِهِ، وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِرَمَضَانَ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَغَيْرُهُ مِثْلُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهُمَا فِيهَا الِاسْتِقْرَارُ) وَكَذَا هُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ . قَوْلُهُ: (الْحَامِلُ) وَلَوْ مِنْ زِنًى أَوْ بِغَيْرِ آدَمِيٍّ. وَكَذَا الْمُرْضِعُ وَلَوْ لِكَلْبٍ مُحْتَرَمٍ. وَفِي كَلَامِهِ تَغْلِيبُ الْوَلَدِ عَلَى الْحَمْلِ وَالْكُلِّيَّةُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ يُرَادُ بِهَا مُقَابَلَةُ الْمُثَنَّى بِالْمُثَنَّى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَزِمَتْهُمَا مَعَ الْقَضَاءِ الْفِدْيَةُ) وَهِيَ مُدٌّ لِكُلِّ يَوْمٍ وَلَا تَتَعَدَّدُ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْوَلَدُ. وَلَا يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا مَرَّ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَى مُتَحَيِّرَةٍ إلَّا لِزَمَنٍ تَتَحَقَّقُ فِيهِ عَدَمُ الْحَيْضِ كَأَنْ زَادَ فِطْرُهَا عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَتَخْرُجُ لِلزَّائِدِ أَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا فِيهِ الطُّهْرَ قَبْلَ التَّحَيُّرِ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَى مُسَافِرَةٍ أَفْطَرَتْ لِلسَّفَرِ لَا لِلْوَلَدِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (فِي حَقِّهِمَا) فَتَقْدِيرُ لَا فِي الْآيَةِ كَمَا سَبَقَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا فَلَا مُنَافَاةَ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْعِلْمِ بِهِمَا مِنْ الْمَرَضِ) أَيْ فَيَجِبُ عِنْدَ خَوْفِ ضَرَرٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ نَعَمْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بَلْ لَوْ كَانَتْ مُتَبَرِّعَةً وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا أَوْ كَانَ   [حاشية عميرة] أَنْ يَخْرُجَ فِي الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلرَّافِعِيِّ مِنْ قَوْلِهِ ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمُدِّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فَقِيرًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهَا تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ. قَوْلُهُ: (فِي رَمَضَانَ) جَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ مِثْلَهُ النَّذْرَ وَالْقَضَاءَ وَنَقَلَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ. قَوْلُهُ: (لِتَخْيِيرِهِمْ) يَرْجِعُ لِلَّذِينَ مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ أَفْطَرَتَا خَوْفًا) الْخَوْفُ هُنَا كَالتَّيَمُّمِ. قَوْلُهُ: (أَيْ وَلَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ. قَوْلُهُ: (مَعَ الْقَضَاءِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَمَنْ أَفْطَرَ لِلْكِبَرِ حَيْثُ لَا يَجِبُ إلَّا أَمْرٌ وَاحِدٌ الْقَضَاءُ أَوْ الْفِدْيَةُ، أَنَّ هَذَا الْفِطْرَ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ، فَكَذَا وَاجِبُهُ أَمْرَانِ. قَوْلُهُ: (أَخْذًا إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ الِاسْتِدْلَال بِهَذَا فَرْعٌ عَنْ عَدَمِ تَقْدِيرِ لَا، وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَا فِيمَا مَضَى عَلَى وُجُوبِ الْمُدِّ فِي حَقِّ الْكَبِيرِ، وَالْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَذَلِكَ فَرْعٌ عَنْ تَقْدِيرِ لَا كَمَا سَلَفَ، وَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ النَّفْيِ تَارَةً وَالْإِثْبَاتِ أُخْرَى فِي الْآيَةِ الْوَاحِدَةِ. قَوْلُهُ: (وَهَلْ تُفْطِرُ الْمُسْتَأْجَرَةُ إلَخْ) وَكَذَا الْمُتَبَرِّعَةُ بِالْإِرْضَاعِ تُفْطِرُ وَيَلْزَمُهَا الْقَضَاءُ وَالْفِدْيَةُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ إلَخْ) أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِعَدَمِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُسْتَأْجَرَةِ إذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 بِالْمُرْضِعِ) فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ فِي الْأَظْهَرِ مَعَ الْقَضَاءِ. (مَنْ أَفْطَرَ لِإِنْقَاذِ مُشْرِفٍ عَلَى هَلَاكٍ) بِغَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ فِطْرٌ ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ كَمَا فِي الْمُرْضِعِ، وَالثَّانِي لَا يَلْحَقُ بِهَا فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ جَزْمًا، لِأَنَّ لُزُومَهَا مَعَ الْقَضَاءِ بَعِيدٌ عَنْ الْقِيَاسِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الْمُحْتَاجِ فِي إنْقَاذِ الْمَذْكُورِ إلَى الْفِطْرِ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا (لَا الْمُتَعَدِّي بِفِطْرِ رَمَضَانَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ) فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِالْمُرْضِعِ فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ مَعَ الْقَضَاءِ فِي الْأَصَحِّ فَلَا تَلْزَمُهُ جَزْمًا، لِأَنَّ فِطْرَهَا ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ بِخِلَافِ فِطْرِهِ، وَالثَّانِي يَلْحَقُ بِهَا فِي اللُّزُومِ مِنْ بَابِ أَوْلَى لِتَعَدِّيهِ. (وَمَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ مَعَ إسْكَانِهِ) بِأَنْ كَانَ مُقِيمًا صَحِيحًا. (حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ لَزِمَهُ مَعَ الْقَضَاءِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ) وَأَثِمَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُدُّ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ رَمَضَانَ، رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ   [حاشية قليوبي] الْوَلَدُ غَيْرَ آدَمِيٍّ وَلَوْ كَلْبًا أَوْ مِنْ زِنًى جَازَ لَهَا الْفِطْرُ مَعَ الْفِدْيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا وَهَذَا فِي الْحُرَّةِ أَمَّا الْأَمَةُ فَتَبْقَى الْفِدْيَةُ فِي ذِمَّتِهَا إلَّا أَنْ تَعْتِقَ، وَلَا يَصُومُ عَنْهَا قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ. وَلِلْمُسْتَأْجِرِ لِلْإِرْضَاعِ الْخِيَارُ إذَا امْتَنَعَتْ عَنْ الْفِطْرِ. قَوْلُهُ: (مُشْرِفٍ) أَيْ مِنْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ بِخِلَافِ الْمَالِ فَيَجُوزُ الْفِطْرُ وَلَا فِدْيَةَ. وَفِي الْمُتَحَيِّرَةِ وَالْمُسَافِرَةِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى هَلَاكٍ) أَيْ تَلَفٍ لِشَيْءٍ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ أَوْ مَنْفَعَةِ ذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (ارْتَفَقَ بِهِ شَخْصَانِ) هُمَا الْغَرِيقُ وَالْمُفْطِرُ وَارْتِفَاقُ الْمُفْطِرِ تَابِعٌ لِارْتِفَاقِ الْغَرِيقِ كَمَا فِي الْمُرْضِعِ وَتَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّةِ الْحَامِلِ أَوْ الْمُرْضِعِ أَوْ الْمُنْقَذِ لِإِعْسَارٍ أَوْ رِقٍّ إلَى الْيَسَارِ بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (جَزْمًا) فِيهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ تَأَمَّلْ فَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (لِتَعَدِّيهِ) يُرَدُّ بِمَا قَالَهُ الْأَوَّلُ إنَّهُ لَيْسَ اعْتِبَارُ الْكَفَّارَةِ لِأَجْلِ التَّعَدِّي وَإِنَّمَا هُوَ لِحِكْمَةٍ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الرِّدَّةَ فِيهِ أَفْحَشُ مِنْ الْجِمَاعِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَخَّرَ) أَيْ مِنْ الْأَحْرَارِ أَمَّا الرَّقِيقُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَتَقَ إلَّا إنْ أَخَّرَ بَعْدَ عِتْقِهِ. كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَهُوَ مُقْتَضَى اعْتِبَارِ الْيَسَارِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ فَرَاجِعْهُ مَعَ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (رَمَضَانَ) أَيْ لَا غَيْرِهِ وَلَوْ وَاجِبًا وَإِنْ أَثِمَ. قَوْلُهُ: (مُقِيمًا صَحِيحًا) أَيْ زَمَنًا يَسَعُ قَضَاءَ مَا عَلَيْهِ فَإِنْ وَسِعَ بَعْضَهُ لَزِمَهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ لَا مَا زَادَ قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَ فِطْرُهُ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ الْعُظْمَى كَالْجِمَاعِ لَمْ يَلْزَمْهُ فِدْيَةٌ بِالتَّأْخِيرِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِوَالِدِهِ وَاعْتَمَدَهُ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ نَظَرًا إلَى اخْتِلَافِ الْمُوجِبِ مَعَ أَنَّ التَّأْخِيرَ طَارِئٌ بَعْدَ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَأَثِمَ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ أَخَّرَهُ عَامِدًا عَالِمًا فَلَا فِدْيَةَ عَلَى نَاسٍ أَوْ جَاهِلٍ وَلَوْ لِمَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُوسِرًا أَيْضًا. قَالَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ: بِمَا فِي الْفِطْرَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُعْتَبَرُ يَسَارُهُ بِذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى كِفَايَةِ مَمُونِهِ الْعُمْرَ الْغَالِبَ لِأَنَّهُ كَفَّارَةٌ، وَهَلْ الْمُعْتَبَرُ يَسَارُهُ بِذَلِكَ فِي يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ أَوْ فِي جَمِيعِهَا كَمَا مَرَّ أَوْ فِي قَدْرِ مَا عَلَيْهِ وَهَلْ إذَا أَعْسَرَ تَسْقُطُ عَنْهُ أَوْ تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ حَرِّرْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِمُجَرَّدِ دُخُولِ رَمَضَانَ) وَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَضَاءُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْآتِي تَأْخِيرُ الْفِدْيَةِ عَنْ الْقَضَاءِ وَلَيْسَ مُعْتَبَرًا وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ فَإِنْ أَيِسَ مِنْ الْقَضَاءِ كَمَنْ عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَأَخَّرَ حَتَّى بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ خَمْسَةُ أَيَّامٍ مَثَلًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْخَمْسَةِ الَّتِي تَحَقَّقَ فَوَاتُهَا سَوَاءٌ مَاتَ أَوْ لَا. وَفِي الرَّوْضَةِ اللُّزُومُ فِي   [حاشية عميرة] امْتَنَعَتْ مِنْ الْفِطْر. قَوْلُهُ: (وَتَفْدِي) الْأَمَةُ الْمُرْضِعَةُ إذَا أَفْطَرَتْ تَبْقَى الْفِدْيَةُ فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تَعْتِقَ وَلَا تَصُومُ عَنْ الْفِدْيَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْ أَفْطَرَ لِإِنْقَاذِ مُشْرِفٍ إلَخْ) إنْذَارُ الْأَعْمَى فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ فِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَكْلُ لِلْإِنْقَاذِ يُفْطِرُ بِهِ قَطْعًا فَمَا الْفَرْقُ قِيلَ مُنَافَاةُ الْأَكْلِ لِلصَّوْمِ اهـ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ جَزْمًا) أَيْ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى وَجْهِ الْإِلْحَاقِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ تَعْبِيرَ الصِّنْفِ بَعِيدٌ لِجَرَيَانِ الطَّرِيقَيْنِ فِي الْمُتَعَدِّي كَالْمُتَعَدِّي بِغَيْرِهِ، وَلَكِنَّ التَّصْحِيحَ مُتَعَاكِسٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ) يُرِيدُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ جَابِرَةٌ فَلَا تَلِيقُ بِالْمُتَعَدِّي، وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الْفِدْيَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ بِالْإِثْمِ، وَإِنَّمَا هِيَ حِكْمَةٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الرِّدَّةَ فِي الصَّوْمِ أَفْحَشُ مِنْ الْجِمَاعِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا هَذَا، وَلَكِنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ، وَمَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي. قَوْلُهُ: (مُقِيمًا صَحِيحًا) أَيْ فَالْمَرَضُ وَالسَّفَرُ لَا إمْكَانَ مَعَهُمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْمُؤَخِّرَ يَأْثَمُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ بِعُذْرٍ لِأَنَّ الصَّوْمَ يَلْقَاهُ وَقْتٌ لَا يَقْبَلُهُ، وَهُوَ رَمَضَانُ الْآتِي بِخِلَافِ الصَّلَاةِ. كَذَا قَالُوا وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى لَقْيِ الْعِيدِ الْكَبِيرِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَذَلِكَ يَرُدُّ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ إلَّا أَنْ يَعْتَذِرَ بِطُولِ زَمَنِ رَمَضَانَ، فَرُبَّمَا مَاتَ أَوْ عَرَضَ عَارِضٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِكُلِّ يَوْمٍ مُدُّ) هَذِهِ الْفِدْيَةُ لِلتَّأْخِيرِ وَفِدْيَةُ الْمُرْضِعِ وَنَحْوِهَا لِفَضِيلَةِ الْوَقْتِ وَفِدْيَةُ الْهَرِمِ لِأَصْلِ الصَّوْمِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ فَأَفْطَرَ لِمَرَضٍ ثُمَّ صَحَّ، وَلَمْ يَقْضِهِ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ صَامَ الَّذِي أَدْرَكَهُ، ثُمَّ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ ثُمَّ يُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» وَضَعَّفَاهُ قَالَا: وَرَوَى مَوْقُوفًا عَلَى رَاوِيهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَمَّا مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقَضَاءُ، بِأَنْ اسْتَمَرَّ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالتَّأْخِيرِ، لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْأَدَاءِ بِهَذَا الْعُذْرِ جَائِزٌ فَتَأْخِيرُ الْقَضَاءِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ. (وَالْأَصَحُّ تَكَرُّرُهُ) أَيْ الْمُدِّ. (بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ) وَالثَّانِي لَا يَتَكَرَّرُ أَيْ يَكْفِي الْمُدُّ عَنْ كُلِّ السِّنِينَ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ مَعَ إمْكَانِهِ فَمَاتَ أَخْرَجَ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدَّانِ مُدٌّ لِلْفَوَاتِ) عَلَى الْجَدِيدِ. (وَمُدٌّ لِلتَّأْخِيرِ) وَالثَّانِي يَكْفِي مُدٌّ وَهُوَ لِلْفَوَاتِ وَيَسْقُطُ مُدُّ التَّأْخِيرِ، وَعَلَى الْقَدِيمِ يَصُومُ عَنْهُ الْوَلِيُّ وَيُخْرِجُ مُدَّ التَّأْخِيرِ (وَمَصْرِفُ الْفِدْيَةِ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ) خَاصَّةً لِأَنَّ الْمِسْكِينَ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ وَالْفَقِيرُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ. (وَلَهُ صَرْفُ أَمْدَادٍ) مِنْهَا (إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ) وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ مُدٍّ مِنْهَا إلَى شَخْصَيْنِ. (وَجِنْسُهَا جِنْسُ الْفِطْرَةِ) فَيُعْتَبَرُ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا يُجْزِئُ الدَّقِيقُ وَالسَّوِيقُ كَمَا سَبَقَ   [حاشية قليوبي] الْمَيِّتِ دُونَ الْحَيِّ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ فَيَلْزَمُ عَنْ الْمَيِّتِ خَمْسَةَ عَشَرَ مُدًّا بِخِلَافِ الْحَيِّ، لِأَنَّهُ نَظِيرُ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَتَلِفَ قَبْلَهُ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ بِاللُّزُومِ كَالْمَوْتِ وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ الْحَلِفِ بِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ الْغَدِ فَرَاجِعْهُ. وَخَرَجَ بِرَمَضَانَ غَيْرُهُ كَشَعْبَانَ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَهُ وَعُلِمَ مِنْ النَّصِّ هُنَا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّأْخِيرِ عَنْ رَمَضَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ فَاتَهُ صَلَاةٌ بِعُذْرٍ. قَوْلُهُ: (مُسَافِرًا) أَوْ مَرِيضًا أَوْ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا. فَلَوْ أَطْلَقَ الْعُذْرَ لَشَمَلَ ذَلِكَ وَغَيْرَهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ اللُّزُومِ وَلَوْ لِمَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ. قَوْلُهُ: (بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ) أَيْ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْإِمْكَانُ بِجَمِيعِ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ. فَلَا يَلْزَمُهُ لِعَامٍ عَجَزَ فِيهِ كَمَا مَرَّ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَنَقَلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَكْفِي تَمَكُّنُهُ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ. وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَى نَحْوِ الْهَرِمِ بِتَأْخِيرِ الْفِدْيَةِ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِيهِ وَلَا عَلَى مُدِيمِ السَّفَرِ لِاسْتِمْرَارِ عُذْرِهِ كَمَا مَرَّ. فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: لَوْ عَزَمَ عَلَى تَأْخِيرِ الْقَضَاءِ قَبْلَ رَمَضَانَ وَأَخْرَجَ الْفِدْيَةَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَخْرُجُ مُدُّ التَّأْخِيرِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُ الْوَلِيِّ عَنْ مُدِّ التَّأْخِيرِ كَمَا لَا يَكْفِي صَوْمُ الَّذِي أَخَّرَ عَنْهُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (خَاصَّةً) أَيْ لَا غَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ صَرْفُ أَمْدَادٍ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَمْدَادَ بَدَلٌ عَنْ أَيَّامِ الصَّوْمِ وَهُوَ يَصِحُّ فِيهِ أَنْ يَصُومَ الْوَاحِدُ أَيَّامًا مُتَعَدِّدَةً عَنْ الْمُكَفِّرِ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الْقَدِيمِ الرَّاجِحِ وَفِي حَيَاتِهِ لَوْ قِيلَ بِهِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الزَّكَاةَ وَلَيْسَتْ الْأَمْدَادُ فِي الْحَيِّ فِي الْكَفَّارَةِ بَدَلًا عَنْ الْأَيَّامِ لِأَنَّهَا خَصْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَمْ يَجْرِ فِيهَا مَا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ هَذَا، فَإِنَّهُ يُغْنِيك عَمَّا أَطَالُوا بِهِ هُنَا فِي الْجَوَابِ مِمَّا لَا يُجْدِي نَفْعًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ مُدْمِنِهَا إلَى شَخْصَيْنِ) وَكَذَا لَا يَجُوزُ صَرْفُ ثَلَاثَةِ أَمْدَادٍ إلَى شَخْصَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ مُدٍّ بَدَلُ صَوْمِ يَوْمٍ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا وُجُوبُ بَعْضِ مُدٍّ. وَبِذَلِكَ فَارَقَ فِدْيَةَ نَحْوِ الْأَذَى فِي الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (وَجِنْسُهَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُعْتَبَرُ فَضْلُهَا أَيْضًا عَلَى مَا فِي الْفِطْرَةِ وَمُقْتَضَاهُ سُقُوطُهَا مَعَ الْإِعْسَارِ وَيُخَالِفُهُ قَوْلُهُمْ إنَّهَا تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ إلَّا أَنْ يُرَادَ سُقُوطُ إخْرَاجِهَا حَالًا وَمَا ذُكِرَ مِنْ إعْسَارِ الْفِطْرَةِ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ إعْسَارِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ فَرَاجِعْهُ. وَهَلْ مُدُّ التَّأْخِيرِ مِثْلُهَا أَوْ أَنَّهُ يَسْقُطُ؟ وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ السُّقُوطِ هُنَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي أَقْرَبُ.   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ: مَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ يَحْرُمُ تَأْخِيرُهُ بِالسَّفَرِ كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَأَقَرَّهُ وَإِذَا كَانَ حَرَامًا فَتَجِبُ الْفِدْيَةُ، وَلَوْ اسْتَمَرَّ عُذْرُ السَّفَرِ وَخَالَفَ فِي تَحْرِيمِهِ مَعَ السَّفَرِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ كَصَاحِبِ التَّتِمَّةِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ تَكَرُّرُهُ) أَيْ لِأَنَّ الْحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ لَا تَتَدَاخَلُ، وَوَجْهُ الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى الْحُدُودِ. فَرْعٌ: لَوْ أَخْرَجَ الْفِدْيَةَ ثُمَّ أَخَّرَ تَكَرَّرَتْ بِلَا خِلَافٍ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَجَزَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا قَوْلُهُ: (أَخْرَجَ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدَّانِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ السِّنِينَ الْمَذْكُورَةِ مُوجِبٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) أَيْ كَمَا فِي الشَّيْخِ الْهَرِمِ فَإِنَّهُ لَا تَكْرِيرَ فِي حَقِّهِ. قَوْلُهُ: (يَصُومُ عَنْهُ الْوَلِيُّ وَيُخْرِجُ إلَخْ) أَيْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 فَصْلٌ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَسَتَأْتِي. (بِإِفْسَادِ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ) فَهَذِهِ خَمْسَةُ قُيُودٍ تَنْتَفِي الْكَفَّارَةُ بِانْتِفَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَمَا قَالَ: (فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى نَاسٍ) لِأَنَّ جِمَاعَهُ لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ قُلْنَا يُفْسِدُهُ فَقِيلَ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِانْتِسَابِهِ إلَى التَّقْصِيرِ، وَالْأَصَحُّ لَا تَجِبُ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ الْإِثْمَ (وَلَا مُفْسِدَ غَيْرُ رَمَضَانَ) مِنْ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ كَفَّارَةٍ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي رَمَضَانَ كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِفَضَائِلَ لَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِيهَا. (أَوْ) مُفْسِدُ رَمَضَانَ. (بِغَيْرِ الْجِمَاعِ) كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالِاسْتِمْنَاءِ وَالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ الْمُفْضِيَةِ إلَى الْإِنْزَالِ، لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي الْجِمَاعِ وَمَا عَدَاهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ. (وَلَا) عَلَى (مُسَافِرٍ) صَائِمٍ (جَامَعَ بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ (وَكَذَا بِغَيْرِهَا) وَإِنْ قُلْنَا يَأْثَمُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْإِفْطَارَ مُبَاحٌ لَهُ فَيَصِيرُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْكَفَّارَةِ، وَهَذَا دَافِعٌ لِقَوْلِ الثَّانِي تَلْزَمُهُ لِإِثْمِهِ فَإِنَّ الرُّخْصَةَ لَا تُبَاحُ بِدُونِ قَصْدِهَا وَالْمَرِيضُ كَالْمُسَافِرِ فِيمَا ذُكِرَ. (وَلَا عَلَى مَنْ ظَنَّ اللَّيْلَ) وَقْتَ الْجِمَاعِ (فَبَانَ نَهَارًا) لِعَدَمِ إثْمِهِ قَالَ الْإِمَامُ: وَمَنْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ بِجِمَاعِ النَّاسِي يُوجِبُهَا هُنَا لِلتَّقْصِيرِ فِي الْبَحْثِ، وَلَوْ ظَنَّ غُرُوبَ   [حاشية قليوبي] [فَصْلٌ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ] فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْكَفَّارَةِ الْعُظْمَى وَكَذَا الْفِطْرُ الَّذِي تَلْزَمُ فِيهِ قَوْلُهُ: (مِنْ رَمَضَانَ) أَيْ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا بِخَبَرِ عَدْلٍ أَوْ خَبَرِ مَنْ وَثِقَ بِهِ أَوْ صَدَّقَهُ كَمَا مَرَّ نَعَمْ لَوْ ظَنَّهُ بِاجْتِهَادٍ أَوْ شَكٍّ هَلْ نَوَى لَيْلًا فَجَامَعَ فَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ نَوَى. قَوْلُهُ: (بِجِمَاعٍ) وَلَوْ فِي دُبُرٍ أَوْ لِبَهِيمَةٍ أَوْ لِمَيِّتٍ أَوْ فَرْجٍ مُبَانٍ حَيْثُ بَقِيَ اسْمُهُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ قَوْلُهُ: (فَهَذِهِ خَمْسَةُ قُيُودٍ) خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِكَوْنِ الْمُصَنِّفِ نَصَّ عَلَى مُحْتَرَزَاتِهَا وَإِلَّا فَهِيَ أَكْثَرُ لِأَنَّهَا عَشَرَةُ قُيُودٍ بَلْ أَحَدَ عَشَرَ إذْ الْإِفْسَادُ قَيْدٌ يَخْرُجُ بِهِ مَا لَوْ عَلَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَنْزَلَ. وَالصَّوْمُ قَيْدٌ يَخْرُجُ بِهِ إفْسَادُ نَحْوِ صَلَاةٍ وَاعْتِكَافٍ وَالْيَوْمُ قَيْدٌ يَخْرُجُ بِهِ بَعْضُ الْيَوْمِ كَمَا سَيَأْتِي وَزَادَ فِي الْمَنْهَجِ ضَمِيرًا مُتَّصِلًا بِصَوْمٍ أَيْ صَوْمِ نَفْسِهِ وَأَخْرَجَ بِهِ مَنْ أَفْسَدَ صَوْمَ غَيْرِهِ كَمُسَافِرٍ مُفْطِرٍ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَأَفْسَدَ صَوْمَهَا لَكِنْ هَذِهِ قَدْ تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ. وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الزَّوْجِ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي وَزَادَ أَيْضًا عَدَمَ الشُّبْهَةِ وَأَخْرَجَ بِهِ مَنْ ظَنَّ دُخُولَ اللَّيْلِ بِلَا اجْتِهَادٍ أَوْ شَكٍّ فِيهِ وَجَامَعَ فَبَانَ بَقَاءُ النَّهَارِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْجِمَاعَ بِكَوْنِهِ وَحْدَهُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ أَفْسَدَهُ بِجِمَاعٍ وَغَيْرِهِ كَأَكْلٍ مَعًا فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ كَمَا فِي خَوْفِ الْحَامِلِ عَلَى نَفْسِهَا مَعَ الْحَمْلِ. قَوْلُهُ: (كَالْأَكْلِ) وَلَوْ مَعَ الْجِمَاعِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (مُبَاحٌ) أَيْ فِي نَفْسِهِ وَإِثْمِهِ إذَا لَمْ يَنْوِ التَّرَخُّصَ لِعَدَمِ النِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا لِأَجْلِ الصَّوْمِ فَهُوَ مِنْ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ لِلصَّوْمِ كَمَا فَعَلَ فِي الْمَنْهَجِ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ: فَيَصِيرُ شُبْهَةً إلَخْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ مُضِرٌّ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرِيضُ كَالْمُسَافِرِ) وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ لِعَدَمِ إثْمِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا عَلَى مَنْ ظَنَّ) أَيْ بِاجْتِهَادٍ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ظَنَّ غُرُوبَ الشَّمْسِ) أَيْ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ فَالْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ الشَّكَّ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا بَعْدَهُ.   [حاشية عميرة] فَصْلٌ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ إلَخْ أَيْ وَكَذَا التَّعْزِيرُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِإِفْسَادِ صَوْمٍ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ تَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِجِمَاعٍ) قَيَّدَهُ الْغَزَالِيُّ بِتَامٍّ لِيُخْرِجَ الْمَرْأَةَ وَرَدَّ بِأَنَّهَا تُفْطِرُ بِبَعْضِ الْحَشَفَةِ وَلَا يُسَمَّى جِمَاعًا قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى نَاسٍ) لَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ فَأَمَرْنَاهُ بِالْإِمْسَاكِ، فَجَامَعَ فَلَا كَفَّارَةَ قَطْعًا لَكِنَّ قِيَاسَ مَنْ قَالَ: الْإِمْسَاكُ صَوْمٌ شَرْعِيٌّ وُجُوبُهَا، وَمِثْلُ النَّاسِي الْمُكْرَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ لَا تَجِبُ) أَيْ فَهُوَ خَارِجٌ بِهَذَا إنْ قُلْنَا يَفْسُدُ وَبِالْأَوَّلِ إنْ قُلْنَا لَا يَفْسُدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَضَاءٍ) وَقِيلَ: تَجِبُ فِي هَذَا الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى، وَهُوَ الْمُدُّ لِكُلِّ يَوْمٍ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِفَضَائِلَ) لِأَنَّهُ أَفْضَلُ الشُّهُورِ كَمَا سَلَفَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْإِفْطَارَ مُبَاحٌ لَهُ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ لَا فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْحَالَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الرُّخْصَةَ إلَخْ) وَذَلِكَ يَجْرِي فِي تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إلَى الْعَصْرِ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْجَمْعِ، فَإِنَّهُ حَرَامٌ وَلَا جَمْعَ بَلْ يَكُونُ قَضَاءً، وَاعْلَمْ أَنَّا إذَا قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ يَكُونُ ذَلِكَ وَارِدًا عَلَى الضَّابِطِ، لَكِنَّ التَّنْصِيصَ عَلَيْهَا سَهْلُ الْإِيرَادِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ظَنَّ) عِبَارَةُ التَّهْذِيبِ وَلَوْ شَكَّ، وَكَأَنَّ الشَّيْخَيْنِ عَدَلَا عَنْهَا لِقَوْلِهِمْ فَبَانَ خِلَافُهُ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ مُجَرَّدَ الشَّكِّ يُحَرِّمُ الْجِمَاعَ، وَيُفْسِدُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 الشَّمْسِ فَجَامَعَ، فَبَانَ خِلَافُهُ فَفِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ، لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُفَرَّعًا عَلَى تَجْوِيزِ الْإِفْطَارِ بِالظَّنِّ، وَإِلَّا فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَفَاءً بِالضَّابِطِ الْمَذْكُورِ أَوَّلَ الْفَصْلِ لِمَا يُوجِبُهَا (وَلَا) عَلَى (مَنْ جَامَعَ) عَامِدًا (بَعْدَ الْأَكْلِ نَاسِيًا وَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ بُطْلَانَ صَوْمِهِ) بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ جَامَعَ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ غَيْرُ صَائِمٍ، فَلَمْ يَأْثَمْ بِهِ وَلِذَلِكَ قِيلَ: لَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ وَبُطْلَانُهُ مَقِيسٌ عَلَى مَا لَوْ ظَنَّ اللَّيْلَ، وَقْتَ الْجِمَاعِ فَبَانَ خِلَافُهُ، وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَجِبَ الْكَفَّارَةُ، لِأَنَّ هَذَا الظَّنَّ لَا يُبِيحُ الْوَطْءَ. (وَلَا) عَلَى (مَنْ زَنَى نَاسِيًا) لِلصَّوْمِ وَقُلْنَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الصَّوْمُ يَفْسُدُ بِالْجِمَاعِ نَاسِيًا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِالْجِمَاعِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ نَاسٍ لَهُ وَقِيلَ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. (وَلَا) عَلَى (مُسَافِرٍ أَفْطَرَ بِالزِّنَى مُتَرَخِّصًا) بِالْفِطْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِالْفِطْرِ بِالْجِمَاعِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ، فَإِنَّ الْفِطْرَ بِهِ جَائِزٌ لَهُ وَإِنَّمَا أَثِمَ بِالْفِطْرِ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ زِنًى. (وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الزَّوْجِ عَنْهُ) لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبَ بِهَا فِي الْحَدِيثِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَفِي قَوْلٍ عَنْهُ وَعَنْهَا) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْجِمَاعِ وَيَتَحَمَّلُهَا عَنْهَا (وَفِي قَوْلٍ عَلَيْهَا كَفَّارَةٌ أُخْرَى) لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي الْجِمَاعِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ آثِمًا بِهِ فَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ بُطْلَانُ صَوْمِهِ) هُوَ الْمُعْتَقَدُ، وَفَارَقَ عَدَمَ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ تَكَلَّمَ نَاسِيًا فَظَنَّ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ فَتَكَلَّمَ عَامِدًا بِأَنَّ جِنْسَ الْكَلَامِ مُغْتَفَرٌ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ جِنْسِ الْجِمَاعِ وَالْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ. قَوْلُهُ: (مُتَرَخِّصًا) أَيْ نَاوِيًا التَّرَخُّصَ وَلَيْسَ قَيْدًا فِي عَدَمِ الْكَفَّارَةِ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ لِأَنَّ إثْمَهُ بِسَبَبِ الزِّنَى فَلَا يُغْنِي عَنْهُ مَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: بِالْجِمَاعِ نَاسِيًا إلَخْ. قَوْلُهُ: (عَلَى الزَّوْجِ) لَوْ قَالَ عَلَى الْوَاطِئِ دُونَ الْمَوْطُوءِ لَشَمَلَ غَيْرَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ كَأَجْنَبِيٍّ وَفِي الدُّبُرِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا قَيَّدَ بِالزَّوْجِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَغَيْرُهُ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَنْهُ قَطْعًا لَا عَلَى الْمَوْطُوءِ، وَسَوَاءٌ الْكَفَّارَةُ بِالصَّوْمِ أَوْ غَيْرِهِ. وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ الْمَوْطُوءَ يَبْطُلُ صَوْمُهُ بِدُخُولِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إفْسَادٌ بِجِمَاعٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيَتَحَمَّلُهَا عَنْهَا) إنْ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا كَمَجْنُونٍ فَتَقَرَّرَ عَلَيْهَا عَلَى هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ وَفِي مَعْنَى التَّحَمُّلِ عَلَى ذَلِكَ خِلَافٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ مَعْنَى تَحَمُّلِهِ عَنْهَا انْدِرَاجُ كَفَّارَتِهَا فِي كَفَّارَتِهِ وَهُوَ أَحَدُ أَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَعْنَاهُ سُقُوطُهَا عَنْهَا بِإِخْرَاجِهِ كَالْمَسْبُوقِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ وَجَبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ كَفَّارَةٍ وَأَنَّهُ تَحَمَّلَ نِصْفَهَا عَنْهَا وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَمُحْتَمَلٌ لِلثَّالِثِ. قَوْلُهُ: (وَبَطَلَ   [حاشية عميرة] الصَّوْمَ لَكِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي، بِأَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي الْغُرُوبِ حَرُمَ عَلَيْهِ، وَفَسَدَ وَمَعَ ذَلِكَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ. قَوْلُهُ: (عَلَى تَجْوِيزِ الْإِفْطَارِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ الْمُرَادَ الظَّنُّ النَّاشِئُ عَنْ الِاجْتِهَادِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَبَانَ خِلَافُهُ، ثُمَّ رَأَيْت الْخَادِمَ قَالَ: إنَّ الرَّافِعِيَّ عَبَّرَ بِالظَّنِّ، وَمُرَادُهُ الْمَبْنِيُّ عَلَى أَمَارَةٍ، وَلَيْسَتْ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا صُورَتُهَا الظَّنُّ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ، لَكِنَّ هَذَا يَحْرُمُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، ثُمَّ جَعْلُهُمْ الْخِلَافَ شُبْهَةً يُشْكِلُ عَلَيْهِ وُجُوبُهَا عَلَى الصَّبِيِّ إذَا جَامَعَ بَعْدَ بُلُوغِهِ نَهَارًا، وَعَلَى الْمُسَافِرِ إذَا جَامَعَ بَعْدَ عُرُوضِ سَفَرِهِ نَهَارًا. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ إلَخْ) أَيْ فَهِيَ بِدُونِ هَذَا وَارِدَةٌ عَلَى الضَّابِطِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ الْأَكْلِ نَاسِيًا) لَوْ تَكَلَّمَ عَامِدًا بَعْدَ السَّلَامِ نَاسِيًا لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ، وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ هَذَا الظَّنَّ لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ بَلْ يَخْلُفُهُ، وُجُوبُ الْإِمْسَاكِ وَقَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ نَاسِيًا يَرْجِعُ لِلْأَكْلِ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ الْأَكْلِ. قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَأْثَمْ بِهِ) هَذَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْإِمْسَاكَ عَنْ الْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُوَ آثِمٌ لَا بِسَبَبِ الصَّوْمِ فَيَخْرُجُ بِالْقَيْدِ الْأَخِيرِ دُونَ الرَّابِعِ، وَمِمَّا يَخْرُجُ بِقَيْدِ الْإِثْمِ أَيْضًا جِمَاعُ الصَّبِيِّ. قَوْلُهُ: (قِيلَ لَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ) هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَقُلْنَا إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا أَوْرَدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ هَذَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ أَوَّلًا، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى نَاسٍ. تَنْبِيهٌ: أَوْرَدَ عَلَيْهِ الْمُسَافِرَ إذَا جَامَعَ غَيْرَنَا، وَلِلتَّرَخُّصِ وَجِمَاعِ الْمَرْأَةِ إذَا أَدْخَلَ الرَّجُلُ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا، وَهِيَ نَائِمَةٌ مَثَلًا ثُمَّ انْتَبَهَتْ وَلَمْ تَدْفَعْ، وَمَا لَوْ جَامَعَهَا وَبِهِ عُذْرٌ يُبِيحُ الْفِطْرَ لَهُ دُونَهَا فَلَا كَفَّارَةَ بِإِفْسَادِ صَوْمِهَا، فَلَوْ قَيَّدَهُ بِصَوْمِهِ لَخَرَجَ هَذَا الرَّابِعُ إذَا جَامَعَ شَاكًّا فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ الْخَامِسُ، إذَا طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ مُجَامِعًا فَاسْتَدَامَ، وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ صَوْمَهُ لَا يَنْعَقِدُ، وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْعَكْسِ، فَإِنَّ الْجِمَاعَ فِيهَا لَمْ يُفْسِدْ صَوْمًا وَمَعَ ذَلِكَ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ بِهَا) أَيْ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُبَيِّنْ الَّذِي عَلَيْهَا كَمَا قَالَهُ فِي الزَّانِيَةِ «وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» . قَوْلُهُ: (وَيَتَحَمَّلُهَا) لَوْ كَانَ مَجْنُونًا عَلَى هَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 فَيَسْتَوِيَانِ فِي الْعُقُوبَةِ بِالْكَفَّارَةِ كَحَدِّ الزِّنَى وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَانَتْ صَائِمَةً، وَبَطَلَ صَوْمُهَا فَإِنْ كَانَتْ مُفْطِرَةً بِحَيْضٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهَا لِكَوْنِهَا نَائِمَةً مَثَلًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا قَطْعًا (وَتَلْزَمُ مَنْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَجَامَعَ فِي يَوْمِهِ) . لِأَنَّهُ يَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَ بِرُؤْيَتِهِ (وَمَنْ جَامَعَ فِي يَوْمَيْنِ لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ) سَوَاءٌ كَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي أَمْ لَا بِخِلَافِ مَنْ جَامَعَ مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ لِلْجِمَاعِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يُفْسِدْ صَوْمًا. (وَحُدُوثُ السَّفَرِ بَعْدَ الْجِمَاعِ لَا يُسْقِطُ الْكَفَّارَةَ وَكَذَا الْمَرَضُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِي حُدُوثِ الْمَرَضِ إنَّهُ يُسْقِطُهَا لِأَنَّهُ يُبِيحُ الْفِطْرَ فَيَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّ الصَّوْمَ لَمْ يَقَعْ مُسْتَحَقًّا، وَدَفَعَ بِأَنَّهُ هَتَكَ حُرْمَةَ الصَّوْمِ بِمَا فَعَلَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ وَبَعْضُهُمْ أَلْحَقَ السَّفَرَ بِالْمَرَضِ فِي الْخِلَافِ (وَيَجِبُ مَعَهَا قَضَاءُ يَوْمِ الْإِفْسَادِ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّ الْخَلَلَ انْجَبَرَ بِالْكَفَّارَةِ وَالثَّالِثُ إنْ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ دَخَلَ فِيهِ الْقَضَاءُ، وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلُ فَيَجِبُ. (وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْت قَالَ: وَمَا أَهْلَكَك؟ قَالَ: وَقَعْت عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ. قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تَعْتِقُ رَقَبَةً قَالَ: لَا. قَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا. قَالَ: لَا. ثُمَّ جَلَسَ فَأَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا قَالَ عَلَى أَفْقَرَ مِنَّا فَوَاَللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنَّا فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَك» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَأَعْتِقْ رَقَبَةً فَصُمْ شَهْرَيْنِ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد فَأَتَى بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ قَدْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَاقْتَصَرُوا فِي صِفَةِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ وَكَمَالُهَا مُسْتَقْصًى فِي كِتَابِ الْكَفَّارَةِ الْآتِي عَقِبَ كِتَابِ الظِّهَارِ وَمِنْهُ كَوْنُ الرَّقَبَةِ مُؤْمِنَةً، وَإِنَّ الْفَقِيرَ كَالْمِسْكِينِ، وَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يُطْعِمُ مُدًّا مِمَّا يَكُونُ فِطْرَةً. (فَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْجَمِيعِ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ فِي الْأَظْهَرِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ) مِنْهَا (فَعَلَهَا) وَالثَّانِي لَا تَسْتَقِرُّ بَلْ تَسْقُطُ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ   [حاشية قليوبي] صَوْمُهَا) وَيُتَصَوَّرُ تَوَقُّفُ بُطْلَانِهِ عَلَى الْجِمَاعِ مَعَ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ بِمَا لَوْ أَدْخَلَ الْحَشَفَةَ وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ نَاسِيَةٌ أَوْ مُكْرَهَةٌ ثُمَّ زَالَ عُذْرُهَا وَاسْتِدَامَتُهُ فَإِنَّ اسْتِدَامَةَ الْجِمَاعِ جِمَاعٌ فَتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (مَنْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ) وَكَذَا مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ أَخْبَرَهُ بِرُؤْيَتِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ، وَيَجِبُ الْفِطْرُ بِذَلِكَ فِي هِلَالِ شَوَّالٍ وَيُنْدَبُ إخْفَاؤُهُ وَلَا يُعَزَّرُ بِفِطْرِهِ فِيمَا لَوْ شَهِدَ وَرَدَّ وَإِنْ سَبَقَ جَمَاعَةٌ عَلَى شَهَادَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَحُدُوثُ السَّفَرِ) أَيْ بِغَيْرِ بَلَدِ مَطْلَعِهِ مُخَالِفٌ وَإِلَّا سَقَطَتْ وَلَا تَعُودُ بِعَوْدِهِ لِبَلَدِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يُخَالِفُهُ. وَكَذَا يُسْقِطُهَا الْجُنُونُ وَالْمَوْتُ نَعَمْ قَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ لَا يُسْقِطُهَا قَتْلُهُ نَفْسَهُ أَوْ تَعَاطِي مَا يُجَنِّنُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْمَرَضُ) وَمِثْلُهُ الرِّدَّةُ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (بِعَرَقٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مِكْتَلٌ مِنْ خُوصِ النَّخْلِ وَسَيُذْكَرُ مِقْدَارُهُ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ فَهِيَ سِتُّونَ مُدًّا. قَوْلُهُ: (اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ   [حاشية عميرة] اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهَا، وَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ عَلَى الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَالْكَلَامِ إلَخْ) قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا فِي الْكِفَايَةِ بِمَا إذَا وُطِئَتْ فِي الْقُبُلِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَلْزَمُ مَنْ انْفَرَدَ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَنْ جَامَعَ مَرَّتَيْنِ) خِلَافًا لِأَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ) لِأَنَّ السَّفَرَ الْحَادِثَ لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ كَمَا سَلَفَ مَعَ مَا حَصَلَ مِنْهُ مِنْ هَتْكِ الْحُرْمَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا الْمَرَضُ) أَمَّا حُدُوثُ الرِّدَّةِ فَلَا يُسْقِطُهَا قَطْعًا وَحُدُوثُ الْجُنُونِ وَالْحَيْضِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ يُسْقِطَانِهَا عَلَى الْأَظْهَرِ، لِأَنَّهُمَا يُنَافِيَانِ الصَّوْمَ وَمِثْلُهُمَا حُدُوثُ الْمَوْتِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجِبُ مَعَهَا إلَخْ) لِأَنَّهُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ الْمَعْذُورِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ. قَوْلُهُ: (مَا يَعْتِقُ رَقَبَةً) لَمَّا كَانَ الْمِلْكُ كَالْغُلِّ فِي الرَّقَبَةِ وَالْعِتْقُ يُزِيلُهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِهَذَا الْعُضْوِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْعَمَلِ. قَوْلُهُ: (وَأَنَّ كَلَامَهُمْ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَوْلُ الْمَتْنِ: (اسْتَقَرَّتْ) اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْأَعْرَابِيَّ بِالتَّكْفِيرِ مَعَ إخْبَارِهِ بِعَجْزِهِ، ثُمَّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُسْتَقِرَّ أَصْلُ الْكَفَّارَةِ بِصِفَةِ تَرْتِيبِهَا، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ مِنْهَا فَعَلَهَا، أَوْ أَكْثَرَ رَتَّبَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى خَصْلَةٍ) أَيْ فَلَيْسَ الثَّابِتُ فِي ذِمَّتِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ الْمَرْتَبَةُ الْأَخِيرَةُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 الْعُدُولَ عَنْ الصَّوْمِ إلَى الْإِطْعَامِ لِشِدَّةِ الْغُلْمَةِ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ الْحَاجَةِ إلَى النِّكَاحِ، لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُقُوعَهُ فِي الصَّوْمِ فَيَبْطُلُ تَتَابُعُهُ، وَيُؤَدِّي إلَى حَرَجٍ شَدِيدٍ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى قُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْفَقِيرِ صَرْفُ كَفَّارَتِهِ إلَى عِيَالِهِ) كَغَيْرِهَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَالثَّانِي يَجُوزُ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَك. وَجَوَابُهُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ إطْعَامَهُمْ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ تَقَدَّمَهُ الْإِذْنُ بِالصَّرْفِ فِيهَا لِمَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا مِنْ ذِكْرِ احْتِيَاجِهِ، وَأَهْلِهِ إلَيْهِ وَالْكَفَّارَةُ إنَّمَا يَجِبُ إخْرَاجُهَا بَعْدَ الْكِفَايَةِ بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ (يُسَنُّ صَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَحَرَّى صَوْمَهُمَا. وَقَالَ: «تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ   [حاشية قليوبي] حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّةَ إذَا وَجَبَتْ بِشَيْءٍ كَإِزَالَةِ شَعْرٍ وَقَتْلٍ بِغَيْرِ سَبَبِ الشَّخْصِ سَقَطَتْ عِنْدَ الْعَجْزِ قَطْعًا كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَبِسَبَبِهِ كَإِتْلَافِ صَيْدٍ فِي مَحْرَمٍ اسْتَقَرَّتْ قَطْعًا أَوْ بِغَيْرِ إتْلَافٍ كَكَفَّارَةِ الْجِمَاعِ اسْتَقَرَّتْ عَلَى الْأَظْهَرِ وَإِذَا اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ دَامَتْ مُرَتَّبَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فَعَلَهَا) أَيْ الْخَصْلَةَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهَا فَإِنْ قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ أَعْلَى مِنْهَا وَجَبَتْ إنْ كَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَإِلَّا نُدِبَتْ. وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْكُلِّ رَتَّبَ كَمَا عُلِمَ وَفِيهِ نَظَرٌ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ فِي أَثْنَاءِ التَّيَمُّمِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ كُلَّ خَصْلَةٍ هُنَا أَصْلٌ. قَوْلُهُ: (كَفَّارَتِهِ) أَيْ الَّتِي مِنْ مَالِهِ أَمَّا لَوْ كَفَّرَ غَيْرُهُ عَنْهُ فَلَهُ وَلِعِيَالِهِ الْأَخْذُ مِنْهَا سَوَاءٌ فَرَّقَهَا غَيْرُهُ أَوْ هُوَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ فَلَوْ كَفَّرَ أَبٌ مِنْ مَالِهِ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فَلَهُ دَفْعُهَا لِلْوَلَدِ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَيَأْكُلُ مِنْ كَفَّارَةِ نَفْسِهِ. وَلَوْ حُمِلَ حَدِيثُ الْأَعْرَابِيِّ الْمَذْكُورِ الْمُسَمَّى مَسْلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ الْبَيَاضِيُّ عَلَى مَا ذُكِرَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَجْوِبَةِ وَلَعَلَّهُ وَأَهْلَهُ كَانُوا سِتِّينَ آدَمِيًّا وَعَلِمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ. بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ قَوْلُهُ: (تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ) أَيْ أَعْمَالُ الْأُسْبُوعِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا الْعَرْضُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ بِمَعْنَى كِتَابَتِهِمْ لَهُ فَإِنَّهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَأَمَّا الْعَرْضُ عَلَى اللَّهِ فِي نِصْفِ شَعْبَانَ كُلَّ سَنَةٍ فَلِجُمْلَةِ أَعْمَالِ السَّنَةِ وَكُلُّ ذَلِكَ لِإِظْهَارِ الْعَدْلِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ إذْ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ. قَوْلُهُ: (الِاثْنَيْنِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ ثَانِي أَيَّامِ إيجَادِ الْمَخْلُوقَاتِ غَيْرِ الْأَرْضِ،   [حاشية عميرة] فَائِدَةٌ: حُقُوقُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمَالِيَّةُ إذَا وَجَبَتْ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ الْعَبْدِ سَقَطَتْ بِالْعَجْزِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبِ الْإِتْلَافِ كَفِدْيَةِ الْمُحْرِمِ اسْتَقَرَّتْ قَطْعًا وَإِلَّا كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْيَمِينِ وَدَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ اسْتَقَرَّتْ عَلَى الْأَظْهَرِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُقُوعَهُ فِي الصَّوْمِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَارَةِ مَعَ حَرَارَةِ الشَّهْوَةِ، فَفِي الْحَدِيثِ لَمَّا أَمَرَ بِالصَّوْمِ قَالَ: وَهَلْ أُتِيتُ إلَّا مِنْ الصَّوْمِ كَذَا فِي الْوَافِي وَغَيْرِهِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ قَائِلَ هَذَا كَانَ فِي حَادِثَةِ ظِهَارٍ اهـ. وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِلْأَذْرَعِيِّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْفَقِيرِ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُكَفِّرَ عَلَى عِيَالِ الْفَقِيرِ عَنْهُ بَعْدَ إذْنِهِ لَهُ فِي التَّكْفِيرِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (لِمَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ يَقْدَحُ فِي هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ حَاجَتَهُ قَدْ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ إنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَقِيلَ: بَلْ تَصَدَّقَ عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَرَهُ بِإِطْعَامِ أَهْلِهِ، وَاسْتَشْكَلَ بِأَمْرَيْنِ كَوْنِ الْأَهْلِ لَمْ يَكُونُوا سِتِّينَ، وَمَا رَوَى أَبُو دَاوُد كُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلَك. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالسُّبْكِيُّ: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِجَوَازِ أَكْلِهِ هُوَ اهـ. [بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ] ِ إلَخْ هُوَ يَتَكَرَّرُ فِي الْأَسَابِيعِ وَالشُّهُورِ وَالسِّنِينَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (الِاثْنَيْنِ) قِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ ثَانِي الْأُسْبُوعِ وَالْخَمِيسُ خَامِسُهُ كَذَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّحْرِيرِ عَلَى التَّنْبِيهِ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ الْأُسْبُوعِ الْأَحَدُ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ النَّذْرِ أَنَّ أَوَّلَهُ السَّبْتُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَيْ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَمَّا رَفْعُ الْمَلَائِكَةِ فَإِنَّهُ بِاللَّيْلِ مَرَّةً وَبِالنَّهَارِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي. وَأَنَا صَائِمٌ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ. وَالثَّانِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَ) يَوْمِ (عَرَفَةَ) لِغَيْرِ الْحَاجِّ وَهُوَ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ (وَعَاشُورَاءَ) وَهُوَ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ. (وَتَاسُوعَاءَ) وَهُوَ التَّاسِعُ مِنْهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» . وَقَالَ: «لَئِنْ بَقِيت إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ الْيَوْمَ التَّاسِعَ فَمَاتَ قَبْلَهُ» . رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ أَمَّا الْحَاجُّ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْفِطْرُ يَوْمَ عَرَفَةَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَسَوَاءٌ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْجُمْهُورِ أَضْعَفَهُ الصَّوْمُ عَنْ الدُّعَاءِ وَأَعْمَالِ الْحَجِّ أَمْ لَا فَصَوْمُهُ لَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَقِيلَ مَكْرُوهٌ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ» ، وَضُعِّفَ بِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ مَجْهُولًا. (وَأَيَّامِ) اللَّيَالِي. (الْبِيضِ) وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَتَالِيَاهُ قَالَ أَبُو ذَرٍّ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَصُومَ مِنْ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامِ الْبِيضِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ: وَوُصِفَتْ اللَّيَالِي بِالْبِيضِ لِأَنَّهَا تَبْيَضُّ بِطُلُوعِ الْقَمَرِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا. (وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى النَّسَائِيّ حَدِيثَ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ. (وَتَتَابُعُهَا   [حاشية قليوبي] وَالْخَمِيسُ خَامِسُهَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ. وَمَا قِيلَ لِأَنَّهُ ثَانِي الْأُسْبُوعِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحِ أَنَّ أَوَّلَهُ الْأَحَدُ وَإِنَّمَا أَوَّلُهُ السَّبْتُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي بَابِ النَّذْرِ وَالِاثْنَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْخَمِيسِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْحَاجُّ) وَمِثْلُهُ الْمُسَافِرُ وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا فَلَا يُنْدَبُ لَهُ نَعَمْ يُنْدَبُ صَوْمُهُ لِلْحَاجِّ بِغَيْرِ عَرَفَةَ وَيُنْدَبُ صَوْمُ الثَّمَانِيَةِ قَبْلَهُ لِلْحَاجِّ وَغَيْرِهِ. وَلَوْ حَصَلَ فِيهِ شَكٌّ مَعَ لَيْلَةِ الْعِيدِ بِنَقْصِ الشَّهْرِ وَكَمَالِهِ كَانَ كَالشَّكِّ فِي يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ وَيَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ. قَوْلُهُ: (وَعَاشُورَاءَ إلَخْ) وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ عَاشِرُ أَيَّامِ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ وَتَاسُوعَاءُ تَاسِعُهُ. وَيُنْدَبُ مَعَهُمَا صَوْمُ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّامِنِ احْتِيَاطًا وَيُنْدَبُ صَوْمُ بَقِيَّةِ الْعَشْرِ. قَوْلُهُ: (أَحْتَسِبُ) هُوَ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِلَفْظِ الْمَاضِي وَضَمِيرُهُ يَعُودُ إلَى الصَّوْمِ وَفِيهِ بُعْدٌ وَحِكْمَةُ كَوْنِ عَرَفَةَ تُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِخِلَافِ عَاشُورَاءَ لِمُشَارَكَةِ قَوْمِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. وَالسَّنَةُ الْمَاضِيَةُ آخِرُهَا شَهْرُ الْحَجَّةِ وَالْمُسْتَقْبِلَةُ أَوَّلُهَا الْمُحَرَّمُ وَالتَّكْفِيرُ لِلذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْآدَمِيِّ قَالَ النَّوَوِيُّ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَغَائِرَ فَيُرْجَى أَنْ تَحُتَّ مِنْ الْكَبَائِرِ. وَعَمَّمَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْكَبَائِرِ أَيْضًا وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ. وَقَالَ التَّخْصِيصُ بِالصَّغَائِرِ تَحَكُّمٌ وَعَفْوُ اللَّهِ وَاسِعٌ. وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ ذُنُوبٌ فَزِيَادَةٌ فِي الْحَسَنَاتِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: التَّكْفِيرُ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الْغُفْرَانِ وَبِمَعْنَى الْعَصَبَةِ فَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ وَالثَّانِي عَلَى الْمُسْتَقْبَلَةِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلَةِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ كَانَ مَغْفُورًا. وَقِيلَ الْمُرَادُ عَدَمُ وُقُوعِهِ وَهَذَا عَائِدٌ إلَى مَعْنَى الْعِصْمَةِ. فَائِدَةٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ: يُؤْخَذُ مِنْ تَكْفِيرِ السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ فِيهَا لِأَنَّ التَّكْفِيرَ لَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (خِلَافُ الْأَوْلَى) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا الْمُسَافِرُ. قَوْلُهُ: (الثَّالِثَ عَشَرَ) أَيْ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيُبَدَّلُ بِالسَّادِسِ عَشَرَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا تَبْيَضُّ إلَخْ) فَحِكْمَةُ صَوْمِهَا شُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى هَذَا النُّورِ الْعَظِيمِ وَيُنْدَبُ صَوْمُ أَيَّامِ اللَّيَالِيِ السُّودِ، وَهِيَ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ وَتَالِيَاهُ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَسْوَدُّ بِالظُّلْمَةِ مِنْ عَدَمِ الْقَمَرِ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إلَى آخِرِهِ فَحِكْمَةُ صَوْمِهَا طَلَبُ كَشْفِ تِلْكَ الظُّلْمَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ وَتَزْوِيدُ الشَّهْرِ الَّذِي عَزَمَ عَلَى الرَّحِيلِ بَعْدَ كَوْنِهِ كَانَ ضَيِّقًا. وَيُسَنُّ صَوْمُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مَعَهَا احْتِيَاطًا لِنَقْصِ الشَّهْرِ فَإِنْ لَمْ يَصُمْهُ وَنَقَصَ الشَّهْرُ أَبْدَلَهُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ بَعْدَهُ، وَعَلَى هَذَا هَلْ يُطْلَبُ لِهَذَا الشَّهْرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أُخْرَى أَوْ أَنَّهُ يَكْفِي لِلشَّهْرَيْنِ رَاجِعْهُ، وَيُنْدَبُ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَلَوْ غَيْرَ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهَا كَصِيَامِ الشَّهْرِ إذْ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ شَوَّالٍ) أَيْ وَإِنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ وَلَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ صَامَهُ عَنْهُ دَخَلَتْ فِيهِ وَيَحْصُلُ ثَوَابُهَا الْمَخْصُوصُ. وَكَذَا ثَوَابُ رَمَضَانَ الْمَخْصُوصُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فَإِنْ قَصَدَ تَأْخِيرَهَا لَمْ تَدْخُلْ وَيَصُومُهَا مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ وَفِيهِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَتْبَعَهُ) أَيْ حَقِيقَةً إنْ   [حاشية عميرة] أُخْرَى. قَوْلُهُ: (وَيَوْمُ عَرَفَةَ) وَلَوْ حَصَلَ الشَّكُّ فِي هِلَالِ الْحِجَّةِ فَلَا تَحْرِيمَ وَلَا كَرَاهَةَ فِي صَوْمِهِ كَمَا فِي صِيَامِ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ الشَّكِّ فِي أَوَّلِهِ، قَالَهُ مَوْهُوبُ الْجَزَرِيُّ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُكَفِّرَ) قَالَ الْإِمَامُ: أَيْ الصَّغَائِرَ، قَالَ فِي الذَّخَائِرِ: وَهُوَ مَرْدُودٌ وَيَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَالْفَضْلُ وَاسِعٌ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلِلتَّكْفِيرِ تَأْوِيلَانِ قِيلَ الْغُفْرَانُ، وَقِيلَ الْعِصْمَةُ مِنْهَا. تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: هَذَا أَصْلٌ فِي جَوَازِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ، وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِطْرُ عَرَفَةَ لِلْمُسَافِرِ غَيْرِ الْحَاجِّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ إلَخْ) يُسْتَثْنَى ذُو الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَقَدْ سَكَتُوا عَنْ سَنِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 أَفْضَلُ) وَكَذَا اتِّصَالُهَا بِيَوْمِ الْعِيدِ مُبَادَرَةً إلَى الْعِبَادَةِ (وَيُكْرَهُ إفْرَادُ الْجُمُعَةِ وَإِفْرَادُ السَّبْتِ) بِالصَّوْمِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَصُومُ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ أَوْ يَصُومَ بَعْدَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ: لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ. رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. (وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيْرُ الْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ مَكْرُوهٌ لِمَنْ خَافَ بِهِ ضَرَرًا أَوْ فَوْتَ حَقٍّ وَمُسْتَحَبٌّ لِغَيْرِهِ) وَعَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى حُمِلَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ» وَاسْتِحْبَابُهُ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ مُرَادُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِعَدَمِ كَرَاهَتِهِ. (وَمَنْ تَلَبَّسَ بِصَوْمِ تَطَوُّعٍ أَوْ صَلَاتِهِ فَلَهُ قَطْعُهُمَا وَلَا   [حاشية قليوبي] صَامَهُ وَحُكْمًا إنْ أَفْطَرَهُ لِأَنَّ قَضَاءَهُ يَقَعُ عَنْهُ فَكَأَنَّهُ مُقَدَّمٌ. (كَصِيَامِ الدَّهْرِ) أَيْ فَرْضًا لِتَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَتَتَابُعُهَا أَفْضَلُ) فَلَهُ تَفْرِيقُهَا فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ وَتَفُوتُ بِفَوَاتِهِ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُنْدَبُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ شَوَّالٍ إذَا لَمْ يَصُمْهَا فِيهِ، وَلَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ هَذَا الصَّوْمِ الْمَذْكُورِ لَا يُقْضَى إذْ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مَحْدُودُ الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (إفْرَادُ الْجُمُعَةِ إلَخْ) وِفَاقًا لِأَحْمَدَ وَأَبِي يُوسُفَ وَخِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. قَوْلُهُ: (وَإِفْرَادُ السَّبْتِ) وَكَذَا إفْرَادُ الْأَحَدِ قِيَاسًا عَلَى السَّبْتِ لِكَوْنِ النَّصَارَى تُعَظِّمُهُ كَمَا تُعَظِّمُ الْيَهُودُ السَّبْتَ، وَخَرَجَ بِالْإِفْرَادِ نَفْسُ الصَّوْمِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ وَخَرَجَ بِهِ جَمْعُهَا أَوْ بَعْضِهَا مَعَ غَيْرِهَا أَوْ الِاثْنَيْنِ مِنْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُعَظِّمْهُ أَحَدٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ الْكَرَاهَةِ بِصَوْمِ الْجُمُعَةِ وَالْأَحَدِ، وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ وَحِكْمَةُ كَرَاهَةِ الْجُمُعَةِ الضَّعْفُ عَنْ أَعْمَالِهَا غَالِبًا. قَوْلُهُ: (فِيمَا افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ) مِنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ فَلَا يُكْرَهُ الْإِفْرَادُ فِيهَا قَوْلُهُ: (وَصَوْمُ الدَّهْرِ) فِيهِ إطْلَاقُ الدَّهْرِ عَلَى الزَّمَانِ فَهُمَا مُتَرَادِفَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ عُرْفًا وَلُغَةً دَائِمًا أَوْ غَالِبًا. وَقِيلَ: الزَّمَانُ مُدَّةُ الْأَشْيَاءِ الْمُتَحَرِّكَةِ وَالدَّهْرُ مُدَّةُ الْأَشْيَاءِ السَّاكِنَةِ. وَقِيلَ: الزَّمَانُ مُدَّةُ الْأَشْيَاءِ الْمَحْسُوسَةِ، وَالدَّهْرُ مُدَّةُ الْأَشْيَاءِ الْمَعْقُولَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (خَافَ ضَرَرًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُبِيحًا لِلتَّيَمُّمِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ صَوْمُ رَمَضَانَ مَعَ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ. فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالضَّرَرِ هُنَا مَا دُونَ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَوْتَ حَقٍّ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ كَابْنِ حَجَرٍ وَلَوْ مَنْدُوبًا. وَمُقْتَضَاهُ الْكَرَاهَةُ مَعَ فَوَاتِ الْحَقِّ الْوَاجِبِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ فِي هَذِهِ حُرْمَتُهُ تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ عَلَى الْمَنْدُوبِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مُجَرَّدِ الْخَوْفِ. وَأَمَّا عِنْدَ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ فَيَحْرُمُ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُنْدَبُ صِيَامُ دَاوُد كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَعَلَى هَذَا لَوْ وَافَقَ يَوْمُ فِطْرِهِ يَوْمَ خَمِيسٍ أَوْ عَرَفَةَ فَفِطْرُهُ فِيهِ أَفْضَلُ لِيَتِمَّ لَهُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ تَنْبِيهٌ: أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ صِيَامُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَأَوَّلُهَا شَهْرُ ذِي الْقِعْدَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الطَّلَاقِ وَأَفْضَلُهَا عَلَى الْأَصَحِّ شَهْرُ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ رَجَبٌ ثُمَّ الْقَعْدَةُ وَالْحِجَّةُ. وَقِيلَ: بِتَقْدِيمِ الْحِجَّةِ ثُمَّ بَعْدَهَا شَعْبَانُ وَعَشْرُ رَمَضَانَ الْأَخِيرُ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ الْأُوَلِ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَفْضَلِ. فَرْعٌ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ وَقَعَ زِفَافٌ فِي أَيَّامِ صَوْمِ تَطَوُّعٍ مُعْتَادٍ نُدِبَ فِطْرُهَا. فَرْعٌ: وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْقُدْسِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» فَقِيلَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ إنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ وَكُلُّ عَمَلٍ مُعَيَّنٍ لِصَاحِبِهِ إلَّا الصَّوْمَ فِيهِمَا، وَقِيلَ: إنَّ الْخُصُومَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَتَعَلَّقُ عَلَى الْأَعْمَالِ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا الصَّوْمُ فَيَتَكَفَّلُ اللَّهُ بِرِضَا الْخُصُومِ فِيهِ وَيَدْخُلُ الصَّائِمُ الْجَنَّةَ وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ مَحْسُوسَةٌ يَطَّلِعُونَ عَلَيْهَا وَيَعْلَمُونَ الْجَزَاءَ عَلَيْهَا جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ. وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ إنَّهُ لَا رِيَاءَ فِيهِ بِذَاتِهِ. وَإِنَّمَا الرِّيَاءُ بِإِخْبَارِ صَاحِبِهِ بِنَحْوِ أَنَّهُ صَائِمٌ مَثَلًا. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ . قَوْلُهُ: (فَلَهُ قَطْعُهُمَا) أَيْ وَلَا كَرَاهَةَ مَعَ الْعُذْرِ وَمِثْلُهُمَا سَائِرُ النَّوَافِلِ كَاعْتِكَافٍ وَقِرَاءَةٍ وَلَوْ فِي صَلَاةٍ وَطَوَافٍ وَوُضُوءٍ وَذِكْرٍ، وَلَوْ فِي صَلَاةٍ أَوْ عَقِبَهَا وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ كَالنَّفْلِ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا فِي حَجٍّ وَعُمْرَةٍ سَوَاءٌ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ وَإِلَّا فِي تَجْهِيزِ مَيِّتٍ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهِ،   [حاشية عميرة] تَعْوِيضِهِ. قَوْلُهُ: (بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَالَ لَا يَخْتَلِفُ بِنَقْصِهِ وَكَمَالِ الْعَشَرَةِ وَالْعَكْسُ [إفْرَادُ الْجُمُعَةَ وإفراد السَّبْتِ بِالصَّوْمِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُكْرَهُ إفْرَادُ الْجُمُعَةِ) قِيلَ: لِأَنَّهُ يُضْعِفُ بِصَوْمِهِ عَنْ وَظَائِفِ الْعِبَادَةِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ فَنَهَى عَنْهُ نَحْوُ النَّهْيِ عَنْ الْعِيدَيْنِ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: لِئَلَّا يَعْتَقِدَ وُجُوبَهُ، وَقِيلَ: لِئَلَّا يُبَالِغَ فِي تَعْظِيمِهِ كَالْيَهُودِ فِي السَّبْتِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ فَوْتَ حَقٍّ) أَيْ وَاجِبًا كَانَ أَوْ مُسْتَحَبًّا لَكِنَّ تَفْوِيتَ الْوَاجِبِ حَرَامٌ فَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ عِنْدَ مُجَرَّدِ الْخَوْفِ لَا الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَهُ قَطْعُهُمَا) أَيْ وَلَا يُثَابُ عَلَى الْمَاضِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 قَضَاءَ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ كَانَتْ صَائِمَةً صَوْمَ تَطَوُّعٍ فَخَيَّرَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَيْنَ أَنْ تُفْطِرَ بِلَا قَضَاءٍ، وَبَيْنَ أَنْ تُتِمَّ صَوْمَهَا» وَقِيسَ الصَّلَاةُ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْأَمْرَيْنِ (وَمَنْ تَلَبَّسَ بِقَضَاءٍ) لِلصَّوْمِ الْفَائِتِ مِنْ رَمَضَانَ (حَرُمَ عَلَيْهِ قَطْعُهُ إنْ كَانَ) قَضَاؤُهُ. (عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ صَوْمُ مَنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْفَوْرِ. فِي الْأَصَحِّ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ) وَالثَّانِي يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ.   [حاشية قليوبي] وَيُثَابُ عَلَى مَا مَضَى فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ دُونَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا قَضَاءَ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَأَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِقَضَاءِ الْمُؤَقَّتِ مِنْهَا نَدْبًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَقِيسَ الصَّلَاةُ عَلَى الصَّوْمِ) وَقِيسَ عَلَيْهِ أَيْضًا بَقِيَّةُ النَّوَافِلِ وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ. قَوْلُهُ: (بِقَضَاءٍ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (مِنْ رَمَضَانَ) لَيْسَ قَيْدًا أَيْضًا بَلْ كُلُّ فَرْضٍ عَيْنِيٍّ كَذَلِكَ نَعَمْ لَا يَحْرُمُ قَطْعُ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ بِرَأْسِهَا وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُرْمَةُ قَطْعِ الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ فَرْعٌ: يُكْرَهُ الصَّوْمُ تَطَوُّعًا لِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَلَوْ غَيْرَ فَوْرِيٍّ وَيَحْرُمُ أَنْ تَصُومَ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا مِمَّا يَتَكَرَّرُ وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ. أَمَّا مَا لَا يَتَكَرَّرُ كَعَرَفَةَ وَسِتَّةِ شَوَّالٍ، فَلَهَا صَوْمُهَا إلَّا إنْ مَنَعَهَا وَلَيْسَ الصَّلَاةُ كَالصَّوْمِ لِقِصَرِ زَمَنِهَا.   [حاشية عميرة] قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا قَضَاءَ) خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَلَكِنْ يَسْتَحِقُّ قَضَاؤُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَرُمَ عَلَيْهِ قَطْعُهُ) أَيْ لِأَنَّ وُجُوبَهُ فَوْرًا يُنَافِي جَوَازَ فِطْرِهِ، وَقَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ إذَا شَرَعَ فِيهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ، يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَطْعُهَا وَإِنْ كَانَ وُجُوبُهَا مُوَسَّعًا قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ صَوْمُ مَنْ تَعَدَّى بِالْفِطْرِ) يَرُدُّ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمِ الشَّكِّ، فَإِنَّهُ فَوْرِيٌّ وَلَيْسَ هُنَاكَ تَعَدٍّ. فَرْعٌ: الْمُتَعَدِّي بِالْفِطْرِ يَلْزَمُهُ الْفَوْرُ فِي الْقَضَاءِ، وَإِنْ سَافَرَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَصُومَ تَطَوُّعًا قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ فَإِنَّهُ بِعُذْرٍ أَمْ لَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 كِتَابُ الِاعْتِكَافِ يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهُ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ بِنِيَّةٍ. وَ (هُوَ مُسْتَحَبٌّ كُلَّ وَقْتٍ) وَيَجِبُ بِالنَّذْرِ (وَ) هُوَ (فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ) مِنْهُ فِي غَيْرِهِ لِمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الِاعْتِكَافِ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ وَقَالُوا فِي حِكْمَةِ ذَلِكَ. (لِطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ) الَّتِي هِيَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] أَيْ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ. فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَهِيَ فِي الْعَشْرِ الْمَذْكُورِ. (وَمَيْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ الْحَادِي أَوْ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ) مِنْهُ دَلَّ عَلَى الْأَوَّلِ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ وَعَلَى الثَّانِي حَدِيثُ مُسْلِمٍ. قَالَ الْمُزَنِيّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ: إنَّهَا تَنْتَقِلُ كُلَّ سَنَةٍ إلَى لَيْلَةٍ جَمْعًا بَيْنَ   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الِاعْتِكَافِ هُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ كَذَا قَالُوا: وَلَعَلَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ بِدَلِيلِ آيَةِ {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ} [طه: 91] أَيْ عَلَى عِبَادَةِ الْعِجْلِ عَاكِفِينَ، وَأَمَّا كَوْنُهُ بِالْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَرَاجِعْهُ وَمَعْنَاهُ لُغَةً الْإِقَامَةُ عَلَى الْأَمْرِ خَيْرٌ أَوْ شَرٌّ وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (كُلَّ وَقْتٍ) مِنْ النَّهَارِ وَلَوْ بِلَا صَوْمٍ أَوْ اللَّيْلِ وَحْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي خِلَافًا لِلْإِمَامَيْنِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ لِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنْ شَوَّالٍ وَفِيهِ يَوْمُ الْعِيدِ قَطْعًا وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الصَّوْمَ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي بَابِ الصَّوْمِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَقَالُوا) أَيْ الْأَصْحَابُ فَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّبَرِّي مِنْهُ بَلْ بَيَانَ هَذِهِ الْحِكْمَةِ. وَقِيلَ مُرَادُهُ التَّبَرِّي وَإِلَيْهِ مَالَ شَيْخُنَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِ هَذِهِ الْحِكْمَةِ. قَوْلُهُ: (لَيْلَةِ الْقَدْرِ) هِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَبَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِعُلُوِّ قَدْرِهَا أَوْ لِشَرَفِهَا أَوْ لِفَصْلِ الْأَقْدَارِ فِيهَا كَمَا قِيلَ بِهِ. وَتُرَى حَقِيقَةً وَيُنْدَبُ لِمَنْ رَآهَا كَتْمُهَا وَيُنْدَبُ إحْيَاؤُهَا كَمَا فِي الْعِيدِ وَيَتَأَكَّدُ هُنَا قَوْلُ «اللَّهُمَّ إنَّك عَفْوٌ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا» وَيَحْصُلُ فَضْلُهَا لِمَنْ أَحْيَاهَا وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِهَا وَنَفْيُهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ كَمَا حُمِلَ رَفْعُهَا عَلَى رَفْعِ عَيْنِهَا وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظِّهِ مِنْهَا وَعَلَامَتُهَا عَدَمُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فِيهَا. وَيُنْدَبُ صَوْمُ يَوْمِهَا وَكَثْرَةُ الْعِبَادَةِ فِيهِ وَعَلَامَتُهَا طُلُوعُ شَمْسِهِ بَيْضَاءَ مُنْكَسِرَةَ الشُّعَاعِ لِمَا قِيلَ مِنْ كَثْرَةِ تَرَدُّدِ الْمَلَائِكَةِ فِيهَا. وَيُسْتَفَادُ بِعَلَامَتِهَا مَعْرِفَتُهَا فِي بَاقِي الْأَعْوَامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ الَّذِي هُوَ الْأَصَحُّ. قَوْلُهُ: (كُلَّ سَنَةٍ إلَخْ) لَوْ تُرِكَ هَذَا الْقَيْدُ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ تَوَافُقُ سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي لَيْلَةٍ مَعَ أَنَّ التَّوَافُقَ فِيهَا مُحَقَّقٌ بِكَثْرَةِ الْأَعْوَامِ إمَّا مَعَ التَّوَالِي أَوْ التَّفَرُّقِ. قَوْلُهُ: (إلَى لَيْلَةٍ) أَيْ مِنْ الْعَشْرِ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ كَمَا اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا: إنَّهَا تُعْلَمُ فِيهِ بِالْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الِاعْتِكَافِ] إلَخْ هُوَ لُغَةً الْإِقَامَةُ عَلَى الشَّيْءِ وَلَوْ سِرًّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138] وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} [البقرة: 125] وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَمِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (هُوَ مُسْتَحَبٌّ كُلَّ وَقْتٍ) رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ شَوَّالٍ» قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ إلَخْ) هَذَا قَدْ ذَكَرَهُ فِي الصَّوْمِ، وَلَكِنْ أَعَادَهُ هُنَا لِبَيَانِ حِكْمَتِهِ أَعْنِي طَلَبَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ) أَيْ فَيُحْيِيهَا بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَكَثْرَةِ الدُّعَاءِ، فَإِنَّهَا أَفْضَلُ لَيَالِي السَّنَةِ، وَالْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ شَهِدَ الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظِّهِ مِنْهَا، كَذَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ نَصِّهِ فِي الْقَدِيمِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي يَوْمِهَا كَمَا يَجْتَهِدُ فِي لَيْلَتِهَا، قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْقَدِيمِ. فَائِدَةٌ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْعَمَلُ فِيهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَيْلُ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) مُحَصَّلُ مَا فِي الرَّافِعِيِّ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ) مِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنِّي رَأَيْتهَا لَيْلَةً وَأَرَانِي أَسْجُدُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 الْأَخْبَارِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ قَوِيٌّ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا (وَإِنَّمَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ) كَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَالْجَامِعُ أَوْلَى) لِئَلَّا يَحْتَاجَ إلَى الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ. (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وَهُوَ الْمُعْتَزِلُ الْمُهَيَّأُ لِلصَّلَاةِ) وَالْقَدِيمُ يَصِحُّ اعْتِكَافُهَا فِيهِ وَعَلَى هَذَا فَفِي صِحَّتِهِ لِلرَّجُلِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَا يَصِحُّ وَعَلَى الْجَدِيدِ كُلُّ امْرَأَةٍ يُكْرَهُ لَهَا الْخُرُوجُ لِلْجَمَاعَةِ يُكْرَهُ لَهَا الْخُرُوجُ لِلِاعْتِكَافِ وَمَنْ لَا فَلَا. (وَلَوْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فِي نَذْرِهِ الِاعْتِكَافَ تَعَيَّنَ وَكَذَا مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ وَ) الْمَسْجِدُ (الْأَقْصَى) إذَا عَيَّنَهُمَا فِي نَذْرِهِ تَعَيَّنَا (فِي الْأَظْهَرِ) فَلَا يَقُومُ غَيْرُ الثَّلَاثَةِ مَقَامَهَا لِمَزِيدِ فَضْلِهَا. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّهُمَا لَا يَتَعَيَّنَانِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ   [حاشية قليوبي] الشَّهْرِ فَإِنْ كَانَ أَوَّلُهُ يَوْمَ الْأَحَدِ أَوْ الْأَرْبِعَاءِ فَهِيَ لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَهِيَ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ أَوْ الْجُمُعَةِ فَهِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَهِيَ لَيْلَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ فَهِيَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَمُنْذُ مَا بَلَغْت سِنَّ الرِّجَالِ مَا فَاتَتْنِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ نَظَمْتهَا بِقَوْلِي: يَا سَائِلِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي ... فِي عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ حَلَّتْ فَإِنَّهَا فِي مُفْرَدَاتِ الْعَشْرِ ... تُعْرَفُ مِنْ يَوْمِ ابْتِدَاءِ الشَّهْرِ فَبِالْأَحَدْ وَالْأَرْبِعَا فِي التَّاسِعَهْ ... وَجُمُعَةٍ مَعَ الثَّلَاثَا السَّابِعَهْ وَإِنْ بَدَا الْخَمِيسَ فَالْخَامِسَةُ ... وَإِنْ بَدَا بِالسَّبْتِ فَالثَّالِثَةُ وَإِنْ بَدَا الِاثْنَيْنِ فَهْيَ الْحَادِي ... هَذَا عَنْ الصُّوفِيَّةِ الزَّهَّادِيَّ قَوْلُهُ: (تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا) فَمَنْ عَرَفَهَا فِي سَنَةٍ عَرَفَهَا فِيمَا بَعْدَهَا كَمَا مَرَّ. . قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْجِدِ) وَمِنْهُ رَوْشَنُهُ وَرَحْبَتُهُ الْقَدِيمَةُ وَمِنْهُ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا مِنْ نَحْوِ سَابَاطٍ أَحَدُ جَانِبَيْهِ عَلَى غَيْرِ الْمَسْجِدِ. وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الصِّحَّةُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَذَلِكَ، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَرَاجِعْهُ، وَيَصِحُّ عَلَى غُصْنِ شَجَرَةٍ خَارِجَهُ وَأَصْلُهَا فِيهِ كَعَكْسِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْكَامِلُ فَلَا يَصِحُّ فِي الْمَشَاعِ. وَإِنْ طُلِبَتْ لَهُ التَّحِيَّةُ. وَلَوْ شَكَّ فِي الْمَسْجِدِيَّةِ اجْتَهَدَ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا أَرْضُهُ مَمْلُوكَةٌ أَوْ مُحْتَكَرَةٌ نَعَمْ إنْ بُنِيَ فِيهَا دَكَّةٌ وَوُقِفَتْ مَسْجِدًا صَحَّ فِيهَا. وَكَذَا مَنْقُولٌ أَثْبَتَهُ وَوَقَفَهُ مَسْجِدًا ثُمَّ نَزَعَهُ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا بُنِيَ فِي حَرِيمِ النَّهْرِ. قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَحْتَاجَ) هَذِهِ الْعِلَّةُ لِلْغَالِبِ فَالْجَامِعُ أَوْلَى مُطْلَقًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ بَلْ يَجِبُ عَلَى مَنْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فِيهَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْخُرُوجُ لَهَا لِأَنَّ خُرُوجَهُ لَهَا يَقْطَعُ تَتَابُعَهُ نَعَمْ لَوْ أُقِيمَتْ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ لَمْ يَنْقَلِعْ تَتَابُعُهُ لِعُذْرِهِ. وَكَذَا لَوْ حَدَثَ الْجَامِعُ بَعْدَ نَذْرِهِ. وَلَوْ شَرَطَ الْخُرُوجَ لَمَا وَعَرَ عَلَى أَحَدٍ جَاءَ مِنْ بَلَدٍ إلَى آخَرَ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي يُصَلِّي قَبْلَ الْأَوَّلِ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ. فَرْعٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ لَنَا عِبَادَةٌ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَسْجِدِ إلَّا ثَلَاثَةً الطَّوَافَ وَالِاعْتِكَافَ وَالتَّحِيَّةَ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ يَصِحُّ) وَرُدَّ بِأَنَّهَا عِبَادَةٌ شَرَطَ فِيهَا بِالْمَسْجِدِيَّةِ لِلرَّجُلِ فَشَرَطَ لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى كَالرَّجُلِ. قَوْلُهُ: (الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَصِحُّ فِيهِ الطَّوَافُ وَمَا حَوْلَهُ وَإِنْ وَسِعَ. وَكَذَا جَوْفُ الْكَعْبَةِ لَا غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَرَمِ وَلَوْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ. قَوْلُهُ: (مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ مَا زِيدَ فِيهِ أَخْذًا مِنْ الْإِشَارَةِ الْآتِيَةِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَوْ مِمَّا صَلَّى فِيهِ وَلَوْ فِي الْمَدِينَةِ نَحْوُ مَسْجِدِ قُبَاءَ.   [حاشية عميرة] فِي صَبِيحَتِهَا فِي الطِّينِ وَالْمَاءِ» فَأَصْبَحُوا مِنْ لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَقَدْ قَامَ النَّبِيُّ إلَى الصُّبْحِ فَمَطَرَتْ السَّمَاءُ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ، فَخَرَجَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَجَبِينُهُ وَأَرْنَبَةُ أَنْفِهِ فِيهِمَا أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ، وَرَوَى مُسْلِمٌ مِثْلَ هَذَا عَنْ لَيْلَةِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ. قَوْلُهُ: (كَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) اسْتَدَلَّ أَيْضًا بِآيَةِ: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] مِنْ حَيْثُ إنَّ ذِكْرَ الْمَسَاجِدِ لَا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ أَنَّهَا شَرْطٌ فِي مَنْعِ مُبَاشَرَةِ الْمُعْتَكِفِ، لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَيْضًا إذَا خَرَجَ لِنَحْوِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُعْتَكِفِ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ فِي الْمَسَاجِدِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَهَا لِاشْتِرَاطِ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ، وَلَك أَنْ تَعْتَرِضَهُ بِاحْتِمَالِ أَنَّ الْقَيْدَ لِمُوَافَقَةِ الْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَا يَصِحُّ) لِأَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ السَّتْرُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 لِاخْتِصَاصِهِ بِتَعَلُّقِ النُّسُكِ بِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَلَوْ عَيَّنَ فِي نَذْرِهِ غَيْرَ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ لِلصَّلَاةِ، وَفِي وَجْهٍ وَقِيلَ: قَوْلُ يَتَعَيَّنُ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ مُخْتَصٌّ بِالْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ. (وَيَقُومُ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ مَقَامَهُمَا وَلَا عَكْسُ) لِمَزِيدِ فَضْلِهِ عَلَيْهِمَا. (وَيَقُومُ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ مَقَامَ الْأَقْصَى وَلَا عَكْسُ) لِأَنَّ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلَوْ عَيَّنَ زَمَنَ الِاعْتِكَافِ فِي نَذْرِهِ تَعَيَّنَ عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَأَخَّرَ كَانَ قَضَاءً. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الِاعْتِكَافِ لُبْثُ قَدْرِ مَا يُسَمَّى عُكُوفًا) أَيْ إقَامَةً يُقَالُ عَكَفَ وَاعْتَكَفَ أَيْ أَقَامَ فَلَا يَكْفِي فِيهِ أَقَلُّ مَا يَكْفِي فِي الطُّمَأْنِينَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ السُّكُونُ بَلْ يَكْفِي التَّرَدُّدُ (وَقِيلَ يَكْفِي الْمُرُورُ بِلَا لُبْثٍ) كَأَنْ دَخَلَ مِنْ بَابٍ وَخَرَجَ مِنْ آخَرَ. (وَقِيلَ) لَا يَكْفِي لُبْثُ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ أَيْ أَقَلُّ مَا يَصْدُقُ بِهِ بَلْ (يُشْتَرَطُ مُكْثُ نَحْوِ يَوْمٍ) أَيْ قَرِيبٍ مِنْهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ مُعْتَادٌ فِي الْحَاجَاتِ الَّتِي تَعِنُّ فِي الْمَسَاجِدِ، فَلَا يَصِحُّ لِلْقُرْبَةِ وَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ سَاعَةٍ صَحَّ نَذْرُهُ، وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا مُطْلَقًا خَرَجَ مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِأَنْ يَعْتَكِفَ لَحْظَةً. (وَيَبْطُلُ بِالْجِمَاعِ) إذَا كَانَ ذَاكِرًا لَهُ عَالِمًا بِتَحْرِيمِ الْجِمَاعِ فِيهِ سَوَاءٌ جَامَعَ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ لِانْسِحَابِ حُكْمِ الِاعْتِكَافِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ. (وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ بِشَهْوَةٍ) فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ (كَلَمْسٍ وَقُبْلَةٍ تُبْطِلُهُ إنْ أَنْزَلَ وَإِلَّا فَلَا) كَالصَّوْمِ وَالثَّانِي تُبْطِلُهُ مُطْلَقًا لِحُرْمَتِهَا وَالثَّالِثُ لَا تُبْطِلُهُ مُطْلَقًا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةٌ إلَخْ) الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَمِنْ مِائَتَيْنِ فِي الْأَقْصَى وَمِنْ مِائَةِ أَلْفٍ فِي غَيْرِهِمَا، وَأَنَّهَا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتَيْنِ فِي الْأَقْصَى وَمِنْ أَلْفٍ فِي غَيْرِهَا، وَأَنَّهَا فِي الْأَقْصَى أَفْضَلُ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ فِي غَيْرِهَا. رَدٌّ ذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ مَا يُخَالِفُ هَذَا أَخْذًا مِنْ الْأَحَادِيثِ غَيْرِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (أَقَلُّ مَا يَكْفِي إلَخْ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَيُنْدَبُ يَوْمٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ اعْتَكَفَ دُونَهُ وَضَمَّ إلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لَيْلَةً أَيْضًا. قَوْلُهُ: (صَحَّ نَذْرُهُ) وَيَخْرُجُ مِنْ عُهْدَتِهِ بِلَحْظَةٍ وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا سَاعَةً فَلَكِيَّةً. قَوْلُهُ: (لَحْظَةً) فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا وَقَعَ الْجَمِيعُ فَرْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى بَقَاءِ الِاعْتِكَافِ بَعْدَ فَرَاغِ تِلْكَ اللَّحْظَةِ وَلَا قَائِلَ بِهِ لِأَنَّ اللَّحْظَةَ الْمَحْمُولَ عَلَيْهَا النَّذْرُ كَالْمُعَيَّنَةِ بِالنَّذْرِ وَالنَّذْرُ الْمُقَيَّدُ بِمُدَّةٍ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا لَا يَدُومُ بَعْدَ فَرَاغِهَا لِمَنْ دَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَافْهَمْ وَلَا تَغْفُلُ. وَبِهَذَا سَقَطَ مَا هُنَا مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَلَا يُقَالُ إنَّ النِّيَّةَ تَعُمُّ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ كَمَا هُوَ فِي الصَّلَاةِ مَثَلًا لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ: (بِالْجِمَاعِ) أَيْ الْمُوجِبِ لِلْغُسْلِ بِخِلَافِ الْخُنْثَى فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْخُرُوجِ) أَيْ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (لِانْسِحَابِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهُ مُعْتَكِفٌ حَالَةَ خُرُوجِهِ أَمْ لَا، إذْ الْكَلَامُ فِي اعْتِكَافٍ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالْجِمَاعُ حَرَامٌ فِي الْوَاجِبِ مُطْلَقًا وَفِي الْمَنْدُوبِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ حَيْثُ الْمَسْجِدِيَّةُ. قَوْلُهُ: (كَالصَّوْمِ) يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ فِي   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فِي نَذْرِهِ الِاعْتِكَافَ) مِثْلُهُ الصَّلَاةُ. قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: (صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي إلَخْ) إذَا تَأَمَّلْت فِيهِ عَلِمْت مِنْهُ أَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، فَإِنْ قُلْت: فَهَلْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى؟ قُلْت: الْوَجْهُ أَنْ تَعْدِلَ مِائَتَيْ صَلَاةٍ فِيهِ فَقَطْ، لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، يَجِبُ حَمْلُ مَا سِوَاهُ عَلَى غَيْرِ الْأَقْصَى، وَإِلَّا يَلْزَمُ أَنَّ الْوَاحِدَةَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ تَزِيدُ عَلَى الْأَلْفِ فِي غَيْرِ الْأَقْصَى، مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْوَاحِدَةَ فِي الْأَقْصَى أَفْضَلُ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ إلَخْ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ فِيمَا سِوَاهُ لَا يَشْمَلُ الْأَقْصَى لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْأَلْفِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْأَقْصَى. قَوْلُهُ: (قَدْ يَكْفِي فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلِاعْتِكَافِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَكْفِي إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ لَبِثَ وَالْوَجْهُ الَّذِي بَعْدَهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ يُسَمَّى عُكُوفًا [مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَبْطُلُ بِالْجِمَاعِ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَقْبَلِ أَمَّا الْمَاضِي فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَنْذُورًا مُتَتَابِعًا فَيَسْتَأْنِفُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَتَابِعًا لَمْ يَبْطُلْ مَا مَضَى، سَوَاءٌ كَانَ مَنْذُورًا أَمْ نَفْلًا، وَإِنَّمَا بَطَلَ بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ تَعَالَى نَهَى عَنْهُ فِيهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] الْآيَةَ وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَةِ يَقْتَضِي الْفَسَادَ. قَوْلُهُ: (لِحُرْمَتِهَا) اسْتَدَلَّ غَيْرُهُ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 كَالْحَجِّ، وَهِيَ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] وَلَا بَأْسَ بِاللَّمْسِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَلَا بِالتَّقْبِيلِ عَلَى سَبِيلِ الشَّفَقَةِ وَالْإِكْرَامِ. (وَلَوْ جَامَعَ نَاسِيًا) لِلِاعْتِكَافِ (فَكَجِمَاعِ الصَّائِمِ) نَاسِيًا فَلَا يَضُرُّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَذَا جِمَاعُ الْجَاهِلِ بِتَحْرِيمِهِ. (وَلَا يَضُرُّ التَّطَيُّبُ وَالتَّزَيُّنُ) بِلُبْسِ الثِّيَابِ وَتَرْجِيلِ الشَّعْرِ (وَ) لَا (الْفِطْرُ بَلْ يَصِحُّ اعْتِكَافُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ) وَحُكِيَ قَوْلٌ قَدِيمٌ إنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ الصَّوْمُ فِي الِاعْتِكَافِ. (وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ هُوَ فِيهِ صَائِمٌ لَزِمَهُ) الِاعْتِكَافُ يَوْمَ صَوْمِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، فَلَوْ اعْتَكَفَ فِي رَمَضَانَ أَجْزَاهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِالنَّذْرِ صَوْمًا. (وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا لَزِمَاهُ) أَيْ الِاعْتِكَافُ وَالصَّوْمُ (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ جَمْعِهِمَا) وَالثَّانِي لَا يَجِبُ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا أَوْ يُصَلِّيَ مُعْتَكِفًا لَا يَجِبُ جَمْعُهُمَا. وَقِيلَ بِطَرْدِ الْوَجْهَيْنِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الصَّوْمَ يُنَاسِبُ الِاعْتِكَافَ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْكَفِّ وَالصَّلَاةُ أَفْعَالٌ مُبَاشِرَةٌ، لَا تُنَاسِبُ الِاعْتِكَافَ، وَالثَّالِثُ يَجِبُ الْجَمْعُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَصْلُحُ وَصْفًا لِلصَّوْمِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، فَإِنَّ الصَّوْمَ مِنْ مَنْدُوبَاتِ الِاعْتِكَافِ. (وَيُشْتَرَطُ نِيَّةُ الِاعْتِكَافِ) فِي ابْتِدَائِهِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِي الِاعْتِكَافِ وَعَبَّرَ فِيهَا فِي الرَّوْضَةِ كَالْوَجِيزِ بِالرُّكْنِ. (وَيَنْوِي فِي النَّذْرِ الْفَرْضِيَّةَ) وُجُوبًا. (وَإِذَا أَطْلَقَ) نِيَّةَ الِاعْتِكَافِ. (كَفَتْهُ نِيَّتُهُ) هَذِهِ (وَإِنْ   [حاشية قليوبي] لَمْسٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ بِلَا حَائِلٍ كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا وَإِنَّ الِاسْتِمْنَاءَ يُبْطِلُهُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لِحُرْمَتِهَا) أَيْ فِي الْوَاجِبِ لِمَا مَرَّ . قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ التَّطَيُّبُ إلَخْ) وَلَا الْأَكْلُ وَلَا الشُّرْبُ وَلَا الْأَمْرُ بِإِصْلَاحِ مَعَاشِهِ وَلَا كِتَابَةُ الْعِلْمِ، وَإِنْ كَثُرَتْ وَلَا الصَّنْعَةُ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ وَلَا تُكْرَهُ الصَّنْعَةُ فِيهِ مَا لَمْ تَكْثُرْ وَلَا غَسْلُ يَدِهِ فِي نَحْوِ إنَاءٍ مَا لَمْ يَكُنْ إزَارًا وَلَا الْوُضُوءُ فِيهِ أَوْ عَلَى حُصُرِهِ. وَالْأَوْلَى لِلْمُعْتَكِفِ الِاشْتِغَالُ بِالْعِبَادَةِ وَمُجَالَسَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَقِرَاءَةُ الْوَثَائِقِ وَالْمَغَازِي غَيْرِ الْمَوْضُوعَةِ وَإِلَّا فَتَحْرُمُ كَفُتُوحِ الشَّامِ وَقَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ وَحِكَايَتِهِمْ الْمَنْسُوبَةِ لِلْوَاقِدِيِّ. فَائِدَةٌ: ذَكَرَ الْإِمَامُ الشَّعْرَاوِيُّ فِي الْمَتْنِ مَا نَصُّهُ وَيُحَذَّرُ مِنْ مُطَالَعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِ إحْيَاءِ الْعُلُومِ لِلْغَزَالِيِّ، وَمِنْ كِتَابِ قُوتِ الْقُلُوبِ لِأَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ، وَمِنْ تَفْسِيرِ مَكِّيٍّ، وَمِنْ كَلَامِ ابْنِ مَيْسَرَةَ الْحَنْبَلِيِّ، وَمِنْ كَلَامِ مُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ الْبَلُّوطِيِّ، وَمِنْ مُطَالَعَةِ كُتُبِ ابْنِ حِبَّانَ أَوْ كُتُبِ إخْوَانِ الصَّفَاءِ أَوْ كَلَامِ إبْرَاهِيمَ النَّجَّامِ، أَوْ كِتَابِ خَلْعُ النَّعْلَيْنِ لِابْنِ قُسَيٍّ، أَوْ كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ الظَّاهِرِيِّ، أَوْ كَلَامِ الْمُفِيدِ بْنِ رَشِيدِيٍّ، أَوْ كُتُبِ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ الْعَرَبِيِّ، أَوْ تَائِيَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ وَفَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (وَلَا الْفِطْرُ) وَإِنْ وَجَبَ كَالْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ كَمَا مَرَّ . قَوْلُهُ: (يَوْمَ صَوْمِهِ) وَلَوْ نَفْلًا وَيَلْزَمُهُ اعْتِكَافُ يَوْمٍ كَامِلٍ وَهُوَ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِهِ، فَلَوْ اعْتَكَفَ مِنْ أَوَّلِهِ وَنَوَى الصَّوْمَ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَكْفِهِ. قَوْلُهُ: (صَائِمًا أَوْ يَصُومُ مُعْتَكِفًا) أَوْ بِاعْتِكَافٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ الِاعْتِكَافُ وَالصَّوْمُ) وَيَكْفِيهِ لَحْظَةٌ عَنْ الِاعْتِكَافِ وَلَا يُجْزِئُهُ صَوْمُ غَيْرِ مَا نَذَرَهُ وَلَوْ وَاجِبًا وَلَا أَقَلَّ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّهُ. قَوْلُهُ: (وَالصَّلَاةُ أَفْعَالٌ) وَمِثْلُهَا الْإِحْرَامُ فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا أَوْ عَكْسَهُ لَزِمَاهُ لَا جَمَعُهُمَا وَلَوْ نَذَرَ الْقِرَانَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ جَازَ لَهُ مُقْتَضَيَانِ وَهُوَ أَفْضَلُ. قَوْلُهُ: (وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ) أَيْ الْقَاطِعُ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ وَالثَّانِي لَا يَجِبُ وَحَيْثُ لَزِمَاهُ فَيَكْفِيهِ لِلِاعْتِكَافِ لَحْظَةً، وَمِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ وَلَوْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ وَجَبَ فَلَوْ كَانَ أَيَّامًا لَزِمَهُ لِكُلِّ يَوْمٍ رَكْعَتَانِ فِيهِ، وَلَا يَكْفِيهِ جَمْعُهَا فِي يَوْمٍ. وَلَوْ عَيَّنَ زَمَنًا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ مَعَهُ لَزِمَهُ الِاعْتِكَافُ فَقَطْ. وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا مُتَتَابِعًا فَجَامَعَ لَيْلًا بَطَلَ وَلَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ. قَوْلُهُ: (الْفَرْضِيَّةُ) أَوْ النَّذْرُ وَلَمْ يَجْرِ هُنَا الْخِلَافُ فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ لَفْظَ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ مَثَلًا يُرْشِدُ إلَى الْفَرْضِيَّةِ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ، وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ سَبَبِهِ   [حاشية عميرة] {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ} [البقرة: 187] . قَوْلُهُ: (وَهِيَ حَرَامٌ إلَخْ) حَاوَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَنْعَ التَّحْرِيمِ فِيهَا إذَا كَانَ الِاعْتِكَافُ تَطَوُّعًا، وَقَضِيَّةُ الشَّرْحِ كَالرَّوْضَةِ خِلَافُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَضُرُّ التَّطَيُّبُ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ تَرْكُهُ، وَلَا الْأَمْرُ بِتَرْكِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَزِمَهُ) أَيْ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ بِالصَّوْمِ أَفْضَلُ فَصَحَّ الْتِزَامُهُ لِحَدِيثِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا) مِثْلُهُ مَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ بِصَوْمٍ، لِأَنَّهُ حَالٌ أَيْضًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي فِيهِمَا أَنْ يَكْتَفِيَ بِاعْتِكَافِ لَحْظَةٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بِطَرْدِ الْوَجْهَيْنِ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ لَا يَجِبُ جَمْعُهُمَا قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَنْوِي فِي النَّذْرِ الْفَرْضِيَّةَ) لَمْ يَحْكُوا هُنَا خِلَافَ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ تَقْيِيدَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 طَالَ مُكْثُهُ لَكِنْ لَوْ خَرَجَ) مِنْ الْمَسْجِدِ (وَعَادَ) إلَيْهِ (احْتَاجَ إلَى الِاسْتِئْنَافِ) لِلنِّيَّةِ سَوَاءٌ خَرَجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّ مَا مَضَى عِبَادَةٌ تَامَّةٌ وَالثَّانِيَ اعْتِكَافٌ جَدِيدٌ. (وَلَوْ نَوَى مُدَّةً) كَيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ. (فَخَرَجَ فِيهَا وَعَادَ فَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ) لِلنِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ لِقَطْعِهِ الِاعْتِكَافَ. (أَوْ لَهَا فَلَا) يَلْزَمُهُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ مِنْهَا فَهِيَ كَالْمُسْتَثْنَى عِنْدَ النِّيَّةِ (وَقِيلَ إنْ طَالَتْ مُدَّةُ خُرُوجِهِ اسْتَأْنَفَ) النِّيَّةَ لِتَعَذُّرِ الْبِنَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَطُلْ وَسَوَاءٌ خَرَجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَمْ لِغَيْرِهِ. (وَقِيلَ لَا يَسْتَأْنِفُ مُطْلَقًا) لِأَنَّ النِّيَّةَ شَمَلَتْ جَمِيعَ الْمُدَّةِ بِالتَّعْيِينِ. (وَلَوْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فَخَرَجَ لِعُذْرٍ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ) وَعَادَ (لَمْ يَجِبْ اسْتِئْنَافُ النِّيَّةِ وَقِيلَ إنْ خَرَجَ لِغَيْرِ الْحَاجَةِ وَغُسْلِ الْجَنَابَةِ) يَعْنِي مِمَّا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ كَالْأَكْلِ، فَإِنَّهُ مَعَ إمْكَانِهِ فِي الْمَسْجِدِ يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَحْيِ مِنْهُ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ فِيهِ بِخِلَافِ الشُّرْبِ فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ لَهُ مَعَ إمْكَانِهِ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحْيَا مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ. (وَجَبَ) اسْتِئْنَافُ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ الْعِبَادَةِ بِمَا عَرَضَ وَالْأَصَحُّ لَا يَجِبُ لِشُمُولِ النِّيَّةِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ أَمَّا مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ كَالْحَيْضِ فَهُوَ كَالْحَاجَةِ قَطْعًا، وَلَوْ خَرَجَ لِعُذْرٍ   [حاشية قليوبي] لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِغَيْرِ النَّذْرِ. قَوْلُهُ: (أَطْلَقَ نِيَّةَ الِاعْتِكَافِ) أَيْ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ) وَلَا يَضُرُّ فِي النِّيَّةِ قَصْدُ قَطْعِهَا، وَلَا قَصْدُ قَطْعِ الِاعْتِكَافِ، وَلَا قَصْدُ الْخُرُوجِ مِنْهُ كَمَا فِي الْحَجِّ نَعَمْ يَضُرُّ رَفْضُهَا. قَوْلُهُ: (احْتَاجَ إلَى الِاسْتِئْنَافِ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْزِمْ حَالَ خُرُوجِهِ عَلَى الْعَوْدِ لِلِاعْتِكَافِ وَإِلَّا كَفَاهُ ذَلِكَ الْعَزْمُ مِنْ النِّيَّةِ عِنْدَ دُخُولِهِ مَسْجِدًا سَوَاءٌ الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ اعْتِكَافٌ وَلَا يَضُرُّ فِي نِيَّتِهِ جِمَاعُهُ حَالَ خُرُوجِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اعْتِكَافٍ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ) أَيْ مَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى الْعَوْدِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى إذْ هُنَا قَوْلٌ بِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ مُطْلَقًا وَشَيْخُنَا لَمْ يُوَافِقْ فِي هَذِهِ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ مَا يُوَافِقُهُ إذَا عَادَ إلَى مَسْجِدٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَكْثَرُ مَسَافَةً مِنْهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا عَادَ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا، وَإِلَّا فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الِاعْتِكَافِ مُطْلَقًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (بِالتَّعْيِينِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمِقْدَارُ كَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا فِي التَّقْدِيرِ لَا مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ كَيَوْمِ كَذَا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَذَرَ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَوَى مُدَّةً مُعَيَّنَةً نَفْلًا كَمَا يَدُلُّ لَهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَعَادَ) أَيْ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ حَالًا وُجُوبًا فِي النَّذْرِ وَإِلَّا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ. قَوْلُهُ: (بُدَّ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ   [حاشية عميرة] الْبَالِغِ الصَّلَاةَ بِكَوْنِهَا ظُهْرًا مَثَلًا يُرْشِدُ إلَى الْفَرْضِيَّةِ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا هُنَا تَعْيِينَ سَبَبِ وُجُوبِهِ وَهُوَ النَّذْرُ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِهِ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ: وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى نِيَّةِ الْمَنْذُورِ كَفَتْهُ عَنْ الْفَرْضِيَّةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ) قَدْ سَلَفَ فِي الصَّلَاةِ وَجْهٌ فِي مِثْلِ هَذِهِ النِّيَّةِ، لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَةٍ، وَقِيَاسُهُ هُنَا الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يُسَمَّى عُكُوفًا وَوُجِّهَ، لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَقِيَاسُهُ هُنَا الِاقْتِصَارُ عَلَى يَوْمٍ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ نَوَى مُدَّةً) مِثْلُهُ لَوْ نَذَرَهَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ التَّتَابُعَ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ) أَيْ لِيَصِحَّ اعْتِكَافُهُ الثَّانِي، وَأَمَّا أَصْلُ الْعَوْدِ فَلَا يَجِبُ فِي النَّفْلِ لِجَوَازِ الْخُرُوجِ مِنْهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا الْخِلَافُ الَّذِي فِي التَّطَوُّعِ جَارٍ فِيمَا إذَا نَذَرَ مُدَّةً، وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِيهَا التَّتَابُعَ، وَكَذَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ لَفْظِ الْكِتَابِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً) يَحْتَمِلُ أَنَّ نِيَّتَهَا كَنَذْرِهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْإِرْشَادِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ كَالشَّيْخَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا خِلَافُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِعُذْرٍ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَالْأَكْلِ وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالْحَيْضِ وَالْمَرَضِ وَالْخُرُوجِ نَاسِيًا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي إيضَاحُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَجِبْ اسْتِئْنَافُ النِّيَّةِ) وَلَكِنْ اشْتَرَطَ الْمُبَادَرَةَ إلَى الْعَوْدِ عِنْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَغُسْلُ الْجَنَابَةِ) أَيْ غَيْرُ الْمُفْطِرِ. قَوْلُهُ: (يَعْنِي مِمَّا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ) حَاوَلَ بِهَذَا دَفْعَ مَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: تَخْصِيصُ الْخِلَافِ بِهَذَيْنِ غَلَطٌ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ، فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ قَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ آخِرَ الْبَابِ، فَقَالَ: أَمَّا الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي مَعْنَاهُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالِاغْتِسَالِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذَانَ إذَا جَوَّزْنَا الْخُرُوجَ لَهُ، وَأَمَّا الَّذِي مِنْهُ بُدٌّ أَيْ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، فَفِيهِ وَجْهَانِ، أَظْهَرُهُمَا لَا يَجِبُ وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ مِثْلَهُ. قَالَ: أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَتَلَخَّصَ أَنَّ جَمِيعَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَذَلِكَ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْمَرَضِ وَقَضَاءِ الْعِدَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَيْفَ يُتَخَيَّلُ اغْتِفَارُ الِاغْتِسَالِ، وَالْآذَانِ دُونَ الْحَيْضِ وَنَحْوِهِ اهـ. ثُمَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَجَبَ اسْتِئْنَافُ النِّيَّةِ عِنْدَ الْعَوْدِ. (وَشَرْطُ الْمُعْتَكِفِ الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالنَّقَاءُ مِنْ الْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ (وَالْجَنَابَةِ) فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْكَافِرِ وَالْمَجْنُونِ وَكَذَا الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانُ إذْ لَا نِيَّةَ لَهُمْ وَلَا اعْتِكَافُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَالْجُنُبِ لِحُرْمَةِ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَيْهِمْ، (وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُعْتَكِفُ أَوْ سَكِرَ بَطَلَ) اعْتِكَافُهُ زَمَنَ الرِّدَّةِ وَالسُّكْرِ. (وَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُ مَا مَضَى مِنْ اعْتِكَافِهِمَا الْمُتَتَابِعِ) مِنْ حَيْثُ التَّتَابُعُ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ بِلَا عُذْرٍ وَهُوَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَمَا سَيَأْتِي، وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ فِيهِمَا فَيُبْنَيَانِ بَعْدَ الْعَوْدِ وَالصَّحْوِ إمَّا فِي الرِّدَّةِ فَتَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ وَإِمَّا فِي السُّكْرِ فَإِلْحَاقًا لَهُ بِالنَّوْمِ وَقِيلَ: يَبْطُلُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ. وَهَذَا بِمَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِيهِمَا مِنْ الْبِنَاءِ فِي الْأَوَّلِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَالِاسْتِئْنَافِ فِي الثَّانِي بَعْدَ الصَّحْوِ. وَقِيلَ فِيهِمَا قَوْلَانِ هَذِهِ خَمْسَةُ طُرُقٍ، وَأَصْحَابُ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ حَمَلُوا نَصَّ الْمُرْتَدِّ عَلَى اعْتِكَافٍ غَيْرِ مُتَتَابِعٍ، وَأَصْحَابُ الطَّرِيقِ الثَّانِي حَمَلُوا نَصَّ السَّكْرَانِ عَلَى مَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ. (وَلَوْ طَرَأَ جُنُونٌ أَوْ إغْمَاءٌ) عَلَى الْمُعْتَكِفِ (لَمْ يَبْطُلْ مَا مَضَى) مِنْ اعْتِكَافِهِ الْمُتَتَابِعِ. (إنْ لَمْ يُخْرَجْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنْ الْمَسْجِدِ، لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِمَا عَرَضَ لَهُ فَإِنْ أُخْرِجَ مِنْهُ وَكَانَ يُمْكِنُ حِفْظُهُ فِيهِ بِمَشَقَّةٍ بَطَلَ تَتَابُعُ اعْتِكَافِهِ فِي قَوْلٍ، وَالْأَظْهَرُ لَا   [حاشية قليوبي] وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ غِنًى. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ الْمُعْتَكِفِ) أَيْ وَصْفُهُ شَرْطٌ. وَأَمَّا هُوَ فَرُكْنٌ وَبِهِ تَتِمُّ أَرْكَانُ الِاعْتِكَافِ الْأَرْبَعَةُ وَهِيَ النِّيَّةُ وَالْمَسْجِدُ وَاللُّبْثُ فِيهِ وَالْمُعْتَكِفُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْمُغْمَى عَلَيْهِ) أَلْحَقَهُ وَمَا بَعْدَهُ بِالْمَجْنُونِ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْعَقْلِ التَّمْيِيزَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُ لَفْظِ كَذَا عَلَى إرَادَةِ ذَاكَ، وَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الِابْتِدَاءِ وَسَيَأْتِي الْأَثْنَاءُ. قَوْلُهُ: (وَالْجُنُبِ وَلَوْ صَبِيًّا) وَالْعِلَّةُ لِلْأَصْلِ وَالْأَغْلَبِ. قَوْلُهُ: (لِحُرْمَةِ الْمُكْثِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ فَيَصِحُّ اعْتِكَافُ مَنْ بِهِ جِرَاحَةٌ نَضَّاحَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَلَمْ يَرْتَضِهِ، وَاعْتِكَافُ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ وَعَبْدٍ وَوَلَدٍ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِ أَمْرِهِمْ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ خَارِجٌ، وَبِإِذْنِهِ لَا حُرْمَةَ وَلَهُ تَحْلِيلُهُمْ مِنْ نَفْلٍ أُذِنَ فِيهِ لَا مِنْ فَرْضٍ أُذِنَ فِيهِ وَلَوْ غَيْرَ مُتَتَابِعٍ وَنَذْرُ الْعَبْدِ صَحِيحٌ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ ثُمَّ بَاعَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي تَحْلِيلُهُ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ وَالْمُكَاتَبُ فِي الْحُرْمَةِ كَالْقِنِّ إنْ فَاتَ عَلَيْهِ كَسْبٌ وَإِلَّا فَلَا وَالْمُبَعَّضُ فِي نَوْبَتِهِ كَالْحُرِّ. قَوْلُهُ: (أَوْ سَكِرَ) أَيْ مُتَعَدِّيًا وَإِلَّا فَكَالْإِغْمَاءِ إذَا لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مِنْ اعْتِكَافِهِمَا) اعْتَرَضَ عَلَى التَّثْنِيَةِ لِأَنَّ الْعَطْفَ قَبْلَهُ بِأَوْ. وَأَجَابَ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّ الْعَطْفَ لِلْفِعْلِ وَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ لِلْمُرْتَدِّ وَالسَّكْرَانِ انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ وَلِذَلِكَ لَمْ يَرْتَضِهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ: بَطَلَ اعْتِكَافُهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ التَّتَابُعُ) وَكَذَا يَبْطُلُ الثَّوَابُ فِي الْمُرْتَدِّ مُطْلَقًا. وَكَذَا الْعَمَلُ إنْ مَاتَ مُرْتَدًّا. قَوْلُهُ: (حَمَلُوا نَصَّ الْمُرْتَدِّ إلَخْ) فِي هَذَا الْحَمْلِ نَظَرٌ مَعَ فَرْضِ أَنَّ النَّصَّيْنِ فِي الْمُتَتَابِعِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَرَأَ) أَيْ بِلَا تَعَدٍّ. قَوْلُهُ: (بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) لَعَلَّ ضَبْطَهُ لِذَلِكَ إمَّا لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ خُرُوجٌ أَوْ لِبُعْدِ خُرُوجِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ لِإِدْخَالِ إخْرَاجِ غَيْرِهِ لَا لِإِخْرَاجِ خُرُوجِهِ بِنَفْسِهِ وَلِذَلِكَ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَتَابُعُ اعْتِكَافِهِمَا سَوَاءٌ أُخْرِجَا أَوْ خَرَجَا أَمْكَنَ حِفْظُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ بِلَا مَشَقَّةٍ أَوْ لَا حَرُمَ إبْقَاؤُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ لِنَحْوِ تَنَجُّسِ أَوَّلِهَا فَقَوْلُهُ: لِمَشَقَّةٍ إلَخْ قِيلَ لِلْخِلَافِ لَا لِلْحُكْمِ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ بُطْلَانُ التَّتَابُعِ فِيمَا إذَا وَجَبَ إخْرَاجُهُمَا كَالْمُكْرَهِ بِحَقٍّ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ بِسُكُوتِهِ عَلَيْهِ.   [حاشية عميرة] نَبَّهَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لِغَرَضٍ أَنْشَأَهُ ثُمَّ عَادَ فَفِي التَّجْدِيدِ الْخِلَافُ، فِيمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ [وَشَرْطُ الْمُعْتَكِفِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَشَرْطُ الْمُعْتَكِفِ إلَخْ) دَخَلَ فِي ضَابِطِهِ الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى إذْنِ السَّيِّدِ وَالزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْمُغْمَى عَلَيْهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ زَمَنَهُ يُحْسَبُ إذَا طَرَأَ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ هَذِهِ الشُّرُوطِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَا عَلَى الِابْتِدَاءِ فَقَطْ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الِابْتِدَاءَ، وَأَمَّا الدَّوَامُ فَذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ ارْتَدَّ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الرِّدَّةِ إلَخْ) أَيْ دُونَ الْمَاضِي مِنْ غَيْرِ الْمُتَتَابِعِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ اعْتِكَافِهِمَا) اعْتَرَضَ التَّثْنِيَةَ بِأَنَّ الْعَطْفَ السَّابِقَ بِأَوْ، وَأَجَابَ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّ الْعَطْفَ لِلْفِعْلِ، وَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ لِلْمُرْتَدِّ وَالسَّكْرَانِ فَلَا إيرَادَ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ التَّتَابُعُ) وَإِلَّا فَهُوَ مَحْسُوبٌ لَهُ، وَلَا نُحْبِطُهُ عَلَيْهِ وَلَكِنْ فِي الرِّدَّةِ يُشْتَرَطُ الْعَوْدُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَبْطُلُ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تُنَافِي الْعِبَادَةَ وَالسُّكْرُ كَالنَّوْمِ. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَلِذَا تَجُوزُ اسْتِتَابَتُهُ فِيهِ، وَتَمَكُّنُهُ مِنْ الدُّخُولِ لِاسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ، وَالسَّكْرَانُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمَسْجِدِ لِلْآيَةِ فَإِذَا شَرِبَ وَسَكِرَ فَقَدْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ عَنْ أَهْلِيَّةِ اللُّبَابِ. قَوْلُهُ: (وَأَصْحَابُ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ) كَذَا أَصْحَابُ الطَّرِيقِ الثَّانِي حَمَلُوا النَّصَّيْنِ جَمِيعًا عَلَى مَا ذُكِرَ، وَكَانَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَرَكَ ذَلِكَ، لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَالَهُ فِي الْأَوِّلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَرُبَّمَا عَرَضَ لَهُ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 يَبْطُلُ كَمَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُهُ فِيهِ لِعُذْرِهِ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ. (وَيُحْسَبُ زَمَنُ الْإِغْمَاءِ مِنْ الِاعْتِكَافِ) كَالنَّوْمِ (دُونَ) زَمَنِ (الْجُنُونِ) لِمُنَافَاتِهِ لِلِاعْتِكَافِ (أَوْ) طَرَأَ (الْحَيْضِ وَجَبَ الْخُرُوجُ وَكَذَا الْجَنَابَةُ إنْ تَعَذَّرَ الْغُسْلُ فِي الْمَسْجِدِ) لِحُرْمَةِ الْمُكْثِ فِيهِ عَلَى الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ. (فَلَوْ أَمْكَنَ) الْغُسْلُ فِيهِ (جَازَ الْخُرُوجُ) لَهُ. (وَلَا يَلْزَمُ) بَلْ يَجُوزُ الْغُسْلُ فِيهِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُبَادِرَ بِهِ كَيْ لَا يَبْطُلَ تَتَابُعُ اعْتِكَافِهِ. (وَلَا يُحْسَبُ زَمَنُ الْحَيْضِ وَلَا الْجَنَابَةِ) فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الِاعْتِكَافِ لِمُنَافَاتِهِمَا لَهُ. فَصْلُ إذَا نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ أَوْ شَهْرٍ مُتَتَابِعٍ (لَزِمَهُ) التَّتَابُعُ فِيهَا، وَفِي مُدَّةِ الْأَيَّامِ يَلْزَمُ اعْتِكَافُ اللَّيَالِيِ الْمُتَخَلِّلَةِ بَيْنَهَا فِي الْأَرْجَحِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّتَابُعُ بِلَا شَرْطٍ) وَالثَّانِي أَنَّهُ يَجِبُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا شَهْرًا يَكُونُ مُتَتَابِعًا، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ مَقْصُودَ الْيَمِينِ الْهِجْرَانُ وَلَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ التَّتَابُعِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ نَوَى التَّتَابُعَ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ فِي الْأَصَحِّ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَصْلِ الِاعْتِكَافِ بِقَلْبِهِ، وَلَا يَلْزَمُ فِي مُدَّةِ الْأَيَّامِ اعْتِكَافُ اللَّيَالِي الْمُتَخَلِّلَةِ بَيْنَهَا فِي الْأَرْجَحِ، وَلَوْ شُرِطَ   [حاشية قليوبي] وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَيُحْسَبُ زَمَنُ الْإِغْمَاءِ) أَيْ إنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْجَنَابَةُ) أَيْ غَيْرُ الْمُفْطِرَةِ لِأَنَّ الْمُفْطِرَةَ تَقْطَعُ التَّتَابُعَ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَمْكَنَ الْغُسْلُ) أَيْ بِلَا مُكْثٍ وَمِثْلُهُ التَّيَمُّمُ. قَوْلُهُ: (زَمَنُ الْحَيْضِ) أَمَّا الْمُسْتَحَاضَةُ فَلَا تَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ إنْ أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ. فَصْلٌ فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ وَكَيْفِيَّةِ نَذْرِهِ قَوْلُهُ: (وَفِي مُدَّةِ الْأَيَّامِ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ إذَا تَلَفَّظَ بِالتَّتَابُعِ دَخَلَتْ اللَّيَالِي فِي لَفْظِ الشَّهْرِ قَطْعًا سَوَاءٌ عَيَّنَهُ أَوْ لَا. بَلْ وَإِنْ نَفَاهَا فِي نِيَّتِهِ وَمِثْلُهُ الْأُسْبُوعُ وَالْعَشْرُ الْفُلَانِيُّ مِنْ شَهْرِ كَذَا. وَتَدْخُلُ فِي لَفْظِ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَمِثْلُهُ سَبْعَةُ أَيَّامٍ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَلَفَّظْ بِالتَّتَابُعِ دَخَلَتْ فِي نَحْوِ الشَّهْرِ قَطْعًا أَيْضًا وَلَا تَدْخُلُ فِي نَحْوِ الْعَشَرَةِ أَيَّامٍ عَلَى الرَّاجِحِ نَعَمْ إنْ نَوَاهَا دَخَلَتْ كَمَا لَوْ نَذَرَ يَوْمًا فَلَا تَدْخُلُ لَيْلَتُهُ إلَّا إنْ نَوَاهَا. وَبِذَلِكَ عُلِمَ بِأَنَّ التَّتَابُعَ لَا يَلْزَمُ بِنِيَّتِهِ وَفَارَقَ لُزُومَ اللَّيَالِي بِهَا بِأَنَّهُ وَصْفٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَاللَّيَالِي مِنْ الْجِنْسِ وَلَازِمَةٌ لِلْأَيَّامِ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيَلْزَمُ فِي مُدَّةِ الْأَيَّامِ اعْتِكَافُ اللَّيَالِي الْمُتَخَلِّلَةِ بِعَيْنِهَا فِي الْأَرْجَحِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَهُوَ لُزُومُ التَّتَابُعِ بِالنِّيَّةِ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا نَوَاهَا فِي نُسْخَةٍ. وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّاجِحِ   [حاشية عميرة] الشَّخْصَ لَوْ تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ كَانَ قَاطِعًا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْكِفَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُحْسَبُ زَمَنُ الْإِغْمَاءِ) نَظِيرُ مَا سَلَفَ فِي الصَّائِمِ إذَا زَالَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لَكِنْ هُنَا لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ إنَّمَا الشَّرْطُ جِنَايَةٌ لَا تَقْطَعُ التَّتَابُعَ. قَوْلُهُ: (زَمَنُ الْحَيْضِ وَلَا الْجَنَابَةِ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّفَقَ الْمُكْثُ مَعَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ حَرَامٌ، وَإِنَّمَا يُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ وَهَلْ يَبْطُلُ بِالْحَيْضِ مَا سَبَقَ مِنْ التَّتَابُعِ، أَمْ يَجُوزُ الْبِنَاءُ فِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ. [فَصْلُ إذَا نَذَرَ الْمُعْتَكِف مُدَّةً مُتَتَابِعَةً] فَصْلٌ إذَا نَذَرَ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَزِمَهُ) أَيْ كَالصَّوْمِ وَلِأَنَّ التَّتَابُعَ وَصْفٌ مَقْصُودٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى الْبَاقِي عَقِبَ الْإِتْيَانِ بِبَعْضِهِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ لُزُومِ نَذْرِ التَّفْرِيقِ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّوْمِ. قَوْلُهُ: (يَلْزَمُ اعْتِكَافُ اللَّيَالِي إلَخْ) قَالَ الرُّويَانِيُّ: إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ اللَّيَالِيَ بِقَلْبِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّحِيحُ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الصَّوْمِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ نَذَرَ يَوْمًا وَنَوَى لَيْلَتَهُ مَعَهُ لَزِمَتْهُ بِاتِّفَاقٍ قَالَهُ السُّبْكِيُّ. وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ النِّيَّةَ وَحْدَهَا لَا تَعْمَلُ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْيَوْمَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 التَّفَرُّقُ خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالتَّتَابُعِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ. (وَ) الْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ يَوْمًا لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ عَلَى الْأَيَّامِ) لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ لَفْظِ الْيَوْمِ الْمُتَّصِلِ وَالثَّانِي يَجُوزُ تَنْزِيلًا لِلسَّاعَاتِ مِنْ الْيَوْمِ مَنْزِلَةَ الْأَيَّامِ مِنْ الشَّهْرِ. (وَ) الْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. (أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ مُدَّةً كَأُسْبُوعٍ) عَيَّنَهُ (وَتَعَرَّضَ لِلتَّتَابُعِ وَفَاتَهُ لَزِمَهُ التَّتَابُعُ فِي الْقَضَاءِ) وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ التَّتَابُعَ يَقَعُ ضَرُورَةً فَلَا أَثَرَ لِتَصْرِيحِهِ بِهِ، (وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْقَضَاءِ) قَطْعًا. (وَإِذَا ذَكَرَ التَّتَابُعَ) فِي نَذْرِهِ (وَشَرَطَ الْخُرُوجَ لِعَارِضٍ صَحَّ الشَّرْطُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ إلَّا بِحَسَبِهِ، وَالثَّانِي يَلْغُو لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى التَّتَابُعِ، وَعَلَى   [حاشية قليوبي] إذَا لَمْ يَنْوِهَا. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ الْمُتَخَلِّلَةِ اللَّيْلَةُ السَّابِقَةُ فَفِيهَا مَا فِي لَيْلَةِ الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَلْيُحَرَّرْ. قَوْلُهُ (وَلَوْ شُرِطَ التَّفَرُّقُ) وَلَوْ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهَذَا مَفْهُومُ شَرْطِ التَّتَابُعِ. قَوْلُهُ: (خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالتَّتَابُعِ) وَفَارَقَ عَدَمَ إجْزَاءِ التَّتَابُعِ فِيمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَصَامَهَا مُتَوَالِيَةً حَيْثُ يُحْسَبُ لَهُ مِنْهَا خَمْسَةٌ فَقَطْ لِوُجُوبِ وُجُودِ الْفِطْرِ فِي تَخَلُّلِهَا بِخِلَافِهِ هُنَا وَفَارَقَ أَيْضًا عَدَمُ إجْزَاءِ التَّوَالِي فِي الْعَشَرَةِ أَيَّامٍ لِلْمُتَمَتِّعِ فِي الْحَجِّ بِالنَّصِّ عَلَى تَفْرِيقِهَا، وَبِأَنَّهُ فِي أَدَائِهَا تَخَلَّلَهَا فِطْرٌ وُجُوبًا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الرَّوْضَةِ) خِلَافٌ لِمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالصَّحِيحِ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (يَوْمًا) وَهُوَ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ كَمَا قَالَهُ الْخَلِيلُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَيَّامِ) رُبَّمَا يُرْشِدُ فِيمَا لَوْ دَخَلَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ وَاسْتَمَرَّ إلَى مِثْلِهِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي أَنَّهُ يَكْفِيهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَيْسَتْ مِنْ أَفْرَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ إلَى مِثْلِهِ مَا لَوْ خَرَجَ مِنْهُ لَيْلًا فَلَا يَكْفِيهِ عِنْدَ شَيْخِنَا خِلَافًا لِلْخَطِيبِ، وَلَوْ نَذَرَ وَقْتَ الزَّوَالِ مَثَلًا اعْتِكَافَ يَوْمٍ أَوَّلُهُ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ لَزِمَهُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَى مِثْلِهِ مِنْ الْغَدِ، وَدَخَلَتْ اللَّيْلَةُ لِضَرُورَةِ التَّعْيِينِ. وَلَوْ اعْتَكَفَ لَيْلًا عِوَضًا عَنْ النَّهَارِ فَإِنْ كَانَ قَضَاءً صَحَّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ قَدْرِ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ وَإِلَّا وَجَبَ التَّكْمِيلُ وَفَارَقَ إجْزَاءَ يَوْمٍ قَصِيرٍ عَنْ طَوِيلٍ فِي الصَّوْمِ بِاتِّحَادِ جِنْسِ الزَّمَانِ كَمَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَبِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَبَعَّضُ، وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَكَفَ يَوْمًا كَفَاهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْمَنْذُورِ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى التَّكْمِيلِ فِي اللَّيْلِ لِعَدَمِ اسْمِ الْيَوْمِ فِيهِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ مِثْلُ الزَّمَنِ الْمَنْذُورِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجُوزُ) قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَكْفِيهِ عَلَى هَذَا قَدْرُ سَاعَاتِ أَقْصَرِ الْأَيَّامِ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَكَفَهُ عَنْهُ كَفَاهُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ وَاضِحٌ أَنَّهُ فَرَّقَهُ فِي سِنِينَ فَإِنْ فَرَّقَهُ فِي أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ فِي الطُّولِ أَوْ الْقِصَرِ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْجُزْئِيَّةِ إلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَإِنْ كَانَ ثُلُثًا مَثَلًا خَرَجَ عَنْ ثُلُثِ مَا عَلَيْهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا غَايَرَ بَيْنَ السَّاعَاتِ فَلَوْ أَتَى بِسَاعَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ يَوْمٍ ثُمَّ أَتَى بِهَا نَفْسَهَا مِنْ يَوْمٍ آخَرَ وَهَكَذَا إلَى أَنْ اسْتَكْمَلَ مَا عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِئْهُ جَزْمًا. قَوْلُهُ: (عَيَّنَهُ) قَيْدٌ لِتَصَوُّرِ الْقَضَاءِ. وَلَوْ تَرَكَ يَوْمًا مِنْهُ قَضَى بَدَلَهُ فَقَطْ وَفَارَقَ اسْتِئْنَافَ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ بِعَدَمِ تَعَيُّنِ زَمَنِهَا، وَلَوْ نَذَرَ الْعَشَرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ مَا بَعْدَ الْعِشْرِينَ مِنْ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي وَإِنْ نَقَصَ، أَوْ نَذَرَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ قَضَاءُ يَوْمٍ إذَا نَقَصَ. وَالْأَحْوَطُ اعْتِكَافُ يَوْمِ الْعِشْرِينَ وَيُجْزِئُهُ إنْ نَقَصَ وَإِلَّا أَتَمَّهُ. وَلَوْ نَذَرَ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ لَزِمَهُ مِنْ وَقْتِ قُدُومِهِ فَقَطْ إنْ قَدِمَ نَهَارًا حَيًّا مُخْتَارًا وَإِلَّا فَلَا، وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ نَذْرِهِ إذَا فَاتَ وَالْأَفْضَلُ يَوْمٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا أَثَرَ لِتَصْرِيحِهِ بِهِ) فَهُوَ لَغْوٌ أَوْ مُؤَكَّدٌ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْقَضَاءِ) لِأَنَّ لُزُومَهُ فِي الْأَدَاءِ لِضَرُورَةِ الْوَقْتِ كَرَمَضَانَ. قَوْلُهُ: (لِعَارِضٍ دِينِيٍّ) أَوْ دُنْيَوِيٍّ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِشُرُوطٍ   [حاشية عميرة] قَدْ يُطْلَقُ عَلَيْهَا اهـ. وَلَوْ نَوَى أَيَّامًا وَنَوَى لَيَالِيَهَا فَكَذَلِكَ، وَأَمَّا الشَّهْرُ فَإِنَّ لَيَالِيَهُ تَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي. قَوْلُهُ: (لَوْ نَوَى التَّتَابُعَ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ لَا يَلْزَمُ) اخْتَارَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ اللُّزُومَ، وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ اللَّيَالِيَ فِي نَذْرِ الْأَيَّامِ تَلْزَمُ بِنِيَّتِهَا وَهِيَ زَمَنٌ فَالصِّفَةُ أَعْنِي التَّتَابُعَ أَوْلَى بِذَلِكَ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ اللَّيَالِيَ مِنْ جِنْسِ الْمَنْذُورِ فَلَزِمَتْ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ التَّتَابُعِ، فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَوْ نَوَى وَالْمُرَادُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْأَيَّامَ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ التَّتَابُعُ، وَلَا نَوَاهُ لَا تَلْزَمُهُ اللَّيَالِي، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا تَغْتَرَّ بِمَا كَتَبْنَاهُ فِي حَاشِيَةٍ أُخْرَى مِنْ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى لَا يَلْزَمُهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ مُدَّةَ الْأَيَّامِ احْتَرَزَ عَنْ الشَّهْرِ، فَإِنَّ اللَّيَالِيَ تَلْزَمُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّتَابُعِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الرَّوْضَةِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَفْهُومَ إلَخْ) قَالَ الْخَلِيلُ: الْيَوْمُ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجُوزُ) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا غَايَرَ بَيْنَ السَّاعَاتِ، أَمَّا لَوْ أَتَى سَاعَةً مُعَيَّنَةً مِنْ يَوْمٍ ثُمَّ أَتَى بِهَا نَفْسَهَا مِنْ آخَرَ إلَى أَنْ اسْتَكْمَلَ، فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ جَزْمًا ثُمَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُشْعِرُ، بِأَنَّهُ لَوْ نَذَرَ نِصْفَ يَوْمٍ جَازَ التَّفْرِيقُ وَالْمُتَّجِهُ الْمَنْعُ. قَوْلُهُ: (عَيَّنَهُ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ عَبَّرَ بِالْأُسْبُوعِ فَقَطْ، وَشُرِطَ التَّتَابُعُ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْفَوَاتُ، فَإِنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي إسْنَوِيٌّ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ التَّتَابُعُ إلَخْ) لِالْتِزَامِهِ لَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا ذُكِرَ التَّتَابُعُ) أَيْ بِاللَّفْظِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَشُرِطَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 الْأَوَّلِ إنْ عَيَّنَ الْعَارِضَ فَقَالَ: لَا أَخْرُجُ إلَّا لِعِيَادَةِ الْمَرْضَى أَوْ لِعِيَادَةِ زَيْدٍ، خَرَجَ لِمَا عَيَّنَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ أَهَمَّ مِنْهُ. وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَالَ: لَا أَخْرُجُ إلَّا لِعَارِضٍ أَوْ شُغْلٍ خَرَجَ لِكُلِّ شُغْلٍ دِينِي كَالْعِيَادَةِ وَالْجَمَاعَةِ أَوْ دُنْيَوِيٍّ مُبَاحٍ كَلِقَاءِ السُّلْطَانِ، وَاقْتِضَاءِ الْغَرِيمِ وَلَيْسَتْ النُّزْهَةُ مِنْ الشَّغْلِ، وَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ بَعْدَ قَضَاءِ الشُّغْلِ. (وَالزَّمَانُ الْمَصْرُوفُ إلَيْهِ) أَيْ الْعَارِضُ (لَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ إنْ عَيَّنَ الْمُدَّةَ كَهَذَا الشَّهْرِ) لِأَنَّ النَّذْرَ فِي الْحَقِيقَةِ لِمَا عَدَاهُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُدَّةَ كَشَهْرٍ، (فَيَجِبُ) تَدَارُكُهُ لِتَتِمَّ الْمُدَّةُ وَتَكُونُ فَائِدَةُ الشَّرْطِ تَنْزِيلَ ذَلِكَ الْعَارِضِ مَنْزِلَةَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي أَنَّ التَّتَابُعَ لَا يَنْقَطِعُ بِهِ. (وَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِالْخُرُوجِ) مِنْ الْمَسْجِدِ (بِلَا عُذْرٍ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي صُوَرٍ. (وَلَا يَضُرُّ إخْرَاجُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ) كَرَأْسِهِ أَوْ يَدِهِ أَوْ إحْدَى رِجْلَيْهِ أَوْ كِلْتَيْهِمَا وَهُوَ قَاعِدٌ مَادٌّ لَهُمَا، فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ خَارِجٌ وَإِنْ كَانَ رَأْسُهُ دَاخِلًا. (وَلَا) يَضُرُّ (الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) وَغُسْلِ الْجَنَابَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَجِبُ فِعْلُهَا فِي غَيْرِ دَارِهِ) كَسِقَايَةِ الْمَسْجِدِ وَدَارِ صَدِيقِهِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُ لِلْمَشَقَّةِ فِي الْأَوَّلِ، وَالْمِنَّةِ فِي الثَّانِي. (وَلَا يَضُرُّ بُعْدُهَا) عَنْ الْمَسْجِدِ (إلَّا أَنْ يُفْحِشَ فَيَضُرَّ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَأْتِيهِ الْبَوْلُ إلَى أَنْ يَرْجِعَ فَيَبْقَى طُولَ يَوْمِهِ فِي الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ، وَاسْتَثْنَى فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى هَذَا أَنْ لَا يَجِدَ فِي طَرِيقِهِ مَوْضِعًا لِقَضَاءِ   [حاشية قليوبي] أَرْبَعَةٍ كَوْنُهُ مُعَيَّنًا مُبَاحًا مَقْصُودًا غَيْرَ مُنَافٍ لِلِاعْتِكَافِ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْهَا بَطَلَ النَّذْرُ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَدَخَلَ فِي الْمُعَيَّنِ مَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي عَارِضٌ أَوْ أُرِيدَ الْخُرُوجَ مَثَلًا وَسَتَأْتِي الْبَقِيَّةُ فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْعِيَادَةِ) الْمَنْدُوبَةِ لِمَرِيضٍ. قَوْلُهُ: (مُبَاحٌ) لَا نَحْوَ سَرِقَةٍ أَوْ زِنًى. قَوْلُهُ: (كَلِقَاءِ سُلْطَانٍ) لَا لِنَحْوِ تَفَرُّجٍ بَلْ لِنَحْوِ سَلَامٍ أَوْ مَنْصِبٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لِلِاعْتِكَافِ وَخَرَجَ بِهِ نَحْوُ جِمَاعٍ نَعَمْ لَا يَضُرُّ نَحْوُ حَيْضٍ غَيْرِ مُبْطِلٍ لِلتَّتَابُعِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَتْ النُّزْهَةُ إلَخْ) وَكُلٌّ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: يَصِحُّ شَرْطُ هَذَا الْعَارِضِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا نَحْوُ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ كَذَا إلَّا إنْ حَصَلَ شُغْلُ كَذَا أَوْ عَطَشٌ أَوْ جُوعٌ وَمِنْهُ نَذَرَ التَّصَدُّقِ بِمَالِهِ إلَّا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ فِي عُمُرِهِ، وَإِذَا مَاتَ لَزِمَ الْوَارِثَ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ) إنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ فِي نَذْرِهِ قَطْعَ الِاعْتِكَافُ بِالْعَارِضِ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ كَذَا إلَّا إنْ حَصَلَ لِي كَذَا كَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ عَلَى نَظِيرِ مَا فِي تَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ الْآتِي كَذَا صَوَّرَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ التَّصْوِيرِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ إلَخْ) وَفَارَقَ نَظِيرَ ذَلِكَ فِي الْمُعَيَّنَةِ بِأَنَّ ضَرُورَةَ التَّعْيِينِ صَرَفَتْ الِاسْتِثْنَاءَ إلَى جُزْءٍ مِنْ الزَّمَانِ الْمُلْتَزَمِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُلْتَزَمُ نَحْوَ حَيْضٍ لَمْ يَلْزَمْ تَدَارُكُهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ إحْدَى رِجْلَيْهِ) أَيْ وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِمَا فَقَطْ وَإِلَّا فَيَضُرُّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا) أَيْ وَهُمَا خَارِجَتَانِ مَعًا وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَجْرِي فِي كُلِّ جُزْءٍ أَخْرَجَهُ مِنْ بَدَنِهِ. قَوْلُهُ: (لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) أَيْ الْمَعْهُودَةِ هُنَا وَهِيَ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَكَذَا الرِّيحُ. قَوْلُهُ: (لِلْمَشَقَّةِ فِي الْأَوَّلِ) بِعُسْرِهِ أَوْ الِاحْتِشَامِ مِنْهُ. وَكَذَا كُلُّ مَا فِيهِ مِنَّةٌ عَلَيْهِ كَدَارِ صَدِيقِهِ، وَلَوْ لَمْ يَحْتَشِمْ مِنْ سِقَايَةِ الْمَسْجِدِ لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا. قَوْلُهُ: (يَفْحُشَ) ضَبَطَهُ الْبَغَوِيّ بِمَا يَذْهَبُ فِيهِ أَكْثَرُ الْوَقْتِ الْمَنْذُورِ انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ   [حاشية عميرة] الْخُرُوجُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شُرِطَ قَطْعُ الِاعْتِكَافِ لِلْعَارِضِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَلَكِنْ لَا يَجِبُ الْعَوْدُ. وَقَوْلُهُ لِعَارِضٍ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي، فَإِنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ لِمُنَافَاتِهِ الِالْتِزَامَ كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ بُطْلَانُ الِالْتِزَامِ فِي الْأَخِيرَةِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِحَسَبِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلشَّرْطِ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ صَحَّ الشَّرْطُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَجِبُ) أَيْ تَدَارُكُهُ وَيَكُونُ مُتَتَابِعًا. قَوْلُهُ: (وَتَكُونُ فَائِدَةُ الشَّرْطِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْمُسْتَثْنَى لَوْ كَانَ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَالْحَيْضِ لَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ، وَقَدْ يُلْتَزَمُ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ إذَا خَرَجَ وَلَا عُذْرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَضُرُّ إلَخْ) كَثِيرًا مَا يُسْتَدَلُّ لِهَذَا بِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُدْنِي رَأْسَهُ إلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تُرَجِّلُهُ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ» وَاعْتُرِضَ الِاسْتِدْلَال مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: احْتِمَالُ أَنَّ عَائِشَةَ هِيَ الَّتِي تُدْخِلُ يَدَهَا الْمَسْجِدَ. الثَّانِي أَنَّ اعْتِكَافَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ عَنْ نَذْرٍ. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَخِيرِ بِأَنَّهُ كَانَ إذَا عَمِلَ شَيْئًا دَاوَمَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْذُورِ. قَوْلُهُ: (أَوْ إحْدَى رِجْلَيْهِ) لَوْ أَخْرَجَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَفِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ اضْطَجَعَ وَأَخْرَجَ بَعْضَ بَدَنِهِ، فَهَلْ يُعْتَبَرُ بِالْمَسَّاحَةِ أَوْ بِالثِّقَلِ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) أَيْ وَإِنْ كَثُرَ لِعَارِضٍ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَدَارِ صَدِيقِهِ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ دَارَ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَزَوْجَتِهِ وَعُتَقَائِهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَيُحْتَمَلُ التَّفْصِيلُ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَدَلَ) عَلَّلَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 الْحَاجَةِ، أَوْ كَانَ لَا يَلِيقُ بِحَالِهِ أَنْ يَدْخُلَ لِقَضَائِهَا غَيْرَ دَارِهِ، وَالثَّانِي لَا يَضُرُّ لِمَا سَبَقَ مِنْ الْمَشَقَّةِ أَوْ الْمِنَّةِ مِنْ غَيْرِهَا، (وَلَوْ عَادَ مَرِيضًا فِي طَرِيقِهِ) لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ. (لَمْ يَضُرَّ مَا لَمْ يَطُلْ وُقُوفُهُ أَوْ) لَمْ (يَعْدِلْ عَنْ طَرِيقِهِ) فَإِنْ طَالَ أَوْ عَدَلَ ضَرَّ، وَلَوْ كَثُرَ خُرُوجُهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ لِعَارِضٍ يَقْتَضِيهِ، فَقِيلَ يَضُرُّ لِنُدُورِهِ وَالْأَصَحُّ لَا يَضُرُّ نَظَرًا إلَى جِنْسِهِ وَلَا يُكَلَّفُ فِي الْخُرُوجِ لَهُمَا الْإِسْرَاعَ بَلْ يَمْشِي عَلَى سَجِيَّتِهِ الْمَعْهُودَةِ، وَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا وَاسْتَنْجَى فَلَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، لِأَنَّهُ يَقَعُ تَابِعًا لَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ لَهُ مَعَ إمْكَانِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَجُوزُ فِي الْأَصَحِّ. (وَلَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ) بِالْخُرُوجِ (بِمَرَضٍ يُحْوِجُ إلَى الْخُرُوجِ) فِي أَظْهَرْ الْقَوْلَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ كَالْخُرُوجِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالثَّانِي يَنْقَطِعُ لِأَنَّ الْمَرَضَ لَا يَغْلِبُ عُرُوضُهُ بِخِلَافِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَقَوْلُهُ يُحْوِجُ إلَى الْخُرُوجِ صَادِقٌ بِمَا يَشُقُّ مَعَهُ الْمَقَامُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْحَاجَةِ إلَى الْفِرَاشِ وَالْخَادِمِ وَتَرَدُّدِ الطَّبِيبِ، وَبِمَا يُخَافُ مِنْهُ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ كَالْإِسْهَالِ وَإِدْرَارِ الْبَوْلِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْأَوَّلِ وَالْقَطْعُ فِي الثَّانِي بِالنَّفْيِ وَقِيلَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، أَمَّا الْمَرَضُ الَّذِي لَا يَشُقُّ مَعَهُ الْمُقَامُ فِي الْمَسْجِدِ كَالصُّدَاعِ وَالْحُمَّى الْخَفِيفَةِ، فَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِالْخُرُوجِ بِسَبَبِهِ. (وَلَا) يَنْقَطِعُ (بِحَيْضٍ إنْ طَالَتْ مُدَّةُ الِاعْتِكَافِ) ، بِأَنْ كَانَتْ لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا كَشَهْرٍ. (فَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ تَخْلُو عَنْهُ انْقَطَعَ فِي الْأَظْهَرِ) وَقِيلَ: الْأَصَحُّ لِأَنَّهَا بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ تُشْرَعَ فِي الِاعْتِكَافِ عَقِبَ طُهْرِهَا فَتَأْتِي بِهِ فِي زَمَنِ الطُّهْرِ، وَالثَّانِي لَا يَنْقَطِعُ، لِأَنَّ جِنْسَ الْحَيْضِ يَتَكَرَّرُ بِالْجِبِلَّةِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي التَّتَابُعِ كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ.   [حاشية قليوبي] يَلْزَمُ تَوَقُّفُ الْحُكْمِ بِبُطْلَانِهِ عَلَى تَمَامِهِ فَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (وَاسْتُثْنِيَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ ضَرَّ الْبُعْدُ قَطْعًا وَإِلَّا لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ فَحُشَ. تَنْبِيهٌ: الْخُرُوجُ لِنَحْوِ الْأَكْلِ كَالْخُرُوجِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ طَالَ) ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى أَقَلِّ مَا يُجْزِئُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِأَنَّ فِعْلَهَا مُغْتَفَرٌ. وَتَرَدَّدَ فِيهِ شَيْخُنَا وَاعْتُبِرَ الْعُرْفُ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مُوَافَقَتُهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَدَلَ) قَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَدْخُلَ مُنْعَطَفًا غَيْرَ نَافِذٍ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى الْعَوْدِ مِنْهُ إلَى طَرِيقِهِ فَإِنْ كَانَ نَافِذًا لَمْ يَضُرَّ. تَنْبِيهٌ: لَوْ تَعَدَّدَتْ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ بِتَعَدُّدِ الْمَرْضَى أَوْ تَعَدَّدَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ بِتَعَدُّدِ الْجَنَائِزِ مَثَلًا فَهَلْ يُعْتَبَرُ كُلُّ وَاحِدَةٍ عَلَى انْفِرَادِهَا أَوْ يُعْتَبَرُ الْمَجْمُوعُ؟ وَاَلَّذِي مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الثَّانِي نَظَرًا لِمَا مَرَّ عَنْهُ مِنْ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ. قَوْلُهُ: (لِعَارِضٍ يَقْتَضِيهِ) أَيْ كَإِسْهَالٍ وَإِدْرَارِ بَوْلٍ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا) أَيْ الْحَاجَةِ الْمَذْكُورَةِ سَابِقًا وَاسْتَنْجَى فَلَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ، وَلَهُ الْخُرُوجُ لِلِاسْتِنْجَاءِ وَحْدَهُ وَلَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَإِنْ كَانَ الْوُضُوءُ مَنْدُوبًا فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ لَهُ مَعَ إمْكَانِهِ فِي الْمَسْجِدِ) فَإِنْ لَمْ يُمَكَّنْ فِيهِ فَلَهُ الْخُرُوجُ لَهُ قَطْعًا، وَالْكَلَامُ فِي الْوُضُوءِ الْوَاجِبِ، وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ لِلْمَنْدُوبِ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ جَوَازُ الْخُرُوجِ لِوُضُوءِ غُسْلِ نَحْوَ الِاحْتِلَامِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِالْخُرُوجِ بِمَرَضٍ يُحْوِجُ إلَخْ) وَكَالْمَرَضِ نَحْوُ حَرِيقٍ وَخَوْفٍ مَعَ فَقْدِ مَسْجِدٍ يَأْمَنُ فِيهِ وَيَجِبُ الْعَوْدُ فَوْرًا بَعْدَ زَوَالِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِالْخُرُوجِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ لَمْ يَبْطُلْ تَتَابُعُهُ فَيَحْسِبُ زَمَنَهُ وَإِنْ حَرُمَ الْمُكْثُ كَمَا مَرَّ فِي ذِي جِرَاحَةٍ نَضَّاحَةٍ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَيَحْرُمُ الْمُكْثُ مَعَ التَّلْوِيثِ مُطْلَقًا وَمَعَ عَدَمِهِ إلَّا فِي إخْرَاجِ الدَّمِ لِلْعَفْوِ عَنْ جِنْسِهِ. قَوْلُهُ: (لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا كَشَهْرٍ) يُفِيدُ اعْتِبَارَ غَالِبِ عَادَةِ النِّسَاءِ وَيُوَافِقُهُ شَرْحُ شَيْخِنَا وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ غَالِبَ عَادَتِهَا. قَوْلُهُ: (نَاسِيًا) أَيْ لِلِاعْتِكَافِ أَوْ لِلتَّتَابُعِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُكْرَهُ كَالنَّاسِي) إنْ كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ سَوَاءٌ الْإِكْرَاهُ الْحِسِّيُّ كَأَنْ أُخْرِجَ مَحْمُولًا عَاجِزًا عَنْ خَلَاصِ نَفْسِهِ أَوْ الشَّرْعِيُّ كَخُرُوجِهِ لِأَدَاءِ شَهَادَةٍ تَحَمَّلَهَا قَبْلَ الِاعْتِكَافِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: أَوْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ وَالتَّحَمُّلُ مَعًا فِي حَالِ الِاعْتِكَافِ فَرَاجِعْهُ. وَفِي كَوْنِ مَا ذُكِرَ إكْرَاهًا بِغَيْرِ حَقٍّ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. فَإِنْ كَانَ بِحَقٍّ بَطَلَ كَإِكْرَاهِ زَوْجٍ زَوْجَتَهُ وَسَيِّدٍ عَبْدَهُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ اعْتِكَافٍ مُتَتَابِعٍ لَمْ يَأْذَنَا فِيهِ أَوْ إكْرَاهِ حَاكِمٍ لِمَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ لِوَفَائِهِ، وَكَانَ مُقَصِّرًا فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ وَلَوْ خَرَجَتْ لِوَفَاءِ عِدَّةٍ بَطَلَ إنْ لَزِمَتْهَا بِاخْتِيَارِهَا كَتَفْوِيضِ طَلَاقِهَا إلَيْهَا وَإِلَّا كَوَفَاةٍ أَوْ قَهْرًا   [حاشية عميرة] الرَّافِعِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ إنْشَاءِ السَّيْرِ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ قَدْ عَلِمْت مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، أَنَّ ابْتِدَاءَ الْخُرُوجِ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ قَاطِعٌ، وَمِثْلُ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ زِيَارَةُ الْقَادِمِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ، فَلَوْ خَرَجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَصَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ، وَلَمْ يَنْتَظِرْهَا وَلَمْ يَعْرُجْ جَازَ. وَجَعَلَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ قَدْرَ صَلَاتِهَا حَدًّا لِلْوَقْفَةِ الْيَسِيرَةِ، وَاحْتِمَالُهَا لِسَائِرِ الْأَغْرَاضِ. فَرْعٌ: لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ لِغُسْلِ الْعِيدِ أَوْ الْجُمُعَةِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَمْشِي عَلَى سَجِيَّتِهِ) لَوْ تَبَاطَأَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 (وَلَا) يَنْقَطِعُ (بِالْخُرُوجِ) مِنْ الْمَسْجِدِ (نَاسِيًا) لِلِاعْتِكَافِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ فِيهِ قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَنْقَطِعُ، لِأَنَّ اللُّبْثَ مَأْمُورٌ بِهِ وَالنِّسْيَانُ لَيْسَ بِعُذْرٍ فِي تَرْكِ الْمَأْمُورَاتِ وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ، بِأَظْهَرَ الْقَوْلَيْنِ وَالْمُكْرَهُ كَالنَّاسِي فِيمَا ذُكِرَ وَعَلَى الرَّاجِحِ، لَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ النَّاسِي إلَّا بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ فَوَجْهَانِ كَمَا لَوْ أَكَلَ الصَّائِمُ كَثِيرًا نَاسِيًا. (وَلَا) يَنْقَطِعُ (بِخُرُوجِ الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ إلَى مَنَارَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ. (مُنْفَصِلَةٍ عَنْ الْمَسْجِدِ لِلْأَذَانِ) بِخِلَافِ غَيْرِ الرَّاتِبِ، (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا وَالثَّانِي يَنْقَطِعُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى صُعُودِ الْمَنَارَةِ لِإِمْكَانِ الْأَذَانِ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ، وَالثَّالِثُ لَا يَنْقَطِعُ فِيهِمَا لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ لِلْمَسْجِدِ مَعْدُودَةٌ مِنْ تَوَابِعِهِ، وَالْأَوَّلُ يَضُمُّ إلَى هَذَا الِاعْتِيَادِ الرَّاتِبِ صُعُودَهَا وَاسْتِئْنَاسَ النَّاسِ بِصَوْتِهِ فَيُعْذَرُ، وَيُجْعَلُ زَمَانُ الْأَذَانِ وَالْخُرُوجِ لَهُ مُسْتَثْنًى مِنْ اعْتِكَافِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ إلَيْهَا لِغَيْرِ الْأَذَانِ وَسَوَاءٌ فِي الْخِلَافِ فِيهَا كَانَتْ مُلْتَصِقَةً بِحَرِيمِ الْمَسْجِدِ أَمْ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ، أَمَّا الَّتِي بَابُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي رَحْبَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ فَلَا يَضُرُّ صُعُودُهَا لِلْأَذَانِ وَغَيْرِهِ، كَسَطْحِ الْمَسْجِدِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي نَفْسِ الْمَسْجِدِ أَوْ الرَّحْبَةِ أَمْ خَارِجَةً عَنْ سَمْتِ الْبِنَاءِ وَتَرْبِيعِهِ، وَلِلْإِمَامِ احْتِمَالٌ فِي الْخَارِجَةِ عَنْ السَّمْتِ قَالَ: لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يُنَازِعُهُ فِيمَا وُجِّهَ بِهِ، وَسَكَتَ عَلَى ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ الرَّافِعِيُّ صَحِيحٌ. (وَيَجِبُ قَضَاءُ أَوْقَاتِ الْخُرُوجِ) مِنْ الْمَسْجِدِ فِي أَدَاءِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ الْمُتَتَابِعِ. (بِالْأَعْذَارِ) الَّتِي لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِهَا كَأَوْقَاتِ الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ وَغَيْرِهِمَا، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ فِيهَا، (إلَّا وَقْتَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَأَوْقَاتُهُ كَالْمُسْتَثْنَاةِ لَفْظًا مِنْ الْمُدَّةِ الْمَنْذُورَةِ وَكَذَا أَوْقَاتُ الْأَذَانِ لِلْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الزَّمَانَ الْمَصْرُوفَ إلَى الْعَارِضِ فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ لِذَلِكَ أَيْضًا.   [حاشية قليوبي] فَلَا قَوْلُهُ: (لَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ النَّاسِي إلَّا بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ) فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَضُرُّ أَخْذًا مِنْ التَّشْبِيهِ. قَوْلُهُ: (رَاتِبٍ) الْمُرَادُ مَنْ أَلِفَ النَّاسُ صَوْتَهُ وَلَوْ غَيْرَ رَاتِبٍ أَوْ غَيْرَ مَأْنُوسٍ وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِالْأَذَانِ التَّسْبِيحَ الْمَعْهُودَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. قَوْلُهُ: (لِإِمْكَانِ الْأَذَانِ إلَخْ) وَبِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إذَا حَصَلَ بِهِ الشِّعَارُ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (مُنْفَصِلَةٍ عَنْهُ) بِحَيْثُ تُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَلِلْإِمَامِ احْتِمَالٌ) هُوَ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ) أَيْ عَلَى احْتِمَالِ الْإِمَامِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (إلَّا وَقْتَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) وَكَذَا كُلُّ مَا طُلِبَ الْخُرُوجُ لَهُ وَقَصُرَ زَمَنُهُ كَأَكْلٍ وَغُسْلِ جَنَابَةٍ، فَذِكْرُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِلتَّعْمِيمِ لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَحُكْمُهُ بِعَدَمِ الِاعْتِكَافِ أَيْ حِسًّا لِأَنَّ حُكْمَهُ مُنْسَحِبٌ عَلَيْهِ فَلَوْ ارْتَكَبَ مَا يُبْطِلُهُ بَطَلَ. فَرْعٌ: يَقْطَعُ التَّتَابُعَ الْخُرُوجُ لِمُبَاشَرَةِ وَظِيفَةٍ أَوْ لِصَلَاةِ جُمُعَةٍ، وَإِنْ وَجَبَ إلَّا بِشَرْطِهِمَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ كَرَاهَةِ إفْرَادِ نَحْوِ يَوْمِ جُمُعَةٍ أَوْ تَخْصِيصِ لَيْلَتِهَا بِهِ.   [حاشية عميرة] ضَرَّ. قَوْلُهُ: (كَمَا ذَكَرَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْأَظْهَرِ مِنْ قَوْلِهِ فِي أَظْهَرْ الْقَوْلَيْنِ. قَوْلُهُ: (قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ) سَبَبُ هَذَا أَنَّ الْخِلَافَ مُخَرَّجٌ فَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْقَوْلَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْوَجْهَيْنِ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمَخْرَجَ يَسُوغُ فِيهِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيُجْعَلُ زَمَانُ الْأَذَانِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَقْضِي أَيْضًا كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا وَقْتَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. لِذَلِكَ مَأْخَذَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الِاعْتِكَافَ مُسْتَمِرٌّ فِي أَوْقَاتِ الْخُرُوجِ لَهَا، وَالثَّانِي أَنَّ زَمَانَ الْخُرُوجِ لَهَا كَالْمُسْتَثْنَى لَفْظًا عَنْ الْمُدَّةِ اهـ. وَظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْتِمَادُ الثَّانِي، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ السُّبْكِيّ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ، وَنَقَلَهُ عَنْ قَطْعِ جَمَاعَةٍ، وَأَنَّهُمْ اسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ لَوْ جَامَعَ فِي خُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ، وَفِي الْخَادِمِ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ زَمَنَ الْخُرُوجِ قَطْعًا فِي غَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَعْمِيمِ الْقَضَاءِ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ، وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا قَالَ بِهِ، غَيْرَهُمَا بَعْدَ الْفَحْصِ الشَّدِيدِ بَلْ يُسْتَثْنَى أَيْضًا خُرُوجُ الْمُؤَذِّنِ وَالْجُنُبِ لِلِاغْتِسَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْمَرَضِ وَنَحْوِهَا، مِمَّا يَطُولُ زَمَنُهُ عَادَةً، قَالَ: وَالْمُوقِعُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْغَزَالِيَّ قَالَ: فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأَوْقَاتِ الْمَصْرُوفَةِ إلَى هَذِهِ الْأَعْذَارِ، وَأَشَارَ بِالْأَعْذَارِ إلَى أُمُورٍ عَدَدُهَا لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِمَّا قُلْنَا يَجِبُ اسْتِثْنَاؤُهُ، فَحَمَلَ الرَّافِعِيُّ هَذَا اللَّفْظَ عَلَى الْعُمُومِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ فَاعْلَمْهُ اهـ. نَقْلًا مِنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَالْمُهِمَّاتِ. وَقَوْلُهُ: وَالْجُنُبُ لَا يُخَالِفُ كَلَامَ الشَّارِحِ، لِأَنَّ مُرَادَ الْإِسْنَوِيِّ زَمَنَ الْخُرُوجِ وَمُرَادَ الشَّارِحِ زَمَنَ الْجَنَابَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْقَضَاءِ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْقَاتَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ. قَوْلُهُ: (لِذَلِكَ أَيْضًا) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَالْمُسْتَثْنَاةِ لَفْظًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 كِتَابُ الْحَجِّ (هُوَ فَرْضٌ) كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] وَلَا يَجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ فِي الْعُمْرِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَتَجِبُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِعَارِضٍ كَالنَّذْرِ وَالْقَضَاءِ، (وَكَذَا الْعُمْرَةُ) فَرْضٌ (فِي الْأَظْهَرِ) كَالْحَجِّ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] أَيْ ائْتُوا بِهِمَا عَلَى وَجْهِ التَّمَامِ، وَالثَّانِي أَنَّهَا سُنَّةٌ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ قَالَ لَا. وَأَنْ تَعْتَمِرَ فَهُوَ أَفْضَلُ» . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَلَا يُغْتَرُّ. يَقُولُ التِّرْمِذِيُّ فِيهِ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قَالَ: وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» . وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ مَوْجُودٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ السُّؤَالِ عَنْ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ «الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنْ تُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ وَتَعْتَمِرَ، وَتَغْتَسِلَ مِنْ الْجَنَابَةِ وَتُتِمَّ الْوُضُوءَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ» . وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا اللَّفْظَ بِحُرُوفِهِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ. (وَشَرْطُ صِحَّتِهِ) أَيْ الْحَجِّ (الْإِسْلَامُ) فَقَطْ فَلَا يَصِحُّ حَجُّ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ، لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الْحَجِّ هُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ لِمَا صَحَّ «أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِآدَمَ لَمَّا حَجَّ لَقَدْ طَافَتْ الْمَلَائِكَةُ بِهَذَا الْبَيْتِ سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ» . كَذَا قِيلَ. وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الطَّوَافُ لَيْسَ حَجًّا وَبِفَرْضِهِ حَمْلًا عَلَى قَوْلِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ إلَخْ فَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ فَالْمَخْصُوصُ بِهَذِهِ الْأُمَّةُ مَا عَدَا الطَّوَافَ مِنْهُ أَوْ كَوْنَهُ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي الْعُمْرَةِ كَذَلِكَ. وَنَزَلَتْ آيَتُهُ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ وَفُرِضَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ. وَمَعْنَاهُ كَالْعُمْرَةِ لُغَةً الزِّيَارَةُ أَوْ الْقَصْدُ أَوْ كَثْرَةُ الْقَصْدِ وَشَرْعًا قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي أَوْ أَعْمَالٌ مَخْصُوصَةٌ بِنِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (الْعُمْرَةُ) سُمِّيَتْ الْعُمْرَةُ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا وَظِيفَةَ الْعُمُرِ مِنْ حَيْثُ الْوُجُوبُ كَالْحَجِّ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: إنَّهُمَا عَلَى التَّرَاخِي. وَقَالَ الْمُزَنِيّ مِنْ أَئِمَّتِنَا كَالْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَبِي يُوسُفَ: إنَّهُمَا عَلَى الْفَوْرِ وَيَقَعَانِ تَطَوُّعًا فِيمَا بَعْدَ الْمَرَّةِ الْأُولَى، وَلَا يَقَعَانِ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَبَدًا وَإِنَّمَا فَرْضُ الْكِفَايَةِ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ بِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ صِحَّتِهِ إلَخْ) جُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ وَبَقِيَ خَامِسَةٌ وَسَطُهَا وَهِيَ مَرْتَبَةُ النَّذْرِ وَشَرْطُهَا الْإِسْلَامُ   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الْحَجّ] ِّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَرْضٌ) أَيْ مَفْرُوضٌ قِيلَ فُرِضَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَقِيلَ: بَعْدَهَا فِي الْخَامِسَةِ، وَقِيلَ فِي السَّادِسَةِ وَصَحَّحَاهُ فِي بَابِ السِّيَرِ، وَقِيلَ فِي الثَّامِنَةِ. وَقِيلَ فِي التَّاسِعَةِ. وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ. فَائِدَةٌ: قِيلَ لَا يُتَصَوَّرُ حَجُّ تَطَوُّعٍ إلَّا مِنْ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ. قَوْلُهُ: (كَالنَّذْرِ وَالْقَضَاءِ) وَكَاللُّزُومِ بِالشُّرُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (لِلَّهِ) قِيلَ حِكْمَةُ ذِكْرِهَا فِيهِمَا مَا كَانَ فِيهِمَا مِنْ كَثْرَةِ الرِّيَاءِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: (وَأَنْ تَعْتَمِرَ) قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ. فَرْعٌ: لَوْ فَعَلَ الْحَجَّ بَدَلَ الْعُمْرَةَ لَمْ يُجْزِئْهُ بِخِلَافِ الْغُسْلِ عَنْ الْوُضُوءِ، لِأَنَّ اسْمَ الطَّهَارَةِ يَشْمَلُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَلَا تَغْتَرَّ بِقَوْلِ التِّرْمِذِيِّ إلَخْ) أَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْهُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ خَرَجَ جَوَابًا لِذَلِكَ السَّائِلِ. [شَرْط صِحَّة الْحَجّ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَشَرْطُ صِحَّتِهِ الْإِسْلَامُ) أَوْ رَدُّ الْوَقْتِ وَمَعْرِفَةُ الْأَعْمَالِ، وَاعْتَرَضَ الثَّانِي بِانْعِقَادِهِ مُطْلَقًا ثُمَّ يَصْرِفُهُ لِلْحَجِّ أَوْ لِلْعُمْرَةِ. أَوْ لِكِلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (أَيْ الْحَجِّ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْأَوْلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 التَّكْلِيفُ. (فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ وَالْمَجْنُونِ) . وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ أَحْرَمَ عَنْهَا، وَالْمُمَيِّزُ يُحْرِمُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ. وَقِيلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْهُ فِي الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَالْأَصْلُ فِي حَجِّ الصَّبِيِّ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالصَّبِيَّةِ أَيْضًا مَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ، فَفَزِعَتْ امْرَأَةٌ فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ صَغِيرٍ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ مِحَفَّتِهَا فَقَالَتْ. يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ. نَعَمْ وَلَك أَجْرٌ» وَقِيسَ الْمَجْنُونُ عَلَى الصَّبِيِّ، وَالْوَلِيُّ الْأَبُ وَالْجَدُّ وَإِنْ عَلَا عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ. وَقِيلَ مَعَ وُجُودِهِ أَيْضًا وَكَذَا الْوَصِيُّ، وَقِيمَ الْحَاكِمُ دُونَ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَالْأُمِّ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَذِنَ الْأَبُ لِمَنْ يُحْرِمُ عَنْ الصَّبِيِّ فَالصَّحِيحُ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّتُهُ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ صِفَةُ إحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْ الصَّبِيِّ أَنْ يَنْوِيَ جَعْلَهُ مُحْرِمًا، فَيَصِيرَ الصَّبِيُّ مُحْرِمًا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ وَمُوَاجَهَتُهُ فِي الْأَصَحِّ، وَيَطُوفُ الْوَلِيُّ بِهِ وَيُصَلِّي عَنْهُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَيَسْعَى بِهِ، وَيُحْضِرُهُ عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةَ وَالْمَوَاقِفَ، وَيُنَاوِلُهُ الْأَحْجَارَ فَيَرْمِيهَا إنْ قَدَرَ وَإِلَّا رَمَى عَنْهُ مَنْ لَا رَمْيَ عَلَيْهِ، وَالْمُمَيِّزُ يَطُوفُ وَيُصَلِّي وَيَسْعَى بِنَفْسِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَجْنُونَ كَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ فِيمَا ذُكِرَ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يُحْرِمُ عَنْهُ غَيْرُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَائِلِ الْعَقْلِ وَبُرْؤُهُ مَرْجُوٌّ عَلَى الْقُرْبِ. (وَإِنَّمَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ مِنْ الْمُسْلِمِ الْمُمَيِّزِ) بَالِغًا كَانَ أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا فَلَا تَصِحُّ مُبَاشَرَةُ الْمَجْنُونِ،   [حاشية قليوبي] وَالتَّكْلِيفُ. وَأَمَّا مَعْرِفَةُ الْأَعْمَالِ فَلَيْسَتْ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْإِحْرَامِ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْحَجُّ) لَمْ يَقُلْ كُلٌّ مِنْهُمَا وَيُسْتَغْنَى عَنْ التَّتِمَّةِ الْآتِيَةِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا يَقَعُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ إلَخْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: وَلَا يَصِحُّ إقَامَةُ الْحَجِّ عَنْ الْعُمْرَةِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ عَنْ الْوُضُوءِ لِأَنَّ اسْمَ الطَّهَارَةِ يَشْمَلُهُمَا انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الشُّمُولُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ هُنَاكَ وَهُنَا سَوَاءٌ. وَلَا شُمُولَ فِيهِمَا بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَلِلْوَلِيِّ إلَخْ) فِي الْمَالِ بِنَفْسِهِ أَمْ مَأْذُونِهِ وَالسَّيِّدِ فِي عَبْدِهِ غَيْرِ الْبَالِغِ كَالْوَلِيِّ، وَفِي الْمُبَعَّضِ يُشْتَرَطُ إحْرَامُ الْوَلِيِّ وَالسَّيِّدِ عَنْهُ جَمِيعًا أَوْ أَحَدِهِمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ، وَلَا مَدْخَلَ لِلْمُهَايَأَةِ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِالرَّوْحَاءِ) بِالْمَدِّ اسْمُ وَادٍ مَشْهُورٍ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ عَلَى نَحْوِ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا مِنْهَا وَفَزِعَتْ أَسْرَعَتْ. قَوْلُهُ: (صَبِيٌّ) أَيْ ذَكَرٌ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ وَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِهِ إذْ مِثْلُهُ الصَّبِيَّةُ. قَوْلُهُ: (وَلَك أَجْرٌ) أَيْ عَنْ الْإِحْرَامِ عَنْهُ أَوْ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ وِلَايَةً لِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَهُ أَنْ يَنْوِيَ) أَيْ يَقُولَ: نَوَيْت الْإِحْرَامَ عَنْ هَذَا أَوْ عَنْ فُلَانٍ أَوْ جَعَلْته مُحْرِمًا بِكَذَا. وَلَا يَصِيرُ الْوَلِيُّ مُحْرِمًا بِذَلِكَ ثُمَّ إنْ جَعَلَهُ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا فَالدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ، وَإِذَا ارْتَكَبَ مَحْظُورًا بِنَفْسِهِ فَلَا ضَمَانَ مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا، وَإِلَّا فَعَلَى وَلِيِّهِ وَلَوْ إتْلَافًا أَوْ بِغَيْرِهِ فَعَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا وَيَفْسُدُ حَجُّهُ بِالْجِمَاعِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا وَيَقْضِيهِ وَلَوْ فِي حَالِ الصِّبَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ إحْرَامُ الصَّبِيِّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ) لِأَنَّ شَأْنَ النُّسُكِ الِاحْتِيَاجُ إلَى الْمَالِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ. قَوْلُهُ: (وَيَطُوفُ الْوَلِيُّ بِهِ) أَيْ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَلَا يَكْفِي فِعْلُ أَحَدِهِمَا حَتَّى إذَا أَرْكَبَهُ دَابَّةً اُعْتُبِرَ كَوْنُهُ قَائِدًا لَهُ أَوْ سَائِقًا بِهِ. وَيُشْتَرَطُ طَهَارَتُهُمَا مِنْ حَدَثٍ وَنَجَسٍ وَسَتْرِ عَوْرَتِهِمَا نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ جَعْلُ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَصَالَةً هُوَ الْوَلِيُّ. تَنْبِيهٌ: لَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ عَنْ وَلَدِ الْكَافِرِ وَإِنْ اُعْتُقِدَ الْإِسْلَامُ وَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُ وَلَدِ الْمُسْلِمِ الْكُفْرَ فِي صِحَّةِ الْإِحْرَامِ عَنْهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا يَضُرُّ فِيهِ إذَا قَارَنَ النِّيَّةَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَيُنَاوِلُهُ) أَيْ يُنَاوِلُ الْوَلِيُّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ نَدْبًا بِالْأَحْجَارِ لِيَرْمِيَهَا إنْ قَدِرَ، فَمُنَاوَلَتُهُ لَهُ كَرَمْيِهِ عَنْهُ فَلَيْسَ مُسْتَثْنًى كَمَا قِيلَ. قَوْلُهُ: (وَالْمُمَيِّزُ يَطُوفُ بِنَفْسِهِ) وُجُوبًا وَكَذَا السَّعْيُ وَالرَّمْيُ وَتُشْتَرَطُ شُرُوطُ الطَّوَافِ فِيهِ لَا فِي   [حاشية عميرة] أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إلَى الْمَذْكُورِ مِنْ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ. قُلْت: عُذْرُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِنَّمَا يَقَعُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ حَجُّ كَافِرٍ) أَيْ لَا مِنْهُ وَلَا عَنْهُ. وَأَمَّا وَلَدُ الْمُسْلِمِ إذَا اعْتَقَدَ الْكُفْرَ فَقَدْ حَكَى الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ: أَنَّهُ يَصِحُّ حَجُّهُ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ ثُمَّ خَالَفَهُ وَاخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقَاسَهُ عَلَى الصَّلَاةِ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ مِنْهُ جَزْمًا. قَوْلُهُ: (لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي يُؤْخَذُ بِعَضُدِهِ لَا تَمْيِيزَ لَهُ، وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: وَلَك أَجْرٌ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا تَحُجُّ عَنْهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَجْرُ النَّفَقَةِ وَالْحَمْلِ، وَأَنَّهَا كَانَتْ وَصِيَّةً أَوْ مَأْذُونَةً. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْوَصِيُّ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا جَوَازُ سَفَرِهِمَا بِهِ لِذَلِكَ، وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ. وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ: صُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ بِمَكَّةَ، وَلَا يَجُوزُ السَّفَرُ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ. قَوْلُهُ: (فَيَرْمِيهَا إلَخْ) عَلَى هَذَا يَكُونُ مِثْلُ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ شَرْطُ مُبَاشَرَتِهِ التَّمْيِيزُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ الْمُسْلِمِ) دَخَلَ فِيهِ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ عَصَى وَلِلسَّيِّدِ تَحْلِيلُهُ إنْ شَاءَ. قَالَ الْإِمَامُ: الْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ حَجِّ الصَّبِيِّ وَعَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهِ غَامِضٌ اهـ. وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْحَجَّ قَدْ يَكُونُ نَفْلًا، وَبِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَمَّا كَانَ يَلْزَمُهُ الْتِزَامُ التَّكَالِيفِ كُلِّهَا اُعْتُبِرَ الْكَمَالُ فِيهِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَتَقَدَّمَ افْتِقَارُ الْمُمَيِّزِ إلَى إذْنِ الْوَلِيِّ. (وَإِنَّمَا يَقَعُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِالْمُبَاشَرَةِ، إذَا بَاشَرَهُ الْمُكَلَّفُ) أَيْ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ (الْحُرُّ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا (فَيُجْزِئُ حَجُّ الْفَقِيرِ) كَمَا لَوْ تَحَمَّلَ الْغَنِيُّ خَطَرَ الطَّرِيقِ، وَحَجٌّ (دُونَ) حَجِّ (الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ) إذَا كَمَّلَا بَعْدَهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى، وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ أُعْتِقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَشَرْطُ وُجُوبِهِ الْإِسْلَامُ وَالتَّكْلِيفُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالِاسْتِطَاعَةُ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وُجُوبُ مُطَالَبَةٍ بِهِ فِي الدُّنْيَا، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ وُجُوبُ عِقَابٍ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَهُوَ مُعْسِرٌ بَعْدَ اسْتِطَاعَتِهِ فِي الْكُفْرِ لَا أَثَرَ لَهَا إلَّا فِي الْمُرْتَدِّ، فَإِنَّ الْحَجَّ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ، بِاسْتِطَاعَتِهِ فِي الرِّدَّةِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. تَتِمَّةٌ: الْعُمْرَةُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَظْهَرِ بِفَرْضِيَّتِهَا كَالْحَجِّ فِي شَرْطِ مُطْلَقِ الصِّحَّةِ، وَصِحَّةُ الْمُبَاشَرَةِ وَالْوُجُوبِ وَالْإِجْزَاءِ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ وَالِاسْتِطَاعَةُ الْوَاحِدَةُ كَافِيَةٌ لَهُمَا جَمِيعًا. (وَهِيَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا اسْتِطَاعَةُ مُبَاشَرَةٍ وَلَهَا شُرُوطٌ أَحَدُهَا وُجُودُ الزَّادِ وَأَوْعِيَتِهِ وَمُؤْنَةِ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ) وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ، وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي السَّفَرِ مُدَّةَ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَنْ يَجِدَ الزَّادَ وَأَوْعِيَتَهُ، وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي السَّفَرِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ أَوْ عَشِيرَةٌ اُشْتُرِطَ ذَلِكَ لِذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ. (وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِبَلَدِهِ) بِهَاءِ الضَّمِيرِ. (أَهْلٌ) أَيْ مَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ. (وَعَشِيرَةٌ) أَيْ أَقَارِبُ، أَيْ لَمْ يَكُنْ   [حاشية قليوبي] الْوَلِيِّ. قَوْلُهُ: (الْحُرُّ) وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ. قَوْلُهُ: (إنْ كَمَّلَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ حَجِّهِمَا أَيْ بَعْدَ فَوْتِ الْوُقُوفِ فِيهِ وَإِلَّا لَزِمَهُمَا فِعْلُهُ وَإِنْ تَحَلَّلَا أَوْ وَقَعَ مِنْهُمَا جِمَاعٌ بِلَا تَجْدِيدِ إحْرَامٍ لِبَقَاءِ أَثَرِهِ وَلَزِمَهُمَا إعَادَةُ الطَّوَافِ وَالسَّعْيُ إنْ كَانَا فَعَلَاهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. تَنْبِيهٌ: الطَّوَافُ فِي الْعُمْرَةِ كَالْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ فَيَلْزَمُهُمَا فَعَلَهُ وَمَا قَبْلَهُ إنْ كَمَّلَا قَبْلَ فَرَاغِهِ وَلَا يُعِيدَانِ مَا فَعَلَاهُ بَعْدَ كَمَالِهِمَا. تَنْبِيهٌ: الْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ فِيمَا مَرَّ وَإِفَاقَتُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ عَنْهُ كَبُلُوغِ الصَّبِيِّ. قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى) اعْتِبَارٌ لِوُقُوعِهِ حَالَةَ الْكَمَالِ لِأَنَّهُ وَظِيفَةُ الْعُمُرِ، وَلَا يَتَكَرَّرُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ إجْزَاءَ صَلَاةِ صَبِيٍّ بَلَغَ بَعْدَهَا فِي الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (بِاسْتِطَاعَتِهِ فِي الرِّدَّةِ) فَيَلْزَمُهُ فِعْلُهُ إذَا أَسْلَمَ وَيَقْضِي مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ مَاتَ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَإِلَّا فَلَا يَقْضِي. قَوْلُهُ: (وَلَهَا شُرُوطٌ) أَيْ سَبْعَةٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا أَرْبَعَةً وَبَاقِيهَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ مَعَ الشَّارِحِ، وَهِيَ وُجُودُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَكَوْنُ الزَّادِ وَنَحْوِهِ مَوْجُودًا فِي مَحَلِّهِ الْمُعْتَادَةِ، وَأَمْنُ الطَّرِيقِ وَالثُّبُوتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَإِمْكَانُ السَّيْرِ وَالْوَقْتُ. تَنْبِيهٌ: يُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِطَاعَةِ امْتِدَادُهَا مِنْ وَقْتِ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ لِلْحَجِّ إلَى عَوْدِهِمْ إلَيْهِ فَمَنْ أَعْسَرَ فِي جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ حَجٌّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِيَسَارِهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ) وَكَذَا إقَامَةٌ بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ) وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ الرَّجْعِيَّةَ وَإِنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) هِيَ أَعَمُّ مِنْ عِبَارَةِ الْكِتَابِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَوْلَى مِنْهُمَا لِعَدَمِ احْتِيَاجِهَا إلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهَذَا مُكَرَّرٌ لِتَقَدُّمِهِ فِي عِبَارَةِ   [حاشية عميرة] وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّبِيَّ يُثَابُ عَلَى السَّاعَاتِ وَلَا تُكْتَبُ عَلَيْهِ مَعْصِيَةٌ بِالْإِجْمَاعِ. قَالَهُ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (فَلَا تَصِحُّ مُبَاشَرَةُ الْمَجْنُونِ) أَيْ وَلَوْ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ نِسْبَةُ تَصْحِيحِ الصِّحَّةِ إلَى الرَّافِعِيِّ، وَهُوَ غَلَطٌ. [شَرْطُ وُجُوب الْحَجّ] قَوْلُهُ: (قَالَ اللَّهُ {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] وَهُوَ إجْمَاعٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِاسْتِطَاعَتِهِ فِي الرِّدَّةِ) فَإِذَا أَسْلَمَ كُلِّفَ بِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ فَعَلَ مِنْ التَّرِكَةِ، وَاسْتَشْكَلَ اعْتِبَارُ اسْتِطَاعَتِهِ عَلَى قَوْلِ زَوَالِ مِلْكِهِ، أَمَّا اسْتِطَاعَتُهُ قَبْلَهَا فَلَمْ يَجِبْ فِيهَا إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ، وَكَذَا لَا أَثَّرَ لِلْوُجُوبِ أَعْنِي غَيْرَ الْعِقَابِ، فِيمَا لَوْ اسْتَمَرَّ مُرْتَدًّا حَتَّى مَاتَ، إذْ لَا سَبِيلَ إلَى الْحَجِّ عَنْهُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَوْعِيَتِهِ) حَتَّى السُّفْرَةَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمُؤْنَةِ ذَهَابِهِ) هَذَا يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) هِيَ أَحْسَنُ لِإِيهَامِ الْأُولَى أُجْرَةَ السَّفَرِ خَاصَّةً. قَوْلُهُ: (مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ) يَنْبَغِي أَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. (لَمْ تُشْتَرَطْ) فِي حَقِّهِ. (نَفَقَةُ الْإِيَابِ) الْمَذْكُورَةُ مِنْ الزَّادِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّ الْبِلَادَ فِي حَقِّ مِثْلِهِ مُتَقَارِبَةٌ، وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُهَا لِمَا فِي الْغُرْبَةِ مِنْ الْوَحْشَةِ، وَلِنَزْعِ النُّفُوسِ إلَى الْأَوْطَانِ وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي اشْتِرَاطِ الرَّاحِلَةِ لِلرُّجُوعِ، وَسَيَأْتِي وَلَيْسَ الْمَعَارِفُ وَالْأَصْدِقَاءُ كَالْعَشِيرَةِ، لِأَنَّ الِاسْتِبْدَالَ بِهِمْ مُتَيَسِّرٌ (فَلَوْ) لَمْ يَجِد مَا ذُكِرَ لَكِنْ (كَانَ يَكْتَسِبُ) فِي سَفَرِهِ (مَا يَفِي بِزَادِهِ) وَمُؤْنَتِهِ. (وَسَفَرُهُ طَوِيلٌ) أَيْ مَرْحَلَتَانِ فَأَكْثَرُ (لَمْ يُكَلَّفْ الْحَجُّ) ، لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ عَنْ الْكَسْبِ لِعَارِضٍ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَنْقَطِعُ فَالْجَمْعُ بَيْنَ تَعَبِ السَّفَرِ، وَالْكَسْبِ تَعْظُمُ فِيهِ الْمَشَقَّةُ، (وَإِنْ قَصَرَ) أَيْ السَّفَرِ. (وَهُوَ يَكْتَسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ كُلِّفَ) الْحَجَّ، بِأَنْ يَخْرُجَ لَهُ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَا يَكْسِبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ إلَّا كِفَايَةَ يَوْمِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ عَنْ كَسْبِهِ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ فَيَتَضَرَّرُ. (الثَّانِي) مِنْ الشُّرُوطِ، (وُجُودُ الرَّاحِلَةِ لِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ) سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ أَمْ لَا لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ الْحَجُّ. (فَإِنْ لَحِقَتْهُ بِالرَّاحِلَةِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ اُشْتُرِطَ وُجُودُ مَحْمِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ. (وَاشْتُرِطَ شَرِيكٌ يَجْلِسُ فِي الشِّقِّ الْآخَرِ) فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الشَّرِيكَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ، وَإِنْ وَجَدَ مُؤْنَةَ الْمَحْمِلِ بِتَمَامِهِ قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَوْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ فِي رُكُوبِ الْمَحْمِلِ اُعْتُبِرَ فِي حَقِّهِ الْكَنِيسَةُ، وَأَطْلَقَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهَا الْمَحْمِلُ، لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا (وَمِنْ بَيْنِهِ وَبَيْنِهَا) أَيْ   [حاشية قليوبي] الرَّوْضَةِ وَشَمِلَ الْأَهْلُ أَقَارِبَ الْأُمِّ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ وَعَدَمُ تَيَسُّرِ حِرْفَةٍ لَهُ بِالْحِجَازِ كَالْأَهْلِ. قَوْلُهُ: (وَلِنَزْعِ النُّفُوسِ) أَيْ شَوْقِهَا وَطَلَبِهَا لِلْوَطَنِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَكْتَسِبُ) أَيْ بِحَسَبِ عَادَتِهِ أَوْ ظَنِّهِ. قَوْلُهُ: (فِي يَوْمٍ) أَيْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ سَفَرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا نَظَرَ لِمَا بَعْدَهُ وَلَا لِلْكَسْبِ فِي الْحَضَرِ. قَوْلُهُ: (كِفَايَةَ أَيَّامٍ) هِيَ أَيَّامُ سَفَرِهِ وَهِيَ مَا بَيْنَ زَوَالِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ إلَى زَوَالِ ثَالِثَ عَشْرَةَ لِمَنْ لَمْ يَنْفِرْ النَّفَرَ الْأَوَّلَ فَهِيَ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ وَيُعْتَبَرُ فِي الْعُمْرَةِ قَدْرُ مَا يَسَعُ أَعْمَالَهَا وَهُوَ نَحْوُ ثُلُثَيْ يَوْمٍ. قَوْلُهُ: (الرَّاحِلَةِ) أَيْ مَا يَلِيقُ بِهِ وَلَوْ آدَمِيًّا. تَنْبِيهٌ: مِنْ وُجُودِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ مَا لِأَرْبَابِ وَظَائِفِ الرُّتَبِ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مَوْقُوفٌ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (مَكَّةَ) أَيْ لَا حَرَمَهَا. قَوْلُهُ: (لِلْقَادِرِ) وَلَوْ أُنْثَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) هِيَ مَا لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً عِنْدَ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَيُعْتَبَرُ فِي الشَّرِيكِ أَنْ يَلِيقَ بِهِ مُجَالَسَتُهُ وَلَيْسَ بِهِ مُشَوِّهٌ نَحْوُ بَرَصٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى مُؤْنَتِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (الْكَنِيسَةُ) وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِالْمَحَارَةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْكَنْسِ وَهُوَ السَّتْرُ، فَإِنْ عَجَزَ فَالْمِحَفَّةُ، فَإِنْ عَجَزَ فَسَرِيرٌ يَحْمِلُهُ الرِّجَالُ. قَوْلُهُ: (وَأَطْلَقَ الْمَحَامِلِيُّ أَنَّ الْمَرْأَةَ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِمَا الْمَحْمِلُ وَإِنْ قَدَرَتَا عَلَى   [حاشية عميرة] يُسْتَثْنَى مِنْهُ الرَّجْعِيَّةُ وَإِنْ لَزِمَتْ نَفَقَتُهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ أَقَارِبُ) أَيْ وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ قَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ تَخْصِيصُ هَذَا الْوَجْهِ بِمَا إذَا انْتَفَيَا مَعًا. فَرْعٌ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ الْأَهْلِ وَالْعَشِيرَةِ عَدَمَ تَيَسُّرِ حِرْفَةٍ لَهُ بِالْحِجَازِ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِي الْغُرْبَةِ مِنْ الْوَحْشَةِ) بِدَلِيلِ تَغْرِيبِ الزَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَانَ يَكْسِبُ فِي سَفَرِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَوْ كَانَ يَقْدِرُ فِي الْحَضَرِ أَنْ يَكْتَسِبَ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِيهِ لِذَلِكَ الْيَوْمِ وَلِلْحَجِّ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ؟ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ غَيْرَ أَنَّا نَقُولُ: إنْ كَانَ عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَجَبَ، لِأَنَّهُمْ إذَا كَلَّفُوهُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ فَفِي الْحَضَرِ أَوْلَى، فَإِنْ كَانَ طَوِيلًا فَيَتَّجِهُ أَيْضًا الْوُجُوبُ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِهِمْ عِنْدَ الْكَسْبِ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الرَّاحِلَةِ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هِيَ النَّاقَةُ الَّتِي تَصْلُحُ لَأَنْ تَرْحَلَ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هِيَ الْبَعِيرُ النَّجِيبُ ثُمَّ الْحِمَارُ وَنَحْوُهُ كَالرَّاحِلَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: بِأَنْ تَكُونَ مُوَازِيَةً لِلضَّرَرِ بَيْنَ الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ وَجَدَ مُؤْنَةَ الْمَحْمِلِ بِتَمَامِهِ) قَالَ فِي الْوَسِيطِ: لِأَنَّ بَذْلَ الزَّائِدِ خُسْرَانٌ لَا مُقَابِلَ لَهُ اهـ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الَّذِي يَحْتَاجُهُ مِنْ الزَّادِ يَقُومُ مَقَامَ الشَّرِيكِ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي تَعَيُّنَ الشَّرِيكِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَكَلَامُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 مَكَّةَ، (دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى الْمَشْيِ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ) وَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ وُجُودُ الرَّاحِلَةِ (فَإِنْ ضَعُفَ) عَنْ الْمَشْيِ (فَكَالْبَعِيدِ) عَنْ مَكَّةَ فَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ وُجُودُ الرَّاحِلَةِ، وَالْمَحْمِلُ أَيْضًا إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّكُوبُ بِدُونِهِ، وَبِحَيْثُ اُعْتُبِرَ وُجُودُهُمَا فَالْمُرَادُ التَّمَكُّنُ مِنْ تَحْصِيلِهِمَا بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ) بِمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا (فَاضِلَيْنِ عَنْ دِينِهِ وَمُؤْنَةِ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ) وَالْمُؤْنَةُ تَشْمَلُ النَّفَقَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهَا، كَالْكِسْوَةِ وَسَوَاءٌ فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ، لِأَنَّهُ نَاجِزٌ وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي وَالْمُؤَجَّلِ لِأَنَّهُ إذَا صَرَفَ مَا مَعَهُ إلَى الْحَجِّ، فَقَدْ يَحِلُّ الْأَجَلُ وَلَا يَجِدُ مَا يَقْضِي بِهِ الدَّيْنَ، وَقَدْ تَخْتَرِمُهُ الْمَنِيَّةُ فَتَبْقَى ذِمَّتُهُ مَرْهُونَةً، وَلَوْ كَانَ مَالُهُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ إنْسَانٍ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُهُ فِي الْحَالِ فَكَالْحَاصِلِ، وَإِلَّا فَكَالْمَعْدُومِ، (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ الْفَاضِلِ عَمَّا ذُكِرَ. (فَاضِلًا) أَيْضًا (عَنْ مَسْكَنِهِ وَعَبْدٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِخِدْمَتِهِ) لِزَمَانَتِهِ أَوْ مَنْصِبِهِ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ بَلْ عَلَيْهِ بَيْعُهُمَا، وَيَكْتَفِي بِالِاكْتِرَاءِ، وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ مُسْتَغْرِقَةً لِحَاجَتِهِ، وَكَانَتْ سُكْنَى مِثْلِهِ وَالْعَبْدُ عَبْدَ مِثْلِهِ، فَأَمَّا إذَا أَمْكَنَ بَيْعُ بَعْضِ الدَّارِ وَوَفَّى ثَمَنُهُ بِمُؤْنَةِ الْحَجِّ، أَوْ كَانَا نَفِيسَيْنِ لَا يَلِيقَانِ بِمِثْلِهِ، وَلَوْ أَبْدَلَهُمَا لَوَفَّى التَّفَاوُتُ بِمُؤْنَةِ الْحَجِّ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ جَزْمًا وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَأْتِيَ فِي النَّفِيسَيْنِ الْمَأْلُوفَيْنِ الْخِلَافُ فِيهِمَا فِي الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ مُعْتَرَضًا بِهِ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ لَا بُدَّ مِنْ عَوْدِهِ هُنَا. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَلْزَمُهُ صَرْفُ مَالِ تِجَارَتِهِ إلَيْهِمَا) أَيْ إلَى الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ بِمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا وَفَارَقَ الْمَسْكَنَ وَالْعَبْدَ، لِأَنَّهُمَا مُحْتَاجٌ إلَيْهِمَا فِي الْحَالِ وَهُوَ إنَّمَا يُتَّخَذُ ذَخِيرَةً لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِئَلَّا يَلْتَحِقَ بِالْمَسَاكِينِ وَلَوْ كَانَ لَهُ مُسْتَغَلَّاتٌ يُحَصِّلُ مِنْهَا نَفَقَتَهُ لَزِمَهُ بَيْعُهَا وَصَرْفُهَا إلَى مَا ذُكِرَ فِي الْأَصَحِّ أَيْضًا وَلَا يَلْزَمُ الْفَقِيهَ بَيْعُ كُتُبِهِ لِلْحَجِّ فِي الْأَصَحِّ لِحَاجَتِهِ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ كُلِّ كِتَابٍ نُسْخَتَانِ، فَيَلْزَمُهُ بَيْعُ إحْدَاهُمَا لِعَدَمِ حَاجَتِهِ إلَيْهَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَوْ مَلَكَ مَا يُمْكِنُهُ بِهِ الْحَجُّ وَاحْتَاجَ إلَى النِّكَاحِ لِخَوْفِهِ الْعَنَتَ، فَصَرْفُ الْمَالِ إلَى النِّكَاحِ أَهَمُّ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ نَاجِزَةٌ وَالْحَجُّ   [حاشية قليوبي] الْمَشْيِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَيْ مَكَّةَ) فَلَا يُعْتَبَرُ عَرَفَةُ وَلَا الْحَرَمُ وَفَارَقَ اعْتِبَارَهَا فِي حَاضِرِي الْحَرَمِ مِنْهُ نَظَرًا لِلتَّخْفِيفِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ ضَعُفَ عَنْ الْمَشْيِ) أَيْ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الزَّحْفِ أَوْ الْحَبْوِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَحْمِلُ) هُوَ الَّذِي يُعْرَفُ الْآنَ بِالشُّقْدُفِ وَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُعَادَلَةِ بِالْأَثْقَالِ لَمْ يَكْفِ عَنْ الشَّرِيكِ فِي الْوُجُوبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا) كَالْمَحْمِلِ. قَوْلُهُ: (عَنْ دَيْنِهِ) وَلَوْ لِلَّهِ تَعَالَى كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ. قَوْلُهُ: (مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ) مِنْهُمْ زَوْجَاتُهُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى نَفَقَتِهِمْ ذَهَابًا وَإِيَابًا بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ، وَمِنْهَا إعْفَافُ الْأَبِ وَمِنْ الْمُؤْنَةِ أُجْرَةُ طَبِيبٍ وَثَمَنُ أَدْوِيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَأُجْرَةُ مَسْكَنِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَيَحْرُمُ الْحَجُّ عَلَى مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُمْ جَوَازَهُ. قَوْلُهُ: (يَحْتَاجُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى مَا ذُكِرَ وَأَمَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْخِدْمَةِ كَالْعَبْدِ وَخَرَجَ بِالْحَاجَةِ مَنْ اسْتَغْنَى بِسُكْنَى زَوْجٍ أَوْ نَحْوِ رِبَاطٍ فَيَلْزَمُهُ بَيْعُهُ وَصَرْفُهُ فِي الْحَجِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ بَيْعُهَا إلَخْ) وَسَوَاءٌ أَحْسَنَ الْكَسْبَ أَوْ لَا، وَلَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ اسْتِطَاعَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْكَسْبُ وَلَا سُؤَالُ الصَّدَقَةِ أَوْ الزَّكَاةِ لِبَقَاءِ الْحَجِّ فِي ذِمَّتِهِ عَلَى التَّرَاخِي خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُ الْفَقِيهَ بَيْعُ كُتُبِهِ) وَمِثْلُهُ كُلُّ ذِي حِرْفَةٍ لَا يَلْزَمُهُ بَيْعُ آلَةِ   [حاشية عميرة] الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْوَجْهُ اهـ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَحِقَهُ إلَخْ) لَوْ عَجَزَ عَنْ الرُّكُوبِ فِي الْكَنِيسَةِ، وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِالْمَحَارَةِ وَلَكِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الرُّكُوبِ فِي الْمِحَفَّةِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ جَمَلَيْنِ، وَتَمَكَّنَ مِنْ مُؤْنَتِهَا فَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ، وَتَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ عِظَمِ الْمُؤْنَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ) أَيْ مِنْ مَكَّةَ نَفْسِهَا، لَا مِنْ الْحَرَمِ بِخِلَافِ الْمَسَافَةِ فِيمَنْ هُوَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَإِنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ مِنْ الْحَرَمِ رِعَايَةً لِلتَّخْفِيفِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمُؤْنَةِ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هِيَ الْكُلْفَةُ تَقُولُ مَأَنْته أَمْأَنُهُ كَسَأَلْتُهُ أَسْأَلُهُ، وَمُنْت أَمُونُ كَقُلْتُ أَقُولُ، وَيَدْخُلُ فِيهَا إعْفَافُ الْوَالِدِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ لَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، أَقُولُ كَذَا قَالُوا لَكِنْ قَالُوا أَيْضًا: إنَّ احْتِيَاجَ الشَّخْصِ إلَى النِّكَاحِ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ، فَيَجِبُ أَنْ يُخَصَّ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ بِهِ الْحَالُ إلَى أَنْ يَجِبَ إعْفَافُ نَفْسِهِ، إنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ فَإِنَّ إعْفَافَ نَفْسِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى إعْفَافِ وَالِدِهِ. قَوْلُهُ: (فَقَدْ يَحِلُّ الْأَجَلُ) أَيْ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَنْ مَسْكَنِهِ) لَوْ احْتَاجَ لِلسُّكْنَى بِأُجْرَةٍ، هَلْ تُعْتَبَرُ أُجْرَةُ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ فَقَطْ أَمْ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 عَلَى التَّرَاخِي، وَصَرَّحَ الْإِمَامُ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَصَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ بِوُجُوبِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (الثَّالِثُ) مِنْ الشُّرُوطِ (أَمْنُ الطَّرِيقِ) ظَنًّا بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ. (فَلَوْ خَافَ) فِي طَرِيقِهِ (عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ سَبُعًا أَوْ عَدُوًّا أَوْ رَصَدِيًّا وَلَا طَرِيقَ) لَهُ (سِوَاهُ لَمْ يَجِبْ الْحَجُّ) عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الرَّصَدِيُّ يَرْضَى بِشَيْءٍ يَسِيرٍ وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى التَّعَرُّضِ لِلنَّاسِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الَّذِينَ يَخَافُهُمْ مُسْلِمِينَ أَمْ كُفَّارًا، لَكِنْ إنْ كَانُوا كُفَّارًا وَأَطَاقُوا مُقَاوَمَتَهُمْ اُسْتُحِبَّ لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا لِلْحَجِّ وَيُقَاتِلُوهُمْ، لِيَنَالُوا ثَوَابَ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ، وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لَمْ يُسْتَحَبَّ الْخُرُوجُ وَالْقِتَالُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ آمِنٌ لَزِمَهُ سُلُوكُهُ، وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ الْأَوَّلِ إذَا وَجَدَ مَا يَقْطَعُهُ بِهِ (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ رُكُوبِ الْبَحْرِ) لِمَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ سِوَاهُ، (إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ) فِي رُكُوبِهِ كَسُلُوكِ طَرِيقِ الْبَرِّ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ عَوَارِضَ الْبَحْرِ عَسِرَةُ الدَّفْعِ، فَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ لِخُصُوصِ ذَلِكَ الْبَحْرِ أَوْ لِهَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، لَمْ يَجِبْ رُكُوبُهُ جَزْمًا وَإِنْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَوَجْهَانِ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ، وَإِذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ اُسْتُحِبَّ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ، وَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ حَرُمَ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَفِي التَّحْرِيمِ وَجْهَانِ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَصَحُّهُمَا التَّحْرِيمُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَى الْقَوْلَيْنِ فِي لُزُومِ رُكُوبِهِ مُطْلَقًا لِلُزُومِ الظَّوَاهِرِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْحَجِّ، وَعَدَمُ اللُّزُومِ لِمَا فِي رُكُوبِهِ مِنْ الْخَوْفِ وَالْخَطَرِ هَذَا كُلُّهُ فِي الرَّجُلِ، أَمَّا الْمَرْأَةُ فَفِيهَا خِلَافٌ مُرَتَّبٌ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ لِضَعْفِهَا عَنْ احْتِمَالِ الْأَهْوَالِ، وَلِأَنَّهَا عَوْرَةٌ مُعَرَّضَةٌ لِلِانْكِشَافِ وَغَيْرِهِ لِضِيقِ الْمَكَانِ، فَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ عَلَيْهَا لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهَا، وَقِيلَ: يَطَّرِدُ الْخِلَافُ وَلَيْسَتْ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ كَجَيْحُونَ وَنَحْوِهِ فِي حُكْمِ الْبَحْرِ لِأَنَّ   [حاشية قليوبي] حِرْفَتِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا، وَمِثْلُهَا خَيْلُ الْجُنْدِيِّ (وَ) سِلَاحُهُ وَبَهَائِمُ الزُّرَّاعِ وَمِحْرَاثُهُ. قَوْلُهُ: (أَهَمُّ) هُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ حَاجَةَ النِّكَاحِ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ لَكِنَّ تَقْدِيمَ النِّكَاحِ أَوْلَى وَعَلَيْهِ لَوْ مَاتَ بَعْدَ تَقْدِيمِ النِّكَاحِ لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا وَيَقْضِي مِنْ تَرِكَتِهِ، وَإِذَا لَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ فَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُ الْحَجِّ وَفِي هَذِهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَهُ كَانَ عَاصِيًا. كَذَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ خَافَ) أَيْ وَإِنْ اخْتَصَّ الْخَوْفُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مَالِهِ) أَيْ الَّذِي يَبْذُلُهُ لِلْحَجِّ لَا نَحْوُ مَالِ تِجَارَةٍ. وَشَرَطَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الْأَمْنَ عَلَى مَالِهِ فِي الْحَضَرِ لَوْ سَافَرَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ لَوْ كَانَ إذَا سَافَرَ لَهُ لَا يَأْمَنُ عَلَى مَا يَبْقَى مِنْ أَمْوَالِهِ فِي بَلَدِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ رَصَدِيًّا) وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَإِسْكَانِهَا، مَنْ يَرْقُبُ الطَّرِيقَ لِيَأْخُذَ مِنْ الْمَارَّةِ شَيْئًا نَعَمْ لَوْ كَانَ الْبَاذِلُ لِلرَّصَدِيِّ الْإِمَامُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ عَنْ جَمِيعِ الرَّكْبِ لَا عَنْ وَاحِدٍ بِخُصُوصِهِ لَمْ يَسْقُطْ الْوُجُوبُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَخْرُجُوا) وَإِذَا خَرَجُوا وَالْتَقَتْ الصُّفُوفُ حَرُمَ الِانْصِرَافُ. وَمَا فِي ابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ رُكُوبِ الْبَحْرِ) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَهُ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْوُجُوبِ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي أَقَلَّ خَوْفًا أَوْ مَشَقَّةً، سَوَاءٌ اسْتَوَتْ الْمَسَافَةُ أَمْ لَا. قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْبَرِّ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ سِوَاهُ) يَحْتَمِلُ أَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ أَصْلًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ يَأْمَنُ فِيهِ. وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ: تَعَيَّنَ يُشْعِرُ بِالثَّانِي وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ يَبْقَى بِالْبَحْرِ دُونَ الْبَرِّ فَهَلْ هُوَ مِنْ التَّعَيُّنِ أَوْ لَا. حَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْبَرَّ كَالْبَحْرِ. فَقَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ: أَمْنُ الطَّرِيقِ أَيْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ) أَيْ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا التَّحْرِيمُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَفِيهَا خِلَافٌ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا كَالرَّجُلِ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَتْ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا فِي وَقْتِ هَيَجَانِهَا   [حاشية عميرة] الدَّوَامِ؟ . قَوْلُهُ: (مَا يَلِيقُ بِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلطَّرِيقِ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ أَمْنُ الطَّرِيقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ رَصَدِيًّا) لَوْ كَانَ الْبَاذِلُ لَهُ الْإِمَامُ لَمْ يَمْنَعْ الْوُجُوبَ، وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: الْقِيَاسُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِلْمِنَّةِ وَالرَّصَدِيِّ بِسُكُونِ الصَّادِ وَفَتْحِهَا الْمُتَرَتِّبُ لِلشَّيْءِ، وَالْمُرَادُ الْأَمْنُ الْعَامُّ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الْخَوْفِ فِي حَقِّ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ، وَلَوْ كَانَ الْخَوْفُ بِسَبَبِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ فَكَالْعَدِمِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمَتْنِ: (وُجُوبُ رُكُوبِ الْبَحْرِ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ تَحْرِيمَ السَّفَرِ بِالْوَلَدِ فِيهِ لِلْعُذْرِ، وَاعْتَرَضَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ غَايَةَ ذَلِكَ التَّغْرِيرُ وَهُوَ جَائِزٌ مُحَافَظَةً عَلَى الْأَجْرِ لِلْوَلَدِ، كَمَا فِي إحْضَارِهِ فِي الْغَزْوِ وَالرَّضْخِ لَهُ. قَوْلُهُ: (فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا لَا يُلَائِمُ غَلَبَةَ الْهَلَاكِ. قَوْلُهُ: (فَفِيهَا خِلَافٌ مُرَتَّبٌ) أَيْ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 الْمُقَامَ فِيهَا لَا يَطُولُ وَالْخَطَرَ فِيهَا لَا يَعْظُمُ، (وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْبَذْرَقَةِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْخِفَارَةُ، لِأَنَّهَا مِنْ أُهُبِ الْحَجِّ فَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِهِ الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا، وَالثَّانِي يَقُولُ: هِيَ خُسْرَانٌ لِدَفْعِ الظُّلْمِ، فَلَا يَجِبُ الْحَجُّ مَعَ طَلَبِهَا، وَالْخِلَافُ وَجْهَانِ وَالتَّصْحِيحُ لِلْإِمَامِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَالْخُرَاسَانِيِّي نَ أَنَّهُ إذَا احْتَاجَ إلَى خَفَارَةٍ لَمْ يَجِبْ الْحَجُّ، وَحَمَلَهُ عَلَى إرَادَةِ مَا يَأْخُذُهُ الرَّصَدِيُّونَ فِي الْمَرَاصِدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. (وَيُشْتَرَطُ) فِي وُجُوبِ الْحَجِّ (وُجُودُ الْمَاءِ وَالزَّادِ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُعْتَادِ حَمْلُهُ مِنْهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَهُوَ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ) ، فَإِنْ كَانَ لَا يُوجَدُ بِهَا لِخُلُوِّهَا مِنْ أَهْلِهَا، وَانْقِطَاعِ الْمِيَاهِ أَوْ كَانَ يُوجَدُ بِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ لَمْ يَجِبْ الْحَجُّ، (وَعَلْفُ الدَّابَّةِ فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ) . لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ تَعْظُمُ بِحَمْلِهِ لِكَثْرَتِهِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْعَادَةِ فِيهِ كَالْمَاءِ، (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي الْمَرْأَةِ) لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا (أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا زَوْجٌ أَوْ مَحْرَمٌ) بِنَسَبٍ أَوْ غَيْرِ نَسَبٍ. (أَوْ نِسْوَةٌ ثِقَاتٌ) لِتَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ مَحْرَمٍ لِإِحْدَاهُنَّ) لِأَنَّ الْأَطْمَاعَ تَنْقَطِعُ بِجَمَاعَتِهِنَّ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ لِيُكَلِّمَ الرِّجَالُ عَنْهُنَّ، وَيُعِينَهُنَّ إذَا نَابَهُنَّ أَمْرٌ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الزَّوْجُ، وَقَدْ عَطَفَهُ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَوْ، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَلْزَمُهَا أُجْرَةُ الْمَحْرَمِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِهَا) لِأَنَّهُ مِنْ أُهْبَةِ سَفَرِهَا فَفِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ: «لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إلَّا مَعَ مَحْرَمٍ» ، فَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا قُدْرَتُهَا عَلَى أُجْرَتِهِ وَالثَّانِي يَقُولُ: مِنْ حَقِّهِ الْخُرُوجُ مَعَهَا فَإِذَا لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِأُجْرَةٍ، لَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَيْهَا وَالْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أُجْرَةِ الْبَذْرَقَةِ وَأَوْلَى بِاللُّزُومِ وَيَظْهَرُ أَنَّ أُجْرَةَ الزَّوْجِ كَأُجْرَةِ الْمَحْرَمِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ مِنْ الْمَحْرَمِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَرْأَةِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ نِسْوَةٌ مِنْ مَحَارِمَ كَإِخْوَانِهِ، وَعَمَّاتِهِ جَازَ وَإِنْ كُنَّ أَجْنَبِيَّاتٍ فَلَا لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهِنَّ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ اهـ. وَقَالَ قَبْلَ هَذَا بِيَسِيرٍ الْمَشْهُورُ جَوَازُ خَلْوَةِ رَجُلٍ   [حاشية قليوبي] كَالْبَحْرِ. قَوْلُهُ: (أُجْرَةُ الْبَذْرَقَةِ) وَهِيَ كَلِمَةٌ عَجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ وَيَجُوزُ فِيهَا إهْمَالُ الذَّالِ وَوَزْنُهَا مِفْعَلَةٌ كَمِنْطَقَةٍ وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا فَأَقَلُّ. قَوْلُهُ: (الْخِفَارَةُ) بِتَثْلِيثِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ) هَذَا شَرْطٌ رَابِعٌ فِي ضِمْنِ الثَّالِثِ، وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ فِي وُجُودِ مَا ذُكِرَ بِالْفِعْلِ مَعَهُ، وَهَذَا فِي وُجُودِهِ بِثَمَنِهِ فِي مَحَالِّهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ) نَعَمْ تُغْتَفَرُ هُنَا الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ لِأَنَّ لَهُ بَدَلًا بِخِلَافِ مَا هُنَا. قَوْلُهُ: (وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اعْتِبَارُ الْعَادَةِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَرْأَةِ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا) وَيَكْفِي فِي الْجَوَازِ لِلْوَاجِبِ مِنْ السَّفَرِ، وَلَوْ لِغَيْرِ الْحَجِّ امْرَأَةٌ وَأَمْنُهَا عَلَى نَفْسِهَا وَيَجُوزُ لَهَا النَّفَلُ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ مَعَ مَحْرَمٍ لَا مَعَ نِسْوَةٍ، وَإِنْ كَثُرْنَ كَسَفَرِهَا، وَإِنْ قَصُرَ لِغَيْرِ وَاجِبٍ. وَلَوْ مَاتَ الْمَحْرَمُ وَنَحْوُهُ بَعْدَ إحْرَامِهَا لَزِمَهَا الْإِتْمَامُ إنْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا وَحَرُمَ عَلَيْهَا التَّحَلُّلُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا جَازَ أَوْ قَبْلَ إحْرَامِهَا لَزِمَهَا الرُّجُوعُ إنْ أَمِنَتْ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَحْرَمٌ) وَلَوْ مُرَاهِقًا وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بَصِيرًا فَالْأَعْمَى كَالْمُعْدِمِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إلَّا إنْ كَانَ فَطِنًا حَاذِقًا فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهِ لَكِنَّ اشْتِرَاطَهُمْ مُصَاحَبَةَ نَحْوِ الْمَحْرَمِ لَهَا لِيَمْنَعَ عَنْهَا أَعْيُنَ النَّاظِرِينَ إلَيْهَا يُنَافِي ذَلِكَ. وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ ثِقَةً كَالزَّوْجِ وَكَالْمَحْرَمِ عَبْدُهَا الثِّقَةُ وَالْمَمْسُوحُ الثِّقَةُ وَالْأَمْرَدُ كَالْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ: (نِسْوَةٌ) أَقَلُّهُنَّ ثِنْتَانِ وَلَوْ إمَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ غَيْرَ بَالِغَاتٍ حَيْثُ لَهُنَّ حِذْقٌ. قَوْلُهُ: (ثِقَاتٌ) أَيْ إنْ كُنَّ غَيْرَ مَحَارِمَ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كُنَّ أَجْنَبِيَّاتٍ فَلَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَأَنَّ الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ فِي الْخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (بِلَا مَشَقَّةٍ   [حاشية عميرة] فَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَخْ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْقَدْرَ الْيَسِيرَ الزَّائِدَ فِيهَا عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ يُغْتَفَرُ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَبِالْمُهْمَلَةِ أَيْضًا، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهَا أَعْجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ وَجْهَانِ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي عَطْفِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَلِذَا لَمْ يُقَدِّرْهُ الشَّارِحُ فِيمَا سَلَفَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِثَمَنِ الْمِثْلِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ غَالِيًا أَوْ رَخِيصًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ) اسْتَشْكَلَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، فَإِنْ أُرِيدَ الْمَرْعَى فَرُبَّمَا يَقْرُبُ. قَوْلُهُ: (لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا) خَرَجَ الْجَوَازُ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ إذَا وُجِدَتْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ، وَأَمَّا سَفَرُ النَّفْلِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهَا، وَإِنْ وَجَدَتْ عَدَدًا مِنْ النِّسْوَةِ هَذَا، وَلَكِنْ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّ السَّفَرَ الْوَاجِبَ، يُكْتَفَى فِيهِ بِوَاحِدَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ مَحْرَمٌ) شَرَطَ الْعَبَّادِيُّ فِي الْمَحْرَمِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا وَيُقَاسُ بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 بِنِسْوَةٍ لَا مَحْرَمَ لَهُ فِيهِنَّ، مُعْتَرِضًا بِهِ قَوْلَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ فَاسْتُغْنِيَ بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ عَنْ مِثْلِهِ فِي الْخُنْثَى الْمُلْحَقِ بِالرَّجُلِ احْتِيَاطًا. (الرَّابِعُ) مِنْ الشُّرُوطِ (أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِلَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ) فِي مَحْمِلٍ فَمَنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا أَصْلًا أَوْ ثَبَتَ عَلَيْهَا فِي مَحَلٍّ بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَنْ انْتَفَتْ عَنْهُ الْمَشَقَّةُ فِي الْمَحْمِلِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ كَمَا تَقَدَّمَ، (وَعَلَى الْأَعْمَى الْحَجُّ إنْ وَجَدَ قَائِدًا) مَعَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ يَقُودُهُ وَيَهْدِيهِ عِنْدَ النُّزُولِ، وَيُرْكِبُهُ وَيُنْزِلُهُ (وَهُوَ) فِي حَقِّهِ (كَالْمَحْرَمِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ) . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَيَكُونُ فِي وُجُوبِ اسْتِئْجَارِهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْوُجُوبُ. (وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ) فِي وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهِ، (لَكِنْ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ) لِتَبْذِيرِهِ (بَلْ يَخْرُجُ مَعَهُ الْوَلِيُّ أَوْ يُنَصِّبُ شَخْصًا لَهُ) لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ أُجْرَتَهُ كَأُجْرَةِ الْمَحْرَمِ. تَنْبِيهٌ: يَدْخُلُ فِي شَرْطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ مَا ذَكَرَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَجِدَ رُفْقَةً يَخْرُجُ مَعَهُمْ عَلَى الْعَادَةِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: فَإِنْ كَانَتْ الطَّرِيقُ بِحَيْثُ لَا يَخَافُ الْوَاحِدُ فِيهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى الرُّفْقَةِ، أَمَّا إمْكَانُ السَّيْرِ وَهُوَ أَنْ يَبْقَى زَمَنٌ يُمْكِنُ السَّيْرُ فِيهِ إلَى الْحَجِّ السَّيْرَ الْمَعْهُودَ، فَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِاسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّتِهِ لَيَجِبَ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ، وَلَيْسَ شَرْطًا لِأَصْلِ الْوُجُوبِ، فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ فِي الْحَالِ كَالصَّلَاةِ تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَسَعُهَا وَتَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ بِمُضِيِّ زَمَنِ التَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِهَا، وَصَوَّبَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ وَأَجَابَ عَنْ الصَّلَاةِ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا. (النَّوْعُ الثَّانِي اسْتِطَاعَةُ تَحْصِيلِهِ بِغَيْرِهِ فَمَنْ مَاتَ وَفِي ذِمَّتِهِ حَجٌّ وَجَبَ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ) كَمَا تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ اُسْتُحِبَّ لِوَارِثِهِ أَنْ   [حاشية قليوبي] شَدِيدَةٍ) تَقَدَّمَ الْمُرَادُ بِهَا وَتَقَدَّمَ ضَبْطُ الْمَحْمِلِ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ أَوْ عَكْسُهُ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَالْعُبَابِ. قَوْلُهُ: (إنْ وَجَدَ قَائِدًا) وَإِنْ أَحْسَنَ الْمَشْيَ وَلَوْ بِغَيْرِ الْعَصَا. فَرْعٌ: لَوْ ظَنَّ مُسْقِطًا مِنْ عَدُوٍّ أَوْ غَيْرِهِ اسْتَصْحَبَ الْغَالِبَ فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ شَيْءٌ وَجَبَ الْخُرُوجُ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ لِظَنِّهِ وُجُودُ الْمَانِعِ وَالْمُسْقِطِ فَبَانَ عَدَمُهُ تَبَيَّنَ الْوُجُوبُ كَعَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ الصَّلَاحِ وَيَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ يُقَالَ إنَّهُ اسْتَطَاعَ عِنْدَ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ ثُمَّ أَعْسَرَ قَبْلَ عَوْدِهِمْ كَمَا مَرَّ. إلَّا أَنَّهُ مَاتَ فَعِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ وَجَبَ، وَلَكِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ وَتَصْوِيرُ كَلَامِهِمْ بِغَيْرِ هَذَا فَاسِدٌ وَلَا يُغْتَرُّ بِقَائِلِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ قُلْنَا وَجَبَ صَحَّ الِاسْتِئْجَارُ قَطْعًا وَإِلَّا فَفِيهِ قَوْلَانِ. وَأَمَّا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الِاسْتِطَاعَةِ فَهُوَ كَمَنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فِي زَمَنٍ لَا يَسَعُهَا وَبِهِ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ الْوُجُوبِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَمَنْ مَاتَ) أَيْ غَيْرَ مُرْتَدٍّ وَفَارَقَ الزَّكَاةَ بِأَنَّهُ   [حاشية عميرة] غَيْرُهُ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُهُ حَتَّى فِي حَقِّ الْعَجُوزِ. قَوْلُهُ: (فَاسْتَغْنَى إلَخْ) خَالَفَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا. وَقَالَ: إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهِنَّ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُنَّ، وَالسَّفَرُ مَظِنَّةُ ذَلِكَ، فَلَا يُنَافِي مَا سَلَفَ لَهُ مِنْ جَوَازِ خَلْوَةِ الرَّجُلِ بِنِسْوَةٍ فِي غَيْرِ السَّفَرِ. قَوْلُهُ: (فِي مَحْمِلٍ) دَفْعٌ لِاعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيِّ، بِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ فِي الشَّرْطِ الثَّانِي فِي عِبَارَتِهِ الْقُدْرَةُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، يَعْنِي الْخَالِيَةَ عَنْ الْمَحْمِلِ فَتَكُونُ هِيَ الْمُرَادَةُ هُنَا، فَيُشْكِلُ بِأَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ، وَقَدَرَ عَلَى الرُّكُوبِ فِي الْمَحْمِلِ وَجَبَتْ الْمُبَاشَرَةُ اهـ. وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُرَادَ الرَّاحِلَةُ الشَّرْعِيَّةُ فَلَا إيرَادَ. قَوْلُهُ: (لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ) بَلْ يَكُونُ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا عَسَاهُ يُقَالُ الْمَذْكُورُ هُنَا هُوَ الَّذِي سَلَفَ، نَعَمْ الْمَذْكُورُ هُنَا يَكَادُ أَنْ يَكُونَ تَصْرِيحًا بِمَا فُهِمَ مِنْ هُنَاكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ (فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ فِي الْحَالِ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةَ ذَلِكَ حَيْثُ لَا يَسْتَقِرُّ، وَلَا يَقْضِي مِنْ تَرِكَتِهِ إلَّا إنْ تَمَكَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (كَمَا تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْحَجَّ عَنْهُ يَكُونُ قَضَاءً لِفَوَاتِ الْوَقْتِ وَهُوَ الْعُمُرُ. قَوْلُهُ: (قَالَ نَعَمْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ أَشْبَهَ الْحَجَّ بِالدَّيْنِ، وَأَذِنَ لَهُ فِي الْحَجِّ عَنْهُ، وَالدَّيْنُ يَجِبُ قَضَاؤُهُ أَوْصَى بِهِ أَوْ لَا، فَكَذَا الْحَجُّ وَمِنْ ثَمَّ سَاغَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 يَحُجَّ عَنْهُ، فَإِنْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ بِاسْتِئْجَارٍ سَقَطَ الْحَجُّ عَنْ الْمَيِّتِ، وَلَوْ حَجَّ عَنْهُ أَجْنَبِيٍّ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْوَارِثُ كَمَا يَقْضِي دَيْنَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَارِثِ وَيَبْرَأُ الْمَيِّتُ بِهِ، ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ بُرَيْدَةَ: «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ قَطُّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: حُجِّي عَنْهَا» . وَرَوَى النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْحَجِّ عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ: أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيك دَيْنٌ فَقَضَيْته عَنْهُ، أَكَانَ ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَاحْجُجْ عَنْهُ» (وَالْمَعْضُوبُ الْعَاجِزُ عَنْ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ) لِكِبَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (إنْ وَجَدَ أُجْرَةَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَزِمَهُ) الْحَجُّ بِهَا (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا فَاضِلَةً عَنْ الْحَاجَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَنْ حَجَّ بِنَفْسِهِ، لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ نَفَقَةُ الْعِيَالِ ذَهَابًا وَإِيَابًا) ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يُفَارِقْ أَهْلَهُ يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ نَفَقَتِهِمْ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أُجْرَةَ مَاشٍ وَجَبَ اسْتِئْجَارُهُ فِي الْأَصَحِّ إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي مَشْيِ الْأَجِيرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا حَجَّ بِنَفْسِهِ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْمَشْيُ، وَقَوْلُهُ الْعَاجِزُ إلَخْ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ فِي مَعْنَى التَّفْسِيرِ لِلْمَعْضُوبِ، (وَلَوْ بَذَلَ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ أَعْطَى (وَلَدُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مَالًا لِلْأُجْرَةِ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ فِي الْأَصَحِّ لِمَا) فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ الثَّقِيلَةِ، وَالثَّانِي يَجِبُ لِحُصُولِ الِاسْتِطَاعَةِ بِهِ، وَالْوُجُوبُ فِي الْوَلَدِ أَوْلَى مِنْهُ فِي الْأَجْنَبِيِّ وَبَذْلُ الْأَبِ الْمَالَ كَبَذْلِ الِابْنِ أَوْ كَبَذْلِ الْأَجْنَبِيِّ فِيهِ احْتِمَالَانِ: ذَكَرَهُمَا الْإِمَامُ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ. (وَلَوْ بَذَلَ الْوَلَدُ الطَّاعَةَ) فِي الْحَجِّ (وَجَبَ قَبُولُهُ) بِالْإِذْنِ لَهُ فِيهِ، (وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ فِي الْأَصَحِّ) وَالْمِنَّةُ فِي ذَلِكَ لَيْسَتْ كَالْمِنَّةِ فِي الْمَالِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَنْكِفُ عَنْ   [حاشية قليوبي] عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَجّ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ فَرْضًا أَوْ حِجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَتْ نَفْلًا بِأَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ قَبْلَ مَوْتِهِ جَازَ وَالْعِلَّةُ لِلْأَصْلِ وَالْأَغْلَبِ. وَأَمَّا النَّفَلُ غَيْرُ هَذِهِ فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنِهِ سَوَاءٌ مِنْ الْوَارِثِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَعْضُوبُ) مِنْ الْعَضَبِ بِمُعْجَمَةٍ وَهُوَ الْقَطْعُ لِقَطْعِهِ عَنْ كَمَالِ الْحَرَكَةِ وَبِمُهْمَلَةٍ كَأَنَّهُ قَطَعَ عَصَبَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ كُلِّ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ وَلَوْ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الثُّبُوتِ عَلَى الْمَرْكُوبِ. وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا قَالَهُ فِي الْمَنْهَجِ. وَلَا يَصِحُّ اسْتِنَابَةٌ عَمَّنْ لَزِمَهُ الْحَجُّ ثُمَّ جُنَّ لِأَنَّهُ قَدْ يُفِيقُ فَلَوْ اسْتَنَابَ عَنْهُ وَلِيُّهُ فَمَاتَ قَبْلَ إفَاقَةٍ لَمْ يُجْزِئْهُ. وَكَذَا مَرِيضٌ يُرْجَى بُرْؤُهُ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ إنْ طَرَأَ الْعَجْزُ وَإِلَّا كَمَنْ بَلَغَ عَاجِزًا فَعَلَى التَّرَاخِي، وَعَلَى كُلٍّ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ إجْبَارُهُ عَلَى اسْتِنَابَةٍ إنْ امْتَنَعَ. قَوْلُهُ: (فَاضِلًا عَنْ الْحَاجَاتِ إلَخْ) أَيْ لِيَوْمِ الِاسْتِئْجَارِ فَقَطْ، وَتُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْعَاقِدَيْنِ أَعْمَالَ الْحَجِّ فَرْضًا وَنَفْلًا حَتَّى لَوْ تَرَكَ مَنْدُوبًا سَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُقَابِلُهُ. وَلَوْ أَفْسَدَ الْأَجِيرُ الْحَجَّ وَقَعَ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَحَجُّهُ بَعْدَهُ قَضَاءً عَنْ الْفَاسِدِ لَهُ وَيَلْزَمُهُ رَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَهُ أَوْ يَبْقَى عَلَيْهِ الْحَجُّ إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَجْنَبِيٌّ مَالًا) نَعَمْ يَجِبُ قَبُولُهُ إنْ كَانَ إمَامًا وَلَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ مَالٌ أَوْ مُطِيعٌ تَبَيَّنَ الْوُجُوبُ اعْتِبَارًا بِالْوَاقِعِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَذَلَ الْوَلَدُ الطَّاعَةَ) وَلَوْ غَيْرَ وَارِثٍ أَوْ بَعِيدًا وَلَوْ بَذَلَ الطَّاعَةَ لِوَالِدَيْهِ تَخَيَّرَ وَالْأَبُ أَوْلَى وَيَجِبُ سُؤَالُ الْوَلَدِ بِهَا إنْ تَوَسَّمَ مِنْهُ الْإِجَابَةَ. وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ وَمِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ. وَيُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ مَوْثُوقًا بِهِ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَهْلًا لِلْفَرْضِ وَلَيْسَ مَعْضُوبًا أَيْضًا. كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ وَشَرَطَ شَيْخُنَا كَوْنَهُ ذَكَرًا أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُخَالِفُهُ بِقَوْلِهِ: «حُجِّي عَنْ أُمِّك» . فَرَاجِعْهُ وَمِثْلُ بَذْلِ الطَّاعَةِ فِيهِمَا مَا لَوْ طَلَبَا مِنْهُ أَنْ يَأْذَنَ   [حاشية عميرة] لَزِمَهُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنْ بَلَغَ مَعْضُوبًا كَانَ عَلَى التَّرَاخِي وَإِنْ عَضَبَ بَعْدَمَا أَيْسَرَ فَيَجِبُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْفَوْرِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَأَمَّا الْإِذْنُ لِبَاذِلِ الطَّاعَةِ فَعَلَى الْفَوْرِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَبُولُ الْمَالِ إذَا أَوْجَبْنَاهُ كَالْإِذْنِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَيْنِ وَبَيْنَ الْمُسْتَطِيعِ بِنَفْسِهِ أَنَّ وُجُوبَ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى الشَّخْصِ يَدْعُوهُ، وَيَحْمِلُهُ عَلَى الْفِعْلِ، فَوَكَّلَ إلَى دَاعِيَتِهِ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي حَقِّ الْغَيْرِ فَوَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ اهـ. وَقُيِّدَ الْقَبُولُ بِكَوْنِ الْبَاذِلِ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْفَوْرِ وَالتَّرَاخِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَكِنْ لَا يَشْتَرِطُ إلَخْ) لَوْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ كَسْبِهَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ. قَوْلُهُ: (فِي مَعْنَى التَّفْسِيرِ لِلْمَعْضُوبِ) مِنْ الْعَضْبِ وَهُوَ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ قَطْعٌ عَنْ الْحَرَكَةِ وَيُقَالُ: الْمَغْصُوبُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ كَأَنَّهُ قَطَعَ عَصَبَهُ. فَائِدَةٌ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْرِفَ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَنْهُ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَنْوِ عَمَّنْ اُسْتُؤْجِرَ عَنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْوَلَدُ) أَيْ بَعُدَ أَوْ قَرُبَ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ، وَفِي الْخَادِمِ عَنْ الشَّاشِيِّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُطَاعِ عَدَمُ الْمَالِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ قَبُولُهُ) وَبَعْدَ الْقَبُولِ يَكُونُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 الِاسْتِعَانَةِ بِمَالِ الْغَيْرِ، وَلَا يَسْتَنْكِفُ عَنْ الِاسْتِعَانَةِ بِبَدَنِهِ فِي الْأَشْغَالِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَلَدَ بِضْعَةٌ مِنْهُ فَنَفْسُهُ كَنَفْسِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَالْأَخُ وَالْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ، لِأَنَّ اسْتِخْدَامَهَا يَثْقُلُ وَلَوْ بَذَلَ الْوَلَدُ أَوْ الْوَالِدُ الطَّاعَةَ لِيَحُجَّ مَاشِيًا، فَفِي وُجُوبِ قَبُولِهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ لَا يَجِبُ، لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشْيُهُمَا بِخِلَافِ مَشْيِ الْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ طَلَبَ الْوَالِدُ مِنْ الْوَلَدِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ إجَابَتُهُ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَلَوْ بَذَلَ الْوَلَدُ الطَّاعَةَ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ إحْرَامِهِ لَمْ يَجُزْ أَوْ قَبْلَهُ جَازَ فِي الْأَصَحِّ إذَا كَانَ رُجُوعُهُ الْجَائِزُ، قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ أَهْلُ بَلَدِهِ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْأَبِ. وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ» وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ زَمَانًا وَمَكَانًا (وَقْتُ إحْرَامِ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرُ لَيَالٍ) بِالْأَيَّامِ بَيْنَهَا (مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَفِي لَيْلَةِ النَّحْرِ) ، وَهِيَ الْعَاشِرَةُ (وَجْهٌ) أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ وَقْتِهِ (فَلَوْ أَحْرَمَ بِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ انْعَقَدَ عُمْرَةً عَلَى الصَّحِيحِ)   [حاشية قليوبي] لَهُمَا فِي أَنْ يَسْتَأْجِرَا مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ مَنْ اسْتَأْجَرَ عَنْهُ، وَيَنْوِي عَمَّنْ اُسْتُؤْجِرَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (بِالْإِذْنِ لَهُ) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ فِيهِ وَفِي الْأَجْنَبِيِّ. وَكَذَا قَبُولُ الْمَالِ لَوْ وَجَبَ، وَأَمَّا فِعْلُ الْبَاذِلِ فَعَلَى التَّرَاخِي. قَوْلُهُ: (مَاشِيًا) وَمِثْلُهُ مُعَوَّلًا عَلَى الْكَسْبِ أَوْ السُّؤَالِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَشْيِ إلَخْ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ كَالْوَلَدِ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ فِي الْمَشْيِ. قَوْلُهُ: (لَا يَجِبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَلَبَ الْوَالِدُ إلَخْ) تَقَدَّمَ وُجُوبُهُ فِي حَالَةٍ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ الزَّمَنُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مُسْتَطِيعًا كَمَا مَرَّ فَرُجُوعُ الْوَلَدِ كَتَلَفِ الْمَالِ. وَتَجُوزُ النِّيَابَةُ فِي حَجِّ النَّفْلِ لِعَبْدٍ وَمُمَيِّزٍ، وَيَجُوزُ الْحَجُّ بِالنَّفَقَةِ أَيْ الْكِفَايَةِ. وَلَوْلَا كَثُرَ مِنْ وَاحِدٍ كَالِاسْتِئْجَارِ وَيَقَعُ مَا زَادَ عَنْ الْوَاحِدِ نَفْلًا كَمَا فِي الْمَيِّتِ. وَتَجُوزُ النِّيَابَةُ بِالْجَعَالَةِ نَحْوُ: مَنْ حَجَّ عَنِّي فَلَهُ كَذَا. وَالْإِذْنُ فِيهَا لِوَاحِدٍ فَقَطْ. فَإِنْ أَحْرَمَ عَنْهُ اثْنَانِ مُرَتِّبًا يَقِينًا وَقَعَ عَنْهُ الْأَوَّلُ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَيَقَعُ لَهُمَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَلَوْ نَسِيَ تَوَقَّفَ الْأَمْرُ. وَلَوْ شُفِيَ الْمَعْضُوبُ تَبَيَّنَ بَقَاءُ الْحَجِّ عَلَيْهِ. وَحَجُّ الْأَجِيرِ يَقَعُ لِنَفْسِهِ وَيَلْزَمُهُ رَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ. قَوْلُهُ: (خَثْعَمَ) هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ السَّاكِنَةِ وَالْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ اسْمُ قَبِيلَةٍ وَلَفْظُ الْحَجِّ فِي الْحَدِيثِ بَدَلٌ مِنْ فَرِيضَةٍ. بَابُ الْمَوَاقِيتِ هِيَ لُغَةً الْحُدُودُ وَالْأَوْقَاتُ الْمَضْرُوبُ بِهَا. وَفِي الِاصْطِلَاحِ اسْمٌ لِلْمَكَانِ أَوْ لِلزَّمَانِ الْمَضْرُوبِ لِمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (ذِي الْحِجَّةِ) هِيَ بِكَسْرِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِوُقُوعِ الْحَجِّ فِيهَا وَالْأَفْصَحُ فِي قَافِ الْقَعْدَةِ الْفَتْحُ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلْقُعُودِ   [حاشية عميرة] فِعْلُ الْبَاذِلِ عَلَى التَّرَاخِي. قَوْلُهُ: (مَاشِيًا إلَخْ) بَحَثَ بَعْضُهُمْ وُجُوبَ الْقَبُولِ إذَا كَانَ السَّفَرُ قَصِيرًا. فَرْعٌ: لَوْ بَذَلَ لِوَالِدَيْهِ مَعًا يَصْرِفُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَالْأَبُ أَوْلَى. [بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ] بَابُ الْمَوَاقِيتِ هُوَ فِي اللُّغَةِ الْحَدُّ وَأَصْلُهُ الزَّمَانُ كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْمِيقَاتُ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ لِلْفِعْلِ وَالْمَوْضِعِ يُقَالُ: هَذَا مِيقَاتُ أَهْلِ الشَّامِ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي يُحْرِمُونَ مِنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَذُو الْقَعْدَةِ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ وَالْحِجَّةُ بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَيَجُوزُ الْفَتْحُ سُمِّيَ الْأَوَّلُ بِذَلِكَ لِقُعُودِهِمْ فِيهِ عَلَى الْقِتَالِ، وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الثَّانِي فَظَاهِرَةٌ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْحَجُّ إلَّا فِي أَشْهُرٍ، لِأَنَّ الْأَشْهُرَ لَا يَصِحُّ حَمْلُهَا عَلَى الْحَجِّ لِكَوْنِهِ فِعْلًا، فَلَا بُدَّ مِنْ إضْمَارٍ وَلَا يَجُوزُ فِعْلُ الْحَجِّ فِي أَشْهُرٍ، لِأَنَّ فِعْلَهُ فِي أَيَّامٍ لَا فِي أَشْهُرٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ أَشْهُرُ الْحَجِّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ. كَمَا قَالَ الزَّجَّاجُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْفَائِدَةِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ، وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ لِظُهُورِ الْفَائِدَةِ حِينَئِذٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 لِأَنَّ الْإِحْرَامَ شَدِيدُ التَّعَلُّقِ وَاللُّزُومِ، فَإِذَا لَمْ يُقْبِلْ الْوَقْتُ مَا أَحْرَمَ بِهِ انْصَرَفَ إلَى مَا يُقْبِلُهُ، وَهُوَ الْعُمْرَةُ وَالثَّانِي لَا يَنْعَقِدُ عُمْرَةً كَمَا لَا يَنْعَقِدُ حَجًّا وَلَكِنْ يَتَحَلَّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ كَمَنْ فَاتَ حَجَّةً، فَعَلَى الْأَوْلَى إذَا أَتَى بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ سَقَطَتْ عَنْهُ عُمْرَةُ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الثَّانِي وَسَوَاءٌ فِي الِانْعِقَادِ الْجَاهِلُ بِالْحَالِ وَالْعَالِمُ بِهِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ أَصَحِّ الطُّرُقِ الْحَاكِيَةِ لِقَوْلَيْنِ بِمَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِيَةُ قَاطِعَةٌ بِالثَّانِي، وَالثَّالِثَةُ نَقُولُ يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ مُبْهَمًا، فَإِنْ صَرَفَهُ إلَى الْعُمْرَةِ كَانَ عُمْرَةً صَحِيحَةً، وَإِلَّا تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ فَهَذِهِ مِنْ مُقَابِلِ الصَّحِيحِ أَيْضًا، وَعَبَّرَ بِهِ دُونَ الْمَذْهَبِ إشَارَةً إلَى ضَعْفِ الْخِلَافِ (وَجَمِيعُ السَّنَةِ وَقْتٌ لِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ) وَقَدْ يَمْتَنِعُ الْإِحْرَامُ بِهَا لِعَارِضٍ كَالْعَاكِفِ بِمِنًى، لِلْمَبِيتِ وَالرَّمْيُ لَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ بِهَا، لِعَجْزِهِ عَنْ التَّشَاغُلِ بِعَمَلِهَا. (وَالْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْحَجِّ فِي حَقِّ مَنْ بِمَكَّةَ) مِنْ أَهْلِهَا وَغَيْرِهِمْ، (نَفْسُ مَكَّةَ) لِلْحَدِيثِ الْآتِي (وَقِيلَ كُلُّ الْحَرَمِ) لِاسْتِوَاءِ مَكَّةَ وَمَا وَرَاءَهَا مِنْ الْحَرَمِ فِي الْحُرْمَةِ، وَقَوْلُهُ لِلْحَجِّ يَشْمَلُ الْمُفْرِدَ وَالْقَارِنَ. وَقِيلَ: يَجِبُ أَنْ يَخْرُجَ الْقَارِنُ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ، كَمَا لَوْ أَفْرَدَ الْعُمْرَةَ. (وَأَمَّا غَيْرُهُ فَمِيقَاتُ الْمُتَوَجِّهِ مِنْ الْمَدِينَةِ ذُو الْحُلَيْفَةِ وَمِنْ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ الْجُحْفَةُ، وَمِنْ   [حاشية قليوبي] عَنْ الْقِتَالِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَفِي لَيْلَةِ النَّحْرِ وَجْهٌ) أَيْ مَرْجُوحٌ فَهِيَ مِنْ وَقْتِهِ، فَيَصِحُّ الْإِحْرَامُ بِهِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْإِتْيَانِ بِأَعْمَالِهِ لَكِنْ يَنْعَقِدُ فِيهِ عُمْرَةٌ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ وَالْوَجْهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ لِلْمُتَأَمِّلِ. قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ يَتَحَلَّلُ إلَخْ) اُنْظُرْ كَيْفَ هَذَا التَّحَلُّلُ مَعَ عَدَمِ الِانْعِقَادِ. قَوْلُهُ: (وَجَمِيعُ السَّنَةِ إلَخْ) وَصَرْفُ الزَّمَنِ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ صَرْفِ مِثْلِهِ فِي الطَّوَافِ وَقَدْ اعْتَمَرَ أَرْبَعًا كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إلَّا الَّتِي فِي عَامِ حَجَّتِهِ إحْدَاهَا فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَهِيَ الَّتِي صُدَّ عَنْهَا مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ، وَثَانِيهَا عُمْرَةُ الْقَضَاءِ فِي الْعَامِ بَعْدَهُ، وَثَالِثُهَا عُمْرَةٌ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ مَعَ حَجَّتِهِ، وَرَابِعُهَا عُمْرَةٌ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ أَيْضًا مِنْ الْجِعْرَانَةِ حِينَ قَسَمَ غَنَائِمَ الطَّائِفِ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ. قَوْلُهُ: (لِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَلِدَوَامِهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ مِنْهَا وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَأَوْجَبَ التَّحَلُّلَ. فَرْعٌ: مَنَعَ الْمُزَنِيّ مِنْ جَوَازِ أَكْثَرِ مِنْ عُمْرَةٍ فِي السَّنَةِ كَالْحَجِّ وَهُوَ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (كَالْعَاكِفِ بِمِنًى) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِمِنًى أَوْ سَقَطَ عَنْهُ الْمَبِيتُ بِهَا فَقَوْلُهُ لِعَجْزِهِ أَيْ شَرْعًا. وَتَصِحُّ مِمَّنْ نَفَرَ النَّفْرَ الْأَوَّلِ وَمِنْ غَيْرِ الْمُتَلَبِّسِ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ. قَوْلُهُ: (نَفْسُ مَكَّةَ) أَيْ جَمِيعُهَا نَعَمْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَذْهَبَ إلَى بَيْتِهِ فَيُحْرِمَ مِنْهُ ثُمَّ يَعُودُ لِلْمَسْجِدِ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ كُلُّ الْحَرَمِ) فَيَزِيدُ عَلَى مَا قَبْلَهُ بِمَنْ مَسْكَنُهُ خَارِجَ مَكَّةَ. قَوْلُهُ: (ذُو الْحُلَيْفَةِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِوُجُودِ النَّبَاتِ الْمَعْرُوفِ بِذَلِكَ فِيهَا وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِأَبْيَارِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِزَعْمِ الْعَامَّةِ أَنَّهُ قَاتِلُ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي لَيْلَةِ النَّحْرِ وَجْهٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَائِلُهُ هُوَ الْقَائِلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْوُقُوفِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ وَقْتِهِ) تَبَعًا لِيَوْمِهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْإِحْرَامَ إلَخْ) عُلِّلَ أَيْضًا بِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ قَصْدُ الْحَجِّ بَقِيَ مُطْلَقُ الْإِحْرَامِ وَالْعُمْرَةُ تَنْعَقِدُ بِذَلِكَ، كَمَا فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ وَلَوْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الْوَقْتِ عَمْدًا لَا يَنْعَقِدُ نَفْلًا، لِأَنَّ الْجَمْعَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعْيِينِ. قَوْلُهُ: (الْحَاكِيَةُ لِقَوْلَيْنِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ مِنْ أَصَحِّ الطُّرُقِ. قَوْلُهُ: (فَهَذِهِ مِنْ مُقَابِلِ الصَّحِيحِ) دَفْعٌ لِاعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيِّ، بِأَنَّ هُنَا طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِعَدَمِ انْعِقَادِهِ عُمْرَةً فَالْخِلَافُ قَوِيٌّ فَتَعْبِيرُهُ بِالصَّحِيحِ مُعْتَرَضٌ مِنْ جِهَةِ ذَلِكَ، وَمِنْ جِهَةِ عَدَمِ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ) أَيْ وَلِأَدَائِهَا. فَرْعٌ: ذَهَبَ الْمُزَنِيّ إلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَجُوزُ فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً. فَرْعٌ: قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ أَبَدًا وَيُكْمِلَهَا مَتَى شَاءَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ قَوْلُهُ: (كَالْعَاكِفِ بِمِنًى) أَيْ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ، وَمِنْ هُنَا أُخِذَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حِجَّتَانِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ، بِأَنْ يَدْفَعَ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَيَرْمِيَ وَيَحْلِقَ وَيَطُوفَ، ثُمَّ يُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ، وَيَعُودُ إلَى الْمَوْقِفِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَقَدْ حُكِيَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ بِالِاشْتِغَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ قَدْ يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ، وَلَا يَفْعَلُهَا إلَّا بَعْدَ النَّفْرِ مِنْ مِنًى، أَوْ فِي وَقْتٍ مِنْ تِلْكَ الْأَيَّامِ غَيْرَ مُشْتَغِلٍ فِيهِ بِمَبِيتٍ، وَلَا رَمْيٍ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَفِي الْخَادِمِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّ مَنْ تَرَكَ مِنًى، وَالرَّمْيَ، وَخَرَجَ مِنْهَا يَجُوزُ لَهُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمَ الْجَوَازِ بَعْدَ النَّفْرِ قَبْلَ الْوَدَاعِ إنْ جَعَلْنَاهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ. [الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْحَجِّ] . قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَفْسُ مَكَّةَ) فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُمْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَحْرَمُوا بِالْأَبْطُحِ مُتَوَجِّهِينَ إلَى مِنًى» ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يُرَادَ بِمَكَّةَ جَمِيعُ الْحَرَمِ، وَاخْتَارَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ لِذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 تِهَامَةَ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ، وَمِنْ نَجْدِ الْيَمَنِ وَنَجْدِ الْحِجَازِ قَرْنٌ وَمِنْ الْمَشْرِقِ ذَاتُ عِرْقٍ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ تِهَامَةُ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ وَمِنْ نَجْدِ الْيَمَنِ وَنَجْدِ الْحِجَازِ قَرْنٌ وَمِنْ الْمَشْرِقِ) الْعِرَاقِ وَغَيْرِهِ (ذَاتُ عِرْقٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ. وَقَالَ: هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» . وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ الْجُحْفَةَ» . وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَكَذَا الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ عَائِشَةَ. «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ» . (وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ) وَهُوَ الطَّرَفُ الْأَبْعَدُ مِنْ مَكَّةَ لِيَقْطَعَ   [حاشية قليوبي] الْجِنِّ فِيهَا، وَهِيَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ عَنْ مَكَّةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ، وَعَلَى نَحْوِ عَشَرَةِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الشَّامِ) وَهُوَ طُولًا مِنْ الْعَرِيشِ إلَى الْفُرَاتِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ إلَى بَالِسَ وَعَرْضًا مِنْ جَبَلِ الطيئ إلَى بَحْرِ الرُّومِ وَلَفْظُهُ مُذَكَّرٌ. وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا قِيلَ إنَّهُ كَالشَّامَةِ فِي الْأَرْضِ. وَلِذَلِكَ فَضَّلَهُ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى مِصْرَ. وَعَكْسُهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى سَامِ بْنِ نُوحٍ لِمَا قِيلَ: إنَّهُ الَّذِي أَنْشَأَهُ، وَأُبْدِلَتْ فِيهِ الْمُهْمَلَةُ بِمُعْجَمَةٍ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَهَذَا كَانَ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَمِصْرُ) سُمِّيَتْ بِاسْمِ أَوَّلِ مَنْ سَكَنَهَا وَهُوَ مِصْرُ بْنُ بَيْصَرَ بْنِ سَامَ بْنِ نُوحٍ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ سُمِّيَتْ مِصْرَ لِأَنَّهَا حَدٌّ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَالْمِصْرُ لُغَةً الْحَدُّ وَبِهَا وَبِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَضْلٌ كَفَضْلِ الْمَشْرِقِ عَلَى الْمَغْرِبِ عَلَى الرَّاجِحِ. وَلَفْظُهَا يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَيُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ وَهِيَ طُولًا مِنْ أَيْلَةَ إلَى بَرْقَةَ بِجَانِبِ الْبَحْرِ الرُّومِيِّ مِنْ جَنُوبِهِ، وَمَسَافَةٌ ذَلِكَ قَرِيبٌ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَعَرْضًا مِنْ مَدِينَةِ أُسْوَانَ وَمَا حَاذَاهَا مِنْ الصَّعِيدِ الْأَعْلَى إلَى رَشِيدٍ وَمَا حَاذَاهُ مِنْ مَسَافَةِ النِّيلِ فِي الْبَحْرِ الرُّومِيِّ. وَمَسَافَةُ ذَلِكَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَيَكْتَنِفُهَا فِي الْعَرْضِ جَبَلَانِ الْمُقَطَّمُ مِنْ شَرْقِيِّهَا، وَجَبَلُ الْوَفَاءِ مِنْ غَرْبِيِّهَا. قَوْلُهُ: (وَالْمَغْرِبُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ عِنْدَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ وَأَعْظَمُهُ إقْلِيمُ الْأَنْدَلُسِ، وَدُورُهُ نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَأَقْصَاهُ جَزَائِرُ الْخَالِدَاتِ السِّتَّةُ وَمَسِيرَتُهَا نَحْوُ مِائَتَيْ فَرْسَخٍ. قَوْلُهُ: (وَالْجُحْفَةُ) وَيُقَالُ لَهَا: مَهْيَعَةُ بِوَزْنِ مَرْثَمَةَ أَوْ مَعِيشَةَ وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِرَابِغٍ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَهَا أَيْ ذَهَبَ بِهَا. وَكَانَتْ قَرْيَةً كَبِيرَةً وَهِيَ عَلَى سِتَّةِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْيَمَنِ) وَهُوَ مِنْ الْإِقْلِيمِ الثَّانِي وَمَسَافَتُهُ طُولًا فِيمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ نَحْوُ عَشَرَةِ آلَافِ مِيلٍ، وَعَرْضُهُ فِيمَا بَيْنَ الْجَنُوبِ وَالشَّمَالِ أَرْبَعُمِائَةِ مِيلٍ وَمِنْهُ الصِّينُ وَالْهِنْدُ. قَوْلُهُ: (يَلَمْلَمُ) أَصْلُهُ أَلَمْلَمُ وَيُقَالُ لَهُ: يَرَمْرَمُ بِرَاءَيْنِ بَدَلَ اللَّامَيْنِ فَقُلِبَتْ الْهَمْزَةُ يَاءً وَهُوَ اسْمُ جَبَلٍ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ. قَوْلُهُ: (قَرْنٌ) هُوَ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَغَلِطَ مَنْ حَرَّكَهَا، وَيُقَالُ لَهُ: قَرْنُ الثَّعَالِبِ، وَقَرْنُ الْمَنَازِلِ وَهُوَ اسْمُ جَبَلٍ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ أَيْضًا. وَأَمَّا قَرَنٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَاسْمُ قَبِيلَةٍ يُنْسَبُ إلَيْهَا أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (ذَاتُ عِرْقٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ قَرْيَةٌ مُشْرِقَةٌ عَلَى وَادِي الْعَقِيقِ، وَهِيَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ) أَيْ فِي عَامِ حَجِّهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي زِيَادَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ بِذِكْرِ مِصْرَ وَالْمَغْرِبِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ: هُنَّ) أَيْ الْمَوَاقِيتُ لَهُنَّ أَيْ لِلنَّوَاحِي أَيْ لِأَهْلِهِنَّ وَلِمَنْ أَتَى أَيْ مَرَّ وَلَوْ مُنْفَرِدًا عَلَيْهِنَّ أَيْ الْمَوَاقِيتِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ أَيْ أَهْلِ الْمَوَاقِيتِ الْمَذْكُورِينَ مِمَّنْ أَرَادَ رَاجِعٌ لِمَنْ عَلَى الظَّاهِرِ. وَالْأَوْلَى رُجُوعُهُ لِأَهْلٍ أَيْضًا لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ. " الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ " أَيْ مَعًا أَوْ مُنْفَرِدَيْنِ: فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ. قَوْلُهُ: (لِأَهْلِ الْعِرَاقِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِسُهُولَةِ أَرْضِهِ بِعَدَمِ الْجِبَالِ وَالْأَحْجَارِ وَلَفْظُهُ مُذَكَّرٌ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَسَيَأْتِي مِقْدَارُهُ فِي الْجِزْيَةِ وَيَدْخُلُ مَا انْضَمَّ إلَيْهِمْ مِنْ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ.   [حاشية عميرة] خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمُتَوَجِّهِ) عَبَّرَ بِهِ لِيَشْمَلَ أَهْلَهَا وَغَيْرَهُمْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمِصْرَ) أَوْرَدَ الْبَارِزِيُّ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُحْرِمَ الْمِصْرِيُّ مِنْ بَدْرٍ، لِأَنَّهُ مِيقَاتُ أَهْلِهِ كَمَا أَنَّ الشَّامِيَّ يُحْرِمُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَلَا يَصْبِرُ لِلْجُحْفَةِ. قُلْت فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْجُحْفَةَ وَنَحْوَهَا قَالَ الشَّارِعُ فِيهَا: إنَّهَا لِأَهْلِهَا وَالْمَارِّ بِهَا وَلَا كَذَلِكَ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ كَبَدْرٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهَا ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ السُّبْكِيّ مَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ مِنْ أَصْلِهِ حَيْثُ قَالَ: إنَّ أَهْلَ بَدْرٍ مِيقَاتُهُمْ الْجُحْفَةُ، وَقَدْ نَقَلْت كَلَامَهُ عَلَى هَامِشِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمَغْرِبِ الْجُحْفَةُ) قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَقَالَهُ السُّبْكِيُّ أَيْضًا إحْرَامُ الْمِصْرِيِّ الْآنَ مِنْ رَابِغٍ سَابِقٌ عَلَى الْمِيقَاتِ، لِأَنَّ الْجُحْفَةَ بَعْدَهُ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الطَّرَفُ الْأَبْعَدُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مِثْلُهُ مَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ مِنْ قَرْيَتِهِ الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 الْبَاقِيَ مُحْرِمًا. (وَيَجُوزُ مِنْ آخِرِهِ) لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا لَا يَنْتَهِي إلَى مِيقَاتٍ) مِمَّا ذُكِرَ (فَإِنْ حَاذَى) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (مِيقَاتًا) مِنْهَا أَيْ سَامَتَهُ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً، (أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ) سَوَاءٌ كَانَ فِي الْبَرِّ أَمْ فِي الْبَحْرِ (أَوْ) حَاذَى (مِيقَاتَيْنِ) مِنْهَا بِأَنْ كَانَ طَرِيقُهُ بَيْنَهُمَا، (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مُحَاذَاةِ أَبْعَدِهِمَا) مِنْ مَكَّةَ. وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْمَسَافَةِ إلَى مَكَّةَ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِمَا سَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِي الْمَسَافَةِ إلَى طَرِيقِهِ أَمْ تَفَاوَتَا، وَمَسْأَلَةُ الْخِلَافِ مَفْرُوضَةٌ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، فِيمَا إذَا تَسَاوَيَا فِي الْمَسَافَةِ إلَى طَرِيقِهِ، وَفِيهِمَا لَوْ تَفَاوَتَ الْمِيقَاتَانِ فِي الْمَسَافَةِ إلَى مَكَّةَ، وَإِلَى طَرِيقِهِ فَهَلْ الِاعْتِبَارُ بِالْقُرْبِ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَّةَ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ. (وَإِنْ لَمْ يُحَاذِ) مِيقَاتًا (أَحْرَمَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ) إذْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْمَوَاقِيتِ أَقَلَّ مَسَافَةً مِنْ هَذَا الْقَدْرِ، (وَمَنْ مَسْكَنِهِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمِيقَاتِ فَمِيقَاتُهُ مَسْكَنُهُ) مِنْ قَرْيَةٍ أَوْ حِلَّةٍ لِمَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَوَاقِيتِ، فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ (وَمَنْ بَلَغَ مِيقَاتًا غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا ثُمَّ أَرَادَهُ فَمِيقَاتُهُ مَوْضِعُهُ) لِمَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ أَيْضًا. (وَإِنْ بَلَغَهُ مُرِيدًا) نُسُكًا (لَمْ تَجُزْ مُجَاوَزَتُهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ) قَالَ فِي   [حاشية قليوبي] فَائِدَةٌ: أَصْلُ نَجْدٍ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ وَتِهَامَةٌ. اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُنْخَفِضِ وَيُقَالُ لَهُ: الْغَوْرُ أَيْضًا وَالْحِجَازُ وَالْيَمَنُ مُشْتَمِلَانِ عَلَى نَجْدٍ وَتِهَامَةَ. وَحَيْثُ أُطْلِقَ نَجْدٌ فَهُوَ نَجْدُ الْحِجَازِ، وَسُمِّيَ بِالْحِجَازِ لِأَنَّهُ حَاجِزٌ بَيْنَ الْيَمَنِ وَالشَّامِ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا يَأْتِي أَوْ بَيْنَ تِهَامَةٍ وَنَجْدٍ أَوْ لِاحْتِجَازِهِ بِالْجِبَالِ وَالصُّخُورِ، وَهُوَ اسْمٌ لِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَمُخَالِفِيهِمَا، وَهُوَ مِنْ الْيَمَنِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ. وَقِيلَ: الْمَدِينَةُ نَجْدٌ وَقِيلَ: تِهَامَةُ وَقِيلَ: نِصْفُهَا نَجْدٌ وَنِصْفُهَا تِهَامَةُ وَهُوَ يُقَابِلُ أَرْضَ الْحَبَشَةِ مِنْ غَرْبِيِّهِ وَبَيْنَهُمَا عَرْضُ الْبَحْرِ فَقَطْ وَمَسِيرَتُهُ نَحْوُ شَهْرٍ وَأَوَّلُهُ مَدِينَةُ أَيْلَةَ الْمَعْرُوفَةُ بِالْعَقَبَةِ مِنْ مَنَازِلِ الْحَجِّ الْمِصْرِيِّ وَمُنْتَهَاهُ مِنْ شَامَةِ مَدِينَةِ سَدُومَ مِنْ قُرَى قَوْمِ لُوطٍ وَمِنْ غَرْبِيِّهِ جَبَلُ السَّرَاةِ وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ الَّتِي هِيَ طُولًا مِنْ أَقْصَى عَدْنٍ إلَى رِيفِ الْعِرَاقِ وَعَرْضًا مِنْ جُدَّةَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ إلَى أَطْرَافِ الشَّامِ. وَسُمِّيَتْ: جَزِيرَةً لِأَنَّهَا أَحَاطَ بِهَا أَرْبَعَةُ أَبْحُرٍ دِجْلَةُ وَالْفُرَاتُ وَبَحْرُ الْحَبَشَةِ وَبَحْرُ فَارِسٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ) نَعَمْ إنْ كَانَ فِي الْمِيقَاتِ مَسْجِدٌ فَالْأَفْضَلُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ) وَلَوْ بِالِاجْتِهَادِ وَيُقَلِّدُ إنْ تَحَيَّرَ. قَوْلُهُ: (مِنْ مُحَاذَاتِهِمَا) الْمُرَادُ مِنْ مُحَاذَاةِ أَوَّلِ مَنْ حَاذَاهُ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَقْرَبَ إلَيْهِ سَوَاءٌ حَاذَاهُ أَيْضًا أَمْ لَا خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ تَسَاوَيَا إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَمَسْأَلَةُ الْخِلَافِ إلَخْ) فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ هُوَ الْأَبْعَدُ عَنْ مَكَّةَ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُحَاذِ مِيقَاتًا) كَالْجَائِي مِنْ سَوَاكِنَ فِي الْبَحْرِ إلَى جُدَّةَ فَإِنَّهُ لَا يُحَاذِي مِيقَاتَ رَابِغٍ وَلَا يَلَمْلَمُ إلَّا فِي دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَمِيقَاتُهُ مَسْكَنُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ أَمَامَهُ مِيقَاتٌ وَإِلَّا كَأَهْلِ بَدْرٍ وَالصَّفْرَاءِ فَمِيقَاتُهُمْ الْجُحْفَةُ لِأَنَّهَا أَمَامَهُمْ وَذُو الْحُلَيْفَةِ قَبْلَهُمْ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَرَادَهُ) وَتَنْصَرِفُ إرَادَتُهُ الْحَجَّ بِإِرَادَةِ زِيَارَةِ أَهْلٍ أَوْ تِجَارَةٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ بَلَغَهُ) أَيْ وَهُوَ مُكَلَّفٌ حُرٌّ وَلَوْ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ لَا مَجْنُونٌ وَعَبْدٌ وَصَبِيٌّ وَإِنْ كَمَّلُوا قَبْلَ الْوُقُوفِ. قَوْلُهُ: (مُرِيدًا نُسُكًا) أَيْ فِي عَامِهِ فِي الْحَجِّ وَمُطْلَقًا فِي الْعُمْرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَهُوَ الْمُرَادُ   [حاشية عميرة] طَرَفِهَا الْأَبْعَدِ. قَوْلُهُ: (يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً) أَيْ لَا بِجِهَةِ الْوَجْهِ وَلَا بِجِهَةِ الظَّهْرِ، وَكَذَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (بِأَنْ كَانَ طَرِيقُهُ بَيْنَهُمَا) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْإِسْنَوِيِّ سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، أَوْ كَانَا مَعًا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَبْعَدِهِمَا مِنْ مَكَّةَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ الَّذِي يُحَاذِيهِ قَبْلَ مُحَاذَاةِ الْآخَرِ. قَالَ: أَمَّا لَوْ حَاذَاهُمَا مَعًا فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِ الْمُحَاذَاةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُتَصَوَّرُ فِي هَذَا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ لِانْحِرَافِ الطَّرِيقِ، لَكِنْ هَلْ يُنْسَبُ الْإِحْرَامُ حِينَئِذٍ إلَى الْأَبْعَدِ أَمْ إلَى الْأَقْرَبِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ قَالَ: وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِيمَا إذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، وَأَرَادَ الْعَوْدَ لِدَفْعِ الْإِسَاءَةِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ الْمُحَاذَاةِ، هَلْ يَرْجِعُ إلَى الْأَطْوَلِ أَوْ الْأَقْصَرِ؟ . قَوْلُهُ: (أَيْ إلَى مَكَّةَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَجْهَ الثَّانِيَ يَعْتَبِرُ الْقُرْبَ إلَى مَكَّةَ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَالظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْقُرْبُ وَالْبُعْدُ مِنْ مَكَّةَ أَيْ فَيَكُونُ الْمُعْتَبَرُ الْأَبْعَدُ مِنْ مَكَّةَ لِيُلَائِمَ مَا سَلَفَ نَظِيرَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَحْرَمَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، هَذَا الْحُكْمُ مِنْ تَخْرِيجِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (لِمَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ أَيْضًا) مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: بِالْإِجْمَاعِ (فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ الْعَوْدُ) إلَيْهِ (لِيُحْرِمَ مِنْهُ إلَّا إذَا) كَانَ لَهُ عُذْرٌ، كَأَنْ (ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا) أَوْ خَافَ الِانْقِطَاعَ عَنْ الرُّفْقَةِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: أَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ شَاقٌّ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ. (فَإِنْ لَمْ يَعُدْ) لِلْعُذْرِ أَوْ غَيْرِهِ (لَزِمَهُ دَمٌ) إذَا أَحْرَمَ لِإِسَاءَتِهِ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا رَوَاهُ مَالِكٌ. وَإِنْ عَادَ وَأَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ دَخَلَ مَكَّةَ أَمْ لَا. وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: إنْ كَانَ دَخَلَهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَقِيلَ: إنْ عَادَ بَعْدَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ (وَإِنْ أَحْرَمَ ثُمَّ عَادَ) إلَى الْمِيقَاتِ. (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ عَادَ) إلَيْهِ (قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِنُسُكٍ سَقَطَ الدَّمُ) عَنْهُ لِقَطْعِهِ الْمَسَافَةَ مِنْ الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا، وَأَدَاءِ الْمَنَاسِكِ بَعْدَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ عَادَ بَعْدَ تَلَبُّسِهِ بِنُسُكٍ (فَلَا) يَسْقُطُ الدَّمُ لِتَأَدِّي النُّسُكِ بِإِحْرَامٍ نَاقِصٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ النُّسُكُ رُكْنًا كَالْوُقُوفِ أَمْ سُنَّةً كَطَوَافِ الْقُدُومِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إطْلَاقُ الْغَزَالِيِّ وَطَائِفَةٍ وَجْهَيْنِ فِي سُقُوطِ الدَّمِ. وَجْهُ عَدَمِ السُّقُوطِ تَأَكُّدُ الْإِسَاءَةِ بِإِنْشَاءِ الْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ مَوْضِعِهِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِنْ طَالَتْ الْمَسَافَةُ فَأَوْلَى بِأَنْ لَا يَسْقُطَ، وَإِنْ دَخَلَ مَكَّةَ فَهُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ السُّقُوطِ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي التَّفْصِيلِ بِالْمَذْهَبِ، وَلَا فَرْقَ فِي لُزُومِ الدَّمِ لِلْمُجَاوِزِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ ذَاكِرًا لَهُ أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِهِ، وَلَا إثْمَ عَلَى النَّاسِي وَالْجَاهِلِ. (وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ) مَنْ هُوَ فَوْقَ الْمِيقَاتِ (مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ) لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا (وَفِي قَوْلٍ) الْأَفْضَلُ (مِنْ الْمِيقَاتِ قُلْت: الْمِيقَاتُ أَظْهَرُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَحْرَمَ بِحَجَّتِهِ وَبِعُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ» . رَوَى الْأَوَّلَ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَالثَّانِي الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي. (وَمِيقَاتُ الْعُمْرَةِ لِمَنْ هُوَ خَارِجَ الْحَرَمِ مِيقَاتُ الْحَجِّ) لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ (وَمَنْ بِالْحَرَمِ يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ) مِنْ أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ فَيُحْرِمُ بِهَا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرْسَلَ عَائِشَةَ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَجِّ إلَى   [حاشية قليوبي] بِقَوْلِهِ الْآتِي: إذَا أَحْرَمَ إلَخْ. وَالْمُرَادُ بِالْمُجَاوَزَةِ الْمُجَاوَزَةُ إلَى جِهَةِ مَكَّةَ فَلَوْ جَاوَزَهُ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً وَأَحْرَمَ مِنْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ فَلَا دَمَ. تَنْبِيهٌ: سَيَأْتِي أَنَّهُ يُكْرَهُ إحْرَامُ الْجُنُبِ وَنَحْوِ الْحَائِضِ فَهَلْ يُعْذَرُ فِي مُجَاوَزَتِهِ بِلَا إحْرَامٍ هُنَا رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَحْرَمَ) لَيْسَ قَيْدًا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ بِسُقُوطِ الدَّمِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ وَلَوْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَسَقَطَ الدَّمُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ بِالْحَرَمِ) أَيْ وَأَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ فَقَطْ فَإِنْ أَرَادَ الْقِرَانَ فَمِنْ مَسْكَنِهِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِخُطْوَةٍ) وَلَوْ بِرِجْلٍ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا فَقَطْ.   [حاشية عميرة] مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِيُحْرِمَ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْعَوْدِ لَمْ يَجِبْ الْعَوْدُ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (إذَا أَحْرَمَ) أَيْ بِالْحَجِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ أَوْ بِالْعُمْرَةِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَأَدَاءُ الْمَنَاسِكِ بَعْدَهُ) هُوَ احْتِرَازٌ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (إطْلَاقُ الْغَزَالِيِّ) دَفْعٌ لِمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ فِيمَا لَوْ عَادَ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ مَا قِيلَ: إنَّهُ لَا يَضُرُّ التَّلَبُّسُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ. قَالَ: وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الْمُقَابِلُ هُنَا خَاصَّةً خِلَافًا لِظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ اهـ. وَكَأَنَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَرَكَ التَّوْجِيهَ لِعَدَمِ تَصْرِيحِ الْأَصْحَابِ بِحِكَايَةِ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْغَزَالِيِّ. قَوْلُهُ: (عَالِمًا بِالْحُكْمِ) لَمْ يَقُلْ أَيْضًا عَالِمًا بِالْمِيقَاتِ أَوْ جَاهِلًا بِهِ، لِأَنَّ الْمُقِيمَ يَأْبَى ذَلِكَ، إذْ هُوَ فِيمَنْ بَلَغَ الْمِيقَاتَ مُرِيدُ النُّسُكِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْجَهْلُ بِالْمِيقَاتِ، وَفِي هَذَا الِاعْتِذَارِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَك أَنْ تَقُولَ كَيْفَ رَاعَى الرَّافِعِيُّ طُولَ الْإِحْرَامِ هُنَا، وَلَمْ يُرَاعِهِ فِيمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ، وَهُوَ بِمَكَّةَ حَيْثُ وَافَقَ عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ إلَى التَّنْعِيمِ أَفْضَلُ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا) وَأَيْضًا فَقَدْ فَسَّرَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - الْإِتْمَامَ فِي الْآيَةِ بِذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْمِيقَاتُ أَظْهَرُ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: قَدْ عَلِمْت مِمَّا ذَكَرَاهُ أَنَّ تَقَدُّمَ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ سَائِغٌ، وَلَا كَذَلِكَ الزَّمَانِيُّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَكَانِيَّ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي حَقِّ النَّاسِ بِخِلَافِ الزَّمَانِيِّ اهـ. أَقُولُ: وَلِأَنَّ تَعَلُّقَ الْعِبَادَةِ بِالزَّمَانِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْمَكَانِ، بِدَلِيلِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ دُونَ الْأَمَاكِنِ الْمَكْرُوهَةِ. فَرْعٌ: لَوْ نَذَرَ الْإِحْرَامَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ انْعَقَدَ نَذْرُهُ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا. [وَمِيقَاتُ الْعُمْرَةِ لِمَنْ هُوَ خَارِجَ الْحَرَمِ] قَوْلُهُ: (إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بَدَلٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ بِالْحَرَمِ) تَعْبِيرُهُ بِمَنْ فِي هَذَا، وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْمَكِّيِّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ بِخُطْوَةٍ) لَوْ أَرَادَ أَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرَتْ مِنْهُ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالتَّنْعِيمُ أَقْرَبُ أَطْرَافِ الْحِلِّ إلَى مَكَّةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْهَا وَقِيلَ أَرْبَعَةٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْخُرُوجُ وَاجِبًا لَمَا أَمَرَهَا بِهِ لِضِيقِ الْوَقْتِ بِرَحِيلِ الْحَاجِّ (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَأَتَى بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ أَجْزَأَتْهُ) عَنْ عُمْرَتِهِ (فِي الْأَظْهَرِ وَعَلَيْهِ دَمٌ) لِتَرْكِهِ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ. وَالثَّانِي لَا تُجْزِئُهُ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ كَالْحَجِّ. لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ (فَلَوْ خَرَجَ) عَلَى الْأَوَّلِ (إلَى الْحِلِّ بَعْدَ إحْرَامِهِ) فَقَطْ (سَقَطَ الدَّمُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَالثَّانِي تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَوْدِ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ إلَيْهِ مُحْرِمًا. وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُجَاوِزَ مُسِيءٌ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ مِنْ مَكَّةَ فَإِنَّهُ شَبِيهٌ بِمَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ (وَأَفْضَلُ بِقَاعِ الْحِلِّ) لِلْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ (الْجِعْرَانَةُ ثُمَّ التَّنْعِيمُ ثُمَّ الْحُدَيْبِيَةُ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَحْرَمَ بِهَا مِنْ الْجِعْرَانَةِ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَمَرَ عَائِشَةَ بِالِاعْتِمَارِ مِنْ التَّنْعِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ وَبَعْدَ إحْرَامِهِ بِهَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ هَمَّ بِالدُّخُولِ إلَيْهَا مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ فَصَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ عَنْهَا فَقَدَّمَ الشَّافِعِيُّ مَا فَعَلَهُ ثُمَّ مَا أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ مَا هَمَّ بِهِ وَالْجِعْرَانَةُ وَالْحُدَيْبِيَةُ عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ وَالْأُولَى بِطَرَفِ الطَّائِفِ، وَالثَّانِيَةُ بَيْنَ طَرِيقِ جَدَّةَ وَطَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَالتَّنْعِيمُ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَفِيهِ مَسَاجِدُ عَائِشَةَ.   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ تَقْدِيمَ الْإِحْرَامِ عَلَى مِيقَاتِهِ الْمَكَانِيِّ جَائِزٌ بِخِلَافِهِ فِي الزَّمَانِيِّ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْعِبَادَةِ بِالزَّمَانِيِّ أَشَدُّ كَمَا فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ دُونَ الْأَمَاكِنِ الْمَكْرُوهَةِ. وَأَيْضًا الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ مُخْتَلِفٌ بِالنَّوَاحِي. قَوْلُهُ: (الْجِعْرَانَةُ) بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ سُمِّيَتْ بِاسْمِ امْرَأَةٍ كَانَتْ تَسْكُنُهَا وَنِصْفُهَا مِنْ الْحِلِّ وَنِصْفُهَا مِنْ الْحَرَمِ. قِيلَ اعْتَمَرَ مِنْهَا ثَلَاثُمِائَةِ نَبِيٍّ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَسَيُذْكَرُ مَسَافَتُهَا فِي حُدُودِ الْحَرَمِ أَنَّهَا تِسْعَةُ أَمْيَالٍ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ كَالشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي أَنَّهَا عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ. وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ التَّنْعِيمُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ عَنْ يَمِينِهِ جَبَلٌ يُقَالُ لَهُ نَعِيمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ جَبَلٌ يُقَال لَهُ: نَاعِمٌ وَمَحَلُّهُ فِي وَادٍ يُقَالُ لَهُ نُعْمَانُ وَسَيُذْكَرُ مَسَافَتُهُ أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ. قَوْلُهُ: (الْحُدَيْبِيَةُ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ اسْمُ مَحَلٍّ عِنْدَ الْبِئْرِ الْمَعْرُوفَةِ بِعَيْنِ شَمْسٍ وَسَيُذْكَرُ مَحَلُّهَا. قَوْلُهُ: (هَمَّ بِالدُّخُولِ إلَيْهَا) لَمَّا صَدَّهُ الْكُفَّارُ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ بَعْدَ إحْرَامِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِالْعُمْرَةِ فَمَا قِيلَ إنَّهُ أَحْرَمَ مِنْهَا مَرْدُودٌ، وَهَمُّهُ بِذَلِكَ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِهِ الْمُسَاوِي لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مِنْ بِقَاعِ الْحَرَمِ دَلِيلٌ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ رُجُوعُهُ لِلْجِعْرَانَةِ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَهُوَ فِي الْأَوَّلِ مُخَالِفٌ لِمَا قَالُوهُ فِي تَحْدِيدِ الْحَرَمِ لِأَنَّهَا آخِرُهُ وَضَبَطُوهُ بِأَنَّهُ تِسْعَةُ أَمْيَالٍ. وَفِي الثَّانِي مُخَالِفٌ لِلْمُشَاهِدِ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِيهِمَا. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ الْحُدَيْبِيَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُشَاهَدُ وَبَعْضُهَا مِنْ الْحِلِّ وَبَعْضُهَا مِنْ الْحَرَمِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ طَرِيقِ حِدَّةَ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَكْسُورَةِ، وَقِيلَ بِالْجِيمِ فِي مُنْعَطَفٍ عَنْ الطَّرِيقِ. قَوْلُهُ: (وَطَرِيقِ الْمَدِينَةِ) عَلَى فَرْسَخٍ مِنْ مَكَّةَ وَهُوَ خَارِجُ الْحَرَمِ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ مَسَاجِدُ عَائِشَةَ) زَوْجَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُسِبَ إلَيْهَا لِإِحْرَامِهَا بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.   [حاشية عميرة] يُحْرِمُ قَارِنًا سَاغَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ مَكَّةَ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا سَلَفَ صَدْرَ الْبَابِ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ لَهُ قَدَمٌ فِي الْحِلِّ وَقَدَمٌ فِي الْحَرَمِ، وَاعْتَمَدَ عَلَى الْخَارِجَةِ وَحْدَهَا، جَازَ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَقَطَ الدَّمُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بِمَعْنَى لَمْ يَجِبْ قَالَ: وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الدَّمَ لَمْ يَجُزْ فِعْلُ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ الْخُرُوجُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ جَازَ فِعْلُ ذَلِكَ بَلْ يُسْتَحَبُّ كَمَا رَأَيْته فِي الْمَجْمُوعِ لِلْمَحَامِلِيِّ وَالتَّحْرِيرِ لِلْجُرْجَانِيِّ، وَاَلَّذِي فَهِمْته مِنْ كَلَامِ أَكْثَرِهِمْ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْجِعْرَانَةُ) قَالَ يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ: اعْتَمَرَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ ثَلَاثُمِائَةِ نَبِيٍّ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ التَّنْعِيمُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ عَلَى يَمِينِهِ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ نَعِيمٌ، وَعَلَى يَسَارِهِ آخَرَ يُقَالُ لَهُ نَاعِمٌ، وَالْوَادِي نُعْمَانُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ قَوْلُهُ وَفِعْلُهُ وَعُلِمَ الْمُتَأَخِّرُ كَانَ نَاسِخًا لِلْمُتَقَدِّمِ، فَكَيْفَ تُقَدَّمُ الْجِعْرَانَةُ عَلَى التَّنْعِيمِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ بِالتَّنْعِيمِ، لِضِيقِ الْوَقْتِ، وَهُوَ أَقْرَبُ أَطْرَافِ الْحِلِّ، لَكِنَّ هَذَا الْجَوَابُ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَفْضَلِيَّةُ التَّنْعِيمِ عَلَى الْحُدَيْبِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْحُدَيْبِيَةُ عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ التَّفْضِيلَ لَيْسَ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ وَقِصَرِهَا اهـ. أَقُولُ مِنْ ثَمَّ اشْتَكَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى حُكْمُهُ، بِتَفْضِيلِ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 بَابُ الْإِحْرَامِ أَيْ الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ (يَنْعَقِدُ مُعَيَّنًا بِأَنْ يَنْوِيَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ كِلَيْهِمَا وَمُطْلَقًا بِأَنْ لَا يَزِيدَ) فِي النِّيَّةِ (عَلَى نَفْسِ الْإِحْرَامِ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ» . وَرَوَى الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ يَنْتَظِرُونَ الْقَضَاءَ أَيْ نُزُولَ الْوَحْيِ فَأَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ أَنْ يَجْعَلَ إحْرَامَهُ عُمْرَةً، وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهُ حَجًّا» (وَالتَّعْيِينُ أَفْضَلُ) لِيَعْرِفَ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ (وَفِي قَوْلٍ الْإِطْلَاقُ) أَفْضَلُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ صَرْفِهِ إلَى مَا لَا يَخَافُ فَوْتَهُ (فَإِنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ صَرَفَهُ بِالنِّيَّةِ إلَى مَا شَاءَ مِنْ النُّسُكَيْنِ أَوْ إلَيْهِمَا ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالْأَعْمَالِ) وَلَا يُجْزِئُ الْعَمَلُ قَبْلَ النِّيَّةِ (وَإِنْ أَطْلَقَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ فَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهُ عُمْرَةً فَلَا يَصْرِفُهُ إلَى الْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ) وَالثَّانِي يَنْعَقِدُ مُبْهَمًا فَلَهُ صَرْفُهُ إلَى عُمْرَةٍ وَبَعْدَ دُخُولِ الْأَشْهُرِ إلَى حَجٍّ أَوْ قِرَانٍ فَإِنْ صَرَفَهُ إلَى الْحَجِّ قَبْلَ الْأَشْهُرِ كَانَ كَالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ   [حاشية قليوبي] بَابُ الْإِحْرَامِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لِدُخُولِ الْحَرَمِ أَوْ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ بِهِ مَا كَانَ حَلَالًا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (الدُّخُولُ فِي النُّسُكِ) أَيْ لَا بِمَعْنَى النِّيَّةِ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَرْكَانِ وَسَتَأْتِي وَلَا بُدَّ مِنْهَا لِهَذَا الدُّخُولِ فَلَا يُوجَدُ بِدُونِهَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَنْوِيَ حَجًّا) وَكَذَا نِصْفُ حَجٍّ أَوْ حَجَّتَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ عُمْرَةً) وَكَذَا نِصْفُ عُمْرَةٍ أَوْ عُمْرَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ كِلَيْهِمَا) صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِتَقْدِيمِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ لِأَنَّهُ إذَا قَدَّمَ نِيَّةَ الْحَجِّ امْتَنَعَتْ الْعُمْرَةُ لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ. وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذِهِ صِيغَةٌ وَاحِدَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِبَعْضِهَا فَلَا يَتِمُّ الْمُرَادُ إلَّا بِتَمَامِهَا خُصُوصًا وَهُوَ قَاصِدٌ لَهُمَا فِيهَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يَزِيدَ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ فَلَوْ زَادَ كَوْنُهُ تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا أَوْ قَيَّدَهُ بِزَمَنٍ كَيَوْمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَغَا وَانْصَرَفَ لِمَا عَلَيْهِ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ فَرْضٍ أَيْضًا وَفَارَقَ الصَّلَاةَ بِانْصِرَافِهِ هُنَا قَهْرًا لَهُ، وَإِنْ ذَكَرَ غَيْرَهُ وَلَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَبْلَ التَّعْيِينِ فَأَيَّهُمَا عَيَّنَهُ كَانَ فَاسِدًا. قَوْلُهُ: (وَرَوَى الشَّافِعِيُّ إلَخْ) هَذَا دَلِيلُ الْإِطْلَاقِ فَمَعْنَى مُهِلِّينَ مُحْرِمِينَ، وَأَنْ يُجْعَلَ بِمَعْنَى يَصْرِفُ وَهَذَا مِنْ حَيْثُ الْأَكْمَلُ لِمَا سَيَأْتِي. وَهَذَا لَا يُعَارِضُ مَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ لِأَنَّهُ فِيهِ قَدْ خَيَّرَهُمْ قَبْلَ إحْرَامِهِمْ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ إذَا أَحْرَمُوا لَكِنَّهُمْ عِنْدَ إحْرَامِهِمْ أَطْلَقُوا فَتَأَمَّلْ. وَالْوَاقِعُ مِمَّنْ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إبْهَامٌ وَيُعْلَمُ مِنْهُ جَوَازُ الْإِطْلَاقِ. قَوْلُهُ: (إلَى مَا شَاءَ مِنْ النُّسُكَيْنِ) أَيْ لِلْعُمْرَةِ مُطْلَقًا وَلِلْحَجِّ إنْ لَمْ يَفُتْ وَإِلَّا تَعَيَّنَ صَرْفُهُ لِلْعُمْرَةِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْزِئُ الْعَمَلُ) كَالطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ فَلَهُ صَرْفُهُ بَعْدَهُ لِلْعُمْرَةِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ بِهِ الْحَجُّ نَعَمْ نَقَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَالْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ لَوْ صَرَفَهُ لِلْحَجِّ بَعْدَ الطَّوَافِ انْصَرَفَ الطَّوَافُ لِلْقُدُومِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ صَرَفَهُ لَهُ بَعْدَ السَّعْيِ أَوْ الْوُقُوفِ انْصَرَفَ لَهُمَا وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ وَالْوَجْهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الطَّوَافِ وَغَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ النِّيَّةِ) أَيْ قَبْلَ الصَّرْفِ إذْ النِّيَّةُ تَقَدَّمَتْ. قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهُ عُمْرَةً) عَبَّرَ هُنَا بِالْأَصَحِّ لِأَنَّ الِانْعِقَادَ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَعَبَّرَ فِيمَا مَرَّ   [حاشية عميرة] [بَابُ الْإِحْرَامِ] ِ إلَخْ قَوْلُهُ: (أَيْ الدُّخُولُ فِي النُّسُكِ) كَذَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الْأَزْهَرِيِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى نِيَّةِ الدُّخُولِ فِي ذَلِكَ، وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَرَوَى الشَّافِعِيُّ إلَخْ) هُوَ دَلِيلُ الْإِطْلَاقِ السَّابِقِ فِي الْمَتْنِ، وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِحَدِيثِ «أَبِي مُوسَى، وَعَلِيٍّ لَبَّيْت بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» قَالَ بَعْضُهُمْ: كَذَا اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ وَخَالَفَهُ الْعُلَمَاءُ، لِأَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِهِمَا إبْهَامٌ لَا إطْلَاقٌ. قَالَ السُّبْكِيُّ: إذَا جَاءَ الْإِبْهَامُ جَازَ الْإِطْلَاقُ. قَوْلُهُ: (فَأَمَرَ إلَخْ) اُنْظُرْ كَيْفَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ يُنْتَظَرُ هَلْ يُؤْمَرُونَ بِالدَّوَامِ عَلَى مَا عَيَّنُوا أَوْ فَسْخِهِ أَوْ ضَمِّ شَيْءٍ إلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَصْرِفُهُ إلَى الْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ) قِيلَ يُشْكِلُ عَلَى تَعْلِيقِ الْعَبْدِ الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ ثُمَّ يَعْتِقُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 أَشْهُرِهِ فَيَنْعَقِدُ عُمْرَةً عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: بِمَ أَهْلَلْت فَقُلْت لَبَّيْتُ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَقَدْ أَحْسَنْت طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ» (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرِمًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا) وَلَغَتْ الْإِضَافَةُ إلَى زَيْدٍ (وَقِيلَ: إنْ عُلِمَ عَدَمُ إحْرَامِ زَيْدٍ لَمْ يَنْعَقِدْ) إحْرَامُهُ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت فَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا. وَفُرِّقَ فِي الْأَصَحِّ بِأَنَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ تَعْلِيقُ أَصْلِ الْإِحْرَامِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ (وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ كَإِحْرَامِهِ) إنْ كَانَ حَجًّا فَحَجٌّ وَإِنْ كَانَ عُمْرَةً فَعُمْرَةٌ، وَإِنْ كَانَ قِرَانًا فَقِرَانٌ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَمُطْلَقٌ وَيَتَخَيَّرُ كَمَا يَتَخَيَّرُ زَيْدٌ وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّرْفُ إلَى مَا يَصْرِفُ إلَيْهِ زَيْدٌ، وَإِنْ عَيَّنَ زَيْدٌ قَبْلَ إحْرَامِهِ انْعَقَدَ وَإِنْ كَانَ إحْرَامُ زَيْدٍ فَاسِدًا انْعَقَدَ لِهَذَا مُطْلَقًا. وَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ لَهُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ إحْرَامِهِ بِمَوْتِهِ) أَوْ جُنُونِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (جَعَلَ) هَذَا (نَفْسَهُ قَارِنًا) بِأَنْ يَنْوِيَ الْقِرَانَ (وَعَمِلَ أَعْمَالَ النُّسُكَيْنِ) لِيَتَحَقَّقَ الْخُرُوجُ عَمَّا شَرَعَ فِيهِ.   [حاشية قليوبي] بِالصَّحِيحِ لِأَنَّهُ فِي الِانْعِقَادِ وَعَدَمِهِ فَلَا مُخَالَفَةَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَإِحْرَامِ زَيْدٍ) فَلَوْ قَالَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَهُوَ مِثْلُهُمَا إنْ اتَّفَقَا، وَقَارَنَ إنْ اخْتَلَفَا وَصَحَّ إحْرَامُهُمَا وَتَابِعٌ لِلصَّحِيحِ مِنْهُمَا وَمُطْلَقٌ إنْ فَسَدَ إحْرَامُهُمَا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا) أَيْ إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ. وَلَوْ قَالَ: إنْ أَحْرَمَ زَيْدٌ أَحْرَمْت لَمْ يَنْعَقِدْ، وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا. كَمَا لَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَحْرَمْت وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي انْعِقَادُهُ إذَا عَلِمَ بِإِحْرَامِ زَيْدٍ وَيَكُونُ إنْ بِمَعْنَى إذَا، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِانْعِقَادِ إحْرَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ. قَوْلُهُ: (كَإِحْرَامِهِ) وَيَجِبُ سُؤَالُهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَيُعْمَلُ بِإِخْبَارِهِ وَلَوْ فَاسِقًا. وَيُعْمَلُ بِالثَّانِي مِنْ خَبَرَيْهِ إنْ تَعَدَّدَ مَا لَمْ يَظْهَرْ تَعَنُّتٌ فَلَوْ أَخْبَرَ بِحَجٍّ بَعْدَ إخْبَارِهِ بِعُمْرَةٍ بَعْدَ الْفَوَاتِ وَجَبَ الْقَضَاءُ وَأَرَاقَ دَمًا وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى زَيْدٍ لِأَنَّ حَجَّهُ لَهُ، وَلَا نَظَرَ لِتَغْرِيرِهِ وَلَا يَأْتِي هُنَا الِاجْتِهَادُ لِأَنَّهُ مُتَلَبِّسٌ بِالْعِبَادَةِ كَالشَّكِّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ إلَّا مِنْ جِهَةِ النِّيَّةِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ التَّشْبِيهَ بِهِ الْآنَ أَوْ فِيمَا يَأْتِي أَوْ هُمَا. قَوْلُهُ: (أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّشْبِيهَ بِهِ الْآنَ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا فِيهِ زَيْدٌ) . قَوْلُهُ: (فَاسِدًا) بِأَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَأَفْسَدَهَا بِالْجِمَاعِ ثُمَّ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُدْخِلُ فَاسِدًا، وَلَا يُتَصَوَّرُ فَسَادُهُ حَالَ النِّيَّةِ بِغَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ حَالَةَ الْجِمَاعِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ فِيهِ وَيَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ حَالَةَ النَّزْعِ. قَوْلُهُ: (جَعَلَ هَذَا نَفْسَهُ) قَالَ فِي الْمَنْهَجِ: كَمَا لَوْ شَكَّ فِي إحْرَامِ نَفْسِهِ أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ عَلَى الْجَدِيدِ لِمَا مَرَّ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الصَّلَاةَ وَالْأَوَانِيَ وَالْقِبْلَةَ، وَلِأَنَّ عَدَمَ الِاجْتِهَادِ هُنَا لَا يُؤَدِّي إلَى فِعْلِ مَحْظُورٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ لِأَدَائِهِ إلَى الصَّلَاةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ بِنَجَسٍ. وَلَوْ شَكَّ فِي إحْرَامِ نَفْسِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْأَعْمَالِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَنْوِيَ الْقِرَانَ) أَيْ أَوْ الْحَجَّ وَحْدَهُ وَلَا يَأْتِي الِاجْتِهَادُ هُنَا قَطْعًا لِعَدَمِ الْأَمَارَةِ عَلَى نِيَّةِ الْغَيْرِ، وَلَا يُجْزِئُهُ الْعَمَلُ قَبْلَ هَذِهِ النِّيَّةِ فَلَا يَبْرَأُ لَا مِنْ الْحَجِّ وَلَا مِنْ الْعُمْرَةِ وَيَحْصُلُ لَهُ التَّحَلُّلُ بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ. نَعَمْ لَوْ نَوَى الْقِرَانَ أَوْ الْحَجَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَدْرَكَ الْوُقُوفَ وَأَعَادَ الْعَمَلَ بَرِئَ مِنْ الْحَجِّ كَمَا يَأْتِي وَيَلْزَمُهُ دَمٌ لِأَنَّهُ إمَّا مُتَمَتِّعٌ أَوْ حَالِقٌ قَبْلَ وَقْتِهِ وَلَا يُعَيِّنُهُ عَنْ جِهَةٍ بَلْ يُوقِعُهُ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ وَنَوَى الْقِرَانَ أَوْ الْحَجَّ، وَأَتَى بِالْأَعْمَالِ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْحَجِّ وَلَا مِنْ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ الطَّوَافِ. وَقَدْ يَكُونُ مُعْتَمِرًا كَذَا قِيلَ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ بَلْ يَأْتِي فِيهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ لَيْسَتْ مِنْ عَمَلِ الْعُمْرَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَعْمَالُ النُّسُكَيْنِ) وَهِيَ أَعْمَالُ الْحَجَّ وَحْدَهُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِيَتَحَقَّقَ إلَخْ) وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْعُمْرَةِ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الْحَجِّ عَلَيْهَا أَيْ وَيَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ كَمَا قَالَهُ فِي الْعُبَابِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْقِرَانِ وَلَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ.   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: إذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ كَانَ الْإِحْرَامُ حَاصِلًا وَقْتَ الصَّرْفِ لِلْحَجِّ لَا فِي وَقْتِهِ. قَوْلُهُ: (طُفْ بِالْبَيْتِ) قَدْ سَلَفَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ مُطْلَقًا وَخَرَجَ يَنْتَظِرُ الْقَضَاءَ» ، فَقَوْلُ أَبِي مُوسَى: إنَّهُ أَهَلَّ كَإِهْلَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْتَضِي الِانْعِقَادَ مُبْهَمًا، وَلَوْ صَرَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إحْرَامَهُ إلَى الْحَجِّ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَمْرَهُ، لِأَبِي مُوسَى بِأَعْمَالِ الْعُمْرَةِ، أَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ كَمَا هُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَنَا، فَيَكُونُ أَمْرُهُ لِأَبِي مُوسَى مِنْ بَابِ الْفَسْخِ إلَى الْعُمْرَةِ خُصُوصِيَّةً لَهُ، وَلَا مِثَالَهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ تَعَذَّرَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا يَحْسُنُ هُنَا الِاجْتِهَادُ لِأَنَّهُ مُتَلَبِّسٌ بِالْعِبَادَةِ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، ثُمَّ لَوْ قُلْنَا يَتَحَرَّى فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ جَعَلَ نَفْسَهُ قَارِنًا. قَوْلُهُ: (لِيَتَحَقَّقَ الْخُرُوجُ) يُرِيدُ أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ دُونَ الْعُمْرَةِ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِالْأَعْمَالِ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 فَصْلُ الْمُحْرِمِ أَيْ مُرِيدُ الْإِحْرَامِ (يَنْوِي) أَيْ الدُّخُولَ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ فِيهِمَا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِمَا نَوَاهُ، (وَيُلَبِّي) فَيَقُولُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ نَوَيْت الْحَجَّ وَأَحْرَمْت بِهِ لِلَّهِ تَعَالَى لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ إلَخْ (فَإِنْ لَبَّى بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ وَإِنْ نَوَى وَلَمْ يُلَبِّ انْعَقَدَ) إحْرَامُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يَنْعَقِدُ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى الِاعْتِنَاءِ بِالتَّلْبِيَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلْفَرْضِيَّةِ جَزْمًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَيُسَنُّ الْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْتَسَلَ لِإِحْرَامِهِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَمْ بِعُمْرَةٍ أَمْ بِهِمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (فَإِنْ) (عَجَزَ) عَنْ الْغُسْلِ لِعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ (تَيَمَّمَ) لِأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ يَنُوبُ عَنْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ فَعَنْ الْمَنْدُوبِ أَوْلَى (وَ) الْغُسْلُ (لِدُخُولِ مَكَّةَ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ بِذِي طِوًى» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَسَيَأْتِي بِطُولِهِ أَوَّلَ الْبَابِ الْآتِي قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهَذَا الْغُسْلُ مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ دَاخِلٍ مُحْرِمٍ سَوَاءٌ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَمْ عُمْرَةٍ أَمْ قِرَانٍ (وَلِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) عَشِيَّةً (وَبِمُزْدَلِفَةَ غَدَاةَ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ بِهِمَا قَوْلُهُ: (الْمُحْرِمُ) أَيْ مَنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ. قَوْلُهُ: (فَيَقُولُ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ نَدْبًا بِقَلْبِهِ وُجُوبًا وَلِسَانِهِ نَدْبًا نَوَيْت الْحَجَّ مَثَلًا وَأَحْرَمْت بِهِ تَفْسِيرٌ لِنَوَيْتُ أَوْ تَأْكِيدٌ لَهُ. لَبَّيْكَ إلَخْ أَيْ عَقِبَ النِّيَّةِ نَدْبًا كَمَا يُنْدَبُ التَّلَفُّظُ بِمَا نَوَاهُ فِي التَّلْبِيَةِ الْأُولَى فَقَطْ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ بِحَيْثُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ أَيْضًا: اللَّهُمَّ أُحْرِمُ لَك شَعْرِي وَبَشَرِي وَلَحْمِي وَدَمِي. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ الْغُسْلُ) وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَخْذًا بِقَاعِدَةِ كُلِّ مَنْدُوبٍ صَحَّ الْأَمْرُ بِهِ قَصْدًا كُرِهَ تَرْكُهُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي جَمِيعِ بَدَنِهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَيُقَدِّمُ الْمَاءَ، وَيُقَدِّمُ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ وَلَا يَكْفِيهِ نِيَّةُ الْغُسْلِ عَنْ التَّيَمُّمِ. قَوْلُهُ: (دَاخِلٍ مُحْرِمٍ) وَيُنْدَبُ لِلْحَلَالِ أَيْضًا فَهُوَ لَيْسَ مِنْ الْأَغْسَالِ الْخَاصَّةِ بِالْحَجِّ. وَلَوْ فَاتَ لَمْ يُنْدَبُ قَضَاؤُهُ كَبَقِيَّةِ الْأَغْسَالِ. قَوْلُهُ: (عَشِيَّةً) ظَرْفٌ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إذْ الْغُسْلُ لَهَا يَدْخُلُ وَقْتُهُ بِالْفَجْرِ كَالْجُمُعَةِ وَتَأْخِيرُهُ لِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ أَفْضَلُ، وَيَخْرُجُ بِخُرُوجِ وَقْتِ   [حاشية عميرة] مُحْرِمًا بِالْحَجِّ لَمْ يَضُرَّ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ، وَإِدْخَالُ الْعُمْرَةِ عَلَيْهِ لَا يَقْدَحُ، وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ فَإِدْخَالُ الْحَجِّ عَلَيْهَا جَائِزٌ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ لَا يَخْرُجُ عَنْهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَفَ وَلَمْ يَطُفْ، فَإِذَا نَوَى الْقِرَانَ ثُمَّ عَادَ وَوَقَفَ ثَانِيًا أَجْزَأَهُ الْحَجُّ دُونَ الْعُمْرَةِ، وَإِنْ طَافَ ثُمَّ شَكَّ فَأَتَمَّ عُمْرَةً ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَرِيءَ مِنْهُ فَقَطْ أَيْضًا، وَلَمْ يُتِمَّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ، وَلَكِنْ نَوَى الْقِرَانَ أَوْ الْحَجَّ وَأَتَى بِالْأَعْمَالِ فَلَا يَبْرَأُ عَنْ شَيْءٍ، لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ الطَّوَافِ وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ مُعْتَمِرًا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ وَأَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ قِرَانٍ إنْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ شَيْءٍ، فَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ وَأَتَمَّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَرِيءَ مِنْهُ، وَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ أَتَمَّ أَعْمَالَ الْحَجِّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ بَرِيءَ مِنْهُ وَلَا دَمَ. [فَصْلُ الْمُحْرِمِ يَنْوِي الدُّخُولَ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ فِيهِمَا] فَصْلُ الْمُحْرِمِ يَنْوِي إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ لَبَّى بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ) وَقِيلَ فِي قَوْلٍ: يَنْعَقِدُ وَعَلَيْهِ إذَا أَطْلَقَ التَّلْبِيَةَ انْعَقَدَ مُطْلَقًا وَخَصَّ الْإِمَامُ الْخِلَافَ بِمَا لَوْ أَطْلَقَ التَّلْبِيَةَ، وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ قَصْدُ الْإِحْرَامِ أَمَّا مَنْ ذَكَرَهَا حَاكِيًا أَوْ مُعَلِّمًا أَوْ قَصَدَ مَا سِوَى الْإِحْرَامِ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِلَفْظِ التَّلْبِيَةِ؟ الظَّاهِرُ الِاشْتِرَاطُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَ التَّلْبِيَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَلَفْظِ التَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ الْغُسْلُ إلَخْ) وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ يُعَكِّرُ عَلَى قَوْلِ الْأُصُولِيِّينَ الْكَرَاهَةُ مَا فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ، فَإِنْ لَمْ يُرَدْ نَهْيٌ هُنَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ: قَالَ الْإِمَامُ كُلُّ مَنْدُوبٍ صَحَّ الْأَمْرُ بِهِ قَصْدًا كُرِهَ تَرْكُهُ اهـ. وَاغْتَسَلَ الشَّافِعِيُّ لِلْإِحْرَامِ وَهُوَ مَرِيضٌ يَخَافُ الْمَاءَ. وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَ الْغُسْلَ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ نُدِبَ فِيهِ، فَإِنَّ لَهُ تَأْثِيرًا فِي جَلَاءِ الْقُلُوبِ وَإِذْهَابِ دَرَنِ الْغَفْلَةِ يُدْرِكُ ذَلِكَ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ الصَّافِيَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ عَجَزَ إلَخْ) لَوْ أَخَّرَهُ إلَى بَعْدُ كَانَ أَوْلَى لِيَعُمَّ هَذَا سَائِرَ الْأَغْسَالِ. قَوْلُهُ: (مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ دَاخِلٍ مُحْرِمٍ) وَكَذَا حَلَالٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (غَدَاةَ النَّحْرِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ وَقْتَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 النَّحْرِ وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) الثَّلَاثَةِ (لِلرَّمْيِ) لِأَنَّ هَذِهِ مَوَاطِنُ يَجْتَمِعُ لَهَا النَّاسُ فَسُنَّ الْغُسْلُ لَهَا قَطْعًا لِلرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الْأَغْسَالِ كُلِّهَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ الطَّاهِرُ وَغَيْرُهَا، وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ وَلَدَتْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ» . وَلِلْإِمَامِ نَظَرٌ فِي نِيَّةِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يَنْوِيَانِ لِأَنَّهُمَا يُقِيمَانِ مَسْنُونًا. وَلَا يُسَنُّ الْغُسْلُ لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ اكْتِفَاءً بِغُسْلِ الْعِيدِ، وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْغُسْلِ لِغَيْرِ الْإِحْرَامِ تَيَمَّمَ أَيْضًا. وَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ مِنْ حِكَايَةِ وَجْهِ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ غُسْلِهَا لَا يَتَيَمَّمُ يَأْتِي هُنَا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لِمَا تَقَدَّمَ فِي وَجْهِهِ مِنْ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْغُسْلِ التَّنْظِيفُ وَقَطْعُ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ وَالتَّيَمُّمُ لَا يُفِيدُ هَذَا الْغَرَضَ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَأَهَّبَ لِلْإِحْرَامِ بِحَلْقِ الْعَانَةِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ، وَيَنْبَغِي تَقَدُّمُ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى الْغُسْلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْحِلِّ وَاغْتَسَلَ لِلْإِحْرَامِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ لِدُخُولِ مَكَّةَ إنْ كَانَ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعٍ بَعِيدٍ مِنْهَا كَالْجِعْرَانَةِ وَالْحُدَيْبِيَةِ، وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْهَا كَالتَّنْعِيمِ أَوْ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ لَمْ يَغْتَسِلْ لِدُخُولِهَا، لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا الْغُسْلِ النَّظَافَةُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِالْغُسْلِ السَّابِقِ (وَأَنْ يُطَيِّبَ بَدَنَهُ لِلْإِحْرَامِ) لِلِاتِّبَاعِ. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» . وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَفِي قَوْلٍ لَا يُسْتَحَبُّ لَهَا (وَكَذَا ثَوْبُهُ) أَيْ إزَارُ الْإِحْرَامِ وَرِدَاؤُهُ (فِي الْأَصَحِّ) قِيَاسًا عَلَى الْبَدَنِ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ تَطْيِيبُهُ لِأَنَّهُ يُنْزَعُ وَيُلْبَسُ، وَإِذَا نَزَعَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ كَانَ كَمَا لَوْ اسْتَأْنَفَ لُبْسَ ثَوْبٍ مُطَيَّبٍ. وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا التَّعْبِيرُ فِي الْأَوَّلِ بِالْجَوَازِ وَفِي التَّتِمَّةِ بِالِاسْتِحْبَابِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ غَرِيبٌ. وَلَوْ تَعَطَّرَ ثَوْبُهُ مِنْ بَدَنِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ قَطْعًا (وَلَا بَأْسَ بِاسْتِدَامَتِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلَا بِطِيبٍ لَهُ جُرْمٌ) لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُحْرِمٌ» . وَالْوَبِيصُ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَةِ الْبَرِيقُ. وَسَوَاءٌ فِي الِاسْتِدَامَةِ الْبَدَنُ وَالثَّوْبُ (لَكِنْ لَوْ نَزَعَ ثَوْبَهُ الْمُطَيَّبَ ثُمَّ لَبِسَهُ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا أَخَذَ الطِّيبَ مِنْ بَدَنِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ. وَالثَّانِي لَا تَلْزَمُهُ لِأَنَّ   [حاشية قليوبي] الْوُقُوفِ. قَوْلُهُ: (غَدَاةً) ظَرْفٌ لِلْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَيَدْخُلُ وَقْتُ هَذَا الْغُسْلِ بِنِصْفِ اللَّيْلِ كَالْعِيدِ، وَلَا يُنْدَبُ الْغُسْلُ لِلْمَبِيتِ بِهَا لِقُرْبِهِ مِنْ عَرَفَةَ. قَوْلُهُ: (وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) وَيَدْخُلُ وَقْتُ الْغُسْلِ لِكُلِّ يَوْمٍ بِفَجْرِهِ كَالْجُمُعَةِ وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُهُ لِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَيَخْرُجُ غُسْلُ كُلِّ يَوْمٍ بِغُرُوبِهِ أَوْ بِرَمْيِهِ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ الرَّجُلُ) وَكَذَا الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَيُغَسِّلُهُ وَلِيُّهُ. وَكَذَا فِي الْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ: (وَالظَّاهِرُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُكْرَهُ إحْرَامُ الْجُنُبِ وَنَحْوِ الْحَائِضِ فَيُنْدَبُ لَهُمَا تَأْخِيرُهُ لِلطُّهْرِ إنْ تَيَسَّرَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسَنُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُهُ كُلُّ غُسْلٍ قَرُبَ مِمَّا قَبْلَهُ كَالْقُدُومِ مَعَ الدُّخُولِ وَالْحَلْقِ وَالطَّوَافِ وَالْوَدَاعِ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِحَلْقِ الْعَانَةِ) وَكَذَا يُحْلَقُ رَأْسٌ لِمَنْ يَتَزَيَّنُ بِهِ وَإِلَّا نُدِبَ أَنْ يُلَبِّدَهُ بِنَحْوِ صَمْغٍ دَفْعًا لِنَحْوِ الْقَمْلِ وَيُنْدَبُ السِّوَاكُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ. قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي تَقَدُّمُ إلَخْ) أَيْ فِي حَقِّ غَيْرِ الْجُنُبِ. وَيُنْدَبُ لَهُ التَّأْخِيرُ. قَوْلُهُ: (تَقَدَّمَ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ) . أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْجَدِيدِ الْمَرْجُوحِ وَالرَّاجِحُ هُنَاكَ الْقَدِيمُ وَهُوَ عَدَمُ طَلَبِهَا. قَوْلُهُ: (وَهِيَ حَاصِلَةٌ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: نَعَمْ إنْ تَغَيَّرَ رِيحُ بَدَنِهِ طُلِبَ فِعْلُهُ. وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَغْسَالِ وَتَفُوتُ بِالْأَعْرَاضِ أَوْ بِطُولِ الْفَصْلِ وَلَا تُقْضَى. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُطَيِّبَ بَدَنَهُ) إجْمَاعًا إلَّا لِصَائِمٍ فَيُكْرَهُ وَلِمُحِدَّةٍ فَيَحْرُمُ. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُنْدَبُ النِّكَاحُ أَيْضًا لِأَنَّ الطِّيبَ مِنْ دَوَاعِيهِ وَلَمْ يُخَالِفُوهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا ثَوْبُهُ) مَرْجُوحٌ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ وَمُبَاحٌ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْأَصَحُّ بِالْجَوَازِ أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَكَإِزَارِ الْإِحْرَامِ وَرِدَائِهِ وَثِيَابِ الْمَرْأَةِ وَلَيْسَ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَلَا غَيْرِهِ ذَلِكَ الْكَرَاهَةُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي التَّتِمَّةِ بِالِاسْتِحْبَابِ) وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ) وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ رَائِحَةُ الطِّيبِ لَكِنْ بِحَيْثُ لَوْ مَسَّهُ رُبَّمَا ظَهَرَتْ. وَلَوْ مَسَّ ثَوْبَهُ عَمْدًا بِيَدِهِ لَزِمَتْهُ   [حاشية عميرة] يَدْخُلُ بِالْفَجْرِ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَأَهَّبَ إلَخْ) وَمِنْ السُّنَنِ السِّوَاكُ أَيْضًا قَالَهُ السُّبْكِيُّ. قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي تَقَدُّمُ هَذِهِ الْأُمُورِ) لَوْ كَانَ جُنُبًا طَلَبَ تَأْخِيرَهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ إزَارُ الْإِحْرَامِ وَرِدَاؤُهُ) وَمِثْلُهُ ثِيَابُ الْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَوَّلِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمَتْنِ فِي الْأَصَحِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَكِنْ لَوْ نَزَعَ ثِيَابَهُ إلَخْ) كَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ عَمْدًا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 الْعَادَةَ فِي الثَّوْبِ أَنْ يُنْزَعَ وَيُعَادَ فَجُعِلَ عَفْوًا، وَلَوْ تَطَيَّبَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ لَزِمَهَا عِدَّةٌ يَلْزَمُهَا إزَالَةُ الطِّيبِ فِي وَجْهٍ لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقَّ آدَمِيٍّ فَالْمُضَايَقَةُ فِيهِ أَكْثَرُ (وَأَنْ تُخَضِّبَ الْمَرْأَةُ لِلْإِحْرَامِ يَدَهَا) أَيْ كُلَّ يَدٍ مِنْهَا إلَى الْكُوعِ بِالْحِنَّاءِ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَنْكَشِفَانِ وَأَنْ تَمْسَحَ وَجْهَهَا بِشَيْءٍ مِنْ الْحِنَّاءِ لِأَنَّهَا تُؤْمَرُ بِكَشْفِهِ فَلْتَسْتُرْ لَوْنَ الْبَشَرَةِ بِلَوْنِ الْحِنَّاءِ. وَيُكْرَهُ لَهَا الْخِضَابُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ الشَّعَثِ وَلَا يُخَضِّبُ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى لِلْإِحْرَامِ (وَيَتَجَرَّدُ الرَّجُلُ لِإِحْرَامِهِ عَنْ مِخْيَطِ الثِّيَابِ) لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ لُبْسُهُ فِي الْإِحْرَامِ الَّذِي هُوَ مُحْرِمٌ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي. وَيَتَجَرَّدُ بِالرَّفْعِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ وَصَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالرَّافِعِيِّ بِوُجُوبِ التَّجَرُّدِ لِمَا ذُكِرَ فَهُوَ وَاجِبٌ لِغَيْرِهِ (وَيَلْبَسُ إزَارًا وَرِدَاءً أَبْيَضَيْنِ) جَدِيدَيْنِ وَإِلَّا فَمَغْسُولَيْنِ (وَنَعْلَيْنِ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ) لِلْإِحْرَامِ وَتُغْنِي عَنْهُمَا الْفَرِيضَةُ. رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَحْرَمَ» . وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ حَدِيثُ: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ» . وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لِيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ» اهـ. وَرَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ (ثُمَّ الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ إذَا انْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ) أَيْ اسْتَوَتْ قَائِمَةً إلَى طَرِيقِهِ (أَوْ تَوَجَّهَ لِطَرِيقِهِ مَاشِيًا) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُهِلَّ حَتَّى انْبَعَثَتْ بِهِ دَابَّتُهُ» . وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَهْلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ إذَا تَوَجَّهْنَا» (وَفِي قَوْلٍ يُحْرِمُ عَقِبَ الصَّلَاةِ) جَالِسًا. رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهَلَّ بِالْحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ» وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. (وَيُسْتَحَبُّ) (إكْثَارُ التَّلْبِيَةِ وَرَفْعُ صَوْتِهِ) أَيْ الرَّجُلِ (بِهَا) بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ بِنَفْسِهِ (فِي دَوَامِ إحْرَامِهِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ   [حاشية قليوبي] الْفِدْيَةُ، وَلَا يَضُرُّ تَعَطُّرُ ثَوْبِهِ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ عَكْسُهُ وَلَا مَسُّهُ سَهْوًا وَلَا انْتِقَالُهُ بِنَحْوِ عَرَقٍ. قَوْلُهُ: (فِي وَجْهٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ تُخَضِّبَ الْمَرْأَةُ) أَيْ غَيْرُ الْمُحِدَّةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِالْحِنَّاءِ) خَرَجَ بِهَا التَّسْوِيدُ وَالتَّطْرِيفُ وَالنَّقْشُ فَحَرَامٌ. قَوْلُهُ: (فَلْتَسْتُرْ) أَيْ تُغَيِّرْ وَهَذَا التَّغَيُّرُ لَا يَمْنَعُ مِنْ حُرْمَةِ رُؤْيَةِ الْأَجْنَبِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُخَضِّبُ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ إلَّا لِحَاجَةٍ وَلَا يَحْرُمُ فِي غَيْرِهِمَا وَلَوْ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَتَجُوزُ الْحِنَّاءُ لِلصَّبِيِّ كَالْحَرِيرِ. قَوْلُهُ: (الَّذِي هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ فِي دَوَامِ الْإِحْرَامِ لَا حَالَةَ الْإِحْرَامِ. وَلَا يَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ فِيهِ إذَا نَزَعَهُ حَالًّا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيَتَجَرَّدُ) بِالرَّفْعِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ جُمْلَةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ تُفِيدُ الْوُجُوبَ لَا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ الْمُفِيدِ لِلنَّدْبِ. قَوْلُهُ: (بِوُجُوبِ التَّجَرُّدِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمَنْهَجِ، وَإِنْ كَانَ الْوَجْهُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ مِنْ أَنَّهُ مَسْنُونٌ. وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ قَائِلِينَ بِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْإِحْرَامُ لَمْ يَحْصُلْ وَلَا يَعْصِي بِالنَّزْعِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ حَالًّا وَجَوَابُ بَعْضِهِمْ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ عَنْ هَذَا بِأَنَّ التَّجَرُّدَ فِي الْإِحْرَامِ وَاجِبٌ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِالتَّجَرُّدِ قَبْلَهُ فَوَجَبَ كَالسَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ مَمْنُوعٌ إذْ يَتِمُّ الْوَاجِبُ هُنَا بِالتَّجَرُّدِ حَالَ الْإِحْرَامِ لَا قَبْلَهُ وَلَا يُقَاسُ بِالسَّعْيِ الْمَذْكُورِ الْمُفْضِي عَدَمُهُ إلَى الْحُرْمَةِ بِالتَّفْوِيتِ بِخِلَافِهِ هُنَا. وَجَوَابُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَمَّا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ التَّأْيِيدِ لِلْقَوْلِ بِالنَّدْبِ لَا يُجْدِي نَفْعًا فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَلْبَسُ) أَيْ نَدْبًا. قَوْلُهُ: (أَبْيَضَيْنِ) أَيْ نَدْبًا وَيُكْرَهُ الْمَصْبُوغُ وَغَيْرُ الْبَيَاضِ وَلَوْ بَعْضًا وَإِنْ قَلَّ وَلَوْ قَبْلَ نَسْجِهِ. قَوْلُهُ: (جَدِيدَيْنِ) وَيُنْدَبُ غَسْلُهُمَا مَعَ تَوَهُّمِ نَجَاسَةٍ. قَوْلُهُ: (وَيُصَلِّي) أَيْ مَنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ وَلَوْ امْرَأَةً وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ. وَيُنْدَبُ كَوْنُهُمَا فِي مَسْجِدٍ كَمَا مَرَّ وَيُسِرُّهُمَا وَلَوْ لَيْلًا. قَوْلُهُ: (وَيُغْنِي عَنْهُمَا الْفَرِيضَةُ) وَكَذَا نَافِلَةٌ وَلَوْ غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ وَيَقْرَأُ فِيهِمَا سُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ قَوْلُهُ: (أَنْ يُحْرِمَ إلَخْ) نَعَمْ لِلْخَطِيبِ يَوْمَ السَّابِعِ أَنْ يَخْطُبَ مُحْرِمًا فَقَدْ تَقَدَّمَ إحْرَامُهُ عَلَى سَيْرِهِ بِيَوْمٍ لِأَنَّهُ فِي الثَّامِنِ. قَوْلُهُ: (إكْثَارُ التَّلْبِيَةِ) وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ لِقَادِرٍ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ وَتُكْرَهُ فِي مَوَاضِعِ النَّجَاسَاتِ كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ. قَوْلُهُ: (وَرَفْعُ صَوْتِهِ بِهَا) نَعَمْ يُنْدَبُ فِي التَّلْبِيَةِ الْأُولَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى إسْمَاعِ نَفْسِهِ، وَلَا يُنْدَبُ الرَّفْعُ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ حَصَلَ تَشْوِيشٌ عَلَى مُصَلٍّ أَوْ ذَاكِرٍ أَوْ قَارِئٍ أَوْ نَائِمٍ كُرِهَ الرَّفْعُ بَلْ يَحْرُمُ إنْ تَأَذَّى بِهِ أَذًى لَا يُحْتَمَلُ. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى   [حاشية عميرة] بِكَشْفِهِمَا اهـ. وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ. قَوْلُهُ: (وَيَتَجَرَّدُ بِالرَّفْعِ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ التَّجَرُّدُ وَاجِبًا وَجَوَّزَ غَيْرُهُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَطْفًا عَلَى مَا سَلَفَ، فَيَكُونُ مُسْتَحَبًّا وَيُبَادِرُ بِالنَّزْعِ عَقِبَ الْإِحْرَامِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ طَوِيلٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَشَرْحِ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (أَيْ اسْتَوَتْ قَائِمَةً) قَالَ السُّبْكِيُّ: هَذَا مَعْنَى الِانْبِعَاثِ وَلَكِنَّ الْأَصْحَابَ عَبَّرُوا عَنْهُ بِالْأَخْذِ فِي السَّيْرِ. قَوْلُهُ: (رُفْقَةٌ) هُمْ الْجَمَاعَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 بِإِكْثَارِ وَرَفْعِ أَيْ مَا دَامَ مُحْرِمًا فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ (وَخَاصَّةً) بِمَعْنَى خُصُوصًا (عِنْدَ تَغَايُرِ الْأَحْوَالِ كَرُكُوبٍ وَنُزُولٍ وَهُبُوطٍ وَصُعُودٍ وَاخْتِلَاطِ رُفْقَةٍ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَفَرَاغِ صَلَاةٍ وَإِقْبَالِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَوَقْتِ السَّحَرِ، فَالِاسْتِحْبَابُ فِي ذَلِكَ مُتَأَكِّدٌ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّهُ لَزِمَ تَلْبِيَتَهُ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ» : وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْمَرْأَةُ لَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا بَلْ تَقْتَصِرُ عَلَى إسْمَاعِ نَفْسِهَا فَإِنْ رَفَعَتْهُ كُرِهَ. وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَلَا تُسْتَحَبُّ) التَّلْبِيَةُ (فِي طَوَافِ الْقُدُومِ) وَالسَّعْيِ بَعْدَهُ لِأَنَّ فِيهِمَا أَذْكَارًا خَاصَّةً (وَفِي الْقَدِيمِ تُسْتَحَبُّ فِيهِ) وَفِي السَّعْيِ (بِلَا جَهْرٍ) وَلَا يُلَبِّي فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ جَزْمًا لِأَخْذِهِ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ. وَتُسْتَحَبُّ التَّلْبِيَةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْخَيْفِ بِمِنًى وَمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ بِعَرَفَةَ. وَكَذَا سَائِرُ الْمَسَاجِدِ فِي الْجَدِيدِ وَيَرْفَعُ الصَّوْتَ فِيهَا (وَلَفْظُهَا: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرَّيْك لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيُسْتَحَبُّ تَكْرِيرُهَا ثَلَاثًا وَالْقَصْدُ بِلَبَّيْكَ وَهُوَ مَثْنًى مُضَافٌ الْإِجَابَةُ لِدَعْوَةِ الْحَجِّ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: 27] (وَإِذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ قَالَ لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ) قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ وَرَأَى جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمَطْلُوبَةَ الْهَنِيئَةَ الدَّائِمَةَ هِيَ حَيَاةُ الدَّارِ الْآخِرَةِ (وَإِذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) .   [حاشية قليوبي] خُصُوصًا) فَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مَخْتُومٌ بِالتَّاءِ اُسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الْمَصَادِرِ. قَوْلُهُ: (وَهُبُوطٍ وَصُعُودٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا الْمَصْدَرُ وَبِفَتْحِهِمَا مَكَانُهُ وَكُلٌّ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (وَفَرَاغُ صَلَاةٍ) وَلَا تَفُوتُ بِهَا الْأَذْكَارُ الْوَارِدَةُ عَقِبَ الصَّلَاةِ كَمَا فِي تَكْبِيرِ الْعِيدِ وَيُنْدَبُ لِلْمُلَبِّي وَضْعُ أُصْبُعِهِ فِي أُذُنِهِ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَفَعَتْهُ كُرِهَ) وَفَارَقَ حُرْمَةَ الرَّفْعِ فِي الْأَذَانِ مِنْهَا بِطَلَبِ الْإِصْغَاءِ إلَيْهِ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فَرَّقَ بِهِ فِي الْمَنْهَجِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (طَوَافِ الْقُدُومِ) وَمِثْلُهُ الْمَنْذُورُ وَالْمَنْدُوبُ. قَوْلُهُ: (وَمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ) الْخَلِيلِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُثَنًّى مُضَافٌ) حُذِفَتْ نُونُهُ لِلْإِضَافَةِ مَنْصُوبٌ بِمَحْذُوفٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُ التَّكْثِيرُ وَهُوَ مِنْ لَبَّ لَبًّا، وَأَلَبَّ إلْبَابًا إذَا أَقَامَ بِالْمَكَانِ وَالْمَعْنَى أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِك إقَامَةً بَعْدَ إقَامَةٍ وَكَسْرُ هَمْزَةِ إنَّ اسْتِئْنَافًا أَفْصَحُ. وَيَجُوزُ الْفَتْحُ تَعْلِيلًا أَيْ لِأَنَّ. وَضَعَّفَهُ أَبُو الْبَقَاءِ بِوَجْهَيْنِ إيهَامُ تَخْصِيصِ التَّلْبِيَةِ بِاسْتِحْقَاقِ الْحَمْدِ وَإِيهَامُ قَصْرِ الْحَمْدِ عَلَى التَّلْبِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. وَيَجُوزُ نَصْبُ النِّعْمَةِ عَلَى الْعَطْفِ فَيَكُونُ لَك خَبَرَ إنْ وَرَفْعُهَا عَلَى الِابْتِدَاءِ فَيَكُونُ لَك خَبَرُهُ، وَيَكُونُ خَبَرُ إنَّ مَحْذُوفًا، وَيُنْدَبُ وَقْفَةٌ لَطِيفَةٌ عَلَى الْمُلْكِ دَفْعًا لِاتِّصَالِهِ بِالنَّفْيِ وَعَدَمُ نَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ فِيهَا. فَلَوْ زَادَ لَمْ يُكْرَهْ نَحْوُ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْك وَالرَّغْبَاءُ وَالْعَمَلُ إلَيْك لِوُرُودِهِ. وَيُكْرَهُ الْكَلَامُ فِي أَثْنَائِهَا وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ. وَيُنْدَبُ لَهُ رَدُّهُ وَتَأْخِيرُهُ إلَى فَرَاغِهَا أَحَبُّ. قَوْلُهُ: (مَا يُعْجِبُهُ) وَكَذَا مَا يَكْرَهُهُ فَقَدْ قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَشَدِّ أَحْوَالِهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. قَوْلُهُ: (قَالَ لَبَّيْكَ) أَيْ إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَإِلَّا قَالَ: اللَّهُمَّ إنَّ الْعَيْشَ إلَخْ. وَهَلْ يُكْرَهُ لَهُ التَّلْبِيَةُ؟ رَاجِعْهُ وَلَا بَأْسَ بِالْجَوَابِ بِلَبَّيْكَ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ وَقَدْ ضَمَّنَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ نَظْمًا بِقَوْلِهِ: لَا تَرْغَبَنَّ إلَى الثِّيَابِ الْفَاخِرَهْ ... وَاذْكُرْ عِظَامَك حِينَ تُمْسِي نَاخِرَهْ وَإِذَا رَأَيْت زَخَارِفَ الدُّنْيَا فَقُلْ ... لَا هَمَّ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَهْ قَوْلُهُ: (وَإِذَا فَرَغَ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ تَكْرِيرِهَا ثَلَاثًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ بِصَوْتٍ أَخْفَضَ مِنْ صَوْتِ   [حاشية عميرة] يَرْتَفِقُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي طَوَافِ الْقُدُومِ) مِثْلُهُ غَيْرُهُ مِنْ الطَّوَافِ الْمَنْدُوبِ فِيمَا يَظْهَرُ، أَيْ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (وَيَرْفَعُ) اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَا لَوْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى تَشْوِيشٍ عَلَى الْمُصَلِّينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَفْظُهَا لَبَّيْكَ إلَخْ) أَصْلُهُ أُلَبِّي لَبَّيْنَ لَك، فَحُذِفَتْ النُّونُ مِنْ الْمُثَنَّى لِلْإِضَافَةِ وَالْفِعْلُ مُضْمَرٌ وُجُوبًا، وَالْمَعْنَى عَلَى كَثْرَةِ الْإِجَابَةِ لَا خُصُوصِ التَّثْنِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ تَكْرِيرُهَا ثَلَاثًا) وَأَنْ يَقِفَ وَقْفَةً لَطِيفَةً عَلَى قَوْلِهِ وَالْمُلْكَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُثَنًّى مُضَافٌ) سَقَطَتْ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ وُجُوبًا وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى التَّثْنِيَةِ فَقَطْ، بَلْ الْمُرَادُ كَثْرَةُ الْإِجَابَةِ وَأَصْلُ الْفِعْلِ مِنْهَا لَبَّبَ فَاسْتَثْقَلُوا ثَلَاثَ بَاءَاتٍ فَأَبْدَلُوا الثَّالِثَةَ يَاءً، كَمَا فِي تَطَبَّبْت فَقَلَبُوا الْبَاءَ يَاءً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 قَالَ تَعَالَى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] أَيْ لَا أُذْكَرُ إلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي لِطَلَبِي ذَلِكَ (وَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى الْجَنَّةَ وَرِضْوَانَهُ وَاسْتَعَاذَ بِهِ مِنْ النَّارِ) رَوَى الشَّافِعِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ سَأَلَ اللَّهَ رِضْوَانَهُ وَالْجَنَّةَ وَاسْتَعَاذَ بِرَحْمَتِهِ مِنْ النَّارِ» . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْجُمْهُورُ ضَعَّفُوهُ. (بَابُ دُخُولِهِ) أَيْ الْمُحْرِمِ (مَكَّةَ) زَادَهَا اللَّهُ شَرَفًا. (الْأَفْضَلُ) لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ (دُخُولُهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ مَشْهُورٌ (وَأَنْ يَغْتَسِلَ دَاخِلُهَا) الْجَائِي (مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ بِذِي طِوًى وَيَدْخُلُهَا مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ نَافِعٍ   [حاشية قليوبي] التَّلْبِيَةِ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزَانِ. وَيُنْدَبُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَتَكْرِيرُهَا ثَلَاثًا وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ مِنْ دِينِيٍّ وَدُنْيَوِيٍّ. وَمِنْهُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لَك وَلِرَسُولِك، وَآمَنُوا بِك وَوَفَّوْا بِعَهْدِك وَوَثِقُوا بِوَعْدِك وَاتَّبَعُوا أَمْرَك: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ وَفْدِك الَّذِينَ رَضِيت وَارْتَضَيْت. اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي أَدَاءَ مَا نَوَيْت وَتَقَبَّلْ مِنِّي يَا كَرِيمُ مَا أَدَّيْت. وَالْمُرَادُ بِالرَّسُولِ الْمَذْكُورِ إبْرَاهِيمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. لِمَا وَرَدَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «لَمَّا فَرَغَ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ أَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ قَالَ: يَا رَبُّ مَا يَبْلُغُ صَوْتِي قَالَ: أَذِّنْ وَعَلَيَّ الْبَلَاغُ فَقَامَ إبْرَاهِيمُ عَلَى الْمَقَامِ وَنَادَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْعَتِيقِ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «عِبَادَ اللَّهِ أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ فَسَمِعَهُ مَنْ كَانَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ حَتَّى مَنْ فِي الْأَصْلَابِ وَالْأَرْحَامِ» . قَوْلُهُ: (ضَعَّفُوهُ) أَيْ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ السُّؤَالُ. وَلَيْسَ التَّضْعِيفُ رَاجِعًا لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ، فَرَاجِعْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ أَيْ كَيْفِيَّةُ الْمَطْلُوبِ فِيهِ مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ بِهِ. قَوْلُهُ: (مَكَّةَ) هِيَ بِالْمِيمِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ لُغَتَانِ اسْمٌ لِلْبَلَدِ. وَقِيلَ بِالْمِيمِ اسْمٌ لِلْبَلَدِ وَبِالْبَاءِ لِلْبَيْتِ وَحْدَهُ أَوْ لِلْبَيْتِ وَالْمَطَافِ. وَقِيلَ بِالْمِيمِ لِلْحَرَمِ وَبِالْبَاءِ لِلْمَسْجِدِ. وَهِيَ مِنْ الْمَكِّ بِمَعْنَى الْمَصِّ يُقَلْ: امْتَكَّ الْبَعِيرُ مَا فِي ضَرْعِ أُمِّهِ إذَا امْتَصَّهُ لِقِلَّةِ مَائِهَا. وَبِالْبَاءِ مِنْ الْبَكِّ أَيْ الْإِخْرَاجِ لِإِخْرَاجِهَا الْجَبَابِرَةَ أَوْ فِيهَا مِنْ الدَّفْعِ وَالزِّحَامِ وَهِيَ أَفْضَلُ بِلَادِ اللَّهِ إلَّا الْبُقْعَةَ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهِيَ أَفْضَلُ حَتَّى مِنْ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ. وَأَفْضَلُ بِقَاعِهَا الْكَعْبَةُ ثُمَّ الْمَسْجِدُ حَوْلَهَا ثُمَّ بَيْتُ خَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَتُنْدَبُ الْمُجَاوَرَةُ بِهَا إلَّا لِخَوْفِ انْحِطَاطِ رُتْبَةٍ أَوْ مَحْذُورٍ مِنْ نَحْوِ مَعْصِيَةٍ، وَأَوَّلُ مَنْ بَنَى الْبَيْتَ الْمَلَائِكَةُ قَبْلَ خَلْقِ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَطَافُوا بِهِ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ آدَم ثُمَّ ابْنُهُ شِيثٌ ثُمَّ إبْرَاهِيمُ ثُمَّ الْعَمَالِقَةُ ثُمَّ جُرْهُمٌ، ثُمَّ قُصَيٌّ ثُمَّ قُرَيْشٌ ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ثُمَّ الْحَجَّاجُ لِجَانِبِ الْحِجْرِ بِكَسْرِ الْحَاءِ فَقَطْ، ثُمَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. وَسَيَأْتِي بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي الطَّوَافِ. وَكَذَا كِسْوَةُ الْبَيْتِ. وَمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ بِالْمُؤَلَّفِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (دَاخِلُهَا) بِالرَّفْعِ فَاعِلُ يَغْتَسِلُ وَلَوْ حَلَالًا أَوْ أُنْثَى. قَوْلُهُ: (مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ) وَكَذَا مِصْرُ وَالشَّامُ وَالْمَغْرِبُ. قَوْلُهُ: (طِوًى) سَيَأْتِي ضَبْطُهَا. قَوْلُهُ: (نَهَارًا) فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ اللَّيْلِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ أَفْضَلُ. وَخُولِفَ بَيْنَ طَرِيقَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ كَالْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الدَّاخِلُ مُحْرِمًا وَغَيْرُهُ. وَيُنْدَبُ كَوْنُ الدَّاخِلِ مَاشِيًا وَحَافِيًا إلَّا لِعُذْرٍ وَالْمَرْأَةُ فِي هَوْدَجِهَا وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى وَدَاعِيًا   [حاشية عميرة] [بَابُ دُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ] بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ (دُخُولُهَا) الْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ نَهَارًا وَمَاشِيًا وَحَافِيًا. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُسْتَحَبُّ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ أَنْ يَسْتَحْضِرَ فِي قَلْبِهِ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ، وَيَتَذَكَّرَ جَلَالَةَ الْحَرَمِ وَمَزِيَّتَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ هَذَا حَرَمُك وَأَمْنُك فَحَرِّمْنِي عَلَى النَّارِ، وَآمِنِّي مِنْ عَذَابِك يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَك، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوْلِيَائِك وَأَهْلِ طَاعَتِك. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يَغْتَسِلَ) قَدْ سَلَفَ سُنِّيَّةُ هَذَا الْغُسْلِ وَالْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ مَوْضِعِهِ، وَطِوًى قَرْيَةٌ كَانَتْ بَيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ، وَهِيَ إلَى السُّفْلَى أَقْرَبُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى بِئْرٍ مَطْوِيَّةٍ بِالْحِجَارَةِ، أَيْ مَبْنِيَّةٍ والطيئ الْبِنَاءُ وَهُوَ مَقْصُورٌ وَيَجُوزُ تَنْوِينُهُ وَعَدَمُهُ بِاعْتِبَارِ إرَادَةِ الْمَكَانِ وَالْبُقْعَةِ، هَذَا إذَا جُعِلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ أَمْسَكَ عَنْ التَّلْبِيَةِ ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طِوًى ثُمَّ يُصَلِّي بِهِ الصُّبْحَ، وَيَغْتَسِلُ وَيُحَدِّثُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَقْدَمُ مَكَّةَ إلَّا بَاتَ بِذِي طِوًى حَتَّى يُصْبِحَ وَيَغْتَسِلَ ثُمَّ يَدْخُلَ مَكَّةَ نَهَارًا، وَيُذْكَرُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ فَعَلَهُ. وَرَوَيَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَيَخْرُجُ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى» . وَالْعُلْيَا تُسَمَّى ثَنِيَّةَ كَدَاءٍ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ، وَالسُّفْلَى تُسَمَّى ثَنِيَّةَ كُدًى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ وَالتَّنْوِينِ، وَهِيَ عِنْدَ جَبَلِ قُعَيْقِعَانَ وَالثَّنِيَّةُ الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَذُو طِوًى بَيْنَ الثَّنْيَتَيْنِ وَأَقْرَبُ إلَى السُّفْلَى. وَهُوَ مُثَلَّثٌ الطَّاءِ أَمَّا الْجَائِي مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ بِذِي طِوًى بَلْ بِنَحْوِ مَسَافَتِهِ مِنْ طَرِيقِهِ. كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَلَا بِالدُّخُولِ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُسْتَحَبُّ لَهُ الدُّخُولُ مِنْهَا وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَمَّا قَالَهُ الشَّيْخُ مِنْ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَقَدْ عَدَلَ النَّبِيُّ إلَيْهَا (وَيَقُولُ إذَا أَبْصَرَ الْبَيْتَ) أَيْ الْكَعْبَةَ بَعْدَ رَفْعِ يَدَيْهِ: (اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً، وَزِدْ مِنْ شَرَفِهِ وَعَظَمِهِ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: هَذَا مُنْقَطِعٌ وَلَفْظُهُمَا بَدَلُ وَعَظَمِهِ وَكَرَمِهِ (اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ) قَالَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، رَوَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَمَعْنَى السَّلَامِ الْأَوَّلُ ذُو السَّلَامَةِ مِنْ النَّقَائِصِ، وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ وَبِنَاءُ الْبَيْتِ رَفِيعٌ يُرَى قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ إذَا دَخَلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ (ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) سَوَاءٌ كَانَ فِي صَوْبِ طَرِيقِهِ أَمْ لَا بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِهِ. قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ دُخُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَذَلِكَ   [حاشية قليوبي] وَخَاشِعًا وَمُتَذَلِّلًا وَمُتَذَكِّرًا جَلَالَةَ الْحَرَمِ، وَمَزِيَّتَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَمُجْتَنِبًا لِلْمُزَاحَمَةِ وَالْإِيذَاءِ وَمُتَلَطِّفًا بِمَنْ يُزَاحِمُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْعُلْيَا) هِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِبَابِ الْمُعَلَّاةِ وَخُصَّتْ بِالدُّخُولِ لِكَوْنِ الدَّاخِلِ يَطْلُبُ مَكَانًا رَفِيعًا وَمَرْتَبَةً عَالِيَةً. وَلِأَنَّهَا مَحَلُّ دُعَاءِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم: 37] وَلِأَنَّهَا مُوَاجِهَةٌ لَبَابِ الْكَعْبَةِ وَجِهَتُهُ أَفْضَلُ الْجِهَاتِ. قَوْلُهُ: (وَالسُّفْلَى تُسَمَّى ثَنِيَّةُ كَدَاءٍ إلَخْ) وَتُصْرَفُ وَلَا تُصْرَفُ عَلَى مَا يَأْتِي وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِبَابِ الشَّبِيكَةِ. وَبِمَكَّةَ مَوْضِعٌ ثَالِثٌ يُقَالُ لَهُ: كَدِيٌّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى طَرِيقِ الْيَمَنِ. قَوْلُهُ: (قُعَيْقِعَانَ) وَيُقَالُ لَهُ: قَيْنُقَاعُ. قَوْلُهُ: (وَذُو طِوًى) اسْمُ وَادٍ وَطِوًى مُثَلَّثُ الطَّاءِ، وَالْفَتْحُ أَجْوَدُ وَبِالْقَصْرِ وَتُصْرَفُ وَلَا تُصْرَفُ عَلَى مَعْنَى الْمَكَانِ أَوْ الْبُقْعَةِ، وَهِيَ اسْمُ بِئْرٍ مَطْوِيَّةٍ بَيْنَ الْحَجُونَيْنِ أَيْ مَبْنِيَّةٌ بِالْحِجَارَةِ فَنُسِبَ الْوَادِي إلَيْهَا. قَوْلُهُ: (كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) مُعْتَمَدٌ. قَوْلُهُ: (يُسْتَحَبُّ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَبْصَرَ الْبَيْتَ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَدَخَلَ الْأَعْمَى وَمَنْ فِي ظُلْمَةٍ وَالْحَلَالُ وَالْمُحَرَّمُ وَذَلِكَ هُوَ بَابُ الْمَسْجِدِ الْآنَ. وَأَمَّا أَوَّلُ الرَّدْمِ الَّذِي كَانَ يُرَى مِنْهُ الْبَيْتُ قَبْلَ وُجُودِ الْأَبْنِيَةِ الْحَائِلَةِ فَيُطْلَبُ فِيهِ الدُّعَاءُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ كَانَ مَحَلُّ الرُّؤْيَةِ وَدُعَاءُ الْأَخْيَارِ فِيهِ وَالتَّشْرِيفُ الْعُلُوُّ وَالتَّعْظِيمُ التَّبْجِيلُ، وَالتَّكْرِيمُ التَّفْضِيلُ وَالْمَهَابَةُ التَّوْقِيرُ وَالْبِرُّ الْإِحْسَانُ الْوَاسِعُ، وَقُدِّمَ التَّعْظِيمُ عَلَى التَّكْرِيمِ فِي الدُّعَاءِ لِلْبَيْتِ. وَعَكْسُهُ فِي الدُّعَاءِ لِزَائِرِهِ لِأَنَّ فَضْلَ الْبَيْتِ مَعْلُومٌ فَلْيُرَاجَعْ ابْنُ حَجَرٍ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَبِنَاءُ الْبَيْتِ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَمَنْ بَنَاهُ. قَوْلُهُ: (يُرَى قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ) أَيْ فِيمَا كَانَ   [حاشية عميرة] طِوًى عَلَمًا أَمَّا إذَا جُعِلَ صِفَةً وَجُعِلَ مَعَ الْمُضَافِ وَهُوَ ذُو اسْمًا كَانَ بِالصَّرْفِ لَا غَيْرُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْكَعْبَةَ) بَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ قَبْلَ خَلْقِ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، وَحَجُّوا لَهَا. ثُمَّ بَنَاهُ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. ثُمَّ بَنَتْهُ قُرَيْشٌ ثُمَّ بَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْقَوَاعِدِ، ثُمَّ بَنَاهُ الْحَجَّاجُ بِأَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَاَلَّذِي بَنَاهُ مِنْهُ حَائِطُ الْحِجْرِ وَهَدَمَ مِنْ بِنَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنْ نَاحِيَةِ الْحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ وَشِبْرًا، وَأَبْقَاهُ عَلَى الِارْتِفَاعِ الَّذِي صَنَعَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَكَانَ فِي بِنَاءِ قُرَيْشٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَهِيَ عِنْدَنَا أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَجَعَلَ ابْنُ حَزْمٍ ذَلِكَ التَّفْضِيلَ ثَابِتًا لِلْحَرَمِ وَعَرَفَاتٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْحِلِّ. قَالَ بَعْضُهُمْ: بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَزَمْزَمَ قُبُورُ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ نَبِيًّا، مِنْهُمْ هُودٌ وَصَالِحٌ وَشُعَيْبٌ وَإِسْمَاعِيلُ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. قَوْلُهُ: (بَعْدَ رَفْعِ يَدَيْهِ) أَيْ وَهُوَ وَاقِفٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَشْرِيفًا) أَيْ رِفْعَةً وَعُلُوًّا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَكْرِيمًا) أَيْ تَفْضِيلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَهَابَةً) أَيْ إجْلَالًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبِرًّا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هُوَ الِاتِّسَاعُ بِالسَّلَامِ، فَقَدْ سَلِمَ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِسَلَامٍ أَيْ سَلِّمْنَا بِتَحِيَّتِك إيَّانَا مِنْ جَمِيعِ الْآفَاتِ. قَوْلُهُ: (وَبِنَاءُ الْبَيْتِ إلَخْ) تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ يَدْخُلُ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي كَانَ عَلَى طَرِيقِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَابُ إبْرَاهِيمَ اهـ. قِيلَ الْمَعْنَى فِيهِ مُوَاجَهَةُ الْجِهَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَطَاءٍ وَلَمْ يُصَرِّحَا بِالْحَجِّ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ وَلَا بِغَيْرِهِ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ (وَيَبْدَأَ بِطَوَافِ الْقُدُومِ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ» . وَأَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ حَجَّ فَأَوَّلُ شَيْءٍ إلَخْ وَلَوْ دَخَلَ وَالنَّاسُ فِي مَكْتُوبَةٍ صَلَّاهَا مَعَهُمْ أَوَّلًا. وَلَوْ أُقِيمَتْ الْجَمَاعَةُ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ قَدَّمَ الصَّلَاةَ. وَكَذَا لَوْ خَافَ فَوْتَ فَرِيضَةٍ أَوْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ وَلَوْ قَدِمَتْ الْمَرْأَةُ نَهَارًا وَهِيَ جَمِيلَةٌ أَوْ شَرِيفَةٌ لَا تَبْرُزُ لِلرِّجَالِ أَخَّرَتْ الطَّوَافَ إلَى اللَّيْلِ وَهُوَ تَحِيَّةُ الْبُقْعَةِ أَيْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَالَ وَفِي فَوَاتِهِ بِالتَّأْخِيرِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَيُؤَخَّرُ عَنْهُ اكْتِرَاءُ مَنْزِلِهِ وَتَغْيِيرُ ثِيَابِهِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ. وَأَنْ يَقْصِدَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ كُلَّمَا فَرَغَ مِنْ الدُّعَاءِ. (وَيَخْتَصُّ طَوَافُ الْقُدُومِ) فِي الْمُحْرِمِ (بِحَاجٍّ دَخَلَ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ) فَلَا يُطْلَبُ مِنْ الدَّاخِلِ بَعْدَهُ وَلَا مِنْ الْمُعْتَمِرِ لِدُخُولِ وَقْتِ طَوَافِ الْفَرْضِ عَلَيْهِمَا أَمَّا الْحَلَالُ فَيُسْتَحَبُّ طَوَافُ الْقُدُومِ لَهُ أَيْضًا (وَمَنْ قَصْد مَكَّةَ لَا لِنُسُكٍ) كَأَنْ دَخَلَهَا لِتِجَارَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ (اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِدَاخِلِهِ (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَالسُّنَنُ يَنْدُرُ فِيهَا الِاتِّفَاقُ الْعَمَلِيُّ (إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ دُخُولُهُ كَحَطَّابٍ وَصَيَّادٍ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ جَزْمًا لِلْمَشَقَّةِ بِالتَّكَرُّرِ لِلْوُجُوبِ فِي غَيْرِهِ شُرُوطٌ أَنْ يَجِيءَ مِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ فَأَهْلُهُ لَا إحْرَامَ عَلَيْهِمْ قَطْعًا، وَأَنْ لَا يَدْخُلَهَا لِقِتَالٍ وَلَا خَائِفًا فَإِنْ دَخَلَهَا لِقِتَالِ بَاغٍ أَوْ قَاطِعِ   [حاشية قليوبي] كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَدْخُلُ) وَلَوْ حَلَالًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِبَابِ السَّلَامِ وَهُوَ ثَلَاثُ طَاقَاتٍ فِي قُبَالَةِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَبَابِ الْكَعْبَةِ، وَهُوَ أَشْرَفُ جِهَاتِ الْبَيْتِ كَمَا مَرَّ. وَأَنْ يَخْرُجَ إلَى بَلَدِهِ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ الْمَعْرُوفِ الْآنَ بِبَابِ الْعُمْرَةِ وَهُوَ طَاقَةٌ وَاحِدَةٌ. قَوْلُهُ: (بِطَوَافِ الْقُدُومِ) وَيُسَمَّى طَوَافَ الْقَادِمِ وَطَوَافَ الصَّدْرِ وَطَوَافَ الصَّادِرِ وَطَوَافَ الْوُرُودِ وَطَوَافَ الْوَارِدِ وَطَوَافَ التَّحِيَّةِ. قَوْلُهُ: (أَخَّرَتْ الطَّوَافَ) مَا لَمْ تَخَفْ نَحْوَ طُرُوُّ حَيْضٍ. وَيُقَدِّمُ عَلَى الطَّوَافِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا صَلَاةً أُقِيمَتْ أَوْ خِيفَ فَوْتُهَا وَلَوْ نَفْلًا وَلَوْ تَذَكَّرَ فِيهِ فَائِتَةً قَطَعَهُ وَفَعَلَهَا وَإِنْ فَاتَتْ بِعُذْرٍ، بَلْ يَجِبُ إنْ فَاتَتْ بِغَيْرِ عُذْرٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ وَأَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَهُ، أَيْ أَنَّهَا تَنْدَرِجُ فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ صَلَاةٍ يَفْعَلُهَا وَلَا تَفُوتُ إحْدَى التَّحِيَّتَيْنِ بِالْأُخْرَى. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا لَا تَفُوتُ إلَّا بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ بِشَرْطِ الْآتِي وَإِذَا فَاتَ فَلَا يَقْضِي. قَوْلُهُ: (لِدُخُولِ وَقْتِ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ مَكَّةَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَنَّهُ يَطُوفُ لِلْقُدُومِ. وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا. وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: إنَّ هَذَا الطَّوَافَ لِهَذَا الْقُدُومِ لَا لِلْأَوَّلِ رَدَّ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَفُتْ، فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ لِلثَّانِي دُونَهُ انْتَهَى. وَالْوَجْهُ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ إنْ كَانَ طَافَ لِلْقُدُومِ الْأَوَّلِ، بَلْ لَا يَبْعُدُ كَوْنُ هَذَا الطَّوَافِ وَاقِعًا عَنْهُمَا مَعًا فَرَاجِعْهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيَخْتَصُّ إلَخْ أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ لَيْسَ مَطْلُوبًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ أَيْضًا لَكِنَّهُ يَدْخُلُ فِي طَوَافِ الْفَرْضِ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ. وَبِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِي عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِلْجَلَالِ قَرِيبًا عِنْدَ ذِكْرِ الرَّمَلِ فِي الْمُعْتَمِرِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ الْمُنْصَرِفُ إلَيْهِ الِاسْمُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي طَلَبَهُ وَتَسْمِيَتَهُ بِذَلِكَ فِي مُطْلَقِ الْقُدُومِ، وَعَلَى هَذَا فَالْفَرْقُ بِأَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ مُمْكِنَةٌ اسْتِقْلَالًا لَيْسَ فِيهِ مُنَافَاةٌ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (اُسْتُحِبَّ لَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا كَآبِقٍ. قَوْلُهُ: (بِحَجٍّ) أَيْ إنْ كَانَ فِي أَشْهُرِهِ أَوْ بِعُمْرَةٍ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجِبُ) أَيْ فَالِاسْتِثْنَاءُ   [حاشية عميرة] الَّتِي فِيهَا بَابُ الْكَعْبَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ، وَهِيَ أَشْرَفُ جِهَاتِ الْبَيْتِ زَادَهُ اللَّهُ شَرَفًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَبْدَأُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ) هُوَ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ تُطْلَبُ أَيْضًا هُنَا وَتَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ. كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ هُنَا نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَسَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَا يُخَالِفُهُ، وَفِي السُّبْكِيّ إنْ دَخَلَ، وَمُنِعَ مِنْ الطَّوَافِ صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تُسْتَفَادُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ إلَخْ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُطْلَبُ مِنْ الدَّاخِلِ إلَخْ) لَوْ وَقَفَ ثُمَّ دَخَلَ قَبْلَ وَقْتِ طَوَافِ الرُّكْنِ وَطَافَ وَقَعَ عَنْ الْقُدُومِ فِيهَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ دَخَلَهَا لِقِتَالٍ إلَخْ) اسْتَدَلَّ الرَّافِعِيُّ لِذَلِكَ بِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ غَيْرَ مُحْرِمٍ» ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، وَدُفِعَ بِأَنَّ أَصْحَابَهُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ دَخَلُوا بِغَيْرِ إحْرَامٍ، فَإِنْ قُلْت قَدْ فُتِحَتْ صُلْحًا مَعَ أَبِي سُفْيَانَ فَكَيْفَ يُقَالُ دَخَلَهَا لِقِتَالٍ قُلْنَا كَانَ غَيْرَ وَاثِقٍ بِصُلْحِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 طَرِيقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ خَائِفًا مِنْ ظَالِمٍ أَوْ غَرِيمٍ يَحْبِسُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَا يُمْكِنُهُ الظُّهُورُ لِأَدَاءِ النُّسُكِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِحْرَامُ قَطْعًا. وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا فَالْعَبْدُ لَا إحْرَامَ عَلَيْهِ قَطْعًا. وَقِيلَ: إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الدُّخُولِ مُحْرِمًا فَهُوَ كَحُرٍّ وَعَلَى الْوُجُوبِ لَوْ دَخَلَ غَيْرَ مُحْرِمٍ فَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ بِأَنْ يَخْرُجَ ثُمَّ يَعُودَ مُحْرِمًا وَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ تَحِيَّةُ الْبُقْعَةِ فَلَا يَقْضِي كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ. قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَلَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَالْحَرَمُ كَمَكَّةَ فِيمَا ذُكِرَ. فَصْلٌ لِلطَّوَافِ بِأَنْوَاعِهِ كَطَوَافِ الْقُدُومِ وَطَوَافِ الْفَرْضِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ (وَاجِبَاتٌ) لَا يَصِحُّ إلَّا بِهَا (وَسُنَنٌ) يَصِحُّ بِدُونِهَا (أَمَّا الْوَاجِبَاتُ فَيُشْتَرَطُ) لَهُ (سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إلَّا بِخَيْرٍ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ فَلَوْ طَافَ عَارِيًّا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ. وَكَذَا لَوْ كَانَ يَطَأُ فِي طَوَافِهِ النَّجَاسَةَ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَغَلَبَتُهَا فِيهِ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى. وَقَدْ اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُحَقِّقِينَ الْعَفْوَ عَنْهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ يُعْفَى عَمَّا   [حاشية قليوبي] مِنْ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ عَلَى إطْلَاقِهِ لِأَنَّهُ لَا حَرَجَ فِيهِ لِجَوَازِ تَرْكِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْحَرَمُ كَمَكَّةَ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي أَنَّ مَنْ قَصَدَهُ يُحْرِمُ بِحَجٍّ إلَخْ. فَصْلٌ فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ وَهُوَ أَفْضَلُ أَرْكَانِ الْحَجِّ حَتَّى مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (كَطَوَافِ إلَخْ) أَشَارَ بِالْكَافِ إلَى أَنَّهُ بَقِيَ مِنْ أَنْوَاعِهِ أَفْرَادٌ وَهِيَ طَوَافُ التَّحَلُّلِ وَطَوَافُ النَّذْرِ، وَطَوَافُ النَّفْلِ وَلَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ بِطَوْفَةٍ وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْوَاجِبُ) أَيْ الْمَشْرُوطَةُ لِصِحَّتِهِ فَهُوَ ثَمَانِيَةٌ السَّتْرُ وَالطُّهْرُ وَجَعْلُ الْبَيْتِ عَنْ الْيَسَارِ وَالْبُدَاءَةُ بِالْحَجَرِ وَكَوْنُهُ سَبْعًا وَكَوْنُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَعَدَمُ صَرْفِهِ وَنِيَّتُهُ إنْ اسْتَقَلَّ، وَهَذَانِ ذَكَرَهُمَا الشَّارِحُ فِي التَّتِمَّةِ آخِرَ الْفَصْلِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الصَّلَاةِ) رَاجِعٌ لِلسَّتْرِ وَالطَّهَارَةِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ صِحَّةُ طَوَافِ الْمُحْدِثِ، وَيَجِبُ مَعَ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ بَدَنَةٌ وَمَعَ الْحَدَثِ شَاةٌ. قَوْلُهُ: (عَارِيًّا) أَيْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السُّتْرَةِ وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُحْدِثًا) أَيْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ. وَكَذَا فِي الْمُتَنَجِّسِ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ. وَشَمِلَتْ طَهَارَةُ الْحَدَثِ مَا لَوْ كَانَتْ بِالتَّيَمُّمِ حَيْثُ تَسْقُطُ بِهِ الصَّلَاةُ. وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَجِبُ الصَّبْرُ عَلَى مَنْ رَجَا الْمَاءَ حَيْثُ أَمْكَنَ قَبْلَ رَحِيلِهِ. أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ الطَّهَارَةِ وَالْمُتَنَجِّسُ فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُ شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّوَافِ. وَيَسْقُطُ عَنْهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ بِلَا دَمٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ طَوَافِ الرُّكْنِ مَتَى أَمْكَنَ وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ. وَمِثْلُهُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَفَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ، وَمِنْهُ فَاقِدُ الْمَاءِ وَعَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ مَعَهَا وَسَوَاءٌ تَحَلَّلُوا بَعْدَ مُفَارَقَةِ مَكَّةَ أَوْ لَا وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا أَنَّهُ اعْتَمَدَ أَنَّ الْحَائِضَ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَحَلَّلَ بِذَبْحٍ وَحَلْقٍ وَنِيَّةٍ. وَمَعَ ذَلِكَ لَا إلَى نِيَّةٍ لِطَوَافِهَا إذَا قَدَرَتْ عَلَيْهِ وَأَعَادَتْهُ. وَأَمَّا الْمُتَيَمِّمُ الَّذِي تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِجَبِيرَةٍ مَثَلًا أَوْ لِنُدُورِ فَقْدِ الْمَاءِ فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُ طَوَافِ النَّفْلِ، وَلَهُ فِعْلُ الْفَرْضِ وَيَحْصُلُ بِهِ تَحَلُّلُهُ وَيَلْزَمُهُ إعَادَةُ طَوَافِ الرُّكْنِ مَتَى أَمْكَنَ، وَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ أَيْضًا لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بَاقٍ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ هَذَا مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي إلَى آخِرِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِشَرْطِهِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ أَنْ لَا   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ لِلطَّوَافِ بِأَنْوَاعِهِ] ِ إلَخْ قَوْلُهُ: (كَطَوَافِ الْقُدُومِ إلَخْ) بَقِيَ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّوَافِ النَّفَلُ، وَقَدْ يُقَالُ قُيِّدَ بِذَلِكَ لَمَّا قَالَ فِي الْخَادِمِ بَحْثًا، وَنَسَبُهُ لِظَاهِرِ النَّصِّ أَنَّ التَّطَوُّعَ بِطَوْفَةٍ وَاحِدَةٍ يَجُوزُ فِي النَّفْلِ كَالصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الصَّلَاةِ) فِي الْخَادِمِ هُنَا يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ هُنَا الِانْتِقَابُ فِي الصَّلَاةِ. فَائِدَةٌ: الطَّهَارَةُ وَاجِبَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَيْسَ شَرْطًا وَإِذَا تَرَكَهَا مَعَ الْجَنَابَةِ أَوْ الْحَيْضِ، وَجَبَتْ بَدَنَةٌ وَمَعَ الْحَدَثِ شَاةٌ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ الِاقْتِصَارُ عَلَى اسْتِثْنَاءِ حُكْمٍ وَاحِدٍ، وَاسْتُدِلَّ أَيْضًا بِنِدَاءِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «وَلَا يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» ، وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَطُوفُونَ عُرَاةً، وَيَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ لِيَكُونُوا كَمَا خُلِقُوا، وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَشُدُّ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ (فَلَوْ أَحْدَثَ فِيهِ تَوَضَّأَ وَبَنَى وَفِي قَوْلٍ اسْتَأْنَفَ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ. وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الطَّوَافَ يُحْتَمَلُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الصَّلَاةِ كَالْفِعْلِ الْكَثِيرِ وَالْكَلَامِ. وَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَإِنْ قُلْنَا فِي التَّعَمُّدِ يَبْنِي فَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَقَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا الْبِنَاءُ. وَسَوَاءٌ عَلَى الْبِنَاءِ طَالَ الْفَصْلُ أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى مَا سَيَأْتِي أَنَّ مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ مُوَالَاتُهُ. وَفِي قَوْلٍ إنَّهَا وَاجِبَةٌ فَيَسْتَأْنِفُ فِي الطُّولِ بِلَا عُذْرٍ عَلَى هَذَا، وَحَيْثُ لَا نُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ نَسْتَحِبُّهُ (وَأَنْ يَجْعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ) وَيَمُرَّ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ (مُبْتَدِئًا) فِي ذَلِكَ (بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مُحَاذِيًا) بِالْمُعْجَمَةِ (لَهُ فِي مُرُورِهِ) عَلَيْهِ ابْتِدَاءً (بِجَمِيعِ بَدَنِهِ) بِأَنْ لَا يُقَدِّمَ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ. وَفِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ يُسْتَحَبُّ اسْتِقْبَالُهُ. وَيَجُوزُ جَعْلُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: أَنَّ الْمُرَادَ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ جَمِيعُ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ (فَلَوْ بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَجَرِ لَمْ يُحْسَبْ فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ ابْتَدَأَ مِنْهُ) وَلَوْ حَاذَاهُ بِبَعْضِ بَدَنِهِ وَبَعْضُهُ مُجَاوِزٌ إلَى جَانِبِ الْبَابِ فَالْجَدِيدُ لَا يُعْتَدُّ بِهَذِهِ الطَّوْفَةِ. وَلَوْ حَاذَى بِجَمِيعِ الْبَدَنِ بَعْضَ الْحَجَرِ دُونَ بَعْضٍ أَجْزَأَهُ. ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْعِدَّةِ وَغَيْرُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَيْنِ انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُحَاذَاةِ الْحَجَرِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اسْتِقْبَالُهُ وَأَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي الْأُولَى لِعَدَمِ الْمُرُورِ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ عَلَى الْحَجَرِ فَلَا بُدَّ فِي اسْتِقْبَالِهِ الْمُعْتَدِّ بِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَنْ لَا يُقَدِّمَ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ، الْمَذْكُورُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَإِنْ عَبَّرَ فِيهِ يَنْبَغِي، وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ أَوْ اسْتَدْبَرَهُ وَجَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ   [حاشية قليوبي] يَتَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهِ، وَأَنْ لَا تَكُونَ رُطُوبَةٌ وَأَنْ لَا يَجِدَ مَكَانًا خَالِيًا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَحْدَثَ) أَيْ أَوْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ أَوْ تَنَجَّسَ. قَوْلُهُ: (وَبَنَى) إلَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونَ فَيَسْتَأْنِفَانِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَيَمُرُّ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ) وَلَوْ مُنَكَّسًا أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ وَجْهِهِ أَوْ مَحْمُولًا عَلَى دَابَّةٍ مَثَلًا. نَعَمْ الْمُعْتَبَرُ فِي الصَّبِيِّ الْمَحْمُولِ الْوَلِيُّ دُونَهُ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ) وَمَحَلُّهُ مِثْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِأَنْ إلَخْ) أَشَارَ بِأَنْ إلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْمُحَاذَاةِ وَإِنْ كَانَ بَدَنُهُ أَصْغَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَجَرِ أَوْ أَكْبَرَ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ اسْتِقْبَالُهُ) أَيْ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الطَّوَافِ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا الظَّاهِرُ بِظَاهِرٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهَا بِالشِّقِّ الْأَيْسَرِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْغَزَالِيِّ إذْ مَعَ طَلَبِ الِاسْتِقْبَالِ لَا بُدَّ مِنْ انْحِرَافِهِ إلَيْهِ بِشِقِّهِ الْأَيْسَرِ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ. فَقَوْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ فَإِذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ الْمُرَادُ إذَا قَرُبَ مِنْ مُجَاوَزَتِهِ، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَهَذَا مُسْتَثْنًى إلَخْ. وَإِنْ كَانَ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ مَا يُوَافِقُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْ الطَّوَافِ إذْ أَوَّلُهُ مِنْ انْفِتَالِهِ. وَلَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ مِنْ كَوْنِ الْحَجَرِ عَنْ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْجِدَارُ الْبَارِزُ إلَخْ) وَارْتِفَاعُهُ مُطْلَقًا رُبْعُ وَثُمْنُ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهُ فِي جِهَةِ الْبَابِ نِصْفُ وَرُبْعُ ذِرَاعٍ وَفِي غَيْرِهَا نِصْفُ ذِرَاعٍ، وَكَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَيْتِ شاذروان قَدِيمٌ غَيْرُ الَّذِي فِي جِهَةِ الْبَابِ، فَالْمَوْجُودُ فِي   [حاشية عميرة] فَرْجِهَا سُيُورًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ أَحْدَثَ إلَخْ) نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ وَالْوُضُوءُ وَعَلَّلَهُ بِزَوَالِ التَّكْلِيفِ بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ بِغَيْرِهِ. فَرْعٌ: حُكْمُ الْخَارِجِ لِحَاجَةٍ حُكْمُ الْخَارِجِ لِلْحَدَثِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَوْلُهُ: (وَيَمُرُّ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ) مِنْ جُمْلَةِ مَا خَرَجَ بِهَذَا أَنْ يُدَارَ بِالْمَرِيضِ، وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ وَشِقُّهُ الْأَيْسَرُ لِجِهَةِ الْبَيْتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُبْتَدِئًا إلَخْ) هُوَ حَالٌ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى يَجْعَلُ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ فِي حَالِ ابْتِدَائِهِ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ وُجُوبَ الِابْتِدَاءِ، بَلْ وَلَا وُجُوبَ الْجَعْلِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الِابْتِدَاءِ، كَذَا أَوْرَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي مُحَاذِيًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يُقَدِّمَ جُزْءًا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْجُزْءُ جَاوَزَ الْحَجَرَ إلَى جِهَةِ الْبَابِ، فَهَذَا هُوَ الْمُضِرُّ لَا تَقَدُّمُ جَمِيعِ الْبَدَنِ عَنْ أَوَّلِ الْحَجَرِ، الَّذِي فِي جِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ يَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْبَعْضِ الْآتِيَةِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ ابْتَدَأَ مِنْهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ، لَكِنْ قَدْ ذُكِرَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ النِّصْفَ الثَّانِيَ عَمْدًا ثُمَّ قَرَأَ الْأَوَّلَ لَا يَبْنِي عَلَيْهِ، بَلْ يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ وَكَانَ قِيَاسُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إذَا ابْتَدَأَ مِنْ الْبَابِ وَدَارَ حَتَّى انْتَهَى إلَيْهِ، لَا يُحْسَبُ لَهُ مُرُورُهُ مِنْ الْحَجَرِ إلَيْهِ حَتَّى يَعُودَ إلَى الْحَجَرِ ثَانِيًا، وَإِذَا لَمْ تُحْسَبْ تِلْكَ الْمَسَافَةُ فَلَا يُحْسَبُ مَا بَعْدَهَا، وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى طَوْفَةٍ قَدْ عَادَ فِيهَا مِنْ الْبَابِ إلَى الْحَجَرِ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَالْفَرْقُ مُشْكِلٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ابْتَدَأَ مِنْهُ) أَيْ مَعَ النِّيَّةِ حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ: قَدْ تَكَلَّفُوا لِتَصْوِيرِهَا وَلَا وَقْفَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 وَمَشَى نَحْوَ الرُّكْنِ الْيَمَانِي أَوْ نَحْوَ الْبَابِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ مَشَى قَهْقَرَى نَحْوَ الرُّكْنِ الْيَمَانِي لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ (وَلَوْ مَشَى عَلَى الشَّاذَرْوَانِ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْجِدَارُ الْبَارِزُ عَنْ عُلُوِّهِ بَيْنَ رُكْنِ الْبَابِ وَالرُّكْنِ الشَّامِيِّ (أَوْ مَسَّ الْجِدَارَ) الْكَائِنَ (فِي مُوَازَاتِهِ) أَيْ الشَّاذَرْوَانِ (أَوْ دَخَلَ مِنْ إحْدَى فَتْحَتَيْ الْحِجْرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (وَخَرَجَ مِنْ الْأُخْرَى) وَهُوَ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ عَلَيْهِ جِدَارٌ قَصِيرٌ (لَمْ تَصِحَّ طَوْفَتُهُ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ فِيهَا طَائِفٌ فِي الْبَيْتِ لَا بِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] وَالْحَجَرُ قِيلَ جَمِيعُهُ مِنْ الْبَيْتِ وَالصَّحِيحُ قَدْرُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ فَقَطْ (وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَسِّ وَجْهٌ) أَنَّهُ تَصِحُّ طَوْفَتُهُ فِيهَا لِأَنَّ مُعْظَمَ بَدَنِهِ خَارِجٌ فَيَصْدُقُ أَنَّهُ طَائِفٌ بِالْبَيْتِ (وَأَنْ يَطُوفَ سَبْعًا دَاخِلَ الْمَسْجِدِ) وَلَوْ فِي أُخْرَيَاتِهِ وَلَا بَأْسَ بِالْحَائِلِ فِيهِ كَالسِّقَايَةِ وَالسَّوَارِي وَالْأَصْلُ فِيمَا ذِكْرُ الِاتِّبَاعِ. مِنْهُ مَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ مَشَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا» ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ إلَّا الْمَشْيَ عَلَى يَمِينِهِ. وَرَوَى مُسْلِمٌ " عَنْ جَابِرٍ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُومِئُ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَقُولُ: لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» .   [حاشية قليوبي] غَيْرِهَا حَادِثٌ فَلَا يَضُرُّ الْمَشْيُ فَوْقَهُ وَلَا مَسُّ الْجِدَارِ فَوْقَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ الطَّائِفِ فِي هَوَاءِ الْبَيْتِ. وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَنْ النَّوَوِيِّ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَسَّ الْجِدَارَ) أَيْ يُجْزِئُ مِنْ بَدَنِهِ وَلَا يَضُرُّ مَسُّهُ بِمَلْبُوسِهِ أَوْ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ كَمَا لَا يَضُرُّ مَسُّ جِدَارِ الشاذروان مِنْ أَسْفَلِهِ بِبَدَنِهِ وَلَا مَسُّ جِدَارِ الْبَيْتِ فِي غَيْرِ جِهَةِ الشاذروان كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْحَجَرُ وَفَتْحَتَاهُ مُلَاصِقَتَانِ لِجِدَارِ الْبَيْتِ فَهُمَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ اسْتِقْبَالُ الْمُصَلِّي لَهُمَا قَالُوا لِعَدَمِ الْيَقِينِ فِي كَوْنِهِمَا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ جِدَارٌ قَصِيرٌ) وَحُكْمُ هَذَا الْجِدَارِ حُكْمُ جِدَارِ الْبَيْتِ فَيَضُرُّ جَعْلُ جُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ فَوْقَهُ أَوْ فِي رَفْرَفِهِ، وَلَوْ فِيمَا زَادَ عَلَى السِّتَّةِ أَذْرُعٍ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالْحِجْرُ) أَيْ بِكَسْرِ الْحَاءِ كَمَا مَرَّ، وَيُسَمَّى الْحَطِيمَ لِمَا قِيلَ إنَّهُ حُطِّمَ أَيْ مَاتَ فِيهِ أُلُوفٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَفِيهِ قَبْرُ إسْمَاعِيلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقِيلَ وَأُمِّهِ هَاجَرَ وَكَانَ مَحَلُّ مَأْوَى غَنَمِهِ لَيْلًا. وَيُسَمَّى مَا بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالْمَقَامِ حَطِيمًا أَيْضًا كَمَا فِي اللِّعَانِ. قَوْلُهُ: (سِتَّةِ أَذْرُعٍ) فَقَطْ أَيْ تَقْرِيبًا لِمَا قِيلَ إنَّهَا سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَنَحْوُ شِبْرٍ وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مَا بَيْنَ صَدْرِهِ وَجِدَارِ الْبَيْتِ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا تَقْرِيبًا وَعَرْضُ جِدَارِهِ ذِرَاعَانِ وَثُلُثُ ذِرَاعٍ، وَارْتِفَاعُهُ فَوْقَ ذِرَاعَيْنِ وَسَعَةُ كُلِّ فَتْحَةٍ مِنْهُ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ. قَوْلُهُ: (دَاخِلَ الْمَسْجِدِ) أَيْ وَإِنْ وَسِعَ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْحِلَّ، وَلَا يَضُرُّ ارْتِفَاعُ الطَّائِفِ عَلَى الْبَيْتِ كَسَطْحِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ، وَأَوَّلُ مَنْ حَوَّطَ عَلَى الْمَسْجِدِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ وَسَّعَهُ بَعْدَهُ الْإِمَامُ الْخَلِيفَةُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ثُمَّ بَعْدَهُ الْخَلِيفَةُ   [حاشية عميرة] فِيهِ، وَصُورَتُهَا أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الْحَجَرَ بِوَجْهِهِ بَلْ يَجْعَلُهُ عَلَى يَسَارِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْحَجَرُ فِي سَمْتِ عَرْضِ بَدَنِهِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الْمَنْكِبَ وَنَحْوَهُ مِمَّا هُوَ فِي جِهَةِ الْعَرْضِ دُونَ جُرْمِ الْحَجَرِ، وَقَوْلُهُ: إنَّ الْمُرَادَ إلَخْ هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَقَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الشَّاذَرْوَانِ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ مَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ التَّرْتِيبَ يُعْتَبَرُ بَيْنَ الْأَشْوَاطِ وَكَذَا بَيْنَ أَجْزَاءِ كُلِّ شَوْطٍ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْجِدَارُ إلَخْ) كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْكَمَالِ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ هُوَ الْقَدْرُ الَّذِي تَرَكَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ عَرْضِ الْأَسَاسِ خَارِجًا عَنْ عَرْضِ الْجِدَارِ، فِيمَا عَدَا جِهَةَ الْحَجَرِ غَيْرُ صَوَابٍ، وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ الْبِنَاءَ الَّذِي يُشْبِهُ الشاذروان الْكَائِنَ الْآنَ مِنْ الْأَسْوَدِ إلَى الْيَمَانِيِّ، ثُمَّ مِنْهُ إلَى الشَّامِيِّ مُحْدَثٌ، وَلَعَلَّهُ مَنْشَأُ وَهْمِ شَارِحِ الْإِرْشَادِ عَلَى أَنَّ الَّذِي قَالَهُ هُوَ مَا فِي نُفُوسِ النَّاسِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ، وَقَدْ يُعْتَذَرُ لَهُ بِأَنَّهُ فِي تَيْنَكِ الْجِهَتَيْنِ أَيْضًا، وَلَكِنَّ جِهَةَ الْبَابِ أَظْهَرُ ثُمَّ رَأَيْت الْعِرَاقِيَّ تَعَرَّضَ لِلْمَسْأَلَةِ. وَقَالَ: إنَّ اخْتِصَاصَهُ بِجِهَةِ الْبَابِ. قَالَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُشَاهَدِ مِنْ تَعْمِيمِ الْجُدُرِ الثَّلَاثِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَزْرَقِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي مُوَازَاتِهِ) اُحْتُرِزَ عَنْ مَشْيِهِ لَا فِي مُوَازَاةِ الشَّاذَرْوَانِ كَمَا فِي الْجِهَةِ الَّتِي بَيْنَ الْيَمَانِيِّ وَالرُّكْنِ الْأَسْوَدِ، وَكَذَا الَّتِي بَيْنَ الْيَمَانِيِّ وَالشَّامِيِّ. قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ قَدْرُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ) إلَى آخِرِ الْفَتْحَةِ مِنْهَا. فَرْعٌ: لَوْ اسْتَقْبَلَ هَذَا الْمِقْدَارَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَصِحَّ، لِأَنَّهُ غَيْرُ قَطْعِيٍّ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ الْمُسْلِمِينَ لَهُ بَعْدَ بِنَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَإِنْ قِيلَ: ذَلِكَ إجْمَاعٌ قِيلَ فَهَلَّا دَامَ حُكْمُهُ بَعْدَ هَدْمِ الْحَجَّاجِ لَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجْهٌ) هُوَ وَجِيهٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْجُنُبَ إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْمَسْجِدِ لَا إثْمَ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَبْعًا) هُوَ فِي طَوَافِ النُّسُكِ أَمَّا النَّفَلُ فَحَاوَلَ فِي الْخَادِمِ جَوَازَ التَّطَوُّعِ بِطَوْفَةٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 (وَأَمَّا السُّنَنُ فَأَنْ يَطُوفَ مَاشِيًا) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ وَلَا يَرْكَبُ إلَّا لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ. «وَطَافَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاكِبًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ لِيَرَاهُ النَّاسُ فَيَسْتَفْتُوهُ. وَلَوْ طَافَ رَاكِبًا بِلَا عُذْرٍ جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِدْخَالُ الْبَهِيمَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهَا الْمَسْجِدَ مَكْرُوهٌ. (وَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ أَوَّلَ طَوَافِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ. (وَيُقَبِّلُهُ) رَوَى الشَّيْخَانِ «عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَهُ» . (وَيَضَعُ جَبْهَتَهُ عَلَيْهِ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ عَلَى الْحَجَرِ» . (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ التَّقْبِيلِ وَوَضْعِ الْجَبْهَةِ لِزَحْمَةٍ (اسْتَلَمَ) أَيْ اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِلَامِ بِالْيَدِ ثُمَّ قَبَّلَهَا (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الِاسْتِلَامِ (أَشَارَ بِيَدِهِ) وَلَا يُشِيرُ بِالْفَمِ إلَى التَّقْبِيلِ، وَفِي الرَّوْضَةِ: يُسْتَحَبُّ الِاسْتِلَامُ بِالْخَشَبَةِ وَنَحْوِهَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِاسْتِلَامِ بِالْيَدِ أَيْ وَيُقَبِّلُ الْخَشَبَةَ أَوْ نَحْوَهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ بِعَصَا وَنَحْوِهَا أَشَارَ بِيَدِهِ أَوْ بِشَيْءٍ فِيهَا، ثُمَّ قَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ اسْتِلَامٌ وَلَا تَقْبِيلٌ إلَّا عِنْدَ خُلُوِّ الْمَطَافِ فِي اللَّيْلِ أَوْ غَيْرِهِ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَفِّفَ الْقُبْلَةَ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صَوْتٌ. (وَيُرَاعَى ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِلَامُ وَمَا بَعْدَهُ (فِي كُلِّ طَوْفَةٍ وَلَا يُقَبِّلُ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ وَلَا يَسْتَلِمُهُمَا، وَيَسْتَلِمُ الْيَمَانِيَ وَلَا يُقَبِّلُهُ) لَكِنْ يُقَبِّلُ الْيَدَ بَعْدَ اسْتِلَامِهِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ   [حاشية قليوبي] عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَجَعَلَ لَهُ جِدَارًا نَحْوَ الْقَامَةِ، ثُمَّ بَعْدَهُ الْخَلِيفَةُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَجَعَلَ لَهُ الْأَرْوِقَةَ ثُمَّ الْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ثُمَّ بَعْدَهُ الْخَلِيفَةُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، ثُمَّ وَلَدُهُ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ الْخَلِيفَةُ الْمَنْصُورُ، ثُمَّ الْخَلِيفَةُ الْمَهْدِيُّ وَلَمْ يُتِمَّهُ فَتَمَّمَهُ بَعْدَهُ وَلَدُهُ الْخَلِيفَةُ الْهَادِي وَزَادَ فِي بَعْضِ جِهَاتِهِ بِحَيْثُ جَعَلَهُ مُرَبَّعًا بَيْنَ جِدَارِهِ وَجِدَارِ الْكَعْبَةِ تِسْعُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَيْهِ وَبِنَاءُ السَّلَاطِينِ بَعْدَهُ تَجْدِيدٌ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فِيهِ. وَأَوَّلُ مَنْ كَسَا الْكَعْبَةَ مِنْ دَاخِلِهَا قُصَيٌّ جَدُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ بَنَاهَا قَبْلَ بِنَاءِ قُرَيْشٍ، ثُمَّ كَسَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بِالْقَبَاطِيِّ مِنْ خَارِجِهَا حِينَ بَنَاهَا، ثُمَّ أَبْدَلَهَا السُّلْطَانُ فَرَجُ بْنُ بَرْقُوقٍ فِي خِلَافَتِهِ بِالْكِسْوَةِ السَّوْدَاءِ مِنْ خَارِجِهَا وَاسْتَمَرَّتْ وَمَحَلُّ بَسْطِ ذَلِكَ التَّوَارِيخُ وَمِنْهَا مُؤَلَّفُنَا السَّابِقُ. قَوْلُهُ: (مَاشِيًا) وَلَوْ امْرَأَةً وَيُنْدَبُ أَنْ يُقَصِّرَ خُطَاهُ لِكَثْرَةِ الْأَجْرِ وَحَافِيًا أَوْلَى إلَّا لِعُذْرٍ، وَيُكْرَهُ الزَّحْفُ وَأَمَّا الرُّكُوبُ فَخِلَافُ الْأَوْلَى، وَالْحَمْلُ عَلَى الرِّجَالِ أَوْلَى مِنْ الدَّوَابِّ وَالْإِبِلِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا، وَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ الطَّوَافُ فِي هَوَاءِ الْمَسْجِدِ. وَلَا يَصِحُّ كَمَا فِي الْوُقُوفِ رَاجِعْهُ. وَيَتَّجِهُ فِيهِ الصِّحَّةُ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِلَا كَرَاهَةٍ) أَيْ بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَكْرُوهٌ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ هِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، سَوَاءٌ كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا فَإِنْ أَمِنَ التَّلْوِيثَ فَمَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا سَوَاءٌ كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا أَيْضًا. وَمِثْلُ الدَّابَّةِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مَعَ عَدَمِ أَمْنِ التَّلْوِيثِ يَحْرُمُ إنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ وَإِلَّا كُرِهَ، وَمَعَ أَمْنِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ. قَوْلُهُ: (وَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ) أَيْ ثَلَاثًا. وَكَذَا مَا بَعْدَهُ مِنْ التَّقْبِيلِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ فَعَلَهَا مُتَوَالِيَةً أَوْ مُتَخَلِّلَةً وَمَحَلُّهُ لَوْ أُزِيلَ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ مِثْلُهُ كَمَا مَرَّ. وَارْتِفَاعُهُ عَنْ أَرْضِ الْمَسْجِدِ فِي الْمَطَافِ ذِرَاعَانِ وَنِصْفٌ تَقْرِيبًا وَهُوَ مِنْ الْجَنَّةِ وَكَانَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ. وَيُحْتَرَزُ عِنْدَ تَقْبِيلِهِ عَنْ مُرُورِ قَدَمَيْهِ وَلَوْ بِأَدْنَى جُزْءٍ، بَلْ يُثَبِّتُهُمَا حَتَّى يَعْتَدِلَ، ثُمَّ يَمُرُّ فَإِنْ مَرَّ وَهُوَ مُنْحَنٍ قَبْلَ أَنْ يَعْتَدِلَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى مَحَلِّهِ عِنْدَ اسْتِقْبَالِهِ. قَوْلُهُ: (بِيَدِهِ) وَالْيُمْنَى أَوْلَى. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ طَوْفَةٍ) وَالْأَوْتَارُ آكَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُقَبِّلُ إلَخْ) أَيْ لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ هُوَ مُبَاحٌ. وَكَذَا بَقِيَّةُ أَجْزَاءِ الْبَيْتِ مِمَّا لَمْ يُطْلَبْ فِيهِ ذَلِكَ. وَكَذَا لَا يُسَنُّ السُّجُودُ عَلَى غَيْرِ الْحَجَرِ وَلَوْ عَلَى مَا اسْتَلَمَهُ بِهِ مِنْ يَدٍ أَوْ غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُقَبِّلُ الْيَدَ إلَخْ) فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدِهِ أَوْ بِشَيْءٍ فِيهَا، وَقَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ عَدَمِ طَلَبِ ذَلِكَ، وَبَحَثَ   [حاشية عميرة] وَاحِدَةٍ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ إطْلَاقُ النِّيَّةِ ثُمَّ يَزِيدُ عَلَى السَّبْعَةِ أَوْ يَنْقُصُ كَالصَّلَاةِ وَفِيهِ نَظَرٌ. . قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَاشِيًا) أَيْ وَحَافِيًا أَيْضًا. قَالَ فِي الْإِمْلَاءِ وَأُحِبُّ لَوْ كَانَ الْمَطَافُ خَالِيًا أَنْ يُقَصِّرَ فِي الْمَشْيِ لِيَكْثُرَ لَهُ الْأَجْرُ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) كَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِتَصْرِيحِهِمْ بِتَحْرِيمِ إدْخَالِ الصِّبْيَانِ الْمَسَاجِدَ، كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْعِدَّةِ، وَاعْتَرَضَهُ النَّوَوِيُّ، فَقَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ إذَا لَمْ يَغْلِبْ تَنْجِيسُهُمْ كَانَ مَكْرُوهًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَهَذَا صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيمِ عِنْدَ غَلَبَةِ النَّجَاسَةِ وَالْكَرَاهَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْغَلَبَةِ، وَأَمَّا طَوَافُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ لِعُذْرٍ، وَهُوَ اسْتِفْتَاءُ النَّاسِ لَهُ وَتَعْلِيمُ الْمَنَاسِكِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَسْتَلِمُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا يُقَبِّلُ الْيَدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُقَبِّلُ الرُّكْنَيْنِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْحِكْمَةُ فِي اخْتِلَافِ أَحْكَامِ هَذِهِ الْأَرْكَانِ أَنَّ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ فِيهِ فَضِيلَتَانِ وُجُودُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِيهِ، وَكَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ وَالْيَمَانِيُّ فِيهِ الْفَضِيلَةُ الثَّانِيَةُ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 طَوْفَةٍ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ وَالْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ، وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ» . (وَأَنْ «يَقُولَ أَوَّلَ طَوَافِهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ إيمَانًا بِك وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى، وَهُوَ غَرِيبٌ، وَقَوْلُهُ: إيمَانًا مَفْعُولٌ لَهُ لِأَطُوفُ مُقَدَّرًا (وَلْيُقَبِّلْ قُبَالَةَ الْبَيْتِ: اللَّهُمَّ إنَّ الْبَيْتَ بَيْتُك، وَالْحَرَمَ حَرَمُك، وَالْأَمْنَ أَمْنُك، وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ النَّارِ) وَيُشِيرُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ، وَهَذَا الدُّعَاءُ أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ مَعَ دُعَاءٍ عَنْ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ، وَدُعَاءٍ تَحْتَ الْمِيزَابِ، وَدُعَاءٍ بَيْنَ الشَّامِيِّ وَالْيَمَانِي وَأَسْقَطَهَا جَمِيعَهَا مِنْ الرَّوْضَةِ. وَبَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ: « {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] » رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ: رَبَّنَا بَدَلَ اللَّهُمَّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ: " سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُهُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ " وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ " رَبَّنَا " وَفِي الرَّوْضَةِ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا (وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ) فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ (وَمَأْثُورُ الدُّعَاءِ) فِيهِ (أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ) فِيهِ (أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ مَأْثُورِهِ) وَفِي وَجْهٍ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ مَأْثُورِهِ أَيْضًا (وَأَنْ يَرْمُلَ   [حاشية قليوبي] بَعْضُهُمْ تَثْلِيثَ الْإِشَارَةِ وَالتَّقْبِيلَ لِمَا أَشَارَ بِهِ أَيْضًا، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذِهِ السُّنَنَ لَا تَخْتَصُّ بِمَنْ يَطُوفُ فَرَاجِعْهُ. وَحِكْمَةُ تَفَاوُتِ الْأَرْكَانِ أَنَّ رُكْنَ الْحَجَرِ فِيهِ فَضِيلَتَانِ: الْحَجَرُ وَكَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَفِي الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ الثَّانِيَةُ مِنْهُمَا وَخُلُوُّ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ عَنْهُمَا. قَوْلُهُ: (أَوَّلَ طَوَافِهِ) أَيْ أَوَّلَ كُلِّ طَوْفَةٍ مِنْ طَوَافِهِ وَالْأُولَى آكَدُ. وَاسْتَحَبَّ أَبُو حَامِدٍ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ. قَوْلُهُ: (وَوَفَاءً بِعَهْدِك) أَيْ بِمَا أَمَرْتنَا بِهِ وَنَهَيْتنَا عَنْهُ أَوْ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ اسْتَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْ صُلْبِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَلَسْت بِرَبِّكُمْ؟ قَالُوا بَلَى فَأَمَرَ أَنْ يُدْرَجَ ذَلِكَ الْعَهْدُ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ» . وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ مُؤَلَّفِنَا الْمُشَارِ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْبَابِ) وَارْتِفَاعُهُ فَوْقَ خَمْسَةِ أَذْرُعٍ وَعَرْضُ عَتَبَتِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ ذِرَاعٍ. قَوْلُهُ: (وَيُشِيرُ) أَيْ بِقَلْبِهِ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي هُوَ مِنْ الْجَنَّةِ كَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ. وَسُمِّيَ مَقَامًا لِأَنَّهُ قَامَ عَلَيْهِ حِينَ نَادَى بِالْحَجِّ كَمَا مَرَّ، وَأَنَّهُ كَانَ يَقُومُ عَلَيْهِ عِنْدَ بِنَاءِ الْبَيْتِ فَيَرْتَفِعُ بِهِ حَتَّى يَضَعَ الْحَجَرَ ثُمَّ يَهْبِطَ بِهِ حَتَّى يَأْخُذَ مَا يَبْنِي بِهِ وَهَكَذَا، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ يُشِيرُ إلَى مَقَامِ نَفْسِهِ وَضَعَّفُوهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ دُعَاءٍ عِنْدَ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ) وَهُوَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الشَّكِّ وَالشِّرْكِ وَالشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ، وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ. قَوْلُهُ: (تَحْتَ الْمِيزَابِ) وَهُوَ: اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي فِي ظِلِّك يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّك، وَاسْقِنِي بِكَأْسِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرَابًا هَنِيئًا لَا أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ. قَوْلُهُ: (وَدُعَاءٍ بَيْنَ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ وَالْيَمَانِيِّ) وَهُوَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ أَيْ مَا أَنَا فِيهِ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبًا أَيْ وَاجْعَلْ ذَنْبِي ذَنْبًا مَغْفُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا أَيْ وَاجْعَلْ سَعْيِي فِي طَاعَتِك مَشْكُورًا وَتِجَارَةً لَنْ تَبُورَ يَا عَزِيزُ يَا غَفُورُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُعْتَمِرُ يَقُولُ: عُمْرَةً مَبْرُورَةً وَضَعَّفَهُ شَيْخُنَا اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ. وَيُنَزَّلُ الْحَجُّ فِي كَلَامِ الْمُعْتَمِرِ عَلَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْقَصْدُ أَوْ الزِّيَارَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ وَفِيهِ بُعْدٌ وَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَقْرَبُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَهَا جَمِيعَهَا مِنْ الرَّوْضَةِ) وَلَعَلَّ إسْقَاطَهُ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْآتِي. قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ اللَّهُمَّ آتِنَا إلَخْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ، وَأُحِبُّ أَنْ يُقَالَ فِي جَمِيعِ الطَّوَافِ. وَفِي الشَّرْحَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ رَبَّنَا بَدَلَ اللَّهُمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْوَارِدُ، وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَالرَّوْضَةِ سَهْوٌ وَلِذَلِكَ تَعَرَّضَ الشَّارِحُ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَلْيَدْعُ) أَيْ فِي خِلَالِ الذِّكْرِ الْمَطْلُوبِ بَعْدَ فَرَاغِ كُلِّ دُعَاءٍ فِي مَحَلِّهِ أَوْ بِتَرْكِهِ تِلْكَ الْأَدْعِيَةَ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ، وَيُكْرَهُ فِيهِ مَا يُحْرَمُ أَوْ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي الطَّوَافِ أَيْ فِي مَحَالِّهِ الْمَخْصُوصَةِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الْقِرَاءَةُ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ أَنَّهَا) أَيْ الْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ   [حاشية عميرة] وَالشَّامِيَّانِ خَالِيَانِ عَنْ هَذَيْنِ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشَّاذَرْوَانَ خَاصٌّ بِمَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالشَّامِيِّ كَمَا سَلَفَ قَرِيبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ اللَّهُمَّ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ رَبَّنَا بَدَلَ اللَّهُمَّ، وَهُوَ الْوَارِدُ وَقَدَّسَهَا فِي الرَّوْضَةِ فَتَبِعَهُ فِي الْمِنْهَاجِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ) أَيْ كَمَا فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ فِيهِ أَفْضَلُ) أَيْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَقُولُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْته أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ، وَفَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى بِأَنْ يُسْرِعَ مَشْيَهُ مُقَارِبًا خُطَاهُ وَيَمْشِي فِي الْبَاقِي) عَلَى هَيِّنَتِهِ لِلِاتِّبَاعِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَسْتَوْعِبُ الْبَيْتَ بِالرَّمَلِ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْحَجَرِ إلَى الْحَجَرِ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا» ، وَلَوْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا حَرَّكَ الدَّابَّةَ وَرَمَلَ بِهِ الْحَامِلُ، وَلَوْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي الثَّلَاثَةِ لَا يَقْضِيهِ فِي الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّ هَيْئَتَهَا السَّكِينَةُ فَلَا تُغَيَّرُ. (وَيَخْتَصُّ الرَّمَلُ بِطَوَافٍ يَعْقُبُهُ سَعْيٌ وَفِي قَوْلٍ بِطَوَافِ الْقُدُومِ) لِأَنَّ مَا رَمَلَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لِلْقُدُومِ، وَسَعَى عَقِبَهُ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ، وَيَرْمُلُ مَنْ قَدِمَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا لِإِجْزَاءِ طَوَافِهِ عَنْ الْقُدُومِ، وَكَانَ مَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا حَاجًّا إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ، فَإِنْ دَخَلَهَا قَبْلَهُ وَلَمْ يُرِدْ السَّعْيَ عَقِبَ طَوَافِهِ لِلْقُدُومِ رَمَلَ فِيهِ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَالْحَاجُّ مِنْهَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَمَنْ أَرَادَ السَّعْيَ عَقِبَ طَوَافِهِ لِلْقُدُومِ رَمَلَ فِيهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَإِذَا رَمَلَ فِيهِ وَسَعَى عَقِبَهُ لَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ إنْ لَمْ يُرِدْ السَّعْيَ عَقِبَهُ، وَكَذَا إنْ أَرَادَهُ فِي الْأَظْهَرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مِنْهُ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَعْقُبُهُ سَعْيٌ أَيْ مَطْلُوبٌ أَوْ مَحْسُوبٌ، وَإِذَا طَافَ لِلْقُدُومِ وَسَعَى عَقِبَهُ وَلَمْ يَرْمُلْ فِيهِ لَا يَقْضِيهِ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: الْأَظْهَرُ وَلَوْ طَافَ وَرَمَلَ وَلَمْ يَسْعَ رَمَلَ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِبَقَاءِ السَّعْيِ عَلَيْهِ. (وَلْيَقُلْ فِيهِ) أَيْ فِي الرَّمَلِ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا) قَالَ الرَّافِعِيُّ: رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَوْلُهُ: اجْعَلْهُ أَيْ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ   [حاشية قليوبي] فَفِي الْخَبَرِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْته أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ. وَفَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ خَلْقِهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الذِّكْرَ لَا يَخْتَصُّ بِالْقُرْآنِ وَإِنْ طُلِبَ غَيْرُهُ لِخُصُوصِهِ لَا يُعَارِضُ أَفْضَلِيَّتَهُ فَتَأَمَّلْ. تَنْبِيهٌ: يُنْدَبُ الْإِسْرَارُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَرْمُلَ) أَيْ الذَّكَرُ كَمَا سَيَأْتِي. وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَلَوْ قَصَدَ السَّعْيَ فَرَمَلَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ تَرْكُهُ أَوْ عَكْسُهُ جَازَ، وَهَلْ يَرْمُلُ مَنْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ السَّعْيَ وَلَا عَدَمَهُ أَوْ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ يَفْعَلُهُ الْآنَ؟ فَرَاجِعْهُ. وَيَنْبَغِي بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِي أَيِّهِمَا أَصَالَةً أَوْ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فِي الْأَشْوَاطِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الطَّوَافِ شَوْطًا وَدَوْرًا، وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَشَدَّدَ النَّكِيرَ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُسْرِعَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَنْهَجِ وَيُسَمَّى خَبَبًا. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمَنْ قَالَ إنَّ الرَّمَلَ دُونَ الْخَبَبِ فَقَدْ غَلِطَ بَلْ هُوَ مَشْيٌ لَا عَدْوَ فِيهِ، وَلَا وَثْبَ. وَحِكْمَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَدِمَ بِأَصْحَابِهِ إلَى مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنَّهُ قَدِمَ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ قَدْ أَوْهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. فَبَلَّغْنَهُمْ أَوَانَ اللَّهِ أَطْلَعَ نَبِيَّهُ عَلَيْهَا فَأَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ بِالرَّمَلِ لِيَرَى الْمُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ قَالُوا لِبَعْضِهِمْ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ كَذَا وَكَذَا، وَاَللَّهِ إنَّهُمْ أَجْلَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا» . وَفِي رِوَايَةٍ كَأَنَّهُمْ الْغِزْلَانُ. وَطَلَبَ مِنَّا ذَلِكَ لِنَتَذَكَّرَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَى إعْزَازِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَشَى أَرْبَعًا) وَهَذَا كَانَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ، فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ مِنْ رُكُوبِهِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ. تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مَا رَمَلَ فِيهِ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ أَنَّهُ كَانَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَلَيْسَ فِي عُمْرَةِ الْقُدُومِ. وَأَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: وَيَرْمُلُ مَنْ قَدِمَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَيَرْمُلُ فِي طَوَافِهِ) أَيْ الَّذِي بَعْدَ وُقُوفِهِ وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ لَا الَّذِي عِنْدَ خُرُوجِهِ لِأَنَّهُ وَدَاعٌ. قَوْلُهُ: (السَّعْيُ عَقِبَ طَوَافِهِ لِلْقُدُومِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَالشَّمْسُ الْخَطِيبُ: وَهُوَ أَفْضَلُ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: تَأْخِيرُهُ لِمَا بَعْدَ الْإِفَاضَةِ أَفْضَلُ. وَكَلَامُ الشَّارِحِ بَعْدَهُ يَدُلُّ لَهُ وَلَا يُعِيدُ الرَّمَلَ إذَا فَعَلَهُ وَإِنْ أَخَّرَ السَّعْيَ. قَوْلُهُ: (مَطْلُوبٌ أَوْ مَحْسُوبٌ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهُ مَطْلُوبٌ أَوْ إنَّهُ مَحْسُوبٌ غَيْرُ مَطْلُوبٍ. فَقَوْلُهُ: غَيْرُ مَطْلُوبٍ أَيْ وَغَيْرُ مَحْسُوبٍ. وَأَشَارَ بِمَطْلُوبٍ إلَى مَا لَيْسَ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَبِالْمَحْسُوبِ إلَيْهِ. وَكَذَا يُقَالُ إنَّهُ مَطْلُوبٌ فِي نَفْسِهِ فَيُسْتَغْنَى عَنْ مَحْسُوبٍ. قَوْلُهُ: (وَلْيَقُلْ إلَخْ) أَيْ بَدَلَ الذِّكْرِ الْمَطْلُوبِ فِيهِ مِمَّا مَرَّ أَوْ فِي   [حاشية عميرة] عَلَى خَلْقِهِ» ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يَرْمُلَ فِي الْأَشْوَاطِ إلَخْ) قِيلَ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى اسْتِيعَابِهَا. قَوْلُهُ: (وَيَسْتَوْعِبُ) نَبَّهَ عَلَيْهِ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْكِتَابِ قَدْ لَا تُفِيدُهُ. قَوْلُهُ: (وَمَشَى أَرْبَعًا) هَذَا كَانَ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ فَلَا يُنَافِي مَا سَلَفَ فِي رُكُوبِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ. قَوْلُهُ: (كَانَ لِلْقُدُومِ وَسَعَى عَقِبَهُ) أَيْ فَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى الثَّانِي لِانْتِهَائِهِ إلَى تَوَاصُلِ الْحَرَكَاتِ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْعَهْدِ بِالْبَيْتِ فَيَلِيقُ بِهِ النَّشَاطُ وَالِاهْتِزَازُ، وَقَوْلُهُ لِلْقُدُومِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمَتْنِ، وَفِي قَوْلِهِ وَقَوْل وَسَعَى عَقِبَهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَيَخْتَصُّ. . قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَبْرُورًا) أَيْ لَا يُخَالِطُهُ مَعْصِيَةٌ مِنْ الْبِرِّ، وَهُوَ الطَّاعَةُ. وَقِيلَ: هُوَ الْمُتَقَبَّلُ وَقَوْلُهُ ذَنْبًا مَغْفُورًا أَيْ اجْعَلْ ذَنْبِي مَغْفُورًا، وَالسَّعْيُ هُوَ الْعَمَلُ وَالْمَشْكُورُ هُوَ الْمُتَقَبَّلُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُشْكَرُ عَلَيْهِ. قَوْلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 الْمَصْحُوبِ بِالذَّنْبِ، قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: وَيَقُولُ فِي الْأَرْبَعَةِ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. (وَأَنْ يَضْطَبِعَ فِي جَمِيعِ كُلِّ طَوَافٍ يَرْمُلُ فِيهِ، وَكَذَا فِي السَّعْيِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ جَعْلُ وَسَطِ رِدَائِهِ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَطَرَفَيْهِ عَلَى) مَنْكِبِهِ (الْأَيْسَرِ) كَدَأْبِ أَهْلِ الشَّطَارَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الضَّبُعِ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْعَضُدُ رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنْ الْجِعْرَانَةِ، فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ، وَجَعَلُوا أَرْدِيَتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، ثُمَّ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمْ الْيُسْرَى» وَقِيسَ السَّعْيُ عَلَى الطَّوَافِ بِجَامِعِ قَطْعِ مَسَافَةٍ مَأْمُورٍ بِتَكَرُّرِهَا سَبْعًا، وَمُقَابِلُهُ يَقِفُ مَعَ الْوَارِدِ (وَلَا تَرْمُلُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَضْطَبِعُ) أَيْ لَا يُطْلَبُ مِنْهَا ذَلِكَ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْخُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالْمَرْأَةِ. (وَأَنْ يَقْرُبَ مِنْ الْبَيْتِ) تَبَرُّكًا بِهِ (فَلَوْ فَاتَ الرَّمَلُ بِالْقُرْبِ لِزَحْمَةٍ، فَالرَّمَلُ مَعَ بُعْدٍ أَوْلَى) لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ، وَالْقُرْبُ مُتَعَلِّقٌ بِمَوْضِعِهَا (إلَّا أَنْ يَخَافَ صَدْمَ النِّسَاءِ) بِحَاشِيَةِ الْمَطَافِ (فَالْقُرْبُ بِلَا رَمَلٍ أَوْلَى) تَحَرُّزًا عَنْ مُصَادَمَتِهِنَّ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ وَكَذَا لَوْ كَانَ بِالْقُرْبِ أَيْضًا نِسَاءٌ يُخَافُ مُصَادَمَتُهُنَّ فِي الرَّمَلِ فَتَرْكُهُ أَوْلَى، وَلَوْ كَانَ مَنْ يَفُوتُهُ الرَّمَلُ مَعَ الْقُرْبِ لِزَحْمَةٍ يَرْجُو فُرْجَةً وَقَفَ لِيَجِدَهَا فَيَرْمُلُ فِيهَا (وَأَنْ يُوَالِيَ طَوَافَهُ) وَفِي قَوْلٍ: تَجِبُ مُوَالَاتُهُ، كَمَا سَيَأْتِي، فَيَبْطُلُ بِالتَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ بِلَا عُذْرٍ، قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ تَرْكُهُ الطَّوَافَ وَلَوْ أُقِيمَتْ الْمَكْتُوبَةُ وَهُوَ فِيهِ فَتَفْرِيقُهُ فِيهَا تَفْرِيقٌ بِعُذْرٍ. (وَيُصَلِّي بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ   [حاشية قليوبي] وَقْتٍ لَا ذِكْرَ فِيهِ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَقُولُ فِي الْأَرْبَعَةِ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (لَا يُطْلَبُ مِنْهَا ذَلِكَ) فَلَوْ فَعَلَتْهُ لَمْ يَحْرُمْ بَلْ يُكْرَهُ. وَفِي الْبُرُلُّسِيِّ: أَنَّهُ مُبَاحٌ مَا لَمْ تَقْصِدْ التَّشَبُّهَ بِالرِّجَالِ. قَوْلُهُ: (مَعَ بُعْدٍ أَوْلَى) سَوَاءٌ أَوَّلَ طَوَافِهِ وَآخِرَهُ وَمَا بَيْنَهُمَا وَيُنْدَبُ فِي الْقُرْبِ الِاحْتِيَاطُ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ بُعْدُهُ بِقَدْرِ ثَلَاثِ خُطُوَاتٍ. وَقِيلَ: ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ. نَعَمْ الطَّوَافُ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ مَكْرُوهٌ، فَقُرْبُهُ عَنْهَا مَعَ تَرْكِهِ الرَّمَلَ أَوْلَى حِينَئِذٍ. تَنْبِيهٌ: يُكْرَهُ فِي الطَّوَافِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْبُصَاقُ وَتَفَرْقُعُ الْأَصَابِعِ وَتَشْبِيكُهَا وَتَكْتِيفُهَا خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَكَوْنُهُ حَاقِبًا أَوْ حَاقِنًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَأْتِي هُنَا. وَكَوْنُ الْمَرْأَةِ مُنْتَقِبَةً، وَقَطْعُهُ لِصَلَاةِ فَرْضِ كِفَايَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ أَوْ سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَا عُذْرَ وَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ شُرُوطِهِ وَجَبَ تَدَارُكُهُ إلَّا إنْ تَحَلَّلَ، كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَسَكَتَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا، وَفِيهِ بَحْثٌ. وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ الشَّكُّ بَعْدَ فَرَاغِهِ كَمَا فِي الْفَاتِحَةِ وَالصَّلَاةِ فَرَاجِعْهُ. وَدَخَلَ فِي عَدَمِ الْمُوَالَاةِ مَا لَوْ فَرَّقَ الْأَشْوَاطَ الْأَرْبَعَةَ عَلَى الْأَيَّامِ، وَهُوَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَخَالَفَهُ الزَّرْكَشِيُّ. فَرْعٌ: التَّطَوُّعُ بِالصَّلَاةِ فِي زَمَنٍ أَفْضَلُ مِنْ الطَّوَافِ فِيهِ. قَوْلُهُ (وَيُصَلِّي بَعْدَهُ) وَيُنْدَبُ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُلْتَزَمَ، وَسُمِّيَ   [حاشية عميرة] الْمَتْنِ: (فِي جَمِيعِ كُلِّ طَوَافٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِأَشْوَاطِ الرَّمَلِ الثَّلَاثَةِ، بَلْ يَعُمُّ السَّبْعَةَ بِخِلَافِ السَّعْيِ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ لَابِسَ الْمِخْيَطِ لِعُذْرٍ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الِاضْطِبَاعُ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا فِي السَّعْيِ) بِخِلَافِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، لِأَنَّ هَيْئَةَ الِاضْطِبَاعِ مَكْرُوهَةٌ فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يُطْلَقُ مِنْهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يَخَافَ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خَوْفُ مُخَالَطَةِ النِّسَاءِ فِي مَعْنَى لَمْسِهِنَّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يُوَالِيَ إلَخْ) وَجْهُ عَدَمِ الْوُجُوبِ أَنَّهَا عِبَادَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا فَلَمْ تَجِبْ مُوَالَاتُهَا كَالْوُضُوءِ. فَرْعٌ: لَوْ فَرَّقَ الْأَشْوَاطَ عَلَى الْأَيَّامِ أَوْ جَزَّأَ الشَّوْطَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: جَازَ وَمَنَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَذَكَرَ نُصُوصًا عَنْ الشَّافِعِيِّ صَرِيحَةً فِي الْمَنْعِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ مُوَالَاتُهُ إلَخْ) إنْ قُلْت مَا وَجْهُ ذِكْرِ هَذَا هُنَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي قُلْت: لِيُعْلِمَك أَنَّ مَحَلَّ الْقَوْلَيْنِ فِي التَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ بِلَا عُذْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُصَلِّي بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ بِنِيَّةٍ وَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْهَا كَالطَّوَافِ فِي الْحَجِّ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الْحَجِّ، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ تَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهَا بِجَرَيَانِ النِّيَابَةِ فِيهَا فِي الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (خَلْفَ الْمَقَامِ) أَيْ فَهُمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 يَقْرَأُ فِي الْأُولَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ فِي غَيْرِ الْقِرَاءَةِ الشَّيْخَانِ، وَفِيهَا مُسْلِمٌ (وَيَجْهَرُ) بِهَا (لَيْلًا) وَيُسِرُّ نَهَارًا (وَفِي قَوْلٍ: تَجِبُ الْمُوَالَاةُ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَالصَّلَاةُ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَعَلَهَا تَلَا قَوْله تَعَالَى {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] » رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَأَفْهَمَ أَنَّ   [حاشية قليوبي] بِذَلِكَ «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْتَزَمَهُ وَأَخْبَرَ أَنَّ هُنَاكَ مَلَكًا يُؤَمِّنُ عَلَى الدُّعَاءِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَمُحَاذَاةِ الْبَابِ مِنْ أَسْفَلِهِ وَعَرْضُهُ عُلُوُّ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ وَيُلْصِقُ بَطْنَهُ بِجِدَارِ الْبَيْتِ وَيَضَعُ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ عَلَيْهِ، وَيَبْسُطُ ذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ وَيَتَعَلَّقُ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الْعَتِيقِ أَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنْ النَّارِ وَأَعِذْنِي مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَوَسْوَاسِهِ» . وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ لِلصَّلَاةِ وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِيهَا إنْ اسْتَقَلَّتْ بِخِلَافِ الطَّوَافِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ. وَيُنْدَبُ إذَا وَالَى بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ طَوَافٍ أَنْ يُصَلِّيَ لِكُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْنِ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ كُلِّ طَوَافٍ عَقِبَهُ وَلَوْ قَصَدَ كَوْنَ الرَّكْعَتَيْنِ عَنْ الْكُلِّ كَفَى بِلَا كَرَاهَةٍ. وَقِيَاسُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ أَنْ يَكُونَ الْإِطْلَاقُ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (خَلْفَ الْمَقَامِ) فَهُمَا فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ دَاخِلِ الْكَعْبَةِ ثُمَّ دَاخِلَ الْكَعْبَةِ ثُمَّ فِي الْحِجْرِ وَأَوْلَاهُ مَا قَرُبَ مِنْ الْبَيْتِ، ثُمَّ فِي الْحَطِيمِ ثُمَّ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ فِيمَا بَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ، ثُمَّ بَقِيَّةِ الْمَسْجِدِ. ثُمَّ فِي بَيْتِ خَدِيجَةَ، ثُمَّ فِي مَنْزِلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَعْرُوفِ بِدَارِ الْخَيْزُرَانِ ثُمَّ فِي بَقِيَّةِ مَكَّةَ، ثُمَّ بَاقِي الْحَرَمِ حَيْثُ شَاءَ مَتَى شَاءَ، وَلَا يَفُوتَانِ إلَّا بِالْمَوْتِ. وَالْمُرَادُ بِخَلْفِ الْمَقَامِ كَوْنُ الْمَقَامِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ لِأَنَّ وَجْهَهُ كَانَ مِنْ جِهَتِهَا فَغُيِّرَ. وَيُجْزِئُ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ فَرِيضَةٌ وَنَافِلَةٌ أُخْرَى. كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ. وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فَقَالَ: حَيْثُ قِيلَ بِحُصُولِهِمَا مَعَ غَيْرِهِمَا فَكَيْفَ يَأْتِي قَوْلُهُمْ فَحَيْثُ شَاءَ مَتَى شَاءَ. وَكَذَا مَا قَبْلَهُ لَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ صَلَاةٌ بَعْدَ الطَّوَافِ فِي بَقِيَّةِ عُمُرِهِ إذْ لَا قَائِلَ بِهِ، وَلَا أَنَّهُمْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِمَا مَعَ غَيْرِهِمَا، وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلَانِ فِيهِ نَظَرًا لِمُنَافَاتِهِ لِمَا مَرَّ، وَلَا أَنَّهُ كَمَنْ قَصَدَ تَأْخِيرَهُمَا لِعَدَمِ صِحَّتِهِ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ بَعْضُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ إحْرَامُهُ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةُ الطَّوَافِ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: سُمِّيَ الْبَيْتُ كَعْبَةً لِتَرْبِيعِهِ مِنْ التَّكْعِيبِ وَهُوَ التَّرْبِيعُ. وَذَلِكَ عَلَى التَّقْرِيبِ لِأَنَّ عَرْضَ جِهَةِ الْبَابِ مِنْ خَارِجِ الْبَيْتِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا وَرُبْعُ ذِرَاعٍ، وَمِنْ دَاخِلِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَنَحْوَ الثُّلُثَيْنِ مِنْ ذِرَاعٍ، وَعَرْضُ مَا بَيْنَ الشَّامِيَّيْنِ مِنْ خَارِجِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ مِنْ ذِرَاعٍ، وَمِنْ دَاخِلِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَقِيرَاطَانِ، وَعَرْضُ جِهَةِ مَا بَيْنَ الشَّامِيِّ وَالْيَمَانِيِّ مِنْ خَارِجِهِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَمِنْ دَاخِلِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَثُلُثَانِ وَثُمْنُ ذِرَاعٍ وَعَرْضُ جِهَةِ مَا بَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ مِنْ خَارِجِهِ تِسْعَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَرُبْعُ ذِرَاعٍ، وَمِنْ دَاخِلِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَثُلُثُ ذِرَاعٍ، وَارْتِفَاعُ جُدْرَانِهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا تَقْرِيبًا كُلُّ ذَلِكَ بِالذِّرَاعِ الْمِصْرِيِّ. وَيُنْدَبُ دُخُولُ الْكَعْبَةِ مِنْ غَيْرِ إيذَاءِ أَحَدٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِذَا دَخَلَهَا خَرَّ سَاجِدًا لِلشُّكْرِ أَيْ مَعَ النِّيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ شُرُوطِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجْهَرُ بِهَا لَيْلًا) وَمِنْهُ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ. وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَوَافَقَهُ الْبُلْقِينِيُّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي النَّوَافِلِ لَيْلًا التَّوَسُّطُ، وَلَا يُقَاسُ عَلَى الْخُسُوفِ لِأَنَّ سَبَبَهُ لَيْلِيٌّ، وَلَا عَلَى الْكُسُوفِ لِأَنَّ سَبَبَهُ نَهَارِيٌّ، وَبِأَنَّ الْجَمَاعَةَ مَطْلُوبَةٌ فِي الْكُسُوفَيْنِ فَطُلِبَ الْجَهْرُ وَالْإِسْرَارُ وَهَذِهِ صَلَاةٌ سَبَبُهَا وَاحِدٌ وَهُوَ الطَّوَافُ فَمَا وَجْهُ التَّفْرِقَةِ فِيهَا، وَالْوَجْهُ الْإِسْرَارُ فِيهَا لَيْلًا وَنَهَارًا كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذِهِ ذَاتُ سَبَبٍ فَلَا تُقَاسُ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، وَبِأَنَّ سَبَبَهَا مَطْلُوبٌ كُلَّ وَقْتٍ فَلَا تُقَاسُ بِذَوَاتِ الْأَسْبَابِ الْمُقَيَّدَةِ، وَبِأَنَّ مَا هُنَا بَابُ اتِّبَاعٍ. وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الْكُسُوفِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ فَهُوَ مِنْ حَيْثُ وُجُودُ الْجَهْرِ أَوْ الْإِسْرَارِ لَا مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِمَا مَثَلًا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ الْمُوَالَاةُ) وَقِيَاسُ الصَّلَاةِ وُجُوبُهَا عَلَى صَاحِبِ الضَّرُورَةِ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَنْزِلِ، وَإِنْ كَانَتَا نَافِلَةً ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ فِعْلَهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهِمَا فِي الْكَعْبَةِ زَادَهَا اللَّهُ شَرَفًا، وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ أَطْلَقُوا أَنَّ النَّفَلَ دَاخِلَهَا أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ. تَنْبِيهٌ: أَفَادَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الصَّلَاةَ إلَى جِهَةِ الْبَابِ الشَّرِيفِ، أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مُرَادَهُ مَا عَدَا نَفْسَ الْحِجْرِ، فَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إنْ لَمْ يَفْعَلْهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ يَفْعَلْهُمَا فِي الْحِجْرِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلَا يُرَدُّ عَلَى الشَّيْخِ، لِأَنَّ الَّذِي فِي الْحِجْرِ فِي الْبَيْتِ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ أَفْضَلُ إلَى جِهَةٍ مِنْ الْبَيْتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: وَفِي قَوْلٍ «تَجِبُ الْمُوَالَاةُ أَيْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهَا. وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ثُمَّ مَحَلُّ الْوُجُوبِ الطَّوَافُ الْمَفْرُوضُ، وَيَصِحُّ السَّعْيُ قَبْلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 الْآيَةَ آمِرَةٌ بِهَا وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَعُورِضَ بِمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَشْهُورِ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ: «لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَعَلَى الْوُجُوبِ يَصِحُّ الطَّوَافُ بِدُونِهَا، وَلَا يُجْبَرُ تَرْكُهَا بِدَمٍ. تَتِمَّةٌ: لَا تَجِبُ النِّيَّةُ فِي الطَّوَافِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ نِيَّةَ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ تَشْمَلُهُ نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَصْرِفَهُ إلَى غَرَضٍ آخَرَ كَطَلَبِ غَرِيمٍ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ نَامَ فِيهِ عَلَى هَيْئَةٍ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ صَحَّ طَوَافُهُ فِي الْأَصَحِّ، أَمَّا الطَّوَافُ فِي غَيْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ نِيَّةٍ بِلَا خِلَافٍ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَلَوْ حَمَلَ الْحَلَالُ مُحْرِمًا) لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَطَافَ بِهِ حُسِبَ) الطَّوَافُ (لِلْمَحْمُولِ وَكَذَا لَوْ حَمَلَهُ مُحْرِمٌ قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ قَصَدَهُ لِلْمَحْمُولِ فَلَهُ) وَيُنَزَّلُ الْحَامِلُ مَنْزِلَةَ الدَّابَّةِ، وَهَذَا مُخَرَّجٌ عَلَى اشْتِرَاطِ أَنْ لَا يُصْرَفَ الطَّوَافُ إلَى غَرَضٍ آخَرَ وَالثَّانِي يَقَعُ الطَّوَافُ لِلْحَامِلِ وَهُوَ مُخَرَّجٌ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ مَا ذُكِرَ، وَالثَّالِثُ يَقَعُ لَهُمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا دَارَ وَالْآخَرُ دِيرَ بِهِ (وَإِنْ قَصَدَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لَهُمَا فَلِلْحَامِلِ فَقَطْ) قَالَهُ الْإِمَامُ وَحُكِيَ اتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى. وَحَكَى الْبَغَوِيّ فِي الثَّانِيَةِ   [حاشية قليوبي] نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَصْرِفَهُ) أَيْ إلَى غَيْرِ الطَّوَافِ كَمَا مَثَّلَهُ الشَّارِحُ، أَمَّا لَوْ صَرَفَهُ لِطَوَافٍ آخَرَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا فَلَا يَنْصَرِفُ بَلْ يَقَعُ عَمَّا عَلَيْهِ إلَّا فِي صُورَةِ الْمَحْمُولِ الْآتِيَةِ. وَلَوْ صَرَفَهُ عَنْ الطَّوَافِ وَغَيْرِهِ فَالْقِيَاسُ وُقُوعُهُ عَمَّا عَلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ قَصَدَ بِهِ الطَّوَافَ وَغَيْرَهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ. وَأَمَّا الرَّمْيُ فَكَالطَّوَافِ فِيمَا ذُكِرَ لَكِنْ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الْمَحْمُولِ وَلَوْ بِالصَّرْفِ إلَيْهِ، وَتُجْزِئُ فِيهِ النِّيَابَةُ. وَأَمَّا الْوُقُوفُ وَالسَّعْيُ وَالْحَلْقُ فَلَا تَنْصَرِفُ وَلَا تُجْزِئُ فِيهِمَا النِّيَابَةُ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يَقْتَضِي صَرْفَ السَّعْيِ كَابْنِ حَجَرٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يُرَدُّ النَّائِبُ عَنْ الْمَعْضُوبِ لِأَنَّ الْحَجَّ مِنْ أَصْلِهِ وَاقِعٌ لَهُ فَتَأَمَّلْ. وَمِنْهُ صَغِيرٌ حَمَلَهُ وَلِيُّهُ أَوْ غَيْرُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ فِي غَيْرِ الْوَلِيِّ أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِهِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ رَكِبَ دَابَّةً فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ قَائِدًا لَهُ أَوْ سَائِقًا. وَخَرَجَ بِالْحَمْلِ مَا لَوْ وَضَعَهُ عَلَى نَحْوِ خَشَبَةٍ وَجَذَبَهُ فَلَا تَعَلُّقَ لِطَوَافِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَمَلَ الْحَلَالُ مُحْرِمًا) أَوْ الْمُحْرِمُ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ فِي كُلٍّ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (وَطَافَ بِهِ) خَرَجَ السَّعْيُ وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ وَمِنَى فَيَقَعُ فِي السَّعْيِ لِلْحَامِلِ مُطْلَقًا، وَفِي الْوُقُوفِ لَهُمَا مَعًا مُطْلَقًا، وَمِثْلُهُ الْمَبِيتُ. قَوْلُهُ: (حَسَبَ إلَخْ) وَشَرْطُ مَنْ يَقَعُ لَهُ الطَّوَافُ وُجُودُ شُرُوطِهِ فِيهِ مِنْ سَتْرٍ وَغَيْرِهِ. وَلَوْ صَرَفَهُ الْحَامِلُ لِغَيْرِ الطَّوَافِ كَطَلَبِ غَرِيمٍ لَمْ يَقَعْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (إنْ قَصَدَهُ لِلْمَحْمُولِ فَلَهُ) قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ صَرَفَهُ الْمَحْمُولُ لِلْحَامِلِ لَمْ يَقَعْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيُنَزَّلُ الْحَامِلُ مَنْزِلَةَ الدَّابَّةِ) أَيْ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِدَلِيلِ وُقُوعِهِ لَهُ بِخِلَافِهَا إذْ لَا قَصْدَ لَهَا. وَلَوْ تَعَدَّدَ الْحَامِلُ وَقَصَدَهُ وَاحِدٌ لِنَفْسِهِ وَآخَرُ لِلْمَحْمُولِ لَمْ يَقَعْ لِلْمَحْمُولِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَهُمَا) عُلِمَ   [حاشية عميرة] الرَّكْعَتَيْنِ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (وَعُورِضَ بِمَا فِي إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ تَتَوَقَّفُ الْمُعَارَضَةُ عَنْ تَأَخُّرِ تَارِيخِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَيْضًا اُنْظُرْ هَلْ تَعَارُضُ ذَيْنِ مِنْ تَعَارُضِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ فَيَكُونُ الْخَاصُّ مَخْصُوصًا أَمْ لَا؟ أَقُولُ إنْ كَانَتْ السُّورَةُ مَكِّيَّةً وَقَوْلُهُ لِلْأَعْرَابِيِّ فِي سَنَةِ الْوُفُودِ وَهِيَ السَّنَةُ التَّاسِعَةُ فَالْحَدِيثُ خَاصٌّ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَعَارُضِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، بَلْ قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَيْك غَيْرُهَا إخْبَارٌ لَا يُمْكِنُ صُدُورُهُ، وَالصَّلَوَاتُ الْوَاجِبَةُ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (تَتِمَّةٌ لَا تَجِبُ النِّيَّةُ فِي الطَّوَافِ فِي الْأَصَحِّ) هَذَا الْخِلَافُ يَجْرِي فِي غَيْرِهِ كَالرَّمْيِ وَالْوُقُوفِ وَنَحْوِهِمَا. قَوْلُهُ: (أَمَّا الطَّوَافُ فِي غَيْرِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ) ظَاهِرُ هَذَا دُخُولُ طَوَافِ الْقُدُومِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْقُدُومَ كَالرُّكْنِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ وَلَكِنَّهُ الْقِيَاسُ، لِأَنَّ الْإِحْرَامَ شَمِلَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، وَتَوَقَّفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ التَّامِّ. ثُمَّ قَالَ: تَجِبُ نِيَّةٌ بِلَا شَكٍّ وَنَازَعَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ: الْقِيَاسُ تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ نِيَّةٍ) . فَرْعٌ: لَوْ نَوَى أُسْبُوعَيْنِ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَصِحَّ، فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ لَهَا تَحَلُّلًا بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ بِتَمَامِ السَّبْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ لِلطَّوَافِ الْآخَرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ حَمْلُ الْحَلَالِ مُحْرِمًا) أَيْ دَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حُسِبَ لِلْمَحْمُولِ) بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا نَوَاهُ لِلْمَحْمُولِ أَوْ أَطْلَقَ، وَعَلَيْهِ مَشَى شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ الطَّوَافِ الَّذِي شَمِلَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ قُدُومٍ وَرُكْنٍ كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ، ثُمَّ هَذِهِ الصُّورَةُ أَيْضًا يَأْتِي فِيهَا بَحْثُ ابْنِ الرِّفْعَةِ الْمَذْكُورُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 وَجْهَيْنِ فِي حُصُولِهِ لِلْمَحْمُولِ مَعَ الْحَامِلِ لِأَنَّهُ دَارَ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ وَاحِدًا مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَصَدَ نَفْسَهُ أَوْ كِلَيْهِمَا، أَيْ فَيَقَعُ لِلْحَامِلِ فَقَطْ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْحَلَالَ لَوْ نَوَى الطَّوَافَ لِنَفْسِهِ وَقَعَ لَهُ فَقَطْ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَوْ كَانَا مُحْرِمَيْنِ وَنَوَيَا الطَّوَافَ فَأَقُولُ أَصَحُّهَا وُقُوعُهُ عَنْ الْحَامِلِ فَقَطْ، لِأَنَّهُ الطَّائِفُ، وَالثَّانِي عَنْ الْمَحْمُولِ فَقَطْ، وَالْحَامِلُ كَالدَّابَّةِ، وَالثَّالِثُ عَنْهُمَا لِنِيَّتِهِمَا مَعَ الدَّوْرَانِ وَيُقَاسُ بِهِمَا الْجِلَالَانِ النَّاوِيَانِ، فَيَقَعُ لِلْحَامِلِ مِنْهُمَا فِي الْأَصَحِّ. فَصْلٌ: يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَصَلَاتِهِ اسْتِحْبَابًا (ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ بَابِ الصَّفَا لِلسَّعْيِ) بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَشَرْطُهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالصَّفَا وَأَنْ يَسْعَى سَبْعًا ذَهَابُهُ مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ مَرَّةً وَعَوْدُهُ مِنْهَا إلَيْهِ أُخْرَى) لِلِاتِّبَاعِ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَقَالَ: «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَأَنْ يَسْعَى بَعْدَ طَوَافِ رُكْنٍ أَوْ قُدُومٍ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ السَّعْيِ وَطَوَافِ الْقُدُومِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ) بِأَنْ يَسْعَى قَبْلَهُ لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَحَادِيثِ فِي هَذَا. وَفِي طَوَافِ الرُّكْنِ فِي   [حاشية قليوبي] مِنْهُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقَصْدِ الْمَحْمُولِ مَعَ قَصْدِ الْحَامِلِ تَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِنَفْسِهِ) أَيْ أَوْ لَهُمَا كَمَا فِي الْمُحْرِمِ. قَوْلُهُ: (وَنَوَيَا الطَّوَافَ) فَإِنْ نَوَاهُ الْمَحْمُولُ دُونَ الْحَامِلِ وَقَعَ لِلْمَحْمُولِ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْحَلَالَيْنِ. قَوْلُهُ: (كَالدَّابَّةِ) تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ السَّعْيِ وَشُرُوطِهِ وَمَا يُطْلَبُ فِيهِ قَوْلُهُ: (وَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ) وَيُقَبِّلُهُ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ مُحَاكَاةً لِلِابْتِدَاءِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْوَةِ) وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّفَا لِأَنَّهَا خِتَامٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَدْرُ الْمَسَافَةِ بَيْنَهُمَا بِذِرَاعِ الْيَدِ سَبْعُمِائَةٍ وَسَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَلِأَنَّ عَرْضَ الْمَسْعَى خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا فَأَدْخَلُوا بَعْضَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَالصَّفَا مِنْ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ، وَالْمَرْوَةُ مِنْ جَبَلِ قَيْنُقَاعَ. وَبَابُ الصَّفَا يُقَابِلُ مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ وَهُوَ خَمْسُ طَاقَاتٍ. قَوْلُهُ: (لِلِاتِّبَاعِ) وَمِنْ الِاتِّبَاعِ نَفْيُ الْجُنَاحِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] وَأَصْلُ نَفْيِهِ أَنَّ الصَّنَمَ الْمُسَمَّى إسَافًا كَانَ عَلَى الصَّفَا وَأَنَّ الصَّنَمَ الْمُسَمَّى نَائِلَةً كَانَ عَلَى الْمَرْوَةِ. وَكَانَ الْجَاهِلِيَّةُ إذَا سَعَوْا يَمْسَحُونَهُمَا فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ تَحَرَّجَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ السَّعْيِ لِذَلِكَ فَنَزَلَتْ الْآيَةُ. قَوْلُهُ: (أَبْدَأُ) هُوَ مُضَارِعٌ يَعُودُ ضَمِيرُهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ جَوَابٌ لِقَوْلِهِمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِمَاذَا تَبْدَأُ إذَا طُفْت؟ وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ: فَابْدَءُوا بِلَفْظِ الْأَمْرِ لِلْجَمَاعَةِ جَوَابًا لِقَوْلِهِمْ بِمَاذَا نَبْدَأُ إذَا طُفْنَا وَلَعَلَّ السُّؤَالَ تَعَدَّدَ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَسْعَى) أَيْ جَمِيعَ السَّعْيِ. وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَلَوْ أَخَّرَ بَعْضَهُ لِمَا بَعْدَ الْوُقُوفِ لَمْ يُحْسَبْ مَا فَعَلَهُ قَبْلَهُ أَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ طَوَافِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ السَّعْيُ كَمَكِّيٍّ أَرَادَ الْخُرُوجَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَطَافَ لِلْوَدَاعِ أَوْ طَافَ نَفْلًا ثُمَّ أَحْرَمَ وَأَرَادَ أَنْ يَسْعَى حِينَئِذٍ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ، وَإِنْ قَصَدَ الْخُرُوجَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ خَرَجَ بِالْفِعْلِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ الْمُحْرِمِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي إحْرَامِ الْمَكِّيِّ. وَمِمَّا يَأْتِي فِي الْخُرُوجِ إلَى مِنًى، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي الْمَعْرُوفِ وَقَدْ مَرَّ ضَبْطُهُ فَلَوْ سَقَّفَ وَطَافَ عَلَى سَقْفِهِ هَلْ يَكْفِيهِ؟ حَرِّرْهُ. وَفِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ الْعَبَّادِيِّ جَوَازُهُ. وَهَلْ يَكْفِي السَّعْيُ طَائِرًا؟ . قَوْلُهُ: (أَوْ قُدُومٍ) وَهُوَ أَفْضَلُ عِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ وَالْخَطِيبِ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنَّهُ بَعْدَ الرُّكْنِ أَفْضَلُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَسْعَى قَبْلَهُ) أَيْ الْوُقُوفِ وَتَقَدَّمَ جَوَازُ طَوَافِ الْقُدُومِ بَعْدَهُ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ لَكِنْ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَصَلَاتِهِ اسْتِحْبَابًا] فَصْلٌ: يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لِيَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ الِاسْتِلَامُ، كَمَا أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ ابْتَدَأَ بِهِ الِاسْتِلَامُ اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْ وَاهِنًا تَقْبِيلًا وَلَا سُجُودًا فَلَعَلَّ سَبَبَهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى السَّعْيِ. قَوْلُهُ: (بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ) اعْلَمْ أَنَّ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَا تَنْفِيهِ وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ» وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ طَوَافِ رُكْنٍ أَوْ قُدُومٍ) افْهَمْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَعْدَ طَوَافِ نَفْلٍ أَوْ وَدَاعٍ، وَلَوْ قَبْلَ الْوُقُوفِ كَمَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ طَافَ نَفْلًا أَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِحَاجَةٍ فَطَافَ لِلْوَدَاعِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 الْعُمْرَةِ وَيُقَاسُ بِهِ طَوَافُ الرُّكْنِ فِي الْحَجِّ (وَمَنْ سَعَى بَعْدَ) طَوَافِ (قُدُومٍ لَمْ يُعِدْهُ) لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «لَمْ يَطُفْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إلَّا طَوَافًا وَاحِدًا طَوَافُهُ الْأَوَّلُ أَيْ سَعْيُهُ» . وَفِي التَّنْزِيلِ {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] . وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ لَمْ تُسْتَحَبَّ إعَادَتُهُ بَعْدَ طَوَافِ الرُّكْنِ فَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكْرُوهَةٌ. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْقَى عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَدْرَ قَامَةٍ) لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقَى عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ وَأَنَّهُ فَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا» قَالَ الشَّيْخُ فِي التَّنْبِيهِ وَالْمَرْأَةُ لَا تَرْقَى. وَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يَرْقَ أَنْ يَلْصَقَ عَقِبَهُ بِأَصْلِ مَا يَذْهَبُ مِنْهُ، وَيَلْصَقَ رُءُوسَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ بِمَا يَذْهَبُ إلَيْهِ مِنْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (فَإِذَا رَقِيَ) بِكَسْرِ الْقَافِ (قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْلَانَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ دِينًا وَدُنْيَا. قُلْت وَيُعِيدُ الذِّكْرَ وَالدُّعَاءَ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . كَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ أَيْضًا إلَّا الدُّعَاءَ ثَالِثًا. وَزَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ السَّابِقِ بَعْدَ قَوْلِهِ «رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَ، وَقَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ قَالَ: هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» وَرَوَى النَّسَائِيّ يُحْيِي وَيُمِيتُ عَقِبَ وَلَهُ الْحَمْدُ (وَأَنْ يَمْشِيَ) عَلَى هَيِّنَتِهِ (أَوَّلَ السَّعْيِ وَآخِرَهُ وَيَعْدُوَ) أَيْ يَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا (فِي الْوَسَطِ) لِقَوْلِ جَابِرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ مَرَّاتٍ ثُمَّ نَزَلَ إلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إذَا   [حاشية قليوبي] لَا يَسْعَى بَعْدَهُ بَلْ بَعْدَ طَوَافِ الرُّكْنِ. كَذَا قَالُوهُ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَهُ السَّعْيُ وَيَكْفِيهِ عَنْ الرُّكْنِ. وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: نَعَمْ لَوْ لَمْ يَطُفْ لَمْ يَجُزْ لَهُ السَّعْيُ إلَّا بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ. وَإِنْ طَافَ قَبْلَ الْوُقُوفِ، فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ عَلَى هَذِهِ فَوَاضِحٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَسْعَى بَعْدُ غَيْرَ طَوَافِ الْقُدُومِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ) بَلْ تُكْرَهُ أَوْ تَحْرُمُ إنْ قَصَدَ بِهَا الْعِبَادَةَ لِأَنَّهَا فَاسِدَةٌ، وَقَدْ تُسْتَحَبُّ كَمَا فِي الْقَارِنِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ كَأَبِي حَنِيفَةَ. وَقَدْ تَجِبُ كَمَا لَوْ بَلَغَ أَوْ عَتَقَ بَعْدَهُ وَأَمْكَنَهُ إعَادَتُهُ بِأَنْ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَنُوزِعَ فِي الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (مَكْرُوهٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ لَا تَرْقَى) أَيْ إلَّا إنْ خَلَا الْمَحَلُّ مِنْ غَيْرِ الْمَحَارِمِ فَيُسْتَحَبُّ لَهَا الرُّقِيُّ، وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَالْوَاجِبُ إلَخْ) هَذَا بِحَسَبِ مَا كَانَ وَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ اسْتَتَرَ مِنْ الصَّفَا نَحْوُ ثَمَانِ دَرَجَاتٍ، وَمِنْ الْمَرْوَةِ نَحْوُ ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ، وَالْوُقُوفُ فَوْقَ ذَلِكَ يَكْفِي عَنْ الْإِلْصَاقِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا رَقِيَ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الرَّاقِي وَغَيْرُهُ الذَّكَرُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ فِي طَلَبِ الذِّكْرِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ بِمَا شَاءَ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهُ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ: اللَّهُمَّ إنَّك قُلْت اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، وَإِنَّك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَإِنِّي أَسْأَلُك كَمَا هَدَيْتنِي لِلْإِسْلَامِ أَنْ لَا تَنْزِعَهُ مِنِّي حَتَّى تَتَوَفَّانِي وَأَنَا مُسْلِمٌ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: بَيْنَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُكَرِّرْهُ، أَوْ الْمُرَادُ بَيْنَ كُلِّ مَرَّتَيْنِ مِنْ الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُكَرِّرُهُ ثَلَاثًا. وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ فَهُوَ أَوْلَى لِئَلَّا يَخْرُجَ الدُّعَاءُ عَقِبَ الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ، أَوْ لَفْظُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَدَعَا بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُوتِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَمْشِيَ) أَيْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ عَلَى الْأَكْمَلِ. قَوْلُهُ: (وَيَعْدُوَ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا يَقْصِدُ بِسَعْيِهِ لَعِبًا وَلَا مُسَابِقَةً لِغَيْرِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ سَعْيُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ أَنَّ السَّعْيَ لَا يَنْصَرِفُ كَالْوُقُوفِ   [حاشية عميرة] شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي التَّنْزِيلِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَيْ سَعْيُهُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكْرُوهَةٌ) اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَادَ بَيْنَ ذَلِكَ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمَّا يَفْرُغُ مِنْ هَذَا يَدْعُو ثُمَّ يُعِيدُ التَّكْبِيرَ ثُمَّ يَدْعُو وَهَكَذَا فَفِي لَفْظِ الشَّافِعِيِّ، وَدَعَا بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ بِمَا شَاءَ ثُمَّ وَجَدْت نَصَّ الْبُوَيْطِيِّ مُصَرِّحًا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْقُوتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يَمْشِيَ إلَخْ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّمَا جَارٍ تَرْكُ الْعَدِّ وَفِي مَحَلِّهِ، لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَشَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَقَالَ: إنْ مَشَيْت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى إذَا صَعِدَتَا مَشَى إلَى الْمَرْوَةِ (وَمَوْضِعُ النَّوْعَيْنِ) أَيْ الْمَشْيِ وَالْعَدْوِ (مَعْرُوفٌ) هُنَاكَ فَيَمْشِي حَتَّى يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِيلِ الْأَخْضَرِ الْمُعَلَّقِ بِرُكْنِ الْمَسْجِدِ عَلَى يَسَارِهِ قَدْرُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ فَيَعْدُو حَتَّى يَتَوَسَّطَ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ وَالْآخَرُ مُتَّصِلٌ بِدَارِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيَمْشِي حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمَرْوَةِ وَإِذَا عَادَ مِنْهَا إلَى الصَّفَا مَشَى فِي مَوْضِعِ مَشْيِهِ وَسَعَى فِي مَوْضِعِ سَعْيِهِ أَوَّلًا. وَالْمَرْأَةُ لَا تَسْعَى وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ فِي سَعْيِهِ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ وَأَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ مَرَّاتِ السَّعْيِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَيَجُوزُ فِعْلُهُ رَاكِبًا وَلَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ مَرَّاتِ السَّعْيِ أَوْ الطَّوَافِ أَخَذَ بِالْأَقَلِّ. وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ أَتَمَّهَا فَأَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِبَقَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْيَانُ بِهِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ. فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا خَرَجَ مَعَ الْحَجِيجِ (أَوْ مَنْصُوبِهِ) الْمُؤَمَّرِ عَلَيْهِمْ «وَقَدْ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمِيرًا عَلَى الْحَجِيجِ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ فِي سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ خُطْبَةً فَرْدَةً يَأْمُرُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ إلَى مِنًى وَيُعَلِّمُهُمْ مَا أَمَامَهُمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ) إلَى الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ الْآتِيَةِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «كَانَ رَسُولُ   [حاشية قليوبي] فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (انْصَبَّتْ) أَيْ نَزَلَتْ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَبْقَى بَيْنَهُ إلَخْ) لِأَنَّ هَذَا الْمَوْضِعَ كَانَ مَحَلَّ ذَلِكَ الْمَيْلِ فَلَمَّا رَمَاهُ السَّيْلُ لَصِقُوهُ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ فَقُدِّمَ عَنْ مُحَاذَاةِ مَحَلِّهِ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ لَا تَسْعَى) أَيْ لَا تَعْدُو وَلَوْ لَيْلًا فِي خَلْوَةٍ، وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ) أَيْ السَّاعِي وَلَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى فِي الْمَشْيِ وَالْعَدْوِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ) أَيْ بَلْ يُنْدَبُ فِيهِ كُلُّ مَا طُلِبَ فِي الطَّوَافِ مِنْ شَرْطِهِ أَوْ مَنْدُوبِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ فِعْلُهُ رَاكِبًا) وَتَقَدَّمَ فِي الطَّوَافِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (أَخَذَ بِالْأَقَلِّ) أَيْ إنْ كَانَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَفِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَإِلَّا لَزِمَهُ سَوَاءٌ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَصْلٌ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا يَطْلُبُ قَبْلَهُ وَفِيهِ وَمَا يَذْكُرُهُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَنْصُوبِهِ) قَالُوا وَنَصْبُهُ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَخْطُبَ) أَيْ بَعْدَ إحْرَامِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِمَكَّةَ) وَكَوْنُهُ عِنْدَ الْكَعْبَةِ أَوْ عِنْدَ بَابِهَا أَفْضَلَ، وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ الْحُجَّاجُ مَكَّةَ بَلْ تَوَجَّهُوا إلَى عَرَفَةَ مِنْ الْمِيقَاتِ مَثَلًا سُنَّ لِإِمَامِهِمْ الْخُطْبَةُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ) وَيُسَمَّى يَوْمَ الزِّينَةِ لِأَنَّهُمْ يُزَيِّنُونَ هَوَادِجَهُمْ لِأَجْلِ الْمَسِيرِ فِي غَدِهِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ) أَيْ أَدَاءً فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَأَتَتْ الْخُطْبَةُ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (خُطْبَةً) فَرْدَةً وَبِفَتْحِهَا الْمُحْرِمُ بِالتَّلْبِيَةِ وَالْحَلَالُ بِالتَّكْبِيرِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إنْ كَانَ فَقِيهًا أَنْ يَقُولَ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ؟ وَيَجِبُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا بِالْأَرْكَانِ الْخَمْسَةِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا. وَهَذِهِ أَوَّلُ   [حاشية عميرة] فَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ يَمْشِي، وَإِنْ سَعَيْت فَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ يَسْعَى وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الطَّهَارَةُ إلَخْ) اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» حَيْثُ خَصَّ الطَّوَافَ بِالنَّهْيِ، فَعُلِمَ أَنَّ السَّعْيَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْطِهِ ذَلِكَ كَالْوُقُوفِ. قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ. قَوْلُهُ: (أَخَذَ بِالْأَقَلِّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا لِأَنَّهُ فِي النُّسُكِ. [فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا خَرَجَ مَعَ الْحَجِيجِ أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ] فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْغَدِ وَإِلَى مِنًى) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الذَّهَابَ قَبْلَ الزَّوَالِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ غَدَا فُلَانٌ لِمَنْ ذَهَبَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَرَاحَ لِمَنْ ذَهَبَ بَعْدَهُ، وَهَذَا الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَفِيهِ قَوْلٌ بِأَنَّهُ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِمَكَّةَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُعَلِّمُهُمْ مَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ خَطَبَ النَّاسَ وَأَخْبَرَهُمْ بِمَنَاسِكِهِمْ» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيَوْمُ التَّرْوِيَةِ الْيَوْمُ الثَّامِنُ وَلَوْ كَانَ التَّتَابُعُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَطَبَ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (وَيَخْرُجُ بِهِمْ مِنْ الْغَدِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَإِنْ كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ فَقَبْلَ الْفَجْرِ (إلَى مِنًى وَيَبِيتُونَ بِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ قَصَدُوا عَرَفَاتٍ، قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَلَا يَدْخُلُونَهَا بَلْ يُقِيمُونَ بِنَمِرَةَ بِقُرْبِ عَرَفَاتٍ حَتَّى نُزُولِ الشَّمْسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ يَخْطُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ الزَّوَالِ خُطْبَتَيْنِ) لِلِاتِّبَاعِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ يُبَيِّنُ لَهُمْ فِي أُولَاهُمَا مَا أَمَامَهُمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ إلَى خُطْبَةِ يَوْمِ النَّحْرِ وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى إكْثَارِ الدُّعَاءِ وَالتَّهْلِيلِ بِالْمَوْقِفِ وَيُخَفِّفُهَا وَيَجْلِسُ بَعْدَ فَرَاغِهَا بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ، ثُمَّ يَقُومُ إلَى الثَّانِيَةِ وَيَأْخُذُ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ وَيُخَفِّفُهَا بِحَيْثُ يَفْرُغُ مِنْهَا مَعَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ. قِيلَ: مِنْ الْإِقَامَةِ وَقِيلَ: مِنْ الْأَذَانِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ، وَفِيهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (ثُمَّ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمْعًا) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْجَمْعُ لِلسَّفَرِ وَقِيلَ: لِلنُّسُكِ وَيَقْصُرُهُمَا أَيْضًا الْمُسَافِرُونَ بِخِلَافِ الْمَكِّيِّينَ وَتُفْعَلَانِ وَالْخُطْبَتَانِ قِيلَ: بِنَمِرَةَ وَالْجُمْهُورُ بِمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ   [حاشية قليوبي] خُطَبِ الْحَجِّ الْأَرْبَعِ. وَالثَّانِيَةُ يَوْمَ عَرَفَةَ بِمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالثَّالِثَةُ يَوْمَ الْعِيدِ وَالرَّابِعَةُ فِي ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَكُلُّهَا فُرَادَى وَبَعْدَ الصَّلَاةِ إلَّا الثَّانِيَةَ فِيهِمَا وَكُلُّهَا بَعْدَ الزَّوَالِ. قَوْلُهُ: (بِالْغُدُوِّ) أَيْ قَبْلَ الزَّوَالِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ لَفْظِ الْغُدُوِّ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ الْمُسَمَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ لِأَنَّهُمْ يَتَرَوَّوْنَ فِيهِ الْمَاءَ، وَيَأْمُرُ فِيهَا الْمُتَمَتِّعِينَ وَالْمَكِّيِّينَ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ وَبَعْدَ إحْرَامِهِمْ. وَهَذَا الطَّوَافُ مَنْدُوبٌ وَخَرَجَ بِالْمُتَمَتَّعِينَ وَالْمَكِّيِّينَ غَيْرُهُمْ مِنْ الْمُفْرِدِينَ وَالْقَارِنِينَ وَالْآفَاقِيِّينَ لِعَدَمِ تَحَلُّلِهِمْ وَعَدَمِ إقَامَتِهِمْ. قَوْلُهُ: (إلَى مِنًى) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ مُخَفَّفَةً عَلَى الْأَفْصَحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ضَمُّ الْمِيمِ خَطَأٌ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُنْيَةٍ أَيْ مَا يُتَمَنَّى وَهِيَ بِالْقَصْرِ وَتَذْكِيرُهَا أَغْلَبُ وَفِيهَا الصَّرْفُ وَعَدَمُهُ. وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا يُمْنَى أَيْ يُرَاقُ فِيهَا مِنْ الدِّمَاءِ. وَهِيَ مَا بَيْنَ وَادِي مُحَسِّرٍ وَأَسْفَلِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِأَنَّ الْجَمْرَةَ لَيْسَتْ مِنْهَا. وَذَلِكَ سَبْعَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَمِائَتَا ذِرَاعٍ بِذِرَاعِ الْيَدِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ فَرْسَخٌ، وَكَذَا مِنْهَا إلَى مُزْدَلِفَةَ، وَكَذَا مِنْهَا إلَى عَرَفَاتٍ. قَوْلُهُ: (إلَى الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ) هَذَا قَيْدٌ لِمَا هُوَ الْأَقَلُّ وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَذْكُرَ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ مَا أَمَامَهُمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ إلَى آخِرِ تَمَامِ الْحَجِّ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ) فَلَا يَكْفِي خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ عَنْهَا، وَإِنْ تَعَرَّضَ لَهَا فِيهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ) وَالْأَوْلَى عِنْدَ الضُّحَى كَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (إلَى مِنًى) فَيُصَلُّونَ فِيهَا الظُّهْرَ وَمَا بَعْدَهَا، وَيُنْدَبُ الْمَشْيُ فِي جَمِيعِ الْمَنَاسِكِ. قَوْلُهُ: (وَيَبِيتُونَ) عَطْفٌ عَلَى يَخْطُبُ فَهُوَ مَنْدُوبٌ وَمِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْ إيقَادِ الشُّمُوعِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ. قَوْلُهُ: (طَلَعَتْ الشَّمْسُ) أَيْ أَشْرَقَتْ عَلَى ثَبِيرٍ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ جَبَلٌ كَبِيرٌ بِمُزْدَلِفَةَ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ إلَى عَرَفَةَ وَيَذْهَبُونَ إلَى عَرَفَةَ مِنْ طَرِيقِ ضَبٍّ، وَهُوَ جَبَلٌ مُطِلٌّ عَلَى مِنًى وَيَعُودُونَ مِنْ طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ وَهُمَا جَبَلَانِ بَيْنَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ ضَيِّقٌ هِيَ الْمَأْزِمُ لُغَةً كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِنَمِرَةَ) بِفَتْحِ النُّونِ مَعَ كَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِهَا وَبِكَسْرِ النُّونِ مَعَ إسْكَانِ الْمِيمِ مَوْضِعٌ يُنْدَبُ الْغُسْلُ فِيهِ لِلْوُقُوفِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَذَانِ) الْمُرَادُ بِهِ الْإِقَامَةُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. وَبِهِ يَزُولُ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَيَزُولُ مَا قِيلَ: إنَّ الْأَذَانَ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ فَيَفُوتُ الْمَقْصُودُ مِنْهَا، وَلَا حَاجَةَ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْخُطْبَةِ التَّعْلِيمُ، وَقَدْ حَصَلَ بِالْخُطْبَةِ الْأُولَى. وَإِنَّمَا الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ ذِكْرٌ وَدُعَاءٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ) الْخَلِيلِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَمَنْ   [حاشية عميرة] أَمَامُهُمْ إلَخْ) وَيَأْمُرُهُمْ فِيهَا بِطَوَافِ الْوَدَاعِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْخَطِيبُ مُحْرِمًا افْتَتَحَ الْخُطْبَةَ بِالتَّلْبِيَةِ وَإِلَّا فَبِالتَّكْبِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنًى) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا يُمْنَى فِيهَا مِنْ الدِّمَاءِ أَيْ يُرَاقُ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ فَرْسَخٌ، وَكَذَا مِنْهَا إلَى الْمُزْدَلِفَةِ وَمِنْهَا إلَى عَرَفَاتٍ. وَقَوْلُهُ وَيَبِيتُونَ بِهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: هُوَ هَيْئَةٌ وَلَيْسَ بِنُسُكٍ يُجْبَرُ بِدَمٍ وَالْغَرَضُ مِنْهُ الِاسْتِرَاحَةُ لِلسَّيْرِ مِنْ الْغَدِ إلَى عَرَفَاتٍ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ سُنَّةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ يَخْطُبُ الْإِمَامُ إلَخْ) رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَزَلَ بِنَمِرَةَ حَتَّى إذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ، أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرَحَلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ أَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ رَكِبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتْ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الظُّهْرَ إلَخْ) وَيُسِرُّ فِيهِمَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَالْجَمْعُ لِلسَّفَرِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْقَصْرُ فَهُوَ لِلسَّفَرِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا صَرَّحَ الْأَصْحَابُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 وَصَدْرُهُ مِنْ عَرَفَةَ وَآخِرُهُ مِنْ عَرَفَةَ وَيُمَيِّزُ بَيْنَهُمَا صَخَرَاتٌ كِبَارٌ فُرِشَتْ هُنَاكَ. قَالَ الْبَغَوِيّ: وَصَدْرُهُ مَحَلُّ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ. (وَيَقِفُوا) أَيْ الْإِمَامُ أَوْ مَنْصُوبُهُ وَالنَّاسُ بَعْدَ الصَّلَاتَيْنِ (بِعَرَفَةَ إلَى الْغُرُوبِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَبَيْنَ هَذَا الْمَسْجِدِ مَوْقِفُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّخَرَاتِ نَحْوُ مِيلٍ (وَيَذْكُرُوا اللَّهَ تَعَالَى وَيَدْعُوهُ وَيُكْثِرُوا التَّهْلِيلَ) رَوَى التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْت: أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا. وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا، اللَّهُمَّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي» (فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ قَصَدُوا مُزْدَلِفَةَ وَأَخَّرُوا الْمَغْرِبَ لِيُصَلُّوهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ جَمْعًا) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ   [حاشية قليوبي] قَالَ إنَّهُ شَخْصٌ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ سُمِّيَ بِذَلِكَ وَهُوَ الَّذِي نُسِبَ إلَيْهِ بَابُ إبْرَاهِيمَ بِالْمَسْجِدِ فَقَدَّسَهَا، وَإِنْ تَبِعَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْفَضْلِ. قَوْلُهُ: (عُرَنَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَفَتْحِ النُّونِ وَلَيْسَتْ نَمِرَةَ وَلَا عُرَنَةَ مِنْ عَرَفَاتٍ وَلَا مِنْ الْحَرَمِ. قَوْلُهُ: (وَيَقِفُوا) عَطْفٌ عَلَى يَخْطُبُ فَهُوَ مَنْدُوبٌ وَسَيَأْتِي الْوَاجِبُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (بِعَرَفَةَ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ تَعَارَفَا فِيهَا بَعْدَ نُزُولِهِمَا مِنْ الْجَنَّةِ مُتَفَرِّقِينَ آدَم بِجَبَلِ سَرَنْدِيبَ وَحَوَّاءُ بِعَرَفَةَ. وَقِيلَ: لِأَنَّ جِبْرِيلَ عَرَّفَ إبْرَاهِيمَ الْمَنَاسِكَ فِيهَا. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَلَهَا حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا يَنْتَهِي إلَى جَادَّةِ طَرِيقِ الشَّرْقِ وَالثَّانِي إلَى حَافَّاتِ الْجَبَلِ الَّذِي وَرَاءَهَا، وَالثَّالِثُ إلَى الْبَسَاتِينِ الَّتِي عِنْدَ الْقَرْيَةِ الَّتِي تُرَى مِنْ عَرَفَاتٍ، وَالرَّابِعُ إلَى وَادِي عُرَيْنَةَ بِالنُّونِ وَجَبَلِ الرَّحْمَةِ فِي وَسَطِهَا وَعَلَامَتُهَا مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ الْعَلَمَانِ الْمَشْهُورَانِ. وَمَا يَزْعُمُهُ الْعَوَامُّ فِيهِمَا مِنْ نُزُولِ حَوَّاءَ عَلَيْهِمَا، وَمِنْ فَضِيلَةِ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ مِنْ بَيْنَهُمَا فَمِنْ خُرَافَاتِهِمْ وَمَسَافَتُهَا مِنْ بَابِ السَّلَامِ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ ذِرَاعٍ وَأَرْبَعُونَ أَلْفِ ذِرَاعٍ وَاثْنَانِ وَثَمَانُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْيَدِ. قَوْلُهُ: (إلَى الْغُرُوبِ) أَيْ عَقِبَهُ بِزَوَالِ الصُّفْرَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَوْقِفُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) الْمَشْهُورُ بِمَوْقِفِ الْمَحَامِلِ أَفْضَلُ مَحَلٍّ بِهَا لِلدُّعَاءِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ أَسْفَلُ جَبَلِ الرَّحْمَةِ الَّذِي بِوَسَطِ عَرَفَاتٍ. وَلَيْسَ لِلْوُقُوفِ عَلَى هَذَا الْجَبَلِ فَضِيلَةٌ، بَلْ قِيلَ بِكَرَاهَتِهِ كَبَقِيَّةِ جِبَالِ عَرَفَةَ. وَهَذَا لِلرِّجَالِ وَبَعْدَهُمْ الصَّبِيَّانِ، وَبَعْدَهُمْ الْخَنَاثَى وَبَعْدَهُمْ النِّسَاءُ إلَى حَاشِيَةِ عَرَفَةَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَالْأَفْضَلُ الْوُقُوفُ رَاكِبًا لِأَنَّهُ أَعْوَنُ. قَوْلُهُ: (وَيَدْعُوهُ) أَيْ اللَّهَ تَعَالَى وَمِنْ مَأْثُورِ الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ كَاَلَّذِي نَقُولُ وَخَيْرًا مِمَّا نَقُولُ. وَيُنْدَبُ أَنْ يُكَرِّرَ كُلَّ ذِكْرٍ وَدُعَاءٍ ثَلَاثًا وَأَنْ يَفْتَتِحَهُ وَيَخْتَتِمَهُ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ التَّلْبِيَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ خُصُوصًا سُورَةَ الْحَشْرِ لِأَثَرٍ وَرَدَ فِيهَا، وَأَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ وَلَا يُجَاوِزُ بِهِمَا رَأْسَهُ وَأَنْ لَا يُفْرِطَ فِي الْجَهْرِ بِالدُّعَاءِ وَغَيْرِهِ وَأَنْ لَا يَسْتَظِلَّ بَلْ يَبْرُزُ لِلشَّمْسِ إلَّا لِعُذْرٍ وَأَنْ يَكُونَ فِي جِهَةِ ذَلِكَ مُسْتَقِلًّا مُتَطَهِّرًا مَسْتُورًا رَاكِبًا خَاشِعًا بَاكِيًا أَوْ مُتَبَاكِيًا، وَأَنْ يَحْذَرَ الْمُشَاتَمَةَ وَالْمُخَاصَمَةَ وَانْتِهَارَ السَّائِلِ وَاحْتِقَارَ أَحَدٍ وَكَثْرَةَ الْكَلَامِ. فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ: وَلَا بَأْسَ بِالتَّعْرِيفِ بِغَيْرِ عَرَفَةَ إنْ خَلَا عَنْ نَحْوِ اخْتِلَاطِ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ. قَوْلُهُ: (قَصَدُوا) أَيْ مِنْ طَرِيقِ   [حاشية عميرة] - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَالْمُرَادُ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا، فَقَدْ ذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَقْصُرُونَ. قَوْلُهُ: (وَيَقْصُرُهُمَا أَيْضًا الْمُسَافِرُونَ) وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ وَإِنَّ الْخَارِجَ مِنْ مَكَّةَ إلَى وَطَنِهِ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ إلَيْهَا لِلطَّوَافِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَالْمُسْتَوْطِنُ بِهَا إذَا خَرَجَ قَاصِدًا السَّفَرَ إلَى مِصْرَ مَثَلًا يُعْتَبَرُ فِيهِ عَدَمُ الْعَوْدِ كَمَا لَا يَخْفَى، لِأَنَّهَا وَطَنُهُ وَنِيَّةُ الْعَوْدِ إلَيْهِ دَوَامًا قَاطِعَةٌ. فَكَيْفَ بِهَا ابْتِدَاءً هَكَذَا ظَهَرَ لِي، وَلَمْ أَرَهُ مَسْطُورًا وَقَدْ حَدَثَ الْآنَ إقَامَتُهُمْ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْمَنَاسِكِ أَيَّامًا، وَذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ قَصْرِ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَقِفُوا) مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى يَخْطُبُ فَاقْتَضَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ مَعَ أَنَّهُ رُكْنٌ، وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ إلَى الْغُرُوبِ سَهَّلَ ذَلِكَ. نَعَمْ قَضِيَّةُ الْعَطْفِ إفْرَادُ الضَّمِيرِ، وَلَكِنَّ جَمْعَهُ بِالنَّظَرِ إلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ. تَنْبِيهٌ: أَهْمَلَ الْمُصَنِّفُ الْغُسْلَ لِهَذَا الْمَوْقِفِ وَلِلْمَشْعَرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، لِكَوْنِهِ ذَكَرَهُ فِيمَا سَبَقَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَدْعُوهُ) مِنْ مُسْتَحْسَنِ الدُّعَاءِ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ: اللَّهُمَّ إنَّك تَسْمَعُ كَلَامِي وَتَرَى مَكَانِي وَتَعْلَمُ سِرِّي وَعَلَانِيَتِي وَلَا يَخْفَى عَلَيْك شَيْءٌ مِنْ أَمْرِي، أَسْأَلُك مَسْأَلَةَ الْمِسْكِينِ، وَأَبْتَهِلُ إلَيْك ابْتِهَالَ الذَّلِيلِ، وَأَدْعُوك دُعَاءَ الْخَائِفِ الضَّرِيرِ، دُعَاءَ مَنْ خَضَعَتْ لَك رَقَبَتُهُ، وَفَاضَتْ عَبْرَتُهُ وَذَلَّ لَك جَسَدُهُ، وَرَغِمَ لَك أَنْفُهُ اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي بِدُعَائِك شَقِيًّا وَكُنْ بِي رَءُوفًا رَحِيمًا، يَا خَيْرَ الْمَسْئُولِينَ وَيَا خَيْرَ الْمُعْطِينَ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَخَّرُوا الْمَغْرِبَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: نَقْلًا عَنْ الْإِمْلَاءِ: إنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ قَصَدَ الْمَصِيرَ إلَيْهَا حَالًّا وَإِلَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 الشَّيْخَانِ. وَالْجَمْعُ لِلسَّفَرِ وَقِيلَ: لِلنُّسُكِ وَيَذْهَبُونَ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ فَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً أَسْرَعَ (وَوَاجِبُ الْوُقُوفِ حُضُورُهُ) أَيْ الْمُحْرِمِ (بِجُزْءٍ مِنْ أَرْضِ عَرَفَاتٍ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَقَفْت هَاهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَإِنْ كَانَ مَارًّا فِي طَلَبِ آبِقٍ وَنَحْوِهِ) كَدَابَّةٍ شَارِدَةٍ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُكْثُ وَلَا أَنْ لَا يَصْرِفَهُ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى قَالَ الْإِمَامُ: وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ الْخِلَافَ السَّابِقَ فِي صَرْفِ الطَّوَافِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الطَّوَافَ قُرْبَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (بِشَرْطِ كَوْنِهِ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ لَا مُغْمًى عَلَيْهِ) فَلَا يُجْزِئُهُ وَلَا السَّكْرَانَ وَلَا الْمَجْنُونَ وَقِيلَ يُجْزِئُهُمْ (وَلَا بَأْسَ بِالنَّوْمِ) الْمُسْتَغْرِقِ. وَقِيلَ: يَضُرُّ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا عَرَفَةُ أَجْزَأَهُ وَقِيلَ: لَا (وَوَقْتُ الْوُقُوفِ مِنْ الزَّوَالِ يَوْمَ عَرَفَةَ) وَقِيلَ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَانِ إمْكَانِ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ الزَّوَالِ (وَالصَّحِيحُ بَقَاؤُهُ إلَى الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ) وَالثَّانِي لَا يَبْقَى إلَى ذَلِكَ بَلْ يَخْرُجُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ. وَالثَّالِثُ يَبْقَى بِشَرْطِ تَقَدُّمِ الْإِحْرَامِ عَلَى لَيْلَةِ النَّحْرِ وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ حَدِيثُ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» . رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَلَيْلَةُ جَمْعٍ هِيَ لَيْلَةُ الْمُزْدَلِفَةِ (وَلَوْ وَقَفَ نَهَارًا ثُمَّ فَارَقَ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَعُدْ أَرَاقَ) مَعَ إدْرَاكِهِ الْوُقُوفَ (دَمًا اسْتِحْبَابًا) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) لِأَنَّهُ تَرَكَ نُسُكًا هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ الَّذِي فَعَلَهُ النَّبِيُّ فِي الْوُقُوفِ (وَإِنْ عَادَ) إلَى عَرَفَةَ (فَكَانَ بِهَا عِنْدَ الْغُرُوبِ فَلَا دَمَ) يُؤْمَرُ بِهِ   [حاشية قليوبي] الْمَأْزِمَيْنِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مُزْدَلِفَةَ) مِنْ الِازْدِلَافِ أَيْ الْقُرْبِ لِقُرْبِ الْحَاجِّ فِيهَا مِنْ مِنًى أَوْ لِقُرْبِهَا مِنْ عَرَفَةَ، وَتُسَمَّى جَمْعًا بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمِيمِ لِاجْتِمَاعِ الْحَاجِّ فِيهَا، وَهِيَ مَا بَيْنَ الْمَأْزِمَيْنِ وَوَادِي مُحَسِّرٍ. قَوْلُهُ: (لِيُصَلُّوهَا) أَيْ بَعْدَ إنَاخَةِ جِمَالِهِمْ وَقَبْلَ حَطِّ رِحَالِهِمْ نَعَمْ إنْ خَافُوا خُرُوجَ وَقْتِ اخْتِيَارِ الْعِشَاءِ صَلَّوْا فِي الطَّرِيقِ. وَيُنْدَبُ لَهُمْ صَلَاةُ الرَّوَاتِبِ لَا النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَرْضِ عَرَفَاتٍ) قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ عَلَى قِطْعَةٍ نُقِلَتْ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا فَرَاجِعْهُ. وَخَرَجَ بِأَرْضِهَا هَوَاؤُهَا كَنَحْوِ سَحَابٍ أَوْ غُصْنِ شَجَرَةٍ أَصْلُهَا خَارِجٌ عَنْهَا أَوْ عَكْسُهُ فَلَا يَكْفِي، فَلَوْ وَقَفَ عَلَى غُصْنٍ فِي هَوَائِهَا وَأَصْلُهُ فِي أَرْضِهَا كَفَى لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ هُنَا بِالْأَرْضِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا فِي الِاعْتِكَافِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَتَقَدَّمَ الِاكْتِفَاءُ هُنَا بِالرُّكُوبِ عَلَى دَابَّةٍ. قَوْلُهُ: (مَارًّا) أَيْ لَا طَائِرًا كَمَا مَرَّ. وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّ الْوُقُوفَ لَا يَنْصَرِفُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ نَفَاهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ) وَتَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ لِلْمُبَاشَرَةِ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُجْزِئُهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُفِقْ مِنْ إغْمَائِهِ لَحْظَةً. وَلَا يَبْنِي الْوَلِيُّ عَلَى فِعْلِهِ فَلَا يَقَعُ حَجُّهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا السَّكْرَانَ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ، وَلَيْسَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَهُوَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فِيمَا ذُكِرَ فَإِنْ كَانَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَحَجُّهُ صَحِيحٌ أَوْ زَالَ عَقْلُهُ فَكَالْمَجْنُونِ، وَحُكْمُهُ أَنْ يَبْنِيَ الْوَلِيُّ عَلَى فِعْلِهِ لِأَنَّ لَهُ الْإِحْرَامُ عَنْهُ ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ. وَيَقَعُ حَجُّهُ نَفْلًا. وَكَذَا السَّكْرَانُ إنْ زَالَ عَقْلُهُ وَأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ وُقُوفُهُ وَلَا يَقَعُ حَجُّهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا إنْ لَمْ يُفِقْ لَحْظَةً. وَكَذَا السَّكْرَانُ إنْ لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الزَّوَالِ) وَجَوَّزَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَيْلَةُ جَمْعٍ إلَخْ) رُدَّ بِهِ عَلَى مَنْ قَالَ لَيْلَةُ جَمْعٍ لَيْلَةُ التَّاسِعِ، فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِ اللَّيْلِ سَابِقَ النَّهَارِ. قَوْلُهُ: (خُرُوجًا إلَخْ) وَهُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -،   [حاشية عميرة] فَيُقَدِّمُهَا وَنُوزِعَ أَيْ بِدَلَالَةِ النَّصِّ كَمَا فِي النُّكَتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ كَانَ مَارًّا فِي طَلَبِ آبِقٍ) أَشَارَ بِالْمُرُورِ إلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُكْثِ، وَبِطَلَبِ الْآبِقِ إلَى أَنَّ الصَّرْفَ لِغَرَضٍ آخَرَ لَا يَضُرُّ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَمْ يُجْرُوا فِيهِ الْخِلَافَ فِي صَرْفِ الطَّوَافِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الطَّوَافَ قُرْبَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ هَذِهِ الْحَاشِيَةُ سَطَرْتهَا قَبْلَ رُؤْيَةِ مَا فِي الشَّرْحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ) قَالَ الْأَصْحَابُ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لَهَا أَيْضًا عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْحَلْقِ وَقِيَاسُ كَوْنِهِ نُسُكًا الِاشْتِرَاطُ قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَضُرُّ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلَّ رُكْنٍ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بَعْدَ مُضِيِّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ سَاقَ حَدِيثًا صَحِيحًا عَنْ عُرْوَةَ الطَّائِيِّ، يَدُلُّ عَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدْ قَالَ: فَإِنْ تَمَسَّكْنَا بِالْحَدِيثِ لَزِمَنَا ذَلِكَ، وَإِنْ تَمَسَّكْنَا بِالْفِعْلِ وَجَعَلْنَاهُ مُبَيِّنًا لِلْمُرَادِ مِنْ النَّهَارِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ، لَزِمَنَا أَنْ نَعْتَبِرَ إمْكَانَ الصَّلَاةِ كَصَلَاةِ الْعِيدِ لِلْأُضْحِيَّةِ فَالْقَوْلُ بِالزَّوَالِ خُرُوجٌ عَنْ الدَّلِيلَيْنِ مَعًا انْتَهَى. وَلَك أَنْ تَقُولَ مِنْ شَأْنِ الْخُطْبَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَيْءٍ أَنْ تَكُونَ فِي وَقْتِ ذَلِكَ الشَّيْءِ. قَوْلُهُ: (وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 (وَكَذَا إنْ عَادَ لَيْلًا فِي الْأَصَحِّ) وَرُجِّحَ الْقَطْعُ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَالثَّانِي يَجِبُ الدَّمُ لِأَنَّ النُّسُكَ الْوَارِدَ الْجَمْعُ بَيْنَ آخِرِ النَّهَارِ وَأَوَّلِ اللَّيْلِ وَقَدْ فَوَّتَهُ. وَالْخِلَافُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْوُجُوبِ فِي عَدَمِ الْعَوْدِ (وَلَوْ وَقَفُوا الْيَوْمَ الْعَاشِرَ غَلَطًا) لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ التَّاسِعُ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ ذِي الْقَعْدَةِ فَأَكْمَلُوهُ ثَلَاثِينَ ثُمَّ بَانَ أَنَّ الْهِلَالَ أَهَلَّ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ. إمَّا فِي أَثْنَاءِ الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ (أَجْزَأَهُمْ) وُقُوفُهُمْ (إلَّا أَنْ يَقِلُّوا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ) فِي الْحَجِيجِ (فَيَقْضُونَ) هَذَا الْحَجَّ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي قَضَائِهِمْ مَشَقَّةٌ عَامَّةٌ، وَالثَّانِي لَا يَقْضُونَ لِأَنَّهُمْ لَا يَأْمَنُونَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ بَانَ الْأَمْرُ قَبْلَ الزَّوَالِ مِنْ الْعَاشِرِ فَوَقَفُوا بَعْدَهُ، قَالَ فِي التَّهْذِيبِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ لَا يُجْزِئُهُمْ لِأَنَّهُمْ وَقَفُوا عَلَى يَقِينِ الْفَوَاتِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّ عَامَّةَ الْأَصْحَابِ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الْعَاشِرِ وَهُمْ بِمَكَّةَ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ حُضُورِ الْمَوْقِفِ بِاللَّيْلِ يَقِفُونَ مِنْ الْغُدُوِّ، وَيُحْسَبُ لَهُمْ كَمَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ الْغُرُوبِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ. نَصَّ عَلَى أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ مِنْ الْغَدِ الْعِيدَ فَإِذَا لَمْ نَحْكُمْ بِالْفَوَاتِ بِقِيَامِ الشَّهَادَةِ لَيْلَةَ الْعَاشِرِ لَزِمَ مِثْلُهُ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَسَكَتَ عَلَى ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ وَقَفُوا الْيَوْمَ الْحَادِيَ عَشَرَ لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُمْ بِحَالٍ (وَإِنْ وَقَفُوا فِي) الْيَوْمِ (الثَّامِنِ وَعَلِمُوا قَبْلَ فَوْتِ الْوَقْتِ وَجَبَ الْوُقُوفُ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ عَلِمُوا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ فَوْتِ الْوُقُوفِ (وَجَبَ الْقَضَاءُ) لِهَذَا الْحَجِّ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَجِبُ كَمَا فِي الْغَلَطِ بِالتَّأْخِيرِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِسَابِ مِنْ   [حاشية قليوبي] وَيُوَافِقُهُ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ: (وَرَجَحَ الْقَطْعُ إلَخْ) فَالتَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ أَنْسَبُ. قَوْلُهُ: (غَلَطًا) حَالٌ مِنْ الْفَاعِلِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ كَوْنُهُ مَفْعُولًا لِأَجْلِهِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى. وَقَالَ شَيْخُنَا: بَلْ هُوَ مُتَعَيِّنٌ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَلَا يَضُرُّ فِيهِ فَقْدُ بَعْضِ شُرُوطِ الْمَفْعُولِ لَهُ كَمَا قِيلَ، وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ لِيَدْخُلَ مَا لَوْ ظَهَرَ لَهُمْ الْغَلَطُ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ فَوَقَفُوا بَعْدَ زَوَالِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُمْ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لِظَنِّهِمْ إلَى دَفْعِ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ التَّصْوِيرَ الْمَذْكُورَ جَهْلٌ لَا غَلَطٌ. قَوْلُهُ: (هِلَالُ ذِي الْقَعْدَةِ) أَيْ الْمُتَّصِلِ بِهَا، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ وَكَانَ الْأَصْوَبُ التَّعْبِيرَ بِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (أَجْزَأَهُمْ وُقُوفُهُمْ) أَيْ بَعْدَ زَوَالِ الْعَاشِرِ لَا قَبْلَهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ الْعَاشِرُ وَتَكُونُ لَيْلَةُ الْعِيدِ هِيَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَيُجْزِئُ الْوُقُوفُ فِيهَا وَلَا تَدْخُلُ أَعْمَالُ الْحَجِّ إلَّا بَعْدَ نِصْفِهَا. وَيَجِبُ مَبِيتُ مُزْدَلِفَةَ فِيهَا وَالْيَوْمُ الَّذِي بَعْدَهُ هُوَ يَوْمُ الْعِيدِ فَلَا تُجْزِئُ الْأُضْحِيَّةُ قَبْلَ طُلُوعِ شَمْسِهِ، وَيَحْرُمُ صَوْمُهُ، وَتَكُونُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةً بَعْدَهُ تُجْزِئُ الْأُضْحِيَّةُ فِيهَا وَيَحْرُمُ صَوْمُهَا. وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاجِّ دُونَ غَيْرِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ. نَعَمْ مَنْ رَأَى أَوْ أَخْبَرَهُ مَنْ رَأَى وَصَدَّقَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ وَحْدَهُ كَمَا فِي الصَّوْمِ. قَوْلُهُ: (قَالَ فِي التَّهْذِيبِ إلَخْ) هُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَالْمُعْتَمَدُ الْإِجْزَاءُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَسُكُوتُهُ فِي الرَّوْضَةِ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ارْتَضَاهُ. قَوْلُهُ: (يَقِفُونَ مِنْ   [حاشية عميرة] وَدَلِيلُ الثَّانِي هُوَ الْعَمَلُ. قَوْلُهُ: (وَرُجِّحَ الْقَطْعُ بِهِ) وَمِنْ ثَمَّ اعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمَ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ، ثُمَّ التَّعْبِيرُ بِالْأَصَحِّ دُونَ الصَّحِيحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (غَلَطًا) مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ فَتَشْمَلُ الْعِبَارَةُ مَا لَوْ انْكَشَفَ الْحَالُ قَبْلَ الزَّوَالِ، ثُمَّ وَقَفُوا عَلَى يَقِينِ الْفَوَاتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُعْرِبَ حَالًّا. قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَفْعُولَ لِأَجْلِهِ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُ مَعَ الْمُعَلَّلِ بِهِ فِي الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (لِظَنِّهِمْ) حَاوَلَ بِهِ تَصْحِيحَ إطْلَاقِ لَفْظِ الْغَلَطِ عَلَى التَّصْوِيرِ الْآتِي، لِيَدْفَعَ قَوْلَ الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّهُ يُسَمَّى جَهْلًا لَا غَلَطًا قَالَ: نَعَمْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ غَلِطُوا فِي الْحِسَابِ، وَهُوَ غَيْرُ مُغْتَفَرٍ فَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ الْحُكْمُ فِيهِ كَذَلِكَ، وَمَا الْحُكْمُ فِيهِ كَذَلِكَ لَا يَقْتَضِيهِ. قَوْلُهُ: (هِلَالُ ذِي الْقَعْدَةِ) عَبَّرَ غَيْرُهُ بِذِي الْحِجَّةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَأَمَّا عِبَارَةُ الشَّيْخِ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ نِسْبَتَهُ إلَيْهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تُطْلَبُ رُؤْيَتُهُ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْهَا، فَلَهُ بِهَا نَوْعُ ارْتِبَاطٍ مُصَحِّحٌ لِلْإِضَافَةِ أَوْ مُرَادُهُ أَنَّ هِلَالَهَا غُمَّ عَلَيْهِمْ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَوَّالٍ، فَأَكْمَلُوا عِدَّةَ شَوَّالٍ وَعِدَّةَ الْقَعْدَةِ، وَشَرَعُوا فِي الْحِجَّةِ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ ثُمَّ ثَبَتَ فِي التَّاسِعِ مِنْ الْحِجَّةِ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ فِي لَيْلَةِ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَوَّالٍ، فَيَكُونُ التَّاسِعُ عَاشِرًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَجْزَأَهُمْ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ. . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَقْضُونَ) أَيْ فَإِنَّهُمْ يَقْضُونَ وَلَا يَصِحُّ نَصْبُهُ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ وَقَفُوا قَبْلَ الزَّوَالِ يَوْمَ الْعَاشِرِ غَلَطًا، ثُمَّ انْكَشَفَ الْحَالُ قَبْلَ الزَّوَالِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْوُقُوفِ بَعْدَ الزَّوَالِ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ عَلَى ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ) صَحَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْإِجْزَاءَ ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ وَقَضِيَّةُ رَمَضَانَ عَدَمُ سَمَاعِهَا فَمَا الْفَرْقُ؟ . قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ. وَبِأَنَّ الْغَلَطَ بِالتَّقْدِيمِ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ لِغَلَطٍ فِي الْحِسَابِ أَوْ لِخَلَلٍ فِي الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِتَقْدِيمِ الْهِلَالِ. وَالْغَلَطُ بِالتَّأْخِيرِ قَدْ يَكُونُ بِالْغَيْمِ الْمَانِعِ مِنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلَوْ غَلِطُوا فِي الْمَكَانِ فَوَقَفُوا بِغَيْرِ عَرَفَةَ لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُمْ. فَصْلٌ: وَيَبِيتُونَ بِمُزْدَلِفَةَ لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ (وَمَنْ دَفَعَ مِنْهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَوْ قَبْلَهُ وَعَادَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا فِي النِّصْفِ الثَّانِي) بِأَنْ كَانَ بِهَا فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ فَقَطْ أَوْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِهَا أَصْلًا (أَرَاقَ دَمًا وَفِي وُجُوبِهِ الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ بِعَرَفَةَ عِنْدَ الْغُرُوبِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الدَّمِ بِتَرْكِ الْمَبِيتِ. وَقَالَ: لَوْ لَمْ يَحْضُرْ مُزْدَلِفَةَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَحَضَرَهَا سَاعَةً فِي النِّصْفِ الثَّانِي حَصَلَ الْمَبِيتُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ مُعْظَمُ اللَّيْلِ. (وَيُسَنُّ تَقْدِيمُ النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ إلَى مِنًى) لِيَرْمُوا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الزَّحْمَةِ. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ سَوْدَةَ أَفَاضَتْ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالدَّمِ وَلَا النَّفْرِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهَا» . وَرَوَيَا عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَنَا مِمَّنْ قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضِيَافَةِ أَهْلِهِ» : وَلَوْ انْتَهَى إلَى عَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَاشْتَغَلَ   [حاشية قليوبي] الْغَدِ) لَعَلَّهُ بَعْدَ الزَّوَالِ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَجِبُ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. قَوْلُهُ: (لِغَلَطٍ فِي الْحِسَابِ) وَهُوَ لَا عِبْرَةَ بِالْغَلَطِ بِسَبَبِهِ وَهَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ بِإِنْ غُمَّ إلَخْ. قَوْلُهُ: (لَوْ غَلِطُوا فِي الْمَكَانِ إلَخْ) هَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْعَاشِرَ إلَخْ لِأَنَّهُ زَمَانٌ. فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَمَا مَعَهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ صَرْفُهُ وَلَوْ عَنْ حَاصِلٍ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الدَّمِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ الْمَبِيتَ بِهَا وَاجِبٌ. قَوْلُهُ: (سَاعَةً) أَيْ لَحْظَةً وَلَوْ بِالْمُرُورِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ كَانَ طَالِبًا لِآبِقٍ مَثَلًا كَعَرَفَةَ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْمُرُورُ لَهَا فِي هَوَائِهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ مُعْظَمُ اللَّيْلِ) أَيْ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ يُسَمَّى مَبِيتًا، وَالْأَوَّلُ لَمْ يُوجِبْهُ لِكَوْنِهِ مَبِيتًا إذْ لَمْ يَرِدْ الْأَمْرُ بِالْمَبِيتِ هُنَا، وَإِنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِمْ لَا يُصَلُّونَهَا لِنَحْوِ رُبْعِ اللَّيْلِ فَخُفِّفَ عَلَيْهِمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْأَعْمَالِ الْكَثِيرَةِ. كَذَا اسْتَدَلُّوا بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ اعْتِبَارُ الْوُجُوبِ وَلَا النِّصْفُ الثَّانِي مِنْ اللَّيْلِ فَتَأَمَّلْهُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ جَمِيعُ النِّصْفِ الثَّانِي لَمْ يَضُرَّ فِي حَجِّهِ وَلَيْسَ هُوَ كَعَرَفَةَ لِمَا لَا يَخْفَى. قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ وَيَبِيتُونَ بِمُزْدَلِفَةَ] َ هِيَ مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ وَوَادِي مُحَسِّرٍ، وَكُلُّهَا مِنْ الْحَرَمِ وَتُسَمَّى جَمْعًا وَالسُّنَّةُ الِاغْتِسَالُ مِنْهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ لِلْوُقُوفِ بِهَا، وَلِلْعِيدِ كَمَا سَلَفَ وَذَهَبَ ابْنُ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ إلَى أَنَّ الْمَبِيتَ بِهَا رُكْنٌ وَالصَّحِيحُ وُجُوبُهُ فِي جُزْءٍ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي، وَكِفَايَةُ الْمُرُورِ فِيهِ لِعَرَفَاتٍ، وَيَدُلُّ لِعَدَمِ الرُّكْنِيَّةِ سُقُوطُهُ عَنْ الْمَعْذُورِينَ. قِيلَ: وَعِبَارَةُ الْكِتَابِ تَقْتَضِي اشْتِرَاطَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا قَبْلَ النِّصْفِ وَبَعْدَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي وُجُوبِهِ إلَخْ) نُظِرَ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ عَدَمُ ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ فِي هَذَا الْفَصْلِ، فَلَا يَهْتَدِي النَّاظِرُ إلَيْهِمَا. الثَّانِي: أَنَّ قَضِيَّتَهُ اسْتِحْبَابُ الدَّمِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُرَجَّحِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي سَاقَهُ الشَّارِحُ عَنْ الرَّوْضَةِ لَا يُفْهَمُ شَيْءٌ مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (حَصَلَ الْمَبِيتُ) أَيْ حَصَلَ مَا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الدَّمِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ مَبِيتًا. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ مُعْظَمُ اللَّيْلِ) هَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ لَا يَصِلُونَ الْمُزْدَلِفَةَ إلَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 بِالْوُقُوفِ عَنْ مَبِيتِ الْمُزْدَلِفَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ إلَى مَكَّةَ وَطَافَ لِلْإِفَاضَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ فَفَاتَهُ الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ. قَالَ الْقَفَّالُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِاشْتِغَالِهِ بِالطَّوَافِ قَالَ الْإِمَامُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَى تَرْكِ الْمَبِيتِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. (وَيَبْقَى غَيْرُهُمْ حَتَّى يُصَلُّوا الصُّبْحَ مُغَلِّسِينَ) بِهَا لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالتَّغْلِيسُ هُنَا أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا مِنْ بَاقِي الْأَيَّامِ لِيَتَّسِعَ الْوَقْتُ لِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْأَعْمَالِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ (ثُمَّ يَدْفَعُونَ إلَى مِنًى وَيَأْخُذُونَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ حَصَى الرَّمْيِ) قَالَ الْجُمْهُورُ: لَيْلًا. وَقَالَ الْبَغَوِيّ: بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْمَأْخُوذُ سَبْعُ حَصَيَاتٍ لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ وَقِيلَ: سَبْعُونَ حَصَاةً لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ غَدَاةَ يَوْمِ النَّحْرِ: الْتَقِطْ لِي حَصًى قَالَ فَلَقَطْت لَهُ حَصَيَاتٍ مِثْلَ حَصَى الْخَذْفِ» . وَهُوَ بِإِعْجَامِ الْخَاءِ وَالذَّالِ السَّاكِنَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُقَدَّمِينَ بِاللَّيْلِ يَأْخُذُونَ حَصَى الرَّمْيِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ أَيْضًا (فَإِذَا بَلَغُوا الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ) وَهُوَ جَبَلٌ فِي آخِرِ الْمُزْدَلِفَةِ يُقَالُ لَهُ قُزَحٌ بِضَمِّ الْقَافِ، وَبِالزَّايِ (وَقَفُوا) فَذَكَرُوا اللَّهَ تَعَالَى (وَدَعَوْا إلَى الْإِسْفَارِ) مُسْتَقْبِلِينَ الْكَعْبَةَ. رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا صَلَّى رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى عَلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى وَكَبَّرَ وَهَلَّلَ وَوَحَّدَ وَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا» (ثُمَّ يَسِيرُونَ فَيَصِلُونَ مِنًى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَيَرْمِي كُلُّ   [حاشية قليوبي] عَلَيْهِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ. وَكَذَا الَّتِي بَعْدَهَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دَمٌ. قَوْلُهُ: (لَوْ أَفَاضَ) أَيْ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَفَارَقَ مُزْدَلِفَةَ قَبْلَهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (قَالَ الْقَفَّالُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ، وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَمِثْلُ هَذَا مَنْ بَادَرَتْ إلَى الطَّوَافِ خَوْفَ طُرُوُّ نَحْوِ حَيْضٍ، وَجَمِيعُ أَعْذَارِ مِنًى تَأْتِي هُنَا. قَوْلُهُ (يَدْفَعُونَ) أَيْ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيُكْرَهُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْجُمْهُورُ لَيْلًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَأْخُوذُ سَبْعُ حَصَيَاتٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَحْسَنُ أَخْذُ حَصْوَةٍ زِيَادَةً خَشْيَةَ سُقُوطِ وَاحِدَةٍ مِنْهُ، وَيُسَنُّ أَنْ يَغْسِلَهَا وَلَا يُكْرَهُ أَخْذُهَا مِنْ بُقْعَةٍ مِنْ الْبِقَاعِ إلَّا مِنْ الْمَرْمَى أَوْ مِنْ مَحَلٍّ نَجِسٍ أَوْ مِنْ الْحِلِّ أَوْ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَيَحْرُمُ مِنْ وَقْفِ مَسْجِدٍ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ إلَخْ) هُوَ وَارِدٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ كَلَامَهُ يَشْمَلُهُ بِجَعْلِ يَأْخُذُونَ عَطْفًا عَلَى يَبِيتُونَ لَا عَلَى يَدْفَعُونَ فَتَأَمَّلْهُ. وَيُنْدَبُ لَهُمْ جَمِيعًا الِاشْتِغَالُ بِالتَّلْبِيَةِ لَا التَّكْبِيرُ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ. قَوْلُهُ: (الْمَشْعَرُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَفِيهِ لُغَةٌ شَاذَّةٌ بِكَسْرِهَا وَالْحَرَامُ بِمَعْنَى الْحَرَمِ لِأَنَّهُ مِنْهُ، وَهُوَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ شِعَارِ الدِّينِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ جَبَلٌ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَعِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ جَمِيعُ مُزْدَلِفَةَ. قَوْلُهُ: (فِي آخِرِ الْمُزْدَلِفَةِ) وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: بِأَوْسَطِهَا، وَقَدْ اسْتَبْدَلَ النَّاسُ عَنْهُ الْآنَ بِالْوُقُوفِ عَلَى بِنَاءٍ مُحْدَثٍ هُنَاكَ يَظُنُّونَهُ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنْ حَصَلَ بِهِ أَصْلُ السُّنَّةِ وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَقَفُوا) أَيْ عِنْدَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْوُقُوفِ بِغَيْرِهِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَمَنْ تَرَكَ الْوُقُوفَ مِنْ أَصْلِهِ. قَوْلُهُ: (الْقَصْوَاءَ) اسْمٌ لِنَاقَةٍ مِنْ إبِلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمَدِّ. وَقِيلَ بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ. وَنُسِبَ قَائِلُهُ   [حاشية عميرة] قَرِيبًا مِنْ رُبْعِ اللَّيْلِ، وَالدَّفْعُ بَعْدَ انْتِصَافِهِ جَائِزٌ. قَوْلُهُ: (وَالتَّغْلِيسُ إلَخْ) هِيَ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَاَلَّذِي أَفَادَتْهُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَأْخُذُونَ) ظَاهِرُهُ الْعَطْفُ عَلَى يَدْفَعُونَ، فَيَكُونُ قَاصِرًا عَلَى إفَادَةِ حُكْمِ أَخْذِ النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ وَمُقْتَضِيًا لَأَنْ يَكُونَ الْأَخْذُ نَهَارًا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْبَغَوِيّ وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ وَأَمَّا عَطْفُهُ عَلَى يَبِيتُونَ السَّابِقِ فَيُفِيدُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَدَعَوْا) مِنْهُ اللَّهُمَّ كَمَا أَوْقَفْتنَا فِيهِ وَأَرَيْتنَا إيَّاهُ وُفِّقْنَا لِذِكْرِك كَمَا هَدَيْتنَا، وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا كَمَا وَعَدْتنَا بِقَوْلِك، وَقَوْلُك الْحَقُّ {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} [البقرة: 198] إلَى قَوْلِهِ {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199] . وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ وَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ: كَانَ النَّاسُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا وَقَفُوا بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ يَبْتَهِلُ أَحَدُهُمْ، اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي إبِلًا اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي غَنَمًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ - وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ} [البقرة: 200 - 201] إلَى آخِرِ الْآيَةِ اللَّهُمَّ رَبَّ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بَلِّغْ رُوحَ مُحَمَّدٍ رَسُولِك أَزْكَى تَحِيَّةٍ، وَأَفْضَلَ سَلَامٍ وَاجْمَعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِي دَارِ السَّلَامِ بِرَحْمَتِك، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، اللَّهُمَّ احْفَظْ عَلَيَّ دِينِي، وَاجْعَلْ خَشْيَتك نُصْبَ عَيْنِي، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا خَيْرَ مَقْصُودٍ، يَا خَيْرَ مَدْعُوٍّ يَا خَيْرَ مَرْجُوٍّ يَا خَيْرَ مَسْئُولٍ يَا خَيْرَ مُعْطٍ، اللَّهُمَّ ذَلِّلْ نَفْسِي حَتَّى تَنْقَادَ لِطَاعَتِك، وَيَسِّرْ عَلَيْهَا الْعَمَلَ بِمَا يُقَرِّبُهَا إلَى رِضَاك وَاجْعَلْهَا مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِك، وَسُكَّانِ جَنَّتِك ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ يَسِيرُونَ) أَيْ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَرْمِي) أَفَادَتْ الْفَاءُ أَنَّ السُّنَّةَ الْمُبَادَرَةُ إلَى الرَّمْيِ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِحَيْثُ إنَّ الرَّاكِبَ لَا يَنْزِلُ حَتَّى يَرْمِيَ وَهُوَ رَاكِبٌ، وَعِبَارَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 شَخْصٍ حِينَئِذٍ سَبْعَ حَصَيَاتٍ إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الرَّمْيِ) لِأَخْذِهِ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ (وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى الْجَمْرَةَ يَعْنِي يَوْمَ النَّحْرِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ» (ثُمَّ يَذْبَحُ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ ثُمَّ يَحْلِقُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (أَوْ يُقَصِّرُ وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ) قَالَ تَعَالَى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ. قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: وَالْمُقَصِّرِينَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَتُقَصِّرُ الْمَرْأَةَ) وَلَا تُؤْمَرُ بِالْحَلْقِ رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ حَدِيثَ «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ جَمَاعَةٍ: يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ الْحَلْقُ، وَعَنْ الْعِجْلِيّ أَنَّ التَّقْصِيرَ لِلْخُنْثَى أَفْضَلُ كَالْمَرْأَةِ (وَالْحَلْقُ) أَيْ إزَالَةُ الشَّعْرِ   [حاشية قليوبي] إلَى السَّهْوِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَسِيرُونَ) بِسَكِينَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيُكْرَهُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ خِلَافًا لِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ. وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً مِنْ الطَّرِيقِ أَسْرَعَ، وَإِذَا وَصَلُوا إلَى وَادِي مُحَسِّرٍ وَهُوَ فَاصِلٌ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى كَمَا مَرَّ مَعَ وَجْهِ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ أَسْرَعَ الْمَاشِي وَحَرَّكَ الرَّاكِبُ دَابَّتَهُ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ حَتَّى يَقْطَعُوا عَرْضَ الْوَادِي. قَوْلُهُ: (فَيَصِلُونَ مِنًى) وَيُنْدَبُ لِكُلِّ مَنْ دَخَلَهَا أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ هَذِهِ مِنًى قَدْ أَتَيْتهَا وَأَنَا عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك أَسْأَلُك أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِمَا مَنَنْت بِهِ عَلَى أَوْلِيَائِك، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْحِرْمَانِ وَالْمُصِيبَةِ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) أَيْ وَارْتِفَاعِهَا كَرُمْحٍ. وَهَذَا وَقْتُ الْفَضِيلَةِ إلَى الزَّوَالِ. قَوْلُهُ: (فَيَرْمِي كُلُّ شَخْصٍ) وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ الْجَمْرَةَ وَيَسَارُهُ إلَى جِهَةِ مَكَّةَ وَيَمِينُهُ إلَى جِهَةِ مِنًى لِأَنَّ الْجَمْرَةَ لَيْسَتْ مِنْهَا كَمَا مَرَّ. وَيُنْدَبُ فِي رَمْيِ غَيْرِ هَذَا الْيَوْمِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ، ثُمَّ يَأْخُذَ لَهُ مَوْضِعًا مِنْ مِنًى، وَالْأَوْلَى مَنْزِلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى يَسَارِ مُصَلَّى الْإِمَامِ. وَهَذَا الرَّمْيُ تَحِيَّةُ مِنًى فَيُبَادِرُ بِهِ كَمَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ، حَتَّى أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلرَّاكِبِ أَنْ لَا يَنْزِلَ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ) لِأَنَّهَا إجَابَةٌ لِطَالِبِ الْمَنَاسِكِ وَهَذَا قَدْ أَخَذَ فِي الِانْصِرَافِ عَنْهَا وَلَا يَعُودُ إلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَعُودُ إلَيْهَا مَا عُلِمَ مُحْرِمًا. وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالتَّحَلُّلِ لَا بِالزَّوَالِ فَمَتَى تَحَلَّلَ يُكَبِّرُ، وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِلَّا فَيُلَبِّي وَلَوْ بَعْدَهُ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ بَابِ صَلَاةِ الْعِيدِ. قَوْلُهُ: (وَيُكَبِّرُ) أَيْ ثَلَاثًا وَيَزِيدُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ إلَخْ. وَيَرْمِي بِالْيَمِينِ وَيَرْفَعُ الرَّجُلُ يَدَهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إبْطِهِ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ رَمَاهَا. قَوْلُهُ: (مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ) وَفِي نُسْخَةٍ قَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الصَّوَابُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَذْبَحُ) قَالَ جَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «نَحَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِائَةَ بَدَنَةٍ ذَبَحَ بِيَدِهِ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً، وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَاقِيَهَا» . قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى مُدَّةِ عُمُرِهِ الشَّرِيفِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَحْلِقُ) وَيُنْدَبُ لِكُلِّ مَحْلُوقٍ وَلَوْ حَلَالًا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالْبُدَاءَةُ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ جَمِيعِهِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ. وَأَنْ لَا يُشَارِطَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَبْلُغَ بِهِ الْعَظْمَاتِ عِنْدَ الْأُذُنَيْنِ، وَأَنْ يَدْفِنَ شَعْرَهُ كَظُفْرِهِ وَأَنْ يَقُولَ بَعْدَهُ مَعَ التَّكْبِيرِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا: اللَّهُمَّ أَعْطِنِي بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةً وَامْحُ عَنِّي بِهَا سَيِّئَةً، وَارْفَعْ لِي بِهَا دَرَجَةً وَاغْفِرْ لِي وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَزِيدُ الْمُحْرِمُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ وَالْمُقَصِّرِينَ. وَيُنْدَبُ التَّزَيُّنُ بِغَيْرِ الْحَلْقِ بِقَصِّ ظُفْرِهِ وَشَارِبِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ) أَيْ لِلذَّكَرِ كَمَا سَيَأْتِي فَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُ لَهُ، وَيَكْفِيهِ عَنْ النَّذْرِ حَلْقُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ فَأَكْثَرَ إلَّا إنْ صَرَّحَ بِاسْتِيعَابِ رَأْسِهِ فَيَلْزَمُهُ اسْتِيعَابُهُ وَلَا يَكْفِي عَنْ النَّذْرِ مَا لَا يُسَمَّى حَلْقًا كَقَصٍّ وَنَتْفٍ وَإِحْرَاقٍ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَزِمَهُ دَمٌ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ فَرَكِبَ. قَوْلُهُ: (وَتُقَصِّرُ الْمَرْأَةُ) أَيْ الْأُنْثَى وَلَوْ صَغِيرَةً أَيْ الْأَفْضَلُ لَهَا ذَلِكَ فَيَنْعَقِدُ نَذْرُهَا لَهُ نَعَمْ إنْ كَانَتْ فِي سَابِعِ وِلَادَتِهَا نُدِبَ لَهَا الْحَلْقُ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ الْحَلْقُ) فَإِنْ مَنَعَهَا خَلَلٌ أَوْ نَقَصَ بِهِ اسْتِمْتَاعٌ لَهُ حَرُمَ إلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ لِعُذْرٍ كَأَنْ تَتَأَذَّى بِهِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْوَلَدُ مَعَ وَالِدِهِ كَالزَّوْجِ إنْ كَانَ مَصْلَحَةٌ. قَوْلُهُ: (الْعِجْلِيّ) ضَبَطَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ، وَكَلَامُهُ بِإِلْحَاقِ الْخُنْثَى لِلْمَرْأَةِ مُعْتَمَدٌ.   [حاشية عميرة] الْمُحَرَّرِ وَكَمَا وَافَوْهَا رَمَوْا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَاسْتِعْمَالُ الْكَافِ بِمَعْنَى مَعَ أَوْ عِنْدَ لُغَةٌ عَجَمِيَّةٌ، وَلَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ فَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ أَصْوَبُ وَسَيَأْتِي شُرُوطُ الرَّمْيِ مُسْتَحَبَّاتُهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَدِيثِ حَصَى الْخَذْفِ) قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هُوَ رَاجِعٌ فِي الْمَعْنَى إلَى حَصَيَاتٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْحَلْقُ نُسُكٌ إلَخْ) جُمْلَةُ الْخِلَافِ فِيهِ رُكْنٌ سُنَّةٌ وَاجِبٌ مُبَاحٌ رُكْنٌ فِي الْعُمْرَةِ وَاجِبٌ فِي الْحَجِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ تَقْصِيرٌ إلَخْ) لَكِنْ لَوْ نَذَرَ الْحَلْقَ تَعَيَّنَ حَلْقُ الْجَمِيعِ وَلَا يُجْزِئُهُ التَّقْصِيرُ وَلَا حَلْقُ الْبَعْضِ، وَلَا إزَالَتُهُ بِغَيْرِ الْحَلْقِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَإِلَّا وَجْهَ حَمْلِهِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ، فَإِنَّهُ إذَا نَذَرَ صِفَةً فِي وَاجِبٍ لَمْ يَقْدَحْ تَرْكُ تِلْكَ الصِّفَةِ فِي الِاعْتِدَادِ بِذَلِكَ الْوَاجِبِ، كَمَا لَوْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا فَرَكِبَ انْتَهَى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ فِي وَقْتِهِ (نُسُكٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) فَيُثَابُ عَلَيْهِ، وَهُوَ رُكْنٌ كَمَا سَيَأْتِي وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ نُسُكٌ بِالدُّعَاءِ لِفَاعِلِهِ بِالرَّحْمَةِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ. وَالثَّانِي هُوَ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورِ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فَأُبِيحَ لَهُ فَلَا ثَوَابَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالرَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ بِلَا خِلَافٍ (وَأَقَلُّهُ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ إزَالَتُهَا مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ (حَلْقًا أَوْ تَقْصِيرًا أَوْ نَتْفًا أَوْ إحْرَاقًا أَوْ قَصًّا) مِمَّا يُحَاذِي الرَّأْسَ أَوْ مِمَّا اسْتَرْسَلَ عَنْهُ فِي دُفْعَةٍ أَوْ دُفُعَاتٍ قَالَ تَعَالَى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] أَيْ شَعْرَهَا وَهُوَ يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ (وَمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ يُسْتَحَبُّ) لَهُ (إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ) تَشْبِيهًا بِالْحَالِقِينَ (فَإِذَا حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ دَخَلَ مَكَّةَ وَطَافَ طَوَافَ الرُّكْنِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (وَسَعَى إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى) بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ سَعَى بَعْدَهُ لَمْ يُعِدْهُ. وَسَيَأْتِي أَنَّ السَّعْيَ رُكْنٌ (ثُمَّ يَعُودُ إلَى مِنًى) لِيَبِيتَ بِهَا (وَهَذَا الرَّمْيُ وَالذَّبْحُ وَالْحَلْقُ وَالطَّوَافُ يُسَنُّ تَرْتِيبُهَا كَمَا ذَكَرْنَا) وَلَا يَجِبُ، رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي حَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ. فَقَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ. وَأَتَاهُ آخَرُ فَقَالَ: إنِّي أَفَضْت إلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ. فَقَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ» . وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ يَوْمَئِذٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» وَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ فِي الذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَالرَّمْيِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَقَالَ: «لَا حَرَجَ» وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَلْقَ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ لَوْ فَعَلَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ مَعًا لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ لِوُقُوعِ الْحَلْقِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ، (وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا) يَعْنِي غَيْرَ الذَّبْحِ لِمَا سَيَأْتِي فِيهِ (بِنِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ) لِمَنْ وَقَفَ قَبْلَ ذَلِكَ. رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَفَاضَتْ» . وَقِيسَ الْبَاقِي مِنْهَا عَلَى ذَلِكَ (وَيَبْقَى وَقْتُ الرَّمْيِ إلَى   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ أَفْضَلِيَّةِ الْحَلْقِ مَا لَوْ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ فِي وَقْتٍ لَوْ حَلَقَ فِيهِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَلَوْ يُسَوِّدُ رَأْسَهُ فَالْأَفْضَلُ لَهُ التَّقْصِيرُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِحَلْقِ بَعْضِ رَأْسِهِ فِي كُلٍّ لِكَرَاهَةِ الْقَزَعِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ لَهُ رَأْسَانِ فَحَلَقَ وَاحِدًا مِنْهُمَا لَمْ يُكْرَهْ. قَوْلُهُ: (وَالْحَلْقُ نُسُكٌ إلَخْ) جُمْلَةُ الْخِلَافِ فِيهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ رُكْنٌ سُنَّةٌ وَاجِبٌ مُبَاحٌ رُكْنٌ فِي الْعُمْرَةِ وَاجِبٌ فِي الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْغَزَالِيُّ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَوْ تَقْصِيرًا) هُوَ اسْمٌ لِإِزَالَةِ الشَّعْرِ بِأَيِّ آلَةٍ وَالْقَصُّ إزَالَتُهُ بِالْمِقْرَاضِ. قَوْلُهُ: (أَوْ دَفَعَاتٍ) وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهَا مُتَوَالِيَةً. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الشَّعْرُ لِأَنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ، وَلَوْ أَزَالَ شَعْرَةً وَاحِدَةً فِي ثَلَاثِ مَرَّاتٍ كَفَى كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمَنَاسِكِ. قَوْلُهُ: (يُسْتَحَبُّ لَهُ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ) وَلَوْ كَانَ بِهِ بَعْضُ شَعْرٍ نُدِبَ لَهُ مَعَ إزَالَتِهِ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَى بَقِيَّةِ رَأْسِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْإِمْرَارُ هُنَا لِفَوَاتِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْوَاجِبُ وَهُوَ الشَّعْرُ لَا بَشَرَةَ الرَّأْسِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْمَسْحُ فِي الْوُضُوءِ، وَلَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ صَبَرَ إلَى إمْكَانِهِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَلْقُ وَلَا تَكْفِيهِ الْفِدْيَةُ وَلَا يَجِبُ زَوَالُهُ إذَا نَبَتَ بَعْدَ إمْرَارِ الْمُوسَى عَلَيْهِ، وَيُنْدَبُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ نَحْوِ شَارِبِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَشَيْءٍ مِنْ أَظْفَارِهِ، وَلَا يُنْدَبُ الْإِمْرَارُ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ. وَقَدْ أَخْطَأَ مَنْ نَسَبَهُ لِشَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (طَوَافَ الرُّكْنِ) وَيُسَمَّى طَوَافَ الْفَرْضِ وَطَوَافَ الزِّيَارَةِ، وَطَوَافَ الصَّدَرِ بِفَتْحِ الدَّالِ. وَيُنْدَبُ أَنْ يَشْرَبَ بَعْدَهُ مِنْ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ وَمِنْ زَمْزَمَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَعُودُ) أَيْ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْفَاءِ فِي السَّعْيِ وَالْعَوْدِ لَكَانَ أَوْلَى وَفِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ) أَيْ التَّرْتِيبُ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ يُفِيدُ عَدَمَ الْوُجُوبِ لَا النَّدْبَ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يَعْنِي غَيْرَ الذَّبْحِ) وَسَكَتَ عَنْ السَّعْيِ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ. قَوْلُهُ: (لَيْلَةِ النَّحْرِ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا مَرَّ فِي الْغَلَطِ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ وَقَفَ) أَيْ بِعَرَفَةَ وَلَا عِبْرَةَ بِالْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ وَإِنْ كَانَ مَا ذُكِرَ يَتَأَخَّرُ عَنْ اللَّحْظَةِ الَّتِي لَهَا   [حاشية عميرة] أَقُولُ لَعَلَّ مُرَادَهُ الْوَاجِبُ أَصَالَةً لِئَلَّا يَرُدَّ مَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا، ثُمَّ نَذَرَ أَنْ يَكُونَ مُتَتَابِعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ) لَوْ كَانَ عَدَمُ الشَّعْرِ نَاشِئًا عَنْ إزَالَتِهِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ، وَلَكِنَّهُ يَنْبُتُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ إمْرَارُ الْمُوسَى الْآنَ، وَلَكِنْ مَتَى نَبَتَ هَلْ يَجِبُ حَلْقُهُ؟ ، هُوَ مُحْتَمَلٌ ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضِ عَدَمَ الْوُجُوبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ يَعُودُ إلَى مِنًى) أَيْ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، كَمَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ» ، وَجَمَعَ النَّوَوِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ صَلَّى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 آخِرِ يَوْمِ النَّحْرِ) رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنِّي رَمَيْت بَعْدَمَا أَمْسَيْت قَالَ: لَا حَرَجَ» وَالْمَسَاءُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ (وَلَا يَخْتَصُّ الذَّبْحُ) لِلْهَدْيِ (بِزَمَنٍ، قُلْت الصَّحِيحُ اخْتِصَاصُهُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ عَلَى الصَّوَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَوَقْتُهُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا سَبَقَ تَقَرُّبًا بِاَللَّهِ تَعَالَى. وَفِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهَا تُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ بِمِنًى مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ. وَقَالَ الْعَبْدَرِيُّ: لَا أُضْحِيَّةَ فِي حَقِّهِ كَمَا لَا يُخَاطَبُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ مَنْ أَحَلَّ حَجَّهُ انْتَهَى. وَفِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ عَنْ الْإِمَامِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ اسْتِحْبَابُ صَلَاةِ الْعِيدِ لِلْحَاجِّ بِمِنًى (وَالْحَلْقُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ) إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ (لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا)   [حاشية قليوبي] لِأَنَّهُ لِضَرُورَةِ الزَّمَنِ لَا أَنَّهُ شَرْطٌ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ النِّصْفِ فَلَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَلَوْ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ بَعْدَهُ، وَلَوْ فَاتَ الْوُقُوفُ فَاتَتْ. وَلِذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ التَّرْتِيبُ هُنَا رُكْنًا، كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ بِأَنْ يُقَدَّمَ الْإِحْرَامُ عَلَى غَيْرِهِ، ثُمَّ الْوُقُوفُ ثُمَّ الطَّوَافُ، وَإِزَالَةُ الشَّعْرِ ثُمَّ الطَّوَافُ عَلَى السَّعْيِ عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَبْقَى وَقْتُ الرَّمْيِ) أَيْ الِاخْتِيَارِيِّ. وَأَمَّا وَقْتُ الْفَضِيلَةِ فَمِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ كَمَا مَرَّ. وَأَمَّا وَقْتُ الْجَوَازِ فَمَا قَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَهُ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ. قَوْلُهُ: (الصَّحِيحُ اخْتِصَاصُهُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ) فِيهِ نَظَرٌ فِيمَنْ اعْتَمَرَ فِي أَثْنَاءِ الْعَامِ وَمَعَهُ هَدْيٌ لِاقْتِضَائِهِ وُجُوبَ تَأْخِيرِهِ لِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ. وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ أَخَّرَ هَدْيَهُ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ لِذَلِكَ الْوَقْتِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. كَذَا فِي الْبُرُلُّسِيِّ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَلَا وَجْهَ لَهُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ دَمَ الْهَدْيِ الَّذِي يُسَاقُ تَقَرُّبًا مِنْ الْحَلَالِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَجِّ أَوْ مِنْ الْمُعْتَمِرِ. كَذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ، وَأَنَّ دَمَ الْجُبْرَانِ الْمَذْكُورِ هُنَا كَذَلِكَ. وَقَدْ «نَحَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَقْتَ حَصْرٍ» ، وَأَمَّا هَدْيُ التَّقَرُّبِ مِنْ الْحَاجِّ فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي) أَيْ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَتُهُ) أَيْ الرَّافِعِيِّ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ إلَخْ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ دَمَ الْجُبْرَانِ يُسَمَّى هَدْيًا، وَعَلَى هَذَا فَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ صَحِيحٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَاعْتِرَاضُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ أَنَّ الْهَدْيَ هُنَا مَا سَاقَهُ الْحَاجُّ تَقَرُّبًا لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إنَّهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةُ تُسْتَحَبُّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَا يُخَاطَبُ) أَيْ نَدْبًا بِصَلَاةِ الْعِيدِ أَيْ جَمَاعَةً. وَكَلَامُ الْإِمَامِ مَحْمُولٌ عَلَى طَلَبِهَا فُرَادَى فَلَا مُخَالَفَةَ. قَوْلُهُ: (لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ يَعْنِي الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالْحَلْقَ وَلَوْ لِمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ،   [حاشية عميرة] بِمَكَّةَ، وَأَعَادَ بِأَصْحَابِهِ بِمِنًى، أَقُولُ: قَضِيَّةُ الْجَمْعِ اسْتِحْبَابُ فِعْلِهَا بِمَكَّةَ، وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَخْتَصُّ الذَّبْحُ بِزَمَنٍ) أَيْ وَلَكِنْ يَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ) أَيْ فَوَقْتُهُ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اُنْظُرْ كَيْفَ هَذَا فِيمَنْ اعْتَمَرَ أَثْنَاءَ الْعَامِ، وَسَاقَ هَدْيًا كَيْفَ يَجِبُ تَأْخِيرُهُ بِمَكَّةَ لِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، وَاَلَّذِي سَاقَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ، هَلْ كَانَ يُرِيدُ تَأْخِيرَهُ إلَى وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، وَكَذَا عُمْرَةُ الْقَضَاءِ لَا بُدَّ أَنَّهُ سَاقَ فِيهَا وَفِي حَدّ طر أَنَّهُ نَحَرَ بِالْمَرْوَةِ وَلَمْ يُؤَخِّرْهُ لِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اخْتَلَفَ، وَالصَّوَابُ الْأَخِيرُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْهَدْيُ يُطْلَقُ عَلَى دِمَاءِ الْجُبْرَانَاتِ وَالْمَحْظُورَاتِ، وَعَلَى مَا يُسَاقُ تَقَرُّبًا فَالْأَوَّلُ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ، وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، فَالْأَوَّلُ أَرَادَهُ الْمُحَرَّرُ وَالثَّانِي أَرَادَهُ فِيمَا يَأْتِي قَالَ: وَقَدْ أَوْضَحَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ فِي آخِرِ بَابِ الْهَدْيِ مِنْ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ. غَايَةُ الْأَمْرِ، أَنَّهُ لَمْ يُفْصِحْ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْ الْمُرَادِ فَظَنَّ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْمَسْأَلَةَ وَاحِدَةٌ، فَاعْتَرَضَ فِي هَذَا الْبَابِ هُنَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الصَّوَابِ) أَيْ فِي كَلَامِهِ الْمُخْتَصَرِ فِي الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (مَا سِيقَ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ لَا دِمَاءُ الْجُبْرَانَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّأْقِيتِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَعَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَشَدُّ كَرَاهَةٍ. قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ بَقَاءَهُ مُحْرِمًا دَائِمًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ. قَالَ: لِأَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ مَنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّ ذَلِكَ كَابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 وَفِعْلُهَا يَوْمَ النَّحْرِ كَمَا تَقَدَّمَ أَفْضَلُ (وَإِذَا قُلْنَا الْحَلْقُ نُسُكٌ) وَهُوَ الْمَشْهُورُ (فَفَعَلَ اثْنَيْنِ مِنْ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ وَالطَّوَافِ) الْمَتْبُوعِ بِالسَّعْيِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ قَبْلُ (حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ) مِنْ تَحَلُّلَيْ الْحَجِّ (وَحَلَّ بِهِ اللُّبْسُ وَالْحَلْقُ) إنْ لَمْ يَفْعَلْ (وَالْقَلْمِ) وَسَتْرُ الرَّأْسِ لِلرَّجُلِ وَالْوَجْهِ لِلْمَرْأَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ سَتْرَ الرَّأْسِ دُونَ الْحَلْقِ (وَكَذَا الصَّيْدُ وَعَقْدُ النِّكَاحِ) يَحِلَّانِ بِهِ (فِي الْأَظْهَرِ قُلْت) كَمَا نَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ عَنْ الْأَكْثَرِ (الْأَظْهَرُ لَا يَحِلُّ عَقْدُ النِّكَاحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَكَذَا نُقِلَ عَنْهُمْ فِي الْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ كَالْقُبْلَةِ أَنَّ الْأَظْهَرَ تَحْرِيمُهَا وَرَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْحِلَّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَالَ وَفِي التَّطَيُّبِ طَرِيقَانِ أَشْهُرُهُمَا أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْحِلِّ وَسَوَاءٌ أَثْبَتنَا الْخِلَافَ أَمْ لَمْ نُثْبِتْهُ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحِلُّ بَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَطَيَّبَ لِحِلِّهِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» انْتَهَى. وَالْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِلَفْظِ كُنْت أُطَيِّبُ وَالدَّهْنُ مُلْحَقٌ بِالتَّطَيُّبِ (وَإِذَا فَعَلَ الثَّالِثَ) بَعْدَ الِاثْنَيْنِ (حَصَلَ التَّحَلُّلُ الثَّانِي وَحَلَّ بِهِ بَاقِي الْمُحَرَّمَاتِ) وَهُوَ الْجِمَاعُ وَالْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَعَقْدُ النِّكَاحِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِذَا قُلْنَا الْحَلْقُ لَيْسَ بِنُسُكٍ حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِوَاحِدٍ مِنْ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ، وَالتَّحَلُّلُ الثَّانِي بِالْآخَرِ. وَرَوَى النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ حَدِيثَ: «إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» . وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ «إذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ وَفِي رِوَايَةٍ وَذَبَحْتُمْ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ الطِّيبُ وَالثِّيَابُ وَكُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» . وَضَعَّفَهُ وَالْحِكْمَةُ فِي أَنَّ لِلْحَجِّ تَحَلُّلَيْنِ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ أَنَّهُ يَطُولُ زَمَانُهُ وَتَكْثُرُ أَفْعَالُهُ بِخِلَافِهَا فَأُبِيحَ بَعْضُ مُحَرَّمَاتِهِ فِي وَقْتٍ وَبَعْضُهَا فِي آخَرَ.   [حاشية قليوبي] وَوُجُوبُ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ لَا لِخُرُوجِ وَقْتِهَا بَلْ لِأَنَّ فِي مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ مَشَقَّةً بِلَا فَائِدَةٍ فَلَا حَاجَةَ لِمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِمَامُ السُّبْكِيُّ وَجَوَابُهُ. قَوْلُهُ: (فَفَعَلَ اثْنَيْنِ إلَخْ) وَلَا دَخْلَ لِلذَّبْحِ فِي التَّحَلُّلِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَعْمَالِ يَوْمِ النَّحْرِ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ السَّعْيِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى فِي حُصُولِ التَّحَلُّلِ بِالطَّوَافِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ بِنُسُكٍ) وَكَذَا لَوْ سَقَطَ لِعَدَمِهِ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْحَلْقِ) وَعَدَمُ ذِكْرِهِ أَنْسَبُ لِأَنَّهُ أَحَدُ أَسْبَابِ حِلِّ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا نُقِلَ عَنْهُمْ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْمَذْكُورِ، وَلَا يَحِلُّ الْجِمَاعُ بِالْأَوْلَى مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَإِذَا فَعَلَ الثَّالِثَ) نَعَمْ لَوْ كَانَ هُوَ الرَّمْيُ وَفَاتَهُ بِفَرَاغِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ تَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهِ وَلَوْ صَوْمًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَفَارَقَ عَدَمَ تَوَقُّفِ تَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ عَلَى الصَّوْمِ لِأَنَّ لَهُ تَحَلُّلًا وَاحِدًا فَلَوْ اسْتَمَرَّ تَحْرِيمُ جَمِيعِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهِ، وَلَوْ غَيْرَ الْجِمَاعِ لَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْجِمَاعُ إلَخْ) لَكِنْ يُنْدَبُ تَأْخِيرُهُ عَنْ أَيَّامِ مِنًى لِأَنَّهَا مِنْ بَقِيَّةِ أَيَّامِ الْحَجِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] فِي مَسْأَلَتِنَا مَحَلُّهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فِيمَا يَظْهَرُ لِي وَأَلَّا يَصِيرَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ وَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ مَقَالَتَهُ بِأَنَّ وَقْتَ الْحَجِّ يَخْرُجُ بِطُلُوعِ فَجْرِ النَّحْرِ، وَالتَّحَلُّلُ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ اتِّفَاقًا بَلْ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ عَنْهُ. قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالنَّافِلَةِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، ثُمَّ يَمُدُّهَا وَذَلِكَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا. قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) أَيْ فَفِي الْمِنْهَاجِ ذَكَرَ مَا تَرَكَهُ وَتَرَكَ مَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا نُقِلَ عَنْهُمْ فِي الْمُبَاشَرَةِ) اعْلَمْ أَنَّ مَنْ قَالَ بِالتَّحْرِيمِ فِي الْمُبَاشَرَةِ، وَعَقْدِ النِّكَاحِ وَالصَّيْدِ عَلَّلَ الْأَوَّلَيْنِ بِتَعَلُّقِهَا بِالنِّسَاءِ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ» ، وَعَلَّلَ الصَّيْدَ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] وَمَنْ قَالَ بِالْحِلِّ نَظَرَ إلَى أَنَّهَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي لَا يُوجِبُ تَعَاطِيهَا إفْسَادًا فَكَانَتْ كَالْحَلْقِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْجِمَاعُ إلَخْ) لَكِنْ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْوَطْءِ عَنْ رَمْيِ بَاقِي الْأَيَّامِ كَذَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ. قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 فَصْلُ إذَا عَادَ بَعْدَ الطَّوَافِ يَوْمَ النَّحْرِ (إلَى مِنًى بَاتَ لَيْلَتَيْ التَّشْرِيقِ) الْأَوَّلِيَّيْنِ وَالثَّالِثَةَ أَيْضًا. (وَرَمَى كُلَّ يَوْمٍ) مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الْحَادِيَ عَشَرَ وَتَالِيَاهُ (إلَى الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ كُلُّ جَمْرَةٍ سَبْعُ حَصَيَاتٍ) فَمَجْمُوعُ الْمَرْمِيِّ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ حَصَاةً، وَدَلِيلُ ذَلِكَ كُلِّهِ الِاتِّبَاعُ الْمَعْلُومُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ (فَإِذَا رَمَى الْيَوْمَ الثَّانِي فَأَرَادَ النَّفْرَ) بِسُكُونِ الْفَاءِ (قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ جَازَ وَسَقَطَ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَرَمَى يَوْمَهَا) قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] (فَإِنْ لَمْ يَنْفِرْ) بِكَسْرِ الْفَاءِ (حَتَّى غَرَبَتْ) الشَّمْسُ (وَجَبَ مَبِيتُهَا وَرَمَى الْغَدَ) كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ وُجُوبُ الْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ إلَى الْجَمَرَاتِ، وَفِي قَوْلٍ: يُسْتَحَبّ الْمَبِيتُ وَيَحْصُلُ بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ، وَفِي قَوْلٍ الْمُعْتَبَرُ كَوْنُهُ حَاضِرًا طُلُوعُ الْفَجْرِ. (وَيَدْخُلُ رَمْيُ التَّشْرِيقِ بِزَوَالِ الشَّمْسِ) أَيْ رَمْيُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ بِزَوَالِ شَمْسِهِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (وَيَخْرُجُ بِغُرُوبِهَا) لِعَدَمِ وُرُودِهِ بِاللَّيْلِ (وَقِيلَ يَبْقَى) فِي الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ (إلَى الْفَجْرِ) كَمَا يَبْقَى الْوُقُوفُ إلَى الْفَجْرِ بِخِلَافِ الثَّالِثِ لِخُرُوجِ وَقْتِ الْمَنَاسِكِ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ، وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ بِمِنًى بَعْدَ الزَّوَالِ يَوْمَ النَّحْرِ خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا رَمْيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَحُكْمَ الْمَبِيتِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَثَانِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا جَوَازَ النَّفْرِ فِيهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَيُوَدِّعُهُمْ. (وَيُشْتَرَطُ رَمْيُ السَّبْعِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، (وَتَرْتِيبُ الْجَمَرَاتِ)   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ: فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ وَلَا يَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ الْحَامِلِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (إذَا عَادَ) وَكَذَا لَوْ اسْتَمَرَّ فِي مِنًى وَأَخَّرَ الطَّوَافَ. قَوْلُهُ: (بَاتَ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثَةَ أَيْضًا) أَيْ يَجِبُ مَبِيتُهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (التَّشْرِيقِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِشْرَاقِ أَيَّامِهَا بِالشَّمْسِ وَلَيَالِيهَا بِالْقَمَرِ أَوْ لِإِشْرَاقِ اللَّحْمِ فِيهَا أَيْ جَعْلِهِ فِي الشَّمْسِ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا رَمَى الْيَوْمَ الثَّانِيَ) أَيْ بَعْدَ مَبِيتِهِ وَمَبِيتِ مَا قَبْلَهُ وَرَمْيِهِ أَيْضًا وَإِلَّا بِأَنْ فَاتَهُ الْمَبِيتُ أَوْ الرَّمْيُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ بِلَا عُذْرٍ لَمْ يَسْقُطْ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَلَا رَمْيُ يَوْمِهَا أَوْ بِعُذْرٍ سَقَطَا وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ: إنَّ الرَّمْيَ تَابِعٌ لِلْمَبِيتِ أَنَّهُ لَا يُتَدَارَكُ رَمْيُ يَوْمٍ فَاتَ مَبِيتُهُ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ مَعَ أَنَّ الرَّمْيَ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي نَحْوِ الرُّعَاةِ، فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (فَأَرَادَ النَّفْرَ) بِأَنْ نَوَاهُ وَتَمَّتْ أَشْغَالُهُ وَسَارَ بِالْفِعْلِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْ مَحَلَّهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِعَوْدِهِ بَعْدَ النَّفْرِ وَلَوْ بِقَصْدِ الْمَبِيتِ. قَوْلُهُ: (وَرَمْيُ يَوْمِهَا) أَيْ فَسُقُوطُ الرَّمْيِ تَابِعٌ لِسُقُوطِ الْمَبِيتِ أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَطْ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي نَحْوِ الرُّعَاةِ. وَقَدْ مَرَّ وَيُكْرَهُ النَّفْرُ بِحَصَى الرَّمْيِ بَلْ يَطْرَحُهُ أَوْ يَدْفَعُهُ لِمَنْ يَرْمِي بِهِ، وَدَفْنُهُ لَا أَصْلَ لَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَنْفِرْ) أَيْ لَمْ يَنْوِ النَّفْرَ أَوْ لَمْ تَتِمَّ أَشْغَالُهُ، وَإِنْ شَرَعَ فِيهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ لَمْ يَسِرْ بِالْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْصُلُ بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفَارَقَ مُزْدَلِفَةَ بِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِيهَا الْمَبِيتَ. قَوْلُهُ: (وَيَدْخُلُ رَمْيُ التَّشْرِيقِ إلَخْ) وَيُنْدَبُ فِعْلُهُ فِي وَقْتِ فَضِيلَةٍ وَهُوَ تَقْدِيمُهُ عَلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ إنْ اتَّسَعَ   [حاشية عميرة] [فَصْلُ إذَا عَادَ بَعْدَ الطَّوَافِ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى مِنًى] فَصْلُ إذَا عَادَ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يُسْتَحَبُّ) هُوَ الَّذِي مَالَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَأَمَّا الرَّمْيُ فَهُوَ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا، وَقَوْلُ الْمَتْنِ وَجَبَ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَعَلَيْهِ قَالَ وَهِيَ صَادِقَةٌ بِالِاسْتِحْبَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِزَوَالِ الشَّمْسِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ أَيْ رَمْيُ كُلِّ يَوْمٍ يَعْنِي لَيْسَ الْمُرَادُ جَمِيعَ رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، ثُمَّ الْمُرَادُ هُنَا بِالْوَقْتِ الَّذِي يَخْرُجُ هُوَ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ، وَأَمَّا وَقْتُ الْجَوَازِ فَهُوَ بَاقٍ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ رَمْيُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 بِأَنْ يَرْمِيَ أَوَّلًا إلَى الْجَمْرَةِ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ ثُمَّ إلَى الْوُسْطَى ثُمَّ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَكَوْنُ الْمَرْمِيِّ حَجَرًا) لِذِكْرِ الْحَصَى فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ وَهُوَ مِنْ الْحَجَرِ فَيُجْزِئُ بِأَنْوَاعِهِ كَالْكَذَّانِ وَالْبِرَامِ وَالْمَرْمَرِ، وَكَذَا مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْفُصُوصُ كَالْيَاقُوتِ وَالْعَقِيقِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يُجْزِئُ اللُّؤْلُؤُ وَمَا لَيْسَ بِحَجَرٍ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ كَالْإِثْمِدِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْجِصِّ وَمَا يَنْطَبِعُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَغَيْرِهِمَا (وَأَنْ يُسَمِّيَ رَمْيًا فَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ) فِي الْمَرْمَى لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَارِدِ، وَقِيلَ يَكْفِي، وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ الرَّمْيِ فَلَوْ رَمَى فِي الْهَوَاءِ فَوَقَعَ فِي الْمَرْمَى لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ. (وَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْمِيَ بِقَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ) لِمَا تَقَدَّمَ   [حاشية قليوبي] الْوَقْتُ، وَلَمْ يُؤَخَّرْ لِجَمْعِ تَأْخِيرٍ. قَوْلُهُ: (وَيَخْرُجُ) أَيْ وَقْتُ الرَّمْيِ الِاخْتِيَارِيُّ بِغُرُوبِهَا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الزَّوَالِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (خُطْبَةً) أَيْ فَرْدَةً كَمَا مَرَّ وَكَذَا الَّتِي بَعْدَهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ) أَيْ لِصِحَّةِ الرَّمْيِ شُرُوطٌ ثَمَانِيَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ أَوْ عَشَرَةٌ: كَوْنُهُ فِي الْوَقْتِ، وَتَرْتِيبُ الرَّمْيِ وَتَرْتِيبُ الْجَمَرَاتِ وَكَوْنُهُ سَبْعًا وَكَوْنُهُ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَكَوْنُهُ بِحَجَرٍ، وَكَوْنُهُ يُسَمَّى رَمْيًا وَكَوْنُهُ بِيَدٍ وَقَصْدُ الرَّمْيِ وَوُقُوعُهُ فِي الْمَرْمَى وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْأَخِيرَيْنِ لِعِلْمِهِمَا مِمَّا ذُكِرَ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَسْجِدَ الْخَيْفِ) نِسْبَةً إلَى مَحَلِّهِ لِأَنَّ الْخَيْفَ اسْمٌ لِمَكَانٍ ارْتَفَعَ عَنْ السَّيْلِ وَانْحَطَّ عَنْ غِلَظِ الْجَبَلِ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَاحِدَةً وَاحِدَةً) أَيْ رَمْيَةً بَعْدَ رَمْيَةٍ بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَلَوْ رَمَى اثْنَيْنِ مَعًا وَلَوْ بِيَدَيْهِ مَعًا حُسِبَتَا وَاحِدَةً، وَإِنْ تَرَتَّبَتَا فِي الْوُقُوعِ بِخِلَافِهِ مَا لَوْ رَمَاهُمَا مُرَتِّبًا فَيُحْسَبَانِ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ وَقَعَتَا مَعًا أَوْ سَبَقَتْ الثَّانِيَةُ الْأُولَى فِي الْوُقُوعِ. قَوْلُهُ: (جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) وَهِيَ الْأَقْرَبُ إلَى مَكَّةَ وَلَيْسَتْ مِنْ مِنًى كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (حَجَرًا) وَلَوْ مَغْصُوبًا أَوْ مُتَنَجِّسًا وَإِنْ حَرُمَ أَوْ كُرِهَ. قَوْلُهُ: (كَالْكَذَّانِ) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْبَلَاطُ الْمَعْرُوفُ. قَوْلُهُ: (وَالْبِرَامِ) وَهُوَ مَا يُعْمَلُ مِنْهُ الْقُدُورُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْمَرِ) وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الرُّخَامِ الْمَشْهُورِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْفُصُوصُ) فَيُجْزِئُ كَالْعَقِيقِ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَلَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ لِغَرَضٍ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الْحُرْمَةُ. قَوْلُهُ: (كَالْإِثْمِدِ) وَهُوَ الْكُحْلُ الْأَسْوَدُ فَلَا يُجْزِئُ. قَوْلُهُ: (وَالْجِصِّ) وَهُوَ الْكَذَّانُ بَعْدَ طَبْخِهِ وَمِثْلُهُ الْخَزَفُ لِأَنَّهُ مَطْبُوخٌ كَالْآجُرِّ فَلَا يُجْزِئُ، وَكَخَرَزٍ وَمِلْحٍ وَمَدَرٍ وَتِبْرٍ لَا حَجَرَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَنْطَبِعُ) أَيْ وَطُبِعَ بِالْفِعْلِ وَصْفِيٌّ مِنْ حَجَرِهِ وَإِلَّا كَفَى لِأَنَّ فِيهِ الْحَجَرَ كَامِنًا، وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ صِحَّةُ الرَّمْيِ بِخَاتَمِ فِضَّةٍ وَفِيهِ فَصٌّ مِنْ حَجَرٍ كَيَاقُوتٍ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُسَمَّى رَمْيًا) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ بِالْيَدِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَمْيًا بِغَيْرِهَا وَأَنَّهُ مَقْصُودٌ لِأَنَّهُ بِغَيْرِهِ وُقُوعٌ، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الْوَضْعُ فِي الْمَرْمَى لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَمْيًا وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَسْحَ الرَّأْسِ بِوَضْعِ نَحْوِ الْيَدِ الْمُبْتَلَّةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ وُصُولُ الْمَاءِ إلَيْهِ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْيَدُ وَالْوَجْهُ اُعْتُبِرَ مَا لَيْسَ زَائِدًا وَلَا يَكْفِي بِرِجْلٍ وَلَا مِقْلَاعٍ، قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ فَاقِدَ الْيَدَيْنِ يَسْتَنِيبُ وَلَا يَرْمِي بِرِجْلِهِ مَثَلًا فَرَاجِعْهُ. وَفِي ابْنِ حَجَرٍ جَوَازُهُ بِالرِّجْلِ ثُمَّ الْفَمُ لِفَاقِدِ الْيَدَيْنِ. وَسَكَتَ عَنْهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ. وَيُنْدَبُ تَقْدِيمُ الْيَدِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَوَضْعُ الْحَصَاةِ عَلَى بَاطِنِ الْإِبْهَامِ وَرَمْيُهَا بِظُفْرِ السَّبَّابَةِ وَأَنْ يَرْمِيَ رَاجِلًا إلَّا فِي يَوْمِ النَّفْرِ، وَأَنْ يَدْنُوَ مِنْ الْمَرْمَى وَأَنْ يَرْمِيَ مِنْ عُلُوِّهِ إلَّا فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَمِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَيُنْدَبُ لِلرَّجُلِ رَفْعُ يَدِهِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ بَيَاضُ إبْطِهِ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فِي حَالَةِ الرَّمْيِ إلَّا فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ كَمَا مَرَّ. وَيُكْرَهُ الرَّمْيُ بِدُونِ قَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ أَوْ بِأَكْبَرَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (قَصْدُ الْمَرْمَى) أَيْ أَنْ لَا يُقْصَدُ غَيْرُ الرَّمْيِ فِيهِ، وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْحَصَى الْمُقَدَّرِ   [حاشية عميرة] السَّبْعِ إلَخْ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعَدَدِ بِالرَّمْيِ لَا بِالْوُقُوعِ، فَلَوْ رَمَى مُرَتِّبًا ثُمَّ وَقَعَا مَعًا أَوْ سَبَقَتْ الْمُتَأَخِّرَةُ، صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَمَاهُمَا مَعًا وَإِنْ وَقَعَا مُرَتِّبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَاحِدَةً وَاحِدَةً) رُبَّمَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِيمَا لَوْ رَمَاهَا مَصْحُوبَةً بِغَيْرِهَا، وَهَكَذَا حَتَّى أَتَى عَلَى السَّبْعِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يُسَمَّى رَمْيًا) قِيلَ رُبَّمَا يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ أَوَّلًا، وَيُشْتَرَطُ رَمْيُ السَّبْعِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ الْمَرْمَى) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ رَمَى إلَى الْعَلَمِ الْمَنْصُوبِ فِي الْجَمْرَةِ فَأَصَابَهُ ثُمَّ وَقَعَ فِيهِ، لَا يُجْزِئُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي، وَيُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّهُ قَصَدَ الرَّمْيَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ. قَالَ الْهُذَلِيُّ: وَالثَّانِي أَقْرَبُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَلَمْ يَذْكُرُوا لِلرَّمْيِ ضَابِطًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْمِيَ فِي أَصْلِ الْعَلَمِ، وَقَرِيبًا مِنْهُ وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْحَصَى دُونَ مَا سَالَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْمِيَ إلَخْ) لَكِنْ لَا عَلَى هَيْئَةِ الْخَذْفِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَيُسَنُّ أَنْ يَرْفَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى بَيَاضِ إبْطِهِ، وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فِي رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِخِلَافِ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ، فَإِنَّهُ يَسْتَبْطِنُ الْوَادِيَ، وَيَجْعَلُ الْقِبْلَةَ عَنْ يَسَارِهِ وَعَرَفَاتِ عَنْ يَمِينِهِ، وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ الرَّمْيِ، وَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ النُّسُكِ وَلَوْ وَقَعَتْ فِي غَيْرِ الْمَرْمَى، ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ إلَيْهِ لَمْ يَضُرَّ بِخِلَافِ، مَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَى رَأْسِ بَعِيرٍ ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ، وَكَأَنَّ الْفَارِقَ احْتِمَالُ كَوْنِ التَّدَحْرُجِ نَاشِئًا عَنْ حَرَكَةِ الْبَعِيرِ، وَلَوْ أَصَابَتْ عُنُقَ الْبَعِيرِ وَنَحْوَهُ وَرَجَعَتْ إلَى الْمَرْمَى لَمْ يَضُرَّ، فَإِنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَرَوَى مُسْلِمٌ حَدِيثَ «عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ» وَهُوَ دُونَ الْأُنْمُلَةِ طُولًا وَعَرْضًا فِي قَدْرِ الْبَاقِلَا. (وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْحَجَرِ فِي الْمَرْمَى) فَلَوْ تَدَحْرَجَ وَخَرَجَ مِنْهُ لَمْ يَضُرَّ. (وَلَا كَوْنُ الرَّامِي خَارِجًا عَنْ الْجَمْرَةِ) فَلَوْ وَقَفَ فِي طَرَفِهَا وَرَمَى إلَى الطَّرَفِ الْآخَرِ جَازَ. (وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الرَّمْيِ) لِعِلَّةٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الرَّمْيِ (اسْتَنَابَ) وَلَا يُمْنَعُ زَوَالُهَا بَعْدَهُ وَلَا يَصِحُّ رَمْيُ النَّائِبِ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ إلَّا بَعْدَ رَمْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَوْ خَالَفَ وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ زَالَ عُذْرُ الْمُسْتَنِيبِ بَعْدَ رَمْيِ النَّائِبِ وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الرَّمْيِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ اشْتِرَاطِ الرَّمْيِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَكَوْنُ الْمَرْمِيِّ حَجَرًا وَمَا بَعْدَهُ إلَى هُنَا يَأْتِي فِي رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ. (وَإِذَا تَرَكَ رَمْيَ يَوْمٍ) وَيَوْمَيْنِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (تَدَارَكَهُ فِي بَاقِي الْأَيَّامِ عَلَى الْأَظْهَرِ) فَيَتَدَارَكُ الْأَوَّلَ فِي الثَّانِي وَالثَّالِثَ وَالثَّانِيَ أَوْ الْأَوَّلَيْنِ فِي الثَّالِثِ وَيَكُونُ ذَلِكَ أَدَاءً وَفِي قَوْلٍ قَضَاءً   [حاشية قليوبي] بِثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ حَوْلَ الشَّاخِصِ الْمَشْهُورِ مِنْ سَائِرِ جِهَاتِهِ إلَّا فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِأَنَّ لَهَا وَجْهًا وَاحِدًا. فَلَوْ قَصَدَ الشَّاخِصُ وَرَمَى لَمْ يَكْفِ إنْ وَقَعَ فِي الْمَرْمَى أَوْ قَصَدَ الْمَرْمَى وَرَمَى إلَى الشَّاخِصِ فَوَقَعَ بَعْدَ إصَابَتِهِ فِي الْمَرْمَى كَفَى. وَبِهَذَا يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ فِي كَلَامِهِمْ وَلَوْ أَصَابَتْ الْحَصَاةُ شَيْئًا كَمَحْمِلٍ فَعَادَتْ إلَى الْمَرْمَى فَإِنْ كَانَ عَوْدُهَا بِحَرَكَةِ مَا أَصَابَتْهُ لَمْ يَكْفِ وَإِلَّا كَفَى، كَمَا لَوْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ أَوْ تَدَحْرَجَ إلَى الْمَرْمَى مِنْ الْأَرْضِ لَا مِنْ نَحْوِ ظَهْرِ بَعِيرٍ لِاحْتِمَالِهَا بِحَرَكَتِهِ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ الْحَرَكَةِ كَفَى فِي وَلَوْ شَكَّ هَلْ أَصَابَتْ الْمَرْمَى أَوْ لَا؟ لَمْ يَكْفِ. وَلَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ مَا أَتَى بِهِ أَوْ فِي عَيْنِ الْمَتْرُوكِ مِنْهُ أَخَذَ بِالِاحْتِيَاطِ، فَلَوْ شَكَّ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعِ فَعَلَهَا أَوْ فِي تَمَامِ جَمْرَةٍ كَمَّلَهَا وَفَعَلَ مَا بَعْدَهَا فَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ الْجَمْرَةِ الْأُولَى أَوْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ جَعَلَهَا مِنْ الْأُولَى وَكَمَّلَهَا، وَأَعَادَ اللَّتَيْنِ بَعْدَهَا أَوْ مِنْ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ كَمَّلَهَا وَأَعَادَ الثَّلَاثَةَ مِنْ أَوَّلِهَا، نَعَمْ إنْ كَانَ الشَّكُّ بَعْدَ رَمْيِهِ لَهَا كُمِّلَتْ مِمَّا رَمَاهُ، وَأَعَادَ الثَّلَاثَةَ لِأَنَّ الرَّمْيَ يَنُوبُ عَنْ بَعْضِهِ كَمَا سَيَأْتِي. وَيُنْدَبُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ وَبَيْنَ رَمْيِهَا. تَنْبِيهٌ: مُقْتَضَى مَا ذُكِرَ أَنَّ الشَّكَّ فِي عَدَدِ الرَّمَيَاتِ بَعْدَ فَرَاغِ السَّبْعِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ يُؤْثَرُ وَقِيَاسُ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا خِلَافُهُ وَهُوَ الْوَجْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَرَمَى إلَى الطَّرَفِ الْآخَرِ) خَرَجَ مَا لَوْ رَمَى تَحْتَ رِجْلَيْهِ فَلَا يَكْفِي إلَّا إنْ سَمَّى رَمْيًا كَمَا مَرَّ. وَلَا يَكْفِي الرَّمْيُ فِي مَوْضِعِ الشَّاخِصِ لَوْ أُزِيلَ. تَنْبِيهٌ: تَقَدَّمَ حُكْمُ صَرْفِ الرَّمْيِ فِي الطَّوَافِ فَرَاجِعْهُ. فَرْعٌ: يُنْدَبُ أَنْ يَقِفَ عَلَى كُلِّ جَمْرَةٍ مِنْ الْأَوَّلِيَّيْنِ بَعْدَ رَمْيِهَا يَدْعُو بِمَا شَاءَ بِقَدْرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ عَجَزَ إلَخْ) وَمِنْ الْعَجْزِ الْحَبْسُ وَلَوْ بِحَقٍّ لِعَاجِزٍ عَنْ الْأَدَاءِ بِخِلَافِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ، كَمَا فِي تَحَلُّلِ الْمُحْصِرِ وَدَخَلَ فِي الْعَاجِزِ النَّائِبُ عَنْ مَعْضُوبٍ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الرَّمْيِ) يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ قُدْرَتَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَمْ يَسْتَنِبْ فِيمَا قَبْلَهُ، قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (اسْتَنَابَ) أَيْ وُجُوبًا وَلَوْ لِحَلَالٍ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ فَاضِلَةٍ عَمَّا فِي الْفِطْرَةِ، وَلَا يَنْعَزِلُ النَّائِبُ بِإِغْمَاءِ الْمُسْتَنِيبِ أَوْ جُنُونِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بَعْدَ رَمْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ، فَلَوْ رَمَى الْجَمْرَةَ سَبْعَةً عَنْ نَفْسِهِ وَسَبْعَةً عَنْ مُسْتَنِيبِهِ لَمْ تُحْسَبْ هَذِهِ فَيَرْمِي لِلثَّلَاثَةِ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ يَعُودُ فَيَرْمِيهَا عَنْ مُسْتَنِيبِهِ كَمَا أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ خَالَفَ) بِأَنْ رَمَى عَنْ غَيْرِهِ لَمْ يَقَعْ عَنْ الْغَيْرِ، وَإِنْ نَوَاهُ كَمَا مَرَّ وَيَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ. تَنْبِيهٌ: ذِكْرُهُمْ الِاسْتِنَابَةَ لِلْعَاجِزِ عَنْ الرَّمْيِ وَسُكُوتُهُمْ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَوَاجِبَاتِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الِاسْتِنَابَةِ فِيهَا، وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا قَالُوهُ فِي الْحَائِضِ مِنْ أَنَّ الطَّوَافَ يَبْقَى فِي ذِمَّتِهَا، وَلَمْ يَقُولُوا بِجَوَازِ اسْتِنَابَتِهَا فِيهِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالْوَقْتُ) أَيْ وَقْتُ الرَّمْيِ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الرَّمْيِ) أَيْ لَكِنَّهَا تُسَنُّ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثِ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فَتَأَمَّلْهُ.   [حاشية عميرة] اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ فِي رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ لَا أَعْلَمُ لَهُ مُسْتَنَدًا، وَلَوْ رَمَى بِأَصْغَرَ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ أَوْ بِأَكْبَرَ كُرِهَ. قَوْلُهُ: (وَقْتُ الرَّمْيِ) بَحَثَ السُّبْكِيُّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْوَقْتَ إلَى النَّفْرِ عَلَى قَوْلِ الْأَدَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَدَارَكَهُ فِي بَاقِي الْأَيَّامِ عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَوَّزَ ذَلِكَ لِلرُّعَاةِ، فَلَوْ كَانَتْ بَقِيَّةُ الْأَيَّامِ غَيْرَ صَالِحَةٍ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ، كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لَكِنْ لَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِي تَأْخِيرِ النَّحْرِ، وَلَا فِي تَأْخِيرِ يَوْمَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَدَاءِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إذَا قُلْنَا بِالْأَدَاءِ جَازَ تَأْخِيرُ يَوْمٍ وَيَوْمَيْنِ لِيَفْعَلَهُ بَعْدُ، وَيَجُوزُ أَيْضًا تَقْدِيمُ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ، لِيَفْعَلَهُ مَعَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْإِمَامِ وَجَزَمَ بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 لِمُجَاوَزَتِهِ لِلْوَقْتِ الْمَضْرُوبِ لَهُ، وَعَلَى الْأَدَاءِ يَكُونُ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ وَقْتَ اخْتِيَارٍ كَوَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِلصَّلَاةِ وَجُمْلَةُ الْأَيَّامِ فِي حُكْمِ الْوَقْتِ الْوَاحِدِ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ رَمْيِ التَّدَارُكِ عَلَى الزَّوَالِ، وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمْيِ يَوْمِ التَّدَارُكِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَعَلَى الْقَضَاءِ لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا، وَيَجُوزُ التَّدَارُكُ بِاللَّيْلِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَتَأَقَّتُ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الرَّمْيَ عِبَادَةُ النَّهَارِ كَالصَّوْمِ، هَذَا جَمِيعُهُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ، وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَحَكَى فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَلَى الْقَضَاءِ وَجْهَيْنِ فِي التَّدَارُكِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ رَمْيُ قَضَاءٍ وَلَا أَدَاءً، قَالَ: وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي التَّدَارُكِ لَيْلًا، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ أَدَاءً فَفِيهِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَاللَّيْلِ الْخِلَافُ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ فَإِنَّ تَعَيُّنَ الْوَقْتِ بِالْأَدَاءِ أَلْيَقُ، وَهَذَا مَا أَوْرَدَهُ فِي الْكِتَابِ فَقَالَ: إذَا قُلْنَا أَدَاءً تَأَقَّتَ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ انْتَهَى وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّ الرَّمْيَ الْمَتْرُوكَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ لَا يَتَدَارَكُ فِي بَاقِيهَا كَمَا لَا يَتَدَارَكُ بَعْدَهَا. (وَلَا دَمَ) مَعَ التَّدَارُكِ وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ الدَّمُ مَعَهُ كَمَا لَوْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ يَقْضِي وَيَفْدِي (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَدَارَكْ الْمَتْرُوكَ (فَعَلَيْهِ دَمٌ) فِي تَرْكِ رَمْيِ الْيَوْمِ وَكَذَا فِي الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الرَّمْيَ فِيهَا لِشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَفِي قَوْلٍ: يَجِبُ لِتَرْكِ رَمْيِ كُلِّ يَوْمٍ دَمٌ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بِرَأْسِهَا، وَعَلَى قَوْلِ عَدَمِ التَّدَارُكِ يَجِبُ لِكُلِّ يَوْمٍ دَمٌ لِفَوَاتِ رَمْيِهِ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ وَاسْتِقْرَارِ بَدَلِهِ فِي الذِّمَّةِ. (وَالْمَذْهَبُ تَكْمِيلُ الدَّمِ فِي) تَرْكِ (ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ) أَيْضًا كَمَا يُكْمِلُ فِي حَلْقِ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ، وَقِيلَ: إنَّمَا يُكْمِلُ فِي وَظِيفَةِ جَمْرَةٍ كَمَا يُكْمِلُ فِي وَظِيفَةِ جَمْرَةِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَفِي الْحَصَاةِ وَالْحَصَاتَيْنِ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ الْأَقْوَالُ فِي حَلْقِ الشَّعْرَةِ وَالشَّعْرَتَيْنِ أَظْهَرُهَا أَنَّ فِي الْحَصَاةِ الْوَاحِدَةِ مُدَّ طَعَامٍ، وَالثَّانِي دِرْهَمًا، وَالثَّالِثُ ثُلُثَ دَمٍ عَلَى الْأَوَّلِ وَسُبْعَهُ عَلَى الثَّانِي، وَفِي الْحَصَاتَيْنِ ضِعْفَ ذَلِكَ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَقَعُ مُرَتَّبًا وَإِنْ قُصِدَ خِلَافُهُ وَلَا يُحْسَبُ رَمْيُهُ عَنْ يَوْمِهِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الثَّلَاثِ عَنْ أَمْسِهِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِرَمْيِ الْجَمَرَاتِ أَيْ الْحَصَيَاتِ فِيهَا وَمَسَافَةُ بُعْدِ الْأُولَى عَنْ مَسْجِدِ الْخَيْفِ أَلْفُ ذِرَاعٍ وَمِائَتَا ذِرَاعٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا، وَعَنْ الْوَسَطِيِّ مِائَتَا ذِرَاعٍ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَبَيْنَ الْوَسَطِ وَجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِائَتَا ذِرَاعٍ وَثَمَانِيَةُ أَذْرُعٍ، وَبَيْنَ هَذِهِ وَبَابِ السَّلَامِ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفِ ذِرَاعٍ وَمِائَتَا ذِرَاعٍ وَأَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا كُلُّ ذَلِكَ بِذِرَاعِ الْيَدِ، وَهُوَ يَنْقُصُ عَنْ الذِّرَاعِ الْمِصْرِيِّ بِنَحْوِ ثُمُنِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْقَضَاءِ لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ) فِيهِ نَظَرٌ مَعَ وُقُوعِ الرَّمْيِ عَنْ الْفَائِتِ قَهْرًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ التَّدَارُكُ بِاللَّيْلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَكَذَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ. وَكَذَا فِي بَاقِي الْأَيَّامِ. وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ مَعْذُورٍ تَأْخِيرُ رَمْيِ كُلِّ يَوْمٍ عَنْ غُرُوبِهِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ التَّدَارُكَ أَدَاءٌ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ) الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي الْكِتَابِ) أَيْ الْوَجِيزِ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ أَخَّرَ إلَخْ) وَدُفِعَ بِأَنَّ التَّدَارُكَ هُنَا أَدَاءٌ وَلَوْ فِي اللَّيْلِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ دَمٌ) أَيْ وَإِنْ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ كَسَهْوٍ وَنِسْيَانٍ وَغَفْلَةٍ، وَكَذَلِكَ لِشُغْلٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ) أَيْ فَأَكْثَرَ قَالَ فِي الْمَنْهَجِ: وَلَوْ مِنْ الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ. قَالَ شَيْخُنَا: الْغَايَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ فَأَكْثَرَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ كَتَرْكِ وَاحِدَةٍ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ أَوْ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَمَا بَعْدَهُ أَوْ مِنْ يَوْمِ الْعِيدِ وَمَا بَعْدَهُ، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ تَرْكُ عِشْرِينَ رَمْيَةً فَأَقَلَّ فِي أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهَا أَنَّ فِي الْحَصَاةِ الْوَاحِدَةِ مُدُّ طَعَامٍ) وَفِي الِاثْنَيْنِ مُدَّانِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَلَيْهِ لَوْ عَجَزَ عَنْ الْمُدِّ صَامَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ يُجْبَرُ الْمُنْكَسِرُ. كَذَا قَالَهُ النَّشِيلِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمُدُّ مُقَابِلٌ لِثُلُثِ الْعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَثُلُثُ يَوْمٍ وَذَلِكَ عَشْرُ أَثْلَاثٍ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهَا فِي الْحَجِّ وَهِيَ يَوْمٌ وَاحِدٌ، وَبَاقِيهِ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَهُوَ سَبْعَةُ أَثْلَاثٍ فَهِيَ يَوْمَانِ وَثُلُثُ يَوْمٍ فَيَكْمُلُ الثُّلُثُ يَوْمًا، فَالْجُمْلَةُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ فَقَطْ، وَلَعَلَّ النَّشِيلِيُّ اعْتَبَرَ أَنَّ ثُلُثَ الْعَشَرَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَثُلُثٌ تَكْمُلُ أَرْبَعَةً وَثُلُثُهَا فِي الْحَجِّ، وَهُوَ يَوْمٌ وَثُلُثٌ فَيَكْمُلُ الثُّلُثُ يَوْمًا فَهِيَ يَوْمَانِ، وَبَاقِيهِ إذَا رَجَعَ وَهُوَ   [حاشية عميرة] فِي الصَّغِيرِ انْتَهَى، وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ خِلَافُهُ فِي التَّقْدِيمِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الزَّوَالِ) أَيْ وَلَوْ لَيْلًا وَإِنْ لَمْ تُقَدَّمْ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ التَّدَارُكُ بِاللَّيْلِ) سَكَتَ عَنْ قَبْلِ الزَّوَالِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْكَبِيرِ بِالْمَنْعِ عَلَى قَوْلِ الْقَضَاءِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ تَجْوِيزِهِ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْأَدَاءِ، وَأَيْضًا فَالنَّهَارُ مَحَلٌّ لِلرَّمْيِ فِي الْجُمْلَةِ فَكَيْفَ يَمْتَنِعُ فِيهِ وَيَجُوزُ لَيْلًا. قَوْلُهُ: (كَمَا لَا يَتَدَارَكُ بَعْدَهَا) أَيْ وَكَمَا لَا يَتَدَارَكُ الْوُقُوفُ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ إلَخْ) أَيْ إذَا جَعَلْنَا قَضَاءً. قَوْلُهُ: (وَالثَّلَاثَةُ) مِثْلُهَا الْأَرْبَعَةُ. قَوْلُهُ: (كَمَا يُكَمَّلُ) أَيْ بِالِاتِّفَاقِ قَوْلُهُ: (فِي وَظِيفَةِ جَمْرَةٍ) أَيْ وَهِيَ سَبْعَةٌ وَهَذَا سَاقَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَوْلًا خَامِسًا، وَجُعِلَ الثَّانِي أَنَّ لِوَظِيفَةِ كُلِّ يَوْمٍ دَمًا كَامِلًا، وَالثَّالِثُ لِيَوْمِ النَّحْرِ دَمٌ وَلِلْبَاقِي دَمٌ، وَالرَّابِعُ أَنَّ الثَّلَاثَ جَمَرَاتٍ كَالشَّعَرَاتِ الثَّلَاثِ، فَإِذَا تَرَكَ جَمِيعَهَا مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ كَمَّلَ الدَّمَ، وَفِي الْجَمْرَةِ وَالْجَمْرَتَيْنِ الْأَقْوَالُ فِي الشَّعْرَةِ وَالشَّعْرَتَيْنِ انْتَهَى. وَكُلُّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 تَتِمَّةٌ: يَجِبُ، وَفِي قَوْلٍ: يُسْتَحَبُّ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ دَمٌ، وَفِي قَوْلٍ: فِي كُلِّ لَيْلَةٍ دَمٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فِي اللَّيْلَةِ مُدٌّ وَفِي قَوْلٍ دِرْهَمٌ، وَفِي آخَرَ ثُلُثُ دَمٍ، وَفِي اللَّيْلَتَيْنِ ضِعْفُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَنْفِرْ قَبْلَ الثَّالِثَةِ، فَإِنْ نَفَرَ قَبْلَهَا فَفِي وَجْهِ الْحُكْمِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا لَيْلَتَيْنِ، وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الدَّمِ بِكَمَالِهِ، لِتَرْكِ جِنْسِ الْمَبِيتِ بِمِنًى. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَتَرْكُ الْمَبِيتِ نَاسِيًا كَتَرْكِهِ عَامِدًا، صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ أَمَّا مَنْ هُمْ كَأَهْلِ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ وَرِعَاءِ الْإِبِلِ فَلَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ غَيْرِ دَمٍ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لِلْعَبَّاسِ، أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى لِأَجْلِ السِّقَايَةِ» ، وَرَوَى مَالِكٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ أَنْ يَتْرُكُوا الْمَبِيتَ بِمِنًى» ، الْحَدِيثَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَإِذَا رَمَى يَوْمَ النَّحْرِ فَفِي تَدَارُكِهِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ طَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَدَارُكِ رَمْيِهَا، وَالثَّانِي لَا يَتَدَارَكُ قَطْعًا لِأَنَّ لَهُ أَثَرًا فِي التَّحَلُّلِ بِخِلَافِ رَمْيِهَا وَعَلَى التَّدَارُكِ يَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهِ أَدَاءً وَجَوَازُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَوُجُوبُ التَّرْتِيبِ بَعْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ الصَّلَاحِ فِي مَنَاسِكِهِمَا. (وَإِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ) بَعْدَ فَرَاغِ النُّسُكِ (طَافَ لِلْوَدَاعِ) رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ طَافَ لِلْوَدَاعِ» ، وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ» أَيْ بِالْبَيْتِ كَمَا   [حاشية قليوبي] يَوْمَانِ وَثُلُثَانِ فَيَكْمُلُ يَوْمًا فَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ بَلْ الصَّوَابُ الْأَوَّلُ فَتَأَمَّلْهُ. وَعَلَى هَذَا فَفِي الْمُدَّيْنِ سَبْعَةُ أَيَّامٍ يَوْمَانِ فِي الْحَجِّ وَخَمْسَةٌ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ. قَوْلُهُ: (يَجِبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَفِي اللَّيْلَةِ مُدٌّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الدَّمِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَلَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ لَيَالِي مِنَى) مِنْ غَيْرِ دَمٍ بِشَرْطِ أَنْ يَخْرُجَ الرِّعَاءُ مِنْ مِنًى قَبْلَ الْغُرُوبِ، بِخِلَافِ أَهْلِ السِّقَايَةِ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ لَيْلًا. وَخَرَجَ بِالْمَبِيتِ الرَّمْيُ وَلَوْ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَلَيْسَ لَهُمْ تَرْكُهُ وَيَتَدَارَكُونَهُ مَا بَقِيَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَفِيهِ الدَّمُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي غَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: (كَأَهْلِ إلَخْ) فَمِثْلُهُمْ مَنْ يَخَافُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ فَوْتِ مَطْلُوبٍ كَآبِقٍ أَوْ ضَيَاعِ مَرِيضٍ بِلَا مُتَعَهِّدٍ أَوْ مَوْتِ نَحْوِ قَرِيبٍ فِي غَيْبَتِهِ، فَلَوْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِلَا دَمٍ لَا الرَّمْيَ، وَسِقَايَةُ الْعَبَّاسِ لَيْسَتْ قَيْدًا بَلْ كُلُّ سِقَايَةٍ كَذَلِكَ، وَسَوَاءٌ رِعَاءُ إبِلِ الْحَاجِّ وَغَيْرِهَا. تَنْبِيهٌ: اسْتَنْبَطَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ بَاتَ مَنْ شُرِطَ مَبِيتُهُ فِي مَدْرَسَتِهِ مَثَلًا خَارِجَهَا لِنَحْوِ خَوْفٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ زَوْجَةٍ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ مَعْلُومِهِ شَيْءٌ. فَرْعٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَبِيتَ لَا يَسْقُطُ بِالسَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ وَالنِّسْيَانِ كَمَا مَرَّ فِي الرَّمْيِ، فَفِيهِ الدَّمُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ جَوَازُ التَّدَارُكِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِهِ. فَرْعٌ: يُنْدَبُ لِمَنْ نَفَرَ مِنْ مِنًى فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَكَذَا فِي الثَّانِي عَلَى مَا بَحَثَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنْ يَنْزِلَ بِالْمُحَصَّبِ وَيُصَلِّيَ بِهِ الْعَصْرَيْنِ وَالْمَغْرِبَيْنِ وَيَبِيتَ بِهِ لِلِاتِّبَاعِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْمَنَاسِكِ وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ ثُمَّ مُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ، وَتَشْدِيدِ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ، وَادٍ مُتَّسِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى وَإِلَى مِنًى أَقْرَبُ، وَيُقَالُ لَهُ: الْأَبْطُحُ وَالْبَطْحَاءُ وَخَيْفُ بَنِي كِنَانَةَ وَحْدَهُ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ إلَى الْمَقْبَرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ فَرَاغِ النُّسُكِ) صَرِيحُ هَذَا أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجَّ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نِيَّةٍ، وَلَا يَكْفِي   [حاشية عميرة] - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (فَلَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ) لَهُمْ أَيْضًا أَنْ يَدْعُوَا فِي يَوْمٍ، وَيَأْتُوا بِهِ فِي الثَّانِي قَبْلَ رَمْيِهِ نَعَمْ لَا يُرَخَّصُ لَهُمْ فِي تَرْكِ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّ هَذَا لَا يُعْقَلُ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِجَوَازِ تَأْخِيرِ الرَّمْيِ لِغَيْرِ أَرْبَابِ الْأَعْذَارِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَعْذُورِ فِيهَا ضَمُّ تَرْكِ الرَّمْيِ إلَى تَرْكِ الْمَبِيتِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: سَبَبُ الْإِشْكَالِ خَلْطُ طَرِيقَةٍ بِطَرِيقَةٍ، فَإِنَّ طَرِيقَةَ الْبَغَوِيّ أَنَّ التَّدَارُكَ قَضَاءٌ وَالْجُمْهُورِ أَدَاءٌ وَالْبَغَوِيُّ مَعَ أَرْبَابِ الْعُذْرِ مَعَ الزِّيَادَةِ عَلَى يَوْمٍ فَتَبِعَهُ الرَّافِعِيُّ، وَغَفَلَ عَنْ كَوْنِهِ مُفَرَّعًا عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْإِشْكَالِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: الْأَدَاءُ أَوْ الْقَضَاءُ أَمْرٌ اصْطِلَاحِيٌّ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمَا حُكْمُ جَوَازِ التَّأْخِيرِ وَعَدَمِهِ وَاخْتَارَ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَأْخِيرُ رَمْيِ كُلِّ يَوْمٍ عَنْ غُرُوبِهِ لِغَيْرِ الْمَعْذُورِ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّدَارُكَ يَكُونُ أَدَاءً. قَوْلُهُ: (وَرِعَاءِ الْإِبِلِ) حَاوَلَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إبِلَ الْحَاجِّ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْخَوْفِ عَلَى الْمَالِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَهُ أَثَرًا فِي التَّحَلُّلِ) أَيْ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَوُجُوبُ التَّرْتِيبِ بَعْدَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلزَّوَالِ مِنْ قَوْلِهِ. وَجَوَازُهُ قَبْلَ الزَّوَالَ. . قَوْلُ الْمَتْنِ: (طَافَ لِلْوَدَاعِ) لَوْ أَخَّرَ الْحَاجُّ طَوَافَ الرُّكْنِ حَتَّى انْتَهَى أَمْرُهُ مِنْ الْمَبِيتِ، وَالرَّمْيِ ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ فَطَافَ لِلرُّكْنِ، وَخَرَجَ مُسَافِرًا لَمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَوْ أَرَادَ الْحَاجُّ الرُّجُوعَ إلَى بَلَدِهِ مِنْ مِنًى لَزِمَهُ دُخُولُ مَكَّةَ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ إنْ قُلْنَا هُوَ وَاجِبٌ وَلَوْ طَافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ لِلْإِفَاضَةِ ثُمَّ لِلْوَدَاعِ، ثُمَّ أَتَى مِنًى ثُمَّ أَرَادَ النَّفْرَ مِنْهَا فِي وَقْتِهِ إلَى وَطَنِهِ، فَقِيلَ: يُجْزِئُهُ ذَلِكَ الطَّوَافُ، وَقِيلَ: لَا، ذَكَرَهُمَا صَاحِبُ الْبَيَانِ، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ انْتَهَى. وَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي نُسُكٍ وَأَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ كَالْمَكِّيِّ يُرِيدُ سَفَرًا وَالْآفَاقِيِّ يُرِيدُ الرُّجُوعَ إلَى وَطَنِهِ طَافَ لِلْوَدَاعِ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ تَعْظِيمًا لِلْحَرَمِ وَتَشْبِيهًا لِاقْتِضَاءِ خُرُوجِهِ الْوَدَاعَ بِاقْتِضَاءِ دُخُولِهِ لِلْإِحْرَامِ، وَالثَّانِي يُحْمَلُ طَوَافُ الْوَدَاعِ مِنْ الْمَنَاسِكِ فَيَخُصُّهُ بِذِي النُّسُكِ، وَمَنْ أَرَادَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ بَعْدَ فَرَاغِ النُّسُكِ لَا يُؤْمَرُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: أَرَادَ الْخُرُوجَ أَيْ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَدُونَهَا عَلَى الصَّرِيحِ (وَلَا يَمْكُثُ بَعْدَهُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ، فَإِنْ مَكَثَ لِغَيْرِ اشْتِغَالٍ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ كَشِرَاءِ مَتَاعٍ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ زِيَارَةِ صِدِّيقٍ أَوْ عِيَادَةِ مَرِيضٍ أَعَادَهُ، وَإِنْ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ كَشِرَاءِ الزَّادِ وَشَدِّ الرَّحْلِ وَنَحْوِهِمَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَتِهِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّاهَا لَمْ يُعِدْهُ. (وَهُوَ وَاجِبٌ يُجْبَرُ تَرْكُهُ بِدَمٍ) وُجُوبًا (وَفِي قَوْلٍ سُنَّةٌ لَا يُجْبَرُ) أَيْ لَا يَجِبُ جَبْرُهُ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ. (فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ فَخَرَجَ بِلَا وَدَاعٍ فَعَادَ قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) وَطَافَ (سَقَطَ الدَّمُ) كَمَا لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرُ مُحْرِمٍ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ (أَوْ) عَادَ إلَيْهِ (بَعْدَهَا) وَطَافَ (فَلَا) يَسْقُطُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِاسْتِقْرَارِهِ. وَالثَّانِي يَسْقُطُ كَالْحَالَةِ الْأُولَى، وَيَجِبُ الْعَوْدُ فِيهَا، وَلَا يَجِبُ فِي الثَّانِيَةِ. (وَلِلْحَائِضِ النَّفْرُ بِلَا) طَوَافِ (وَدَاعٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ» إلَّا أَنَّهُ خَفَّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ، فَلَوْ طَهُرَتْ قَبْلَ مُفَارَقَةِ خُطَّةِ مَكَّةَ لَزِمَهَا الْعَوْدُ وَالطَّوَافُ، أَوْ بَعْدَهَا فَلَا، وَالنُّفَسَاءُ كَالْحَائِضِ فِي ذَلِكَ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَيُسَنُّ شُرْبُ مَاءِ زَمْزَمَ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَرَوَى مُسْلِمٌ حَدِيثَ «إنَّهَا مُبَارَكَةٌ إنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ» زَادَ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ   [حاشية قليوبي] عَنْهُ طَوَافُ الرُّكْنِ لَوْ أَخَّرَهُ إلَى خُرُوجِهِ وَلَا يَلْزَمُ إلَّا جَبْرٌ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ، وَلَا يُحَطُّ مِنْ الْأُجْرَةِ شَيْءٌ بِتَرْكِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ أَنْ يَطُوفَ عَنْ طِفْلِهِ وَلَا بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَلُزُومُ الدَّمِ بِتَرْكِهِ لِتَبَعِيَّتِهِ لِلْمَنَاسِكِ وَشَبَهِهِ بِهَا صُورَةً، وَيَلْزَمُ الْمُحْرِمَ بَعْدَهُ وَالْحَلَالَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ الطَّوَافُ) هُوَ بَيَانٌ لِمُتَعَلِّقِ الْجَارِّ وَهُوَ إمَّا اسْمُ كَانَ أَوْ خَبَرُهَا. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ دُخُولُ مَكَّةَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ سَوَاءٌ أَرَادَ الْإِقَامَةَ أَوْ لَا إلَى وَطَنِهِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (وَدُونَهَا عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ إنْ كَانَ إلَى وَطَنِهِ أَوْ قَصَدَ إقَامَةً تَقْطَعُ السَّفَرَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ وَالْمَسَافَةُ مُعْتَبَرَةٌ مِنْ مَكَّةَ لَا مِنْ الْحَرَمِ، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَكَثَ بَعْدَهُ) أَيْ فِي مَحَلٍّ لَا يَجُوزُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِ اشْتِغَالِ إلَخْ) وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهُ لَا إنْ تَمَكَّنَ بِأَنْ مَكَثَ بَعْدَ زَوَالِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. نَعَمْ يُغْتَفَرُ هُنَا مَا يُغْتَفَرُ فِي الِاعْتِكَافِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: أَوْ عِيَادَةُ مَرِيضٍ، وَيُغْتَفَرُ فِعْلُ مَا نُدِبَ فِعْلُهُ كَدُخُولِ الْبَيْتِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ وَالْتِزَامِ الْمُلْتَزِمِ وَالدُّعَاءِ فِيهِ، وَشُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ مِنْهَا وَمِنْ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيَنْصَرِفُ بَعْدَ ذَلِكَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَلَا يَمْشِي الْقَهْقَرَى كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ. قَوْلُهُ: (يُجْبَرُ تَرْكُهُ) وَلَوْ بِتَرْكِ بَعْضِهِ وَسَوَاءٌ تَرَكَهُ عَامِدًا أَوْ عَالِمًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا. فَقَوْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ لِتَرْكِهِ نُسُكًا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ وَقَبْلَ وَطَنِهِ أَوْ مَحَلِّ إقَامَتِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَطَافَ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ) وَالْإِثْمُ فَإِنْ لَمْ يَطُفْ كَأَنْ مَاتَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلِلْحَائِضِ تَرْكُهُ) نَعَمْ لِلْمُتَحَيِّرَةِ فِعْلُهُ وَلَا دَمَ لَوْ تَرَكَتْهُ لِلشَّكِّ فِي طُهْرِهَا وَكَالْحَائِضِ مَنْ خَافَ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ أَوْ تَخَلُّفِهِ عَنْ رُفْقَةٍ. قَوْلُهُ: (خُطَّةِ مَكَّةَ) أَيْ أَبْنِيَتِهَا لَا بَعْدَهَا، وَلَوْ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْحَرَمِ فَلَا عَوْدَ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ شُرْبُ مَاءٍ زَمْزَمَ) وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجٍّ   [حاشية عميرة] يُغْنِ ذَلِكَ عَنْ الْوَدَاعِ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (هُوَ وَاجِبٌ) أَيْ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَوْلُهُ وَفِي قَوْلٍ سُنَّةٌ اسْتَدَلَّ لَهُ، بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَوَجَبَ جَبْرُهُ عَلَى الْحَائِضِ، لِأَنَّ الْفِدَاءَ لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ الْمَعْذُورِ وَغَيْرِهِ، كَمَا فِي تَرْكِ الرَّمْيِ قَالَ السُّبْكِيُّ: لَا أَظُنُّ أَحَدًا يَقُولُ بِأَنَّهُ يُجْبَرُ إذَا لَمْ نَجْعَلْهُ نُسُكًا، فَإِنْ قِيلَ بِهِ فَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ، وَاخْتَارَ أَنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ لِذَلِكَ، وَأَجَابَ عَنْ عَدَمِ طَلَبِهِ مِنْ الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ بِأَنَّ شَرْطَهُ إرَادَةُ فِرَاقِهَا، وَلَمْ تُوجَدْ وَحُمِلَ النُّسُكُ فِي حَدِيثِ الْمُهَاجِرِ عَلَى غَيْرِ التَّابِعِ. قَوْلُهُ: (مَا لَوْ عَادَ) وَمَاتَ مَثَلًا قَبْلَ الطَّوَافِ فَإِنَّ الدَّمَ لَا يَسْقُطُ. . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ) أَيْ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ لَا عَقِبَ طَوَافِ الْوَدَاعِ خَاصَّةً، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 «وَشِفَاءُ سُقْمٍ» . (وَزِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ) فَفِي حَدِيثٍ «مَنْ حَجَّ وَلَمْ يَزُرْنِي فَقَدْ جَفَانِي» رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَغَيْرِهِ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُ: «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا تَجُوزُ لِغَيْرِ زَائِرِهِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ زِيَارَةُ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَهَمِّ الْقُرُبَاتِ، فَإِذَا انْصَرَفَ الْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُونَ مِنْ مَكَّةَ اُسْتُحِبَّ لَهُمْ اسْتِحْبَابًا مُتَأَكَّدًا أَنْ يَتَوَجَّهُوا إلَى الْمَدِينَةِ لِزِيَارَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلْيُكْثِرْ الْمُتَوَجِّهُ إلَيْهَا فِي طَرِيقِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، وَيَزِيدُ مِنْهُمَا إذَا أَبْصَرَ أَشْجَارَهَا مَثَلًا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ دُخُولِهِ وَيَلْبَسَ أَنْظَفَ ثِيَابِهِ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدُ قَصَدَ الرَّوْضَةَ وَهِيَ مَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ فَيُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ بِجَنْبِ الْمِنْبَرِ ثُمَّ يَأْتِي الْقَبْرَ فَيَسْتَقْبِلُ رَأْسَهُ وَيَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ، وَيَبْعُدُ مِنْهُ نَحْوَ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ فَيَقِفُ نَاظِرًا إلَى أَسْفَلِ مَا يَسْتَقْبِلُهُ فِي مَقَامِ الْهَيْبَةِ وَالْإِجْلَالِ، فَارِغَ الْقَلْبِ مِنْ عَلَائِقِ الدُّنْيَا، وَيُسَلِّمُ وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ، وَأَقَلُّ السَّلَامِ عَلَيْهِ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك وَسَلَّمَ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» ثُمَّ يَتَأَخَّرُ إلَى صَوْبِ يَمِينِهِ قَدْرَ ذِرَاعٍ فَيُسَلِّمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَإِنَّ رَأْسَهُ عِنْدَ مَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَتَأَخَّرُ قَدْرَ ذِرَاعٍ آخَرَ فَيُسَلِّمُ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى مَوْقِفِهِ الْأَوَّلِ قُبَالَةَ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَتَوَسَّلُ بِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَيَسْتَشْفِعُ بِهِ إلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ، وَمَنْ شَاءَ وَالْمُسْلِمِينَ انْتَهَى.   [حاشية قليوبي] مُعْتَمِرٍ وَأَنْ يَتَضَلَّعَ مِنْهُ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ عِنْدَ شُرْبِهِ مِنْهَا، وَأَنْ يَنْوِيَ حَالَ شُرْبِهِ مَا شَاءَ مِنْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ زَوَالِ مَرَضٍ لِمَا فِي الْحَدِيثِ: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» . وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِفَضْلِهِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ. قَوْلُهُ: (طَعَامٌ طُعِمَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْ الْمَطْعُومَاتِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُشْبِعُ كَالطَّعَامِ. قَوْلُهُ: (وَشِفَاءُ سُقْمٍ) أَيْ شُرْبُ مَائِهَا يَشْفِي مِنْ السَّقَامِ بِقَصْدِهِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ) لَيْسَ قَيْدًا إلَّا لِكَوْنِهِ لَهُ آكَدُ فَتُسَنُّ الزِّيَادَةُ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ. بَلْ قَالَ الْعَبْدَرِيُّ الْمَالِكِيُّ: إنَّ قَصْدَ زِيَارَتِهِ أَفْضَلُ مِنْ قَصْدِ الْكَعْبَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَوْلُهُ: (قَصَدَ الرَّوْضَةَ) فَفِي الْحَدِيثِ: «مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» . أَيْ قِطْعَةٌ مِنْ أَرْضِ الْجَنَّةِ، أَوْ الْعَمَلُ فِيهَا كَالْعَمَلِ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ، أَوْ مُوصِلٌ إلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ، أَوْ أَنَّهَا سَتَكُونُ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، أَوْ الْجَالِسُ فِيهَا يَرَى مِنْ الرَّاحَةِ مَا يَرَاهُ الْجَالِسُ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَعَلَى كُلٍّ يَحْنَثُ مَنْ جَلَسَ فِيهَا وَحَلَفَ أَنَّهُ جَالِسٌ فِي الْجَنَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالْمِنْبَرُ) فَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي» . فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الْآنَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُنْقَلُ إلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّ السَّلَامِ عَلَيْهِ إلَخْ) وَيَزِيدُ عَلَيْهِ مِنْ فُلَانٍ إنْ كَانَ قَدْ حَمَّلَهُ السَّلَامَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ قَدْ الْمُفِيدَةِ لِاسْتِمْرَارِهَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، وَهَذَا أَوْلَى الْأَجْوِبَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا تَرِدُ حَقِيقَةً لِأَنَّ رُوحَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا النُّطْقُ كَمَا قَالَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الْمَلَكُ الَّذِي يُبَلِّغُهُ كَمَا فِي رِوَايَةِ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا يُبَلِّغُنِي، وَكُفِيَ أَمْرَ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ، وَكُنْت لَهُ شَفِيعًا وَشَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . قَوْلُهُ: (يَتَأَخَّرُ) أَيْ يَمْشِي إلَى جِهَةِ يَمِينِهِ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ مَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ فِي مُقَابَلَتِهِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى عُمَرَ) وَرَأْسُهُ عِنْدَ مَنْكِبِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مِثْلِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (قُبَالَةَ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَعَلَامَتُهُ الْكَوْكَبُ الْمُسَمَّى بِالدُّرِّيِّ الْمَلْصُوقِ بِجِدَارِ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ دَاخِلَ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ، وَكَانَ فِيمَا مَضَى مِسْمَارًا مِنْ فِضَّةٍ، وَصَارَ الْآنَ حَجَرًا مِنْ الْأَلْمَاسِ الْأَصْفَرِ أَبْدَلَهُ بِهِ السُّلْطَانُ أَحْمَدُ فِي زَمَنِ سَلْطَنَتِهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَسْتَدْبِرُ الْقَبْرَ الشَّرِيفَ وَإِذَا أَرَادَ السَّفَرَ يُوَدِّعُ الْمَسْجِدَ بِرَكْعَتَيْنِ وَأَعَادَ الزِّيَارَةَ الْمَذْكُورَةَ، ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلُهُ آخِرَ الْعَهْدِ بِي مِنْ حَرَمِ رَسُولِك، وَيَسِّرْ لَنَا الْعَوْدَ إلَى الْحَرَمَيْنِ سَبِيلًا سَهْلًا   [حاشية عميرة] وَيُسَنُّ دُخُولُ الْكَعْبَةِ مِنْ غَيْرِ إيذَاءٍ، قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَإِذَا دَخَلَهَا يَخِرُّ سَاجِدًا. قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ سُجُودُ شُكْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَزِيَارَةُ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ) عَنْ الْعَبْدَرِيِّ الْمَالِكِيِّ أَنَّ زِيَارَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ مِنْ قَصْدِ الْكَعْبَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ فِي الْقُوتِ: وَيُكْرَهُ مَسْحُ الْجِدَارِ بِالْيَدِ وَتَقْبِيلُهُ وَكَذَا إلْصَاقُ الْبَطْنِ، أَوْ الظَّهْرِ بِالْجِدَارِ. قَالَ: وَلَا تَغْتَرَّ بِمَنْ يَفْعَلُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّ السَّلَامِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَيْك إلَخْ) وَإِذَا حَمَّلَهُ أَحَدٌ سَلَامًا يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَهُ السُّبْكِيُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ خَمْسَةٌ: الْإِحْرَامُ بِهِ أَيْ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِيهِ (وَالْوُقُوفُ) بِعَرَفَةَ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» (وَالطَّوَافُ) قَالَ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] (وَالسَّعْيُ) رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَقْبَلَ النَّاسَ فِي الْمَسْعَى، وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْعَوْا فَإِنَّ السَّعْيَ قَدْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ» . (وَالْحَلْقُ إذَا جَعَلْنَاهُ نُسُكًا) وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا تَقَدَّمَ لِتَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ كَالطَّوَافِ. (وَلَا تُجْبَرُ) هَذِهِ الْخَمْسَةُ أَيْ لَا مَدْخَلَ لِلْجُبْرَانِ فِيهَا بِحَالٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُجْبَرُ بِالدَّمِ وَيُسَمَّى بَعْضًا وَغَيْرُهُ يُسَمَّى هَيْئَةً، (وَمَا سِوَى الْوُقُوفِ أَرْكَانٌ فِي الْعُمْرَةِ أَيْضًا) لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ لَهَا. (وَيُؤَدِّي النُّسُكَيْنِ عَلَى أَوْجُهٍ) بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا وَيَبْدَأَ بِالْحَجِّ، أَوْ بِالْعُمْرَةِ، «قَالَتْ عَائِشَةُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (أَحَدُهَا الْإِفْرَادُ بِأَنْ يَحُجَّ ثُمَّ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ كَإِحْرَامِ الْمَكِّيِّ) بِأَنْ يَخْرُجَ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ فَيُحْرِمَ بِهَا. (وَيَأْتِي بِعَمَلِهَا) هَذِهِ الصُّورَةُ الْأَصْلِيَّةُ لِلْإِفْرَادِ، وَيُضَمُّ إلَيْهَا صُوَرُ فَوَاتِ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فِي التَّمَتُّعِ عَلَى وَجْهٍ (الثَّانِي الْقِرَانُ بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا) مَعًا (مِنْ الْمِيقَاتِ وَيَعْمَلَ عَمَلَ الْحَجِّ فَيَحْمِلَانِ) هَذِهِ الصُّورَةَ الْأَصْلِيَّةَ لِلْقِرَانِ (وَلَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ يَحُجَّ قَبْلَ الطَّوَافِ كَانَ قَارِنًا) يَكْفِيهِ عَمَلُ   [حاشية قليوبي] وَارْزُقْنَا الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرُدَّنَا إلَى أَهْلِنَا سَالِمِينَ غَانِمِينَ، وَيَنْصَرِفُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَلَا يَمْشِي الْقَهْقَرَى كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ. تَنْبِيهٌ: يُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً فِي حَالِ الزِّيَارَةِ أَوْ غَيْرِهَا أَنْ يُلْصِقَ ظَهْرَهُ أَوْ بَطْنَهُ بِجِدَارِ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ أَوْ يَمْسَحَهُ بِالْيَدِ وَيُقَبِّلَهَا أَوْ يُقَبِّلَهُ، وَلْيَحْذَرْ مِنْ الطَّوَافِ بِالْقَبْرِ وَالصَّلَاةِ دَاخِلَ الْحُجْرَةِ بِقَصْدِ تَعْظِيمِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ بِالصَّلَاةِ. فُرُوعٌ: يُنْدَبُ الصِّيَامُ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ وَالْمُجَاوَرَةُ بِهَا مِمَّنْ لَمْ تَسْقُطْ حُرْمَتُهَا عِنْدَهُ، وَالتَّصَدُّقُ عَلَى أَهْلِهَا خُصُوصًا الْمَاكِثِينَ بِالْحَرَمِ النَّبَوِيِّ وَالْغُرَبَاءِ، وَمِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ تَقَرُّبُ الْعَوَامّ بِأَكْلِ التَّمْرِ الصَّيْحَانِيِّ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ. فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النُّسُكِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا قَوْلُهُ: (خَمْسَةٌ) سَكَتَ عَنْ عَدِّ التَّرْتِيبِ رُكْنًا سَادِسًا كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْحَجِّ إلَّا فِي جَوَازِ تَقْدِيمِ السَّعْيِ وَالْحَلْقِ عَلَى مَا يَأْتِي. وَفِي الْعُمْرَةِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (أَيْ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِيهِ) أَيْ قَصْدُ أَفْعَالِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ. وَقَدْ مَرَّ تَفْسِيرُ الْإِحْرَامِ بِالدُّخُولِ أَيْضًا وَلَمْ يَجْعَلْهُ هُنَاكَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ الرُّكْنِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ هُنَا. قَوْلُهُ: (كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى السُّبْكِيّ بِقَوْلِهِ: إنَّ النَّوَوِيَّ ضَعَّفَ هَذَا الْحَدِيثَ. قَوْلُهُ: (وَيُؤَدِّي النُّسُكَيْنِ) أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيُؤَدَّى عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْحَجِّ وَحْدَهُ وَالْعُمْرَةِ وَحْدَهَا. قَوْلُهُ: (عَلَى أَوْجُهٍ) أَيْ ثَلَاثَةٍ، وَالْإِطْلَاقُ لَا يَخْرُجُ عَنْهَا عِنْدَ صَرْفِهِ. قَوْلُهُ: (فَيَحْصُلَانِ) وَيَكْفِيَانِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتِهِ وَالْأَعْمَالُ الَّتِي أَتَى بِهَا قِيلَ لِلْحَجِّ، وَإِنَّ الْعُمْرَةَ انْغَمَرَتْ فِيهِ كَالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ مَعَ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ] ِّ إلَخْ قَوْلُهُ: (أَيْ نِيَّةُ الدُّخُولِ) قَدْ فَسَّرَهُ فِيمَا سَلَفَ بِالدُّخُولِ فِي النُّسُكِ، وَعَدَلَ هُنَا إلَى نِيَّةِ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ الْمُلَائِمُ لِلرُّكْنِيَّةِ. قَوْلُهُ: (لِتَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ) أَيْ مَعَ عَدَمِ جَبْرٍ بِالدَّمِ فَلَا يَرُدُّ الرَّمْيَ. قَوْلُهُ: (شُمُولِ الْأَدِلَّةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: بَدَّلَهُ قِيَاسًا عَلَى الْحَجِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى أَوْجُهٍ) هُوَ جَمْعُ قِلَّةٍ لِأَنَّ الْكَيْفِيَّاتِ ثَلَاثٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى وَجْهٍ) مُتَعَلِّقٍ بِقَوْلِهِ يُضَمُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا) أَيْ فَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا مِنْ مَكَّةَ تَغْلِيبًا لِمِيقَاتِ الْحَجِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَعْمَلُ عَمَلَ الْحَجِّ) خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَاشْتَرَطَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 الْحَجِّ، رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّ عَائِشَةَ أَحْرَمَتْ بِعُمْرَةٍ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدَهَا تَبْكِي، فَقَالَ: مَا شَأْنُك؟ قَالَتْ: حِضْت وَقَدْ حَلَّ النَّاسُ وَلَمْ أَحْلِلْ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَهِلِّي بِالْحَجِّ. فَفَعَلَتْ وَوَقَفَتْ الْمَوَاقِفَ حَتَّى إذَا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَدْ حَلَلْت مِنْ حَجِّك وَعُمْرَتِك جَمِيعًا» . وَقَوْلُهُ قَبْلَ الطَّوَافِ أَيْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ، فَلَوْ شَرَعَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ لِأَنَّهُ اشْتَغَلَ بِعَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ. (وَلَا يَجُوزُ عَكْسُهُ فِي الْجَدِيدِ) وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ ثُمَّ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ الطَّوَافِ لِلْقُدُومِ، وَجَوَّزَهُ الْقَدِيمُ قِيَاسًا عَلَى الْعَكْسِ فَيَكُونُ قَارِنًا أَيْضًا وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ إدْخَالَ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ يُفِيدُ زِيَادَةً عَلَى أَعْمَالِهَا بِالْوُقُوفِ وَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَلَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا فِي أَشْهُرِهِ فَقِيلَ لَا يَصِحُّ هَذَا الْإِدْخَالُ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى صِحَّةِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ، وَقِيلَ يَصِحُّ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ وَقْتَ إدْخَالِهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي أَصَحُّ أَيْ فَيَكُونُ قَارِنًا، وَلَوْ أَحْرَمَ بِهِمَا بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ مُرِيدٌ لِلْإِحْرَامِ كَانَ قَارِنًا أَيْضًا وَإِنْ أَسَاءَ. (الثَّالِثُ التَّمَتُّعُ بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ وَيَفْرُغَ مِنْهَا ثُمَّ يُنْشِئَ حَجًّا مِنْ مَكَّةَ) هَذِهِ الصُّورَةُ الْأَصْلِيَّةُ لِلتَّمَتُّعِ، وَيَلْزَمُهُ فِيهِ دَمٌ بِشَرْطِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ لَزِمَهُ دَمُ التَّمَتُّعِ مَعَ دَمِ الْإِسَاءَةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ فَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا وَكَذَا لَوْ جَاوَزَهُ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دَمُ التَّمَتُّعِ عَلَى مَا سَيَأْتِي، فَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا وَلَوْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ، أَوْ مِنْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ بِالْمُتَمَتِّعِ اسْتِمْتَاعُهُ بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ (وَأَفْضَلُهَا) أَيْ أَوْجُهِ أَدَاءِ النُّسُكَيْنِ (الْإِفْرَادُ وَالتَّمَتُّعُ وَفِي قَوْلٍ التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ) وَأَمَّا الْقِرَانُ فَمُؤَخَّرٌ عَنْهُمَا جَزْمًا، لِأَنَّ أَفْعَالَ النُّسُكَيْنِ فِيهِمَا أَكْمَلُ مِنْهَا فِيهِ وَحُكِيَ عَنْ الْمُزَنِيّ   [حاشية قليوبي] الْأَكْبَرِ، وَقِيلَ عَنْهُمَا مَعًا لَمَّا قَالُوا إنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ بِطَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالُوا فِي الْوُضُوءِ مَعَ الْغُسْلِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى وَجْهٍ) أَيْ مَرْجُوحٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمِيقَاتِ) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ لَا قَيْدٌ. قَوْلُهُ: (فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) هُوَ غَيْرُ قَيْدٍ فِي الْإِحْرَامِ وَالْعُمْرَةِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ) وَلَا يَضُرُّ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ وَمَسُّهُ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (فَلَوْ شَرَعَ فِيهِ) وَلَوْ بِخُطْوَةٍ وَلَوْ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الطَّوَافِ أَوْ بَعْدَهُ صَحَّ إحْرَامُهُ وَكَانَ قَارِنًا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَصِحُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ) وَمِنْ مَكَّةَ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (مَسَافَةُ الْقَصْرِ) لَيْسَ قَيْدًا لِلُّزُومِ وَفِيمَا دُونَهَا أَوْلَى. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] طَوَافَيْنِ، وَسَعْيَيْنِ. قَوْلُهُ: (هَذِهِ الصُّورَةُ الْأَصْلِيَّةُ لِلْقُرْآنِ) أَيْ بِخِلَافِ الصُّورَةِ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ أَحْرَمَ إلَخْ، وَكَذَا الصُّورَتَانِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَلَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ إلَخْ. فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ الْقُرْآنِ، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ الصُّورَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَلَا يَتَوَجَّهُ اعْتِرَاضٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْمَتْنِ الْقُرْآنَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ فَإِنَّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً، بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فَلَمْ يُفِدْ الْإِحْرَامُ بِهَا شَيْئًا. قَوْلُهُ: (مُرِيدٌ لِلْإِحْرَامِ) احْتَرَزَ عَنْ غَيْرِ الْمُرِيدِ إذَا بَدَا لَهُ الْإِحْرَامُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْمَتْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ الْمِيقَاتِ. قَوْلُهُ: (هَذِهِ الصُّورَةُ الْأَصْلِيَّةُ لِلتَّمَتُّعِ) أَيْ فَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مِنْهُ الصُّوَرَ الْآتِيَةَ قَرِيبًا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُ فِيهِ دَمٌ) حِكْمَةُ التَّعَرُّضِ لِهَذَا هُنَا مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الْفُرُوعَ الْمَذْكُورَةَ عَقَبَةٌ، تَكَلَّمَ فِيهَا الشَّارِحُ عَلَى حُكْمِ الدَّمِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ) احْتَرَزَ عَنْ دُونِهَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ حَاضِرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ اعْتِبَارُ الْمَسَافَةِ مِنْ الْحَرَمِ لَا مِنْ مَكَّةَ زَادَهَا اللَّهُ شَرَفًا كَذَا ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَقُولُ: وَلْيَنْظُرْ فِي هَذَا وَفِي الْفَرْعِ الْمَنْقُولِ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَهُوَ إذَا دَخَلَ الْآفَاقِيُّ مَكَّةَ غَيْرَ مُرِيدٍ لِلنُّسُكِ، فَكَمَا دَخَلَ اعْتَمَرَ ثُمَّ حَجَّ، قَالَ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ صَارَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ إذْ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ الْإِقَامَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَوْضِعُ تَوَقُّفِهِ، وَلَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِقَامَةِ مِمَّا يُنَازِعُ فِيهِ كَلَامَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ، وَنَقْلَهُمْ عَنْ النَّصِّ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِهَا بَلْ فِي اعْتِبَارِ الِاسْتِيطَانِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ لَيْسَ بِحَاضِرٍ، بَلْ يَلْزَمُهُ الدَّمُ، وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ مَقَالَةَ الْغَزَالِيِّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ جَاوَزَهُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ بَلَغَ مَكَّةَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَمْ لَا كَمَا سَيَأْتِي ثُمَّ غَرَضُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ سَوْقِ هَذِهِ الْفُرُوعِ هُنَا الْحُكْمُ عَلَى فَاعِلِهَا، بِأَنَّهُ مُسَمًّى مُتَمَتِّعًا، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ يَأْبَى ذَلِكَ، فَقَدْ اعْتَذَرَ عَنْهُ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ بَيَانُ الصُّورَةِ الْأَصْلِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ) جَعَلَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ هَذَا مِنْ أَفْرَادِ الْفَاضِلِ. قَالَ: بَلْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ تَأْخِيرِ الْعُمْرَةِ عَنْ الْحَجِّ وَفِعْلِهَا فِي سَنَتِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ مِنْهُمَا، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُ الرُّوَاةِ فِي إحْرَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» وَرَوَيَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا» ، وَرَوَيَا عَنْ جَابِرٍ وَعَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ الْحَجَّ» ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا. وَرَجَّحَ هَذَا بِكَثْرَةِ رُوَاتِهِ وَبِأَنَّ جَابِرًا مِنْهُمْ أَقْدَمُ صُحْبَةً، وَأَشَدُّ عِنَايَةً بِضَبْطِ الْمَنَاسِكِ وَأَفْعَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ لَدُنْ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى أَنْ تَحَلَّلَ وَشَرْطُ تَفْضِيلِ الْإِفْرَادِ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي سُنَّتِهِ، فَلَوْ أُخِّرْت عَنْهَا فَكُلٌّ مِنْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ أَفْضَلُ مِنْهُ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعُمْرَةِ عَنْ سُنَّةِ الْحَجِّ مَكْرُوهٌ. (وَعَلَى الْمُتَمَتِّعِ دَمٌ) قَالَ تَعَالَى {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ} [البقرة: 196] أَيْ بِسَبَبِهَا {إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] . (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) قَالَ تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ} [البقرة: 196] الْحَرَامَ فَلَا دَمَ عَلَى حَاضِرِيهِ (وَحَاضِرُوهُ مِنْ) مَسَاكِنِهِمْ (دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ) كَمَنْ مَسَاكِنُهُمْ بِهَا (قُلْت الْأَصَحُّ مِنْ الْحَرَمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ حَكَى الْوَجْهَيْنِ، وَقَالَ الثَّانِي هُوَ الدَّائِرُ فِي عِبَارَاتِ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: أَنَّهُ أَشْبَهُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَهُمْ مِنْ مَسْكَنِهِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْحَرَمِ، وَقِيلَ: مِنْ نَفْسِ مَكَّةَ وَالْقَرِيبُ مِنْ الشَّيْءِ يُقَالُ إنَّهُ حَاضِرُهُ، قَالَ تَعَالَى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف: 163] أَيْ قَرِيبَةً مِنْهُ وَمِنْ إطْلَاقِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى جَمِيعِ الْحَرَمِ كَمَا هُنَا قَوْله تَعَالَى {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] وَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا ثُمَّ بَدَّلَهُ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ، أَوْ عَقِبَ دُخُولِهَا لَزِمَهُ دَمُ التَّمَتُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْأُولَى، وَالْمُخْتَارُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَاضِرِينَ وَالثَّانِي بَعْدَهُ مِنْهُمْ (وَأَنْ تَقَعَ عُمْرَتُهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ سَنَتِهِ) أَيْ الْحَجِّ فَلَوْ وَقَعَتْ قَبْلَ   [حاشية قليوبي] اخْتِلَافُ الرُّوَاةِ إلَخْ) وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَإِنْ كَانَ الْإِفْرَادُ هُوَ الْأَرْجَحُ بِأَنْ يُقَالَ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ أَوَّلًا مُطْلَقًا، ثُمَّ صَرَفَهُ لِلْعُمْرَةِ ثُمَّ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَيْهَا، فَمَنْ قَالَ إنَّهُ مُطْلَقٌ نَظَرَ إلَى أَوَّلِ إحْرَامِهِ وَمَنْ قَالَ إنَّهُ مُتَمَتِّعٌ نَظَرَ إلَى أَوَّلِ صَرْفِهِ، وَمَنْ قَالَ إنَّهُ قَارِنٌ نَظَرَ إلَى مَا بَعْدَ إدْخَالِ الْحَجِّ، وَمَنْ قَالَ إنَّهُ مُفْرِدٌ نَظَرَ إلَى أَنَّهُ أَتَى بِأَعْمَالِ الْحَجِّ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ فِي الْجَمْعِ غَيْرُ مُتَّجَهٍ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِي سُنَّتِهِ) أَيْ قَبْلَ فَرَاغِ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ سَوَاءٌ اعْتَمَرَ فِيهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ أَوْ قَدَّمَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ، كَأَنْ وَقَعَتْ فِي رَمَضَانَ وَلَوْ بِوُقُوعِ إحْرَامِهَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمُتَمَتِّعِ دَمٌ) فَلَوْ قَرَنَ بَعْدَ عُمْرَتِهِ لَزِمَهُ دَمَانِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ دَمٌ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَسَاكِنِهِمْ إلَخْ) صَرَّحَ بِالْمَسَاكِنِ لِأَنَّهَا الْمُرَادَةُ كَمَا يَأْتِي فِي الرَّوْضَةِ وَمَنْ لَهُ مَسْكَنَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ يَعْتَبِرُ مَا فِيهِ أَهْلُهُ أَيْ زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ وَمَالُهُ ثُمَّ مَا فِيهِ أَهْلُهُ، ثُمَّ مَا كَثُرَتْ إقَامَتُهُ فِيهِ ثُمَّ مَا عَزَمَ عَلَى الرُّجُوعِ إلَيْهِ ثُمَّ مَا خَرَجَ مِنْهُ، ثُمَّ مَا أَحْرَمَ مِنْهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَصْدِ تَوَطُّنٍ غَرِيبٍ بَعْدَ أَدَاءِ النُّسُكِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ إطْلَاقِ إلَخْ) وَكَذَا جَمِيعُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَالْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ الْحَرَمِ إلَّا قَوْله تَعَالَى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] فَالْمُرَادُ بِهِ الْكَعْبَةُ فَقَطْ. كَذَا أَطْلَقُوهُ وَالْوَجْهُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ آيَةُ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ أَيْضًا لِأَنَّ الْمُرَادَ فِيهَا حَقِيقَةُ الْمَسْجِدِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ دَمُ التَّمَتُّعِ) لِأَنَّهُ رَبِحَ مِيقَاتًا بِخِلَافِ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِأَنَّهُ لَا يَرْجُوهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ الْحَرَمِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَكَذَا الْمُخْتَارُ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ) لِمَا يَأْتِي وَلِأَنَّ فِيهِ الْمُبَادَرَةَ بِالْعُمْرَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ تَمَتَّعَ وَلَكِنْ اعْتَمَرَ بَعْدَ الْحَجِّ فَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ مَحَلِّ الْكَلَامِ، وَهُوَ تَأْدِيَةُ فَرْضِ السَّلَامِ لَا مُطْلَقُ التَّأْدِيَةِ. قَوْلُهُ: (فَلَا دَمَ عَلَى حَاضِرِيهِ) قَالُوا الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْحَاضِرَ بِمَكَّةَ مِيقَاتُهُ نَفْسُ مَكَّةَ فَلَا يَكُونُ رَابِحًا مِيقَاتًا، وَاعْتُرِضَ لَهُ بِأَنَّ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَوْ الْحَرَمِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إذَا عَنَّ لَهُ النُّسُكُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَيَجِبُ الدَّمُ بِتَرْكِهِ، فَإِذَا تَمَتَّعَ فَقَدْ اسْتَفَادَ مِيقَاتًا، وَلَك أَنْ تَقُولَ قَطَعُوا النَّظَرَ عَنْ ذَلِكَ، وَجَعَلُوا هَذَا ضَابِطًا لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ الَّذِي يَسْتَفِيدُهُ مَشَقَّتُهُ يَسِيرَةٌ غَالِبًا، فَأُلْحِقَ بِمَنْ فِي مَكَّةَ نَفْسِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَحَاضِرُوهُ إلَخْ) أَيْ بِدَلِيلِ مَنْعِ الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ مَكَّةَ إلَخْ) دَلِيلُهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ فِي الْآيَةِ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ حَقِيقَتَهُ اتِّفَاقًا، فَلَا بُدَّ مِنْ تَجَوُّزٍ وَحَمْلُهُ عَلَى مَكَّةَ أَقَلُّ تَجَوُّزًا، وَدَلِيلُ الثَّانِي أَنَّ الْمَسْجِدَ غَالِبُ إطْلَاقَاتِهِ بِمَعْنَى الْحَرَمِ، فَكَانَ الْإِطْلَاقُ بِالْغَالِبِ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَهُمْ مِنْ مَسْكَنِهِ) يُرِيدُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ تَصْرِيحًا بِالسُّكْنَى بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ تَقَعَ عُمْرَتُهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فَشُرِعَ التَّمَتُّعُ رُخْصَةً، لِأَنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 أَشْهُرِهِ، أَوْ فِيهَا، وَالْحَجُّ فِي سَنَةٍ قَابِلَةٍ فَلَا دَمَ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ أَشْهُرِهِ وَأَتَى بِجَمِيعِ أَفْعَالِهَا فِي أَشْهُرِهِ فَفِي قَوْلٍ يَجِبُ الدَّمُ وَالْأَظْهَرُ لَا لِتَقَدُّمِ أَحَدِ أَرْكَانِهَا وَلَوْ تَقَدَّمَ بَعْضُ أَفْعَالِهَا فَأَوْلَى أَنْ لَا يَجِبَ الدَّمُ أَيْضًا وَعَلَى الْأَوَّلِ قِيلَ يَجِبُ وَالْأَصَحُّ لَا (وَأَنْ لَا يَعُودَ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ إلَى الْمِيقَاتِ) الَّذِي أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ فَلَوْ عَادَ إلَيْهِ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ، وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَلَا دَمَ وَكَذَا لَوْ عَادَ إلَى مِيقَاتٍ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ، لِانْتِفَاءِ تَمَعُّنِهِ وَتَرَفُّهِهِ وَلَوْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ فِي الْأَصَحِّ، ثُمَّ الشَّرْطُ الثَّانِي مَنَاطُ وُجُوبِ الدَّمِ وَالْخَارِجُ بِالْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَلَا تُعْتَبَرُ هَذِهِ الشُّرُوطُ فِي التَّسْمِيَةِ بِالْمُتَمَتِّعِ وَقِيلَ تُعْتَبَرُ فِيهَا أَيْضًا حَتَّى لَوْ فَاتَ شَرْطٌ مِنْهَا يَكُونُ مُفْرِدًا. (وَوَقْتُ وُجُوبِ الدَّمِ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَلَا تَتَأَقَّتُ إرَاقَتُهُ بِوَقْتٍ وَهُوَ دَمُ شَاةٍ بِصِفَةِ الْأُضْحِيَّةِ وَيَقُومُ مَقَامَهَا سُبْعُ بَدَنَةٍ أَوْ سُبْعُ بَقَرَةٍ (وَالْأَفْضَلُ ذَبْحُهُ يَوْمَ النَّحْرِ) وَيَجُوزُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْعُمْرَةِ فِي الْأَظْهَرِ وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنْهَا فِي الْأَصَحِّ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ فِي مَوْضِعِهِ) وَهُوَ الْحَرَمُ بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ فِيهِ أَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يَشْتَرِيهِ بِهِ فِيهِ (صَامَ) بَدَلَهُ (عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ تُسْتَحَبُّ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ) لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ فِطْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلَا تَتَقَدَّمُ عَلَى وَقْتِهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ   [حاشية قليوبي] كَمَا فِي الْمَنْهَجِ: إنَّ اعْتِبَارَ الْحَرَمِ يُؤَدِّي إلَى إدْخَالِ الْبَعِيدِ مَكَّةَ وَإِخْرَاجِ الْقَرِيبِ عَنْهَا لِاخْتِلَافِ الْمَوَاقِيتِ يُقَالُ عَلَيْهِ وَاعْتِبَارُ مَكَّةَ يُؤَدِّي إلَى إدْخَالِ الْبَعِيدِ مِنْ الْحَرَمِ وَإِخْرَاجِ الْقَرِيبِ مِنْهُ لِمَا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ تَقَعَ عُمْرَتُهُ إلَخْ) هُوَ قَيْدٌ لِلُزُومِ الدَّمِ، وَكَوْنِ الْإِفْرَادِ أَفْضَلَ وَإِلَّا فَالتَّمَتُّعُ أَفْضَلُ وَلَا دَمَ، وَلَا يَتَكَرَّرُ الدَّمُ بِتَكَرُّرِهَا عَلَى الْأَرْجَحِ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الدَّمِ قَصْدُ التَّمَتُّعِ وَلَا بَقَاؤُهُ حَيًّا وَلَا وُقُوعُ النُّسُكَيْنِ عَنْ وَاحِدٍ، فَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ وَاحِدٌ لِلْحَجِّ وَآخَرُ لِلْعُمْرَةِ فَتَمَتَّعَ عَنْهُمَا أَوْ اعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَحَجَّ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَكْسُهُ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، ثُمَّ إنْ تَمَتَّعَ بِلَا إذْنِ مُسْتَأْجِرِهِ فَعَلَيْهِ دَمَانِ لِلتَّمَتُّعِ وَاحِدٌ وَلِإِسَاءَتِهِ بِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ وَاحِدٌ أَوْ بِإِذْنِهِ فَدَمٌ وَاحِدٌ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ إنْ أَيْسَرَا مَعًا وَإِلَّا فَالصَّوْمُ عَلَى الْأَجِيرِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ لَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَأَوْلَى) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ لَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الصُّورَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ تَمَتُّعِهِ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الدَّمَ إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِسُقُوطِ مَسَافَةِ الْمِيقَاتِ مِنْ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ الَّذِي هُوَ الْحَجُّ هُنَا وَأَحَدُهُمَا فِي الْقَارِنِ الْآتِي. وَلِذَلِكَ سَقَطَ الدَّمُ عَنْهُ إذَا عَادَ إلَى مِيقَاتٍ وَلَوْ أَقْرَبَ مِنْ مِيقَاتِهِ، أَوْ إلَى مَرْحَلَتَيْنِ وَلَوْ بِغَيْرِ مِيقَاتٍ. وَمَتَى سَقَطَ الدَّمُ سَقَطَ الْإِثْمُ أَيْضًا. وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي مَعْنَى تَسْمِيَتِهِ مُتَمَتِّعًا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا تُعْتَبَرُ هَذِهِ الشُّرُوطُ فِي تَسْمِيَتِهِ مُتَمَتِّعًا الَّذِي هُوَ الْأَصَحُّ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَتَأَقَّتُ إرَاقَتُهُ بِوَقْتٍ) وَيَتَقَيَّدُ مَكَانُهُ بِالْحَرَمِ. قَوْلُهُ: (وَوَقْتُ وُجُوبِ إلَخْ) وَيَجُوزُ ذَبْحُهُ عِنْدَ إرَادَةِ إحْرَامِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا لَهُ سَبَبَانِ. قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ ذَبْحُهُ يَوْمَ النَّحْرِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ وَقْتَ إرَادَةِ الْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قَبْلَهُ وَعَلِمَ قُدْرَتَهُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَجِدْ إلَخْ) أَيْ أَوْ وَجَدَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى الْعُمْرِ الْغَالِبِ كَمَا فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَغَنِيِّ الزَّكَاةِ وَلَوْ وَجَدَهُ لَكِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ فَهُوَ عَاجِزٌ. قَوْلُهُ: (تُسْتَحَبُّ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ) بَلْ تَجِبُ إنْ كَانَ إحْرَامُهُ قَبْلَ يَوْمِ الْعِيدِ بِزَمَنٍ يَسَعُهَا فَأَكْثَرَ وَتَجِبُ بِقَدْرِ مَا أَدْرَكَهُ مِنْهَا إنْ كَانَ إحْرَامُهُ بِقَدْرِ زَمَنٍ لَا يَسَعُهَا فَإِنْ أَخَّرَ مَا أَدْرَكَهُ   [حاشية عميرة] الْغَرِيبَ قَدْ يَقْدَمُ قَبْلَ عَرَفَةَ بِأَيَّامٍ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةُ الْإِحْرَامِ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ بِالْحَجِّ، وَلَا سَبِيلَ إلَى مُجَاوَزَتِهِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، فَرَخَّصَ لَهُ الشَّرْعُ أَنْ يَعْتَمِرَ وَيَتَحَلَّلَ مَعَ الدَّمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ سَنَتِهِ) أَيْ لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يَعْتَمِرُونَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَإِذَا لَمْ يَحُجُّوا مِنْ عَامِهِمْ ذَلِكَ لَمْ يُهْدُوا، ثُمَّ كَلَامُ الْكِتَابِ إلَخْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الدَّمِ نِيَّةُ التَّمَتُّعِ، وَلَا وُقُوعُ النُّسُكَيْنِ عَنْ شَخْصٍ، وَلَا بَقَاؤُهُ حَيًّا إلَى فَرَاغِ الْحَجِّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَفِي الْأُولَى وُجِّهَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ قَوْلٌ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَفِي قَوْلٍ تَجِبُ. قَوْلُهُ: (يَكُونُ مُفْرَدًا) ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ فِيمَا لَوْ فَرَغَ مِنْهَا قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَأَبْقَيَا الْخِلَافَ فِيهَا وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَفْضَلُ ذَبْحُهُ إلَخْ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ إلَخْ) لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ تَعَلَّقَ بِسَبَبَيْنِ فَجَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا كَالزَّكَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ فِي مَوْضِعِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ ذَبْحُهُ بِأَرْضِ الْحَرَمِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَجْزِ الْحِسِّيِّ وَالشَّرْعِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْإِحْرَامِ) كَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ بِزَمَنٍ، يُمْكِنُهُ فِيهِ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ قَبْلَ الْعِيدِ، وَقِيلَ: يَجِبُ وَلَوْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 صَوْمُ شَيْءٍ مِنْهَا فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَلَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَجَوَّزَ صَوْمَهَا لَهُ الْقَدِيمُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ (وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَيَّ أَهْلِهِ فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِلْمُتَمَتِّعِينَ: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْدِ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالثَّانِي إذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] مَسْبُوقٌ بِقَوْلِهِ {ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] فَتُصْرَفُ إلَيْهِ وَكَأَنَّهُ بِالْفَرَاغِ رَجَعَ عَمَّا كَانَ مُقْبِلًا عَلَيْهِ مِنْ الْأَعْمَالِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ تَوَطَّنَ مَكَّةَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجِّ صَامَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَتَوَطَّنْهَا لَمْ يَجُزْ صَوْمُهُ بِهَا، وَلَا يَجُوزُ صَوْمُهَا فِي الطَّرِيقِ إذَا تَوَجَّهَ إلَى وَطَنِهِ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ لِلْعِبَادَةِ الْبَدِينَةِ عَلَى وَقْتِهَا وَقِيلَ يَجُوزُ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ السَّيْرِ أَوَّلَ الرُّجُوعِ وَعَلَى الثَّانِي لَوْ أَخَّرَهُ حَتَّى رَجَعَ إلَى وَطَنِهِ جَازَ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَفِي قَوْلِ التَّقْدِيمِ أَفْضَلُ مُبَادَرَةٍ إلَى الْوَاجِبِ، وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَا يَصِحُّ صَوْمُ شَيْءٍ مِنْ السَّبْعَةِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِأَنَّهُ يُعَدُّ فِي الْحَجِّ (وَيُنْدَبُ تَتَابُعُ الثَّلَاثَةِ وَكَذَا السَّبْعَةُ) وَحُكِيَ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ مِنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا التَّتَابُعُ. (وَلَوْ فَاتَتْهُ الثَّلَاثَةُ فِي الْحَجِّ) وَرَجَعَ إلَى أَهْلِهِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُفَرِّقَ فِي قَضَائِهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّبْعَةِ) كَمَا فِي الْأَدَاءِ وَالثَّانِي يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ الْأَدَاءِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكْفِي التَّفْرِيقُ بِيَوْمٍ فِي قَوْلٍ وَالْأَظْهَرُ يُفَرِّقُ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَمُدَّةِ إمْكَانِ سَيْرِهِ إلَى أَهْلِهِ عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ لِتَتِمَّ مُحَاكَاةُ الْقَضَاءِ لِلْأَدَاءِ، وَإِنْ قُلْنَا يَجُوزُ لَهُ صَوْمُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَفَى التَّشْرِيقُ بِمُدَّةِ إمْكَانِ السَّيْرِ، وَاذَا قُلْنَا الرُّجُوعُ الْفَرَاغُ مِنْ الْحَجِّ وَقُلْنَا لَيْسَ لَهُ صَوْمُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَرَّقَ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَفِي قَوْلٍ بِيَوْمٍ وَفِي آخَرَ لَا يَلْزَمُ التَّفْرِيقُ، وَإِنْ قُلْنَا لَهُ صَوْمُهَا لَمْ يَجِبْ التَّفْرِيقُ، وَقِيلَ يَجِبُ بِيَوْمٍ لِيَقُومَ مَقَامَ انْفِصَالِ الثَّلَاثَةِ فِي الْأَدَاءِ عَنْ السَّبْعَةِ بِكَوْنِهَا فِي الْحَجِّ، وَالْحَاصِلُ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ وَمَا بَعْدَ الْخَامِسِ مُتَدَاخِلٌ، وَفِي سَادِسِ مَخْرَجٍ أَنَّهَا لَا تُقْضَى وَيَسْتَقِرُّ الْهُدَى فِي ذِمَّتِهِ بَدَلَهَا وَفَوَاتُهَا بِفَوَاتِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنْ جَوَّزْنَا لَهُ صَوْمَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَبِفَوَاتِ أَيَّامِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ طَوَافُ الرُّكْنِ عَنْهَا لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ بَعِيدٌ فِي الْعَادَةِ فَلَا يَقَعُ الصَّوْمُ قَبْلَهُ بَعْدَهَا مُرَادًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] وَقِيلَ يَقَعُ. (وَعَلَى الْقَارِنِ دَمٌ كَدَمِ التَّمَتُّعِ) فِي صِفَتِهِ وَبَدَلِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ. (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا فِي الْمُتَمَتِّعِ الْمُلْحَقِ بِهِ الْقَارِنُ فِيمَا ذَكَرَ بِطَرِيقِ   [حاشية قليوبي] مِنْهَا عَصَى، وَكَانَ قَضَاءً وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ الْإِحْرَامَ بِزَمَنٍ يَسَعُهَا لِأَنَّ تَحْصِيلَ سَبَبِ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ. قَوْلُهُ: (إلَى أَهْلِهِ) أَيْ إلَى وَطَنِهِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا الْقَضَاءُ وَسَيَأْتِي لَوْ تَوَطَّنَ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (صَامَ بِهَا) أَيْ مَكَّةَ وَيَجِبُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ الَّتِي هِيَ الْعِيدُ وَالتَّشْرِيقُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَتَوَطَّنْهَا إلَخْ) فَلَا عِبْرَةَ بِإِقَامَتِهِ بِغَيْرِ تَوَطُّنٍ. قَوْلُهُ: (وَيُنْدَبُ إلَخْ) نَعَمْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ يَوْمِ الْعِيدِ بِزَمَنٍ يَسَعُهَا أَوْ بَعْضَهَا وَجَبَ التَّتَابُعُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ يُفَرِّقُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ) يُفِيدُ اعْتِبَارَ إقَامَةِ مَكَّةَ وَأَثْنَاءَ الطَّرِيقِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ. قَوْلُهُ: (الْحَاصِلُ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ) وَهِيَ: عَدَمُ لُزُومِ   [حاشية عميرة] تَأَخَّرَ التَّحَلُّلُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَصَامَهَا بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَحَلَّلَ أَثِمَ، وَصَارَتْ قَضَاءً، وَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي الْحَجِّ، لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ نَادِرٌ فَلَا يَكُونُ مُرَادًا فِي الْآيَةِ قَالَ الْإِمَامُ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ فِي الْحَجِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا، فَإِنْ كَانَ فَلَا كَصَوْمِ رَمَضَانَ وَضَعَّفَهُ الشَّيْخَانِ. فَائِدَةٌ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: حَيْثُ صَارَتْ الثَّلَاثَةُ قَضَاءً فَفِي السَّبْعَةِ قَوْلَانِ فِي تَحْرِيرِ الْجُرْجَانِيِّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَاَلَّذِي فَهِمْته مِنْ كَلَامِ أَكْثَرِهِمْ الْجَزْمُ بِأَنَّهَا أَدَاءٌ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ) وَقِيلَ عَلَى هَذَا الْمُرَادُ وَالرُّجُوعُ مِنْ مِنًى بَعْدَ فَرَاغِ أَعْمَالِ الْحَجِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُنْدَبُ تَتَابُعُ الثَّلَاثَةِ إلَخْ) مُبَادَرَةً إلَى فِعْلِ الْوَاجِبِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْأَدَاءِ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ عَدَمُ وُجُوبِ التَّفْرِيقِ فِي قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ بِقَدْرِ أَوْقَاتِهَا، فَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ، لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ وَاجِبٌ فِي الْأَدَاءِ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ، وَهُوَ الْحَجُّ وَالرُّجُوعُ فَلَمْ يَسْقُطْ بِالْفَوَاتِ كَتَرْتِيبِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَالثَّانِي وَصَحَّحَهُ قَاسَ عَلَى عَدَمِ التَّفْرِيقِ فِي قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَوْلَى، وَفَارَقَ تَفْرِيقَ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَفْرِيقٌ يَتَعَلَّقُ بِالْوَقْتِ، وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الرُّجُوعُ وَالْحَجُّ اهـ. قَوْلُهُ: (وَالْحَاصِلُ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ) وَهِيَ قَوْلُهُ وَالثَّانِي يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ الْأَدَاءِ، وَقَوْلُهُ بِيَوْمٍ فِي قَوْلٍ وَقَوْلُهُ وَالْأَظْهَرُ، وَقَوْلُهُ بِمُدَّةِ إمْكَانِ السَّيْرِ وَقَوْلُهُ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 الْأَوْلَى فَإِنَّ أَفْعَالَ الْمُتَمَتِّعِ أَكْثَرُ مِنْ أَفْعَالِهِ. وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَبَحَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَتْ: وَكُنَّ قَارِنَاتٍ» وَلَوْ دَخَلَ الْقَارِنُ مَكَّةَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ كَمَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُتَمَتِّعِ إذَا عَادَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ إلَى الْمِيقَاتِ، وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْمَ الْقِرَانِ لَا يَزُولُ بِالْعَوْدِ إلَى الْمِيقَاتِ بِخِلَافِ التَّمَتُّعِ. بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ أَيْ مَا يَحْرُمُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ (أَحَدُهَا سَتْرُ بَعْضِ رَأْسِ الرَّجُلِ) مَعَ الْبَعْضِ الْآخَرِ أَوَّلًا (بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا) مِنْ مَخِيطٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقَلَنْسُوَةٍ وَعِمَامَةٍ وَخِرْقَةٍ وَعِصَابَةٍ وَكَذَا طِينٌ ثَخِينٌ فِي الْأَصَحِّ (إلَّا لِحَاجَةٍ) كَمُدَاوَاةٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَيَجُوزُ، وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ وَاحْتُرِزَ بِالرَّجُلِ عَنْ الْمَرْأَةِ وَبِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا عَمَّا لَا يُعَدُّ كَوَضْعِ يَدِهِ أَوْ يَدِ غَيْرِهِ أَوْ زِنْبِيلٍ أَوْ حِمْلٍ وَالتَّوَسُّدِ بِوِسَادَةٍ أَوْ عِمَامَةٍ وَالِانْغِمَاسِ فِي الْمَاءِ وَالِاسْتِظْلَالِ بِالْمَحْمِلِ، وَإِنْ مَسَّ رَأْسَهُ وَشَدَّهُ بِخَيْطٍ لِمَنْعِ الشَّعْرِ مِنْ الِانْتِشَارِ وَغَيْرِهِ (وَلُبْسُ الْمَخِيطِ) كَالْقَمِيصِ (أَوْ الْمَنْسُوجِ) كَالزَّرْدِ (أَوْ الْمَعْقُودِ) كَجُبَّةِ اللَّبَدِ (فِي سَائِرِ) أَيْ بَاقِي (بَدَنِهِ) أَيْ الرَّجُلِ (إلَّا   [حاشية قليوبي] التَّفْرِيقِ، لُزُومُهُ بِيَوْمٍ فَقَطْ، لُزُومُهُ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ، لُزُومُهُ بِمُدَّةِ سَيْرِهِ، لُزُومُهُ بِالْأَخِيرَيْنِ مَعًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ) الْمُتَقَدِّمُ فِي التَّمَتُّعِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَكْفِي أَيُّ مِيقَاتٍ مِنْ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ مِمَّا أَحْرَمَ مِنْهُ، وَفَارَقَ لُزُومَ عَوْدِ الْمُجَاوِزِ لِمَا أَحْرَمَ مِنْهُ لِإِسَاءَتِهِ. فَرْعٌ: لَوْ شَرَعَ الْمُتَمَتِّعُ أَوْ الْقَارِنُ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ وَجَدَ الْهَدْيَ سُنَّ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ أَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَجَبَ الْعَوْدُ إلَيْهِ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ فَرَاغِ الْحَجِّ وَالْوَاجِبُ هَدْيٌ لَمْ يَسْقُطْ، وَيَجِبُ صَرْفُهُ لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ أَوْ صَوْمٌ فَكَرَمَضَانَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ، لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ، وَيُسَنُّ صَرْفُهُ لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ وَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الصَّوْمِ وَهُوَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِمْ. بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ أَيْ بَيَانُ الْأُمُورِ الَّتِي تَحْرُمُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ وَزِيَادَةُ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ غَيْرُ مَعِيبٍ، وَالْمَذْكُورُ فِيهِ الْمُحَرَّمَاتُ عَلَى الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ لِزِيَادَةِ الْفَائِدَةِ، وَعَدَّهَا الْمُصَنِّفُ خَمْسَةً وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِيَةً وَبَعْضُهُمْ عَشْرَةً وَبَعْضُهُمْ عِشْرِينَ، وَهُوَ اخْتِلَافٌ لَفْظِيٌّ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ التَّرْجَمَةِ، وَالْأَنْسَبُ لِخُصُوصِ الْمُحَرَّمِ، الثَّانِي وَلِلْأَعَمِّ، الثَّالِثُ أَوْ الرَّابِعُ لِمُوَافَقَتِهِ لِلنَّظْمِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (رَأْسِ الرَّجُلِ) أَيْ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَمَا بَعْدَ الْخَامِسِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ بِيَوْمٍ وَفِي الْآخَرِ لَا يَلْزَمُهُ وَالْخَمْسَةُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَمِنْهَا مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ. قَوْلُهُ: (الْمُلْحَقِ بِهِ الْقَارِنُ) أَيْ فَدَمُهُ فَرْعٌ عَنْ دَمِ التَّمَتُّعِ، لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فَالْحَالَةُ الَّتِي لَا يَجِبُ فِيهَا عَلَى الْأَصْلِ، لَا يَجِبُ عَلَى الْفَرْعِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْمُلْحَقِ يَعْنِي أَنَّ الْقَارِنَ الْحَقُّ فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ بِالْمُتَمَتِّعِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، لِأَنَّ أَعْمَالَ التَّمَتُّعِ أَكْثَرُ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَالَ: لِأَنَّ دَمَ الْقِرَانِ فَرْعٌ عَنْ دَمِ التَّمَتُّعِ فَإِذَا لَمْ يَجِبْ فِي الْأَصْلِ فَفَرْعُهُ أَوْلَى اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَأَظُنُّ مَنْشَأَهُ عَدَمُ فَهْمِ الْعِبَارَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَهِمْنَاهُ ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ ذَكَرَ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَهُوَ تَابِعٌ لَهُ. وَهُوَ مَوْجُودٌ فَقَطْ قَالُوا لَوْ عَادَ الْقَارِنُ الْغَرِيبُ إلَى الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا، فَالْمَذْهَبُ لَا دَمَ. وَقَالَ الْإِمَامُ: إنْ قُلْنَا فِي الْمُتَمَتِّعِ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ، وَعَادَ لِلْمِيقَاتِ لَا يَسْقُطُ فَكَذَا هُنَا، وَإِنْ قُلْنَا يَسْقُطُ فَوَجْهَانِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِرَانَ فِي حُكْمِ نُسُكٍ وَاحِدٍ فَلَا أَثَرَ لِعَوْدِهِ اهـ. وَذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ) أَيْ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ، وَأَنْ لَا يَعُودَ إلَى الْمِيقَاتِ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ. [بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ] ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلُبْسُ الْمَخِيطِ) أَيْ عَلَى الْعَادَةِ فِي لُبْسِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْمَنْسُوجِ أَوْ الْمَعْقُودِ أَيْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) فَيَجُوزُ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ مِنْهُ وَالْخُفَّيْنِ إذَا قُطِعَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلَا فِدْيَةَ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى لُبْسِ الْمَخِيطِ لِمُدَاوَاةٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ جَازَ وَوَجَبَتْ الْفِدْيَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السِّتْرِ، وَإِنْ سَتَرَ أَوْ لَبِسَ الْمَخِيطَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ، وَمِنْ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ الْقُفَّازُ، وَسَيَأْتِي وَأُلْحِقَ بِهِ مَا لَوْ اتَّخَذَ لِسَاعِدِهِ مَثَلًا مَخِيطًا، أَوْ لِلِحْيَتِهِ خَرِيطَةً يُغْلِقُهَا بِهَا إذَا خَضَّبَهَا (وَوَجْهُ الْمَرْأَةِ كَرَأْسِهِ) أَيْ الرَّجُلِ فِي حُرْمَةِ السَّتْرِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إلَّا لِحَاجَةٍ فَيَجُوزُ، وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ سَتَرَتْهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ (وَلَهَا لُبْسُ الْمَخِيطِ) فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ (إلَّا الْقُفَّازَ فِي الْأَظْهَرِ) وَهُوَ مَخِيطٌ مَحْشُوٌّ بِقُطْنٍ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ لِيَقِيَهُمَا مِنْ الْبَرْدِ وَيُزَرُّ عَلَى السَّاعِدَيْنِ رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي خَرَّ مِنْ بَعِيرِهِ مَيِّتًا: لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا الْعِمَامَةَ وَلَا الْخُفَّ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ مَا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ» زَادَ الْبُخَارِيُّ «وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ» . وَرَوَيَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ» . وَرَوَى مُسْلِمٌ «مَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ» ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بَنَاتَه بِلُبْسِ الْقُفَّازَيْنِ فِي الْإِحْرَامِ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ «لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ إحْرَامٌ إلَّا فِي وَجْهِهَا» ، قَالَا: وَالصَّحِيحُ وَقْفُهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ رَاوِيهِ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: 196] أَيْ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ وَقِيسَ عَلَى الْحَلْقِ بَاقِي الْمُحَرَّمَاتِ لِلْعُذْرِ فَلِغَيْرِهِ أَوْلَى، ثُمَّ اللُّبْسُ مَرْعِيٌّ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَا يُعْتَادُ فِي كُلِّ   [حاشية قليوبي] بَشَرًا وَشَعْرًا فِي حَدِّهِ بِخِلَافِ مَا اسْتَرْسَلَ مِنْهُ وَمِنْ الرَّأْسِ الْبَيَاضُ خَلْفَ الْأُذُنِ وَيَجِبُ كَشْفُ جُزْءٍ مِمَّا حَوَالَيْ الرَّأْسِ الْمُلَاصِقِ لَهُ لِإِتْمَامِ الْوَاجِبِ، وَخَرَجَ بِهِ الْوَجْهُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الذَّكَرُ يَقِينًا فَدَخَلَ الصَّبِيُّ وَخَرَجَ الْخُنْثَى لِأَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ. تَنْبِيهٌ: تَعَدُّدُ الرَّأْسِ يُعْتَبَرُ بِمَا فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا) أَيْ عُرْفًا وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ كَالزُّجَاجِ وَمُهَلْهَلِ النَّسْجِ. قَوْلُهُ: (طِينٌ ثَخِينٌ) بِخِلَافِ الرَّقِيقِ. قَوْلُهُ: (كَوَضْعِ يَدِهِ إلَخْ) وَلَا فِدْيَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّ قَصَدَ بِهِ السَّتْرَ وَإِنْ حُرِّمَ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا حَجَرٍ: وُجُوبُ الْفِدْيَةِ عِنْدَ الْقَصْدِ الْمَذْكُورِ. وَشَرْحُ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ: وَفِيهِ أَنَّ الزِّنْبِيلَ إذَا صَارَ كَالْقَلَنْسُوَةِ وَجَبَتْ فِيهِ الْفِدْيَةُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِظْلَالُ بِالْمَحْمِلِ) وَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ. وَمِثْلُهُ رَفْعُ ثَوْبٍ عَلَى أَعْوَادٍ مَثَلًا لِمَنْعِ نَحْوِ حَرٍّ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَاءِ) وَلَوْ كَدِرًا وَمِثْلُهُ لَبَنُ وَمُصَلٍّ. وَفَارَقَ الصَّلَاةَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ. قَوْلُهُ: (وَشَدَّهُ بِخَيْطٍ) خَرَجَ الْعِصَابَةُ فَتَجِبُ فِيهَا الْفِدْيَةُ، وَلَوْ شَدَّ جِرَاحَهُ بِخِرْقَةٍ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الرَّأْسِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (مِنْ أَسْفَلِ الْكَعْبَيْنِ) وَإِنْ سَتَرَ الْقَدَمَ وَمِثْلُهُ الزُّرْبُولُ وَالزَّرْمُوزَةُ وَنَحْوُ الْقَبْقَابِ، وَالْقَطْعُ قَبْلَ اللُّبْسِ وَإِنْ خَالَفَهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (وَلَا فِدْيَةَ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ وُجْدَانِ غَيْرِهِ فَخَرَجَ مَا لَوْ وَجَدَ غَيْرَهُ كَالنَّعْلِ أَوْ احْتَاجَ لَهُ مَعَ عَدَمِ قَطْعِهِ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مِثْلِهِمَا فَيَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ.   [حاشية عميرة] لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْمَخِيطِ، وَالْمَعْقُودُ هُوَ الَّذِي لَزِقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، كَثَوْبِ الْيَدِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لُبْسُ ثَوْبٍ لَزِقْته مِنْ وَرَقٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إذَا لَمْ يَجِدْ) أَيْ وَلَوْ بِإِعَارَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَتْنِ أَنَّ لُبْسَ الْمَخِيطِ يَتَوَقَّفُ جَوَازُهُ عَلَى فَقْدِ الْغَيْرِ، وَلَا تَكْفِي فِيهِ الْحَاجَةُ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَمُدَاوَاةٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ احْتَاجَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَالْخُفَّيْنِ إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ عَدَمِ النَّعْلَيْنِ لِلْحَدِيثِ الْآتِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَحُكْمُ الْمَدَاسِ وَهُوَ الزُّرْمُوزَةُ حُكْمُ الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ اهـ. أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهَا عَدَمُ النَّعْلَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ فِيهَا بَعْضَ إحَاطَةٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ وَهُوَ الْجَهْلُ أَوْ النِّسْيَانُ مُطْلَقًا أَوْ الْفَقْدُ فِي السَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمُحَرَّمِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي سَائِرِ بَدَنِهِ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُحَرَّمُ أَنْ يَتَّخِذَ لِلسَّاعِدَةِ أَوْ لِعُضْوٍ آخَرَ شَيْئًا مُحِيطًا بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ وَهَكَذَا لَوْ اتَّخَذَ لِحْيَتَهُ خَرِيطَةً فَتَلَخَّصَ أَنَّ ضَابِطَ مَا يُحَرَّمُ، أَنْ يَكُونَ فِيهِ إحَاطَةٌ لِلْبَدَنِ أَوْ لِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ قَالَ نَعَمْ. خَرِيطَةُ اللِّحْيَةِ لَا تَدْخُلُ فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مُسَمَّى الْبَدَنِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) الْمُرَادُ بِالْعُذْرِ هُنَا الْجَهْلُ أَوْ النِّسْيَانُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا الْقُفَّازَ إلَخْ) مِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ لَهَا شَدَّ كُمِّهَا عَلَى يَدِهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ السَّتْرِ بِغَيْرِ الْقُفَّازَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَدِيثِ «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ» إلَخْ) وَرَوَى مُسْلِمٌ «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ» ، وَحَمَلَهُ أَئِمَّتُنَا عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ الْوَجْهَ احْتِيَاطًا لِلرَّأْسِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا» هُوَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ. وَقَالَ الْجُعْفِيُّ: يَجُوزُ لُبْسُ الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ مَعَ وُجُودِ النَّعْلِ. قَوْلُهُ: (وَرَوَى الشَّافِعِيُّ إلَخْ) هَذَا تَوْجِيهٌ مُقَابِلٌ الْأَظْهَرَ. قَوْلُهُ: (وَقِيسَ عَلَى الْحَلْقِ إلَخْ) نَظَرَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 مَلْبُوسٍ، فَلَوْ ارْتَدَى بِقَمِيصٍ أَوْ اتَّزَرَ بِسَرَاوِيلَ فَلَا فِدْيَةَ، كَمَا لَوْ اتَّزَرَ بِإِزَارٍ مُلَفَّقٍ مِنْ رِقَاعٍ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ رِدَاءً، لَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُ الْقَمِيصِ بَلْ يَرْتَدِي بِهِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا وَوَجَدَ سَرَاوِيلَ يَتَأَتَّى الِاتِّزَارُ بِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ اتَّزَرَ بِهِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُهُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ وُجْدَانِ الْإِزَارِ أَوْ النَّعْلَيْنِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَقْدِرَ عَلَى تَحْصِيلِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ بِعِوَضِ مِثْلِهِ أَوْ اسْتِعَارَةٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ، فَلَا يَلْزَمُ قَبُولُهَا لِعِظَمِ الْمِنَّةِ فِيهَا وَإِذَا وَجَدَ الْإِزَارَ أَوْ النَّعْلَيْنِ بَعْدَ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ أَوْ الْخُفَّيْنِ الْجَائِزِ لَهُ وَجَبَ نَزْعُ ذَلِكَ فَإِنْ أَخَّرَ، وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ الْإِزَارَ وَيَشُدَّ عَلَيْهِ خَيْطًا لِيَثْبُتَ وَأَنْ يَجْعَلَ لَهُ مِثْلَ الْحُجْزَةِ وَيُدْخِلَ فِيهَا التِّكَّةَ إحْكَامًا، وَأَنْ يَغْرِزَ طَرَفَ رِدَائِهِ فِي طَرَفِ إزَارِهِ وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الرِّدَاءِ وَلَا حَلُّهُ بِخِلَالٍ أَوْ مِسَلَّةٍ وَلَا رَبْطُ طَرَفِهِ إلَى طَرَفِهِ بِخَيْطٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَخِيطِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُسْتَمْسِكٌ بِنَفْسِهِ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَلَا بُدَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتُرَ مِنْ الْوَجْهِ الْقَدْرَ الْيَسِيرَ الَّذِي يَلِي الرَّأْسَ إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُ سَتْرِ الرَّأْسِ الْوَاجِبِ إلَّا بِهِ وَلَهَا أَنْ تَسْدُلَ عَلَى وَجْهِهَا ثَوْبًا مُتَجَافِيًا عَنْهُ بِخَشَبَةٍ، وَنَحْوِهَا لِحَاجَةٍ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ فِتْنَةٍ، وَنَحْوِهَا أَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنْ وَقَعَتْ الْخَشَبَةُ فَأَصَابَ الثَّوْبُ وَجْهَهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا وَرَفَعَتْهُ فِي الْحَالِ فَلَا فِدْيَةَ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ اسْتَدَامَتْهُ لَزِمَهَا الْفِدْيَةُ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَا ذُكِرَ فِي إحْرَامِ الْمَرْأَةِ وَلُبْسِهَا لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَشَذَّ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فَحَكَى وَجْهًا أَنَّ الْأَمَةَ كَالرَّجُلِ فِي حُكْمِ الْإِحْرَامِ، وَوَجْهَيْنِ فِيمَنْ نِصْفُهَا حُرٌّ وَنِصْفُهَا رَقِيقٌ هَلْ هِيَ كَالْأَمَةِ أَوْ كَالْحُرَّةِ وَإِذَا سَتَرَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ رَأْسَهُ فَقَطْ أَوْ وَجْهَهُ فَقَطْ فَلَا فِدْيَةَ وَإِنْ سَتَرَهُمَا وَجَبَتْ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الْفُتُوحِ وَلَيْسَ لَهُ كَشْفُهُمَا لِأَنَّ فِيهِ تَرْكًا لِلْوَاجِبِ، وَلَهُ كَشْفُ الْوَجْهِ، قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: وَقِيَاسُهُ وَلُبْسُ الْمَخِيطِ   [حاشية قليوبي] وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ نَحْوَ الزُّرْمُوزَةِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (مَثَلًا) فَبَقِيَّةُ أَعْضَائِهِ كَسَاعِدِهِ، نَعَمْ لَا يَضُرُّ لَفُّ خِرْقَةٍ عَلَى يَدِهِ وَيَحْرُمُ رَبْطُهَا عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ لِلِحْيَتِهِ خَرِيطَةً) وَكَذَا لِوَجْهِهِ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ الْمَرْأَةِ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ كَمَا فِي الْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: (يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ) أَيْ الْكَفَّيْنِ، أَمَّا مَا يُعْمَلُ لِلسَّاعِدَيْنِ فَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ لَا لِلرَّجُلِ وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بَنَاتَه إلَخْ) هَذَا دَلِيلٌ مُقَابِلٌ الْأَظْهَرَ الَّذِي سَكَتَ عَنْهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (فَلَا فِدْيَةَ) أَيْ فِي الِارْتِدَاءِ بِالْقَمِيصِ وَإِنْ أَلْقَى كُمَّيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ. وَكَذَا الِارْتِدَاءُ بِالْقَبَاءِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَمْسِكُ فِي قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ. وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ فِي سَاقَيْ الْخُفِّ أَوْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ فِي إحْدَى رِجْلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ تَقَلَّدَ بِنَحْوِ سَيْفٍ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَيَجُوزُ لَفُّ نَحْوِ عِمَامَةٍ عَلَى وَسَطِهِ بِلَا عَقْدٍ وَإِدْخَالُ يَدِهِ فِي كُمِّ غَيْرِهِ، وَالِاحْتِوَاءُ بِحَبْوَةٍ مَثَلًا وَلُبْسُ نَحْوِ خَاتَمٍ لَا دِرْعٍ وَزَرَدِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَرْتَدِي بِهِ) وَلَهُ التَّغْطِيَةُ بِهِ عِنْدَ النَّوْمِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ الْإِزَارَ) خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَخَرَجَ بِالْعَقْدِ الْأَزْرَارُ فَتَجُوزُ إنْ تَبَاعَدَتْ وَإِلَّا فَلَا. وَأَمَّا الْأَزْرَارُ فِي الرِّدَاءِ فَتَحْرُمُ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَوَافَقَهُمْ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْمُتَبَاعِدَةِ. قَوْلُهُ: (مِثْلُ الْحُجْزَةِ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ وَجِيمٍ سَاكِنَةٍ وَزَايٍ مُعْجَمَةٍ، وَهِيَ مَا يَدْخُلُ فِيهَا التِّكَّةُ بِكَسْرِ التَّاءِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَغْرِزَ إلَخْ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ. وَخَرَجَ بِغَرْزِهِ فِيهِ جَعْلُ أَزْرَارٍ بَيْنَهُمَا فَتَحْرُمُ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا خَلُّهُ بِخِلَالٍ أَوْ مِسَلَّةٍ) فَيَحْرُمُ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا. وَكَذَا رَبْطُ طَرَفِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ لِلْمَرْأَةِ) أَيْ الْحُرَّةِ أَنْ تَسْتُرَ إلَخْ. وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا فِيهِ، وَإِنْ نُدِبَ كَالْخَلْوَةِ بِالْمَحَارِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي التَّحْرِيمِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا فِي سَتْرِ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْأَمَةِ. قَوْلُهُ: (فَلَا فِدْيَةَ) لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ فِي الْأَوَّلِ وَذُكُورَتِهِ فِي الثَّانِي. وَلِذَلِكَ لَوْ سَتَرَهُمَا مَعًا وَلَوْ مُرَتَّبًا حُرِّمَ، وَوَجَبَ الْفِدْيَةُ لِتَعَيُّنِ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ كَشْفُ الْوَجْهِ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ وَيَجِبُ   [حاشية عميرة] فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْحَلْقَ إتْلَافٌ، وَهُوَ أَغْلَظُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ إلَخْ) لَوْ تَوَقَّفَ الْإِزَار عَلَى فَتْقِ السَّرَاوِيلِ وَخِيَاطَةِ إزَارٍ مِنْهُ لَمْ يُكَلَّفْ ذَلِكَ، وَاسْتَشْكَلَ بِوُجُوبِ قَطْعِ الْخُفَّيْنِ، وَلَا يُكَلَّفُ بَيْعَ السَّرَاوِيلِ وَشِرَاءَ إزَارٍ، إلَّا إذَا أَمِنَ كَشْفَ عَوْرَتِهِ زَمَنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَلَا يُكَلَّفُ رَبْطَ السَّرَاوِيلِ عَلَى حَدِّ السُّرَّةِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ الْإِزَارَ) لَوْ زَرَّهُ بِأَزْرَارٍ أَوْ شَاكَهُ أَوْ خَاطَهُ لَمْ يَجُزْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الرِّدَاءِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ يَغْرِزَ طَرَفَ رِدَائِهِ) كَذَا لَهُ أَنْ يَرْبِطَهُ فِي الْإِزَارِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) مِنْهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ أَزْرَارًا وَعُرًى يَمْسِكُهُ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَتَرَهُمَا) أَيْ وَلَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ. قَوْلُهُ: (قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي الْبَيَانِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الْفُتُوحِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ سَتْرِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ مَعًا، لِأَنَّ فِيهِ تَرْكًا لِلْوَاجِبِ، وَأَنَّهُ لَوْ قِيلَ يُؤْمَرُ بِكَشْفِ الْوَجْهِ لَكَانَ صَحِيحًا، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَكَشْفُ وَجْهِهِ لَا يُؤَثِّرُ وَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَتِرَ بِغَيْرِهِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ رَجُلًا، فَإِنْ لَبِسَهُ فَلَا فِدْيَةَ لِجَوَازِ كَوْنِهِ امْرَأَةً. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لَا خِلَافَ أَنَّا نَأْمُرُهُ بِالسِّتْرِ وَلُبْسِ الْمَخِيطِ، كَمَا نَأْمُرُ أَنْ يَسْتَتِرَ فِي صَلَاتِهِ كَالْمَرْأَةِ وَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ. وَقِيلَ تَلْزَمُهُ احْتِيَاطًا. (الثَّانِي) مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ (اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ) كَالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ وَالْوَرْسِ وَهُوَ أَشْهُرُ طِيبٍ فِي بِلَادِ الْيَمَنِ وَالزَّعْفَرَانِ، وَإِنْ كَانَ يُطْلَبُ لِلصَّبْغِ وَالتَّدَاوِي أَيْضًا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مَعَ الْوَرْسِ فِي الْحَدِيثِ فِي الثَّوْبِ وَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَدَنُ، وَعَلَيْهِمَا بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الطِّيبِ وَأُدْرِجَ فِيهِ مَا مُعْظَمُ الْغَرَضِ مِنْهُ رَائِحَتُهُ الطَّيِّبَةُ كَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالنِّرْجِسِ وَالْبَنَفْسَجِ وَالرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَى الطِّيبِ مِنْ الدُّهْنِ، كَدُهْنِ الْوَرْدِ وَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ، وَعُدَّ مِنْ اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ أَنْ يَأْكُلَهُ أَوْ يَحْتَقِنَ بِهِ أَوْ يَسْتَعْطِ وَأَنْ يَحْتَوِيَ عَلَى مِجْمَرَةِ عُودٍ فَيَتَبَخَّرَ بِهِ وَأَنْ يَشُدَّ الْمِسْكَ أَوْ الْعَنْبَرَ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ أَوْ تَضَعَهُ الْمَرْأَةُ فِي جَيْبِهَا أَوْ تَلْبَسَ الْحُلِيَّ الْمَحْشُوَّ بِهِ وَأَنْ يَجْلِسَ أَوْ يَنَامَ عَلَى فِرَاشٍ مُطَيَّبٍ أَوْ أَرْضٍ مُطَيَّبَةٍ وَأَنْ يَدُوسَ الطِّيبَ بِنَعْلِهِ لِأَنَّهَا مَلْبُوسَةٌ، وَمَعْنَى اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ فِي مَحَلِّ إلْصَاقٍ بِهِ تَطَيُّبًا فَلَا اسْتِعْمَالَ بِشَمِّ مَاءِ الْوَرْدِ وَلَا بِحَمْلِ الْمِسْكِ وَنَحْوِهِ، فِي كِيسٍ   [حاشية قليوبي] سَتْرُ رَأْسِهِ لِأَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ احْتِيَاطًا كَمَا مَرَّ. وَلِأَنَّ كَشْفَ الْوَجْهِ مِنْ الرَّجُلِ جَائِزٌ وَمِنْ الْمَرْأَةِ وَاجِبٌ، وَالْوُجُوبُ لَا يُنَافِي الْجَوَازَ فَتَأَمَّلْ. تَنْبِيهٌ: إذَا لَبِسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا فَوْقَ آخَرَ أَوْ عِمَامَةً فَوْقَ أُخْرَى فَإِنْ سَتَرَ الثَّانِي زَائِدًا عَلَى مَا سَتَرَهُ الْأَوَّلُ تَعَدَّدَتْ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَلَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ مَنْعُهُ مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ فَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْهَا بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَعَلَى الْوَلِيِّ إنْ كَانَ مُمَيِّزًا فِيهِمَا وَإِلَّا فَلَا فِدْيَةَ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ وَلَوْ مِنْ أَخْشَمَ سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى. وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمُحَرَّمَاتِ الْآتِيَةِ وَخَصَّ الْمَالِكِيَّةُ الطِّيبَ بِمَا قَوِيَ رِيحُهُ كَالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ وَالزَّعْفَرَانِ. تَنْبِيهٌ: يُعْتَبَرُ فِي تَحْرِيمِ جَمِيعِ الْمُحَرَّمَاتِ كَوْنُ الْفَاعِلِ مُكَلَّفًا عَالِمًا عَامِدًا ذَاكِرًا لِلْإِحْرَامِ مُخْتَارًا، وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَلَوْ عَلَى جَاهِلٍ غَيْرِ مَعْذُورٍ لِأَنَّهَا مِمَّا يَخْفَى. وَكَذَا لَا فِدْيَةَ عَلَى غَيْرِ مُمَيِّزٍ كَنَائِمٍ وَمُغْمَى عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَلَا عَلَى مُمَيِّزٍ إلَّا فِيمَا فِيهِ إتْلَافٌ كَإِزَالَةِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ لَا غَيْرِهِ كَجِمَاعٍ وَطِيبٍ. قَوْلُهُ: (مَا مُعْظَمُ الْغَرَضِ مِنْهُ رَائِحَتُهُ) أَيْ وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَخَرَجَ أَكْلُ الْعُودِ وَحَمْلُ الْمِسْكِ فِي نَحْوِ كِيسٍ كَمَا يَأْتِي وَأَشَارَ إلَى عَدَمِ حَصْرِ أَفْرَادِهِ بِقَوْلِهِ كَالْوَرْدِ وَالنِّسْرِينِ وَاللِّبَانِ وَالسَّوْسَنِ وَالْعُبَيْتِرَانِ وَالْمَنْثُورِ وَالنَّمَّامِ وَالْكَاذِي بِالْمُعْجَمَةِ، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي الرَّطْبِ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا فِدْيَةَ وَلَا حُرْمَةَ، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ مَا مُعْظَمُ الْغَرَضِ مِنْهُ أَكْلُهُ كَالتُّفَّاحِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالْأُتْرُجِّ وَالنَّارِنْجِ وَاللَّيْمُونِ وَنَحْوِهَا، أَوْ مَا مُعْظَمُ الْغَرَضِ مِنْهُ التَّدَاوِي كَالْقُرُنْفُلِ وَالْقِرْفَةِ وَالْمُصْطَكَى وَالسُّنْبُلِ وَحَبِّ الْمُحَلَّبِ وَنَحْوِهَا، وَمَا مُعْظَمُ الْغَرَضِ مِنْهُ لَوْنُهُ كَالْعُصْفُرِ وَالْحِنَّاءِ وَمَا لَا يُقْصَدُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ رَيْحَانِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِ كَالشِّيحِ وَالْقَيْصُومِ وَالشَّقَائِقِ وَزَهْرٍ نَحْوِ التُّفَّاحِ وَالْكُمَّثْرَى فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (الْفَارِسِيِّ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا عُلِمَ فَيَشْمَلُ الْمُرْسِينَ وَالرَّيْحَانَ الْقُرُنْفُلِيَّ وَغَيْرَهُمَا. قَوْلُهُ: (وَمَا اشْتَمَلَ إلَخْ) قَالُوا وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ رَبَّى السِّمْسِمَ بِوَرَقٍ نَحْوِ الْوَرْدِ ثُمَّ عَصَرَ دُهْنَهُ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ فِي اسْتِعْمَالِهِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَأْكُلَهُ) أَوْ يَشْرَبَهُ نَعَمْ لَوْ أَكَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ رِيحٌ وَلَا طَعْمٌ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ وَإِنْ ظَهَرَ لَوْنُهُ. وَبِهِ قَالَ الْحَنَابِلَةُ وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ أَكْلَهُ مَعَ غَيْرِهِ مُطْلَقًا وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ أَكْلَ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَحْتَوِيَ) وَكَذَا لَوْ وَصَلَ الْبَخُورُ إلَيْهِ بِجَعْلِهِ أَمَامَهُ مَثَلًا وَأَجَازَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ شَمَّ الرَّيَاحِينِ وَغَيْرِهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَأَنْ   [حاشية عميرة] يُمْنَعُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَهُوَ الْوَاجِبُ ثُمَّ قَالَ: يَعْنِي الْبَيَانَ، وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَلْبَسَ الْمَخِيطَ لِجَوَازِ كَوْنِهِ رَجُلًا، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا فِدْيَةَ لِجَوَازِ كَوْنِهِ امْرَأَةً اهـ. وَقَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ عَنْ الْقَاضِي إنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ سَتْرِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ لَعَلَّهُ مِنْ كَشْفِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ لِيُوَافِقَ مَا سَاقَهُ الشَّارِحُ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي حِكَايَةِ كَلَامِ أَبِي الْفُتُوحِ. قَوْلُهُ: (وَقِيَاسُهُ) أَيْ قِيَاسُ مَا نَقَلَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الْفُتُوحِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ كَشْفُهُمَا إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَتِرَ بِغَيْرِهِ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ الْبَيَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الثَّانِي اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ إلَخْ) وَلَوْلَا خَشْمٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمُرَادُ بِالطِّيبِ مَا ظَهَرَ فِيهِ غَرَضُ التَّطَيُّبِ. قَوْلُهُ: (وَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَدَنُ) أَيْ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (كَدُهْنِ الْوَرْدِ وَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ) صُورَتُهُ أَنْ يُؤْخَذَ دُهْنُ اللَّوْزِ أَوْ السِّمْسِمِ وَنَحْوِهِمَا، ثُمَّ يُطْرَحَ فِيهِ الْوَرْدُ أَوْ الْبَنَفْسَجُ، أَمَّا لَوْ طُرِحَا عَلَى السِّمْسِمِ أَوْ اللَّوْزِ مَثَلًا فَأَخَذَ رَائِحَةً مِنْهُمَا، ثُمَّ اُسْتُخْرِجَ الدُّهْنُ، فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَلِأَنَّهُ رِيحُ مُجَاوِرٍ وَخَالَفَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فَقَالَ: بَلْ هُوَ أَشْرَفُ وَأَلْطَفُ مِنْ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَدُوسَ الطِّيبَ بِنَعْلِهِ) كَذَا أَطْلَقَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَشَرْطُهُ أَنْ يَعْلَقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْهُ، كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ النَّصِّ. قَوْلُهُ: (وَمَعْنَى اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ إلَخْ) قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 أَوْ نَحْوِهِ وَلَا بِأَكْلٍ الْعُودِ أَوْ شَدِّهِ فِي ثَوْبِهِ لِأَنَّ التَّطَيُّبَ بِهِ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّبَخُّرِ بِهِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ جَاهِلًا بِكَوْنِهِ طِيبًا أَوْ ظَانًّا أَنَّهُ يَابِسٌ لَا يَعْلَقُ بِهِ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ وَلَا فِدْيَةَ فِي ذَلِكَ وَلَا فِيمَا إذَا أَلْقَتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ الطِّيبَ لَكِنْ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى إزَالَتِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِيمَا قَبْلَهَا عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ، فَإِنْ أَخَّرَ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ كَمَا تَجِبُ فِي اسْتِعْمَالِهِ الْمُحَرَّمَ، وَتَجِبُ فِيهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْإِزَالَةِ أَيْضًا. (وَدَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ اللِّحْيَةِ) بِدُهْنٍ غَيْرِهِ مُطَيِّبٍ كَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَالزُّبْدِ وَدُهْنِ اللَّوْزِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّزَيُّنِ الْمُنَافِي لِحَدِيثِ الْمُحْرِمُ، أَشْعَثُ أَغْبَرُ أَيْ شَأْنُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَلِكَ فَفِي مُخَالَفَتِهِ بِالدَّهْنِ الْمَذْكُورِ الْفِدْيَةُ وَفِي دَهْنِ الرَّأْسِ الْمَحْلُوقِ الْفِدْيَةُ فِي الْأَصَحِّ لِتَأْثِيرِهِ فِي تَحْسِينِ الشَّعْرِ الَّذِي يَنْبُتُ بَعْدَهُ، وَلَا فِدْيَةَ فِي دَهْنِ رَأْسِ الْأَقْرَعِ وَالْأَصْلَعِ وَذَقَنِ الْأَمْرَدِ، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ هَذَا الدُّهْنِ فِي سَائِرِ الْبَدَنِ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ تَزْيِينَهُ وَيَجُوزُ أَكْلُهُ. (وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُ بَدَنِهِ وَرَأْسِهِ بِخَطْمِيٍّ) أَوْ سِدْرٍ أَيْ يَجُوزُ ذَلِكَ لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يَفْعَلَ وَحَكَى قَدِيمٌ بِكَرَاهَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّزْيِينِ، وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَفَارَقَهُ دَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ بِأَنَّ فِيهِ مَعَ التَّزْيِينِ التَّنْمِيَةَ. (الثَّالِثُ) مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ (إزَالَةُ الشَّعْرِ) مِنْ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِ حَلْقًا أَوْ غَيْرَهُ (أَوْ الظُّفْرِ) مِنْ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ قَلْمًا أَوْ غَيْرَهُ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] وَقِيسَ عَلَى شَعْرِ الرَّأْسِ شَعْرُ بَاقِي الْجَسَدِ وَعَلَى الْحَلْقِ غَيْرُهُ وَعَلَى   [حاشية قليوبي] يَدُوسَ إلَخْ) أَيْ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ طِيبٌ، وَأَنَّهُ يَعْلَقُ بِنَعْلِهِ وَعَلِقَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ إلَّا فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا) أَيْ النَّعْلُ مَلْبُوسُهُ. وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِثَوْبِهِ فِيمَا مَرَّ مُطْلَقُ مَلْبُوسِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ ثَوْبًا. قَوْلُهُ: (فَلَا اسْتِعْمَالَ بِشَمِّ مَاءِ الْوَرْدِ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الرَّيَاحِينِ وَلَوْ بِوَضْعِهِ أَمَامَهُ. قَوْلُهُ: (جَاهِلًا بِكَوْنِهِ طِيبًا) أَوْ بِأَنَّهُ يَعْلَقُ بِهِ نَعَمْ إنْ عَلِمَ الْحُرْمَةَ وَجَهِلَ الْفِدْيَةَ أَوْ ظَنَّهُ نَوْعًا لَيْسَ مِنْ الطِّيبِ فَبَانَ مِنْهُ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (أَلْقَتْهُ عَلَيْهِ الرِّيحُ) وَكَذَا لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ طَيَّبَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَعَجَزَ عَنْ دَفْعِهِ عَنْهُ وَالْفِدْيَةُ فِيهِ عَلَى الْفَاعِلِ إلَّا إنْ اسْتَدَامَهُ فَعَلَيْهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فِي هَذِهِ) وَهِيَ لِقَاءُ الرِّيحِ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا قَبْلَهَا) وَهِيَ صُوَرُ الْجَهْلِ وَظَنُّ الْيُبْسِ وَعَدَمُ كَوْنِهِ يَعْلَقُ وَنِسْيَانُهُ لِلْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ) بِقُدْرَتِهِ عَلَى إزَالَتِهِ وَعِلْمِهِ وَتَذَكُّرِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَخَّرَ) أَيْ الْإِزَالَةَ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ الْمَذْكُورِ وَجَبَ الْفِدْيَةُ. قَوْلُهُ: (وَدَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ اللِّحْيَةِ) وَلَوْ شَعْرَةً أَوْ بَعْضَهَا وَبَقِيَّةُ شُعُورِ الْوَجْهِ كَاللِّحْيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَسَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَدُهْنُ اللَّوْزِ) وَالشَّيْرَجِ وَغَيْرِهِمَا وَلَوْ مِنْ حَيَوَانٍ كَشَحْمٍ مُذَابٍ. قَوْلُهُ: (وَذَقَنُ الْأَمْرَدِ) لَا فِدْيَةَ فِي دُهْنِهِ إلَّا فِي زَمَنِ نَبَاتِ شَعْرِهِ كَمَا فِي الرَّأْسِ الْمَحْلُوقِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَكْلُهُ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَمَسُّ شَيْئًا مِنْ شَعْرِ وَجْهِهِ كَمَا مَرَّ، وَيَجُوزُ الِاكْتِحَالُ بِالْإِثْمِدِ بِلَا طِيبٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِخِلَافِ التُّوتْيَا، وَلَا كَرَاهَةَ لِعَدَمِ الزِّينَةِ وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ الدُّهْنَ غَيْرَ الْمُطَيِّبِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يُفْعَلَ) الْغُسْلُ بِالْخِطْمِيِّ فَهُوَ مُبَاحٌ. قَوْلُهُ: إزَالَةُ الشَّعْرِ وَلَوْ مِنْ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ بِخِلَافِ نَحْوِ الطِّيبِ لِأَنَّهُ تَرَفُّهٌ، وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ كَحَجْمٍ وَحَكٍّ بِنَحْوِ ظُفْرٍ كَتَحْرِيكِ رِجْلِ رَاكِبٍ عَلَى بَرْذَعَةٍ أَوْ قَتَبٍ وَامْتِشَاطٍ فَيَحْرُمُ ذَلِكَ إنْ عَلِمَ إزَالَتَهُ بِهِ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ، وَإِلَّا فَيُكْرَهُ وَلَا فِدْيَةَ وَمَنَعَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ الِامْتِشَاطَ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (مِنْ الرَّأْسِ) وَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْبَدَنِ وَلَوْ مِمَّا تُطْلَبُ إزَالَتُهُ كَشَعْرِ الْعَانَةِ وَدَاخِلِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ، نَعَمْ لَا فِدْيَةَ فِي إزَالَةِ مَا غَطَّى عَيْنَهُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ أَوْ حَاجِبِهِ   [حاشية عميرة] السُّبْكِيّ: عَبَّرَ فِي التَّنْبِيهِ بِشَمِّ الرَّيَاحِينِ وَقَضِيَّتُهُ الِاكْتِفَاءُ فِيهَا بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِلشَّمِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غَرَضُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مَعَ لُصُوقِ الْبَدَنِ مِنْ الشَّمِّ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ شَمَّهَا مِنْ الشَّجَرِ لَا شَيْءَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ فِيهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلِاسْتِعْمَالِ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا يَجِبُ فِي اسْتِعْمَالِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَدَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ) وَلَوْ بِالشَّمْعِ الذَّائِبِ ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ جَمَعَ فِي هَذَا النَّوْعِ الثَّانِي بَيْنَ الطِّيبِ، وَالدُّهْنِ وَلَمْ يَجْعَلْ الْأَدْهَانَ نَوْعًا مُسْتَقِلًّا لِتَقَارُبِهِمَا يَعْنِي مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَرَفُّهٌ، وَلَيْسَ فِيهِ إزَالَةُ عَيْنٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ اللِّحْيَةِ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ. قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ الْمُحْرِمُ إلَخْ) نَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ وَلَوْ كَانَ لِلنَّهْيِ لَحَرُمَ إزَالَةُ الشَّعَثِ وَالْغُبَارِ اهـ. وَالْجَوَابُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَيْ شَأْنُهُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَفَارَقَ دَهْنَ شَعْرِ الرَّأْسِ بِأَنَّ فِيهِ مَعَ التَّزْيِينِ التَّنْمِيَةَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْأَمْرِ، وَأَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ مَعْنًى خَصَّصَهُ. قَوْلُهُ: (وَذَقَنِ الْأَمْرَدِ) وَحَرَّمَ مَالِكٌ نَظَرَهُ لِوَجْهِهِ فِي الْمِرْآةِ بِخِلَافِ الْمَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إزَالَةُ الشَّعْرِ) أَيْ مِنْ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِ) يُكْرَهُ مَشْطُ الشَّعْرِ وَحَكُّهُ بِالظُّفْرِ. قَوْلُهُ: (فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى) لَا يُقَالُ هَذَا التَّوْجِيهُ لَا يَشْمَلُ الثَّلَاثَ شَعَرَاتٍ إذَا أُزِيلَتْ لِعُذْرٍ، لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مِنْ جِهَةِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ الْمَنْصُوصِ لِقَوْلِهِ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 إزَالَةِ الشَّعْرِ إزَالَةُ الظُّفْرِ بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ فِي الْجَمِيعِ وَالْمُرَادُ بِالشَّعْرِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدَةِ فَصَاعِدًا لِمَا سَيَأْتِي (وَتَكْمُلُ الْفِدْيَةُ فِي) إزَالَةِ (ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَظْفَارٍ) لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمَعْذُورِ بِالْحَلْقِ لِلْآيَةِ كَمَا سَيَأْتِي فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى وَالشَّعْرُ يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ وَقِيسَ بِهَا الْأَظْفَارُ، وَلَا يُعْتَبَرُ جَمِيعُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَتُعْتَبَرُ إزَالَةُ الثَّلَاثِ أَوْ الثَّلَاثَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي مَكَان وَاحِدٍ، وَلَوْ حَلَقَ جَمِيعَ شَعْرِ رَأْسِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي مَكَان وَاحِدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ، لِأَنَّهُ يُعَدُّ فِعْلًا وَاحِدًا وَكَذَا لَوْ حَلَقَ جَمِيعَ شَعْرِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ عَلَى التَّوَاصُلِ وَيُقَاسُ بِالشَّعْرِ فِي ذَلِكَ الْأَظْفَارُ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَلَوْ حَلَقَ شَعْرَ رَأْسِهِ فِي مَكَانَيْنِ أَوْ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ لَكِنْ فِي زَمَانَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ وَجَبَتْ فِدْيَتَانِ، وَقِيلَ: وَاحِدَةٌ وَلَوْ حَلَقَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ فِي ثَلَاثَةِ أَمْكِنَةٍ أَوْ فِي ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَجَبَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا يَجِبُ فِيهَا لَوْ انْفَرَدَتْ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فِي الشَّعْرَةِ مُدُّ طَعَامٍ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ مُدَّيْنِ) وَالثَّانِي فِي الشَّعْرَةِ دِرْهَمٌ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ دِرْهَمَانِ، وَالثَّالِثُ ثُلُثُ دَمٍ وَثُلُثَانِ عَلَى قِيَاسِ وُجُوبِ الدَّمِ فِي الثَّلَاثِ عِنْدَ اخْتِيَارِهِ، وَالْأَوَّلَانِ قَالَا تَبْعِيضُ الدَّمِ عُسْرٌ فَعَدَلَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا إلَى الطَّعَامِ لِأَنَّ الشَّرْعَ عَدْلُ الْحَيَوَانِ بِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ وَالشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةَ هِيَ النِّهَايَةُ فِي الْقِلَّةِ وَالْمُدُّ أَقَلُّ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَاتِ فَقُوبِلَتْ بِهِ، وَعَدْلُ الثَّانِي إلَى الْقِيمَةِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ تَقْرِيبًا، فَاعْتُبِرَتْ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى التَّوْزِيعِ وَتَجْرِي الْأَقْوَالُ فِي الظُّفْرِ وَالظُّفْرَيْنِ (وَلِلْمَعْذُورِ) فِي الْحَلْقِ (أَنْ يَحْلِقَ وَيَفْدِيَ) لِلْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ عُذْرُهُ بِكَثْرَةِ الْقُمَّلِ أَمْ لِلتَّأَذِّي بِجِرَاحَةٍ أَوْ بِالْحَرِّ.   [حاشية قليوبي] وَلَا فِي إزَالَةِ مَا ثَبَتَ فِي دَاخِلِ الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (الصَّادِقُ بِالشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ) وَكَذَا بَعْضُ الشَّعْرَةِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (فِي مَكَان وَاحِدٍ) أَيْ وَزَمَانٍ وَاحِدٍ عُرْفًا. قَوْلُهُ: (ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ) وَكَذَا ثَلَاثَةُ أَبْعَاضٍ مِنْ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَفِيهَا مُدَّانِ اتَّحَدَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ، وَإِلَّا فَفِي كُلٍّ بَعْضُ مُدٍّ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ فَرَاجِعْهُ. وَالظُّفْرُ كَالشَّعْرِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِيهِ اتِّحَادًا وَانْفِرَادًا وَبَعْضًا أَوْ كُلًّا وَلَا فِدْيَةَ فِي إزَالَةِ ظُفْرٍ انْكَسَرَ وَتَأَذَّى بِهِ وَلَا فِي إزَالَةِ قِطْعَةِ لَحْمٍ مِنْ رَأْسِهِ مَثَلًا عَلَيْهَا شَعْرٌ، وَلَا فِي قَطْعِ أُصْبُعٍ بِظُفْرِهِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، وَلَوْ أَزَالَ غَيْرُهُ شَعْرَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ قُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُزِيلِ. وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْإِخْرَاجِ وَلَا يَصِحُّ إخْرَاجُهُ عَنْهُ كَالْكَفَّارَةِ. وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ بِالْحِنْثِ فِي السُّكُوتِ مَرْجُوحٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ وَلَوْ حَلَالًا بِإِزَالَةِ شَعْرِ مُحْرِمٍ بِالْحَلْقِ مَثَلًا فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ إنْ قَدَرَ عَلَى الدَّفْعِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْأَمْرِ إنْ عَذَرَ الْمَأْمُورُ الْحَالِقَ بِجَهْلٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ اعْتِقَادِ وُجُوبِ طَاعَةٍ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمَأْمُورِ الْحَالِقِ. قَوْلُهُ: (إنَّ فِي الشَّعْرَةِ الْوَاحِدَةِ مُدَّ طَعَامٍ وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ مُدَّيْنِ) وَإِنْ تَكَرَّرَتْ الْإِزَالَةُ فِي الشَّعْرَةِ أَوْ الشَّعْرَتَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَتَّحِدْ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ سَوَاءٌ اخْتَارَ الْإِطْعَامَ أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا   [حاشية عميرة] وَالشَّعْرُ يَعْنِي الْمَحْلُوقَ بِالْعُذْرِ يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ، وَلَا يُعْتَبَرُ جَمِيعُهُ بِالْإِجْمَاعِ، قَوْلُهُ: (وَالشَّعْرُ يَصْدُقُ بِالثَّلَاثِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ فِي الْآيَةِ مُضَافٌ فَيَعُمُّ قَالَ الْمُعْتَرِضُ: فَلْيُقِمْ الدَّلِيلَ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ صَدٌّ عَنْ الِاسْتِيعَابِ أَوْ يُقَدَّرُ الشَّعْرُ مُنْكَرًا مَقْطُوعًا عَنْ الْإِضَافَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَنْ حَلَقَ، أَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إرَاقَةِ دَمٍ، وَثَلَاثَةِ آصُعٍ وَصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَلَوْ قَلَّمَ ظُفْرًا أَوْ أَزَالَ شَعْرَةً فَقَطْ، مُخَيَّرٌ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا، فَإِنْ اخْتَارَ الصَّوْمَ صَامَ يَوْمًا وَاحِدًا جَزْمًا، وَإِنْ اخْتَارَ الطَّعَامَ أَخْرَجَ صَاعًا جَزْمًا، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّمَ فَهُوَ مَحَلُّ الْأَقْوَالِ هُنَا، أَحَدُهَا ثُلُثُ دَمٍ عَمَلًا بِالتَّقْسِيطِ، وَالثَّانِي دِرْهَمٌ لِمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ، وَالْأَظْهَرُ مُدٌّ لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا. كَذَا قَرَّرَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَهُوَ يَئُولُ إلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالصَّاعِ وَالْمُدِّ فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الشَّيْءِ وَبَعْضِهِ، فَإِنَّ الْمُدَّ بَعْضُ الصَّاعِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مَعْهُودٌ كَالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ، وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ، وَلَوْ قَصَّ الشَّعْرَةَ أَوْ قَلَّمَ الظُّفْرَ دُونَ الْقَدْرِ الْمُعْتَادِ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ عَلَى رَأْسِ الظُّفْرِ كُلِّهِ بَلْ أَخَذَ مِنْ بَعْضِ جَوَانِبِهِ، فَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ فِي الظُّفْرِ الْوَاحِدِ دِرْهَمٌ أَوْ ثُلُثُ دَمٍ، فَالْوَاجِبُ مَا يَقْتَضِيهِ الْحِسَابُ، وَإِنْ قُلْنَا مُدٌّ فَلَا سَبِيلَ إلَى تَبْعِيضِهِ، كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ مُلَخَّصًا بَعْدَ أَنْ قَالَ: قَلَّ مَنْ تَفَطَّنَ لِسِرِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَصْوِيرِهَا، أَقُولُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى قِيَاسِ وُجُوبِ الدَّمِ، ثُمَّ قَوْلُهُ وَإِلَّا وَلِأَنَّ إلَخْ، كَأَنَّهُ إشَارَةٌ لِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ اخْتِيَارِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلدَّمِ مِنْ قَوْلِهِ وُجُوبِ الدَّمِ. قَوْلُهُ: (وَكَانَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مُجَرَّدُ دَعْوَى لَا أَصْلَ لَهَا. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) لَوْ تَأَذَّى بِالْوَسَخِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ثُمَّ مِثْلُ الْحَلْقِ كُلُّ مَحْظُورٍ أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ، فَإِنَّ الْفِدْيَةَ تَجِبُ إلَّا لُبْسَ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ، لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَوِقَايَةَ الرِّجْلِ عَنْ النَّجَاسَةِ مَأْمُورٌ بِهِ فَخَفَّفَ فِيهِمَا لِذَلِكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 (الرَّابِعُ) مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ (الْجِمَاعُ) قَالَ تَعَالَى {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] أَيْ فَلَا تَرْفُثُوا وَلَا تَفْسُقُوا وَالرَّفَثُ مُفَسَّرٌ بِالْجِمَاعِ (وَتَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ) قَبْلَ الْحَلْقِ إنْ جَعَلْنَاهُ نُسُكًا وَإِلَّا فَقِيلَ السَّعْيِ (وَكَذَا الْحَجُّ) يَفْسُدُ بِهِ (قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ) بَعْدَ الْوُقُوفِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا يَفْسُدُ بِهِ وَبَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ وَقِيلَ يَفْسُدُ وَلَا تَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ فِي ضِمْنِ الْقِرَانِ أَيْضًا لِتَبَعِهَا لَهُ، وَقِيلَ تَفْسُدُ بِهِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهَا وَاللِّوَاطُ كَالْجِمَاعِ وَكَذَا إتْيَانٌ لِلْبَهِيمَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا فَسَادَ بِجِمَاعِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ وَمَنْ جُنَّ بَعْدَ أَنْ أَحْرَمَ عَاقِلًا فِي الْجَدِيدِ (وَتَجِبُ بِهِ) أَيْ بِالْجِمَاعِ الْمُفْسِدِ (بَدَنَةٌ) وَقِيلَ: لَا يَجِبُ فِي إفْسَادِ الْعُمْرَةِ إلَّا شَاةٌ فِي الْجِمَاعِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ بِهِ شَاةٌ. وَفِي قَوْلٍ: بَدَنَةٌ. وَلَوْ جَامَعَ ثَانِيًا بَعْدَ أَنْ فَسَدَ حَجُّهُ بِالْجِمَاعِ وَجَبَ فِي الْجِمَاعِ الثَّانِي شَاةٌ وَفِي قَوْلٍ بَدَنَةٌ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُحْرِمَةً أَيْضًا، وَفَسَدَ حَجُّهَا بِالْجِمَاعِ بِأَنْ طَاوَعَتْهُ فَلَا بَدَنَةَ عَلَيْهَا فِي الْأَظْهَرِ وَالْبَدَنَةُ الْوَاحِدُ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَالْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِأَنْ يُتِمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ، وَغَيْرُ النُّسُكِ مِنْ الْعِبَادَاتِ لَا يَمْضِي فِي فَاسِدِهِ إذْ يَحْصُلُ الْخُرُوجُ مِنْهُ بِالْفَسَادِ (وَالْقَضَاءُ) اتِّفَاقًا (وَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ تَطَوُّعًا) فَإِنَّ التَّطَوُّعَ مِنْهُ يَصِيرُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَرْضًا أَيْ وَاجِبَ الْإِتْمَامِ كَالْفَرْضِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ التَّطَوُّعِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْقَضَاءَ (عَلَى الْفَوْرِ) وَالثَّانِي عَلَى التَّرَاخِي كَالْأَدَاءِ وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى تَضَيُّقِهِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَيَقَعُ الْقَضَاءُ عَنْ الْمُفْسِدِ وَيَتَأَدَّى   [حاشية قليوبي] لِمَا فِي الْمَنْهَجِ. وَإِذَا عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الصَّوْمِ. قَوْلُهُ: (الْجِمَاعُ) أَيْ فِي فَرْجٍ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ مُتَّصِلٍ أَوْ مُبَانٍ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ فَيَفْسُدُ بِهِ النُّسُكُ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَيَتَّجِهُ فِي الْخُنْثَى اعْتِبَارُ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهِ بِالْجَنَابَةِ. فَرْعٌ: يَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ تَمْكِينُ الْمُحْرِمِ مِنْ الْجِمَاعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ نُسُكُ صَاحِبِ الْمُبَانِ لَوْ كَانَ مُحْرِمًا، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ بَعْضُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَتَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ) الْمُسْتَقِلَّةُ وَأَمَّا فِي الْقِرَانِ فَهِيَ تَابِعَةٌ لِلْحَجِّ، وَعُلِمَ مِنْ فَسَادِ النُّسُكِ بِهِ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ مَعَهُ إلَّا إنْ نَوَى فِي حَالِ نَزْعِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَفْسُدُ) أَيْ الْحَجُّ بِهِ أَيْ بِالْجِمَاعِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ بِخِلَافِ الرِّدَّةِ فَيَفْسُدُ بِهَا فِي ذَلِكَ وَقَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا فَسَادَ بِجِمَاعِ النَّاسِي) لِلْإِحْرَامِ أَوْ لِلْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (وَالْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ) وَلَوْ غَيْرَ مَعْذُورٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ جُنَّ) أَيْ وَالْمَجْنُونُ وَمِثْلُهُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ وَكُلُّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَيَفْسُدُ بِجِمَاعِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ بِهِ) الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (شَاةٌ) وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ هَذَا الْجِمَاعِ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ بِفَسَادِ حَجِّهَا بِالْجِمَاعِ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ بَلْ هِيَ عَلَى الْوَاطِئِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا بِشَرْطِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْبَدَنَةُ) أَيْ لُغَةً مَا ذَكَرَهُ وَأَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّنْوِيعِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) وَيَجِبُ فِيهِ اجْتِنَابُ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ، وَتَلْزَمُ بِهِ الْفِدْيَةُ وَخَرَجَ بِالْفَاسِدِ الْبَاطِلُ بِالرِّدَّةِ، وَلَوْ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَمْضِي فِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ لِخُرُوجِهِ مِنْهُ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ) وَعَلَى الْوَاطِئِ إنْ كَانَ زَوْجًا مُؤْنَةُ قَضَاءِ حَجِّ زَوْجَتِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَغَيْرَهُمَا وَإِذَا عَضَبَتْ أَنَابَ عَنْهَا مِنْ مَالِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الزَّوْجِ. وَالْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ فِي وَقْتِهِ يَقَعُ نَفْلًا. قَوْلُهُ: (عَنْ الْمُفْسَدِ) بِفَتْحِ السِّينِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَأَدَّى بِهِ إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّ الْإِعَادَةَ مِنْ   [حاشية عميرة] فَائِدَةٌ: مَا كَانَ إتْلَافًا مَحْضًا كَالصَّيْدِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَمَا كَانَ تَرَفُّهًا وَتَمَتُّعًا كَاللُّبْسِ وَالطِّيبِ فَلَا فِدْيَةَ فِي حَالِ النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ، وَمَا أُخِذَ شَبَهًا مِنْهُمَا كَالْجِمَاعِ وَالْقَلْمِ وَالْحَلْقِ فَفِيهِ مَعَ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ فِي الْجِمَاعِ لَا وَفِيهِمَا نَعَمْ. قَوْلُهُ: (أَيْ فَلَا تَرْفُثُوا إلَخْ) إنَّمَا أُوِّلَ بِهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَبَرًا عَلَى بَابِهِ لَاسْتَحَالَ تَخَلُّفُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَفْسُدُ بِهِ الْعُمْرَةُ) مَعْنَى الْفَسَادِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ لَا الْخُرُوجِ مِنْهُ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْحَجُّ) وَالرِّدَّةُ تُبْطِلُهُمَا وَمِنْ ثَمَّ فَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلَانِ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهَا) كَأَنَّ صُورَةَ هَذَا أَنْ يَتَحَلَّلَ التَّحَلُّلَ الْأَوَّلَ بِالرَّمْيِ فَقَطْ، إمَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ لَيْسَ بِنُسُكٍ أَوْ لِأَنَّهُ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يَجِبُ) أَيْ لِأَنَّ رُتْبَتَهَا دُونَ الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (شَاةٌ) أَيْ كَمَا فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِدُونِ الْجِمَاعِ هَذِهِ الْحَاشِيَةُ مُقْتَضَاهَا الْوُجُوبُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي آخِرَ الصَّفْحَةِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ) هِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْكِتَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) فَلَوْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَالصَّحِيحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْقَضَاءُ) بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 بِهِ مَا كَانَ يَتَأَدَّى بِالْمُفْسِدِ، لَوْلَا الْفَسَادُ مِنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ أَوْ غَيْرِهِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي الْقَضَاءِ مِمَّا أَحْرَمَ مِنْهُ فِي الْأَدَاءِ مِنْ مِيقَاتٍ أَوْ قَبْلَهُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مَرَّ بِهِ النُّسُكُ لَزِمَهُ فِي الْقَضَاءِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ وَكَذَا إنْ كَانَ جَاوَزَهُ غَيْرَ مُرِيدٍ فِي الْأَصَحِّ هَذَا إنْ سَلَكَ فِي الْقَضَاءِ طَرِيقَ الْأَدَاءِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَا يَلْزَمُهُ سُلُوكُهُ بِلَا خِلَافٍ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ إذَا سَلَكَ غَيْرَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَةِ الْإِحْرَامِ فِي الْأَدَاءِ، يَعْنِي إنْ لَمْ يَكُنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي مِثْلِ الزَّمَنِ الَّذِي كَانَ أَحْرَمَ فِيهِ بِالْأَدَاءِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ وَالتَّقْدِيمُ عَلَيْهِ، وَيُتَصَوَّرُ قَضَاءُ الْحَجِّ فِي عَامِ الْإِفْسَادِ بِأَنْ يُحْصَرَ بَعْدَ الْإِفْسَادِ وَيَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِي الْفَاسِدِ فَيُحْلِلُ ثُمَّ يَزُولُ الْحَصْرُ وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَيَشْتَغِلُ بِالْقَضَاءِ وَلَوْ أَفْسَدَ الْقَضَاءَ بِالْجِمَاعِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَلَزِمَهُ قَضَاءٌ وَاحِدٌ. تَتِمَّةٌ: يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ مُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ بِشَهْوَةٍ كَالْمُفَاخَذَةِ وَالْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فِي الْحَجِّ وَقَبْلَ الْحَلْقِ فِي الْعُمْرَةِ، وَلَا يَفْسُدُ بِشَيْءٍ مِنْهَا النُّسُكُ وَتَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ لَا الْبَدَنَةُ، وَإِنْ أَنْزَلَ وَالِاسْتِمْنَاءُ بِالْيَدِ يُوجِدُ الْفِدْيَةَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَى النَّاسِي بِلَا خِلَافٍ وَيَلْحَقُ بِهِ الْجَاهِلُ بِالتَّحْرِيمِ، وَمَنْ أَحْرَمَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْجِمَاعِ وَلَوْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ ثُمَّ جَامَعَ دَخَلَتْ الشَّاةُ فِي الْبَدَنَةِ فِي الْأَصَحِّ. (الْخَامِسُ) مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ (اصْطِيَادُ كُلِّ)   [حاشية قليوبي] الصَّبِيِّ تَقَعُ نَفْلًا فَإِنْ بَلَغَ وَقَعَتْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا أَوْ بَلَغَ قَبْلَهَا وَقَعَتْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَبَقِيَ الْقَضَاءُ فِي ذِمَّتِهِ، وَأَنَّهَا مِنْ الْمُتَطَوِّعِ تَقَعُ تَطَوُّعًا وَتَقَدَّمَ عَلَى الْمَنْذُورِ بَعْدَ الْفَسَادِ. قَوْلُهُ: (أَحْرَمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَتِهِ فِي الْأَدَاءِ) نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي طَرِيقِهِ مِيقَاتٌ أَبْعَدَ مِنْ تِلْكَ الْمَسَافَةِ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ إلَخْ) وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ وَصْفُ مَا أَفْسَدَهُ مِنْ إفْرَادٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ وَيَلْزَمُ الْقَارِنَ بِالْفَسَادِ بَدَنَةٌ فَقَطْ لِانْغِمَارِ عُمْرَتِهِ فِي الْحَجِّ، وَيَلْزَمُهُ دَمَانِ لِلْقِرَانِ الَّذِي أَفْسَدَهُ وَاَلَّذِي لَزِمَهُ بِالْإِفْسَادِ، وَإِنْ أَفْرَدَ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِهِ. وَيَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ قِرَانٌ أَوْ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ مُسْتَقِلَّيْنِ وَتَفُوتُ عُمْرَتُهُ بِفَوَاتِ الْحَجِّ لِمَا مَرَّ وَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ دِمَاءٍ دَمٌ لِلْفَوَاتِ مَعَ الدَّمَيْنِ السَّابِقَيْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُحْصَرَ إلَخْ) أَوْ بِأَنْ يَتَحَلَّلَ بِمَرَضٍ بِشَرْطِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ مُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ) حَاصِلُ مَا فِيهَا أَنَّهَا إنَّمَا تَحْرُمُ عَلَى الْعَامِدِ الْعَالِمِ الْمُكَلَّفِ بِشَهْوَةٍ وَبِلَا حَائِلٍ وَلَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ وَتَلْزَمُ فِيهَا الْفِدْيَةُ حِينَئِذٍ إنْ كَانَتْ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّل مُطْلَقًا. وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ إنْ أَنْزَلَ وَمَتَى انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ وَأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِهَا النُّسُكُ مُطْلَقًا وَإِنْ أَنْزَلَ. وَالِاسْتِمْنَاءُ كَذَلِكَ، وَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ فِي الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ مُطْلَقًا. وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يَفْسُدُ بِالْإِنْزَالِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: كَلَامُهُمْ هُنَا فِي الْمُبَاشَرَةِ شَامِلٌ لِمَا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَالْأَمْرَدِ، وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي بُطْلَانِ الصَّوْمِ فَرَاجِعْهُ. وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْمُقَدِّمَاتُ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ فَإِنْ اتَّحَدَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ جَامَعَ إلَخْ) أَيْ إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَجَامَعَ بَعْدَهُ دَخَلَتْ فِدْيَةُ الْمُقَدِّمَةِ فِي بَدَنَةِ الْجِمَاعِ. ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ طَالَ الزَّمَنُ بِأَنْ لَمْ يُنْسَبْ الْجِمَاعُ إلَى تِلْكَ الْمُقَدِّمَةِ أَوْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ شَيْخِنَا أَيْضًا، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّ مَحَلَّ التَّدَاخُلِ إنْ نُسِبَ إلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ عَكَسَ مَا ذَكَرَ بِأَنْ جَامَعَ ثُمَّ فَعَلَ مُقَدِّمَةً أَوْ وَقَعَا مَعًا فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا تَدَاخُلَ، وَمَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إلَى التَّدَاخُلِ أَيْضًا بِشَرْطِهِ. وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ بِالْبَدَنَةِ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ مُقَدِّمَةً وَجَامَعَ أَنَّهُ لَا تَدْخُلُ شَاةُ الْمُقَدِّمَةِ فِي شَاةِ الْجِمَاعِ. وَمَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَيْضًا إلَى التَّدَاخُلِ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا التَّدَاخُلُ أَيْضًا فَرَاجِعْ ذَلِكَ حَرِّرْهُ. تَنْبِيهٌ: يُنْدَبُ تَفْرِيقُ الْمُجَامِعِينَ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ. وَقِيلَ: مِنْ مَحَلِّ الْجِمَاعِ إلَى تَمَامِ التَّحَلُّلِ. قَوْلُهُ: (اصْطِيَادُ) أَيْ تَعَرَّضَ بِقَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ تَنْفِيرٍ، أَوْ صِيَاحٍ أَوْ إعَانَةٍ عَلَى ذَلِكَ أَوْ دَلَالَةٍ عَلَيْهِ أَوْ إشَارَةٍ إلَيْهِ أَوْ إعَارَةِ آلَةٍ لَهُ أَوْ   [حاشية عميرة] أَفْتَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ وَأَيْضًا فَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ إلَخْ) فَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّارِعِ بِالْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ أَكْثَرُ بِدَلِيلِ تَعَيُّنِ مَكَانِ الْإِحْرَامِ دُونَ زَمَانِهِ. ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَخْلُو مِنْ نِزَاعٍ وَتَعَجَّبَ مِنْهُ الْإِسْنَوِيُّ، فَإِنَّهُ صَحَّحَ فِي النَّذْرِ تَعَيَّنَ الزَّمَانُ كَالْمَكَانِ بِالنَّذْرِ، وَحَاوَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْفَرْقَ بِأَنَّ الْمَكَانَ هُنَا يَنْضَبِطُ بِخِلَافِ الزَّمَانِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ التَّحَلُّلِ إلَى قَوْلِهِ وَتَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِالِاسْتِمْتَاعِ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَحْرَمَ غَافِلًا إلَخْ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ عَمَلَهُ كَالْمُكَلَّفِ وَالْإِشْكَالُ هُنَا وَفِي الْجِمَاعِ. قَوْلُهُ: (دَخَلَتْ) لَوْ قَبَّلَ فِي مَجْلِسٍ ثُمَّ جَامَعَ فِي آخَرَ فَيَنْبَغِي عَدَمُ التَّدَاخُلِ، ثُمَّ أَصْلُ التَّدَاخُلِ يُشْكِلُ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْجِرَاحِ، لِأَنَّ وَاجِبَهُمَا مُقَدَّرٌ كَقَطْعِ الْأُذُنِ مَعَ الْإِيضَاحِ. قَوْلُهُ: (كُلِّ صَيْدٍ) هُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 صَيْدٍ (مَأْكُولٍ بَرِّيٍّ) مِنْ طَيْرٍ أَوْ دَابَّةٍ وَكَذَا وَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] أَيْ أَخْذُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَأْنَسِ وَغَيْرِهِ، وَلَا بَيْنَ الْمَمْلُوكِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ تَوَحَّشَ إنْسِيٌّ لَمْ يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِغَيْرِ الْمَأْكُولِ فَمِنْهُ مَا هُوَ مُؤْذٍ فَيُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ كَالنَّمِرِ وَالنِّسْرِ وَمِنْهُ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَمَضَرَّةٌ، كَالْفَهْدِ وَالصَّقْرِ فَلَا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ لِنَفْعِهِ، وَلَا يُكْرَهُ لِضَرَرِهِ وَمِنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرٌ كَالسَّرَطَانِ وَالرَّخْمَةِ فَيُكْرَهُ قَتْلُهُ، وَيَحِلُّ اصْطِيَادُ الْبَحْرِيِّ وَهُوَ مَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْبَحْرِ أَمَّا مَا يَعِيشُ فِيهِ فِي الْبَرِّ فَكَالْبَرِّيِّ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ: (وَكَذَا الْمُتَوَلِّدُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَأْكُولِ الْبَرِّيِّ (وَمِنْ غَيْرِهِ) يَحْرُمُ اصْطِيَادُهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) احْتِيَاطًا وَيَصْدُقُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ الْمَأْكُولِ مِنْ وَحْشِيٍّ أَوْ إنْسِيٍّ، وَبِالْمَأْكُولِ غَيْرِ الْبَرِّيِّ أَيْ الْإِنْسِيِّ مِثَالُهَا الْمُتَوَلِّدُ مِنْ الضَّبُعِ وَالذِّئْبِ وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْحِمَارِ   [حاشية قليوبي] غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (كُلِّ صَيْدٍ) لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ رِيشِهِ أَوْ شَعْرِهِ أَوْ وَبَرِهِ أَوْ صُوفِهِ أَوْ فَرْخِهِ أَوْ بَيْضِهِ إلَّا الْمَذَرَ مِنْ غَيْرِ النَّعَامِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (مَأْكُولٍ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ. قَوْلُهُ: (بَرِّيٍّ) أَيْ يَقِينًا أَيْضًا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَوْنُهُ وَحْشِيًّا أَيْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْهُ أَوْ فِي مَعْنَاهُ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ فَذِكْرُ غَيْرِهِ لَهُ إيضَاحٌ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا وَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهِ) أَيْ تَمَلُّكُهُ لَهُ أَخْذًا مِنْ تَمْثِيلِهِ بِالشِّرَاءِ وَغَيْرُ الْمِلْكِ مِثْلُهُ كَغَصْبٍ وَإِجَارَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَأْنَسِ وَغَيْرِهِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ) وَمِنْهُ دَجَاجُ الْحَبَشِ الْمَشْهُورِ وَمِنْهُ الْإِوَزُّ الْمَعْرُوفُ لَكِنْ قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا يَطِيرُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَوَحَّشَ إنْسِيٌّ لَمْ يَحْرُمْ التَّعَرُّضُ لَهُ) أَيْ لِلْوَحْشِيِّ مِنْهُ نَظَرًا لِأَصْلِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِغَيْرِ الْمَأْكُولِ) وَلَوْ وَحْشِيًّا وَحَرَّمَ الْحَنَفِيَّةُ التَّعَرُّضَ لِلْوَحْشِيِّ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فَمِنْهُ مَا هُوَ مُؤْذٍ فَيُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ كَالنَّمِرِ وَالنِّسْرِ) وَكَذَا الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْحَدَأَةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالذِّئْبُ وَالْأَسَدُ وَالْعُقَابُ وَالدُّبُّ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ. وَكَذَا الْكَلْبُ غَيْرُ الْعَقُورِ الَّذِي لَا نَفْعَ بِهِ عِنْدَ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، تَبَعًا لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ شَيْخُنَا: يَحْرُمُ قَتْلُهُ وَمِنْهُ الْبَقُّ وَالْبَعُوضُ وَالزُّنْبُورُ وَالْقُرَادُ وَالْبُرْغُوثُ وَالْقُمَّلُ وَبَيْضُهُ وَهُوَ الصِّئْبَانُ، نَعَمْ يُكْرَهُ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي رَأْسِ الْمُحْرِمِ وَلِحْيَتِهِ خَوْفَ الِانْتِتَافِ وَيُنْدَبُ لِمَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِلُقْمَةٍ فِي الْقَمْلَةِ أَوْ الْبُرْغُوثِ الْوَاحِدِ وَبِدُونِ اللُّقْمَةِ فِي الْوَاحِدَةِ مِنْ الصِّئْبَانِ وَمِنْهُ النَّمْلُ الصَّغِيرُ، وَيَجُوزُ إحْرَاقُهُ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا كَالْقَمْلِ. وَأَمَّا النَّمْلُ السُّلَيْمَانِيُّ فَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ حُرْمَةُ قَتْلِهِ، وَقَتْلِ النَّحْلِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَمَضَرَّةٌ كَالْفَهْدِ وَالصَّقْرِ) وَمِنْهُ الشَّاهِينُ وَالْبَازِي وَالْعُقَابُ فَيُبَاحُ قَتْلُهَا. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرٌ كَالسَّرَطَانِ) وَالْبَازِي وَالرَّخْمَةِ، وَمِنْهُ الْقِرْدُ وَالْهُدْهُدُ وَالْخَطَّافُ وَالصُّرَدُ وَالضُّفْدَعُ وَالْخُنْفُسَاءُ، وَالْجُعَلُ: بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَهُوَ الزُّعْقُوقُ فَيُكْرَهُ قَتْلُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ حُرْمَةَ قَتْلِ جَمِيعِ ذَلِكَ فَتُحْمَلُ الْكَرَاهَةُ فِي كَلَامِهِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مُوَافَقَةُ الشَّارِحِ. تَنْبِيهٌ: يُكْرَهُ حَمْلُ مَا يُصَادُ بِهِ مِنْ كَلْبٍ وَغَيْرِهِ إلَى الْحَرَمِ فَلَوْ حَمَلَهُ وَانْفَلَتَ مِنْهُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا مِنْ صَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ لِأَنَّ لَهَا اخْتِيَارًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ. قَوْلُهُ: (أَمَّا مَا يَعِيشُ فِي الْبَحْرِ وَالْبَرِّ فَكَالْبَرِّيِّ) أَيْ فَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ إنْ كَانَ مَأْكُولًا وَحْشِيًّا. قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ اصْطِيَادُهُ) أَيْ الْمُتَوَلِّدِ الْمَذْكُورِ أَيْ يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَتَمَلُّكُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَصْدُقُ غَيْرُهُ) عَقْلًا بِالْمُتَوَلِّدِ مِنْ ضَبُعٍ وَضُفْدَعٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْهَجِ، وَفَارَقَ عَدَمَ الزَّكَاةِ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ زَكَوِيٍّ وَغَيْرِهِ لِبِنَاءِ   [حاشية عميرة] مُسْتَفَادٌ مِنْ لَفْظِ الِاصْطِيَادِ فَكَلَامُهُ يُفِيدُ اشْتِرَاطَ التَّوَحُّشِ، لِأَنَّ الصَّيْدَ هُوَ الْمُتَوَحِّشُ بِطَبْعِهِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ إلَّا بِحِيلَةٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ أَخَذَهُ) دَفْعٌ لِمَا قِيلَ إنَّ الِاسْتِدْلَالَ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا أُرِيدَ بِالصَّيْدِ فِي الْآيَةِ الْمَصْدَرُ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ السِّيَاقُ أَنَّهُ الْمُصَادُ فَيَكُونُ الْمُرَادُ تَحْرِيمَ أَكْلِهِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ إضْمَارٍ وَإِضْمَارُ أَكْلِهِ وَأَخْذِهِ مَعًا مُمْتَنِعٌ، لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا عُمُومَ لَهُ فَتَعَيَّنَ إضْمَارُ الْبَعْضِ، وَهُوَ الْأَكْلُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَحْرِيمُ الِاصْطِيَادِ. فَرْعٌ: لَوْ صِيدَ لِلْمُحْرِمِ حُرِّمَ عَلَيْهِ الْأَكْلُ مِنْهُ فَلَوْ أَكَلَ فَلَا فِدْيَةَ. قَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَأْنَسِ وَغَيْرِهِ) قَالَ فِي الْقُوتِ: مِنْ هَذَا دَجَاجُ الْحَبَشِ وَمِنْهُ الْإِوَزُّ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ كَانَ يَنْبِضُ بِجَنَاحَيْهِ حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا كَالدَّجَاجِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ. قَوْلُهُ: (كَالنَّمِرِ وَالنِّسْرِ) أَيْ غَيْرِ الْمَمْلُوكَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّقْرِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: هُوَ شَامِلٌ لِلْبَازِي وَالشَّاهِينِ وَالْعُقَابِ الَّتِي يُصَادُ بِهَا. قَوْلُهُ: (فَلَا يُسْتَحَبُّ وَلَا يُكْرَهُ إلَخْ) مُرَادُهُ غَيْرُ الْمَمْلُوكِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ إلَخْ) مِنْهُ الذُّبَابُ وَالدُّودُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 الْوَحْشِيِّ وَالْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ الظَّبْيِ وَالشَّاةِ (وَيَحْرُمُ ذَلِكَ) أَيْ اصْطِيَادُ الْمَأْكُولِ الْبَرِّيِّ وَالْمُتَوَلِّدِ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ (فِي الْحَرَمِ عَلَى الْحَلَالِ) وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ» الْحَدِيثَ. رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. أَيْ لَا يَجُوزُ تَنْفِيرُ صَيْدِهِ لِمُحْرِمٍ وَلَا حَلَالٍ فَاصْطِيَادُهُ وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ أَوْلَى وَقِيسَ عَلَى مَكَّةَ بَاقِي الْحَرَمِ، وَقَوْلُهُ فِي الْحَرَمِ حَالٌ مِنْ ذَا الْمُشَارِ بِهِ إلَى الِاصْطِيَادِ وَهُوَ نِسْبَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالصَّائِدِ وَالْمَصِيدِ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَا فِي الْحَرَمِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِيهِ وَالْآخَرُ فِي الْحِلِّ، كَأَنْ رَمَى مِنْ الْحَرَمِ صَيْدًا فِي الْحِلِّ، أَوْ مِنْ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا فِي الصُّورَتَيْنِ فَيَحْرُمُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (فَإِنْ أَتْلَفَ) مَنْ   [حاشية قليوبي] الزَّكَاةِ عَلَى التَّخْفِيفِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ ذَلِكَ أَيْ اصْطِيَادُ) خُصَّ مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ بِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ وَضْعَ الْيَدِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَرَمِ عَلَى الْحَلَالِ) وَلَوْ كَافِرًا. قَوْلُهُ: (وَقِيسَ عَلَى مَكَّةَ) الَّتِي فِي الْحَدِيثِ بَاقِي الْحَرَمِ لِأَنَّهَا مِنْهُ وَحُدُودُهُ مَعْرُوفَةٌ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضِ طِيبَةَ ... ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ إذَا رُمْت إتْقَانَهْ وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِرَاقٍ وَطَائِفٍ ... وَحَدُّهُ عَشْرٌ ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانَهْ زَادَ بَعْضُهُمْ: وَمِنْ يَمَنٍ سَبْعٌ بِتَقْدِيمِ سِينِهِ ... وَقَدْ كَمُلَتْ فَاشْكُرْ لِرَبِّك إحْسَانَهْ وَلَوْ قَالَ: وَمِنْ يَمَنٍ مِثْلُ الْعِرَاقِ فَطَائِفٍ لَكَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ. وَقَدَّرَهُ بَعْضُ الْمُؤَرِّخِينَ بِقَدْرِ عَشَرَةِ أَمْيَالٍ فِي مَسِيرِ يَوْمٍ سَيْرَ اعْتِدَالٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ بَرِيدٌ وَثُلُثٌ فِي مِثْلِهِ تَقْرِيبًا، وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْحُدُودِ فَقِيلَ: إنَّهَا قَدِيمَةٌ لَا يُعْلَمُ ابْتِدَاؤُهَا. وَقِيلَ: إنَّ اللَّهَ خَلَقَ مَكَّةَ قَبْلَ الْأَرْضِ بِأَلْفِ عَامٍ وَحَفَّهَا بِالْمَلَائِكَةِ فَكَانَ قَدْرُ الْحَرَمِ حَيْثُ وَقَفُوا. وَقِيلَ: عَلَّمَهَا جِبْرِيلُ لِإِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَالَ: رَبَّنَا أَرِنَا مَنَاسِكَنَا. وَقِيلَ: بِتَوْقِيفٍ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَامِ فَتْحِ مَكَّةَ أَوْ فِي عَامِ حَجِّهِ. وَقِيلَ: لَمَّا جَاءَ آدَم إلَى الْبَيْتِ بَعْدَ هُبُوطِهِ مِنْ الْجَنَّةِ خَافَ مِنْ شَيَاطِينِ، الْأَرْضِ بِحَسَبِ الطَّبْعِ الْبَشَرِيِّ فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ فَوَقَفَتْ عَلَى تِلْكَ الْحُدُودِ لِتَمْنَعَ عَنْهُ مَا يَخَافُهُ. وَقِيلَ: لَمَّا نَزَلَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ مِنْ الْجَنَّةِ أَضَاءَ فَوَصَلَ ضَوْءُهُ إلَى تِلْكَ الْحُدُودِ. وَقِيلَ: أَضَاءَتْ لَهُ الدُّنْيَا فَجَاءَ أَهْلُهَا لِيَنْظُرُوا ذَلِكَ النُّورَ فَمَنَعَتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ يَاقُوتَةٌ مِنْ الْجَنَّةِ حِينَ قَبُولِ تَوْبَةِ آدَمَ حَلَقَتْ رَأْسَهُ فَتَنَاثَرَ شَعْرُهُ إلَى ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: إنَّهَا أَوَاخِرُ مَرْعَى غَنَمِ إسْمَاعِيلَ وَكَانَ مَأْوَاهَا فِي الْحِجْرِ كَمَا مَرَّ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (إذَا كَانَا) أَيْ الصَّيْدُ وَالْمِصْيَدُ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَرَمِ) أَيْ فِي حَالَتَيْ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ مَعًا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا، وَسَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا فِيهِ أَيْ فِي أَرْضِهِ أَوْ هَوَائِهِ كَغُصْنِ شَجَرَةٍ فِيهِ وَأَصْلُهَا خَارِجَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَحَدُهُمَا فِيهِ) أَيْ كَأَنْ كَانَ الصَّائِدُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ الصَّيْدُ كَذَلِكَ رَاقِدًا كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ وَاقِفًا نَعَمْ إنْ كَانَ الصَّيْدُ وَاقِفًا وَبَعْضُهُ فِي الْحِلِّ وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَأَصَابَهُ الصَّائِدُ فِيهِ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا فِدْيَةَ. تَنْبِيهٌ: يَلْحَقُ بِهَذَا مَا لَوْ رَمَى وَهُوَ مُحْرِمٌ وَحَلَّ قَبْلَ الْإِصَابَةِ كَأَنْ قَصَّرَ شَعْرَهُ أَوْ عَكْسَهُ فَعَلَيْهِ الْحُرْمَةُ وَالْفِدْيَةُ أَيْضًا وَيَلْحَقُ بِهِ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ الصَّائِدُ وَالصَّيْدُ فِي الْحِلِّ وَلَكِنْ مَرَّ السَّهْمُ فِي الْحَرَمِ لِوُجُودِ الْمَمْنُوعِ مِنْهُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ حُرْمَةِ الْبُصَاقِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لِعَدَمِ وُجُودِ الِاسْتِقْذَارِ الْمَمْنُوعِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا) خَرَجَ مَا لَوْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ أَغْرَاهُ وَزَادَ عَدْوَهُ فَلَا ضَمَانَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي الصُّورَتَيْنِ) وَهُمَا كَوْنُ الصَّائِدِ وَالْمَصِيدِ فِي الْحَرَمِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِيهِ. وَكَذَا لَوْ كَانَا فِي الْحِلِّ وَمَرَّ الْكَلْبُ فِي الْحَرَمِ، نَعَمْ إنْ أَرْسَلَهُ فِي طَرِيقٍ خَارِجِ الْحَرَمِ فَعَدَلَ الْكَلْبُ إلَى الْحَرَمِ أَوْ تَحَامَلَ بِهِ الصَّيْدُ فَأَدْخَلَهُ فِيهِ أَوْ دَخَلَ مَعَ الصَّيْدِ فِيهِ مَعَ وُجُودِ مُقِرٍّ خَارِجَهُ فَلَا فِدْيَةَ. قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ لَا يَحِلُّ أَكْلُ ذَلِكَ الصَّيْدِ احْتِيَاطًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَتْلَفَ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ جَرَحَ صَيْدًا فَغَابَ   [حاشية عميرة] وَيَحِلُّ اصْطِيَادُ الْبَحْرِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ الطُّيُورُ الَّتِي تَغُوصُ فِي الْمَاءِ وَتَخْرُجُ مِنْهُ بَرِّيَّةٌ. قَوْلُهُ: (لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ) أَيْ لَا يُقْطَعُ. قَوْلُهُ: (بِمَا إذَا كَانَا فِي الْحَرَمِ) لَوْ رَمَى إلَى صَيْدٍ بَعْضُهُ فِي الْحِلِّ وَبَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ وَجَبَ الْجَزَاءُ هَذَا إنْ كَانَ وَاقِفًا، فَإِنْ كَانَ نَائِمًا فَالْعِبْرَةُ بِمُسْتَقَرِّهِ ذِكْرُ التَّقْيِيدِ فِي الِاسْتِقْصَاءِ، وَلَوْ سَعَى الشَّخْصُ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ وَمِثْلُهُ أَوْ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحِلِّ، وَلَكِنْ سَلَكَ الْحَرَمَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا. قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الِاصْطِيَادِ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ لَا مِنْ حِينِ السَّعْيِ، وَلِذَا تُشْرَعُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ إرْسَالِ السَّهْمِ لَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعَدْوِ بَلْ ضَرْبِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ تَلِفَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ جِهَاتِ الضَّمَانِ إحْدَاهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 حُرِّمَ عَلَيْهِ الِاصْطِيَادُ الْمَذْكُورُ مِنْ مُحْرِمٍ أَوْ لِحَلَالٍ كَمَا تَقَدَّمَ (صَيْدًا) مِمَّا ذُكِرَ مَمْلُوكًا أَوْ غَيْرَ مَمْلُوكٍ (ضَمِنَهُ) بِمَا سَيَأْتِي قَالَ تَعَالَى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] الْآيَةَ وَقِيسَ عَلَى الْمُحْرِمِ الْحَلَالُ الْمَذْكُورُ بِجَامِعِ حُرْمَةِ الِاصْطِيَادِ وَلَوْ تَسَبَّبَ فِي تَلَفِ الصَّيْدِ كَأَنْ أَرْسَلَ كَلْبًا فَأَتْلَفَهُ، أَوْ نَصَبَ الْحَلَالُ شَبَكَةً فِي الْحَرَمِ أَوْ نَصَبَهَا الْمُحْرِمُ حَيْثُ كَانَ فَتَعَلَّقَ بِهَا صَيْدٌ وَهَلَكَ ضَمِنَهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ، وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ صَيْدٌ ضَمِنَهُ كَالْغَاصِبِ لِحُرْمَةِ إمْسَاكِهِ وَكَذَا لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْحَلَالِ صَيْدٌ مِنْ الْحَرَمِ يَضْمَنُهُ لِمَا ذُكِرَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدْخَلَ مَعَهُ إلَى الْحَرَمِ صَيْدًا مَمْلُوكًا لَهُ فَلَهُ إمْسَاكُهُ فِيهِ وَذَبْحُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ لِأَنَّهُ صَيْدُ حِلٍّ وَلَوْ أَحْرَمَ مَنْ فِي مِلْكِهِ صَيْدٌ بِيَدِهِ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَزِمَهُ إرْسَالُهُ وَإِنْ تَحَلَّلَ، وَلَا يَمْلِكُ مُحْرِمٌ صَيْدَهُ وَيَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الصَّيْدِ بِشِرَاءٍ لَا يَمْلِكُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ شِرَائِهِ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ وَيُقَاسُ بِالْمُحْرِمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الضَّمَانِ بِالْإِتْلَافِ وَغَيْرِهِ بَيْنَ الْعَامِدِ وَالْخَاطِئِ، وَالنَّاسِي لِلْإِحْرَامِ، وَفِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ وَالْجَاهِلُ بِالتَّحْرِيمِ كَمَا فِي الضَّمَانَاتِ الْوَاجِبَةِ   [حاشية قليوبي] ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا وَاحْتَمَلَ مَوْتَهُ بِغَيْرِ الْجَرْحِ ضَمِنَ الْأَرْشَ فَقَطْ، وَخَرَجَ بِالْإِتْلَافِ الْإِعَانَةُ وَلَوْ عَلَى ذَبْحِهِ وَالدَّلَالَةِ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. قَوْله: (مَنْ حَرُمَ) هُوَ فَاعِلُ أَتْلَفَ سَوَاءٌ انْفَرَدَ أَوْ تَعَدَّدَ بِضَرَبَاتٍ أَوْ جِرَاحَاتٍ وَلَا يَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ بَلْ يُوَزَّعُ عَلَى الرُّءُوسِ، فَلَوْ شَارَكَ حَلَالٌ مُحْرِمًا فِي صَيْدِ الْحِلِّ ضَمِنَ الْمُحْرِمُ نِصْفَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَلَالِ. قَوْلُهُ: (مَمْلُوكًا) وَعَلَيْهِ مَعَ الْجَزَاءِ قِيمَتُهُ لِمَالِكِهِ، وَقَدْ أَلْغَزَ ابْنُ الْوَرْدِيِّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ نَظْمًا: عِنْدِي سُؤَالٌ حَسَنٌ مُسْتَظْرَفٌ ... فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ قَدْ تَفَرَّعَا قَابِضُ شَيْءٍ بِرِضَا مَالِكِهِ ... وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَالْمِثْلَ مَعًا قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَلَوْ بِنَحْوِ نَتْفِ رِيشَةٍ مِنْ جَنَاحِهِ فَيُفْدَى نَقْصُ مَالِهِ مَثَّلَ بِجُزْءٍ مِنْ مِثْلِهِ بِحَسَبِ الْقِيمَةِ، فَإِنْ قَتَلَهُ قَبْلَ بُرْئِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ كَامِلٌ أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلٌ نَاقِصٌ، كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَبْقَ، فِيهِ نَقْصٌ بَعْدَ الْبُرْءِ فَرَضَ الْقَاضِي لَهُ أَرْشًا بِاجْتِهَادِهِ كَمَا فِي الْحُكُومَةِ. قَوْلُهُ: (وَقِيسَ عَلَى الْمُحْرِمِ الْحَلَالُ) أَيْ فِي الضَّمَانِ بِالْإِتْلَافِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَسَبَّبَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِتْلَافَ كَمَا فِي كَلَامِهِ لَيْسَ قَيْدًا وَمِثْلُ إرْسَالِ الْكَلْبِ حَلُّ رِبَاطِهِ وَلَوْ غَيْرَ مُعَلَّمٍ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَمِنْ السَّبَبِ مَا لَوْ نَفَرَهُ فَتَعَثَّرَ بِنَحْوِ شَجَرَةٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ أَكَلَهُ نَحْوُ سَبْعٍ أَوْ مَاتَ قَبْلَ سُكُونِهِ أَوْ أَمْسَكَهُ لِمَنْ قَتَلَهُ أَوْ حَبَسَ أُمَّهُ عَنْهُ وَهُوَ رَضِيعٌ فَمَاتَ. وَنَحْوُ ذَلِكَ كَزَلْقِهِ بِبَوْلِ مَرْكُوبِهِ. قَوْلُهُ: (نَصَبَ الْحَلَالُ شَبَكَةً) وَلَوْ فِي مِلْكِهِ لَكِنْ بِقَصْدِ الِاصْطِيَادِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَرَمِ) لَا فِي الْحِلِّ وَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَهَا وَحَفَرَ الْبِئْرَ تَعَدِّيًا كَنَصْبِ الشَّبَكَةِ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ النَّاصِبُ) وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ تَحَلُّلِ الْمُحْرِمِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَلِفَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ التَّلَفَ كَالْإِتْلَافِ الَّذِي فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (بِيَدِهِ) لَيْسَ قَيْدًا فِي زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ وَعَنْ أَجْزَائِهِ وَبَيَّنَهُ وَفَرَقَهُ وَاحْتَرَزَ بِهِ فِي الْأَوْسَالِ عَنْ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَزِمَهُ إرْسَالُهُ) بِنَفْسِهِ أَوْ وَلِيِّهِ وَلَوْ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ وَمَا تَلِفَ مِنْهُ مَضْمُونٌ وَلَوْ عَلَى الْوَلِيِّ بِقِيمَتِهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ وَلَوْ قَبْلَ إرْسَالِهِ مَلَكَهُ. نَعَمْ لَوْ وَرِثَ صَيْدًا حَالَ إحْرَامِهِ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ إلَّا بِإِرْسَالِهِ، وَيَصِحُّ بَيْعُهُ لَهُ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْجَزَاءِ إذَا تَلِفَ وَلَوْ عَنَّهُ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (بِشِرَاءٍ) أَوْ هِبَةٍ مِنْ حَلَالٍ أَوْ مُحْرِمٍ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ) أَيْ إلَى مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِمُحْرِمٍ بَلْ يُرْسِلُهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ فِي غَيْرِ الْهِبَةِ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَدَّهُ إلَيْهِ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ حَتَّى يُرْسِلَهُ الْمُحْرِمُ قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ فِي الْحَلَالِ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ.   [حاشية عميرة] الْمُبَاشَرَةُ، الثَّانِيَةُ التَّسَبُّبُ، وَمِنْهُ أَنْ يُنَفِّرَ صَيْدًا فَيَمُوتَ بِعَثْرَةٍ أَوْ يَأْخُذَهُ سَبْعٌ أَوْ يَنْصَدِمَ بِشَجَرَةٍ أَوْ حَبْلٍ وَيَكُونَ فِي عُهْدَةِ الْمُنَفِّرِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى عَادَتِهِ فِي الْكَوْنِ، الثَّالِثَةُ الْيَدُ بِوَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْمَتْنِ لَا تُفِيدُ الثَّالِثَةَ. قَوْلُهُ: (مَمْلُوكًا) لَوْ أَتْلَفَهُ مُحْرِمٌ ضَمِنَهُ بِالْجَزَاءِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَبِالْقِيمَةِ لِمَالِكِهِ. قَوْلُهُ: (بِمَا سَيَأْتِي) قَالَ السُّبْكِيُّ: الْحَلَالُ إذَا أَتْلَفَ فِي الْحَرَمِ صَيْدًا مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ ضَمِنَهُ بِالْقِيمَةِ لِمَالِكِهِ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحَلَالَ فِي الْحَرَمِ لَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ لِلْحَلَالِ، وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ السَّالِفُ وَيَحْرُمُ وَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَكِنَّ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ التَّصْرِيحَ بِالْجَوَازِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ لِلْحَلَالِ أَنْ يَدْخُلَ بِالصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ الْحَرَمَ، وَيَتَصَدَّقَ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ، وَكَذَا صَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِ الدَّمِيرِيِّ، وَبَيَّنَ الْقَوْلَ فِيهَا بِأَنَّ الْحَلَالَ يَتَصَدَّقُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، إذَا كَانَ الَّذِي يَتَصَدَّقُ مَعَهُ حَلَالًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَمَّا كَلَامُ الشَّارِحِ آخِرًا وَأَوَّلًا فَهُوَ قَابِلٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 لِلْآدَمِيِّينَ، وَلَا مَفْهُومَ لِمُتَعَمِّدٍ فِي الْآيَةِ، نَعَمْ لَوْ صَالَ صَيْدٌ عَلَى مُحْرِمٍ أَوْ عَلَى حَلَالٍ فِي الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ خَلَّصَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا مِنْ فَمِ سَبْعٍ أَوْ هِرَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَأَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهُ أَوْ يَتَعَهَّدَهُ فَمَاتَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ فِي الْأَظْهَرِ وَلَوْ أَحْرَمَ، ثُمَّ جُنَّ فَقَتَلَ صَيْدًا لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُ فِي الْأَظْهَرِ وَيُقَاسُ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ وَلَوْ أُكْرِهَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ فَقَتَلَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي وَجْهٍ وَالْأَصَحُّ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ ثُمَّ الصَّيْدُ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا مَا لَهُ مِثْلٌ مِنْ النَّعَمِ فِي الصُّورَةِ وَالْخِلْقَةِ عَلَى التَّقْرِيبِ فَيَضْمَنُ بِهِ وَمِنْهُ مَا فِيهِ نَقْلٌ عَنْ السَّلَفِ فَيُتْبَعُ قَالَ تَعَالَى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] (فَفِي النَّعَامَةِ) الذَّكَرُ أَوْ الْأُنْثَى (بَدَنَةٌ) أَيْ وَاحِدٌ مِنْ الْإِبِلِ (وَفِي بَقَرِ الْوَحْشِ) أَيْ الْوَاحِدِ مِنْهُ (وَحِمَارِهِ بَقَرَةٌ) أَيْ وَاحِدٌ مِنْ الْبَقَرِ (وَ) فِي (الْغَزَالِ عَنْزٌ) وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ الَّتِي تَمَّ لَهَا سَنَةٌ وَالْغَزَالُ وَلَدُ الظَّبْيَةِ إلَى أَنْ يَطْلُعَ قَرْنَاهُ ثُمَّ يُسَمَّى الذَّكَرُ ظَبْيًا وَالْأُنْثَى ظَبْيَةً وَهُمَا الْمُرَادُ بِالْغَزَالِ. هُنَا لِيُنَاسِبَ كِبَرَ الْعَنْزِ وَيَجِبُ فِيهِ بِمَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ مَا يَجِبُ فِي الصِّغَارِ قَالَهُ الْإِمَامُ (وَ) فِي (الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ) وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ مِنْ حِينِ تُولَدُ مَا لَمْ تَسْتَكْمِلْ سَنَةً (وَ) فِي (الْيَرْبُوعِ) وَهُوَ مَعْرُوفٌ (جَفْرَةٌ) وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ إذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَالْمُرَادُ بِالْعَنَاقِ مَا فَوْقَ الْجَفْرَةِ فَإِنَّ الْأَرْنَبَ خَيْرٌ مِنْ الْيَرْبُوعِ وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ أَنَّهُمْ قَضَوْا فِي النَّعَامَةِ بِبَدَنَةٍ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمْ قَضَوْا فِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَبَقَرِهِ بِبَقَرَةٍ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَضَى فِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ، وَقَالَ فِي الضَّبُعِ كَبْشٌ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَضَى فِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرٍ أَوْ جَفْرَةٍ وَعَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَوْفٍ أَنَّهُمَا حَكَمَا فِي الظَّبْيِ بِشَاةٍ وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدٍ أَنَّهُمَا حَكَمَا فِي الظَّبْيِ بِتَيْسٍ أَعْفَرَ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لُزُومُ الْجَزَاءِ فِي عَدَمِ الْإِرْسَالِ حَالًا، فَلَوْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ أَرْسَلَهُ فَيَتَّجِهُ رُجُوعُهُ فِيهِ كَالزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ، وَلَا يُكْرَهُ لَهُ شِرَاءُ مَا أَرْسَلَهُ مِمَّنْ أَخَذَهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ إلَخْ) هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ لُزُومِ الضَّمَانِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَقَتَلَهُ دَفْعًا) لِصِيَالِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ وَكَالصِّيَالِ أَكْلُ طَعَامِهِ أَوْ شُرْبُ مَائِهِ أَوْ تَنَجُّسُ حَوَائِجِهِ بِنَحْوِ بَوْلِهِ أَوْ ضِيقِ مَكَانِهِ عَلَيْهِ أَوْ فِرَاشِهِ كَذَلِكَ، وَتَرَدَّدَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ فِيمَا لَوْ عَشَّشَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَتَأَذَّى النَّاسُ بِنَجَاسَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَأَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهُ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِأَوْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ جَزَاءُ مَا قَتَلَهُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهُ. قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ: وَلَوْ كَانَ الصَّيْدُ مَمْلُوكًا فَعَلَيْهِمَا قِيمَتُهُ مَعًا فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: مَذْبُوحُ الْمُحْرِمِ مِنْ الصَّيْدِ مُطْلَقًا وَالْحَلَالِ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ مَيْتَةٌ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ لِأَحَدٍ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ مُطْلَقًا، وَقِيمَتُهُ لِمَالِكِهِ لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا، نَعَمْ لَوْ ذَبَحَ أَحَدُهُمَا صَيْدًا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ فِي الْحَرَمِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى غَيْرِ الْمُحْرِمِ، وَخَرَجَ بِالذَّبْحِ مَا لَوْ جَلَبَ مُحْرِمٌ صَيْدًا أَوْ قَتَلَ جَرَادًا أَوْ كَسَرَ بَيْضًا فَلَا يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الصُّورَةِ وَالْخِلْقَةِ عَلَى التَّقْرِيبِ) أَيْ لَا فِي الْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَلَا فِي الصُّورَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حَكَمُوا فِي نَوْعٍ مِنْ الصَّيْدِ بِنَوْعٍ مِنْ غَيْرِهِ مَعَ اخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْأَزْمَانِ وَالْقِيَمِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ) أَيْ مِمَّا لَهُ مِثْلُ مَا فِيهِ نَقْلٌ عَنْ السَّلَفِ فَيُتْبَعُ لِأَنَّهُمْ عُدُولٌ، وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ دَلِيلٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَفِي النَّعَامَةِ) قَتْلًا أَوْ أَزْمَانًا. قَوْلُهُ: (بَدَنَةٌ) وَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا بَقَرَةٌ وَلَا غَيْرُهَا. وَكَذَا الْبَقَرَةُ نَظَرًا لِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَهُمَا الْمُرَادُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ عَنْزٍ فِي الظَّبْيِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ تَيْسًا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَا يَجِبُ فِي الصِّغَارِ) وَهُوَ جَدْيٌ أَوْ جَفْرٌ فِي الذَّكَرِ وَعَنَاقٌ أَوْ جَفْرَةٌ فِي الْأُنْثَى. وَيُقَالُ لِلْجَدْيِ خَرُوفٌ، وَلِلْخَرُوفِ حُمْلَانُ وَحُلَّامٌ بِضَمِّ الْحَاءِ فِيهِمَا وَتَشْدِيدِ اللَّامِ فِي الثَّانِي قَوْلُهُ: (وَفِي الْيَرْبُوعِ) وَمِثْلُهُ الْوَبَرُ بِالْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ دُونَ السِّنَّوْرِ كَحْلَاءُ اللَّوْنِ لَا ذَنَبَ لَهَا. قَوْلُهُ: (جَفْرَةٌ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ جَفَرَ جَنْبَاهَا أَيْ عَظُمَا. قَوْلُهُ: (مَا فَوْقَ الْجَفَرَة) أَيْ مَا زَادَ عَلَى أَوَّلِ سِنِّهَا وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ عَنَاقٌ فَقَطْ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا عَنَاقٌ وَجَفْرَةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ انْتِهَاءَ سِنِّ الْجَفْرَةِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَفِي الضِّبْعِ كَبْشٌ) وَهَذَا اسْمٌ لِلْأُنْثَى. وَيُقَالُ لِلذَّكَرِ ضِبْعَانِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ، وَيُجْزِئُ عَنْهُ الْكَبْشُ بِالْأَوْلَى. وَفِي الثَّعْلَبِ شَاةٌ، وَفِي الضَّبِّ وَأُمِّ حُبَيْنٍ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ أَوَّلَهُ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ جَدْيٌ. قَوْلُهُ: (بِتَيْسٍ أَعْفَرَ) هُوَ مَا بَيَاضُهُ غَيْرُ صَافٍ أَوْ يَعْلُوهُ حُمْرَةٌ.   [حاشية عميرة] لِلتَّأْوِيلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَلَا مَفْهُومَ لِمُتَعَمِّدٍ فِي الْآيَةِ) لِأَنَّهُ لِمُوَافَقَةِ الْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ) وَأَمَّا قِيمَتُهُ لِلْمَالِكِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ قَوْلُهُ: (مِنْ النَّعَمِ) أَيْ وَهُوَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 عُمَرَ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ وَهَذَا إسْنَادُهُ صَحِيحٌ مَلِيحٌ. (وَمَا لَا نَقْلَ فِيهِ) عَنْ السَّلَفِ (يُحْكَمُ بِمِثْلِهِ) مِنْ النَّعَمِ (عَدْلَانِ) فَقِيهَانِ فَطِنَانِ ثُمَّ الْكَبِيرُ مِنْ الصَّيْدِ يُفْدَى بِالْكَبِيرِ مِنْ مِثْلِهِ مِنْ النَّعَمِ وَالصَّغِيرُ بِالصَّغِيرِ، وَيُجْزِئُ فِدَاءُ الذَّكَرِ بِالْأُنْثَى وَعَكْسُهُ وَالْمَرِيضُ بِالْمَرِيضِ وَالْمَعِيبُ بِالْمَعِيبِ، إذَا اتَّحَدَ جِنْسُ الْعَيْبِ كَالْعَوَرِ وَإِنْ كَانَ عَوَرُ أَحَدِهِمَا فِي الْيَمِينِ وَالْآخَرِ فِي الْيَسَارِ فَإِنْ اخْتَلَفَ كَالْعَوَرِ وَالْجَرَبِ فَلَا، وَلَوْ قَابَلَ الْمَرِيضَ بِالصَّحِيحِ أَوْ الْمَعِيبَ بِالسَّلِيمِ فَهُوَ أَفْضَلُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيَفْدِي السَّمِينَ بِسَمِينٍ وَالْهَزِيلَ بِهَزِيلٍ (وَفِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ) كَالْجَرَادِ وَالْعَصَافِيرِ (الْقِيمَةُ) قِيَاسًا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْحَمَامُ فَفِي الْحَمَامَةِ شَاةٌ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ زَادَ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ عُمَرَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مُسْتَنَدَهُمْ فِيهِ تَوْقِيفٌ بَلَغَهُمْ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ وَيُقَاسُ بِهِ مَحَلُّ التَّلَفِ، وَسَيَأْتِي مَا يَفْعَلُ بِالْقِيمَةِ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ وَالتَّخْيِيرُ فِي الْمِثْلِيِّ بَيْنَ ذَبْحِ مِثْلِهِ وَتَقْوِيمِهِ وَالصَّوْمِ. (وَيَحْرُمُ قَطْعُ نَبَاتِ الْحَرَمِ الَّذِي لَا يُسْتَنْبَتُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَا يَسْتَنْبِتُهُ النَّاسُ وَهُوَ مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ شَجَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ شَجَرٍ وَهُوَ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُسْتَنْبَتَ مِنْ الشَّجَرِ كَغَيْرِهِ، وَدَلِيلُهُمَا مَا فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ السَّابِقِ بَعْدَ ذِكْرِ الْبَلَدِ أَيْ مَكَّةَ «لَا يُعْضَدُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (عَدْلَانِ) وَلَوْ ظَاهِرًا ذَكَرَانِ حُرَّانِ فَقِيهَانِ، وَلَوْ بِهَذَا الْبَابِ فَقَطْ، فَطِنَانِ أَيْ ذَوَا حِذْقٍ وَمَعْرِفَةٍ. وَلَوْ حَكَمَ عَدْلَانِ بِمِثْلٍ وَآخَرَانِ بِقِيمَةٍ قُدِّمَ الْأَوَّلَانِ أَوْ بِمِثْلٍ آخَرَ تَخَيَّرَ. فَائِدَةٌ: يَفْسُقُ الْعَدْلُ بِقَتْلِ الصَّيْدِ عَمْدًا عُدْوَانًا لِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ. قَالَهُ السَّنْبَاطِيُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْكَبِيرُ مِنْ الصَّيْدِ يُفْدَى بِالْكَبِيرِ وَالصَّغِيرُ بِالصَّغِيرِ وَيُجْزِئُ فِدَاءُ الذَّكَرِ بِالْأُنْثَى وَعَكْسُهُ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا فِيهِ نَقْلٌ بِخُصُوصِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرِيضُ بِالْمَرِيضِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمَرَضُ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ: وَالْمَعِيبُ بِالْمَعِيبِ نَعَمْ تُفْدَى الْحَامِلُ بِمِثْلِهَا وَلَكِنَّهَا لَا تُذْبَحُ، فَيَخْرُجُ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا فِي مَحَلِّ ذَبْحِهَا لَوْ ذُبِحَتْ طَعَامًا لِلْفُقَرَاءِ أَوْ يَصُومُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اخْتَلَفَ) أَيْ جِنْسُ الْعَيْبِ كَالْعَوَرِ وَالْجَرَبِ فَلَا يُجْزِئُ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ الْحَمَامُ لَمْ يَقُلْ وَمِنْهُ مَا فِيهِ نَقْلٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّ مَا فِيهِ النَّقْلُ هُنَا فَرْدٌ مَخْصُوصٌ. وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَا عَبَّ أَيْ شَرِبَ الْمَاءَ بِلَا مَصٍّ وَهَدَرَ أَيْ صَوَّتَ. وَهُوَ لَازِمٌ لِلْأَوَّلِ كَالْفَاخِتِ وَالْقُمْرِيِّ وَالْقَطَا وَالْكَرَوَانِ وَالْيَمَامِ. فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونَ: كُلُّ دِمَاءِ الْحَجِّ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْإِجْزَاءُ فِي الْأُضْحِيَّةِ الْإِدْمَاءُ الصَّيْدُ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ) أَوْ التَّلَفِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَحَلُّ الْجَرْحِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ قَطْعُ أَوْ قَلْعُ نَبَاتِ الْحَرَمِ) وَلَوْ فِي بَعْضِ أَصْلِهِ أَوْ مَمْلُوكًا، وَإِنْ كَانَ أَغْصَانُهُ فِي هَوَاءِ الْحِلِّ بِخِلَافِ عَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (شَجَرًا كَانَ) وَهُوَ مَا لَهُ سَاقٌ أَوْ غَيْرَ شَجَرٍ وَهُوَ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ غَيْرُ الشَّجَرِ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ. لَوْ قَالَ: الْعُشْبُ أَوْ الْخَلَا أَوْ الْكَلَأُ الرَّطْبُ لَكَانَ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْكَبِيرُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: هَذَا جَارٍ فِي الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ يَعْنِي مَا لَا نَقْلَ فِيهِ، وَمَا فِيهِ نَقْلٌ اهـ. وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي غَيْرِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَكَذَا فِيهِمَا عِنْدَ عَدَمِ النَّصِّ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا بِخُصُوصِهِ، كَالتَّيْسِ فِي الظَّبْيِ وَالْعَنْزِ فِي الظَّبْيَةِ، وَالْعَنَاقِ فِي الْأَرْنَبِ وَالْكَبْشِ فِي الضَّبُعِ، وَالْجَفْرَةِ فِي الْيَرْبُوعِ وَالْوَبْرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْغَزَالَ اسْمٌ لِلصَّغِيرِ، وَأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، فَإِنَّ الْغَزَالَ ذَكَرٌ فَوَاجِبُهُ ذَكَرٌ مِنْ صِغَارِ الْمَعْزِ كَالْجَدْيِ أَوْ الْجَفْرِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ جِسْمُ الصَّيْدِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثًى فَالْعَنَاقُ أَوْ الْجَفْرَةُ اهـ. فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي التَّعْيِينِ لَكِنْ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِعَدَمِهِ فِي هَذَا، وَفِي غَيْرِهِ وَكَلَامُ السُّبْكِيّ يُوَافِقُهُ وَكَذَا صَرِيحُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فَلْيُعْتَمَدْ وَكَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ: تَبَعًا لِلْحَدِيثِ قَدْ لَا يُنَافِيهِ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْوَاجِبُ، وَلَكِنَّ غَيْرَهُ يُجْزِئُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَعَكْسُهُ) أَيْ فِي الْقِسْمَيْنِ صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (قِيَاسًا) أَيْ عَلَى ضَمَانِ إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَحْمُولٌ إلَخْ) وَقِيلَ حَكَمُوا بِذَلِكَ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّبَهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَأْلَفُ الْبُيُوتَ، وَيَأْنَسُ بِهِ النَّاسُ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ لَوْ كَانَ صَغِيرًا، فَهَلْ تَجِبُ سَخْلَةٌ أَوْ شَاةٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (شَجَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ شَجَرٍ) لَوْ ضَيَّقَ الشَّجَرُ الطَّرِيقَ وَضَرَّ الْمَارَّةَ جَازَ قَطْعُهُ، فَفِي مُسْلِمٍ «رَأَيْت رَجُلًا فِي الْجَنَّةِ يَعْضُدُ شَجَرَ شَوْكٍ أَزَالَهُ مِنْ الطَّرِيقِ» . قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ) قِيلَ: هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمِنْهَاجِ لِأَنَّ الْيَابِسَ مَغْرُوزٌ لَا نَابِتٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 شَجَرُهُ» أَيْ لَا يُقْطَعُ «وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ» هُوَ بِالْقَصْرِ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ أَيْ لَا يُنْتَزَعُ بِقَلْعٍ وَلَا قَطْعٍ وَيُقَاسُ بَاقِي الْحَرَمِ عَلَى مَكَّةَ وَقَلْعُ الشَّجَرِ كَقَطْعِهِ (وَالْأَظْهَرُ تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِهِ) أَيْ بِنَبَاتِ الْحَرَمِ مِنْ الْحَشِيشِ الرَّطْبِ إذَا قُطِعَ أَوْ قُلِعَ (وَبِقَطْعِ أَشْجَارِهِ) أَوْ قَلْعِهَا قِيَاسًا عَلَى صَيْدِهِ إذَا أُتْلِفَ بِجَامِعِ الْمَنْعِ مِنْ الْإِتْلَافِ لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَالثَّانِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُوجِبُ ضَمَانَ الشَّجَرِ وَالنَّبَاتِ فَكَذَلِكَ الْحَرَمُ وَعَلَى الْأَوَّلِ (فَفِي الشَّجَرَةِ الْكَبِيرَةِ بَقَرَةٌ وَالصَّغِيرَةِ شَاةٌ) رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَضَمَّ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُطْلَقُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ قَالَ الْإِمَامُ وَالْبَدَنَةُ فِي مَعْنَى الْبَقَرَةِ وَضَبْطُ الشَّجَرَةِ الْمَضْمُونَةِ بِالشَّاةِ بِأَنْ تَقَعَ قَرِيبَةً مِنْ سُبْعِ الْكَبِيرَةِ، فَإِنَّ الشَّاةَ مِنْ الْبَقَرَةِ سُبْعُهَا فَإِنْ صَغُرَتْ جِدًّا فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ وَجَزَمَ بِجَمِيعِ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَعَبَّرَ فِيهَا كَأَصْلِهَا بِأَنَّ مَا دُونَ الْكَبِيرَةِ تُضْمَنُ بِشَاةٍ فَضَبْطُ الْإِمَامِ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَقَلِّ مَا يُضْمَنُ بِهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا عَقَّبَهُ بِهِ أَمَّا غَيْرُ الشَّجَرِ وَهُوَ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ فَيُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ إنْ لَمْ يَخْلُفُ فَإِنْ أَخْلَفَ فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا وَالْمَضْمُونُ بِهِ هُنَا عَلَى التَّعْدِيلِ وَالتَّخْيِيرِ كَمَا فِي الصَّيْدِ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَالْمُسْتَنْبَتُ) مِنْ الشَّجَرِ (كَغَيْرِهِ) فِي الْحُرْمَةِ وَالضَّمَانِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَظْهَرُ وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِشُمُولِ الْحَدِيثِ لَهُ وَالثَّانِي الْمَنْعُ تَشْبِيهًا لَهُ بِالزَّرْعِ، أَيْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَالْقُطْنِيَّةِ وَالْبُقُولِ وَالْخَضْرَاوَاتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُهُ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (وَيَحِلُّ) مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ (الْإِذْخِرُ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ «قَالَ الْعَبَّاسُ. يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا الْإِذْخِرَ» وَمَعْنَى كَوْنِهِ لِبُيُوتِهِمْ أَنَّهُمْ يَسْقُفُونَهَا بِهِ فَوْقَ الْخَشَبِ وَالْقَيْنُ الْحَدَّادُ (وَكَذَا الشَّوْكُ) أَيْ شَجَرُهُ (كَالْعَوْسَجِ وَغَيْرِهِ) يَحِلُّ (عِنْدَ الْجُمْهُورِ) كَالصَّيْدِ الْمُؤْذِي فَلَا ضَمَانَ فِي قَطْعِهِ وَفِي وَجْهٍ يَحْرُمُ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَيَضْمَنُ (وَالْأَصَحُّ حِلُّ أَخْذِ نَبَاتِهِ) مِنْ   [حاشية قليوبي] أَوْلَى أَوْ صَوَابًا لِأَنَّ الْحَشِيشَ وَالْهَشِيمَ اسْمٌ لِلْيَابِسِ، وَالْعُشْبُ وَالْخَلَا بِالْقَصْرِ اسْمٌ لِلرَّطْبِ وَالْكَلَأُ بِالْهَمْزِ جَمِيعُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَبِقَطْعِ) هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي بِهِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى تَفْسِيرِ الشَّارِحِ النَّبَاتَ أَوَّلًا، وَالْمُغَايِرِ عَلَى تَفْسِيرِهِ ثَانِيًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَفِي الشَّجَرَةِ) أَيْ الْحَرَمِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فِي الْحِلِّ إبْقَاءً لِحُرْمَتِهَا فِي أَصْلِهَا، كَمَا أَنَّ شَجَرَةَ الْحِلِّ لَا تَثْبُتُ لَهَا الْحُرْمَةُ فِي الْحَرَمِ لِذَلِكَ فَفَارَقَتْ الصَّيْدَ بِثُبُوتِ أَصْلِهَا، وَمَحَلُّ ضَمَانِهَا إنْ مَاتَتْ فَإِنْ نَبَتَتْ وَلَوْ فِي الْحِلِّ فَلَا ضَمَانَ. وَيَجِبُ عَوْدُهَا لِلْحَرَمِ وَلِلنَّوَاةِ حُكْمُ أَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (بَقَرَةٌ) تُجْزِئُ أُضْحِيَّةً كَمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي إجْزَاءُ الْبَدَنَةِ عَنْهَا، وَكَذَا سَبْعُ شِيَاهٍ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (قَرِيبَةً مِنْ سُبْعِ الْكَبِيرَةِ) أَيْ فَأَكْثَرَ إلَى سِتَّةِ أَسْبَاعٍ وَفِيمَا دُونَ السُّبْعِ الضَّمَانُ بِالْقِيمَةِ كَالْحَشِيشِ كَمَا ذَكَرَهُ. وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ زِيَادَةِ الشَّاةِ فِيمَا زَادَ عَلَى السُّبْعِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَخْلَفَ) أَيْ الْحَشِيشُ يَعْنِي الْعُشْبَ كَمَا مَرَّ فَلَا ضَمَانَ إنْ كَانَ مِثْلَهُ، وَالْأَضْمَنُ نَقْصُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُسْتَنْبَتُ مِنْ الشَّجَرِ) أَيْ لَا مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ (كَغَيْرِهِ) أَيْ كَغَيْرِ الْمُسْتَنْبَتِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْحُرْمَةِ وَالضَّمَانِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الزُّرُوعِ وَالْبُقُولِ وَالْخَضْرَاوَاتِ، وَإِنْ نَبَتَ بِنَفْسِهِ وَيَحِلُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ) لَوْ قَالَ: مِنْ نَبَاتِ الْحَرَمِ لَكَانَ أَوْلَى أَوْ صَوَابًا الْإِذْخِرُ قَطْعًا وَقَلْعًا وَتَصَرُّفًا بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الشَّوْكُ)   [حاشية عميرة] فَائِدَةٌ: الْحَشِيشُ وَالْهَشِيمُ هُوَ الْيَابِسُ وَالْعُشْبُ وَالْخَلَا بِالْقَصْرِ هُوَ الرَّطْبُ، وَالْكَلَأُ بِالْهَمْزِ يَعُمُّهُمَا. قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ بَاقِي الْحَرَمِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبِقَطْعِ أَشْجَارِهِ) هُوَ مُسْتَدْرَكٌ لِأَنَّ الضَّمِيرَ السَّابِقَ يَعُودُ عَلَى النَّبَاتِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلشَّجَرِ قَوْلُهُ: (أَمَّا غَيْرُ الشَّجَرِ إلَخْ) هَذَا لَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَخْلَفَ إلَخْ) لَوْ أَخْلَفَ غُصْنُ الشَّجَرِ قَبْلَ الْعَامِ، فَلَا ضَمَانَ بِخِلَافِ الْحَشِيشِ فَإِنَّهُ مَتَى أَخْلَفَ لَا ضَمَانَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُسْتَنْبَتُ مِنْ الشَّجَرِ) أَيْ كَأَنْ أُخِذَ غُصْنٌ مِنْ الْحَرَمِ وَغُرِسَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ، أَمَّا الْمَأْخُوذُ مِنْ الْحِلِّ إذَا غُرِسَ فِي الْحَرَمِ فَلَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَلَوْ غُصْنًا وَنَوَاةً، وَلَوْ كَانَ الْمَنْقُولُ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ غُصْنًا أَوْ نَوَاةً فَالْحُكْمُ عَدَمُ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ لِذَلِكَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُهُ إلَخْ) سَوَاءٌ نَبَتَ بِنَفْسِهِ أَوْ اسْتَنْبَتَهُ النَّاسُ. قَوْلُهُ: (إلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ قَطَعَ الْإِذْخِرَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 حَشِيشٍ وَنَحْوِهِ (لِعَلْفِ الْبَهَائِمِ) بِسُكُونِ اللَّامِ (وَلِلدَّوَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ كَالْإِذْخِرِ، وَالثَّانِي يَقِفُ مَعَ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَيَجُوزُ تَسْرِيحُ الْبَهَائِمِ فِي حَشِيشِهِ لِتَرْعَى جَزْمًا وَمِنْ الْمُمْتَنِعِ أَخْذُهُ لِيَبِيعَهُ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ صَادِقٌ يَبِيعُهُ مِمَّنْ يَعْلِفُ بِهِ وَيَجُوزُ أَخْذُ وَرَقِ الشَّجَرِ بِسُهُولَةٍ لَا يُخْبَطُ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيَجُوزُ أَخْذُ ثَمَرِهِ وَعُودِ السِّوَاكِ، وَنَحْوِهِ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا أَمَّا الْيَابِسُ مِنْ الشَّجَرِ فَيَجُوزُ قَطْعُهُ وَقَلْعُهُ وَالْيَابِسُ مِنْ الْحَشِيشِ يَجُوزُ قَطْعُهُ وَلَوْ قَلَعَهُ، قَالَ الْبَغَوِيّ: لَزِمَهُ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْلَعْهُ لَنَبَتَ ثَانِيًا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ إذَا جَفَّ الْحَشِيشُ وَمَاتَ جَازَ قَلْعُهُ وَأَخْذُهُ فَقَوْلُ الْبَغَوِيّ فِيمَا لَمْ يَمُتْ. (وَصَيْدُ الْمَدِينَةِ حَرَامٌ) وَفِي الْمُحَرَّرِ صَيْدُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَشَجَرُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَخَلَاهُ رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا» ، زَادَ مُسْلِمٌ «وَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا» . وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ «لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا» ، وَاللَّابَتَانِ الْحُرَّتَانِ تَثْنِيَةُ لَابَةٍ وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُكْتَسِيَةُ حِجَارَةً سُودًا وَهُمَا شَرْقِيُّ الْمَدِينَةِ وَغَرْبِيُّهَا فَحَرَمُهَا مَا بَيْنَهُمَا عَرْضًا وَمَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا طُولًا وَهُمَا فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عِيرٍ إلَى ثَوْرٍ» وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ   [حاشية قليوبي] خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ يَحِلُّ قَلْعًا وَقَطْعًا وَتَصَرُّفًا بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) وَهُوَ مَرْجُوحٌ، وَفَارَقَ الصَّيْدَ الْمُؤْذِيَ بِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارًا فِي قَصْدِ الْأَذَى. قَوْلُهُ: (بِسُكُونِ اللَّامِ) وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَفِيهِ بُعْدٌ. قَوْلُهُ.: (كَالْإِذْخِرِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ الْأَخْذِ لَا التَّصَرُّفِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ تَسْرِيحُ الْبَهَائِمِ فِيهِ) خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمُمْتَنِعِ أَخْذُهُ لِبَيْعِهِ) أَوْ لِهِبَةٍ وَلَوْ لِمَنْ يَعْلِفُ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَخْذُ وَرَقِ الشَّجَرِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلنَّبَاتِ كَالسَّنَا ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِنَحْوِ الْبَيْعِ. وَبِهِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَخْذُ ثَمَرِهِ) أَيْ الشَّجَرِ وَفِيهِ مَا ذَكَرَ فِي الْوَرَقِ. قَوْلُهُ: (عُودِ السِّوَاكِ) قَالَ شَيْخُنَا لَا لِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَلَمْ يَرْتَضِهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) . أَيْ نَحْوِ عُودِ السِّوَاكِ مِنْ أَطْرَافِ أَغْصَانِ الْأَشْجَارِ وَفِيهِ مَا فِي السِّوَاكِ الْمَذْكُورِ، لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا: إنَّهَا إذَا لَمْ تُخْلِفْ مِثْلَهَا فِي عَامِهَا ضَمِنَهَا بِالْقِيمَةِ. وَأَمَّا الْعُشْبُ فَيَجُوزُ أَخْذُ مَا يُخْلِفُ مِنْهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ عَامِهِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْيَابِسُ مِنْ الشَّجَرِ فَيَجُوزُ) خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ قَطْعُهُ مُطْلَقًا. وَكَذَا قَلْعُهُ إنْ مَاتَ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ. وَيَجُوزُ تَقْلِيمُ شَجَرِ الْحَرَمِ لِلْإِصْلَاحِ وَفِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ مِنْ جَرِيدٍ وَنَحْوِهِ مَا مَرَّ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَلَوْ بِنَحْوِ الْبَيْعِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَصَيْدُ الْمَدِينَةِ) لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الصَّيْدِ لَشَمَلَ الشَّجَرَ وَالْخَلَا الَّذِي أَوْرَدَهُمَا الشَّارِحُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ تَحْرِيمُ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحْرِمِ صَيْدُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ) وَهِيَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: «وَإِنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ» أَيْ أَظْهَرَ تَحْرِيمَهَا لِأَنَّهُ قَدِيمٌ. قَوْلُهُ: «وَإِنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ» ) أَيْ ابْتَدَأْت تَحْرِيمَهَا فَهُوَ حَادِثٌ. قَوْلُهُ: (فَحَرَمُهَا مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ اللَّابَتَيْنِ الشَّرْقِيَّةِ وَالْغَرْبِيَّةِ عَرْضًا. قَوْلُهُ: (وَمَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا عَيْرٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ   [حاشية عميرة] لِغَرَضِ الْبَيْعِ أَوْ الْحَاجَةِ هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا؟ قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) لِهَذَا قَالَ فِي الْمَتْنِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى الصَّحِيحِ وَنَحْوِهِ عَلَى عَادَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِعَلَفِ الْبَهَائِمِ) مِثْلُهُ أَخْذُهُ لِلْحَاجَةِ الَّتِي يُؤْخَذُ لِأَجْلِهَا الْإِذْخِرُ وَكَذَا الْأَكْلُ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَتْ الْحَاجَةُ غَيْرَ نَاجِزَةٍ فَهَلْ يَجُوزُ الْأَخْذُ لِمَا عَسَاهُ يَطْرَأُ الظَّاهِرُ لَا كَاقْتِنَاءِ الْكَلْبِ لِمَا عَسَاهُ يَكُونُ مِنْ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ. فَائِدَةٌ: نَظَمَ بَعْضُهُمْ حُدُودَ الْحَرَمِ فَقَالَ: وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضِ طِيبَةَ ... ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ إذَا رُمْت إتْقَانَهُ وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِرَاقٌ وَطَائِفٌ ... وَحَدُّهُ عَشْرٌ ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِلدَّوَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ أَخَذَهُ لِلْحَاجَةِ الَّتِي يُؤْخَذُ لَهَا الْإِذْخِرُ كَتَسْقِيفِ الْبُيُوتِ جَازَ قَطْعُهُ لِذَلِكَ، كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ وَالْوَسِيطِ، وَتَبِعَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ، وَصَرَّحَ بِجَوَازِ قَطْعِهِ مُطْلَقًا قَالَ: وَقَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ اهـ. قُلْت: وَمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ أَنَّ الْأَشْجَارَ الرَّطْبَةَ يَجُوزُ قَطْعُهَا لِتَسْقِيفِ الْبُيُوتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْحَاجَاتِ مَحَلُّ نَظَرٍ. وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعُ الشَّجَرِ لِحَاجَةِ السَّقْفِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَشِيشَةِ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَشَجَرِهِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمُمْتَنِعِ أَخْذُهُ لِيَبِيعَهُ) هَذَا يُفِيدُك أَنَّ السِّوَاكَ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْحَرَمِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَكَذَا وَرَقُ السَّنَا. قَوْلُهُ: (وَرَقِ الشَّجَرِ) مِنْهُ السَّعَفُ. قَوْلُهُ: (قَطْعُهُ) إنْ قُلْت لِمَ لَمْ يَضْمَنْ بِالْقِيمَةِ كَبَيْضِ النَّعَامِ، قُلْت: أُجِيبَ بِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ فَاعْتُبِرَ ضَمَانُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 ذِكْرَ ثَوْرٍ هُنَا وَهُوَ بِمَكَّةَ مِنْ غَلَطِ الرُّوَاةِ وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ أُحُدٌ وَدُفِعَ بِأَنَّ وَرَاءَهُ جَبَلًا صَغِيرًا يُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ (وَلَا يَضْمَنُ) الصَّيْدَ وَالشَّجَرَ وَالْخَلَا (فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلنُّسُكِ بِخِلَافِ حَرَمِ مَكَّةَ وَالْقَدِيمُ يَضْمَنُ فَقِيلَ كَحَرَمِ مَكَّةَ وَالْأَصَحُّ يَضْمَنُ بِسَلْبِ الصَّائِدِ وَقَاطِعِ الشَّجَرِ، أَوْ الْخَلَا وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ فَلَا مُعَارِضَ رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَجَدَ عَبْدًا يَقْطَعُ شَجَرًا أَوْ يَخْبِطُهُ فَسَلَبَهُ فَلَمَّا رَجَعَ سَعْدٌ جَاءَهُ أَهْلُ الْعَبْدِ فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى غُلَامِهِمْ أَوْ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ مِنْ غُلَامِهِمْ. فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا نَفَّلَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّهُ وَجَدَ رَجُلًا يَصِيدُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ فَسَلَبَهُ ثِيَابَهُ. فَجَاءَ مَوَالِيهِ فَكَلَّمُوهُ فِيهِ. فَقَالَ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَ هَذَا الْحَرَمَ، وَقَالَ مَنْ أَخَذَ أَحَدًا يَصِيدُ فِيهِ فَلْيَسْلُبْهُ» فَلَا أَرُدُّ عَلَيْكُمْ طُعْمَةً أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَكِنْ إنْ شِئْتُمْ دَفَعْت إلَيْكُمْ ثَمَنَهُ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْمَدِينَةِ فَيَجِدُ الْحَاطِبَ مَعَهُ شَجَرٌ رَطْبٌ عَضَدَهُ مِنْ بَعْضِ شَجَرِ الْمَدِينَةِ، فَيَأْخُذُ سَلْبَهُ فَيُكَلَّمُ فِيهِ فَيَقُولُ لَا أَدَعُ غَنِيمَةً غَنَّمَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنِّي لِمَنْ أَكْثَرِ النَّاسِ مَالًا. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَكَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِي الِاصْطِيَادِ أَنَّهُ يُسْلَبُ، وَإِنْ لَمْ يُتْلَفْ الصَّيْدُ، وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا أَدْرِي أَيُسْلَبُ إذَا أَرْسَلَ الصَّيْدَ أَمْ لَا يُسْلَبُ حَتَّى يُتْلِفَهُ، ثُمَّ سَلْبُ الصَّائِدِ أَوْ الْقَاطِعِ كَسَلْبِ الْقَتِيلِ جَمِيعَ مَا مَعَهُ مِنْ ثِيَابٍ وَفَرَسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقِيلَ: ثِيَابُهُ فَقَطْ، وَهُوَ لِلسَّالِبِ وَقِيلَ لِفُقَرَاءِ الْمَدِينَةِ وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَهَلْ يُتْرَكُ لِلْمَسْلُوبِ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ وَجْهَانِ أَصْوَبُهُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصَحُّهُمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ نَعَمْ. (وَيَتَخَيَّرُ   [حاشية قليوبي] وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَثَوْرٌ بِالْمُثَلَّثَةِ طُولًا وَقَدَّرَهُ بَعْضُهُمْ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ وَرَاءَهُ) أَيْ أُحُدًا جَبَلًا صَغِيرًا. وَفِي نُسْخَةٍ جَبَلٌ فَاسْمُ أَنَّ ضَمِيرُ الشَّأْنِ أَوْ هُوَ خَبَرُهَا وَاسْمُهَا وَرَاءَ بِنَاءً عَلَى تَصَرُّفِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضْمَنُ الصَّيْدَ وَالشَّجَرَةَ وَالْخَلَا فِي الْجَدِيدِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِثْلُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ وَادِي وَجٍّ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ بِالطَّائِفِ. تَتِمَّةٌ: نَقْلُ تُرَابِ الْحِلِّ إلَى أَحَدِ الْحَرَمَيْنِ خِلَافُ الْأَوْلَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَنَقْلُ أَجْزَاءِ أَرْضِهِمَا وَلَوْ مِنْ تُرَابِهِمَا وَأَوَانِيهِمَا نَحْوِ الْكِيزَانِ وَالْأَبَارِيقِ إلَى الْحِلِّ حَرَامٌ وَيَجِبُ رَدُّهُ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ لَوْ تَلِفَ. وَيُؤْخَذُ مِنْ تَقْيِيدِ حُرْمَةِ النَّقْلِ بِكَوْنِهِ إلَى الْحِلِّ أَنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُ أَجْزَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ مِنْهُ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُ أَجْزَاءِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ نَقْلُ مَا لَيْسَ مِنْ أَجْزَائِهِمَا كَخَشَبٍ لِسَقْفِ الْكَعْبَةِ وَجُذُوعِهَا إذَا انْكَسَرَتْ مَثَلًا إلَى الْحِلِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ. وَلْيُحَرَّرْ وَلَا بَأْسَ لِسَقْفِ الْكَعْبَةِ وَجُذُوعِهَا إذَا انْكَسَرَتْ مَثَلًا إلَى الْحِلِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ. وَلْيُحَرَّرْ وَلَا بَأْسَ بِنَقْلِ ثِمَارِهِمَا وَحَشِيشِهِمَا وَوَرَقِ شَجَرِهِمَا وَأَغْصَانِهِ لِلِانْتِفَاعِ. وَكَذَا لَا بَأْسَ بِنَقْلِ مَاءِ زَمْزَمَ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ. وَمَا قِيلَ بِأَنَّهُ يُبَدَّلُ فَمِنْ خُرَافَاتِ الْعَوَامّ وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ، وَمَنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ مَسَحَهَا بِطِيبٍ لَهُ وَأَخَذَهُ. وَأَمَّا كِسْوَتُهَا فَإِنْ عَلِمَ وَقْفَهَا عَلَيْهَا فَقِيلَ أَمْرُهَا لِلْإِمَامِ مِنْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَغَيْرِهِمَا. وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُبَاعُ إنْ لَمْ يَبْقَ فِيهَا جَمَالٌ وَتُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْبَيْتِ وَالْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ وَقْفُهَا فَهِيَ لِمَالِكِهَا إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ فِيهَا لِقَيِّمِهَا مِنْ بَيْعِهَا وَصَرْفِهَا فِي مَصَالِحِهَا، وَإِنْ وُقِفَ لَهَا وَقْفٌ تُكْسَى مِنْهُ كَمَا هُوَ الْآنَ فِي مِصْرَ فَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ شَيْئًا اتَّبَعَ، وَإِلَّا فَإِنْ وَقَفَهَا النَّاظِرُ فَحُكْمُهَا مَا مَرَّ، وَإِلَّا فَلَهُ بَيْعُهَا وَصَرْفُهَا فِي كِسْوَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ شَرَطَ تَجْدِيدَهَا كُلَّ عَامٍ مَثَلًا كَمَا هُوَ الْآنَ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهَا لِسَادِنِهَا أَيْ خَادِمِهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَالَهَا كَمَا هُوَ الْآنَ فَأَمْرُهَا لِلْإِمَامِ. وَيَتْبَعُ فِيهَا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَيَجُوزُ لُبْسُهَا لِمَنْ أَخَذَهَا وَلَوْ جُنُبًا وَحَائِضًا هَذَا مُحَصَّلُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (وَيَتَخَيَّرُ فِي الصَّيْدِ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي دِمَاءِ الْحَجِّ وَجُمْلَتُهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّظْمِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دَمًا وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا مُرَتَّبٌ لَا يَنْتَقِلُ إلَى خَصْلَةٍ إلَّا إنْ عَجَزَ عَمَّا قَبْلَهَا مُقَدَّرُ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ وَهِيَ تِسْعَةٌ دِمَاءً، ثَانِيهَا مُرَتَّبٌ كَمَا مَرَّ مُعَدَّلٌ أَيْ مُقَوَّمٌ بِالْعُدُولِ وَهُوَ دَمَانِ، ثَالِثُهَا مُخَيَّرٌ يَجُوزُ الْعُدُولُ فِيهِ إلَى كُلِّ خَصْلَةٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهَا مُعَدَّلٌ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ دَمَانِ أَيْضًا. رَابِعُهَا مُخَيَّرٌ مُقَدَّرٌ كَمَا مَرَّ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ دِمَاءً وَقَدْ نَظَمَهَا ابْنُ الْمُقْرِي بِقَوْلِهِ   [حاشية عميرة] كَالصَّيْدِ وَالْبَيْضُ تَبَعٌ فَكَانَ كَاللِّيفِ، وَقَدْ يَعْتَرِضُ بِالْوَرَقِ وَالثَّمَرِ الْيَابِسَيْنِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلنُّسُكِ) زَادَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَأَشْبَهَ مَوَاضِعَ الْحُمَّى، وَإِنَّمَا أَثْبَتْنَا التَّحْرِيمَ بِالنُّصُوصِ. قَوْلُهُ: (وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ إلَخْ) هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَزِيدُ عَلَى الْأُولَى بِالتَّقْيِيدِ بِالرَّطْبِ، وَإِضَافَتِهِ إلَى الْمَدِينَةِ وَقَوْلِهِ وَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ مَالًا. قَوْلُهُ: (مِنْ ثِيَابٍ وَفَرَسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) اقْتَضَى هَذَا كَمَا تَرَى أَنَّ الثِّيَابَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 فِي الصَّيْدِ الْمِثْلِيِّ بَيْنَ ذَبْحِ مِثْلِهِ وَالصَّدَقَةِ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ) بِأَنْ يُفَرِّقَ لَحْمَهُ عَلَيْهِمْ أَوْ يُمَلِّكَهُمْ جُمْلَتَهُ مَذْبُوحًا لَا حَيًّا (وَبَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ وَيَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا) مِمَّا يُجْزِئُ فِي الْفِطْرَةِ قَالَهُ الْإِمَامُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ بِقَدْرِهَا مِنْ طَعَامِهِ (لَهُمْ) أَيْ لِأَجْلِهِمْ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالدَّرَاهِمِ (أَوْ يَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ) مِنْ الطَّعَامِ (يَوْمًا) حَيْثُ كَانَ قَالَ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95] (وَغَيْرُ الْمِثْلِيِّ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا) لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِالدَّرَاهِمِ. (أَوْ يَصُومَ) عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا كَالْمِثْلِيِّ فَإِنْ انْكَسَرَ مُدٌّ فِي الْقِسْمَيْنِ صَامَ يَوْمًا لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَبَعَّضُ وَيُقَاسُ بِالْمَسَاكِينِ الْفُقَرَاءُ وَالْعِبْرَةُ فِي قِيمَةِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ قِيَاسًا عَلَى كُلِّ مُتْلَفٍ   [حاشية قليوبي] أَرْبَعَةٌ دِمَاءُ حَجٍّ تُحْصِرُ ... أَوَّلُهَا الْمُرَتَّبُ الْمُقَدَّرُ تَمَتُّعُ فَوْتٍ وَحَجٌّ قَرْنًا ... وَتَرْكُ رَمْيٍ وَالْمَبِيتُ بِمِنًى وَتَرْكُهُ الْمِيقَاتَ وَالْمُزْدَلِفَهْ ... أَوْ لَمْ يُوَدِّعْ أَوْ كَمَشْيٍ أَخْلَفَهُ نَاذِرُهُ يَصُومُ إنْ دَمًا فَقَدَ ... ثَلَاثَةً فِيهِ وَسَبْعًا فِي الْبَلَدْ وَالِثَانِ تَرْتِيبٌ وَتَعْدِيلٌ وَرَدْ ... فِي مُحْصَرٍ وَوَطْءِ حَجٍّ إنْ فَسَدْ إنْ لَمْ يَجِدْ قَوْمَهُ ثُمَّ اشْتَرَى ... بِهِ طَعَامًا طُعْمَةً لَلْفُقَرَا ثُمَّ لِعَجْزٍ عَدْلُ ذَاكَ صَوْمًا ... أَعْنِي بِهِ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَالثَّالِثُ التَّخْيِيرُ وَالتَّعْدِيلُ فِي ... صَيْدٍ وَأَشْجَارٍ بِلَا تَكَلُّفٍ إنْ شِئْت فَاذْبَحْ أَوْ فَعَدْلٌ مِثْلُ مَا ... عَدَلْت فِي قِيمَةِ مَا تَقَدَّمَا وَخَيَّرْنَ وَقَدَّرْنَ فِي الرَّابِعِ ... إنْ شِئْت فَاذْبَحْ أَوْ فَجُدْ بِآصُعٍ لِلشَّخْصِ نِصْفٌ أَوْ فَصُمْ ثَلَاثًا ... تَجْتَثُّ مَا اجْتَثَثْته اجْتِثَاثًا فِي الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ وَطِيبِ دُهْنٍ ... لُبْسٍ وَتَقْبِيلٍ وَوَطْءٍ ثَنِيِّ أَوْ بَيْنَ تَحْلِيلَيْ ذَوِي إحْرَامٍ ... هَذِي دِمَاءُ الْحَجِّ بِالتَّمَامِ وَنَظَمَهَا الدَّمِيرِيِّ أَيْضًا وَغَيْرُهُ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ غَالِبَهَا كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (ذَبَحَ مِثْلَهُ) مَا لَمْ يَكُنْ حَامِلًا وَإِلَّا فَلَا يُجْزِئُ ذَبْحُهَا وَالْوَاجِبُ قِيمَتُهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ) وَيَكْفِي ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ وَإِنْ انْحَصَرُوا كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَلَا يَكْفِي أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، فَإِنْ دَفَعَهُ لِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ ضَمِنَ لِلثَّالِثِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ، وَإِضَافَتُهُمْ إلَى الْحَرَمِ مِنْ حَيْثُ وُجُودُهُمْ فِيهِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلَوْ غَيْرَ قَاطِنِينَ فِيهِ لَكِنَّ الْقَاطِنَ أَفْضَلُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، فَلَوْ خَرَجَ بِهِمْ عَنْ الْحَرَمِ تَعَيَّنَ الْقَاطِنُونَ. كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ وَلَوْ لَمْ يُوجَدُوا حَفِظَ إلَى وُجُودِهِمْ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُفَرِّقَ لَحْمَهُ) وَكَذَا بَقِيَّةُ أَجْزَائِهِ كَجِلْدِهِ وَشَعْرِهِ وَإِنْ صَارَ قَدِيدًا. قَوْلُهُ: (أَوْ يُمَلِّكَهُمْ جُمْلَتَهُ مَذْبُوحًا) وَلَوْ قَبْلَ سَلْخِهِ، وَسَيَأْتِي لَوْ تَلِفَ قَبْلَ ذَلِكَ. وَلَوْ قَالَ وَتَمْلِيكُهُ لَهُمْ مَذْبُوحًا لَكَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (دَرَاهِمَ) إنْ كَانَتْ الْغَالِبَ وَإِلَّا فَالْغَالِبُ مِنْ غَيْرِهَا وَنَصْبُهَا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِيُقَوِّمَ. قَوْلُهُ: (وَيَشْتَرِي بِهَا) إنْ شَاءَ، وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ طَعَامِ نَفْسِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (أَيْ لِأَجْلِهِمْ) لِأَنَّ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّصَدُّقُ بِالدَّرَاهِمِ كَمَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْعِبْرَةُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي قِيمَةِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ زَمَانًا وَمَكَانًا، وَفِي قِيمَةِ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ بِمَكَّةَ يَوْمَ إرَادَةِ تَقْوِيمِهِ وَفِي سِعْرِ الطَّعَامِ كَذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ. وَالْمُعْتَبَرُ فِي قِيمَةِ بَدَنَةِ الْجِمَاعِ   [حاشية عميرة] وَالْفَرَسَ، وَنَحْوُ ذَلِكَ يُؤْخَذُ فِي الْعُشْبَةِ الْوَاحِدَةِ، وَتَقَدَّمَ فِي حَرَمِ مَكَّةَ أَنَّ مَا دُونَ سُبْعِ الْكَبِيرَةِ مِنْ الشَّجَرِ وَسَائِرِ الْخَلَا يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ فِي حَرَمِ مَكَّةَ، وَلَا مَانِعَ مِنْ الْتِزَامِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ حَرَمُ مَكَّةَ أَعْظَمَ حُرْمَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّدَقَةُ بِهِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْهُ شَيْئًا وَلَوْ جِلْدًا. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: أُهْدِي عَنْ ثُلُثِهِ وَأُطْعِمُ عَنْ ثُلُثِهِ وَأَصُومُ عَنْ ثُلُثِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَيْ لِأَجْلِهِمْ) يَعْنِي لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الشِّرَاءَ يَقَعُ لَهُمْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَصَدَّقَ إلَخْ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (بِصِفَةِ الْأُضْحِيَّةِ) لَوْلَا سُمِعَ عَلَيْهِ سَبْعُ شِيَاهٍ أَجْزَأَتْ عَنْهُ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ وَلَوْ ذَبَحَ بَدَنَةً مَثَلًا، وَنَوَى التَّصَدُّقَ بِسُبْعِهَا عَنْ الشَّاةِ، وَأَكَلَ الْبَاقِيَ أَجْزَأَهُ، وَهَذَا الْحُكْمُ مُطَّرِدٌ إلَّا فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 مُتَقَوِّمٍ وَفِي قِيمَةِ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ بِمَكَّةَ يَوْمَ إرَادَةِ تَقْوِيمِهِ لِأَنَّهَا مَحَلُّ ذَبْحِهِ لَوْ أُرِيدَ وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْعَدُوِّ إلَى الطَّعَامِ سِعْرُهُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ أَوْ بِمَكَّةَ؟ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الثَّانِي. (وَيَتَخَيَّرُ فِي فِدْيَةِ الْحَلْقِ بَيْنَ ذَبْحِ شَاةٍ) بِصِفَةِ الْأُضْحِيَّةِ (وَالتَّصَدُّقِ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ) بِالْمَدِّ (لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ) لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ وَجَمْعُهُ فِي الْأَصْلِ أَصْوُعٌ، أُبْدِلَ مِنْ وَاوِهِ هَمْزَةٌ مَضْمُومَةٌ قَامَتْ عَلَى الصَّادِ وَنُقِلَتْ ضَمَّتُهَا إلَيْهَا وَقُلِبَتْ هِيَ أَلِفًا (وَصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] أَيْ فَحَلَقَ {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] . وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَيُؤْذِيك هَوَامُّ رَأْسِك؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: اُنْسُكْ شَاةً، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ فَرَقًا مِنْ الطَّعَامِ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ» ، وَالْفَرَقُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ ثَلَاثَةُ آصُعٍ وَقِيسَ الْقَلْمُ عَلَى الْحَلْقِ، وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ فِيهِمَا عَلَيْهِ وَالْفُقَرَاءُ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَكَفِدْيَةِ الْحَلْقِ فِدْيَةُ الِاسْتِمْتَاعِ كَالتَّطَيُّبِ وَالْإِدْهَانِ وَاللُّبْسِ، وَمُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ لِاشْتِرَاكِهَا فِي التَّرَفُّهِ هَذَا دَمُ تَخْيِيرٍ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الدَّمَ فِي تَرْكِ الْمَأْمُورِ كَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ) وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَبِمِنًى لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ وَالرَّمْيِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ (دَمُ تَرْتِيبٍ) إلْحَاقًا لَهُ بِدَمِ التَّمَتُّعِ لِمَا فِي التَّمَتُّعِ مِنْ تَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَقِيسَ بِهِ تَرْكُ بَاقِي الْمَأْمُورَاتِ (فَإِذَا عَجَزَ) عَنْ الدَّمِ (اشْتَرَى بِقِيمَةِ الشَّاةِ طَعَامًا وَتَصَدَّقَ بِهِ فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ ذَلِكَ (صَامَ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا) وَهَذَا يُسَمَّى تَعْدِيلًا وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ كَالْإِمَامِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الدَّمِ يَصُومُ كَالْمُتَمَتِّعِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً بَعْدَ رُجُوعِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَيُسَمَّى تَقْدِيرًا وَالْأَوَّلُ قَالَ التَّعْدِيلُ جَارٍ عَلَى الْقِيَاسِ وَالتَّقْدِيرُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الدَّمِ صَوْمُ الْحَلْقِ وَمُقَابِلُ التَّرْتِيبِ أَنَّهُ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَعْدِيلٍ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ. (وَدَمُ الْفَوَاتِ) أَيْ فَوَاتِ الْحَجِّ بِفَوَاتِ الْوُقُوفِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ الْآتِي وُجُوبُهُ مَعَ الْقَضَاءِ (كَدَمِ التَّمَتُّعِ) فِي صِفَتِهِ وَحُكْمِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ لِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالْوُقُوفُ الْمَتْرُوكُ فِي الْفَوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ (وَيَذْبَحُهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ) وُجُوبًا (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا أَمَرَ بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَسَيَأْتِي بِطُولِهِ فِي آخِرِ الْبَابِ الْآتِي، وَالثَّانِي يَجُوزُ ذَبْحُهُ فِي سُنَّةِ الْفَوَاتِ كَدَمِ الْفَسَادِ يُرَاقُ فِي الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْهُمْ مِنْ حَكَاهُ وَجْهَيْنِ. ثُمَّ وَقْتُ الْوُجُوبِ عَلَى الثَّانِي سُنَّةُ الْفَوَاتِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ كَمَا يَجِبُ دَمُ التَّمَتُّعِ إذَا أَحْرَمَ   [حاشية قليوبي] سِعْرُ مَكَّةَ وَقْتَ الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (ذَبْحِ شَاةٍ) وَيَكْفِي عَنْهَا سُبْعُ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ فَإِنْ ذَبَحَ الْبَدَنَةَ وَقَعَ الزَّائِدُ تَطَوُّعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لِكُلِّ مِسْكَيْنِ نِصْفُ صَاعٍ) وَلَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْهُ، وَلَيْسَ فِي الْكَفَّارَاتِ مَحَلٌّ يُزَادُ فِيهِ الْمِسْكِينُ عَلَى مُدِّ هَذَا غَيْرُ هَذَا. كَذَا قَالُوا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ أَمْدَادِ أَيَّامٍ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَهُوَ مَرْجُوحٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ الدَّمَ فِي تَرْكِ الْمَأْمُورَاتِ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ كَمَا فِي دَمِ الْحَلْقِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَدَمُ الْفَوَاتِ) أَيْ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعَهُ تَابِعَةٌ لَهُ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (كَدَمِ التَّمَتُّعِ فِي صِفَتِهِ وَحُكْمِهِ) فَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ. قَوْلُهُ: (وَيَذْبَحُهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ وُجُوبًا) فَلَا يَكْفِي ذَبْحُهُ فِي حَجَّةِ الْفَوَاتِ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ ذَبْحًا وَصَوْمًا بِالْإِحْرَامِ بِهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ. وَلَهُ الذَّبْحُ أَيْضًا   [حاشية عميرة] جَزَاءِ الصَّيْدِ بَلْ لَا تُجْزِئُ فِيهِ الْبَدَنَةُ عَنْ الشَّاةِ قَوْلُهُ: (أَبْدَلَ إلَخْ) رَدٌّ عَلَى ابْنِ مَكِّيٍّ فِي قَوْلِهِ: إنَّ آصُعَ خَطَأٌ مِنْ كَلَامِ الْعَوَامّ، وَإِنَّ الصَّوَابَ أَصْوُعٌ. قَوْلُهُ: (رَوَى الشَّيْخَانِ) اشْتَمَلَ هَدًّا الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ عَلَى تَفْسِيرِ أَقْسَامِ الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ كَفَّارَةٍ ثَبَتَ فِيهَا التَّخْيِيرُ وَإِذَا كَانَ سَبَبُهَا مُبَاحًا ثَبَتَ فِيهَا التَّخْيِيرُ إذَا كَانَ سَبَبُهَا مُحَرَّمًا كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَقَتْلِ الصَّيْدِ. قَوْلُهُ: (يَصُومُ كَالْمُتَمَتِّعِ) أَيْ لِمَا أُلْحِقَ بِالْمُتَمَتِّعِ فِي التَّرْتِيبِ بِجَامِعِ تَرْكِ الْمَأْمُورِ، وَأُلْحِقَ بِهِ فِي جَوَابِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ التَّرْتِيبِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْأَصَحَّ فِي الْمَتْنِ لَهُ مُقَابِلَانِ مُقَابِلٌ يَتَعَلَّقُ بِالْعَجْزِ عَنْ الدَّمِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ السَّابِقُ وَالْوَجْهُ الْمَحْكِيُّ عَقِبَهُ، وَمُقَابِلُ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرْتِيبِ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الدَّمَ هُنَا دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَعْدِيلٍ، لَكِنَّ الْإِسْنَوِيَّ نَقَلَ عَنْ النَّوَوِيِّ أَنَّ مُقَابِلَ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ ضَعِيفٌ شَاذٌّ، فَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ التَّعْبِيرَ بِالْأَصَحِّ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّرْتِيبِ فَقَالَ: فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْأَصَحِّ بَعْدَ بَتِّ الْحُكْمِ بِكَوْنِهِ مُرَتَّبًا. قَوْلُهُ: (كَمَا أَمَرَ بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) أَيْ بِقَوْلِهِ الْآتِي فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَاهْدُوا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 بِالْحَجِّ أَمَّا إذَا كَفَرَ بِالصَّوْمِ وَقُلْنَا وَقْتُ الْوُجُوبِ إذَا أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ لَمْ يُقَدِّمْ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْقَضَاءِ وَيَصُومُ السَّبْعَةَ إذَا رَجَعَ مِنْهُ، وَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ بِالْفَوَاتِ فَفِي جَوَازِ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ فِي حَجَّةِ الْفَوَاتِ وَجْهَانِ، وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ فِي إحْرَامٍ نَاقِصٍ وَالْمَعْهُودُ إيقَاعُهَا فِي نُسُكٍ كَامِلٍ. (وَالدَّمُ الْوَاجِبُ) فِي الْإِحْرَامِ (بِفِعْلِ حَرَامٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ) بَلْ يَجُوزُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يَخْتَصُّ بِيَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ الضَّحَايَا (وَيَخْتَصُّ ذَبْحُهُ بِالْحَرَمِ فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] فَلَوْ ذَبَحَ خَارِجَ الْحَرَمِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَالثَّانِي يُعْتَدُّ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُنْقَلَ وَيُفَرَّقَ فِي الْحَرَمِ قَبْلَ تَغَيُّرِ اللَّحْمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ اللَّحْمُ وَقَدْ حَصَلَ بِهِ الْغَرَضُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ (وَيَجِبُ صَرْفُ لَحْمِهِ إلَى مَسَاكِينِهِ) أَيْ الْحَرَمِ جَزْمًا الْقَاطِنِينَ وَالطَّارِئِينَ وَالصَّرْفُ إلَى الْقَاطِنِينَ أَفْضَلُ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي دَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَلَوْ كَانَ يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ بَدَلًا عَنْ الذَّبْحِ وَجَبَ تَخْصِيصُهُ بِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ، وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ الصَّرْفُ إلَى ثَلَاثَةٍ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ فِي الْإِطْعَامِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ كَالْكَفَّارَةِ وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّفْرِقَةِ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الرُّويَانِيُّ وَقِيسَ الْفُقَرَاءُ عَلَى الْمَسَاكِينِ. (وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) مِنْ الْحَرَمِ (لِذَبْحِ الْمُعْتَمِرِ الْمَرْوَةُ وَلِلْحَاجِّ مِنًى) لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ تَحَلُّلِهِمَا. (وَكَذَا حُكْمُ مَا سَاقَا مِنْ هَدْيٍ) تَطَوُّعٍ أَوْ مَنْذُورٍ (مَكَانًا) فِي الِاخْتِصَاصِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ (وَوَقْتُهُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتٍ كَدَمِ الْجُبْرَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَخَّرَ ذَبْحَهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا ذَبَحَهُ قَضَاءً وَإِلَّا فَقَدْ فَاتَ فَإِنْ ذَبَحَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَتْ شَاةَ لَحْمٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَاجِبَ يَجِبُ   [حاشية قليوبي] عِنْدَ إرَادَةِ الْإِحْرَامِ، وَلَوْ أَخْرَجَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ كَمَا فِي الْمُتَمَتِّعِ. قَوْلُهُ: وَالدَّمُ الْوَاجِبُ قُيِّدَ بِهِ لِمُتَعَلِّقِهِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ بِهِ الْمَطْلُوبُ، وَلَوْ نَدْبًا كَدَمِ عَدَمِ الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي الْوُقُوفِ. قَوْلُهُ: (بِفِعْلِ حَرَامٍ) أَيْ أَصَالَةً وَإِنْ جَازَ لِعُذْرٍ وَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِهِ إذَا عَصَى بِسَبَبِهِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ) أَيْ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ ذَبَحَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) فَيَلْزَمُهُ إبْدَالُهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ تَغَيُّرِ لَحْمِهِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ صَرْفُ لَحْمِهِ) وَكَذَا بَقِيَّةُ أَجْزَائِهِ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ صَرْفِهِ بِنَحْوِ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ وَلَوْ مِنْ فُقَرَاءِ الْحَرَمِ لَمْ يُجْزِئْهُ لَكِنَّ لَهُ شِرَاءَ اللَّحْمِ بَدَلَهُ وَيُفَرِّقُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ إلَخْ) أَيْ يَجِبُ فِي تَفْرِقَةٍ أَيْ طَعَامِ مَا يَجِبُ فِي صَرْفِ اللَّحْمِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ النِّيَّةُ عِنْدَ التَّفْرِقَةِ) أَيْ الْإِطْعَامِ، وَتَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ عَزْلِهِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَالنِّيَّةِ فِي الذَّبْحِ عِنْدَهُ، وَلَوْ نَوَى عِنْدَ الصَّرْفِ فَهُوَ أَكْمَلُ. قَوْلُهُ: (وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) بِتَاءِ التَّأْنِيثِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. وَيَجُوزُ كَوْنُهُ بِهَاءِ الضَّمِيرِ أَيْ الْحَرَمِ وَهِيَ أَوْلَى لِشُمُولِ الْأَوَّلِ لِغَيْرِ   [حاشية عميرة] الْأَوَّلِ إذَا أَحْرَمَ إلَخْ) وَقِيلَ هُوَ كَالْقَضَاءِ يَجِبُ فِي سُنَّةِ الْفَوَاتِ، وَإِنْ وَجَبَ تَأْخِيرُهُ صَرَّحَ بِحِكَايَةِ هَذَا الْوَجْهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. تَنْبِيهٌ: لَك أَنْ تَقُولَ حَيْثُ كَانَ هَذَا الدَّمُ يَجِبُ إذَا أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ، فَهَلَّا جَازَ تَقْدِيمُهُ فِي سُنَّةِ الْفَوَاتِ كَمَا جَازَ فِي دَمِ التَّمَتُّعِ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ؟ قُلْت فِي مَسْأَلَةِ التَّمَتُّعِ: إذَا قُدِّمَ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ كَانَ وَاقِعًا فِي سُنَّةِ الْحَجِّ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْقَضَاءِ. نَعَمْ قِيَاسُ هَذَا أَنْ يَجُوزَ فِعْلُهُ فِي سُنَّةِ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فِيهَا بِالْقَضَاءِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِفِعْلِ حَرَامٍ) أَيْ مَا أَصْلُهُ ذَلِكَ لِيَشْمَلَ دِمَاءَ الْمَعْذُورِينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجِبُ صَرْفُ لَحْمِهِ إلَخْ) لَوْ ذَبَحَهُ بِالْحَرَمِ فَسُرِقَ مِنْهُ سَقَطَ الذَّبْحُ، وَبَقِيَ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ إمَّا بِذَبْحٍ أَوْ بِلَحْمٍ يَشْتَرِيهِ وَيُفَرِّقُهُ. فَرْعٌ: قَوْلُهُ وَيَجِبُ صَرْفُ لَحْمِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَذَا سَائِرُ أَجْزَائِهِ الْمَأْكُولَةِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. قَوْلُهُ: (الصَّرْفُ إلَى ثَلَاثَةٍ) اسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَدَمَ التَّعْمِيمِ عِنْدَ الِانْحِصَارِ كَالزَّكَاةِ بِجَامِعِ عَدَمِ جَوَازِ النَّقْلِ فِيهِمَا، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا حُرْمَةُ الْبَلَدِ، وَالْمَقْصُودَ فِي الزَّكَاةِ سَدُّ الْحَاجَاتِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ فِدْيَةَ الْحَلْقِ وَنَحْوِهِ، يَجِبُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ السُّنَّةِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ التَّفْرِقَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِي النِّيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى التَّفْرِقَةِ مَا قِيلَ فِي الزَّكَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَفْضَلُ بُقْعَةٍ) يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ جَمْعًا مُضَافًا لِضَمِيرِ الْحَرَمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِذَبْحِ الْمُعْتَمِرِ) أَيْ غَيْرِ الْقَارِنِ أَوْ الْمُتَمَتِّعِ، أَمَّا الْمُتَمَتِّعُ الَّذِي عَلَيْهِ دَمٌ فَالْأَفْضَلُ ذَبْحُ دَمِ تَمَتُّعِهِ بِمِنًى قَالَهُ السُّبْكِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقْتُهُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ) قِيَاسًا عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَأَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَجُوزُ أَكْلُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 صَرْفُ لَحْمِهِ إلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَفُقَرَائِهِ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي وُقُوعِ التَّطَوُّعِ مَوْقِعَهُ مِنْ صَرْفِهِ إلَيْهِمْ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْدَى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِائَةَ بَدَنَةٍ» فَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَنْ يَهْدِيَ إلَيْهَا شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ إلَّا بِالنَّذْرِ. بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ لِلْحَجِّ (مَنْ أُحْصِرَ) عَنْ إتْمَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ مَنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ عَدُوٌّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْكُفَّارِ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ.   [حاشية قليوبي] الْحَرَمِ. قَوْلُهُ: (وَالْحَاجُّ) وَلَوْ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا) أَيْ الْمَرْوَةَ وَمِنًى مَحَلُّ تَحَلُّلِهَا. وَيُنْدَبُ أَنْ يُذْبَحَ الْمُعْتَمِرُ قَبْلَ حَلْقِهِ وَبَعْدَ سَعْيِهِ. قَوْلُهُ: (وَوَقْتُهُ) أَيْ الْهَدْيِ الَّذِي يَقَعُ ضَحِيَّةً مِنْ تَطَوُّعٍ أَوْ مَنْذُورٍ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ وَإِنْ تَعَيَّنَ غَيْرُهُ لِأَنَّ تَعْيِينَ الزَّمَانِ لَيْسَ قُرْبَةً فَلَا يَصِحُّ نَذْرُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ صَرْفِهِ فِيهِمَا لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ، وَلَهُ الْأَكْلُ مِنْ غَيْرِ الْوَاجِبِ، وَيَجِبُ ذَبْحُ الْوَاجِبِ بَعْدَ فَوَاتِ الْوَقْتِ قَضَاءً وَيَفُوتُ الْمَنْدُوبُ كَمَا ذَكَرَهُ. فُرُوعٌ: الْهَدْيُ مِنْ غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَوْ مِنْ الْمُعْتَمِرِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَجِّ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ غَصَبَ الْهَدْيَ الْمُسَاقَ إلَى الْحَرَمِ فِي الطَّرِيقِ أَيْ عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَمْلِهِ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا مُعَيَّنًا وَجَبَ ذَبْحُهُ فِي مَحَلِّ عَضْبِهِ وَتَفْرِقَةُ جَمِيعِهِ عَلَى أَهْلِهِ أَوْ مُعَيَّنًا عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَلَهُ أَكْلُهُ وَيَجِبُ إبْدَالُهُ أَوْ مَنْدُوبًا فَلَهُ أَكْلُهُ بِلَا إبْدَالٍ. بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ أَيْ بَيَانُهُمَا وَحُكْمُهُمَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا وَالْإِحْصَارُ لُغَةً الْمَنْعُ مِنْ أَحَصَرَهُ وَحَصَرَهُ. وَالْأَوَّلُ فِي الْمَرَضِ أَشْهَرُ وَالثَّانِي فِي الْعَدُوِّ أَشْهَرُ، وَوَقْعُ الْأَوَّلُ فِي الْقُرْآنِ لِلْعَدُوِّ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْفَصَاحَةِ. وَشَرْعًا الْمَنْعُ مِنْ النُّسُكِ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَالْفَوَاتُ لُغَةً عَدَمُ إدْرَاكِ الشَّيْءِ وَشَرْعًا هُنَا عَدَمُ إدْرَاكِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ. وَأَسْبَابُ الْحَصْرِ سِتَّةٌ الْعَدُوُّ وَالْمَرَضُ وَالسِّيَادَةُ وَالزَّوْجِيَّةُ. وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْلِيَّةُ وَالدِّينِيَّةُ فَيُنْدَبُ لِلْفَرْعِ وَإِنْ سَفَلَ اسْتِئْذَانُ جَمِيعِ أُصُولِهِ وَلَوْ كُفَّارًا أَوْ أَرِقَّاءَ فِي أَدَاءِ النُّسُكِ، وَلَوْ فَرْضًا وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ مَنْعُهُ مِنْهُ إحْرَامًا وَسَفَرًا وَتَحْلِيلُهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ إنْ كَانَ تَطَوُّعًا إلَّا إنْ كَانَ مُسَافِرًا مَعَهُ، أَوْ كَانَ سَفَرُهُ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ بِأَمْرِهِ بِمَا يَأْتِي. وَيُنْدَبُ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ اسْتِئْذَانُ دَائِنِهِ وَإِنْ قَلَّ الدَّيْنُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ السَّفَرُ بِدُونِ عِلْمِ رِضَاهُ أَوْ قَضَائِهِ. وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ بَعْدَ طَلَبِهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَهُوَ مُوسِرٌ، وَإِنْ فَاتَهُ النُّسُكُ وَلَيْسَ لَهُ نَائِبٌ فِي قَضَائِهِ لِتَعَدِّيهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ كَمَا لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْإِحْرَامِ مُطْلَقًا. وَإِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَّا بِإِتْيَانِ مَكَّةَ وَإِعْمَالِ الْعُمْرَةِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِتَعَدِّيهِ، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعَدٍّ كَأَنْ حُبِسَ ظُلْمًا تَحَلَّلَ كَغَيْرِهِ بِمَا يَأْتِي وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِلْحَجِّ) مُتَعَلِّقٌ بِالْفَوَاتِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَنْ إتْمَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) عَبَّرَ بِالْإِتْمَامِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَحَلَّلَ فَهُوَ مَسْبُوقٌ بِالْإِحْرَامِ   [حاشية عميرة] مِنْهُ؟ قُلْت نَعَمْ هُوَ كَأُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِالنَّذْرِ) اُنْظُرْ هَلْ يَكْفِي فِيهِ التَّعْيِينُ كَالْأُضْحِيَّةِ؟ . ثُمَّ الْهَدْيُ إنْ غُصِبَ فِي الطَّرِيقِ نَحَرَهُ، فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ عَيْنًا عَمَّا فِي الذِّمَّةِ جَازَ أَكْلُ الْجَمِيعِ، وَيُبْدِلُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ عِنْدَ بُلُوغِ الْحَرَمِ، وَإِنْ كَانَ مُعَيِّنًا ابْتِدَاءً حُرِّمَ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَهْلِ الْقَافِلَةِ وَلَهُ فُقَرَاءُ بَلْ يَتْرُكُهُ لِأَهْلِ الْمَوْضِعِ الَّذِي عَضَبَ فِيهِ. [بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ لِلْحَجِّ] بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ إلَخْ قَوْلُهُ: (الْإِحْصَارُ) يُقَالُ عَلَى الْمَشْهُورِ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ، وَأَحْصَرَهُ الْمَرَضُ، وَيُقَالُ: هُمَا فِيهِمَا وَفِي الِاصْطِلَاحِ الْمَنْعُ عَنْ إتْمَامِ أَرْكَانِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ. قَوْلُهُ: (لِلْحَجِّ) كَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فَوَاتُ الْعُمْرَةِ تَبَعًا لِلْحَجِّ فِي حَقِّ الْقَارِنِ. قَوْلُهُ: (عَنْ إتْمَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) أَيْ إتْمَامِ أَرْكَانِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَفِي كَلَامِهِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ، إذْ لَوْ حُصِرَ عَنْ الرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ جَبَرَهُمَا بِدَمٍ مَعَ تَمَامِ الْأَرْكَانِ، وَتَمَّ حَجُّهُ، وَيَنْبَغِي بِأَنْ يَتَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ التَّامُّ عَلَى هَذَا الدَّمِ أَيْضًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 (تَحَلَّلَ) أَيْ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ وَسَيَأْتِي مَا يَحْصُلُ بِهِ قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196] أَيْ وَأَرَدْتُمْ التَّحَلُّلَ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهُدَى، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحَلَّلَ بِالْحُدَيْبِيَةِ لَمَّا صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ وَكَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ» وَسَوَاءٌ أُحْصِرَ الْكُلُّ أَمْ الْبَعْضُ (وَقِيلَ لَا تَتَحَلَّلُ الشِّرْذِمَةُ) بِالْمُعْجَمَةِ مِنْ جُمْلَةِ الرُّفْقَةِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالْإِحْصَارِ كَمَا لَوْ أَخْطَأَتْ الطَّرِيقَ أَوْ مَرِضَتْ وَدُفِعَ بِأَنَّ مَشَقَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ الَّتِي جَازَ التَّحَلُّلُ لَهَا لَا تَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَتَحَمَّلَ غَيْرُهُ مِثْلَهَا أَوْ لَا ثُمَّ إنْ كَانَ الْوَقْتُ لِلْحَجِّ وَاسِعًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُعَجِّلَ التَّحَلُّلَ فَرُبَّمَا زَالَ الْمَنْعُ فَأَتَمَّ الْحَجَّ وَمِثْلُهُ الْعُمْرَةُ، وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُ التَّحَلُّلِ لِئَلَّا يَفُوتَ الْحَجُّ وَلَوْ مَنَعُوا وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ الْمُضِيِّ إلَّا بِبَذْلِ مَالٍ فَلَهُمْ أَنْ يَتَحَلَّلُوا وَلَا يَبْذُلُوا الْمَالَ وَإِنْ قَلَّ إذْ لَا يَجِبُ احْتِمَالُ الظُّلْمِ فِي أَدَاءِ الْحَجِّ وَمِثْلُهُ الْعُمْرَةُ وَلَوْ مُنِعُوا مِنْ الرُّجُوعِ أَيْضًا جَازَ لَهُمْ التَّحَلُّلُ فِي الْأَصَحِّ (وَلَا تَحَلُّلَ بِالْمَرَضِ) لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ زَوَالَ الْمَرَضِ بِخِلَافِ التَّحَلُّلِ بِالْإِحْصَارِ بَلْ يَصْبِرُ حَتَّى يَبْرَأَ فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ أَتَمَّهَا أَوْ بِحَجٍّ وَفَاتَهُ تَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ (فَإِنْ شَرَطَهُ) أَيْ التَّحَلُّلَ بِالْمَرَضِ أَيْ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ إذَا مَرِضَ (تَحَلَّلَ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ الْمَرَضِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا يَجُوزُ   [حاشية قليوبي] وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ الْمَنْعُ عَنْ ابْتِدَائِهِ كَمَا يَأْتِي، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَنْعُ مِنْ الْوُقُوفِ هُوَ مِنْ الْفَوَاتِ الْآتِي أَوْ كَانَ مِنْ الطَّوَافِ أَوْ السَّعْيِ فَلَا آخِرَ لِوَقْتِهِمَا كَمَا مَرَّ. فَيَأْتِي بِهِمَا مَتَى شَاءَ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ فِعْلُهُمَا تَحَلَّلَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْمَنْعُ مِنْ التَّقْصِيرِ أَوْ كَانَ مِنْ الرَّمْيِ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ عَنْهُ أَوْ مِنْ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ أَوْ مِنًى لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ وَظَاهِرُ شَرْحِ شَيْخِنَا لُزُومُ الْفِدْيَةِ فِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ مَنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ الْإِتْمَامَ عَدُوٌّ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْحَصْرَ هُنَا بِالْعَدُوِّ لِأَنَّ غَيْرَهُ سَيَأْتِي وَسَوَاءٌ مَنَعَهُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الرُّجُوعِ أَيْضًا أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (تَحَلَّلَ) وَإِنْ فَاتَ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ. قَوْلُهُ: (أَيْ جَازَ) فَلَا يَجِبُ فَوْرًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: «تَحَلَّلَ بِالْحُدَيْبِيَةِ» ) حِينَ هَمَّ بِالدُّخُولِ مِنْهَا إلَى مَكَّةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتَحَلَّلَ مَعَهُ أَصْحَابُهُ وَسَيَأْتِي عِدَّتُهُمْ. فَائِدَةٌ: قَالَ السُّهَيْلِيُّ: إنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا حَلَقُوا رُءُوسَهُمْ بِالْحُدَيْبِيَةِ جَاءَ رِيحٌ حَمَلَتْ شُعُورَهُمْ وَأَلْقَتْهَا فِي الْحَرَمِ فَاسْتَبْشَرُوا بِقَبُولِ عُمْرَتِهِمْ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (وَكَانَ مُحْرِمًا) هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ مِيقَاتِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ جُمْلَةِ الرُّفْقَةِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْحَصْرُ لِبَعْضِ الْحُجَّاجِ وَلَيْسَتْ الشِّرْذِمَةُ قَيْدًا وَلَيْسَتْ هِيَ جَمِيعُ الْحُجَّاجِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ وَقْتُ الْوُقُوفِ مُسْتَقْبَلًا بِزَمَانٍ وَاسِعٍ يَرْجُونَ إدْرَاكَهُ فَالْأَفْضَلُ الصَّبْرُ إلَيْهِ، بَلْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ إدْرَاكُهُ بَعْدَ الْحَصْرِ وَجَبَ عَلَيْهِمْ الصَّبْرُ. قَوْلُهُ: (وَمِثْلُهُ الْعُمْرَةُ) مِنْ حَيْثُ أَفْضَلِيَّةُ الصَّبْرِ فِيهَا لِأَنَّ وَقْتَهَا وَاسِعٌ بَلْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ إدْرَاكُهَا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَبَ الصَّبْرُ. قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَفُوتَ الْحَجُّ) لَوْ قَالَ لِأَنَّ فِي مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي إدْرَاكِهِ النُّسُكَ فِيهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (فَلَهُمْ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ بَذْلُ الْمَالِ بَلْ يُكْرَهُ لِكُفَّارٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الصِّغَارِ، وَمِثْلُ بَذْلِ الْمَالِ الْقِتَالُ، نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهِمْ قُوَّةٌ كَقِتَالِ الْكُفَّارِ نُدِبَ لَهُمْ لِيَنَالُوا ثَوَابَ الْجِهَادِ وَالْحَجِّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَلَّ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُمْ بَذْلُ الْمَالِ وَلَوْ قَلِيلًا نَعَمْ لَا عِبْرَةَ بِنَحْوِ دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مُنِعُوا مِنْ الرُّجُوعِ أَيْضًا جَازَ لَهُمْ التَّحَلُّلُ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. تَنْبِيهٌ: هَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا مُنِعُوا مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ، فَلَوْ مُنِعُوا مِنْ طَرِيقٍ دُونَ غَيْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهِمْ سُلُوكُ ذَلِكَ الْغَيْرِ، وَإِنْ كَانَ أَطْوَلَ وَأَشَقَّ. وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ التَّحَلُّلُ، ثُمَّ إنْ كَانَ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ دُونَهُ طُولًا وَسُهُولَةً وَفَاتَهُمْ الْحَجُّ فِيهِ لَزِمَهُمْ الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ صَابَرُوا الْإِحْرَامَ غَيْرَ مُتَوَقِّعِينَ زَوَالَ الْحَصْرِ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَلَا قَضَاءَ كَمَا لَوْ صَابَرُوا الْإِحْرَامَ مُتَوَقِّعِينَ زَوَالَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَحَلُّلَ بِالْمَرَضِ) أَيْ لَا يَجُوزُ فِي الْحَجِّ قَبْلَ الْفَوَاتِ وَلَا فِي الْعُمْرَةِ مُطْلَقًا، وَمِثْلُ الْمَرَضِ نَفَادُ النَّفَقَةِ وَإِضْلَالُ الطَّرِيقِ وَخَطَأُ الْعَدَدِ وَالْحَبْسِ لِدَيْنٍ هُوَ مُوسِرٌ بِهِ وَفِي الْمُعْسِرِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ شَرَطَهُ) أَيْ ذَكَرَ بِلَفْظِهِ حَالَةَ إحْرَامِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ تَحَلَّلَ إذَا مَرِضَ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: لَوْ حُبِسَ ظُلْمًا أَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَلَا بَيِّنَةَ سَاغَ التَّحَلُّلُ كَالْحَصْرِ الْعَامِّ. قَوْلُهُ: (لَمَّا صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ إلَخْ) هَذَا فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ قَالَ: بِعَدَمِ التَّحَلُّلِ فِي الْعُمْرَةِ لَسَعَةِ وَقْتِهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ جُمْلَةِ الرُّفْقَةِ إلَخْ) هَذَا وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي وَادْفَعْ بِهَدْيِك إلَى أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الْوَجْهِ إذَا كَانَ الْحَصْرُ لِبَعْضٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَفِيهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ زَوَالَ الْمَرَضِ) مِنْهُ تَعْلَمُ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَصْرِ الشِّرْذِمَةِ الْيَسِيرَةِ. نَعَمْ قَدْ يَرُدُّ عَلَى التَّعْلِيلِ مَا لَوْ أُحْصِرَ حَتَّى عَنْ الرُّجُوعِ، يَرُدُّ بِأَنَّهُمْ اسْتَفَادُوا إلَّا مِنْ الْعَدُوِّ الَّذِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ شَرَطَهُ) أَيْ فِي أَوَّلِ إحْرَامِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ إذَا مَرِضَ) لَوْ شَرَطَ أَنْ يَقْلِبَ حَجَّهُ عُمْرَةً كَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 الْخُرُوجُ مِنْهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَا يَجُوزُ بِالشَّرْطِ كَالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَاسْتَدَلَّ الْأَوَّلُ بِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا أَرَدْت الْحَجَّ قَالَتْ وَاَللَّهِ مَا أَجِدُنِي إلَّا وَجِعَةً فَقَالَ حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتنِي» وَمَا قِيلَ مِنْ جِهَةِ الْقَوْلِ الْآخَرِ إنَّهُ مَخْصُوصٌ بِضُبَاعَةَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَتُقَاسُ الْعُمْرَةُ بِالْحَجِّ وَلَوْ قَالَ إذَا مَرِضْت فَأَنَا حَلَالٌ صَارَ حَلَالًا بِنَفْسِ الْمَرَضِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ التَّحَلُّلِ (وَمَنْ تَحَلَّلَ) أَيْ أَرَادَ التَّحَلُّلَ أَيْ الْخُرُوجَ مِنْ النُّسُكِ بِالْإِحْصَارِ (ذَبَحَ) لُزُومًا لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ (شَاةً حَيْثُ أُحْصِرَ) مِنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ وَفَرَّقَ لَحْمَهَا عَلَى مَسَاكِينِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَيُقَاسُ بِهِمْ فُقَرَاؤُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إذَا أُحْصِرَ فِي الْحِلِّ أَنْ يَبْعَثَ بِهَا إلَى الْحَرَمِ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَبَحَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ وَيَقُومُ مَقَامَ الشَّاةِ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ سُبْعُ إحْدَاهُمَا وَلَا يَسْقُطُ الدَّمُ إذَا شَرَطَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ إذَا أُحْصِرَ وَقِيلَ مُسْقَطٌ فِي ذَلِكَ وَقُوَّةُ الْكَلَامِ تُعْطِي حُصُولَ التَّحَلُّلِ بِالذَّبْحِ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (إنَّمَا يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالذَّبْحِ وَنِيَّةِ التَّحَلُّلِ) عِنْدَهُ لِاحْتِمَالِهِ لِغَيْرِ التَّحَلُّلِ (وَكَذَا الْحَلْقُ إنْ جَعَلْنَاهُ نُسُكًا) وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَنْوِي عِنْدَهُ التَّحَلُّلَ أَيْضًا لِمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي تَحَلُّلِ الْعَبْدِ كَمَا سَيَأْتِي مِنْ غَيْرِ تَنْبِيهٍ عَلَى زِيَادَتِهِ وَإِنْ قُلْنَا الْحَلْقُ لَيْسَ بِنُسُكٍ وَأَسْقَطْنَا الدَّمَ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ حَصَلَ التَّحَلُّلُ فِيهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ (فَإِنْ فُقِدَ الدَّمُ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ بَدَلًا) كَمَا فِي دَمِ التَّمَتُّعِ وَغَيْرِهِ   [حاشية قليوبي] يَتَحَلَّلُ. صَوَّرَهُ بِذَلِكَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَحَلَّلَ. فَلَوْ قَالَ: إنَّهُ يَصِيرُ حَلَالًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَحَلُّلٍ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ يَقْلِبُ حَجَّهُ عُمْرَةً فَلَهُ قَلْبُهُ أَوْ أَنَّهُ يَنْقَلِبُ حَجُّهُ عُمْرَةً انْقَلَبَ مِنْ غَيْرِ قَلْبٍ، وَتَكْفِيهِ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ شَرَطَ مَعَ ذَلِكَ هَدْيًا لَزِمَهُ وَإِلَّا كَفَاهُ الْحَلْقُ وَالنِّيَّةُ كَمَا يَأْتِي. وَمَثَّلَ بِالْمَرَضِ فِي الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مَا أَلْحَقَ بِهِ مِمَّا مَرَّ وَيَكْفِي فِي الْمَرَضِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (ضُبَاعَةَ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ ثُمَّ هَاءٌ بِنْتُ الزُّبَيْرِ ابْنِ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَشْهُورُ الَّذِي قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ أَخُوهَا مِنْ أَبِيهَا وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَلَهَا أَخٌ شَقِيقٌ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ أَيْضًا قُتِلَ فِي أُحُدٍ. قَوْلُهُ: «مَا أَجِدُنِي إلَّا وَجِعَةً» ) أَيْ مُتَوَقِّعَةً لِحُصُولِ وَجَعٍ مُسْتَقْبَلٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: «حُجِّي وَاشْتَرِطِي» ) أَيْ انْوِي الْحَجَّ وَاشْتَرِطِي التَّحَلُّلَ بِالْمَرَضِ إذَا حَصَلَ. قَوْلُهُ: (وَقُولِي إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلشَّرْطِ وَمَحِلِّي بِكَسْرِ الْحَاءِ بِمَعْنَى التَّحَلُّلِ لَا بِمَعْنَى أَصِيرُ حَلَالًا وَإِنْ احْتَمَلَتْهُ الْعِبَارَةُ لِمَا يَأْتِي. وَضَمِيرُ حَبَسَتْنِي بِتَاءِ التَّأْنِيثِ السَّاكِنَةِ عَائِدٌ لِلْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إذَا مَرِضْت فَإِنَّمَا حَلَالٌ صَارَ حَلَالًا بِنَفْسِ الْمَرَضِ) وَأَوْرَدَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَلَمْ يَجْعَلْ الْحَدِيثَ شَامِلًا لَهُ. قَوْلُهُ: (بِالْإِحْصَارِ) لَا بِالْمَرَضِ لِأَنَّهُ لَا ذَبْحَ فِيهِ إلَّا بِشَرْطِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَفَرَّقَ لَحْمَهَا) وَكَذَا بَقِيَّةَ أَجْزَائِهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ذَلِكَ الْمَوْضِعِ) أَيْ مَوْضِعِ الْحَصْرِ وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ فِي الْحِلِّ. وَيَجُوزُ نَقْلُهُ إلَى الْحَرَمِ، وَلَا يَجِبُ كَمَا ذَكَرَهُ وَيَجُوزُ لِمَنْ أُحْصِرَ فِي الْحَرَمِ نَقْلُهُ لِأَيِّ مَكَان مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَقُومُ مَقَامَ الشَّاةِ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً) لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّ مَا زَادَ عَلَى سُبْعِهَا يَقَعُ تَطَوُّعًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْقُطُ إلَخْ) أَيْ سُكُوتُهُ عَنْ شَرْطِ الذَّبْحِ حَالَ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ لَا يُسْقِطُهُ بَلْ يَسْقُطُ بِنَفْيِهِ أَيْضًا بِخِلَافِ الْمَرَضِ فِيهِمَا كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَقُوَّةُ الْكَلَامِ إلَخْ) أَيْ كَلَامِ الْمُحَرَّرِ تُفِيدُ أَنَّ التَّحَلُّلَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الذَّبْحِ وَحْدَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ مَعَهُ وَمِنْ الْحَلْقِ وَالنِّيَّةِ مَعَهُ أَيْضًا وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الذَّبْحِ عَلَى الْحَلْقِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) أَيْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ دَمَ الْإِحْصَارِ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ، وَيَتَوَقَّفُ التَّحَلُّلُ فِيهِ عَلَى   [حاشية عميرة] أَوْلَى بِالصِّحَّةِ إذَا مَرِضَ، وَيُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ مَخْصُوصٌ بِضُبَاعَةَ) أَجَابَ الْإِمَامُ بِحَمْلِ الْحَبْسِ عَلَى الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (أَيْ أَرَادَ) أَوَّلَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الذَّبْحَ يَكُونُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ. قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ بِهِمْ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ الْمَسَاكِينِ أَصْلًا مَعَ عَدَمِ وُرُودِ النَّصِّ فِيهِمْ هُنَا، وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى ذِكْرِهِمْ فِي آيَةِ جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَحَدِيثُ كَفَّارَةِ الْحَلْقِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَبْعَثَ بِهَا إلَخْ) كَذَا لَا يَلْزَمُهُ الذَّبْحُ بِالْحَرَمِ، وَإِنْ أَمْكَنَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَذْبَحَ فِي غَيْرِ مَكَانِ الْإِحْصَارِ مِنْ الْحِلِّ، وَنَظِيرُهُ مَنْعُ الْمُتَنَقِّلِ مِنْ التَّوَجُّهِ فِي النَّفْلِ لِغَيْرِ مَقْصِدِهِ، قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْأَوْلَى بَعْثُهُ إلَى الْحَرَمِ. قَوْلُهُ (إنَّهُ يَتَحَلَّلُ إذَا أُحْصِرَ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِنْ شُرِطَ نَفْيُهُ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِهِ لِغَيْرِ التَّحَلُّلِ) اعْلَمْ أَنَّ النِّيَّةَ اُعْتُبِرَتْ هُنَا وَلَمْ تُعْتَبَرْ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا التَّحَلُّلُ لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، الثَّانِي شُمُولُ نِيَّةِ الْحَجِّ أَوَّلًا لِأَفْعَالِهِ بِخِلَافِ الذَّبْحِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا، وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 وَالثَّانِي لَا يَدُلُّ لَهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ بِخِلَافِ دَمِ التَّمَتُّعِ (وَ) الْأَظْهَرُ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّهُ) أَيْ بَدَلَهُ (طَعَامٌ بِقِيمَةِ الشَّاةِ فَإِنْ عَجَزَ) عَنْهُ (صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَلَهُ) إذَا انْتَقَلَ إلَى الصَّوْمِ (التَّحَلُّلُ فِي الْحَالِ فِي الْأَظْهَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِالْحَلْقِ وَالنِّيَّةِ عِنْدَهُ وَمُقَابِلُهُ يَتَوَقَّفُ التَّحَلُّلُ عَلَى الصَّوْمِ كَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّعَامِ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الصَّوْمَ يَطُولُ زَمَانُهُ فَتَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْإِحْرَامِ إلَى فَرَاغِهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي بَدَلُ الدَّمِ الطَّعَامُ فَقَطْ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ أَوْ ثَلَاثَةُ آصُعٍ لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ كَالْحَلْقِ وَجْهَانِ وَالثَّالِثُ بَدَلُهُ الصَّوْمُ فَقَطْ وَهُوَ عَشْرَةُ أَيَّامٍ كَصَوْمِ التَّمَتُّعِ أَوْ ثَلَاثَةٌ كَصَوْمِ الْحَلْقِ أَوْ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ التَّعْدِيلُ بِالْإِمْدَادِ كَمَا تَقَدَّمَ أَقْوَالٌ وَوَجْهُ تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ مِنْ أَقْوَالِ الْبَدَلِ اشْتِمَالُهُ عَلَى الطَّعَامِ وَالصِّيَامِ. (وَإِذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنٍ فَلِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ) لِأَنَّ تَقْرِيرَهُ عَلَى الْإِحْرَامِ يُعَطِّلُ مَنَافِعَهُ عَلَيْهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي إتْمَامِ النُّسُكِ فَإِحْرَامُهُ مُنْعَقِدٌ وَالْمُرَادُ بِتَحْلِيلِ السَّيِّدِ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالتَّحَلُّلِ فَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ فَيَحْلِقُ وَيَنْوِي التَّحَلُّلَ وَإِنْ مَلَّكَهُ السَّيِّدُ شَاةً وَقُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ أَنَّهُ يَمْلِكُ؛ ذَبَحَ وَنَوَى التَّحَلُّلَ وَحَلَقَ وَنَوَى التَّحَلُّلَ وَإِنْ أَحْرَمَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ فَأَحْرَمَ فَلَهُ تَحْلِيلُهُ فِي الْأَصَحِّ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ كَالْقِنِّ (وَلِلزَّوْجِ تَحْلِيلُهَا) أَيْ زَوْجَتِهِ (مِنْ حَجِّ تَطَوُّعٍ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ   [حاشية قليوبي] الذَّبْحِ أَوْ الْإِطْعَامِ لَا عَلَى الصَّوْمِ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ: (أَقْوَالٌ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ أَرْجَحُهَا الثَّالِثُ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْأَظْهَرِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْأُمَّةِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ كَمَا يَأْتِي وَالْمُرَادُ مَنْ فِيهِ رِقٌّ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلِسَيِّدِهِ) وَلَوْ أُنْثَى أَوْ لِوَلِيِّهِ فِي الْمَحْجُورِ، سَوَاءٌ مِمَّنْ أَحْرَمَ فِي مِلْكِهِ، أَوْ مَنْ طَرَأَ مِلْكُهُ لَهُ كَأَنْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِالْإِحْرَامِ أَوْ أَجَازَ الْعَقْدَ. نَعَمْ لَوْ نَذَرَ نُسُكًا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَأَحْرَمَ بِهِ ثُمَّ بَاعَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي تَحْلِيلُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْإِتْمَامِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُحَلِّلُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ مَعْنَى تَحْلِيلِ السَّيِّدِ لَهُ أَمْرُهُ بِهِ لَا قَطْعُ نِيَّتِهِ، وَلَا مَنْعُهُ عَنْ السَّفَرِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ) أَيْ يَجِبُ بِأَمْرِهِ وَيَجُوزُ قَبْلَهُ وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ التَّحَلُّلِ فَلِسَيِّدِهِ اسْتِخْدَامُهُ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَلَوْ جِمَاعًا وَالْإِثْمُ وَالْفِدَاءُ وَالْقَضَاءُ عَلَيْهِ لَا عَلَى السَّيِّدِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِذْنُ لَهُ فِي الْقَضَاءِ، وَفِدَاؤُهُ بِالصَّوْمِ وَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ، وَلِسَيِّدِهِ الْفِدَاءُ عَنْهُ بِالذَّبْحِ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا فِي حَيَاتِهِ. قَوْلُهُ: (فَيَحْلِقُ وَيَنْوِي) فَلَا يَتَوَقَّفُ تَحَلُّلُهُ عَلَى الصَّوْمِ كَالْحُرِّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَحْرَمَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ) سَوَاءٌ أَطْلَقَ لَهُ فِي الْإِذْنِ أَوْ لَا وَلَهُ فِيهِ أَنْ يُحْرِمَ بِمَا شَاءَ فَإِنْ ادَّعَى السَّيِّدُ إرَادَةَ غَيْرِ مَا أَحْرَمَ بِهِ صَدَقَ السَّيِّدُ إنْ كَانَ الَّذِي أَرَادَهُ دُونَ مَا أَرَادَ الْعَبْدُ، وَإِلَّا صَدَقَ الْعَبْدُ أَوْ قَيَّدَ لَهُ بِزَمَانٍ وَأَحْرَمَ فِيهِ فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَهُ فَلَهُ تَحْلِيلُهُ قَبْلَ دُخُولِهِ لَا فِيهِ أَوْ قَيَّدَ لَهُ بِنَوْعٍ. وَوَافَقَهُ فِيهِ كَإِفْرَادٍ أَوْ تَمَتُّعٍ فَإِنْ خَالَفَهُ فَلَهُ تَحْلِيلُهُ إنْ كَانَ مَا أَذِنَ فِيهِ دُونَ مَا أَحْرَمَ بِهِ، كَأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْعُمْرَةِ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَإِلَّا فَلَا كَأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي حَجٍّ فَقَرَنَ، أَوْ فِي تَمَتُّعٍ فَأَفْرَدَ، أَوْ فِي قِرَانٍ فَتَمَتَّعَ، قَالَهُ شَيْخُنَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ وَإِنْ طَرَأَ مِلْكُهُ وَلَهُ الْخِيَارُ. تَنْبِيهٌ: إذْنُهُ لَهُ فِي الْإِتْمَامِ كَالِابْتِدَاءِ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِيهِ لِظَنِّهِ مُعْتَمِرًا فَبَانَ حَاجًّا فَيَظْهَرُ تَصْدِيقُ السَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ رَجَعَ) أَيْ رَجَعَ السَّيِّدُ عَنْ الْإِذْنِ قَبْلَ إحْرَامِ الْعَبْدِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ إحْرَامَهُ قَبْلَ الرُّجُوعِ أَوْ بَعْدَهُ فَكَمَا فِي الرَّجْعَةِ وَلَوْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ أَصْلَ الْإِذْنِ صَدَقَ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ كَالْقِنِّ) نَعَمْ إنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً وَوَقَعَ جَمِيعُ أَعْمَالِ الْحَجِّ فِي نَوْبَةِ الْعَبْدِ فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ.   [حاشية عميرة] عَلَى الْحَلْقِ أَيْضًا لِأَنَّهُ رُكْنٌ قَدَرَ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ عِنْدَهُ فَلَا يَأْتِي إلَّا عَلَى التَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ صَنِيعِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ثُمَّ رَأَيْت مَعْنًى ثَالِثًا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُحْصَرَ يُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنْ الْأَفْعَالِ قَبْلَ كَمَالِهَا، فَاحْتَاجَ إلَى نِيَّةٍ كَالصَّائِمِ إذَا مَرِضَ وَأَرَادَ الْفِطْرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ فَقَدَ الدَّمَ) أَيْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ. قَوْلُهُ: (الطَّعَامُ فَقَطْ) أَيْ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْحَيَوَانِ مِنْ الصِّيَامِ لِاشْتِرَاكِهَا فِي الْمَالِيَّةِ، فَكَانَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ أَوْلَى وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ أَيْ لِأَنَّا اعْتَبَرْنَا الْقُرْبَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الطَّعَامَ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْهَدْيِ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ اعْتِبَارِ ثَلَاثَةِ آصُعٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثَةُ آصُعٍ أَيْ فِي فِدْيَةِ الْحَلْقِ، وَقَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ بَدَلُهُ الصَّوْمُ فَقَطْ أَيْ قِيَاسًا عَلَى التَّمَتُّعِ لِأَنَّهُ التَّحَلُّلُ وَالتَّمَتُّعُ شَرْعًا تَخْفِيفًا وَتَرَفُّهًا وَاشْتَرَكَا فِي تَرْكِ بَعْضِ النُّسُكِ، وَقَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ بَدَلُهُ الصَّوْمُ فَقَطْ وَهُوَ عَشْرَةُ أَيَّامٍ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّحَلُّلَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الصَّوْمِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَلِسَيِّدِهِ) أَيْ وَلَوْ الَّذِي اشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَإِحْرَامُهُ مُنْعَقِدٌ) لَكِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ وَكَذَا الزَّوْجَةُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 وَكَذَا مِنْ) الْحَجِّ (الْفَرْضِ) أَيْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ بِلَا إذْنٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ تَقْرِيرَهَا عَلَيْهِ يُعَطِّلُ حَقَّهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَالثَّانِي يَقِيسُهُ عَلَى الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَيْنِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ مُدَّتَهُمَا لَا تَطُولُ فَلَا يَلْحَقُ الزَّوْجَ كَبِيرُ ضَرَرٍ، وَحُكِيَ الثَّانِي فِي التَّطَوُّعِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فَرْضًا بِالشُّرُوعِ وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الِابْتِدَاءِ بِالتَّطَوُّعِ جَزْمًا وَبِالْفَرْضِ فِي الْأَظْهَرِ وَخِلَافُ التَّحْلِيلِ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ فَيَكُونُ فِي الْمَنْعِ وَالتَّحْلِيلِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا لَهُ الْمَنْعُ دُونَ التَّحْلِيلِ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهَا وَيُقَاسُ بِالْحَجِّ الْعُمْرَةُ وَالْمُرَادُ بِتَحْلِيلِهِ، إيَّاهَا أَنْ يَأْمُرَهَا بِالتَّحَلُّلِ وَتَحَلُّلُهَا كَتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ وَلَوْ لَمْ تَتَحَلَّلْ فَلَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا، وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ. ثُمَّ تَوَقَّفَ فِيهِ لِأَنَّ الْمُحْرِمَةَ مُحْرِمَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمُرْتَدَّةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُمْنَعَ الزَّوْجُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ إلَى أَنْ تَتَحَلَّلَ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ وَضَمُّ الْأَمَةِ إلَى الزَّوْجَةِ فِي ذَلِكَ. (وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ الْمُتَطَوِّعِ) إذَا تَحَلَّلَ لِعَدَمِ وُرُودِهِ. (فَإِنْ كَانَ) نُسُكُهُ (فَرْضًا مُسْتَقِرًّا) عَلَيْهِ كَحِجَّةِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ سِنِي   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ كَالْقِنِّ فِيمَا ذَكَرَ فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ كِتَابَتُهُ صَحِيحَةً. نَعَمْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي الصَّحِيحَةِ إنَّهُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ فِي حَجِّهِ إلَى سَفَرٍ وَلَمْ يَحِلَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ النُّجُومِ مُدَّتَهُ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ الشَّمْسُ الْخَطِيبُ، وَيَجُوزُ فِي تَحْلِيلِهِ أَنْ يَذْبَحَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَأَنْ يَذْبَحَ عَنْهُ سَيِّدُهُ. فَرْعٌ: لَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ حَرْبِيٌّ وَأَحْرَمَ فَغَنِمْنَاهُ لَمْ يَجُزْ تَحْلِيلُهُ. قَوْلُهُ: (وَلِلزَّوْجِ) الْمُمْكِنِ وَطْؤُهُ وَلَوْ بِوَلِيِّهِ فِي نَحْوِ مَجْنُونٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ سَفِيهٍ تَحْلِيلُ زَوْجَتِهِ وَلَوْ أَمَةً وَأَذِنَ لَهَا سَيِّدُهَا فِيهِ وَمَحَلُّهُ إنْ أَمْكَنَ وَطْؤُهَا وَحَلَّ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا عُذْرٌ وَكَانَ لَهُ سَلْطَنَةٌ عَلَيْهَا فَلَا يُحْلِلُ صَغِيرَةً أَحْرَمَ عَنْهَا وَلِيُّهَا مَثَلًا وَلَا مُحْرِمَةً حَالَ إحْرَامِهِ أَيْضًا وَلَا مَنْ وَقَعَ حَجُّهَا فِي زَمَنِ خُرُوجِهَا لِلنَّفَقَةِ فِي مُعْسِرٍ، وَلَا مَنْ أَخْبَرَ طَبِيبَانِ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُكْمِلْ حَجَّهَا عَضَبَتْ وَلَا مُطَلَّقَةً وَلَوْ رَجْعِيَّةً، وَإِنْ رَاجَعَهَا وَكَانَ قَدْ أَذِنَ لَهَا، نَعَمْ إنْ أَحْرَمَتْ حَالَ الطَّلَاقِ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ رَاجَعَهَا فَلَهُ تَحْلِيلُهَا وَلَهُ حَبْسُ مُعْتَدَّةٍ وَلَوْ بَائِنًا فِي الْعِدَّةِ. وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِإِذْنِهِ أَوْ خَافَتْ الْفَوَاتَ وَيَلْزَمُهَا بِهِ الْقَضَاءُ وَالْفِدْيَةُ وَإِنْ تَحَلَّلَتْ بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ) حَمْلُ الْفَرْضِ عَلَى ذَلِكَ لِانْصِرَافِهِ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَلَيْسَ قَيْدًا فَالنَّظَرُ وَلَوْ مُعَيَّنًا وَالْقَضَاءُ كَذَلِكَ إلَّا فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الِابْتِدَاءِ بِالتَّطَوُّعِ جَزْمًا) وَمِنْ الْفَرْضِ عَلَى الْأَظْهَرِ قِيَاسًا عَلَى التَّحْلِيلِ بِالْأَوْلَى فَذِكْرُهُ تَتْمِيمٌ لِلْأَقْسَامِ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ إذْنِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَذِنَ لَهَا) أَيْ فِي التَّطَوُّعِ أَوْ الْفَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهَا إنْ لَمْ يُرَاجِعْ قَبْلَ إحْرَامِهَا، وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فَكَالرَّجْعِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ بِالْحَجِّ الْعُمْرَةُ) فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ مِنْ نُسُكٍ إلَخْ لَكَانَ أَعَمَّ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَأْمُرَهَا بِالتَّحَلُّلِ) وَيَجِبُ عَلَيْهَا بِأَمْرِهِ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهَا قَبْلَهُ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ كَمَا مَرَّ لِكَمَالِ الْحُرِّ فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (وَتَحَلُّلُهَا كَتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ) فَهُوَ بِذَبْحٍ ثُمَّ حَلْقٍ وَنِيَّةٍ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَفْسُدُ نُسُكُهَا بِالْجِمَاعِ وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ فَوْرًا قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ. وَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ أَيْضًا، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَضَمُّ الْأَمَةِ إلَخْ) أَيْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ الْأَمَةَ كَالزَّوْجَةِ فَإِذَا أَمَرَهَا سَيِّدُهَا بِالتَّحَلُّلِ وَلَمْ تَتَحَلَّلْ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَصْرَ خَاصًّا أَوْ عَامًّا لَا يُوجِبُ قَضَاءَ التَّطَوُّعِ وَلَا الْفَرْضِ وَلَا يُسْقِطُ مَا اسْتَقَرَّ قَبْلَهُ مِنْ فَرْضٍ أَصْلِيٍّ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ عَلَى مَا مَرَّ لِعَدَمِ وُرُودِهِ أَيْ لِعَدَمِ الْأَمْرِ بِهِ لِمَنْ أُحْصِرَ لِأَنَّهُ قَدْ «أَحْرَمَ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   [حاشية عميرة] فَائِدَةٌ: نَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّا حَيْثُ أَبَحْنَا لِلزَّوْجِ تَحْلِيلَ زَوْجَتِهِ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَحَلَّلَ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَنَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ بِسَبَبِ الْعِصْيَانِ قَالَ: وَيَبْعُدُ ثُبُوتُ الْحُرْمَةِ أَوَّلًا وَزَوَالُهَا دَوَامًا. قَوْلُهُ: (فَلَهُ تَحْلِيلُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي اشْتِرَاطُ ثُبُوتِ الرُّجُوعِ بِالْبَيِّنَةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ فَرْضُ الْإِسْلَامِ) خَرَجَ النَّذْرُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: الْمُتَّجِهُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ: إنْ تَعَلَّقَ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ، وَكَانَ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ، وَأَذِنَ فِيهِ الزَّوْجُ فَلَا مَنْعَ وَإِلَّا فَلَهُ الْمَنْعُ اهـ. وَخَرَجَ الْقَضَاءُ أَيْضًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمُتَّجِهُ فِيهِ عَدَمُ الْمَنْعِ إذَا كَانَ سَبَبُهُ وَطْءَ الزَّوْجِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، وَلَكِنْ قَبْلَ النِّكَاحِ، فَإِنْ وَطِئَهَا أَجْنَبِيٌّ بَعْدَهُ فِي نُسُكٍ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ فَلَهُ الْمَنْعُ، وَإِنْ أَذِنَ فَفِي الْمَنْعِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ تَقْرِيرَهَا عَلَيْهِ يُعَطِّلُ حَقَّهُ إلَخْ) قِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ امْتِنَاعُ تَحْلِيلِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا وَكَذَا الْكَبِيرَةُ إذَا سَافَرَتْ مَعَ الزَّوْجِ وَأَحْرَمَتْ وَقْتَ إحْرَامِهِ. قَوْلُهُ: (مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْأَظْهَرِ مِنْ قَوْلِهِ وَبِالْفَرْضِ فِي الْأَظْهَرِ. قَوْلُهُ: (فَيَكُونُ فِي الْمَنْعِ إلَخْ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَرْضِ ثُمَّ وَجْهُ أَخْذِ الْمُفَصِّلِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ الْقَائِلُ بِعَدَمِ التَّحْلِيلِ، بِأَنَّ لَهُ الْمَنْعَ ابْتِدَاءً، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْخِلَافُ فِي التَّحْلِيلِ مُفَرَّعًا عَلَى الْمَنْعِ فِي الِابْتِدَاءِ، كَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْمَنْعِ فِي الِابْتِدَاءِ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْمَنْعِ فِي الدَّوَامِ. قَوْلُهُ: (وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا) أَيْ وَكَذَا الْكَفَّارَةُ فِي الْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ وُرُودِهِ) اسْتَدَلَّ أَيْضًا «بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُحْصِرَ مَعَهُ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 الْإِمْكَانِ وَكَالْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ (بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ) كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةِ فَرْضٍ وَلَمْ يُتِمَّهَا تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ (أَوْ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ) كَحِجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ (اُعْتُبِرَتْ الِاسْتِطَاعَةُ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ زَوَالِ الْإِحْصَارِ إنْ وُجِدَتْ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا (وَمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ) وَبِفَوَاتِهِ يَفُوتُ الْحَجُّ كَمَا تَقَدَّمَ (تَحَلَّلَ) أَيْ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ لِأَنَّ فِي بَقَائِهِ مُحْرِمًا حَرَجًا شَدِيدًا يَعْسُرُ احْتِمَالُهُ. (بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَحَلْقٍ وَفِيهِمَا) أَيْ السَّعْيِ وَالْحَلْقِ. (قَوْلٌ) إنَّهُمَا لَا يَجِبَانِ فِي التَّحَلُّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ لَيْسَ بِنُسُكٍ، وَنَظَرًا إلَى أَنَّ السَّعْيَ لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ لِإِجْزَائِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ، وَالْكَلَامُ فِيمَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ سَعْيٌ، فَمَنْ سَعَى عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ لَا يَحْتَاجُ فِي تَحَلُّلِهِ إلَى سَعْيٍ. (وَعَلَيْهِ دَمٌ وَالْقَضَاءُ) لِلْحَجِّ الَّذِي فَاتَهُ بِفَوَاتِ الْوُقُوفِ تَطَوُّعًا كَانَ أَوْ فَرْضًا. وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ بِأَنَّ الْفَرْضَ يَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ فِي الْأَصَحِّ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْطَأْنَا الْعَدَّ، وَكُنَّا نَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اذْهَبْ إلَى مَكَّةَ فَطُفْ بِالْبَيْتِ أَنْتَ وَمَنْ مَعَك وَاسْعَوْا بَيْنَ الصَّفَّا وَالْمَرْوَةِ، وَانْحَرُوا هَدْيًا إنْ كَانَ مَعَكُمْ، ثُمَّ   [حاشية قليوبي] مِنْ أَصْحَابِهِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ وَأَكْثَرُ مَنْ أَحْرَمَ مَعَهُ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ فِي الْعَامِ بَعْدَهُ سَبْعُمِائَةٍ» ، وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ أَمَرَ أَحَدًا غَيْرَهُمْ بِالْقَضَاءِ. قَوْلُهُ: (إذَا تَحَلَّلَ) سَوَاءٌ مَعَ بَقَاءِ الْحَصْرِ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ نَعَمْ إنْ زَالَ الْحَصْرُ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَتَمَكَّنَ مِنْهُ وَتَحَلَّلَ قَبْلَ فِعْلِهِ فَهُوَ مِنْ الْفَوَاتِ الْآتِي. تَنْبِيهٌ: لَوْ أُحْصِرَ بَعْدَ الْوُقُوفِ فَتَحَلَّلَ ثُمَّ زَالَ الْحَصْرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْبِنَاءُ وَلَا الْإِحْرَامُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ زَوَالِ الْإِحْصَارِ) أَيْ فِي الزَّمَنِ الَّذِي تُعْتَبَرُ الِاسْتِطَاعَةُ فِيهِ فِيمَا مَرَّ. وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ فِي زَمَنِ الْإِحْصَارِ وَلَوْ خَاصًّا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ) سَوَاءٌ تَمَكَّنَ مِنْهُ أَوْ لَا بِحَصْرٍ أَوْ هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (تَحَلَّلَ أَيْ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ) أَيْ وَجَبَ فَوْرًا لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَحْرُمُ بَقَاؤُهُ عَلَى الْإِحْرَامِ، وَلَا يُجْزِئُهُ لَوْ أَخَّرَهُ إلَى عَامٍّ قَابِلٍ. قَوْلُهُ: (بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَحَلْقٍ) وَهِيَ أَعْمَالُ الْعُمْرَةِ كَمَا عَبَّرَ بِهَا غَيْرُهُ وَيَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِوَاحِدٍ مِنْ الْحَلْقِ أَوْ الطَّوَافِ الْمَتْبُوعِ بِالسَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ، وَيَحِلُّ بِالْآخَرِ التَّحَلُّلُ الثَّانِي الْعَامُّ لِأَنَّهُ لَا رَمْيَ هُنَا وَلَا مَبِيتَ لِفَوَاتِهِمَا تَبَعًا لِلْوُقُوفِ، فَلَا يَجُوزُ فِعْلُهُمَا وَلَا يَحْتَاجُ فِي أَعْمَالِ هَذِهِ الْعُمْرَةِ إلَى نِيَّةٍ. اكْتِفَاءً بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ عُمْرَةً حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَا تَكْفِي عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْعَامُّ بِالطَّوَافِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ سَعْيِهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَحْتَاجُ فِي تَحَلُّلِهِ إلَى سَعْيٍ) فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ دَمُ الْقَضَاءِ) إنْ لَمْ يَكُنْ فَاتَ بِحَصْرِهِ كَمَا مَرَّ، وَسُمِّيَ قَضَاءً لِتَضَيُّقِهِ بِالْفَوَاتِ وَإِلَّا فَلَيْسَ قَضَاءً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (تَطَوُّعًا كَانَ أَوْ فَرْضًا) فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَالْمُحَرَّرِ بِالْفَرْضِ لِإِيهَامِهَا عَدَمَ وُجُوبِ قَضَاءِ التَّطَوُّعِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ فِي الْأَصَحِّ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ فَاتَ بِعُذْرٍ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَقْصِيرٍ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقِ بِالْفَوَاتِ. قَوْلُهُ: (هَبَّارَ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ. قَوْلُهُ: (أَخْطَأْنَا الْعَدَّ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ   [حاشية عميرة] الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ، وَلَمْ يَعْتَمِرْ مَعَهُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ إلَّا نَفَرٌ يَسِيرٌ» أَكْثَرُ مَا قِيلَ: إنَّهُمْ سَبْعُمِائَةٍ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمَرَ مَنْ تَخَلَّفَ بِالْقَضَاءِ ثُمَّ عَدَمُ الْقَضَاءِ ثَابِتٌ، وَلَوْ كَانَ أَتَى بِبَعْضِ الْمَنَاسِكِ قَبْلَ الْحَصْرِ، وَكَذَا هُوَ ثَابِتٌ أَيْضًا فِي حَقِّ الشِّرْذِمَةِ الْيَسِيرَةِ وَالْحَصْرِ الْخَاصِّ كَمَا فِي الْمَرِيضِ وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عِنْدَ غَلَطِ الشِّرْذِمَةِ الْيَسِيرَةِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَيُؤْخَذُ أَيْضًا مِنْ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُمْ لَوْ أَخَّرُوا التَّحَلُّلَ طَامِعِينَ فِي زَوَالِ الْحَصْرِ حَتَّى فَاتَ الْحَجُّ لَا قَضَاءَ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُ لَوْ سَلَكُوا طَرِيقًا أَطْوَلَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَوْعَرَ فَفَاتَهُمْ بَلْ سُلُوكُهُ وَاجِبٌ، وَإِنْ عَلِمُوا الْفَوَاتَ وَمَأْخَذُ ذَلِكَ أَنَّ الْفَوَاتَ نَاشِئٌ عَنْ الْحَصْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَابَرُوا عَلَى غَيْرِ طَمَعِ الزَّوَالِ، أَوْ سَلَكُوا طَرِيقًا مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ أَوْ أَقْرَبَ مِنْهُ، فَفَاتَهُمْ الْوُقُوفُ فَإِنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَخْ) قَدْ جَزَمَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالْوُجُوبِ، لَكِنَّ السُّبْكِيَّ حَمَلَ كَلَامَهُمْ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْحَجِّ بِهَذَا الْإِحْرَامِ مِنْ قَابِلٍ لَا وُجُوبِ التَّحَلُّلِ فَوْرًا، وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مَا هُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ، فَلَعَلَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَابِعٌ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِإِجْزَائِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ) أَيْ وَأَسْبَابُ التَّحَلُّلِ يَجِبُ تَأَخُّرُهَا عَنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَلَيْهِ دَمٌ) أَيْ لِمَا سَيَأْتِي عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلِأَنَّ الْفَوَاتَ سَبَبٌ يَجِبُ بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 احْلِقُوا أَوْ قَصِّرُوا، ثُمَّ ارْجِعُوا فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَاهْدُوا، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية قليوبي] الدَّالِ أَيْ الْعَدَدِ فِي أَيَّامِ الشَّهْرِ، وَضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ إمَّا لِهَبَّارٍ بِتَعْظِيمِهِ نَفْسِهِ أَوْ لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ وَهَذَا أَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (وَاسْعَوْا) لَعَلَّ الْإِمَامَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا سَعَوْا بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ أَنَّهُمْ مِمَّنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُمْ طَوَافُ الْقُدُومِ لِكَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مَثَلًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَانْحَرُوا هَدْيًا) أَيْ وَلْيَنْحَرْ كُلٌّ مِنْكُمْ هَدْيَهُ وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ مَعَهُمْ لَا مَفْهُومَ لَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ احْلِقُوا أَوْ قَصِّرُوا) أَيْ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ الْحَلْقَ فَلْيَحْلِقْ، وَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ التَّقْصِيرَ فَلْيُقَصِّرْ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا) فِيهِ إفَادَةُ الْفَوْرِيَّةِ فِي الْقَضَاءِ بِالْفَاءِ فِي فَحُجُّوا وَبِتَقْيِيدِ الْعَامِّ بِالْقَابِلِ فَتَأَمَّلْ. خَاتِمَةٌ: يُنْدَبُ أَنْ يَحُجَّ الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ وَأَنْ يَحْمِلَ هَدِيَّةً مَعَهُ، وَأَنْ يَأْتِيَ إذَا عَادَ مِنْ سَفَرٍ وَلَوْ قَصِيرًا بِهَدِيَّةٍ لِأَهْلِهِ، وَأَنْ يُرْسِلَ لَهُمْ مَنْ يُخْبِرُهُمْ بِقُدُومِهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ، وَأَنْ لَا يَطْرُقَهُمْ لَيْلًا، وَأَنْ يَقْصِدَ أَقْرَبَ مَسْجِدٍ فَيُصَلِّيَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ الْقُدُومِ، وَأَنْ يَصْنَعَ أَهْلُهُ لَهُ وَلِيمَةً تُسَمَّى النَّقِيعَةَ، وَأَنْ يَتَلَقَّوْهُ كَغَيْرِهِمْ، وَأَنْ يُقَالَ لَهُ إنْ كَانَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا: تَقَبَّلَ اللَّهُ حَجَّك أَوْ عُمْرَتَك، وَغَفَرَ ذَنْبَك، وَأَخْلَفَ عَلَيْك نَفَقَتَك. أَوْ غَازِيًا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَصَرَك وَأَكْرَمَك وَأَعَزَّك. وَيُنْدَبُ لِلْحَاجِّ الدُّعَاءُ لِغَيْرِهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ وَلِغَيْرِ سُؤَالٍ الدُّعَاءُ مِنْهُ بِهَا، وَذَكَرُوا أَنَّ ذَلِكَ يَمْتَدُّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا مِنْ قُدُومِهِ فَرَاجِعْهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.   [حاشية عميرة] الْقَضَاءُ فَيَجِبُ بِهِ الْهَدْيُ كَالْإِفْسَادِ ثُمَّ هُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ كَمَا سَلَفَ، وَوَجْهُ الْقَضَاءِ مَا سَيَأْتِي وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ الْحَصْرِ فَكَانَ كَالْفَسَادِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 كِتَابُ الْبَيْعِ هُوَ كَقَوْلِهِ: بِعْتُك هَذَا بِكَذَا، فَيَقُولُ اشْتَرَيْته بِهِ فَيَتَحَقَّقُ بِالْعَاقِدِ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَلَهُمَا شُرُوطٌ تَأْتِي وَالصِّيغَةُ الَّتِي بِهَا يَعْقِدُ، وَبَدَأَ بِهَا كَغَيْرِهِ لِأَنَّهَا أَهَمُّ لِلْخِلَافِ فِيهَا، وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالشَّرْطِ خِلَافَ تَعْبِيرِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَالْغَزَالِيِّ عَنْ الثَّلَاثَةِ   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الْبَيْعِ أَخَّرَهُ عَنْ الْعِبَادَاتِ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ وَلِأَنَّ الِاضْطِرَارَ إلَيْهَا أَكْثَرُ، وَلِقِلَّةِ أَفْرَادِ فَاعِلِهِ، وَلَفْظُهُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ فَلِذَا أَفْرَدَهُ وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ، ثُمَّ صَارَ اسْمًا لِمَا فِيهِ مُقَابَلَةٌ عَلَى مَا سَيَأْتِي ثُمَّ إنْ أُرِيدَ بِهِ أَحَدُ شِقَّيْ الْعَقْدِ الَّذِي يُسَمَّى مَنْ يَأْتِي بِهِ بَائِعًا فَيُعْرَفُ بِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِعِوَضٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَيُقَابِلُهُ الشِّرَاءُ الَّذِي هُوَ الشِّقُّ الْآخَرُ الَّذِي يُسَمَّى مَنْ يَأْتِي بِهِ مُشْتَرِيًا، وَيُعْرَفُ بِأَنَّهُ تَمَلُّكٌ بِعِوَضٍ. كَذَلِكَ وَيَجُوزُ إطْلَاقُ اسْمِ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَعَكْسِهِ اعْتِبَارًا. وَالتَّعْبِيرُ بِالتَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكِ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمُرَكَّبُ مِنْ الشِّقَّيْنِ مَعًا بِمَعْنَى الْعَلَقَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ الشِّقَّيْنِ الَّتِي تُرَدُّ عَلَيْهَا الْإِجَازَةُ وَالْفَسْخُ، فَيُقَالُ لَهُ لُغَةً مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ كَالِاخْتِصَاصِ وَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ صِيغَةً كَالْمُعَاطَاةِ، وَخَرَجَ بِوَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ نَحْوُ السَّلَامِ وَشَرْعًا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ تُفِيدُ مِلْكَ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ عَلَى التَّأْبِيدِ لَا عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ، وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ عَاقِدٌ وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَصِيغَةٌ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ سِتَّةٌ كَمَا سَيَأْتِي. وَالْعَقْدُ فِي التَّعْرِيضِ جِنْسٌ وَشَأْنُهُ الْإِدْخَالُ، لَكِنْ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَصْلِهِ عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ يَخْرُجُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا دَخَلَ فِي عُمُومِ الْآخَرِ. وَلِذَلِكَ قَالُوا خَرَجَ بِالْعَقْدِ الْمُعَاطَاةُ وَبِالْمُعَاوَضَةِ نَحْوُ الْهَدِيَّةِ، وَبِالْمَالِيَّةِ نَحْوُ النِّكَاحِ وَبِإِفَادَةِ مِلْكِ الْعَيْنِ الْإِجَارَةُ وَبِغَيْرِ وَجْهِ الْقُرْبَةِ الْقَرْضُ، وَالْمُرَادُ بِالْمَنْفَعَةِ بَيْعُ نَحْوِ حَقِّ الْمَمَرِّ وَالتَّقْيِيدُ بِالتَّأْبِيدِ فِيهِ لِإِخْرَاجِ الْإِجَارَةِ أَيْضًا وَإِخْرَاجُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِقَيْدَيْنِ غَيْرُ مَعِيبٍ. وَهَذَا التَّعْرِيفُ أَوْلَى مِنْ التَّعْرِيفِ بِأَنَّهُ مُقَابَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ لِمَا لَا يَخْفَى، ثُمَّ الْبَيْعُ مُنْحَصِرٌ فِي خَمْسَةِ أَطْرَافٍ الْأَوَّلُ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ، وَالثَّانِي فِي جَوَازِهِ وَلُزُومِهِ، وَالثَّالِثُ فِي حُكْمِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ، وَالرَّابِعُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ، وَالْخَامِسُ فِي التَّحَالُفِ وَمُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ وَأَفْضَلُ الْمَكَاسِبِ الزِّرَاعَةُ ثُمَّ الصِّنَاعَةُ، ثُمَّ التِّجَارَةُ عَلَى الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (هُوَ) أَيْ الْبَيْعُ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ الْمُرَكَّبِ كَمَا مَرَّ وَعَرَّفَهُ بِالْمِثَالِ دُونَ الْحَدِّ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ. وَالْإِشَارَةُ كَالْقَوْلِ وَغَيْرُ لَفْظِ الْبَيْعِ مِثْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِعْتُك) فِيهِ الْإِسْنَادُ إلَى جُمْلَةِ الْمُخَاطَبِ فَلَا يَكْفِي الْإِسْنَادُ إلَى جُزْئِهِ كَرَأْسِهِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْجُمْلَةُ. وَمَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إلَى الصِّحَّةِ فِي النَّفْسِ وَالْعَيْنِ مَعَ إرَادَةِ الْجُمْلَةِ وَشَيْخُنَا زي إلَى الصِّحَّةِ وَلَوْ فِي نَحْوِ الْيَدِ مَعَ الْإِرَادَةِ الْمَذْكُورَةِ فَرَاجِعْهُ. وَلَا يَكْفِي قَصْدُ خِطَابِ غَيْرِ الْعَاقِدِ وَلَا الْإِشَارَةُ لِغَيْرِهِ وَلَا قَصْدُ غَيْرِهِ بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ وَلَا الْإِسْنَادُ لِغَيْرِ الْمُخَاطَبِ كَبِعْتُ مُوَكِّلَك وَلَا بَاعَك اللَّهُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْمَالِكُ بِخِلَافِ نَحْوِ الْعِتْقِ، نَعَمْ هُوَ كِنَايَةٌ هُنَا وَيَكْفِي عَنْ الْخِطَابِ اسْمُ الْإِشَارَةِ كَهَذَا أَوْ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ كَالِاسْمِ الظَّاهِرِ كَزَيْدٍ الْعَقْدُ مَعَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْخِطَابُ فِي بَيْعِ مَالِهِ لِطِفْلِهِ وَعَكْسِهِ وَلَا فِي الْبَيْعِ مَعَ الْوَاسِطَةِ، بَلْ لَا يَصِحُّ الْخِطَابُ فِيهِمَا، وَيَكْفِي صِيغَةُ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَلَوْ قَبْلَ عِلْمِ الْآخَرِ أَيْ وَلَا يَضُرُّ اللَّحْنُ فِي الصِّيغَةِ مِنْ الْعَامِّيِّ كَفَتْحِ تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَإِبْدَالِ الْكَافِ هَمْزَةً. قَوْلُهُ: (اشْتَرَيْته بِهِ) فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ فِي كُلٍّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَاغْتَفَرَ الْخَطِيبُ عَدَمَ ذِكْرِهِمَا مِنْ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (فَيَتَحَقَّقُ) يُفِيدُ اعْتِمَادُهُ أَنَّهَا أَرْكَانٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَهُمَا شُرُوطٌ إلَخْ)   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الْبَيْعِ] قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا أَهَمُّ) قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ النُّورِيُّ الْمَحَلِّيُّ: وَلِأَنَّ الْعَاقِدَ وَالْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمَا كَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقَانِ إلَّا بِالصِّيغَةِ وَإِنْ كَانَتْ ذَاتُهُمَا مِنْ حَيْثُ هِيَ مُتَقَدِّمَةً عَلَيْهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (شَرْطُهُ الْإِيجَابُ) الْمُرَادُ بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِيُوَافِقَ مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ جَعْلِهَا رُكْنًا، وَالْإِيجَابُ مِنْ أَوْجَبَ بِمَعْنَى أَوْقَعَ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: 36] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 بِأَرْكَانِ الْبَيْعِ فَقَالَ: (شَرْطُهُ الْإِيجَابُ كَبِعْتُكَ وَمَلَّكْتُك، وَالْقَبُولُ كَاشْتَرَيْتُ وَتَمَلَّكْت وَقَبِلْت) أَيْ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِدُونِهِمَا لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِالرِّضَا لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ: «إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» وَالرِّضَا خَفِيٌّ، فَاعْتُبِرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ اللَّفْظِ فَلَا بَيْعَ بِالْمُعَاطَاةِ، وَيَرُدُّ كُلَّ مَا أَخَذَهُ بِهَا أَوْ بَدَلَهُ إنْ تَلِفَ. وَقِيلَ: يَنْعَقِدُ بِهَا فِي الْمُحَقَّرِ كَرِطْلِ خُبْزٍ وَحُزْمَةِ بَقْلٍ. وَقِيلَ: فِي كُلِّ مَا يُعَدُّ فِيهِ بَيْعًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالدَّوَابِّ وَالْعَقَارِ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا. (وَيَجُوزُ تَقَدُّمُ لَفْظِ الْمُشْتَرِي) عَلَى لَفْظِ الْبَائِعِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَ ذَلِكَ، وَمَنَعَ الْإِمَامُ تَقَدُّمَ قَبِلْت، وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ الْمُصَنِّفُ بِجَوَازِهِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْبَيْعُ مِثْلُهُ وَهَذَا نَاظِرٌ إلَى الْمَعْنَى، وَالْأَوَّلُ إلَى اللَّفْظِ. (وَلَوْ قَالَ بِعْنِي، فَقَالَ بِعْتُك انْعَقَدَ) الْبَيْعُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِدَلَالَةِ بِعْنِي عَلَى   [حاشية قليوبي] أَيْ فَذِكْرُ شُرُوطِهِمَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَهُمَا وَإِنَّمَا غَيَّرَ شَرْطَيْنِ بَعْدَ اعْتِبَارِ شَرْطٍ فِي شَرْطٍ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ أَصَالَةً فَسُكُوتُهُ عَنْهُمَا لِلْعِلْمِ بِوُجُودِهِمَا ضَرُورَةً. قَوْلُهُ: (لِلْخِلَافِ فِيهَا) أَوْ لِأَنَّهَا سَبَبٌ فِي تَسْمِيَتِهِ عَاقِدًا. قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالشَّرْطِ) أَيْ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ. وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَى الْفَقِيهِ فِي التَّعْبِيرِ أَوْ قُلْنَا: إنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَالِاعْتِرَاضُ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ رُكْنًا لِمَا قِيلَ بِصِحَّةِ الْمُعَاطَاةِ عِنْدَ قَائِلِهِ مَرْدُودٌ. قَوْلُهُ: (عَنْ الثَّلَاثَةِ) وَهِيَ سِتَّةٌ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا مَرَّ، وَلَمْ يَعُدُّوا الزَّمَانَ رُكْنًا وَلَا الْمَكَانَ لِعُمُومِهِمَا، وَإِنَّمَا عُدَّ الزَّمَنُ فِي نَحْوِ الصَّوْمِ لِعَدَمِ وُجُودِ صُورَتِهِ فِي الْخَارِجِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِأَرْكَانِ الْبَيْعِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَمَلَّكْتُك) أَيْ وَمِثْلُهُ فِي الصِّحَّةِ وَالصَّرَاحَةِ أَعْطَيْتُك وَأَعْطِنِي كَاشْتَرِ مِنِّي. قَوْلُهُ: (وَقَبِلْت) وَمِثْلُهُ رَضِيت وَفَعَلْت وَأَحْبَبْت وَنَعَمْ كَذَلِكَ، وَهِيَ صَرِيحَةٌ إنْ وَقَعَتْ جَوَابًا لِصَرِيحٍ وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ سَوَاءٌ فِي الْمُتَوَسِّطِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُتَوَسِّطِ أَهْلِيَّةُ الْبَيْعِ وَلَا نِيَّتُهُ فِي الْكِنَايَةِ وَلَا صِحَّةُ تَمَلُّكِهِ لِلْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (مِنْ اللَّفْظِ) أَيْ وَإِنْ انْتَفَى هُوَ بَاطِنًا. وَسَيَأْتِي أَنَّ الْإِشَارَةَ مِنْ الْأَخْرَسِ كَاللَّفْظِ مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا بَيْعَ بِالْمُعَاطَاةِ) بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ صِيغَةٌ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِهَا الْأَعَمُّ مِنْهَا بِأَنْ لَمْ يَسْتَوْفِ الْعَقْدَ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَرْعًا. وَيَحْرُمُ تَعَاطِي ذَلِكَ الْعَقْدِ إنْ قَصَدَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ أَوْ أَطْلَقَ وَلَا قَرِينَةَ تَصْرِفُهُ إلَى غَيْرِهِ كَتَعْلِيمٍ وَمُلَاعَبَةِ زَوْجَتِهِ بِقَوْلِهِ: بِعْتُك نَفْسَك مَثَلًا. وَحَيْثُ حُرِّمَ وَجَبَتْ التَّوْبَةُ مِنْهُ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ. وَقَالَ غَيْرُهُ مَا لَمْ يُوجَدْ مُكَفِّرٌ فَهُوَ صَغِيرَةٌ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا. قَوْلُهُ: (وَيَرُدُّ كُلَّ) أَيْ وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ. قَالَ شَيْخُنَا: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَارِثُهُ مِثْلَهُ حَيْثُ عُلِمَ الْحَالُ وَإِذَا لَمْ يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ فَلَا مُطَالَبَةَ فِي الْآخِرَةِ إنْ كَانَ ثَمَّ رِضًا. قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَتَمَلَّكَ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرَ قِيمَةِ مَتَاعِهِ مِنْ بَابِ الظَّفْرِ حَيْثُ وُجِدَتْ شُرُوطُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ تَقَدُّمٌ إلَخْ) أَيْ إلَّا بِنَعَمْ وَنَحْوِهَا   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَبِعْتُكَ وَمَلَّكْتُك) صَرَاحَةُ هَذَا تُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وَيَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ، وَفَارَقَ مَلَّكْتُك وَأَدْخَلْته فِي مِلْكِك بِاحْتِمَالِ الثَّانِي الْإِدْخَالَ فِي مَكَان مَمْلُوكٍ لَهُ، وَمِنْ الصَّرِيحِ اشْتَرِ مِنِّي كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَمِنْهَا شَرَيْتُك وَوَلَّيْتُك وَأَشْرَكْتُك وَصَارَفْتُكَ وَعَوَّضْتُك. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمُشْتَقَّاتُ كَبَائِعٍ وَمَبِيعٍ قِيَاسًا عَلَى طَالِقٍ وَمُطَلَّقَةٍ وَمِنْهَا. نَعَمْ وَلَفْظُ الْهِبَةِ مَعَ الْعِوَضِ مَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَشَارَ بِكَافِ الْخِطَابِ فِي بِعْتُك وَمَلَّكْتُك إلَى أَنَّ إسْنَادَ الْبَيْعِ إلَى الْمُخَاطَبِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ نَائِبًا عَنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ لَمْ يُسْنِدْهُ إلَى آخَرَ كَمَا يَقَعُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي بِعْت هَذَا بِعَشْرَةٍ مَثَلًا، فَيَقُولَ الْبَائِعُ بِعْت، أَوْ أَسْنَدَهُ إلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْت مُوَكِّلَك فَقَبِلَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِذَلِكَ، بَلْ لَا يَصِحُّ إلَّا بِهِ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي الْوَكَالَةِ وَلَوْ قَالَ الْمُتَوَسِّطُ: بِعْت هَذَا كَذَا. فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْ بِعْت. ثُمَّ قَالَ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت بِكَذَا فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْ اشْتَرَيْت صَحَّ، وَنَقَلَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ، وَلَك أَنْ تَقُولَ كَذَا يَنْبَغِي فِي الصُّورَةِ أَنْ يَصِحَّ إذَا قَبِلَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ عَدَمُ قَبُولِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ، قُلْنَا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَوِّرَهَا يَقُولُ الْمُشْتَرِي يَعْنِي هَذَا بِعَشْرَةٍ فَإِنْ بِعْت هَذَا بِكَذَا، اسْتِفْهَامٌ لَا يُغْنِي عَنْ الْقَبُولِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ اشْتِرَاطَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَلَوْ فِي حَقِّ وَلِيِّ الطِّفْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: يَكْفِي أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ، وَقِيلَ: تَكْفِي النِّيَّةُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ قَوِيٌّ لِأَنَّ اللَّفْظَ إنَّمَا اُعْتُبِرَ لِيَدُلَّ عَلَى الرِّضَا وَلَمْ يَتَقَيَّدْ بِهِ، وَقَوْلُهُ وَالْقَبُولُ كَاشْتَرَيْتُ مِنْ أَلْفَاظِهِ أَيْضًا ابْتَعْت وَاشْتَرَيْت وَصَارَفْتُ وَتَوَلَّيْت وَاشْتَرَكْت وَكَذَا بِعْت وَنَعَمْ وَلَفْظُ الْهِبَةِ، وَمِنْهَا فَعَلْت فِي جَوَابِ اشْتَرِ مِنِّي، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَوْ قَالَ بِعْنِي، فَقَالَ: فَعَلْت، أَوْ نَعَمْ. فَكَقَوْلِهِ: بِعْتُك اهـ. وَفِي الرَّافِعِيِّ فِي النِّكَاحِ لَوْ قَالَ: بِعْتُك بِأَلْفٍ، فَقَالَ: نَعَمْ صَحَّ الْبَيْعُ، وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِنَا خِلَافُهُ، لِكَوْنِهِ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ بَلْ تَبِعَ مَا أَشْعَرَ بِهِ ظَاهِرُ مَتْنِ الْبَهْجَةِ. قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ) مِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] . قَوْلُهُ: (مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ اللَّفْظِ) يَرُدُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 الرِّضَا، وَالثَّانِي لَا يَنْعَقِدُ لِاحْتِمَالِ بِعْنِي لِاسْتِبَانَةِ الرَّغْبَةِ، وَبِهَذِهِ الصِّيغَةِ تَقْدِيرًا الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ فِي أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا فَفَعَلَ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَنْ الطَّالِبِ، وَيَلْزَمُهُ الْعِوَضُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ بِعْنِيهِ وَأَعْتِقْهُ عَنِّي، وَقَدْ أَجَابَهُ وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ مِنِّي فَقَالَ: اشْتَرَيْت فَكَمَا لَوْ قَالَ بِعْنِي فَقَالَ بِعْتُك، قَالَهُ الْبَغَوِيّ ثُمَّ مَا ذَكَرَ صَرِيحٌ. (وَيَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ) وَهِيَ مَا يَحْتَمِلُ الْبَيْعَ وَغَيْرَهُ بِأَنْ يَنْوِيَهُ. (كَجَعَلْتُهُ لَك بِكَذَا) أَوْ خُذْهُ بِكَذَا نَاوِيًا الْبَيْعَ (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ رَاجِعٌ إلَى الِانْعِقَادِ، وَالثَّانِي لَا يَنْعَقِدُ بِهَا لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ لَا يَدْرِي أَخُوطِبَ بِبَيْعٍ أَمْ بِغَيْرِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ ظَاهِرٌ فِي إرَادَةِ الْبَيْعِ فَإِنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى إرَادَتِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَجَبَ الْقَطْعُ بِصِحَّتِهِ وَبَيْعُ الْوَكِيلِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فِيهِ لَا يَنْعَقِدُ بِهَا جَزْمًا لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى النِّيَّةِ، فَإِنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَيْهِ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَالظَّاهِرُ انْعِقَادُهُ. (وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا) وَلَا يَتَخَلَّلُهُمَا كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ، فَإِنْ طَالَ أَوْ تَخَلَّلَ لَمْ يَنْعَقِدْ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الطَّوِيلُ مَا أَشْعَرَ بِإِعْرَاضِهِ   [حاشية قليوبي] وَفَعَلْت وَرَضِيت. قَوْلُهُ: (وَمَنَعَ الْإِمَامُ إلَخْ) حَمَلَهُ شَيْخُنَا م ر عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِهَا جَوَابَ كَلَامِ قَبْلِهَا، وَإِلَّا فَيَصِحُّ تَقْدِيمُهَا، وَعَلَيْهِ حَمْلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ. قَوْلُهُ: (إلَى اللَّفْظِ) أَيْ لِأَنَّ لَفْظَ قَبِلْت يَسْتَدْعِي شَيْئًا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (بِعْنِي) أَيْ فِي الصَّرِيحِ أَوْ اجْعَلْهُ لِي فِي الْكِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (وَبِهَذِهِ الصِّيغَةِ) أَيْ الَّتِي فِيهَا تَقَدُّمُ لَفْظِ الْمُشْتَرِي وَالْمُقَدَّرُ فِيهَا الصَّرِيحُ، وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَلَفْظُ تَقْدِيرًا حَالٌ مِنْ الصِّيغَةِ وَالْمُرَادُ بِالْبَيْعِ الضِّمْنِيُّ فِي الْعِتْقِ وَلَوْ مُعَلَّقًا فَقَطْ لَا نَحْوُ وَقْفٍ وَلَا مِنْ يَعْتِقُ عَلَى الطَّالِبِ كَبَعْضِهِ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: كَأَعْتِقْ عَبْدَك إلَخْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ أَوْ مِثَالٌ لِأَفْرَادِ الصِّيغَةِ. قَوْلُهُ: (فَفَعَلَ) أَيْ قَالَ: أَعْتَقْته عَنْك. وَلَا يَكْفِي فَعَلْت وَلَا نَعَمْ وَنَحْوُهُمَا. قَوْلُهُ: (فَكَمَا لَوْ إلَخْ) التَّشْبِيهُ يَشْمَلُ الْحُكْمَ وَالْخِلَافَ. قَوْلُهُ: (صَرِيحٌ) قَالَ شَيْخُنَا م ر: نَعَمْ إنْ قَصَدَ عَدَمَ جَوَابِهِ أَوْ عَدَمَ قَبُولِهِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. وَمَحَلُّ الصَّرَاحَةِ فِي غَيْرِ صِيغَةِ الْمُضَارِعِ وَإِلَّا نَحْوَ أَقْبَلُ أَوْ أَبْتَاعُ أَوْ اشْتَرَى فَكِنَايَةٌ. قَوْلُهُ: (وَيَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ) وَمِنْهُمَا تَسَلَّمْهُ بِكَذَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنِّي أَوْ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِيهِ أَوْ هَذَا لَك أَوْ سَلَّطْتُك عَلَيْهِ أَوْ بَاعَك اللَّهُ وَفَارَقَ صَرَاحَةً نَحْوَ الْعِتْقِ بِهَذَا لِمَا مَرَّ. وَلَيْسَ مِنْ الْكِنَايَةِ أَبَحْتك لِصَرَاحَتِهِ فِي عَدَمِ الْعِوَضِ وَلَا أَرْقَبْتُك أَوْ أَعَمَرْتُك بِخِلَافِ وَهَبْتُك، وَإِنْ رَادَفَهُمَا وَمِنْ الْكِنَايَةِ الْكِتَابَةُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ قَبْلَ الْأَلِفِ. قَالَ شَيْخُنَا م ر: إلَّا عَلَى مَائِعٍ أَوْ هَوَاهُ. وَتَصِحُّ مِنْ سَكْرَانَ وَتُعْلَمُ النِّيَّةُ مِنْهُ وَمِنْ الْأَخْرَسِ بِالْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا. وَدَخَلَ فِي الْكِتَابَةِ مَا لَوْ كَانَتْ لِحَاضِرٍ وَقِيلَ فَوْرًا أَوْ لِغَائِبٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إرْسَالُ الْكِتَابِ فَوْرًا وَلَا عِلْمُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بِالْبَيْعِ. وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ فَوْرًا وَقْتَ إطْلَاعِهِ عَلَى لَفْظِ الْبَيْعِ فِي الْكِتَابِ لَا قَبْلَهُ، وَإِنْ عَلِمَ، وَيَمْتَدُّ خِيَارُهُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ قَبُولِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ لِلْمُكَاتَبِ مَجْلِسٌ وَلَوْ بَعْدَ قَبُولِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بَلْ يَمْتَدُّ خِيَارُهُ مَا دَامَ خِيَارُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (نَاوِيًا الْبَيْعَ) أَيْ وَلَوْ فِي جُزْءٍ مِنْ الصِّيغَةِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. وَقَالَ شَيْخُنَا زي: يُشْتَرَطُ اقْتِرَانُهَا بِجَمِيعِ اللَّفْظِ. وَمِنْهُ ذِكْرُ الْعِوَضِ عِنْدَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الصِّيغَةِ الْأَصْلِيَّةِ. قَوْلُهُ: (الْمَشْرُوطُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فِيهِ) أَيْ لَا بِصِيغَةِ الْأَمْرِ نَحْوِ بِشَرْطِ أَنْ تَشْهَدَ أَوْ عَلَى أَنْ تَشْهَدَ أَوْ وَكَّلْتُك فِي الْبَيْعِ وَتَشْهَدُ إمَّا بِالْأَمْرِ: كَبِعْ وَاشْهَدْ، فَلَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَالظَّاهِرُ انْعِقَادُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْمُرَادُ بِالْقَرَائِنِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَقْصُودِ وَلَوْ قَرِينَةً وَاحِدَةً.   [حاشية عميرة] عَلَيْهِ الصِّحَّةُ بِالْكِنَايَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (انْعَقَدَ) أَيْ الْبَيْعُ رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ لِسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي جَارِيَةٍ: هَبْ لِي الْمَرْأَةَ. فَقَالَ لَهُ: هِيَ لَك» فَقِيسَ عَلَيْهَا بَاقِي الْعُقُودِ، ثُمَّ الْمَذْهَبُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ النِّكَاحِ الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ غَالِبًا يَسْبِقُهُ خِطْبَةٌ، فَيَتَخَلَّفُ فِيهِ تَوْجِيهُ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ، وَلَوْ أَتَى بِمُضَارِعٍ مَقْرُونٍ فَاللَّامُ الْأَمْرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: اتَّجَهَ إلْحَاقُهُ بِالْأَمْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ) لِحَدِيثِ سَلَمَةَ السَّابِقِ فِي الْحَاشِيَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ، وَفِي قِصَّةِ جَمَلِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِعْنِي جَمَلَك. قُلْت: إنَّ لِرَجُلٍ عَلَيَّ أُوقِيَّةً فَهُوَ لَك بِهَا. فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَخَذْته خَرَّجَهُ الشَّيْخَانِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَنْوِيَهُ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَجَعَلْتُهُ لَك إلَخْ) قَضِيَّةُ كَوْنِهِ كِنَايَةً أَنَّهُ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْبَيْعِ كَالْإِجَارَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ خُذْهُ) وَكَذَا تَسَلَّمْهُ وَسَلَّطْتُك عَلَيْهِ وَأَدْخَلْته فِي مِلْكِك، وَكَذَا بَاعَك اللَّهُ، وَبَارَكَ اللَّهُ لَك فِيهِ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ: بِعْنِي. أَفْتَى بِذَلِكَ الْغَزَالِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَأَقَرَّهُ. قَوْلُهُ: (نَاوِيًا الْبَيْعَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ الْكِنَايَةِ كَفَى، أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ اقْتِرَانُهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ، وَيُحْتَمَلُ الِاشْتِرَاطُ فِي أَوَّلِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) لَنَا فِي النِّكَاحِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَكْفِي الْقَبُولُ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ وَالْقِيَاسُ طَرْدُهُ هُنَا بَلْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِحِكَايَتِهِ هُنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا) هُوَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْخَطُّ وَالْإِشَارَةُ كَذَلِكَ، وَكَذَا الْمُعَاطَاةُ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَقَالَ قَبِلْت) مِثْلُ هَذَا مَا لَوْ أَوْجَبَ بِمُؤَجَّلٍ فَقَبِلَ بِحَالٍّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا عَكْسُهُ) الْمَفْهُومُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 عَنْ الْقَبُولِ، وَلَوْ تَخَلَّلْت كَلِمَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ بَطَلَ الْعَقْدُ اهـ. (وَأَنْ يُقْبِلَ عَلَى وَقْفِ الْإِيجَابِ، فَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ مُكَسَّرَةٍ فَقَالَ قَبِلْت بِأَلْفٍ صَحِيحَةٍ لَمْ يَصِحُّ) وَكَذَا عَكْسُهُ، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا بِأَلْفٍ، فَقَالَ: بِعْتُك نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ قَالَ: وَنِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ، قَالَ الْمُتَوَلِّي يَصِحُّ، وَنَظَّرَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ عَدَّدَ الصَّفْقَةَ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَكِنَّ الظَّاهِرَ الصِّحَّةُ، قَالَ فِيهِ: وَالظَّاهِرُ فَسَادُ الْعَقْدِ فِيمَا إذَا قَبِلَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ خِلَافُ قَوْلِ الْقَفَّالِ بِصِحَّتِهِ اهـ. وَنَبَّهَ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَهُ إلَّا أَلْفٌ (وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ بِالْعَقْدِ) كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ (كَالنُّطْقِ) بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَيَصِحُّ بِهَا   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: الصِّحَّةُ وَانْتِقَالُ الْمِلْكِ يُقَارِنَانِ آخِرَ الصِّيغَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ) أَيْ بِسُكُوتٍ وَلَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا كَمَا فِي الْفَاتِحَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا يَضُرُّ الْيَسِيرُ إلَّا مِنْ عَالِمٍ عَامِدٍ قَصَدَ بِهِ الْقَطْعَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَفْظَيْهِمَا) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ وَلَوْ إشَارَةً أَوْ كِتَابَةً مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَذَكَرَ اللَّفْظَ لِلْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (كَلَامٌ) وَهُوَ مَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنْ الْكَثِيرِ مُطْلَقًا أَوْ نَحْوِ حَرْفٍ مُفْهِمٍ فَأَكْثَرَ مِنْ عَامِدٍ عَالِمٍ، نَعَمْ لَا يَضُرُّ قَدْ أَوْ أَنَا بِغَيْرِ وَاوٍ، وَنَحْوُ يَا زَيْدُ نَحْوُ قَدْ قَبِلْت أَنَا اشْتَرَيْت بِعْتُك يَا زَيْدُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْكَلَامُ مِنْ الْمُوجِبِ أَوْ الْقَابِلِ وَمِنْهُ التَّعْلِيقُ إلَّا إنْ شِئْت مِنْ الْأَوَّلِ بَعْدَ تَمَامِ صِيغَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَكَذَا إنْ كَانَ مِلْكِي فَقَدْ بِعْتُكَهُ لِمَا هُوَ مِلْكُهُ لِأَنَّ إنْ فِيهِ بِمَعْنَى إذْ. وَفِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ كَالْكَلَامِ الْمَذْكُورِ وَنُوزِعَ فِيهِ. تَنْبِيهٌ: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْكَلَامُ مِنْ الْكَاتِبِ لِنَحْوِ غَائِبٍ مُطْلَقًا وَلَا مِنْ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ وُجُوبِ فَوْرِيَّةِ الْقَبُولِ عَلَيْهِ بِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَجْنَبِيٌّ) أَيْ إلَّا يَسِيرَ النِّسْيَانِ أَوْ جَهْلَ عُذْرٍ فِيهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ. وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ مَا لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ وَلَا مِنْ مَصَالِحِهِ وَلَا مِنْ مُسْتَحَبَّاتِهِ، وَلَوْ بِحَسَبِ الْأَصْلِ فَلَا تَضُرُّ الْخُطْبَةُ كَالْحَمْدُ لِلَّهِ إلَى آخِرِهِ وَإِنْ لَمْ تُسْتَحَبَّ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي النِّكَاحِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ قَارَنَ الْكَلَامُ الْأَجْنَبِيُّ صِيغَةَ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا فَاَلَّذِي رَجَّحَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ أَنَّهُ يَضُرُّ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِالْإِعْرَاضِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْبُطْلَانُ بِمُقَارَنَةِ صِيغَةِ الْمُتَقَدِّمِ أَيْضًا، فَلْيُرَاجَعْ. وَاغْتُفِرَ الْكَلَامُ الْيَسِيرُ الْعَمْدُ فِي الْخَلْعِ وَإِنْ قُصِدَ بِهِ الْقَطْعُ لِأَنَّ مَا هُنَا مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْقَبُولِ) أَيْ أَوْ عَنْ الْإِيجَابِ. قَوْلُهُ: (عَلَى وَفْقِ الْإِيجَابِ) أَيْ فِي الْمَعْنَى مِنْ حَيْثُ النَّوْعُ وَالصِّفَةُ وَالْقَدْرُ وَالْحُلُولُ وَالتَّأْجِيلُ وَإِنْ اخْتَلَفَ لَفْظُهُمَا، وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا تَتَغَيَّرَ صِيغَةُ الْأَوَّلِ قَبْلَ تَمَامِ صِيغَةِ الثَّانِي وَلَوْ بِإِسْقَاطِ أَجَلٍ أَوْ خِيَارٍ وَأَنْ يَتَكَلَّمَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ مَنْ بِقُرْبِهِ بِلَا مَانِعٍ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ صَاحِبُهُ كَأَنْ وَقَعَ قَبُولُهُ اتِّفَاقًا وَلَا عِبْرَةَ بِحَمْلِ الرِّيحِ وَإِنْ تَبَقَّى أَهْلِيَّتُهُمَا إلَى تَمَامِ الصِّيغَةِ، فَلَوْ جُنَّ أَوْ مَاتَ لَمْ يَصِحَّ قَبُولُ وَلِيِّهِ أَوْ وَارِثِهِ وَأَنْ يَشْتَمِلَ الْإِيجَابُ عَلَى خِطَابٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا مَرَّ. وَأَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ لِلْقَابِلِ لِكُلِّهِ أَوْ لِجُزْئِهِ عَلَى مَا مَرَّ، وَأَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ مِمَّنْ صَدَرَ مَعَهُ الْخِطَابُ لَا مِنْ وَكِيلِهِ مَثَلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ تَأْقِيتٌ وَلَوْ بِأَلْفِ عَامٍ وَلَا تَعْلِيقَ إلَّا فِيمَا مَرَّ، وَأَنْ يَقْصِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا اللَّفْظَ لِمَعْنَاهُ أَيْ أَنْ يَأْتِيَ بِاللَّفْظِ قَاصِدًا لَهُ حَالَةَ كَوْنِهِ عَارِفًا بِمَعْنَاهُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فَلَا يَصِحُّ مَعَ سَبْقِ لِسَانٍ وَلَا مِنْ أَعْجَمِيٍّ لِقِنِّهِ بِخِلَافِ الْهَازِلِ وَاللَّاعِبِ. تَنْبِيهٌ: هَذِهِ الشُّرُوطُ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مُكَسَّرَةٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ قِطَعُ نَقْدٍ مَضْرُوبٍ قَبْلَ قَطْعِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا: إنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَكَذَا لَوْ أَوْجَبَ بِنَقْدٍ فَقَبِلَ بِنَقْدٍ آخَرَ وَإِنْ سَاوَاهُ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ وَنِصْفُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ إلَخْ) وَحَمَلَ شَيْخُنَا م ر الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ تَعَدُّدَ الصَّفْقَةِ وَالْقَوْلَ بِالْبُطْلَانِ عَلَى مَا إذَا قَصَدَهُ. وَخَرَجَ بِنِصْفِهِ مَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك بَعْضَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَبَعْضَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ، فَلَا يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ الْبَعْضِ لِغَيْرِ النِّصْفِ. قَالَ بَعْضُهُمْ:   [حاشية عميرة] بِالْأَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ) مِثْلُهَا كِتَابَتُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْعَقْدِ) هِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ، قَالَ فِي الدَّقَائِقِ، احْتَرَزْت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ الِاعْتِدَادُ بِإِشَارَتِهِ فِي الْحِلِّ أَيْضًا كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَأَنَّهُ إنْ فَهِمَهَا الْفَطِنُ وَغَيْرُهُ فَصَرِيحَةٌ أَوْ الْفَطِنُ فَقَطْ فَكِنَايَةٌ. (وَشَرْطُ الْعَاقِدِ) الْبَائِعُ أَوْ غَيْرِهِ (الرُّشْدُ) وَهُوَ أَنْ يَبْلُغَ مُصْلِحًا لِدِينِهِ، وَمَالِهِ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ الصَّبِيِّ الْمَجْنُونِ وَمَنْ بَلَغَ غَيْرَ مُصْلِحٍ لِدِينِهِ وَمَالِهِ. نَعَمْ مَنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لَهُمَا ثُمَّ بَذَّرَ فَإِنَّهُ وَإِنْ صَحَّ عَقْدُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ بَعْدَهُ. (قُلْت: وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ بِغَيْرِ حَقٍّ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ الْمُكْرَهِ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَيَصِحُّ بِحَقٍّ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الْمَزِيدُ فِيهَا هَذَا الشَّرْطُ بِأَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ بَيْعُ مَالِهِ لِوَفَاءِ دَيْنٍ أَوْ شِرَاءِ مَالٍ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهِ فَأَكْرَهَهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ اهـ. وَلَوْ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ   [حاشية قليوبي] وَظَاهِرُ هَذَا عَدَمُ الصِّحَّةِ وَإِنْ قَصَدَ بِالْبَعْضِ النِّصْفَ مَثَلًا فَرَاجِعْهُ. وَأَمَّا عَكْسُ هَذِهِ بِأَنْ عَدَّدَ الْأَوَّلَ فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا. وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا بِأَلْفٍ وَهَذَا بِمِائَةٍ فَقَبِلَ أَحَدَهُمَا. وَيَصِحُّ لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَهُ لِأَنَّ الْمَعْنَى بِعْتُك نِصْفَهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَانْظُرْ مَاذَا يَلْزَمُهُ، وَيَظْهَرُ تَوْزِيعُ الثَّمَنِ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَالظَّاهِرُ فَسَادُ الْعَقْدِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَهُ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الْقَابِلَ عِنْدَ الْقَفَّالِ عَلَى كَلَامِهِ الْمَرْجُوحِ إلَّا الْأَلْفُ لَا مَا زَادَ عَلَيْهَا لِكَوْنِهِ مُتَمَيِّزًا عَنْهَا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الصَّحَّاحِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحِلِّ أَيْضًا) وَقَدْ قَالُوا إنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ كَالنُّطْقِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي شَهَادَةٍ، وَبُطْلَانِ صَلَاةٍ وَحِنْثٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِنْ سَبْرِ مَسَائِلِ الْفِقْهِ. قَوْلُهُ: (وَشَرَطَ الْعَاقِدُ) وَلَوْ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ وَخَرَجَ بِهِ الدَّلَّالُ وَالْمُتَوَسِّطُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مُصْلِحًا لِدِينِهِ) بِأَنْ لَا يَفْعَلَ مُحْرِمًا يَبْطُلُ الْعَدَالَةُ وَبِهِ خَرَجَ الْمَجْنُونُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (وَمَالِهِ) بِأَنْ لَا يُنْفِقَهُ فِي مُحَرَّمٍ فَيَخْرُجُ عَنْ الرُّشْدِ بِعَدَمِ صَلَاحِ وَاحِدٍ مِنْ دِينِهِ وَمَالِهِ وَشَمَلَتْ إضَافَةُ الْمَالِ مَا لَوْ كَانَتْ لِلْمُلَابَسَةِ فَيَدْخُلُ الرَّقِيقُ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ فِيمَنْ بَذَّرَ فِي الْمَالِ بَعْدَ صَلَاحِهِ حَالَ بُلُوغِهِ، وَخَرَجَ بِهِ مَنْ فَسَقَ بَعْدَهُ فَكَالرَّشِيدِ وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّشْدِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ فِيمَا مَضَى. وَقِيلَ إنْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَفْصِيلًا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (الْمُكْرَهِ) إنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ قَرِينَةُ اخْتِيَارٍ وَلَمْ يَنْوِ صِحَّةَ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (فِي مَالِهِ) أَنَّ فِي مَالٍ مُعَيَّنٍ لَهُ فِيهِ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ، وَلَوْ بِوَكَالَةٍ فَخَرَجَ الْمُصَادَرُ فَإِنَّ عَقْدَهُ صَحِيحٌ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَخْلُصُ بِغَيْرِ الْبَيْعِ وَبَقِيَّةُ عُقُودِ الْمُكْرَهِ وَحُلُولُهُ كَبَيْعِهِ. فَائِدَةٌ: قَوْلُ الْمُكْرَهِ لَاغٍ إلَّا فِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ فَتَبْطُلُ بِهِ وَفِعْلُهُ أَيْضًا لَاغٍ إلَّا فِي عَدَمِ الِاسْتِقْبَالِ فِي الصَّلَاةِ وَالْفِعْلِ الْكَثِيرِ فِيهَا وَعَدَمِ الْقِيَامِ فِي الْفَرِيضَةِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ فِي ذَلِكَ، وَإِلَّا فِي وُجُودِ الرَّضَاعِ مِنْهُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ، وَإِلَّا فِي وُجُودِ الْقَتْلِ   [حاشية عميرة] بِهَا عَنْ إشَارَتِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالشَّهَادَةِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُ النُّطْقِ؛ وَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهَا وَإِنْ حَسُنَتْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، لَكِنْ يُرَدُّ بِسَبَبِهَا أَنَّ إشَارَتَهُ فِي الدَّعَاوَى وَالْأَقَارِيرِ وَالْإِجَارَاتِ وَالْفُسُوخِ وَغَيْرِهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ النُّطْقِ. وَكَانَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَشَارَ إلَى بَعْضِ الِاعْتِذَارِ بِقَوْلِهِ: وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ إلَخْ. [وَشَرْطُ الْعَاقِدِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَشَرْطُ الْعَاقِدِ الرُّشْدُ إلَخْ) عَدَمٌ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ التَّكْلِيفُ. قَالَ فِي الدَّقَائِقِ لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ السَّكْرَانُ وَالسَّفِيهُ وَالْمُكْرَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فِيهِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ النَّائِمَ وَنَحْوَهُ وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِلَا تَقْصِيرٍ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُمْ، فَإِنْ كَانُوا عِنْدَهُ مُلْحَقِينَ بِذَوِي الرُّشْدِ وَرَدُوا عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ انْتِفَاءُ الرُّشْدِ عَنْ السَّكْرَانِ الْمُعْتَدِي بِسُكْرِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَصِحَّ بَيْعُهُ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَأَيْضًا فَالرُّشْدُ يُطْلَقُ عَلَى الرُّشْدِ فِي الْمَالِ وَعَلَى الرُّشْدِ فِي الدِّينِ، وَكِلَاهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا فِي السَّفِيهِ الْمُهْمَلِ، الْأَمْرُ الثَّانِي السَّكْرَانُ لَا يَرِدُ عَلَى الْمُحَرَّرِ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ، وَالْمُصَنِّفُ يَنْفِي عَنْهُ التَّكْلِيفَ وَيَعْتَبِرُ تَصَرُّفَاتِهِ وَهُوَ خَلْطُ طَرِيقَةٍ بِطَرِيقَةٍ قَالَ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّهُ مُكَلَّفٌ قَالَ: أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَيْتَ شِعْرِي مَا الَّذِي فَهِمَهُ مِنْ مَعْنَى التَّكْلِيفِ حَتَّى نَفَاهُ عَنْهُ مَعَ الْقَوْلِ بِتَقْيِيدِ تَصَرُّفَاتِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ قَالَ. وَأَمَّا السَّفِيهُ وَالْمُكْرَهُ فَلَا يَرِدَانِ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ كُلَّ بَيْعٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّكْلِيفِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَأَمَّا الْعَكْسُ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مُكَلَّفٍ يُعْتَبَرُ بَيْعُهُ فَلَيْسَ هُوَ مَدْلُولُ كَلَامِهِ اهـ. أَقُولُ مَا مَنَعَ بِهِ إيرَادَ السَّفِيهِ وَالْمُكْرَهِ هَلَّا مَنَعَ بِهِ إيرَادَ النَّائِمِ وَنَحْوِهِ، وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِلَا تَقْصِيرٍ عَلَى الْمُؤَلَّفِ وَهَلْ هَذَا إلَّا تَحَكُّمٌ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَوْرَدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ عَلَى طَرِيقَةِ إيرَادِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَإِنْ كَانَ الْإِسْنَوِيُّ لَا يَرَى صِحَّةَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مُصْلِحًا لِدِينِهِ) لَمْ يُبَيِّنْ ضَابِطَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرْجِعَ الْعُرْفُ ثُمَّ قَضِيَّةُ تَعْبِيرِ الشَّارِحِ أَنَّ مَنْ بَلَغَ سَفِيهًا ثُمَّ رَشَدَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَلَيْسَ مُرَادًا ثُمَّ رَأَيْت فِي تَفْسِيرِ الْبَغَوِيّ الصَّلَاحَ فِي الدِّينِ أَنْ يَكُونَ مُجْتَنِبًا لِلْفَوَاحِشِ وَالْمَعَاصِي الْمُسْقِطَةِ لِلْعَدَالَةِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ الصَّبِيِّ) وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ فِي ذَلِكَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 بِإِكْرَاهِهِ عَلَيْهِ صَحَّ، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ كَالصَّحِيحِ فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَةَ غَيْرِهِ بِإِكْرَاهِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْأُذُنِ. (وَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْكَافِرِ الْمُصْحَفَ) وَكُتُبَ الْحَدِيثِ (وَالْمُسْلِمَ فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا فِي مِلْكِهِ لِلْأَوَّلَيْنِ مِنْ الْإِهَانَةِ وَلِلثَّالِثِ مِنْ الْإِذْلَالِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْحِيحُ طَرِيقَةِ الْقَطْعِ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَوَّلَيْنِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَبْدَ يُمْكِنُهُ الِاسْتِغَاثَةُ وَدَفْعُ الذُّلِّ عَنْ نَفْسِهِ. (إلَّا أَنْ يُعْتَقَ عَلَيْهِ) كَأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ. (فَيَصِحُّ) بِالرَّفْعِ شِرَاؤُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ إذْلَالِهِ بِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ الْإِذْلَالِ. (وَلَا) شِرَاءُ (الْحَرْبِيِّ سِلَاحًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِي الْمَنَاهِي لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ فِي قَبْضَتِنَا وَبِخِلَافِ غَيْرِ السِّلَاحِ مِمَّا   [حاشية قليوبي] فَيُقْتَلُ هُوَ وَمَنْ أَكْرَهَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْحَاكِمُ) أَيْ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ وَلَوْ بِالتَّغَلُّبِ. قَوْلُهُ: (بِإِكْرَاهِهِ) أَيْ الْغَيْرِ. فَرْعٌ: مِنْ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ إكْرَاهُ الْحَاكِمِ مَنْ عِنْدَهُ طَعَامٌ عَلَى بَيْعِهِ عِنْدَ حَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ إنْ بَقِيَ لَهُ قُوتُ سَنَةٍ. قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا خَاصٌّ بِالطَّعَامِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْكَافِرِ الْمُصْحَفَ) أَيْ لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ لَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ الشِّرَاءِ وَلَوْ بِوَكَالَةِ مُسْلِمٍ عَنْهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ لَهُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ صِحَّةُ الْعَقْدِ بِوَكَالَتِهِ عَنْ الْمُسْلِمِ فِي شِرَائِهِ، وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ وَكَالَتِهِ عَنْ الْمُسْلِمِ فِي قَبُولِ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ بِالِاحْتِيَاطِ لِلْأَبْضَاعِ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: وَلِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُ كَافِرٍ لِمُسْلِمَةٍ بِخِلَافِ مِلْكِهِ لِمُسْلِمٍ مَرْدُودٌ بِإِسْلَامِ زَوْجَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُصْحَفِ هُنَا مَا فِيهِ قُرْآنٌ مَقْصُودٌ وَلَوْ قَلِيلًا كَلَوْحٍ أَوْ تَمِيمَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ. وَأَجَازَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ التَّمِيمَةَ وَالرِّسَالَةَ اقْتِدَاءً بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَرَجَ بِالْمَقْصُودِ مَا عَلَى جِدَارٍ أَوْ سَقْفٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهَا. فَرْعٌ: يُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنْ تَجْلِيدِ مُصْحَفٍ وَتَذْهِيبِهِ لَا مِنْ شِرَاءِ جِلْدِهِ وَإِنْ لَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَكُتُبَ الْحَدِيثِ) وَكُتُبًا فِيهَا حَدِيثٌ وَلَوْ ضَعِيفًا لَا مَوْضُوعًا قَالَ شَيْخُنَا: وَكَالْحَدِيثِ عِلْمٌ شَرْعِيٌّ وَآلَتُهُ وَآثَارُ الصَّالِحِينَ لَا عِلْمٌ خَلَا عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ فَيَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَالْمُسْلِمُ) وَلَوْ فِيمَا مَضَى كَالْمُرْتَدِّ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِي مِلْكِهِ إلَخْ) خَرَجَ بِمِلْكِ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الْمُصْحَفِ وَمَا بَعْدَهُ إجَارَتُهَا أَوْ إعَارَتُهَا وَرَهْنُهَا فَصَحِيحَةٌ لَهُ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْعَيْنِ، وَعَلَى كُلٍّ لَا تُسَلَّمُ الْعَيْنُ عَلَيْهِ بَلْ يَقْبِضُهَا عَنْهُ الْحَاكِمُ ثُمَّ يَأْمُرُهُ وُجُوبًا بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهَا فِي نَحْوِ إجَارَةِ الْعَيْنِ، وَيَمْنَعُهُ مِنْ اسْتِخْدَامِ الْمُسْلَمِ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا. قَوْلُهُ (تَصْحِيحُ طَرِيقِ الْقَطْعِ) فَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) جَوَابًا بِالْمُفَادِ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَا يَصِحُّ نَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى " يَعْتِقَ " الْمُقْتَضِي لِكَوْنِهِ مِنْ مَدْخُولِ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ لِكَوْنِ الصِّحَّةِ مُرَتَّبَةً عَلَى الْعِتْقِ مَعَ أَنَّهَا إنَّمَا تَرَتَّبَتْ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ لَا عَلَيْهِ أَوْ لِكَوْنِهِ اسْتِثْنَاءَ الشَّيْءِ مِنْ نَقِيضِهِ إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَصِحَّ، وَكُلٌّ غَيْرُ صَحِيحٍ فَتَأَمَّلْ. تَنْبِيهٌ: هَذِهِ مِنْ صُوَرِ دُخُولِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ وَقَدْ أَوْصَلَهَا بَعْضُهُمْ إلَى نَحْوِ أَرْبَعِينَ صُورَةً وَكُلُّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: إمَّا قَهْرًا عَلَيْهِ كَالْإِرْثِ أَوْ بِفَسْخٍ أَوْ بِاسْتِحْقَاقِ عِتْقٍ. قَوْلُهُ: (الْحَرْبِيِّ) وَلَوْ فِي دَارِنَا كَالْمُؤْمِنِ وَالْمُعَاهَدِ. قَوْلُهُ: (سِلَاحًا) أَيْ آلَةَ حَرْبٍ كَسَيْفٍ وَتُرْسٍ وَرُمْحٍ وَفَرَسٍ وَسَفِينَةٍ، سَوَاءٌ تَمَلَّكَ جَمِيعَ ذَلِكَ أَوْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ أَوْ بَعْضَهُ. وَخَرَجَ نَحْوُ سِكِّينٍ صَغِيرَةٍ وَمِقْشَطٍ وَعَبْدٍ وَلَوْ كَبِيرًا إلَّا إنْ عُلِمَ مُقَاتَلَتُنَا بِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ) أَيْ مَعَ مُخَالَفَتِنَا فِي الدِّينِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ حُرِّمَ بِأَنْ عُلِمَ مِنْهُ مَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ) أَيْ الَّذِينَ بِدَارِنَا وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ يَدُسُّهُ إلَى دَارِهِمْ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ. قَالَهُ شَيْخُنَا م ر.   [حاشية عميرة] حَدِيثُ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ. قَوْلُهُ: (وَمَالَهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ. [شِرَاءُ الْكَافِرِ الْمُصْحَفَ وَكُتُبَ الْحَدِيثِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْكَافِرِ الْمُصْحَفَ إلَخْ) وَلَا خِلَافَ فِي التَّحْرِيمِ وَالشِّرَاءُ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَجَمْعُهُ أَشَرْيَةٌ. قَوْلُهُ: (الْمُصْحَفَ) وَلَوْ بَعْضًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْإِرْثِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا سَبَبٌ لِلْمِلْكِ. قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ يُرْجَى عِتْقُهُ وَالْمُصْحَفَ أَكْثَرُ حُرْمَةً، بِدَلِيلِ مَنْعِ الْمُحْدِثِ مِنْ مَسِّهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ مَنْعٌ مَعَ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ. قَوْلُهُ: (فَيَصِحُّ بِالرَّفْعِ) أَيْ لِأَنَّهُ بِالنَّصْبِ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ إلَّا أَنْ يَصِحَّ وَهُوَ كَلَامٌ لَا مَعْنَى لَهُ إذْ نَصْبُهُ يُصَيِّرُهُ مِنْ الْمُسْتَثْنَى وَلَا مَعْنَى لَهُ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ) خَرَجَ أَيْضًا الْحَرْبِيُّ الْمُؤْمِنُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمَلَةٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ فِي قَبْضَتِنَا وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ إمْسَاكُهُ إلَى عَوْدِهِ، وَأَنَّ الْحِرَابَةِ مُتَأَصِّلَةٌ وَالْأَمَانَ عَارِضٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 يَتَأَتَّى مِنْهُ كَالْحَدِيدِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ جَعْلُهُ سِلَاحًا، وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ يَصِحُّ سَلَمُ الْأَعْمَى أَيْ بِخِلَافِ بَيْعِهِ أَوْ شِرَائِهِ، فَلَا يَصِحُّ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُصْحَفَ وَشِرَاءَهُ مَكْرُوهٌ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ الْبَيْعُ دُونَ الشِّرَاءِ. (وَلِلْمَبِيعِ شُرُوطٌ) خَمْسَةٌ أَحَدُهَا (طَهَارَةُ عَيْنِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْكَلْبِ وَالْخَمْرِ) وَغَيْرِهِمَا مِنْ نَجِسِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ» ، وَقَالَ: «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيِّتَةِ وَالْخِنْزِيرِ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ، وَالْمَعْنَى فِي الْمَذْكُورَاتِ نَجَاسَةُ عَيْنِهَا فَأَحَقُّ بِهَا بَاقِي نَجِسِ الْعَيْنِ. (وَالْمُتَنَجِّسُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى نَجِسِ الْعَيْنِ. (كَالْخَلِّ وَاللَّبَنِ وَكَذَا الدُّهْنُ) كَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُمْكِنُ بِغَسْلِهِ بِأَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ فِي إنَاءٍ مَاءً يَغْلِبُهُ وَيُحَرِّكُ بِخَشَبَةٍ حَتَّى يَصِلَ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ مَعَ رَدِّهِ بِمَا فِي حَدِيثِ الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ: «إنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَأَرِيقُوهُ» فَلَوْ أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ شَرْعًا لَمْ يُقَلْ فِيهِ ذَلِكَ وَعَلَى إمْكَانِ تَطْهِيرِهِ قِيلَ يَصِحُّ بَيْعُهُ قِيَاسًا عَلَى الثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ. وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِلْحَدِيثِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي بَيْعِ الْمَاءِ النَّجِسِ لِأَنَّ تَطْهِيرَهُ مُمْكِنٌ   [حاشية قليوبي] وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ فِي صُورَةِ الدَّسِّ. فَرْعٌ: لَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْكَافِرِ دَارًا فِي الْحَرَمِ لِمَنْعٍ مِنْهُ كَمَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا م ر. قَالَ شَيْخُنَا: وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ وَمَعَ الصِّحَّةِ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي) هُوَ جَوَابٌ عَنْ سُكُوتِ الْمُصَنِّفِ عَنْ اشْتِرَاطِ الْبَصَرِ فِي الْعَاقِدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ شِرَائِهِ) أَيْ إلَّا لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُكْرَهُ الْبَيْعُ) أَيْ بَيْعُ الْمُصْحَفِ دُونَ شِرَائِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يُسَمَّى مُصْحَفًا عُرْفًا لَا نَحْوُ تَفْسِيرٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إنْ حُرِّمَ مَسُّهُ فَكَالْمُصْحَفِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَلِلْمَبِيعِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ) لَوْ عَبَّرَ بِالْعِوَضِ لَشَمِلَ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ، وَذِكْرُ الْخَمْسَةِ إيضَاحٌ وَبَعْضُهُمْ اكْتَفَى بِالْمِلْكِ وَالْعِلْمِ، وَبَعْضُهُمْ بِذَلِكَ مَعَ النَّفْعِ وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ عَامَّةٌ، وَيُزَادُ عَلَيْهَا فِي نَحْوِ الرِّبَوِيِّ وَفِي نَحْوِ الزُّرُوعِ مَا يَأْتِي فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (طَهَارَةُ عَيْنِهِ) وَمِنْهُ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ وَمَظْنُونُ الطَّهَارَةِ بِالِاجْتِهَادِ وَلَا يَضُرُّ اشْتِمَالُ الْعَقْدِ عَلَى نَجِسٍ تَابِعٍ كَطِينِ بِنَاءٍ مَخْلُوطٍ بِسِرْجِينٍ وَرِيشٍ فُصِلَ مِنْ نَحْوِ حَدَأَةٍ وَوَشْمِ عَبْدٍ وَدُودِ مَيِّتٍ فِي نَحْوِ خَلٍّ وَفَاكِهَةٍ فَهُوَ مَبِيعٌ تَبَعًا عِنْدَهُ مَشَايِخُنَا. وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ: الْوَجْهُ أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الطَّاهِرُ وَحْدَهُ وَدُخُولَ غَيْرِهِ مِنْ بَابِ نَقْلِ الْيَدِ كَالِاخْتِصَاصِ. وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ بِنَاءٍ نَجِسٍ كُلِّهِ وَلَوْ عَلَى أَرْضٍ مُحْتَكَرَةٍ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْكَلْبِ) وَلَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ بِقَدْرِهَا كَحِرَاسَةِ مَاشِيَةٍ وَزَرْعٍ وَصَيْدٍ، وَيَجِبُ زَوَالُ الْيَدِ عَنْهُ بِفَرَاغِهَا. وَلَا يَجُوزُ اقْتِنَاءُ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ اقْتِنَاءُ بَاقِي الْحَيَوَانَاتِ وَنَحْوِ السِّرْجِينِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُتَنَجِّسِ) مِنْهُ الْآجُرُّ وَالْخَزَفُ الْمَعْجُونُ بِالنَّجِسِ كَالسِّرْجِينِ وَالرَّمَادِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ شَيْخَنَا أَفْتَى بِصِحَّةِ بَيْعِهِ وَبِجَوَازِ نَحْوِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ تَنْجِيسِ مَا يُوضَعُ فِيهِ مِنْ الْمَائِعَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. ثُمَّ رَأَيْته عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ، وَخَرَجَ بِهِ مَا فِيهِ مَيْتَةٌ لَا يَسِيلُ دَمُهَا لِأَنَّهُ طَاهِرٌ لَكِنَّ لِمُشْتَرِيهِ الْخِيَارَ إنْ جَهِلَهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ) فَالْمُرَادُ كُلُّ مَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ بَيْعَ الْمُسْلِمِ الْمُصْحَفَ إلَخْ) كَأَنَّ وَجْهَ هَذَا صَوْنُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى السِّلَعِ الْمُبْتَذَلَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ [شُرُوط الْمَبِيع] قَوْلُ الْمَتْنِ: (طَهَارَةُ عَيْنِهِ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ الْمِلْكُ، وَمَا عَدَا النَّفْعَ يَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ فَانْحَصَرَتْ الشُّرُوطُ فِي الْمِلْكِ وَالنَّفْعِ، نَعَمْ يَحْتَاجُ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِمَا إمْكَانَ الطُّهْرِ بِالْغُسْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْكَلْبِ) وَإِنْ كَانَ يَصِيدُ. فَائِدَةٌ: لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَنِيَ الْكَلْبَ لِيَحْرُسَ لَهُ إذَا احْتَاجَ لِزَرْعٍ مَثَلًا لَمْ يَجُزْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْخَمْرِ) وَإِنْ كَانَتْ مُحْتَرَمَةً وَقِيلَ إنَّ الْمُحْتَرَمَةَ طَاهِرٌ يَجُوزُ بَيْعُهَا. قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى فِي الْمَذْكُورَاتِ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَهَا مَنَافِعُ فَالْخَمْرُ يَطَأُ بِهَا النَّارَ، وَيَعْجِنُ بِهَا الطِّينَ وَالْمَيْتَةُ تُطْعَمُ لِلْجَوَارِحِ وَيُطْلَى بِشَحْمِهَا السُّفُنُ وَيُسْرَجُ بِهِ، وَالْكَلْبُ يَصِيدُ فَعَلِمْنَا أَنَّ مَنْشَأَ النَّهْيِ نَجَاسَةُ الْعَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُتَنَجِّسِ إلَخْ) حَكَى فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْآجُرَّ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُعْجَنُ بِالزِّبْلِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ امْتِنَاعُ بَيْعِ الدَّارِ الْمَبْنِيَّةِ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُمْكِنُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: يُمْكِنُ أَنْ يَطَّرِدَ هَذَا الْوَجْهُ فِي الدِّبْسِ وَالْخَلِّ وَسَائِرِ الْمَائِعَاتِ، لِأَنَّ إيصَالَ الْمَاءِ إلَى أَجْزَائِهَا مُمْكِنٌ بِالتَّحْرِيكِ، وَالْغُسَالَةُ طَاهِرَةٌ فَلَا يَضُرُّ بَقَاؤُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا رَجَعَ الْخِلَافَ إلَى إمْكَانِ التَّطْهِيرِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّا حَيْثُ قُلْنَا: بِعَدَمِ إمْكَانِ التَّطْهِيرِ بَطَلَ الْبَيْعُ قَطْعًا. قَوْلُهُ (لِلْحَدِيثِ) أَيْ لِأَنَّ الْأَمْرَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 بِالْمُكَاثَرَةِ. وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى الْحَرَمِ بِالْمَنْعِ، وَقَالَ إنَّهُ لَيْسَ بِتَطْهِيرٍ بَلْ يَسْتَحِيلُ بِبُلُوغِهِ قُلَّتَيْنِ مِنْ صِفَةِ النَّجَاسَةِ إلَى الطَّهَارَةِ كَالْخَمْرِ تَتَخَلَّلُ. (الثَّانِي) مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (النَّفْعُ) فَمَا لَا نَفْعَ فِيهِ لَيْسَ بِمَالٍ، فَلَا يُقَابَلُ بِهِ. (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَشَرَاتِ) بِفَتْحِ الشِّينِ كَالْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ وَالْفِئْرَانِ وَالْخَنَافِسِ وَالنَّمْلِ وَنَحْوِهَا إذْ لَا نَفْعَ فِيهَا يُقَابَلُ بِالْمَالِ وَإِنْ ذُكِرَ لَهَا مَنَافِعُ فِي الْخَوَاصِّ (وَكُلِّ سَبْعٍ لَا يَنْفَعُ) كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ، وَمَا فِي اقْتِنَاءِ الْمُلُوكِ لَهَا مِنْ الْهَيْبَةِ وَالسِّيَاسَةِ لَيْسَ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَالسَّبْعُ النَّافِعُ كَالضَّبُعِ لِلْأَكْلِ وَالْفَهْدِ لِلصَّيْدِ وَالْفِيلِ لِلْقِتَالِ (وَلَا) بَيْعُ (حَبَّتَيْ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مَالًا وَإِنْ عُدَّ بِضَمِّهِ إلَى غَيْرِهِ. (وَآلَةِ اللَّهْوِ) كَالطُّنْبُورِ وَالْمِزْمَارِ إذْ لَا نَفْعَ بِهَا شَرْعًا (وَقِيلَ: تَصِحُّ الْآلَةُ) أَيْ بَيْعُهَا. (إنْ عُدَّ رُضَاضُهَا) بِضَمِّ الرَّاءِ أَيْ مُكَسَّرُهَا (مَالًا) لِأَنَّ فِيهَا نَفْعًا مُتَوَقَّعًا كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ وَرُدَّ بِأَنَّهَا عَلَى هَيْئَتِهَا لَا يُقْصَدُ مِنْهَا غَيْرُ الْمَعْصِيَةِ. (وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمَاءِ عَلَى الشَّطِّ) أَيْ جَانِبِ النَّهْرِ (وَالتُّرَابِ وَالصَّحْرَاءِ) مِمَّنْ حَازَهُمَا. (فِي الْأَصَحِّ) لِظُهُورِ الْمَنْفَعَةِ فِيهِمَا، وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ الثَّانِي مِنْ إمْكَانِ تَحْصِيلِ مِثْلِهِمَا بِلَا تَعَبٍ وَلَا مُؤْنَةٍ. (الثَّالِثُ)   [حاشية قليوبي] الْجَزْمِ بِالْمَنْعِ) نَظَرًا لِلنَّجَاسَةِ الْآنَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ كَانَ دُونَ قُلَّتَيْنِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ بَيْعُهُ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُتَنَجِّسَ الْكَثِيرَ بِالتَّغَيُّرِ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (لَا يُمْكِنُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي عَدَمِ إمْكَانِ التَّطْهِيرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ بِلَا خِلَافٍ الَّذِي هُوَ مُفَادُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: عَلَى الْأَصَحِّ لَكَانَ أَقْرَبَ إلَى الْمُرَادِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (النَّفْعُ) أَيْ الشَّرْعِيُّ وَلَوْ مَآلًا كَجَحْشٍ صَغِيرٍ فَخَرَجَ بِهِ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ كَحِمَارٍ زَمِنٍ وَمَا فِيهِ نَفْعٌ مُحَرَّمٍ كَمَا يَأْتِي. وَلَا يَخْفَى أَنَّ نَفْعَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ، فَنَفْعُ الْعَلَقِ بِامْتِصَاصِ الدَّمِ، وَنَفْعُ الطَّاوُسِ بِالِاسْتِمْتَاعِ بِرُؤْيَةِ لَوْنِهِ، وَنَفْعُ الْعَنْدَلِيبِ بِاسْتِمَاعِ صَوْتِهِ، وَنَفْعُ الْعَبْدِ الزَّمِنِ بِعِتْقِهِ، وَنَفْعُ الْهِرَّةِ بِصَيْدِ الْفَأْرِ، وَالْقِرْدِ بِالتَّعْلِيمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَرْعٌ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ دَارٍ بِلَا مَمَرٍّ وَإِنْ أَمْكَنَ إحْدَاثُ مَمَرٍّ لَهَا مِنْ نَحْوِ شَارِعٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لِلْمُشْتَرِي لِعَدَمِ النَّفْعِ الشَّرْعِيِّ بِهَا حَالَ الْبَيْعِ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ مَحْفُوفَةً بِمِلْكِ الْبَائِعِ صَحَّ. وَلِلْمُشْتَرِي الْمُرُورُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ أَوْ مِنْ جِهَةٍ عَيَّنَهَا لَهُ الْبَائِعُ فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ الْمُرُورِ أَوْ ذَكَرَ لَهُ جِهَةً وَلَمْ يُعَيِّنْهَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَشَرَاتِ) أَيْ غَيْرِ الْمَأْكُولَةِ وَنَحْوِهَا كَمَا مَرَّ وَأَصْلُهَا صِغَارُ دَوَابِّ الْأَرْضِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ. قَوْلُهُ: (وَالنَّمْلِ) بِالْمِيمِ بِخِلَافِ النَّحْلِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ بِشَرْطِهِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (وَالنَّمِرِ) أَيْ الْكَبِيرِ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ. قَوْلُهُ: (وَالسِّيَاسَةِ) هِيَ حُسْنُ السَّيْرِ فِي الرَّعِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالْفَهْدِ) أَيْ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَوْ كَبِيرًا غَيْرَ مُعَلَّمٍ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ بِخِلَافِ النَّمِرِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَآلَةِ اللَّهْوِ) أَيْ الْمُحَرَّمَةِ لَا نَحْوِ الشِّطْرَنْجِ وَمِثْلُهَا فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ الصُّوَرُ وَالصُّلْبَانُ وَلَوْ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ أَوْ حَلْوَى. لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا م ر بِصِحَّةِ بَيْعِ صُورَةِ الْحَلَاوَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الرَّوَاجُ. وَقِيلَ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْمَذْكُورَاتِ هُنَا مِنْ النَّقْدِ كَالْإِنَاءِ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي. وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْإِنَاءَ مِنْ جِنْسِ مَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ، وَقَدْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ أَيْضًا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ كُتُبِ الْعِلْمِ الْمُحَرَّمِ. قَوْلُهُ: (تَحْصِيلِ مِثْلِهِمَا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ   [حاشية عميرة] بِعَدَمِ قُرْبَانِهِ أَوْ بِإِرَاقَتِهِ مَانِعٌ مِنْ جَوَازِ بَيْعِهِ، كَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَنَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ، وَصَوَّبَ الْقِيَاسَ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ مَعَ إمْكَانِ طُهْرِهِ بِالدَّبْغِ. قَوْلُهُ: (فَمَا لَا نَفْعَ فِيهِ إلَخْ) عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ فِي مُقَابَلَتِهِ قَرِيبٌ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] ثُمَّ فَوَاتُ النَّفْعِ قَدْ يَكُونُ حِسًّا وَقَدْ يَكُونُ شَرْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَشَرَاتِ) أَيْ الَّتِي لَا نَفْعَ بِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكُلِّ سَبْعٍ لَا يَنْفَعُ) السَّبْعُ هُوَ الْحَيَوَانُ الْمُفْتَرِسُ، وَقَوْلُهُ: لَا يَنْفَعُ، أَيْ مِثْلُ أَنْ لَا يُؤْكَلَ، وَلِإِيصَالٍ وَلَا يُقَاتَلُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَعَلَّمُ وَلَا يَصْلُحُ لِلْحَمْلِ. قَوْلُهُ: (وَمَا فِي اقْتِنَاءِ الْمُلُوكِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ، بَلْ يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهَا. قَوْلُهُ: (وَالْفَهْدِ لِلصَّيْدِ) مِثْلُهُ الْهِرَّةُ لِصَيْدِ الْفَأْرِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْحِنْطَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَآلَةِ اللَّهْوِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: الْوَجْهَانِ فِيهِمَا يَجْرِيَانِ فِي الْأَصْنَامِ وَالصُّوَرِ. اهـ. ثُمَّ الْحُكْمُ ثَابِتٌ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ جَوَاهِرَ نَفِيسَةٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ الصُّوَرِ مَا يُجْعَلُ مِنْ الْحَلْوَى بِمِصْرٍ عَلَى صُوَرِ الْحَيَوَانِ، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِبَيْعِ ذَلِكَ وَهُوَ بَاطِلٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَكُتُبُ الْكُفْرِ وَالسِّحْرِ وَالْفَلْسَفَةِ يَحْرُمُ بَيْعُهَا وَيَجِبُ إتْلَافُهَا. قَوْلُهُ: (وَالْمِزْمَارِ) وَلَوْ مِنْ ذَهَبٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (إمْكَانُ تَسْلِيمِهِ) بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ لِيُوثَقَ بِحُصُولِ الْعِوَضِ. (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الضَّالِّ وَالْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ) لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهَا فِي الْحَالِّ (فَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ (لِقَادِرٍ عَلَى انْتِزَاعِهِ) دُونَهُ (صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ) نَظَرًا إلَى وُصُولِ الْمُشْتَرِي إلَى الْمَبِيعِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى عَجْزِ الْبَائِعِ بِنَفْسِهِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى انْتِزَاعِهِ صَحَّ بَيْعُهُ قَطْعًا، وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ الْغَاصِبِ صَحَّ قَطْعًا، وَلَوْ بَاعَ الْآبِقَ مِمَّنْ يَسْهُلُ عَلَيْهِ رَدُّهُ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ فِي الْمَغْصُوبِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الضَّالِّ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَا يَقَعُ إلَّا عَلَى الْحَيَوَانِ إنْسَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نِصْفِ) مَثَلًا (مُعَيَّنٍ مِنْ الْإِنَاءِ وَالسَّيْفِ وَنَحْوِهِمَا) كَثَوْبٍ نَفِيسٍ تَنْقُصُ بِقَطْعِهِ قِيمَتُهُ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ ذَلِكَ شَرْعًا لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِيهِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْكَسْرِ أَوْ الْقَطْعِ، وَفِيهِ نَقْصٌ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ. (وَيَصِحُّ فِي الثَّوْبِ الَّذِي لَا يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ) كَغَلِيظِ الْكِرْيَاسِ. (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي قَالَ قَطْعُهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَغْيِيرٍ لِعَيْنِ الْمَبِيعِ، وَقِيلَ يَصِحُّ فِي النَّفِيسِ لِرِضَا الْبَائِعِ بِالضَّرَرِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْقِيَاسُ طَرْدُهُ فِي السَّيْفِ وَالْإِنَاءِ. وَمِمَّا يَصْدُقُ بِهِ النِّصْفُ أَوْ مَحَوْهُ مِنْ الثَّوْبِ أَنْ يَكُونَ ذِرَاعًا، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ شِرَاءَ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ حَيْثُ قُلْنَا لَا يَصِحُّ   [حاشية قليوبي] بَرَدَ الْمَاءُ أَوْ غُرْبِلَ التُّرَابُ مَثَلًا صَحَّ بَيْعُهُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقْدِرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِمْكَانِ الْقُدْرَةِ وُجُودُهَا بِالْفِعْلِ حِسًّا وَشَرْعًا لَا حَقِيقَتَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْآبِقِ) وَإِنْ عَرَفَ مَحَلَّهُ أَوْ أَرَادَ عِتْقَهُ نَظَرًا لِحَيْلُولَةِ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ نَعَمْ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَبِلَا مُؤْنَةٍ لَهَا وَقْعٌ، وَمِثْلُهَا الضَّالُّ وَالْمَغْصُوبُ. وَكَذَا بَيْعُ نَحْوَ سَمَكٍ فِي بِرْكَةٍ وَطَيْرٍ فِي بُرْجٍ بِشَرْطِهِمَا وَنَحْلٍ فِي كِوَارَتِهِ إنْ رَآهُ قَبْلَ دُخُولِهَا وَإِلَّا فَلَا. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَإِنْ اعْتَادَ الْعَوْدَ، وَلَا نَحْلٍ خَارِجَ الْكِوَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ فِيهَا وَاعْتَادَ الرُّجُوعَ إلَيْهَا. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الصِّحَّةُ فِيهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِلْجَوَارِحِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الطُّيُورِ وَذَكَرَ الْخَطِيبُ مِثْلَهُ. قَوْلُهُ: (لِقَادِرٍ) وَإِنْ جَهِلَ الْغَصْبَ وَلَهُ الْخِيَارُ حِينَئِذٍ. وَكَذَا لَوْ طَرَأَ الْعَجْزُ وَيَصْدُقُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ قُدْرَتِهِ وَفِي طُرُوُّ عَجْزِهِ. قَوْلُهُ: (مِمَّنْ يَسْهُلُ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ صَحَّ قَطْعًا وَلَمْ يَجْعَلْ الشَّارِحُ هَذَا دَاخِلًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا لِلنِّزَاعِ وَالْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقَعُ) أَيْ الضَّالُّ إلَّا عَلَى الْحَيَوَانِ. وَكَذَا لَا يَقَعُ الْآبِقُ إلَّا عَلَى الْآدَمِيِّ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ مِنْ خَوْفٍ أَوْ تَعَبٍ يُقَالُ لَهُ هَارِبٌ. تَنْبِيهٌ: عِتْقُ الْمَذْكُورِينَ صَحِيحٌ مِنْ الْمَالِكِ وَلَوْ عَنْ الْكَفَّارَةِ أَوْ بِبَيْعٍ ضِمْنِيٍّ أَوْ بِنَفْسِ الْعَقْدِ كَمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إذْ لَا يُعْتَبَرُ التَّسَلُّمُ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْإِنَاءِ) نَعَمْ إنْ كَانَ مِنْ النَّقْدِ صَحَّ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِزَوَالِ هَيْئَتِهِ مَعَ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَثَوْبٍ نَفِيسٍ) وَفَصٍّ مِنْ خَاتَمٍ وَجِذْعٍ فِي بِنَاءٍ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ نَقْصٌ) أَيْ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِ نَحْوِ فَرْدَةِ خُفٍّ. قَوْلُهُ: (فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ) لِغَرَضِ الرِّبْحِ، وَالْقَطْعُ غَيْرُ مُلْجِئٍ إلَيْهِ وَإِنْ جَازَ لِلطَّالِبِ الْإِعْرَاضُ عَنْ الشِّرَاءِ بَعْدَ الْقَطْعِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْأَوْلَى شِرَاؤُهُ شَائِعًا ثُمَّ قَطْعُهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ شَرِيكًا وَيُجْبَرُ عَلَى الْقَطْعِ عِنْدَ طَلَبِهِ لِعَدَمِ التَّعَنُّتِ. قَوْلُهُ: (لِعَيْنِ الْمَبِيعِ) لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا   [حاشية عميرة] إلَخْ) بَحَثَ بَعْضُهُمْ تَخْصِيصَ الْخِلَافِ بِمَا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ لِلْبَيْعِ بِوَصْفٍ زَائِدٍ كَبُرُودَةِ الْمَاءِ وَنُعُومَةِ التُّرَابِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ. قُلْت وَبِالنَّظَرِ فِي تَوْجِيهِ الثَّانِي يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا خُرُوجٌ عَنْ الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ إمْكَانِ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ بَذْلُ الْمَالِ وَالْحَالُ مَا ذَكَرَ سَفَهًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْآبِقِ) لَا يُشْكِلُ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْعَبْدِ الزَّمِنِ لِأَنَّ هُنَا مَنْفَعَةٌ حِيلَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا بِخِلَافِ الزَّمِنِ. فَائِدَةٌ: يُقَالُ: أَبَقَ يَأْبِقُ، عَلَى وَزْنِ ضَرَبَ يَضْرِبُ وَعَلِمَ يَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) هَذَا يُفِيدُك أَنَّ الْمُضِرَّ الْعَجْزُ فِي الْحَالِ، وَلَوْ أَمْكَنَ الْوُصُولُ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ عَرَفَ مَكَانَ الْآبِقِ وَالضَّالِّ أَمْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنْ يَكُونَ عَاجِزًا بِحَيْثُ لَوْ شُرِعَ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى عَجْزِ الْبَائِعِ) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَحْوِهِمَا) مَعًا أُلْحِقَ بِذَلِكَ بَيْعُ الْفَصِّ فِي الْخَاتَمِ وَالْجِذْعِ فِي الْبِنَاءِ، نَعَمْ اسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ صِحَّةَ بَيْعِ بَعْضِ الْجِدَارِ وَالْأُسْطُوَانَةِ إذَا كَانَا مِنْ آجُرٍّ أَوْ لَبِنٍ، وَجَعَلَ مَحَلَّ الْقَطْعِ نِهَايَةَ صَفٍّ لَا بَعْضَ سُمْكِ اللَّبِنِ أَوْ الْآجُرِّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: يَصِحُّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ دَلِيلًا وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَيْهِ، وَهُوَ نَوْعُ اسْتِرْبَاحٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 أَنْ يُوَاطِئَ صَاحِبَهُ عَلَى شِرَائِهِ، ثُمَّ يَقْطَعَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ. أَمَّا بَيْعُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ مِنْ الْإِنَاءِ وَنَحْوِهِ فَيَصِحُّ، وَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا وَبَيْعُ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَرْضِ يَصِحُّ أَيْضًا لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ فِيهَا بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ بِالْعَلَامَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ قَدْ تَتَضَيَّقُ مَرَافِقُ الْبُقْعَةِ بِالْعَلَامَةِ وَتَنْقُصُ الْقِيمَةُ، فَلْيَكُنْ الْحُكْمُ فِي الْأَرْضِ عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الثَّوْبِ، وَسَيَأْتِي بَيْعُ ذِرَاعٍ مُبْهَمٍ مِنْ أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ. (وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (الْمَرْهُونِ بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنِهِ) لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا (وَلَا الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِهِ كَمَا فِي الْمَرْهُونِ وَالثَّانِي يَصِحُّ فِي الْمُوسِرِ، قِيلَ: وَالْمُعْسِرُ وَالْفَرْقُ أَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ السَّيِّدُ الْمُوسِرُ بِبَيْعِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَقِيلَ: لَا بَلْ هُوَ عَلَى خِيرَتِهِ إنْ فَدَى أَمْضَى الْبَيْعَ وَإِلَّا فَسَخَ، وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ صَحَّ جَزْمًا، وَالْفِدَاءُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ، وَصُوَرُ تَعَلُّقِ الْمَالِ بِرَقَبَتِهِ أَنْ يَكُونَ جَنَى خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا وَعُفِيَ عَلَى مَالٍ أَوْ أَتْلَفَ مَالًا. (وَلَا يَضُرُّ تَعَلُّقُهُ بِذِمَّتِهِ) بِأَنْ اشْتَرَى فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَأَتْلَفَهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَرُدُّ عَلَى الرَّقَبَةِ، وَلَا تَعَلُّقَ لِرَبِّ الدَّيْنِ بِهَا. (وَكَذَا تَعَلُّقُ الْقِصَاصِ) بِرَقَبَتِهِ لَا يَضُرُّ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ تَرَجَّى سَلَامَتَهُ بِالْعَفْوِ، وَالثَّانِي يَضُرُّ لِأَنَّ مُسْتَحِقَّ الْقِصَاصِ قَدْ يَعْفُو عَلَى مَالٍ فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَتَعَلُّقُهُ بِهَا ضَارٌّ كَمَا   [حاشية قليوبي] وَهُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونُ آخِرَهُ أَوْ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءُ آخِرَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ جَوَابُهُ بِإِمْكَانِ تَدَارُكِ النَّفْعِيِّ فِي الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْهُونِ) وَلَوْ شَرْعًا كَأُجْرَةِ نَحْوِ قَصَّارٍ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِصَارَتِهِ، وَلَوْ قَبْلَ فَرَاغِهَا وَمَاءِ طَهَارَةٍ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنِهِ) فَيَصِحُّ بِإِذْنِهِ وَأَنْ يَشْتَرِيَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْمُوسِرِ) فَالْمُعْسِرُ عَلَى خِيرَتِهِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فَسَخَ) إنْ لَمْ يُسْقِطْ الْفَسْخُ حَقَّهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ كَوَارِثِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يَعُودُ إلَى مِلْكِهِ فَيَسْقُطُ الْأَرْشُ، وَالْفَاسِخُ الْحَاكِمُ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ مَالِ الْمُوسِرِ بِقَدْرِ الْأَرْشِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُوسِرُ كَمَا فِي الْعُبَابِ. قَوْلُهُ: (صَحَّ جَزْمًا) فَإِنْ تَعَذَّرَ الْفِدَاءُ وَلَوْ بِإِفْلَاسٍ أَوْ صَبْرٍ عَلَى حَبْسٍ أَوْ غَيْبَةِ فَسَخَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِذِمَّتِهِ) أَيْ أَوْ كَسْبِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ فِي تَعَلُّقِ الْقِصَاصِ بِعُضْوِهِ) وَإِنْ تَحَتَّمَ كَقَطْعِ طَرِيقٍ. قَوْلُهُ: (بِالْعَفْوِ) أَيْ مَجَّانًا عَنْ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَإِلَّا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَالرَّافِعِيِّ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالْوَجْهُ الْفَسْخُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ ابْتِدَاءً. نَعَمْ لَوْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ ثُمَّ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ لَمْ يَبْطُلْ الْعِتْقُ وَلَا يُفْسَخُ وَيَنْتَظِرُ يَسَارَ السَّيِّدِ بِالْفِدَاءِ. قَوْلُهُ: (الرَّابِعُ الْمِلْكُ) أَيْ مِلْكُ التَّصَرُّفِ التَّامِّ فَدَخَلَ الْوَكِيلُ وَخَرَجَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (الْوَاقِعُ) أَيْ الْمَوْجُودُ أَيْ أَنْ يَصْدُرَ الْعَقْدُ الْمَوْجُودُ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ إيجَادِهِ فَخَرَجَ الْفُضُولِيُّ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَفْسِيرِ الْوَاقِعِ بِالنَّاجِزِ بَلْ لَا يَسْتَقِيمُ   [حاشية عميرة] وَفِيهِ أَغْرَاضٌ صَحِيحَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْقِيَاسُ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الثَّوْبَ يُنْسَجُ لِيُقْطَعَ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ وَالسَّيْفِ. قَوْلُهُ: (وَمِمَّا يَصْدُقُ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا إيضَاحَ قَوْلِ النَّوَوِيِّ الْآتِي حَيْثُ قُلْنَا لَا يَصِحُّ وَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِجَوَازِ الْقَطْعِ لِهَذَا الْغَرَضِ، وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي امْتِنَاعِ الْبَيْعِ مَوْجُودَةٌ فِيهِ، وَالْإِشْكَالُ قَوِيٌّ جِدًّا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا بَيْعُ الْمَرْهُونِ إلَخْ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ مِثْلُهُ الْأَشْجَارُ الْمُسَاقِي عَلَيْهَا قَبْلَ انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ. اهـ. قُلْت وَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الْمُسَاقَاةِ إذَا أَذِنَ الْعَامِلُ وَبِيعَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ إلَخْ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَلَوْ قَلَّ الْمَالُ وَزَادَتْ الْقِيمَةُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (قِيلَ وَالْمُعْسِرُ) أَيْ وَيَتَخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ لَكِنْ لَوْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْفِدَاءِ أَوْ تَأَخَّرَ لِإِفْلَاسِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ صَبْرِهِ عَلَى الْحَبْسِ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِيمَا لَوْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ ثُمَّ بَاعَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ تُرْجَى سَلَامَتُهُ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ كَالْمَرَضِ لَكِنْ لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ حَصَلَ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ أَمْ لَا؟ حَكَى الرَّافِعِيُّ فِيمَا لَوْ رَهَنَهُ، ثُمَّ حَصَلَ الْعَفْوُ وَجْهَيْنِ وَفِي كَلَامِهِ إشْعَارٌ يُرَجِّحَانِ الْبُطْلَانَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَلْيَجْرِ ذَلِكَ هُنَا. تَتِمَّةٌ: مِمَّا يَنْدَرِجُ فِي هَذَا الشَّرْطِ بَيْعُ الثَّوْبِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي السِّتْرِ وَالْمَاءِ الَّذِي يُحْتَاجُ إلَى الطَّهَارَةِ بِهِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ) فَرَّ مِنْ الْعَاقِدِ لِيُدْخِلَ نَحْوَ الْوَكِيلِ وَالْوَلِيِّ وَالْقَاضِي فَوَرَدَ عَلَيْهِ الْفُضُولِيُّ، وَغَرَضُهُ إخْرَاجُهُ بِدَلِيلِ تَرْتِيبِ حُكْمِهِ بِالْفَاءِ ثُمَّ الدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا طَلَاقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا عِتْقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا بَيْعَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا وَفَاءَ بِنَذْرٍ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ. قَوْلُهُ: (الْوَاقِعُ) هَذِهِ اللَّفْظَةُ لَمْ أَفْهَمَ مَعْنَاهَا، وَلَوْ قَالَ الْمَتْنُ: لِمَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَقْدُ لَكَانَ وَاضِحًا. قَوْلُهُ: (أَوْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 تَقَدَّمَ، وَلَا يَضُرُّ تَعَلُّقُ الْقِصَاصِ بِعُضْوِهِ جَزْمًا كَمَا ذَكَرَ فِي بَابِ الْخِيَارِ، فَيَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ كَمَا سَيَأْتِي فِيهِ. (الرَّابِعُ) مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ (الْمِلْكُ) فِيهِ (لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ) الْوَاقِعُ وَهُوَ الْعَاقِدُ أَوْ مُوَكِّلُهُ أَوْ مُوَلِّيهِ، أَيْ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ. (فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ بَاطِلٌ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا وَكِيلٍ وَلَا وَلِيٍّ. (وَفِي الْقَدِيمِ) هُوَ (مَوْقُوفٌ إنْ أَجَازَ مَالِكُهُ) أَوْ وَلِيُّهُ (نَفَذَ) بِالْمُعْجَمَةِ (وَإِلَّا فَلَا) يَنْفُذُ وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ بِعَيْنِ مَالِهِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ، وَفِيمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ غَيْرِهِ أَوْ بِنْتَه، أَوْ طَلَّقَ مَنْكُوحَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ، أَوْ آجَرَ دَابَّتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ. (وَلَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حِيلَتَهُ وَكَانَ مَيْتًا) بِسُكُونِ الْيَاءِ. (صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ) تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَنْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ حَيٌّ فَبَانَ مَيِّتًا هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ. (الْخَامِسُ) مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ (الْعِلْمُ بِهِ) عَيْنًا وَقَدْرًا وَصِفَةً عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ حَذَرًا مِنْ الْغَرَرِ، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» . (فَبَيْعُ   [حاشية قليوبي] لِمَنْ تَأَمَّلَهُ. قَوْلُهُ: (فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ) وَكَذَا سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ وَلَوْ حِلًّا كَعِتْقٍ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مَالِكُهُ) أَيْ الْأَهْلُ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا نَحْوُ صَبِيٍّ وَإِنْ بَلَغَ وَقْتَ الْإِجَازَةِ. فَرْعٌ: يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ الْحَرْبِيُّ أَخَاهُ وَمُسْتَوْلَدَتَهُ وَوَلَدَ غَيْرِهِ لِمِلْكِهِ لَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ لَا وَلَدَ نَفْسِهِ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ بِمِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (بِالْمُعْجَمَةِ) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَبِالْمُهْمَلَةِ مِنْ بَابِ عَلِمَ وَمَعْنَاهُ فَرَغَ. قَوْلُهُ: (بِنْتَه) أَيْ الْغَيْرِ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ لِقَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ بِنْتَ نَفْسِهِ بِأَنْ أَذِنَتْ لَهُ وَهِيَ خَلِيَّةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ، وَزَوْجَةَ نَفْسِهِ بِأَنْ زَوَّجَهَا لَهُ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ. قَوْلُهُ: (مُوَرِّثِهِ) أَيْ مَثَلًا فَمَالُ غَيْرِهِ كَذَلِكَ وَيَصِحُّ عَكْسُهُ قَطْعًا كَأَنْ ظَنَّ فِي مَالِهِ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (ظَانًّا حَيَاتَهُ) أَيْ مُتَرَدِّدًا فِيهَا فَإِنْ ظَنَّ مَوْتَهُ صَحَّ قَطْعًا وَلَا يَصِيرُ التَّعْلِيقُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْمَوْتِ كَمَا مَرَّ. كَأَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَ مُوَرِّثِي مَاتَ أَوْ إنْ كَانَ مِلْكِي. قَوْلُهُ: (بِسُكُونِ الْيَاءِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ قَالُوا: وَفَارَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَ بِخُنْثَى فَبَانَ أُنْثَى أَوْ بِمَنْ شَكَّ فِي حِلِّهَا فَبَانَتْ حَلَالًا بِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْوِلَايَةِ أَخَفُّ مِنْهُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. تَنْبِيهٌ: قَالَ شَيْخُنَا: يَحْرُمُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَهُوَ صَغِيرَةٌ لَا يَفْسُقُ بِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ عَنْهُ فِي بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِصِحَّتِهِ هُنَا. قَوْلُهُ: (الْخَامِسُ الْعِلْمُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلظَّنِّ. قَوْلُهُ: (عَيْنًا) أَيْ فِي الْمُشَاهَدِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِطْ بِغَيْرِهِ، وَقَدْرًا وَصِفَةً فِي غَيْرِهِ، نَعَمْ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُخْتَلِطِ كَالْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ، وَسَيَأْتِي فِي   [حاشية عميرة] مُوَلِّيهِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الظَّافِرُ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ وَالْمُلْتَقِطُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ إلَخْ) كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَجْرِي فِيهِ قَوْلُ الْوَقْفِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خِلَافُ مَذْهَبِنَا، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ، وَقَوْلُهُ: مَوْقُوفٌ يَعْنِي الْمِلْكَ وَأَمَّا الصِّحَّةُ فَنَاجِزَةٌ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الْقَدِيمِ إلَخْ) احْتَجَّ لِذَلِكَ بِمَا رَوَى شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ التَّابِعِيُّ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ حَدِيثَ تَوَكُّلِهِ فِي شِرَاءِ شَاةٍ، «فَاشْتَرَى شَاتَيْنِ، ثُمَّ بَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَأَحْضَرَ الْأُخْرَى مَعَ الدِّينَارِ فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ شَبِيبٌ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَيُّ عَنْ عُرْوَةَ فَذَكَرَهُ. قِيلَ لِجَهَالَةِ الْحَيِّ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا وَلَكِنَّهُ احْتَجَّ بِهِ فِي أَنَّ مَنْ وُكِّلَ فِي شِرَاءِ شَاةٍ بِدِينَارٍ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ شَاتَيْنِ لِأَنَّ الْمُرْسَلَ يُحْتَجُّ بِهِ إذَا وَافَقَ الْقِيَاسَ وَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ مُخَالِفٌ الْقِيَاسَ، وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِالْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ قَوِيٌّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَقَدْ عَلَّقَ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ الْقَوْلَ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْمُعْتَبَرُ إجَازَةُ مَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عِنْدَ الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ بَلَغَ الْمَالِكُ بَعْدَ الْبَيْعِ ثُمَّ أَجَازَ لَا يَنْفُذُ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَلِيُّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ مَالِكُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَفَذَ) مِنْهُ تَنْفِيذُ الْقَاضِي وَمُضَارِعُهُ مَضْمُومٌ بِخِلَافِ نَفِدَ الْمُهْمَلُ وَمُضَارِعُهُ مَفْتُوحٌ وَمَعْنَاهُ الْفَرَاغُ. قَوْلُهُ: (بِعَيْنِ مَالِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ) الضَّمِيرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (أَعْتَقَ عَبْدَهُ) ضَبَطَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ) لِصُدُورِهِ مِنْ الْمَالِكِ كَذَا عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي يَتَبَيَّنُ عَلَى ثُبُوتِهِ مِنْ حَيْثُ الْعَقْدُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي الْخِلَافُ) هُوَ جَارٍ أَيْضًا فِيمَا لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ عَلَى ظَنِّ بَقَاءِ الْإِبَاقِ وَالْكِتَابَةِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ الرُّجُوعَ وَالْفَسْخَ. وَلَوْ ظَنَّ شَيْئًا لِغَيْرِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ) أَوْ الْبُعْدَيْنِ مَثَلًا (بَاطِلٌ) وَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ تُعْلَمُ صِيعَانُهَا) لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ وَيَنْزِلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ، فَإِذَا عَلِمَا أَنَّهَا عَشَرَةُ آصُعٍ فَالْمَبِيعُ عُشْرُهَا، فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا تَلِفَ بِقَدْرِهِ مِنْ الْمَبِيعِ، وَقِيلَ الْمَبِيعُ صَاعٌ مِنْهَا، أَيَّ صَاعٍ كَانَ، فَيَبْقَى الْمَبِيعُ مَا بَقِيَ صَاعٌ. (وَكَذَا إنْ جُهِلَتْ) صِيعَانُهَا لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ يَصِحُّ الْبَيْعُ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصُ وَالْمَبِيعُ صَاعٌ مِنْهَا، أَيَّ صَاعٍ كَانَ وَلِلْبَائِعِ تَسْلِيمُهُ مِنْ أَسْفَلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرْئِيًّا لِأَنَّ رُؤْيَةَ ظَاهِرِ الصُّبْرَةِ كَرُؤْيَةِ كُلِّهَا، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ فَرَّقَ صِيعَانَهَا، وَقَالَ بِعْتُك صَاعًا مِنْهَا، وَلَوْ بَاعَهُ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ أَوْ دَارٍ أَوْ ثَوْبٍ وَهُمَا يَعْلَمَانِ ذُرْعَانَ ذَلِكَ كَعَشَرَةٍ صَحَّ وَكَأَنَّهُ بَاعَهُ الْعَشَرَ، وَإِنْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا الذُّرْعَانَ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ خِلَافَ مَا تَقَدَّمَ فِي الصُّبْرَةِ الْمَجْهُولَةِ لِأَنَّ أَجْزَاءَهَا لَا تَتَفَاوَتُ بِخِلَافِ أَجْزَاءِ مَا ذَكَرَ. (وَلَوْ بَاعَ بِمِلْءِ ذَا الْبَيْتِ حِنْطَةً أَوْ بِزِنَةِ هَذِهِ الْحَصَاةِ ذَهَبًا أَوْ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ) أَيْ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَأَحَدُهُمَا لَا يَعْلَمُهُ (أَوْ بِأَلْفِ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ   [حاشية قليوبي] الرِّبَا أَنَّ اللَّحْمَ مَعَ عَظْمِهِ وَالطَّحِينَةَ وَالْقِشْدَةَ وَالزُّبْدَ وَالْعَجْوَةَ الْمَعْجُونَةَ بِنَوَاهَا وَالْعَسَلَ بِشَمْعِهِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بَاطِلٌ) أَيْ وَإِنْ نَوَيَا وَاحِدًا مِنْهُمَا وَاتَّفَقَتْ نِيَّتُهُمَا لِوُجُوبِ ذِكْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ هُنَا. وَبِذَلِكَ فَارَقَ الِاكْتِفَاءَ بِنِيَّةِ الْمَنْكُوحَةِ، نَعَمْ قَدْ يُغْتَفَرُ الْجَهْلُ فِي صُوَرٍ لِضَرُورَةٍ أَوْ سَمَاحَةٍ كَبَيْعِ حِصَّتِهِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ أَوْ رِزْقِهِ مِنْ الْجَيْشِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَكَبَيْعِ دَارٍ لَهُ فِيهَا حِصَّةٌ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهَا فَيَصِحُّ فِي حِصَّتِهِ مِنْهَا. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِ الدَّارِ مُطْلَقًا نَعَمْ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنْهَا فِي الْوَاقِعِ فَيَتَّجِهُ الصِّحَّةُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْغَرَرِ) هُوَ مَا انْطَوَتْ عَنَّا عَاقِبَتُهُ أَوْ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَغْلَبُهُمَا أَخْوَفُهُمَا. قَوْلُهُ: (مِنْ صُبْرَةٍ) أَيْ مُشَاهَدَةٍ مِمَّا تَتَسَاوَى أَجْزَاؤُهُ وَيَدُلُّ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَهَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَا سَيَأْتِي فِي الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمَبِيعِ، وَذِكْرُهَا هُنَا لِإِفَادَةِ أَنَّ الْإِشَاعَةَ لَا تُنَافِي الْعِلْمَ. أُفِيدَ مِنْ ذِكْرِهَا بَعْدَهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ صُبْرَةُ نَحْوِ اللَّيْمُونِ وَالرُّمَّانِ وَالْبِطِّيخِ كَرُمَّانَةٍ مِنْهَا بِكَذَا فَلَا يَصِحُّ، وَخَرَجَ غَيْرُ الصُّبْرَةِ كَشَاةٍ بِكَذَا مِنْ الْأَغْنَامِ وَالْأَذْرُعِ بِكَذَا مِنْ الثَّوْبِ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيَنْزِلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ) فَإِنْ قَصَدَا مُعَيَّنًا مُبْهَمًا فَسَدَ الْعَقْدُ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك صَاعًا مِنْ أَسْفَلِهَا أَوْ بِعْتُكهَا إلَّا صَاعًا مِنْهَا أَوْ بِعْتُك نِصْفَهَا إلَّا صَاعًا مِنْهُ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ: بِعْتُك نِصْفَهَا وَصَاعًا مِنْ نِصْفِهَا الْآخَرِ، أَوْ: بِعْتُك نِصْفَهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَنِصْفَهَا الْآخَرَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمَيْنِ، فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (تَلِفَ بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ التَّالِفِ وَهُوَ عُشْرُ الصَّاعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. قَوْلُهُ: (الْمَنْصُوصُ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى التَّعْبِيرِ فَالْأَصَحُّ. قَوْلُهُ: (أَيَّ صَاعٍ كَانَ) فَالْإِشَاعَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا مَعَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلِلْبَائِعِ تَسْلِيمُهُ مِنْ أَسْفَلِهَا) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمَجْهُولَةِ وَمِثْلُهَا الْمَعْلُومَةُ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهَا وَإِنْ خُصَّتْ الْمَجْهُولَةُ بِقَوْلِهِ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا غَيْرُ صَاعٍ تَعَيَّنَ. وَكَذَا لَوْ صُبَّ عَلَيْهَا غَيْرُهَا وَلَوْ لَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا. وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الصَّاعَ مِنْ الْمَصْبُوبَةِ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ فَرَّقَ إلَخْ) وَرَدَ بِأَنَّهُ بَعْدَ التَّفْرِيقِ صَارَ مِنْ بَيْعِ الْمَجْهُولِ. قَوْلُهُ: (وَبِخِلَافِ أَجْزَاءِ مَا ذَكَرَ) فَإِنَّ شَأْنَهَا التَّفَاوُتُ مَعَ عَدَمِ الْإِشَاعَةِ فِيهَا أَيْضًا. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِنْ لَفْظِ " مِنْ " أَنَّ الصُّبْرَةَ أَكْثَرُ مِنْ الصَّاعِ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: إلَّا إنْ قَصَدَ بِمِنْ الِابْتِدَاءَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (حِنْطَةً) أَيْ غَيْرَ مُشَارٍ إلَيْهَا إلَّا كَهَذِهِ الْحِنْطَةِ فَيَصِحُّ لِقِلَّةِ الْغَرَرِ مَعَ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ حَالًا، وَمِثْلُهُ مِنْ ذَا الذَّهَبِ. قَوْلُهُ: (بِمِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ يَنْزِلُ عَلَى الْمِثْلِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ، نَعَمْ إنْ انْتَقَلَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي تَعَيَّنَ عَيْنُهُ فَإِنْ صَرَّحَا   [حاشية عميرة] لَهُ صَحَّ جَزْمًا وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا سَلَف قَوِيُّ الْمَانِعِ بِالنَّظَرِ لِلْأَصْلِ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْعَبْدَيْنِ) زَادَ الشَّارِحُ هَذَا وَفَاءً بِمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَإِشَارَةً إلَى أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبِيدِ قَوْلًا قَدِيمًا مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ زَادَ فِيهَا عَلَى أَنْ تَخْتَارَ مَا شِئْت فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا صَحَّ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا) وَإِنْ جَعَلَ الْخِيَرَةَ لِلْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ) لَا يُقَالُ أَيُّ غَرَرٍ فِي هَذَا عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْقِيمَةِ لِأَنَّا نَقُولُ لَا بُدَّ لِلْعَقْدِ مِنْ مَوْرِدٍ يَتَأَثَّرُ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ الْغَرَرِ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ فَلَا يَكْفِي عِلْمُ أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَالْمَبِيعُ صَاعٌ إلَخْ) إذْ لَوْ حُمِلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَسَدَ الْبَيْعُ. قَوْلُهُ. (وَالثَّانِي إلَخْ) هَذَا اخْتَارَهُ الْقَفَّالُ وَكَانَ يُفْتِي بِالْأَوَّلِ وَيَقُولُ إنَّمَا يَسْتَفْتِي عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَا عَمَّا عِنْدِي. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ فَرَّقَ إلَخْ) اعْتَذَرَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ عَنْ هَذَا الْقِيَاسِ بِأَنَّ الصِّيعَانَ الْمُفَرَّقَةَ رُبَّمَا تَتَفَاوَتُ بِالْكَيْلِ فَيَخْتَلِفُ الْغَرَضُ، وَاعْلَمْ أَنَّ بَيْعَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ وَنَحْوِهِمَا بَاطِلٌ كَمَا سَلَفَ وَعُلِّلَ بِأَمْرَيْنِ: وُجُودُ الْغَرَرِ وَكَوْنُ الْعَقْدِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَحَلٍّ يَتَأَثَّرُ بِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَالْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الصُّبْرَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِلْءَ مَنْصُوبًا وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا. (وَلَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ) دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسٍ (وَفِي الْبَلَدِ نَقْدٌ غَالِبٌ) مِنْ ذَلِكَ وَنَقْدٌ غَيْرُ غَالِبٍ مِنْهُ (تَعَيَّنَ) الْغَالِبُ لِظُهُورِ أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَرَادَاهُ. (أَوْ نَقْدَانِ) مِنْ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ (لَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ) لِأَحَدِهِمَا فِي الْعَقْدِ لِيُعْلَمَ، وَهَذَا كَمَا قَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَتْ صَحَّ الْبَيْعُ بِدُونِ التَّعْيِينِ وَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي مَا شَاءَ مِنْهُمَا. (وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ الْمَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ) لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ. (كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ) بِنَصْبِ كُلَّ كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَلَا   [حاشية قليوبي] بِالْمِثْلِيَّةِ بَعْدَ عِلْمِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا بِنَقْلِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ صَحِيحٌ) لِأَنَّهُ مَبِيعٌ وَلَهُ حُكْمُ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (بِنَقْدٍ) أَيْ بِمَا يُتَعَامَلُ بِهِ فِي بَلَدِ الْبَيْعِ وَلَوْ مَغْشُوشًا أَوْ عُرُوضًا مِثْلِيَّةً. فَقَوْلُهُ أَوْ فُلُوسٍ مَعْطُوفٌ عَلَى دَرَاهِمَ لِأَنَّهَا مِنْ النَّقْدِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَلَا اعْتِرَاضَ بَلْ هُوَ مُتَعَيِّنٌ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَ الْغَالِبُ) وَإِنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ أَوْ كَانَ نَاقِصًا أَوْ أَرَادَ خِلَافَهُ فَإِنْ فُقِدَ تَعَيَّنَ مِثْلُهُ إنْ بَقِيَ لَهُ قِيمَةٌ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ نَعَمْ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ إرَادَةِ خِلَافِهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَقْدَانِ مِنْ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ) أَفَادَ أَنَّهُمَا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَقَطْ أَوْ مِنْ الدَّنَانِيرِ فَقَطْ. وَهَكَذَا فِيمَا مَرَّ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ التَّكْرَارِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ فِي نَقْدَيْنِ أَيْضًا لَكِنْ مِنْ دَرَاهِمَ وَفُلُوسٍ مَعًا مَثَلًا وَأَحَدُهُمَا غَالِبٌ. فَلَوْ أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ غَالِبٍ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى انْفَرَدَ نَقْدٌ فَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَمَتَى تَعَدَّدَ مِنْ جِنْسَيْنِ أَوْ مِنْ جِنْسٍ تَعَيَّنَ الْأَغْلَبُ إنْ كَانَ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ. قَوْلُهُ: (اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ) أَيْ لَفْظًا لِتَعَيُّنِ ذِكْرِ الْعِوَضِ هُنَا مَعَ كَوْنِ الْمُعَارَضَةِ مَحْضَةً بِذَلِكَ فَارَقَ الِاكْتِفَاءَ بِالنِّيَّةِ فِي الْمَنْكُوحَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَوَتْ) أَيْ قِيمَتُهُمَا صَحَّ الْعَقْدُ بِلَا تَعْيِينٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُ ذَلِكَ الصِّحَّةُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا بِالِاسْتِوَاءِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْغَلَبَةِ أَوْ غَيْرِهَا قُدِّمَ مُدَّعِي الصِّحَّةَ. فَرْعٌ: لَوْ بَاعَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا مِنْ الَّتِي قِيمَةُ كُلِّ عَشْرَةٍ مِنْهَا دِينَارٌ مَثَلًا لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ قَالَ: مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ الَّتِي قِيمَةُ إلَخْ صَحَّ. وَلَوْ بَاعَ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِالدَّرَاهِمِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا إنْ عَلِمَ قَدْرَهَا بِعَهْدٍ أَوْ قَرِينَةٍ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ الْمَجْهُولَةِ) أَيْ بَيْعُ جَمِيعِهَا بِذِكْرِ جُمْلَتِهَا وَتَفْصِيلِهَا: كَبِعْتُكَهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، وَإِلَّا: كَبِعْتُكَ كُلَّ صَاعٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ أَوْ بِعْتُك مِنْهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، لَمْ يَصِحَّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: نَعَمْ إنْ أُرِيدَ بِمِنْ الْبَيَانُ صَحَّ. وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك صَاعًا مِنْهَا مَثَلًا بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ بِحِسَابِهِ بَطَلَ فِي الزَّائِدِ فَإِنْ قَالَ عَلَيَّ أَنَّ مَا زَادَ بِحِسَابِهِ بَطَلَ فِي الْكُلِّ. قَوْلُهُ: (بِنَصْبِ كُلَّ) أَيْ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ دَفَعَ بِهِ رَفْعَهُ بِالِابْتِدَاءِ   [حاشية عميرة] الْمَجْهُولَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّعْلِيلَيْنِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوْلَى اغْتَفَرْنَا الْإِبْهَامَ هُنَا لِتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ أَوْ بِالثَّانِي لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ بِعْتُك صَاعًا مِنْ بَاطِنِ الصُّبْرَةِ فَهُوَ كَبَيْعِ الْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ إلَخْ) إيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ فِيهَا جَهْلُ أَصْلِ الْمِقْدَارِ وَالرَّابِعَةَ فِيهَا الْجَهْلُ بِمِقْدَارِ الذَّهَبِ وَمِقْدَارِ الْفِضَّةِ وَإِنَّمَا كَانَ الْجَهْلُ بِالْمِقْدَارِ مُضِرًّا لِأَنَّ الْعِوَضَ فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ أَشَارَ فِي الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ حِنْطَةً وَذَهَبًا إلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ يَقِينًا أَعْنِي كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَوْ ذَرْعًا. فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا كَأَنْ قَالَ بِمِلْءِ ذَا الْبَيْتِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ صَحَّ لِإِمْكَانِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَلَفِ الْبَيْتِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي جَانِبِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنُ مِثْلُهُ بِالْأَوْلَى بِدَلِيلِ جَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ فِي الثَّمَنِ دُونَ الْمُثَمَّنِ. وَلَوْ كَانَا يَعْلَمَانِ مِقْدَارَ مَا يَحْوِيهِ الْبَيْتُ صَحَّ وَمِثْلُهُ الْبَاقِي. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِلْءَ مَنْصُوبًا إلَخْ) قِيلَ لَوْ عَبَّرَ بِهِ هُنَا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي أَحْكَامِ أَقْسَامِ عِلْمِ الْمَبِيعِ لَمْ يَفْرُغْ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ كَذَلِكَ، وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ غَرَضَ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ بَيْعَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْعَيْنِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ بَطَلَ فِيهَا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْقَدْرِ فَإِذًا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي أَقْسَامِ عِلْمِ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (دَرَاهِمَ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ تَعْيِينَ الْجِنْسِ لَا بُدَّ مِنْهُ ثُمَّ إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعُ حُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (أَوْ فُلُوسٍ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَ بِصَاعِ حِنْطَةٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى الْغَالِبِ وَلِذَا قِيلَ لَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الْعَقْدِ بِالثَّمَنِ كَانَ أَشْمَلَ. قَوْلُهُ: (فِي الْعَقْدِ) أَيْ بِاللَّفْظِ وَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْخَلْعِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ ذَكَرَ مَعْنَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْخَلْعِ وَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك ابْنَتِي وَنَوَيَا وَاحِدَةً مِنْ بَنَاتِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ هَذَا شَيْءٌ يُحْوِجُ إلَى الْفَرْقِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَوَتْ صَحَّ إلَخْ) وَلَوْ فِي صِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا عَرَفَ مِقْدَارَ الْجُمْلَةِ تَخْمِينًا وَقَابَلَ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهَا بِشَيْءٍ مَعْنًى انْتَفَى الْغَرَرُ وَالْغَبْنُ وَخَرَجَ عَنْ عِبَارَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 يَضُرُّ الْجَهْلُ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالتَّفْصِيلِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ الدَّارَ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ، أَوْ هَذِهِ الْأَغْنَامَ كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ، وَلَوْ عَلِمَا عَدَدَ الصِّيعَانِ وَالذُّرْعَانِ وَالْأَغْنَامِ صَحَّ الْبَيْعُ جَزْمًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَذَكَرَ مِنْهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَسْأَلَةَ الدَّارِ. (وَلَوْ بَاعَهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ إنْ خَرَجَتْ مِائَةً وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِائَةً بِأَنْ خَرَجَتْ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ (فَلَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَتَفْصِيلِهِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي النَّاقِصَةِ، فَإِنْ أَجَازَ فَبِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِمُقَابَلَةِ الصُّبْرَةِ بِهِ أَوْ بِالْقِسْطِ لِمُقَابَلَةِ كُلِّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَجْهَانِ، وَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي، وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ، وَقِيلَ: هِيَ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، وَكَذَا الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ، وَقَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ تَبِعَ فِي الْمُحَرَّرِ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ   [حاشية قليوبي] لِجُمْلَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ فَيُوهِمُ أَنَّ الْعَاقِدَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ وَنَصْبُهُ إمَّا عَلَى الْحَالِيَّةِ مِنْ الْبَيْعِ أَوْ الصُّبْرَةِ أَوْ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ مَحَلِّهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. وَقُدِّمَ النَّصْبُ عَلَى الْجَرِّ مَعَ صِحَّتِهِ بَدَلًا مِنْ لَفْظِهَا لِأَوْلَوِيَّتِهِ لِكَوْنِ الْبَدَلِ عَلَى نِيَّةِ تَكْرَارِ الْعَامِلِ وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي صِيغَةِ الْبَائِعِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. فَرْعٌ: يَصِحُّ بَيْعُ الْأَرْضِ أَوْ الثَّوْبِ أَوْ الدَّارِ الْمَجْهُولَةِ الذُّرْعَانِ. وَكَذَا الْأَغْنَامُ مَثَلًا الْمَجْهُولَةُ الْعَدَدِ كُلَّ ذِرَاعٍ أَوْ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَجْهُولَةِ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ فَمَعَ الْعِلْمِ يَصِحُّ جَزْمًا كَمَا ذَكَرَهُ. وَفِي ذِكْرِ هَذَا اعْتِرَاضٌ عَلَى تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ الْحُكْمَ بِالصُّبْرَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَتْ الصُّبْرَةُ يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهَا وَكُلِّهَا نَاسَبَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا. وَفِي ذِكْرِ الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ فِي الْجَمِيعِ الشَّامِلِ لِلصُّبْرَةِ اعْتِرَاضٌ عَلَيْهِ. بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَجْزُومِ بِهِ مَسْأَلَةُ الدَّارِ وَغَيْرُهَا مِثْلُهَا فَهُوَ دَلِيلٌ لِمَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (صَحَّ إنْ خَرَجَتْ مِائَةٌ) وَلَا عِبْرَةَ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ حَطِّ قَدْرٍ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ بَلْ لَوْ شُرِطَ ذَلِكَ لَفَسَدَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ) وَفَارَقَ لَوْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ مُكَايَلَةً أَوْ صُبْرَةَ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ مُوَازَنَةً حَيْثُ يَصِحُّ. وَعَلَى هَذَا لَوْ عَيَّنَ كَمِّيَّةَ إحْدَى الصُّبْرَتَيْنِ فَكَمَا هُنَا فَيَصِحُّ إنْ خَرَجَا سَوَاءً وَإِلَّا فَلَا وَحِينَئِذٍ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فَلَا فَرْقَ بِتَعَيُّنِ كَمِّيَّةِ الثَّمَنِ هُنَا فَتَأَمَّلْ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ، ثُمَّ إنْ زَادَتْ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ إنْ سَمَحَ صَاحِبُ الزِّيَادَةِ بِهَا أَوْ رَضِيَ صَاحِبُ النَّاقِصَةِ بِقَدْرِهَا دَامَ الْعَقْدُ وَإِلَّا فُسِخَ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكهَا بِمِائَةٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ صَاعٍ صَحَّ الْعَقْدُ وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي النَّقْصِ وَالْبَائِعُ فِي الزِّيَادَةِ فَإِنْ قَالَ: فَإِنْ نَقَصَتْ فَعَلَيَّ وَإِنْ زَادَتْ فَلَكَ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي فِي النَّقْصِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَتِهِ، كَمَا لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْكَلَامُ إلَخْ) أَيْ لَوْ جَمَعَ فِي الْأَرْضِ أَوْ الثَّوْبِ أَوْ الْأَغْنَامِ بَيْنَ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَتَفْصِيلِهِ: كَبِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ هَذِهِ الْأَغْنَامَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُلَّ ذِرَاعٍ أَوْ كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ الْعَقْدُ إنْ خَرَجَتْ الْمِائَةُ، وَإِلَّا فَلَا. وَفِي ذِكْرِ ذَلِكَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ كَمَا مَرَّ. فَرْعٌ: لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ عَلَى أَنْ يَحْفِرَهُ وَيَأْخُذَ تُرَابَهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْهُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا السَّمْنَ وَظَرْفَهُ أَوْ الْمِسْكَ وَفَأْرَتَهُ كُلَّ رِطْلٍ أَوْ كُلَّ قِيرَاطٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ إنْ عَلِمَ وَزْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ   [حاشية عميرة] الْمُصَنِّفِ صُورَتَانِ: الْأُولَى قَالَ بِعْتُك كُلَّ صَاعٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ. نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ عَدَمَ الصِّحَّةِ ثُمَّ خَالَفَهُمْ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ لَا يَصِحُّ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَبِعْ جَمِيعَ الصُّبْرَةِ وَلَا بَيَّنَ الْمَبِيعَ مِنْهَا وَلَوْ قَالَ بِعْتُك صَاعًا مِنْهُمْ بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحَّ أَيْ فِي صَاعٍ فَقَطْ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ عَلَى أَنَّ مَا زَادَ بِحِسَابِهِ فَإِنَّهُ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا ذَكَرَ الْبُطْلَانَ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ السَّابِقَةِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ أَحْوَالَ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْغَفْلَةِ وَعَدَمِهَا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِيُنَبِّهَ فِيهَا عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْرُ الثَّمَنِ فِيهَا قَرِيبًا مِنْ الْمَجْهُولِ، وَكَذَا صَنَعَ نَظِيرَ هَذَا فِي صَدْرِ الشَّرْطِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ) أَيْ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مَبْلَغَ الثَّمَنِ حَالَ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَلِمَا إلَخْ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ الْوَجْهَ الضَّعِيفَ السَّالِفَ جَارٍ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ أَيْضًا وَأَيْضًا هَذَا فُهِمَ مِنْ الْمَتْنِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَحَّ إلَخْ) أَيْ لِحُصُولِ الْغَرَضَيْنِ أَيْ وَهُمَا بَيْعُ الْجُمْلَةِ بِالْمَسَافَةِ وَمُقَابَلَةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ. قَوْلُهُ: (لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ إلَخْ) هِيَ عِبَارَةٌ حَسَنَةٌ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّهُ بَاعَ جُمْلَةَ الصُّبْرَةِ بِالْمِائَةِ بِشَرْطِ مُقَابَلَةِ كُلِّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَالْجَمْعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 وَجْهَيْنِ، وَحَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَوْلَيْنِ. (وَمَتَى كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا) أَيْ مُشَاهَدًا (كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ) مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِقَدْرِهِ، وَكَذَا الْمُعَوَّضُ، فَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ وَلَا يَعْلَمَانِ قَدْرَهَا صَحَّ الْبَيْعُ، لَكِنْ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُوقِعُ فِي النَّدَمِ، وَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ شِرَاءَ مَجْهُولِ الذَّرْعِ لَا يُكْرَهُ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ) وَهُوَ مَا لَمْ يَرَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا. (وَالثَّانِي يَصِحُّ) اعْتِمَادًا عَلَى الْوَصْفِ بِذِكْرِ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك عَبْدِي التُّرْكِيَّ وَفَرَسِي الْعَرَبِيَّ، وَلَا يَفْتَقِرُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى ذِكْرِ صِفَاتٍ أُخَرَ نَعَمْ لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ مِنْ نَوْعٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ يَقَعُ بِهَا التَّمْيِيزُ كَالتَّعَرُّضِ لِلسِّنِّ أَوْ غَيْرِهِ. (وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) لِلْمُشْتَرِي (عِنْدَ الرُّؤْيَةِ) وَإِنْ وَجَدَهُ كَمَا وُصِفَ لِأَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْمُعَايَنَةِ، وَفِيهِ حَدِيثُ «مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ» لَكِنْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ إنَّهُ ضَعِيفٌ، وَيَنْفُذُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ الْفَسْخُ دُونَ الْإِجَازَةِ، وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ، وَقِيلَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَكُنْ رَأَى الْمَبِيعَ، وَحَيْثُ ثَبَتَ فَقِيلَ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ، وَالْأَصَحُّ يَمْتَدُّ امْتِدَادَ مَجْلِسِ الرُّؤْيَةِ، وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي رَهْنِ الْغَائِبِ وَهِبَتِهِ وَعَلَى صِحَّتِهِمَا لَا خِيَارَ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ إذْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. (وَ) عَلَى الْأَظْهَرِ فِي اشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ   [حاشية قليوبي] الظَّرْفِ وَالْمَظْرُوفِ فِيهِمَا وَكَانَ لِلظَّرْفِ قِيمَةٌ وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَهُ كُلَّ رِطْلٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُوزَنَ مَعَهُ الظَّرْفُ ثُمَّ يُسْقَطَ وَزْنُهُ صَحَّ أَوْ عَلَى أَنْ يُسْقَطَ لِلظَّرْفِ أَرْطَالٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ غَيْرِ وَزْنِهِ لَمْ يَصِحَّ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَهُ بِعَشْرَةٍ عَلَى أَنْ يُوزَنَ بِظَرْفِهِ ثُمَّ يُسْقَطَ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ نِسْبَةِ وَزْنِ الظَّرْفِ صَحَّ إنْ عَلِمَ مِقْدَارَ وَزْنِ الظَّرْفِ وَالْمَحْطُوطِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ) نَعَمْ لَا تَكْفِي الرُّؤْيَةُ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ وَلَا مَاءٍ صَافٍ إلَّا فِي رُؤْيَةِ سَمَكٍ فِيهِ أَوْ أَرْضٍ تَحْتَهُ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ) وَكَذَا عَنْ الْعِلْمِ بِجِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ وَلَا يَحْتَاجُ مَعَ الْمُعَايَنَةِ إلَى نَحْوِ شَمٍّ أَوْ ذَوْقٍ وَلَا إلَى مَعْرِفَةِ اسْتِوَاءِ مَحَلِّ الصُّبْرَةِ أَوْ عَدَمِهِ فَإِنْ ظَهَرَ ارْتِفَاعٌ أَوْ انْخِفَاضٌ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِمَنْ لَحِقَهُ الضَّرَرُ، فَإِنْ رَأَيَاهُ قَبْلَ الْبَيْعِ صَحَّ وَلَا خِيَارَ، نَعَمْ إنْ كَانَ الِانْخِفَاضُ حُفْرَةً أَعْلَاهَا مَسًّا وَلِوَجْهِ الْأَرْضِ فَالْمَبِيعُ مَا فَوْقَ وَجْهِهَا الْمُسَاوِي لِوَجْهِ الْأَرْضِ دُونَ مَا فِيهَا، وَلَا خِيَارَ أَوْ كَانَ الِارْتِفَاعُ دِكَّةً فَوْقَ وَجْهِ الْأَرْضِ فَالْوَجْهُ أَنَّهَا كَالِارْتِفَاعِ الْمَذْكُورِ فَرَاجِعْهُ. وَفِي كَلَامِ الْخَطِيبِ مَا فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِهِ فَتَأَمَّلْهُ. فَرْعٌ: لَوْ شَكَّ فِي جِنْسِهِ مَثَلًا أَشَعِيرٌ أَمْ أُرْزٌ صَحَّ الْعَقْدُ، وَلَا خِيَارَ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْجَوْهَرَةِ. قَوْلُهُ: (بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ) فَإِنْ خَرَجَتْ نُحَاسًا بَطَلَ الْعَقْدُ إنْ صَرَّحَ بِلَفْظِ الدَّرَاهِمِ، وَإِلَّا فَهُوَ صَحِيحٌ وَلَا خِيَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً يَظُنُّهَا جَوْهَرَةً فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَلَا خِيَارَ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ الْجَوْهَرَةِ. وَإِلَّا فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي التَّتِمَّةِ) إنَّ شِرَاءَ مَجْهُولِ الذَّرْعِ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْبَيْعُ كَالشِّرَاءِ وَالْعَدُّ كَالزَّرْعِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَغَيْرُ الْبَيْعِ مِثْلُهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ إلَّا فِي نَحْوِ الْوَقْفِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَفْتَقِرُ إلَخْ) بَلْ يَتَعَيَّنُ عَدَمُ ذِكْرِ الصِّفَاتِ لِأَنَّهُ مَعَ ذِكْرِهَا فِيهِ وَجْهَانِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (كَمَا وُصِفَ) أَوْ أَكْثَرَ قَوْلُهُ: (ضَعِيفٌ) بَلْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ إنَّهُ بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (فِيمَا لَا   [حاشية عميرة] بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ عِنْدَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ مُحَالٌ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَالثَّانِي يَصِحُّ أَيْ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ إلَى الصُّبْرَةِ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) الْأَصَحُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالْقِسْطِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ) أَيْ اعْتِمَادًا عَلَى التَّخْمِينِ وَفِي الثَّمَنِ وَجْهٌ وَالْقِيَاسُ جَرَيَانُهُ فِي الْمَبِيعِ، وَلَوْ كَانَتْ الصُّبْرَةُ عَلَى مَوْضِعٍ فِيهِ ارْتِفَاعٌ وَانْخِفَاضٌ أَوْ السَّمْنُ وَنَحْوُهُ فِي ظَرْفٍ مُخْتَلِفِ الْأَجْزَاءِ رِقَّةً وَغِلَظًا فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ بِذَلِكَ بَطَلَ الْبَيْعُ لِمَنْعِهِ التَّخْمِينَ فَيَلْتَحِقُ بِغَيْرِ الْمَرْئِيِّ وَإِنْ ظَنَّ الِاسْتِوَاءَ صَحَّ وَثَبَتَ الْخِيَارُ، وَلَوْ كَانَ تَحْتَهَا حُفْرَةٌ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَمَا فِيهَا لِلْبَائِعِ وَلَوْ بَاعَ الصُّبْرَةَ إلَّا صَاعًا فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الصِّيعَانِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا وَهَذِهِ قَدْ تُشْكِلُ بِمَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً جُزَافًا وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّخْمِينَ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَوْثُقُ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا لَمْ يَرَهُ إلَخْ) وَلَوْ حَاضِرًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ) لِلْحَدِيثِ الْآتِي قَوْلُهُ: (وَنَوْعِهِ) فَلَا يَكْفِي مَا فِي كَفِّي مَثَلًا، وَقِيلَ يَكْفِي ثُمَّ هَذَا الْقَوْلُ ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا، قَالَ: وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ وَعَلَى الْبُطْلَانِ فِي سِتَّةٍ أَيْضًا لَكِنَّ نُصُوصَ الْبُطْلَانِ مُتَأَخِّرَةٌ. قَوْلُهُ: (ذِكْرِ صِفَاتٍ أُخَرَ) كَأَنْ يَذْكُرَ الْمُعَظَّمَ كَالدَّعْوَى أَوْ يَصِفَهُ بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَهُمَا وَجْهَانِ مَحْكِيَّانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) هَذَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ شِرَاءَ الْأَعْمَى لَا يَصِحُّ وَإِنْ جَوَّزْنَا بَيْعَ الْغَائِبِ لَتَعَذَّرَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ، وَقِيلَ يَصِحُّ وَيُقَامُ وَصْفُ غَيْرِهِ لَهُ مَقَامَ رُؤْيَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ) وَلَوْ وَجَدَهُ زَائِدًا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَهُ الْخِيَارُ) رَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَسَبَهُ لِلرَّافِعِيِّ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى شِرَاءِ الْأَعْمَى. قَوْلُهُ: (فِي رَهْنِ الْغَائِبِ) كَذَا يَجْرِيَانِ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 (تَكْفِي الرُّؤْيَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ فِيمَا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ) كَالْأَرَاضِيِ وَالْأَوَانِي وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ (دُونَ مَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا) كَالْأَطْعِمَةِ الَّتِي يُسْرِعُ فَسَادُهَا نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِيهِمَا وَفِيمَا يُحْتَمَلُ مِنْهَا التَّغَيُّرُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ كَالْحَيَوَانِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا صِحَّةُ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمَرْئِيِّ فِيهَا بِحَالِهِ، فَإِنْ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا فَلَهُ الْخِيَارُ، فَإِنْ نَازَعَهُ الْبَائِعُ فِي تَغَيُّرِهِ فَقِيلَ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ، وَالْأَصَحُّ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ عِلْمَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَهُوَ يُنْكِرُهُ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ أَنْ يَكُونَ حَالَ الْبَيْعِ مُتَذَكِّرٌ الْأَوْصَافَ، فَإِنْ نَسِيَهَا لِطُولِ الْمُدَّةِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ بَيْعُ غَائِبٍ، قَالَ: وَهَذَا غَرِيبٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْجُمْهُورُ. (وَتَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِ الْمَبِيعِ إنْ دَلَّ عَلَى بَاقِيهِ كَظَاهِرِ الصُّبْرَةِ) مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَغَيْرِهَا مِمَّا الْغَالِبُ أَنْ لَا تَخْتَلِفَ أَجْزَاؤُهُ، وَلَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَأَى الْبَاطِنَ إلَّا إذَا خَالَفَ الظَّاهِرَ بِخِلَافِ صُبْرَةِ الْبِطِّيخِ وَالرُّمَّانِ وَالسَّفَرْجَلِ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا، وَتُبَاعُ عَدَدًا، فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رُؤْيَةِ وَاحِدٍ   [حاشية قليوبي] يَتَغَيَّرُ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الرُّؤْيَةِ إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ وَالْمُرَادُ بِالتَّغَيُّرِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِيهِمَا) فَغَالِبًا فِي الْأَوَّلِ رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ، وَفِي الثَّانِي لِلتَّغَيُّرِ. وَظَاهِرَةُ الصِّحَّةِ فِي الْأَوَّلِ وَإِنْ تَغَيَّرَ فِي الْوَاقِعِ وَعَدَمِهَا فِي الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي الْوَاقِعِ فَيَرْجِعُ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ. قَوْلُهُ: (كَالْحَيَوَانِ) وَفِي نُسْخَةٍ وَالْحَيَوَانِ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا صِحَّةً الْبَيْعُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا) أَيْ بِحَالَةِ لَوْ عَلِمَهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَشْتَرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصْفًا يُقْصَدُ وَضَمِيرُ وَجَدَهُ رَاجِعٌ لِمَا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا وَالْمُسْتَوَى وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ الشَّارِحُ بِالذِّكْرِ مَعَ إمْكَانِ شُمُولِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَهُ لِمَكَانِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ مُتَذَكِّرًا حَالَةَ الْعَقْدِ الْأَوْصَافَ الَّتِي رَآهَا وَقْتَ الرُّؤْيَةِ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ تَذَكُّرِ الْأَوْصَافِ غَرِيبٌ أَيْ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ. كَمَا قَالَ شَيْخُنَا م ر. وَيَدُلُّ لَهُ مَا بَعْدَهُ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنْ حَيْثُ الْمُدْرَكُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهَا مَثَلًا كَالْمَائِعَاتِ فِي ظُرُوفِهَا كَالسَّمْنِ وَلَوْ جَامِدًا وَالزَّيْتِ وَالْعَسَلِ الْأَسْوَدِ أَوْ مِنْ النَّحْلِ. وَخَلَا عَنْ الشَّمْعِ وَنَحْوِهِ وَكَالْقُطْنِ فِي عِدْلِهِ أَوْ فِي جَوْزِهِ بَعْدَ تَفَتُّحِهِ، وَجَعَلَ شَيْخُنَا م ر هَذَا مِنْ رُؤْيَةِ الصُّوَانِ بِمَعْنَى عَدَمِ وُجُوبِ نَزْعِهِ مِنْهُ لِرُؤْيَةِ بَاقِيهِ فَتَأَمَّلْ. وَكَالْأَدِقَّةِ وَالْعِنَبِ أَوْ الزَّبِيبِ فِي سَلَّتِهِ وَالرُّطَبِ أَوْ التَّمْرِ فِي قَوْصَرَّتِهِ وَالْكَبِيسِ وَالْعَجْوَةِ غَيْرِ الْمَعْجُونَةِ مَعَ نَوَاهَا، وَالسُّكَّرِ فِي قِدْرِهِ. كَذَا عَنْ شَيْخِنَا م ر. وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا فِي الْأَدِقَّةِ وَالْعِنَبِ وَالسُّكَّرِ وَالْعَجْوَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ. فَرْعٌ: لَا بُدَّ فِي الْمِسْكِ مِنْ نَزْعِهِ مِنْ فَأْرَتِهِ وَرُؤْيَتِهِمَا مَعًا قَبْلَ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (إنْ دَلَّ عَلَى بَاقِيهِ) خَرَجَ بِهِ بَعْضُ لَبَنٍ وَبَاقِيهِ   [حاشية عميرة] إجَارَتِهِ وَعَفْوِهِ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْخُلْعُ عَلَيْهِ وَالصُّلْحُ وَغَيْرُ ذَلِكَ بَلْ وَفِي الْوَقْتِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَكْفِي الرُّؤْيَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ إلَخْ) لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْمَعْقُودِ حَاصِلٌ. وَقَوْلُهُ فِيمَا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ التَّلَفَ كَالْفَوَاكِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا يَحْتَمِلُ إلَخْ) كَأَنَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يُدْخِلْ هَذِهِ فِي الْمَتْنِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (كَالْحَيَوَانِ) فِي نُسْخَةٍ وَالْحَيَوَانِ وَعَلَيْهَا فَضَمِيرُ مِنْهَا السَّابِقُ لِلْأَطْعِمَةِ وَعَلَى الْكَافِ يَكُونُ فِيمَا بِمَعْنَى الْأَشْيَاءِ. قَوْلُهُ: (مُتَغَيِّرًا فَلَهُ الْخِيَارُ) لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ السَّابِقَةَ كَالشَّرْطِ فِي الصِّفَاتِ الْمَرْئِيَّةِ، قَالَ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَتَغَيَّرَ بِالْعَيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ هُوَ كُلُّ مُتَغَيِّرٍ لَوْ فُرِضَ مُخَالِفًا فِي صِفَةٍ مَشْرُوطَةٍ تَعَلَّقَ بِهِ الْخِيَارُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ كَالشَّرْطِ فِي الصِّفَاتِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَهَا، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْخِيَارَ فَوْرِيٌّ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هَذَا التَّغَيُّرُ الَّذِي تَخْرُجُ بِهِ الرُّؤْيَةُ عَنْ كَوْنِهَا تَقْبَلُ الْمَعْرِفَةَ وَالْإِحَاطَةَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ قَوْلُ الْمُشْتَرِي) أَيْ لِمَا سَيَأْتِي وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ هَذِهِ الصِّفَةِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ، كَمَا صَدَّقُوا الْبَائِعَ نَظَرًا إلَى هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ اخْتِلَافِهِ مَعَ الْمُشْتَرِي فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ، فَمَا فَرَّقَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ قَوْلِهِ: لِأَنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا عَلَى وُجُوبِ الْعَيْبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ عَدَمُ وُجُودِهِ قَبْلَ الزَّمَانِ الَّذِي عَدَمُ وُجُودِهِ فِيهِ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ، قَالَ: نَعَمْ، قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ قَوْلُهُمْ فِي الْغَاصِبِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ تَلَفِ الْمَغْصُوبِ عَيْبًا خُلُقِيًّا كَأَنْ قَالَ خُلِقَ أَعْمَى أَوْ أَعْرَجَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالظَّاهِرُ مَجِيءُ ذَلِكَ هُنَا، وَلَوْ تَجَدَّدَ فِي الْمَبِيعِ صِفَةُ حُسْنٍ زَعَمَهَا الْبَائِعُ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي عِلْمَهَا فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهَا مِمَّا الْغَالِبُ إلَخْ) كَالْمَائِعَاتِ فِي أَوْعِيَتِهَا وَكَذَا الْقُطْنُ فِي عِدْلِهِ وَكَذَا صُبْرَةُ التَّمْرِ انْفَرَدَتْ حَبَّاتُهُ أَوْ الْتَصَقَتْ كَقَوْصَرَّةِ الْعَجْوَةِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ صُبْرَةِ الْبِطِّيخِ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ صُبْرَةُ الْخَوْخِ وَالْعِنَبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 وَاحِدٍ (وَ) مِثْلُ (أُنْمُوذَجِ الْمُتَمَاثِلِ) أَيْ الْمُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ كَالْحُبُوبِ، فَإِنَّ رُؤْيَتَهُ تَكْفِي عَنْ رُؤْيَةِ بَاقِي الْمَبِيعِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِهِ فِي الْبَيْعِ، وَهُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (أَوْ كَانَ صِوَانًا) بِكَسْرِ الصَّادِ (لِلْبَاقِي خِلْقَةً كَقِشْرِ الرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ وَالْقِشْرَةِ السُّفْلَى لِلْجَوْزِ وَاللَّوْزِ) أَيْ تَكْفِي رُؤْيَةُ الْقِشْرِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ صَلَاحَ بَاطِنِهِ فِي إبْقَائِهِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ هُوَ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ إلَى آخِرِهِ قَسِيمُ قَوْلِهِ: إنْ دَلَّ إلَى آخِرِهِ، وَقَوْلُهُ كَالْمُحَرَّرِ خِلْقَةً مَزِيدٌ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ صِفَةٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ فِي الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَنَحْوِهَا، وَقَدْ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ جِلْدِ الْكِتَابِ وَنَحْوِهِ وَاحْتَرَزُوا بِوَصْفِ الْقِشْرَةِ بِالسُّفْلَى لِمَا ذُكِرَ وَهِيَ الَّتِي تُكْسَرُ حَالَةَ الْأَكْلِ عَنْ الْعُلْيَا فَلَا تَكْفِي رُؤْيَتُهَا، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ لِاسْتِتَارِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، وَالْخُشْكَنَانُ تَكْفِي رُؤْيَةُ ظَاهِرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَعَ أَمْثِلَةِ الصِّوَانِ الْمَذْكُورَةِ وَالْفُقَّاعِ، قَالَ الْعَبَّادِيُّ: يَفْتَحُ رَأْسَ الْكُوزِ فَيَنْظُرُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ الْمُسَامَحَةَ بِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: الْأَصَحُّ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِي الْكُوزِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ. (وَتُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ كُلِّ شَيْءٍ) غَيْرَ مَا ذَكَرَ (عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ) فَيُعْتَبَرُ فِي الدَّارِ رُؤْيَةُ الْبُيُوتِ وَالسُّقُوفِ وَالسُّطُوحِ وَالْجُدَرَانِ وَالْمُسْتَحَمِّ وَالْبَالُوعَةِ، وَفِي الْبُسْتَانِ رُؤْيَةُ الْأَشْجَارِ وَالْجُدَرَانِ وَمَسَايِلِ الْمَاءِ، وَفِي الْعَبْدِ رُؤْيَةُ الْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ، وَكَذَا بَاقِي الْبَدَنِ غَيْرِ الْعَوْرَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَالْأَمَةُ كَالْعَبْدِ، وَقِيلَ:   [حاشية قليوبي] فِي الضَّرْعِ، وَنَسْجُ بَعْضِ ثَوْبٍ دُونَ بَاقِيهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (وَمِثْلُ) هُوَ فِي مَوْضِعِ الْكَافِ فَأُنْمُوذَجُ عَطْفٌ عَلَى ظَاهِرِ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَا دَلَّ عَلَى بَاقِيهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِهِ فِي الْبَيْعِ) أَيْ فِي صِيغَتِهِ كَبِعْتُكَ كَذَا وَهَذَا مِنْهُ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ خَلْطِهِ بِهِ وَلَا تَلَفُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ) أَيْ وَضْعُ الْمِيمِ مُخَفَّفَةً فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْقَامُوسِ بِجَعْلِ هَذَا مِنْ اللَّحْنِ، وَأَنَّ الصَّوَابَ كَوْنُهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَوْ بِلَا هَمْزَةٍ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الصَّادِ) وَيَجُوزُ ضَمُّهَا. قَوْلُهُ: (كَقِشْرِ الرُّمَّانِ) وَكَذَا كُوزُ الطَّلْعِ وَقِشْرُ الْقَصَبِ الْأَعْلَى الَّذِي لَا يُمَصُّ مَعَهُ، وَجَوْزُ الْقُطْنِ بَعْدَ تَفَتُّحِهِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ قِشْرِهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ إلَخْ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (قَسِيمُ إلَخْ) فَهُوَ بَعْضُ الْمَبِيعِ أَيْ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي جَعْلِهِ عَطْفًا عَلَى بَعْضِ الْمَبِيعِ فَلَيْسَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْخُشْكَنَانُ) فَهُوَ مِنْ الصُّوَانِ غَيْرُ الْخِلْقِيِّ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: كُلُّ مَا تَوَقَّفَ بَقَاءُ مَا فِيهِ عَلَيْهِ كَالْجَوْزِ وَالْخُشْكَنَانِ الْمَحْشُوِّ أَوْ لَمْ يُقْصَدْ مَا فِيهِ كَالْمَحْشُوِّ مِنْ الْجُبَّةِ وَالطَّاقِيَّةِ وَالْمُجَوَّزَةِ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ بَعْضِهِ كَقُطْنِ الْفُرُشِ وَالْأَلْحِفَةِ. فُرُوعٌ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ لُبِّ نَحْوَ الْجَوْزِ فِي قِشْرِهِ وَلَا بَيْعُ الرُّءُوسِ وَالْأَكَارِعِ وَنَحْوِهَا قَبْلَ إبَانَتِهَا، وَلَا مَذْبُوحٍ أَوْ جِلْدِهِ أَوْ لَحْمِهِ قَبْلَ سَلْخِهِ وَلَا مَسْلُوخٍ قَبْلَ تَنْقِيَةِ جَوْفِهِ إلَّا نَحْوَ سَمَكٍ لِقِلَّةِ مَا فِيهِ، وَلَا بَيْعُ صُوفٍ قَبْلَ جَزِّهِ أَوْ تَزْكِيَةِ حَيَوَانِهِ لِاخْتِلَاطِهِ بِالْحَادِثِ نَعَمْ إنْ قُبِضَ عُفِيَ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ وَبَاعَهُ صَحَّ. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ حِصَّتِهِ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي وَحْدَهُ أَوْ مَعَ قَرَارِهِ وَيَصِحُّ بَيْعُ حِصَّتِهِ مِنْ الْقَرَارِ وَيَتْبَعُهَا لِمِثْلِهَا مِنْ الْمَاءِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَالْفُقَاعِ) أَيْ يَصِحُّ بَيْعُهُ مَعَ كُوزِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ الْمَذْكُورِ الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ) وَهُوَ مَا يُخِلُّ عَدَمُ رُؤْيَتِهِ بِمُعْظَمِ الْمَالِيَّةِ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ الْعَوْرَةِ) وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ.   [حاشية عميرة] وَنَحْوِهِمَا، فَشِرَاءُ سَلَّةِ الْعِنَبِ اكْتِفَاءً بِرُؤْيَةِ ظَاهِرِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رُؤْيَةِ وَاحِدٍ إلَخْ) لَوْ رَأَى أَحَدَ جَانِبَيْ الْبِطِّيخَةِ لَمْ يَكْفِ بَلْ هِيَ كَبَيْعِ الْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (وَمِثْلِ) يُرِيدُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى ظَاهِرِ الصُّبْرَةِ فَيُفِيدُ اشْتِرَاطَ إدْخَالِهِ فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بَعْضِ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ) يَعْنِي لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمِثْلِيَّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَحْضَرَ الْأُنْمُوذَجَ وَقَالَ بِعْتُك مِنْ هَذَا النَّوْعِ كَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ مَالًا لِيَكُونَ بَيْعًا وَلَمْ يُرَاعِ شُرُوطَ السَّلَمِ وَلَا يَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ الْوَصْفِ فِي السَّلَمِ لِأَنَّ الْوَصْفَ بِاللَّفْظِ يَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ النِّزَاعِ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَغَيْرُهُ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك الْحِنْطَةَ الَّتِي فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَهَذَا أُنْمُوذَجُهَا فَإِنْ أَدْخَلَهُ فِي الْبَيْعِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَشَرْطُ الْإِدْخَالِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الصُّبْرَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَوْ أَدْخَلَهُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ كَانَ كَبَيْعِ عَيْنَيْنِ رَأَى إحْدَاهُمَا وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْبَغَوِيِّ، وَاكْتَفَى الزَّرْكَشِيُّ بِالْإِدْخَالِ فِي الْبَيْعِ وَحَمَلَ عَلَيْهِ كَلَامَ الْبَغَوِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صُوَانًا) هُوَ الْوِعَاءُ الَّذِي يُصَانُ فِيهِ الشَّيْءُ، وَيُقَالُ الصِّيَانُ أَيْضًا بِالْيَاءِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الدَّقَائِقِ. قَوْلُهُ: (مَعَ أَمْثِلَةِ الصُّوَانِ إلَخْ) جَعْلُهُ مِنْ مَسَائِلِ الصُّوَانِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى بَاطِنِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتُعْتَبَرُ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَرَى كُلَّ ضَبَّةٍ وَسِلْسِلَةٍ عَلَى بَابٍ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ: لِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ وَصْفًا. قَوْلُهُ: (وَالْجُدْرَانِ) أَيْ دَاخِلًا وَخَارِجًا. قَوْلُهُ: (كَالْعَبْدِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 يَكْفِي فِيهَا رُؤْيَةُ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْخِدْمَةِ، وَفِي الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ مُقَدَّمِهَا وَمُؤَخَّرِهَا وَقَوَائِمِهَا وَظَهْرِهَا، وَفِي الثَّوْبِ الدِّيبَاجِ الْمُنَقَّشِ رُؤْيَةُ وَجْهَيْهِ، وَكَذَا السِّبَاطُ، وَفِي الْكِرْبَاسِ رُؤْيَةُ أَحَدِ وَجْهَيْهِ، وَقِيلَ رُؤْيَتُهُمَا، وَفِي الْكُتُبِ وَالْوَرَقِ الْبَيَاضِ وَالْمُصْحَفِ رُؤْيَةُ جَمِيعِ الْأَوْرَاقِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ وَصْفَهُ) أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي يُرَادُ بَيْعُهُ (بِصِفَةِ السَّلَمِ لَا يَكْفِي) عَنْ رُؤْيَتِهِ، وَالثَّانِي يَكْفِي، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْمَعْرِفَةَ كَالرُّؤْيَةِ وَدُفِعَ بِأَنَّ الرُّؤْيَةَ تُفِيدُ مَا لَا يُفِيدُ الْعِبَارَةُ. (وَيَصِحُّ سَلَمُ الْأَعْمَى) أَيْ أَنْ يُسْلِمَ أَوْ يُسْلَمَ إلَيْهِ بِعِوَضٍ فِي الذِّمَّةِ يُعَيِّنُ فِي الْمَجْلِسِ، وَيُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ عَنْهُ أَوْ يَقْبِضُ لَهُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ أَوْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، لِأَنَّ السَّلَمَ يَعْتَمِدُ الْوَصْفَ لَا الرُّؤْيَةَ. (وَقِيلَ: إنْ عَمِيَ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ) بَيْنَ الْأَشْيَاءِ أَوْ خُلِقَ أَعْمَى (فَلَا) يَصِحُّ سَلَمُهُ لِانْتِفَاءِ مَعْرِفَتِهِ بِالْأَشْيَاءِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ يَعْرِفُهَا بِالسَّمَاعِ وَيَتَخَيَّلُ فَرْقًا بَيْنَهَا. أَمَّا غَيْرُ السَّلَمِ مِمَّا يَعْتَمِدُ الرُّؤْيَةَ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَإِنْ قُلْنَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ وَسَبِيلُهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهَا، وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ وَيُؤَجِّرَهَا لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُهَا، وَلَوْ كَانَ رَأَى قَبْلَ الْعَمَى شَيْئًا مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ صَحَّ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ إيَّاهُ كَالْبَصِيرِ وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ. بَابُ الرِّبَا بِالْقَصْرِ، وَأَلِفُهُ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ، وَالْقَصْدُ بِهَذَا الْبَابِ بَيْعُ الرِّبَوِيَّاتِ، وَمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَإِذَا بِيعَ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ إنْ كَانَا) أَيْ الطَّعَامُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ (جِنْسًا) وَاحِدًا كَحِنْطَةٍ وَحِنْطَةٍ (اُشْتُرِطَ) فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ (الْحُلُولُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَفِي الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ مُقَدَّمِهَا وَمُؤَخَّرِهَا وَقَوَائِمِهَا وَظَهْرِهَا) وَكَذَا بَطْنُهَا وَشَعْرُهَا لَا لِسَانُهَا وَأَسْنَانُهَا وَحَوَافِرُهَا وَمَشْيُهَا، وَمِنْهَا الرَّقِيقُ وَيُعْتَبَرُ فِي السَّفِينَةِ رُؤْيَةُ جَمِيعِهَا حَتَّى مَا فِي الْمَاءِ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ وَصْفَهُ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ بَيْعِ الْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (يُعَيَّنُ فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ يُعَيِّنُهُ بَصِيرٌ بِقَبْضِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْبَيْعِ) وَمِثْلُهُ الْإِقَالَةُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قُلْنَا إلَخْ) أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ رُؤْيَةٍ هُنَا. قَوْلُهُ: (يَشْتَرِي نَفْسَهُ) وَكَذَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَالَ الْعَابِدِيُّ وَلَوْ بِالْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ، وَتَصِحُّ بِمُقْتَضَاهُ وَلَوْ فِي الْمُعَيَّنِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مِمَّا لَا تَتَغَيَّرُ) أَيْ مِنْ وَقْتِ رُؤْيَتِهِ قَبْلَ الْعَمَى إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْبَصِيرِ) يُفِيدُ اعْتِبَارَ تَذَكُّرِ الْأَوْصَافِ حَالَةَ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ) أَيْ عَقْدُهُ النِّكَاحَ وَفِي قَبْضِ الْمَهْرِ وَإِقْبَاضِهِ مَا مَرَّ فِي عِوَضِ السَّلَمِ. بَابُ الرِّبَا بِكَسْرِ الرَّاءِ مَعَ الْقَصْرِ وَبِفَتْحِهَا مَعَ الْمَدِّ وَيَرْسُمُ بِالْأَلِفِ وَالْوَاوِ وَالْيَاءِ، وَيُقَالُ فِيهِ الرِّمَاءُ بِكَسْرِ الرَّاءِ مَعَ الْمِيمِ وَالْمَدِّ، وَالرُّبْيَةُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ، وَهُوَ حَيْثُ حُرِّمَ مِنْ الْكَبَائِرِ كَالسَّرِقَةِ وَعَلَامَةٌ عَلَى سُوءِ الْخَاتِمَةِ كَإِيذَاءِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى قَالُوا لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْذَنْ بِالْمُحَارَبَةِ إلَّا فِيهِمَا وَحُرْمَتُهُ تَعَبُّدِيَّةٌ وَمَا ذُكِرَ فِيهِ حُكْمٌ لَا عِلَلٌ وَلَمْ يَحِلَّ فِي شَرِيعَةٍ قَطُّ، وَآكِلُهُ فِي الْحَدِيثِ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ آخِذُ الزِّيَادَةِ وَمُوَكِّلُهُ دَافِعُهَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْمَلْعُونُ بِسَبَبِهِ عَشَرَةٌ كَمَا فِي الْخَمْرِ، وَهُوَ لُغَةً الزِّيَادَةُ وَلَوْ فِي الزَّمَنِ كَرِبَا الْيَدِ. وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الرُّويَانِيُّ بِقَوْلِهِ: عَقْدٌ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا. وَالْمُرَادُ بِالْعِوَضِ الْمَخْصُوصِ أَنْوَاعُ الرِّبَوِيَّاتِ وَيُقَيَّدُ غَيْرُ الْمَعْلُومِ بِمُتَّحِدِ الْجِنْسِ فَلَوْ زَادَ فِي التَّعْرِيفِ لَفْظٌ فِي مَعْلُومِ الْجِنْسِ بَعْدَ لَفْظِ التَّمَاثُلِ لَأَغْنَى عَنْ ذَلِكَ الْقَيْدِ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى غَيْرِ مَعْلُومٍ فَيَشْمَلُ مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ، وَأَقْسَامُهُ   [حاشية عميرة] يُشْتَرَطُ فِي الْأَمَةِ رُؤْيَةُ الشَّعْرِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِصِفَةِ السَّلَمِ) أَيْ وَلَوْ تَوَاتَرَ وَاشْتَهَرَ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الرُّؤْيَةِ إلَخْ) يَصِحُّ أَيْضًا أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ نَظَرًا لِلْعِتْقِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقِيَاسُهُ صِحَّةُ شِرَائِهِ مِنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِعِوَضٍ فِي الذِّمَّةِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيَصِحُّ أَنْ يُسْلِمَ وَيُسْلَمَ إلَيْهِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ إذْ الْمُعَيَّنُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ كَالْبَيْعِ بِهِ. [بَابُ الرِّبَا] قَوْلُ الْمَتْنِ: (اُشْتُرِطَ) أَيْ وَحَرُمَ تَعَاطِي مَا خَلَا عَنْ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ قَاصِرَةً عَنْ إفَادَةِ ذَلِكَ وَطَرِيقُهُمَا إذَا أَرَادَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 وَالْمُمَاثَلَةُ وَالتَّقَابُضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ جِنْسَيْنِ كَحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ جَازَ التَّفَاضُلُ، وَاشْتُرِطَ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ) قَبْلَ التَّفَرُّقِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ   [حاشية قليوبي] هُنَا ثَلَاثَةٌ: رِبَا الْفَضْلِ وَهُوَ زِيَادَةُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ وَرِبَا الْيَدِ وَهُوَ تَأْخِيرُ قَبْضِ الْعِوَضَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَجَلٍ، وَرِبَا النَّسَاءِ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ كَذَلِكَ وَهُوَ ذِكْرُ الْأَجَلِ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ قَصِيرًا، فَمَتَى وَقَعَ عَلَى وَجْهٍ مِنْ هَذِهِ كَانَ حَرَامًا وَإِلَّا فَلَا وَحُرْمَتُهُ مِنْ حَيْثُ فَسَادُ الْعَقْدِ مُطْلَقًا وَمَعَ أَخْذِ الْمَالِ إنْ أُخِذَتْ الزِّيَادَةُ. وَكَلَامُ الْمَنْهَجِ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ بَلْ فِيهِ تَدَافُعٌ وَقُصُورٌ كَمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (إذَا بِيعَ الطَّعَامُ) هَذَا أَحَدُ قِسْمَيْ الرِّبَوِيَّاتِ وَثَانِيهَا النَّقْدُ، وَسَيَأْتِي فَلَا رِبَا فِي غَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَا) وَفِي نُسْخَةٍ إنْ كَانَ بِغَيْرِ أَلِفٍ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ مَجْمُوعُهُمَا. قَوْلُهُ: (جِنْسًا) بِأَنْ شَمِلَهُمَا اسْمٌ خَاصٌّ وَاشْتَرَكَا فِيهِ اشْتِرَاكًا مَعْنَوِيًّا، فَخَرَجَ بِالِاسْمِ الْخَاصِّ الِاسْمُ الْعَامُّ كَالْحَبِّ وَالدَّقِيقِ وَبِمَا بَعْدَهُ نَحْوُ الْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ وَالْأَصْفَرِ لِأَنَّ اشْتِرَاكَهُمَا فِي الِاسْمِ لَفْظِيٌّ وَحَقِيقَتُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ. وَكَذَا نَحْوُ اللُّحُومِ وَالْأَلْبَانِ. قَوْلُهُ: (اُشْتُرِطَ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ) أَيْ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْقَبْضِ لِدَوَامِهَا. قَوْلُهُ: (الْحُلُولُ) بِأَنْ لَا يُذْكَرَ فِي الْعَقْدِ أَجَلٌ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْمُمَاثَلَةُ) أَيْ فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ يَقِينًا. قَوْلُهُ: (وَالتَّقَابُضُ) أَيْ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ لِلْعِوَضَيْنِ مُطْلَقًا مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقَبْضِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ مَعَ حَقِّ الْحَبْسِ فَلَا يَكْفِي الْإِبْرَاءُ وَلَا الْحَوَالَةُ وَلَا الضَّمَانُ وَإِنْ أَقْبَضَ الضَّامِنَ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ. وَيَكْفِي قَبْضُ سَيِّدِ الْعَاقِدِ أَوْ مُوَكَّلِهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ وَكِيلِهِ بِإِذْنِ الْعَاقِدِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ جُنُونِهِ إنْ بَقِيَ الْعَاقِدَانِ فِي الْمَجْلِسِ، فِي الْجَمِيعِ، خِلَافًا لِابْنِ قَاسِمٍ فِي الْمَيِّتِ. وَيَكْفِي قَبْضُ وَارِثِ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَبَقِيَ الْعَاقِدَانِ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يُعْتَبَرْ بَقَاءُ الْمَيِّتِ فِي الْمَجْلِسِ، بَلْ الْمُعْتَبَرُ مَجْلِسُ الْوَارِثِ عِنْدَ بُلُوغِهِ الْخَبَرَ فَإِنْ تَعَدَّدَ اُعْتُبِرَ مَجْلِسُ الْأَخِيرِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ مِمَّنْ قَبْلَهُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ مَجْلِسُ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ الْقَبْضُ إنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ الْقَبْضُ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِذَا تَعَذَّرَ قَبْضُ الْوَارِثِ فِي مَجْلِسِهِ تَعَيَّنَ التَّوْكِيلُ مِنْهُ لِمَنْ يَقْبِضُ عَنْهُ. وَقَالَ الْخَطِيبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ: يُغْتَفَرُ لَهُ حُضُورُ مَجْلِسِ الْعَقْدِ كَالْمُكْرَهِ، وَيُعْتَبَرُ بَقَاءُ الْعَاقِدِ الْحَيِّ فِي الْمَجْلِسِ عِنْدَ الْجَمِيعِ حَتَّى يَحْصُلَ الْقَبْضُ مِنْ الْوَارِثِ وَلَوْ تَعَدَّدَ وَطَالَ الزَّمَنُ فَإِنْ فَارَقَهُ وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ لِلْوَارِثِ بَطَلَ الْعَقْدُ. كَذَا قِيلَ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ كَمَا فِي الْكَاتِبِ بِالْبَيْعِ لِلْغَائِبِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ وُجِدَ لِلْعَاقِدِ هُنَا مَجْلِسٌ فَاعْتُبِرَ دَوَامُهُ فَتَأَمَّلْهُ. فَرْعٌ: لَوْ اشْتَرَى دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ الْفِضَّةِ وَأَقْبَضَ لِلْبَائِعِ مِنْهَا خَمْسَةً وَاسْتَقْرَضَ مِنْهُ خَمْسَةً غَيْرَهَا وَأَعَادَهَا لَهُ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ تِلْكَ الْخَمْسَةَ فَأَعَادَهَا لَهُ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَبْطُلُ فِيهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّ تَصَرُّفَ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ مَعَ الْآخَرِ إجَازَةٌ. وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا حَصَلَتْ الْإِجَازَةُ فِيمَا قَابَلَ الْخَمْسَةَ الْمَقْبُوضَةَ بِوُقُوعِ التَّصَرُّفِ فِيهَا دُونَ مَا قَابَلَ الْخَمْسَةَ الْأُخْرَى لِبَقَاءِ الْمَجْلِسِ فِيهَا فَإِذَا دَفَعَهَا الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ دَامَ الْعَقْدُ فِيهَا أَيْضًا، فَيَتَوَزَّعُ الْعَقْدُ فِي الْإِجَازَةِ بِالتَّصَرُّفِ كَمَا يَتَوَزَّعُ فِي التَّفَرُّقِ إذْ لَوْ تَفَرَّقَا بَعْدَ قَبْضِ الْخَمْسَةِ فَقَطْ لَمْ يَبْطُلْ فِيمَا قَابَلَهَا وَيَبْطُلُ فِي بَاقِي الْمَبِيعِ فَتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْإِجَازَةَ لَا تَتَبَعَّضُ كَالْفَسْخِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ التَّفَرُّقِ) وَالتَّخَايُرِ كَالتَّفَرُّقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ بِتَخَايُرِهِمَا أَوْ تَخَايُرِ أَحَدِهِمَا، كَمَا لَوْ فَارَقَ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ التَّفَرُّقِ طَوْعًا وَلَوْ سَهْوًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِنْ فَارَقَ أَحَدَهُمَا مُكْرَهًا لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَتْبَعْهُ الْآخَرُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَإِنْ فَارَقَهُ بَطَلَ خِيَارُهُ وَحْدَهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَالْوَجْهُ بُطْلَانُ خِيَارِهِمَا لِأَنَّهُ مِنْ مُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا طَوْعًا فَتَأَمَّلْ وَمَجْلِسُ الْمُكْرَهِ مَحَلُّ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ فَإِنْ فَارَقَهُ وَلَوْ إلَى جِهَةِ الْآخَرِ   [حاشية عميرة] التَّفَرُّقَ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ يَتَفَاسَخَا وَإِلَّا أَثِمَا وَإِنْ كَانَ التَّفَرُّقُ بِعُذْرٍ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. تَنْبِيهٌ: عِبَارَةُ الرَّوْضِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ الْحِيلَةُ فِي بَيْعِ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ مُتَفَاضِلًا أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ بِدَرَاهِمَ أَوْ عَرَضٍ وَيَشْتَرِي بِهَا الذَّهَبَ بَعْدَ التَّقَابُضِ، فَيَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا وَيَتَخَايَرَا لِتَضَمُّنِ الْبَيْعِ الثَّانِي إجَازَةَ الْأَوَّلِ بِخِلَافِهِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ إسْقَاطِ خِيَارِ الْعَقْدِ أَوْ يُقْرِضَ كُلٌّ صَاحِبَهُ، أَوْ يَتَوَاهَبَا أَوْ يَهَبُ الْفَاضِلَ لِصَاحِبِهِ وَهَذَا جَائِزٌ وَإِنْ كُرِهَ قَصْدُهُ اهـ. قَالَ شَارِحُهُ وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَقْدِ وَالْقَصْدِ مَكْرُوهٌ اهـ. قُلْت وَلَوْ حَلَفَ إنْسَانٌ أَنْ لَا يَبِيعَ سِلْعَتَهُ إلَّا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا فَبَاعَهَا بِعَشْرَةٍ، ثُمَّ وَهَبَ الْمُشْتَرِي نِصْفَيْنِ بَعْدَ قَبْضِهَا فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ الْعَقْدُ، وَكَانَتْ الْهِبَةُ إجَازَةً لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ عَلَى قِيَاسِ هَذَا وَأَمَّا لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ نِصْفَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّخَايُرِ فَمَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ) مَثَّلَ بِهَذَيْنِ لِأَنَّ مَالِكًا يَرَى أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالتَّقَابُضُ) فَلَوْ كَانَ دَيْنًا وَأَبْرَأَهُ مِنْهُ لَمْ يَكْفِ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مِمَّا رَوَاهُ مُسْلِمٌ) فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ» الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» أَيْ مُقَابَضَةً، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ الْحُلُولُ، فَإِذَا بِيعَ الطَّعَامُ بِغَيْرِهِ كَنَقْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ غَيْرُ الطَّعَامِ بِغَيْرِ الطَّعَامِ، وَلَيْسَا نَقْدَيْنِ كَحَيَوَانٍ بِحَيَوَانٍ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَالنَّقْدَانِ كَالطَّعَامَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَالطَّعَامُ مَا قُصِدَ لِلطُّعْمِ) بِضَمِّ الطَّاءِ مَصْدَرُ طَعِمَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ أَكَلَ (اقْتِيَاتًا أَوْ تَفَكُّهًا أَوْ تَدَاوِيًا) وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَدِيثِ السَّابِقِ، فَإِنْ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا التَّقَوُّتُ فَأُلْحِقَ بِهِمَا مَا يُشَارِكُهُمَا فِي ذَلِكَ كَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ، وَعَلَى التَّمْرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّأَدُّمُ وَالتَّفَكُّهُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ كَالزَّبِيبِ وَالتِّينِ، وَعَلَى الْمِلْحِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِصْلَاحُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ كَالْمُصْطَكَى وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَدْوِيَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ قُصِدَ مَا لَا يُقْصَدُ تَنَاوُلُهُ مِمَّا يُؤْكَلُ كَالْجُلُودِ فَلَا رِبَا فِيهِ بِخِلَافِ مَا يُؤْكَلُ نَادِرًا كَالْبَلُّوطِ، وَقَوْلُهُ لِلطُّعْمِ إلَى آخِرِهِ ظَاهِرٌ فِي إرَادَةِ مَطْعُومِ الْآدَمِيِّينَ وَإِنْ شَارَكَهُمْ فِيهِ الْبَهَائِمُ قَلِيلًا أَوْ عَلَى السَّوَاءِ، فَخَرَجَ مَا اخْتَصَّ بِهِ الْجِنُّ كَالْعَظْمِ أَوْ الْبَهَائِمِ كَالْحَشِيشِ وَالتِّينِ أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ فَلَا رِبَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: تَفَكُّهًا يَشْمَلُ التَّأَدُّمَ وَالتَّحَلِّي، وَقَدْ ذَكَرَهُمَا فِي الْأَيْمَانِ فَقَالَ: وَالطَّعَامُ يَتَنَاوَلُ قُوتًا وَفَاكِهَةً وَأُدْمًا وَحَلْوَى، وَلَمْ يَذْكُرْ الدَّوَاءَ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يَتَنَاوَلُهُ عُرْفًا، وَالْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ تَدَاوِيًا يَشْمَلُ التَّدَاوِي بِالْمَاءِ الْعَذْبِ، وَهُوَ رِبَوِيٌّ مَطْعُومٌ، قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] (وَأَدِقَّةُ الْأُصُولِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسُ وَخُلُولُهَا وَأَدْهَانُهَا أَجْنَاسٌ) كَأُصُولِهَا فَيَجُوزُ بَيْعُ دَقِيقِ الْحِنْطَةِ بِدَقِيقِ الشَّعِيرِ مُتَفَاضِلًا، وَخَلٍّ التَّمْرِ بِخَلِّ الْعِنَبِ كَذَلِكَ، وَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ بِدُهْنِ الْوَرْدِ كَذَلِكَ، وَاحْتَرَزَ بِالْمُخْتَلِفَةِ عَنْ الْمُتَّحِدَةِ كَأَدِقَّةِ أَنْوَاعِ الْحِنْطَةِ فَهِيَ   [حاشية قليوبي] بَطَلَ خِيَارُهُمَا. قَوْلُهُ: (مِثْلًا بِمِثْلٍ) هُمَا بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ بِمَعْنَى سَوَاءً بِسَوَاءٍ فَهُمَا حَالَانِ، وَالثَّانِي تَأْكِيدٌ. وَقِيلَ الثَّانِي لِدَفْعِ الْمِثْلِيَّةِ التَّقْرِيبِيَّةِ. وَقِيلَ: الْأَوَّلُ لِلْكَيْلِ وَالثَّانِي لِلْوَزْنِ. وَقِيلَ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا اخْتَلَفَتْ) أَيْ مَعَ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (مُقَابَضَةً) أَيْ اسْتِحْقَاقًا وَفِعْلًا كَمَا مَرَّ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ غَالِبًا مُضِرٌّ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَالنَّقْدُ إنْ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا إتْمَامُ الدَّلِيلِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَا قُصِدَ) أَيْ مَا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِتَحْصِيلِهِ لِأَكْلِ الْآدَمِيِّينَ بِشِرَاءٍ أَوْ زِرَاعَةٍ أَوْ ادِّخَارٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الطَّاءِ) لِأَنَّهُ بِفَتْحِهَا بِمَعْنَى الذَّوْقِ، وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (أَكَلَ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْكَافِ فِعْلٌ مَاضٍ بِصِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ. قَوْلُهُ: (وَالتَّفَكُّهُ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهَا) أَيْ مِنْ الْمَطْعُومَاتِ الرِّبَوِيَّةِ كَحُبُوبِ التُّرْمُسِ وَالْغَاسُولِ وَالْحُلْبَةِ وَالْخَرْدَلِ وَالْخَلَّةِ، وَكَالنُّطْرُونِ وَالطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ وَاللِّبَانِ وَالصَّمْغِ وَالْكُزْبَرَةِ وَالْبَلُّوطِ وَالطُّرْثُوثِ، وَالطِّينِ الْمَخْتُومِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْ قَالَ بِنَجَاسَتِهِ وَلَا رِبَا فِي بَقِيَّةِ الْأَطْيَانِ وَكَالْخُبَّازَى وَأَطْرَافِ أَعْوَامِ الْكَرْمِ وَسَائِرِ الْبُقُولِ وَكَدُهْنِ الْخِرْوَعِ، وَدُهْنِ الْوَرْدِ وَسَائِرِ الْأَدْهَانِ نَعَمْ لَيْسَ مِنْ الرِّبَوِيِّ شَجَرُ الْخِرْوَعِ وَحَبُّهُ وَالْعُودُ وَالْمِسْكُ وَالْوَرْدُ وَمَاؤُهُ وَالْكَتَّانُ وَبِزْرُهُ وَدُهْنُهُ، وَدُهْنُ الْقُرْطُمِ وَكَسْبُهُ وَدُهْنُ السَّمَكِ. قَوْلُهُ: (كَالْجُلُودِ) أَيْ الْخَشِنَةِ وَإِلَّا فَرِبَوِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (قَلِيلًا) أَوْ لَمْ يَتَنَاوَلُوهُ أَصْلًا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْقَصْدُ كَمَا مَرَّ. وَهَذَا فِي التَّنَاوُلِ. قَوْلُهُ: (مَا اخْتَصَّ بِهِ الْجِنُّ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَصْدِ فِي تَحْصِيلِهِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلُوهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَلَبَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَصْدُ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ حَيْثُ التَّنَاوُلُ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقَصْدِ فَلَا اعْتِرَاضَ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهِ قَصْدًا وَتَنَاوُلًا فَرِبَوِيٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَكَلَامُ الْمَنْهَجِ هُنَا مُتَدَافِعٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قُصِدَ بِهِ الْآدَمِيُّونَ فَقَطْ أَوْ غَالِبًا رِبَوِيٌّ مُطْلَقًا. وَمَا قُصِدَ بِهِ غَيْرُهُمْ فَقَطْ أَوْ غَالِبًا لَيْسَ رِبَوِيًّا مُطْلَقًا. وَمَا قُصِدَا بِهِ مَعًا سَوَاءٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ غَلَبَةُ التَّنَاوُلِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَرِبَوِيٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِالْمَاءِ الْعَذْبِ) أَيْ عُرْفًا، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَابْنِ حَجَرٍ أَوْ الْمُرَادُ غَيْرُ الْمِلْحِ. قَوْلُهُ: (وَأَدِقَّةُ الْأُصُولِ) وَكَذَا بُيُوضُهَا وَصَفَارُ الْبِيضِ وَبَيَاضُهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] وَعَدَّدَ مَا هُنَا إلَى أَنْ قَالَ «إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ يَدًا بِيَدٍ» ، رَوَاهَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَفِي أُخْرَى «فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى» ، وَفِي رِوَايَةٍ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ» عَلَّقَ النَّهْيَ بِالطَّعَامِ وَهُوَ اسْمٌ مُشْتَقٌّ فَيُفِيدُ أَنَّ الْعِلَّةَ مَأْخَذُ الِاشْتِقَاقِ وَهُوَ الطَّعْمُ كَتَعْلِيقِ الْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ وَالْجَلْدِ بِالزِّنَا فِي آيَتَيْهِمَا، وَجُعِلَ فِي الْقَدِيمِ مَعَ الطَّعْمِ التَّقْدِيرُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ فَلَا يَجْرِي فِيمَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ كَالسَّفَرْجَلِ وَالرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ وَالْأُتْرُجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَضَابِطُ نَحْوِ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى الْجَدِيدِ الْوَزْنُ كَمَا سَيَأْتِي لِكَوْنِهِمَا أَكْبَرُ جُرْمًا مِنْ التَّمْرِ. قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ الْحُلُولُ) قَالَ بَعْضُهُمْ: أَيْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّ الْأَجَلَ يُنَافِي اسْتِحْقَاقَ الْقَبْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (مَا قُصِدَ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِالْغَلَبَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَيْ يَكُونُ الْقَصْدُ مِنْهُ غَالِبًا الطُّعْمُ، وَإِنْ كَانَ تَنَاوُلُهُ نَادِرًا كَالْبَلُّوطِ وَقَوْلُهُ لِلطَّعْمِ قِيلَ يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْجُلُودِ) وَكَذَا أَطْرَافُ قُضْبَانِ الْعِنَبِ. قَوْلُهُ: (كَأُصُولِهَا) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّهَا فُرُوعٌ لَا أُصُولٌ، وَقَوْلُهُ مُخْتَلِفَةٌ فَأَجْرَى عَلَيْهَا حُكْمَ أُصُولِهَا. قَوْلُهُ: (وَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ بِدُهْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 جِنْسٌ. (وَاللُّحُومُ وَالْأَلْبَانُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (كَذَلِكَ) أَيْ أَجْنَاسٌ (فِي الْأَظْهَرِ) كَأُصُولِهَا، فَيَجُوزُ بَيْعُ لَحْمِ الْبَقَرِ بِلَحْمِ الضَّأْنِ مُتَفَاضِلًا، وَلَبَنِ الْبَقَرِ بِلَبَنِ الضَّأْنِ مُتَفَاضِلًا، وَالثَّانِي هِيَ جِنْسٌ فَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيمَا ذُكِرَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لُحُومُ الْبَقَرِ وَالْجَوَامِيسِ جِنْسٌ، وَلُحُومُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ جِنْسٌ، وَأَلْبَانُ الْبَقَرِ وَالْجَوَامِيسِ جِنْسٌ، وَأَلْبَانُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ جِنْسٌ. (وَالْمُمَاثَلَةُ تُعْتَبَرُ فِي الْمَكِيلِ كَيْلًا وَالْمَوْزُونِ وَزْنًا) فَالْمَكِيلُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَزْنًا، وَلَا يَضُرُّ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَيْلِ التَّفَاوُتُ وَزْنًا، وَالْمَوْزُونُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ كَيْلًا، وَلَا يَضُرُّ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْوَزْنِ التَّفَاوُتُ كَيْلًا (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي كَوْنِ الشَّيْءِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا. (غَالِبُ عَادَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِظُهُورِ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَأَقَرَّهُ، فَلَوْ أَحْدَثَ النَّاسُ خِلَافَ ذَلِكَ فَلَا اعْتِبَارَ بِإِحْدَاثِهِمْ. (وَمَا جُهِلَ) أَيْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ كَانَ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يُوزَنُ فِي عَهْدِهِ مَرَّةً وَيُكَالُ أُخْرَى وَلَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (يُرَاعَى فِيهِ عَادَةُ بَلَدِ الْبَيْعِ وَقِيلَ الْكَيْلُ) لِأَنَّ أَكْثَرَ الْمَطْعُومَاتِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكِيلٌ. (وَقِيلَ الْوَزْنُ) لِأَنَّهُ أَحْصَرُ وَأَقَلُّ تَفَاوُتًا. (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ) بَيْنَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ   [حاشية قليوبي] دُهْنُ الْبَنَفْسَجِ إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ كَابْنِ حَجَرٍ وَالْخَطِيبِ وَغَيْرِهِمْ: إنَّ اخْتِلَافَ جِنْسِ الدُّهْنِ تَابِعٌ لِاخْتِلَافِ جِنْسِ الْأَوْرَاقِ وَإِنْ اتَّحَدَ الدُّهْنُ، فَوَرَقُ الْبَنَفْسَجِ وَوَرَقُ الْوَرْدِ فِي الشَّيْرَجِ جِنْسَانِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ اعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الدُّهْنِ كَالزَّيْتِ وَالشَّيْرَجِ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ يُلْغِي اعْتِبَارَ الْأَوْرَاقِ، وَيُصَرِّحُ بِرَدِّهِ مَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا رُبِّيَ وَرَقُ الْبَنَفْسَجِ وَوَرَقُ الْوَرْدِ بِالسِّمْسِمِ جَازَ بَيْعُ دُهْنِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا بِدُهْنِهِ مِنْ الْآخَرِ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا فَتَأَمَّلْ. وَرَاجِعْ وَحَرِّرْ. قَوْلُهُ: (فَهِيَ جِنْسٌ) وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لُحُومُ الْبَقَرِ) وَمِنْهَا الْجَامُوسُ وَالْمَعْزُ مِنْ الْغَنَمِ وَالْمُرَادُ مِنْهَا الْأَهْلِيَّةُ لِأَنَّ كُلَّ أَهْلِيٍّ وَوَحْشِيٍّ جِنْسَانِ، وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ جِنْسَيْنِ جِنْسٌ ثَالِثٌ، وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنَّهُ مَعَ كُلٍّ مِنْ أَصْلَيْهِ كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ. تَنْبِيهٌ: الْجَرَادُ جِنْسٌ قَالَ شَيْخُنَا وَالسُّمُوكُ الْمَعْرُوفَةُ جِنْسٌ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: أَجْنَاسٌ وَأَمَّا بَقِيَّةُ حَيَوَانِ الْبَحْرِ فَأَجْنَاسٌ اتِّفَاقًا، وَالطُّيُورُ وَالْعَصَافِيرُ أَجْنَاسٌ وَالرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ وَالْقَلْبُ وَالْكَرِشُ وَالرِّئَةُ، وَالْمُخُّ وَشَحْمُ الظَّهْرِ وَالْأَلْيَةِ وَالسَّنَامِ أَجْنَاسٌ وَلَوْ مِنْ حَيَوَانٍ وَاحِدٍ. فُرُوعٌ: الزَّبِيبُ وَالْعِنَبُ وَالْحِصْرِمُ جِنْسٌ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَلَوْ مُتَمَاثِلًا وَطَلْعُ الْإِنَاثِ مِنْ النَّخْلِ وَالْبَلَحِ وَالْبُسْرِ وَالرُّطَبِ وَالتَّمْرِ جِنْسٌ كَذَلِكَ، وَكُلٌّ مِنْهَا مَعَ خَلِّهِ وَعَصِيرِهِ أَجْنَاسٌ وَطَلْعُ الْإِنَاثِ وَالذُّكُورِ جِنْسَانِ، وَالسَّمْنُ وَالْمَخِيضُ جِنْسَانِ وَالسُّكَّرُ وَالْفَانِيذُ أَصْلُهُ وَهُوَ الْعَسَلُ جِنْسَانِ وَكُلُّ حَبٍّ مَعَ دُهْنِهِ وَكُسْبِهِ أَجْنَاسٌ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ الْأَوَّلِ بِأَحَدِ الْأَخِيرَيْنِ، وَالْبِطِّيخُ الْأَخْضَرُ وَالْأَصْفَرُ وَالْقِثَّاءُ وَالْخِيَارُ أَجْنَاسٌ. وَكَذَا الْبُقُولُ وَسَتَأْتِي الْخُلُولُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُعْلَمْ إلَخْ) مِنْهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ هَلْ كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ لَا أَوْ هَلْ كَانَ فِي الْحِجَازِ أَوْ لَا أَوْ عُلِمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ نُسِيَ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا) أَيْ لَمْ تُعْلَمْ غَلَبَتُهُ. قَوْلُهُ: (تُرَاعَى فِيهِ إلَخْ) وَإِنْ خَالَفَ عَادَةَ الْحِجَازِ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعَادَةُ فِي الْبَلَدِ رُوعِيَ الْأَغْلَبُ فَالْأَكْثَرُ شَبَهًا بِهِ لِجَوَازِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ   [حاشية عميرة] الْوَرْدِ) يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا، لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُمَا وَاحِدًا كَالشَّيْرَجِ مَثَلًا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي هِيَ جِنْسٌ) أَيْ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاسْمِ الَّذِي لَا يَقَعُ التَّمْيِيزُ بَعْدَهُ إلَّا بِالْإِضَافَةِ فَكَانَتْ كَأَنْوَاعِ الثِّمَارِ وَلِأَنَّ أُصُولَهَا غَيْرُ رِبَوِيَّةٍ وَتَمَسَّكَ الْأَصْحَابُ لِلْأَوَّلِ بِأَنَّ أُصُولَهَا مُخْتَلِفَةٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِبِلَ فِي الزَّكَاةِ لَا تُضَمُّ إلَى الْغَنَمِ مَثَلًا فَلْيَثْبُتْ لِفُرُوعِهَا الِاخْتِلَافُ كَأُصُولِهَا. فَرْعٌ: إذَا قُلْنَا أَنَّهَا جِنْسٌ اسْتَوَى الْوَحْشِيُّ وَالْأَهْلِيُّ وَالْبَرِّيُّ وَالْبَحْرِيُّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَزْنًا) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ وَلَا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ، إلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ» ، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَرْفَعُهُ «مَا وُزِنَ مِثْلٌ بِمِثْلٍ إذَا كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا وَمَا كِيلَ مِثْلُ ذَلِكَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ أَصَلُّهُ. قَوْله: (فَعَلَى هَذَا إلَخْ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَالْبَصَلِ فَهُوَ عَلَى الْأَوْجُهِ الْبَاقِيَةِ، قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَكْبَرَ جُرْمًا مِنْ التَّمْرِ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا فَعَلَى هَذَا إلَخْ) فِي شَرْحِ الْكَمَالِ الْمَقْدِسِيَّ عِنْدَ مَا ثَبَتَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَالْأَدْهَانُ وَالْأَلْبَانُ مَكِيلَةٌ وَالْعَسَلُ وَالسَّمْنُ مَوْزُونَانِ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَغَيْرِهِ كَمَا تَرَى يُخَالِفُهُ فِي دُهْنِ السِّمْسِمِ وَاللَّوْزِ وَقَدْ يُوَفَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمَا مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 لِتَعَادُلِ وَجْهَيْهِمَا. (وَقِيلَ إنْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ اُعْتُبِرَ) أَصْلُهُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فِيهِ، فَعَلَى هَذَا دُهْنُ السِّمْسِمِ مَكِيلٌ، وَدُهْنُ اللَّوْزِ مَوْزُونٌ، وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَكْبَرَ جُرْمًا مِنْ التَّمْرِ، فَإِنْ كَانَ كَالْبَيْضِ فَالِاعْتِبَارُ فِيهِ بِالْوَزْنِ جَزْمًا، وَسَوَاءٌ الْمِكْيَالُ الْمُعْتَادُ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمَكَايِيلُ الْمُحْدَثَةُ بَعْدَهُ، وَيَجُوزُ الْكَيْلُ بِقَصْعَةٍ مَثَلًا فِي الْأَصَحِّ، وَالْوَزْنُ بِالْقَبَّانِ. (وَالنَّقْدُ) أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ مَضْرُوبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ. (بِالنَّقْدِ كَطَعَامٍ بِطَعَامٍ) فَإِنْ بِيعَ بِجِنْسِهِ كَذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ اُشْتُرِطَ الْمُمَاثَلَةُ وَالْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَإِنْ بِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ جَازَ التَّفَاضُلُ، وَاشْتُرِطَ الْحُلُولُ وَالتَّقَابُضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَلَا رِبَا فِي الْفُلُوسِ الرَّائِجَةِ فِي الْأَصَحِّ، فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَإِلَى أَجَلٍ. (وَلَوْ بَاعَ) طَعَامًا أَوْ نَقْدًا بِجِنْسِهِ (جِزَافًا) بِكَسْرِ الْجِيمِ (تَخْمِينًا) أَيْ حِرْزًا لِلتَّسَاوِي (لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ (وَإِنْ خَرَجَا سَوَاءً) لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ حَالَ الْبَيْعِ، وَبَيْعُهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ جِزَافًا يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا، وَلَوْ بَاعَهُ هَذِهِ الصُّبْرَةَ بِتِلْكَ مُكَايَلَةً أَيْ كَيْلًا بِكَيْلٍ أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِتِلْكَ مُوَازَنَةً فَإِنْ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا وَخَرَجَتَا سَوَاءٌ صَحَّ الْبَيْعُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَعَلَى الثَّانِي يَصِحُّ فِي الْكَبِيرَةِ بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُ الصَّغِيرَةَ، وَلِمُشْتَرِي الْكَبِيرَةِ الْخِيَارُ. (وَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ) فِي الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ. (وَقْتَ الْجَفَافِ) أَيْ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْكَمَالُ (وَقَدْ يُعْتَبَرُ الْكَمَالُ) بِالْجَفَافِ (أَوَّلًا) وَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَرَايَا الْآتِيَةِ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ. (فَلَا يُبَاعُ رُطَبٌ) بِضَمِّ الرَّاءِ (بِرُطَبٍ وَلَا بِتَمْرٍ وَلَا عِنَبٌ بِعِنَبٍ وَلَا بِزَبِيبٍ) لِلْجَهْلِ الْآنَ بِالْمُمَاثَلَةِ وَقْتَ الْجَفَافِ، وَالْأَصْلُ   [حاشية قليوبي] مَعًا. قَوْلُهُ: (أَوْ الْوَزْنُ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَصْلِ. قَوْلُهُ (وَدُهْنُ اللَّوْزِ مَوْزُونٌ) كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَتَبِعَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ وَابْنُ حَجَرٍ وَشَرْحُ شَيْخِنَا وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ كَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ شَيْخِنَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ اللَّوْزَ مَكِيلٌ. قَوْلُهُ: (وَالْوَزْنُ بِالْقَبَّانِ) أَيْ لَا بِالْمَاءِ وَفَارَقَ الزَّكَاةَ وَالسَّلَمَ بِتَعَيُّنِ عَادَةِ الرَّسُولِ هُنَا. قَوْلُهُ: (الرَّائِجَةُ) قَيْدٌ لِلْخِلَافِ فَلَا رِبًا فِي غَيْرِهَا قَطْعًا. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْجِيمِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ وَفِيهَا الْفَتْحُ وَالضَّمُّ. قَوْلُهُ: (حَزْرًا) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ تَفْسِيرُ التَّخْمِينِ وَخَرَجَ بِهِ عِلْمُ التَّسَاوِي وَلَوْ بِإِخْبَارِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فَيَصِحُّ، وَلَا حَاجَةَ فِي قَبْضِهِمَا إلَى كَيْلٍ وَكَذَا مَا يَأْتِي قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَ إلَخْ) هَذَا فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ فَغَيْرُهُ صَحِيحٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَخَرَجَا سَوَاءً أَوْ لَا لَكِنْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِمَنْ لَحِقَهُ الضَّرَرُ فَإِنْ سَمَحَ صَاحِبُ الزِّيَادَةِ بِهَا أَوْ رَضِيَ الْآخَرُ بِتَرْكِهَا بَقِيَ الْعَقْدُ، وَإِنْ تَشَاحَّا فُسِخَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ) أَيْ بِقَصْدِ وُجُودِهَا أَوْ لَا بُدَّ مِنْهَا أَوْ تُوجَدُ وَتَتَحَقَّقُ أَوْ تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْبَيْعِ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (فِي الثِّمَارِ) وَفِي الْمَنْهَجِ الثَّمَرُ بِالْمُثَلَّثَةِ. قَوْلُهُ: (الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْكَمَالُ) لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ وَهُوَ وُصُولُ الشَّيْءِ إلَى حَالَةٍ يُطْلَبُ فِيهَا غَالِبًا. قَوْلُهُ: (وَقَدْ يُعْتَبَرُ) أَيْ يُفْرَضُ وَيُقَدَّرُ قَبْلَ وُجُودِهِ أَوْ يُوجَدُ بِالْفِعْلِ كَمَا فِي اللَّبَنِ وَعَصِيرِ نَحْوِ الْعِنَبِ. وَاخْتَارَ الشَّارِحُ الْأَوَّلَ لِعِلْمِ غَيْرِهِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (فَلَا يُبَاعُ رُطَبٌ بِرُطَبٍ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَضَبْطُهُ بِضَمِّ الرَّاءِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ ذِكْرِ الْعِنَبِ وَغَيْرِهِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ. وَلِذَلِكَ ضَبَطَهُ فِي الْمَنْهَجِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَاسْتَغْنَى   [حاشية عميرة] الْمَجْهُولِ أَوْ لَمْ يَكُونَا فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (وَدُهْنُ اللَّوْزِ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّ اللَّوْزَ مَوْزُونٌ وَضَعَّفَهُ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (فَالِاعْتِبَارُ فِيهِ بِالْوَزْنِ جَزْمًا) أَلْحَقَ الْإِسْنَوِيُّ بِذَلِكَ الرُّمَّانَ وَالْبِطِّيخَ وَالسَّفَرْجَلَ وَنَحْوَهَا قَالَ: هَذِهِ لَا تَتَقَدَّرُ بِكَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ فَالْقَدِيمُ مَنْعُ بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَالْجَدِيدُ يَجُوزُ وَزْنًا بِشَرْطِ الْجَفَافُ. قَوْلُهُ: (بِالْقَبَّانِ) أَصْلُهُ عَجَمِيٌّ بِالْبَاءِ الْمَشُوبَةُ فَاءً، ثُمَّ عُرِّبَ بِيَاءٍ خَالِصَةٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ بِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ إلَخْ) . فَرْعٌ: قَالَ بِعْتُك هَذَا الدِّينَارَ الْمَشْرِقِيَّ بِكَذَا فَإِذَا هُوَ مَغْرِبِيٌّ صَحَّ وَثَبَتَ الْخِيَارُ وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ الْحَبَشِيُّ فَإِذَا هُوَ تُرْكِيٌّ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْجِيمِ) وَضَمِّهَا وَفَتْحِهَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَخْمِينًا) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ كَأَنَّهُ احْتَرَزَ عَمَّا إذَا عَلِمَا تَمَاثُلَ الصُّبْرَتَيْنِ ثُمَّ تَبَايَعَا جُزَافًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَا يُحْتَاجُ فِي الْقَبْضِ إلَى كَيْلٍ بَلْ لَهُمَا حُكْمُ الْبَيْعِ جُزَافًا قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ) أَيْ جَهِلَ بِهَا كَحَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ قَالَ الْأَصْحَابُ: وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا مَا رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنْ التَّمْرِ لَا يُعْلَمُ مِكْيَالُهَا بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنْ التَّمْرِ» . قَوْلُهُ: (فِي الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ) وَكَذَا اللَّحْمُ. قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَرَايَا إلَخْ) قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ الْمُمَاثَلَةُ قَدْ تُعْتَبَرُ أَوَّلًا وَيَكْتَفِي بِذَلِكَ كَمَا فِي الْعَصِيرِ وَلَا تُشْتَرَطُ الْحَالَةُ الْأَخِيرَةُ كَالْخَلِّ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يُبَاعُ رُطَبٌ بِرُطَبٍ) وَذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ إلَى جَوَازِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ إشَارَةٌ) وَجْهُ الْإِشَارَةِ أَنَّ نُقْصَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 فِي ذَلِكَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ؟ فَقَالُوا نَعَمْ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ» ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْجَفَافِ وَأُلْحِقَ بِالرُّطَبِ فِيمَا ذُكِرَ طَرِيُّ اللَّحْمِ فَلَا يُبَاعُ بِطَرِيِّهِ وَلَا بِقَدِيدِهِ مِنْ جِنْسِهِ، وَيُبَاعُ بِقَدِيدِهِ بِلَا عَظْمٍ وَلَا مِلْحٍ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ. (وَمَا لَا جَفَافَ لَهُ كَالْقِثَّاءِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَدِّ (وَالْعِنَبِ الَّذِي لَا يَتَزَبَّبُ لَا يُبَاعُ) بَعْضُهُ بِبَعْضٍ (أَصْلًا) كَالرُّطَبِ بِالرُّطَبِ (وَفِي قَوْلٍ تَكْفِي مُمَاثَلَتُهُ رَطْبًا) بِفَتْحِ الرَّاءِ كَاللَّبَنِ بِاللَّبَنِ فَيُبَاعُ وَزْنًا وَإِنْ أَمْكَنَ كَيْلُهُ، وَقِيلَ مَا يُمْكِنُ كَيْلُهُ كَالتُّفَّاحِ وَالتِّينِ يُبَاعُ كَيْلًا، وَلَا بَأْسَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ بِتَفَاوُتِ الْعَدَدِ، وَمِمَّا لَا جَفَافَ فِيهِ الزَّيْتُونُ، وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ وَارْتَضَاهُ جَوَازَ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَسِيطِ. (وَلَا تَكْفِي مُمَاثَلَةُ الدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ) أَيْ دَقِيقِ   [حاشية قليوبي] عَمَّا بَعْدَهُ فَهُوَ أَخْصَرُ وَأَعَمُّ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ هُنَا رَاعَى لَفْظَ الدَّلِيلِ. قَوْلُهُ (وَلَا بِتَمْرٍ) وَلَا بِبَلَحٍ وَلَا بِبُسْرٍ وَلَا بِطَلْعِ إنَاثٍ وَلَا بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ لِأَنَّهَا جِنْسٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ الْآنَ بِالْمُمَاثَلَةِ) لَوْ زَادَ أَوْ تَحَقُّقِ الْمُفَاضَلَةِ لِيَشْمَلَ بَيْعَ تَمْرٍ بِقَدْرِهِ مِنْ الرُّطَبِ لَكَانَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا تُعْلَمُ بِالْأَوْلَى فَهُوَ اقْتِصَارٌ عَلَى أَقَلَّ دَرَجَاتِ الْبُطْلَانِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي اعْتِبَارِ الْكَمَالِ الَّذِي تَتَحَقَّقُ بِهِ الْمُمَاثَلَةُ أَوْ اعْتِبَارُ الْمُمَاثَلَةِ وَقْتَ الْجَفَافِ، وَلَا تُرَدُّ مَسْأَلَةُ الْعَرَايَا الْآتِيَةُ لِأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْكَمَالِ فِيهَا بِالْفِعْلِ، وَإِلَّا فَالْكَمَالُ مُعْتَبَرٌ فِيهَا تَقْدِيرًا. قَوْلُهُ: (أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ) أَيْ هَلْ يَحْصُلُ فِيهِ نَقْصٌ فِي ذَاتِهِ بِجَفَافِهِ فَشَمِلَ بَيْعَهُ بِمِثْلِهِ مِنْ الثَّمَرِ أَوْ بِدُونِهِ مِنْهُ أَوْ بِمِثْلِهِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ إشَارَةٌ) أَيْ فِي السُّؤَالِ عَنْ هَذَا الْمَعْلُومِ وُجُودُهُ إشَارَةً إلَى مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (وَأُلْحِقَ بِالرُّطَبِ فِيمَا ذُكِرَ طَرِيُّ اللَّحْمِ) وَكَذَا طَرِيُّ الثِّمَارِ كَالْعِنَبِ وَالْحُبُوبِ كَالْبُرِّ الْمَبْلُولِ وَالْفَرِيكِ، وَسَكَتَ عَنْ ذَلِكَ لِظُهُورِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَجْهُ ذِكْرَهُ لِعُمُومِ الْقِيَاسِ فِي كُلِّ رُطَبٍ وَلَوْ عَارِضًا يَنْقُصُ بِجَفَافِهِ نَعَمْ لَا يُعْتَبَرُ تَنَاهِي جَفَافِهَا بَلْ وُصُولِهَا إلَى حَدٍّ لَوْ جَفَّتْ بَعْدَهُ لَمْ تَنْقُصْ قَدْرًا يَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ، وَمِنْهُ بَيْعُ الْفَرِيكِ وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الرَّوْضِ إذَا تَمَّ جَفَافُهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ جِنْسِهِ) قَيْدٌ فِي الطَّرِيِّ وَالْقَدِيدِ. قَوْلُهُ: (بِلَا عَظْمٍ) أَيْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِبَقَائِهِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا مِلْحَ) أَيْ لِغَيْرِ الْإِصْلَاحِ وَنَفْيِ ظُهُورِهِمَا قَيْدٌ لِوُجُودِ الْمُمَاثَلَةِ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ الَّذِي فِي كَلَامِهِ. وَكَذَا هُوَ قَيْدٌ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ مَعَ اخْتِلَافِهِ وَلَوْ مُتَفَاضِلًا فَإِنْ ظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ مُطْلَقًا وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لِلْجَهْلِ بِالْمَقْصُودِ. فَرْعٌ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ نَحْوَ بُرٍّ مَبْلُولٍ بِجِنْسِهِ وَلَوْ بَعْدَ جَفَافِهِ أَوْ بِغَيْرِ مَبْلُولٍ وَمِثْلُهُ مَا يَبْطُلُ كَمَالُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالْمَقْلِيِّ وَالْمَشْوِيِّ وَمَنْزُوعِ النَّوَى مِنْ نَحْوِ الثَّمَرِ، بِخِلَافِ مُفَلَّقِ الْبِطِّيخِ وَالْكُمَّثْرَى وَالْمِشْمِشِ وَنَحْوِهَا نَعَمْ يُتَّجَهُ صِحَّةُ بَيْعِ الْعَجْوَةِ الْمَنْسُولَةِ لِمَعْرٍ وَلِكَمَالِهَا وَخُلُوِّهَا عَمَّا يَمْنَعُ الْمُمَاثَلَةَ فِيهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَالْقِثَّاءِ) وَإِنْ عَرَضَ الْجَفَافُ لِبَعْضِ أَنْوَاعِهَا خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَإِنْ وَافَقَهُ ظَاهِرُ شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْقَافِ) أَوْ ضَمِّهَا. قَوْلُهُ (مَا يُمْكِنُ كَيْلُهُ) فَالْمُعْتَبَرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إمْكَانُ الْكَيْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِعْيَارًا فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْوَزْنِ فِيمَا هُوَ أَكْبَرُ جُرْمًا مِنْ الثَّمَرِ. قَوْلُهُ: (وَمِمَّا لَا جَفَافَ لَهُ الزَّيْتُونُ) لِمَنْ رُطُوبَتُهُ دُهْنِيَّةٌ لَا مَائِيَّةٌ فَلِذَلِكَ كَانَ الْمُعْتَمَدُ صِحَّةَ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهِ كَمَا فَعَلَهُ بَعْضُهُمْ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ الْجَفَافِ أَعَمُّ مِنْ الرَّطْبِ بِفَتْحِ الرَّاءِ لِأَنَّهُ مَا فِيهِ مَائِيَّةٌ فَهُوَ مُسْتَثْنًى بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُشِيرُ إلَيْهِ بَلْ صَرِيحٌ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (صَاحِبُ التَّقْرِيبِ) وَهُوَ ابْنُ الْقَفَّالِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَكْفِي مُمَاثَلَةُ الدَّقِيقِ) أَيْ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الْحُبُوبِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ دَقِيقًا كَجَرِيشِ الْفُولِ وَالْعَدَسِ وَالْكُنَافَةِ وَالشِّعْرِيَّةِ، وَعَطْفُ السَّوِيقِ عَلَيْهِ خَاصٌّ لِإِفَادَةِ الْمَنْعِ فِيمَا دَخَلَتْهُ النَّارُ وَتَفْسِيرُهُ بِمَا يُعْمَلُ مِنْ الشَّعِيرِ نَظَرًا لِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَالْمُرَادُ الْأَعَمُّ. تَنْبِيهٌ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِمَّا فِيهِ الدَّقِيقُ بِمَا فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُ كَالْحَلْوَى بِالنَّشَاءِ وَالْأَقِطِ.   [حاشية عميرة] الرُّطَبِ بِالْجَفَافِ أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُ فَكَانَ الْغَرَضُ مِنْ السُّؤَالِ الْإِشَارَةُ، إلَى هَذَا وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ امْتِنَاعَ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالْجَفَافِ لِتَحَقُّقِ النُّقْصَانِ، وَامْتِنَاعَ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ لِجَهْلِ الْمُمَاثَلَةِ كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَالشَّارِحُ فِيمَا سَلَفَ اُقْتُصِرَ فِي الْكُلِّ عَلَى جَهْلِ الْمُمَاثَلَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْقَافُ) وَبِالضَّمِّ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَصْلًا) يُوهِمُ عَدَمَ الصِّحَّةِ وَلَوْ عَرَضَ لَهُ جَفَافٌ عَلَى نُدُورٍ الظَّاهِرُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ مَا يُمْكِنُ كَيْلُهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا هُوَ يُشْكِلُ بِمَا سَلَفَ مِنْ أَنَّ الَّذِي يَكُونُ أَكْبَرَ جُرْمًا مِنْ التَّمْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 الشَّعِيرِ. (وَالْخُبْزِ) فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهَا بِبَعْضِهِ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ الْمُعْتَبَرَةِ بِتَفَاوُتِ الدَّقِيقِ فِي النُّعُومَةِ وَالْخَبْزِ فِي تَأْثِيرِ النَّارِ. (بَلْ تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْحُبُوبِ حَبًّا) لِتَحَقُّقِهَا فِيهَا وَقْتَ الْجَفَافِ (وَ) تُعْتَبَرُ (فِي حُبُوبِ الدُّهْنِ كَالسِّمْسِمِ) بِكَسْرِ السِّينَيْنِ (حَبًّا أَوْ دُهْنًا وَفِي الْعِنَبِ زَبِيبًا أَوْ خَلَّ عِنَبٍ، وَكَذَا الْعَصِيرُ) أَيْ عَصِيرُ الْعِنَبِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَا ذُكِرَ حَالَاتُ كَمَالٍ فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ السِّمْسِمِ أَوْ دُهْنِهِ بِبَعْضٍ وَبَيْعُ بَعْضِ الزَّبِيبِ أَوْ خَلِّ الْعِنَبِ بِبَعْضٍ وَبَيْعُ بَعْضِ عَصِيرِ الْعِنَبِ بِبَعْضٍ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهِ يُمْنَعُ كَمَا لَهُ وَمِثْلُهُ عَصِيرُ الرُّطَبِ وَالرُّمَّانِ وَقَصَبُ السُّكَّرِ وَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ خَلِّ الرُّطَبِ بِبَعْضٍ بِخِلَافِ خَلِّ الزَّبِيبِ أَوْ التَّمْرِ لِأَنَّ فِيهِ مَاءً، فَيَمْتَنِعُ الْعِلْمُ بِالْمُمَاثَلَةِ وَالْمِعْيَارُ فِي الدُّهْنِ وَالْخَلِّ وَالْعَصِيرِ الْكَيْلُ. (وَ) تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ (فِي اللَّبَنِ لَبَنًا) بِحَالِهِ (أَوْ سَمْنًا أَوْ مَخِيضًا صَافِيًا) أَيْ خَالِصًا مِنْ الْمَاءِ، فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ اللَّبَنِ   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ: النُّخَالَةُ وَالْحَبُّ الْمُسَوِّسُ الْخَالِي مِنْ اللُّبِّ لَيْسَا رِبَوِيَّيْنِ كَالشَّمْعِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا صِحَّةُ بَيْعِ النُّخَالَةِ وَالْمُسَوِّسِ الْمَذْكُورِ بِالْحَبِّ السَّلِيمِ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ فَالْوَجْهُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (فِي حُبُوبِ الدُّهْنِ) أَيْ مِنْ الرِّبَوِيِّ بِخِلَافِ الْبِزْرِ وَالْقُرْطُمِ وَدُهْنِهِمَا وَكَسْبِهِمَا لِأَنَّهَا غَيْرُ رِبَوِيَّةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حَبًّا أَوْ دُهْنًا) وَكَذَا الْكُسْبُ الْخَالِي مِنْ دُهْنٍ يُقْصَدُ فَصْلُهُ وَغَيْرُ حَبِّ السِّمْسِمِ كَالْجَوْزِ مِثْلُهُ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الطَّحِينَةُ وَهِيَ مِنْ الدَّقِيقِ كَمَا مَرَّ. فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَلَا بِالشَّيْرَجِ وَلَا بِالْكُسْبِ وَلَا بِالسِّمْسِمِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا بِالدَّرَاهِمِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ دُهْنِهِ) أَيْ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ دُهْنِ السِّمْسِمِ بِبَعْضِهِ مُتَمَاثِلًا. وَكَذَا بَعْضُ كُسْبِهِ بِبَعْضٍ. وَكَذَا بَيْعُ دُهْنِهِ بِكُسْبِهِ وَلَوْ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مَا مَرَّ. نَعَمْ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا وُضِعَتْ فِي دُهْنِهِ أَوْ رُبِّيَ بِحَبِّهِ أَوْرَاقٌ كَالْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ فَهُوَ أَجْنَاسٌ فَيَجُوزُ بَيْعُ دُهْنِ وَاحِدٍ مِنْهَا بِدُهْنِ الْآخَرِ وَلَوْ مُتَفَاضِلًا، وَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهَا بِبَعْضٍ مُتَمَاثِلًا فِي الْمُرَبَّى وَفِي غَيْرِهِ إنْ خَلَا عَنْ يَسِيرِ وَرَقٍ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَمِثْلُهُ) أَيْ وَمِثْلُ عَصِيرِ الْعِنَبِ فِي الْحُكْمِ وَالْخِلَافُ عَصِيرُ الرُّطَبِ وَالرُّمَّانِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ. وَكَذَا غَيْرُهَا. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ خَلِّ الْعِنَبِ إلَخْ) حَاصِلُ صُوَرِ الْخُلُولِ الْمَذْكُورِ هُنَا سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي مِثْلِهَا لِأَنَّهَا مِنْ عِنَبٍ وَزَبِيبٍ وَرُطَبٍ وَتَمْرٍ، وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا مَعَ نَفْسِهِ أَوْ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهَا فَيَسْقُطُ مِنْهَا سِتَّةٌ مُكَرَّرَةٌ وَيَبْقَى عَشْرَةٌ مِنْهَا خَمْسَةٌ صَحِيحَةٌ وَخَمْسَةٌ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْخَلَّيْنِ مَاءٌ أَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي أَحَدِهِمَا وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَإِلَّا فَبَاطِلٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ عَذْبًا أَوْ غَيْرَ عَذْبٍ خِلَافًا لِابْنِ شُهْبَةَ فِي اعْتِمَادِهِ الصِّحَّةَ فِي غَيْرِ الْعَذْبِ إذْ قَاعِدَةُ مُدِّ عَجْوَةٍ، وَالتَّعْلِيلُ بِالْجَهْلِ بِالْمَقْصُودِ يَرُدَّانِ عَلَيْهِ، بَلْ مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ الْبُطْلَانُ فِي مُخْتَلَفِ الْجِنْسِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمِعْيَارُ فِي الدُّهْنِ وَالْخَلِّ وَالْعَصِيرِ الْكَيْلُ) نَعَمْ الْمِعْيَارُ فِي السَّمْنِ الْجَامِدِ الْوَزْنُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ جَامِدِهِ بِمَائِعِهِ لِاخْتِلَافِ مِعْيَارِهِمَا وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ دُهْنٍ جَامِدٍ مَعَ مَائِعِهِ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ وَمِنْ قَاعِدَةِ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ شَيْءٍ مِمَّا اُتُّخِذَ مِنْهُ أَوْ بِمَا فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا اُتُّخِذَ مِنْهُ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ عَصِيرِ الْعِنَبِ بِهِ وَلَا خَلِّهِ بِهِ وَيَصِحُّ بَيْعُ خَلِّهِ بِعَصِيرِهِ وَلَوْ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ كَمَا مَرَّ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الرَّطْبِ مَعَ خَلِّهِ وَعَصِيرِهِ، لَا يُقَالُ الْعَصِيرُ أَصْلٌ لِلْخَلِّ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ غَيْرُ مُشْتَمِلٍ عَلَيْهِ مَعَ كَثْرَةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمَا فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ. وَأَمَّا بَيْعُ الزَّبِيبِ بِخُفِّ الْعِنَبِ أَوْ عَصِيرِهِ فَقَالَ السُّبْكِيُّ بِبُطْلَانِهِ وَهُوَ وَجِيهٌ. وَقَالَ الشَّيْخَانِ بِصِحَّتِهِ وَإِلَيْهِ مَالَ شَيْخُنَا م ر. وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ. وَقَدْ نَقَلَ الْعَلَّامَةُ عَنْ شَيْخِنَا م ر فِي حَاشِيَةِ الْعُبَابِ الْبُطْلَانَ وَيُقَاسُ بِهِ خَلُّ الرُّطَبِ وَعَصِيرُهُ مَعَ التَّمْرِ وَعَكْسِهِمَا. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمَنْهَجِ وَلَا حَبِّهِ بِهِ أَيْ لَا يَصِحُّ بَيْعُ حَبٍّ بِمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَتْ مِنْ أَفْرَادٍ قَبْلَهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ دُخُولِهَا فِيهِ أَوْ فِيمَا عُلِّلَ بِهِ وَلِفَسَادِهِ شُمُولُ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهَا لَهَا فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لَبَنًا بِحَالِهِ) أَيْ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ إلَى حَالَةٍ مِمَّا   [حاشية عميرة] مِعْيَارُهُ الْوَزْنُ قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ : (وَالْخُبْزُ) مِثْلُهُ الْعَجِينُ وَالنَّشَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْحُبُوبِ) أَيْ الَّتِي لَا دُهْنَ لَهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَبًّا) أَيْ مُتَنَاهِي الْجَفَافِ غَيْرَ مَقْلِيٍّ وَلَا فَرِيكٍ وَلَا مَقْشُورٍ وَلَا مَبْلُولٍ وَإِنْ جَفَّ لِتَفَاوُتِ انْكِمَاشِهِ عِنْدَ الْجَفَافِ، ثُمَّ كَلَامُهُ يُفِيدُك أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَبِّ بِشَيْءٍ مِمَّا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَالدَّقِيقِ وَالنَّشَا وَالْخُبْزِ وَلَا بِمَا فِيهِ شَيْءٍ مِمَّا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَالْحَلْوَى الْمَعْمُولَةِ بِالنَّشَا وَالْمَصْلِ فَإِنَّ فِيهِ الدَّقِيقَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ لِخُرُوجِهَا عَنْ حَالَةِ الْكَمَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ مَخِيضًا) اعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ قِسْمٌ مِنْ اللَّبَنِ فَكَيْفَ جُعِلَ قَسِيمًا لَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ خَالِصًا مِنْ الْمَاءِ) كَذَا يُشْتَرَطُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 بِبَعْضٍ كَيْلًا سَوَاءٌ فِيهِ الْحَلِيبُ وَالْحَامِضُ وَالرَّائِبُ وَالْخَاثِرُ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلِيًّا بِالنَّارِ وَلَا مُبَالَاةَ بِكَوْنِ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ مِنْ الْخَاثِرِ أَكْثَرَ وَزْنًا، وَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ السَّمْنِ بِبَعْضٍ وَزْنًا عَلَى النَّصِّ، وَقِيلَ كَيْلًا، وَقِيلَ وَزْنًا إنْ كَانَ جَامِدًا وَكَيْلًا إنْ كَانَ مَائِعًا، وَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ الْمَخِيضِ الصَّافِي بِبَعْضٍ. أَمَّا الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ، وَلَا بِخَالِصٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ (وَلَا تَكْفِي الْمُمَاثَلَةُ فِي سَائِرِ أَحْوَالِهِ) أَيْ بَاقِيهَا (كَالْجُبْنِ وَالْأَقِطِ) وَالْمَصْلِ وَالزُّبْدِ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ مُخَالَطَةِ شَيْءٍ، فَالْجُبْنُ تُخَالِطُهُ الْإِنْفَحَةُ وَالْأَقِطُ يُخَالِطُهُ الْمِلْحُ، وَالْمَصْلُ يُخَالِطُهُ الدَّقِيقُ، وَالزُّبْدُ لَا يَخْلُو عَنْ قَلِيلِ مَخِيضٍ، فَلَا تَتَحَقَّقُ فِيهَا الْمُمَاثَلَةُ الْمُعْتَبَرَةُ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهَا بِبَعْضِهِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الزُّبْدِ بِالسَّمْنِ، وَلَا بَيْعُ اللَّبَنِ بِمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَالسَّمْنِ وَالْمَخِيضِ. (وَلَا تَكْفِي مُمَاثَلَةُ مَا أَثَّرَتْ فِيهِ النَّارُ بِالطَّبْخِ أَوْ الْقَلْيِ أَوْ الشَّيِّ) فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ حَبًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَالسِّمْسِمِ وَاللَّحْمِ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ بِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ النَّارِ قُوَّةً وَضَعْفًا، وَفِيمَا أَثَّرَتْ فِيهِ بِالْعَقْدِ كَالدِّبْسِ وَالسُّكَّرِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. (وَلَا يَضُرُّ تَأْثِيرُ تَمْيِيزٍ) بِالنَّارِ (كَالْعَسَلِ وَالسَّمْنِ) يُمَيَّزَانِ بِالنَّارِ عَنْ الشَّمْعِ وَاللَّبَنِ فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِبَعْضِهِ بَعْدَ التَّمْيِيزِ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ (وَإِذَا جَمَعَتْ الصَّفْقَةُ) أَيْ عَقْدُ الْبَيْعِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَحَدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ يُصَفِّقُ يَدَهُ عَلَى يَدِ الْآخَرِ فِي عَادَةِ الْعَرَبِ (رِبَوِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ) أَيْ جِنْسُ الرِّبَوِيِّ   [حاشية قليوبي] بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَالْمَخِيضُ قِسْمٌ مِنْهُ) لَا قَسِيمٌ لَهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَلَا يَضُرُّ خَلْطُهُ بِيَسِيرِ مَاءٍ لِإِصْلَاحِهِ. قَوْلُهُ: (خَالِصًا) رَاجِعٌ لِلْمَخِيضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ لِأَنَّ خُلُوصَ غَيْرِهِ مَعْلُومٌ وَيَجُوزُ رُجُوعُهُ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ لِيَخْرُجَ خَلْطُ اللَّبَنِ بِنَحْوِ مَا لَا يُغْتَفَرُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَاءِ) أَيْ أَوْ مِنْ فُتَاتِ سَمْنٍ أَوْ مِلْحٍ. قَوْلُهُ: (الْخَاثِرُ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ هُوَ مَا بَيْنَ الْحَلِيبِ وَالرَّائِبِ وَمَاضِيهِ مُثَلَّثُ الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَكُنْ) أَيْ اللَّبَنُ بِأَنْوَاعِهِ مَغْلِيًّا بِالنَّارِ فَلَا يَضُرُّ تَسْخِينُهُ، وَفَارَقَ الْمَاءَ الْمَغْلِيَّ لِأَنَّ الذَّاهِبَ مِنْهُ مَاءٌ مِنْ جِنْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ وَزْنًا إلَخْ) أَيْ الْمِعْيَارُ فِي السَّمْنِ الْوَزْنُ فِي الْجَامِدِ، وَالْكَيْلُ فِي الْمَائِعِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَوْ الْجَامِدُ يُعْتَبَرُ بِمَا مَرَّ فِي النَّجَاسَةِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ) أَيْ الَّذِي لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ. وَكَذَا مَا فِيهِ فُتَاتُ سَمْنٍ أَوْ مِلْحٍ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ وَلَا بِخَالِصٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَصَرِيحُ هَذِهِ الْعِلَّةِ جَوَازُ بَيْعِهِ بِالدَّرَاهِمِ وَبِبَقِيَّةِ أَنْوَاعِهِ الْآتِيَةِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا) أَيْ الْجُبْنَ وَالْأَقِطَ وَالْمَصْلَ وَالزُّبْدَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهَا بِبَعْضِهِ) وَلَا بَيْعُ وَاحِدٍ مِنْهَا بِاللَّبَنِ وَلَا بِمَا فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُ، إمَّا بَيْعُ وَاحِدٍ مِنْهَا بِوَاحِدٍ مِنْ الْبَقِيَّةِ فَإِنْ قُلْنَا هِيَ أَجْنَاسٌ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْخَطِيبُ فَصَحِيحٌ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُخَالِطُ يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمَقْصُودِ كَالزَّيْتِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ لَمْ يَصِحَّ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الزُّبْدِ بِالسَّمْنِ) أَيْ وَلَا بِغَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِاشْتِمَالٍ عَلَى الْمَخِيضِ الْمَانِعِ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ، قَالَ شَيْخُنَا، فَإِنْ خَلَا عَنْهُ صَحَّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ، قَوْلُ السُّبْكِيّ بِالصِّحَّةِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا أَثَّرَتْ إلَخْ) أَوْرَدَهُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِمَكَانِ الْخِلَافِ فِيهِ وَيَرْجِعُ فِيهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ   [حاشية عميرة] كَوْنُهُ خَالِصًا مِنْ الزَّبَدِ وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ بِزُبْدٍ وَبِسَمْنٍ لِكَوْنِهِ حِينَئِذٍ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ لَا لِعَدَمِ كَمَالِهِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ قَالَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ السَّمْنِ إلَخْ) مِثْلُهُ عَسَلُ النَّحْلِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ الْمَخِيضِ لِصَافِي بِبَعْضٍ) يَجُوزُ أَيْضًا بَيْعُهُ بِالسَّمْنِ وَبِالزَّبَدِ مُتَفَاضِلًا وَيَمْتَنِعُ بِاللَّبَنِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْمَاءَ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ. قَالَ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَطَائِفَةٌ أَنَّ زَبَدَهُ لَا يُخْرِجُهُ إلَّا الْمَاءُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: بَلْ شَوْبُ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ يَمْنَعُ بَيْعَهُ مُطْلَقًا لِلْجَهْلِ بِاللَّبَنِ الْمَقْصُودِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَقِطُ إلَخْ) وَأَيْضًا الْأَقِطُ وَالْمَصْلُ يَدْخُلُهُمَا النَّارُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ بَيْعٌ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: لَوْ كَانَ الزُّبْدَانِ جِنْسَيْنِ جَازَ لِأَنَّ مَا فِيهِمَا مِنْ اللَّبَنِ غَيْرَ مَقْصُودٍ، وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَخِيضِ الْمَنْزُوعِ الزَّبَدِ بِالسَّمْنِ مُتَفَاضِلًا اتِّفَاقًا وَبِالزَّبَدِ كَذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ السُّبْكِيُّ الْجُبْنَ وَالْأَقِطَ وَالْمَصْلَ. ثُمَّ قَالَ: وَكَمَا يَمْتَنِعُ بَيْعُ بَعْضِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِمِثْلِهَا يَمْتَنِعُ بِالْآخَرِ وَبِاللَّبَنِ وَكَذَلِكَ بِالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ وَالْمَخِيضِ قَالَهُ الْمَحَلِّيُّ. قَوْلُهُ: (وَلَا بَيْعُ اللَّبَنِ بِمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ كَمَا فِي الشَّيْرَجِ بِالسِّمْسِمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبِالطَّبْخِ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ تَأْثِيرُ التَّمْيِيزِ الْآتِي وَكَذَا تَأْثِيرُ الْحَرَارَةِ كَالْمِيَاهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ قَوِيَّ النَّارِ وَضَعِيفَهَا. قَوْلُهُ: (حَبًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ لِأَنَّ تَأْثِيرَ النَّارِ فِيهِ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَالْعَسَلِ) وَكَذَا الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ) فَيَكُونُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (رِبَوِيًّا) أَيْ جِنْسًا وَاحِدًا كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، لِئَلَّا يَرِدَ مَا لَوْ بَاعَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 (مِنْهُمَا) جَمِيعِهِمَا أَوْ مَجْمُوعِهِمَا بِأَنْ اشْتَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى جِنْسَيْنِ اشْتَمَلَ الْآخَرُ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ. (كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدٍّ وَدِرْهَمٍ وَكَمُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْنِ أَوْ دِرْهَمَيْنِ أَوْ) اخْتَلَفَ (النَّوْعُ) أَيْ نَوْعُ الرِّبَوِيِّ بِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ مَثَلًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ جَمِيعِهِمَا أَوْ مَجْمُوعِهِمَا بِأَنْ اشْتَمَلَ أَحَدُهُمَا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ عَلَى مَوْصُوفَيْنِ بِصِفَتَيْنِ اشْتَمَلَ الْآخَرُ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ. (كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ بِهِمَا) أَيْ بِصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ (أَوْ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِصِحَاحٍ فَقَطْ أَوْ بِمُكَسَّرَةٍ فَقَطْ، وَقِيمَةُ الْمُكَسَّرَةِ دُونَ قِيمَةِ الصِّحَاحِ فِي الْجَمِيعِ. (فَبَاطِلَةٌ) لِأَنَّ قَضِيَّةَ اشْتِمَالِ أَحَدِ طَرَفَيْ الْعَقْدِ عَلَى مَالَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ   [حاشية قليوبي] وَمِنْهُ الْفَانِيدُ وَاللِّبَأُ. قَوْلُهُ: (كَالْعَسَلِ) مَا لَمْ يَصِلْ إلَى الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَسَلِ فِي شَمْعِهِ بِبَعْضِهِ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ عَنْهُ أَيْ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مَعَ شَمْعِهِ أَيْضًا وَلَا بِعَسَلِهِ الْخَالِصِ وَلَا بِشَمْعِهِ الْخَالِصِ وَلَا بِالدَّرَاهِمِ كَمَا مَرَّ فِي الزُّبْدِ. وَقَالَ شَيْخُنَا بِالصِّحَّةِ هُنَا فِي الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الشَّمْعَ غَيْرَ رِبَوِيٍّ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَانِعَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِقَدْرِ الْمَقْصُودِ كَمَا فِي اللَّحْمِ بِعَظْمِهِ لَا أَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ مَعَ أَنَّ الْعَسَلَ غَيْرُ مَرْئِيٍّ دَاخِلَ الشَّمْعِ. وَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ لِاخْتِلَافِهِ وَلَا رُؤْيَةُ شَمْعِهِ لَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الصِّوَانِ فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَجَعَ شَيْخُنَا إلَى الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (أَيْ عَقْدُ الْبَيْعِ) شَامِلٌ لِلْمُعَيَّنِ وَلِمَا فِي الذِّمَّةِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِالْأَوَّلِ لِيَخْرُجَ مِنْهُ مَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُونَ دِينَارًا فَصَالَحَهُ عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ عَنْهُمَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ سَوَاءٌ بِلَفْظِ الصُّلْحِ أَوْ التَّعْوِيضِ. وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي لَفْظِ الصُّلْحِ فَقَطْ، وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّقْيِيدِ وَصُورَةُ الصُّلْحِ مُسْتَثْنَاةٌ نَظَرًا لِلْمُسَامَحَةِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (رِبَوِيًّا) أَيْ مَبِيعًا رِبَوِيًّا لَكِنْ يُقَيَّدُ بِاتِّحَادِ الْعِلَّةِ كَمَا قُيِّدَ بِكَوْنِهِ مَقْصُودًا لِيَخْرُجَ مَا لَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ عَذْبٍ بِمِثْلِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّ الْمَاءَ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى الدَّارِ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ النَّصِّ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ لِدُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ وَمَا لَوْ بَاعَ بِنَاءَ دَارٍ مُمَوَّهٍ بِذَهَبٍ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ بِذَهَبٍ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ، فَإِنْ حَصَلَ فَبَاطِلٌ وَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا بِذَهَبٍ فَظَهَرَ بِهَا مَعْدِنُ ذَهَبٍ وَلَمْ يَعْلَمَا بِهِ حَالَ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَبَاطِلٌ، وَاغْتُفِرَ هُنَا الْجَهْلُ لِأَنَّهُ فِي تَابِعٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْجَانِبَيْنِ) وَالرِّبَوِيُّ بَارِزٌ فِي الْجَانِبَيْنِ كَمَا مَثَّلَ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا كَسِمْسِمٍ بِشَيْرَجٍ أَوْ كَالْبَارِزِ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا كَشَاتَيْنِ وَاللَّبَنُ فِيهِمَا وَكَشَاةٍ فِيهَا لَبَنٌ بِلَبَنٍ مِنْ جِنْسِهَا فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ اللَّبَنَ فِيهِمَا مَقْصُودٌ، وَقَدْ تَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ فَخَرَجَ الضِّمْنِيُّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَسِمْسِمٍ بِسِمْسِمٍ فَصَحِيحٌ. وَيَصِحُّ بَيْعُ ذَاتِ لَبَنٍ بِمِثْلِهَا مِنْ الْآدَمِيَّاتِ. وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِنَّ إنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَشَاةٍ وَبَقَرَةٍ وَكَذَا غَيْرُ ذَاتِ لَبَنٍ بِلَبَنٍ مِنْ جِنْسِهَا وَالْبِيضُ كَاللَّبَنِ. وَفِي الثَّانِي بَحْثٌ لِأَنَّهَا مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَلِأَنَّ اللَّبَنَ مَقْصُودٌ مَجْهُولٌ فَالْوَجْهُ الْبُطْلَانُ سَوَاءٌ كَانَ اللَّبَنُ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ لَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ جِنْسُ الرِّبَوِيِّ) لَوْ قَالَ جِنْسُ الْمَبِيعِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ دِرْهَمٌ وَثَوْبٌ بِدِرْهَمٍ. قَوْلُهُ: (جِنْسَيْنِ) ظَاهِرُهُ رِبَوِيَّيْنِ وَتُرَدُّ عَلَيْهِ الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ وَإِنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا. وَكَذَا النَّوْعَانِ لِأَنَّهُمَا مَظِنَّةُ الِاخْتِلَافِ نَعَمْ يُغْتَفَرُ فِي الْجِنْسِ الْحَبَّاتُ الْيَسِيرَةُ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ بِحَيْثُ لَا تَظْهَرُ فِي الْمِكْيَالِ وَفِي النَّوْعِ، وَإِنْ كَثُرَتْ أَيْ مَا لَمْ يَتَسَاوَ مِقْدَارُ النَّوْعَيْنِ وَإِلَّا كَبَيْعِ صَاعَيْنِ مَعْقِلِيٌّ وَصَيْحَانِيٌّ مُخْتَلِطَيْنِ بِصَاعَيْنِ مَعْقِلِيٍّ أَوْ صَيْحَانِيٍّ فَلَا يَصِحُّ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، كَذَا قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الصِّحَّةَ تَبَعًا لِمَنْ ذُكِرَ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (عَجْوَةٌ) هُوَ اسْمٌ لِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ تَمْرِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، يُقَالُ لِشَجَرَتِهِ: اللِّينَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَقَدْ أَوْصَلَ بَعْضُهُمْ أَنْوَاعَ تَمْرِهَا إلَى مِائَةٍ وَنَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ نَوْعًا. قَوْلُهُ: (بِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ) لَوْ قَالَ: وَلَوْ بِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ لَشَمِلَ اخْتِلَافَ النَّوْعِ وَحْدَهُ قِيلَ: وَعُذْرُهُ تَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ صُوَرِ الصِّفَةِ دُونَ قِيمَةِ الصَّحِيحِ بِخِلَافِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ وَإِنْ اسْتَوَتْ الْقِيمَةُ فِيهَا كَمَا مَرَّ فَإِنْ اسْتَوَتْ الْقِيمَةُ فِي الصِّحَاحِ وَالْمُكَسَّرَةِ فِي الْوَاقِعِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ أَوْ بِالتَّقْوِيمِ فَبَاطِلٌ أَيْضًا. وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ رُجُوعُ اخْتِلَافِ   [حاشية عميرة] ذَهَبًا وَفِضَّةً بِحِنْطَةٍ مَثَلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ) أَيْ جِنْسُ الْمَبِيعِ لَا الْجِنْسُ الْمُتَقَدِّمُ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَاحِدٌ وَيَسْتَحِيلُ انْقِسَامُهُ إلَى شَيْئَيْنِ لَا يَصْدُقَانِ عَلَيْهِ، قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ: ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الْمَضْمُونِ إلَيْهِ بَيْنَ الرِّبَوِيِّ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَةُ الْكِتَابِ لَا تَفِي بِذَلِكَ إلَّا بِتَأْوِيلٍ، وَلَوْ قَالَ وَاخْتَلَفَ الْمَبِيعُ جِنْسًا لَكَانَ بَيِّنًا. قَوْلُهُ: (جَمِيعُهُمَا إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ عِبَارَتُهُ لَا تَشْمَلُ إلَّا مَا لَوْ حَصَلَ الِاخْتِلَافُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ مَعَ أَكْثَرِ الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (بِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ) يُرِيدُ أَنَّ مُرَادَهُ هُنَا بِالنَّوْعِ مَا لَيْسَ بِجِنْسٍ فَيُشْكِلُ اخْتِلَافُ الصِّفَةِ وَاخْتِلَافُ النَّوْعِ حَقِيقَةً كَالْمَعْقِلِيِّ وَالْبَرْنِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمُكَسَّرَةٍ) الْمُرَادُ بِهَا الْقِرَاضَةِ الَّتِي تُقْرِضُ مِنْ الدِّينَارِ لِتُسْتَعْمَلَ فِي شِرَاءِ الْحَاجَةِ اللَّطِيفَةِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَقِيمَةُ الْمُكَسَّرَةِ دُونَ قِيمَةِ الصِّحَاحِ) الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِنَقْصِ قِيمَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 أَنْ يُوَزَّعَ مَا فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ مِثَالُهُ بَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ وَسَيْفًا بِأَلْفٍ، وَقِيمَةُ الشِّقْصِ مِائَةٌ وَالسَّيْفِ خَمْسُونَ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِثُلُثَيْ الْأَلْفِ، وَالتَّوْزِيعُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ يُؤَدِّي إلَى الْمُفَاضَلَةِ أَوْ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ، فَفِي بَيْعِ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِمُدٍّ وَدِرْهَمٍ إنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْمُدِّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَدِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمٍ فَمُدُّ الدِّرْهَمَيْنِ ثُلُثَا طَرَفِهِ فَيُقَابِلُهُ ثُلُثَا مُدٍّ وَثُلُثَا دِرْهَمٍ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ يَبْقَى مِنْهُ ثُلُثُ مُدٍّ وَثُلُثُ دِرْهَمٍ فِي مُقَابَلَةِ الدِّرْهَمِ مِنْ ذَلِكَ الطَّرَفِ بِالسَّوِيَّةِ، فَتَتَحَقَّقُ الْمُفَاضَلَةُ فِي مُقَابَلَةِ ثُلُثِ دِرْهَمٍ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ، وَإِنْ اسْتَوَتْ قِيمَةُ الْمُدِّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَالْمُمَاثَلَةُ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ لِأَنَّهَا تَعْتَمِدُ التَّقْوِيمَ، وَهُوَ تَخْمِينٌ قَدْ يُخْطِئُ، وَفِي بَيْعِ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْنِ أَوْ دِرْهَمَيْنِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُدِّ الَّذِي مَعَ الدِّرْهَمِ دِرْهَمًا فَالْمُمَاثَلَةُ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ لِمَا ذُكِرَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ كَدِرْهَمَيْنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ كَنِصْفِ دِرْهَمٍ تَحَقَّقَتْ الْمُفَاضَلَةُ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى مُقَابَلَةُ مُدٍّ بِمُدٍّ وَثُلُثٍ أَوْ بِثُلُثَيْ مُدٍّ وَفِي الثَّانِيَةِ مُقَابَلَةُ دِرْهَمٍ بِثُلُثَيْ دِرْهَمٍ أَوْ بِدِرْهَمٍ وَثُلُثِ دِرْهَمٍ وَفِي بَيْعِ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ الصِّحَاحِ أَوْ الْمُكَسَّرَةِ بِهِمَا إنْ اسْتَوَتْ قِيمَةُ الْمُكَسَّرَةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُمَاثَلَةُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ تَحَقَّقَتْ الْمُفَاضَلَةُ عَلَى وِزَانِ مَا تَقَدَّمَ كَمَا هِيَ مُتَحَقِّقَةٌ فِي الْبَيْعِ بِصِحَاحٍ فَقَطْ أَوْ مُكَسَّرَةٍ فَقَطْ لِمَا تَقَدَّمَ فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ قِيمَةَ الْمُكَسَّرَةِ دُونَ قِيمَةِ الصِّحَاحِ، فَلَوْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا فَلَا بُطْلَانَ، وَلَوْ فَصَلَ فِي الْعَقْدِ فَجُعِلَ الْمُدُّ فِي مُقَابَلَةِ الْمُدِّ أَوْ الدِّرْهَمُ وَالدِّرْهَمُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّرَاهِمِ أَوْ الْمُدِّ صَحَّ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَمِلْ أَحَدُ جَانِبَيْ الْعَقْدِ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْآخَرُ كَبَيْعِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ بِصَاعِ حِنْطَةٍ وَصَاعِ شَعِيرٍ أَوْ بِصَاعَيْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ وَبَيْعِ دِينَارٍ صَحِيحٍ وَآخَرَ مُكَسَّرٍ بِصَاعِ تَمْرٍ بِرْنِيٍّ وَصَاعٍ مَعْقِلِيٍّ أَوْ بِصَاعَيْنِ بِرْنِيٍّ أَوْ مَعْقِلِيٍّ جَازَ. (وَيَحْرُمُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ جِنْسِهِ) كَبَيْعِ لَحْمِ الْبَقَرِ بِالْبَقَرِ (وَكَذَا بِغَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ) كَبَيْعِ لَحْمِ الْبَقَرِ بِالشَّاةِ وَبَيْعِهِ بِالْحِمَارِ (فِي الْأَظْهَرِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ تُبَاعَ الشَّاةُ بِاللَّحْمِ» ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، «وَنَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا وَأَسْنَدَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَمَةَ السَّاعِدِيِّ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ الْجَوَازُ، وَأَمَّا فِي الْمَأْكُولِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اللُّحُومَ أَجْنَاسٌ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ، وَأَمَّا   [حاشية قليوبي] الْقِيمَةِ لِلنَّوْعِ أَيْضًا لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّ قَبُولَ الْبَيْعِ بِالصِّحَاحِ عَنْ الْمُكَسَّرَةِ وَعَكْسِهِ بَاطِلٌ وَإِنْ اسْتَوَتْ الْقِيمَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ هُنَا أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأُولَى) وَهِيَ بِمُدَّيْنِ وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ بِدِرْهَمَيْنِ. قَوْلُهُ: (إنْ اسْتَوَتْ) أَيْ بِالتَّقْوِيمِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُمَاثَلَةُ) لَمْ يَقُلْ تَحَقَّقَتْ الْمُفَاضَلَةُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَلَعَلَّهُ لِبُعْدِ تَحَقُّقِهَا فِي النُّقُودِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْمُرَادُ بِالْمُكَسَّرَةِ قَطْعُ صِغَارٍ تُقْرَضُ مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ لِشِرَاءِ الْحَوَائِجِ الصَّغِيرَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ، وَهُوَ الْوَجْهُ لِإِخْرَاجِ نَحْوِ أَرْبَاعِ الْقُرُوشِ، فَقَوْلُ شَيْخِنَا: وَلَا يَتَقَيَّدُ مَا هُنَا بِذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ تَسَاوَتْ) أَيْ فِي الْوَاقِعِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ فُصِلَ فِي الْعَقْدِ) أَيْ بِاللَّفْظِ لَا بِالنِّيَّةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر مُخَالِفًا لِوَالِدِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ وَلَا الْمُشْتَرِي هُنَا فَهُوَ كَالِاتِّحَادِ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ لَفْظِ عَقْدٍ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَشْتَمِلْ) هَذَا مُحْتَرَزُ جَمْعٍ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: (بَيْعُ اللَّحْمِ) وَمِثْلُهُ الشَّحْمُ وَالْكَبِدُ   [حاشية عميرة] مَكْسُورٍ وَاحِدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَأَنَّ الصِّحَّةَ وَالتَّكْسِيرَ فِي غَيْرِ الدَّرَاهِمِ كَالدَّرَاهِمِ فِي اعْتِبَارِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (فَتَتَحَقَّقُ الْمُفَاضَلَةُ فِي مُقَابِلِ ثُلُثِ دِرْهَمٍ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّ الْمَذْكُورَ قَبِيلَهُ أَعْنِي مُقَابَلَةَ الْمُدِّ بِثُلُثَيْ مُدٍّ وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ لَا مَحْذُورَ فِيهِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ فِيهِ أَيْضًا الْمُفَاوَضَةَ مُحَقِّقَةٌ مِنْ جِهَةِ مُقَابِلِهِ ثُلُثَيْ مُدٍّ بِنِصْفِ مُدٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلِهِ: (فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى) يَعْنِي بَيْعَ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِمَدَّيْنِ وَقِيمَةُ الْمُدِّ مَعَ الدِّرْهَمِ دِرْهَمَانِ أَوْ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَيَعْنِي بِالثَّانِيَةِ بَيْعَ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَقِيمَةُ الْمُدِّ دِرْهَمَانِ أَوْ نِصْفُ دِرْهَمٍ. قَوْلُهُ: (إنْ اسْتَوَتْ إلَخْ) هَذَا لَا يُنَافِي مَا سَلَفَ مِنْ اشْتِرَاطِ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا أَنْقَصَ مِنْ الصَّحِيحَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُكَسَّرَةً فَقَطْ) مِثَالُهُ بَاعَ دِرْهَمًا صَحِيحًا وَدِرْهَمًا مُكَسَّرًا بِدِرْهَمَيْنِ مُكَسَّرَيْنِ إنْ قُلْت قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمُفَاضَلَةَ ثَابِتَةٌ فِي هَذَا الْمِثَالِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُكَسَّرِ مُسْتَوِيَةً وَقَدْ سَلَفَ فِيمَا لَوْ بَاعَ الصِّحَاحَ وَالْمُكَسَّرَ بِهِمَا، وَاسْتَوَتْ قِيمَةُ الْمُكَسَّرِ أَنَّ الثَّابِتَ الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ قُلْت إذَا كَانَ الشَّرْطُ فِي سَائِرِ الصُّوَرِ أَنْ يَكُونَ قِيمَةُ الْمُكَسَّرِ دُونَ الصَّحِيحِ لَزِمَ فِي مِثَالِنَا حَقِيقَةُ الْمُفَاضَلَةِ قَطْعًا نَظَرًا إلَى الصَّحِيحِ الَّذِي فِيهِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْعِوَضَيْنِ فِي الْقِيمَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْمِثَالُ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (فَلَا بُطْلَانَ) أَيْ فِي سَائِرِ الصُّوَرِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ فَصَلَ) هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الصَّفْقَةُ. وَلَا أَثَرَ هُنَا لِتَعَدُّدِهَا بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ كُلَّ صَفْقَةٍ قَدْ وُجِدَ فِيهَا ذَلِكَ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَعْقِلِيٌّ جَازَ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 فِي غَيْرِهِ فَوُجِّهَ بِأَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ بَيْعُ مَالِ الرِّبَا بِأَصْلِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ هُنَا. بَابٌ فِيمَا نَهَى عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ. وَعَسْبٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ (وَهُوَ ضِرَابُهُ) أَيْ طُرُوقُهُ لِلْأُنْثَى (وَيُقَالُ مَاؤُهُ، وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ) وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ يُقَدَّرُ فِي الْحَدِيثِ مُضَافٌ لِيَصِحَّ النَّهْيُ أَيْ نَهَى عَنْ بَدَلِ عَسْبِ الْفَحْلِ مِنْ أُجْرَةِ ضِرَابِهِ أَوْ ثَمَنِ مَائِهِ أَيْ بَذْلِ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ. (فَيَحْرُمُ ثَمَنُ مَائِهِ وَكَذَا أُجْرَتُهُ) لِلضِّرَابِ (فِي الْأَصَحِّ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي النَّهْيِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ مَاءَ الْفَحْلِ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ وَلَا مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَضِرَابُهُ لِتَعَلُّقِهِ بِاخْتِيَارِهِ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ جَوَازُ اسْتِئْجَارِهِ لِلضِّرَابِ كَالِاسْتِئْجَارِ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبُ الْأُنْثَى صَاحِبَ الْفَحْلِ شَيْئًا هَدِيَّةً وَالْإِعَارَةُ لِلضِّرَابِ مَحْبُوبَةٌ. (وَعَنْ حَبَلِ الْحَبَلَةِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوحِدَةِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ (وَهُوَ نِتَاجُ   [حاشية قليوبي] وَالطِّحَالُ وَالْقَلْبُ وَالْآلِيَّةُ وَجِلْدُ صَغِيرٍ يُؤْكَلُ وَسَمَكٌ وَجَرَادٌ لَا رُوحَ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (بِالْحَيَوَانِ) وَمِنْهُ جَرَادٌ وَسَمَكٌ لَمْ يَمُوتَا وَإِنْ جَازَ الْبَيْعُ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُ) شَمِلَ الْآدَمِيَّ. بَابٌ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ بَيْعِ عَسْبِ الْفَحْلِ، وَلَعَلَّهَا لَمْ تَثْبُتْ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَلَمْ يَحْمِلُوا غَيْرَهَا عَلَيْهَا وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَالْفَسَادُ إنْ رَجَعَ لِذَاتِ الشَّيْءِ بِفَقْدِ رُكْنٍ، أَوْ لِخَارِجٍ لَازِمٍ لَهُ بِفَقْدِ شَرْطٍ، وَإِلَّا فَالتَّحْرِيمُ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي. كَذَا قَالُوا وَيُرَدُّ عَلَيْهِ وُجُودُ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَالْجَهْلِ بِالْأَجَلِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ فَتَأَمَّلْهُ. وَالْإِثْمُ عَلَى الْعَامِدِ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ الْمُقَصِّرِ. نَعَمْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ كَمُلَاعَبَةٍ أَوْ تَعْلِيمٍ أَوْ اضْطِرَارٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلَا حُرْمَةَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ ضِرَابُهُ) قَدَّمَهُ لِأَنَّهُ الْأَشْهُرُ. قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ) أَيْ اسْتِئْجَارِهِ لِلضِّرَابِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مُضَافٌ) هُوَ لِلْجِنْسِ إذْ الْمُقَدَّرُ مُضَافَانِ. قَوْلُهُ: (لِيَصِحَّ النَّهْيُ) لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ. قَوْلُهُ: (ثَمَنُ مَائِهِ) أَيْ دَفْعِهِ وَأَخْذِهِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (لِتَعَلُّقِهِ بِاخْتِيَارِهِ إلَخْ) وَالْإِنْزَاءُ كَالضِّرَابِ أَوْ هُوَ عَيْنُهُ، وَمَا قِيلَ مِنْ صِحَّةِ اسْتِئْجَارِهِ لِلْإِنْزَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ مُدَّةً فَلَهُ حِينَئِذٍ إنْزَاؤُهُ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى مَالِكِهِ حَيْثُ اُضْطُرَّ إلَيْهِ أَهْلُ نَاحِيَةٍ وَعَلَيْهَا حُمِلَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ مَنْعَهُ كَبِيرَةٌ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَى آخِرِهِ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِعْلَ الْأَجِيرِ فِي التَّلْقِيحِ مِنْ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ عَيْنٌ حَتَّى لَوْ شُرِطَتْ عَلَيْهِ فَسَدَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ) أَيْ يُسْتَحَبُّ. قَوْلُهُ: (مَحْبُوبَةٌ) أَيْ   [حاشية عميرة] تَتِمَّةٌ: لَوْ بَاعَ فِضَّةً مَغْشُوشَةً بِمِثْلِهَا أَوْ بِخَالِصَةٍ إنْ كَانَ الْغِشُّ قَدْرًا يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ امْتَنَعَ وَإِلَّا جَازَ. [بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ] قَوْلُهُ: (بِأَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ إلَخْ) مِنْ هَذَا الْمَعْنَى اُسْتُنْبِطَ مَنْعُ بَيْعِ السِّمْسِمِ بِدُهْنِهِ أَوْ كُسْبِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. تَتِمَّةٌ: بَيْعُ التَّمْرِ بِطَلْعِ الذُّكُورِ جَائِزٌ دُونَ طَلْعِ الْإِنَاثِ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا بِأَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ هَذَا الْمَعْنَى مُخَصَّصًا لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَالْأَوَّلُ تَمَسُّكٌ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَكِنْ عُمُومُهُ فِي لَفْظِ الرَّاوِي وَمِثْلُهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ. [بَيْع عَسْبِ الْفَحْلِ] بَابُ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ ضِرَابُهُ وَيُقَالُ مَاؤُهُ) اسْتَدَلَّ لَهُمَا بِقَوْلِهِ: وَلَوْلَا عَسْبُهُ لَرُدْتُمُوهُ ... وَشَرُّ مَنِيحَةِ فَحْلٍ يُعَارُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُقَالُ أُجْرَةُ ضِرَابِهِ) هَذَا التَّفْسِيرُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْجَوْهَرِيُّ. قَوْلُهُ: (أَوْ ثَمَنِ مَائِهِ) قَدْ وَرَدَ التَّصْحِيحُ بِالنَّهْيِ مِنْ ثَمَنِهِ فِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ. قَوْلُهُ: (كَالِاسْتِئْجَارِ لِتَلْقِيحِ النَّخْلِ) رُدَّ بِأَنَّ الْأَجِيرَ قَادِرٌ عَلَى التَّلْقِيحِ، وَلَا عَيْنَ عَلَيْهِ إذْ لَوْ شُرِطَتْ عَلَيْهِ فَسَدَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَنْ حَبَلِ) هُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 النِّتَاجِ بِأَنْ يَبِيعَ نِتَاجَ النِّتَاجِ أَوْ بِثَمَنٍ إلَى نِتَاجِ النِّتَاجِ) أَيْ إلَى أَنْ تَلِدَ هَذِهِ الدَّابَّةُ وَيَلِدَ وَلَدُهَا، فَوَلَدُ وَلَدِهَا نِتَاجُ النِّتَاجِ، وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ كَالْجَوْهَرِيِّ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ، يُقَالُ نُتِجَتْ النَّاقَةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ نِتَاجًا بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ وَلَدَتْ، وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ النَّهْيِ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ وَلَا مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَعَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ. (وَعَنْ الْمَلَاقِيحِ) وَهِيَ مَا فِي الْبُطُونِ مِنْ الْأَجِنَّةِ (وَالْمَضَامِينِ وَهِيَ مَا فِي أَصْلَابِ الْفُحُولِ) مِنْ الْمَاءِ رَوَى النَّهْيَ عَنْ بَيْعِهِمَا مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا وَالْبَزَّارُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ فِيهِمَا لِمَا عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ (وَالْمُلَامَسَةُ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ: وَالْمُنَابَذَةُ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ: «نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ: الْمُنَابَذَةِ وَالْمُلَامَسَةِ» . (بِأَنْ يَلْمِسَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا (ثَوْبًا مَطْوِيًّا) أَوْ فِي ظُلْمَةٍ (ثُمَّ يَشْتَرِيهِ عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إذَا رَآهُ) اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ رُؤْيَتِهِ (أَوْ يَقُولُ إذَا لَمَسْتَهُ فَقَدْ بِعْتُكَهُ) اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ الصِّيغَةِ   [حاشية قليوبي] مَنْدُوبَةٌ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَمَنْعُهَا مَكْرُوهٌ، وَقَدْ تَجِبُ إذَا تَعَيَّنَتْ فِي مَحَلٍّ وَمَنْعُهَا حَرَامٌ حِينَئِذٍ وَتَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ) أَيْ فِي اللَّفْظَيْنِ وَغَلِطَ مَنْ سَكَّنَهَا فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا. وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَبَلَةَ مُفْرَدٌ فَهَاؤُهُ لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ الدَّلَالَةِ عَلَى التَّأْنِيثِ. وَقِيلَ جَمْعٌ مُفْرَدُهُ حَابِلٌ كَنَقَلَةٍ وَنَاقِلٍ. وَفِيمَا ذُكِرَ إطْلَاقُ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ، وَإِطْلَاقُ الْحَبَلِ عَلَى غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَجَازٌ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَبِيعَ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (أَوْ بِثَمَنٍ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرُ ابْنِ عُمَرَ رَاوِي الْحَدِيثِ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. قَوْلُهُ: (نِتَاجِ) هُوَ مَصْدَرُ نُتِجَ بِضَمِّ النُّونِ وَلَا يُقَالُ إلَّا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ بِالْقَلَمِ وَفِيهِ أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْهُ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي اللُّغَةِ أَنَّهُ بِالْفَتْحِ فَلَعَلَّ ذَلِكَ عُرْفُ الْفُقَهَاءِ أَوْ أَنَّهُ لُغَةٌ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (وَعَنْ الْمَلَاقِيحِ) وَيُقَالُ لَهَا مُجْرٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَآخِرُهُ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ وَهِيَ جَمْعُ مَلْقُوحَةٍ أَيْ مَلْقُوحٍ بِهَا مِنْ قَوْلِهِمْ لُقِّحَتْ النَّاقَةُ بِضَمِّ اللَّامِ أَيْ حَمَلَتْ فَهِيَ لَاقِحٌ، أَيْ حَامِلٌ، وَتَفْسِيرُهُ بِأَنَّهُ جَنِينُ النَّاقَةِ يُفِيدُ شُمُولَهُ لِلذَّكَرِ فَهَاؤُهُ فِيمَا مَرَّ لِلْوِحْدَةِ. قَوْلُهُ: (مَا فِي الْبُطُونِ) أَيْ بُطُونِ الْإِبِلِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَقَالَ غَيْرُهُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُرَادُ شَرْعًا. قَوْلُهُ: (وَالْمَضَامِينُ) جَمْعُ مِضْمَانٍ كَمِفْتَاحٍ أَوْ مَضْمُونٍ كَمَجْنُونٍ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْدَعَهَا ظُهُورَهَا فَكَأَنَّهَا ضَمِنَتْهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَاءِ) فَإِعَادَتُهَا مَعَ عِلْمِهَا مِنْ عَسْبِ الْفَحْلِ لِإِفَادَةِ أَنَّهَا تُسَمَّى بِذَلِكَ أَوْ أَنَّ النَّهْيَ وَرَدَ بِاللَّفْظَيْنِ أَوْ لِلتَّقَابُلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا ذَاتًا، وَمَحَلًّا إذْ هِيَ لِمَاءٍ فِي ظُهُورِ الذُّكُورِ وَمَا قَبْلهَا لِمَاءٍ فِي بُطُونِ الْإِنَاثِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ هَذَا لِمَا يُبَاعُ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ. قَوْلُهُ: (عَنْ رُؤْيَتِهِ) فَيَبْطُلُ هُنَا قَطْعًا، وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَاللَّمْسِ لَا يَقُومُ مَقَامَ النَّظَرِ شَرْعًا وَلَا عَادَةً. قَوْلُهُ: (عَنْ الصِّيغَةِ) أَيْ عَنْ الْقَبُولِ فِيهَا أَوْ عَنْ الْإِيجَابِ وَحْدَهُ إنْ قَبِلَ أَوْ عَنْهُمَا مَعًا. وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لِلْأَخِيرَيْنِ. وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنْ يَجْعَلَا بِمَعْنَى يَقُولَا وَأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَيْسَ قَبُولًا وَلَا إيجَابًا لِتَقَدُّمِهِ عَلَى وَقْتِهِ أَوْ أَنَّهُ فَاسِدٌ لِتَعْلِيقِهِ فَهُوَ كَالْعَدَمِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَلْمِسَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ: وَمَا اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ الْفَتْحِ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهَا فِي الْمَاضِي مَفْتُوحَةٌ وَلَيْسَتْ حَرْفَ حَلْقٍ اهـ. وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ فِي بَابِ الْإِحْدَاثِ الْكَسْرَ فِي الْمَاضِي، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ   [حاشية عميرة] الْمَفْعُولِ وَإِطْلَاقُهُ مُخْتَصٌّ بِالْآدَمِيَّاتِ، فَفِيهِ تَجَوُّزٌ مِنْ وَجْهَيْنِ وَالْحَبَلَةُ جَمْعُ حَابِلٍ كَفَاسِقٍ وَفَسَقَةٍ وَقِيلَ مُفْرَدٌ. قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ نَهْيٍ عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: عِبَارَةُ الْكِتَابِ تُوهِمُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي النَّهْيِ التَّصْرِيحُ بِالْبَيْعِ فِي حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَالْمَلَاقِيحِ وَالْمَضَامِينِ وَالْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ، كَمَا لَمْ يَرِدْ التَّصْرِيحُ فِي الْعَسْبِ قَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ وَرَدَ فِي الْكُلِّ النَّهْيُ وَسَيُشِيرُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْجَمِيعِ اهـ. وَفِي الْقُوتِ رِوَايَةٌ عَنْ مُسْلِمٍ نَهَى عَنْ بَدِيعِ ضِرَابِ الْفَحْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَبِيعَ نِتَاجَ النِّتَاجِ) صُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك وَلَدُ مَا تَلِدُهُ هَذِهِ. قَوْلُهُ: (بِثَمَنٍ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرُ ابْنِ عُمَرَ وَأَخَذَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوَّلُ تَفْسِيرُ أَهْلِ اللُّغَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ بِالْقَلَمِ قَالَ غَيْرُهُ بِفَتْحِ النُّونِ قَالَ وَلَعَلَّهُ بِالْكَسْرِ لُغَةٌ أُخْرَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهِيَ مَا فِي الْبُطُونِ إلَخْ) هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْإِبِلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمَضَامِينِ) فَسَّرَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا تَحْمِلُهُ مِنْ ضِرَابِ الْفَحْلِ مِنْ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ مَثَلًا وَنَحْوُهُ فِي الْقُوتِ. [بَيْع الْمُلَامَسَةُ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ يَقُولَ إلَخْ) عَلَّلَ الْإِمَامُ بُطْلَانَهُ بِالتَّعْلِيقِ وَالْعُدُولِ عَنْ الصِّيغَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَبَيَّنَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ إنْ جُعِلَ اللَّمْسُ شَرْطًا فَبُطْلَانُهُ لِلتَّعْلِيقِ وَإِنْ جُعِلَ ذَلِكَ بَيْعًا فَلِفَقْدِ الصِّيغَةِ. قَوْلُهُ: (اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونَانِ قَدْ جَعَلَا اللَّمْسَ بَيْعًا. [بَيْع الْمُنَابَذَةُ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَجْعَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 أَوْ يَبِيعَهُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهُ لَزِمَ الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَغَيْرُهُ. (وَالْمُنَابَذَةُ) بِالْمُعْجَمَةِ (بِأَنْ يَجْعَلَا النَّبْذَ بَيْعًا) اكْتِفَاءً بِهِ عَنْ الصِّيغَةِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: أَنْبِذُ إلَيْك ثَوْبِي بِعَشَرَةٍ، فَيَأْخُذَهُ الْآخَرُ أَوْ يَقُولُ: بِعْتُك هَذَا بِكَذَا عَلَى أَنِّي إذَا نَبَذْته إلَيْكَ لَزِمَ الْبَيْعُ وَانْقَطَعَ الْخِيَارُ وَالْبُطْلَانُ فِيهِمَا لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ عَدَمِ الصِّيغَةِ أَوْ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ. «وَبَيْعُ الْحَصَاةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَابِ مَا تَقَعُ هَذِهِ الْحَصَاةُ عَلَيْهِ أَوْ يَجْعَلَا الرَّمْيَ) لَهَا (بَيْعًا) اكْتِفَاءً بِهِ عَنْ الصِّيغَةِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: إذَا رَمَيْت هَذِهِ الْحَصَاةَ فَهَذَا الثَّوْبُ مَبِيعٌ مِنْك بِعَشَرَةٍ. (أَوْ) يَقُولُ (بِعْتُك وَلَك الْخِيَارُ إلَى رَمْيِهَا) وَالْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ أَوْ بِزَمَنِ الْخِيَارِ أَوْ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ (وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ) هَذَا (بِأَلْفٍ نَقْدًا أَوْ أَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ) فَخُذْ بِأَيِّهِمَا شِئْت، أَوْ شِئْت أَنَا (أَوْ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَكَ بِكَذَا) أَوْ تَشْتَرِيَ مِنِّي دَارِي بِكَذَا، وَالْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِالْعِوَضِ فِي الْأَوَّلِ وَلِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ فِي الثَّانِي كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ (وَعَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ) رَوَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْأَحْكَامِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِهَذَا الطَّرِيقِ: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلَا شَرْطٌ وَبَيْعٌ» (كَبَيْعٍ بِشَرْطِ   [حاشية قليوبي] الْمُضَارِعُ بِالْفَتْحِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَبِيعَهُ) أَيْ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَالْفَسَادُ فِي هَذِهِ لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَوْ يَقُولُ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى يَجْعَلَا إذْ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْمُنَابَذَةِ. وَقَدْ صَوَّرَهَا ابْنُ حَجَرٍ فِيهَا بِقَوْلِهِ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَهُ بِشَرْطِ قِيَامِ نَبْذِهِ مَقَامَ رُؤْيَتِك. قَوْلُهُ: (لِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ) اعْتَرَضَ فَسَادُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَفْيِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ بَلْ قَطْعُهُ مُعَلَّقًا عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ غَيْرُ مُضِرٍّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ لَا يَقْطَعُهُ إلَّا التَّفَرُّقُ أَوْ اللَّفْظُ بِنَحْوِ اخْتَرْنَا لُزُومَهُ، وَهَذَا لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَفَسَدَ لِعَدَمِ إفَادَتِهِ، أَوْ لِقَطْعِهِ خِيَارَ الْعَيْبِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَغَيْرُهُ وَهُوَ لَا يَنْقَطِعُ لِأَنَّ الرَّدَّ بِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاعِ عَلَيْهِ أَوْ لِقَطْعِهِ خِيَارَ الشَّرْطِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَلَك الْخِيَارُ إلَى كَذَا، أَوْ لِقَطْعِهِ مُطْلَقَ الْخِيَارِ الشَّامِلَ لِجَمِيعِهَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. وَلَعَلَّ الْوَاوَ فِي غَيْرِهِ بِمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا كَافٍ فِي الْبُطْلَانِ، إمَّا لِلتَّعْلِيقِ إنْ جُعِلَ اللَّمْسُ شَرْطًا وَإِلَّا فَلِلْعُدُولِ عَنْ الصِّيغَةِ الشَّرْطِيَّةِ. قَوْلُهُ: (فَيَقُولُ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: يَجْعَلَا فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى بِعْتُك إذْ مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَا إلَخْ فَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ صَحِيحٌ إنْ وَقَعَ اللَّفْظُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ حَيْثُ اتِّفَاقِهِمَا إنْ لَمْ يَقْبَلْ لَفْظًا وَلَا يُعْتَمَدُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِلتَّعْلِيقِ أَوْ عَدَمِ الْقَبُولِ. قَوْلُهُ: (فَهَذَا الثَّوْبُ إلَخْ) اُسْتُفِيدَ مِنْ الْفَاءِ أَنَّهُ جَوَابُ الشَّرْطِ فَهُوَ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ فَلَوْ جَعَلَهُ ابْتِدَاءً صِيغَةً وَقَبِلَ الْآخَرُ فَلَا تَبْعُدُ الصِّحَّةُ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَقُولُ بِعْتُك) أَشَارَ إلَى أَنَّ بِعْتُك عَطْفٌ عَلَى بِعْتُك الْأَوَّلِ وَجُمْلَةُ يَجْعَلَا إلَخْ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا وَهُوَ فَصْلٌ جَائِزٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَمِلْت قَبْلَهُ فَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ يَجْعَلَا عَطْفًا عَلَى يَقُولَ، وَأَنْ يَكُونَ بِعْتُك عَطْفًا عَلَى الرَّمْيِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ) أَيْ فِي الْأُولَى أَوْ بِزَمَنِ الْخِيَارِ فِي الثَّالِثَةِ، وَفِي تَقْدِيمِهَا عَلَى الثَّانِيَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ كَانَ الْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ ذَلِكَ أَوْ لِأَجْلِ الِاخْتِصَارِ بِإِسْقَاطِ لَفْظَةِ الْجَهْلِ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ) أَيْ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ فَلَا تَجُوزُ. قَوْلُهُ: (بِأَلْفَيْنِ) وَالْفَاءُ وَثُمَّ مِثْلُ أَوْ بِخِلَافِ الْوَاوِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَيَكُونُ الثَّمَنُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ مِنْهَا أَلْفَانِ مُؤَجَّلَةٌ. قَوْلُهُ: (وَلِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْبَيْعَتَيْنِ فَلِمَ أَخَّرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ لَكَانَ أَوْلَى، وَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ الثَّانِي فَفِيهِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (سَلَفٌ وَبَيْعٌ)   [حاشية عميرة] النَّبْذَ) هُوَ الطَّرْحُ وَالْإِلْقَاءُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: اخْتِلَافُ الْمُعَاطَاةِ يَجْرِي هُنَا وَاعْتَرَضَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْفِعْلَ هُنَا خَالٍ عَنْ قَرِينَةِ الْبَيْعِ، وَلَمْ تُعْلَمْ قَرِينَةُ الْبَيْعِ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَنْبِذُ إلَيْك ثَوْبِي بِخِلَافِ الْفِعْلِ فِي الْمُعَاطَاةِ فَإِنَّهُ كَالْمَوْضُوعِ عُرْفًا لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ صَحَّحْنَا بَيْعَ الْغَائِبِ لَا نَقُولُ بِهِ هُنَا فِي الْمُلَامَسَةِ لِأَنَّهُمَا شَرَطَا أَنْ يَقُومَ اللَّمْسُ مَقَامَ النَّظَرِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَتَخَرَّجُ الْبُطْلَانُ عَلَى خِلَافِ الصِّحَّةِ عِنْدَ نَفْيِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ فِيهِ الْبُطْلَانُ لِوُرُودِ النَّهْيِ هُنَا أَقُولُ، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ الشَّارِحُ فِيمَا مَضَى بِقَوْلِهِ اكْتِفَاءً بِلَمْسِهِ عَنْ رُؤْيَتِهِ. قَوْلُهُ: (إذَا رَمَيْت إلَخْ) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِضَمِّ التَّاءِ وَبِفَتْحِهَا، وَكَذَا كُلُّ صُوَرِهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ رَمْيِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (أَوْ يَقُولَ) قِيلَ كَانَ الصَّوَابُ التَّصْرِيحُ بِيَقُولَ إرْشَادًا إلَى عَطْفِهِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ يُقَدِّمُهُ عَلَى الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَوْ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ) بِهِ تَعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي صُورَتِهَا السَّابِقَةِ فَهَذَا الثَّوْبُ مَبِيعٌ مِنْك بِعَشَرَةٍ الْغَرَضُ مِنْهُ الْإِخْبَارُ لَا الْإِنْشَاءُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بِعْتُك إلَخْ) هَذَا التَّفْسِيرُ وَمَا قَبْلُهُ ذَكَرَهُمَا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 بَيْعٍ) كَمَا تَقَدَّمَ. (أَوْ قَرْضٍ) كَأَنْ يَبِيعَهُ عَبْدَهُ بِأَلْفٍ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ مِائَةً. وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَلْفَ وَرَفَقَ الْعَقْدَ الثَّانِي ثَمَنًا. وَاشْتِرَاطُ الْعَقْدِ الثَّانِي فَاسِدٌ فَبَطَلَ بَعْضُ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ حَتَّى يَفْرِضَ التَّوْزِيعَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْبَاقِي فَبَطَلَ الْعَقْدُ. (وَلَوْ اشْتَرَى زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا (أَوْ ثَوْبًا وَيَخِيطَهُ) الْبَائِعُ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَخِيطَهُ (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) أَيْ الشِّرَاءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ عَمَلٍ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ، وَذَلِكَ فَاسِدٌ. وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيَلْزَمُ الشَّرْطُ وَهُوَ فِي الْمَعْنَى بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ يُوَزِّعُ الْمُسَمَّى عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ. وَالثَّالِثُ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ بِمَا يُقَابِلُ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُسَمَّى، وَهَذَا حَاصِلُ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَصَحُّهَا بُطْلَانُ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ وَالثَّانِيَةُ فِيهِمَا الْقَوْلَانِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَالثَّالِثَةُ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَفِي الْبَيْعِ قَوْلُ تَفْرِيقِ الصِّفَةِ (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ (صُوَرٌ) تَصِحُّ لِمَا سَيَأْتِي (كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ بِشَرْطِ قَطْعِ الثَّمَرِ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي مَحَالِّهِ (وَالْأَجَلِ وَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ الْمُعَيَّنَاتِ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ) أَمَّا الْأَجَلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة: 282] . أَيْ مُعَيَّنٍ. {فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282]   [حاشية قليوبي] أَيْ قَرْضٌ وَبَيْعٌ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الْقَرْضِ عَقْدَهُ فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ عَقْدَيْنِ جَائِزٍ وَلَازِمٍ وَهُوَ بَاطِلٌ، أَوْ الْمُرَادُ شَرْطُ الْقَرْضِ فِي الْبَيْعِ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ بَيْعٍ وَشَرْطُ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (قَرْضٌ) وَمِثْلُهُ الْإِجَارَةُ وَالتَّزْوِيجُ. قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ) فَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِهِ: قَبِلْت الْبَيْعَ وَأَقْرَضْتُك الْمِائَةَ فَبَاطِلٌ أَيْضًا. وَلَوْ وَقَعَ عَقْدُ قَرْضٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَا بُطْلَانَ الشَّرْطِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا. كَذَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي الصِّحَّةُ مُطْلَقًا نَظَرًا لِلْوَاقِعِ مَعَ تَمَامِ الصِّيغَةِ وَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُ تَرَتُّبِهِ عَلَى الشَّرْطِ السَّابِقِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْفَسَادِ غَيْرُ مُضِرٍّ كَمَا فِي بَيْعِ مَالِ مُوَرِّثِهِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ) أَوْ وَيَحْصُدَهُ أَوْ يَحْصُدَهُ بِغَيْرِ وَاوٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَحْصُدَهُ. وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي وَيَخِيطَهُ. وَخَرَجَ بِذَلِكَ صِيغَةُ الْأَمْرِ كَاحْصُدْهُ وَخِطْهُ فَلَا يَضُرُّ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ إلَّا إنْ أَرَادَ الشَّرْطِيَّةَ. وَمِثْلُ ذَلِكَ شِرَاءُ نَحْوِ حَطَبٍ بِشَرْطِ حَمْلِهِ لِمَنْزِلِهِ وَإِنْ عُرِفَ أَوْ بِطِّيخَةٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (الْبَائِعُ) وَمِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ فَإِنَّ شَرَطَ الْحَصَادَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ الشَّارِطُ الْبَائِعَ خِلَافًا لِظَاهِرِ مَا فِي الْعُبَابِ. قَوْلُهُ: (فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ) أَيْ الْآنَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَا يَحْصُلُ لَهُ الْمِلْكُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ وَالضَّمِيرُ فِي يَمْلِكُهُ عَائِدٌ لِلْمُشْتَرِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ عَمَلًا فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْبَائِعُ بَعْدَ تَمَامِ الصِّيغَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي عَمَلًا فِيمَا يَمْلِكُهُ الْبَائِعُ غَيْرُ الْمَبِيعِ بَطَلَ الْعَقْدُ قَطْعًا إذْ لَا تَبَعِيَّةَ. قَوْلُهُ: (بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ) وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ مُدَّةٍ وَلَا عَمَلٌ مَعْلُومٌ. قَوْلُهُ: (الطُّرُقُ الثَّلَاثَةُ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْمَذْهَبِ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إلَى تَرْجِيحِ طَرِيقِ الْخِلَافِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ اصْطِلَاحِهِ وَبِأَنَّ الرَّاجِحَ طَرِيقُ الْقَطْعِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى مِنْ النَّهْيِ) لَعَلَّ الْمُرَادُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فِيهِ تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْأَجَلُ) أَيْ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ كَمَا مَرَّ فَيَصِحُّ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ بَعْدَ بَقَاءِ الْعَاقِدِينَ إلَيْهِ لِأَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ، نَعَمْ إنَّ بَعْدَ بَقَاءِ الدُّنْيَا إلَيْهِ كَأَلْفِ سَنَةٍ لَمْ يَصِحَّ. قَوْلُهُ: (وَالْكَفِيلُ) أَيْ الْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ بِالْبَائِعِ لِمَبِيعٍ فِي ذِمَّتِهِ بِأَنْ شَرَطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَكْفُلَهُ فِي الثَّمَنِ الَّذِي عَلَيْهِ شَخْصٌ آخَرُ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ نَحْوُ هَذَا الشَّخْصِ أَوْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ. وَكَذَا الْمُشْتَرِي وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ. وَخَرَجَ بِذَلِكَ شَرْطُ كَفَالَةِ   [حاشية عميرة] وَلِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِكُلٍّ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ) مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ اشْتَرَيْت هَذَا الْحَطَبَ بِشَرْطِ أَنْ تَحْمِلَهُ إلَى الْبَيْتِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْتُ مَعْرُوفًا أَمْ لَا، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ حَمْلَ الْبِطِّيخَةِ الْمُشْتَرَاةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَمَسْأَلَةُ الْبِطِّيخَةِ تَقَعُ كَثِيرًا فَلْيُحْتَرَزْ عَنْهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ بِشَرْطِ) أَوْ بِالْأَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهَا إلَخْ) مِنْ ثَمَّ اعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَصَحِّ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ الْمَسْأَلَةُ ذَاتُ طُرُقٍ الثَّانِي أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْأَصَحِّ يَقْتَضِي قُوَّةَ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الرَّاجِحَ طَرِيقُ الْقَطْعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسْتَثْنَى) هَذِهِ الْأُمُورُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالرُّخَصِ فِي الْعِبَادَاتِ فَيَتْبَعُ فِيهَا تَوْقِيفَ الشَّارِعِ وَلَا تَتَعَدَّى لِكُلِّ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْكَفِيلِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: سُئِلَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ مُوَافَقَتِهِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْمُشَاهَدَةِ وَتَصْوِيبِهِ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ فِيمَا لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ مِقْدَارٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَعَيَّنَ مَكَانَهُ مِنْ الْمُصْحَفِ بِالْمُشَاهَدَةِ مُعَلِّلًا بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ السُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ) لَوْ بَاعَ مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 وَأَمَّا الرَّهْنُ وَالْكَفِيلُ فَلِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا فِي مُعَامَلَةِ مَنْ لَا يَرْضَى إلَّا بِهِمَا. وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الرَّهْنِ غَيْرَ الْمَبِيعِ فَإِنْ شَرَطَ رَهْنَهُ بِالثَّمَنِ بَطَلَ الْبَيْعُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ رَهْنٍ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ وَالتَّعْيِينُ فِي الرَّهْنِ بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ الْوَصْفِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ، وَفِي الْكَفِيلِ بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ، وَلَا يَكْفِي الْوَصْفُ كَمُوسِرٍ ثِقَةٍ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: هَذَا هُوَ النَّقْلُ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: الِاكْتِفَاءُ بِالْوَصْفِ أَوْلَى مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِمُشَاهَدَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ لَمْ يَكُنْ مُبْعِدًا، وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ. وَتَقْيِيدُ الثَّمَنِ بِكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُعَيَّنِ كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ تُسَلِّمَهَا لِي فِي وَقْتِ كَذَا أَوْ تَرْهَنَ بِهَا كَذَا أَوْ يَضْمَنَكَ بِهَا فُلَانٌ فَإِنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْأَجَلِ لِأَنَّهُ رِفْقٌ أُثْبِتَ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ فِي الْمُدَّةِ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي التَّكَلُّمِ عَنْ أَلْفَاظِ الْوَجِيزِ الرَّهْنَ وَالْكَفِيلَ، وَيُقَالُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إنَّهُ رِفْقٌ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ وَالْمُعِينُ حَاصِلٌ. فَشَرْطُ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَعَهُ فِي غَيْرِ مَا شُرِعَ لَهُ. (وَالْإِشْهَادُ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْآيَةِ قَالَ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الشُّهُودِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِيهِمَا بِخِلَافِ الشُّهُودِ فَإِنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِأَيِّ   [حاشية قليوبي] أَحَدِهِمَا لِأَجْنَبِيٍّ فَبَاطِلٌ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْوَسِيطِ لَوْ بَاعَ عَيْنًا مِنْ اثْنَيْنِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَضَامَنَا بَطَلَ الْعَقْدُ لِمَا فِيهِ مِنْ شَرْطِ ضَمَانِ الْعَاقِدِ أَجْنَبِيًّا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْآخَرِ. قَالَ فِي الرَّوْضِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ فَيَصِحُّ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ شَيْخِنَا بِأَنْ يَبِيعَ اثْنَانِ عَيْنًا لِشَخْصٍ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَيَشْتَرِطُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَنْ يَضْمَنُهُ لَهُ لِأَنَّ عَكْسَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ ضَمَانُ غَيْرِهِ لَهُ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْخَادِمِ وَتَصْوِيرُ بَعْضِهِمْ بِأَنْ يَبِيعَ اثْنَانِ عَيْنًا لِشَخْصٍ، وَيَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَضْمَنَ صَاحِبَهُ أَوْ أَنْ يَضْمَنَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ فَاسِدٌ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فَتَأَمَّلْهُ وَرَاجِعْهُ. فَرْعٌ: فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ زَيْدٌ إلَى شَهْرٍ صَحَّ وَإِذَا ضَمِنَهُ زَيْدٌ مُؤَجَّلًا ثَبَتَ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ الْمُشْتَرِي اهـ. فَانْظُرْهُ وَتَأَمَّلْ مَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى شَرْطِ رَهْنٍ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدُ) أَيْ الْآنَ، فَلَوْ رَهَنَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَائِعِ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ وَبَعْدَ قَبْضِهِ وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا. قَوْلُهُ: (فِي الرَّهْنِ بِالْمُشَاهَدَةِ) أَيْ فِي الْمُعَيَّنِ أَوْ الْوَصْفِ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ وَاكْتُفِيَ فِي الْكَفِيلِ بِالْمُشَاهَدَةِ لِأَدَائِهَا غَالِبًا إلَى مَعْرِفَةِ حَالِ الشَّخْصِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً، وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِمُشَاهَدَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّدَاقِ الَّذِي اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ. وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْقُرْآنَ هُنَاكَ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَهُوَ يُحْتَاطُ لَهُ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الشَّارِطَ هُنَا مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْبَحْثِ فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) أُجِيبَ بِأَنَّ الْأَحْرَارَ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَمِ وَلَا يُعْتَرَضُ بِالرَّقِيقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ لِقَوْلِهِ مُوسِرٌ ثِقَةٌ أَوْ يُقَالُ الضَّامِنُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانِ وَإِنْ دَخَلَ مِنْ حَيْثُ الرِّقِّ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَضْمَنُك إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِمَ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ كَمَا فِي الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِغَصْبٍ وَنَحْوِهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ ضَمَانَ الدَّرْكِ فَهُوَ هُنَا صَحِيحٌ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهُ فَمَمْنُوعٌ وَضَمَانُ الْأَعْيَانِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا هُوَ الرَّدُّ لِأَهْلِهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ) وَمِثْلُهُ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ رِفْقٌ) أَيْ لِأَنَّ الْأَجَلَ الْمَشْرُوطَ رِفْقٌ إلَخْ. وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لِتَأْخِيرِ الْحَقِّ لَا لِتَحْصِيلِهِ فَتَأَمَّلْ. نَعَمْ إنْ تَلِفَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ فَلَا خِيَارَ لِفَوَاتِ رَدِّ مَا تَلِفَ فَتَأَمَّلْهُ. وَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ إنْ أَمْكَنَ. تَنْبِيهٌ: الْأَجَلُ لَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ لِأَنَّهُمَا مُسْتَقِلَّانِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْإِشْهَادَ كَذَلِكَ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْإِشْهَادُ) أَيْ عَلَى جَرَيَانِ الْعَقْدِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (لِلْأَمْرِ بِهِ) وَصَرْفِهِ عَنْ وُجُوبِ الْإِجْمَاعِ وَهُوَ أَمْرٌ إرْشَادِيٌّ لَا ثَوَابَ فِيهِ إلَّا لِمَنْ قَصَدَ بِهِ الِامْتِثَالَ. كَذَا قِيلَ فَلْيُرَاجَعْ قَوْلُهُ: (هَلْ يَتَعَيَّنُونَ) وَالْأَصَحُّ عَدَمُ تَعَيُّنِهِمْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضِ وَلَا أَثَرَ لِتَفَاوُتِ   [حاشية عميرة] رَجُلَيْنِ سِلْعَةً بِأَلْفٍ وَشَرَطَ أَنْ يَتَضَامَنَا فِي الثَّمَنُ فَفِي كِتَابِ الضَّمَانِ مِنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَالْوَسِيطِ وَغَيْرِهِمَا عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ، لِأَنَّهُ شَرْطٌ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا لِغَيْرِهِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ جَلِيلَةٌ تَقَعُ بَيْنَ النَّاسِ كَثِيرًا فَلْيُتَفَطَّنْ لَهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ الْوَصْفُ إلَخْ) قِيلَ هَذَا لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُمْ إنَّ رَهْنَ الْغَائِبِ كَبَيْعِهِ فَلَا يَكْفِي وَصْفُهُ قُلْت قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ صُورَتَهُ هُنَا مَعَ الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَضْمَنُك بِهَا فُلَانٌ) اعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ ضَمَانَ الْأَعْيَانِ الْمُعَيَّنَةِ الْمَضْمُونَةِ صَحِيحٌ وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ بِمَثَابَةِ الْمَبِيعِ فَيَصِحُّ ضَمَانُهُ. قَوْلُهُ: (شُرِعَ لَهُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 عُدُولٍ كَانُوا وَقَطَعَ الْإِمَامُ بِالْأَوَّلِ وَرُدَّ الْخِلَافُ إلَى أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَهُمْ هَلْ يَتَعَيَّنُونَ. (فَإِنْ لَمْ يَرْهَنْ) الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَشْهَدْ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (أَوْ لَمْ يَتَكَفَّلْ الْمُعَيَّنُ فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) لِفَوَاتِ مَا شَرَطَهُ، وَلَوْ عَيَّنَ شَاهِدَيْنِ فَامْتَنَعَا مِنْ التَّحَمُّلِ ثَبَتَ الْخِيَارُ إنْ اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ) لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُمَا كَمَا لَوْ شَرَطَ بَيْعَهُ أَوْ هِبَتَهُ، وَالثَّالِثُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَبُطْلَانُ الشَّرْطِ كَمَا فِي النِّكَاحِ. (وَالْأَصَحُّ) عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ) وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْأَصَحُّ كَالْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِاشْتِرَاطِهِ، وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ لَهُ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ وَيَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِعْتَاقِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ لِلْبَائِعِ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ، وَإِذَا أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَالْوَلَاءُ لَهُ، وَإِنْ   [حاشية قليوبي] الْأَغْرَاضِ بِنَحْوِ وَجَاهَةٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَرْهَنْ) بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ لِزَوَالِ الضَّرَرِ بِالْفَسْخِ. وَكَذَا لَوْ أَرَادَ إبْدَالَهُ بِغَيْرِهِ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِي الْأَعْيَانِ أَوْ تَغَيُّرِ حَالِهِ إلَى نَقْصٍ أَوْ تَلِفَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَأَعْتَقَهُ، كَذَلِكَ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ أَوْ زَوَّجَهُ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ إقْبَاضِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَشْهَدْ) بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْهُ. وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمَشْرُوطُ إشْهَادَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَتَكَفَّلْ الْمُعَيَّنُ) وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ. قَوْلُهُ: (فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (إنْ اشْتَرَطَ التَّعْيِينَ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا) أَيْ رَقِيقًا وَلَوْ أُنْثَى وَلَيْسَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ كَأَصْلِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ مَعَ ذَلِكَ الشَّرْطِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْعِتْقِ عَنْ الْمُشْتَرِي كَمَا يَأْتِي وَمِنْ كَوْنِ الشَّرْطِ مِنْ الْمُبْتَدِي سَوَاءٌ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ وَمُوَافَقَةُ الْآخَرِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِالسُّكُوتِ فَإِنْ وَقَعَ مِنْ الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْتَرِي فَهُوَ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ أَوْ وَهُوَ الْبَائِعُ بَطَلَ الْعَقْدُ إنْ كَانَ قَبْلَ تَمَامِ الصِّيغَةِ وَإِلَّا لَغَا وَصَحَّ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ) أَيْ الْعَبْدِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ الْمُعَيَّنِ، وَلَوْ اشْتَرَى بَعْضَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِ مَا اشْتَرَاهُ أَوْ بَعْضِ مَا اشْتَرَاهُ مُعَيَّنًا صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَاقِيهِ حُرًّا عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ مُبْهَمًا لَمْ يَصِحَّ، أَوْ شَرَطَ عِتْقَ كُلِّهِ كَذَلِكَ وَلَهُ بَيْعُ مَا لَمْ يَشْرِطْ عِتْقَهُ مِنْ قَبْلِ عِتْقِ مَا شَرَطَهُ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ شَرَطَ بَيْعَهُ أَوْ هِبَتَهُ) وَفُرِّقَ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ وَلَوْ وَهَبَهُ لَهُ بِشَرْطِ عِتْقِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ لَهُ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي النِّكَاحِ) فِيمَا لَوْ قَالَ: تَزَوَّجْت أَمَتَك بِشَرْطِ أَنْ تَعْتِقَهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَتَأَثَّرُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ. قَوْلُهُ: (لِلْبَائِعِ مُطَالَبَتُهُ) وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ وَالْحَاكِمُ لَا غَيْرُهُمْ مِنْ الْآحَادِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ وَبِالطَّلَبِ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ فَوْرًا وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهُ بَعْدَهُ، وَلَهُ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ وَلَوْ بَعْدَ الطَّلَبِ اسْتِخْدَامَهُ وَلَوْ بِالْوَطْءِ وَإِعَارَتَهُ لَا رَهْنَهُ وَلَا بَيْعَهُ وَلَا وَقَفَهُ وَلَا إجَارَتَهُ، وَيَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُ لَوْ جَنَى كَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَوْ قُتِلَ فَلَهُ قِيمَتُهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ غَيْرِهِ بِهَا، وَلَا يُجْزِئُهُ عِتْقُهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَيُعْتَقُ لَا عَنْهَا. قَوْلُهُ: (أُجْبِرَ عَلَيْهِ) أَيْ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فَإِنْ امْتَنَعَ نَابَ الْحَاكِمُ عَنْهُ فِيهِ كَالْمَوْلَى وَيَتْبَعُهَا حَمْلُهَا إنْ عَتَقَتْ حَامِلًا لَا وَلَدَهَا وَإِنْ اشْتَرَاهَا حَامِلًا بِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ. كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحَمْلَ مِنْ سَيِّدِهَا إذْ الْفَرْضُ أَنَّهَا مُسْتَوْلَدَةٌ، فَالْوَلَدُ حُرٌّ مُطْلَقًا، وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ مُصَوَّرٌ بِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بِنَحْوِ تَزْوِيجٍ إنْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَالْوَلَاءُ لَهُ) وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَأَعْتَقَهُ وَارِثُهُ، نَعَمْ إنْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ كَأَنْ اسْتَوْلَدَهَا أَجْزَأَ عَنْ الْإِعْتَاقِ، وَسَقَطَتْ مُطَالَبَةُ الْوَارِثِ بِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْمُشْتَرِي اسْتِيلَادُهُ عَنْ الْإِعْتَاقِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ مُطَالَبَتِهِ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قُلْنَا) قِيلَ: الْأَوَّلُ حَذْفُ الْوَاوِ وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّ مُفَادَ الْغَايَةِ كَوْنُ مَا وَرَاءَهَا أَوْلَى بِالْحُكْمِ، وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ مَا وَرَاءَهَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَلِأَنَّ مُطَالَبَةَ الْبَائِعِ مَعَ كَوْنِ الْحَقِّ لِلَّهِ بَعِيدَةٌ وَتَخْصِيصُ الثَّانِي بِكَوْنِ الْحَقِّ لِلَّهِ لَا يَضُرُّ فِي   [حاشية عميرة] نَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى كُلٍّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ لَمْ يَرْهَنْ) مِثْلُهُ لَوْ رَهَنَ وَلَمْ يَقْبِضْ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ أَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) أَيْ وَلَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقِيَامِ بِذَلِكَ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ مَنْدُوحَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَمْ يَتَكَفَّلْ إلَخْ) أَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ قَبْلَ الْكَفَالَةِ أَوْ أَعْسَرَ عَلَى مَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَنَّهُ الْقِيَاسِ. قَوْلُهُ: (لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَخْ) أَيْضًا فَلِقِصَّةِ بَرِيرَةَ وَهِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهَا أَنَّهَا اشْتَمَلَتْ عَلَى شَرْطِ الْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ لَهُمْ، وَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا شَرْطَ الْوَلَاءِ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ اشْتِرَاطِ الْوَلَاءِ الْمَذْكُورِ فِي الْقِصَّةِ فَسَيَأْتِي هَذَا وَقَدْ اعْتَرَضَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ بَرِيرَةَ كَانَتْ مُكَاتَبَةً، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ صِحَّةُ بَيْعِهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَحَدِيثُهَا قَرِيبٌ مِنْ الْعَامِّ الْوَارِدِ عَلَى سَبَبٍ وَصُورَةُ السَّبَبِ لَا تَخْرُجُ كَمَا فِي الْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ فَإِنَّهُ كَانَ فِي أَمَةٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ إلَخْ) الْأَحْسَنُ تَرْكُ الْوَاوِ بِدَلِيلِ حِكَايَةِ الْخِلَافِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (كَالنَّذْرِ) تَنْظِيرٌ لِقَوْلِهِ وَهُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 قُلْنَا الْحَقُّ فِيهِ لِلْبَائِعِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ مَعَ الْعِتْقِ الْوَلَاءَ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (أَوْ شَرَطَ تَدْبِيرَهُ أَوْ كِتَابَتَهُ أَوْ إعْتَاقَهُ بَعْدَ شَهْرٍ) مَثَلًا (لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) أَمَّا فِي شَرْطِ الْوَلَاءِ فَلِمُخَالَفَتِهِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَأَمَّا فِي الْبَاقِي فَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي وَاحِدٍ مِمَّا مَا تَشَوَّفَ إلَيْهِ الشَّارِعُ مِنْ الْعِتْقِ النَّاجِزِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلَاءِ قَوْلٌ مَنْصُوصٌ أَوْ مُخَرَّجٌ (وَلَوْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَالْقَبْضِ وَالرَّدِّ بِعَيْبٍ أَوْ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا كَذَا صَحَّ) الْعَقْدُ فِيهِمَا وَلَغَا الشَّرْطُ فِي الثَّانِي. وَأُخِذَ مِنْ كَلَامِ التَّتِمَّةِ، وَنَصَّ فِي الْأُمِّ فَسَادَ الْعَقْدِ فِي الثَّانِي (وَلَوْ شَرَطَ وَصْفًا يُقْصَدُ كَكَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ الدَّابَّةِ حَامِلًا أَوْ لَبُونًا صَحَّ) الشَّرْطُ مَعَ الْعَقْدِ، (وَلَوْ الْخِيَارُ إنْ أَخْلَفَ) الشَّرْطَ   [حاشية قليوبي] تَعْمِيمِ الْأَوَّلِ، نَعَمْ فِيهِ إبْهَامُ جَرَيَانِ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْحَقُّ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْ لِلْبَائِعِ) وَكَذَا لِلْأَجْنَبِيِّ، وَكَذَا لَوْ شُرِطَ عِتْقُهُ عَنْ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ شَرْطُ تَدْبِيرِهِ) وَكَذَا تَعْلِيقُ عِتْقِهِ بِصِفَةٍ أَوْ وَقْفُهُ لَمْ يَصِحَّ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلَاءِ إلَخْ) فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ عَنْ مُقَابِلِهِ بِالْأَصَحِّ صَحِيحٌ سَالِمٌ مِنْ الِاعْتِرَاضِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرْطُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ لِلشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ خَمْسَةُ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُ إمَّا لِصِحَّتِهِ كَشَرْطِ قَطْعِ الثَّمَرَةِ، أَوْ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ كَالْقَبْضِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوْ مِنْ مَصَالِحِهِ كَالْكِتَابَةِ وَالْخِيَاطَةِ، أَوْ مِمَّا لَا غَرَضَ فِيهِ كَأَكْلِ الْهَرِيسَةِ أَوْ مُخَالِفٍ لِمُقْتَضَاهُ كَعَدَمِ الْقَبْضِ فَهَذَا الْأَخِيرُ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الْأَوَّلِ، وَتَأْكِيدٌ فِي الثَّانِي وَمُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ فِي الثَّالِثَةِ وَلَاغٍ فِي الرَّابِعِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ إذَا كَانَ الشَّارِطُ لِعَدَمِ الْقَبْضِ هُوَ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ شَرَطَ لِلرَّفْعِ فِي النِّكَاحِ أَنَّهُ لَا يَطَأُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا، وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُطْعِمَهُ لِلْغَيْرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لَا إنْ شَرَطَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ الشَّرْطَ يُؤَدِّي إلَى اسْتِمْرَارِ ضَمَانِ الْبَائِعِ هُنَا وَعَدَمِ وُثُوقِهِ بِمِلْكِ الثَّمَنِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِ وَبِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ فِي الْبَيْعِ شَرْطٌ وَهِيَ الْقَبْضُ فَشَرْطُ عَدَمِهِ مُفْسِدٌ، وَلَيْسَ الْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُ أَكْلُ الْمَبِيعِ لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِهِ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ كَمَا يَأْتِي فِيهِ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (لَا غَرَضَ فِيهِ) أَيْ عُرْفًا وَلَا نَظَرَ لِغَرَضِ الْعَاقِدَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَأُخِذَ مِنْ كَلَامِ إلَخْ) قَدْ نَازَعَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي عَدَمِ الْغَرَضِ فِي هَذَا بِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا لِلْعَبْدِ فَيَنْبَغِي فِيهِ الصِّحَّةُ وَرُدَّ بِأَنَّ نَصَّ الْأُمِّ يُخَالِفُهُمَا، وَيُصَرِّحُ بِالْفَسَادِ وَلَفْظُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِقَوْلِهِ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ إذَا بَاعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الْعَبْدَ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَسْتَخْدِمَهُ، أَوْ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا فَالْبَيْعُ كُلُّهُ فِيهِ فَاسِدٌ اهـ. وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ عَنْ النَّصِّ صَحِيحٌ، وَأَنَّ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ الصِّحَّةِ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ مَا جَمَعَ بِهِ شَيْخُنَا م ر بَيْنَ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ. وَنَصِّ الْأُمِّ غَيْرُ صَحِيحٍ حَيْثُ قَالَ: إنَّ مَا فِي الْأُمِّ فِيمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ كَأَنْ قَالَ: تُطْعِمُهُ كَذَا وَكَذَا وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ دَائِمًا كَشَرَطَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرَائِضَ وَالنَّوَافِلَ أَوَّلَ وَقْتِهَا فَهُوَ مُفْسِدٌ، وَمَا فِي غَيْرِ الْأُمِّ فِيمَا إذَا لَمْ يَجْمَعْ كَشَرَطَ أَنْ يُطْعِمَهُ كَذَا كَالْهَرِيسَةِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَلْزَمُ السَّيِّدَ دَائِمًا إذْ لَا يُمْكِنُ أَقَلَّ مِنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ مِنْ الْمَطْعُومِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنَ الْمَذْكُورِ بَلْ رُبَّمَا يَتَعَيَّنُ إذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرَهُ فَهُوَ غَيْرُ مُفْسِدٍ اهـ. فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يُقْصَدُ) أَيْ عُرْفًا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ الْعَاقِدَانِ أَوْ عَكْسَهُ، كَمَا فِي الثُّيُوبَةِ فَإِنَّهَا لَا تُقْصَدُ عُرْفًا وَخَرَجَ بِيُقْصَدُ نَحْوُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ فَلَا خِيَارَ بِفَوْتِهِمَا. فَرْعٌ: لَوْ شَرَطَهَا ثَيِّبًا فَبَانَتْ بِكْرًا، أَوْ شَرَطَهُ مُسْلِمًا فَبَانَ كَافِرًا أَوْ شَرَطَهُ فَحْلًا فَبَانَ مَمْسُوحًا فَلَا خِيَارَ فِي الْجَمِيعِ بِخِلَافِ   [حاشية عميرة] الْأَصَحُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَعَ الْعِتْقِ) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ: فَإِنْ أَعْتَقَهُ فَوَلَاؤُهُ لِي فَإِنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ جَزْمًا. قَوْلُهُ: (مِنْ الْعِتْقِ النَّاجِزِ) وَأَيْضًا فَعَقْدُ الْبَيْعِ قَدْ يَقْتَضِي الْعِتْقَ كَمَا فِي شِرَاءِ الْقَرِيبِ بِخِلَافِ هَذِهِ الْأُمُورِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلَاءِ قَوْلٌ مَنْصُوصٌ) فِيهِ نَقْدٌ عَلَى الْمُؤَلِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَصَحِّ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا ثُمَّ حُجَّةُ هَذَا مَا ثَبَتَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاشْتُرِطَ لَهُمْ الْوَلَاءُ، وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّ لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7] قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى إنْكَارِهِ طَلَبُهُمْ لِهَذَا الشَّرْطِ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ خَاصٌّ صَدَرَ لِمَصْلَحَةِ قَطْعِ عَادَتِهِمْ كَفَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَة، وَأَجَابَ الْأَكْثَرُ بِأَنَّ الشَّرْطَ كَانَ خَارِجَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا وَجْهُ الصِّحَّةِ فِي غَيْرِ الْوَلَاءِ فَحُصُولُ الْمَفْضُولِ ثُمَّ الْوَقْفُ كَالتَّدْبِيرِ. [مُقْتَضَى الْعَقْدِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَأْكُلُ إلَّا كَذَا) أَمَّا فِيمَا يَقْتَضِيهِ فَلِأَنَّهُ تَأْكِيدٌ وَتَنْبِيهٌ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَا لَا غَرَضَ فِيهِ فَلِأَنَّ ذِكْرَهُ لَا يُورِثُ نِزَاعًا وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَوَّلُ هَلْ الشَّرْطُ لَاغٍ كَالثَّانِي، أَمْ هُوَ صَحِيحٌ مُؤَكَّدٌ وَعَضَّدَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الشَّرْطَ مَا أَوْجَبَ زِيَادَةً عَلَى مُقْتَضَى الْعَقْدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُقْصَدُ) مِنْ جُمْلَةِ مَا خَرَجَ بِهَذَا الشَّرْطِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 (وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي الدَّابَّةِ) بِصُورَتَيْهَا لِلْجَهْلِ بِمَا شُرِطَ فِيهَا بِخِلَافِ شَرْطِ الْكِتَابَةِ لِإِمْكَانِ الْعِلْمِ بِهَا بِالِاخْتِبَارِ فِي الْحَالِ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْعِلْمَ بِمَا شُرِطَ فِي الدَّابَّةِ فِي ثَانِي الْحَالِ كَافٍ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي بَيْعِ الْجَارِيَةِ بِشَرْطِ أَنَّهَا حَامِلٌ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ فِيهَا بِالصِّحَّةِ لِأَنَّ الْحَمْلَ فِيهَا عَيْبٌ فَاشْتِرَاطُهُ إعْلَامٌ بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ بَاعَهَا آبِقَةً أَوْ سَارِقَةً. (وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَهَا) أَيْ الدَّابَّةَ (وَحَمْلَهَا بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِجَعْلِهِ الْحَمْلَ الْمَجْهُولَ مَبِيعًا بِخِلَافِ بَيْعِهَا بِشَرْطِ كَوْنِهَا حَامِلًا فَفِيهِ جَعْلُ الْحَامِلِيَّةِ وَصْفًا تَابِعًا، وَالثَّانِي يَقُولُ لَوْ سَكَتَ عَنْ الْحَمْلِ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَضُرُّ التَّنْصِيصُ عَلَيْهِ. (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَمْلِ وَحْدَهُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا مَقْدُورٍ عَلَيْهِ (وَلَا الْحَامِلِ دُونَهُ) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ. (وَلَا الْحَامِلِ بِحُرٍّ) لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَقِيلَ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَكُونُ الْحَمْلُ مُسْتَثْنًى شَرْعًا (وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا مُطْلَقًا) عَنْ ذِكْرِ الْحَمْلِ مَعَهَا وَنَفْيِهِ (دَخَلَ الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ) تَبَعًا لَهَا.   [حاشية قليوبي] عُكُوسِهَا لِعُلُوِّ الْبِكْرِ، وَالْمَمْسُوحِ وَرَغْبَةُ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْكَافِرِ. قَوْلُهُ: (كَاتِبًا) وَيَكْفِي مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْكَاتِبَةِ عُرْفًا فَإِنْ شَرَطَ حُسْنَهَا اُعْتُبِرَ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى وَصْفِ الْكِتَابَةِ بِكَوْنِهَا بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ الْعَجَمِيَّةِ مَثَلًا إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ وَإِلَّا وَجَبَ ذِكْرُهُ. وَلَوْ قَالَ: يَكْتُبُ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ تَحَقَّقَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْكِتَابَةِ فَكَالْحَمْلِ فَيَصْدُقُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَوْتِهِ، وَالْبَائِعُ فِي حَيَاتِهِ كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ بَحْثٌ بِإِمْكَانِ اخْتِبَارِهِ فِي حَيَاتِهِ لِسُهُولَةِ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ الْحَمْلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (حَامِلًا) وَيُرْجَعُ فِي حَمْلِهَا لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ وَلَوْ نِسْوَةً وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْحَمْلِ قَبْلَ مَوْتِهَا صُدِّقَ الْبَائِعُ أَوْ بَعْدَهُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي وَلَوْ عَيَّنَ فِي الْحَمْلِ كَوْنَهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى بَطَلَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَبُونًا) أَيْ ذَاتَ لَبَنٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَتُعْتَبَرُ بِأَمْثَالِهَا فَإِنْ شَرَطَا خِلَافَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (إنْ أَخْلَفَ) أَيْ لَا الْأَعْلَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِعْتُكهَا وَحَمْلَهَا بَطَلَ) وَكَذَا بِحَمْلِهَا أَوْ مَعَ حَمْلِهَا لِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى الدَّابَّةِ، وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِ الْجِدَارِ وَأُسِّهِ أَوْ بِأُسِّهِ أَوْ مَعَ أُسِّهِ أَوْ الْجُبَّةِ وَحَشْوِهَا أَوْ بِهِ أَوْ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَصْفًا تَابِعًا) أَخَذَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ عَدَمَ الصِّحَّةِ لَوْ قَالَ: بِعْتُكهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَمْلِ وَحْدَهُ) هَذَا تَقَدَّمَ فِي الْمَلَاقِيحِ. وَذَكَرَهُ هُنَا لِغَرَضِ التَّقْسِيمِ. قَوْلُهُ: (كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ) وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحَمْلَ آيِلٌ إلَى الِانْفِصَالِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: هُوَ اسْتِثْنَاءُ مَجْهُولٍ مِنْ مَعْلُومٍ وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ اسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَةِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ إذَا بَاعَهَا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ، وَثَمَرَةُ الشَّجَرَةِ وَلَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ، نَعَمْ يُرَدُّ مَا لَوْ اسْتَثْنَى الْمَنْفَعَةَ فِي بَيْعِهَا مُؤَجَّرَةً فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ يَصِحُّ إذَا قَدَّرَ مُدَّةً فَرَاجِعْهُ. وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَيُبْطِلُهُ مُطْلَقًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِحُرٍّ) وَمِثْلُهُ الْمَمْلُوكُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ وَلَوْ لِلْمُشْتَرِي، قَالَ شَيْخُنَا ز ي كَابْنِ حَجَرٍ: وَمِثْلُهُ الْحَمْلُ النَّجِسُ نَحْوَ كَلْبٍ، وَخَالَفَهُمَا شَيْخُنَا م ر، وَلَوْ تَبَيَّنَ الْحَمْلُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ إنْ عُلِمَ وُجُودُهُ حَالَ الْبَيْعِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ لِلْمُشْتَرِي فِي غَيْرِ نَحْوِ الْحُرِّ. قَوْلُهُ: (مُسْتَثْنًى شَرْعًا) وَرُدَّ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الشَّرْعِيَّ كَالْحِسِّيِّ وَقَدْ مَرَّ عَدَمُ صِحَّتِهِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا) وَلَوْ مَرْهُونَةً بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا. قَوْلُهُ: (دَخَلَ الْحَمْلُ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ وَلَوْ انْفَصَلَ أَحَدُ تَوْأَمَيْنِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَالثَّانِي بَعْدَهُ فَالثَّانِي لِلْمُشْتَرِي وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيلَ: لِلْبَائِعِ كَالْأَوَّلِ وَالْعَقْدُ بَاطِلٌ. وَنُقِلَ عَنْ النَّصِّ. تَنْبِيهٌ: حَذْفٌ الْمُفْسِدِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَا يُصَحِّحُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لِأَنَّ مَا وَقَعَ فَاسِدًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا وَإِلْحَاقُ الْمُفْسِدِ بِهِ فِيهِ   [حاشية عميرة] أَنْ يَشْتَرِطَ الثُّيُوبَةَ فَتَظْهَرَ بِكْرًا خِلَافًا لِلْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَقَوْلُهُ: أَخْلَفَ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَخْلَفَهُ أَيْ وَجَدَ مَوْعِدَهُ خَلْفًا. قَالَ: وَالْخَلْفُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَالْكَذِبِ فِي الْمَاضِي. قَوْلُهُ: (صَحَّ الشَّرْطُ) لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِصِفَاتِ الْمَبِيعِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ وَعَلَّلَهُ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ الْتِزَامُ أَمْرٍ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْعَقْدِ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى إنْشَاءِ شَيْءٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ عَنْ الشَّرْطِ وَإِنْ سَمَّيَاهُ شَرْطًا وَبَيَّنَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَكُونُ إلَّا مُسْتَقْبَلًا فَلَمْ يَتَنَاوَلْ هَذَا وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ) قَالَ الرَّافِعِيُّ الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَهُوَ الصَّحِيحُ بِدَلِيلِ إيجَابِ الْحَوَامِلِ فِي الدِّيَاتِ أَوَّلًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ نَفْخًا. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ) أَيْ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَ وَحَمْلَهَا. قَوْلُهُ: (لِجَعْلِهِ الْحَمْلَ إلَخْ) وَكَمَا لَوْ بَاعَهُ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ لَوْ سَكَتَ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك الْجِدَارَ وَأُسَّهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ اسْمَ الْجِدَارِ شَامِلٌ لِلْأُسِّ بِخِلَافِ اسْمِ الدَّابَّةِ لَا يَشْمَلُ الْحَمْلَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ إلَخْ) هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمَلَاقِيحِ السَّابِقَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَلَاقِيحُ تَخْتَصُّ بِالْإِبِلِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 فَصْلٌ وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَا لَا يُبْطِلُ بِضَمِّ الْيَاءِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ أَيْ النَّهْيُ فِيهِ الْبَيْعَ بِخِلَافِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَبِفَتْحِهَا أَيْضًا (لِرُجُوعِهِ) أَيْ النَّهْيِ فِي ذَلِكَ (إلَى مَعْنًى يَقْتَرِنُ بِهِ) لَا إلَى ذَاتِهِ. (كَبَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ بِأَنْ يَقْدَمَ غَرِيبٌ بِمَتَاعٍ تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَيَقُولُ) لَهُ (بَلَدِيٌّ اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ) لَك (عَلَى التَّدْرِيجِ) أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا (بِأَغْلَى) فَيُوَافِقُهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ، زَادَ مُسْلِمٌ «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى   [حاشية قليوبي] يُفْسِدُهُ لِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ كَالْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَسْقَطَ هُنَا فَصْلًا فِي حُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَحَاصِلُهُ أَنْ يَجِبَ رَدُّهُ وَلَا يَجُوزُ حَبْسُهُ لِرَدِّ الثَّمَنِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالنَّفَقَةِ وَإِنْ جَهِلَ الْفَسَادَ وَلَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا إنْ جَهِلَ، وَعَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ. وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ إنْ انْفَصَلَ حَيًّا لِلْبَائِعِ الْجَاهِلِ بِخِلَافِ الْعَالِمِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَلَوْ خَرَجَتْ مُسْتَحِقَّةً غَرِمَ قِيمَةَ الْوَلَدِ لِمَالِكِهَا وَرَجَعَ بِهَا عَلَى الْبَائِعِ، وَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ بَدَلًا وَزِيَادَةً وَمَنْفَعَةً. فَصْلٌ: فِي الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا تَفْسُدُ الْعُقُودُ مَعَهَا. سَوَاءٌ سَبَقَتْهَا أَوْ قَارَنَتْهَا أَوْ فِي الْعُقُودِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَلَا تَفْسُدُ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْيَاءِ) أَيْ مَعَ كَسْرِ الطَّاءِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ لِمَا بِمَعْنَى شَيْءٍ، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْعَقْدَ وَهُوَ يَشْمَلُ مَا يَقَعُ مُقَارَنًا لِلْبَيْعِ وَمَا يَقَعُ الْبَيْعُ بَعْدَهُ كَالسَّوْمِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ فَتْحِ الْيَاءِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ لِقَصْرِهِ عَلَى الْأَوَّلِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ وَاقِعٌ عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ أَيْ مِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ عَقْدٌ لَا يَبْطُلُ بِمَا يُقَارِنُهُ أَوْ يَسْبِقُهُ فَسَاوَى الضَّبْطَ الْأَوَّلَ، وَهَذَا صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا. وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُهُ آخِرًا إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ أَحَدُهُمَا بِمَا يَرْجِعُ إلَى الْآخَرِ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ رَاعَى الْأَحْكَامَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مَوَاقِفِ الْمَعْطُوفَاتِ أَوْ عَدَمِهِ. وَأَمَّا فَتْحُ الطَّاءِ مَعَ ضَمِّ الْيَاءِ فَلَا قَائِلَ بِهِ وَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ فَرَاجِعْهُ، وَقَوْلُ الدَّمِيرِيِّ لَا يَصِحُّ كَسْرُ الطَّاءِ إلَّا لَوْ قَالَ مِنْ الْمَنَاهِي مَرْدُودٌ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَيَقُولُ ابْنُ حَجَرٍ: إنَّهُ بَعِيدٌ وَهَذِهِ الْمَنْهِيَّاتُ صَغَائِرُ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إنَّ التَّفْرِيقَ مِنْ الْكَبَائِرِ. قَوْلُهُ: (وَبِفَتْحِهَا) أَيْ الْيَاءِ مَعَ ضَمِّ الطَّاءِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَقُدِّمَ الْأَوَّلُ لِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَا إلَى ذَاتِهِ) بِأَنَّهُ لَمْ يَفْقِدْ رُكْنًا وَلَا إلَى لَازِمَهُ بِأَنْ لَمْ يَفْقِدْ شَرْطًا بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَالتَّضْيِيقِ وَالْإِيذَاءِ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بِهِ سِعَةٌ لِنَحْوِ كِبَرِ الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (لِيَبِيعَهُ) وَمِثْلُهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَبِيعَهُ لَك) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ الصَّادِرُ مِنْ الصَّادِ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّهُ تَنْتَهِي بِهِ الْحُرْمَةُ، وَهُوَ يُفِيدُ دَوَامَ الْحُرْمَةِ عَلَى الصَّادِ إلَى الْبَيْعِ، وَفِيهِ بُعْدٌ كَبِيرٌ فَرَاجِعْهُ وَعَلَى هَذَا فَفِي التَّمْثِيلِ بِالْبَيْعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ تَجُوزُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الضَّبْطَيْنِ السَّابِقَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَيُوَافِقُهُ) لَيْسَ قَيْدًا فِي الْحُرْمَةِ فَالْقَوْلُ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ عَلَيْهِ بَلْ وَإِنْ خَالِفْهُ بِعَدَمِ امْتِثَالِهِ بِالْبَيْعِ حَالًّا. قَوْلُهُ: (دَعَوَا النَّاسَ) زَادَ ابْنُ شُهْبَةَ فِي   [حاشية عميرة] [الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا تَفْسُدُ الْعُقُودُ مَعَهَا] فَصْلٌ وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي إسْنَادِ الْغَرَضِ مِنْهُ بَيَانُ الْعُقُودُ الَّتِي نَهَى عَنْهَا وَيَحْرُمُ تَعَاطِيهَا وَمَعَ ذَلِكَ تَصِحُّ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْيَاءِ) أَيْ وَسَوَّغَ عَوْدَ الضَّمِيرِ إلَى النَّهْيِ بِتَقَدُّمِ ذِكْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ الْأَوَّلَ الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَحْسَنُ مِنْ الثَّانِي، وَمِنْ ضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ مِنْ حَيْثُ شُمُولُ الْعِبَارَةِ عَلَيْهِ مَا لَا يَتَّصِفُ بِالْبُطْلَانِ وَلَا بِعَدَمِهِ وَإِنَّمَا يَتَّصِفُ بِعَدَمِ الْإِبْطَالِ كَالتَّلَقِّي الرَّكْبَانِ وَغَيْرِهِ، مِمَّا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ. قَوْلُهُ: (أَيْ النَّهْيُ فِيهِ) لَمْ يَقُلْ أَيْ النَّهْيُ إيَّاهُ لِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُدْخِلَ فِي الْعِبَارَةِ مَا لَا يَتَّصِفُ بِالْبُطْلَانِ وَلَا بِعَدَمِهِ كَتَلَقِّي الرَّكْبَانِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يُقَدَّمَ غَرِيبٌ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْبَادِي وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْبَادِي أَوَّلًا مُوَافَقَةً لِلْحَدِيثِ ثُمَّ التَّعْبِيرُ بِالْغَرِيبِ وَبِالتَّرْكِ عِنْدَهُ لَا مَفْهُومَ لَهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى، ثُمَّ هَلْ يَحْرُمُ الْإِرْشَادُ وَالْبَيْعُ أَوْ الْإِرْشَادُ فَقَطْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمُتَّجَهُ الثَّانِي لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّضْيِيقُ وَأَمَّا الْبَيْعُ فَفِي الْحَقِيقَةِ تَوْسِيعٌ عَلَى النَّاسِ. قَوْلُهُ: (أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا) أَيْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 النَّاسِ بِأَنْ يَكُونَ بِالشَّرْطَيْنِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِمَا التَّفْسِيرُ، أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ نَادِرًا لَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ ثَانِيهِمَا قَصْدُ الْقَادِمِ الْبَيْعَ بِسِعْرِ يَوْمِهِ، فَلَوْ قَصَدَ الْبَيْعَ عَلَى التَّدْرِيجِ فَسَأَلَهُ الْبَلَدِيُّ تَفْوِيضَ ذَلِكَ إلَيْهِ فَلَا بَأْسَ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ وَلَا سَبِيلَ إلَى مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ، فَيَأْثَمُ بِارْتِكَابِهِ الْعَالِمُ بِهِ، وَيَصِحُّ الْبَيْعُ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَالَ الْقَفَّالُ الْإِثْمُ عَلَى الْبَلَدِيِّ دُونَ الْبَدَوِيِّ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي اهـ. وَالْبَادِي سَاكِنُ الْبَادِيَةِ. وَالْحَاضِرُ سَاكِنُ الْحَاضِرَةِ، وَهِيَ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ، وَهُوَ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ وَذَلِكَ خِلَافُ الْبَادِيَةِ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا بَدَوِيٌّ وَإِلَى الْحَاضِرَةِ حَضَرِيٌّ (وَتَلَقِّي الرَّكْبَانِ بِأَنْ يَتَلَقَّى طَائِفَةٌ يَحْمِلُونَ مَتَاعًا إلَى الْبَلَدِ فَيَشْتَرِيَهُ) مِنْهُمْ (قَبْلَ قُدُومِهِمْ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالسِّعْرِ، وَلَهُمْ الْخِيَارُ إذَا عَرَفُوا الْغَبْنَ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَتَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ» وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ غَبْنُهُمْ، وَهُوَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فَيَأْثَمُ مُرْتَكِبُهُ الْعَالِمُ بِهِ وَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّلَقِّي، بَلْ خَرَجَ لِاصْطِيَادٍ أَوْ غَيْرِهِ فَرَآهُمْ فَاشْتَرَى مِنْهُمْ فَالْأَصَحُّ عِصْيَانُهُ لِشُمُولِ الْمَعْنَى وَعَلَى مُقَابِلِهِ لَا خِيَارَ لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا مَغْبُونِينَ وَلَوْ كَانَ الشِّرَاءُ بِسِعْرِ الْبَلَدِ أَوْ بِدُونِ سِعْرِهِ وَهُمْ عَالِمُونَ بِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُمْ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ عَلَى الصُّورَتَيْنِ، وَحَيْثُ ثَبَتَ لَهُمْ   [حاشية قليوبي] رِوَايَةٍ عَنْ مُسْلِمٍ فِي غَفَلَاتِهِمْ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَقَدْ سَبَرْت أَحَادِيثَ مُسْلِمٍ فَلَمْ أَجِدْهَا. قَوْلُهُ: (يَرْزُقُ) هُوَ بِالرَّفْعِ اسْتِئْنَافًا إذْ يَلْزَمُ عَلَى الْجَزْمِ تَخْصِيصُ الرِّزْقِ بِالْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يُرَادَ الرِّزْقُ الْمُرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ. كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ بَحْثٌ وَاضِحٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ التَّضْيِيقِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِالشَّرْطَيْنِ) وَهُمَا عُمُومُ الْحَاجَةِ وَالْبَيْعُ حَالًا وَسَكَتَ عَنْ الثَّالِثِ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْشَأً لِلتَّضْيِيقِ، وَمَا عَدَا هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ التَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ قَيْدًا كَالْحَاضِرِ وَالْبَادِي وَالتَّدْرِيجِ. قَوْلُهُ: (فَسَأَلَهُ إلَخْ) وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ التَّأْخِيرَ إلَى شَهْرٍ مَثَلًا فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: أَخِّرْهُ إلَى شَهْرَيْنِ لَمْ يَحْرُمْ، وَلَوْ اسْتَشَارَهُ صَاحِبُ الْمَتَاعِ فِي التَّأْخِيرِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِالنَّصِيحَةِ وَلَوْ بِمَا فِيهِ التَّضْيِيقُ تَقْدِيمًا لَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْبَيْعِ عَلَى التَّدْرِيجِ الَّذِي هُوَ مُرَادُهُ أَوْ مِنْ ضَرَرِ النَّاسِ دَفْعًا لِضَرَرِهِ إذْ لَا يَزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ. قَوْلُهُ: (الْعَالِمُ) وَمِثْلُهُ الْجَاهِلُ الْمُقَصِّرُ وَلَوْ فِيمَا يَخْفَى غَالِبًا. قَالَ شَيْخُنَا: وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُعَزِّرَ فِي ارْتِكَابِ مَا لَا يَخْفَى غَالِبًا، وَإِنْ ادَّعَى جَهْلَهُ، وَالْحَاصِلُ عَلَى الْحُرْمَةِ مُقَيَّدَةٌ بِالْعِلْمِ أَوْ التَّقْصِيرِ وَأَنَّ التَّعْزِيرَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الْخَفَاءِ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْبَدْوِيِّ) أَيْ وَلَا نَظَرَ لِمُوَافَقَتِهِ فِيمَا مَرَّ مُرَاعَاةً لِغَرَضِهِ بِوُجُودِ الرِّبْحِ فِي مَالِهِ قَالُوا وَفَارَقَ حُرْمَةَ تَمْكِينِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا الْمُحْرِمَ مِنْ الْوَطْءِ وَهِيَ غَيْرُ مُحْرِمَةٍ لِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهَا فِي عَدَمِ تَمْكِينِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الرِّيفُ أَرْضٌ فِيهَا أَيْ عَادَةً، وَلَا عِبْرَةَ بِنَحْوِ بُيُوتٍ نَحْوِ إعْرَابٍ مِنْ نَحْوِ شَعْرٍ. قَوْلُهُ: (وَتَلَقِّي الرَّكْبَانِ) عَطْفٌ عَلَى بَيْعٍ بِنَاءً عَلَى الضَّبْطِ الْأَوَّلِ أَوْ الْمُرَادُ الْبَيْعُ الْوَاقِعُ فِيهِ عَلَى الضَّبْطِ الثَّانِي، فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى حَاضِرٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (طَائِفَةٌ) تُطْلَقُ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْوَاحِدَ وَالْجَمَاعَةَ وَتَذَكُّرُ وَتُؤَنَّثُ. قَوْلُهُ: (مَتَاعًا) وَإِنْ لَمْ تَعُمَّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (إلَى الْبَلَدِ) وَلَوْ غَيْرِ بَلَدِ الْمُتَلَقِّي. قَوْلُهُ: (فَيَشْتَرِيهِ مِنْهُمْ) أَيْ بِغَيْرِ طَلَبِهِمْ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَلَا خِيَارَ، وَإِنْ جَهِلُوا السِّعْرَ وَغُبِنُوا. قَوْلُهُ: (غَبَنَهُمْ) أَيْ بِالْفِعْلِ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَالْحُرْمَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ احْتِمَالُ غَبْنِهِمْ يُرَادُ بِهِ هَذَا وَلَفْظُهُ احْتِمَالُ مَقْحَمَةٍ. قَوْلُهُ: (الْعَالِمُ) سَوَاءٌ أَخْبَرَهُمْ بِالسِّعْرِ كَاذِبًا أَوْ لَا فَإِنْ صَدَّقُوهُ فِي الْإِخْبَارِ بِهِ أَوْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ وَاشْتَرَى مِنْهُمْ بِالْغَبْنِ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا خِيَارَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّلَقِّي) بَلْ وَلَوْ انْتَفَى التَّلَقِّي بِأَنْ قُدِّمُوا عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ أَوْ اشْتَرَى بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. قَوْلُهُ: (وَهُمْ عَالِمُونَ) أَيْ وَلَوْ بِإِخْبَارِهِ كَمَا مَرَّ وَتَمَكُّنِهِمْ مِنْ الْعِلْمِ   [حاشية عميرة] فَهُوَ كَالصَّاعِدِ فِي دَرَجٍ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ هَذَا الشَّرْطُ لَمْ يَشْتَرِطُهُ إلَّا الْبَغَوِيّ وَالشَّاشِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُهُمْ احْتِيَاجُ النَّاسِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ثَانِيهمَا إلَخْ) لَوْ اسْتَشَارَ الْحَضَرِيَّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ وَأَبُو إِسْحَاقَ: وَيَجِبُ إرْشَادُهُ وَقَالَ ابْنُ الْوَكِيلِ، لَا يُرْشِدُهُ تَوْسِيعًا عَلَى النَّاسِ اهـ. وَمُرَادُهُ أَنْ يَسْكُتَ. قَوْلُهُ: (سَاكِنُ الْبَادِيَةِ) قَالَ تَعَالَى {يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ} [الأحزاب: 20] أَيْ نَازِلُونَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَلَقِّي الرَّكْبَانِ) قِيلَ الْمَعْنَى فِي النَّهْيِ غَبْنُ الرَّكْبَانِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقِيلَ نَظَرُ التَّضَرُّرِ أَهْلُ الْبَلَدِ وَهُوَ مَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ وَالرَّكْبَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ هُمْ رَاكِبُو الْإِبِلِ خَاصَّةً قَالَ: وَأَمَّا الطَّائِفَةُ فَالْمَشْهُورُ إطْلَاقُهَا عَلَى الْوَاحِدِ فَصَاعِدًا وَقِيلَ هِيَ كَالْجَمْعِ وَيَجُوزُ تَذْكِيرُهَا وَتَأْنِيثُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُمْ الْخِيَارُ إلَخْ) هُوَ بِإِطْلَاقِهِ يُفِيدُ أَنَّ ثُبُوتَهُ لَا يَتَوَقَّفُ بَعْدَ الْغَبْنِ عَلَى دُخُولِ الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَأْثَمُ) مُحَصَّلُ مَا فِي الْإِسْنَوِيِّ مُحَاوَلَةُ الْإِثْمِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَوَافَقَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَلَى الْأَوَّلِ فَأَثْبَتَ فِيهَا التَّحْرِيمَ دُونَ الْخِيَارِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 الْخِيَارُ فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَوْ تَلَقَّى الرُّكْبَانَ وَبَاعَهُمْ مَا يَقْصِدُونَ شِرَاءَهُ مِنْ الْبَلَدِ، فَهَلْ هُوَ كَالتَّلَقِّي لِلشِّرَاءِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا أَنَّهُ كَالتَّلَقِّي. وَالرُّكْبَانُ جَمْعُ رَاكِبٍ (وَالسَّوْمُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ فَيَأْثَمُ مُرْتَكِبُهُ الْعَالِمُ بِهِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ. (وَإِنَّمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ) وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ أَخَذَ شَيْئًا لِيَشْتَرِيَهُ بِكَذَا رُدَّهُ حَتَّى أَبِيعَك خَيْرًا مِنْهُ بِهَذَا الثَّمَنِ أَوْ مِثْلَهُ بِأَقَلَّ أَوْ يَقُولَ لِمَالِكِهِ اسْتَرِدَّهُ لِأَشْتَرِيَهُ مِنْكَ بِأَكْثَرَ، وَلَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى صَحَّ وَاسْتِقْرَارُ الثَّمَنِ بِالتَّرَاضِي بِهِ صَرِيحًا فَفِي السُّكُوتِ وَغَيْرِ الصَّرِيحِ لَا يَحْرُمُ السَّوْمُ، وَقِيلَ يَحْرُمُ، وَمَا يُطَافُ بِهِ عَلَى مَنْ يَزِيدُ لِغَيْرِ مَنْ طَلَبَهُ الدُّخُولُ عَلَيْهِ وَالزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ. (وَالْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ) بِانْقِضَاءِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ (بِأَنْ يَأْمُرَ الْمُشْتَرِي بِالْفَسْخِ لِيَبِيعَهُ مِثْلَهُ) أَيْ الْمَبِيعِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ (وَالشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ) قَبْلَ لُزُومِهِ (بِأَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعَ بِالْفَسْخِ لِيَشْتَرِيَهُ) بِأَكْثَرَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ زَادَ النَّسَائِيّ «حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ» وَفِي مَعْنَاهُ الشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ. وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: «الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ» وَالْمَعْنَى فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ الْإِيذَاءُ وَهُوَ لِلْعَالِمِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ، وَلَوْ أَذِنَ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ عَلَى بَيْعِهِ ارْتَفَعَ التَّحْرِيمُ، وَكَذَا الْمُشْتَرِي فِي الشِّرَاءِ، وَلَوْ بَاعَ   [حاشية قليوبي] كَالْعِلْمِ إنْ كَانَ بَعْدَ دُخُولِهِمْ الْبَلَدَ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ عَادَ السِّعْرُ بِالرُّخْصِ إلَى مَا اشْتَرَى بِهِ فَلَا خِيَارَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ) وَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الْجَهْلِ بِهِ أَوْ بِفَوْرِيَّتِهِ إنْ خَفِيَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَبَاعَهُمْ) أَيْ بِغَيْرِ طَلَبِهِمْ كَمَا مَرَّ. وَمِنْ هَذَا مَا هُوَ وَاقِعٌ الْآنَ مِنْ سَبْقِ الْبَغَّالَةِ الْمُلَاقِينَ الْحُجَّاجَ بِنَحْوِ الْعَقَبَةِ لِشِرَاءِ الْبَضَائِعِ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَرْجَحُهُمَا التَّحْرِيمُ. قَوْلُهُ: (جَمْعُ رَاكِبٍ) وَأَصْلُهُ لُغَةٌ لِلْإِبِلِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ. قَوْلُهُ: (وَالسَّوْمُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى كَبَيْعِ الَّذِي هُوَ بَدَلٌ مِنْ مَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى بَيْعٍ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّأْوِيلِ فِي أَحَدِهِمَا عَلَى مَا مَرَّ. وَأَمَّا عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ فَيَصِحُّ فِيهَا رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى مَا، وَجَرُّهُ عَطْفًا عَلَى حَاضِرٍ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ عَطْفُهُ عَلَى بَيْعٍ وَلَا عَلَى كَبَيْعٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: «لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» ذَكَرَ الرَّجُلَ وَالْأَخَ لِلْغَالِبِ وَخُصُوصَ الْإِخْوَةِ لِلْعَطْفِ وَهِيَ إمَّا فِي النَّسَبِ أَوْ الْإِسْلَامِ أَوْ الْعِصْمَةِ وَلَوْ كَافِرًا كَالْمُعَاهَدِ فَخَرَجَ الْحَرْبِيُّ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَمِثْلُهُ الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَالْمُرْتَدُّ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ إيذَاءَ هَؤُلَاءِ جَائِزٌ، وَالْوَجْهُ خِلَافَهُ إلَّا فِيمَا أَذِنَ الشَّارِعُ بِأَذِيَّتِهِمْ فِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَحْرُمُ إلَخْ) وَكَذَا مَحِلُّ الْحُرْمَةِ إنْ كَانَ السَّوْمُ الْأَوَّلُ جَائِزًا وَإِلَّا كَسَوْمِ الْعِنَبِ مِنْ عَاصِرِ الْخَمْرِ فَلَا حُرْمَةَ، بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ يُنْدَبُ الشِّرَاءُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَقُولَ) وَمِثْلُ الْقَوْلِ أَنْ يَخْرُجَ لَهُ مِنْ جِنْسِ مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ وَهُوَ أَرْخَصُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مِمَّا يُغْنِي عَنْهُ، وَقَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الرَّدِّ وَالتَّقْيِيدِ بِالْأَقَلِّ لَا مَفْهُومَ لَهُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى أَبِيعَك إلَخْ) فَإِنْ سَكَتَ عَنْ هَذَا وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ رَدَّهُ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَلَا حُرْمَةَ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِفَوْتِ غَرَضٍ أَوْ عَيْبٍ وَإِعْلَامُهُ بِهِ جَائِزٌ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ الرَّدُّ كَمَا فِي ذِكْرِ الْمُسَاوِي فِي النِّكَاحِ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ مِنْ الْبَائِعِ تَدْلِيسٌ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الْإِعْلَامُ إذْ لَا يَزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ. قَوْلُهُ: (صَحَّ) ظَاهِرُهُ وَلَا حُرْمَةَ كَمَا مَرَّ فِي بَيْعِ الْحَاضِرِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ الصَّرِيحِ) وَمِنْهُ حَتَّى أُشَاوِرَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: وَالْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهِ هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى كَبَيْعٍ أَوْ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى بَيْعٍ وَفِيهِ التَّأْوِيلُ السَّابِقُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ لُزُومِهِ) وَكَذَا بَعْدَهُ فِي زَمَنِ خِيَارِ عَيْبٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَأْمُرَ الْمُشْتَرِي) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَوْ مَغْبُونًا فِي صَفْقَتِهِ أَوْ لَمْ يُوَافِقْهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْفَسْخِ، وَمِثْلُ الْأَمْرِ فِي الْحُرْمَةِ أَنْ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِزِيَادَةٍ مَعَ حُضُورِ الْبَائِعِ. وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَمَحِلُّ الْحُرْمَةِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الرِّضَا بَاطِنًا. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ حَتَّى يَنْظُرَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْأَمْرُ بِأَنْ يَبْتَاعَ أَيْ يَلْزَمَ الْبَيْعَ فَيَتْرُكَهُ أَوْ يَذَرَ أَيْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ فَيَبِيعَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ غَايَةٌ لِمُدَّةِ مَنْعِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَوْ أَنَّ لَفْظَ يَبْتَاعَ مَقْحَمٌ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ بَعْدَهُ. وَمِثْلُ الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ الْخِيَارِ سِلْعَةً مِثْلَ الَّتِي اشْتَرَاهَا خَشْيَةَ أَنْ يَرُدَّ الْأُولَى، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. قَوْلُهُ: «عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ» أَيْ عَلَى الْبَيْعِ الْوَاقِعِ لِأَخِيهِ لِأَنَّهُ دَلِيلُ الشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ،   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) قَالَ فِي الْقُوتِ الْأَصَحُّ لَا يَحْرُمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالسَّوْمُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ) وَلَوْ كَافِرًا وَغَيْرُ الصَّرِيحِ مِنْهُ أُشَاوِرُ عَلَيْك عَلَى مَا فِي الْكِفَايَةِ وَالْمَطْلَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَأْمُرَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَعَلَّ ذَلِكَ مُجَرَّدُ تَمْثِيلٍ فَقَدْ ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ يَحْرُمُ طَلَبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 أَوْ اشْتَرَى دُونَ إذْنٍ صَحَّ (وَالنَّجْشُ بِأَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ) لِلسِّلْعَةِ الْمَعْرُوضَةِ لِلْبَيْعِ (لَا لِرَغْبَةٍ) فِي شِرَائِهَا (بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ) فَيَشْتَرِيَهَا، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ النَّجْشِ» ، وَالْمَعْنَى فِي تَحْرِيمِهِ الْإِيذَاءُ وَهُوَ لِلْعَالِمِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ كَمَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ فِي الْمُخْتَصَرِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِهِ. وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ إنْ كَانَ النَّجْشُ بِمُوَاطَأَةٍ مِنْ الْبَائِعِ لِتَدْلِيسِهِ أَيْ لَا خِيَارَ لَهُ فِي غَيْرِ الْوَطْأَةِ جَزْمًا، وَلَا فِيهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ أَنْ يَزِيدَ عَمَّا تُسَاوِيهِ الْعَيْنُ. (وَبَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ) وَالنَّبِيذِ أَيْ مَا يُؤَوِّلُهُ إلَيْهِمَا، فَإِنْ تَوَهَّمَ اتِّخَاذَهُ إيَّاهُمَا مِنْ الْمَبِيعِ فَالْبَيْعُ لَهُ مَكْرُوهٌ أَوْ تَحَقَّقَ فَحَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَجْهَانِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ وَالْمُرَادُ بِالتَّحَقُّقِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ، وَبِالتَّوَهُّمِ الْحُصُولُ فِي الْوَهْمِ أَيْ الذِّهْنِ، وَيَصِحُّ الْبَيْعُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَحُرْمَتُهُ أَوْ كَرَاهَتُهُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِمَعْصِيَةٍ مُتَحَقِّقَةٍ أَوْ مُتَوَهَّمَةٍ. (وَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمِّ) الرَّقِيقَةِ (وَالْوَلَدِ) الرَّقِيقِ الصَّغِيرِ (حَتَّى يُمَيِّزَ) لِسَبْعِ   [حاشية قليوبي] وَفِي ذِكْرِ الْمُؤْمِنِ وَالْأَخِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَذِنَ) أَيْ عَنْ رِضًا لَا لِنَحْوِ ضَجَرٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ وَكِيلٍ أَوْ وَلِيٍّ. قَوْلُهُ: (صَحَّ) أَيْ وَلَا حُرْمَةَ إنْ كَانَ بَعْدَ وُقُوعِ فَسْخٍ وَإِلَّا فَحَرَامٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ التَّنَاقُضُ. قَوْلُهُ: (وَالنَّجْشُ) هُوَ لُغَةً الْإِثَارَةُ بِالْمُثَلَّثَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إثَارَةِ الرَّغْبَةِ، يُقَالُ: نَجَشَ الطَّائِرَ أَثَارَهُ مِنْ مَكَانِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَزِيدَ) أَيْ يَمْدَحَ السِّلْعَةَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ مُضِرٌّ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْكِفَايَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَى ذَلِكَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ لِنَحْوِ يَتِيمٍ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ، وَكَذَا لَا خِيَارَ لِمَنْ اشْتَرَى اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ أَعْطَيْت فِيهِ كَذَا كَاذِبًا أَوْ أَنَّهُ جَوْهَرٌ فَبَانَ زُجَاجًا لِتَفْرِيطِهِ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الْبَيْعُ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ يَقُولُوا هُنَا بِالْبُطْلَانِ وَيُعَلِّلُوا بِالْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ شَرْعًا كَبَيْعِ الْمُسْلِمَ لِلْكَافِرِ وَالسِّلَاحَ لِلْحَرْبِيِّ لِأَنَّ الْمَنْعَ هُنَا لَيْسَ نَاشِئًا عَنْ الْوَصْفِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْبَيْعِ كَالْقِتَالِ فِي الْحَرْبِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ مِنْ السِّلَاحِ إلَّا الْقِتَالُ، وَلَا مِنْ بَيْعِ الْمُسْلِمِ إلَّا تَسْلِيطَ الْكَافِرِ عَلَيْهِ. كَذَا أُجَاب بِهِ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ سَبَبُ الْمَعْصِيَةِ إلَخْ) وَمِنْهُ بَيْعُ سِلَاحٍ لِنَحْوِ قَاطِعِ طَرِيقٍ وَدِيكٍ لِمَنْ يُهَارِشُ بِهِ، وَكَبْشٍ لِمَنْ يُنَاطِحُ بِهِ، وَمَمْلُوكٍ لِمَنْ عُرِفَ بِالْفُجُورِ، وَجَارِيَةٍ لِمَنْ يُكْرِهُهَا عَلَى الزِّنَا وَدَابَّةٍ لِمَنْ يُحَمِّلُهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا، وَلِلْحَاكِمِ بَيْعُ هَذَيْنِ عَلَى مَالِكِهِمَا قَهْرًا عَلَيْهِ وَخَشَبٍ لِمُتَّخِذِهِ آلَةَ لَهْوٍ، وَمِنْهُ النُّزُولُ عَنْ وَظِيفَةٍ لِغَيْرِ أَهْلٍ إنْ عُلِمَ أَنَّ الْحَاكِمَ يُقَرِّرُهُ فِيهَا. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يَصِحُّ تَقْرِيرُهُ لَوْ وُجِدَ وَمِنْهُ النُّزُولُ عَنْ نَظَرٍ لِمَنْ يَسْتَبْدِلُ الْوَقْفَ أَوْ يَأْكُلَهُ بِغَيْرِ وَجْهٍ جَائِزٍ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمِنْهُ بَيْعُ الْمَطْعُومِ لِلْكَافِرِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (مُتَحَقِّقَةٌ) وَلَوْ بِالظَّنِّ أَوْ مُتَوَهَّمَةٌ وَلَوْ بِالشَّكِّ كَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (الْأُمِّ الرَّقِيقَةِ) وَإِنْ رَضِيَتْ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالرِّقِّ فِي الْأُمِّ وَالْوَلَدِ لَيُنَاسِبَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْبَهِيمَةِ وَوَلَدِهَا حَرَامٌ إلَّا إنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا أَوْ بِذَبْحِهِ هُوَ لَا بِذَبْحِهَا وَلَا بِبَيْعِهِ لِلذَّبْحِ، وَخَرَجَ بِالرَّقِيقِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الرَّقِيقِ وَالْحُرِّ كَمَا يَأْتِي. وَكَذَا بَيْنَ الْحُرَّيْنِ فَلَا يَحْرُمُ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ. قَوْلُهُ: (الصَّغِيرِ) وَمِثْلُهُ   [حاشية عميرة] السِّلْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي مَثَلًا بِزِيَادَةِ رِبْحٍ، وَالْبَائِعُ حَاضِرٌ وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً وَلَمْ يَتَفَرَّقَا يُنْهَى أَنْ يَبْتَاعَ الْمُشْتَرِي سِلْعَةً تُشْبِهُ السِّلْعَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَحْمِلُهُ عَلَى رَدِّ الْأُولَى. [بَيْع النَّجْش] قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَزِيدَ) قَدْ يَكُونُ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ الْبَائِعُ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْرِفُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِمُوَاطَأَةٍ أَوْ غَيْرِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ) يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ ضَرَرَ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ لِلْعَالِمِ بِالنَّهْيِ) إشَارَةٌ إلَى رَدِّ قَوْلِ بَعْضِهِمْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ هُنَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّهُ خَدِيعَةٌ وَتَحْرِيمُ الْخَدِيعَةِ مَعْلُومٌ مِنْ الْعُمُومَاتِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ النِّزَاعُ، إنَّمَا هُوَ فِي نَهْيِ خَاصٍّ أَمَّا الْعِلْمُ بِالتَّحْرِيمِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي التَّأْثِيمِ قَطْعًا أَيْ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَمَّا فِي الْحُكْمِ الظَّاهِرِ لِلْقُضَاةِ فَمَا اُشْتُهِرَ تَحْرِيمُهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الِاعْتِرَافِ بِالْعِلْمِ بِخِلَافِ الْخَفِيِّ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ) أَيْ كَمَا فِي التَّصْرِيَةِ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ التَّدْلِيسَ فِيهَا فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ، وَبِأَنَّ الْمُشْتَرِي فِيهَا لَا تَفْرِيطَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَوَهَّمَ إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ يُتَّجَهُ طَرْدُهُ فِي بَيْعِ السِّلَاحِ لِقَاطِعِ الطَّرِيقِ. قَوْلُهُ: (وَحُرْمَتُهُ) اسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ بِحَدِيثِ «لَعَنْ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا» وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسَبُّبِ إلَى الْحَرَامِ أَقُولُ: وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ مُضَافًا خَاصًّا بِبَيْعِ الْعِنَبِ وَنَحْوِهِ الْمَذْكُورِ وَالْفَصْلُ مَعْقُودٌ لِمَا فِيهِ نَهْيٌ خَاصٌّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ) وَلَوْ رَضِيَتْ الْأُمُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ تَقْرِيبًا (وَفِي قَوْلٍ حَتَّى يَبْلُغَ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَسَوَاءٌ التَّفْرِيقُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْقِسْمَةِ وَنَحْوِهَا. وَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ فِي الْعِتْقِ وَلَا فِي الْوَصِيَّةِ فَلَعَلَّ الْمَوْتَ يَكُونُ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَانِ التَّحْرِيمِ، وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ رَقِيقَةً وَالْوَلَدُ حُرًّا أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا مَنْعَ مِنْ بَيْعِ الرَّقِيقِ مِنْهُمَا (وَإِذَا فَرَّقَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ بَطَلَا فِي الْأَظْهَرِ) لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ شَرْعًا بِالْمَنْعِ مِنْ التَّفْرِيقِ، وَالثَّانِي يَقُولُ الْمَنْعُ مِنْ التَّفْرِيقِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ لَا لِخَلَلٍ فِي الْبَيْعِ وَلَوْ فَرَّقَ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ صَحَّ قَطْعًا لَكِنْ يُكْرَهُ. وَقَوْلُهُ وَفِي قَوْلٍ مُوَافِقٍ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَفِي الْمُحَرَّرِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعُرْبُونِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ وَبِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ (بِأَنْ يَشْتَرِيَ وَيُعْطِيَهُ دَرَاهِمَ لِتَكُونَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ رَضِيَ السِّلْعَةَ وَإِلَّا فَهِبَةً) بِالنَّصْبِ. رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ» أَيْ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ لُغَةٌ ثَالِثَةُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ   [حاشية قليوبي] الْمَجْنُونُ وَلَوْ كَبِيرًا وَلَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَشْمَلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يُنَافِيهِ ذِكْرُ التَّمْيِيزِ وَحَمْلُ الشَّارِحِ لَهُ عَلَى الزَّمَنِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ. وَدَخَلَ فِي الْأُمِّ الْمُسْتَوْلَدَةُ وَغَيْرُهَا وَالْآبِقَةُ وَالْمَجْنُونَةُ إنْ كَانَ لَهَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَإِلَّا جَازَ فَإِنْ بَاعَهَا ثُمَّ أَفَاقَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ. وَكَذَا الْوَلَدُ وَيَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ مِنْهُمَا، وَيَجِبُ إزَالَةُ مِلْكِ كَافِرٍ عَنْ أَمَةٍ مَثَلًا أَسْلَمَتْ وَوَلَدُهَا لِأَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي الدَّوَامِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَتَعَيَّنُ بَيْعُهُمَا لِمُشْتَرٍ وَاحِدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِسَبْعِ سِنِينَ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ كَابْنِ حَجَرٍ وَشَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ كَذَلِكَ أَنَّ التَّمْيِيزَ الْمُعْتَبَرَ هُنَا بِأَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيَشْرَبَ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ وَفَارَقَ الصَّلَاةَ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهَا السَّبْعُ مَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ فِيهَا نَوْعُ تَكْلِيفٍ، وَاعْتَمَدَ الْخَطِيبُ اعْتِبَارَ السَّبْعِ هُنَا كَالصَّلَاةِ وَاكْتَفَى بَعْضُهُمْ هُنَا بِفَهْمِ الْخِطَابِ وَرَدِّ الْجَوَابِ، وَلَوْ قَبْلَ السَّبْعِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) قَالَ فِي الزَّوَاجِرِ الْمُرَادُ بِهِ عِنْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَقِيلَ فِي الْمَحْشَرِ، وَقِيلَ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِالْبَيْعِ) نَعَمْ إنْ بَاعَ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُتَسَاوِيًا لِمُشْتَرٍ وَاحِدٍ صَحَّ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَعَلَيْهِ يَجِبُ التَّسْوِيَةُ فِي الْمُهَايَأَةِ إذَا وَقَعَتْ وَكَالْبَيْعِ سَفَرٌ فِيهِ وَحْشَةٌ وَلَوْ مَعَ زَوْجِهَا فَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهَا) أَيْ الْهِبَةُ كَالْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الشِّرَاءِ فِيهِمَا وَرُجُوعُ فَرْضٍ أَوْ فِي لُقَطَةٍ وَنَحْوِهَا كَالْفَلَسِ، نَعَمْ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي أَحَدِهِمَا فِي هِبَةِ الْفَرْعِ لِأَنَّ فِي الْمَنْعِ ضَيَاعَهُ بِلَا بَدَلٍ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالذِّمَّةِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْمُقْرِضَ وَنَحْوَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْعِتْقِ) وَلَوْ ضِمْنِيًّا وَالْوَقْفُ كَالْعِتْقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَخَرَجَ بِالْعَقْدِ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (فَلَعَلَّ الْمَوْتَ إلَخْ) فَإِنْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ زَمَنِ التَّمْيِيزِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ رَقِيقَةً وَالْوَلَدُ حُرًّا أَوْ بِالْعَكْسِ) أَوْ كَانَا حُرَّيْنِ فَلَا مَنْعَ مِنْ التَّفْرِيقِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ. وَكَذَا لَا يَحْرُمُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مَمْلُوكًا لِغَيْرِ الْآخَرِ. تَنْبِيهٌ: الْأَبُ وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَالْأُمِّ عِنْدَ عَدَمِهَا وَالْجَدَّةُ كَذَلِكَ، وَتَقَدُّمُ الْجَدَّةُ مِنْ الْأُمِّ عَلَيْهَا مِنْ الْأَبِ إذَا اجْتَمَعَتَا فَيَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْأَبُ وَإِنْ عَلَا وَالْجَدَّةُ وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَتْ فَهُمَا سَوَاءٌ فَيُبَاعُ مَعَ أَيِّهِمَا، وَلَا يُقَدَّمُ أَبٌ مِنْ الْأُمِّ عَلَيْهِ مِنْ الْأَبِ. وَخَالَفَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِيهِ، وَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ فِي بَقِيَّةِ الْمَحَارِمِ. قَوْلُهُ: (مُوَافِقٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ الصَّوَابُ. قَوْلُهُ: (وَبِضَمِّ الْعَيْنِ إلَخْ) وَأَمَّا الْفَتْحُ مَعَ الْإِسْكَانِ فَلَحْنٌ لَمْ تَتَكَلَّم بِهِ الْعَرَبُ.   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: لَوْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٌ وَلَهَا وَلَدٌ رَقِيقٌ سَابِقٌ عَلَى الْإِيلَادِ وَرَكِبَتْ الدُّيُونُ السَّيِّدَ فَهَلْ يَحِلُّ بَيْعُ الْوَلَدِ وَيُغْتَفَرُ التَّفْرِيقُ أَمْ يَمْتَنِعُ هُوَ مَحَلُّ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (الرَّقِيقُ الصَّغِيرُ) مِثْلُهُ الْمَجْنُونُ الْبَالِغُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَتَّى يُمَيِّزَ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَسْتَغْنِي عَنْ التَّعَهُّدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ حَتَّى يَبْلُغَ) لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ وَضَعِيفٌ وَأَيْضًا فَمِنْ أَدِلَّتِهِ ضَعْفُ الْوَلَدِ قَبْلَهُ بِدَلِيلِ جَوَازِ الِالْتِقَاطِ وَأَيْضًا عُمُومُ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهَا) كَالْقَرْضِ وَالْأُجْرَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ إلَخْ) لَوْ كَانَ التَّفْرِيقُ بِرُجُوعِ الْمُقْرِضُ أَوْ الْوَاهِبُ أَوْ صَاحِبِ اللُّقَطَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمُتَّجَهُ الْمَنْعُ فِي الْقَرْضِ وَاللُّقَطَةِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِمَا ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ. فَإِذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ فِي الْعَيْنِ رَجَعَ فِي غَيْرِهِمَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَطَلَا) الْأَحْسَنُ بَطَلَ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) إنْ قُلْنَا بِهَذَا فَلَا نُقِرُّهُمَا عَلَى دَوَامِ التَّفْرِيقِ بَلْ إنْ تَرَاضَيَا عَلَى ضَمِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ اسْتَمَرَّ الْبَيْعُ وَإِلَّا فُسِخَ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ: وَالْمُرَادُ الضَّمُّ وَلَوْ بِغَيْرِ بَيْعٌ هَكَذَا أَظْهَرَ لِي ثُمَّ الْخِلَافُ مَحِلَّهُ بَعْدَ سَقْيِ الْوَلَدِ اللِّبَأَ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُكْرَهُ) خَالَفَ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شَرْطِ الرَّدِّ وَالْهِبَةِ إنْ لَمْ يَرْضَ السِّلْعَةَ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ هُنَا، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قِسْمِ الْمَنَاهِي الْأَوَّلِ وَقَدَّمَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَى مَحَلِّهِ، فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ هُنَا أَيْضًا وَتَقْدِيمُ مَسْأَلَةِ التَّفْرِيقِ لِلْبُطْلَانِ فِيهَا. فَصْلٌ: بَاعَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ (خَلًّا وَخَمْرًا أَوْ عَبْدَهُ وَحُرًّا أَوْ) عَبْدَهُ (وَعَبْدَ غَيْرِهِ أَوْ مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ) أَيْ الشَّرِيكِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِالنَّصْبِ) خَصَّهُ لِكَوْنِهِ أَظْهَرَ فِي جَمْعِ الْعَاقِدِ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ، فَيَجُوزُ الرَّفْعُ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَوْ خَلَتْ الصِّيغَةُ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ قَبْلُ. قَوْلُهُ: (لُغَةٌ ثَالِثَةٌ) وَتُبْدَلُ الْعَيْنُ هَمْزَةً فِي اللُّغَاتِ الثَّلَاثِ. قَوْلُهُ: (عَلَى شَرْطِ الرَّدِّ وَالْهِبَةِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُمَا مُفْسِدَانِ. وَلِذَلِكَ سَكَتَ فِي الرَّوْضِ عَنْ شَرْطِ الرَّدِّ، وَمَا قِيلَ إنَّ سُكُوتَهُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ هُنَا مَذْكُورٌ لِلتَّشَهِّي، عَلَى أَنَّ شَيْخَنَا الرَّمْلِيَّ صَرَّحَ بِأَنَّ إنْ رَضِيت بِتَاءِ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ الْمُفْسِدِ لِلْعَقْدِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ لِاشْتِمَالِهِ إلَخْ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ) وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُخْتَلِفًا فِي الْبُطْلَانِ بِالتَّفْرِيقِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْعُرْبُونِ نَهْيٌ كَانَا نَوْعًا ثَالِثًا، وَأَخَّرَهُمَا عَنْ النَّوْعَيْنِ قَبْلَهُمَا لِذَلِكَ اهـ. أَوْ يُقَالُ: لَمَّا كَانَ يَعْتَرِيهِمَا الصِّحَّةُ تَارَةً وَالْفَسَادُ أُخْرَى كَانَا نَوْعًا مُسْتَقِلًّا وَهَذَا أَظْهَرُ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: اعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ تَعْتَرِيه الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ فَيَجِبُ فِي نَحْوِ اضْطِرَادٍ وَمَالِ مُفْلِسٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَيُنْدَبُ فِي نَحْوِ زَمَنِ الْغَلَاءِ وَفِي الْمُحَابَاةِ لِلْعَالِمِ بِهَا وَإِلَّا لَمْ يَثِبْ، وَيُكْرَهُ فِي نَحْوِ بَيْعِ مُصْحَفٍ وَدُورِ مَكَّةَ وَفِي سُوقٍ اخْتَلَطَ فِيهِ الْحَرَامُ بِغَيْرِهِ وَمِمَّنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ. وَفِي خُرُوجٍ مِنْ حَرَامٍ بِحِيلَةٍ كَنَحْوِ رِبًا وَيَحْرُمُ فِي بَيْعِ نَحْوِ الْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ كَمَا مَرَّ. وَيَجُوزُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَمِمَّا يَجِبُ بَيْعُ مَا زَادَ عَلَى قُوتِهِ سَنَةً إذَا احْتَاجَ النَّاسُ إلَيْهِ وَيَجْبُرُهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، وَلَا يُكْرَهُ إمْسَاكُهُ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ. وَمِمَّا يَحْرُمُ التَّسْعِيرُ عَلَى الْحَاكِمِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَطْعُومَاتِ، وَلَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ بِخِلَافِهِ لَكِنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُعَزِّرَ مَنْ خَالَفَ إذَا بَلَغَهُ لِشَقِّ الْعَصَا فَهُوَ مِنْ التَّعْزِيرِ عَلَى الْجَائِزِ وَقِيلَ: يَحْرُمُ وَمِمَّا يَحْرُمُ الِاحْتِكَارُ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ قُوتًا لَا غَيْرَهُ فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ بِقَصْدِ أَنْ يَبِيعَهُ بِأَغْلَى فَخَرَجَ بِالشِّرَاءِ مَا لَوْ أَمْسَكَ غَلَّةَ ضَيْعَتِهِ لِيَبِيعَهُ فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ كَأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِيَنْقُلَهُ إلَى مَكَّةَ لِيَبِيعَهُ بِأَغْلَى، أَوْ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْ الْبَلَدِ إلَى طَرَفِهَا الْآخَرِ لِذَلِكَ فَلَا حُرْمَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي بَعْضِ ذَلِكَ. فَصْلٌ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا وَتَفْرِيقُهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لِأَنَّ إمَّا فِي الِابْتِدَاءِ وَضَابِطُهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ عَيْنَيْنِ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْأُخْرَى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ خَلًّا وَخَمْرًا إلَى آخِرِهِ وَأَمَّا فِي الدَّوَامِ وَضَابِطُهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ عَيْنَيْنِ يُفْرَدُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ وَتَتْلَفُ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ إلَخْ. وَأَمَّا فِي اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ وَضَابِطُهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ عَقْدَيْنِ لَازِمَيْنِ أَوْ جَائِزَيْنِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ جَمَعَ فِي صَفْقَةٍ إلَخْ. وَفِي إدْخَالِ هَذَا فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ تَجُوزُ لِأَنَّهُ إمَّا صَحِيحٌ فِيهِمَا أَوْ بَاطِلٌ فِيهِمَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ نَظَرُ الْجَرَيَانِ قَوْلَيْ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فِيهِمَا، وَتَعَدُّدِهَا ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ أَيْضًا لِأَنَّهُ إمَّا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ أَوْ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي، وَيَدْخُلُ فِيهِ تَعَدُّدُهُمَا مَعًا بِجَعْلٍ أَوْ مَانِعَةِ خُلُوٍّ أَوْ يُقَالُ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (بَاعَ) خَصَّهُ لِكَوْنِهِ مَوْضُوعَ الْبَحْثِ وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ وَالتَّزْوِيجُ وَغَيْرُهُمَا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (خَلًّا وَخَمْرًا) سَوَاءٌ قَالَ فِي صِيغَتِهِ بِعْتُك الْخَلَّ وَالْخَمْرَ أَوْ عَكْسَهُ أَوْ الْخَلَّيْنِ أَوْ الْخَمْرَيْنِ أَوْ غَيْرِ   [حاشية عميرة] بِالتَّحْرِيمِ: لِنَاقِصَةِ السَّبْيِ الَّذِي كَانَ فِيهِ امْرَأَةٌ لَهَا بِنْتٌ جَمِيلَةٌ أَصَابَهَا سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، ثُمَّ أَخَذَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعَثَ بِهَا إلَى مَكَّةَ فَفَدَى بِهَا نَاسًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَنَظَرَ فِيهِ السُّبْكِيُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا وَاقِعَةً حَالَ يَتَطَرَّقُ لَهَا الِاحْتِمَالُ مِنْ جِهَةُ أَنَّهَا أَنْ تَكُونَ مَاتَتْ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. [بَيْعُ الْعُرْبُونِ] قَوْلُهُ: (بِالنَّصْبِ) أَيْ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الَّذِي شُرِطَ فِي الْبَيْعِ. [فَصْلٌ بَاعَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ خَلًّا وَخَمْرًا] فَصْلٌ: بَاعَ خَلًّا إلَخْ قَوْلُهُ: (أَيْ الشَّرِيكِ) سَيَظْهَرُ لَك حِكْمَةُ التَّقْيِيدِ بِالشَّرِيكِ وَهِيَ الْبُطْلَانُ فِي عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ مَعَ الْإِذْنِ، لَكِنْ لَك أَنْ تَقُولَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 (صَحَّ) الْبَيْعُ (فِي مِلْكِهِ) مِنْ الْخَلِّ وَالْعَبْدِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ، وَالثَّانِي يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ تَغْلِيبًا لِلْحَرَامِ عَلَى الْحَلَالِ. قَالَ الرَّبِيعُ: وَإِلَيْهِ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ آخِرًا وَالْقَوْلَانِ بِالْأَصَالَةِ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَطَرْدًا فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ، وَالصِّحَّةُ فِي الْأُولَى دُونَهَا فِي الثَّانِيَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ دُونَهَا فِي الثَّالِثَةِ وَفِي الثَّالِثَةِ دُونَهَا فِي الرَّابِعَةِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ التَّقْدِيرِ فِي الْأُولَيَيْنِ مَعَ فَرْضِ تَغَيُّرِ الْخِلْقَةِ فِي الْأُولَى وَلِمَا فِي الثَّالِثَةِ مِنْ الْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ عَبْدَ الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ فِي الرَّابِعَةِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الشَّرِيكُ فِي الْبَيْعِ صَحَّ بَيْعُهُ جَزْمًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ مَالِكُ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ فِي الْأَظْهَرِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ، وَالثَّانِي يَكْتَفِي بِالْعِلْمِ بِهِ بَعْدَ تَوْزِيعِ الثَّمَنِ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا، وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ التَّرْجِيحِ فِي ذَلِكَ. (فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) بِنَاءً عَلَى الصِّحَّةِ (إنْ جَهِلَ) كَوْنَ بَعْضِ الْمَبِيعِ خَمْرًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا ذُكِرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ، وَخِيَارُهُ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ. فَإِنْ عُلِمَ ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا يَعْلَمُ عَيْبَهُ وَفِيمَا يَلْزَمُهُ الْخِلَافُ الْآتِي مِنْ   [حاشية قليوبي] ذَلِكَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فِي ذَلِكَ. وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذِكْرِهِ هَذِهِ الْأَمْثِلَةَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْحَرَامُ مَعْلُومًا مَقْصُودًا وَإِلَّا بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْأَوَّلِ فِيهِمَا مَعًا، كَهَذَا الْعَبْدِ وَعَبْدٍ آخَرَ أَوْ الْفُجْلِ رُءُوسِهِ وَوَرَقِهِ، وَصَحَّ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فِي الثَّانِي وَلَا خِيَارَ كَالدَّمِ أَوْ الْحَشَرَاتِ مَعَ الْجَهْلِ أَوْ الْعَمْدِ، نَعَمْ إنْ ذَكَرَ جُمْلَتَيْنِ وَقَدَّمَ الْحَرَامَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَبْطُلُ فِيهِمَا نَحْوُ هَذَا الْخَمْرُ مَبِيعٌ مِنْك، وَهَذَا الْخَلُّ مَبِيعٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ شَيْخُنَا م ر كَالْخَطِيبِ: يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَلَا بُدَّ مِنْ دَوَامِ الْوِلَايَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ وَكَوْنِ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ الْآخَرِ، فَيَخْرُجُ بِالْأَوَّلِ إجَارَةُ الرَّاهِنِ الْمَرْهُونَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مَحِلِّ الدَّيْنِ وَالنَّاظِرُ الْمَوْقُوفُ زِيَادَةً عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ مِنْ مُدَّةٍ أَوْ أُجْرَةٍ وَلَوْ جَاهِلًا بِالشَّرْطِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَالزِّيَادَةُ فِي الرِّبَوِيِّ، وَفِي خِيَارِ الشَّرْطِ عَلَى الْمُدَّةِ وَفِي الْعَرَايَا عَلَى الْخَمْسَةِ أَوْسُقَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ فِي الْجَمِيعِ لِخُرُوجِ الْعَاقِدِ بِذَلِكَ عَنْ الْوِلَايَةِ، وَيَخْرُجُ بِالثَّانِي الْجَمْعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (أَيْ الشَّرِيكُ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ جَارِيَانِ فِي عَبْدِ الْغَيْرِ وَإِنْ أَذِنَ كَمَا يَأْتِي فَذِكْرُهُ يُوهِمُ الْقَطْعَ فِيهِ مَعَ الْإِذْنِ كَمَا فِي الشَّرِيكِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِلْحَرَامِ) أَيْ وَاللَّفْظَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تَتَجَزَّأُ صِحَّةً وَفَسَادًا وَغَلَبَ الْحَرَامُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صِحَّتُهُ بِخِلَافِ بُطْلَانِ الْحَلَالِ وَلِأَنَّهُ مَانِعٌ. وَقِيلَ الْعِلَّةُ الْجَهْلُ بِالثَّمَنِ فَيُرَدُّ عَلَيْهَا مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ كَجَمْعِ مُسْلِمَةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ فِي عَقْدٍ. قَوْلُهُ: (وَإِلَيْهِ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ آخِرًا) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَحِينَئِذٍ فَيَنْظُرُ لِمَاذَا خَالَفَ الْأَصْحَابُ إمَامَهُمْ فِي هَذِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الرَّبِيعَ قَالَ ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا بَلَغَهُ، وَلَعَلَّ الْأَصْحَابَ اطَّلَعُوا عَلَى خِلَافِهِ أَوْ أَنَّ عِبَارَةَ الرَّبِيعِ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ فَتَصَحَّفَتْ عَلَى النَّاقِلِ بِآخِرِ قَوْلَيْهِ فَعَبَّرَ بِمَا قَالَهُ وَقَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ الرُّجُوعِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ عَلِمْت بُطْلَانَهُ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ رَجَعَ فِي الذِّكْرِ لَا فِي الْإِفْتَاءِ لَا يُعْتَبَرُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالصِّحَّةُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ أَصْلُهَا طُرُقٌ أَحَدُهُمَا: الصِّحَّةُ فِي الْأَخِيرَةِ فَقَطْ، وَيَبْطُلُ غَيْرُهَا قَطْعًا. ثَانِيهِمَا: صِحَّتُهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَقَطْعُهُ يُبْطِلُ غَيْرَهُمَا قَطْعًا. وَثَالِثُهَا: صِحَّتُهُ فِي غَيْرِ الْأَوْلَى وَيَبْطُلُ فِيهَا قَطْعًا. رَابِعُهَا صِحَّتُهُ فِي مِلْكِهِ فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. خَامِسُهَا: الْبُطْلَانُ فِي الْجَمِيعِ، فَتَأَمَّلْ وَسَبَبُ قُوَّةِ الصِّحَّةِ ضُعِّفَ أَنَّ فِي الْأُولَى تَغْيِيرُ ذَاتٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ تَغْيِيرُ وَصْفٍ، وَفِي الثَّالِثَةِ تَنَازُعٌ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا إلَخْ) أَيْ مَعَ التَّنَازُعِ فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ الْمُوَزَّعِ عَلَيْهَا الثَّمَنُ مِنْ الْمَاكِّينَ لَا إلَى غَايَةٍ وَقَدْ يُشَكَّكُ فِيهِ بِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْقِيَمِ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ. قَوْلُهُ: (لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ) أَيْ مَعَ عُذْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا خِيَارَ لَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا يَلْزَمُهُ) أَيْ حَالَةَ الْعِلْمِ.   [حاشية عميرة] سَلَّمْنَا، وَلَكِنَّهَا خَرَجَتْ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ الْبُطْلَانَ. قَوْلُهُ: (دُونَهَا فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ لِأَنَّهَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الثَّانِيَةِ وَأَوْلَى بِالْبُطْلَانِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ الثَّالِثَةِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فَوَجْهُ مَا قَالَهُ أَنَّ فِي الرَّابِعَةِ خِلَافُ الثَّالِثَةِ، وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ وَلِذَا قَالَ الْأَئِمَّةُ يَتَحَصَّلُ مِنْ جُمْلَةِ الطُّرُقِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ الصِّحَّةُ فِيمَا يَمْلِكُهُ مُطْلَقًا عَدَمُهَا مُطْلَقًا يَصِحُّ فِي الْمُشْتَرَكِ فَقَطْ يَصِحُّ فِيهِ، وَفِي مَسْأَلَةِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ يَصِحُّ فِيهِمَا وَفِي الْمَضْمُومِ إلَى الْحُرِّ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ التَّوْزِيعَ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ وَفِي تِلْكَ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ) اُنْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْن مَا لَوْ انْتَقَى إذْنُ صَاحِبِ الْعَبْدِ حَيْثُ يَصِحُّ فِي عَبْدِ نَفْسِهِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ، ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ وَجَّهَ الْبُطْلَانَ فِي مِثْلِ بِعْنَاك عَبْدَيْنَا بِأَلْفٍ، فَإِنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ، وَقَدْ جُهِلَ كُلُّ مِقْدَارِ الثَّمَنِ وَفِيمَا لَوْ بَاعَ وَكِيلٌ عَنْهُمَا الصَّفْقَةَ وَاحِدَةً وَلَكِنَّ الِاتِّحَادَ وَالتَّعَدُّدَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ الْأَحْكَامِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، أَمَّا الشُّرُوطُ فَلِأَنَّ الْوَكِيلَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ فِيمَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِهِ كَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الرُّؤْيَةِ فَكَمَا أَنَّهُمَا إذَا اتَّصَفَا بِحَالِ الْوَكِيلِ مِنْ عَدَمِ الْعِلْمِ لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 الْحِصَّةِ أَوْ جَمِيعِ الثَّمَنِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ قَطْعًا لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ عَالِمًا بِأَنَّ بَعْضَ الْمَذْكُورِ لَا يَقْبَلُ الْعَقْدَ (فَإِنْ أَجَازَ) الْبَيْعَ (فَبِحِصَّتِهِ) أَيْ الْمَمْلُوكِ لَهُ (مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا) وَيُقَدَّرُ الْخَمْرُ خَلًّا وَقِيلَ عَصِيرًا، وَالْحُرُّ رَقِيقًا، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا ثَلَاثَمِائَةٍ وَالْمُسَمَّى مِائَةً وَخَمْسِينَ وَقِيمَةُ الْمَمْلُوكِ مِائَةً فَحِصَّتُهُ مِنْ الْمُسَمَّى خَمْسُونَ (وَفِي قَوْلٍ: بِجَمِيعِهِ) وَكَأَنَّهُ بِالْإِجَازَةِ رَضِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْمَمْلُوكِ لِلْبَائِعِ (وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ) وَإِنْ لَمْ يَجِبْ لَهُ إلَّا الْحِصَّةُ لِتَعْدِيدٍ حَيْثُ بَاعَ مَا لَا يَمْلِكُهُ وَطَمِعَ فِي ثَمَنِهِ (وَلَوْ بَاعَ عَبْدَيْهِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ) انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَ (لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الْآخَرِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَنْفَسِخُ فِيهِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُخْرَجَيْنِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ مَعًا (بَلْ يَتَخَيَّرُ) الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ (فَإِنْ أَجَازَ فَبِالْحِصَّةِ) مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا (قَطْعًا) وَطَرَدَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ فِيهِ الْقَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَضَعَّفَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَا اقْتَرَنَ بِالْعَقْدِ وَبَيْنَ مَا حَدَثَ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ تَوْزِيعِ الثَّمَنِ فِيهِ عَلَيْهِمَا ابْتِدَاءً (وَلَوْ جَمَعَ فِي صَفْقَةٍ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ كَالْإِجَارَةِ وَبَيْعٍ أَوْ) إجَارَةٍ (وَسَلَمٍ) كَقَوْلِهِ بِعْتُك عَبْدَيَّ وَآجَرْتُك دَارِي سَنَةً بِكَذَا، وَكَقَوْلِهِ: آجَرْتُك دَارِي شَهْرًا وَبِعْتُك صَاعَ قَمْحٍ فِي ذِمَّتِي سَلَمًا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (مِنْ الْحِصَّةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْله: (قَطْعًا) تَغْلِيظًا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا) نَعَمْ إنْ كَانَ مِثْلِيَّيْنِ مُتَّفِقَيْ الْقِيمَةِ أَوْ مُشْتَرِكَيْنِ وَلَوْ مُتَقَوِّمَيْنِ فَالتَّوْزِيعُ بِالْإِجْزَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (خَلًّا) لِأَنَّهَا تَئُولُ إلَيْهِ عَادَةً. قَوْلُهُ: (رَقِيقًا) لِأَنَّهُ قَدْ يَتَّصِفُ بِهِ كَمَنْ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَأُسِرَ وَرُقَّ، وَتُقَدَّرُ الْمَيْتَةُ مُذَكَّاةً وَالْخِنْزِيرُ عَنْزًا مِثْلُهُ وَإِنْ كَبُرَا. قَوْلُهُ: (لِتَعَدِّيهِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَتَفْرِيطِ الْجَاهِلِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالتَّفْرِيطِ كَمَا عَبَّرَ غَيْرُهُ لَشَمِلَهُمَا. قَوْلُهُ: (فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا) خَرَجَ بِالتَّلَفِ مَا لَوْ تَعَيَّبَ فَلَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ أَجَازَ لَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَبِتَلَفِ أَحَدِهِمَا مَا لَوْ تَلِفَا مَعًا بَعْدَ قَبْضِ أَحَدِهِمَا فَلَا خِيَارَ عَلَى الرَّاجِحِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَيَلْزَمُهُ حِصَّةُ الْمَقْبُوضِ مِنْ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (بَلْ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي) أَيْ لَا الْبَائِعُ. قَوْلُهُ: (بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (قَطْعًا) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ بِلَا خِلَافٍ وَعَلَى طَرْدِ أَبِي إِسْحَاقَ فَالتَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ أَوْلَى. تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ التَّالِفُ أَحَدَ فَرْدَتَيْ خُفٍّ فَهَلْ تَقُومُ الْأُخْرَى مُنْفَرِدَةً أَوْ مَجْمُوعَةً مَعَ التَّالِفَةِ؟ مَالَ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ إلَى الْأَوَّلِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ خُفٌّ مِنْ غَيْرِ تَعَدُّدٍ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ) أَيْ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ، وَمَا قِيلَ أَنَّهُ أَسْقَطَهُ مِنْ الْمُحَرَّرِ لِيَشْمَلَ غَيْرَ الْعَقْدَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ صُرِّحَ بِهِ فِي الْمَنْهَجِ مُقَيِّدًا لَهُ بِكَوْنِ الْعَقْدَيْنِ لَازِمَيْنِ أَوْ جَائِزَيْنِ، وَيَبْطُلُ فِي غَيْرِهِمَا مُطْلَقًا وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الصِّحَّةَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَعَالَةِ وَالْبَيْعِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الصِّحَّةَ بِالْمُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ لِأَجْلِ مَحِلِّ الْخِلَافِ فَيَصِحُّ فِي الْمُتَّفِقَيْنِ جَزْمًا كَالشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ كَأَنْ يَخْلِطَ أَلْفَيْنِ لَهُ بِأَلْفٍ لِآخَرَ وَيَقُولَ: شَارَكْتُك عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَارَضْتُك عَلَى الْآخَرِ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْقَبْضِ وَالتَّصَرُّفِ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْأَحْكَامِ إمَّا بِوُجُوبِ التَّأْقِيتِ كَالْإِجَارَةِ وَوُجُوبِ عَدَمِهِ كَالْبَيْعِ، أَوْ بِوُجُوبِ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ كَالسِّلْمِ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ كَالْبَيْعِ وَإِنْ جَازَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِعْتُك عَبْدِي إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا فِي عَيْنَيْنِ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَا فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ بَطَلَ جَزْمًا وَبِعِوَضَيْنِ صَحَّ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ قَوْلُهُ: (سَنَةً) عَائِدٌ إلَى   [حاشية عميرة] تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُمَا كَذَلِكَ وَكِيلُهُمَا، لَا يُقَالُ: الْجَهَلَةُ مَوْجُودَةٌ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ لِأَنَّا نَقُولُ تِلْكَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَوْضِعُ التَّفْرِيقِ بِخِلَافِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَلِمَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَفِيمَا يَلْزَمُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَبِحِصَّتِهِ إلَخْ) مِنْهُ اسْتَنْبَطَ الْإِسْنَوِيُّ تَخْصِيصَ الْحُكْمِ بِمَا إذَا كَانَ الَّذِي لَا يَصِحُّ فِيهِ لَهُ قِيمَةٌ بِأَنْ يَقْصِدَ إلَّا فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِكُلِّ الثَّمَنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي قَوْلٍ بِجَمِيعِهِ) إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يَتَقَسَّطُ الثَّمَنُ عَلَى أَجْزَائِهِ كَالْمُشْتَرَكِ وَجَبَ الْقِسْطُ، وَإِنْ تَقَسَّطَ قِيمَتُهُ كَالْعَبْدَيْنِ وَجَبَ الْمُسَمَّى لِأَنَّ التَّقْسِيطَ يُوجِبُ جَهَالَةً عِنْدَ الْعَقْدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الْآخَرِ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِانْتِفَاءِ عِلَّتَيْ الْبُطْلَانِ فِيمَا سَلَفَ وَهُمَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْجَهْلُ، حَالَ الْعَقْدِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي سَوَّى بَيْنَ الْفَسَادِ الطَّارِئِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَيْنَ الْمُقَارِنِ كَمَا سَوَّيْنَا بَيْنَهُمَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ) فَإِنْ قَبَضَهُ فَفِيهَا خِلَافٌ مُرَتَّبٌ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ قَبْضِهِ فَفِيهِ خِلَافُ الْمَقْبُوضِ غَيْرِ التَّالِفِ، وَأَوْلَى بِالْعَدَمِ لَكِنْ هَذِهِ الْأَخِيرَةُ لَا خِيَارَ فِيهَا لِتَأْكِيدِ الْعَقْدِ بِتَلَفِ الْبَعْضِ بَعْدَ الْقَبْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي صَفْقَةٍ) عَبَّرَ الْمُحَرِّرُ بِعَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ فَوَرَدَ عَلَيْهِ مَا لَوْ بَاعَ صَاعَ حِنْطَةٍ وَثَوْبًا بِصَاعِ شَعِيرٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَكَذَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 بِكَذَا (صَحَّا فِي الْأَظْهَرِ وَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَتِهِمَا) أَيْ قِيمَةِ الْمُؤَجَّرِ مِنْ حَيْثُ الْأُجْرَةُ وَقِيمَةِ الْمَبِيعِ أَوْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَالثَّانِي يَبْطُلَانِ لِأَنَّهُ قَدْ يُعَرِّضُ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَا يَقْتَضِي فَسْخَ أَحَدِهِمَا فَيَحْتَاجُ إلَى التَّوْزِيعِ، وَيَلْزَمُ الْجَهْلُ عِنْدَ الْعَقْدِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ الْعِوَضِ، وَذَلِكَ مَحْذُورٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ ثَوْبٍ وَشِقْصٍ مِنْ دَارٍ صَفْقَةً وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي الشُّفْعَةِ وَاحْتِيجَ إلَى التَّوْزِيعِ اللَّازِمِ لَهُ مَا ذَكَرَهُ (أَوْ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ) كَقَوْلِهِ زَوْجَتُك بِنْتِي. وَبِعْتُك عَبْدَهَا وَهِيَ فِي حِجْرِهِ (صَحَّ النِّكَاحُ وَفِي الْبَيْعِ وَالصَّدَاقِ الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ أَظْهَرُهُمَا صِحَّتُهُمَا وَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُمَا وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَأَعَادَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ بِأَبْسَطَ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَا (وَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةِ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ كَبِعْتُكَ ذَا بِكَذَا وَذَا بِكَذَا) فَيُقْبَلُ فِيهِمَا وَلَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا بِالْعَيْبِ (وَبِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ) نَحْوُ بِعْنَاكَ هَذَا بِكَذَا فَيُقْبَلُ مِنْهُمَا وَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بِالْعَيْبِ   [حاشية قليوبي] آجَرْت وَانْظُرْ مَا لَوْ قَصَدَ رُجُوعَهُ إلَى بِعْت أَيْضًا هَلْ يَبْطُلُ حِرْزُهُ وَيُتَّجَهُ الْبُطْلَانُ. قَوْلُهُ: (مَا يَعْرِضُ) أَيْ يُوجَدُ أَوْ يَطْرَأُ عَلَى الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ كَالتَّوْقِيتِ فِي الْبَيْعِ وَعَدَمِهِ فِي الْإِجَارَةِ. قَوْلُهُ: (فَسْخُ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَوْ انْفِسَاخِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَلَا تَرَى إلَخْ) أَيْ فَهَذَا عَقْدٌ وَاحِدٌ فِيهِ جَهْلٌ بِالتَّوْزِيعِ حَالَةَ وُجُودِهِ وَلَمْ يَبْطُلْ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَضُرَّ مِثْلُهُ فِي الْعَقْدَيْنِ. وَفَارَقَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّنَازُعِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ) وَمِثْلُهُ بَيْعٌ وَخُلْعٌ فَيَصِحُّ الْخُلْعُ وَفِي الْبَيْعِ وَالْمُسَمَّى الْقَوْلَانِ. قَوْلُهُ: (عَبْدَهَا) خَرَجَ عَبْدَ غَيْرِهَا وَلَوْ هُوَ الْوَلِيُّ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ وَالصَّدَاقُ وَعَبْدُهَا مِثَالٌ فَثَوْبُهَا وَنَحْوُهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فِي حِجْرِهِ) أَوْ رَشِيدَةً وَأَذِنَتْ فِي الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (وَمَهْرُ الْمِثْلِ) وَتَمَلُّك مَا قَابَلَهُ إنْ كَانَ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ إلَّا بَطَلَ فِيهِ وَرَجَعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ إلَّا إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً وَأَذِنَتْ فِيهِ، وَيُوَزَّعُ فِي هَذِهِ عَلَى مَا أَذِنَتْ لَا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ) أَيْ مَعَ تَفْصِيلِ الْمَبِيعِ وَكَوْنِ ذَلِكَ مِنْ الْمُبْتَدِي سَوَاءٌ فَصَّلَ الثَّانِي أَيْضًا أَوْ لَا كَمَا يَأْتِي، فَإِنْ فَصَّلَ الثَّانِي فَقَطْ فَقَدْ مَرَّ فِي الصِّيغَةِ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ تَعَدُّدَ الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ وَالْأَصَحُّ. قَوْلُهُ: (كَبِعْتُكَ ذَا بِكَذَا إلَخْ) فَلَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِ الْمَبِيعِ وَمِنْ ذِكْرِ ثَمَنِ الْأَوَّلِ عَقِبَهُ سَوَاءٌ اتَّحَدَ جِنْسُ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ أَوْ لَا، فَلَيْسَ مِنْ التَّعَدُّدِ بِعْتُك ذَا وَذَا بِعَشَرَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ أَوْ مِنْهُمَا، وَلَا بِعْتُك ذَا بِعَشْرَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَعَشْرَةٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ بِعْتُك ذَا وَذَا الْأَوَّلُ بِكَذَا وَالثَّانِي بِكَذَا، أَوْ قَدَّمَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ الصِّيغَةُ فِي ذَلِكَ صَحِيحَةً وَهِيَ مِنْ التَّعَدُّدِ أَوْ لَا، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَيُتَّجَهُ فَسَادُ الصِّيغَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيُقْبَلُ فِيهِمَا) وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ فَإِنْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِعَدَمِ الْمُطَابَقَةِ وَقَدْ يَكُونُ لِلْبَائِعِ غَرَضٌ فِي بَيْعِهِمَا مَعًا دُونَ أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (بِعْنَاك) سَوَاءٌ قَالَاهُ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا مَعَ الْفَوْرِ مِنْ الثَّانِي كَمَا يَأْتِي. وَدَخَلَ فِي التَّرْتِيبِ مَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: بِعْتُك نِصْفَهُ بِكَذَا. وَقَالَ الْآخَرُ كَذَلِكَ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (فَيُقْبَلُ مِنْهُمَا) فِيهِ   [حاشية عميرة] صَفْقَةٍ وَشَرَطَ الْخِيَارَ أَوْ زِيَادَتَهُ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَقَدْ سَلِمَ الْمُؤَلِّفُ مِنْ ذَلِكَ، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ بَيْعُ شِقْصٍ مَشْفُوعٍ وَسَيْفٍ فَإِنَّهُ لَا يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا مَعًا مَا لَوْ خَلَطَ أَلْفَيْنِ بِأَلْفٍ لِغَيْرِهِ. وَقَالَ شَارَكْتُك عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَارَضْتُك عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: عَقِبَ هَذَا وَلَك أَنْ تَبْحَثَ فَتَقُولَ هَلْ لِذِكْرِ الِاخْتِلَافِ بَعْدَ ذِكْرِ الْعَقْدَيْنِ مَعْنًى أَمْ هُوَ تَكْرَارٌ. اهـ. أَقُولُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَخِيرًا يَصُدُّك عَنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ فِي إيرَادِ مَسْأَلَةِ الْقِرَاضِ وَالشَّرِكَةِ عَلَى الْمُحَرَّرِ فَتَأَمَّلْهُ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِنَّمَا قَيَّدُوا الْعَقْدَيْنِ بِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا لِبَيَانِ مَحِلِّ الْخِلَافِ فَإِنَّ الْمُتَّفِقَيْنِ، كَقِرَاضٍ وَشَرِكَةٍ يَصِحُّ فِيهِمَا جَزْمًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَحَّا) كَمَا لَوْ بَاعَ شِقْصًا وَسَيْفًا. قَوْلُهُ: (بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ إلَخْ) كَاشْتِرَاطِ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي السَّلَمِ وَالتَّوْقِيتِ فِي الْإِجَارَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَمَّا كَانَ فِي الْحُكْمِ بِالْبُطْلَانِ لِأَجْلِ هَذَا التَّفْرِيقِ قَوْلَانِ عَبَّرَ عَنْهُمَا بِقَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. قَوْلُهُ: (عَبْدَهَا) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك عَبْدِي بِكَذَا فَإِنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَا لَوْ كَانَ لِكُلِّ شَخْصٍ عَبْدٌ فَبَاعَ عَبِيدَهُمْ رَجُلٌ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ بِإِذْنِهِمْ، فَإِنْ أَبْطَلْنَا الْبَيْعَ وَهُوَ الْأَصَحُّ صَحَّ النِّكَاحُ هُنَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ صَحَّحْنَاهُ كَانَ فِي مَسْأَلَتِنَا الْقَوْلَانِ الْمَذْكُورَانِ هُنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَحَّ النِّكَاحُ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الصَّدَاقِ فَرَجَعَ الْقَوْلَانِ لِلصَّدَاقِ وَالْبَيْعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ إلَخْ) لَمَّا كَانَ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْفَصْلِ عِنْدَ اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ دُونَ التَّعَدُّدِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا بِهِ الِاتِّحَادُ وَالتَّعَدُّدُ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَلِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَيُقْبَلُ فِيهِمَا) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِأَنَّ الْقَبُولَ يَنْحَطُّ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 (وَكَذَا بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي) نَحْوُ بِعْتُكُمَا هَذَا بِكَذَا فَيُقْبَلَانِ (فِي الْأَظْهَرِ) كَالْبَائِعِ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِي بَانٍ عَلَى الْإِيجَابِ السَّابِقِ فَالنَّظَرُ إلَى مَنْ صَدَرَ مِنْهُ الْإِيجَابُ وَلَوْ فِي أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الثَّمَنِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُسَلِّمَهُ قِسْطَهُ مِنْ الْمَبِيعِ كَمَا يُسَلِّمُ الْمُشَاعَ، وَعَلَى الثَّانِي لَا يَجِبُ حَتَّى يُوَفِّيَ الْآخَرَ نَصِيبَهُ كَمَا لَوْ اتَّحَدَ الْمُشْتَرِي لِثُبُوتِ حَقِّ الْحَبْسِ (وَلَوْ وَكَّلَاهُ أَوْ وَكَّلَهُمَا) فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الْوَكِيلِ) فِي اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا لِتَعَلُّقِ أَحْكَامِ الْعَقْدِ بِهِ كَرُؤْيَةِ الْمَبِيعِ وَثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالثَّانِي اعْتِبَارُ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فِي أَكْثَرِ نُسَخِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ: تَبَعًا لِتَصْحِيحِ الْوَجِيزِ وَنُقِلَ فِي الشَّرْحَيْنِ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَلَوْ خَرَجَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ وَكِيلٍ عَنْ اثْنَيْنِ أَوْ مِنْ وَكِيلَيْنِ عَنْ وَاحِدٍ مَعِيبًا فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ رَدُّ نِصْفِهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى وَعَلَى الثَّانِي يَنْعَكِسُ لِحُكْمٍ وَلَوْ خَرَجَ مَا اشْتَرَاهُ وَكِيلٌ عَنْ اثْنَيْنِ أَوْ وَكِيلَانِ عَنْ وَاحِدٍ مَعِيبًا فَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْمُوَكِّلِ الْوَاحِدِ رَدُّ نِصْفِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْمُوَكِّلِينَ رَدُّ نِصْفِهِ وَعَلَى الثَّانِي يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ هُوَ شَامِلٌ لِخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَخِيَارِ الْعَيْبِ وَسَتَأْتِي الثَّلَاثَةُ. بَابُ الْخِيَارِ (يَثْبُتُ لِخِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ كَالصَّرْفِ وَ) بَيْعِ (الطَّعَامِ بِطَعَامٍ وَالسَّلَمِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالتَّشْرِيكِ وَصُلْحِ الْمُعَاوَضَةِ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَيَقُولَ: قَالَ فِي شَرْحِ   [حاشية قليوبي] مِثْلُ مَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (فَيُقْبَلَانِ) أَيْ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا كَمَا مَرَّ، وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَإِلَّا بَطَلَ فِيهِمَا مَعًا فَيَتَوَقَّفُ صِحَّةُ قَبُولِ الْأَوَّلِ عَلَى قَبُولِ الثَّانِي فَوْرًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَفَّرَ) أَيْ وَفِي كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْ دَفَعَ. قَوْلُهُ: (فِي الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ) وَكَذَا سَائِرُ الْعُقُودِ إلَّا فِي الرَّهْنِ وَالشُّفْعَةِ فَالْعِبْرَةُ فِيهِمَا بِالْمُوَكَّلِ نَظَرًا لِاتِّحَادِ الدَّيْنِ وَالْمِلْكِ وَأُلْحِقَ بِهِمَا الْعَرَايَا. قَوْلُهُ: (اعْتِبَارُ الْوَكِيلِ) وَمِثْلُهُ الْوَلِيُّ وَالْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ وَالْحَاكِمُ فِي مَالِ مَحَاجِيرِهِمْ. قَوْلُهُ: (تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. بَابُ الْخِيَارِ هُوَ اسْمٌ مِنْ الِاخْتِيَارِ أَيْ طَلَبِ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ عَارِضٌ عَلَى الْعَقْدِ ثُمَّ ثَبَتَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ أَعْنِي خِيَارَ الْمَجْلِسِ قَهْرًا حَتَّى لَوْ نَفَى فَسَدَ الْعَقْدُ، وَكَوْنُ الْأَصْلِ فِي الْعَقْدِ اللُّزُومُ بِمَعْنَى أَنَّ الْغَالِبَ أَوْ اللَّائِقَ بِوَصْفِهِ ذَلِكَ وَهُوَ نَوْعَانِ خِيَارُ تَرَوٍّ وَلَهُ سَبَبَانِ الْمَجْلِسُ وَالشَّرْطُ وَخِيَارُ نَقِيصَةٍ وَهُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِالْعَيْبِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْخُلْفُ وَالْفَلَسُ وَالتَّحَالُفُ وَاخْتِلَاطُ الثِّمَارِ وَتَلَقِّي الرَّكْبَانِ. فَقَوْلُ   [حاشية عميرة] الْإِيجَابِ وَقَوْلُهُ الْآتِي فَيَقْبَلَانِ لَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ لَمْ يَصِحَّ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُنَا. وَقَدْ خَالَفَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَنُقِلَ عَنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ الصِّحَّةُ وَأَنَّهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ صَحَّحَهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ وَالْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْقُوتِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي مَسْأَلَةِ تَعَدُّدِ الْبَائِعِ إذَا قَبِلَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِمَا يَخُصُّ نَصِيبَهُ. قَوْلُهُ: (فَيَقْبَلَانِ) لَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ لَمْ يَصِحَّ وَاخْتَارَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِطَائِفَةٍ الصِّحَّةَ إذْ لَوْ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ قَبُولِ أَحَدِهِمَا عَلَى قَبُولِ الْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَوْ قَبِلَا مُرَتَّبًا وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ صَحَّ اهـ. [بَابُ الْخِيَارِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) دَخَلَ فِيهِ الْإِقَالَةُ وَبَيْعُ الْأَبِ لِطِفْلِهِ وَعَكْسُهُ، وَكَذَا قِسْمَةُ الرَّدِّ نَعَمْ لَا خِيَارَ فِي الْحَوَالَةِ وَلَا فِي غَيْرِ قِسْمَةِ الرَّدِّ وَإِنْ جَعَلْنَاهُمَا بَيْعًا وَلَا فِي بَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَالصَّرْفِ) هُوَ النَّقْدُ بِالنَّقْدِ. قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 الْمُهَذَّبِ مَنْصُوبٌ بِأَوْ بِتَقْدِيرِ إلَّا أَنَّ أَوْ إلَى أَنْ، وَلَوْ كَانَ مَعْطُوفًا لَكَانَ مَجْزُومًا، وَلَقَالَ أَوْ يَقُلْ وَسَيَأْتِي السَّلَمُ وَمَا بَعْدَهُ وَتَقَدَّمَ مَا قَبْلَهُ وَاحْتَرَزَ بِذِكْرِ الْمُعَاوَضَةِ عَنْ صُلْحِ الْحَطِيطَةِ فَلَيْسَ بِبَيْعٍ وَلَا خِيَارٌ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) مِنْ أُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ يَفِي الْخِيَارُ فِيهِ عَلَى خِلَافِ الْمِلْكِ (فَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ فَلَهُمَا الْخِيَارُ) كَمَا هُوَ الْأَصْلُ (وَإِنْ قُلْنَا لِلْمُشْتَرِي تَخَيُّرُ الْبَائِعِ دُونَهُ) لِئَلَّا يَتَمَكَّنَ مِنْ إزَالَةِ الْمِلْكِ وَهَذِهِ أَقْوَالٌ سَيَأْتِي تَوْجِيهُهَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ أَظْهَرُهَا الثَّانِي فَيَكُونُ الْأَظْهَرُ فِي شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ثُبُوتُ الْخِيَارُ لَهُمَا وَلَا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ حَتَّى يَلْزَمَ الْعَقْدُ فَيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَتَقَ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ، وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهِ فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَجْهَانِ رُجِّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ   [حاشية قليوبي] بَعْضِهِمْ: يَتَطَرَّقُ الْفَسْخُ إلَى الْبَيْعِ بَعْدَ صِحَّتِهِ بِأَحَدِ أَسْبَابٍ سَبْعَةٍ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ وَالْعَيْبِ وَالْخُلْفِ وَالتَّحَالُفِ وَالْإِقَالَةِ، وَتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ غَيْرَ مُوَفٍّ بِالْمُرَادِ فَتَأَمَّلْ. وَفِي شُمُولِ خِيَارِ التَّرَوِّي لِلْمَجْلِسِ وَلِلشَّرْطِ لَا مَا قَابَلَهُمَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالتَّرَوِّي الشَّامِلِ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَعَدَمِهِ فَهُوَ خَاصٌّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، أَوْ الشَّامِلِ فِي الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ فَهُوَ عَامٌّ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَلَوْ حَكَمَ بِنَفْيِهِ حَاكِمٌ نُقِضَ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ رُخْصَةً فَقَدْ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْعَزِيمَةِ، وَلِذَلِكَ يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِنَفْيِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) أَيْ فِي أَفْرَادِ مَا يَقَعُ الْعَقْدُ فِيهِ بَيْعًا شَرْعًا وَلَوْ بِغَيْرِ لَفْظِ الْبَيْعِ وَفِي مَفْهُومِ ذَلِكَ التَّخْصِيصِ بِنَحْوِ الْإِقَالَةِ لِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهَا وَفِي مَنْطُوقِهِ التَّخْصِيصُ بِنَحْوِ بَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ وَالْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ إذْ لَا خِيَارَ فِيهِمَا كَالشُّفْعَةِ وَلِذَلِكَ كَانَ الْأَوْلَى فِي تَعْرِيفِهِ أَنْ يُقَالَ يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِي كُلِّ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ وَاقِعَةٍ عَلَى الْعَيْنِ لَازِمَةٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَيْسَ فِيهَا تَمَلُّكٌ قَهْرِيٌّ وَلَا جَارِيَةٌ مَجْرَى الرُّخْصِ، فَخَرَجَ نَحْوُ الْهَدِيَّةِ وَالنِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالرَّهْنِ وَالْكِتَابَةِ وَالشُّفْعَةِ وَالْحَوَالَةِ، نَعَمْ يُقَالُ: حَقُّ الْمَمَرِّ إنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ ثَبَتَ فِيهِ الْخِيَارُ أَوْ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فَلَا وَيَثْبُتُ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَرْجَحُ أَنَّهَا فَسْخٌ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى هَذَا. قَوْلُهُ: (وَصُلْحُ الْمُعَاوَضَةِ) أَيْ الْمَحْضَةِ فِي عَلَى فَأَمَّا الصُّلْحُ عَلَى الدِّيَةِ فِي غَيْرِ دَمِ الْعَمْدِ فَبَاطِلٌ وَفِيهِ غَيْرُ مَحْضَةٍ وَعَلَى مَنْفَعَةِ إجَارَةٍ فَلَا خِيَارَ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ مَعْطُوفًا إلَخْ) فِيهِ تَسْلِيمُ صِحَّةِ الْعَطْفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَلِهَذَا عَزَاهُ الشَّارِحُ لِقَائِلِهِ لِيَبْرَأَ مِنْهُ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لِاقْتِضَائِهِ خِلَافَ الْمَطْلُوبِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الْخِيَارِ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا، وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي ثُبُوتَهُ مَعَهُ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ؛ إنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ بَعْدَ النَّفْيِ يَتَوَجَّهُ إلَى نَفْيِهَا مَعًا هُوَ اسْتِعْمَالٌ عُرْفِيٌّ. وَلَا يَصِحُّ هُنَا أَيْضًا وَأَصْلُ اللُّغَةِ وَاسْتِعْمَالُهَا الْأَوَّلُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي) أَيْ مِنْ أَمْثِلَتِهِ. قَوْلُهُ: (بَنِي الْخِيَارِ) هُوَ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِمَعْنَى الِاخْتِيَارِ الَّذِي هُوَ الْإِجَازَةُ وَالْفَسْخُ وَالْمُرَادُ بَنَى أَثَرَهُ الَّذِي هُوَ مَا ذُكِرَ، وَإِلَّا فَالْخِيَارُ ثَابِتٌ لَهُمَا قَهْرًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (فِي زَمَنِ الْخِيَارِ) أَيْ خِيَارِ الشَّرْطِ فَالْخِيَارُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَلِكِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْخِيَارِ فِي الشَّرْطِ لَهُمَا. قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهَا الثَّانِي) وَهُوَ الْوَقْفُ فَالْمُمْكِنُ هُنَا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ الْخِيَارَ هُنَا لَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهُ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ ابْتِدَاءً. نَعَمْ يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهُ لِلْبَائِعِ ابْتِدَاءً فِي بَيْعِ مَنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِحُرِّيَّتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي اقْتِدَاءً، فَيُتَصَوَّرُ هُنَا سِتَّةُ أَقْوَالٍ لَكِنْ قَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ لَا يَشْمَلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مَا سَيَأْتِي بِقَوْلِهِ أَظْهَرُهَا الثَّانِي فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ إلَخْ) وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًا وَتَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ) شَامِلٌ لِمَا إذَا قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا مُنَافَاةَ فِيهِ لِأَنَّ مِلْكَهُ مُزَلْزَلٌ لِعَدَمِ   [حاشية عميرة] أَيْ مِنْ مَكَانِهِمَا بِدَلِيلِ قِصَّةِ ابْنِ عُمَرَ رَاوِي الْخَبَرِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ مَعْطُوفًا إلَخْ) الْمَعْنَى عَلَى الْعَطْفِ أَنَّ الْخِيَارَ ثَابِتٌ لَهُمَا فِي مُدَّةِ انْتِفَاءِ التَّفَرُّقِ أَوْ مُدَّةِ انْتِفَاءِ قَوْلِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ فَيَقْتَضِي ثُبُوتَهُ فِي الْأُولَى، وَإِنْ انْتَفَتْ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ، بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: اخْتَرْ وَثُبُوتُهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ انْتَفَتْ الْأُولَى بِأَنْ تَفَرَّقَا وَالتَّخَلُّصُ مِنْهُمَا بِمَا قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَكَذَا ظَهَرَ لِي فِي فَهْمِ هَذَا الْمَحَلِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَاحْتَرَزَ إلَخْ) هُوَ مُسْلِمٌ لَكِنْ عِبَارَتُهُ: شَامِلَةٌ لِلصُّلْحِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ وَلَا خِيَارَ فِيهِمَا وَيُجَابُ عَنْ الْأُولَى بِأَنَّهُ إجَارَةٌ، وَالْمُؤَلِّفُ قَالَ فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ بِبَيْعٍ) بَلْ هُوَ إبْرَاءٌ إنْ كَانَ فِي دَيْنٍ وَهِبَةٍ إنْ كَانَ فِي عَيْنٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا خِيَارَ فِيهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَهُمَا الْخِيَارُ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي لَهُ بِلَا مَانِعٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ قُلْنَا لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا ثُمَّ أَلْزَمَهُ الْبَائِعُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْقَطِعَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمِلْكَ صَارَ لَهُ. قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَتَمَكَّنَ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّ مُقْتَضَى مِلْكِهِ لَهُ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ مِنْ إزَالَتِهِ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ فَلَمَّا تَعَذَّرَ الثَّانِي بَقِيَ الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ: (مِنْ حِينِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 النَّفْيُ (وَلَا خِيَارَ فِي الْإِبْرَاءِ وَالنِّكَاحِ وَالْهِبَةِ بِلَا ثَوَابٍ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا وَالْحَدِيثُ وَرَدَ فِي الْبَيْعِ (وَكَذَا ذَاتُ الثَّوَابِ وَالشُّفْعَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالصَّدَاقِ فِي الْأَصَحِّ) فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا وَالثَّانِي يَثْبُتُ فِيهَا لِأَنَّ الْهِبَةَ بِثَوَابٍ فِي الْمَعْنَى بَيْعٌ وَالشَّفِيعُ فِي مَعْنَى الْمُشْتَرِي لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَالْإِجَارَةُ بَيْعٌ لِلْمَنَافِعِ وَالْمُسَاقَاةُ قَرِيبٌ مِنْهَا، وَالصَّدَاقُ عَقْدُ عِوَضٍ فَإِنْ فُسِخَ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَمِثْلُهُ عِوَضُ الْخُلْعِ فَلَا خِيَارَ فِيهِ وَلَا فِي الْحَوَالَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ الْقَفَّالُ وَطَائِفَةٌ: الْخِلَافُ فِي الْإِجَارَةِ، فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَأَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ قَطْعًا كَالسَّلَمِ (وَيَنْقَطِعُ) الْخِيَارُ (بِالتَّخَايُرِ بِأَنْ يَخْتَارَ لُزُومَهُ) أَيْ الْعَقْدَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ نَحْوِهِ كَأَمْضَيْنَاهُ أَوْ أَلْزَمْنَاهُ أَوْ أَجَزْنَاهُ (فَلَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا) لُزُومَهُ (سَقَطَ حَقُّهُ) مِنْ الْخِيَارِ (وَبَقِيَ الْحَقُّ) فِيهِ (لِلْآخَرِ) وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: اخْتَرْ، سَقَطَ خِيَارُهُ لِتَضَمُّنِهِ الرِّضَا بِاللُّزُومِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ السَّابِقُ وَبَقِيَ خِيَارُ الْآخَرِ وَلَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا لُزُومَ الْعَقْدِ وَالْآخَرُ فَسْخَهُ قُدِّمَ الْفَسْخُ (وَ) يَنْقَطِعُ الْخِيَارُ أَيْضًا (بِالتَّفَرُّقِ بِبَدَنِهِمَا) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ وَيَحْصُلُ الْمُرَادُ مِنْهُ بِمُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَاوِي الْحَدِيثِ إذَا بَايَعَ   [حاشية قليوبي] انْفِرَادِهِ بِالْخِيَارِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (النَّفْيُ) أَيْ نَفْيُ الْخِيَارِ لِلْعَبْدِ وَلِسَيِّدِهِ وَمِثْلُهُ الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ وَلَا خِيَارَ فِيهِ لِلْبَائِعِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي الَّذِي وَقَعَ الْعِتْقُ عَنْهُ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْعَاقِدَيْنِ بِهَذَا الْعَقْدِ الْعَتَاقُ وَبِهَذَا فَارَقَ شِرَاءَ بَعْضِهِ. قَوْلُهُ: (لَا تُسَمَّى بَيْعًا) أَيْ عُرْفًا. قَوْلُهُ: (فِي الْمَعْنَى بَيْعٌ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالشَّفِيعُ) أَيْ فِي عَقْدِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فِي مَعْنَى الْمُشْتَرِي أَيْ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ، أَوْ الْمُرَادُ بِالْمُشْتَرِي مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَيَدُلُّ لِهَذَا تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ لَهُ أَيْ لِلشَّفِيعِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِي عَقْدِ الْأَخْذِ. قَالَ شَيْخُنَا: لَا قَبْلَ الْأَخْذِ وَلَا بَعْدَهُ. وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَجْلِسِ عَقْدِ شِرَائِهِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ بَقَاءُ الْخِيَارِ لَهُ حَتَّى لَوْ فُسِخَ بَطَلَ أَخْذُ الشَّفِيعِ، فَرَاجِعه وَلَا خِيَارَ فِي قِسْمَةِ غَيْرِ الرَّدِّ وَإِنْ وَقَعَتْ بِالتَّرَاضِي. قَوْلُهُ: (وَالصَّدَاقُ عَقْدُ عِوَضٍ) فَعَلَيْهِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَمِثْلُهُ عِوَضُ الْخَلْعِ) لَكِنْ عَلَيْهِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ فَقَطْ لِأَنَّ الْبِضْعَ حَقُّهُ. قَوْلُهُ: (فَيَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ قَطْعًا) هُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَتُفَارِقُ السِّلْمَ بِأَنَّ شَأْنَ الْإِجَارَةِ أَنْ تَتْلَفَ الْمَنْفَعَةُ فِيهَا زَمَنَ الْخِيَارِ دُونَهُ مَعَ أَنَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ بِلَفْظِ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوُهُ) مِنْهُ التَّقَايُلُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَيَبْطُلُ الْخِيَارُ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَبَقِيَ الْحَقُّ فِيهِ لِلْآخَرِ) نَعَمْ إنْ كَانَ يُعْتَقُ عَلَيْهِ سَقَطَ خِيَارُهُ أَيْضًا فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ وَلَوْ مُشْتَرِيًا لَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الْغَايَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هِيَ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهَا لِلْإِيضَاحِ. قَوْلُهُ: (وَيَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى السُّقُوطِ الْمَفْهُومِ مِنْ سَقَطَ. قَوْلُهُ (قُدِّمَ الْفَسْخُ) وَإِنْ تَأَخَّرَ أَوْ كَانَ فِي الْبَعْضِ فَيَنْفَسِخُ فِي الْكُلِّ قَهْرًا عَلَيْهِ. وَكَذَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ. وَسَيَأْتِي فَعُلِمَ أَنَّهُ يَسْرِي فَسْخُهُ عَلَى صَاحِبِهِ دُونَ إجَازَتِهِ. وَلَوْ قَالَ: فَسَخْت أَجَزْت أَوْ عَكْسَهُ عُمِلَ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (بِالتَّفَرُّقِ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ هَارِبًا وَإِنْ مُنِعَ الْآخَرُ مِنْ لُحُوقِهِ، وَإِنْ لَحِقَهُ بَقِيَ خِيَارُهُمَا مَا لَمْ يَتَبَاعَدَا وَمَشَى أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ لَوْ تَبَايَعَا مِنْ بَعْدُ كَالتَّفَرُّقِ، وَلَوْ فَارَقَ مُكْرَهًا بِحَقٍّ بَطَلَ خِيَارُهُمَا أَيْضًا كَأَنْ وَقَعَ التَّبَايُعُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ   [حاشية عميرة] الشِّرَاءِ) هُوَ مُشْكِلٌ إذَا جَعَلْنَا الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا) أَيْ وَلِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْخِيَارِ فِي الْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ لِأَنَّ دَفْعَ الْغَبْنِ الَّذِي هُوَ حِكْمَةُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ مَفْقُودٌ فِيهِمَا، وَكَذَا النِّكَاحُ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُرُ فِي الْغَالِبِ إلَّا بَعْدَ تَأَمُّلٍ وَاحْتِيَاطٍ وَكَذَا الْأَخْيَارُ فِي كُلِّ عَقْدٍ جَائِزٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ جَوَازَهُ مُغْنٍ عَنْ الْخِيَارِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا ذَاتُ الثَّوْبِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: أَيْ مَعَ الْحُكْمِ بِأَنَّهَا هِبَةٌ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ اهـ. أَيْ وَيَكُونُ مِنْ الْقَبْضِ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا أَنَّهَا بَيْعٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا) وَأَيْضًا ثُبُوتُهُ فِي الشُّفْعَةِ يَكُونُ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَيَبْعُدُ وَالْإِجَارَةُ عَقْدُ غَرَرٍ وَالْخِيَارُ غَرَرٌ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ، وَالْمُسَاقَاةُ كَالْإِجَارَةِ وَالصَّدَاقُ تَابِعٌ لِلنِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَثْبُتُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّفِيعَ لَا بُدَّ فِي مِلْكٍ لَا بَعْدَ الْأَخْذِ مِنْ إعْطَاءِ الثَّمَنِ أَوْ رِضَا الْمُشْتَرِي بِذِمَّتِهِ، أَوْ حُكْمِ الْحَاكِمِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فَرْضُ الْخِلَافِ بَعْدَ وَاحِدٍ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَالشَّفِيعُ) أَيْ أَمَّا الْمُشْتَرِي فَلَا خِيَارَ لَهُ قَطْعًا وَلِذَا اُتُّجِهَ مَنْعُ الْخِيَارِ فِيهِ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ ثُبُوتُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ دُونَ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّدَاقُ عَقْدُ عِوَضٍ) أَيْ فَهُوَ مُسْتَقِلٌّ لَا تَابِعٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ) مُقَابِلُهُ فِي الْخُلْعِ يَقُولُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلزَّوْجِ فَقَطْ، فَإِذَا فَسَخَ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَسَقَطَ الْعِوَضُ. قَوْلُهُ: (كَالسَّلَمِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَسِرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَخْتَارَا لُزُومَهُ) مِنْ صِيَغِ ذَلِكَ أَبْطَلْنَا الْخِيَارَ أَوْ أَفْسَدْنَاهُ. قَوْلُهُ: (وَبَقِيَ الْحَقُّ إلَخْ) أَيْ كَمَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِبَدَنِهِمَا) خَرَجَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 فَارَقَ صَاحِبَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَرَوَى مُسْلِمٌ قَامَ يَمْشِي هُنَيْهَةً ثُمَّ رَجَعَ (فَلَوْ طَالَ مُكْثُهُمَا أَوْ قَامَا وَتَمَاشَيَا مَنَازِلَ دَامَ خِيَارُهُمَا) وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقِيلَ يَنْقَطِعُ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا نِهَايَةُ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطَةُ شَرْعًا (وَيُعْتَبَرُ فِي التَّفَرُّقِ الْعُرْفُ) فَمَا يَعُدُّهُ النَّاسُ تَفَرُّقًا يَلْزَمُ بِهِ الْعَقْدُ فَإِنْ كَانَ فِي دَارٍ صَغِيرَةٍ فَالتَّفَرُّقُ بِأَنْ يَخْرُجَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا، أَوْ يَصْعَدَ سَطْحَهَا أَوْ كَبِيرَةٍ فَبِأَنْ يَنْتَقِلَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَحْنِهَا إلَى صِفَتِهَا أَوْ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهَا أَوْ فِي صَحْرَاءَ أَوْ سُوقٍ فَبِأَنْ يُوَلِّيَ أَحَدُهُمَا ظَهْرَهُ وَيَمْشِيَ قَلِيلًا (وَلَوْ مَاتَ) أَحَدُهُمَا (فِي الْمَجْلِسِ أَوْ جُنَّ فَالْأَصَحُّ انْتِقَالُهُ) أَيْ الْخِيَارِ (إلَى الْوَارِثِ وَالْوَلِيِّ) وَيَتَوَلَّى الْوَلِيُّ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِنْ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ فَإِنْ كَانَا فِي الْمَجْلِسِ فَوَاضِحٌ، أَوْ غَائِبَيْنِ عَنْهُ وَبَلَغَهُمَا الْخَبَرُ امْتَدَّ الْخِيَارُ لَهُمَا امْتِدَادَ مَجْلِسِ بُلُوغِ الْخَبَرِ، وَقِيلَ لَا يَمْتَدُّ بَلْ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ سُقُوطُ الْخِيَارِ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْحَيَاةِ أَوْلَى بِهِ مِنْ مُفَارَقَةِ الْمَكَانِ، وَفِي مَعْنَاهَا مُفَارَقَةُ الْعَقْلِ لِسُقُوطِ التَّكْلِيفِ بِهِمَا، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ بِالْأَظْهَرِ وَهُوَ مَنْصُوصٌ وَمُقَابِلُهُ مَخْرَجٌ فَيَصِحُّ التَّعْبِيرُ فِيهِمَا بِالْأَصَحِّ تَغْلِيبًا لِلْمُقَابِلِ كَمَا يَصِحُّ بِالْأَظْهَرِ تَغْلِيبًا لِلْمَنْصُوصِ وَلِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَسْخُ الْبَيْعِ قَبْلَ لُزُومِهِ   [حاشية قليوبي] فَأَخْرَجَ أَحَدَهُمَا أَوْ أَخْرَجَهُمَا مُرَتَّبًا أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَسُدَّ فَمَه وَمَجْلِسُ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ وَهُوَ مَجْلِسُ خِيَارِهِ. وَأَمَّا الْآخَرُ فَإِنْ تَبِعَ الْمُكْرَهَ أَوْ مُنِعَ مِنْ لُحُوقِهِ بَقِيَ خِيَارُهُ وَإِلَّا بَطَلَ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الرِّبَا أَنَّهُ يَبْقَى خِيَارُ الْآخَرِ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ مُطْلَقًا كَالْمُكْرَهِ فَإِنْ فَارَقَ مَجْلِسَهُ بَطَلَ خِيَارُهُ وَحْدَهُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ هُنَا أَيْضًا وَإِلَيْهِ مَال شَيْخُنَا ثَانِيًا، وَسَيَأْتِي هُنَا فِي الْحَيِّ مِثْلُهُ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْهَارِبِ بِوُجُودِ الِاخْتِيَارِ مِنْ الْمُفَارِقِ ثُمَّ وَالنَّائِمُ كَالْمُكْرَهِ فَيَبْقَى خِيَارُهُ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ (بِبَدَنِهِمَا) وَلَوْ تَقْدِيرًا كَوَلِيٍّ بَاعَ مَالَهُ لِطِفْلِهِ أَوْ عَكْسُهُ فَيَنْقَطِعُ خِيَارُهُمَا بِمُفَارَقَتِهِ مَجْلِسَهُ وَقِيَاسُهُ فِي الْمُلْتَصِقَيْنِ كَذَلِكَ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْخَطِيبِ بَقَاءُ الْخِيَارِ لَهُمَا دَائِمًا وَخَرَجَ بِذَلِكَ بِنَاءً حَائِلٌ بَيْنَهُمَا وَلَوْ بِإِذْنِهِمَا أَوْ فِعْلِهِمَا فَلَا يَبْطُلُ الْخِيَارُ بِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ التَّفْرِيقِ. قَوْلُهُ: (دَارٌ صَغِيرَةٌ) وَمِثْلُهَا السَّفِينَةُ الصَّغِيرَةُ بِأَنْ تَنْجَرَّ بِجَرِّهِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ عَادَةً فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ، وَالسَّفِينَةُ الْكَبِيرَةُ كَالدَّارِ الْكَبِيرَةِ. قَوْلُهُ: (فَبِأَنْ يُوَلِّي ظَهْرَهُ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (وَيَمْشِي قَلِيلًا) أَيْ زِيَادَةً عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ عَلَى الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ مَفْهُومُ بَدَنِهِمَا. قَوْلُهُ: (أَوْ جُنَّ) وَكَذَا لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَأَيِسَ مِنْ إفَاقَتِهِ أَوْ طَالَتْ مُدَّتُهُ وَإِلَّا انْتَظَرَ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا يَنْتَظِرُ مُطْلَقًا. وَكَذَا عَجْزُ مُكَاتَبٍ وَخَرَسٍ لِمَنْ لَمْ تُفْهَمْ إشَارَتُهُ وَلَيْسَ كَاتِبًا وَالْوَلِيُّ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْأَخْرَسِ الْمَذْكُورِ هُوَ الْحَاكِمُ فَيُنْصَبُ مَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْهُمَا كَالطِّفْلِ الَّذِي لَا وَلِيَّ لَهُ نَعَمْ لَوْ عَقَدَ لِمَجْنُونٍ فَأَفَاقَ أَوْ لِصَبِيٍّ فَبَلَغَ رَشِيدًا لَمْ يَنْتَقِلْ لَهُمَا الْخِيَارُ بَلْ يَبْقَى لِلْوَلِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (إلَى الْوَارِثِ وَالْوَلِيِّ) هَذَا إنْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْ الْمَجْنُونُ مُتَصَرِّفًا عَنْ نَفْسِهِ وَإِلَّا انْتَقَلَ لِمَنْ هُوَ نَائِبٌ عَنْهُ، كَمَا لَوْ عَزَلَهُ لَا لِوَلِيِّ الْمَجْنُونِ وَلَا لِوَارِثِ الْمَيِّتِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ نَابَ عَنْهُ أَهْلًا كَطِفْلٍ نَصَّبَ الْحَاكِمُ مَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (امْتِدَادُ مَجْلِسِ بُلُوغِ الْخَبَرِ) وَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرِ مِنْهُمْ لَوْ تَعَدَّدُوا فَلَا يُعْتَبَرُ لِمَنْ قَبْلَهُ مَجْلِسٌ، وَيَنْقَطِعُ خِيَارُهُمْ بِمُفَارَقَتِهِ. وَلَوْ فَسَخَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْمَوْتِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي الْكُلِّ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ لَوْ تَعَدَّدَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ فِيهِ يَنْفَسِخُ فِي حِصَّةِ الْفَاسِخِ مِنْهُمْ فَقَطْ لِوُجُودِ الْجَابِرِ فِيهِ لَا هُنَا، وَلِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا وَاحِدٌ تَعَدَّدَ مُسْتَحِقُّهُ. وَأَمَّا الْحَيُّ فَالْعِبْرَةُ فِي حَقِّهِ مَجْلِسُهُ فَمَتَى فَارَقَهُ انْقَطَعَ خِيَارُهُ وَلَا يَضُرُّ نَقْلُ الْمَيِّتِ عَنْ الْمَجْلِسِ لِانْتِقَالِ الْخِيَارِ عَنْهُ. وَكَذَا مَنْ أُلْحِقَ بِهِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُعْتَبَرُ مَجْلِسُ كُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ قَبُولِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَمَنْ فَارَقَهُ مِنْهُمَا بَطَلَ خِيَارُهُمَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر فَرَاجِعْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ الَّذِي اُعْتُبِرَ فِيهِ مَجْلِسُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ وَحْدَهُ بَعْدَ قَبُولِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ هُنَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَفِي مَعْنَاهَا مُفَارَقَةُ الْعَقْلِ) فَيَنْتَقِلُ الْخِيَارُ لِوَلِيِّهِ فَإِنْ أَفَاقَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ عَادَلَهُ. قَوْلُهُ: (فِيهِمَا) أَيْ فِي النِّصْفِ وَمُقَابِلِهِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ   [حاشية عميرة] التَّفَرُّقُ بِالرُّوحِ وَهُوَ الْمَوْتُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْعُرْفُ) أَيْ لِأَنَّهُ نَصٌّ لِلشَّارِعِ وَلِأَهْلِ اللُّغَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ انْتِقَالُهُ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى خِيَارِ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ. قَوْلُهُ: (فِيهِمَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْمَنْصُوصِ وَمُقَابِلُهُ. قَوْلُهُ: (وَلِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ) تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ. فَرْعٌ: لَوْ اتَّفَقَا عَلَى التَّفَرُّقِ وَالْفَسْخِ وَاخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ قَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ: مَنْ سَبَقَ بِدَعْوَى الْفَسْخِ قَبْلَ قَوْلُهُ، وَإِنْ سَبَقَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 (وَلَوْ تَنَازَعَا فِي التَّفَرُّقِ أَوْ الْفَسْخِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّفَرُّقِ بِأَنْ جَاءَا مَعًا وَادَّعَى أَحَدُهُمَا التَّفَرُّقَ قَبْلَ الْمَجِيءِ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ لِيَفْسَخَ أَوْ اتَّفَقَا عَلَى التَّفَرُّقِ، وَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ قَبْلَهُ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ (صُدِّقَ النَّافِي) بِيَمِينِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ. فَصْلٌ (لَهُمَا) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ (وَلِأَحَدِهِمَا شَرْطُ الْخِيَارِ) عَلَى الْآخَرِ الْمُدَّةَ الْآتِيَةَ (فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) لِمَا سَيَأْتِي (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ) فِي بَعْضِهَا (الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ كَرِبَوِيٍّ وَسَلَمٍ) فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ، وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى بَقَاءِ عَلَقَةٍ فِيهِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَالْقَصْدُ مِنْهُ أَنْ يَتَفَرَّقَا وَلَا عَلَقَةَ بَيْنَهُمَا (وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ لَا تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) فَلَوْ كَانَتْ   [حاشية قليوبي] النَّافِي) وَلَيْسَ لِمُدَّعِي الْفُرْقَةِ الْفَسْخُ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْفَسْخِ وَالتَّفَرُّقِ وَاخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا. فَكَمَا فِي الرَّجْعَةِ. فَرْعٌ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي الرِّبَوِيِّ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ صُدِّقَ الْأَوَّلُ لِبَقَاءِ الصِّحَّةِ، وَالْآخَرُ لِعَدَمِ اللُّزُومِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. فَصْلٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ أَيْ التَّرَوِّي النَّاشِئِ عَنْ الشَّرْطِ فَهُوَ مُضَافٌ إلَى سَبَبِهِ. قَوْلُهُ: (لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِمَنْ يَقَعُ مِنْهُ الشَّرْطُ فَلَا يَصِحُّ وُقُوعُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا، وَمَعْنَى وُقُوعِهِ مِنْهُمَا أَنْ يَتَلَفَّظَا بِهِ كَأَنْ يَقُولَ الْمُبْتَدِئُ مِنْهُمَا: بِعْتُك ذَا بِكَذَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَيَقُولُ: اشْتَرَيْته بِذَلِكَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَك ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. وَمَعْنَى وُقُوعِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ الْمُبْتَدِي مِنْهُمَا، وَلَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَةِ الْآخَرِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِالسُّكُوتِ كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك كَذَا بِكَذَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِي مَثَلًا، فَيَقُولُ: اشْتَرَيْته عَلَى ذَلِكَ. فَلَا اعْتِرَاضَ وَلَا إشْكَالَ. وَأَمَّا الْمَشْرُوطُ لَهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا مُعَيَّنًا أَوْ أَجْنَبِيًّا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْآخَرِ) لَهُ قَالَ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا عَلِمْت لَكِنَّهُ رَاعَى تَعْيِينَ الْمَشْرُوطِ لَهُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ قَالَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِأَحَدِنَا مَثَلًا فَلَا يَكْفِي، وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْهُ الْأَوَّلُ أَوْ نَفَاهُ الثَّانِي. وَلَوْ قَالَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ يَوْمًا وَلَمْ يَقُلْ لَنَا وَلَا لِي مَثَلًا فَهِيَ لَهُمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ: لِلْقَائِلِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) أَيْ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْهَا سَوَاءٌ فِي جَمِيعِ الْمَبِيعِ أَوْ فِي بَعْضِهِ وَإِنْ تَفَرَّقَتْ بِهِ الصَّفْقَةُ. قَوْلُهُ: (فِي بَعْضِهَا) أَيْ الْأَنْوَاعِ فَيَمْتَنِعُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَفْرَادٍ: الرِّبَوِيُّ وَالسَّلَمُ وَاقْتِصَارُهُ عَلَيْهِمَا لِامْتِنَاعِ شَرْطِ الْخِيَارِ فِيهِمَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ مُطْلَقًا، وَمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لَهُ وَحْدَهُ، كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَالْمُصَرَّاةُ إنْ شُرِطَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا، وَمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ إنْ شُرِطَ الْخِيَارُ مُدَّةً يَفْسُدُ فِيهَا فَالْكَافُ فِيمَنْ عَبَّرَ بِهَا تَمْثِيلِيَّةٌ. وَأَمَّا الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ وَبَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ فَهُمَا عَقْدُ عَتَاقَةٍ فَلَيْسَ فِيهِمَا خِيَارُ مَجْلِسٍ وَلَا شَرْطٍ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ الْبَعْضِ. قَوْلُهُ: (إلَى بَقَاءِ عَلَقَةٍ) أَيْ شَأْنُ الشَّرْطِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] بِدَعْوَى التَّفَرُّقِ أَوْ تَسَاوَيَا فِي دَعْوَى الْفَسْخِ وَالتَّفَرُّقِ صُدِّقَ النَّافِي لِلْفَسْخِ. قَوْلُهُ: (لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ) وَلَمْ يُخَرِّجُوا الْأُولَى عِنْدَ طُولِ الزَّمَنِ عَلَى تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرُ خِلَافًا لِبَحْثِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَا نَظَرَ فِي الثَّانِيَةِ إلَى كَوْنِ مُدَّعِي الْفَسْخِ أَدْرَى بِتَصَرُّفِهِ خِلَافًا لِوَجْهٍ مَرْجُوحٍ صَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. [فَصْلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا شَرْطُ الْخِيَارِ عَلَى الْآخَرِ] فَصْلٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ قَوْلُهُ: (عَلَى الْآخَرِ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا قِيلَ عِبَارَتُهُ لَا تُفِيدُ مَنْ يُشْرَطُ الْخِيَارُ لَهُ. قَوْلُهُ: (كَرِبَوِيٍّ وَسَلَمٌ) الْأَوَّلُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَالثَّانِي مِنْ أَحَدِهِمَا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الشُّفْعَةِ وَالْحَوَالَةِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا فِي الْهِبَةِ بِثَوَابٍ وَالْإِجَارَةُ وَإِنْ ثَبَتَ فِيهِمَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ سُبْكِيٌّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا تَزِيدُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ امْتِنَاعُهُ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِوَضْعِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 مَجْهُولَةً أَوْ زَائِدَةً عَلَى ثَلَاثَةٍ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ بَايَعْت فَقُلْ لَهُ لَا خِلَابَةَ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: بِلَفْظِ «إذَا بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ، ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ» وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ عُمَرَ «فَجَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُهْدَةً ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» وَسَمَّى الرَّجُلَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ حِبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُوحِدَةِ، وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ مُنْقِذًا وَالِدُهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَخِلَابَةٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْمُوحِدَةِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهِيَ الْغَبْنُ وَالْخَدِيعَةُ. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا اُشْتُهِرَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ قَوْلَ لَا خِلَابَةَ عِبَارَةٌ عَنْ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْوَاقِعَةُ فِي الْحَدِيثِ الِاشْتِرَاطُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَقِيسَ عَلَيْهِ الِاشْتِرَاطُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَصْدُقُ ذَلِكَ بِاشْتِرَاطِهِمَا مَعًا (وَتُحْسَبُ) الْمُدَّةُ الْمَشْرُوطَةُ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَمَا دُونَهَا (مِنْ الْعَقْدِ) الْوَاقِعِ فِيهِ الشَّرْطُ (وَقِيلَ: مِنْ التَّفَرُّقِ) شَرْطٌ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الشَّارِطَ يَقْصِدُ بِالشَّرْطِ زِيَادَةً عَلَى مَا يُفِيدُهُ الْمَجْلِسُ، وَعُورِضَ بِأَنَّ اعْتِبَارَ التَّفَرُّقِ يُورِثُ جَهَالَةً لِلْجَهْلِ بِوَقْتِهِ وَلَوْ شُرِطَتْ الْمُدَّةُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ وَقْتِ التَّفَرُّقِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَعَلَى الثَّانِي مِنْ وَقْتِ الْعَقْدُ صَحَّ الشَّرْطُ لِلتَّصْرِيحِ بِالْمَقْصُودِ وَلَوْ شُرِطَ الْخِيَارُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ التَّفَرُّقِ حُسِبَتْ الْمُدَّةُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ وَقْتِ الشَّرْطِ وَمِثْلُ التَّفَرُّقِ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ. التَّخَايُرُ وَلَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ الْخِيَارُ مِنْ الْغَدِ   [حاشية قليوبي] مُدَّةٍ) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ: بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ أُشَاوِرَ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ: وَهَذَا أَحَدُ شُرُوطٍ خَمْسَةٍ وَبَقِيَ مِنْهَا كَوْنُ الْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ مُتَّصِلَةً بِالشَّرْطِ مُتَوَالِيَةً لَا تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا بَطَلَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (مَجْهُولَةً) هُوَ مُحْتَرَزُ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ تُحْمَلْ الْمُدَّةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْمَعْهُودَةِ شَرْعًا لِأَنَّ الْخِيَارَ طَارِئٌ فَاحْتِيطَ لَهُ فَلَا يَصِحُّ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيَصِحُّ بِوَقْتِ طُلُوعِهَا. وَقَالَ شَيْخُنَا بِصِحَّةِ الْأُولَى أَيْضًا حَمْلًا عَلَى وَقْتِ طُلُوعِهَا، وَاللَّحْظَةُ أَقَلُّ زَمَنٍ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَالسَّاعَةُ كَذَلِكَ. فَإِنْ قَصَدَ السَّاعَةَ الْفَلَكِيَّةَ أَوْ الزَّمَانِيَّةَ وَعَرَفَا مِقْدَارَ دَرْجِهَا حَالَةَ الْعَقْدِ صَحَّ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ قَصْدُهُمَا. قَوْلُهُ: (سَلْعَةٍ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ هِيَ بِكَسْرِ السِّينِ اسْمٌ لِخُرَّاجٍ فِي الْبَدَنِ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْحِمَّصَةِ إلَى الْبِطِّيخَةِ بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِمَا يُبَاعُ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِالْمُعْجَمَةِ) أَيْ مَعَ ضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَأَصْلُهُ الْمَنْجَى مِنْ الشِّدَّةِ. قَوْلُهُ: (عُهْدَةُ ثَلَاثَةٍ) بِالْإِضَافَةِ أَوْ بِتَنْوِينِ عُهْدَةٍ وَثَلَاثَةٌ بَدَلٌ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (الْغَبْنُ وَالْخَدِيعَةُ) أَيْ لُغَةٌ. قَوْلُهُ: (اُشْتُهِرَ فِي الشَّرْعِ) أَيْ فَهُوَ مَعْنَاهَا شَرْعًا فَإِنْ لَمْ يَعْرِفَاهُ بَطَلَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمُشْتَرِي) كَقَوْلِهِ ابْتَعْتهَا. قَوْلُهُ: (وَيَصْدُقُ ذَلِكَ) فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (الْوَاقِعُ فِيهِ الشَّرْطُ) هُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الشَّرْطُ. وَلَوْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (يُوَرِّثُ جَهَالَةً إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُدَّةَ مَعْلُومَةٌ وَجَهَالَةُ وَقْتِ التَّفَرُّقِ لَا يَضُرُّ فِي عِلْمِهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (صَحَّ الشَّرْطُ) وَأَوَّلُ الْمُدَّةِ فِي الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شُرِطَ الْخِيَارُ بَعْدَ الْعَقْدِ إلَخْ) هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْوَاقِعِ إلَخْ لِإِفَادَةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمُدَّةِ الشَّرْطُ لَا الْعَقْدُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حُسِبَتْ الْمُدَّةُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ وَقْتِ الشَّرْطِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ مَضَى قَبْلَ الشَّرْطِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ لَا ضَابِطَ لَهُ، وَلَوْ مَضَى مَا شَرْطَاهُ وَهُمَا بِالْمَجْلِسِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ امْتَنَعَ شَرْطُ مُدَّةٍ أُخْرَى قَلِيلَةٍ أَوْ كَثِيرَةٍ أَوْ كَانَ دُونَ الثَّلَاثِ جَازَ شَرْطُ مَا بَقِيَ مِنْهَا فَقَطْ فَإِنْ شَرَطَا مُدَّةً فِي الْأُولَى أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ فِي الثَّانِيَةِ بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِمَا. وَيَقُومُ وَارِثُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَقَامَهُ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ شَرَطَا يَوْمًا ثُمَّ تَفَرَّقَا عَقِبَ الشَّرْطِ ثُمَّ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَوْمِ شَرَطَا يَوْمًا آخَرَ مَثَلًا جَازَ، وَهَكَذَا إلَى تَمَامِ الثَّلَاثِ. وَلَوْ أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا مُدَّةً مِنْ خِيَارِهِ سَقَطَتْ وَمَا بَعْدَهَا لَا مَا قَبْلَهَا.   [حاشية عميرة] يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ أَوْ لُزُومِهِ وَالثَّلَاثُ قَدْ وَرَدَتْ فَيَبْقَى مَا عَدَاهَا عَلَى الْأَصْلِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كَوْنِ الثَّلَاثِ مُدَّةً قَرِيبَةً مُغْتَفَرَةً قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ - فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ} [هود: 64 - 65] قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَإِنَّمَا لَمْ يُخْرِجْ الزِّيَادَةَ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ الْجَمْعَ هُنَا بَيْنَ مَا يَجُوزُ وَمَا لَا يَجُوزُ فِي الشَّرْطِ وَالشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ مُبْطِلَةٌ لِلْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (مُنْقِذٍ) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْمُنْجِي مِنْ الشَّيْءِ وَالْمُخَلِّصُ مِنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ الْعَقْدِ) أَيْ لِأَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ مُلْحَقَةٌ بِالْعَقْدِ فَكَانَتْ مِنْ حِينِهِ كَالْأَجَلِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ انْقَضَتْ الثَّلَاثَةُ الْمَشْرُوطَةُ وَهُمَا جَالِسَانِ انْقَضَى خِيَارُ الشَّرْطِ وَبَقِيَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ) عُلِّلَ أَيْضًا بِأَنَّ الْخِيَارَيْنِ مُتَمَاثِلَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ ضَعِيفَةٌ. قَوْلُهُ: (وَعُورِضَ إلَخْ) وَأَيْضًا فَثُبُوتُ الْخِيَارِ إنَّمَا حَصَلَ بِالشَّرْطِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 بَطَلَ الْعَقْدُ. وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى جَوَازِهِ بَعْدَ لُزُومِهِ وَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ يَوْمٌ وَلِلْآخَرِ يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ جَازَ، فَفِي الْيَوْمِ: قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إنْ كَانَ الْعَقْدُ نِصْفَ النَّهَارِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ إلَى أَنْ يَنْتَصِفَ النَّهَارُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَتَدْخُلُ اللَّيْلَةُ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فِي اللَّيْلِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الْمُتَّصِلِ بِذَلِكَ اللَّيْلِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، وَلَوْ شُرِطَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ جَازَ فِي الْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ لِكَوْنِ الْأَجْنَبِيِّ أَعْرَفَ بِالْمَبِيعِ، وَسَوَاءٌ شَرْطَاهُ لِوَاحِدٍ أَمْ شَرَطَهُ أَحَدُهُمَا لِوَاحِدٍ وَالْآخَرُ لِآخَرَ. وَلَيْسَ لِلشَّارِطِ خِيَارٌ فِي الْأَظْهَرِ، إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْأَجْنَبِيُّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ: يَجُوزُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إلْحَاقُ الْأَجَلِ لِمَا فِي الذِّمَّةِ وَزِيَادَةُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَنَقْصِهِ إلَّا فِي رِبَوِيٍّ بِيعَ بِجِنْسِهِ فَيَبْطُلُ فِيهِ. وَلَوْ حَطَّ فِيهِ جَمِيعَ الثَّمَنِ بَطَلَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الرِّبَوِيِّ الْمَذْكُورِ، لَا فِي غَيْرِهِ مُطْلَقًا. تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْعُبَابِ: لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ انْتَقَلَ مَا بَقِيَ مِنْهُ لِوَارِثِهِ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا حُسِبَ لَهُ مِنْ وَقْتِ بُلُوغِ خَبَرِهِ وَلَا يَحْسَبُ مِنْهُ مَا قَبْلَهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اهـ. وَعَلَى هَذَا فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَارِثُ جَمَاعَةً لَمْ يُحْسَبْ مَا بَقِيَ إلَّا مِنْ بُلُوغِ آخِرِهِمْ، وَأَنَّهُ لَوْ فُسِخَ مِنْ قِبَلِهِ نَفَذَ فَسْخُهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَمُ حُسْبَانِ ذَلِكَ الزَّمَنِ مِنْ الْمُدَّةِ لَا نَفْيُ الْخِيَارِ فِيهِ عَنْهُمْ. قِيلَ: وَفِي هَذَا قَدْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى فَتَأَمَّلْهُ وَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (التَّخَايُرُ) فَتُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْهُ عَلَى الثَّانِي وَلَوْ شُرِطَتْ مِنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ بَطَلَ الْعَقْدُ لِمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْغَدِ إلَخْ) هُمْ مُحْتَرَزُ مُتَّصِلَةِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْعَقْدِ وَبِقَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الشَّرْطِ. قَوْلُهُ: (إلَى جَوَازِهِ بَعْدَ لُزُومِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمُدَّةُ الْمَشْرُوطَةُ فَلَا يُنَافِي دَوَامَ جَوَازِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَجْلِسُ لَوْ دَامَا فِيهِ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ تَخَايُرٌ أَوْ تَفَرَّقَ عَقِبَ الشَّرْطِ غَيْرَ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْهُ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا شَرْطُ تَوَالِي الْمُدَّةِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهَذَا الْمِثَالِ فَتَبْطُلُ فِيمَا لَوْ شَرَطَا مُدَّةً مُتَفَرِّقَةً وَإِنْ اتَّصَلَ أَوَّلُهَا بِالشَّرْطِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ يَوْمٌ وَلِلْآخَرِ يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ جَازَ) لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا بِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِ لَهُمَا لَا أَنَّهُ مَنْفِيٌّ خِيَارُهُ عَمَّنْ شُرِطَ لَهُ الْيَوْمَانِ أَوْ الثَّلَاثَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَنَّ الْيَوْمَ الثَّانِي مُخْتَصٌّ بِمَنْ شُرِطَ لَهُ الْيَوْمَانِ وَأَنَّ الْيَوْمَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ شُرِطَ لَهُ الثَّلَاثَةُ فَلَيْسَ فِي الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ زِيَادَةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ مِنْ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: (لِلضَّرُورَةِ) هُوَ حَيْثُ كَانَتْ اللَّيَالِي دَاخِلَةً فِي الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ شَرَطَ وَقْتَ الْفَجْرِ الْخِيَارَ يَوْمًا لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ الَّتِي تَلِيهِ، أَوْ يَوْمَيْنِ لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ، أَوْ ثَلَاثًا لَمْ تَدْخُلْ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ فَإِنْ شَرَطَ دُخُولَ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بَطَلَ الْعَقْدُ، وَفَارَقَ دُخُولَهَا فِي مَسْحِ الْخُفِّ بِالنَّصِّ عَلَى اللَّيَالِي فِيهِ. قَوْلُهُ: (الْمُتَّصِلُ بِذَلِكَ اللَّيْلِ) وَيَدْخُلُ بَقِيَّةُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا لِلضَّرُورَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شُرِطَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ جَازَ) بِشَرْطِ كَوْنِهِ بَالِغًا وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ غَيْرَهُ كَمَا يَأْتِي وَلَوْ هُوَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ وَالْمُرَادُ مِنْ شَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ إيقَاعُ أَثَرِهِ مِنْ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ شَرْطِهِ لِمُحْرِمٍ فِي شِرَاءِ صَيْدٍ وَلِكَافِرٍ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ مُسْلِمٍ، وَأَمَّا نَفْسُ الْخِيَارِ فَهُوَ لِلشَّارِطِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا يَضُرُّ فَقْدُ ثَمَرَتِهِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْهَا بِجَعْلِهَا لِغَيْرِهِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ صَرِيحًا أُمُورٌ مِنْهَا قَوْلُ الرَّوْضَةِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْأَجْنَبِيِّ مُبْطِلٌ لِلْعَقْدِ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَمِنْهَا قَوْلُ الْبَغَوِيّ: لَوْ كَانَ بَائِعُ الصَّيْدِ مُحْرِمًا أَوْ بَائِعُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ كَافِرًا لَمْ يَجُزْ شَرْطُ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ، وَمِنْهَا عَدَمُ إرْثِ الْخِيَارِ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ لَوْ مَاتَ أَوْ نَقَلَهُ لِوَلِيِّهِ لَوْ جُنَّ مَثَلًا. وَمِنْهَا مِلْكُ الْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إذْ لَا قَائِلَ بِأَنَّهُ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ. وَقَوْلُهُمْ لَيْسَ لِشَارِطِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ خِيَارٌ أَيْ إيقَاعُ أَثَرٍ كَمَا عُلِمَ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِمْ: إنَّهُ تَمْلِيكٌ أَوْ تَوْكِيلُ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الصَّيْدِ وَالْعَبْدِ الْمَذْكُورَتَيْنِ إلَّا مِنْ حَيْثُ إيقَاعُ الْأَثَرِ الْمَذْكُورِ لِأَجْلِ مَا يَأْتِي عَنْ الْغَزَالِيِّ. قَوْلُهُ: (لِوَاحِدٍ) أَوْ أَكْثَرَ عَنْهُمَا أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ رَدُّ ذَلِكَ وَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ وَلَا بِقَوْلِ الشَّارِطِ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ، وَلَا يَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ مُرَاعَاةُ الْأَصْلَحِ لِلشَّارِطِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْأَجْنَبِيُّ) أَيْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَيَعُودُ الْأَثَرُ لِشَارِطِهِ أَوْ لِوَارِثِهِ أَوْ لِوَلِيِّهِ بِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ بِإِغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ جُنُونٍ، وَإِذَا انْتَقَلَتْ لَا تَعُودُ بِعَوْدِ الْأَهْلِيَّةِ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا يَنْتَقِلُ إلَّا إذَا أَيِسَ مِنْ عَوْدِ الْأَهْلِيَّةِ مُدَّةَ زَمَنِ الْخِيَارِ، وَإِلَّا فَلَا   [حاشية عميرة] وَالشَّرْطُ وُجِدَ فِي الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأُولَى) أَيْ أَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلَا إشْكَالَ فِي كَوْنِهَا مِنْ وَقْتِ التَّفَرُّقِ. قَوْلُهُ: (وَتَدْخُلُ اللَّيْلَةُ إلَخْ) قِيلَ قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَقْدُ وَقْتَ الْفَجْرِ وَشَرَطَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا تَدْخُلُ اللَّيْلَةُ الْأَخِيرَةُ. قَوْلُهُ: (إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ شُرِطَ فِي هَذَا الْوَقْتِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَا تَدْخُلُ اللَّيْلَةُ الْأَخِيرَةُ إذْ لَا ضَرُورَةَ لَهَا، وَقَدْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَالَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي مَسْحِ الْخُفِّ. قَوْلُهُ: (الْأَجْنَبِيُّ) يُسْتَثْنَى الْوَكِيلُ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْرِطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِ نَفْسِهِ وَمُوَكِّلِهِ. [تَتِمَّةٌ يَنْقَطِعُ خِيَارُ الشَّرْطِ بِاخْتِيَارِ مَنْ شَرَطَهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا] قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 فَيَثْبُتُ لَهُ الْآنَ فِي الْأَصَحِّ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا لِلْوَكِيلِ فِي الشِّرَاءِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ خَالَفَ بَطَلَ الْعَقْدُ وَلِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْمُوَكِّلِ، قِيلَ لَا وَطَرْدًا فِي شَرْطِهِ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ صَرِيحًا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ مُخْرِجٌ لِمَا تَقَدَّمَ نَفْيُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِيهِ جَزْمًا أَوْ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي غَيْرِ الشُّفْعَةِ مِنْهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا وَلَا يَجُوزُ فِي شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ شَرْطُ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ شَرْطِهِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِكِلَيْهِمَا عَلَى وِزَانِ مَا تَقَدَّمَ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ، عَلَى وِزَانِهِ أَيْضًا فِي بَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ وَقَضِيَّةُ عَدَمِ الْجَوَازِ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ شُرِطَ بَطَلَ الْعَقْدُ. تَتِمَّةٌ: عَلَى وِزَانِ مَا تَقَدَّمَ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ يَنْقَطِعُ خِيَارُ الشَّرْطِ بِاخْتِيَارِ مَنْ شَرَطَهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لُزُومَ الْعَقْدِ، وَبِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمَشْرُوطَةِ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُنَّ قَبْلَ انْقِضَائِهَا انْتَقَلَ الْخِيَارُ إلَى الْوَارِثِ أَوْ الْوَلِيِّ، وَلِمَنْ شَرَطَ الْخِيَارَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْمُدَّةِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي انْقِضَائِهَا أَوْ فِي الْفَسْخِ قَبْلَهُ صُدِّقَ النَّافِي بِيَمِينِهِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ) الْمَشْرُوطُ (لِلْبَائِعِ فَمِلْكُ الْمَبِيعِ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (لَهُ وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ) أَيْ الْمِلْكُ (وَإِنْ كَانَ لَهُمَا فَمَوْقُوفٌ) أَيْ الْمِلْكُ (فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ بَانَ أَنَّهُ) أَيْ الْمِلْكُ (لِلْمُشْتَرِي مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ) وَكَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، وَالثَّانِي الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا لِتَمَامِ الْبَيْعِ لَهُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَالثَّالِثُ لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا لِنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ فِيهِ، وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَوْنُهُ لِأَحَدِهِمَا بِأَنْ يَخْتَارَ الْآخَرُ لُزُومَ الْعَقْدِ حَيْثُ حَكَمَ بِمِلْكِ الْمَبِيعِ لِأَحَدِهِمَا حَكَمَ بِمِلْكِ الثَّمَنِ لِلْآخَرِ، وَحَيْثُ تَوَقَّفَ فِيهِ تَوَقَّفَ فِي الثَّمَنِ وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ كَسْبُ الْمَبِيعِ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَهُوَ   [حاشية قليوبي] نَقْلَ، وَعَلَيْهِ فَالْمُتَصَرِّفُ عَنْهُ الْحَاكِمُ أَوْ وَلِيُّهُ. قَوْلُهُ: (لِلْمُشْتَرِي) وَلَا لِأَجْنَبِيٍّ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (لِلْبَائِعِ) وَلَا لِأَجْنَبِيٍّ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِلْمُوَكِّلِ) وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ وَكِيلًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمُوَكِّلِهِ. قَوْلُهُ: (ثَبَتَ لَهُ) وَلَا يَتَجَاوَزُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ) أَيْ لَا لِلْعَبْدِ وَلَا لِسَيِّدِهِ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ الْعَقْدُ) وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَنْ شَرَطَهُ) لَوْ قَالَ مِنْ شَرْطِهِ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَبِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ) هَذَا نَظِيرُ التَّفَرُّقِ كَمَا قِيلَ. قَوْلُهُ: (أَوْ جُنَّ) وَالْإِغْمَاءُ وَالْخَرَسُ مِثْلُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْوَلِيِّ) فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْعَاقِدُ انْتَقَلَ لِلْحَاكِمِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلِيٌّ آخَرُ وَفِي الْوَارِثِ الْغَائِبِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْعُبَابِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَنَازَعَا إلَخْ) وَلَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا وَفِي الْبَعْضِ أَوْ بَعْدَ إجَازَةِ الْآخَرِ انْفَسَخَ فِي الْكُلِّ كَمَا مَرَّ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ نَعَمْ قَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ وَفِي بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَيَخْتَصُّ الْفَسْخُ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) هَذَا بَيَانُ أَحْكَامِ خِيَارِ الشَّرْطِ إذَا انْفَرَدَ أَوْ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ مَعَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ اُعْتُبِرَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ لِثُبُوتِهِ قَهْرًا فَالْمِلْكُ مَوْقُوفٌ وَإِنْ كَانَ خِيَارُ الشَّرْطِ لِأَحَدِهِمَا وَإِذَا أَسْقَطَا أَحَدَهُمَا سَقَطَ وَحْدَهُ فَإِنْ أَطْلَقَا سَقَطَا مَعًا. قَوْلُهُ: (لِلْبَائِعِ) أَيْ مَنْ يَقَعُ لَهُ الْبَيْعُ فَلَا يَرُدُّ مَا لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ وَكِيلًا وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (فَمِلْكُ الْمَبِيعِ لَهُ) وَإِنْ شَرَطَ إيقَاعَ الْأَثَرِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَمَا مَرَّ وَالنَّفَقَةُ عَلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَعَلَيْهِمَا فِي حَالَةِ الْوَقْفِ وَيَرْجِعُ مَنْ لَمْ يَتِمَّ لَهُ الْعَقْدُ عَلَى الْآخَرِ إنْ أَنْفَقَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ عِنْدَ فَقْدِهِ أَوْ امْتِنَاعِهِ أَوْ بِإِشْهَادٍ عِنْدَ فَقْدِ الْحَاكِمِ أَوْ امْتِنَاعِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يَرْجِعُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ عِنْدَ فَقْدِ الْحَاكِمِ وَالْإِشْهَادِ وَهُوَ غَيٌّ بَعِيدٌ. قَوْلُهُ: (لِنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ كَوْنُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالِاسْتِصْحَابِ لِمَا كَانَ عَمَّا عَبَّرَ غَيْرُهُ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَحَيْثُ حُكِمَ إلَخْ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ وَالْمَرْجُوحِ مِنْ الْأَقْوَالِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَمَّ إلَخْ) أَيْ إنَّ الزَّوَائِدَ لِلْبَائِعِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ، وَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ لِلْمُشْتَرِي وَأَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ وَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ وَعَادَ الْمَبِيعُ لِلْبَائِعِ. وَأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْمَبِيعِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَفِي أَمَانَةٍ فِي يَدِ   [حاشية عميرة] وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) وَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْخِيَارَ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي الْمَبِيعِ وَنُفُوذُ التَّصَرُّفِ عَلَامَةٌ عَلَى الْمِلْكِ، فَإِنْ كَانَ لَهُمَا فَقَدْ اسْتَوَيَا فِي التَّصَرُّفِ فَتَوَقَّفْنَا بِالْحُكْمِ بِالْمِلْكِ. قَوْلُهُ: (وَلِتَمَامِ الْبَيْعِ) أَيْ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ فِيهِ لَا يَمْنَعُ، الْمِلْكَ كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَعَلَى هَذَا يَحْصُلُ الْمِلْكُ مَعَ آخِرِ اللَّفْظِ أَوْ عَقِبَهُ مُتَرَتِّبًا عَلَيْهِ فِيهِ وَفِي نَظَائِرِهِ خِلَافٌ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَابِ الظِّهَارِ. قَوْلُهُ: (لِنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ) عَلَّلَهُ غَيْرُهُ بِاسْتِصْحَابِ مَا كَانَ. قَوْلُهُ: (وَكَوْنُهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ خِيَارُ. قَوْلُهُ: (وَيَنْبَنِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 لِلْمُشْتَرِي إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُ أَوْ مَوْقُوفٌ، وَإِنْ قُلْنَا لِلْبَائِعِ فَهُوَ لَهُ وَقِيلَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُ أَوْ مَوْقُوفٌ وَإِنْ قُلْنَا لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ لَهُ وَقِيلَ لِلْبَائِعِ وَفِي مَعْنَى الْكَسْبِ اللَّبَنُ وَالْبَيْضُ وَالثَّمَرَةُ وَمَهْرُ الْجَارِيَةِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ (وَيَحْصُلُ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا) فَفِي الْفَسْخِ (كَفَسَخْتُ الْبَيْعَ وَرَفَعْته وَاسْتَرْجَعْت الْمَبِيعَ) وَرَدَدْت الثَّمَنَ (وَفِي الْإِجَازَةِ أَجَزْتُهُ) أَيْ الْبَيْعَ (وَأَمْضَيْتُهُ) وَأَلْزَمْتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ (وَوَطْءُ الْبَائِعِ) الْمَبِيعَ (وَإِعْتَاقُهُ) إيَّاهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ لَهُ أَوَّلَهُمَا (فَسْخٌ) لِلْبَيْعِ (وَكَذَا بَيْعُهُ وَإِجَازَتُهُ وَتَزْوِيجُهُ) لِلْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الْمَذْكُورِ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ (فِي الْأَصَحِّ) لِإِشْعَارِهَا بِعَدَمِ الْبَقَاءِ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي مَا يَكْتَفِي فِي الْفَسْخِ بِذَلِكَ وَفِي وَجْهٍ أَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ بِفَسْخٍ، وَلَا خِلَافَ فِي الْإِعْتَاقِ وَهُوَ نَافِذٌ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِنْ أَقْوَالِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ فَهُوَ حَلَالٌ لِلْبَائِعِ إنْ قُلْنَا   [حاشية قليوبي] الْآخَرِ. وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الثَّمَنِ وَزَوَائِدِهِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ تَلَفِهِمَا. قَوْلُهُ: (اللَّبَنُ) وَكَذَا الصُّوفُ وَالْوَبَرُ وَالشَّعْرُ وَالْبَيْضُ، وَحَلَّ الْوَطْءُ وَنُفُوذُ الْعِتْقِ، وَسَيَأْتِي وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ عِوَضٍ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لَهُمَا وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إنْ تَبَرَّعَ بِهِ مَا لَمْ يَلْزَمْ الْعَقْدُ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْفَسْخِ حَبْسُ مَا فِي يَدِهِ لِصَاحِبِهِ بَعْدَ طَلَبِهِ. وَكَذَا سَائِرُ الْفُسُوخِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا. وَاسْتَثْنَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الْإِقَالَةَ وَالرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيَحْصُلُ الْفَسْخُ) أَيْ بِالْقَوْلِ وَسَيَأْتِي بِالْفِعْلِ وَجَمِيعُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ صَرَائِحِ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَعَلَّ مِنْ كِنَايَتِهِمَا نَحْوُ لَا أَبِيعُ وَلَا أَشْتَرِي إلَّا بِكَذَا، أَوْ لَا أَرْجِعُ فِي بَيْعِي أَوْ فِي شِرَائِي فَرَاجِعْهُ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ فَسَخْت أَجَزْت أَوْ عَكْسَهُ عُمِلَ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (وَوَطْءُ الْبَائِعِ) أَيْ الذَّكَرِ يَقِينًا لِلْمَبِيعِ الْأُنْثَى يَقِينًا فِي قُبُلِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا الْمَبِيعَةُ وَلَمْ يَقْصِدْ الزِّنَا وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تَحْبَلْ أَوْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْوَطْءُ بِكَوْنِ الْخِيَارِ لَهُمَا فَلَا فَسْخَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، نَعَمْ لَوْ اتَّضَحَ الْبَائِعُ الْخُنْثَى بَعْدَ الْوَطْءِ بِالذُّكُورَةِ أَوْ الْمَبِيعُ الْخُنْثَى بِالْأُنُوثَةِ بَعْدَهُ تَبَيَّنَ انْفِسَاخُهُ وَيَجْرِي مِثْلُ مَا ذُكِرَ فِي وَطْءِ الْمُشْتَرِي لِلثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (وَإِعْتَاقُهُ) أَيْ إعْتَاقُ الْبَائِعِ الرَّقِيقَ الْمَبِيعَ أَوْ إعْتَاقُ بَعْضِهِ، وَلَوْ مُعَلَّقًا فَسْخٌ وَيَسْرِي لِبَاقِيهِ، وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْحَامِلَ دُونَ حَمْلِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ حَمْلَهَا دُونَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ عَلِمَ وُجُودَ الْحَمْلِ حَالَةَ الْعِتْقِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا عِتْقَ وَلَا فَسْخَ. تَنْبِيهٌ: الْإِحْبَالُ بِاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ وَالْوَقْفُ كَالْعِتْقِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَالصِّحَّةِ. قَوْلُهُ: (الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ لَهُ أَوْ لَهُمَا) وَكَذَا لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ لَكِنَّهُ إذْنٌ لِلْبَائِعِ فِي الْإِعْتَاقِ، وَنَحْوِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْمَنْهَجِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنُ قَاسِمٍ وَغَيْرُهُمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَبَيْعُهُ) أَيْ بَيْعُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ لِمُشْتَرٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ وَالْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَإِذْنٌ كَمَا مَرَّ فَسْخٌ لِلْأَوَّلِ إنْ انْقَطَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَلَمْ يَكُنْ خِيَارُ شَرْطٍ أَوْ كَانَ خِيَارُ شَرْطٍ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي وَحْدَهُ وَإِلَّا لَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ، وَحِينَئِذٍ إنْ يُقَدَّرْ فَسْخُ أَحَدِهِمَا بَقِيَ الْآخَرُ أَوْ لَزِمَ أَحَدُهُمَا أَوْ لَا انْفَسَخَ الْآخَرُ، وَإِنْ لَزِمَا مَعًا كَأَنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ الْمَشْرُوطَةُ فِي الثَّانِي مَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْأَوَّلِ. فَالْوَجْهُ فَسْخُهُمَا إذْ لَا مُرَجِّحَ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ (وَإِجَارَتُهُ) أَيْ إجَارَةُ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ عَيْنًا أَوْ ذِمَّةً وَإِنْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ، وَالْخِيَارُ كَمَا سَبَقَ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ. وَكَذَا تَزْوِيجُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. وَكَذَا هِبَتُهُ وَرَهْنُهُ مَعَ قَبْضٍ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ أَنَّ الْوَطْءَ) أَيْ الَّذِي لَمْ تَحْبَلْ مِنْهُ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْعِتْقُ نَافِذٌ بِأَنْوَاعِهِ السَّابِقَةِ وَمِثْلُهُ الْوَقْفُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَقْوَالِ الْمِلْكِ) هُوَ شَامِلٌ لِلْقَوْلِ بِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِتَزَلْزُلِ مِلْكِهِ بِعَدَمِ انْفِرَادِهِ بِالْخِيَارِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] عَلَى الْخِلَافِ) مِنْ جُمْلَةِ مَا بُنِيَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا النَّفَقَةُ لَكِنْ إنْ قُلْنَا مَوْقُوفٌ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فَعَلَيْهِمَا وَنَازَعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ يَنْبَغِي الْوَقْفُ كَمَا فِي نَفَقَةِ الْمُوصَى بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَوْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْصُلُ الْفَسْخُ إلَخْ) لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: لَا أَبِيعُ حَتَّى تَزِيدَ فِي الثَّمَنِ أَوْ تُعَجِّلَهُ فِيمَا لَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي، أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَشْتَرِي حَتَّى تَقْبِضَ الثَّمَنَ أَوْ تُؤَجِّلَهُ، فِيمَا لَوْ كَانَ حَالًا فَامْتَنَعَ الْبَائِعُ كَانَ ذَلِكَ فَسْخًا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ وَأَقَرَّهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَوَطْءُ الْبَائِعِ) بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ لَا تَحْصُلُ بِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ كَالسَّبْيِ وَالِاحْتِطَابِ وَالْهَدِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي مَا يَكْتَفِي فِي الْفَسْخِ بِذَلِكَ) وَيَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ الصَّرِيحِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْوَطْءِ وَالْإِعْتَاقِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ نَافِذٌ إلَخْ) أَيْ وَالْفَرْضُ مَا سَلَفَ مِنْ أَنَّ الْخِيَارَ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ حَلَالٌ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ) . عِبَارَةُ السُّبْكِيّ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ حَلَّ الْوَطْءُ لِلْبَائِعِ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: لَا. وَقِيلَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 الْمِلْكُ لَهُ وَإِلَّا فَحَرَامٌ وَعُقُودُ الْبَيْعِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ صَحِيحَةٌ، وَقِيلَ لَا لِبُعْدِ أَنْ يَحْصُلَ بِالشَّيْءِ الْوَاحِدِ الْفَسْخُ وَالْعَقْدُ جَمِيعًا (وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ) الْوَطْءَ وَمَا بَعْدَهُ (مِنْ الْمُشْتَرِي) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ لَهُ أَوْ لَهُمَا (إجَازَةٌ) لِلشِّرَاءِ لِإِشْعَارِهَا بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي مَا يَكْتَفِي فِي الْإِجَارَةِ بِذَلِكَ وَمَسْأَلَتَا الْإِجَارَةِ وَالتَّزْوِيجِ ذَكَرَهُمَا الْوَجِيزُ وَخَلَا عَنْهُمَا الرَّوْضَةُ كَأَصْلِهَا وَهُمَا وَمَسْأَلَةُ الْبَيْعِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ قَطْعًا، وَالْإِعْتَاقُ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي نَافِذًا عَلَى جَمِيعِ أَقْوَالِ الْمِلْكِ وَفِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا غَيْرَ نَافِذٍ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فِي الْأَصَحِّ صِيَانَةً لِحَقِّ الْبَائِعِ عَنْ الْإِبْطَالِ وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ نَفَذَ الْعِتْقُ وَإِلَّا فَلَا وَالْوَطْءُ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا حَرَامٌ قَطْعًا فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ حَلَالًا إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُ وَإِلَّا فَحَرَامٌ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْعَرْضَ) لِلْمَبِيعِ (عَلَى الْبَيْعِ وَالتَّوْكِيلِ فِيهِ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ (لَيْسَ فَسْخًا مِنْ الْبَائِعِ وَلَا إجَازَةً مِنْ الْمُشْتَرِي) وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ فَسْخٌ وَإِجَازَةٌ مِنْهُمَا لِإِشْعَارِهِ مِنْ الْبَائِعِ بِعَدَمِ الْبَقَاءِ عَلَى الْبَيْعِ وَمِنْ الْمُشْتَرِي بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ إشْعَارَهُ بِذَلِكَ، وَيَقُولُ يُحْتَمَلُ مَعَهُ التَّرَدُّدُ فِي الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ. فَصْلٌ: لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَحَرَامٌ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَهُمَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ جَمِيعَ الْمَسَائِلِ مِنْ الْمُشْتَرِي إجَازَةٌ وَصَحِيحَةٌ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ، وَأَذِنَ لَهُ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْإِذْنِ فِي هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ قَبْلَ وُجُودِهَا خِلَافًا لِمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَأَقْوَالِ الْمِلْكِ) الشَّامِلَةِ لِمَا لَوْ كَانَ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ نَافِذٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَأْذَنْ الْبَائِعُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَتَمَّ الْبَيْعُ نَفَذَ) يُفِيدُ أَنَّ الْعِتْقَ مَوْقُوفٌ كَالْمِلْكِ. قَوْلُهُ: (حَرَامٌ قَطْعًا) أَيْ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْبَائِعُ فِيهِ وَكَانَتْ زَوْجَةً لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ وَحَلَّ هُنَا مِنْ حَيْثُ الْخِيَارُ وَعَدَمُهُ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا مُطْلَقًا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ حَلَالًا مُطْلَقًا مِنْ حَيْثُ الزَّوْجِيَّةُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَحَرَامٌ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (الْعَرْضُ لِلْمَبِيعِ عَلَى الْبَيْعِ) وَكَذَا الرَّهْنُ وَالْهِبَةُ بِلَا قَبْضِ مَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. تَنْبِيهٌ: الْوَلَدُ الْحَاصِلُ مِنْ الْوَطْءِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا حُرٌّ نَسِيبٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا لِلشُّبْهَةِ وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا الْمَهْرُ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ إنْ وَطِئَ فِي مُدَّةِ خِيَارِ الْآخَرِ وَحْدَهُ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ عَلَى مَا مَرَّ سَوَاءٌ تَمَّ الْبَيْعُ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَهُمَا عَلَى الْبَائِعِ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُشْتَرِي وَعَلَى الْمُشْتَرِي إنْ فُسِخَ الْبَيْعُ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْبَائِعُ كَمَا مَرَّ، وَيَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ حَيْثُ لَا مَهْرَ وَإِلَّا فَلَا فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ. وَيُقَالُ لَهُ خِيَارُ النَّقِيصَةِ كَمَا مَرَّ وَهُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِفَوَاتِ مَقْصُودٍ مَظْنُونٍ نَشَأَ الظَّنُّ فِيهِ مِنْ الْتِزَامٍ شَرْطِيٍّ أَوْ قَضَاءٍ عُرْفِيٍّ أَوْ تَغْرِيرٍ   [حاشية عميرة] يَنْبَنِي عَلَى الْمِلْكِ اهـ. وَاَلَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ وَكَذَا الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (صَحِيحَةٌ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (وَهُمَا إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْبَيْعَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ لَا يَصِحُّ، وَكَذَا عِبَارَةُ السُّبْكِيّ يَصِحُّ الْبَيْعُ إذَا بَاعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَإِذَا بَاعَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ خِلَافُ هَذَا، ثُمَّ رَاجَعْت الرَّوْضَةَ وَأَصْلَهَا فَرَأَيْت الَّذِي فِيهِمَا كَالصَّرِيحِ فِيمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِضَعْفِ مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) الْخِلَافُ جَارٍ فِي الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ غَيْرِ الْمَقْبُوضَيْنِ [فَصْلٌ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَبْضِ] . فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إلَخْ) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 فِي رَدِّ الْمَبِيعِ (بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ) بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَبْضِ فَيُصَدَّقُ بِالْحَادِثِ قَبْلَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَمَا سَيَأْتِي (كَخِصَاءِ رَقِيقٍ) بِالْمَدِّ وَجَبِّ ذِكْرِهِ لِنَقْصِهِ الْمُفَوِّتِ لِلْغَرَضِ مِنْ الْفَحْلِ فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ وَالْخِصَاءُ فِي الْبَهِيمَةِ عَيْبٌ أَيْضًا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي شَافِيهِ (وَزِنَاهُ وَسَرِقَتِهِ وَإِبَاقِهِ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِذَلِكَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَاسْتَثْنَى الْهَرَوِيُّ فِي الْأَشْرَافِ الصَّغِيرَ (وَبَوْلِهِ بِالْفِرَاشِ) فِي غَيْرِ أَوَانِهِ مَعَ   [حاشية قليوبي] فِعْلِيٍّ، وَتَقَدَّمَ الْأَوَّلُ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الثَّانِي وَسَيَأْتِي التَّالِفُ، وَكَالْعَيْبِ زَوَالُ وَصْفٍ كَانَ حَالَةَ الْعَقْدِ وَظَنُّ الْعَيْبِ لَا يَسْقُطُ الرَّدُّ بِهِ إلَّا إنْ كَانَ رَاجِحًا. فَائِدَةٌ: الْعُيُوبُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ ثَمَانِيَةُ أَقْسَامٍ فِي عَشَرَةِ أَبْوَابٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: عَيْبُ الْمَبِيعِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَسَيَأْتِي ضَابِطُهُ وَبَعْضُ أَفْرَادِهِ، الْقِسْمُ الثَّانِي: عَيْبُ الْغُرَّةِ وَهُوَ كَالْعَيْبِ الْمَذْكُورِ هُنَا، الْقِسْمُ الثَّالِثُ: عَيْبُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ وَالْعَقِيقَةِ، وَهُوَ مَا نَقَصَ اللَّحْمَ، الْقِسْمُ الرَّابِعُ: عَيْبُ الْإِجَارَةِ وَهُوَ مَا أَثَّرَ فِي الْمَنْفَعَةِ تَأْثِيرًا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْأُجْرَةِ، الْقِسْمُ الْخَامِسُ: عَيْبُ النِّكَاحِ وَهُوَ مَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ كَالتَّنْفِيرِ عَنْ الْوَطْءِ وَكَسْرِ الشَّهْوَةِ، وَالْقِسْمُ السَّادِسُ: عَيْبُ الصَّدَاقِ وَهُوَ قَبْلَ الطَّلَاقِ كَعَيْبِ الْمَبِيعِ هُنَا وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ الدُّخُولِ مَا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ، سَوَاءٌ غَلَبَ فِي جِنْسِهِ عَدَمُهُ أَوْ لَا. الْقِسْمُ السَّابِعُ: عَيْبُ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ مَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ إضْرَارًا بَيِّنًا. الْقِسْمُ الثَّامِنُ: عَيْبُ الْمَرْهُونِ وَهُوَ مَا يُنْقِصُ الْقِيمَةَ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (إلَى الْقَبْضِ) أَيْ تَمَامِهِ فَيَشْمَلُ الْمُقَارِنَ لَهُ، نَعَمْ إنْ زَالَ قَبْلَ الْفَسْخِ سَقَطَ الرَّدُّ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (كَخِصَاءِ رَقِيقٍ) لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الرَّقِيقِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ وَأَعَمَّ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَهُوَ حَرَامٌ إلَّا فِي مَأْكُولٍ صَغِيرٍ لِطِيبِ لَحْمٍ. قَوْلُهُ: (وَالْخِصَاءُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ إنْ رُسِمَ بِالْأَلِفِ وَبِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ إنْ رُسِمَ بِهَا، وَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَالْخَصِيُّ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ لُغَةً حَيَوَانٌ قُطِعَ خُصْيَتَاهُ وَالْمُرَادُ هُنَا فَقْدُهُمَا خِلْقَةً أَوْ بِقَطْعٍ أَوْ سَلٍّ لَهُمَا أَوْ لِجِلْدَتِهِمَا أَوْ لَهُمَا مَعًا أَوْ مَعَ الذَّكَرِ الْمَعْرُوفِ بِالْمَمْسُوحِ. قَوْلُهُ: (فِي الْبَهِيمَةِ عَيْبٌ) وَإِنْ جَازَ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ يَغْلِبْ فِي جِنْسِهَا وُجُودُهُ وَإِلَّا كَالثِّيرَانِ فَلَا خِيَارَ بِهِ وَالْغَلَبَةِ، قَالَ شَيْخُنَا مُعْتَبَرَةٌ بِالْإِقْلِيمِ كُلِّهِ لَا بِبَلَدٍ مِنْهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: بِجَمِيعِ الْإِقْلِيمِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْغَلَبَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي مَرَارَةِ نَحْوِ الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ، وَفِي نَحْوِ حُمُوضَةِ الرُّمَّانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِأَوَّلِ بَاكُورَتِهِ، وَيُعْتَبَرُ الْبَاكُورَةُ فِي كُلِّ بَطْنٍ لَا فِي الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ، وَهَكَذَا كُلُّ مَبِيعٍ. قَوْلُهُ: (وَزِنَاهُ) وَأُلْحِقَ بِهِ اللِّوَاطُ وَإِتْيَانُ الْبَهَائِمِ وَتَمَكُّنٌ مِنْ مَنِيِّهِ نَفْسِهِ وَالْمُسَاحَقَةُ. قَوْلُهُ: (وَسَرِقَتُهُ) وَأُلْحِقَ بِهَا جِنَايَةُ الْعَمْدِ نَعَمْ لَا يَضُرُّ سَرِقَتُهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ غَنِيمَةٌ وَلَا سَرِقَةُ مَالِ سَيِّدِهِ الْمَغْصُوبِ لِرَدِّهِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَإِبَاقُهُ) وَأُلْحِقَ بِهِ رِدَّتُهُ وَلَا يُرَدُّ الْآبِقُ حَتَّى يَعُودَ. قَوْلُهُ: (بِكُلٍّ مِنْهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا فَهِيَ تِسْعَةُ عُيُوبٍ لَهُ الرَّدُّ بِكُلٍّ مِنْهَا، وَإِنْ تَابَ مِنْهُ أَوْ وَجَدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَمَا عَدَاهَا لَا رَدَّ بِمَا تَابَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَثْنَى الْهَرَوِيُّ إلَخْ) مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَبَوْلُهُ إلَخْ) إنْ وُجِدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ وُجُودِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ وَإِلَّا فَلَا، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَهُ الرَّدُّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ كُبْرِهِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ مَا فِي الصِّغَرِ لَا رَدَّ بِهِ مُطْلَقًا وَمَا فِي الْكِبَرِ لَا يُرَدُّ بِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلُ، فَلَعَلَّهَا عِبَارَةُ مَنْ يَقُولُ بِالرَّدِّ بِمَا فِي الصِّغَرِ   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ يَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ مُثْبِتًا لِلْخِيَارِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ جَمِيعُ الْعُيُوبِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقُوتِ قَالَ الْإِمَامُ الضَّابِطُ فِيمَا يَحْرُمُ كِتْمَانُهُ أَنَّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا يُثْبِتُ الْخِيَارَ فَأَخْفَاهُ أَوْ سَعَى فِي تَدْلِيسٍ فِيهِ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الشَّيْءُ مُثْبِتًا لِلْخِيَارِ فَتَرْكُ التَّعَرُّضِ لَهُ لَا يَكُونُ مِنْ التَّدْلِيسِ الْمُحَرَّمِ. اهـ ثُمَّ لَوْ بَاعَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ ثُمَّ أَعْلَمَهُ هَلْ يَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنْ ظِلَامَةِ الْمُشْتَرِي هُوَ مُحْتَمَلٌ. فَرْعٌ: قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ لَوْ كَانَ الْغَزْلُ كَتَّانًا وَمُشَاقًّا فَإِنْ بَاعَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَجَبَ إعْلَامُهُ، وَإِلَّا فَلَا قُلْت وَيَدُلُّ لِمَا سَلَفَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ قَوْلُهُمْ يَجِبُ الْإِعْلَامُ بِالْغَبْنِ فِي الْمُرَابَحَةِ مَعَ أَنَّ الْغَبْنَ لَا خِيَارَ بِهِ، وَأَيْضًا تَلْطِيخُ ثَوْبِ الْعَبْدِ بِالْمِدَادِ وَالْعَلَفِ، وَإِرْسَالُ الزُّنْبُورِ عَلَى الضَّرْعِ كُلِّهَا لَا خِيَارَ بِهَا، وَجَوَازُ إخْفَائِهَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ ضَرَرَ غَيْرِهَا يَرْتَفِعُ بِالْخِيَارِ بِخِلَافِ ضَرَرِهَا. قَوْلُهُ: (كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فَاَلَّذِي يَأْتِي قَرِينَةٌ عَلَى كَشْفِ مُرَادِهِ هُنَا ثُمَّ دَلِيلُ هَذَا فِي الْعَيْبِ الْمُقَارِنِ الْإِجْمَاعَ، وَمَا رَوَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ «رَجُلًا ابْتَاعَ غُلَامًا أَقَامَ عِنْدَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَخَاصَمَ بَائِعَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّهُ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَمْ يَبْذُلْ الْمَالَ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ الصَّحِيحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَخِصَاءِ رَقِيقٍ) لَوْ قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 اعْتِيَادِهِ ذَلِكَ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَمَّا فِي الصَّغِيرِ فَلَا وَقَدَّرَهُ فِي التَّهْذِيبِ بِمَا دُونَ سَبْعِ سِنِينَ وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ الِاعْتِيَادُ (وَبَخَرِهِ) وَهُوَ النَّاشِئُ مِنْ تَغَيُّرِ الْمَعِدَةِ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَمَّا تَغَيُّرُ الْفَمِ لِقَلَحِ الْأَسْنَانِ فَلَا لِزَوَالِهِ بِالتَّنْظِيفِ (وَصُنَانِهِ) عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ بِأَنْ يَكُونَ مُسْتَحْكِمًا لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَمَّا الصُّنَانُ لِعَارِضِ عَرَقٍ أَوْ حَرَكَةٍ عَنِيفَةٍ أَوْ اجْتِمَاعِ وَسَخٍ فَلَا (وَجِمَاحِ الدَّابَّةِ) بِالْكَسْرِ أَيْ امْتِنَاعِهَا عَلَى رَاكِبِهَا (وَعَضِّهَا) وَرَمْحِهَا لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِذَلِكَ (وَكُلِّ مَا) بِالْجَرِّ (يَنْقُصُ الْعَيْنَ) بِضَمِّ الْقَافِ مَعَ فَتْحِ الْيَاءِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ (أَوْ الْقِيمَةَ نَقْصًا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ   [حاشية قليوبي] جَرَتْ عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَاعْتِبَارُ وُجُودِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا بُدَّ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْعُيُوبِ حَتَّى فِي الزِّنَا وَنَحْوِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (مَعَ اعْتِيَادِهِ) وَهُوَ بِأَكْثَرَ مِنْ مَرَّتَيْنِ عِنْدَ الْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا فِي الصَّغِيرِ فَلَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (سَبْعِ سِنِينَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (مِنْ تَغَيُّرِ الْمَعِدَةِ) سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ الْفَمِ أَوْ الْفَرْجِ وَهُوَ الْمُسْتَحْكَمُ وَعُلِمَ أَنَّهُ مِنْهَا وَمِثْلُهُ وَسَخُ الْأَسْنَانِ الْمُتَرَاكِمِ إذَا تَعَذَّرَ زَوَالُهُ. قَوْلُهُ: (أَمَّا تَغَيُّرُ الْفَمِ إلَخْ) لَمْ يُسَمِّهِ بَخَرًا وَفِي الْقَامُوسِ خِلَافُهُ وَلَعَلَّهُ حَاوَلَ صِحَّةَ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ) أَيْ عُرْفًا. تَنْبِيهٌ: مِنْ عُيُوبِ الرَّقِيقِ كَوْنُهُ ذَا صَمَمٍ أَوْ خَرَسٍ أَوْ سِمَنٍ زَائِدَةٍ أَوْ أُنْمُلَةٍ كَذَلِكَ أَوْ قَاذِفًا أَوْ نَمَّامًا أَوْ أَعْوَرَ أَوْ أَعْرَجَ أَوْ أَقْرَعَ أَوْ أَخَشْمَ أَوْ أَجْذَمَ أَوْ أَبْرَصَ، أَوْ أَبْلَهَ أَوْ أَعْشَى لَا يُبْصِرُ لَيْلًا أَوْ أَجْهَرَ لَا يُبْصِرُ نَهَارًا، أَوْ أَخْفَشَ لَا يُبْصِرُ فِي الضَّوْءِ، أَوْ صَغِيرَ الْعَيْنِ أَوْ أَعْشَمَ يَسِيلُ دَمْعُهُ دَائِمًا مَعَ ضَعْفِ بَصَرِهِ، أَوْ أَعْلَمَ بِشَقِّ شَفَتِهِ الْعُلْيَا، أَوْ أَفْقَمَ بِبُرُوزِ ثَنَايَاهُ السُّفْلَى، أَوْ أَرَتَّ لَا يُفْهَمُ كَلَامُهُ أَوْ مَقْلُوعَ بَعْضِ الْأَسْنَانِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ أَوْ أَبْيَضَ الشَّعْرِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ، أَوْ عَمَلَهُ بِيَسَارِهِ أَكْثَرَ أَوْ بِهِ نَفْخَةُ طِحَالٍ أَوْ ذَا خِيلَانَ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لَا شَامَاتٌ بِيضٌ فِي بَدَنِهِ، أَوْ مُقَامِرًا أَوْ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ فِي جِنْسٍ لَا يَغْلِبُ فِيهِ تَرْكُهَا أَوْ شَارِبًا لِلْمُسْكِرِ. كَذَلِكَ أَوْ بِهِ مَرَضٌ مِمَّا يُعْذَرُ بِهِ تَارِكُ الْجُمُعَةِ أَوْ كَوْنُ الْأَمَةِ كَبِيرَةَ الثَّدْيِ أَوْ حَامِلًا أَوْ لَا تَحِيضُ فِي أَوَانِهِ أَوْ تَطُولُ مُدَّةُ طُهْرِهَا فَوْقَ الْعَادَةِ أَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ نَحْوَ مَجُوسِيَّةٍ أَوْ مُحْرِمَةً بِنُسُكٍ أَوْ بِغَيْرِ خِتَانٍ، وَإِنْ غَلَبَ فِي جِنْسِهَا كَمَا يَأْتِي وَلَيْسَ مِنْ الْعُيُوبِ كَوْنُهُ غَلِيظَ الصَّوْتِ أَوْ رَقِيقَهُ أَوْ سَيِّئَ الْأَدَبِ أَوْ مُغَنِّيًا أَوْ أَكُولًا أَوْ قَلِيلَ الْأَكْلِ أَوْ وَلَدَ زِنًا أَوْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، أَوْ كَوْنُ الْأَمَةِ أُخْتَهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مَوْطُوءَةً لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَرْعٌ: لَوْ ظَنَّ مَرَضًا عَارِضًا فَبَانَ أَصْلِيًّا أَوْ بَيَاضًا بِهَا فَبَانَ بَرَصًا فَلَهُ الْخِيَارُ. كَذَا قَالُوا فَرَاجِعْهُ مَعَ قَوْلِهِمْ لَا خِيَارَ فِيمَا لَوْ ظَنَّ الزُّجَاجَةَ جَوْهَرَةً. قَوْلُهُ: (وَجِمَاحُ الدَّابَّةِ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَهُوَ مِمَّا يَرْجِعُ إلَى الطِّبَاعِ فَهُوَ كَالْإِبَاقِ فِي الرَّقِيقِ وَمُقْتَضَاهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِهِ وَإِنْ بَرِئَتْ مِنْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَرَمْحُهَا) أَيْ رَفْسُهَا أَوْ كَوْنُهَا تَرْهَبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ تَرَاهُ أَوْ قَلِيلَةَ الْأَكْلِ أَوْ تَشْرَبُ لَبَنَ نَفْسِهَا، أَوْ خَشِنَةَ الْمَشْيِ بِحَيْثُ يُخَافُ مِنْهَا السُّقُوطُ لَا حَامِلًا وَلَا أَكُولًا. فَرْعٌ: مِنْ الْعَيْبِ قُرْبُ الْمَكَانِ مِنْ نَحْوِ قَصَّارٍ يُزْعِجُ بِالدَّقِّ الْحِيطَانَ أَوْ غَيْرَهَا، وَظُهُورُ مَكْتُوبِ وَقْفٍ عَلَيْهِ خُطُوطُ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ مَنْ يَشْهَدُ بِهِ وَلَيْسَ مِنْهُ إبْطَالُ السُّلْطَانِ الْمُعَامَلَةَ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا ظُهُورُ خَرَاجٍ مُعْتَادٍ لِلْأَرْضِ، وَلَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ بَيْعِهَا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (بِالْجَرِّ) أَيْ عَطْفًا عَلَى ظُهُورٍ أَوْ عَطْفًا عَلَى خِصَاءٍ وَيَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ مَا دَخَلَ تَحْتَ هَذَا الضَّابِطِ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ، وَلَيْسَ مِنْ الْعَيْبِ، وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ الْخِصَاءَ وَمَا بَعْدَهُ لَيْسَ مِمَّا يُنْقِصُ الْعَيْنَ إلَخْ وَكُلٌّ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَوْ جَعَلَهُ الشَّارِحُ مُبْتَدَأً لِخَبَرٍ مَحْذُوفٍ مَعْلُومٍ مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ عَكْسَهُ لَكَانَ أَوْلَى إذْ التَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ، وَكُلُّ مَا يُنْقِصُ إلَخْ عَيْبٌ أَوْ وَهُوَ أَيْ الْمَعِيبُ كُلُّ مَا يَنْقُصُ إلَخْ، وَالْخِصَاءُ وَمَا بَعْدَهُ أَمْثِلَةٌ لَهُ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ وَلَيْسَ مُبْتَدَأً لِأَنَّهُ لَا خَبَرَ لَهُ وَلَا عَكْسُهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (بِضَمٍّ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ. وَلِقَوْلِهِ بَعْدَهُ اخْتِصَارٌ. وَأَسْنَدَهُ لِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ أَيْ بِالْقَلَمِ لِيَبْرَأَ مِنْهُ. وَيَجُوزُ   [حاشية عميرة] كَالْخِصَاءِ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَزِنَاهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ تَابَ مِنْ كُلٍّ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ. قَوْلُهُ: (أَمَّا تَغَيُّرُ الْفَمِ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ أَمَّا النَّاشِئُ مِنْ تَغَيُّرِ الْفَمِ إشَارَةً إلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَخَرًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجِمَاحِ الدَّابَّةِ) هُوَ مَصْدَرُ جَمَحَتْ الدَّابَّةُ بِالْفَتْحِ جِمَاحًا وَجُمُوحًا فَهِيَ جُمُوحٌ. قَوْلُهُ: (بِالْجَرِّ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى خِصَاءٍ فَإِنْ قِيلَ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ غَيْرَ هَذَا فَكَيْفَ يَكُونُ مَدْخُولُ الْكَافِ قُلْت بِالنَّظَرِ إلَى مَا فِي ذِهْنِ السَّامِعِ مِنْ الْإِفْرَادِ الْمُتَوَهَّمَةِ، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ فِي الْخَارِجِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَفُوتُ بِهِ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ يَنْقُصُ الْعَيْنَ، وَقَوْلُهُ: يُنْقِصُ الْعَيْنَ أَيْ وَأَنْ يُنْقِصَ الْقِيمَةَ كَالْخِصَاءِ، وَأَمَّا عَكْسُهُ فَكَثِيرٌ كَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ وَمَا أَشْبَهَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 صَحِيحٌ إذَا غَلَبَ فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمُهُ) عَطَفَ هَذَا الضَّابِطَ لِلْعَيْبِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا مَطْمَعَ فِي اسْتِيعَابِهَا. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ عَمَّا لَوْ بَانَ قَطْعُ فَلَقَةٍ صَغِيرَةٍ مِنْ فَخِذِهِ أَوْ سَاقِهِ لَا تُورِثُ شَيْئًا، وَلَا تُفَوِّتُ فَرْضًا فَإِنَّهُ لَا رَدَّ بِذَلِكَ. وَبِقَوْلِهِ: إذَا غَلَبَ إلَى آخِرِهِ عَنْ الثُّيُوبَةِ فِي الْأَمَةِ فَإِنَّهَا تَنْقُصُ الْقِيمَةُ وَلَا رَدَّ بِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَالِبُ فِي الْإِمَاءِ عَدَمَهَا (سَوَاءٌ) فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ (قَارَنَ) الْعَيْبُ (الْعَقْدَ) بِأَنْ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَهُ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ (أَمْ حَدَثَ) بَعْدَهُ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ (وَلَوْ حَدَثَ) الْعَيْبُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ (فَلَا خِيَارَ) فِي الرَّدِّ بِهِ (إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ إلَى سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ) عَلَى الْقَبْضِ (كَقَطْعِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ (بِجِنَايَةٍ) أَوْ سَرِقَةٍ (سَابِقَةٍ) عَلَى الْقَبْضِ جَهِلَهَا الْمُشْتَرِي (فَيَثْبُتُ) لَهُ (الرَّدُّ) بِذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَالْمُتَقَدِّمِ. وَالثَّانِي: لَا يَثْبُتُ الرَّدُّ بِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي لَكِنْ يَثْبُتُ بِهِ الْأَرْشُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَطْعِ وَغَيْرَ مُسْتَحِقِّهِ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْحَالِ فَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ جَزْمًا وَلَا أَرْشَ (بِخِلَافِ مَوْتِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (بِمَرَضٍ سَابِقٍ) عَلَى الْقَبْضِ جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَثْبُتُ بِهِ لَازِمُ الرَّدِّ الْمُتَعَذَّرِ مِنْ اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَقْطُوعِ بِهِ لِأَنَّ الْمَرَضَ يَزْدَادُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى الْمَوْتِ فَلَمْ يَحْصُلْ بِالسَّابِقِ. وَالثَّانِي: يَقُولُ السَّابِقُ أَفْضَى إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ سَبَقَ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْمُشْتَرِي أَرْشُ الْمَرَضِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ صَحِيحًا وَمَرِيضًا مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْمَرَضِ فَلَا شَيْءَ لَهُ جَزْمًا (وَلَوْ قُتِلَ) الْمَبِيعُ (بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ) عَلَى الْقَبْضِ جَهِلَهَا الْمُشْتَرِي (ضَمِنَهُ الْبَائِعُ فِي الْأَصَحِّ) بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ قَتْلَهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ   [حاشية قليوبي] ضَمُّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِكَوْنِ الْعَيْنِ وَالْقِيمَةِ مَنْصُوبَيْنِ وَيَجُوزُ ضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحُ النُّونِ وَتَشْدِيدُ الْقَافِ الْمَكْسُورَةِ لَكِنَّهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. قَوْلُهُ: (غَرَضٌ صَحِيحٌ) وَهَلْ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْغَرَضِ الْعُرْفُ الْعَامُّ أَوْ غَالِبُ النَّاسِ أَوْ الرَّاغِبُ فِي السِّلْعَةِ أَوْ الْمُشْتَرِي؟ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَغَلَبَ) أَيْ عُرْفًا وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (عَطْفٌ إلَخْ) وَقَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ قَاعِدَةٌ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ مِنْ جُزْئِيَّاتِهِ وَهُوَ الْأَنْسَبُ. قَوْلُهُ: (لَا يُورِثُ) أَيْ الْقَطْعَ الْمَذْكُورَ وَكَذَا لَا يَفُوتُ الْغَرَضُ وَيَجُوزُ فِيهِمَا التَّأْنِيثُ بِالتَّأْوِيلِ، وَهَذَا فِي نَقْصِ الْعَيْنِ، وَسَكَتَ عَنْ نَقْصِ الْقِيمَةِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَفُوتُ الْغَرَضُ بِهَا مُطْلَقًا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا كَالْعَيْنِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَفُوتُ غَرَضًا. قَوْلُهُ: (الثُّيُوبَةِ فِي الْأَمَةِ) وَعَدَمُ خِتَانِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ لَيْسَ عَيْبًا بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْكَبِيرِ. أَمَّا عَدَمُ خِتَانِ الْأَمَةِ فَعَيْبٌ إنْ غَلَبَ وُجُودُهُ فِيهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ فَيَشْمَلُ الْمُقَارِنَ لِكُلِّ الْعَقْدِ أَوْ لِبَعْضِهِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْقَبْضِ) وَكَذَا بَعْدَهُ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى ضَمَانِهِ. قَوْلُهُ: (بِجِنَايَةٍ) وَمِثْلُهَا زَوَالُ بَكَارَةٍ بِزَوَاجٍ سَابِقٍ جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي، وَاسْتِلْحَاقُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ لَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ وَإِنْ ثَبَتَ النَّسَبُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: (الْمُتَعَذِّرُ) صِفَةٌ لِلرَّدِّ وَمِنْ اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ بَيَانٌ لِلَّازِمِ. قَوْلُهُ: (إلَى الْمَوْتِ) قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ امْتِنَاعُ الرَّدِّ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ، وَإِنْ نَحْوَ الْجُرْحِ السَّارِي وَالْبَرَصِ الْمُتَزَايِدِ وَالْحَمْلُ كَالْمَرَضِ. وَفِي الْحَمْلِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي. وَلِذَلِكَ فَرَّقَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بَيْنَ الْمَرَضِ وَالْحَمْلِ بِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَرَضِ مَرَضٌ وَلَيْسَ زِيَادَةُ الْحَمْلِ حَمْلًا، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ نَحْوُ الْجُرْحِ إذْ لَا يُقَالُ: زِيَادَةُ الْجُرْحِ جُرْحٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا زَادَ فِي الْجُرْحِ لَوْ انْفَرَدَ كَانَ جُرْحًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَمَرِيضًا) أَيْ وَقْتَ الْقَبْضِ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَقُومُ عَلَى الْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (بِرِدَّةٍ) مِثْلُهَا كُلُّ   [حاشية عميرة] ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَاحْتَرَزَ إلَخْ) قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ، رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ وَأَنَّ مَا بَعْدَهُ رَاجِعٌ لِلْقِيمَةِ، فَأَمَّا رُجُوعُ فَوَاتِ الْغَرَضِ إلَى الْعَيْنِ خَاصَّةً فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الَّذِي بَعْدَهُ فَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إلَى كُلٌّ مِنْهُمَا فَمِثَالُهُ فِي الْقِيمَةِ، مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَفِي الْعَيْنِ قَلْعُ الْأَسْنَانِ فِي الْكَبِيرِ وَأَمَّا بَيَاضُ شَعْرِ الرَّأْسِ فِيهِ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ. وَقَدْ يُقَالُ مَسْأَلَةُ الثُّيُوبَةِ مِنْ زَوَالِ الْعَيْنِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا خِيَارَ) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِهِ فَكَذَا جُزْؤُهُ وَصِفَتُهُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ فَالْمُتَّجَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِهِ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الْآنَ انْفَسَخَ الْعَقْدُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِجِنَايَةٍ سَابِقَةٍ) مِثْلُ ذَلِكَ اقْتِضَاضُ الْبِكْرِ بِالْعَقْدِ السَّابِقِ، وَجَلْدُهُ الْمُؤَثِّرُ فِيهِ لِمَعْصِيَةٍ سَابِقَةٍ. قَوْلُهُ: (لِكَوْنِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الثَّمَنِ) لَعَلَّهُ حَالٌ. قَوْلُهُ: (الْمَقْطُوعُ بِهِ) يُرِيدُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَيْنِ حَاكِيَةٌ لِوَجْهَيْ الرِّدَّةِ الْآتِيَيْنِ وَقَاطِعَةٌ بِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَهِيَ الْأَشْهُرُ. قَوْلُهُ: (أُفْضِي إلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الْمَوْتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ نَظِيرُ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي مَسْأَلَةُ الْقَطْعِ بِالْجِنَايَةِ إلَّا أَنَّ الْحُكْمَ لِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ يُوجِبُ هُنَاكَ الرَّدَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 كَالتَّقَدُّمِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ قُبَيْلَ الْقَتْلِ وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ وَلَكِنْ تَعَلُّقُ الْقَتْلِ بِهِ عَيْبٌ يَثْبُتُ بِهِ الْأَرْشُ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَتْلِ وَغَيْرَ مُسْتَحِقَّهُ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْحَالِ فَلَا شَيْءَ لَهُ جَزْمًا وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ وَالدَّفْنِ فَهِيَ فِي الْأَصَحِّ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْأُولَى، وَعَلَى الْبَائِعِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَوْ أَخَّرَ الْمُصَنِّفُ عِبَارَةَ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ لَاسْتَغْنَى عَنْ التَّأْوِيلِ السَّابِقِ (وَلَوْ بَاعَ) حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ (بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ) فِي الْمَبِيعِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ بَاطِنٍ بِالْحَيَوَانِ لَمْ يَعْلَمْهُ دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ دُونَ غَيْرِ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْعُيُوبِ فَلَا يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ بِغَيْرِ الْحَيَوَانِ كَالْعَقَارِ وَالثِّيَابِ مُطْلَقًا وَلَا عَنْ عَيْبٍ ظَاهِرٍ بِالْحَيَوَانِ عَلِمَهُ أَوْ لَا، وَلَا عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ بِالْحَيَوَانِ عَلِمَهُ وَالثَّانِي يَبْرَأُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ عَمَلًا بِالشَّرْطِ، وَالثَّالِثُ لَا يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ مَا لِلْجَهْلِ بِالْمُبَرَّأِ مِنْهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَإِنَّمَا خَرَجَ عَنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ صُورَةٌ مِنْ الْحَيَوَانِ لِمَا رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ. وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بَاعَ عَبْدًا لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالْبَرَاءَةِ. فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: بِهِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ فَاخْتَصَمَا إلَى عُثْمَانَ فَقَضَى عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ، فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَارْتَجَعَ الْعَبْدُ فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَفِي الْحَاوِي وَالشَّامِلِ أَنَّ الْمُشْتَرِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ كَمَا أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ تَرَكْت الْيَمِينَ لِلَّهِ فَعَوَّضَنِي اللَّهُ عَنْهَا خَيْرًا دَلَّ قَضَاءُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْبَرَاءَةِ فِي صُورَةِ الْحَيَوَانِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ وَافَقَ اجْتِهَادَهُ فِيهَا اجْتِهَادُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ: الْحَيَوَانُ يَتَغَذَّى فِي الصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ وَتَحَوُّلِ طَبَائِعِهِ فَقَلَّمَا يَنْفَكُّ عَنْ عَيْبٍ خَفِيٍّ أَوْ ظَاهِرٍ أَيْ فَيَحْتَاجُ الْبَائِعُ فِي شَرْطِ الْبَرَاءَةِ لِيَثِقَ بِلُزُومِ الْبَيْعِ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ   [حاشية قليوبي] قَتْلٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ كَصِيَالٍ وَتَرْكِ صَلَاةٍ بَعْدَ الْأَمْرِ وَزِنَا مُحْصَنٍ كَأَنْ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ زِنَاهُ وَاسْتُرِقَّ ثُمَّ بِيعَ وَحِرَابَةٍ. فَرْعٌ: لَا يَضْمَنُ غَاصِبُ الْمُرْتَدِّ بِخِلَافِ غَاصِبِ مَنْ ارْتَدَّ بَعْدَ غَصْبِهِ. قَوْلُهُ: (مُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ) فِي الْأُولَى وَالدَّفْنُ فِي الثَّانِيَةِ. وَمِثْلُ الدَّفْنِ الْحَمْلُ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهِ وَالْأُولَى مَسْأَلَةُ الْمَوْتِ وَالثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ الرِّدَّةِ. قَوْلُهُ: (التَّأْوِيلُ السَّابِقُ) بِقَوْلِ لَازِمِ الرَّدِّ. قَوْلُهُ: (بَرَاءَتِهِ) أَيْ الْبَائِعِ عَلَى مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ، وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْمَبِيعِ، كَأَنْ يَقُولَ بِشَرْطِ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ فِيهِ، أَوْ أَنَّ الْبَيْعَ بَرِيءٌ أَيْ سَالِمٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ. وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ: بِهِ كُلُّ عَيْبٍ أَوْ كُلُّ شَعْرَةٍ تَحْتَهَا عَيْبٌ. أَوْ لَا يُرَدُّ عَلَيَّ بِعَيْبٍ، أَوْ هُوَ لَحْمٌ فِي قُفَّةٍ أَوْ بِعْتُكَهُ قَرْنًا وَحَبْلًا أَوْ بَيْعَةَ رُمَيْلَةٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بَاطِنٌ) وَمِنْهُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَالْكُفْرُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَعْسُرُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ بِخِلَافِهِ وَمِنْهُ نَتِنُ لَحْمِ الْجَلَّالَةِ لِأَنَّهُ يَسْهُلُ فِيهِ ذَلِكَ، وَهَذَا مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَقِيلَ: الْبَاطِنُ مَا يُوجَدُ فِي مَحَلٍّ لَا تَجِبُ رُؤْيَتُهُ فِي الْمَبِيعِ لِأَجْلِ الْبَيْعِ وَالظَّاهِرُ بِخِلَافِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي عَدَمِ رُؤْيَةِ عَيْبٍ ظَاهِرٍ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ وَافَقَ إلَخْ) هُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: أَنَّ الشَّافِعِيَّ مُجْتَهِدٌ كَالصَّحَابَةِ، وَالْمُجْتَهِدُ لَا يُقَلِّدُ مِثْلُهُ، أَيْ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّوَافُقِ فِي الِاجْتِهَادِ لَا مِنْ التَّقْلِيدِ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ، لِقَوْلِهِ دَلَّ إلَخْ إذْ مَعَ الدَّلِيلِ لَا يُحْتَاجُ إلَى الِاجْتِهَادِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الدَّلِيلَ الْمُرَتَّبَ عَلَى الِاجْتِهَادِ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ، مَا لَمْ يَكُنْ مَجْمَعًا عَلَيْهِ. وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَوْلَى قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ الْقَضِيَّةُ انْتَشَرَتْ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَصَارَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَا يُصَرِّحُ بِهِ. قَوْلُهُ: (يَتَغَذَّى) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَأْكُلُ. قَوْلُهُ: (وَتَحَوُّلِ) هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ، وَضَمِّ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ مَجْرُورٌ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ، أَوْ بِضَمِّ   [حاشية عميرة] بِالْعَيْبِ، وَهُنَا الْفَسْخَ وَالرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ وَلِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالْأَرْشَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ ظَاهِرًا، أَوْ بَاطِنًا عِلْمُهُ أَوْ جَهْلُهُ قَوْلُهُ: (عَمَلًا بِالشَّرْطِ) بِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَوَجَّهَهُ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ إنَّمَا ثَبَتَ لِاقْتِضَاءِ مُطْلَقِ الْعَقْدِ السَّلَامَةَ فَإِذَا صَرَّحَ بِالْبَرَاءَةِ فَقَدْ ارْتَفَعَ الْإِطْلَاقُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ هَذَا قِيَاسٌ مُعَارِضٌ لِلْقِيَاسِ السَّابِقِ تَمَسَّكَ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لِأَنَّهُ اعْتَضَدَ بِمُوَافَقَةِ اجْتِهَادِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ لِمَا ذَكَرَهُ. فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَرُدَّهُ جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ، وَلَوْ قَالَ أُعْلِمُك أَنَّ بِهِ جَمِيعَ الْعُيُوبِ فَهُوَ كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ أَيْضًا لِأَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ مُعَايَنَتُهُ مِنْهَا لَا يَكْفِي ذِكْرُهُ مُجْمَلًا، وَمَا يُمْكِنُ لَا تُغْنِي تَسْمِيَتُهُ. قَوْلُهُ: (يَتَغَذَّى فِي الصِّحَّةِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ يَأْكُلُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَفِي حَالِ مَرَضِهِ، فَلَا يَهْتَدِي إلَى مَعْرِفَةِ مَرَضِهِ إذْ لَوْ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ تَرْكُ الْأَكْلِ حَالَ الْمَرَضِ، لَكَانَ الْحَالُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 مِنْ الْخَفِيِّ دُونَ مَا يَعْلَمُهُ لِتَلْبِيسِهِ فِيهِ، وَمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الظَّاهِرِ لِنُدْرَةِ خَفَائِهِ عَلَيْهِ. وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عَلَى الْأَقْوَالِ. وَقِيلَ: عَلَى بُطْلَانِ الشَّرْطِ بَاطِلٌ وَرُدَّ بِاشْتِهَارِ الْقَضِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَعَدَمِ إنْكَارِهِمْ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (مَعَ هَذَا الشَّرْطِ الرَّدُّ بِعَيْبٍ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ) لِانْصِرَافِ الشَّرْطِ إلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ (وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَمَّيْ يَحْدُثُ) مِنْ الْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ (لَمْ يَصِحَّ) الشَّرْطُ (فِي الْأَصَحِّ) وَكَذَا لَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْمَوْجُودِ وَمَا يَحْدُثُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ عَيْبٍ عَيَّنَهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَايَنُ كَالزِّنَى أَوْ السَّرِقَةِ أَوْ الْإِبَاقِ بَرِئَ مِنْهُ قَطْعًا لِأَنَّ ذِكْرَهَا إعْلَامٌ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعَايَنُ كَالْبَرَصِ فَإِنْ أَرَاهُ قَدْرَهُ وَمَوْضِعَهُ بَرِئَ مِنْهُ قَطْعًا، وَإِلَّا فَهُوَ كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مُطْلَقًا فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ عَلَى الْأَظْهَرِ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ قَدْرِهِ وَمَوْضِعِهِ (وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) كَأَنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ أَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ (أَوْ أَعْتَقَهُ) أَوْ وَقَفَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَ الْجَارِيَةَ (ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ) بِهِ (رَجَعَ بِالْأَرْشِ) لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ بِفَوَاتِ الْمَبِيعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا وَلَوْ اشْتَرَى بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ وَأَعْتَقَ أَوْ اشْتَرَى مِنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ فَفِي رُجُوعِهِ بِالْأَرْشِ وَجْهَانِ (وَهُوَ) أَيْ الْأَرْشُ (جُزْءٌ   [حاشية قليوبي] التَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ مُضَارِعٌ مَجْهُولٌ، وَطِبَاعُهُ نَائِبُ فَاعِلِهِ، أَيْ تَتَغَيَّرُ أَحْوَالُهُ فَهُوَ عَطْفٌ عَامٌّ. قَوْلُهُ: (عَلَى بُطْلَانِ الشَّرْطِ) أَيْ إلْغَائِهِ. قَوْلُهُ: (مَوْجُودٌ عِنْدَ الْعَقْدِ) وَيَصْدُقُ الْبَائِعُ فِي وُجُودِهِ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ) وَأَمَّا الْعَقْدُ فَصَحِيحٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَكَذَا فِي الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ، وَلَوْ أَدْخَلَهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَجَازَ وَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهَا لِإِيجَادِ الْحُكْمِ وَالْخِلَافُ فِيهِمَا وَلَعَلَّ عُذْرَهُ وُجُودُ التَّعْلِيلِ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى كَمَا سَيَأْتِي، قِيلَ: وَسَكَتَ عَنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِيهَا الْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِلَّةٌ فِي الْأُولَى، وَعِلَّتُهُ فِي الثَّانِيَةِ بِالتَّبَعِيَّةِ لِلْمَوْجُودِ مَرْدُودَةٌ، بِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ لَا تَجْعَلُ الْبَاطِلَ صَحِيحًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَلِذَلِكَ بَطَلَ الشَّرْطُ فِي الْمَوْجُودِ لِانْضِمَامِهِ لِلْحَادِثِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ لِبَائِعٍ ثَمَنًا. وَقَالَ: إنَّ فِيهِ زُيُوفًا فَانْقُدْهُ، فَقَالَ: رَضِيت بِهِ. ثُمَّ نَقَدَهُ، فَوَجَدَ فِيهِ زُيُوفًا فَلَهُ رَدُّهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُشَاهِدْ زِيفَ كُلِّ دِرْهَمٍ فِيهَا. قَوْلُهُ: (لَوْ شَرَطَ إلَخْ) هَذِهِ مُحْتَرَزُ إطْلَاقِ الْعَيْبِ فِيمَا قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: (أَرَاهُ) أَيْ بِالْمُشَاهَدَةِ فَلَا يَكْفِي إعْلَامُهُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا يَجُوزُ لِقَاضٍ الْحُكْمُ بِعَدَمِ الرَّدِّ بِهِ، كَمَا يَقَعُ لِبَعْضِ الْمُؤَرِّخِينَ فِي شَرْطِ الْبَرَاءَةِ الْمَذْكُورِ، إذَا كَانَ بِإِخْبَارِ الْبَائِعِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي فِي بِطِّيخَةٍ هِيَ قَرْعَةٌ مَثَلًا، ثُمَّ وَجَدَهَا كَذَلِكَ فَلَهُ رَدُّهَا، حَيْثُ كَانَ فِي زَمَنٍ لَا يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِيهَا. وَقَالَ شَيْخُنَا فِي هَذِهِ: لَا رَدَّ لَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَعْتَقَهُ) وَلَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ وَالْعَتِيقُ كَافِرَيْنِ أَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ، وَوُجِدَتْ وَلَا نَظَرَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْكَافِرِ: إنَّهُ قَدْ يَلْحَقُ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ يُرَدُّ فَلَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ مِنْ رَدِّهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَقَفَهُ) أَوْ جَعَلَ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً. قَوْلُهُ: (أَوْ اسْتَوْلَدَ الْجَارِيَةَ) أَوْ زَوَّجَهَا لِغَيْرِ الْبَائِعِ، لَكِنْ فِي هَذِهِ إذَا زَالَ النِّكَاحُ، فَلَهُ الرَّدُّ وَالْأَرْشُ إنْ كَانَ أَخَذَهُ وَفِي رَدِّ صَيْدٍ عَلَى مُحْرِمٍ نَظَرٌ وَإِنْ صَرَّحُوا بِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (رَجَعَ) أَيْ ثَبَتَ لَهُ الرُّجُوعُ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ حَدَثَ عَيْبٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ الْقَهْرِيَّ. قَوْلُهُ: (بِالْأَرْشِ) قَالَ فِي الْمَنْهَجِ إلَّا فِي رِبَوِيِّ بَيْعٍ بِجِنْسِهِ، فَيَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ لِئَلَّا يَلْزَمَ الرِّبَا فِي مُقَابَلَةِ الْجِنْسِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَهَذَا مُحَصَّلُ مَا قَالَهُ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ ظَهَرَ الْعَيْبُ بِنَقْصِ كَيْلٍ فِي الْمَكِيلِ مَثَلًا، فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ، أَوْ بِنَقْصِ قِيمَةٍ فَإِنْ ضُمَّتْ إلَيْهِ وَجُعِلَ كَأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَيْهِمَا فَغَيْرُ الْجِنْسِ بَلْ غَيْرُ الرِّبَوِيِّ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ، وَهُوَ الَّذِي فِي كَلَامِهِمْ كَمَا يَأْتِي، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ لِاسْتِوَاءِ الْكَيْلِ حَالَةَ الْعَقْدِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الثَّانِي، وَإِنَّمَا ضَرَّ بِتَوْزِيعِ الثَّمَنِ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. وَالْفَاسِخُ فِي الرِّبَوِيِّ الْمَذْكُورِ هُوَ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ، وَالْحَاكِمُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. قَالَ شَيْخُنَا م ر: وَغَيْرُهُ مَحَلُّ الرُّجُوعِ بِالْأَرْشِ إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْخِصَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. وَسُمِّيَ الْمَأْخُوذُ أَرْشًا لِتَعَلُّقِهِ بِالْخُصُومَةِ الْمُسَمَّاةِ بِهِ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ. يُقَالُ: أَرَّشْتُ بَيْنَهُمَا تَأْرِيشًا أَوْقَعْت الْخُصُومَةَ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ لِزَوَالِ مِلْكِهِ بِالْعِتْقِ فِيهِمَا مَعَ الْيَأْسِ مِنْ عَوْدِ مِلْكِهِ، وَلَوْ كَانَ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَةٍ، أَجْزَأَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ   [حاشية عميرة] بَيِّنًا. قَوْلُهُ: (بِاشْتِهَارِ الْقَضِيَّةِ) أَيْ بِأَنَّهُ مُؤَكِّدٌ لِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ مِنْ السَّلَامَةِ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (بَيْنَ الصَّحَابَةِ) قِيلَ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ خَالَفَ فِي ذَلِكَ فَلَا يَنْهَضُ الْإِجْمَاعُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الرَّدُّ بِعَيْبٍ) أَيْ لَا يُمْنَعُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الرَّدُّ بِمَا حَدَثَ وَلَوْ بَاطِنًا وَلَا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ بِطَرِيقِ التَّبَعِ وَإِنْ أَفْرَدَ الْحَادِثَ فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ) أَيْ بِآفَةٍ أَوْ بِإِتْلَافِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ أَعْتَقَهُ) قِيلَ: هُوَ الْهَلَاكُ شَرْعِيٌّ فَلَوْ مَثَّلَ بِهِ لَاسْتَقَامَ. فَرْعٌ: لَوْ أَحْرَمَ بَائِعُ الصَّيْدِ فَفِي الرَّدِّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 مِنْ ثَمَنِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (نِسْبَتُهُ إلَيْهِ) أَيْ نِسْبَةُ الْجُزْءِ إلَى الثَّمَنِ (نِسْبَةُ) أَيْ مِثْلُ نِسْبَةِ (مَا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْ الْقِيمَةِ لَوْ كَانَ) الْمَبِيعُ (سَلِيمًا) إلَيْهَا وَتَرَكَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لِلْعِلْمِ بِهَا، فَإِذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ بِلَا عَيْبٍ مِائَةً وَبِالْعَيْبِ تِسْعِينَ فَنِسْبَةُ النَّقْصِ إلَيْهَا عُشْرُهَا فَالْأَرْشُ عُشْرُ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ مِائَتَيْنِ رَجَعَ بِعِشْرِينَ مِنْهُ أَوْ خَمْسِينَ فَبِخَمْسَةٍ، وَإِنَّمَا كَانَ الرُّجُوعُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَيَكُونُ جُزْؤُهُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ رَدَّ جُزْأَهُ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِطَلَبِهِ. وَقِيلَ بِلَا طَلَبٍ (وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ أَقَلِّ قِيمَةٍ) أَيْ الْمَبِيعِ (مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ إلَى الْقَبْضِ) عِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ كَالشَّرْحِ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ وَالْقَبْضِ وَلَهُ مُقَابِلَانِ أَحَدُهُمَا اعْتِبَارُ قِيمَةِ يَوْمِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَوْمُ مُقَابَلَةِ الثَّمَنِ بِالْمَبِيعِ وَالثَّانِي قِيمَةُ يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ يَوْمُ دُخُولِ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَوَجْهُ أَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ أَنَّ الْقِيمَةَ إنْ كَانَتْ يَوْمَ الْبَيْعِ أَقَلَّ فَمَا زَادَ حَدَثَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَهَذِهِ أَقْوَالٌ مَحْكِيَّةٌ فِي طَرِيقَةٍ وَالطَّرِيقَةُ الرَّاجِحَةُ الْقَطْعُ بِاعْتِبَارِ أَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ وَحُمِلَ قَوْلُ: يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ فِيهِ أَقَلَّ، وَكَذَا قَوْلُ: يَوْمَ الْقَبْضِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَقَلُّ قِيمَةٍ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: إنَّهُ أَصْوَبُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرِّرِ لِاعْتِبَارِهِ الْوَسَطَ أَيْ بَيْنَ قِيمَتَيْ الْيَوْمَيْنِ وَعَبَّرَ بِالْأَصَحِّ دُونَ الْأَظْهَرِ لِيُوَافِقَ الطَّرِيقَةَ الرَّاجِحَةَ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِهَا، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَانَ أَوْلَى (وَلَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ) الْمَقْبُوضُ أَوْ خَرَجَ عَنْ الْمِلْكِ (دُونَ الْمَبِيعِ) الْمَقْبُوضِ وَأُرِيدَ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ (رَدَّهُ وَأَخَذَ مِثْلَ الثَّمَنِ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (أَوْ قِيمَتَهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: أَقَلُّ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ يَوْمَ الْبَيْعِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ   [حاشية قليوبي] الْعَيْبُ مَانِعًا مِنْ الْإِجْزَاءِ عَنْهَا وَلَوْ وَجَدَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا قَبْلَهُ كَانَ قَدْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، رَجَعَ بِمَا يَنْقُصُ مِنْ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا لَا بِنِسْبَةِ نَقْصِ الْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ، خِلَافًا لِقَوْلِ الذَّخِيرَةِ بِالرُّجُوعِ بِالنَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ كَعَكْسِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي بَقَاءِ الْفَسْخِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ بُطْلَانُهُ لِتَبَيُّنِ سُقُوطِ الرَّدِّ الْقَهْرِيِّ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ، وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ فِيمَا يَأْتِي: أَنَّ لِلْبَائِعِ فَسْخَ الْفَسْخِ فِي هَذِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْعِلْمِ بِهَا) أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهَا أَوْ مِنْ ذِكْرِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ فِي الثَّمَنِ أَوْ مِنْ ذِكْرِ النِّسْبَةِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي مَنْسُوبًا إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِطَلَبِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالطَّلَبُ عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّهُ قَدْ يَرْضَى بِالْمَبِيعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ لِلْقَائِلِ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ قَوْلًا أَوْ وَجْهًا أَوْ طَرِيقَةً فَلَا يُخَالِفُهُ مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِاعْتِبَارِهِ الْوَسَطَ) أَيْ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ اعْتِبَارُ أَقَلِّ قِيمَةٍ مَعِيبًا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ وَأَقَلُّ قِيمَةٍ سَلِيمًا فِيهَا فَالْعَيْبُ مُسْتَمِرٌّ إلَى وَقْتِ الْقَبْضِ، لَا أَنَّهُ زَالَ ثُمَّ عَادَ كَمَا تُوُهِّمَ، وَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ فَلَا أَرْشَ كَمَا مَرَّ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْمَعْلُومِ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِخِيَارِ مَجْلِسٍ وَلَا شَرْطٍ. قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْأَصَحِّ الرَّاجِحُ مِنْ الطُّرُقِ وَهُوَ طَرِيقُ الْقَطْعِ وَكَلَامُهُ غَيْرُ مُشْعِرٍ بِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْمَذْهَبِ جَرْيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ إلَخْ) وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ رَجَعَ فِي عَيْنِهِ. وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ، وَيَرْجِعُ بِأَرْشِ نَقْصِ عَيْنٍ، وَكَذَا صِفَةٌ مَضْمُونَةٌ كَجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ ضَامِنٍ وَشَمِلَ التَّلَفَ الْحِسِّيَّ كَالْمَوْتِ، وَالشَّرْعِيَّ كَالْعِتْقِ، وَمِثْلُهُ تَعَلُّقُ حَقٍّ لَازِمٍ بِهِ كَرَهْنٍ. فَقَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ عَنْ الْمِلْكِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَبْدَلَهُ بِتَعَلُّقِ الْحَقِّ الْمَذْكُورِ لَكَانَ أَوْلَى، وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ كَالتَّلَفِ فِي الرُّجُوعِ بِالْبَدَلِ حَالًا، وَلَا يُكَلَّفُ الصَّبْرَ إلَى عَوْدِهِ لِمِلْكِ الْبَائِعِ لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ مَعَ تَلَفِ الْمَبِيعِ وَلَيْسَ كَالرُّجُوعِ بِالْأَرْشِ الْآتِي فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَأُخِذَ إلَخْ) وَالْمَأْخُوذُ مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ، وَهُوَ فِي حِجْرِهِمَا كَمَا فِي الصَّدَاقِ فَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ أَجْنَبِيٍّ رَجَعَ إلَيْهِ، وَلَوْ أَبْرَأهُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ اللُّزُومِ بَطَلَ الْعَقْدُ، أَوْ بَعْدَهُ وَرَدَّ الْمَبِيعَ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ كَمَا فِي الصَّدَاقِ أَيْضًا، وَفِيهِ بَحْثٌ، وَلَوْ كَانَ   [حاشية عميرة] تَشْمَلُ هَذِهِ، ثُمَّ الَّذِي رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الرُّجُوعُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ الْقِيمَةِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ مَا نَقَصَ. قَوْلُهُ: (لِلْعِلْمِ بِهَا) أَيْ مِنْ ذِكْرِهَا فِي الثَّمَنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قِيمَةً) يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ مُفْرَدًا أَوْ جَمْعًا وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ أَصْوَبُ) اعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ النُّقْصَانَ الْحَاصِلَ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا زَالَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَيْضًا، لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي بِهِ خِيَارٌ فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ اهـ. وَعِبَارَةُ السُّبْكِيُّ أَوْضَحُ مِنْهُ فَإِنَّهُ قَالَ: عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ، وَكَانَ فِيهِمَا سَوَاءً يُعْتَبَرُ النَّقْصُ فِيهِ وَفِيهِ، نَظَرٌ لِأَنَّ النَّقْصَ الْحَادِثَ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا زَالَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يُضْمَنْ لِأَنَّهُ لَا خِيَارَ بِهِ اهـ. قَوْلُهُ: (لِيُوَافِقَ الطَّرِيقَةَ الرَّاجِحَةَ) كَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْقَاطِعَةَ لَا أَقُولُ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَبَّرَ بِالْأَظْهَرِ فَإِنَّهُ يَكُونُ الْمَعْنَى الْأَظْهَرُ مِنْ الْأَقْوَالِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَالنُّقْصَانُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي. قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي اعْتِبَارِ الْأَرْشِ. انْتَهَى. وَأُسْقِطَ هَذَا الْأَخِيرُ مِنْ الرَّوْضَةِ مَعَ التَّعْلِيلِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَقَلَّ الْقِيمَةِ هُنَا لَا يُنَافِي أَقَلَّ قِيمَةِ الْيَوْمَيْنِ هُنَاكَ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ هُنَاكَ مَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ عَنْ قِيمَتِهِمَا بِأَنْ سَاوَتْ قِيمَةَ إحْدَاهُمَا أَوْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِمَا فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الْقِيمَتَيْنِ فَالْعِبْرَةُ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُصَنِّفِ (وَلَوْ عَلِمَ الْعَيْبَ) بِالْمَبِيعِ (بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ) عَنْهُ (إلَى غَيْرِهِ) بِعِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ (فَلَا أَرْشَ) لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ لِأَنَّهُ قَدْ يَعُودُ إلَيْهِ فَيَرُدَّهُ كَمَا قَالَ (فَإِنْ عَادَ الْمِلْكُ) إلَيْهِ (فَلَهُ الرَّدُّ) سَوَاءٌ عَادَ إلَيْهِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَمْ بِغَيْرِهِ كَالْإِقَالَةِ وَالْهِبَةِ وَالشِّرَاءِ (وَقِيلَ) فِيمَا زَالَ مِلْكُهُ بِعِوَضٍ (إنْ عَادَ) إلَيْهِ (بِغَيْرِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ فَلَا رَدَّ) لَهُ لِأَنَّهُ بِالِاعْتِيَاضِ عَنْهُ اسْتَدْرَكَ الظِّلَامَةَ وَغَبَنَ غَيْرَهُ كَمَا غُبِنَ هُوَ، وَلَمْ يَبْطُلْ ذَلِكَ الِاسْتِدْرَاكُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي أَنَّ الْأَرْشَ لَهُ اسْتَدْرَكَ الظُّلَامَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا إمْكَانُ عَوْدِ الْمَبِيعِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ. وَهُوَ مِنْ تَخْرِيجِ ابْنِ سُرَيْجٍ لَهُ بِالْأَرْشِ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ فَلَوْ أَخَذَهُ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَهَلْ لَهُ رَدُّهُ مَعَ الْأَرْشِ وَاسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ وَجْهَانِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ تَعَذَّرَ الْعَوْدُ لِتَلَفٍ أَوْ إعْتَاقٍ رَجَعَ بِالْأَرْشِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغُرْمِ لِلثَّانِي وَمَعَ إبْرَائِهِ مِنْهُ. وَقِيلَ: لَا فِيهِمَا بِتَاءٍ عَلَى التَّعْلِيلِ بِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ (وَالرَّدُّ) بِالْعَيْبِ (عَلَى الْفَوْرِ) فَيَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (فَلْيُبَادِرْ) مُرِيدُهُ إلَيْهِ (عَلَى الْعَادَةِ فَلَوْ   [حاشية قليوبي] اعْتَاضَ عَنْهُ شَيْئًا كَثَوْبٍ رَجَعَ بِهِ لَا بِالثَّوْبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيُشْبِهُ إلَخْ) أَيْ فَعَدَمُ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي لُزُومِ أَقَلِّ الْقِيَمِ هُنَا الْمُوهِمُ لِلْقَطِّ فِيهِ لَيْسَ مُرَادًا، وَأَسْقَطَ هَذَا مِنْ الرَّوْضَةِ الْمُوهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ قَائِلٍ بِهِ، مَعَ ذِكْرِهِ التَّعْلِيلَ فِيهَا بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ إلَخْ الشَّامِلِ لِاعْتِبَارِ الْوَسَطِ لِعُمُومِهِ فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ، أَوْ بِالْإِضَافَةِ يَرْفَعُ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ، بَلْ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِهِ، لِأَنَّ ذِكْرَ أَقَلِّ قِيمَةٍ هُنَا الشَّامِلَ لِذَلِكَ، لَا يُنَافِي فِي اعْتِبَارِ أَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ فِي الْأَرْشِ، لِإِمْكَانِ حَمْلِ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ بَيْنَهُمَا الْمُؤَدِّي إلَى أَنَّهَا لَوْ نَقَصَتْ عَنْهُمَا اُعْتُبِرَتْ، فَهُوَ يَقُولُ: بِاعْتِبَارِ الْوَسَطِ فِيهِ أَيْضًا، فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ؛ وَحَرِّرْهُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الْحَوَاشِي هُنَا مِمَّا فِيهِ تَدَافُعٌ لَا يُلَاقِي بَعْضُهُ بَعْضًا. قَوْلُهُ: (زَوَالُ مِلْكِهِ عَنْهُ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا. وَمِثْلُ زَوَالِ مِلْكِهِ تَعَلُّقُ حَقٍّ بِهِ، فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى كَرَهْنِهِ الْمَقْبُوضِ وَكِتَابَتِهِ الصَّحِيحَةِ وَغَصْبِهِ، وَإِبَاقِهِ وَإِجَارَتِهِ مَا لَمْ يَرْضَى بِهِ مَسْلُوبُ الْمَنْفَعَةِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ لِرِضَاهُ مَعَ كَوْنِهِ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْهُ، فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي التَّحَالُفِ وَقَدْ يُرَادُ بِمِلْكِهِ سَلْطَنَتَهُ، فَيَعُمُّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ نَعَمْ. قَالَ شَيْخُنَا: إنْ كَانَ الْعَيْبُ فِي الْآبِقِ الْمَذْكُورِ غَيْرَ الْإِبَاقِ، فَلَهُ الْأَرْشُ لِتَعَذُّرِهِ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ خِلَافُ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ تَنْبِيهٌ: لَوْ عَلِمَ الْبَائِعُ عَيْبًا بِالثَّمَنِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ فَحُكْمُهُ كَعَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ الرَّدُّ) وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ بِمَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ أَوْ اعْتَاضَ عَنْهُ غَيْرُهُ، كَمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ اعْتَاضَ عَنْهُ مِنْ جِنْسِهِ، كَصِحَاحٍ عَنْ مُكَسَّرَةٍ رَجَعَ بِالصِّحَاحِ فَقَطْ، لِأَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُهَا وَالزِّيَادَةُ صِفَةٌ لَا تَتَمَيَّزُ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَلَّكْ مِنْهُ وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَيْبٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَأَبْقَى الْعَقْدَ فَإِنْ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ مِنْ بَائِعِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَلَا لِإِمْكَانِ الْعَوْدِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (بِالِاعْتِيَاضِ) أَيْ بِأَخْذِهِ الْعِوَضَ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مِنْ تَخْرِيجِ إلَخْ) فَمُقَابِلُهُ نَصٌّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ، أَوْ لَا فَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَخَذَهُ) أَيْ الْأَرْشَ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخَرَّجِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ الرَّدَّ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَصَحِّ) الَّذِي هُوَ النَّصُّ الْمُتَقَدِّمُ لَا. قَوْلُهُ: (وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ إنْ كَانَ فِي مَبِيعٍ مُعَيَّنٍ فِي الْعَقْدِ أَوْ فِي مَجْلِسِهِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ، وَإِلَّا فَعَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالرِّضَا   [حاشية عميرة] وَذَلِكَ طَرِيقَةُ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (هَذَا الْأَخِيرُ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَيُشْبِهُ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ إشَارَةٌ) أَيْ فِي التَّعْلِيلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ فِي التَّعْلِيلِ عَلَى ذِكْرِ الطَّرِيقَيْنِ، وَالْمُعَلِّلُ شَامِلٌ لِلْوَسَطِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اقْتِصَارَهُ فِيمَا مَضَى عَلَى ذِكْرِ الطَّرِيقَيْنِ لَا يُنَافِي اعْتِبَارَ الْوَسَطِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ) مِثْلُهُ لَوْ رَهَنَهُ أَوْ آجَرَهُ أَوْ حَصَلَ غَصْبٌ أَوْ إبَاقٌ وَأَمَّا تَلَفُهُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا فَقَدْ سَلَفَ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَالثَّالِثُ إنْ زَالَ بِعِوَضٍ لَمْ يَرْجِعْ، لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ أَوْ غَبْنِ غَيْرِهِ كَمَا غُبِنَ وَإِنْ زَالَ مَجَّانًا رَجَعَ ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَإِنْ عَادَ الْمِلْكُ فَلَهُ الرَّدُّ، وَقِيلَ: إنْ عَادَ إلَخْ، فَقَالَ أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ الْقَائِلُ بِالرَّدِّ مُطْلَقًا فَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَى عَدَمِ الْأَرْشِ عِنْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ مُطْلَقًا. وَعَلَّلَ بِعَدَمِ الْيَأْسِ فَيَقُولُ: هُنَا قَدْ أَمْكَنَهُ، وَأَمَّا الْمُفَصَّلُ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 عَلِمَهُ وَهُوَ يُصَلِّي أَوْ يَأْكُلُ) أَوْ يَقْضِي حَاجَتَهُ (فَلَهُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَفْرُغَ) وَلَوْ عَلِمَهُ وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ هَذِهِ الْأُمُورِ فَاشْتَغَلَ بِهَا فَلَا بَأْسَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا (أَوْ) عَلِمَهُ (لَيْلًا فَحَتَّى يُصْبِحَ) وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ ثَوْبِهِ وَإِغْلَاقِ بَابِهِ وَلَا يُكَلَّفُ الْعَدْوَ فِي الْمَشْيِ وَالرَّكْضَ فِي الرُّكُوبِ لِيَرُدَّهُ (فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ بِالْبَلَدِ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ عَلَى وَكِيلِهِ) بِالْبَلَدِ كَذَلِكَ لِقِيَامِ الْوَكِيلِ مَقَامَ مُوَكِّلِهِ فِي ذَلِكَ (وَلَوْ تَرَكَهُ) أَيْ تَرَكَ الْبَائِعُ أَوْ الْوَكِيلَ (وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ) لِيَسْتَحْضِرَهُ وَيَرُدَّهُ عَلَيْهِ (فَهُوَ آكَدُ)   [حاشية قليوبي] بِجَمِيعِ عُيُوبِهِ، فَلَوْ عَلِمَ عَيْبًا فَرَضِيَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبًا آخَرَ، فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ مَلَّكَهُ لَهُ فِي الظَّاهِرِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ حَيْثُ الْعَيْبُ، وَإِنْ كَانَ فِي زَمَنِ خِيَارِ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ، أَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّلَفُّظِ بِالْفَسْخِ، فَلَا يَكْفِي إرَادَتُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ الرَّدُّ فَوْرِيًّا لِأَنَّ وَضْعَ الْعُقُودِ اللُّزُومُ، فَبِالتَّرْكِ تَبْقَى عَلَى أَصْلِهَا كَمَا فِي نِيَّةِ الْقَاصِرِ فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) فَلَا يَضُرُّ التَّأْخِيرُ لِلْعُذْرِ كَجَهْلِهِ بِالْخِيَارِ إنْ خَفِيَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُخَالِطٍ لَنَا وَلَوْ ذِمِّيًّا أَوْ بِفَوْرِيَّتِهِ مُطْلَقًا وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ. وَكَتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْمَبِيعِ حَتَّى يُخْرِجَهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَكَانْتِظَارِ شَفِيعٍ حَاضِرٍ لَا غَائِبٍ هَلْ يَأْخُذُ أَوْ لَا، وَكَقَوْلِ الْبَائِعِ لَهُ أُزِيلُ عَنْك الْعَيْبَ، وَأَمْكَنَ فِي مُدَّةٍ لَا تَقَابُلَ بِأُجْرَةٍ، وَكَانْتِظَارِ خَلَاصِ مَغْصُوبٍ، أَوْ رَجَعَ آبِقٌ وَإِنْ أَجَازَ فَلَهُ الْفَسْخُ، وَلَوْ قَبْلَ عَوْدِهِ وَكَإِجَارَتِهِ إنْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِهِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَادَةِ) أَيْ عَادَةِ مُرِيدِهِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا قَبْلَهُ إذْ الْمُعْتَبَرُ كُلُّ شَخْصٍ بِحَالِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ عَلِمَهُ) أَوْ ظَنَّهُ ظَنًّا قَوِيًّا وَلَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ أَوْ مَنْ صَدَّقَهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ يُصَلِّي) أَيْ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا مُوَقَّتًا أَوْ مُطْلَقًا، لَكِنْ لَا يَزِيدُ فِيهِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ نَوَى عَدَدًا إنْ عَلِمَ قَبْلَ فَرَاغِهَا، وَإِلَّا أَتَمَّ الرَّكْعَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ زَادَ فِي الْفَرْضِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى مَا يَطْلُبُ الْإِمَامُ غَيْرَ الْمَحْصُورَيْنِ مِنْ نَحْوِ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ مَثَلًا، أَوْ شَرَعَ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ بَعْدَ عِلْمِهِ بَطَلَ رَدُّهُ، هَكَذَا قَالَ الْخَطِيبُ، وَقَالَ شَيْخُنَا: لَهُ الزِّيَادَةُ وَالشُّرُوعُ وَالتَّطْوِيلُ، مَا لَمْ يَعُدْ مُقَصِّرًا عُرْفًا. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنَّهُ يُعْذَرُ هُنَا بِمَا يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَحَيْثُ عُذِرَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ كَالْأَعْذَارِ الْآتِيَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ لَوْ أَشْهَدَ سَقَطَ لِأَنَّهَا إلَى الْبَائِعِ وَالْحَاكِمِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ هَذِهِ لِأُمُورٍ) خَرَجَ النَّقْلُ الْمُطْلَقُ وَلَيْسَتْ إرَادَتُهُ وَقْتًا، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ وَيَشْمَلُ الْأَكْلَ وَلَوْ تَفَكُّهًا مَا لَمْ يَعُدْ مُقَصِّرًا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَاشْتَغَلَ) أَيْ شَرَعَ بِالْفِعْلِ وَلَا تَكْفِي الْإِرَادَةُ. قَوْلُهُ: (لَيْلًا) أَيْ مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْمَشْيِ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا يُعْذَرُ. قَوْلُهُ: (بِلُبْسِ ثَوْبِهِ) وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ. قَوْلُهُ: (وَإِغْلَاقُ بَابِهِ) وَلَوْ مَعَ الْأَمْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَكِيلِهِ) فَتَوْكِيلُهُ عُذْرٌ فِي عَدَمِ إشْهَادِ الْوَكِيلِ لَوْ كَانَ عَدْلًا. قَوْلُهُ: (عَلَى وَكِيلِهِ) أَيْ الْبَائِعِ وَمِثْلُ وَكِيلِهِ مُوَكِّلُهُ وَوَلِيُّهُ وَوَارِثُهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُشْتَرِي. وَيَنْتَظِمُ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحَاكِمِ. قَوْلُهُ: (كَذَلِكَ) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَرَكَهُ) أَيْ لَوْ تَرَكَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ نَحْوِ ابْتِدَاءٍ أَوْ بَعْدَ مُلَاقَاتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لَمْ يَضُرَّ، إذْ حَاصِلُ مَا اعْتَمَدَهُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بَعْدُ وَلَهُ عَنْ نَحْوِ الْبَائِعِ إلَى الْحَاكِمِ أَوْ عَكْسِهِ، وَلَوْ بَعْدَ الْمُلَاقَاةِ فِيهِمَا إلَّا إنْ مَرَّ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى غَيْرِ حَاكِمٍ، كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، نَعَمْ يَنْبَغِي عَدَمُ سُقُوطِ حَقِّهِ فِي مُرُورِهِ بِهِ، إذَا لَزِمَ عَلَى رَفْعِهِ لَهُ غَرَامَةٌ لَهَا وَقَعَ، فَتَأَمَّلْهُ. وَلَوْ عَدَلَ عَنْ وَكِيلِ الْبَائِعِ إلَيْهِ أَوْ عَكْسِهِ قَبْلَ الْمُلَاقَاةِ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا ضَرَّ وَيُتَّجَهُ أَنْ يَلْحَقَ بِذَلِكَ عُدُولُهُ عَنْ أَحَدِ وَرَثَتِهِ، أَوْ أَحَدِ وَلِيَّيْهِ أَوْ أَحَدِ وَكِيلَيْهِ إلَى الْآخَرِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْحَاكِمِ) أَيْ الْحَاضِرِ بِالْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (لِيَسْتَحْضِرَهُ) وَيَشْتَرِطَ أَنْ يَبْدَأَ بِالْفَسْخِ   [حاشية عميرة] عِنْدَ زَوَالِهِ بِعِوَضٍ وَعُلِّلَ بِحُصُولِ اسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ بِالْبَيْعِ، فَيَقُولُ هُنَا: ذَلِكَ الِاسْتِدْرَاكُ قَدْ زَالَ فِيمَا إذَا عَادَ بِالرَّدِّ وَلَمْ يَزُلْ إذَا عَادَ بِغَيْرِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ أَيْضًا: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَخَّرَهُ إلَى هُنَا لِيُفِيدَك أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ: فَإِنْ عَادَ إلَخْ: تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ) أَيْ فَأَشْبَهَ الْمَوْتَ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَخَذَهُ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ لِأَنَّ وَضْعَ الْعَقْدِ عَلَى اللُّزُومِ فَإِذَا تَرَكَ الرَّدَّ مَعَ إمْكَانِهِ لَزِمَهُ حُكْمُ الْعَقْدِ. فَرْعٌ: لَا بُدَّ لِلنَّاطِقِ مِنْ اللَّفْظِ كَفَسَخْتُ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ. فَرْعٌ: لَوْ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ اُتُّجِهَ الْفَوْرُ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ يُصَلِّي) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَلَا يَلْزَمُهُ التَّخْفِيفُ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ دَخَلَ وَقْتٌ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الْحَمَّامِ وَلَا يَضُرُّ ابْتِدَاؤُهُ بِالِاسْمِ فَإِنْ أَخَذَ فِي مُحَادَثَتِهِ بَطَلَ. قَوْلُهُ: (وَإِغْلَاقُ بَابِهِ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ الْعُذْرُ بِالْوَحْلِ وَالْمَطَرِ وَنَحْوِهِمَا وَأَنَّهُ لَوْ سَهُلَ التَّوَجُّهُ لَيْلًا لَمْ يُعْذَرْ. قَوْلُهُ: (كَذَلِكَ) يَرْجِعُ إلَى كُلٍّ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 فِي الرَّدِّ (وَإِنْ كَانَ) الْبَائِعُ (غَائِبًا) عَنْ الْبَلَدِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ بِالْبَلَدِ (رَفَعَ) الْأَمْرَ (إلَى الْحَاكِمِ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: فَيَدَّعِي شِرَاءَ ذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْعَيْبُ وَأَنَّهُ فَسَخَ الْبَيْعَ، وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فِي وَجْهٍ مُسَخَّرٍ يُنَصِّبُهُ الْحَاكِمُ وَيُحَلِّفُهُ أَيْ أَنَّ الْأَمْرَ جَرَى كَذَلِكَ وَيَحْكُمُ بِالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ وَيَبْقَى الثَّمَنُ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَيَأْخُذُ الْمَبِيعَ وَيَضَعُهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَيَقْضِي الدَّيْنَ مِنْ مَالِ الْغَائِبِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ سِوَى الْمَبِيعِ بَاعَهُ فِيهِ انْتَهَى وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ. وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَاهُ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ حَبْسُ الْمَبِيعِ إلَى اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنَّ الْقَاضِي لَيْسَ كَالْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَسُكُوتُهُمَا عَلَى نَصْبِ مُسَخَّرٍ لِلْعِلْمِ بِمَا صَحَّحَاهُ فِي مَحِلِّهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْحَاكِمَ نَصْبُهُ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ كَمَا سَيَأْتِي (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْفَسْخِ إنْ أَمْكَنَهُ حَتَّى يُنْهِيَهُ إلَى الْبَائِعِ أَوْ الْحَاكِمِ) وَالثَّانِي لَا لَكِنْ يَفْسَخُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ بِالْفَسْخِ فِي الْأَصَحِّ) فَيُؤَخِّرُهُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ الْحَاكِمِ وَالثَّانِي: تَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْفَسْخِ مَا أَمْكَنَ (وَيُشْتَرَطُ) فِي الرَّدِّ   [حاشية قليوبي] عِنْدَهُ، قَبْلَ طَلَبِ حُضُورِ الْبَائِعِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ) سَوَاءٌ طَالَتْ الْمَسَافَةُ أَوْ قَصُرَتْ، لَكِنْ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ إلَّا إنْ كَانَ فِي مَسَافَةٍ يَقْضِي فِيهَا عَلَى الْغَائِبِ، أَوْ كَانَ مُتَعَذِّرًا أَوْ مُتَوَارِيًا، وَعَلَى هَذِهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَأَنَّهُ فَسَخَ) هُوَ إنْشَاءٌ لِلْفَسْخِ لَا إخْبَارٌ عَنْهُ. فَتَقْدِيمُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ هُنَا لَا يَضُرُّ، فَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ فَسْخٌ قَبْلَ ذَلِكَ عِنْدَ شُهُودٍ مَثَلًا أَوْ قَبْلَ طَلَبِ حُضُورِ خَصْمِهِ كَمَا مَرَّ فَهُوَ إخْبَارٌ بِهِ. قَوْلُهُ: (يُنَصِّبُهُ) أَيْ نَدْبًا. قَوْلُهُ: (وَيْحُكُمْ بِالرَّدِّ) أَيْ إنْ كَانَ الْغَائِبُ فِي مَسَافَةٍ يَصِحُّ فِيهَا الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ غَيْرَ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي الْبَيْعِ فَيُحَافِظُ عَلَى إبْقَائِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ لِلْغَائِبِ حُجَّةً يُظْهِرُهَا إذَا حَضَرَ. قَوْلُهُ: (إنْ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا هُنَا مِنْ أَنَّهُ لَهُ الْحَبْسُ، تَبَعًا لِلشَّيْخَيْنِ، وَمِثْلُهُ الْإِقَالَةُ فَيُفِيدُ عَدَمَ الْحَبْسِ فِي الْفُسُوخِ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي شَرْحِهِ هُنَا مَا يُفِيدُ عَدَمَ الْحَبْسِ هُنَا، وَإِذَا حَبَسَهُ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ ضَمَانَ يَدٍ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْبَائِعِ: وَإِنْ دَلَّسَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ. وَالْمُرَادُ يَحِلُّ الْقَبْضُ فِي عِبَارَتِهِ مَحَلَّ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ الْمُشْتَرِي إلَى مَنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ إلَى الْحَاكِمِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فِي طَرِيقِهِ إذَا لَقِيَ مَنْ يُشْهِدُهُ، وَلَوْ عَدْلًا مَسْتُورًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَحَرِّي طَلَبِ الشُّهُودِ فَإِنْ عَجَزَ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ فِي طَرِيقِهِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ بِهِ، وَغَايَةُ وُجُوبِ الْإِنْهَاءِ وُصُولُهُ إلَى الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ أَوْ الْحَاكِمِ وَمَتَى أَشْهَدَ سَقَطَ عَنْهُ الْإِنْهَارُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَهُ الرُّجُوعُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ ظَهَرَ مَنْ أَشْهَدَهُ غَيْرَ عَدْلٍ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ مِنْ الرَّدِّ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْمُوَكِّلِ الَّذِي بَعَثَ وَكِيلَهُ إلَى الرَّدِّ إذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ بِحُضُورِ الشُّهُودِ عِنْدَهُ وَإِنَّهُ إذَا أَشْهَدَ سَقَطَ الْإِشْهَادُ وَالْإِنْهَاءُ عَنْهُ وَعَنْ وَكِيلِهِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ. وَأَمَّا حَالُ عُذْرِهِ بِعَجْزِهِ عَنْ الْمُضِيِّ إلَى الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ أَوْ الْحَاكِمِ لِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ مِنْ نَحْوِ عَدُوٍّ أَوْ غَيْبَةِ مَنْ يَرِدُ عَلَيْهِ وَعَدَمِ الْحَاكِمِ فَذَكَرَهَا فِي الْمَنْهَجِ وَقَالَ هِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ إنْ حَضَرَ الشُّهُودُ وَلَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُمْ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّوْكِيلُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، بِأَنْ حَضَرَهُ الْوَكِيلُ، وَبَعْدَ التَّوْكِيلِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُمَا طَلَبُ الْإِشْهَادِ فَمَتَى حَضَرَهُ الشُّهُودُ أَوْ لَقِيَهُمْ الْوَكِيلُ فِي طَرِيقِهِ وَجَبَ عَلَى الْقَادِرِ مِنْهُمَا الْإِشْهَادُ وَمَتَى أَشْهَدَ أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْإِشْهَادُ عَنْ الْآخَرِ، وَسَقَطَ الْإِنْهَاءُ عَنْهُمَا. وَعَلَى هَذَا يَنْزِلُ كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا كَغَيْرِهِ مِنْ تَحَرِّي الْإِشْهَادِ تَارَةً وَعَدَمِهِ أُخْرَى، فَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ وَلَا يَنْبَغِي الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَلَا التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ تَلَفَّظَ بِهِ صَحَّ لَكِنْ لَوْ أَنْكَرَهُ الْبَائِعُ مَثَلًا احْتَاجَ فِي إثْبَاتِهِ إلَى بَيِّنَةٍ بِهِ. كَذَا قَالَهُ   [حاشية عميرة] بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْبَلَدِ) طَالَتْ الْمَسَافَةُ أَمْ قَصُرَتْ كَذَا قِيلَ، وَلَك أَنْ تَقُولَ قَوْلُهُمْ الْآتِي هَذَا قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ، يُعَرِّفُك تَقْيِيدَ الْغَيْبَةِ بِمَا يَصِحُّ فِيهِ ذَلِكَ فَمَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ كَالْبَائِعِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَحْفَظُهُ وَيُرَاعِي مَصْلَحَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَالْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ طَالِبًا لِأَحَدِهِمَا لَا يَعْدَمُهُ مُقَصِّرًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ لِفَقْدِ الشَّاهِدُ أَوْ لِمَرَضٍ وَنَحْوُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ إعْلَامُ الْغَيْرِ يَبْعُدُ إيجَابُهُ مِنْ غَيْرِ سَامِعٍ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا تَعَذَّرَ ثُبُوتُهُ فَيَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي بِالسِّلْعَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ) أَيْ طَلَبُ الْعَمَلِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ خَدَمَهُ وَهُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 (تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ فَلَوْ اسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ) كَقَوْلِهِ اسْقِنِي أَوْ نَاوِلْنِي الثَّوْبَ أَوْ أَغْلِقْ الْبَابَ (أَوْ تَرَكَ عَلَى الدَّابَّةِ سَرْجَهَا أَوْ إكَافَهَا) أَيْ الْبَرْذعَةَ (بَطَلَ حَقُّهُ) مِنْ الرَّدِّ لِإِشْعَارِ ذَلِكَ بِالرِّضَا بِالْعَيْبِ وَإِضَافَةُ السَّرْجِ أَوْ الْإِكَافِ إلَى الدَّابَّةِ لِمُلَابَسَتِهِ لَهَا وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَوْ كَانَ عَلَيْهَا سَرْجٌ أَوْ إكَافٌ فَتَرَكَهُ عَلَيْهَا بَطَلَ حَقُّهُ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ (وَيُعْذَرُ فِي رُكُوبِ جَمُوحٍ يَعْسُرُ سَوْقُهَا وَقَوْدُهَا) أَيْ يُعْذَرُ فِي رُكُوبِهَا حِينَ تَوَجُّهُهُ لِيَرُدَّهَا وَلَوْ رَكِبَ غَيْرَ الْجَمُوحِ لِرَدِّهَا بَطَلَ حَقُّهُ مِنْهُ وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ لِلرَّدِّ (وَإِذَا سَقَطَ رَدُّهُ بِتَقْصِيرٍ) مِنْهُ (فَلَا أَرْشَ) لَهُ كَمَا لَا رَدَّ (وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ) بِآفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ (سَقَطَ الرَّدُّ قَهْرًا) أَيْ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ لِإِضْرَارِهِ بِالْبَائِعِ (ثُمَّ إنْ رَضِيَ بِهِ) أَيْ بِالْمَبِيعِ (الْبَائِعُ) مَعِيبًا (رَدَّهُ الْمُشْتَرِي) بِلَا أَرْشٍ عَنْ الْحَادِثِ (أَوْ قَنَعَ بِهِ) بِلَا أَرْشٍ عَنْ الْقَدِيمِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِهِ مَعِيبًا (فَلْيَضُمَّ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْحَادِثِ إلَى الْمَبِيعِ وَيَرُدَّ أَوْ يَغْرَمَ إلَى الْبَائِعِ أَرْشَ الْقَدِيمِ وَلَا يَرُدُّ) الْمُشْتَرِي رِعَايَةً لِلْجَانِيَيْنِ (فَإِنْ اتَّفَقَا   [حاشية قليوبي] شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَهُ مِنْ جُمْلَةِ الشُّهُودِ فِيمَا مَرَّ فَهُوَ مِنْ الْإِشْهَادِ السَّابِقِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ) أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ وَهُوَ شَامِلٌ لِتَرْكِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَمُوَكِّلِهِ وَوَكِيلِهِ وَوَلِيِّهِ وَمُوَلِّيهِ وَوَارِثِهِ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ وَهَلْ يَتَقَيَّدُ التَّرْكُ بِالْعَالِمِ دُونَ غَيْرِهِ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (كَقَوْلِهِ) وَالْإِشَارَةُ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ، كَالْقَوْلِ وَسَوَاءٌ أَجَابَهُ لِلْخِدْمَةِ أَمْ لَا وَلَوْ خَدَمَهُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ لَمْ يَنْهَهُ فَلَوْ جَاءَهُ الْعَبْدُ بِنَحْوِ كُوزٍ مَثَلًا لِلشُّرْبِ، فَإِنْ تَنَاوَلَهُ مِنْهُ بِيَدِهِ بَطَلَ حَقُّهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ شَرِبَ مِنْهُ أَمْ لَا وَإِنْ وَضَعَهُ الْعَبْدُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى يَدِهِ مَبْسُوطَةً فَأَخَذَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ فِيهِمَا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ مُطْلَقًا. فَإِنْ رَدَّهُ إلَيْهِ بَطَلَ حَقُّهُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (أَوْ تَرَكَ عَلَى الدَّابَّةِ سَرْجَهَا) وَلَوْ حَالَ الرَّدِّ إلَّا لِخَوْفٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا أَوْ كَوْنِهِ لَا يَلِيقُ بِهِ حَمْلُهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْمِلُهُ وَلَهُ الرُّكُوبُ عَلَيْهِ، إنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ الْمَشْيُ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَرْكَبُهُ. قَوْلُهُ: (لِمُلَابَسَتِهِ لَهَا) أَيْ فَيَشْمَلُ مَا لَيْسَ لَهُ وَمَا اشْتَرَاهُ مِنْهَا، وَغَيْرَ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ صَادِقَةٌ بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ اللِّجَامُ وَالْعِذَارُ وَالْمِقْوَدُ وَنَحْوُ الْقَيْدِ سَوَاءٌ تَرَكَ ذَلِكَ فِيهَا أَوْ أَلْبَسَهُ لَهَا فَلَا يَضُرُّ، لِأَنَّهُ لِحِفْظِهَا وَلَوْ حَلَبَهَا أَوْ جَزَّ صُوفَهَا أَوْ عَلَفَهَا أَوْ سَقَاهَا أَوْ رَعَاهَا فِي الطَّرِيقِ وَاقِفَةً مَعَ إمْكَانِ ذَلِكَ. وَهِيَ سَائِرَةٌ بَطَلَ حَقُّهُ لِأَنَّهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَفِعْلُهَا كَذَلِكَ بِخِلَافِ، خَلْعِ نَعْلِهَا إنْ لَمْ يَعِبْهَا خَلْعُهُ وَيُكَلَّفُ خَلْعَ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِمِثْلِهِ خَلْعُهُ أَوْ عَلَيْهِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ. قَوْلُهُ: (إكَافَهَا) هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا اسْمٌ لِمَا تَحْتَ الْبَرْذَعَةِ وَقِيلَ لِمَا فَوْقَهَا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ وَقِيلَ هُوَ اسْمٌ لِلْبَرْذَعَةِ وَلَعَلَّ اخْتِيَارَ الشَّارِحِ لِهَذَا لِانْضِمَامِهِ إلَى السَّرْجِ. قَوْلُهُ: (يَعْسُرُ إلَخْ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِجَمُوحٍ فَهُوَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ. قَوْلُهُ: (فَلَا أَرْشَ) نَعَمْ إنْ صَحَّ بِغَيْرِ خِيَارِ الْعَيْبِ فَلَهُ الْأَرْشُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ) وَهُوَ كُلُّ مَا يُثْبِتُ الرَّدَّ ابْتِدَاءً نَعَمْ الثُّيُوبَةُ فِي أَوَانِهَا لَا تُثْبِتُ الرَّدَّ وَحُدُوثُهَا يَمْنَعُهُ وَكَذَا عَدَمُ مَعْرِفَةِ الْعَبْدِ صَنْعَةً لَا يُثْبِتُ الرَّدَّ وَنِسْيَانُهَا يَمْنَعُهُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْحَادِثِ ثُمَّ عَلِمَهُ الْبَائِعُ، فَلَهُ فَسْخُ الْفَسْخِ فَعُلِمَ أَنَّ الْحَادِثَ يُسْقِطُ الرَّدَّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِالْقَدِيمِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ رَضِيَ بِهِ) أَيْ وَهُوَ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهُ لَا نَحْوُ وَكِيلٍ وَوَلِيٍّ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَنَعَ بِهِ) عَطْفٌ عَلَى رَدِّهِ. قَوْلُهُ: (فَلْيَضُمَّ) أَيْ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَرْشَ الْحَادِثِ) وَهِيَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا مِنْ الْعَيْبِ الْحَادِثِ وَمُعْيِيًا بِهِ فَقَطْ لَا بِمُقَابِلِهِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَلَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ أَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ آجَرَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ تَقَايَلَا فَلِلْبَائِعِ طَلَبُ الْأَرْشِ وَلِلْمُشْتَرِي فِي الْإِجَارَةِ الْمُسَمَّى وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اتَّفَقَا إلَخْ) نَعَمْ يَتَعَيَّنُ الْأَحَطُّ مِنْهُمَا فِي   [حاشية عميرة] سَاكِتٌ لَمْ يَضُرُّ، وَأَنَّهُ لَوْ طُلِبَ مِنْهُ ضُرٌّ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَفِي الْأَخِيرِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ إكَافَهَا) وَيُقَالُ: أَيْضًا وِكَافٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَطَلَ حَقُّهُ) وَلَوْ حَلَبَهَا وَهِيَ سَائِرَةٌ لَمْ يَضُرَّ، فَإِنْ أَوْقَفَهَا لِذَلِكَ ضَرَّ، وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ سَقَى الدَّوَابَّ وَعَلَفَهَا وَحَلَبَهَا إذَا لَمْ يُوقِفْهَا لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (سَرْجٌ أَوْ إكَافٌ) أَيْ فَهُوَ شَامِلٌ لِلْمَمْلُوكِ لَهُ وَلَوْ بِالشِّرَاءِ مَعَهَا، فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَذَا يَشْمَلُ مَا كَانَ فِي يَدِهِ بِعَارِيَّةٍ وَنَحْوِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا أَرْشَ) أَيْ لِأَنَّ الرَّدَّ هُوَ حَقُّهُ الْأَصْلِيُّ وَالْأَرْشُ إنَّمَا عَدَلَ إلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ فَلَا يَثْبُتُ لِلْمُقَصِّرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ) لَوْ صَبَغَهُ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ فَطَلَبَ الرَّدَّ مِنْ غَيْرِهِ مُطَالَبَةً بِعِوَضِ الزَّائِدِ لَزِمَ الْبَائِعَ الْقَبُولُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 عَلَى أَحَدِهِمَا فَذَاكَ) ظَاهِرٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ وَالْآخَرُ الْإِمْسَاكَ مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ (فَالْأَصَحُّ إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ) مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّالِبُ الْمُشْتَرِي أَمْ الْبَائِعَ لِتَقْرِيرِهِ الْعَقْدَ، وَالثَّانِي: يُجَابُ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا لِتَدْلِيسِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ. وَالثَّالِثُ: يُجَابُ الْبَائِعُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ إمَّا غَارِمٌ أَوْ آخِذٌ مَا لَمْ يَرُدَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي (وَيَجِبُ أَنْ يُعْلِمَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى الْفَوْرِ بِالْحَادِثِ) مَعَ الْقَدِيمِ (لِيَخْتَارَ) مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَخْذِ الْمَبِيعِ أَوْ تَرْكِهِ وَإِعْطَاءِ الْأَرْشِ (فَإِنْ أَخَّرَ إعْلَامَهُ) بِذَلِكَ عَنْ فَوْرِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْقَدِيمِ (بِلَا عُذْرٍ فَلَا رَدَّ) لَهُ بِهِ (وَلَا أَرْشَ) عَنْهُ لِإِشْعَارِ التَّأْخِيرِ بِالرِّضَا بِهِ. وَلَوْ كَانَ الْحَادِثُ قَرِيبَ الزَّوَالِ غَالِبًا كَالرَّمَدِ وَالْحُمَّى فَيُعْذَرُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي انْتِظَارِ زَوَالِهِ لِيَرُدَّ الْمَبِيعَ سَالِمًا عَنْ الْحَادِثِ، وَلَوْ زَالَ الْحَادِثُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْقَدِيمِ أَوْ قَضَى بِهِ الْقَاضِي وَلَمْ يَأْخُذْهُ فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَرَدُّ الْأَرْشِ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ تَرَاضَيَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ فَلَهُ الْفَسْخُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ عَلِمَ الْقَدِيمَ بَعْدَ زَوَالِ الْحَادِثِ رُدَّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ زَالَ الْقَدِيمُ قَبْلَ أَخْذِ أَرْشِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ أَوْ بَعْدَ أَخْذٍ رَدَّهُ. وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ (وَلَوْ حَدَثَ عَيْبٌ لَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ إلَّا بِهِ كَكَسْرِ بِيضٍ) وَجَوْزٍ (وَرَانِجٍ) بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ الْجَوْزُ الْهِنْدِيُّ ظَهَرَ عَيْبُهَا (وَتَقْوِيرِ بِطِّيخٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (مُدَوِّدٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ فِي بَعْضِ أَطْرَافِهِ (رُدَّ) مَا ذُكِرَ بِالْقَدِيمِ قَهْرًا (وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ) لِلْحَادِثِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيهِ. وَالثَّانِي: يُرَدُّ وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا مَعِيبًا وَمَكْسُورًا مَعِيبًا، وَلَا نَظَرَ إلَى الثَّمَنِ. وَالثَّالِثُ: لَا يُرَدُّ أَصْلًا كَمَا فِي سَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْقَدِيمِ أَوْ يَغْرَمُ أَرْشَ الْحَادِثِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. أَمَّا مَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالْبَيْضِ الْمَذِرِ وَالْبِطِّيخِ الْمَمْدُودِ كُلِّهِ أَوْ الْمُعَفَّنِ فَيَتَبَيَّنُ فِيهِ فَسَادُ الْبَيْعِ لِوُرُودِهِ عَلَى غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ، وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ تَنْظِيفُ الْمَكَانِ مِنْهُ (فَإِنْ أَمْكَنَ   [حاشية قليوبي] نَحْوِ وَلِيٍّ مَحْجُورٍ. قَوْلُهُ: (إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ) نَعَمْ لَوْ صَبَغَهُ الْمُشْتَرِي بِصَبْغٍ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ، وَطَلَبَ الْبَائِعُ رَدَّهُ وَغَرِمَ قِيمَةَ الصَّبْغِ أُجِيبَ لِأَنَّ مَا يَغْرَمُهُ فِي مُقَابَلَةِ الصَّبْغِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا بِخِلَافِ غَيْرِ هَذَا وَلَوْ كَانَ غَزْلًا فَنَسَجَهُ، ثُمَّ عَلِمَ عَيْبًا فَإِنْ شَاءَ الْبَائِعُ تَرَكَهُ وَغَرِمَ أَرْشَ الْقَدِيمِ أَوْ أَخَذَهُ وَغَرِمَ أُجْرَةَ النَّسْجِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْفَوْرِ) وَيُعْذَرُ فِي دَعْوَى جَهْلِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَلَا أَرْشَ) وَإِنْ تَرَاضَيَا بِالرَّدِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ أَصْلًا فَلَا يَرِدُ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (قَرِيبَ الزَّوَالِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَغَايَةُ الْقُرْبِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يَزَلْ فِيهَا رَدَّهُ بَعْدَهَا فَوْرًا وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ زَوَالِهِ فِي أَنَّهُ الْقَدِيمُ أَوْ الْحَادِثُ حَلَفَ كُلٌّ فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا سَقَطَ الرَّدُّ وَوَجَبَ أَرْشُ الْقَدِيمِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْأَرْشِ صُدِّقَ مُدَّعِي الْأَقَلِّ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَرَدُّ الْأَرْشِ) هُوَ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى الْفَسْخِ أَيْ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْأَرْشِ أَيْ عَوْدُهُ لِلْبَائِعِ فِي الْأَوْلَى وَعَدَمِ أَخْذِهِ فِي الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عُلِمَ الْقَدِيمُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَادِثِ فَلَهُ الرَّدُّ) وَهَلْ مِثْلُهُ قَبْلَ زَوَالِهِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ رَاجِعْهُ وَشَمِلَ زَوَالُ الْحَادِثِ مَا لَوْ كَانَ بِمُعَالَجَةٍ. قَوْلُهُ: (رَدَّهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (كَكَسْرِ بَيْضٍ) أَيْ ثَقْبِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ يُعْرَفُ فِي الْعُرْفِ لَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ النُّونِ) عَلَى الْأَفْصَحِ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْبَاءِ) عَلَى الْأَفْصَحِ وَفِيهِ لُغَاتٌ وَمِثْلُهُ نَشْرُ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِنَشْرِهِ وَكَانَ رَآهُ قَبْلَ طَيِّهِ. قَوْلُهُ: (تَنْظِيفُ الْمَكَانِ مِنْهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنْ لَمْ يَنْقُلْهُ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا لَزِمَهُ. فَرْعٌ: لَوْ اشْتَرَى نَحْوَ بِطِّيخٍ كَثِيرٍ، فَوَجَدَ فِي وَاحِدَةٍ وَلَوْ غَيْرَ الْأَوْلَى مَثَلًا عَيْبًا لَمْ يَتَجَاوَزْهَا لِثُبُوتِ مُقْتَضَى الرَّدِّ بِهَا فَإِنْ تَجَاوَزَهَا سَقَطَ الرَّدُّ وَالْأَرْشُ، وَلَوْ عَلِمَ عَيْبَ دَابَّةٍ بَعْدَ نَعْلِهَا فَإِنْ لَمْ يَعِبْهَا نَزْعُهُ فَلَهُ نَزْعُهُ وَلَهُ رَدُّهَا بِهِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ قَبُولُهُ بِخِلَافِ الصُّوفِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ السَّمْنَ وَإِنْ عَيَّبَهَا نَزْعُهُ رَدَّهَا بِهِ وَلَزِمَ الْبَائِعَ قَبُولُهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ طَلَبَهُ إلَّا أَنْ سَقَطَ فَإِنْ نَزَعَهُ فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَمْكَنَ) أَيْ فِي نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ غَرَزَ إبْرَةً فِي بِطِّيخَةٍ فَصَادَفَتْ حَلَاوَةً فَكَسَرَهَا، فَوَجَدَ بِهَا   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ) وَهُوَ الَّذِي طَلَبَ بَذْلَ الْأَرْشِ الْقَدِيمِ. قَوْلُهُ: (لِتَقْرِيرِهِ الْعَقْدَ) وَأَيْضًا فَالرُّجُوعُ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ يَسْتَنِدُ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ الثَّمَنُ بِكَمَالِهِ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ السَّلِيمِ، وَأَرْشُ الْحَادِثِ إدْخَالُ شَيْءٍ جَدِيدٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَرَانِجُ) يَجُوزُ فَتْحُ نُونِهِ أَيْضًا وَالْبِطِّيخُ يُقَالُ فِيهِ أَيْضًا الطَّبِيخُ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْوَاوِ) مِثْلُهُ الْمُسَوِّسُ كَذَا ضَبَطَهُمَا الْجَوْهَرِيُّ. قَوْلُهُ: (رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ) وَأَيْضًا لِلْقِيَاسِ عَلَى الْمُصَرَّاةِ. قَوْلُهُ: (تَنْظِيفُ الْمَكَانِ) وَتَكُونُ الْقُشُورُ لَهُ، وَقِيلَ إنَّ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ فِيهِ بِالثَّمَنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 مَعْرِفَةُ الْقَدِيمِ بِأَقَلَّ مِمَّا أَحْدَثَهُ) الْمُشْتَرِي كَتَقْوِيرِ الْبِطِّيخِ الْحَامِضِ إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ حُمُوضَتِهِ بِغَرْزِ شَيْءٍ فِيهِ، وَكَالتَّقْوِيرِ الْكَبِيرِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالصَّغِيرِ وَكَشَقِّ الرُّمَّانِ الْمَشْرُوطِ حَلَاوَتُهُ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ حُمُوضَتِهِ بِالْغَرْزِ (فَكَسَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ) فِيمَا تَقَدَّمَ فِيهَا وَلَا رَدَّ قَهْرًا. وَقِيلَ. فِيهِ الْقَوْلَانِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إنَّ تَرْضِيضَ بَيْضِ النَّعَامِ وَكَسْرَ الرَّانِجِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ وَثَقْبَهُ مِنْ الْأَوَّلِ (فَرْعٌ إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعِيبَيْنِ صَفْقَةً) وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُمَا (رَدَّهُمَا) بَعْدَ ظُهُورِهِ وَيَجْرِي فِي رَدِّ أَحَدِهِمَا الْخِلَافُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ ظَهَرَ عَيْبُ أَحَدِهِمَا) دُونَ الْآخَرِ (رَدَّهُمَا لَا الْمَعِيبَ وَحْدَهُ فِي الْأَظْهَرِ) إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَالثَّانِي: لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ قِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ تَلِفَ السَّلِيمُ أَوْ بِيعَ قَبْلَ ظُهُورِ الْعَيْبِ فَرَدُّ الْمَعِيبِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِمَا. وَالْقَوْلَانِ يَجْرِيَانِ فِيمَا يَنْفَصِلُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرُ كَالثَّوْبَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَا يَنْفَصِلُ كَزَوْجَيْ الْخُفِّ فَلَا يُرَدُّ الْمَعِيبُ مِنْهُمَا وَحْدَهُ قَطْعًا. وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ وَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِإِفْرَادِ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ بِالرَّدِّ جَازَ فِي الْأَصَحِّ وَسَبِيلُ التَّوْزِيعِ تَقْدِيرُهُمَا سَلِيمَيْنِ وَتَقْوِيمُهُمَا وَتَقْسِيطُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى عَلَى الْقِيمَتَيْنِ (وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدَ رَجُلَيْنِ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا) لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ (وَلَوْ اشْتَرَيَاهُ) أَيْ اشْتَرَى اثْنَانِ عَبْدَ وَاحِدٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (فَلِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ) لِنَصِيبِهِ (فِي الْأَظْهَرِ)   [حاشية قليوبي] حُمُوضَةً فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مَثَلًا، فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ. قَوْلُهُ: (فَرْعٌ) زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَهُوَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِالرَّدِّ تَقَدَّمَ تَفْرِيقُهَا بِالْعَقْدِ وَسَيَذْكُرُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (عَبْدَيْنِ) هُمَا مِنْ الْمُتَقَوِّمِ وَهُوَ مِثَالٌ فَالْمِثْلِيُّ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَعِيبَيْنِ) أَيْ فِي الْوَاقِعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُمَا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَيَجْرِي إلَخْ إلَى دَفْعِ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ اخْتِصَاصِ رَدِّ أَحَدِهِمَا بِالسَّلِيمِ مَعَ الْمَعِيبِ مَعَ أَنَّ رَدَّ أَحَدِ الْمَعِيبَيْنِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْآخَرِ) بِأَنْ اسْتَمَرَّ الْآخَرُ سَلِيمًا فَضَمِيرُ أَحَدِهِمَا رَاجِعٌ إلَى الْعَبْدَيْنِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِمَا مَعِيبَيْنِ. قَوْلُهُ: (رَدَّهُمَا) إنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي الرَّدِّ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ فَلَوْ ظَهَرَ عَيْبُ الْآخَرِ رَدَّهُمَا مَعْلُولًا يَضُرُّ رِضَاهُ بِعَيْبِ الْأَوَّلِ كَمَبِيعٍ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ، وَرَضِيَ بِهِ ثُمَّ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ آخَرُ فَلَهُ رَدُّهُ. قَوْلُهُ: (لَا الْمَعِيبِ وَحْدَهُ) وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الْآخَرُ أَوْ انْتَقَلَ إلَيْهِ السَّلِيمُ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ لَا الضَّرَرُ حَتَّى لَوْ فَسَخَ فِيهِ، وَحْدَهُ لَغَا الْفَسْخُ، كَذَا قَالَ شَيْخُنَا وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ فِي الْكُلِّ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَلِفَ) أَيْ تَلَفًا لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِيعَ) أَيْ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَلَوْ مِنْ الْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (فَرَدُّ الْمَعِيبِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي أَمَّا عَلَى الْأَظْهَرِ فَلَهُ مِنْ التَّلَفِ أَخْذُ الْأَرْشِ حَالًا، وَفِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْيَأْسِ. قَوْلُهُ: (مَا لَا يَنْفَصِلُ) أَيْ وَلَيْسَ مِثْلِيًّا وَإِلَّا فَكَالْعَبْدَيْنِ فِي الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (جَازَ فِي الْأَصَحِّ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ وَعُذْرِهِمَا اعْتِمَادُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ لَهُ فِي الْمَنْهَجِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا كَالْمَنْهَجِ عَلَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الْمَبْنِيِّ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالضَّرَرِ، وَهُوَ وَاضِحٌ بَلْ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ فِي عِبَارَتِهِمَا لِمَنْ تَأَمَّلَهَا فَإِنَّ ذِكْرَهُمَا لَهَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ رَدَّ أَحَدِهِمَا عَلَى الثَّانِي لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِ أَحَدِهِمَا سَلِيمًا بَلْ يَجْرِي فِي أَحَدِ الْعَيْبَيْنِ أَيْضًا وَكَيْفَ يَجُوزُ اعْتِمَادُ رَدِّ أَحَدِ الْمَعِيبَيْنِ بِالرِّضَا دُونَ الْمَعِيبِ مَعَ السَّلِيمِ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ عَلَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا فُسِخَ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ انْفَسَخَ فِي كُلِّهِ قَهْرًا عَلَى الْعَاقِدِ فَلَا يُتَصَوَّرُ رَدُّ أَحَدِهِمَا بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَسْخٌ فَيَظْهَرُ مَا مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا إقَالَةٌ وَلَا عَقْدٌ جَدِيدٌ فَرَاجِعْ (تَقْدِيرَهُمَا) أَيْ تَقْدِيرَ كُلٍّ مِنْهُمَا سَلِيمًا عَلَى انْفِرَادِهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ)   [حاشية عميرة] عَلَى وَجْهِ اسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ، وَالْعَقْدُ بَاقٍ بِالشَّوْرِ لِلْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا هَذَا وَالثَّانِي يُرَدُّ وَعَلَيْهِ أَرْشُ الْحَادِثِ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ. [فَرْعٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعِيبَيْنِ صَفْقَةً وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُمَا] فَرْعٌ: اشْتَرَى عَبْدَيْنِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ ظُهُورُ الْعَيْبِ إلَخْ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وَلَوْ كَانَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْبَائِعِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقُوتِ وَلَوْ بَاعَ بَعْضَ الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ وُجِدَ الْعَيْبُ، قَالَ الْقَاضِي: لَهُ الرَّدُّ وَخَالَفَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ وَعِبَارَةُ الْبَغَوِيّ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الرَّدِّ اهـ. وَهَلْ يَرْجِعُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ بِالْأَرْشِ لِلْبَاقِي فِي مِلْكِهِ إذَا بَاعَ الْآخَرُ الَّذِي فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ نَعَمْ. وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِظَاهِرِ النَّصِّ، وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ: لَا نَظَرًا إلَى إمْكَانِ الْعَوْدِ، وَمِنْهُ يَظْهَرُ لَك أَنَّهُ عِنْدَ تَلَفِ أَحَدِهِمَا: بِتَعَيُّنِ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (تَقْدِيرُهُمَا) أَيْ تَقْدِيرُ كُلٍّ مِنْهُمَا سَلِيمًا وَتَقْوِيمُهُ عَلَى انْفِرَادِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 الْمَبْنِيِّ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي وَقَدْ تَقَدَّمَ (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ) الْمُمْكِنِ حُدُوثُهُ بِأَنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ (صُدِّقَ الْبَائِعُ) لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ مِنْ اسْتِمْرَارِ الْعَقْدِ (بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْمُشْتَرِي (عَلَى حَسَبِ جَوَابِهِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ مِثْلِهِ فَإِنْ قَالَ فِي جَوَابِهِ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ عَلَيَّ بِالْعَيْبِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَوْ لَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يُكَلَّفُ التَّعَرُّضَ لِعَدَمِ الْعَيْبِ وَقْتَ الْقَبْضِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَلِمَ الْعَيْبَ وَرَضِيَ بِهِ وَلَوْ نَطَقَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ فِي جَوَابِهِ مَا أَقْبَضْته وَبِهِ هَذَا الْعَيْبُ أَوْ مَا أَقْبَضْته إلَّا سَلِيمًا مِنْ الْعَيْبِ حَلَفَ كَذَلِكَ. وَقِيلَ: يَكْفِيهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ بِهِ أَوْ لَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ وَلَا يَكْفِي فِي الْجَوَابِ وَالْحَلِفُ مَا عَلِمْت بِهِ هَذَا الْعَيْبَ عِنْدِي، وَيَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ السَّلَامَةِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَظُنَّ خِلَافَهُ، وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ حُدُوثُ الْعَيْبِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَشَيْنِ الشَّجَّةِ الْمُنْدَمِلَةِ وَالْبَيْعُ أَمْسِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ لَمْ يُمْكِنُ تَقَدُّمُهُ كَجُرْحٍ طَرِيٍّ وَالْبَيْعُ وَالْقَبْضُ مِنْ سَنَةٍ صُدِّقَ الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ (وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ كَالسَّمْنِ) وَتَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ وَالْقُرْآنِ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ (تَتْبَعُ الْأَصْلَ) فِي الرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ بِسَبَبِهَا (وَالْمُنْفَصِلَةُ كَالْوَلَدِ) وَالثَّمَرَةِ (وَالْأُجْرَةُ) الْحَاصِلَةُ مِنْ الْمَبِيعِ (لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ) بِالْعَيْبِ (وَهِيَ   [حاشية قليوبي] فَهُوَ عُذْرٌ لَهُ فِي التَّقْيِيدِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ لَا يَتَقَيَّدُ لَهُ وَلِعَدَمِ الْخِلَافِ فِي تَعَدُّدِ الْعَقْدِ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ وَيَتَعَدَّدُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فِي قِدَمِ الْعَيْبِ) بِكَوْنِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْقَبْضِ وَحُدُوثِهِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي إلَخْ) وَعَكْسُ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَمَا فِي شَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْبَائِعُ) نَعَمْ لَوْ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ عَيْبَيْنِ وَاعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِأَحَدِهِمَا صُدِّقَ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ التَّقَايُلِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي أَيْضًا، كَمَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِ رُؤْيَتِهِ لِلْعَيْبِ، وَفِي عَدَمِ عِلْمِهِ أَنَّهُ عَيْبٌ وَفِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ فِي الرَّدِّ إنْ خَفِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهِ عَيْبًا أَوْ فِي وَصْفِهِ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِعَدْلَيْنِ عَارِفَيْنِ ثُمَّ يَحْلِفُ الْبَائِعُ عَلَى عَدَمِ قِدَمِهِ، وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ الْأَرْبَعُ الْمُحْتَاجُ فِيهَا إلَى الْبَيِّنَةِ وَالْيَمِينِ كَمَا فِي التَّحْرِيرِ، وَقَدْ أَشَرْنَا إلَيْهِ فِيمَا كَتَبْنَاهُ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ مَنْعُ الرَّدِّ لَا لِتَغْرِيمِ الْمُشْتَرِي أَرْشًا بَلْ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ عَوْدِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ أَنْ يَدَّعِيَ عَدَمَهُ، وَأَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَلَوْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي فِيمَا طُلِبَ فِيهِ مِنْهُ الْيَمِينُ سَقَطَ رَدُّهُ، وَلَا يَحْلِفُ الْبَائِعُ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَا تُفِيدُهُ حَقًّا بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَلَوْ زَالَ الْعَيْبُ الْمُتَّفَقُ عَلَى قِدَمِهِ صُدِّقَ الْبَائِعُ فِي حُدُوثِ الْآخَرِ أَوْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ رَجَعَ إلَى مَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ إنْ رَضِيَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَكْفِيهِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ يَكْفِيهِ مَا ذُكِرَ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ مَعًا وَهَذَا أَنَّ الْمُحْتَرَزَ عَنْهُمَا بِقَوْلِ الْمُمْكِنِ حُدُوثُهُ وَقِدَمُهُ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَتَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ) أَيْ هُوَ مِنْ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ وَلَوْ بِمُعَلِّمٍ وَالْقِصَارَةُ وَالصَّبْغُ كَالْمُتَّصِلَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي نَظِيرِهَا عَلَى الْبَائِعِ فِي الرَّدِّ وَكَالْمُنْفَصِلَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُجْبَرُ مَعَهَا عَلَى الرَّدِّ فَلَهُ الْإِمْسَاكُ وَطَلَبُ الْأَرْشِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (كَالْوَلَدِ) أَيْ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَمِثْلُهُ الْحَمْلُ بَعْدَهُ بِأَنْ لَمْ يَنْفَصِلْ وَإِذَا رَدَّهَا بِعَيْبٍ آخَرَ فَلَهُ حَبْسُهَا حَتَّى تَضَعَ وَمُؤْنَتُهَا عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَإِذَا لَمْ يَحْبِسْهَا وَوَلَدَتْ، وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّهَا إلَيْهِ وَلَوْ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ لِاخْتِلَافِ الْمَالِكِ فَإِنْ لَمْ يَقَعْ الرَّدُّ قَبْلَ الْوِلَادَةِ امْتَنَعَ، وَلَهُ الْأَرْشُ حَالًا وَالتَّمْثِيلُ بِالْوَلَدِ فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَعَلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يُرَدُّ مَعَ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (وَالثَّمَرَةِ) أَيْ الَّتِي حَدَثَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ سَوَاءٌ أَبَرَّتْ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً حَالَ الْعَقْدِ وَهِيَ مُؤَبَّدَةٌ لِلْبَائِعِ   [حاشية عميرة] وَضَبْطُ النِّسْبَةِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، وَتَوْزِيعُ الثَّمَنِ عَلَيْهِمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اشْتَرَيَاهُ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِعَبْدِ الرَّجُلَيْنِ فَيَكُونُ هَذَا الْبَيْعُ فِي حُكْمِ أَرْبَعَةِ عُقُودٍ، وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مُشْتَرِيًا لِلرُّبْعِ مِنْ هَذَا وَالرُّبْعِ مِنْ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الشَّارِحَ حَمَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَا فِي الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ) وَعَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمَ الْعَيْبِ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَيَنْبَنِي عَلَى الْعِلَّتَيْنِ مَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ، ثُمَّ زَعَمَ الْمُشْتَرِي حُدُوثَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ حَتَّى لَا يَتَنَاوَلُهُ الشَّرْطُ، وَعَكَسَ الْبَائِعُ فَقَضِيَّةُ الْأُولَى تَصْدِيقُ الْبَائِعِ، وَقَضِيَّةُ الثَّانِيَةِ تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي، وَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ، فَإِنَّ الشَّيْخَيْنِ اقْتَصَرَا عَلَى الْعِلَّةِ الْأُولَى فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْبَائِعُ) لَوْ تَقَايَلَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ، وَحُدُوثِهِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَتْبَعُ الْأَصْلَ) أَيْ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ تَجَدَّدَ بِالْفَسْخِ، فَكَانَتْ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ فِيهِ نَابِعَةً لِلْعَقْدِ ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الزِّيَادَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فِي الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ، وَلَا فِي الْفَسْخِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْوَلَدِ وَنَحْوِهِ كَالثَّمَرَةِ لَنَا مَا رَوَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ «رَجُلًا ابْتَاعَ غُلَامًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَخَاصَمَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّهُ عَلَيْهِ. فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ اسْتَعْمَلَ غُلَامِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 لِلْمُشْتَرِي إنْ رَدَّ) الْمَبِيعَ (بَعْدَ الْقَبْضِ) سَوَاءٌ أَحَدَثَ بَعْدَ الْقَبْضِ أَمْ قَبْلَهُ (وَكَذَا) إنْ رَدَّهُ (قَبْلَهُ فِي الْأَصَحِّ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّفْعِ مِنْ أَصْلِهِ (وَلَوْ بَاعَهَا) أَيْ الْجَارِيَةَ أَوْ الْبَهِيمَةَ (حَامِلًا) وَهِيَ مَعِيبَةٌ (فَانْفَصَلَ) الْحَمْلُ (رَدَّهُ مَعَهَا) حَيْثُ كَانَ لَهُ رَدُّهَا بِأَنْ لَمْ تَنْقُصْ بِالْوِلَادَةِ (فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَيُقَابَلُ بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ فَيَفُوزُ الْمُشْتَرِي بِالْوَلَدِ، وَلَوْ نَقَصَتْ بِالْوِلَادَةِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ، وَلَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ الْحَمْلُ رَدَّهَا كَذَلِكَ (وَلَا يَمْنَعُ الرَّدُّ الِاسْتِخْدَامَ وَوَطْءَ الثَّيِّبِ) الْوَاقِعَانِ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ، وَلَا مَهْرَ فِي الْوَطْءِ (وَاقْتِضَاضُ الْبِكْرِ) بِالْقَافِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ (بَعْدَ الْقَبْضِ نَقْصٌ حَدَثَ) فَيَمْنَعُ الرَّدَّ (وَقَبْلَهُ جِنَايَةٌ عَلَى الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ) فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا رَدَّ لَهُ بِالْعَيْبِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَأَجَازَ هُوَ الْبَيْعَ فَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي اقْتِضَاضِ الْبَائِعِ، وَلَهُ فِي اقْتِضَاضِ الْأَجْنَبِيِّ بِذِكْرِهِ مَهْرَ مِثْلِهَا بِكْرًا وَبِغَيْرِ ذِكْرِهِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا   [حاشية قليوبي] كَالْحَمْلِ وَمَا حَدَثَ بَعْدَهُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ انْفَصَلَ أَوْ لَا. وَإِذَا اخْتَلَطَ الْحَادِثُ مِنْ نَحْوِ الصُّوفِ بِمَا كَانَ فَهُوَ كَاخْتِلَاطِ الثَّمَرَةِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ تَنْقُصْ) وَكَذَا لَوْ نَقَصَتْ وَكَانَ جَاهِلًا بِهِ وَاسْتَمَرَّ جَهْلُهُ إلَى مَا بَعْدَ الْوَضْعِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُسْتَنِدٌ لِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ وَزِيَادَةُ الْحَمْلِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ فَلَيْسَتْ كَالْمَرَضِ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَرَضِ مَرَضٌ، بِخِلَافِ الْحَمْلِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَقَصَتْ) أَيْ الْحَامِلُ عِنْدَ الْبَيْعِ مِنْ الْأَمَةِ وَالْبَهِيمَةِ بِالْوِلَادَةِ لِأَنَّ هَذَا النَّقْصَ عَيْبٌ حَادِثٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ الْقَهْرِيَّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ الْحَمْلُ) أَيْ فِيمَا لَوْ اشْتَرَاهَا حَامِلًا كَمَا هُوَ الْفَرْضُ سَوَاءٌ الْأَمَةُ وَالْبَهِيمَةُ رَدَّهَا كَذَلِكَ، أَيْ حَامِلًا لِأَنَّ ذَلِكَ الْحَمْلَ لِلْبَائِعِ حَيْثُ رُدَّتْ بِخِلَافِ الْحَمْلِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا وَلَهُ رَدُّهَا حَامِلًا قَهْرًا كَمَا مَرَّ لَكِنْ فِي الْبَهِيمَةِ دُونَهُ الْأَمَةُ لِأَنَّ الْحَمْلَ الْحَادِثَ فِيهَا عَيْبٌ مُطْلَقًا فَلَا تُرَدُّ إلَّا التَّرَاضِي. قَوْلُهُ: (وَوَطْءُ الثَّيِّبِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ) وَمِثْلُهَا الْعَوْرَاءُ نَعَمْ إنْ وَقَعَ الْوَطْءُ بِصُورَةِ الزِّنَا كَأَنْ ظَنَّتْهُ أَجْنَبِيًّا امْتَنَعَ الرَّدُّ لِأَنَّهُ عَيْبٌ حَادِثٌ إنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَقَبْلَهُ لَا يُمْنَعُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا مَهْرَ فِي الْوَطْءِ) الْمَذْكُورِ سَوَاءٌ وَقَعَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَاقْتِضَاضُ) أَيْ زَوَالُ الْبَكَارَةِ مِنْ الْأَمَةِ الْبِكْرِ وَلَوْ غَيْرَ ذَكَرٍ، وَفِي الصِّحَاحِ اقْتَضَّ الْجَارِيَةَ افْتَرَعَهَا وَاللُّؤْلُؤَةَ ثَقَبَهَا اهـ. وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ نَقَصَ. قَوْلُهُ: (فَلَا رَدَّ لَهُ بِالْعَيْبِ) الَّذِي اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الِاقْتِضَاضِ فَهُوَ غَيْرُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَهُوَ وَاضِحٌ وَلَا نَظَرَ لِقَوْلِ شَيْخِنَا: إنَّ الْعَيْبَ الْمُرَادَ هُنَا هُوَ نَفْسُ الِاقْتِضَاضِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى بِهِ مَا يُقَابِلُ الْبَكَارَةَ فَيَلْزَمُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ لَوْ رُدَّ. قَوْلُهُ: (وَأَجَازَ هُوَ الْبَيْعَ) أَيْ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ. قَوْلُهُ: (بِالْعَيْبِ) الَّذِي هُوَ الِاقْتِضَاضُ عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي اقْتِضَاضِ الْبَائِعِ) وَمِثْلُهُ الْآفَةُ وَفِعْلُ مَنْ لَا يُضْمَنُ وَزَوَاجٌ سَابِقٌ فَلَا أَرْشَ لِلْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَوْ أَجَازَ الْعَقْدَ وَإِنْ ثَبَتَ لَهُ بِهِ الْخِيَارُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْأَجْنَبِيِّ. قَوْلُهُ: بِذِكْرِهِ أَيْ الْأَجْنَبِيِّ لَا بِزِنًا مِنْهَا. قَوْلُهُ: (مَهْرَ مِثْلِهَا بِكْرًا) أَيْ بِلَا إفْرَادِ أَرْشِ بَكَارَةٍ لِضَعْفِ الْمِلْكِ وَمِثْلُهُ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَا فِي قَوْلِهِ الْمَنْهَجُ إمَّا ضَعِيفٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ، وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وُجُوبُ مَهْرِ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ وَأَمَّا فِي الْغَصْبِ وَالدِّيَّاتِ فَالْوَاجِبُ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ اهـ. قَوْلُهُ: (وَبِغَيْرِ ذِكْرِهِ) وَمِثْلُهُ بِزِنًا مِنْهَا. قَوْلُهُ (مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ نِسْبَةٍ   [حاشية عميرة] فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَمَعْنَى الْخَرَاجِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَبِيعِ مِنْ فَوَائِدِهِ وَغَلَّتِهِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي فِي مُقَابَلَةِ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ لَكَانَ مِنْ ضَمَانِهِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهِيَ لِلْمُشْتَرِي) خَالَفَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ كَالْأَصْلِ فَقَالَ: يَرُدُّهُ مَعَ الْأَصْلِ وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ تَمْثِيلَ الْمُصَنِّفِ بِالْوَلَدِ إشَارَةٌ إلَى الرَّدِّ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ الْقَبْضِ) وَلَمْ يَكُنْ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا. قَوْلُهُ: (مِنْ حِينِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ وَلَا يُبْطِلُ الْعِتْقَ فِيمَ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ أَعْتَقَهَا قَبْلَ رَدِّ الْبَائِعِ الثَّمَنَ عَلَيْهِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَرْفَعُهُ مِنْ أَصْلِهِ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْمِلْكَ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَإِذَا قُلْنَا بِهِ وَكَانَ الْفَسْخُ بِعَيْبٍ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَنِدَ الْفَسْخُ إلَى وَقْتِ حُدُوثِهِ لَا إلَى الْعَقْدِ، وَقِيلَ: إنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ مُطْلَقًا أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ ثُمَّ فِي التَّمْثِيلِ بِالْوَلَدِ رَدٌّ عَلَى مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي قَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ يَرُدُّهُ مَعَ الْأَصْلِ، وَقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَمْنَعُ الرَّدَّ الِاسْتِخْدَامَ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَوَطْءُ الثَّيِّبِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الِاسْتِخْدَامِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمُشْتَرِي) خَرَجَ بِهِ الْوَطْءُ الْوَاقِعُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الرَّدَّ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 فَإِنْ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ فَلِلْبَائِعِ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ أَرْشِ الْبَكَارَةِ، وَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ اقْتِضَاضِ الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ مَا اسْتَقَرَّ بِاقْتِضَاضِهِ وَهُوَ قَدْرُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا. فَصْلٌ التَّصْرِيَةُ حَرَامٌ وَهِيَ أَنْ تُرْبَطَ أَخْلَافُ النَّاقَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا تُحْلَبَ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَيَجْتَمِعَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا وَيَظُنَّ الْجَاهِلُ بِحَالِهَا كَثْرَةَ مَا تَحْلِبُهُ كُلَّ يَوْمٍ فَيَرْغَبَ فِي شِرَائِهَا بِزِيَادَةٍ. وَالْأَخْلَافُ جَمْعُ خِلْفَةٍ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ حَلَمَةُ الضَّرْعِ وَالْأَصْلُ فِي التَّحْرِيمِ وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّلْبِيسُ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ: «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» . وَقَوْلُهُ: تُصَرُّوا بِوَزْنِ تُزَكُّوا مِنْ صَرِيَ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ جَمَعَهُ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ النَّهْيِ (تُثْبِتُ الْخِيَارَ عَلَى الْفَوْرِ) مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا كَخِيَارِ الْعَيْبِ (وَقِيلَ: يَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «مَنْ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ» أَيْ حِنْطَةً وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ أَنَّ التَّصْرِيَةَ لَا تَظْهَرُ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا حَالَةَ نَقْصِ اللَّبَنِ قَبْلَ تَمَامِهَا، عَلَى اخْتِلَافِ الْعَطْفِ أَوْ الْمَأْوَى أَوْ تُبَدَّلُ الْأَيْدِي أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَابْتِدَاءُ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْعَقْدِ. وَقِيلَ: مِنْ التَّفَرُّقِ وَلَوْ عُرِفَتْ التَّصْرِيَةُ قَبْلَ تَمَامِ الثَّلَاثَةِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ بَيِّنَةٍ امْتَدَّ الْخِيَارُ إلَى تَمَامِهَا أَوْ بَعْدَ التَّمَامِ فَلَا خِيَارَ لِامْتِنَاعِ مُجَاوَزَةِ الثَّلَاثَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ الْخِيَارُ. وَلَوْ اشْتَرَى وَهُوَ عَالِمٌ بِالتَّصْرِيَةِ فَلَهُ الْخِيَارُ الثَّلَاثَةَ لِلْحَدِيثِ. وَلَا خِيَارَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ (فَإِنْ رَدَّ) الْمُصَرَّاةَ (بَعْدَ   [حاشية قليوبي] إلَى الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (فَلِلْبَائِعِ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ. قَوْلُهُ: (قَدْرُ أَرْشِ الْبَكَارَةِ) أَيْ قَدْرُ نِسْبَتِهِ إلَى الْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ قَدْرُ مَا نَقَصَ أَيْ بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَدْرَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ تَابِعٌ لِلْمَبِيعِ، فَهُوَ لِلْبَائِعِ إنْ فُسِخَ الْعَقْدُ وَالْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يُفْسَخْ وَمَا عَدَاهُ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا. فَصْلٌ فِي التَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ قَوْلُهُ: (التَّصْرِيَةُ) وَيُقَالُ لِلْمُصَرَّاةِ مُحَفَّلَةٌ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ مِنْ الْحُفَّلِ وَهُوَ الْجَمْعُ. قَوْلُهُ: (حَرَامٌ) أَيْ عَلَى الْعَالِمِ بِهَا وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَإِنْ ثَبَتَ الْخِيَارُ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ لُغَةً وَأَمَّا شَرْعًا فَهِيَ أَعَمُّ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (التَّلْبِيسُ) أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ الْبَيْعِ وَالضَّرَرِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بِوَزْنِ تُزَكُّوا) فَهُوَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ. قَوْلُهُ: (تُثْبِتُ الْخِيَارَ) أَيْ إنْ لَمْ تَدْرِ عَلَى مَا أَشْعَرَتْ بِهِ التَّصْرِيَةُ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ بَعْضَهَا أَوْ كُلَّهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ التَّصْرِيَةُ بِقَصْدٍ كَمَا مَرَّ أَوْ لِنَحْوِ نِسْيَانٍ أَوْ شُغْلٍ أَوْ تَحَفَّلَتْ بِنَفْسِهَا. قَوْلُهُ: (وَابْتِدَاءُ الثَّلَاثَةِ إلَخْ) اعْتَبَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الثَّلَاثَةَ مِنْ ظُهُورِ التَّصْرِيَةِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ. قَوْله: (وَلَوْ اشْتَرَى) هُوَ مَفْهُومُ قَيْدِ الِاطِّلَاعِ الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ) أَيْ وَلَوْ بِعَيْبٍ غَيْرٍ التَّصْرِيَةِ، وَغَيْرُ الْمُصَرَّاةِ مِثْلُهَا فِي رَدِّ الصَّاعِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ   [حاشية عميرة] وَاقْتِضَاضُ الْبِكْرِ) هُوَ إزَالَةُ الْقِضَّةِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَهِيَ الْبَكَارَةُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ قَدْرُ مَا نَقَصَ) أَيْ فَتُنْظَرُ نِسْبَتُهُ لِلْقِيمَةِ، ثُمَّ تُوجَبُ مِثْلُ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الثَّمَنِ هَذَا مُرَادُهُ بِلَا رَيْبٍ. [فَصْلٌ التَّصْرِيَةُ حَرَامٌ] ٌ هِيَ مِنْ صَرَّى الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ إذَا جَمَعَهُ، وَيُقَالُ لَهَا: مُحَفَّلَةٌ مِنْ الْحَفْلِ، وَهُوَ الْجَمْعُ وَمِنْهُ الْمُحَفَّلُ بِفَتْحِ الْفَاءِ لِلْجَمَاعَةِ الْمُجْتَمِعِينَ، ثُمَّ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهَا حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْبَيْعَ، وَلَهُ وَجْهٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَضُرُّ بِالدَّابَّةِ. قَوْلُهُ: (بِوَزْنِ تُزَكُّوا) أَيْ فَنَصْبُ الْإِبِلِ كَنَصْبِ أَنْفُسِكُمْ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] . قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَبَتَ الْخِيَارُ إلَخْ) أَمَّا الْخِيَارُ فَلِلْحَدِيثِ وَأَمَّا الْفَوْرُ فَكَالْعَيْبِ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّبَنَ، يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنُ وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ الْعُقُودُ عَلَيْهِ يَمْنَعُ رَدَّ الْبَاقِي وَقِيَاسُ ذَلِكَ امْتِنَاعُ رَدِّ الْمُصَرَّاةِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَكِنْ جَوَّزْنَاهُ اتِّبَاعًا لِلْإِخْبَارِ وَلَوْ رَضِيَ بِالتَّصْرِيَةِ، وَلَكِنْ رَدَّهَا بِعَيْبِ آخَرَ، بَعْدَ الْحَلْبِ رَدَّ الصَّاعَ أَيْضًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ حَلَبَ غَيْرَ الْمُصَرَّاةِ ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ فَالْمَنْصُوصُ، جَوَازًا الرَّدُّ مَجَّانًا وَقِيلَ مَعَ الصَّاعِ اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 تَلَفِ اللَّبَنُ رَدَّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ) لِلْحَدِيثِ (وَقِيلَ: يَكْفِي صَاعُ قُوتٍ) لِمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ لِلْحَدِيثِ الثَّانِي «وَصَاعًا مِنْ طَعَامٍ» وَهَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَقْوَاتِ أَوْ يَتَعَيَّنُ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي. وَقِيلَ: يَكْفِي رَدُّ مِثْلِ اللَّبَنِ أَوْ قِيمَتِهِ عِنْدَ إعْوَازِ الْمِثْلِ كَسَائِرِ الْمُتْلِفَاتِ، وَعَلَى تَعَيُّنِ التَّمْرِ لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ قُوتٍ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ عَلَى الْبُرِّ وَلَوْ فَقَدَ التَّمْرَ رَدَّ قِيمَتَهُ بِالْمَدِينَةِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ، أَمَّا رَدُّ الْمُصَرَّاةِ قَبْلَ تَلَفِ اللَّبَنِ فَلَا يَتَعَيَّنُ رَدُّ الصَّاعِ مَعَهُ لِجَوَازِ أَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي اللَّبَنَ وَيَأْخُذَهُ الْبَائِعُ فَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ لِعَدَمِ لُزُومِهِ بِمَا حَدَثَ وَاخْتَلَطَ مِنْ اللَّبَنِ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي وَبِذَهَابِ طَرَاوَةِ اللَّبَنِ أَوْ حُمُوضَتِهِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَجَبَ رَدُّ الصَّاعِ. وَلَوْ عَلِمَ التَّصْرِيَةَ قَبْلَ الْحَلْبِ رَدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الصَّاعَ لَا يَخْتَلِفُ بِكَثْرَةِ اللَّبَنِ) وَقِلَّتِهِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَالثَّانِي يَخْتَلِفُ فَيَتَقَدَّرُ التَّمْرُ أَوْ غَيْرُهُ بِقَدْرِ اللَّبَنِ فَقَدْ يَزِيدُ عَلَى الصَّاعِ وَقَدْ يَنْقُصُ عَنْهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ خِيَارَهَا) أَيْ الْمُصَرَّاةِ (لَا يَخْتَصُّ بِالنِّعَمِ) وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ (بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مَأْكُولٍ) مِنْ الْحَيَوَانِ (وَالْجَارِيَةُ وَالْأَتَانُ) بِالْمُثَنَّاةِ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً. وَلِلْبُخَارِيِّ مَنْ اشْتَرَى مُحَفَّلَةً وَهِيَ بِالتَّشْدِيدِ مِنْ الْحَفْلِ أَيْ الْجَمْعِ (وَلَا يَرُدُّ مَعَهُمَا شَيْئًا) بَدَلَ اللَّبَنِ لِأَنَّ لَبَنَ الْآدَمِيَّاتِ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ غَالِبًا وَلَبَنُ الْأَتَانِ نَجِسٌ لَا عِوَضَ لَهُ (وَفِي الْجَارِيَةِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَرُدُّ مَعَهَا بَدَلَ اللَّبَنِ لِطَهَارَتِهِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ الْخِيَارَ يَخْتَصُّ بِالنِّعَمِ فَلَا خِيَارَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ. وَالْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ الْمُصَرَّاةُ وَالْمُحَفَّلَةُ مِنْ النِّعَمِ وَلَا فِي الْجَارِيَةِ لِأَنَّ لَبَنَهَا لَا يُقْصَدُ إلَّا نَادِرًا وَلَا فِي الْأَتَانِ إذْ لَا مُبَالَاةَ بِلَبَنِهَا وَدُفِعَ بِأَنَّهُ مَقْصُودٌ لِتَرْبِيَةِ الْجَحْشِ وَلَبَنُ الْجَارِيَةِ الْغَزِيرُ مَطْلُوبٌ فِي الْحَضَانَةِ مُؤَثِّرٌ فِي الْقِيمَةِ وَمَا ذُكِرَ أَنَّهُ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ خِلَافَ الظَّاهِرِ مِنْهُ   [حاشية قليوبي] تَلَفِ اللَّبَنِ) أَيْ حِسًّا وَسَيَأْتِي مُقَابِلُهُ، وَيُضَمِّنُهُ مُتْلِفَهُ الْأَهْلُ وَلَوْ بَائِعًا. قَوْلُهُ: (صَاعَ تَمْرٍ) وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِأَقَلَّ مِنْ صَاعٍ أَوْ اشْتَرَاهَا بِعَيْنِهِ إذْ لَا رِبَا هُنَا، وَيَتَعَدَّدُ الصَّاعُ بِتَعَدُّدِ الْعَاقِدُ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا لَا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (لِلْحَدِيثِ) أَيْ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ ضَرْبٍ مِنْ التَّعَبُّدِ. قَوْلُهُ: (مِنْ طَعَامٍ) يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّمْرِ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُهُ) وَلَوْ عَلَى الرَّدِّ بِلَا شَيْءٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ فُقِدَ التَّمْرُ) أَيْ فِي بَلَدِ اللَّبَنِ لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ وَحَوَالَيْهِ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ بِثَمَنِ مِثْلِهِ. قَوْلُهُ: (قِيمَتِهِ) أَيْ يَوْمَ الرَّدِّ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ كَمَا رَجَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّ الْمَاوَرْدِيَّ لَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا مَرْدُودٌ. قَوْلُهُ: (مَعَهُ) أَيْ مَعَ وُجُودِهِ. قَوْلُهُ: (ذَلِكَ) أَيْ الرَّدُّ وَالْأَخْذُ. قَوْلُهُ: (بِمَا حَدَثَ) أَيْ بِالْحَادِثِ مِنْ اللَّبَنِ بَعْدَ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ لِلْمُشْتَرِي بِمَا كَانَ قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ لِلْبَائِعِ وَهُوَ فِي الضَّرْعِ. قَوْلُهُ: (وَبِذَهَابِ) الْوَاوِ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ. قَوْلُهُ: (طَرَاوَتِهِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ حَلْبِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَقِلَّتِهِ) أَيْ غَيْرِ مُتَمَوَّلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا ز ي، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر، اعْتِبَارُ التَّمَوُّلِ وَمَا يَخُصُّ كُلَّ عَاقِدٍ عِنْدَ التَّعَدُّدِ فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ. قَوْلُهُ (مَأْكُولٍ) وَمِنْهُ بَنَاتُ عُرْسٍ وَأَرْنَبٍ. قَوْلُهُ: (لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ) أَيْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْهُ) لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ تَعُمُّ، وَلَمْ يُسْتَنْبَطْ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَبُّدِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَحَبْسِ مَاءِ الْقَنَاةِ) وَلَوْ بِنَفْسِهِ وَجَهِلَهُ الْبَائِعُ، وَمِثْلُهُ تَحْمِيرُ الْوَجْهِ، وَتَسْوِيدُ الشَّعْرِ، وَتَوْرِيمُ الْبَدَنِ لِإِيهَامِ السِّمَنِ، كَمَا فِي التَّصْرِيَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَمِثْلُ ذَلِكَ تَجْعِيدُ الشَّعْرِ عِنْدَ الشَّيْخِ الْخَطِيبِ، وَغَيْرِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا:   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ الْخِيَارُ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ فِي الْمَتْن عَلَى الْفَوْرِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) لَكِنَّهُ نَبَّهَ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّ الطَّعَامَ هُنَا لَا يَتَعَدَّى إلَى الْأَقِطِ قَوْلُهُ: (أَمَّا رَدُّ الْمُصَرَّاةِ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ إذَا تَأَمَّلْته تَجِدْهُ يَقْتَضِي أَنَّ تَرَاضِيهِمَا عَلَى الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ مُمْتَنِعٌ ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ تَعَرَّضَ لِلْمَسْأَلَةِ وَقَالَ فِيهَا يَحْتَمِلُ الْجَوَازُ وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ شَرْعًا اهـ. قَوْلُهُ: (لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ) الْمَعْنَى فِي هَذَا أَنَّ اللَّبَنَ الْمَوْجُودَ عِنْدَ الْبَيْعِ مُخْتَلِطٌ بِالْحَادِثِ يَتَعَذَّرُ تَمْيِيزُهُ، فَعَيَّنَ الشَّارِعُ لَهُ بَدَلًا قَطْعًا لِلْخُصُومَةِ كَالْغُرَّةِ وَأَرْشِ الْمُوضِحَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) صَحَّحَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد فَإِنْ رَدَّهَا رَدٌّ مَعَهَا مِثْلَ لَبَنِهَا قَمْحًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَتَانُ) جَمْعُهَا فِي اللُّغَةِ آتُنٌ عَلَى وَزْنِ أَفْلُسٌ، وَفِي الْكَثْرَةِ أُتُنٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالتَّاءِ وَإِسْكَانِهَا أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَرُدُّ مَعَهُمَا) اقْتَضَى كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَرُدُّ مَعَ كُلِّ مَأْكُولٍ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ الْمَشْهُور. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ) جَعَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَجْهًا شَاذًّا فَفِي التَّعْبِيرِ بِالْأَصَحِّ نَظَرٌ. قَوْلُهُ (لِعَدَمِ وُرُودِهِ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ لِأَنَّ لَبَنَ غَيْرِ النِّعَمِ لَا يُقْصَدُ إلَّا عَلَى نُدُورٍ بِخِلَافِ النِّعَمِ. قَوْلُهُ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 (وَحَبْسُ مَاءِ الْقَنَاةِ وَالرَّحَى الْمُرْسَلِ عِنْدَ الْبَيْعِ وَتَحْمِيرُ الْوَجْهِ وَتَسْوِيدُ الشَّعْرِ وَتَجْعِيدُهُ) الدَّالُّ عَلَى قُوَّةِ الْبَدَنِ (يُثْبِتُ الْخِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ عِلْمِهِ بِهِ كَالتَّصْرِيَةِ بِجَامِعِ التَّلْبِيسِ (لَا لَطَّخَ ثَوْبَهُ) أَيْ الْعَبْدُ بِالْمِدَادِ (تَخْيِيلًا لِكِتَابَتِهِ) فَبَانَ غَيْرَ كَاتِبٍ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ غَرَرٍ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى مُطْلَقِ التَّلْبِيسِ. بَابٌ بِالتَّنْوِينِ (الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ فَإِنْ تَلِفَ) بِآفَةٍ (انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَسَقَطَ الثَّمَنِ) عَنْ الْمُشْتَرِي (وَلَوْ   [حاشية قليوبي] لَا خِيَارَ فِيمَا لَوْ تَجَعَّدَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ. قَوْلُهُ (بِجَامِعِ التَّلْبِيسِ) أَيْ أَوْ الضَّرَرِ وَإِنْ انْتَفَى التَّلْبِيسُ كَمَا فِي الْمُصَرَّاةِ. قَوْلُهُ: (يَثْبُتُ الْخِيَارُ) إنْ لَمْ يَنْسُبْ الْمُشْتَرِي إلَى تَقْصِيرٍ بِأَنْ كَانَ ظَاهِرًا لَا يَجْهَلُهُ أَحَدٌ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ تَلْبِيسٌ فَلَا خِيَارَ قَطْعًا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ فَرَاجِعْهُ وَمِثْلُ الْكِتَابَةِ، كُلُّ صَنْعَةٍ أَلْبَسَهُ ثِيَابَ أَهْلِهَا لِيُوهِمَ أَنَّهُ يَعْرِفُهَا، وَكُلُّهُ حَرَامٌ لِلتَّلْبِيسِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْخِيَارُ. تَنْبِيهٌ: لَا أَثَرَ لِتَوَهُّمِ الْعَيْبِ كَمَا مَرَّ. فَرْعٌ: تُنْدَبُ إقَالَةُ النَّادِمِ وَتَصِحُّ، وَلَوْ قِيلَ: الْقَبْضُ وَمِنْ الْوَارِثِ وَبَعْدَ تَلَفِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَا يَدَ لَهَا مِنْ صِيغَةٍ، وَيَقَعُ فَسْخًا لِلْعَقْدِ مِنْ حِينِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. بَابٌ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ فَسْخٍ أَوْ خِيَارٍ أَوْ تَصَرُّفٍ، وَخَصَّ الْمَبِيعَ لِمُرَاعَاةِ الْحَدِيثِ وَمِثْلُهُ الثَّمَنُ وَكُلُّ مَا يُضْمَنُ بِعَقْدٍ كَالصَّدَاقِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَذَا لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (بِالتَّنْوِينِ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ الْإِضَافَةِ اللَّازِمَ لَهَا عَدَمُ أَحَدِ رُكْنَيْ الْإِسْنَادِ، وَيَجُوزُ عَدَمُ التَّنْوِينِ بِنِيَّةِ إضَافَةِ الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (الْمَبِيعُ) خَرَجَ زَوَائِدُهُ فَهِيَ أَمَانَةٌ وَلَا أُجْرَةَ لَهَا وَإِنْ اسْتَعْمَلَهَا وَلَوْ بَعْدَ طَلَبِهَا كَالْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ عَنْ جِهَةِ الْبَيْعِ وَلَوْ حُكْمًا وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَخَرَجَ قَبْضُهُ عَنْ نَحْوِ وَدِيعَةٍ أَوْ بِلَا إذْنٍ حَيْثُ اُعْتُبِرَ وَدَخَلَ إحْبَالُ أَصْلٍ لِأَمَةٍ اشْتَرَاهَا فَرْعُهُ، وَوَضَعَ الْمَبِيعَ بِقُرْبِ الْمُشْتَرِي بِلَا مَانِعٍ وَتَعْجِيزِ مُكَاتَبٍ بَعْدَ بَيْعِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ، وَمَوْتِ مُوَرِّثِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ شَيْئًا مِنْ وَارِثِهِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَفَائِدَتُهُ فِي هَذَيْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَوْ الْمُوَرِّثِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِالثَّمَنِ لَا بِالْمَبِيعِ. تَنْبِيهٌ: حُكْمُ مَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ، كَحُكْمِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) وَإِنْ أَوْدَعَهُ لَهُ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَلِفَ إلَخْ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَعْنَى الضَّمَانِ هُنَا، وَشَمِلَ التَّلَفَ الْحِسِّيَّ وَالْحُكْمِيَّ كَوُقُوعِ دُرَّةٍ فِي بَحْرٍ لَمْ يُرْجَ إخْرَاجُهَا وَانْفِلَاتِ طَيْرٍ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ، وَصَيْدٍ مُتَوَحِّشٍ كَذَلِكَ، فَإِنْ رُجِيَ ذَلِكَ ثَبَتَ الْخِيَارُ وَانْقِلَابِ عَصِيرٍ خَمْرًا إنْ لَمْ يَعُدْ خَلًّا وَإِلَّا ثَبَتَ الْخِيَارُ، وَاخْتِلَاطِ مُتَقَوِّمٍ بِمِثْلِهِ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ وَإِلَّا ثَبَتَ الْخِيَارُ إنْ حَصَلَ فَوَاتُ غَرَضٍ، وَإِلَّا فَلَا   [حاشية عميرة] وَالْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ سَابِقًا لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَلِلْبُخَارِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَثْبُتُ الْخِيَارُ) لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرُ أَمْرِ الْبَائِعِ وَلَا عِلْمِهِ كَانَ الْخِيَارُ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الَّتِي تَحَفَّلَتْ بِنَفْسِهَا وَقَدْ صَحَّحَ فِيهَا الْبَغَوِيّ، وَالْقَاضِي الثُّبُوتَ، خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ وَالْحَاوِي، الصَّغِيرِ نَعَمْ لَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةِ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَتْ رُؤْيَتُهُ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ فَلَا خِيَارَ وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ الْبَائِعِ. قَوْلِ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) هُمَا جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ أَكْثَرَ عَلَفَهَا حَتَّى انْتَفَخَتْ بَطْنُهَا فَيَتَخَيَّلُ حَبَلَهَا وَفِيمَا لَوْ أُسِيبَ الزُّنْبُورُ عَلَى الضَّرْعِ حَتَّى انْتَفَخَ فَظَنَّهَا لَبُونًا [بَاب الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِع فَإِنْ تَلِفَ بِآفَةٍ] بَابُ الْمَبِيعِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ (انْفَسَخَ) أَيْ لِأَنَّهُ قَبْضٌ مُسْتَحَقٌّ بِالْعَقْدِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ انْفَسَخَ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ تَفَرَّقَا فِي عَقْدِ الصَّرْفِ قَبْلَ التَّقَابُضِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 أَبْرَأَهُ الْمُشْتَرِي عَنْ الضَّمَانِ لَمْ يَبْرَأْ فِي الْأَظْهَرِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ) الْمَذْكُورُ لِلتَّلَفِ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ. وَالثَّانِي: يَبْرَأُ لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ، وَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ لِلتَّلَفِ فَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ وَلَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ (وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) لِلْمَبِيعِ كَأَنْ أَكَلَهُ (قَبْضٌ) لَهُ (إنْ عَلِمَ) أَنَّهُ الْمَبِيعُ حَالَةَ إتْلَافِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ وَقَدْ أَضَافَهُ بِهِ الْبَائِعُ (فَقَوْلَانِ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَجْهَانِ (كَأَكْلِ الْمَالِكِ طَعَامَهُ الْمَغْصُوبَ ضَيْفًا) لِلْغَاصِبِ جَاهِلًا بِأَنَّهُ طَعَامُهُ هَلْ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِذَلِكَ؟ فِيهِ قَوْلَانِ. أَرْجَحُهُمَا نَعَمْ. فَعَلَى هَذَا إتْلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَكُونُ كَإِتْلَافِ الْبَائِعِ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ) لِلْمَبِيعِ (كَتَلَفِهِ) بِآفَةٍ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ وَيَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِهَذَا وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ فَسَخَ سَقَطَ الثَّمَنُ وَإِنْ أَجَازَ غَرِمَ الْبَائِعُ الْقِيمَةَ وَأَدَّى لَهُ الثَّمَنَ وَقَدْ يَتَقَاصَّانِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَفْسَخُ) الْبَيْعَ (بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) بِهِ (بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ وَيَغْرَمَ الْأَجْنَبِيُّ) الْقِيمَةَ (أَوْ يَفْسَخَ فَيَغْرَمَ   [حاشية قليوبي] وَاخْتِلَاطُ الْمِثْلِيِّ يُصَيِّرُهُ مُشْتَرَكًا وَيُثْبِتُ الْخِيَارَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِأَجْوَدَ فَرَاجِعْهُ، وَغَرَقُ الْأَرْضِ وَوُقُوعُ صَخْرَةٍ عَلَيْهَا لَا يُمْكِنُ رَفْعُهَا عَادَةً مُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ لِبَقَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ يَصِحُّ قَبْضُهَا مَعَ ذَلِكَ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ حَيْثُ تَنْفَسِخُ وَأَمَّا غَصْبُ الْمَبِيعِ وَإِبَاقِهِ وَجَحْدِ الْبَائِعِ لَهُ، وَلَوْ بِلَا حَلِفٍ مُثْبِتٌ لَلْخِيَارِ مَا دَامَ ذَلِكَ لِتَجَدُّدِ الْمُثْبَتِ كُلَّ وَقْتٍ، وَإِنْ أَجَازَ قَبْلَهُ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ الْخِيَارَ فِي هَذِهِ عَلَى التَّرَاخِي مُضِرٌّ أَوْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِآفَةٍ) هُوَ بَيَانٌ لِمَعْنَى التَّلَفِ الْمُسَاوِي لِقَوْلِهِمْ بِنَفْسِهِ لِعَدَمِ الْمُتْلِفِ، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ إتْلَافُ مَنْ لَا يُضْمَنُ كَمَحْصُولِ عِلْمِهِ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ وَأَعْجَمِيٍّ بِلَا أَمْرٍ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَكَذَا ثُبُوتُ حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ وَلَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (انْفَسَخَ الْبَيْعُ) فَيُقَدَّرُ عَوْدُ مِلْكِهِ لِلْبَائِعِ قُبَيْلَ التَّلَفِ فَعَلَيْهِ تَجْهِيزُهُ وَنَحْوُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ) تَفْسِيرُ الشَّارِحِ الْحُكْمُ بِالِانْفِسَاخِ وَعَدَمِهِ الْمُتَعَلِّقَيْنِ بِالتَّلَفِ الْمُرَتَّبَيْنِ عَلَى الْإِبْرَاءِ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ فَسَّرَهُ بِالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ اللَّازِمِ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسْتَدْرَكٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (سَبَبُ الضَّمَانِ) وَهُوَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) أَيْ مَنْ وَقَعَ لَهُ الْعَقْدُ وَلَوْ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ مُكْرَهًا أَوْ بِأَمْرِهِ لِغَيْرِ مُمَيَّزٍ أَوْ أَعْجَمِيٍّ أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ لَكِنَّهُ قَبَضَهُ تَعَدِّيًا مَثَلًا. قَوْلُهُ: (قَبَضَ لَهُ) أَيْ لَمَّا أَتْلَفَهُ إنْ كَانَ أَهْلًا وَلَمْ يَكُنْ إتْلَافُهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَإِلَّا كَإِتْلَافِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيٍّ، لَا بِأَمْرِ غَيْرِهِ فِيهِمَا فَكَالْآفَةِ كَمَا مَرَّ وَإِنْ لَزِمَهُمَا الْبَدَلُ وَكَإِتْلَافِهِ الْقِصَاصُ أَوْ لِصِيَالٍ أَوْ لِتَرْكِ صَلَاةٍ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ، أَوْ لِزِنًا أَوْ لِمُرُورِهِ بَيْنَ يَدَيْ مُصَلٍّ إلَى سُتْرَةٍ مُعْتَبَرَةٍ، أَوْ مَعَ بُغَاةٍ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ الْمَبِيعُ وَكَذَا لَوْ قَتَلَهُ الْإِمَامُ لِرِدَّةٍ أَوْ حِرَابَةٌ وَكَانَ هُوَ الْمُشْتَرِي فِيهِمَا وَإِلَّا فَهُوَ قَبْضٌ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ أَضَافَهُ) هُوَ قَيْدٌ لِتَمَامِ التَّشْبِيهِ، وَإِلَّا فَهُوَ قَبْضٌ وَإِنْ أَكَلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) وَرَجَّحَهُ الدَّمِيرِيِّ. قَوْلُهُ: (كَأَكْلِ الْمَالِكِ إلَخْ) نَعَمْ أَكْلُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ هُنَا لَا يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ كَمَا مَرَّ وَيَبْرَأُ بِهِ الْغَاصِبُ لِتَحَقُّقِ الْمِلْكِ السَّابِقِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (إنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ) أَيْ مَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَقْدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا لِنَحْوِ صِيَالٍ مِمَّا مَرَّ، أَوْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ بِدَعْوَاهُ التَّلَفَ أَوْ بِإِذْنِهِ لِأَجْنَبِيٍّ فِي إتْلَافِهِ أَوْ بِعِتْقٍ، وَلَوْ لِبَعْضِهِ لِأَنَّهُ يَسْرِي أَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لَهُ   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ: لَوْ حَصَلَ التَّلَفُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَكِنْ فِي زَمَنِ خِيَارٍ انْفَسَخَ أَيْضًا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مُسْتَدْرَكٌ. قَوْلُهُ (وَالثَّانِي يَبْرَأُ) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اخْتِصَاصَهُ بِغَيْرِ الرِّبَوِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَبَضَ) كَإِتْلَافِ الْمَالِكِ لِلْمَغْصُوبِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ أَضَافَهُ بِهِ الْبَائِعُ) كَأَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى هَذَا الْقَيْدِ قَرِينَةُ التَّشْبِيهِ، وَقَدْ أَدْخَلَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ مَا لَوْ صَدَرَ تَقْدِيمُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ غَيْرِ الْبَائِعِ قَالَ: فَفِيهِ الْقَوْلَانِ. أَمَّا إذَا أَكَلَهُ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمِ أَحَدٍ فَالْعِبَارَةُ تَشْمَلُهُ أَيْضًا فَيَحْتَمِلُ تَخْرِيجَهُ، عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَيْ فَيَكُونُ قَابِضًا عَلَى قَوْلٍ وَكَالْآفَةِ عَلَى آخَرَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَكِنَّ الْمُتَّجَهَ الْجَزْمُ فِيهَا بِحُصُولِ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (كَإِتْلَافِ الْبَائِعِ) زَادَ فِي الْقُوتِ أَنْ قَدَّمَهُ الْبَائِعُ فَإِنْ قَدَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِلْمُبَاشَرَةِ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْهُ أَحَدٌ فَهَلْ هُوَ كَالْآفَةِ أَوْ يَصِيرُ قَابِضًا الْأَقْرَبُ الثَّانِي بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ، وَالْمَنْقُولُ إمَّا هُوَ فِي تَقْدِيمِ الْبَائِعِ الطَّعَامَ إلَى الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْكِتَابِ، وَالشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي تَقْدِيمِ الْبَائِعِ كَمَا سَلَف. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَتَلَفِهِ بِآفَةٍ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ فَإِذَا أَتْلَفَهُ سَقَطَ الثَّمَنُ وَوَجْهُ مُقَابَلَةِ جَرَيَانِ الْإِتْلَافِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَفْسَخُ) أَيْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 الْبَائِعُ الْأَجْنَبِيُّ) الْقِيمَةَ وَقَطَعَ الْقَبْضَ بَعْضُهُمْ بِهَذَا. وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ (وَلَوْ تَعَيَّبَ) الْمَبِيعُ بِآفَةٍ (قَبْلَ الْقَبْضِ فَرَضِيَهُ) الْمُشْتَرِي بِأَنْ أَجَازَ الْبَيْعَ (أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ) وَلَا أَرْشَ لَهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْفَسْخِ (وَلَوْ عَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا خِيَارَ) لَهُ بِهَذَا الْعَيْبِ (أَوْ الْأَجْنَبِيُّ فَالْخِيَارُ) بِتَعْيِيبِهِ لِلْمُشْتَرِي (فَإِنْ أَجَازَ) الْبَيْعَ (غَرِمَ الْأَجْنَبِيُّ الْأَرْشَ) بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَمَّا قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا لِجَوَازِ تَلَفِهِ وَانْفِسَاخِ الْبَيْعِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَأَقَرَّهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا وَعَيَّبَهُ الْأَجْنَبِيُّ بِقَطْعِ يَدِهِ فَأَرْشُهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ. وَفِي قَوْلِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ (وَلَوْ عَيَّبَهُ الْبَائِعُ فَالْمَذْهَبُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَا التَّغْرِيمُ) وَمُقَابِلُهُ ثُبُوتُ التَّغْرِيمِ مَعَ الْخِيَارِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِعْلَ الْبَائِعِ كَفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ كَإِتْلَافِهِ الَّذِي هُوَ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ عَلَى الرَّاجِحِ الْمَقْطُوعِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. فَصَحَّ التَّعْبِيرُ هُنَا بِالْمَذْهَبِ كَمَا هُنَاكَ. وَلَوْ قَالَ: ثَبَتَ الْخِيَارُ لَا التَّغْرِيمُ فِي الْمَذْهَبِ كَانَ أَوْضَحَ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ) مَنْقُولًا كَانَ أَوْ عَقَارًا وَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: «لَا تَبِيعَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَقْبِضَهُ» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ مُتَّصِلٌ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ تُبَاعَ   [حاشية قليوبي] وَحْدَهُ أَوْ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي تَعَدِّيًا مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَظْهَرِ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) فَوْرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَعَمْ يَنْفَسِخُ فِي الرِّبَوِيِّ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ جِنْسِهِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْبَدَلِ بَدَلَ الْقِيمَةِ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (إنَّ إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ إنْ كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ أَهْلٌ لِلضَّمَانِ فَإِتْلَافُهُ لِنَحْوِ صِيَالٍ كَالْآفَةِ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا إتْلَافُ الْحَرْبِيِّ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَا مَرَّ. قَوْله: (فَلَا خِيَارَ لَهُ) وَهُوَ قَابِضٌ لِمَا أَتْلَفَهُ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ قِسْطُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ الثَّمَنِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ فِيمَا لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ كَالْيَدِ وَفَارَقَ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لِمُسْتَأْجِرٍ خَرَّبَ الدَّارَ وَلِامْرَأَةٍ جَبَّتْ ذَكَرَ زَوْجِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا مَا يُخَيَّلُ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْمُتْلِفِ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْأَجْنَبِيُّ) وَمِنْهُ وَلَدُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ انْتَقَلَ الْخِيَارُ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِنْ فَسَخَ فَكَالْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ أَجَازَ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ عَلَى نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (فَالْخِيَارُ لَهُ) أَيْ فَوْرًا فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَمَّا قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا غُرْمَ) لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، إنْ نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ حَقٍّ ثَابِتٍ لِأَمْرٍ مُتَوَهَّمٍ وَبِاقْتِضَائِهِ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَبِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ الْمَبِيعَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا الْمُطَالَبَةُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَا التَّغْرِيمُ) لِأَنَّ فِعْلَ الْبَائِعِ كَالْآفَةِ وَمِثْلُهُ مَا أُلْحِقَ بِهِ مِمَّا مَرَّ. قَوْله: (كَانَ أَوْضَحَ) لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لَا خِلَافَ فِيهِ. تَنْبِيهٌ: مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَكِيلُ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ فِي الْعَقْدِ وَمِنْهُ عَبْدُهُمَا وَعَبْدُ الْأَجْنَبِيِّ نَعَمْ إتْلَافُ عَبْدِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ قَبْضٌ كَفِعْلِهِ وَدَابَّةُ كُلٍّ مِنْهُمْ كَفِعْلِهِ إنْ ضَمِنَ مُتْلِفُهَا وَإِلَّا فَكَالْآفَةِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مُخَالَفَةٌ فِي بَعْضِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ) وَغَيْرُ الْمَبِيعِ مِثْلُهُ كَمَا يَأْتِي وَخَرَجَ بِهِ زَوَائِدُهُ فَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهَا مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (قَبْلَ قَبْضِهِ) وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ أَوْ لَهُمَا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْبَائِعُ فِيهِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. فَرَاجِعْهُ. أَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَوْ حُكْمًا فَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ وَمِنْهُ مَسْأَلَةُ الْعَبْدِ وَالْوَارِثِ السَّابِقَتَيْنِ، نَعَمْ يَصِحُّ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (حِزَامٍ) بِمُهْمَلَةٍ   [حاشية عميرة] لِقِيَامِ الْقِيمَةِ مَقَامَ الْمَبِيعِ، وَوَجْهُ التَّخْيِيرِ فَوَاتُ الْعَيْنِ الْمَقْصُودَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِهَذَا) بِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَوْ حَذَفَ الْأَظْهَرَ، وَقَالَ بَدَلَهُ: وَإِنَّ إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ لَكَانَ مُوفِيًا بِقَاعِدَتِهِ مَعَ الِاخْتِصَارِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمَقْطُوعَ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ إلَخْ) أَيْ لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَرَضَ تَلَفُ شَيْءٍ يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَأَحَدِ الْعِيدَيْنِ فَإِنَّهُ يُجِيزُ بِالْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا سَلَفَ. قَوْلُهُ: (فَلَا خِيَارَ) أَيْ بَلْ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعُيُوبِ وَيُعَدُّ قَابِضًا لِمَا تَلِفَ بِتَعْيِيبِهِ حَتَّى يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ فَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ فَمَاتَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ، فَلَا يَضْمَنُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَلَا بِمَا نَقَصَ مِنْهَا بَلْ يُجْزِئُ مِنْ الثَّمَنِ. تَنْبِيهٌ: إذَا عَيَّبَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَكَذَا لَوْ جَبَّتْ ذَكَرَ زَوْجِهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ تَعْيِيبَ الْمُشْتَرِي يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْقَبْضِ، بِخِلَافِ هَذَيْنِ لَا يُتَخَيَّلُ فِيهِمَا ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَلْزَمُ هَذَا عَدَمَ تَمَكُّنِ الْبَائِعِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ أَيْضًا، وَأَنَّهُ لَوْ غَصَبَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتَمَكَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ الْمُطَالَبَةِ. قَوْلُهُ: (فَأَرْشُهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ) بِخِلَافِ نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْمُشْتَرِي إذَا مَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ وَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ صَحِيحًا وَمَقْطُوعَ الْيَدِ، وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ مِثْلُ تِلْكَ النِّسْبَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ) ذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي ذَلِكَ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا: ضَعْفُ الْمِلْكِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 سِلْعَةٌ حَيْثُ تُبَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إلَى رِحَالِهِمْ» . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَحَادِيثُ بِمَعْنَى ذَلِكَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ بَيْعَهُ لِلْبَائِعِ كَغَيْرِهِ) فَلَا يَصِحُّ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ كَبَيْعِ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْخِلَافُ فِي بَيْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ تَفَاوُتِ صِفَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ إقَالَةٌ بِلَفْظِ الْبَيْعِ قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْإِجَارَةَ وَالرَّهْنَ وَالْهِبَةَ كَالْبَيْعِ) فَلَا تَصِحُّ لِوُجُودِ الْمَعْنَى الْمُعَلَّلِ بِهِ النَّهْيَ فِيهَا، وَهُوَ ضَعْفُ الْمِلْكِ (وَأَنَّ الْإِعْتَاقَ بِخِلَافِهِ) فَيَصِحُّ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ وَيَكُونُ بِهِ قَابِضًا. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهِ يَلْحَقُهُ بِالْبَيْعِ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيمَا قَبْلَهُ لَا يَلْحَقُ بِالْبَيْعِ غَيْرُهُ (وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ) دَرَاهِمَ كَانَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ غَيْرَهُمَا (كَالْمَبِيعِ فَلَا يَبِيعُهُ الْبَائِعُ قَبْلَ قَبْضِهِ) لِعُمُومِ النَّهْيِ لَهُ. وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ بِالتَّصَرُّفِ وَهُوَ أَعَمُّ وَلَوْ تَلِفَ انْفَسَخَ الْبَيْعُ. وَلَوْ أَبْدَلَهُ الْمُشْتَرِي بِمِثْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ بِرِضَا الْبَائِعِ فَهُوَ كَبَيْعِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ (وَلَهُ بَيْعُ مَالِهِ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَمَانَةً كَوَدِيعَةٍ وَمُشْتَرَكٍ وَقِرَاضٍ وَمَرْهُونٍ   [حاشية قليوبي] مَكْسُورَةٍ فَزَايٍ مُعْجَمَةٍ. قَوْلُهُ: «لَا تَبِيعَنَّ شَيْئًا» أَيْ اشْتَرَيْته كَمَا فِي الْحَدِيثِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (حَيْثُ تُبَاعُ) أَيْ تُشْتَرَى فَحَيْثُ مُجَرَّدَةٌ عَنْ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِحَوْزِ التُّجَّارِ وُجُودُهُ الْقَبْضَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ قَبْلَهُ فَكُلٌّ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ مُبَيِّنٌ لِمَا لَيْسَ فِي الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (أَنَّ بَيْعَهُ لِلْبَائِعِ) أَيْ تَصَرُّفَهُ مَعَهُ كَتَصَرُّفِهِ مَعَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ تَعَيَّنَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ أَوْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ إقَالَةٌ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَيَقَعُ فَسْخًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْإِجَارَةَ كَالْبَيْعِ) فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَلَوْ مَعَ الْبَائِعِ، وَفَارَقَ صِحَّةَ إجَارَةِ الْمُؤَجَّرِ لَا مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِ مَحِلِّهَا لِعَدَمِ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ فِيهَا قَالَهُ ابْنُ حَجّ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَالرَّهْنُ) أَيْ كَالْبَيْعِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ مَعَ الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَا فِي الْمَنْهَجِ ضَعِيفٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَنْصُوصِ فِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ بَلْ هُوَ بَحْثٌ لِلْأَذْرَعِيِّ وَالسُّبْكِيِّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْهِبَةَ) أَيْ كَالْبَيْعِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَلَوْ مَعَ الْبَائِعِ وَمِنْهَا الصَّدَقَةُ، وَالْهَدِيَّةُ وَمِثْلُ ذَلِكَ عِوَضُ الْخُلْعِ وَصَلُحَ نَحْوُ دَمٍ وَقَرْضٍ وَقِرَاضٍ وَشَرِكَةٍ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَأَنَّ الْإِعْتَاقَ نَافِذٌ) أَيْ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ، وَإِنْ كَانَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَا عَنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ لِأَنَّهُ هِبَةٌ أَوْ بَيْعٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا بَاطِلٌ كَمَا مَرَّ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ الْوَقْفَ صَحِيحٌ كَالْعِتْقِ وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ وَكَذَا الِاسْتِيلَادُ وَيَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقَبْضُ. تَنْبِيهٌ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَالتَّدْبِيرُ وَالتَّزْوِيجُ وَقِسْمَةُ غَيْرِ الرَّدِّ وَإِبَاحَةُ الطَّعَامِ لِلْفُقَرَاءِ، وَلَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَفِي الْمَنْهَجِ حُصُولُ الْقَبْضِ بِأَخْذِ الْفُقَرَاءِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الطَّعَامَ بِمَا اشْتَرَى جُزَافًا لِأَنَّ الْمُقَدَّرَ يَتَوَقَّفُ قَبْضُهُ عَلَى التَّقْدِيرِ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الصَّدَقَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَحَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ بِمَا ذُكِرَ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ بِالْفِعْلِ مِنْ الْعَاقِدِ أَوْ وَارِثِهِ فَلْيُرَاجَعْ ذَلِكَ وَلْيُحَرَّرْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَهُ بِمِثْلِهِ) أَيْ وَهُوَ بَاقٍ عِنْدَهُ أَوْ بِغَيْرِهِ صِفَتِهِ أَوْ جِنْسِهِ مُطْلَقًا وَلَوْ بِرِضَا الْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ كَبَيْعِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ) أَيْ فَهُوَ بَاطِلٌ فَإِنْ كَانَ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ أَوْ بِمِثْلِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ أَوْ كَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ إقَالَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَبِيعِ، وَلَوْ بَاعَ الثَّمَنَ بَعْدَ قَبْضِهِ ثُمَّ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ دُونَ الثَّمَنِ وَإِنْ لِمَ يَقْبِضْهُ مُشْتَرِيهِ، وَيَضْمَنُ الْبَائِعُ يَدَهُ لِلْمُشْتَرِي. وَيَظْهَرُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي عَكْسِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْقَبْضُ هُنَا فِي الْإِبَاحَةِ ضِمْنِيٌّ وَفِيهِ بَحْثٌ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمِثْلُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِي الْبُطْلَانِ كُلُّ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ كَأُجْرَةٍ وَبَدَلِ خُلْعٍ وَصَدَاقٍ وَعِوَضِ صُلْحٍ عَنْ مَالٍ أَوْ دَمٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ بَيْعُ مَالِهِ) بِالْإِضَافَةِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِ مَا مَوْصُولَةً لِشُمُولِهِ غَيْرَ الْأَمْوَالِ وَنُقِلَ عَنْ خَطِّ الْمُصَنِّفِ ضَبْطُهَا بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ. قَوْلُهُ: (كَوَدِيعَةٍ) وَمِثْلُهُ غَلَّةُ وَقْفٍ وَغَنِيمَةٍ فَلِأَحَدِ الْمُسْتَحَقِّينَ أَوْ الْغَانِمِينَ بَيْعُ حِصَّتِهِ قَبْلَ إفْرَازِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا. بِخِلَافِ حِصَّتِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا قَبْلَ إفْرَازِهَا وَرُؤْيَتِهَا، وَاكْتَفَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِالْإِفْرَازِ فَقَطْ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَمُشْتَرَكٍ) أَيْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي حِصَّتِهِ مِنْهُ قَبْلَ قِسْمَتِهِ فَإِنْ قَسَمَ قِسْمَةً غَيْرَ رَدٍّ جَازَ تَصَرُّفُهُ فِي حِصَّتِهِ أَيْضًا قَبْلُ، وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهَا بَيْعٌ إذْ لَيْسَتْ عَلَى قَوَانِينِ الْبَيْعِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الرِّضَا فِيهَا، بِخِلَافِ قِسْمَةِ الرَّدِّ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي حِصَّتِهِ قَبْلَ قَبْضِهِمَا لِأَنَّهَا بَيْعٌ. قَوْلُهُ: (وَقِرَاضٍ) فَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ   [حاشية عميرة] وَالثَّانِي تَوَالِي الضَّمَانَيْنِ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، بِمَعْنَى اجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ بِقَدْرِ انْتِقَالِهِ قُبَيْلَ التَّلَفِ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي إلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَمِنْ الْأَوَّلِ إلَى الْبَائِعِ، وَبَيْعُهُ مِنْ الْبَائِعِ فِيهِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ خَاصَّةً وَلِذَا جَرَى وَجْهٌ فِيهِ بِالصِّحَّةِ مُرَاعَاةً لِلْمَعْنَى الثَّانِي. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لِأَنَّ مَنْ يَشْتَرِي مَا فِي يَدِ نَفْسِهِ يَصِيرُ قَابِضًا فِي الْحَالِ، فَلَا يَتَوَالَى إلَى ضَمَانَاتٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ) وَلَوْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ إقَالَةٌ) أَيْ تَغْلِيبًا لِمَعْنَى الْعَقْدِ عَلَى لَفْظِهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَلْحَقُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 بَعْدَ انْفِكَاكِهِ وَمَوْرُوثٍ وَبَاقٍ فِي يَدِ وَلِيِّهِ بَعْدَ رُشْدِهِ. وَكَذَا عَارِيَّةٌ وَمَأْخُوذٌ بِسَوْمٍ) لِتَمَامِ الْمِلْكِ فِي الْمَذْكُورَاتِ. وَفَصْلُ الْأَخِيرَيْنِ بِكَذَا لِأَنَّهُمَا مَضْمُونَانِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَوْرُوثِ مَا اشْتَرَاهُ الْمَوْرُوثُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَلَا يَمْلِكُ الْوَارِثُ بَيْعَهُ كَالْمُورِثِ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ) قَبْلَ قَبْضِهِ (وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) لِعُمُومِ النَّهْيِ لِذَلِكَ (وَالْجَدِيدُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ) الَّذِي فِي الذِّمَّةِ لِحَدِيثِ «ابْنِ عُمَرَ: كُنْت أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ، فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا بَأْسَ إذَا تَفَرَّقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ» . رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالْقَدِيمُ الْمَنْعُ لِعُمُومِ النَّهْيِ السَّابِقِ لِذَلِكَ وَالثَّمَنُ النَّقْدُ وَالْمُثَمَّنُ مُقَابِلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدٌ   [حاشية قليوبي] لِكَمَالِهِ سَوَاءٌ رَبِحَ أَوْ لَا وَقَعَتْ قِسْمَةٌ أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَمَرْهُونٍ بَعْدَ انْفِكَاكِهِ) أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَمِنْهُ الرَّهْنُ الشَّرْعِيُّ نَحْوُ ثَوْبٍ عِنْدَ خَيَّاطٍ شَرَعَ فِي خِيَاطَتِهِ، أَوْ عِنْدَ قَصَّارٍ شَرَعَ فِي قِصَارَتِهِ، أَوْ عِنْدَ صَبَّاغٍ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ عَمَلَهُ أَمَّا إذَا وَفَّاهُ أُجْرَتَهُ، إنْ كَانَ قَبْلَ شُرُوعِهِ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَإِنْ سَلَّمَهُ لَهُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفِي بِهِ الْآتِي. وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَازُ بَيْعِ غَنَمٍ اسْتَأْجَرَهُ لِرَعْيِهَا شَهْرًا مَثَلًا وَإِنْ مَضَى بَعْضُ الشَّهْرِ لِمَا ذُكِرَ وَإِذَا أَسْلَمَ الْأَجِيرُ نَفْسَهُ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ اسْتَحَقَّ أُجْرَتَهُ وَفَارَقَ نَحْوَ الْقِصَارَةَ بَعْدَ الشُّرُوعِ لِأَنَّهَا عَيْنٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَمُعَارٍ) أَيْ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ حَيْثُ قَالَ إنْ أَمْكَنَ رَدُّهُ كَدَارٍ وَدَابَّةٍ صَحَّ وَإِلَّا كَأَرْضٍ بُنِيَتْ أَوْ غُرِسَتْ فَلَا يَصِحُّ لِجَهْلِ الْمُدَّةِ وَلِأَنَّ اسْتِرْجَاعَهَا لَا يُمْكِنُ إلَّا بِغُرْمِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ أَوْ أَرْشِ النَّقْصِ وَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ اهـ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا مَضْمُونَانِ) وَهَكَذَا حِكْمَةُ فَصْلِ الْمُعَارِ وَالْمُسْتَامِ بِكَذَا، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ مَا قَبْلَهُمَا مَعْطُوفٌ عَلَى وَدِيعَةٍ فَهُوَ مِنْ الْأَمَانَةِ وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَاءِ الْمُورِثِ الَّذِي ذَكَرَهُ، لِأَنَّهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ مَضْمُونٌ وَلَوْ عَطَفَ الْمُشْتَرَكَ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى مَالِهِ لِيَشْمَلَ مَا فِيهِ ضَمَانٌ بِعَقْدٍ وَغَيْرِهِ لَكَانَ أَوْلَى، وَعَلَيْهِ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ لَا بُدَّ مِنْهُ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ. تَنْبِيهٌ: مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الْمَمْلُوكِ يَفْسَخُ بِعَيْبٍ وَإِقَالَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَبْسُهُ عَلَى الْمَرْجُوحِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِيهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَعَلَى الرَّاجِحِ فِي غَيْرِهِمَا وَمَا فِيهِ حَقُّ الْحَبْسِ مَبِيعٌ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَسْلَمْ فِيهِ الثَّمَنُ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ، وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي فَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ التَّقْيِيدِ مُعْتَمَدٌ. تَنْبِيهٌ آخَرَ: الْمَأْخُوذُ بِالسَّوْمِ مَضْمُونٌ كُلُّهُ إنْ أَخَذَهُ لِشِرَاءِ كُلِّهِ، وَإِلَّا فَقَدْرُ مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ فَلَوْ أَخَذَ خِرْقَةً عَشَرَةَ أَذْرُعٍ لِشِرَاءِ خَمْسَةٍ مِنْهَا لَمْ يَضْمَنْ الْخَمْسَةَ الثَّانِيَةَ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ فَلَوْ كَانَا قِطْعَتَيْنِ لِيَشْتَرِيَ خَمْسَةً مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ضَمِنَ خَمْسَةً مِنْ كُلٍّ مِنْهَا أَوْ لِيَشْتَرِيَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا ضَمِنَ كُلًّا مِنْهُمَا هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ) وَلَوْ نَقْدًا وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مُثَمَّنٍ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ غَيْرَ مُسَلَّمٍ فِيهِ فَيَشْمَلُ الْمَبِيعَ فِي الذِّمَّةِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ وَتَعْبِيرِي بِالْمُثَمَّنِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ لَا يُنَاسِبُ طَرِيقَتَهُ مِنْ كَوْنِ الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَخَرَجَ بِالْمُثَمَّنِ غَيْرُهُ مِنْ نَحْوِ أُجْرَةٍ وَصَدَاقٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ وَدَيْنِ ضَمَانٍ وَلَوْ لِمُسْلَمٍ فِيهِ وَمِنْ ذَلِكَ الثَّمَنُ وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُهُ: (وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) هُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (لِعُمُومِ النَّهْيِ) الْمَذْكُورِ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَبِيعَنَّ شَيْئَا» إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَالْجَدِيدُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ) أَيْ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَإِلَّا كَرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ وَرِبَوِيٍّ وَأُجْرَةٍ فِي إجَارَةِ ذِمَّةٍ فَلَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا بَيْعُ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ سَاقِطَةٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ) أَيْ عَلَقَةٌ. قَوْلُهُ: (وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ) هُوَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. وَقَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ الْمَنْعُ) وَحُمِلَ عَلَى مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالثَّمَنُ النَّقْدُ) سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْعَيْنُ أَوْ مَا فِي الذِّمَّةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ إذَا وَجَبَ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدٌ) أَيْ لَمْ يُوجَدْ فِي كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ.   [حاشية عميرة] بِالْبَيْعِ) أَيْ لِعَدَمِ تَوَالِي الضَّمَانَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ، أَيْ فَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنْ يُسَلِّمَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى) لَك أَنْ تَقُولَ هَذِهِ تَخْرُجُ بِقَوْلِ الْمِنْهَاجِ أَمَانَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ) مِثْلُهُ الْمَبِيعُ الْمَوْصُوفُ فِي الذِّمَّةِ إذَا عَقَدَ عَلَيْهِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّمَنِ بِأَنْ عَيَّنَ الْمَبِيعَ تَقْصِدُ، فَكَانَ كَالسَّلَمِ فِيهِ وَأَمَّا الثَّمَنُ فَالْغَرَضُ مِنْهُ مَالِيَّتُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْجَدِيدُ) الْخِلَافُ ثَابِتٌ سَوَاءٌ قَبَضَ الْمَبِيعَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ. تَنْبِيهٌ: الْمَضْمُونَاتُ ضَمَانُ عَقْدٍ كَالْأُجْرَةِ وَالصَّدَاقِ وَعِوَضُ الْخُلْعِ وَالدَّمِ حُكْمُهَا كَالثَّمَنِ، فَيَفْصِلُ فِيهَا بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَمَا فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 أَوْ كَانَا نَقْدَيْنِ فَالثَّمَنُ مَا دَخَلَتْهُ الْبَاءُ وَالْمُثَمَّنُ مُقَابِلُهُ (فَإِنْ اسْتَبْدَلَ مُوَافِقًا فِي عِلَّةِ الرِّبَا كَدَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ) أَوْ عَكْسِهِ (اُشْتُرِطَ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ) كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ حَذَرًا مِنْ الرِّبَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ) لِلْبَدَلِ أَيْ تَشْخِيصُهُ (فِي الْعَقْدِ) كَمَا لَوْ تَصَارَفَا فِي الذِّمَّةِ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (وَكَذَا) لَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَصَحِّ (الْقَبْضُ) لِلْبَدَلِ (فِي الْمَجْلِسِ إنْ اسْتَبْدَلَ مَا لَا يُوَافِقُ فِي الْعِلَّةِ) لِلرِّبَا (كَثَوْبٍ عَنْ دَرَاهِمَ) كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطُ فِي قَبْضِ الثَّوْبِ فِي الْمَجْلِسِ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِأَنَّ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ دَيْنٌ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْآخَرِ فِي الْمَجْلِسِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ. وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ لِلْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ. وَلَا يُشْتَرَطُ تَعَيُّنُهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ فَيَصِفُهُ فِيهِ ثُمَّ يُعَيِّنُهُ. فَرْعٌ: لَا يَجُوزُ اسْتِبْدَالُ الْمُؤَجَّلِ مِنْ الْحَالِ وَيَجُوزُ عَكْسُهُ وَكَأَنَّ صَاحِبَ الْمُؤَجَّلِ عَجَّلَهُ (وَلَوْ اسْتَبْدَلَ عَنْ الْقَرْضِ وَقِيمَةِ الْمُتْلَفِ جَازَ) لِاسْتِقْرَارِ ذَلِكَ. وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ بِدَيْنِ الْقَرْضِ وَالْإِتْلَافِ وَهُوَ شَامِلٌ لِمِثْلِ التَّلَفِ (وَفِي اشْتِرَاطِ قَبْضِهِ) أَيْ الْبَدَلِ (فِي الْمَجْلِسِ مَا سَبَقَ) فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا فِي عِلَّةِ الرِّبَا اُشْتُرِطَ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَصَحِّ وَفِي تَعْيِينِهِ مَا سَبَقَ (وَبَيْعُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ بَاطِلٌ فِي الْأَظْهَرِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ زَيْدٍ بِمِائَةٍ لَهُ عَلَى عَمْرٍو) لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْلِيمِهِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ لِاسْتِقْرَارِهِ كَبَيْعِهِ مِمَّنْ عَلَيْهِ وَهُوَ الِاسْتِبْدَالُ الْمُتَقَدِّمُ، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مُخَالِفًا لِلرَّافِعِيِّ، وَيُشْتَرَطُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَالثَّمَنُ مَا دَخَلَتْهُ الْبَاءُ) وَفِي الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ مَا مَرَّ وَأَمَّا الْمُثَمَّنُ مُطْلَقًا فَلَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ فَعُلِمَ أَنَّ السَّلَمَ لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ) أَيْ التَّعْيِينُ فِي الْعَقْدِ لِيَخْرُجَ إلَخْ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ هَذَا دَيْنٌ نَشَأَ الْآنَ وَالْمَمْنُوعُ مَا كَانَ بِدَيْنٍ سَابِقٍ. قَوْلُهُ: (لِلْعِلْمِ بِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا إنْ كَانَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَسَيَأْتِي تَعْيِينُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ مِنْ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ وَلَا يَكُونُ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ التَّعْيِينِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اُسْتُبْدِلَ عَنْ الْقَرْضِ وَقِيمَةُ الْمُتْلَفِ جَازَ) قَالَ شَيْخُنَا م ر عَنْ نَفْسِ الْقَرْضِ أَوْ دَيْنِهِ وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ الْمَذْكُورَةِ تَخْصِيصَهُ بِالثَّانِي اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ إذْ الِاسْتِبْدَالُ إنَّمَا هُوَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَ فِيهَا إلَّا مُقَابِلُ الشَّيْءِ الْمُقْرَضِ لَا عَيْنُهُ سَوَاءٌ كَانَ تَالِفًا أَوْ بَاقِيًا، وَلَا يَنْتَقِلُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ عَيْنِهِ سَوَاءٌ مَعَ بَقَائِهِ أَوْ عَدَمِهِ، وَمَنْ مَنَعَ مَعَ بَقَائِهِ إنَّمَا هُوَ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الرُّجُوعِ فِيهِ لَا لِكَوْنِهِ عَنْ عَيْنِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ شَامِلٌ لِمِثْلِ الْمُتْلَفِ) فَعِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ أَوْلَى لِذَلِكَ بَلْ وَتَشْمَلُ الْحُكُومَاتِ وَالدَّيْنَ الْمُوصَى بِهِ، وَالْوَاجِبَ فِي الْمُتْعَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَزَكَاةَ الْفِطْرِ عِنْدَ حَصْرِ الْفُقَرَاءِ وَالدَّيْنَ الثَّابِتَ بِالْحَوَالَةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَيَكْفِي هُنَا الْعِلْمُ بِقَدْرِ مَا يُعْتَاضُ عَنْهُ وَلَوْ بِإِخْبَارِ أَحَدِهِمَا، وَلَا يُشْتَرَطُ كَيْلٌ وَلَا وَزْنٌ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ مَا لَمْ يَكُنْ رِبًا وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ كَأَنْ اعْتَاضَ عَنْ دَيْنِ الْقَرْضِ الذَّهَبِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، نَعَمْ إنْ كَانَ بِلَفْظِ الصُّلْحِ صَحَّ. قَوْلُهُ: (وَبَيْعُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ) أَيْ بِغَيْرِ دَيْنٍ سَابِقٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ) وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَشْتَرِيَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الدَّيْنَ فِي مِثَالِهِ ثَمَنٌ لَا مَبِيعٌ فَيُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ، إلَّا   [حاشية عميرة] الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ فَإِنْ قُلْنَا لَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ فِي الْمَجْلِسِ وَاشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ انْتَهَى. وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلْعِلْمِ بِهِ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ لِي وَجْهُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَتَحَصَّلَ أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ يَعْنِي قِسْمَ غَيْرِ الْمُتَّفِقِ، لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ فِي الْعَقْدِ وَلَا قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى الْأَصَحِّ، بَلْ تَعْيِينُهُ فِيهِ، قَالَ: وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُمْ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْقَبْضِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ اللُّزُومِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَيَتَعَيَّنُ بِرِضَاهُمَا وَيَنْزِلُ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ، هَكَذَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَهُوَ جَيِّدٌ يَقْتَضِي إلْحَاقَ زَمَنِ خِيَارِ الشَّرْطِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ اهـ. قَوْلُهُ: (لِاسْتِقْرَارِ ذَلِكَ) أَيْ بِخِلَافِ دَيْنِ السَّلَمِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُحَرَّرُ) عِبَارَتُهُ: وَإِنْ ثَبَتَ لَا ثَمَنًا وَلَا مَغْنَمًا كَدَيْنِ الْقَرْضِ وَالْإِتْلَافِ فَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ بِلَا خِلَافٍ اهـ. فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَازُ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَأْخُوذَةِ فِي الْحُكُومَاتِ وَالدَّيْنِ الْمُوصَى بِهِ، وَالْوَاجِبُ بِتَقْرِيرِ الْحَاكِمِ فِي الْمُتْعَةِ أَوْ بِسَبَبِ الضَّمَانِ، كَذَا زَكَاةُ الْفِطْرِ إذَا انْحَصَرَ الْفُقَرَاءُ فِي الْبَلَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي الدَّيْنِ الثَّابِتِ بِالْحَوَالَةِ نَظَرٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 عَلَيْهِ قَبْضُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ أَحَدِهِمَا بَطَلَ الْبَيْعُ. كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كَالتَّهْذِيبِ وَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ يُخَالِفُهُ (وَلَوْ كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو دَيْنَانِ عَلَى شَخْصٍ فَبَاعَ زَيْدٌ عَمْرًا دَيْنَهُ بِدَيْنِهِ بَطَلَ قَطْعًا) اتَّفَقَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ «لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَفُسِّرَ بِبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كَمَا وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ. وَقَوْلُهُ قَطْعًا كَقَوْلِ الْمُحَرَّرِ بِلَا خِلَافٍ مَزِيدٌ عَلَى الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَقَبْضُ الْعَقَارِ تَخْلِيَتُهُ لِلْمُشْتَرِي وَتَمْكِينُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ) فِيهِ (بِشَرْطِ فَرَاغِهِ مِنْ أَمْتِعَةِ الْبَائِعِ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ مَا يَضْبِطُهُ شَرْعًا أَوْ لُغَةً، وَلَوْ أَتَى الْمُصَنِّفُ بِالْبَاءِ فِي التَّخْلِيَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ كَانَ أَقْوَمَ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِعْلُ الْمُشْتَرِي وَالتَّخْلِيَةَ فِعْلُ الْبَائِعِ فَلَوْلَا التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ لِمَا صَحَّ الْحَمْلُ إلَّا أَنْ يُفَسِّرَ الْقَبْضَ بِالْإِقْبَاضِ، وَالْعَقَارُ يَشْمَلُ الْأَرْضَ وَالْبِنَاءَ وَغَيْرَهُمَا وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ أَمْتِعَةٌ لِلْبَائِعِ تَوَقَّفَ الْقَبْضُ عَلَى تَفْرِيغِهَا وَلَوْ جُمِعَتْ فِي بَيْتٍ مِنْهَا تَوَقَّفَ الْقَبْضُ لَهُ عَلَى تَفْرِيغِهِ (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْعَاقِدَانِ الْمَبِيعَ اُعْتُبِرَ) فِي حُصُولِ قَبْضِهِ (مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُضِيُّ إلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) اعْتِبَارُ الزَّمَنِ   [حاشية قليوبي] أَنْ يُقَالَ أَنَّ الثَّمَنَ يُقَالُ لَهُ مَبِيعٌ، أَوْ يُرَادُ بِالْمَبِيعِ مُطْلَقُ الْمُقَابِلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (قَبْضُ الْعِوَضَيْنِ) وَهُمَا الْعَبْدُ وَالْمِائَةُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ لِاشْتِرَاطِ كَوْنِ مَنْ عَلَيْهِ مَلِيئًا مُقِرًّا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا وَعَدَمِهِ، عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ، وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ الْحَمْلِ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: (شَخْصٍ) إشَارَةٌ إلَى دَفْعِ أَنْ يُرَادَ بِالتَّعْيِينِ نَحْوُ الْجِنْسِ أَوْ الْقَدْرِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ) الْمُنَاسِبُ التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ. قَوْلُهُ: (الْكَالِئِ) هُوَ بِالْأَلِفِ قَبْلَ اللَّامِ وَهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَفُسِّرَ) أَيْ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَفِي اللُّغَةِ أَنَّهُ بَيْعُ النَّسِيئَةَ بِالنَّسِيئَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَبْضُ الْعَقَارِ إلَخْ) حَاصِلُ أَطْرَافِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَبِيعَ إمَّا مَنْقُولٌ أَوْ غَيْرُهُ وَكُلٌّ إمَّا حَاضِرٌ، فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ غَائِبٌ عَنْهُ، وَكُلٌّ إمَّا بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ، وَكُلٌّ إمَّا غَيْرُ مَشْغُولٍ أَوْ مَشْغُولٌ، وَالْمَشْغُولُ إمَّا بِأَمْتِعَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ مُشْتَرَكَةٌ وَالْمُشْتَرَكَةُ إمَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ بَيْن ثَلَاثَةٍ، وَالْمُرَادُ بِأَمْتِعَةِ الْمُشْتَرِي مَا لَهُ يَدٌ عَلَيْهَا وَحْدَهُ وَلَوْ بِوَدِيعَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْبَائِعِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَحَاصِلُ الْحُكْمِ فِي قَبْضِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَنْقُولِ نَقْلُهُ، وَلَوْ حُكْمًا فِي الْغَائِبِ مُطْلَقًا مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهِ عَادَةً ثُمَّ إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرَ مَشْغُولٍ بِأَمْتِعَةٍ اُشْتُرِطَ تَمَكُّنُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِتَسْلِيمِ مِفْتَاحِهِ مَثَلًا أَوْ الْإِذْنِ لَهُ فِي فِعْلِهِ وَاشْتُرِطَ إذْنُ الْبَائِعِ لَهُ فِي قَبْضِهِ إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، وَإِنْ كَانَ مَشْغُولًا بِأَمْتِعَةِ الْمُشْتَرِي، وَحْدَهُ اُشْتُرِطَ مُضِيُّ زَمَنِ التَّفْرِيغِ لِأَفْعَالِهِ أَوْ بِأَمْتِعَةِ غَيْرِهِ اُشْتُرِطَ التَّفْرِيغُ بِالْفِعْلِ، هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ وَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ مِنْ الِاضْطِرَابِ الَّذِي مُنْشَؤُهُ تَفْسِيرُ الْإِقْبَاضِ، تَارَةً بِاللَّفْظِ وَتَارَةً بِالتَّمْكِينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَتَفْسِيرُ التَّخْلِيَةِ كَذَلِكَ يَجِبُ رُجُوعُهُ إلَى مَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالْهِدَايَةُ إلَى سَوَاءِ الطَّرِيقِ. قَوْلُهُ: (تَخْلِيَتُهُ لِلْمُشْتَرِي وَتَمْكِينُهُ مِنْهُ) عَطْفُ التَّمْكِينِ عَلَى التَّخْلِيَةِ تَفْسِيرٌ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِالتَّخْلِيَةِ اللَّفْظُ بِهَا، وَبِالتَّمْكِينِ تَسْلِيمُ نَحْوِ الْمِفْتَاحِ أَوْ عَدَمِ مَانِعٍ فَمُغَايِرٌ. قَوْلُهُ: (أَمْتِعَةِ الْبَائِعِ) وَمِثْلُهَا أَمْتِعَةُ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْمُشْتَرَكَةُ وَلَوْ مَعَ الْمُشْتَرِي وَتَقَدَّمَ الْمُرَادُ بِهَا. قَوْلُهُ: (كَانَ أَقْوَمَ) بَلْ لَكَانَ قَوِيمًا لِأَنَّ الْقَبْضَ غَيْرُهَا، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِهَا عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُمَا) وَمِنْهُ زَرْعٌ فِي الْأَرْضِ أَوْ ثَمَرٌ عَلَى الشَّجَرِ وَإِنْ شُرِطَ قَطْعُهُ أَوْ بَدَاءُ صَلَاحِهِ، أَوْ بَلَغَ أَوَانُ جُذَاذِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَيَصِحُّ قَبْضُ ذَلِكَ الزَّرْعِ بِلَا نَقْلٍ، وَقَبْضُ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ، وَمِثْلُهَا الْأَرْضُ الْمَشْغُولَةُ بِالْحِجَارَةِ الْمَدْفُونَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَمِنْهُ مَاءُ بِئْرٍ وَصِهْرِيجٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي قَبْضِهِ أَوْ قَبَضَهُ مَحِلَّهُ نَقَلَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ النَّصُّ عَلَى مَاءِ الصِّهْرِيجِ، بِخِلَافِ مَاءِ الْبِئْرِ، وَمِنْهُ السَّفِينَةُ الَّتِي لَا تُنْحَرُ بِجَرِّهِ عَادَةً، وَإِنْ كَانَتْ   [حاشية عميرة] يُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي كَوْنِهَا بَيْعًا أَوْ اسْتِيفَاءً، وَيُحْتَمَلُ النَّظَرُ إلَى أَصْلِهِ وَهُوَ الْمُحَالُ بِهِ هَلْ هُوَ ثَمَنٌ؟ أَوْ مُثَمَّنٌ؟ أَوْ غَيْرُهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَشْتَرِي إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صُورَةِ ذَلِكَ نَحْوُ مَسْأَلَةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَفَسَّرَ إلَخْ) هَذَا التَّفْسِيرُ ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ أَخْذًا مِنْ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ، وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكَالِئَ بِالْكَالِئِ هُوَ النَّسِيئَةُ بِالنَّسِيئَةِ، أَيْ الْمُؤَجَّلِ بِالْمُؤَجَّلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَخْلِيَتُهُ) . أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ دُخُولُهُ الْمَكَانَ وَلَا حَقِيقَةُ التَّصَرُّفِ وَقَوْلُهُ وَتَمْكِينُهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى التَّخْلِيَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِشَرْطِ فَرَاغِهِ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّوَابِّ تَفْرِيغُهَا مِنْ أَمْتِعَةِ الْبَائِعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَأَمَّا السَّفِينَةُ فَصُرِّحَ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّفَرُّغِ، وَقَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمَا أَيْ كَالشَّجَرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْعَاقِدَانِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُغْنِي عَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 إمْكَانُ الْحُضُورِ عِنْدَ عَدَمِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فِي الْقَبْضِ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْعَاقِدَيْنِ فِي الْقَبْضِ. وَقِيلَ حُضُورُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ لِيَتَأَتَّى إثْبَاتُ يَدِهِ عَلَى الْمَبِيعِ وَدَفْعُ الْوَجْهَانِ بِالْمَشَقَّةِ فِي الْحُضُورِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُعْتَبَرُ مَا ذُكِرَ (وَقَبْضُ الْمَنْقُولِ تَحْوِيلُهُ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمْ «كَانُوا يَبْتَاعُونَ الطَّعَامَ جِزَافًا بِأَعْلَى السُّوقِ فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يُحَوِّلُوهُ» . دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِ إلَّا بِتَحْوِيلِهِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فِيهِ (فَإِنْ جَرَى الْبَيْعُ) وَالْمَبِيعُ (بِمَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ) كَشَارِعٍ أَوْ دَارٍ لِلْمُشْتَرِي (كَفَى فِي) قَبْضِهِ (نَقَلَهُ) مِنْ حَيِّزِهِ إلَى حَيِّزٍ آخَرَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (وَإِنْ جَرَى) الْبَيْعُ وَالْمَبِيعُ (فِي دَارِ الْبَائِعِ لَمْ يَكْفِ) فِي قَبْضِهِ (ذَلِكَ) النَّقْلُ (إلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ) فِيهِ (فَيَكُونُ) مَعَ   [حاشية قليوبي] فِي الْبَحْرِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا أَنَّهَا فِي الْبَحْرِ كَالْمَنْقُولِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ إلَخْ) ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: وَلَوْ جُمِعَتْ إلَخْ، وَإِلَّا فَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَخْ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (اُعْتُبِرَ إلَخْ) وَإِنْ كَأَنْ غَيْرَ مَشْغُولٍ، وَبِيَدِ الْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (مُضِيُّ زَمَنٍ) مِنْ الْعَقْدِ أَوْ مِنْ الْإِذْنِ إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ. قَوْلُهُ: (وَقَبْضُ الْمَنْقُولِ) أَيْ غَيْرِ التَّابِعِ فِي صَفْقَةِ الْبَيْعِ، عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَإِنْ نَصَّ عَلَيْهِ كَمَاءِ الْبِئْرِ، وَنَحْوِ الزَّنْدِ لَا مَا جُمِعَ فِي صَفْقَتِهِ مِمَّا لَمْ يَدْخُلْ. قَوْلُهُ: (تَحْوِيلُهُ) وَإِنْ اشْتَرَى مَحِلَّهُ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ كَانَ مُتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ كَالْأَبِ، وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ التَّحْوِيلِ فِي غَيْرِ مَا بِيَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ بَيْعِهِ بِنَحْوِ غَصْبٍ، أَوْ وَدِيعَةٍ، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِتَحْوِيلِهِ بِالْفِعْلِ وَلَا إلَى إذْنِ الْبَائِعِ فِي قَبْضِهِ، إلَّا إنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ كَمَا مَرَّ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا بُدَّ مَعَ التَّحْوِيلِ مِنْ وَضْعِهِ فِي مَكَان آخَرَ وَلَا يَكْفِي نَقْلُهُ مِنْ غَيْرِ وَضْعٍ، وَلَا عَوْدُهُ فِي مَكَانِهِ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا، وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ لَهُ وَوَضْعُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ بِقُرْبِ الْمُشْتَرِي، بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ بِلَا مَانِعِ قَبْضٍ، وَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُ لَكِنْ لَا يَضْمَنُهُ لَوْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا. تَنْبِيهٌ: قَبْضُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ بِقَبْضِ الْكُلِّ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ شَرِيكُهُ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْإِذْنُ لِعَدَمِ الضَّمَانِ فَقَطْ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَنْقُولَ شَرْطُهُ تَفْرِيغُهُ إذَا كَانَ فَارِقًا كَصُنْدُوقٍ فِيهِ أَمْتِعَةٌ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (رَوَى الشَّيْخَانِ إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ) فِيهِ ذِكْرُ الطَّعَامِ، وَهُوَ مَنْقُولٌ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ كُلُّ مَنْقُولٍ، وَكَوْنُهُ جُزَافًا لَيْسَ قَيْدًا بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ، أَوْ هُوَ قَيْدٌ لِلِاكْتِفَاءِ بِقَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيغٍ وَيُقَاسُ عَلَى مَنْعِ بَيْعِهِمْ لَهُ بَقِيَّةُ التَّصَرُّفَاتِ، وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ ذِكْرُ ذَلِكَ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ دَلَّ إلَخْ إلَى بَيَانِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ النَّهْيِ وَبِقَوْلِهِ: كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فِيهِ إلَى تَقْوِيَةِ ذَلِكَ الْمَعْقُودِ الْمُبْهَمِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِمَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ) أَيْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ فِيهِ حِصَّةٌ، وَإِنْ قُلْت وَلَيْسَ تَحْتَ يَدِهِ بِإِعَارَةٍ أَوْ نَحْوِ وَدِيعَةٍ لَا مَغْصُوبَ مَعَ الْبَائِعِ فَيَكْفِي النَّقْلُ إلَيْهِ، وَإِدْخَالُ الْبَاءِ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَكْثَرِ، وَلَوْ قَالَ: يَخْتَصُّ بِهِ غَيْرُ الْبَائِعِ أَوْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ فِيهِ حَقٌّ، لَكَانَ أَوْلَى لِمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ دَارٍ لِلْمُشْتَرِي) وَمِثْلُ دَارِهِ ظَرْفٌ مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ مَوْضُوعًا فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَكَذَا دَارُ أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَإِنْ حَرُمَ. قَوْلُهُ: (إلَى حَيِّزٍ) وَلَوْ رَأْسَهُ أَوْ رَأْسَ وَلَدِهِ أَوْ ظَهْرَ دَابَّةٍ. قَوْلُهُ: (آخَرَ) لَيْسَ قَيْدًا فَيَكْفِي لَوْ أَعَادَهُ إلَى مَوْضِعِهِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (دَارِ الْبَائِعِ) أَيْ مَا لَهُ يَدٌ عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى جُزْءٍ مِنْهَا وَلَوْ بِإِعَارَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ. وَصَحَّتْ إعَارَتُهُ لَهَا بِعَوْدِ نَفْعِهَا إلَيْهِ بِخُرُوجِهِ   [حاشية عميرة] ذَلِكَ كَوْنُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ لِنَقْلٍ إنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ النَّقْلِ شَرْحُ الرَّوْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اُعْتُبِرَ فِي حُصُولِهِ إلَخْ) الْمَعْنَى فِي هَذَا أَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ الْحُضُورُ لِمَعْنًى، وَهُوَ الْمَشَقَّةُ اعْتَبَرْنَا زَمَنَهُ الَّذِي لَا مَشَقَّةَ فِي اعْتِبَارِهِ. قَوْلُهُ: (حُضُورُ الْعَاقِدَيْنِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى حَقِيقَةِ الْإِقْبَاضِ. قَوْلُهُ: (لَا يُعْتَبَرُ مَا ذُكِرَ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ مُضِيِّ الزَّمَنِ مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَحْوِيلَهُ) وَلَوْ فِي حَقِّ مُتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ وَلَوْ كَانَ تَابِعًا لِعَقَارٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ: (كَمَا هُوَ الْعَادَةُ) يُرِيدُ أَنَّ الْحَدِيثَ دَلَّ وَالْعَادَةُ قَاضِيَةٌ بِذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ) مِنْ جُمْلَةِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ هَذَا الْمَغْصُوبُ وَالْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ دَارٍ لِلْمُشْتَرِي) قَالَ السُّبْكِيُّ: قَدْ جَزَمُوا هُنَا بِذَلِكَ فِيهَا وَقَالُوا لَوْ بَاعَهُ شَيْئًا فِي يَدِهِ وَدِيعَةً أَوْ غَصْبًا لَا يُشْتَرَطَا لِنَقْلٍ، وَلَا إذْنِ الْبَائِعِ وَلَا يَثْبُتُ حَقُّ الْحَبْسِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِدَوَامِ يَدِهِ، هَكَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، فَعَلَى هَذَا تُصُوِّرَ الْمَسْأَلَةُ مَسْأَلَةُ دَارِ الْمُشْتَرِي بِمَا إذَا لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْيَدِ بَلْ كَانَ الْبَائِعُ مَعَهُ قَالَ وَتَحْرِيرُ الْقَوْلِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ شَيْئًا فِي يَدِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًا وَلَمْ يُوَفُّوهُ، احْتَاجَ إلَى إذْنِ الْبَائِعِ فِي الْقَبْضِ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ، وَإِنْ خَالَفَتْ مَا فِي التَّتِمَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَوَفُّوهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إذْنٍ ثُمَّ فِي اشْتِرَاطِ مُضِيِّ الزَّمَنِ وَاشْتِرَاطِ السَّيْرِ مَعَهُ، وَنَقْلُهُ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الرَّاهِنِ وَالصَّحِيحُ هُنَا كَالصَّحِيحِ هُنَاكَ هُوَ الرَّاجِحُ هُنَاكَ اعْتِبَارُ مُضِيِّ الزَّمَنِ دُونَ النَّقْلِ بِالْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ) يُرِيدُ أَنَّهُ لَوْ نَقَلَهُ إلَى مَوْضِعٍ يَتَعَلَّقُ بِالْبَائِعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 حُصُولِ الْقَبْضِ بِهِ (مُعِيرًا لِلْبُقْعَةِ) الَّذِي أَذِنَ فِي النَّقْلِ إلَيْهَا لِلْقَبْضِ. نَعَمْ لَوْ نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ إذْنٍ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ وَمِنْ الْمَنْقُولِ الْعَبْدُ فَيَأْمُرُهُ بِالِانْتِقَالِ مِنْ مَوْضِعِهِ وَالدَّابَّةُ فَيَسُوقُهَا أَوْ يَقُودُهَا وَالثَّوْبُ فَيَتَنَاوَلُهُ بِالْيَدِ. فَرْعٌ: زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ (لِلْمُشْتَرِي قَبْضُ الْمَبِيعِ) مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ (إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا أَوْ سَلَّمَهُ إنْ) كَانَ حَالًّا لِمُسْتَحِقِّهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ (فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ) أَيْ بِالْقَبْضِ وَعَلَيْهِ إنْ اسْتَقَلَّ بِهِ الرَّدُّ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَسْتَحِقُّ الْحَبْسَ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ. وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ لَكِنْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ قَبْلَ الْقَبْضِ اسْتَقَلَّ بِهِ أَخْذًا مِمَّا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي مَسْأَلَةِ التَّرْجَمَةِ بِالْفَرْعِ الْآتِي أَنَّهُ لَا حَبْسَ لِلْبَائِعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَسَيَأْتِي فِيهِ نَصٌّ بِخِلَافِ ذَلِكَ (وَلَوْ بِيعَ الشَّيْءُ تَقْدِيرًا كَثَوْبٍ وَأَرْضٍ ذَرْعًا) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (وَحِنْطَةٍ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا اُشْتُرِطَ) فِي قَبْضِهِ (مَعَ النَّقْلِ) فِي الْمَنْقُولِ (ذَرْعُهُ) إنْ بِيعَ ذَرْعًا بِأَنْ كَانَ يُذْرَعُ (أَوْ كَيْلُهُ) إنْ بِيعَ كَيْلًا (أَوْ وَزْنُهُ) إنْ بِيعَ وَزْنًا (أَوْ عَدُّهُ) إنْ بِيعَ عَدًّا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ   [حاشية قليوبي] مِنْ الضَّمَانِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ إذْنٍ) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ لِلْقَبْضِ فَلَا يَكْفِي إذْنُهُ فِي النَّقْلِ لِغَيْرِ الْقَبْضِ، أَوْ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ. قَوْلُهُ: (دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ) أَيْ ضَمَانِ يَدٍ لَوْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا وَيَفْسَخُ الْعَقْدَ بِتَلَفِهِ، وَمِنْهُ الْخِيَارُ بِتَعَيُّبِهِ نَعَمْ إنْ أَتْلَفَهُ هُوَ أَوْ عَيْبُهُ فَقَابِضٌ لَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَيَأْمُرُهُ بِالِانْتِقَالِ) وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقَبْضَ بَلْ، وَإِنْ قَصَدَ غَيْرَهُ، وَكَذَا سَوْقُ الدَّابَّةِ وَتَنَاوُلُ الثَّوْبِ، بِنَحْوِ الْيَدِ وَفَارَقَ اعْتِبَارَ الْقَصْدِ فِي إذْنِ الْبَائِعِ كَمَا مَرَّ، لِأَنَّ الْفِعْلَ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْقَصْدِ مَعَهُ غَالِبًا وَلِهَذَا لَوْ أَقْبَضَهُ الْبَائِعَ بِالْفِعْلِ، لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ قَصْدٌ. قَوْلُهُ: (وَالدَّابَّةُ) وَمِثْلُهَا وَلَدُهَا وَلَا يُشْتَرَطُ تَفْرِيغُهَا مِنْ حِمْلٍ عَلَيْهَا، وَلَا يَكْفِي رُكُوبُهَا بِلَا تَحْوِيلٍ وَلَا اسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ كَذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: يُشْتَرَطُ فِي الْقَبْضِ الرُّؤْيَةُ، كَمَا فِي الْبَيْعِ فَيَكْفِي الرُّؤْيَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ، فِيمَا لَا يَتَغَيَّرُ إلَى وَقْتِ الْقَبْضِ، وَيَكْفِي رُؤْيَةُ الْوَكِيلِ فِي الْقَبْضِ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ الْمُوَكِّلُ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ بِلَا رُؤْيَةٍ كَانَ قَبْضًا كَمَا يَدُلُّ لَهُ عُمُومُ كَلَامِهِمْ، وَفِيهِ بَحْثٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقِسْمَةِ تَحْوِيلٌ وَلَا قَبْضٌ وَإِنْ جُعِلَتْ بَيْعًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّوْبُ) وَمِثْلُهُ كُلُّ خَفِيفٍ. قَوْلُهُ: (فَيَتَنَاوَلُهُ بِالْيَدِ) وَإِنْ لَمْ يَضَعْهُ فِي مَكَان آخَرَ كَمَا مَرَّ. فَرْعٌ: أُجْرَةُ النَّقْلِ الْمُفْتَقِرِ إلَيْهِ الْقَبْضُ عَلَى الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّقْدِيرِ. قَوْلُهُ: (فَرْعٌ) زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ لِطُولِ الْكَلَامِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ سَلَّمَهُ) أَيْ بَرِيءَ مِنْهُ وَلَوْ بِاسْتِبْدَالٍ أَوْ بِحَوَالَةٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ سَلَمٍ الْحَالُ مِنْهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ) أَيْ الْقَبْضِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ) أَيْ ضَمَانِ عَقْدٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمَنْهَجِ، فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ وَبِذَلِكَ قَالَ حَجّ وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمَا. وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ ضَمَانُ يَدٍ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ إذَا أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ، أَوْ تَلِفَ بِآفَةٍ كَمَا سَيَأْتِي، أَوْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ كَمَا مَرَّ، وَيَدُلُّ لَهُ وُجُوبُ رَدِّهِ. قَوْلُهُ: (إنْ اسْتَقَلَّ بِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا عِبْرَةَ بِتَسْلِيمِ بَعْضِهِ إلَّا إنْ تَعَدَّدَتْ الصَّفْقَةُ، وَمَحَلُّ الِاسْتِقْلَالِ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ إلَى حَيِّزِ الْبَائِعِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ   [حاشية عميرة] لَا يُفِيدُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ جَرَى فِي دَارِ الْبَائِعِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا فِيمَا اُعْتِيدَ نَقْلُهُ، وَأَمَّا الدَّرَاهِمُ الْخَفِيفَةُ وَنَحْوُهَا إذَا أَخَذَهَا بِيَدِهِ، أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ فَعَلَى مَا سَبَقَ مِنْ كَوْنِهِ قَبْضًا وَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ. اهـ. ثُمَّ عَدَمُ الْحُصُولِ ثَابِتٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ لِأَنَّهُ فِي مَكَانِ الْبَائِعِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ يَدِهِ. قَوْلُهُ: (فِي قَبْضِهِ) لَوْ نَقَلَهُ إلَى مَكَان لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ كَفَى. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ. قَوْلُهُ: (لِلْقَبْضِ) هَذَا يُفِيدُك أَنَّ الْإِذْنَ فِي النَّقْلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ لِلْقَبْضِ لَا يَكْفِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ. قَوْلُهُ: (دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ) أَيْ فَإِذَا تَلِفَ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَفِي السُّبْكِيّ خِلَافُ هَذَا فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمَنْقُولِ إلَخْ) نَبَّهَ عَلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا تَحْوِيلٌ حَقِيقِيٌّ مِنْ الْمُشْتَرِي. فَرْعٌ: لِلْمُشْتَرِي قَبْضُ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا أَيْ ابْتِدَاءً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَسْتَقِلُّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ) أَيْ ضَمَانِ الْيَدِ وَضَمَانِ الْعَقْدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 مُسْلِمٍ: «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ» . دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِ إلَّا بِالْكَيْلِ. وَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَاقِي. (مِثَالُهُ) فِي الْمَكِيلِ (بِعْتُكَهَا) أَيْ الصُّبْرَةَ (كُلُّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ) بِعْتُكَهَا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا (عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ آصُعَ) وَلَوْ قَبَضَ مَا ذُكِرَ جِزَافًا لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ لَكِنْ يَدْخُلُ الْمَقْبُوضُ فِي ضَمَانِهِ (وَلَوْ كَانَ لَهُ) أَيْ شَخْصٍ (طَعَامٌ مُقَدَّرٌ عَلَى زَيْدٍ) كَعَشَرَةِ آصُعَ سَلَمًا (وَلِعَمْرٍو عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَلْيَكْتَلْ لِنَفْسِهِ) مِنْ زَيْدٍ (ثُمَّ يَكْتَلْ لِعَمْرٍو) لِيَكُونَ الْقَبْضُ وَالْإِقْبَاضُ صَحِيحَيْنِ (فَلَوْ قَالَ) لِعَمْرٍو (اقْبِضْ مِنْ زَيْدٍ مَالِي عَلَيْهِ لِنَفْسِك) عَنِّي (فَفَعَلَ فَالْقَبْضُ فَاسِدٌ) لَهُ وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَائِلِ صَحِيحٌ تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ زَيْدٍ فِي الْأَصَحِّ لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ. وَوَجْهُ فَسَادِهِ لِعَمْرٍو كَوْنُهُ قَابِضًا بِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَمَا قَبَضَهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِلدَّافِعِ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ، وَعَلَى الْأَصَحِّ يَكِيلُهُ الْمَقْبُوضُ لَهُ لِلْقَابِضِ، وَكَدَيْنِ السَّلَمِ دَيْنُ الْقَرْضِ وَالْإِتْلَافِ. وَالْعِبَارَةُ تَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ. فَرْعٌ: زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ إذَا (قَالَ الْبَائِعُ) بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ حَالٍّ (لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى أَقْبِضَ ثَمَنَهُ. وَقَالَ الْمُشْتَرِي:   [حاشية قليوبي] مِنْ الْإِذْنِ لِلْقَابِضِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا) أَيْ غَيْرَ جُزَافٍ أَخْذًا مِنْ الْمَعْنَى، وَقَدْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْكَيْلِ فِيمَا بِيعَ جُزَافًا. قَوْلُهُ: (إلَّا بِالْكَيْلِ) ثُمَّ إنْ اتَّفَقَا عَلَى كَيَّالٍ غَيْرِهِمَا فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا نَصَّبَ الْحَاكِمُ كَيَّالًا أَمِينًا فَإِنْ تَوَلَّاهُ الْمُقَبِّضُ مِنْهُمَا لِلْقَابِضِ، فَوَاضِحٌ أَيْضًا وَإِنْ تَوَلَّاهُ الْقَابِضُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي شَرْحِهِ، بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إقْبَاضِ الْأَوَّلِ أَوْ نَائِبِهِ اهـ. أَيْ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا مُقَبِّضًا مِنْ نَفْسِهِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ كَمَا يَأْتِي. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: الْوَجْهُ الصِّحَّةُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ حَبْسٍ، أَوْ كَانَ لَهُ وَأَذِنَ لِلْآخَرِ لَا بِكَوْنِهِ نَائِبًا عَنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، بَلْ صَرِيحُهُ وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْمَذْكُورِ: وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِإِخْرَاجِ جَعْلِهِ نَائِبًا عَنْهُ لَا مُطْلَقًا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ تَعْلِيلُهُ الْمَذْكُورُ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ فَلَوْ قَبَضَ مَا ذُكِرَ جُزَافًا دُونَ أَنْ يَقُولُوا بِلَا تَقْدِيرِ مُقَبِّضٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يَدْخُلُ الْمَقْبُوضُ فِي ضَمَانِهِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: ضَمَانُ عَقْدٍ، وَاعْتَرَضَ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْهُ آنِفًا وَأَجَابَ بِأَنَّ الْقَبْضَ هُنَا مَأْذُونٌ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْفَائِتُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، كَذَا قَالَهُ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ إذْ لَيْسَ هُنَا عَقْدٌ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا ثَمَنَ وَأَيْضًا الْمُقَابِلُ هُنَا وَاحِدٌ، وَسَوَاءٌ قُلْنَا ضَمَانُ يَدٍ أَوْ عَقْدٌ فَرَاجِعْ وَحَرِّرْ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) أَيْ الشَّخْصِ مِثْلُهُ أَيْ الطَّعَامُ، فَلْيَكْتَلْ أَيْ الشَّخْصُ بِأَنْ يَأْمُرَ زَيْدًا أَنْ يَكِيلَ لَهُ لَا بِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَكِيلُ أَيْ الشَّخْصُ وَيَكْفِي الِاسْتِدَامَةُ فِي الْمِكْيَالِ إلَى دَفْعِهِ لِعَمْرٍو. قَوْلُهُ: (فَيَكُونُ إلَخْ) فَلَوْ زَادَ أَوْ نَقَصَ بِقَدْرِ تَفَاوُتِ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يَضُرَّ، وَالْأَرْجَحُ الشَّخْصُ بِالنَّقْصِ وَرُدَّ لِزِيَادَةٍ لِتَبَيُّنِ الْغَلَطِ فِي الْكَيْلِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَالَ لِعَمْرٍو) مِثْلُ عَمْرٍو رَقِيقُهُ وَلَوْ مَأْذُونًا وَوَكِيلَهُ بِخِلَافِ مُكَاتَبِهِ، وَأَبِيهِ وَابْنِهِ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ تَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ، وَلَوْ بِوَكَالَةٍ عَنْهُمَا وَلِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ ذَلِكَ، كَمَا فِي الْبَيْعِ، قَوْلُهُ: (عَنِّي) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ إذْ لَوْ قَالَ: اُحْضُرْ مَعِي لِأَقْبِضَهُ لَك أَوْلَى لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لَهُ) أَيْ لِعَمْرٍو. قَوْلُهُ: (صَحِيحٌ) فَلَا يَرُدَّهُ لِدَافِعِهِ. قَوْلُهُ: (مَضْمُونٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى عَمْرٍو وَفِي ضَمَانِهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ) لِأَنَّ قَبْضَهُ لِلْقَائِلِ فَاسِدٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (تَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ) وَإِنَّمَا قَيَّدَهَا بِقَوْلِهِ سَلَّمَا لِأَنَّهُ الَّذِي فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ. تَنْبِيهٌ: أُجْرَةُ التَّقْدِيرِ وَإِحْضَارِ الْغَائِبِ عَلَى الْمُوَفَّى بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا وَأُجْرَةُ التَّحْوِيلِ وَالنَّقْدِ عَلَى الْآخَرِ الْمُسْتَوْفِي، فَعُلِمَ أَنَّ أُجْرَةَ الدَّلَّالِ فِي الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ شُرِطَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَسَدَ الْعَقْدُ، وَمِنْهُ بِعْتُك كَذَا بِكَذَا سَالِمًا، وَلَا يَضْمَنُ النَّقَّادُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ، وَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً لَوْ أَخْطَأَ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ بِخِلَافِ نَحْوِ الْوَزَّانِ. وَنَاقَشَ الْقَبَّانَ وَالْكَاتِبَ لِقَدْرِ الْعِوَضِ فَعَلَيْهِمْ الضَّمَانُ. وَلَا أُجْرَةَ لَهُمْ أَيْضًا كَمَا فِي غَلَطِ النَّاسِخِ، وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: وَكِّلْ مَنْ يَقْبِضُ لِي مِنْك صَحَّ وَمِثْلُهُ، وَكِّلْ مَنْ يَشْتَرِي لِي مِنْك. لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: اشْتَرِ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ لِي مَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيَّ، وَاقْبِضْهُ لِي ثُمَّ لَك صَحَّ الشِّرَاءُ وَالْقَبْضُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (فَرْعٌ زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ) أَيْ لِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْبَائِعُ) أَيْ الْمُتَصَرِّفُ عَنْ نَفْسِهِ نَحْوُ، وَكِيلٌ وَوَلِيٌّ وَنَاظِرُ وَقْفٍ وَعَامِلُ   [حاشية عميرة] لَهُ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلْيَكْتَلْ لِنَفْسِهِ إلَخْ) أَيْ لِحَدِيثِ الْحَسَنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ، حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي» ، وَهُوَ مُرْسَلٌ لَكِنَّهُ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، وَالْمُرْسَلُ يُعْتَضَدُ بِوُرُودِهِ مَرْفُوعًا وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا وَلِأَنَّ الْإِقْبَاضَ هُنَا مُتَعَدِّدٌ، وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْكَيْلِ يَلْزَمُهُ تَعَدُّدُهُ نَعَمْ لَوْ دَامَ فِي الْمِكْيَالِ كَفَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اقْبِضْ مِنْ زَيْدٍ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ اقْبِضْهُ لِي ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِك فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ اُحْضُرْ مَعِي لِأَكْتَالَهُ لَك مِنْهُ، فَكَذَلِكَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 فِي الثَّمَنِ مِثْلُهُ) أَيْ لَا أُسَلِّمُهُ حَتَّى أَقْبِضَ الْمَبِيعَ وَتَرَافَعَا إلَى الْحَاكِمِ (أُجْبِرَ الْبَائِعُ) لِرِضَاهُ بِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالذِّمَّةِ (وَفِي قَوْلِ الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ حَقَّهُ لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ لَا يَفُوتُ (وَفِي قَوْلٍ لَا إجْبَارَ) أَوَّلًا وَيَمْنَعُهُمَا الْحَاكِمُ مِنْ التَّخَاصُمِ (فَمَنْ سَلَّمَ أَجْبَرَ صَاحِبَهُ) عَلَى التَّسْلِيمِ (وَفِي قَوْلٍ يُجْبَرَانِ) فَيُلْزِمُ الْحَاكِمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِإِحْضَارِ مَا عَلَيْهِ فَإِذَا أَحْضَرَاهُ سَلَّمَ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ وَالْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي يَبْدَأُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ. (قُلْت: فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا سَقَطَ الْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ وَأُجْبِرَا فِي الْأَظْهَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ سُقُوطَ الْأَوَّلَيْنِ فِي بَيْعِ عَرْضٍ بِعَرْضٍ وَاقْتَصَرَ فِي غَيْرِهِ عَلَى سُقُوطِ الثَّانِي وَزَادَ فِي الرَّوْضَةِ سُقُوطَ الْأَوَّلِ أَيْضًا عَنْ الْجُمْهُورِ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ سُقُوطُهُ أَيْضًا فَسُكُوتُ الْكَبِيرِ عَنْهُ لَا يَنْفِيهِ. (وَإِذَا سَلَّمَ الْبَائِعُ) بِإِجْبَارٍ أَوْ دُونَهُ (أَجْبَرَ الْمُشْتَرِي إنْ حَضَّرَ الثَّمَنَ) عَلَى تَسْلِيمِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْ (فَإِنْ كَانَ) الْمُشْتَرِي (مُعْسِرًا) بِالثَّمَنِ فَهُوَ مُفْلِسٌ (فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ بِالْفَلَسِ) وَأَخْذُ الْمَبِيعِ بِشَرْطِهِ لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (أَوْ مُوسِرًا وَمَالُهُ بِالْبَلَدِ أَوْ بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ) أَيْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (حُجِرَ عَلَيْهِ فِي أَمْوَالِهِ) كُلِّهَا (حَتَّى يُسَلِّمَ) الثَّمَنَ لِئَلَّا يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا يُبْطِلُ حَقَّ الْبَائِعِ (فَإِنْ كَانَ   [حاشية قليوبي] قِرَاضٍ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ الْقَبْضُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ نَائِبًا أَيْضًا. وَإِلَّا أُجْبِرَا مَعًا. قَوْلُهُ: (بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ وَبَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ، فَلَا إجْبَارَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ. وَلَوْ خَرَجَ الثَّمَنُ زُيُوفًا فَكَمَا لَوْ لَمْ يَقْبِضْ فَلَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ، فَعُلِمَ عَدَمُ جَرَيَانِ هَذَا الْخِلَافِ فِي السَّلَمِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ. قَوْلُهُ: (مُعَيَّنًا) أَيْ كَالْمَبِيعِ فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا وَالْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ فِي الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ الْخِلَافِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَظْهَرِ وَلَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُمَا فِي الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (سَقَطَ الْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ) وَهُمَا إجْبَارُ الْبَائِعِ وَحْدَهُ أَوْ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَالثَّالِثُ هُوَ مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ وَهُوَ عَدَمُ إجْبَارِهِمَا وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِذْ سَلَّمَ الْبَائِعُ) أَيْ عَنْ جِهَةِ الْبَيْعِ لَا لِنَحْوِ وَدِيعَةٍ إذْ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (بِإِجْبَارِ) أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ أَوْ بِدُونِهِ عَلَى مُقَابِلِهِ فَذَكَرَ الْمَنْهَجُ لِعَدَمِ الْإِجْبَارِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ إذْ لَا يَصِحُّ مَعَهُ الْفَسْخُ وَالْحَجْرُ وَغَيْرُهُ مِمَّا سَيَأْتِي نَعَمْ هُوَ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِإِجْبَارِ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي) عَلَى التَّسْلِيمِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ بِامْتِنَاعِهِ الْفَسْخُ كَعَكْسِهِ. وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ الْمُشْتَرِي مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي أَمْوَالِهِ الْحَاضِرَةِ. وَإِنْ جَازَ لَهُ الْوَفَاءُ مِنْ غَيْرِهَا فَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى الْوَفَاءِ مِنْهَا إنْ لَمْ يُوَفِّ مِنْ غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (إنْ حَضَرَ الثَّمَنُ) أَيْ حَضَرَ نَوْعُهُ لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (مُعْسِرًا بِالثَّمَنِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ الْمَبِيعِ، وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ فَقَوْلُهُ فَهُوَ مُفْلِسٌ إنَّمَا ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَجْرُ الْفَلَسِ. قَوْلُهُ: (بِشَرْطِهِ) وَهُوَ حَجْرُ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى زِيَادَةِ دَيْنِهِ عَلَى مَالِهِ، وَلَا إلَى طَلَبٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي، وَلَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ سَابِقًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى حَجْرٍ، وَحَيْثُ كَانَ الْحَجْرُ شَرْطًا فِي الْفَسْخِ فَلَا يَفْسَخُ الْبَائِعُ قَبْلَهُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ فَسْخُهُ عَلَى إذْنِ الْحَاكِمِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَمَالُهُ بِالْبَلَدِ) أَيْ   [حاشية عميرة] عَنِّي) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ اقْبِضْ. قَوْلُهُ: (عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَيَلْزَمُهُ فَرْعٌ قَالَ الْبَائِعُ. قَوْلُهُ: (لِرِضَاهُ بِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالذِّمَّةِ) وَلِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي الثَّمَنِ بِالْحَوَالَةِ وَالِاعْتِيَاضِ فَأُجْبِرَ كَيْ يَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي، وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِي يَتَوَقَّعُ الْفَسْخَ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ، وَالْبَائِعُ آمِنٌ فَأُجْبِرَ كَيْ يَأْمَنَ الْمُشْتَرِي وَلِأَنَّ الْبَائِعَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ مِلْكِ غَيْرِهِ وَذَاكَ عَلَى تَسْلِيمِ مِلْكِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حَقَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيِّنٌ فِي الْمَبِيعِ، وَحَقُّ الْبَائِعِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ فِي الثَّمَنِ فَأَمَرَ بِالتَّعْيِينِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٌ لَا إجْبَارَ) أَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ثَبَتَ لَهُ الِاسْتِيفَاءُ وَعَلَيْهِ الْإِيفَاءُ، فَلَا يُكَلَّفُ الْإِيفَاءَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا أَحْضَرَاهُ) لَوْ تَلِفَ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ كَانَ مِنْ ضَمَانِ دَافِعِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأُجْبِرَا فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ فَيَكُونُ الْقَوْلُ الثَّالِثُ جَارِيًا وَهُوَ مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَهُوَ الْمُرَادُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ فِي بَيْعُ عَرَضٍ بِعَرْضٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي) أَيْ فَلَا يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ بِذَلِكَ فَسْخٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِثَمَنٍ) أَيْ نَوْعِهِ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الثَّمَنَ فِي الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (بِشَرْطِهِ) . أَيْ وَهُوَ حَجْرُ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْفَسْخِ، وَقِيلَ لَا فَسْخَ بَلْ تُبَاعُ السِّلْعَةُ وَيُوَفِّي مِنْ ثَمَنِهَا هَكَذَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السِّلْعَةَ لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يُكَلَّفْ الْبَائِعُ الصَّبْرَ إلَى إحْضَارِهِ) لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ) وَأَخْذَ الْبَيْعِ لِتَعَذُّرِ تَحْصِيلِ الثَّمَنِ كَالْإِفْلَاسِ بِهِ. وَالثَّانِي: لَا يَنْفَسِخُ وَلَكِنْ يُبَاعُ الْمَبِيعُ وَيُؤَدِّي حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ (فَإِنْ صَبَرَ) الْبَائِعُ إلَى إحْضَارِهِ الْمَالَ (فَالْحَجْرُ كَمَا ذَكَرْنَا) أَيْ يَحْجُرُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي أَمْوَالِهِ كُلِّهَا إلَى أَنْ يُسَلِّمَ الثَّمَنَ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلِلْبَائِعِ حَبْسُ مَبِيعِهِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ) الْحَالَّ بِالْأَصَالَةِ (إنْ خَافَ فَوْتَهُ بِلَا خِلَافٍ) وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي لَهُ حَبْسُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ إنْ خَافَ فَوْتَ الْمَبِيعِ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَيْ بِلَا خِلَافٍ (وَإِنَّمَا الْأَقْوَالُ) السَّابِقَةُ (إذَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ) أَيْ الْبَائِعُ فَوْتَ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَوْتَ الْمَبِيعِ (وَتَنَازَعَا فِي مُجَرَّدِ الِابْتِدَاءِ) بِالتَّسْلِيمِ. أَمَّا الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ بِهِ لِرِضَاهُ بِالتَّأْخِيرِ وَلَوْ حَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا حَبْسَ لَهُ أَيْضًا كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَفِي الْكِفَايَةِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبِ نَقَلَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَنْثُورِ أَنَّ لَهُ الْحَبْسَ. وَسَيَأْتِي فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ حَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا حَبْسَ لِلْمَرْأَةِ فِي الْأَصَحِّ. بَابُ التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكِ وَالْمُرَابَحَةِ   [حاشية قليوبي] الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْبَائِعُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَلَدَ الْعَقْدِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ فِي أَمْوَالِهِ كُلِّهَا الْحَاضِرِ مِنْهَا وَالْغَائِبِ، وَيُسَمَّى هَذَا الْحَجْرُ الْغَرِيبُ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سُؤَالٍ وَلَا ضِيقِ مَالٍ، وَلَا يَتَعَدَّى لِمَالٍ حَادِثٍ بَعْدَهُ، وَلَا يَفْسَخُ بِهِ بَائِعٌ وَلَا يُبَاعُ فِيهِ مَسْكَنٌ وَلَا خَادِمٌ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سُؤَالٍ وَلَا ضِيقِ مَالٍ، وَلَا يَتَعَدَّى لِمَالٍ حَادِثٍ بَعْدَهُ، وَلَا يَفْسَخُ بِهِ بَائِعٌ وَلَا يُبَاعُ فِيهِ مَسْكَنٌ وَلَا خَادِمٌ، وَلَا يَتَوَقَّفُ زَوَالُهُ بَعْدَ الْوَفَاءِ عَلَى فَكِّ حَاكِمٍ وَيُنْفِقُ عَلَى مُمَوِّنِهِ نَفَقَةَ الْمُوسِرِينَ. قَوْلُهُ: (بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ مِنْ الْبَلَدِ الْمَذْكُورِ آنِفًا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ) وَلَا يَحْتَاجُ فِي الْفَسْخِ هُنَا إلَى حَجْرِ حَاكِمٍ، وَيَأْتِي هُنَا مَا فِي الْقَرْضِ مِنْ جَوَازِ أَخْذِ الْقِيمَةِ لِلْفَيْصُولَةِ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ، وَكَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةً وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا وَمَحَلُّ الْفَسْخِ إنْ لَمْ يَفِ الْمَبِيعُ بِالثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَا فَسْخَ إنْ سَلَّمَ مُتَبَرِّعًا مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ وَالرَّافِعِيُّ يُخَالِفُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَالْحَجْرُ كَمَا ذَكَرْنَا) أَيْ يُدَامُ عَلَيْهِ الْحَجْرُ، وَإِنْ كَانَ وُجِدَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَالْأَضْرُبُ الْآنَ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَالْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (بِهِ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى عَدَمِ الْخِلَافِ كَمَا فَسَّرَهُ الشَّارِحُ، لَا لِلتَّسْلِيمِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَلَوْ خَافَا مَعًا أُجْبِرَا بِلَا خِلَافٍ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أَيْ الْبَائِعُ فَوْتَ الثَّمَنِ) لَوْ قُدِّمَ لَفْظُ الْبَائِعِ بَعْدَ يَخَفْ لِأَنَّهُ فَاعِلُهُ لَكَانَ أَوْلَى، وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ: لَمْ يَخَفْ أَحَدُهُمَا فَوْتَ عِوَضِهِ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ لَكَانَ أَنْسَبَ، وَكَانَ يُسْتَغْنَى عَمَّا زَادَهُ بِقَوْلِهِ، وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي إلَخْ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ) وَلَا يُطَالِبُ الْمُشْتَرِي بِرَهْنٍ وَلَا كَفِيلٍ وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا وَخِيفَ هَرَبُهُ، وَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدَّمَ هَذَا الْبَابَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ عَلَى مَا بَعْدَهُ، مِنْهَا لِأَنَّ هَذَا لَهُ مَدْلُولٌ شَرْعِيٌّ سَابِقٌ يُنَزَّلُ عَلَيْهِ، وَمَعَانِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ   [حاشية عميرة] تُخْرِجُهُ عَنْ الْإِعْسَارِ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى مِقْدَارِ الثَّمَنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَجَرَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى الثَّمَنِ أَضْعَافًا وَلِهَذَا يُقَالُ لَهُ: الْحَجْرُ الْغَرِيبُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ الْحَجْرُ عَلَى سُؤَالِ الْغَرِيمِ هُنَا وَلَا يَنْفَكُّ إلَّا بِفَكِّ الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (وَيُؤَدِّي حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ) كَسَائِرِ الدُّيُونِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ صَبَرَ فَالْحَجْرُ) فِي الْبَسِيطِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَحْجُرُ حَيْثُ يَثْبُتُ الْفَسْخُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ كَيْفَ يَسُوغُ الْحَجْرُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ وَلَكِنَّ الْمَنْقُولَ لَا مَحِيصَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (كَمَا ذَكَرَهُ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْفَرْعِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ حَالٍّ. [بَابُ التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكِ وَالْمُرَابَحَةِ] بَابُ التَّوْلِيَةِ إلَخْ وَهِيَ نَقْلُ جَمِيعِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُوَلَّى بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْمِثْلِيِّ، أَوْ عَيْنِ الْمُتَقَوِّمِ بِلَفْظِ، وَلَّيْتُك وَالْإِشْرَاكُ نَقْلُ بَعْضِهِ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 وَفِيهِ الْمُحَاطَةُ إذَا (اشْتَرَى) شَخْصٌ (شَيْئًا) بِمِثْلِيٍّ (ثُمَّ قَالَ) بِإِعْلَامِ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ (وَلَّيْتُك هَذَا الْعَقْدَ فَقَبِلَ) كَقَوْلِهِ قَبِلْتُهُ أَوْ تَوَلَّيْتُهُ (لَزِمَهُ مِثْلُ الثَّمَنِ) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً (وَهُوَ) أَيْ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ (بَيْعٌ فِي شَرْطِهِ) كَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّقَابُضِ فِي الرِّبَوِيِّ (وَتَرْتِيبِ أَحْكَامِهِ) مِنْهَا تَجَدُّدُ الشُّفْعَةِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ شِقْصًا مَشْفُوعًا وَعَفَا الشَّفِيعُ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ (لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ) عَقْدُ التَّوْلِيَةِ (إلَى ذِكْرِ الثَّمَنِ وَلَوْ حَطَّ عَنْ الْمُوَلِّي) بِكَسْرِ اللَّامِ (بَعْضَ الثَّمَنِ) بَعْدَ التَّوْلِيَةِ (انْحَطَّ عَنْ الْمُوَلَّى) بِفَتْحِهَا لِأَنَّ خَاصَّةَ التَّوْلِيَةِ التَّنْزِيلُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ حَطَّ جَمِيعَهُ انْحَطَّ عَنْ الْمُوَلَّى أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ الْحَطُّ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ لِلْبَعْضِ لَمْ تَصِحَّ التَّوْلِيَةُ إلَّا بِالْبَاقِي أَوْ لِلْكُلِّ لَمْ تَصِحَّ التَّوْلِيَةُ أَصْلًا وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا لَمْ تَصِحَّ   [حاشية قليوبي] مُخْتَلِفَةٌ لُغَةً مُتَّحِدَةٌ شَرْعًا كَمَا قَالُوهُ، وَفِيهِ بَحْثٌ فَالتَّوْلِيَةُ لُغَةً تَقْلِيدُ الْعَمَلِ لِلْغَيْرِ. قَوْلُهُ: (وَالْإِشْرَاكُ) جَعْلُ الْغَيْرِ شَرِيكًا وَالْمُرَابَحَةُ الزِّيَادَةُ، وَالْمُحَاطَّةُ النَّقْصُ، وَمَعَانِيهَا شَرْعًا نَقْلُ كُلِّ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْضِهِ إلَى الْغَيْرِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ أَوْ نَقْصٍ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ الْمُحَاطَةُ) وَسُكُوتُهُ عَنْهَا إمَّا اكْتِفَاءً بِالْمُرَابَحَةِ لِأَنَّهَا مُرَابَحَةٌ فِي الْمَعْنَى لِلْمُشْتَرِي أَوْ اخْتِصَارًا أَوْ لِعَدَمِ ذِكْرِ أَصْلِهِ لَهَا، وَالزِّيَادَةُ عَلَى التَّرْجَمَةِ غَيْرُ مَعِيبَةٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (اشْتَرَى) مَثَلًا إذْ مِثْلُهُ السَّلَمُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَعِوَضُ الْخُلْعِ وَالصَّدَاقُ وَالشُّفْعَةُ وَصُلْحُ دَمِ الْعَمْدِ وَالْإِجَارَةُ وَيَلْزَمُهُ فِيهَا جَمِيعُ الْأُجْرَةِ، إنْ وَلَّاهُ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ وَإِلَّا فَيُقَسِّطُ مَا بَقِيَ وَإِنْ قَالَ مِنْ أَوَّلِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ بُطْلَانِ الْعَقْدِ بِذَلِكَ الشَّرْطِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِ بُطْلَانُهُ بِهِ، وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ مُدَّةِ انْتِفَاعِهِ وَيَلْزَمُهُ فِي الْخُلْعِ وَالصَّدَاقِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَفِي الشُّفْعَةِ مَا دَفَعَهُ لِلْمُشْتَرِي. وَفِي الصُّلْحِ الدِّيَةُ وَالتَّوْلِيَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِمَا قَامَ عَلَى قَوْلِهِ: (بِمِثْلِيٍّ) قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَزِمَهُ مِثْلُ الثَّمَنِ. وَيُقَابِلُهُ الْعَرْضُ الْآتِي فَهُوَ الْمُتَقَوِّمُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ قَبْضِهِ) أَيْ الْمُفِيدِ لِلتَّصَرُّفِ، قَوْلُهُ: (لِلْعِلْمِ بِالثَّمَنِ) وَلَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْعِلْمُ بِكَيْلِهِ وَوَزْنِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِهَا، وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: يَكْفِي فِي الْمَرْئِيِّ رُؤْيَتُهُ، وَلَوْ تَخْمِينًا فِي التَّوْلِيَةِ وَفِي الْإِشْرَاكِ، لَا فِي الْمُرَابَحَةِ وَالْمُحَاطَةِ وَفِيهِ بَحْثٌ فَتَأَمَّلْهُ وَمِثْلُ الثَّمَنِ مَا قَامَ بِهِ فِيمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي وَقَدْ يَشْمَلُهُ الثَّمَنُ تَجَوُّزًا. قَالَهُ شَيْخُنَا، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي نَحْوِ الْخُلْعِ وَقِيمَةُ الدِّيَةِ فِي صُلْحِ الدَّمِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (هَذَا الْعَقْدُ) هَذَا صَرِيحٌ بِنَفْسِهِ وَنَحْوُ بِعْت بِمَا اشْتَرَيْت صَرِيحٌ بِغَيْرِهِ، وَلَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْعَقْدِ فَهُوَ كِنَايَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِنْ الْكِنَايَةِ جَعَلْته لَك بِمَا اشْتَرَيْت مَثَلًا. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ مِثْلُ الثَّمَنِ) أَيْ إنْ لَمْ يَنْتَقِلْ لِلْمُتَوَلِّي وَإِلَّا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى عَيْنِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِانْتِقَالِهِ أَوْ لَا. بَلْ لَوْ عَلِمَ بِانْتِقَالِهِ وَقَالَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِمَا، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ الثَّمَنُ وَنَحْوُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ لِلْمُتَوَلِّي تَعَيَّنَتْ عَيْنُهُ أَيْضًا وَلَا يَضُرُّ لَفْظُ الْمِثْلِيَّةِ فِي الْعَقْدِ وَيَلْغُو. قَوْلُهُ: (وَصِفَةً) وَمِنْهَا الْأَجَلُ فَيُعْتَبَرُ جَمِيعُهُ فِي حَقِّ الْمُتَوَلِّي وَإِنْ وَقَعَتْ التَّوْلِيَةُ فِي آخِرِهِ وَلَا يَلْزَمُ رَهْنٌ وَكَفِيلٌ، كَانَا فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مِنْهَا تَجَدُّدُ الشُّفْعَةِ) وَمِنْهَا أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ الْمُتَوَلِّي عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ مُقَدَّمٍ عَلَى التَّوْلِيَةِ رَدَّهُ عَلَى الْمُوَلِّي، لَا عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، وَمِنْهَا أَنَّ لِلْمَوْلَى مُطَالَبَةَ الْمُتَوَلِّي، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَيْضًا خِلَافًا لِلْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ إلَخْ) هَذَا مَحَلُّ مُخَالَفَةِ التَّوْلِيَةِ لِغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَطَّ) أَيْ بَعْضَ الثَّمَنِ عَنْ الْمُولِي لَا بِلَفْظِ نَحْوِ هِبَةٍ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ حَطٍّ أَوْ إسْقَاطٍ أَوْ عَفْوٍ أَوْ بِإِرْثٍ أَوْ إبْرَاءٍ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ أَوْ سَيِّدِ مُكَاتَبٍ بَعْدَ عَجْزِهِ، لَا مِنْ مُوصَى لَهُ بِالثَّمَنِ وَمُحْتَالٍ بِهِ لِأَنَّهُمَا أَجْنَبِيَّانِ وَيُوجَدُ الْحَطُّ فِي غَيْرِ التَّوْلِيَةِ مِمَّا يَأْتِي إلَّا فِي الْمُرَابَحَةِ إنْ كَانَ بَعْدَ لُزُومِهَا، أَوْ وَقَعَتْ بِغَيْرِ لَفْظِ تَوْلِيَةٍ أَوْ إشْرَاكٍ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّوْلِيَةِ) ذَكَرَهُ مُرَاعَاةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَسَنَذْكُرُ مَفْهُومَهُ وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لَنَا قَبْلَ لُزُومِهَا وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ هَذَا   [حاشية عميرة] بِلَفْظِ أَشْتَرِكُكَ وَالْمُرَابَحَةُ بَيْعٌ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، أَوْ مَا قَامَ عَلَيْهِ بِهِ مَعَ رِبْحٍ مُوَزَّعٍ عَلَى الْأَجْزَاءِ وَالْمُحَاطَّةُ بَيْعٌ كَذَلِكَ مَعَ حَطٍّ مِنْهُ مُوَزَّعٌ عَلَى الْأَجْزَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِعَالِمٍ) اشْتِرَاطُ الْعِلْمِ بِالثَّمَنِ فِيهِ خِلَافُ الْمُرَابَحَةِ الْآتِي، وَإِنْ اقْتَضَى صَنِيعُهُ خِلَافَهُ ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُوَلِّي وَالْمُوَلَّى. فَرْعٌ: لَوْ حَطَّ عَنْهُ الْبَعْضَ ثُمَّ وَلَّاهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ هَلْ يَصِحُّ وَيَلْحَقُهُ الْحَطُّ أَمْ يَبْطُلُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِالْبَاقِي بَعْدَ أَنْ يَعْلَمَهُ الْمُوَلَّى الظَّاهِرُ الثَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَهُوَ بَيْعٌ إلَخْ) وَقِيلَ لَيْسَ بَيْعًا جَدِيدًا بَلْ يَكُونُ الْمُوَلَّى نَائِبًا عَنْ الْمُوَلِّي فَتَنْتَقِلُ الزَّوَائِدُ إلَيْهِ وَلَا تَتَجَدَّدُ الشُّفْعَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ، (لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ لَفْظَ التَّوْلِيَةِ مُشْعِرٌ بِهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِالْبَاقِي) هَلْ يُشْتَرَطُ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا إلَخْ) لَوْ أَرَادَ فِي هَذَا أَنْ يُوَلِّيَ بِلَفْظِ الْقِيَامِ فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ كَالْمُرَابَحَةِ، وَالثَّانِي: لَا لِأَنَّ الْعَقْدَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 التَّوْلِيَةُ إلَّا إذَا انْتَقَلَ الْعَرْضُ إلَى مَنْ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ (وَالْإِشْرَاكُ فِي بَعْضِهِ) أَيْ الْمُشْتَرَى (كَالتَّوْلِيَةِ فِي كُلِّهِ) فِي الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ (إنْ بَيَّنَ الْبَعْضَ) كَقَوْلِهِ: أَشْرَكْتُك فِيهِ بِالنِّصْفِ، فَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ مِثْلِ الثَّمَنِ فَإِنْ قَالَ أَشْرَكْتُك فِي النِّصْفِ، كَانَ لَهُ الرُّبُعُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّاجِحِ فِي قَوْلِهِ (فَلَوْ أَطْلَقَ) الْإِشْرَاكَ (صَحَّ) الْعَقْدُ (وَكَانَ) الْمُشْتَرَى (مُنَاصَفَةً وَقِيلَ: لَا) يَصِحُّ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ وَثَمَنِهِ. (وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ يَقُولَ) لِعَالِمٍ بِذَلِكَ (بِعْتُك بِمَا   [حاشية قليوبي] الْحَطَّ بِغَيْرِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ بَقَاءُ الْعَقْدِ مَعَهُ لَا قَبْلَ التَّقَابُضِ وَلَا بَعْدَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَطَّ جَمِيعَهُ) أَيْ بَعْدَ لُزُومِ التَّوْلِيَةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ. قَوْلُهُ: (انْحَطَّ عَنْ الْمَوْلَى) وَحِينَئِذٍ لَوْ تَقَايَلَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْمَوْلَى بِشَيْءٍ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَالَ: وَلَا يَصِحُّ أَخْذُ الشَّفِيعِ بَعْدَ حَطِّ الْكُلِّ وَلَا يَلْحَقُهُ الْحَطُّ بَعْدَ الْأَخْذِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِالْبَاقِي) بِأَنْ يُصَرِّحَ بِهِ أَوْ يُطْلِقَ فَإِنْ صَرَّحَ بِالْكُلِّ بَطَلَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (عَرْضًا) أَيْ مُتَقَوِّمًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَصِحَّ التَّوْلِيَةُ أَصْلًا) وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ الْحَطُّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَبِيعًا بِلَا ثَمَنٍ، وَمِنْ هَذَا عُلِمَ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ فِي وَلِيٍّ بَاعَ لِمُوَلِّيهِ دَارًا وَأَبْرَأَهُ، مِنْ ثَمَنِهَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ مِنْ بُطْلَانِ الْبَيْعِ، وَبَقَاءِ الدَّارِ عَلَى مِلْكِ الْوَلِيِّ. قَوْلُهُ: (إلَّا إذَا انْتَقَلَ) أَيْ قَبْلَهَا سَوَاءٌ عَلِمَ بِانْتِقَالِهِ أَوْ لَا لَكِنَّهُ عَالِمٌ بِهِ وَبِقِيمَتِهِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ قَالَ شَيْخُنَا: وَيَقُومُ مَقَامَ انْتِقَالِهِ ذِكْرُهُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ، كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَسَيُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُ الْآتِي فِي الْقَذْفِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ جِنْسِهِ إنْ اخْتَلَفَ بِهِ غَرَضٌ كَقُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَذِكْرُ الْعِوَضِ لِدَفْعِ الْإِثْمِ لَا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فَيَكْفِي ذِكْرُ الْقِيمَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ انْتَقَلَ الْعَرْضُ أَوْ الْمِثْلِيُّ بَعْدَ التَّوْلِيَةِ تَعَيَّنَتْ عَيْنُهُ لِعَدَمِ تَعَذُّرِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمُشْتَرَى) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ الْمَبِيعُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ لَفْظِهِ فِيمَا سَبَقَ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ) مِنْهَا الْحَطُّ وَلَوْ لِلْبَعْضِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَطَّ الْبَعْضَ قَبْلَ الِاشْتِرَاكِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْبَاقِي، وَأَنَّهُ لَوْ حَطَّ الثَّمَنَ كُلَّهُ قَبْلَ لُزُومِ عَقْدِ الْإِشْرَاكِ لَمْ يَصِحَّ أَوْ بَعْدَهُ انْحَطَّ عَنْ الثَّانِي وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَرْضًا لَمْ يَصِحَّ الْإِشْرَاكُ إلَّا إنْ انْتَقَلَ أَوْ ذَكَرَهُ مَعَ قِيمَتِهِ كَمَا مَرَّ. وَأَنَّهُ مَتَى انْتَقَلَ تَعَيَّنَ عَيْنُهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْعَقْدِ كَانَ كِنَايَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ وَيَصِحُّ رُجُوعُ كَلَامِهِ لِلتَّوْلِيَةِ أَيْضًا. وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مِثْلِ الثَّمَنِ) إنْ لَمْ يَنْتَقِلْ وَمِنْ عَيْنِهِ إنْ انْتَقَلَ، وَكَذَا نِصْفُ قِيمَةِ الْعَرْضِ أَوْ نِصْفُ عَيْنِهِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ نِصْفَ الْعَرْضِ الَّذِي انْتَقَلَ يَخْتَصُّ بِهِ الْمَوْلَى، وَلَيْسَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (كَانَ لَهُ الرُّبُعُ) إنْ لَمْ يَقُلْ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَهُ النِّصْفُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَلَوْ قَالَ بِالنِّصْفِ بِرُبُعِ الثَّمَنِ فَقَالَ شَيْخُنَا: لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ إلَّا إنْ أَرَادَ بِالْبَاءِ الْأُولَى الظَّرْفِيَّةَ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَطْلَقَ) أَيْ لَمْ يَذْكُرْ جُزْءًا مِنْ الْمَبِيعِ وَلَا ثَمَنًا بِأَنْ قَالَ أَشْرَكْتُك فِي هَذَا الْعَقْدِ أَوْ الْمَبِيعِ، فَإِنْ قَالَ: أَشْرَكْتُك فِي بَعْضِهِ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْبَعْضِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ (وَكَانَ الْمُشْتَرَى) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مُنَاصَفَةً) أَيْ بَيْنَ الْقَائِلِ وَالْقَابِلِ وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا لَوْ تَعَدَّدَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَيَبْقَى لِكُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ إنْ تَعَدَّدَ نِصْفُ حِصَّتِهِ سَوَاءٌ سَاوَتْ حِصَّةَ غَيْرِهِ أَوْ لَا، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلثَّانِي سَوِيَّةٌ إنْ تَعَدَّدَ وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمْ لِكُلٍّ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ بِقَدْرِ مَا خَصَّهُ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ مِثْلِ ثَمَنِ حِصَّتِهِ، لِأَنَّ مَا أُخِذَ مِنْ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ مُوَزَّعٌ سَوِيَّةً عَلَى الْآخِذِينَ وَهَذَا وَاضِحٌ جَلِيٌّ وَإِلَيْهِ تُرْشِدُ عِبَارَاتُهُمْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَوْ انْفَرَدَ كَانَ لَهُ نِصْفُ حِصَّتِهِ فَضَمُّ غَيْرِهِ إلَيْهِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: فِيمَا إذَا تَعَدَّدَ الْأَوَّلُ فَقَطْ إنَّ لِلثَّانِي مِثْلَ أَحَدِهِمْ بَعْد انْضِمَامِهِ إلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا اثْنَيْنِ كَانَ لَهُ الثُّلُثُ، أَوْ ثَلَاثَةً كَانَ لَهُ الرُّبُعُ، وَهَكَذَا غَيْرُ صَوَابٍ بَلْ يَلْزَمُهُ الْبُطْلَانُ إذَا اخْتَلَفَتْ الْحِصَصُ وَسَكَتَ عَنْ تَعَدُّدِ الثَّانِي فَقَطْ أَوْ تَعَدُّدِهِمَا مَعًا فَلْيُنْظَرْ مَا يَقُولُهُ فِيهِمَا وَيُحَرَّرُ. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ) وَهُوَ الْجُزْءُ الْمَأْخُوذُ بِعَقْدِ الْإِشْرَاكِ وَقَدْ عُلِمَ رَدُّهُ بِتَنْزِيلِهِ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ) قَالَ شَيْخُنَا: وَيَلْحَقُ فِيهَا الْحَطُّ إنْ وَقَعَتْ بِلَفْظِ تَوْلِيَةٍ أَوْ إشْرَاكٍ وَلَهُ فِيهَا الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَصْلِيِّ وَالنَّقْصُ عَنْهُ كَأَنْ يَقُولَ فِيمَا اشْتَرَاهُ   [حاشية عميرة] الثَّانِي فِي الْمُرَابَحَةِ مُخَالِفٌ لِلْأَوَّلِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَاحْتُمِلَ مُخَالَفَتُهُ فِي جِنْسِهِ بِخِلَافِ التَّوْلِيَةِ. نَعَمْ الْمَأْخُوذُ بِالشُّفْعَةِ تَجُوزُ التَّوْلِيَةُ فِيهِ بِلَفْظِ الْقِيَامِ لِأَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِمَالِهِ مِثْلُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَبِالنَّقْدِ الْغَالِبِ سُبْكِيٌّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَالتَّوْلِيَةِ إلَخْ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ الثَّمَنَ إذَا كَانَ عَرْضًا يُشْتَرَطُ الْإِشْرَاكُ بِعَيْنِهِ وَقَدْ يُلْتَزَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُنَاصَفَةً) كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو. قَوْلُهُ: أَيْ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَالَ: لِلْجَهْلِ بِعْتُك بِأَلْفٍ ذَهَبًا وَفِضَّةً. [بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ يَقُولُ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ أَنْ يَضُمَّ إلَى رَأْسِ الْمَالِ شَيْئًا آخَرَ، كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك بِمِائَتَيْنِ وَرِبْحِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عَشَرَةٍ أَيْ بِمِثْلِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجْرِي فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافُ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 اشْتَرَيْت) أَيْ بِمِثْلِهِ (أَوْ رِبْحِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عَشَرَةٍ) أَوْ فِي كُلِّ عَشَرَةٍ (وَرِبْحِ ده يازده) فَسَّرَهُ الرَّافِعِيُّ بِمَا قَبْلَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ فَيَقْبَلُهُ الْمُخَاطَبُ (وَ) يَصِحُّ بَيْعُ (الْمُحَاطَةِ كَبِعْت) لَك (بِمَا اشْتَرَيْت وَحَطِّ ده يازده) فَيُقْبَلُ (وَيُحَطُّ مِنْ كُلِّ أَحَدَ عَشَرَ وَاحِدٌ) كَمَا إنَّ الرِّبْحَ فِي الْمُرَابَحَةِ وَاحِدٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ (وَقِيلَ:) يُحَطُّ (مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ وَاحِدٌ) كَمَا زِيدَ فِي الْمُرَابَحَةِ عَلَى كُلِّ عَشَرَةٍ وَاحِدٌ فَإِذَا كَانَ اشْتَرَى بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ فَالْمَحْطُوطُ مِنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ عَشَرَةٌ وَعَلَى الثَّانِي أَحَدَ عَشَرَ (وَإِذَا قَالَ بِعْت بِمَا اشْتَرَيْت لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ سِوَى الثَّمَنِ) وَهُوَ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ عِنْدَ لُزُومِهِ، وَذَلِكَ صَادِقٌ بِمَا فِيهِ حَطٌّ عَمَّا عَقَدَ بِهِ الْعَقْدَ أَوْ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ (وَلَوْ قَالَ: بِمَا قَامَ عَلَيَّ دَخَلَ مَعَ ثَمَنِهِ أُجْرَةُ الْكَيَّالِ) لِلثَّمَنِ الْمَكِيلِ (وَالدَّلَّالِ) لِلثَّمَنِ الْمُنَادَى عَلَيْهِ إلَى أَنْ اشْتَرَى بِهِ الْمَبِيعَ كَمَا أَفْصَحَ بِهِمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَالْمَطْلَبِ (وَالْحَارِسِ وَالْقَصَّارِ وَالرَّفَّاءِ) بِالْمَدِّ مِنْ رَفَأْت الثَّوْبَ بِالْهَمْزِ. وَرُبَّمَا قِيلَ بِالْوَاوِ (وَالصَّبَّاغِ) كُلٌّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ لِلْمَبِيعِ   [حاشية قليوبي] بَخَمْسَةَ عَشَرَ بِعْتُكَهُ بِعِشْرِينَ وَرِبْحِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عَشَرَةٍ، أَوْ بِعَشَرَةٍ إلَخْ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْمُرَابَحَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مَعَ لَفْظِ بِعْتُكَهُ بِكَذَا مَثَلًا لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ مِنْهَا وَلَا خِيَارَ وَلَا حَطَّ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الْعَقْدُ بِلَفْظِ تَوْلِيَةٍ أَوْ إشْرَاكٍ، وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: لَكِنْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ، قَالَ وَقَوْلُهُمْ خَاصَّةً التَّوْلِيَةُ التَّنْزِيلُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (لِعَالِمٍ بِذَلِكَ) قَالَ شَيْخُنَا بِقَدْرِ الثَّمَنِ وَصِفَتِهِ، وَلَا يَكْفِي رُؤْيَتُهُ عَنْ قَدْرِهِ وَفِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِمِثْلِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَنْتَقِلْ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا تَعَيَّنَ وَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ وَدَرَاهِمُ الرِّبْحِ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ إنْ صَرَّحَ بِهِ وَإِلَّا فَمِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي كُلٍّ) وَكَذَا عَلَى كُلٍّ وَكَذَا مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ إنْ لَمْ يُرِدْ بِمِنْ مَعْنَاهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، كَوَالِدِهِ وَتَكُونُ مِنْ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ فِي أَوْ اللَّامِ سَوَاءٌ أَرَادَ ذَلِكَ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ أَرَادَ بِمِنْ مَعْنَاهَا بَطَلَ الْعَقْدُ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ صِحَّةُ الْعَقْدِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَيَكُونُ الرِّبْحُ عَلَيْهِ وَاحِدًا عَلَى كُلِّ تِسْعَةٍ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ وَاحِدًا مِنْ الْعَشَرَةِ عَلَى قِيَاسِ الْحَطِّ فَرَاجِعْهُ، هَذَا وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ مَتَى قَالَ مِنْ عَشَرَةٍ كَانَ الرِّبْحُ وَاحِدًا مِنْهَا كَمَا فِي الْخَطِّ. قَوْلُهُ: (فَسَّرَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) لِأَنَّ ده اسْمٌ لِلْعَشَرَةِ وباز اسْمٌ لِلْوَاحِدِ بِشَرْطِ إضَافَتِهِ إلَى ده وَأَمَّا ددوازده فَهُوَ اثْنَا عَشَرَ. قَوْلُهُ: (كَبِعْت لَك) أَيْ وَهُوَ عَالِمٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُرَابَحَةِ. قَوْلُهُ: (وَحَطَّ ده إلَخْ) وَمِثْلُهُ حَطَّ دِرْهَمًا عَلَى كُلِّ عَشَرَةٍ أَوْ فِي كُلِّ عَشَرَةٍ، أَوْ لِكُلِّ عَشَرَةٍ، وَكَذَا مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ لَكِنْ فِي هَذِهِ يَحُطُّ الْعَاشِرَ. قَوْلُهُ: (فَالْمَحْطُوطُ مِنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ مِنْ الْوَجْهَيْنِ عَشَرَةٌ فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً فَالْمَحْطُوطُ عَلَيْهِ تِسْعَةٌ، وَجُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءٍ مِنْ وَاحِدٍ وَعَلَى الثَّانِي عَشَرَةٌ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا قَالَ بِعْت إلَخْ) هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ صُوَرِ الْمُرَابَحَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ وَذِكْرُهُمَا لِأَجْلِ مَعْرِفَةِ مَا يَدْخُلُ فِي الصِّيغَةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (بِمَا اشْتَرَيْت) وَمِثْلُهُ بِرَأْسِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا اسْتَقَرَّ إلَخْ) أَيْ الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ هُنَا مَا لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ دَفْعُهُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَقْتَ لُزُومِ عَقْدِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَطُّ قَبْلَ عَقْدِ الْمُرَابَحَةِ صَحَّتْ بِلَفْظِ الشِّرَاءِ دُونَ الْقِيَامِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَتَعَدَّ الْحَطُّ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَوْ الشَّرْطِ) أَيْ خِيَارِهِ لَهُمَا. قَوْلُهُ: (بِمَا قَامَ) وَمِثْلُهُ بِمَا ثَبَتَ أَوْ حَصَلَ أَوْ وَزَنْته أَوْ بِمَا هُوَ عَلَى قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمَعْنَى الدُّخُولِ الْمَذْكُورِ لِلْعَاقِدِ عَلَى الثَّمَنِ أَنَّهُ يَضُمُّهُ إلَى الثَّمَنِ وَيَذْكُرُ جُمْلَتَهُ لَا أَنَّهُ يَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ شَيْئًا وَضَمَّهُ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَا يَدْخُلُ سَقَطَ هُوَ وَرِبْحُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْأُمُورَ الْمَذْكُورَةَ إذَا عُلِمَ مَا يُقَابِلُهَا مِنْ أُجْرَةٍ وَغَيْرِهَا ثُمَّ قَالَ الْمَوْلَى لِلْمُتَوَلِّي وَلَّيْتُك هَذَا الْعَقْدَ بِمَا قَامَ عَلَيَّ وَرَبِحَ كَذَا إنَّهَا تَدْخُلُ مَعَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَيَكُونُ جُمْلَتُهُمَا هِيَ الثَّمَنُ فِي عَقْدِ التَّوْلِيَةِ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ بِقَدْرِهِمَا فَافْهَمْ وَرَاجِعْ وَتَأَمَّلْ، قَوْلُهُ: (أُجْرَةُ إلَخْ) مَحَلُّ دُخُولِ تِلْكَ الْأُجْرَةِ إنْ لَزِمَتْ الْمَوْلَى وَأَدَّاهَا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. نَعَمْ فِي مُؤَقَّتِ دُخُولِهَا عَلَى أَدَائِهَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِلثَّمَنِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ اعْتِرَاضَ دُخُولِ مَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لِلْبَائِعِ وَلَيْسَ مِنْ الثَّمَنِ فَكَيْفَ   [حاشية عميرة] بِنَصِيبِ ابْنِهِ، وَرَدَّهُ النَّوَوِيُّ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ هُنَا مَعْنَى الْمِثْلِيَّةِ. [بَيْعُ الْمُحَاطَةِ] قَوْلُهُ: (فَإِذَا كَانَ اشْتَرَى بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ إلَخْ) لَوْ كَانَ الشِّرَاءُ بِمِائَةٍ فَقَطْ فَالْمَحْطُوطُ عَلَى الصَّحِيحِ تِسْعَةٌ وَجُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ، وَلَوْ قَالَ: وَحَطُّ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ، حَطُّ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ، وَلَوْ قَالَ: وَحَطُّ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عَشَرَةٍ حَطُّ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ أَحَدَ عَشَرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَا اشْتَرَيْت) أَيْ بِمِثْلِهِ. قَوْلُهُ: (كَأُجْرَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 (وَقِيمَةِ الصِّبْغِ) لَهُ (وَسَائِرِ الْمُؤَنِ الْمُرَادَةِ لِلِاسْتِرْبَاحِ) أَيْ لِطَلَبِ الرِّبْحِ فِيهِ كَأُجْرَةِ الْحَمَّالِ وَالْمَكَانِ وَالْخِتَانِ وَتَطْيِينِ الدَّارِ، وَلَا يَدْخُلُ مَا يُقْصَدُ بِهِ اسْتِبْقَاءُ الْمِلْكِ دُونَ الِاسْتِرْبَاحِ كَنَفَقَةِ الْعَبْدِ وَكِسْوَتِهِ وَعَلَفِ الدَّابَّةِ يَقَعُ ذَلِكَ فِي مُقَابَلَةِ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَوْفَاةِ مِنْ الْمَبِيعِ. نَعَمْ الْعَلَفُ الزَّائِدُ عَلَى الْمُعْتَادِ لِلتَّسْمِينِ يَدْخُلُ (وَلَوْ قَصَّرَ بِنَفْسِهِ أَوْ كَالَ أَوْ حَمَلَ) أَوْ طَيَّنَ (أَوْ تَطَوَّعَ بِهِ شَخْصٌ لَمْ تَدْخُلْ أُجْرَتُهُ) مَعَ الثَّمَنِ فِي قَوْلِهِ بِمَا قَامَ عَلَيَّ لِأَنَّ عَمَلَهُ وَمَا تَطَوَّعَ بِهِ غَيْرُهُ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَامَ عَلَيْهِ مَا بَذَلَهُ وَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ: وَعَمِلْت فِيهِ مَا أُجْرَتُهُ كَذَا أَوْ عَمَلَهُ لِي مُتَطَوِّعٌ (وَلْيَعْلَمَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ (ثَمَنَهُ) أَيْ الْمَبِيعِ فِي صُورَةِ بِعْت بِمَا اشْتَرَيْت (أَوْ مَا قَامَ بِهِ) فِي صُورَةِ بِعْت بِمَا قَامَ عَلَيَّ (فَلَوْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا بَطَلَ) الْبَيْعُ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يَصِحُّ لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهِ، وَفِي اشْتِرَاطِهَا فِي الْمَجْلِسِ وَجْهَانِ وَلَوْ قِيلَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ: وَرِبْحِ كَذَا كَانَتْ مِنْ صُوَرِ الْمُرَابَحَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأُولَى. وَلَهَا صُورَةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ: بِعْتُك بِرَأْسِ الْمَالِ وَرِبْحِ كَذَا وَهُوَ كَقَوْلِهِ بِمَا اشْتَرَيْت وَقِيلَ: بِمَا قَامَ عَلَيَّ (وَلْيُصَدَّقْ الْبَائِعُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ) الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ أَوْ قَامَ بِهِ الْمَبِيعُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِخْبَارِ بِهِ أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصِّدْقُ فِي ذَلِكَ (وَالْأَجَلِ وَالشِّرَاءِ بِالْعَرْضِ وَبَيَانِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ) لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَعْتَمِدُ أَمَانَتَهُ فِيمَا يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ   [حاشية قليوبي] يَدْخُلُ فِيهِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى كَلَامِهِ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، قَوْلُهُ: (وَسَائِرِ الْمُؤَنِ) وَمِنْهَا الْمَكْسُ الْمَعْرُوفُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ وَمِنْهَا مَا غَرِمَهُ فِي خَلَاصِ مَغْصُوبٍ أَوْ رَدِّ آبِقٍ أَوْ أُجْرَةِ طَبِيبٍ أَوْ ثَمَنِ دَوَاءٍ لِلْمَرِيضِ أَوْ فِدَاءِ الْجَانِي وَقَدْ اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ بِخِلَافِ الْحَادِثِ بَعْدَ الشِّرَاءِ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُؤَنِ الِاسْتِبْقَاءِ وَلِذَلِكَ أَسْقَطَهُ فِي الْمَنْهَجِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ شُمُولِ الْعَلَفِ لَهُ. قَوْلُهُ: (بِنَفْسِهِ) وَمِثْلُهُ عَمَلُ مَنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ بِإِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَلْيَعْلَمَا) أَيْ وُجُوبًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْمُرَابَحَةِ، وَالْمُحَاطَةِ وَقَالَ شَيْخُنَا لَا مَانِعَ مِنْ شُمُولِهِ لِلتَّوْلِيَةِ وَالِاشْتِرَاكِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ الْآتِي يَدُلُّ لَهُ نَعَمْ قَدْ مَرَّ أَنَّ التَّخْمِينَ بِالرُّؤْيَةِ كَافٍ فِيهِمَا عِنْدَ شَيْخِنَا م ر. فَلَا يُلَائِمُ ذِكْرَهُ لَهُمَا هُنَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا) قَدْرًا أَوْ جِنْسًا أَوْ صِفَةً لَمْ يَصِحَّ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي أَصَحُّهُمَا الِاشْتِرَاطُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قِيلَ إلَخْ) وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَهِيَ مِنْ صُوَرِ التَّوْلِيَةِ لَصِحَّتِهَا بِغَيْرِ لَفْظِ التَّوْلِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِيمَا تَقَدَّمَ. تَنْبِيهٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ بِمَا اشْتَرَيْت، وَلَا بِمَا قَامَ عَلَيَّ وَلَا غَيْرِهِمَا مِمَّا تَقَدَّمَ فِيمَا أَخَذَهُ هِبَةً بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ وَأَرَادَ بَيْعَهُ مُرَابَحَةً لِأَنَّهُ كَذَبَ، وَلَا يَجُوزُ بِمَا اشْتَرَيْت وَلَا بِرَأْسِ الْمَالِ فِي عَبْدٍ هُوَ أُجْرَةٌ أَوْ عِوَضُ خُلْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ صُلْحٍ عَنْ عَدَمِ عَمْدٍ، وَأَرَادَ بَيْعَهُ مُرَابَحَةً لِأَنَّهُ كَذَبَ أَيْضًا بَلْ يَذْكُرُ قِيمَةَ الْعَبْدِ كَمِائَةٍ مَثَلًا فَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِمِائَةٍ أَوْ يَزِيدُ وَهِيَ أُجْرَةُ مِثْلِ كَذَا أَوْ مَهْرُ مِثْلِ كَذَا أَوْ صُلْحٌ عَنْ دِيَةِ كَذَا. قَوْلُهُ: (قَدْرِ الثَّمَنِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُخَالِفْ الْعَادَةَ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ. قَوْلُهُ: (الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ) فَإِنْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ أَخْبَرَ بِالْأَخِيرِ وَلَوْ هُوَ الْأَكْثَرُ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ كَثْرَتَهُ بِمُوَاطَأَةٍ وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ بَاعَ مُرَابَحَةً وَإِلَّا فَلَا كَمَا مَرَّ وَلَا يَلْزَمُهُ بَيَانُ رُخْصِ السِّلْعَةِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (أَوْ قَامَ بِهِ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى اسْتَقَرَّ فَيَكُونُ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، لَكِنْ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَابَلَهُ بِهِ فَلَعَلَّهُ تَجَوَّزَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصِّدْقُ) أَيْ لِدَفْعِ الْإِثْمِ عَنْهُ، وَإِلَّا فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ مُطْلَقًا وَفَائِدَةُ الْوُجُوبِ سُقُوطُ الزِّيَادَةِ وَرِبْحِهَا إذَا كَذَبَ فِيهَا، وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ فِي غَيْرِهَا وَلَا حَطَّ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ. قَوْلُهُ: (وَبَيَانُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ) وَكَذَا عَيْبٌ قَدِيمٌ أُخِذَ أَرْشُهُ لَكِنْ إنْ بَاعَ بِمَا قَامَ عَلَى حَطِّ الْأَرْشِ بِخِلَافِ بِمَا اشْتَرَيْت فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (يَعْتَمِدُ أَمَانَتَهُ)   [حاشية عميرة] الْحَمَّالِ) مِنْ ذَلِكَ الْمَكْسِ الَّذِي يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَطَلَ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِمَا اشْتَرَيْت وَلَمْ يَقُلْ مُرَابَحَةً. قَوْلُهُ: (لِسُهُولَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ إذَا قَالَ مُرَابَحَةً كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْهُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا خَانَ فِيهِ لَا حَطَّ وَلَا خِيَارَ. قَوْلُهُ: (وَفِي اشْتِرَاطِهَا) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَالثَّانِي يَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قِيلَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلٌ فِي الْمَتْنِ، وَلَوْ قَالَ: بِمَا قَامَ عَلَى إلَخْ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا الْبَابَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَمَانَةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَعْتَمِدُ فِيهِ عَلَى نَظَرِ الْبَائِعِ وَرَاضٍ لِنَفْسِهِ بِمَا رَضِيَ بِهِ مَعَ زِيَادَةٍ أَوْ حَطٍّ. قَوْلُهُ: (وَبَيَانُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُبَيِّنُ حُدُوثَهُ وَلَا يَكْتَفِي بِإِعْلَامِهِ بِالْعَيْبِ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ كُلَّ بَائِعٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعْلَامُ بِالْعُيُوبِ وَكَذَا يَجِبُ إعْلَامُهُ أَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 الثَّمَنِ فَيَذْكُرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِكَذَا لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ، لِأَنَّهُ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ وَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ قِيمَتُهُ كَذَا. وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى ذِكْرِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ يُشَدَّدُ فِي الْبَيْعِ بِالْعَرْضِ فَوْقَ مَا يُشَدَّدُ فِي الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ، وَأَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَهُ هَذَا الْعَيْبُ لِنَقْصِ الْمَبِيعِ بِهِ عَمَّا كَانَ حِينَ شَرَاهُ (فَلَوْ قَالَ) اشْتَرَيْته (بِمِائَةٍ) وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً أَيْ بِمَا اشْتَرَاهُ وَرِبْحِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عَشَرَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ (فَبَانَ) أَنَّهُ اشْتَرَاهُ (بِتِسْعِينَ) بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَحُطُّ الزِّيَادَةَ وَرِبْحَهَا) لِكَذِبِهِ. وَالثَّانِي لَا يُحَطُّ شَيْءٌ لِعَقْدِ الْبَيْعِ بِمَا ذَكَرَ (وَ) الْأَظْهَرُ بِنَاءً عَلَى الْحَطِّ (أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي) لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِالْأَكْثَرِ فَأَوْلَى أَنْ يَرْضَى بِالْأَقَلِّ وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي الشِّرَاءِ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ لِإِبْرَارِ قَسَمٍ أَوْ إنْفَاذِ وَصِيَّةٍ وَعَلَى قَوْلِ عَدَمِ الْحَطِّ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ جَزْمًا لِأَنَّ الْبَائِعَ غَرَّهُ وَعَلَى قَوْلِ الْحَطِّ: لَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ وَفِي وَجْهٍ. وَقِيلَ: قَوْلُهُ لَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا سَمَّاهُ (وَلَوْ زَعَمَ أَنَّهُ) أَيْ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ (مِائَةٌ وَعَشَرَةٌ) وَأَنَّهُ غَلِطَ فِي قَوْلِهِ أَوَّلًا بِمِائَةٍ (وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي) فِي ذَلِكَ (لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) وَالْوَاقِعُ بَيْنَهُمَا مُرَابَحَةٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ مَزِيدًا فِيهِ الْعَشَرَةُ الْمَتْبُوعَةُ بِرِبْحِهَا (قُلْت الْأَصَحُّ صِحَّتُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَلَا تَثْبُتُ الْعَشَرَةُ الْمَذْكُورَةُ. وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ وَقِيلَ: تَثْبُتُ الْعَشَرَةُ بِرِبْحِهَا وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ (وَإِنْ كَذَّبَهُ) الْمُشْتَرِي (وَلَمْ يُبَيِّنْ) هُوَ (لِغَلَطِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ (لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ) إنْ أَقَامَهَا عَلَيْهِ لِتَكْذِيبِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَهُمَا (وَلَهُ تَحْلِيفُ   [حاشية قليوبي] أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَالِمًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى إخْبَارٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَذَا كُلُّ مَا يَجِبُ الْإِخْبَارُ بِهِ. قَوْلُهُ: (بِعَرْضٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْعَرْضِ الْمُتَقَوِّمُ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمِثْلِيُّ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِهِ مُرَابَحَةً وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ قِيمَتَهُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، وَعَلَيْهِ هَلْ يُنَزَّلُ الرِّبْحُ عَلَى قِيمَتِهِ أَوْ عَلَى وَزْنِهِ أَوْ وَكِيلِهِ رَاجِعْهُ، كَذَا قَالَ شَيْخُنَا وَفِيهِ بَحْثٌ. قَوْلُهُ: (قِيمَتُهُ كَذَا) وَالْمُعْتَبَرُ قِيمَةُ يَوْمِ الْعَقْدِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ رُخْصٍ أَوْ غَلَاءٍ، وَيَكْفِي تَقْوِيمُهُ بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا فَعِدْلٌ فَإِنْ تَنَازَعَا فَعِدْلَانِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْتَصِرُ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ ذِكْرَ الْقِيمَةِ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ بِخِلَافِ ذِكْرِ الْعَرْضِ وَيَذْكُرُ أَيْضًا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ مُوَلِّيهِ أَوْ مِنْ مَدِينِهِ الْمُعْسِرِ أَوْ الْمُمَاطِلِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْعَرْضِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَتْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا، وَقَالَ بِعْتُك هَذَا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَالْوَجْهُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَيْسَ مِنْ التَّوْلِيَةِ وَلَا يَلْحَقُ فِيهِ حَطٌّ وَلَوْ حُطَّ عَنْ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَحُطُّ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ سَقَطَتْ وَهِيَ أَوْلَى لِإِفَادَةِ أَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا فَتَأَمَّلْ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَحِينَئِذٍ فَلَزِمَ الْجَهْلُ بِقَدْرِ الثَّمَنِ فِي الْوَاقِعِ وَهُوَ مُبْطِلٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ صَحَّ هُنَا نَظَرًا لِلْمُسَمَّى: وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا فِي التَّوْلِيَةِ بَعْدَ الْحَطِّ وَقَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ) كَالْمُشْتَرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ زَعَمَ) أَيْ بَعْدَ عَقْدِ الْمُرَابَحَةِ، أَنَّهُ اشْتَرَاهُ إلَخْ، وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ الزَّعْمِ فَالْأَصَحُّ بَقَاءُ صِحَّةِ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) بِنَاءً عَلَى الصِّحَّةِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ لِفَوَاتِ الْعَشَرَةِ الَّتِي هُوَ زَعَمَهَا عَلَيْهِ مَعَ تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي لَهُ قَالَ شَيْخُنَا، وَخِيَارُهُ عَلَى الْفَوْرِ كَالْعَيْبِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ) وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَا خِيَارَ لَهُ. قَوْلُهُ: (أُمْضِيَ الْعَقْدُ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ) وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْمِيمِ) أَيْ قَرِيبًا بِكَسْرِهَا النَّفْسَ الْوَاقِعَةَ كَمَا يُقَالُ الْأَمْرُ مُحْتَمِلٌ لِكَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ   [حاشية عميرة] اطَّلَعَ عَلَى الْقَدِيمِ وَرَضِيَ بِهِ وَلَا يَكْفِي إعْلَامُهُ بِالْعَيْبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِهِ يَحُطُّ الزِّيَادَةَ) أَيْ وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى طَلَبٍ بَلْ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْبَيْعَ انْعَقَدَ بِذَلِكَ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ، وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْحَطَّ لَيْسَ كَأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثُمَّ وَجْهُ الْحَطِّ التَّنْزِيلُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ إلَخْ) لِأَنَّهُ إنْ بَانَ كَذِبُهُ بِالْإِقْرَارِ لَمْ يُؤْمَنُ كَذِبُهُ ثَانِيًا وَإِنْ بَانَ بِالْبَيِّنَةِ فَقَدْ تَكُونُ كَاذِبَةً وَيَكُونُ الْبَاطِنُ مُخَالِفًا لِلظَّاهِرِ. قَوْلُهُ: (لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) إلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِكَذِبِ الْبَائِعِ أَوْ يَكُونَ الْمَبِيعُ تَالِفًا، وَفِي هَذِهِ الثَّانِيَةِ يَرْجِعُ بِقَدْرِ التَّفَاوُتِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرُّبُعِ. قَوْلُهُ: (لَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ غَلَطُهُ أَوْ تَلْبِيسُهُ سَبَبًا لِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ. قَوْلُهُ: (لِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تُحْتَمَلُ فِي الْعَقْدِ بِخِلَافِ النَّقْصِ فَإِنَّهُ مَعْهُودٌ بِدَلِيلِ الْأَرْشِ وَلَا كَذَلِكَ الزِّيَادَةُ وَأَيْضًا فَالزِّيَادَةُ لَمْ يَرْضَ بِهَا الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ النَّقْصِ السَّالِفِ، فَإِنَّهُ رَضِيَ بِهِ فِي ضِمْنِ رِضَاهُ بِالْأَكْثَرِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) أَيْ كَمَا لَوْ غَلِطَ بِالزِّيَادَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَثْبُتُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ هُوَ مُشْكِلٌ حَيْثُ اُعْتُبِرَ الْمُسَمَّى هُنَا وَاعْتُبِرَ فِي الْغَلَطِ بِالزِّيَادَةِ التَّنْزِيلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ عِنْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي لَا كَمَا لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ حَلَفَ أَمْضَى الْعَقْدَ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَقِيلَ: لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ وَعَلَى الرَّدِّ يَحْلِفُ أَنَّ ثَمَنَهُ مِائَةٌ وَعَشَرَةٌ وَلِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ الْخِيَارُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْعَقْدِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ فَسْخِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، كَذَا أَطْلَقُوهُ وَمُقْتَضَى قَوْلِنَا أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ مَعَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَالْإِقْرَارِ أَنْ يَعُودَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا فِي حَالَةِ التَّصْدِيقِ (وَإِنْ بَيَّنَ) لِغَلَطِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا كَأَنْ قَالَ: كُنْت رَاجَعْت جَرِيدَتِي فَغَلِطْت مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ إلَى غَيْرِهِ (فَلَهُ التَّحْلِيفُ) كَمَا سَبَقَ لِأَنَّ مَا بَيَّنَهُ يُحَرِّكُ ظَنَّ صِدْقِهِ وَقِيلَ: فِيهِ الْخِلَافُ (وَالْأَصَحُّ) عَلَى التَّحْلِيفِ (سَمَاعُ بَيِّنَتِهِ) الَّتِي يُقِيمُهَا بِأَنَّ الثَّمَنَ مِائَةٌ وَعَشَرَةٌ. وَالثَّانِي لَا يُسْمَعُ لِتَكْذِيبِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَهَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ. وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ. بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ كَذَا تَرْجَمَ الشَّيْخُ فِي التَّنْبِيهِ وَتَرْجَمَ فِي الْمُحَرَّرِ بِفَصْلٍ قَالَ فِي التَّحْرِيرِ: الْأُصُولُ الشَّجَرُ وَالْأَرْضُ وَالثِّمَارُ جَمْعُ ثَمَرٍ   [حاشية قليوبي] اقْتَصَرُوا فِي النَّقْصِ عَلَى الْغَلَطِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الزِّيَادَةِ ذَكَرَ التَّعَمُّدَ وَكَأَنَّهُمْ تَرَكُوهُ لِعَدَمِ جَرَيَانِ التَّفَارِيعِ فِيهِ اهـ. فَتَأَمَّلْهُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِشَخْصٍ فَبِيعَ ثُمَّ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ، إلَّا إنْ بَيَّنَ لَهُ وَجْهًا مُحْتَمَلًا. وَقَالَ ابْنُ حُجْرٌ: يُقْبَلُ مُطْلَقًا لِأَجْلِ حَقِّ اللَّهِ، وَلَوْ بَاعَ دَارًا مَثَلًا ثُمَّ ادَّعَى وَقْفِيَّتِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ، أَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ، فَإِنْ كَانَ صَرَّحَ حَالَ الْبَيْعِ بِالْمِلْكِيَّةِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ وَإِلَّا قُبِلَتْ. قَالَ شَيْخُنَا: وَغَيْرُ الْعِتْقِ وَالْوَقْفِ لَا يُسْمَعُ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهَا قَبْلَ هَذَا الْبَيْعِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَلِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ الْخِيَارُ) هُوَ مَرْجُوحٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ وَسَيَأْتِي الصَّحِيحُ عَنْ الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ أَنْ يَعُودَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (مَا ذَكَرْنَا فِي حَالَةِ التَّصْدِيقِ) وَهُوَ سُقُوطُ الزِّيَادَةِ وَرِبْحِهَا وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ لَا لِلْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (جَرِيدَتِي) هِيَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ اسْمٌ لِلدَّفْتَرِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ ثَمَنُ أَمْتِعَةٍ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (سَمَاعُ بَيِّنَتِهِ) وَحِينَئِذٍ يَأْتِي مَا ذُكِرَ فِي التَّصْدِيقِ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَبْلَهُ. فَرْعٌ: الْخِيَارُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا مَرَّ. بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ أَيْ بَيَانُ مَا يَدْخُلُ فِي لَفْظِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْهَا وَمَا لَا يَدْخُلُ، وَفِي جَعْلِ الْمَذْكُورَاتِ أُصُولًا تَجُوزُ أَوْ هُوَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْأُصُولُ) جَمْعُ أَصْلٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَتْبَعُهُ غَيْرُهُ فِي دُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ وَالثِّمَارُ، إمَّا مُفْرَدٌ لِثُمُرٍ بِضَمِّ أَوَّلَيْهِ الَّذِي هُوَ مُفْرَدُ   [حاشية عميرة] عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ نَعَمْ يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ عَلَى مُقَابِلِهِ الْآتِي ثُمَّ وَجْهُ عَدَمِ الثُّبُوتِ كَوْنُ الزِّيَادَةِ مَجْهُولَةً وَلَمْ يَرْضَ بِهَا الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ التِّسْعِينَ السَّالِفَةِ فَإِنَّهُ رَضِيَ بِهَا فِي ضِمْنِ رِضَاهُ بِالْمِائَةِ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْمِيمِ) أَيْ وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَهُوَ الْوَاقِعَةُ نَفْسُهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ إلَخْ) لِلْخِلَافِ أَيْضًا عِنْدَ الْأَصْحَابِ مُدْرَكٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّا إنْ قُلْنَا الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ كَالْإِقْرَارِ حَلَفَ وَإِنْ قُلْنَا كَالْبَيِّنَةِ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ التَّحْلِيفِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَعَمَّدَ النُّكُولَ لِعِلْمِهِ عَدَمَ الرَّدِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَهُ التَّحْلِيفُ) لَوْ رَدَّ الْيَمِينَ اُتُّجِهَ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ سَوَاءٌ {قُلْنَا: الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَالْإِقْرَارِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا تُسْمَعُ وَلَا يَمْنَعُ فِيمَا يَأْتِي، نَعَمْ لَوْ كَانَ سَمَاعُهَا مَبْنِيًّا عَلَى جَوَازِ رَدِّ الْيَمِينِ} لَمْ يَصِحَّ مَا قُلْنَاهُ ثُمَّ إذَا حَلَفَ يَمِينَ الرَّدِّ فَإِنْ قُلْنَا كَالْبَيِّنَةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ صَدَّقَهُ وَإِنْ قُلْنَا كَالْإِقْرَارِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَمَا سَلَفَ فِي حَالَةِ عَدَمِ أَدَاءِ الْعُذْرِ وَيَأْتِي فِيهِ إشْكَالُ الشَّيْخَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ سَمَاعُهَا) قَالَ السُّبْكِيُّ: فَيَكُونُ كَمَا لَوْ صَدَّقَهُ فَعَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَعَلَى رَأْيِ الْمُصَنِّفِ يَصِحُّ ثُمَّ يَجْرِي الْخِلَافُ فِي ثُبُوتِ الزِّيَادَةِ. [بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ] ِ قَالَ فِي التَّحْرِيرِ عِبَارَةُ السُّبْكِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 وَهُوَ جَمْعُ ثَمَرَةٍ، وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ غَيْرُ ذَلِكَ إذَا (قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ السَّاحَةَ أَوْ الْبُقْعَةَ) أَوْ الْعَرْصَةَ (وَفِيهَا بِنَاءٌ وَشَجَرٌ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَدْخُلُ) لِلْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ (فِي الْبَيْعِ دُونَ الرَّهْنِ) أَيْ إذَا قَالَ: رَهَنْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِيهِمَا. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِمَا قَوْلَانِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ. وَجْهُ الدُّخُولِ أَنَّهَا لِلثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ فِي الْأَرْضِ فَتَتَبَّعْ وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ اسْمَ الْأَرْضِ وَنَحْوَهُ لَا يَتَنَاوَلُهَا، وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ الْقَطْعُ بِعَدَمِ الدُّخُولِ فِيهِمَا. وَحُمِلَ نَصُّهُ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَا إذَا قَالَ بِحُقُوقِهَا. وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ لَوْ قَالَ بِحُقُوقِهَا. وَالْفَرْقُ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْبَيْعَ قَوِيٌّ يَنْقُلُ الْمِلْكَ فَيُسْتَتْبَعُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكهَا بِمَا فِيهَا دَخَلْت قَطْعًا أَوْ دُونَ مَا فِيهَا لَمْ يَدْخُلْ قَطْعًا. وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الرَّهْنِ. وَفِي قَوْلِهِ بِحُقُوقِهَا وَجْهٌ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الرَّهْنِ وَوَجْهُهُ أَنَّ حُقُوقَ الْأَرْضِ إنَّمَا تَقَعُ عَلَى الْمَمَرِّ وَمَجْرَى الْمَاءِ إلَيْهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الشَّجَرَةِ أَغْصَانُهَا إلَّا الْيَابِسَ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ الْقَطْعُ، فَيُقَالُ هُنَا فِي الشَّجَرِ الْيَابِسِ كَذَلِكَ (وَأُصُولُ الْبَقْلِ الَّتِي تَبْقَى) فِي الْأَرْضِ (سَنَتَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ وَيُجَزُّ هُوَ مِرَارًا (كَالْقَتِّ) بِالْمُثَنَّاةِ وَالْقَضْبِ؟   [حاشية قليوبي] أَثْمَارٍ، وَأَمَّا جَمْعٌ لِثَمَرٍ بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِ الَّذِي هُوَ جَمْعُ ثَمَرَةٍ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ لِخِفَّتِهِ وَلِأَنَّهُ وَسَطٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَتَرْجَمَ فِي الْمُحَرَّرِ بِفَصْلٍ) نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّهَا قِسْمَانِ مَا لَهُ مَدْلُولٌ شَرْعِيٌّ يُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْأَوَّلُ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَلْفَاظٍ كَمَا مَرَّ وَمَا يَسْتَتْبِعُ غَيْرَ مُسَمَّاهُ وَهُوَ مَا هُنَا، وَفِيهِ سَبْعَةُ أَلْفَاظٍ بِحَسَبِ النَّوْعِ الْأَرْضُ وَالدَّارُ وَالْبُسْتَانُ وَالْقَرْيَةُ وَالدَّابَّةُ وَالشَّجَرَةُ وَالتَّمْرَةُ وَمَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ أَنْسَبُ. قَوْلُهُ: (قَالَ) أَيْ الْبَائِعُ وَلَوْ بِوَكَالَةٍ أَوْ وَلَايَةٍ. قَوْلُهُ: (وَفِيهَا) خَرَجَ مَا لَيْسَ فِيهَا كَنَصِيبِهَا مِنْ نَهْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا، وَقَنَاةٍ وَمَسِيلِ مَاءٍ فَإِنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا دَخَلَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَدْخُلُ مَكْتُوبُ دَارٍ مَثَلًا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بِنَاءٌ) وَلَوْ لِبِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ قَنَاةٍ فَيَدْخُلُ أَرْضُ ذَلِكَ، وَبِنَاؤُهُ وَلَا يَدْخُلُ الْمَاءُ فِيهَا إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَنُصّ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ عَقْدُ الْبَيْعِ وَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَحْدَهَا وَكَالْمَاءِ الْمَعْدِنِ الظَّاهِرِ كَالْمِلْحِ وَالْكِبْرِيتِ وَالنُّورَةِ أَمَّا الْبَاطِنُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَيَدْخُلُ بِلَا شَرْطٍ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَشَجَرٌ) وَلَوْ شَجَرُ مَوْزٍ أَوْ نِيلَةٍ أَوْ مِمَّا تُؤْخَذُ أَغْصَانُهُ مِرَارًا كَالْحَوَرِ بِمُهْمَلَتَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَحَمَلَ إلَخْ) فَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ فَإِنْ قَالَ بِحُقُوقِهِمَا فِيهِمَا دَخَلَ مَا ذَكَرَ مِنْ أَرْضِ الْبِئْرِ وَالْقَنَاةِ وَالنَّهْرِ وَبِنَاءٍ وَمَا فِيهِمَا كَمَا مَرَّ، وَقَالَ ابْنُ قَاسِمٍ الدَّاخِلُ هُنَا اسْتِحْقَاقُ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ وَحَمْلُهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، وَلَيْسَ مِلْكُهُ وَإِنْ قَالَ: بِدُونِ حُقُوقِهَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِمَا مَا ذَكَرَ وَسَيَذْكُرُ مَا لَوْ قَالَ: بِمَا فِيهَا أَوْ دُونَ مَا فِيهَا. قَوْلُهُ: (يَنْقُلُ الْمِلْكَ) فَيَلْحَقُ بِهِ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ كَالْوَقْفِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ وَالصَّدَاقِ وَصُلْحِ الدَّمِ وَالْأُجْرَةِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الرَّهْنِ) وَمِثْلُهُ الْعَارِيَّةُ وَالْإِجَارَةُ وَالْإِقْرَارُ فَالْمُرَادُ بِمَا لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ مَا لَيْسَ فِيهِ نَقْلُ مِلْكِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ بِمِلْكٍ سَابِقٍ وَعَدَمُ دُخُولِ غَيْرِ الْأَرْضِ فِيهِ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِمَّا مَرَّ نَعَمْ يَدْخُلُ فِي الْإِجَارَةِ مَا يَتَوَقَّفُ النَّفْعُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَيُقَالُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَدْخُلُ الشَّجَرُ الْيَابِسُ إلَّا أَنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِجَعْلِهِ دِعَامَةً وَنَحْوَهَا مِمَّا يَأْتِي وَفَارَقَ دُخُولَ الْوَتِدِ بِأَنَّهُ لِلدَّوَامِ وَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِنَقْلِهِ مِنْ الشَّجَرِ الرُّطَبِ كَالْيَابِسِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ لَمْ يَكُنْ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ مِمَّا وَكَالُهُ لَمْ يَدْخُلْ شَيْءٌ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ دَخَلَ مَا يَخُصُّهُ فَإِنْ كَانَ الْأَرْضُ وَمَا فِيهَا مُشْتَرَكًا دَخَلَ مِنْهُ مَا سَاوَى حِصَّتَهُ مِنْ الْأَرْضِ فَأَقَلُّ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَدْخُلْ الزَّائِدُ قَالَهُ ابْنُ حُجْرٌ، وَقَالَ شَيْخُنَا: يَدْخُلُ جَمِيعُ مَا يَخُصُّهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْأَرْضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْبَقْلِ) خَرَجَ الشَّجَرُ فَيَدْخُلُ جَمِيعُهُ كَمَا   [حاشية عميرة] الْأُصُولُ الشَّجَرُ وَكُلُّ مَا يُثْمِرُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَقِيلَ الشَّجَرُ وَالْأَرْضُ وَالْبِنَاءُ وَهُوَ بَعِيدٌ، قَالَ: وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ جَمَعَتْ بَيْنَ تَرْجَمَتَيْ بَابَيْنِ مُتَجَاوِرَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحَدُهُمَا: بَابُ ثَمَرِ الْحَائِطِ يُبَاعُ بِأَصْلِهِ، وَالْآخَرُ: بَابُ الْوَقْتِ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ بَيْعُ الثِّمَارِ. قَوْلُهُ: (لِلثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ) أَيْ فَكَانَا فِي مَعْنَى الْأَرْضِ كَمَا جُعِلَا بِمَعْنَاهَا فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِيهِمَا، وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مِنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» مَفْهُومَهُ، أَنَّهَا إذَا لَمْ تُؤَبَّرْ لِلْمُشْتَرِي مَعَ أَنَّ اسْمَ النَّخْلَةِ لَا يَشْمَلُهَا لَكِنْ لِاتِّصَالِهَا بِهَا وَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ الْمَنْعِ) إذَا قُلْنَا بِهَذَا بَقِيَتْ دَائِمًا بِلَا أُجْرَةٍ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ عِنْدَ الْجَهْلِ. قَوْلُهُ: (فَيُقَالُ إلَخْ) أَيْ بِحُكْمِ الْأُولَى بِدَلِيلِ أَنَّ الْغُصْنَ الرَّطْبَ يَدْخُلُ فِي اسْمِ الشَّجَرِ بِلَا خِلَافٍ بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ الرَّطْبَةِ مَعَ الْأَرْضِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 بِالْمُعْجَمَةِ (وَالْهِنْدَبَا) بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَالنَّعْنَاعِ وَالْكَرَفْسِ أَوْ تُؤْخَذُ ثَمَرَتُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَالنَّرْجِسِ وَالْبَنَفْسَجِ (كَالشَّجَرِ) فَفِي دُخُولِهَا فِي بَيْعِ الْأَرْضِ وَرَهْنِهَا الطُّرُقُ السَّابِقَةُ. هَذَا مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى أَنَّ فِي دُخُولِهَا فِي الْبَيْعِ الْخِلَافُ السَّابِقُ وَعَلَى الدُّخُولِ فِي الْبَيْعِ الثَّمَرَةُ الظَّاهِرَةُ. وَكَذَا الْجِزَّةُ الظَّاهِرَةُ عِنْدَ الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ فَلْيَشْتَرِطْ عَلَيْهِ قَطْعَهَا لِأَنَّهَا تَزِيدُ وَيُشْتَبَهُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ، سَوَاءٌ بَلَغَ مَا ظَهَرَ أَوَانَ الْجَزِّ أَمْ لَا. قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: إلَّا الْقَصَبَ فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ قَطْعُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا ظَهَرَ قَدْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ. وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَلَا يَدْخُلُ) فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا (مَا يُؤْخَذُ دَفْعَةً) وَاحِدَةً (كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَسَائِرِ الزُّرُوعِ) كَالْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَالْبَصَلِ وَالثُّومِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ فَهُوَ كَالْمَنْقُولَاتِ فِي الدَّارِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ) هَذَا الزَّرْعُ الَّذِي لَا يَدْخُلُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي تَخْرِيجُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِغَيْرِ الْمُكْتَرِي أَحَدُهُمَا الْبُطْلَانُ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ حَائِلَةٌ (وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ جَهِلَهُ) أَيْ الزَّرْعَ بِأَنْ سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ لِلْأَرْضِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَحَدَثَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا لِتَأَخُّرِ انْتِفَاعِهِ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالزَّرْعِ فَلَا خِيَارَ لَهُ (وَلَا يَمْنَعُ الزَّرْعُ) الْمَذْكُورُ (دُخُولَ الْأَرْضِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَضَمَانَهُ إذَا حَصَلَتْ التَّخْلِيَةُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَمْنَعُ كَمَا تُمْنَعُ الْأَمْتِعَةُ الْمَشْحُونُ بِهَا الدَّارُ مِنْ قَبْضِهَا، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ تَفْرِيغَ الدَّارِ   [حاشية قليوبي] تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَكْثَرُ) أَيْ أَوْ أَقَلُّ لِأَنَّ الْحُكْمَ دَائِرٌ مَعَ كَوْنِهِ يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ تَتْمِيمًا لِلضَّابِطِ. قَوْلُهُ: (وَالْقَضْبُ بِالْمُعْجَمَةِ) أَيْ السَّاكِنَةِ بَعْدَ الْقَافِ وَفِي ابْنِ حُجْرٌ أَنَّهُ اسْمُ الْقَتِّ فَعَطْفُهُ عَلَيْهِ تَفْسِيرٌ، وَيُرَادِفُهُ الْقُرْطُ وَالرُّطَبُ وَالْفَصْفَصَةُ وَهُوَ عَلَفُ الْبَهَائِمِ الْمَعْرُوفُ بِالْبِرْسِيمِ وَنَحْوِهِ قَوْلُهُ: (وَالْهِنْدَبَا بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ) أَيْ مَعَ كَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَبْلَ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْعُرْفِ بِالْبَقْلِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تُؤْخَذُ ثَمَرَتُهُ) أَوْ أَغْصَانُهُ وَلَيْسَ شَجَرًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَالنَّرْجِسِ) وَالْقُطْنِ الْحِجَازِيِّ وَالْبَاذِنْجَانِ. قَوْلُهُ: (فَلْيَشْتَرِطْ عَلَيْهِ قَطْعَهَا) أَيْ الثَّمَرَةَ وَكَذَا الْجِزَّةُ وَالْمُرَادُ بِالظَّاهِرَةِ هُنَا مَا لَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِ الشَّجَرَةِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (إلَّا الْقَصَبَ) هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ لُزُومِ الْقَطْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ شَرْطِهِ، قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ وَهُوَ الْبَوْصُ الْمَعْرُوفُ فَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ هُوَ بِالْمُعْجَمَةِ سَهْوٌ م ر. وَلَعَلَّ الْقَصَبَ الْمَأْكُولَ وَهُوَ الْحُلْوُ مِثْلُهُ وَأَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ شَجَرَ الْخِلَافِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ قَطْعُهُ) ثُمَّ الْحَادِثُ لِلْمُشْتَرِي إنْ تَمَيَّزَ لَا نَحْوَ غِلَظِ قَصَبَاتِهِ، وَإِذَا تَنَازَعَا فِيهِ فُسِخَ الْعَقْدُ وَعُلِمَ مِنْ كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ تَكْلِيفِ الْقَطْعِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ مِنْ شَرْطِ قَطْعِهِ وَأَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ هُنَا. قَوْلُهُ: (فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الْأَرْضِ) إنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا، وَخَرَجَ بِالْمُطْلَقِ بَيْعُهَا مَعَ مَا فِيهَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، قَوْلُهُ: (وَسَائِرِ الزُّرُوعِ) وَمِنْهَا الْقُطْنُ الْخُرَاسَانِيُّ. قَوْلُهُ: (هَذَا الزَّرْعُ إلَخْ) قَيْدٌ لِمَحَلٍّ فَتَقْيِيدُ الْمَنْهَجِ بِهَذَا الْقَيْدِ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ. (وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَطْعُ. قَوْلُهُ: (وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) أَيْ فَوْرًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ سَبَقَتْ إلَخْ) أَوْ رَآهَا مِنْ خِلَافِ الزَّرْعِ وَظَنَّهُ لِلْمَالِكِ فَبَانَ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِتَأَخُّرِ انْتِفَاعِهِ) أَيْ فَيَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمَنْهَجِ وَتَضَرَّرَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ فَلَوْ أَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا فِي زَمَنٍ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: كَيَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ فَلَا خِيَارَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (دُخُولَ الْأَرْضِ) أَمَّا مَا فِيهَا مِنْ الزَّرْع فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ يَدِهِ وَلَا يَضْمَنُهُ وَإِنْ تَلِفَ بِتَقْصِيرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَضَمَانُهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ مِنْ زِيَادَاتِ الْمِنْهَاجِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا وَأَجَابَ عَنْهَا شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْيَدِ الضَّمَانُ كَالْوَدِيعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الدُّخُولُ هُنَا هُوَ كَوْنُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِلْأَرْضِ وَيَلْزَمُهُ كَوْنُهَا فِي ضَمَانِهِ وَلَعَلَّ شَيْخَنَا الْمَذْكُورَ فِيهِمْ أَنَّ   [حاشية عميرة] فَإِنَّ فِيهَا خِلَافًا كَمَا تَقَرَّرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْهِنْدَبَا) أَيْ الْبَقْلُ قَوْلُهُ: (وَاقْتَصَرَ إلَخْ) أَيْ فَلَمْ يَذْكُرْ مَسْأَلَةَ الرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الدُّخُولِ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومٌ، مِنْ تَعْبِيرِ الْمِنْهَاجِ بِالْأُصُولِ. قَوْلُهُ: (الْجِزَّةُ) هِيَ بِكَسْرِ الْجِيمِ. قَوْلُهُ: (إلَّا الْقَصَبَ) أَيْ الْفَارِسِيَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ) أَيْ فَيَكُونُ بَيْعُ الْأَرْضِ مَعَ شَرْطِ قَطْعِهِ فِي حَالَةِ عَدَمِ النَّفْعِ بَاطِلًا. قَوْلُهُ: (فِي مُطْلَقِ إلَخْ) الَّذِي فِي الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ وَإِنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا. قَوْلُهُ: (كَالْجَزَرِ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا يُحْصَدُ كَمِثَالِ الْمَتْنِ أَوْ يُقْلَعُ كَهَذِهِ الْأَمْثِلَةِ كَمَا شَمَلَهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يُؤْخَذُ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ إلَخْ) وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ لَوَجَبَ الْقَطْعُ بِالْفَسَادِ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ كَدَارِ الْمُعْتَدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْحَمْلِ ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الزَّرْعِ الَّذِي يُؤْخَذُ دَفْعَةً وَإِلَّا فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 مُتَأَتٍّ فِي الْحَالِ (وَالْبَذْرُ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (كَالزَّرْعِ) فَالْبَذْرُ الَّذِي لَا ثَبَاتَ لِنَبَاتِهِ وَيُؤْخَذُ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ، وَيَبْقَى إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ، وَمِثْلُهُ الْقَلْعُ فِيمَا يُقْلِعُ وَالْبَذْرُ الَّذِي يَدُومُ حُكْمُهُ فِي الدُّخُولِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ جَهِلَهُ فَإِنْ تَرَكَهُ الْبَائِعُ لَهُ سَقَطَ خِيَارُهُ وَعَلَيْهِ الْقَبُولُ، وَلَوْ قَالَ: آخُذُهُ وَأُفْرِغُ الْأَرْضَ سَقَطَ خِيَارُهُ أَيْضًا إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ وَالْبَذْرُ الَّذِي يَدُومُ كَنَوَى النَّخْلِ وَبَذْرِ الْكُرَّاثِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْبُقُولِ حُكْمُهُ فِي الدُّخُولِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ حُكْمُ الشَّجَرِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِلْمُشْتَرِي مُدَّةَ بَقَاءِ الزَّرْعِ) الَّذِي جَهِلَهُ وَأَجَازَ كَمَا لَا أَرْشَ لَهُ فِي الْإِجَازَةِ فِي الْعَيْبِ، وَالثَّانِي وَصَحَّحَهُ فِي الْوَجِيزِ لَهُ الْأُجْرَةُ. قَالَ فِي الْبَسِيطِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَيْ فَلَيْسَتْ كَالْعَيْبِ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ لَا أُجْرَةَ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ الْأَصَحُّ لَا أُجْرَةَ وَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّرْعَ يَبْقَى إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ أَوْ الْقَلْعِ (وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ) بِهَا (لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ) عَنْهَا أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ كَالْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا، وَسَيَأْتِي فَهِيَ مَسْتُورَةٌ كَالْبَذْرِ (بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْجَمِيعِ) قَطْعًا لِلْجَهْلِ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ وَتَعَذَّرَ التَّوْزِيعُ (وَقِيلَ فِي الْأَرْضِ قَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا الصِّحَّةُ فِيهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ الْبَذْرُ بَعْدَ صِفَةِ الزَّرْعِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمِنْهَاجِ، قِيلَ لِتَعُودَ الصِّفَةُ إلَيْهِ أَيْضًا فَيَخْرُجُ بِهَا مَا رُئِيَ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ، وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ فَإِنَّهُ يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ وَلَمْ يُنَبِّهْ فِي الدَّقَائِقِ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ أَطْلَقَ الْبَذْرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ الْحِجَارَةُ   [حاشية قليوبي] الضَّمَانَ هُنَا ضَمَانُ الْيَدِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مُتَأَتٍّ فِي الْحَالِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ كَانَ الزَّرْعُ قَلِيلًا وَإِلَّا مُتْعَةُ كَثِيرَةً. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَرَكَهُ) أَيْ الْمَذْكُورَ مِنْ الْبَذْرِ وَالزَّرْعِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ الْقَبُولُ) بِمَعْنَى سُقُوطِ خِيَارِهِ لِأَنَّ تَرْكَهُ إعْرَاضٌ لَا تَمْلِيكٌ إلَّا إنْ وَقَعَ بِصِيغَةِ تَمْلِيكٍ وَأَمْكَنَ وَإِذَا عَادَ فِيهِ عَادَ الْخِيَارُ. قَوْلُهُ: (حُكْمُ الشَّجَرِ) أَيْ فَيَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ مَعَ اسْتِثْنَائِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِنَقْلِهِ مِنْ الْأَرْضِ لِتَحْوِيلِهِ بِمَوْضِعٍ آخَرَ فَهُوَ كَالزَّرْعِ الَّذِي لَا يَدُومُ قَالَهُ شَيْخُ: شَيْخِنَا عَمِيرَةَ وَقَدْ مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِلْمُشْتَرِي مُدَّةَ بَقَاءِ الزَّرْعِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ وَكَذَا مُدَّةُ تَفْرِيغِهِ وَإِنْ طَالَتْ نَعَمْ إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِقَطْعِهِ قَبْلُ أَوَانِ الْحَصَادَ لَزِمَهُ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ دِيَاسَتِهِ فِي مَحَلِّهِ إلَّا بِالرِّضَا، وَإِذَا وَقَعَ شَرْطُ قَطْعٍ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ وَفَارَقَ تَوَقُّفُ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ عَلَى الطَّلَبِ فِي الثَّمَرَةِ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ هُنَا فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ، وَيَصِحُّ قَبْضُ الْأَرْضِ مَشْغُولَةً كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ الَّذِي جَهِلَهُ إلَى تَقْيِيدِ مَحَلِّ الْخِلَافِ فَلَا أُجْرَةَ لِلْعَالِمِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَفِي الْأَصْلِ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرُ إلَخْ) فَقَدَّمَ ذِكْرَهُ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ وَمِثْلُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَذْرِ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إلَى هُنَا وَيَلْزَمُ فِي الْقَلْعِ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَإِزَالَةُ عُرُوضٍ تَضُرُّهَا. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ إلَخْ) فَإِنْ أَمْكَنَ عِلْمُهُ بَعْدُ كَانَ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا إلَخْ) سَكَتَ عَنْ مُقَابِلِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِطَرِيقِ الْقَطْعِ وَعَلَى الصِّحَّةِ يَبْقَى الزَّرْعُ وَالْبَذْرُ لِلْبَائِعِ، وَهَلْ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ بَقَاؤُهُ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ أَوْ الْقَلْعِ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (قِيلَ لِتَعُودَ الصِّفَةُ) حَكَاهُ بِقِيلِ لِلْإِشَارَةِ إلَى عَدَمِ الِاعْتِنَاءِ بِهِ وَيَدُلُّ لِضَعْفِهِ عَدَمُ ذِكْرِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ وَسُكُوتُهُ عَنْهُ فِي الدَّقَائِقِ وَلَا نَظَرَ لِصُورَةٍ نَادِرَةٍ يَتَعَذَّرُ وُجُودُهَا، وَخَرَجَ بِالصِّفَةِ الَّتِي هِيَ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ مَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ قَطْعًا وَذِكْرُهُ تَأْكِيدٌ لِأَنَّهُ مُحَقَّقُ الْوُجُودِ بِذَلِكَ فَارَقَ بَيْعَ الدَّابَّةِ وَحِمْلِهَا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ   [حاشية عميرة] أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ قُبَيْلَ هَذَا بِقَوْلِهِ هَذَا الزَّرْعُ الَّذِي لَا يَدْخُلُ. قَوْلُهُ: (وَمِثْلُهُ) أَيْ الْحَصَادُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) هُوَ جَارٌ أَيْضًا فِي نَفْسِ الزَّرْعِ عِنْدَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ كَمَا سَلَفَ. قَوْلُهُ: (وَالْبَذْرُ الَّذِي يَدُومُ) لَوْ كَانَ عَادَتُهُمْ فِي هَذَا أَنْ يُقْلَعَ بَعْدَ بُرُوزِهِ وَيُحَوَّلَ لِمَكَانٍ آخَرَ فَالظَّاهِرُ إلْحَاقُهُ بِمَا لَا يَدُومُ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَعْنَى دُخُولِ الْبَذْرِ الَّذِي يَدُومُ فِي الْبَيْعِ جَعَلَهُ تَابِعًا لِلْأَرْضِ كَالْحَمْلِ فَلَا تُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، بَلْ وَلَوْ جَهِلَ جِنْسَهُ وَنَوْعَهُ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّرْعَ يَبْقَى إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفْهِمُ اسْتِحْقَاقَ الْبَائِعِ لَا بَقَاءَ الزَّرْعِ وَمَحَلُّهُ إذَا شَرْطُ الْإِبْقَاءِ أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ فَفِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِهِ تَرَدُّدٌ لِلْأَصْحَابِ حَكَاهُ الْإِمَامُ فِي كِتَابٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرَ أَنَّهُ جَزَمَ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِوُجُوبِ الْقَطْعِ، إذَا شَرْطُهُ وَهُوَ نَظِيرُ هَذَا اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمَتْنُ مَعَ بَذْرٍ) لَوْ كَانَ الْبَذْرُ دَائِمَ النَّبَاتِ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ وَكَانَ تَأْكِيدًا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ زَرْعٍ) الزَّرْعُ الَّذِي لَا يُفْرَدُ هُوَ الْمَسْتُورُ إمَّا بِالْأَرْضِ كَالْفُجْلِ وَنَحْوِهِ أَوْ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ كَالْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا وَالْبَذْرُ الَّذِي لَا يُفْرَدُ هُوَ مَا لَمْ يَرَهُ أَوْ تَغَيَّرَ أَوْ امْتَنَعَ أَخْذُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ فِي الْأَرْضِ قَوْلَانِ) هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لَا بِالْقِسْطِ. قَوْلُهُ: (قِيلَ إلَخْ) قَائِلُهُ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ وَلَمْ يَقُلْ لَا يُفْرَدَانِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 الْمَخْلُوقَةُ فِيهَا) وَالْمَبْنِيَّةُ (دُونَ الْمَدْفُونَةِ) كَالْكُنُوزِ (وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إنْ عَلِمَ) الْحَالَ (وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ النَّقْلُ) الْمَسْبُوقُ بِالْقَلْعِ وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ، وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِمُدَّةِ ذَلِكَ وَإِنْ طَالَتْ (وَكَذَا إنْ جَهِلَ) الْحَالَ (وَلَمْ يَضُرَّ قَلْعُهَا) لَا خِيَارَ لَهُ ضَرَّ تَرْكُهَا أَوْ لَا. وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ النَّقْلُ وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِمُدَّةِ ذَلِكَ (وَإِنْ ضَرَّ) قَلْعُهَا (فَلَهُ الْخِيَارُ) ضَرَّ تَرْكُهَا أَوْ لَا (فَإِنْ أَجَازَ لَزِمَ الْبَائِعَ النَّقْلُ وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) بِأَنْ يُعِيدَ التُّرَابَ الْمُزَالَ بِالْقَلْعِ مَكَانَهُ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ (وَفِي وُجُوبِهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مُدَّةَ النَّقْلِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا تَجِبُ إنْ نُقِلَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ) لِأَنَّ النَّقْلَ الْمُفَوِّتَ لِلْمَنْفَعَةِ مُدَّتُهُ جِنَايَةٌ مِنْ الْبَائِعِ وَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ فِي الْمُرَجِّحِ وَالثَّانِي تَجِبُ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ جِنَايَتَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَالثَّالِثُ لَا تَجِبُ مُطْلَقًا لِأَنَّ إجَازَةَ الْمُشْتَرِي رِضًا بِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ النَّقْلِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الْأَرْشِ فِيمَا لَوْ بَقِيَ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ عَيْبٌ (وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبُسْتَانِ) بِقَوْلِهِ: بِعْتُك هَذَا الْبُسْتَانَ (الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ وَالْحِيطَانُ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى بُسْتَانًا   [حاشية قليوبي] الْأَرْضِ الْحِجَارَةُ إلَخْ) فَهِيَ لَيْسَتْ عَيْبًا إلَّا فِي أَرْضٍ تُقْصَدُ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا تَضُرُّهُ الْحِجَارَةُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَبْنِيَّةُ) بِمُوَحَّدَةٍ فَنُونٍ فَتَحْتِيَّةٍ أَوْ بِمُثَلَّثَةٍ فَمُوَحَّدَةٍ فَمُثَنَّاةٍ وَالْأَنْسَبُ الْأَوَّلُ تَقْدِيمًا لِلتَّأْسِيسِ. قَوْلُهُ: (إنْ عَلِمَ الْحَالَ) نَعَمْ إنْ كَانَ لِقَلْعِهَا زَمَنٌ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ ثَبَتَ الْخِيَارُ وَكَذَا إنْ جَهِلَ ضَرَرَ قَلْعِهَا دُونَ تَرْكِهَا لَا عَكْسُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ أَيْضًا فَمَا فِي الْمَنْهَجِ عَنْ الْمُتَوَلِّي مُعْتَمَدٌ عِنْدَهُ وَيَصْدُقُ الْمُشْتَرِي فِي جَهْلِهِ وَيَصْدُقُ الْبَائِعُ بَعْدَ قَلْعِ الْمُشْتَرِي الْحِجَارَةَ فِي أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ لَا مَدْفُونَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِمُدَّةِ ذَلِكَ) أَيْ النَّقْلِ وَالتَّسْوِيَةِ وَكَذَا الْقَلْعُ اللَّازِمُ لِلْبَائِعِ أَيْضًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ طَالَتْ) وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَضُرَّ قَلْعُهَا) بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ فِي الْأَرْضِ عَيْبٌ وَلَا لَزِمَتْهُ أُجْرَةٌ وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ قَالَ لَهُ أَغْرَمُ لَك الْأُجْرَةَ نَعَمْ إنْ تَرَكَهَا لَهُ وَلَمْ يَضُرَّ تَرْكُهَا فَلَا خِيَارَ وَيَلْزَمُهُ الْقَبُولُ كَمَا فِي الْبَذْرِ وَالزَّرْعِ الَّذِي لَا يَدْخُلُ كَمَا مَرَّ، وَلَا نَظَرَ لِلْمِنَّةِ هُنَا لِأَنَّهَا كَجُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ وَتَرْكُهَا إعْرَاضٌ لَا تَمْلِيكٌ إلَّا إنْ جَرَى بِلَفْظِ تَمْلِيكٍ كَهِبَةٍ بِشُرُوطِهَا وَإِذَا رَجَعَ عَادَ الْخِيَارُ. قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ النَّقْلُ) وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي وَلَهُ أَنْ يُجْبِرَ الْبَائِعَ عَلَيْهِ تَفْرِيغًا لِمِلْكِهِ بِخِلَافِهِ مَا مَرَّ فِي الزَّرْعِ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ. قَوْلُهُ: (وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِمُدَّةِ ذَلِكَ) أَيْ الْقَلْعِ وَمَا يَتْبَعُهُ وَإِنْ طَالَبَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَجَازَ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ اللُّزُومُ بِهَذِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُعِيدَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ تَحْصِيلُ تُرَابِ غَيْرِهِ فَإِنْ تَلِفَ لَزِمَهُ مِثْلُهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي وُجُوبِهِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ خُيِّرَ لَا فِي حَالَةِ الْعِلْمِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا لَمْ تُجْعَلْ إجَازَتُهُ كَالْعِلْمِ لِأَنَّهُ مَعَ الْعِلْمِ مُوَطِّنٌ نَفْسَهُ عَلَى الْفَوَاتِ مِنْ الِابْتِدَاءِ، وَفَارَقَ عَدَمَ لُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي الزَّرْعِ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ فَهُوَ كَأَمْتِعَةِ الدَّارِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهَا تَجِبُ إلَخْ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِصِحَّةِ قَبْضِ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالْحِجَارَةِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ بَاعَهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (مُدَّتُهُ) ظَرْفٌ لِلْبُقْعَةِ الْفَائِنَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي الْخِلَافُ) أَيْ مَعَ تَصْحِيحِهِ الْمَذْكُورِ فَيَجِبُ أَرْشُ النَّقْصِ إنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (فِي بَيْعِ الْبُسْتَانِ) وَالْهِبَةُ مِثْلُهُ كَمَا مَرَّ وَكَذَا الرَّهْنُ هُنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا فِي الْأَبْنِيَةِ فِيهِ فَلَا تَدْخُلْ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَشَيْخِنَا م ر. وَيَدْخُلُهَا وَلَفْظُ الْبُسْتَانِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَمِثْلُهُ الْبَاغُّ بِمُوَحَّدَةٍ فَمُعْجَمَةٍ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ فِي لُغَةِ فَارِسٍ أَيْضًا وَكَذَا الْحَائِطُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ وَكَذَا الْجُنَيْنَةُ وَالْحَدِيقَةُ وَالْكَرْمُ كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ. قَوْلُهُ: (وَالشَّجَرَ) أَيْ الرُّطَبَ عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْحِيطَانَ) وَإِنْ هُدِمَتْ وَتَدْخُلُ عَرِيشَةٌ نَحْوَ   [حاشية عميرة] وُجُوبُ إفْرَادِ الضَّمِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمَخْلُوقَةُ فِيهَا وَالْمَبْنِيَّةُ) أَيْ لِثَبَاتِهِمَا ثُمَّ إنْ كَانَتَا يَضُرَّانِ بِالْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ، وَالْأَرْضُ مِمَّا تُقْصَدُ لِذَلِكَ ثَبَتَ الْخِيَارُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ عُلِمَ) كَسَائِرِ الْعُيُوبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ النَّقْلُ) بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَإِنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرْ ثُمَّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُمَا لَا يَضُرُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَمْ يَضُرَّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْقَلْعُ لَا يُنْقِصُ الْأَرْضَ وَلَيْسَ لِزَمَنِهِ أُجْرَةً هَذَا مُحَصَّلُ مَا فِي الْإِسْنَوِيِّ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِمُدَّةِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (ضَرَّ تَرْكُهَا أَوَّلًا) يُسْتَثْنَى مِنْ الشَّقِّ الثَّانِي مَا لَوْ تَرَكَهَا الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنَّ خِيَارَهُ يَسْقُطُ وَيَكُونُ ذَلِكَ إعْرَاضًا تَمْلِيكًا فَلَهُ الرُّجُوعُ وَمَتَى رَجَعَ عَادَ الْخِيَارُ، فَإِنْ وُجِدَ إعْطَاؤُهَا بِصِيغَةِ تَمْلِيكٍ فَلَا رُجُوعَ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي إلْزَامِ الْبَائِعِ بِالنَّقْلِ شَرْطُهُ عَدَمُ تَرْكِهَا لِلْمُشْتَرِي أَعْنِي عِنْدَ انْتِفَاءِ ضَرَرِ التَّرْكِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي وُجُوبِ أُجْرَةِ إلَخْ) أَيْ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَصَحُّهَا تَجِبُ إلَخْ) هَذَا يُشْكِلُ بِمَا سَلَفَ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ فِي الزَّرْعِ مُطْلَقًا قَالَ السُّبْكِيُّ فَإِنْ فَرَّقَ بِأَنَّ الزَّرْعَ يَجِبُ إبْقَاؤُهُ بِخِلَافِ الْحِجَارَةِ، قُلْنَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 بِدُونِ ذَلِكَ. (وَكَذَا الْبِنَاءُ) الَّذِي فِيهِ يَدْخُلُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ: لَا يَدْخُلُ. وَقِيلَ: فِي دُخُولِهِ قَوْلَانِ وَهِيَ الطُّرُقُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي دُخُولِهِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ (وَ) يَدْخُلُ (فِي بَيْعِ الْقَرْيَةِ) بِقَوْلِهِ بِعْتُك هَذِهِ الْقَرْيَةَ (تَفْعَلُوا وَسَاحَاتٍ يُحِيطُ بِهَا السُّوَرُ) وَفِي الْأَشْجَارِ وَسْطَهَا الْخِلَافُ السَّابِقُ الصَّحِيحُ دُخُولُهَا (لَا الْمَزَارِعُ) أَيْ لَا تَدْخُلُ (عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْقَرْيَةَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ مَزَارِعَهَا. وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهَا تَدْخُلُ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: إنْ قَالَ: بِحُقُوقِهَا دَخَلَتْ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُمَا غَرِيبَانِ. وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالصَّحِيحِ (وَ) يَدْخُلُ (فِي بَيْعِ الدَّارِ) بِقَوْلِهِ بِعْتُك هَذِهِ الدَّارَ (الْأَرْضَ وَكُلَّ بِنَاءٍ) بِهَا (حَتَّى حَمَّامِهَا) لِأَنَّهُ مِنْ مَرَافِقِهَا وَلَوْ كَانَ فِي وَسْطِهَا أَشِجَارٌ فَفِي دُخُولِهَا الْخِلَافُ السَّابِقُ. وَحَكَى الْإِمَامُ أَوْجُهًا ثَالِثُهَا إنْ كَثُرَتْ بِحَيْثُ يَجُوزُ تَسْمِيَةُ الدَّارِ بُسْتَانًا لَمْ تَدْخُلْ وَإِلَّا دَخَلَتْ (لَا الْمَنْقُولُ كَالدَّلْوِ وَالْبَكْرَةِ) بِسُكُونِ الْكَافِ (وَالسَّرِيرِ) وَالْحَمَّامِ الْخَشَبِ (وَتَدْخُلُ الْأَبْوَابُ الْمَنْصُوبَةُ وَحَلْقُهَا) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَإِغْلَاقِهَا (وَالْإِجَّانَاتُ) الْمُثَبَّتَةِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ مَا يُغْسَلُ فِيهَا (وَالرَّفُّ وَالسُّلَّمُ) بِفَتْحِ اللَّامِ (الْمُسَمَّرَانِ وَكَذَا الْأَسْفَلُ مِنْ حَجَرَيْ الرَّحَى) يَدْخُلُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِثَبَاتِهِ وَالثَّانِي لَا يَدْخُلُ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ وَإِنَّمَا أُثْبِتَ لِسُهُولَةِ الِارْتِفَاقِ بِهِ كَيْ لَا يَتَزَعْزَعَ عِنْدَ الِاسْتِعْمَالِ (وَالْأَعْلَى) مِنْ الْحَجَرَيْنِ (وَمِفْتَاحُ غَلَقٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ مَا يُغْلَقُ بِهِ الْبَابُ (مُثَبَّتٌ) يَدْخُلَانِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِشَيْءٍ مُثَبَّتٍ، وَالثَّانِي لَا يَدْخُلَانِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُمَا مَنْقُولَانِ وَالْخِلَافُ فِي الْأَعْلَى مَبْنِيٌّ عَلَى دُخُولِ الْأَسْفَلِ، صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ   [حاشية قليوبي] عِنَبٍ وَفِي مَاءِ الْبِئْرِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي بَيْعِ الْقَرْيَةِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْمَدِينَةِ وَالْبَلَدِ بِأَيِّ لَفْظٍ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (يُحِيطُ بِهَا السُّوَرُ) وَكَذَا السُّوَرُ أَيْضًا لَا مَا وَرَاءَهُ مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَإِنْ الْتَصَقَ بِهِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَمَا لَا سُورَ لَهَا يَدْخُلُ مَا لَا يَجُوزُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ لِلْمُسَافِرِ مِنْهَا. نَعَمْ يَدْخُلُ حَرِيمُهَا وَمَا فِيهِ مِنْ شَجَرٍ وَبِنَاءٍ وَإِنْ جَازَ فِيهِ الْقَصْرُ. قَوْلُهُ: (وَهُمَا غَرِيبَانِ) فَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُمَا وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْمَشْهُورِ وَاعْتَذَرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ تَابِعٌ لَا صِلَةٌ بِقَوْلِهِ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالصَّحِيحِ فَالْمُصَنِّفُ تَابِعٌ لَهُ غَافِلٌ مِنْ اصْطِلَاحِهِ السَّابِقِ فِي التَّعْبِيرِ بِالْمَشْهُورِ. تَنْبِيهٌ: لَا يَدْخُلُ مَا تُسَمَّدُ بِهِ الْأَرْضُ إلَّا إنْ بُسِطَ وَاسْتُعْمِلَ وَمِثْلُ الْقَرْيَةِ الدَّسْكَرَةُ وَقِيلَ أَنَّهَا اسْمٌ لِقَصْرٍ حَوْلَهُ بُيُوتٌ أَوْ لِلْقَرْيَةِ أَوْ لِلْأَرْضِ الْمُسْتَوِيَةِ أَوْ لِلصَّوْمَعَةِ أَوْ لِبُيُوتِ الْأَعَاجِمِ الْمُتَّخَذَةِ لِنَحْوِ شَرَابٍ أَوْ آلَةِ لَهْوٍ. قَوْلُهُ: (فِي بَيْعِ الدَّارِ) وَمِثْلُهَا الْخَانُ وَالْحَوْشُ وَالْوَكَالَةُ وَالزَّرِيبَةُ وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ الرَّبْعِ بِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنَّهُ مِنْ مَرَافِقِهَا) أَيْ لِأَنَّ الْحَمَّامَ مِنْ مَرَافِقِ الدَّارِ لِنَفْعِهِ فِيهَا أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ الْبِنَاء فِيهَا أَوْ لِثُبُوتِهِ فِيهَا فَهُوَ كَالْجُزْءِ مِنْهَا فَصَحَّ كَوْنُ حَتَّى عَاطِفَةً وَلَا حَاجَةَ لِجَعْلِ الْحَمَّامِ مِنْ خَشَبٍ وَلَا كَوْنَ حَتَّى ابْتِدَائِيَّةً. قَوْلُهُ: (الْخِلَافُ السَّابِقُ) وَالْأَصَحُّ مِنْهُ دُخُولُ تِلْكَ الْأَشْجَارِ وَإِنْ كَثُرَتْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (بِسُكُونِ الْكَافِ) وَيَجُوزُ فَتْحُهَا. قَوْلُهُ: (وَالْحَمَّامِ الْخَشَبِ) أَيْ غَيْرِ الْمُثَبَّتِ. قَوْلُهُ: (وَتَدْخُلُ الْأَبْوَابُ الْمَنْصُوبَةُ) لَيْسَ النَّصْبُ قَيْدًا بَلْ كُلُّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ نَفْعٌ كَبَابٍ مَخْلُوعٍ لَا مَقْلُوعٍ وَدَرَارِيبَ نَحْوَ دُكَّانٍ وَرَوْشَنٍ وَسَابَاطٍ جُذُوعُهُ عَلَى طَرَفَيْ حَائِطِيهَا لَا عَلَى أَحَدِهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَبَلَاطٍ مَفْرُوشٍ وَسَقْفٍ وَدَرَجٍ مُثَبَّتٍ وَمَرْقَى كَذَلِكَ، وَفِي مَاءٍ فِي الْبِئْرِ مَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهَا أَحَدٌ نَحْوَ مِطْوَى حِيَاكَةٍ وَمَنَارَتِهَا فَلَا يَدْخُلُ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَقِيَاسُ، دُخُولِ آلَاتِ السَّفِينَةِ أَنَّهَا تَدْخُلُ وَهُوَ الْوَجْهُ فَرَاجِعْهُ وَيَدْخُلُ وَتَرُ قَوْسٍ فِي بَيْعِهِ وَمَالَ شَيْخُنَا لِعَدَمِ دُخُولِهِ وَأَشَارَ. بَعْضُهُمْ إلَى الْجَمْعِ بِأَنَّهُ إنْ بِيعَ وَهُوَ مُوتُورٌ دَخَلَ وَتَرُهُ وَإِلَّا فَلَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَعْلَى) وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ نَفْعٌ مُثْبَتٌ نَحْوَ غِطَاءِ بِئْرٍ أَوْ تَنُّورٍ أَوْ صُنْدُوقِ طَاحُونٍ وَآلَاتِ سَفِينَةٍ. قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ كَالْمِنْهَاجِ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى   [حاشية عميرة] مُدَّةَ تَفْرِيغِ الْحِجَارَةِ كَمُدَّةِ الزَّرْعِ. قَوْلُهُ: (بِقَوْلِهِ بِعْتُك إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَفَى فِي الْبَيْعِ لَفْظُ الْبُسْتَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُحِيطُ بِهَا) وَصْفٌ لِلسَّاحَاتِ بِدَلِيلِ تَنْكِيرِهَا وَتَعْرِيفِ الْأَيْنِيِّةِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ دُخُولُ السُّورِ بِمَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَيْضًا دُخُولُ الْأَنْبِيَّةِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ لِأَنَّهُ عَرَّفَ الْأَنْبِيَّةَ فَعَمَّتْ وَنَكَّرَ السَّاحَاتِ وَوَصَفَهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمَنْصُوبَةُ) أَيْ الْمُرَكَّبَةُ خَرَجَ الْمَقْلُوعَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمِفْتَاحُ غَلْقٍ) لَوْ بَاعَ سَفِينَةً فَفِي دُخُولِ آلَتِهَا الْمُنْفَصِلَةِ هَذَانِ الْوَجْهَانِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَلْ تُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمِفْتَاحِ وَثِيَابُ الْعَبْدِ عَلَى الْقَوْلِ بِدُخُولِهَا مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ فِي الْأَعْلَى مَبْنِيٌّ) قِيلَ أَشَارَ الْمَتْنُ إلَى ذَلِكَ بِتَعْبِيرِهِ هُنَا بِالْأَصَحِّ، وَفِيمَا سَلَفَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 وَالْمُحَرَّرِ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ كَالْمِنْهَاجِ. قِيلَ: وَأَسْقَطَ مِنْهُ تَقْيِيدَ الْإِجَّانَاتِ بِالْمُثَبَّتَةِ وَحِكَايَةِ وَجْهٍ فِيهَا وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَهَا. وَلَفْظُ الْمُحَرَّرِ. وَكَذَا الْإِجَّانَاتُ وَالرُّفُوفُ الْمُثَبَّتَةُ وَالسَّلَالِمُ الْمُسَمَّرَةُ وَالتَّحْتَانِيُّ مِنْ حَجَرَيْ الرَّحَى عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ التَّقْيِيدَ وَحِكَايَةَ الْخِلَافِ لِمَا وَلِيَاهُ فَقَطْ (وَ) يَدْخُلُ (فِي بَيْعِ الدَّابَّةِ نَعْلُهَا) لِاتِّصَالِهِ بِهَا (وَكَذَا ثِيَابُ الْعَبْدِ) الَّتِي عَلَيْهِ تَدْخُلُ (فِي بَيْعِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِلْعُرْفِ كَمَا صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ (قُلْت: الْأَصَحُّ لَا تَدْخُلُ ثِيَابُ الْعَبْدِ) فِي بَيْعِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّ صَاحِبَ التَّهْذِيبِ وَغَيْرَهُ رَجَّحُوهُ مُسْتَدْرِكًا بِهِ تَصْحِيحَ الْغَزَالِيِّ بِقَوْلِهِ لَكِنْ إلَخْ. وَقِيلَ: يَدْخُلُ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ دُونَ غَيْرِهِ. وَالْأَمَةُ كَالْعَبْدِ قَالَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. فَرْعٌ: إذَا (بَاعَ شَجَرَةً) رَطْبَةً (دَخَلَ عُرُوقُهَا وَوَرَقُهَا وَفِي وَرَقِ التُّوتِ) الْمَبِيعِ شَجَرَتُهُ فِي الرَّبِيعِ وَقَدْ خَرَجَ (وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ لِأَنَّهُ كَثَمَرَةِ سَائِرِ الْأَشْجَارِ إذْ يُرَبَّى بِهِ دُونَ الْقَزِّ، وَهُوَ وَرَقُ الْأَبْيَضِ الْأُنْثَى قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَالْمَطْلَبِ: وَفِي وَرَقِ النَّبْقِ وَجْهٌ مِنْ طَرِيقِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ لِأَنَّهُ يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ (وَأَغْصَانُهَا إلَّا الْيَابِسَ) فَلَا يَدْخُلُ لِأَنَّ الْعَادَةَ   [حاشية قليوبي] الْمُصَنِّفِ فِي مُخَالَفَتِهِ لِأَصْلِهِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (قِيلَ) حَكَاهُ بِقِيلَ لِمَا سَيَذْكُرُهُ مِنْ فَهْمِ الْمُصَنِّفِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى صِحَّةِ فَهْمِهِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَافِيًا بِالْمَقْصُودِ. قَوْلُهُ: (لِمَا وَلِيَاهُ فَقَطْ) هُمَا الرُّفُوفُ وَالْحَجَرُ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ جَعْلُ التَّقْيِيدِ بِالْمُثْبَتَةِ فِي الْمُحَرَّرِ رَاجِعًا لِلْإِجَّانَاتِ لَا لِلرَّفْرَفِ وَأَنَّ الْخِلَافَ عَائِدٌ لِلسَّلَالِمِ كَالْحَجَرِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ فِيمَا مَرَّ مُحْتَكَرَةً لَمْ تَدْخُلْ وَلَا يَسْقُطُ فِي مُقَابَلَتِهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: قَالَ وَلَوْ بَاعَ عُلُوًّا عَلَى سَقْفٍ فَالسَّقْفُ كَمَغْرِسِ الشَّجَرَةِ الْآتِي وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ مِنْ نَقْدٍ لَمْ يَدْخُلْ كَمَا فِي نَعْلِ الدَّابَّةِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ كَتَزْوِيقِ سَقْفٍ وَصَفَائِحِ أَبْوَابٍ دَخَلَتْ وَلَا تَضُرُّ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ نَوْعِهَا وَمِثْلِهَا سُنَّ الرَّقِيقُ وَأُنْمُلَتُهُ وَأُصْبُعُهُ وَأَنْفُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فِي بَيْعِ الدَّابَّةِ) سَوَاءٌ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ بِلَفْظٍ فَارِسٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (نَعْلُهَا) إلَّا إنْ كَانَ مِنْ نَقْدٍ فَلَا يَدْخُلُ وَمِثْلُهُ بَرَّةُ الْبَعِيرِ وَخِزَامُ الْبَغْلَةِ وَلَا يَدْخُلُ اللِّجَامُ وَلَا الْمِقْوَدُ وَلَا السَّرْجُ وَلَا الْبَرْذعَةُ وَلَا الْحِزَامُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَدْخُلُ ثِيَابُ الْعَبْدِ) وَلَوْ سَاتِرَ عَوْرَتِهِ وَمِثْلُهَا قُرْطٌ فِي أُذُنِهِ وَخَاتَمٌ فِي أُصْبُعِهِ وَمَدَاسٌ فِي رِجْلِهِ. فَرْعٌ: اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي جَوْفِهَا جَوْهَرَةً فَهِيَ لِلْبَائِعِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا أَثَرُ مِلْكٍ وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ. قَوْلُهُ: (فَرْعٌ) زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ لِطُولِ الْكَلَامِ قَبْلَهُ وَفِيهِ لَفْظَانِ مِنْ السَّبْعَةِ الْمُطْلَقَةِ هُمَا الشَّجَرُ وَالثَّمَرُ قَوْلُهُ: (بَاعَ شَجَرَةً) أَيْ مُنْفَرِدَةً أَوْ مَعَ مَحَلِّهَا تَصْرِيحًا أَوْ تَبَعًا وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَعُمُّ النَّجْمَ فَيَشْمَلُ شَجَرَ نَحْوِ الْحِنَّاءِ إذَا بِيعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْأَرْضِ تَصْرِيحًا لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَبَعًا كَمَا مَرَّ فَلَيْسَ مَبِيعًا حِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ أَوْ تَبَعًا هُوَ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّبَعِيَّةُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَلَا حَاجَةَ لِمَا أَطَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ مِمَّا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ وَلَا مَصِيرَ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (دَخَلَ عُرُوقَهَا) أَيْ إنْ لَمْ يَشْرِطْ الْقَطْعَ وَلَمْ تَكُنْ مِنْ نَوْعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَرْكِ سَاقِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَوَرَقَهَا) وَلَوْ مِنْ نِيلَةٍ أَوْ حِنَّاءَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْجَزَّةُ الظَّاهِرَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الْإِطْلَاقِ فَلَا تَغْفُلُ قَوْلُهُ: (التُّوتِ) آخِرُهُ مُثَنَّاةٌ أَوْ مُثَلَّثَةٌ. قَوْلُهُ: (وَأَغْصَانُهَا) وَلَوْ مِنْ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (إلَّا الْيَابِسَ) عَائِدٌ لِلْأَغْصَانِ وَالْعُرُوقِ وَالْوَرَقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِالْأَغْصَانِ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ كَوْنِ اسْتِثْنَاءِ الْمِنْهَاجِ لِمَا وَلِيَهُ فَقَطْ وَسَيَأْتِي دُخُولُ الْعُرُوقِ الْيَابِسَةِ   [حاشية عميرة] بِالصَّحِيحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْأَصَحُّ لَا تَدْخُلُ ثِيَابُ الْعَبْدِ) أَيْ كَسَرْجِ الدَّابَّةِ. فَرْعٌ: الْحَلْقَةُ فِي أُذُنِ الْعَبْدِ، وَكَذَا الْخَاتَمُ فِي أُصْبُعِهِ وَالنَّعْلُ فِي رِجْلِهِ، وَالْحُلِيُّ بِأُذُنِ الْجَارِيَةِ لَا يَدْخُلُ قَطْعًا وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ. [فَرْعٌ بَاعَ شَجَرَةً رَطْبَةً دَخَلَ عُرُوقُهَا وَوَرَقُهَا] فَرْعٌ: بَاعَ شَجَرَةً دَخَلَ عُرُوقُهَا وَوَرَقُهَا أَيْ لِأَنَّهُمَا مَعْدُودَانِ مِنْ أَجْزَائِهَا فَيَدْخُلَانِ وَلَوْ يَابِسَيْنِ، إلَّا إذَا شَرَطَ الْقَطْعَ فَلَا تَدْخُلُ الْعُرُوقُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي وَرَقِ التُّوتِ إلَخْ) أَمَّا وَرَقُ الْحِنَّاءِ وَالنِّيلَةِ فَالْوَجْهُ فِيهِمَا عَدَمُ الدُّخُولِ، صَرَّحَ بِالْأَوَّلِ الْمَاوَرْدِيُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 فِيهِ الْقَطْعُ فَهُوَ كَالثَّمَرَةِ (وَيَصِحُّ بَيْعُهَا بِشَرْطِ الْقَلْعِ أَوْ الْقَطْعِ وَبِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ) وَيَتْبَعُ الشَّرْطَ (وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي الْإِبْقَاءَ) لِلْعَادَةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ) فِي بَيْعِهَا (الْمَغْرِسُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ مَوْضِعُ غَرْسِهَا حَيْثُ أُبْقِيَتْ لِأَنَّ اسْمَهَا لَا يَتَنَاوَلُهُ (لَكِنْ يَسْتَحِقُّ) الْمُشْتَرِي (مَنْفَعَتَهُ مَا بَقِيَتْ الشَّجَرَةُ) وَالثَّانِي يَدْخُلُ لِاسْتِحْقَاقِهِ مَنْفَعَتَهُ لَا إلَى غَايَةٍ وَلَهُ عَلَى هَذَا إذَا انْقَلَعَتْ أَوْ قَلَعَهَا أَنْ يَغْرِسَ بَدَلَهَا وَأَنْ يَبِيعَ الْمَغْرِسَ (وَلَوْ كَانَتْ) الشَّجَرَةُ الْمَبِيعَةُ (يَابِسَةً لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْقَلْعُ) لِلْعَادَةِ فَلَوْ شَرَطَ إبْقَاءَهَا بَطَلَ الْبَيْعُ، بِخِلَافِ شَرْطِ الْقَلْعِ أَوْ الْقَطْعِ، وَتَدْخُلُ الْعُرُوقُ عِنْدَ شَرْطِ الْقَلْعِ دُونَ شَرْطِ الْقَطْعِ فَتُقْطَعُ فِيهِ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ قَالَ ذَلِكَ جَمِيعَهُ الْمُتَوَلِّي، وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَثَمَرَةُ النَّخْلِ الْمَبِيعِ) أَيْ طَلْعُهُ (إنْ شُرِطَتْ لِلْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي عَمِلَ بِهِ) تَأَبَّرَتْ أَوْ لَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُشْرَطْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ سَكَتَ عَنْهَا (فَإِنْ لَمْ يَتَأَبَّرْ مِنْهَا شَيْءٌ فَهِيَ   [حاشية قليوبي] فِي شَرْطِ الْقَلْعِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ وَالْعُرْجُونُ وَأَوْعِيَةُ الطَّلْعِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ مُؤَبَّرًا كَالْعُرُوقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي الْإِبْقَاءَ لِلْعَادَةِ) وَلَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ الْإِبْقَاءِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ لِلْبَائِعِ وَلَكِنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهَا وَلَوْ بِوَصِيَّةٍ، أَوْ وَقْفٍ نَعَمْ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ فِي شَرْطِ الْقَطْعِ إنْ طُلِبَتْ وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مُسْتَأْجَرَةً مَعَ الْبَائِعِ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِالْأُجْرَةِ بَقِيَّةَ مُدَّتِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ خِلَافًا لِلطَّبَلَاوِيِّ، وَبَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ يَجْرِي هُنَا مَا فِي إعَارَةِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ وَأُجْرَةُ الْقَطْعِ وَالْقَلْعِ عَلَى الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (الْمَغْرِسُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَهُوَ مَا امْتَدَّتْ إلَيْهِ عُرُوقُهَا وَقَالَ الْخَطِيبُ وَالطَّبَلَاوِيُّ، هُوَ مَا سَامَتْ أَصْلَهَا فَقَطْ وَمَا زَادَ حَرِيمٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (حَيْثُ أُبْقِيَتْ) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ وَلِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَا بَقِيَتْ. قَوْلُهُ (لَكِنْ يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي مَنْفَعَتَهُ) لَا بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ إجَارَتَهُ أَوْ وَضْعَ مَتَاعٍ فِيهِ، أَوْ إعَارَتَهُ بَلْ بِمَعْنَى الْبَائِعِ أَنَّ لَهُ مَنْعَ الْبَائِعِ يَفْعَلُ فِيهِ مَا يَضُرُّ بِالشَّجَرَةِ بِخِلَافِ مَا لَا يَضُرُّهَا فَلَهُ فِعْلُهُ وَلَوْ بِنَحْوِ زَرْعٍ. قَوْلُهُ: (مَا بَقِيَتْ الشَّجَرَةُ) وَخَلْفُهَا مِثْلُهَا وَإِنْ أُزِيلَتْ وَكَذَا مَا نَبَتَ مِنْ مَحَلِّ قَطْعِهَا وَلَهُ عَوْدُهَا بَعْدَ قَلْعِهَا إنْ كَانَتْ حَيَّةً تَنْبُتُ، وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ لَهُ غَرْسُ بَدَلِهَا مَكَانَهَا وَلَا إبْقَاؤُهَا إنْ جَفَّتْ وَلَهُ وَصْلُ غُصْنٍ بِهَا فِي حَيَاتِهَا، وَلَا يُطَالِبُ الْمُشْتَرِي بِقَطْعِهِ إلَّا إنْ زَادَ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ عَادَةُ أَغْصَانِهَا. قَوْلُهُ. (بَطَلَ الْبَيْعُ) إنْ لَمْ يَكُنْ غَرَضٌ وَإِلَّا كَنَحْوِ دِعَامَةٍ لَمْ يَبْطُلْ. قَوْلُهُ: (وَتَدْخُلُ الْعُرُوقُ) أَيْ الرَّطْبَةُ وَالْيَابِسَةُ هُنَا لِوُجُودِ شَرْطِ الْقَلْعِ فِيهَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْوَجْهُ خِلَافُهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَالَ ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ لِقَوْلِهِ فَلَوْ شَرَطَ إلَخْ. تَنْبِيهٌ: يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ الشَّجَرُ يَابِسَةً وَأَغْصَانُهَا مَثَلًا رَطْبَةً فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ مُطْلَقًا مُرَادُهُ بِهِ يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ أَوْ الْقَلْعُ أَوْ الْإِطْلَاقُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. فَرْعٌ: لَوْ قَطَعَ شَجَرَةً فَوَقَعَتْ عَلَى شَيْءٍ وَأَتْلَفَتْهُ ضَمِنَهُ إنْ عَلِمَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَقَالَ ابْنُ حُجْرٌ وَغَيْرُهُ، بِالضَّمَانِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ وَلَا دَخْلَ لِشَرْطِ الْعِلْمِ فِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ طَلْعُهُ) الْأَوْلَى وَلَوْ طَلْعًا لِأَنَّ غَيْرَ الطَّلْعِ مِثْلُهُ وَلَعَلَّهُ رَاعَى قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، مُطْلِعَةً أَوْ لِأَنَّ التَّأْبِيرَ وَعَدَمَهُ ظَاهِرٌ فِي حَالَةِ كَوْنِهِ طَلْعًا فَقَطْ. قَوْلُهُ (إنْ شُرِطَتْ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا مُعَيَّنًا كَالنِّصْفِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَا) وَشَرْطُهَا قَبْلَ التَّأْبِيرِ لِلْمُشْتَرِي تَأْكِيدٌ وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ كَالْحَمْلِ بَلْ أَوْلَى وَلِتَحَقُّقِهَا فَعُلِمَ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ   [حاشية عميرة] وَالرُّويَانِيُّ، وَبِالثَّانِي الْقَمُولِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ الْقَطْعِ) مُؤْنَةُ الْقَطْعِ وَالْقَلْعِ عَلَى الْمُشْتَرِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْإِبْقَاءُ) لَكِنْ لَوْ فَرَّعَتْ بِجَانِبِهَا شَجَرَةٌ أُخْرَى هَلْ يُسْتَحَقُّ الْإِبْقَاءُ لَهَا إلْحَاقًا بِالْغُصْنِ وَالْعُرُوقِ أَوْ يُؤْمَرُ بِقَطْعِهَا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِخْلَافِهِ وَعَدَمِهِ أَوْ تَبْقَى مُدَّةُ الْأَصْلِ فَقَطْ احْتِمَالَاتٌ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَاَلَّذِي يَعْلَمُ اسْتِخْلَافَهُ كَشَجَرِ الْمَوْزِ لَا شَكَّ فِي وُجُوبِ إبْقَائِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) هَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِيمَا لَوْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا مَيِّتٌ مَدْفُونٌ هَلْ يَبْقَى لَهُ مَكَانَ الْقَبْرِ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ الدَّفْنِ: أَوْ اسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ شَجَرَةً فِيهَا. قَوْلُهُ: (حَيْثُ أُبْقِيَتْ) بِالشَّرْطِ أَوْ الْإِطْلَاقِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَدْخُلُ إلَخْ) اُنْظُرْ مَكَانَ الْعُرُوقِ مَا حُكْمُهُ عَلَى هَذَا. قَوْلُهُ: (بَطَلَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ لَمْ يَتَأَبَّرْ) يُقَال: أَبَرْت النَّخْلَ آبُرُهُ أَبْرًا كَأَكَلْت آكُلُ أَكْلًا، وَبِالتَّشْدِيدِ أَيْضًا كَكَلَّمَ يُكَلِّمُ تَكْلِيمًا، ثُمَّ الْمَعْنَى فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ تَأَبَّرَ مِنْهَا شَيْءٌ (فَلِلْبَائِعِ) أَيْ فَهِيَ جَمِيعُهَا لَهُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» . مَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُؤَبَّرْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْبَائِعُ. وَكَوْنُهَا فِي الْأَوَّلِ لِلْبَائِعِ صَادِقٌ بِأَنْ تُشْرَطَ لَهُ أَوْ يَسْكُتُ عَنْ ذَلِكَ وَكَوْنُهَا فِي الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي صَادِقٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ. وَأُلْحِقَ تَأْبِيرُ بَعْضِهَا بِتَأْبِيرِ كُلِّهَا بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ لِلْمُؤَبَّرِ لِمَا فِي تَتَبُّعِ ذَلِكَ مِنْ الْعُسْرِ وَالتَّأْبِيرِ تَشْقِيقُ طَلْعُ الْإِنَاثِ وَذَرُّ طَلْعِ الذُّكُورِ فِيهِ لِيَجِيءَ رُطَبُهَا أَجْوَدَ مِمَّا لَمْ تُؤَبَّرْ وَالْعَادَةُ الِاكْتِفَاءُ بِتَأْبِيرِ الْبَعْضِ، وَالْبَاقِي يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ وَتَنْبَثُّ رِيحُ الذُّكُورِ إلَيْهِ وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ شَيْءٌ وَيَتَشَقَّقُ الْكُلُّ، وَالْحُكْمُ كَالْمُؤَبَّرِ اعْتِبَارًا بِظُهُورِ الْمَقْصُودِ. وَلِذَلِكَ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ: لَمْ تَكُنْ مُؤَبَّرَةً إلَى مَا قَالَهُ وَشَمَلَ طَلْعَ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ وَلَا يُشَقُّ غَالِبًا، وَفِيمَا لَمْ يَتَشَقَّقْ مِنْهُ وَجْهٌ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا ثَمَرَةَ لَهُ حَتَّى يُعْتَبَرَ ظُهُورُهَا بِخِلَافِهِ طَلْعِ الْإِنَاثِ (وَمَا يَخْرُجُ ثَمَرُهُ بِلَا نَوْرٍ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ زَهْرٌ (كَتِينٍ وَعِنَبٍ إنْ بَرَزَ ثَمَرُهُ) أَيْ ظَهَرَ (فَلِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي) اعْتِبَارًا لِبُرُوزِهِ بِتَشَقُّقِ الطَّلْعِ. وَفِي التَّهْذِيبِ فِيمَا إذَا ظَهَرَ بَعْضُ التِّينِ وَالْعِنَبِ دُونَ بَعْضٍ أَنَّ مَا ظَهَرَ لِلْبَائِعِ وَمَا لَمْ يَظْهَرْ فَلِلْمُشْتَرِي قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مَحَلُّ التَّوَقُّفِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ مَا فِي التَّهْذِيبِ فِي الْمُهَذَّبِ وَالتَّتِمَّةِ وَالْبَحْرِ. (وَمَا خَرَجَ فِي نَوْرِهِ ثُمَّ سَقَطَ) أَيْ نَوْرُهُ (كَمِشْمِشٍ) بِكَسْرِ الْمِيمَيْنِ (وَتُفَّاحٍ فَلِلْمُشْتَرِي إنْ لَمْ تَنْعَقِدْ الثَّمَرَةُ. وَكَذَا إنْ انْعَقَدَتْ وَلَمْ يَتَنَاثَرْ النَّوْرُ فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لَهَا بِالطَّلْعِ قَبْلَ تَشَقُّقِهِ، وَالثَّانِي يَلْحَقُهَا بِهِ بَعْدَ تَشَقُّقِهِ لِاسْتِتَارِهِ بِالْقِشْرِ الْأَبْيَضِ فَتَكُونُ لِلْبَائِعِ (وَبَعْدَ التَّنَاثُرِ لِلْبَائِعِ) جَزْمًا   [حاشية قليوبي] خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (يَتَأَبَّرُ) هُوَ مِنْ بَابِ كَلَّمَ يَتَكَلَّمُ وَيَصِحُّ مِنْ أَكَلَ. قَوْلُهُ: (فَلِلْبَائِعِ) وَمِثْلُهَا الشَّمَارِيخُ بِخِلَافِ الْعُرْجُونِ وَالْكِمَامِ فَلِلْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَيْ جَمِيعُهَا إلَى دَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الَّذِي لِلْبَائِعِ هُوَ مَا تَأَبَّرَ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (صَادَقَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ جَعْلِهَا لِلْبَائِعِ مَا إذَا شُرِطَتْ لِلْمُشْتَرِي فَكَأَنَّهُ قَالَ فَهِيَ لِلْبَائِعِ سَوَاءٌ شُرِطَتْ لَهُ أَوْ لَا، وَهَذَا وَاضِحٌ نَعَمْ يَلْزَمُ عَلَى الصِّدْقِ فِي الْجَانِبَيْنِ اسْتِثْنَاءُ شَرْطِهَا لِلْبَائِعِ مِنْ شَرْطِهَا لِلْمُشْتَرِي، وَعَكْسُهُ وَهُوَ لَا يَسْتَقِيمُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَأَلْحَقَ تَأْبِيرَ بَعْضِهَا) وَلَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَشَقَّقُ الْكُلُّ) لَوْ سَكَتَ عَنْ لَفْظِ الْكُلِّ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (إلَى مَا قَالَهُ) لِشُمُولِهِ مَا لَوْ تَأَبَّرَتْ بِنَفْسِهَا. قَوْلُهُ: (وَشَمَلَ) أَيْ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. فَرْعٌ: لَوْ اخْتَلَفَ فِي وَقْتِ الْبَيْعِ وَالتَّأْبِيرِ فَكَمَا فِي الرَّجْعَةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي التَّهْذِيبِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ: إنَّ التِّينَ وَالْعِنَبَ وَالْجُمَّيْزَ وَالْقِثَّاءَ وَالْخِيَارَ وَالْبِطِّيخَ وَنَحْوَهَا، لَا تَبَعِيَّةَ فِيهَا بَلْ مَا ظَهَرَ مِنْهَا لِلْبَائِعِ وَمَا لَا فَلِلْمُشْتَرِي وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: إنْ كَانَ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَمْلِ الَّذِي ظَهَرَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (وَمَا خَرَجَ فِي نَوْرِهِ إلَخْ) أَيْ مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ وَجَوَابُ الشَّارِحِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَقَطَ) أَيْ بَلَغَ أَوَانَ سُقُوطِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ بِالْفِعْلِ وَلَا نَظَرَ إلَى سُقُوطِهِ قَبْلَ أَوَانِهِ وَفَارَقَ تَأْبِيرَ الطَّلْعِ كَمَا مَرَّ. بِأَنَّ تَشْقِيقَهُ قَبْلَ أَوَانِهِ لَا يُفْسِدُهُ بِخِلَافِ هَذَا. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْمِيمَيْنِ) وَحُكِيَ فَتْحُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَنَاثَرْ النُّورُ) أَيْ شَيْءٌ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (إلْحَاقًا لَهَا بِالطَّلْعِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْوَجْهَ الْأَصَحَّ يَجْعَلُ الثَّمَرَةَ الْمُنْعَقِدَةَ   [حاشية عميرة] عِنْدَ عَدَمِ التَّأْبِيرِ تَكُونُ مُسْتَتِرَةً كَالْحَمْلِ، وَعِنْدَ وُجُودِهِ، تَكُونُ كَالْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ لِظُهُورِهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَحَيْثُ حَكَمْنَا بِأَنَّ الثَّمَرَةَ لِلْبَائِعِ فَالْكِمَامُ نَفْسُهُ لِلْمُشْتَرِي. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَكَذَا الْعُرْجُونُ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لِلْبَائِعِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْمَتْنِ. قَوْلُهُ: (تَشْقِيقُ) أَيْ فِي وَقْتِهِ. قَوْلُهُ: (وَلِذَلِكَ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مُؤَبَّرَةَ تَسْتَدْعِي فِعْلَ فَاعِلٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَمَرُهُ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يُقْصَدُ مِنْ تِلْكَ الْأُصُولِ مَطْعُومًا كَانَ أَوْ مَشْمُومًا ثُمَّ مِنْ هَذَا الَّذِي يَخْرُجُ بِلَا نَوْرٍ الْجَوْزُ وَالْفُسْتُقُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُهُ: (أَيْ زَهْرُ) عَلَى أَيِّ لَوْنٍ كَانَ. قَوْلُهُ: (وَفِي التَّهْذِيبِ) أَيْ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ حُكْمُ الْبُرُوزِ فِيهِمَا كَالتَّأْبِيرِ فِي تَبَعِيَّةِ مَا لَمْ يَبْرُزْ لِمَا بَرَزَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَا خَرَجَ فِي نُورِهِ إلَخْ) مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الرُّمَّانُ وَاللَّوْزُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَذَا الْوَرْدُ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ فِي كِمَامٍ يَنْفَتِحُ عَنْهُ، أَقُولُ هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ هَلْ يَلْحَقُ غَيْرُ الْمُنْفَتِحِ مِنْهُ بِالْمُنْفَتِحِ، أَمْ لِكُلٍّ حُكْمُهُ الَّذِي فِي التَّهْذِيبِ الثَّانِي كَالتِّينِ وَاَلَّذِي فِي التَّنْبِيهِ الْأَوَّلِ كَالتَّأْبِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ لَمْ تَنْعَقِدْ الثَّمَرَةُ) لِأَنَّهَا كَالْمَعْدُومَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَمْ يَتَنَاثَرْ) اعْتِبَارُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 لِظُهُورِهَا. وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ يَخْرُجُ الْمُنَاسِبُ لِلتَّقْسِيمِ بَعْدَهُ كَأَنَّهُ لِئَلَّا يُشْتَبَهَ بِمَا قَبْلَهُ (وَلَوْ بَاعَ نَخَلَاتِ بُسْتَانٍ مُطْلِعَةً) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ خَرَجَ طَلْعُهَا (وَبَعْضُهَا) مِنْ حَيْثُ الطَّلْعُ (مُؤَبَّرٌ) دُونَ بَعْضٍ (فَلِلْبَائِعِ) أَيْ فَطَلْعُهَا الَّذِي هُوَ الثَّمَرَةُ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ اتَّحَدَ النَّوْعُ أَوْ اخْتَلَفَ. وَقِيلَ: فِي الْمُخْتَلِفِ إنْ غَيَّرَ الْمُؤَبَّرَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ لِاخْتِلَافِ النَّوْعِ تَأْثِيرًا فِي اخْتِلَافِ وَقْتِ التَّأْبِيرِ (فَإِنْ أُفْرِدَ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ) بِالْبَيْعِ (فَلِلْمُشْتَرِي) طَلْعُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا تَقَدَّمَ. وَالثَّانِي هُوَ لِلْبَائِعِ اكْتِفَاءً بِدُخُولِ وَقْتِ التَّأْبِيرِ عَنْهُ. وَهَذَا الْفَرْعُ فِيمَا إذَا اتَّحَدَ النَّوْعُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَلَوْ كَانَتْ) النَّخَلَاتُ الْمَذْكُورَةُ (فِي بَسَاتِينَ) أَيْ الْمُؤَبَّرَةُ فِي بُسْتَانٍ وَغَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ فِي بُسْتَانٍ (فَالْأَصَحُّ إفْرَادُ كُلِّ بُسْتَانٍ بِحُكْمِهِ) لِأَنَّ لِاخْتِلَافِ الْبِقَاعَ تَأْثِيرًا فِي وَقْتِ التَّأْبِيرِ. وَالثَّانِي هُمَا كَالْبُسْتَانِ الْوَاحِدِ وَسَوَاءٌ تَبَاعَدَا أَمْ تَلَاصَقَا. وَلَوْ بَاعَ نَخْلَةً بَعْضُ طَلْعِهَا مُؤَبَّرَةٌ فَالْكُلُّ لَهُ وَظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُتَأَبِّرَ   [حاشية قليوبي] كَالطَّلْعِ، وَيَجْعَلُ نَوْرَهَا كَكُوزِهِ، وَعَدَمُ تَنَاثُرِ النُّورِ كَعَدَمِ تَشَقُّقِ الْكُوزِ، وَمُقَابِلُهُ يُجْعَلُ انْعِقَادُ الثَّمَرَةِ كَتَشَقُّقِ الْكُوزِ، وَيُجْعَلُ اسْتِتَارُهَا بِالنُّورِ كَاسْتِتَارِ الطَّلْعِ فِي الْكُوزِ بِالْقِشْرِ الْأَبْيَضِ، الَّذِي عَلَيْهِ فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَبَعْدَ التَّنَاثُرِ) أَيْ بِنَفْسِهِ فِي أَوَانِهِ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلْعِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَعَدَلَ إلَخْ) هُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ هُوَ كَيْفَ يَحْكُمُ الْمُصَنِّفُ بِسُقُوطِهِ ثُمَّ يَقْسِمُهُ لِمَا يَسْقُطُ وَمَا لَا يَسْقُطُ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُضَارِعَ هُوَ الْمُرَادُ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهُ إلَى الْمَاضِي لِأَجْلِ خَوْفِ الِاشْتِبَاهِ عَلَى الْكَاتِبِ أَوْ الْقَارِئِ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: أَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى أَنَّ حِكْمَةَ عُدُولِهِ خَشْيَةُ اتِّحَادِ هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ فِي أَنَّ لِكُلٍّ نَوْرًا قَدْ يُوجَدُ وَقَدْ لَا يُوجَدُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ نَفْيُ النُّورِ عَنْ ذَلِكَ نَفْيٌ لَهُ مِنْ أَصْلِهِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: بَقِيَ مَا ثَمَرَتُهُ مَشْمُومَةٌ وَهُوَ إمَّا لَهُ كِمَامٌ كَالْوَرْدِ، فَيُعْتَبَرُ تَفَتُّحُهُ أَوْ لَا كَمَا لَهُ كَالْيَاسَمِينِ فَيُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ وَهُمَا كَالتِّينِ فِي أَنَّ مَا ظَهَرَ لِلْبَائِعِ وَمَا لَا فَلِلْمُشْتَرِي، وَأَمَّا الْقُطْنُ الَّذِي تَبْقَى أُصُولُهُ سَنَتَيْنِ مَثَلًا فَشَجَرُهُ كَالنَّخْلِ وَجَوْزُهُ كَالطَّلْعِ وَتَشَقُّقُهُ كَالتَّأْبِيرِ وَمَا لَا تَبْقَى أُصُولُهُ فَهُوَ كَالْحِنْطَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَ إلَخْ) أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِ الْفُرُوعِ الْآتِيَةِ إلَى أَنَّهُ سَيُشْتَرَطُ فِي كَوْنِ الثَّمَرَةِ لِلْبَائِعِ فِيمَا ذَكَرَ أَنْ يَتَّحِدُ الْحَمْلُ وَالْجِنْسُ وَالْبُسْتَانُ وَالْعَقْدُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ اتِّحَادَ مِلْكِ الْمَالِكِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ فَزَرَعَ الْمُشْتَرِي نَخْلًا أَيْضًا ثُمَّ أَفْلَسَ فَرَجَعَ الْبَائِعُ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ أَطْلَعَتْ وَتَأَبَّرَ بَعْضُ نَخْلِ الْبَائِعِ دُونَ نَخْلِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ بَاعَا الْكُلَّ فَلَا تَبَعِيَّةَ فَتَأَمَّلْهُ وَحَرِّرْهُ فَإِنَّ اتِّحَادَ الْعَقْدِ يُغْنِي عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ مَعَ أَنَّ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ هُنَا نَظَرًا لِأَنَّهُ كَبَيْعِ عَبِيدٍ بِثَمَنٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (خَرَجَ طَلْعُهَا) أَيْ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ لِأَنَّ مَا لَمْ يَخْرُجْ تَابِعٌ لِمَا خَرَجَ وَعَدَمُ التَّأْبِيرِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْوُجُودَ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ الطَّلْعُ) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا أَوْ جَرِيدُهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَمَا فَعَلَهُ الْخَطِيبُ هُنَا يَرُدُّهُ كَلَامُ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذِهِ مُكَرَّرَةٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ التَّعْمِيمِ قَبْلَهُ. وَلَوْ خَصَّصَهُ بِمَا لَا خِلَافَ فِيهِ لَكَانَ أَوْلَى كَاَلَّذِي بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَفْرَدَ إلَخْ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا بِيعَ الْمُؤَبَّرُ أَيْضًا فَهُوَ مِنْ تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِالتَّفْصِيلِ أَوَّلًا. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي مَفْهُومِ الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا الْفَرْعُ) . الَّذِي هُوَ الْإِفْرَادُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا اتَّحَدَ النَّوْعُ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي قَطْعًا وَحِينَئِذٍ فَأَمَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ لِذِكْرِهِ الْخِلَافَ أَوْ يُرَادُ الْأَعَمُّ وَلَا يَنْظُرُ لِتَخْصِيصِ الرَّوْضَةِ بِدَلِيلِ الْفَرْعِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ تَبَاعَدَا) وَلَوْ فِي إقْلِيمَيْنِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَ نَخْلَةً) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْجَمْعَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ قَيْدًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدَةِ وَأَنَّ التَّأْبِيرَ بِالْفِعْلِ الْمَأْخُوذَ مِنْ لَفْظِ مُؤَبَّرٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ لَيْسَ مُرَادًا وَالشَّجَرَةُ بَيْنَ الْبُسْتَانَيْنِ تَلْحَقُ بِأَقْرَبِهِمَا وَإِلَّا فَلَا تَلْحَقُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ   [حاشية عميرة] التَّنَاثُرِ وَقَعَ فِي الْوَجِيزِ وَالرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي فِي التَّنْبِيهِ، وَغَيْرُهُ اعْتِبَارُ ظُهُورِهِ مِنْ نُورِهِ وَهُوَ أَقْيَسُ. تَنْبِيهٌ: حُكْمُ التَّنَاثُرِ كَالتَّأْبِيرِ فِي أَنَّ غَيْرَ الْمُتَنَاثِرِ يَتْبَعُ الْمُتَنَاثِرَ صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ. نَعَمْ الْوَرْدُ أَلْحَقَهُ فِي التَّهْذِيبِ بِالتِّينِ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَفِي التَّنْبِيهِ بِالتَّأْبِيرِ فَيَتْبَعُ غَيْرُ الْمُنْفَتِحِ الْمُنْفَتِحَ. قَوْلُهُ: (لِاسْتِتَارِهِ بِالْقِشْرِ الْأَبْيَضِ) أَيْ فَكَانَ اسْتِتَارُهَا بَعْدَ الِانْعِقَادِ بِالنُّورِ شَبِيهًا بِاسْتِتَارِ ثَمَرِ النَّخْلِ بَعْدَ التَّأْبِيرِ بِالْقِشْرِ الْأَبْيَضِ. قَوْلُهُ: (الْمُنَاسِبُ لِلتَّقْسِيمِ) أَيْ لِأَنَّ الَّذِي خَرَجَ وَسَقَطَ نُورُهُ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَنْعَقِدْ الثَّمَرَةُ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَوْ بَاعَ نَخَلَاتٍ) أَمَّا النَّخْلَةُ الْوَاحِدَةُ فَكَذَلِكَ بِالْأَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُؤَبَّرٌ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ تَأَبَّرَ كَمَا سَلَفَ لَهُ التَّعْبِيرُ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلِلْبَائِعِ) كَذَلِكَ لَهُ مَا طَلَعَ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عُلِمَتْ مِمَّا تَقَدَّمَ وَلَكِنَّ الْغَرَضَ تَفْصِيلُ ذَلِكَ الْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: يُشْتَرَطُ فِي هَذَا أَنْ يَكُونَ فِي إقْلِيمٍ وَاحِدٍ فِي مَكَان مُتَّحِدٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 بِنَفْسِهِ كَالْمُؤَبَّرِ فِيمَا ذَكَرَ. (وَإِذَا بَقِيَتْ الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ) بِالشَّرْطِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا ذَكَرَ (فَإِنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ لَزِمَهُ وَإِلَّا) بِأَنْ شُرِطَ الْإِبْقَاءُ أَوْ أُطْلِقَ (فَلَهُ تَرْكُهَا إلَى) زَمَنِ (الْجِدَادِ) لِلْعَادَةِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ فِي الصِّحَاحِ الْقَطْعُ. وَمَسْأَلَةُ شَرْطِ الْإِبْقَاءِ الصَّادِقِ بِهَا اللَّفْظُ مَزِيدَةٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. وَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الْجِدَادِ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُ الثَّمَرَةِ عَلَى التَّدْرِيجِ وَلَا مِنْ تَأْخِيرِهَا إلَى نِهَايَةِ النُّضْجِ. وَلَوْ كَانَتْ مِنْ نَوْعٍ يُعْتَادُ قَطْعُهُ قَبْلَ النُّضْجِ كُلِّفَ الْقَطْعُ عَلَى الْعَادَةِ (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْإِبْقَاءِ (السَّقْيُ إنْ انْتَفَعَ بِهِ الشَّجَرُ وَالثَّمَرُ وَلَا مَنْعَ لِلْآخَرِ مِنْهُ، وَإِنْ ضَرَّهُمَا لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُمَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ (وَإِنْ ضَرَّ أَحَدَهُمَا) أَيْ ضَرَّ الشَّجَرَ وَنَفَعَ الثَّمَرَ أَوْ الْعَكْسُ (وَتَنَازَعَا) أَيْ الْمُتَبَايَعَانِ فِي السَّقْيِ (فُسِخَ الْعَقْدُ) لِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ إلَّا بِالْإِضْرَارِ بِأَحَدِهِمَا (إلَّا أَنْ يُسَامِحَ الْمُتَضَرِّرُ) فَلَا فَسْخَ حِينَئِذٍ (وَقِيلَ: لِطَالِبِ السَّقْيِ) وَهُوَ الْبَائِعُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ (أَنْ يَسْقِيَ) وَلَا يُبَالِي بِضَرَرِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِهِ حِينَ أَقْدَمَ عَلَى هَذَا   [حاشية قليوبي] لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَلَوْ بَاعَ بُسْتَانًا فِي عَقْدٍ وَفِيهِ نَخْلٌ وَعِنَبٌ وَتَأَبَّرَ النَّخْلُ وَحْدَهُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ، وَلَا يَتْبَعُهُ الْعِنَبُ بَلْ هُوَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ الْحِمْلِ فَلَا يَتْبَعُ أَحَدُ الْحِمْلَيْنِ الْآخَرَ كَمَا فِي التِّينِ، وَغَيْرِهِ. نَعَمْ لَوْ بَاعَ نَخْلَةً وَبَقِيَ لَهُ ثَمَرُهَا ثُمَّ أَثْمَرَتْ بِحِمْلٍ آخَرَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ وَإِلْحَاقًا لِلنَّادِرِ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَمِثْلُهُ كُلُّ شَجَرٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ لَا يَحْمِلُ فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً كَمَا قِيلَ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الْعِنَبِ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) أَيْ الْبَائِعَ الْقَطْعُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثَّمَرُ مُنْتَفَعًا بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعِيبًا بَلْ هُوَ اسْتِدَامَةُ مِلْكٍ، فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ فَتَأَمَّلْ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا بُطْلَانُ الْعَقْدِ إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّمَرُ مُنْتَفَعًا بِهِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا، وَحَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى تَكْلِيفِ الْقَطْعِ كَمَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْعَادَةِ) تَعْلِيلٌ لِلزَّمَنِ لَا لِلتَّرْكِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ بَعْضِهِمْ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِالشَّرْطِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْجِيمِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ. قَوْلُهُ: (وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ إعْجَامَهُمَا أَيْضًا وَهُوَ فِي الصِّحَاحِ وَفِيهَا أَيْضًا جَوَازُ إهْمَالِ أَحَدِهِمَا وَإِعْجَامِ الْآخَرِ خِلَافًا لِمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ وَسَيَأْتِي فِي الْمُسَاقَاةِ. قَوْلُهُ: (مَزِيدَةٌ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ شُمُولُ اللَّفْظِ لَهَا إذْ حُكْمُهَا مَعْلُومٌ مِنْ الْإِطْلَاقِ بِالْأَوْلَى وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ سُكُوتِ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ إلَخْ) فَإِنْ أَخَّرَ لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ لِمَا بَعْدَ الْعَادَةِ وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ. قَوْلُهُ: (عَلَى التَّدْرِيجِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مِنْهُ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لَهُ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا حَيْثُ كَانَتْ عَادَةً، وَقَدْ يُجْعَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى الْعَادَةِ رَاجِعًا لَهُ أَيْضًا وَلَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ بَقَائِهِ بِقَدْرِ الْعَادَةِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَادَةِ) يُفِيدُ أَنَّهَا مِنْ أَفْرَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمِثْلُهَا فِي لُزُومِ الْقَطْعِ مَا لَوْ تَعَذَّرَ السَّقْيُ وَتَضَرَّرَ الشَّجَرُ أَوْ أَصَابَ الثَّمَرَةَ آفَةٌ وَلَا نَفْعَ بِبَقَائِهَا. قَوْلُهُ: (إنْ انْتَفَعَ بِهِ الشَّجَرُ وَالثَّمَرُ) أَوْ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَضُرَّ الْآخَرُ وَيُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى مُوَافَقَتِهِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ يَضُرَّهُمَا لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَإِنْ ضَرَّهُمَا) قَدْ يُرَادُ بِهِ عَدَمُ نَفْعِهِمَا بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ انْتَقَى النَّفْعَ وَالضَّرَرَ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِرِضَاهُمَا) أَيْ بِالنَّظَرِ لِحَقِّهِمَا وَإِنْ حُرِّمَ مِنْ حَيْثُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَمَعْنَى عَدَمِ الْجَوَازِ الْمَنْعُ وَهَذَا فِي الرَّشِيدِ الْمُتَصَرِّفِ عَنْ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ ضَرّ أَحَدَهُمَا) أَيْ وَنَفَعَ الْآخَرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا الْحَاكِمُ قَالَهُ حَجّ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ أَنَّ الْفَاسِخَ الْمُتَضَرِّرَ مِنْهُمَا، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَالْحَاكِمُ: أَوْ الْمُتَضَرِّرُ. تَنْبِيهٌ: يُمَكَّنُ الْبَائِعُ مِنْ دُخُولِ الْبُسْتَانِ وَالسَّقْيِ مِمَّا اُعْتِيدَ السَّقْيُ مِنْهُ وَلَوْ مِنْ بِئْرٍ دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِ النَّفْعِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ فَلَا يَبْطُلُ عَقْدُ الْبَيْعِ وَلَوْ لَمْ يَأْمَنْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ نَصَّبَ الْحَاكِمُ أَمِينًا وَمُؤْنَتُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَأْمَنْ وَلَوْ لَمْ يَسْقِ الْبَائِعُ وَطَلَبَ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ يُسْقَى بِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ أَخْذِهِ.   [حاشية عميرة] الطَّبْعِ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ كَأَنْ بَاعَهُ نَخْلَهُ وَنَخْلَ غَيْرِهِ، وَأَحَدُهُمَا مُؤَبَّرٌ دُونَ الْآخَرِ، فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَإِنْ اتَّحَدَ الْبُسْتَانُ كَذَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ لَعَلَّ مِنْهَا أَنَّهُ كَبَيْعِ عَبِيدٍ جَمْعٍ بِثَمَنٍ فَلَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: (لِلْعَادَةِ) لَمْ يَقُلْ وَوَفَاءً بِالشَّرْطِ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ إشَارَةً إلَى أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا اُحْتُمِلَ هُنَا نَظَرًا لِلْعَادَةِ ثُمَّ نَظِيرُ هَذَا اعْتِبَارُ النَّقْدِ الْغَالِبِ وَالْمَنَازِلِ الْمُعْتَادِ فِي الْإِجَارَةِ لِلرُّكُوبِ. قَوْلُهُ: (وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِعْجَامِهِمَا أَيْضًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 الْعَقْدِ فَلَا فَسْخَ عَلَى هَذَا أَيْضًا. وَعَلَى الْفَسْخِ الْفَاسِخُ الْبَائِعُ أَوْ الْحَاكِمُ وَجْهَانِ فِي الْمَطْلَبِ (وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ يَمْتَصُّ رُطُوبَةَ الشَّجَرِ لَزِمَ الْبَائِعَ أَنْ يَقْطَعَ) الثَّمَرَ (أَوْ يَسْقِيَ) الشَّجَرَ دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُشْتَرِي. فَصْلٌ يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ (مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ (وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ وَبِشَرْطِ إبْقَائِهِ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ «لَا تَبَايَعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا» . وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: " لَا تَبْتَاعُوا " وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ صَلَاحُهُ وَفِي أُخْرَى لَهُ تَبِيعُوا وَصَلَاحُهُ أَيْ فَيَجُوزُ بَعْدَ بُدُوِّهِ وَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَفِي الْإِطْلَاقِ وَشَرْطُ الْإِبْقَاءِ يَبْقَى إلَى أَوَانِ الْجِدَادِ لِلْعُرْفِ (وَقَبْلَ الصَّلَاحِ إنْ بِيعَ مُنْفَرِدًا عَنْ الشَّجَرِ لَا يَجُوزُ) الْبَيْعُ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ (إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) فَيَجُوزُ إجْمَاعًا (وَأَنْ يَكُونَ الْمَقْطُوعُ مُنْتَفَعًا بِهِ) كَحِصْرِمٍ (لَا كَكُمَّثْرَى) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ الْوَاحِدَةُ كُمَّثْرَاةٌ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي بَابِ الرَّاءِ. زَادَ الصَّغَانِيُّ كُمَّثْرِيَّةٌ وَكُمَّثْرِيَّاتٌ وكميمثرية أَيْ بِكَسْرِ الرَّاءِ فِيهَا. وَذِكْرُ هَذَا الشَّرْطِ الْمَعْلُومِ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا قَوْلُهُ: (يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرِ) أَيْ كُلِّهِ لِغَيْرِ شَرِيكِهِ وَسَيَأْتِي بَيْعُ بَعْضِهِ لِشَرِيكِهِ. قَوْلُهُ: (وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ) نَعَمْ إنْ بِيعَ مَعَ أَصْلِهِ امْتَنَعَ شَرْطُ الْقَطْعِ وَكَذَا لِمَالِكِ أَصْلِهِ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ كَابْنِ حَجّ خِلَافُهُ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَبِشَرْطِ إبْقَائِهِ) وَمِثْلُهُ شَرْطُ عَدَمِ قَطْعِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا يَمْتَنِعُ فِي هَذِهِ مُطْلَقًا نَعَمْ إنْ قَالَ فِيهِمَا دَائِمًا لَمْ يَصِحَّ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (لَا تَبَايَعُوا) هُوَ نَهْيٌ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْحَدِيثَانِ بَعْدَهُ مُصَرِّحَانِ بِذَلِكَ وَاقْتَصَرَ فِي الْمَنْهَجِ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ لِإِفَادَتِهَا الْمَقْصُودَ. قَوْلُهُ: (يَبْقَى إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَيْعِ الشَّجَرَةِ وَعَلَيْهَا الثَّمَرَةُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْإِطْلَاقِ لَا يَبْقَى أَيْضًا وَمَنَعَ مِنْ شَرْطِ الْإِبْقَاءِ. قَوْلُهُ: (إنْ بِيعَ) أَيْ لَا إنْ وُهِبَ أَوْ رُهِنَ، لِأَنَّ رَهْنَ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ جَائِزٌ بِشَرْطِهِ قِيلَ وَفِي التَّحْرِيرِ عَدَمُ صِحَّةِ رَهْنِ الزَّرْعِ بِمُؤَجَّلٍ وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَا فِيهِ فِيمَا كَتَبْنَاهُ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (عَنْ الشَّجَرِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلنَّجْمِ كَالْبِطِّيخِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَنَحْوِهِمَا. قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) أَيْ حَالًا وَلَا يُغْنِي عَنْهُ الْعَادَةُ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْقَطْعُ فَوْرًا وَلَا أُجْرَةَ لَوْ تَأَخَّرَ وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ قَالَ شَيْخُنَا م ر: إلَّا إنْ طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِهَا وَقَدْ مَرَّ خِلَافُهُ عَنْهُ وَالشَّجَرُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَمَانَةٌ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَسْلِيمِ الثَّمَرِ بِدُونِهِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ كَوْنَ ظَرْفِ الْمَبِيعِ عَارِيَّةً وَلَوْ اسْتَثْنَى بَائِعُ الشَّجَرِ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِنَفْسِهِ لَمْ يَجِبْ شَرْطُ الْقَطْعِ بَلْ يَجُوزُ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةُ مِلْكٍ. قَوْلُهُ: (إجْمَاعًا) فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ الْمَنْعِ فِي مَفْهُومِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ وَفَارَقَ مَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لَا مِنْ الْعَاهَةِ فِيهِ غَالِبًا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ وَبِهَذَا الْفَارِقِ يُشْعِرُ الْحَدِيثُ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (فِيهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ الَّتِي فِي كَلَامِ الصَّغَانِيِّ. قَوْلُهُ: (وَذِكْرُ هَذَا الشَّرْطِ إلَخْ) وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ النَّفْعَ فِيمَا مَرَّ شَامِلٌ لِلْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَلَا يُغْنِي عَنْهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ] فَصْلٌ يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ هَذَا الشَّرْطُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَبَعْدَهُ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَفِي الْإِطْلَاقِ) خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ، فَقَالَ أَنَّهُ يَقْتَضِي الْقَطْعَ حَالًا وَمَنَعَ أَيْضًا مِنْ شَرْطِ الْإِبْقَاءِ، قَالَ: لِأَنَّهُ يُنَافِي التَّسْلِيمَ وَرَدَّ بِأَنَّ التَّسْلِيمَ بِالتَّخْلِيَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) لَوْ شَرَطَ ثُمَّ رَضِيَ الْبَائِعُ بِالْإِبْقَاءِ جَازَ وَإِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ قَبْلَ قَطْعِهِ فَإِنْ طَالَبَهُ بِهِ فِيهَا، وَأَخَّرَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَإِلَّا فَلَا. فَرْعٌ: لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِقَطْعِهِ حِصْرِمًا مَثَلًا فَهَلْ يُغْنِي ذَلِكَ عَنْ الشَّرْطِ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (كَحِصْرِمٍ) وَبَلَحٍ أَخْضَرَ قَالَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ (وَقِيلَ: إنْ كَانَ الشَّجَرُ لِلْمُشْتَرِي) كَأَنْ اشْتَرَاهُ أَوَّلًا بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرِ (جَازَ) بَيْعُ الثَّمَرِ لَهُ (بِلَا شَرْطٍ) لِأَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي مِلْكِهِ فَيُشْبِهُ مَا لَوْ اشْتَرَاهُمَا مَعًا (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (فَإِنْ كَانَ الشَّجَرُ لِلْمُشْتَرِي شَرَطْنَا الْقَطْعَ) كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ (لَمْ يَجِبْ الْوَفَاءُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَا مَعْنَى لِتَكْلِيفِهِ قَطْعَ ثَمَرِهِ مِنْ شَجَرَةٍ. وَفِي الرَّوْضَةِ لَوْ قَطَعَ شَجَرَةً عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ ثُمَّ بَاعَ الثَّمَرَةَ وَهِيَ عَلَيْهَا جَازَ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَبْقَى عَلَيْهَا فَيَصِيرُ كَشَرْطِ الْقَطْعِ (وَإِنْ بِيعَ) الثَّمَرُ (مَعَ الشَّجَرِ) بِثَمَنٍ وَاحِدٍ (وَجَازَ بِلَا شَرْطٍ وَلَا يَجُوزُ بِشَرْطِ قَطْعِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ. وَالْفَارِقُ بَيْنَ الْجَوَازِ هُنَا وَالْمَنْعُ فِي بَيْعِ الثَّمَرِ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ تَبَعِيَّةُ الثَّمَرِ هُنَا لِلشَّجَرِ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك الشَّجَرَ بِعَشَرَةٍ وَالثَّمَرَ بِدِينَارٍ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ لِأَنَّهُ فَصَّلَ فَانْتَفَتْ التَّبَعِيَّةُ. ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْمُسَاقَاةِ اسْتِشْهَادًا وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ (وَيَحْرُمُ بَيْعُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ فِي الْأَرْضِ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ) كَالثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَفِي الْمُحَرَّرِ الْقَطْعُ أَوْ الْقَلْعُ (فَإِنْ بِيعَ مَعَهَا أَوْ) وَحْدَهُ (بَعْدَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ جَازَ بِلَا شَرْطٍ) كَمَا فِي الثَّمَرِ مَعَ الشَّجَرِ أَوْ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ   [حاشية قليوبي] الْمُسْتَقْبَلَ هُنَا مَنَعَ مِنْهُ شَرْطُ الْقَطْعِ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (بِلَا شَرْطٍ) الصَّوَابُ لَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ بِدَلِيلِ التَّشْبِيهِ. قَوْلُهُ: (قُلْت إلَخْ) لِوَجْهٍ أَنَّهُ إفَادَةُ حُكْمٍ زَائِدٍ وَقِيلَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى وُجُوبِ الْقَطْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ شَرْطِهِ. قَوْلُهُ: (وَشَرَطْنَا الْقَطْعَ) أَيْ شَرَطْنَا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ ذِكْرَ شَرْطِ الْقَطْعِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجِبْ الْوَفَاءُ) هَذَا مَوْضِعُ الزِّيَادَةِ أَوْ الِاسْتِدْرَاكُ الْمَفْهُومُ لُزُومُهُ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ كَمَا مَرَّ، وَفَائِدَةُ شَرْطِ الْقَطْعِ فِيهِ الْخُرُوجُ مِنْ النَّهْيِ وَصِحَّةُ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (لَوْ قَطَعَ شَجَرَةً) وَكَذَا لَوْ جَفَّتْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الثَّمَرَةَ إلَخْ) فَعَدَمُ الشَّرْطِ لِفَسَادِ الثَّمَرَةِ لَوْ بَقِيَتْ لَا لِلْعَادَةِ وَلِذَلِكَ يُكَلَّفُ الْقَطْعِ وَإِنْ أُعِيدَتْ الشَّجَرَةُ وَبَقِيَتْ لِتَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أُعِيدَ الشَّجَرُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ لِلْبَائِعِ بِنَحْوِ إقَالَةٍ لَمْ يُطَالَبُ الْمُشْتَرِي بِالْقَطْعِ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ مَالَ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ بِيعَ الثَّمَرُ مَعَ الشَّجَرِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِثَمَرِ النَّجْمِ كَالْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ كَمَا تَقَدَّمَ امْتَنَعَ شَرْطُ الْقَطْعِ. فَرْعٌ: يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَالِكِ أَصْلِهِ لِأَنَّ قِسْمَتَهُ وَقَعَتْ إفْرَازًا مَعَ صِحَّتِهَا مَعَ بَقَائِهِ فِيمَا يَخْرَصُ بِالْخَرْصِ وَلَوْ بَاعَ لِشَرِيكِهِ حِصَّتَهُ مِنْ التَّمْرِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الشَّجَرِ جَازَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ كَغَيْرِ الشَّرِيكِ، وَيَلْزَمُهُ قَطْعُ جَمِيعِ الثَّمَرِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ وَتَفْرِيغًا لِلْمَبِيعِ فَإِنْ بَاعَهُ لَهُ بِغَيْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الشَّجَرِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لِتَكْلِيفِ الْمُشْتَرِي قَطَعَ مِلْكَهُ عَنْ مِلْكِهِ السَّابِقِ، وَيَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِ الثَّمَرَةِ مَعَ كُلِّ الشَّجَرِ أَوْ بَعْضِهِ وَلَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ إذْ لَيْسَ الثَّمَرُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ تَوَقُّفٌ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ قَاسِمٍ وَيُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِمُرَاجَعَتِهِ. قَوْلُهُ: (جَازَ بِلَا شَرْطٍ) أَيْ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ مِنْ الْإِطْلَاقِ وَشَرْطِ الْإِبْقَاءِ وَشَرْطِ الْقَطْعِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ شَرْطُ الْقَطْعِ مُبْطِلًا اسْتَدْرَكَ بِإِخْرَاجِهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ قَطْعِهِ وَالتَّعْمِيمُ وَاجِبٌ لِصِحَّةِ الِاسْتِدْرَاكِ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ صَوَابُهُ لَا بِشَرْطِ غَيْرِ صَوَابٍ لِمَا ذَكَرَ وَلِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ مَعَ شَرْطِ الْإِبْقَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَفَادَ بِهَذَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعِيَّةِ فِيمَا قَبْلَهُ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ وَمِثْلُهَا تَعَدُّدُهَا بِغَيْرِ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَقَوْلُ حَجّ وَلَوْ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ غَيْرُ صَحِيحٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ فَصَلَ فَانْتَفَتْ التَّبَعِيَّةُ) هَذَا سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ. قَوْلُهُ (وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ) أَيْ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ لِذِكْرِهِ لَهُ فِي مَحَلِّهِ لَا لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ بَيْعُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ) وَمِنْهُ الْبِطِّيخُ وَالْبَاذِنْجَانُ وَنَحْوُهُمَا قَبْلَ إثْمَارِهَا وَمِنْهُ الْبُقُولُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَمِثْلُ الْقَطْعِ الْقَلْعُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ بِيعَ) أَيْ جَمِيعُهُ مَعَهَا وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهَا مَعَهَا لِأَنَّ قِسْمَتَهُ بَيْعٌ بِخِلَافِ الثَّمَرِ مَعَ   [حاشية عميرة] الْأَذْرَعِيُّ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْبِطِّيخِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، فَإِنَّ الْبِطِّيخَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ لَا نَفْعَ فِيهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا كَكُمَّثْرَى) وَجَوْزٍ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرِ) أَيْ بَعْدَ تَأْبِيرِهِ فِي النَّخْلِ مَثَلًا وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ) نَظَرَ بَعْضُهُمْ فِيهِ بِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا غَرَضَ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْغُوَ وَلَا يَضُرُّ الْعَقْدُ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا كَذَا. تَنْبِيهٌ: لَوْ بِيعَ الْبِطِّيخُ أَوْ الْبَاذِنْجَانُ وَنَحْوُهُمَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مَعَ أُصُولِهِ فَالْأَصَحُّ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ كَبَيْعِ الثَّمَرِ مَعَ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ لِضَعْفِ أُصُولِهِ. [بَيْعُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ فِي الْأَرْضِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ بَيْعُ الزَّرْعِ إلَخْ) رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 (وَيُشْتَرَطُ لِبَيْعِهِ) الْجَائِزِ بَعْدَ الِاشْتِدَادِ (وَبَيْعِ الثَّمَرِ بَعْدَ) بُدُوِّ (الصَّلَاحِ ظُهُورُ الْمَقْصُودِ) لِيَكُونَ مَرْئِيًّا (كَتِينٍ وَعِنَبٍ) لِأَنَّهُمَا مِمَّا لَا كِمَامَ لَهُ (وَشَعِيرٍ) لِظُهُورِهِ فِي سُنْبُلِهِ (وَمَا لَا يُرَى حَبُّهُ كَالْحِنْطَةِ وَالْعَدَسِ) بِفَتْحِ الدَّالِ (فِي السُّنْبُلِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ دُونَ سُنْبُلِهِ) لِاسْتِتَارِهِ (وَلَا مَعَهُ فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُسْتَتِرٌ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ وَالْقَدِيمُ الْجَوَازُ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَنْبِضَ» أَيْ يَشْتَدَّ فَيَجُوزُ بَعْدَ الِاشْتِدَادِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فِي سُنْبُلِ الشَّعِيرِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ (وَلَا بَأْسَ بِكِمَامٍ) بِكَسْرِ الْكَافِ وِعَاءُ الطَّلْعِ وَغَيْرِهِ (لَا يُزَالُ إلَّا عِنْدَ الْأَكْلِ) كَمَا فِي الرُّمَّانِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ فِي قِشْرِهِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ يَصِحُّ بَيْعُ طَلْعِ النَّخْلِ مَعَ قِشْرِهِ فِي الْأَصَحِّ (وَمَالَهُ كِمَامَانِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْبَاقِلَّا) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مَقْصُورًا أَيْ الْفُولِ (يُبَاعُ فِي قِشْرِهِ الْأَسْفَلِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَعْلَى) لِاسْتِتَارِهِ بِمَا   [حاشية قليوبي] الشَّجَرِ كَمَا مَرَّ قَوْله: (جَازَ بِلَا شَرْطٍ) أَيْ جَازَ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ مِنْ شَرْطِ إبْقَائِهِ أَوْ قَطْعِهِ أَوْ قَلْعِهِ أَوْ الْإِطْلَاقِ نَعَمْ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ مَعَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ الْقَلْعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الِاشْتِدَادِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِمُنَاسَبَةِ مَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَظُهُورُ الْمَقْصُودِ شَرْطٌ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَشَعِيرٍ) وَمِثْلُهُ الذُّرَةُ فِي أَحَدِ نَوْعَيْهَا وَالْقُطْنُ فِي أَحَدِ نَوْعَيْهِ، وَسَيَأْتِي صِحَّةُ بَيْعِ شَعِيرِ الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ لِأَنَّهُمَا مِمَّا لَهُ كِمَامٌ لِبَقَائِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا لَا يُرَى حَبُّهُ) لَيْسَ الْحَبُّ قَيْدًا بَلْ الْمُرَادُ مَا لَا يُرَى الْمَقْصُودُ مِنْهُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فَيَدْخُلُ الْبَصَلُ وَالْجَوْزُ وَالْقُلْقَاسُ وَالْفُجْلُ وَالْخَسُّ وَالْكُرُنْبُ، نَعَمْ إنْ بَاعَ الظَّاهِرَ مِنْهَا بِشَرْطِ قَطْعِهِ جَازَ وَالْوَجْهُ الَّذِي يَنْبَغِي فِي نَحْوِ الْخَسِّ وَالْكُرُنْبِ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَسْتُورَ مِنْهُمَا غَيْرُ مَقْصُودٍ لِأَنَّهُ يُقْطَعُ وَيُرْمَى عِنْدَ إرَادَةِ اسْتِعْمَالِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْحِنْطَةِ إلَخْ) وَمِثْلُهَا الْكَتَّانُ وَالْبِرْسِيمُ بَعْدَ انْعِقَادِ بَزْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ الْحَبِّ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَفِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامٌ أَيْ لَا يَصِحُّ بَيْعُ حَبٍّ فِي سُنْبُلِهِ، وَكَذَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مَعَ سُنْبُلِهِ، وَأَمَّا الْعَوْدُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ بِيعَ مَعَ السَّنَابِلِ أَوْ الْحَبِّ أَوْ هُمَا فَبَاطِلٌ أَيْضًا، وَلَوْ فِي الْإِطْلَاقِ وَإِنْ بِيعَ قَبْلَ انْعِقَادِ سُنْبُلِهِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَوْ بَعْدَ نَقْضِ، سُنْبُلِهِ كَالْكَتَّانِ أَوْ بِيعَ بِدُونِ سُنْبُلِهِ فَصَحِيحٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكَتَّانِ مَرْئِيٌّ وَلَا يَكْفِي عَنْ شَرْطِ الْقَطْعِ فِي نَحْوِ الْبِرْسِيمِ شَرْطُ أَنْ تَرْعَاهُ الْبَهَائِمُ لِمَا مَرَّ فَيَجِبُ شَرْطُ قَطْعِهِ ثُمَّ يُسَامَحُ بَائِعُهُ بِشَرْطِ بَقَائِهِ مُدَّةَ الرَّعْيِ. تَنْبِيهٌ: مَا زَادَ فِي الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ الْمَبِيعِ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ كَغِلَظِ الْعُودِ فَلِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا وَكَذَا إنْ تَمَيَّزَ وَكَانَ مِنْ شَجَرِ ثَمَرٍ نَحْوَ بِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ وَإِنْ اشْتَرَاهُ قَبْلَ إثْمَارِهِ وَبِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ كَانَ مِنْ زَرْعٍ كَبِرْسِيمٍ وَسَنَابِلَ حِنْطَةٍ وَكَانَ الشِّرَاءُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَلْعِ فَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ فِي هَذَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ بِالطَّاءِ فَهِيَ لِلْبَائِعِ وَفَارَقَ الثَّمَرَةَ بِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ هَكَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الدَّلِيلَيْنِ) أَحَدُهُمَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ وَالثَّانِي التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ أَوْ دَلِيلُهُ الْآتِي فِي الْمُحَاقَلَةِ. قَوْلُهُ (بِكِمَامٍ) هُوَ جَمْعٌ وَكَذَا أَكْمَلَةٌ وَأَكْمَامٌ وَأَكَامِيمُ وَلِوَاحِدٍ كِمٌّ وَكِمَامَةٌ بِكَسْرِ الْكَافِ فِيهِمَا، فَقَوْلُهُ الْآتِي كِمَامَانِ صَوَابُهُ كِمَّانِ أَوْ كِمَامَتَانِ. قَوْلُهُ: (الْأَكْلُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لِأَنَّهُ بِضَمِّهَا الْمَأْكُولُ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الزَّمَانِ) وَمِثْلُهُ أُرْزُ الشَّعِيرِ وَالْعَلَسُ، وَإِنْ امْتَنَعَ السَّلَمُ فِيهِمَا وَيَصِحُّ بَيْعُ الْقَصَبِ بِالْمُهْلَةِ فِي قِشْرَةِ الَّذِي لَا يُمَصُّ مَعَهُ وَلَوْ مَزْرُوعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَيْثُ بَلَغَ قَدْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَلَا يُكَلَّفُ قَطْعُهُ إلَّا عِنْدَ كَمَالِهِ عَلَى الْعَادَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (يَصِحُّ بَيْعُ طَلْعِ النَّخْلِ) مَعَ قِشْرَةٍ فِي الْأَصَحِّ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَشْمَلْ لِأَجْلِ الْخِلَافِ وَمِثْلُهُ جَوْزُ الْقُطْنِ قَبْلَ تَكَامُلِ قُطْنِهِ، وَبِيعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَكَامُلِ قُطْنِهِ صَحَّ إنْ تَشَقَّقَ الْجَوْزُ لِظُهُورِهِ، وَيَدْخُلُ الْقُطْنُ فِي الْبَيْعِ عَلَى   [حاشية عميرة] عَنْ بَيْعِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ حَتَّى تُزْهِيَ وَالسُّنْبُلِ وَالزَّرْعِ حَتَّى يَبْيَضَّ» ، وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالزَّرْعِ مَا لَيْسَ بِشَجَرٍ فَيَدْخُلُ الْبُقُولُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ) جَعَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ ظَرْفًا لِلثَّمَرِ وَالزَّرْعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمَقْصُودُ) عَبَّرَ لِيَشْمَلَ الثَّمَرَ وَالْحَبَّ. قَوْلُهُ: (وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إلَخْ) أَقُولُ قَدْ يُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى قُوتِ الْحِجَازِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ الشَّعِيرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ (بِكِمَامٍ) هُوَ جَمْعٌ وَكَذَا أَكِمَّةٌ وَأَكْمَامٌ وَأَكَامِيمُ وَالْوَاحِدُ كِمٌّ بِكَسْرِ الْكَافِ وَكِمَامَةٌ، وَبِهَذَا اُعْتُرِضَ عَلَى الْمِنْهَاجِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي: كِمَامَانِ بِأَنَّ الصَّوَابَ كِمَّانِ أَوْ كِمَامَتَانِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الزَّمَانِ) مِنْهُ أَيْضًا الْبَاذِنْجَانُ هَذَا فِي الثِّمَارِ وَمِثَالُهُ فِي الزَّرْعِ الْعَلَسُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَعْلَى) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّجَرِ أَوْ الْأَرْضِ هَذَا وَلَكِنْ قَدْ حَكَى الرَّبِيعُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَمَرَهُ بِبَغْدَادَ فَأَعْطَاهُ كِسْرَةً يُعِنِّي قِطْعَةً مِنْ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَسْفَلِ (وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ إنْ كَانَ رَطْبًا) لِتَعَلُّقِ الصَّلَاحِ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَصُونُ الْأَسْفَلَ وَيَحْفَظُ رُطُوبَةَ اللُّبِّ. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَجُوزُ فِي بَيْعِ اللَّوْزِ فِي الْقِشْرِ الْأَعْلَى قَبْلَ انْعِقَادِ الْأَسْفَلِ لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ كُلُّهُ كَالتُّفَّاحِ. وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ. ثُمَّ الْمَنْعُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَنَحْوِهَا قِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ الْغَائِبِ. وَقِيلَ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ يُمْكِنُ رَدُّهُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ بِصِفَتِهِ وَهُنَا لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا أَصَحُّ (وَبُدُوُّ صَلَاحِ الثَّمَرِ ظُهُورُ مَبَادِي النُّضْجِ وَالْحَلَاوَةِ فِيمَا لَا يَتَلَوَّنُ) مِنْهُ بِأَنْ يَتَمَوَّهَ وَيَلِينَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ رَأَى فِي إسْقَاطِهِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ. وَفِي تَكْمِلَةِ الصِّحَاحِ لِلصَّاغَانِيِّ تَمَوُّهُ ثَمَرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ إذَا امْتَلَأَ مَاءً وَتَهَيَّأَ لِلنُّضْجِ. فَقَوْلُهُ فِيمَا لَا يَتَلَوَّنُ مُتَعَلِّقٌ بِظُهُورٍ وَبُدُوٍّ (وَفِي غَيْرِهِ) وَهُوَ مَا يَتَلَوَّنُ أَيْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِيهِ (بِأَنَّ فِي الْحُمْرَةِ أَوْ السَّوَادِ) أَوْ الصُّفْرَةِ كَالْبَلَحِ وَالْعُنَّابِ وَالْإِجَّاصِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَالْمِشْمِشِ وَغَيْرِ الثَّمَرِ بُدُوُّ صَلَاحِ الْحَبِّ مِنْهُ بِاشْتِدَادِهِ وَالْقِثَّاءِ بِكُبْرِهِ بِحَيْثُ يُؤْكَلُ (وَيَكْفِي بُدُوُّ صَلَاحِ بَعْضِهِ وَإِنْ قَلَّ) الْبَعْضُ لِبَيْعِ كُلِّهِ مِنْ شَجَرٍ أَوْ أَشْجَارٍ مُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ كَرُطَبٍ وَعِنَبٍ بَدَا الصَّلَاحُ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَجَبَ شَرْطُ الْقَطْعِ فِي الْآخِرِ (وَلَوْ بَاعَ ثَمَرَ بُسْتَانٍ أَوْ بَسَاتِينَ بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهِ) وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ (فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي التَّأْبِيرِ) فَيَتْبَعُ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ مَا بَدَا صَلَاحُهُ فِي الْبُسْتَانِ أَوْ كُلٍّ مِنْ الْبَسَاتِينِ   [حاشية قليوبي] الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ كَمَا مَرَّ فِي الثَّمَرَةِ فَإِنْ لَمْ يَتَشَقَّقْ بَطَلَ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ مَسْتُورٌ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ) قَالَ بِهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَمَا قِيلَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَمَرَ الرَّبِيعَ فِي بَغْدَادَ بِشِرَاءِ فُولٍ أَخْضَرَ، بِكِسْرَةِ أَيْ قِطْعَةَ دِرْهَمٍ، فَبَاطِلٌ لِأَنَّ الرَّبِيعَ إنَّمَا صَحِبَهُ بِمِصْرَ مَعَ أَنَّهُ إنْ صَحَّ كَانَ مِنْ الْقَدِيمِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّوْزِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُهُ الْفُولُ وَإِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ وَالْمُرَادُ بِالِانْعِقَادِ عَدَمُ فَسَادِهِ فِي الْأَسْفَلِ بَعْدَ زَوَالِ الْأَعْلَى. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْمَنْعُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ) وَهِيَ مَا لَهُ كِمَّانِ مِمَّا لَهُ كِمٌّ لَا يُزَالُ لِلْأَكْلِ وَقِيلَ كَجِلْدِ الْكِتَابِ وَقِيلَ كَالزَّرْعِ فِي سُنْبُلِهِ. قَوْلُهُ: (هَذَا أَصَحُّ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (وَفِي تَكْمِلَةِ الصِّحَاحِ) دَلِيلٌ لِلْإِسْقَاطِ. قَوْلُهُ: (إلَخْ) وَهُوَ جُمْلَةُ لَا يَتَلَوَّنُ فَقَطْ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِيهِ، وَقِيلَ: جُمْلَةُ لَا يَتْلُونَ، وَفِي غَيْرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَفِي عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ مَا يَقْتَضِي الثَّانِيَ وَهِيَ وَبُدُوُّ صَلَاحِ الثَّمَرِ ظُهُورُ مَبَادِي النُّضْجِ، وَالْحَلَاوَةِ وَذَلِكَ فِيمَا لَا يَتَلَوَّن بِتَمَوُّهٍ وَبِلَبَنٍ وَفِي غَيْرِهِ بِأَنْ يُؤْخَذَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ الثَّمَرِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، ذَكَرَهَا الْمَاوَرْدِيُّ كَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ: أَحَدُهَا: بِاللَّوْنِ كَالْبَلَحِ وَالْعُنَّابِ، ثَانِيهَا: بِالطَّعْمِ كَحَلَاوَةِ الْقَصَبِ، وَحُمُوضَةِ الرُّمَّانِ، ثَالِثُهَا: بِالنُّضْجِ وَاللِّينِ كَالتِّينِ وَالْبِطِّيخِ، رَابِعُهَا: بِالْقُوَّةِ وَالِاشْتِدَادِ كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ، خَامِسُهَا بِالطُّولِ، وَالِامْتِلَاءِ كَالْعَلَفِ وَالْبُقُولِ، سَادِسُهَا: بِالْكِبَرِ كَالْقِثَّاءِ، سَابِعُهُمَا: بِانْشِقَاقِ كِمَامِهِ كَالْقُطْنِ، وَالْجَوْزِ، ثَامِنُهَا: بِانْفِتَاحِهِ كَالْوَرْدِ، أَيْ وَبَقِيَ مِنْهَا مَا لَا كِمَامَ لَهُ كَالْيَاسَمِينِ، فَبِظُهُورِهِ وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ فِي الْأَخِيرِ وَالضَّابِطُ لِذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُقَالَ هُوَ بُلُوغُ الشَّيْءِ إلَى حَالَةٍ يُطْلَبُ فِيهَا غَالِبًا. قَوْلُهُ: (كَالْبَلَحِ إلَخْ) هُوَ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ، فَالْبَلَحُ وَالْعُنَّابُ لِلْحُمْرَةِ وَالْإِجَّاصُ لِلسَّوَادِ، وَالْمِشْمِشُ لِلصُّفْرَةِ، وَقِيلَ: الْبَلَحُ مِثَالٌ، وَلِلْجَمِيعِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَالْأَوَّلُ أَقْعَدُ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ الثَّمَرِ بُدُوُّ صَلَاحِ الْحَبِّ مِنْهُ بِاشْتِدَادِهِ) عَدَلَ عَنْ أَنْ يَقُولَ بُدُوُّ صَلَاحِهِ اشْتِدَادُ حَبِّهِ لِأَنَّ غَيْرَ الثَّمَرِ يَعُمُّ مَا لَا حَبَّ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَلَّ) كَثَمَرَةٍ فِي بُسْتَانٍ، بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْعَقْدِ وَالْجِنْسِ وَالْبُسْتَانِ وَالْحَمْلِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هُنَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بَعْضِهِ) أَيْ   [حاشية عميرة] بِهَا فُولًا أَخْضَرَ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا إنْ صَحَّ فَهُوَ قَدِيمٌ وَبِأَنَّ الرَّبِيعَ إنَّمَا صَحِبَهُ بِمِصْرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبُدُوُّ صَلَاحِ الثَّمَرِ إلَخْ) الَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ يَحْصُلُ بِظُهُورِ مُبَادِي النُّضْجِ وَالْحَلَاوَةِ غَيْرَ أَنَّ تِلْكَ الْمُبَادِي تَكُونُ فِيمَا لَا يَتَلَوَّنَ بِأَنْ يُتِمُّوهُ وَيَلِينُ وَفِيمَا يَتَلَوَّنُ بِأَنْ يَأْخُذَهُ فِي الْحُمْرَةِ أَوْ السَّوَادِ مَثَلًا، وَصَنِيعُ الْمِنْهَاجِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ جَعَلَ ظُهُورَ مُبَادِي النُّضْجِ وَالْحَلَاوَةِ قَسِيمًا لِلتَّلَوُّنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (النُّضْجُ) هُوَ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ مَصْدَرُ نَضِجَ بِالْكَسْرِ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إلَخْ) مَا نَقَلَهُ عَقِبَهُ عَنْ تَكْمِلَةِ الصِّحَاحِ كَالدَّلِيلِ لِذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَكْفِي إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ بُدُوِّ صَلَاحِ الْجَمِيعِ فِيهِ عُسْرٌ عَلَى الْعِبَادِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَارِيَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَنَّ عَلَيْنَا بِأَنَّ الثِّمَارَ تَطِيبُ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَلَوْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ أَدَّى إلَى أَنْ لَا يُبَاعَ شَيْءٌ مِنْهَا أَوْ تُبَاعَ الْحَبَّةُ بَعْدَ الْحَبَّةِ. قَوْلُهُ: (مُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ) قِيلَ: أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ بَعْضُهُ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الِاكْتِفَاءُ بِبُدُوِّهِ فِي حَبَّةٍ أَوْ سُنْبُلِهِ فَقَطْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 فَإِنْ بَدَا صَلَاحُ بَعْضِ ثَمَرِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَقِيلَ بِالتَّبَعِيَّةِ أَيْضًا لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي صَفْقَةٍ. وَالْأَصَحُّ لَا فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ فِي ثَمَرِ الْآخَرِ (وَمَنْ بَاعَ مَا بَدَا صَلَاحُهُ) مِنْ الثَّمَرِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ الزَّرْعُ وَأَبْقَى (لَزِمَهُ سَقْيُهُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ وَبَعْدَهَا) قَدْرَ مَا يَنْمُو بِهِ وَيَسْلَمُ مِنْ التَّلَفِ وَالْفَسَادِ لِأَنَّ السَّقْيَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ، فَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي بَطَلَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ خِلَافُ قَضِيَّتِهِ ثُمَّ الْبَيْعُ يَصْدُقُ مَعَ شَرْطِ الْقَطْعِ وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ السَّقْيُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلٍ يَأْتِي (وَيَتَصَرَّفُ مُشْتَرِيهِ بَعْدَهَا) أَيْ التَّخْلِيَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (وَلَوْ عَرَضَ مُهْلِكٌ بَعْدَهُمَا كَبَرْدٍ) أَوْ حَرٍّ (فَالْجَدِيدُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) لِقَبْضِهِ بِالتَّخْلِيَةِ وَالْقَدِيمُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ» وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. قَالَ: فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَلَا فَرْقَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْقَطْعَ أَمْ لَا وَقِيلَ إنْ شَرَطَهُ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي قَطْعًا بِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْقَطْعِ وَلِأَنَّهُ لَا عَلَقَةَ بَيْنَهُمَا إذْ لَا يَجِبُ السَّقْيُ عَلَى الْبَائِعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَقِيلَ: هُوَ فِي شَرْطِ الْقَطْعِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ قَطْعًا لِأَنَّ مَا شُرِطَ قَطْعُهُ فَقَبْضُهُ بِالْقَطْعِ وَالنَّقْلِ فَقَدْ تَلِفَ؟ قَبْلَ الْقَبْضِ. انْتَهَى وَالرَّافِعِيُّ ذَكَرَ هَذِهِ الطُّرُقَ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَجَرَيَانِهَا بَعْدَ بُدُوِّ ظَاهِرِهِ عَدَلَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَتْمِيمًا لِلْمَسْأَلَةِ وَلَوْ كَانَ مُشْتَرِي الشَّجَرِ مَالِكَ الشَّجَرِ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ بِلَا خِلَافٍ لِانْقِطَاعِ الْعَلَائِقِ، وَلَوْ تَعَيَّبَ بِالْجَائِحَةِ فَلَا خِيَارَ لَهُ عَلَى الْجَدِيدِ وَلَوْ عَرَضَ الْمَهَالِكُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ فَالتَّالِفُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، فَإِنْ تَلِفَ الْجَمِيعُ انْفَسَخَ الْبَيْعُ أَوْ الْبَعْضُ انْفَسَخَ فِيهِ. وَفِي الْبَاقِي قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (فَلَوْ تَعَيَّبَ   [حاشية قليوبي] الثَّمَرِ الْمَبِيعِ كُلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ لَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَاعَ) أَيْ لِغَيْرِ مَالِكٍ أَصْلَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ قَطْعَهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (وَمِثْلُهُ الزَّرْعُ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَإِشَارَةٌ لِحُسْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِشُمُولِهِ. قَوْلُهُ: (وَأَبْقَى) بِأَنْ بِيعَ لَا بِشَرْطِ قَطْعِهِ. أَوْ الْمُرَادُ مُدَّةُ بَقَائِهِ، وَهَذَا أَوْلَى لِيُلَائِمَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ سَقْيُهُ) بِمَعْنَى عَدَمِ ضَمَانِهِ إنْ فَعَلَ وَالْمُشْتَرِي مِنْ أَحَدِهِمَا يَحِلُّ مَحَلَّهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْبَيْعُ) أَيْ الْمَذْكُورُ أَوْ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّخْلِيَةِ) أَيْ وَبَعْدَ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ قَطْعُهُ إنْ اُحْتِيجَ الْإِبْقَاءُ. قَوْلُهُ: (مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) مُتَعَلِّقُ يَتَصَرَّفُ. قَوْلُهُ: (بِقَبْضِهِ بِالتَّخْلِيَةِ) وَإِنْ شَرَطَ قَطْعَهُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الْجِذَاذِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ وَسَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مَا شَرَطَ قَطْعَهُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (عَدَلَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي الْمِنْهَاجِ كَمَا يُفِيدُهُ لَفْظُ التَّتْمِيمِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِيهِ كَمَا يَأْتِي وَقَدْ عَدَلَ عَنْهَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَيْضًا، لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مُقَابَلَتَهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فَلَا يُقَالُ: أَنَّهُ تَمَّمَ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا، وَاكْتَفَى هُنَا بِذِكْرِهِ الْجَدِيدَ عَنْ الْمَذْهَبِ الْمُفِيدِ لِلطُّرُقِ لِجَرَيَانِهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ هُنَا طُرُقٌ، وَفِي ذِكْرِ التَّيَمُّمِ مَعَ الْعُدُولِ مُنَافَاةٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ السَّقْيُ أَيْضًا بَعْدَ التَّخْلِيَةِ. قَوْلُهُ: (بِتَرْكِ الْبَائِعِ السَّقْيَ) أَيْ الْمَقْدُورَ لَهُ فَإِنْ انْقَطَعَ مَاءُ النَّهْرِ مَثَلًا فَلَا خِيَارَ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَزِمَهُ سَقْيُهُ ثُمَّ قَوْلُهُ وَيَتَصَرَّفُ مُشْتَرِيهِ) هَذَانِ أَصْلَانِ لِمَسْأَلَةِ الْجَوَائِحِ الْآتِيَةِ قُدِّمَا عَلَيْهَا فَالْأَصْلُ الْأَوَّلُ مُؤَيِّدٌ لِلْقَدِيمِ وَالْأَصْلُ الثَّانِي مُؤَيِّدٌ لِلْجَدِيدِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ السَّقْيَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ إلَخْ) إيضَاحُهُ أَنَّ الْبَائِعَ كَأَنَّهُ الْتَزَمَ الْبَقَاءَ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُشْتَرِي بِالنَّقْلِ وَهُوَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالسَّقْيِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَتَصَرَّفُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الثَّمَرُ مَتْرُوكًا إلَى هَذِهِ جَعَلْنَا قَبْضَهُ قَبْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ بِالتَّخْلِيَةِ لِشَبَهِهِ فِيهَا بِالْعَقَارِ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ نَعَمْ لَوْ بَاعَ الثَّمَرَ بَعْدَ أَوَانِ الْجِدَادِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقَبْضِ أَنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ هُنَاكَ يَقْتَضِي تَوَقُّفَ قَبْضِهِ عَلَى النَّقْلِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَبُرْدٍ) قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِتَحْرِيكِ الرَّاءِ بِالْفَتْحِ أَيْضًا ثُمَّ فِي الْمِثَالِ إشَارَةٌ إلَى أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْجَائِحَةُ سَمَاوِيَّةً فَلَوْ غَصَبَ أَوْ سَرَقَ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي قَطْعًا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. قَوْلُهُ: (لِقَبْضِهِ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغُرَمَائِهِ خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» وَلِأَنَّ التَّخْلِيَةَ كَفَتْ فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ فَلْتَكُنْ كَافِيَةً فِي نَقْلِ الضَّمَانِ كَمَا فِي الْعَقَارِ. قَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ إلَخْ) لَا خَفَاءَ أَنَّ الَّذِي يُشْتَرَطُ قَطْعُهُ لَا يَكُونُ قَبْضُهُ إلَّا بِالْقَطْعِ، وَالنَّقْلِ وَقَدْ عَلَّلَ الْجَدِيدَ أَوَّلًا بِأَنَّ الْقَبْضَ يَحْصُلُ بِالتَّخْلِيَةِ فَكَيْفَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا وَذَاكَ. قَوْلُهُ: (هَذِهِ الطُّرُقُ) يُرِيدُ بِهَا أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ وَهِيَ الْأَرْجَحُ وَالثَّانِيَةُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَالثَّالِثَةُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الشَّرْعَ إلَخْ) فِي الْبَيْعِ (قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) أَيْ وَهُوَ الْآتِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ بِيعَ قَبْلَ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ قَطْعِهِ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ تَعَيَّبَ) أَيْ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ لَكِنْ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 بِتَرْكِ الْبَائِعِ السَّقْيَ فَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (الْخِيَارُ) وَإِنْ قُلْنَا الْجَائِحَةُ مِنْ ضَمَانِهِ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَلْزَمَ الْبَائِعَ التَّنْمِيَةَ بِالسَّقْيِ فَالتَّعَيُّبُ بِتَرْكِهِ كَالتَّعَيُّبِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَوْ تَلِفَ بِتَرْكِهِ السَّقْيَ انْفَسَخَ الْبَيْعُ قَطْعًا. وَقِيلَ: لَا يَنْفَسِخُ فِي الْقَدِيمِ فَيَضْمَنُهُ الْبَائِعُ بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ (وَلَوْ بِيعَ قَبْلَ) بُدُوِّ (صَلَاحِهِ بِشَرْطِ قَطْعِهِ وَلَمْ يَقْطَعْ حَتَّى هَلَكَ) بِالْجَائِحَةِ (فَأَوْلَى بِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) مِمَّا لَمْ يُشْرَطْ قَطْعُهُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْقَطْعِ الْمَشْرُوطِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَزِيدَةٌ عَلَى الرَّوْضَةِ مَذْكُورَةٌ فِي أَصْلِهَا كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ بِيعَ ثَمَرٌ) أَوْ زَرْعٌ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ (يَغْلِبُ تَلَاحُقُهُ وَاخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِالْمَوْجُودِ كَتِينٍ وَقِثَّاءٍ) وَبِطِّيخٍ (لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ (إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَطْعُ ثَمَرِهِ) أَوْ زَرْعِهِ عِنْدَ خَوْفِ الِاخْتِلَاطِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ، وَيَصِحُّ فِيمَا يَنْدُرُ تَلَاحُقُهُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا وَبِشَرْطِ الْقَطْعِ وَالتَّبْقِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ الْقَطْعُ فِي الْأَوَّلِ حَتَّى اخْتَلَطَ فَهُوَ كَالِاخْتِلَاطِ فِي الثَّانِي: وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ حَصَلَ الِاخْتِلَاطُ فِيمَا يَنْدُرُ فِيهِ) أَيْ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَالثَّانِي يَنْفَسِخُ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ تَخَيُّرُ الْمُشْتَرِي قَالَ (فَإِنْ سَمَحَ لَهُ الْبَائِعُ بِمَا حَدَثَ سَقَطَ خِيَارُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي: لَا يَسْقُطُ لِمَا فِي قَبُولِ الْمَسْمُوحِ بِهِ مِنْ الْمِنَّةِ. وَلَوْ حَصَلَ الِاخْتِلَاطُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ فَأَحَدُ الطَّرِيقَيْنِ الْقَطْعُ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ وَأَصَحُّهُمَا فِيهِ الْقَوْلَانِ، فَإِنْ قُلْنَا لَا انْفِسَاخَ فَإِنْ تَوَافَقَا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ فِي قَدْرِ حَقِّ الْآخَرِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْجَوَائِحَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ، وَفِي   [حاشية قليوبي] الْخِيَارُ) أَيْ فَوْرًا. قَوْلُهُ: (انْفَسَخَ) أَيْ إنْ لَمْ يُقَصِّرْ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ الْمُؤَدِّي إلَى التَّلَفِ وَلَمْ يَفْسَخْ وَإِلَّا فَلَا يَغْرَمُ لَهُ الْبَائِعُ شَيْئًا عَلَى الْأَصَحِّ الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى هَلَكَ بِالْجَائِحَةِ) أَيْ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: وَلَوْ بِيعَ قَبْلَ إلَخْ مَزِيدَةٌ فِي الْمِنْهَاجِ عَلَى الرَّوْضَةِ، مَذْكُورَةٌ فِي أَصْلِهَا الَّذِي هُوَ الشَّرْحُ الْكَبِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ وَالرَّافِعِيُّ إلَى آخِرِهِ، وَكَانَ صَوَابُ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَزِيدَةٌ عَلَى أَصْلِ الرَّوْضَةِ مَذْكُورَةٌ فِي الشَّرْحِ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالرَّوْضَةِ جُمْلَتُهَا لَا مَا اخْتَصَرَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِيعَ) أَيْ اسْتِقْلَالًا لَا مَعَ أَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ بُدُوِّ إلَخْ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْمَنْهَجِ وَلَوْ بَعْدَ إلَخْ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْبُدُوِّ لَا يَحْتَاجُ شَرْطُ الْقَطْعِ فِيهِ إلَى عِلِّيَّةِ التَّلَاحُقِ. قَوْلُهُ: (يَغْلِبُ تَلَاحُقُهُ) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا. قَوْلُهُ: (عِنْدَ خَوْفٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَطْعِ فَلَيْسَ مِنْ الصِّيغَةِ وَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ الشَّارِحُ لَكَانَ أَوْلَى، لِأَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ. قَوْلُهُ: (فِيمَا يَنْدُرُ) الْأَوْلَى فِيمَا لَا يَغْلِبُ لِيَدْخُلَ الْمُسَاوِي وَالْمَشْكُوكُ فِيهِ وَالْمَجْهُولُ حَالُهُ، أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لَكِنَّهُ رَاعَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) أَيْ فَوْرًا ابْتِدَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مُرَاجَعَةِ الْبَائِعِ وَلَا عَلَى حَاكِمٍ لِأَنَّهُ خِيَارُ عَيْبٍ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِالِاخْتِلَاطِ حَتَّى لَوْ بَادَرَ بِالْفَسْخِ نَفَذَ، فَإِنْ أَجَازَ فَكَمَا بَعْدَ التَّخْلِيَةِ لَكِنَّ الْيَدَ هُنَا لِلْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ سَمَحَ) أَيْ مُبَادِرًا قَبْلَ فَسْخِ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ بِغَيْرِ لَفْظِ هِبَةٍ وَهُوَ تَمْلِيكٌ لَا إعْرَاضٌ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ، وَبِهَذَا فَارَقَ نَعْلَ الدَّابَّةِ وَالْحِجَارَةَ كَمَا مَرَّ. وَاغْتُفِرَ الْجَهْلُ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ تَقَارَنَ الْفَسْخُ وَالسَّمَاحُ، قَالَ شَيْخُنَا: يُقَدَّمُ السَّمَاحُ نَظَرًا لِبَقَاءِ الْعَقْدِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَدَّمُ الْفَسْخُ لِأَنَّ السَّمَاحَ كَالْإِجَازَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَصَحُّهُمَا فِيهِ الْقَوْلَانِ) وَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمُشْتَرِي) هُوَ   [حاشية عميرة] يُشْتَرَطْ الْقَطْعُ وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ وَلَا فَسْخَ بِالتَّلَفِ. قَوْلُهُ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ مَحَلَّ ثُبُوتِ الْخِيَارِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَطْعُ، وَكَذَا يُقَالُ: فِي الِانْفِسَاخِ بِتَرْكِ السَّقْيِ الْآتِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَأَوْلَى) أَيْ فَيَكُونُ الْخِلَافُ هُنَا مُرَتَّبًا عَلَى ذَاكَ الْخِلَافِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ حَكَى فِيهَا الرَّافِعِيُّ ثَلَاثَ طُرُقٍ أَظْهَرُهَا أَنَّهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَالثَّانِيَةُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَالثَّالِثَةُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهَا الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ وَالرَّافِعِيُّ ذَكَرَ إلَخْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يُفِيدُ الطَّرِيقَةَ الثَّالِثَةَ هُنَا بَلْ يُنَافِيهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَمَرِهِ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْمُشْتَرِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) أَيْ لِأَنَّ الِاخْتِلَاطَ أَعْظَمُ ضَرَرًا مِنْ إبَاقِ الْعَبْدِ كَذَا عَلَّلَ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ الْتِحَاقُهُ بِالْعُيُوبِ فَتَتَعَيَّنُ الْفَوْرِيَّةُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَنْفَسِخُ إلَخْ) صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْغَزَالِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَغَيْرُهُمْ، وَكَذَا الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ الْوَسِيطِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 ثَالِثٍ الْيَدُ لَهُمَا (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا بِصَافِيَةٍ) مِنْ التِّبْنِ (وَهُوَ الْمُحَاقَلَةُ وَلَا) بَيْعُ (الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ بِثَمَرٍ وَهُوَ الْمُزَابَنَةُ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ» وَفُسِّرَا بِمَا ذَكَرَ. وَالْمَعْنَى فِي الْبُطْلَانِ فِيهِمَا عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَتَزِيدُ الْمُحَاقَلَةُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمَبِيعِ فِيهَا مَسْتُورٌ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ. (وَيُرَخَّصُ فِي الْعَرَايَا وَهُوَ بَيْعُ الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ بِتَمْرٍ فِي الْأَرْضِ أَوْ الْعِنَبِ فِي الشَّجَرِ بِزَبِيبٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا» وَقِيسَ الْعِنَبُ عَلَى الرُّطَبِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا زَكَوِيٌّ يُمْكِنُ خَرْصُهُ وَيُدَّخَرُ يَابِسُهُ (فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) بِتَقْدِيرِ الْجَفَافِ بِمِثْلِهِ   [حاشية قليوبي] الْمُعْتَمَدُ كَضَمَانِ الْجَوَائِحِ. قَوْلُهُ: (وَفِي ثَالِثِ الْيَدِ لَهُمَا) وَعَلَيْهِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: يُقَسَّمُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ الْغَزِّيِّ لِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ اشْتَرَى شَجَرَةً عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ لِلْبَائِعِ اشْتَرَطَ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ شَرْطَ الْقَطْعِ إنْ غَلَبَ تَلَاحُقُهَا وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى كُلٍّ إذَا حَصَلَ اخْتِلَاطٌ فَكَمَا مَرَّ. فَمَنْ سَمَحَ أَجْبَرَ صَاحِبَهُ فَإِنْ تَشَاحَّا فُسِخَ الْعَقْدُ. فَرْعٌ: الِاخْتِلَاطُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَقْتَضِي الشُّيُوعَ فَلَا انْفِسَاخَ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ الْبَائِعُ. وَالِاخْتِلَاطُ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ لِمَنْعِهِ الصِّحَّةَ ابْتِدَاءً، وَالْيَدُ لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِصَافِيَةٍ) وَلَا بِغَيْرِهَا كَمَا مَرَّ لَكِنْ لَا يُسَمَّى مُحَاقَلَةً، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَقْلِ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ جَمْعُ حَقْلَةٍ وَهِيَ السَّاحَةُ الَّتِي تُزْرَعُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَعَلُّقِهَا بِزَرْعٍ فِي حَقْلِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا بَيْعُ الرُّطَبِ) وَلَوْ خَرْصًا وَمِثْلُهُ الْعِنَبُ. قَوْلُهُ: (الْمُزَابَنَةُ) بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ فَزَايٍ فَمُوَحَّدَةٍ بَيْنَهُمَا أَلْفٌ فَنُونٌ، مِنْ الزَّبْنِ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ الدَّفْعُ لَتُدَافَع الْعَاقِدَيْنِ فِيهَا بِسَبَبِ الْغَبَنِ. قَوْلُهُ: (وَفُسِّرَا) أَيْ شَرْعًا وَقَدْ عَلِمَا مِمَّا مَرَّ وَذَكَرَ هُنَا لِأَجْلِ التَّسْمِيَةِ. قَوْلُهُ: (الْعَرَايَا) جَمْعُ عَرِيَّةٍ فَعِيلَةٍ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ، أَيْ عَارِيَّةٍ عَنْ حُكْمِ بَقِيَّةِ الْبُسْتَانِ بِإِعْرَاءِ مَالِكِهَا لَهَا بِإِفْرَادِهَا لِلْأَكْلِ، فَلَا مُهَايَأَةَ عَلَى هَذَا أَوْ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ مِنْ عَرَاهُ إذَا أَتَاهُ لِأَنَّ مَالِكَهَا يَأْتِيهَا لِيَأْخُذَهَا، وَعَلَى هَذَا فَلَامُهَا وَاوٌ وَأَصْلُهَا عَرَاوٌّ وَبِوَاوَيْنِ كَمَسَاجِدَ، قُلِبَتْ أُولَاهُمَا هَمْزَةً لِلِاجْتِمَاعِ، وَالثَّانِيَةُ يَاءً لِتَطَرُّفِهَا، ثُمَّ فُتِحَتْ الْهَمْزَةُ فَقُلِبَتْ الْيَاءُ أَلْفًا ثُمَّ قُلِبَتْ الْهَمْزَةُ يَاءً لِوُقُوعِهَا بَيْنَ أَلْفَيْنِ، فَتَسْمِيَةُ الْعَقْدِ بِهَا مَجَازٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ اصْطِلَاحًا وَالتَّذْكِيرُ بِاعْتِبَارِ الْخَبَرِ. قَوْلُهُ: (بَيْعُ الرُّطَبِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ زَكَاةٌ بِأَنْ خَرَصَ عَلَى مَالِكِهِ، أَوْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا وَإِلَّا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ لِتَحَقُّقِ الْمُفَاضَلَةِ، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَالْوَجْهُ صِحَّتُهُ فِي غَيْرِ قَدْرِ الزَّكَاةِ بِقَدْرِهِ مِنْ الْإِجْزَاءِ كَمَا صَرَّحُوا بِمِثْلِهِ فِي الزَّكَاةِ، فَرَاجِعْهُ وَالْبُسْرُ كَالرُّطَبِ وَلَيْسَ الْحِصْرِمُ كَالْعِنَبِ لِعَدَمِ بُدُوِّ صَلَاحِهِ. قَوْلُهُ: (بِتَمْرٍ فِي الْأَرْضِ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْأَرْضَ قَيْدٌ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ كَوْنُهُ عَلَى الْأَرْضِ حَالَةَ التَّسْلِيمِ فَهُوَ لَا يُخَالِفُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ لِاعْتِبَارِهِ كَيْلَهُ فَلَا حَاجَةَ لِاعْتِمَادٍ وَلَا تَضْعِيفٍ أَوْ كَوْنِهِ عَلَيْهَا حَالَةَ الْعَقْدِ، فَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ يُقْطَعُ وَيُكَالُ فِي الْمَجْلِسِ وَوُجُودُ الرُّخْصَةِ لَا يُوجِبُ اعْتِبَارَهُ، لِوُجُودِ الْقِيَاسِ فِيهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَرْضِ مَا لَيْسَ عَلَى الشَّجَرِ لَا حَقِيقَةُ الْأَرْضِ فَالْوَجْهُ كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا كَوْنُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ عَلَى الشَّجَرِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُسَمَّى الْعَرَايَا، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الرِّبَا الْمُحَرَّمِ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (حَثْمَةَ) بِمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُثَلَّثَةٍ سَاكِنَةٍ. قَوْلُهُ: (الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ) بِالْمُثَلَّثَةِ فِي الْأَوَّلِ وَالْفَوْقِيَّةِ فِي الثَّانِي كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (بِجَامِعِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى صِحَّةِ الْقِيَاسِ فِي الرُّخْصَةِ إذَا وُجِدَ فِيهَا مَعْنًى يُخَصِّصُهَا وَلَيْسَ وُجُودُ الْمَعْنَى فِيهَا مُوجِبًا لِلْقِيَاسِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ فَلَا يَرِدُ نَحْوُ الْإِبْرَادِ بِالظَّهْرِ. قَوْلُهُ: (فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) بِقَدْرٍ يَزِيدُ عَلَى تَفَاوُتِ الْكَيْلَيْنِ فَالْخَمْسَةُ تَقْرِيبٌ وَقِيلَ تَحْدِيدٌ فَإِنْ زَادَ بَطَلَ فِي الْكُلِّ   [حاشية عميرة] قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَمْ يَنْقُلْ الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ سِوَى عَنْ الْوَجِيزِ ثُمَّ صَرَّحَ بِرُجْحَانِهِ فِي كُتُبِهِ فَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَوَافَقَا إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي هُنَا بِخِلَافِ مَا قَبْلَ التَّخْلِيَةِ كَمَا سَبَقَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِصَافِيَةٍ) أَيْ خَالِصَةٍ مِنْ التِّبْنِ فَيَكُونُ مِنْ قَاعِدَةِ مَدِّ عَجْوَةٍ مَعَ الِاسْتِتَارِ فِي الْأُولَى أَيْضًا، وَلَوْ بَاعَ الشَّعِيرَ فِي سُنْبُلِهِ بِحِنْطَةٍ صَافِيَةٍ جَازَ وَيَقْبِضُ الْحِنْطَةَ بِالنَّقْلِ وَالشَّعِيرَ بِالتَّخْلِيَةِ، وَلَوْ بَاعَ الزَّرْعَ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبِّ بِالْحَبِّ جَازَ لِأَنَّهُ حَشِيشٌ غَيْرُ مَطْعُومٍ. قَوْلُهُ: (وَفُسِّرَا بِمَا ذَكَرَ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَإِنْ كَانَ التَّفْسِيرُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَاكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ الرَّاوِي فَهُوَ أَعْرَفُ مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ إلَخْ) أَمَّا عَدَمُ الْعِلْمِ فِي الْأُولَى فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ حَالَ الْجَفَافِ. قَوْلُهُ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ» الْأُولَى بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 فَيُبَاعُ مَثَلًا رُطَبُ نَخَلَاتٍ عَلَيْهَا يَجِيءُ مِنْهُ جَافًّا أَرْبَعَةُ أَوْسُقٍ خَرْصًا بِأَرْبَعَةِ أَوْسُقٍ تَمْرًا. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» . شَكَّ دَاوُد بْنُ الْحُصَيْنِ أَحَدُ رُوَاتِهِ فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِالْأَقَلِّ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ. وَتَقَدَّمَ فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ أَنَّ الْخَمْسَةَ أَلْفٍ وَسِتُّمِائَةِ رَطْلٍ بَغْدَادِيَّةٍ وَهِيَ ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ (وَلَوْ زَادَ) عَلَى مَا دُونِهَا (فِي صَفْقَتَيْنِ) كُلٌّ مِنْهُمَا دُونَهَا (جَازَ) وَكَذَا لَوْ بَاعَ فِي صَفْقَةٍ لِرَجُلَيْنِ يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا دُونَهَا، وَلَوْ بَاعَ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ فَهُوَ كَبَيْعِ رَجُلٍ لِرَجُلَيْنِ، وَقِيلَ: كَبَيْعِهِ لِرَجُلٍ (وَيُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ) فِي الْمَجْلِسِ (بِتَسْلِيمِ التَّمْرِ كَيْلًا وَالتَّخْلِيَةِ فِي النَّخْلِ) وَسَكَتَ عَنْ شَرْطِ الْمُمَاثَلَةِ لِلْعِلْمِ بِهِ فَإِنْ أَكَلَ الرُّطَبَ فَذَاكَ وَإِنْ جَفَّفَ وَظَهَرَ تَفَاوُتٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ بَيْعُ مِثْلِ الْعَرَايَا (فِي سَائِرِ الثِّمَارِ) كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْمِشْمِشِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُدَّخَرُ لِأَنَّهَا مُتَفَرِّقَةٌ مَسْتُورَةٌ بِالْأَوْرَاقِ فَلَا يَتَأَتَّى الْخَرْصُ فِيهَا. وَالثَّانِي يُمْنَعُ ذَلِكَ وَيَقِيسُهَا عَلَى الرُّطَبِ كَمَا قِيسَ عَلَيْهِ الْعِنَبُ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ أَيْ بَيْعُ الْعَرَايَا لَا يَخْتَصُّ بِالْفُقَرَاءِ) لِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ فِيهِ. وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِهِمْ لِمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّ رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ مَعَ النَّاسِ وَعِنْدَهُمْ فَضْلُ قُوتِهِمْ مِنْ التَّمْرِ، فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَتَبَايَعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ» . ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بِغَيْرِ إسْنَادٍ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا حِكْمَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ ثُمَّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ كَمَا فِي الرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ فِي الطَّوَافِ. (إذَا اتَّفَقَا عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّتِهِ كَقَدْرِ الثَّمَنِ) كَمِائَةٍ أَوْ تِسْعِينَ (أَوْ صِفَتِهِ) كَصِحَاحٍ أَوْ مُكَسَّرَةٍ   [حاشية قليوبي] وَلَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ. قَوْلُهُ: (فِي صَفْقَتَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الصَّفْقَةَ هُنَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَكَذَا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَبَيْعُ اثْنَيْنِ لِاثْنَيْنِ يَصِحُّ فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ وَسْقًا. وَفِي الرَّوْضَةِ عَشَرَةِ أَوْسُقٍ وَنُسِبَ إلَى سَبْقِ الْقَلَمِ. قَوْلُهُ: (وَالتَّخْلِيَةُ فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ) وَلَوْ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ وَقَبْضُهُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَكَلَ إلَخْ) وَلَهُ تَرْكُهُ لِيَتَتَمَّرَ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (يَمْنَعُ ذَلِكَ) وَرَدَ بِأَنَّ مَنْعَ الْخَرْصِ لَا قَائِلَ بِهِ وَبَيْعَهُ بِلَا خَرْصٍ لَا قَائِلَ بِهِ فَرَاجِعْهُ، وَزَادَ الشَّارِحُ لَفْظَ مِثْلِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى عَرَايَا. قَوْلُهُ: (وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ) فَالْفَقِيرُ هُنَا مَنْ لَا نَقْدَ بِيَدِهِ. قَوْلُهُ: (حِكْمَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ) وَفِي نُسْخَةٍ حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُخَصِّصُ الْحُكْمَ كَمَا فِي الرَّمْلِيِّ وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُوهِمُ التَّخْصِيصَ يُحْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرَ أَوْ هُوَ ضَعِيفٌ. بَابُ كَيْفِيَّةِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ قَوْله: (إذَا اتَّفَقَا) وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَثَبَتَتْ بِالْيَمِينِ كَمَا يَأْتِي، وَلَكِنْ فِيهِ خِلَافٌ وَكَالْبَيْعِ بَقِيَّةُ الْعُقُودِ وَلَوْ   [حاشية عميرة] وَالثَّانِيَةُ بِالْمُثَنَّاةِ وَقَوْلُهُ بِخَرْصِهَا يَجُوزُ فِيهِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ وَالْفَتْحُ أَشْهُرُ، وَعَلَى كُلٍّ فَالْمُرَادُ بِهِ الْمَخْرُوصُ، قَالَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. قَوْلُهُ: (فِي أَظْهَرْ قَوْلَيْهِ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجُوزُ فِي خَمْسَةٍ أَيْضًا وَأَمَّا أَكْثَرُ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا بَلْ هُوَ مُزَابَنَةٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ كَبَيْعِهِ لِرَجُلٍ) لِيَعْلَمَ أَنَّ الَّذِي سَلَفَ أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ قَطْعًا وَبِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ وَهَذَا عَكْسُ ذَاكَ وَوَجْهُهُ أَنَّ الرُّطَبَ هُنَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَمَحَلُّ الْخَرْصِ وَهُوَ تَخْمِينٌ، وَقَدْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْفُقَرَاءِ) الْمُرَادُ بِهِمْ لَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ بِغَيْرِهِ. [بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ] ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ التَّرْجَمَةِ وَإِلَّا فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْبَيْعِ بَلْ سَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 (أَوْ الْأَجَلِ) بِأَنْ أَثْبَتَهُ الْمُشْتَرِي وَنَفَاهُ الْبَائِعُ (أَوْ قَدْرِهِ) كَشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ (أَوْ قَدْرِ الْمَبِيعِ) كَهَذَا الْعَبْدِ. وَقَالَ الْمُشْتَرِي وَالثَّوْبِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِأَحَدِهِمَا (تَحَالَفَا فَيَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى نَفْيِ قَوْلِ صَاحِبِهِ وَإِثْبَاتِ قَوْلِهِ وَيُبْدَأُ بِالْبَائِعِ وَفِي قَوْلٍ بِالْمُشْتَرِي، وَفِي قَوْلٍ يَتَسَاوَيَانِ) وَعَلَى هَذَا (فَيَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ) فِيمَنْ يَبْدَأُ بِهِ مِنْهُمَا (وَقِيلَ: يُقْرِعُ) بَيْنَهُمَا فَيَبْدَأُ بِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ. وَالْخِلَافُ جَمِيعُهُ فِي الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الِاشْتِرَاطِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكْفِي كُلَّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (يَمِينٌ تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَيُقَدِّمُ النَّفْيَ فَيَقُولُ) الْبَائِعُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ، مَثَلًا: وَاَللَّهِ (مَا بِعْت بِكَذَا وَلَقَدْ بِعْت بِكَذَا) وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: وَاَللَّهِ مَا اشْتَرَيْت بِكَذَا وَلَقَدْ اشْتَرَيْت بِكَذَا. هَذِهِ عِبَارَةُ التَّنْبِيهِ وَعَدَلَ إلَيْهَا عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ وَإِنَّمَا بِعْت بِكَذَا لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْحَصْرِ بَعْدَ النَّفْيِ وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ لِلنَّفْيِ وَيَمِينٍ لِلْإِثْبَاتِ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ عَلَى النَّفْيِ ثُمَّ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ   [حاشية قليوبي] جَائِزَةً أَيْ غَيْرَ مَحْضَةٍ. قَوْلُهُ: (كَقَدْرِ الثَّمَنِ) أَوْ الْمَبِيعِ بِنَفْسِهِ أَوْ فِيمَا دَخَلَ تَبَعًا. نَعَمْ إنْ لَمْ يُفْرَدْ التَّابِعُ بِعَقْدٍ كَوِلَادَةٍ أَوْ تَأْبِيرٍ، اخْتَلَفَا فِي زَمَنِ وُجُودِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ صَدَقَ الْبَائِعُ. قَوْلُهُ: (أَوْ تِسْعِينَ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَذَكَرَهَا دُونَ الْوَاوِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الثَّمَنَ الْمَجْمُوعُ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ صِفَتِهِ) مِمَّا يَصِحُّ شَرْطُهُ كَرَهْنٍ وَلَوْ بِنَحْوِ مَزْجٍ وَكَفِيلٍ وَكِتَابَةٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُكَسَّرَةٍ) بِأَنْ قُطِعَتْ بِالْمِقْرَاضِ أَجْزَاءٌ مَعْلُومَةٌ لِأَجْلِ شِرَاءِ الْحَاجَاتِ وَالْأَشْيَاءِ الصَّغِيرَةِ، أَمَّا نَحْوُ أَرْبَاعِ الْقُرُوشِ فَهِيَ نُقُودٌ صَحِيحَةٌ، وَأَمَّا نَحْوُ الْمَقَاصِيصِ وَالذَّهَبِ الْمَشْعُورِ أَوْ الْمُكَسَّرِ فَالْعَقْدُ بِهَا بَاطِلٌ لِلْجَهْلِ بِقِيمَتِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ الْأَجَلِ) فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَدْرَ الْمَبِيعِ) هِيَ مَانِعَةُ جَمْعٍ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ، وَالثَّمَنِ مَعًا فَلَا تَحَالُفَ فِيهِ بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَلَا بَيِّنَةَ) أَيْ يُعْمَلُ بِهَا فَيَخْرُجُ مَا لَوْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ فَيُعْمَلُ بِهِمَا، وَيُسَلَّمُ مُدَّعِي الْمُشْتَرِي لَهُ بِبَيِّنَتِهِ وَيُتْرَكُ مُدَّعِي الْمَبِيعِ فِي يَدِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُنْكِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ وَإِلَّا فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لَا بِوَطْءٍ لِلضَّرُورَةِ. قَوْلُهُ: (تَحَالَفَا) أَيْ عِنْدَ الْحَاكِمِ نَعَمْ إنْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ أَوْ بَعْدَ فَسْخٍ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ لَا بَعْدَ الْقَبْضِ خِلَافًا لِلْعَبَّادِيِّ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ بِدَلِيلِ قَرْنِهِ بِالْإِقَالَةِ فَلَا تَحَالُفَ بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ لِأَنَّهُ مُدَّعَى عَلَيْهِ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ مَعًا فَسَقَطَ مَا لِلسُّبْكِيِّ هُنَا، فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قُضِيَ لِلْآخَرِ وَإِنْ نَكَلَ تُرِكَا. قَوْلُهُ: (عَلَى نَفْيٍ إلَخْ) وَلَا يَكْفِيهِ الْحَصْرُ نَحْوُ مَا بِعْت إلَّا بِكَذَا لِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِاللَّوَازِمِ فِي الْأَيْمَانِ. قَوْلُهُ: (وَيَبْدَأُ بِالْبَائِعِ) كَمَا قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُعَيَّنٌ، وَفِي عَكْسِهِ يَبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي لِقُوَّةِ جَانِبِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِبَقَاءِ عِوَضِهِ لَهُ بَعْدَ الْفَسْخِ، فَإِنْ كَانَا مُعَيَّنَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ تَسَاوَيَا فَيَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ بِالْمُشْتَرِي) هُوَ مُخْرَجٌ مِنْ النَّصِّ بِالْبُدَاءَةِ بِالْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي السَّلَمِ وَبِالزَّوْجِ فِي الْمَهْرِ وَبِالسَّيِّدِ فِي الْكِتَابَةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يَتَسَاوَيَانِ) هُوَ مُخْرَجٌ مِنْ النَّصِّ بِالتَّخْيِيرِ فِي الدَّعَاوَى وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِالنَّصِّ أَوْ بِالْمَذْهَبِ قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَكْفِي إلَخْ) فَيُنْدَبُ يَمِينَانِ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ وَيَجُوزُ تَوَالِيهِمَا هُنَا. قَوْلُهُ: (وَتَقَدَّمَ) عَطْفٌ عَلَى يَكْفِي فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. قَوْلُهُ: (فَلَا حَاجَةَ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ اللُّزُومُ وَإِلَّا فَهُوَ تَأْكِيدٌ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلِ الصَّحِيحِ) فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْيَمِينِ وَسَكَتَ عَنْ مُقَابِلِهِ فِي التَّقْدِيمِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ لَهُ هُنَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحَلِفَ هُنَا عَلَى الْبَتِّ فِي   [حاشية عميرة] كَذَلِكَ ثُمَّ عِبَارَتُهُ يَرِدُ عَلَيْهَا مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مَعًا فَإِنَّهُ لَا تَحَالُفَ وَالْعِبَارَةُ صَادِقَةٌ بِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَيْفِيَّتِهِ) خَرَجَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ نَفْسِهِ كَأَنْ قَالَ: بِعْت. فَقَالَ: بَلْ وَهَبْت كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ صِفَتِهِ) أَيْ أَوْ جِنْسِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ قَدْرِ الْمَبِيعِ) أَيْ أَوْ جِنْسِهِ أَوْ صِفَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ بِالْمُشْتَرِي) لِأَنَّهُ نَصٌّ فِي الصَّدَاقِ عَلَى الْبُدَاءَةِ بِالزَّوْجِ، وَهُوَ كَالْمُشْتَرِي وَلِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِكَوْنِ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ يَتَسَاوَيَانِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تَرْجِيحَ. قَوْلُهُ: (فَيَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ) أَيْ كَمَا لَوْ تَدَاعَيَا عَيْنًا فِي يَدِهِمَا فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَبْدَأُ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُقْرِعُ) أَيْ كَمَا لَوْ جَاءَا مَعًا إلَى مَجْلِسِهِ، وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ: يُقْرِعُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيَتَخَيَّرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكْفِي إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَنْفِيَّ أَحَدِهِمَا فِي ضِمْنِ مُثْبَتِهِ فَجَازَ التَّعَرُّضُ فِي الْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ لِلنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى فَصْلِ الْخُصُومَةِ ثُمَّ قَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ جَوَازُ الْعُدُولِ إلَى الْيَمِينَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُقَدَّمُ النَّفْيُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 ثُمَّ الْبَائِعُ عَلَى الْإِثْبَاتِ ثُمَّ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَالْوَسِيطِ. (وَإِذَا تَحَالَفَا فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بَلْ إنْ تَرَاضَيَا) بِمَا قَالَهُ أَحَدُهُمَا فَظَاهِرٌ بَقَاءُ الْعَقْدِ بِذَلِكَ (وَإِلَّا فَيَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ الْفَسْخُ (وَقِيلَ: إنَّمَا يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ) وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ بِالتَّحَالُفِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْفَسْخِ أَوْ الِانْفِسَاخِ (عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ) إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ (فَإِنْ كَانَ وَقَفَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ مَاتَ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَهِيَ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْمَبِيعِ أَوْ غَيْرِهِ (فِي أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ) وَالثَّانِي قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ يَوْمُ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ. وَالثَّالِثُ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَيَوْمَ الْقَبْضِ لِحُدُوثِ الزِّيَادَةِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَلِمَا تَقَدَّمَ فِي الثَّانِي وَالرَّابِعِ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ إلَى يَوْمِ التَّلَفِ. وَقَوْلُهُ: الْأَقْوَالُ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْقِيمَةِ الْمُعْتَبَرَةِ أَوْجُهٌ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَقْوَالٌ (وَإِنْ تَعَيَّبَ رَدَّهُ مَعَ أَرْشِهِ) وَهُوَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ كَمَا يَضْمَنُ كُلَّهُ بِقِيمَتِهِ، وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْحَاوِي وُجُوبُ الْقِيمَةِ أَيْضًا وَفِي الْمَطْلَبِ الْمَشْهُورُ وُجُوبُ الْمِثْلِ (وَاخْتِلَافُ وَارِثِهِمَا كَهُمَا) أَيْ كَاخْتِلَافِهِمَا فِيمَا تَقَدَّمَ فَيَحْلِفُ الْوَارِثُ   [حاشية قليوبي] النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ إلَّا فِي نَحْوِ الْوَارِثِ. قَوْلُهُ: (فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِالتَّوَالِي هُنَا فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (إنْ تَرَاضَيَا) أَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِدَفْعِ مَا ادَّعَاهُ الْآخَرُ، وَيُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَيْسَ لَهُمَا بَعْدَ التَّرَاضِي الْعَوْدُ لِلْفَسْخِ. قَوْلُهُ: (أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ الْفَسْخُ) وَإِنْ لَمْ تَرْضَ الْبَقِيَّةُ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلِكُلٍّ قَبْلَ الْفَسْخِ، لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا فِي يَدِهِ وَلَوْ بِالْوَطْءِ وَالْفَسْخُ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ أَوْ هُمَا أَوْ الصَّادِقُ مِنْهُمَا، وَإِلَّا فَظَاهِرًا فَقَطْ وَلِلْآخَرِ إنْشَاءُ فَسْخٍ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ بَعْدَ الْفَسْخِ) أَوْ الِانْفِسَاخِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُشْتَرِي الرَّدُّ) وَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ. نَعَمْ إنْ قَالَا أَقْرَرْنَا الْعَقْدَ فَلَا رَدَّ. قَوْلُهُ: (بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ) أَيْ بِلَا مَانِعٍ وَإِلَّا فَلَهُ الصَّبْرُ لِزَوَالِهِ وَلَهُ بَعْدَ الْفَسْخِ فِي الْآبِقِ أَخْذُ الْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ وَفِي الْمَرْهُونِ وَالْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً أَخْذُ الْقِيمَةِ لِلْفَيْصُولَةِ، وَفِي الْمُؤَجَّرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْفَسْخِ وَلَا يَنْزِعُهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يُطَالِبُ بِالْمُسَمَّى. قَوْلُهُ (لَزِمَهُ قِيمَتُهُ) إنْ تَلِفَ كُلُّهُ، وَكَانَ مُتَقَوِّمًا وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَفِي تَلِفَ بَعْضِهِ يُرَدُّ بَدَلُ مَا تَلِفَ مَعَ الثَّانِي بِالرِّضَا. قَوْلُهُ: (أَوْجُهُ) هُوَ الرَّاجِحُ. قَوْلُهُ: (رَدَّهُ مَعَ أَرْشِهِ) وَمَعَ زِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ مُطْلَقًا وَالْمُنْفَصِلَةِ إنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْفَسْخِ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ رَدِّهِ كَمَا مَرَّ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَاغْتُفِرَ الْحُكْمُ هُنَا لِلظَّالِمِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِقْدَارٌ وَإِلَّا فَبِمُقَدَّرِهِ كَيَدِ الْعَبْدِ كَمَا فِي الْجَانِي وَالْمُعْتَبَرُ فِي النَّقْصِ عَنْ قِيمَةِ يَوْمِ الْعَيْبِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ، فِي الْبَيْعِ مِنْ اعْتِبَارِ أَقَلِّ الْقِيَمِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْقِيمَةِ هُنَاكَ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ النَّقْصِ وَلِسَبَبِ مَغْرُومِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ مَا هُنَا كَالْبَيْعِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْمَشْهُورُ وُجُوبُ الْمِثْلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَاخْتِلَافُ وَارِثُهُمَا كَهُمَا) وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ مُوَكِّلَيْهِمَا وَوَكِيلَيْهِمَا وَوَلِيِّهِمَا مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ قَيِّمٍ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ سَيِّدِ الرَّقِيقِ، وَكَذَا اخْتِلَافُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورِينَ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَيَنْتَظِمُ مِنْ ذَلِكَ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ تَزِيدُ عَلَى   [حاشية عميرة] وَمُدَّعَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْبَائِعُ عَلَيْهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ حَلِفِهِمَا عَلَى النَّفْيِ بَلْ يَكْتَفِي بِذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ يَحْلِفُ أَحَدُهُمَا عَلَى النَّفْيِ ثُمَّ تُعْرَضُ الْيَمِينُ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى النَّفْيِ اكْتَفَيْنَا بِذَلِكَ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْأَوَّلُ يَمِينَ الْإِثْبَاتِ وَقَضَى لَهُ وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ عَنْ النَّفْيِ حَلَفَ الْآخَرُ عَلَى النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَإِنْ نَكَلَا جَمِيعًا تَوَقَّفْنَا اهـ بِمَعْنَاهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالصَّحِيحُ إلَخْ) لِأَنَّ غَايَةَ الْيَمِينَيْنِ أَنْ يَكُونَا كَالْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ إنَّمَا يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ كَالْعُنَّةِ وَلِأَنَّا لَا نَعْلَمُ الظَّالِمَ مِنْهُمَا وَتَفْوِيضُ الْفَسْخِ إلَى الظَّالِمِ بَعِيدٌ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بَعْدَ اللِّعَانِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ) وَالْمُؤْنَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ كَانَ وَقَفَهُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى جَوَازِ الْفَسْخِ بَعْدَ التَّلَفِ وَإِلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّلَفِ الْحِسِّيِّ وَالشَّرْعِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ وَقَبْلَ التَّلَفِ لَمْ يَتَعَلَّقْ لِلْبَائِعِ حَقٌّ. قَوْلُهُ. (لِحُدُوثِ الزِّيَادَةِ إلَخْ) كَأَنَّ مُرَادَهُ مِنْ هَذَا مَا قَالَ غَيْرُهُ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَهُوَ يَوْمَ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَوَّلِ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (وَالرَّابِعُ) وَجْهُ ذَلِكَ بِأَنَّ يَدَهُ ضَامِنَةٌ كَالْمُسْتَامِ وَالْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَهُمَا) لِأَنَّهَا يَمِينٌ فِي الْمَالِ فَكَانَتْ كَالْيَمِينِ فِي دَعْوَى الْمَالِ ثُمَّ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَسْبِقْ لِلْمُوَرَّثِينَ اخْتِلَافٌ. قَوْلُهُ: (فَيَحْلِفُ الْوَارِثُ) فِي الْإِثْبَاتِ عَلَى الْبَتِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ (وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِكَذَا فَقَالَ بَلْ وَهَبْتنِيهِ فَلَا تَحَالُفَ) إذْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى عَقْدٍ (بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ فَإِذَا حَلَفَا رَدَّهُ مُدَّعِي الْهِبَةِ بِزَوَائِدِهِ) أَيْ لَزِمَهُ ذَلِكَ (وَلَوْ ادَّعَى صِحَّةَ الْبَيْعِ وَالْآخَرُ فَسَادَهُ) كَأَنْ ادَّعَى اشْتِمَالَهُ عَلَى شَرْطٍ مُفْسِدٍ (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ. وَالثَّانِي تَصْدِيقُ مُدَّعِي الْفَسَادِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ (وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا) وَقَبَضَهُ (فَجَاءَ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ لِيَرُدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعٌ لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعَ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ مُضِيُّ الْعَقْدِ عَلَى السَّلَامَةِ (وَفِي) مِثْلِهِ فِي (السَّلَمِ) وَهُوَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُسْلِمُ الْمُؤَدَّى عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ثُمَّ يَأْتِي بِمَعِيبٍ فَيَقُولُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَيْسَ هَذَا الْمَقْبُوضَ (يُصَدَّقُ) الْمُسْلِمُ (فِي الْأَصَحِّ) بِيَمِينِهِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَقْبُوضُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِيَمِينِهِ كَالْبَائِعِ وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ جَاءَ بِمَعِيبٍ هَلْ يُصَدَّقُ هُوَ أَوْ الْمُشْتَرِي بِالْيَمِينِ   [حاشية قليوبي] الْمِائَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَلَى عَقْدٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِزَوَائِدِهِ) مُنْفَصِلَةً أَوْ مِنْ غَيْرِ عَيْنِ الْمَبِيعِ نَحْوَ كَسْبِ الْعَبْدِ فَإِنْ تَلِفَتْ لَزِمَهُ بَدَلُهَا كَالْمَبِيعِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهَا لَوْ اسْتَعْمَلَهَا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَدَمِهَا وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا وَجَبَ رَدُّهَا مَعَ اتِّفَاقِهِمَا أَنَّهَا لِمُدَّعِي الْهِبَةِ بِدَعْوَاهُمَا لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَتْ دَعْوَاهُمَا رُجِعَ إلَى أَصْلِ اسْتِصْحَابِ الْمِلْكِ. فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: كَابْنِ حَجّ لَوْ اشْتَرَى شَجَرًا وَاسْتَغَلَّهُ سِنِينَ، ثُمَّ طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ فَأَنْكَرَ الشِّرَاءَ حَلَّفَهُ عَلَيْهِ. ثُمَّ رَدَّ الْمَبِيعَ وَلَا يُغَرِّمُهُ الْبَائِعُ مَا اسْتَغَلَّهُ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بِالْمِلْكِ، وَإِنَّمَا يَدَّعِي الثَّمَنَ وَقَدْ تَعَذَّرَ بِحَلِفِهِ، وَلِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ فَسْخُ الْبَيْعِ الَّذِي اعْتَرَفَ بِهِ وَفَارَقَ مَا فِي الْمَتْنِ بِأَنَّهُ هُنَا انْتَقَلَ مِلْكُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجَدَ رَافِعٌ بِزَعْمِهِ اهـ. فَانْظُرْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (فَسَادُهُ) كَعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ لِصِبًا أَوْ جُنُونٍ، وَأَمْكَنَ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَمِنْهُ دَعْوَى الزَّوْجِ أَنَّ الْعَقْدَ بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ مَعَ إنْكَارِهَا ذَلِكَ، وَكَذَا دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ بِشَرْطِ رَهْنِ الثَّمَنِ، وَإِنْكَارِ الرَّاهِنِ ذَلِكَ، وَكَذَا دَعْوَى الْمُكَاتَبِ تَعَدُّدَ النُّجُومِ فِي الْعَقْدِ وَإِنْكَارُ السَّيِّدِ ذَلِكَ، فَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ) وَرُجِّحَ الْأَوَّلَ بِاعْتِضَادِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ. تَنْبِيهٌ: قَدْ يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْفَسَادِ فِي مَسَائِلَ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا هَلْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ إقْرَارٍ لِأَنَّ الْإِنْكَارَ أَقْوَى لِمُوَافَقَتِهِ لِأَصْلِ الْعَدَمِ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي بَيْعِ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضٍ فَادَّعَى الْبَائِعُ تَعَيُّنَهُ لِيُبْطِلَ الْبَيْعَ فَيُصَدَّقُ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِإِرَادَتِهِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى السَّيِّدُ صِبَاهُ أَوْ جُنُونَهُ حَالَ الْكِتَابَةِ وَأَمْكَنَ وَأَنْكَرَ الْعَبْدُ فَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ. قَوْلُهُ: (عَبْدًا) أَيْ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ أَوْ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ فِي زَمَنِ خِيَارِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ كَالتَّوَابِعِ فِي الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْبَائِعُ) وَكَذَا كُلُّ مُعَيَّنٍ فِي مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي الثَّمَنِ) كَمَا فِي الذِّمَّةِ وَكَالثَّمَنِ كُلُّ مَا فِي الذِّمَّةِ. فَرْعٌ: اشْتَرَى مِقْدَارًا وَادَّعَى نَقْصَهُ كَيْلًا أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ مَثَلًا صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَلَفِهِ صُدِّقَ الْبَائِعُ مُطْلَقًا وَلَوْ صَبَّ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ فِيهِ فَأْرَةً مَيِّتَةً، وَادَّعَى الْبَائِعٌ أَنَّهَا كَانَتْ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي، وَخَالَفَهُ الْمُشْتَرِي فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ الْبَدَلِ فَالْمُصَدَّقُ الْآخِذُ فِي دَفْعِ الدَّيْنِ وَلَوْ فِيمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ دَيْنِهِ عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.   [حاشية عميرة] وَفِي النَّفْيِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (بِزَوَائِدِهِ) أَيْ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صِحَّةُ الْبَيْعِ) مِثْلُهُ غَيْرُهُ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ) مِنْ صُوَرِ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك بِأَلْفٍ فَيَقُولَ بَلْ بِزِقِّ خَمْرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَالَ الْقَاضِي: إذَا صَدَّقْنَا الْبَائِعَ لَا يُمَكِّنُنَا قَبُولُ قَوْلِهِ فِي الثَّمَنِ، بَلْ يُحْبَسُ الْمُشْتَرِي حَتَّى يُبَيِّنَ مَا يَكُونُ ثَمَنًا فَإِنْ وَافَقَ الْبَائِعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَإِلَّا تَحَالَفَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 بَابٌ: فِي مُعَامَلَةِ الْعَبْدِ وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ (الْعَبْدُ إنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَقِّ السَّيِّدِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ لِتَعَلُّقِ الثَّمَنِ بِالذِّمَّةِ وَلَا حَجْرَ لِلسَّيِّدِ فِيهَا وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ (وَيَسْتَرِدُّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ عَلَى الْأَوَّلِ (الْبَائِعُ سَوَاءً كَانَ فِي يَدِ الْعَبْدِ أَوْ) يَدِ (سَيِّدِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ (فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ) أَيْ فِي يَدِ الْعَبْدِ (تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ) فَيُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ (أَوْ فِي يَدِ السَّيِّدِ فَلِلْبَائِعِ تَضْمِينُهُ) لِوَضْعِ يَدِهِ (وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ) أَيْضًا لِذَلِكَ لَكِنْ (بَعْدَ الْعِتْقِ وَاقْتِرَاضِهِ كَشِرَائِهِ) فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ تَصَرَّفَ بِحَسَبِ الْإِذْنِ فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (فِي نَوْعٍ لَمْ   [حاشية قليوبي] [بَابٌ فِي مُعَامَلَةِ الْعَبْدِ وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ] بَابٌ فِي مُعَامَلَةِ الْعَبْدِ وَلَوْ قَالَ الرَّقِيقُ لَكَانَ أَوْلَى، وَلَمَّا احْتَاجَ لِقَوْلِهِ وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ، وَلَعَلَّهُ لِمُوَافَقَةِ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّ ابْنَ حَزْمٍ ادَّعَى شُمُولَ لَفْظِ الْعَبْدِ لَهُمَا، وَتَأْخِيرُ هَذَا الْبَابِ عَمَّا قَبْلَهُ لِعَدَمِ تَأَتِّي التَّحَالُفِ فِيهِ فِي الْوَارِثِ لِلْعَبْدِ وَالْوَلِيُّ وَالْوَكِيلُ أَنْسَبُ مِنْ تَقْدِيمِهِ. نَظَرًا لِوُجُودِ التَّحَالُفِ فِي الْعَبْدِ وَأَنْسَبُ مِنْ ذِكْرِهِ عَقِبَ الْقِرَاضِ نَظَرًا لِلرِّبْحِ فِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (الْعَبْدُ) أَيْ الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا وَتَصَرُّفَاتُ الرَّقِيقِ مُطْلَقًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مَا لَا يَنْفُذُ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ كَالْوِلَايَاتِ وَالشَّهَادَاتِ، وَمَا يَنْفُذُ وَإِنْ مَنَعَهُ السَّيِّدُ كَالْعِبَادَاتِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ، وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ قَهْرًا عَلَيْهِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ غَالِبًا وَهَذَا ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ حَيْثُ التَّعَلُّقُ فَمَا وَجَبَ بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، سَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ أَوْ لَا كَجِنَايَةٍ وَإِتْلَافِ مَالٍ وَمِنْهُ مَا لَوْ تَبَايَعَ رَقِيقَانِ بِمَالِ سَيِّدِهِمَا بِلَا إذْنٍ، وَمِنْهُ مُعَامَلَتُهُ لِغَيْرِ كَامِلٍ كَصَبِيٍّ لِأَنَّ رِضَاهُ هُنَا كَعَدَمِهِ وَمَا وَجَبَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ الْكَامِلِ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ السَّيِّدُ وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِهَا وَبِكَسْبِهِ وَتِجَارَتِهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَاءِ، كَالِاخْتِصَاصِ وَمَنْ قَيَّدَ بِالْمَالِيَّةِ نَظَرَ لِلْأَغْلَبِ، أَوْ مُرَادُهُ الْعُقُودُ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْمَالِ وَالْمُرَادُ شِرَاءُ مُعَيَّنٍ وَلَوْ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ، فَاحْتَاجَ إلَى التَّقَيُّدِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ صِحَّةَ شِرَائِهِ مَا تَمَسُّ حَاجَتَهُ إلَيْهِ كَنَفَقَتِهِ عِنْدَ امْتِنَاعِ سَيِّدِهِ عَنْهَا، وَتَعَذَّرَ مُوَاجِهَةُ حَاكِمٍ أَوْ لِغَيْبَةِ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ عَنْ سَيِّدِهِ مَعَ تَعَذُّرِ مَا ذُكِرَ أَوْ أَذِنَهُ فِي حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ مَعَ سُكُوتِهِ عَنْهَا، قَالَ شَيْخُنَا: وَعَلَى هَذَا هَلْ يَصِحُّ وَلَوْ بِعَيْنِ مَالِ سَيِّدِهِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ فَقَطْ وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ أَيْضًا حَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِ) مُسْتَدْرَكٌ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ عُمُومِ الْأَقَلِّ فِي التِّجَارَةِ نَفْيُ خُصُوصِهِ فِي فَرَدٍّ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (سَيِّدِهِ) أَيْ الْكَامِلِ أَوْ وَلِيِّهِ وَإِنْ تَعَدَّدَ فَلَا بُدَّ فِي الْمُشْتَرَكِ مِنْ إذْنِ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ وَإِنْ كَانَ التَّصَرُّفُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَفِي الْمُهَايَأَةِ يُعْتَبَرُ إذْنُ صَاحِبِ النَّوْبَةِ وَالْمُبَعَّضُ فِي نَوْبَتِهِ كَالْحُرِّ وَفِي غَيْرِهَا كَالرَّقِيقِ إنْ تَصَرَّفَ لِغَيْرِهِ فَإِنْ تَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ بِمَا لَهُ صَحَّ وَلَوْ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَرَقِيقُ الْمُبَعَّضِ مِثْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الطَّبَلَاوِيُّ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ إلَخْ) فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ جَرْيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَسْتَرِدُّهُ إلَخْ) أَيْ يَجِبُ رَدُّهُ عَلَى مَالِكِهِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ رَدَّهُ، فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ وَتَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ عَلَى الْقَاعِدَةِ. قَوْلُهُ: (بِذِمَّتِهِ) أَيْ إنْ كَانَ التَّصَرُّفُ مَعَ رَشِيدٍ وَإِلَّا فَبِرَقَبَتِهِ وَلَا يَضْمَنُ السَّيِّدُ بِإِقْرَارِهِ الْعَيْنَ فِي يَدِ الْعَبْدِ لِرِضَا الْمَالِكِ وَبِهَذَا فَارَقَتْ اللُّقَطَةَ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْعِتْقِ) أَيْ لِجَمِيعِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَا فِي   [حاشية عميرة] بَابُ الْعَبْدِ إنْ لَمْ يُؤْذَنْ إلَخْ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ إلَخْ) عَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ وَلَا لِسَيِّدِهِ بِعِوَضٍ فِي ذِمَّتِهِ لِعَدَمِ رِضَاهُ وَلَا فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ حُصُولِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ لِغَيْرِ مَنْ يَلْزَمُهُ الْآخَرُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ) اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ قِيَاسًا عَلَى الْمُفْلِسِ قَالَ لِأَنَّا لَا نَقُولُ أَنَّ تَعَلُّقَ الْمَالِ بِذِمَّتِهِ عَيْبٌ بِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ بِذَلِكَ وَالْعَجَبُ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ صَحَّحَ شِرَاءَهُ، قَالَ: وَمَنْ قَالَ: بِصِحَّةِ قَبُولِ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ يَلْزَمُ أَنْ يَقُولَ هُنَا بِالصِّحَّةِ ثُمَّ هَذَا الْوَجْهُ نُسِبَ لِلْجُمْهُورِ وَالظَّاهِرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ شِرَاءَهُ يَقَعُ لِلسَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا حَجْرَ لِلسَّيِّدِ إلَخْ) وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ لَا احْتِكَامَ لِلسَّادَاتِ عَلَى ذِمَمِ عَبِيدِهِمْ، وَلَا يَمْلِكُونَ إلْزَامَ ذِمَمِهِمْ مَالًا حَتَّى لَوْ أَجْبَرَهُ عَلَى الضَّمَانِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ مَحَلُّ الدُّيُونِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَشِرَائِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 يَتَجَاوَزْهُ) فَيَبِيعُ فِيهِ وَيَشْتَرِي وَيَسْتَفِيدُ بِالْإِذْنِ فِيهَا مَا هُوَ مِنْ لَوَازِمِهَا وَتَوَابِعِهَا كَالنَّشْرِ وَالطَّيِّ، وَحَمْلِ الْمَتَاعِ إلَى الْحَانُوتِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْمُخَاصَمَةِ فِي الْعُهْدَةِ (وَلَيْسَ لَهُ) بِالْإِذْنِ فِيهَا (نِكَاحٌ) لِأَنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُهُ (وَلَا يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ) وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ مَالَ التِّجَارَةِ كَعَبِيدِهَا وَثِيَابِهَا وَدَوَالِبَهَا (وَلَا يَأْذَنُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ) فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِيهِ جَازَ وَإِضَافَةُ عَبْدِ التِّجَارَةِ إلَيْهِ لِتَصَرُّفِهِ فِيهِ (وَلَا يَتَصَدَّقُ) وَلَا يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ لِأَنَّهُ مِلْكُ السَّيِّدِ (وَلَا يُعَامِلُ سَيِّدَهُ) بَيْعًا وَشِرَاءَ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لِسَيِّدِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ (وَلَا يَنْعَزِلُ بِإِبَاقِهِ) فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي أَبَقَ إلَيْهِ إذَا خَصَّ السَّيِّدُ الْإِذْنَ بِهَذَا الْبَلَدِ (وَلَا يَصِيرُ) الْعَبْدُ (مَأْذُونًا لَهُ بِسُكُوتِ سَيِّدِهِ عَلَى تَصَرُّفِهِ) وَإِنَّمَا يَصِيرُ مَأْذُونًا بِاللَّفْظِ الدَّالِ عَلَى ذَلِكَ (وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ (بِدُيُونِ الْمُعَامَلَةِ) وَيُؤَدِّي مِمَّا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ وَأَعَادَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فِي تَقْسِيمٍ (وَمَنْ عَرَفَ رِقَّ عَبْدٍ لَمْ يُعَامِلْهُ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُعَامِلَهُ (حَتَّى يَعْلَمَ الْإِذْنَ) لَهُ (بِسَمَاعِ سَيِّدِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ شُيُوعٍ بَيْنَ النَّاسِ) حِفْظًا لِمَا   [حاشية قليوبي] الْمَنْهَجِ مَرْجُوحٌ وَإِنْ تَبِعَهُ ابْنُ حُجْرٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ) وَإِذَا غَرِمَ لَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَوْ رَدَّهَا الْعَبْدُ بَرِئَ السَّيِّدُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَذِنَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِ السَّابِقُ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ وَالْفَاعِلُ مَعْلُومٌ. قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ بِقَدْرِ الْإِذْنِ وَلَا يَحْتَاجُ الْعَبْدُ إلَى قَبُولٍ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ. قَوْلُهُ: (فِي نَوْعٍ) أَوْ زَمَنٍ أَوْ مَحَلٍّ أَوْ قَدْرٍ فَلَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا، وَقَالَ: اجْعَلْهُ رَأْسَ مَالِكِ وَتَصَرَّفْ. جَازَ لَهُ الشِّرَاءُ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ مُعَيَّنًا، وَفِي الذِّمَّةِ وَإِنْ قَالَ لَهُ: اتَّجِرْ فِيهِ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ وَلَهُ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ، وَفِي الذِّمَّةِ بِقَدْرِهِ فَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ دَفْعِهِ لِلْبَائِعِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي الْمُعَيَّنِ، وَثَبَتَ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ إنْ لَمْ يُوفِ لَهُ السَّيِّدُ. قَوْلُهُ: (وَتَوَابِعُهَا) مُرَادِفٌ لِمَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْعُهْدَةِ) أَيْ النَّاشِئَةِ عَنْ الْمُعَامَلَةِ لَا عَنْ نَحْوِ غَصْبٍ وَسَرِقَةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ النِّكَاحُ) فَلَا يُزَوِّجُ عَبِيدَ التِّجَارَةِ وَلَا يَتَزَوَّجُ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْمُحَرِّرِ وَلَا يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ وَلَا يُعِيرُهَا بِالْأَوْلَى إلَّا بِإِذْنٍ فِيهَا صَرِيحٍ أَوْ ضِمْنٍ كَانَ لَزِمَهُ مُؤَنُ نِكَاحٍ بِإِذْنٍ وَضَمَانٍ بِهِ فَلَهُ إيجَارُ نَفْسِهِ لِذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا وَيُؤَجِّرُ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَفْعَالِ مَرْفُوعَةٌ اسْتِئْنَافًا أَوْ مَنْصُوبَةٌ مِنْ عَطْفِ مَصْدَرٍ مُؤَوَّلٍ عَلَى صَرِيحٍ، وَلَا يُوَكِّلُ أَجْنَبِيًّا إلَّا فِي مُعَيَّنٍ كَعَبْدِ التِّجَارَةِ وَإِلَّا فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَأْذَنُ الْعَبْدُ فِي التِّجَارَةِ) خَرَجَ بِهَا شِرَاءُ مُعَيَّنٍ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ فَيَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِيهِ جَازَ) أَيْ إذَا أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِ التِّجَارَةِ أَنْ يَأْذَنَ فِي التِّجَارَةِ لِعَبْدٍ اشْتَرَاهُ الْعَبْدُ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ جَازَ، فَالضَّمِيرُ فِي فِيهِ رَاجِعٌ لِلْإِذْنِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ غَيْرَ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَصَدَّقُ) وَلَوْ بِلُقْمَةٍ مِنْ نَفَقَتِهِ إلَّا فِيمَا يَعْلَمُ رِضَا السَّيِّدِ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ) وَلَوْ مِنْ كَسْبِهِ أَيْضًا إلَّا لِضَرُورَةٍ وَلَا يَقْتَرِضُ عَلَى السَّيِّدِ لِنَفَقَتِهِ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ مَالُ التِّجَارَةِ وَخَرَجَ بِنَفْسِهِ عَبِيدُ التِّجَارَةِ فَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يُعَامِلُ سَيِّدَهُ) وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ وَكِيلًا عَنْ الْغَيْرِ بِمَالِ الْغَيْرِ أَخْذًا بِالْعِلَّةِ الْآتِيَةِ بِقَوْلِهِ فَكَأَنَّهُ الْبَائِعُ، وَالْعِلَّةُ الْأُخْرَى لِلْغَالِبِ وَلَا يُعَامِلُ وَكِيلَ سَيِّدِهِ بِمَالِ سَيِّدِهِ، وَلَا مَأْذُونًا آخَرَ لِسَيِّدِهِ كَذَلِكَ وَلَا يَتْجُرْ فِي أَكْسَابِهِ بِنَحْوِ احْتِطَابٍ أَوْ قَبُولِ وَصِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ وَلَا بِبَيْعِ نَسِيئَةٍ، بِخِلَافِ الشِّرَاءِ بِهَا وَلَا بِبَيْعٍ بِدُونِ ثَمَنٍ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ مَالًا وَلَهُ الْبَيْعُ بِالْعَرْضِ كَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَلَا يُسَافِرْ وَلَا يُسْلِمْ مَبِيعًا قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ، وَلَا يَشْتَرِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ صَحَّ وَعَتَقَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْعَزِلُ بِإِبَاقِهِ) وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي أَبَقَ إلَيْهِ وَهَلْ يَتَقَيَّدُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَبِثَمَنِ الْمِثْلِ فِيهِ رَاجِعْهُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِاسْتِيلَادِ السَّيِّدِ لَهُ لَوْ كَانَ أَمَةً، وَلَا بِجُنُونٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ إغْمَاءٍ كَذَلِكَ وَلَا يَعْزِلُ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ وَيَنْعَزِلُ بِإِجَارَةِ سَيِّدِهِ لَهُ، وَبِكِتَابَتِهِ وَلَوْ فَاسِدَةً وَبِزَوَالِ مِلْكِ سَيِّدِهِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِيرُ الْعَبْدُ) أَيْ غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ ذِكْرَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِسُكُوتِ سَيِّدِهِ) وَلَا بِقَوْلِهِ لَا أَمْنَعُك مِنْ التَّصَرُّفِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَعَادَ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ أَنْ   [حاشية عميرة] مُعَاوَضَةٌ مَالِيَّةٌ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ جَزْمًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَصَرَّفَ) بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ أَذِنَ إلَخْ) يُسْتَفَادُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِأَنَّ تَعْيِينَ النَّوْعِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِيمَا قَدْ يَقَعُ وَقَدْ لَا يَقَعُ بِخِلَافِ إذَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (نِكَاحٌ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ أَنْ يَنْكِحَ عَدَلَ عَنْهَا لِيُفِيدَ عَدَمَ إنْكَاحِهِ لِعَبِيدِ التِّجَارَةِ بِخِلَافِ يَنْكِحُ فَإِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى عُمُومِ هَذَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْيَاءُ مَضْمُومَةً أَوْ مَفْتُوحَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا يُؤَجِّرُ) الْفَتْحُ وَالضَّمُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ) أَيْ وَلَوْ لِإِبْعَاضِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ عَرَفَ رِقَّ عَبْدٍ) خَرَجَ مَجْهُولُ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ فَتَجُوزُ مُعَامَلَتُهُ. قَوْلَ الْمَتْنِ: (حَتَّى يَعْلَمَ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ بِقَرِينَةِ الْمَعْطُوفِ عَلَى السَّمَاعِ مِنْ السَّيِّدِ فَفِيهِ جَمْعٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 لَهُ (وَفِي الشُّيُوعِ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي جَوَازِ مُعَامَلَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْشَأُ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ (وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْعَبْدِ) أَنَا مَأْذُونٌ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي ذَلِكَ (فَإِنْ بَاعَ مَأْذُونٌ لَهُ) سِلْعَةً مِمَّا فِي يَدِهِ (وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَخَرَجَتْ السِّلْعَةُ مُسْتَحَقَّةً) لِلْغَيْرِ (رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِبَدَلِهَا) أَيْ بَدَلِ ثَمَنِهَا. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ بِبَدَلِهِ أَيْ الثَّمَنِ (عَلَى الْعَبْدِ) لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ (وَلَهُ مُطَالَبَةُ السَّيِّدِ أَيْضًا) لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ فَكَأَنَّهُ الْبَائِعُ وَالْقَابِضُ لِلثَّمَنِ (وَقِيلَ: لَا) يُطَالِبُهُ لِأَنَّهُ بِالْإِذْنِ لِلْعَبْدِ أَعْطَاهُ اسْتِقْلَالًا (وَقِيلَ: إنْ كَانَ فِي يَدِ الْعَبْدِ وَفَاءٌ فَلَا) يُطَالِبُ السَّيِّدَ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِمَا فِي يَدِهِ وَإِلَّا يُطَالِبُ (وَلَوْ اشْتَرَى) الْمَأْذُونُ (سِلْعَةً فَفِي مُطَالَبَةِ السَّيِّدِ بِثَمَنِهَا هَذَا الْخِلَافُ) وَجْهُ مُطَالَبَتِهِ أَنَّ الْعَقْدَ لَهُ فَكَأَنَّهُ الْمُشْتَرِي (وَلَا يَتَعَلَّقُ دَيْنُ التِّجَارَةِ بِرَقَبَتِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ (وَلَا ذِمَّةِ سَيِّدِهِ بَلْ يُؤَدِّي مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ) أَصْلًا وَرِيحًا (وَكَذَا مِنْ كَسْبِهِ بِالِاصْطِيَادِ وَنَحْوِهِ) كَالِاحْتِطَابِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يُؤَدِّي مِنْهُ كَسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ ثُمَّ إنْ بَقِيَ بَعْدَ الْأَدَاءِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ يَكُونُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ إلَى أَنْ يُعْتَقَ فَيُطَالِبَ بِهِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ فِي الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ. وَعَزَاهُ فِي الشَّرْحِ لِلتَّهْذِيبِ وَمُقَابِلُهُ يَنْفِي أَنْ يَكُونَ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمَطْلَبِ الْجَمْعُ بَيْنَ عَدَمِ التَّعَلُّقِ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ وَبَيْنَ مُطَالَبَتِهِ بِمَا تَقَدَّمَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْعَبْدِ وَفَاءٌ أَيْ فَمِنْ أَيْنَ يُؤَدِّي؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي مِمَّا يَكْسِبُهُ الْعَبْدُ بَعْدَ أَدَاءِ مَا فِي يَدِهِ، كَمَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَعَلَى مَا   [حاشية قليوبي] يَكُونَ مُكَرَّرًا. قَوْلُهُ: (وَمَنْ عَرَفَ) أَيْ ظَنَّ وَلَوْ بِقَوْلِ الْعَبْدِ وَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ الشَّخْصُ دَفْعًا لِتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ أَوْ الْمُرَادُ الْعَبْدُ فِي الْوَاقِعِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَجْهُولُ الرِّقِّ وَمِثْلُهُ مَجْهُولُ السَّفَهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْكَمَالُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَعْلَمَ) وَلَوْ بِالظَّنِّ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ وَمِنْهُ أَنْ يَسْمَعَ سَيِّدَهُ يَقُولُ أَذِنْت لَك أَوْ لِفُلَانٍ أَوْ لِعَبْدَيْ فِي التِّجَارَةِ وَالْمُرَادُ بِالْبَيِّنَةِ عَدْلَانِ وَكَذَا عَدْلٌ وَلَوْ رِوَايَةً أَوْ فَاسِقًا اُعْتُقِدَ صِدْقُهُ. قَوْلُهُ: (حِفْظًا لِمَالِهِ) فَلَهُ بَعْدَ الْمُعَامَلَةِ أَنْ لَا يُسْلِمَهُ الثَّمَنَ حَتَّى يَثْبُتَ الْإِذْنُ لَهُ وَإِنْ صَدَّقَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الْعَبْدِ إلَخْ) وَإِنَّ اُعْتُقِدَ صِدْقُهُ وَيُعْتَمَدُ قَوْلُ الْعَبْدِ أَنَا مَحْجُورٌ عَلَيَّ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ لِي وَإِنْ كَذَّبَهُ سَيِّدُهُ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ إلَّا إنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَطَالَبَهُ الْبَائِعُ بِثَمَنِهِ، وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ، وَلِلْعَبْدِ تَحْلِيفُهُ أَيْضًا وَلَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى، رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ فَيُغَرِّمَهُ الْبَائِعُ الثَّمَنَ قَوْلُهُ: (فِي يَدِهِ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ نَعَمْ إنْ أُرِيدَ الْبَدَلُ الْمُقَابِلُ لَمْ يَحْتَجْ لِاعْتِرَاضٍ وَلَا إلَى تَأْوِيلٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ) فَيَمْتَنِعُ عَلَى السَّيِّدِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْعَبْدِ أَوْ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ أَتْلَفَهُ غَرِمَ الْأَقَلُّ مِنْ قَدْرِهِ وَالدَّيْنِ وَلَوْ أَذِنَ الْعَبْدُ صَحَّ وَتَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ مُطَالَبَةُ السَّيِّدِ) وَمَنْ غَرِمَ مِنْهَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ إذَا غَرِمَا بَعْدَ الْعَزْلِ نَعَمْ لَا يُطَالَبُ السَّيِّدُ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَنَاوَلُهُ فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ فَقَطْ. وَعُلِمَ مِنْ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ السَّيِّدُ الْمَالَ مِنْ الْعَبْدِ طُولِبَ جَزْمًا. قَوْلُهُ: (وَلَا ذِمَّةِ سَيِّدِهِ) وَإِنْ بَاعَ الْعَبْدُ أَوْ أَعْتَقَهُ نَعَمْ لَوْ سَامَ الْعَبْدُ سِلْعَةً بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَتَلِفَتْ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِمَا مَعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ، وَلَيْسَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ مَهْرُ الْمَأْذُونَةِ بِخِلَافِ مَهْرِ إمَاءِ التِّجَارَةِ وَلَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ الْكَسْبُ لِمَا تَعَلَّقَ بِهِ كَالْفَلَسِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مِنْ كَسْبِهِ) أَيْ قَبْلَ الْحَجْرِ لَا بَعْدَهُ كَمَا يَأْتِي. قَوْله: (وَمُقَابِلُهُ إلَخْ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ فِي تَعَلُّقِ الْبَاقِي بِذِمَّةِ الْعَبْدِ خِلَافًا لِمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ وَالتَّهْذِيبِ، وَهُوَ يَرُدُّ مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، لِأَنَّ نَظَرَ الشَّارِحِ الْمُحَقَّقَ فِي تَحْرِيرِ الْخِلَافِ لَا يُقَاوَمُ بِنَظَرِ غَيْرِهِ وَبِفَرْضِ صِحَّتِهِ، فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الْمُقَابِلُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَنْفِي تَعَلُّقَهُ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ وَحْدَهَا بَلْ بِهَا وَبِكَسْبِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ فَلَا مُخَالَفَةَ اعْتِرَاضٍ وَيَسْقُطُ مَا لِلْعَلَّامَةِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي الْإِشْكَالِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ مَحَلُّ   [حاشية عميرة] بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَنْشَأُ إلَخْ) أُجِيبُ بِأَنَّ تَكْلِيفَ السَّمَاعِ مِنْ السَّيِّدِ أَوْ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ فِيهِ حَرَجٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (هَذَا الْخِلَافُ) أَيْ وَالتَّعْلِيلُ مَا سَلَفَ وَلَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّارِحُ لَعَمَّ الْأَوْجُهَ كُلَّهَا كَمَا فَعَلَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَعَلَّهُ أَفْرَدَهُ لِكَوْنِهِ تَعْلِيلٌ الْأَصَحُّ وَلِمُغَايَرَتِهِ مَا سَلَفَ فِي اللَّفْظِ بِخِلَافِ تَعْلِيلِ الْوَجْهَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فَإِنَّهُ آتٍ هُنَا بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا ذِمَّةِ سَيِّدِهِ) كَالنَّفَقَةِ فِي النِّكَاحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ) وَلَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ السَّيِّدُ بِالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ الْإِعْتَاقِ نَظَرٌ إنْ أَذِنَ الْعَبْدُ وَالْغُرَمَاءُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 صَحَّحَهُ فِي التَّهْذِيبِ مِنْ أَنَّ الْبَاقِيَ يَكُونُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ لَا يَتَأَتَّى مُطَالَبَةُ السَّيِّدِ بِهِ. (وَلَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ فِي الْأَظْهَرِ) الْجَدِيدُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْمِلْكِ وَالْقَدِيمُ يَمْلِكُ بِتَمْلِيكِ السَّيِّدِ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» دَلَّ إضَافَةُ الْمَالِ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلْمِلْكِ. وَعَلَى الْقَدِيمِ هُوَ مِلْكٌ ضَعِيفٌ لَا يَتَصَرَّفُ الْعَبْدُ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ مَتَى شَاءَ، وَهَلْ يَقْبَلُ لِلْعَبْدِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِهِ؟ وَجْهَانِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ مِنْ التَّتِمَّةِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي إجْبَارِهِ عَلَى النِّكَاحِ بِأَنْ يَقْبَلَهُ السَّيِّدُ لَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَعَلَى الْمَنْعِ الرَّاجِحِ يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِ الْعَبْدِ التَّمْلِيكَ وَلَا يَمْلِكُ بِتَمْلِيكِ الْأَجْنَبِيِّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابَيْ الْوَقْفِ وَالظِّهَارِ: بِلَا خِلَافٍ وَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّ جَمَاعَةً أَجْرُوا فِيهِ الْقَوْلَيْنِ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْأَظْهَرُ عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ الْجَدِيدِ لِلتَّصْرِيحِ بِالتَّرْجِيحِ. وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْأَظْهَرُ الْجَدِيدُ.   [حاشية قليوبي] التَّوَهُّمِ. قَوْلُهُ: (مِمَّا يَكْسِبُهُ الْعَبْدُ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ وَكَذَا مِنْ مَالِ السَّيِّدِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ حَيْثُ الْوَفَاءُ لَا مِنْ حَيْثُ التَّعَلُّقُ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْمُطَالَبَةِ وَعَدَمِ التَّعَلُّقِ كَمَا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى مَا فِي التَّهْذِيبِ إلَخْ) كَلَامٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ) أَيْ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ وَالْمُبَعَّضِ أَمَّا هُمَا فَيَمْلِكَانِ لَكِنْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمَا وَطْءُ أَمَةٍ يَمْلِكَانِهَا وَلَوْ بِإِذْنٍ. قَوْلُهُ: (بِتَمْلِيكِ إلَخْ) هُوَ قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ تَمْلِيكٍ لَا يَتَمَلَّكُ بِلَا خِلَافٍ وَقَيَّدَ بِالسَّيِّدِ لِأَنَّ فِي الْأَجْنَبِيِّ طَرِيقَيْنِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لَا لِلْمِلْكِ) وَإِلَّا لَنَافَاهُ كَوْنُهُ لِلْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (لِلتَّصْرِيحِ بِالتَّرْجِيحِ) أَيْ فَمَعْنَى الْأَظْهَرِ الرَّاجِحُ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذِكْرِ الْجَدِيدِ تَرْجِيحٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ كَسْبِهِ) كَالْمَهْرِ وَمُؤَنِ النِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ يَكُونُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (مِمَّا يَكْسِبُهُ الْعَبْدُ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ قَبْلَ الْحَجْرِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بَعْدَ الْحَجْرِ لَزِمَهُ أَنْ تَكُونَ الْمُطَالَبَةُ مُفَرَّعَةٌ عَلَى ضَعِيفٍ أَوْ تَضْعِيفِ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِلْمُعِزِّ وَفِي الشَّرْحِ لِلتَّهْذِيبِ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي يُرْشِدُ إلَى أَنَّ مُرَادَهُ قَوْلُهُ وَعَلَى مَا فِي التَّهْذِيبِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْمِلْكِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ فَأَشْبَهَ الْبَهِيمَةَ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ الرُّجُوعُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ حَتَّى لَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ فَمَلَّكَ كُلًّا مِنْهُمَا لِلْآخَرِ كَانَ التَّمْلِيكُ لِلثَّانِي وَيَكُونُ رُجُوعًا وَلَوْ أَتْلَفَ الْعَيْنَ الْمُمَلَّكَةَ مُتْلِفٌ فَهَلْ تَكُونُ الْقِيمَةُ لِلسَّيِّدِ وَيَنْقَطِعُ حَقُّ الْعَبْدِ أَوْ تَنْتَقِلُ الْقِيمَةُ إلَى الْعَبْدِ أَفْقَهُهُمَا الِانْقِطَاعُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 كِتَابُ السَّلَمِ وَيُقَالُ فِيهِ السَّلَفُ (هُوَ بَيْعُ مَوْصُوفٍ) بِالْجَرِّ (فِي الذِّمَّةِ) هَذِهِ خَاصَّتُهُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا وَيَخْتَصُّ أَيْضًا بِلَفْظِ السَّلَمِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا سَيَأْتِي (وَيُشْتَرَطُ لَهُ مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ) الْمُتَوَقِّفِ صِحَّتُهُ عَلَيْهَا لِيَصِحَّ هُوَ أَيْضًا (أُمُورٌ أَحَدُهَا تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ) وَهُوَ الثَّمَنُ (فِي الْمَجْلِسِ فَلَوْ أَطْلَقَ) فِي الْعَقْدِ كَأَنْ قَالَ: أَسْلَمْت إلَيْك دِينَارًا فِي ذِمَّتِي فِي كَذَا (ثُمَّ عَيَّنَ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ) ذَلِكَ وَصَحَّ الْعَقْدُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَ الْعَقْدُ (وَلَوْ أَحَالَ) الْمُسْلِمُ (بِهِ   [حاشية قليوبي] كِتَابُ السَّلَمِ وَيُقَالُ فِيهِ السَّلَفُ وَسُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ، وَسَلَفًا لِتَقَدُّمِهِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فَهُوَ لُغَةً التَّعْجِيلُ أَوْ التَّأْخِيرُ، وَشَرْعًا مَا سَيَأْتِي وَاخْتَارَ لَفْظَ السَّلَمِ وَإِنْ كَرِهَهُ ابْنُ عُمَرَ كَمَا نُقِلَ عَنْهُ لِإِطْلَاقِ السَّلَفِ عَلَى الْقَرْضِ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ السَّلَفَ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (هُوَ بَيْعٌ) فَلَا يَصِحُّ لِكَافِرٍ وَلَا مِنْ كَافِرٍ فِي مُسْلِمٍ وَلَا مُصْحَفٍ وَلَا مِنْ حَرْبِيٍّ فِي آلَةِ حَرْبٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِالْجَرِّ) لِلْإِضَافَةِ لَا بِالرَّفْعِ نَعْتًا لِأَنَّ الَّذِي يُوصَفُ الْمَبِيعُ لَا الْبَيْعُ. قَوْلُهُ: (هَذِهِ خَاصَّتُهُ) أَيْ حَقِيقَتُهُ فَلَفْظُ السَّلَمِ مِنْ حَقِيقَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الصِّيغَةِ فَذَكَرَ كَوْنَهُ دَيْنًا فِيمَا يَأْتِي تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ) أَيْ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَاءِ الرُّؤْيَةِ كَمَا فَعَلَهُ الْمَنْهَجُ إلَّا إنْ أَرَادَ بِالْبَيْعِ الْمُعَيَّنَ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ. قَوْلُهُ: (الْمُتَوَقِّفِ صِحَّتُهُ عَلَيْهَا) فَالْمُرَادُ بِالشُّرُوطِ مَا يَعُمُّ الْأَرْكَانَ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أُمُورٌ) أَيْ سَبْعَةٌ لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَهَا وَهِيَ حُلُولُ رَأْسِ الْمَالِ وَتَسْلِيمُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَبَيَانُ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَالْعِلْمُ بِقَدْرِهِ وَالْعِلْمُ بِأَوْصَافِهِ وَذَكَرَهَا فِي الْعَقْدِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ الْعِلْمَ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَكَوْنُهُ دَيْنًا وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ فِي الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (تَسْلِيمُ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ التَّسَلُّمَ كَمَا فِي الرِّبَا فَلَا يَصِحُّ مَعَ النَّهْيِ عَنْهُ كَمَا لَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ شَيْخُنَا م ر: لَا بُدَّ هُنَا مِنْ التَّسْلِيمِ بِالْفِعْلِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكْفِي الْقَبْضُ هُنَا وَلَوْ مَعَ النَّهْيِ عَنْهُ حَذَرًا مِنْ بُطْلَانِ الْعَقْدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَخَرَجَ بِهَذَا مَا لَوْ قَالَ لِمَدِينِهِ اجْعَلْ   [حاشية عميرة] [كِتَابُ السَّلَمِ] قَوْلُهُ: (هَذِهِ خَاصَّتُهُ إلَخْ) اعْتِذَارٌ عَنْ إسْقَاط قَوْلِ غَيْرِهِ بِلَفْظِ السَّلَمِ الْمَانِعِ مِنْ إيرَادِ بَيْعِ الْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ إلَخْ) لِمَا سَلَفَ قَرِيبًا فِي التَّعْرِيفِ مِنْ أَنَّ السَّلَمَ بَيْعٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُمُورٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ: سَبْعَةٌ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ وَكَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومُ الْمِقْدَارِ مَعْرُوفُ الْأَوْصَافِ وَالْعِلْمُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ، وَبَيَانُ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ، قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْذَفَ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا لِأَنَّهُ رُكْنٌ مَذْكُورٌ فِي الْحَدِّ وَكَوْنُهُ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْرُوفُ الْأَوْصَافِ وَمَعْلُومُ الْمِقْدَارِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْعِلْمِ الْمُشْتَرَطَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَبِيعِ. نَعَمْ فِيهَا تَفَاصِيلُ هُنَا فَيَحْسُنُ ذِكْرُهَا أَمَّا الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فَتَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ وَمَعْرِفَةُ الْمِقْدَارِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا عَلَى قَوْلٍ وَبَيَانُ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (رَأْسِ الْمَالِ) فَلَوْ تَخَايَرَا أَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ، أَوْ بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ صَحَّ بِقِسْطِهِ وَلَوْ قَبَضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ الْحَالَ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يُغْنِ عَنْ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ، بَلْ لَوْ كَانَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ دَرَاهِمُ فَجَعَلَهَا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ وَقَبَضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ الْحَالَ فِي الْمَجْلِسِ، لَمْ يُفِدْ ذَلِكَ الصِّحَّةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ) أَيْ كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّرْفِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ ثُمَّ إذَا كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ فَحُكْمُهُ فِي اشْتِرَاطِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 وَقَبَضَهُ الْمُحَالُ) وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (فِي الْمَجْلِسِ فَلَا) يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ (وَلَوْ قَبَضَهُ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ (وَأَوْدَعَهُ الْمُسْلِمُ) فِي الْمَجْلِسِ (جَازَ) ذَلِكَ وَصَحَّ الْعَقْدُ. وَلَوْ رَدَّهُ إلَيْهِ عَنْ دَيْنٍ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ: لَا يَصِحُّ أَيْ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ انْبِرَامِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ، وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ قَالَا: وَلَوْ أَحَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ عَلَى الْمُسْلِمِ عَنْ دَيْنٍ فَتَفَرَّقَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَإِنْ جَعَلْنَا الْحَوَالَةَ قَبْضًا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي السَّلَمِ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ انْتَهَى. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ الْعَقْدِ فِي التَّسْلِيمِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ عَلَى خِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي إحَالَةِ الْمُسْلِمِ وَالْفَرْقُ مَا وُجِّهَ بِهِ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ أَنَّ الْقَبْضَ فِيهِ يُقْبَضُ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الْمُسْلِمِ أَيْ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَيَجُوزُ كَوْنُهُ) أَيْ رَأْسِ الْمَالِ (مَنْفَعَةً) كَأَنْ يَقُولَ أَسْلَمْت إلَيْك مَنْفَعَةَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا فِي كَذَا (وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ) فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِي قَبْضِهَا فِيهِ فَلَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي السَّلَمِ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الشَّرْحِ سَاقِطَةٌ مِنْ الرَّوْضَةِ (وَإِذَا فُسِخَ السَّلَمُ) بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ كَانْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ حُلُولِهِ (وَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ اسْتَرَدَّهُ بِعَيْنِهِ) سَوَاءٌ عُيِّنَ فِي الْعَقْدِ أَمْ فِي الْمَجْلِسِ (وَقِيلَ   [حاشية قليوبي] مَا فِي ذِمَّتِك رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ عَلَى كَذَا فِي ذِمَّتِك أَوْ ذِمَّةِ غَيْرِك فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ إمَّا قَابِضٌ مُقْبِضٌ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ وَكِيلٌ فِي إزَالَةِ مِلْكِ نَفْسِهِ وَكُلٌّ بَاطِلٌ وَمِنْ لَازِمِ التَّسْلِيمِ غَالِبًا كَوْنُهُ حَالًا فَلَا يَصِحُّ فِيهِ الْأَجَلُ وَإِنْ قَلَّ وَحَلَّ وَقَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَجْلِسِ) وَإِنْ قَبَضَ فِيهِ الْمُسْلِمُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَفَرُّقًا) وَمِثْلُهُ التَّخَايُرُ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ الْعَقْدُ) أَيْ فِي الْجَمِيعِ فَإِنْ قَبَضَ بَعْضَهُ صَحَّ فِيمَا يُقَابِلُهُ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ وَلَيْسَ مِنْ التَّسْلِيمِ عِتْقُ الْعَبْدِ الْمَجْعُولِ رَأْسَ مَالٍ لِعَدَمِ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ، بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ قَبَضَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ صَحَّ الْعَبْدُ وَنَفَذَ الْعِتْقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ) فَلَوْ أَخَذَهُ الْمُسْلِمُ بِإِذْنِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ مِنْ الْمُحِيلِ وَرَدَّهُ لَهُ وَأَذِنَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْمُحْتَالِ فِي دَفْعِهِ جَازَ وَصَحَّ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ إلَخْ) سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ وَالْحَوَالَةُ بَاطِلَةٌ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي وَالْإِذْنُ فِيهَا لَاغٍ وَإِنْ وَقَعَ الْقَبْضُ بَعْدَهُ فِي الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (الْمُسْلِمُ) أَظْهَرَ الضَّمِيرَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَوْدِهِ لِلْمُثَمِّنِ. قَوْلُهُ: (لَا يَصِحُّ) الْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْعَاقِدِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إجَازَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْعَقْدُ) أَيْ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقَبْضِ عِنْدَهُ فَتَفَرُّقُهُمَا بَعْدَهُ تَفَرُّقٌ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَهُوَ مُبْطِلٌ لِعَقْدِ السَّلَمِ كَمَا مَرَّ، بِقَوْلِهِ أَوْدَعَهُ لَهُ أَيْ وَتَفَرَّقَا بَعْدَ الْإِيدَاعِ. قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَلَيْسَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ فَرْقٌ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ هُنَا يُؤَدِّي عَنْ دَيْنِ الْحَوَالَةِ وَهُوَ غَيْرُ جِهَةِ السَّلَمِ وَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْهُ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا جَدَّدَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ إذْنًا فِي الْقَبْضِ مِنْ الْمُحْتَالِ صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ بَاطِلٌ مِنْ حَيْثُ الْحَمْلُ لِإِبْطَالِ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ وَخُرُوجِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ مَوْضُوعِهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ رَأْسِ الْمَالِ) تَفْسِيرٌ عَلَى الظَّاهِرِ الْمُرَادِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَإِنْ كَأَنْ يَصِحُّ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَنْفَعَةً أَيْضًا. قَوْلُهُ: (هَذِهِ الدَّارُ) أَوْ عَبْدَيْ أَوْ عَبْدٍ صِفَتُهُ كَذَا أَوْ مَنْفَعَةَ نَفْسِي كَذَا وَمَتَى أَقْبَضَ نَفْسَهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا. قَوْلُهُ: (سَاقِطَةٌ مِنْ الرَّوْضَةِ) لِعَدَمِ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ الْمُعْتَبَرِ هُنَا كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى الْجَوَابِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَجْلِسِ) الْمُرَادُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ وَالْقَبْضُ هُنَا مُعْتَبَرٌ بِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا بُدَّ فِي الْغَائِبِ مِنْ مُضِيِّ زَمَنِ الْوُصُولِ وَمِنْ النَّقْلِ وَالتَّفْرِيغِ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا. قَوْلُهُ: (بَاقٍ) الْمُرَادُ كَذَلِكَ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ زَادَ وَعَادَ. قَوْلُهُ: (اسْتَرَدَّهُ) وَلَوْ نَاقِصًا وَلَا أَرْشَ لَهُ فِي نَقْصِ وَصْفٍ كَشَلَلٍ   [حاشية عميرة] الْوَصْفِ حُكْمُ الْمُثَمَّنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ قَبَضَهُ وَأَوْدَعَهُ إلَخْ) قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ أَمْوَالِهِ وَقِيَاسًا لِلْمُسْلَمِ عَلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَصِحُّ) نَازَعَ فِي ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا الْعِلَّةُ مُفَرَّعَةٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ زَمَنَ الْخِيَارِ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ سَلَفَ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَصَارِفَيْنِ إذَا اقْتَرَضَ مِنْ الْآخَرِ مَا قَبَضَهُ وَرَدَّهُ إلَيْهِ عَمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَصَحَّ وَالْمَنْصُوصَ الصِّحَّةُ فَهَذَا أَوْلَى وَنَقَلَ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي الْبُطْلَانَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ لِأَنَّ الْبَغَوِيّ قَالَ عَقِبَ ذَلِكَ: قُلْت الْأَصَحُّ الصِّحَّةُ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مِنْ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَنَّ الْقَبْضَ إلَخْ) بَلْ لَوْ قَالَ لَهُ: سَلَّمَهُ لَهُ عَنْ جِهَةِ السَّلَمِ لَمْ يَكْفِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ بِطَرِيقِ التَّوْكِيلِ عَنْ الْمُحِيلِ وَالشَّخْصُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ وَهُوَ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ فَإِنَّ بِإِقْبَاضِهِ يَزُولُ مِلْكُ الْمُقْبِضِ عَنْهُ ثُمَّ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ الْحَوَالَةُ بَاطِلَةٌ لِكَوْنِهَا مَانِعَةً مِنْ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ جَعَلَهَا ثَمَنًا وَصَدَاقًا وَأُجْرَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُعَكِّرُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَرُؤْيَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ بَدَلِهِ إنْ عُيِّنَ فِي الْمَجْلِسِ دُونَ الْعَقْدِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ وَعُورِضَ بِأَنَّ الْمُعَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَ تَالِفًا رَجَعَ إلَى بَدَلِهِ. وَهُوَ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ، وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ (وَرُؤْيَةُ رَأْسِ الْمَالِ) الْمِثْلِيِّ (تَكْفِي عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ فِي الْأَظْهَرِ) كَالثَّمَنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ، وَالثَّانِي لَا تَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ بِالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ، وَالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ، وَالذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ وَيَنْفَسِخُ السَّلَمُ فَلَا يَدْرِي بِمَ يَرْجِعُ. وَاعْتُرِضَ بِإِتْيَانِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ. أَمَّا رَأْسُ الْمَالِ الْمُتَقَوِّمِ فَتَكْفِي رُؤْيَتُهُ عَنْ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ قَطْعًا. وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا تَفَرَّقَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْقَدْرِ وَالْقِيمَةِ، وَلَا فَرْقَ عَلَيْهِمَا بَيْنَ السَّلَمِ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ (الثَّانِي) مِنْ الْأُمُورِ الْمُشْتَرَطَةِ (كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا) كَمَا فُهِمَ مِنْ التَّعْرِيفِ السَّابِقِ (فَلَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ) فَقَبِلَ (فَلَيْسَ بِسَلَمٍ) قَطْعًا (وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا فِي الْأَظْهَرِ) لِاخْتِلَالِ اللَّفْظِ فَإِنَّ لَفْظَ السَّلَمِ يَقْتَضِي الدِّينِيَّةَ، وَالثَّانِي يَنْعَقِدُ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى (وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَقَالَ: بِعْتُك انْعَقَدَ بَيْعًا) لَا سَلَمًا اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ (وَقِيلَ سَلَمًا) اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى (الثَّالِثُ) مِنْ الْأُمُورِ الْمُشْتَرَطَةِ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ (الْمَذْهَبُ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ بِمَوْضِعٍ لَا يَصِحُّ لِلتَّسْلِيمِ أَوْ يَصْلُحُ وَلِحَمْلِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (مُؤْنَةٌ اُشْتُرِطَ بَيَانُ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ) لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِيمَا يُرَادُ مِنْ الْأَمْكِنَةِ فِي ذَلِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ   [حاشية قليوبي] بِخِلَافِ نَقْصِ جُزْءٍ كَيَدٍ فَيَرْجِعُ بِأَرْشِهِ. قَوْلُهُ: (تَالِفًا) أَيْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ عَلَى مَا مَرَّ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَالذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعِ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ هَذِهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمِثْلِيِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ ذَلِكَ بَيَانٌ لِمَا فِي الْبَيْعِ لَا بِقَيْدِ وُجُودِ مِثْلِهِ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَلَا يَدْرِي بِمَ يَرْجِعُ) وَرُدَّ بِتَصَدُّقِ صَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّهُمَا) أَيْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْمُتَقَوِّمِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فُهِمَ) فَذِكْرُهُ هُنَا لِلتَّصْرِيحِ أَوْ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْله: (أَسْلَمَتْ إلَيْك) وَمِثْلُهُ بِعْتُك كَذَا فِي ذِمَّتِي سَلَمًا وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ لَفْظِ السَّلَمِ مِنْ الْمُبْتَدِئِ قَبْلَ قَبُولِ الْآخَرِ وَلَا عِبْرَةَ بِهِ فِيمَا بَعْدَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظٍ بِعَيْنِهِ إلَّا السَّلَمَ وَالنِّكَاحَ وَالْكِتَابَةَ. قَوْلُهُ: (هَذَا الثَّوْبَ) أَوْ دِينَارًا فِي ذِمَّتِي لِأَنَّ هَذَا رَأْسُ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (فِي هَذَا الْعَبْدِ) وَمِثْلُهُ سُكْنَى هَذِهِ الدَّارِ لِأَنَّ مَنْفَعَةُ الْعَقَارِ لَا تَكُونُ إلَّا مُعَيَّنَةً. قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا) وَإِنْ نَوَاهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (انْعَقَدَ بَيْعًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ وَالْأَحْكَامُ فِيهِ أَيْضًا تَابِعَةٌ لِلَّفْظِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ ثَمَنِهِ فِي الْمَجْلِسِ، وَيَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَتَكْفِي الْحَوَالَةُ بِهِ وَعَلَيْهِ وَيَقْبِضُ بِعِتْقِهِ لَوْ كَانَ رَقِيقًا وَبِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ. نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ أَوْ تَعَيُّنِ مُقَابِلِهِ فِي الْمَجْلِسِ لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ غَيْرَ مُسْلَمٍ فِيهِ وَمَا فِي الْمَنْهَجِ هُنَا مِنْ الِاضْطِرَابِ وَالتَّرْجِيحِ   [حاشية عميرة] رَأْسِ الْمَالِ إلَخْ) لَكِنْ يُكْرَهُ. قَوْلُهُ: (وَالذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعِ إلَخْ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ الْمِثْلِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَذْرُوعَ يَكُونُ مِثْلِيًّا أَيْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ أَنَّ الْمِثْلِيَّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت فَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ وَعُرِضَ مِثْلُ هَذَا كَيْفَ الْحَالُ قُلْت الْقَوْلُ قَوْلُ الْغَارِمِ وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ثُمَّ مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا تَفَرَّقَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْقَدْرِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ جَزْمًا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (بِالْقَدْرِ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ قَدْرِهِ فِي الْأَظْهَرِ وَقَوْلُهُ: وَالْقِيمَةُ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ عَنْ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا) أَيْ لِأَنَّ لَفْظَ السَّلَمِ وَالسَّلَفِ مَوْضُوعٌ لِذَلِكَ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّ كَوْنَهُ دَيْنًا دَخَلَ فِي الْحَقِيقَةِ فَلَيْسَ خَارِجَهَا كَيْ يُسَمَّى شَرْطًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا فِي الْأَظْهَرِ) لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا بِلَا ثَمَنٍ فَفِي انْعِقَادِهِ هِبَةُ هَذَانِ الْقَوْلَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ) مِثْلُهُ لَوْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ إنْ جَعَلْنَاهُ سَلَمًا اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ وَالتَّسْلِيمُ وَإِنْ جَعَلْنَاهُ بَيْعًا لَمْ يَجِبْ التَّسْلِيمُ وَاشْتُرِطَ التَّعْيِينُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (انْعَقَدَ بَيْعًا) لَوْ زَادَ الْمُشْتَرِي مَعَ هَذَا الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ لَفْظُ سَلَمًا انْعَقَدَ سَلَمًا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. كَذَا نَقَلَ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَازَعَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَقَالَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ ذَلِكَ فِي الرَّافِعِيِّ. قَوْلُهُ: (اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى) أَيْ وَأَمَّا اللَّفْظُ فَلَا يُعَارِضُهُ لِأَنَّ كُلَّ سَلَمٍ بَيْعٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 (فَلَا) يُشْتَرَطُ مَا ذَكَرَ وَيَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ، وَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهُ تَعَيَّنَ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا نَصَّانِ بِالِاشْتِرَاطِ وَعَدَمِهِ. فَقِيلَ: هُمَا مُطْلَقًا وَقِيلَ: هُمَا فِي حَالَيْنِ قِيلَ: فِي غَيْرِ الصَّالِحِ وَمُقَابِلِهِ. وَقِيلَ: فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَمُقَابِلِهِ. وَقِيلَ هُمَا فِي الصَّالِحِ. وَيُشْتَرَطُ فِي غَيْرِهِ وَقِيلَ: هُمَا فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مُقَابِلِهِ وَقِيلَ: هُمَا فِيمَا لَيْسَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ، وَيُشْتَرَطُ فِي مُقَابِلِهِ وَالْمُفْتَى بِهِ مَا تَقَدَّمَ. وَالْكَلَامُ فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ. أَمَّا الْحَالُّ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ وَلَوْ عَيَّنَا غَيْرَهُ جَازَ وَتَعَيَّنَ وَالْمُرَادُ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ تِلْكَ الْمَحَلَّةُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ يُعَيِّنُهُ (وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (حَالًا وَمُؤَجَّلًا) بِأَنْ يُصَرِّحَ بِهِمَا وَيَصْدُقُ بِهِمَا تَعْرِيفُهُ السَّابِقُ (فَإِنْ أُطْلِقَ) عَنْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ (انْعَقَدَ حَالًا) كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ (وَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ) لِأَنَّ الْمُعْتَادَ فِي السَّلَمِ التَّأْجِيلُ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ كَمَا لَوْ ذَكَرَ أَجَلًا مَجْهُولًا. (وَيُشْتَرَطُ) فِي الْمُؤَجَّلِ (الْعِلْمُ بِالْأَجَلِ فَإِنْ عَيَّنَ شُهُورَ الْعَرَبِ أَوْ   [حاشية قليوبي] مِمَّا يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ. قَوْلُهُ: (مَا تَضَمَّنَهُ) قَدْرُ ذَلِكَ لِيَصِحَّ الْحَمْلُ. قَوْلُهُ: (وَلِحَمْلِهِ) أَيْ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي يُطْلَبُ تَحْصِيلُهُ مِنْهُ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ) إنْ كَانَ صَالِحًا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ. قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَ) أَيْ الْغَيْرُ وَإِنْ كَانَ مَحَلُّ الْعَقْدِ صَالِحًا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ هُمَا فِي الصَّالِحِ) وَسَكَتَ عَنْ عَكْسِ هَذِهِ الطَّرِيقِ لِأَنَّهَا الْمَذْكُورَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَا فَجُمْلَةُ الطُّرُقِ حِينَئِذٍ بِهَذِهِ سَبْعَةٌ وَبَقِيَ طَرِيقَةٌ ثَامِنَةٌ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ثَانِيًا لِأَنَّهَا مُلَفَّقَةٌ مِنْ طَرِيقَيْنِ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ وَلِذَلِكَ جَعَلَهَا الزَّرْكَشِيُّ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مَوْضِعُ الْعَقْدِ) أَيْ حَيْثُ صَلَحَ وَإِنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ تَعَيَّنَ الْبَيَانُ وَمَتَى عَيَّنُوا غَيْرَ صَالِحٍ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَمَتَى خَرَجَ مَحَلُّ التَّسْلِيمِ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ تَعَيَّنَ أَقْرَبُ مَحَلٍّ إلَيْهِ، وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَا أُجْرَةَ وَلَا خِيَارَ بَلْ لَوْ طَلَبَ الْمُسْلِمُ التَّسْلِيمَ فِي الَّذِي خَرَجَ عَنْهَا لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ لِتَعَيُّنِ الْأَقْرَبِ شَرْعًا كَالنَّصِّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (تِلْكَ الْمَحَلَّةُ) فَيَكْفِي أَيُّ مَوْضِعٍ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُسْلِمُ وَلَا يَلْزَمُهُ انْتِقَالُهُ إلَى مَنْزِلِهِ وَلَوْ قَالَ فِي أَيِّ مَكَان مِنْ الْمَحَلَّةِ أَوْ الْبَلَدِ لَمْ يَضُرَّ إنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْبَلَدُ وَإِلَّا فَسَدَ كَمَا لَوْ قَالَ فِي أَيِّ الْبِلَادِ شِئْت أَوْ فِي بَلَدِ كَذَا أَوْ بَلَدِ كَذَا. قَوْلُهُ: (حَالًا) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَلَا تَرِدُ الْكِتَابَةُ لِعَجْزِ الرَّقِيقِ فِيهَا قَوْلُهُ: (الْعِلْمُ بِالْأَجَلِ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ وَيَكْفِي عَنْهُمَا أَنْ يَكُونَ فِي مَسَافَةِ عَدْوَى مِمَّنْ يَعْرِفُهُ عَدْلَانِ، أَوْ عَدَدٌ تَوَاتَرَ فِي الْمُخْبِرِ أَوْ الْمُخْبَرِ عَنْهُ وَلَوْ مِنْ كُفَّارٍ، وَلَا يَكْفِي عَدْلٌ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (شُهُورَ الْعَرَبِ) وَأَوَّلُهَا الْمُحَرَّمُ وَيُحْمَلُ أَوَّلُهُ وَغُرَّتُهُ وَهِلَالُهُ عَلَى أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ وَآخِرُهُ وَسَلْخُهُ وَفَرَاغُهُ عَلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَكَذَا الْبَقِيَّةُ فَإِنْ قَالَ فِيهِ: لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَالْأَجَلُ بِالنَّيْرُوزِ صَحِيحٌ، وَهُوَ نُزُولُ الشَّمْسِ أَوَّلَ بُرْجِ الْمِيزَانِ وَهُوَ نِصْفُ شَهْرِ تُوتَ الْقِبْطِيِّ وَالْمَشْهُورُ الْآنَ أَنَّهُ أَوَّلُهُ وَكَذَا بِالصَّلِيبِ وَهُوَ سَابِعَ عَشَرَ شَهْرَ تُوتَ، وَبِالْمِهْرَجَانِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ نُزُولُ الشَّمْسِ أَوَّلَ بُرْجِ الْحَمَلِ وَهُوَ نِصْفُ شَهْرِ بَرَمْهَاتَ الْقِبْطِيِّ، وَلَا يَجُوزُ بِفِصْحِ النَّصَارَى بِكَسْرِ الْفَاءِ وَلَا بِفَطِيرِ الْيَهُودِ وَهُمَا عِيدَانِ لَهُمَا م ر كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِاخْتِلَافِ وَقْتَيْهِمَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَمَنِهِ وَإِلَّا فَهُمَا الْآنَ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ عِنْدَهُمْ وَرَدَ بِأَنَّ وَقْتَهُمَا قَدْ يَتَقَدَّمُ وَقَدْ   [حاشية عميرة] فَعَلَى هَذَا لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَيَجِبُ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الثَّوْبِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَيَجُوزُ الْأَوَّلَانِ. قَوْلُهُ: (فَقِيلَ هُمَا مُطْلَقًا إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ سِتُّ طُرُقٍ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ، فَقَدْ ذَكَرَ السُّبْكِيُّ أَنَّهَا طَرِيقَةٌ سَابِعَةٌ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ حِكَايَةِ السِّتِّ وَالسَّابِعِ، إنْ لَمْ يَصْلُحْ وَجْهُ بَيَانِهِ إنْ لَمْ يَصْلُحْ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَتَعَيَّنَ) بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ فَقَبِلَ شَرْطًا يَتَضَمَّنُ التَّأْخِيرَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ. [السَّلَمُ حَالًا وَمُؤَجَّلًا] قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَالًا وَمُؤَجَّلًا) أَمَّا الْمُؤَجَّلُ فَبِالِاتِّفَاقِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة: 282] وَأَمَّا الْحَالُ فَخَالَفَ فِيهِ الْأَئِمَّةَ الثَّلَاثَةَ لِمَا أَنَّهُ إذَا جَازَ مُؤَجَّلًا فَفِي الْحَالِ أَجْوَزُ لِأَنَّهُ عَنْ الْغَرَرِ أَبْعَدُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْعِلْمُ بِالْأَجَلِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ بِالْمَيْسَرَةِ خِلَافًا لِابْنِ خُزَيْمَةَ، وَلَا بِالْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ، وَقُدُومِ الْحَاجِّ خِلَافًا لِمَالِكٍ لَنَا الْآيَةُ وَحَدِيثُ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَالْقِيَاسُ عَلَى مَجِيءِ الْمَطَرِ وَقُدُومِ زَيْدٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ عَيَّنَ إلَخْ) شُهُورُ الْعَرَبِ وَاحِدٌ ثَلَاثُونَ وَوَاحِدٌ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ إلَّا ذَا الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ وَخُمُسٌ وَسُدُسٌ فَالسَّنَةُ الْعَرَبِيَّةُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ وَخُمُسٌ وَسُدُسٌ يَوْمٍ، وَشُهُورُ الْفُرْسِ كُلُّ وَاحِدٍ ثَلَاثُونَ إلَّا الْأَخِيرَ فَخَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ، وَأَمَّا شُهُورُ الرُّومِ فَالثَّانِي وَالسَّابِعُ وَالتَّاسِعُ وَالثَّانِي عَشَرَ ثَلَاثُونَ ثَلَاثُونَ، وَالْخَامِسُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَرُبُعُ يَوْمٍ، وَالسَّبْعَةُ الْبَاقِيَةُ أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ، فَتَكُونُ سَنَتُهُمْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَخَمْسَةً وَسِتِّينَ وَرُبُعَ يَوْمٍ، فَإِذَا صَارَ الرُّبُعُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفٍ زِيدَ فِي الْخَامِسِ فَتَصِيرُ أَيَّامُ الْخَامِسِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَأَيَّامُ السَّنَةِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتَّةً وَسِتِّينَ يَوْمًا، وَالسِّرْيَانِيَّة كَالرُّومِيَّةِ إلَّا فِي التَّسْمِيَةِ، وَيَجُوزُ التَّوْقِيتُ بِالنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ، وَالْأَوَّلُ وَقْتُ نُزُولِ الشَّمْسِ بُرْجُ الْمِيزَانِ، وَالثَّانِي وَقْتُ نُزُولِهَا بُرْجُ الْحَمَلِ، وَيَجُوزُ أَيْضًا بِفِصْحِ النَّصَارَى وَفَطِيرِ الْيَهُودِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 الْفُرْسِ أَوْ الرُّومِ جَازَ) لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ مَضْبُوطَةٌ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الشَّهْرَ (حُمِلَ عَلَى الْهِلَالِيِّ) لِأَنَّهُ عُرْفُ الشَّرْعِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ أَوَّلَهُ (فَإِنْ انْكَسَرَ شَهْرٌ) بِأَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي أَثْنَائِهِ وَالتَّأْجِيلُ بِأَشْهُرٍ (حُسِبَ الْبَاقِي) بَعْدَ الْأَوَّلِ الْمُنْكَسِرِ (بِالْأَهِلَّةِ وَتَمَّمَ الْأَوَّلَ ثَلَاثِينَ) مِمَّا بَعْدَهَا وَلَا يُلْغِي الْمُنْكَسِرَ كَيْ لَا يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ الْأَجَلِ عَنْ الْعَقْدِ، نَعَمْ لَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ الشَّهْرِ اكْتَفَى بِالْأَشْهُرِ بَعْدَهُ بِالْأَهِلَّةِ وَلَا يُتَمِّمُ الْيَوْمَ مِمَّا بَعْدَهَا (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَأْجِيلِهِ بِالْعِيدِ وَجُمَادَى) وَرَبِيعٍ (وَيُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ) مِنْ الْعِيدَيْنِ وَالْجُمَادَيَيْنِ وَالرَّبِيعَيْنِ لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِهِ. وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي. فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ عِنْدَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَذَلِكَ فِي السَّلَمِ الْحَالِ بِالْعَقْدِ، وَفِي الْمُؤَجَّلِ بِحُلُولِ الْأَجَلِ فَإِنْ أَسْلَمَ فِي مُنْقَطِعٍ عِنْدَ الْحُلُولِ كَالرُّطَبِ فِي الشِّتَاءِ لَمْ يَصِحَّ، وَهَذَا الشَّرْطُ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلُ وَذُكِرَ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (فَإِنْ كَانَ يُوجَدُ بِبَلَدٍ آخَرَ صَحَّ) السَّلَمُ فِيهِ (إنْ   [حاشية قليوبي] يَتَأَخَّرُ كَمَا يَعْرِفُهُ مَنْ لَهُ إلْمَامٌ بِحِسَابِ الْقِبْطِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَطْلَقَ الشَّهْرَ) فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِعَرَبِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ حَمْلٌ عَلَى الْهِلَالِيِّ وَإِنْ خَالَفَ عُرْفَ الْعَاقِدَيْنِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ عُرْفُ الشَّرْعِ) وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْفَارِسِيِّ وَلَا الرُّومِيِّ وَلَا الْقِبْطِيِّ وَأَوَّلُ شُهُورِ الْفُرْسِ فرور دِين ماه وَأَوَّلُ شُهُورِ الرُّومِ تِشْرِينَ الْأَوَّلِ، وَأَوَّلُ شُهُورِ الْقِبْطِ تُوتُ، وَأَمَّا بَاقِيهَا فَمَذْكُورٌ فِي مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. أَوْ لَيْلَتَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُتَمِّمُ الْيَوْمَ مِمَّا بَعْدَهَا) وَإِنْ نَقَصَ آخِرُهَا وَيُكَمِّلُ مِنْ آخِرِهَا إنْ كَمُلَ. قَوْلُهُ: (وَيُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ) إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَعَلَى الثَّانِي وَقَدْ يُرَادُ بِالْأَوَّلِ مَا يَلِي الْعَقْدَ مِنْهُمَا فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ السَّلَمِ قَوْلُهُ: (مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ) أَيْ تَسْلِيمِهِ كَمَا مَرَّ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً. قَوْلُهُ: (بِحُلُولِ الْأَجَلِ) أَيْ أَنْ يُعْلَمَ حَالَةَ الْعَقْدِ قُدْرَتُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: وَعِنْدَ الْعَقْدِ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَفِيمَا بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ تَوْطِئَةً إلَخْ) فَذِكْرُهُ مُسْتَدْرَكٌ وَلَمْ يَقُلْ كَغَيْرِهِ إنَّ الْقُدْرَةَ هُنَا غَيْرُهَا لِأَنَّهَا هُنَا تَارَةً تُعْتَبَرُ حَالَةَ الْعَقْدِ كَمَا فِي السَّلَمِ الْحَالِ وَتَارَةً تَتَأَخَّرُ كَمَا فِي الْمُؤَجَّلِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُعَيَّنِ. اهـ. لِأَنَّهُ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ إنْ أُرِيدَ وَصْفُهُ بِالْقُدْرَةِ فَهُوَ حَالَةَ الْعَقْدِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ أَوْ أُرِيدَ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ بِالْفِعْلِ فَهِيَ عِنْدَ وُجُودِهِ مُطْلَقًا وَتَأَخُّرُهَا فِي الْمُؤَجَّلِ لِعَدَمِ وُجُودِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ بِالْفِعْلِ فَهِيَ عِنْدَ وُجُودِهِ مُطْلَقًا وَتَأَخُّرُهَا فِي الْمُؤَجَّلِ لِعَدَمِ وُجُودِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الثَّانِي لَمَّا اخْتَلَفَ وَقْتُهَا اُحْتِيجَ لِذِكْرِ هَذَا الشَّرْطِ   [حاشية عميرة] وَهُمَا عِيدَاهُمَا إذْ لَمْ يَخْتَصَّ بِمَعْرِفَتِهَا الْكُفَّارُ، وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْمَنْعِ وَأَخَذَ بِإِطْلَاقِهِ بَعْضُهُمْ تَحَرُّزًا مِنْ مَوَاقِيتِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُتَمِّمُ الْيَوْمَ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ، حَيْثُ قَالَ: لَوْ عَقَدَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ صَفَرٍ لَحْظَةٌ وَأَجَّلَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَنَقَصَ الرَّبِيعَانِ وَجُمَادَى حُسِبَ الرَّبِيعَانِ بِالْأَهِلَّةِ، وَيُضَمُّ جُمَادَى إلَى اللَّحْظَةِ مِنْ صَفَرٍ وَيَكْمُلُ مِنْ جُمَادَى الْآخَرِ بِيَوْمٍ إلَّا لَحْظَةً، قَالَ الْإِمَامُ عَقِبَ هَذَا: وَكُنْت أَوَدُّ لَوْ أَكْتَفِي بِهَذِهِ الْأَشْهُرِ فَإِنَّهَا عَرَبِيَّةٌ كَوَامِلُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَاَلَّذِي تَمَنَّاهُ نَقَلَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَقَطَعُوا بِالْحُلُولِ بِانْسِلَاخِ جُمَادَى انْتَهَى، وَقَوْلُهُ بِانْسِلَاخِ جُمَادَى أَيْ إذَا كَانَ نَاقِصًا كَمَا هُوَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فَلَوْ تَمَّ وَكَانَ الْعَقْدُ وَقْتَ الزَّوَالِ مَثَلًا مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ صَفَرٍ حَلَّ بِزَوَالِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ جُمَادَى، وَاعْلَمْ أَنَّا إذَا اكْتَفَيْنَا بِالثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ النَّوَاقِصِ تَكُونُ تِلْكَ اللَّحْظَةُ الَّتِي مِنْ صَفَرٍ مُعْتَبَرَةً أَيْضًا عَلَى الْأَشْهُرِ وَلَا نَنْقُصُهَا مِنْ الشَّهْرِ الْأَخِيرِ. [فَصْلٌ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ] فَصْلٌ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُؤَجَّلِ إلَخْ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَاشْتَرَطَ الْقُدْرَةَ فِيهِ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْمَحَلِّ لَنَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 اُعْتِيدَ نَقْلُهُ لِلْبَيْعِ) لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ نَقْلُهُ لِلْبَيْعِ بِأَنْ نَقَلَ لَهُ عَلَى نَدُرْ أَوْ لَمْ يَنْقُلْ أَصْلًا أَوْ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ لِغَيْرِ الْبَيْعِ كَالْهَدِيَّةِ (فَلَا) يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ: لَا تُعْتَبَرُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ هُنَا وَنَازَعَ الرَّافِعِيُّ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهَا بِمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا (وَلَوْ أَسْلَمَ فِيمَا يَعُمُّ فَانْقَطَعَ فِي مَحِلِّهِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ وَقْتَ حُلُولِهِ (لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ (فَيَتَخَيَّرُ الْمُسْلِمُ بَيْنَ فَسْخِهِ وَالصَّبْرِ حَتَّى يُوجَدَ) فَيُطَالِبَ بِهِ وَخِيَارُهُ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ التَّتِمَّةِ. وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ الثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ فِيهَا كَأَصْلِهَا فَإِنْ أَجَازَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَفْسَخَ مُكِّنَ مِنْ الْفَسْخِ وَفِيهِمَا لَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْفَسْخِ لَمْ يَسْقُطْ فِي الْأَصَحِّ (وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (انْقِطَاعَهُ عِنْدَهُ فَلَا خِيَارَ قَبْلَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ وَقْتُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ. وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ فِي الْحَالِ، وَيَأْتِي مَعَ الْخِيَارِ الْقَوْلُ بِالِانْفِسَاخِ ثُمَّ الِانْقِطَاعُ الْحَقِيقِيُّ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ النَّاشِئِ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ أَنْ تُصِيبَهُ جَائِحَةٌ تَسْتَأْصِلُهُ، وَلَوْ وَجَدَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ لَكِنْ يَفْسُدُ بِنَقْلِهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا عِنْدَ قَوْمٍ امْتَنَعُوا مِنْ بَيْعِهِ فَهُوَ انْقِطَاعٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانُوا يَبِيعُونَهُ بِثَمَنٍ غَالٍ فَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ، وَيَجِبُ نَقْلُ الْمُمْكِنِ نَقْلُهُ مِمَّا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ مِنْ مَسَافَةٍ لَوْ خَرَجَ إلَيْهَا بُكْرَةً أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ إلَى أَهْلِهِ لَيْلًا وَجْهَانِ نَقَلَهُمَا صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي آخَرَيْنِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ. وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا اعْتِبَارَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَلَا يَنْفَسِخُ السَّلَمُ قَطْعًا. وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ انْتَهَى (وَ) يُشْتَرَطُ   [حاشية قليوبي] لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (اُعْتِيدَ نَقْلُهُ) أَيْ إلَى مَحَلِّ التَّسَلُّمِ وَعُلِمَ مِنْ الِاعْتِيَادِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِيمَا لَا يَغْلِبُ نَقْلُهُ لِلْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (كَالْهَدِيَّةِ) أَيْ وَلَمْ تَجْرِ عَادَةُ الْمُهْدَى إلَيْهِ بِالْبَيْعِ وَلَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ فِيهِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا: وَنُوزِعَ فِي الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (لَا تُعْتَبَرُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَنَازَعَ الرَّافِعِيَّ) الْإِمَامُ نَقْلًا عَنْ الْأَئِمَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (بِمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا) مِنْ أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ لَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ هُنَا لِأَنَّ أَرْبَابَ الْبَضَائِعِ يَنْقُلُونَهَا لِلْبَيْعِ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَانْقَطَعَ كُلُّهُ) أَوْ بَعْضُهُ وَمِثْلُهُ تَعَذُّرُ تَحْصِيلِهِ بِغَيْبَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ فَسْخِهِ) أَيْ الْعَقْدِ فِي جَمِيعِهِ وَلَا يَصِحُّ فِي بَعْضِهِ وَإِنْ قَبَضَ بَعْضَهُ الْآخَرَ حَتَّى لَوْ فُسِخَ فِي بَعْضِهِ انْفَسَخَ فِي جَمِيعِهِ كَذَا قَالُوا هُنَا، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا تَفَرَّقَ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِ رَأْسِ الْمَالِ صَحَّ فِيهِ بِقَدْرِهِ مِنْ مُقَابِلِهِ فَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى تَصْحِيحِ الثَّانِي) وَهُوَ كَوْنُ الْخِيَارِ عَلَى التَّرَاخِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِمَا) أَيْ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى فِيهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمُقَابِلِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْقُطْ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيَأْتِي إلَخْ) مُرَادُهُ حِكَايَةُ قَوْلٍ ثَالِثٍ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قُلْنَا لَا خِيَارَ فَلَا انْفِسَاخَ قَطْعًا، وَإِنْ قُلْنَا بِالْخِيَارِ فَلَا انْفِسَاخَ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ يَنْفَسِخُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (النَّاشِئُ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ) صِفَةٌ لِلِانْقِطَاعِ الَّذِي لَا يَنْشَأُ إلَّا بِالْبَلَدِ الْوَاجِبِ فِيهَا التَّسْلِيمُ. قَوْلُهُ: (يَسْتَأْصِلُهُ) أَيْ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِثَمَنٍ غَالٍ) أَيْ وَهُوَ ثَمَنُ مِثْلِهِ وَالْأَلَمُ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمِثْلُهُ ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مِنْ مَسَافَةٍ لَوْ خَرَجَ إلَخْ) وَهِيَ مَسَافَةُ الْعَدْوَى وَهِيَ تَنْقُصُ عَمَّا قَبْلَهَا بِمَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) وَهُوَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَيْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِمَامُ مَرْجُوحٌ) وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) هَذَا الشَّرْطُ مَعْلُومٌ مِنْ الْبَيْعِ أَيْضًا لِأَنَّ السَّلَمَ مِنْ الْبَيْعِ فِي الذِّمَّةِ وَذِكْرُهُ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ، وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّارِحِ عَنْ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ اعْتِمَادًا عَلَى مَا   [حاشية عميرة] قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ» ، وَمِنْ الْبَيِّنِ انْقِطَاعُهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى الِاشْتِرَاطِ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَالْمَحَلِّ فَقَطْ وَلَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُهُ بِمَشَقَّةٍ كَالْقَدْرِ الْكَثِيرِ مِنْ الْبَاكُورَةِ فَهُوَ مَعْجُوزٌ عَنْهُ شَرْعًا. قَوْلُهُ: (بِمَا سَيَأْتِي) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَنَازَعَ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) هَذَا الْخِلَافُ جَارٍ وَلَوْ كَانَ سَبَبُ الِانْقِطَاعِ بِتَقْصِيرِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي الْإِعْطَاءِ وَقْتَ الْمَحَلِّ أَوْ مَوْتِهِ قَبْلَ الْحُلُولِ أَوْ غَيْبَةَ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَقْتَ الْحُلُولِ ثُمَّ حَضَرَ فَوَجَدَهُ انْقَطَعَ فِي حَالِ الْغَيْبَةِ بَعْدَ الْمَحَلِّ. قَوْلُهُ: (يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ) أَيْ وَكَانَ كَإِفْلَاسِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (وَيَأْتِي إلَخْ) مِنْ ثَمَّ قِيلَ: لَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُ الِانْقِطَاعِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (النَّاشِئِ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ) قَيَّدَ بِهَذَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ وُجِدَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (بِثَمَنٍ غَالٍ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ ثَمَنُ مِثْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْفَسِخُ السَّلَمُ قَطْعًا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مُرَادُهُ لَا يَنْفَسِخُ قَطْعًا بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُ إيرَادَ الْعَقْدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 (كَوْنُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (مَعْلُومُ الْقَدْرِ كَيْلًا) فِيمَا يُكَالُ (أَوْ وَزْنًا) فِيمَا يُوزَنُ (أَوْ عَدًّا) فِيمَا يُعَدُّ (أَوْ ذَرْعًا) فِيمَا يُذْرَعُ (وَيَصِحُّ الْمَكِيلُ) أَيْ سَلَمُهُ (وَزْنًا وَعَكْسُهُ) أَيْ الْمَوْزُونِ الَّذِي يَتَأَتَّى كَيْلُهُ كَيْلًا. وَهَذَانِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الرِّبَوِيَّاتِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ وَهُنَاكَ الْمُمَاثَلَةُ بِعَادَةِ عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَقَدَّمَ. وَحَمَلَ الْإِمَامُ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ جَوَازَ كَيْلِ الْمَوْزُونِ عَلَى مَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِي مِثْلِهِ ضَابِطًا حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ فِي فُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَنَحْوِهِمَا كَيْلًا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْقَدْرَ الْيَسِيرَ مِنْهُ مَالِيَّةٌ كَثِيرَةٌ وَالْكَيْلُ لَا يُعَدُّ ضَابِطًا فِيهِ. وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّآلِئِ الصِّغَارِ إذَا عَمَّ وُجُودُهَا كَيْلًا أَوْ وَزْنًا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْإِمَامِ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَ هُنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ انْتَهَى (وَلَوْ أَسْلَمَ فِي مِائَةِ صَاعٍ حِنْطَةً عَلَى أَنَّ وَزْنَهَا كَذَا لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِزُّ وُجُودُهُ (وَيُشْتَرَطُ الْوَزْنُ فِي الْبِطِّيخِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (وَالْبَاذِنْجَانِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا (وَالْقِثَّاءِ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَبِالْمَدِّ (وَالسَّفَرْجَلِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَالرُّمَّانِ) فَلَا يَكْفِي فِيهَا الْكَيْلُ لِأَنَّهَا تَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ، وَلَا الْعَدُّ لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ فِيهَا وَالْجَمْعُ فِيهَا بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ مُفْسِدٌ لِمَا تَقَدَّمَ، بَلْ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْبِطِّيخَةِ وَالسَّفَرْجَلَةِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ حَجْمِهِمَا مَعَ وَزْنِهِمَا فَيُوَرِّثُ عِزَّةَ الْوُجُودِ (وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ بِالْوَزْنِ فِي نَوْعٍ يَقِلُّ اخْتِلَافُهُ) بِغِلَظِ قُشُورِهِ وَرِقَّتِهَا بِخِلَافِ مَا يَكْثُرُ اخْتِلَافُهُ بِذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي ذَلِكَ. وَهَذَا اسْتَدْرَكَهُ الْإِمَامُ عَلَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ بَعْدَ ذِكْرِهِ وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ هُوَ الَّذِي أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ. (وَكَذَا) يَصِحُّ السَّلَمُ فِيمَا ذَكَرَ (كَيْلًا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا لِتَجَافِيهِ فِي الْمِكْيَالِ، وَلَا يَجُوزُ بِالْعَدَدِ (وَيُجْمَعُ فِي اللَّبِنِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ) فَيَقُولُ مَثَلًا أَلْفُ لَبِنَةٍ وَزْنُ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَذَا لِأَنَّهُ يُضْرَبُ عَنْ اخْتِيَارٍ فَلَا يَعِزُّ. وَالْأَمْرُ فِي وَزْنِهِ عَلَى التَّقْرِيبِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّ الْجَمْعَ فِيهِ   [حاشية قليوبي] ذَكَرَهُ أَوَّلًا. قَوْلُهُ: (وَعَكْسُهُ) وَكَذَا يَصِحُّ فِي الْمَوْزُونِ عَدَا إذَا عُلِمَ قَدْرُهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ كَالنَّقْدَيْنِ خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْوَزْنِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ. قَوْلُهُ: (الَّذِي يَتَأَتَّى كَيْلُهُ) وَهُوَ مَا جِرْمُهُ كَالْجَوْزِ فَأَقَلَّ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يُعَدُّ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مِمَّا يَتَأَتَّى كَيْلُهُ فَلَيْسَ مَفْهُومًا مِمَّا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ) بَيْنَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (اللَّآلِئِ الصِّغَارِ) وَهِيَ مَا تُطْلَبُ لِلتَّدَاوِي لَا لِلزِّينَةِ وَقَدَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِمَا زِنَةُ الْوَاحِدَةِ سُدُسُ دِينَارٍ، وَرَدَّهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (كَيْلًا وَوَزْنًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (يُخَالِفُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَيْسَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِأَنَّ اللَّآلِئَ كَالْحُبُوبِ لَا تَنْكَبِسُ فِي الْمِكْيَالِ بِثِقَلِ الْيَدِ مَثَلًا بِخِلَافِ نَحْوِ الْمِسْكِ. قَوْلُهُ: (صَاعٍ) هُوَ اسْمٌ لِلْوَزْنِ أَصَالَةً لِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَالْمُدُّ رَطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ ثُمَّ صَارَ اسْمًا لِلْكَيْلِ عُرْفًا وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْجَمْعَ بَيْنَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ مُتَعَذِّرٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي الْبِطِّيخِ بِكَسْرِ الْبَاءِ) وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَتَأْخِيرُهَا عَنْ الطَّاءِ مَعَ كَسْرِ الطَّاءِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْجَمْعُ فِيهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ سَوَاءٌ الْوَاحِدَةُ وَالْجُمْلَةُ بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ مُفْسِدٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَاعْتَمَدَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الصِّحَّةَ فِي الْجُمْلَةِ دُونَ الْوَاحِدَةِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا اعْتِمَادُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا وَلَوْ فِي الْوَاحِدَةِ إذَا أُرِيدَ بِالْوَزْنِ التَّقْرِيبُ وَكَلَامُ ابْنِ حُجْرٌ يُوَافِقُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَمِثْلُهُ الْبَيْضُ وَذَرْعُ الثِّيَابِ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ فِي الْجَوْزِ كَيْلًا وَوَزْنًا) وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا كَانَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ فِي الْجِرْمِ كَالْبُنْدُقِ وَالْفُسْتُقِ وَالْمِشْمِشِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَشْهُورُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (اللَّبِنِ بِكَسْرِ الْبَاءِ) وَهُوَ الطُّوبُ غَيْرُ الْمُحْرَقِ وَمِثْلُهُ بَعْدَ حَرْقِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ رِخْوًا وَكَذَا الْخَزْفُ إنْ انْضَبَطَ وَمِعْيَارُهُ الْعَدَدُ وَسَيَأْتِي وَكَذَا الْخَشَبُ لِغَيْرِ الْوَقُودِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَ فِيهِ الْوَزْنُ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (عَلَى   [حاشية عميرة] عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (وَهُنَاكَ الْمُمَاثَلَةُ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الرِّبَوِيَّاتِ، فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهَا التَّعَبُّدُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِزُّ وُجُودُهُ) وَكَذَلِكَ الثِّيَابُ إذَا اُشْتُرِطَ وَزْنُهَا كَذَا يَعِزُّ مَعَ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِيهَا مِنْ الصِّفَاتِ الْعَرْضِ وَالطُّولِ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْخَشَبِ لِإِمْكَانِ نَحْتِهِ ثُمَّ الثِّيَابُ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْعَدُّ مَعَ الذَّرْعِ كَاللَّبِنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالرُّمَّانِ) وَكَذَا الْبَيْضُ وَالرَّانِجُ وَالْبُقُولُ. قَوْلُهُ: (مُفْسِدٌ لِمَا تَقَدَّمَ) نَقَلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ السُّبْكِيّ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا شُرِطَ الْوَزْنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ مِائَةُ بِطِّيخَةٍ وَزْنُ جُمْلَتِهَا كَذَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ اتِّفَاقًا. [السَّلَمُ فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا كَيْلًا) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْحُبُوبِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُشْتَرَطُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 بَيْنَ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ اشْتَرَطَهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْعِرَاقِيُّونَ أَوْ مُعْظَمُهُمْ الْوَزْنَ. وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فِيهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ فَلَا بَأْسَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَثَخَانَتَهُ، وَأَنَّهُ مِنْ طِينٍ مَعْرُوفٍ (وَلَوْ عَيَّنَ كَيْلًا فَسَدَ) السَّلَمُ (إنْ لَمْ يَكُنْ) ذَلِكَ الْكَيْلُ (مُعْتَادًا) كَالْكُوزِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ الْمَحَلِّ فَفِيهِ غَرَرٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك مِلْءَ هَذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ لِعَدَمِ الْغَرَرِ وَالسَّلَمُ الْحَالُّ كَالْمُؤَجَّلِ أَوْ كَالْبَيْعِ وَجْهَانِ. وَقَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّهُ كَالْمُؤَجَّلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْكَيْلُ مُعْتَادًا (فَلَا) يَفْسُدُ السَّلَمُ (فِي الْأَصَحِّ) وَيَلْغُو شَرْطُ ذَلِكَ الْكَيْلِ لِأَنَّهُ لَا غَرَضَ فِيهِ وَيَقُومُ مِثْلُهُ مَقَامَهُ. وَالثَّانِي يَفْسُدُ لِتَعَرُّضِ الْكَيْلِ لِلتَّلَفِ وَالْوَجْهَانِ جَارِيَانِ فِي الْبَيْعِ (وَلَوْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) أَيْ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ فَلَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ (أَوْ عَظِيمَةٍ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ ثَمَرَهَا لَا يَنْقَطِعُ غَالِبًا وَالثَّانِي يَقُولُ: إنْ لَمْ يُفِدْ تَنْوِيعًا فَسَدَ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْفَائِدَةِ كَتَعْيِينِ الْمِكْيَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَفَادَهُ كَمَعْقِلِيِّ الْبَصْرَةِ فَإِنَّهُ مَعَ مَعْقِلِيِّ بَغْدَادَ صِنْفٌ وَاحِدٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَمْتَازُ عَنْ الْآخَرِ بِصِفَاتٍ وَخَوَاصِّ (وَ) يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ السَّلَمِ (مَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا) وَيَنْضَبِطُ بِهَا الْمُسْلَمُ فِيهِ (وَذِكْرُهَا فِي الْعَقْدِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ فَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ   [حاشية قليوبي] التَّقْرِيبِ) أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ أُرِيدَ التَّحْدِيدُ اُعْتُبِرَ. قَوْلُهُ: (مُسْتَحَبٌّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُشْتَرَطُ) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَيَّنَ كَيْلًا) أَوْ وَزْنًا أَوْ نَحْوَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْكَيْلُ مُعْتَادًا) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُهُ فَإِنْ عُلِمَ لِلْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْنِ صَحَّ وَيَجِبُ تَعْيِينُ الْمِكْيَالِ إنْ تَعَدَّدَتْ الْمَكَايِيلُ وَلَا غَالِبَ وَتَعْيِينُ ذِرَاعِ الْيَدِ مُفْسِدٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ كَمَا مَرَّ لِاحْتِمَالِ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ النَّوْعِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ قِلَّةُ ثَمَرِهَا وَعَكْسُهَا الْكَبِيرَةُ وَاعْتِبَارُ الْقَرْيَةِ لِلْغَالِبِ وَلِأَجْلِهَا ذُكِرَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هُنَا مَعَ أَنَّهَا مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ. قَوْلُهُ: (فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ) فَيَبْطُلُ فِي كُلِّهِ بِالْأَوْلَى وَإِنْ اُعْتِيدَ نُقِلَ مِثْلُهُ أَوْ أَجْوَدُ مِنْهُ إلَيْهَا صَحَّ وَيَتَعَيَّنُ ثَمَرُهَا وَلَا يَجِبُ قَبُولُ غَيْرِهِ إلَّا أَجْوَدَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْمِكْيَالِ الْمُعْتَادِ قَبْلَهُ وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إنْ أَفَادَ تَنْوِيعًا صَحَّ قَطْعًا وَإِلَّا فَعَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (مَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْ شَهَادَةٍ وَلَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ بِأَنْ يُوجَدَ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَقَالَ شَيْخُنَا دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى كَمَا مَرَّ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا فِي مَحَلِّ التَّسْلِيمِ. قَوْلُهُ: (وَذِكْرُهَا فِي الْعَقْدِ) بِلُغَةٍ يَعْرِفُهَا مِنْ تَقَدُّمٍ فَلَا يَكْفِي ذِكْرُهَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَا بَعْدَهُ وَلَوْ فِي مَجْلِسِهِ وَلَا نِيَّتُهَا مُطْلَقًا وَمَا قِيلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّتِهَا فِي الْعَقْدِ كَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ لَمْ   [حاشية عميرة] لَوْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ اشْتَرَطْنَا هَذَا أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ الَّذِي يَحْوِيهِ. قَوْلُهُ: (وَيَلْغُو شَرْطُ ذَلِكَ الْكَيْلِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمُرَادُ بِالتَّعْيِينِ تَعْيِينُ الْفَرْدِ مِنْ الْمَكَايِيلِ أَمَّا تَعْيِينُ نَوْعِ الْمِكْيَالِ بِالْغَلَبَةِ أَوْ التَّنْصِيصِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَنْقَطِعُ) وَكَذَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي لَبَنِ غَنَمٍ بِأَغْنَامِهَا أَوْ صُوفِهَا أَوْ وَبَرِّهَا أَوْ سَمْنِهَا أَوْ جُبْنِهَا نَصَّ عَلَيْهِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ زَيْدَ بْنَ سَعْنَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا مُحَمَّدُ هَلْ لَك أَنْ تَبِيعَنِي تَمْرًا مَعْلُومًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ مِنْ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ؟ فَقَالَ: لَا يَا يَهُودِيُّ لَا أَبِيعُك مِنْ حَائِطٍ مُسَمًّى إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، وَلَكِنْ أَبِيعَك وُسُوقًا مُسَمَّاةً إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى» وَزَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ أَسْلَمَ وَشَهِدَ الْمَشَاهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: مَا مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إلَّا وَقَدْ عَرَفْته فِي وَجْهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (لِخُلُوِّهِ عَنْ الْفَائِدَةِ كَتَعْيِينِ الْمِكْيَالِ) أَيْ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي وَجْهٍ وَيَصِحُّ فِي آخَرَ وَيَلْغُو الشَّرْطُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ) أَيْ لِلْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْنِ كَمَا سَيَجِيءُ ثُمَّ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَسْأَلَةِ أَوَّلَ الْفَصْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ) لِأَنَّ الْقِيمَةَ يَخْتَلِفُ بِسَبَبِهَا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيَنْضَبِطُ بِهَا الْمُسْلَمُ فِيهِ هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ السُّبْكِيّ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ يُؤْخَذُ أَنَّ شَرْطَ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَنْضَبِطُ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَنَبَّهَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُزَادَ فِي الضَّابِطِ مِنْ الْأَوْصَافِ الَّتِي لَا يَدُلُّ الْأَصْلُ عَلَى عَدَمِهَا لِيَخْرُجَ نَحْوُ الْقُوَّةِ وَالْكِتَابَةِ وَالضَّعْفِ وَالْأُمِّيَّةِ فِي الْعَبْدِ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ بِاَلَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ نَحْوُ التَّكَلْثُمِ وَالْكُحْلِ وَالسَّمْنِ فِي الرَّقِيقِ. قَوْلُهُ: (وَيَنْضَبِطُ) صَرَّحَ بِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ وَلِيُلَائِمَ قَوْلَ الْمَتْنِ الْآتِي فَلَا يَصِحُّ إلَخْ الَّذِي هُوَ نَتِيجَةُ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَذِكْرُهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَمَعْرِفَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 (فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ مَقْصُودُهُ كَالْمُخْتَلِطِ الْمَقْصُودِ الْأَرْكَانِ) الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ (كَهَرِيسَةٍ وَمَعْجُونٍ وَغَالِيَةٍ) هِيَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَعُودٍ وَكَافُورٍ. كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. وَفِي التَّحْرِيرِ ذَكَرَ الدُّهْنَ مَعَ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ (وَخُفٍّ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَكَذَا الْخِفَافُ وَالنِّعَالُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الظِّهَارَةِ وَالْبِطَانَةِ وَالْحَشْوِ وَالْعِبَارَةِ تُضَيِّقُ عَنْ الْوَفَاءِ بِذِكْرِ أَطْرَافِهَا وَانْعِطَافَاتِهَا (وَتِرْيَاقٍ مَخْلُوطٍ) فَإِنْ كَانَ نَبَاتًا وَاحِدًا أَوْ حَجَرًا جَازَ السَّلَمُ فِيهِ (وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ فِي الْمُخْتَلِطِ الْمُنْضَبِطِ كَعَتَّابِيٍّ وَخَزٍّ) مِنْ الثِّيَابِ الْأَوَّلِ مَرْكَبٌ مِنْ الْقُطْنِ وَالْحَرِيرِ، وَالثَّانِي مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ وَالْوَبَرِ أَوْ الصُّوفِ وَهُمَا مَقْصُودُ أَرْكَانِهِمَا (وَجُبْنٍ وَأَقِطٍ) كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ مَعَ اللَّبَنِ الْمَقْصُودِ الْمِلْحُ وَالْإِنْفَحَةُ مِنْ مَصَالِحِهِ (وَشَهْدٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا هُوَ عَسَلُ النَّحْلِ بِشَمْعِهِ خِلْقَةً   [حاشية قليوبي] يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا قَالَ: وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ هُنَا. قَوْلُهُ: (فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ مَقْصُودُهُ) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ وَالْمُنْضَبِطُ خِلَافُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَفِي التَّحْرِيرِ) لِلنَّوَوِيِّ ذَكَرَ الدُّهْنَ مَعَ الْأَوَّلَيْنِ وَهُمَا الْمِسْكُ وَالْعَنْبَرُ وَسَكَتَ عَنْ الْعَوْدِ وَالْكَافُورِ وَهُوَ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا، وَالدُّهْنُ الْمَذْكُورُ كُلُّ دُهْنٍ وَقِيلَ دُهْنُ الْبَانِ. قَوْلُهُ: (وَخُفٍّ) أَيْ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ إلَّا مُفْرَدًا جَدِيدًا مِنْ غَيْرِ جِلْدٍ. قَوْلُهُ: (دِرْيَاقٍ) بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ أَوَّلَهُ أَوْ طَاءٍ مُهْمَلَةٍ بَدَلَهَا أَوْ مُثَنَّاةٍ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ إسْقَاطُ التَّحْتِيَّةِ فِي الْأَوَّلَيْنِ مَعَ تَشْدِيدِ الرَّاءِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَوْ كَسْرِهِ فَفِيهِ عَشْرُ لُغَاتٍ، وَقَالَ الْجَلَالُ: لُغَاتُ الطَّاءِ رَدِيئَةٌ. قَوْلُهُ: (نَبَاتًا) هُوَ بِنُونٍ فَمُوَحَّدَةٍ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ آخِرُهُ عَلَى الْأَوْلَى لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ وَاحِدًا أَوْ حَجَرًا خِلَافًا لِمَنْ ضَبَطَهُ بِمُوَحَّدَتَيْنِ ثَانِيَتُهُمَا مُشَدَّدَةٌ وَآخِرُهُ نُونٌ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فَذِكْرُ وَاحِدٍ بَعْدَهُ مُسْتَدْرَكٌ. قَوْلُهُ: (وَهُمَا) أَيْ الْعَتَّابِيُّ وَالْخَزُّ مَقْصُودٌ أَرْكَانُهُمَا بِرَفْعِ أَرْكَانِهِمَا عَلَى النِّيَابَةِ عَنْ الْفَاعِلِ وَلَا يَصِحُّ إضَافَتُهُمَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَجُبْنٍ) بِضَمِّ فَسُكُونٍ أَوْ بِضَمَّتَيْنِ مَعَ تَخْفِيفِ النُّونِ وَتَشْدِيدِهَا نَعَمْ إنْ تَهَرَّى أَوْ كَانَ عَتِيقًا لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِيهِ لِعَدَمِ ضَبْطِهِ، وَالسَّمَكُ الْمُمَلَّحُ مِثْلُهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَصَالِحِهِ) أَيْ مَصَالِحِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَزِيدُ الْأَقِطَ بِيَسِيرِ دَقِيقٍ. فَرْعٌ تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْقِشْدَةِ وَلَا بَيْعُ الْعَسَلِ بِشَمْعِهِ وَلَا بَيْعُ الزُّبْدِ وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ فِيهَا، فَقَوْلُهُ هُنَا كَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الزُّبْدِ إنْ خَلَا عَنْ غَيْرِ مَخِيضٍ، وَفِي الْقِشْدَةِ وَلَا يَضُرُّ مَا فِيهَا مِنْ بَعْضِ نَطْرُونٍ أَوْ دَقِيقِ أُرْزٍ وَفِي الْعَسَلِ بِشَمْعِهِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ مَعَ أَنَّ السَّلَمَ أَضْيَقُ مِنْ الْبَيْعِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ الشَّمْعُ فِي الْعَسَلِ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ لِأَنَّ الشَّمْعَ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ وَلَيْسَ بَقَاؤُهُ فِيهِ مِنْ مَصَالِحِهِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ لِأَنَّهُ إنْ عُجِنَ مَعَهُ فَهُوَ كَالْعَجْوَةِ الْمَعْجُونَةِ الْمُخْتَلِطَةِ بِالنَّوَى فَلَا يَصِحُّ، وَإِلَّا فَالشَّمْعُ مَانِعٌ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْعَسَلِ فِيهِ فَهُوَ مِنْ الْجَهْلِ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ عَلَى أَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ رُؤْيَةِ الْعَسَلِ فِيهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ ظَرْفٌ، لَهُ وَالشَّهْدُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُرَادُ بِهِ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ الْعَسَلُ الْخَالِصُ مِنْ شَمْعِهِ فَقَطْ لَا مَعَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا سَيَأْتِي فِي ذِكْرِ وَصْفِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ لَهُ بَيَانٌ لِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ فِي ذَاتِهِ أَوْ لِضَرُورَةِ كَوْنِهِ مِنْ الْمُخْتَلَطِ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُخْتَلَطٍ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ، وَالْحَقُّ أَحَقُّ مِنْ الْمِرَاءِ وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْمَخِيضِ إنْ خَلَا عَنْ الْمَاءِ، وَكَذَا يَصِحُّ فِي اللَّبَنِ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ إلَّا الْحَامِضَ لِاخْتِلَافِ حُمُوضَتِهِ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا) أَيْ مَعَ سُكُونِ الْهَاءِ وَبِكَسْرِهِمَا مَعًا. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ   [حاشية عميرة] الْأَوْصَافِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى وَجْهٍ إلَخْ) لِأَنَّ السَّلَمَ غَرَرٌ فَلَا يَجُوزُ إلَّا فِيمَا يُوثَقُ بِتَسْلِيمِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْمُخْتَلِطِ) لَوْ قَالَ: مَنْ الْمُخْتَلِطُ إلَخْ كَانَ صَوَابًا لِمَا سَيَجِيءُ مِنْ أَنَّ الْعَتَّابِيَّ وَالْخَزَّ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ) يُرِيدُ أَنَّهَا أَوْلَى مِنْ عَطْفِ الْمَتْنِ الْخُفَّ عَلَى الْهَرِيسَةِ فَإِنْ قُدِّرَ الْعَطْفُ عَلَى الْمُخْتَلِطِ سَهُلَ الْأَمْرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتِرْيَاقٍ) وَكَذَا النَّشَا وَالْحَلْوَى. قَوْلُهُ: (وَالْوَبَرِ) أَيْ ذَلِكَ هُوَ النَّوْعُ الرَّفِيعُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَهُمَا مَقْصُودٌ) بِالتَّنْوِينِ لَا بِالْإِضَافَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجُبْنٍ إلَخْ) هَذَا لَيْسَ مِنْ نَوْعِ الْعَتَّابِيَّ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا وَاحِدٌ وَالْبَاقِي مِنْ مَصَالِحِهِ أَوْ هُمَا وَأَحَدُهُمَا خِلْقَةٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ: الْمُخْتَلِطَاتُ أَرْبَعٌ مَا قُصِدَ أَرْكَانُهُ وَلَا يَنْضَبِطُ كَالْهَرِيسَةِ الثَّانِي هَذَا إلَّا أَنَّهُ يَنْضَبِطُ كَالْعَتَّابِيَّ الثَّالِثُ مَا كَانَ الْمَقْصُودُ وَاحِدًا وَغَيْرُهُ مِنْ مَصَالِحِهِ كَالْجُبْنِ الرَّابِعُ الْخِلْقِيُّ كَالشَّهْدِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْخَمْسَةُ مَعْطُوفَةً عَلَى الْمُخْتَلِطِ دُونَ الْعَتَّابِيَّ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ الشَّهْدُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ أَوْ يُؤَخِّرَهُ. فَرْعٌ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْكُشْكِ. قَوْلُهُ: (كُلٌّ مِنْهُمَا) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْأَقِطَ فِيهِ مِنْفَحَةٌ. قَوْلُهُ: (بِشَمْعِهِ خِلْقَةٌ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 (وَخَلِّ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ) وَهُوَ يَحْصُلُ مِنْ اخْتِلَاطِهِمَا بِالْمَاءِ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي السَّبْعَةِ يَنْفِي الِانْضِبَاطَ فِيهَا قَائِلًا كُلٌّ مِنْ الْمَاءِ وَالشَّمْعِ وَالْمِلْحِ وَالْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ (لَا الْخُبْزِ) أَيْ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) لِأَنَّ مِلْحَهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَتَأْثِيرُ النَّارِ فِيهِ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ الصِّحَّةُ لِأَنَّ الْمِلْحَ مِنْ مَصَالِحِهِ وَمُسْتَهْلَكٌ فِيهِ وَتَأْثِيرُ النَّارِ فِيهِ مُنْضَبِطٌ (وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِيمَا نَدَرَ وُجُودُهُ كَلَحْمِ الصَّيْدِ بِمَوْضِعٍ الْعِزَّةِ) أَيْ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يَعِزُّ وُجُودُهُ فِيهِ لِانْتِفَاءِ الْوُثُوقِ بِتَسْلِيمِهِ (وَلَا فِيمَا لَوْ اسْتَقْصَى وَصْفَهُ) الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فِي السَّلَمِ (عَزَّ وُجُودُهُ) لِمَا ذَكَرَ (كَاللُّؤْلُؤِ الْكِبَارِ وَالْيَوَاقِيتِ) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْحَجْمِ وَالشَّكْلِ وَالْوَزْنِ وَالصَّفَاءِ وَاجْتِمَاعِ مَا يُذْكَرُ فِيهَا مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ نَادِرٌ، وَاحْتَرَزَ بِالْكِبَارِ عَنْ الصِّغَارِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ وَهِيَ مَا تُطْلَبُ لِلتَّدَاوِي وَالْكِبَارُ مَا تُطْلَبُ لِلتَّزَيُّنِ (وَجَارِيَةٍ وَأُخْتِهَا أَوْ وَلَدِهَا) لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا بِالصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةِ فِيهِمَا نَادِرٌ. فَرْعٌ: يَصِحُّ السَّلَمُ (فِي الْحَيَوَانِ) لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ قَرْضًا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَرَضَ بِكْرًا» فَقِيسَ عَلَيْهِ السَّلَمُ فِي   [حاشية قليوبي] الْأَصَحُّ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْخَزَّ وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْعَتَّابِيَّ فَهِيَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمَضْبُوطِ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا تَبَعًا لِابْنِ حُجْرٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (قَائِلًا إلَخْ) وَأَجَابُوا بِأَنَّ الْمَاءَ ضَرُورِيٌّ فِي الْخَلِّ وَالشَّمْعِ فِي الْعَسَلِ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ وَالْمِلْحِ لِلْإِصْلَاحِ وَالْحَرِيرُ وَغَيْرُهُ مَضْبُوطٌ كَمَا مَرَّ كَذَا قَالُوا وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي الشَّمْعِ وَالْعَسَلِ فَالْحَقُّ فِيهِ مَا قَالَهُ الْوَجْهُ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (لَا الْخُبْزِ) أَيْ يُخْبَزُ مِنْهُ الْكُنَافَةُ وَالْقَطَائِفُ، وَكَذَا مَا يُقْلَى وَمِنْهُ الزَّلَابِيَةُ أَوْ مَا يُشْوَى وَمِنْهُ الْبَيْضُ. فَرْعٌ: يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْمَسْمُوطِ لِعَدَمِ تَأْثِيرِ النَّارِ فِيهِ قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: وَيَصِحُّ السَّلَمُ فِي النَّيْلَةِ بِاللَّامِ وَالنِّيدَةِ بِالدَّالِ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي الْأُولَى وَعَدَّهَا كَالْخُبْزِ وَهَذَا التَّشْبِيهُ يُفِيدُ الْبُطْلَانَ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْأَوْلَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَتَأْثِيرُ النَّارِ فِيهِ مُنْضَبِطٌ) مَرْدُودٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ فِيمَا نَدَرَ إلَخْ) وَصَحَّحَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِيمَنْ هُوَ عِنْدَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (كَاللُّؤْلُؤِ الْكِبَارِ) وَهُوَ مَا يُطْلَبُ لِلزِّينَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الصِّغَارُ مَا تُطْلَبُ لِلتَّدَاوِي فَيَصِحُّ فِيهَا كَيْلًا وَوَزْنًا وَلَا نَظَرَ لِصِغَرِ أَوْ كِبَرٍ فِيهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَجَارِيَةٍ وَأُخْتِهَا أَوْ وَلَدِهَا) وَمِثْلُهَا نَحْوُ دَجَاجَةٍ وَأَفْرَاخِهَا. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْأَدْهَانِ غَيْرِ الْمُمْتَزِجَةِ بِالْأَوْرَاقِ قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا مَا فِي الْمُمْتَزِجَةِ بِهَا إنْ عُصِرَتْ بَعْدَ نَزْعِ دُودِهِ، وَفِي الْقُطْنِ وَالْغَزْلِ وَالْكَتَّانِ بَعْدَ نَفْضِ سَاسِهِ أَوْ رُءُوسِهِ وَفِي الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَنَحْوِهَا وَفِي أَنْوَاعِ الْمِيَاهِ كَمَاءِ الْوَرْدِ، وَفِي أَنْوَاعِ الْعِطْرِ كَالْمِسْكِ وَالزَّعْفَرَانِ، وَفِي أَنْوَاعِ الْبُقُولِ كَالسِّلْقِ وَالْبَصَلِ، وَفِي نَحْوِ الْجَزَرِ بَعْدَ إزَالَةِ وَرَقِهِ، وَفِي النَّشَا وَالْفَحْمِ وَالدَّرِيسِ وَالتِّبْنِ وَالنُّخَالَةِ وَالْحَطَبِ وَلَوْ شَعْشَاعًا، وَفِي قَصَبِ السُّكْرِ بَعْدَ نَزْعِ قِشْرِهِ الْأَعْلَى، وَقَطْعِ طَرَفَيْهِ وَفِي الْجِبْسِ وَالْجِيرِ وَالزُّجَاجِ وَنَحْوِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْمَعَادِنِ، وَالْجَوَاهِرِ. نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَصِحُّ فِي الْعَقِيقِ لِاخْتِلَافِ أَحْجَارِهِ وَيَصِحُّ فِي الصَّابُونِ وَمِعْيَارُ جَمِيعٍ ذِكْرُ الْوَزْنِ، وَيُذْكَرُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَصِفَتِهِ وَبَلَدِهِ وَكُبْرِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُمْكِن فِيهِ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ بَعْدَ نَزْعِ قِشْرِهِمَا، وَفِي الدَّقِيقِ وَمِعْيَارُهُمَا الْكَيْلُ وَيُذْكَرُ فِيهِمَا مَا فِي الْحُبُوبِ، وَيَصِحُّ فِي الْوَرَقِ الْبَيَاضُ بِالْعَدِّ وَيُذْكَرُ فِيهِ جِنْسُهُ، وَنَوْعُهُ وَطُولُهُ وَعَرْضُهُ وَغِلَظُهُ وَرِقَّتُهُ وَصَنْعَتُهُ وَزَمَنُهُ صَيْفًا وَخَرِيفًا وَغَيْرَهُمَا وَيَصِحُّ فِي الْعَجْوَةِ الْكَبِيسِ وَالْمَعْجُونَةِ بِدُونِ نَوَاهَا دُونَ الْمَعْجُونَةِ مَعَهُ وَلَا يَصِحُّ فِي الْكِشْكِ الْمَعْرُوفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (فَرْعٌ) زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ لِطُولِ الْكَلَامِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَيَوَانِ) غَيْرُ الْحَامِلِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَلَا يَضُرُّ وَصْفُهُ بِنَحْوِ كَاتِبٍ أَوْ مَاشِطَةٍ بِخِلَافِ نَحْوِ حَامِلٍ أَوْ مُغَنٍّ أَوْ قَوَّادٍ. قَوْلُهُ: (بِكْرًا) وَيُسَمَّى الثَّنِيَّ وَهُوَ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ، وَالرُّبَاعِيُّ مَا دَخَلَ فِي السَّابِعَةِ. قَوْلُهُ: (فَقِيسَ   [حاشية عميرة] فَكَانَ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا فِيمَا إلَخْ) مُتَرَتِّبٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الضَّابِطِ السَّابِقِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ. قَوْلُهُ: (وَاجْتِمَاعُ إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ الرَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَالْعِرَاقِيُّونَ جَعَلُوا ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِالصِّفَةِ لِأَنَّ الصِّفَاتِ تَخْتَلِفُ وَلَا تَنْضَبِطُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَارِيَةٍ وَأُخْتِهَا) وَكَذَا الْجَارِيَةُ وَعَمَّتِهَا وَالشَّاةِ وَسَخَلْتهَا وَالْجَارِيَةُ الْحَامِلُ، وَفِي الشَّاةِ اللَّبُونِ قَوْلَانِ وَالْأَظْهَرُ الْمَنْعُ. [فَرْعٌ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ] قَوْلُهُ: (يَصِحُّ فِي الْحَيَوَانِ) . قَوْلُهُ: (فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ) وَكَذَا يَكُونُ أُجْرَةً فِي الذِّمَّةِ وَصَدَاقًا وَكَمَا فِي إبِلِ الدِّيَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ (فَيُشْتَرَطُ فِي الرَّقِيقِ ذِكْرُ نَوْعِهِ كَتُرْكِيٍّ) وَرُومِيٍّ فَإِنْ اخْتَلَفَ صِنْفُ النَّوْعِ وَجَبَ ذِكْرُهُ فِي الْأَظْهَرِ (وَ) ذَكَرَ (لَوْنَهُ كَأَبْيَضَ) وَأَسْوَدَ (وَيَصِفُ بَيَاضَهُ بِسُمْرَةٍ أَوْ شُقْرَةٍ) وَسَوَادَهُ بِصَفَاءٍ أَوْ كُدْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ لَوْنُ الصِّنْفِ لَمْ يَجِبْ ذِكْرُهُ (وَ) ذَكَرَ (ذُكُورَتَهُ أَوْ أُنُوثَتَهُ وَسِنَّهُ) كَابْنِ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ أَوْ مُحْتَلِمٍ (وَقَدَّهُ طُولًا وَقِصَرًا) رِبْعَةً (وَكُلَّهُ عَلَى التَّقْرِيبِ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ. وَالْأَمْرُ فِي السِّنِّ عَلَى التَّقْرِيبِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ مَثَلًا بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ لَمْ يَجُزْ لِنُدُورِهِ، وَيُعْتَمَدُ قَوْلُ الْعَبْدِ فِي الِاحْتِلَامِ. وَكَذَا فِي السِّنِّ إنْ كَانَ بَالِغًا وَإِلَّا فَقَوْلُ سَيِّدِهِ إنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ وَإِلَّا فَقَوْلُ النَّخَّاسِينَ يَظُنُّونَهُمْ (وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْكَحَلِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْحَاءِ، وَهُوَ أَنْ يَعْلُوَ جُفُونَ الْعَيْنَيْنِ سَوَادٌ كَالْكَحَلِ مِنْ غَيْرِ اكْتِحَالٍ (وَالسِّمَنُ) فِي الْجَارِيَةِ (وَنَحْوِهِمَا) كَالدَّعَجِ وَهُوَ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ مَعَ سِعَتِهَا وَتَكَاثُمِ الْوَجْهِ أَيْ اسْتِدَارَتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَسَامُحِ النَّاسِ بِإِهْمَالِهِمَا. وَإِنْ قَالَ الثَّانِي إنَّهَا مَقْصُودَةٌ لَا يُوَرِّثُ ذِكْرُهَا الْعِزَّةَ. وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْمُلَاحَةِ فِي الْأَصَحِّ. وَيَجِبُ ذِكْرُ الثُّيُوبَةِ وَالْبَكَارَةِ فِي الْأَصَحِّ (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي الْإِبِلِ) وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ (وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ الذُّكُورَةُ وَالْأُنُوثَةُ وَالسِّنُّ وَاللَّوْنُ وَالنَّوْعُ) أَيْ ذِكْرُ هَذِهِ الْأُمُورِ فَيَقُولُ فِي النَّوْعِ مِنْ نِتَاجِ بَنِي تَمِيمٍ مَثَلًا فَإِنْ اخْتَلَفَ نِتَاجُهُمْ اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ فِي الْأَظْهَرِ، وَيُبَيِّنُ النَّوْعَ أَيْضًا بِالْإِضَافَةِ إلَى بَلَدٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي الطَّيْرِ النَّوْعُ وَالصِّغَرُ وَكِبَرُ   [حاشية قليوبي] عَلَيْهِ السَّلَمُ فِي الْإِبِلِ) فِيهِ قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ فَاسِدٌ، وَلَعَلَّ الْأَصْلَ وَقِيسَ غَيْرُ الْإِبِلِ. قَوْلُهُ: (وَرُومِيِّ) هَذَا صِنْفٌ لَا نَوْعٌ خِلَافًا لِلشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ إلَخْ) كَالزِّنْجِ. قَوْلُهُ: (وَذُكُورَتُهُ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ فِي الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (أَوْ مُحْتَلِمٍ) أَيْ دَخَلَ فِي سِنِّ الِاحْتِلَامِ وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ وَلَا يَصِحُّ إرَادَةُ الْمُحْتَلِمِ بِالْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (وَقَدَّهُ) وَلَوْ بِنَحْوِ الْأَشْبَارِ لَا بِمُطْلَقِ طُولٍ وَقِصَرٍ. قَوْلُهُ: (وَكَّلَهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِمَّا يُمْكِنُ فِيهِ التَّقْرِيبُ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالسِّنِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا يَصِحُّ دُخُولُ الذُّكُورَةِ وَالنَّوْعُ فِيهِ لِأَنَّ التَّقْرِيبَ فِيهِمَا مَعْلُومُ الِانْتِفَاءِ. قَوْلُهُ: (وَيُعْتَمَدُ قَوْلُ الْعَبْدِ فِي الِاحْتِلَامِ) وَلَوْ كَافِرًا. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ بَالِغًا) أَيْ عَدْلًا. قَوْلُهُ: (سَيِّدِهِ) أَيْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْعَدْلِ. قَوْلُهُ: (إنْ وُلِدَ) أَيْ الْعَبْدُ فِي الْإِسْلَامِ، أَيْ إنْ كَانَ حِينَ وِلَادَتِهِ مُسْلِمًا وَسَيِّدُهُ كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ الْمُسْلِمُ الْعَدْلُ فِي كُلِّ مَا ذَكَرُوهُ فِيهِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (النَّخَّاسِينَ) وَلَوْ وَاحِدًا، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْخُسُ الدَّوَابَّ عِنْدَ بَيْعِهَا. قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهَا) وَمِنْهُ رِقَّةُ الْخَصْرِ وَثِقَلُ الرِّدْفِ، وَيُنْدَبُ مُفْلَجُ الْأَسْنَانِ جَعْدُ الشَّعْرِ. قَوْلُهُ: (الْمَلَّاحَةُ) وَهِيَ تُنَاسِبُ أَعْضَاءَ جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَأَوْرَدَهَا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهَا فِي الذَّاتِ وَمَا قَبْلَهَا فِي صِفَتِهَا. قَوْلُهُ: (وَفِي الْإِبِلِ إلَخْ) وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَبْلَقِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إلَّا فِي بَلَدٍ غَلَبَ وُجُودُهُ فِيهَا وَفِي الْقَامُوسِ الْبَلَقُ مُحَرَّكَةٌ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، إلَى أَنْ قَالَ: وَبُلَيْقُ كَزُبَيْرِ مَاءٌ، وَفَرَسُ سِبَاقٍ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يُعَابُ وَهُوَ مَثَلٌ لِلْحَسَنِ يُذَمُّ بِهِ وَيَصِحُّ فِي الْأَعْفَرِ وَهُوَ لَوْنٌ بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ. قَوْلُهُ: (وَالسِّنُّ) وَالْقَدُّ كَمَرْبُوعٍ. قَوْلُهُ: (وَاللَّوْنُ) لَا وَصْفُهُ كَأَغَرَّ وَمُحَجَّلٍ. قَوْلُهُ: (وَالنَّوْعَ) كَبَخَاتِيِّ وَعِرَابٍ وَصِنْفَهُ كَأَرْحَبِيَّةِ وَمُهْرِيَّةِ وَالنَّوْعُ فِي الْخَيْلِ كَالْهَجِينِ وَالْمُقْرِفِ وَاللَّوْنَ، كَالْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ وَالنَّوْعَ فِي الْحَمِيرِ. قَوْلُهُ: (فِي الطَّيْرِ) غَيْرِ النَّحْلِ لِعَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَاللَّوْنَ) إنْ اخْتَلَفَ بِهِ   [حاشية عميرة] وَمَنَعَ ذَلِكَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَوْلُهُ: (ذِكْرُهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ كَوْنُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُحْتَلِمٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي النَّفْسِ مِنْ هَذَا شَيْءٌ لِأَنَّ الِاحْتِلَامَ مَظِنَّتُهُ مِنْ الْعَاشِرَةِ إلَى الْخَامِسَةَ عَشَرَ وَالْغَرَضُ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَدْرَهُ) لَوْ قَدَّرَهُ بِالْأَشْبَارِ أَوْ الْأَذْرُعِ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الصِّحَّةُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى لَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ شَرَطَ أَنَّ طُولَهُ كَذَا بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ قَالَ الظَّاهِرُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُلُوغِ أَوَّلُ أَوَانِهِ وَإِلَّا فَابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً يُقَالُ لَهُ مُحْتَلِمٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيُعْتَمَدُ قَوْلُ الْعَبْدِ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ قَبُولُ قَوْلِ الْعَبْدِ وَالسَّيِّدِ وَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ. قَوْلُهُ: (النَّخَّاسِينَ) هُمْ بَائِعُو الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالدَّلَّالُونَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ النَّخْسِ وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْيَدِ عَلَى الْكَفَلِ. قَوْلُهُ: (مَعَ سَعَتِهَا) قَالَ فِي الْخَادِمِ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ مَعَ شِدَّةِ بَيَاضِهَا. قَوْلُهُ: (وَفِي الْإِبِلِ) اشْتَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ ذِكْرَ الْقَدِّ فَيَقُولُ مَرْبُوعٌ أَوْ مُشْرِفٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ نِتَاجِ بَنِي فُلَانٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالصِّنْفَ كَالْأَرْحَبِيَّةِ وَالْمُهْرِيَّةِ وَالنَّوْعِ كَالْبَخَاتِيِّ وَالْعِرَابِ انْتَهَى، وَالْمُهْرِيَّةُ نِسْبَةٌ إلَى مُهْرَةَ قَبِيلَةٌ مِنْ الْعَرَبِ وَالْأَرْحَبِيَّةُ نِسْبَةٌ إلَى أَرْحَبَ قَبِيلَةٌ مِنْ هَمْدَانَ. قَوْلُهُ: (وَفِي الطَّيْرِ إلَخْ) لَوْ أَسْلَمَ فِي السَّمَكِ وَصَفَهُ بِالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ وَمَا صِيدَ بِهِ وَالطَّرِيِّ وَالْمُمَلَّحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 الْجُثَّةِ) أَيْ أَحَدُهُمَا. وَفِي الْوَسِيطِ وَغَيْرِهِ وَاللَّوْنُ أَيْ ذِكْرُ هَذِهِ الْأُمُورِ وَإِنْ عُرِفَ السِّنُّ ذَكَرَهُ أَيْضًا (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي اللَّحْمِ) أَنْ يَقُولَ (لَحْمُ بَقَرٍ) عِرَابٍ أَوْ جَوَامِيسَ (أَوْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ ذَكَرٌ خَصِيٌّ رَضِيعٌ مَعْلُوفٌ أَوْ ضِدَّهَا) أَيْ أُنْثَى فَحْلٌ فَطِيمٌ رَاعٍ وَالرَّضِيعُ وَالْفَطِيمُ مِنْ الصَّغِيرِ أَمَّا الْكَبِير فَمِنْهُ الْجَذَعُ وَالثَّنِيُّ فَيَذْكُرُ أَحَدَهُمَا وَلَا يَكْفِي فِي الْمَعْلُوفِ الْعَلَفُ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَبْلَغٍ يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ قَالَهُ الْإِمَامُ (مِنْ فَخِذٍ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (أَوْ كَتِفٍ أَوْ جَنْبٍ) أَوْ غَيْرِهَا. وَفِي كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ سَمِينٍ أَوْ هَزِيلٍ (وَيَقْبَلُ عَظْمَهُ عَلَى الْعَادَةِ) فَإِنْ شَرَطَ نَزْعَهُ جَازَ الشَّرْطُ وَلَمْ يَجِبْ قَبُولُ الْعَظْمِ، وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ السَّلَمِ فِي اللَّحْمِ بَيْنَ الطَّرِيِّ وَالْقَدِيدِ وَالْمُمَلَّحِ وَغَيْرِهِ (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي الثِّيَابِ الْجِنْسُ) أَيْ ذِكْرُهُ كَقُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالنَّوْعِ وَالْبَلَدِ الَّذِي يُنْسَجُ فِيهِ إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ. وَقَدْ يُغْنِي ذِكْرُ النَّوْعِ عَنْهُ وَعَنْ الْجِنْسِ أَيْضًا (وَالطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالْغِلَظَ وَالدِّقَّةَ) هُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَزْلِ (وَالصَّفَاقَةَ وَالرِّقَّةَ) هُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّسْجِ (وَالنُّعُومَةَ وَالْخُشُونَةَ) وَالْمُرَادُ ذِكْرُ أَحَدِ كُلٍّ مُتَقَابِلَيْنِ بَعْدَ الْأَوَّلَيْنِ مَعَهُمَا (وَمُطْلَقُهُ) أَيْ الثَّوْبِ عَنْ الْقَصْرِ وَعَدَمِهِ (يُحْمَلُ عَلَى الْخَامِ) دُونَ الْمَقْصُودِ لِأَنَّ الْقَصْرَ صِفَةٌ زَائِدَةٌ (وَيَجُوزُ) السَّلَمُ (فِي الْمَقْصُورِ وَمَا صُبِغَ غَزْلُهُ قَبْلَ النَّسْجِ كَالْبُرُودِ وَالْأَقْيَسُ صِحَّتُهُ فِي الْمَصْبُوغِ بَعْدَهُ قُلْت الْأَصَحُّ مَنْعُهُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . الْمُرَادُ بِذَلِكَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: أَنَّ طَائِفَةً قَالُوا بِالْجَوَازِ وَهُوَ الْقِيَاسُ. وَالْمَعْرُوفُ الْمَنْعُ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَوَجَّهُوهُ بِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الصِّبْغَ عَيْنٌ بِرَأْسِهِ وَهُوَ مَجْهُولُ الْقَدْرِ وَالْغَرَضِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَقْدَارِهِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ النُّعُومَةِ وَالْخُشُونَةِ وَسَائِرِ صِفَاتِ الثَّوْبِ. وَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ: إنَّ الْجَوَازَ الْقِيَاسُ وَلَوْ صَحَّ التَّوْجِيهَانِ لَمَا جَازَ السَّلَمُ فِي الْمَصْبُوغِ قَبْلَ النَّسْجِ أَيْضًا. وَفِي الْغَزْلِ الْمَصْبُوغِ انْتَهَى. وَفَرَّقَ الْمَانِعُونَ بِأَنَّ الصَّبْغَ بَعْدَ النَّسْجِ يَسُدُّ الْفُرَجَ فَلَا تَظْهَرُ مَعَهُ الصَّفَّافَةُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ. فَرْعٌ: قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْقُمُصِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ إذَا ضُبِطَتْ طُولًا وَعَرْضًا وَسَعَةً وَضِيقًا (وَ) يُشْتَرَطُ أَيْ   [حاشية قليوبي] عَرْضٌ، وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا الذُّكُورَةُ وَالْأُنُوثَةُ وَفِي السَّمَكِ وَالْجَرَادِ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ بَحْرِيٍّ أَوْ نَهْرِيٍّ طَرِيٍّ أَوْ مَالِحٍ، وَنَوْعَ مَا صِيدَ بِهِ وَمِعْيَارُ مَيِّتِهِ الْوَزْنُ وَحَيِّهِ الْعَدَدُ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (أَنْ يَقُولَ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ فِيمَا هُوَ مِنْ لَفْظ الْمُسْلِمِ بِعَيِّنِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَافْهَمْ هَذَا، فَإِنَّ غَيْرَهُ سَفْسَافٌ. قَوْلُهُ: (وَيُقْبَلُ عَظْمُهُ) وُجُوبًا كَجِلْدٍ يُؤْكَلُ لَا رَأْسٍ وَرِجْلٍ مِنْ طَيْرٍ وَذَنَبٍ مِنْ سَمَكٍ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ يُغْنِي إلَخْ) كَبَعْلَبَكِّيِّ وَيَجِبُ ذِكْرُ اللَّوْنِ وَالْخُطُوطِ فِي نَحْوِ الْبُرُودِ. قَوْلُهُ: (بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَزْلِ) وَقَدْ يُطْلَقَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّسْجِ وَعَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (صِفَةٌ زَائِدَةٌ) فَيَجِبُ قَبُولُهُ عَنْ الْخَامِ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَقْصُورِ) إنْ خَلَا عَنْ دَوَاءٍ وَنَارٍ. قَوْلُهُ: (مَا صُبِغَ) أَيْ وَيَجِبُ ذِكْرُ لَوْنِهِ. قَوْلُهُ: (الْمُرَادُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ طُرُقٌ وَأَنَّ مَعْنَى الْأَقْيَسِ الْمُنَاسِبُ لِلْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّبْغِ مَا لَهُ جِرْمٌ لَا مَا هُوَ تَمْوِينُهُ لِأَنَّهُ يَصِحُّ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (الصَّيْمَرِيُّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَوْ ضَمِّهَا. قَوْلُهُ: (فِي الْقُمُصِ) أَيْ غَيْرِ الْمَلْبُوسَةِ لِعَدَمِ   [حاشية عميرة] وَكِبَرِ الْجُثَّةِ) كَأَنْ يَقُولَ: كَبِيرُ الْجُثَّةِ أَوْ صَغِيرُهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ سَمِينٍ وَهَزِيلٍ) وَيَذْكُرُ فِي لَحْمِ الصَّيْدِ مَا يَذْكُرُهُ فِي غَيْرِهِ إلَّا كَوْنَهُ خَصِيًّا أَوْ مَعْلُوفًا أَوْ ضِدَّهُمَا. نَعَمْ يُبَيِّنُ أَنَّهُ صِيدَ بِمَاذَا. قَوْلُهُ: (وَالْبَلَدِ) لَوْ عَيَّنَ نَسْجَ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ بَطَلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلتَّعْرِيفِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّفَاقَةِ) مِنْ الصَّفْقِ وَهُوَ الضَّرْبُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالرِّقَّةِ) هُوَ يُوَافِقُ مَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ لَكِنْ فِي الصِّحَاحِ الدَّقِيقُ وَالرَّقِيقُ خِلَافُ الْغَلِيظِ. قَوْلُهُ: (الْمُرَادُ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا أَنَّ طَائِفَةً قَالُوهُ لَا أَنَّهُ مُجَرَّدُ بَحْثٍ مِنْ الْمُؤَلِّفِ وَأَصْلِهِ. قَوْلُهُ: (وَفَرَّقَ الْمَانِعُونَ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُك أَنَّ الْمَقْصُورَ إذَا كَانَ فِيهِ دَوَاءٌ يَمْتَنِعُ أَقُولُ خُصُوصًا إذَا كَانَ يَغْلِي عَلَى النَّارِ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ بِبِلَادِنَا بَلْ وَفِي الْبَعْلَبَكِّيِّ فِيمَا بَلَغَنِي، فَإِنَّ تَأْثِيرَ النَّارِ وَأَخْذَهَا مِنْ قُوَاهُ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ بَلْ وَلَوْ خَلَا عَنْ الدَّوَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ثُمَّ الْمَصْقُولُ بِالنَّشَا مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (فِي الْقُمُصِ إلَخْ) فِي الْبَهْجَةِ يَمْتَنِعُ فِي الْمَلْبُوسِ قَالَ شَارِحُهَا شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَغْسُولًا كَانَ أَوْ جَدِيدًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 (فِي التَّمْرِ) أَنْ يَذْكُرَ (لَوْنَهُ وَنَوْعَهُ) كَمَعْقِلِيٍّ بَرْنِيِّ أَوْ (وَبَلَدَهُ) كَبَغْدَادِيٍّ أَوْ بَصْرِيٍّ (وَصِغَرَ الْحَبَّاتِ أَوْ كِبَرَهَا) أَيْ أَحَدَهُمَا (وَعِتْقَهُ وَحَدَاثَتَهُ) أَحَدُهُمَا وَلَا يَجِبُ تَقْدِيرُ الْمُدَّةِ الَّتِي مَضَتْ عَلَيْهِ. وَفِي الرُّطَبِ يُشْتَرَطُ مَا ذَكَرَ غَيْرُ الْأَخِيرِينَ (وَالْحِنْطَةُ) وَالشَّعِيرُ (وَسَائِرِ الْحُبُوبِ كَالتَّمْرِ) فِي شُرُوطِهِ الْمَذْكُورَةِ (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي الْعَسَلِ) أَنْ يَقُولَ (جَبَلِيٌّ أَوْ بَلَدِيٌّ صَيْفِيٌّ أَوْ خَرِيفِيٌّ أَبْيَضُ أَوْ أَصْفَرُ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِتْقُ وَالْحَدَاثَةُ) لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ فِيهِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ (وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي) اللَّحْمِ (الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ) لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ النَّارِ فِيهِ وَتَعَذُّرِ الضَّبْطِ (وَلَا يَضُرُّ تَأْثِيرُ الشَّمْسِ) فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْعَسَلِ الْمُصَفَّى بِهَا وَفِي جَوَازِهِ الْمُصَفَّى بِالنَّارِ، وَفِي السَّكَرِ وَالْفَانِيذِ وَالدِّبْسِ وَاللِّبَأِ بِالْهَمْزِ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ وَجْهَانِ سَكَتَ عَنْ الصَّحِيحِ مِنْهُمَا فِي الرَّوْضَةِ. وَصَحَّحَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ الْجَوَازَ فِي كُلِّ مَا دَخَلْته نَارٌ لَطِيفَةٌ. وَمَثَّلَ بِمَا ذَكَرَ غَيْرَ الْعَسَلِ وَهُوَ أَوْلَى وَمِثْلُهُ السَّمْنُ (وَالْأَظْهَرُ مَنْعُهُ) أَيْ السَّلَمِ (فِي رُءُوسِ الْحَيَوَانِ) وَالثَّانِي الْجَوَازُ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مُنَقَّاةً مِنْ الشَّعْرِ وَالصُّوفِ مَوْزُونَةً قِيَاسًا عَلَى اللَّحْمِ بِعَظْمِهِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ عَظْمَهَا أَكْثَرُ مِنْ لَحْمِهَا عَكْسُ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ (وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي مُخْتَلِفٍ كَبُرْمَةٍ مَعْمُولَةٍ) وَهِيَ الْقِدْرُ (وَجِلْدٍ وَكُوزٍ وَطَسٍّ) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَيُقَالُ فِيهِ طَسْتٌ (وَقُمْقُمٌ وَمَنَارَةٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (وَطِنْجِيرٍ) بِكَسْرِ الطَّاءِ أَيْ دَسْتُ (وَنَحْوِهَا) كَالْحَبِّ لِتَعَذُّرِ الضَّبْطِ فِي ذَلِكَ وَاخْتِلَافِ الْجِلْدِ   [حاشية قليوبي] صِحَّتِهِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَسَعَةً وَضِيقًا) فِي الْقُمُصِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ. قَوْلُهُ: (فِي التَّمْرِ) وَمِثْلُهُ الزَّبِيبُ. قَوْلُهُ: (وَعِتْقُهُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا وَكَوْنُ جَفَافِهِ عَلَى الشَّجَرِ أَوَّلًا، وَيُحْمَلُ الْعِتْقُ عَلَى الْعُرْفِ وَيُنْدَبُ ذِكْرُ عَتِيقٍ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَفِي الرُّطَبِ) وَمِثْلُهُ الْعِنَبُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْعَسَلِ) مِنْ النَّحْلِ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. قَوْلُهُ: (بَلَدِيٌّ) وَكَوْنُ بَلَدِهِ حِجَازًا أَوْ مِصْرَ وَمَرْعَاهُ إنْ اخْتَلَفَ بِهِ غَرَضٌ لَا رِقَّتُهُ وَضِدُّهَا، وَيَقْبَلُ رَقِيقَ حُرٍّ لَا عَيْبَ. قَوْلُهُ: (أَبْيَضُ) وَسَكَتُوا عَنْ وَصْفِ لَوْنِهِ كَالْأَبْيَضِ الشَّدِيدِ وَالْأَحْمَرِ الْقَانِي، وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ تُفِيدُ أَنَّهُ خَالِصٌ مِنْ شَمْعِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِي اللَّحْمِ) لَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَوْلَى لِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) الْأَصَحُّ مِنْهُمَا الصِّحَّةُ وَمِعْيَارُهُ كَالسَّمْنِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (لَطِيفَةً) أَيْ مَضْبُوطَةً وَإِنْ كَانَتْ قَوِيَّةً. قَوْلُهُ: (السَّمْنُ) وَمِعْيَارُ مَائِعِهِ الْكَيْلُ وَجَامِدُهُ الْوَزْنُ. قَوْلُهُ: (مَنَعَهُ فِي رُءُوسِ الْحَيَوَانِ) وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ وَجَرَادٍ وَأَكَارِعَ وَلَوْ نِيئَةً. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ فِي مُخْتَلِفٍ) وَمِنْهُ الْحَرْفُ الْمَعْرُوفُ، وَمَالَ شَيْخُنَا إلَى صِحَّتِهِ فِيهِ كَمَا مَرَّ بِالْعَدَانِ انْضَبَطَ كَمَا مَرَّ وَيَذْكُرُ جِنْسَهُ وَنَوْعَهُ وَبَلَدَهُ وَرِقَّتَهُ وَغِلَظَهُ. قَوْلُهُ: (طَسٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَنَارَةٍ) مِنْ النُّورِ وَجَمْعُهَا مُنَاوِرُ. قَوْلُهُ: (وَطِنْجِيرٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهُوَ عَجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ قَالَ الْحَرِيرِيُّ: وَفَتْحُهَا مِنْ لَحْنِ النَّاسِ، وَرَدَّهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ. قَوْلُهُ: (كَالْحُبِّ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَيْلِ النَّفْسِ وَغَيْرِهِ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا زِيرُ الْمَاءِ كَالْخَابِيَةِ وَجَمْعُهُ حِبَابٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ. قَوْلُهُ: (وَاخْتِلَافُ الْجِلْدِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا فِي التَّصْحِيحِ، نَعَمْ يَصِحُّ فِي قُصَاصَاتٍ صَغِيرَةٍ تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهَا سَوَاءٌ دُبِغَتْ كَالْمَأْخُوذِ مِنْهَا الْفِرَاءُ بِالْفَاءِ أَوْ غَيْرَ مَدْبُوغَةٍ كَالْمَأْخُوذِ   [حاشية عميرة] لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ فَأَشْبَهَ الْجِبَابَ وَالْخِفَافَ الْمُطْبَقَةَ وَالْقَلَانِسَ وَالثِّيَابَ الْمَنْقُوشَةَ صَرَّحَ بِذَلِكَ الصَّيْمَرِيُّ انْتَهَى وَقَوْلُهُ الْجِبَابُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ السَّلَمَ فِي الْكَبِيرَةِ الْمُضْرِبَةِ لَا يَصِحُّ. [التَّمْرِ فِي السَّلَمِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعِتْقِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَصْدَرُ عَتُقَ بِالضَّمِّ انْتَهَى وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِضَمِّ الْعَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْحِنْطَةُ وَسَائِرُ الْحُبُوبِ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: عَادَةُ النَّاسِ الْيَوْمَ لَا يَذْكُرُونَ اللَّوْنَ وَلَا صِغَرَ الْحَبَّاتِ وَهِيَ عَادَةٌ فَاسِدَةٌ مُخَالِفَةٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْحَدَاثَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مُرَاعَاةِ قُوَّتِهِ وَرِقَّتِهِ. [السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ] قَوْلُهُ: (سَكَتَ عَنْ الصَّحِيحِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: قَضِيَّةُ أَصْلِهَا الْمَنْعُ وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْجِصِّ وَالزُّجَاجِ وَالْأَوَانِي وَكَذَا الْآجُرُّ فِي الْأَصَحِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) هُوَ جَارٍ فِي الْأَكَارِعِ أَوْ يُشْتَرَطُ فِيهَا عَلَى قَوْلِ الْجَوَازِ بَيَانُ كَوْنِهَا مِنْ الْأَيْدِي أَوْ الْأَرْجُلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي رُءُوسِ الْحَيَوَانِ) مِثْلُهَا الْأَكَارِعُ. [السَّلَمُ فِي مُخْتَلِفٍ كَبُرْمَةٍ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَعْمُولَةٍ) وَكَذَا غَيْرُهَا الْآتِي لَا بُدَّ فِي الْبُطْلَانِ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا وَلَكِنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْ شَرْطِهِ بِالْمِثَالِ وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَفِيمَا صُبَّ مِنْهَا فِي قَالِبٍ. قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ فِيهِ طَسْتٌ) أَيْ بِإِبْدَالِ السِّينِ الثَّانِيَةِ تَاءً. قَوْلُهُ: (وَالطِّنْجِيرُ) عَجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ. قَوْلُهُ: (لِتَعَذُّرِ الضَّبْطِ) أَيْ وَلِنُدْرَةِ اجْتِمَاعِ الْوَزْنِ مَعَ صِفَاتِهَا الْمُعْتَبَرَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 بِتَفَاوُتِ أَجْزَائِهِ دِقَّةً وَغِلَظًا. وَاخْتِلَافِ غَيْرِهِ بِالتَّفَاوُتِ بَيْنَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ مَثَلًا، وَالْعَمَلُ فِي الْبُرْمَةِ مِنْ الْبِرَامِ حَفْرُهَا وَنَحْوُهُ (وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي الْأَسْطَالِ الْمُرَبَّعَةِ وَفِيمَا صُبَّ مِنْهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ أَيْ مِنْ أَصْلِهَا الْمُذَابِ (فِي قَالِبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عَقِبَ ذِكْرُ الْمُمْتَنِعَاتِ مِنْ الْبُرْمَةِ وَمَا بَعْدَهَا. وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيمَا يُصَبُّ مِنْهَا فِي الْقَالِبِ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ. وَفِي الْأَسْطَالِ الْمُرَبَّعَةِ. فَرْعٌ: يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عَلَى الْأَصَحِّ بِشَرْطِ كَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ غَيْرَهُمَا. وَلَا يَجُوزُ إسْلَامُ الدَّرَاهِمِ فِي الدَّنَانِيرِ وَلَا عَكْسُهُ سَلَمًا مُؤَجَّلًا أَوْ حَالًا. وَقِيلَ: يَصِحُّ فِي الْحَالِ بِشَرْطِ قَبْضِهِمَا فِي الْمَجْلِسِ وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الدَّقِيقِ عَلَى الصَّحِيحِ (وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ) فِيمَا يُسْلِمُ فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ وَيُحْمَلُ مُطْلَقُهُ) عَنْهُمَا (عَلَى الْجَيِّدِ) لِلْعُرْفِ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ ذِكْرُ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْقِيمَةَ وَالْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِهِمَا فَيُفْضِي تَرْكُهُمَا إلَى النِّزَاعِ. وَهَذَا مُنْدَفِعٌ بِالْحَمْلِ الْمَذْكُورِ وَيُنَزَّلُ الْجَيِّدُ بِهِ أَوْ بِالشَّرْطِ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَاتِهِ، وَأَنَّ شَرْطَ رَدَاءَةِ الْعَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ أَوْ رَدَاءَةِ النَّوْعِ صَحَّ لِانْضِبَاطِهِ، وَهِيَ الْمُرَادُ بِالرَّدَاءَةِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الرَّوْضَةِ. وَإِنْ شَرَطَ الْأَجْوَدَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِأَنَّ أَقْصَاهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَإِنَّ شَرَطَ الْأَرْدَأَ صَحَّ الْعَقْدُ وَيُقْبَلُ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْهُ (وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْعَاقِدَيْنِ الصِّفَاتِ) لِلْمُسْلَمِ فِيهِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْعَقْدِ فَإِنْ جَهِلَاهَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ (وَكَذَا غَيْرُهُمَا) أَيْ مَعْرِفَتِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِيَرْجِعَ إلَيْهِ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا وَهُوَ عَدْلَانِ. وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ عَدَدُ الِاسْتِفَاضَةِ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ غَيْرِهِمَا وَلَا تَكْرَارٌ فِي الْمُشْتَرَطِ هُنَا مَعَ تَقَدُّمٍ مِنْ اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْأَوْصَافِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَعْرِفَتِهَا هُنَاكَ أَنْ تُعْرَفَ فِي نَفْسِهَا لِيُضْبَطَ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ.   [حاشية قليوبي] مِنْهَا الْغِرَا بَالِغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْبِرَامِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ حِجَارَةٌ يَعْمَلُ مِنْهَا الْقُدُورُ لِنَحْوِ الطَّبْخِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوَهُ) أَيْ نَحْوَ الْحَفْرِ كَالصِّنَاعَةِ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْمَذْكُورَاتِ. قَوْلُهُ: (الْمُرَبَّعَةِ) وَكَذَا الْمُدَوَّرُ غَيْرُ الضَّيِّقَةِ الرَّأْسِ. قَوْلُهُ: (الْمَذْكُورَاتِ) أَيْ مِمَّا يَتَأَتَّى فِيهِ الصَّبُّ لِأَنَّ أَصْلَ الْبُرْمَةِ حَجَرٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهَا الْأَعَمُّ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ إلَخْ) ذَكَرَهَا لِيَسْتَدِلَّ بِهَا عَلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْمَذْكُورَاتِ لَا لِلْأَسْطَالِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ اللَّامِ) وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَهُوَ آلَةٌ يُعْمَلُ بِهَا الْأَوَانِي بِصَبِّ الْمَعَادِنِ الْمُذَابَةِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ طَرْقٍ وَلَا دَقٍّ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَالًا) وَإِنْ نَوَيَا فِيهِ الصَّرْفَ، لِأَنَّ وَضْعَ السَّلَمِ التَّأْجِيلُ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. قَوْلُهُ: (فِي الدَّقِيقِ) وَيُذْكَرُ فِيهِ مَا يُذْكَرُ فِي حَبِّهِ مِمَّا يَأْتِي هُنَا وَمِعْيَارُهُ الْكَيْلُ كَمَا مَرَّ، وَيَصِحُّ فِي النُّخَالَةِ كَالتِّبْنِ وَمِعْيَارُهَا الْوَزْنُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ وَلَا يَصِحُّ فِي الْمَدْشُوشِ وَالْمَسُوسِ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ) فَإِنْ انْضَبَطَ صَحَّ قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِابْنِ حُجْرٌ كَالْعَمِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنْ النَّادِرِ وَعَلَى الصِّحَّةِ يَقْبَلُ بَدَلَهُ الْبَصِيرُ لِأَنَّهُ أَجْوَدُ مِنْهُ قَوْلُهُ: (وَإِنْ شَرَطَ الْأَرْدَأَ) أَيْ مِنْ النَّوْعِ لَا مِنْ الْعَيْبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (عَدْلَانِ) قَالَ شَيْخُنَا م ر: فِي مَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَشَيْخُنَا ز ي فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَاكَ إلَخْ) أَيْ وَالْمُرَادُ هُنَا مَعْرِفَتُهَا لِلْعَاقِدَيْنِ لِيَذْكُرَاهَا فِي الْعَقْدِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ فِي الْعَقْدِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (مِنْ الْبِرَامِ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ وَالْجَمْعُ بِرَامٌ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. [السَّلَمُ فِي الْأَسْطَالِ الْمُرَبَّعَةِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمُرَبَّعَةِ) أَيْ لِعَدَمِ اخْتِلَافِهَا بِخِلَافِ الضَّيِّقَةِ الرُّءُوسِ وَقَوْلُهُ وَفِيمَا صُبَّ إلَخْ، أَيْ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَزِنَ مِقْدَارًا لَوْ يُذِيبُهُ وَيَصُبُّهُ فِي قَالِبٍ مَعْرُوفٍ مُرَبِّعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالضَّبْطُ مُمْكِنٌ. [فَرْعٌ السَّلَمُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ] قَوْلُهُ: (الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ) لَوْ كَانَتْ مَغْشُوشَةً فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ لِأَنَّ الْغِشَّ غَيْرُ مَقْصُودٍ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ الزُّجَاجُ الْمَغْشُوشُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهِ، ثُمَّ هَلْ يُشْتَرَطُ وَصْفُهُ أَمْ يَكْفِي إطْلَاقُ الدَّرَاهِمِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ كَالثَّمَنِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ يُرَاجَعُ مِنْ الْخَادِمِ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَالًا إلَخْ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ كَصَاعِ بُرٍّ فِي صَاعِ شَعِيرٍ عَلَى حُكْمِ الْحُلُولِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ ثُمَّ عِلَّةُ الْبُطْلَانِ تَضَادُّ أَحْكَامِ الْمُسْلَمِ وَالصَّرْفُ هَذَا يَقْتَضِي التَّقَابُضَ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ نَعَمْ لَوْ نَوَيَا بِذَلِكَ الصَّرْفَ جَازَ. قَوْلُهُ: (فِي الدَّقِيقِ) وَيُذْكَرُ فِيهِ مَا يُذْكَرُ فِي الْحَبِّ زَادَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالنُّعُومَةُ وَالْخُشُونَةُ وَالْجَدِيدُ وَالْقَدِيمُ. قَوْلُهُ: (الْجَيِّدُ بِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ بِالْحَمْلِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَهِلَاهَا إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَا لِخَفَاءِ الصِّفَاتِ أَوْ لِغَرَابَةِ الْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِيهَا. تَتِمَّةٌ: يُنَزَّلُ الْوَصْفُ فِي كُلِّ شَيْءٍ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَاتِهِ وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَجِبُ الْوَسَطُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ عَدْلَانِ) حَاصِلُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يُوجَدَ أَبَدًا فِي الْغَالِبِ مِمَّنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ عَدْلَانِ فَأَكْثَرُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَدْلَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ غَيْرُهُمَا لِأَنَّهُمَا قَدْ يَمُوتَانِ. قَوْلُهُ: (إنْ تُعْرَفَ فِي نَفْسِهَا إلَخْ) يَعْنِي أَنْ تَكُونَ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 فَصْلٌ لَا يَصِحُّ أَنْ يُسْتَبْدَلَ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ غَيْرُ جِنْسِهِ كَالشَّعِيرِ عَنْ الْقَمْحِ (وَ) غَيْرِ (نَوْعِهِ) كَالتَّمْرِ الْبَرْنِيِّ عَنْ الْمَعْقِلِيِّ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اعْتِيَاضٌ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ امْتِنَاعُهُ بِدَلِيلِهِ. وَالثَّانِي يُشْبِهُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ (وَقِيلَ يَجُوزُ فِي نَوْعِهِ وَلَا يَجِبُ) قَبُولُهُ كَمَا فِي اخْتِلَافِ الصِّفَةِ الْمُرَادِ فِي قَوْلِهِ (وَيَجُوزُ أَرْدَأُ مِنْ الْمَشْرُوطِ) أَيْ دَفْعُهُ (وَلَا يَجِبُ) قَبُولُهُ (وَيَجُوزُ أَجْوَدُ) مِنْ الْمَشْرُوطِ. (وَيَجِبُ قَبُولُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ، وَيَجِبُ تَسْلِيمُ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا نَقِيَّةً مِنْ الزُّؤَانِ وَالْمَدِّ وَالتُّرَابِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا قَلِيلٌ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ أَسْلَمَ كَيْلًا جَازَ أَوْ وَزْنًا لَمْ يَجُزْ، وَمَا أَسْلَمَ فِيهِ كَيْلًا لَا يَجُوزُ قَبْضُهُ وَزْنًا وَبِالْعَكْسِ. وَيَجِبُ تَسْلِيمُ التَّمْرِ جَافًّا وَالرُّطَبِ صَحِيحًا (وَلَوْ أَحْضَرَهُ) أَيْ الْمُسْلَمَ فِيهِ الْمُؤَجَّلَ (قَبْلَ مَحِلِّهِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ وَقْتَ حُلُولِهِ (فَامْتَنَعَ الْمُسْلَمُ مِنْ قَبُولِهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ بِأَنْ كَانَ حَيَوَانًا) فَيَحْتَاجُ إلَى عَلَفٍ (أَوْ) كَانَ الْوَقْتُ (وَقْتَ غَارَةٍ) أَيْ نَهْبٍ فَيُخْشَى ضَيَاعُهُ (لَمْ   [حاشية قليوبي] وَلِعَدْلَيْنِ لِدَفْعِ التَّخَالُفِ بِهِمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِيَرْجِعَ إلَخْ فَانْدَفَعَ التَّكْرَارُ بِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ. تَنْبِيهٌ: كُلُّ مَا يَجِبُ ذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ مِنْ الْأَوْصَافِ إذَا ذُكِرَ فِي السَّلَمِ تَعَيَّنَ وُجُودُهُ لِالْتِزَامِهِ بِالشَّرْطِ فَتَأَمَّلْ. فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَزَمَانِهِ وَمَكَانِهِ قَوْلُهُ: (عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ) خَرَجَ دَيْنُ ضَمَانِهِ فَيَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ فَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ ضَمِنَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ وَكَالْمُسْلَمِ فِيهِ كُلُّ مُثَمَّنٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَالتَّمْرِ الْبَرْنِيِّ عَنْ الْمَعْقِلِيِّ) وَكَذَا ثَمَرٌ عَنْ رُطَبٍ وَمَسْقِيٌّ بِمَاءٍ عَنْ مَسْقِيٍّ بِمَطَرٍ وَعَكْسُ ذَلِكَ. قَوْله: (وَيَجِبُ قَبُولُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي قَبُولِهِ كَفَسْخِ نِكَاحٍ فِي زَوْجَتِهِ أَوْ عِتْقٍ فِي أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ أَوْ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ وَكَذَا حَوَاشِيهِ كَأَخٍ أَوْ عَمٍّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، لِاحْتِمَالِ رَفْعِهِ لِحَنَفِيٍّ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ وَلَوْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ جَاهِلًا بِهِ صَحَّ الْقَبْضُ وَلَزِمَهُ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنْ فَسْخٍ أَوْ عِتْقٍ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَخَالَفَهُ ابْنُ حُجْرٌ وَخَرَجَ بِالْأَجْوَدِ الْأَكْثَرُ كَخَشَبَةٍ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ عَنْ خَشَبَةٍ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ فَيَجُوزُ وَلَا يَجِبُ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ تَسْلِيمُ إلَخْ) بِمَعْنَى عَدَمِ وُجُوبِ الْقَبُولِ. قَوْلُهُ: (الزُّؤَانِ) بِضَمِّ الزَّاي الْمُعْجَمَةِ أَوَّلَهُ وَبَعْدَهَا وَاوٌ مَهْمُوزَةٌ حُبٌّ يُشْبِهُ الْحِنْطَةَ وَلَيْسَ هُوَ الدَّحْرِيجُ كَمَا قِيلَ، وَالْمَدَرُ طِينٌ مُسْتَحْجَرٌ. قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ وَجَبَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِإِخْرَاجِهِ مُؤْنَةٌ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ) أَيْ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ فَيَجُوزُ بِالتَّرَاضِي. قَوْلُهُ: (وَمَا أُسْلِمَ فِيهِ إلَخْ) فَإِنْ خَالَفَ لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ وَدَخَلَ فِي ضَمَانِهِ، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَيَلْزَمُهُ بَدَلُهُ إنْ تَلِفَ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَبَضَ عَدَدَ مَا أَسْلَمَ فِيهِ ذَرْعًا، وَعَكْسُهُ أَوْ قَبَضَ بِأَحَدِهِمَا مَا أَسْلَمَ فِيهِ بِغَيْرِهِمَا أَوْ قَبَضَ بِمِكْيَالٍ أَوْ ذِرَاعٍ غَيْرِ مَا عَيَّنَهُ، كَأَنْ قَبَضَ بِقَدَحِ مَا أَسْلَمَ فِيهِ بِرُبُعٍ أَوْ عَكْسُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (جَافًّا) أَيْ غَيْرَ مُسْتَحْشَفٍ. قَوْلُهُ: (وَالرُّطَبِ صَحِيحًا) أَيْ غَيْرَ مُشَدَّخٍ وَمِثْلُهُ الْمُذْنِبُ بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ بُسْرٌ طَرَفُهُ مُرَطَّبٌ وَالْمُشَدَّخُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَآخِرُهُ خَاءٌ مُعْجَمَةٌ بَلَحٌ أَخْضَرُ يُغْمَرُ فِي نَحْوِ خَلٍّ لِيَصِيرَ رُطَبًا، وَيُقَالُ لَهُ: بِمِصْرَ الْمَعْمُولَ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ مَعْمُولٌ صَدَقَ الْمُسْلِمُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي لَحْمٍ أَنَّهُ مَيْتَةٌ أَوْ مُذَكًّى نَعَمْ إنْ قَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ذَبَحْته بِنَفْسِي صَدَقَ هُوَ، وَالتَّصْدِيقُ فِيمَا ذَكَرَ بِالْيَمِينِ.   [حاشية عميرة] نَفْسِهَا مَعْرُوفَةً لِيُمْكِنَ الضَّبْطُ بِهَا فَيَخْرُجُ صِفَاتُ مَا لَا يَنْضَبِطُ كَالْمَعَاجِينِ. [فَصْلٌ لَا يَصِحُّ أَنْ يُسْتَبْدَلَ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ غَيْرُ جِنْسِهِ كَالشَّعِيرِ عَنْ الْقَمْحِ] فَصْلٌ لَا يَصِحُّ أَيْ لِحَدِيثِ «مَنْ أَسْلَفَ فَلَا يَأْخُذْ إلَّا مَا أَسْلَفَ فِيهِ أَوْ رَأْسَ مَالِهِ» وَلِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ. قَوْلُهُ: (كَالتَّمْرِ الْبَرْنِيِّ إلَخْ) وَالزَّبِيبِ الْأَبْيَضِ عَنْ الْأَسْوَدِ وَالْمَسْقِيِّ بِمَاءِ السَّمَاءِ عَنْ الْمَسْقِيِّ بِغَيْرِهِ وَالْعَبْدِ التُّرْكِيِّ عَنْ الْهِنْدِيِّ وَالْعَكْسُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ أَرْدَأَ) مِنْ رَدُأَ الشَّيْءُ بِالضَّمِّ يَرْدُؤُ بِالضَّمِّ أَيْضًا رَدَاءَةً فَهُوَ رَدِيءٌ وَأَرْدَأَ كُلُّهُ مَهْمُوزٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجِبُ قَبُولُهُ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْأَجْوَدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ غَيْرُهُ فَيَهُونُ أَمْرُ الْمِنَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنَّ) الْأَحْسَنَ كَانَ وَقَوْلُهُ غَارَةٍ فِي الْأَفْصَحِ إغَارَةٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 يُجْبَرْ) عَلَى قَبُولِهِ لِمَا ذَكَرَ. وَكَذَا لَوْ كَانَ ثَمَرَةً أَوْ لَحْمًا يُرِيدُ أَكْلَهُمَا عِنْدَ الْمَحِلِّ طَرِيًّا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي الِامْتِنَاعِ (فَإِنْ كَانَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ صَحِيحٌ) فِي التَّعْجِيلِ (كَفَكِّ رَهْنٍ) أَوْ ضَمَانٍ (أُجْبِرَ) الْمُسْلِمُ عَلَى الْقَبُولِ (وَكَذَا) يُجْبَرُ عَلَيْهِ (لِمُجَرَّدِ غَرَضِ الْبَرَاءَةِ) أَيْ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا يُجْبَرُ لِمَا فِي التَّعْجِيلِ مِنْ الْمِنَّةِ. وَلَوْ تَقَابَلَ وَغَرَضَاهُمَا قُدِّمَ جَانِبُ الْمُسْتَحِقِّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ صَدْرِ الْكَلَامِ هُنَا وَلَوْ أَحْضَرَ فِي السَّلَمِ الْحَالِ الْمُسْلَمَ فِيهِ لِغَرَضٍ سِوَى الْبَرَاءَةِ أُجْبِرَ الْمُسْلِمُ عَلَى قَبُولِهِ أَوْ لِغَرَضِ الْبَرَاءَةِ أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ الْإِبْرَاءِ. وَحَيْثُ ثَبَتَ الْإِجْبَارُ فَأَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ أَخَذَهُ الْحَاكِمُ لَهُ (وَلَوْ وَجَدَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بَعْدَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ) بِفَتْحِهَا أَيْ مَكَانِهِ الْمُتَعَيِّنِ بِالشَّرْطِ أَوْ الْعَقْدِ وَطَالَبَهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ) مِنْ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ (مُؤْنَةٌ وَلَا يُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهِ لِلْحَيْلُولَةِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الِاعْتِيَاضَ عَنْهُ مُمْتَنِعٌ كَمَا تَقَدَّمَ. وَالثَّانِي يُطَالِبُهُ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْمُسْلِمِ الْفَسْخُ وَاسْتِرْدَادُ رَأْسِ الْمَالِ، كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَإِنْ لِمَ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ (وَإِذَا   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: جَعَلُوا اخْتِلَافَ النَّوْعِ هُنَا كَاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَفِي الرِّبَا كَالصِّفَةِ وَلَعَلَّهُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَحْضَرَهُ) سَوَاءٌ فِي مَحَلِّ التَّسْلِيمِ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (إلَى عَلَفٍ) أَيْ لَهُ وَقْعٌ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى مَكَانِ حِفْظٍ أَوْ كَانَ يَتَرَقَّبُ بِهِ زِيَادَةَ سِعْرٍ. قَوْلُهُ: (غَارَةٍ) الْأَفْصَحُ إغَارَةٍ وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِيهِ، وَكَانَ هُوَ آمِنًا. قَوْلُهُ: (لَوْ كَانَ ثَمَرَةً) أَيْ بِالْمُثَلَّثَةِ أَوْ لَحْمًا يُرِيدُ أَكْلَهُمَا طَرِيًّا الْأَوْلَى إفْرَادُ أَكْلِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْعَطْفِ بِأَوْ، وَلِذَلِكَ أَفْرَدَ طَرِيًّا وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ قَوْلِ بَعْضِهِمْ لَمْ يَقُلْ طَرِيَّيْنِ لِأَنَّهُ فَعِيلٌ يُخْبِرُ بِهِ عَنْ الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الِامْتِنَاعَ مُقَسَّمٌ وَإِنْ لَمْ تُفِدْهُ عِبَارَتُهُ. قَوْلُهُ: (أُجْبِرَ الْمُسْلِمُ عَلَى الْقَبُولِ) أَيْ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ وَارِثِهِ وَكَذَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ إنْ كَانَ عَنْ مَيِّتٍ لَا تَرِكَةَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَيَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالْبَيْعِ. وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر. وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا عَلَى حَالَةِ عَدَمِ الِامْتِنَاعِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ أَخَذَهُ الْحَاكِمُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لِمُجَرَّدِ غَرَضِ الْبَرَاءَةِ) يُجْبَرُ الْمُسْلَمُ وَكَذَا يُجْبَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ أَصْلًا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. نَقْلًا عَنْ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ اهـ. لَكِنْ فِي وُجُوبِهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَقَابَلَ غَرَضَاهُمَا) رُوعِيَ الْمُسْلِمُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا غَرَضٌ أَصْلًا أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ لِأَنَّ عَدَمَ قَبُولِهِ تَعَنُّتٌ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إسْقَاطٌ لِلْأَجَلِ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ. قَوْلُهُ: (وَالْحَالِ) أَيْ أَصَالَةٍ أَوْ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ وَكَانَ فِي مَكَانِ التَّسْلِيمِ. قَوْلُهُ: (أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ) أَيْ عَيْنًا. قَوْلُهُ: (أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ الْإِبْرَاءِ) وَإِنَّمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى أَحَدِهِمَا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ تَمَحَّضَ غَرَضِ الْبَرَاءَةِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَخَذَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ عَيْنًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَفَعَلَ الْأَصْلَحَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَحَيْثُ أَخَذَهُ الْحَاكِمُ فَهُوَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ كَأَمْوَالِ الْغَائِبِينَ. تَنْبِيهٌ: مِثْلُ دَيْنِ السَّلَمِ فِيمَا ذَكَرَ دَيْنُ غَيْرِهِ وَيَجِبُ وَفَاءُ الدَّيْنِ بِالطَّلَبِ وَيُعْذَرُ فِيمَا لَا يَسْقُطُ الشُّفْعَةُ، وَمِنْ هَذَا الْمَذْكُورِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّهُ يُعَلِّقُ الزَّوْجَ أَنَّهُ مَتَى تَزَوَّجَ عَلَى زَوْجَتِهِ وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ كَذَا مَعَ صَدَاقِهَا فَهِيَ طَالِقٌ مِنْهُ، فَإِذَا امْتَنَعَتْ مِنْ أَخْذِ صَدَاقِهَا بَعْدَ إحْضَارِ الزَّوْجِ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى الْقَبُولِ لِأَنَّ لَهَا غَرَضًا فِي عَدَمِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ) أَيْ إلَى مَوْضِعِ الظُّفْرِ وَهَذَا غَيْرُ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ. قَوْلُهُ: (مُؤْنَةٌ) أَيْ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسْلِمُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْأَدَاءُ، وَارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ فِي مَحَلِّ الظُّفْرِ كَالْمُؤْنَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (لِلْمُسْلِمِ الْفَسْخُ) وَلَهُ الدَّعْوَى عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَإِلْزَامُهُ بِالسَّفَرِ مَعَهُ أَوْ التَّوْكِيلِ لَا حَبْسِهِ. قَوْلُهُ: (رَأْسِ الْمَالِ) أَوْ مِثْلِهِ إنْ تَلِفَ وَلَا نَظَرَ لِمُؤْنَةِ حَمْلِهِ. قَوْلُهُ: (لِنَقْلِهِ) أَيْ مِنْ مَحَلِّ الظُّفْرِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مُؤْنَةٌ) أَيْ وَلَمْ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُجْبِرَ) لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ قَبُولِهِ تَعَنُّتٌ وَمِنْ الْأَغْرَاضِ خَوْفُ انْقِطَاعِ الْجِنْسِ عِنْدَ الْحُلُولِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) مِثْلُهُ لَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي مَوْضِعِ الطَّلَبِ أَغْلَى وَكَذَا يُقَالُ فِي الَّذِي لَا مُؤْنَةَ لَهُ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ تَعْوِيضًا حَقِيقِيًّا حَتَّى لَوْ اجْتَمَعَا فِي مَحَلِّ التَّسْلِيمِ وَجَبَ رَدُّ الْقِيمَةِ وَأَخْذُ الْمُسْلَمِ فِيهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُجْبَرْ إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ بَذَلَ لَهُ الْمُؤْنَةَ لَمْ يُجْبَرْ أَيْضًا لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ انْتَهَى وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ فَلْيُحْذَرْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 امْتَنَعَ) الْمُسْلِمُ (مِنْ قَبُولِهِ هُنَاكَ) أَيْ فِي غَيْرِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ وَقَدْ أَحْضَرَ فِيهِ (لَمْ يُجْبَرْ) عَلَى قَبُولِهِ (إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ) إلَى مَكَانِ التَّسْلِيمِ (مُؤْنَةٌ أَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ) الْمَحْضَرَ فِيهِ (مَخُوفًا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَا كَانَ الْمَوْضِعُ مَخُوفًا (فَالْأَصَحُّ إجْبَارُهُ) عَلَى قَبُولِهِ لِتَحْصُلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي التَّعْجِيلِ قَبْلَ الْحُلُولِ لِغَرَضِ الْبَرَاءَةِ. وَلَوْ اُتُّفِقَ كَوْنُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ عَلَى صِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَأَحْضَرَهُ وَجَبَ قَبُولُهُ فِي الْأَصَحِّ. فَصْلٌ الْإِقْرَاضُ وَهُوَ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ بَدَلُهُ (مَنْدُوبٌ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى كَشْفِ كُرْبَةٍ وَيَتَحَقَّقُ بِعَاقِدٍ وَمَعْقُودٍ عَلَيْهِ، وَصِيغَةٍ كَغَيْرِهِ وَتَرْجَمَهُ كَأَصْلِهِ بِالْفَصْلِ دُونَ الْبَابِ لِشَبَهِ الْمُقْرِضِ بِالْمُسْلِمِ فِيهِ فِي الثُّبُوتِ فِي الذِّمَّةِ (وَصِيغَتُهُ: أَقْرَضْتُك أَوْ أَسْلَفْتُك) هَذَا (أَوْ خُذْهُ بِمِثْلِهِ أَوْ مَلَّكْتُكَهُ عَلَى أَنْ تَرُدَّ بِهِ لَهُ) أَوْ خُذْهُ وَاصْرِفْهُ فِي حَوَائِجِك وَرَدَّ بَدَلَهُ. كَذَا فِي الرَّوْضَةِ   [حاشية قليوبي] يَتَحَمَّلْهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إلَّا بِالدَّفْعِ لِلْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الِاعْتِيَاضَ. قَوْلُهُ: (أَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ مَخُوفًا) مِثَالٌ وَالْمُرَادُ وُجُودُ غَرَضِ الْمُسْلَمِ. قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ إجْبَارُهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ. قَوْلُهُ: (عَلَى قَبُولِهِ) أَيْ عَيْنًا إنْ كَانَ غَرَضُهُ الْبَرَاءَةَ لِأَنَّهُ كَالْمَحْضَرِ قَبْلَ الْمَحَلِّ كَمَا مَرَّ، وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْمُؤَدِّي غَرَضٌ أَوْ لَا فَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْغَرَضِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اتَّفَقَ إلَخْ) كَأَنْ أَسْلَمَهُ جَارِيَةً صَغِيرَةً فِي كَبِيرَةٍ فَكَبِرَتْ وَفِيهَا الصِّفَةُ الْمَشْرُوطَةُ. فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى الْأَفْصَحِ لُغَةً الْقَطْعُ، وَيُطْلَقُ بِمَعْنَى مَا يُقْرَضُ وَبِمَعْنَى الْإِقْرَاضِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، فَلِذَلِكَ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِهِ وَيُسَمَّى سَلَفًا أَيْضًا كَالسَّلَمِ وَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ عَقِبَهُ وَعَرَّفَهُ الشَّارِحُ بِمَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ بِقَوْلِهِ هُوَ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ إلَخْ لَكِنَّ ذِكْرَ التَّمْلِيكِ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الْإِبَاحَةِ. قَوْلُهُ: (بَدَلَهُ) شَمَلَ الْمُتَقَوِّمَ وَالْمَنَافِعَ. قَوْلُهُ: (مُسْتَحَبٌّ) فَهُوَ مِنْ التَّضْمِينِ أَوْ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ فِرَارًا مِنْ أَنَّ الْمَنْدُوبَ هُوَ نَفْسُ الْفَاعِلِ وَقَدْ يَجِبُ كَمَا فِي الْمُضْطَرِّ وَقَدْ يُكْرَهُ كَمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ يَصْرِفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ، وَقَدْ يَحْرُمُ كَمَنْ ظُنَّ مِنْهُ وَذَلِكَ وَكَغَيْرِ مُضْطَرٍّ لَمْ يَرْجُ وَفَاءً إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ، وَكَمَنْ أَظْهَرَ صِفَةً لَوْ عَلِمَ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ لَمْ يُقْرِضْهُ كَمَا فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَلَا تَدْخُلُهُ الْإِبَاحَةُ لِأَنَّ أَصْلَهُ النَّدْبُ، وَقَالَ شَيْخُنَا بِهَا فِيمَا إذَا لَمْ يَرْجِعْ وَفَاءً كَمَا مَرَّ وَعَلِمَ الْمَالِكُ بِحَالِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً إلَخْ) فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ دِرْهَمِ الصَّدَقَةِ الَّذِي قَدْ لَا يَكُونُ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَمَّا وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا أَنَّ دِرْهَمَ الصَّدَقَةِ بِعَشَرَةٍ وَدِرْهَمَ الْقَرْضِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ» وَزِيَادَةُ الثَّوَابِ دَلِيلٌ عَلَى الْفَضْلِ، وَلِذَلِكَ عَلَّلَهُ. جِبْرِيلُ لَمَّا سَأَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ زِيَادَةِ ثَوَابِهِ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا فِي يَدِ مُحْتَاجٍ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ دِرْهَمَ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ لِعَدَمِ الْعِوَضِ فِيهِ، وَحِكْمَةُ كَوْنِهِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَنَّ فِيهِ دِرْهَمَيْنِ بَدَلًا وَمُبْدَلًا فَهُمَا عِشْرُونَ يَرْجِعُ الْمُقْرِضُ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ اثْنَانِ فَتَبْقَى الْمُضَاعَفَةُ وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ. قَوْلُهُ: (وَيَتَحَقَّقُ) أَيْ تَتَوَقَّفُ حَقِيقَتُهُ فَهِيَ أَرْكَانٌ كَالْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْبَابِ) الْأَوْلَى دُونَ الْكِتَابِ لِأَنَّ الْبَابَ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ الْكِتَابِ كَالْفَصْلِ. قَوْلُهُ: (أَوْ خُذْهُ بِمِثْلِهِ) أَوْ بِبَدَلِهِ فَهُمَا صَرِيحَانِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ وَهُوَ خُذْ هَذَا الدِّرْهَمَ بِدِرْهَمٍ كِنَايَةٌ لِأَنَّهُ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ الْإِقْرَاضُ] ُ إلَخْ الْإِقْرَاضُ مَصْدَرُ أَقْرَضَ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْقَرْضِ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الْإِعْطَاءِ، وَالْقَرْضُ مَصْدَرًا، الْقَطْعُ وَاسْمٌ لِلشَّيْءِ الْمُقْرَضِ وَمِنْهُ {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا} [البقرة: 245] وَإِلَّا لَقَالَ إقْرَاضًا نَعَمْ سُمِّيَ هَذَا الْبَابُ إقْرَاضًا لِأَنَّ الْمُقْرِضَ قَطَعَ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ ثُمَّ دَلِيلُ النَّدْبِ حَدِيثُ «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً» إلَى آخِرِهِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ الصَّدَقَةُ يُكْتَبُ أَجْرُهَا حِينَ تَصَدَّقَ بِهَا، وَالْقَرْضُ يُكْتَبُ أَجْرُهُ مَا دَامَ عِنْدَ الْمُقْتَرِضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ خُذْهُ بِمِثْلِهِ) أَيْ إذَا قُلْنَا يَضْمَنُ الْقَرْضَ بِالْمِثْلِ وَإِلَّا فَمَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى أَنْ تَرُدَّ بَدَلَهُ) لَوْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 كَأَصْلِهَا وَكَانَ إسْقَاطُهُ هُنَا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ: " وَاصْرِفْهُ فِي حَوَائِجِك "، وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ أَخْذَهُ بِكَذَا كِنَايَةٌ فِيهِ فَيَتَأَتَّى مِثْلُهُ هُنَا فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ (وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ) أَيْ الْإِقْرَاضِ (فِي الْأَصَحِّ) كَالْبَيْعِ. وَالثَّانِي قَالَ: هُوَ إبَاحَةُ إتْلَافٍ عَلَى شَرْطِ الضَّمَانِ فَلَا يَسْتَدْعِي الْقَبُولَ (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي الْمُقْرِضِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ شَرْطَ الْعَاقِدِ الرُّشْدُ الشَّامِلُ لِلْمُقْرِضِ وَالْمُقْتَرِضِ (أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) لِأَنَّ فِي الْإِقْرَاضِ تَبَرُّعًا فَلَا يَصِحُّ إقْرَاضُ الْوَلِيِّ مَالَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ (وَيَجُوزُ إقْرَاضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ) مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ (إلَّا الْجَارِيَةَ الَّتِي تَحِلُّ لِلْمُقْتَرِضِ) فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا لَهُ (فِي الْأَظْهَرِ)   [حاشية قليوبي] يَشْمَلُ الْبَيْعَ وَالْقَرْضَ، فَإِنْ نَوَى بِهِ الْبَيْعَ فَبَيْعٌ، وَإِلَّا فَقَرْضٌ، وَأَمَّا خُذْهُ فَقَطْ فَكِنَايَةٌ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْقَرْضَ وَالصَّدَقَةَ، وَشِبْهُ الْبَدَلِ أَوْ الْمِثْلُ كَذِكْرِهِ وَيَصْدُقُ فِي إرَادَتِهِمَا وَكَذَا مَلَّكْتُكَهُ وَلَوْ فِي مُضْطَرٍّ دَفْعًا لِلْمَنْعِ مِنْ هَذِهِ الْمَكْرُمَةِ وَفِي ابْنِ حُجْرٌ أَنَّ لَفْظَ الْعَارِيَّةِ كِنَايَةٌ فِي قَرْضِ الْمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مَلَّكْتُكَهُ إلَخْ) هُوَ صَرِيحٌ أَيْضًا حَيْثُ ذَكَرَ الْبَدَلَ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَكَانَ إسْقَاطُهُ) أَيْ خُذْهُ وَاصْرِفْهُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (لِلِاسْتِغْنَاءِ إلَخْ) فَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ خُذْهُ بِمِثْلِهِ الْمُسَاوِي لِبَدَلِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِكَذَا) الْمُرَادُ مِنْ كَذَا مَاصَدَقُهُ كَعَشَرَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ لَا لَفْظُهُ، فَلَا حَاجَةَ لِمَا طَوَّلَ بِهِ بَعْضُهُمْ هُنَا مِنْ الْإِشْكَالِ وَالِاعْتِرَاضِ، وَغَرَضُ الشَّارِحِ إفَادَةُ أَنَّ لِلْقَرْضِ كِنَايَاتٌ كَالْبَيْعِ وَضَعَهَا هُنَا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ خُذْ هَذِهِ الْعَشَرَةَ بِعَشَرَةٍ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ) أَيْ الْإِقْرَاضِ غَيْرِ الْحُكْمِيِّ، أَمَّا الْحُكْمِيُّ فَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا إلَى إيجَابٍ فِيهِ كَإِطْعَامِ جَائِعٍ وَكِسْوَةِ عَارٍ وَإِنْفَاقٍ عَلَى لَقِيطٍ، مَعَ إذْنِ حَاكِمٍ أَوْ إشْهَادٍ وَلَا تَكْفِي نِيَّةُ رُجُوعٍ وَمِنْهُ نُقُوطُ الْأَفْرَاحِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ صَاحِبُ الْفَرَحِ، وَمِنْهُ كِسْوَةُ نَحْوِ حَاجٍّ مِمَّنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يُرَدُّ وَمِنْهُ أَمْرُ غَيْرِهِ بِصَرْفِ مَالِهِ غَرَضٌ فِيهِ، كَظَالِمٍ أَوْ شَاعِرٍ أَوْ بِنَاءِ دَارٍ أَوْ شِرَاءِ مَتَاعٍ، وَمِنْهُ اقْبِضْ وَدِيعَتِي قَرْضًا عَلَيْك بِخِلَافِ اقْبِضْ دَيْنِي قَرْضًا عَلَيْك وَإِنْ بَرِّئْ بِهِ الدَّافِعُ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي إزَالَةِ مِلْكِ نَفْسِهِ، وَلَوْ قَالَ اقْتَرِضْ لِي مِائَةً وَلَك عَشَرَةٌ لَزِمَتْهُ الْعَشَرَةُ لِأَنَّهَا جِعَالَةٌ كَذَا قَالُوهُ. وَلَعَلَّهُ إنْ كَانَ فِي الِاقْتِرَاضِ كُلْفَةٌ تُقَابَلُ بِمَالٍ فَرَاجِعْهُ فَإِنْ كَانَ الْمِائَةُ مِنْ مَالِ الْمَأْمُورِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَصَوَّرَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إطْعَامَ الْمُضْطَرِّ وَنَحْوِهِ مِمَّا ذُكِرَ بِمَا إذَا كَانَ الْمَطْعَمُ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَالْفَقِيرِ وَعَجْزُ الْمُضْطَرِّ عَنْ الْمُعَاقَدَةِ مَعَهُ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا ذَكَرُوهُ فِي السِّيَرِ مِنْ وُجُوبِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. فَرْعٌ: الْجُمُعَةُ الْمَشْهُورَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ بِأَنْ تَأْخُذَ امْرَأَةٌ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُنَّ قَدْرًا مُعَيَّنًا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ وَتَدْفَعُهُ لِوَاحِدَةٍ بَعْدَ وَاحِدَةٍ، إلَى آخِرِهِنَّ جَائِزَةٌ كَمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ. قَوْلُهُ: (كَالْبَيْعِ) وَمِنْهُ تَوَافُقُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، فَلَوْ أَقْرَضَهُ أَلْفًا فَقِيلَ خَمْسُمِائَةٍ لَمْ يَصِحَّ وَمِنْهُ صِحَّةُ تَقْدِيمِ الِاسْتِيجَابِ وَتَقْدِيمُ قَبِلْت. قَوْلُهُ: (الرُّشْدُ) أَيْ وَالِاخْتِيَارُ أَيْضًا فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ هُنَا فَشَرْطُ الْمُقْتَرَضِ أَهْلِيَّةُ الْمُعَامَلَةِ. قَوْلُهُ: (أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) أَيْ بِمَا يُقْرِضُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِيهِ بِسَائِرِ وُجُوهِ التَّصَرُّفَاتِ، فَلَا يَرِدُ صِحَّةُ تَدْبِيرِ السَّفِيهِ وَوَصِيَّتِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فِي الْإِقْرَاضِ تَبَرُّعًا) وَلِذَلِكَ امْتَنَعَ تَأْجِيلُهُ وَلَمْ يَجِبْ فِيهِ التَّقَابُضُ فِي الرِّبَوِيِّ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ إقْرَاضُ الْوَلِيِّ مَالَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ) نَعَمْ لِلْحَاكِمِ إقْرَاضُ مَالِ الصَّبِيِّ كَالْمُفْلِسِ بِرِضَا الْغُرَمَاءِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فِيهِمَا، وَلَا يُقْرِضُ الْوَلِيُّ مَالَ مَحْجُورِهِ حَيْثُ جَازَ إلَّا مِنْ أَمِينٍ ثِقَةٍ مَعَ أَخْذِ وَثِيقَةٍ، وَإِشْهَادٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَ شَيْخُنَا وَمِنْ الضَّرُورَةِ الِاضْطِرَارُ فَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يُطْعِمَ الْمُضْطَرَّ وَيَكْسُوَهُ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ قَرْضًا فِي غَيْرِ الْمُوسِرِ وَبِلَا بَدَلٍ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ الْمُوسِرِ لِأَنَّهُ مِنْ أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ. [إقْرَاضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ مِنْ حَيَوَانٍ] قَوْلُهُ: (مَا يُسْلَمُ فِيهِ) أَيْ لِصِحَّةِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَرْضُ الْفِضَّةِ كَالْمَقَاصِيصِ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ مَا نَقَصَ مِنْهَا خِلَافًا لِمَا عَلَيْهِ الْمُفْتِيُونَ فِي هَذَا الزَّمَنِ الَّذِينَ هُمْ كَقَرِيبِي الْعَهْدِ لِلْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ) مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُعَيَّنِ كَهَذَا قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا بَعْدَهُ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ وَيُشْتَرَطُ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى الْفَوْرِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَشَمَلَ مَا ذَكَرَ الْمَغْشُوشَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ غِشِّهِ حَيْثُ اُعْتِيدَ وَصُبْرَةُ الدَّرَاهِمِ إنْ أَمْكَنَ عِلْمُهَا بَعْدَ ذَلِكَ. وَشَمَلَ الْمَنْفَعَةَ لِعَيْنٍ أَوْ لِمَا فِي الذِّمَّةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (الْجَارِيَةَ) وَلَوْ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ   [حاشية عميرة] اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ الْبَدَلِ فِي هَذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُخَاطَبِ وَهُوَ الْآخِذُ. قَوْلُهُ: (وَكَانَ إسْقَاطُهُ هُنَا إلَخْ) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ خُذْهُ وَاصْرِفْهُ فِي حَوَائِجِك فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي، وَحُكِيَ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ فِي الْمَطْلَبِ. قَوْلُهُ: (فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ السَّابِقِ خُذْهُ بِمِثْلِهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي قَالَ إلَخْ) أَيْ لَيْسَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ الْمُعَاوَضَاتِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الرُّجُوعِ فِيهِ عِنْدَ بَقَائِهِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ قَبْضِ الرِّبَوِيِّ فِي الْمَجْلِسِ وَعَدَمِ قَبُولِهِ التَّأْجِيلَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا الْجَارِيَةَ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْهُ حِلُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ الْآتِي أَنَّ الْمُقْرِضَ يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَطَؤُهَا ثُمَّ يَسْتَرِدُّهَا الْمُقْرِضُ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى إعَارَةِ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُقْرِضَ لَا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ فَيَمْتَنِعُ الْوَطْءُ (وَمَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهُ فِي الْأَصَحِّ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمُتَقَوِّمِ رَدُّ مِثْلِهِ صُورَةً. وَالثَّانِي يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ رَدُّ الْقِيمَةِ وَفِي قَرْضِ الْخُبْزِ وَجْهَانِ كَالسَّلَمِ فِيهِ أَصَحُّهُمَا فِي التَّهْذِيبِ الْمَنْعُ. وَاخْتَارَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ الْجَوَازَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِلْحَاجَةِ وَإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْجَوَازِ يَرُدُّ مِثْلُهُ وَزْنًا إنْ أَوْجَبْنَا فِي الْمُتَقَوِّمِ رَدَّ الْمِثْلِ وَإِنْ أَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ وَجَبَتْ هُنَا (وَيُرَدُّ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ) وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ (وَفِي الْمُتَقَوِّمِ) يَرُدُّ (الْمِثْلَ صُورَةً) وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْتَرَضَ بِكْرًا وَرَدَّ رُبَاعِيًّا وَقَالَ: إنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» . (وَقِيلَ) يَرُدُّ (الْقِيمَةَ) كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مُتَقَوِّمًا. وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ يَوْمِ الْقَبْضِ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ الْمُقْرَضَ بِهِ. وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِالتَّصَرُّفِ فَيُعْتَبَرُ قِيمَةُ أَكْثَرِ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ إلَى يَوْمِ التَّصَرُّفِ. وَقِيلَ: قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ أَوْ فِي صِفَةِ الْمِثْلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَقْرِضِ. فَرْعٌ: أَدَاءُ الْقَرْضِ فِي الصِّفَةِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ (وَلَوْ ظَفِرَ الْمُقْرِضُ بِهِ) أَيْ بِالْمُقْتَرَضِ (فِي غَيْرِ   [حاشية قليوبي] لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (الَّتِي تَحِلُّ) أَيْ فِي نَفْسِهَا فَدَخَلَ فِي الْمَنْعِ مَنْ تَحْتَهُ نَحْوُ أُخْتِهَا وَخَرَجَ الْمَجُوسِيَّةُ وَالْوَثَنِيَّةُ وَكَذَا الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ طُرُوُّ الْحِلِّ مُسْتَبْعَدٌ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ إلَيْهِ وَلَا يَضُرُّ إسْلَامُ نَحْوِ الْمَجُوسِيَّةِ لِأَنَّهُ دَوَامٌ قَالَ شَيْخُنَا وَظَاهِرُهُ بَقَاءُ الْعَقْدِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْوَجْهُ انْفِسَاخُهُ بِإِسْلَامِهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْمُقْتَرَضِ) وَلَوْ مَمْسُوحًا أَوْ صَغِيرًا لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ، لِأَنَّ التَّمَتُّعَ كَالْوَطْءِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مُلْتَقِطًا فِي أَمَةٍ الْتَقَطَهَا. نَعَمْ لِلْخُنْثَى اقْتِرَاضُ أَمَةٍ تَحِلُّ لَهُ وَإِذَا اتَّضَحَ بِالذُّكُورَةِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ تَبَيَّنَ الْبُطْلَانُ، أَوْ بِاخْتِيَارِهِ لَمْ تَبْطُلْ لِتَعَلُّقِ الْغَيْرِ بِهِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا) أَيْ الْأَمَةِ كُلِّهَا وَيَجُوزُ فِي بَعْضِهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (رُبَّمَا يَطَؤُهَا) أَوْ يَسْتَمْتِعُ بِهَا وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ الْمَمْسُوحُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَسْتَرِدُّهَا الْمُقْرِضُ) أَوْ يَرُدُّهَا الْمُقْتَرِضُ لِجَوَازِ الْعَقْدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَلَا يَرُدُّ هِبَةَ الْأَصْلِ وَرَدَّ الْعَيْبَ. قَوْلُهُ: (وَمَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُهُ) وَمِنْهُ الْخُنْثَى وَالْجَوَاهِرُ وَالْحِنْطَةُ الْمُخْتَلِطَةُ بِشَعِيرٍ وَنَحْوُ الْجَارِيَةِ وَأُخْتُهَا وَالْحَامِلُ وَالْعَقَارُ وَمَنْفَعَتُهُ وَلَوْ مُعَيَّنًا. نَعَمْ يَصِحُّ فِي نِصْفِ الْعَقَارِ فَمَا دُونَهُ شَائِعًا عَيْنًا وَمَنْفَعَةً لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (الْجَوَازُ) أَيْ جَوَازُ إقْرَاضِ الْخُبْزِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمُخْتَارُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُ الْخُبْزِ الْعَجِينُ وَلَوْ حَامِضًا وَخَمِيرَتُهُ كَذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ قَرْضُ الرَّوْبَةِ وَهِيَ خَمِيرَةُ اللَّبَنِ كَمَا لَا يَصِحُّ سَلَمُهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ، وَعَلَّلُوهَا بِقِلَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَقِطَ وَهُوَ لَبَنٌ مُجَفَّفٌ مِثْلُهَا وَالْحَاجَةُ إلَيْهِ قَلِيلَةٌ، فَالْوَجْهُ صِحَّةِ سَلَمُهُمَا وَقَرْضُهُمَا وَلَيْسَ اخْتِلَافُ الْحُمُوضَةِ مَانِعًا كَمَا عَلِمْت فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يَرِدُ مِثْلُهُ) أَيْ الْخُبْزِ وَزْنًا وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ز ي وَشَيْخُنَا م ر، وَاعْتَمَدَ الطَّبَلَاوِيُّ مَا فِي الْكَافِي مِنْ رَدِّ مِثْلِهِ عَدَدًا وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ قَوْلُهُ: (وَيَرِدُ الْمِثْلُ) وَإِنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ إنْ بَقِيَ لَهُ قِيمَةٌ وَإِلَّا رَدَّ قِيمَةَ أَقْرَبِ وَقْتٍ إلَى الْإِبْطَالِ وَمِعْيَارُ الْمِثْلِ هُنَا كَالسَّلَمِ، كَيْلًا فِي الْمَكِيلِ وَوَزْنًا فِي الْمَوْزُونِ. قَوْلُهُ: «اقْتَرَضَ بِكْرًا وَرَدَّ رُبَاعِيًّا» وَالْبِكْرُ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَالرُّبَاعِيُّ مَا دَخَلَ فِي السَّابِعَةِ وَيُقَالُ لَهُ الثَّنِيُّ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي صِفَةِ الْمِثْلِ) عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الصُّورَةِ كَحِرْفَةِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (فِي الصِّفَةِ) فَيَجِبُ الْقَبُولُ فِي الْأَجْوَدِ دُونَ الْأَرْدَأِ أَمَّا النَّوْعُ وَالْجِنْسُ فَلَيْسَ كَالسَّلَمِ فِيهِمَا لِجَوَازِهِمَا هُنَا لِجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ فِي الْقَرْضِ قَوْلُهُ: (وَالزَّمَانِ) تَابَعَ فِيهِ   [حاشية عميرة] قَرْضِ الْخُنْثَى لِلرَّجُلِ، لِأَنَّ الْمَانِعَ لَمْ يَتَحَقَّقْ ثُمَّ إنْ أَخْبَرَ بِأُنُوثَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ اُتُّجِهَ بَقَاءُ الْعَقْدِ وَإِنْ اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهُ بِغَيْرِ إخْبَارِهِ اُتُّجِهَ فَسَادُهُ أَقُولُ هُوَ غَفْلَةٌ عَنْ كَوْنِ الْخُنْثَى لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْمُقْتَرِضِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ. قَوْلُهُ: (فَيَمْتَنِعُ الْوَطْءُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّصَرُّفُ الْمُزِيلُ لِلْمِلْكِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَا لَا يُسْلَمُ فِيهَا إلَخْ) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: مِنْ أَمْثِلَة ذَلِكَ الْجَوَاهِرُ وَالْحِنْطَةُ الْمُخْتَلِطَةُ بِالشَّعِيرِ وَدَخَلَ فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ قَرْضُ الْجَارِيَةِ وَأُخْتِهَا وَالشَّاةِ وَوَلَدِهَا فَيَمْتَنِعُ، وَكَذَا الْعَقَارُ وَيُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِالْقَدْرِ وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِكْرًا) هُوَ الثَّنِيُّ مِنْ الْإِبِلِ كَالْغُلَامِ فِي الْآدَمِيِّ وَالرُّبَاعِيُّ مَا دَخَلَ فِي السَّابِعَةِ. [فَرْعٌ أَدَاءُ الْقَرْضِ فِي الصِّفَةِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ] قَوْلُهُ: (وَالزَّمَانِ) الْمُرَادُ الزَّمَنُ الْحَالُّ وَإِلَّا فَالْقَرْضُ لَا تَأْجِيلَ فِيهِ فَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 مَحَلِّ الْإِقْرَاضِ وَلِلنَّقْلِ) مِنْ مَحَلِّهِ إلَى غَيْرِهِ (مُؤْنَةٌ طَالَبَهُ بِقِيمَةِ بَلَدِ الْإِقْرَاضِ) يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ. وَإِذَا أَخَذَ الْقِيمَةَ وَعَادَ إلَى بَلَدِ الْإِقْرَاضِ فَهَلْ لَهُ رَدُّهَا وَمُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ. وَهَلْ لِلْمُقْتَرِضِ الْمُطَالَبَةُ بِرَدِّ الْقِيمَةِ وَجْهَانِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَصَحُّهُمَا لَا كَمَا رَأَيْته فِي خَطِّهِ مُصَحَّحًا عَلَيْهِ. وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْقَرْضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ كَالنَّقْدِ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ كَمَا فُهِمَ هُنَا عَلَى وَفْقِ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ (وَلَا يَجُوزُ) الْإِقْرَاضُ فِي النَّقْدِ وَغَيْرِهِ (بِشَرْطِ رَدِّ صَحِيحٍ عَنْ مُكَسَّرٍ أَوْ) رَدُّ (زِيَادَةٍ) أَوْ رَدُّ الْجَيِّدِ عَنْ الرَّدِيءِ وَيَفْسُدُ بَذْلُ الْعَقْدِ (فَلَوْ رَدَّ هَكَذَا بِلَا شَرْطٍ فَحَسَنٌ) لِمَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ: «إنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» . وَفِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ أَنْ يَرُدَّ أَجْوَدَ مِمَّا أَخَذَ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ. وَلَا يُكْرَهُ لِلْمُقْرِضِ أَخْذُ ذَلِكَ (وَلَوْ شَرَطَ مُكَسَّرًا عَنْ صَحِيحٍ أَوْ أَنْ يُقْرِضَهُ غَيْرَهُ) أَيْ شَيْئًا آخَرَ (لَغَا الشَّرْطُ) أَيْ لَا يُعْتَبَرُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ) وَقِيلَ: يَفْسُدُ لِأَنَّ مَا شُرِطَ فِيهِ عَلَى خِلَافِ قَضِيَّتِهِ (وَلَوْ شَرَطَ أَجَلًا فَهُوَ كَشَرْطِ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْرِضِ غَرَضٌ) فَلَا يُعْتَبَرُ الْأَجَلُ وَيَصِحُّ   [حاشية قليوبي] الرَّوْضَةِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمَنْهَجِ وَهُوَ الصَّوَابُ إذْ لَا يَدْخُلُ الْقَرْضَ أَجَلٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَشَارَ بِهِ إلَى وُجُوبِ قَبُولِهِ إذَا أَحْضَرَهُ فِي زَمَنِ نَهْبٍ كَالسَّلَمِ الْحَالِ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا عَدَمَ وُجُوبِ قَبُولِهِ فِي ذَلِكَ هُنَا لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِخِلَافِ السَّلَمِ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَثْبُتُ فِي الْقَرْضِ الْأَجَلُ ابْتِدَاءً وَكَذَا انْتِهَاءً كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْحَالَّةِ عِنْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَكَانِ) هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ظَفِرَ إلَخْ وَأَمَّا مَكَانُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ فَلَمْ يَذْكُرْهُ وَهُوَ كَمَا فِي السَّلَمِ الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (إلَى غَيْرِهِ) وَهُوَ مَحَلُّ الظُّفْرِ. قَوْلُهُ: (مُؤْنَةٌ) وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُقْرِضُ وَكَالْمُؤْنَةِ ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ) أَيْ وَقْتَ وُجُودِهَا بِالْفِعْلِ كَيَوْمِ الظُّفْرِ هُنَا إنْ لَمْ يَكُنْ طَالَبَهُ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ) إنْ لَمْ يَتَحَمَّلْ الْمُقْرِضُ تِلْكَ الْمُؤْنَةَ كَمَا مَرَّ وَكَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا) أَيْ لَيْسَ لِلْمُقْرِضِ رَدُّ الْقِيمَةِ وَطَلَبُ الْمِثْلِ وَلَا لِلْمُقْتَرَضِ طَلَبُ الْقِيمَةِ وَدَفْعُ الْمِثْلِ فَالْقِيمَةُ الْمَأْخُوذَةُ لِلْفَيْصُولَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ كَانَ مَا دَفَعَهُ دُونَ الْقِيمَةِ لِكَذِبٍ مَثَلًا رَجَعَ بِمَا بَقِيَ. قَوْلُهُ: (كَمَا رَأَيْته إلَخْ) أَخْبَرَ الشَّارِحُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ رَأَى عَلَى هَامِشِ نُسْخَةِ الرَّوْضِ بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ قُلْت أَصَحُّهُمَا لَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَكْتُوبًا مَعَهُ لَفْظُ صَحَّ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ مِنْ الْأَصْلِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) أَوْ تَحَمَّلَهَا الْمُقْرِضُ كَمَا مَرَّ وَلَوْ أَحْضَرَهُ لَهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ تَحَمَّلَهَا الدَّافِعُ، وَلَوْ بِبَذْلِهَا لَهُ لِجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ لَا يَجُوزُ التَّلَفُّظُ بِذَلِكَ وَهُوَ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَيَبْطُلُ بِهِ، وَأَمَّا نِيَّةُ ذَلِكَ فَمَكْرُوهَةٌ وَلَوْ لِمَنْ عُرِفَ بِرَدِّ الزِّيَادَةِ وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: بِالْحُرْمَةِ. قَوْلُهُ: (رَدِّ صَحِيحٍ إلَخْ) وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا جَرَّ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ وَلَوْ مَعَ الْمُقْتَرِضِ كَإِقْرَاضِهِ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِلْكَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ. قَوْلُهُ: (هَكَذَا) أَيْ زَائِدًا صِفَةً أَوْ قَدْرًا وَلَوْ فِي الرِّبَوِيِّ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ. قَوْلُهُ: (بِلَا شَرْطٍ فَحَسَنٌ) نَعَمْ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ لِمَنْ اقْتَرَضَ لِمَحْجُورِهِ أَوْ لِوَقْفٍ مِنْ مَالِ الْمَحْجُورِ أَوْ الْوَقْفِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُكْرَهُ لِلْمُقْرِضِ أَخْذُ ذَلِكَ) وَيَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ وَلَا رُجُوعَ بِهِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى صِيغَةٍ نَعَمْ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ جَاهِلٌ بِدَفْعِ الزِّيَادَةِ أَوْ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ مَا دَفَعَهُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ حَلَفَ وَرَجَعَ بِهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يُعْتَبَرُ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِاللَّغْوِ لِوُجُودِ الْخِلَافِ بَعْدَهُ إذْ مَعَ اللَّغْوِ لَا يُتَصَوَّرُ الْخِلَافُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَفْسُدُ) أَيْ كَمَا فِي الرَّهْنِ وَفَرَّقَ بِقُوَّةٍ دَاعِيَةٍ الْقَرْضَ بِكَوْنِهِ   [حاشية عميرة] يُتَصَوَّرُ إحْضَارُهُ قَبْلَ الْمَحَلِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) دَلِيلُهُ مَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ» ، أَيْ بَيْعٍ بِشَرْطِ قَرْضٍ أَوْ قَرْضٍ بِشَرْطِ بَيْعٍ وَأَمَّا حَدِيثُ «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا» فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى رَاوِيهِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ أَنْ يُقْرِضَهُ غَيْرَهُ) فَاعِلُهُ ضَمِيرُ الْمُقْرِضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ شَرَطَ أَجَلًا إلَخْ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ يَثْبُتُ الْأَجَلُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً بِأَنْ يُقْرِضَهُ حَالًا ثُمَّ يُؤَجِّلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ أَيْضًا بِتَأْجِيلِ الْحَالِ فِي جَمِيعِ الدُّيُونِ وَعِنْدَنَا لَا يَلْزَمُ فِي الْحَالِ بِحَالٍ إلَّا بِالْإِيصَاءِ أَوْ النَّذْرِ ذَكَرَهُ فِي الْقُوتِ عَنْ الْأَصْحَابِ. فَرْعٌ: لَوْ أَسْقَطَ الْأَجَلَ لَمْ يَسْقُطْ قَالَ السُّبْكِيُّ: لَكِنَّهُ مَعْرُوفٌ يُسْتَحَبُّ الْوَفَاءُ بِهِ قَالَ: وَمَا قَالَهُ: الْأَصْحَابُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ التَّأْجِيلِ ظَاهِرٌ لَكِنَّ قَوْلَهُمْ الْوَعْدُ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ مُشْكِلٌ لِمُخَالَفَتِهِ ظَاهِرَ الْآيَةِ وَالسَّنَةِ وَلِأَنَّ خَلْفَهُ كَذِبٌ وَهُوَ مِنْ خِصَالِ الْمُنَافِقِينَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 الْعَقْدُ (وَإِنْ كَانَ) لِلْمُقْرِضِ غَرَضٌ (كَزَمَنِ نَهْبٍ فَكَشَرْطٍ صَحِيحٍ عَنْ مُكَسِّرٍ) (فِي الْأَصَحِّ) فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ. وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيَلْغُو الشَّرْطُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُقْرِضِ (شَرْطُ رَهْنٍ وَكَفِيلٍ) وَإِشْهَادٌ لِأَنَّهَا تَوْثِيقَاتٌ لَا مَنَافِعُ زَائِدَةٌ فَلَهُ إذَا لَمْ يُوفِ الْمُقْتَرِضُ بِهَا الْفَسْخُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَ فِي اشْتِرَاطِهَا فِي الْبَيْعِ. وَإِنْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ كَمَا سَيَأْتِي (وَيَمْلِكُ الْقَرْضَ) أَيْ الشَّيْءَ الْمُقْرَضَ (بِالْقَبْضِ) كَالْمَوْهُوبِ (وَفِي قَوْلٍ) يَمْلِكُ (بِالتَّصَرُّفِ) أَيْ الْمُزِيلِ لِلْمِلْكِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِهِ الْمِلْكَ قَبْلَهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُقْرِضِ (الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ مَا دَامَ بِحَالِهِ فِي الْأَصَحِّ) بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَجَزْمًا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَرُدَّ بَدَلَهُ. وَلَوْ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ لَزِمَ الْمُقْرِضَ قَبُولُهُ قَطْعًا.   [حاشية قليوبي] مَنْدُوبًا. قَوْلُهُ: (فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ) أَيْ إنْ كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ مَلِيًّا وَإِلَّا فَلَا يَفْسُدُ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ إرْفَاقٍ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ إذَا لَمْ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيمَا اقْتَرَضَهُ قَبْلَ الْوَفَاءِ بِمَا شَرَطَهُ كَمَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ وَفَاءِ الثَّمَنِ. كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (قَبْلَهُ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِالْعَقْدِ قَطْعًا وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ الرُّجُوعُ) أَيْ يُبَاحُ لَهُ بَلْ يُنْدَبُ إنْ كَانَ مَكْرُوهًا وَيَجِبُ إنْ كَانَ حَرَامًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَا دَامَ بَاقِيًا) أَيْ مُدَّةَ بَقَائِهِ فِي مِلْكِ الْمُقْتَرِضِ، وَإِنْ عَادَ بَعْدَ زَوَالِهِ لِأَنَّ عَيْنَهُ أَوْلَى مِنْ بَدَلِهِ حَيْثُ لَمْ يَتْلَفْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا، وَمِنْ التَّلَفِ جِذْعٌ بُنِيَ عَلَيْهِ وَخِيفَ مِنْ إخْرَاجِهِ تَلَفُ شَيْءٍ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَلَوْ أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ دَامَ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (بِحَالِهِ) بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ وَيَرُدُّهُ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ وَيَرْجِعُ بِأَرْشِ نَقْصِهِ، أَوْ يَأْخُذُ بَدَلَهُ سَلِيمًا فَإِنْ وَجَدَهُ مَرْهُونًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِهِ أَرْشُ جِنَايَةٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي بَدَلِهِ، وَالصَّبْرُ إلَى زَوَالِ مَانِعٍ وَإِنْ وَجَدَهُ مُؤَجَّرًا أَوْ مُعَلَّقًا بِصِفَةٍ فَلَهُ أَخْذُ الْبَدَلِ حَالًا وَلَهُ الرُّجُوعُ حَالًا أَيْضًا، لَكِنْ لَا يَنْزِعُهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِمَا بَقِيَ وَلَهُ الصَّبْرُ إلَى فَرَاغِ وَعُلِمَ مِنْ عَدَمِ نَزْعِهِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى بِهِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُلْزَمَةٍ مِنْ الرُّجُوعِ دُخُولُهُ فِي مِلْكِ الرَّاجِحِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (بِعَيْنِهِ) أَيْ وَإِنْ زَادَ لَا إنْ نَقَصَ كَمَا مَرَّ. وَيَصْدُقُ الْمُقْتَرِضُ فِي أَنَّهُ قَبَضَهُ بِذَلِكَ النَّقْصِ إنْ اخْتَلَفَا فِيهِ.   [حاشية عميرة] وَكَذَا الْخُلْفُ. قَوْلُهُ: (وَيَلْغُو الشَّرْطُ) كَحَالَةِ عَدَمِ الْقَرْضِ. قَوْلُهُ: (كَالْمَوْهُوبِ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَأَوْلَى نَظَرًا لِلْعِوَضِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْآتِي بِأَنَّ الْقَرْضَ لَيْسَ بِتَبَرُّعٍ مَحْضٍ لِمَكَانِ الْعِوَضِ وَلَا هُوَ جَارِيًا عَلَى حَقِيقَةِ الْمُعَاوَضَاتِ بِدَلِيلِ الرُّجُوعِ فِيهِ مَا دَامَ بَاقِيًا وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي الرِّبَوِيِّ. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى إلَخْ) لَوْ تَصَرَّفَ تَصْرُّفًا يُزِيلُ الْمِلْكُ كَالْإِجَارَةِ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ إلَى بَدَلِهِ لَوْ تَلِفَ فَالرُّجُوعُ إلَى عَيْنِهِ عِنْدَ الْبَقَاءِ أَوْلَى، ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْبَدَلِ إلَّا عِنْدَ الْفَوَاتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الدَّعْوَى بِالْبَدَلِ غَيْرُ مُلْزِمَةٍ لِتَمَكُّنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ دَفْعِ الْعَيْنِ الْمُقْتَرَضَةِ، وَلَوْ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ عَادَ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ أَوْ بَدَلِهِ وَجْهَانِ، وَالْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ وَبِهِ جَزَمَ الْعِمْرَانِيُّ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ) يُرِيدُ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ مُفَرَّعَانِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ) أَيْ كَسَائِرِ الدُّيُونِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 كِتَابُ الرَّهْنِ يَتَحَقَّقُ بِعَاقِدٍ وَمَعْقُودٍ عَلَيْهِ وَصِيغَةٍ وَبَدَأَ بِهَا فَقَالَ (لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ) أَيْ بِشَرْطِهِمَا الْمُعْتَبَرِ فِي الْبَيْعِ. وَفِي الْمُعَاطَاةِ وَالِاسْتِيجَابِ مَعَ الْإِيجَابِ كَقَوْلِهِ: ارْهَنْ عِنْدِي، فَقَالَ: رَهَنْت عِنْدَك الْخِلَافُ فِي الْبَيْعِ. (فَإِنْ شَرَطَ فِيهِ مُقْتَضَاهُ كَتَقَدُّمِ الْمُرْتَهِنِ بِهِ) أَيْ بِالْمَرْهُونِ عِنْدَ تَزَاحُمِ الْغُرَمَاءِ. (أَوْ مَصْلَحَةٍ لِلْعَقْدِ كَالْإِشْهَادِ) بِهِ (أَوْ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ) كَأَنْ لَا يَأْكُلَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ إلَّا كَذَا (صَحَّ الْعَقْدُ) وَلَغَا الشَّرْطُ الْأَخِيرُ (وَإِنْ شَرَطَ مَا يَضُرُّ الْمُرْتَهِنَ) وَيَنْفَعُ الرَّاهِنَ كَأَنْ لَا يُبَاعَ عِنْدَ الْمَحَلِّ (بَطَلَ الرَّهْنُ) لِإِخْلَافِ الشَّرْطِ بِالْغَرَضِ مِنْهُ (وَإِنْ نَفَعَ) الشَّرْطُ (الْمُرْتَهِنَ وَضَرَّ الرَّاهِنَ كَشَرْطِ مَنْفَعَتِهِ) أَيْ   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الرَّهْنِ هُوَ لُغَةً الثُّبُوتُ وَالْحَبْسُ وَنَحْوَهُمَا، وَمِنْهُ حَدِيثُ «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مَرْهُونَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» أَيْ مَحْبُوسَةً عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ، وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِ مَنْ مَاتَ مُعْسِرَا عَازِمًا عَلَى الْوَفَاءِ أَوْ خَلَفَ وَفَاءً مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ نَبِيٌّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَمَا سَيَأْتِي، وَشَرْعًا يُطْلَقُ عَلَى الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ وَمِنْهُ آيَةُ فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ. قَالَهُ الْبَيْضَاوِيُّ، وَقَوْلُ الْقَاضِي أَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى ارْهَنُوا وَاقْبِضُوا بَعِيدٌ، يَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلٍ وَيُطْلَقُ عَلَى الْعَقْدِ وَيُعَرَّفُ بِأَنَّهُ جَعْلُ عَيْنٍ مَالِيَّةٍ وَثِيقَةً بِدَيْنٍ يُسْتَوْفَى مِنْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ وَفَائِهِ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ كَوْنُ الْمَرْهُونِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ إلَّا فِي رَهْنِ وَلِيٍّ عَلَى مَالِ مَحْجُورٍ، وَمِنْهُ «رَهْنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِرْعَهُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، عِنْدَ يَهُودِيٍّ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الشَّحْمِ عَلَى ثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ لِأَهْلِهِ» ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَفْتَكَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا رَأَيْته مُصَرَّحًا بِهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَكَوْنُ الدِّرْعِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ الْيَهُودِيِّ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهِ عَلَى الرَّهْنِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الْمُبَادَرَةِ بِأَخْذِهِ بَعْدَ فَكِّهِ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْيَهُودِيَّ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ الصَّدَقَةِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ وَبِذَلِكَ يُعْلَمْ رَدُّ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَوْ اقْتَرَضَ مِنْ أَصْحَابِهِ كَانُوا يُبْرِئُونَهُ فَتَأَمَّلْ، وَإِنَّمَا آثَرَ الْيَهُودِيَّ بِالرَّهْنِ وَالْقَرْضِ مِنْهُ عَلَى أَصْحَابِهِ لِبَيَانِ جَوَازِ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَجَوَازِ الْأَكْلِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ لَا يَسْتَرْهِنُونَهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَالْوَثَائِقُ بِالْحُقُوقِ ثَلَاثَةٌ: شَهَادَةٌ وَرَهْنٌ وَضَمَانٌ فَالْأَوَّلُ لِخَوْفِ الْجَحْدِ وَالْآخَرَانِ لِخَوْفِ الْإِفْلَاسِ. قَوْلُهُ (يَتَحَقَّقُ) فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ فَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ عَاقِدٌ وَمَرْهُونٌ وَمَرْهُونٌ بِهِ وَصِيغَةٌ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ سِتَّةٌ. قَوْلُهُ: (وَبَدَأَ بِهَا) أَيْ لِلِاهْتِمَامِ بِهَا لِلْخِلَافِ فِيهَا كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى الْعَاقِدُ رَاهِنًا وَمُرْتَهِنًا إلَّا بَعْدَ وُجُودِهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ بِشَرْطِهِمَا إلَخْ) وَمِنْهُ خِطَابُ مَنْ وَقَّعَ مَعَهُ الْعَقْدَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (كَالْإِشْهَادِ بِهِ) أَيْ بِالْعَقْدِ أَوْ بِالْمَرْهُونِ. قَوْلُهُ: (إلَّا كَذَا) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ بُطْلَانُ الْعَقْدِ إنْ جَمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَغَا الشَّرْطُ الْأَخِيرُ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ غَيْرُ مُفْسِدٍ، وَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ تَأْكِيدٌ وَالثَّانِي غَيْرُ مُعْتَبَرٍ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ لَا يُبَاعَ) أَيْ أَصْلًا أَوْ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ مِنْ الْحُلُولِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَفَعَ الشَّرْطُ) أَعَادَ الضَّمِيرَ لِلشَّرْطِ الْمُقْتَضِي لِلْإِضْمَارِ فِي بَطَلَ لِعَدَمِ صِحَّةِ عَوْدِهِ إلَى مَا لِأَنَّ مَا يَضُرُّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَنْفَعُهُ، وَلِأَنَّ الْمُتَّصِفَ بِاللَّغْوِ وَالْفَسَادِ هُوَ الشَّرْطُ. قَوْلُهُ: (كَشَرْطِ مَنْفَعَتِهِ إلَخْ) نَعَمْ إنْ قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَسَنَةٍ فَهُوَ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ وَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ إنْ كَانَ الرَّهْنُ مَمْزُوجًا بِعَقْدِ الْبَيْعِ وَإِلَّا فَهُوَ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَشَرْطِ رَهْنِ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا م ر. فِي شَرْحِهِ   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الرَّهْنِ] ِ قَوْلُهُ: (كَأَنْ لَا يُبَاعَ) مِثْلُهُ أَنْ يَشْرِطَ بَيْعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنْ الْحُلُولِ. قَوْلُهُ: (يَقُولُ إلَخْ) قَوْلُهُ: (أَيْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 الْمَرْهُونِ أَوْ زَوَائِدِهِ (لِلْمُرْتَهِنِ بَطَلَ الشَّرْطُ، وَكَذَا الرَّهْنُ فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ، وَالثَّانِي يَقُولُ الرَّهْنُ تَبَرُّعٌ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ. (وَلَوْ شَرَطَ أَنْ تَحْدُثَ زَوَائِدُهُ) كَثِمَارِ الشَّجَرِ وَنِتَاجِ الشِّيَاهِ (مَرْهُونَةً فَالْأَظْهَرُ فَسَادُ الشَّرْطِ) لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ مَعْدُومَةٌ، وَالثَّانِي يَتَسَمَّحُ فِي ذَلِكَ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ مَتَى فَسَدَ) الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ (فَسَدَ الْعَقْدُ) يَعْنِي أَنَّهُ يَفْسُدُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ (وَشَرْطُ الْعَاقِدِ) مِنْ رَاهِنٍ أَوْ مُرْتَهِنٍ (كَوْنُهُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَلَا يَرْهَنُ الْوَلِيُّ مَالَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَلَا يَرْتَهِنُ لَهُمَا إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ) فَيَجُوزُ لَهُ الرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَمْ جَدًّا أَمْ وَصِيًّا أَمْ حَاكِمًا أَمْ أَمِينَهُ، مِثَالُهُمَا لِلضَّرُورَةِ أَنْ يَرْهَنَ عَلَى مَا يُقْتَرَضُ لِحَاجَةِ النَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ لِيُوَفِّيَ مَا يَنْتَظِرُ مِنْ حُلُولِ دَيْنٍ أَوْ نِفَاقِ مَتَاعٍ كَاسِدٍ وَأَنْ يَرْتَهِنَ عَلَى مَا يُقْرِضُهُ أَوْ يَبِيعُهُ مُؤَجَّلًا لِضَرُورَةِ نَهْبٍ، وَمِثَالُهُمَا لِلْغِبْطَةِ أَنْ يَرْهَنَ مَا يُسَاوِي مِائَةً عَلَى ثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ نَسِيئَةً وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ، وَأَنْ يَرْهَنَ عَلَى ثَمَنِ مَا يَبِيعُهُ نَسِيئَةً بِغِبْطَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي   [حاشية قليوبي] نَعَمْ لَوْ قَيَّدَ الْمَنْفَعَةَ بِسَنَةٍ مَثَلًا وَكَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فَهُوَ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ فِي بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ فَيَصِحَّانِ اهـ قَالَ شَيْخُنَا: وَسَكَتَ عَنْ اشْتِمَالِهِ عَلَى عَقْدِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَشْرُوطَ فِي الْبَيْعِ يَحْتَاجُ إلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَمْزُوجِ بِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْمَشْرُوطَ عَلَيْهِ قَدْ لَا يَفِي بِالشَّرْطِ، وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: إنْ اسْتَحَقَّ الْمَنْفَعَةَ بِالْعَقْدِ، كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ فَلَيْسَ مِنْ إجَارَةِ مَرْهُونٍ، وَإِلَّا فَلَا جَمْعَ لِتَوَقُّفِ الْإِجَارَةِ عَلَى وُجُودِ الرَّهْنِ، وَلَمْ يُوجَدْ فَهِيَ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَقْدِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ إنَّ الشَّرْطَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَزْجِ حَيْثُ قَالَ: مَا نَصُّهُ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك أَوْ زَوَّجْتُك أَوْ آجَرْتُك بِكَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي كَذَا، فَقَالَ الْآخَرُ: اشْتَرَيْت أَوْ تَزَوَّجْت أَوْ اسْتَأْجَرْت وَرَهَنْت صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْآخَرُ بَعْدَهُ: قَبِلْت أَوْ ارْتَهَنْت لَتَضَمَّنَ هَذَا الشَّرْطُ الِاسْتِيجَابَ اهـ وَعَلَى هَذَا فَلْيَنْظُرْ مَا صُورَةُ الشَّرْطِ الْمُحْتَاجِ إلَى عَقْدٍ رَهَنَ بَعْدَهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ السَّابِقِ فَتَأَمَّلْهُ وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ زَوَائِدِهِ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى مَنْفَعَتِهِ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ) قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ لِمَا فِي الشَّرْطِ مِنْ تَغْيِيرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ الَّتِي هِيَ التَّوَثُّقُ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ التَّوَثُّقَ بَاقٍ بِقَبْضِ الْمَرْهُونِ وَلَيْسَتْ الْمَنْفَعَةُ وَالزَّوَائِدُ مِمَّا يُتَوَثَّقُ بِهِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَرْهُونَةٍ، وَالْمَنْفَعَةُ يَسْتَوْفِيهَا الْمَالِكُ وَتَفُوتُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ فَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِقَضِيَّةِ الْعَقْدِ عَدَمُ تَبَعِيَّةِ الْمَنْفَعَةِ وَالزَّوَائِدِ لِأَصْلِهِمَا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَنْ تَحْدُثَ زَوَائِدُهُ مَرْهُونَةً) أَيْ أَنْ تَكُونَ زَوَائِدُهُ مَرْهُونَةً حَالَ حُدُوثِهَا لَا أَنَّهَا تَحْدُثُ مَوْصُوفَةً بِالرَّهْنِ وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ رَهْنِ الْإِكْسَابِ وَالْمَنَافِعِ قَطْعًا مِمَّا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْمَذْكُورُ) أَيْ حُدُوثُ الزَّوَائِدِ مَرْهُونَةً وَذَكَرَهَا مَعَ أَنَّهَا مِنْ إفْرَادِ مَا يَنْفَعُ الْمُرْتَهِنَ لِلْخِلَافِ فِي فَسَادِ الشَّرْطِ فِيهَا، وَيَجُوزُ عَلَى بَعْدَ جَعْلِ الْمَذْكُورِ رَاجِعًا لِمَا يُخَالِفُ قَضِيَّةَ الْعَقْدِ لِتَكُونَ قَاعِدَةً عَامَّةً وَهُوَ مَا سَلَكَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ أَفْيَدُ وَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الْمَذْكُورِ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (فَسَدَ الْعَقْدُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ أَيْ عَقْدُ الرَّهْنِ وَكَذَا عَقْدُ الْبَيْعِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ بِخِلَافِ عَقْدِ الْقَرْضِ الْمُرَوَّضِ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ فَاغْتُفِرَ انْتَهَى فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَعْنِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الشَّرْطَ سَبَبٌ لِفَسَادِ الْجَوَابِ لَا مَا تُفِيدُهُ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ مِنْ تَرَتُّبِ الْجَوَابِ عَلَى الشَّرْطِ فِي الزَّمَانِ فَتَأَمَّلْ. تَنْبِيهٌ: بَقِيَ مَا لَوْ ضَرَّهُمَا مَعًا أَوْ نَفَعَهُمَا كَذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِلْبُطْلَانِ فِيهِمَا وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ لِأَجْلِ التَّمْثِيلِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِهِ فَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ) أَيْ فِي الشَّرْطِ وَهُوَ كَوْنُ الزَّوَائِدِ مَجْهُولَةً مَعْدُومَةً عَلَى مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ) أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِتَصَرُّفٍ دُونَ آخَرَ وَلَا بِحَالٍ دُونَ آخَرَ فَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِهِمْ: أَهْلُ تَبَرُّعٍ. وَقَوْلُهُمْ: الْوَلِيُّ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ مَعْنَاهُ جَوَازُ كُلِّ عَقْدٍ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مَالَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَكَذَا السَّفِيهُ. قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ) هُوَ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ وَهُوَ الْمُرَادُ. قَوْلُهُ: (أَمْ حَاكِمًا) كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ جَوَازَ الرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ لَهُ بِلَا ضَرُورَةٍ وَلَا غِبْطَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْقَرْضِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَرْهَنَ) أَيْ مِنْ أَمِينٍ آمِنٍ مُوسِرٍ مَعَ إشْهَادِ وَأَجَلٍ قَصِيرٍ عُرْفًا وَإِلَّا   [حاشية عميرة] فَكَانَ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْقَرْضِ وَالْعِتْقِ. . قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَتَسَمَّحُ إلَخْ) عَلَّلَ بِأَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا لَمْ يَسِرْ إلَى الزَّوَائِدِ لِضَعْفِهِ فَجَازَ تَقْوِيَتُهُ بِالشَّرْطِ لِيَسْرِيَ إلَيْهَا وَخَرَجَ بِالزَّوَائِدِ الْأَكْسَابُ فَهِيَ بَاطِلَةٌ قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَرْهَنُ) وَجْهُ مَنْعِهِ مِنْ الرَّهْنِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ كَوْنُ الرَّاهِنِ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَوَجْهُ عَدَمِ ارْتِهَانِهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُقْرِضُ وَلَا يَبِيعُ إلَّا بِحَالٍّ مَقْبُوضٍ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا ارْتِهَانَ، أَقُولُ قَدْ سَلَفَ أَنَّ الْقَاضِيَ يُقْرِضُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ الِارْتِهَانُ بَلْ يَجِبُ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمِنْهَاجِ فَلْيُتَأَمَّلْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 بَابِ الْحَجْرِ. (وَشَرْطُ الرَّهْنِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (كَوْنُهُ عَيْنًا فِي الْأَصَحِّ) فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ رَهْنُهُ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْعَيْنِ، وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَنْفَعَةِ كَأَنْ يَرْهَنَ سُكْنَى دَارِهِ مُدَّةً لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَتْلَفُ، فَلَا يَحْصُلُ بِهَا اسْتِيثَاقٌ. (وَيَصِحُّ رَهْنُ الْمَشَاعِ) مِنْ الشَّرِيكِ وَغَيْرِهِ وَيُقْبَضُ بِتَسْلِيمِ كُلِّهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُنْقَلُ خَلَّى الرَّاهِنُ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَبَيْنَهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُنْقَلُ لَمْ يَحْصُلْ قَبْضُهُ إلَّا بِالنَّقْلِ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ فَإِنْ أَذِنَ قَبَضَ وَإِنْ امْتَنَعَ فَإِنْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِكَوْنِهِ فِي يَدِ الشَّرِيكِ جَازَ وَنَابَ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ، وَإِنْ تَنَازَعَا نَصَّبَ الْحَاكِمُ عَدْلًا يَكُونُ فِي يَدِهِ لَهُمَا. (وَ) يَصِحُّ رَهْنُ (الْأُمِّ) مِنْ الْإِمَاءِ (دُونَ وَلَدِهَا) الصَّغِيرِ (وَعَكْسُهُ) أَيْ رَهْنُهُ دُونَهَا (وَعِنْدَ الْحَاجَةِ) إلَى تَوْفِيَةِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ (يُبَاعَانِ) مَعًا حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ (وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ) عَلَيْهِمَا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ. (وَالْأَصَحُّ) أَيْ فِي صُورَةِ رَهْنِ الْأُمِّ (أَنْ تَقُومَ الْأُمُّ وَحْدَهَا ثُمَّ مَعَ الْوَلَدِ فَالزَّائِدُ) عَلَى قِيمَتِهَا (قِيمَتُهُ) وَالثَّانِي يَقُومُ الْوَلَدُ   [حاشية قليوبي] لَمْ يَصِحَّ الرَّهْنُ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَرْهَنَ) نَعَمْ لَا يَرْهَنُ إنْ خِيفَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ لِئَلَّا يَرْفَعَهُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِهِ. قَوْلُهُ: (مِمَّا يَنْتَظِرُ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَنْتَظِرُهُ بَاعَ مَا يَرْهَنُهُ كَمَا فِي الْعُبَابِ. قَوْلُهُ: (يُسَاوِي مِائَتَيْنِ) شَمَلَ حَالَّةً وَمُؤَجَّلَةً بِمِثْلِ ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَتَمْثِيلُهُمْ بِالْحَالِّ لَعَلَّهُ لَيْسَ قَيْدًا. تَنْبِيهٌ: الْمُكَاتَبُ وَالْمَأْذُونُ كَالْوَلِيِّ فِيمَا ذَكَرَ بِلَا إذْنِ السَّيِّدِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْكِتَابَةِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِمَأْذُونِهِ مَعَ سَيِّدِهِ، أَوْ عَلَى مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمَ الْأَخِيرَ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (عَيْنًا) وَلَوْ مَوْصُوفَةً فِي الذِّمَّةِ أَوْ مَشْغُولَةً بِنَحْوِ زَرْعٍ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ رَهْنِ الْمَشْغُولَةِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمَرْئِيَّةِ وَسَيَأْتِي مَا يُعْلَمُ مِنْهُ شَرْطُ كَوْنِ الْعَيْنِ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهَا. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الدَّيْنِ) وَلَوْ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ بَيْعَهُ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ مَنْعِهِ فِي الدَّيْنِ إنْ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ كَانَ تِرْكَةً أَوْ بَدَلَ مَرْهُونٍ أُتْلِفَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَنْفَعَةِ) وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ ابْتِدَاءً أَيْضًا فَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ كَانَتْ تَرِكَةً قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ رَهْنُ الْمَشَاعِ) فَلَوْ رَهَنَ حِصَّتَهُ مِنْ بَيْتٍ مُعَيَّنٍ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَقُسِّمَتْ إفْرَازًا فَوَقَعَ الْبَيْعُ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا رَهْنًا مَكَانَهَا لِأَنَّهُ يُعَدُّ إتْلَافًا لَهَا. قَوْلُهُ: (خَلَّى الرَّاهِنِ إلَخْ) وَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْرِيعِ وَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَالْمُرْتَهِنُ هُنَا يَقُومُ مَقَامَ الْمُشْتَرِي هُنَاكَ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِالنَّقْلِ) أَيْ مَعَ التَّفْرِيعِ إنْ كَانَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ) أَيْ فَيَحْرُمُ وَيَحْصُلُ الْقَبْضُ بِهِ، وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ) وَلَوْ أَجْنَبِيًّا بِكَوْنِهِ فِي يَدِ الشَّرِيكِ وَلَوْ مُهَايَأَةً جَازَ وَنَابَ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ قَالَ شَيْخُنَا، وَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ فِي الْمَنْقُولِ إلَى نَقْلٍ وَاعْتَمَدَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْإِمَاءِ) قَيَّدَ بِهِ لِاعْتِبَارِهِمْ الْحَضَانَةَ فِي التَّقْوِيمِ، وَهُوَ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْإِمَاءِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ لَا يَخْتَلِفُ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ الْآتِيَةِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِالْأُمِّ أَيْضًا، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (يُبَاعَانِ) إنْ تَعَيَّنَ الْبَيْعُ أَوْ أَرَادَهُ فَلَا يَرِدُ جَوَازُ ذَبْحِ الْوَلَدِ الْمَأْكُولِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ فِي صُورَةِ رَهْنِ الْأُمِّ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَقْوِيمُ غَيْرِ الْمَرْهُونِ وَحْدَهُ ابْتِدَاءً وَلَا   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ) أَيْ نَقْدًا هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ فَلْيُتَأَمَّلْ . قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ) إيضَاحُهُ قَوْلُ غَيْرِهِ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَقَبْضُ الْمُرْتَهِنِ لَهُ هُنَا لَا يُصَادِفُ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ فَرْعٌ عَنْ أَخْذِ الْمَالِكِ لَهُ، وَإِذَا أَخَذَهُ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا وَقَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَنْفَعَةِ أَخَّرَهُ عَنْ حِكَايَةِ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الْكِتَابِ وَأَمَّا الْحُكْمُ عَلَى بَدَلِ الْمَرْهُونِ بِالرَّهْنِيَّةِ فِي حَالَةِ ثُبُوتِهِ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرِدَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ عَلَى مَلِيءٍ. [رَهْنُ الْمَشَاعِ] قَوْلُهُ: (بِتَسْلِيمِ كُلِّهِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (وَنَابَ عَنْهُ) يُحْتَمَلُ حِينَئِذٍ عَدَمَ اشْتِرَاطِ تَحْوِيلِهِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَقَدْ قَالُوا فِي رَهْنِ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ إذَا قُلْنَا بِصِحَّتِهِ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضٍ حَقِيقِيٍّ نَظَرًا لِذَلِكَ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْعَيْنَ إذَا كَانَتْ فِي يَدِ شَخْصٍ ثُمَّ ارْتَهَنَهَا كَفَى مُضِيُّ الزَّمَنِ كَمَا سَيَأْتِي. [رَهْنُ الْأُمِّ مِنْ الْإِمَاءِ] قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَزُلْ بِالرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (يُبَاعَانِ) أَيْ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَقَدْ الْتَزَمَ بِالرَّهْنِ بَيْعَ الْأُمِّ، فَجُعِلَ مُلْتَزِمًا لِمَا هُوَ مِنْ لَوَازِمِهِ وَهُوَ بَيْعُ الْوَلَدِ مَعَهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَحْدَهَا) أَيْ بِصِفَةِ كَوْنِهَا حَاضِنَةً أَعْنِي مُصَاحِبَةً لِلْوَلَدِ إذْ لَوْ كَانَ كَبِيرًا فَلَيْسَ هُنَاكَ سِوَى مُجَرَّدِ الْمُصَاحَبَةِ وَإِنَّمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 وَحْدَهُ أَيْضًا وَتُجْمَعُ الْقِيمَتَانِ ثُمَّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ تُنْسَبُ قِيمَةُ الْأُمِّ إلَى الْمَجْمُوعِ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى تِلْكَ النِّسْبَةِ، فَإِذَا قِيلَ قِيمَةُ الْأُمِّ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَقِيمَتُهَا مَعَ الْوَلَدِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ أَوْ قِيمَةُ الْوَلَدِ خَمْسُونَ، فَالنِّسْبَةُ بِالْأَثْلَاثِ، فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَإِذَا قِيلَ قِيمَتُهُمَا مِائَةٌ وَعِشْرُونَ، أَوْ قِيمَةُ الْوَلَدِ عِشْرُونَ، فَالنِّسْبَةُ بِالْأَسْدَاسِ، فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الثَّمَنِ وَيُقَاسَ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعِهِ صُورَةُ رَهْنِ الْوَلَدِ فَيُقَالُ: يَقُومُ وَحْدَهُ ثُمَّ مَعَ الْأُمِّ أَوْ تَقُومُ الْأُمُّ وَحْدَهَا أَيْضًا وَتُجْمَعُ الْقِيمَتَانِ، ثُمَّ تُنْسَبُ قِيمَةُ الْوَلَدِ إلَى الْمَجْمُوعِ، وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى تِلْكَ النِّسْبَةِ، فَفِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ أَوْ بِسُدُسِهِ. (وَرَهْنُ الْجَانِي وَالْمُرْتَدِّ كَبَيْعِهِمَا) وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ قِصَاصٌ فِي الْأَظْهَرِ فِيهِمَا، وَبَيْعُ الْمُرْتَدِّ يَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَتَقَدَّمَ مَا هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَعَلَى الصِّحَّةِ فِي الْجَانِي الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ بِالرَّهْنِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ عَلَى خِلَافِ الْأَصَحِّ فِي الْبَيْعِ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْجِنَايَةِ بَاقٍ فِي الرَّهْنِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ. (وَرَهْنُ الْمُدَبَّرِ) أَيْ الْمُعَلَّقِ حُرِّيَّتُهُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ (وَمُعَلَّقُ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ يُمْكِنُ سَبْقُهَا حُلُولَ الدَّيْنِ بَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الرِّقِّ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَا تَتَقَيَّدُ الْأُولَى بِكَوْنِ الدَّيْنِ مُؤَجَّلًا كَمَا أَطْلَقُوهَا فَإِنَّهَا لَا تَسْلَمُ مَعَ كَوْنِهِ حَالًّا مِنْ الْغَرَرِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَجْأَةً وَلَوْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ يَتَيَقَّنُ حُلُولَهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ صَحَّ الرَّهْنُ جَزْمًا، وَلَوْ تَيَقَّنَ وُجُودَ الصِّفَةِ قَبْلَ الْحُلُولِ بَطَلَ الرَّهْنُ جَزْمًا.   [حاشية قليوبي] دَوَامًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَعَ الْوَلَدِ) وَعَكْسُ هَذَا التَّقْوِيمِ صَحِيحٌ فَثُمَّ لَيْسَتْ لِلتَّرْتِيبِ، وَلَا بُدَّ مِنْ وَصْفِ الْأُمِّ بِكَوْنِهَا حَاضِنَةً وَالْوَلَدُ بِكَوْنِهِ مَحْضُونًا، وَلَا يَصِحُّ عَكْسُ هَذَا التَّصْوِيرِ كَمَا مَرَّ بِأَنْ يَقُومَ الْوَلَدُ وَحْدَهُ ثُمَّ مَعَ الْأُمِّ لِأَنَّ حَقَّ الْمِلْكِ أَقْوَى وَلِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ مُرَادًا يَرْجِعُ إلَيْهِ غَيْرُ الرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (فِيهِمَا) أَيْ فِي تَعَلُّقِ الْمَالِ وَالْقِصَاصِ وَسَكَتَ عَنْ الرَّهْنِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ التَّشْبِيهِ وَقُبِلَ سُكُوتَهُ عَنْهُ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ بِنَاءِ الْخِلَافِ فِي الرَّهْنِ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ أَيْ إذَا قِيلَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ، لَمْ يَصِحَّ الرَّهْنُ قَطْعًا أَوْ بِصِحَّتِهِ فَفِي الرَّهْنِ قَوْلَانِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الصِّحَّةِ فِي الْجَانِي الْأَوَّلِ) أَيْ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ الْقَائِلِ بِصِحَّةِ رَهْنِ الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ لَا يَكُونُ السَّيِّدُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ بِرَهْنِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِهِ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ يَكُونُ السَّيِّدُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ مَا ذَكَرَهُ، وَعَلَى هَذَا التَّفْرِيقِ يَنْزِلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَمَا قِيلَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَاسِدٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ) اسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الزَّوْجَةِ الْجَانِيَةِ. قَوْلُهُ: (بِمَوْتِ السَّيِّدِ) وَكَذَا بِمَوْتِ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ تَدْبِيرًا. قَوْلُهُ: (وَمُعَلَّقُ الْعِتْقِ) لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ الْمَمْلُوكِ لَهُ فَقَطْ أَوْ حَيْثُ يَسْرِي. قَوْلُهُ: (يُمْكِنُ سَبْقُهَا) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ أَخْذًا مِمَّا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ، وَشَمَلَ إمْكَانُ سَبْقِهَا احْتِمَالَ وُجُودِهَا مَعَ حُلُولِ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ أَيْضًا حُلُولٌ أَوْ مَعَهُمَا، وَكَذَا احْتِمَالُ الْمَعِيَّةِ وَالتَّأْخِيرِ وَتَأْوِيلِ شَيْخِنَا م ر كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لِإِدْخَالِ هَذِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ يَعْلَمْ حُلُولَ الدَّيْنِ قَبْلَهَا صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ لَا مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ لِشُمُولِهِ عِلْمَ تَأَخُّرِهَا وَلَا خِلَافَ فِيهِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ الصِّحَّةِ فِي الْمُدَبَّرِ دُونَ الْمُعَلَّقِ هُوَ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْهَجِ مِنْ الْفَرْقِ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمُدَبَّرِ آكَدُ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ يَقْتَضِي الْعَكْسَ بَلْ هُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ بِدَلِيلِ الْفَرْقِ الْآتِي فِيمَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (الْأُولَى) هِيَ الْمُدَبَّرُ. قَوْلُهُ: (تَيَقَّنَ حُلُولَهُ) أَيْ بِزَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْبَيْعُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْحُلُولِ) وَكَذَا مَعَهُ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ) جَزْمًا. نَعَمْ لَوْ شَرَطَ فِي هَذِهِ وَمَا مَرَّ فِي صُوَرِ   [حاشية عميرة] قُوِّمَتْ بِصِفَةِ الْحَضَانَةِ لِأَنَّهَا رُهِنَتْ كَذَلِكَ فَلَوْ حَدَثَ الْوَلَدُ بَعْدَ الرَّهْنِ قُوِّمَتْ لَا بِصِفَةِ الْحَضَانَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي: يُقَوَّمُ الْوَلَدُ وَحْدَهُ) اُنْظُرْ هَلْ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ بِصِفَةِ كَوْنِهِ مَحْضُونًا كَيْ تَزِيدَ قِيمَتَهُ الظَّاهِرَةَ، نَعَمْ لَوْ كَانَ هُوَ الْمَرْهُونَ. قَوْلُهُ: (فَيَتَعَلَّقُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنُهَا مِثْلَ الْقِيمَتَيْنِ أَوْ زَائِدًا أَوْ نَاقِصًا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَسَبَهُ لِمَعْنَى كَلَامِ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (يُقَوَّمُ وَحْدَهُ) أَيْ بِصِفَةِ كَوْنِهِ مَحْضُونًا. [وَرَهْنُ الْجَانِي وَالْمُرْتَدِّ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَبَيْعِهِمَا) قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ جَرَيَانُ الطُّرُقِ الثَّلَاثِ الَّتِي فِي بَيْعِ الْجَانِي هُنَا وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ تَرْتِيبُ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فَالرَّهْنُ أَوْلَى، وَإِنْ صَحَّ فَقَوْلَانِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجِنَايَةَ الْعَارِضَةَ تُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَأَوْلَى أَنْ تَمْنَعَهُ فِي الِابْتِدَاءِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ إلَخْ) بَحَثَ السُّبْكِيُّ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلَّقِ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغَالِبَ الْعَفْوُ. [وَرَهْنُ الْمُدَبَّرِ] قَوْلُهُ: (صَحَّ الرَّهْنُ جَزْمًا) نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ تَقْيِيدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الزَّمَنُ بَعْدَ حُلُولِهِ يَسَعُ الْبَيْعَ قَبْلَ وُجُودِهَا وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 (وَلَوْ رَهَنَ مَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ كَرُطَبٍ) وَعِنَبٍ (فَعَلَ) وَصَحَّ الرَّهْنُ وَفَاعِلُهُ الْمَالِكُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ (فَإِنْ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ أَوْ) بَعْدَ فَسَادِهِ لَكِنْ (شَرَطَ) فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (بَيْعَهُ) عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْفَسَادِ. (وَجَعَلَ الثَّمَنَ رَهْنًا صَحَّ) الرَّهْنُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (وَيُبَاعُ) الْمَرْهُونُ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ وُجُوبًا (عِنْدَ خَوْفِ فَسَادِهِ وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا) كَمَا شَرَطَ، وَيُبَاعُ أَيْضًا فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ، وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. (وَإِنْ شَرَطَ مَنْعَ بَيْعِهِ) قَبْلَ الْحُلُولِ (لَمْ يَصِحَّ) الرَّهْنُ لِمُنَافَاةِ الشَّرْطِ لِمَقْصُودِ التَّوْثِيقِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) فَلَمْ يَشْرُطْ الْبَيْعَ وَلَا عَدَمِهِ (فَسَدَ) الرَّهْنُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْ الْمَرْهُونِ عِنْدَ الْمَحَلِّ وَالْبَيْعِ قَبْلَهُ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الرَّهْنِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيُبَاعُ عِنْدَ تَعَرُّضِهِ لِلْفَسَادِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا   [حاشية قليوبي] الْمَنْعِ فِي الْمُعَلَّقِ أَنْ يُبَاعَ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ صَحَّ الرَّهْنُ، ثُمَّ إذَا وُجِدْت الصِّفَةُ قَبْلَ الْبَيْعِ نُفِّذَ الْعِتْقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ الْمُكَاتَبُ وَالْمَوْقُوفُ وَأَمُّ الْوَلَدِ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُمْ جَزْمًا. قَوْلُهُ: (مَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ) وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ وَمِنْهُ قَصَبُ السُّكْرِ وَكَثَمَرَةٍ لَا تُجَفَّفُ وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَلَوْ مَعَ أَصْلِهَا أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ قَطْعُهَا، وَمَا قِيلَ عَنْ التَّحْرِيرِ أَنَّ رَهْنَ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ بِالْمُؤَجَّلِ لَا يَصِحُّ وَإِنْ شَرَطَ قَطْعَهُ مَرْدُودٌ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِيمَا كَتَبْنَاهُ عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فَعَلَ) أَيْ إنْ لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ قَبْلَ فَسَادِهِ وَإِلَّا بِيعَ وَوُفِّيَ مِنْهُ الدَّيْنُ. قَوْلُهُ: (تَجِبُ مُؤْنَتُهُ) كَفِعْلِهِ عَلَى مَالِكِهِ وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ إنْ امْتَنَعَ أَوْ يَبِيعُ مِنْ مَالِهِ مَا يُجَفِّفُ بِهِ وَلَا يَتَوَلَّاهُ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ. قَوْلُهُ: (يَحِلُّ) أَيْ يَقِينًا قَبْلَ فَسَادِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا بِزَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ بَيْعُهُ وَصَحَّ الرَّهْنُ مَعَ الِاحْتِمَالِ هُنَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْمُعَلَّقِ لِمُقَارَنَةِ الْمُفْسِدِ هُنَاكَ لِلْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (فِي هَذِهِ الصُّورَةِ) وَلَا يَحْتَاجُ مَا قَبْلَهَا إلَى شَرْطٍ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْأَشْرَافِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْبَيْعِ فَلَوْ شَرَطَ بَيْعَهُ قَبْلَهُ لَمْ يَصِحَّ الرَّهْنُ لِأَنَّهُ خِلَافُ قَضِيَّتِهِ مِنْ الْبَيْعِ وَقْتِ الْحُلُولِ أَصَالَةً. قَوْلُهُ: (وَجَعْلَ) فَلَا بُدَّ مِنْ الشَّرْطَيْنِ مَعًا فَلَوْ سَكَتَ عَنْ أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ الرَّهْنُ، وَلَوْ قَالَ: وَكَوْنَ بَدَلَ جَعْلَ لَكَانَ أَوْلَى، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا مِنْ الْجَوَابِ غَيْرُ وَاضِحٍ. قَوْلُهُ: (وَيُبَاعُ) أَيْ يَبِيعُهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ أَذِنَ لَهُ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ فِي الْبَيْعِ اكْتِفَاءً بِالشَّرْطِ السَّابِقِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى فَسَدَ ضَمِنَهُ. قَوْلُهُ: (وُجُوبًا) عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالرَّاهِنِ وَمَنْ امْتَنَعَ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ عَقْدِ رَهْنٍ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَهَذَا الْمُقْتَضَى لِتَقْيِيدِ الشَّارِحِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَجْعَلُ) أَيْ بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الرَّاهِنِ فِي شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ إنْشَاءِ الْعَقْدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا لِبَقَاءِ حُكْمِ الرَّهْنِ وَالْبَيْعِ فِي هَذَيْنِ أَيْضًا عِنْدَ خَوْفِ الْفَسَادِ كَالْأُولَى، وَيَحْتَاجُ الْمُرْتَهِنُ فِي الْبَيْعِ إلَى إذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ قَصَّرَ فِي ذَلِكَ وَبَاعَهُ ضَمِنَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ) أَيْ الثَّانِيَ كَمَا فِي الْإِسْنَوِيِّ وَالدَّمِيرِيِّ وَنَقَلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (الْمُطْلَقُ) تَقْيِيدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ فَعِنْدَ شَرْطِ الْبَيْعِ يَصِحُّ قَطْعًا وَعِنْدَ مَنْعِهِ يَبْطُلُ قَطْعًا نَعَمْ بَحَثَ سم أَنَّ مَنْعَ الْبَيْعِ فِي الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ حُلُولِهِ لَا يَضُرُّ لِجَوَازِ أَنْ يُوفِيَ الرَّاهِنَ مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ اتَّفَقَ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الرَّاهِنِ عَلَى نَقْلِ الْوَثِيقَةِ مِنْ عَيْنٍ إلَى عَيْنٍ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَصِحَّ، فَإِنْ أَرَادَ فَسْخَ الْأَوَّلِ وَإِنْشَاءَ الثَّانِي   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَفَاعِلُهُ الْمَالِكُ تَجِبُ عَلَيْهِ إلَخْ) مَحَلُّ الْوُجُوبِ إذَا خِيفَ فَسَادُهُ قَبْلَ الْحُلُولِ وَإِلَّا فَيُبَاعُ رُطَبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ شَرَطَ إلَخْ) رُبَّمَا يُقَالُ عَلَى هَذَا هُوَ شَرْطٌ يُخَالِفُهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ بِدَلِيلِ الْحُكْمِ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْأَشْرَافِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَيْعَهُ الْآنَ فَسَدَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (كَمَا شَرَطَ) أَيْ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إنْشَاءِ رَهْنٍ. قَوْلُهُ: (وَيُبَاعُ أَيْضًا فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ ثُمَّ إنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ أَوْ قَضَى مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، وَإِلَّا بِيعَ وَجُعِلَ الثَّمَنَ رَهْنًا انْتَهَى. وَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ لِوَفَاءِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَالثَّانِي لَهُمَا فَلَوْ تَرَكَهُ الْمُرْتَهِنُ حَتَّى فَسَدَ، قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: إنْ كَانَ الرَّاهِنُ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ عَلَيْهِ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي لِيَبِيعَهُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا الِاحْتِمَالُ قَوِيُّ أَوْ مُتَعَيِّنٌ. قَالَ السُّبْكِيُّ: الَّذِي فَهِمْته أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ عَلَى قَوْلِ الْبَغَوِيّ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَيَجِبُ فَرْضُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ مُرَاجَعَةِ الرَّاهِنِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ) قَالَ السُّبْكِيُّ لَمْ يُصَحِّحْ الْقَاضِي الطَّيِّبُ شَيْئًا مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ لِأَنَّ مَأْخَذَهُمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 يَقْصِدُ إفْسَادَ مَالِهِ. وَفِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَمَالَ مَنْ سِوَاهُمْ إلَى الثَّانِي، وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الرَّافِعِيَّ رَجَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ الْأَوَّلَ. (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ يَفْسُدُ) الْمَرْهُونُ (قَبْلَ) حُلُولِ (الْأَجَلِ صَحَّ) الرَّهْنُ الْمُطْلَقِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فَسَادِهِ إلَى الْحُلُولِ، وَالثَّانِي يَجْعَلُ جَهْلَ الْفَسَادِ كَعِلْمِهِ. (وَإِنْ رَهَنَ مَا لَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ فَطَرَأَ مَا عَرَّضَهُ لِلْفَسَادِ) قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ (كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ) وَتَعَذَّرَ تَجْفِيفُهَا (لَمْ يَنْفَسِخْ الرَّهْنُ بِحَالٍ) وَلَوْ طَرَأَ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَرْهُونِ فَفِي انْفِسَاخِ الرَّهْنِ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ، وَإِذَا لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الصُّورَتَيْنِ يُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَفِي الرَّوْضَةِ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى بَيْعِهِ حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ. (وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَعِيرَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ) بِدَيْنِهِ (وَهُوَ) أَيْ عَقْدُ الِاسْتِعَارَةِ بَعْدَ الرَّهْنِ (فِي قَوْلِ عَارِيَّةٍ) أَيْ بَاقٍ عَلَيْهَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْهَا مِنْ جِهَةِ الْمُعِيرِ إلَى ضَمَانِ الدَّيْنِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ إنْ كَانَ يُبَاعُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ ضَمَانُ دَيْنٍ فِي رَقَبَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَيُشْتَرَطُ) عَلَى هَذَا (ذِكْرُ جِنْسِ الدَّيْنِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ) وَمِنْهَا الْحُلُولُ وَالتَّأْجِيلُ (وَكَذَا الْمَرْهُونُ عِنْدَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ وَاحِدٌ مِمَّا ذَكَرَ عَلَى قَوْلِ الْعَارِيَّةِ، وَإِذَا عَيَّنَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَرَهَنَ بِمَا دُونَهُ جَازَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَإِذَا قُلْنَا عَارِيَّةٌ فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِأَيِّ   [حاشية قليوبي] صَحَّ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِجَمِيعِ صُوَرِ الِاحْتِمَالِ، بِأَنْ احْتَمَلَ حُلُولَ الدَّيْنِ قَبْلَ الْفَسَادِ وَمَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ هُمَا مَعًا أَوْ مَعَهُ وَبَعْدَهُ، وَفَارَقَ مَا هُنَا عَدَمُ الصِّحَّةِ فِيمَا مَرَّ فِي نَحْوِ الْمُدَبَّرِ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ يَقَعُ بَغْتَةً بِخِلَافِ مَا هُنَا. قَوْلُهُ: (كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ) الْأَوْلَى كَابْتِلَالِ حِنْطَةٍ، وَمِثْلُهَا مَرَضُ الْعَبْدِ مَخُوفًا، وَلَوْ طَلَبَ الرَّاهِنُ بَذْلَ قِيمَةِ ذَلِكَ رَهْنًا مَكَانَهُ وَعَدَمَ الْبَيْعِ أُجِيبَ. قَوْلُهُ: (أَرْجَحُهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (يُجْبَرُ الرَّاهِنُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَعِيرَ) أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مُسْتَعَارًا وَلَوْ ضِمْنًا فَيَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَ الشَّخْصُ مَالَ نَفْسِهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ بِلَا إذْنِهِ كَقَضَاءِ دَيْنِهِ وَأَنْ يَقُولَ لِغَيْرِهِ: ارْهَنْ عَبْدَك عَنْ فُلَانٍ بِدَيْنِهِ عَلَيَّ، وَأَنْ يَقُولَ غَيْرُهُ: ضَمِنْت مَا لَك عَلَى زَيْدٍ فِي رَقَبَةِ عَبْدِي هَذَا مَثَلًا، وَدَخَلَ فِيمَا ذَكَرَ إعَارَةُ الدَّرَاهِمِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَصِحُّ إعَارَتُهَا لِلتَّزْيِينِ أَوْ الضَّرْبِ عَلَى صُورَتِهَا وَلَا تَصِحُّ إعَارَتُهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الرَّهْنِ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِهِ كَمَا يَأْتِي وَقَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ عَارِيَّةٌ قَبْلَ الرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (فَيُشْتَرَطُ عَلَى هَذَا إلَخْ) نَعَمْ إنْ قَالَ: أَرْهَنُ عَبْدِي بِمَا شِئْت فَلَهُ رَهْنُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَلَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْمَرْهُونُ عِنْدَهُ) مِنْ كَوْنِهِ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا أَوْ وَكِيلًا أَوْ مُوَكِّلًا أَوْ مُتَعَدِّدًا. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ لَا يُشْتَرَطُ مَا ذَكَرَ، وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّارِحِ عَنْهُ   [حاشية عميرة] مُتَجَاذِبٌ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي: يَجْعَلُ جَهْلَ الْفَسَادِ كَعِلْمِهِ) أَيْ لِأَنَّ جَهْلَ الْفَسَادِ يُوجِبُ جَهْلَ إمْكَانِ الْبَيْعِ عِنْدَ الْمَحَلِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِحَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ شَرَطَ فِعْلَ ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ عُرُوضِ مِثْلِ هَذَا أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (لِلْوَثِيقَةِ) . تَتِمَّةٌ: لَوْ تَوَافَقَ الْمُتَرَاهِنَانِ فِيمَا لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ عَلَى نَقْلِ الْوَثِيقَةِ مِنْ عَيْنٍ إلَى عَيْنٍ مِنْ غَفِيرٍ رَفَعَ لِلْعَقْدِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يَلْغُو، وَلَوْ أُرِيدَ بِذَلِكَ فَسْخُ الْأَوَّلِ وَإِنْشَاءُ الثَّانِي، قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ، يَصِحُّ قَالَهُ السُّبْكِيُّ. وَقَالَ الْمَتْنُ: (وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَعِيرَ شَيْئًا إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ فَالْمُتَّجَهُ الْجَوَازُ وَإِنْ مَنَعْنَا عَارِيَّتَهُمَا لِغَيْرِ هَذَا الْغَرَضِ وَنَحْوِهِ. انْتَهَى وَلَوْ قَالَ الْمَدْيُونُ: ارْهَنْ عَبْدَك بِدَيْنِي مِنْ فُلَانٍ فَفَعَلَ صَحَّ، وَيَصِحُّ أَيْضًا أَنْ يَرْهَنَهُ بِدَيْنِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ فِي قَوْلِ عَارِيَّةٍ) لِأَنَّهُ قَبَضَ مَالَ الْغَيْرِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ نَوْعَ انْتِفَاعٍ، وَوَجْهُ الْأَظْهَرِ الْآتِي أَنَّ الْعَارِيَّةَ يَنْتَفِعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا وَالِانْتِفَاعُ هُنَا بِالْبَيْعِ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا الرَّهْنَ لَزِمَ بِالْقَبْضِ مَعَ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَالِكِ فَلَا مَحْمَلَ لَهُ غَيْرُ الضَّمَانِ فِي رَقَبَةِ مَا أَعْطَاهُ كَمَا لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي ضَمَانِ دَيْنِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَتَكُونُ ذِمَّةُ الْمَالِكِ فَارِغَةً فَكَمَا مَلَكَ أَنْ يَلْزَمَ دَيْنَ الْغَيْرِ فِي ذِمَّةِ مَمْلُوكِهِ وَجَبَ أَنْ يَمْلِكَ الْتِزَامَ ذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّ كُلًّا مَحَلُّ تَصَرُّفِهِ أَيْ وَيَقْدَحُ فِي هَذَا كَوْنُهُ لَا يَقْدِرَ عَلَى إجْبَارِ عَبْدِهِ عَلَى الضَّمَانِ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَيْسَ الْقَوْلَانِ فِي التَّمَحُّضِ عَارِيَّةً أَوْ ضَمَانًا بَلْ فِي الْمُغَلَّبِ مِنْهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) وَجْهُ مُقَابِلِهِ ضَعْفُ اخْتِلَافِ الْغَرَضِ فِي الْمَرْهُونِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 جِنْسٍ شَاءَ وَبِالْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ، قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: لَكِنْ لَا يَرْهَنُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ فَكُّهُ إلَّا بِقَضَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ. (فَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا ضَمَانَ) عَلَى الرَّاهِنِ لَمْ يَسْقُطْ الْحَقُّ عَنْ ذِمَّتِهِ. وَعَلَى قَوْلِ الْعَارِيَّةِ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِحَالٍ. (وَلَا رُجُوعَ لِلْمَالِكِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ) وَعَلَى قَوْلِ الْعَارِيَّةِ لَهُ الرُّجُوعُ فِي وَجْهِ الْأَصَحِّ لَا رُجُوعَ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الرَّهْنِ مَعْنًى وَلَهُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ (فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ أَوْ كَانَ حَالًّا رُوجِعَ الْمَالِكُ لِلْبَيْعِ، وَيُبَاعُ إنْ لَمْ يَقْضِ الدَّيْنَ) مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمَالِكِ، أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمَالِكُ وَعَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ بِجَوَازِ الرُّجُوعِ عَلَى قَوْلِ الْعَارِيَّةِ يَتَوَقَّفُ الْبَيْعُ عَلَى الْإِذْنِ. (ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَالِكُ) عَلَى الرَّاهِنِ (بِمَا بِيعَ بِهِ) عَلَى قَوْلِ الضَّمَانِ سَوَاءٌ بِيعَ بِقِيمَتِهِ أَمْ بِأَكْثَرَ أَمْ بِأَقَلَّ بِقَدْرٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ. وَعَلَى قَوْلِ الْعَارِيَّةِ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ أَنْ بِيعَ بِهَا أَوْ بِأَقَلَّ وَكَذَا بِأَكْثَرَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ بِهَا تَضْمَنُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبُ وَجَمَاعَةٌ رَجَعَ وَبِيعَ بِهِ لِأَنَّهُ ثَمَنُ مِلْكِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ هَذَا أَحْسَنُ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ.   [حاشية قليوبي] لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ كَقَبُولِ الْعَارِيَّةِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ) وَلَوْ مِنْ وَكِيلٍ لِمُوَكِّلِهِ وَعَكْسُهُ أَوْ مِنْ صِفَةٍ لِدُونِهَا وَمَتَى خَالَفَ بَطَلَ الرَّهْنُ فِي جَمِيعِهِ وَلَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ. قَوْلُهُ: (قَدْرًا) أَيْ مِنْ الْمَاءِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْ مِنْ الْأَجَلِ وَعَزَاهُ لِشَيْخِنَا م ر وَخَالَفَهُ ابْنُ قَاسِمٍ. قَوْلُهُ: (لَا يَرْهَنُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ) يَنْبَغِي إنْ لَمْ يَقُلْ: ارْهَنْهُ بِمَا شِئْت عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ عَنْ الْقَمُولِيِّ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ) خَرَجَ بِهَا يَدُ الرَّاهِنِ فَيَضْمَنُهُ سَوَاءٌ قَبْلَ الرَّهْنِ وَبَعْدَ انْفِكَاكِهِ ضَمَانَ الْعَوَالِي، وَلَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ قَامَ بَدَلُهُ مَقَامَهُ، قَالَ شَيْخُنَا: وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ عَقْدٌ جَائِزٌ وَهُوَ يَبْطُلُ بِالتَّلَفِ، فَرَاجِعْهُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ نَفَذَ قَبْلَ الرَّهْنِ مُطْلَقًا وَلَا غُرْمَ وَبَعْدَ الرَّهْنِ مِنْ الْمُوسِرِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ رَهْنًا مَكَانَهُ كَمَا فِي الرَّاهِنِ، وَلَوْ اسْتَعَارَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَرَهَنَهُ ثُمَّ وَرِثَهُ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ فَسَدَ الرَّهْنُ بِمُخَالَفَتِهِ، بِمَا تَقَدَّمَ وَمِنْهَا مَا لَوْ عَدَلَ عَنْ زَيْدٍ إلَى عَمْرٍو وَنُوزِعَ فِي هَذِهِ لِأَنَّهَا مِنْ الْغَصْبِ. قَوْلُهُ: (بِحَالٍ) وَإِنْ فَسَدَتْ الْعَارِيَّةُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ الشُّرُوعِ فِي قَبْضِهِ فَيَشْمَلُ مَا مَعَهُ. قَوْلُهُ: (رُوجِعَ الْمَالِكُ) أَيْ بَعْدَ مُرَاجَعَةِ الرَّاهِنِ وَامْتِنَاعِهِ، وَلَوْ مَاتَ الْمُعِيرُ وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ لَمْ يَجِبْ وَفَاؤُهُ مِنْ الْعَيْنِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ. قَوْلُهُ: (مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ) أَوْ الْمَالِكِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ بَرَاءَةِ الْمُرْتَهِنِ وَالْبَائِعِ لَهُ الْحَاكِمُ أَيْ وَلِلرَّاهِنِ شِرَاؤُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ أَيْ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الرَّهْنِيَّةِ وَبِهَا يُلْغَزُ فَيُقَالُ مَرْهُونٌ يُبَاعُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ قَالَهُ الدَّمِيرِيِّ وَيُقَالُ أَيْضًا مَرْهُونٌ يُبَاعُ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَالِكُ) أَيْ إنْ كَانَ قَدْ رَهَنَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ كَمَا فِي الضَّمَانِ وَكَذَا لَوْ أَدَّى الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ الْمَرْهُونِ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ وَيُصَدَّقُ الرَّاهِنُ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ وَتَصِحُّ شَهَادَةُ الْمُرْتَهِنِ بِهِ عَلَيْهِ لِلْمُعِيرِ. قَوْلُهُ: (بِمَا بِيعَ بِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ عَلَى قَوْلِ الْعَارِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَصَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (بِقَدْرٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ) فَإِنْ أَذِنَ الْمَالِكُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ جَازَ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْجَوَازِ إذَا لَمْ يَفِ مَا أَذِنَ فِيهِ بِالدَّيْنِ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَرَاجِعْهُ، وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْقَدْرَ الْمُتَغَابَنَ بِهِ يُغْتَفَرُ فِي الْعُقُودِ لَا فِي الْإِتْلَافَاتِ. قَاعِدَةٌ: حُكْمُ الْمُخَالِفِ يُنْقَضُ إنْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْإِفْتَاءِ، وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ إنْ كَانَ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ بِفَتْحِ الْجِيمِ امْتَنَعَ النَّقْضُ فِيمَا حَكَمَ بِهِ، وَفِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، أَوْ بِالصِّحَّةِ نَقَضَ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ دُونَهُ، فَلَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِصِحَّةِ الرَّهْنِ ثُمَّ اسْتَعَادَهُ الرَّاهِنُ ثُمَّ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ ثُمَّ رَفَعَ لِمُخَالِفٍ يَرَى بُطْلَانَ الرَّهْنِ بِالِاسْتِعَادَةِ، وَيَرَى قِسْمَةَ الْمَرْهُونِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، نَفَذَ حُكْمُ الْمُخَالِفِ لِأَنَّ هَذِهِ قَضِيَّةٌ طَرَأَتْ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ الشَّافِعِيُّ قَدْ حَكَمَ بِالْمُوجَبِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُ الْمُخَالِفِ بِبُطْلَانِ الرَّهْنِ بِالِاسْتِعَادَةِ   [حاشية عميرة] عِنْدَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ الْحَقُّ) أَيْ فَلَا يُمْكِنُ رُجُوعُ الضَّامِنِ وَالْحَقُّ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ. قَوْلُهُ: (وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَمْسَكَهُ هُنَا لَا عَارِيَّةَ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ قَبْلَ قَبْضِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ثَابِتٌ لِلْمَدْيُونِ وَلَا لُزُومَ فِي حَقِّهِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَلْزَمَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (رُوجِعَ الْمَالِكُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَوْ رَهَنَ عَلَى دَيْنِ نَفْسِهِ لَرُوجِعَ فَهَذَا أَوْلَى. قَوْلُهُ (مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا وَامْتَنَعَ مِنْ الْإِعْطَاءِ كَمَا لَا يَمْنَعُ يَسَارُ الْأَصِيلِ مُطَالَبَةَ الضَّامِنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِأَقَلَّ) لَوْ كَانَ النَّقْصُ هَذَا قَدْرًا يَتَسَامَحُ النَّاسُ بِهِ رَجَعَ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ خِلَافُ مَا سَلَفَ عَلَى قَوْلِ الضَّمَانِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 فَصْلٌ شَرْطُ الْمَرْهُونِ بِهِ لِيَصِحَّ الرَّهْنُ (كَوْنُهُ دَيْنًا ثَابِتًا لَازِمًا فَلَا يَصِحُّ) الرَّهْنُ (بِالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمُسْتَعَارَةِ) وَالْمَأْخُوذَةِ بِالسَّوْمِ. (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ، وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِغَرَضِ الرَّهْنِ عِنْدَ الْبَيْعِ، وَالثَّانِي لَا يَلْتَزِمُ هَذَا الْغَرَضَ، وَقَاسَ الرَّهْنَ بِهَا عَلَى ضَمَانِهَا لِتُرَدَّ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ ضَمَانَهَا لَا يَجُرُّ لَوْ لَمْ تَتْلَفْ إلَى ضَرَرٍ بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِهَا فَيَجُرُّ إلَى ضَرَرِ دَوَامِ الْحَجْرِ فِي الْمَرْهُونِ، وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ خَرَجَتْ عَنْ الصِّحَّةِ بِقَوْلِهِ دَيْنًا. (وَلَا) يَصِحُّ الرَّهْنُ (بِمَا سَيُقْرِضُهُ) وَلَا بِثَمَنِ مَا يَشْتَرِيه لِأَنَّهُ وَثِيقَةُ حَقٍّ فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْحَقِّ كَالشَّهَادَةِ، وَعَنْ ذَلِكَ الدَّاخِلِ فِي الدَّيْنِ بِيَجُوزُ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ ثَابِتًا. (وَلَوْ قَالَ: أَقْرَضْتُك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَارْتَهَنْت بِهَا عَبْدَك فَقَالَ: اقْتَرَضْت وَرَهَنَتْ، أَوْ قَالَ: بِعْتُكَهُ بِكَذَا أَوْ ارْتَهَنْت الثَّوْبَ بِهِ فَقَالَ   [حاشية قليوبي] وَلَا بِالْقِسْمَةِ لِأَنَّ الْمُوجَبَ يُشْبِهُ الْآثَارَ الْمَوْجُودَةَ وَالطَّارِئَةَ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ مِنْ الْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ وَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْعِصْمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَنْ وَالِدِهِ وَاعْتَمَدَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمَحَلُّ النُّفُوذِ فِي الطَّارِئَةِ فِيمَا إذَا حَكَمَ بِالْمُوجَبِ أَنْ يَصِحَّ تَوَجُّهُ الْحُكْمِ إلَيْهَا وَقْتَ الْحُكْمِ فَلَوْ عَلَّقَ شَخْصٌ طَلَاقَ أَجْنَبِيَّةٍ عَلَى نِكَاحِهِ لَهَا، وَحَكَمَ مَالِكِيٌّ بِمُوجَبِهِ فَلَهُ بَعْدَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا رَفْعُ الْأَمْرِ لِشَافِعِيٍّ لِيَحْكُمَ لَهُ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِأَنَّ السَّبَبَ الَّذِي عَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَقْتَ الْحُكْمِ، فَهُوَ كَقَوْلِ الْحَاكِمِ حَكَمْت عَلَى فُلَانٍ بِصِحَّةِ رَهْنِهِ إذَا رَهَنَ أَوْ بِبَيْعِ عَبْدِهِ إذَا جَنَى، قَالَ: وَهَذَا وَاضِحٌ جَلِيٌّ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُخَالِفُهُ لِمَنْ أَنْصَفَ وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ مَزِيدُ بَيَانٍ فِي الْقَضَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ أَرْكَانِ الرَّهْنِ وَهُوَ الْمَرْهُونُ بِهِ الَّذِي هُوَ الدَّيْنُ وَمَا يَجُوزُ فِيهِ لِلرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمَا وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (شَرْطُ الْمَرْهُونِ بِهِ) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ أَيْ شُرُوطُهُ وَهِيَ خَمْسَةٌ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (كَوْنُهُ دَيْنًا) وَلَوْ مَنْفَعَةً فِي الذِّمَّةِ كَمَا يَأْتِي ثَابِتًا أَيْ مَوْجُودًا لَازِمًا أَيْ فِي نَفْسِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَمَعْلُومًا وَمُعَيَّنًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالْمُسْتَعَارَةِ) وَمِثْلُهَا كُلُّ مَا يَجِبُ رَدُّهُ فَوْرًا كَالْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا نَحْوِ الْوَدِيعَةِ: قَوْلُهُ (لِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى إلَخْ) لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ الْعَيْنُ الْمَخْصُوصَةُ، وَهِيَ لَا تُسْتَوْفَى مِنْ الثَّمَنِ الْمَرْهُونِ بِهَا لَوْ قُلْنَا بِهِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ صِحَّةِ الرَّهْنِ فِي الْمَوْقُوفِ، فَلَوْ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لَغَا الشَّرْطُ إنْ أَرَادَ الرَّهْنَ الشَّرْعِيَّ، وَلِلنَّاظِرِ الْإِخْرَاجُ بِلَا رَهْنٍ، فَإِنْ أَرَادَ الرَّهْنَ اللُّغَوِيَّ بِمَعْنَى التَّوَثُّقِ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ الشَّرْطُ وَلَا يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ إلَّا بِرَهْنٍ وَافٍ بِهِ لِيَكُونَ بَاعِثًا عَلَى رَدِّهِ وَلَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْمَوْقُوفُ لَوْ تَلِفَ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ مَحَلِّهِ اتَّبَعَ، فَإِنْ تَعَسَّرَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهِ جَازَ إخْرَاجُهُ لِغَيْرِهِ مَعَ أَمِينٍ يَرُدُّهُ بَعْدَ الِانْتِفَاعِ بِهِ. قَوْلُهُ: (لَوْ لَمْ تَتْلَفْ) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْفَرْقِ إذْ بَعْدَ التَّلَفِ يَبْطُلُ الرَّهْنُ كَالضَّمَانِ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ ذَلِكَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الدُّيُونَ تُوصَفُ فِي ذَاتِهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِدَيْنٍ مُعَيَّنٍ بِالثُّبُوتِ وَاللُّزُومِ فَيُقَالُ: دَيْنُ الْقَرْضِ ثَابِتٌ لَازِمٌ وَثَمَنُ الْمَبِيعِ كَذَلِكَ، وَهَكَذَا تُوصَفُ بِالنَّظَرِ لِدَيْنٍ مُعَيَّنٍ بِبُعْدِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ فَمَا يُرِيدُ أَنْ يُقْرِضَهُ زَيْدٌ لِعَمْرٍو لَا يُوصَفُ بِشَيْءٍ قَبْلَ وُقُوعِ عَقْدِ الْقَرْضِ حَقِيقَةً، وَيُوصَفُ بِالثُّبُوتِ بِحَسَبِ الْمَآلِ مَجَازًا وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبْضِ يُوصَفُ بِالثُّبُوتِ أَيْ الْوُجُودِ حَقِيقَةً وَبِاللُّزُومِ فِي الْمَآلِ مَجَازًا، وَبَعْضُ الْقَبْضِ يُوصَفُ بِالثُّبُوتِ وَاللُّزُومِ حَقِيقَةً وَكَذَا ثَمَنُ مَا يَبِيعُهُ زَيْدٌ لِعَمْرٍو، فَقِيلَ وُقُوعُ الْعَقْدِ لَا يُوصَفُ بِشَيْءٍ كَمَا مَرَّ، وَبَعْدَهُ مَعَ الْخِيَارِ يُوصَفُ بِالثُّبُوتِ حَقِيقَةً وَبِاللُّزُومِ بِحَسَبِ الْمَآلِ مَجَازًا وَبِلَا خِيَارٍ يُوصَفُ بِالثُّبُوتِ وَاللُّزُومِ حَقِيقَةً فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَافْهَمْهُ فَهُوَ مِمَّا يُهْتَمُّ بِمَعْرِفَتِهِ وَحِفْظِهِ. قَوْلُهُ: (اقْتَرَضْت وَرَهَنْت) فَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَرَهَنْت بَطَلَ الْقَرْضُ وَالرَّهْنُ وَكَذَا فِي صُورَةِ الْبَيْعِ بَعْدَهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: ارْتَهَنْت مَا لَوْ قَالَ: بِشَرْطِ أَنْ تَرْهَنَنِي بِهِ الثَّوْبَ، أَوْ عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي بِهِ الثَّوْبَ، فَإِنْ قَالَ الْقَابِلُ فِي جَوَابِهِ: اقْتَرَضْت وَرَهَنْت، أَوْ اشْتَرَيْت وَرَهَنْت،   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ شَرْطُ الْمَرْهُونِ بِهِ] قَوْلُهُ: (احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ ثَابِتًا) كَذَا خَرَجَ بِهِ أَيْضًا مَا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ، وَلَمْ يَجِبْ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فِي الْغَدِ. [الرَّهْنُ بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ] قَوْلُهُ: (لِانْتِهَاءِ الْأَمْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 اشْتَرَيْت وَرَهَنْت صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ لِتَقَدُّمِ أَحَدِ شِقَّيْهِ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ، وَالْأَوَّلُ اغْتَفَرَ ذَلِكَ لِحَاجَةِ الْوَثِيقَةِ. (وَلَا يَصِحُّ) الرَّهْنُ (بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ) لِأَنَّ الرَّهْنَ لِلتَّوَثُّقِ وَالْمُكَاتَبِ بِسَبِيلٍ مِنْ إسْقَاطِ النُّجُومِ مَتَى شَاءَ فَلَا مَعْنَى لِتَوْثِيقِهَا. (وَلَا بِجَعْلِ الْجِعَالَةِ قَبْلَ الْفَرَاغِ) مِنْ الْعَمَلِ وَإِنْ شَرَعَ فِيهِ لِأَنَّ لَهُمَا فَسْخَهَا فَيَسْقُطُ بِهِ الْجُعْلُ، وَإِنْ لَزِمَ الْجَاعِلَ بِفَسْخِهِ وَحْدَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَمَلِ وَعَنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لَازِمًا. (وَقِيلَ يَجُوزُ بَعْدَ الشُّرُوعِ) فِي الْعِلْمِ لِانْتِهَاءِ الْأَمْرِ فِيهِ إلَى اللُّزُومِ وَيَصِحُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ قَطْعًا لِلُزُومِ الْجُعْلِ بِهِ (وَيَجُوزُ) الرَّهْنُ (بِالثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) لِأَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ، وَالْأَصْلُ فِي وَضْعِهِ اللُّزُومُ بِخِلَافِ جُعْلِ الْجَعَالَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ قُلْنَا مَلَكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِيَمْلِكَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ الْمَرْهُونُ فِي الثَّمَنِ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَدَخَلَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي قَوْلِهِ لَازِمًا بِيَجُوزُ، وَلَا فَرْقَ فِي اللَّازِمِ الْمُسْتَقِرِّ كَدَيْنِ الْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمَقْبُوضِ وَغَيْرِ الْمُسْتَقِرِّ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْأُجْرَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَيَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَيُبَاعُ الْمَرْهُونُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَتَحْصُلُ الْمَنْفَعَةُ مِنْ ثَمَنِهِ وَلَا يَصِحُّ بِالْمَنْفَعَةِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ. تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمَرْهُونِ بِهِ مَعْلُومًا مَعَ ذِكْرِهِمْ اشْتِرَاطَ كَوْنِ الْمَضْمُونِ مَعْلُومًا فِي الْجَدِيدِ كَمَا سَيَأْتِي، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ، وَفِي الْكِفَايَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لَهُمَا، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الِاسْتِقْصَاءِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِي شَرَائِطِ الْأَحْكَامِ لِابْنِ عَبْدَانَ وَفِي الْمُعِينِ لِأَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ (وَ) يَجُوزُ (بِالدَّيْنِ رَهْنٌ   [حاشية قليوبي] كَانَ مِنْ الْمَزْجِ أَيْضًا لِقِيَامِ الشَّرْطِ مَقَامَ الْإِيجَابِ كَمَا مَرَّ. وَإِنْ أَبْدَلَ لَفْظَ رَهَنْت بِقَوْلِهِ عَلَى ذَلِكَ مَثَلًا كَانَ مِنْ شَرْطِ الرَّهْنِ فَالْقَرْضُ أَوْ الْبَيْعُ صَحِيحٌ وَيَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ عَقْدٍ لِلرَّهْنِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا يَنْزِلُ مَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ شَيْخِنَا وَعَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) سَوَاءٌ شُرِطَ فِي الْبَيْعِ خِيَارٌ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا أَوْ لَمْ يَكُنْ خِيَارٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لِتَقَدُّمِ أَحَدِ شِقَّيْهِ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ) وَثُبُوتِهِ بِتَمَامِ عَقْدِ الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ كَمَا مَرَّ آنِفًا فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا مِنْ الِاعْتِرَاضِ، وَقَوْلُ الْقَاضِي فِي الْبَيْعِ بِقَدْرِ وُجُوبِ الثَّمَنِ أَيْ وُجُوبِهِ وَمِثْلِهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَبِشَرْطِ تَقَدُّمِ شِقِّ الْقَرْضِ وَالشِّرَاءِ عَلَى شِقِّ الرَّهْنِ فِي كُلٍّ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَأَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ مِنْ شِقَّيْ الرَّهْنِ مِنْ الْمُتَبَدِّي وَإِلَّا بَطَلَ الْعَقْدَانِ كَمَا مَرَّ. فَرْعٌ: لَوْ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ وَكِتَابَةٍ صَحَّ فِي الْكِتَابَةِ وَبَطَلَ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ مُبَايَعَةِ سَيِّدِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَزِمَ الْجَاعِلَ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْعَامِلُ بِالْفَسْخِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَوَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِانْتِهَاءِ الْأَمْرِ فِيهِ إلَى اللُّزُومِ) فَهُوَ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَرَدَّ بِأَنَّ وَضْعَ الثَّمَنِ اللُّزُومُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَلَكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ) بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْمُسْتَقِرِّ) وَهُوَ مَا لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ سُقُوطٌ وَغَيْرُ الْمُسْتَقِرِّ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (كَدَيْنِ الْقَرْضِ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِهِ وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهِ قَبْلَهُ فِي غَيْرِ الْمَزْجِ الْمُتَقَدِّمِ، قَالَهُ شَيْخُنَا أَخْذًا مِنْ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (وَالْأُجْرَةِ) أَيْ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لِأَنَّهَا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ يَلْزَمُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ، وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهِ لِأَنَّهُ حَاصِلٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْمَنْفَعَةِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ دَيْنًا وَمِثْلُهَا الزَّكَاةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعَيْنِ فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ كَأَنْ تَلِفَ النِّصَابُ بَعْدَ الْوُجُوبِ صَحَّ الرَّهْنُ عَلَيْهَا إنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ، وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ: يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا مُطْلَقًا نَظَرًا لِكَوْنِ مُتَعَلِّقِهَا الذِّمَّةَ بِدَلِيلِ جَوَازِ إخْرَاجِهَا مِنْ غَيْرِ الْمَالِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُمَا) أَيْ مِمَّنْ تَبِعَهُمَا فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا) أَيْ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً قَالَ بَعْضُهُمْ وَعَيْنًا فَلَا حَاجَةَ لِزِيَادَةِ شَرْطِ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا وَمِنْ الْمَعْلُومِ مَا لَهُ مَبْدَأٌ وَغَايَةٌ نَحْوُ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ كَمَا فِي الضَّمَانِ، وَلَوْ ظَنَّ دَيْنًا فَرَهَنَ بِهِ أَوْ أَدَّاهُ فَبَانَ خِلَافُهُ لَغَا كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ ظَنَّ صِحَّةَ شَرْطٍ فَاسِدٍ فَرَهَنَ صَحَّ لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الِاسْتِقْصَاءِ) وَهُوَ لِابْنِ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْتَقْصَى فِيهِ نُصُوصَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْقَدِيمَةَ وَالْجَدِيدَةَ. قَوْلُهُ: (بِالدَّيْنِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَصْدَرِ بَعْدَهُ وَسَوَّغَ ذَلِكَ كَوْنُهُ مَجْرُورًا عَلَى مَا اخْتَارَهُ السَّيِّدُ وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ مَعْمُولَ الْمَصْدَرِ لَا يَتَقَدَّمُ   [حاشية عميرة] إلَخْ) أَيْ فَكَانَ كَالثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ. [الرَّهْنُ بِالثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبِالدَّيْنِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَصْدَرِ بَعْدَهُ وَسَوَّغَ ذَلِكَ كَوْنُهُ ظَرْفًا عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمَوْلَى سَعْدُ الدِّينِ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ النُّحَاةِ لِكَوْنِ الْمَصْدَرِ مُقَدَّرًا بِأَنَّ وَالْفِعْلَ، وَالْمَوْصُولُ الْحَرْفِيُّ لَا يَتَقَدَّمُ مَعْمُولُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 بَعْدَ رَهْنٍ) وَهُوَ كَمَا لَوْ رَهَنَهُمَا بِهِ مَعًا (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهُ الْمَرْهُونَ عِنْدَهُ بِدَيْنٍ آخَرَ فِي الْجَدِيدِ) وَيَجُوزُ فِي الْقَدِيمِ بِزِيَادَةِ الرَّهْنِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الرَّهْنِ شَغْلُ فَارِغٍ وَفِي الدَّيْنِ شَغْلُ مَشْغُولٍ. وَقَوْلُهُ الْمَرْهُونَ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ ثَانٍ (وَلَا يَلْزَمُ) الرَّهْنُ (إلَّا بِقَبْضِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ كَائِنًا (مِمَّنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ) أَيْ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ عَقْدُ الرَّهْنِ يَصِحُّ مِنْهُ الْقَبْضُ (وَتَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ) كَالْعَقْدِ (لَكِنْ لَا يَسْتَنِيبُ رَاهِنًا) لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْقَبْضِ وَلَا (عَبْدَهُ) لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ وَيُصَدَّقُ بِالْمَأْذُونِ لَهُ وَالْمُدَبَّرِ وَمِثْلُهُ أُمُّ الْوَلَدِ. (وَفِي الْمَأْذُونِ لَهُ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتَنَابَتُهُ لِانْفِرَادِهِ بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ وَدُفِعَ بِأَنَّ السَّيِّدَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ. (وَيَسْتَنِيبُ مُكَاتَبَهُ) لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَصِفَةُ الْقَبْضِ هُنَا فِي الْعَقَارِ وَالْمَنْقُولِ كَمَا سَبَقَ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضُ. (وَلَوْ رَهَنَ وَدِيعَةً عِنْدَ مُودِعٍ أَوْ مَغْصُوبًا عِنْدَ غَاصِبٍ لَمْ يَلْزَمْ) هَذَا الرَّهْنُ (مَا لَمْ يَمْضِ زَمَنُ إمْكَانِ قَبْضِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ إذْنِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ (فِي قَبْضِهِ) لِأَنَّ الْيَدَ كَانَتْ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ   [حاشية قليوبي] عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَرْهَنَ الرَّاهِنُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهَا أَوْ كَانَ الرَّهْنُ شَرْعِيًّا كَالتَّرِكَةِ رَهْنًا ثَانِيًا عِنْدَ الْمَرْهُونَةِ عِنْدَهُ فِي الْجَدِيدِ كَمَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ غَيْرِهِ بِلَا خِلَافٍ وَلِأَجْلِ الْخِلَافِ ضَبَطَهُ الشَّارِحُ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ تَقْيِيدٌ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ مَا مَنَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (بِدَيْنٍ آخَرَ) نَعَمْ إنْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ مِنْ جِنَايَةٍ بِأَرْشٍ مَعْلُومٍ أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ نَفَقَةً مَعْلُومَةً بِإِذْنِ الرَّاهِنِ مُطْلَقًا أَوْ بِإِذْنِ حَاكِمٍ عِنْدَ غَيْبَةِ الرَّاهِنِ أَوْ مَنَعَهُ أَوْ بِإِشْهَادٍ عِنْدَ فَقْدِ الْحَاكِمِ لِيَكُونَ رَهْنًا بِالْأَرْشِ، أَوْ الْمَنْفَعَةِ مَعَ الدَّيْنِ صَحَّ وَلَوْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّهُ رَهَنَهُ بِعِشْرِينَ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ رَهَنَهُ أَوَّلًا بِعَشَرَةٍ، ثُمَّ بِعَشَرَةٍ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ لِأَنَّهُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، سَوَاءٌ قَالَ: فَسَخْنَا الْأَوَّلَ أَوْ لَا، وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ رَهَنَهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِأَلْفَيْنِ قُبِلَتْ بِالْأَلْفَيْنِ وَحُكِمَ بِهَا سَوَاءٌ قَالَا مَا ذَكَرَ أَوَّلًا لِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَفْعُولٌ ثَانٍ) أَيْ لِيَرْهَنَ فَلَيْسَ فَاعِلًا بِهِ بَلْ فَاعِلُهُ مُسْتَتِرٌ يَعُودُ عَلَى الرَّاهِنِ كَمَا عُلِمَ مِنْ التَّقْرِيرِ السَّابِقِ، دَفَعَ بِذَلِكَ شُمُولَ كَلَامِهِ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) وَقَدْ يَخْرُجُ عَنْ اللُّزُومِ لِعَارِضٍ كَفَسْخِ بَيْعٍ فِيهِ رَهْنٌ مُمْتَزِجٌ أَوْ مَشْرُوطٌ. قَوْلُهُ: (كَائِنًا) أَشَارَ إلَى أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْجَارِ حَالٌ مِنْ الْقَبْضِ، وَالْمَوْصُولُ وَاقِعٌ عَلَى الْقَابِضِ دَفَعَ بِهِ قَوْلَ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّ الْمَوْصُولَ وَاقِعٌ عَلَى الْمُقْبَضِ، وَالْمُرَادُ إذْنُهُ وَأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ مَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْ مَنْ يَصِحُّ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ صِحَّةِ قَبْضِ نَحْوِ السَّفِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ بِهِ وَمِنْ كَوْنِ كَلَامِهِ فِي اللُّزُومِ لَا فِي الصِّحَّةِ فَتَأَمَّلْ وَأَفَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ إلَى تَمَامِ الْقَبْضِ نَعَمْ يَصِحُّ قَبْضُ السَّفِيهِ فِيمَا ارْتَهَنَهُ الْوَلِيُّ بِإِذْنِهِ، وَحَضْرَتِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْتَنِيبُ رَاهِنًا) نَعَمْ إنْ كَانَ وَكِيلًا فِي الْعَقْدِ فَقَطْ جَازَتْ اسْتَنَابَتُهُ، وَخَرَجَ بِالرَّاهِنِ الْمُرْتَهِنُ فَلِلرَّاهِنِ تَوْكِيلُهُ فِي الْإِقْبَاضِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الْقَبْضِ، وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا يَأْتِي قَالَهُ شَيْخُنَا م ر وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا ز ي. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ) نَعَمْ يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ أَجْنَبِيٌّ عَبْدًا فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ سَيِّدِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (وَيَسْتَنِيبُ مُكَاتَبَهُ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً وِفَاقًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْكِتَابِ خِلَافًا لَهُ فِي غَيْرِهِ، وَالسَّنْبَاطِيُّ وَمِثْلُهُ مُبَعَّضٌ وَقَعَ الْقَبْضُ فِي نَوْبَتِهِ وَإِنْ اسْتَنَابَهُ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ قَبْضَهُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَهَنَ وَدِيعَةً إلَخْ) وَمِثْلُهَا لَوْ رَهَنَ مُسْتَأْجَرًا عِنْدَ مُسْتَأْجِرِهِ أَوْ مُعَارًا عِنْدَ مُسْتَعِيرِهِ أَوْ مُسَامًا عِنْدَ سَائِمِهِ أَوْ مَبِيعًا فَاسِدًا عِنْدَ مُشْتَرِيهِ. قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَمْضِ زَمَنُ إمْكَانِهِ) أَيْ بَعْدَ الْإِذْنِ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنِ الْوُصُولِ فِي الْغَائِبِ مُطْلَقًا وَمِنْ زَمَنِ التَّفْرِيغِ إنْ كَانَ فِيهِ أَمْتِعَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَيْهَا يَدُهُ وَحْدَهُ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْرِيغِ بِالْفِعْلِ وَالنَّقْلِ كَالتَّفْرِيغِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (اشْتِرَاطُ إذْنِهِ) أَيْ فِي الْقَبْضِ عَنْ الرَّهْنِ فَلَوْ كَانَ مُؤَجَّرًا مَرْهُونًا وَأَذِنَ فِي الْقَبْضِ فِي الْإِجَارَةِ فَقَطْ   [حاشية عميرة] صِلَتِهِ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَشْرُوطِ فِي بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَالْمُسْتَعَارِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ أَذِنَ الْمُعِيرُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ فَلْيُتَأَمَّلْ. فَرْعٌ: لَوْ رَهَنَ الْوَارِثُ التَّرِكَةَ عِنْدَ صَاحِبِ الدَّيْنِ عَلَى دَيْنٍ آخَرَ عَلَى الْوَارِثِ فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ نَظَرًا لِحَقِّ الْمَيِّتِ فِي الْوَفَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِقَبْضِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ وَدَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] دَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ صِفَةِ الْقَبْضِ فِي التَّوَقُّفِ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِهَا. قَوْلُهُ: (كَائِنًا إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إذَا فَسَّرْت الِاسْمَ الْمَوْصُولَ الْمَجْرُورَ بِمِنْ بِالْقَابِضِ قَدَّرْت كَائِنًا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَارُ، وَإِنْ فَسَّرْته بِالْمُقْبِضِ كَانَ الْجَارُ مُتَعَلِّقًا بِالْقَبْضِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْقَبْضِ أَنْ يَقَعَ بِإِذْنِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَا لَمْ يَمْضِ إلَخْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 الرَّهْنِ، وَلَمْ يَقَعْ تَعَرُّضٌ لِلْقَبْضِ عَنْهُ، وَالثَّانِي يَقُولُ الْعَقْدُ مَعَ ذِي الْيَدِ يَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ فِي الْقَبْضِ (وَلَا يُبْرِئُهُ ارْتِهَانُهُ عَنْ الْغَصْبِ) وَإِنْ لَزِمَ (وَيُبْرِئُهُ الْإِيدَاعُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ ائْتِمَانٌ يُنَافِي الضَّمَانَ، وَالِارْتِهَانُ تَوَثُّقٌ لَا يُنَافِي الضَّمَانَ فَإِنَّهُ لَوْ تَعَدَّى فِيهِ الْمَرْهُونَ صَارَ ضَامِنًا مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ بِحَالِهِ، وَلَوْ تَعَدَّى فِي الْوَدِيعَةِ ارْتَفَعَ كَوْنُهَا وَدِيعَةً، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ قَاسَ الْإِيدَاعَ عَلَى الِارْتِهَانِ. (وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ عَنْ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِتَصَرُّفٍ يُزِيلُ الْمِلْكَ كَهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ) وَإِعْتَاقٍ وَبَيْعٍ (وَبِرَهْنٍ مَقْبُوضٍ وَكِتَابَةٍ، وَكَذَا تَدْبِيرُهُ فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ أَنَّهُ وَصِيَّةٌ لَا يَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِهِ. (وَبِإِحْبَالِهَا لَا الْوَطْءِ) مِنْ غَيْرِ إحْبَالٍ (وَالتَّزْوِيجِ) إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمُورِدِ الرَّهْنِ، بَلْ رَهْنُ الْمُزَوَّجَةِ ابْتِدَاءً جَائِزٌ. (وَلَوْ مَاتَ الْعَاقِدُ) الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ (قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ جُنَّ أَوْ تَخَمَّرَ الْعَصِيرُ أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الثَّلَاثِ أَيْضًا (لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا بُطْلَانُهُ بِالْمَوْتِ وَالْجُنُونِ فَلِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ فَيَرْتَفِعُ بِهِمَا كَالْوَكَالَةِ. وَأَجَابَ الْآخَرُ بِأَنَّ مَصِيرَهُ إلَى اللُّزُومِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِهِمَا كَالْبَيْعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَعَلَى هَذَا تَقُومُ وَرَثَةُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ مَقَامَهُمَا فِي الْإِقْبَاضِ وَالْقَبْضِ، وَيَفْعَلُهُمَا مَنْ يَنْظُرُ فِي مَالِ الْمَجْنُونِ بِرِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ لَهُ، وَأَمَّا بُطْلَانُ الرَّهْنِ بِالتَّخَمُّرِ فَلِخُرُوجِ الْمَرْهُونِ عَنْ الْمَالِيَّةِ، وَالنَّافِي لِلْبُطْلَانِ يَقُولُ   [حاشية قليوبي] لَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ عَنْ الرَّهْنِ أَوْ عَنْ الرَّهْنِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْإِجَارَةِ حَصَلَ الْقَبْضُ عَنْهُمَا لِأَنَّ قَبْضَ الْإِجَارَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ وَكَالْإِذْنِ قَصْدُ الْوَلِيِّ كَوْنَهُ قَابِضًا أَوْ مُقْبَضًا فِي رَهْنِ مَالِ مُوَلِّيهِ عِنْدَهُ، وَعَكْسُهُ وَإِنْ رَشَدَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ أَوْ مَضَى زَمَنُ الْقَبْضِ صُدِّقَ الرَّاهِنُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُبَرِّئُهُ ارْتِهَانُهُ) وَلَا إعَارَتُهُ وَلَا تَزْوِيجُهُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَلَا إقْرَاضُهُ وَلَا إجَارَتُهُ وَلَا تَوْكِيلُهُ فِي نَحْوِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ نَعَمْ يَبْرَأُ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْقِرَاضِ وَنَحْوِهِ وَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْمُعَارِ الَّذِي ارْتَهَنَهُ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُعِيرُ وَلِلْمُرْتَهِنِ الضَّامِنِ فِيمَا ذَكَرَ أَنْ يُجْبَرَ الرَّاهِنُ عَلَى قَبْضِهِ ثُمَّ عَوْدِهِ إلَيْهِ لِأَجْلِ بَرَاءَتِهِ، فَإِنْ أَبَى أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ أَوْ نَابَ عَنْهُ أَوْ قَالَ لِلْمُرْتَهِنِ: أَبْرَأْتُك أَوْ اسْتَأْمَنْتُك أَوْ أَوْدَعْتُك عَنْهُ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ إجْبَارُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى رَدِّهِ وَعَوْدِهِ إلَيْهِ إذْ لَا غَرَضَ لِلرَّاهِنِ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمُرْتَهِنِ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْغَصْبِ) وَمِثْلُهُ كُلُّ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ وَيَسْتَمِرُّ ضَمَانُ الْغَصْبِ عَلَيْهِ بِأَقْصَى الْقِيَمِ كَمَا قَالَهُ سم عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. وَقَالَ الطَّبَلَاوِيُّ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ. قَوْلُهُ: (بِتَصَرُّفٍ إلَخْ) إذْ الْقَاعِدَةُ هُنَا أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يَمْنَعُ الرَّهْنَ ابْتِدَاءً إذَا طَرَأَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَبْطَلَهُ وَمَا لَا فَلَا إلَّا الرَّهْنُ وَالْهِبَةُ بِلَا قَبْضٍ. قَوْلُهُ: (كَهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ) قَيَّدَ الْقَبْضَ فِيهَا وَفِي الرَّهْنِ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَهُمَا رُجُوعٌ وَلَوْ بِلَا قَبْضٍ، وَتَقْيِيدُ الشَّيْخَيْنِ فِي الْقَبْضِ لِكَوْنِهِمَا مِثَالَيْنِ لِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَشَمَلَ الرَّهْنَ مَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَبِرَهْنٍ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى بِتَصَرُّفٍ فَهُوَ نَوْعٌ آخَرُ. قَوْلُهُ: (وَكِتَابَةٍ) وَلَوْ فَاسِدَةً عَلَى الْأَظْهَرِ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ تَعْلِيقَ الْعِتْقِ بِالصِّفَةِ مُبْطِلٌ قَطْعًا وَمَحَلُّهُ فِي تَعْلِيقٍ يَمْنَعُ ابْتِدَاءً كَمَا عُلِمَ مِنْ الضَّابِطِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (وَبِإِحْبَالِهَا) مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالتَّزْوِيجِ) لِعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ لَيْسَ رُجُوعًا وَمِثْلُهُ الْإِجَارَةُ وَإِنْ نَقَصَتْ بِهَا الْقِيمَةُ خِلَافًا لِلْفَارِقِيِّ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ فَيَدْخُلُ مَا لَوْ حَصَلَ الْمَوْتُ وَنَحْوُهُ فِي أَثْنَاءِ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ فِي الْأَصَحِّ وَمُقْتَضَى قِيَامِ الْوَارِثِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ جَوَازُ إقْبَاضِهِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيَّ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَمَّا بُطْلَانُهُ) هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ لِقَصْرِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ كَوْنَهُ قَوْلًا أَوْ غَيْرَ مِمَّا سَيَأْتِي وَعَلَى هَذَا لَوْ قَبَضَ حَالَ تَخَمُّرِهِ لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِهِ بَعْدَ التَّخَلُّلِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ إنَّ ذَلِكَ جَارٍ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِرِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ لَهُ) أَيْ مِنْ الْفَسْخِ وَالْإِجَارَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ رَهْنَ تَبَرُّعٍ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ ضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ كَمَا   [حاشية عميرة] وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ خَارِجًا عَنْ يَدِهِ تَوَقَّفَ اللُّزُومُ عَلَى الذَّهَابِ إلَيْهِ وَعَلَى الْقَبْضِ لَكِنْ سَقَطَ الذَّهَابُ وَالْقَبْضُ نَظَرًا لِلْمَشَقَّةِ وَكَوْنُهُ فِي يَدِهِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ اعْتِبَارِ الزَّمَنِ الَّذِي كَانَ يَقَعُ فِيهِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُبَرِّئُهُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ وَدَوَامُ الرَّهْنِ لَا يَمْنَعُ مِنْ ابْتِدَاءِ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ تَعَدَّى الْمُرْتَهِنُ فِي الْمَرْهُونِ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَدْفَعَ ابْتِدَاءُ الرَّهْنِ دَوَامَ الضَّمَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَيُبَرِّئُهُ. قَوْلُهُ: (تَعْلِيقُ عِتْقٍ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَغَيْرُهُ هُنَا وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ كَالتَّدْبِيرِ انْتَهَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَوْ كَانَ مَعَ حُلُولِ الدَّيْنِ أَوْ عَلَى صِفَةٍ تَتَأَخَّرُ عَنْ حُلُولِهِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الرَّهْنِ فِي الِابْتِدَاءِ. [مَاتَ الْعَاقِدُ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ جُنَّ أَوْ تَخَمَّرَ الْعَصِيرُ أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ] قَوْلُهُ: (وَالنَّافِي لِلْبُطْلَانِ إلَخْ) اسْتَنَدَ أَيْضًا إلَى أَنَّ الدَّوَامَ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 ارْتَفَعَ حُكْمُ الرَّهْنِ بِالتَّخَمُّرِ وَبِانْقِلَابِ الْخَمْرِ خَلًّا يَعُودُ الرَّهْنُ، وَإِبَاقُ الْعَبْدِ مُلْحَقٌ بِالتَّخَمُّرِ لِأَنَّهُ انْتَهَى إلَى حَالَةٍ تَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ، وَمَسْأَلَةُ الْمَوْتِ نَصَّ فِيهَا فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِمَوْتِ الْمُرْتَهِنِ، وَنَقَلَ نَصٌّ آخَرُ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ. وَخَرَّجَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلٌ إلَى الْأُخْرَى. وَقَرَّرَ بَعْضُهُمْ النَّصَّيْنِ فِيهِمَا وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ فِيهِمَا، وَالتَّخْرِيجُ أَصَحُّ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ فَالْجُنُونُ أَوْلَى، أَوْ يَبْطُلُ بِهِ فَفِي الْجُنُونِ وَجْهَانِ، وَالْإِغْمَاءُ كَالْجُنُونِ. وَلَوْ تَخَمَّرَ الْعَصِيرُ بَعْدَ الْقَبْضِ بَطَلَ الرَّهْنُ بِمَعْنَى ارْتَفَعَ حُكْمُهُ فَإِنْ عَادَ خَلًّا عَادَ الرَّهْنُ، وَلَا بُطْلَانَ قَطْعًا فِي الْمَوْتِ أَوْ الْجُنُونِ أَوْ الْإِبَاقِ بَعْدَ الْقَبْضِ. (وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ الْمُقْبِضِ تَصَرُّفٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ) كَالْبَيْعِ فَلَا يَصِحُّ (لَكِنَّ فِي إعْتَاقِهِ أَقْوَالًا أَظْهَرُهَا يَنْفُذُ) بِالْمُعْجَمَةِ (مِنْ الْمُوسِرِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ عِتْقِهِ) وَتَكُونُ (رَهْنًا) مَكَانَهُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ، قَالَهُ الْإِمَامُ، وَلَا يَنْفُذُ مِنْ الْمُعْسِرِ. وَالثَّانِي يَنْفُذُ مُطْلَقًا وَيَغْرَمُ الْمُعْسِرُ إذَا أَيْسَرَ الْقِيمَةَ وَتَكُونُ رَهْنًا. وَالثَّالِثُ لَا يَنْفُذُ مُطْلَقًا. (وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ فَانْفَكَّ) الرَّهْنُ بِإِبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَمْ يُنْفِذْهُ   [حاشية قليوبي] مَرَّ. قَوْلُهُ: (يَعُودُ الرَّهْنُ) أَيْ حُكْمُهُ، وَفَارَقَ الْجِلْدَ إذَا دُبِغَ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ حَصَلَتْ بِالْمُعَالَجَةِ فَلَا يَعُودُ رَهْنًا وَيَمْلِكُهُ دَابِغُهُ إنْ أَعْرَضَ عَنْهُ مَالِكُهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْإِلْحَاقِ وَسَكَتَ عَنْ تَعْلِيلِ الْوَجْهَيْنِ لِعِلْمِهِ مِنْ الْإِلْحَاقِ. قَوْلُهُ: (وَمَسْأَلَةُ الْمَوْتِ إلَخْ) هُوَ شُرُوعٌ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَالتَّخْرِيجُ أَصَحُّ) أَيْ طَرِيقُ التَّخْرِيجِ أَصَحُّ فَصَحَّ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْأَصَحِّ دُونَ الْمَذْهَبِ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَخْرَجَ يَصِحُّ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالْوَجْهِ وَغَلَّبَهُ عَلَى النَّصِّ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قُلْنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ الثَّانِيَ مُرَتَّبٌ عَلَى الْخِلَافِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ فِيهِ تَخْرِيجٌ فَهُوَ طُرُقٌ مَحْضَةٌ وَمِثْلُهُ الْإِغْمَاءُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالْإِغْمَاءُ كَالْجُنُونِ) لَكِنَّ الْأَوْلَى لَهُ بَلْ يَنْتَظِرُ زَوَالَهُ فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ، وَالْخَرَسُ بَعْدَ الْإِذْنِ لَا يُبْطِلُهُ وَقَبْلَهُ تُعْتَبَرُ إشَارَتُهُ إنْ وُجِدَتْ وَإِلَّا بَطَلَ الرَّهْنُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَبَطَلَ الرَّهْنُ) لَعَلَّهُ قَطْعًا كَاَلَّذِي بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ الْمُقْبِضِ تَصَرُّفٌ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. نَعَمْ لَهُ قَتْلُهُ قَوَدًا أَوْ دَفْعًا أَوْ عَنْ رَدِّهِ وَهُوَ إمَامٌ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ فِي إعْتَاقِهِ) أَيْ الرَّاهِنُ لِلْمَرْهُونِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ عَنْ كَفَّارَتِهِ، لَا عَنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا بَاطِلٌ، وَإِعْتَاقُ وَارِثِهِ عَنْهُ كَإِعْتَاقِهِ، وَمِلْكُهُ أَوْ إرْثُهُ لِبَعْضِهِ كَأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ كَإِعْتَاقِهِ وَإِعْتَاقِ بَعْضِ الْمَرْهُونِ، كَإِعْتَاقِ كُلِّهِ وَيَسْرِي إلَى بَاقِيهِ بِشَرْطِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ بَعْضَ عَبْدٍ وَأَعْتَقَ بَعْضَهُ غَيْرَ الْمَرْهُونِ عَتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مُطْلَقًا وَفِي سِرَايَتِهِ لِلْمَرْهُونِ مَا مَرَّ، وَإِعْتَاقُ وَارِثٍ مَدْيُونٍ عَنْهُ عَبْدًا مِنْ تَرِكَتِهِ كَإِعْتَاقِهِ وَلَوْ رَهَنَ سَيِّدٌ مُبَعَّضٌ بَعْضَهُ عِنْدَهُ عَلَى دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنْ أَذِنَ الْمُبَعَّضُ أَوْ أَيْسَرَ السَّيِّدُ نَفَذَ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (يَنْفُذُ مِنْ الْمُوسِرِ) وَهُوَ جَائِزٌ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَمْلِكُ قَدْرَ مَا يَغْرَمُهُ زِيَادَةً عَلَى مَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ. قَوْلُهُ: (وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ) إنْ لَمْ تَزِدْ عَنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْقِيمَةِ وَالدَّيْنِ وَلَوْ مُؤَجَّلًا، فَإِنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِهَا نَفَذَ فِيمَا أَيْسَرَ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَتَكُونُ رَهْنًا) وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ كَالْقِيمَةِ وَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا كَأَنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَاهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَحَلُّ كَوْنِهَا رَهْنًا إنْ قَصَدَهَا عَنْ الْغُرْمِ عِنْدَ الدَّفْعِ فَإِنْ قَصَدَ إبْدَالَهَا صُدِّقَ، وَبَعْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ تَخَيَّرَ بَيْنَ جَعْلِهَا عَنْ الدَّيْنِ وَإِبْقَائِهَا هُنَا كَذَا، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَا يَتَقَدَّمُ الْحُكْمُ عَلَى الْقِيمَةِ بِكَوْنِهَا رَهْنًا عَلَى الْغُرْمِ بَلْ يَحْكُمُ عَلَيْهَا بِهِ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ هُوَ الْجَانِيَ وَيَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِهِ لَوْ مَاتَ فَتَصِيرُ مَرْهُونَةً بِهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْجَانِي هُوَ الرَّاهِنَ وَيُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ بِقَدْرِ الْبَدَلِ مِنْ تَرِكَتِهِ، قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَيُمْتَنَعُ عَلَى الْجَانِي التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ إذَا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا وَيَسْتَقِلُّ الْمُرْتَهِنُ بِتَرِكَتِهِ كَذَلِكَ فَيُقَدَّمُ بِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ مَعَ مَا مَرَّ بِقَوْلِهِ أَنْ يَقْصِدَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْفُذُ مِنْ الْمُعْسِرِ) وَقْتَ الْإِعْتَاقِ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ)   [حاشية عميرة] يَقُولُ: ارْتَفَعَ إلَخْ يُرِيدُ بِهِ الثَّانِيَ لَا يَقُولُ بِالصِّحَّةِ حَالَ التَّخْمِيرِ بَلْ لَوْ فَرَضَ التَّخْمِيرَ بَعْدَ الْقَبْضِ ارْتَفَعَ حُكْمُ الرَّهْنِ وَلَكِنَّهُ يَعُودُ بِالتَّخَلُّلِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَقَرَّرَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ يَحِلُّ الدَّيْنُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ دَيْنُهُ بِكُلِّ التَّرِكَةِ وَإِنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِعَيْنِ الرَّهْنِ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يَحْصُلُ بِتَسْلِيمِ الْوَارِثِ الْغَرَضُ فَلَا حَاجَةَ إلَى بَقَاءِ الرَّهْنِ وَفِي مَوْتِ الْمُرْتَهِنِ الدَّيْنُ بَاقٍ بِحَالِهِ وَالْوَثِيقَةُ حَقٌّ لِلْمُرْتَهِنِ وَوَرَثَتُهُ مُحْتَاجُونَ إلَيْهَا، فَانْتَقَلَتْ إلَيْهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ) أَيْ لِئَلَّا يَبْطُلَ مَعْنَى التَّوَثُّقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَكِنْ فِي إعْتَاقِهِ إلَخْ) خَرَجَ سِرَايَةُ الْعِتْقِ إلَيْهِ فَإِنَّهَا تَثْبُتُ سَوَاءٌ نَفَّذْنَا إعْتَاقَهُ أَمْ لَا عَلَى الْأَصَحِّ لَكِنْ يُشْتَرَطُ الْيَسَارُ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَظْهَرُهَا) وَجْهُ هَذَا أَنَّهُ عِتْقٌ فِي مِلْكِهِ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ غَيْرِهِ فَوَجَبَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ كَعِتْقِ الشَّرِيكِ، وَوَجْهُ الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ وَالْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ وَوَجْهُ الثَّالِثِ كَوْنُهُ حَجَرَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَنْفُذُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ. (وَلَوْ عَلَّقَهُ) أَيْ عَلَّقَ عِتْقَ الْمَرْهُونِ (بِصِفَةٍ فَوُجِدْت وَهُوَ رَهْنٌ فَكَالْإِعْتَاقِ) فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ مِنْ الْمُوسِرِ إلَى آخَرِ مَا تَقَدَّمَ (أَوْ) وُجِدَتْ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ فِكَاكِ الرَّهْنِ (نَفَذَ) الْعِتْقُ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يَقُولُ التَّعْلِيقُ بَاطِلٌ كَالتَّنْجِيزِ فِي قَوْلِ (وَلَا رَهْنِهِ لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَرْهُونِ عِنْدَهُ (وَلَا التَّزْوِيجِ) فَإِنَّهُ يُنْقِصُ الْمَرْهُونَ وَيُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فِيهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَلَوْ خَالَفَ فَزَوَّجَ الْعَبْدَ أَوْ الْأَمَةَ الْمَرْهُونَيْنِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (وَلَا الْإِجَارَةِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ يَحِلُّ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ مُدَّتِهَا فَإِنَّهَا تُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فَتَبْطُلُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ يَحُلُّ بَعْدَ مُدَّتِهَا أَوْ مَعَ فَرَاغِهَا، فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ، وَتَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ مُطْلَقًا، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ (وَلَا الْوَطْءِ) لِخَوْفِ الْحَبَلِ فِيمَنْ تَحْبَلُ، وَحَسْمًا لِلْبَابِ فِي غَيْرِهَا (فَإِنْ وَطِئَ) فَأَحْبَلَ (فَالْوَلَدُ حُرٌّ) نَسِيبٌ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ وَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ، وَعَلَيْهِ أَرْشُ الْبَكَارَةِ إنْ افْتَضَّهَا، فَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ رَهْنًا، وَإِنْ شَاءَ قَضَاهُ مِنْ الدَّيْنِ. (وَفِي نُفُوذِ الِاسْتِيلَادِ أَقْوَالُ الْإِعْتَاقِ) أَظْهَرُهَا نُفُوذُهُ مِنْ الْمُوسِرِ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا وَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهَا، فَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ فَالرَّهْنُ بِحَالِهِ وَلَا تُبَاعُ حَامِلًا لِحُرِّيَّةِ حَمْلِهَا (فَإِنْ لَمْ يُنْفِذْهُ فَانْفَكَّ) الرَّهْنُ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ (نَفَذَ) الِاسْتِيلَادُ. (فِي الْأَصَحِّ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِعْتَاقِ أَنَّ الْإِعْتَاقَ قَوْلٌ يَقْتَضِي الْعِتْقَ فِي الْحَالِّ، فَإِذَا رُدَّ لَغَا وَالِاسْتِيلَادُ فِعْلٌ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ وَإِنَّمَا يُمْنَعُ حُكْمُهُ فِي الْحَالِّ لِحَقِّ الْغَيْرِ، فَإِذَا زَالَ حَقُّ الْغَيْرِ ثَبَتَ حُكْمُهُ. (فَلَوْ مَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ) وَالتَّفْرِيعُ عَلَى عَدَمِ التَّنْفِيذِ (غَرِمَ قِيمَتَهَا) وَتَكُونُ (رَهْنًا) مَكَانَهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي هَلَاكِهَا بِالْإِحْبَالِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ. وَالثَّانِي لَا يَغْرَمُ وَإِضَافَةُ الْهَلَاكِ إلَى عِلَلٍ تَقْتَضِي شِدَّةَ الطَّلْقِ أَقْرَبُ مِنْ إضَافَتِهِ إلَى الْوَطْءِ. (وَلَهُ كُلُّ انْتِفَاعٍ لَا يُنْقِصُهُ) أَيْ   [حاشية قليوبي] كَالْبَيْعِ بِأَنْ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَهُ وَلَوْ سِرَايَةً كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ: وَحَكَى فِيهِ طَرِيقَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَلَّقَهُ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِهِ أَوْ قَبْلَهُ بِصِفَةٍ لَا تَحْتَمِلُ السَّبْقَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (نَفَذَ الْعِتْقُ) كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِفَكِّهِ وَانْفَكَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا التَّزْوِيجُ) بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ لِأَنَّهَا دَوَامٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا الْإِجَارَةُ) وَكَذَا الْإِعَارَةُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ يَحِلُّ قَبْلَهُمَا أَيْ يَقِينًا. قَوْلُهُ: (وَتَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ) وَكَذَا غَيْرُهَا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (نُفُوذُهُ مِنْ الْمُوسِرِ) وَقْتَ الْإِحْبَالِ أَوْ بَعْدَهُ أَيْ الْبَيْعِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ هُنَا بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ مَمْنُوعٌ لِذَاتِهِ بِدَلِيلِ مَنْ لَمْ تَحْبَلْ، وَيُعَزَّرُ الْعَالِمُ وَالِاسْتِمْتَاعُ كَالْوَطْءِ إنْ أَدَّى إلَى الْحَبَلِ وَإِلَّا جَازَ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرَ الزَّوْجُ كَأَنْ اسْتَعَارَ زَوْجَتَهُ وَرَهَنَهَا وَغَيْرَهُ، وَبِهَذَا يُلْغَزُ، وَيُقَالُ لَنَا زَوْجٌ يَتَوَقَّفُ حِلُّ وَطْئِهِ لِزَوْجَتِهِ وَاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا عَلَى إذْنِ أَجْنَبِيٍّ نَعَمْ إنْ خَافَ الزَّوْجُ الزِّنَا جَازَ لَهُ وَيَمْتَنِعُ الْإِنْزَاءُ عَلَى دَابَّةٍ مَرْهُونَةٍ لَا إنْ ظَنَّ أَنَّهَا تَلِدُ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (قِيمَتُهَا) أَيْ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُبَاعَ حَامِلًا) وَإِنْ وَضَعَتْهُ وَأَرْضَعَتْهُ اللِّبَأَ وَاسْتَغْنَى عَنْهَا بِيعَ مِنْهَا، وَلَوْ لِلْمُرْتَهِنِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَإِنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ بِالتَّشْقِيصِ رِعَايَةً لِلْإِيلَادِ، فَإِنْ اسْتَغْرَقَهَا الدَّيْنُ، أَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي الْبَعْضَ بِيعَتْ كُلُّهَا لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ بَيْعِهَا فَإِنْ بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ بِإِبْرَاءِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بِتَبَرُّعِ أَجْنَبِيٍّ مَثَلًا عَتَقَتْ وَكَسْبُهَا لَهَا وَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَإِنْ بِيعَتْ ثَبَتَ لَهَا الْمِيرَاثُ وَكَسْبُهَا لِلْوَارِثِ. قَوْلُهُ: (نَفَذَ الِاسْتِيلَادُ) وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ مَلَكَ بَعْضَهَا سَرَى كَمَنْ مَلَكَ بَعْضَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يُمْنَعُ حُكْمُهُ) أَيْ فِي الْحَالِ لِحَقِّ الْغَيْرِ، فَإِذَا زَالَ حَقُّ الْغَيْرِ ثَبَتَ حُكْمُهُ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ. قَوْلُهُ: (غَرِمَ قِيمَتَهَا) عَلَى مَا مَرَّ وَلَوْ نَقَصَتْ بِالْوِلَادَةِ غَرِمَ الْأَرْشَ هُنَا. فَرْعٌ: فِي حُكْمِ وَطْءِ غَيْرِ الْمَرْهُونَةِ إذَا وَطِئَ مَمْلُوكَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ وَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ غَرِمَ قِيمَتَهَا بِخِلَافِ الزِّنَا وَلَوْ بِإِكْرَاهٍ وَلَا   [حاشية عميرة] عَلَى نَفْسِهِ بِالرَّهْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَنْفُذُ) أَيْ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَنْفَدْ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ كَمَا لَوْ أُعْتِقَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ ثُمَّ زَالَ الْحَجْرُ. قَوْلُهُ: (عِتْقَ الْمَرْهُونِ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ سَابِقًا عَلَى الرَّهْنِ فَإِنَّ الرَّهْنَ بَاطِلٌ كَمَا سَبَقَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَكَالْإِعْتَاقِ) أَيْ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ كَالتَّنْجِيزِ وَلَوْ عَلَّقَهُ بِفِكَاكِ الرَّهْنِ نَفَذَ قَطْعًا، بِخِلَافِ الْعَبْدِ إذَا عَلَّقَ الثَّلَاثَةَ عَلَى عِتْقِهِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ فِي الْأَصَحِّ وَفَرَّقَ الْإِمَامُ بِأَنَّ مَحَلَّ الْعِتْقِ هُنَا مَمْلُوكٌ لَهُ بِخِلَافِ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي نُفُوذِ الِاسْتِيلَادِ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ: الْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ مُرَتَّبٌ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ أَقْوَى بِدَلِيلِ نُفُوذِ إيلَادِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ لِسَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ دُونَ إعْتَاقِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِيلَادُ فِعْلٌ إلَخْ) أَيْ بِدَلِيلِ نُفُوذِهِ مِنْ السَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ فَهُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 الْمَرْهُونُ (كَالرُّكُوبِ وَالسُّكْنَى) وَفِي ذَلِكَ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا» (لَا الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ) فَإِنَّهُمَا يُنْقِصَانِ قِيمَةَ الْأَرْضِ (فَإِنْ فَعَلَ) ذَلِكَ (لَمْ يُقْلِعْ قَبْلَ) حُلُولِ (الْأَجَلِ وَبَعْدَهُ يُقْلِعُ إنْ لَمْ تَفِ الْأَرْضُ) أَيْ قِيمَتُهَا (بِالدَّيْنِ وَزَادَتْ بِهِ) أَيْ بِالْقَلْعِ (ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ) بِالْمَرْهُونِ (بِغَيْرِ اسْتِرْدَادٍ لَمْ يُسْتَرَدَّ) كَأَنْ يَكُونَ عَبْدًا لَهُ حِرْفَةٌ يَعْمَلُهَا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يُسْتَرَدُّ لِعَمَلِهَا وَيُسْتَرَدُّ لِلْخِدْمَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِغَيْرِ اسْتِرْدَادٍ (فَيُسْتَرَدُّ) كَأَنْ تَكُونَ دَارًا فَتُسْكَنَ أَوْ دَابَّةً فَتُرْكَبَ وَيَرُدَّهَا وَعَبْدَ الْخِدْمَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَيْلًا. (وَيُشْهِدُ) الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالِاسْتِرْدَادِ لِلِانْتِفَاعِ شَاهِدَيْنِ (إنْ اتَّهَمَهُ) فَإِنْ وَثِقَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِشْهَادِ (وَلَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ مَا مَنَعْنَاهُ) مِنْ التَّصَرُّفِ وَالِانْتِفَاعِ فَيَحِلُّ الْوَطْءُ، فَإِنْ لَمْ تَحْبَلْ فَالرَّهْنُ بِحَالِهِ، وَإِنْ أَحْبَلَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ نَفَذَتْ وَبَطَلَ الرَّهْنُ. (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ (الرُّجُوعُ) عَنْ الْإِذْنِ (قَبْلَ تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ، فَإِنْ تَصَرَّفَ جَاهِلًا بِرُجُوعِهِ فَكَتَصَرُّفِ وَكِيلٍ جَهِلَ عَزْلَهُ) مِنْ مُوَكِّلِهِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي الْأَصَحِّ (وَلَوْ أَذِنَ فِي بَيْعِهِ لِيُعَجِّلَ الْمُؤَجَّلَ مِنْ ثَمَنِهِ) أَيْ لِهَذَا الْغَرَضِ بِأَنْ شَرَطَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) لِفَسَادِ   [حاشية قليوبي] دِيَةَ لِلْحُرَّةِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (كَالرُّكُوبِ وَالسُّكْنَى) وَلَهُ الِاسْتِخْدَامُ وَلَوْ لِأَمَةٍ مَا لَمْ يَظُنَّهُ أَنَّهُ يَطَؤُهَا نَعَمْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ لِسَفَرٍ وَإِنْ قَصَرَ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَخَوْفِ نَهْبٍ وَتَعَذُّرِ رَدٍّ وَلَوْ عَلَى نَحْوِ حَاكِمٍ. قَوْلُهُ: (لَا الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ) إلَّا إنْ الْتَزَمَ قَلْعَهُمَا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَمْ تَنْقُصْ الْأَرْضُ بِهِ وَلَهُ بِنَاءٌ وَغَرْسٌ وَزَرْعٌ لَا تَنْقُصُ بِهَا الْقِيمَةُ كَبِنَاءٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَزَرْعٍ يُزَالُ حَالًّا، فَإِنْ اتَّفَقَ أَنَّهُ تَأَخَّرَ إدْرَاكُهُ لِعَارِضٍ تُرِكَ إلَى الْإِدْرَاكِ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ تَفِ إلَخْ) فَإِنْ وَفَتْ فَلَا قَلْعَ وَإِنْ زَادَتْ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَزَادَتْ بِهِ) أَيْ لِحَاجَةِ الدَّيْنِ، فَإِنْ أَذِنَ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِمَا مَعَ الْأَرْضِ أَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ بِيعَا مَعَهَا وَحَسِبَ النَّقْصَ عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ) أَيْ الَّذِي يُرِيدُهُ الرَّاهِنُ وَإِنْ أَحْسَنَ غَيْرُهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَمَّا أَرَادَهُ وَلَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ تَلِفَ الْمَرْهُونُ حِينَئِذٍ لَمْ يَضْمَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَرُدُّهَا إلَخْ) فَلَوْ دَامَ الِانْتِفَاعُ مَنَعَ مِنْهُ وَكَذَا مِنْ أَمَةٍ يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا إلَّا إنْ أَمِنَ بِنَحْوِ حَلِيلَةٍ لَهُ أَوْ مَحْرَمِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (لَيْلًا) الْمُرَادُ مِنْهُ وَقْتُ عَدَمِ الْخِدْمَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَشْهَدُ) أَيْ قَهْرًا بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنْ رَدِّهِ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَى الرَّاهِنِ، وَيَكْفِي الْإِشْهَادُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَقِيلَ فِي كُلِّ اسْتِرْدَادَةٍ وَحُمِلَ عَلَى مَا إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ عِنْدَ كُلِّ أَخْذِهِ. قَوْلُهُ: (شَاهِدَيْنِ) أَوْ شَاهِدًا أَوْ امْرَأَتَيْنِ لِيَحْلِفَ مَعَهُ وَمَعَهُمَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ وَثِقَ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ لَمْ يَحْتَجْ لِإِشْهَادِهِ أَصْلًا بَلْ يُنْدَبُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (إنْ اتَّهَمَهُ) نَعَمْ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْخِيَانَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ لَهُ وَإِنْ أَشْهَدَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَحَيَّلَ فِي إتْلَافِهِ بَلْ يَرُدُّ لِعَدْلٍ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. قَوْلُهُ: (وَلَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) وَإِنْ رَدَّهُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَقْدًا وَالتَّصَرُّفُ مَعَهُ كَإِذْنِهِ إنْ كَانَ الْمُبْتَدِي بِالصِّيغَةِ هُوَ الرَّاهِنَ. نَعَمْ إنْ رَهَنَهُ عِنْدَهُ ثَانِيًا بِدَيْنٍ آخَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِفَسْخِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِهِ مَعَ غَيْرِهِ لِتَوَهُّمِ بَقَاءِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ مَعَهُ دُونَ غَيْرِهِ وَبِخِلَافِ نَحْوِ الْبَيْعِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ فِيهِ فَلَا يُتَوَهَّمُ بَقَاءُ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (فَيَحِلُّ الْوَطْءُ) أَيْ مَرَّةً فَقَطْ فِيمَنْ تَحْبَلُ إنْ لَمْ تَحْبَلْ وَإِلَّا فَلَهُ التَّكْرَارُ وَمِثْلُ الْوَطْءِ كُلُّ مَا يَتَكَرَّرُ مَعَ بَقَاءِ الْمِلْكِ كَالْإِعَارَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَاعَ) وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ قَبْلَ لُزُومِهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمِثْلُهَا الرَّهْنُ. قَوْلُهُ: (وَبَطَلَ الرَّهْنُ) أَيْ بِالْوِلَادَةِ لَا بِالْحَمْلِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَنْفُذُ) وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي عَدَمِ إذْنِهِ فِيمَا تَصَرَّفَ فِيهِ الرَّاهِنُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الرَّاهِنُ إلَّا فِي الْعَتِيقِ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ فَيَحْلِفَانِ لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ الْحَقَّ لِأَنْفُسِهِمَا وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي تَقْدِيمِ الرُّجُوعِ عَلَى التَّصَرُّفِ أَوْ عَكْسِهِ فَكَالرَّجْعَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ ثَمَنِهِ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ شَرَطَهُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: بِاللَّفْظِ أَوْ بِالنِّيَّةِ أَوْ   [حاشية عميرة] أَقْوَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُقْلِعْ) أَيْ لِاحْتِمَالِ وَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَرَدُّ لِلْخِدْمَةِ) يُرِيدُ أَنَّا لَا نُعَيِّنُ عَلَيْهِ الِاسْتِعْمَالَ فِي تِلْكَ الْحِرْفَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) مِنْهُ أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ لَكِنْ لَوْ صَدَرَ الْإِيجَابُ مِنْ الرَّاهِنِ أَوَّلًا فَمَحَلُّ نَظَرٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَدَرَ قَبْلَ الْإِذْنِ، وَقَدْ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ وَحَكَى الْغَزَالِيُّ فِيهَا وَجْهَيْنِ، وَنَظَّرَهَا بِمَسْأَلَةٍ الْمُرَجَّحُ فِيهَا الصِّحَّةُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ) بِخِلَافِهِ بَعْدَ التَّصَرُّفِ وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَلَوْ رَهَنَ أَوْ وَهَبَ وَلَمْ يَقْبِضْ فَلَهُ الرُّجُوعُ. قَوْلُهُ: (أَيْ لِهَذَا الْغَرَضِ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْفَسَادِ أَنْ يَقُولَ: أَذِنْت لَك فِي بَيْعِهِ لِتَعَجُّلٍ كَمَا نَطَقَ بِهِ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهُ لَيْسَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 الْإِذْنِ بِفَسَادِ الشَّرْطِ (وَكَذَا لَوْ شَرَطَ) فِي الْإِذْنِ فِي بَيْعِهِ (رَهْنَ الثَّمَنِ) مَكَانَهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا ذَكَرَ وَفَسَادُ الشَّرْطِ بِجَهَالَةِ الثَّمَنِ عِنْدَ الْإِذْنِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَلْزَمُ الرَّاهِنَ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ، وَلَا تَضُرُّ الْجَهَالَةُ فِي الْبَدَلِ، فَكَمَا انْتَقَلَ الرَّهْنُ إلَيْهِ فِي الْإِتْلَافِ شَرْعًا جَازَ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَيْهِ شَرْطًا وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا. فَصْلٌ إذَا لَزِمَ الرَّهْنُ فَالْيَدُ فِيهِ أَيْ الْمَرْهُونِ (لِلْمُرْتَهِنِ وَلَا تُزَالُ إلَّا لِلِانْتِفَاعِ كَمَا سَبَقَ) ثُمَّ يُرَدُّ إلَيْهِ لَيْلًا كَمَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مِمَّنْ يَعْمَلُ لَيْلًا كَالْحَارِسِ رُدَّ إلَيْهِ نَهَارًا، وَقَدْ لَا تَكُونُ الْيَدُ لِلْمُرْتَهِنِ كَمَا فِي رَهْنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ كَافِرٍ وَالْجَارِيَةِ الْحَسْنَاءِ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ بِالصِّفَةِ الْآتِيَةِ، فَيَصِحُّ الرَّهْنُ فِي ذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ، وَيُجْعَلُ الْعَبْدُ فِي يَدِ عَدْلٍ، وَالْجَارِيَةُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ زَوْجَتُهُ أَوْ جَارِيَتُهُ أَوْ نِسْوَةٌ يُؤْمَنُ مَعَهُنَّ الْإِلْمَامُ بِالْمَرْهُونَةِ. (وَلَوْ شَرَطَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (وَضْعَهُ) أَيْ الْمَرْهُونِ (عِنْدَ عَدْلٍ جَازَ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي يَدِ ثَالِثٍ وَهُوَ صَادِقٌ بِغَيْرِ عَدْلٍ وَسَيَأْتِي عَنْهُمَا مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْوَضْعِ عِنْدَهُ (أَوْ عِنْدَ اثْنَيْنِ وَنَصَّا عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى حِفْظِهِ أَوْ الِانْفِرَادِ بِهِ) أَيْ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ بِحِفْظِهِ (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ أَنَّهُ يَتْبَعُ   [حاشية قليوبي] يُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ شَرَطَ) أَيْ بِمَا قَبْلَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ: (لَوْ شَرَطَ رَهْنَ الثَّمَنِ مَكَانَهُ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ أَوْ لَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (بِجَهَالَةِ الثَّمَنِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَإِنْ عَلِمَ فَلَا حَاجَةَ لِتَبَرِّي الْمَنْهَجِ مِنْهُ، وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ عَرَضَ مُفْسِدٌ كَبَلِّ الْبُرِّ فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا إنْ أُرِيدَ بِالشَّرْطِ إنْشَاءُ عَقْدِ رَهْنٍ فَإِنْ أُرِيدَ اسْتِمْرَارُ الرَّهْنِيَّةِ فِي الثَّمَنِ لَمْ يَضُرَّ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالسُّبْكِيُّ. قَوْلُهُ: (فَكَمَا انْتَقَلَ إلَخْ) دَفَعَ بِأَنَّ الْجَهْلَ فِي الْإِتْلَافِ ضَرُورِيٌّ لَيْسَ إلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (حَالًّا) خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ بِقَوْلِهِ: إنَّ شَرْطَ مَا ذُكِرَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي ضَرْبِ الْمَرْهُونِ فَضَرَبَهُ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ أَوْ فِي تَأْدِيبِهِ فَمَاتَ ضَمِنَهُ لِأَنَّ التَّأْدِيبَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَنْ يَقْبِضُ الْمَرْهُونَ وَفِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ بَعْدَ قَبْضِهِ عَنْهُ قَوْلُهُ: (إذَا لَزِمَ الرَّهْنُ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْمُرْتَهِنِ جَائِزٌ أَبَدًا. قَوْلُهُ: (الْحَسْنَاءِ) أَيْ الْمُشْتَهَاةِ. قَوْلُهُ: (بِالصِّفَةِ الْآتِيَةِ) وَهِيَ أَنْ تَكُونَ زَوْجَتَهُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَيَجْعَلُ الْعَبْدَ فِي يَدِ عَدْلٍ) وَيَتَوَلَّى الْعَدْلُ قَبْضَهُ أَيْضًا وُجُوبًا وَمِثْلُهُ الْمُصْحَفُ مِنْ كَافِرٍ وَالسِّلَاحُ مِنْ حَرْبِيٍّ وَالصَّيْدُ مِنْ مُحْرِمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْجَمِيعِ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَالْجَارِيَةُ عِنْدَ امْرَأَةٍ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهَا. قَوْلُهُ: (زَوْجَتُهُ أَوْ جَارِيَتُهُ) وَلَوْ فَاسِقَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ نِسْوَةٌ) ثِقَاتٌ ثِنْتَانِ فَأَكْثَرُ، وَكَذَا وَاحِدَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْمَمْسُوحُ   [حاشية عميرة] شَرْطًا لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فِيهَا إنْ نُوِيَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ ضُرٌّ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ بَحْثًا. قَوْلُهُ: (بِفَسَادِ الشَّرْطِ) إيضَاحُ هَذَا أَنَّهُ جَعَلَ التَّعْجِيلَ فِي مُقَابَلَةِ الْإِذْنِ، وَشَرْطُ التَّعْجِيلِ فَاسِدٌ بِاتِّفَاقٍ فَفَسَدَ الْإِذْنُ وَقَالَ الْمُزَنِيّ: يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ مَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: بِعْ هَذِهِ السِّلْعَةَ وَلَك عُشْرُ ثَمَنِهَا، وَفَرَّقَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْوَكِيلِ لَمْ يُجْعَلُ الْعِوَضُ فِيهَا مُقَابِلًا لِلْإِذْنِ بَلْ فِي مُقَابَلَةِ الْبَيْعِ وَهُوَ جُعْلٌ مَجْهُولٌ فَيَفْسُدُ وَيَسْتَحِقُّ الْوَكِيلُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا لَوْ شَرَطَ إلَخْ) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِثْنَاءَ مَا لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ بَعْدَ عُرُوضِ مُوجِبِ الْبَيْعَ كَابْتِلَالِ الْحِنْطَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الْبَدَلِ. [فَصْلٌ إذَا لَزِمَ الرَّهْنُ فَالْيَدُ فِيهِ أَيْ الْمَرْهُونِ لِلْمُرْتَهِنِ] فَصْلٌ إذَا لَزِمَ الرَّهْنُ فَالْيَدُ فِيهِ لِلْمُرْتَهِنِ: وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الثِّقَةَ بِالتَّوَثُّقِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَصًّا إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 الشَّرْطَ فِيهِ (وَإِنْ أَطْلَقَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ) بِحِفْظِهِ (فِي الْأَصَحِّ) فَيَجْعَلَانِهِ فِي حِرْزٍ لَهُمَا كَمَا فِي النَّصِّ عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا، وَالثَّانِي يَجُوزُ الِانْفِرَادُ لِمَشَقَّةِ الِاجْتِمَاعِ، وَعَلَى هَذَا إنْ اتَّفَقَا عَلَى كَوْنِهِ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَذَاكَ، وَإِنْ تَنَازَعَا وَهُوَ مِمَّا يَنْقَسِمُ قُسِمَ وَحَفِظَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ حَفِظَهُ هَذِهِ مُدَّةً وَهَذَا مُدَّةً (وَلَوْ مَاتَ الْعَدْلُ) الْمَوْضُوعُ عِنْدَهُ (أَوْ فَسَقَ جَعَلَاهُ حَيْثُ يَتَّفِقَانِ) أَيْ عِنْدَ عَدْلٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ (وَإِنْ تَشَاحَّا) فِيهِ (وَضَعَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدْلٍ) يَرَاهُ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَوْ كَانَ الْمَوْضُوعُ عِنْدَهُ فَاسِقًا فِي الِابْتِدَاءِ فَزَادَ فِسْقُهُ نُقِلَ إلَى آخَرَ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ (وَيَسْتَحِقُّ بَيْعَ الْمَرْهُونِ عِنْدَ الْحَاجَةِ) بِأَنْ حَلَّ الدَّيْنُ وَلَمْ يُوفِ (وَيُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ بِثَمَنِهِ) عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ (وَيَبِيعُهُ الرَّاهِنُ أَوْ وَكِيلُهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ   [حاشية قليوبي] كَالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى، وَلَا يُوضَعُ عِنْدَ امْرَأَةٍ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا يُوضَعُ الْخُنْثَى إلَّا عِنْدَ مَحْرَمٍ أَوْ مَمْسُوحٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرَطَا وَضَعَهُ) أَيْ دَائِمًا أَوْ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، كَأَنْ يَشْتَرِطَا كَوْنَهُ عِنْدَ الْعَدْلِ يَوْمًا، وَعِنْدَ الْمُرْتَهِنِ يَوْمًا وَعِنْدَ الرَّاهِنِ يَوْمًا، وَلَوْ شَرَطَا كَوْنَهُ عِنْدَ الرَّاهِنِ دَائِمًا جَازَ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ عَدْلٍ) وَلَوْ رِوَايَةً وَلَهُمَا إنَابَتُهُ فِي الْقَبْضِ كَالْحِفْظِ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ عَدْلٍ) لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِيهِ لِمَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِلَّا كَوَكِيلٍ وَوَلِيٍّ وَقَيِّمٍ وَمَأْذُونٍ وَعَامِلِ قِرَاضٍ، وَمُكَاتَبٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ. قَوْلُهُ: (وَنَصًّا عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا) كَأَنْ يَقُولَا لَهُمَا: احْفَظَاهُ مَعًا أَوْ اجْتَمِعَا عَلَى حِفْظِهِ، أَوْ اجْعَلَاهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (الِانْفِرَادُ) وَسَيَأْتِي مَعْنَاهُ، وَمِنْهُ أَذِنَّا لَكُمَا أَوْ لِكُلٍّ مِنْكُمَا فِي حِفْظِهِ، أَوْ مَنْ يَشَاءُ مِنْكُمَا فَلْيَحْفَظْهُ، أَوْ فَلْيَجْعَلْهُ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَكَيْفِيَّةُ الْحِفْظِ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْآتِي، وَأَمَّا الِاجْتِمَاعُ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، فَيَجْعَلَانِهِ فِي حِرْزٍ لَهُمَا الْيَدُ عَلَيْهِ بِمِلْكٍ، أَوْ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ سَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي ذَلِكَ أَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ، كَمِلْكٍ لِأَحَدِهِمَا، وَإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ لِلْآخَرِ، أَوْ مَلَّكَ رُبْعَهُ لِأَحَدِهِمَا، وَبَاقِيَهُ لِلْآخَرِ مَثَلًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ مِفْتَاحٌ، وَأَنَّهُ مَتَى طَلَبَهُ أَحَدُهُمَا مُكِّنَ مِنْهُ، وَمَا عَدَا هَذَا انْفَرَدَ وَمَتَى انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِحِفْظِهِ، فِي حَالِ شَرْطِ الِاجْتِمَاعِ سَوَاءٌ سَلَّمَهُ لَهُ الْآخَرُ، أَوْ لَا طُولِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِبَدَلِ نِصْفِهِ، وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ، وَعَلَى هَذَا تُحْمَلُ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ، ضَمِنَا مَعًا النِّصْفَ، وَمِثْلُهُ عِبَارَةُ ابْنِ حَجّ نَعَمْ. إنْ انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا قَهْرًا عَلَى الْآخَرِ، فَكَغَاصِبٍ مِنْ أَمِينِهِمْ، وَلِلْأَمِينِ سَوَاءٌ انْفَرَدَ أَوْ تَعَدَّدَ رَدُّهُ لَهُمَا، أَوْ لِوَكِيلِهِمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ، وَإِلَّا طُولِبَ بِبَدَلِهِ رَهْنًا مَكَانَهُ وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَ عِنْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ فَسَقَ) أَوْ زَادَ فِسْقُهُ عَمَّا كَانَ عِنْدَ الْوَضْعِ، أَوْ عَجَزَ عَنْ الْحِفْظِ أَوْ حَدَثَ عَدَاوَةٌ مِنْهُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ أَرَادَا نَقْلَهُ بِلَا سَبَبٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ عِنْدَ عَدْلٍ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَشَاحَّا فِيهِ) أَيْ فِي الْعَدْلِ أَيْ فِي بَقَاءِ الْمَرْهُونِ عِنْدَهُ، مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَغَيُّرِ حَالِهِ، فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَّا إنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ، أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي تَغَيُّرِ حَالِهِ فَالْمُصَدَّقُ النَّافِي لَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ بِالْيَمِينِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَإِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْلَهُ لِإِيجَابٍ، لَكِنْ لَهُ رَفْعُ الْأَمْرِ لِلْحَاكِمِ لِيَفْعَلَ الْأَصْلَحَ، وَتَغَيَّرَ حَالُ الْمُرْتَهِنِ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ كَالثَّالِثِ مَحَلُّ مَا ذَكَرَ إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَالْخِيرَةِ، قَبْلَهُ لِلرَّاهِنِ لِجَوَازِهِ الْآنَ مِنْ جِهَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَضَعَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدْلٍ) أَيْ عَدْلٍ شَهَادَةً كَمَا فِي الْعُبَابِ، سَوَاءٌ شَرَطَ الرَّهْنَ فِي بَيْعٍ، أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِفِسْقِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى تَقْيِيدِهِ بِالْعَدْلِ فِيمَا مَرَّ، وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُوَفِّ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ لِلرَّاهِنِ الْوَفَاءَ مِنْ غَيْرِ الْمَرْهُونِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَإِنْ تَأَخَّرَ وَلَا حُرْمَةَ فِي التَّأْخِيرِ وَلَيْسَ مَطْلًا لِقِيَامِ الْبَدَلِ فِيهِ نَعَمْ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الْوَفَاءِ مِنْ غَيْرِهِ، أُجْبِرَ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْإِمَامِ السُّبْكِيّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بَيْعَ الْمَرْهُونِ فِي نَحْوِ إشْرَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ أَيْضًا وَلَوْ دَوَامًا. قَوْلُهُ: (وَيُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ بِثَمَنِهِ) وَإِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَأَقْبَضَهُ وَارِثُهُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ. قَوْلُهُ: (عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ) أَيْ بَاقِيهِمْ لِأَنَّهُ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَعَدَّدَ. قَوْلُهُ: (بِإِذْنِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (بِحِفْظِهِ) يَنْبَغِي جَرَيَانُ مِثْلِهِ فِي النَّصِّ عَلَى الِانْفِرَادِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ مَاتَ الْعَدْلُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَغَيْرُهُ وَكَتَغَيُّرِ حَالِ الْعَدْلِ تَغَيُّرُ حَالِ الْمُرْتَهِنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُقَدَّمُ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ فَائِدَةُ الرَّهْنِ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَجِبُ الْوَفَاءُ مِنْ غَيْرِ الثَّمَنِ، وَلَوْ تَيَسَّرَ وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِمَا فِي إجَابَةِ الْمَالِكِ إلَى ذَلِكَ مِنْ تَأْخِيرِ الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَى الْفَوْرِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ مَعْذُورٌ فِي اسْتِشْكَالِهِ أَقُولُ خُصُوصًا إذَا عُرِضَ حَمْلٌ بَعْدَ الرَّهْنِ، وَاسْتَمَرَّ الْحَمْلُ وَقْتَ الْحُلُولِ، فَإِنَّهُ يَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا حَتَّى تَضَعَ كَمَا سَيَأْتِي هَذَا، وَلَكِنْ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ اللَّائِقِ أَنْ يَسْتَمِرَّ الرَّاهِنُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ، مَعَ مُطَالَبَتِهِ مِنْ مَالٍ آخَرَ حَالَ الْحَجْرِ فِيهَا، فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ حَرِيصًا عَلَى ذَلِكَ، فَلْيَفُكَّ الرَّهْنَ، وَهَذَا مَعْنًى حَسَنٌ ظَهَرَ لِي يُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِهِ كَلَامُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 لَمْ يَأْذَنْ لَهُ قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ: تَأْذَنُ أَوْ تُبْرِئُ) هُوَ بِمَعْنَى الْأَمْرِ أَيْ ائْذَنْ فِي بَيْعِهِ أَوْ أَبْرِئْهُ. كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَلَوْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَهُ فَأَبَى الرَّاهِنُ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي قَضَاءَ الدَّيْنِ أَوْ بَيْعَهُ، فَإِنْ أَصَرَّ بَاعَهُ الْحَاكِمُ) وَقَضَى الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ (وَلَوْ بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ بَاعَ بِحَضْرَتِهِ صَحَّ) الْبَيْعُ (وَإِلَّا فَلَا) يَصِحُّ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ يَبِيعُهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَيُتَّهَمُ فِي الِاسْتِعْجَالِ وَتَرْكِ النَّظَرِ فِي الْغَيْبَةِ دُونَ الْحُضُورِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ مَالٍ آخَرَ، وَالثَّالِثُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْإِذْنَ لَهُ فِيهِ تَوْكِيلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهِ، وَلَوْ قَالَ: بِعْهُ بِكَذَا انْتَفَتْ التُّهْمَةُ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ عَلَى غَيْرِ الثَّالِثِ وَلَوْ قَالَ: بِعْهُ وَاسْتَوْفِ حَقَّك مِنْ ثَمَنِهِ. جَاءَتْ التُّهْمَةُ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ عَلَى غَيْرِ الثَّانِي وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا. وَقَالَ: بِعْهُ صَحَّ الْبَيْعُ جَزْمًا (وَلَوْ شُرِطَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (أَنْ يَبِيعَهُ الْعَدْلُ) عِنْدَ الْمَحَلِّ (جَازَ) هَذَا الشَّرْطُ (وَلَا تُشْتَرَطُ مُرَاجَعَةُ الرَّاهِنِ) فِي الْبَيْعِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْإِذْنِ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ قَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهِ أَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ يُشْتَرَطُ مُرَاجَعَتُهُ قَطْعًا فَرُبَّمَا أَمْهَلَ أَوْ أَبْرَأَ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُرَاجَعُ لِأَنَّ غَرَضَهُ تَوْفِيَةُ الْحَقِّ، وَلَوْ عَزَلَ الرَّاهِنُ الْعَدْلَ قَبْلَ الْبَيْعِ انْعَزَلَ وَلَوْ عَزَلَهُ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَنْعَزِلْ وَقِيلَ يَنْعَزِلُ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لَهُمَا وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْبَيْعِ لَمْ يَبِعْ (فَإِذَا بَاعَ) الْعَدْلُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ (فَالثَّمَنُ عِنْدَهُ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ) وَهُوَ أَمِينٌ فِيهِ، فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ أَوْ   [حاشية قليوبي] الْمُرْتَهِنِ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ. قَوْلُهُ: (قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ إلَخْ) فَإِنْ امْتَنَعَ سَأَلَهُ الْحَاكِمُ عَنْ امْتِنَاعِهِ، فَإِنْ ذَكَرَ عُذْرًا سَائِغًا فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا بَاعَهُ الْحَاكِمُ، أَوْ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِهِ، وَيَمْنَعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي ثَمَنِهِ، ثُمَّ يُعْلِمُ الْمُرْتَهِنَ، فَإِنْ سَأَلَ حَقَّهُ وَفَّاهُ لَهُ، وَإِلَّا أَعْلَمَهُ بِأَنَّهُ يَأْذَنُ لِلرَّاهِنِ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ، وَلَوْ سَأَلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِقَبْضِ حَقِّهِ، وَلَوْ دَيْنًا مُؤَجَّلًا فَأَبَى، أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِقَبْضِهِ أَوْ إبْرَاءُ الرَّاهِنِ، فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْحَاكِمُ أَمَانَةً عِنْدَهُ، وَبَرِئَ الرَّاهِنُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ غَائِبًا، وَلَوْ فِي دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَسَأَلَ الرَّاهِنُ الْحَاكِمَ بِقَبْضِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ عِنْدَهُ، وَلَوْ عَجَزَ الرَّاهِنُ عَنْ مُرَاجَعَةِ الْمُرْتَهِنِ، وَالْحَاكِمُ بَاعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَصَرَّ) أَيْ الرَّاهِنُ أَوْ كَانَ غَائِبًا. قَوْلُهُ: (بَاعَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَإِلَّا بَاعَ غَيْرَهُ مِنْ مَالِ الرَّاهِنِ، إنْ لَمْ يَجِدْ مَا يُوَفِّي بِهِ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ اخْتِلَافِ الْمُفْتِيَيْنِ. قَوْلُهُ (بِإِذْنِ الرَّاهِنِ) فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبِإِذْنِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ لِعَدَمِهِ أَوْ لِأَخْذِ مَالٍ لَهُ، وَقَعَ فَبِإِشْهَادٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَكَالظَّافِرِ. قَوْلُهُ: (بِحَضْرَتِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ وَلَوْ بِنَائِبِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبِحَضْرَةِ شُهُودٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَكَالظَّافِرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ) أَيْ إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ عَنْ الدَّيْنِ، وَإِلَّا صَحَّ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ أَوْ ضَعَّفَهَا بِحِرْصِهِ عَلَى الزِّيَادَةِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ، قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (صَحَّ الْبَيْعُ جَزْمًا) أَيْ إنْ لَمْ يَقِلَّ وَاسْتَوْفِ حَقَّك مِنْهُ، وَإِلَّا بَطَلَ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شُرِطَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ) لِإِفَادَةِ أَنَّ الشَّرْطَ فِي بَيْعِ الْعَدْلِ وَاقِعٌ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ جَمِيعًا سَوَاءٌ حَالَةُ وَضْعِهِ عِنْدَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسَوَاءٌ وَقَعَ الشَّرْطُ مِنْهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، وَيَجُوزُ فَتْحُ أَوَّلِهِ وَيَرْجِعُ الضَّمِيرُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَلَا تُشْتَرَطُ مُرَاجَعَةُ الرَّاهِنِ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ يُشْتَرَطُ مُرَاجَعَتُهُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ وُجِدَ إذْنُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، فَتَقْيِيدُ الْمَنْهَجِ بِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْإِمْهَالُ أَوْ الْإِبْرَاءُ. قَوْلُهُ: (انْعَزَلَ) أَيْ عَنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ مَعًا وَلَا يَعُودُ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (لِمَنْ يَنْعَزِلُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ وَكِيلًا عَنْهُ، وَإِنَّمَا   [حاشية عميرة] الْأَصْحَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) لِأَنَّهُ صَاحِبُ حَقٍّ وَذَاكَ مَالِكٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَلْزَمَهُ الْقَاضِي إلَخْ) لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا، وَلَا قَاضِيَ بِالْبَلَدِ بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِنَفْسِهِ، كَالظَّافِرِ وَكَذَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ حَاكِمٌ، وَلَكِنْ عَجَزَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ الْبَيِّنَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إلَخْ) هَذَا جَارٍ فِي بَيْعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِلْعَبْدِ، وَبَيْعُ الْغُرَمَاءِ لِلتَّرِكَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ بَاعَ إلَخْ) لَوْ غَابَ الرَّاهِنُ فَأَذِنَ الْحَاكِمُ لِلْمُرْتَهِنِ هَلْ يَكُونُ كَذَلِكَ أَمْ لَا الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ) هُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (عَلَى غَيْرِ الثَّالِثِ) وَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمَنْعِ عَلَى الْأَوَّلِ وَوُجُودِ عِلَّةِ الْمَنْعِ عَلَى الثَّالِثِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ عَلَى غَيْرِ الثَّانِي) أَيْ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ مَوْجُودَةٌ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْمَحَلِّ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بِأَنْ يُنَجِّزَا التَّوْكِيلَ وَيَجْعَلَا التَّصَرُّفَ عِنْدَ الْمَحَلِّ، وَإِلَّا فَتَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ. قَوْلُهُ: (انْعَزَلَ) لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَنْعَزِلُ) قَالَ السُّبْكِيُّ قَضِيَّتُهُ أَنْ تُرْفَعَ وَكَالَةُ الرَّاهِنِ حَتَّى إذَا عَادَ الْمُرْتَهِنُ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 تَسْلِيمَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَأَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ أَخَذَ حَقَّهُ مِنْ الرَّاهِنِ وَرَجَعَ الرَّاهِنُ عَلَى الْعَدْلِ وَإِنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ فِي التَّسْلِيمِ (وَلَوْ تَلِفَ ثَمَنُهُ فِي يَدِ الْعَدْلِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَرْهُونُ الْمَبِيعَ فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ عَلَى الْعَدْلِ وَإِنْ شَاءَ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) فَيَرْجِعُ الْعَدْلُ الْغَارِمُ عَلَيْهِ وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ فَأَمَرَ الْحَاكِمُ الْعَدْلَ بِبَيْعِهِ فَبَاعَ وَتَلِفَ الثَّمَنُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي فِي مَالِ الرَّاهِنِ، وَلَا يَكُونُ الْعَدْلُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْحَاكِمِ وَهُوَ لَا يَضْمَنُ، وَقِيلَ يَكُونُ طَرِيقًا كَالْوَكِيلِ (وَلَا يَبِيعُ الْعَدْلُ) الْمَرْهُونَ (إلَّا بِثَمَنِ مِثْلِهِ حَالًّا مِنْ نَقْدِ بَلَدِهِ) كَالْوَكِيلِ فَإِنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَالْمُرَادُ بِالنَّقْصِ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ النَّقْصُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ فَالنَّقْصُ بِمَا يَتَغَابَنُونَ بِهِ لَا يَضُرُّ لِتَسَامُحِهِمْ فِيهِ (فَإِنْ زَادَ رَاغِبٌ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ فَلْيَفْسَخْ وَلْيَبِعْهُ) فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ انْفَسَخَ فِي الْأَصَحِّ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْطِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ إلَى مَا ذَكَرَهُ لِيَعُمَّ خِيَارَيْ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِيهَا وَلَوْ زَادَ الرَّاغِبُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ فَلَا أَثَرَ لِلزِّيَادَةِ (وَمُؤْنَةُ الْمَرْهُونِ) الَّتِي بِهَا يَبْقَى كَنَفَقَةِ الْعَبْدِ وَكِسْوَتِهِ وَعَلَفِ الدَّابَّةِ، وَفِي مَعْنَاهَا سَقْيُ الْأَشْجَارِ وَجِدَادُ الثِّمَارِ   [حاشية قليوبي] أَذِنَ بِشَرْطِ جَوَازِ الْبَيْعِ، وَلَكِنْ يَبْطُلُ بِعَزْلِهِ إذْنُهُ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَنْعَزِلُ) أَيْ عَنْهُمَا كَمَا فِي عَزْلِ الرَّاهِنِ. قَوْلُهُ: (مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ) خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُمَا جَعَلَاهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ، وَأَنْ يَسْقُطَ بِتَلَفِهِ قَدْرُهُ مِنْ الدَّيْنِ عَنْ الرَّاهِنِ، وَلَوْ زَادَ فَلَا مُطَالَبَةَ بِالزِّيَادَةِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (قَبْلَ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ) فَإِنْ ذَكَرَ سَبَبًا فَفِيهِ مَا فِي الْوَدِيعَةِ. قَوْلُهُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ فِي التَّسْلِيمِ) وَكَذَا لَوْ صَدَّقَهُ فِي التَّسْلِيمِ، أَيْ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ، فَإِنْ قَالَ أَشْهَدْت وَمَاتُوا أَوْ غَابُوا، فَإِنْ صَدَّقَهُ الرَّاهِنُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا رَجَعَ فَإِنْ كَانَ شَرَطَ عَلَيْهِ عَدَمَ الْإِشْهَادِ، لَمْ يَضْمَنْ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ إلَخْ) نَعَمْ إنْ تَلِفَ بِتَقْصِيرٍ مِنْ الْعَدْلِ فِي هَذِهِ، وَاَلَّتِي بَعْدَهَا فِي الشَّرْحِ اخْتَصَّ الضَّمَانُ وَالْغُرْمُ بِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَلَا يُطَالِبُهُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ خَرَجَ الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ مُسْتَحَقًّا طُولِبَ الرَّاهِنُ وَالْعَدْلُ وَالْمُعِيرُ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ. قَوْلُهُ: (إنْ شَاءَ عَلَى الرَّاهِنِ) لِأَنَّهُ بِإِذْنِهِ لِلْعَدْلِ فِي الْبَيْعِ، كَأَنَّهُ أَلْجَأَ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الثَّمَنِ لَهُ فَسَاغَتْ مُطَالَبَتُهُ. قَوْلُهُ: (فَيَرْجِعُ الْعَدْلُ) وَالْمُرْتَهِنُ إذَا بَاعَ كَالْعَدْلِ فِيمَا ذَكَرَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَبِيعُ الْعَدْلُ) وَمِثْلُهُ الْمُرْتَهِنُ، وَكَذَا الرَّاهِنُ إنْ لَمْ يَفِ ثَمَنَهُ بِالدَّيْنِ، وَإِلَّا جَازَ لَهُ وَلَهُمَا بِإِذْنِهِ الْبَيْعُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (مِنْ نَقْدِ بَلَدِهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَيَبْذُلُهُ لِلْحَاكِمِ بِجِنْسِهِ فَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ أَوْ رَضِيَ الرَّاهِنُ بِبَيْعِ الْمَرْهُونِ بِجِنْسِ الدَّيْنِ جَازَ. قَوْلُهُ: (كَالْوَكِيلِ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْخِيَارُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ، وَأَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ وَإِلَّا ضَمِنَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) وَيَضْمَنُ الْبَدَلَ بِالتَّسْلِيمِ وَلَهُ إذَا رَدَّهُ بَيْعُهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ، بِقَيْدِهِ الْآتِي آنِفًا، وَإِذَا بَاعَهُ فَثَمَنُهُ أَمَانَةً، فَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ، وَالْعَدْلُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ. قَوْلُهُ: (لَا يَضُرُّ) أَيْ مَا لَمْ يُوجَدْ رَاغِبٌ بِلَا نَقْصٍ أَوْ بِزِيَادَةٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْخِيَارِ) أَيْ الَّذِي لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ انْفَسَخَ) بِنَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالزِّيَادَةِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَغَيْرُ الْعَدْلِ مِنْ الْوُكَلَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ مِثْلُهُ، فِي أَمْرِ الْبَيْعِ وَالْفَسْخِ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ، وَيَكُونُ بَيْعُهُ فَسْخًا وَلَا يَحْتَاجُ فِي بَيْعِهِ إلَى إذْنِ الرَّاهِنِ، لِعَدَمِ خُرُوجِ الْمَبِيعِ عَلَى مِلْكِهِ، فَلَا يُنَافِي مَا فِي خِيَارِ الْعَيْبِ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا رُدَّ بِعَيْبٍ لَمْ يَبِعْهُ الْوَكِيلُ، إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ لِأَنَّهُ فِيهَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ، بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ أَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا أَثَرَ لِلزِّيَادَةِ) لَكِنْ يُنْدَبُ اسْتِقَالَتُهُ بِبَيْعِهِ لِلرَّاغِبِ، وَارْتِفَاعُ الْأَسْوَاقِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ كَالرَّاغِبِ هُنَا بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأُمَنَاءِ كَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ.   [حاشية عميرة] وَأَذِنَ اُحْتِيجَ إلَى تَوْكِيلٍ مِنْ الرَّاهِنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ضَمَانُ الرَّاهِنِ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ مَالِكُ وَأَبُو حَنِيفَةَ، فَقَالَا بَلْ هُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (رَجَعَ عَلَى الْعَدْلِ) أَيْ لَوْ وَضَعَ يَدَهُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ عَلَى الرَّاهِنِ، وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ بِالتَّوْكِيلِ أَلْجَأَ الْمُشْتَرِيَ شَرْعًا إلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ لِلْعَدْلِ، هَذَا غَايَةُ مَا قِيلَ فِيهِ وَإِلَّا فَالْمُطَالَبَةُ لَهُ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَ وَلَا عَقْدَ وَلَا يَضْمَنُ بِالتَّغْرِيرِ، وَلَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ فَهَلْ يَخْتَصُّ الضَّمَانُ بِالْعَدْلِ أَمْ الْحُكْمُ عَلَى حَالِهِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: (بِمَا يَتَغَابَنُونَ بِهِ) أَيْ يُبْتَلَوْنَ بِالْغَبْنِ فِيهِ كَثِيرًا، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ، فَلَا يَضُرُّ لِتَسَامُحِهِمْ فِيهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلْيَبِعْهُ) هَذَا إنَّمَا يُتَّجَهُ فِي مَنْصُوبِهِمَا إذَا صَرَّحَ لَهُ بِالْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي، وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْوَكِيلَ إذَا رَدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ بِالْعَيْبِ أَوْ فَسَخَ الْبَيْعَ الْمَشْرُوطَ فِيهِ، الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 وَتَجْفِيفُهَا وَرَدُّ الْآبِقِ، وَأُجْرَةُ مَكَانِ الْحِفْظِ (عَلَى الرَّاهِنِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يُجْبَرُ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ وَلَكِنْ يَبِيعُ الْقَاضِي جُزْءًا مِنْهُ فِيهَا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (وَلَا يُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَرْهُونِ كَفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ) وَمُعَالَجَةٍ بِالْأَدْوِيَةِ وَالْمَرَاهِمِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا (وَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ) لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ إلَّا إذَا تَعَدَّى فِيهِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ رَدِّهِ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ (وَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ) كَمَوْتِ الْكَفِيلِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ (وَحُكْمُ فَاسِدِ الْعُقُودِ حُكْمُ صَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ) وَعَدَمُهُ فَالْمَقْبُوضُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ مَضْمُونٌ، وَبِهِبَةٍ فَاسِدَةٍ غَيْرُ مَضْمُونٍ (وَلَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْمَرْهُونِ مَبِيعًا لَهُ عِنْدَ   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَزِيَادَةُ الرَّاغِبِ حَرَامٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ لَهُ مِنْ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ عَنْ غَيْرِهِ بِالْمَصْلَحَةِ. قَوْلُهُ: (الَّتِي بِهَا يَبْقَى) . قَوْلُهُ: فَخَرَجَ نَحْوُ أُجْرَةِ طَبِيبٍ، وَثَمَنِ دَوَاءٍ فَهِيَ وَاجِبَةٌ، وَلَوْ لِغَيْرِ مَرْهُونٍ، وَنَحْوُ مُؤْنَةِ سَمْنٍ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْمُؤْنَةُ مِنْ الرَّاهِنِ لِغَيْبَتِهِ، أَوْ إعْسَارِهِ مَانَهُ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ، إنْ رَأَى لَهُ مَالًا وَإِلَّا فَبِقَرْضٍ عَلَيْهِ أَوْ بَيْعِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَلَوْ مَانَهُ الْمُرْتَهِنُ رَاجَعَ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، أَوْ بِإِشْهَادٍ عِنْدَ فَقْدِهِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَسَقْيُ الْأَشْجَارِ) وَمِثْلُهُ مَا تَهَدَّمَ مِنْ الدَّارِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، كَمُؤْنَةِ الْحَيَوَانِ وَأَوْرَدَ هَذِهِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، نَظَرًا إلَى أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُؤْنَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَيَوَانِ. قَوْلُهُ: (لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ) فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ الرَّاهِنَ بِهِ، وَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِهِ لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِذِي الرُّوحِ وَلَا لِحَقِّ نَفْسِهِ، وَمِنْهُ تَرْكُ سَقْيِهِ وَمِنْهُ تَرْكُ عِمَارَةِ دَارٍ تَهَدَّمَتْ وَلَوْ مُؤَجَّرَةً. قَوْلُهُ: (كَفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ) وَكَذَا خِتَانٌ وَلَوْ لِكَبِيرٍ مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ، وَقَطْعِ سِلْعَةٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ) وَعِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ يَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ. قَوْلُهُ: (إلَّا إذَا تَعَدَّى فِيهِ) فَيَضْمَنُهُ بِبَدَلِهِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَهُ أَوْ سَامَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ امْتَنَعَ) أَيْ بَعْدَ طَلَبِهِ كَمَا يُفْهَمْ مِنْ الِامْتِنَاعِ، فَقَبِلَ طَلَبَهُ أَمَانَةً وَالْمُرَادُ بِرَدِّهِ تَخْلِيَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ) وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ سَقَطَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَالدَّيْنِ، وَعِنْدَ مَالِكٍ كَذَلِكَ إنْ تَلِفَ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَحُكْمُ فَاسِدِ إلَخْ) هُوَ قَاعِدَةٌ أَغْلَبِيَّةٌ إنْ كَانَتْ عَامَّةً لَا يُرَادُ مَا سَيَأْتِي عَلَيْهَا، أَوْ كُلِّيَّةً إنْ كَانَتْ مَفْرُوضَةً فِي الْعُقُودِ الصَّادِرَةِ مِنْ رَشِيدٍ عَلَى الْأَعْيَانِ، بِلَا تَعَدٍّ فِيهَا فَخَرَجَ بِالْفَاسِدِ الْبَاطِلُ بِفَقْدِ رُكْنٍ أَوْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ، كَالدَّمِ فَلَيْسَ كَصَحِيحِهِ وَإِلَّا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَبِالْعُقُودِ الْعِبَادَاتُ فَالْفَاسِدُ فِيهَا، وَالْبَاطِلُ سَوَاءٌ، إلَّا فِي نَحْوِ الْحَجِّ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ قَضَاءِ الْفَاسِدِ فِيهِ، دُونَ الْبَاطِلِ وَبِالرَّشِيدِ غَيْرُهُ، فَحُكْمُهُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا وَبِالْأَعْيَانِ الْمَنَافِعُ، فَلَا يَرِدُ عَلَى طَرْدِ الْقَاعِدَةِ الْقِرَاضُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْمَالِكِ، أَوْ الْمُسَاقَاةَ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ كُلَّهَا لَهُ أَوْ عَلَى غَرْسِ وَدْيٍ، أَوْ تَعَهُّدِهِ مُدَّةً لَا يُثْمِرُ فِيهَا، أَوْ عَرْضِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ غَيْرِ قَبْضِهَا أَوْ عَقْدِ الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ حَيْثُ لَا ضَمَانَ مِنْ أُجْرَةٍ، وَلَا جِزْيَةَ فِي ذَلِكَ فِي الْفَاسِدِ، بِخِلَافِ الصَّحِيحِ وَلَا عَلَى عَكْسِهَا، الشَّرِكَةُ حَيْثُ لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ عَمَلِ الشَّرِيكِ فِي الْفَاسِدَةِ، دُونَ الصَّحِيحَةِ، وَخَرَجَ بِلَا تَعَدٍّ رَهْنُ الْمَغْصُوبِ وَإِجَارَتُهُ فَإِنَّ الْعَيْنَ مَضْمُونَةٌ فِيهِمَا، دُونَ الصَّحِيحِ مِنْهُمَا وَلَا يَرُدُّ الْفُضُولِيُّ، وَسَيَأْتِي أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ جَهِلَ الثَّانِي الْغَصْبَ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فِي الضَّمَانِ) وَإِنْ اخْتَلَفَ الضَّامِنُ كَاسْتِئْجَارِ الْوَلِيِّ لِطِفْلِهِ، فَالْأُجْرَةُ فِي الصَّحِيحِ عَلَى الطِّفْلِ، وَفِي الْفَاسِدَةِ عَلَى الْوَلِيِّ، أَوْ اخْتَلَفَ الْمَضْمُونُ بِهِ كَالْبَيْعِ، فَإِنَّهُ فِي الْفَاسِدِ مَضْمُونٌ بِالْبَدَلِ، وَفِي الصَّحِيحَةِ بِالثَّمَنِ وَالْقَرْضِ، فَإِنَّ الْمُتَقَوِّمَ فِيهِ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ فِي الْفَاسِدِ، وَبِالْمِثْلِ صُورَةٌ فِي الصَّحِيحِ وَالْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْإِجَارَةِ، فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ فِي الْفَاسِدِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَفِي الصَّحِيحَةِ بِالْمُسَمَّى. تَنْبِيهٌ قَدْ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ إيرَادَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ عَلَى الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ، قَبْلَ تَخْصِيصِهَا بِالْأَعْيَانِ صَحِيحٌ، وَإِيرَادُهَا عَلَيْهَا بَعْدَ   [حاشية عميرة] امْتَنَعَ أَنْ يَبِيعَ ثَانِيًا إلَّا بِالْإِذْنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ غَيْرَ مُخْتَصٍّ بِالْمُشْتَرِي. [وَمُؤْنَةُ الْمَرْهُونِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الرَّاهِنِ) أَيْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الظَّهْرُ مَرْكُوبٌ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُجْبَرُ) تَرْكُ هَذِهِ الْوَاوِ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ) يُفِيدُ أَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ. قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ يَبِيعُ الْقَاضِي) قَالَ الْإِمَامُ: فَعَلَى هَذَا لَوْ اسْتَغْرَقَتْ الْمُؤْنَةُ الرَّهْنَ قَبْلَ الْحُلُولِ بِيعَ الْجَمِيعُ وَجُعِلَ ثَمَنُهُ رَهْنًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ أَمَانَةٌ) خَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: يَضْمَنُهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ، وَالْحَقُّ الَّذِي بِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ تَلَفُهُ ظَاهِرًا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَ بَاطِنًا ضَمِنَ بِقِيمَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَسْقُطُ) الْفَاءُ هُنَا أَحْسَنُ مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 الْحُلُولِ فَسَدَا) أَيْ الرَّهْنُ وَالْبَيْعُ لِتَأْقِيتِ الرَّهْنِ وَتَعْلِيقِ الْبَيْعِ (وَهُوَ) أَيْ الْمَرْهُونُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (قَبْلَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ وَقْتَ الْحُلُولِ (أَمَانَةٌ) وَبَعْدَهُ مَضْمُونٌ (وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ بِيَمِينِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ سَبَبَ التَّلَفِ، فَإِنْ ذَكَرَهُ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ (وَلَا يُصَدَّقُ فِي) دَعْوَى (الرَّدِّ) إلَى الرَّاهِنِ (عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) وَقَالَ غَيْرُهُمْ: يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (وَلَوْ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ) مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ (بِلَا شُبْهَةٍ فَزَانٍ) فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَيَجِبُ الْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا بِخِلَافِ الْمُطَاوَعَةِ (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ جَهِلْت تَحْرِيمَهُ) أَيْ الْوَطْءِ (إلَّا أَنْ يَقْرُبَ إسْلَامُهُ أَوْ يَنْشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ) فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ لِدَفْعِ الْحَدِّ وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَقَوْلُهُ بِلَا شُبْهَةٍ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَقَوْلُهُ: فَزَانٍ، أَيْ فَهُوَ زَانٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ جَوَابُ لَوْ بِمَعْنَى أَنَّ مُجَرَّدَةٍ عَنْ زَمَانٍ، وَتَقَدَّمَ نَحْوُهُ أَوَّلَ الْبَابِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ وَطِئَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ قَبْلَ دَعْوَاهُ جَهْلَ التَّحْرِيمِ) مُطْلَقًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ فِي مَعْنَاهُ وَعَلَى الْقَبُولِ (فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ   [حاشية قليوبي] تَقْيِيدِهَا بِذَلِكَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ، فَالْأَوْلَى لِمَنْ يُرِيدُ الْإِيرَادَ إبْقَاؤُهَا عَلَى عُمُومِهَا، وَجَعْلُهَا أَغْلَبِيَّةً كَغَالِبِ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِتَأْقِيتِ الرَّهْنِ) صَرِيحًا كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتُك كَذَا إلَى الْحُلُولِ، وَإِذَا لَمْ أَقْضِ فَهُوَ مَبِيعٌ مِنْك أَوْ ضِمْنًا كَانَ، قَالَ: رَهَنْتُك هَذَا وَإِذَا إلَخْ. خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ فِي هَذِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَا إلَى أَنْ أُوَفِّيَ الدَّيْنَ، كَانَ بَاطِلًا مَعَ أَنَّهُ تَصْرِيحُ الْمُقْتَضَى لِوُجُودِ التَّأْقِيتِ فِيهِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ بِالصِّحَّةِ فِي هَذِهِ ضَعِيفٌ، وَمَعَ الْقَوْلِ بِهِ يُمْكِنُ الْفَرْقُ، بِأَنَّ هَذَا مِنْ الْمُقْتَضَى كَمَا تَقَدَّمَ نَعَمْ. قَالَ شَيْخُنَا م ر بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ تَقَدَّمَ جَانِبُ الْمُرْتَهِنِ، كَأَنْ قَالَ: ارْهَنْ مِنِّي فَقَالَ: رَهَنْتُك وَإِذَا إلَخْ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْمَحَلِّ) وَكَذَا بَعْدَهُ إلَى مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ قَبْضُهُ ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ: (أَمَانَةٌ) لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالرَّهْنِ الْفَاسِدِ. قَوْلُهُ: (وَبَعْدَهُ مَضْمُونٌ) أَيْ بِأَقْصَى الْقِيَمِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ. قَوْلُهُ: (وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِلَّا فَالْمُتَعَدِّي يُصَدَّقُ فَهُمَا مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ قَاعِدَةِ: إنَّ كُلَّ مَنْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ يُصَدَّقُ، وَفَارَقَا غَيْرَهُمَا بِأَنَّهُمَا قَبَضَا لِغَرَضِ أَنْفُسِهِمَا، وَبِذَلِكَ يَرُدُّ مَا قَالَهُ غَيْرُ الْأَكْثَرِينَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ الذَّكَرُ الْوَاضِحُ الْمَرْهُونَةَ الْأُنْثَى الْوَاضِحَةَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ أَيْ الْمَالِكِ، فَدَخَلَ الْمُعِيرُ وَخَرَجَ الْمُسْتَعِيرُ. قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) وَالْمَهْرُ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ غَيْرُ نَسِيبٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْوَطْءِ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ رُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلزِّنَا وَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ. قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَقْرُبَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مُخَالِطًا لَنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمِثْلُ ذَلِكَ، وَطْءُ جَارِيَةٍ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ عَدَمِ قَبُولِهِ إلَى قَبُولِهِ، فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ بِلَا شُبْهَةٍ فَهُوَ مِنْهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْوَجْهُ: إنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْهَا، وَلَكِنْ لَهُ حُكْمُهَا وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُوَافِقُهُ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ زَانٍ) قَدَّرَهُ لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ بِغَيْرِ الْفِعْلِ لَا يَكُونُ إلَّا جُمْلَةً. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى إنْ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ هُوَ أَنَّ لَوْ تَدُلُّ عَلَى الزَّمَانِ وَالِامْتِنَاعِ، وَلَا تُجَابُ إلَّا بِجُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ مَاضَوِيَّةٍ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى، مُجَرَّدَةٍ عَنْ الْفَاءِ، فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ وَطِئَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ) أَيْ الْمَالِكِ كَمَا مَرَّ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِ الْمُسْتَعِيرِ قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى) يُفِيدُ قَبُولَهُ وَإِنْ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُفَادُ كَلَامِ الشَّارِحِ بِذِكْرِ الْإِطْلَاقِ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ تَقْيِيدُهُ بِمَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ   [حاشية عميرة] الْوَاوِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَحُكْمُ إلَخْ) هَذَا تَوْطِئَةٌ لِلْمَسْأَلَةِ بَعْدَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُصَدَّقُ) أَيْ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ وَنَظَرَ مُقَابِلُهُ إلَى كَوْنِهِ أَمِينًا. [وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ] قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (فَهُوَ إلَخْ) اعْتِذَارٌ عَنْ كَوْنِ لَوْلَا يَصِحُّ مَجِيءُ الْفَاءِ فِي جَوَابِهَا وَقَدْ اعْتَذَرَ أَيْضًا بِأَنَّ الْجَوَابَ مَحْذُوفٌ أَيْ حَدٌّ، فَهُوَ زَانٍ وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ الْمَذْكُورَةُ كَالتَّعْلِيلِ لِمَحْذُوفٍ. قَوْلُهُ: (مُجَرَّدَةٌ عَنْ زَمَانٍ) أَيْ فَلَا تَكُونُ لَوْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ دَالَّةً عَلَى زَمَانٍ مَاضٍ كَمَا هُوَ شَأْنُهَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: لَوْ حَرْفَ شَرْطٍ فِي مُضِيٍّ وَيَقِلُّ ... إيلَاؤُهَا مُسْتَقْبَلًا لَكِنْ قُبِلَ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى) زَادَ غَيْرُهُ وَإِذَا خَفِيَ عَلَى عَطَاءٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى، أَقُولُ: قَدْ يُشَكَّكُ فِي هَذَا الْقِيَاسِ بِأَنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 (وَيَجِبُ الْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا) وَفِي قَوْلٍ حَكَاهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَجْهًا لَا يَجِبُ إذْنُ مُسْتَحِقِّهِ وَدُفِعَ بِأَنَّ وُجُوبَهُ حَقُّ الشَّرْعِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِذْنُ كَمَا أَنَّ الْمُفَوِّضَةَ تَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ بِالدُّخُولِ وَلَوْ طَاوَعَتْهُ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ جَزْمًا (وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلرَّاهِنِ) وَكَذَا حُكْمُهُ فِي صُورَتَيْ انْتِفَاءِ الْحَدِّ السَّابِقَتَيْنِ (وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ وَقَبَضَ بَدَلَهُ صَارَ رَهْنًا) مَكَانَهُ وَجُعِلَ فِي يَدِ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي يَدِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ وَقَبْلَ قَبْضِهِ قِيلَ: لَا يَحْكُمُ أَنَّهُ مَرْهُونٌ لِأَنَّهُ دَيْنٌ وَقِيلَ يَحْكُمُ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ رَهْنُ الدَّيْنِ ابْتِدَاءً قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الثَّانِي أَرْجَحُ، وَبِالْأَوَّلِ قَطَعَ الْمَرَاوِزَةُ (وَالْخَصْمُ فِي الْبَدَلِ الرَّاهِنُ فَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْ) فِيهِ (لَمْ يُخَاصِمْ الْمُرْتَهِنُ فِي الْأَصَحِّ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ، وَإِذَا خَاصَمَ الرَّاهِنُ فَلِلْمُرْتَهِنِ حُضُورُ خُصُومَتِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْمَأْخُوذِ (فَلَوْ وَجَبَ قِصَاصٌ) فِي الْمَرْهُونِ الْمُتْلَفِ كَالْعَبْدِ (اقْتَصَّ الرَّاهِنُ) أَيْ لَهُ ذَلِكَ (وَفَاتَ الرَّهْنُ) لِفَوَاتِ مَحِلِّهِ مِنْ غَيْرِ بَذْلٍ (فَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ بِعَفْوِهِ) عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ (أَوْ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنْهُ) لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ   [حاشية قليوبي] نَحْوَ قَرِيبِ الْعَهْدِ مَقْبُولٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْقَبُولِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) وَسَكَتَ عَنْ مُقَابِلِهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا) وَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً تَجْهَلُ الْحُرْمَةَ، قَالَ شَيْخُنَا: وَالْمَهْرُ الْوَاجِبُ هُنَا مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ فِي الْبِكْرِ، وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ مَا هُنَا مِنْ الْغَصْبِ، وَالْوَاجِبُ فِيهِ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلِ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي أَصْلِهِ، وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُحَرَّرِ فِي حِكَايَتِهِ، وَجْهًا لِأَنَّهُ لَا اصْطِلَاحَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلرَّاهِنِ) الْمَالِكِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى الرَّاهِنِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَإِنْ تَبِعَهُ الْخَطِيبُ، وَلَوْ مَلَكَهَا الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إلَّا إنْ كَانَ أَبًا لِلرَّاهِنِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الْوَاطِئُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مِنْ الرَّاهِنِ، أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ أَوْ اتَّهَبَهَا مِنْهُ وَقَبَضَهَا، فَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، وَمَلَكَهَا بَعْدُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا حُكْمُهُ فِي صُورَتَيْ انْتِفَاءِ الْحَدِّ السَّابِقَتَيْنِ) وَهُمَا قَبُولُهُ فِي دَعْوَى الْجَهْلِ مَعَ عَدَمِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَمَعَ إذْنِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الرَّاهِنِ، وَفَائِدَتُهُ تَعَلُّقُ الْمُرْتَهِنِ بِتَرِكَتِهِ لَوْ مَاتَ إنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى قِيمَتِهِ، وَيُقَدَّمُ بِهَا عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ. قَوْلُهُ: (وَقَبَضَ بَدَلَهُ) سَوَاءٌ قَبَضَهُ الرَّاهِنُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْعَدْلُ، كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَقْبِضُهُ إلَّا مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْمُخَاصَمَةِ الْآتِيَةِ، وَيُحْكَمُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَلِ بِالرَّهْنِيَّةِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الدَّيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، عِنْدَ شَيْخِنَا بِلَا إنْشَاءِ عَقْدٍ وَفَارَقَ قِيمَةَ الْمَوْقُوفِ وَالْأُضْحِيَّةِ، إذَا أَتْلَفَا حَيْثُ يَحْتَاجُ مَعَ شِرَاءِ بَدَلِ الْمَوْقُوفِ إلَى إنْشَاءِ وَقْفٍ، وَفِي الْأُضْحِيَّةِ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَشْتَرِ بِعَيْنِ الْبَدَلِ، بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْوَقْفِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى بَيَانِ مَصْرِفٍ وَغَيْرِهِ، وَيَتَعَلَّقُ بَدَلُ الْأُضْحِيَّةِ بِذِمَّةِ الْمُضَحِّي، قَالَهُ شَيْخُنَا: تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَقَبْلَ قَبْضِهِ إلَخْ) هُوَ مَفْهُومُ قَبْضٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي لَا خِلَافَ فِيهِ وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالرَّهْنِيَّةِ فِي الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (الثَّانِي أَرْجَحُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّينِ كَمَا مَرَّ وَفِي قَابِضِهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (الرَّاهِنُ) أَيْ الْمَالِكُ نَعَمْ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُخَاصِمَ إذَا تَعَذَّرَتْ مُخَاصَمَةُ الرَّاهِنِ، وَأَنْ يُخَاصِمَ مُطْلَقًا بِحَقِّ التَّوَثُّقِ، وَأَنْ يُخَاصِمَ الرَّاهِنَ إذَا أَتْلَفَهُ أَوْ بَاعَهُ، وَلِلْحَاكِمِ مُخَاصَمَةُ الْغَاصِبِ بِغَصْبٍ مُنَجَّزٍ إذَا غَابَ الْمُرْتَهِنُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُخَاصِمْ الْمُرْتَهِنُ) هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ، إذْ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُخَاصِمَ مُطْلَقًا. فَقَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ عَائِدٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِقَوْلِهِ، وَالْخَصْمُ إلَخْ. وَهَذِهِ حِكْمَةُ سُكُوتِ الشَّارِحِ عَنْهُ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي نَوْعِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (اقْتَصَّ الرَّاهِنُ) وَلَا يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْعَفْوِ عَلَى الْأَرْشِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَالِكُ) فَيَشْمَلُ الْمُعِيرَ وَلَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا. قَوْلُهُ: (وَفَاتَ الرَّهْنُ) أَيْ فِيمَا اقْتَصَّ فِيهِ مِنْ كُلِّهِ أَوْ جُزْئِهِ، وَكَلَامُ   [حاشية عميرة] الْخَفَاءَ هُنَا اسْتَنَدَ إلَى مُجَرَّدِ الْإِذْنِ، وَأَمَّا عَطَاءٌ فَإِنَّهُ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ، لِمَا قَامَ عِنْدَهُ مِنْ الدَّلِيلِ فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّ غَيْرَهُ فِي مَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَاوَعَتْهُ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ جَزْمًا) أَيْ لِانْضِمَامِ إذْنِهِ إلَى مُطَاوَعَتِهَا. قَوْلُهُ: (وَجُعِلَ فِي يَدِ إلَخْ) كَذَلِكَ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِقَبْضِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. أَقُولُ: وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ الْخَصْمِ فِي الْبَدَلِ الرَّاهِنَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْخَصْمُ فِي الْبَدَلِ الرَّاهِنُ) لَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَفِي حَلِفِ الْمُرْتَهِنِ قَوْلَانِ كَغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يُخَاصِمْ الْمُرْتَهِنُ أَيْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ، وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّ لَهُ حَقًّا مُتَعَلِّقًا بِالذِّمَّةِ فَكَانَ كَمَا لَوْ جَنَى الرَّاهِنُ عَلَى الْمَرْهُونِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ مُخَاصَمَةِ الْمُرْتَهِنِ جَزْمًا إذَا خَاصَمَ الرَّاهِنُ، وَنَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَلَوْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ فَالْحُكْمُ كَمَا هُنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اقْتَصَّ الرَّاهِنُ إلَخْ) لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الِاقْتِصَاصِ، وَالْعَفْوِ فَلَا إجْبَارَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 (وَلَا) يَصِحُّ لَهُ (إبْرَاءُ الْمُرْتَهِنِ الْجَانِيَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَائِهِ حَقُّهُ مِنْ الْوَثِيقَةِ فِي الْأَصَحِّ (وَلَا يَسْرِي الرَّهْنُ إلَى زِيَادَتِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (الْمُنْفَصِلَةِ كَثَمَرٍ وَوَلَدٍ) وَبَيْضٍ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلَةِ كَسِمَنِ الْعَبْدِ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ فَيَسْرِي الرَّهْنُ إلَيْهَا (فَلَوْ رَهَنَ حَامِلًا وَحَلَّ الْأَجَلُ وَهِيَ حَامِلٌ بِيعَتْ) كَذَلِكَ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا: إنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمْ فَكَأَنَّهُ رَهَنَهُمَا وَإِلَّا فَقَدْ رَهَنَهَا وَالْحَمْلُ مَحْضُ صِفَةٍ (وَإِنْ وَلَدَتْهُ بِيعَ مَعَهَا فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمْ فَهُوَ رَهْنٌ، وَالثَّانِي لَا يُبَاعُ مَعَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَا يُعْلَمْ فَهُوَ كَالْحَادِثِ بَعْدَ الْعَقْدِ (فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ دُونَ الرَّهْنِ فَالْوَلَدُ لَيْسَ بِرَهْنٍ فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَيَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْحَمْلِ مُتَعَذِّرٌ وَلَا سَبِيلَ إلَى بَيْعِهَا حَامِلًا وَتَوْزِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْأُمِّ وَالْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا تُعْرَفُ قِيمَتُهُ، وَالثَّانِي يَقُولُ: تُبَاعُ حَامِلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَا يُعْلَمْ فَهُوَ كَزِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ.   [حاشية قليوبي] الْمُصَنِّفُ ظَاهِرٌ فِي الْكُلِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ، بِقَوْلِهِ الْمُتْلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَالْعَفْوُ مَجَّانًا كَالْقِصَاصِ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَالٍ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدِّيَةِ لَكِنْ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَشَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَرِثَهُ السَّيِّدُ كَانَ. كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى أَبِيهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ، وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، أَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَا يَسْقُطُ الْمَالُ، وَيَبِيعُهُ السَّيِّدُ فِي الْجِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِجِنَايَةٍ خَطَأٍ) أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ أَوْ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ ابْتِدَاءً لِمَانِعٍ كَأَصْلِيَّةٍ أَوْ سِيَادَةٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنْهُ) وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَائِهِ حَقُّهُ مِنْ الْوَثِيقَةِ) إلَّا إنْ قَالَ: أَسْقَطْت حَقِّي مِنْهَا. قَوْلُهُ: (كَثَمَرٍ) فَلَا يَكُونُ مَرْهُونًا وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا حَالَةَ الرَّهْنِ، وَلَمْ يُؤَبَّرْ فِي الْعُبَابِ إنَّ الطَّلْعَ غَيْرُ الْمُؤَبَّرِ مِنْ الْمُتَّصِلَةِ، وَفِي الْخَطِيبِ إنْ تَعَلَّمَ الصَّنْعَةَ كَذَلِكَ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهَا إذَا كَانَتْ بِمُعَلَّمٍ فَهِيَ مِنْ الْمُنْفَصِلَةِ. قَوْلُهُ: (وَبَيْضٍ) وَلَوْ مَوْجُودًا حَالَةَ الرَّهْنِ وَصُوفٍ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الْجَزِّ وَلَبَنٍ وَلَوْ فِي الضَّرْعِ وَقْتَ الرَّهْنِ، وَلَوْ رَهَنَ بَيْضَةً فَفَرَّخَتْ، وَلَوْ بِلَا إذْنٍ أَوْ بَذْرًا فَزَرَعَهُ كَذَلِكَ، فَنَبَتَ فَالْفَرْخُ وَالنَّبَاتُ رَهْنٌ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ: يَسْرِي الرَّهْنُ إلَى الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ كَالْمُتَّصِلَةِ، وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: يَسْرِي إلَيْهَا إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ، كَوَلَدِ جَارِيَةٍ بِخِلَافِ ثَمَرَةٍ بِثَمَرَةٍ. قَوْلُهُ: (وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ غِلَظُهَا لَا طُولُهَا بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَى السِّمَنِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ تَعْلِيلُ الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ إذْ لَا يُمْكِنُ انْفِصَالُهَا، وَعَلَى هَذَا فَطُولُهَا مِنْ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ فَلَا يَسْرِي الرَّهْنُ إلَيْهِ، وَمِثْلُهَا سَنَابِلُ الزَّرْعِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الرَّهْنِ، وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِيفٌ وَسَعَفٌ وَكَذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّا إذَا قُلْنَا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْحَمْلَ دَاخِلٌ مُطْلَقًا فَهُوَ كَالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ حَيْثُ كَانَ مَوْجُودًا حَالَةَ الرَّهْنِ، وَإِلَّا فَلَا فَمَا قَالَهُ الْمَنْهَجُ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ غَيْرُ صَحِيحٍ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ) أَيْ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْلُومِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَعَذَّرُ بَيْعُهَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الرَّهْنِيَّةُ الْمُفْضِي إلَى التَّوْزِيعِ مَعَ التَّعَذُّرِ، كَمَا ذَكَرَهُ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ الرَّاهِنَ بَيْعُهَا حَامِلًا أَوْ تَوْفِيَةُ الدَّيْنِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى مَا إذَا تَعَلَّقَ بِالْحَمْلِ حَقٌّ ثَالِثٌ بِوَصِيَّةٍ أَوْ حَجْرٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْحَمْلِ مُتَعَذِّرٌ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ رَهَنَ نَخْلَةً فَأَطْلَعَتْ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ الثَّمَرَةِ فَتَأَمَّلْ. تَنْبِيهٌ: نَصَّ فِي الْأُمِّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَوْ سَأَلَ الرَّاهِنُ أَنْ تُبَاعَ الْحَامِلُ، وَيَكُونَ ثَمَنُهَا كُلُّهُ رَهْنًا كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَنْهَجِ، وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْأُمِّ مَرْهُونًا بِغَيْرِ عَقْدٍ، مَعَ أَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يُقَالُ يَسْرِي إلَيْهِ الرَّهْنُ، كَالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ هُنَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْقَدْرَ الزَّائِدَ لَيْسَ مَرْهُونًا، وَإِنَّمَا لَهُ حُكْمُ الرَّهْنِ تَبَعًا مِنْ حَيْثُ إنَّ الرَّاهِنَ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ جَلِيٌّ فَافْهَمْهُ.   [حاشية عميرة] خِلَافًا لِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَالْأَوَّلُ اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَبَيَّنَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْقُطُ بِإِبْرَائِهِ حَقُّهُ) أَيْ كَمَا لَوْ وَهَبَهُ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ فَإِنَّ حَقَّهُ بَاقٍ. نَعَمْ لَوْ قَالَ: أَسْقَطْت حَقِّي مِنْ الْوَثِيقَةِ سَقَطَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَسْرِي) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَلِمَالِكٍ فِي الْوَلَدِ لَنَا مَا سَلَفَ مِنْ الْحَدِيثِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْكَسْبِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (دُونَ الرَّهْنِ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ الرَّهْنِ دُونَ حَالِ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ إلَخْ) كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الثَّانِي يَكُونُ الْحَمْلُ رَهْنًا، حَتَّى لَوْ انْفَصَلَ بِيعَ مَعَهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَا دَامَ حَمْلًا يُبَاعُ؛ لِأَنَّهُ كَالصِّفَةِ فَلَوْ وَلَدَتْ فَلَا يُبَاعُ بَلْ يَفُوزُ بِهِ الرَّاهِنُ يَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ النَّظَرُ فِي مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ السَّابِقِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 فَصْلٌ (إذَا جَنَى الْمَرْهُونُ) عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِالْقَتْلِ (قُدِّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَيِّنٌ فِي الرَّقَبَةِ بِخِلَافِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ لِتَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ وَالرَّقَبَةِ (فَإِنْ اقْتَصَّ) وَارِثُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (أَوْ بِيعَ) الْمَرْهُونُ (لَهُ) أَيْ لِحَقِّهِ بِأَنْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ مَالًا أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ (بَطَلَ الرَّهْنُ) فَلَوْ عَادَ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا (وَإِنْ جَنَى) الْمَرْهُونُ (عَلَى سَيِّدِهِ) بِالْقَتْلِ (فَاقْتُصَّ) بِضَمِّ التَّاءِ مِنْهُ (بَطَلَ) الرَّهْنُ (وَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ) أَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً (لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ (فَيَبْقَى رَهْنًا) كَمَا كَانَ وَالثَّانِي يَثْبُتُ الْمَالُ وَيَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى فَكِّ الرَّهْنِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَصَحِّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى السَّيِّدِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ بِغَيْرِ الْقَتْلِ لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ (وَإِنْ قَتَلَ) الْمَرْهُونُ (مَرْهُونًا لِسَيِّدِهِ عِنْدَ آخَرَ فَاقْتَصَّ) السَّيِّدُ (بَطَلَ الرَّهْنَانِ) جَمِيعًا (وَإِنْ وَجَبَ مَالٌ) بِأَنْ قَتَلَ خَطَأً أَوْ عَفَى عَلَى مَالٍ (تَعَلَّقَ بِهِ عَنْ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ) وَالْمَالُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ. (فَيُبَاعُ وَثَمَنُهُ رَهْنٌ وَقِيلَ يَصِيرُ) نَفْسُهُ (رَهْنًا)   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ مِنْ الْمَرْهُونِ وَمَا يَتْبَعُهُ قَوْلُهُ: (جَنَى الْمَرْهُونُ) وَلَوْ مَغْصُوبًا أَوْ مُعَارًا بَعْدَ رَهْنِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَجْنَبِيٍّ) وَمِنْهُ الْمُرْتَهِنُ فَيُقَدَّمُ حَقُّهُ مِنْ حَيْثُ الْجِنَايَةُ عَلَى حَقِّهِ مِنْ حَيْثُ الرَّهْنُ. قَوْلُهُ: (بِالْقَتْلِ) هُوَ قَيْدٌ لِمُرَاعَاةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَغَيْرُ الْقَتْلِ يَبْطُلُ بِقَدْرِهِ مِنْهُ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حَقَّهُ إلَخْ) نَعَمْ، لَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ، وَجَنَى بِأَمْرِ غَيْرِهِ، تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِذِمَّةِ الْآمِرِ فَقَطْ، أَجْنَبِيًّا أَوْ سَيِّدًا فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ رَهْنًا، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ السَّيِّدِ فِي الْأَمْرِ فَيُبَاعُ أَوْ يُقْتَصُّ مِنْهُ؛ لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ الرَّهْنُ) أَيْ إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى الْأَرْشِ، وَلَمْ يَكُنْ مَغْصُوبًا وَإِلَّا فَالزَّائِدُ رَهْنٌ، بَلْ لَا يُبَاعُ مَا زَادَ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ، بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ، وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ قِيمَتُهُ رَهْنًا سَوَاءٌ اقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ بِيعَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ رَهْنًا) نَعَمْ، إنْ عَادَ بِفَسْخِ خِيَارٍ بِغَيْرٍ الْعَيْبِ بَقِيَ عَلَى الرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ التَّاءِ) لَعَلَّهُ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَفَتْحُهَا صَحِيحٌ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ فَسَادَهُ، وَيَرْجِعُ ضَمِيرُهُ لِوَارِثِ السَّيِّدِ كَمَا فَعَلَ فِيمَا قَبْلَهُ، وَيَسْتَغْنِي عَنْ لَفْظٍ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ عَفَى عَلَى مَالٍ) أَوْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ حَالَ إعْسَارِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهَا فَجِنَايَتُهَا عَلَيْهِ كَالْعَدَمِ. قَوْلُهُ: (أَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْعَفْوَ لَيْسَ قَيْدًا، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْمَنْهَجِ: وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ وَهُوَ لَا إنْ وُجِدَ سَبَبُ مَالٍ، أَعَمَّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِعَفَى عَلَى مَالٍ، فَقَوْلُهُ فِيهِ وَالْجِنَايَةُ عَلَى غَيْرِ أَجْنَبِيٍّ مُتَعَيِّنٌ، خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ إسْقَاطِ لَفْظِ غَيْرِ لَكِنَّ تَقْيِيدَهُ وُجُودَ السَّبَبِ بِالْمَالِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ، إذْ وُجُودُ سَبَبِ الْقِصَاصِ كَذَلِكَ، إذْ لَا يَفُوتُ إلَّا إنْ اقْتَصَّ بِالْفِعْلِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا قَيَّدَ بِالْمَالِ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِمَا بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ، وَقَدْ يُوجِبُ الْفَوْتَ فِي الْقِصَاصِ دُونَ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ السَّيِّدَ إلَخْ) مَحَلُّ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ جَنَى عَمْدًا، وَحَصَلَ عَفْوٌ أَوْ جَنَى غَيْرَ عَمْدٍ، أَوْ عَلَى طَرَفِ مُوَرِّثِ السَّيِّدِ أَوْ مُكَاتَبِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ الْمَالُ لِلسَّيِّدِ بِمَوْتٍ أَوْ عَجْزٍ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ. قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَصَحِّ) فَالْمُصَنِّفُ مُخَالِفٌ لِأَصْلِهِ، وَلِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (وَمَعْلُومٌ إلَخْ) وَلَمْ يَدْخُلْ ذَلِكَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَعَ شُمُولِهِ لَهُ، كَمَا فِي الْمَنْهَجِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ بُطْلَانِ الرَّهْنِ، أَنَّهُ فِي جَمِيعِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمَّا لَمْ يَدْخُلْهُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ لَمْ يَدْخُلْهُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِلْمُنَاسَبَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ) أَيْ نَظَرًا لِلْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ يَسْرِي الْقِصَاصُ وَيَسْتَغْرِقُ الْأَرْشُ الْقِيمَةَ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ الرَّهْنَانِ) فَإِنْ عَفَا السَّيِّدُ مَجَّانًا أَوْ بِلَا مَالٍ بَطَلَ الرَّهْنُ فِي الْقَتِيلِ، وَبَقِيَ رَهْنُ الْقَاتِلِ. قَوْلُهُ: (تَعَلَّقَ بِهِ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ جَنَى الْمَرْهُونُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِالْقَتْلِ] فَصْلٌ: جَنَى الْمَرْهُونِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حَقَّهُ إلَخْ) فَلَوْ قُدِّمَ الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِ لَضَاعَ حَقُّهُ، وَأَيْضًا إذَا قُدِّمَ عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ فَعَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ وَجَبَ مَالٌ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ كَوْنَ الْمَالِ يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ عَلَى الْعَبْدِ هُنَا مُغْتَفِرٌ لِأَجْلِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ عَفَى عَلَى غَيْرِ مَالٍ صَحَّ بِلَا إشْكَالٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَثَمَنُهُ رَهْنٌ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إنْشَاءِ رَهْنٍ كَمَا سَلَفَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَصِيرُ رَهْنًا) أَيْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 وَدُفِعَ بِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي مَالِيَّتِهِ لَا فِي عَيْنِهِ، وَعَلَى الثَّانِي يَنْتَقِلُ إلَى يَدِهِ هَذَا إنْ كَانَ الْوَاجِبُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ مِثْلَهَا، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهَا بِيعَ مِنْ الْقَاتِلِ جُزْءٌ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا أَوْ صَارَ الْجُزْءُ رَهْنًا عَلَى الْخِلَافِ وَمَحَلُّهُ إذَا طَلَبَ مُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ الْبَيْعَ وَأَبَى الرَّاهِنُ، وَفِي الْعَكْسِ يُبَاعُ جَزْمًا وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ الْبَيْعِ قَالَ الْإِمَامُ: لَيْسَ لِمُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ طَلَبُ الْبَيْعِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ. وَأَشَارَ الرَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ لَهُ ذَلِكَ لِتَوَقُّعِ رَاغِبٍ بِالزِّيَادَةِ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ (فَإِنْ كَانَا) أَيْ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ (مَرْهُونَيْنِ عِنْدَ شَخْصٍ بِدَيْنٍ وَاحِدٍ نَقَصَتْ الْوَثِيقَةُ) وَلَا جَابِرَ (أَوْ بِدَيْنَيْنِ) وَوَجَبَ الْمَالُ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْقَاتِلِ (وَفِي نَقْلِ الْوَثِيقَةِ) بِهِ إلَى دَيْنِ الْقَتِيلِ (غَرَضٌ) أَيْ فَائِدَةٌ (نُقِلَتْ) بِأَنْ يُبَاعَ الْقَاتِلُ وَيُقَامَ ثَمَنُهُ رَهْنًا مَقَامَ الْقَتِيلِ أَوْ يُقَامَ نَفْسُهُ مَقَامَهُ رَهْنًا عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرَضٌ فِي نَقْلِ الْوَثِيقَةِ لَمْ تُنْقَلْ فَإِذَا كَانَ أَحَدُ الدَّيْنَيْنِ حَالًّا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا لِلْمُرْتَهِنِ التَّوَثُّقُ الْقَاتِلُ لِدَيْنِ الْقَتِيلِ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْحَالَّ فَالْفَائِدَةُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ثَمَنِ الْقَاتِلِ فِي الْحَالِّ أَوْ الْمُؤَجَّلِ فَقَدْ تَوَثَّقَ وَيُطَالِبُ بِالْحَالِّ، وَإِنْ اتَّفَقَ الدَّيْنَانِ فِي الْقَدْرِ وَالْحُلُولِ أَوْ التَّأْجِيلِ، وَقِيمَةُ الْقَتِيلِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ مُسَاوِيَةٌ لَهَا لَمْ تُنْقَلْ الْوَثِيقَةُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ نُقِلَ مِنْهُ قَدْرُ قِيمَةِ الْقَتِيلِ. (وَلَوْ تَلِفَ الْمَرْهُونُ بِآفَةٍ) سَمَاوِيَّةٍ   [حاشية قليوبي] إلَخْ) فَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ بَعْدَ الْعَفْوِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَثَمَنُهُ رَهْنًا) بِلَا إنْشَاءِ عَقْدٍ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَظَاهِرُهُ خُرُوجُهُ عَنْ رَهْنِيَّةِ مُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ وَصَيْرُورَتُهُ، وَهُنَا لِمُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ بِمُجَرَّدِ الْجِنَايَةِ أَوْ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ، وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ سَامَحَ عَنْهُ مُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ رَجَعَ لِلرَّاهِنِ لَا لِمُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ عَدَمُ خُرُوجِهِ عَنْ رَهْنِيَّةِ مُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ بِذَلِكَ فَيَبْقَى عِنْدَهُ بَعْدَ الْمُسَامَحَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ تَعَلُّقِهِ بِهِ إنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ تَعَلُّقِ مُرْتَهِنِ الْقَتِيلِ، لِتَقْدِيمِ حَقِّهِ فَحَيْثُ زَالَ تَعَلُّقُهُ بِالْمَانِعِ فَلْيَسْتَمِرَّ عَلَى أَصْلِهِ فَرَاجِعْهُ وَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَصِيرُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ، وَفِيهِ لَوْ سَامَحَ مَا عَلِمْته وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي هَذِهِ لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ عَقْدٍ. قَوْلُهُ: (هَذَا) أَيْ بَيْعُهُ كُلُّهُ أَوْ صَيْرُورَتُهُ رَهْنًا كُلُّهُ. قَوْلُهُ: (بِيعَ مِنْ الْقَاتِلِ جُزْءٌ) أَيْ إنْ وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِي ذَلِكَ الْجُزْءَ، وَلَمْ تَنْقُصُ الْقِيمَةُ بِالتَّشْقِيصِ، وَإِلَّا بِيعَ كُلُّهُ وَيَكُونُ الزَّائِدُ رَهْنًا عِنْدَ مُرْتَهِنِ الْقَاتِلِ. قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّهُ) أَيْ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اتَّفَقَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَمُرْتَهِنُ الْقَتِيلِ. قَوْلُهُ: (عَلَى عَدَمِ الْبَيْعِ) أَيْ بَلْ عَلَى النَّقْلِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَنْهَجِ، وَكَذَا لَوْ اتَّفَقَ الرَّاهِنُ، وَالْمُرْتَهِنَانِ عَلَى النَّقْلِ وَالْمَنْقُولِ، الْكُلُّ أَوْ الْبَعْضُ مِنْ عَيْنِ الْقَاتِلِ، لَا قِيمَتِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا النَّقْلِ إلَى إنْشَاءِ عَقْدٍ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا نَعَمْ. لَا يَحْتَاجُ إلَى فَسْخٍ، لِأَنَّهُ كَالْبَيْعِ لِلرَّاغِبِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَالْخِيرَةُ فِي النَّقْلِ لِلْمُرْتَهِنِ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِمَامُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي إمْسَاكِ الْوَرَثَةِ عَنْ التَّرِكَةِ، وَقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِمْ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ الرَّاغِبِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ كَمَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ نَعَمْ إنْ وُجِدَ الرَّاغِبُ بِالْفِعْلِ، أُجِيبَ مُرْتَهِنُ الْقَاتِلِ. وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ ضَعَّفَ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ، وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَالتَّرِكَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ مَعَ التَّضْعِيفِ، لَا فَرْقَ وَمَعَ عَدَمِهِ فَالْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ يَعْكِسُ مُرَادَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ ارْتَضَاهُ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ شَخْصٍ) أَوْ أَكْثَرَ. قَوْلُهُ: (نَقَصَتْ الْوَثِيقَةُ) فَإِنْ اقْتَصَّ السَّيِّدُ فَاتَتْ كُلُّهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ بِدَيْنَيْنِ) وَلَوْ عِنْدَ شَخْصٍ. قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ الْقَاتِلِ. قَوْلُهُ: (فَائِدَةٌ) أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُبَاعَ) أَيْ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَمِثْلُهُ يُقَامُ، وَلَيْسَ مِنْ الْفَرْضِ طَلَبُ بَيْعِهِ خَوْفَ جِنَايَةٍ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (فَإِذَا كَانَ إلَخْ) هُوَ مِثَالٌ لِوُجُودِ الْفَائِدَةِ وَلَا نَظَرَ إلَى يَسَارٍ أَوْ إعْسَارٍ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَمْ تُنْقَلْ إلَخْ) نَعَمْ. لَوْ كَانَ قِيمَةُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِهِ نُقِلَ مِنْهَا، مَا زَادَ عَلَى قَدْرِهِ لِدَيْنِ الْقَتِيلِ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ. قَوْلُهُ: (قَدْرَ قِيمَةِ الْقَتِيلِ) أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا مِمَّا زَادَ عَلَى دَيْنِ الْقَاتِلِ كَمَا تَقَدَّمَ إنْ كَانَ دَيْنُ الْقَتِيلِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (بِآفَةٍ   [حاشية عميرة] لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّهُ) أَيْ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَأَبَى الرَّاهِنُ) فَعَلَى هَذَا إذَا قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ: هَلْ يَصِيرُ رَهْنًا مِنْ وَقْتِ الْجِنَايَةِ أَمْ حِينَ إبَّانِهِ وَامْتِنَاعِهِ فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْعَكْسِ يُبَاعُ جَزْمًا) أَيْ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ اتَّفَقَ الدَّيْنَانِ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ اتَّفَقَا حُلُولًا وَتَأْجِيلًا وَاخْتَلَفَا قَدْرًا، فَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ بِالْكَثِيرِ قَدْ رَهَنَ نَقَلَ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ فَوْقَهَا أَوْ دُونَهَا لَكِنَّهَا فِيمَا دُونَهَا لَا يُنْقَلُ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْقَتِيلِ، وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا بِالْقَيْلِي وَقِيمَتُهُ مِثْلُ قِيمَةِ الْقَاتِلِ أَوْ فَوْقَهَا، فَلَا نَقْلَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ، قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْقَتِيلِ لِتَصِيرَ رَهْنًا مَكَانَ الْقَتِيلِ، وَيَسْتَمِرُّ الْبَاقِي يَدِينُ الْقَاتِلَ، قَالَ: وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الرَّوْضَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْقَتِيلِ أَقَلَّ، وَهُوَ مَرْهُونٌ بِأَقَلِّ الدَّيْنَيْنِ، لَا يُنْقَلُ إذْ لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 (بَطَلَ) الرَّهْنُ (وَيَنْفَكُّ) الرَّهْنُ (بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الرَّاهِنِ (وَبِالْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ) بِقَضَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُ لَمْ يَنْفَكَّ شَيْءٌ مِنْ الرَّهْنِ) أَيْ الْمَرْهُونِ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الدَّيْنِ (وَلَوْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ بِدَيْنٍ وَنِصْفَهُ بِآخَرَ فَبَرِئَ مِنْ أَحَدِهِمَا انْفَكَّ قِسْطُهُ) لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ (وَلَوْ رَهَنَاهُ) بِدَيْنٍ (فَبَرِئَ أَحَدُهُمَا) مِمَّا عَلَيْهِ (انْفَكَّ نَصِيبُهُ) لِتَعَدُّدِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَلَوْ رَهَنَهُ عِنْدَ اثْنَيْنِ فَبَرِئَ مِنْ دَيْنِ أَحَدِهِمَا انْفَكَّ قِسْطُهُ لِتَعَدُّدِ مُسْتَحِقِّ الدَّيْنِ. فَصْلٌ إذَا (اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ) أَيْ أَصْلِهِ كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتَنِي كَذَا فَأَنْكَرَ (أَوْ قَدْرِهِ) أَيْ الرَّهْنِ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتَنِي الْأَرْضَ بِأَشْجَارِهَا فَقَالَ: بَلْ وَحْدَهَا أَوْ تَعْيِينُهُ كَهَذَا الْعَبْدِ فَقَالَ: بَلْ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ قَدَّرَ الْمَرْهُونَ بِهِ كَبِأَلْفَيْنِ فَقَالَ بَلْ بِأَلْفٍ (صُدِّقَ الرَّاهِنُ بِيَمِينِهِ) وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الْمُنْكِرِ بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعِي، وَقَوْلُهُ (إنْ كَانَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ) قَيَّدَ فِي التَّصْدِيقِ (وَإِنْ   [حاشية قليوبي] سَمَاوِيَّةٍ) وَمِثْلُهَا إتْلَافُ مَنْ لَا يَضْمَنُ وَمِنْهُ الْمَوْتُ بِضَرْبٍ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِيهِ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (وَيَنْفَكُّ بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إلَّا فِي رَهْنِ التَّرِكَةِ لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ، وَسَوَاءٌ انْفَسَخَ فِي الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ بَعْدَ الْفَسْخِ، أَوْ الْفَكِّ أَوْ الْإِذْنِ رَدُّ الْمَرْهُونِ، وَلَا إحْضَارُهُ لِلرَّاهِنِ بَلْ عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ، كَالْوَدِيعِ فَمُؤْنَةُ إحْضَارِهِ وَلَوْ لِلْبَيْعِ عَلَى الرَّاهِنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهَا) كَإِرْثٍ وَاعْتِيَاضٍ وَلَوْ تَلِفَ الْمُعَوَّضُ أَوْ تَقَايَلَا فِيهِ أَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِهِ فِي الرِّبَوِيِّ، بَقِيَ الرَّهْنُ كَمَا كَانَ لِعَوْدِ سَبَبِهِ وَهُوَ الدَّيْنُ، أَمَّا الْأَوَّلُ إنْ قُلْنَا الْفَسْخُ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ، وَأَمَّا نَظِيرُهُ وَأَعْطَى حُكْمَهُ إنْ قُلْنَا يَرْفَعُهُ مِنْ حِينِهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ عَوْدِ الضَّمَانِ عَلَى غَاصِبٍ بَاعَ مَا غَصَبَهُ بِالْوَكَالَةِ، وَتَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ الْغَصْبُ وَقَدْ زَالَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْفَكَّ شَيْءٌ مِنْ الرَّهْنِ) أَيْ إنْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ وَالْمُسْتَحَقُّ، وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ كَمَا يُعْلَمْ مِمَّا بَعْدُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَرْهُونِ) وَلَوْ التَّرِكَةَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَهَنَ) أَيْ الْمَالِكُ لِأَنَّ الْمُعِيرَ كَالْمُرَاهِنِ. قَوْلُهُ: (فَبَرِئَ مِنْ أَحَدِهِمَا) وَلَوْ بِالدَّفْعِ لَهُ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الدَّيْنُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ، أَوْ اخْتَلَفَ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ يَخْتَصُّ بِهِ، وَكَذَا سَائِرُ الشُّرَكَاءِ فِي الدُّونِ الْمُشْتَرَكَةِ، إلَّا فِي مَسَائِلَ ثَلَاثٍ الْإِرْثُ وَالْكِتَابَةُ وَرِيعُ الْوَقْفِ، فَمَا يَأْخُذُهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ دَيْنِ مُوَرِّثِهِمْ، لَا يَخْتَصُّ بِهِ نَعَمْ. إنْ أَحَالَ بِهِ اخْتَصَّ الْمُحْتَالُ بِمَا أَخَذَهُ، وَهَذِهِ مِنْ حِيَلَ الِاخْتِصَاصِ، وَمَا أَخَذَهُ أَحَدُ السَّيِّدَيْنِ مَثَلًا، مِنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَمَا أَخَذَهُ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ النَّظَرُ فِي حِصَّتِهِ وَأَجْرِهَا بِنَفْسِهِ، قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. وَاعْتَمَدَهُ وَصَمَّمَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ، وَخَرَجَ بِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَرْبَابُ الْوَظَائِفِ الْمُشْتَرَكَةِ، فَمَا يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمْ مِنْ النَّاظِرِ أَوْ غَيْرِهِ يَخْتَصُّ بِهِ، وَإِنْ حُرِّمَ عَلَى النَّاظِرِ تَقْدِيمُ طَالِبِ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ بِرِضَا غَيْرِهِ مِنْهُمْ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ. قَوْلُهُ: (لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ) فَعَلِمَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ وَاحِدٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ تَعَدُّدُ الْعَقْدِ بِالصِّيغَةِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ، وَعَلِمَ أَيْضًا بَرَاءَةَ الرَّاهِنِ بِالْأَدَاءِ مِنْ أَحَدِهِمَا إنْ قَصَدَهُ عِنْدَ الدَّفْعِ أَوْ جَعَلَهُ عَنْهُ بَعْدَ الْإِطْلَاقِ، وَيُصَدَّقُ فِي إرَادَتِهِ. فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قَوْلُهُ: (أَوْ قَدْرِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ وَكَذَا الْمَرْهُونُ بِهِ، أَوْ صِفَتُهُ كَقَدْرِ الْأَجَلِ وَمِنْهُ مَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتَنِي الْعَبْدَ بِمِائَةٍ فَصَدَّقَهُ، لَكِنْ   [حاشية عميرة] فَائِدَةَ فِيهِ مُتَعَقِّبٌ اهـ. أَقُولُ: وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ الَّتِي قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ النَّقْلِ لَوْ فُرِضَ فِيهَا أَنَّ قِيمَةَ الْقَاتِلِ تَزِيدُ عَلَى الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ عَلَيْهِ بِأَضْعَافِ قَضِيَّةِ إطْلَاقِهِمْ الْإِعْرَاضَ عَنْ ذَلِكَ، وَعَدَمُ اعْتِبَارِهِ غَرَضًا مُجَوِّزُ النَّقْلِ الزَّائِدِ عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ فَمَا وَجْهُ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ لَا تَزِيدُ عَلَى الدَّيْنِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ كَإِرْثٍ وَاعْتِيَاضٍ لَكِنْ لَوْ تَقَايَلَا فِي الِاعْتِيَاضِ: عَادَ الرَّهْنُ كَمَا عَادَ الدَّيْنُ. [فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ أَيْ أَصْلِهِ كَأَنْ قَالَ رَهَنْتَنِي كَذَا فَأَنْكَرَ أَوْ قَدْرِهِ] فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (صُدِّقَ الرَّاهِنُ) أَيْ لِأَنَّهُ مُدَّعَى عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ شَرَطَ الرَّهْنَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ بِوَجْهٍ مِمَّا ذُكِرَ) اعْلَمْ أَنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 شَرَطَ) الرَّهْنَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ بِوَجْهٍ مِمَّا ذَكَرَ (فِي بَيْعٍ تَحَالَفَا) كَسَائِرِ صُوَرِ الْبَيْعِ إذَا اخْتَلَفَ فِيهَا (وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُمَا رَهَنَاهُ عَبْدَهُمَا بِمِائَةٍ) وَأَقْبَضَاهُ (وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا فَنَصِيبُ الْمُصَدِّقِ رُهِنَ بِخَمْسِينَ وَالْقَوْلُ فِي نَصِيبِ الثَّانِي قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُصَدَّقِ عَلَيْهِ) فَإِنْ شَهِدَ مَعَهُ آخَرُ أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي ثَبَتَ رَهْنُ الْجَمِيعِ (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ (فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ أَوْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ: غَصَبْته صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ لُزُومِ الرَّهْنِ وَعَدَمُ إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ (وَكَذَا إنْ قَالَ: أَقْبَضْتُهُ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى) كَالْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِيدَاعِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إذْنِهِ فِي الْقَبْضِ عَنْ الرَّهْنِ، وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى قَبْضِ مَأْذُونٍ فِيهِ (وَلَوْ أَقَرَّ) الرَّاهِنُ (بِقَبْضِهِ) أَيْ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ (ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ إقْرَارِي عَنْ حَقِيقَةٍ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ قَبَضَ الْمَرْهُونَ (وَقِيلَ: لَا   [حاشية قليوبي] قَالَ: كُلُّ نِصْفٍ مِنْهُ بِخَمْسِينَ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الرَّاهِنُ) وَلَوْ كَانَ مُسْتَعِيرًا فَالتَّعْبِيرُ بِهِ أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمَالِكِ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَالِاعْتِرَاضُ عَلَى التَّسْمِيَةِ بِهِ فِي الْأُولَى، أَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَإِطْلَاقُهُ إلَخْ، وَسَيَأْتِي وَسَوَاءٌ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ، وَفَائِدَتُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّهُ لَوْ نَكَلَ الرَّاهِنُ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ وَثَبَتَ الرَّهْنُ، وَأُلْزِمَ الرَّاهِنُ بِإِقْبَاضِهِ لَهُ، وَفِي غَيْرِهَا أَنَّهُ لَوْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ سَقَطَ اللَّوْمُ عَلَى الرَّاهِنِ فِي عَدَمِ الْإِقْبَاضِ. قَوْلُهُ: (وَإِطْلَاقُهُ إلَخْ) أَيْ إطْلَاقُ اسْمِ الرَّاهِنِ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ مَعَ إنْكَارِهِ أَصْلَ الرَّهْنِ فَهُوَ غَيْرُ رَاهِنٍ صَحِيحٍ بِالنَّظَرِ إلَى دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ بِأَنَّهُ رَاهِنٌ. قَوْلُهُ: (مِمَّا ذَكَرَ) مِنْهُ الِاخْتِلَافُ فِي أَصْلِهِ بِمَعْنَى هَلْ وَقَعَ مَمْزُوجًا بِصِيغَةِ الْبَيْعِ، أَمْ لَا، فَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِهِمْ لِهَذِهِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَفِي غَيْرِهَا كَأَنْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ شَرْطٌ، أَوْ فِي قَدْرِ مَا شَرَطَ، أَوْ فِي صِفَةِ مَا شَرَطَ نَعَمْ، لَوْ اتَّفَقَا عَلَى شَرْطِهِ وَاخْتَلَفَا فِي وُقُوعِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ فِي عَيْنِهِ كَأَنْ رَهَنَ الْجَارِيَةَ وَكِيلَهُ. وَقَالَ: أَمَرْتَنِي بِهَا فَقَالَ بَلْ أَذِنْت فِي رَهْنِ الْعَبْدِ أَوْ عَكْسَهُ، فَالْمُصَدَّقُ الرَّاهِنُ فِيهِمَا، وَلَا يَثْبُتُ رَهْنٌ وَاحِدٌ مِنْ الْعَبْدِ وَلَا الْجَارِيَةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَرْهَنْ الْبَائِعُ فِي الْأُولَى، وَهَذِهِ الْمُرَادَةُ بِقَوْلِ الْمَنْهَجِ فِي غَيْرِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (إنَّهُمَا رَهَنَاهُ) وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ كَأَنْ ادَّعَيَا أَنَّهُ رَهَنَهُمَا عَبْدَهُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَاقْبِضَاهُ إلَخْ) لَيْسَ قَيْدًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذْ الْكَلَامُ فِي ثُبُوتِ الْعَقْدِ لَا فِي إلْزَامِهِ بِبَقَائِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ. قَوْلُهُ: (وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ وَنَكَلَ الْآخَرُ فِي حِصَّتِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَرِيكِهِ، وَكَذَا لَوْ كَذَّبَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا، فَإِنْ قَالَ: أَنَا لَمْ أَرْهَنْ وَشَرِيكِي رَهَنَ فَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى شَرِيكِهِ فَتُقْبَلُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَلَا يَضُرُّ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ اعْتِرَافُ الْمُرْتَهِنِ بِكَذِبِهِمَا لِعَدَمِ فِسْقِهِمَا بِذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا، وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا م ر. وَمَا فِي شَرْحِهِ الْمُخَالِفِ لِذَلِكَ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ حَجَرٍ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَوَافَقَهُمَا الْخَطِيبُ. قَوْلُهُ: (وَعَدَمُ إذْنِهِ) فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ، وَاخْتَلَفَا فِي قَبْضِهِ صُدِّقَ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ سَوَاءٌ الْمُرْتَهِنُ أَوْ غَيْرُهُ. سَوَاءٌ ادَّعَى الرَّاهِنُ الرُّجُوعَ عَنْ الْإِذْنِ أَوْ لَا فَتَقْيِيدُ الْمَنْهَجِ بِالْأُولَى لَا مَفْهُومَ لَهُ. قَوْلُهُ: (أَقَبَضْته عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى) وَكَذَا لَمْ أَقْبِضْهُ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ وُجُوبِ قَصْدِ الْإِقْبَاضِ عَنْهُ، وَفَارَقَ الْبَيْعَ بِأَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ فَلِلرَّاهِنِ تَحْلِيفُ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ قَبَضَهُ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ وَقَعَ الْإِقْرَارُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ لَا، بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَوْ لَا حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ أَوْ لَا، وَقَعَ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ أَوْ الْمُوجَبِ أَوْ لَا، إنْ أَقَرَّ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ أَوْ قَبْلَهَا، بِأَنَّهُ أَقَرَّ أَوْ رَهَنَ أَوْ قَبَضَ سَوَاءٌ ذَكَرَ تَأْوِيلًا أَوْ لَا. ثُمَّ حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَلِمَ اسْتِنَادَ الْحُكْمِ لِلْإِقْرَارِ فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. وَاعْتَمَدَهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِمَا يُمْكِنُ مِنْ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ، وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ تَزَوَّجَ وَهُوَ بِمَكَّةَ بِامْرَأَةٍ مِنْ مِصْرَ فَوَلَدَتْ   [حاشية عميرة] مَدْلُولَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى اشْتِرَاطِ الرَّهْنِ فِي بَيْعٍ، وَلَكِنْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ كَأَصْلِ الرَّهْنِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَأَمَّا اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الِاشْتِرَاطِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ لَوْ اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِ الرَّهْنِ تَحَالَفَا، وَكَذَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الِاشْتِرَاطِ، وَلَكِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ مَثَلًا، وَأَمَّا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الِاشْتِرَاطِ وَاخْتَلَفَا فِي إيجَادِ الرَّهْنِ، وَالْوَفَاءِ بِهِ بِأَنْ ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ وَأَنْكَرَهُ الرَّاهِنُ كَيْ يَأْخُذَ الرَّهْنَ، وَيُحْمَلُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى فَسْخِ الْبَيْعِ، كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ. فَلَا تَحَالُفَ خِلَافًا فَالْمُقْتَضَى الْعِبَارَةُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي كَيْفِيَّةِ الْبَيْعِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ، وَلِلْمُرْتَهِنِ الْفَسْخُ إنْ لَمْ يَرْضَ وَلَوْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ اسْتِغْنَاءً بِمَا سَلَفَ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 يُحَلِّفُهُ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ لِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلًا كَقَوْلِهِ: أَشْهَدَتْ عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ) قَبْلَ حَقِيقَةِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا يَكُونُ مُنَاقِضًا بِقَوْلِهِ لِإِقْرَارِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْوَثَائِقَ فِي الْغَالِبِ يُشْهَدُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَحْقِيقِ مَا فِيهَا فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى تَلَفُّظِهِ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ إقْرَارُهُ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بَعْدَ تَوَجُّهِ الدَّعْوَى فَقِيلَ لَا يُحَلِّفُهُ، وَإِنْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يُقِرُّ عِنْدَ الْقَاضِي إلَّا عِنْدَ تَحْقِيقٍ. وَقِيلَ: لَا فَرْقَ لِشُمُولِ الْإِمْكَانِ (وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (جَنَى الْمَرْهُونُ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ صُدِّقَ الْمُنْكَرُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْجِنَايَةِ وَبَقَاءُ الرَّهْنِ وَإِذَا بِيعَ فِي الدَّيْنِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ الْمُقِرِّ لِإِقْرَارِهِ (وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: جَنَى قَبْلَ الْقَبْضِ) وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ (فَالْأَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمُرْتَهِنِ بِيَمِينِهِ فِي إنْكَارِهِ) الْجِنَايَةَ صِيَانَةً لِحَقِّهِ وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهَا. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ مَالِكٌ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ) الْمُرْتَهِنُ (غَرِمَ الرَّاهِنُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ وَالثَّانِي لَا يَغْرَمُ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَغْرَمُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ) . وَالثَّانِي يَغْرَمُ الْأَرْشَ بَالِغًا مَا بَلَغَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (لَا عَلَى الرَّاهِنِ) لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي لِنَفْسِهِ شَيْئًا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُرَدُّ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ، وَالْخُصُومَةُ تَجْرِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْتَهِنِ (فَإِذَا حَلَفَ) الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا (بِيعَ) الْعَبْدُ (فِي الْجِنَايَةِ) إنْ اسْتَغْرَقَتْ قِيمَتَهُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهَا، وَلَا يَكُونُ الْبَاقِي رَهْنًا لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَالْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ كَانَ   [حاشية قليوبي] وَلَدًا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ لَمْ يَلْحَقْهُ. قَوْلُهُ: (رَسْمُ الْقَبَالَةِ) الرَّسْمُ اسْمٌ لِلْكِتَابَةِ وَالْقَبَالَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَثَانِيهِ اسْمٌ لِلْوَرَقَةِ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّا نَعْلَمُ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يَخْتَصُّ بِمَا هُنَا بَلْ يَجْرِي فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا، كَالْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا فَرْقَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ فَهُوَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَمُقَابِلُهُ مَا قَبْلَهُ، نَعَمْ. إنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِنَحْوِ قَبْضِهِ أَوْ ثُبُوتِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيفُهُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا، أَنَّ وَقْتَ الْإِقْرَارِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْقَبْضِ بِدَلِيلِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ، وَالْحَيْلُولَةُ فِي تِلْكَ وَأَنَّ وَقْتَ الْجِنَايَةِ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِي هَذِهِ، وَقُيِّدَ فِي الْآتِيَةِ بِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَوْ قَبْلَ الْعَقْدِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ فِيهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يَأْتِي مَا ذُكِرَ، إذْ إقْرَارُ الرَّهْنِ رُجُوعٌ عَنْ الرَّهْنِ، فَلَا فَائِدَةَ لِتَصْدِيقِ الْمُرْتَهِنِ فِي نَفْيِ الْجِنَايَةِ فَلَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ لِبُطْلَانِ الرَّهْنِ، وَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِرَقَبَتِهِ، لِعَدَمِ الْمَانِعِ وَفِي إقْرَارِ الْمُرْتَهِنِ يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْ الرَّهْنِ فَلَيْسَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِهِ، وَلِلرَّاهِنِ بَيْعُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ لِلْجِنَايَةِ شَيْءٌ، وَلَوْ أَقْبَضَهُ لِلْمُرْتَهِنِ جَازَ وَلَزِمَ بِقَبْضِهِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ) وَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَالرَّاهِنُ عَلَى الْبَتِّ، فَإِنْ نَكَلَ مَنْ طَلَبَ تَحْلِيفَهُ فَفِيهِ مَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَإِذَا بِيعَ) مِنْ جَانِبِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الرَّاهِنِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِإِقْرَارِهِ بِالْجِنَايَةِ، وَبَيْعُ الْمُرْتَهِنِ صَحِيحٌ ظَاهِرًا مُطْلَقًا وَكَذَا بَاطِنًا مِنْ حَيْثُ الرَّهْنِيَّةُ إنْ كَانَ فِي الْوَاقِعِ جِنَايَةٌ وَإِلَّا فَبَاطِلٌ بَاطِنًا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كَيْفَ يَبِيعُهُ الْمُرْتَهِنُ لِلدَّيْنِ مَعَ إقْرَارِهِ بِالْجِنَايَةِ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَيَّدَ الْبَيْعُ بِكَوْنِهِ مِنْ الْمُنْكِرِ فَتَأَمَّلْهُ. وَلَوْ لَمْ يَبِعْ وَانْفَكَّ الرَّهْنُ لَزِمَ الرَّاهِنَ الْمُقِرَّ مَا أَقَرَّ بِهِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فِي الدَّيْنِ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ بَيْعُ الرَّاهِنِ الْمُنْكِرِ بِكَوْنِهِ لِلدَّيْنِ بَلْ لَهُ نَزْعُ الرَّهْنِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ قَهْرًا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ إلَخْ) لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَغْرَمُ جِنَايَةَ الْمَرْهُونِ وَلَمْ يُتْلِفْ بِالرَّهْنِ شَيْئًا لِلْمُقَرِّ لَهُ لِسَبْقِ الرَّهْنِ عَلَى الْجِنَايَةِ وَفَارَقَ لُزُومُ غُرْمِ السَّيِّدِ أَرْشَ جِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ بِإِقْرَارِهِ بِجِنَايَتِهَا وَلَوْ قَبْلَ إيلَادِهِ بِوُجُودِ فِدَائِهَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ رَهْنًا وَإِنْ لَزِمَهُ مِنْ حَيْثُ وَفَاءُ الدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ حَالُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ مَنَعَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ مِنْ وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ مِنْ رَقَبَةِ الْمَرْهُونِ بِإِقْبَاضِهِ لِلْمُرْتَهِنِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَغْرُومَ لِلْحَيْلُولَةِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ الْقَاصِرِينَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إذَا حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ إلَخْ) وَإِذَا نَكَلَ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ وَانْتَهَتْ الْخُصُومَةُ، وَلَا يَغْرَمُ لَهُ الرَّاهِنُ شَيْئًا لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ حَصَلَتْ بِنُكُولِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَكُونُ إلَخْ) فَيَأْخُذُهُ الرَّاهِنُ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّهُ   [حاشية عميرة] التَّحَالُفِ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ) الرَّسْمُ الْكِتَابَةُ وَالْقَبَالَةُ الْوَرَقَةُ أَيْ أَشْهَدْت عَلَى الْكِتَابَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْوَثِيقَةِ لِكَيْ آخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (تَوَجُّهُ الدَّعْوَى) أَيْ بِحَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ، ثُمَّ إنَّهُ أَقَرَّ بِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 جَانِيًا فِي الِابْتِدَاءِ، فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ شَيْءٍ مِنْهُ. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ قَوْلَيْنِ وَتَضْعِيفُ أَنَّهُ وَجْهَانِ فِي الثَّالِثَةِ وَتَرْجِيحُ الْقَطْعِ بِالْأَوَّلِ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَوْ أَذِنَ) الْمُرْتَهِنُ (فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ فَبِيعَ وَرَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ وَقَالَ: رَجَعْت قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَالَ: الرَّاهِنُ بَعْدَهُ فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْمُرْتَهِنِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ رُجُوعِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ بَيْعِ الرَّهْنِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيه فَيَتَعَارَضَانِ وَيَبْقَى أَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الرَّهْنِ وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِوَقْتِ بَيْعِهِ وَقَدْ سَلَّمَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ الْإِذْنَ (وَمَنْ عَلَيْهِ أَلْفَانِ بِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ فَأَدَّى أَلْفًا وَقَالَ: أَدَّيْتُهُ عَنْ أَلْفِ الرَّهْنِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) عَلَى الْمُسْتَحِقِّ الْقَائِلِ: إنَّهُ أَدَّى عَنْ الْأَلْفِ الْآخَرِ سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِي نِيَّةِ ذَلِكَ أَمْ فِي لَفْظِهِ لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ وَكَيْفِيَّةِ أَدَائِهِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا جَعَلَهُ عَمَّا شَاءَ) مِنْهُمَا أَوْ عَنْهُمَا (وَقِيلَ: يُقَسَّطُ) عَلَيْهَا.   [حاشية قليوبي] كَانَ جَانِيًا إلَخْ) أَيْ يَنْزِلُ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ جَانِيًا فِي الِابْتِدَاءِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي التَّعْبِيرِ بِالْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (تَصْدِيقُ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ أَحَدِهِمَا، وَإِلَّا فَكَالرَّجْعَةِ، فَقَوْلُهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيهِ أَيْ فِي الْوَاقِعِ. قَوْلُهُ: (وَيَبْقَى إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلرَّجْعَةِ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَعْنَى السَّابِقِ فِيهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ وَحَيْثُ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ وَحَلَفَ، وَأَخَذَ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهَلْ يَلْزَمُ الرَّاهِنَ لَهُ بَدَلُهُ إذَا بِيعَ أَوْ هَلْ تَسْلِيمُهُ لَهُ إذَا انْفَكَّ بِلَا بَيْعٍ حَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (أَلْفَانِ إلَخْ) وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ الصِّحَّةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَأَدَّى أَلْفًا) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَوَارِثُهُ مِثْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِظَنِّ الْآخِذِ أَنَّهُ هَدِيَّةٌ مَثَلًا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَعَلَّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَتَى تَزَوَّجَ عَلَيْهَا مَثَلًا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ كَذَا مِنْ صَدَاقِهَا، فَهِيَ طَالِقٌ فَإِذَا دَفَعَ إلَيْهَا مَالًا وَقَصَدَهُ عَنْ صَدَاقِهَا بَرِئَ مِنْهُ، وَلَا يَحْنَثُ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَوَاجِهِ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِمَا إذَا كَانَ الْمَدْفُوعُ مِنْ جِنْسِ الصَّدَاقِ، وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ رَدَّهُ وَأَخَذَ مِثْلَ دَيْنِهِ. قَوْلُهُ: (جَعَلَ إلَخْ) وَإِذَا عُيِّنَ لِأَحَدِهِمَا وَكَانَ بِهِ رَهْنٌ مَثَلًا، انْفَكَّ مِنْ وَقْتِ الدَّفْعِ أَوْ اللَّفْظِ وَقِيلَ مِنْ التَّعْيِينِ، فَعَلِمَ أَنَّ الْخِيرَةَ لِلدَّافِعِ انْتِهَاءٌ، وَكَذَا ابْتِدَاءٌ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ مَعَ سَيِّدِهِ، بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِسَيِّدِهِ وَأَحَالَهُ بِمَالٍ، وَقَالَ خُذْهُ عَنْ النُّجُومِ وَقَالَ السَّيِّدُ: بَلْ عَنْ الدَّيْنِ فَالْمُجَابُ السَّيِّدُ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْكِتَابَةِ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ، وَلَمْ يَجِبْ فِي الِانْتِهَاءِ لِتَقْصِيرِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُقَسَّطُ) وَحُمِلَ عَلَى مَا إذَا تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ كَوْنِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَهَلْ يُقَسَّطُ بِالْمُنَاصَفَةِ أَوْ بِالتَّوْزِيعِ، وَذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِيمَا إذَا جَعَلَهُ عَنْهُمَا أَوْ أَطْلَقَ أَنَّهُ يُقَسِّطُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ فَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ، لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ إذَا اخْتَلَفَ فِيهِ قَدْرُ الدَّيْنَيْنِ خُصُوصًا إنْ كَانَ الْأَقَلُّ دُونَ قَدْرِ النِّصْفِ فَتَأَمَّلْ. تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ بَعْضُهُمْ هُنَا مَسَائِلَ مُسْتَثْنَاةً لَمْ يَقُلْ بِهَا شَيْخُنَا فَأَعْرَضْت عَنْ ذِكْرِهَا.   [حاشية عميرة] إقْرَارِي بِهِ عَنْ حَقِيقَةٍ هَذَا صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) كَانَ وَجْهُ جَرَيَانِ هَذَا هُنَا دُونَ مَا سَلَفَ إسْنَادَ الْجِنَايَةِ إلَى وَقْتٍ خَالٍ عَنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا عَيَّنَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَصَدَّقَهُ وَدَعْوَى زَوَالِ الْمِلْكِ كَدَعْوَى الْجِنَايَةِ لَكِنْ فِي الْعِتْقِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِ الْعَبْدِ. وَقَوْلُ الْمَتْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَيْ سَوَاءٌ قَالَ: قَبْلَ الرَّهْنِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (قَوْلَيْنِ) هُمَا فِي الْأُولَى الْمَعْرُوفَانِ بِقَوْلَيْ الْغُرْمِ لِلْحَيْلُولَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْمَعْرُوفَانِ بِمَا يَضْمَنُهُ السَّيِّدُ فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ، وَرَجَّحَ فِي الْمَرْهُونِ طَرِيقَةَ الْقَطْعِ تَشْبِيهًا بِأُمِّ الْوَلَدِ لِامْتِنَاعِ الْبَيْعِ فِيهِمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَمَّا شَاءَ) وَقِيلَ يُقَسِّطُ وَجْهَ الْأَوَّلِ، إنَّ التَّعْيِينَ إلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَوَجْهُ الثَّانِي عَدَمُ أَوْلَوِيَّةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْإِبْرَاءُ كَالْأَدَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ مِنْ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَفِيهِ نَظَرٌ. فَرْعٌ: إذَا قُلْنَا بِالتَّقْسِيطِ فَهَلْ هُوَ بِالسَّوِيَّةِ؟ أَوْ بِاعْتِبَارِ قَدْرِ الدَّيْنَيْنِ؟ ذَهَبَ الْإِمَامُ إلَى الثَّانِي. وَصَاحِبُ الْبَيَانِ إلَى الْأَوَّلِ. فَرْعٌ: لَوْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ كَانَ بِأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ ضَامِنٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 فَصْلٌ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ قَطْعًا الْمُنْتَقِلَةِ إلَى الْوَارِثِ عَلَى الصَّحِيحِ الْآتِي (تَعَلُّقَهُ بِالْمَرْهُونِ وَفِي قَوْلٍ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي) لِأَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ (فَعَلَى الْأَظْهَرِ) الْأَوَّلُ (يَسْتَوِي الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ وَغَيْرُهُ) فِي رَهْنِ التَّرِكَةِ بِهِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرَّفُ الْوَارِثِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا (فِي الْأَصَحِّ) عَلَى قِيَاسِ الدُّيُونِ وَالرُّهُونِ وَالثَّانِي قَالَ: إنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ مِنْ التَّرِكَةِ نَفَذَ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ إلَى أَنْ لَا يَبْقَى إلَّا قَدْرُ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْحَجْرَ فِي مَالٍ كَثِيرٍ بِشَيْءٍ حَقِيرٍ بَعِيدٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ: وَسَوَاءٌ أُعْلِمَ الْوَارِثُ بِالدَّيْنِ أَمْ لَا لِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ لَا يُخْتَلَفُ بِهِ. وَحَكَى فِي الْمَطْلَبِ الْخِلَافَ عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ، وَذَكَرُوا مِثْلَهُ فِي تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعَ تَرْجِيحِ التَّعَلُّقِ بِقَدْرِهَا فَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ هُنَا فَيُخَالِفُ الْمُرَجَّحَ عَلَى الْأَرْشِ الْمُرَجَّحِ عَلَى الرَّهْنِ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ دَيْنٌ) أَيْ غَيْرُ لُقَطَةِ تَمَلَّكَهَا لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِتَعَلُّقِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهَا مِنْ جُمْلَةِ كَسْبِهِ أَيْ بِخِلَافِ دَيْنِ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ، لِانْتِقَالِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ بَعْدَ مُضِيِّ الْعُمْرِ الْغَالِبِ بِشَرْطِهِ فَيُدْفَعُ لِإِمَامٍ عَادِلٍ فَقَاضٍ أَمِينٍ فَثِقَةٍ، وَلَوْ مِنْ الْوَرَثَةِ يَصْرِفُهُ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي مَصَارِفِهِ، وَشَمَلَ الدَّيْنُ مَا بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ، وَشَمَلَ دَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْهُ الْحَجُّ، فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، حَتَّى يُتِمَّ الْحَجَّ وَلَا يَكْفِي الِاسْتِئْجَارُ، وَدَفْعُ الْأُجْرَةِ، كَذَا قَالَهُ السَّنْبَاطِيُّ. وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِوَارِثٍ سَقَطَ مِنْهُ بِقَدْرِهَا. قَوْلُهُ: (بِتَرِكَتِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَرْهُونِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَإِنْ انْفَكَّ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِهِ بِخِلَافِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِبَقِيَّةِ التَّرِكَةِ أَيْضًا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. قَوْلُهُ: (الْمُنْتَقِلَةُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَأْتِي مِنْ الْمَسَائِلِ مُفَرَّعٌ عَلَى هَذَا، وَلِذَلِكَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَانَ الصَّوَابُ تَقْدِيمَهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَنْفُذُ إلَخْ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الدَّائِنُ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْمَيِّتِ نَعَمْ. يَنْفُذُ الْعِتْقُ وَالْإِيلَادُ عَنْ مُوسِرٍ وَلَوْ وَفَّى مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ فِي حِصَّتِهِ، إلَّا إنْ كَانَتْ مِنْ مَرْهُونٍ مِنْ الْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْجَعْلِيَّ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيِّ. قَوْلُهُ: (وَحُكِيَ فِي الْمَطْلَبِ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَخْصِيصِ الْوَجْهَيْنِ، بِتَعَلُّقِ الرَّهْنِ مَعَ أَنَّهُمَا جَارِيَانِ عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ أَيْضًا، وَأَشَارَ إلَى الْجَوَابِ بِأَنَّ سُكُوتَ الْمُصَنِّفِ عَنْهُمَا، عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ لَيْسَ لِنَفْيِهِمَا، بَلْ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ مُخْتَلِفٌ فِيهِمَا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا الْوَجْهَيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْمَالِ، وَقَالُوا فِيهِمَا: إنَّ الْأَصَحَّ عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ أَنَّ التَّعَلُّقَ بِقَدْرِهَا، فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا فَيَكُونُ الْأَصَحُّ هُنَا، عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ أَنَّ التَّعَلُّقَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَهُوَ يُخَالِفُ الْأَصَحَّ هُنَا مِنْ أَنَّ التَّعَلُّقَ بِالْجَمِيعِ عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الرَّهْنِ الَّذِي هُوَ الْأَظْهَرُ، فَتَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ فَعَلَى الْأَظْهَرِ إلَخْ صَحِيحٌ وَهَذَا مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْجَوَابِ عَنْ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّعَلُّقَ هُنَا بِالْجَمِيعِ مُطْلَقًا، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ الْخِلَافُ الْأَصَحُّ وَمُقَابِلُهُ، وَبِقَوْلِهِ هُنَا مِثْلُهُ أَيْ التَّرْجِيحُ عَلَى قَوْلِ الْأَرْشِ، وَبِقَوْلِهِ تَقَدَّمَ أَيْ فِي بَابِ الزَّكَاةِ، وَبِقَوْلِهِ بِقَدْرِهَا أَيْ الزَّكَاةِ عَلَى قَوْلِ تَعَلُّقِ الْأَرْشِ، وَبِقَوْلِهِ هُنَا أَيْ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ عَلَى قَوْلِ الْأَرْشِ فَيُخَالِفُ الْمُرَجَّحَ هُنَا، عَلَى قَوْلِ الْأَرْشِ الْمُرَجَّحِ هُنَا، عَلَى قَوْلِ الرَّهْنِ فَتَأَمَّلْ. ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا عَثَرَتْ فِيهِ الْأَفْهَامُ، وَتَخَالَفَتْ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ] ِ ظَاهِرُ هَذَا كَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي النُّكَتِ. قَوْلُهُ: (الْمُنْتَقِلَةُ إلَخْ) حِكْمَةُ ذِكْرِ هَذَا التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهُ مُتَفَرِّعٌ عَلَى هَذَا الصَّحِيحِ، بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: سَائِرُ مَا فِي الْفَصْلِ مُتَفَرِّعٌ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّ الصَّوَابَ تَقْدِيمُ ذِكْرِ ذَلِكَ هُنَا لَا تَأْخِيرُهُ كَمَا فَعَلَ الْمِنْهَاجُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَعَلُّقُهُ بِالْمَرْهُونِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْمَيِّتِ إذْ عَلَيْهِ يَمْتَنِعُ تَصَرُّفُ الْوَرَثَةِ فِيهِ جَزْمًا بِخِلَافِ إلْحَاقِهِ بِالْجِنَايَةِ، فَإِنَّهُ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْبَيْعِ اهـ أَقُولُ: وَمُرَادُهُ أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي بِهِ التَّعَلُّقُ هَذَا شَأْنُهُ فَلَا يُنَافِي جَرَيَانَ الْوَجْهَيْنِ الْآتِيَيْنِ عَلَى قَوْلِ الرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (فِي تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ) أَيْ بِالْمَالِ الزَّكَوِيِّ. وَقَوْلُهُ مَعَ تَرْجِيحِ التَّعَلُّقِ بِقَدْرِهَا أَيْ عَلَى كُلِّ مَنْ تَعَلَّقَ الرَّهْنُ وَالْأَرْشُ، وَقَوْلُهُ: فَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ هُنَا، أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِتَعَلُّقِ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْمُرَجَّحَ هُنَا عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 فَقَوْلُهُ فَعَلَى الْأَظْهَرِ إلَخْ صَحِيحٌ (وَلَوْ تَصَرَّفَ الْوَارِثُ وَلَا دَيْنَ ظَاهِرٌ فَظَهَرَ دَيْنٌ بِرَدِّ مَبِيعٍ بِعَيْبٍ) أَكَلَ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ. (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُ تَصَرُّفِهِ) لِأَنَّهُ كَانَ جَائِزًا لَهُ ظَاهِرًا (لَكِنْ إنْ لَمْ يَقْضِ الدَّيْنَ فُسِخَ) التَّصَرُّفُ لِيَصِلَ الْمُسْتَحِقُّ إلَى حَقِّهِ. وَقِيلَ: لَا يَنْفَسِخُ بَلْ يُطَالِبُ الْوَارِثَ بِالدَّيْنِ وَيَجْعَلُ كَالضَّامِنِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَتَبَيَّنُ فَسَادُ التَّصَرُّفِ إلْحَاقًا لِمَا ظَهَرَ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ الْمُقَارِنِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ (وَلَا خِلَافَ أَنَّ لِلْوَارِثِ إمْسَاكَ عَيْنِ التَّرِكَةِ وَقَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ) نَعَمْ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ التَّرِكَةِ فَقَالَ الْوَارِثُ: آخُذُهَا بِقِيمَتِهَا وَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهَا لِتَوَقُّعِ زِيَادَةِ رَاغِبٍ أُجِيبَ الْوَارِثُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الْقِيمَةِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْإِرْثِ الْمُفِيدِ لِلْمِلْكِ أَكْثَرُ مِنْ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَوْرُوثِ تَعَلُّقَ رَهْنٍ أَوْ أَرْشٍ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ فِي الْمَرْهُونِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي، وَالثَّانِي اسْتَنَدَ إلَى قَوْله تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] فَقَدَّمَ الدَّيْنَ عَلَى الْمِيرَاثِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِ لِقِسْمَتِهِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَانِعًا مِنْهُ وَعَلَى الثَّانِي هَلْ الْمَنْعُ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ أَوْ فِي الْجَمِيعِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي أَوَاخِرِ الشُّفْعَةِ فِيهِ خِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى مِثْلِ الْخِلَافِ الْمَذْكُور هُنَا فِي مَنْعِ التَّصَرُّفِ فِي الْجَمِيعِ، أَوْ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ الْمَبْنِيِّ عَلَى أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَلَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ الْخِلَافُ هُنَا. وَعَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ قَالَ (فَلَا يَتَعَلَّقُ) أَيْ الدَّيْنُ (بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ كَالْكَسْبِ وَالنِّتَاجِ) لِأَنَّهَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ وَعَلَى الثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِهَا تَبَعًا لِأَصْلِهَا. (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) .   [حاشية قليوبي] فِيهِ الْأَوْهَامُ وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَالْإِلْهَامِ. قَوْلُهُ: (ظَاهِرٌ) أَيْ مَوْجُودٌ لَا بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا. قَوْلُهُ: (فَظَهَرَ) أَيْ فَطَرَأَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِرَدِّ مَبِيعٍ) أَوْ بِتَرَدِّي شَيْءٍ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ عُدْوَانًا وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ. قَوْلُهُ: (ظَاهِرًا) وَكَذَا بَاطِنًا أَيْضًا فَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقْضِ الدِّينَ) الْأَوْلَى لَمْ يَسْقُطْ لِيَشْمَلَ الْإِبْرَاءَ وَغَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (فَسَخَ) أَيْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَعَمْ إنْ وَقَّتَ قِيمَةَ الْمَرْدُودِ بِالدَّيْنِ الطَّارِئِ أَوْ بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ بِلَا تَصَرُّفٍ مَا يَفِي بِهِ، فَلَا فَسْخَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ) قَيَّدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُوسِرًا، وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ جَزْمًا. قَوْلُهُ: (لِمَا ظَهَرَ) أَيْ مَا طَرَأَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْمُقَارَنِ) أَيْ لِتَصَرُّفِ الْوَارِثِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (إمْسَاكَ عَيْنِ التَّرِكَةِ إلَخْ) نَعَمْ إنْ وَصَّى بِوَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهَا بَعْدَ بَيْعِهَا أَوْ مِنْ عَيْنِهَا، أَوْ بِدَفْعِهَا بَدَلًا عَنْهُ، أَوْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَارِثِ إمْسَاكُهَا. قَوْلُهُ: (أُجِيبَ الْوَارِثُ) نَعَمْ إنْ وَجَدَ الرَّاغِبَ بِالْفِعْلِ أُجِيبَ الْغُرَمَاءُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَالْكَسْبِ وَالنِّتَاجِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ الزَّوَائِدُ الْمُنْفَصِلَةُ، وَمِنْهَا سَنَابِلُ زَرْعٍ وَزِيَادَتُهُ فِي الطُّولِ وَطُولُ شَجَرَةٍ كَمَا مَرَّ. أَمَّا الْمُتَّصِلَةُ كَسِنِّ وَغِلَظِ شَجَرِهِ، وَطَلْعٍ لَمْ يُؤَبَّرْ وَحَمْلٍ مَوْجُودٍ وَقْتَ الْمَوْتِ فَهِيَ مِنْ التَّرِكَةِ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا الدَّيْنُ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يُقَوِّمُ الزَّرْعَ، وَنَحْوَهُ وَقْتَ الْمَوْتِ وَتُعْرَفُ قِيمَتُهُ فَمَا زَادَ عَلَيْهَا لِلْوَارِثِ، وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ الْقَوَاعِدَ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا كَالْعَلَّامَةِ ابْنِ قَاسِمٍ وَلِي بِهِمَا أُسْوَةٌ.   [حاشية عميرة] تَعَلُّقِ الرَّهْنِ التَّعَلُّقُ بِالْجَمِيعِ كَمَا سَلَفَ، وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ دَفْعُ مَا قِيلَ الصَّوَابُ، أَنْ يَقُولَ: الْمِنْهَاجُ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَقُولُ عَلَى الْأَظْهَرِ أَيْ الْأَوْلَى هَذَا، وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّعَلُّقِ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ فِي مَسْأَلَتِهَا أَنْ يَقُولَ: بِمِثْلِهِ هُنَا لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ وَرِفْقٌ، وَفِيهَا ضَرْبٌ مِنْ الْعِبَادَةِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ، فَلَا يَلْزَمُ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ فَالْحَقُّ لَا اعْتِرَاضَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا خِلَافَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ فَلَهُ الَّذِي لَهُ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ لَوْ كَانَ إلَخْ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى تَعَلُّقِ الرَّهْنِ، وَلِذَلِكَ اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، أَنَّ التَّعَلُّقَ بِقَدْرِ التَّرِكَةِ مِنْ الدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (أُجِيبَ الْوَارِثُ) أَيْ فَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَمْسَكَ التَّرِكَةَ وَلَمْ يُوَفِّ الدَّيْنَ كُلَّهُ فَحَسَنٌ الِاسْتِدْرَاكُ بِقَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّرِكَةَ لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ لَوَجَبَ أَنْ يَرِثَهَا مَنْ أَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ مِنْ أَقَارِبِهِ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ دُونَ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الْمَيِّتِ، وَقَبْلَ الْوَفَاءِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا مُنِعَ وَإِلَّا فَلَا يُمْنَعُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ وُجُودَ الْوَصِيَّةِ وَحْدَهَا مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ فَرْضُهُ فِي الْإِيصَاءِ الشَّائِعِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الثَّانِي يَتَعَلَّقُ إلَخْ) لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 كِتَابُ التَّفْلِيسِ قَالَ فِي الصَّحَاحِ: فَلَّسَهُ الْقَاضِي تَفْلِيسًا نَادَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَفْلَسَ، وَقَدْ أَفْلَسَ الرَّجُلُ صَارَ مُفْلِسًا اهـ وَالْمُفْلِسُ فِي الْعُرْفِ مِنْ لَا مَالَ لَهُ وَفِي الشَّرْعِ مَنْ لَا يَفِي مَالُهُ بِدَيْنِهِ كَمَا قَالَ ذَاكِرًا حُكْمَهُ (مَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ حَالَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَالِهِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ) فِي مَالِهِ (بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ يَحْجُرُ عَلَيْهِ الْقَاضِي، وَزَادَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْحَجْرُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَأَصْحَابُ الْحَاوِي وَالشَّامِلُ وَالْبَسِيطُ وَآخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَأَنَّ قَوْلَ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ فَلِلْقَاضِي الْحَجْرُ لَيْسَ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ أَيْ بَلْ إنَّهُ جَائِزٌ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ قَبْلَ الْإِفْلَاسِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِالْوَاجِبِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ فِي مَالِهِ وَبَاعَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ» . وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ كَانَ بِسُؤَالِ الْغُرَمَاءِ (وَلَا حَجْرَ بِالْمُؤَجَّلِ) لِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ فِي الْحَالِّ   [حاشية قليوبي] كِتَابُ التَّفْلِيسِ أَيْ إيقَاعُ وَصْفِ الْإِفْلَاسِ مِنْ الْحَاكِمِ عَلَى الشَّخْصِ، وَاخْتَارَ هَذَا التَّعْبِيرَ عَلَى الْإِفْلَاسِ الَّذِي هُوَ وَصْفُ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ شَرْعًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ يُقَالُ: فَلَّسَهُ الْحَاكِمُ نَادَى عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ، فَهُوَ لُغَةً النِّدَاءُ عَلَى الْمُفْلِسِ وَبِهِ يَشْتَهِرُ بِصِفَةِ الْإِفْلَاسِ وَشَرْعًا مَنْعُ الْحَاكِمِ لَهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ، لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِهَا كَمَا فِي الرَّهْنِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَجْرَ لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ، وَلَعَلَّ أُجْرَةَ النِّدَاءِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ إنْ قُلْنَا: إنَّهُ لِمَصْلَحَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَسَيَأْتِي عَنْ شَيْخِنَا خِلَافُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَالْمُفْلِسُ فِي الْعُرْفِ مَنْ لَا مَالَ لَهُ) وَفِي اللُّغَةِ مَنْ صَارَ مَالُهُ فُلُوسًا، لِأَنَّهَا أَخَسُّ الْأَمْوَالِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الشَّرْعِ إلَخْ) سَوَاءٌ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ أَوْ لَا، فَهُمَا إطْلَاقَانِ وَالْحَجْرُ حُكْمٌ عَلَيْهِ، فَلَا يُجْعَلُ قَيْدًا فِيهِ. قَوْلُهُ: (مَنْ عَلَيْهِ) أَيْ مَنْ يُطَالِبُ، وَلَوْ رَقِيقًا مَأْذُونًا فَالْحَجْرُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ لِلْقَاضِي لَا لِلسَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (دُيُونٌ) الْجَمْعُ لَيْسَ قَيْدًا وَالْمُرَادُ دُيُونُ الْآدَمِيَّةِ الْعَيْنِيَّةِ اللَّازِمَةِ الْحَالَّةِ كَمَا يَأْتِي، فَلَا يُحْجَرُ بِالْمَنَافِعِ، وَلَا بِدَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ فَوْرِيًّا كَنَذْرٍ وَإِنْ انْحَصَرَ مُسْتَحِقُّوهُ، وَلَا بِنُجُومِ كِتَابَةٍ وَنَحْوِهَا، وَلَا بِمُؤَجَّلٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلَى مَالِهِ) أَيْ عَيْنًا كَانَ أَوْ مَنْفَعَةً حَيْثُ تَيَسَّرَ الْأَدَاءُ مِنْهُمَا كَدَيْنٍ عَلَى مُوسِرٍ بَاذِلٍ وَمَنْفَعَةٍ، نَحْوُ وَقْفٍ عَلَيْهِ يَسْهُلُ إجَارَتُهُ الْمُسْتَغِلَّاتِ وَالْوَظَائِفَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجْمَعُ مَالَهُ الْحَاصِلَ عِنْدَهُ، وَدَيْنَهُ الْمُتَيَسِّرَ وَمَا يَحْصُلُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحَسَبِ الرَّغْبَةِ، وَمِنْ رِيعِ الْمُسْتَغِلَّاتِ وَمَا يَرْغَبُ بِهِ أَوْ مُنْكِرٌ وَلَا بَيِّنَةَ، وَالْمَرْهُونُ إنْ تَعَدَّى الْحَجْرَ إلَى الْجَمِيعِ وَلَوْ الْمَرْهُونَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا سَيَأْتِي. فَالْمَالُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي مَالِهِ أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (يَحْجُرُ عَلَيْهِ) وَلَوْ رَقِيقًا كَمَا مَرَّ أَوْ مَحْجُورًا وَالْحَجْرُ عَلَى وَلِيِّهِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الْحَجْرُ مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُحَكِّمِ لَا غَيْرِهِمَا، بِقَوْلِهِ: حَجَرْت عَلَيْهِ أَوْ مَنَعْته مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَزَادَ أَنَّهُ يَجِبُ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَبُ مِنْ الْمُفْلِسِ، أَوْ الْغُرَمَاءِ أَوْ بِلَا طَلَبٍ فِي نَحْوِ الْمَحْجُورِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَأَصْحَابُ الْحَاوِي) وَهُوَ لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالشَّامِلُ، وَهُوَ لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَسِيطُ وَهُوَ لِلْغَزَالِيِّ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ صَادِقٌ بِالْوَاجِبِ) لَيْسَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ إفَادَةُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْوُجُوبِ لِصِدْقِهَا بِغَيْرِهِ، فَكَانَ صَوَابُ النَّتِيجَةِ أَنْ يَقُولَ فَهُوَ وَاجِبٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ) وَقَسَّمَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ فَأَصَابَهُمْ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ حُقُوقِهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ يَعْنِي الْآنَ. قَوْلُهُ: (وَلَا حَجْرَ بِالْمُؤَجَّلِ) أَيْ لَا   [حاشية عميرة] [كِتَابُ التَّفْلِيسِ] هُوَ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي الشَّرْعِ حَجْرُ الْحَاكِمِ عَلَى الْمَدْيُونِ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الشَّرْعِ مَنْ لَا يَفِي إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ فِي الشَّرْعِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ، وَفِي اللُّغَةِ مَنْ صَارَ مَالُهُ فُلُوسًا ثُمَّ كُنِّيَ بِهِ عَنْ قِلَّةِ الْمَالِ ثُمَّ شُبِّهَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 (وَإِذَا حَجَرَ بِحَالٍّ لَمْ يَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يَحِلُّ بِالْحَجْرِ كَالْمَوْتِ بِجَامِعِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَالِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِخَرَابِ الذِّمَّةِ بِالْمَوْتِ دُونَ الْحَجْرِ (وَلَوْ كَانَتْ الدُّيُونُ بِقَدْرِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ كَسُوبًا يُنْفِقُ مَنْ كَسَبَهُ فَلَا حَجْرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا وَكَانَتْ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِهِ فَكَذَا) لَا حَجْرَ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُحْجَرُ عَلَيْهِ كَيْ لَا يُضَيِّعَ مَالَهُ فِي النَّفَقَةِ وَدَفَعَ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ مُطَالَبَتِهِ فِي الْحَالِّ (وَلَا يَحْجُرُ بِغَيْرِ طَلَبٍ) مِنْ الْغُرَمَاءِ (فَلَوْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ) الْحَجْرَ (وَدَيْنُهُ قَدْرٌ يُحْجَرُ بِهِ) بِأَنْ زَادَ عَلَى مَالِهِ (حَجَرَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الدَّيْنُ عَلَى مَالِهِ (فَلَا) حَجْرَ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ لَا يَخْتَصُّ أَثَرُ الْحَجْرِ بِالطَّالِبِ بَلْ يَعُمُّهُمْ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الدُّيُونُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِمْ بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ لِمَصْلَحَتِهِمْ، وَلَا يُحْجَرُ لِدَيْنِ الْغَائِبِينَ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَوْفَى مَا لَهُمْ فِي الذِّمَمِ (وَيُحْجَرُ بِطَلَبِ الْمُفْلِسِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَهُ فِيهِ غَرَضًا ظَاهِرًا. وَالثَّانِي يَقُولُ الْحَقُّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: رُوِيَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى مُعَاذٍ كَانَ بِالْتِمَاسٍ مِنْهُ (فَإِذَا حُجِرَ) عَلَيْهِ بِطَلَبٍ أَوْ دُونَهُ (تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ) حَتَّى لَا يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِمَا يَضُرُّهُمْ، وَلَا تُزَاحِمُهُمْ فِيهِ الدُّيُونُ الْحَادِثَةُ (وَأَشْهَدَ) الْحَاكِمُ اسْتِحْبَابًا (عَلَى حَجْرِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ (لِيَحْذَرَ) أَيْ لِيَحْذَرَ النَّاسُ مُعَامَلَتَهُ (وَلَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ أَعْتَقَ فَفِي قَوْلٍ يُوقَفُ   [حاشية قليوبي] يَجُوزُ الْحَجْرُ بِهِ مُسْتَقِلًّا وَلَا يَحْسِبُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُقَابِلِ بِالْمَالِ، وَلَا يُطَالِبُ صَاحِبَهُ وَلَا يُشَارِكُ عِنْدَ الْقِسْمَةِ، فَإِنْ حَلَّ قَبْلَهَا شَارَكَ صَاحِبُهُ الْغُرَمَاءَ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (كَالْمَوْتِ) وَمِثْلُهُ الرِّدَّةُ أَيْ الْمُتَّصِلَةُ بِهِ، وَضَرْبُ الرِّقِّ عَلَى الْأَسِيرِ بِخَلَاقِ الْجُنُونِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي الرِّدَّةِ فِيمَا لَوْ قَسَّمَ مَالَهُ بَيْنَ رِدَّتِهِ وَمَوْتِهِ، ثُمَّ مَاتَ فَيَتَعَيَّنُ فَسَادُ الْقِسْمَةِ. قَوْلُهُ: (بِخَرَابِ الذِّمَّةِ بِالْمَوْتِ) وَالذِّمَّةُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالْإِنْسَانِ صَالِحٌ لِلْإِلْزَامِ، وَالِالْتِزَامِ وَهُوَ يَزُولُ بِالْمَوْتِ، فَلَا يُمْكِنُ التَّمَلُّكُ بَعْدَهُ وَلِذَلِكَ أَلْحَقَ بِهِ ضَرْبَ الرِّقِّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ الْمَالِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ، فَلَا حَجْرَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلَا نَظَرَ لِمَا عَسَاهُ أَنْ يُوجَدَ بِنَحْوِ كَسْبٍ. قَوْلُهُ: (وَدَفَعَ إلَخْ) فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِالْوَفَاءِ فَإِنْ امْتَنَعَ أَكْرَهَهُ أَوْ بَاعَ مِنْ مَالِهِ، مَا يُوَفِّي بِهِ مِمَّا يَرَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ، وَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، وَلَوْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ، أَجَابَ الْحَاكِمُ سَوَاءٌ دَيْنُ الْمُعَامَلَةِ، وَالْإِتْلَافِ لِئَلَّا يُضَيِّعَ أَمْوَالَهُ لَكِنَّهُ حَجْرُ غَرِيمٍ لَا حَجْرُ فَلَسٍ فَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ. فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا م ر. لِلْحَاكِمِ تَعْزِيرُ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ، بَعْدَ طَلَبَ مُسْتَحِقِّهِ بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ، وَإِنْ زَادَ عَلَى التَّعْزِيرِ بَلْ وَإِنْ أَدَّى إلَى مَوْتِهِ لِأَنَّهُ بِحَقٍّ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْجُرُ) أَيْ لَا يَجُوزُ. قَوْلُهُ: (لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِمْ) وَمِثْلُهُمْ الْمَسْجِدُ وَالْجِهَةُ الْعَامَّةُ كَالْفُقَرَاءِ. قَوْلُهُ: (أَوْ سَفَهٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ أَوْ فَلَسٍ بِغَيْرِ طَلَبٍ مِنْ وَلِيِّهِمْ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلِيٌّ أَصْلًا. قَوْلُهُ: (لِدَيْنِ الْغَائِبِينَ) إلَّا إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ أَوْ غَيْرِ مَوْثُوقٍ، فَلِلْقَاضِي الْأَمِينِ حِينَئِذٍ الْحَجْرُ؛ لِأَنَّ لَهُ الِاسْتِيفَاءَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (بِطَلَبِ الْمُفْلِسِ) وَلَوْ بِوَكِيلِهِ لَكِنْ بَعْدَ دَعْوَى الْغُرَمَاءِ بِالدَّيْنِ، وَثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَلَا يَكْفِي عِلْمُ الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (أَوْ بِدُونِهِ) كَمَا فِي الْمَحْجُورِ السَّابِقِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ أَصْوَبُ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ. قَوْلُهُ: (حَقُّ الْغُرَمَاءِ) أَيْ لَا حَقُّ اللَّهِ كَزَكَاةٍ وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ، وَقِيلَ: تَتَعَلَّقُ نُجُومُ الْكِتَابَةِ بِمَالِ الْمُكَاتَبِ، إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ بِغَيْرِهَا حَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (بِمَالِهِ) عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَلَوْ مَرْهُونًا خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ إذَا رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ، وَلَا بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ مَعَ الْمُرْتَهِنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (تَصَرُّفُهُ) أَيْ الْوَاقِعُ بَعْدَ الْحَجْرِ فَلَوْ وَقَعَ الْحَجْرُ فِي زَمَنِ خِيَارِ بَيْعٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ الْغُرَمَاءُ، بَلْ لَهُ الْفَسْخُ أَيْ وَالْإِجَازَةُ. قَوْلُهُ: (اسْتِحْبَابًا) أَيْ يَنْدُبُ لِلْقَاضِي أَنْ يَشْهَدَ وَأَنْ يُنَادِيَ عَلَيْهِ، أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ   [حاشية عميرة] بِهِ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ؛ لِأَجْلِ نُقْصَانِ مَالِهِ عَنْ دُيُونِهِ، وَقَوْلُهُ: مَنْ لَا يَفِي خَرَجَ مَنْ لَا مَالَ لَهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا حَجَرَ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَفْلَسَ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ) فِي حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ بِالْجُنُونِ قَوْلَانِ: قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْمَشْهُورُ الْحُلُولُ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ: وَعَلَيْهِ يَمْتَنِعُ الشِّرَاءُ لَهُ بِالْمُؤَجَّلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِغَيْرِ طَلَبٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الْغُرَمَاءِ وَالْمُفْلِسِ وَهُمْ نَاظِرُونَ لِأَنْفُسِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ) أَيْ وَأَيْضًا فَالْحُرِّيَّةُ وَالرُّشْدُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 تَصَرُّفُهُ) الْمَذْكُورُ (فَإِنْ فَضَلَ ذَلِكَ عَنْ الدَّيْنِ) لِارْتِفَاعِ الْقِيمَةِ أَوْ إبْرَاءٍ (نَفَذَ وَإِلَّا لَغَا) أَيْ بَانَ أَنَّهُ كَانَ نَافِذًا أَوْ لَاغِيًا (وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَا تَصَرَّفَ فِيهِ (فَلَوْ بَاعَ مَالَهُ لِغُرَمَائِهِ بِدَيْنِهِمْ) مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي (بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْحَجْرَ يَثْبُتُ عَلَى الْعُمُومِ وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ. وَالثَّانِي قَالَ الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَهُمَا مُفَرَّعَانِ عَلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ لِلْأَجْنَبِيِّ السَّابِقِ كَمَا أَفَادَتْهُ الْفَاءُ، وَالْكَلَامُ حَيْثُ يَصِحُّ الْبَيْعُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَجْرٌ وَبِإِذْنِ الْقَاضِي يَصِحُّ (فَلَوْ بَاعَ سَلَمًا) طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ (أَوْ اشْتَرَى) شَيْئًا بِثَمَنٍ (فِي الذِّمَّةِ فَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ وَيَثْبُتُ) الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ (فِي ذِمَّتِهِ) وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ كَالسَّفِيهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الثَّانِي قَوْلًا شَاذًّا (وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ وَطَلَاقُهُ وَخُلْعُهُ) زَوْجَتَهُ (وَاقْتِصَاصُهُ وَإِسْقَاطُهُ) أَيْ الْقِصَاصِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ (وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَجَبَ قَبْلَ الْحَجْرِ) بِمُعَامَلَةٍ أَوْ إتْلَافٍ (فَالْأَظْهَرُ قَبُولُهُ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ) كَمَا يُقْبَلُ فِي حَقِّهِ جَزْمًا، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ فِي حَقِّهِمْ لِاحْتِمَالِ الْمُوَاطَأَةِ وَدَفَعَ بِأَنَّهَا   [حاشية قليوبي] وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أُجْرَةُ الْمُنَادِي عَلَى الْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّهُ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ بَلْ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ، أَوْ نَحْوِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) أَيْ تَصَرُّفُهُ مُطْلَقًا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأَمَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ فِيمَنْ لَا تَحْبَلُ، وَإِذَا حَبِلَتْ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ قَالَهُ شَيْخُنَا. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ انْفَكَّ الْحَجْرُ بِغَيْرِ بَيْعِهَا، أَوْ مِلْكِهَا بَعْدَهُ لَا تَعُودُ أُمَّ وَلَدٍ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْجَائِزِ) أَيْ مَعَ نَقْصِ نَظَرِ الْمُفْلِسِ عَنْ نَظَرِ الْقَاضِي، فَلَا يَرُدُّ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْكَلَامُ إلَخْ) أَيْ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا ذُكِرَ، وَإِلَّا فَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَبِإِذْنِ الْقَاضِي يَصِحُّ) الْبَيْعُ لِلْغُرَمَاءِ بِشَرْطِ أَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ لِجَمِيعِهِمْ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَأَنْ يَكُونَ دَيْنُهُمْ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ رَضِيَ الْغُرَمَاءُ بِأَخْذِ مَالِ الْمُفْلِسِ، بِدُيُونِهِمْ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ جَازَ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَقْدَ يُحْتَاطُ لَهُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ بَاعَ سَلَمًا) خَرَجَ الْمُشْتَرِي سَلَمًا فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَضَابِطُ مَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ كُلُّ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ بِالْعَيْنِ مُفَوِّتٌ عَلَى الْغُرَمَاءِ أَنْشَأَهُ فِي الْحَيَاةِ ابْتِدَاءً فَخَرَجَ بِالْمَالِ نَحْوُ الطَّلَاقِ، وَبِالْعَيْنِ الذِّمَّةُ كَالسَّلَمِ، وَبِالْفَوَاتِ مِلْكُهُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِهِبَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ صَدَاقٍ لَهَا أَوْ وَصِيَّةٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ: فَكَيْفَ يَنْفُذُ عِتْقُهُ مَعَ تَفْوِيتِهِ عَلَيْهِمْ فَتَأَمَّلْهُ، وَبِالْإِنْشَاءِ الْإِقْرَارُ وَسَيَأْتِي، وَبِالْحَيَاةِ التَّدْبِيرُ وَالْوَصِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا، وَبِالِابْتِدَاءِ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ وَنَحْوُهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ إضَافَةِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ شُمُولَهُ لِإِسْقَاطِ أَرْشٍ أَوْ دِيَةٍ أَوْ دَيْنٍ لَوْ رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلْمُفْلِسِ، وَشَمَلَ ذَلِكَ إسْقَاطَهُ الْقِصَاصَ مَجَّانًا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ غَيْرَ الْقِصَاصِ لَا يُسَمَّى إسْقَاطًا، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ إبْرَاءٌ فَلَا يَرُدُّ عَلَى رُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلْمُفْلِسِ الْمُنَاسِبِ لِلضَّمَائِرِ قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ إلَخْ) أَيْ ثَبَتَ وَإِنْ لَمْ يُلْزَمْ كَبَيْعٍ مَعَ خِيَارٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَالْأَظْهَرُ قَبُولُهُ) وَلَا يَحْلِفُ هُوَ وَلَا الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ لَا يُقْبَلُ. قَوْلُهُ: (إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ) أَيْ بَعْدَ ابْتِدَائِهِ فَهُوَ فِي زَمَنِهِ كَوَقْتِ الْإِقْرَارِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ) وَلَا يَحْلِفُ هُوَ وَلَا الْمُقَرُّ لَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ) وَدُفِعَ بِأَنَّهُ ثَبَتَ   [حاشية عميرة] يُنَافِيَانِ الْحَجْرَ، وَإِنَّمَا اُرْتُكِبَ عِنْدَ سُؤَالِ الْغُرَمَاءِ لِلضَّرُورَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَفِي قَوْلٍ يُوقَفُ) عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ وَلَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا حَالًّا بِخِلَافِ الْمَرِيضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُوقَفُ تَصَرُّفُهُ) أَيْ كَالْمَرِيضِ لَكِنَّ الْمَرِيضَ يَنْفُذُ حَالًّا ظَاهِرًا. أَوْ قَوْلُهُ وَإِلَّا لَغَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ أَنْوَاعٌ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ نَقَضْنَا الْأَضْعَفَ فَالْأَضْعَفَ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْقُضُ الرَّهْنَ ثُمَّ الْهِبَةَ ثُمَّ الْبَيْعَ ثُمَّ الْكِتَابَةَ ثُمَّ الْعِتْقَ، وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ يَنْقُضُ الْآخَرَ فَالْآخَرَ، وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِفَرْقٍ مَذْكُورٍ فِي شَرْحِ السُّبْكِيّ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ: أَيْ بَانَ أَنَّهُ إلَخْ إيضَاحُهُ مَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ إنَّ هَذَا الْقَوْلَ غَيْرُ الْقَوْلِ بِوَقْفِ الْعُقُودِ الْمَنْسُوبِ لِلْقَدِيمِ، فَإِنَّ ذَاكَ وَقْفُ صِحَّةٍ وَهَذَا وَقْفُ تَبَيُّنٍ، وَكَانَ مَأْخَذُهُ أَنَّ حَجْرَ الْمُفْلِسِ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْقَدْرَ الْمُزَاحِمَ لِلدُّيُونِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) أَيْ كَالرَّهْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ بَاعَ مَالَهُ إلَخْ) أَوْ شَيْئًا مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: بِدَيْنِهِمْ خَرَجَ بِهِ الْبَيْعُ بِبَعْضِهِ أَوْ بِعَيْنٍ، فَإِنَّهُ بَاطِلٌ قَطْعًا لِعَدَمِ تَضَمُّنِهِ ارْتِفَاعَ الْحَجْرِ ثُمَّ صُورَةُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابُ أَنْ يَكُونَ دَيْنُهُمْ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَبَاعَهُمْ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ بَاعَ مُرَتَّبًا فَالْبُطْلَانُ وَاضِحٌ وَإِنْ بَاعَ مَعًا وَدَيْنُهُمْ مُخْتَلِفُ النَّوْعِ كَانَ كَبَيْعِ عَبِيدٍ، جَمَعَ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَيَبْطُلُ وَإِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْآتِي، وَالْكَلَامُ حَيْثُ يَصِحُّ الْبَيْعُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَجْرٌ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي قَالَ الْأَصْلُ إلَخْ) لَوْ صَدَرَ الْإِيجَابُ مِنْهُ قَبْلَ مُوَاطَأَتِهِمْ فَفِيهِ مَا سَلَفَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّهْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ) كَذَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ. قَوْلُهُ: (زَوْجَتُهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ الْمُخَالِعُ أَجْنَبِيًّا أَوْ لِلزَّوْجَةِ، وَهُمَا مُفْلِسَانِ فَإِنَّهُ لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 خِلَافُ الظَّاهِرِ (وَإِنْ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ مُطْلَقًا) أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُعَامَلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (لَمْ يُقْبَلْ فِي حَقِّهِمْ) فَلَا يُزَاحِمُهُمْ الْمُقَرُّ لَهُ (وَإِنْ قَالَ عَنْ جِنَايَةٍ قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) فَيُزَاحِمُهُمْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ كَمَا لَوْ قَالَ عَنْ مُعَامَلَةٍ وَإِنْ أَطْلَقَ وُجُوبَهُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ التَّنْزِيلُ عَلَى الْأَقَلِّ وَجَعَلَهُ كَمَا لَوْ أَسْنَدَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْحَجْرِ. زَادَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا ظَاهِرٌ إنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْمُقِرِّ وَإِنْ أَمْكَنَتْ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ (وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ مَا كَانَ اشْتَرَاهُ إنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الرَّدِّ) فَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي إبْقَائِهِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ مَالٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ (وَالْأَصَحُّ تَعَدِّي الْحَجْرِ إلَى مَا حَدَثَ بَعْدَهُ بِالِاصْطِيَادِ وَالْوَصِيَّةِ وَالشِّرَاءِ) فِي الذِّمَّةِ (إنْ صَحَّحْنَاهُ) وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَالثَّانِي لَا يَتَعَدَّى إلَى مَا ذُكِرَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَيْسَ لِبَائِعِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ فِي الذِّمَّةِ (أَنْ يَفْسَخَ وَيَتَعَلَّقَ بِعَيْنِ مَتَاعِهِ إنْ عَلِمَ الْحَالَ، وَإِنْ جَهِلَ فَلَهُ ذَلِكَ) وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا. وَالثَّالِثُ   [حاشية قليوبي] بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَقَلِّ) وَهُوَ دَيْنُ الْمُعَامَلَةِ، وَجَعَلَهُ بَعْدَ التَّنْزِيلِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ تَنْزِيلٌ آخَرُ. قَوْلُهُ: (هَذَا) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّنْزِيلِ وَالْجُعْلِ وَمِثْلُهُ إطْلَاقًا الْإِسْنَادُ الْمُتَقَدِّمُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ مَا هُنَا شَامِلًا لَهُ وَفِيهِ بُعْدٌ. قَوْلُهُ: (فَيَنْبَغِي) أَيْ يَجِبُ أَنْ يُرَاجَعَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ، فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ فِي هَذِهِ يُرَاجَعُ مَرَّتَيْنِ وَفِي الْأُولَى مَرَّةً. قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ إلَخْ) فَلَا يَجِبُ مَعَ الْغِبْطَةِ فِيهِ، لِعَدَمِ وُجُوبِ رِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَفْوِيتٌ حَاصِلٌ وَفَارَقَ لُزُومَ الرَّدِّ عَلَى الْوَلِيِّ، لِرِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ عَلَيْهِ، وَفَارَقَ جَعْلَ إمْسَاكِ الْمَرِيضِ مَا اشْتَرَاهُ فِي صِحَّتِهِ، وَالْغِبْطَةِ فِي الرَّدِّ تَفْوِيتًا فَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ حَجْرَ الْمَرِيضِ أَقْوَى. قَوْلُهُ: (بِالْعَيْبِ) وَمِثْلُهُ الْإِقَالَةُ. قَوْلُهُ: (مَا كَانَ) لَفْظُ كَانَ زَائِدٌ فَيَدْخُلُ مَا اشْتَرَاهُ حَالَ الْحَجْرِ، فَلَهُ رَدُّهُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ شُهْبَةَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَتْ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَلَا رَدَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقَدْ تَنَازَعَهَا الْمَفْهُومَانِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لَهَا، فَلَوْ قَرَّرَهُ الشَّارِحُ عَلَى مُقْتَضَاهُ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا. تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْمَنْهَجِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَجَبَ بَعْدَ الْحَجْرِ وَاعْتَرَفَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى وَفَائِهِ، قَبْلُ بَطَلَ ثُبُوتُ إعْسَارِهِ، أَيْ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى وَفَائِهِ شَرْعًا تَسْتَلْزِمُ قُدْرَتَهُ عَلَى بَقِيَّةِ الدُّيُونِ اهـ. فَقَوْلُهُ قَبْلَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ يُرَادُ بِهِ وَقْتُ الْحَجْرِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَبْلَ وَبَطَلَ أَيْ قَبْلَ قَوْلِهِ: بِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْوَفَاءِ، وَهِيَ الْمُنَاسِبَةُ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى وَفَاءِ مَا أَقَرَّ بِهِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِي وَفَائِهِ، فَيَلْزَمُ أَنَّهُ كَانَ مُوسِرًا حَالَ الْحَجْرِ، فَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَقَوْلُهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُدْرَةِ مِلْكُهُ مَا يُوَفِّي بِهِ الدَّيْنَ الْمُقَرَّ بِهِ، فَهُوَ الْآنَ مُوسِرٌ بِذَلِكَ، وَالْحَجْرُ بَاقٍ عَلَيْهِ،   [حاشية عميرة] يَصِحُّ مِنْهُمَا إلَّا فِي الذِّمَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ قَبْلَ الْحَجْرِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَظْهَرُ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَجْرَ حَجْرُ مَرَضٍ أَوْ سَفَهٍ، وَفِيهِ قَوْلَانِ أَيْ أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ: (كَمَا يُقْبَلُ فِي حَقِّهِ إلَخْ) وَكَمَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ وَلَوْ طَلَبَ الْغُرَمَاءُ تَحْلِيفَهُ لَمْ يَحْلِفْ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ لَا يُفِيدُ. أَقُولُ: وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى إنْسَانٍ إشْهَادٌ بِدَيْنٍ، أَوْ مَالٌ شَرِكَةً وَنَحْوُهَا فَأَقَرَّ مَالِكُ ذَلِكَ بِهِ لِآخَرَ ثُمَّ ادَّعَى مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، أَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ ذَلِكَ مَثَلًا، بَلْ كَانَ لِشَهَادَةٍ عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ لَا يَحْلِفُ الْمُقِرُّ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ لَا يُقْبَلُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ) عَلَى هَذَا اتِّبَاعُ الْعَيْنِ فِي الدَّيْنِ فَلَوْ كَانَتْ وَدِيعَةً، فَهَلْ تُضْمَنُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْبَيْعِ، مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُقْبَلْ) وَجْهُهُ فِي الْإِطْلَاقِ التَّنْزِيلُ عَلَى الْمُعَامَلَةِ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْمَرَاتِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْإِجْبَارِ عَلَى الرَّدِّ. وَقَوْلُهُ بِالْعَيْبِ خَرَجَ بِهِ الرَّدُّ بِالْخِيَارِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ مُطْلَقًا ثُمَّ عِلَّةُ الْجَوَازِ كَوْنُ الْفَسْخِ لَيْسَ ابْتِدَاءَ تَصَرُّفٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَا كَانَ اشْتَرَاهُ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ رَدِّ مَا اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ حَالَ الْحَجْرِ وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ فُرِضَ عَدَمُ الْغِبْطَةِ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ مَعًا فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فَمَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ لِبَائِعِهِ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَانَ مَحَلُّهَا عِنْدَ ذِكْرِ التَّصَرُّفِ فِي الذِّمَّةِ، وَلَكِنْ أَخَّرَهَا لِيَسُوقَ تَصَرُّفَاتِ الْمُفْلِسِ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَ تَقْدِيرَهُ وَإِنَّهُ إنْ جَهِلَ كَيْ يَدْخُلَهُ الْخِلَافَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ) عِلَّتُهُ عَدَمُ الْوُصُولِ إلَى الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 لَا مُطْلَقًا وَهُوَ مُقَصِّرٌ فِي الْجَهْلِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّعَلُّقُ بِهَا) بِأَنْ عَلِمَ الْحَالَ كَمَا تَقَدَّمَ (لَا يُزَاحِمُ الْغُرَمَاءَ بِالثَّمَنِ) لِأَنَّهُ حَدَثَ بِرِضَاهُ. وَالثَّانِي يُزَاحِمُهُمْ بِهِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مِلْكٍ جَدِيدٍ زَادَ بِهِ الْمَالُ. فَصْلٌ يُبَادِرُ الْقَاضِي اسْتِحْبَابًا (بَعْدَ الْحَجْرِ) عَلَى الْمُفْلِسِ (بِبَيْعِ مَالِهِ وَقَسْمِهِ) أَيْ قَسْمِ ثَمَنِهِ (بَيْنَ الْغُرَمَاءِ) لِئَلَّا يَطُولَ زَمَنُ الْحَجْرِ، وَلَا يُفْرِطُ فِي الِاسْتِعْجَالِ لِئَلَّا يُطْمَعَ فِيهِ بِثَمَنٍ بَخْسٍ (وَيُقَدَّمُ) فِي الْبَيْعِ (مَا يَخَافُ فَسَادَهُ) لِئَلَّا يَضِيعَ (ثُمَّ الْحَيَوَانُ) لِحَاجَتِهِ إلَى النَّفَقَةِ وَكَوْنُهُ عُرْضَةً لِلْهَلَاكِ (ثُمَّ الْمَنْقُولُ ثُمَّ الْعَقَارُ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُخْشَى عَلَيْهِ السَّرِقَةُ بِخِلَافِ الثَّانِي (وَلْيَبِعْ بِحَضْرَةِ الْمُفْلِسِ) أَوْ وَكِيلِهِ (وَغُرَمَائِهِ) لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لِلْقُلُوبِ (كُلَّ شَيْءٍ فِي سُوقِهِ) لِأَنَّ طَالِبِيهِ فِيهِ أَكْثَرُ وَيُشْهَرُ بَيْعُ الْعَقَارِ،   [حاشية قليوبي] وَفَائِدَةُ إقْرَارِهِ حَبْسُهُ وَمُلَازَمَتُهُ لِيُوَفِّيَ، فِيهِ نَظَرٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ تَعَدِّي الْحَجْرِ، لِمَا حَدَثَ وَإِنْ زَادَ عَلَى دَيْنِهِ وَلَا حَبْسَ وَلَا مُلَازَمَةَ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَرَاجِعْ الْفَتَاوَى الَّتِي لِابْنِ الصَّلَاحِ. قَوْلُهُ: (إلَى مَا حَدَثَ) وَإِنْ زَادَ عَلَى الدُّيُونِ، خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَعَلِمَ بِقَوْلِهِ بِالِاصْطِيَادِ إلَخْ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا يَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ، لَا نَحْوُ وَصِيَّةٍ لَهُ بِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ عَلِمَ الْحَالَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يُزَاحِمُ إذَا جَهِلَ الْحَالَ وَأَجَازَ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْهَجِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا فِي الْعُبَابِ. فَصْلٌ فِيمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ مِنْ بَيْعٍ وَقِسْمَةٍ وَإِيجَابٍ وَنَفَقَةٍ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يُبَادِرُ الْقَاضِي نَدْبًا) أَيْ قَاضِي بَلَدِ الْمُفْلِسِ، وَإِنْ كَانَ مَالُهُ فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِبَيْعِ مَالِهِ) وَيَكْتَفِي فِي بَيْعِهِ مِنْهُ، أَوْ مِنْ الْحَاكِمِ بِوَضْعِ الْيَدِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَمَا فِي قِسْمَةِ الْمُشْتَرَكِ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي الْقِسْمَةِ، وَبَيْعُ الْحَاكِمِ لَيْسَ حُكْمًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ الْمَالِكُ، أَوْ وَكِيلُهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِيَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَطُولَ زَمَنُ الْحَجْرِ) أَيْ عَلَيْهِ أَمَّا فِي مَالِهِ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْمُبَادَرَةِ أَوْ فِي نَفْسِهِ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْبَيْعِ وَالْقَسْمِ لِاحْتِمَالِ الْوَفَاءِ، وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ: بِقَدْرِ الْحَاجَةِ يَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلْمَالِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ مَا يُوَفِّي، أَوْ لِلزَّمَنِ فَلَا يُؤَخَّرُ عَنْ زَمَنِ الْحَاجَةِ وَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ أَوْ لَهُمَا، وَهُوَ أَفْيَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُفَرِّطُ) قَالَ شَيْخُنَا نَدْبًا وَقَالَ غَيْرُهُ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (وَيُقَدَّمُ فِي الْبَيْعِ إلَخْ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي. وَقَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ التَّقْدِيمَ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مَنُوطٌ بِرَأْيِ الْقَاضِي فِيمَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ. قَوْلُهُ: (مَا يَخَافُ فَسَادَهُ) مِنْهُ مَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ، فَيُقَدِّمُهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْحَيَوَانَ) أَيْ غَيْرُ الْمُدَبَّرِ فَيُؤَخِّرُهُ حَتَّى عَنْ الْعَقَارِ وُجُوبًا وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِهِ الْمُعَلَّقَ بِصِفَةٍ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ السَّيِّدِ، وَوُجُودِ الصِّفَةِ فَرَاجِعْهُ. وَيُقَدَّمُ جَانٍ عَلَى مَرْهُونٍ وَهُوَ عَلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْمَنْقُولَ) وَيُقَدَّمُ مِنْهُ الْمَرْهُونُ، وَمَالُ الْقِرَاضِ عَلَى غَيْرِهِ بَلْ قَالَ شَيْخُنَا: حَتَّى عَلَى الْحَيَوَانِ وَيُقَدَّمُ غَيْرُ النُّحَاسِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ   [حاشية عميرة] مُقَصِّرٌ) خُصُوصًا وَالْحَجْرُ يَشْتَهِرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّعَلُّقُ) حُذِفَ لَهُ اخْتِصَارًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ عَلِمَ الْحَالَ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ مَا لَوْ جَهِلَ وَأَجَازَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُزَاحِمُهُمْ بِهِ) ظَاهِرُهُ فِي جَمِيعِ الْمَالِ. [فَصْلٌ يُبَادِرُ الْقَاضِي اسْتِحْبَابًا بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ بِبَيْعِ مَالِهِ وَقَسْمِ ثَمَنِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ] فَصْلٌ يُبَادِرُ الْقَاضِي بِبَيْعِ مَالِهِ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْمِلْكِ فِي بَيْعِ الْقَاضِي خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ. قُلْت: فَهَذِهِ بَيِّنَةُ وَاضِعِ الْيَدِ تُسْمَعُ قَبْلَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ، لِيُوَافِقَ مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْقَضَاءِ، ثُمَّ اُنْظُرْ هَلْ يَتَوَقَّفُ سَمَاعُهَا عَلَى دَعْوَى أَوْ لَا، وَاعْلَمْ أَنَّ السُّبْكِيُّ قَالَ: قَدْ فَحَصْت عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَتَحَصَّلْت عَلَى قَوْلَيْنِ، أَصَحُّهُمَا الِاكْتِفَاءُ بِالْيَدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَسَّمَهُ) لَوْ كَانَ مُكَاتَبًا قُدِّمَ دَيْنُ الْمُعَامَلَةِ ثُمَّ الْأَرْشُ ثُمَّ النُّجُومُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ الْحَيَوَانُ) اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ الْمُدَبَّرَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 وَالْأَمْرُ فِي هَذَيْنِ لِلِاسْتِحْبَابِ (بِثَمَنِ مِثْلِهِ حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) الْأَمْرُ فِيهِ لِلْوُجُوبِ (ثُمَّ إنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ جِنْسِ النَّقْدِ وَلَمْ يَرْضَ الْغَرِيمُ إلَّا بِجِنْسِ حَقِّهِ اشْتَرَى) لَهُ (وَإِنْ رَضِيَ جَازَ صَرْفُ النَّقْدِ إلَيْهِ إلَّا فِي السَّلَمِ) فَلَا يَجُوزُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ امْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِالنَّقْدِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَازُ السَّلَمِ فِي النَّقْدِ فِي كِتَابِهِ (وَلَا يُسَلِّمُ مَبِيعًا قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ) احْتِيَاطًا لِمَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ غَيْرِهِ (وَمَا قَبَضَ) بِفَتْحِ الْقَافِ (قَسَّمَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يُعْسِرَ) قَسَّمَهُ (لِقِلَّتِهِ فَيُؤَخَّرَ لِيَجْتَمِعَ) فَإِنْ أَبَوْا التَّأْخِيرَ فَفِي النِّهَايَةِ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُجِيبُهُمْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَسَكَتَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (وَلَا يُكَلَّفُونَ) عِنْدَ الْقِسْمَةِ (بَيِّنَةً بِأَنْ لَا غَرِيمَ غَيْرُهُمْ) لِأَنَّ الْحَجْرَ يَشْتَهِرُ، وَلَوْ كَانَ ثَمَّ غَرِيمٌ لَظَهَرَ وَطَلَبَ حَقَّهُ (فَلَوْ قَسَّمَ فَظَهَرَ غَرِيمٌ شَارَكَ بِالْحِصَّةِ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَقِيلَ: تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ) وَتُسْتَأْنَفُ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَسَّمَ مَالَهُ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى غَرِيمَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عِشْرُونَ، وَلِلْآخَرِ عَشَرَةٌ فَأَخَذَ الْأَوَّلُ عَشَرَةً وَالْآخَرُ خَمْسَةً فَظَهَرَ غَرِيمٌ لَهُ ثَلَاثُونَ اسْتَرَدَّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ، وَعَلَى الثَّانِي   [حاشية قليوبي] الْعَقَارَ) وَيُقَدِّمُ الْبِنَاءَ عَلَى الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَمْرُ فِي هَذَيْنِ) وَهُمَا حَضْرَةُ الْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ، وَكُلُّ شَيْءٍ فِي سُوقِهِ لِلِاسْتِحْبَابِ، فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالْبَيْعِ وَفِي غَيْرِ سُوقِهِ نَعَمْ، إنْ وُجِدَتْ مَصْلَحَةٌ وَجَبَ. قَوْلُهُ: (الْأَمْرُ فِيهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ اعْتِبَارِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَالْحُلُولِ وَبِنَقْدِ الْبَلَدِ لِلْوُجُوبِ، فَإِنْ خَالَفَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ نَعَمْ إنْ رَضِيَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ دُونَ ثَمَنِ الْمِثْلِ جَازَ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ جِنْسِ النَّقْدِ) أَوْ غَيْرَ نَوْعِهِ أَوْ غَيْرَ صِفَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ رَضِيَ جَازَ) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ رَضِيَ الْغُرَمَاءُ الْمُتَصَرِّفُونَ لِأَنْفُسِهِمْ بِأَخْذِ أَعْيَانِ مَالِ الْمُفْلِسِ فِي دُيُونِهِمْ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ، جَازَ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مُشْتَرٍ بِمَا مَرَّ وَجَبَ الصَّبْرُ وَقَيَّدَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِمَا إذَا رُجِيَ مُشْتَرٍ. قَوْلُهُ: (إلَّا فِي السَّلَمِ) وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ كَنُجُومِ الْكِتَابَةِ وَالْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا مِنْ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ فِي هَذِهِ سَبْقُ قَلَمٍ، وَكَذَا الْمَنْفَعَةُ فِي الذِّمَّةِ، وَمَا اُشْتُرِطَ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَقَدَّمَ) دَلِيلٌ لِلصِّدْقِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسَلِّمُ) أَيْ الْقَاضِي أَيْ لَا يَجُوزُ فَيَحْرُمُ، فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: بِالْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ نَعَمْ إنْ سَلَّمَ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ صَحِيحٍ، لَمْ يَضْمَنْ وَغَيْرُ الْقَاضِي يَضْمَنُ الْبَدَلَ بِالتَّسْلِيمِ أَيْضًا إنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ مُطْلَقًا لِلْحَيْلُولَةِ كَالْقَاضِي وَلَوْ وَقَعَ تَنَازُعٌ فِي التَّسْلِيمِ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي الْمُتَصَرِّفُ لِنَفْسِهِ، وَإِلَّا أُجْبِرَا مَعًا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَحَدَ الْغُرَمَاءِ، وَلَمْ يَزِدْ الثَّمَنُ عَلَى دَيْنِهِ فَالْأَحْوَطُ بَقَاؤُهُ فِي ذِمَّتِهِ. قَوْلُهُ: (قَسَّمَهُ) أَيْ نَدْبًا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ نَعَمْ يُقَدَّمُ مُرْتَهِنٌ عَلَى غَيْرِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ، وَمُسْتَحِقُّ أُجْرَةٍ عَلَى عَمَلٍ فِي عَيْنٍ كَقِصَارَةٍ؛ لِأَنَّ لَهُ الْحَبْسَ وَيُقَدَّمُ فِي مُكَاتَبٍ حُجِرَ عَلَيْهِ دَيْنُ مُعَامَلَةٍ، ثُمَّ أَرْشُ جِنَايَةٍ ثُمَّ نُجُومُ كِتَابَةٍ وَأُجْرَةُ الْقَاسِمِ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى الْمُفْلِسِ وَالْمَدْيُونِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، يَقْسِمُ مَالَهُ النَّاقِصَ بَيْنَ غُرَمَائِهِ بِالنِّسْبَةِ لِدُيُونِهِمْ أَيْضًا لِعَدَمِ الْمُرَجَّحِ. قَوْلُهُ: (فَيُؤَخِّرُ) بِأَنْ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، إنْ كَانَ مَلِيًّا مُوسِرًا وَيُسَلِّمُ لَهُ الْمَبِيعَ، أَوْ يُقْرِضُهُ الْحَاكِمُ بَعْدَ قَبْضِهِ عَدْلًا أَمِينًا مُوسِرًا يَرْتَضِيهِ الْغُرَمَاءُ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى رَهْنٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْدَعَهُ نَفْسَهُ كَذَلِكَ، وَلَا يَضَعُهُ الْقَاضِي عِنْدَهُ لِلتُّهْمَةِ، فَإِنْ اخْتَلَفُوا فَعِنْدَ عَدْلٍ يَرَاهُ الْحَاكِمُ، وَإِذَا تَلِفَ عِنْدَ الْعَدْلِ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الْمُفْلِسِ. قَوْلُهُ: (فَفِي النِّهَايَةِ إلَخْ) وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِفِعْلِ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُكَلَّفُونَ بَيِّنَةً بِأَنْ لَا غَرِيمَ غَيْرُهُمْ) بِخِلَافِ الْوَرَثَةِ فَيُكَلَّفُونَ بَيِّنَةَ أَنْ لَا وَارِثَ غَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ أَضْبَطُ غَالِبًا، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْحَجْرَ يَشْتَهِرُ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ لِغُرَمَائِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَنْقُضُ إلَخْ) قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قُسِّمَتْ التَّرِكَةُ ثُمَّ ظَهَرَ وَارِثٌ، فَإِنَّهَا تَنْقُضُ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ حَقَّ الْوَارِثِ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ وَحَقَّ الْغَرِيمِ هُنَا فِي الْقِيمَةِ. قَوْلُهُ: (اسْتَرَدَّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ) إلَّا إنْ حَدَثَ لِلْمُفْلِسِ مَالٌ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قَدْرَ مَا يُسَاوِي نِسْبَةَ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَسَّمَهُ بَيْنَ إلَخْ) أَيْ لِتَبْرَأَ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَيَصِلُ إلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّ ثُمَّ الْقِسْمَةُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى وَجْهِ الْأَوْلَوِيَّةِ. فَلَوْ عَكَسَ جَازَ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (يَشْتَهِرُ) أَيْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ لَهُمْ عَلَى عَدَمِ الْغَرِيمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَظَهَرَ غَرِيمٌ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَجِبُ إدْخَالُهُ فِي الْقِسْمَةِ، وَلَوْ بِجِنَايَةٍ حَادِثَةٍ أَوْ سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ، بَلْ لَوْ حَدَثَتْ حَادِثَةٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُشَارِكَ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ لَا يَنْفَكُّ إلَّا بِفَكِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 يَسْتَرِدُّ مِنْهُمَا الْقَاضِي مَا أَخَذَاهُ وَيَسْتَأْنِفُ الْقِسْمَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ (وَلَوْ خَرَجَ شَيْءٌ بَاعَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مُسْتَحِقًّا وَالثَّمَنُ) الْمَقْبُوضُ (تَالِفٌ فَكَدَيْنٍ) أَيْ فَمَثَلُ الثَّمَنِ اللَّازِمِ كَدَيْنٍ (ظَهَرَ) مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ فَيُشَارِكُ الْمُشْتَرِي الْغُرَمَاءَ مِنْ غَيْرِ نَقْضِ الْقِسْمَةِ أَوْ مَعَ نَقْضِهَا (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ بَاعَهُ الْحَاكِمُ) وَالثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ تَالِفٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (قُدِّمَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ) أَيْ بِمِثْلِهِ (وَفِي قَوْلٍ يُحَاصُّ الْغُرَمَاءُ) بِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَدَفَعَ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى رَغْبَةِ النَّاسِ عَنْ شِرَاءِ مَالِ الْمُفْلِسِ فَكَانَ التَّقْدِيمُ مِنْ مَصَالِحِ الْحَجْرِ (وَيُنْفِقُ) الْحَاكِمُ عَلَى الْمُفْلِسِ وَ (عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) مِنْ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ (حَتَّى يُقَسِّمَ مَالَهُ) مِنْهُ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ مَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ وَكَذَلِكَ يَكْسُوهُمْ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ وَفِي مَعْنَى الزَّوْجَاتِ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ (إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِكَسْبٍ) فَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَكْسُوهُمْ وَيَصْرِفُ كَسْبَهُ إلَى ذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفِ بِهِ كَمَّلَ وَالنَّفَقَةُ عَلَى   [حاشية قليوبي] دَيْنِهِ، ثُمَّ يُقَسِّمُ الْبَاقِيَ بَيْنَ الْجَمِيعِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ زَوَائِدَ مَا أَخَذَهُ كُلُّ وَاحِدٍ لَهُ، وَلَوْ أَعْسَرَ بَعْضُ الْآخِذِينَ جُعِلَ مَا أَخَذَهُ كَالْعَدَمِ، وَشَارَكَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الظَّاهِرِ مَنْ بَقِيَ بِالنِّسْبَةِ، فَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَ مِنْهُ مَا كَانَ يُؤْخَذُ، لَوْ لَمْ يُعْسِرْ وَيَقْتَسِمُهُ الْبَقِيَّةُ بِنِسْبَةِ دُيُونِهِمْ، فَلَوْ أَعْسَرَ صَاحِبُ الْخَمْسَةِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ أَخَذَ صَاحِبُ الثَّلَاثِينَ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الْعَشَرَةِ مِمَّنْ أَخَذَهَا، وَهُوَ صَاحِبُ الْعِشْرِينَ فَإِذَا أَيْسَرَ صَاحِبُ الْخَمْسَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، أَخَذَ مِنْهُ الْحَاكِمُ نِصْفَهَا وَاقْتَسَمَهُ الْآخَرَانِ أَخْمَاسًا بِنِسْبَةِ دُيُونِهِمَا. تَنْبِيهٌ: لَوْ فَكَّ الْحَجْرَ عَنْ الْمُفْلِسِ، وَحَدَثَ لَهُ مَالٌ بَعْدَهُ، فَلَا تَعَلُّقَ لِأَحَدٍ بِهِ، فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ، فَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ كَانَ قَبْلَ الْفَكِّ تَبَيَّنَ بَقَاءُ الْحَجْرِ فِيهِ، سَوَاءٌ حَدَثَ لَهُ بَعْدَ الْفَكِّ مَالٌ وَغُرَمَاءُ أَوْ لَا، وَالْمَالُ الَّذِي ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ فَكِّ الْحَجْرِ لِلْغُرَمَاءِ الْأَوَّلِينَ وَيُشَارِكُونَ مَنْ حَدَثَ بَعْدَهُمْ، فِيمَا حَدَثَ بَعْدَ الْفَكِّ، وَلَا يُشَارِكُ غَرِيمٌ حَادِثٌ مَنْ قَبْلَهُ فِي مَالٍ حَدَثَ قَبْلَهُ، أَوْ مَعَهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (تَالِفٌ) سَوَاءٌ تَلِفَ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهَلْ مِنْ التَّلَفِ قَسْمُهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ) هُوَ إصْلَاحٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُقْتَضِي، أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الدِّينِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ حَقِيقَةً. قَوْلُهُ: (وَإِنْ اسْتَحَقَّ) هُوَ وَاضِحٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْيَدِ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ بِإِثْبَاتِ مِلْكِهِ، فَفِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تَعْتَمِدُ ظَاهِرَ الْيَدِ اسْتِصْحَابًا فَلَا إشْكَالَ. قَوْلُهُ: (بَاعَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ وَلَوْ بِنَائِبِهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ تَالِفٌ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا رَدَّ بِعَيْنِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِمِثْلِهِ) الْأَوْلَى بِبَدَلِهِ وَلَيْسَ الْحَاكِمُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ، وَشَمَلَ تَقْدِيمَ الْمُشْتَرِي مَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَمَا بَعْدَهَا وَمَا قَبْلَ التَّلَفِ وَمَا بَعْدَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تَنْقُضُ الْقِسْمَةُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيُنْفِقُ) أَيْ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) جَعَلَ الشَّارِحُ هَذَا عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ، وَهُوَ الْمُفْلِسُ وَلَعَلَّ سِرَّهُ أَنَّ نَفَقَةَ نَفْسِهِ لَا يَنْفَكُّ لُزُومُهَا لَهُ. وَلَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَبٍ، وَجَعَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ دَاخِلًا فِيمَنْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ أَوْلَى لِمَا يَأْتِي لَكِنْ يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ غَيْرِهِ طَلَبُهَا بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ أَهْلًا، وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ فَلَا حَاجَةَ لِلطَّلَبِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الزَّوْجَاتِ) أَيْ غَيْرِ الْحَافِظَاتِ فِي زَمَنِ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّ حُدُوثَهُنَّ جَائِزٌ بِاخْتِيَارِهِ، وَإِنْ وَجَبَ الْعَقْدُ عَلَيْهِنَّ بَعْدَ طَلَاقِهِنَّ بِنَحْوِ رَقَاءِ قَسَمٍ. قَوْلُهُ: (وَالْأَقَارِبِ) وَلَوْ الْحَادِثِينَ فِي زَمَنِ الْحَجْرِ وَلَوْ بِقَبُولِ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ بِأَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ أَوْ بِشِرَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْأَقَارِبِ عَدَمُ الِاخْتِيَارِ فِي تَحْصِيلِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ الزَّوْجَاتِ الْحَادِثَاتِ أَوْصَى الْمُسْتَوْلِدَاتِ أَوْ بِاسْتِلْحَاقٍ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَفَارَقَ عَدَمَ لُزُومِ نَفَقَةِ مُسْتَلْحَقِ السَّفِيهِ فِي مَالِهِ بَلْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ لِذَاتِهِ وَإِقْرَارِهِ بِهَا بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَالِهِ إلَّا إنْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ حَقٌّ كَرِهْنٍ وَخَرَجَ بِهِ كَسْبُهُ فَيُنْفِقُ مِنْهُ، وَلَوْ عَلَى الزَّوْجَاتِ الْحَادِثَاتِ. قَوْلُهُ: (يَكْسُوهُمْ) مِثْلُ ذَلِكَ الْإِسْكَانُ وَالْإِخْدَامُ وَالتَّجْهِيزُ فِي الْمَوْتِ، وَلَوْ بِالْمَنْدُوبِ مَا لَمْ يَمْنَعْ الْغُرَمَاءَ. قَوْلُهُ: (وَفِي مَعْنَى إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْوُجُوبُ أَوْ الْمُرَادُ غَيْرُ الْحَادِثَاتِ مِنْ الزَّوْجَاتِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ، وَالْمَمَالِيكُ كَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمْ لِمَصْلَحَةِ الْغُرَمَاءِ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِكَسْبٍ) مِنْهُ يُفْهَمْ أَنَّهُ لَا   [حاشية عميرة] الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (وَيَسْتَأْنِفُ) لِأَنَّهَا صَدَرَتْ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْجَائِزِ شَرْعًا كَذَا عَلَّلُوهُ، وَهُوَ يُفِيدُك أَنَّ مَعْنَى النَّقْضِ تَبَيُّنُ فَسَادِهَا مِنْ أَصْلِهَا، وَانْظُرْ لَوْ قُسِّمَتْ التَّرِكَةُ وَحَدَثَ بَعْدَ قِسْمَتِهَا زَوَائِدُ، هَلْ يَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَكَدَيْنٍ ظَهَرَ) قِيلَ: الْكَافُ مُسْتَدْرِكَةٌ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى الْجَوَابِ. قَوْلُهُ: (إلَى رَغْبَةِ النَّاسِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُفْلِسَ لَوْ بَاعَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَكَانَ التَّقْدِيمُ مِنْ مَصَالِحِ الْحَجْرِ) أَيْ كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُنْفِقُ) دَلِيلُهُ إطْلَاقُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «ابْدَأْ بِنَفْسِك ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ» . قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُفْلِسِ) لَك أَنْ تَقُولَ: هُوَ دَاخِلٌ فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 الزَّوْجَاتِ. قَالَ الْإِمَامُ: نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ وَالرُّويَانِيُّ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا قِيَاسُ الْبَابِ وَإِلَّا لَمَا أَنْفَقَ عَلَى الْأَقَارِبِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يُرَجَّحُ قَوْلُ الْإِمَامِ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ أَقَلَّ مَا يَكْفِيهِمْ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ ثُمَّ قَالَ فِيهَا عَنْ الْبَيَانِ وَتُسَلَّمُ إلَيْهِ النَّفَقَةُ يَوْمًا بِيَوْمٍ. (وَيُبَاعُ مَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ احْتَاجَ إلَى خَادِمٍ لِزَمَانَتِهِ وَمَنْصِبِهِ) أَيْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالثَّانِي يَبْقَيَانِ لَهُ لِحَاجَتِهِ إذَا كَانَا لَائِقَيْنِ بِهِ دُونَ النَّفِيسَيْنِ وَالثَّالِثُ يَبْقَى الْمَسْكَنُ فَقَطْ (وَيُتْرَكُ لَهُ دُسْتُ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِهِ وَهُوَ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَعِمَامَةٌ وَمِكْعَبٌ) أَيْ مَدَاسٌ (وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةٌ) وَيُتْرَكُ لِعِيَالِهِ مِنْ الثَّوْبِ كَمَا يُتْرَكُ لَهُ وَيُسَامَحُ بِاللِّبَدِ وَالْحَصِيرِ الْقَلِيلِ الْقِيمَةِ وَلَوْ كَانَ يَلْبَسُ قَبْلَ الْإِفْلَاسِ فَوْقَ مَا يَلِيقُ بِهِ رَدَدْنَاهُ إلَى اللَّائِقِ، وَلَوْ كَانَ يَلْبَسُ دُونَ اللَّائِقِ تَقْتِيرًا لَمْ يُزَدْ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَا قُلْنَا يُتْرَكُ لَهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِي مَالِهِ اشْتَرَى بِهِ (وَيُتْرَكُ لَهُ قُوتُ   [حاشية قليوبي] يُكَلَّفُ الْكَسْبَ قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَاقَ بِهِ وَقَدَرَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ عَصَى بِسَبَبِهِ، لَكِنْ مِنْ حَيْثُ الدَّيْنُ كَمَا يَأْتِي، وَتَسْتَمِرُّ النَّفَقَةُ وَنَحْوُهَا فِي مَالِهِ إلَى قِسْمِهِ وَعَلَى هَذَا فَضَمِيرٌ يَسْتَغْنِي عَائِدٌ إلَى الْمُفْلِسِ، وَصَرِيحُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، لَا إلَى الْمُفْلِسِ لِأَنَّا نَجْعَلُهُ دَاخِلًا فِيهِ كَمَا مَرَّ. وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِمَامُ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْكِسْوَةُ كَالنَّفَقَةِ. قَوْلُهُ: (قِيَاسُ الْبَابِ إلَخْ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى اتِّحَادِ يَسَارِ الْقَرِيبِ مَعَ يَسَارِ الزَّوْجَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي يَسَارِ الْقَرِيبِ الْقُدْرَةُ عَلَى الْكَسْبِ الْوَاسِعِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ عَدَمُ التَّرْجِيحِ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (وَيُبَاعُ مَسْكَنُهُ) وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ كَمَا فِي الْخَادِمِ الْمَذْكُورِ، فَلَوْ أَبْدَلَ لَفْظَ خَادِمٍ بِضَمِيرٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ، وَمِثْلُهُ الْمَرْكُوبُ نَعَمْ، يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ بَقَاءُ الْمَسْكَنِ لَائِقًا بِهِ إنْ عَجَزَ عَنْ السُّكْنَى فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) لَوْ أَبْقَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ لَفَهِمْت مِنْهُ، هَذِهِ بِالْأَوْلَى إلَّا أَنْ يُقَالَ لِأَجْلِ الْمُقَابِلِ، وَإِنَّمَا بِيعَتْ الْمَذْكُورَاتُ، لِإِمْكَانِ تَحْصِيلِهَا بِأُجْرَةٍ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ فَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا فِي الْخَادِمِ وَنَحْوِهِ بِمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُلْحَقٌ بِالضَّرُورِيِّ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَلْزَمُهُمْ فَرَاجِعْهُ، وَفَارَقَ عَدَمَ لُزُومِ بَيْعِ الْمَسْكَنِ، وَالْخَادِمِ وَالْمَرْكُوبِ فِي الْكَفَّارَةِ الْمُرَتَّبَةِ لِوُجُودِ الْبَدَلِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ فِيهَا وَهُوَ الصَّوْمُ بِخِلَافِهِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَيَتْرُكُ لَهُ) أَيْ لِمَنْ ذَكَرَ مِنْ الْمُفْلِسِ، وَمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ، وَيَتْرُكُ لِعِيَالِهِ إلَخْ بَلْ تَرْكُهَا أَوْلَى لِشُمُولِهَا لِمَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَلَيْسَ مُرَادٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (دُسْتَ إلَخْ) هِيَ لَفْظَةٌ أَعْجَمِيَّةٌ اُشْتُهِرَتْ فِي الشَّرْعِ، وَمَعْنَاهَا جُمْلَةٌ أَوْ جَمَاعَةُ ثَوْبٍ، وَمِنْهَا الْمِنْدِيلُ وَالتِّكَّةُ وَمَا تَحْتَ الْعِمَامَةِ وَالطَّيْلَسَانِ وَالْخُفِّ، وَمَا يُلْبَسُ فَوْقَ الثِّيَابِ كَالدُّرَّاعَةِ بِمُهْمَلَاتٍ مَعَ تَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَهُوَ الْمِلْوَطَةُ وَالْمِقْنَعَةُ لِلْمَرْأَةِ، وَلَوْ لَمْ يَخْلُ تَرْكُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِمُرُوآتِهِ لَمْ يَتْرُكْ لَهُ نَحْوَ مَنْ لَا يَعْتَادُ لُبْسَ السَّرَاوِيلِ. قَوْلُهُ. (وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ) وَإِنْ وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ فِي الصَّيْفِ. قَوْلُهُ: (لِعِيَالِهِ) أَيْ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيُسَامِحُ بِاللِّبَدِ إلَخْ) أَيْ لَا بِالْفُرُشِ وَالْبُسُطِ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (تَقْتِيرًا) قَالَ شَيْخُنَا بِخِلَافِ مَنْ كَانَ يَفْعَلُهُ زُهْدًا وَتَوَاضُعًا، فَيَرُدُّ إلَى اللَّائِقِ بِهِ فَرَاجِعْهُ، وَيَتْرُكُ لِعَالِمٍ كُتُبَهُ إنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِمَوْقُوفٍ، وَلِجُنْدِيٍّ مُرْتَزِقٍ خَيْلَهُ وَسِلَاحَهُ الْمُحْتَاجَ إلَيْهِمَا لَا لِمُتَطَوِّعٍ إلَّا إنْ تَعَيَّنَ، وَلَا يُتْرَكُ مُصْحَفٌ إلَّا بِمَحَلٍّ لَا حَافِظَ فِيهِ، وَتُبَاعُ آلَةُ مُحْتَرِفٍ وَرَأْسِ مَالِ تِجَارَةٍ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الْكَسْبُ عَلَيْهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَكُلُّ مَا قُلْنَا إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْمَنْهَجِ بَعْدَ كُتُبِ الْعَالِمِ، وَخَيْلِ الْجُنْدِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَيَقْتَضِي أَنَّهَا تُشْتَرَى لَهُ أَيْضًا قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِجَمْعٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَشَمَلَ كُتُبَ الْعَالِمِ مَا لَوْ كَانَتْ لِطَبِيبٍ فَرَاجِعْهُ. وَشَمَلَ شِرَاءَ الْمَذْكُورَاتِ مَا لَوْ اسْتَغْرَقَتْ   [حاشية عميرة] يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: لَا دَلِيلَ فِيهِ لِمَا قَالَهُ فَإِنَّ أَهْلَ الْيَسَارِ يَتَفَاوَتُونَ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَسَارَ الْمُعْتَبَرَ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ غَيْرُ الْيَسَارِ الْمُعْتَبَرِ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، فَالْأَوَّلُ أَنْ يَفْضُلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ، وَالثَّانِي مَنْ يَكُونُ دَخْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ خَرْجِهِ، فَالْقَادِرُ عَلَى الْكَسْبِ الْوَاسِعِ مُعْسِرٌ فِي الزَّوْجَةِ مُوسِرٌ فِي الْأَوَّلِ، وَالْمَسْكَنُ وَالْخَادِمُ يُبَاعَانِ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، وَلَا يُبَاعَانِ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُبَاعُ مَسْكَنُهُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّ تَحْصِيلَهُمَا بِالْكِرَاءِ أَسْهَلُ، فَإِنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَعَلَى كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعِمَامَةٌ) ذَكَرَ الْمُحَرِّرُ بَدَلَهَا الْمِنْدِيلَ، قِيلَ: فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَهَا مَعَهَا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَهْلَ بِلَادِ الرَّافِعِيِّ يُطْلِقُونَ الْمِنْدِيلَ عَلَى الْعِمَامَةِ، فَلِهَذَا اقْتَصَرَ الْمِنْهَاجُ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (مِكْعَبٌ) سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ دُونَ الْكَعْبَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَيُتْرَكُ لِعِيَالِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ عِبَارَةَ الْمَتْنِ لَا تُفِيدُ ذَلِكَ، وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ ضَمِيرَ لَهُ عَائِدٌ عَلَى مَنْ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فَيَشْمَلُ نَفْسَهُ وَعِيَالَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 يَوْمِ الْقِسْمَةِ) لَهُ وَ (لِمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) لِأَنَّهُ مُوسِرٌ فِي أَوَّلِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَسُكْنَى ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ غَيْرُهُ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَنْ يَكْتَسِبَ أَوْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ) قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] حَكَمَ بِإِنْظَارِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْكَسْبِ (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ إجَارَةِ أُمِّ وَلَدِهِ وَالْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ) لِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ كَالْعَيْنِ فَيَصْرِفُ بَدَلَهَا لِلدَّيْنِ. وَالثَّانِي يَقُولُ: الْمَنْفَعَةُ لَا تُعَدُّ مَالًا حَاصِلًا وَعَلَى الْأَوَّلِ يُؤَجِّرُ مَا ذَكَرَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَى أَنْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَضِيَّةُ هَذَا إدَامَةُ الْحَجْرِ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَهُوَ كَالْمُسْتَبْعَدِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إجَارَةِ الْوَقْفِ مَا لَمْ يَظْهَرْ تَفَاوُتٌ بِسَبَبِ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ إلَى حَدٍّ لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ فِي غَرَضِ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ (وَإِذَا ادَّعَى) الْمَدِينُ (أَنَّهُ مُعْسِرٌ أَوْ قَسَّمَ مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَأَنْكَرُوا فَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ فِي مُعَامَلَةِ مَالٍ كَشِرَاءٍ أَوْ قَرْضٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) كَمَا لَوْ ادَّعَى هَلَاكَ الْمَالِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ فِي غَيْرِ مُعَامَلَةٍ (فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ، وَالثَّانِي لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ   [حاشية قليوبي] مَالَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْقِسْمَةِ) أَيْ بِلَيْلَتِهِ نَعَمْ إنْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ مَالِهِ حَقٌّ كَرَهْنٍ، لَمْ يُتْرَكْ لَهُ شَيْءٌ وَلَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الدَّيْنُ كَمَا مَرَّ وَإِنْ لَزِمَهُ مِنْ حَيْثُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ لَوْ عَصَى بِهِ، وَمِنْهُ وُجُوبُ التَّزْوِيجِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَبِهَذَا عُلِمَ كَذِبَ مَا قِيلَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَنَّهُ يُبَاعُ الْحُرُّ فِي دَيْنِهِ. قَوْلُهُ: (الْمَوْقُوفَةُ عَلَيْهِ) وَكَذَا الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا حَيْثُ جَازَ لَهُ إيجَارُهُمَا لَا نَحْوُ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى السُّكْنَى، أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِأَنْ يَسْكُنَهَا. قَوْلُهُ: (فَيَصْرِفُ بَدَلَهَا) أَيْ مَا فَضَلَ مِنْهُ عَنْ مُؤْنَةِ مُمَوَّنِهِ كَمَا مَرَّ. وَلَا يَصْرِفُ الْقَاضِي لِلْغُرَمَاءِ إلَّا أُجْرَةً اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (إدَامَةُ الْحَجْرِ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بَلْ وَيَسْتَمِرُّ بَعْدَ قَضَائِهِ إلَى أَنْ يَفُكَّهُ الْقَاضِي، لَا الْغُرَمَاءُ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي فَكُّهُ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ، وَلَوْ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى بِهِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ لَهُ الْفَكُّ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (يُجْبَرُ عَلَى إجَارَةِ الْوَقْفِ) هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الْوُجُوبِ وَسَكَتَ عَنْ أُمِّ الْوَلَدِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَذَلِكَ، وَغَيْرُ الْأَرْضِ مِثْلُهَا كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَأَنْكَرُوا) وَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ إعْسَارَهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ، مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَعَنُّتٌ، وَكَذَا لَهُمْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِحُدُوثِ مَالٍ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَتَحْلِيفُهُ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ تَعَنُّتٌ، وَإِذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ حَلَفَ الْآخَرُ وَثَبَتَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فِي مُعَامَلَةِ مَالٍ) الْمُرَادُ مِنْهَا أَنْ يُعْرَفَ لَهُ مَالٌ وَلَوْ بِغَيْرِهَا. فَلَا يُقَالُ الْمَالُ الَّذِي عُرِفَ بِالْمُعَامَلَةِ قَدْ قُسِّمَ فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى يَمِينِهِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ أَيْ بِظَنِّهِ إعْسَارَهُ وَلَهُ الْحُكْمُ بِالْبَيِّنَةِ فِي غَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ، حَيْثُ شَاعَ وَالْبَيِّنَةُ هُنَا رَجُلَانِ وَلَا يَحْتَاجُ مَعَهَا إلَى يَمِينٍ إنْ شَهِدَتْ بِتَلَفِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَلِفِ مَعَهَا بِطَلَبِ الْخَصْمِ الْمُعَيَّنِ الْمُسْتَقِلِّ الْحَاضِرِ، وَإِلَّا حَلَفَ بِلَا طَلَبٍ وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْغَرِيمُ لِظَنِّ إعْسَارِهِ فَبَانَ مُوسِرًا فَإِنْ قَيَّدَ إبْرَاءَهُ بِعَدَمِ الْمَالِ لَمْ يَبْرَأْ، وَإِلَّا بَرِئَ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُفْلِسُ بِالْمَالِ الَّذِي مَعَهُ لِمَجْهُولٍ لَمْ يُقْبَلْ، وَلِلْغُرَمَاءِ أَخْذُهُ أَوْ لِمُعَيَّنٍ غَائِبٍ انْتَظَرَ، أَوْ حَاضِرٍ فَكَذَّبَهُ أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ أَوْ صَدَّقَهُ عَمِلَ بِإِقْرَارِهِ فَيَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَلَا يَحْلِفُ هُوَ وَلَا الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى عَدَمِ الْمُوَاطَأَةِ، وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْمَالَ لِلْمُفْلِسِ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ تَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ بِيَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُوتُ يَوْمِ الْقِسْمَةِ) إنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ بَعْضَهُ مُتَأَخِّرٌ فَلَمْ يَشْمَلْهُ مَا مَرَّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَخْ) وَقَالَ الْفَرَاوِيُّ: عَلَيْهِ إنْ عَصَى بِسَبَبِهِ، وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ التَّوْبَةَ وَاجِبَةٌ وَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِرَدِّ الْمَظْلِمَةِ وَعُورِضَ، بِأَنَّ الْجَانِيَ تَصِحُّ تَوْبَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ نَفْسَهُ لِلْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ مُتَجَدِّدَةٌ، قَالَهُ فِي الْخَادِمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَلَامُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا سِيَّمَا تَصْرِيحُهُمْ بِالْإِيجَارِ إلَى فِنَاءِ الدَّيْنِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ لَا يَمْنَعُ الْحَجْرَ، وَإِنْ كَانَ مَالُهُ مَعَهَا زَائِدًا عَلَى دُيُونِهِ. قَوْلُهُ: (ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ) هَذَا مِمَّا ذَكَرَهُ جَوَابًا لِسُؤَالٍ: هَلْ تُؤَجَّرُ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ مَعَ أَنَّ الْقَدْرَ يَنْقُصُ بِسَبَبِ التَّعْجِيلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) أَيْ فَتَشْهَدُ فِي الْأُولَى بِالْإِعْسَارِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَكْفِي شَهَادَتُهَا بِتَلَفِ الْمَالِ ثُمَّ فِيهَا إشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمَالَ قَدْ وُجِدَ وَقُسِّمَ، فَيَنْبَغِي إنْ تَصَوَّرَ بِمَا إذَا كَانَ حَالُ الْمُعَامَلَةِ يَزِيدُ عَلَى مَا وُجِدَ إلَّا فَلَا يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ. فَرْعٌ: الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِتَلَفِ الْمَالِ لَا يَجِبُ مَعَهَا يَمِينٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الظَّاهِرَ) اعْتَرَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا التَّعْلِيلَ، بِأَنَّ مُقْتَضَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 الْحُرِّ أَنَّهُ يَمْلِكُ شَيْئًا. وَالثَّالِثُ إنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ بِاخْتِيَارِهِ كَالصَّدَاقِ وَالضَّمَانِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةِ، وَإِنْ لَزِمَهُ لَا بِاخْتِيَارِهِ كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَغَرَامَةِ الْمُتْلَفِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَشْغَلُ ذِمَّتَهُ بِاخْتِيَارِهِ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ (وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ فِي الْحَالِّ) بِالشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ (وَشَرْطُ شَاهِدِهِ) وَهُوَ اثْنَانِ وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ (خِبْرَةُ بَاطِنِهِ) أَيْ الْمُعْسِرِ بِطُولِ الْجِوَارِ وَكَثْرَةِ الْمُجَالَسَةِ وَالْمُخَالَطَةِ فَإِنَّ الْأَمْوَالَ تُخْفَى فَإِنْ عَرَفَ الْقَاضِي أَنَّ الشَّاهِدَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَهُ اعْتِمَادُ قَوْلِهِ أَنَّهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ (وَلْيَقُلْ هُوَ مُعْسِرٌ وَلَا يُمَحِّضْ النَّفْيَ كَقَوْلِهِ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا) بَلْ يُقَيِّدُهُ كَقَوْلِهِ لَا يَمْلِكْ إلَّا قُوتَ يَوْمِهِ وَثِيَابَ بَدَنِهِ (وَإِذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ) عِنْدَ الْقَاضِي (لَمْ يَجُزْ حَبْسُهُ وَلَا مُلَازَمَتُهُ بَلْ يُمْهَلُ حَتَّى يُوسِرَ) لِلْآيَةِ نَعَمْ لِلْغَرِيمِ تَحْلِيفُهُ وَيَجِبُ بِطَلَبِهِ قِيلَ: وَمَعَ سُكُوتِهِ أَيْضًا فَيَكُونُ مِنْ آدَابِ الْقَاضِي (وَالْغَرِيبُ الْعَاجِزُ عَنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ يُوَكِّلُ الْقَاضِي بِهِ مَنْ يَبْحَثُ عَنْ حَالِهِ فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إعْسَارُهُ شَهِدَ بِهِ) لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ فِي الْحَبْسِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْدِيرُ الْكَلَامِ بِلَفْظِ يَنْبَغِي أَنْ يُوَكِّلَ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَهَذَا أَبْدَاهُ الْإِمَامُ تَفَقُّهًا لِنَفْسِهِ.   [حاشية قليوبي] قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْيَسَارِ، حَيْثُ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ وَبَيَّنَتْ سَبَبَ يَسَارِهِ؛ لِأَنَّهَا نَافِلَةٌ وَإِلَّا قُدِّمَتْ الْأُخْرَى وَيُغْنِي عَنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ بَيِّنَةُ تَلِفَ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَلِيءٌ. قَوْلُهُ: (وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ فِي الْحَالِ) مِنْ غَيْرِ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُحْبَسُ فِيهَا لِيَخْتَبِرَ فِيهَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ شَاهِدِهِ) أَيْ إنْ شَهِدَ بِالْإِعْسَارِ، فَإِنْ شَهِدَ بِتَلَفِ الْمَالِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى خِبْرَةِ بَاطِنِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ (بِطُولِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ وُجُوهَ الِاخْتِبَارِ ثَلَاثَةٌ أَمَّا الْجِوَارُ أَوْ الْمُعَامَلَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِالْمُخَالَطَةِ، أَوْ الْمُرَافَقَةُ فِي السَّفَرِ وَنَحْوُهُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِالْمُجَالَسَةِ كَمَا وَقَعَ ذَلِكَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ قَالَ لِمُزَكِّي الشَّاهِدَيْنِ بِمَاذَا تَعْرِفُهُمَا قَالَ بِالدِّينِ، وَالصَّلَاحِ. فَقَالَ: هَلْ أَنْتَ جَارُهُمَا تَعْرِفُ صَبَاحَهُمَا وَمَسَاءَهُمَا؟ قَالَ: لَا قَالَ فَهَلْ عَامَلْتَهُمَا فِي الصَّفْرَاءِ وَالْبَيْضَاءِ أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. قَالَ: لَا فَقَالَ: هَلْ رَافَقْتَهُمَا فِي السَّفَرِ الَّذِي يُسْفِرُ عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ. قَالَ: لَا قَالَ: فَاذْهَبْ فَإِنَّك لَا تَعْرِفُهُمَا لَعَلَّك رَأَيْتَهُمَا فِي الْجَامِعِ يُصَلِّيَانِ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ) أَيْ خِبْرَةِ الْبَاطِنِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الشَّاهِدِ مَنْ يَشْهَدُ أَنَّهُ يَعْلَمُ، بِأَنَّ الْمُعْسِرَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَحْلِيفِ الْمُعْسِرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُمَحِّضُ النَّفْيَ) أَيْ لِأَنَّهُ كَذَبَ لَكِنْ غَيْرُ مُفَسَّقٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَعَهُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَاهَا. قَوْلُهُ: (نَعَمْ لِلْغَرِيمِ تَحْلِيفُهُ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالْغَرِيبُ) الْمُرَادُ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ. قَوْلُهُ: (يُوَكِّلُ الْقَاضِي) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: نَدْبًا وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وُجُوبًا وَذَلِكَ بَعْدَ حَبْسِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مَنْ يَبْحَثُ) أَيْ اثْنَيْنِ مِنْ الرِّجَالِ فَأَكْثَرَ، وَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ وَأَجَرْتُهُمَا عَلَى الْغَرِيبِ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا هُنَا وَالْوَجْهُ كَمَا قَدْ مَرَّ عَنْهُ، خِلَافُهُ فِي أُجْرَةِ الْمُنَادِي عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَنْبَغِي) أَيْ يُنْدَبُ أَوْ يَجِبُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. تَنْبِيهٌ: لَا يُحْبَسُ وَالِدٌ وَإِنْ عَلَا وَلَوْ أُنْثَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَوْ الْأَبِ لِدَيْنِ وَلَدِهِ، وَإِنْ سَفَلَ وَلَوْ مِنْ جِهَةِ النَّفَقَةِ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ زَمِنًا وَلَا يُحْبَسُ مَرِيضٌ؛ وَلَا مُخَدَّرَةٌ وَلَا ابْنُ السَّبِيلِ، لَكِنْ يَسْتَوْثِقُ الْقَاضِي عَلَيْهِمْ بِمَا يَرَاهُ وَلَوْ لِمَنْعِهِ مِنْ السَّفَرِ، وَلَا يُحْبَسُ طِفْلٌ وَلَا مَجْنُونٌ وَلَا وَصِيٌّ وَلَا قَيِّمٌ وَلَا وَكِيلٌ فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِمُعَامَلَتِهِمْ، وَلَا عَبْدٌ جَانٍ وَلَا سَيِّدُهُ وَلَا مُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ، وَلَا مُسْتَأْجِرُ الْعَيْنِ عَلَى عَمَلٍ يَتَعَذَّرُ فِي الْحَبْسِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْعَمَلِ، خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَلَا يُكَلَّفُ حُضُورَ مَجْلِسِ الْمَحْبُوسِ مِمَّا يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِي مَنْعِهِ كَشَمِّ الرَّيَاحِينِ، وَمُحَادَثَةِ الْأَصْدِقَاءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِالْحَلِيلَةِ، وَلَهُ ضَرْبُهُ وَنَحْوُهُ إنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِالْحَبْسِ، وَلَا يُقْفَلُ   [حاشية عميرة] الظَّاهِرِ قَدْ تَحَقَّقَ وَعَمِلَ بِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ، وَقِسْمَةُ الْمَالِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: فَيُتَّجَهُ هُنَا أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إلَّا إنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ الَّذِي قُسِّمَ سَابِقًا عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْحَالِ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَالَ: لَا بُدَّ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ اخْتِبَارِهِ بِالْحَبْسِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَنْ عُهِدَ لَهُ مَالٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ) أَيْ لِحَدِيثٍ فِي ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ إلَخْ) لَهُ أَنْ يَحْلِفَ لِغَرِيمِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إعْسَارَهُ، وَإِذَا طَلَبَ الْخُرُوجَ مِنْ الْحَبْسِ كُلَّ يَوْمٍ لِذَلِكَ أُجِيبَ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ لِلْقَاضِي تَعَنُّتُهُ، وَكَذَا صَاحِبُ الدَّيْنِ فِي حَقِّ مَنْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْإِعْسَارِ، لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ اسْتَفَادَ مَالًا بَعْدَ الْحَلِفِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ سَبَبِ الَّذِي اسْتَفَادَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 فَصْلٌ: مَنْ بَاعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ أَيْ بِسَبَبِ إفْلَاسِهِ وَالْمَبِيعُ بَاقٍ عِنْدَهُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (فَسْخُ الْبَيْعِ وَاسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ وَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ نَحْوَهُ وَلَا فَسْخَ قَبْلَ الْحَجْرِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ خِيَارَهُ) أَيْ الْفَسْخِ (عَلَى الْفَوْرِ) كَخِيَارِ الْعَيْبِ بِجَامِعِ دَفْعِ الضَّرَرِ. وَالثَّانِي عَلَى التَّرَاخِي كَخِيَارِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ وَعَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ لَا يَمْتَنِعُ تَأْقِيتُهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْفَسْخُ بِالْوَطْءِ) لِلْأَمَةِ (وَالْإِعْتَاقِ وَالْبَيْعِ) كَمَا لَا يَحْصُلُ بِهَا فِي الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ وَالثَّانِي يَحْصُلُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا كَمَا يَحْصُلُ بِهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مِنْ الْبَائِعِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِفَسَخْتُ الْبَيْعَ أَوْ رَفَعْته أَوْ نَقَضْته وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ فِي الْأَصَحِّ (وَلَهُ) أَيْ لِلشَّخْصِ (الرُّجُوعُ) فِي عَيْنِ مَالِهِ بِالْفَسْخِ (فِي سَائِرِ   [حاشية قليوبي] الْحَبْسُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ رَآهُ الْقَاضِي مَصْلَحَةً، وَلَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِ مَنْ حُبِسَ لَهُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ السِّجْنِ وَالسَّجَّانِ، ثُمَّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ الْمُسْلِمِينَ الْمُوسِرِينَ، وَلَوْ انْفَلَتَ مِنْ الْحَبْسِ لَمْ يَلْزَمْ الْقَاضِي طَلَبُهُ، وَإِعَادَتُهُ إلَّا بِطَلَبِ خَصْمِهِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَيَسْأَلُهُ لِمَ هَرَبَ، فَإِنْ عَلَّلَهُ بِإِعْسَارِهِ لَمْ يُعَزِّرْهُ، وَإِلَّا عَزَّرَهُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً. فَرْعٌ: مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى لَوْ حَلَفَ، أَنَّهُ يُوَفِّي فُلَانًا حَقَّهُ فِي وَقْتِ كَذَا، ثُمَّ ادَّعَى الْإِعْسَارَ فِيهِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي الْمُفْلِسِ، فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ، وَيُعَذَّرُ بِغَيْبَةِ صَاحِبِ الدَّيْنِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَبِغَيْبَتِهِ هُوَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَنُوزِعَ فِيهِ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَلْيَنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْإِعْسَارِ هُنَا، هَلْ هُوَ الْمُفْلِسُ، فَلَا يَحْنَثُ بِمَا يَتْرُكُ لَهُ أَوْ الْمُرَادُ عَجْزُهُ عَنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَإِذَا ظَنَّ أَنَّ الْيَسَارَ لَا يَكُونُ بِالْعُرُوضِ بَلْ بِالْفِضَّةِ أَوْ بِالذَّهَبِ مَثَلًا، هَلْ يُصَدَّقُ وَيُعَذَّرُ فِيهِ رَاجِعْ وَحَرِّرْ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي كُلِّ مَا يُشْعِرُ حَالُهُ، بِأَنَّهُ يَخْفَى عَلَيْهِ، وَلَوْ حُبِسَتْ الزَّوْجَةُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَلَوْ مِنْ الزَّوْجِ ظُلْمًا وَكَذَا عَكْسُهُ إلَّا إنْ حَبَسَتْهُ بِحَقٍّ فَلَهَا النَّفَقَةُ. فَصْلٌ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْمُفْلِسِ فِي الْمُعَامَلَةِ مَعَهُ وَمَا يَتْبَعُهُ. قَوْلُهُ: (بِسَبَبِ إفْلَاسِهِ) خَرَجَ بِهِ حَجْرُ السَّفَهِ، وَغَيْرُ الْحَجْرِ فَلَا فَسْخَ وَلَا رُجُوعَ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ) جَوَازًا فِي الْمُتَصَرِّفِ عَنْ نَفْسِهِ، وَوُجُوبًا فِي الْمُتَصَرِّفِ عَنْ غَيْرِهِ، وَفِيهِ غِبْطَةٌ نَعَمْ. إنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَنْعِهِ امْتَنَعَ، وَلَا يَنْقُضُ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مُعَارَضَةٌ لِلنَّصِّ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ أَحَقُّ بِهَا أَيْ بِثَمَنِهَا، وَلَا يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ التَّقْدِيمُ لِلثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ دَفْعُ الْإِشْكَالِ. قَوْلُهُ: (فَسْخُ الْبَيْعِ) وَإِنْ مَاتَ الْمُفْلِسُ خِلَافًا لِمَالِكٍ فِي الْمَيِّتِ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِي الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ. قَوْلُهُ: (وَاسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ) أَيْ كُلِّهِ وَإِنْ كَانَ قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ، وَلَهُ الْفَسْخُ فِي بَعْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ يَفِي بِدُيُونِهِ، وَكَانَ أَخْفَاهُ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ الرُّجُوعِ الَّذِي وَقَعَ فَلَا يَبْطُلُ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِذَلِكَ فَسَادُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْفَوْرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَخْذًا مِنْ التَّشْبِيهِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (كَخِيَارِ الْعَيْبِ) فَيُعَذَّرُ فِي جَهْلِهِ وَلَوْ صَالَحَ بِعِوَضٍ جَاهِلًا بِثُبُوتِهِ لَمْ يَبْطُلْ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (عَلَى التَّرَاخِي) هُوَ مَرْجُوحٌ وَعَلَيْهِ قَالَ فِي الْحَاوِي: يَمْتَدُّ إلَى أَنْ يَعْزِمَ الْقَاضِي عَلَى بَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ، فَهُوَ مُقَابِلُ قَوْلِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (كَخِيَارِ الرُّجُوعِ) وَفَرَّقَ بِعَدَمِ الضَّرَرِ هُنَاكَ. قَوْلُهُ: (كَمَا يَحْصُلُ إلَخْ) وَفَرَّقَ بِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ) أَيْ هُوَ أَمْرٌ لَا يَخْفَى، فَلِذَلِكَ سَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ أَوْ هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ حَيْثُ جَعَلَ الْخِلَافَ فِي الْفِعْلِ خَاصَّةً. قَوْلُهُ: (وَلَا يُفْتَقَرُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُ الْوَجْهَيْنِ لِلْقَوْلِ، وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلْفِعْلِ أَيْضًا،   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ بَاعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ] فَصْلٌ: مَنْ بَاعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي يُفِيدُ أَنَّ الْبَيْعَ فِي حَالِ الْحَجَرِ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ يُسْتَثْنَى الْجَاهِلُ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْحَجْرِ مُجَرَّدُ الْإِفْلَاسِ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْفَلِسِ الْحَجْرُ بِالسَّفَهِ وَنَحْوِهِ كَالْجُنُونِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ) خَالَفَ ابْنُ حَرْبَوَيْهِ فَقَالَ: لَا يُفْسَخُ بَلْ يُقَدَّمُ بِثَمَنِهِ كَالْمَرْهُونِ، وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ الْفَسْخِ وَوَافَقَنَا مَالِكٌ عَلَيْهِ، لَكِنَّهُ خَالَفَ فِيمَنْ مَاتَ مُفْلِسًا مِنْ غَيْرِ حَجْرٍ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي عَلَى التَّرَاخِي) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: عَلَيْهِ يَمْتَدُّ إلَى أَنْ يُقْدِمَ الْقَاضِي عَلَى بَيْعِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْإِعْتَاقِ) وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ فَالْقِيَاسُ كَمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 الْمُعَاوَضَاتِ) الَّتِي (كَالْبَيْعِ) وَهِيَ الْمَحْضَةُ مِنْهَا الْقَرْضُ وَالسَّلَمُ وَالْإِجَارَةُ، فَإِذَا سَلَّمَهُ دَرَاهِمَ قَرْضًا أَوْ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا فَحَلَّ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ وَالدَّرَاهِمُ بَاقِيَةٌ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا بِالصُّلْحِ فَإِذَا أَجَّرَهُ دَارًا بِأُجْرَةٍ حَالَّةٍ لَمْ يَقْبِضْهَا عَلَى حَجْرٍ عَلَيْهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الدَّارِ بِالْفَسْخِ تَنْزِيلًا لِلْمَنْفَعَةِ مَنْزِلَةَ الْعَيْنِ فِي الْبَيْعِ، وَفِي قَوْلٍ لَا إذْ لَا وُجُودَ لِلْمَنْفَعَةِ وَلَا رُجُوعَ فِي مُعَاوَضَةٍ غَيْرِ مَحْضَةٍ، فَإِذَا خَالَعَهَا أَوْ صَالَحَهُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى عِوَضٍ حَالٍّ لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى وَجَدَ الْحَجْرَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَى الْبُضْعِ أَوْ الدَّمِ. وَدَلِيلُ الشِّقِّ الْأَوَّلِ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ» (وَلَهُ) أَيْ لِلرُّجُوعِ فِي الْمَبِيعِ (شُرُوطٌ مِنْهَا: يَكُونُ الثَّمَنُ حَالًّا) فِي الْأَصْلِ أَوْ حَلَّ قَبْلَ الْحَجْرِ. وَكَذَا بَعْدَهُ عَلَى وَجْهٍ صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَلَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْكَبِيرُ تَصْحِيحٌ (وَأَنْ يَتَعَذَّرَ حُصُولُهُ) أَيْ الثَّمَنُ (بِالْإِفْلَاسِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (فَلَوْ) انْتَفَى الْإِفْلَاسُ بِأَنْ (امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الثَّمَنِ مَعَ يَسَارِهِ أَوْ هَرَبَ) عُطِفَ عَلَى امْتَنَعَ (فَلَا فَسْخَ فِي الْأَصَحِّ) لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ بِالسُّلْطَانِ، فَإِنْ   [حاشية قليوبي] وَلَهُ صَرَّحَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِقَوْلِهِ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْوَطْءِ إذَا نَوَى بِهِ الْفَسْخَ، وَقُلْنَا لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ حَاكِمٍ اهـ. قَوْلُهُ: (الَّتِي كَالْبَيْعِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْكَافَ لِلتَّنْظِيرِ لِإِفَادَةِ تَخْصِيصِ الْمُعَاوَضَاتِ بِالْمَحْضَةِ كَمَا ذَكَرَهُ، لَا لِلتَّمْثِيلِ الْمُفِيدِ لِلْعُمُومِ الَّذِي لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ الْمَحْضَةُ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى ضَابِطِ مَا فِيهِ الرُّجُوعُ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالْقَوْلِ فَوْرًا فِي كُلِّ مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ، لَمْ تَقَعْ بَعْدَ حَجْرٍ عَلِمَهُ وَالْعِوَضُ بَاقٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ، وَالثَّمَنُ دَيْنٌ حَالٌّ وَتَعَذَّرَ حُصُولُهُ بِالْإِفْلَاسِ. قَوْلُهُ: (مِنْهَا الْقَرْضُ وَالسَّلَمُ وَالْإِجَارَةُ) اخْتَارَ ذِكْرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لِنُكْتَةٍ، وَهِيَ فِي الْقَرْضِ إفَادَةُ أَنَّ الرُّجُوعَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْإِفْلَاسُ فَوْرِيٌّ، وَفِي السَّلَمِ إفَادَةُ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ كَالْمُعَيَّنِ وَفِي الْإِجَازَةِ إفَادَةُ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ كَالْعَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ، وَلَوْ حَجَرَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ إنْ لَمْ تَسْلَمُ الْعَيْنُ، وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ بَاقِيَةً. قَوْلُهُ: (ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ) أَوْ حَلَّ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَى الصَّحِيحِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (بَاقِيَةٌ) فَإِنْ تَلِفَتْ فَلَا فَسْخَ وَيُضَارِبُ فِي السَّلَمِ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ ثُمَّ يَشْتَرِي لَهُ فَإِنْ رَخَّصَ السِّعْرَ وَفَضَلَ مِنْهَا عَنْهُ شَيْءٌ فَلِلْغُرَمَاءِ. قَوْلُهُ: (بِأُجْرَةٍ حَالَّةٍ) خَرَجَ الْمُؤَجَّلَةُ وَلَوْ كَانَ الْمُؤَجَّلُ بَعْضُهَا، فَلَا فَسْخَ فِيمَا يُقَابِلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَلَا فَسْخَ فِي أُجْرَةٍ تَحُلُّ آخِرَ كُلِّ شَهْرٍ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ فَرَاغِ الشَّهْرِ مُؤَجَّلَةٌ، وَبَعْدَهُ قَدْ فَاتَ الْمُعَوَّضُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (فِي الدَّارِ بِالْفَسْخِ) وَيُضَارِبُ بِأُجْرَةِ مَا مَضَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا خَالَعَهَا) وَمِثْلُهُ النِّكَاحُ كَأَنْ أَصْدَقَهَا عَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى حُجِرَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ وَالرُّجُوعُ إلَى بُضْعِهَا وَسَوَاءٌ فِيهِ، وَفِي الْخُلْعِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبَعْدَهُ وَالتَّعْلِيلُ بِفَوَاتِ الْمُقَابِلِ فِي النِّكَاحِ لِلْأَغْلَبِ وَفِي الْخُلْعِ وَاضِحٌ بِالْبَيْنُونَةِ. قَوْلُهُ: (حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ) أَيْ مَعَ تَخْصِيصِ مَا هُنَا بِالْبَيْعِ حَمْلًا لِإِطْلَاقِهِ عَلَى تَقْيِيدِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ أَوَّلَ الْفَصْلِ بِالْبَيْعِ، وَغَيْرُ الْبَيْعِ مُقَاسٌ عَلَيْهِ، وَسَكَتَ عَنْهُ الشَّارِحُ اعْتِمَادًا عَلَى الْإِشَارَةِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ سَابِقًا الَّتِي كَالْبَيْعِ كَمَا مَرَّ. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْبَيْعَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ هَذَا الْعَامِّ فَاسِدٌ؛ لِشُمُولِهِ لِلْمُعَاوَضَاتِ غَيْرِ الْمَحْضَةِ، وَلِأَنَّهُ يُبْطِلُ قَوْلَ الشَّارِحِ، وَدَلِيلُ الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى ذِي بَصِيرَةٍ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ قَدْ أَفْلَسَ حُجِرَ عَلَيْهِ، وَعَبَّرَ بِالْإِفْلَاسِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَبِيعِ) قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الثَّمَنُ لَا لِلْحُكْمِ أَخْذًا مِنْ الْقِيَاسِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (عَلَى وَجْهٍ صَحَّحَهُ فِي الشَّارِحِ الصَّغِيرِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَالْمُعْتَبَرُ كَوْنُ الدَّيْنِ حَالًّا وَقْتَ إرَادَةِ الرُّجُوعِ. قَوْلُهُ: (بِالْإِفْلَاسِ) نَعَمْ إنْ كَانَ بِهِ ضَامِنٌ مَلِيءٌ أَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ أَوْ حَدَثٌ لَهُ مَالٌ بِنَحْوِ احْتِطَابٍ وَهُوَ يَفِي بِالدَّيْنِ مَعَ الْمَالِ الْقَدِيمِ، فَلَا رُجُوعَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ، فَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ عَنْهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ، بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ امْتَنَعَ إلَخْ) هُوَ مَفْهُومُ الشَّرْطِ قَبْلَهُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ فَرْضِ الْكَلَامِ فِي الْمُفْلِسِ. قَوْلُهُ: (عَطْفٌ عَلَى امْتَنَعَ) فَهُوَ فِعْلٌ   [حاشية عميرة] قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَنْ يَغْرَمَ الْبَدَلَ وَيُضَارِبَ بِالثَّمَنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَالْبَيْعِ) مِمَّا يُفِيدُهُ هَذَا التَّشْبِيهُ اشْتِرَاطُ أَنْ تَكُونَ سَابِقَةً عَلَى الْحَجْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِأُجْرَةٍ حَالَّةٍ) أَمَّا الْأُجْرَةُ الْمُؤَجَّلَةُ فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَلَا يَتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيهَا قَبْلُ إذَا مَضَى شَهْرُ الْأُجْرَةِ مُؤَجَّلَةً وَبَعْدَهُ فَاتَتْ الْمَنْفَعَةُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى حُجِرَ عَلَيْهِ) أَمَّا لَوْ حُجِرَ عَلَى الْمُؤَجَّرِ فَيَنْظُرُ إنْ كَانَتْ إجَارَةُ عَيْنٍ فَلَا فَسْخَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ ذِمَّةٍ، وَسَلَّمَ عَيْنًا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ بَاقِيَةً. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بَعْدَهُ عَلَى وَجْهٍ إلَخْ) وَاخْتَارَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَلَهُ وَجْهٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ السَّبَبَ قَدِيمٌ، وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ رَجَعَ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يَتَعَذَّرَ) لَوْ حَدَثَ مَالٌ بِاصْطِيَادٍ وَأَمْكَنَ الْوَفَاءُ بِهِ مَعَ الْمَالِ الْقَدِيمِ قَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا رُجُوعَ وَنَسَبَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِظَاهِرِ النَّصِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْإِفْلَاسُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ تَعَذَّرَ بِانْقِطَاعِ جِنْسِ الثَّمَنِ، فَلَا فَسْخَ إنْ جَوَّزْنَا الِاسْتِبْدَالَ عَنْ الثَّمَنِ وَاسْتَشْكَلَ لِمَا فِي الِاعْتِيَاضِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْمَقْصُودِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 فُرِضَ عَجْزٌ فَنَادِرٌ لَا عِبْرَةَ بِهِ. وَالثَّانِي لَهُ الْفَسْخُ كَمَا فِي الْمُفْلِسِ بِجَامِعِ تَعَذُّرِ الْوُصُولُ إلَى حَقِّهِ حَالًّا مَعَ تَوَقُّعِهِ مَالًا (وَلَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ) لِمَنْ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ (لَا تَفْسَخْ وَنُقَدِّمُك بِالثَّمَنِ فَلَهُ الْفَسْخُ) لِمَا فِي التَّقْدِيمِ مِنْ الْمِنَّةِ وَقَدْ يَظْهَرُ غَرِيمٌ آخَرُ فَيُزَاحِمُهُ فِيمَا أَخَذَهُ (وَ) مِنْ الشُّرُوطِ (كَوْنُ الْمَبِيعِ بَاقِيًا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَوْ فَاتَ) مِلْكُهُ بِتَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ وَنَحْوِهِ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ وَقْفٍ (أَوْ كَاتَبَ الْعَبْدَ) أَوْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ (فَلَا رُجُوعَ) وَلَوْ زَالَ الْمِلْكُ، ثُمَّ عَادَ قَبْلَ الْحَجْرِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ لَا رُجُوعَ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الزَّوَالِ (وَلَا يَمْنَعُ) الرُّجُوعُ (التَّزْوِيجَ) وَالتَّدْبِيرَ وَتَعْلِيقَ الْعِتْقِ وَالْإِجَارَةِ فَيَأْخُذُهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ يُضَارِبُ. وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ كَجِنَايَةٍ أَوْ رَهْنٍ وَأَنْ لَا يُحَرِّمَ الْبَائِعُ وَالْمَبِيعُ صَيْدًا (وَلَوْ تَعَيَّبَ بِآفَةٍ) كَسُقُوطِ عُضْوٍ (أَخَذَهُ نَاقِصًا أَوْ ضَارَبَ بِالثَّمَنِ أَوْ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ الْبَائِعِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَيُضَارِبُ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَةِ نَقْصِ الْقِيمَةِ) الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُشْتَرِي، مِثَالُهُ قِيمَتُهُ سَلِيمًا مِائَةٌ وَمَعِيبًا تِسْعُونَ فَيَرْجِعُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ (وَجِنَايَةُ الْمُشْتَرِي كَآفَةٍ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ (وَلَوْ تَلِفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ) أَوْ الثَّوْبَيْنِ (ثُمَّ أَفْلَسَ) وَحَجَرَ عَلَيْهِ (أَخَذَ الْبَاقِي وَضَارَبَ بِحِصَّةِ التَّالِفِ) بَلْ لَوْ بَقِيَ جَمِيعُ الْمَبِيعِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فِي بَعْضِهِ مُكِّنَ مِنْهُ (فَلَوْ كَانَ قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ   [حاشية قليوبي] وَقَيْدُ الْيَسَارِ مُعْتَبَرٌ فِيهِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ، وَلَا يَسْتَقِيمُ عَطْفُهُ عَلَى يَسَارِهِ، وَأَنَّهُ اسْمٌ وَلَا عَلَى يَتَعَذَّرُ لِمَا لَا يَخْفِي. قَوْلُهُ: (عَجَزَ) أَيْ بِالسُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَنُقَدِّمُك بِالثَّمَنِ) وَلَهُ الْفَسْخُ بَلْ لَهُ الْفَسْخُ وَإِنْ دَفَعُوهُ لَهُ بِالْفِعْلِ بِخِلَافِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْمُرْتَهِنِ فِي غَيْرِ الْفَلَسِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَيْسَ فِي عَيْنِ الْمَرْهُونِ، وَسَوَاءٌ قَالُوا مِنْ مَالِنَا أَوْ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ وَالْوَرَثَةُ كَالْغُرَمَاءِ، إنْ قَالُوا مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ، فَإِنْ قَالُوا مِنْ مَالِهِمْ أُجِيبُوا لِأَنَّ لَهُمْ إمْسَاكَ التَّرِكَةِ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا أَجَابَ الْغُرَمَاءُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْفَسْخِ، وَإِنْ رَجَعُوا بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ الرُّجُوعَ، وَصَدَّقَهُ الْمُفْلِسُ وَأَنْكَرَ الْغُرَمَاءُ صُدِّقُوا. قَوْلُهُ: (فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي) أَيْ سَلْطَنَتِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ كَاتَبَ الْعَبْدَ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً وَمِثْلُهَا الْهِبَةُ لِلْفَرْعِ، وَالْقَرْضِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ فِيهِمَا، وَكَذَا الْبَيْعُ لَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَوْ لَهُمَا، وَكَذَا الشُّفْعَةُ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِيهِمَا بَعْدَ الْأَخْذِ، وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَالِ أَيْ مِنْ الشَّفِيعِ يَكُونُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، وَمَا فِي الْمَنْهَجِ ضَعِيفٌ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ أَيْضًا، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ نَقْضُ تَصَرُّفِ الْمُفْلِسِ وَالرُّجُوعُ فِي مَبِيعِهِ، وَفَارَقَ نَقْضُ الشَّفِيعِ ذَلِكَ لِسَبْقِ اسْتِحْقَاقِهِ عَلَى تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ، بِخِلَافِ الْبَائِعِ هُنَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ زَالَ إلَخْ) هِيَ مِنْ أَفْرَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَذَكَرَهَا لِأَجْلِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْحَجَرِ) وَكَذَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ الزَّائِلَ الْعَائِدُ كَاَلَّذِي لَمْ يُعَدَّ وَقَدْ نَظَّمَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَلِكَ وَضِدَّهُ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (فَيَأْخُذُهُ مَسْلُوبُ الْمَنْفَعَةِ) وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ؛ لِأَنَّ لَهُ بَدَلًا بِالْمُضَارَبَةِ كَمَا فِي الصَّدَاقِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الرُّجُوعَ بِهَا فِي التَّحَالُفِ. قَوْلُهُ: (كَجِنَايَةِ إلَخْ) وَإِذَا زَالَ التَّعَلُّقُ مِنْ الْجِنَايَةِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الْإِحْرَامِ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ، وَشَمَلَتْ الْجِنَايَةُ مَا لَوْ أَوْجَبَتْ مَالًا أَوْ قِصَاصًا، وَلَا يَمْنَعُ الرُّجُوعُ إسْلَامَ الْعَبْدِ وَالْبَائِعُ كَافِرٌ، لِجَوَازِ مِلْكِ الْكَافِرِ لَهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، فَبِرُجُوعِهِ يَعُودُ إلَى مِلْكِهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْمُحْرِمَ، وَهَذَا الشَّرْطُ لَيْسَ زَائِدًا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا عَرَفْته فِيمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْجَانِي أَوْ لِلْمُرْتَهِنِ: أَنَا أَدْفَعُ لَك دَيْنَك، وَارْجِعْ فِي عَيْنِ مَالِي لَمْ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْبَائِعِ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا قَبْلَهُ كَالْآفَةِ. قَوْلُهُ: (بِنِسْبَةِ نَقْضِ الْقِيمَةِ) أَيْ يُضَارِبُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ بِالْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، وَيَضْمَنُهُ الْجَانِي بِمُقَدَّرِهِ. قَوْلُهُ: (وَجِنَايَةُ الْمُشْتَرِي كَآفَةٍ) وَكَذَا الْمَبِيعُ عَلَى نَفْسِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَلِفَ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (بَلْ لَوْ بَقِيَ إلَخْ) فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ تَلِفَ لَا مَفْهُومَ لَهُ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] وَنُقَدِّمُك) أَيْ وَلَوْ قَالُوا مِنْ مَالِنَا لِوُجُودِ الْمِنَّةِ، وَإِنْ تَخَلَّفَ التَّعْلِيلُ الثَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَوْنُ الْمَبِيعِ بَاقِيًا) هَذَا الْقَيْدُ لَوْ حُذِفَ كَانَ الْكَلَامُ مُنْتَظِمًا فَذَكَرَهُ لِإِفَادَةِ أَنَّ الزَّائِلَ الْعَائِدَ هُنَا كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ، لَكِنْ رَجَّحَ الْإِسْنَوِيُّ خِلَافَهُ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالصَّدَاقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (التَّزْوِيجُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ الْبَيْعُ، ثُمَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْعُيُوبِ فَيُغْنِي عَنْهُ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَحْرُمَ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ بِجَوَازِ اسْتِرْدَادِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ بِالْفَلَسِ إذَا كَانَ بَائِعُهُ كَافِرًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَخَذَهُ نَاقِصًا أَوْ ضَارَبَ) أَيْ كَمَا أَنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 رَجَعَ فِي الْجَدِيدِ) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ (فَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا وَقَبَضَ نِصْفَ الثَّمَنِ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِبَاقِي الثَّمَنِ) وَيَكُونُ مَا قَبَضَهُ فِي مُقَابَلَةِ التَّالِفِ (وَفِي قَوْلٍ يَأْخُذُ نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الْبَاقِي (بِنِصْفِ بَاقِي الثَّمَنِ وَيُضَارِبُ بِنِصْفِهِ) وَهُوَ رُبْعُ الثَّمَنِ وَيَكُونُ الْمَقْبُوضُ فِي مُقَابَلَةِ نِصْفِ التَّالِفِ، وَنِصْفُ الْبَاقِي وَالْقَدِيمِ لَا يَرْجِعُ بَلْ يُضَارِبُ بِبَاقِي الثَّمَنِ لِحَدِيثٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ شَيْءٌ مِنْ الْمَبِيعِ وَكَانَ قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ رَجَعَ عَلَى الْجَدِيدِ فِي الْمَبِيعِ بِقِسْطِ الْبَاقِي مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ قَبَضَ نِصْفَهُ رَجَعَ فِي النِّصْفِ وَيُضَارِبُ عَلَى الْقَدِيمِ (وَلَوْ زَادَ الْمَبِيعُ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَسِمَنٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ فَازَ الْبَائِعُ بِهَا) فَيَرْجِعُ فِيهَا مَعَ الْأَصْلِ (وَالْمُنْفَصِلَةُ كَالثَّمَرَةِ وَالْوَلَدِ) الْحَادِثَيْنِ بَعْدَ الْبَيْعِ (لِلْمُشْتَرِي، وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا وَبَذَلَ) بِالْمُعْجَمَةِ (الْبَائِعُ قِيمَتَهُ أَخَذَهُ مَعَ أُمِّهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْذُلْهَا (فَيُبَاعَانِ وَتُصْرَفُ إلَيْهِ حِصَّةُ الْأُمِّ) مِنْ الثَّمَنِ (وَقِيلَ: لَا رُجُوعَ) فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيُضَارِبُ (وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ دُونَ الْبَيْعِ أَوْ عَكْسِهِ) بِالنَّصْبِ أَيْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ دُونَ الرُّجُوعِ بِأَنْ انْفَصَلَ الْوَلَدُ قَبْلَهُ (فَالْأَصَحُّ تَعَدِّي الرُّجُوعِ إلَى الْوَلَدِ) وَجْهٌ فِي الْأُولَى بِأَنَّ الْحَمْلَ تَابِعٌ فِي الْبَيْعِ. فَكَذَا فِي الرُّجُوعِ وَمُقَابِلُهُ قَالَ: إنَّمَا يَرْجِعُ فِيمَا كَانَ عِنْدَ الْبَيْعِ فَيَرْجِعُ فِي الْأُمِّ فَقَطْ. قَالَ الْجُوَيْنِيُّ: قَبْلَ الْوَضْعِ وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ: بَعْدَ الْوَضْعِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ إلَى آخِرِهِ وَيَلِي التَّعَدِّي فِي الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمْ وَمُقَابِلُهُ عَلَى مُقَابِلِهِ، وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ رَجَعَ فِيهَا حَامِلًا. وَلَوْ حَدَثَ الْحَمْلُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ الرُّجُوعِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ (وَاسْتِتَارُ الثَّمَرِ بِكِمَامِهِ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَهُوَ أَوْعِيَةُ الطَّلْعِ (وَظُهُورُهُ   [حاشية قليوبي] أَخَذَ الْبَاقِيَ بِبَاقِي الثَّمَنِ) وَلَا نَظَرَ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُفْلِسِ مَبِيعٌ كُلُّهُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّالِفِ أَقَلُّ قِيمَتَيْهِ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ وَيَوْمِ التَّلَفِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْبَاقِي أَكْثَرُهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَيْنَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ رَجَعَ فِي نِصْفِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا فِي أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلِ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الصَّدَاقِ وَأُجِيبَ بِانْحِصَارِ حَقِّهِ هُنَا لِعَدِمِ تَعَلُّقِهِ بِالْبَدَلِ فَيَلْزَمُ ضَرَرُ الْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ إلَخْ) هَذِهِ مُفَرَّعَةٌ عَلَى مَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: بَلْ لَوْ بَقِيَ إلَخْ أَشَارَ بِهَا إلَى تَتْمِيمِ التَّفْرِيعِ فِي الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُهُ: (صَنْعَةً) أَيْ بِلَا مُعَالَجَةٍ مِنْ سَيِّدٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَهِيَ مُنْفَصِلَةٌ. قَوْلُهُ: (فَازَ الْبَائِعُ بِهَا) وَمِنْهَا ثَمَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ وَبَيْضُ فَرْخٍ وَزَرْعُ نَبْتٍ، وَكُلُّ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. قَوْلُهُ: (وَالْوَلَدِ) وَلَوْ أَحَدَ تَوْأَمَيْنِ فَالتَّوْأَمُ الثَّانِي إذَا لَمْ يَنْقُصْ يَتْبَعُ الْأُمَّ، فَلَا يَتْبَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ. قَوْلُهُ: (صَغِيرًا) أَيْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ. قَوْلُهُ: (لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ) كَذَا قَالُوا وَأَنْتَ خَبِيرٌ، بِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الْمَالِكُ لَمْ يَحْرُمْ التَّفْرِيقُ، وَحَيْثُ صَحَّحُوا الرُّجُوعَ هُنَا فِي الْأُمِّ، فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ فَلَا حُرْمَةَ، وَقَدْ يُقَالُ نَظَرًا لِمَا قَبْلَ الرُّجُوعِ، وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ غَيْرُ مُسْتَقِيمِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ. (قِيمَتُهُ) أَيْ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا مِنْ الْمُفْلِسِ وَغُرَمَائِهِ، أَوْ بِقَوْلِ خَبِيرَيْنِ عَدْلَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَخَذَهُ) أَيْ بِعَقْدٍ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، قَالَ شَيْخُنَا: وَيُجْبَرُ الْمُفْلِسُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الْبَيْعِ مَعَ الْبَدَلِ وَسَيَأْتِي فِي تَمْلِيكِ الْأَرْضِ مَا يُخَالِفُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيُبَاعَانِ) عَلَى الْكَيْفِيَّةِ السَّابِقَةِ فِي الرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (إلَى الْوَلَدِ) فِيهِ تَغْلِيبُ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى. قَوْلُهُ: (قَالَ الْجُوَيْنِيُّ قَبْلَ الْوَضْعِ) هُوَ الصَّحِيحُ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الرَّهْنِ بِضَعْفِهِ بِعَدَمِ نَقْلِ الْمِلْكِ، وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَهِبَةِ الْفَرْعِ بِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ هُنَا نَشَأَ مِمَّنْ أُخِذَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (مَبْنِيٌّ) مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ عَطْفٌ عَلَى وَجْهِ الْمَبْنِيِّ لِذَلِكَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذِهِ مُكَرَّرَةٌ؛ لِأَنَّهَا فِي كَلَامِ   [حاشية عميرة] ذَلِكَ حُكْمُ الْمُشْتَرِي لَوْ تَعِبَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (رَجَعَ فِي الْجَدِيدِ) وَجْهُهُ أَنَّ الْإِفْلَاسَ سَبَبٌ يَعُودُ بِهِ الْكُلُّ فَيَعُودُ بِهِ الْبَعْضُ كَالْفُرْقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ. قَوْلُهُ: (لِحَدِيثٍ) مَتْنُهُ «فَإِنْ كَانَ قَدْ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا، فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ» . قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ شَيْءٌ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَيْنَيْنِ مَثَلًا وَهُمَا بَاقِيَانِ وَقَدْ قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يُوَزِّعُ عَلَيْهِمَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مُقَابَلَةِ أَحَدِهِمَا، وَيَرْجِعُ فِي الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَازَ الْبَائِعُ بِهَا) لِأَنَّ الْفَسْخَ كَالْعَقْدِ وَلَوْ نَبَتَ الْحَبُّ أَوْ فَرَّخَ الْبَيْضُ رَجَعَ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَخَذَهُ مَعَ أُمِّهِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ مَالَ الْمُفْلِسِ مَبِيعٌ كُلُّهُ. قَوْلُهُ: (فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 بِالتَّأْبِيرِ) أَيْ تَشَقُّقُ الطَّلْعِ (قَرِيبٌ مِنْ اسْتِتَارِ الْجَنِينِ وَانْفِصَالِهِ) فَإِذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ عَلَى النَّخِيلِ الْمَبِيعِ عِنْدَ الْبَيْعِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ وَعِنْدَ الرُّجُوعِ مُؤَبَّرَةً فَهِيَ كَالْحَمْلِ عِنْدَ الْبَيْعِ الْمُنْفَصِلِ قَبْلَ الرُّجُوعِ فَيَتَعَدَّى الرُّجُوعُ إلَيْهَا عَلَى الرَّاجِحِ (وَ) هِيَ (أَوْلَى بِتَعَدِّي الرُّجُوعِ) إلَيْهَا مِنْ الْحَمْلِ لِأَنَّهَا مُشَاهَدَةٌ مَوْثُوقٌ بِهَا بِخِلَافِهِ. وَلِذَلِكَ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالرُّجُوعِ فِيهَا وَلَوْ حَدَثَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْبَيْعَ وَهِيَ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ عِنْدَ الرُّجُوعِ رَجَعَ فِيهَا عَلَى الرَّاجِحِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْحَمْلِ. وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ فِيهَا قَطْعًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَتَنَاوَلُهَا عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ عِنْدَ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ رَجَعَ فِيهَا جَزْمًا وَلَوْ حَدَثَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَهِيَ عِنْدَ الرُّجُوعِ مُؤَبَّرَةٌ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي (وَلَوْ غَرَسَ الْأَرْضَ) الْمُشْتَرَاةَ (أَوْ بَنَى) فِيهَا ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ وَأَرَادَ الْبَائِعُ الرُّجُوعَ فِيهَا (فَإِنْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ عَلَى تَفْرِيغِهَا) مِنْ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ (فَعَلُوا وَأَخَذَهَا الْبَائِعُ) بِرُجُوعِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُمْ أَخْذَ قِيمَةِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ لِيَتَمَلَّكَهَا مَعَ الْأَرْضِ، وَإِذَا قَلَعُوا وَجَبَ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ وَإِنْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ بِالْقَلْعِ وَجَبَ أَرْشُهُ مِنْ مَالِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: يُضَارِبُ الْبَائِعُ بِهِ. وَفِي الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ بِهِ لِأَنَّهُ لِتَخْلِيصِ مَالِهِ (وَإِنْ امْتَنَعُوا) مِنْ الْقَلْعِ (لَمْ يُجْبَرُوا) عَلَيْهِ (بَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ) فِي الْأَرْضِ (وَيَتَمَلَّكُ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ بِقِيمَتِهِ) أَيْ لَهُ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ لِمَا سَيَأْتِي (وَلَهُ) بَدَلُ تَمَلُّكِ مَا ذَكَرَ (أَنْ يَقْلَعَهُ وَيَغْرَمَ أَرْشَ نَقْصِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ   [حاشية قليوبي] الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا. قَوْلُهُ: (بِالتَّأْبِيرِ) لَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ غَيْرُ النَّخْلِ مِمَّا مَرَّ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ، مِنْ تَنَاثُرِ نُورٍ وَبُرُوزٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ فِي ثَمَرَةٍ فِي بُسْتَانٍ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلِذَلِكَ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالرُّجُوعِ فِيهَا) فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَشَارَ بِالْأَوْلَوِيَّةِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لَا تَتَنَاوَلهَا عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ لِذِكْرِهِ الْأَوْلَوِيَّةَ مَعَ أَنَّ هُنَا طَرِيقًا قَاطِعًا بِعَدَمِ الرُّجُوعِ، وَلَوْ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْأَوْلَوِيَّةِ لَشَمَلَ كَلَامُهُ الْمَسَائِلَ الْأَرْبَعَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ إلَخْ) وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُفْلِسُ وَالْبَائِعُ فِي وُقُوعِ التَّأْبِيرِ قَبْلَ الرُّجُوعِ أَوْ بَعْدَهُ، صُدِّقَ الْمُفْلِسُ وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالسَّبْقِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَرَسَ إلَخْ) أَشَارُوا إلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامِ؛ لِأَنَّهَا إمَّا مُتَمَيِّزَةً كَالْوَلَدِ وَكَالْغِرَاسِ، أَوْ غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ أَوْ السَّمْنِ أَوْ صِفَةٍ كَالطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ حَجَرَ) هُوَ تَصْوِيرٌ فَبَعْدَ الْحَجْرِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَعَلُوا) أَيْ قَلَعُوا بَعْدَ الرُّجُوعِ كَمَا يُفْهَمْ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُوَافِقُهُمْ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ فَيَتَضَرَّرُونَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَتْ لَهُمْ الْمَصْلَحَةُ لَمْ يُشْتَرَطْ تَقْدِيمُ رُجُوعِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ إلَخْ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا مِنْ إلْزَامِ الْمُفْلِسِ بِأَخْذِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ هُنَاكَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (نَقَصَ) أَيْ بِالْقَلْعِ بَعْدَ الرُّجُوعِ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ كَالْآفَةِ. قَوْلُهُ: (يُضَارِبُ بِهِ) أَيْ بِالْمَذْكُورِ مِنْ أُجْرَةِ التَّسْوِيَةِ وَالْأَرْشِ. قَوْلُهُ: (يُقَدَّمُ بِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ امْتَنَعُوا) أَيْ كُلُّهُمْ أَمَّا لَوْ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَيَعْمَلُ بِالْمَصْلَحَةِ لِلْمُفْلِسِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَمَلَّكُ) أَيْ بَعْدَ الرُّجُوعِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي الرُّجُوعِ، وَلَا بُدَّ مِنْ عَقْدِ تَمَلُّكٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِقِيمَتِهِ) أَيْ وَقْتَ التَّمَلُّكِ أَيْ قَائِمًا مُسْتَحِقَّ الْقَلْعِ بِالْأَرْشِ لَا مَجَّانًا. قَوْلُهُ: (مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ هُمَا مَعًا دَفَعَ بِهِ جَوَازَ الرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ تَمَلُّكِ الْبِنَاءِ، وَالْغِرَاسِ الْمُنَافِي لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَيْسَ لَهُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (بَدَلُ تَمَلُّكِ مَا ذُكِرَ) فَهُوَ بَعْدَ الرُّجُوعِ أَيْضًا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: فَيُجْبَرُ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَلَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ أَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ إلَى الْآخَرِ، وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ فِي الْفَوْرِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَرَوٍّ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إذَا لَمْ يَفْعَلْ وَاحِدًا مِنْهُمَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الرُّجُوعِ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (أَرْشَ نَقْصِهِ) أَيْ نَقْصِ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا عَنْهَا قَائِمًا مُسْتَحَقَّ الْقَلْعِ لَا الْإِبْقَاءِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَيَبْقَى الْغِرَاسُ   [حاشية عميرة] لَمْ يَبْذُلْهَا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْوَضْعِ) وَحِكْمَةُ التَّفْرِيقِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) إنْ أَرَادَ الطَّرِيقَةَ الْقَاطِعَةَ، فَهُوَ حَسَنٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَرَادَ قَوْلَهُ وَلَوْ حَدَثَتْ الثَّمَرَةُ إلَخْ. كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ بَلْ صَرِيحُهَا فَفِيهِ غُمُوضٌ، وَكَانَ وَجْهُهُ جَعْلَ التَّنْبِيهِ السَّابِقِ فِي مَجْمُوعِ الِاسْتِتَارِ وَالظُّهُورِ ثُمَّ الْحَامِلُ لِلشَّارِحِ عَلَى هَذَا عَدَمُ صِحَّةِ قَوْلِهِ، وَأَوْلَى بِتَعَدِّي الرُّجُوعِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الشَّارِحِ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ، وَلِلَّهِ دَرُّ الْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَحُكْمُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ التَّأْبِيرِ حُكْمُ الْجَنِينِ وَأَوْلَى بِالِاسْتِقْلَالِ انْتَهَى. فَإِنَّهَا تُفِيدُ طَرِيقَ الْقَطْعِ فِي الْأُولَى وَطَرِيقَ الْقَطْعِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هُوَ تَعْبِيرٌ حَسَنٌ مُطَّرِدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ إلَخْ) لِأَنَّ الْغَرَضَ الْوُصُولُ إلَى الْمَبِيعِ وَقَدْ حَصَلَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ أَرْشُهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْقَلْعُ قَبْلَ الرُّجُوعِ أَوْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (يُضَارِبُ الْبَائِعُ بِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ وَجَبَ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ، وَوَجَبَ أَرْشُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُجْبَرُوا) لِأَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَيَبْقَى الْغِرَاسُ وَالْبِنَاءُ لِلْمُفْلِسِ) لِنَقْصِ قِيمَتِهِمَا بِلَا أَرْضٍ فَيَحْصُلُ لَهُ الضَّرَرُ الرُّجُوعُ إنَّمَا يَثْبُتُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَلَا يَزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ. وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ صَبَغَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ يَرْجِعُ الْبَائِعُ فِي الثَّوْبِ فَقَطْ. وَيَكُونُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا مَعَهُ بِالصِّبْغِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الصِّبْغَ كَالصِّفَةِ التَّابِعَةِ لِلثَّوْبِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُضَارِبُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ أَوْ يَعُودُ إلَى بَذْلِ قِيمَتِهِمَا أَوْ قَلْعِهِمَا مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ (وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ) لَهُ (حِنْطَةً فَخَلَطَهَا بِمِثْلِهَا أَوْ دُونِهَا) ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ (أَخْذُ قَدْرِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمَخْلُوطِ) وَيَكُونُ فِي الدُّونِ مُسَامِحًا بِنَقْصِهِ كَنَقْصِ الْعَيْبِ (أَوْ) خَلَطَهَا (بِأَجْوَدَ فَلَا رُجُوعَ فِي الْمَخْلُوطِ فِي الْأَظْهَرِ) حَذَرًا مِنْ ضَرَرِ الْمُفْلِسِ وَيُضَارِبُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ، وَالثَّانِي لَهُ الرُّجُوعُ وَيُبَاعَانِ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى نِسْبَةِ الْقِيمَةِ (وَلَوْ طَحَنَهَا) أَيْ الْحِنْطَةَ الْمَبِيعَةَ لَهُ (أَوْ قَصَّرَ الثَّوْبَ) الْمَبِيعَ لَهُ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ (فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ) بِالطَّحْنِ أَوْ الْقِصَارَةِ (رَجَعَ) الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ (وَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ) فِيهِ وَإِنْ نَقَصَتْ فَلَا شَيْءَ   [حاشية قليوبي] وَالْبِنَاءُ لِلْمُفْلِسِ) وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ أُجْرَةً. قَوْلُهُ: (وَلَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ) أَيْ لَا يُزَالُ ضَرَرُ الْبَائِعِ بِضَرَرِ الْمُشْتَرِي. تَنْبِيهٌ: لَوْ وَقَفَ الْغِرَاسُ أَوْ الْبِنَاءُ قَبْلَ الْحَجْرِ فَهُوَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فِيمَا تَقَدَّمَ زَرْعٌ تَبْقَى أُصُولُهُ أَوْ يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَأَمَّا زَرْعٌ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَثَمَرَةٌ عَلَى شَجَرٍ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مَا ذُكِرَ، بَلْ يُجْبَرُ عَلَى إبْقَائِهِمَا إلَى وَقْتِ الْجُذَاذِ بِلَا أُجْرَةٍ؛ لِأَنَّ لَهُمَا أَمَدًا يُنْتَظَرُ فَسَهُلَ احْتِمَالُهُمَا، وَلَوْ اتَّفَقَ الْبَائِعُ وَالْغُرَمَاءُ، وَالْمُفْلِسُ عَلَى بَيْعِ الْأَرْضِ بِمَا فِيهَا جَازَ وَوَزَّعَ الثَّمَنَ مِمَّا مَرَّ فِي الرَّهْنِ، وَاغْتُفِرَ هُنَا تَعَدُّدُ الْمَالِكِ لِأَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ تَابِعٌ مَعَ الِاحْتِيَاجِ إلَى بَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِ نَحْوِ عَبْدَيْهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ بِيعَ مَا فِي الْأَرْضِ وَحْدَهُ مِنْ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ بَقِيَ تَخْيِيرُ الْبَائِعِ بَيْنَ التَّمَلُّكِ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، وَالْقَلْعِ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ يُضَارِبُ إنْ لَمْ يَرْجِعْ أَوْ يَعُودُ بَعْدَ الرُّجُوعِ كَمَا مَرَّ. وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي الْفَوْرِيَّةِ الْمَشْرُوطَةِ لِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حِنْطَةٌ) أَيْ مَثَلًا فَالْمُرَادُ كُلُّ مِثْلِيٍّ وَخَصَّ الْحِنْطَةَ بِالذِّكْرِ لِمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (فَخَلَطَهَا) أَيْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ بِإِذْنِهِ أَوْ اخْتَلَطَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ خَلَطَهَا نَحْوُ بَهِيمَةٍ، وَخَرَجَ مَا لَوْ خَلَطَهَا أَجْنَبِيٌّ فَيَرْجِعُ الْبَائِعُ بِالْأَرْشِ عَلَى الْمُفْلِسِ، وَيُضَارِبُ بِهِ، وَيَرْجِعُ بِهِ الْمُفْلِسُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِئَلَّا يَلْزَمَ الضَّرَرُ عَلَى الْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ. قَوْلُهُ: (بِمِثْلِهَا أَوْ دُونِهَا) وَلَوْ لِبَائِعٍ آخَرَ إذْ لِكُلٍّ الرُّجُوعُ فِي حَقِّهِ، فَلَهُ أَخْذُ قَدْرِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمَخْلُوطِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ حُجِرَ) لَيْسَ التَّرْتِيبُ مُعْتَبَرًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ لِلْبَائِعِ ذَلِكَ) وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ كَالتَّالِفِ كَمَا فِي الْغَصْبِ لِئَلَّا يَلْزَمَ ضَرَرُ الْبَائِعِ لِأَنَّ سَبِيلَهُ الْمُضَارَبَةُ، وَأَمْوَالُ الْمُفْلِسِ لَا تَفِي بِدُيُونِهِ نَعَمْ. لَوْ لَمْ يَتَمَيَّزْ وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَزَيْتٍ بِشَيْرَجٍ، ضَمِنَ التَّالِفُ وَعَلِمَ مِنْ جَوَازِ الْأَخْذِ أَنَّ الْمُفْلِسَ، وَالْغُرَمَاءَ لَا يُجْبَرُونَ عَلَى بَيْعِ الْمَخْلُوطِ، وَقَسَّمَ ثَمَنَهُ لَوْ طَلَبَهُ الْبَائِعُ. قَوْلُهُ: (مُسَامِحًا) فَإِنْ لَمْ يُسَامِحْ لَمْ يَرْجِعْ وَيُضَارِبْ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِأَجْوَدَ) أَيْ بِقَدْرٍ يَزِيدُ عَلَى تَفَاوُتِ الْكَيْلَيْنِ مِنْهُ، وَلَيْسَ الْأَجْوَدُ أَكْثَرَ وَإِلَّا قَطَعَ بِالرُّجُوعِ فِي الْأَوَّلِ وَبِعَدَمِهِ فِي الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَحَنَهَا) إشَارَةً إلَى أَنَّ ضَابِطَ مَا هُنَا أَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَهُ صِفَةً يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا، وَيَظْهَرُ أَثَرُهَا فَيَشْمَلُ خَبْزَ الْعَجِينِ وَذَبْحَ الشَّاةِ وَشَيَّ اللَّحْمِ، وَضَرْبَ اللَّبَنِ، وَتَعَلُّمَ الرَّقِيقِ قِرَاءَةً أَوْ حِرْفَةً أَوْ كِتَابَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ، بِمُعَلِّمٍ وَلَوْ مُتَبَرِّعًا عَلَى الْمُفْلِسِ، وَخَرَجَ نَحْوُ حِفْظِ الدَّابَّةِ وَسَقْيِهَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ   [حاشية عميرة] وَضْعٌ بِحَقٍّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ لَهُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الزَّرْعِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَيُبْقِيهِ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ وَلَيْسَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ أُجْرَةٌ، وَقَوْلُهُ: وَيَتَمَلَّكُ عِبَارَةُ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ عَلَى أَنْ يَتَمَلَّكَ، وَهِيَ تَقْتَضِي الِاشْتِرَاطَ، لَكِنْ هَلْ مَعْنَى الْإِتْيَانِ فِي صِيغَةِ الرُّجُوعِ أَمْ يَكْفِي التَّوَافُقُ عَلَيْهِ أَوَّلًا، وَعَلَى كُلٍّ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، إذْ لَمْ يُقْبَلْ أَوْ يُنْقَضْ الرُّجُوعُ أَوْ يَتَبَيَّنْ بُطْلَانُهُ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (لِمَا سَيَأْتِي) أَيْ لَهُ الْمَجْمُوعُ دُونَ كُلٍّ عَلَى انْفِرَادِهِ لِمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إلَخْ. هَذَا غَايَةُ مَا ظَهَرَ لِي فِي فَهْمِهِ، وَأَمَّا تَعْلِيلُ ثُبُوتِ التَّمَلُّكِ لَهُ فَقَدْ عَلَّلَ بِأَنَّ أَمْوَالَ الْمُفْلِسِ غَيْرُ مُبْقَاةٍ، وَكَذَا عَلَّلُوا الْقَلْعَ وَغَرَامَةَ أَرْشِ النَّقْصِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ أَنْ يُقْلِعَهُ إلَخْ) هُوَ قَسِيمُ يَتَمَلَّكُ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُمْ بِخِلَافِ الصِّبْغِ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَعُودُ) أَيْ فَالِامْتِنَاعُ أَوَّلًا يُسْقِطُ الْعَوْدَ لَوْ أَرَادَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا رُجُوعَ فِي الْمَخْلُوطِ) أَيْ لَوْ كَانَ الْخَلِيطُ قَلِيلًا جِدًّا، فَإِنْ كَانَ الْكَثِيرُ لِلْبَائِعِ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِتَمَكُّنِهِ مِنْ الرُّجُوعِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِعَدَمِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَقَصَتْ فَلَا شَيْءَ إلَخْ) بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَخْرِيجَهُ عَلَى أَنَّ تَعْيِيبَ الْمُشْتَرِي هَلْ يَلْحَقُ بِالْآفَةِ أَوْ بِالْفِعْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 وَإِنْ زَادَتْ فَالْأَظْهَرُ أَنْ يُبَاعَ وَلِلْمُفْلِسِ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَةِ مَا زَادَ وَلَوْ صَبَغَهُ بِصِبْغَةٍ فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ قَدْرَ قِيمَةِ الصِّبْغِ رَجَعَ، وَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالصِّبْغِ أَوْ أَقَلَّ فَالنَّقْصُ عَلَى الصِّبْغِ أَوْ أَكْثَرَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُفْلِسِ، وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ الصِّبْغَ وَالثَّوْبَ رَجَعَ فِيهِمَا إلَّا أَنْ لَا تَزِيدَ قِيمَتُهُمَا عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ فَيَكُونُ فَاقِدًا لِلصِّبْغِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا مِنْ اثْنَيْنِ لِلْبَائِعِ مَعَهُ (وَإِنْ زَادَتْ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُبَاعُ وَلِلْمُفْلِسِ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَةِ مَا زَادَ) مِثَالُهُ الْقِيمَةُ خَمْسَةٌ وَبَلَغَتْ بِمَا فَعَلَ سِتَّةٌ فَلِلْمُفْلِسِ سُدُسُ الثَّمَنِ. وَالثَّانِي لَا شِرْكَةَ لِلْمُفْلِسِ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي سِمَنِ الدَّابَّةِ بِعَلَفِهِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الطَّحْنَ أَوْ الْقِصَارَةَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ بِخِلَافِ السِّمَنِ فَهُوَ مَحْضُ صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الْعَلَفَ يُوجَدُ كَثِيرًا وَلَا يَحْصُلُ السِّمَنُ (وَلَوْ صَبَغَهُ) أَيْ الثَّوْبَ الْمُشْتَرَى (بِصِبْغِهِ) ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ (فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ قَدْرَ قِيمَةِ الصِّبْغِ) كَأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَالصِّبْغِ دِرْهَمَيْنِ فَصَارَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا سِتَّةَ دَرَاهِمَ (رَجَعَ) الْبَائِعُ فِي الثَّوْبِ (وَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالصِّبْغِ) فَيُبَاعُ الثَّوْبُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَهَلْ نَقُولُ كُلُّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ، وَكُلُّ الصِّبْغِ لِلْمُفْلِسِ أَوْ نَقُولُ يَشْتَرِكَانِ فِيهِمَا بِالْأَثْلَاثِ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ وَجْهَانِ (أَوْ) زَادَتْ الْقِيمَةُ (أَقَلَّ) مِنْ قِيمَةِ الصِّبْغِ كَأَنْ صَارَتْ خَمْسَةً (فَالنَّقْصُ عَلَى الصِّبْغِ) لِأَنَّهُ هَالِكٌ فِي الثَّوْبِ وَالثَّوْبُ قَائِمٌ بِحَالِهِ فَيُبَاعُ وَلِلْبَائِعِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ وَلِلْمُفْلِسِ خَمْسَةٌ (أَوْ) زَادَتْ الْقِيمَةُ (أَكْثَرَ) مِنْ قِيمَةِ الصِّبْغِ كَأَنْ صَارَتْ ثَمَانِيَةً (فَالْأَصَحُّ أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُفْلِسِ) فَيُبَاعُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَالثَّانِي أَنَّهَا لِلْبَائِعِ كَالسِّمَنِ فَيَكُونُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ وَلِلْمُفْلِسِ رُبْعُهُ، وَالثَّالِثُ أَنَّهَا تَفُضُّ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ ثُلُثَا الثَّمَنِ وَلِلْمُفْلِسِ ثُلُثُهُ، وَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ بِالصِّبْغِ شَيْئًا رَجَعَ الْبَائِعُ فِي الثَّوْبِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ فِيهِ. وَإِنْ نَقَصَتْ فَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ مَعَهُ (وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ الصِّبْغَ وَالثَّوْبَ) وَصَبَغَهُ بِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ (رَجَعَ) أَيْ الْبَائِعُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الثَّوْبِ بِصِبْغِهِ (إلَّا أَنْ لَا تَزِيدَ قِيمَتُهُمَا عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ) قَبْلَ الصِّبْغِ بِأَنْ سَاوَتْهَا أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا (فَيَكُونُ فَاقِدًا لِلصِّبْغِ) فَيُضَارِبُ بِثَمَنِهِ مَعَ الرُّجُوعِ فِي الثَّوْبِ مِنْ جِهَتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَتْ وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَهُوَ مَحَلُّ الرُّجُوعِ فِيهِمَا فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الصِّبْغِ فَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالزَّائِدِ عَلَيْهَا. وَقِيلَ لَا شَيْءَ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ لَمْ يُضَارِبْ بِالْبَاقِي أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْقِصَارَةِ (وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا مِنْ اثْنَيْنِ) الثَّوْبَ مِنْ وَاحِدٍ وَالصِّبْغَ مِنْ   [حاشية قليوبي] حُجِرَ عَلَيْهِ) فِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ) فِي نَقْصِ الثَّوْبِ إذَا رَجَعَ وَلَهُ أَنْ لَا يُرَاجِعَ وَيُضَارِبَ. قَوْلُهُ: (مِنْ ثَمَنِهِ) أَيْ إنْ بِيعَ فَإِنْ دَفَعَهُ الْبَائِعُ أُجِيبَ، وَلَا بُدَّ مِنْ عَقْدٍ كَمَا فِي الْغِرَاسِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَكَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ يَدُلُّ لَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْبَيْعِ بَعْدِ رُجُوعِ الْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَبَغَهُ) وَلَوْ تَمْوِيهًا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ) أَيْ بِالصِّفَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: بِمَا فَعَلَ فَالزِّيَادَةُ لِلْمُفْلِسِ، كَمَا لَوْ زَادَتْ لَا بِسَبَبِ شَيْءٍ، أَوْ بِسَبَبِ الصَّبْغِ بِارْتِفَاعِ سِعْرِهِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ زَادَتْ بِسَبَبِ ارْتِفَاعِ سِعْرِ الثَّوْبِ فَهِيَ لِصَاحِبِهِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ كَمَا لَوْ زَادَتْ بِسَبَبِ ارْتِفَاعِ الْأَسْوَاقِ مُجَرَّدَةً عَنْ سِعْرٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَمَا يَأْتِي وَإِنْ زَادَتْ بِسَبَبِهِمَا أَوْ جُهِلَ سَبَبُ الزِّيَادَةِ، فَهِيَ لَهُمَا بِالنِّسْبَةِ كَمَا يَأْتِي فِي الْأَجْنَبِيِّ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ فَهِيَ شَرِكَةٌ مُجَاوِرَةٌ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَوْ زَادَتْ الْقِيمَةُ بِارْتِفَاعِ سِعْرِ أَحَدِهِمَا، فَهِيَ لِصَاحِبِهِ أَوْ سِعْرِهِمَا، فَهِيَ لَهُمَا بِالنِّسْبَةِ، وَكَذَا لَوْ جُهِلَ سَبَبُ الِارْتِفَاعِ فِيهِمَا، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي، وَأَمَّا مَا زَادَ لَا بِسَبَبِ شَيْءٍ أَوْ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ فَهُوَ لِلْمُفْلِسِ كَمَا مَرَّ. فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ: وَيَشْهَدُ لِلثَّانِي صَوَابُهُ لِلْأَوَّلِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ أَيْ لِلْأَوَّلِ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي الْغَصْبِ سَبْقُ قَلَمٍ، وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَيُبَاعُ) أَيْ بَعْدَ الرُّجُوعِ وَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُفْلِسِ) إنْ كَانَتْ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ أَوْ بِارْتِفَاعِ سِعْرِ الصِّبْغِ، لِأَنَّهُ لَهُ أَوَّلًا بِسَبَبِ شَيْءٍ كَمَا مَرَّ. وَكَذَا مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (تُفَضَّ) هُوَ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَفَاءٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ أَيْ تُقْسَمُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ حُجِرَ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (مَعَ الرُّجُوعِ فِي   [حاشية عميرة] الْمَضْمُونِ؟ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُبَاعُ) أَيْ إنْ أَرَادُوا وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَغْرَمَ الزَّائِدَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ إلَخْ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عَمَلَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ وَالْوَجْهَانِ بَعْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالْأَثَرِ، وَأَرْجَحُهُمَا الثَّانِي قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. فَرْعٌ: لَوْ طَلَبَ صَاحِبُ الثَّوْبِ قَلْعَ الصِّبْغِ فَكَطَلَبِ قَلْعِ الْأَشْجَارِ مِنْ الْأَرْضِ، وَلَوْ طَلَبَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ قَلْعَهُ وَغَرَامَةَ أَرْشِ النَّقْصِ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ لَهُمْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مِنْ جِهَتِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فِي الثَّوْبِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ) اُنْظُرْ هَلْ يَجُوزُ عَلَى قِيَاسِ الْوَجْهِ الثَّالِثِ السَّالِفِ أَنْ يَأْتِيَ لَنَا وَجْهٌ بِقِسْمَةِ الزِّيَادَةِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، فِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَرْبَعَةً، وَالصِّبْغِ دِرْهَمَيْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 آخَرَ وَصَبَغَهُ بِهِ، ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ وَأَرَادَ الْبَائِعَانِ الرُّجُوعَ (فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ) قَبْلَ الصِّبْغِ (فَصَاحِبُ الصِّبْغِ فَاقِدٌ) لَهُ فَيُضَارِبُ بِثَمَنِهِ وَصَاحِبُ الثَّوْبِ وَاجِدٌ لَهُ فَيَرْجِعُ فِيهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْقِصَارَةِ (وَإِنْ زَادَتْ بِقَدْرِ قِيمَةِ الصِّبْغِ اشْتَرَكَا) فِي الرُّجُوعِ وَالثَّوْبِ. وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَلَهُمَا الرُّجُوعُ وَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ (وَإِنْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِمَا فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُفْلِسَ شَرِيكٌ لَهُمَا) أَيْ لِلْبَائِعَيْنِ (بِالزِّيَادَةِ) فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَالصِّبْغِ دِرْهَمَيْنِ، وَصَارَتْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا ثَمَانِيَةً فَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالرُّبْعِ وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَالزِّيَادَةُ لَهُمَا بِنِسْبَةِ مَالَيْهِمَا. وَلَوْ اشْتَرَى صِبْغًا وَصَبَغَ بِهِ ثَوْبًا لَهُ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ إنْ زَادَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا عَلَى مَا كَانَتْ قَبْلَ الصِّبْغِ فَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَإِذَا شَارَكَ وَنَقَصَتْ حِصَّتُهُ عَنْ ثَمَنِ الصِّبْغِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ إنْ شَاءَ قَنَعَ بِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ. وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ بِالْجَمِيعِ، وَالثَّانِي لَهُ أَخْذُهُ وَالْمُضَارَبَةُ بِالْبَاقِي اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمُ قَسْمٍ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الصِّبْغِ فَيَتَخَيَّرُ بَائِعُهُ بَيْنَ أَخْذِ الزِّيَادَةِ وَالْمُضَارَبَةِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْأَصَحِّ.   [حاشية قليوبي] الثَّوْبِ) أَيْ إنْ شَاءَ. قَوْلُهُ: (فَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ) إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ زَادَتْ) أَيْ بِالصَّنْعَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ إذَا رَجَعَ فِيهِ لَا شَيْءَ لَهُ إذَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ، وَلَهُ تَرْكُ الرُّجُوعِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ، وَإِنَّ الصِّبْغَ كَذَلِكَ وَالْمُضَارَبَةَ. تَنْبِيهٌ: يَجْرِي هُنَا فِي الصِّبْغِ الْمُمْكِنِ فَصْلُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبِنَاءِ فَلَوْ اتَّفَقَ الْمُفْلِسُ، وَالْغُرَمَاءُ عَلَى قَلْعِهِ فَعَلُوا، وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ بَعْدَ الرُّجُوعِ قَلْعُهُ، وَغُرْمُ أَرْشِ نَقْصِهِ أَوْ تَمَلُّكُهُ بِالْقِيمَةِ، وَلِلْخَيَّاطِ وَالْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ وَالطَّحَّانِ الْحَبْسُ بِوَضْعِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدْلٍ حَتَّى تُقْبَضَ أُجْرَتُهُ، إنْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَزَادَتْ الْقِيمَةُ بِمَا فَعَلَ، وَإِلَّا فَلَا حَبْسَ، وَإِذَا تَلِفَ الثَّوْبُ مَثَلًا قَبْلَ قَبْضِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَهُوَ كَتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ أَتْلَفَهُ الْمُسْتَأْجِرُ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَإِنْ زَادَ مَا يَغْرَمُهُ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى قِيمَتِهِ قَبْلَ الْقِصَارَةِ مَثَلًا وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ وَإِلَّا فَلَا. فَرْعٌ: حُكْمُ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهَا لَا تُسَلَّمُ لِلْبَائِعِ وَلَا لِلْمُفْلِسِ وَلَا لِلْغُرَمَاءِ بَلْ تُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ حَتَّى تُبَاعَ كَمَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] قُلْت: لَا بَلْ قِيَاسُهُ فَوْزُ الْبَائِعِ بِالزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّ الثَّوْبَ وَالصِّبْغَ لَهُ. نَعَمْ إنْ رَجَعَ فِي الثَّوْبِ فَقَطْ وَضَارَبَ بِثَمَنِ الصِّبْغِ اتَّجَهَ هُنَا جَرَيَانَ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ لَمْ يُضَارِبْ بِالْبَاقِي) لَكِنْ يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الثَّوْبِ، وَيُضَارِبَ بِثَمَنِ الصِّبْغِ وَيَكُونُ الْمُفْلِسُ شَرِيكًا بِالصِّبْغِ، وَكَذَا يُؤْخَذُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي الصِّبْغِ وَيُضَارِبُ بِالْبَاقِي عَلَى وَجْهٍ. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ قِيمَةِ الصِّبْغِ) تَرَكَ مَا لَوْ زَادَتْ عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ، وَلَكِنْ أَنْقَصُ مِنْ قِيمَةِ الصِّبْغِ، وَحُكْمُهُ ظَاهِرٌ مِمَّا سَلَفَ وَلَعَلَّ هَذَا الْقِسْمَ هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَى أَخْذِهِ مِمَّا يَأْتِي عَنْ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَالزِّيَادَةُ لَهُمَا إلَخْ) قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ أَنْ يَقُولَ: وَالزِّيَادَةُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ كَالسَّمْنِ أَوْ لَهُمَا بِنِسْبَةِ مَالَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (فَيَكُونُ شَرِيكًا) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَزِيدَ الْقِيمَةُ عَلَى قِيمَتِهِمَا مَعًا وَإِلَّا فَالزِّيَادَةُ لِلْمُفْلِسِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 بَابُ الْحَجْرِ (مِنْهُ حَجْرُ الْمُفْلِسِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ) أَيْ الْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ (وَالرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ) فِي الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ (وَالْمَرِيضِ لِلْوَرَثَةِ) فِي غَيْرِ الثُّلُثِ (وَالْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ وَالْمُرْتَدِّ لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ لِحَقِّهِمْ (وَلَهَا أَبْوَابٌ) تَقَدَّمَ بَعْضُهَا وَيَأْتِي بَاقِيهَا (وَمَقْصُودُ الْبَابِ حَجْرُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ) وَالْمُبَذِّرِ بِالْمُعْجَمَةِ. وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ (فَبِالْجُنُونِ تَنْسَلِبُ الْوِلَايَاتُ وَاعْتِبَارُ الْأَقْوَالِ) كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْإِيصَاءِ وَالْأَيْتَامِ، وَأَقْوَالِ الْمُعَامَلَاتِ وَغَيْرِهَا. أَمَّا الْأَفْعَالُ فَيُعْتَبَرُ الْإِتْلَافُ مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ كَالْهَدِيَّةِ (وَيَرْتَفِعُ) أَيْ حَجْرُ الْمَجْنُونِ (بِالْإِفَاقَةِ) التَّامَّةِ مِنْ الْجُنُونِ (وَحَجْرُ الصَّبِيِّ يَرْتَفِعُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا. وَالْبُلُوغُ) يَحْصُلُ (بِاسْتِكْمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ   [حاشية قليوبي] بَابُ الْحَجَرِ هُوَ لُغَةً الْمَنْعُ وَشَرْعًا الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ، فَخَرَجَ الِاخْتِصَاصُ، فَالْمَنْعُ مَنْ نَقَلَهُ لِإِلْغَاءِ الْعِبَارَةِ فِيهِ، وَذَلِكَ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى الْحَجْرِ. وَخَرَجَ نَحْوُ الطَّلَاقِ لِصِحَّتِهِ مِنْ السَّفِيهِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ أَنْوَاعَ الْحَجْرِ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ أَنْهَاهَا بَعْضُهُمْ إلَى نَحْوِ سَبْعِينَ نَوْعًا وَهِيَ إمَّا لِمَصْلَحَةِ الْغَيْرِ، أَوْ لِمَصْلَحَةِ الشَّخْصِ نَفْسِهِ، أَوْ لَهُمَا عَلَى مَا يَأْتِي مِنْهَا الْحَجْرُ لِغَرِيبٍ وَالْحَجْرُ عَلَى السَّابِي فِي مَالِ حَرْبِيٍّ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ عَلَيْهِ فِيمَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ أَوْ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ، حَتَّى يَدْفَعَ الْمَبِيعَ وَعَكْسَهُ، وَعَلَى السَّيِّدِ فِي نَفَقَةِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ، فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا بَدَلَهَا، وَعَلَى الْمُعْتَدَّةِ بِالْإِقْرَاءِ وَالْحَمْلِ، وَعَلَى السَّيِّدِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الثُّلُثِ) وَأَمَّا فِيهِ فَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ. قَوْلُهُ: (وَالْعَبْدِ) أَيْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ، وَأَمَّا هُوَ فَالْحَجْرُ فِيهِ لِنَفْسِهِ، وَلِلَّهِ تَعَالَى كَذَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحَجْرَ فِيهِ لِنَفْسِهِ، وَلِسَيِّدِهِ إذْ يَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ لَمْ يَصِحَّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَبِالْجُنُونِ) وَمِثْلُهُ الْخَرَسُ الْأَصْلِيُّ بِلَا إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ، وَأَمَّا الْخَرَسُ الطَّارِئُ وَالنَّوْمُ فَكَالْمَجْنُونِ لَكِنْ لَا وَلِيَّ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْإِيصَاءِ وَالْأَيْتَامِ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يُرَادَ بِالْإِيصَاءِ الْوَصِيَّةُ، أَوْ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ، وَيُرَادُ بِالْإِيصَاءِ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ، وَبِالْأَيْتَامِ أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَقِيلَ عَكْسُهُ أَوْ يُرَادُ بِالْإِيصَاءِ الْوَصِيَّةُ مَنْ أَوَّلِهِ، وَبِالْأَيْتَامِ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ أَوَّلُهُ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهَا) كَالْإِسْلَامِ وَتَعْبِيرُهُ بِالثُّلُثِ أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِالِامْتِنَاعِ، إذْ قَدْ يَقَعُ الِامْتِنَاعُ مِنْ غَيْرِ ثُلُثٍ كَالْمُحَرَّمِ فِي النِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (فَيُعْتَبَرُ الْإِتْلَافُ مِنْهَا) أَيْ الْأَفْعَالِ مِنْهُ الِاسْتِيلَادُ، وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِصُورَةِ زِنَاهُ بِأَجْنَبِيَّةِ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (دُونَ غَيْرِهِ) نَعَمْ يُعْتَبَرُ مِنْهُ الِاحْتِطَابُ وَالتَّحْرِيمُ فِي الْإِرْضَاعِ، وَتَقْرِيرُ الْمَهْرِ بِوَطْئِهِ وَعَمْدِهِ، عَمْدَانِ كَانَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ حَجْرُ الْمَجْنُونِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الانسلاب لَمْ يَرْتَفِعْ لِعَدَمِ عَوْدِ الْوِلَايَةِ لَهُ، إلَّا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْحَاضِنَةِ، وَالنَّاظِرِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَانْظُرْ هَلْ إمَامَةُ نَحْوِ مَسْجِدٍ بِأَذَانٍ وَخُطْبَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَا تَنْسَلِبُ أَوْ تَعُودُ بَعْدَ السَّلْبِ، أَوْ لَا تَعُودُ إلَّا بِتَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ حَرِّرْهُ، وَيَظْهَرُ الْأَوَّلُ فَرَاجِعْهُ، وَالْإِغْمَاءُ كَالْجُنُونِ فِي ذَلِكَ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (بِالْإِفَاقَةِ) فَيَنْفَكُّ بِلَا فَكٍّ قَاضٍ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِغَيْرِ قَاضٍ. قَوْلُهُ: (وَحَجَرُ الصَّبِيِّ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ؛ لِأَنَّهُ الْأَنْسَبُ بِالسِّيَاقِ، وَهُوَ يَشْمَلُ الصَّبِيَّةَ لُغَةً، أَوْ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَيَجُوزُ عَكْسُهُ، وَالْحَجَرُ فِيهِ   [حاشية عميرة] [بَابُ الْحَجْرِ] قَوْلُهُ: (كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْإِيصَاءِ) الْأُولَى شَرْعِيَّةٌ وَالثَّانِيَةُ جَعْلِيَّةٌ وَمِنْهَا الْقَضَاءُ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهَا) أَيْ كَالْإِسْلَامِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَقْوَالُ لَهُ أَمْ عَلَيْهِ وَوَجْهُ سَلْبِ الْوِلَايَةِ احْتِيَاجُهُ إلَى مَنْ يَتَوَلَّى عَلَيْهِ، وَوَجْهُ سَلْبِ الْأَقْوَالِ عَدَمُ صِحَّةِ قَصْدِهِ، ثُمَّ تَعْبِيرُهُ بِالسَّلْبِ أَحْسَنُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالِامْتِنَاعِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِامْتِنَاعِ السَّلْبُ بِدَلِيلِ الْمُحَرَّمِ فِي النِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (أَيْ حَجْرُ الْمَجْنُونِ) دَفْعٌ لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ الْقَضَاءَ مَثَلًا يَعُودُ بِارْتِفَاعِ الْجُنُونِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَحَجْرُ الصَّبِيِّ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِبُلُوغِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلرُّشْدِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ الصِّبَا سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ بِالْحَجْرِ، وَكَذَا التَّبْذِيرُ وَأَحْكَامُهُمَا مُتَغَايِرَةٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَقْوَالِ السَّفِيهِ مُعْتَبَرٌ. وَحَاوَلَ السُّبْكِيُّ اتِّحَادَهُمَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الصِّبَا مُفْلَتَةُ التَّبْذِيرِ، قَالَ: وَلَا يُنَافِيهِ اخْتِصَاصُ الصَّبِيِّ بِإِلْغَاءِ أَقْوَالِهِ اهـ. وَبِالْجُمْلَةِ فَعِبَارَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 سَنَةً) قَمَرِيَّةً (أَوْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ وَوَقْتُ إمْكَانِهِ اسْتِكْمَالُ تِسْعِ سِنِينَ) لِلِاسْتِقْرَاءِ وَفِي الْأَوَّلِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «عُرِضْت عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعُرِضْت عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي وَرَآنِي بَلَغْت» . رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَفِي الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: 59] وَالْحُلُمُ وَالِاحْتِلَامُ وَهُوَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ (وَنَبَاتُ الْعَانَةِ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِبُلُوغِ وَلَدِ الْكَافِرِ) أَيْ أَنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَيْهِ (لَا الْمُسْلِمِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي قَاسَهُ عَلَى الْكَافِرِ وَفِيهِ حَدِيثُ «عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كُنْت مِنْ سَبْيِ قُرَيْظَةَ فَكَانُوا يَنْظُرُونَ مَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ يَنْبُتْ لَمْ يُقْتَلْ فَكَشَفُوا عَانَتِي فَوَجَدُوهَا لَمْ تَنْبُتْ فَجَعَلُونِي فِي السَّبْيِ» . رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ   [حاشية قليوبي] يَسْلُبُ الْعِبَارَاتِ، وَالْوِلَايَاتِ وَلَوْ مُمَيِّزًا وَلَا يَرُدُّ صِحَّةَ إسْلَامِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبْلَ بُلُوغِهِ، لِأَنَّ الْأَحْكَامَ وَقْتَ إسْلَامِهِ كَانَتْ مَنُوطَةً بِالتَّمْيِيزِ ثُمَّ نُسِخَ أَوْ هُوَ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ، وَسَيَأْتِي نَعَمْ، يُعْتَبَرُ مِنْ أَفْعَالِ الصَّبِيِّ مَا مَرَّ فِي الْمَجْنُونِ مِمَّا يُمْكِنُ فِيهِ، وَالْمُمَيِّزُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا تَصِحُّ مِنْهُ الْعِبَادَاتُ، وَكَذَا إيصَالُ الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ، إنْ كَانَ مَأْمُونًا، بِأَنْ لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ كَذِبٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يَرْتَفِعُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ فَكِّ قَاضٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِبُلُوغِهِ) وَلَوْ غَيْرَ رَشِيدٍ وَيَخْلُفُهُ فِي غَيْرِ الرَّشِيدِ حَجْرُ السَّفَهِ، وَتَسْتَمِرُّ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ لِوَلِيِّهِ فِي الصِّغَرِ، وَإِذَا رَشَدَ انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ بِلَا قَاضٍ. فَقَوْلُهُ: رَشِيدًا مُعْتَبَرٌ لِانْفِكَاكِ الْحَجْرِ الْمُطْلَقِ، وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرُّشْدَ بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ نَعَمْ. لَوْ لَمْ يُعْلَمْ ثُبُوتُ حَجْرٍ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَهُوَ كَالرَّشِيدِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الرُّشْدُ. تَنْبِيهٌ: الرُّشْدُ ضِدُّ الضَّلَالِ، وَالسَّفَهُ لُغَةً الْخِفَّةُ وَالْحَرَكَةُ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَلِيُّ بِرُشْدِ الْوَلَدِ انْعَزَلَ عَنْ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ الرُّشْدُ بِهِ، وَلَوْ أَنْكَرَ رُشْدَ الْوَلَدِ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ بَلَغَ وَهُوَ غَائِبٌ لَمْ يَنْعَزِلْ الْوَلِيُّ، إلَّا إنْ عَلِمَ بِرُشْدِهِ، وَلَوْ تَصَرَّفَ الْوَلِيُّ فَبَانَ رُشْدُهُ فَالْقِيَاسُ فَسَادُ تَصَرُّفِهِ وَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الرُّشْدِ وَالسَّفَهِ، قُدِّمَتْ النَّاقِلَةُ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (بِاسْتِكْمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً) يُفِيدُ أَنَّهَا تَحْدِيدِيَّةٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (قَمَرِيَّةً) أَيْ مُعْتَبَرَةً بِالْأَهِلَّةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ) أَيْ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ. أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ وَالْمُرَادُ تَحَقُّقُ نُزُولِهِ إلَى قَصَبَةِ الذَّكَرِ، وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ مِنْ الْحَشَفَةِ، وَفِي الْأُنْثَى إلَى مَدْخَلِ الذَّكَرِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الظَّاهِرِ وَيُصَدَّقُ مُدَّعِيهِ بِلَا يَمِينٍ إلَّا فِي مُزَاحَمَةٍ كَطَلَبِ سَهْمِ غَازٍ، وَإِثْبَاتِ اسْمٍ فِي دِيوَانٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْخُنْثَى خُرُوجُهُ مِنْ فَرْجَيْهِ جَمِيعًا. قَوْلُهُ: (وَوَقْتُ إمْكَانِهِ اسْتِكْمَالُ تِسْعِ سِنِينَ) فَهِيَ تَحْدِيدِيَّةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا هُنَا، وَإِنْ خَالَفَهُ فِي بَابِ الْحَيْضِ كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ هُنَا. قَوْلُهُ: (لِلِاسْتِقْرَاءِ) يَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلْمَنِيِّ فَقَطْ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلسِّنِّ أَيْضًا، وَذِكْرُ الْحَدِيثِ بَعْدَهُ تَأْكِيدٌ لِدَلِيلِهِ، كَمَا أَنَّ ذِكْرَ الْآيَةِ تَأْكِيدٌ لِلثَّانِي. قَوْلُهُ: (يَوْمَ أُحُدٍ) أَيْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ اتِّفَاقًا، وَمَعْنَى لَمْ يُجِزْنِي أَيْ لَمْ يَأْذَنْ لِي فِي الْخُرُوجِ لِلْقِتَالِ، وَقِيلَ لَمْ يُسْهِمْ لِي. قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْخَنْدَقِ) وَهُوَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ قُبَيْلَ آخِرِهَا عَلَى الْأَرْجَحِ، وَمَعْنَى فَأَجَازَنِي أَذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ، لِمَا ذَكَرَ وَقِيلَ: اسْهَمْ لِي، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وَقْعَةِ الْخَنْدَقِ غَنِيمَةٌ، إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِأَنْ يُقَالَ: وَإِنِّي مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ. قَوْلُهُ: (وَنَبَاتُ الْعَانَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَانَةَ اسْمٌ لِلْبَشْرَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا اسْمٌ لِلشَّعْرِ، وَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ وَالْمُرَادُ بِالشَّعْرِ حَوْلَ الْفَرْجِ، وَفِي الْخُنْثَى حَوْلَ الْفَرْجَيْنِ مَعًا. قَوْلُهُ: (يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِبُلُوغِ وَلَدِ الْكَافِرِ) شَمَلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى، وَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ، وَمِثْلُهُ مَنْ جُهِلَ إسْلَامُهُ وَمُسْلِمٌ تَعَذَّرَتْ أَقَارِبُهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ أَنَّهُ أَمَارَةٌ) أَيْ عَلَامَةٌ فَلَيْسَ يَقِينًا فَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ عُمْرَهُ دُونَ الْخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ ادَّعَى بِقَوْلِهِ أَنَّهُ لَمْ يَحْتَلِمْ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ، قَالَهُ شَيْخُنَا. وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ الْبَيِّنَةُ، وَهَذَا يُوَافِقُ مَا اقْتَضَاهُ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبُلُوغِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ بِالسِّنِّ. قَوْلُهُ: (قُتِلَ) فِي تَرْتِيبِ الْقَتْلِ عَلَى الْإِنْبَاتِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْبُلُوغَ بِهِ قَطْعِيٌّ، فَيُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ عَلَامَةً، إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَدْ تُوجَدُ مَعَ الْعَلَامَةِ قَرَائِنُ تَقْتَضِي الْيَقِينَ، وَهَذَا مِنْهَا فَتَأَمَّلْ أَوْ يُقَالُ: إنَّ مُطْلَقَ الْعَانَةِ عَلَامَةٌ، وَإِنَّهَا مَعَ الْخُشُونَةِ قَطْعِيَّةٌ، وَإِنْ خَالَفَهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَخَرَجَ بِالْعَانَةِ شَعْرُ الْإِبْطِ وَاللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ، وَثِقَلُ الصَّوْتِ وَنُهُودُ الثَّدْيِ وَانْفِرَاقُ الْأَرْنَبَةِ، وَنُتُوُّ الْحُلْقُومِ وَنَحْوُهَا، فَلَيْسَتْ عَلَامَاتٍ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْبُلُوغِ بِكَثِيرٍ وَبَعْضُهَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا، كَذَلِكَ بِخِلَافِ نَبْتِ الْعَانَةِ فَإِنَّ وَقْتَهُ وَقْتُ الِاحْتِلَامِ دَائِمًا. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] الْمُصَنِّفِ إنْ قُرِئَتْ بِفَتْحِ الصَّادِ فَهُوَ أَوْلَى لِيَسْلَمَ مِنْ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا) لِآيَةِ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] . قَوْلُهُ: (وَفِي الْأَوَّلِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ إلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْخَنْدَقَ فِي الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّ أُحُدًا فِي الثَّالِثَةِ بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 وَقَالَ الْحَاكِمُ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَالتِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَالْمُعْتَبَرُ شَعْرٌ خَشِنٌ يَحْتَاجُ فِي إزَالَتِهِ إلَى حَلْقٍ وَدَفَعَ قِيَاسَ الْمُسْلِمِ بِأَنَّهُ رُبَّمَا اسْتَعْجَلَ نَبَاتَ الْعَانَةِ بِالْمُعَالَجَةِ دَفْعًا لِلْحَجْرِ، وَتَشَوُّفًا لِلْوِلَايَاتِ بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ يُفْضِي بِهِ إلَى الْقَتْلِ أَوْ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى مَنْبَتِ عَانَةِ مَنْ احْتَجْنَا إلَى مَعْرِفَةِ بُلُوغِهِ بِهَا لِلضَّرُورَةِ (وَتَزِيدُ الْمَرْأَةُ) عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ السِّنِّ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَنَبَاتِ الْعَانَةِ الشَّامِلِ لَهَا (حَيْضًا) بِالْإِجْمَاعِ (وَحَبَلًا) لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالْإِنْزَالِ لَكِنْ لَا يَتَيَقَّنُ الْوَلَدُ إلَّا بِالْوَضْعِ، فَإِذَا وَضَعَتْ حَكَمْنَا بِحُصُولِ الْبُلُوغِ قَبْلَ الْوَضْعِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ (وَالرُّشْدُ صَلَاحُ الدِّينِ وَالْمَالِ) كَمَا فُسِّرَ بِذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] (فَلَا يَفْعَلُ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ) مِنْ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ (وَلَا يُبَذِّرُ بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ فِي الْمُعَامَلَةِ) وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ. وَالْيَسِيرُ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِتِسْعَةٍ (أَوْ رَمْيِهِ فِي بَحْرٍ أَوْ إنْفَاقِهِ فِي مُحَرَّمٍ) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ جِنْسُ الْمَالِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ صَرْفَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَوُجُوهِ الْخَيْرِ وَالْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِحَالِهِ لَيْسَ بِتَبْذِيرٍ) لِأَنَّ الْمَالَ يُتَّخَذُ   [حاشية قليوبي] شَعْرٌ خَشِنٌ) هُوَ شَامِلٌ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلسَّنْبَاطِيِّ. قَوْلُهُ: (وَتَشَوُّفًا) بِالْفَاءِ نَظَرًا وَبِالْقَافِ مَحَبَّةً. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْكَافِرِ) لَوْ ادَّعَى اسْتِعْجَالَهَا بِالْمُعَالَجَةِ صُدِّقَ لِدَفْعِ الْقَتْلِ لَا لِضَرْبِ الْجِزْيَةِ. قَوْلُهُ: (يَقْتَضِي إلَخْ) أَيْ غَالِبًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَتَزِيدُ الْمَرْأَةُ) أَيْ الْأُنْثَى يَقِينًا. تَنْبِيهٌ: يُعْتَبَرُ فِي الْخُنْثَى نَبَاتُ الْعَانَةِ عَلَى فَرْجَيْهِ جَمِيعًا كَمَا مَرَّ. وَلَا بُدَّ فِي الْمَنِيِّ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْهُمَا أَيْضًا كَمَا مَرَّ. وَكَذَا لَوْ أَمْنَى وَحَاضَ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ أَوْ أَمْنَى مِنْ فَرْجِ الرِّجَالِ، وَحَاضَ بِالْآخَرِ فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافًا لِقَوْلِ الْإِمَامِ: بِالْحُكْمِ بِبُلُوغِهِ، وَإِنَّهُ إذَا ظَهَرَ خِلَافُهُ، كَأَنْ حَاضَ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ بَعْدَ الْإِمْنَاءِ مِنْ فَرْجِ الرِّجَالِ غَيَّرْنَا الْحُكْمَ، بِأَنْ نَحْكُمَ بِبُلُوغِهِ مِنْ الْآنَ، وَإِنَّ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ بُلُوغًا فَيَتَبَيَّنُ فَسَادُ تَصَرُّفَاتِهِ فِيهِ، وَعَدَمُ وُجُوبِ قَضَاءِ صَلَاةٍ فَاتَتْ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ بِالْبُلُوغِ إنَّمَا هُوَ بِالْإِنْزَالِ لَا بِالْحَبَلِ. قَوْلُهُ: (سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ) أَيْ لَحْظَةَ هَذَا إنْ وَلَدَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ، وَإِلَّا حُكِمَ بِالْبُلُوغِ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِلَحْظَةٍ إنْ وَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ نَعَمْ. إنْ لَزِمَ أَنَّ أَوَّلَ الْمُدَّةِ قَبْلَ تَمَامِ التِّسْعِ، لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهَا مِنْهُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ، وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ كَمَا قَالُوا فِيمَا لَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ صَبِيٍّ بِوَلَدٍ، أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ لُحُوقُهُ بِهِ ثَبَتَ النَّسَبُ، وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالرُّشْدُ) أَيْ ابْتِدَاءً لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ فِي الْأَثْنَاءِ يُعْتَبَرُ صَلَاحُ الْمَالِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (صَلَاحُ الدِّينِ) أَيْ فِي الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ بِاعْتِبَارِ مَا هُوَ شَرْعُهُمْ، وَاعْتَبَرَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ صَلَاحَ الْمَالِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (مُحَرَّمًا) أَيْ عَلَى الْمُكَلَّفِ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ صَبِيٌّ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُبْطِلْ الْعَدَالَةَ) بِخِلَافِ مَا يُبْطِلُ الْمُرُوءَةَ كَأَكْلٍ فِي سُوقٍ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ) بِخِلَافِ الِاخْتِصَاصِ. قَوْلُهُ: (فِي الْمُعَامَلَةِ) وَلَوْ فِي الْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ مَعَ جَهْلِ الْقِيمَةِ فَالزِّيَادَةُ مَعَ الْعِلْمِ بِهَا مُحَابَاةٌ وَصَدَقَةٌ خَفِيَّةٌ. تَنْبِيهٌ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: التَّبْذِيرُ الْجَهْلُ بِمَوْضِعِ الْحُقُوقِ، وَالْإِسْرَافُ الْجَهْلُ بِمَقَادِيرِهَا، وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي تَرَادُفَهُمَا، وَالسَّرَفُ مَا لَا يُكْسِبْ حَمْدًا فِي الْعَاجِلِ، وَلَا أَجْرًا فِي الْآجِلِ. قَوْلُهُ: (أَوْ إنْفَاقِهِ) لَوْ قَالَ إضَاعَتِهِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ لِمَا فِي الطَّاعَةِ. قَوْلُهُ: (جِنْسُ الْمَالِ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ نَحْوَ حَبَّةِ بُرٍّ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ بِتَبْذِيرٍ) فَلَا يَحْرُمُ إلَّا بِقَرْضٍ مِمَّنْ لَا يَرْجُو   [حاشية عميرة] فِي الْأَصَحِّ) هُمَا مُفَرَّعَانِ عَلَى أَنَّ إنْبَاتَ الْكَافِرِ أَمَارَةٌ، أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ بُلُوغٌ فَالْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ النَّظَرِ) وَقِيلَ يَمْتَنِعُ وَسَبِيلُهُ أَنْ يَجُسَّ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَزِيدُ الْمَرْأَةُ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ مَا سَلَفَ مِنْ الْإِنْبَاتِ وَغَيْرِهِ عَامٌّ فِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (لَكِنْ لَا يَتَيَقَّنُ الْوَلَدُ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: الْحَمْلُ يُعْلَمُ وَالْجَوَابُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي هَذَا الشَّأْنِ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا وَضَعَتْ حَكَمْنَا بِحُصُولِ إلَخْ) مِنْ فَوَائِدِ هَذَا الْأَمْرِ بِقَضَاءِ الْعِبَادَاتِ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَفْعَلُ مُحَرَّمًا إلَخْ) . قَوْلُهُ: هَذَا تَفْسِيرُ الرُّشْدِ فِي الدِّينِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُبَذِّرُ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرُ الرُّشْدِ فِي الْمَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ إلَخْ) وَمَنْ يَشُحُّ عَنْ نَفْسِهِ جِدًّا مَعَ الْيَسَارِ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ عُقُودُهُ نَافِذَةٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 لِيُنْتَفَعَ بِهِ وَيُلْتَذَّ، وَالثَّانِي فِي الْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ. قَالَ: إنَّهُ تَبْذِيرٌ عَادَةً. وَالثَّانِي فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ قَالَ: إنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ مُفَرِّطًا فِي الْإِنْفَاقِ فِيهَا فَهُوَ مُبَذِّرٌ وَإِنْ عُرِضَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مُقْتَصِدًا فَلَا. (وَيُخْتَبَرُ رُشْدُ الصَّبِيِّ) فِي الْمَالِ (وَيَخْتَلِفُ بِالْمَرَاتِبِ فَيُخْتَبَرُ وَلَدُ التَّاجِرِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِيهِمَا. (وَالْمُمَاكَسَةِ فِيهِمَا) أَيْ النَّقْصِ عَمَّا طَلَبَ الْبَائِعُ وَالزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي أَيْ طَلَبِهَا (وَوَلَدُ الزَّارِعِ بِالزِّرَاعَةِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الْقُوَّامِ بِهَا وَالْمُحْتَرِفُ) بِالرَّفْعِ (بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحِرْفَتِهِ وَالْمَرْأَةُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَزْلِ وَالْقُطْنِ وَصَوْنِ الْأَطْعِمَةِ عَنْ الْهِرَّةِ وَنَحْوِهَا) كَالْفَأْرَةِ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ (وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرِ الِاخْتِبَارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ) بِحَيْثُ يُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ بِرُشْدِهِ (وَوَقْتُهُ) أَيْ وَقْتُ الِاخْتِبَارِ (قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقِيلَ: بَعْدَهُ) لِيَصِحَّ تَصَرُّفُهُ (فَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحُّ) بِالرَّفْعِ (أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَقْدُهُ بَلْ يُمْتَحَنُ فِي الْمُمَاكَسَةِ، فَإِذَا أَرَادَ الْعَقْدَ عَقَدَ الْوَلِيُّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ عَقْدُهُ لِلْحَاجَةِ (فَلَوْ بَلَغَ غَيْرُ رَشِيدٍ) لِاخْتِلَالِ   [حاشية قليوبي] جِهَةَ وَفَاءٍ ظَاهِرَةٍ. قَوْلُهُ: (وَيُخْتَبَرُ) أَنْ يَخْتَبِرَهُ الْوَلِيُّ وَلَوْ غَيْرَ أَصْلٍ. قَوْلُهُ: (الصَّبِيِّ) الذَّكَرِ يَقِينًا وَيُخْتَبَرُ الْخُنْثَى بِمَا يُخْتَبَرُ بِهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَسَيَأْتِي الْأُنْثَى. قَوْلُهُ: (فِي الْمَالِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُخْتَبَرُ فِي الدِّينِ أَيْضًا، وَمِنْهُ مُعَاشَرَةُ أَهْلِ الْخَيْرِ وَمُلَازَمَةُ الطَّاعَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَدُ التَّاجِرِ) وَمِنْهُ السُّوقِيُّ. قَوْلُهُ: (الزَّرَّاعِ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ الْمَزَارِعُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَدْفَعُ أَرْضَهُ لِغَيْرِهِ لِيَزْرَعَهَا، كَذَا قَالُوهُ فَانْظُرْهُ مَعَ الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ. قَوْلُهُ: (الْقُوَّامِ) كَالْحَافِظِ وَالْحَصَّادِ وَالْحَرَّاثِ. قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى وَلَدٍ لِإِفَادَةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ حِرْفَتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حِرْفَةَ أَبِيهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ حِرْفَةٌ أَصْلًا، وَمَنْ لَا حِرْفَةَ لَهُ وَلَا لِأَبِيهِ يُخْتَبَرُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ، وَيُخْتَبَرُ وَلَدُ الْفَقِيهِ بِنَحْوِ الْكُتُبِ وَنَفَقَةِ الْعِيَالِ، وَوَلَدُ الْأَمِيرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْجُنْدِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: (بِالْغَزْلِ) أَيْ الْمَغْزُولِ مِنْ عَمَلٍ، وَحِفْظٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ بَقَائِهِ عَلَى الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ، وَهَذَا فِي غَيْرِ بَنَاتِ الْمُلُوكِ، فَهُنَّ يُخْتَبَرْنَ بِمَا يُنَاسِبُهُنَّ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْهِرَّةِ) هِيَ الْأُنْثَى وَجَمْعُهَا هِرَرٌ كَقِرْبَةٍ، وَقِرَبٍ وَالذَّكَرُ هِرٌّ، وَجَمْعُهُ هِرَرَةٌ، كَقِرْدٍ وَقِرَدَةٍ، وَيُقَالُ لَهُ: السِّنَّوْرُ وَالْقِطُّ وَالْقِطَّةُ. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ يُفِيدُ إلَخْ) وَإِذَا ظَنَّ بِحَالَةٍ اسْتَمَرَّ حُكْمُهَا حَتَّى يُعْلَمَ مِنْهُ خِلَافُهَا. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْبُلُوغِ) لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الْمُعْتَبَرِ، وَلَوْ غَبَنَ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَثُرَ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ. تَنْبِيهٌ: يُخْتَبَرُ السَّفِيهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ لِيُسَلَّمَ إلَيْهِ الْمَالُ، إذَا رَشَدَ وَلَوْ قَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ يَسَارِهِ حُجِرَ عَلَيْهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ إلَّا إنْ خِيفَ إخْفَاؤُهُ. قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) هُوَ مُبْتَدَأٌ لَا وَصْفٌ لِمَا قَبْلَهُ الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ صِحَّةِ عَقْدِهِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فِي الْمُمَاكَسَةِ) أَيْ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأُجْرَةِ وَالنَّفَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَالْمُمَاكَسَةُ وَالنُّقْصَانُ يُقَالُ مَكَسَ يَمْكِسُ بِالْكَسْرِ مَكْسًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَمَاكَسَهُ مُمَاكَسَةً وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (عَقَدَ الْوَلِيُّ) ثُمَّ يَدْفَعُ الْوَلِيُّ الْمَالَ إنْ كَانَ مَعَهُ أَوْ يَأْخُذُهُ الصَّبِيُّ وَيَدْفَعُهُ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَيَصِحُّ دَفْعٌ لِصَبِيٍّ بِأَمْرٍ مِنْ   [حاشية عميرة] وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي أَمْرِ الْإِنْفَاقِ. قَوْلُهُ: (وَوُجُوهُ الْخَيْرِ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ. قَوْلُهُ: (قَالَ إنْ بَلَغَ إلَى آخِرِهِ) أَيْ فَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الطَّارِئِ، وَالْمُقَارَنُ لَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (مُعْتَضَدًا) يَرْجِعُ لِلْبُلُوغِ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَالِ) كَذَلِكَ يُخْتَبَرُ فِي الدِّينِ مِنْ حَيْثُ مُعَاشَرَةُ أَهْلِ الْخَيْرِ، وَمُلَازَمَةُ الطَّاعَاتِ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لِلْمَالِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إعْطَائِهِ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ الْوَلِيِّ لِيُخْتَبَرَ بِخِلَافِ أَمْرِ الدِّينِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي إلَخْ) إنَّمَا قَالَ: عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْعِبَارَةِ صِحَّةُ بَيْعِهِ، وَشِرَائِهِ، وَفِي ذَلِكَ الْخِلَافِ يَأْتِي قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) لِأَجْلِ قَوْلِهِ: بِحِرْفَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَوَقْتُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] وَالْيَتِيمُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ بَعْدَهُ إلَخْ. قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا أُرِيدَ الِاخْتِبَارُ بِالتِّجَارَةِ، ثُمَّ إذَا قُلْنَا بِالْوَجْهِ الثَّانِي قَضِيَّتُهُ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ قَبْلَ ثُبُوتِ الرُّشْدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (دَامَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 صَلَاحِ الدِّينِ أَوْ الْمَالِ (دَامَ الْحَجْرُ) عَلَيْهِ وَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ مَنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ (وَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا انْفَكَّ) الْحَجْرُ عَنْهُ (بِنَفْسِ الْبُلُوغِ وَأُعْطِيَ مَالُهُ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ فَكُّ الْقَاضِي) لِأَنَّ الرُّشْدَ مُحْتَاجٌ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ وَيَنْفَكُّ عَلَى هَذَا أَيْضًا بِفَكِّ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ. وَفِي الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ وَجْهَانِ (فَلَوْ بَذَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ حَجَرَ الْقَاضِي فَقَطْ. قِيلَ: وَالْأَبُ وَالْجَدُّ أَيْضًا. وَفِي الْمَطْلَبِ وَالْوَصِيِّ (وَقِيلَ يَعُودُ الْحَجْرُ بِلَا إعَادَةٍ) مِنْ أَحَدٍ أَيْ يَعُودُ بِنَفْسِ التَّبْذِيرِ (وَلَوْ فَسَقَ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يَحْجُرُوا عَلَى الْفَسَقَةِ وَالثَّانِي يَحْجُرُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ بَذَّرَ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ التَّبْذِيرَ يَتَحَقَّقُ بِهِ تَضْيِيعُ الْمَالِ بِخِلَافِ الْفِسْقِ، فَقَدْ يُصَانُ مَعَهُ الْمَالُ وَلَا يَجِيءُ عَلَى الثَّانِي الْوَجْهُ الذَّاهِبُ إلَى عَوْدِ الْحَجْرِ بِنَفْسِ التَّبْذِيرِ قَالَهُ الْإِمَامُ (وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ) أَيْ سُوءِ تَصَرُّفٍ (طَرَأَ فَوَلِيُّهُ الْقَاضِي، وَقِيلَ: وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ) أَيْ الْأَبُ وَالْجَدُّ. وَالْخِلَافُ وَالتَّصْحِيحُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَلَى الْوَجْهِ الذَّاهِبِ إلَى عَوْدِ الْحَجْرِ بِنَفْسِ التَّبْذِيرِ وَفِيهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَجْرِ الْقَاضِي الْجَزْمُ بِأَنَّهُ وَلِيُّهُ (وَلَوْ طَرَأَ جُنُونٌ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ وَقِيلَ الْقَاضِي) وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّصْحِيحَيْنِ أَنَّ السَّفَهَ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَاحْتَاجَ إلَى نَظَرِ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْجُنُونِ (وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهِ بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ وَلَا إعْتَاقٍ وَهِبَةٍ وَنِكَاحٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ) هُوَ قَيْدٌ فِي الْجَمِيعِ وَسَيَأْتِي مُقَابِلُهُ (فَلَوْ اشْتَرَى أَوْ اقْتَرَضَ وَقَبَضَ وَتَلِفَ الْمَأْخُوذُ فِي يَدِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ   [حاشية قليوبي] الْوَلِيِّ لِأَنَّهُ لَمُعَيَّنٌ. قَوْلُهُ: (دَامَ الْحَجْرُ) أَيْ جِنْسُ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّ هَذَا حَجْرُ سَفَهٍ كَمَا مَرَّ. وَيُقَالُ لَهُ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ شَرْعًا. قَوْلُهُ: (بِنَفْسِ الْبُلُوغِ) الْأَوْلَى بِالرُّشْدِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ تَأَخَّرَ عَنْ الْبُلُوغِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ حَجَرَ الْقَاضِي خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَقَبْلَ الْحَجْرِ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ كَالرَّشِيدِ. وَيُقَالُ لَهُ السَّفِيهُ الْمُهْمِلُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (طَرَأَ) بِخِلَافِ الْمُسْتَمِرِّ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا فِي الْمِنْهَاجِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ، وَيَبْقَى النَّظَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِحَجْرِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ أَوْ الْوَصِيِّ مِنْ وَلِيِّهِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ الَّذِي يَقَعُ مِنْهُ الْحَجْرُ نَعَمْ يُنْدَبُ لِلْقَاضِي فِيمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ أَمْرَهُ إلَى أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ ثُمَّ بَقِيَّةِ عَصَبَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَشْفَقُ عَلَيْهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهِ) وَلَوْ حِسًّا كَمِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ) الْمُرَادُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي نَعَمْ. يَصِحُّ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ، وَأَنْ يَتَبَرَّعَ بِمَنْفَعَتِهَا إذَا اسْتَغْنَى بِمَالِهِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فَقَوْلُهُمْ: إنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُكَلِّفَهُ الْكَسْبَ وَيَجْبُرَهُ عَلَيْهِ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا إعْتَاقٍ) وَلَوْ بِكِتَابَةٍ أَوْ تَعْلِيقٍ أَوْ عَنْ كَفَّارَتِهِ أَوْ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَيُكَفَّرُ بِالصَّوْمِ نَعَمْ، لِوَلِيِّهِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ فِي الْقَتْلِ بِالْإِعْتَاقِ. قَوْلُهُ: (وَهِبَةٍ) أَيْ مِنْهُ لِأَنَّهُ الْمُقْسِمُ وَتَصِحُّ الْهِبَةُ لَهُ وَيَقْبَلُهَا بِنَفْسِهِ، وَإِنْ مَنْعَهُ الْوَلِيُّ وَيَقْبِضُهَا أَيْضًا كَوُجُوبِ الْفَوْرِ فِيهَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ قَبُولُهُمَا وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (قَيَّدَ فِي الْجَمِيعِ)   [حاشية عميرة] الْحَجْرُ) أَيْ لِمَفْهُومٍ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] وَالْمُرَادُ جِنْسُ الْحَجْرِ لَا خُصُوصُ حَجْرِ الصِّبَا الَّذِي كَانَ، فَإِنَّهُ انْقَطَعَ بِالْبُلُوغِ وَخَلَفَهُ حَجْرُ السَّفَهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا) مِثْلُهُ لَوْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ ثُمَّ رَشَدَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأُعْطِيَ مَالَهُ) أَشَارَ إلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا رَشَدَتْ، لَا يُدْفَعُ لَهَا الْمَالُ حَتَّى تُزَوَّجَ ثُمَّ تُمْنَعَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا مَا لَمْ تَصِرْ عَجُوزًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ بَذَرَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَخْ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةُ لَنَا آيَة: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] أَيْ أَمْوَالَهُمْ بِدَلِيلِ بَاقِي الْآيَةِ. فَرْعٌ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي السَّفَهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَحَدٍ) قِيَاسًا عَلَى الْجُنُونِ، وَرَدَّ بِأَنَّهُ قَدْ يَصْدُرُ مِنْهُ تَصَرُّفَاتٌ يُعْسَرُ نَقْضُهَا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَحْجُرُ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا رَأَى الْحَاكِمُ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ تَصْحِيحَ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ مَعْنَى الْحَجْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا شِرَاءٌ) وَلَا بِغِبْطَةٍ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ ظِهَارٍ صَامَ كَالْمُعْسِرِ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، فَإِنَّ وَلِيَّهُ يُعْتِقُ مِنْ مَالِ السَّفِيهَ، وَإِنَّمَا مَنَعُوا صِحَّةَ الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ، لِيُطَالِبَ بِهِ بَعْدَ الرُّشْدِ بِخِلَافِ نَظِيرٍ مِنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ هُنَا لِحَقِّ السَّفِيهِ وَهُنَاكَ لِحَقِّ السَّيِّدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا إعْتَاقٌ) أَيْ وَلَوْ كِتَابَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهِبَةٌ) أَيْ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (هُوَ قَيْدٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 فَلَا ضَمَانَ) فِي الْحَالِّ (وَلَوْ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ سَوَاءٌ عَلِمَ مِنْ عَامِلِهِ أَوْ جَهِلَ) لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ عَنْ حَالِهِ (وَيَصِحُّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ نِكَاحُهُ) عَلَى مَا سَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ (لَا التَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ إذَا قَدَّرَ الْوَلِيُّ الْعِوَضَ، فَمَا لَا عِوَضَ فِيهِ كَالْإِعْتَاقِ وَالْهِبَةِ لَا يَصِحُّ جَزْمًا (وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ) عَنْ مُعَامَلَةٍ أَسْنَدَهُ إلَى مَا (قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ وَكَذَا بِإِتْلَافِ الْمَالِ) أَوْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ الْمَالَ (فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي اسْتَنَدَ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَنْشَأَ الْإِتْلَافَ ضَمِنَ، فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ يُقْبَلُ ثُمَّ مَا رُدَّ مِنْ إقْرَارِهِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ (وَيَصِحُّ) إقْرَارُهُ (بِالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ) فَيُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ وَفِي الْمَالِ قَوْلَانِ كَالْعَبْدِ إذَا أَقَرَّ بِهَا وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْإِتْلَافِ، فَإِنْ قَبِلَ فَهُنَا أَوْلَى. وَالرَّاجِحُ فِي الْعَبْدِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمَالُ وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ ثَبَتَ الْمَالُ عَلَى الصَّحِيحِ. (وَ) يَصِحُّ (طَلَاقُهُ وَخُلْعُهُ) وَيَجِبُ دَفْعُ الْعِوَضِ إلَى وَلِيِّهِ (وَظِهَارُهُ) وَإِيلَاؤُهُ (وَنَفْيُهُ النَّسَبَ) لِمَا وَلَدَتْهُ زَوْجَتُهُ   [حاشية قليوبي] أَيْ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّكْرَارُ، وَمَفْهُومُهُ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَلَا اعْتِرَاضَ. قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) أَيْ ظَاهِرًا عِنْدَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَيَضْمَنُ بَاطِنًا وَيُؤَدِّي بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ أَوْ لَا ظَاهِرًا أَوْ لَا بَاطِنًا، وَلَوْ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ سَلَّطَهُ عَلَى إتْلَافِهِ وَمِنْهُ يُعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْ رَشِيدٍ بِغَيْرِ أَمَانَةٍ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ وَكَذَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ رُشْدِهِ، أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ طَلَبِهِ، وَتَمَكُّنِهِ مِنْ رَدِّهِ، وَإِنَّهُ إذَا اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهِ قَبْلَ الرُّشْدِ، أَوْ قَبْلَ الطَّلَبِ صُدِّقَ هُوَ لَا الْمَالِكُ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِهِ إلَّا الْأُنْثَى لِمَنْ صَدَّقَهَا، وَإِنْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ. لَا التَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ فَلَا يَصِحُّ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَعَدَمِ الْإِذْنِ السَّابِقِ نَعَمْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَطَاعِمِ، وَنَحْوِهَا عِنْدَ تَعَسُّرِ الْوَلِيِّ بِحَسَبِهَا وَلَهُ التَّدْبِيرُ، وَالْوَصِيَّةُ وَفِدَاءُ نَفْسِهِ مِنْ الْأَسْرِ بِمَالٍ، وَرَدُّهُ آبِقًا بِجُعْلٍ وَنَذْرُهُ الْمَالَ فِي ذِمَّتِهِ، وَعَقْدُهُ الْجِزْيَةَ بِدِينَارٍ لَا أَكْثَرَ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ، وَقَبْضُ دَيْنٍ لَهُ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي قَبْضِهِ، وَيُصْلِحُهُ عَنْ قِصَاصٍ لَهُ، وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ مَجَّانًا كَمَا يَأْتِي، أَوْ عَنْ قِصَاصٍ لَزِمَهُ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ، وَيَنْفُذُ إيلَادُهُ لِأَمَتِهِ وَسَيَأْتِي صِحَّةُ طَلَاقِهِ، وَخُلْعِهِ وَلِعَانِهِ وَظِهَارِهِ وَرَجْعَتِهِ، وَإِحْرَامِهِ بِالنُّسُكِ وَتَقَدَّمَ جَوَازُ تَبَرُّعِهِ بِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ، وَإِيجَارِهَا بِشَرْطِهِ، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ وَكِيلًا فِي قَبُولِ النِّكَاحِ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي اسْتَنَدَ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الصَّبِيَّ لَا يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. قَوْلُهُ (لَا يُؤَاخَذُ بِهِ إلَخْ) أَيْ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا فِيمَا لَزِمَهُ بِمُعَامَلَةٍ حَالَ الْحَجْرِ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ بَاطِنًا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ عَنْهُمَا آنِفًا. قَوْلُهُ: (فَيُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ) وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْمَالِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ تَوَقُّفَ الْقَطْعِ عَلَى الطَّلَبِ الْآتِي فِي بَابِهَا نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِهِ بَعْدَ السَّرِقَةِ فَالْوَجْهُ لُزُومُهُ. قَوْلُهُ: (وَالرَّاجِحُ فِي الْعَبْدِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمَالُ) فَلَا يَثْبُتُ عَلَى السَّفِيهِ أَيْضًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (عَلَى الصَّحِيحِ) قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ: وَمُقَابِلُهُ لُزُومُ الْمَالِ لِذِمَّتِهِ عَلَى الظَّاهِرِ انْتَهَى، وَيُتَّجَهُ عَلَيْهِ لُزُومِ غَرَامَتِهِ لَهُ الْآنَ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ شَيْئًا بِالْفِعْلِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ طَلَاقُهُ) وَمِثْلُهُ مُرَاجَعَتُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَخُلْعُهُ) أَيْ إنْ كَانَ ذَكَرًا كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الْأُنْثَى. قَوْلُهُ: (زَوْجَتُهُ) قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِلِعَانٍ فَنَفْيُهُ وَلَدَ   [حاشية عميرة] فِي الْجَمِيعِ) يَعْنِي لَيْسَ رَاجِعًا لِلنِّكَاحِ فَقَطْ. قَالَ السُّبْكِيُّ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ جَزَمَ، أَوْ لَا بِمَنْعِ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ، ثُمَّ حُكِيَ فِيهِ الْخِلَافُ، وَأَنْ يَكُونَ ذَكَرَ التَّصَرُّفَ الْمَالِيَّ مَرَّةً بِالْمَنْطُوقِ، وَمَرَّةً بِالْمَفْهُومِ. أَقُولُ قَدْ يُقَالُ: لَيْسَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ. قَوْلُهُ: إنَّهُ يَلْزَمُ ذِكْرُ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ، جَوَابُهُ أَنَّ الْمَرَّةَ الْأُولَى خَالِيَةٌ عَنْ الْإِذْنِ، وَالثَّانِيَةَ مَعَ الْإِذْنِ. قُلْت: إذَا كَانَ قَيْدُ عَدَمِ الْإِذْنِ خَاصًّا بِالنِّكَاحِ اقْتَضَى أَنَّ مُقَابِلَهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ وَكَلَامُ السُّبْكِيّ ظَاهِرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا التَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ إلَخْ) كَمَا فِي الْإِذْنِ لِلصَّبِيِّ، وَالثَّانِي قَاسَ عَلَى النِّكَاحِ، وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ، وَلِلْوَلِيِّ إجْبَارُ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ عَلَى الْكَسْبِ. قَوْلُهُ: (فَمَا لَا عِوَضَ فِيهِ إلَخْ) هُوَ وَارِدُهُ عَلَى إطْلَاقِ حِكَايَةِ الْخِلَافِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَفْهُومَ الْأَصَحِّ لَيْسَ عَامًّا بَلْ مِنْهُ مَا فِيهِ وَجْهٌ، وَمِنْهُ مَا لَيْسَ فِيهِ وَجْهٌ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ: الْخِلَافُ فِي الْمَالِيَّةِ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ ثَابِتٌ، إذَا كَانَ السَّفِيهُ وَكِيلًا فِيهَا، وَهَذَا كَافٍ فِي صِحَّةِ دُخُولِهَا فِي كَلَامِ الْمَتْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ إلَخْ) كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا بِإِتْلَافِ الْمَالِ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الصَّحِيحِ) اُنْظُرْ مَا يُقَابِلُهُ، هَلْ هُوَ عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَالِ بِالْكُلِّيَّةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 (بِلِعَانٍ) وَاسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ، وَيُنْفِقُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَحُكْمُهُ فِي الْعِبَادَةِ كَالرَّشِيدِ) فَيَفْعَلُهَا (لَكِنْ لَا يُفَرِّقُ الزَّكَاةَ بِنَفْسِهِ) لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ (وَإِذَا أَحْرَمَ بِحَجِّ فَرْضٍ) أَصْلِيٍّ أَوْ مَنْذُورٍ قَبْلَ الْحَجْرِ (أُعْطِيَ الْوَلِيُّ كِفَايَتَهُ لِثِقَةٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِي طَرِيقِهِ) أَوْ يَخْرُجُ الْوَلِيُّ مَعَهُ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ لِلْإِحْرَامِ وَأَنَّ الْعُمْرَةَ كَالْحَجِّ فِيمَا ذَكَرَ (وَإِنْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (وَزَادَتْ مُؤْنَةُ سَفَرِهِ) لِإِتْمَامِ النُّسُكِ (عَلَى نَفَقَتِهِ الْمَعْهُودَةِ فَلِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ) مِنْ الْإِتْمَامِ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَمُحْصِرٍ فَيَتَحَلَّلُ) وَثَانِي الْوَجْهَيْنِ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي أَنَّهُ كَالْفَاقِدِ لِلزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِلِقَاءِ الْبَيْتِ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَيَتَحَلَّلُ بِالصَّوْمِ إنْ قُلْنَا لِدَمِ الْإِحْصَارِ بَدَلٌ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي طَرِيقِهِ كَسْبُ قَدْرِ زِيَادَةِ الْمُؤْنَةِ لَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . وَتَقَدَّمَ تَرْجِيحٌ أَنَّ لِدَمِ الْإِحْصَارِ بَدَلًا وَنِيَابَةُ الصَّوْمِ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ الطَّعَامِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ يَبْقَى فِي الذِّمَّةِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيَظْهَرُ أَنْ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ السَّفِيهِ أَيْضًا.   [حاشية قليوبي] الْأَمَةِ بِالْحَلِفِ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (بِنَفْسِهِ) فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ الْوَلِيُّ الْمَدْفُوعَ وَالْمَدْفُوعَ إلَيْهِ، وَدَفَعَ بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ صَحَّ، وَمِثْلُ الْوَلِيِّ نَائِبُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ لَمْ يَصِحَّ، فَإِنْ عَلِمَ وُصُولَهُ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ صَحَّ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِيهِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْكَفَّارَةُ كَالزَّكَاةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ، وَسَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّهُ إنَّمَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِحَجِّ فَرْضٍ) وَلَوْ قَضَاءً عَنْ تَطَوُّعٍ أَفْسَدَهُ، وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ فَقَوْلُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ تَبِعَ فِيهِ الرَّوْضَةَ، وَلَيْسَ قَيْدًا بَلْ بَعْدَهُ كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بَعْدَ وُجُودِ الْحَجْرِ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ لَفْظَ أَحْرَمَ، وَبِحَجٍّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَا قَيْدًا. قَوْلُهُ: (أَوْ يَخْرُجُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ تَضَرَّرَ مِنْهُ، وَرَأَى الْوَلِيُّ دَفْعَهُ إلَيْهِ جَازَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ) وَكَذَا لَوْ سَافَرَ لِلْإِحْرَامِ بِهِ، فَعُلِمَ صِحَّةُ إحْرَامِهِ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ، وَإِنْ جَازَ لَهُ مَنْعُهُ مِثْلُ سَفَرِهِ لَهُ، وَمِنْ إتْمَامِهِ نَعَمْ لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَهُوَ كَالْوَاجِبِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَزَادَتْ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ تَزِدْ لَمْ يَمْنَعْهُ، وَإِنْ تَعَطَّلَ كَسْبُهُ فِي الْحَضَرِ. قَوْلُهُ: (فَلِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ. قَوْلُهُ: (وَيَتَحَلَّلُ بِالصَّوْمِ) أَيْ مَعَ الْحَلْقِ وَالنِّيَّةِ، وَمِثْلُ التَّحَلُّلِ كُلُّ مَا لَزِمَهُ مِنْ الْكَفَّارَةِ فِي الْحَجِّ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ مُرَتَّبَةً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ وَالْكَفَّارَةُ كَالزَّكَاةِ فِي الدَّفْعِ، بَيَانٌ لِحُكْمِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِهِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الطَّيِّبُ وَغَيْرُهُ، تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ. وَإِذَا لَمْ يَصُمْ حَتَّى انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الصَّوْمُ إنْ كَانَ مُوسِرًا. قَوْلُهُ: (فِي الذِّمَّةِ) أَيْ ذِمَّةِ الْمُحْصَرِ الَّذِي مِنْهُ الْمَذْكُورُ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَبَيَانُهُ) بِمُوَحَّدَةِ أَوَّلِهِ وَهَاءِ آخِرِهِ قَبْلَهَا نُونٌ عَطْفٌ عَلَى تَرْجِيحٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِنُونِ أَوَّلِهِ وَمُثَنَّاةِ آخِرِهِ فَوْقِيَّةٌ قَبْلَهَا، مُوَحَّدَةٌ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى بَدَلًا أَوْ مَخْفُوضٌ عَطْفًا عَلَى أَنَّ وَمَا بَعْدَهَا، وَفِيهِمَا نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ.   [حاشية عميرة] أَمْ لُزُومُ الذِّمَّةِ. الظَّاهِرُ الثَّانِي؟ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِلِعَانٍ) قَيْدٌ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْهُ كَالسَّيِّدِ يَنْفِي وَلَدَ أَمَتِهِ بِالْحَلِفِ وَلَا لِعَانَ فِي حَقِّهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْعِبَادَةِ) هُوَ شَامِلٌ لِلْمَالِيَّةِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ فِي الْمَالِيَّةِ مِنْ قَيْدِ الْوَاجِبَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا أَحْرَمَ) مَهْمَا لَزِمَهُ فِيهِ مِنْ الْكَفَّارَاتِ، إنْ كَانَ مُخَيَّرًا فَبِالصَّوْمِ، وَإِنْ كَانَ مُرَتَّبًا جَازَ الْمَالُ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ فُعِلَ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْحَجْرِ) أَمَّا بَعْدَهُ فَكَذَلِكَ إنْ سَلَكْنَا بِالْمَنْذُورِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ، وَإِلَّا فَكَالتَّطَوُّعِ وَنَبَّهَ السُّبْكِيُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا صَحَّ فِي الذِّمَّةِ نَذْرُهُ لِلْقُرَبِ الْمَالِيَّةِ، فَلَا يُتَّجَهُ إخْرَاجُهُ إلَّا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ، وَقَوْلُنَا الْمَالِيَّةُ تُخْرِجُ الْحَجَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِثِقَةٍ) اللَّامُ مُسْتَدْرِكَةٌ لِأَنَّ أَعْطَى يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ) أَيْ فِي حَالِ الْحَجْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَرَضَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمَ أَنَّ إحْرَامَهُ ابْتِدَاءً لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ) قَضِيَّتُهُ الْمَنْعُ مِنْ السَّفَرِ بِنَفْسِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَتَحَلَّلُ بِالصَّوْمِ) لَوْ كَانَ الْإِحْصَارُ فِي حَجِّ فَرْضٍ تَحَلَّلَ بِالْمَالِ. قَوْلُهُ: (يَبْقَى فِي الذِّمَّةِ) أَيْ فِي ذِمَّةِ الْمُحْصِرِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 فَصْلٌ وَلِيُّ الصَّبِيِّ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ وَلِيُّ الصَّبِيِّ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ لِأَبِيهِ (ثُمَّ وَصِيُّهُمَا) أَيْ وَصِيُّ الْأَبِ إنْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ وَوَصِيُّ الْجَدِّ (ثُمَّ الْقَاضِي) أَوْ مَنْ يُنَصِّبُهُ. وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْوَصَايَا أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْوَصِيِّ الْعَدَالَةَ. وَفِي الرَّوْضَةِ هُنَا وَهَلْ يَحْتَاجُ الْحَاكِمُ إلَى ثُبُوتِ عَدَالَةِ الْأَبِ وَالْجَدِّ لِثُبُوتِ وِلَايَتِهِمَا وَجْهَانِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ الِاكْتِفَاءَ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ اهـ. (وَلَا تَلِي الْأُمُّ فِي الْأَصَحِّ) . وَالثَّانِي تَلِي بَعْدَ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَتُقَدَّمُ عَلَى وَصِيِّهِمَا (وَيَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ بِالْمَصْلَحَةِ فَيَشْتَرِي لَهُ الْعَقَارَ) وَهُوَ أَوْلَى مِنْ التِّجَارَةِ (وَيَبْنِي دُورَهُ بِالطِّينِ وَالْآجُرِّ) أَيْ الطُّوبِ الْمُحَرَّقِ (لَا اللَّبِنِ) أَيْ الطُّوبِ الَّذِي لَمْ يُحْرَقْ بَدَلَ الْآجُرِّ لِقِلَّةِ بَقَائِهِ (وَالْجِصِّ) أَيْ الْجِبْسِ بَدَلَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (الصَّبِيُّ) هُوَ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَهُوَ مِنْ أَسْرَارِ اللُّغَةِ، فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ لَامُهُ لِلْجِنْسِ لِأَجْلِ ذَلِكَ، بَلْ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَامَ الْجِنْسِ إنَّمَا تَدْخُلُ أَفْرَادَ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَمِثْلُ الصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ السَّفِيهُ، وَمَجْنُونٌ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَكَذَا الْجَنِينُ إلَّا فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحَقَّقِ الْوُجُودِ. قَوْلُهُ: (أَبُوهُ) وَلَوْ كَافِرًا عَلَى كَافِرٍ وَنُقِرُّهُمْ وَلَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْقَاضِي) أَيْ قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ لِنَحْوِ حِفْظِهِ، وَقَاضِي بَلَدِ الصَّبِيِّ لِلتَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي جَائِرًا أَوْ فُقِدَ فَالْوِلَايَةُ لِصُلَحَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي بَلَدِهِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ شَرْطِ الْوَصِيِّ الْعَدَالَةُ) أَيْ الْبَاطِنَةُ إنْ أُرِيدَ تَسْجِيلُهَا عِنْدَ الْقَاضِي، وَإِلَّا اكْتَفَى بِالظَّاهِرَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ) هُوَ الْمُعْتَمَدَ عِنْدَ شَيْخِنَا، وَهَذَا يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَلَوْ مَعَ التَّسْجِيلِ، وَهُوَ يُخَالِفُ الْوَصِيَّ الْمُتَقَدِّمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَتَى أُرِيدَ التَّسْجِيلُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ مُطْلَقًا وَالْقَيِّمُ كَالْوَصِيِّ، وَشَرْطُ الْوَلِيِّ مُطْلَقًا عَدَمُ عَدَاوَةٍ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَلَوْ ظَاهِرَةً. قَوْلُهُ: (وَلَا تَلِي الْأُمُّ) وَمِثْلُهَا بَقِيَّةُ الْأَقَارِبِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ، لَكِنْ لَهُمْ عِنْدَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ، أَوْ إذْنِهِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فِي تَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ لِلْمُسَامَحَةِ، فِيهِ وَمِثْلُ الصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ الَّذِي لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَالسَّفِيهُ كَمَا مَرَّ. فَرْعٌ لَوْ رَأَى أَمِينٌ صَبِيًّا وَمَالَهُ وَخَافَ عَلَيْهِ مِنْ جَوْرِ قَاضٍ مَثَلًا، فَلَهُ التَّصَرُّفُ لَهُ فِيهِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ) وُجُوبًا وَلَوْ بِالزِّرَاعَةِ حَيْثُ رَآهَا وَلِأَبٍ عَجَزَ نَصْبُ غَيْرِهِ عَنْهُ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ مَثَلًا مِنْ مَالِ الْمَحْجُورِ، أَوْ رَفْعُ الْأَمْرِ لِحَاكِمٍ يَفْعَلُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ، وَلِلْوَلِيِّ غَيْرِ الْحَاكِمِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْمَحْجُورِ قَدْرَ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَكِفَايَتِهِ فَإِنْ نَقَصَ عَنْ كِفَايَةِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ الْفَقِيرِ فَلَهُ تَمَامُ كِفَايَتِهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ فِي أَخْذِ ذَلِكَ عَلَى حَاكِمٍ، وَيُمْتَنَعُ عَلَى الْحَاكِمِ الْأَخْذُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بِالْمَصْلَحَةِ) وَمِنْهَا بَيْعُ مَا وَهَبَهُ لَهُ أَصْلُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ خَشْيَةَ رُجُوعِهِ فِيهِ، وَبَيْعُ مَا خِيفَ خَرَابُهُ أَوْ هَلَاكُهُ أَوْ غَضَبُهُ وَلَوْ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ، وَلَهُ وَلَوْ فِيمَا فَعَلَ مَا يَرْغَبُ فِي نِكَاحِ مُولِيَتِهِ، أَوْ بَقَائِهِ وَلَوْ بِنَحْوِ بَيْعِ حُلِيٍّ لِصَبْغِ ثِيَابٍ، وَشِرَاءِ جِهَازٍ مُعْتَادٍ، وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ حَاكِمٍ وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِيهِ إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُ ظَاهِرُ الْحَالِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَوْلَى) إنْ أُمِنَ فِيهِ جَوْرٌ وَخَرَابٌ وَكَفَى رِيعُهُ، وَلَمْ يَكُنْ بِهِ ثِقَلُ خَرَابٍ وَلَا بُعْدٌ عَنْ بَلَدِ الْمَحْجُورِ، وَبِحَيْثُ يَحْتَاجُ فِي تَحْصِيلِ غَلَّتِهِ إلَى أُجْرَةِ مَنْ يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ وَلِيُّ الصَّبِيِّ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ] فَصْلٌ وَلِيُّ الصَّبِيِّ أَبُوهُ أَيْ بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ) لَوْ وَصَّى الْأَبُ فِي حَيَاةِ الْجَدِّ ثُمَّ مَاتَ الْجَدُّ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ فَالْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ قَوْلُهُ: (وَهَلْ يَحْتَاجُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: لَوْ فَسَقَ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَيْعِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ انْفِسَاخِهِ، وَيَقُومُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ مَقَامَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا تَلِي الْأُمُّ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ، ثُمَّ حُكْمُ الْمَجْنُونِ، وَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا كَالصَّبِيِّ فِي سَائِرِ مَا تَقَدَّمَ، وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَلِي أَبَاهُ الْمَجْنُونَ وَالسَّفِيهَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي تَلِي) بَلْ أَغْرَبَ الْقَاضِي فَحَكَى الْإِصْطَخْرِيُّ تَقَدُّمَهَا عَلَى الْجَدِّ، ثُمَّ إذَا قُلْنَا: لَهَا وِلَايَةٌ فَهَلْ تَثْبُتُ لِأَبَوَيْهَا وَجْهَانِ، وَهَلْ يُكْتَفَى فِيهَا بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ كَالْأَبِ؟ . قَوْلُهُ: (أَيْ الطُّوبُ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَيَانِ وَالْحَجَرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 الطِّينِ لِكَثْرَةِ مُؤْنَتِهِ (وَلَا يَبِيعُ عَقَارَهُ إلَّا لِحَاجَةٍ) كَنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ بِأَنْ لَمْ تَفِ غَلَّتُهُ بِهِمَا (أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ) بِأَنْ يَرْغَبَ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ. وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ بِبَعْضِ ذَلِكَ الثَّمَنِ (وَلَهُ بَيْعُ مَالِهِ بِعَرَضٍ وَنَسِيئَةٍ لِلْمَصْلَحَةِ) الَّتِي رَآهَا (وَإِذَا بَاعَ نَسِيئَةً) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى النَّقْدِ (أَشْهَدَ) عَلَيْهِ (وَارْتَهَنَ بِهِ) رَهْنًا وَافِيًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ قَالَهُ الْجُمْهُورُ. وَحَكَى الْإِمَامُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ إذَا لَمْ يَرْتَهِنْ وَالْمُشْتَرِي مَلِيءٌ وَجْهَيْنِ. وَقَالَ الْأَصَحُّ الصِّحَّةُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَذْهَبَ الْقَائِلُ بِالصِّحَّةِ إلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَبِجَوَازِهِ اعْتِمَادًا عَلَى ذِمَّةِ الْمَلِيءِ وَإِذَا بَاعَ مَالَ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ نَسِيئَةً لَا يَحْتَاجُ إلَى رَهْنٍ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي حَقِّ وَلَدِهِ (وَيَأْخُذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَتْرُكُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ) الَّتِي رَآهَا فِي ذَلِكَ (وَيُزَكِّي مَالَهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ) وَيَكْسُوهُ (بِالْمَعْرُوفِ) وَيُنْفِقُ عَلَى قَرِيبِهِ بِالطَّلَبِ (فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ بُلُوغِهِ عَلَى الْأَبِ وَالْجَدِّ بَيْعًا) لِمَالِهِ (بِلَا مَصْلَحَةٍ صُدِّقَا بِالْيَمِينِ) ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ   [حاشية قليوبي] لِأَجْلِهَا أَوْ لِنَحْوِ عِمَارَةٍ. قَوْلُهُ: (وَيَبْنِي دُورَهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: الْمُعْتَمَدُ الرُّجُوعُ إلَى عَادَةِ الْبَلَدِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يُخَالِفُهُ، وَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا نَصُّوا عَلَيْهِ، وَإِنْ خَالَفَ الْعَادَةَ وَسَوَاءٌ فِي الْبِنَاءِ ابْتِدَاؤُهُ، وَدَوَامُهُ فَلَوْ تَرَكَهُ أَوْ تَرَكَ عَلَفَ دَابَّةٍ أَوْ سَقْيَهَا ضَمِنَ، وَكَذَا تَرْكُ نَخْلٍ بِلَا تَلْقِيحٍ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا خِلَافَهُ. قَالَ الْقَفَّالُ: وَيَضْمَنُ وَرَقَ الْفِرْصَادِ إذَا تَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ. فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَقَارِ أَنْ يُسَاوِيَ بَعْدَ بِنَائِهِ مَا صُرِفَ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِنُدُورِهِ، وَإِنْ وَقَعَ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ كَرَامَةً لَهُ. تَنْبِيهٌ حُكْمُ نَاظِرِ الْوَقْفِ فِي ذَلِكَ كَالْوَلِيِّ. قَوْلُهُ: (وَالْآجُرِّ) وَأَوَّلُ مَنْ صَنَعَهُ هَامَانُ عِنْدَ بِنَاءِ الصَّرْحِ لِفِرْعَوْنَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَبِيعُ عَقَارَهُ) وَمِثْلُهُ آلَةُ الْقِنْيَةِ، وَمِنْ الْحَاجَةِ مَا مَرَّ فِي الْحِرَفِ، فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْحَاجَةِ فِي هَذَيْنِ أَكِيدَةً، وَيَجُوزُ بَيْعُ غَيْرِهِمَا وَلَوْ لِحَاجَةٍ يَسِيرَةٍ، وَبَيْعُ مَالِ التِّجَارَةِ لِمَصْلَحَةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ بَيْعُ مَالِهِ) وَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ إلَّا لِلْقَاضِي، فَيَجُوزُ لِلْحَاجَةِ أَيْضًا. وَلَا يَبِيعُ الْوَلِيُّ إلَّا لِثِقَةٍ مَلِيءٍ. قَوْلُهُ: (عَلَى النَّقْدِ) أَيْ الْحَالِّ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ الصِّحَّةُ) مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الصِّحَّةِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا بَاعَ مَالَ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ) وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ، وَخَرَجَ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لَا يَحْتَاجُ إلَى رَهْنٍ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ كَانَ مَلِيئًا قَالَ شَيْخُنَا م ر: وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ وَخَالَفَهُ الْخَطِيبُ نَعَمْ، لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ، لِمُضْطَرٍّ تَوَقَّفَ إنْقَاذُ رُوحِهِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ سَفَرٌ بِمَالِ مَحْجُورٍ فِي الْبَحْرِ، وَإِنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ وَلَهُ السَّفَرُ بِالْمَحْجُورِ فِيهِ، عِنْدَ غَلَبَتِهَا وَلَهُ السَّفَرُ بِهِ، وَبِمَالِهِ فِي غَيْرِهِ مَعَ الْأَمْنِ، وَلَهُ إرْكَابُ الْمَحْجُورِ الدَّوَابَّ الَّتِي يَضْبِطُهَا وَلَوْ حَامِلًا. فَرْعٌ لَوْ فَسَقَ الْوَلِيُّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِمَنْ يَلِي مَكَانَهُ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ الْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ، فَلَا يَأْخُذُ إلَّا مَعَ الْمَصْلَحَةِ أَوْ زِيَادَتِهَا، وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْ فَلِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِهِ أَنْ يَأْخُذَ، وَلِلْأَبِ الشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ فِي بَيْعِ حِصَّةِ الْمَحْجُورِ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ شِرَائِهِمَا لَهُ، وَلِغَيْرِ الْأَبِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْأَوْلَى، وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ مُطْلَقًا أَنْ يَقْتَصَّ لِمُوَلِّيهِ، وَلَا يَعْفُوَ عَنْ قِصَاصٍ لَهُ إلَّا أَبٌ فِي حَقِّ مَجْنُونٍ فَقِيرٍ وَلَا يُكَاتِبُ رَقِيقَهُ، وَلَا يُدَبِّرُهُ وَلَا يُعَلِّقُ عِتْقَهُ، وَلَا يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ، وَلَا يَشْتَرِي لَهُ إلَّا مِنْ ثِقَةٍ، وَلَا يَشْتَرِي لَهُ الْجَوَارِي وَلَا يَصْرِفُ مَالَهُ فِي نَحْوِ مُسَابَقَةٍ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ هَدِيَّةٍ لِلْمَحْجُورِ، أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَإِلَّا فَيَأْثَمُ كَمَا مَرَّ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَنْعَزِلُ أَيْضًا وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا، وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي الْقَوْلِ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيُزَكِّي مَالَهُ) وَكَذَا بَدَنُهُ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وُجُوبًا فَوْرًا فِيهِمَا. وَقَالَ شَيْخُنَا جَوَازًا إذَا لَمْ يَعْتَقِدُوا وُجُوبَهَا بِأَنْ كَانَا حَنَفِيَّيْنِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا زَكَاةَ عِنْدَهُمَا فَهِيَ عِنْدَهُمَا حَرَامٌ، فَيُحْمَلُ كَلَامُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْمَذْكُورُ عَلَى مَا إذَا كَانَا شَافِعِيَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا شَافِعِيًّا، لِلْوَلِيِّ الْإِخْرَاجُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ شَيْخِنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِمَا قَالَ شَيْخُنَا: وَالْأَوْلَى لِلْوَلِيِّ مُطْلَقًا رَفْعُ الْأَمْرِ لِحَاكِمٍ يَلْزَمُهُ بِالْإِخْرَاجِ أَوْ عَدَمِهِ، حَتَّى لَا يُطَالِبَهُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِهِ، وَإِذَا لَمْ يُخْرِجْهَا أَخْبَرَهُ بِهَا بَعْدَ كَمَالِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ   [حاشية عميرة] أَوْلَى مِنْ آجُرٍّ. قَوْلُهُ: (بَدَلَ) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ اللَّبِنِ وَالْجِصِّ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ اجْتِمَاعِهِمَا وَافْتِرَاقِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَجِدُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِإِمْكَانِ الْوُجُودِ عَادَةً، وَلَا يُشْتَرَطُ الْوُجُودُ الْحَالِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا بَاعَ) لَوْ أَجَّرَ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ فَهَلْ يَجِبُ أَخْذُ الرَّهْنِ؟ يُرَاجَعُ ذَلِكَ مِنْ الْغَنِيَّةِ لِلْأَذْرَعِيِّ. فَرْعٌ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَهُ قَرْضًا وَلَا يَأْذَنَ فِي النَّسِيئَةِ، وَحُكْمُ مَالِ الْوَقْفِ حُكْمُ مَالِ الطِّفْلِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي حَقِّ وَلَدِهِ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 مُتَّهَمَيْنِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا (وَإِنْ ادَّعَاهُ عَلَى الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ) أَيْ مَنْصُوبِ الْقَاضِي (صُدِّقَ هُوَ بِيَمِينِهِ) لِلتُّهْمَةِ فِي حَقِّهِمَا. وَقِيلَ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ هُمَا الْمُصَدَّقَانِ وَالْفَرْقُ عُسْرُ الْإِشْهَادِ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ يُبَاعُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ وَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ وَلِيٍّ وَوَلِيٍّ وَلَا بَيْنَ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ وَدَعْوَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَلِيِّ كَهِيَ عَلَى الْوَلِيِّ. . بَابُ الصُّلْحِ (هُوَ قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا يَجْرِي بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَهُوَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا صُلْحٌ عَلَى إقْرَارٍ فَإِنْ جَرَى عَلَى عَيْنٍ غَيْرِ   [حاشية قليوبي] وَيَكْسُوهُ) وَكَذَا عَلَى حَيَوَانِهِ وَنَحْوِ زَوْجَتِهِ، وَيُجْبِرُهُ الْوَلِيُّ عَلَى الْكَسْبِ لِذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا كَمَا مَرَّ. وَيُخْرِجُ أَرْشَ جِنَايَتِهِ، وَيُوَفِّي دُيُونَهُ لَكِنْ بَعْدَ طَلَبِهَا وَلَوْ بِلَا حَاكِمٍ. قَوْلُهُ: (عَلَى قَرِيبِهِ) وَمِنْهُ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ الْمُتَوَلِّي كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَهُ خَلْطُ مَالِهِ بِمَالِهِ وَمُوَاكَلَتُهُ مَعَ الْمَصْلَحَةِ. قَوْلُهُ: (بِالطَّلَبِ) وَلَوْ بِوَلِيِّهِ إلَّا فِي مَعْذُورٍ كَزَمِنٍ عَاجِزٍ عَنْ الْإِرْسَالِ، قَوْلُهُ: (بَعْدَ بُلُوغِهِ) الْأَوْلَى بَعْدَ كَمَالِهِ لِيَشْمَلَ السَّفِيهَ وَالْمَجْنُونَ. قَوْلُهُ: (بَيْعًا) أَوْ أَخْذًا بِشُفْعَةٍ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّ الْوَلِيَّ تَرَكَ الْأَخْذَ مَعَ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ صُدِّقَ بِالْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمِثْلُهُمَا الْأُمُّ وَأُصُولُهَا وَإِنْ تَوَقَّفَتْ وِلَايَتُهُمَا عَلَى حَاكِمٍ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْأُمِّ وَأُصُولِهَا كَمَا مَرَّ وَالْقَاضِي وَلَوْ قَبْلَ عَزْلِهِ كَالْوَصِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: يُصَدَّقُ فِي غَيْرِ الْمَالِ بِلَا يَمِينٍ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ هُوَ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: فِي غَيْرِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ وَفِيمَا لَا يَعْسُرُ، الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُمَا الْمُصَدَّقَانِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي عَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ لِلْخِلَافِ أَوْجُهٌ ثَلَاثَةٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَدَعْوَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ شُمُولُ التَّشْبِيهِ لِلْخِلَافِ وَالْحُكْمِ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ لَا يَصِحُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْعَقَارِ وَنَحْوِهِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ أَنَّ التَّصَرُّفَ بِالْمَصْلَحَةِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: هَذَا فِي الْوَصِيِّ، وَالْأَمِينِ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ. بَابُ الصُّلْحِ الصُّلْحُ هُوَ لُغَةً وَعُرْفًا عَامًّا: قَطْعُ النِّزَاعِ وَشَرْعًا: عَقْدٌ يَقْتَضِي ذَلِكَ، وَهُوَ رُخْصَةٌ مِنْ الْمَحْظُورِ. وَقِيلَ: أَصْلٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَقِيلَ: فَرْعٌ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ، وَلَفْظُهُ يَتَعَدَّى لِلْمَتْرُوكِ بِمِنْ وَعَنْ، وَلِلْمَأْخُوذِ بِعَلَى وَالْبَاءِ وَلَوْ اعْتِبَارًا أَوْ غَالِبًا كَمَا يَأْتِي وَدَلِيلُ جَوَازِهِ الْكِتَابُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] وَالسُّنَّةُ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَالْإِجْمَاعُ، وَالْكُفَّارُ كَالْمُسْلِمِينَ، وَتَخْصِيصُهُمْ بِالذِّكْرِ لِانْقِيَادِهِمْ لِلْأَحْكَامِ غَالِبًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمَعْنَى أَحَلَّ حَرَامًا، كَأَنْ يُصَالِحَ عَلَى نَحْوِ خَمْرٍ، أَوْ مِنْ حَالٍّ عَلَى مُؤَجَّلٍ، أَوْ مِنْ دَرَاهِمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا، وَمَعْنَى حَرَّمَ حَلَالًا كَأَنْ يُصَالِحَ زَوْجَتَهُ عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا انْتَهَى، وَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ نَظَرٌ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي حَاشِيَةِ التَّحْرِيرِ عَلَى أَتَمِّ بَيَانٍ فَلْيُرَاجَعْ مِنْهَا، وَمِنْهُ مَا يَأْتِي فِي الصُّلْحِ مَعَ الْإِنْكَارِ. قَوْلُهُ: (هُوَ قِسْمَانِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ هُنَا الَّذِي هُوَ فِي الْمُعَامَلَةِ، وَالدِّينِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ   [حاشية عميرة] هَذَا مُسَلَّمٌ وَلَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِأَنْ يَكُونَ مَلِيًّا، وَأَنْ يُشْهِدَ خَوْفَ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ قَبُولُهُ قَوْلَ الْأُمِّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً. . [بَابُ الصُّلْحِ] ِ هُوَ لُغَةً: قَطْعُ النِّزَاعِ وَشَرْعًا: عَقْدٌ يَحْصُلُ بِهِ قَطْعُ النِّزَاعِ فَيَشْمَلُ هَذَا الْبَابَ، وَعَقْدَ الْهُدْنَةِ وَنَحْوَهُ، وَالْمَعْقُودُ لَهُ مَا سَبَقَ وَالْأَمْوَالُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: الْمُزَاحَمَةُ تَارَةً تَقَعُ فِي الْأَمْلَاكِ، وَتَارَةً فِي الْمُشْتَرَكَاتِ، وَحِينَئِذٍ فَيَفْصِلُ تَارَةً بِالصُّلْحِ وَتَارَةً بِظُهُورِ حَقِّ أَحَدِهِمَا، وَالْبَابُ مَعْقُودٌ لِذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ جَرَى عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَاةِ) أَيْ غَيْرِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ فَالْمُصَالَحُ عَنْهُ هُنَا أَيْضًا عَيْنٌ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 الْمُدَّعَاةِ) كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا أَوْ حِصَّةً مِنْهَا فَأَقَرَّ لَهُ بِهَا وَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ (فَهُوَ بَيْعٌ) لِلْمُدَّعَاةِ (بِلَفْظِ الصُّلْحِ تَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُهُ) أَيْ الْبَيْعِ (كَالشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَمَنْعِ تَصَرُّفِهِ) فِي الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ (قَبْلَ قَبْضِهِ وَاشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ إنْ اتَّفَقَا) أَيْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ (فِي عِلَّةِ الرِّبَا) وَاشْتِرَاطِ التَّسَاوِي فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ إنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ أَمْوَالِ الرِّبَا، وَجَرَيَانِ التَّحَالُفِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ (أَوْ) جَرَى الصُّلْحُ (عَلَى مَنْفَعَةٍ) فِي دَارٍ مَثَلًا مُدَّةً مَعْلُومَةً (فَإِجَارَةٌ) لِمَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ (تَثْبُتُ أَحْكَامُهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ فِي ذَلِكَ (أَوْ) جَرَى الصُّلْحُ (عَلَى بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ) كَنِصْفِهَا (فَهِبَةٌ لِبَعْضِهَا) الْبَاقِي (لِصَاحِبِ الْيَدِ) عَلَيْهَا (فَتَثْبُتُ أَحْكَامُهَا) أَيْ الْهِبَةِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ وَمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِهِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ لِلْبَعْضِ الْمَتْرُوكِ (وَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) لَهُ لِعَدَمِ الثَّمَنِ (وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ بِلَفْظِ الصُّلْحِ) كَصَالَحْتُكَ مِنْ الدَّارِ عَلَى نِصْفِهَا. وَالثَّانِي قَالَ الصُّلْحُ يَتَضَمَّنُ الْمُعَاوَضَةَ وَلَا عِوَضَ هُنَا لِلْمَتْرُوكِ وَالْأَوَّلُ قَالَ وُجِدَتْ خَاصِّيَّةَ لَفْظِ الصُّلْحِ وَهِيَ سَبْقُ الْخُصُومَةِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْهِبَةِ لِلْمَتْرُوكِ (وَلَوْ قَالَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ صَالِحْنِي عَنْ دَارِكَ بِكَذَا) فَأَجَابَهُ (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ لَا يُطْلَقُ إلَّا إذَا سَبَقَتْ خُصُومَةٌ. وَالثَّانِي يُمْنَعُ ذَلِكَ وَيُصَحَّحُ الْعَقْدُ تَتِمَّةٌ وَلَوْ صَالَحَ مِنْ عَيْنٍ عَلَى دَيْنٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ بَيْعٌ أَوْ عَبْدٌ أَوْ ثَوْبٌ مَثَلًا مَوْصُوفٌ بِصِفَةِ السَّلَمِ فَظَاهِرٌ   [حاشية قليوبي] مِنْ أَقْسَامِهِ الصُّلْحَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْكُفَّارِ كَمَا فِي الْهُدْنَةِ وَالْأَمَانِ، وَبَيْنَ الْإِمَامِ وَالْبُغَاةِ كَمَا فِي بَابِهِمْ وَبَيْنَ الزَّوْجَيْنِ كَمَا فِي الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى عَيْنٍ) أَيْ حَقِيقَتِهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ لَا مَا قَابَلَ الْمَنْفَعَةَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. فَرْعٌ يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ مَنْفَعَةٍ، نَحْوِ الْكَلْبِ، وَعَنْ نَحْوِ السِّرْجِينِ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ إسْقَاطِ حَقِّهِ، لَا فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ. قَوْلُهُ: (فَأَقَرَّ) وَمِثْلُ الْإِقْرَارِ الْحُجَّةُ وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ. قَوْلُهُ: (فِي الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ) وَكَذَا فِي الْمُصَالَحِ عَنْهُ، وَلَوْ ذَكَرَهُ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (لِمَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ إلَخْ) فَهِيَ إجَارَةٌ لِغَيْرِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ بِهَا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي، وَقَصَرَهُ الشَّارِحُ عَلَى هَذِهِ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ مِنْ لَفْظِ عَلَى وَإِلَّا فَعَكْسُهَا كَذَلِكَ كَأَنْ يُصَالِحَ بِعَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ عَلَى سُكْنَى الدَّارِ الْمُدَّعَى بِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَهِيَ إجَارَةُ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ بِغَيْرِهَا مِنْ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ) وَنَحْوِهَا كَالتَّمْلِيكِ، وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ لَفْظِ الصُّلْحِ كَمَا هُوَ الْمُقْسَمُ، كَأَنْ يَقُولَ: وَهَبْتُكَ نِصْفَهَا وَصَالَحْتُكَ عَلَى الْبَاقِي. فَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُكَ نِصْفَهَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي بَاقِيهَا فَسَدَ الصُّلْحُ قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا يَفْسُدُ لَوْ سَكَتَ عَنْ لَفْظِ وَصَالَحْتُكَ وَاقْتَصَرَ عَلَى وَهَبْتُكَ نِصْفَهَا. قَالَ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِيهِ كَمَا يَأْتِي فِي الدَّيْنِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ لَفْظِ الصُّلْحِ، وَالْهِبَةِ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ فِيمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ نِصْفَهَا، وَصَالَحْتُكَ عَلَى الْبَاقِي. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) أَيْ عَقْدُ الْهِبَةِ الْمَذْكُورُ وَيُسَمَّى صُلْحَ الْحَطِيطَةِ. قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ الصُّلْحِ) وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ كَمَا يَأْتِي فِي الدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ الْخُصُومَةُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَهُوَ سَبْقُ الْخُصُومَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ قَاضٍ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) أَيْ بُطْلَانُ كَوْنِهِ صُلْحًا وَهُوَ كِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر.   [حاشية عميرة] وَسَيَأْتِي قَسِيمُهُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ صَالَحَ فِي دَيْنٍ إلَخْ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَصَوَابُ عِبَارَةِ الْكِتَابِ عَلَى غَيْرِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ فَيَشْمَلُ مَا صَالَحَ مِنْ عَيْنٍ عَلَى دَيْنٍ اهـ. وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَهُوَ بَيْعٌ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ: الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ، فَالْأَوَّلَانِ صُلْحُ الْمُعَاوَضَةِ وَالْأَخِيرَانِ صُلْحُ الْحَطِيطَةِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَزَادَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ صُلْحَ الْعَارِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَجَرَيَانُ التَّحَالُفِ) وَالتَّوَقُّفِ عَلَى شَرْطِ الْقَطْعِ فِي الزَّرْعِ، وَالْإِبْطَالِ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَرْعٌ أَتْلَفَ لَهُ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشْرَةً لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ رِبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِجَارَةٌ) لِصِدْقِ حَدِّهَا عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ الْهِبَةِ) كَانَ صُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ: وَهَبْتُك نِصْفَهَا وَصَالَحْتُكَ عَلَى الْبَاقِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) لَوْ نَوَيَا بِهِ الْبَيْعَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 أَنَّهُ سَلَمٌ وَسَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْ ذَلِكَ لِظُهُورِهِ (وَلَوْ صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ) غَيْرِ دَيْنِ السَّلَمِ (عَلَى عَيْنٍ صَحَّ فَإِنْ تَوَافَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا) كَالصُّلْحِ عَنْ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ (اُشْتُرِطَ قَبْضُ الْعِوَضِ فِي الْمَجْلِسِ) حَذَرًا مِنْ الرِّبَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَوَافَقْ الْمُصَالَحُ مِنْهُ الدَّيْنُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ فِي عِلَّةِ الرِّبَا كَالصُّلْحِ عَنْ فِضَّةٍ بِحِنْطَةٍ أَوْ ثَوْبٍ (فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ عَيْنًا لَمْ يُشْتَرَطْ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ. وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الثَّوْبِ فِي الْمَجْلِسِ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ أَحَدَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الْعَقْدُ) أَيْ صُلْحًا صَرِيحًا عَلَى الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (مِنْ عَيْنٍ) أَيْ غَيْرِ نَقْدٍ. قَوْلُهُ: (فَظَاهِرٌ أَنَّهُ بَيْعٌ) ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ النَّقْدُ، وَهُوَ هُنَا فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَ مُسَلَّمًا فِيهِ لِعَدَمِ لَفْظِ السَّلَمِ، فَلَا يُنَافِي صِحَّةَ السَّلَمِ فِي النُّقُودِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَوْصُوفٌ) نَعْتٌ لِعَبْدٍ وَثَوْبٍ وَسَكَتَ عَنْ مِثْلِهِ فِي النَّقْدِ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ لِذِكْرِ كَوْنِهِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ، وَكَوْنُ مِثْلِ هَذَا مِنْ الْبَيْعِ، وَمَا بَعْدَهُ مِنْ السَّلَمِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ لَفْظِ السَّلَمِ سَلَمٌ، وَمَعَ عَدَمِ لَفْظِهِ بَيْعٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (فَظَاهِرٌ أَنَّهُ سَلَمٌ) أَيْ إنْ ذُكِرَ لَفْظُ سَلَمٍ، وَسَكَتَ عَنْهُ الشَّارِحُ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَلَيْسَ لَفْظُ الصُّلْحِ نَائِبًا عَنْهُ، وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إذَا لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ السَّلَمِ فَهُوَ سَلَمٌ حُكْمًا وَسَيَأْتِي رَدُّهُ آنِفًا. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ عَنْهُ الشَّيْخَانِ) أَيْ سَكَتَا عَنْ التَّصْرِيحِ بِتَصْوِيرِهِ، وَإِلَّا فَكَلَامُهُمَا شَامِلٌ لَهُ إذْ قَدْ يُرَادُ بِالْعَيْنِ فِي كَلَامِهِمَا مَا قَابَلَ الْمَنْفَعَةَ، وَمِمَّا يَدُلُّ لَهُ اقْتِصَارُهُمْ عَلَيْهَا فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْنِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ، وَمَا قِيلَ: إنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ ذَلِكَ رَادًّا عَلَى الْإِسْنَوِيِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَتَأَمَّلْهُ. تَنْبِيهٌ يَقَعُ الصُّلْحُ جِعَالَةً كَصَالَحْتُكَ مِنْ كَذَا عَلَى رَدِّ عَبْدِي، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ صُلْحٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَا تَقَدَّمَ، وَيَقَعُ خُلْعًا كَأَنْ تُصَالِحَهُ مِنْ كَذَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا بُدَّ بَعْدَ عَقْدِ الصُّلْحِ مِنْ إنْشَاءِ عَقْدِ خُلْعٍ، كَأَنْ يَقُولَ: طَلَّقْتُكِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ خَالَعْتكِ عَلَيْهِ فَتَقْبَلُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا بُدَّ بَعْدَ عَقْدِ الصُّلْحِ مِنْ إنْشَاءِ عَقْدِ خُلْعٍ، كَأَنْ يَقُولَ طَلَّقْتُكِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ خَالَعْتكِ عَلَيْهِ فَتَقْبَلُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعَلَى هَذَا فَلَمْ يَقَعْ الصُّلْحُ خُلْعًا فَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِهِ: بِطَلَّقْتُكِ عَلَيْهِ مَثَلًا عَقِبَ لَفْظِهَا بِالصُّلْحِ، وَيَقَعُ فَسْخًا وَسَيَأْتِي. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَيَقَعُ وَقْفًا وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَقَعُ إعَارَةً كَأَنْ يُصَالِحَ مِنْ الدَّارِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَنَةً، وَلَا يَصِحُّ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ مُقَابَلَةُ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مِنْ الْمُقَرِّ بِهِ لَهُ تَبَعًا لِلْعَيْنِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ كَمَا قَالَهُ الدَّمِيرِيِّ. وَاعْتُرِضَ التَّصْوِيرُ الْمَذْكُورُ بِأَنَّ " مِنْ " دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَأْخُوذِ وَ " عَلَى " دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَتْرُوكِ، وَهُوَ عَكْسُ الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ، أَوْ بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَبِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعِي بِهِ، لَا مِنْ الصُّلْحِ عَنْهُ بِغَيْرِهِ الَّذِي هُوَ الْمُقْسَمُ فِي كَلَامِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ، وَصَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ: بِأَنْ يُصَالِحَهُ مِنْ الدَّارِ عَلَى سُكْنَى حَانُوتِهِ مَثَلًا شَهْرًا وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ مِنْ حَيْثُ التَّصْوِيرُ، فَهُوَ بَاطِلٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَارِيَّةَ لَيْسَ لَهَا مُقَابِلٌ، وَفِي قَوْلِهِمْ مُقَابَلَةُ مِلْكِهِ بِمِلْكِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ بِالصُّلْحِ تَصِيرُ الْعَيْنُ بِمَنْفَعَتِهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَكَأَنَّ الْمُدَّعِيَ اسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ مِنْهَا السُّكْنَى، أَوْ رَجَعَ فِيهَا فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ فِيهِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ، وَجَوَابُ بَعْضِهِمْ عَنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ مَعَ الصِّحَّةِ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِ الْعَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ، بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَمَّا كَانَتْ جِنْسًا آخَرَ مَعَ الْعَيْنِ ظَهَرَتْ فِيهَا الْمُقَابَلَةُ، مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِعَارَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مُقَابَلَةٌ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (غَيْرِ دَيْنِ السَّلَمِ) لَوْ قَالَ غَيْرِ الْمُثَمَّنِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْمَبِيعَ فِي الذِّمَّةِ نَعَمْ، لَوْ صَالَحَ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِرَأْسِ مَالِ الْمُسْلَمِ صَحَّ، وَكَانَ فَسْخًا لِعَقْدِهِ. قَوْلُهُ: (قَبْضُ الْعِوَضِ) أَيْ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ لَا الْمُصَالَحِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَهُوَ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ وَلَا قَبْضُهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَيُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْعِوَضَيْنِ إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْعَيْنِ الَّتِي هِيَ الْمُقْسَمُ لِيَصِحَّ تَقْسِيمُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ إلَى عَيْنٍ وَدَيْنٍ، فَهُوَ جَوَابٌ عَنْهُ بِجَعْلِ ضَمِيرِ " يَتَوَافَقُ " رَاجِعًا لِلْمُصَالَحِ عَنْهُ بِقَيْدِ كَوْنِهِ دَيْنًا وَالْمُصَالَحِ عَلَيْهِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ عَيْنًا، وَالْأَوْلَى مَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنْ يُرَادَ بِالْعَيْنِ مَا قَابَلَ الْمَنْفَعَةَ فَيَصِحُّ التَّقْسِيمُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ سَلَمًا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا، وَهُوَ يَرُدُّ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا م ر، مِنْ أَنَّهُ سَلَمٌ حُكْمًا فَلَيْسَ لَفْظُ الصُّلْحِ نَائِبًا عَنْ   [حاشية عميرة] صَحَّ، ثُمَّ مَأْخَذُ الْخِلَافِ النَّظَرُ إلَى الْمَعْنَى أَوْ اللَّفْظِ. قَوْلُهُ: (يُمْنَعُ ذَلِكَ) أَيْ وَيَقُولُ هُوَ بَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ مَثَلًا فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَظَاهِرٌ أَنَّهُ سَلَمٌ) أَيْ سَوَاءٌ صَرَّحَ فِيهِ بِلَفْظِ السَّلَمِ، أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى لَفْظِ الصُّلْحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى عَيْنٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَأَنَّهَا تَصَحَّفَتْ عَنْ غَيْرٍ، فَإِنَّهُ الصَّوَابُ بِدَلِيلِ التَّقْسِيمِ الْآتِي إلَى عَيْنٍ وَدَيْنٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَحَّ) أَيْ سَوَاءٌ عَقَدَ بِلَفْظِ الصُّلْحِ أَوْ بِلَفْظِ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَا رِبَوِيَّيْنِ) كَأَنَّهُ زَادَهُ تَتْمِيمًا لِلْأَقْسَامِ، وَإِلَّا فَالْمُقْسِمُ عَدَمُ الرِّبَوِيَّةِ وَهُوَ لَا يَشْمَلُهُ. قَوْلُهُ: (قَبَضَهُ) الضَّمِيرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 الْعِوَضَيْنِ دَيْنٌ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْآخَرِ فِي الْمَجْلِسِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ (أَوْ) كَانَ الْعِوَضُ (دَيْنًا اُشْتُرِطَ تَعْيِينُهُ فِي الْمَجْلِسِ) لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (وَفِي قَبْضِهِ) فِي الْمَجْلِسِ (الْوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا لَا يُشْتَرَطُ فَإِنْ كَانَا رِبَوِيَّيْنِ اُشْتُرِطَ، وَلَوْ صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ عَلَى مَنْفَعَةٍ صَحَّ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ مَحَلِّهَا. وَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ إنْ اُشْتُرِطَ الْقَبْضُ فِيهِ فِي الْعَيْنِ تَخْرِيجًا عَلَيْهِ (وَإِنْ صَالَحَ مِنْ دَيْنٍ عَلَى بَعْضِهِ) كَنِصْفِهِ (فَهُوَ إبْرَاءٌ عَنْ بَاقِيهِ وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ وَالْحَطِّ وَنَحْوِهِمَا) كَالْإِسْقَاطِ نَحْوُ: أَبْرَأْتُكَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ مِنْ الْأَلْفِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ أَوْ حَطَطْتُهَا عَنْكَ أَوْ أَسْقَطْتهَا عَنْكَ، وَصَالَحْتُكَ عَلَى الْبَاقِي. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الْقَبُولُ عَلَى الصَّحِيحِ (وَ) يَصِحُّ (بِلَفْظِ الصُّلْحِ فِي الْأَصَحِّ) نَحْوُ: صَالَحْتُك عَنْ الْأَلْفِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ. وَالْخِلَافُ كَالْخِلَافِ فِي الصُّلْحِ مِنْ الْعَيْنِ عَلَى بَعْضِهَا بِلَفْظِ الصُّلْحِ فَيُؤْخَذُ تَوْجِيهُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ. وَيُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الْقَبُولُ فِي الْأَصَحِّ. وَلَا يَصِحُّ هَذَا الصُّلْحُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَنَظِيرِهِ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْنِ (وَلَوْ صَالَحَ مِنْ حَالٍّ عَلَى مُؤَجَّلٍ مِثْلِهِ) كَأَلْفٍ (أَوْ عَكْسٍ) أَيْ مِنْ مُؤَجَّلٍ عَلَى حَالٍّ مِثْلِهِ (لَغَا) الصُّلْحُ فَلَا يَلْزَمُ الْأَجَلُ فِي الْأَوَّلِ وَلَا إسْقَاطُهُ فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّهُمَا وَعْدٌ مِنْ الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ (فَإِنْ عَجَّلَ) الْمَدِينُ (الْمُؤَجَّلَ صَحَّ الْأَدَاءُ) وَسَقَطَ الْأَجَلُ (وَلَوْ صَالَحَ   [حاشية قليوبي] لَفْظِ السَّلَمِ نَعَمْ. مُوَافَقَةُ الْمَنْهَجِ عَلَى مَا هُنَا لَا يُوَافِقُ مَا مَرَّ عَنْهُ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الذِّمَّةِ لَهُ حُكْمُ السَّلَمِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا لَا يُشْتَرَطُ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْآخَرِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي الَّذِي يُشْبِهُهُ بِالسَّلَمِ، وَرُدَّ التَّشْبِيهُ بِأَنَّ الدَّيْنِيَّةَ هُنَا انْقَطَعَتْ بِالصُّلْحِ، وَلَا كَذَلِكَ فِي السَّلَمِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَا رِبَوِيَّيْنِ) أَيْ مُتَّحِدَيْ فِي عِلَّةِ الرِّبَا كَمَا مَرَّ اُشْتُرِطَ الْقَبْضُ أَيْ قَطْعًا فَشُمُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، لَا يَصِحُّ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، وَلَا مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ وَقِيلَ، إنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَفْرَادِ مَا مَرَّ قَبْلَهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا لِتَتْمِيمِ الْأَقْسَامِ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَهَذِهِ فِي دَيْنَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ) أَيْ مَحَلُّ الْمَنْفَعَةِ. قَوْلُهُ: (تَخْرِيجًا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي الْعَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ، فِيمَا سَبَقَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَتْمِيمِيٌّ لِأَقْسَامِ الصُّلْحِ عَنْ الدَّيْنِ، وَصِحَّتُهَا بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْنِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ، وَالتَّخْرِيجُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ، وَلَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (كَالْإِسْقَاطِ) وَمِثْلُهُ التَّرْكُ وَالْإِحْلَالُ وَالتَّحْلِيلُ، وَالْعَفْوُ، وَالْوَضْعُ وَالْمُسَامَحَةُ. قَوْلُهُ: (وَصَالَحْتُكَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ أَلْفَاظِ الْإِبْرَاءِ وَاحْتِيجَ إلَى لَفْظِ الصُّلْحِ مَعَ الْإِبْرَاءِ لِيَكُونَ مِنْ أَنْوَاعِ عَقْدِ الصُّلْحِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ سَبْقُ الْخُصُومَةِ، وَلَمْ يَحْتَجْ لِقَبُولٍ نَظَرًا لِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ، وَفِيهِ مَا مَرَّ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْعَيْنِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُكَ مِنْ نِصْفِهِ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي بَاقِيهِ، فَسَدَ الْعَقْدُ، وَأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْ لَفْظِ الصُّلْحِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْإِبْرَاءِ فَسَدَ كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى خَمْسِمِائَةٍ) وَلَوْ مُعَيَّنَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ وَلَا تَعْيِينُهَا فِي الْمَجْلِسِ قَالَهُ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ هَذَا الصُّلْحُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) وَلَا بِلَفْظِ الْهِبَةِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ إبْرَاءٌ وَسَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ. قَوْلُهُ: (صَحَّ الْأَدَاءُ) وَوَقَعَ عَنْ الدَّيْنِ وَإِنْ ظَنَّ صِحَّةَ الصُّلْحِ، لَكِنْ لَهُ فِي هَذِهِ الِاسْتِرْدَادُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى عَلَى اعْتِقَادِ أَمْرٍ بَاطِلٍ، فَلَوْ لَمْ يَسْتَرِدَّ وَقَعَ عَنْ الدَّيْنِ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَعَلَى هَذَا يَنْزِلُ قَوْلُ الْمَنْهَجِ بِعَدَمِ صِحَّةِ التَّعْجِيلِ فَتَأَمَّلْهُ.   [حاشية عميرة] فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مَحَلُّهَا. قَوْلُهُ: (فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فِي الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ إبْرَاءٌ إلَخْ) نَظَرُكَ إلَى هَذَا مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ يُفِيدُ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الدَّيْنِ يَنْقَسِمُ أَيْضًا إلَى صُلْحِ مُعَاوَضَةٍ وَصُلْحِ حَطِيطَةٍ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَأَنْ يَقُولَ: أَبْرَأْتُكَ مِنْ كَذَا وَأَعْطِ الْبَاقِيَ أَوْ أَبْرَأْتُكَ عَنْ كَذَا وَصَالَحْتُكَ عَلَى الْبَاقِي فَإِذَا قَالَ: ذَلِكَ بَرِئَ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) مُدْرَكُ النَّظَرِ إلَى اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى. فَرْعٌ لَوْ عَقَدَهُ هُنَا بِلَفْظِ الْهِبَةِ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ وَعَدَمُ التَّوَقُّفِ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ إبْرَاءٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى خَمْسِمِائَةٍ) أَيْ فِي الذِّمَّةِ، أَمَّا الْمُعَيَّنَةُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ اسْتِيفَاءٌ، وَخَالَفَ الْإِمَامَ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فَيَكُونُ رِبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ عَجَّلَ إلَخْ) هِيَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، أَعْنِي لَيْسَ التَّعْجِيلُ صَادِرًا عَنْ مُقْتَضَى الصُّلْحِ كَيْ يَعْتَرِضَ، عَمَّا لَوْ دَفَعَ عَلَى ظَنِّ اللُّزُومِ، فَإِنَّهُ لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 مِنْ عَشْرَةٍ حَالَّةٍ عَلَى خَمْسَةٍ مُؤَجَّلَةٍ بَرِئَ مِنْ خَمْسَةٍ وَبَقِيَتْ خَمْسَةٌ حَالَّةٌ) ؛ لِأَنَّ إلْحَاقَ الْأَجَلِ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ، بِخِلَافِ إسْقَاطِ بَعْضِ الدَّيْنِ (وَلَوْ عَكَسَ) أَيْ صَالَحَ مِنْ عَشْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ حَالَّةٍ (لَغَا) الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْخَمْسَةَ فِي مُقَابَلَةِ حُلُولِ الْبَاقِي، وَهُوَ لَا يَحِلُّ فَلَا يَصِحُّ التَّرْكُ. (النَّوْعُ الثَّانِي الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ فَيَبْطُلُ إنْ جَرَى عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعِي) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعِي كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ دَارًا فَيُنْكِرَ ثُمَّ يَتَصَالَحَا عَلَى ثَوْبٍ أَوْ دَيْنٍ اهـ. وَكَانَ نُسْخَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمُحَرَّرِ عَيْنٌ بِالنُّونِ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِالنَّفْسِ وَلَمْ يُلَاحِظْ مُوَافَقَةَ مَا فِي الشَّرْحِ. فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ (وَكَذَا إنْ جَرَى) الصُّلْحُ (عَلَى بَعْضِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ لِلتَّوَافُقِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا وَتَصَالَحَا عَلَى بَعْضِهِ فَإِنْ تَصَالَحَا عَنْ أَلْفٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا أَوْ خَمْسِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَهُوَ: لَوْ تَصَادَقَ مُتَعَامِلَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ شَيْئًا، عَلَى ظَنِّ صِحَّةِ الْمُعَامَلَةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادُهَا بَطَلَ التَّصَادُقُ، فَإِنْ قَالَ: وَلَا دَعْوَى وَلَا نِسْيَانَ وَلَا جَهْلَ، ثُمَّ ادَّعَى الْجَهْلَ أَوْ النِّسْيَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِلَّا قُبِلَ. قَوْلُهُ: (لَغَا الصُّلْحُ) نَعَمْ. إنْ صَرَّحَ مَعَ ذَلِكَ بِالْإِبْرَاءِ صَحَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (الْإِنْكَارِ) مِثْلُهُ السُّكُوتُ وَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الْإِنْكَارِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ بَعْدَ الصُّلْحِ. قَوْلُهُ: (فَيَبْطُلُ إلَخْ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فِي غَيْرِ الْكِتَابَةِ، وَالْوَصِيَّةِ وَالْخُلْعِ وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الصُّلْحِ لَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا، فَإِنْ صَالَحَ حِينَئِذٍ صَحَّ، وَلَوْ قَالَ لَهُ بَعْدَ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ: بَرِئْت مِنْ الدَّيْنِ أَوْ أَبْرَأْتُكَ مِنْهُ، أَوْ مَلَّكْتُكَ الْعَيْنَ فَلَهُ الْعَوْدُ إلَى الدَّعْوَى بِذَلِكَ، وَلَا يُؤَاخَذُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ لِبِنَائِهِ عَلَى فَاسِدٍ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا فَقَالَ: رَدَدْتُهَا إلَيْك ثُمَّ صَالَحَهُ فَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ مَضْمُونَةً صَحَّ الصُّلْحُ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ بَذَلَ لِلْمُنْكِرِ مَالًا لِيُقِرَّ فَأَقَرَّ فَصَالَحَهُ، فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَا يَكُونُ مُقِرًّا بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَكَانَ نُسْخَةُ إلَخْ) هَذَا لَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ عَنْ الْمُحَرَّرِ، كَالْمِنْهَاجِ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: وَنُسْخَةُ الْمُحَرَّرِ غَيْرُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ فَاشْتَبَهَتْ الرَّاءُ بِالنُّونِ، فَتَوَهَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا عَيْنٌ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَالنُّونِ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِالنَّفْسِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَهُمَا) أَيْ مَسْأَلَةُ النَّفْسِ، وَمَسْأَلَةُ الْغَيْرِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ مَسْأَلَتَانِ، حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ الْبُطْلَانُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ: إنَّ الصَّوَابَ فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ غَيْرُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَغَايَتُهُ أَنَّ الْبُطْلَانَ فِي مَسْأَلَةِ النَّفْسِ لِأَمْرَيْنِ: الْإِنْكَارُ، وَفَسَادُ الصِّيغَةِ بِاتِّحَادِ الْمُصَالَحِ بِهِ، وَعَنْهُ وَإِنْ أَمْكَنَ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا بِمَا مَرَّ، وَإِنَّ الْبُطْلَانَ فِي مَسْأَلَةِ الْغَيْرِ لِلْإِنْكَارِ فَقَطْ لِلنَّهْيِ عَنْهُ كَمَا مَرَّ.؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي صَادِقًا فَقَدْ لَزِمَ بِتَحْرِيمِ مُدَّعَاهُ الْحَلَالَ لَهُ، قَهْرًا عَلَيْهِ أَوْ كَانَ كَاذِبًا فَقَدْ أَحَلَّ لَهُ أَخْذَ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ، بِبَيْعِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ أَيْضًا كَذَلِكَ، وَالْمُدَّعِي كَالظَّافِرِ إنْ كَانَ صَادِقًا لَا يُقَالُ الصُّلْحُ الْجَائِزُ بِالْإِقْرَارِ مُشْتَمِلٌ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَالتَّحْلِيلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ بِالرِّضَا حِينَئِذٍ بِالرِّضَا كَالْبَيْعِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا إلَخْ) هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا إلَخْ. الشَّامِلُ لِلْعَيْنِ وَالدَّيْنِ كَمَا أَنَّ   [حاشية عميرة] يَصِحُّ التَّعْجِيلُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ) خَالَفَنَا فِيهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، وَتَمَسَّكَ أَئِمَّتُنَا بِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِ الْمُدَّعِي يَبِيعُ مَالًا يَمْلِكُهُ، وَيَشْتَرِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا يَمْلِكُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ صَالَحَ عَنْ خُلْعٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ كِتَابَةٍ مَعَ الْإِنْكَارِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ لِعَدَمِ الْمِلْكِ، وَلَا يَجُوزُ لِكَفِّ الْأَذَى؛ لِأَنَّهُ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ وَلَا لِلْإِعْفَاءِ مِنْ الْيَمِينِ لِمَا ذُكِرَ، إذْ الدَّعْوَى وَالْيَمِينُ لَا يُقَابَلَانِ بِالْمَالِ، وَلِأَنَّهُ مُحَرِّمٌ لِلْحَلَالِ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي صَادِقًا لِيُحَرِّمَ الْمُدَّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ مُحَلِّلٌ لِلْحَرَامِ إنْ كَانَ كَاذِبًا بِأَخْذِهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ. قَوْلُهُ: (حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ) أَيْ وَهُوَ الْبُطْلَانُ، وَيَكُونُ صُورَةُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنَّهُ أَنْكَرَ ثُمَّ دَفَعَ الدَّارَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ، فَهُوَ بَاطِلٌ لِسَبْقِ الْإِنْكَارِ وَفَسَادِ الصِّيغَةِ لَكِنْ عَلَى هَذَا التَّصْوِيرِ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ خِلَافُ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، وَقَوْلُهُ فِيهَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ يُفِيدُ الْبَعْضَ الَّذِي أَخَذَهُ هَذَا وَالْبَعْضَ الَّذِي أَخَذَهُ هَذَا، فَإِنَّهُمَا بِعَقْدِ الصُّلْحِ قَدْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ كُلًّا يَسْتَحِقُّ مَا أَخَذَهُ غَيْرُهُ، إذْ جِهَةُ الِاسْتِحْقَاقِ مُخْتَلِفَةٌ هَذَا يَزْعُمُ أَصَالَةَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْآخَرُ يَزْعُمُ طَرِيقَ الْهِبَةِ. قَوْلُهُ: (لِلتَّوَافُقِ إلَخْ) عِبَارَةُ السُّبْكِيّ قَالَ الْقَفَّالُ: يَصِحُّ وَيُجْعَلُ الْمُدَّعِي، وَاهِبًا لِلنِّصْفِ إنْ كَانَ صَادِقًا وَمَوْهُوبًا لَهُ إنْ كَانَ كَاذِبًا وَلَا يُبَالِي بِالِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ اهـ. وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الدَّافِعِ وَهُوَ أَعْنِي الدَّافِعَ يَقُولُ: إنَّمَا بَذَلْت النِّصْفَ لِدَفْعِ الْأَذَى حَتَّى لَا يَرْفَعَنِي إلَى الْقَاضِي، وَلَا يُقِيمَ عَلَيَّ شَهَادَةَ زُورٍ، وَالْبَذْلُ هَكَذَا بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا) أَيْ؛ لِأَنَّ إيرَادَ الْهِبَةِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ (وَقَوْلُهُ صَالِحْنِي عَنْ الدَّارِ الَّتِي تَدَّعِيهَا لَيْسَ إقْرَارًا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي إقْرَارٌ لِتَضَمُّنِهِ الِاعْتِرَافَ بِالْمِلْكِ. كَمَا لَوْ قَالَ: مَلَّكَنِي وَدَفَعَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِهِ قَطْعَ الْخُصُومَةِ لَا غَيْرُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الصُّلْحُ بَعْدَ هَذَا الِالْتِمَاسِ صُلْحَ إنْكَارٍ. (الْقِسْمُ الثَّانِي) مِنْ الصُّلْحِ (يَجْرِي بَيْنَ الْمُدَّعِي وَأَجْنَبِيٍّ) فِي الْعَيْنِ (فَإِنْ قَالَ وَكَّلَنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الصُّلْحِ) عَنْ الْمُدَّعِي (وَهُوَ مُقِرٌّ لَكَ) بِهِ (صَحَّ) الصُّلْحُ عَنْ الْمُوَكِّلِ بِمَا وَكَّلَ بِهِ كَنِصْفِ الْمُدَّعِي أَوْ هَذَا الْعَبْدِ مِنْ مَالِهِ أَوْ عَشْرَةٍ فِي ذِمَّتِهِ وَصَارَ الْمُدَّعَى مِلْكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَلَوْ صَالَحَ) الْأَجْنَبِيُّ (لِنَفْسِهِ) بِعَيْنِ مَالِهِ أَوْ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ (وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرٌّ بِالْمُدَّعَى (صَحَّ) الصُّلْحُ لِلْأَجْنَبِيِّ (وَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ) بِلَفْظِ الشِّرَاءِ (وَإِنْ كَانَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مُنْكِرًا وَقَالَ الْأَجْنَبِيُّ: هُوَ مُبْطِلٌ فِي إنْكَارِهِ) وَصَالَحَ لِنَفْسِهِ بِعَبْدِهِ أَوْ عَشْرَةٍ فِي ذِمَّتِهِ مَثَلًا لِيَأْخُذَ الْمُدَّعَى مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَهُوَ شِرَاءُ مَغْصُوبٍ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ قُدْرَتِهِ عَلَى انْتِزَاعِهِ) فَيَصِحُّ (وَعَدَمُهَا) فَلَا يَصِحُّ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مُبْطِلٌ) مَعَ قَوْلِهِ هُوَ مُنْكِرٌ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. وَأَنَا لَا أَعْلَمُ صِدْقَكَ وَصَالَحَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لَغَا الصُّلْحُ)   [حاشية قليوبي] الصُّلْحَ عَلَى نَفْسِ الدَّيْنِ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهَا لِشُمُولِهِ لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَ هَذِهِ بِالذِّكْرِ لِعَدَمِ الْخِلَافِ فِي بَعْضِهَا الْمُخَالِفِ، لِذِكْرِ الْخِلَافِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا) قَالَ شَيْخُنَا م ر: كَغَيْرِهِ سَبَبُ الْجَزْمِ فِي هَذِهِ دُونَ مَا بَعْدَهُ إنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لِمَنْ عَلَيْهِ بَاطِلَةٌ فَرَاجِعْهُ مَعَ مَا مَرَّ، وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ فِي الْأُولَى بَيْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِلَا خِلَافٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ بَيْعَ عَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَكَانَ الْقِيَاسُ الصِّحَّةَ لَوْلَا الْإِنْكَارُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مَلِّكْنِي) وَمِثْلُهُ هَبْنِي وَبِعْنِي وَزَوِّجْنِي وَأَبْرِئْنِي، فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَوْقَفَهُ قَبْلَ ذَلِكَ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ، وَلَوْ قَالَ: أَعِرْنِي أَوْ آجِرْنِي فَإِقْرَارٌ بِالْمَنْفَعَةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْعَيْنِ) قَيَّدَ بِهَا لِأَجْلِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ شِرَاءُ مَغْصُوبٍ وَنَحْوِهِ، وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (وَكِّلْنِي) أَيْ وَهُوَ صَادِقٌ وَإِلَّا فَهُوَ شِرَاءُ فُضُولِيٍّ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُقِرٌّ لَكَ) أَيْ وَهُوَ صَادِقٌ فِي ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ وَهِيَ لَكَ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ صُلْحٌ عَلَى إنْكَارٍ. قَوْلُهُ: (صَحَّ) أَيْ إنْ لَمْ يَرْجِعْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْإِنْكَارِ قَبْلَ الصُّلْحِ، وَإِلَّا فَهُوَ عَزْلٌ فَيَبْطُلُ الصُّلْحُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ وَكَذَا مِنْ مَالِ الْوَكِيلِ، وَيَكُونُ قَرْضًا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِيمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْحَالَةُ هَذِهِ) مِنْهَا لَفْظُ وَكِّلْنِي وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَلِذَلِكَ سَكَتَ الشَّارِحُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُقِرٌّ لَكَ) لَيْسَ قَيْدًا فِي كَوْنِهِ شِرَاءَ مَغْصُوبٍ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْغَصْبِ فَهُوَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ. قَوْلُهُ: (صَحَّ الصُّلْحُ لِلْأَجْنَبِيِّ) وَمَلَكَ الْعَيْنَ الْمُدَّعَاةَ فَلَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعِي إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَخْذَ الْعَيْنِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا صَالَحَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُ لِدَعْوَاهُ إقْرَارَهُ. قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ الشِّرَاءِ) جَوَابٌ عَنْ التَّشْبِيهِ مَعَ أَنَّهُ شِرَاءٌ حَقِيقَةً. قَوْلُهُ: (مُنْكِرًا) أَيْ حَالَتَهُ ذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ الْأَجْنَبِيُّ. قَوْلُهُ: (مَعَ قَوْلِهِ هُوَ مُنْكِرٌ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَأَنَا لَا أَعْلَمُ إلَخْ) لَيْسَ قَيْدًا أَيْضًا فَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ أَوْلَى لِشُمُولِهَا مَا لَوْ قَالَ وَهُوَ مُحِقٌّ فِي إنْكَارِهِ، أَوْ لَمْ يَزِدْ عَلَى صَالِحْنِي. قَوْلُهُ: (أَوْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ) مُسْتَدْرَكٌ إذْ الْكَلَامُ فِي صُلْحِ الْأَجْنَبِيِّ لِنَفْسِهِ، بَلْ إنَّ ذِكْرَ هَذِهِ رُبَّمَا يُوهِمُ مَا لَا يَصِحُّ إرَادَتُهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَكَّلَنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ صَادِقٌ كَمَا مَرَّ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: وَهُوَ مُقِرٌّ لَكَ أَوْ وَهِيَ لَكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعَيْنِ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فِي دَعْوَى الْوَكَالَةِ، فَهُوَ فُضُولِيٌّ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ الْوَكَالَةَ وَلَا إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَالَ: هُوَ مُنْكِرٌ وَلَكِنَّهُ مُبْطِلٌ فِي إنْكَارِهِ فَصَالِحْنِي عَنْهُ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ بَيْنَكُمَا فَإِنْ صَالَحَ عَلَى عَيْنٍ لَمْ يَصِحَّ إنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ عَيْنًا لِعَدَمِ إمْكَانِ تَمْلِيكِهِ غَيْرَ مَالِهِ، فَإِنْ كَانَ دَيْنًا وَصَالَحَ عَنْهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ، أَوْ كَاذِبًا فِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ فَهُوَ صُلْحٌ عَلَى إنْكَارٍ فَلَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي هَذِهِ   [حاشية عميرة] بَاطِلٌ وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: الْمُدَّعِي مُبَرِّئٌ لَا وَاهِبٌ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْمُعَارَضَةِ، وَهِيَ لَا تَصِحُّ مَعَ الْإِنْكَارِ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِنَظِيرِهِ عِنْدَ الْإِقْرَارِ، فَإِنَّهُ جَعَلَهُ اسْتِيفَاءً خِلَافًا لِلْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (مَلَّكَنِي) مِثْلَهُ يَعْنِي بِخِلَافِ أَجَّرَنِي. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَوْ زَعَمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ، وَبَيِّنَتُهُ إنْ اعْتَذَرَ وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَنْعِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمُرَابَحَةِ وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمُرَابَحَةِ الْقَبُولُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَحَّ) أَيْ لِأَنَّ مَنْ يَدَّعِي وَكَالَةَ غَيْرِهِ يُقْبَلُ. قَوْلُهُ: (فِي سَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ) ثُمَّ إنْ كَانَ صَادِقًا وَإِلَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 لِعَدَمِ الِاعْتِرَافِ لِلْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا وَقَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِلْمُدَّعِي وَكَّلَنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُصَالَحَتِكَ عَنْ نِصْفِ الْمُدَّعَى أَوْ عَلَى هَذَا الثَّوْبِ مِنْ مَالِهِ فَصَالَحَهُ بِذَلِكَ صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ وَلَوْ صَالَحَ الْأَجْنَبِيُّ لِنَفْسِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ حَالَةِ الْإِنْكَارِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ فَهُوَ ابْتِيَاعُ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ عَلَى الْأَظْهَرِ السَّابِقِ فِي بَابِهِ. . فَصْلٌ الطَّرِيقُ النَّافِذُ بِالْمُعْجَمَةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالشَّارِعِ (لَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بِمَا يَضُرُّ الْمَارَّةَ) فِي مُرُورِهِمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمْ (وَلَا يُشْرَعُ) أَيْ يُخْرَجُ (فِيهِ جَنَاحٌ) أَيْ رَوْشَنٌ (وَلَا سَابَاطٌ) أَيْ سَقِيفَةٌ عَلَى حَائِطَيْنِ هُوَ بَيْنَهُمَا (يَضُرُّهُمْ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْجَنَاحِ وَالسَّابَاطِ (بَلْ يُشْتَرَطُ ارْتِفَاعُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِيَجُوزَ فِعْلُهُ لِلْمُسْلِمِ (بِحَيْثُ يَمُرُّ تَحْتَهُ) الْمَارُّ (مُنْتَصِبًا) قَالَ   [حاشية قليوبي] الْحَالَةِ) أَيْ حَالَةِ دَعْوَاهُ الْإِقْرَارَ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ مُقِرٌّ لَكَ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ تَوَهَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَهَا قَبْلُ فَأَحَالَ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ حَالَةَ الْإِنْكَارِ) أَيْ مَعَ ذِكْرِهِ أَنَّهُ مُبْطِلٌ إنْكَارَهُ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا لَغَا كَمَا مَرَّ فِي الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ) تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الصِّحَّةُ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّيْنِ مَا يُنْشِئُهُ الْآنَ لَا دَيْنٌ ثَابِتٌ قِيلَ: وَلَا بُدَّ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى انْتِزَاعِ الدَّيْنِ كَمَا فِي الْعَيْنِ فَصْلٌ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ عُمُومًا وَخُصُوصًا قَوْلُهُ: (وَيُعَبَّرُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الطَّرِيقِ بِقَيْدِ كَوْنِهِ نَافِذًا أَوْ فِي بُنْيَانٍ أَخْذًا مِنْ النُّفُوذِ بِالشَّارِعِ، وَتُطْلَقُ الطَّرِيقُ عَلَى غَيْرِ النَّافِذِ، كَمَا يَأْتِي وَعَلَى مَا فِي الصَّحْرَاءِ فَهِيَ أَعَمُّ مُطْلَقًا وَتُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ، وَبَيْنَهُمَا افْتِرَاقٌ هُوَ مِنْ الِافْتِعَالِ الْكَافِي فِيهِ مُفَارَقَةُ أَحَدِهِمَا لَا مِنْ التَّفَاعُلِ الْمُقْتَضِي، لِمُفَارَقَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (بِمَا يَضُرُّ الْمَارَّةَ) أَيْ ضَرَرًا دَائِمًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، فَيَجُوزُ نَحْوُ عَجْنِ طِينٍ، وَنَقْلِ حِجَارَةٍ وَنَحْتِهَا مُدَّةَ الْعِمَارَةِ، إذَا تَرَكَ مِنْ الطَّرِيقِ مِقْدَارَ الْمُرُورِ، وَيَجُوزُ وُقُوفُ دَابَّةٍ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَمِنْهُ دَوَابُّ الْمُدَرِّسِينَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَدَارِسِ وَنَحْوِهَا مُدَّةَ التَّدْرِيسِ، وَنُوزِعَ فِيهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ فَيَضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ، وَأَمَّا دَوَابُّ نَحْوِ الْعَلَّافِينَ عَلَى حَوَانِيتِهِمْ أَوْ نَحْوِهَا فَيُمْنَعُونَ مِنْهُ، وَلَوْ بِوَلِيِّ الْأُمُورِ وُجُوبًا عَلَيْهِ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُمْ مَضْمُونٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (جَنَاحٌ) مَأْخُوذٌ مِنْ جَنَاحِ الطَّائِرِ أَوْ مِنْ جَنَحَ إذَا مَالَ. قَوْلُهُ: (وَلَا سَابَاطٌ) جَمْعُهُ سَوَابِيطُ وَسُبَاطَاتٌ، وَمِثْلُهُ سِرْدَابٌ تَحْتَ الْأَرْضِ بَيْنَ دَارَيْهِ وَهَوَاءُ الْبَحْرِ كَالشَّارِعِ، وَيُمْنَعُ مُطْلَقًا مَا فِي هَوَاءِ الْمَسْجِدِ، وَالرِّبَاطِ وَالْمَقْبَرَةِ الْمُسَبَّلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَرْعٌ يَجُوزُ الْمُرُورُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَلَمْ يَضُرَّ وَإِنْ مَنَعَهُ، وَأَمَّا أَخْذُ التُّرَابِ مِنْ أَرْضِ الشَّارِعِ، فَيَجُوزُ وَلَوْ لِبَيْعِهِ، وَأَمَّا الْمَوْقُوفَةُ مَثَلًا فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ وَرَضِيَ بِأَخْذِهِ وَاقِفُهُ وَمُسْتَحِقُّوهُ جَازَ، قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا أَخْذُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْهُ وَنُوزِعَ فِيهِ، وَكُلُّ مَا يُفْعَلُ فِي حَرِيمِ الْبَحْرِ مِنْ الِاخْتِصَاصِ يُهْدَمُ وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ وَتَلْزَمُ أُجْرَتُهُ وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا مُنِعَ فِعْلُهُ مِمَّا لَهُ قَرَارٌ. فَرْعٌ يَظْهَرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِي فَتْحِ الْبَابِ هُنَا مَا فِي الْجَنَاحِ، وَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَلَى فَتْحِهِ بِمَالٍ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ مُسْتَحِقٍّ مُعَيَّنٍ. تَنْبِيهٌ لَمْ يَعْتَبِرْ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الضَّرَرَ وَعَدَمَهُ. بَلْ قَالَ: إنْ مَنَعَهُ شَخْصٌ امْتَنَعَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إنْ أَذِنَ   [حاشية عميرة] فَهُوَ كَتَصَرُّفِ فُضُولِيٍّ قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا) هُوَ قَسِيمُ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَالَةَ الْإِنْكَارِ إلَخْ) أَيْ مَعَ قَوْلِهِ مُبْطِلٌ فِي إنْكَارِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَظْهَرِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ شَرْطَ الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ اعْتِرَافُ الْمَدِينِ، وَهُوَ هُنَا مُنْكِرٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ جَزْمًا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعِي جَازَ أَنْ لَا يُقِرَّ لِأَجْنَبِيٍّ، وَحِينَئِذٍ تُعْتَبَرُ قُدْرَتُهُ عَلَى الِانْتِزَاعِ. [فَصْل الطَّرِيق النَّافِذُ لَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا يَضُرّ الْمَارَّة فِي مُرُورِهِمْ] فَصْلٌ الطَّرِيقُ النَّافِذُ إلَخْ وَالطَّرِيقُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَوَجْهُ عَدَمِ جَوَازِ التَّصَرُّفِ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَشْرَعُ إلَخْ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ ذَكَرَهُ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 الْمَاوَرْدِيُّ: وَعَلَى رَأْسِهِ الْحُمُولَةُ الْعَالِيَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُظْلِمَ الْمَوْضِعَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ (وَإِنْ كَانَ مَمَرَّ الْفُرْسَانِ وَالْقَوَافِلِ فَلْيَرْفَعْهُ بِحَيْثُ يَمُرُّ تَحْتَهُ الْمَحْمِلُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ (عَلَى الْبَعِيرِ مَعَ أَخْشَابِ الْمِظَلَّةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ فَوْقَ الْمَحْمِلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَّفِقُ ذَلِكَ. أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِ الْجَنَاحِ فِي شَارِعِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ كَإِعْلَاءِ بِنَائِهِ عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِ أَوْ أَبْلَغُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَيَحْرُمُ الصُّلْحُ عَلَى إشْرَاعِ الْجَنَاحِ) بِشَيْءٍ وَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَلَمْ يَضُرَّ الْمَارَّةَ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَتْبَعُ الْقَرَارَ وَمَا لَا يَضُرُّ فِي الطَّرِيقِ يَسْتَحِقُّ الْإِنْسَانُ فِعْلَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ كَالْمُرُورِ (وَ) يَحْرُمُ (أَنْ يَبْنِيَ فِي الطَّرِيقِ دَكَّةً) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ مَسْطَبَةً (أَوْ يَغْرِسَ شَجَرَةً. وَقِيلَ إنْ لَمْ يَضُرَّ) الْمَارَّةَ (جَازَ) كَالْجَنَاحِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ شَغْلَ الْمَكَانِ بِمَا ذُكِرَ مَانِعٌ مِنْ الطُّرُوقِ، وَقَدْ تَزْدَحِمُ الْمَارَّةُ فَيَصْطَكُّونَ بِهِ. (وَغَيْرُ النَّافِذِ يَحْرُمُ   [حاشية قليوبي] لَهُ الْإِمَامُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (الْحُمُولَةُ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَالْمِيمِ. قَوْلُهُ: (الْغَالِبَةُ) بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ بَعْدَ اللَّامِ وَقِيلَ بَدَلُهُمَا مُهْمَلَةٌ وَتَحْتِيَّةٌ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِقَدْرِهَا. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يُظْلِمَ الْمَوْضِعَ) إظْلَامًا مُخَالِفًا لِلْعَادَةِ. قَوْلُهُ: (الْمَحْمِلُ) أَيْ الْغَالِبُ وَإِنْ نَدَرَ مُرُورُهُ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُمْنَعُ) وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ وَأَذِنَ الْإِمَامُ لَهُ فِي إخْرَاجِ الْجَنَاحِ، وَمِثْلُهُ السَّابَاطُ وَنَحْوُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي شَارِعِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا شَارِعُهُمْ الْمُخْتَصُّ بِهِمْ، بِأَنْ لَا يُسَاكِنَهُمْ مُسْلِمٌ فَلَهُمْ ذَلِكَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَبْلَغَ) أَيْ لِكَوْنِهِ عَلَى رُءُوسِ الْمُسْلِمِينَ بِمُرُورِهِمْ تَحْتَهُ أَوْ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ الْإِشْرَافُ عَلَيْهِمْ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مُرُورُهُ بِشَارِعِ الْمُسْلِمِينَ فَجَائِزٌ بِمَا يَأْتِي فِي السَّيْرِ. قَوْلُهُ: (دَكَّةً إلَخْ) الدَّكَّةُ أَصَالَةً مَحَلُّ الْجُلُوسِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ، وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ فِي الدَّكَّةِ، وَالشَّجَرَةِ، وَحَفْرِ الْبِئْرِ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَإِلَيْهِ يُومِئُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، حَيْثُ أَخَّرَ ذَلِكَ عَنْ التَّفْصِيلِ فِي الْجَنَاحِ، إنَّ الدَّكَّةَ يُمْنَعُ مِنْهَا، وَلَوْ بِفِنَاءِ دَارِهِ أَوْ دِعَامَةٍ لِجِدَارِهِ، سَوَاءٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالطَّرِيقِ وَإِنْ اتَّسَعَ، وَانْتَفَى الضَّرَرُ وَأَذِنَ الْإِمَامُ، وَكَانَتْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّ الشَّجَرَةَ فِي الطَّرِيقِ كَذَلِكَ، وَتَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ إنْ لَمْ تَضُرَّ بِالْمُصَلِّينَ، وَكَانَتْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ كَأَكْلِهِمْ مِنْ ثِمَارِهَا، أَوْ صَرْفِهَا فِي مَصْلَحَتِهِ، وَإِنَّ حَفْرَ الْبِئْرِ جَائِزٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالطَّرِيقِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، هَذَا مَا فِي شَرْحِهِ وَمَا نُقِلَ عَنْهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. قَالَ: وَمَا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ إقْطَاعِ الْإِمَامِ لِلشَّوَارِعِ، كَمَا فِي الْجِنَايَاتِ ضَعِيفٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى قِطْعَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَحَلِّ الْمُرُورِ، لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِيهِ. وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ قَالَ: بِجَوَازِ الدَّكَّةِ وَالشَّجَرَةِ وَالْحَفْرِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ انْتَفَى الضَّرَرُ وَأَذِنَ الْإِمَامُ، وَكَانَ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ. تَنْبِيهٌ عُلِمَ مِنْ هَذَا مَنْعُ وَضْعِ الْخَزَائِنِ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، أَوْ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا ضَرَرَ وَتَلْزَمُ الْوَاضِعَ الْأُجْرَةُ، حَيْثُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْوَضْعُ كَمَا تَقَدَّمَ. تَنْبِيهٌ آخَرُ لَوْ أَخْرَجَ جَنَاحًا تَحْتَ جَنَاحِ جَارِهِ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ مُقَابِلَهُ، جَازَ بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ، وَأَنْ لَا يَضُرَّ جَارَهُ أَوْ يَمْنَعَ نَفْعَهُ، وَلَوْ انْهَدَمَ جَنَاحُهُ، فَأَخْرَجَ جَارُهُ جَنَاحًا مُقَابِلَهُ جَازَ، وَإِنْ مَنَعَ مِنْ عَوْدِ جَنَاحِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ عَلَى عَزْمِ عَوْدِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ جَنَاحُ الْأَوَّلِ أُخْرِجَ حَالَ الْإِحْيَاءِ، لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ، وَلَهُ عَوْدُهُ وَهَدْمُ مَا يَمْنَعُهُ. فَرْعٌ يَحْرُمُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُدْخِلَ بَعْضَ الشَّارِعِ فِي دَارِهِ، وَلَا يَجُوزُ لِوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الشَّوَارِعِ، وَإِنْ اتَّسَعَتْ وَفَضَلَتْ عَنْ الْحَاجَاتِ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ هَلْ أَصْلُهَا، وَقْفٌ أَوْ مَوَاتٌ أُحْيِيَ، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِذَلِكَ وَمَنْ خَالَفَهُ، وَلَوْ بِنَحْوِ جَنَاحٍ قَلَعَهُ الْإِمَامُ، لَا الْآحَادُ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ وَإِلَّا فَلَهُمْ الْقَلْعُ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ النَّافِذِ) أَيْ الْخَالِي عَنْ نَحْوِ مَسْجِدٍ أَوْ بِئْرٍ مُسَبَّلَةٍ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى مَحَلِّ ذَلِكَ كَالشَّارِعِ فِيمَا مَرَّ. وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا م ر بِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ حَادِثٍ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَ رِضَاهُمْ اسْتِصْحَابًا   [حاشية عميرة] مَا بَعْدَهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا عِبْرَةَ بِالضَّرَرِ وَعَدَمِهِ بَلْ إنْ نَازَعَهُ شَخْصٌ مُنِعَ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَا يَضُرُّ) يُقَالُ: ضَرَّ يَضُرُّ ضُرًّا وَأَضَرَّ يَضُرُّ إضْرَارًا. قَوْلُهُ: (أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُمْنَعُ) أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إشْرَاعُهُ لِلْبَحْرِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَتْبَعُ الْقَرَارَ) كَالْحَمْلِ مَعَ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (وَمَا لَا يَضُرُّ) أَيْ مِنْ جَنَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ وَأَمَّا الَّذِي يَضُرُّ، فَلَا يَجُوزُ بِعِوَضٍ وَلَا غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْمُرُورِ) نَظِيرٌ أَوْ مِثَالٌ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ أَنْ يَبْنِيَ) يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ عَطْفٌ عَلَى الصُّلْحِ لَا عَلَى مَعْمُولِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُفِيدُ حُرْمَةَ الْبِنَاءِ، وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِعَجْنِ الطِّينِ وَنَحْوِهِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَلَوْ جَمَعَ الطِّينَ الَّذِي يَتَحَصَّلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 الْإِشْرَاعُ) لِلْجَنَاحِ (إلَيْهِ لِغَيْرِ أَهْلِهِ) بِلَا خِلَافٍ (وَكَذَا) يَحْرُمُ الْإِشْرَاعُ. (لِبَعْضِ أَهْلِهِ فِي الْأَصَحِّ إلَّا بِرِضَا الْبَاقِينَ) تَضَرَّرُوا بِهِ أَمْ لَا لِاخْتِصَاصِهِمْ بِذَلِكَ وَالثَّانِي يَجُوزُ لِغَيْرِ رِضَاهُمْ إنْ لَمْ يَتَضَرَّرُوا بِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ لَهُ الِارْتِفَاقُ بِقَرَارِهِ. فَكَذَا بِهَوَائِهِ كَالشَّارِعِ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَحْرُمُ الصُّلْحُ عَلَى إشْرَاعِهِ بِمَالٍ لِمَا تَقَدَّمَ. (وَأَهْلُهُ مَنْ نَفَذَ بَابُ دَارِهِ إلَيْهِ لَا مَنْ لَاصَقَهُ جِدَارُهُ) مِنْ غَيْرِ نُفُوذِ بَابٍ إلَيْهِ (وَهَلْ الِاسْتِحْقَاقُ فِي كُلِّهَا) أَيْ الطَّرِيقِ، الْمَذْكُورَةِ. وَهِيَ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ (لِكُلِّهِمْ أَمْ تَخْتَصُّ شِرْكَةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا بَيْنَ رَأْسِ الدَّرْبِ وَبَابِ دَارِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَرَدُّدِهِ (وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) وَالْأَوَّلُ قَالَ رُبَّمَا احْتَاجُوا إلَى التَّرَدُّدِ وَالِارْتِفَاقِ فِي بَقِيَّةِ الدَّرْبِ لِطَرْحِ الْأَثْقَالِ عِنْدَ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ (وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ فَتْحُ بَابٍ إلَيْهِ لِلِاسْتِطْرَاقِ) إلَّا بِرِضَاهُمْ لَتَضَرُّرِهِمْ بِمُرُورِ الْفَاتِحِ أَوْ مُرُورِهِمْ عَلَيْهِ وَلَهُمْ بَعْدَ الْفَتْحِ بِرِضَاهُمْ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءُوا (وَلَهُ فَتْحُهُ إذَا سَمَّرَهُ)   [حاشية قليوبي] لِثُبُوتِ الْحَقِّ لَهُمْ أَوَّلًا، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَا بِرِضَا الْبَاقِينَ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَفِيهِ تَغْلِيبٌ وَالْمُرَادُ بِهِمْ، مَنْ يَمُرُّ تَحْتَ الْجَنَاحِ وَهُوَ مَنْ بَابُهُ مُقَابِلُهُ، أَوْ أَبْعَدُ مِنْهُ عَنْ رَأْسِ الدَّرْبِ، وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا، وَإِلَّا فَهُوَ مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَبَرُ رِضَا السَّاكِنِ غَيْرِ الْمُسْتَعِيرِ، وَيُعْتَبَرُ رِضَا الْمُعِيرِ وَالْمُؤَجِّرِ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنَا وَلَمْ يَضَّرَّرَا وَمِثْلُهُمَا نَاظِرُ الْوَقْفِ، وَمُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ بِنَحْوِ وَصِيَّةٍ وَلَوْ مُؤَقَّتَةً، وَيُعْتَبَرُ رِضَا غَيْرِ الْكَامِلِ بِنَحْوِ صِبًا بَعْدَ كَمَالِهِ، وَلَوْ رَجَعُوا عَنْ الْإِذْنِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ امْتَنَعَ الْإِخْرَاجُ أَوْ بَعْدَهُ، لَمْ يُعْتَبَرْ الرُّجُوعُ فِي الشُّرَكَاءِ فَلَا يُقْلَعُ وَلَا أُجْرَةَ فِيهِ، وَجَازَ فِي غَيْرِهِمْ مَعَ غُرْمِ أَرْشِ، النَّقْصِ بِقَلْعِهِ، وَلَا يَبْقَى بِأُجْرَةٍ كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ بِالْأَرْشِ مَا مَرَّ فِي الْفَلْسِ. قَوْلُهُ: (دَارِهِ) مَثَلًا كَحَانُوتِهِ وَبِئْرِهِ وَلِغَيْرِهِمْ مُرُورٌ وَجُلُوسٌ فِيهِ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ مَثَلًا نَعَمْ لَهُمْ الْمَنْعُ مِنْ الدُّخُولِ إلَّا لِنَحْوِ ضَيْفٍ لِأَحَدِهِمْ. قَوْلُهُ: (الدَّرْبِ) هُوَ عَرَبِيٌّ وَقِيلَ مُعَرَّبٌ وَمَعْنَاهُ الْأَصْلِيُّ الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ فِي الْجَبَلِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) وَهُوَ الِاخْتِصَاصُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَخْتَصُّ بِقَدْرِ مَا يُنَاسِبُ دَارِهِ، وَلَهُمْ قِسْمَتُهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِجَارَتُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا: وَلَهُمْ سَدُّهُ لَا لِبَعْضِهِمْ بِغَيْرِ إذْنِ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي مَحَلِّ السَّدِّ، وَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهَا، وَلَيْسَ لَهُ إجَارَتُهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا لِمُؤَجِّرِهِ أَيْضًا وَعُلِمَ أَنَّ مَنْ بَابُهُ آخِرَ الدَّرْبِ يَخْتَصُّ بِمَا أَمَامَ بَابِهِ إلَى بَابِ غَيْرِهِ، فَلَهُ حَوْزُهُ وَجَعْلُ بَابٍ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِرِضَاهُمْ) أَيْ أَهْلِ الدَّرْبِ أَيْ جَمِيعِهِمْ، فَلَا يَكْفِي رِضَا بَعْضِهِمْ سَوَاءٌ مَنْ بَابُهُ أَقْرَبُ إلَى رَأْسِ الدَّرْبِ مِنْ الْمَفْتُوحِ، أَوْ أَبْعَدُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا السَّاكِنُونَ وَلَوْ بِإِعَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَهُمْ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ، وَلَوْ وَاحِدٌ فَهُوَ كَالْجَمِيعِ، كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. قَوْلُهُ: (الرُّجُوعُ مَتَى شَاءُوا) وَإِذَا رَجَعُوا امْتَنَعَ مُرُورُ الْفَاتِحِ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمْ بِالرُّجُوعِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْجُنَاحِ، وَإِعَارَةِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ، بِأَنَّهُ هُنَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ. قَوْلُهُ: (إذَا سَمَّرَهُ) الْمُرَادُ عَدَمُ   [حاشية عميرة] فِي الشَّارِعِ وَضَرَبَهُ لَبِنًا جَازَ بَيْعُهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ مَسْطَبَةٌ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الدَّكَّةُ وَالدُّكَّانُ مَا يُقْعَدُ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِغَيْرِ أَهْلِهِ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ، وَلَا يُشْكِلُ بِجَوَازِ دُخُولِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِبَاحَاتِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ كَالْمُرُورِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ، إذَا لَمْ يَتَّخِذْ طَرِيقًا، وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ إذَا كَانَ هُنَاكَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ مُمْتَنِعَةٌ مِنْهُ وَمِنْ وَلِيِّهِ. فَرْعٌ الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُمْ مَنْعَ الْغَيْرِ مِنْ الدُّخُولِ، وَلَوْ أَضَافَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ جَمَاعَةً فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْمَنْعِ، كَمَا لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِجَمَاعَةٍ فَإِنَّ الْبَغَوِيّ فِي فَتْوَاهُ صَرَّحَ بِجَوَازِ إيجَارِهَا لِجَمَاعَةٍ، وَصَرَّحُوا بِجَوَازِهَا حَمَّامًا فَاقْتَضَى أَنَّ الدَّاخِلَ لَهُ لَا يُمْنَعُ، وَكَذَا الدَّاخِلُ لِمُعَامَلَةٍ وَنَحْوِهَا، وَيَكُونُ وَجْهُ مُفَارَقَةِ هَذَا الْحُكْمِ لِحُكْمِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ مَا يَلْزَمُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ تَعْطِيلِ انْتِفَاعِهِ بِخَالِصِ مِلْكِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُهُ، يُهْدِيكَ إلَى هَذَا جَوَازُ جَعْلِهَا مَسْجِدًا وَالْإِيجَارُ لِجَمَاعَةٍ فَكَمَا مَلَكَ نَقْلَ حَقِّ الْمُرُورِ بِالْإِيجَارِ يَمْلِكُهُ بِنَقْلِهِ بِالْعَارِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يَحْرُمُ الصُّلْحُ) هَذَا قَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ عَكَسَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا وَتَرَكَهُ هُنَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ هُنَا يُفِيدُ حُكْمَهُ هُنَاكَ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ ثُلُثٌ) اعْتِذَارٌ عَنْ جَعْلِ الضَّمِيرِ هُنَا مُؤَنَّثًا، وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الضَّمَائِرِ مُذَكَّرًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كُلُّهُمْ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الدَّرْبُ) هُوَ عَرَبِيٌّ وَقِيلَ مُعَرَّبٌ وَمَعْنَاهُ الْأَصْلِيُّ الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ فِي الْجَبَلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجْهَانِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُمَا فِي سِكَّةٍ أُحْيِيَتْ كَذَلِكَ وَتَرَكُوا لَهَا طَرِيقًا أَمَّا لَوْ كَانَتْ سَاحَةً كَبِيرَةً وَاقْتَسَمُوهَا، وَبَنَى كُلٌّ مِنْ سَهْمَهُ دَارًا وَتَرَكُوا لَهَا مَمَرًّا أَوْ بَنَى مَالِكُ السَّاحَةِ فِيهَا دُورًا وَتَرَكَ لَهَا طَرِيقًا، ثُمَّ انْتَقَلَتْ السِّكَّةُ وَدُورُهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 بِالتَّخْفِيفِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَهُ رَفْعُ جَمِيعِ الْجِدَارِ فَبَعْضُهُ أَوْلَى. وَالثَّانِي قَالَ: الْبَابُ يُشْعِرُ بِثُبُوتِ حَقِّ الِاسْتِطْرَاقِ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَفْقَهُ (وَمَنْ لَهُ فِيهِ بَابٌ فَفَتَحَ) أَيْ أَرَادَ فَتْحَ (آخَرَ أَبْعَدَ مِنْ رَأْسِ الدَّرْبِ) مِنْ الْأَوَّلِ (فَلِشُرَكَائِهِ مَنْعُهُ) مِنْ بَابِهِ بَعْدَ الْأَوَّلِ جَزْمًا وَمَنْ بَابُهُ قِبَلَهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي كَيْفِيَّةِ الشِّرْكَةِ فِي الْجَنَاحِ، وَسَوَاءٌ سَدَّ الْأَوَّلَ أَمْ لَا أَخْذًا مِنْ الْإِطْلَاقِ مَعَ التَّفْصِيلِ فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى رَأْسِهِ وَلَمْ يَسُدَّ الْبَابَ الْقَدِيمَ فَكَذَلِكَ) أَيْ لِشُرَكَائِهِ مَنْعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبَابِ تُورِثُ زِيَادَةَ زَحْمَةِ النَّاسِ وَوُقُوفِ الدَّوَابِّ فَيَتَضَرَّرُونَ بِهِ (وَإِنْ سَدَّهُ فَلَا مَنْعَ) ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ حَقَّهُ. (وَمَنْ لَهُ دَارَانِ تُفْتَحَانِ) بِفَتْحِ الْفَوْقَانِيَّةِ أَوَّلَهُ (إلَى دَارَيْنِ مَسْدُودَيْنِ أَوْ) دَرْبٍ (مَسْدُودٍ وَشَارِعٍ فَفَتَحَ بَابًا) أَيْ أَرَادَ فَتْحَهُ (بَيْنَهُمَا لَمْ يُمْنَعْ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مُصَادِفٌ لِلْمِلْكِ. وَالثَّانِي يَقُولُ: فَتْحُهُ يُثْبِتُ لَهُ مِنْ كُلِّ دَرْبٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَمَرًّا إلَى الدَّارِ الَّتِي لَيْسَتْ بِهِ، وَيَزِيدُ فِيمَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا فَتَحَ لِغَرَضِ الِاسْتِطْرَاقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: مَعَ سَدِّ بَابِ إحْدَى الدَّارَيْنِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ وَعَدَمِ سَدِّهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ قَالُوا وَلَوْ أَرَادَ رَفْعَ الْحَائِطِ بَيْنَهُمَا وَجَعْلَهُمَا دَارًا وَاحِدَةً وَيَتْرُكُ بَابَيْهِمَا عَلَى حَالِهِمَا جَازَ قَطْعًا. انْتَهَى وَهُوَ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ بِقَوْلِهِ: أَمَّا إذَا قَصَدَ اتِّسَاعَ مِلْكِهِ فَلَا مَنْعَ أَيْ قَطْعًا (وَحَيْثُ مَنَعَ فَتْحَ الْبَابِ فَصَالَحَهُ أَهْلُ الدَّرْبِ بِمَالٍ صَحَّ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ ثُمَّ إنْ قَدَّرُوا مُدَّةً فَهُوَ إجَارَةٌ وَإِنْ أَطْلَقُوا أَوْ شَرَطُوا التَّأْبِيدَ فَهُوَ بَيْعُ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ الدَّرْبِ لَهُ وَتَنْزِيلُهُ مَنْزِلَةَ أَحَدِهِمْ، وَسَكَتَ الشَّيْخَانِ عَلَى ذَلِكَ. .   [حاشية قليوبي] اسْتِطْرَاقِهِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (بِالتَّخْفِيفِ) عَلَى الْأَفْصَحِ. قَوْلُهُ: (قَالَ فِي الرَّوْضَةِ) مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (مَنْ بَابُهُ بَعْدَ الْأَوَّلِ) دَخَلَ فِيهِ مُقَابِلُ الْمَفْتُوحِ الْجَدِيدِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْأَوَّلِ أَيْ قَبْلَ آخِرِهِ فَيَدْخُلُ مُقَابِلُهُ. قَوْلُهُ: (الْوَجْهَيْنِ) الْأَصَحُّ مِنْهُمَا عَدَمُ الْمَنْعِ. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) اقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ مَنْ بَيْنَ الْبَابَيْنِ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْأَصَحُّ هُنَا أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ فَالْمُرَادُ بِالشُّرَكَاءِ هُنَا مَنْ لَيْسَ أَقْرَبَ إلَى رَأْسِ الدَّرْبِ مِنْ الْمَفْتُوحِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبَابِ إلَخْ) أَيْ مَعَ تَمَيُّزِهِ عَنْ شُرَكَائِهِ بِبَابٍ فَلَا يَرِدُ جَوَازُ جَعْلِ دَارِهِ نَحْوُ حَمَّامٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَمْنَعْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الثَّلَاثَةِ) أَخْرَجَ الشَّارِعَ. قَوْلُهُ: (صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ) فِيهِ نِسْبَةُ قُصُورٍ لِلرَّافِعِيِّ بِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (قَالُوا) لَيْسَتْ صِيغَةَ تَبَرٍّ بَلْ تَقْوِيَةٍ لِلْحُكْمِ، لِإِفَادَتِهَا اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ الْمَفْهُومُ مِنْ شَرْطِ الِاسْتِطْرَاقِ السَّابِقُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَهْلُ الدَّرْبِ) أَيْ الْمَسْدُودِ الْخَالِي عَنْ نَحْوِ مَسْجِدٍ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ، وَلَا يَصِحُّ وَالْمُرَادُ بِأَهْلِهِ هُنَا مَنْ يَتَوَقَّفُ الْفَتْحُ عَلَى إذْنِهِمْ مِمَّنْ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ الْمَنْفَعَةَ أَيْضًا، وَخَرَجَ بِفَتْحِ الْبَابِ الصُّلْحُ عَلَى إخْرَاجِ الْجَنَاحِ، فَلَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ نَعَمْ، الصُّلْحُ عَلَى إخْرَاجِ الْمِيزَابِ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِالْقَرَارِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى نِصْفِ هَوَاءِ الشَّارِعِ لِيَبْقَى لِشَرِيكِهِ النِّصْفُ الْآخَرُ لِشِدَّةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَوَازَ إخْرَاجِ الْجَنَاحِ، وَإِنْ اسْتَغْرَقَ أَكْثَرَ الشَّارِعِ وَإِنْ مُنِعَ مُقَابِلُهُ مِنْ الْإِخْرَاجِ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِمَالٍ صَحَّ) وَيُوَزَّعُ الْمَالُ عَلَى الدُّورِ بِقَدْرِ مِسَاحَتِهَا، وَمَا يَخُصُّ كُلَّ دَارٍ يُوَزَّعُ عَلَى مُلَّاكِهَا بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ، وَيَقُومُ نُظَّارُ دَارٍ مَوْقُوفَةٍ مَقَامَ مَالِكِ دَارٍ، وَيُصْرَفُ مَا يَخُصُّهُ عَلَى مَصَالِحِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] عَنْ مِلْكِهِ، فَالْوَجْهُ تَعَيُّنُ كَوْنِهَا لِلْجَمِيعِ قَطْعًا وَيَجِبُ فِي الَّتِي جُهِلَ حَالُهَا أَنْ تَكُونَ كَالْأُولَى. قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَابُهُ قِبَلَهُ) مِنْ جُمْلَتِهِمْ مَنْ بَابُهُ مُقَابِلٌ لِلْبَابِ الْقَدِيمِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ. فَرْعٌ لَوْ كَانَ لَهُ فِي السِّكَّةِ قِطْعَةُ أَرْضٍ جَازَ أَنْ يَبْنِيَهَا دُورًا وَيَفْتَحَ لِكُلِّ دَارٍ بَابًا. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَنْ بَابُهُ بَعْدَ الْحَادِثِ جَزْمًا وَمَنْ بَابُهُ قَبْلَهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبَابِ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ هَذَا التَّعْلِيلُ، بِأَنَّ لَهُ فِي السِّكَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ حَمَّامًا أَوْ خَامًا، مَعَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ كَثْرَةِ الزِّحَامِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ فِي الْفَتَاوَى، وَلَوْ وَقَفَ دَارِهِ مَسْجِدًا صَرَّحَ السُّبْكِيُّ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، بِأَنَّ حَقَّ الْمُرُورِ ثَبَتَ لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا كَانَ لَهُ قَالَ: بِخِلَافِ نَصْبِ الْجَنَاحِ وَفَتْحِ الْبَابِ، فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الرِّضَا عِنْدَ عَدَمِ الضَّرَرِ وَيُمْنَعُ عِنْدَ الضَّرَرِ وَإِنْ رَضُوا. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْفَوْقَانِيَّةِ) ؛ لِأَنَّ الدَّارَ مُؤَنَّثَةٌ. قَوْلُهُ: (وَيَزِيدُ فِيمَا اسْتَحَقَّهُ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَثْبُتُ لَهُ. قَوْلُهُ: (أَمَّا إذَا قَصَدَ اتِّسَاعَ مِلْكِهِ إلَخْ) هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِغَرَضِ الِاسْتِطْرَاقِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَطْلَقُوا إلَخْ) هَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ صَالَحَ عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ مِنْ فَوْقِ سَطْحِهِ مَثَلًا لَا يَكُونُ ذَلِكَ تَمْلِيكًا؛ لِأَنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 وَيَجُوزُ: لِلْمَالِكِ (فَتْحُ الْكَوَّاتِ) فِي جِدَارِهِ لِلِاسْتِضَاءَةِ بَلْ يَجُوزُ لَهُ إزَالَةُ بَعْضِ الْجِدَارِ وَجَعْلُ شُبَّاكٍ مَكَانَهُ وَالْكَوَّةُ بِفَتْحِ الْكَافِ طَاقَةٌ (وَالْجِدَارُ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ) لِبِنَاءَيْنِ (قَدْ يَخْتَصُّ) أَيْ يَنْفَرِدُ (بِهِ أَحَدُهُمَا) وَيَكُونُ سَاتِرًا لِلْآخَرِ (وَقَدْ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ فَالْمُخْتَصُّ) بِهِ أَحَدُهُمَا (لَيْسَ لِلْآخَرِ وَضْعُ الْجُذُوعِ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ الْخَشَبِ (عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنٍ فِي الْجَدِيدِ وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ) لَهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ وَضْعِهَا، وَالْقَدِيمُ عَكْسُ ذَلِكَ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ: «لَا يَمْنَعَنَّ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ» أَيْ الْأَوَّلِ؛ وَخَشَبَةٌ رُوِيَ بِالْإِفْرَادِ مَنُونًا وَالْأَكْثَرُ بِالْجَمْعِ مُضَافًا، وَعُورِضَ بِحَدِيثِ خُطْبَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ   [حاشية قليوبي] فَهُوَ إجَارَةٌ) وَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ الشَّيْخَانِ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ فَهُوَ صَحِيحٌ مُعْتَمَدٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الدَّرْبِ نَحْوُ مَسْجِدٍ كَدَارٍ مَوْقُوفَةٍ، وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْبَيْعُ فِي الْمَوْقُوفِ، وَحُقُوقِهِ قَالَ: وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ لَا يَخْفَى عَلَى الْفَقِيهِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَا يَخُصُّ الْوَقْفَ مِنْ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَ قَدْرَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا، وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ تَوَقَّفَ فِي الْإِجَارَةِ، وَلَوْ فِي الْوَقْفِ الْحَادِثِ، وَفِي جَوَازِ الْإِذْنِ فِي فَتْحِ الْبَابِ مَجَّانًا أَيْضًا اهـ. وَفِي هَذِهِ الْإِشَارَةِ وَالتَّوَقُّفِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْأَذْرَعِيِّ إنْ كَانَ فِي الْقَدْرِ الَّذِي مِنْ رَأْسِ الدَّرْبِ إلَى الْمَسْجِدِ، أَوْ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ، فَلَا يَخْفَى أَنَّ لَهُ حُكْمَ الشَّارِعِ النَّافِذِ فِيمَا مَرَّ. وَلَيْسَ فِيهِ بَيْعٌ، وَلَا إجَارَةٌ وَلَا صُلْحٌ عَلَى جَنَاحٍ، وَلَا فَتْحُ بَابٍ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ فِيهِ بِذَلِكَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ دَارٍ مَوْقُوفَةٍ، فَلَا يَخْفَى حُكْمُهَا مِنْ بَابِ الْوَقْفِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. قَوْلُهُ: (فَتْحُ الْكَوَّاتِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا، وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ جَمْعُ كَوَّةٍ وَهُوَ جَمْعُ قِلَّةٍ غَايَتُهُ إلَى تِسْعَةٍ، وَجَمْعُ تَكْسِيرِهِ الْكِوَاءُ بِكَسْرِ الْكَافِ مَعَ الْمَدِّ وَعَدَمِهِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى كَذَا قِيلَ، وَرُدَّ بِأَنَّ تَعْرِيفَهُ أَخْرَجَهُ إلَى جَمْعِ الْكَثْرَةِ، وَفَتْحُهَا جَائِزٌ، وَإِنْ أَشْرَفَتْ عَلَى دَارِ جَارِهِ وَحَرِيمِهِ نَعَمْ، يُمْتَنَعُ مِنْ جَعْلِ أَبْوَابٍ لَهَا تُفْتَحُ إلَى خَارِجِ مِلْكِهِ إلَّا إنْ جَازَ لَهُ الْفَتْحُ لِلِاسْتِطْرَاقِ. تَنْبِيهٌ لَهُ قِطْعَةُ أَرْضٍ فِي سِكَّةٍ فَأَرَادَ جَعْلَهَا دُورًا وَلِكُلِّ دَارٍ بَابًا لَمْ يُمْنَعْ، وَلَوْ كَانَ لَهُ فِيهَا دَارٌ فِي وَسَطِهَا، وَدَارٌ فِي آخِرِهَا، فَلِمَنْ بَيْنَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ تَقْدِيمِ بَابِ الْمُتَوَسِّطَةِ إلَى آخِرِ السِّكَّةِ؛ لِأَنَّ شَرِكَتَهُ بِسَبَبِهَا إنَّمَا هُوَ إلَيْهَا. قَوْلُهُ: (لِبِنَاءَيْنِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ الْمِلْكِيَّةِ فِي نَفْسِ الْجِدَارِ فَيُنَافِي مَا بَعْدَهُ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ بَيْنَ مِلْكَيْنِ، وَهِيَ أَخْصَرُ وَأَوْلَى فَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَنْهَا لَا وَجْهَ لَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَنْفَرِدُ بِهِ) فُسِّرَ بِهِ الِاخْتِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِالِاشْتِرَاكِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ لِلْآخَرِ وَضْعُ الْجُذُوعِ) تَخْصِيصُهَا بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهَا مَحَلَّ النَّصِّ، وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا مِنْ سَائِرِ الِانْتِفَاعَاتِ كَبِنَاءٍ، وَفَتْحِ كَوَّةٍ وَغَرْزِ وَتِدٍ بِكَسْرِ التَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ لِمُخَالَفَتِهَا لِلشَّرْعِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ عَكْسُ ذَلِكَ) لَكِنْ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَهِيَ: أَنْ لَا يَحْتَاجَ مَالِكُهُ لِوَضْعِ جُذُوعِ نَفْسِهِ، وَأَنْ لَا يَزِيدَ الْجَارُ فِي ارْتِفَاعِ الْجُدْرَانِ، وَأَنْ لَا يَبْنِيَ أَزَجًا وَأَنْ لَا يَضَعَ عَلَيْهِ مَا يَضُرُّهُ، وَأَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لَهُ، وَأَنْ لَا يَمْلِكَ شَيْئًا مِنْ جُدْرَانِ الْبُقْعَةِ الَّتِي يُرِيدُ تَسْقِيفَهَا أَوْ لَا يَمْلِكُ إلَّا جِدَارًا وَاحِدًا كَذَا ذَكَرُوهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْأَوَّلُ) فَسَّرَ بِهِ الضَّمِيرُ لِيَصِحَّ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا لِلْقَدِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلْجَارِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الْجِدَارِ لَسَقَطَ اسْتِدْلَالُهُ بِهِ، وَيَكُونُ فَائِدَةُ النِّيَّةِ جَوَازَهُ، وَإِنْ مَنَعَ الْهَوَاءَ عَنْ جَارِهِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَعُورِضَ) اكْتَفَى فِي رَدِّ الْقَدِيمِ بِالْمُعَارَضَةِ، وَإِنْ ثَبَتَ بِهَا اسْتِدْلَالُ الْجَدِيدِ أَيْضًا. وَنُوزِعَ فِي الْمُعَارَضَةِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ خَاصٌّ، وَهُوَ لَا يُعَارِضُ الْعَامَّ فِي حُكْمِهِ؛ لِأَنَّهُ فَرْدٌ مِنْهُ وَبِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ تَخْصِيصَ الْحَدِيثِ الثَّانِي، بِالْأَعْيَانِ دُونَ الْمَنَافِعِ، فَالْأَوْلَى حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى النَّدْبِ، وَصَرَفَهُ عَنْ الْوُجُوبِ الْقِيَاسُ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَمْلَاكِ فَتَأَمَّلْ.   [حاشية عميرة] الدَّرْبَ لَا يُرَادُ إلَّا لِلِاسْتِطْرَاقِ فَكَانَ إثْبَاتُهُ فِيهِ تَمْلِيكًا بِخِلَافِ سَطْحِ الدَّارِ يُرَادُ لِغَيْرِ إجْرَاءِ الْمَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْكَوَّاتِ) هُوَ جَمْعُ قِلَّةٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، فَلَوْ عَبَّرَ بِجَمْعِ التَّكْسِيرِ كَانَ أَوْلَى كَالْكِوَاءِ بِالْكَسْرِ مَعَ الْمَدِّ، وَعَدَمِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ فِي مَسْأَلَةِ الْجُذُوعِ الْآتِيَةِ بِجَمْعِ الْقِلَّةِ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ عَكْسُ ذَلِكَ) حَتَّى لَوْ احْتَاجَ إلَى ثَقْبِ الْجِدَارِ لِيَضَعَ رُءُوسَ الْخَشَبِ، كَانَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، ثُمَّ هَذَا الْقَوْلُ جَدِيدٌ أَيْضًا. وَقَوْلُهُ عَكْسُ ذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الْإِجْبَارِ أَيْضًا خِلَافُ مَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْكِتَابِ. فَرْعٌ وَضْعُ طَرَفِ الرَّفِّ لَيْسَ كَالْجُذُوعِ. فَرْعٌ لَوْ كَانَ ذِمِّيًّا هَلْ يَجْرِي الْقَدِيمُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ الْجِدَارُ وَقْفًا أَوْ مَسْجِدًا فَانْظُرْ مَا حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (فِي جِدَارِهِ) تَتِمَّتُهُ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَالِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ، وَاَللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ. قَوْلُهُ: (وَعُورِضَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 مِنْ مَالِ أَخِيهِ إلَّا مَا أَعْطَاهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فِي مُعْظَمِهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدٌ فِي بَعْضِهِ (فَلَوْ رَضِيَ) الْمَالِكُ عَلَى الْجَدِيدِ بِالْوَضْعِ (بِلَا عِوَضٍ فَهُوَ إعَارَةٌ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَوْضُوعِ (وَكَذَا بَعْدَهُ فِي الْأَصَحِّ) كَسَائِرِ الْعَوَارِيِّ (وَفَائِدَةُ الرُّجُوعِ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ) أَيْ الْمَوْضُوعَ الْمَبْنِيَّ عَلَيْهِ (بِأُجْرَةٍ أَوْ يَقْلَعَ) ذَلِكَ (وَيَغْرَمَ أَرْشَ نَقْصِهِ) كَمَا لَوْ أَعَارَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ (وَقِيلَ: فَائِدَتُهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ الْقَلْعَ يَضُرُّ الْمُسْتَعِيرَ فَإِنَّ الْجُذُوعَ إذَا رُفِعَتْ أَطْرَافُهَا لَمْ تُسْتَمْسَكْ عَلَى الْجِدَارِ الْبَاقِي. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا رُجُوعَ لَهُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْإِعَارَةِ يُرَادُ بِهَا التَّأْبِيدُ كَالْإِعَارَةِ لِدَفْنِ مَيِّتٍ (وَلَوْ رَضِيَ بِوَضْعِ الْجُذُوعِ وَالْبِنَاءِ عَلَيْهَا بِعِوَضٍ فَإِنْ أَجَّرَ رَأْسَ الْجِدَارِ لِلْبِنَاءِ فَهُوَ إجَارَةٌ) تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ وَتَتَأَبَّدُ لِلْحَاجَةِ (وَإِنْ قَالَ: بِعْته لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ أَوْ بِعْتُ حَقَّ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ فِيهِ شَوْبُ بَيْعٍ وَ) شَوْبُ (إجَارَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ تَتَأَبَّدُ فَشَوْبُ الْبَيْعِ مِنْ حَيْثُ التَّأْبِيدُ (فَإِذَا بَنَى فَلَيْسَ لِمَالِكِ الْجِدَارِ نَقْضُهُ بِحَالٍ) أَيْ لَا مَجَّانًا وَلَا مَعَ إعْطَاءِ أَرْشِ نَقْصِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الدَّوَامِ بِعَقْدٍ لَازِمٍ (وَلَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ) بَعْدَ بِنَاءٍ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (مِنْ مَالِ أَخِيهِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمَالِ مَا يَشْمَلُ الْمَنْفَعَةَ بَلْ، وَالِاخْتِصَاصَ تَغْلِيبًا وَبِالْإِعْطَاءِ مَا يَعُمُّ السَّمَاحَ، وَعِلْمَ الرِّضَا، وَذَكَرَ الْأَخَ لِلْغَالِبِ وَهَذَا يَشْمَلُ الْجَارَ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَكُلٍّ) مَجْرُورٌ عَطْفٌ عَلَى الشَّيْخَيْنِ وَمُنْفَرِدًا حَالٌ مِنْهُ، وَفِي بَعْضِهِ عَطْفٌ عَلَى فِي مُعْظَمِهِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ فَإِنَّ شَرْطَ الْبُخَارِيِّ أَخَصُّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَرْشَ نَقْصِهِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا مُسْتَحِقَّ الْقَلْعِ وَمَقْلُوعًا، وَلَيْسَ لَهُ التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ، كَمَا فِي إعَارَةِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ أَصْلٌ تُسْتَتْبَعُ فَالتَّشْبِيهُ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ. قَوْلُهُ: (أَصْلًا) أَيْ سَوَاءٌ طَلَبَ أُجْرَةً أَوْ لَا تَخَيَّرَ بَيْنَ التَّبْقِيَةِ وَالْأُجْرَةِ أَوْ لَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (يُرَادُ بِهَا التَّأْبِيدُ) أَيْ مَا دَامَ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ فَلَوْ انْهَدَمَ بَطَلَتْ بِهِ الْعَارِيَّةُ، وَلَيْسَ لَهُ الْإِعَادَةُ بَعْدُ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ اتِّفَاقًا أَخْذًا مِنْ التَّشْبِيهِ. قَوْلُهُ: (تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ وَتَتَأَبَّدُ لِلْحَاجَةِ) فَإِنْ قُدِّرَتْ تَقَدَّرَتْ، وَمَحَلُّ عَدَمِ التَّقْدِيرِ فِي غَيْرِ الْوَقْفِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِذَا انْقَضَتْ جَاءَتْ الْخِصَالُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي رُجُوعِ الْمُعِيرِ. قَوْلُهُ: (بِعْتُهُ إلَخْ) هُمَا عِبَارَتَانِ: الْأُولَى مِنْهُمَا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَالثَّانِيَةُ لِلْإِمَامِ وَعَلَى كُلٍّ فَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ، وَلَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ أَوْ نَفْيِ الْبِنَاءِ صَحَّ الْعَقْدُ، وَامْتَنَعَ الْبِنَاءُ فِي الثَّانِي، وَيُنْتَفَعُ بِهِ بِغَيْرِ الْبِنَاءِ كَجُلُوسٍ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (شَوْبٌ) وَفِي الْمُحَرَّرِ شَائِبَةٌ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ مُؤَنَّثُ شَائِبٍ وَلَا يَصِحُّ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ الْجِدَارِ نَقْضُهُ) نَعَمْ، لَوْ اشْتَرَى حَقَّ الْبِنَاءِ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَلَهُ نَقْضُهُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ، وَلَهُ إبْقَاؤُهُ بِأُجْرَةٍ كَمَا فِي الْعَارِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ) أَيْ بِنَفْسِهِ بَعْدَ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي أَيْ بَعْدَ وَضْعِ الْمُسْتَحَقِّ الشَّامِلِ لِلْبِنَاءِ وَغَيْرِهِ، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَكِنَّ الشَّارِحَ   [حاشية عميرة] مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ الْعَامُّ، ثُمَّ رَأَيْت الْعِرَاقِيَّ نَقَلَ عَنْ الْبَيْهَقِيّ نَحْوَ هَذَا، وَقَدْ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَابِ الْحَوَالَةِ لَمَّا سَاقَ حَدِيثَ «وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» . قَالَ: صَرَفَ الْأَمْرَ عَنْ الْوُجُوبِ الْقِيَاسُ اهـ. فَإِنْ صَحَّ أَنَّ الْقِيَاسَ يَصْرِفُ الْأَمْرَ عَنْ الْوُجُوبِ، جَازَ أَنْ تَقُولَ بِهِ هُنَا صَرْفُ النَّهْيِ عَنْ التَّحْرِيمِ الْقِيَاسُ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إلَّا مَا أَعْطَاهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ) أَيْ فَحُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِقُوَّةِ الرِّوَايَاتِ الْمُعَارِضَةِ وَكَثْرَتِهَا، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ رَضِيَ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ وَمَا بَعْدَهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْجَدِيدِ اهـ. وَيُرِيدُ بِمَا بَعْدَهُ مَا يَشْمَلُ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَإِنْ قَالَ بِعْتُهُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ أَعَارَ أَرْضًا) أَيْ لَكِنْ هُنَاكَ خَاصَّةٌ أُخْرَى، وَهِيَ التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَا تَتَأَتَّى هُنَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَهَا قُوَّةُ الِاسْتِتْبَاعِ بِخِلَافِ الْجِدَارِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَسْتَمْسِكْ) أَيْ فَقَدْ تَعَدَّى أَثَرُ الرُّجُوعِ لِغَيْرِ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ فَيُمْنَعُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ رَضِيَ بِوَضْعِ الْجُذُوعِ إلَخْ) هُوَ مِنْ تَفْرِيعِ الْجَدِيدِ، وَعَلَى الْقَدِيمِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ، وَلَا يُشْكِلُ بِمَا لَوْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ، وَلَمْ تَجِدْ مَنْ يُعَلِّمُهَا الْفَاتِحَةَ إلَّا وَاحِدًا فَأَصْدَقَهَا تَعْلِيمَهَا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْوُجُوبُ لَاقَى الْمَرْأَةَ أَوَّلًا بِخِلَافِ هَذَا، فَإِنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْجَارِ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ. قَوْلُهُ: (تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى النِّكَاحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِيهِ شَوْبُ بَيْعٍ إلَخْ) أَيْ جَوَّزَ ذَلِكَ لِحَاجَةِ التَّأْبِيدِ فِي الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِحَالٍ) لَوْ اشْتَرَى مَا بَاعَهُ مِنْ حَقِّ الْبِنَاءِ جَازَ ذَلِكَ، وَبَاقِي خِصَالِ الْعَارِيَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَمِمَّا دَخَلَ فِي الْحَالِ الْمَنْفِيَّةِ أَنْ يُرِيدَ الْبَائِعُ نَقْضَ جِدَارِ نَفْسِهِ، فَلَا يُمْكِنُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ إلَخْ) مِنْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 الْمُشْتَرِي (فَأَعَادَهُ مَالِكُهُ فَلِلْمُشْتَرِي إعَادَةُ الْبِنَاءِ) بِتِلْكَ الْآلَاتِ وَبِمِثْلِهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ بَيْعٌ يَمْلِكُ بِهِ مَوَاضِعَ رُءُوسِ الْجُذُوعِ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُ إجَارَةٌ مُؤَبَّدَةٌ لِلْحَاجَةِ (وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِذْنُ) فِي الْبِنَاءِ (بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ الْمَوْضِعِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ طُولًا وَعَرْضًا وَسَمْكَ الْجُدْرَانِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ ارْتِفَاعَهَا (وَكَيْفِيَّتُهَا) كَكَوْنِهَا مِنْضَدَةً أَوْ خَالِيَةَ الْأَجْوَافِ (وَكَيْفِيَّةَ السَّقْفِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهَا) كَكَوْنِهِ خَشَبًا أَوْ أَزَجًا أَيْ عَقْدًا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ (وَلَوْ أَذِنَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى أَرْضِهِ كَفَى بَيَانُ قَدْرِ مَحَلِّ الْبِنَاءِ) وَلَمْ يَجِبْ ذِكْرُ سُمْكِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ (وَأَمَّا الْجِدَارُ الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلًا (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا وَضْعُ جُذُوعِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنٍ) مِنْ الْآخَرِ (فِي الْجَدِيدِ) وَالْقَدِيمِ لَهُ ذَلِكَ كَالْقَدِيمِ فِي الْجَارِ لِمَا تَقَدَّمَ وَأَوْلَى (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتِدَ فِيهِ وَتِدًا) بِكَسْرِ التَّاءِ فِيهِمَا (أَوْ يَفْتَحَ) فِيهِ (كَوَّةً بِلَا إذْنٍ) كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ لَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِالِانْتِفَاعِ (وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِدَ إلَيْهِ وَيَسْنُدَ) إلَيْهِ (مَتَاعًا لَا يَضُرُّ) وَهَذَا الْقَيْدُ   [حاشية قليوبي] رَاعَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَكَذَا قَبْلَ الْوَضْعِ، وَأَعَادَهُ الْمَالِكُ أَوْ غَيْرُهُ، وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى إعَادَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا غُرْمَ عَلَى أَحَدٍ فِي هَذَا الْهَدْمِ، وَلَوْ هَدَمَهُ الْمَالِكُ وَلَوْ مُتَعَدِّيًا؛ وَلِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ هَدْمُهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى إعَادَتِهِ أَيْضًا، لَكِنَّهُ يَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِ الْمَوْضُوعِ لِلْفَيْصُولَةِ وَقِيمَةَ حَقِّ الْبِنَاءِ لِلْحَيْلُولَةِ، فَإِذَا أُعِيدَ الْجِدَارُ وَالْوَاضِعُ أُعِيدَتْ لَهُ، وَلَوْ هَدَمَهُ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يُجْبَرْ هُوَ وَلَا الْمَالِكُ عَلَى إعَادَتِهِ لَكِنَّهُ يَغْرَمُ مَا تَقَدَّمَ، وَيَغْرَمُ أَرْشَ نَقْضِ الْجِدَارِ لِلْمَالِكِ، وَإِذَا أُعِيدَ الْجِدَارُ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ إعَادَةَ الْجِدَارِ مِنْ مَالِهِ، لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْوَضْعِ لَمْ يُمْنَعْ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ انْهِدَامِ الْجِدَارِ مُطْلَقًا، كَذَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَلَوْ كَانَ الْجِدَارُ أَوْ الْبِنَاءُ مِنْ لَبِنَاتٍ وَتَفَتَّتَ لَزِمَهُ مِثْلُهَا؛ لِأَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (فَلِلْمُشْتَرِي قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ) . وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ، وَلَوْ كَانَ إجَارَةً مُؤَقَّتَةً خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَفَارَقَ الْفَسْخُ بِانْهِدَامِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَاقِعٌ عَلَى عَيْنِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَعَلَيْهِ لَا إعَادَةَ بَعْدَ الْهَدْمِ لِتَلَفِ حَقِّهِ، وَهُوَ الْجُزْءُ الْمُلَاصِقُ لِلْجُذُوعِ وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ تَأْخِيرِهِ عَنْ التَّفْرِيغِ عَلَى الْأُولَى، وَتَأْخِيرُ الثَّالِثِ لِمُنَاسَبَتِهِ لِلثَّانِي وَعَلَيْهِ يَأْتِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ بِمُدَّةٍ سَقَطَتْ الْإِعَادَةُ بِهَدْمِ الْجِدَارِ لِانْفِسَاخِهَا. قَوْلُهُ: (بَيَانُ قَدْرِ الْمَوْضِعِ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظِ قُدِّرَ؛ لِأَنَّ فِي ذِكْرِهِ مُخَالَفَةً لِلْمُرَادِ مِنْ بَيَانِ مَحَلِّ الْبِنَاءِ، وَالْقَدْرُ مَعْلُومٌ مِنْ الطُّولِ وَالْعَرْضِ، كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (ارْتِفَاعُهَا) فَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ أَسْفَلَ إلَى أَعْلَى، وَعَكْسُهُ الْعُمْقُ وَالْعَرْضُ أَقْصَرُ الِامْتِدَادَيْنِ. قَوْلُهُ: (كَفَى) أَيْ الْوُجُوبُ وَيَجِبُ أَيْضًا ذِكْرُ عُمْقِ الْأَسَاسِ إنْ كَانَ يُحْفَرُ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْآخَرِ) فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَفِيهِ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ عَارِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا، وَيَأْتِي فِي هَدْمِهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ التَّاءِ فِيهِمَا) وَهُوَ اسْمُ عَيْنٍ فِي الثَّانِي وَسُكُونِهَا فِيهِ مَصْدَرٌ مَاضِيهِ وَتَدَ كَضَرَبَ. قَوْلُهُ: (بِلَا إذْنٍ) وَمِثْلُهُ عَلِمَ الرِّضَا وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِالْإِذْنِ لَمْ تَجُزْ إزَالَتُهُ لِقَلْعِ الْوَتِدِ وَسَدِّ الْكَوَّةِ، إلَّا   [حاشية عميرة] تَعْلَمُ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِالْهَدْمِ الْمَذْكُورِ، لَكِنْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ إذَا كَانَ إيجَارًا وَمُؤَقَّتًا بِلَفْظِهِ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْفَسْخِ بِانْهِدَامِ الدَّارِ. قَالَ السُّبْكِيُّ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى: وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفَسِخْ بِالْهَدْمِ، وَإِنْ قُلْنَا إجَارَةً؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا ثُبُوتُ حَقِّ الْبِنَاءِ، وَهُوَ بَاقٍ بِخِلَافِ الدَّارِ الْمُنْهَدِمَةِ مَثَلًا، فَإِنَّ اسْمَ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةُ قَدْ زَالَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلِلْمُشْتَرِي إعَادَةُ الْبِنَاءَ) وَكَذَا يَبْنِي لَوْ فُرِضَ الِانْهِدَامُ قَبْلَ الْبِنَاءِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) وَالثَّالِثُ صِيغَةُ تَفَرُّعِ مَا سَلَفَ عَلَى الْأَوَّلِ خَاصَّةً، وَصَرَّحَ السُّبْكِيُّ بِخِلَافِهِ أَيْ هَذَا الْعَقْدِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ مُشْكِلٌ. قَوْلُهُ: (يَمْلِكُ بِهِ مَوَاضِعَ رُءُوسِ الْجُذُوعِ) بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَذِنَ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: عَبَّرَ بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّ الصُّوَرَ السَّابِقَةَ مِنْ الْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ وَالْأَحْكَامِ الْمُقَدَّمَةِ تَجْرِي هُنَا، فَأَتَى بِعِبَارَةٍ تَشْمَلُ ذَلِكَ. فَرْعٌ بَاعَ شَخْصٌ عُلْوَ دَارِهِ، فَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ الْبِنَاءِ صَحَّ أَوْ الْبِنَاءَ صَحَّ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ، وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ عَدَمَ جَوَازِ الْبِنَاءِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ حَقٌّ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا وَجْهَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَتِدُ) يُقَالُ وَتَدَ يَتِدُ وَتَدًا كَوَسَمَ يَسِمُ وَسْمًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِلَا إذْنٍ) أَيْ بِخِلَافِهِ بِالْإِذْنِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَى فَتْحِ الْكَوَّةِ،؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي نَظِيرِ الضَّوْءِ وَالْهَوَاءِ. قَوْلُهُ: (لَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِالِانْتِفَاعِ) وَفَارَقَ وَضْعَ الْجُذُوعِ عَلَى الْقَدِيمِ، بِأَنَّ وَضْعَ أَطْرَافِهَا فِي مِلْكِ صَاحِبِهَا، قَدْ لَا يَتِمُّ إلَّا بِوَضْعِ الطَّرَفِ الْآخَرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 زَائِدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ (وَلَهُ) كَغَيْرِهِ (ذَلِكَ فِي جِدَارِ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْضًا لِعَدَمِ الْمُضَايَقَةِ فِيهِ فَإِنْ مَنَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ مِنْهُ فَفِي امْتِنَاعِهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ لَا يُمْتَنَعُ (وَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُ شَرِيكِهِ عَلَى الْعِمَارَةِ فِي الْجَدِيدِ) لَتَضَرُّرِهِ بِتَكْلِيفِهَا، وَالْقَدِيمُ لَهُ ذَلِكَ صِيَانَةً لِلْمِلْكِ عَنْ التَّعْطِيلِ (فَإِنْ أَرَادَ) الطَّالِبُ (إعَادَةَ مُنْهَدِمٍ بِآلَةٍ لِنَفْسِهِ لَمْ يُمْنَعْ، وَيَكُونُ الْمَعَادُ مِلْكُهُ يَضَعُ عَلَيْهِ مَا شَاءَ وَيَنْقُضُهُ إذَا شَاءَ) وَلَا يَضُرُّ الِاشْتِرَاكُ فِي الْأُسِّ فَإِنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْحَمْلِ عَلَيْهِ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَسَكَتَ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ لِظُهُورِهِ. (وَلَوْ قَالَ الْآخَرُ لَا تَنْقُضْهُ وَأَغْرَمُ لَكَ حِصَّتِي) أَيْ نِصْفَ الْقِيمَةِ (لَمْ يَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ) كَابْتِدَاءِ الْعِمَارَةِ وَعَلَى الْقَدِيمِ تَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ (وَإِنْ أَرَادَ إعَادَتَهُ بِنَقْضِهِ الْمُشْتَرَكَ فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ) وَعَلَى الْقَدِيمِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ (وَلَوْ تَعَاوَنَا عَلَى إعَادَتِهِ بِنَقْضِهِ عَادَ مُشْتَرَكًا كَمَا كَانَ) فَلَوْ شَرَطَ زِيَادَةً لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ عِوَضٍ مِنْ غَيْرِ   [حاشية قليوبي] بِإِذْنٍ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ تَتْرِيبُ كِتَابٍ مِنْهُ إلَّا بِعِلْمِ الرِّضَا. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا لَا يُمْتَنَعُ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ غَرَضٌ فِي الْمَنْعِ كَاطِّلَاعٍ عَلَى حَرَمِهِ، وَالْأَجْنَبِيُّ فِي هَذَا كَالشَّرِيكِ. تَنْبِيهٌ السَّقْفُ بَيْنَ عُلْوٍ وَسُفْلٍ كَالْجِدَارِ الْمَذْكُورِ. وَفِي الرَّوْضِ يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ، وَضْعُ الْأَثْقَالِ الْمُعْتَادَةِ عَلَى السَّقْفِ الْمَمْلُوكِ لِلْآخَرِ أَوْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا، وَلِلْآخَرِ تَعْلِيقُ الْمُعْتَادِ بِهِ كَثَوْبٍ وَلَوْ بِوَتِدٍ يَتِدُهُ فِيهِ اهـ. وَلِلْمَالِكِ مِنْهُمَا أَنْ يَفْعَلَ مَا يُرِيدُ فِي مِلْكِهِ، وَلَيْسَ لِلْأَعْلَى غَرْزُ وَتِدٍ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهُ وَحْدَهُ، بِخِلَافِ الْأَسْفَلِ كَمَا مَرَّ نَظَرًا لِلْعَادَةِ فِي الِانْتِفَاعِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُ شَرِيكِهِ عَلَى الْعِمَارَةِ) نَعَمْ. لَوْ كَانُوا شُرَكَاءَ فِي وَقْفٍ وَطَلَبَ أَحَدُهُمْ أُجْبِرَ الْبَاقُونَ، وَكَذَا يُجْبَرُ نَاظِرُ الْوَقْفِ، وَوَلِيُّ الْمَحْجُورِ إذَا طَلَبَ الشَّرِيكُ الْعِمَارَةَ، وَفِيهَا مَصْلَحَةٌ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَخَرَجَ بِالْعِمَارَةِ الْأُجْرَةُ فَتَلْزَمُ الشَّرِيكَ لِمَنْ يَعْمُرُ، وَدَخَلَ فِي الشَّرِيكِ مَا بَيْنَ عُلْوٍ وَسُفْلٍ كَالسَّقْفِ، وَالسُّرَّةُ بَيْنَ سَطْحَيْنِ وَالْأَشْجَارُ كَالْبِنَاءِ فَلَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا عَلَى سَقْيِهَا، وَلَوْ انْهَدَمَ السُّفْلُ، وَلَوْ بِهَدْمِ مَالِكِهِ تَعَدِّيًا لَمْ يَجْبُرْهُ صَاحِبُ الْعُلْوِ عَلَى إعَادَتِهِ لِأَجْلِ بِنَائِهِ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْعُلْوِ بِنَاءَ السُّفْلِ بِمَالِهِ، لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ وَلَهُ هَدْمُهُ بَعْدَ بِنَائِهِ مَتَى شَاءَ، وَلِصَاحِبِ السُّفْلِ السُّكْنَى فِي الْعَرْصَةِ، وَلَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْجُدْرَانِ، وَلَوْ بِنَحْوِ غَرْزِ وَتِدٍ فِيهَا، وَلَهُ هَدْمُهُ إنْ كَانَ قَبْلَ بِنَاءِ الْأَعْلَى عُلْوَهُ، وَلَمْ يَكُنْ امْتَنَعَ قَبْلُ مِنْ الْبِنَاءِ، فَإِنْ بَنَى الْأَعْلَى عُلْوَهُ امْتَنَعَ عَلَى الْأَسْفَلِ الْهَدْمُ، وَلَهُ تَمَلُّكُهَا بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ كَانَ امْتَنَعَ فَلَيْسَ لَهُ الْهَدْمُ، وَلَا التَّمَلُّكُ بِالْقِيمَةِ لِتَقْصِيرِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَرَادَ إعَادَةَ مُنْهَدِمٍ) أَيْ فِي الْجِدَارِ بِخِلَافِ الدَّارِ الْمُنْهَدِمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ فِيهَا إلَى اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ، وَخَالَفَ الْخَطِيبُ وَجَعَلَهَا كَالْجِدَارِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُمْنَعْ) . أَيْ لَا يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ قَبْلَ سُؤَالِ شَرِيكِهِ أَوْ امْتِنَاعِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ الْأُسِّ، وَيُوَجَّهُ بِتَقْصِيرِهِ كَمَا سَيَأْتِي نَعَمْ إنْ مَنَعَهُ شَرِيكُهُ مِنْ الْإِعَادَةِ امْتَنَعَتْ عَلَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوْ صَرِيحُهُ فِيمَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا، إنَّهُ لَا يُمْنَعُ أَيْضًا وَهَذِهِ لَيْسَتْ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا، وَلَا ابْنِ حَجَرٍ وَلَا غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الِامْتِنَاعُ لَا الْمَنْعُ فَرَاجِعْ وَحَرِّرْ. قَوْلَهُ: (يَضَعُ عَلَيْهِ مَا شَاءَ) نَعَمْ لَوْ كَانَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ قَبْلَ الْهَدْمِ، أُلْزِمَ الْمُعِيدُ بِتَمْكِينِهِ مِنْ إعَادَتِهَا أَوْ بِهَدْمِهِ لِيُعِيدَاهُ لِوَضْعِهَا. قَوْلُهُ: (وَيَنْقُضُهُ إذَا شَاءَ) وَلَيْسَ لِلْآخَرِ نَقْضُهُ وَلَا تَمَلُّكُهُ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الْأُسِّ، وَفَارَقَ جَوَازَ نَقْضِ الْأَسْفَلِ لِسُفْلِ بَنَاهُ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَجَوَازُ تَمَلُّكِهِ لَهُ بِشَرْطِهِ كَمَا مَرَّ، بِأَنَّ السُّفْلَ خَاصٌّ بِالْأَسْفَلِ بِخِلَافِ الْجِدَارِ، وَلِغَيْرِ الْمُعِيدِ الشُّرْبُ مِنْ الْبِئْرِ وَالِاسْتِقَاءُ مِنْ النَّهْرِ لَا بِإِدَاوَةٍ أَوْ دُولَابٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَوْ جُعِلَ لِلْمُعِيدِ جُزْءٌ مِنْ الْأُسِّ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ جَازَ، وَعَادَ مُشْتَرَكًا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَضُرُّ إلَخْ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لِظُهُورِهِ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْ السُّكُوتِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ نِصْفَ الْقِيمَةِ) هُوَ فِي الْمُشْتَرَكِ مُنَاصَفَةً، وَلَيْسَ قَيْدًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (بِنِقْضِهِ) أَيْ بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا. قَوْلُهُ: (فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ التَّعْلِيلِ، أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْإِعَادَةِ بِلَا إذْنٍ وَلَوْ قَبْلَ مَنْعِهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا يُمْتَنَعُ قَبْلَ مَنْعِهِ، وَعَلَى كُلٍّ إذَا أَعَادَهُ قَبْلَ الْمَنْعِ أَوْ بَعْدَهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَعُودُ مُشْتَرَكًا وَأَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِأُجْرَةٍ، وَلِلْآخَرِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهَدْمِهِ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْهَدْمُ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. وَحَرِّرْهُ قَوْلُهُ: (عَادَ مُشْتَرَكًا) لَعَلَّ الِاشْتِرَاكَ مِنْ حَيْثُ   [حاشية عميرة] عَلَى جِدَارِ جَارِهِ. قَوْلُهُ: (أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ فِي الْأَجْنَبِيِّ لَهُ الْمَنْعُ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ لَهُ ذَلِكَ إلَخْ) صَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ وَالذَّخَائِرِ، وَأَفْتَى بِهِ الشَّاشِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ) يُرِيدُ الْقَدِيمَ بِلُزُومِ الْعِمَارَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ) قُوَّةُ الْعِبَارَةِ تُعْطِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 مُعَوَّضٍ (وَلَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا) بِإِعَادَتِهِ بِنَقْضِهِ (وَشَرَطَ لَهُ الْآخَرُ) الْآذِنَ فِي ذَلِكَ (زِيَادَةً جَازَ، وَكَانَتْ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ) فَإِذَا شَرَطَ لَهُ السُّدُسَ يَكُونُ لَهُ الثُّلُثَانِ، قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا مُصَوَّرٌ فِيمَا إذَا شَرَطَ لَهُ سُدُسَ النَّقْضِ فِي الْحَالِ، فَإِنْ شَرَطَ السُّدُسَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَمْ يَصِحَّ، فَإِنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُؤَجَّلُ. (وَيَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ وَإِلْقَاءِ الثَّلْجِ فِي مِلْكِهِ) أَيْ مِلْكِ الْمُصَالَحِ مَعَهُ (عَلَى مَالٍ) كَأَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى أَنْ يَجْرِيَ مَاءُ الْمَطَرِ مِنْ هَذَا السَّطْحِ عَلَى سَطْحِهِ الْمُجَاوِرِ لَهُ لِيَنْزِلَ الطَّرِيقَ، وَأَنْ يَجْرِيَ مَاءُ النَّهْرِ فِي أَرْضِهِ لِيَصِلَ إلَى أَرْضِ الْمُصَالِحِ، وَأَنْ يُلْقِيَ الثَّلْجَ مِنْ هَذَا السَّطْحِ إلَى أَرْضِهِ وَهَذَا الصُّلْحُ فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ يَصِحُّ بِلَفْظِهَا. وَلَا بَأْسَ بِالْجَهْلِ بِقَدْرِ مَاءِ الْمَطَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ وَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى إجْرَاءِ مَاءِ الْغُسَالَةِ عَلَى السَّطْحِ عَلَى مَالٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ تَنَازَعَا جِدَارًا بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا فَإِنْ اتَّصَلَ بِبِنَاءِ   [حاشية قليوبي] كَوْنُهُ بِالنَّقْضِ بِحَسَبِ مَا كَانَ كَمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ، كَمَا كَانَ لَا مِنْ حَيْثُ الْمُعَاوَنَةُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَشَرَطَ لَهُ الْآخَرُ) أَيْ بِعَقْدٍ بِلَفْظِ إجَارَةٍ أَوْ جِعَالَةٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ الْآذِنُ فِي ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَمْ يُعَاوِنْ الْمُعِيدَ إلَى مَا مَرَّ قَبْلَهُ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ جَعْلُ زِيَادَةٍ مَعَهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) أَيْ وَعُلِمَتْ الْآلَةُ وَوَصْفُ الْجِدَارِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ. تَنْبِيهٌ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ قِسْمَةُ الْجِدَارِ طُولًا فِي عَرْضٍ، وَعَكْسُهُ بِالتَّرَاضِي وَلَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ وَلَا قُرْعَةَ لِأَنَّهَا رُبَّمَا أَخْرَجَتْ لِأَحَدِهِمَا مَا يَضُرُّ الْآخَرَ. قَوْلُهُ: (فِي مِلْكِهِ) وَكَذَا فِي مَوْقُوفٍ فَلِلنَّاظِرِ وَمُسْتَحِقِّ الْوَقْفِ مَا ذُكِرَ، لَكِنْ مَعَ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ فِي ذَلِكَ، وَلَهُمْ الصُّلْحُ بِلَا مَالٍ وَهُوَ عَارِيَّةٌ، وَلَوْ انْتَقَلَتْ الْأَرْضُ لِآخَرَ بِاسْتِحْقَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ ثَبَتَ لِلثَّانِي مَا كَانَ لِلْأَوَّلِ مِنْ رُجُوعٍ، وَمَنْعٍ وَغَيْرِهِمَا وَلَهُ خَرْقُ بِنَاءٍ مَنَعَ بِهِ الْأَوَّلُ إجْرَاءَ الْمَاءِ مَثَلًا، وَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ فِي الْمَوْقُوفِ، وَالْمُؤَجَّرِ وَنَحْوِهِ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ وَنَحْوِهَا قَوْلُهُ: (عَلَى سَطْحِهِ) وَعَلَى أَرْضِهِ بِالْأَوْلَى نَعَمْ. إنْ أَمْكَنَ إلْقَاؤُهُ مِنْ السَّطْحِ الْأَوَّلِ إلَى الطَّرِيقِ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فِي أَرْضِهِ) لَا عَلَى سَطْحِهِ. قَوْلُهُ: (إلَى أَرْضِ الْمُصَالِحِ) لَا إلَى سَطْحِهِ. قَوْلُهُ: (إلَى أَرْضِهِ) لَا إلَى سَطْحِهِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَشَمَلَ الْإِلْقَاءُ الْجَائِزُ مَا كَانَ مِنْ مِيزَابٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا الصُّلْحُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ فِي الْمَوْقُوفِ وَالْمُؤَجَّرِ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ وَتَقْدِيرِ الْمُدَّةِ، وَأَنَّهُ فِي غَيْرِهَا يَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي عَقْدِ حَقِّ الْبِنَاءِ فَيَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَبِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَلَوْ بِتَقْدِيرِ مُدَّةٍ وَبِلَفْظِ الْعَارِيَّةِ، وَبِلَفْظِ الصُّلْحِ وَيَنْعَقِدُ بَيْعًا فَيَمْلِكُ بِهِ مَحَلَّهُ، وَكَذَا لَوْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَفَارَقَ حَقَّ الْمَمَرِّ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا مُتَوَجِّهٌ إلَى الْعَيْنِ، وَلِذَلِكَ يُشْتَرَطُ هُنَا بَيَانُ مَوْضِعِ الْإِجْرَاءِ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا وَمَعْرِفَةُ السَّطْحِ قُوَّةً وَضَعْفًا. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ مَاءِ الْمَطَرِ) وَمِثْلُهُ الثَّلْجُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى إجْرَاءِ مَاءِ الْغُسَالَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَتْ الْغُسَالَةُ مِنْ نَحْوِ حَمَّامٍ. قَوْلُهُ: (عَلَى السَّطْحِ) وَلَا عَلَى الْأَرْضِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (عَلَى مَالٍ) وَلَا مُطْلَقًا وَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ الْمَخْصُوصَةِ فِي حُشِّ غَيْرِهِ، وَعَلَى جَمْعِ الْقُمَامَةِ وَلَوْ بِلَا مَالٍ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَوْ بِمَالٍ وَفِي عَقْدِهِ مَا مَرَّ فِي حَقِّ الْبِنَاءِ. فُرُوعٌ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى إبْقَاءِ أَغْصَانِ شَجَرَةٍ أَوْ عُرُوقِهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ هَوَاءٌ كَمَا مَرَّ وَلَهُ إزَالَتُهَا بِالتَّحْوِيلِ إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَبِالْقَطْعِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا، وَلَهُ الِانْتِفَاعُ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ بِمَا يَضُرُّهَا، وَإِنْ أَدَّى إلَى تَلَفِهَا وَلَا ضَمَانَ. نَعَمْ إنْ حَرَقَهَا   [حاشية عميرة] أَنَّ لَهُ الْإِقْدَامَ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ بِلَا شَكٍّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَشَرَطَ لَهُ الْآخَرُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِلَفْظِ إجَارَةٍ أَوْ جِعَالَةٍ. . قَوْلُهُ: (إلَى أَرْضِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ الْمُصَالَحُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (يَصِحُّ بِلَفْظِهَا) عِبَارَةُ السُّبْكِيّ ثُمَّ إنْ قَدَّرَ الْمُدَّةَ فَإِجَارَةٌ، وَإِلَّا فَعَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ، وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيُّ إنْ عَقَدَ بِصِيغَةِ الْإِجَارَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ: وَإِنْ عَقَدَ بِصِيغَةِ الْبَيْعِ نُظِرَ إنْ وَجَّهَ الْبَيْعَ إلَى الْحَقِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، فَيَأْتِي فِيهِ مَا سَبَقَ فِي بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَكَ أَنْ تَقُولَ إذَا كَانَ هَذَا النَّوْعُ مُلْحَقًا بِحَقِّ الْبِنَاءِ، فَيَنْبَغِي عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْمُدَّةِ إذَا عُقِدَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، كَمَا سَبَقَ فِي حَقِّ الْبِنَاءِ. قَالَ: وَإِنْ قَالَ بِعْتُكَ مَسِيلَ الْمَاءِ أَوْ مَجْرَى الْمَاءِ، فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ، وَفِي الْعُمْقِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هَلْ يَمْلِكُ مَوْضِعَ الْجَرَيَانِ أَمْ لَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِيرَادُ النَّاقِلِينَ يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِ الْمِلْكِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَإِنْ عَقَدَ بِلَفْظِ الصُّلْحِ، فَهَلْ يَنْعَقِدُ بَيْعًا أَوْ إجَارَةً؟ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الشَّيْخَانِ وَصَرَّحَ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ بَيْعًا سَوَاءٌ وَجَّهَ الْعَقْدَ إلَى الْحَقِّ أَوْ الْعَيْنِ اهـ. أَقُولُ قَدْ سَلَفَ فِي مَسْأَلَةِ الْبِنَاءِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَيْنًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ لَفْظَ مَسْأَلَةِ الْمَاءِ مَثَلًا، يَنْصَرِفُ إلَى الْعَيْنِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ بِعْتُكَ رَأْسَ الْجِدَارِ لِلْبِنَاءِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 أَحَدِهِمَا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُمَا بَنَيَا مَعًا) كَأَنْ دَخَلَ نِصْفُ لَبِنَاتِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ (فَلَهُ الْيَدُ) فَيَحْلِفُ وَيَحْكُمُ لَهُ بِالْجِدَارِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِبِنَائِهِ كَمَا ذُكِرَ بِأَنْ اتَّصَلَ بِبِنَائِهِمَا أَوْ انْفَصَلَ عَنْهُمَا (فَلَهُمَا) أَيْ الْيَدُ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ. وَالرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا (فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً) أَنَّهُ لَهُ (قَضَى لَهُ) بِهِ (وَإِلَّا حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي يُسَلَّمُ لَهُ أَوْ عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَاهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ (فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا) عَنْ الْيَمِينِ (جُعِلَ) الْجِدَارُ (بَيْنَهُمَا) بِظَاهِرِ الْيَدِ (وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا قُضِيَ لَهُ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قُضِيَ لِلْحَالِفِ بِالْجَمِيعِ، وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِمَا زِيدَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّهُ إنْ حَلَفَ الَّذِي بَدَأَ الْقَاضِي بِتَحْلِيفِهِ وَنَكَلَ الْآخَرُ بَعْدَهُ حَلَفَ الْأَوَّلُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَيْ لِيُقْضَى لَهُ بِالْجَمِيعِ، وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ وَرَغِبَ الثَّانِي فِي الْيَمِينِ فَقَدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ يَمِينُ النَّفْيِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ صَاحِبُهُ، وَيَمِينُ الْإِثْبَاتِ لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ هُوَ فَهَلْ يَكْفِيهِ الْآنَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ يَجْمَعُ فِيهَا النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ لِلنَّفْيِ، وَأُخْرَى لِلْإِثْبَاتِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ فَيَحْلِفُ أَنَّ الْجَمِيعَ لَهُ لَا حَقَّ لِصَاحِبِهِ فِيهِ أَوْ يَقُولَ: لَا حَقَّ لَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِي اهـ. (وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ لَمْ يُرَجِّحْ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ فَإِذَا حَلَفَا بَقِيَتْ الْجُذُوعُ بِحَالِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ (وَالسَّقْفُ بَيْنَ   [حاشية قليوبي] بِتَقْصِيرٍ ضَمِنَهَا وَلَوْ كَانَ يَجْرِي مَاءٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، فَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ كَانَ بِعَارِيَّةٍ صُدِّقَ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ: وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ دُخُولُ الْأَرْضِ أَوْ السَّطْحِ إلَّا لِتَنْقِيَةِ الْمَجْرَى وَنَحْوِهِ، وَعَلَيْهِ إخْرَاجُ مَا يُنَقِّيهِ مِنْ أَرْضِهِ أَوْ سَطْحِهِ تَفْرِيغًا لِمِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ دَخَلَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ دَخَلَ جَمِيعُ أَنْصَافِ لَبِنَاتِ طَرَفِ جِدَارٍ، أَحَدُهُمَا فِي مُحَاذَاةِ جَمِيعِ أَنْصَافِ لَبِنَاتِ طَرَفِ جِدَارِ الْآخَرِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ عَلَى خَشَبَةٍ طَرَفُهَا فِي بِنَاءِ أَحَدِهِمَا أَوْ كَانَ عَلَى تَرْبِيعِ بِنَاءِ أَحَدِهِمَا، طُولًا أَوْ عَرْضًا أَوْ سُمْكًا، لَا يَكْفِي بَعْضُ لَبِنَاتٍ فِي طَرَفٍ أَوْ أَكْثَرَ لِإِمْكَانِ حُدُوثِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ انْفَصَلَ عَنْهُمَا) وَكَذَا لَوْ اتَّصَلَ بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا، لَا بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَنَّهُمَا بُنِيَا مَعًا، كَمَا هُوَ مَفْهُومُ مَا قَبْلَهُ، وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ ذِكْرَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْيَدُ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ أَنَّهُ مِلْكٌ لَهُمَا، وَذَكَرَ عِبَارَةَ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ دَلِيلًا لِمَا قَالَهُ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَقُولُ وَاَللَّهِ لَا تَسْتَحِقُّ مِنْ النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِي شَيْئًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ) وَلَهُ الرُّجُوعُ لِيَحْلِفَ قَبْلَ حَلِفِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ) كَإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ قَضَاءِ قَاضٍ يَرَاهُ، وَالْمُنَزَّلُ عَلَيْهِ مِنْهَا الْإِعَارَةُ؛ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ الْأَسْبَابِ فَلِلْمَالِكِ قَلْعُ الْجُذُوعِ، بِالْأَرْشِ وَالْإِبْقَاءُ بِالْأُجْرَةِ بَعْدَ الرُّجُوعِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ لَمَّا مَضَى هَذَا، وَقَدْ قَالُوا: لَوْ وَجَدْنَا جُذُوعًا عَلَى جِدَارٍ وَلَمْ نَعْلَمْ كَيْفَ وُضِعَتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا وُضِعَتْ بِحَقٍّ فَلَا تُنْقَضُ، وَيَقْضِي بِاسْتِحْقَاقِهَا دَائِمًا وَلَا أُجْرَةَ مُطْلَقًا وَتُعَادُ لَوْ هُدِمَ الْجِدَارُ وَأُعِيدَ فَلَمْ يَحْمِلُوهَا عَلَى الْإِعَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَحَاوَلَ شَيْخُنَا م ر الْفَرْقَ بِأَنَّ الشُّرَكَاءَ يَتَسَامَحُونَ فِي الْعَادَةِ فَيُحْمَلُ حَقُّهُمْ عَلَى الْأَقَلِّ، وَلَا كَذَلِكَ الْأَجَانِبُ فَيُحْمَلُ اسْتِحْقَاقُهُمْ عَلَى الْأَقْوَى كَالْبَيْعِ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا ز ي أَنَّ الشُّرَكَاءَ كَالْأَجَانِبِ، فَيُحْمَلُ عَلَى الْأَقْوَى فِيهِمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيَظْهَرُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْأَقْوَى مَا لَمْ يَدَّعِ الْمَالِكُ إلَّا ضَعْفٌ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ فِي دَعْوَاهُ كَمَا مَرَّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ، وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ فَتَأَمَّلْهُ، وَحَيْثُ لَمْ يُرَجَّحْ بِالْجُذُوعِ فَلَا يُرَجَّحُ بِالدَّوَاخِلِ كَالْمَحَارِيبِ فِي الطَّاقَاتِ، وَلَا: بِالْخَوَارِجِ كَالتَّجْصِيصِ وَالتَّزْوِيقِ وَلَا بِمَعَاقِدِ الْقِمْطِ، أَيْ تَكُونُ عُقَدُهَا مِنْ دَاخِلٍ أَوْ خَارِجٍ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَبِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ حِبَالٌ صِغَارٌ يُشَدُّ بِهَا، نَحْوُ الْجَرِيدِ بَعْضِهِ لِبَعْضٍ كَالشَّبَابِيكِ وَتُقْطَعُ. فَلِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي الْمَرْقَى صُدِّقَ صَاحِبُ الْعُلْوِ أَنَّهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إلَى وَضْعِهِ.   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: قَالَ صَالَحْتُكَ عَنْ إجْرَاءِ مَاءِ الْمَطَرِ عَلَى سَطْحِ دَارِك كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا. قَالَ الْمُتَوَلِّي: يَصِحُّ وَيُغْتَفَرُ الْغَرَرُ فِي الْأُجْرَةِ كَمَا اُغْتُفِرَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَيَصِيرُ كَالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ دَخَلَ إلَخْ) لَا يَكْفِي فِي هَذَا وُجُودُهُ فِي مَوَاضِعَ مَعْدُودَةٍ مِنْ طَرَفِ الْجِدَارِ لِإِمْكَانِ حُدُوثِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى النِّصْفِ إلَخْ) أَيْ فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ لَا تَسْتَحِقُّ مِنْ النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِي شَيْئًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُرَجَّحْ) وَجْهُهُ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ قَضَاءِ قَاضٍ يَرَى الْإِجْبَارَ عَلَى وَضْعِهَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْزِلُ ذَلِكَ عَلَى الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ الْأَسْبَابِ، فَلَهُ قَلْعُهُ وَغَرَامَةُ أَرْشِ النَّقْصِ، وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: هَلَّا حُمِلَ عَلَى قَضَاءِ قَاضٍ أَوْ شِرَائِهَا مِنْ الْجَارِ فَلَا يُقْلَعُ، وَلَا يَلْزَمُ أُجْرَةُ فَقْدٍ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الْعَالِيَ يَبْقَى عَلَى السَّافِلِ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ لِاحْتِمَالِ، أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ صَاحِبِ السُّفْلِ، ثُمَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 عُلْوِهِ) أَيْ شَخْصٍ (وَسُفْلِ غَيْرِهِ كَجِدَارَيْنِ مِلْكَيْنِ فَيَنْظُرُ أَيُمْكِنُ إحْدَاثُهُ بَعْدَ الْعُلْوِ) بِأَنْ يَكُونَ السَّقْفُ عَالِيًا فَيَثْقُبُ وَسَطَ الْجِدَارِ وَتُوضَعُ رُءُوسُ الْجُذُوعِ فِي الثَّقْبِ وَيُسْقَفُ (فَيَكُونُ فِي يَدِهِمَا) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ (أَوْ لَا) يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ بَعْدَ الْعُلْوِ كَالْأَزَجِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ عَقْدُهُ عَلَى وَسَطِ الْجِدَارِ بَعْدَ امْتِدَادِهِ فِي الْعُلْوِ (فَلِصَاحِبِ السُّفْلِ) يَكُونُ لِاتِّصَالِهِ بِبِنَائِهِ، وَالْعُلْوُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ اللَّامِ وَمِثْلُهُ السُّفْلُ. . بَابُ الْحَوَالَةِ هِيَ أَنْ تُحِيلَ مَنْ لَهُ عَلَيْكَ دَيْنٌ عَلَى مَنْ لَك عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَتَقُولُ: أَحَلْتُكَ بِعَشْرَتِكَ عَلَيَّ عَلَى فُلَانٍ بِعَشْرَتِي عَلَيْهِ فَيَقُولُ احْتَلْت وَالْأَصْلُ فِيهَا حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» . وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ: «وَإِذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَحْتَلْ» . وَأُتْبِعَ بِسُكُونِ التَّاءِ أُحِيلَ فَلْيَتْبَعْ بِسُكُونِهَا فَلْيَحْتَلْ (يَشْتَرِطُ لَهَا) لِتَصِحَّ (رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ) ؛ لِأَنَّهُمَا عَاقِدَاهَا فَهِيَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فِي الْأَصَحِّ جَوَّزَهَا الشَّارِعُ لِلْحَاجَةِ (لَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ فِي   [حاشية قليوبي] بَابُ الْحَوَالَةِ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا، لُغَةً: التَّحْوِيلُ وَالِانْتِقَالُ، وَتُقَالُ لِمَا بِهِ حَوْلٌ أَيْ قُوَّةٌ لِمَا بَيْنَ الْحَرَكَةِ وَالْقُوَّةِ مِنْ الْمُلَازَمَةِ، وَشَرْعًا عَقْدٌ يَقْتَضِي انْتِقَالَ دَيْنٍ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى أُخْرَى، وَتُطْلَقُ عَلَى نَفْسِ الِانْتِقَالِ وَتَعْبِيرُ بَعْضِهِمْ بِنَقْلِ دَيْنٍ إلَخْ. لَا يُنَاسِبُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ، إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِأَنَّ النَّقْلَ سَبَبٌ لَهُ فَهِيَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ ، فَهِيَ رُخْصَةٌ وَذُكِرَتْ عَقِبَ الصُّلْحِ لِمَا فِيهَا مِنْ قَطْعِ النِّزَاعِ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَتُسْتَحَبُّ عَلَى مَلِيءٍ لَيْسَ فِي مَالِهِ شُبْهَةٌ، وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِسْنَادِ إلَى جُمْلَةِ الْمُخَاطَبِ فَلَا تَصِحُّ مَعَ الْإِضَافَةِ إلَى جُزْئِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعِشْ بِدُونِهِ، وَقُصِدَ بِهِ الْجُمْلَةُ قَالَهُ شَيْخُنَا. وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَالَهُ فِي الْبَيْعِ مَعَ أَنَّهَا مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ وَلَا تَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَإِنْ نَوَاهَا وَلَا تَدْخُلُهَا الْإِقَالَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهَا كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَلَا يَدْخُلُهَا خِيَارٌ. قَوْلُهُ: (هِيَ أَنْ تُحِيلَ إلَخْ) عَدَلَ عَنْ التَّعْرِيفِ إلَى التَّصْوِيرِ لِيُلَائِمَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَحَلْتُكَ) وَمِثْلُهُ أَتْبَعْتُكَ أَوْ مَلَّكْتُكَ أَوْ نَقَلْت حَقَّكَ أَوْ جَعَلْت حَقَّكَ إلَى فُلَانٍ، أَوْ حَقِّي عَلَيْهِ لَكَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يُشْتَرَطُ فِي الصَّرَاحَةِ أَنْ يَقُولَ: بِحَقِّك عَلَيَّ إلَخْ. مُرَادُهُ صَرِيحٌ لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ كَمَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ. قَوْلُهُ: (مَطْلُ) هُوَ إطَالَةُ الْمُدَافَعَةِ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، فَهُوَ حِينَئِذٍ كَبِيرَةٌ مُفَسِّقٌ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالظُّلْمِ فِي الْحَدِيثِ وَدُونُهَا حَرَامٌ غَيْرُ مُفَسِّقٍ. قَوْلُهُ: (مَلِيءٍ) هُوَ بِالْهَمْزِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَوْلُهُ: (بِسُكُونِهَا) وَجَوَّزَ ابْنُ حَجَرٍ تَشْدِيدَهَا وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ خِلَافُ الصَّوَابِ وَمُقْتَضَى الْحَدِيثِ، وُجُوبُهَا، وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: بِنَدْبِهَا أَوْ جَوَازِهَا قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ خُرُوجَهَا عَنْ الْمُعَاوَضَاتِ يَقْتَضِي عَدَمَ قِيَاسِهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: صَرَفَهَا عَنْ الْوُجُوبِ وُرُودُهَا بَعْدَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ إلَخْ) فَالرِّضَا لَيْسَ رُكْنًا وَإِنَّمَا الرُّكْنُ الصِّيغَةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ مَعَ اعْتِبَارِ الصِّيغَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الدَّالَّ غَيْرُ الْمَدْلُولِ وَإِنْ تَلَازَمَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا) أَيْ الْمُحِيلُ وَالْمُحْتَالُ فَهُمَا رُكْنَانِ، وَإِنْ اتَّحَدَا فِي الْخَارِجِ كَإِحَالَةِ الْوَلِيِّ نَفْسَهُ عَلَى طِفْلِهِ وَعُكِسَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُحِيلَ الْوَلِيَّ عَلَى دَيْنِ مَحْجُورِهِ لِمَصْلَحَةٍ، وَأَنْ يَحْتَالَ بِهِ عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ فَإِنْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ بَطَلَتْ، وَعُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْتَالَ وَلِيٌّ بِدَيْنِ مَحْجُورِهِ مِنْ وَلِيٍّ عَلَى دَيْنِ مَحْجُورِهِ مَعَ الْمَصْلَحَةِ، وَنَاظِرُ الْوَقْفِ كَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُحِيلَ الْوَلِيُّ أَحَدَ طِفْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ. قَوْلُهُ: (فَهِيَ بَيْعٌ) وَلَا تَصِحُّ بِلَفْظِهِ كَمَا مَرَّ نَظَرًا لِقَوْلِ الِاسْتِيفَاءِ، وَمِنْ هَذَا وَمَا مَرَّ   [حاشية عميرة] فِي تَعْبِيرِهِ بِالْجُذُوعِ إفَادَةُ أَنَّ الْوَاحِدَ وَنَحْوَهُ لَا يُؤَثِّرُ بِالْأَوْلَى، وَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُرَجَّحُ بِالْجَمْعِ مِنْهَا دُونَ الْوَاحِدِ. [بَابُ الْحَوَالَةِ] ِ قَوْلُهُ: (فَتَقُولُ أَحَلْتُكَ) أَيْ جَعَلْتُك مُحْتَالًا أَيْ مُنْتَقِلًا. قَوْلُهُ: (جَوَّزَهَا الشَّارِعُ) يُرِيدُ أَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْحَقِّ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ بِغَيْرِهِ. وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ كَأَنَّ الْمُحْتَالَ اسْتَوْفَى مَا كَانَ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ وَأَقْرَضَهُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ. وَيَتَعَذَّرُ إقْرَاضُهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ (وَلَا تَصِحُّ عَلَى مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ تَصِحُّ بِرِضَاهُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا اسْتِيفَاءٌ إلَى آخِرِهِ فَقَبُولُهُ ضَمَانٌ لَا يَبْرَأُ بِهِ الْمُحِيلُ وَقِيلَ: يَبْرَأُ (وَتَصِحُّ بِالدَّيْنِ اللَّازِمِ وَعَلَيْهِ) وَإِنْ اخْتَلَفَ الدَّيْنَانِ فِي سَبَبِ الْوُجُوبِ كَالثَّمَنِ وَالْقَرْضِ وَالْأُجْرَةِ وَبَدَلِ الْمُتْلَفِ، وَيُسْتَثْنَى دَيْنُ السَّلَمِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ وَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ   [حاشية قليوبي] فِي التَّصْوِيرِ يُعْلَمُ أَنَّ أَرْكَانَهَا سِتَّةٌ مُحِيلٌ وَمُحْتَالٌ، وَمُحَالٌ عَلَيْهِ وَدَيْنَانِ وَصِيغَةٌ، وَلِلْمُحْتَالِ أَنْ يُحِيلَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يُحِيلَ الْمُحْتَالَ عَلَى غَيْرِهِ وَهَكَذَا، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (جَوَّزَهَا إلَخْ) وَلِذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا قَبْضُ أَحَدِ الدِّينَيْنِ وَإِنْ اتَّحَدَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا. قَوْلُهُ: (لَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ) وَلِذَلِكَ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَى ذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَتَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِهِ إنْ كَانَتْ وَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَى التَّرِكَةِ، فَإِنْ كَانَتْ دُيُونًا. نَعَمْ تَصِحُّ مِنْ الْوَارِثِ عَلَى التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ دَيْنًا، وَتَصِحُّ عَلَيْهِ إنْ تَصَرَّفَ فِي التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَالدَّعْوَى عَلَى الْمَيِّتِ كَالْحَوَالَةِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَعَذَّرُ إلَخْ) وَيَرُدُّ بِبُطْلَانِهَا فِي إحَالَةِ الْبَائِعِ مَعَ الرَّدِّ، كَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ كَانَتْ قَرْضًا لَمْ تَبْطُلْ. قَوْلُهُ: (لَا تَصِحُّ عَلَى مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ ذَلِكَ، وَإِلَّا صَحَّتْ فَلَوْ أَنْكَرَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ لَمْ يُقْبَلْ كَمَا سَيَأْتِي، وَلِلْمُحِيلِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحْتَالِ، إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَفْسِهِ، بِأَنْ يَشْهَدَ أَنَّ الْمُحَالَ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، كَذَا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ أَوْ بِحَوَالَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِبَرَاءَتِهِ مِنْ الدَّيْنِ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ وَرَجَعَ الْمُحْتَالُ عَلَى الْمُحِيلِ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحِيلِ، فَأَقَامَ الْمُحْتَالُ شَاهِدًا بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ كَذَا بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ مِنْ فُلَانٍ، وَإِنَّ دَيْنَهُ ثَابِتٌ عَلَيْهِ، وَحَلَفَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَازَ، وَاغْتُفِرَ الْحَلِفُ عَلَى ثُبُوتِ دَيْنِ الْغَيْرِ، وَهُوَ الْمُحِيلُ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى ثُبُوتِ حَقِّ نَفْسِهِ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ صُدِّقَ، وَيُرَاجَعُ الْمَدِينُ فَإِنْ صُدِّقَ عَلَى عَدَمِ الْحَوَالَةِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْمُحْتَالِ مُطَالَبَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُحْتَالُ الْحَوَالَةَ وَأَقَرَّ بِهَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ، فَهُوَ مُقِرٌّ لِلْمُحْتَالِ بِالدَّيْنِ، وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَيَأْتِي فِيهِ مَا فِي الْإِقْرَارِ. تَنْبِيهٌ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ مِمَّنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْمَنْهَجِ: وَهِيَ تُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْأَوْلَى، وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ ثُبُوتَ الدَّيْنِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَعَ صِحَّةِ وَفَائِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِ الْغَيْرِ فَشَرْطُهُ عَلَى مَنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ ذَلِكَ أَوْلَى، وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْإِشَارَةُ إلَى الْجَوَازِ بِذِكْرِ الْخِلَافِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا: وَلَا يَقَعُ مَا ذُكِرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكَالَةً اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ، فِيهِ تَأَمُّلٌ، إذْ لَا دَيْنَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِيَكُونَ الْمُحْتَالُ وَكِيلًا فِي قَبْضِهِ مِنْهُ. تَنْبِيهٌ آخَرُ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَنْ لَهُ مَعْلُومٌ فِي وَقْفٍ لَا تَصِحُّ إحَالَتُهُ بِهِ عَلَى مَالِ الْوَقْفِ لِمَا مَرَّ فِي التَّرِكَةِ، وَلَا عَلَى النَّاظِرِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى بِإِتْلَافِ مَالِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَإِنَّ تَصْوِيغَ النَّاظِرِ مَنْ لَهُ مَعْلُومٌ فِي الْوَقْفِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلْوَقْفِ لَيْسَ حَوَالَةً، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ قَبْضِهِ مَتَى شَاءَ قَالَ شَيْخُنَا م ر. نَعَمْ إنْ تَعَيَّنَ مَالُ الْوَقْفِ فِي جِهَةِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ، بَلْ لِلْمُسْتَحِقِّينَ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ النَّاظِرِ وَيَعْتَدُّ بِالْقَبْضِ مِنْهُ، وَيَبْرَأُ بِهِ وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بَنَاهُ عَلَى أَنَّهَا إلَخْ) أَيْ إذَا قُلْنَا مَعَ وُجُودِ الدَّيْنَيْنِ: إنَّ الْحَوَالَةَ اسْتِيفَاءٌ إلَخْ. فَمَعَ عَدَمِ دَيْنِ الْمُحْتَالِ تَكُونُ ضَمَانًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْأُجْرَةُ) أَيْ فِي   [حاشية عميرة] بِالدَّيْنِ كَالْقَرْضِ لِمَكَانِ الْحَاجَةِ، وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُمَاكَسَةً وَمَعْنَى كَوْنِهَا بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، أَنَّ الْمُحِيلَ بَاعَ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بَيْعُ عَيْنٍ بِعَيْنٍ فِرَارًا مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، أَيْ فَنَزَلَ اسْتِحْقَاقُ الدَّيْنِ مَنْزِلَةَ اسْتِحْقَاقِ مَنْفَعَةٍ تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الشَّخْصِ. قَوْلُهُ: (فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ) كَمَا لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (اسْتِيفَاءُ حَقٍّ) اسْتَنَدَ مَنْ جَعَلَهَا اسْتِيفَاءً إلَى عَدَمِ جَوَازِ الْحَوَالَةِ بِالشَّيْءِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ، إذَا لَمْ يَكُنْ رِبَوِيًّا وَعَدَمُ وُجُوبِ التَّقَابُضِ فِي الرِّبَوِيِّ، وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَوَجَبَ كُلُّ ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَاعْتَرَضَ تَقْدِيرُ الْقَرْضِ، بِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا احْتَالَ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ، وَلَوْ كَانَتْ قَرْضًا لَمْ تَبْطُلْ كَمَا لَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ وَأَقْرَضَهُ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ وَاخْتَارَ أَنَّهَا اسْتِيفَاءٌ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَوْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ عَلَى رَجُلٍ مِائَةٌ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ مِائَةٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ الْمِائَةَ الَّتِي عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ الَّتِي عَلَى الرَّجُلِ لَمْ يَجُزْ. وَلَكِنْ إذَا أَحَالَهُ عَلَى الرَّجُلِ جَازَ، وَلَيْسَ بَيْعًا وَإِنَّمَا هُوَ حَوَالَةٌ وَالْحَوَالَةُ غَيْرُ بَيْعٍ اهـ. قَالَ فَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ بِأَنَّهَا بَيْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. قَوْلُهُ: (فَقَبُولُهُ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَتَكُونُ حَقِيقَةُ الْحَوَالَةِ هُنَا الضَّمَانَ، وَتَتَأَتَّى تَفَارِيعُهُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَعَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 وَلَا عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا اسْتِيفَاءٌ ذُكِرَ هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ فِي الرَّوْضَةِ (الْمِثْلِيُّ) مِنْ الدَّيْنِ كَالثَّمَرِ وَالْحَبِّ (وَكَذَا الْمُتَقَوِّمُ) مِنْهُ كَالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِثْلِيًّا لِيَتَحَقَّقَ مَقْصُودُ الْحَوَالَةِ مِنْ إيصَالِ الْمُسْتَحِقِّ إلَى الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ (وَ) تَصِحُّ (بِالثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَعَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ الْآنَ (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ حَوَالَةِ الْمُكَاتَبِ سَيِّدُهُ بِالنُّجُومِ دُونَ حَوَالَةِ السَّيِّدِ عَلَيْهِ) وَالثَّانِي صِحَّتُهُمَا وَالثَّالِثُ عَدَمُ صِحَّتِهِمَا، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ لِلْمُكَاتَبِ إسْقَاطَ النُّجُومِ مَتَى شَاءَ فَلَمْ تَصِحَّ حَوَالَةُ السَّيِّدِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ حَوَالَةِ السَّيِّدِ (وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِمَا يُحَالُ بِهِ وَعَلَيْهِ قَدْرًا وَصِفَةً وَفِي قَوْلٍ: تَصِحُّ بِإِبِلِ الدِّيَةِ وَعَلَيْهَا) وَالْأَظْهَرُ الْمَنْعُ لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهَا (وَيُشْتَرَطُ تَسَاوِيهِمَا) أَيْ الْمُحَالُ بِهِ وَعَلَيْهِ (جِنْسًا وَقَدْرًا وَكَذَا حُلُولًا وَأَجَلًا وَصِحَّةً وَكَسْرًا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي تَصِحُّ   [حاشية قليوبي] إجَارَةِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا فِي الذِّمَّةِ. كَالسَّلَمِ فَلَا تَصِحُّ بِهَا وَلَا عَلَيْهَا، وَقَدْ يُرَادُ بِدَيْنِ السَّلَمِ كُلُّ مَا لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَالْبَيْعِ فِي الذِّمَّةِ. فَرْعٌ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ فِي الزَّكَاةِ مِنْ الْمَالِكِ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ انْحَصَرُوا لِمَا فِيهِ مِنْ شَائِبَةِ الْعِبَادَةِ بِاحْتِيَاجِهَا لِلنِّيَّةِ وَأُلْحِقَ بِهَا الْكَفَّارَةُ وَنَحْوُهَا، قَالَهُ شَيْخُنَا: وَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ صِحَّةُ الْحَوَالَةِ عَلَى الْمَنْذُورِ فَرَاجِعْ وَانْظُرْ. قَوْلُهُ: (فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَتَحْصُلُ بِهَا الْإِجَازَةُ، فَلَوْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَعْدَ حَوَالَةِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَرْضَ بِهَا بَطَلَتْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِاللُّزُومِ وَصْفُ الدَّيْنِ بِهِ فِي نَفْسِهِ لَا عَدَمُ التَّطَرُّقِ إلَى إبْطَالِهِ، وَلِذَلِكَ جَعَلُوا مِنْهُ كَالْقَرْضِ كَمَا مَرَّ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ حَوَالَةِ الْمُكَاتَبِ سَيِّدُهُ بِالنُّجُومِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ) وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَفَارَقَتْ دَيْنَ السَّلَمِ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ، وَخَرَجَ بِالنُّجُومِ دَيْنُ الْمُعَامَلَةِ عَلَى الْمُكَاتَبِ لِلسَّيِّدِ، فَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ وَعَلَيْهِ وَإِنْ سَقَطَ بِالتَّعْجِيزِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهَا) فَلَوْ عُلِمَتْ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ بِهَا، وَعَلَيْهَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَسَيَأْتِي فِي الدِّيَاتِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ تَسَاوِيهِمَا) أَيْ فِي الْوَاقِعِ وَعِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ زَادَ دَيْنُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَيَصِحُّ أَنْ يُحِيلَ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ عَشْرَةٌ بِخَمْسَةٍ مِنْهَا وَعَكْسُهُ، وَلَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ ضَامِنٌ أَوْ أَكْثَرُ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ، وَعَلَى جَمِيعِهِمْ، وَلَوْ مَعًا وَيُطَالِبُ الْمُحْتَالُ كُلًّا مِنْهُمْ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ أَوْ بِبَعْضِهِ، وَلَوْ بِشَرْطِ ذَلِكَ، وَإِذَا أَحَالَ عَلَى الْأَصِيلِ بَرِئَ الضَّامِنُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَبْرَأُ الْأَصِيلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْقَبْضِ وَعَلَى الْأَوَّلِ، لَوْ كَانَ لَهُ أَلْفٌ عَلَى شَخْصٍ بِهَا ضَامِنٌ، فَأَحَالَ عَلَى الضَّامِنِ بِأَلْفٍ هَلْ لَهُ أَنْ يُحِيلَ عَلَى الْأَصِيلِ بِأَلْفٍ أُخْرَى رَاجِعْهُ. فَرْعٌ يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّهُ يَصِيرُ مَالُهُ عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو مَثَلًا. وَيَحْكُمُ بِذَلِكَ حَاكِمٌ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ الْحَوَالَةَ صَحَّ، وَيُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهَا، فَإِنْ أُرِيدَ خِلَافُهَا أَوْ عَلِمَ خِلَافَهَا لَمْ يَصِحَّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا حُلُولًا وَأَجَلًا) نَعَمْ لَوْ أَوْصَى بِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ بِدَيْنِهِ مُدَّةً، أَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَ مَدِينَهُ بِدَيْنِهِ مُدَّةً، وَقُلْنَا بِصِحَّةِ النَّذْرِ بِأَنْ كَانَ مَرْغُوبًا فِيهِ لِمَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِالْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَعَكْسُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ أَجَلًا وَإِنَّمَا هُوَ دَيْنٌ حَالٌّ امْتَنَعَتْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ لِعَارِضٍ، فَلَوْ زَادَ فِي نَذْرِهِ، وَإِنَّهُ لَا يُحِيلُ بِهِ فَنَقَلَ الْعَلَّامَةُ سم عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، أَنَّهُ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ مَعَ الْإِثْمِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَصِحَّةً وَكَسْرًا) وَكَذَا كُلُّ صِفَةٍ يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ، وَهَلْ مِنْهَا   [حاشية عميرة] هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ أَحَلْتُكَ، إذْنًا مُجَرَّدًا فِي الضَّمَانِ، وَقَبُولُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ ضَمَانُهُ، وَقَبُولُ الْمُحْتَالِ مَعْنَاهُ قَبُولُ الضَّمَانِ، فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَا الْمَضْمُونِ لَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَمْ يُشْتَرَطْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ) هُوَ صَادِقٌ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ فَكَأَنَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَسْقَطَ ذَلِكَ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (صِحَّتِهِمَا) وَجْهُ ذَلِكَ فِي الْحَوَالَةِ عَلَى الْمُكَاتَبِ النَّظَرُ إلَى كَوْنِهَا اسْتِيفَاءً، وَقَوْلُهُ، وَالثَّالِثُ عَدَمُ صِحَّتِهِمَا وَجْهُهُ فِي الْحَوَالَةِ مِنْ الْمُكَاتَبِ التَّفْرِيعُ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ، وَإِنَّ الِاعْتِيَاضَ عَنْ النُّجُومِ مُمْتَنِعٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمَجْهُولَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا اسْتِيفَاؤُهُ. قَوْلُ: الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ تَصِحُّ بِإِبِلِ الدِّيَةِ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْهَا، وَالْأَصَحُّ امْتِنَاعُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ تَسَاوِيهِمَا) أَيْ سَوَاءٌ جُعِلَتْ بَيْعًا أَمْ اسْتِيفَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ فِضَّةً، وَيُقَدَّرُ قَرْضُهَا ذَهَبًا وَأَمَّا عَلَى الْبَيْعِ، فَلِأَنَّهَا إرْفَاقٌ كَالْقَرْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَسْرًا فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لِلْوَصْفِ بِالْقَدْرِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 بِالْمُؤَجَّلِ عَلَى الْحَالِّ؛ لِأَنَّ لِلْمُحِيلِ أَنْ يُعَجِّلَ مَا عَلَيْهِ، وَبِالْمُكَسَّرِ عَلَى الصَّحِيحِ وَيَكُونُ الْمُحِيلُ مُتَبَرِّعًا بِصِفَةِ الصِّحَّةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ تَأْجِيلَ الْحَالِّ لَا يَصِحُّ وَتَرْكَ صِفَةِ الصِّحَّةِ لِيُحِيلَهُ رِشْوَةٌ. . (وَيَبْرَأُ بِالْحَوَالَةِ الْمُحِيلُ عَنْ دَيْنِ الْمُحْتَالِ، وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ عَنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ، وَيَتَحَوَّلُ حَقُّ الْمُحْتَالِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ) أَيْ يَصِيرُ فِي ذِمَّتِهِ سَوَاءٌ قُلْنَا الْحَوَالَةُ بَيْعٌ أَمْ اسْتِيفَاءٌ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) أَخْذُهُ (بِفَلْسٍ أَوْ جَحْدٍ وَحَلَفَ وَنَحْوُهُمَا) كَمَوْتٍ (لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُحِيلِ) كَمَا لَوْ أَخَذَ عِوَضًا عَنْ الدَّيْنِ، وَتَلِفَ فِي يَدِهِ (فَلَوْ كَانَ مُفْلِسًا عِنْدَ الْحَوَالَةِ وَجَهِلَهُ الْمُحْتَالُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ) كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا هُوَ مَغْبُونٌ فِيهِ (وَقِيلَ: لَهُ الرُّجُوعُ إنْ شَرَطَ يَسَارَهُ) لَا خِلَافَ الشَّرْطِ وَالْأَوَّلُ يَقُولُ: هَذَا الشَّرْطُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَهُوَ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الْفَحْصِ (وَلَوْ أَحَالَ الْمُشْتَرِي) الْبَائِعَ (بِالثَّمَنِ فَرَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ بَطَلَتْ فِي الْأَظْهَرِ) لِارْتِفَاعِ الثَّمَنِ بِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ،   [حاشية قليوبي] اخْتِلَافُ الْقُرُوشِ بِرِيَالٍ، وَكِلَابٍ أَوْ أَرْبَاعٍ، وَأَنْصَافٍ وَكَوَامِلَ وَنَحْوِ ذَلِكَ، أَوْ الْفِضِّيَّةِ ذَاتِ الْعَدَدِ وَالْقُرُوشِ وَالْأَثْلَاثِ فَرَاجِعْهُ، وَتَتَّجِهُ الصِّحَّةُ فِي نَحْوِ الْأَنْصَافِ وَالْأَرْبَاعِ وَالْأَثْلَاثِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، وَعَلَى الْكَوَامِلِ وَعَكْسِهِ حَيْثُ اتَّحَدَ النَّوْعُ دُونَ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مِنْهَا رَهْنٌ وَكَفِيلٌ، فَلَوْ كَانَ بِأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ ذَلِكَ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَلَا تَنْتَقِلُ الْوَثِيقَةُ بَلْ تَسْقُطُ بِخِلَافِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ، وَلَوْ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ كَالْإِقَالَةِ فِيهَا إذَا قُلْنَا بِهَا عَلَى الْمَرْجُوحِ، لَمْ يَعُدْ الرَّهْنُ وَالضَّمَانُ. نَعَمْ لَوْ أَحَالَ عَلَى الضَّامِنِ كَالْأَصِيلِ، لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الرَّهْنُ فَإِنْ كَانَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ، عِنْدَ الْمُحِيلِ فَشَرْطُ بَقَائِهِ صَحِيحٌ، أَوْ لِلْمُحِيلِ عِنْدَ الْمُحْتَالِ فَشَرْطُ بَقَائِهِ مُفْسِدٌ، كَذَا تَحَرَّرَ مَعَ شَيْخِنَا، وَلَوْ شَرَطَ عَاقِدُ الْحَوَالَةِ رَهْنًا أَوْ ضَامِنًا مِنْ الْمُحِيلِ لِلْمُحْتَالِ لَمْ تَصِحَّ الْحَوَالَةُ، أَوْ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحْتَالِ صَحَّتْ، وَيَلْغُو الشَّرْطُ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَصِيرُ إلَخْ) إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّحَوُّلِ الصَّيْرُورَةُ؛ لِأَنَّ الْمُتَغَيِّرَ مَحَلُّ الدَّيْنِ لَا نَفْسُهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِفَلْسٍ) وَمِثْلُهُ الرِّقُّ بِأَنْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَبْدًا لِغَيْرِهِ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، قَالَهُ شَيْخُنَا كَغَيْرِهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ لِلْمُحِيلِ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ بِنَحْوِ مُعَامَلَةٍ، فَأَحَالَهُ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ بِهِ فَإِنْ بَانَ أَنَّهُ عَبْدُهُ لَمْ تَصِحَّ الْحَوَالَةُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ بِمُعَامَلَةٍ لِسُقُوطِهِ عَنْهُ بِمِلْكِهِ لَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ جَحَدَ) أَيْ لِلْحَوَالَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ فِي إنْكَارِهَا أَوْ لِدَيْنِ الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْمُحْتَالِ مُتَضَمِّنٌ لِاسْتِجْمَاعِ شُرُوطِ الصِّحَّةِ، نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُحِيلِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بَرَاءَةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِوَفَاءِ الدَّيْنَ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ، وَتَصِحُّ شَهَادَةُ الْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَرْجِعْ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ بَلْ لَوْ شَرَطَ الرُّجُوعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ. قَوْلُهُ: (فَلَا رُجُوعَ) نَعَمْ لَوْ احْتَالَ لِمَحْجُورِهِ جَاهِلًا بِالْإِعْسَارِ تَبَيَّنَ فَسَادُهَا كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (بِعَيْبٍ) أَيْ مَثَلًا فَالتَّحَالُفُ وَالْإِقَالَةُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا اسْتِيفَاءٌ وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، فَعُلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوهَا اسْتِيفَاءً مُطْلَقًا وَلَا بَيْعًا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَصَرِيحُ هَذَا التَّعْبِيرِ، أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ هُنَا إلَى آخِرِ الْبَابِ مِنْ تَخْرِيجِ الْمُزَنِيّ، فَالصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِالْأَصَحِّ أَوْ الْمَذْهَبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: صَحَّ نَظَرًا لِلتَّخْرِيجِ، وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ تَرَتَّبْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (لِارْتِفَاعِ الثَّمَنِ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ لَوْ أَحَالَ عَلَى الضَّامِنِ وَالْأَصِيلِ مَعًا صَحَّ، وَطَالَبَ كُلًّا مِنْهُمَا، أَوْ عَلَى الْأَصِيلِ بَرِئَ الضَّامِنُ ذَكَرَ ذَلِكَ مَعَ غَيْرِهِ فِي قِطْعَةِ السُّبْكِيّ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي تَصِحُّ بِالْمُؤَجَّلِ إلَخْ) مُحَصَّلُهُ أَنَّ النَّفْعَ إنْ عَادَ عَلَى الْمُحْتَالِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ قُلْنَا إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ اعْتَرَضَ التَّعْبِيرَ بِالتَّحَوُّلِ عَلَى قَوْلِ الْبَيْعِ، مِنْ حَيْثُ إنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ بِحَالِهِ، وَإِنَّمَا تَحَوَّلَ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ وَقَضِيَّةُ الْبَيْعِ خِلَافُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (كَمَوْتٍ) أَيْ وَامْتِنَاعِ تَرِكَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَطَلَتْ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا اسْتِيفَاءٌ؛ لِأَنَّهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ نَوْعُ ارْتِفَاقٍ وَمُسَامَحَةٍ، فَإِذَا بَطَلَ الْأَصْلُ بَطَلَ هَيْئَةُ الِارْتِفَاعِ التَّابِعَةِ كَمَا لَوْ دَفَعَ عَنْ الثَّمَنِ الْمُكَسَّرِ صَحِيحًا، ثُمَّ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ، فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ الصِّحَاحَ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ تَقْدِيرَ الْقَرْضِ فِي الِاسْتِيفَاء غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ تَفْرِيعًا عَلَيْهِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا اعْتِيَاضٌ كَمَا لَوْ اسْتَبْدَلَ عَنْ الثَّمَنِ ثَوْبًا إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ. وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ تَارَةً يُغَلِّبُونَ فِيهَا جَانِبَ الِاسْتِيفَاءِ، وَتَارَةً يُغَلِّبُونَ فِيهَا جَانِبَ الْمُعَاوَضَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ) عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ كَمَنْ اسْتَبْدَلَ عَنْ الثَّمَنِ ثَوْبًا فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِرَدِّ الْمَبِيعِ، وَيَرْجِعُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَسَوَاءٌ فِي الْخِلَافَةِ كَأَنْ رَدَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ قَبْضِهِ أَمْ قَبْلَهُ، وَبَعْدَ قَبْضِ الْمُحْتَالِ الثَّمَنَ أَمْ قَبْلَهُ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ الرَّدُّ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ بَطَلَتْ قَطْعًا. وَقِيلَ: إنْ كَانَ بَعْدَ قَبْضِ الْمُحْتَالِ لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا (أَوْ) أَحَالَ (الْبَائِعُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (بِالثَّمَنِ، فَوُجِدَ الرَّدُّ) لِلْمَبِيعِ بِعَيْبٍ (لَمْ تَبْطُلْ عَلَى الْمَذْهَبِ) ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِتَعَلُّقِ الْحَقِّ هُنَا بِثَالِثٍ وَسَوَاءٌ عَلَيْهِ قَبَضَ الْمُحْتَالُ الْمَالَ أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَإِلَّا فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ أَوْ لَا يَرْجِعُ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي. (وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا وَأَحَالَ بِثَمَنِهِ) عَلَى الْمُشْتَرِي (ثُمَّ اتَّفَقَ الْمُتَبَايِعَانِ، وَالْمُحْتَالُ عَلَى حُرِّيَّتِهِ أَوْ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ حِسْبَةً أَوْ يُقِيمُهَا الْعَبْدُ (بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ) لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ، فَيَرُدُّ الْمُحْتَالُ مَا أَخَذَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَبْقَى حَقُّهُ كَمَا كَانَ (وَإِنْ كَذَّبَهُمَا الْمُحْتَالُ) فِي الْحُرِّيَّةِ (وَلَا بَيِّنَةَ) بِهَا (حَلَّفَاهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِهَا (ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِهِ (يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ الْمُشْتَرِي) وَهَلْ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَلَمَنِي الْمُحْتَالُ بِمَا أَخَذَهُ، وَالْمَظْلُومُ لَا يُطَالِبُ غَيْرَ ظَالِمِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ بِالثَّانِي وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَابْنُ كَجٍّ وَأَبُو عَلِيٍّ بِالْأَوَّلِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَعَلَى هَذَا هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الدَّفْعِ إلَى الْمُحْتَالِ، فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ. (وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ) لِلْمُسْتَحِقِّ (وَكَّلْتُكَ لِتَقْبِضَ   [حاشية قليوبي] إلَخْ) فَيَرُدُّ الْبَائِعُ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ بَدَلَهُ إنْ تَلِفَ لِإِذْنِهِ فِي قَبْضِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ قَبْضُهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ) كَمَا فِي الصَّدَاقِ لَوْ أَحَالَهَا بِهِ ثُمَّ انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الصَّدَاقَ أَثْبَتُ بِدَلِيلِ رُجُوعِهِ فِي الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَبْطُلْ) نَعَمْ إنْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَطَلَتْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ) لَعَلَّهُ رَاعَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَصَوَابُ الْعِبَارَةِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَفَرْقٌ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْبَائِعَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَوْ أَحَالَ عَلَى مَنْ أُحِيلَ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْله: (ثُمَّ اتَّفَقَ إلَخْ) أَشَارَ بِثُمَّ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ اتِّفَاقُهُمْ قَبْلَ الْبَيْعِ لَمْ تَصِحَّ الْإِقَامَةُ مِنْ الْعَبْدِ، وَلَا حِسْبَةً كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ يُقِيمُهَا الْعَبْدُ) أَوْ يُقِيمُهَا أَحَدُ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا. نَعَمْ إنْ اعْتَرَفَ الْعَبْدُ قَبْلَهَا بِالرِّقِّ أَوْ صَرَّحَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهَا بِالْمِلْكِ، لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُمْ، وَلَا دَعْوَاهُمْ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا كَشَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَنَقَلَ عَنْهُ سَمَاعَهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَقَلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ إنْ ذَكَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ تَأْوِيلًا فِي إقْرَارِهِ، سُمِعَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ شَيْخِنَا الْمَذْكُورِ، وَمَحَلُّ قَبُولِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ أَوْ بَيِّنَةِ الْعَبْدِ إذَا كَذَّبَهُ الْمُحْتَالُ فِيهِمَا أَوْ كَذَّبَهُ مَعَ الْمُحِيلِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِعِتْقِهِ بِتَصْدِيقِ الْعَاقِدَيْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (حَلَّفَاهُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ تَحْلِيفُ الْمُحْتَالِ، أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْحُرِّيَّةَ، وَلَا يَتَوَقَّفُ طَلَبُ أَحَدِهِمَا الْحَلِفَ عَلَى طَلَبِ الْآخَرِ، وَإِذَا حَلَّفَهُ أَحَدُهُمَا امْتَنَعَ عَلَى الْآخَرِ أَنْ يُحَلِّفَهُ لِاتِّحَادِ الْخُصُومَةِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ حَلِفِهِ) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَبَطَلَتْ الْحَوَالَةُ. تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ الْمُحْتَالُ: لَمْ تَكُنْ الْحَوَالَةُ بِالثَّمَنِ صُدِّقَ، وَلَمْ تَبْطُلْ أَوْ قَالَ الْبَائِعُ كَذَلِكَ بَلْ بِدَيْنٍ آخَرَ؛ فَإِنْ أَنْكَرَهُ الْمُشْتَرِي صُدِّقَ أَوْ صَدَّقَهُ عَلَيْهِ، وَأَنْكَرَ الْحَوَالَةَ لَمْ يُعْتَبَرْ بِقَوْلِهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْأَوَّلُ الْقَائِلُ بِرُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ الْمُحِيلِ، هُوَ الْقَوْلُ الْأَظْهَرُ أَيْ الرَّاجِحُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فِيهِ الْوَجْهَانِ) وَالْأَصَحُّ مِنْهُمَا لَا رُجُوعَ لَهُ إلَّا بَعْدَ الدَّفْعِ. قَوْلُهُ: (الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ) وَهُوَ   [حاشية عميرة] قَدْ قَبَضَ، فَيُطَالِبُهُ الْمُشْتَرِي وَلِلْبَائِعِ إمْسَاكُ مَا أَخَذَهُ وَدَفْعُ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ قَبَضَ فَلَا يُطَالِبُهُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِحَالٍ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ تَخْرِيجِ الْمُزَنِيّ عَلَى قَوَاعِدِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (تَشْهَدُ حِسْبَةٌ) اُسْتُشْكِلَ مَنْعُ سَمَاعِهَا مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ، بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ الْعِتْقُ حِسْبَةً، وَإِنْ بِطَلَبِ إقَامَتِهَا مِنْ جِهَتِهِمَا، كَمَا لَوْ شَهِدَتْ حِسْبَةٌ فَإِنَّ حَقَّهُمَا يَثْبُتُ تَبَعًا. قَوْلُهُ: (أَوْ يُقِيمَهَا الْعَبْدُ) إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُقِرًّا وَلَمْ يَخْرُجْ الْعَبْدُ عَنْ مِلْكِهِ، فَلَا وَجْهَ لِسَمَاعِهَا مِنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ بِتَوَافُقِ الْمُتَبَايِعَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى تَصْدِيقِ الْمُحْتَالِ، فَلَعَلَّ صُورَتَهَا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ قَدْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ لِثَالِثٍ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ مُصَدِّقٍ. قَوْلُهُ: (لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ) وَهَكَذَا كُلُّ مَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ. أَقُولُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهَا أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى الدَّفْعَ قَبْلَهَا، وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ، وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ الدَّيْنَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِهِ، كَانَ لِلْمُحْتَالِ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُحِيلَ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ ذَلِكَ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ أَهْلِ الْيَمَنِ أَفْتَى فِي الْأُولَى بِالرُّجُوعِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 لِي وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ: أَحَلْتَنِي أَوْ قَالَ) الْأَوَّلُ (أَرَدْتَ بِقَوْلِي أَحَلْتُكَ الْوَكَالَةَ وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ: بَلْ أَرَدْت الْحَوَالَةَ صُدِّقَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْحَقَّيْنِ (وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَجْهٌ) بِتَصْدِيقِ الْمُسْتَحِقّ بِيَمِينِهِ لِشَهَادَةِ لَفْظِ الْحَوَالَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافُ إذَا قَالَ: أَحَلْتُكَ بِمِائَةٍ مَثَلًا عَلَى عَمْرٍو فَإِنْ قَالَ بِالْمِائَةِ الَّتِي لَكَ عَلَيَّ عَلَى عَمْرٍو، فَالْمُصَدَّقُ الْمُسْتَحَقُّ قَطْعًا؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُحْتَمَلُ إلَّا حَقِيقَةَ الْحَوَالَةِ، وَإِذَا حَلَفَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ انْدَفَعَتْ الْحَوَالَةُ، وَبِإِنْكَارِ الْآخَرِ الْوَكَالَةَ انْعَزَلَ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضٌ، وَإِنْ كَانَ قَبَضَ الْمَالَ قَبْلَ الْحَلِفِ بَرِئَ الدَّافِعُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ أَوْ مُحْتَالٌ، وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ لِلْحَالِفِ وَحَقُّهُ عَلَيْهِ بَاقٍ (وَإِنْ قَالَ) الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ: (أَحَلْتُكَ فَقَالَ) الْمُسْتَحِقُّ: (وَكَّلْتَنِي صُدِّقَ الثَّانِي بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ، وَكَذَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إذَا قَالَ عَنْ الْآخَرِ: إنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَحَلْتُكَ الْوَكَالَةَ. وَقِيلَ الْمُصَدَّقُ الْآخَرُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَيَظْهَرُ أَثَرُ النِّزَاعِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عِنْدَ إفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ فِيهِمَا انْدَفَعَتْ الْحَوَالَةُ، وَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ الْآخَرِ، وَيَرْجِعُ بِهِ الْآخَرُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ ابْنُ كَجٍّ. . بَابُ الضَّمَانِ وَيُذْكَرُ مَعَهُ الْكَفَالَةُ: هُوَ الْتِزَامُ مَا فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ مِنْ الْمَالِ، وَيَتَحَقَّقُ بِالضَّامِنِ وَالْمَضْمُونِ لَهُ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا سَيَأْتِي. (شَرْطُ الضَّامِنِ) لِيَصِحَّ ضَمَانُهُ (الرُّشْدُ) وَهُوَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَجْرِ صَلَاحُ الدِّينِ وَالْمَالِ، وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ بِدُونِ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ،   [حاشية قليوبي] الْمُحِيلُ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَهُوَ الْمُحْتَالُ وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا بِهَذَا اللَّفْظِ لِإِنْكَارِ الْحَوَالَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ) وَلِأَنَّهُ الْمُصَدَّقُ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَكَذَا فِي صِفَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْحَقَّيْنِ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ هُوَ كَيْفَ صَحَّ صَرْفُ الصَّرِيحِ الْمُخَالِفِ لِقَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ، لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ إذْ لَفْظُ الْحَوَالَةِ صَرِيحٌ فِي بَابِهَا، وَلَفْظُ الْوَكَالَةِ صَرِيحٌ كَذَلِكَ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ بَقَاءَ الْحَقَّيْنِ، احْتَجْنَا إلَى الْمُسَامَحَةِ هُنَا بِصَرْفِ الصَّرِيحِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَ بِالْمِائَةِ الَّتِي لَكَ عَلَى فُلَانٍ فَالْمُصَدَّقُ الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ الْمُحْتَالُ قَطْعًا. قَالَ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: أَحَلْتُكَ بِحَقِّك عَلَى فُلَانٍ، أَوْ نَقَلْت حَقَّكَ إلَى ذِمَّةِ فُلَانٍ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ التَّقَاصِّ أَوْ الظَّفَرِ لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهُ، وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فِي يَدِهِ سَقَطَ حَقُّهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَالٌ بِزَعْمِهِ وَلَيْسَ لِلْمَدِينِ أَنْ يُطَالِبَهُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِزَعْمِهِ أَوْ بِتَفْرِيطِهِ ضَمِنَ، وَلَا يُطَالَبُ لِسُقُوطِ حَقِّهِ بِزَعْمِهِ الْحَوَالَةَ. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ إلَخْ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الْأَصْلِ بَقَاءَ حَقِّهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) وَهُمَا الْأَخِيرَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا فِي الشَّرْحِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ إفْلَاسِ إلَخْ) وَكَذَا عِنْدَ دَعْوَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهُ قَبَضَ وَتَلِفَ عِنْدَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ. قَوْلُهُ (وَيَرْجِعُ بِهِ) أَيْ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. بَابُ الضَّمَانِ ذَكَرَهُ عَقِبَ الْحَوَالَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعَلُّقِ الْأَحْكَامِ بِالدُّيُونِ، وَمِنْ تَحَوُّلِ حَقٍّ إلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى، وَمِنْ مُطَالَبَةٍ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ قَبْلَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ الْتَزَمَ مَالَ غَيْرِهِ فَقَدْ جَعَلَهُ فِي ذِمَّتِهِ، وَكُلُّ شَيْءٍ جَعَلْتَهُ فِي شَيْءٍ فَقَدْ ضَمِنْتَهُ إيَّاهُ فَهُوَ مِنْ الضِّمْنِ، لَا مِنْ ضَمِّ ذِمَّةٍ إلَى أُخْرَى كَمَا تَوَهَّمَ؛ لِأَنَّ أَصَالَةَ النُّونِ تَمْنَعُ ذَلِكَ، وَهُوَ لُغَةً: الِالْتِزَامُ وَشَرْعًا: بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَحَقُّهُ عَلَيْهِ بَاقٍ) ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِجَحْدِهِ الْحَوَالَةَ وَحَلِفِهِ. [بَابُ الضَّمَانِ] ِ قَوْلُ الْمَتْنِ (شَرْطُ الضَّامِنِ الرُّشْدُ) يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُكْرَهُ وَالْمُكَاتَبُ وَالسَّكْرَانُ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ، فَإِنْ قِيلَ هَذَا عَارِضٌ يَزُولُ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ أَنْ يَكُونَ صَحِيحَ الْعِبَارَةِ رَشِيدًا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ اهـ. (وَضَمَانُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِفَلْسٍ كَشِرَائِهِ) أَيْ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ (وَضَمَانُ عَبْدٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ بَاطِلٌ فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى السَّيِّدِ فِيهِ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ (وَيَصِحُّ بِإِذْنِهِ فَإِنْ عَيَّنَ لِلْأَدَاءِ كَسْبَهُ أَوْ غَيْرَهُ) . كَالْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ الْمَأْذُونِ (قَضَى مِنْهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ بِأَنْ لَمْ   [حاشية قليوبي] لِلْكَفَالَةِ، يُقَالُ: عَلَى الْتِزَامِ دَيْنٍ أَوْ إحْضَارِ عَيْنٍ أَوْ بَدَنٍ، وَيُقَالُ: عَلَى الْعَقْدِ الْمُحَصِّلِ لِذَلِكَ وَهُوَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ وَلَوْ مَعَ قَصْدِ الرُّجُوعِ، خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ وَهُوَ مَنْدُوبٌ لِقَادِرٍ وَاثِقٍ بِنَفْسِهِ أَمِنَ غَائِلَتَهُ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَأَوَّلُهُ شَهَامَةٌ أَيْ شِدَّةُ حَمَاقَةٍ، وَأَوْسَطُهُ نَدَامَةٌ وَآخِرُهُ غَرَامَةٌ وَلِذَلِكَ قِيلَ نَظْمًا: ضَادُ الضَّمَانِ بِصَادِ الصَّكِّ مُتَّصِلٌ ... فَإِنْ ضَمِنْت فَجَاءَ الْحَبْسُ فِي الْوَسَطِ قَوْلُهُ: (هُوَ) أَيْ الضَّمَانُ بِالْمَعْنَى الْخَاصِّ بِهِ شَرْعًا الْتِزَامٌ إلَخْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ثَمَّ إنَّ الِالْتِزَامَ إمَّا فِي الذِّمَّةِ فَقَطْ، وَهُوَ الْأَغْلَبُ وَالْأَكْثَرُ أَوْ فِي الْعَيْنِ كَضَمِنْتُ مَالَكَ عَلَيْهِ فِي رَقَبَةِ عَبْدِي هَذَا، أَوْ فِي الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ مَعًا، كَضَمِنْتُ مَالَكَ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِي وَفِي رَقَبَةِ عَبْدِي هَذَا. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِمَا) وَهُوَ الْمَضْمُونُ وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ وَالصِّيغَةُ فَأَرْكَانُهُ خَمْسَةٌ. قَوْلُهُ: (شَرْطُ الضَّامِنِ) وَيُقَالُ لَهُ الضَّمِينُ وَالزَّعِيمُ وَالْحَمِيلُ وَالْكَفِيلُ، وَالصَّبِيرُ وَالْقَبِيلُ، وَقِيلَ الْأَوَّلَانِ لِلْمَالِ مُطْلَقًا وَالزَّعِيمُ لِلْمَالِ الْعَظِيمِ، وَالْحَمِيلُ لِلدِّيَةِ وَالْكَفِيلُ لِلنَّفْسِ، أَوْ الْعَيْنِ وَالْقَبِيلُ وَالصَّبِيرُ لِلْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) لَوْ فَسَّرَهُ بِعَدَمِ الْحَجْرِ كَانَ أَوْلَى لِيَخْرُجَ مَنْ بَلَغَ غَيْرَ مُصْلِحٍ وَيَدْخُلَ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ وَالسَّكْرَانُ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) وَاكْتَفَى الْمُصَنِّفُ بِالرُّشْدِ اللَّازِمِ لَهُ صِحَّةُ الْعِبَارَةِ، وَالْمُرَادُ بِصِحَّتِهَا تَرَتُّبُ الْأَحْكَامِ عَلَيْهَا فَيَدْخُلُ السَّكْرَانُ وَيَخْرُجُ نَحْوُ النَّائِمِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الصَّبِيِّ إلَخْ) وَلَوْ بِإِذْنِ أَوْلِيَائِهِمْ وَلَوْ ادَّعَى وَاحِدٌ مِنْهُمْ ذَلِكَ بَعْدَ الضَّمَانِ صُدِّقَ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا، وَعِنْدَ نَحْوِ الْجُنُونِ وَمِثْلُهُ دَعْوَى، السُّكْرِ وَدَعْوَى التَّعَدِّي فِيهِ، وَعَدَمُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ) قِيلَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إنْ أُرِيدَ ضَمَانُهُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ مُضِرٌّ، إنْ أُرِيدَ ضَمَانُهُ مُطْلَقًا فَالْأَوْلَى أَوْ الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ فَتَأَمَّلْ. وَأَمَّا ضَمَانُ الْمَرِيضِ فَلَا يَصِحُّ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ، وَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ بَعْدَ الضَّمَانِ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِمَا إذَا قَضَى دَيْنَهُ بِمَالِهِ، وَإِلَّا بِأَنْ حَدَثَ لَهُ مَالٌ أَوْ بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ بَعْضِهِ بِغَيْرِ الْأَدَاءِ أَوْ بِأَدَاءِ غَيْرِهِ عَنْهُ تَبَرُّعًا، فَتَتَبَيَّنُ صِحَّتُهُ فَرَاجِعْهُ وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُكْرَهِ، وَلَوْ بِإِكْرَاهِ سَيِّدِهِ، وَفَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ بِإِكْرَاهِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَيَعُودُ ضَرَرُهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَضَمَانُ عَبْدٍ) وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمَوْقُوفًا وَمُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ، وَلَوْ مُدَّةً بَاطِلٌ وَفَارَقَ صِحَّةَ خُلْعِ الْأَمَةِ لِحَاجَتِهَا إلَيْهِ، نَعَمْ إنْ ضَمِنَ سَيِّدُهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِهِ، قَالَهُ الْخَطِيبُ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ، وَاعْتُبِرَ إذْنُ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إنْ قُلْنَا: يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ الْعَبْدُ أَجْنَبِيًّا لِسَيِّدِهِ، وَلَوْ بِالْإِذْنِ وَيَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا وَلَوْ مُكَاتَبًا، وَفِي دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ، وَلَا رُجُوعَ لِمَنْ أَدَّى مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَّا إنْ أَدَّى الْعَبْدُ بَعْدَ عِتْقِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ بِإِذْنِهِ) أَيْ السَّيِّدِ وَإِنْ تَعَدَّدَ فَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً فَقِيَاسُ مَا فِي الْمُبَعَّضِ اعْتِبَارُ إذْنِ صَاحِبِهَا فَرَاجِعْهُ، وَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى   [حاشية عميرة] لَا يُنَافِي الرُّشْدَ أُجِيبَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ أَنْ يَقُولَ بِرُشْدِ النَّائِمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَمَنْ سَكِرَ بِعُذْرٍ فَيَلْزَمُ صِحَّةُ ضَمَانِهِمْ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَنْ سَفِهَ بَعْدَ رُشْدٍ، وَعِبَارَةُ الْغَزَالِيِّ يُشْتَرَطُ صِحَّةُ الْعِبَارَةِ، وَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ وَهِيَ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ وَالْكِتَابِ جَمِيعًا كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنْ أَوْرَدَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهَا الْأَخْرَسَ الَّذِي لَهُ إشَارَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَضَمَانُ عَبْدٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ فَكَانَ كَالنِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (إذْ لَا ضَرَرَ) أَيْ وَكَمَا لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالٍ وَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ تَخْصِيصَ هَذَا الْوَجْهِ بِغَيْرِ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ، ثُمَّ نَقُولُ: إنَّ خُلْعَ الْأَمَةِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا صَحِيحٌ، وَيَثْبُتُ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهَا، وَفَارَقَ الضَّمَانَ لِحَاجَتِهَا إلَى الْخُلْعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَصِحُّ بِإِذْنِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ عَلَّقْنَا ذَلِكَ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِ السَّيِّدِ اُشْتُرِطَ مَعْرِفَةُ السَّيِّدِ لِمِقْدَارِ الدَّيْنِ، وَإِنْ قَصَرْنَاهُ عَلَى ذِمَّةِ الْعَبْدِ فَلَا، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ يَصِحُّ يُفِيدَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَلْزَمُهُ فِعْلُ الضَّمَانِ، وَإِنْ أَمَرَهُ السَّيِّدُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا احْتِكَامَ لِلسَّادَاتِ عَلَى ذِمَمِ الْعَبِيدِ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ قَضَى مِنْهُ أَيْ وَمَا فَضَلَ يَبْقَى فِي الذِّمَّةِ، وَلَا يَرْتَبِطُ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ الْأَكْسَابِ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يَقْصُرُ الطَّمَعَ عَلَى مَا عُيِّنَ، وَخَالَفَ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ هُوَ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ لِلْمَسْأَلَةِ. وَقَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ عَيَّنَ لِلْأَدَاءِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ: أَضْمَنُ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ مِنْ كَذَا. أَمَّا لَوْ قَالَ: أَضْمَنُ كَذَا فَلَا يَصِحُّ خِلَافًا لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّ تَعْيِينَ جِهَةِ الْأَدَاءِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 يَذْكُرْ الْأَدَاءَ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ تَعَلَّقَ) أَيْ غَرِمَ الضَّمَانَ (بِمَا فِي يَدِهِ) وَقْتَ الْإِذْنِ فِيهِ مِنْ رَأْسِ مَالٍ وَرِبْحٍ (وَمَا يَكْسِبُهُ بَعْدَ الْإِذْنِ) فِيهِ كَاحْتِطَابِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ (فِيمَا) أَيْ فَيَتَعَلَّقُ غُرْمُ الضَّمَانِ بِمَا (يَكْسِبُهُ) بَعْدَ الْإِذْنِ فَقَطْ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فِي الْقِسْمَيْنِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالثَّالِثُ فِي الْأَوَّلِ يَتَعَلَّقُ بِمَا يَكْسِبُهُ بَعْدَ الْإِذْنِ فَقَطْ، وَالرَّابِعُ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَبِالرِّبْحِ الْحَاصِلِ فِي يَدِهِ فَقَطْ، وَالثَّالِثُ فِي الثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ مَعْرِفَةِ الْمَضْمُونِ لَهُ) أَيْ إنَّ مَعْرِفَةَ الضَّامِنِ وَهُوَ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي اسْتِيفَائِهِ تَشْدِيدًا وَتَسْهِيلًا، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى أَنَّ الضَّامِنَ يُوَفِّي فَلَا يُبَالِي بِذَلِكَ، (وَ) الْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ وَرِضَاهُ) أَيْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَالثَّانِي يُشْتَرَطَانِ أَيْ الرِّضَا ثُمَّ الْقَبُولُ لَفْظًا وَالثَّالِثُ يُشْتَرَطُ الرِّضَا دُونَ الْقَبُولِ لَفْظًا، وَعَلَى اشْتِرَاطِهِ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الضَّمَانِ مَا بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ، (وَلَا   [حاشية قليوبي] الْعَبْدِ بِالْإِذْنِ وَلَوْ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَعْرِفَ السَّيِّدُ قَدْرَ الدَّيْنِ، وَالْمَضْمُونَ لَهُ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمَوْقُوفِ إذْنُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، إنْ انْحَصَرَ وَإِلَّا تَعَذَّرَ الْإِذْنُ فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِ نَاظِرِ الْوَقْفِ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ إذْنُ الْمُوصَى لَهُ فِي الْأَكْسَابِ الْمُعْتَادَةِ، وَإِذْنُ مَالِكِ الرَّقَبَةِ فِي النَّادِرَةِ، وَإِذَا عَتَقَ صَحَّ ضَمَانُهُ بِلَا إذْنٍ، بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمُبَعَّضُ فِي نَوْبَتِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ، وَفِي غَيْرِهَا كَالْقِنِّ وَالْمُكَاتَبُ كَالْقِنِّ، لَكِنْ يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ أَجْنَبِيًّا لِسَيِّدِهِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ. قَالَ شَيْخُنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا حَاجَةَ لِإِذْنِ سَيِّدِهِ إنْ كَانَ الضَّمَانُ بِإِذْنِ الْأَجْنَبِيِّ. قَالَ شَيْخُنَا: وَإِذَا عَجَزَ بَطَلَ الضَّمَانُ، وَتَوَزَّعَ فِيهِ وَالْوَجْهُ بَقَاؤُهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَيَّنَ) أَيْ حَالَ الْإِذْنِ لَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرَهُ) مِنْ الْغَيْرِ عَبْدٌ آخَرُ لِسَيِّدِهِ، أَذِنَ لَهُ أَنْ يُعَلِّقَ الضَّمَانَ بِرَقَبَتِهِ. قَوْلُهُ: (قَضَى مِنْهُ) فَإِنْ أَعْتَقَهُ انْقَطَعَ تَعَلُّقُهُ بِهِ وَانْتَقَلَ التَّعَلُّقُ إلَى ذِمَّةِ الْعَبْدِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَفِ مَا عَيَّنَهُ بِالدَّيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ الْأَدَاءُ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ مِنْ كَسْبِهِ بِلَا إذْنٍ. نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَدَاءِ مِنْ مُعَيَّنٍ لَمْ يَنْقَطِعْ التَّعَلُّقُ مِنْهُ بِعِتْقِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ) هُوَ صَادِقٌ بِالْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ فَقَطْ أَوْ فِيهِ، وَفِي الْأَدَاءِ مَعًا وَقَصْرُ الشَّارِحِ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا وَلَوْ أَبْقَاهُ عَلَى عُمُومِهِ، لَكَانَ أَوْلَى وَرُبَّمَا أَنْ يَكُونَ الْعُمُومُ عَنْ قَصْدٍ مِنْ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَرِبْحٍ) وَلَوْ سَابِقًا عَلَى وَقْتِ الْإِذْنِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ) وَلَوْ قَبْلَ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ ثَابِتٌ قَبْلَ الْإِذْنِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي مُؤَنِ النِّكَاحِ، حَيْثُ لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِالْكَسْبِ بَعْدَ وُجُوبِهَا، وَلَوْ انْتَفَى الْكَسْبُ وَالتِّجَارَةُ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ، فَإِنْ حَدَثَ لَهُ كَسْبٌ مَثَلًا فَيَنْبَغِي التَّعَلُّقُ بِهِ، وَمِثْلُهُ التِّجَارَةُ وَلَوْ انْتَقَلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ عَنْ اسْتِحْقَاقِ الْآذِنِ فِي الْوَقْفِ، أَوْ عَنْ مِلْكِ سَيِّدِهِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، بَقِيَ التَّعَلُّقُ بِكَسْبِهِ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ. فَرْعٌ لَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دُيُونُ مُعَامَلَةٍ سَابِقَةٍ عَلَى الضَّمَانِ، لَمْ يُؤَدِّ مِمَّا بِيَدِهِ لِلضَّمَانِ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ إلَّا مِمَّا فَضَلَ عَنْهَا. قَوْلُهُ: (مَعْرِفَةِ الْمَضْمُونِ لَهُ) أَيْ بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ عَيْنِهِ لَا بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ، وَوَكِيلُهُ وَلَوْ عَامًّا مِثْلُهُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يُوَكِّلُ غَالِبًا إلَّا مَنْ يُشْبِهُهُ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءِ بِهِ، وَلَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ وَلَوْ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ وَاحِدًا مِنْ وُكَلَاءَ فَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ. (أَيْ الرِّضَا ثُمَّ الْقَبُولُ) وَلَا يُتَصَوَّرُ عَكْسُهُ لِتَضَمُّنِ الْقَبُولِ لَهُ، وَلِذَلِكَ سَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ، دُونَ الرِّضَا وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِرَدِّهِ لَكِنْ لَهُ إبْرَاؤُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ رِضًا إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ أَيْضًا وَهُوَ مَا قَالَهُ حَجّ وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا وَنَقَلَ عَنْ   [حاشية عميرة] إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا وَقَعَ مُتَّصِلًا بِالْإِذْنِ. قَوْلُهُ (فِي يَدِ الْمَأْذُونِ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَمْوَالِ السَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (وَرَبِحَ) أَيْ وَلَوْ كَسَبَهُ قَبْلَ الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ، ثُمَّ اقْتِصَارُهُ عَلَيْهِمَا يُخْرِجُ مَا شَمِلَهُ الْمَتْنُ مِنْ كَسْبِ الْبَدَنِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الْإِذْنِ، وَهُوَ فِي يَدِهِ حَالَ الْإِذْنِ وَبِهِ فِي يَدِهِ حَالَ الْإِذْنِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَطْلَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَا يَكْسِبُهُ) وَلَوْ بِالتِّجَارَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْوَجْهُ الثَّانِي إلَخْ) هَذَا الْوَجْهُ صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي التَّنْبِيهِ، وَوَجْهُهُ إنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ فِي الضَّمَانِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْأَدَاءِ وَعَلَى الْأَوْجُهِ كُلِّهَا لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دُيُونٌ صَرَفَ لِلضَّمَانِ مَا فَضَلَ عَنْهَا، وَلَا يُزَاحِمُ سَوَاءٌ حَجَرَ عَلَيْهِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَخْ) وَأَيْضًا لَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِ الْمَيِّتِ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ التَّوَقُّفِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَرِضَاهُ) لِعَدَمِ التَّعَرُّضِ لِذَلِكَ فِي حَدِيثِ الْمَيِّتِ الَّذِي ضَمِنَهُ أَبُو قَتَادَةَ، وَحُجَّةُ الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى الرَّهْنِ بِجَامِعِ التَّوَقُّفِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ يُشْتَرَطُ الرِّضَا) ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ السَّلْطَنَةِ وَالْوِلَايَةِ لِلشَّخْصِ بِغَيْرِ رِضَاهُ بَعِيدٌ، وَعَلَى هَذَا فَيَكْفِي رِضَا الْوَكِيلِ، وَيَجُوزُ تَقَدُّمُ الرِّضَا عَلَى الضَّامِنِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيَجُوزُ رُجُوعُ الضَّامِنِ قَبْلَ الرِّضَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَضْمُونِ عَنْهُ قَطْعًا) وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (وَلَا مَعْرِفَتُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِيُعْرَفَ حَالُهُ وَأَنَّهُ هَلْ يَسْتَحِقُّ اصْطِنَاعَ الْمَعْرُوفِ إلَيْهِ. (وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَضْمُونِ) وَهُوَ الدَّيْنُ (كَوْنُهُ ثَابِتًا) فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ قَبْلَ ثُبُوتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لَهُ فَلَا يَسْبِقُهُ كَالشَّهَادَةِ وَهَذَا فِي الْجَدِيدِ، (وَصَحَّحَهُ فِي الْقَدِيمُ ضَمَانَ مَا سَيَجِبُ) كَأَنْ يَضْمَنَ الْمِائَةَ الَّتِي سَتَجِبُ بِبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَيْهِ (وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ ضَمَانِ الدَّرَكِ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا) وَرُدَّ (أَوْ نَاقِصًا لِنَقْصِ الصَّنْجَةِ) الَّتِي وُزِنَ بِهَا وَرُدَّ، وَهِيَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَوَجْهُ صِحَّتِهِ الْحَاجَةُ إلَيْهِ، وَفِي قَوْلٍ هُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ كَمَا ذُكِرَ تَبَيَّنَ وُجُوبُ رَدِّ الثَّمَنِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ، وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَا دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ   [حاشية قليوبي] شَيْخِنَا م ر أَنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ وَسَيَأْتِي اعْتِمَادُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ (وَهُوَ الدَّيْنُ) لَوْ قَالَ هُوَ الْحَقُّ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْمَنْفَعَةَ كَالْعَمَلِ الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ، وَالْعَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ رَاعَى الْوَصْفَ بِاللُّزُومِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِهِ ظَاهِرًا إلَّا الدُّيُونُ، وَقَدْ يُؤَوَّلُ بِلُزُومِ الْإِعْطَاءِ لِمُسْتَحِقِّهِ فَيَعُمُّ، وَهُوَ هُنَا أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَشَمَلَ الدَّيْنُ الزَّكَاةَ فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا لِمُسْتَحِقٍّ انْحَصَرَ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْأَدَاءِ لِأَجْلِ النِّيَّةِ وَكَالزَّكَاةِ الْكَفَّارَةُ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يَقْتَضِي صِحَّةَ ضَمَانِ الزَّكَاةِ عَنْ الْمَيِّتِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ وَيَصِحُّ ضَمَانُ عَيْنِ الزَّكَاةِ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَرْضٍ) نَحْوُ أَقْرِضْ زَيْدًا أَلْفًا وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَلَا يَصِحُّ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَشَمَلَ ثُبُوتَهُ مَا لَوْ كَانَ بِاعْتِرَافِ الضَّامِنِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَلِلْمَضْمُونِ لَهُ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ. فَرْعٌ لَوْ قَالَ اثْنَانِ ضَمِنَا مَالَكَ عَلَى زَيْدٍ فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِنِصْفِهِ، كَمَا لَوْ رَهَنَا عَبْدَهُمَا عَلَى أَلْفٍ لِغَيْرِهِمَا، قَالَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ. قَوْلُهُ: (وَصِحَّةُ ضَمَانِ الدَّرَكِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوُجُودِ الْغَرِيمِ فِيهِ، عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُسْتَحَقِّ عَيْنَ مَالِهِ، وَيُقَالُ لَهُ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ وَالدَّرَكُ لُغَةً الْمُطَالَبَةُ وَالتَّبِعَةُ بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَتُطْلَقُ عَلَى مَا ضَعُفَ وَلَمْ يُحْكَمْ وَعَلَى الرَّجْعَةِ وَالْعُهْدَةِ اسْمٌ لُغَةً لِلْوَثِيقَةِ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا الشَّيْءُ، فَتَسْمِيَةُ الْمَكْتُوبِ فِيهَا بِذَلِكَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْحَالِّ بِاسْمِ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ. لَوْ قَالَ: ضَمِنْت لَكَ خَلَاصَكَ مِنْهُ صَحَّ أَوْ قَالَ ضَمِنْت لَك خَلَاصَ الْمَبِيعِ إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَصِحَّ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ) لَا قَبْلَهُ وَلَا مَعَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ، كَمَا يَأْتِي وَالْمَبِيعُ كَالثَّمَنِ فَلَوْ عَبَّرَ بِالْعِوَضِ لِشَمِلَهُمَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْأُجْرَةُ وَالْمُؤَجَّرُ كَالثَّمَنِ، وَالْمَبِيعُ بِخِلَافِ نَحْوِ الرَّهْنِ. قَوْلُهُ (أَنْ يَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ) أَيْ جَمِيعَهُ إنْ خَرَجَ مُقَابِلُهُ مُسْتَحَقًّا جَمِيعَهُ أَوْ مَعِيبًا وَرُدَّ جَمِيعُهُ أَوْ بَعْضُهُ إنْ خَرَجَ بَعْضُهُ مُسْتَحَقًّا أَوْ رُدَّ بَعْضُهُ أَوْ لَمْ يَرُدَّ، وَلَكِنْ نَقَصَ كَمَا يَأْتِي وَذَلِكَ بِحَسَبِ صِيغَةِ ضَمَانِهِ، فَإِنْ قَالَ: ضَمِنْتُهُ إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَضْمَنْهُ إنْ خَرَجَ مَعِيبًا وَعَكْسُهُ أَوْ ضَمِنْت نَقْصَهُ لِصَنْجَةٍ لَمْ يَضْمَنْهُ لِعَيْبٍ، وَهَكَذَا فَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى خُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَضْمُونُ وَقْتَ ضَمَانِهِ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ، وَكَانَ بَاقِيًا ضَمِنَ عَيْنَهُ فَقَطْ، وَيُسَمَّى ضَمَانَ عَيْنٍ، فَإِنْ تَلِفَ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ وَقْتُ ضَمَانِهِ تَالِفًا لَزِمَهُ بَدَلُهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَعْدَ الْعَقْدِ، عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَزِمَهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ، وَلَوْ مِثْلِيًّا لِلْحَيْلُولَةِ، وَإِنْ تَلِفَ لَزِمَهُ بَدَلُهُ، وَيُسَمَّى فِي هَذَيْنِ ضَمَانُهُ ذِمَّةً وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ وَالْمُعَيَّنِ بَعْدَهُ، بُطْلَانُ الْبَيْعِ بِخُرُوجِ الْأَوَّلِ مُسْتَحَقًّا بِخِلَافِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَرُدَّ) لَيْسَ قَيْدًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِلْأَخْذِ بِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ ضَمَانِ جَمِيعِ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (لِنَقْصِ الصَّنْجَةِ) بِاللَّامِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْكَافِ فَيَشْمَلُ النَّوْعَ وَالصِّفَةَ. قَوْلُهُ: (وَأُجِيبَ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْخُرُوجِ   [حاشية عميرة] الْمَضْمُونِ لَهُ. وَيُعْتَبَرُ وُقُوعُ الرِّضَا قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ، وَاَلَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ جَوَازُ تَقَدُّمِهِ عَلَى الْقَبُولِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ فَهُوَ إجَازَةٌ إنْ جَوَّزْنَا وَقْفَ الْعُقُودِ عَلَى الْقَدِيمِ. قَوْلُهُ (وَعَلَى اشْتِرَاطِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلَى الْقَبُولِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ. قَوْلُهُ: (لِيَعْرِفَ) أَيْ هَلْ مِمَّنْ يُبَادِرُ إلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ أَمْ لَا، وَهَلْ هُوَ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ. [وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَضْمُونِ] قَوْلُهُ: (وَهُوَ الدَّيْنُ) خَالَفَهُ الْإِسْنَوِيُّ. وَادَّعَى أَنَّ الْعِبَارَةَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: قَوْلُهُ ثَابِتًا أَيْ حَقًّا ثَابِتًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي كُتُبِهِمَا، وَحِينَئِذٍ فَتَدْخُلُ الْأَعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ، وَالدُّيُونُ مَالًا أَوْ عَمَلًا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ. حَيْثُ قَالَ فِيهِ: دَيْنًا ثَابِتًا. نَعَمْ يَحْتَاجُ هُنَا إلَى قَيْدِ كَوْنِهِ قَابِلًا، لَأَنْ يَتَبَرَّعَ بِهِ لِيَخْرُجَ الْقِصَاصُ، وَحَدُّ الْقَذْفِ وَنَحْوُهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ إلَخْ) لَوْ قَالَ: ضَمِنْت لَكَ خَلَاصَكَ مِنْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ بِأَنْ لَا يُسَلِّمَ الثَّمَنَ إلَّا بَعْدَهُ، (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْمَضْمُونُ (لَازِمًا كَنُجُومِ كِتَابَةٍ) إذْ لِلْمُكَاتَبِ إسْقَاطُهَا بِالْفَسْخِ، فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا وَسَوَاءٌ فِي اللَّازِمِ الْمُسْتَقِرُّ وَغَيْرُهُ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَقَبْلَهُ، (وَيَصِحُّ ضَمَانُ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ الْآنَ. وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ تَصْحِيحَ الضَّمَانِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي الثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ، أَمَّا إذَا مَنَعَهُ فَهُوَ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ (وَضَمَانُ الْجُعْلِ) فِي الْجِعَالَةِ (كَالرَّهْنِ بِهِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ وَقِيلَ: يَجُوزُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ، وَأَمَّا بَعْدَ تَمَامِهِ فَيَجُوزُ قَطْعًا (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْمَضْمُونِ (مَعْلُومًا فِي الْجَدِيدِ) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمَجْهُولِ، وَصَحَّحَهُ الْقَدِيمُ بِشَرْطِ أَنْ تَأْتِيَ الْإِحَاطَةُ بِهِ كَضَمَانِ مَا لَكَ عَلَى فُلَانٍ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ مُتَيَسِّرَةٌ بِخِلَافِ ضَمِنْت شَيْئًا مِمَّا لَكَ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا. (وَالْإِبْرَاءُ مِنْ الْمَجْهُولِ بَاطِلٌ فِي الْجَدِيدِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكُ الْمَدِينِ مَا فِي ذِمَّتِهِ، فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا بِهِ، وَفِي الْقَدِيمِ   [حاشية قليوبي] مُسْتَحَقًّا إلَّا عَلَى الْقَوْلِ: بِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: (لَا كَنُجُومِ كِتَابَةٍ) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا، وَمِثْلُهَا دُيُونُ الْمُعَامَلَةِ الَّتِي لِلسَّيِّدِ عَلَى الْعَبْدِ، وَتُقَدَّمُ صِحَّةُ الْحَوَالَةِ بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ لَا عَلَيْهَا، وَصِحَّتُهَا بِدُيُونِ الْمُعَامَلَةِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هُنَا شُغْلُ ذِمَّةٍ فَارِغَةٍ فَاحْتِيطَ لَهُ. قَوْلُهُ: (آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ) أَيْ بِنَفْسِهِ وَبِذَلِكَ، فَارَقَ جُعْلَ الْجِعَالَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ. وَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ صِحَّتِهِ مُطْلَقًا مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ. قَوْلُهُ: (أَمَّا إذَا مَنَعَهُ) أَيْ الْمِلْكَ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا عَلَى الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (مَعْلُومًا) وَلَوْ لِلضَّامِنِ، فَقَطْ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً، وَمِنْهَا الْحُلُولُ وَالْأَجَلُ، وَقَدْرُهُ وَعَيْنُهُ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ، زَادَ الْغَزَالِيُّ كَوْنَهُ قَابِلًا لِلتَّبَرُّعِ بِهِ بِخِلَافِ قِصَاصٍ، وَحَدِّ قَذْفٍ وَشُفْعَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ لِمَا يَرِدُ عَلَى طَرْدِهِ، كَحَقِّ الْقَسَمِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ مَعَ صِحَّةِ التَّبَرُّعِ بِهِ، وَعَلَى عَكْسِهِ مِنْ دَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَرِيضٍ أَوْ مَيِّتٍ مُعْسِرَيْنِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُهُ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ التَّبَرُّعِ بِهِ، نَعَمْ قَدْ يَدْفَعُ حَقَّ الْقَسَمِ بِأَنَّهُ لَا دَيْنَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا) أَيْ إنْ كَانَ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ كَخُلْعٍ وَإِلَّا فَيَكْفِي عِلْمُ الْمُبْرِئِ فَقَطْ، وَيَصِحُّ فِيهِ التَّوْكِيلُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِالْمُبْرَأِ مِنْهُ وَيَكْفِي الْعِلْمُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ حَيْثُ أَمْكَنَ، وُجُودُهُ فِي الْوَاقِعِ فَلَوْ أَبْرَأَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ التَّرِكَةِ، وَهُوَ يَعْلَمُ قَدْرَهَا أَوْ عَلِمَ بِهَا بَعْدُ، عِنْدَ قِسْمَتِهَا أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ مِنْ قَدْرٍ لَا يَعْلَمُ نَقْصَهُ عَنْ دَيْنِهِ، أَوْ أَبْرَأَهُ ظَانًّا حَيَاةَ مُوَرِّثِهِ، فَبَانَ مَيِّتًا أَوْ مِنْ شَيْءٍ يَظُنُّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ، فَبَانَ عَلَيْهِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَدَعْوَى الْجَهْلِ بِالْمُبْرَأِ مِنْهُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ، لَا تُقْبَلُ إلَّا بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ كَبِكْرٍ زُوِّجَتْ بِالْإِجْبَارِ أَوْ نَحْوِ نِسْيَانٍ. نَعَمْ لَوْ أَبْرَأ مَدِينَهُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مِنْهُ، ثُمَّ وَجَدَهُ زُيُوفًا مَثَلًا لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ، فَيَرْجِعُ بِهِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِمَّا عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ صَحَّ مَعَ الْجَهْلِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي عَلَيْهِ، وَلَا يَعْلَمُ قَدْرَهَا بَرِئَ مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. فَرْعٌ يَكْفِي فِي الْغِيبَةِ النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ، إنْ لَمْ تَبْلُغْ الْمُغْتَابَ وَلَوْ بِحَضْرَةِ غَيْرِهِ أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِحْلَالَهُ بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ، وَإِلَّا فَلَا   [حاشية عميرة] صَحَّ. وَلَوْ قَالَ: ضَمِنَتْ لَكَ خَلَاصَ الْمَبِيعِ إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَصِحَّ، أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (تَبَيَّنَ إلَخْ) . فَرْعٌ لَوْ حَصَلَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ مَثَلًا، وَكَانَ الْمَضْمُونُ بَاقِيًا هَلْ يُطَالَبُ الضَّامِنَ أَوْ لَا؟ وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا وَلَكِنْ تَعَذَّرَ تَخْلِيصُهُ، هَلْ يَغْرَمُ الضَّامِنُ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ أَوْ لَا؟ كُلُّ ذَلِكَ مَحَلُّ نَظَرٍ وَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ، ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ الرِّفْعَةِ قَالَ لَيْسَ الْمَضْمُونُ هُنَا رَدَّ الْعَيْنِ، وَإِلَّا لَمَا وَجَبَتْ قِيمَتُهَا عَلَى الضَّامِنِ عِنْدَ التَّلَفِ، قَالَ: وَإِنَّمَا الْمَضْمُونُ الْمَالِيَّةُ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ حَتَّى لَوْ بَانَ الِاسْتِحْقَاقُ، وَالثَّمَنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَا يُطَالِبُ الضَّامِنَ بِقِيمَتِهِ. قَالَ: وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا كَنُجُومٍ) هُوَ يُرْشِدُ إلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِاللَّازِمِ مَا وَضْعُهُ اللُّزُومُ، وَلَوْ كَانَ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُعَامَلَةً لَمْ يَصِحَّ ضَمَانُهُ كَنُجُومٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ) أَيْ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ بِخِلَافِ الْجُعْلِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ، فَكَانَ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ ثُمَّ الْمُرَادُ الْعِلْمُ بِهِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً حَتَّى الْحُلُولُ، وَالتَّأْجِيلُ وَمِقْدَارُ الْأَجَلِ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْإِبْرَاءَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الرِّضَا وَالرِّضَا الْمَجْهُولُ غَيْرُ مَعْقُولٍ. قُلْت: لَا فَرْقَ فِي الْمَجْهُولِ بَيْنَ مَجْهُولِ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، حَتَّى الْحُلُولُ، وَالتَّأْجِيلُ وَمِقْدَارُ الْأَجَلِ يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ اسْتِثْنَاءُ إبِلِ الدِّيَةِ، وَلَوْ وَكَّلَ اشْتَرَطَ عِلْمَ الْمُوَكِّلِ فَقَطْ عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الرَّافِعِيِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إسْقَاطٌ كَالْإِعْتَاقِ وَعَلَى التَّمْلِيكِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْإِسْقَاطُ، وَقِيلَ: يَحْتَاجُ إلَيْهِ (إلَّا مِنْ إبِلِ الدِّيَةِ) فَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا؛ لِأَنَّهُ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي إثْبَاتِهَا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي فَيُغْتَفَرُ فِي الْإِبْرَاءِ تَبَعًا لَهُ (وَيَصِحُّ ضَمَانُهَا فِي الْأَصَحِّ) عَلَى الْجَدِيدِ الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةُ السِّنِّ وَالْعَدَدِ وَيَرْجِعُ فِي صِفَتِهَا إلَى غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى جَهْلِ صِفَتِهَا (وَلَوْ قَالَ: ضَمِنْت مِمَّا لَك عَلَى زَيْدٍ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشْرَةٍ فَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) وَالثَّانِي بُطْلَانُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَةِ، وَدَفَعْت بِذِكْرِ الْغَايَةِ. (وَ) الْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِعَشْرَةٍ قُلْت: الْأَصَحُّ لِتِسْعَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقِيلَ: لِثَمَانِيَةٍ إخْرَاجًا لِلطَّرَفَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَدْخَلُهُمَا، وَالثَّانِي أَدْخَلَ الْأَوَّلَ فَقَطْ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْإِقْرَارِ، وَنَقَلَ فِي الشَّرْحِ تَصْحِيحَ الْأَوَّلِ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. فَرْعٌ يَجُوزُ ضَمَانُ الْمَنَافِعِ الثَّابِتَةِ فِي الذِّمَّةِ كَالْأَمْوَالِ. . فَصْلٌ الْمَذْهَبُ صِحَّةُ كَفَالَةِ الْبَدَنِ   [حاشية قليوبي] بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا وَتَعَيُّنِ حَاضِرِهَا إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ، وَلَوْ أَبْرَأَهُ فِي الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ بَرِئَ فِيهِمَا لَا عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا مِنْ إبِلِ الدِّيَةِ) وَمِثْلُهَا الْأَرْشُ وَالْحُكُومَةُ فَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُمْ أَيْضًا، وَفِي تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا نَظَرٌ مِمَّا يَأْتِي بَعْدَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ ضَمَانُهَا) عَنْ الْجَانِي مُطْلَقًا وَعَنْ الْعَاقِلَةِ بَعْدَ حُلُولِهَا لَا قَبْلَهُ لِسُقُوطِهَا عَنْهُمْ، بِنَحْوِ فَقْرٍ وَيَرْجِعُ ضَامِنُهَا بِالْإِذْنِ بِمِثْلِهَا لَا قِيمَتِهَا كَالْقَرْضِ، وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْحُكُومَةِ وَالْأَرْشِ لِبُعْدِهِ، وَإِنْ آلَ إلَى اللُّزُومِ حَرَّرَهُ. قَوْلُهُ: (ضَمِنْت) أَيْ مَثَلًا فَالْإِقْرَارُ وَالْعِتْقُ وَالنَّذْرُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْيَمِينُ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الثَّلَاثُ فِي طَلَّقْتُكِ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّهُ عَدَدٌ مَحْصُورٌ، فَالظَّاهِرُ اسْتِيفَاؤُهُ وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَ الْأَشْجَارَ مِنْ هَذِهِ إلَى هَذِهِ دَخَلَتْ الْغَايَةُ أَوْ بِعْتُكَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ لَمْ تَدْخُلْ الْغَايَةُ؛ لِأَنَّ الْأُولَى صِيغَةُ عُمُومٍ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ ضَمَانُ الْمَنَافِعِ إلَخْ) قَدْ مَرَّ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهَا وَيَشْمَلُ الْعَيْنَ أَيْضًا وَتَأْخِيرُ الشَّارِحِ لَهَا إلَى الْكَفَالَةِ لِلْمُنَاسَبَةِ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْبَدَنَ. فَصْلٌ فِي الْكَفَالَةِ الَّتِي هِيَ ضَمَانُ الْأَعْيَانِ الْبَدَنِيَّةِ. قَوْلُهُ: (الْبَدَنِ) أَيْ بَدَنِ مَنْ يَسْتَحِقُّ حُضُورَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَشَرْحُ الرَّوْضِ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ قَالَ لَهُ: قَدْ أَغْتَبْتُكَ فَاعْفُ عَنِّي، فَفَعَلَ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ، وَاعْلَمْ أَنَّ السُّبْكِيَّ اخْتَارَ أَنَّهُ إسْقَاطٌ، وَرَجَّحَهُ وَعَضَّدَهُ وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ. وَقَالَ: لَوْ كَانَ تَمْلِيكًا لَصَحَّ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْأَعْيَانِ. قَوْلُهُ: (وَمَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا) أَيْ أَلْوَانِهَا. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ ضَمَانُهَا) أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِبْرَاءِ، وَكَانَ وَجْهُ ثُبُوتِ الْخِلَافِ هُنَا دُونَ الْإِبْرَاءِ، أَنَّ الضَّمَانَ نَقْلُ دَيْنٍ وَذَاكَ إسْقَاطٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِمَّا لَكَ) مِثْلُهُ مَالَكَ. قَوْلُهُ: (أَدْخَلَ الْأَوَّلَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الِالْتِزَامِ. فَائِدَةٌ قَالَا: ضَمِنَّا مَالَكَ عَلَى زَيْدٍ طُولِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْجَمِيعِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ، كَمَا لَوْ رَهَنَا عَبْدَهُمَا بِأَلْفٍ فَإِنَّ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ رَهْنُ الْجَمِيعِ وَخَالَفَ الْمُتَوَلِّي غَيْرَهُ وَصَحَّحَ السُّبْكِيُّ الْأَوَّلَ. قَوْلُهُ: (تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ) وَافَقَهُ السُّبْكِيُّ. قَالَ: لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لَهُ عَلَى دَرَاهِمَ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشْرَةٍ فَتَدْخُلُ الْغَايَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْمُغَيَّا وَبَيَانٍ لَهُ، كَمَا فِي قَرَأْت الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ. قَالَ: وَمِثْلُ ذَلِكَ بِعْتُكَ الْأَشْجَارَ مِنْ هَذِهِ إلَى هَذِهِ، بِخِلَافِ بِعْتُكَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ، فَإِنَّ الْغَايَةَ لَمْ تُجْعَلْ بَيَانًا لِمَا قَبْلَهَا. قَالَ: وَالْفَرْقُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّرَاهِمِ قَاضٍ بِمَا قُلْتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا صِيغَةُ عُمُومٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْأَشْجَارِ فَإِنَّهَا صِيغَةُ عُمُومٍ. [فَصْلٌ كَفَالَةِ الْبَدَنِ] فَصْلٌ الْمَذْهَبُ صِحَّةُ كَفَالَةِ الْبَدَنِ اعْلَمْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهَا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ، هِيَ ضَعِيفَةٌ فَقِيلَ: مَعْنَاهُ ضَعِيفَةٌ فِي الْقِيَامِ، وَلِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ ضَمَانَ الْمَالِ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 فِي الْجُمْلَةِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا، وَفِي قَوْلٍ: لَا تَصِحُّ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ، (فَإِنْ كَفَلَ بَدَنَ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ لَمْ يُشْتَرَطْ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِ) لِعَدَمِ لُزُومِهِ لِلْكَفِيلِ، (وَ) لَكِنْ (يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِمَّا يَصِحُّ ضَمَانُهُ) فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ الْمُكَاتَبِ لِلنُّجُومِ الَّتِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا كَمَا تَقَدَّمَ (وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهَا بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ لِآدَمِيٍّ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَمَنَعَهَا فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى) كَحَدِّ الْخَمْرِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهَا يَسْعَى فِي دَفْعِهَا مَا أَمْكَنَ، وَفِي قَوْلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إنَّهَا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الدَّفْعِ فَتُقْطَعُ الذَّرَائِعُ الْمُؤَدِّيَةُ إلَى تَوْسِيعِهَا، أَوْ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ، وَبَعْضُهُمْ بِالثَّانِي نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِالْعُقُوبَةِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ طَرِيقَةٌ حَاكِيَةٌ لِلْقَوْلَيْنِ، (وَتَصِحُّ) الْكَفَالَةُ (بِبَدَنِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَحِقُّ إحْضَارَهُمَا لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى صُورَتِهِمَا فِي الْإِتْلَافِ وَغَيْرِهِ، وَإِذْنُ وَلِيِّهِمَا قَائِمٌ مَقَامَ رِضَا الْمَكْفُولِ الْمُشْتَرَطِ كَمَا سَيَأْتِي، وَيُطَالِبُ الْكَفِيلُ وَلِيَّهُمَا بِإِحْضَارِهِمَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَ) بِبَدَنِ (مَحْبُوسٍ وَغَالِبٍ) وَإِنْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْغَرَضِ فِي الْحَالِ، كَمَا يَجُوزُ لِلْمُعْسِرِ ضَمَانُ الْمَالِ (وَ) بِبَدَنِ (مَيِّتٍ) قَبْلَ دَفْنِهِ (لِيُحْضِرَهُ فَيَشْهَدَ) بِفَتْحِ الْهَاءِ (عَلَى صُورَتِهِ) إذَا تَحَمَّلُوا الشَّهَادَةَ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَعْرِفُوا اسْمَهُ وَنَسَبَهُ، وَيَظْهَرُ كَمَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ اشْتِرَاطُ إذْنِ الْوَارِثِ إذَا شَرَطْنَا إذْنَ الْمَكْفُولِ، (ثُمَّ إنْ عَيَّنَ مَكَانَ التَّسْلِيمِ) فِي الْكَفَالَةِ (تَعَيَّنَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ (فَمَكَانُهَا) يَتَعَيَّنُ. (وَيَبْرَأُ   [حاشية قليوبي] وَغَيْرِهِ، أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ مَنْ عِنْدَهُ مَالٌ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ أَمَانَةً انْتَهَى. فِيهِ نَظَرٌ فِي الْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ فِيهَا التَّخْلِيَةُ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ، وَمِثْلُ الْبَدَنِ الْجُزْءُ الشَّائِعُ كَرُبُعِهِ، وَمَا لَا يَعِيشُ بِدُونِهِ كَمَقْلَبِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ عَيْنُهُ، إنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا الْجَارِحَةَ بِأَنْ أَرَادَ بِهَا النَّفْسَ أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ نَحْوِ يَدِهِ، وَرِجْلِهِ فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَسَوَاءٌ الْمَيِّتُ وَالْحَيُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكْفِي فِي الْمَيِّتِ الْجُزْءُ وَيُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فَلَا يَكْفِي كَفَلْت أَحَدَ هَذَيْنِ، وَشَرْطُ الْكَافِلِ كَشَرْطِ الضَّامِنِ. قَوْلُهُ: (فِي الْجُمْلَةِ) فَلَا يَرِدُ نَحْوُ الْمُكَاتَبِ. قَوْلُهُ: (كَفَلَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا وَعَدَّاهُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى ضَمِنَ وَعَدَمِ اسْتِعْمَالِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ لَهُ بِغَيْرِ الْبَاءِ، لَعَلَّهُ لِلْأَفْصَحِ وَأَمَّا كَفَلَ بِمَعْنَى عَالَ كَمَا فِي الْآيَةِ فَيَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ دَائِمًا. قَوْلُهُ: (مِمَّا يَصِحُّ ضَمَانُهُ) وَمِنْهُ الزَّكَاةُ وَالْكَفَّارَةُ كَمَا مَرَّ. قَالَ شَيْخُنَا: وَفِيهِ نَظَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (لِلنُّجُومِ) وَكَذَا دَيْنُ السَّيِّدِ غَيْرُ النُّجُومِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَمَنْعُهَا فِي حُدُودِ اللَّهِ) وَإِنْ تَحَتَّمَتْ وَمِثْلُهَا عُقُوبَةُ اللَّهِ كَالتَّعْزِيرِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْعُقُوبَةِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِشَمِلَهُمَا، وَخَرَجَ بِالْعُقُوبَةِ حُقُوقُهُ الْمَالِيَّةُ كَالزَّكَاةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ صِحَّتُهَا وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَحَقُّ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى قَاعِدَةٍ هِيَ أَنَّ كُلَّ دَيْنٍ لَوْ ادَّعَى بِهِ عَلَى شَخْصٍ عِنْدَ حَاكِمٍ، لَزِمَهُ الْحُضُورُ لَهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، لَا أَنَّ كُلَّ شَخْصٍ يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ تَصِحُّ كَفَالَتُهُ كَمَا تُوُهِّمَ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى صُورَتِهِمَا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ الشَّاهِدُ اسْمَهُمَا، وَنَسَبَهُمَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى إحْضَارِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيُعْتَبَرُ فِي السَّفِيهِ إذْنُهُ لَا إذْنُ وَلِيِّهِ، وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى السَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (وَيُطَالِبُ الْكَفِيلُ وَلِيَّهُمَا) أَيْ مَا لَمْ يَنْعَزِلْ أَوْ يُكْمِلَا. قَوْلُهُ: (وَمَحْبُوسٍ) أَيْ بِحَقٍّ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَغَائِبٍ) وَلَوْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحُضُورُ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (مَيِّتٍ) أَيْ حَالَ الْكَفَالَةِ أَوْ بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (قَبْلَ دَفْنِهِ) أَيْ قَبْلَ وَضْعِهِ فِي الْقَبْرِ، فَإِنْ وُضِعَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُهَلْ عَلَيْهِ التُّرَابَ، لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِهِ. قَوْلُهُ: (لِيُحْضِرَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَى حُضُورِهِ تَغَيُّرٌ أَوْ نَقْلُ مُحَرَّمٍ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْهَاءِ) فَضَمِيرُهُ عَائِدٌ لِلشَّاهِدِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْرِفُوا إلَخْ) فَإِنْ عَرَفُوا ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ لِإِحْضَارِهِ. قَوْلُهُ: (إذْنِ الْوَارِثِ) وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ كَانَ عَامًّا كَالْإِمَامِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَارِثُ أَهْلًا اُعْتُبِرَ إذْنُ وَلِيِّهِ، وَلَوْ عَامًّا نَعَمْ لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلِيٌّ خَاصٌّ قَبْلَ مَوْتِهِ اُعْتُبِرَ إذْنُهُ فَقَطْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ كَذِمِّيٍّ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ. قَوْلُهُ: (إذَا اشْتَرَطْنَا إذْنَ الْمَكْفُولِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَكْفِي إذْنُ الْغَائِبِ قَبْلَ غَيْبَتِهِ، وَإِذْنُ الْمَحْبُوسِ وَلَوْ فِي الْحَبْسِ، وَيُشْتَرَطُ الْإِذْنُ بِاللَّفْظِ أَوْ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ لَا إشَارَةِ نَاطِقٍ، وَلَوْ مُفْهِمَةً وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ كَمَا فِي الْمَضْمُونِ لَهُ، وَلَا بِدَمْعِ الْإِذْنِ فِي   [حاشية عميرة] وَتَصِحُّ قَطْعًا، وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ سُرَيْجٍ وَقِيلَ قَوْلَانِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) وَوَجَّهَهُ أَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَقِصَاصٍ) ؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنَعَهَا إلَخْ) وَوَجْهُ الصِّحَّةِ فِيهَا الْقِيَاسُ، عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَغَائِبٍ) بِأَنْ يَكُونَ أَذِنَ لَهُ فِيهَا، وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَكُونَ فِي مَسَافَةِ الْعَدَوِيِّ، وَلَا حَاكِمَ هُنَاكَ، وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْحُضُورُ، وَكَذَا لَا يَلْزَمُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِحْضَارِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ (فِي الْحَالِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَقَّعٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ فِي مَكَانِ التَّسْلِيمِ) الْمَذْكُورِ (بِلَا حَائِلٍ كَمُتَغَلِّبٍ) يَمْنَعُ الْمَكْفُولَ لَهُ عَنْهُ فَمَعَ وُجُودِ الْحَائِلِ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ (وَبِأَنْ يَحْضُرَ الْمَكْفُولُ وَيَقُولَ) لِلْمَكْفُولِ لَهُ (سَلَّمْت نَفْسِي عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ حُضُورِهِ) عَنْ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ (فَإِنْ غَابَ لَمْ يَلْزَمْ الْكَفِيلُ إحْضَارَهُ إنْ جَهِلَ مَكَانَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ عَرَفَ مَكَانَهُ (فَيَلْزَمُهُ) إحْضَارُهُ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا دُونَهَا (وَيُمْهَلُ مُدَّةَ ذَهَابٍ وَإِيَابٍ، فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ حُبِسَ، وَقِيلَ: إنْ غَابَ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ إحْضَارُهُ) ، وَلَوْ كَانَ غَائِبًا حِينَ الْكَفَالَةِ بِرِضَاهُ، فَالْحُكْمُ فِي إحْضَارِهِ كَمَا لَوْ غَابَ بَعْدَ الْكَفَالَةِ بِمَسَافَةِ الْإِحْضَارِ تَتَقَيَّدُ غَيْبَتُهُ فِي صِحَّةِ كَفَالَتِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ. وَقَوْلُهُ: حُبِسَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إلَى أَنْ يَتَعَذَّرَ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَدُفِنَ لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ وَالثَّانِي يَقُولُ: الْكَفَالَةُ   [حاشية قليوبي] الْكَفَالَةِ مِنْ الْإِذْنِ فِي مَحَلِّ التَّسْلِيمِ، فَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ فَسَدَتْ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ مُطْلَقُ الْإِذْنِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ عَيَّنَ مَكَانَ التَّسْلِيمِ) أَيْ عَيَّنَهُ الْكَافِلُ وَالْمَكْفُولُ لَهُ أَيْ مَعَ إذْنِ الْمَكْفُولِ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ (تَعَيَّنَ) أَيْ إنْ صَلَحَ وَإِلَّا بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَمَكَانُهَا يَتَعَيَّنُ) أَيْ إنْ صَلَحَ وَلَمْ يَكُنْ مُؤْنَةٌ وَإِلَّا فَعَلَى مَا مَرَّ فِي مَكَانِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي اعْتِبَارِ الْمُؤْنَةِ هُنَا؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَالِ نَفْسِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ فِي مَكَانِ التَّسْلِيمِ) أَيْ وَزَمَانِهِ وَفِي غَيْرِهِمَا مَا مَرَّ فِي حُضُورِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ، فِي غَيْرِهِمَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ كَإِعَانَةِ أَهْلِهِ لَهُ، وَإِلَّا أُجْبِرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ قَبِلَهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ، وَبَرِئَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَبِأَنْ يَحْضُرَ الْمَكْفُولُ) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ وَارِثِهِ وَفِي الِامْتِنَاعِ مَا مَرَّ، وَيَكْفِي فِي التَّسْلِيمِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ قَالَ فِي صِيغَتِهِ: أَحْضِرْهُ كُلَّمَا طَلَبَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَكْفِي تَسْلِيمُهُ وَلَوْ مَحْبُوسًا إنْ كَانَ بِحَقٍّ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ سَلَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ وَرَضِيَ بِهِ الدَّائِنُ بَرِئَ الْكَفِيلُ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَهُ الْأَجْنَبِيُّ بِإِذْنِ الْكَفِيلِ، وَلَوْ كَفَلَ بِهِ اثْنَانِ فَسَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَبْرَأْ الْآخَرُ أَوْ عَنْهُمَا، وَقَبِلَهُ الدَّائِنُ أَوْ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ بَرِئَا مَعًا، وَقَالَ سم عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ؛ لَا يَبْرَأُ الثَّانِي مُطْلَقًا، وَفَارَقَ الْأَجْنَبِيُّ بِأَنَّ التَّسْلِيمَ هُنَا وَاجِبٌ وَلَوْ كَفَلَ وَاحِدٌ الِاثْنَيْنِ فَسَلَّمَهُ لِأَحَدِهِمَا، لَمْ يَبْرَأْ مِنْ حَقِّ الْآخَرِ، وَيَبْرَأُ بِقَوْلِ الْمَكْفُولِ لَهُ أَبْرَأْتُكَ مِنْ حَقِّي أَوْ لَا حَقَّ لِي عَلَى الْأَصِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا لَوْ قَالَ: لَا دَعْوَى لِي عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت فِي ثَوْبِهِ دُونَ دَارِهِ لَمْ يُقْبَلْ. قَوْلُهُ: (إنْ جَهِلَ مَكَانَهُ) وَيَصْدُقُ فِي دَعْوَاهُ الْجَهْلَ. قَوْلُهُ: (فَيَلْزَمُهُ) إنْ قَدَرَ وَأَمِنَ الطَّرِيقُ وَلَا حَائِلَ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ مَسَافَةٍ يَقْصُرُ فِيهَا الصَّلَاةَ وَلَوْ فَوْقَ مَرْحَلَتَيْنِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مُدَّةَ ذَهَابٍ وَإِيَابٍ) أَيْ وَإِقَامَةٍ وَانْتِظَارِ رُفْقَةٍ وَانْقِطَاعِ نَحْوِ مَطَرٍ وَحِلٍ. قَوْلُهُ: (حُبِسَ) وَيُدَامُ حَبْسُهُ إلَى حُضُورِ الْمَكْفُولِ أَوْ تَعَذُّرِهِ مَا يَأْتِي أَوْ دَفْعِهِ الدَّيْنَ، وَإِذَا دَفَعَهُ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ بِهِ ثُمَّ حَضَرَ الْمَكْفُولُ أَوْ تَعَذَّرَ حُضُورُهُ، بِنَحْوِ مَوْتٍ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَا دَفَعَهُ أَوْ بَدَلَهُ إنْ تَلِفَ؛ لِأَنَّهُ لِخَلَاصِ نَفْسِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا تَبَعًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا م ر كَابْنِ حَجَرٍ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (مَسَافَةٍ إلَخْ) فَعَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ تَتَقَيَّدُ صِحَّةُ الْكَفَالَةِ بِمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ تَصِحُّ فِي ذَلِكَ وَمَا فَوْقَهُ وَإِنْ طَالَ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَدُفِنَ) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ فَقَبْلَهُ لَا مُطَالَبَةَ قَطْعًا كَمَا   [حاشية عميرة] يَكْفِي إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْكَفِيلُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ جِهَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ جَهِلَ مَكَانَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لِعَجْزِهِ كَالْمُعْسِرِ بِالدَّيْنِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَلْزَمُهُ) أَيْ وَمَهْمَا احْتَاجَ لَهُ مِنْ الْكُلْفَةِ فَهِيَ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهَا نَاشِئَةٌ عَنْ الْتِزَامِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) هِيَ شَامِلَةٌ لِأَوَّلِهَا وَمَا فَوْقَ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَقِيلَ إلَخْ) أَيْ كَمَا فِي غَيْبَةِ الْوَلِيِّ وَشَاهِدِ الْأَصْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَدُفِنَ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَقِيلَ الدَّفْنُ. قِيلَ: تَنْقَطِعُ الْمُطَالَبَةُ بِالْإِحْضَارِ. وَعَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ: بِطَلَبِ الْكَفَالَةِ بِهِ وَالْأَصَحُّ لَا تَنْقَطِعُ الْمُطَالَبَةُ بِالْإِحْضَارِ. قَالَ: فَإِنْ قُلْنَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ جَاءَ الْوَجْهَانِ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَبْطُلُ لَمْ يُطَالِبْ بِالْمَالِ قَبْلَ الدَّفْنِ جَزْمًا لِعَدَمِ التَّعَذُّرِ، فَلِهَذَا قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِالدَّفْنِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي آخِرِ كَلَامِ السُّبْكِيّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْلُفْ تَرِكَةً يَنْبَغِي جَرَيَانُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ قَبْلَ الدَّفْنِ أَيْضًا، وَمَعَ وُجُودِ التَّرِكَةِ لَا مُطَالَبَةَ بِالْمَالِ مُطْلَقًا فَالْوَجْهُ انْتِفَاؤُهُ قَبْلَ الدَّفْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يُطَالِبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ) هُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُ عَلَى الْمَرْجُوحِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْمَالِ، وَدِيَةِ الْمَكْفُولِ، وَيُفِيدُ أَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا يُطَالَبُ بِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 وَثِيقَةٌ فَيَسْتَوْفِي الدَّيْنَ مِنْهَا إذَا تَعَذَّرَ تَحْصِيلُهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ كَالرَّهْنِ، وَقَبْلَ الدَّفْنِ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِإِحْضَارِهِ لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى صُورَتِهِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْمَالَ إنْ فَاتَ التَّسْلِيمُ بَطَلَتْ) . وَالثَّانِي يَصِحُّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْمَالِ، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِغَيْرِ رِضَا الْمَكْفُولِ) وَإِلَّا لَفَاتَ مَقْصُودُهَا مِنْ إحْضَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مَعَ الْكَفِيلِ حِينَئِذٍ، وَالثَّانِي تَصِحُّ وَيَغْرَمُ الْكَفِيلُ الْمَالَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ إحْضَارِهِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ أَيْضًا. . تَتِمَّةٌ فِي ضَمَانِ الْأَعْيَانِ إذَا ضَمِنَ عَيْنًا لِمَالِكِهَا أَنْ يَرُدَّهَا مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ كَالْمَغْصُوبَةِ وَالْمُسْتَعَارَةِ وَالْمُسْتَامَةِ فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ، وَعَلَى الصِّحَّةِ إذَا رَدَّهَا بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَإِنْ تَلِفَتْ فَهَلْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا؟ وَجْهَانِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ، وَعَلَى وُجُوبِهَا هَلْ يَجِبُ فِي الْمَغْصُوبَةِ أَكْثَرُ الْقِيَمِ أَوْ قِيمَةُ يَوْمِ التَّلَفِ وَجْهَانِ أَقْوَاهُمَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ مَضْمُونَةً عَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْمَالُ فِي يَدِ الشَّرِيكِ وَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا التَّخْلِيَةُ دُونَ الرَّدِّ. . فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ كَضَمِنْتُ دَيْنَكَ عَلَيْهِ   [حاشية قليوبي] يَأْتِي وَالْمُرَادُ بِالدَّفْنِ وَضْعُهُ فِي الْقَبْرِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِإِحْضَارِهِ) مَا لَمْ يَلْزَمْ تَغَيُّرٌ أَوْ نَقْلُ مُحَرَّمٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَوْ شَرَطَ إلَخْ) بِأَنْ يَقُولَ: تَكَفَّلْت عَلَى أَنِّي أَغْرَمُ أَوْ بِشَرْطِ الْغُرْمِ، فَإِنْ قَالَ: تَكَفَّلْت بِهِ وَإِذَا مَاتَ أَغْرَمُ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَلَغَا الِالْتِزَامُ. فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِهِ الشَّرْطِيَّةَ بَطَلَتْ إنْ وَافَقَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ تَقْدِيمًا لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَفَارَقَ بُطْلَانَهَا هُنَا بِالشَّرْطِ عَدَمُ بُطْلَانِ الْقَرْضِ، بِشَرْطِ رَدِّ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ وَصْفٌ تَابِعٌ فَقَصَرَ الْإِلْغَاءُ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَتَأَمَّلْ. وَأَيْضًا الْكَفَالَةُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: ضَعِيفَةٌ مِنْ حَيْثُ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهَا الْتِزَامُ أَبْدَانِ الْأَحْرَارِ فَتَأَثَّرَتْ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ. قَوْلُهُ: (لَا تَصِحُّ إلَخْ) أَيْ بِاللَّفْظِ وَنَحْوِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ وَلِيِّهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ) وَإِنْ طَلَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ نَعَمْ إنْ طَلَبَهُ بِالِاسْتِعْدَاءِ، وَجَبَ حُضُورُهُ مَعَهُ لِلْقَاضِي مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِ الْحَقِّ لَا مِنْ حَيْثُ الْكَفَالَةُ. . [تَتِمَّة فِي ضَمَانِ الْأَعْيَانِ] قَوْلُهُ: (تَتِمَّةٌ) تَقَدَّمَ وَجْهُ زِيَادَتِهَا وَتَأْخِيرِهَا. قَوْلُهُ: (مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ) أَيْ بِإِذْنِهِ أَوْ لِقُدْرَةٍ عَلَى انْتِزَاعِهَا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ) يُفِيدُ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ لُزُومِ قِيمَتِهَا، بَلْ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عَلَى أَنْ يَغْرَمَ قِيمَتَهَا لَوْ تَلِفَتْ كَمَا مَرَّ فِي الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ وَبِذَلِكَ فَارَقَ لُزُومَ قِيمَتِهَا فِي ضَمَانِ الدَّرَكِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا قَطْعًا) اُنْظُرْهُ مَعَ مَرَّ مِنْ صِحَّةِ كَفَالَةِ بَدَنِ مَنْ هِيَ عِنْدَهُ عَلَى كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. [فَصْل يُشْتَرَط فِي الضَّمَانِ وَالْكَفَالَة لَفْظٌ يُشْعِر بِالِالْتِزَامِ] فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ أَرْكَانِ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ وَهُوَ الصِّيغَةُ فَالشَّرْطِيَّةُ فِي كَلَامِهِ مُتَوَجِّهَةٌ إلَى إشْعَارِ اللَّفْظِ بِمَا ذَكَرَهُ لَا إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَفْظٌ) وَفِي مَعْنَاهُ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةُ وَهِيَ صَرِيحَةٌ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ وَاحِدٍ، فَإِنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ فَكِنَايَةٌ، وَإِلَّا فَلَغْوٌ وَالْكِتَابَةُ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ كِنَايَةٌ وَهَذَا الْحُكْمُ   [حاشية عميرة] جَزْمًا. قَوْلُهُ: (فَيَسْتَوْفِي الدَّيْنَ مِنْهَا) وَقِيلَ عَلَى هَذَا لِيَسْتَوْفِيَ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ، وَدِيَةِ الْمَكْفُولِ وَلَوْ خَلَفَ الْمَكْفُولُ دَيْنًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ. لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ جَزْمًا. قَوْلُهُ: (وَقَبْلَ الدَّفْنِ إلَخْ) قِيلَ هَذَا الْقَيْدُ أَعْنِي قَوْلَ الْمَتْنِ، وَدُفِنَ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِخْرَاجِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، أَيْ لَوْ كَانَ الْكَلَامُ فِي بُطْلَانِ الْكَفَالَةِ وَكَلَامُهُ، إنَّمَا هُوَ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ، وَلَا فَرْقَ فِي انْتِفَائِهَا بَيْنَ قَبْلِ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. فَصْلٌ يُشْتَرَطُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُشْتَرَطُ) ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ أَيْ فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ اللَّفْظِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَفْظٌ) يَرِدُ عَلَيْهِ الْكِتَابَةُ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ. وَقَوْلُهُ يُشْعِرُ قِيلَ: أَحْسَنُ مَنْ يَدُلُّ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ. فِيهَا إشْعَارٌ لَا دَلَالَةٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ الزَّعِيمَ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ وَالضَّمَانَ، وَالْحَمَالَةَ فِي السُّنَّةِ وَالْبَاقِي فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 أَيْ فُلَانٍ (أَوْ تَحَمَّلْتُهُ أَوْ تَقَلَّدْتُهُ أَوْ تَكَفَّلْتُ بِبَدَنِهِ أَوْ أَنَا بِالْمَالِ) الْمَعْهُودِ، (أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ) الْمَعْهُودِ، (ضَامِنٌ أَوْ كَفِيلٌ أَوْ زَعِيمٌ أَوْ حَمِيلٌ) وَكُلُّهَا صَرَائِحُ: (وَلَوْ قَالَ أُؤَدِّي الْمَالَ أَوْ أُحْضِرُ الشَّخْصَ فَهُوَ وَعْدٌ) لَا الْتِزَامٌ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُمَا بِشَرْطٍ) نَحْوُ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ ضَمِنْت أَوْ كَفَلْت، (وَلَا تَوْقِيتُ الْكَفَالَةِ) نَحْوُ: أَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ إلَى شَهْرٍ، فَإِذَا مَضَى بَرِئْت، وَلَا يَجُوزُ تَوْقِيتُ الضَّمَانِ قَطْعًا نَحْوُ: أَنَا ضَامِنٌ بِالْمَالِ إلَى شَهْرٍ، فَإِذَا مَضَى وَلَمْ أَغْرَمْ فَأَنَا بَرِيءٌ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي التَّعْلِيقِ نَظَرٌ إلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ، وَفِي تَوْقِيتِ الْكَفَالَةِ نَظَرٌ إلَى أَنَّهَا تَبَرُّعٌ بِعَمَلٍ، وَبِهَذَا يُوَجَّهُ الثَّالِثُ الْمُجَوِّزُ لِتَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ دُونَ الضَّمَانِ، (وَلَوْ نَجَّزَهَا وَشَرَطَ تَأْخِيرَ الْإِحْضَارِ شَهْرًا جَازَ) لِلْحَاجَةِ نَحْوُ: أَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ أُحْضِرُهُ بَعْدَ شَهْرٍ، وَلَوْ شَرَطَ التَّأْخِيرَ بِمَجْهُولٍ كَالْحَصَادِ لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ فِي الْأَصَحِّ، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا أَجَلًا مَعْلُومًا) لِلْحَاجَةِ، وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الضَّامِنِ، وَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ، وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ لِلْمُخَالَفَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُحَرَّرِ كَمَا قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ. قَالَ: وَفِي بَعْضِهَا تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ وَهُوَ الصَّوَابُ، أَيْ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الشَّرْحِ، وَلَوْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ إلَى شَهْرٍ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرَيْنِ فَهُوَ كَضَمَانِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُؤَجَّلِ   [حاشية قليوبي] يَجْرِي فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (يُشْعِرُ) أَوْلَى مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ يَدُلُّ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُشْعِرَةٌ لَا دَالَّةٌ. قَوْلُهُ: (بِبَدَنِهِ أَوْ بِجُزْئِهِ الشَّائِعِ) أَوْ بِمَا لَا يَبْقَى بِدُونِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْمَعْهُودِ) لَيْسَ مِنْ لَفْظِ الضَّامِنِ بَلْ مُرَادُهُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ اللَّامَ عَهْدِيَّةٌ لِمَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ، أَوْ كَفَالَتُهُ لَا مُطْلَقُ الْمَالِ أَوْ الشَّخْصِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْمَالُ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ الشَّخْصُ الَّذِي هُوَ فُلَانٌ، وَهَكَذَا بِدَلِيلِ أَنَّهَا كُلَّهَا صَرَائِحُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَكُلُّهَا صَرَائِحُ) وَمِنْهَا الَّذِي عِنْدَ فُلَانٍ عَلَيَّ بِخِلَافِ عِنْدِي فَهُوَ كِنَايَةٌ، وَكَذَا ضَمِنْتُ فُلَانًا أَوْ ضَمَانُ فُلَانٍ عَلَيَّ أَوْ دَيْنُ فُلَانٍ إلَيَّ أَوْ عِنْدِي، فَإِنْ نَوَى فِي ذَلِكَ الْمَالَ لَزِمَ، أَوْ الْبَدَنُ لَزِمَ وَإِلَّا لَغَا قَالَهُ، شَيْخُنَا وَفِي الثَّالِثَةِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ وَعْدٌ) أَيْ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الِالْتِزَامَ فَالْمُرَادُ بِالْقَرِينَةِ عِنْدَ مَنْ عَبَّرَ بِهَا النِّيَّةَ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْمُسْتَحَقِّ، لَكِنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ (لَا يَجُوزُ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُمَا وَلَا شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِمَا إلَّا لِلْمُسْتَحِقِّ، وَهَلْ يَتَقَيَّدُ فِيهِ بِزَمَنٍ رَاجِعْهُ، وَلَا يَصِحُّ بِشَرْطِ إبْرَاءٍ إلَّا فِي نَحْوِ جِعَالَةٍ كَذَا رَدَدْت عَبْدِي فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِي، فَإِذَا رَدَّهُ بَرِئَ وَنَحْوَ وَصِيَّةٍ كَأَبْرَأْتُكَ بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِي، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ مُفْسِدٍ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ عَدَمَ صِحَّةِ التَّوْقِيتِ بِالْكَفَالَةِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْقِيتُ الضَّمَانِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (نُظِرَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ، فَعَلَى مُقَابِلِهِ يُمْتَنَعُ التَّعْلِيقُ قَطْعًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَشَرَطَ تَأْخِيرَ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ فَهَذَا تَأْجِيلٌ لَا تَعْلِيقٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ شَهْرٍ) فَإِنْ أَحْضَرَهُ قَبْلَهُ فَفِيهِ مَا مَرَّ فِي السَّلَمِ وَالْمُرَادُ مِنْ الشَّهْرِ كَوْنُ الْأَجَلِ مَعْلُومًا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ الْبُطْلَانُ فِي الْمَجْهُولِ. قَوْلُهُ: (وَأَنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْمَالِ فَيَشْمَلُ الْكَفَالَةَ. قَوْلُهُ: (وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الضَّامِنِ) أَيْ أَصَالَةً بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ وَجْهَيْنِ أَشَارَ إلَى ثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ: وَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ وَهَذَا الْخِلَافُ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الصَّوَابُ) ضَمِيرُهُ عَائِدٌ إلَى الْبَعْضِ أَوْ إلَى التَّصْرِيحِ، وَلِذَلِكَ جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ كَضَمَانِ إلَخْ) أَيْ فِي الْخِلَافِ وَالْحُكْمِ وَفِي الشَّهْرِ   [حاشية عميرة] مَعْنَاهَا وَمِنْ أَلْفَاظِهِ أَيْضًا الْتَزَمْتُ وَعَلَيَّ مَا عَلَى فُلَانٍ، وَأَنَا قَبِيلٌ بِفُلَانٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ (كَضَمِنْتُ) لَوْ قَالَ الَّذِي لَكَ عِنْدَهُ عَلَيَّ فَهُوَ صَرِيحٌ، بِخِلَافِ عِنْدِي فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِبَدَنِهِ) مِثْلُهُ الْجُزْءُ الَّذِي لَا يَبْقَى بِدُونِهِ، وَكَذَا الْجُزْءُ الشَّائِعُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُمَا بِشَرْطٍ) كَالْبَيْعِ بِجَامِعِ أَنَّهَا عُقُودٌ. قَوْلُهُ: (نُظِرَ إلَى أَنَّهَا إلَخْ) عَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ وَالضَّمَانُ الْتِزَامٌ مَقْصُودٌ لِلْمَالِ، وَيُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ لِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ فَجَازَ تَأْجِيلُهُ كَالْعَمَلِ فِي الْإِجَارَةِ وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ؛ لِأَنَّ هَذَا تَأْجِيلٌ وَلَا تَوْقِيتٌ وَلَا تَعْلِيقٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرَطَ التَّأْخِيرَ إلَخْ) هَذَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ شَهْرًا. قَوْلُهُ: (وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ) أَيْ وَلَا ضُرَّ فِي ثُبُوتِهِ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ حَالًّا عَلَى الْأَصِيلِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ، وَكَانَ الدَّيْنُ الْمَضْمُونُ مُؤَجَّلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنَّهُ يَصِحُّ إلَخْ) وَجْهُ هَذَا أَنَّهُ زَادَ فِي التَّبَرُّعِ تَبَرُّعًا فَلَمْ يَقْدَحْ، كَمَا لَوْ شَرَطَ فِي الْقَرْضِ رَدَّ الْمُكَسَّرِ عَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 حَالًّا) ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِلْمُخَالَفَةِ (وَ) الْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّعْجِيلُ) كَمَا لَوْ الْتَزَمَهُ الْأَصِيلُ، وَعَلَى هَذَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ مَقْصُودًا أَوْ تَبَعًا يَحِلُّ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ وَجْهَانِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ قَالَ: الضَّمَانُ تَبَرُّعٌ لَزِمَ فَتَلْزَمُ صِفَتُهُ، وَلَوْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ إلَى شَهْرَيْنِ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ فَهُوَ كَضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا (وَلَلْمُسْتَحِقّ) أَيْ الْمَضْمُونِ لَهُ (مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ وَالْأَصِيلِ) بِالدَّيْنِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) الضَّمَانُ (بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ) لِمُخَالَفَةِ الشَّرْطِ لِمُقْتَضَى الضَّمَانِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ الضَّمَانُ وَالشَّرْطُ وَالثَّالِثُ: يَصِحُّ الضَّمَانُ فَقَطْ، فَإِنْ صَحَّحْنَاهُمَا بَرِئَ الْأَصِيلُ وَرَجَعَ الضَّامِنُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ إنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَ بَرَاءَتَهُ كَمَا لَوْ أَدَّى، (وَلَوْ أَبْرَأَ) الْمُسْتَحِقُّ (الْأَصِيلَ) مِنْ الدَّيْنِ (بَرِئَ الضَّامِنُ) مِنْهُ (وَلَا عَكْسَ) أَيْ لَوْ أُبْرِئَ الضَّامِنُ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ، (وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ (حَلَّ عَلَيْهِ دُونَ الْآخَرِ) ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الْأَصِيلُ فَلِلضَّامِنِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَحِقَّ بِأَخْذِ الدَّيْنِ مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ إبْرَائِهِ هُوَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَهْلِكُ التَّرِكَةُ فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا إذَا غَرِمَ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الضَّامِنَ وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّيْنَ مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ الْآذِنِ فِي الضَّمَانِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، (وَإِذَا طَالَبَ الْمُسْتَحِقُّ الضَّامِنَ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ بِتَخْلِيصِهِ بِالْأَدَاءِ إنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَ) ، وَالثَّانِي (يُطَالِبُهُ) بِتَخْلِيصِهِ (وَلِلضَّامِنِ) الْغَارِمِ (الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ إنْ وُجِدَ إذْنُهُ فِي الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ وَإِنْ   [حاشية قليوبي] الثَّانِي مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (يَحِلُّ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ) أَيْ عَلَى الضَّامِنِ عَلَى قَوْلِ التَّبَعِيَّةِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ (فَهُوَ كَضَمَانِ إلَخْ) وَهُوَ الشَّهْرُ الثَّانِي ثُبُوتُ الْأَجَلِ تَبَعٌ فَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَضْمُونُ لَهُ) وَكَذَا وَارِثُهُ وَالْمُحْتَالُ. قَوْلُهُ: (مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ) وَإِنْ تَعَدَّدَ عَنْ الْأَصِيلِ أَوْ عَنْ ضَامِنٍ آخَرَ، وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (بِالدَّيْنِ) أَيْ بِجَمِيعِهِ أَوْ بَعْضِهِ. نَعَمْ إنْ قَالَ: ضَمِنَّا مَالَكَ عَلَى زَيْدٍ فَكُلٌّ ضَامِنٌ لِلنِّصْفِ فَقَطْ، عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ صَحَّ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الضَّامِنِ، بَلْ هُوَ وَاحِدٌ تَعَدَّدَ مَحَلُّهُ كَفَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: لَا يُطَالَبُ الضَّامِنُ إلَّا إنْ عَجَزَ الْأَصِيلُ، وَلَوْ طَالَبَ الْمُسْتَحِقُّ الضَّامِنَ، فَقِيلَ لَهُ: اذْهَبْ إلَى الْأَصِيلِ فَطَالِبْهُ. فَقَالَ: لَا حَقَّ لِي عِنْدَهُ فَإِنْ جَهِلَ إسْقَاطَ حَقِّهِ بِذَلِكَ، وَخَفِيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُرِدْ الْإِقْرَارَ فَحَقُّهُ بَاقٍ، وَإِلَّا سَقَطَ مُطَالَبَةٌ لَهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ) وَمِثْلُهُ الْكَفَالَةُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَبْرَأَ) أَيْ أَبْرَأَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْأَصِيلَ مِنْ الدَّيْنِ، وَكَذَا لَوْ أَدَّى الْأَصِيلُ إلَيْهِ دَيْنَهُ، وَإِنْ أَحَالَ بِهِ أَوْ اعْتَاضَ عَنْهُ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، بَرِئَ الضَّمَانُ وَإِنْ تَعَدَّدَ عَنْ الْأَصِيلِ أَوْ عَنْ بَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ فُرُوعُ الْأَصِيلِ، وَقَدْ حَصَلَتْ بَرَاءَتُهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَوْ أَبْرَأَ الضَّامِنَ) أَيْ لَوْ أَبْرَأَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الضَّامِنَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْعَكْسِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الدَّيْنِ فِيمَا قَبْلَهُ وَلَا يُنَافِيهِ تَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْوَثِيقَةِ؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الضَّامِنِ بِذَلِكَ إسْقَاطٌ لَهَا فَحَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الضَّمَانِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. نَعَمْ إنْ قَصَدَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مَعَ إبْرَاءِ الضَّامِنِ إسْقَاطَ الدَّيْنِ عَنْ الْأَصِيلِ سَقَطَ وَمَتَى بَرِئَ ضَامِنٌ بِإِبْرَاءٍ بَرِئَتْ فُرُوعُهُ فَقَطْ، أَوْ بِأَدَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ وَنَحْوِهَا بَرِئَ الْأَصِيلُ، وَجَمِيعُ الضَّامِنِينَ، وَلَوْ أَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ: الضَّامِنَ بَرِيءَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ إنْ قَصَدَ إبْرَاءَهُ وَإِلَّا فَإِنْ قَبِلَ بَرِئَ، وَإِلَّا فَلَا وَيُصَدَّقُ الْمُسْتَحِقُّ فِي عَدَمِ قَبُولِ الضَّامِنِ، قَوْلُهُ: (فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ) أَوْ وَلِيُّهُ إنْ كَانَ مَحْجُورًا وَفَائِدَةُ الْمُطَالَبَةِ إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَتَفْسِيقُهُ لَوْ امْتَنَعَ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ وَلَا مُلَازَمَتُهُ. قَوْلُهُ: (لَا يُطَالِبُهُ) أَيْ إنَّ الضَّامِنَ لَا يُطَالِبُ الْأَصِيلَ بِتَخْلِيصِهِ، وَلَا يُطَالِبُ الْمَضْمُونَ لَهُ بِأَنْ يُطَالِبَ الْأَصِيلَ أَوْ يُبْرِئَهُ مِنْ الضَّمَانِ. نَعَمْ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: إمَّا أَنْ تُطَالِبَنِي أَوْ تُبْرِئَنِي. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ رَهَنَ، الْأَصِيلُ عِنْدَ الضَّامِنِ شَيْئًا بِمَا   [حاشية عميرة] الصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ الْتَزَمَهُ إلَخْ) وَلِئَلَّا يَثْبُتَ لِلْفَرْعِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْأَصْلِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ) أَيْ فَصَارَ ذَلِكَ. كَمَا لَوْ الْتَزَمَ عِتْقَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ أَوْ مُؤْمِنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِلْمُسْتَحِقِّ) هُوَ شَامِلٌ لِلْوَارِثِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ إلَخْ) لِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لَهُ قَدْ وَفَّى اللَّهُ حَقَّ الْغَرِيمِ وَبَرِئَ الْمَيِّتُ» ، وَوَجْهُ الثَّالِثِ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ صُدُورُ عِلْمٍ، فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ فَقَطْ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَهُ دِرْهَمًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا عَكْسَ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا أَبْرَأَهُ عَنْ الضَّمَانِ. قَالَ: فَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتُكَ عَنْ الدَّيْنِ بَرِئَا لِاتِّحَادِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ (فَلَهُ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى تَغْرِيمِهِ إذَا غَرِمَ. قَوْلُهُ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 انْتَفَى فِيهِمَا فَلَا) رُجُوعَ (وَإِنْ أَذِنَ فِي الضَّمَانِ فَقَطْ) أَيْ وَلَمْ يَأْذَنْ فِي الْأَدَاءِ (رَجَعَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي سَبَبِ الْغُرْمِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: الْغُرْمُ حَصَلَ بِغَيْرِ إذْنٍ (وَلَا عَكْسَ) ، أَيْ لَا رُجُوعَ فِي الْعَكْسِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَذِنَ فِي الْأَدَاءِ فَقَطْ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالضَّمَانِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: أَسْقَطَ الدَّيْنَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ (وَلَوْ أَدَّى مُكَسَّرًا عَنْ صِحَاحٍ أَوْ صَالَحَ عَنْ مِائَةِ ثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا غَرِمَ) وَالثَّانِي يَرْجِعُ بِالصِّحَاحِ وَالْمِائَةِ؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُمَا بِمَا فَعَلَ وَالْمُسَامَحَةُ جَرَتْ مَعَهُ. (وَمَنْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِلَا ضَمَانٍ وَلَا إذْنٍ فَلَا رُجُوعَ) لَهُ عَلَيْهِ، (وَإِنْ أَذِنَ) لَهُ فِي الْأَدَاءِ (بِشَرْطِ الرُّجُوعِ رَجَعَ) عَلَيْهِ، (وَكَذَا إنْ أَذِنَ مُطْلَقًا) عَنْ شَرْطِ الرُّجُوعِ يَرْجِعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْعُرْفِ، وَالثَّانِي قَالَ: لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْأَدَاءِ الرُّجُوعُ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّ مُصَالَحَتَهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ (عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ لَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ) ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْآذِنِ أَنْ يُبْرِئَ ذِمَّتَهُ وَقَدْ فَعَلَ، وَالثَّانِي تُمْنَعُ فَإِنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ فِي الْأَدَاءِ دُونَ الْمُصَالَحَةِ، وَعَلَى الرُّجُوعِ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ   [حاشية قليوبي] ضَمِنَهُ، أَوْ أَقَامَ بِهِ كَفِيلًا لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ دَفَعَ لَهُ الْأَصِيلُ مَالًا لَمْ يَمْلِكْهُ، وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَيَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ، فَإِنْ أَمَرَهُ بِقَضَاءِ مَا ضَمِنَهُ عَنْهُ مِنْهُ كَانَ وَكِيلًا، وَالْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ. قَوْلُهُ: (وَلِلضَّامِنِ الرُّجُوعُ) أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ غَيْرَ جِهَةِ الضَّمَانِ، وَلَمْ يُؤَدِّ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ، وَلَمْ يَكُنْ عَبْدًا عَنْ سَيِّدِهِ، وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَهُ أَوْ سَيِّدًا أَدَّى عَنْ عَبْدِهِ، وَلَوْ مُكَاتَبًا قَبْلَ تَعْجِيزِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَا أَدَّاهُ خَمْرَ الذِّمِّيِّ عَنْ دَيْنٍ ضَمِنَهُ لَهُ عَنْ مُسْلِمٍ، وَقُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ مِنْ سُقُوطٍ لِدَيْنٍ فَلَا رُجُوعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا لَا رُجُوعَ لَهُ لَوْ لَمْ يَغْرَمْ الْمَفْهُومُ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْغَارِمِ، بِأَنْ أَبْرَأَهُ الْمُحْتَالُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَلَوْ نَذَرَ عَدَمَ الرُّجُوعِ لَمْ يَرْجِعْ أَيْضًا، كَذَا قَالُوا وَفِي صِحَّةِ النَّذْرِ نَظَرٌ وَكَذَا لَا رُجُوعَ لَوْ أَنْكَرَ الضَّمَانَ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ وَغَرِمَ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ. قَوْلُهُ: (رَجَعَ) أَيْ وَإِنْ نَهَاهُ عَنْ الْأَدَاءِ بَعْدَ الضَّمَانِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ نَهَاهُ عَنْهُ، أَوْ عَنْ الْأَدَاءِ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيهِ، وَقِيلَ فِي النَّهْيِ: لَا يَرْجِعُ قَطْعًا وَلَا عِبْرَةَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ إلَّا مَنْ وَلِيٍّ أَدَّى عَنْ مَحْجُورِهِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَدَاءِ بَعْدَ الضَّمَانِ بِغَيْرِ إذْنٍ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ، رَجَعَ إنْ قَصَدَ الْأَدَاءَ عَنْ الْإِذْنِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَوْ صَالَحَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ فَيَرْجِعُ بِالْأَصْلِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِمَا غَرِمَ) وَفِي عَكْسِ هَذِهِ يَرْجِعُ بِالْأَصْلِ، وَلَوْ أَدَّى مِثْلَ الْمَضْمُونِ رَجَعَ بِهِ، وَلَوْ مُتَقَوِّمًا كَالْقَرْضِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُسَامَحَةُ جَرَتْ مَعَهُ) أَيْ عَنْهُ وَعَنْ الْأَصِيلِ. تَنْبِيهٌ حَوَالَةُ الضَّامِنِ لِلْمُسْتَحَقِّ وَحَوَالَةُ الْمُسْتَحَقِّ عَلَى الضَّامِنِ، وَارِثُ الضَّامِنِ لِلْمَضْمُونِ كَالْأَدَاءِ إلَّا فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَا رُجُوعَ) وَإِنْ نَوَاهُ إلَّا فِي وَلِيٍّ عَنْ مَحْجُورِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ أَذِنَ مُطْلَقًا) فَيَرْجِعُ إنْ لَمْ يَقَعْ مِنْ الْمُؤَدِّي ضَمَانٌ بَعْدَ الْإِذْنِ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إلَّا إنْ قَصَدَ الْأَدَاءَ عَنْ الْإِذْنِ السَّابِقِ كَمَا مَرَّ. وَمِثْلُ الْإِذْنِ الْمُطْلَقِ فِي الرُّجُوعِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: عَمِّرْ دَارِي أَوْ أَنْفِقْ عَلَى زَوْجَتِي أَوْ عَبْدِي أَوْ اعْلِفْ دَابَّتِي وَكَذَا أَدِّ دَيْنَ فُلَانٍ، عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ بِخِلَافِ أَطْعِمْنِي رَغِيفًا أَوْ اغْسِلْ ثِيَابِي لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَكَذَا بِعْ لِهَذَا بِأَلْفٍ وَأَنَا أَدْفَعُهُ لَكَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ. قَوْلُهُ: (يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ) إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِلَّا رَجَعَ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ. بِقَوْلِهِ: كَالضَّامِنِ وَفِي الْحَوَالَةِ مَا مَرَّ آنِفًا مِنْ أَنَّهَا كَالْأَدَاءِ نَعَمْ لَوْ أَحَالَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الضَّامِنِ، وَأَبْرَأَهُ الْمُحْتَالُ لَمْ يَرْجِعْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا يَرْجِعُ بِهِ وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ   [حاشية عميرة] وَالثَّانِي) أَيْ كَمَا أَنَّ الْمُعِيرَ لِلرَّهْنِ يُطَالَبُ بِتَخْلِيصِهِ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الرَّهْنَ مَحْبُوسٌ بِالدَّيْنِ وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ هَذَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا) يَدُلُّ عَلَيْهِ «صَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَيِّتِ لِمَا ضَمِنَهُ أَبُو قَتَادَةَ» ، إذْ لَوْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فَالدَّيْنُ بَاقٍ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ إلَخْ) وَأَيْضًا فَالضَّامِنُ قَدْ يُؤَدِّي وَقَدْ لَا يُؤَدِّي، فَلَمْ يَقَعْ الْإِذْنُ فِي شَيْءٍ يُوجِبُ الْغُرْمَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَدَّى إلَخْ) لَوْ قَالَ: بِعْتُك الثَّوْبَ بِمَا ضَمِنْتُهُ لَك. رَجَعَ بِالدَّيْنِ لَا بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا رُجُوعَ) أَيْ كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى دَوَابِّ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (رَجَعَ) لِحَدِيثِ «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) بِخِلَافِ اغْسِلْ ثَوْبِي إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ الْمُسَامَحَةُ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الْأَعْيَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ مُصَالَحَتَهُ) لَمْ يَجُرَّ هَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 كَالضَّامِنِ. (ثُمَّ إنَّمَا يَرْجِعُ الضَّامِنُ وَالْمُؤَدِّي إذَا أَشْهَدَ بِالْأَدَاءِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ وَكَذَا رَجُلٌ) أَشْهَدَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا (لِيَخْلُفَ مَعَهُ) فَيَكْفِي (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُجَّةٌ وَالثَّانِي يَقُولُ: قَدْ يَتَرَافَعَانِ إلَى حَنَفِيٍّ لَا يَقْضِي بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، (فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ) أَيْ الضَّامِنُ بِالْأَدَاءِ أَوْ أَنْكَرَهُ رَبُّ الدَّيْنِ (فَلَا رُجُوعَ) لَهُ (وَإِنْ أَدَّى فِي غَيْبَةِ الْأَصِيلِ وَكَذَّبَهُ، وَكَذَا إنْ صَدَّقَهُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِأَدَائِهِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى تَصْدِيقِهِ (فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَضْمُونُ لَهُ) مَعَ تَكْذِيبِ الْأَصِيلِ (أَوْ أَدَّى بِحَضْرَةِ الْأَصِيلِ) مَعَ تَكْذِيبِ الْمَضْمُونِ لَهُ (رَجَعَ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ الرَّاجِحِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ فِي الْأُولَى وَعِلْمِ الْأَصِيلِ بِالْأَدَاءِ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّانِي فِي الْأُولَى يَقُولُ: تَصْدِيقُ رَبِّ الدَّيْنِ لَيْسَ حُجَّةً عَلَى الْأَصِيلِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَقُولُ: لَمْ يَنْتَفِعْ الْأَصِيلُ بِالْأَدَاءِ لِتَرْكِ الْإِشْهَادِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ وَيُقَاسُ بِمَا ذُكِرَ فِي الضَّامِنِ الْمُؤَدِّي فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ. .   [حاشية قليوبي] إلَيْهِ. وَخَرَجَ بِصَالِحٍ مَا لَوْ بَاعَهُ بِهِ فَيَرْجِعُ بِالْأَصْلِ كَمَا مَرَّ. مِنْ قَوْلِهِ: (فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ) أَوْ كَذَّبَهُ الشُّهُودُ أَوْ قَالُوا: لَا نَدْرِي وَكَذَا لَوْ ادَّعَى غَيْبَةَ الشُّهُودِ أَوْ فِسْقَهُمْ أَوْ مَوْتَهُمْ، وَكَذَّبَهُ الْأَصِيلُ وَحَلَفَ فَإِنْ صَدَّقَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَدَّى مَرَّةً بِلَا إشْهَادٍ وَمَرَّةً بِإِشْهَادٍ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ صَدَّقَهُ فِي الْأَصَحِّ) نَعَمْ إنْ أَمَرَهُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ رَجَعَ قَطْعًا أَوْ بِإِشْهَادٍ لَمْ يَرْجِعْ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ إلَخْ) هِيَ مِنْ أَفْرَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَعُذْرُهُ فِي إخْرَاجِهَا نَظَرُهُ لِلظَّاهِرِ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَصِيلِ فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ: إنَّهَا مِنْ زِيَادَتِهِ فِيهِ نَظَرٌ. فَرْعٌ بَاعَ مِنْ اثْنَيْنِ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ أَحَدُهُمَا، أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ أَوْ يَكُونُ ضَامِنًا لَهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ سَالِمًا أَوْ دَلَالَةً وَثَمَنًا وَإِنْ كَانَتْ الدَّلَالَةُ مَعْلُومَةً قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ: وَنَقَلَ الْعَلَّامَةُ سم عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْمَعْلُومَةِ، وَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْكُلَّ ثَمَنًا فَرَاجِعْهُ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ.   [حاشية عميرة] الْخِلَافُ فِي مُصَالَحَةِ الضَّامِنِ؛ لِأَنَّهُ صَالَحَ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ هَذَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) مَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا مَاتَ الشَّاهِدُ أَوْ غَابَ أَوْ رُفِعَتْ الْخُصُومَةُ لِحَنَفِيٍّ، أَمَّا لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَشَهِدَ وَحَلَفَ مَعَهُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِلَا خِلَافٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ) إنَّمَا جَعَلَ الشَّارِحُ فَاعِلَهُ خَاصًّا بِالضَّامِنِ مِنْ أَنَّ الْمُؤَدِّيَ بِغَيْرِ ضَمَانٍ حُكْمُهُ كَذَلِكَ كَمَا سَيَجِيءُ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي: الْمَضْمُونُ لَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ صَدَّقَهُ) لَوْ كَانَ أَمَرَهُ بِالْإِشْهَادِ لَمْ يَرْجِعْ جَزْمًا، وَهُوَ ظَاهِرُ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ السُّكُوتِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 كِتَابُ الشِّرْكَةِ بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَحُكِيَ فَتْحُ الشِّينِ وَكَسْرُ الرَّاءِ (هِيَ أَنْوَاعٌ شِرْكَةُ الْأَبْدَانِ كَشِرْكَةِ الْحَمَّالِينَ وَسَائِرِ الْمُحْتَرِفَةِ) كَالدَّلَّالِينَ وَالنَّجَّارِينَ وَالْخَيَّاطِينَ (لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا كَسْبُهُمَا) بِحِرْفَتِهِمَا (مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاوِتًا مَعَ اتِّفَاقِ الصَّنْعَةِ) كَمَا ذُكِرَ، (أَوْ اخْتِلَافُهَا) كَالْخَيَّاطِ وَالرَّفَّاءِ وَالنَّجَّارِ وَالْخَرَّاطِ (وَشِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ: بِأَنْ يَشْتَرِكَا (لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا كَسْبُهُمَا) قَالَ الشَّيْخُ فِي التَّنْبِيهِ: بِأَمْوَالِهِمَا وَأَبْدَانِهِمَا، (وَعَلَيْهِمَا مَا يَعْرِضُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (مِنْ غُرْمٍ) وَسُمِّيَتْ مُفَاوَضَةً مِنْ تَفَاوَضَا فِي الْحَدِيثِ شَرَعَا فِيهِ جَمِيعًا (وَشِرْكَةُ الْوُجُوهِ بِأَنْ يَشْتَرِكَ الْوَجِيهَانِ لِيَبْتَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمُؤَجَّلٍ) ، وَيَكُونُ   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الشِّرْكَةِ هِيَ اسْمُ مَصْدَرٍ لِأَشْرَكَ وَمَصْدَرُهُ الْإِشْرَاكُ، وَيُقَالُ لِمَنْ أَثْبَتَهَا مُشْرِكٌ وَشَرِيكٌ، لَكِنَّ الْعُرْفَ خَصَّصَ الْإِشْرَاكَ وَالْمُشْرِكَ بِمِنْ جَعَلَ لِلَّهِ شَرِيكًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَكَسْرِ الرَّاءِ) أَيْ وَسُكُونِهَا. قَوْلُهُ: (هِيَ الشِّرْكَةُ الشَّرْعِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ اللُّغَوِيَّةَ أَعَمُّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ، إذْ مَعْنَاهَا الْخُلْطَةُ مُطْلَقًا، كَذَا قَالُوا وَالْوَجْهُ أَنَّ الشَّرْعِيَّةَ أَعَمُّ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، أَوْ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا مِنْ وَجْهٍ فَتَأَمَّلْ. وَمَعْنَاهَا شَرْعًا ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي شَيْءٍ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ، فَدَخَلَ نَحْوُ الْقِصَاصِ وَحَدُّ الْقَذْفِ وَالشُّفْعَةُ، فَقَوْلُهُمْ: عَقْدٌ يَقْتَضِي ثُبُوتَ ذَلِكَ قَاصِرٌ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ الْأَمْوَالِ غَالِبًا، وَقَوْلُهُمْ: ثُبُوتُ الْحَقِّ إلَخْ مُرَادُهُمْ حَالًا أَوْ مَآلًا بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقَوْلِ بِدَلِيلِ الْأَنْوَاعِ الْمَذْكُورَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (شِرْكَةُ الْأَبْدَانِ) جَوَّزَهَا أَبُو حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ مَعَ اتِّحَادِ الْحِرْفَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الشِّرْكَةِ وَإِنَّمَا لَهُ حُكْمُهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ انْفَرَدَ كُلٌّ لِوَاحِدٍ، وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا بَعْدَهَا ثُمَّ عَلَى الْبُطْلَانِ، فَمَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِكَسْبِهِ، فَهُوَ لَهُ وَمَا اشْتَرَكَا فِيهِ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا بِنِسْبَةِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (الْمُفَاوَضَةِ) جَوَّزَهَا أَبُو حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (بِأَمْوَالِهِمَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ خَلْطِهِمَا، كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّارِحِ الْآتِي، وَصَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ فَتَخْرُجُ بِالْخَلْطِ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ فَاسْتِدْرَاكُ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ. نَعَمْ إنْ نَوَيَا بِتَفَاوَضْنَا شَرِكَةَ الْعِنَانِ صَحَّتْ فِيهِ نَظَرٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِبَيَانِ حُكْمٍ مُسْتَقِلٍّ، وَهُوَ مَا لَوْ خَلَطَا مَالَيْنِ وَقَالَا تَفَاوَضْنَا وَنَوَيَا بِهِ شِرْكَةَ الْعِنَانِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ أَيْضًا، فَإِنْ فُقِدَ ذَلِكَ فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ شِرْكَةِ الْعِنَانِ الْفَاسِدَةِ بِفَقْدِ شَرْطٍ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَأَبْدَانُهُمَا) عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَوْ أَبْدَانُهُمَا وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهَا تَكُونُ بِالْأَبْدَانِ فَقَطْ، أَوْ الْأَمْوَالِ فَقَطْ أَوْ بِهِمَا مَعًا يَجْعَلُهَا مَانِعَةَ خُلُوٍّ. قَوْلُهُ: (مِنْ غُرْمٍ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ الشِّرْكَةِ كَغَصْبٍ وَنَحْوِهِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يَضُرُّ فِي شِرْكَةِ الْعِنَانِ. إلَّا إنْ صَرَّحَ بِغَرَامَةِ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالشِّرْكَةِ. قَوْلُهُ: (وَشِرْكَةُ الْوُجُوهِ) مِنْ الْوَجَاهَةِ أَيْ الْعَظَمَةِ وَالصَّدَاقَةِ لَا مِنْ الْوَجْهِ. قَوْلُهُ: (الْوَجِيهَانِ إلَخْ) هَذَا أَشْهَرُ مَا فُسِّرَتْ بِهِ وَفُسِّرَتْ بِأَنْ يَشْتَرِكَ وَجِيهٌ، وَخَامِلٌ إمَّا بِأَنَّ الْوَجِيهَ يَشْتَرِي، وَالْخَامِلَ يَبِيعُ، أَوْ بِأَنْ يَعْمَلَ الْوَجِيهُ وَالْمَالُ لِلْخَامِلِ فِي يَدِهِ، أَوْ يَدْفَعَهُ إلَى الْوَجِيهِ لِيَبِيعَهُ بِزِيَادَةٍ، وَعَلَى كُلٍّ يَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (وَيَكُونَ) مَنْصُوبٌ عَطْفًا   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الشِّرْكَةِ] هِيَ لُغَةً الِاخْتِلَاطُ عَلَى الشُّيُوعِ أَوْ الْمُجَاوَرَةِ، وَشَرْعًا ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ لِشَخْصَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى وَجْهِ الشُّيُوعِ، وَهَذَا شَامِلٌ لِلثُّبُوتِ الْقَهْرِيِّ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ غَرَضَ الْبَابِ، هُوَ الشِّرْكَةُ الَّتِي تَحْدُثُ بِالِاخْتِيَارِ لِقَصْدِ التَّصَرُّفِ وَالرِّبْحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (هِيَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 الْمُبْتَاعُ (لَهُمَا فَإِذَا بَاعَا كَانَ الْفَاضِلُ عَنْ الْأَثْمَانِ) الْمُبْتَاعِ بِهَا (بَيْنَهُمَا، وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ) الثَّلَاثَةُ (بَاطِلَةٌ) وَيَخْتَصُّ كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بِمَا يَكْسِبُهُ بِبَدَنِهِ، أَوْ مَالِهِ أَوْ يَشْتَرِيهِ. (وَشِرْكَةُ الْعِنَانِ صَحِيحَةٌ) وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي مَالٍ لَهُمَا لِيَتَّجِرَا فِيهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَالْعِنَانُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. (وَيُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّصَرُّفَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي التِّجَارَةِ وَالتَّصَرُّفِ، (فَلَوْ اقْتَصَرَا عَلَى اشْتِرَاكِنَا لَمْ يَكْفِ) فِي الْإِذْنِ الْمَذْكُورِ (فِي الْأَصَحِّ) لِقُصُورِ اللَّفْظِ عَنْهُ وَالثَّانِي يَقُولُ يُفْهَمُ مِنْهُ عُرْفًا (وَ) يُشْتَرَطُ (فِيهِمَا أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ) ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَكِيلٌ فِي مَالِهِ عَنْ الْآخَرِ. (وَتَصِحُّ) الشِّرْكَةُ (فِي كُلِّ مِثْلِيٍّ)   [حاشية قليوبي] عَلَى يَبْتَاعَ لِبَيَانِ مُتَعَلِّقٍ لَهُمَا لِيُفِيدَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ، وَأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمُشْتَرِيَ، وَبَعْدَ الشِّرَاءِ يَكُونُ لَهُمَا، وَفِي الْمَنْهَجِ أَنَّ لَهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِيَشْرِيَانِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ الْآخَرُ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَقْسَامِ الْفُضُولِيِّ فَإِنْ أَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَيَكُونُ ثَمَنُ مَا يَخُصُّهُ قَرْضًا عَلَيْهِ صَحَّتْ، وَكَانَتْ مِنْ شِرْكَةِ الْعِنَانِ. قَوْلُهُ: (بِبَدَنِهِ) رَاجِعٌ لِشِرْكَةِ الْأَبْدَانِ وَالْمُفَاوَضَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَالِهِ) رَاجِعٌ لِشِرْكَةِ الْمُفَاوَضَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَشْتَرِيهِ) رَاجِعٌ لِشِرْكَةِ الْوُجُوهِ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْعَيْنِ) وَقِيلَ بِفَتْحِهَا وَالْأَصَحُّ فِي فَتْحِهَا أَنَّهُ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ أَيْ سَحَابِهَا؛ لِأَنَّهَا عَلَتْ كَالسَّمَاءِ بِصِحَّتِهَا وَشُهْرَتِهَا لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ) ؛ لِأَنَّهَا أَظْهَرُ الْأَنْوَاعِ أَوْ؛ لِأَنَّ مَالَ كُلٍّ ظَهَرَ لِلْآخَرِ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: أَوْ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ لِاسْتِوَاءِ الشَّرِيكَيْنِ فِي التَّصَرُّفِ وَالْفَسْخِ وَالرِّبْحِ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ، كَاسْتِوَاءِ طَرَفَيْ الْعِنَانِ أَوْ لِمَنْعِ كُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ، الْآخَرَ مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَنْعِ الْعِنَانِ لِلدَّابَّةِ أَوْ لِمَنْعِ الشَّرِيكِ نَفْسَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ، كَمَنْعِ آخِذِ عِنَانِ الدَّابَّةِ يَدَهُ الَّتِي فِيهَا الْعِنَانُ مِنْ التَّصَرُّفِ كَيْفَ شَاءَ دُونَ الْأُخْرَى. قَوْلُهُ: (صَحِيحَةٌ) لِخَبَرِ «السَّائِبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ حَبْسِيِّ بْنِ عَائِدٍ الْمَخْزُومِيِّ أَنَّهُ شَرِيكُ النَّبِيِّ قَبْلَ الْبَعْثَةِ، ثُمَّ جَاءَ إلَيْهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ لَهُ مَرْحَبًا بِأَخِي وَشَرِيكِي» اهـ. فَفِي ذِكْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلشَّرِكَةِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهَا؛ لِأَنَّهُ تَقْرِيرٌ لِمَا وَقَعَ قَبْلَهُ وَفِي ذِكْرِهَا أَيْضًا تَعْظِيمٌ لِلسَّائِبِ الْمَذْكُورِ خُصُوصًا مَعَ قَرْنِهَا بِالْأُخُوَّةِ وَالتَّرْحِيبِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ افْتِخَارٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالشَّرِيكِ كَمَا تُوُهِّمَ، وَإِنْ كَانَ لَا مَانِعَ مِنْهُ، وَقِيلَ: إنَّ قَائِلَ ذَلِكَ السَّائِبُ افْتِخَارًا بِشَرِكَتِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ أَيْضًا لِإِقْرَارِهِ عَلَى ذِكْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظٌ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ الشَّرْطِيَّةُ مُتَوَجِّهَةٌ إلَى دَلَالَةِ اللَّفْظِ، لَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صِيغَةُ الْعَقْدِ وَهِيَ رُكْنٌ كَالْعَاقِدَيْنِ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ، وَأَمَّا الْعَمَلُ فَأَمْرٌ خَارِجٌ عَنْهَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بَعْدَ، وُجُودِهَا فَجَعْلُهُ مِنْ الْأَرْكَانِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مَعَ عَدَمِ رَدِّ الْآخَرِ كَأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ: اتَّجِرْ أَوْ بِعْ وَاشْتَرِ أَوْ تَصَرَّفْ بَيْعًا وَشِرَاءً، لَا تَصَرَّفْ فَقَطْ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى مَا يَأْتِي، فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ ذَلِكَ تَصَرَّفَ الْقَائِلُ فِي نَصِيبِهِ فَقَطْ وَالْآخَرُ فِي الْجَمِيعِ، قَالَهُ شَيْخُنَا: وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ غَيْرُ مُمَيَّزٍ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الصُّورَةُ إبْضَاعٌ لَا شِرْكَةٌ وَلَا قِرَاضٌ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. نَعَمْ إنْ قَالَ أَحَدُهُمَا اشْتَرَكْنَا عَلَى أَنْ يَتَصَرَّفَ كُلٌّ مِنَّا بَيْعًا وَشِرَاءً وَرَضِيَ الْآخَرُ كَفَى، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْمَنْهَجِ أَوْ أَحَدُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَمَعْلُومٌ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ لَفْظَ التَّصَرُّفِ فِي كَلَامِهِ غَيْرُ كَافٍ وَحْدَهُ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ إرَادَةِ التِّجَارَةِ أَوْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَأَنَّ لَفْظَ التَّصَرُّفِ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ عَطْفٌ مُرَادِفٌ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ) أَيْ فَلَا شِرْكَةَ. نَعَمْ إنْ نَوَيَا بِهِ الْإِذْنَ فِي التَّصَرُّفِ كَمَا فِيهَا كَفَى قَالَهُ السُّبْكِيُّ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ وَمِنْهُمَا وَلِيُّ الْمَحْجُورِ حُكْمًا، وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ شَرْطَهُ فِي الْوَصِيِّ، وَالْقَيِّمِ عَجْزُهُمَا عَنْ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فَوَاضِحٌ أَوْ الْآخَرُ فَشَرْطُهُ صِحَّةُ الْإِيدَاعِ عِنْدَهُ، وَشَمَلَ   [حاشية عميرة] أَنْوَاعٌ) أَيْ مُطْلَقُ الشِّرْكَةِ لَا الشِّرْكَةُ الصَّحِيحَةُ. قَوْلُهُ: (بِأَمْوَالِهَا) قَالَ السُّبْكِيُّ: مِنْ غَيْرِ خَلْطِ الْأَمْوَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَشِرْكَةُ الْعِنَانِ صَحِيحَةٌ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُهُ: (مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ) أَيْ؛ لِأَنَّ جَوَازَهَا ظَاهِرٌ بَارِزٌ، وَقِيلَ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ وَهُوَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا، وَقِيلَ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: فَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ تَكُونُ الْعَيْنُ مَفْتُوحَةً، وَعَلَى الْأَخِيرِ تَكُونُ مَكْسُورَةً عَلَى الْمَشْهُورِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَقَلَ عَنْ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُمَا قَالَا: لَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التِّجَارَةِ، نَحْوُ اتَّجِرْ فِيمَا شِئْت، وَكَذَا اتَّجِرْ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ: وَأَمَّا لَفْظُ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ، فَإِنْ قَالَ تَصَرَّفْ فِيهَا وَفِي أَعْوَاضِهَا فَقَرِيبٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَعْوَاضَ فَهُوَ إذْنٌ فِيهَا فَقَطْ، وَلَيْسَ شِرْكَةً إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمَعْلُومٌ إلَخْ، رَدٌّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 نَقْدٍ وَغَيْرِهِ كَالْحِنْطَةِ (دُونَ الْمُتَقَوِّم) بِكَسْرِ الْوَاوِ كَالثِّيَابِ، (وَقِيلَ: تَخْتَصُّ بِالنَّقْدِ الْمَضْرُوبِ) مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَفِي جَوَازِهَا فِي الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ الْجَوَازُ إنْ اسْتَمَرَّ فِي الْبَلَدِ رَوَاجُهَا، وَلَا يَجُوزُ فِي التِّبْرِ وَفِيهِ وَجْهٌ فِي التَّتِمَّةِ. (وَيُشْتَرَطُ خَلْطُ الْمَالَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ) وَيَكُونُ الْخَلْطُ قَبْلَ الْعَقْدِ، فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَهُ فِي مَجْلِسِهِ فَوَجْهَانِ فِي التَّتِمَّةِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ أَيْ فَيُعَادُ الْعَقْدُ، (وَلَا يَكْفِي الْخَلْطُ مَعَ اخْتِلَافِ جِنْسٍ) كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ (أَوْ صِفَةٍ كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ) وَحِنْطَةٍ حَمْرَاءَ وَحِنْطَةٍ بَيْضَاءَ، فَلَا تَصِحُّ الشِّرْكَةُ فِي ذَلِكَ (هَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ الْخَلْطِ (إذَا أَخْرَجَا مَالَيْنِ وَعَقَدَا فَإِنْ مَلَكَا مُشْتَرَكًا) مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الشِّرْكَةُ (بِإِرْثٍ وَشِرَاءٍ وَغَيْرِهِمَا وَأَذِنَ كُلٌّ لِلْآخَرِ فِي التِّجَارَةِ فِيهِ تَمَّتْ الشِّرْكَةُ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْخَلْطِ حَاصِلٌ، (وَالْحِيلَةُ فِي الشِّرْكَةِ فِي الْعُرُوضِ) مِنْ الْمُتَقَوِّمِ كَالثِّيَابِ (أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (بِبَعْضِ عَرَضِهِ بَعْضَ عَرَضِ الْآخَرِ وَيَأْذَنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ) بَعْدَ التَّقَابُضِ، وَالْبَعْضُ كَالنِّصْفِ بِالنِّصْفِ، وَالثُّلُثُ بِالثُّلُثَيْنِ. وَلَا يُشْتَرَطُ   [حاشية قليوبي] الْمُكَاتَبَ وَشَرْطُهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ تَبَرُّعٌ وَعَمَلَ الْمُبَعَّضِ فِيمَا مَلَكَهُ بِحُرِّيَّتِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَهُ مُشَارَكَةُ سَيِّدِهِ فَرَاجِعْهُ وَعَلَى كُلٍّ فَإِنْ كَانَ الْمُتَصَرِّفُ شَرِيكَهُ فَقَطْ، فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ سَيِّدِهِ إلَّا فِي نَوْبَةِ نَفْسِهِ، إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ كُلًّا إلَخْ) فَإِنْ تَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ اُشْتُرِطَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ التَّوَكُّلِ، وَفِي الْآخَرِ أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَعْمَى كَمَا فِي الْمَطْلَبِ، وَطَرِيقُهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْخَلْطِ، وَيَأْذَنَ قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُتَصَرِّفُ أَحَدَهُمَا، يَكُونُ إبْضَاعًا لَا شِرْكَةً فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ الشِّرْكَةُ) وَإِنْ كُرِهَتْ كَشِرْكَةِ ذِمِّيٍّ وَآكِلِ الرِّبَا وَمَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْمُتَقَوِّمِ) أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ الْخُلْطَةِ فِيهِ كَمَا يَأْتِي عَنْهُ، نَعَمْ لَوْ اشْتَبَهَ نَحْوُ ثَوْبٍ بِثَوْبٍ صَحَّتْ الشِّرْكَةُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (الْمَضْرُوبِ) الْمُرَادُ بِهِ الْخَالِصُ مِنْ الْغِشِّ. وَالتُّرَابِ وَلَوْ مِنْ السَّبَائِكِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ) وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ حَيْثُ لَا تَتَمَيَّزُ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِنْهُ التِّبْرُ الْمَذْكُورُ لِاخْتِلَاطِهِ بِالتُّرَابِ، فَعُلِمَ أَنَّ مَا فِي التَّتِمَّةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى تُرَابٍ، يَجْعَلُهُ مُتَقَوِّمًا أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (خَلْطُ الْمَالَيْنِ) لَوْ عَبَّرَ بِالِاخْتِلَاطِ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (لَا يَتَمَيَّزَانِ) أَيْ عِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ، وَإِنْ تَمَيَّزَا عِنْدَ غَيْرِهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ وَقَعَ الْخَلْطُ بَعْدَهُ) أَيْ الْعَقْدِ أَوْ مَعَهُ فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا فِي التَّتِمَّةِ الْمَنْعُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَيُعَادُ الْعَقْدُ) أَيْ الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ. قَوْلُهُ: (كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ) وَمِنْهُ اخْتِلَافُ نَوْعِ النَّقْدِ، وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ الْقِيمَةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ اشْتِرَاطُ الْخَلْطِ) أَفَادَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْمِثْلِيِّ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الشِّرْكَةُ، وَإِنَّمَا قَصَرَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلِذِكْرِهِ الْمُتَقَوِّمَ بَعْدَهُ، لَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُتَقَوِّمِ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الشِّرْكَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مُشْتَرَكًا) أَيْ مَا حَصَلَ الِاشْتِرَاكُ فِيهِ حِينَ الْمِلْكِ فَنَصْبُهُ بِمَلَكَا يَجُوزُ إنْ جُعِلَ مَفْعُولًا بِهِ عَلَى طَرِيقَةِ صَاحِبِ الْمُغْنِي، فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ عِنْدَهُ، وَعَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِهِ صَحِيحٌ، وَإِنْ جُعِلَ مَفْعُولًا بِهِ. قَوْلُهُ: (وَأَذِنَ كُلٌّ) أَيْ بَعْدَ   [حاشية عميرة] عَلَيْهِ وَمَنْعٌ لِكَلَامِهِ ثُمَّ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ تُفِيدُكَ أَنَّ الْإِذْنَ يُفِيدُهُ، فَلَوْ كَانَ فِي لَفْظِ الِاشْتِرَاكِ فَتَكُونُ الصِّيغَةُ حَاصِلَةً بِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) دَخَلَ وَلِيُّ الطِّفْلِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْخَلْطَ قَبْلَ الْعَقْدِ، يَكُونُ مُضِرًّا مُنْقِصًا لِلْمَالِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْوَاوِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَعَدِّيًا بَلْ مُطَاوِعًا لِفِعْلٍ يَتَعَدَّى إلَى وَاحِدٍ، فَيَكُونُ لَازِمًا فَلَا يُبْنَى مِنْهُ اسْمُ الْمَفْعُولِ. قَوْلُهُ: (كَالثِّيَابِ) أَيْ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْخَلْطِ فِيهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ تَخْتَصُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ عَقْدُ تَصَرُّفٍ فِي مَالِ الْغَيْرِ لِلرِّبْحِ، فَكَانَ كَالْقِرَاضِ ثُمَّ عِبَارَةُ الْكِتَابِ تُوهِمُ أَنَّ النَّقْدَ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الْمَضْرُوبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ صِفَةً إلَخْ) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ مِنْ ضَرْبٍ وَالْآخَرُ مِنْ ضَرْبٍ آخَرَ، لَا يَصِحُّ عَقْدُ الشِّرْكَةِ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ اخْتِلَافَ الْقِيمَةِ فِي الْمِثْلِيِّ لَا يُلْحَقُ بِذَلِكَ بَلْ تَصِحُّ الشِّرْكَةُ فِيهِ، ثُمَّ رَأَيْت الرَّافِعِيَّ نَقَلَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ يَكُونُ الِاشْتِرَاكُ بِنِسْبَةِ الْقِيمَةِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَفْسُدُ كَالصِّحَاحِ وَالْمُكَسَّرَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَمَّتْ الشِّرْكَةُ) أَيْ فَيَكُونُ هَذَا الْإِذْنُ التَّابِعُ لِمَا ذُكِرَ مُغْنِيًا عَنْ لَفْظِ الشِّرْكَةِ بَلْ وَكَذَا يُقَالُ، إذَا وُجِدَ الْإِذْنُ بَعْدَ الْخَلْطِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا لَفْظَ الِاشْتِرَاكِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ، وَمِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: فِيمَا مَضَى وَيُشْتَرَطُ فِيهَا إلَخْ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمُتَقَوِّمِ) وَإِلَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 عِلْمُهُمَا بِقِيَمِهِ الْعَرْضَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَسَوَاءٌ تَجَانَسَا أَمْ اخْتَلَفَا. وَقَوْلُهُ: كُلُّ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي الْإِذْنِ وَنِسْبَةِ الْبَيْعِ إلَيْهِ بِالنَّظَرِ إلَى الْمُشْتَرِي بِتَأْوِيلِ أَنَّهُ بَائِعٌ لِلثَّمَنِ، (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الشِّرْكَةِ (تَسَاوِي قَدْرِ الْمَالَيْنِ) أَيْ تَسَاوِيهِمَا فِي الْقَدْرِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ لِلتَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِقَدْرِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ) أَيْ بِقَدْرِ كُلٍّ مِنْ الْمَالَيْنِ أَهُوَ النِّصْفُ أَمْ غَيْرُهُ إذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهُ مِنْ بَعْدُ، وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَالٌ مُشْتَرَكٌ كُلٌّ مِنْهُمَا جَاهِلٌ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْهُ، فَأَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ فِي نَصِيبِهِ مِنْهُ يَصِحُّ الْإِذْنُ فِي الْأَصَحِّ، وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا مُبْهَمًا كَالْمُثَمَّنِ، (وَيَتَسَلَّطُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى التَّصَرُّفِ بِلَا ضَرَرٍ فَلَا يَبِيعُ نَسِيئَةً وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَلَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، وَلَا يُسَافِرُ بِهِ، وَلَا يُبْضِعُهُ) بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ يَدْفَعُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ مُتَبَرِّعًا (بِغَيْرِ إذْنٍ) هُوَ قَيْدٌ فِي الْجَمِيعِ، فَإِنْ أَبْضَعَهُ أَوْ سَافَرَ بِهِ ضَمِنَ، وَإِنْ بَاعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَمْ يَصِحَّ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَفِي نَصِيبِهِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، فَإِنْ فَرَّقْنَاهَا انْفَسَخَتْ الشِّرْكَةُ فِي الْمَبِيعِ وَصَارَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالشَّرِيكِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَيُقَاسُ بِالْغَبْنِ الْبَيْعُ   [حاشية قليوبي] الْقَبْضِ فِي غَيْرِ الْإِرْثِ. قَوْلُهُ (فِي الْعُرُوضِ) أَيْ وَكَذَا النُّقُودُ إذَا اخْتَلَفَتْ جِنْسًا أَوْ صِفَةً. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمُتَقَوِّمِ) بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْ الْعُرُوضِ لِيَخْرُجَ الْعُرُوض الْمِثْلِيَّةُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّقَابُضِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْإِذْنِ فَهُوَ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَهَذَا الْإِذْنُ كَافٍ عَنْ عَقْدِ الشِّرْكَةِ، فَلَوْ شَرَطَ الشِّرْكَةَ حَالَةَ الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (بِتَأْوِيلٍ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِلتَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ إطْلَاقٌ حَقِيقِيٌّ مَعَ أَنَّ فِي التَّأْوِيلِ لُزُومَ الِاحْتِيَاجِ إلَى لَفْظِ كُلٍّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْ تَسَاوِيهِمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، مَا فِي أَصْلِهِ لَا إنَّهَا مُسَاوِيَةٌ لَهَا، كَمَا قِيلَ: إذْ لَا تَصِحُّ نِسْبَةُ التَّفَاعُلِ لِلْمُفْرَدِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِقَدْرِ كُلٍّ) أَشَارَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ لَا الْمُرَادُ مَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ اعْتِبَارِهِ الْمَجْمُوعَ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَهُوَ النِّصْفُ أَمْ غَيْرُهُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ النِّسْبَةُ بِالْجُزْئِيَّةِ، وَلَوْ بِنَحْوِ مِيزَانٍ، وَلَوْ خَالَفَ الْوَزْنُ أَوْ الْعَدَدُ الْقِيمَةَ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ، وَبِقَوْلِهِ: إذَا أَمْكَنَ إلَخْ، إلَى أَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ لَمْ تَصِحَّ الشِّرْكَةُ قَطْعًا وَلَوْ طَرَأَ عَدَمُ الْعِلْمِ بَعْدَ التَّصَرُّفِ لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ، وَيَرْجِعُ لِمَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ بَعْدُ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَصِحُّ الْإِذْنُ) وَلَهُمَا التَّصَرُّفُ قَبْلَ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا. قَوْلُهُ: (مُبْهَمًا كَالْمُثَمَّنِ) فَإِذَا عَرَفَا نِسْبَةَ الْمُثَمَّنِ بَعْدَ ذَلِكَ نَزَلَ الثَّمَنُ عَلَيْهَا، وَيُقَوَّمُ غَيْرَ نَقْدِ الْبَلَدِ بِهِ. قَوْلُهُ: (بِلَا ضَرَرٍ) الْأَوْلَى بِمَصْلَحَةٍ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ زَادَ رَاغِبٌ قَبْلَ الْبَيْعِ، بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْبَيْعُ لَهُ، بَلْ لَوْ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ تَعَيَّنَ الْفَسْخُ بِالْبَيْعِ لَهُ، فَلَوْ لَمْ يَفْسَخْهُ انْفَسَخَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ فِي فَوْتِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ ضَرَرًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) وَإِنْ رَاجَ بِخِلَافِ عَامِلُ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُضَيَّقُ عَلَيْهِ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ، وَالْمُرَادُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ مَا يَتَعَامَلُ بِهِ فِيهَا، وَلَوْ عُرُوضًا فَيَصِحُّ بِهِ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَرُجْ. وَلَا يُسَافِرُ بِهِ أَيْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ كَنَهْبٍ. قَوْلُهُ: (مُتَبَرِّعًا) قَيْدٌ لِكَوْنِهِ يُسَمَّى إبْضَاعًا لَا لِلْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنٍ) هُوَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ، فَبِالْإِذْنِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ يَجُوزُ، وَدَخَلَ فِي الْإِذْنِ فِي السَّفَرِ، مَا لَوْ كَانَ ضِمْنًا كَأَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي مَفَازَةٍ فَلَهُ السَّفَرُ بِهِ إلَى الْعُمْرَانِ، أَوْ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ فَلَهُ السَّفَرُ بِهِ إلَى الْبَرِّ: نَعَمْ لَا يَجُوزُ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ الْمِلْحِ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ) وَيَضْمَنُهُ بِالتَّسْلِيمِ وَخَرَجَ بِبَاعَ مَا لَوْ اشْتَرَى بِالْغَبْنِ، فَإِنْ كَانَ بِعَيْنِ الْمَالِ   [حاشية عميرة] فَالْمِثْلِيَّاتُ مِنْ الْعُرُوضِ وَالشِّرْكَةُ تَصِحُّ فِيهَا بِدُونِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ عَرْضِهِ) هُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ نِصْفٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَأْذَنُ لَهُ) الْأَحْسَنُ ثُمَّ يَأْذَنُ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْإِذْنَ قَائِمٌ مَقَامَ عَقْدِ الشِّرْكَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا إلَخْ) وَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا عَقْدُ شِرْكَةٍ فِي الْأَثْمَانِ بَعْدَ نَضُوضِهَا، خِلَافًا لِلْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي، وَقَوْلُهُ كُلٌّ إلَخْ جَوَابٌ عَنْ اعْتِرَاضٍ بِأَنَّ لَفْظَ كُلٍّ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُشْتَرَطُ) قِيلَ يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ الْآتِي: إنَّ الرِّبْحَ وَالْخُسْرَانَ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَسَاوِي قَدْرِ الْمَالَيْنِ) الْمُتَسَاوِي هُوَ الْمُتَمَاثِلُ فَيَكُونُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَقَدْ أَضَافَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَدْرِ الْمَالَيْنِ، وَهُوَ مُفْرَدٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَئُولَ قَدْرُ الْمَالَيْنِ بِقَدْرَيْهِمَا، أَوْ يَرْتَكِبَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِقَدْرِهِمَا إلَخْ) أَيْ بِقَدْرِ نِسْبَتِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَوْلُهُ: إذَا أَمْكَنَ إلَخْ. أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَمَّا لَوْ عَلِمَا النِّسْبَةَ، وَجَهِلَا الْقَدْرَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ إلَخْ) أَيْ فَالْوَجْهُ الثَّانِي يُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِالْقَدْرِ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَاَلَّذِي يَأْذَنُ فِيهِ ثُمَّ هَذِهِ الصُّورَةُ الَّتِي جَعَلَهَا مَأْخَذًا لِمَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ شِرْكَةً، وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ إمْكَانِ الْمَعْرِفَةِ بَعْدَ ذَلِكَ كَالصُّورَةِ الْمَنْفِيَّةِ وَالْوَجْهُ أَنَّ ذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 نَسِيئَةً، وَبِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، (وَلِكُلٍّ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (فَسْخُهُ) أَيْ عَقْدُ الشِّرْكَةِ (مَتَى شَاءَ) كَالْوَكَالَةِ (وَيَنْعَزِلَانِ عَنْ التَّصَرُّفِ) جَمِيعًا (بِفَسْخِهِمَا) أَيْ بِفَسْخِ كُلٍّ مِنْهُمَا (فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا) لِلْآخَرِ (عَزَلْتُكَ أَوْ لَا تَتَصَرَّفْ فِي نَصِيبِي لَمْ يَنْعَزِلْ الْعَازِلُ) فَيَتَصَرَّفُ فِي نَصِيبِ الْمَعْزُولِ. (وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَبِجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ) كَالْوَكَالَةِ (وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ تَسَاوَيَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ (فِي الْعَمَلِ، أَوْ تَفَاوَتَا) فِيهِ (فَإِنْ شَرَطَا خِلَافَهُ) أَيْ التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ مَعَ التَّفَاوُتِ فِي الْمَالِ، أَوْ التَّفَاوُتِ فِي الرِّبْحِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ (فَسَدَ الْعَقْدُ، فَيَرْجِعُ كُلٌّ عَلَى الْآخَرِ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فِي مَالِهِ، وَتَنْفُذُ التَّصَرُّفَاتُ) مِنْهُمَا لِلْإِذْنِ (وَالرِّبْحُ) بَيْنَهُمَا (عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ) رُجُوعًا إلَى الْأَصْلِ (وَيَدُ الشَّرِيكِ يَدُ أَمَانَةٍ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ) إلَى شَرِيكِهِ (وَالْخُسْرَانُ وَالتَّلَفُ) إنْ ادَّعَاهُ بِلَا سَبَبٍ، أَوْ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَالسَّرِقَةِ (فَإِنْ ادَّعَاهُ بِسَبَبٍ   [حاشية قليوبي] لَمْ يَصِحَّ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ صَحَّ، وَيَقَعُ الشِّرَاءُ لَهُ لَا لِلشَّرِكَةِ وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ مِنْ مَالِهِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلِكُلٍّ إلَخْ) هَذَا فِي الْمُتَصَرِّفِ لِنَفْسِهِ فَعَلَى وَلِيٍّ وَوَارِثٍ إبْقَاؤُهَا لِمَصْلَحَةٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِفَسْخِ كُلٍّ مِنْهُمَا) فَفَسْخُ أَحَدِهِمَا كَافٍ لَكِنْ فِيهِ وَجْهَانِ: فَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ، وَعَدَمُ إيرَادِهِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) وَيَخْرُجُ مِنْ التَّرِكَةِ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ، ثُمَّ لِلْوَارِثِ الرَّشِيدِ إبْقَاؤُهَا وَلَوْ بِلَفْظِ التَّقْرِيرِ، وَكَذَا الْوَلِيُّ غَيْرُ الرَّشِيدِ لِمَصْلَحَةٍ. قَوْلُهُ: (وَبِجُنُونِهِ) وَيَفْعَلُ وَلِيُّهُ بِالْمَصْلَحَةِ مِنْ إبْقَائِهَا، وَلَوْ بِلَفْظِ التَّقْرِيرِ وَإِذَا أَفَاقَ فَعَلَ مَا يَرَاهُ. قَوْلُهُ: (وَإِغْمَائِهِ) وَإِنْ قَلَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَتَصَرَّفُ عَنْهُ غَيْرُهُ، وَلَوْ شَرِيكَهُ لِانْفِسَاخِ عَقْدِ الشِّرْكَةِ، فَإِذَا أَفَاقَ فَعَلَ لِنَفْسِهِ مَا يُرِيدُهُ، وَطُرُوُّ الرِّقِّ وَحَجْرُ السَّفَهِ أَوْ الْفَلَسِ، عَزْلٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَا يَنْفُذُ مِنْهُمْ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهَذَا الْقَيْدُ فِي الْوَكَالَةِ طَرْدُهُ هُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي انْفِسَاخِ عَقْدِ الشِّرْكَةِ، وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ الْقَيْدِ فِيهِ، وَمِنْ الْإِغْمَاءِ التَّقْرِيفُ الْمَشْهُورُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْحَمَّامِ أَوْ لَا كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَالْإِغْمَاءِ السُّكْرُ وَلَوْ مُتَعَدِّيًا وَفِي الْمُتَعَدِّي نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مُعَامَلٌ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ) بِحَسَبِ الْقِيمَةِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَلَوْ فِي الْمِثْلِيِّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَيَرْجِعُ) وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ فِي الْقَدْرِ الْمُتَسَاوِي مِنْ عَمَلِهِمَا مَثَلًا فَتَأَمَّلْهُ وَسَوَاءٌ عَلِمَا بِالْفَسَادِ أَوْ لَا نَعَمْ إنْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا التَّبَرُّعَ فَلَا شَيْءَ لَهُ. قَوْلُهُ (وَيَدُ الشَّرِيكِ يَدُ أَمَانَةٍ) أَيْ قَبْلَ اسْتِعْمَالٍ، وَإِلَّا فَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي مُقَابَلَةِ عَلَفِهِ أَوْ مُهَايَأَةٍ، فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَإِلَّا فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي اسْتِعْمَالِهِ فَعَارِيَّةٌ وَإِلَّا فَغَصْبٌ. فَرْعٌ اسْتَأْجَرَ مِنْ شَخْصٍ جَمَلًا وَمِنْ آخَرَ رَاوِيَةً، وَاسْتَأْجَرَ شَخْصًا لِيَسْقِيَ بِهِمَا فَإِنْ اسْتَأْجَرَ كُلًّا فِي عَقْدٍ صَحَّ، أَوْ الْكُلَّ فِي عَقْدٍ فَسَدَ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَالْمَاءُ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ قَصَدَهُ الْمُسْتَقِي لِنَفْسِهِ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَ الْأَوَّلَيْنِ وَاسْتَقَى بِنَفْسِهِ، وَقَصَدَ نَفْسَهُ أَوْ أَطْلَقَ فَكَذَلِكَ عَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا سَمَّاهُ أَوْ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَالْمَاءُ لَهُ فَإِنْ قَصَدَ الشِّرْكَةَ فِيهِ حَالَةَ الِاسْتِقَاءِ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا إنْ قَصَدَهُمَا وَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ أُجْرَةِ أَمْثَالِهِمْ، وَإِنْ قَصَدَ وَاحِدًا مِنْهُمَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْصُودِ وَعَلَيْهِ لِلْآخَرِ مَا سَمَّاهُ لَهُ أَوْ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. قَوْلُهُ: (فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ) أَيْ لِحِصَّةِ شَرِيكِهِ فَلَوْ ادَّعَى أَنَّ حِصَّتَهُ فِي الْمَرْدُودِ بَاقِيَةٌ، لَمْ يُقْبَلْ سَوَاءٌ رَدَّ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ. قَوْلُهُ: (لِلشَّرِكَةِ) وَلَوْ خَاسِرًا. قَوْلُهُ: (أَوْ لِنَفْسٍ) وَلَوْ رَابِحًا. تَنْبِيهٌ الضَّمَانُ الْوَاقِعُ فِي الْبَهَائِمِ فِي بِلَادِ الرِّيفِ، الْآنَ لَا تُضْمَنُ فِيهِ الدَّابَّةُ لَوْ تَلِفَتْ، وَاللَّبَنُ مَضْمُونٌ عَلَى آخِذِهِ، وَالْعَلَفُ   [حاشية عميرة] مُجَرَّدُ تَوْكِيلٍ. قَوْلُهُ: (مُتَبَرِّعًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ يَعْمَلُ. قَوْلُهُ: (أَيْ عَقْدُ الشِّرْكَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى الشِّرْكَةِ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى اهـ. وَهُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبِفَسْخِهِمَا) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ زَالَ. قَوْلُهُ: (بِفَسْخِ كُلٍّ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُنَبِّهُوا عَلَى انْفِسَاخِهَا لِطَرَيَانِ الِاسْتِرْقَاقِ وَحَجْرِ الْمُفْلِسِ، وَالرَّهْنِ وَأَمَّا حَجْرُ السَّفَهِ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ. [بِمَا تَنْفَسِخ الشَّرِكَة] قَوْلُهُ: (أَيْ التَّسَاوِي) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ خِلَافُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي مَالِهِ) أَيْ مَالِ الْآخَرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْعَكْسِ) الْحَاصِلُ أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ ادَّعَى جَمِيعَ الْمَالِ فِي الْأُولَى وَنِصْفَهُ فِي الثَّانِيَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 ظَاهِرٍ) كَالْحَرِيقِ وَجَهِلَ (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ بِالسَّبَبِ، ثُمَّ) بَعْدَ إقَامَتِهَا (يُصَدَّقُ فِي التَّلَفِ بِهِ) وَسَيَأْتِي فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ غَيْرُ الْخُسْرَانِ فِي الْمُودِعِ الْيَمِينُ، وَأَنَّهُ إنْ عَرَفَ الْحَرِيقَ وَعُمُومَهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ عَرَفَ دُونَ عُمُومِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ هُنَا وَكَذَا الْيَمِينُ فِي الْخُسْرَانِ (وَلَوْ قَالَ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (هُوَ لِي وَقَالَ الْآخَرُ:) هُوَ (مُشْتَرَكٌ أَوْ) قَالَا (بِالْعَكْسِ) أَيْ قَالَ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ: هُوَ مُشْتَرَكٌ وَقَالَ الْآخَرُ: هُوَ لِي (صُدِّقَ صَاحِبُ الْيَدِ) عَمَلًا بِهَا (وَلَوْ قَالَ) صَاحِبُ الْيَدِ: (اقْتَسَمْنَا وَصَارَ) مَا فِي يَدِي (لِي) وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَقَالَ هُوَ مُشْتَرَكٌ (صُدِّقَ الْمُنْكِرُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقِسْمَةِ (وَلَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا شَيْئًا وَقَالَ: اشْتَرَيْتُهُ لِلشَّرِكَةِ أَوْ لِنَفْسِي وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ) بِأَنْ عَكَسَ مَا قَالَهُ (صُدِّقَ الْمُشْتَرِي،) ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ، وَتَأْتِي الْيَمِينُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَيْضًا. .   [حاشية قليوبي] مَضْمُونٌ عَلَى مَالِكِهَا؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْعِوَضِ وَمُؤْنَتُهَا فِي مُقَابَلَةِ اللَّبَنِ، وَالِانْتِفَاعُ بِهَا فِي أَخْذِهِ مِنْهَا فَهِيَ مَقْبُوضَةٍ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَكُلٌّ مِنْ اللَّبَنِ وَالْمُؤْنَةِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدَةِ، وَيَضْمَنُ اللَّبَنَ بِمِثْلِهِ وَالْعَلَفَ بِبَدَلِهِ.   [حاشية عميرة] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 كِتَابُ الْوَكَالَةِ تَتَحَقَّقُ بِمُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا سَيَأْتِي، (شَرْطُ الْمُوَكِّلِ صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ مَا وَكَّلَ فِيهِ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةٍ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ) فِي شَيْءٍ، (وَلَا) تَوْكِيلُ (الْمَرْأَةِ وَالْمُحْرِمِ) بِضَمِّ الْمِيمِ (فِي النِّكَاحِ) ، أَيْ لَا تُوَكَّلُ الْمَرْأَةُ فِي تَزْوِيجِهَا وَلَا الْمُحْرِمُ فِي تَزَوُّجِهِ أَوْ تَزْوِيجِ مُولِيَتِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُمَا لِذَلِكَ، وَلَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا: وَكَّلْتُكَ بِتَزْوِيجِي قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَاَلَّذِينَ لَقِينَاهُمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ لَا يَعُدُّونَهُ إذْنًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْتَدَّ بِهِ إذْنًا وَنَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ نَصَّ الشَّافِعِيِّ عَلَى جَوَازِ الْإِذْنِ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ وَصَوَّبَهُ وَلَوْ وَكَّلَ الْمُحْرِمُ مَنْ يَعْقِدُ النِّكَاحَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ صَحَّ كَمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، (وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ فِي حَقِّ الطِّفْلِ) كَالْأَبِ وَالْجَدِّ فِي التَّزْوِيجِ وَالْمَالِ وَالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ فِي الْمَالِ، (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الْوَكَالَةِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا: لُغَةً التَّفْوِيضُ بِالرِّعَايَةِ، وَالْحِفْظِ، وَشَرْعًا: تَفْوِيضُ شَخْصٍ أَمْرَهُ إلَى آخَرَ، فِيمَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لِيَفْعَلَهُ حَالَ حَيَاتِهِ، وَالْمُرَادُ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ شَرْعًا فَلَا دَوْرَ عَلَى أَنَّ هَذَا قَيْدٌ فِي الْأَمْرِ الْمَذْكُورِ، وَلَا يُقَالُ فِي مِثْلِهِ دَوْرٌ وَقَبُولُهَا مَنْدُوبٌ، وَكَذَا إيجَابُهَا إنْ لَمْ يُرِدْ الْمُوَكِّلَ غَرَضَ نَفْسِهِ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَنْبَغِي نَدْبُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَنْدُوبٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِقَوْلِهِمْ لَا ثَوَابَ فِي عِبَادَةٍ فِيهَا تَشْرِيكٌ. قَوْلُهُ (تَتَحَقَّقُ) أَيْ تُوجَدُ حَقِيقَتُهَا بِذَلِكَ، فَهِيَ أَرْكَانٌ لَهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: مُوَكِّلٌ وَوَكِيلٌ وَمُوَكَّلٌ فِيهِ وَصِيغَةٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ وِلَايَةٍ) خَرَجَ بِهَا تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ وَتَوْكِيلُ عَبْدٍ، أَوْ سَفِيهٍ أَذِنَ لَهُ فِي نِكَاحٍ وَظَافِرٍ بِجِنْسِ حَقِّهِ، وَمُطَلِّقٍ فِي تَبْيِينٍ أَوْ تَعْيِينٍ لَزِمَهُ، وَمَنْ لَزِمَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ وَمُسْتَحِقِّ زَكَاةٍ فِي قَبْضِهَا، وَمُسْلِمٍ كَافِرًا فِي نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ إيجَابًا أَوْ قَبُولًا وَاسْتِيفَاءِ قَوَدٍ مِنْ مُسْلِمٍ فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ، وَتَوْكِيلُ الْوَكِيلِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ لَيْسَ بِالْوِلَايَةِ وَتَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ وَلِيَّهَا فِي نِكَاحِهَا، إذْنٌ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ لَا وَكَالَةَ كَمَا يَأْتِي. وَفَارَقَ مَا هُنَا صِحَّةُ تَوْكِيلِ مُسْلِمٍ كَافِرًا فِي شِرَاءِ نَحْوَ مُصْحَفٍ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْإِبْضَاعِ. وَقَوْلُهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَاقِعٌ لِلْمُسْلِمِ فِي الْبَيْعِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى لِاشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْمُوَكِّلِ فِي الْعَقْدِ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فِي تَزَوُّجِهِ) أَيْ حَالَ الْإِحْرَامِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَوْ تَزْوِيجِ وَلِيَّتِهِ) أَيْ حَالَ الْإِحْرَامِ أَيْضًا وَقِيَاسُهُ عَدَمُ صِحَّةِ إذْنِ السَّيِّدِ الْمُحْرِمِ لِعَبْدِهِ الْحَلَالِ فِي أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ، وَإِنْ صَرَّحَ بِمَا يُفْسِدُ الْإِحْرَامَ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ إذَا رُدَّ لَغَا، وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهَا، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِيهِمَا وَفِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ وَعَدَمِ صِحَّةِ إذْنِ الْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهَا الْحَلَالَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَتْ إلَخْ) مَحَلُّ إيرَادِ ذَلِكَ إنْ قُلْنَا: إنَّهُ تَوْكِيلٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذْنٌ فَهُوَ صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّحَلُّلِ) وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا بَعْدَ التَّحَلُّلِ، كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ فَإِنْ قَيَّدَ الْمُحْرِمُ تَوْكِيلَهُ لِلْحَلَالِ بِعَقْدِهِ لَهُ حَالَةَ الْإِحْرَامِ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ، وَلَا الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ) أَيْ وَلَوْ قَاضِيًا أَوْ مَنْصُوبُهُ الْعَدْلُ عَنْ نَفْسِهِ، وَعَنْ الطِّفْلِ وَعَنْهُمَا، وَمُطْلَقًا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِعَزْلِ الْوَلِيِّ فِي الْأُولَى فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ فِيهَا، لَا فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَالطِّفْلُ) فِيهِ   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الْوَكَالَةِ] ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةٍ) خَرَجَ الْوَكِيلُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا وَلِيٍّ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ، أَنَّهُ قَدْ يُوَكِّلُ عَنْ نَفْسِهِ فِي الْقَدْرِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ إلَخْ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كُلُّ ذَلِكَ شَرْحٌ لِمَا خَرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا خَرَجَ بِالْقَيْدِ الثَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ إلَخْ) وَكَذَا النَّائِمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْفَاسِقُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 الضَّابِطِ (تَوْكِيلُ الْأَعْمَى فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَيَصِحُّ) مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِمَا مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ. (وَشَرْطُ الْوَكِيلِ صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِ التَّصَرُّفَ لِنَفْسِهِ لَا صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) أَيْ لَا يَصِحُّ تَوَكُّلُهُمَا فِي شَيْءٍ غَيْرَ مَا يَأْتِي، (وَكَذَا الْمَرْأَةُ وَالْمُحْرِمُ فِي النِّكَاحِ) إيجَابًا وَقَبُولًا، (وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ اعْتِمَادُ قَوْلِ صَبِيٍّ فِي الْإِذْنِ فِي دُخُولِ دَارٍ وَإِيصَالِ هَدِيَّةٍ) لِاعْتِمَادِ السَّلَفِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَالثَّانِي لَا كَغَيْرِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ وَكِيلٌ عَنْ الْآذِنِ وَالْمُهْدِي، (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَوْكِيلِ عَبْدٍ فِي قَبُولِ نِكَاحٍ، وَمَنْعُهُ فِي الْإِيجَابِ) وَالثَّانِي صِحَّتُهُ فِيهِمَا، وَالثَّالِثُ مَنْعُهُ فِيهِمَا، وَفِي الشَّرْحِ حِكَايَةُ الْوَجْهَيْنِ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْقَبُولِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، وَفِي الرَّوْضَةِ حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي التَّوْكِيلِ فِيهِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَيْضًا وَيُقَاسُ بِهِ فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ الْإِيجَابُ الْمُطْلَقُ فِيهِ الْخِلَافُ. (وَشَرْطُ الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَنْ يَمْلِكَهُ الْمُوَكِّلُ) حِينَ التَّوْكِيلِ، (فَلَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ عَبْدٍ سَيَمْلِكُهُ وَطَلَاقِ مَنْ سَيَنْكِحُهَا   [حاشية قليوبي] إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ بِالصَّبِيِّ فِيمَا مَرَّ الشَّامِلُ لِلْأُنْثَى وَلَوْ قَالَ مَحْجُورُهُ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ نَحْوَ الْمَجْنُونِ. قَوْلُهُ: (وَالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ فِي الْمَالِ) أَيْ فِيمَا عَجَزَا عَنْهُ أَوْ لَمْ تَلِقْ بِهِمَا مُبَاشَرَتُهُ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ. قَوْلُهُ: (مِنْ الضَّابِطِ) أَيْ مِنْ عَكْسِهِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ، وَكَالْأَعْمَى صُوَرُ الْمُحْرِمِ السَّابِقَةِ وَجَعْلُ الْأَعْمَى مِنْ الْمُسْتَثْنَى أَوْلَى مِنْ جَعْلِ ابْنِ حَجَرٍ لَهُ مِنْ الْقَاعِدَةِ، وَالْمُرَادُ مِنْهَا الْمُبَاشَرَةُ فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (لَا صَبِيٌّ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْأُنْثَى كَمَا مَرَّ وَمِثْلُهُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَالْمَعْتُوهُ وَالنَّائِمُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْمَرْأَةُ) وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْخُنْثَى وَكَنِكَاحِ الرَّجْعَةِ وَالِاخْتِيَارُ لِمَنْ أَسْلَمَ وَأَمَّا غَيْرُ هَذِهِ فَيَصِحُّ كَوْنُ الْمَرْأَةِ، وَكِيلَهُ فِيهِ، وَإِنْ فَوَّتَ حَقَّ الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِلْوَكَالَةِ بِالْعَيْنِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمُ صِحَّةِ إجَارَتِهَا لِنَفْسِهَا. قَوْلُهُ: (لَكِنْ إلَخْ) هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ عَكْسِ الْقَاعِدَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (صَبِيٍّ) وَلَوْ رَقِيقًا أُنْثَى أَخْبَرَتْ بِإِهْدَاءِ نَفْسِهَا، وَيَجُوزُ وَطْؤُهَا وَمِثْلُ الصَّبِيِّ الْفَاسِقُ وَالْكَافِرُ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمْ مُمَيَّزًا مَأْمُونًا وَأَنْ يَظُنَّ صِدْقَهُ، وَحَيْثُ اعْتَمَدَ إخْبَارُهُ صَحَّ النَّقْلُ عَنْهُ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا م ر أَنَّ مَنْ عُهِدَ كَذِبُهُ، إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ عُمِلَ بِهِ، وَحَيْثُ صَحَّتْ مُبَاشَرَتُهُمْ فَلَهُمْ تَوْكِيلُ غَيْرِهِمْ فِيمَا عَجَزُوا عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِيصَالِ هَدِيَّةٍ) وَدَعْوَةِ وَلِيمَةٍ وَذَبْحِ أُضْحِيَّةٍ وَتَفْرِقَةِ زَكَاةٍ وَكَذَا فِي احْتِطَابٍ وَاسْتِقَاءٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ، وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ أَوْ سَفِيهٍ لِيَتَصَرَّفَ بَعْدَ الْكَمَالِ، وَفَارَقَ الْمُحْرِمَ بِوُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَصْحِيحِ الِاسْتِثْنَاءِ. تَنْبِيهٌ يَصِحُّ تَوْكِيلُ السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي وَتَوَكُّلُهُ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمُرْتَدِّ أَنْ يُوَكِّلَ وَلَوْ فِيمَا يُقْبَلُ الْوَقْفُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَتَوَكَّلَ عَنْ، غَيْرِهِ كَذَلِكَ، وَلَوْ ارْتَدَّ الْوَكِيلُ لَمْ يَنْعَزِلْ. قَوْلُهُ: (صِحَّةُ تَوْكِيلِ عَبْدٍ) لَوْ حَذَفَ التَّحْتِيَّةَ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ لَكَانَ أَوْلَى، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ، أَيْ يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ شَخْصٌ عَبْدًا فِي قَبُولِ نِكَاحٍ. قَوْلُهُ: (وَمَنَعَهُ) أَيْ مَنَعَ أَنْ يُوَكِّلَ الْعَبْدُ وَلَوْ مُبَعَّضًا وَكِيلًا فِي إيجَابِ النِّكَاحِ، نَعَمْ يَصِحُّ ذَلِكَ مِنْ الْمُكَاتَبِ، وَالْمُبَعَّضِ فِي أَمَةٍ لِصِحَّةِ مُبَاشَرَتِهِمَا لَهُ فِي أَمَتِهِمَا. قَوْلُهُ: (الْمُطْلَقُ فِيهِ الْخِلَافُ) أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَكِنَّ التَّرْجِيحَ مُخْتَلَفٌ.   [حاشية عميرة] أَيْ سَوَاءٌ جَعَلَهُ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ عَنْ الطِّفْلِ وَفِي الشِّقِّ الثَّانِي نَظَرٌ لِلنَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ قَالَ بَدَلَ الطِّفْلِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَلِيَشْمَلَ الْمَجْنُونَ وَالسَّفِيهَ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) مِثْلُهُمَا سَائِرُ الْعُقُودِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى الرُّؤْيَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي النِّكَاحِ) كَذَلِكَ الرَّجْعَةُ وَاخْتِيَارُ الزَّوْجَاتِ، لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَكَذَا اخْتِيَارُ الْفِرَاقِ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَخَصَّهُ بِالْمَرْأَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُحْرِمَ كَذَلِكَ، ثُمَّ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُعَيِّنَ مَنْ يَخْتَارُهُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَلَا مِنْ الرَّجُلِ لِتَعَلُّقِهِ بِالشَّهْوَةِ. فَرْعٌ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَوَكَّلَ فِي شَيْءٍ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أَحْوَجَ إلَى الْخُرُوجِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَوْلُ صَبِيٍّ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا، وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ قُبِلَ قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَوْكِيلٍ إلَخْ) وَجْهُ الصِّحَّةِ فِي الْقَبُولِ عَدَمُ الضَّرَرِ عَلَى السَّيِّدِ، وَفِي الْإِيجَابِ صِحَّةُ عِبَارَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ فِي ابْنَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَفَرَّغُ لِلنَّظَرِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ فِي الْقَبُولِ، أَنَّهُ إنَّمَا جَازَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لِلْحَاجَةِ، وَفِي الْإِيجَابِ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ بِنْتَ نَفْسِهِ، فَبِنْتُ غَيْرِهِ أَوْلَى وَحُكْمُ السَّفِيهِ كَالْعَبْدِ. [وَشَرْطُ الْمُوَكَّلِ فِيهِ] قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: التَّصَرُّفُ. [التَّوْكِيلُ فِي طَرَفَيْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَسَلَمٍ وَرَهْنٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالِاحْتِطَابُ إلَخْ) كَسَائِرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَةِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَكَيْفَ يَسْتَنِيبُ فِيهِ غَيْرَهُ، وَالثَّانِي: يَصِحُّ وَيَكْفِي بِحُصُولِ الْمِلْكِ عِنْدَ التَّصَرُّفِ فَإِنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّوْكِيلِ، (وَأَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِلنِّيَابَةِ، فَلَا يَصِحُّ فِي عِبَادَةٍ إلَّا الْحَجَّ) وَمِثْلُهُ الْعُمْرَةُ (وَتَفْرِقَةُ زَكَاةٍ وَذَبْحُ أُضْحِيَّةٍ) لِأَدِلَّتِهَا، (وَلَا فِي شَهَادَةٍ وَإِيلَاءٍ وَلِعَانٍ وَسَائِرِ الْأَيْمَانِ) أَيْ بَاقِيهَا فَالْإِيلَاءُ وَاللِّعَانُ يَمِينَانِ، (وَلَا فِي الظِّهَارِ فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لَهُ بِالْيَمِينِ، وَالثَّانِي يُلْحِقُهُ بِالطَّلَاقِ وَعَلَيْهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: لَعَلَّ لَفْظَهُ: أَنْتِ عَلَى مُوَكِّلِي كَظَهْرِ أُمِّهِ وَيُلْحَقُ بِالزَّكَاةِ الْكَفَّارَةُ وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ وَبِالْأُضْحِيَّةِ الْهَدْيُ، وَبِالْيَمِينِ النَّذْرُ وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ. (وَيَصِحُّ) التَّوْكِيلُ (فِي طَرَفَيْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَسَلَمٍ، وَرَهْنٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ، وَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ) كَالصُّلْحِ وَالْحَوَالَةِ، وَالضَّمَانِ وَالشِّرْكَةِ، وَالْإِجَارَةِ وَالْفَسْخِ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَالشَّرْطِ وَالْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (وَقَبْضِ الدُّيُونِ، وَإِقْبَاضِهَا وَالدَّعْوَى وَالْجَوَابِ) رَضِيَ الْخَصْمُ أَمْ لَمْ يَرْضَ، فِي مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِي الْإِعْتَاقِ وَالْكِتَابَةِ، (وَكَذَا فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ كَالْإِحْيَاءِ وَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِطَابِ فِي   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ شَرْطُ الْوَكِيلِ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا فَلَا يَصِحُّ، وَكَّلْت كُلَّ مُسْلِمٍ أَوْ أَحَدَكُمَا فِي بَيْعِ كَذَا، وَإِلَّا تَبِعَا كَوَكَّلْتُكَ فِي بَيْعِ كَذَا وَكُلُّ مُسْلِمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ) وَمِنْهُ تَوْكِيلُ الْوَلِيِّ بِتَزْوِيجِ مُولِيَتِهِ، إذَا طَلُقَتْ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَيَصِحُّ تَوْكِيلُهَا لِوَلِيِّهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذْنٌ وَهُوَ أَوْسَعُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرِهِ، أَنَّ صُورَةَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَاطِلَةٌ قَطْعًا. إذْ قَالُوا: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي نَحْوِ الْعَبْدِ وَالزَّوْجَةِ إذَا عَيَّنَ ذَلِكَ بِوَصْفٍ، أَوْ عَمَّمَ نَحْوُ كُلِّ عَبْدٍ، فَإِنْ أَتَى بِنَكِرَةٍ مَحْضَةٍ بَطَلَ قَطْعًا فَرَاجِعْهُ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِي ذَلِكَ اسْتِقْلَالًا إمَّا تَبَعًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْجِنْسِ كَبَيْعِ عَبْدِهِ هَذَا، وَطَلَاقِ مَنْ سَيَنْكِحُهَا فَصَحِيحٌ وَمِنْهُ تَوْكِيلُهُ فِي بَيْعِ هَذَا، وَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِثَمَنِهِ كَذَا، وَمِنْهُ تَوْكِيلُهُ فِي بَيْعِ شَجَرَةٍ، وَمَا سَيَحْدُثُ مِنْ ثَمَرَتِهَا، بِخِلَافِ تَوْكِيلِهِ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ وَحْدَهَا قَبْلَ وُجُودِهَا، فَلَا يَصِحُّ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَإِلَّا فَهُوَ ضَعِيفٌ. وَلَوْ قَالَ: فِي كُلِّ حُقُوقِي دَخَلَ الْمَوْجُودُ وَالْحَادِثُ، أَوْ فِي كُلِّ حَقٍّ لِي لَمْ يَدْخُلْ الْحَادِثُ لِقُوَّةِ هَذَا بِاللَّامِ، فَاخْتَصَّ الْمَوْجُودُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا الْحَجُّ) وَيَدْخُلُ فِيهِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ تَبَعًا. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَمِثْلُهُمَا الْغُسْلُ الْمَنْدُوبُ لَهُ وَتَرَدَّدَ فِي نَحْوِ صَوْمٍ لَزِمَ بِتَرْكِ وَاجِبٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (إلْحَاقًا لَهُ بِالْيَمِينِ) وَلِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الْمَعَاصِي. قَوْلُهُ: (وَلَعَلَّ لَفْظَهُ إلَخْ) وَمِثْلُهُ جَعَلْت مُوَكِّلِي مُظَاهِرًا مِنْكَ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: الْأَشْبَهُ أَنْ يَقُولَ مُوَكِّلِي يَقُولُ: أَنْتَ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ، مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إخْبَارٌ لَا ظِهَارَ عَنْهُ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْإِيلَاءِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ) وَمِثْلُهَا فِي الصِّحَّةِ الْوَقْفُ وَالْعِتْقُ وَكَالْأُضْحِيَّةِ فِي الصِّحَّةِ أَيْضًا، الْعَقِيقَةُ وَشَاةٌ نَحْوُ الْوَلِيمَةِ وَكَتَعْلِيقِ الْعِتْقِ فِي عَدَمِ صِحَّةِ التَّدْبِيرِ، وَكَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ أَيْضًا، الْوِصَايَةُ وَكَذَا لَا يَصِحُّ فِي عِبَادَةٍ كَصَلَاةٍ وَلَوْ عَلَى مَيِّتٍ وَطَهَارَةِ حَدَثٍ بِخِلَافِ النَّجَسِ، وَلَا فِي غُسْلِ نَحْوِ جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ أَوْ حَجٍّ وَلَوْ لِلْأَجِيرِ فِيهِ، وَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا فِي غُسْلِ مَيِّتٍ وَلَا بَقِيَّةِ تَجْهِيزِهِ وَنَعَمْ يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ غَيْرَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْأَجِيرِ وَاقِعٌ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَكَذَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. وَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي الشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ الِاسْتِرْعَاءِ الْآتِي فِي بَابِهِ. قَوْلُهُ: (وَبِالْيَمِينِ النَّذْرُ) فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ إيجَابُهُ، وَأَمَّا تَفْرِقَةُ الْمَنْذُورِ فَيَصِحُّ كَالْكَفَّارَةِ. قَوْلُهُ: (فِي طَرَفَيْ بَيْعٍ إلَخْ) أَيْ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيمَا لَهُ طَرَفَانِ فِيهِمَا مَعًا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا، وَفِيمَا لَهُ طَرَفٌ وَاحِدٌ فِي ذَلِكَ الطَّرَفِ. قَوْلُهُ (وَطَلَاقٍ) أَيْ فَيَصِحُّ تَعْيِينُهُ وَلَا يَصِحُّ فِي طَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَالْحَوَالَةِ وَالضَّمَانِ) فَيَصِحُّ فِيهِمَا وَصِيغَتُهُمَا مَا أَحَلْتُك بِمَالِكَ عَلَى مُوَكِّلِي مِنْ كَذَا بِنَظِيرٍ مِنْ مَالِهِ عَلَى فُلَانٍ، وَجَعَلْت مُوَكِّلِي ضَامِنًا لَكَ بِكَذَا أَوْ مِثْلُهُ الْوَصِيَّةُ. قَوْلُهُ: (وَإِقْبَاضُهَا) أَيْ الدُّيُونِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهَا وَسَيَأْتِي وَأَمَّا الْأَعْيَانُ وَلَوْ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي قَبْضِهَا لَا فِي إقْبَاضِهَا وَلِأَهْلِهِ خِلَافًا لِلْجُورِيِّ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَرْضَ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْإِعْتَاقِ وَالْكِتَابَةِ) ذَكَرَهُمَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِمَا لِمَا فِيهِمَا مِنْ شَائِبَةِ الْعِبَادَةِ   [حاشية عميرة] أَسْبَابِ الْمِلْكِ وَوَجْهُ الثَّانِي الْقِيَاسُ عَلَى الِاغْتِنَامِ، وَلِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ قَدْ وُجِدَ فَلَا يَنْصَرِفُ بِالنِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ) أَيْ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ بِهِ الْحَقُّ فَأَشْبَهَ الشِّرَاءَ، وَسَائِرَ التَّصَرُّفَاتِ، ثُمَّ الصِّيغَةُ عَلَى هَذَا جَعَلْت مُوَكِّلِي مُقِرًّا بِكَذَا، وَأَقْرَرْتُ عَنْهُ بِكَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 الْأَظْهَرِ) ، فَيَحْصُلُ الْمِلْكُ فِيهَا لِلْمُوَكِّلِ إذَا قَصَدَهُ الْوَكِيلُ لَهُ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهَا، وَالْمِلْكُ فِيهَا لِلْوَكِيلِ بِحِيَازَتِهِ، وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ حَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: تَقْلِيدًا لِبَعْضِ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَهُمَا قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا مُخَرَّجَانِ (لَا فِي الْإِقْرَارِ) أَيْ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيُبَيِّنُ جِنْسَ الْمُقَرِّ بِهِ وَقَدْرَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَبْلَ إقْرَارِ الْوَكِيلِ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ بِنَفْسِ التَّوْكِيلِ وَعَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ يُجْعَلُ مُقِرًّا بِنَفْسِ التَّوْكِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ. (وَيَصِحُّ) التَّوْكِيلُ (فِي اسْتِيفَاءِ عُقُوبَةِ آدَمِيٍّ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ) اسْتِيفَاؤُهَا (إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ) لِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ فِي الْغَيْبَةِ، وَهَذَا الْمَحْكِيُّ بِقِيلِ قَوْلٌ مِنْ طَرِيقَهُ وَالثَّانِيَةِ الْقَطْعُ بِهِ وَالثَّالِثَةُ الْقَطْعُ بِمُقَابِلِهِ، وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ التَّوْكِيلُ فِي اسْتِيفَاءِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِلسَّيِّدِ التَّوْكِيلُ فِي حَدِّ مَمْلُوكِهِ. (وَلْيَكُنْ الْمُوَكِّلُ فِيهِ مَعْلُومًا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) مُسَامَحَةً فِيهِ (فَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، أَوْ فِي كُلِّ أُمُورِي، أَوْ فَوَّضْت إلَيْكَ كُلَّ شَيْءٍ) وَالْمَعْنَى لِي فِي هَذَا وَالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يُوَكِّلُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (لَمْ يَصِحَّ) التَّوْكِيلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَرَرًا عَظِيمًا لَا ضَرُورَةَ إلَى احْتِمَالِهِ، (وَإِنْ قَالَ: فِي بَيْعِ أَمْوَالِي، وَعِتْقِ أَرِقَّائِي صَحَّ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَمْوَالُهُ مَعْلُومَةً؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِيهِ قَلِيلٌ، (وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ وَجَبَ بَيَانُ نَوْعِهِ) كَتُرْكِيٍّ وَهِنْدِيٍّ (أَوْ دَارٍ وَجَبَ بَيَانُ الْمَحَلَّةِ وَالسِّكَّةِ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ   [حاشية قليوبي] وَأَخَّرَهُمَا إلَى هُنَا لِمُنَاسَبَتِهِمَا لِمَا ذُكِرَ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (إذَا قَصَدَهُ الْوَكِيلُ) أَيْ الْمُعْتَبَرُ قَصْدُهُ فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ نَحْوُ الصَّبِيِّ وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ قَاسِمٍ خِلَافُهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَسَيَأْتِي وَعَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ كَوْنُ الْقَصْدِ مُقَارِنًا لِأَوَّلِ الْفِعْلِ، فَإِنْ طَرَأَ بَعْدَهُ لَمْ يُعْتَبَرْ كَمَا يَأْتِي فِي الصَّيْدِ. قَوْلُهُ: (مُخْرَجَانِ) أَيْ مِنْ الدِّرَايَةِ وَالرِّوَايَةِ فَيَصِحُّ التَّعْبِيرُ عَنْهَا بِالْقَوْلَيْنِ وَبِالْوَجْهَيْنِ، وَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الِالْتِقَاطِ الْعَامِّ إلَّا تَبَعًا فَيَصِحُّ فِي هَذِهِ اللُّقَطَةِ أَوْ فِيهَا، وَفِي كُلِّ لُقَطَةٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَلْزَمُهُ بِنَفْسِ التَّوْكِيلِ) وَعَلَى هَذَا يَتَسَاوَى الْقَوْلَانِ بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (يُجْعَلُ إلَخْ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ فَإِنْ زَادَ لَهُ عَلَيَّ فَهُوَ إقْرَارٌ قَطْعًا، وَإِنْ قَالَ أَقِرَّ عَلَيَّ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ لَمْ يَكُنْ الْإِقْرَارُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ فِي اسْتِيفَاءِ عُقُوبَةِ آدَمِيٍّ) وَفِي إثْبَاتِهَا بَلْ يَتَعَيَّنُ التَّوْكِيلُ فِي اسْتِيفَاءِ حَدِّ الْقَذْفِ وَفِي قَوَدِ الطَّرَفِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَهَذَا الْمَحْكِيُّ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ التَّوْكِيلُ فِي اسْتِيفَاءِ حُدُودِ اللَّهِ) أَيْ لَا فِي إثْبَاتِهَا فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ إلَّا تَبَعًا كَمَا لَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْقَذْفُ بِبَيِّنَةٍ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي إثْبَاتِ زِنَا الْمَقْذُوفِ، لِدَرْءِ الْحَدِّ عَنْهُ فَتُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى، وَالْبَيِّنَةُ تَأَمَّلْ. وَلَوْ قَالَ عُقُوبَاتٌ لَشَمَلَ التَّعْزِيرُ لِلَّهِ. قَوْلُهُ: (وَلِلسَّيِّدِ إلَخْ) هُوَ مِنْ إفْرَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلَعَلَّ إفْرَادَهُ لِعَدَمِ الْخِلَافِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ أُمُورِي) وَكَذَا فِي بَعْضِ أُمُورِي، وَلَا يَصِحُّ فِيهِمَا وَهَذَا فِيهِ الْإِضَافَةُ لِلْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، وَمَا بَعْدَهُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى اعْتِبَارِهَا فِيهِمَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ تَبَعًا) عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ بِبَقَاءِ الْغَرَرِ هُنَا لِشِدَّةِ الْإِبْهَامِ. قَوْلُهُ: (بَيْعِ أَمْوَالِي) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ فِي بَيْعِ بَعْضِ أَمْوَالِي أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا فَلَا يَصِحُّ. نَعَمْ لَوْ قَالَ: أُبْرِئُ فُلَانًا عَنْ شَيْءٍ مِنْ مَالِي صَحَّ، وَحُمِلَ عَلَى أَقَلِّ شَيْءٍ مِنْهُ فَإِنْ أَبْرَأَ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْأَقَلِّ لَمْ يَصِحَّ، فَإِنْ قَالَ: أُبْرِئُهُ مِنْ دَيْنِي تَعَيَّنَ بَقَاءُ شَيْءٍ مِنْهُ، أَوْ عَنْ دَيْنٍ جَازَ فِي الْجَمِيعِ وَكَذَا عَمَّا شِئْت وَفِي ذَلِكَ بَحْثٌ وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أُبْرِئُ نَفْسَكَ عَنْ دَيْنٍ عَلَيْكَ تَعَيَّنَ الْقَبُولُ فَوْرًا؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ. وَلَوْ قَالَ أُبْرِئُ غُرَمَائِي لَمْ يَدْخُلْ الْوَكِيلُ إذَا كَانَ مِنْهُمْ وَلَوْ قَالَ بِعْ أَوْ هَبْ مِنْ أَمْوَالِي مَا شِئْت أَوْ أَعْتِقْ مِنْ عَبِيدِي أَوْ طَلِّقْ مِنْ نِسَائِي مَنْ شِئْت لَمْ يَسْتَوْفِ الْجَمِيعَ، أَوْ أَعْتِقْ مَنْ شَاءَ أَوْ طَلِّقْ مَنْ شَاءَتْ جَازَ فِي الْجَمِيعِ، وَلَوْ قَالَ بِعْ أَحَدَ هَذَيْنِ أَوْ طَلِّقْ إحْدَى هَاتَيْنِ صَحَّ، نُقِلَ هَذَا عَنْ شَيْخِنَا وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ قَالَ وَكَّلْت أَحَدَ هَذَيْنِ لَمْ يَصِحَّ لِإِمْكَانِ التَّنَازُعِ هُنَا وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَطَلَّقَهَا الْمُوَكِّلُ، فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُطَلِّقَهَا   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَلْزَمُ) أَوْرَدَ شَيْخُ السُّبْكِيّ أَبُو الْحَسَنِ الْبَاجِيَّ عَلَى ذَلِكَ، أَنَّهُ يَلْزَمُ عَزْلُ الْوَكِيلِ كَمَنْ وُكِّلَ فِي بَيْعِ عَيْنٍ ثُمَّ بَاعَهَا، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ ذَاكَ مُسَلَّمٌ فِي الْإِنْشَاءِ، بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ وَالشُّهُودَ قَدْ لَا يَسْمَعُونَ إلَّا إخْبَارَ الْمُوَكِّلِ، وَكُلٌّ مِنْ إقْرَارِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ إخْبَارٌ وَارِدٌ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فَلَا يَضُرُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي اسْتِيفَاءِ عُقُوبَةٍ إلَخْ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ إلَخْ) وَإِذَا وَقَعَ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَفْوِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَرِقُّ إذَا حَضَرَ فَيَعْفُو ثُمَّ الِاسْتِيفَاءُ يَقَعُ الْمَوْقِعَ وَلَوْ أَبْطَلْنَا التَّوْكِيلَ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ التَّوْكِيلُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ خِلَافَهُ نَعَمْ يُمْتَنَعُ التَّوْكِيلُ فِي إثْبَاتِهَا. قَوْلُهُ: (كَتُرْكِيٍّ) نَقَلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 الْحَارَةِ وَالزُّقَاقِ (لَا قَدْرَ الثَّمَنِ) ، أَيْ لَا يَجِبُ بَيَانُ قَدْرِ الثَّمَنِ (فِي الْأَصَحِّ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَالثَّانِي يَجِبُ بَيَانُ قَدْرِهِ كَمِائَةٍ أَوْ غَايَتِهِ كَأَنْ يَقُولَ: مِنْ مِائَةٍ إلَى أَلْفٍ، وَمَسْأَلَةُ الثَّمَنِ فِي الدَّارِ مَزِيدَةٌ فِي الرَّوْضَةِ، وَمَسْأَلَةُ الْعَبْدِ إنْ اخْتَلَفَتْ أَصْنَافُ النَّوْعِ فِيهِ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلصِّنْفِ (وَيُشْتَرَطُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لَفْظٌ يَقْتَضِي رِضَاهُ كَوَكَّلْتُكَ فِي كَذَا أَوْ فَوَّضْتُهُ إلَيْكَ أَوْ أَنْتَ وَكِيلِي فِيهِ فَلَوْ قَالَ: بِعْ أَوْ أَعْتِقْ حَصَلَ الْإِذْنُ) وَالْأَوَّلُ إيجَابٌ، وَهَذَا قَائِمٌ مَقَامَهُ. (وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا) إلْحَاقًا لِلتَّوْكِيلِ بِإِبَاحَةِ الطَّعَامِ، (وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ) فِيهِ كَغَيْرِهِ، (وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ فِي صِيَغِ الْعُقُودِ: كَوَكَّلْتُك دُونَ صِيَغِ الْأَمْرِ: كَبِعْ أَوْ أَعْتِقْ) إلْحَاقًا لِهَذَا بِالْإِبَاحَةِ، أَمَّا الْقَبُولُ مَعْنًى وَهُوَ الرِّضَا بِالْوَكَالَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ قَطْعًا، فَلَوْ رَدَّ فَقَالَ: لَا أَقْبَلُ، أَوْ لَا أَفْعَلُ، بَطَلَتْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْقَبُولِ التَّعْجِيلُ قَطْعًا، وَلَا فِي الْقَبُولِ لَفْظًا إذَا شَرَطْنَاهُ الْفَوْرَ، وَلَا الْمَجْلِسُ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ الْمَجْلِسُ وَقِيلَ: الْفَوْرُ (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ فِي الْأَصَحِّ) نَحْوُ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ، أَوْ إذَا جَاءَ رَأْسُ   [حاشية قليوبي] أَيْضًا إذَا كَانَ رَجْعِيًّا. قَوْلُهُ: (شِرَاءِ عَبْدٍ) أَيْ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذِكْرُ جِنْسٍ وَلَا نَوْعٍ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ فِيهَا الرِّبْحُ فَيَكْفِي اشْتَرِ مَنْ شِئْت. قَوْلُهُ: (وَجَبَ بَيَانُ نَوْعِهِ) وَيَلْزَمُهُ بَيَانُ الْجِنْسِ فَلَا يَكْفِي اشْتَرِ عَبْدًا كَمَا تَشَاءُ وَلَا يَكْفِي زَوِّجْنِي امْرَأَةً بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ بِخِلَافِ زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت، وَفَارَقَ مَا ذُكِرَ فِي الْعَبْدِ بِأَنَّ الْأَمْوَالَ أَضْيَقُ. قَوْلُهُ: (أَوْ دَارٍ) أَيْ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي بَيْعِ مَغْصُوبٍ مِنْ الْغَاصِبِ، وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ الْوَكِيلُ عَلَى انْتِزَاعِهِ لِإِمْكَانِ بَيْعِهِ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلصِّنْفِ) وَهُوَ كَذَلِكَ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ فِي الْعَبْدِ وَالدَّارِ، فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ وَيَنْزِلُ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِهِ بِمَا شِئْت أَوْ بِمَا شِئْت مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فِيهِمَا أَيْضًا، فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ صَحَّ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ، وَفَارَقَ الْقِرَاضَ؛ لِأَنَّهُ لَا رِبْحَ فِيهِ. . قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لَفْظٌ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَكْفِي اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَعَدَمُ الرَّدِّ مِنْ الْآخَرِ وَالشَّرْطِيَّةُ فِيمَا ذُكِرَ بِمَعْنَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، أَوْ مُتَوَجِّهَةٌ إلَى اقْتِضَائِهِ الرِّضَا، أَوْ إلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْفِعْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَوَكَّلْتُكَ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْوَكِيلِ بِخِطَابٍ أَوْ اسْمٍ صَرِيحٍ أَوْ إشَارَةٍ، فَلَا يَصِحُّ وَكَّلْت مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي أَوْ أَرَادَ تَزْوِيجِي مَثَلًا، نَعَمْ لَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِتَعْيِينِهِ غَرَضٌ، نَحْوُ مَنْ أَرَادَ عِتْقَ عَبْدِي هَذَا، أَوْ تَزْوِيجَ أَمَتِي هَذِهِ أَوْ تَزْوِيجِي بِفُلَانَةَ صَحَّ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ عَمَلُ الْقُضَاةِ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ، وَوَكَّلَ وُكَلَاءَ الْقَاضِي فَلَا يَكْفِي وَوَكَّلَ وَكِيلًا فِي ثُبُوتِهِ وَالْحُكْمِ بِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ) وَلَا الْعِلْمُ بِالْوَكَالَةِ فَلَوْ تَصَرَّفَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَكِيلٌ صَحَّ، وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ بُطْلَانَهَا بِالرَّدِّ بِمَعْنَى فَسْخِهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَفْظًا) أَيْ وَلَا مَعْنًى بِمَعْنَى الرِّضَا بِهَا فَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْفِعْلِ صَحَّ نَعَمْ يُشْتَرَطُ اللَّفْظُ فِي مَسْأَلَتَيْنِ إذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِجُعْلٍ؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ وَلِذَلِكَ اشْتَرَطُوا كَوْنَ الْمُوَكِّلِ فِيهِ مَضْبُوطًا، وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ الْمُوَكَّلُ فِيهَا تَحْتَ يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ الْوَكَالَةِ، وَلَوْ بِغَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ. قَوْلُهُ: (إلْحَاقًا إلَخْ) نَعَمْ يَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تُرَدُّ بِالرَّدِّ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الرِّضَا) أَيْ عَدَمُ الرَّدِّ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بَاطِنًا أَوْ نَدِمَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ رَدَّ) (لَعَلَّهُ فَوْرًا لِيُجَامِعَ) مَا مَرَّ أَنَّهُ مَعَ التَّرَاخِي فَسْخٌ، ثُمَّ قَوْلُ الشَّارِحِ بَطَلَتْ دُونَ أَنْ يَقُولَ: لَمْ تَصِحَّ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الرَّدَّ فَسْخٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ ظَاهِرٌ فِي سَبْقِ انْعِقَادٍ قَبْلُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (التَّعْجِيلُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ تَعْجِيلُ التَّصَرُّفِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ فَرَاجِعْهُ. نَعَمْ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا فَوْرًا فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ مِنْ الْحَاكِمِ لَكِنْ هَذَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَمْلِيكٌ لَا تَوْكِيلٌ، فَفِي الْحَقِيقَةِ لَا اسْتِثْنَاءَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَّا فِي مَحَلِّ الضَّرُورَةِ، كَالْوِصَايَةِ وَالْإِمَارَةِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ فِيمَنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِشَخْصٍ   [حاشية عميرة] الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَوْصَافُ السَّلَمِ وَلَا مَا يَتَرَتَّبُ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يَجِبُ بَيَانٌ إلَخْ) . فَرْعٌ لَوْ تَرَكَ ذِكْرَ الثَّمَنِ نَزَلَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَكَذَا لَوْ قَالَ بِمَا شِئْت أَوْ بِمَا شِئْت مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ، قُلْتُهُ تَفَقُّهًا وَيَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا. قُلْت: وَهَذِهِ سَتَأْتِي فِي الْفَرْعِ آخِرَ الصَّفْحَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لَفْظٌ) أَيْ كَسَائِرِ الْعُقُودِ. قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ مِنْهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَصَرَّفَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالتَّوْكِيلِ لَا يَصِحُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَيْضًا فَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْبَيْعِ صَحَّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَتَتَلَخَّصُ أَنَّ الْقَبُولَ لَفْظًا وَمَعْنًى بِمَعْنَى الرِّضَا لَيْسَ بِشَرْطٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَبِمَعْنَى عَدَمِ الرَّدِّ شَرْطٌ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا) فِي فَتَاوَى الْبُلْقِينِيِّ فِي بَابِ الْوَقْفِ مَسْأَلَةٌ، هَلْ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوِلَايَةِ الْجَوَابُ لَا يَصِحُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 الشَّهْرِ فَقَدْ وَكَّلْتُكَ فِي كَذَا، (فَإِنْ نَجَّزَهَا وَشَرَطَ الْمُتَصَرِّفُ شَرْطًا جَازَ) قَطْعًا نَحْوُ: وَكَّلْتُكَ الْآنَ فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ، وَلَكِنْ لَا تَبِعْهُ حَتَّى يَجِيءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ مَجِيئِهِ. وَتَصِحُّ الْوَكَالَةُ الْمُؤَقَّتَةُ كَقَوْلِهِ: وَكَّلْتُكَ إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ، (وَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ) فِي كَذَا (وَمَتَى عَزَلْتُكَ فَأَنْتَ وَكِيلِي) فِيهِ (صَحَّتْ فِي الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى شَرْطِ التَّأْبِيدِ، وَهُوَ إلْزَامُ الْعَقْدِ الْجَائِزِ وَأُجِيبَ بِمَنْعِ التَّأْبِيدِ فِيمَا ذُكِرَ لِمَا سَيَأْتِي (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (فِي عَوْدِهِ وَكِيلًا بَعْدَ الْعَزْلِ الْوَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِهَا) أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ، وَعَلَى الْجَوَازِ تَعُودُ الْوَكَالَةُ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِكُلَّمَا تَكَرَّرَ الْعَوْدُ بِتَكَرُّرِ الْعَزْلِ (وَيَجْرِيَانِ فِي تَعْلِيقِ الْعَزْلِ) أَصَحُّهُمَا عَدَمُ صِحَّتِهِ أَخْذًا مِنْ تَصْحِيحِهِ فِي تَعْلِيقِهَا، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّ الْعَزْلَ أَوْلَى بِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ مِنْ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولٌ قَطْعًا. .   [حاشية قليوبي] ثُمَّ لِأَوْلَادِهِ بُطْلَانُهُ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ، وَإِذَا بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ فِي التَّعْلِيقِ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ بِعُمُومِ الْإِذْنِ، وَفَائِدَةُ بُطْلَانِهَا سُقُوطُ الْجُعْلِ وَلَوْ كَانَ، وَلُزُومُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. نَعَمْ لَوْ فَسَدَ الْإِذْنُ أَيْضًا امْتَنَعَ التَّصَرُّفُ كَمَا مَرَّ فِي نَحْوِ وَكَّلْت مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي مَثَلًا. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) سَكَتَ عَنْ مُقَابَلَةٍ هُنَا، وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِيمَا مَرَّ قَبْلَهُ فَلَوْ وَكَّلَ فِي بَيْعِ عَبْدٍ سَيَمْلِكُهُ، أَوْ طَلَاقِ مَنْ سَيَنْكِحُهَا بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ التَّعْلِيقِ فِي الْمُعَيَّنِ فَتَأَمَّلْهُ وَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (نَحْوُ وَكَّلْتُكَ الْآنَ إلَخْ) قِيلَ وَمِنْهُ لَوْ قَالَ قَبْلَ رَمَضَانَ وَكَّلْتُكَ فِي إخْرَاجِ فِطْرَتِي فِي رَمَضَانَ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ هَذِهِ مِنْ بُطْلَانِ الْوَكَالَةِ، وَلَهُ الْإِخْرَاجُ بِعُمُومِ الْإِذْنِ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ وَكَّلْتُكَ فِي تَزْوِيجِي إذَا انْقَضَتْ عِدَّتِي، فَإِنْ كَانَ قَائِلُ ذَلِكَ الْوَلِيَّ لِوَكِيلِهِ بَطَلَ الْإِذْنُ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَلَهُ التَّصَرُّفُ بِعُمُومِ الْإِذْنِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَرَّةً وَاحِدَةً) فَإِذَا عَزَلَهُ مَرَّةً ثَانِيَةً لَمْ يَعُدْ بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (كُلَّمَا تَكَرَّرَ الْعَوْدُ إلَخْ) أَيْ فَطَرِيقُهُ أَنْ يُدَبِّرَ الْعَزْلَ بِكُلَّمَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا عَدَمُ صِحَّتِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّ تَعْلِيقَ عَزْلِ الْقَاضِي صَحِيحٌ، كَأَنْ يَقُولَ: وَلَّيْتُكَ وَمَتَى بَلَغَكَ كِتَابِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ، قَدْ يُقَالُ هَذَا مِنْ تَوْقِيتِ الْوَكَالَةِ فَتَأَمَّلْ. .   [حاشية عميرة] تَعْلِيقُ، الْوِلَايَةِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، إلَّا مَحَلَّ الضَّرُورَةِ كَالْإِمَارَةِ وَالْإِيصَاءِ اهـ. وَمِنْهُ تَسْتَفِيدُ أَنَّ مَا يُجْعَلُ فِي تَوَاقِيعِ الْأَحْبَاسِ مَنْ جَعَلَ النَّظَرَ لَهُ، وَلِأَوْلَادِهِ بَعْدَهُ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِشَرْطٍ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا فِي الشِّرْكَةِ وَالْقِرَاضِ وَغَيْرِهِمَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ قَاسَ عَلَى الْإِمَارَةِ فِي حَدِيثِ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ، وَفُرِّقَ بِالْحَاجَةِ وَبِاحْتِمَالِ أَنَّ الْإِمَارَةَ كَانَتْ مُنَجَّزَةً، وَإِنَّمَا عَلَّقَ عَلَى الْمَوْتِ التَّصَرُّفَ، وَاعْلَمْ أَنَّ وَاقِعَةَ مُؤْتَةَ أَخَذَ مِنْهَا الْخَصْمُ جَوَازَ تَعْلِيقِ الْوِلَايَاتِ، وَمِنْهُ تَعْلِيقُ التَّقْرِيرِ فِي الْوَظَائِفِ وَقَدْ عَرَفْت الْجَوَابَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَحَّتْ فِي الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُشْتَرَطُ لِلْخِلَافِ أَمْرَانِ أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّعْلِيقِ مُتَّصِلًا، وَأَنْ يَكُونَ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ، نَحْوُ بِشَرْطِ أَنِّي أَوْ عَلَى أَنِّي إلَخْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا اقْتَضَتْ الصِّيغَةُ التَّكْرَارَ. أَوْ قَالَ: بِنَفْسِي أَوْ بِغَيْرِي. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْجَوَازِ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الشَّرْطَ يُقَارِنُ الْمَشْرُوطَ فَكَيْفَ ثَبَتَ التَّوْكِيلُ مُقَارِنًا لِلْعَزْلِ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّوْكِيلَ مُكَوَّنٌ بِوَكَالَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الَّتِي وَقَعَ الْعَزْلُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (عَدَمُ صِحَّتِهِ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْوَكَالَةَ الْمُعَلَّقَةَ، إذَا بَطَلَتْ يَبْقَى غَرَضُ الْمَالِكِ فِي التَّصَرُّفِ بِعُمُومِ الْإِذْنِ، وَالْعَزْلُ إذَا بَطَلَ يَتَمَكَّنُ الْوَكِيلُ مِنْ التَّصَرُّفِ، فَكَيْفَ يَتَمَكَّنُ وَالْمُوَكِّلُ غَيْرُ رَاضٍ بِذَلِكَ؟ ، أَقُولُ هَذَا الْإِشْكَالُ فِيهِ اعْتِرَافٌ بِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْعَزْلُ الْمُعَلَّقُ، لَا أَثَرَ لِعُمُومِ الْمَنْعِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ التَّوْكِيلِ الْمُعَلَّقِ، لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُخَالِفُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 فَصْلٌ: الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا أَيْ تَوْكِيلًا لَمْ يُقَيَّدْ (لَيْسَ لَهُ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ (الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَلَا بِنَسِيئَةٍ، وَلَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا) بِخِلَافِ الْيَسِيرِ، وَهُوَ مَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا فَيُغْتَفَرُ فِيهِ فَبَيْعُ مَا يُسَاوِي عَشْرَةً بِتِسْعَةٍ مُحْتَمَلٌ، وَبِثَمَانِيَةٍ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ. (فَلَوْ بَاعَ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ بِتَسْلِيمِهِ بِبَيْعٍ بَاطِلٍ فَيَسْتَرِدُّهُ إنْ بَقِيَ، وَلَهُ بَيْعُهُ، بِالْإِذْنِ السَّابِقِ، وَإِذَا بَاعَهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا لَهُ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ غَرِمَ الْمُوَكِّلُ قِيمَتَهُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُشْتَرِي وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ لُزُومِ الْبَيْعِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ لَزِمَهُ الْبَيْعُ بِأَغْلَبِهِمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْمُعَامَلَةِ بَاعَ بِأَنْفَعِهِمَا لِلْمُوَكِّلِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ فِيهِمَا. وَقَابَلَ الْمُصَنِّفُ التَّوْكِيلَ الْمُطْلَقَ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَبِيعَ مُؤَجَّلًا وَقَدَّرَ الْأَجَلَ فَذَاكَ) أَيْ التَّوْكِيلُ صَحِيحٌ جَزْمًا، وَيَتْبَعُ مَا قَدَّرَهُ فَإِنْ نَقَصَ عَنْهُ كَأَنْ بَاعَ إلَى شَهْرٍ بِمَا قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْ بِهِ إلَى شَهْرَيْنِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْأَصَحِّ، (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْأَجَلَ (صَحَّ) التَّوْكِيلُ (فِي الْأَصَحِّ، وَحُمِلَ) الْأَجَلُ (عَلَى الْمُتَعَارَفِ فِي مِثْلِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ فِي النَّاسِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُرْفٌ رَاعَى الْوَكِيلُ الْأَنْفَعَ لِلْمُوَكِّلِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ لِاخْتِلَافِ الْفَرْضِ بِتَفَاوُتِ الْآجَالِ طُولًا وَقِصَرًا. فَرْعٌ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْهُ بِكَمْ شِئْت فَلَهُ الْبَيْعُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَلَا يَجُوزُ بِالنَّسِيئَةِ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ. وَلَوْ قَالَ: بِمَا   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ وَمَا يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ وَمَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْوَكَالَةُ الْمُطْلَقَةُ قَوْلُهُ: (بِالْبَيْعِ) وَكَذَا بِالشِّرَاءِ. قَوْلُهُ: (أَيْ تَوْكِيلًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مُطْلَقًا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ حَالًا مِنْ الْبَيْعِ وَالْمُرَادُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ مُطْلَقًا بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ، وَلَيْسَ مِنْ لَفْظِ الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ تَلَفَّظَ بِهَا الْمُوَكِّلُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْوَكِيلِ التَّصَرُّفَ عَلَى مَا يُرِيدُ وَإِنْ خَالَفَ غَرَضَ الْمُوَكِّلِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْبَيْعِ لِأَيِّ بَلَدِ التَّوْكِيلِ وَالْمُرَادُ بِنَقْدِهَا مَا يُتَعَامَلُ بِهِ فِيهَا، وَلَوْ عَرَضًا. نَعَمْ إنْ كَانَ الْغَرَضُ التِّجَارَةَ جَازَ بِغَيْرِ نَقْدِهَا مِمَّا يُتَوَقَّعُ فِيهِ رِبْحٌ، وَمِثْلُهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ وَلَوْ سَافَرَ بِهِ بِلَا إذْنٍ تَعَيَّنَ أَنْ يَبِيعَ بِنَقْدِ بَلَدٍ، كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَبِيعَهُ فِيهِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَكُونُ ضَامِنًا لِلثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِيمَا لَوْ عَيَّنَ لَهُ بَلَدًا فَبَاعَ فِي غَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا بِغَبْنٍ إلَخْ) وَلَا بِثَمَنِ مِثْلِهِ، وَثَمَّ رَاغِبٌ بِأَكْثَرَ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ لَهُ، وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْهُ انْفَسَخَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (غَالِبًا) أَيْ فِي عُرْفِ بَلَدِ الْبَيْعِ وَلَا نَظَرَ لِلْمِثَالِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَ) أَيْ صَارَ ضَامِنًا لِمَا سَيَذْكُرُهُ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (قِيمَتُهُ إلَخْ) أَيْ يَوْمَ التَّسْلِيمِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْمُتَقَوِّمِ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَيَغْرَمُ الْمُشْتَرِي مِثْلَهُ لَا قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّ مَا يَغْرَمُهُ الْوَكِيلُ لِلْحَيْلُولَةِ فَهُوَ الْقِيمَةُ، وَلَوْ فِي الْمِثْلِيِّ وَمَا يَغْرَمُهُ لِلْمُشْتَرِي لِلْفَيْصُولَةِ، وَهُوَ الْبَذْلُ الشَّرْعِيُّ وَلِذَلِكَ لَوْ لَمْ يَتْلَفْ غَرِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْقِيمَةَ، وَلَوْ مِثْلِيًّا؛ لِأَنَّهَا لِلْحَيْلُولَةِ فِيهِمَا فَإِذَا رَدَّ رَجَعَ مَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا الْقِيمَةَ بِهَا، وَالْمَغْرُومُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ إمَّا مِنْ الْوَكِيلِ أَوْ الْمُشْتَرِي لَا قِيمَتَانِ مِنْهُمَا، كَمَا تُوُهِّمَ فَافْهَمْ، وَعَلَى مَا ذُكِرَ يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ. نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يَغْرَمَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ الْقِيمَةِ مَثَلًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تَخَيَّرَ فِيهِمَا) وَلَهُ الْبَيْعُ بِهِمَا أَيْضًا وَلَوْ أَبْطَلَ السُّلْطَانُ نَقْدَ الْبَلَدِ لَمْ يَبِعْ بِهِ الْوَكِيلُ، وَإِنْ كَانَ عَيَّنَهُ لَهُ الْمُوَكِّلُ، وَلَا يَبِيعُ بِالْحَادِثِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ. قَوْلُهُ: (بِمَا قَالَ إلَخْ) أَفَادَ بِزِيَادَةِ الْمُوَحَّدَةِ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَ بِهِ إلَى شَهْرٍ، هُوَ الْمَأْذُونُ فِيهِ بِالْبَيْعِ إلَى شَهْرَيْنِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ عَنْهُ بَطَلَ قَطْعًا، وَأَنَّهُ لَوْ بَاعَ بِالدَّرَاهِمِ مَا أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ بِالدَّنَانِيرِ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا، وَهُوَ وَاضِحٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (صَحَّ الْبَيْعُ) مَا لَمْ يَكُنْ نَهَاهُ عَنْ النَّقْصِ، وَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ بِنَحْوِ مُؤْنَةِ حِفْظٍ أَوْ خَوْفِ نَهْبٍ، وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْمُشْتَرِي لِظُهُورِ قَصْدِ الْمُحَابَاةِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُتَعَارَفِ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَقِيلَ يُؤَجَّلُ بِسَنَةٍ فَقَطْ، وَقِيلَ بِمَا شَاءَ وَانْظُرْ لِمَ سَكَتَ عَنْهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (رَاعَى الْأَنْفَعَ لِلْمُوَكِّلِ) وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ حَيْثُ بَاعَ نَسِيئَةً وَكَوْنُ الْمُشْتَرِي مَلِيًّا أَمِينًا فَإِنْ خَالَفَ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ. قَوْلُهُ: (بِكَمْ شِئْت إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ كَمْ لِلْأَعْدَادِ وَمَا لِلْأَجْنَاسِ وَكَيْفَ لِلْأَحْوَالِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَاقِدُ نَحْوِيًّا أَوْ لَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ جَازَ الْبَيْعُ بِالْأُمُورِ   [حاشية عميرة] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 شِئْتَ فَلَهُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَلَا يَجُوزُ بِالْغَبْنِ وَلَا بِالنَّسِيئَةِ. وَلَوْ قَالَ: كَيْفَ شِئْت فَلَهُ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ وَلَا يَجُوزُ بِالْغَبْنِ، وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ. . (وَلَا يَبِيعُ) الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا (لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي ذَلِكَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَبِيعُ لِأَبِيهِ وَابْنِهِ الْبَالِغِ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِيهِمَا، وَالثَّانِي يَقُولُ: هُوَ يَمِيلُ إلَيْهِمَا، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ أَوْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ صَحَّ بَيْعُهُ لَهُمَا فِي وَجْهٍ، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ لَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ مَقْضِيَّاتِ الْبَيْعِ، وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِمَا (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (لَا يُسَلِّمُهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ فَإِنْ خَالَفَ) بِأَنْ سَلَّمَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ (ضَمِنَ) قِيمَتَهُ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْهَا فَإِذَا غَرِمَهَا ثُمَّ قَبَضَ الثَّمَنَ دَفَعَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَاسْتَرَدَّ الْمَغْرُومَ وَالْوَكِيلُ فِي الصَّرْفِ لَهُ الْقَبْضُ وَالْإِقْبَاضُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إلَى أَجَلٍ لَهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ إذَا حَلَّ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ (وَإِذَا وَكَّلَهُ فِي شِرَاءٍ لَا يَشْتَرِي مَعِيبًا) أَيْ لَا يَنْبَغِي لَهُ شِرَاؤُهُ وَلِاقْتِضَاءِ الْإِطْلَاقِ عُرْفًا التَّسْلِيمَ، (فَإِنْ اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ يُسَاوِي مَعَ الْعَيْبِ مَا اشْتَرَاهُ وَقَعَ) الشِّرَاءُ (عَنْ الْمُوَكِّلِ إنْ جَهِلَ)   [حاشية قليوبي] الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ) وَلَوْ مَعَ وُجُودِ رَاغِبٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بِالْغَبْنِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ النَّقْدِ بِأَنْ بَاعَ بِعَرَضٍ لَا يُسَاوِي قِيمَتَهُ بِالنَّقْدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بِالْغَبْنِ) وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَوْ قَالَ بِمَا عَزَّ وَهَانَ جَازَ بِغَيْرِ النَّسِيئَةِ. . قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ) أَيْ وَلِاتِّحَادِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ فَلَا يَصِحُّ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَانْتَفَتْ التُّهْمَةُ بِتَقْدِيرِ الثَّمَنِ، فَلَوْ انْتَفَيَا مَعًا كَأَنْ وَكَّلَ الْوَلِيُّ عَنْ طِفْلِهِ مِنْ قَبْلُ مَعَ تَقْدِيرِ الثَّمَنِ صَحَّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ هُنَا إذَا قُدِّرَ لَهُ الثَّمَنُ وَنَهَاهُ عَنْ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ اتِّحَادُ الطَّرَفَيْنِ، حِينَئِذٍ بِجِهَةِ الْأُبُوَّةِ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَقْبَلَ هُوَ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ وَلَا أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلَيْنِ عَنْ نَفْسِهِ، وَطِفْلِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ نَظَرٌ إذْ لَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ فِيهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (صَحَّ بَيْعُهُ لَهُمَا فِي وَجْهٍ) هُوَ مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ الْوَلِيُّ لِنَفْسِهِ مُطْلَقًا، وَفِي الْبَيْعِ لِطِفْلِهِ مَا مَرَّ وَكَالْبَيْعِ غَيْرُهُ مِنْ كُلِّ عَقْدٍ فِيهِ إيجَابٌ، وَقَبُولٌ لَا نَحْوَ إبْرَاءٍ فَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ أَوْ طِفْلِهِ أَوْ إعْتَاقِهَا نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي إبْرَاءِ غُرَمَائِهِ وَهُوَ مِنْهُمْ لَمْ يَدْخُلْ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَبَضَ الثَّمَنَ) أَيْ مَا لَمْ يَنْهَهُ فَإِنْ خَالَفَ وَلَوْ مُكْرَهًا لِإِجْبَارِهَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ، وَلَوْ مِثْلِيًّا وَقْتَ التَّسْلِيمِ لِلْحَيْلُولَةِ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا قَبْلَ رَدِّهَا، وَلِلْوَكِيلِ حَبْسُ الثَّمَنِ إلَى رَدِّ مَا غَرِمَ مِنْ الْقِيمَةِ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ مَبِيعٍ غَرِمَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِهِ. قَوْلُهُ: قَوْلُهُ (وَلَهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ سَلَمًا أَوْ بَاعَهُ بِحَالٍ وَصَحَّحْنَاهُ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْعَاقِدَانِ وَكِيلَيْنِ أُجْبِرَا مَعًا. قَوْلُهُ: (فِي شِرَاءٍ) أَيْ لِمَوْصُوفٍ أَوْ مُعَيَّنٍ وَإِنْ جَهِلَ الْمُوَكِّلُ عَيْنَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لَا يَنْبَغِي لَهُ إلَخْ) أَيْ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ إلَّا إنْ عَلِمَ الْعَيْبَ أَوْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ كَمَا سَيَأْتِي. نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُرَادُ التِّجَارَةَ فَلَهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ كَالْقِرَاضِ كَمَا مَرَّ، وَلَهُ شِرَاءُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَيُعْتَقُ وَلَا يَرُدُّهُ إلَّا إنْ ظَهَرَ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَلَا عِتْقَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اشْتَرَاهُ) أَيْ الْمَعِيبَ وَمِثْلُهُ مَا طَرَأَ عَيْبُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، قَالَ شَيْخُنَا. وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِي الذِّمَّةِ) .   [حاشية عميرة] [فَصْل الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ] فَصْلٌ. الْوَكِيلُ قَوْلُهُ: (وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ) أَيْ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ) وَلِأَنَّ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ خَاصٌّ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، نَعَمْ لَوْ وَكَّلَهُ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ صَحَّ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الْقَبُولِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي إبْرَاءِ غُرَمَائِهِ لَمْ يَدْخُلْ هُوَ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَمِّ أَنْ يُزَوِّجَ مُولِيَتَهُ الْآذِنَةَ لَهُ فِي تَزْوِيجِهَا إذَا لَمْ تُعَيِّنْ الزَّوْجَ، وَصَحَّحْنَاهُ مِنْ ابْنِهِ الْبَالِغِ فَكَذَا هُنَا. قَوْلُهُ: (هُوَ يَمِيلُ إلَيْهِمَا) وَكَذَا لَوْ فَوَّضَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَنْ يُوَلِّيَ الْقَضَاءَ مَنْ شَاءَ، فَإِنَّهُ لَا يُوَلِّي أَصْلَهُ وَفَرْعَهُ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ هُنَا مَرَدًّا وَهُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ. فَرْعٌ لَوْ نَصَّ لَهُ عَلَيْهِمَا جَازَ قَطْعًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لَهُ الْقَبْضُ وَالْإِقْبَاضُ إلَخْ) وَكَذَا يُقَالُ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَكَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يَحْكِي عَنْ الْعَلَّامَةِ الْوَرِعِ طَاهِرٍ خَطِيبِ مِصْرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِمِثْلِ ذَلِكَ إذَا وَكَّلَهُ لِيَبِيعَ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْمُوَكِّلِ لِلْعُرْفِ. قَوْلُهُ: (فِي شِرَاءٍ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ وَلَوْ فِي مُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَقَعُ عَنْ الْمُوَكِّلِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 الْمُشْتَرِي (الْعَيْبَ وَإِنْ عَلِمَهُ فَلَا) يَقَعُ عَنْ الْمُوَكِّلِ (فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى إطْلَاقِ اللَّفْظِ (وَإِنْ لَمْ يُسَاوِهِ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ إنْ عَلِمَهُ) الْمُشْتَرِي، (وَإِنْ جَهِلَهُ وَقَعَ) عَنْ الْمُوَكِّلِ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِنَفْسِهِ (وَإِذَا وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ) فِي صُورَتَيْ الْجَهْلِ (فَلِكُلٍّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ الرَّدُّ) بِالْعَيْبِ، وَإِنْ رَضِيَ الْمُوَكِّلُ بِهِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الرَّدُّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَيَقَعُ الشِّرَاءُ فِي صُورَتَيْ الْعِلْمِ لِلْوَكِيلِ وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ فَحَيْثُ قُلْنَا هُنَاكَ لَا يَقَعُ عَنْهُ لَا يَصِحُّ هُنَا، وَحَيْثُ قُلْنَا هُنَاكَ يَقَعُ عَنْهُ فَكَذَا هُنَا، وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ هُنَا الرَّدُّ فِي الْأَصَحِّ. (وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ أَنْ يُوَكِّلَ بِلَا إذْنٍ إنْ تَأَتَّى مِنْهُ مَا وَكَّلَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ) مِنْهُ ذَلِكَ (لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ فَلَهُ التَّوْكِيلُ) فِيهِ. وَقِيلَ: لَا (وَلَوْ كَثُرَ) الْمُوَكَّلُ فِيهِ (وَعَجَزَ) الْوَكِيلُ (عَنْ الْإِتْيَانِ بِكُلِّهِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُوَكِّلُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمُمْكِنِ) لَهُ دُونَ الْمُمْكِنِ، وَقِيلَ: يُوَكِّلُ فِي الْمُمْكِنِ أَيْضًا وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ، وَالثَّانِيَةُ لَا يُوَكِّلُ فِي الْمُمْكِنِ وَفِي الزَّائِدِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ، وَالثَّالِثَةُ فِي الْكُلِّ وَجْهَانِ، (وَلَوْ أَذِنَ فِي التَّوْكِيلِ وَقَالَ: وَكِّلْ عَنْ نَفْسِكَ فَفَعَلَ فَالثَّانِي وَكِيلُ الْوَكِيلِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ) إيَّاهُ (وَانْعِزَالُهُ) بِمَوْتِهِ أَوْ جُنُونِهِ، أَوْ عَزْلِ مُوَكِّلُهُ لَهُ، وَالثَّانِي لَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ وَجْهٌ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَالْمَعْنَى عَلَيْهِ: أَقِمْ غَيْرَكَ مَقَامَ نَفْسِكَ، وَلَوْ عَزَلَ الْمُوَكِّلُ الثَّانِي انْعَزَلَ كَمَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَجُنُونِهِ وَقِيلَ: لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ وَكِيلًا مِنْ جِهَتِهِ   [حاشية قليوبي] فَائِدَةٌ ذِكْرُهُ عَدَمَ رَدِّ الْوَكِيلِ فِي الْمُعَيَّنِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَحَيْثُ لَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ، وَلِذَلِكَ كَانَ لَهُ الرَّدُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشِّرَاءَ يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ مَعَ الْجَهْلِ سَوَاءٌ كَانَ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرَّدُّ أَوْ بِالْعَيْنِ، وَالرَّدُّ لِلْمُوَكِّلِ، فَقَطْ، وَلَا يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ مَعَ الْعِلْمِ مُطْلَقًا، وَيَقَعُ لِلْوَكِيلِ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ وَلَا رَدَّ لَهُ، وَيَبْطُلُ فِي الشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ، قَوْلُهُ: (فَلِكُلٍّ إلَخْ) لَكِنَّ مَحَلَّ رَدِّ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْبَائِعِ إنْ وَافَقَ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ لَهُ، وَإِلَّا فَيَرُدُّ عَلَى الْوَكِيلِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَوَقَعَ لِلْوَكِيلِ) وَلَا خِيَارَ لَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُقَابِلَهُ لِدُخُولِ حُكْمِهِ فِيمَا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى، وَمَا فِي الْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ عِلَّةٌ لِعَدَمِ وُقُوعِهِ لِلْوَكِيلِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ إلَخْ) سَوَاءٌ قَالَ وَكَّلْتُكَ فِي أَنْ تَبِيعَهُ أَوْ فِي بَيْعِهِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ فِي هَذِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ التَّوْكِيلُ) أَيْ عَنْ الْمُوَكِّلِ فَقَطْ بِشَرْطِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ بِعَجْزِهِ حَالَ التَّوْكِيلِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ وَلَهُ الْمُبَاشَرَةُ بِنَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِعَجْزِهِ، وَلَوْ قَدَرَ الْعَاجِزُ فَلَهُ الْمُبَاشَرَةُ، بِالْأَوْلَى لِزَوَالِ الْعَجْزِ بَلْ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ حِينَئِذٍ لِقُدْرَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَجَزَ) أَيْ بِحُصُولِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَإِنْ كَانَ الْعَجْزُ لِعَارِضٍ كَسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ، وَعَلِمَ بِذَلِكَ الْمُوَكِّلُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ إلَخْ) إنَّمَا صَرَّحَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حِكَايَةَ هَذِهِ لَيْسَ عَلَى نِظَامِ الطُّرُقِ فِي غَيْرِهَا، إذْ مُفَادُ هَذِهِ الطَّرِيقِ الْقَطْعُ بِجَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي غَيْرِ الْمُمْكِنِ، وَحِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي الْمُمْكِنِ وَمُفَادُ الطَّرِيقِ الثَّانِي عَكْسُهَا، وَهُوَ الْقَطْعُ بِعَدَمِ جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي الْمُمْكِنِ، وَحِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي غَيْرِ الْمُمْكِنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَكِّلْ عَنِّي إلَخْ) وَكَذَا لَوْ قَالَ وَكِّلْ عَنَّا أَوْ عَنِّي وَعَنْكَ. قَوْلُهُ: (فَالثَّانِي وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ) أَيْ إنْ قَصَدَهُ الْوَكِيلُ عَنْ الْمُوَكِّلِ أَوْ عَنْهُمَا مَعًا، أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ قَصَدَهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ شَيْخُنَا لَمْ   [حاشية عميرة] كَانَ الْغَرَضُ لِلتِّجَارَةِ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ إلَخْ) وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقُولُ: لَوْ فَرَضَ ذَلِكَ الْغَبْنَ، وَهُوَ تَسْلِيمٌ لَمْ يَقَعْ فَالْمَعِيبُ أَوْلَى، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ فِي الْمَعِيبِ بِخِلَافِ الْغَبْنِ. قَوْلُهُ: (فِي صُورَتَيْ الْجَهْلِ) قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِوُقُوعِهِ عَنْ الْمُوَكِّلِ حَالَةَ الْعِلْمِ مُخْتَصِّ الرَّدِّ بِالْمُوَكِّلِ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ حِكْمَةُ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا بِالذِّمَّةِ الِاحْتِرَازُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَطْ، فَلَوْ جَعَلَ الْقَيْدَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ كَانَ أَصْوَبَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ مَا عَدَاهَا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ وَالشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْمَذْهَبُ إلَخْ) هَذِهِ الطُّرُقُ يَرْجِعُ حَاصِلُهَا إلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا الْمَنْعُ مُطْلَقًا التَّفْصِيلُ، ثُمَّ إذَا وَكَّلَ يُوَكِّلُ عَنْ الْمُوَكِّلِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُوَكِّلُ فِي الْمُمْكِنِ أَيْضًا بِمَوْتِهِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ عَزْلِ مُوَكِّلِهِ) الضَّمِيرُ فِي هَذَا كُلِّهِ، وَفِي قَوْلِ الْمَتْنِ بِعَزْلِهِ، وَانْعِزَالِهِ رَاجِعٌ لِلْوَكِيلِ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ فَالثَّانِي وَكِيلُ الْوَكِيلِ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ مَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْكِتَابِ مِنْ كَوْنِ الْوَجْهَيْنِ مُفَرَّعَيْنِ عَلَى كَوْنِهِ، وَكِيلَ الْوَكِيلِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا) أَيْ لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 (وَإِنْ قَالَ) وَكِّلْ (عَنِّي) فَفَعَلَ (فَالثَّانِي وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ) أَيْ قَالَ: وَكِّلْ فَفَعَلَ فَالثَّانِي وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ (فِي الْأَصَحِّ) فَيَقْصِدُ التَّوْكِيلَ عَنْهُ وَقِيلَ: وَكِيلُ الْوَكِيلِ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ، (وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ) مَعَ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الثَّانِيَةِ (لَا يَعْزِلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَلَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالُهُ) وَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ أَيِّهِمَا شَاءَ، (وَحَيْثُ جَوَّزْنَا لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلَ) فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسَائِلِ، (يُشْتَرَطُ أَنْ يُوَكِّلَ أَمِينًا، إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ) أَيْ مَنْ لَيْسَ بِأَمِينٍ فِي إذْنِهِ فِي التَّوْكِيلِ فَيَتْبَعُ تَعْيِينَهُ، (وَلَوْ وَكَّلَ) الْوَكِيلُ أَمِينًا فِي الصُّورَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ (فَفَسَقَ لَمْ يَمْلِكْ الْوَكِيلُ عَزْلَهُ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) هَذَا التَّصْحِيحُ زَائِدٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَقْيَسِ وَوَجَّهَ فِي الْمَطْلَبِ الْعَزْلَ بِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ مَا وَكَّلَ فِيهِ. . فَصْلٌ قَالَ: بِعْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ (أَوْ مَكَانٍ مُعَيَّنٍ) يَعْنِي بِتَعْيِينِهِ فِي الْجَمِيعِ، نَحْوُ: لِزَيْدٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي سُوقِ كَذَا (تَعْيِينُ) ذَلِكَ، (وَفِي   [حاشية قليوبي] يَصِحَّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ) وَفَارَقَ إطْلَاقَ السُّلْطَانِ أَوْ الْقَاضِي لِخَلِيفَتِهِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إعَانَةُ الْخَلِيفَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُوَكِّلِ، وَبِأَنَّ الْقَاضِيَ نَاظِرٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُوَلَّى لَهُ، وَالْوَكِيلَ نَاظِرٌ فِي حَقِّ الْمُوَلَّى لَهُ. قَوْلُهُ: (فَيَقْصِدُ التَّوْكِيلَ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (أَمِينًا) أَيْ وَإِنْ عَمَّمَ لَهُ الْمُوَكِّلُ كَقَوْلِهِ، وَكِّلْ مَنْ شِئْت كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ، وَكَذَا لَوْ عَيَّنَ لَهُ الثَّمَنَ وَالْمُشْتَرَى؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حِفْظُ مَالِ الْمُوَكِّلِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَوَازَ التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ الْكُفْءِ، إذَا قَالَتْ زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت وَشَمَلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ وَكَّلَ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ. قَوْلُهُ: (فَيَتْبَعُ تَعْيِينُهُ) أَيْ إنْ عَلِمَ الْمُوَكِّلُ بِفِسْقِهِ، وَإِلَّا امْتَنَعَ تَوْكِيلُهُ وَلَوْ عَلِمَ بِفِسْقِهِ فَوَكَّلَهُ فَزَادَ فِسْقُهُ امْتَنَعَ تَوْكِيلُهُ أَيْضًا. قَالَ بَعْضُهُمْ: إلَّا إنْ كَانَ لَوْ عَرَضَ عَلَى الْمُوَكِّلِ رَضِيَهُ. فَرْعٌ هَلْ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُقِيمَ وَكِيلًا عَنْ الْوَكِيلِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْإِمَامِ مَعَ الْقَاضِي رَاجِعْهُ. فَصْلٌ فِي بَعْضِ مَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ غَيْرِهِمَا قَوْلُهُ: (يَعْنِي إلَخْ) دَفَعَ بِهِ عَلَى تَوَهُّمِ أَنَّ لَفْظَ مُعَيَّنٍ مِنْ صِيغَةِ الْمُوَكِّلِ. قَوْلُهُ: (لِزَيْدٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ وَكِيلِهِ وَلَا عَبْدِهِ وَعَكْسُهُ نَعَمْ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ تَعْيِينِهِ، نَحْوُ بِعْ لِلسُّلْطَانِ لَمْ يَتَعَيَّنْ، وَلَوْ مَاتَ الْمُعَيَّنُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الشِّرَاءِ لَمْ تَبْطُلْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ. قَوْلُهُ: (فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ) وَيَتَعَيَّنُ مَا يَلِي التَّوْكِيدَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ حَمْل عَلَى بَقِيَّتِهِ إنْ وَسِعَ التَّصَرُّفَ، قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فَإِنْ قَالَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ جَازَ فِي أَيِّ يَوْمٍ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (فِي سُوقِ كَذَا تَعَيَّنَ) نَعَمْ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ تَعْيِينِهِ كَالزَّمَانِ كَأَنْ كَانَ   [حاشية عميرة] يَنْعَزِلُ بِالْعَزْلِ إمَّا بِالْمَوْتِ وَالْجُنُونِ فَلَا كَلَامَ فِي انْعِزَالِ الْوَكِيلِ وَوَكِيلِ الْوَكِيلِ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَيَقْصِدُ التَّوْكِيلَ إلَخْ) . فَرْعٌ هَلْ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُقِيمَ وَكِيلًا عَنْ الْوَكِيلِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْإِمَامِ مَحَلُّ الْقَاضِي مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ. (وَقِيلَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ) أَيْ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ تَسْهِيلُ الْأَمْرِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَالصُّورَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ) يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَفَرَّعْنَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الثَّانِيَةِ، لَكِنَّهُ عَلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ فَسَهُلَ الْأَمْرُ. قَوْلُهُ: (مِنْ تَوَابِعِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ قِيلَ بِانْعِزَالِهِ بِلَا عَزْلٍ كَعَدْلِ الرَّهْنِ لَكَانَ أَوْجَهَ، أَيْ فَإِنَّ الذَّهَابَ إلَى أَنَّ الْوَكِيلَ عَزَلَهُ لَا وَجْهَ لَهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ. [فَصْل قَالَ بِعْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَكَان مُعَيَّنٍ] فَصْلٌ قَالَ بِعْ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَالَ إلَخْ) قِيلَ مَدْلُولُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ مُعَيَّنَ مِنْ تَتِمَّةِ لَفْظِ الْآمِرِ، بِأَنْ تَكُونَ صِيغَةُ الْمُوَكِّلِ بِعْ مِنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ لَا مُبْهَمٍ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ يَعْنِي بِتَعْيِينِهِ إشَارَةً إلَى دَفْعِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَعَيَّنَ) وَجْهُهُ فِي الشَّخْصِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 الْمَكَانِ وَجْهٌ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ) أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ وَالْغَرَضُ كَأَنْ يَكُونَ الرَّاغِبُونَ فِيهِ أَكْثَرَ أَوْ النَّقْدُ فِيهِ أَجْوَدَ، فَإِنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ كَمِائَةٍ فَبَاعَ بِهَا فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ جَازَ. ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، (وَإِنْ قَالَ: بِعْ بِمِائَةٍ لَمْ يَبِعْ بِأَقَلَّ) مِنْهَا، (وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ) عَلَيْهَا (إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِالنَّهْيِ) عَنْ الزِّيَادَةِ فَلَا يَزِيدُ، وَلَوْ عَيَّنَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ: بِعْ لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ إرْفَاقَهُ وَلَوْ لَمْ يَنْهَ عَنْ الزِّيَادَةِ وَهُنَاكَ رَاغِبٌ بِهَا لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ بِدُونِهَا فِي الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ. . (وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِهَذَا الدِّينَارِ شَاةً وَوَصَفَهَا) بِصِفَةٍ (فَاشْتَرِي بِهِ شَاتَيْنِ بِالصِّفَةِ، فَإِنْ لَمْ تُسَاوِ وَاحِدَةٌ) مِنْهُمَا (دِينَارًا لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ) وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا عَلَى الدِّينَارِ لِفَوَاتِ مَا وَكَّلَ فِيهِ، (وَإِنْ سَاوَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (فَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ) أَيْ صِحَّةُ الشِّرَاءِ (وَحُصُولُ الْمِلْكِ فِيهِمَا لِلْمُوَكِّلِ) ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهُ وَزَادَ خَيْرًا، وَالثَّانِي يَقُولُ: إنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ فَلِلْمُوَكِّلِ وَاحِدَةٌ بِنِصْفِ دِينَارٍ وَالْأُخْرَى لِلْوَكِيلِ، وَيَرُدُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ نِصْفَ دِينَارٍ وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الدِّينَارِ فَقَدْ اشْتَرَى شَاةً بِإِذْنٍ، وَشَاةً بِلَا إذْنٍ فَيَبْطُلُ فِي شَاةٍ وَيَصِحُّ فِي شَاةٍ بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ سَاوَتْ إحْدَاهُمَا دِينَارًا   [حاشية قليوبي] غَرَضُهُ الرِّبْحَ لَمْ يَتَعَيَّنْ. تَنْبِيهٌ لَمْ يَعْطِفْ الشَّارِحُ الْمَذْكُورَاتِ بِأَوْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَافٍ فِي تَعْيِينِ الْجَمِيعِ، وَلَا بِالْوَاوِ وَلِإِيهَامِ وُجُوبِ الْجَمِيعِ فِي الْوَكَالَةِ. قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَ) كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ غَرَضٌ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ فَلَوْ خَالَفَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، ضَمِنَ الثَّمَنَ وَالْمُثَمَّنَ. قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ مَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْ غَيْرِهِ، وَمِثْلُهُ الزَّمَانُ وَالشَّخْصُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِأَقَلَّ مِنْهَا) وَلَوْ بِمَا يُتَغَابَنُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمِائَةُ قَدْرَ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ لَا، عَلِمَ بِذَلِكَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا) وَفَارَقَ مَا لَوْ عَيَّنَ لَهُ بَائِعٌ كَاشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ بِكَذَا حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ النَّصُّ عَنْهُ بِأَنَّ الْبَيْعَ مُمْكِنٌ مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ. قَوْلُهُ: (رُبَّمَا قَصَدَ إرْفَاقَهُ) فَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ الْإِرْفَاقِ عُمِلَ بِهَا، كَمَا نَقَلَ عَنْ شَرْحِ شَيْخِنَا م ر. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ بِدُونِهَا) وَيَلْزَمُهُ الْفَسْخُ بِالْبَيْعِ لَهُ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ انْفَسَخَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالرَّاغِبِ كَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (فَاشْتَرَى) أَيْ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا وَقَعَتْ الْمُسَاوِيَةُ فَقَطْ لِلْمُوَكِّلِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً وَاحِدَةً بِالصِّفَةِ فِي صِفَتَيْنِ لَمْ تَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ عَقْدٌ وَاحِدٌ وَفِيهِ وَقْفَةٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (شَاتَيْنِ بِالصِّفَةِ) قَالَ شَيْخُنَا هُمَا قَيْدَانِ لِلْخِلَافِ فَيَصِحُّ فِي شَاةٍ بِالصِّفَةِ تُسَاوِي دِينَارًا، وَمَعَهَا ثَوْبٌ وَفِي شَاةٍ بِالصِّفَةِ كَذَلِكَ وَأُخْرَى بِغَيْرِهَا، وَسَوَاءٌ قَدَّمَ فِي الْعَقْدِ ذَاتَ الصِّفَةِ أَوْ غَيْرَهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ) وَلَا لِلْوَكِيلِ إنْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ وَإِلَّا وَقَعَ لِلْوَكِيلِ. قَوْلُهُ: (فَالْأَظْهَرُ الصِّحَّةُ إلَخْ) سَوَاءٌ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِدِينَارٍ وَالْإِتْيَانُ بِهِ مَعَ الْأُخْرَى لِلْمُوَكِّلِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا فَأَيُّهُمَا   [حاشية عميرة] مُحَابَاتِهِ أَوْ لِكَوْنِ مَالِهِ غَيْرَ مَشُوبٍ بِالشَّبَهِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، بَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرَضٌ، وُقُوفًا مَعَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الْمُوَكِّلُ، وَأَمَّا الزَّمَانُ فَقَدْ يَكُونُ فِيهِ غَرَضٌ كَالْفِرَاءِ الَّتِي تُلْبَسُ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ، دُونَ زَمَنِ الصَّيْفِ، وَلَوْ قَالَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ الَّتِي تَلِي الْإِذْنَ أَمْ لَا، الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَأَمَّا الْمَكَانُ فَقَدْ يَكُونُ النَّقْدُ فِيهِ أَجْوَدَ، وَالطَّالِبُ فِيهِ أَكْثَرَ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ الْغَرَضُ فَقَدْ يَكُونُ ثَمَّ غَرَضٌ خَفِيٌّ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ الْبَيْعُ وَالتَّعَيُّنُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاقِ، وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ غَيْرِ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ مَعَ تَيْسِيرِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَهُ بِأَكْثَرَ إلَخْ) بِخِلَافِ اشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ بِمِائَةٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ النَّقْصُ عَنْهَا وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الْخُلْعِ بِمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ غَالِبًا يَكُونُ عَنْ شِقَاقٍ فَيَضْعُفُ قَصْدُ الْمُحَابَاةِ، وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ جَوَازَ الزِّيَادَةِ، فِيمَا لَوْ قَالَ: بِعْهُ مِنْ زَيْدٍ بِمِائَةٍ وَكَانَ يُسَاوِي خَمْسِينَ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (فَلِلْمُوَكِّلِ وَاحِدَةٌ) اُنْظُرْ هَلْ الْخِيرَةُ لَهُ، أَوْ يُقْرِعُ وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ إشْكَالَ هَذَا الْقَوْلِ، وَجَرَى لَنَا قَوْلٌ ثَالِثٌ بِأَنَّهُمَا مَعًا يَقَعَانِ لِلْوَكِيلِ، إذَا كَانَ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ إحْدَاهُمَا لِلْمُوَكِّلِ دُونَ الْأُخْرَى لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ. قَوْلُهُ: (وَيَرُدُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ نِصْفَ دِينَارٍ) أَيْ وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَنْتَزِعَ الثَّانِيَةَ مِنْهُ، وَيُقَدَّرَ الْعَقْدَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ الْعَقْدَ لَهُ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَكَانَ ذَلِكَ مُخْرَجٌ عَلَى وَفْقِ الْعُقُودِ، وَجَعَلَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ كَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَيَبْطُلُ فِي شَاةٍ إلَخْ) مِنْ ثَمَّ قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 وَالْأُخْرَى بَعْضَ دِينَارٍ فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، وَأَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَمَا لَوْ سَاوَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ دِينَارًا فَيَمْلِكُهُمَا الْمُوَكِّلُ فِي الْأَظْهَرِ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ إنْ قُلْنَا: لِلْوَكِيلِ إحْدَاهُمَا فَلَهُ الَّتِي لَا تُسَاوِي دِينَارًا بِحِصَّتِهَا، (وَلَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِمُعَيَّنٍ) أَيْ بِعَيْنِ مَالٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمُعَيَّنِ فَأَتَى بِمَا لَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ، وَيُطَالِبُ بِغَيْرِهِ (وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ لَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ وَدَفَعَ الْمُعَيَّنَ عَنْ الثَّمَنِ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ لَمْ يَقَعْ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَقَعُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا حَيْثُ عَقَدَ عَلَى وَجْهٍ لَوْ تَلِفَ الْمُعَيَّنُ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهُ، وَعُورِضَ هَذَا بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَرَضُ الْمُوَكِّلِ تَحْصِيلَ الْمُوَكَّلِ فِيهِ وَإِنْ تَلِفَ الْمُعَيَّنُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا وَقَالَ: اشْتَرِ كَذَا فَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ لِقَرِينَةِ الدَّفْعِ، وَالْأَصَحُّ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ وَفِي الذِّمَّةِ لِتَنَاوُلِ الشِّرَاءِ لَهُمَا وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِهَذَا تَعَيَّنَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّاةِ فِي مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ. (وَمَتَى خَالَفَ) الْوَكِيلُ (الْمُوَكِّلَ فِي بَيْعِ مَالِهِ أَوْ الشِّرَاءِ بِعَيْنِهِ) كَأَنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَ آخَرَ أَوْ بِشِرَاءِ ثَوْبٍ بِهَذَا الدِّينَارِ فَاشْتَرَى بِهِ آخَرَ (فَتَصَرُّفُهُ بَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ (وَلَوْ اشْتَرَى) غَيْرَ الْمَأْذُونِ فِيهِ (فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ وَقَعَ) الشِّرَاءُ (لِلْوَكِيلِ) وَلَغَتْ نِيَّتُهُ   [حاشية قليوبي] لِلْمُوَكِّلِ فِي شِرَاءِ الذِّمَّةِ، وَأَيُّهُمَا تَبْطُلُ فِي شِرَاءِ الْعَيْنِ، وَقَدْ يُقَالُ يَرْجِعُ فِي الْأُولَى إلَى خِبْرَةِ الْمُوَكِّلِ، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ أَوْ إلَى خِبْرَةِ الْوَكِيلِ فِيهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيَبْطُلُ فِي شَاةٍ) وَعَلَى هَذَا الْمَرْجُوحِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا لِلْبَائِعِ أَوْ تَبْقَى لَهُ أَوْ الْمُرَادُ بُطْلَانُ كَوْنِهَا لِلْمُوَكِّلِ، وَيَقَعُ لِلْوَكِيلِ كُلُّ مُحْتَمِلٍ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ بِالْعَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَاحِدَةً مِنْهُمَا) وَعَلَى هَذَا الْمَرْجُوحِ يَقَعَانِ لِلْوَكِيلِ إنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا بَطَلَ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَأَصَحُّهُمَا) أَيْ الطَّرِيقَيْنِ وُقُوعُهُمَا لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (إنْ قُلْنَا لِلْوَكِيلِ إحْدَاهُمَا) بِأَنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ بَطَلَ فِي الَّتِي لَا تُسَاوِي الدِّينَارَ بِحِصَّتِهَا. قَوْلُهُ: (بِعَيْنِ مَالِهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) أَيْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ بِعَيْنِ هَذَا الدِّينَارِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. قَوْلُهُ: (فِي الذِّمَّةِ) قَالَ شَيْخُنَا: وَلَمْ يَنْقُدْهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَالشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ فَيَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ، وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ وَظَوَاهِرُ كَلَامِهِمْ رُبَّمَا لَا تُوَافِقُ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ) وَإِنْ سَمَّاهُ أَوْ نَوَاهُ وَيَقَعُ لِلْوَكِيلِ. قَوْلُهُ: (وَدَفَعَ الْعَيْنَ) قَالَ شَيْخُنَا: بَعْدَ الْمَجْلِسِ وَهُوَ جَرْيٌ عَلَى مَا مَرَّ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقَعْ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ) وَلَا لِلْوَكِيلِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا. تَنْبِيهٌ لَوْ تَلِفَ مَا دَفَعَهُ لَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ الْوَكِيلُ، قَبْلَ الْعَقْدِ انْعَزَلَ عَنْ الْوَكَالَةِ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُهُ لِلْمُوَكِّلِ، وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ أَوْ عَادَ إلَيْهِ دَامَتْ الْوَكَالَةُ، فَإِذَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ، وَقُلْنَا يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ فَإِنْ دَفَعَ فِي الثَّمَنِ مَا دَفَعَهُ لَهُ الْمُوَكِّلُ فَذَاكَ، وَإِنْ دَفَعَ غَيْرَهُ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ بَطَلَ الْعَقْدَانِ دَفَعَهُ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، أَوْ بَطَلَ الدَّفْعُ إنْ كَانَ بَعْدَهُ، وَإِنْ دَفَعَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ صَحَّ مُطْلَقًا، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ إنْ كَانَ أَمَرَهُ بِنَقْدِ مَا دَفَعَهُ لَهُ، فِي الثَّمَنِ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِلْمُوَكِّلِ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ رَجَعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ لَهُمَا نَقْدُهُ فِي الثَّمَنِ وَرَدَّ عَلَى الْمُوَكِّلِ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ، وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ، وَلَوْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ شَيْئًا رَجَعَ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَاشْتَرَى بِهِ آخَرَ) هَذِهِ أَنْسَبُ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْمَنْهَجِ فَاشْتَرَاهُ بِآخَرَ إذْ الْمُخَالَفَةُ فِي الشِّرَاءِ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالْمُخَالَفَةِ فِي الْبَيْعِ لَا فِي عَيْنِ الْمَرْفُوعِ، وَجَعَلَ فِي الْمَنْهَجِ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ مَا لَوْ أَخَّرَهُ بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ فَاشْتَرَى بِالْعَيْنِ، بِحَمْلِ الْعِبَارَةِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ شِرَاءَهُ بِالْعَيْنِ وَقَعَ مُخَالِفًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اشْتَرَى إلَخْ) أَيْ فِي حَالَةِ.   [حاشية عميرة] الرَّافِعِيُّ: هَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ وَاحِدَةٍ لِلْبُطْلَانِ وَأُخْرَى لِلْمُوَكِّلِ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ اهـ. قَوْلُهُ: (إنْ قُلْنَا إلَخْ) وَذَلِكَ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَ بِالْعَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ فِي الَّتِي تُسَاوِي دِينَارًا بِثُلُثَيْ دِينَارٍ، أَيْ إذَا كَانَتْ الْأُخْرَى تُسَاوِي نِصْفَ دِينَارٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِعَيْنٍ) غَرَضُ الشَّارِحِ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ عِبَارَةَ الْمَتْنِ تُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِهَذَا الدِّينَارِ لَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَلَفَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّاةِ، وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ قَرِيبًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ غَرَضُهُ دَفْعُ مَا عَسَاهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْمُعَيَّنَ مُقَابِلُ الْمُبْهَمِ. قَوْلُهُ: (بِتَلَفِ الْمُعَيَّنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ) أَيْ بِعَيْنِ مَالٍ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَوَّلِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ. فَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ. قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ نَقْلًا عَنْ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ: إنَّ قَضِيَّتَهُ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ. . قَوْلُهُ: (فِي مُوَافِقِ الْإِذْنِ) أَيْ فِي الشِّرَاءِ الَّذِي صَدَرَ مِنْ الْوَكِيلِ عَلَى وَفْقِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ. قَوْلُهُ: (صَحَّ جَزْمًا) . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 لِلْمُوَكِّلِ، (وَإِنْ سَمَّاهُ فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُكَ فَقَالَ: اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ) يَعْنِي مُوَكِّلَهُ (فَكَذَا) يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ (فِي الْأَصَحِّ) وَتَلْغُو تَسْمِيَةُ الْمُوَكِّلَ، وَالثَّانِي يَبْطُلُ الْعَقْدُ (وَإِنْ قَالَ: بِعْت مُوَكِّلَكَ زَيْدًا فَقَالَ: اشْتَرَيْت لَهُ فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) أَيْ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجُزْ بَيْنَ الْمُتَبَايِعِينَ مُخَاطَبَةٌ، وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا أَصْلِهَا بِمُقَابِلِ الْمَذْهَبِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ فِي مُوَافِقِ الْإِذْنِ وَفِي الْكِفَايَةِ حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَفِي الْمَطْلَبِ إذَا قَالَ: بِعْتُكَ لِمُوَكِّلِك فُلَانٍ فَقَالَ: قَبِلْت لَهُ صَحَّ جَزْمًا (وَيَدُ الْوَكِيلِ يَدُ أَمَانَةٍ وَإِنْ كَانَ يَجْعَلُ) فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ، (فَإِنْ تَعَدَّى) كَأَنْ رَكِبَ الدَّابَّةَ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ (ضَمِنَ، وَلَا يَنْعَزِلُ) بِالتَّعَدِّي (فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَقُولُ: يَنْعَزِلُ كَالْمُودِعِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْإِيدَاعَ مَحْضُ ائْتِمَانٍ، وَعَلَيْهِ إذَا بَاعَ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ زَالَ الضَّمَانُ عَنْهُ، وَلَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ وَلَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ عَلَيْهِ عَادَ الضَّمَانُ. (وَأَحْكَامُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ فَيُعْتَبَرُ فِي الرُّؤْيَةِ، وَلُزُومِ الْعَقْدِ بِمُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ وَالتَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ حَيْثُ يُشْتَرَطُ الْوَكِيلُ   [حاشية قليوبي] الْمُخَالَفَةِ فَلَوْ فَرَّعَهُ بِالْفَاءِ لَكَانَ أَنْسَبَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ إلَخْ) لَيْسَتْ هَذِهِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُخَالَفَةِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَالْبُطْلَانُ فِيهَا لِعَدَمِ الْخِطَابِ. قَوْلُهُ: (فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُكَ فَقَالَ اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ) فَكَذَا يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ فِي الْأَصَحِّ لِوُجُودِ الْمُخَالَفَةِ، أَمَّا عَكْسُ هَذِهِ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُك لِمُوَكِّلِكَ. فَقَالَ: اشْتَرَيْت لَهُ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ عَلَى الْأَقْرَبِ مِنْ احْتِمَالَيْنِ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ) قَالَ شَيْخُنَا: مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْبَائِعُ عَلَيْهَا وَإِلَّا بَطَلَ الْعَقْدُ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْجَارِيَةِ الْآتِيَةِ. فَرْعٌ لَوْ اشْتَرَى بِمَالِ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْغَيْرِ إنْ سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ، وَإِلَّا وَقَعَ لِنَفْسِهِ، وَتَلْغُو نِيَّتُهُ إنْ وُجِدَتْ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِصِفَةِ مَا وَكَّلَ فِيهِ عَلَى الْأَقْرَبِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: كَابْنِ حَجَرٍ وَيَجِبُ تَسْمِيَةُ الْمُوَكِّلِ. قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ نِيَّتُهُ فِي كُلِّ مَا لَا عِوَضَ فِيهِ كَالْهِبَةِ وَالْوَقْفِ وَالرَّهْنِ وَالْوَصِيَّةِ، وَالْإِعَارَةِ الْوَدِيعَةِ، فَإِذَا نَوَيَا مَعًا الْمُوَكِّلَ أَوْ صَرَّحَا بِهِ أَوْ نَوَاهُ أَحَدُهُمَا وَصَرَّحَ بِهِ الْآخَرُ وَقَعَ لَهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَاهِبُ مَثَلًا وَصَرَّحَ الْوَكِيلُ بِالْمُوَكِّلِ، أَوْ نَوَاهُ بَطَلَ الْعَقْدُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ، وَإِلَّا وَقَعَ لِلْوَكِيلِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْضُ مُخَالَفَةٍ لِذَلِكَ، لَمْ يَعْرِضْ بِهَا شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لِمُخَالَفَتِهَا لِلْمَنْقُولِ. تَنْبِيهٌ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ تَسْمِيَةَ الْمُوَكِّلِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ إلَّا فِي صُوَرٍ مِنْهَا: النِّكَاحُ، وَمِنْهَا مَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِثَوْبِكَ هَذَا وَمَا لَوْ وَكَّلَ عَبْدًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ سَيِّدُهُ وَمَا لَوْ وَكَّلَ الْعَبْدُ شَخْصًا لِيَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ، فَإِذَا لَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ فِي ذَلِكَ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمُبَاشَرَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَصِحَّ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَسْكُتَ عَنْ الْخِلَافِ أَوْ يُعَبِّرَ بِالْأَصَحِّ نَظَرًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ التَّعْلِيلُ إلَخْ) إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، لَيْسَتْ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَبْلَهَا الَّذِي فِيهِ الْمُخَالَفَةُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمَطْلَبِ إلَخْ) هِيَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهِيَ تُوَافِقُ الْإِذْنَ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيَدُ الْوَكِيلِ يَدُ أَمَانَةٍ) فَيَصْدُقُ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ وَالرَّدَّ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ كَانَ ضَامِنًا، كَأَنْ وَكَّلَ الْمَضْمُونُ لَهُ الضَّامِنَ فِي قَبْضِ مَا عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ، فَقَبَضَهُ ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ رَدَّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَيُصَدَّقُ، وَلَا نَظَرَ إلَى اتِّهَامِهِ بِبَرَاءَتِهِ مِنْ الضَّمَانِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ) أَوْ وَضَعَ الْمَالَ فِي غَيْرِ حِرْزِهِ أَوْ فِي مَكَانِهِ وَنَسِيَهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ كَيْفَ ضَاعَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْعَزِلُ بِالتَّعَدِّي) وَلَوْ وَكِيلًا عَنْ وَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ لَكِنْ يُنْزَعُ الْمَالُ مِنْهُ لِعَدْلٍ، وَيَتَصَرَّفُ هُوَ فِيهِ وَهُوَ عِنْدَ الْعَدْلِ وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ تَوْكِيلِهِمَا فَاسِقًا ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ. قَوْلُهُ: (مَحْضُ ائْتِمَانٍ) بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ فَإِنَّهَا إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ، وَالْأَمَانَةُ حُكْمٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِفَاعِهَا ارْتِفَاعُهَا وَمِثْلُهَا الرَّهْنُ فَإِنَّهُ تَوَثُّقٌ. قَوْلُهُ: (عَادَ الضَّمَانُ) وَإِنْ قُلْنَا: الْفَسْخُ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ، وَفَارَقَ عَدَمَ عَوْدِ الضَّمَانِ فِي رَدِّ مَبِيعِ مَغْصُوبٍ بَاعَهُ الْغَاصِبُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ، بِضَعْفِ يَدِ الْغَاصِبِ. قَوْلُهُ: (الْوَكِيلُ)   [حاشية عميرة] فَرْعٌ قَالَ لَهُ: أَبِيعُكَ لِنَفْسِكَ وَإِنْ كُنْت تَشْتَرِي لِغَيْرِكَ فَلَا أَبِيعُكَ فَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ عَقَدَ أَوْ نَوَى الْمُشْتَرِي مُوَكِّلَهُ صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَكَرَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَدُ الْوَكِيلِ يَدُ أَمَانَةٍ) قَالَ الْبَغَوِيّ فِي الْفَتَاوَى: لَوْ ضَاعَ الْمَبْلَغُ مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 دُونَ الْمُوَكِّلِ) ؛ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً وَلَهُ الْفَسْخُ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَإِنْ أَرَادَ الْمُوَكِّلُ الْإِجَازَةَ قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ، (وَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ إلَيْهِ الْمُوَكِّلُ وَإِلَّا فَلَا) يُطَالِبُهُ (وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِهِ، (وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (فِي الذِّمَّةِ طَالَبَهُ) بِهِ (إنْ أَنْكَرَ وَكَالَتَهُ أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُهَا، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا طَالَبَهُ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ كَمَا يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ، وَيَكُونُ الْوَكِيلُ كَضَامِنٍ وَالْمُوَكِّلُ كَأَصِيلٍ) ، وَالثَّانِي يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ، وَفِي ثَالِثٍ يُطَالِبُ الْوَكِيلَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مَعَهُ وَالْأَوَّلُ لَاحَظَ الْأَمْرَيْنِ. (وَإِذَا قَبَضَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الثَّمَنَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَخَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا رَجَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي) بِبَدَلِ الثَّمَنِ، (وَإِنْ اعْتَرَفَ بِوَكَالَتِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ التَّلَفِ فِي يَدِهِ، (ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ) بِمَا غَرِمَهُ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا عَلَى الْمُوَكِّلِ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ. (وَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً) أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ الَّذِي تَلِفَ فِي يَدِهِ الثَّمَنُ سَفِيرُهُ وَيَدُهُ يَدُهُ، وَالثَّانِي لَا يَرْجِعُ إلَّا عَلَى الْوَكِيلِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ قِيلَ لَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَقِيلَ: يَرْجِعُ الْمُوَكِّلُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَالْأَصَحُّ لَا. .   [حاشية قليوبي] هُوَ نَائِبُ فَاعِلِ يُعْتَبَرُ. قَوْلُهُ: (بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ) وَمِثْلُهُ خِيَارُ الشَّرْطِ، وَكَذَا خِيَارُ الْعَيْبِ إلَّا إنْ رَضِيَ الْمُوَكِّلُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (طَالَبَهُ) أَيْ طَالَبَ الْبَائِعُ الْوَكِيلَ، وَكَذَا الْمُوَكِّلُ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ دَفَعَهُ إلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ قَدْ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ، وَهَذَا قَيْدٌ لِمُطَالَبَةِ الْوَكِيلِ سَوَاءٌ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُطَالِبُهُ) وَلَوْ بِتَخْلِيصِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ الْوَكِيلُ كَضَامِنٍ إلَخْ) وَمِثْلُهُ وَكِيلٌ أَرْسَلَهُ لِيَقْتَرِضَ لَهُ، فَفَعَلَ فَلِلْمُقْرِضِ مُطَالَبَتُهُ، وَيَرْجِعُ إذَا غَرِمَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرْسَلَهُ إلَى بَزَّازٍ مَثَلًا لِيَأْتِيَ لَهُ بِثَوْبٍ يَسُومُهُ، فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَالضَّامِنُ الْمُرْسِلُ لَا الرَّسُولُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَلَا سَائِمٍ. قَوْلُهُ: (فِي يَدِهِ) لَيْسَ قَيْدًا فَيَدُ الْمُوَكِّلِ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَاهُمَا. قَوْلُهُ: (رَجَعَ عَلَيْهِ) نَعَمْ إنْ كَانَ مَنْصُوبًا مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ لَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَالْقَرَارُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. نَعَمْ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ مَا اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، وَغَرِمَهُ لِمَالِكِهِ. لَمْ يَرْجِعْ عَلَى مُوَكِّلِهِ. .   [حاشية عميرة] يَدِ الدَّلَّالِ فَلَمْ يَدْرِ أَسُرِقَ أَمْ سَقَطَ أَمْ نَسِيَهُ أَمْ سَلَّمَهُ لِصَاحِبِهِ؟ ضَمِنَ، وَكَذَا لَوْ وَضَعَهُ فِي مَكَان وَأُنْسِيَ الْمَكَانَ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَأْتِ الْهَلَاكُ مِنْ جِهَتِهِ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (طَالَبَهُ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ يَسْلَمُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَقَدْ سَلَفَ فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ خِلَافٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعُرْفَ هُنَا قَاضٍ بِذَلِكَ بِخِلَافِ، وَكِيلِ الْبَائِعِ، كَذَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ خَالِيًا مِنْ الْخِلَافِ بَلْ فِيهِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا الْوَجْهَانِ فِي وَكِيلِ الْبَائِعِ، وَأَرْجَحُهُمَا الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ لِلْعُرْفِ: تَنْبِيهٌ كَمَا يُطَالَبُ الْوَكِيلُ يُطَالَبُ الْمُوَكِّلُ أَيْضًا، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ دَفْعُهُ الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَالْمُوَكِّلُ كَأَصِيلٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَإِنْ وَقَعَ لِلْمُوَكِّلِ، فَالْوَكِيلُ فَرْعُهُ وَنَائِبُهُ، وَالْعَقْدُ صَدَرَ مَعَهُ فَلِهَذَا جَعَلْنَاهُ كَالضَّامِنِ فِي أَحْكَامِ الْمُطَالَبَةِ وَالرُّجُوعِ. فَرْعٌ وَلِيُّ الطِّفْلِ إذَا سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا لِلثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ شِرَاءَهُ لَازِمٌ لِلطِّفْلِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ) وَالْوَكِيلُ سَفِيرٌ كَوَكِيلِ النِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْعَقْدَ مَعَهُ) أَيْ وَالْأَحْكَامُ تَتَعَلَّقُ بِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا قَبَضَ إلَخْ) هَذَا إلَى آخِرِ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا تَخْيِيرُ الْمُشْتَرِي فِي مُطَالَبَةِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ هِيَ الْأَوْجُهُ السَّالِفَةُ قَرِيبًا فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، وَتَعْلِيلُهَا مَا سَلَفَ ثُمَّ هَذِهِ الْأَوْجُهُ مَعَ تَفَارِيعِهَا تَجْرِي أَيْضًا فِي وَكِيلِ الشِّرَاءِ، إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ ثُمَّ ظَهَرَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مُسْتَحَقًّا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ الَّذِي فِي الزِّيَادَةِ أَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ، وَهُوَ الرُّجُوعُ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 فَصْلٌ الْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَيْ غَيْرُ لَازِمَةٍ مِنْ جَانِبِ الْمُوَكِّلِ وَجَانِبِ الْوَكِيلِ، (فَإِذَا عَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ فِي حُضُورِهِ) بِقَوْلِهِ: عَزَلْتُكَ (أَوْ قَالَ) فِي حُضُورِهِ، (رَفَعْت الْوَكَالَةَ أَوْ أَبْطَلْتهَا، أَوْ أَخْرَجْتُكَ مِنْهَا انْعَزَلَ) مِنْهَا، (فَإِنْ عَزَلَهُ وَهُوَ غَائِبٌ انْعَزِلْ فِي الْحَالِ وَفِي قَوْلِهِ: لَا) يَنْعَزِلُ (حَتَّى يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ) بِالْعَزْلِ كَالْقَاضِي، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْبَغِي لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُشْهِدَ بِالْعَزْلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ: كُنْتُ عَزَلْتُهُ لَا يُقْبَلُ، وَعَلَى الثَّانِي: الْمُعْتَبَرُ خَبَرُ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ دُونَ الصَّبِيِّ وَالْفَاسِقِ (وَلَوْ قَالَ) الْوَكِيلُ: (عَزَلْت نَفْسِي أَوْ رَدَدْت الْوَكَالَةَ) أَوْ أَخْرَجْت نَفْسِي مِنْهَا (انْعَزَلَ) ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي انْعِزَالِهِ بِذَلِكَ حُصُولُ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ، (وَيَنْعَزِلُ) أَيْضًا (بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ (عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ) ، وَإِنْ زَالَ عَنْ قُرْبٍ (وَكَذَا إغْمَاءٌ فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لَهُ بِالْجُنُونِ، وَالثَّانِي لَا يَلْحَقُهُ بِهِ (وَبِخُرُوجِ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ عَنْ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ) كَأَنْ بَاعَ أَوْ أَعْتَقَ مَا   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازُ وَاللُّزُومُ وَرَفْعُهَا وَارْتِفَاعُهَا. قَوْلُهُ: (جَائِزَةٌ) وَلَوْ بِجَعْلِ عَالِمٍ تَقَعُ بِلَفْظِ إجَارَةٍ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ لَازِمَةٍ) فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِبَاحَةَ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَالَ) هُوَ مِنْ الْعَزْلِ لَكِنْ بِغَيْرِ لَفْظِهِ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لِدَفْعِ التَّكْرَارِ أَوْ تَوَهُّمِ الْمُغَايَرَةِ. قَوْلُهُ: (انْعَزَلَ فِي الْحَالِ) وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ، وَإِنْ جَهِلَ الْعَزْلَ وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْقَاضِي) وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ شَأْنَ الْقَاضِي التَّوْلِيَةُ فِي الْأَمْوَلِ الْعَامَّةِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَالْوَدِيعِ، وَالْمُسْتَعِيرُ كَالْقَاضِي، فَلَا يَنْعَزِلَانِ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وَانْظُرْ مَا مَعْنَى عَزْلِ الْوَدِيعِ. قَوْلُهُ: (لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْعَزْلِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَاخْتَلَفَا فِي وَقْتِهِ فَكَالرَّجْعَةِ وَمَحَلُّ قَبُولِهِمَا فِي حَقِّ أَنْفُسِهِمَا لَا فِي حَقِّ ثَالِثٍ كَمَا مَرَّ فِي الْحَوَالَةِ، وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْعَزْلِ إلَّا إنْ بَيَّنَتْ مَا عُزِلَ عَنْهُ، لِاحْتِمَالِ عَزْلِهِ عَنْ تَصَرُّفٍ مَخْصُوصٍ، وَلَوْ عَزَلَ أَحَدَ وَكِيلَيْهِ مُبْهَمًا لَمْ يَتَصَرَّفْ، وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلشَّكِّ، فَإِنْ تَصَرَّفَ ثُمَّ عَيَّنَ غَيْرَهُ لِلْعَزْلِ فَالْوَجْهُ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْوَاقِعِ. قَوْلُهُ: (انْعَزَلَ) ؛ لِأَنَّهُ إبْطَالٌ لِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا قِيلَ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَزْلِ عَدَمُ التَّصَرُّفِ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ إنْ لَزِمَ مِنْ عَزْلِهِ ضَيَاعُ الْمَالِ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَنْعَزِلْ بِعَزْلِ نَفْسِهِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ، وَإِنْ لَزِمَ ضَيَاعُ الْمَالِ وَلَهُ إيدَاعُهُ فِي مَحَلٍّ فِي طَرِيقِ سَفَرِهِ وَإِنْ لَزِمَ عَلَى الْمُوَكِّلِ مَشَقَّةٌ فِي الْوُصُولِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لِنَفْسِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِمَوْتٍ) قِيلَ هَذَا انْتِهَاءٌ لِزَمَنِهَا لَا عَزْلَ، وَعُلِمَ بِقَوْلِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ أَنَّهُ لَا عَزْلَ بِرِدَّةِ أَحَدِهِمَا، وَإِنَّ كُلًّا مِنْهَا يَنْعَزِلُ بِحَجْرِ السَّفَهِ، وَبِطُرُوِّ الرِّقِّ وَبِحَجْرِ الْفَلَسِ، وَهُوَ فِي الْمُوَكِّلِ ظَاهِرٌ، وَفِي الْوَكِيلِ فِيمَا لَوْ كَانَ وَكِيلًا وَالشِّرَاءُ بِشَيْءٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا آخِرًا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إغْمَاءٌ) إلَّا فِي إغْمَاءِ مُوَكِّلٍ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ. قَوْلُهُ: (إلْحَاقًا إلَخْ) شَمَلَ مَا قَصَرَ زَمَنُهُ،   [حاشية عميرة] الْوَكِيلِ فَقَطْ. فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَرْجِعُ جَزْمًا، وَيُحْتَمَلُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ وَعَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ، بِأَنَّهُ لَا يُطَالِبُ إلَّا الْمُوَكِّلَ يَتَّجِهُ عَدَمُ رُجُوعِ الْمُوَكِّلِ جَزْمًا. [فَصْلٌ الْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ] فَصْلٌ الْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ إلَخْ قَوْلُهُ: (بِقَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْعَزْلِ فِي عِبَارَتِهِ لِيَصِحَّ عَطْفُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَفْظُ الْعَزْلِ شَامِلٌ لِكُلٍّ، وَقَوْلُهُ فِي حُضُورِهِ قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ فَإِنْ عَزَلَهُ وَهُوَ غَائِبٌ. فَرْعٌ مِنْ الصِّيَغِ: نَقَضْتهَا صَرَفْتهَا أَزَلْتهَا وَمَا أَشْبَهَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (انْعَزَلَ فِي الْحَالِ) لَوْ تَصَرَّفَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَزْلِ وَسَلَّمَ إلَى الْغَيْرِ كَانَ ضَامِنًا عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ وَالشَّاشِيِّ وَغَيْرِهِمَا، كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ بَعْدَ التَّوْكِيلِ مَعَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 وَكَّلَ فِي بَيْعِهِ، (وَإِنْكَارُ الْوَكِيلِ الْوَكَالَةَ لِنِسْيَانٍ) لَهَا (أَوْ لِغَرَضٍ فِي الْإِخْفَاءِ) لَهَا (لَيْسَ بِعَزْلٍ) لِنَفْسِهِ، (فَإِنْ تَعَمَّدَ) إنْكَارَهَا (وَلَا غَرَضَ) لَهُ فِيهِ (انْعَزَلَ) بِذَلِكَ، وَالْمُوَكِّلُ فِي إنْكَارِهَا كَالْوَكِيلِ فِي عَزْلِهِ بِهِ أَوْ لَا. (وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِهَا) كَأَنْ قَالَ: وَكَّلْتنِي فِي كَذَا فَأَنْكَرَ، (أَوْ صِفَتِهَا بِأَنْ قَالَ: وَكَّلْتَنِي فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً أَوْ الشِّرَاءِ بِعِشْرِينَ فَقَالَ) الْمُوَكِّلُ: (بَلْ نَقْدًا أَوْ بِعَشْرَةٍ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْوَكِيلُ، (وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِعِشْرِينَ) دِينَارًا (وَزَعَمَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَمَرَهُ) بِذَلِكَ (فَقَالَ: بَلْ) أَذِنْت (فِي عَشْرَةٍ وَحَلَفَ) عَلَى ذَلِكَ، (فَإِنْ اشْتَرَى) الْوَكِيلُ (بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَسَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ) لَمْ يُسَمِّهِ، وَلَكِنْ (قَالَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ، (اشْتَرَيْتُهُ) أَيْ الْمَذْكُورَ   [حاشية قليوبي] وَالسُّكْرَ بِلَا تَعَدٍّ كَالْإِغْمَاءِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِهِ الْمُتَعَدِّي، وَمِنْ الْإِغْمَاءِ التَّقْرِيفُ الْوَاقِعُ فِي نَحْوِ الْحَمَّامِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى. قَوْلُهُ: (كَأَنْ بَاعَ إلَخْ) فَهُوَ عَزْلٌ وَإِنْ كَانَ بِشَرْطِ خِيَارٍ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا كَالْوَصِيَّةِ وَمِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مِثَالًا لِخُرُوجِ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ يُفِيدُ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَخُرُوجِ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ عَزْلٌ أَيْضًا وَإِعَارَةٌ وَإِجَارَةٌ وَوَصِيَّةٌ وَتَدْبِيرٌ وَتَعْلِيقُ عِتْقٍ وَتَزْوِيجٌ لِأَمَةٍ أَوْ عَبْدٍ، وَهِبَةٍ وَلَوْ بِلَا قَبْضٍ وَبِرَهْنٍ مَعَ قَبْضٍ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَبِكِتَابَةٍ وَلَوْ فَاسِدَةٍ وَبِطَحْنِ حِنْطَةٍ وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا بِعَرَضٍ عَلَى بَيْعٍ وَلَا بِتَوْكِيلِ وَكِيلٍ آخَرَ، وَلَا بِبَيْعِ عَبْدٍ هُوَ وَكِيلٌ وَلَا بِطَلَاقِ زَوْجَةٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (كَالْوَكِيلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَا) بِكَوْنِ الْوَاوِ حَرْفَ عَطْفٍ مَعَ لَا النَّافِيَةِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِي أَصْلِهَا) أَيْ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ وُقُوعِ تَصَرُّفٍ وَإِلَّا فَإِنْكَارُهَا قَبْلَهُ عَزْلٌ كَمَا تَقَدَّمَ، فَلَا حَاجَةَ لِلْمُخَاصَمَةِ وَتَسْمِيَتُهُ فِيهَا مُوَكِّلًا بِاعْتِبَارِ زَعْمِ الْوَكِيلِ. قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهِ) وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ الْمُوَكِّلُ أَوْ أَقَامَ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً، بِمَا قَالَهُ ثَبَتَ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ، وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُوَكِّلِ لَوْ أَقَامَهَا؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيٍ. قَوْلُهُ: (جَارِيَةً) تَخْصِيصُ ذِكْرِهَا لِمَا يَتَرَتَّبُ مِنْ الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ الْآتِي. تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَشْهُورَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْجَارِيَةِ وَيَقَعُ فِيهَا بَيْنَ الطَّلَبَةِ امْتِحَانٌ، وَاخْتِلَافٌ كَبِيرٌ فِي تَعْدَادِ صُوَرِهَا، وَحَاصِلُهَا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الشِّرَاءَ الْوَاقِعَ مِنْ الْوَكِيلِ إمَّا بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ أَوْ فِي ذِمَّةِ الْوَكِيلِ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقَعَ مِنْ الْوَكِيلِ نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ أَوْ تَسْمِيَتُهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَالِهِ، أَوْ مَعَ ذِكْرِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَقَعَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ، وَعَلَى كُلٍّ فَإِمَّا أَنْ يُصَدِّقَ الْبَائِعَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ أَوْ يُكَذِّبَهُ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ ذَلِكَ، فَهَذِهِ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ صُورَةً، وَالْوَاقِعُ لِلْوَكِيلِ مِنْهَا ثَلَاثُونَ وَالْبَاطِلُ مِنْهَا سِتَّةٌ. وَعَلَى قَوْلِ شَيْخِنَا: الْآتِي مِنْ أَنَّ التَّسْمِيَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَالِ مُبْطِلَةٌ مَعَ التَّصْدِيقِ، وَيَكُونُ الْبَاطِلُ مِنْهَا عَشْرَةً وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا مِنْ أَنَّ التَّصْدِيقَ عَلَى النِّيَّةِ مُبْطِلٌ، يَكُونُ الْبَاطِلُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَيَقَعُ لِلْوَكِيلِ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ وَكَالتَّصْدِيقِ الْحُجَّةُ، وَبِهَا تَزِيدُ الصُّوَرُ عَلَى الْمَذْكُورَةِ، وَتَزِيدُ أَيْضًا مَعَ عَدَمِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ. وَافْهَمْ وَاسْمَعْ وَلَا تَتَوَهَّمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَسَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ) بِقَوْلِهِ اشْتَرَيْتُهَا لِفُلَانٍ وَالْمَالُ لَهُ. أَوْ بِقَوْلِهِ: اشْتَرَيْتهَا بِمَالِ فُلَانٍ هَذَا أَوْ بِقَوْلِهِ هَذَا الْمَالُ لِفُلَانٍ وَاشْتَرَيْتهَا لَهُ قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ بِقَوْلِهِ اشْتَرَيْتهَا لِفُلَانٍ فَقَطْ الْمَالُ لَكِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ إلْغَاءِ التَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّصْدِيقِ وَتَعْلِيلِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْآتِي يُخَالِفُهُ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّسْمِيَةِ هُنَا ذِكْرُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى تَصْدِيقٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ أَيْضًا فِي التَّصْدِيقِ الْآتِي فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الْآتِيَةِ وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ نِيَّتَهُ فِي الْعَقْدِ لَا تُعْتَبَرُ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ عَلَيْهَا، وَأَنَّهُ يَقَعُ الْعَقْدُ مَعَ ذَلِكَ لِلْوَكِيلِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يَقَعُ لَهُ، مَعَ كَوْنِهِ بِعَيْنِ مَالِ الْغَيْرِ فَكَانَ يَنْبَغِي الْبُطْلَانُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ أَيْضًا بَلْ وَإِنْ نَوَى نَفْسَهُ، وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ، لَا يُقَالُ إنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْإِذْنِ اقْتَضَى أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ إلَّا بِالصَّرِيحِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْمَالَ لِلْمُوَكِّلِ، وَلَا فِي أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ بِهِ فَالْوَكِيلُ إمَّا صَادِقٌ، فَهِيَ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ كَاذِبٌ فَهِيَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، فَأَيُّ صَرَاحَةٍ فِي وُقُوعِهَا لِلْوَكِيلِ، لَا يُقَالُ إنْكَارُ   [حاشية عميرة] عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ وَبَحَثَ الرُّويَانِيُّ فِي الْأَوَّلِ عَدَمَ الضَّمَانِ. قَوْلُهُ: (كَالْقَاضِي) أَيْ وَلِأَنَّ عَزْلَهُ بِدُونِ ذَلِكَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُثُوقِ بِتَصَرُّفِهِ وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَاضِي، بِأَنَّ الْقَاضِيَ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَصَالِحُ عَامَّةٌ وَهُوَ مُلْتَحِقٌ بِالْحَاكِمِ فِي جُزْئِيَّةٍ خَاصَّةٍ. قَوْلُهُ (لَا يَلْحَقُهُ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوَلِّي عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْإِغْمَاءِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ صِفَتِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَعْرَفُ بِحَالِ الْإِذْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 (لِفُلَانٍ وَالْمَالُ لَهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ) فِي هَذَا الْقَوْلِ (فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ) فِي الصُّورَتَيْنِ، وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ مَا أَخَذَهُ (وَإِنْ كَذَّبَهُ) فِيمَا قَالَ بِأَنْ قَالَ: لَسْتُ وَكِيلًا فِي الشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ (حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ) النَّاشِئَةِ عَنْ التَّوْكِيلِ، (وَوَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ) وَسَلَّمَ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ لِلْبَائِعِ وَغَرِمَ مِثْلَهُ لِلْمُوَكِّلِ، (وَكَذَا إنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ) بِأَنْ نَوَاهُ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ، (وَكَذَا إنْ سَمَّاهُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ) بِأَنْ قَالَ: أَنْتَ مُبْطِلٌ فِي تَسْمِيَتِهِ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ (فِي الْأَصَحِّ) وَتَلْغُو تَسْمِيَةُ الْمُوَكِّلِ، وَالثَّانِي يَبْطُلُ الشِّرَاءُ (وَإِنْ صَدَّقَهُ) الْبَائِعُ فِي التَّسْمِيَةِ (بَطَلَ الشِّرَاءُ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لِلْمُسَمَّى، وَقَدْ ثَبَتَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ سَكَتَ عَنْ التَّكْذِيبِ وَالتَّصْدِيقِ فَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلُ، وَإِنْ سَمَّاهُ   [حاشية قليوبي] الْبَائِعِ لِلْوَكَالَةِ اقْتَضَى وُقُوعَهَا لِلْوَكِيلِ.؛ لِأَنَّا نَقُولُ: يَبْطُلُ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا لَوْ سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ وَالشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْعَقْدِ) أَيْ فِي زَمَنٍ تُؤْثَرُ فِيهِ التَّسْمِيَةُ وَهُوَ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ إخْبَارٌ وَلِذَلِكَ جَرَى فِيهَا التَّصْدِيقُ وَعَدَمُهُ. قَوْلُهُ: (الْقَوْلُ) وَهُوَ اشْتَرَيْتُهُ لِفُلَانٍ وَالْمَالُ لَهُ. قَالَ شَيْخُنَا فَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَالْمَالُ لَهُ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ، وَيَقَعُ لِلْوَكِيلِ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى تَسْمِيَةِ الْمُوَكِّلِ وَتَلْغُو تَسْمِيَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (رَدَّ مَا أَخَذَهُ) أَيْ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ لِلْوَكِيلِ وَعَلَيْهِ رَدُّهُ لِلْمُوَكِّلِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ قَالَ) هَذَا مَلْزُومُ مَا قَالَ الْوَكِيلُ: فَيَلْزَمُ مِنْ تَكْذِيبِهِ فِيهِ تَكْذِيبُهُ فِيمَا قَالَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَحَلَفَ الْبَائِعُ) أَيْ لِلْمُوَكِّلِ وَلِلْوَكِيلِ تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا كَفَتْهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ لَا الْوَكِيلُ. قَالَهُ فِي الْعُبَابِ وَفِي عَدَمِ حَلِفِ الْوَكِيلِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (النَّاشِئَةُ عَنْ التَّوْكِيلِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَى نَفْيِهِ هُوَ التَّوْكِيلُ وَالْوَكَالَةُ نَاشِئَةٌ عَنْهُ فَصَحَّ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهَا، فَإِذَا حَلَفَ أَخَذَ الْمَالَ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ بَدَلَهُ لِلْمُوَكِّلِ وَإِنْ أَقَرَّ عِنْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ، أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْوَكِيلُ رُدَّتْ الْجَارِيَةُ لِلْبَائِعِ وَالْمَالُ لِلْمُوَكِّلِ وَبَرِئَ الْوَكِيلُ مِنْ عُهْدَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَوَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ) قَالَ شَيْخُنَا: مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ الْبَائِعُ بِأَنَّ الْمَالَ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِلَّا بَطَلَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ لِلْغَيْرِ بِعَيْنِ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ بِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَالَ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِلَّا بَطَلَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءُ لِلْغَيْرِ بِعَيْنِ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ بِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَالَ لِلْمُوَكِّلِ، سُمِعَتْ الدَّعْوَى فَإِنْ أَنْكَرَهُ حَلَفَ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يَلْزَمُ مِنْ نَفْسِ الْوَكَالَةِ كَوْنُ الْمَالِ لِلْمُوَكِّلِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بُطْلَانُ الْبَيْعِ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ نَوَاهُ) لَيْسَ قَيْدًا إذْ فِي عَدَمِ النِّيَّةِ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ بِالْأَوْلَى وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ لِمَا يَأْتِي مِنْ الرِّفْقِ. قَوْلُهُ: (يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ) قَالَ شَيْخُنَا مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْبَائِعُ فِي نِيَّتِهِ، وَإِلَّا بَطَلَ كَمَا مَرَّ فِي التَّسْمِيَةِ، وَهُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَابْنِ حَجَرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ الْمُوَكِّلِ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَالِ لَا تُؤَثِّرُ، فَنِيَّتُهُ كَذَلِكَ وَنِيَّةُ الْمَالِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ سَمَّاهُ) أَيْ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ فِي مَا مَرَّ. بِأَنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ لِفُلَانٍ وَالْمَالُ لَهُ. قَوْلُهُ: (فِي تَسْمِيَتِهِ) الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى كَوْنِ الْمَالِ لَهُ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ مَعَ عَدَمِ ذَلِكَ لَا تُؤَثِّرُ وَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَيْهَا، وَقَدْ عَلِمْتُهُ مَا فِيهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ   [حاشية عميرة] الصَّادِرِ مِنْهُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي شَيْءٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي صِفَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ قَالَ لَسْت وَكِيلًا إلَخْ) إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ هَذَا تَوْطِئَةً لِكَلَامِ الْمَتْنِ الْآتِي، وَإِلَّا فَلَوْ أَنْكَرَ كَوْنَ الْمَالِ لِغَيْرِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْوَكَالَةِ أَوْ اعْتَرَفَ بِهَا، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الَّذِي أَنْكَرَهُ فَقَطْ، وَيَكُونُ ذَلِكَ كَافِيًا فِي وُقُوعِ الشِّرَاءِ لِلْوَكِيلِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّمَا قَالَ الْمِنْهَاجُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الشِّرَاءِ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ، أَقُولُ: اقْتَضَى كَلَامُ السُّبْكِيّ هَذَا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُعْتَرِفًا بِأَنَّ الْمَالَ لِلْمُوَكِّلِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَبْطُلَ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي التَّوْكِيلِ كَمَا فِي الْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (النَّاشِئَةِ عَنْ التَّوْكِيلِ) يُرِيدُ أَنَّ التَّوْكِيلَ فِعْلُ الْغَيْرِ، فَنَفْيُ الْوَكَالَةِ نَفْيٌ لَهُ فَاتَّجَهَ كَوْنُ الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَوَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ) أَيْ ظَاهِرًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ قَالَ أَنْتَ مُبْطِلٌ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ سَمَّيْتُهُ وَلَمْ تَكُنْ وَكِيلًا عَنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُمَا الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ، وَإِنْ سَمَّاهُ. فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُكَ فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ فَكَذَا فِي الْأَصَحِّ. أَقُولُ لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ هُنَاكَ مُعْتَرِفٌ بِالْمُخَالَفَةِ، وَهُنَا يَدَّعِي الْمُوَافَقَةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَطَلَ الشِّرَاءُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ يُخَالِفُ مَا سَلَفَ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ، وَإِنْ سَمَّاهُ، فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُكَ فَقَالَ: اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ أَقُولُ قَدْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 فَقَالَ: بِعْتُكَ فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ إلَخْ أَنَّ الشِّرَاءَ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ فِي الْأَصَحِّ، (وَحَيْثُ حَكَمَ بِالشِّرَاءِ لِلْوَكِيلِ) مَعَ قَوْلِهِ إنَّهُ لِلْمُوَكِّلِ (يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَرْفُقَ بِالْمُوَكِّلِ) أَيْ يَتَلَطَّفَ بِهِ (لِيَقُولَ لِلْوَكِيلِ: إنْ كُنْت أَمَرْتُكَ) بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ (بِعِشْرِينَ فَقَدْ بِعْتُكَهَا بِهَا) أَيْ بِعِشْرِينَ (وَيَقُولُ هُوَ: اشْتَرَيْت لِتَحِلَّ لَهُ) بَاطِنًا وَيُغْتَفَرُ هَذَا التَّعْلِيقُ فِي الْبَيْعِ عَلَى تَقْدِيرِ صِدْقِ الْوَكِيلِ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ لَمْ يُجِبْ الْمُوَكِّلُ إلَى مَا ذُكِرَ، فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ كَاذِبًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهَا بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ لِبُطْلَانِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ حَلَّ مَا ذُكِرَ لِلْوَكِيلِ لِوُقُوعِ الشِّرَاءِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَهِيَ لِلْمُوَكِّلِ وَعَلَيْهِ لِلْوَكِيلِ الثَّمَنُ، وَهُوَ لَا يُؤَدِّيهِ وَقَدْ ظَفِرَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ وَهُوَ الْجَارِيَةُ، فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا وَأَخْذُ الثَّمَنِ فِي الْأَصَحِّ. (وَلَوْ قَالَ) الْوَكِيلُ: (أَتَيْتُ بِالتَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ) ذَلِكَ (صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّصَرُّفِ (وَفِي قَوْلٍ: الْوَكِيلُ) ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ ائْتَمَنَهُ فَعَلَيْهِ تَصْدِيقُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ بَعْدَ انْعِزَالِ الْوَكِيلِ لَمْ يُصَدِّقْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (وَقَوْلُ الْوَكِيلِ فِي تَلَفِ الْمَالِ، مَقْبُولٌ بِيَمِينِهِ وَكَذَا فِي الرَّدِّ) عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ (وَقِيلَ: إنْ   [حاشية قليوبي] مُبْطِلٌ إلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ وُجِدَتْ فَصَحَّ تَعْلِيلُ الْأَصَحِّ، بِقَوْلِهِ: وَتَلْغُو تَسْمِيَةُ الْمُوَكِّلِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ، وُقُوعُهُ لِلْوَكِيلِ مَعَ إنْكَارِهَا بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَكَتَ إلَخْ) مُرَادُهُ أَنَّ السُّكُوتَ كَالتَّكْذِيبِ وَهُوَ فِي الصُّوَرِ الْمُحْتَاجِ فِيهَا إلَيْهِ، وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ الْأَعَمَّ. قَوْلُهُ (قَبْلَ) أَيْ قَبْلَ هَذَا الْفَصْلِ وَوَجْهُ الْأَخْذِ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِهِ لِلْوَكِيلِ فَمَعَ النِّيَّةِ أَوْلَى وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (إنَّ الشِّرَاءَ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ فِي الْأَصَحِّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي هَذِهِ، وَمَا قَبْلَهَا إلَى تَحْلِيفٍ عَلَى نَفْيِ الْوَكَالَةِ كَمَا مَرَّ وَلَعَلَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَسُكُوتُهُمْ عَنْهُ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ وَقَدْ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ سم اسْتَوْجَهَ الْحَلِفَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَحَيْثُ حَكَمَ إلَخْ) وَذَلِكَ فِي غَيْرِ صُورَةِ الشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ مَعَ التَّسْمِيَةِ فِي الْعَقْدِ مُطْلَقًا، وَفِي غَيْرِ صُورَةِ التَّصْدِيقِ فِي غَيْرِهَا، فَهُوَ فِي صُوَرِ التَّكْذِيبِ وَالسُّكُوتِ وَالنِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ تَقَعُ الْخُصُومَةُ عِنْدَهُ، أَوْ مُحَكَّمًا أَوْ ذَا أَمْرٍ مُطَاعٍ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَرْفُقَ بِالْمُوَكِّلِ) أَيْ مُطْلَقًا وَبِالْبَائِعِ فِي صُوَرِ الشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ، بِأَنْ يَقُولَ: إنْ لَمْ يَكُنْ مُوَكِّلُك أَمَرَكَ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِعِشْرِينَ فَقَدْ بِعْتُكَهَا بِهَا. قَوْلُهُ: (وَيُغْتَفَرْ) أَيْ لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ فَمَعَ تَرْكِهِ يَصِحُّ جَزْمًا، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ عَدَمَ إمْكَانِ غَيْرِهَا وَفِي حِلِّهَا لَهُ بَاطِنًا بِمَا ذُكِرَ نَظَرٌ. يُعْلَمُ مِنْ الرِّفْقِ بِالْبَائِعِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهَا بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ نَعَمْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الظَّفَرُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَخَذَ مِنْ الْوَكِيلِ مَالَ الْمُوَكِّلِ وَغَرِمَ بَدَلَهُ لِلْمُوَكِّلِ، وَتَعَذَّرَ عَوْدُهُ عَلَيْهِ بِحَلِفِهِ وَتَعَذَّرَ عَوْدُهُ عَلَى الْبَائِعِ لِيَرُدَّ لِلْمُوَكِّلِ مَالَهُ، فَجَازَ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْبَائِعِ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (حَلَّ مَا ذُكِرَ) فِيهِ نَظَرٌ بِاحْتِمَالِ كَذِبِ الْبَائِعِ فِي تَكْذِيبِهِ. قَوْلُهُ (فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ: إنَّ لَهُ أَيْضًا أَنْ يُؤَجِّرَهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ ثُمَّ يَرُدَّهَا لِمَالِكِهَا وَهُوَ مِنْ الظَّفَرِ أَيْضًا، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَنَظَرَ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَلْيُرَاجَعْ بَابُ الظَّفَرِ إنْ كَانَ يَجُوزُ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ انْتَهَى. قَوْلُهُ (صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ) أَيْ بِيَمِينِهِ وَسَقَطَ الْجُعْلُ لَوْ كَانَ نَعَمْ يَصْدُقُ الْوَكِيلُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ صَدَّقَهُ رَبُّهُ وَيَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُصَدَّقْ) أَيْ الْوَكِيلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَيُصَدَّقُ الْمُوَكِّلُ   [حاشية عميرة] يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ هُنَاكَ مُعْتَرِفٌ بِالْمُخَالَفَةِ، وَهُنَا يَدَّعِي الْمُوَافَقَةَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ إلَخْ) عَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِإِنْشَاءِ التَّصَرُّفِ، فَيَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ كَالْوَلِيِّ الْمُجْبَرِ إذَا أَقَرَّ بِنِكَاحِ مُولِيَتِهِ. قَالَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ، مَنْ خَالَفَ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ هَاجِمًا عَلَى خَرْقِ الْإِجْمَاعِ اهـ. فَرْعٌ إذَا صَدَّقْنَا الْوَكِيلَ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْجُعْلَ الْمَشْرُوطَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. فَرْعٌ لَوْ قَالَ: كُنْت عَزَلْتُكَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ. وَقَالَ الْوَكِيلُ: بَلْ بَعْدَهُ فَهُوَ كَالرَّجْعَةِ. فَرْعٌ قَالَ الْمُوَكِّلُ: بَاعَ الْوَكِيلُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ. وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ، فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ أَقُولُ: قَضِيَّةُ هَذَا الْقَوْلِ بِمِثْلِهِ فِي تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ، وَالنَّاظِرِ إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ، دُونَهَا أَوْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَدُونَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَقْبُولٌ) كَذَلِكَ الْغَاصِبُ وَلَكِنَّ الْفَارِقَ الضَّمَانُ وَعَدَمُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 كَانَ) وَكِيلًا (بِجُعْلٍ فَلَا) يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ، (وَلَوْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى رَسُولِ الْمُوَكِّلِ وَأَنْكَرَ الرَّسُولُ صُدِّقَ الرَّسُولُ) بِيَمِينِهِ، (وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ) تَصْدِيقُ الْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ (عَلَى الصَّحِيحِ) ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ يَدَ رَسُولِهِ يَدُهُ، فَكَأَنَّهُ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَيْهِ. (وَلَوْ قَالَ) الْوَكِيلُ بَعْدَ الْبَيْعِ: (قَبَضْت الثَّمَنَ وَتَلِفَ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ) قَبْضَهُ، (صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ إنْ كَانَ) الِاخْتِلَافُ (قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ (فَالْوَكِيلُ) الْمُصَدَّقُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ مِنْ الْقَبْضِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَفِي وَجْهٍ أَنَّ الْمُصَدَّقَ الْمُوَكِّلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْمُصَدَّقُ مِنْهُمَا فِي الْحَالَيْنِ الْقَوْلَانِ فِي دَعْوَى الْوَكِيلِ التَّصَرُّفَ وَإِنْكَارِ الْمُوَكِّلِ لَهُ. (وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَضَاءِ دَيْنٍ) بِمَالٍ دَفَعَهُ إلَيْهِ (فَقَالَ: قَضَيْتُهُ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ قَضَاءَهُ صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَضَاءِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ عَلَى   [حاشية قليوبي] قَطْعًا فَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا قَبْلَ الْعَزْلِ. قَوْلُهُ (وَقَوْلُ الْوَكِيلِ) وَلَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ مَقْبُولٌ فِي التَّلَفِ وَالرَّدِّ، وَمِثْلُهُ جَابِي الْأَمْوَالِ، وَمِثْلُ دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ أَنْ يَقُولَ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ أَوْ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك وَنَحْوُ ذَلِكَ. نَعَمْ لَوْ ادَّعَى الْوَكَالَةَ أَوْ الْقَبْضَ، فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ التَّلَفَ لَمْ يُقْبَلْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ) بِمَعْنَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ يُطَالِبُ الرَّسُولَ وَلَا يَغْرَمُ الْوَكِيلُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ) وَكَذَا بَعْدَهُ وَكَانَ تَسْلِيمُهُ بِحَقٍّ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ فِيهِ مَثَلًا وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ أَنَّ التَّسْلِيمَ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَاجِبٌ فَوْرًا وَيُوَجَّهُ، بِأَنَّهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِئَلَّا يَتْلَفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَيَفُوتُ الثَّمَنُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَالْوَكِيلُ الْمُصَدَّقُ) وَفِي بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ مِنْ الثَّمَنِ وَجْهَانِ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا عَدَمُ بَرَاءَتِهِ، وَلَوْ اعْتَرَفَ الْمُوَكِّلُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ قَبَضَ الثَّمَنَ، وَطَلَبَهُ مِنْهُ فَأَنْكَرَ قَبْضَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَيُمْتَنَعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ مُطَالَبَةُ الْوَكِيلِ بِحَلِفِهِ، وَمُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي، لِاعْتِرَافِهِ بِبَرَاءَتِهِ وَلَوْ خَرَجَ الْمَبِيعُ حِينَئِذٍ مُسْتَحَقًّا رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ لِدَفْعِ الْغُرْمِ عَنْهُ فَقَطْ لَا عَلَى الْمُوَكِّلِ لِإِنْكَارِهِ الْقَبْضَ مِنْ الْوَكِيلِ، وَلَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِذَلِكَ، وَلَوْ خَرَجَ مَعِيبًا رَدَّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ، وَلَا يَرْجِعُ مَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ كَمَا مَرَّ. فَرْعٌ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ بَاعَ الْوَكِيلُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بِثَمَنِ الْمِثْلِ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ، فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي. قَالَ شَيْخُنَا م ر: وَفِي تَقْدِيمِ الْمُوَكِّلِ هُنَا تَقْدِيمُ قَوْلِ مُدَّعِي الْفَسَادَ فَرَاجِعْهُ، وَعَلَى نَظِيرِ مَا ذُكِرَ لَوْ أَجَّرَ الْوَلِيُّ مَالَ الصَّبِيِّ أَوْ النَّاظِرُ الْوَقْفَ، وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَأُخْرَى بِخِلَافِهَا قُدِّمَتْ الشَّاهِدَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَفِيهِ كَلَامٌ آخَرُ مَذْكُورٌ فِي مَحَلِّهِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (بِقَضَاءِ دَيْنٍ) أَمَّا لَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ حَقِّهِ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَادَّعَى زَيْدٌ دَفْعَهُ لَهُ، وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَيْسَ لِمُوَكِّلِهِ مُطَالَبَتُهُ، وَلَا مُطَالَبَةُ زَيْدٍ لِاعْتِرَافِهِ بِبَرَاءَتِهِ، وَلَا يُطَالِبُ الْوَكِيلُ زَيْدًا أَيْضًا لِذَلِكَ، وَلَوْ وَكَّلَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا بِمَا فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ قَابِضٌ مُقَبِّضٌ، صَحَّ أَنْ يُوَكِّلَ الْوَلِيُّ سَفِيهًا فِي قَبْضِ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ، وَأَنْ يُوَكِّلَهُ أَجْنَبِيٌّ فِي قَبْضِ عَيْنٍ لَا دَيْنٍ، وَفَارَقَ الْوَلِيُّ بِقُوَّةِ الْوِلَايَةِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَجَعَ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّ. نَعَمْ إنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ صُدِّقَ الْوَكِيلُ، وَلَوْ ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ أَشْهَدَ بَيِّنَةً وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ بِيَمِينِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَمَا لَوْ ادَّعَى الْغَيْبَةَ، وَيَكْفِي فِي الْبَيِّنَةِ وَاحِدٌ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] فِي الرَّدِّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الْعَزْلِ بِخِلَافِ دَعْوَى الرَّدِّ فِي الْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُقْبَلُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا لِغَرَضِ نَفْسِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهَا لِمَنْفَعَةِ الْمَالِكِ، وَانْتِفَاعُهُ إنَّمَا هُوَ بِالْعَمَلِ فِيهَا لَا بِعَيْنِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَلْزَمُ) كَذَا لَوْ اعْتَرَفَ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ وَادَّعَى التَّلَفَ، لَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَالْوَكِيلُ الْمُصَدَّقُ) عَلَى هَذَا هَلْ يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْقَاضِي يَبْرَأُ وَعِنْدَ الْبَغَوِيّ لَا. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ) بِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْمَذْهَبَ فِي الْكِتَابِ أُرِيدَ بِهِ الْقَطْعَ فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ، وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْحَالِ الثَّانِي، فَتَكُونُ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ قَاطِعَةً فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ، وَحَاكِيَةً لِوَجْهَيْنِ فِي الثَّانِي وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ ثُمَّ يُطَالِبُ بِحَقِّهِ الْمُوَكِّلُ لَا الْوَكِيلُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ وَلَوْ شَاهِدًا وَاحِدًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 الْمُوَكِّلِ) فِيمَا قَالَهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَالثَّانِي يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ ائْتَمَنَهُ (وَقَيِّمُ الْيَتِيمِ) أَوْ الْوَصِيِّ (إذَا ادَّعَى دَفْعَ الْمَالِ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ) عِنْدَ إنْكَارِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الدَّفْعِ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، (وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ وَلَا مُودِعٍ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ) مَالَهُ: (لَا أَرُدُّ الْمَالَ إلَّا بِإِشْهَادٍ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ بِيَمِينِهِ، وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إلَى يَمِينٍ (وَلِلْغَاصِبِ وَمَنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ) كَالْمُسْتَعِيرِ (ذَلِكَ) أَيْ أَنْ يَقُولَ: لَا أَرُدُّ إلَّا بِإِشْهَادٍ إنْ كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْأَخْذِ، وَكَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ، وَقَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ بِمُقَابِلِهِ (وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ) لِمَنْ عِنْدَهُ مَالٌ لِمُسْتَحِقِّهِ: (وَكَّلَنِي الْمُسْتَحِقُّ بِقَبْضِ مَالِهِ عِنْدَكَ مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ وَصَدَّقَهُ) مَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ فِي ذَلِكَ (فَلَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ) أَيْ دَفْعُهُ إلَيْهِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى وَكَالَتِهِ) لِاحْتِمَالِ إنْكَارِ الْمُوَكِّلِ لَهَا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: هَذَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَالثَّانِي وَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَارِثِ الْآتِيَةِ يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لِاعْتِرَافِهِ بِاسْتِحْقَاقِهِ الْآخِذَ (وَلَوْ قَالَ) لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ: (أَحَالَنِي) مُسْتَحِقُّهُ (عَلَيْك وَصَدَّقَهُ) فِي ذَلِكَ، (وَجَبَ الدَّفْعُ) إلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِاعْتِرَافِهِ بِانْتِقَالِ الدَّيْنِ إلَيْهِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِاحْتِمَالِ إنْكَارِ الْمُسْتَحِقِّ لِلْحَوَالَةِ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَإِنْ قَالَ) لِمَنْ عِنْدَهُ مَالٌ: عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ لِمُسْتَحِقِّهِ: (أَنَا   [حاشية قليوبي] وَالْوَصِيُّ) وَكَذَا الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْحَاكِمُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّ الْيَتِيمَ لَا أَبَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا مُودِعَ) وَمِثْلُهُ كُلُّ مَنْ يَصْدُقُ بِيَمِينِهِ فِي الرَّدِّ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ، وَإِذَا امْتَنَعَ لِيَشْهَدَ صَارَ ضَامِنًا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْغَاصِبِ إلَخْ) وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي هَذَا التَّأْخِيرِ لِغَرَضِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَا يَقْبَلُ) عَطْفٌ عَامٌّ. قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَعِيرِ) وَمِثْلُهُ الْوَلِيُّ وَلَوْ أَبًا وَحَاكِمًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (عِنْدَكَ) فِيهِ تَغْلِيبُ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ عَلَيْهِ وَلَا يُقَالُ عِنْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَصَدَّقَهُ) قَالَ شَيْخُنَا: بَلْ وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَالِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ) هُوَ فِي الدَّيْنِ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الْعَيْنِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِوَكَالَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَالَ شَيْخُنَا م ر: وَيَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ مَعَ قَرِينَةٍ، وَإِذَا دَفَعَ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ الْوَكَالَةَ، وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهَا أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ مَدِينِهِ، وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ دَفَعَهُ لَهُ بِهِ إنْ بَقِيَ أَوْ يُبْدِلُهُ إنْ تَلِفَ بِتَقْصِيرٍ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ، وَفِي دَفْعِ الْعَيْنِ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ هِيَ عِنْدَهُ مِنْهُمَا، فَإِنْ تَلِفَتْ طَالَبَ كُلًّا مِنْهُمَا وَلَا يَرْجِعُ الْغَارِمُ عَلَى الْآخَرِ إلَّا إنْ فَرَّطَ الْقَابِضُ، وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَمْ يَحْلِفْ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يُلْزِمُهُ الدَّفْعَ كَمَا مَرَّ. وَلَيْسَ لَهُ بَعْدُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِالْوَكَالَةِ أَنْ يُلْزِمَهُ بِبَيِّنَةٍ أُخْرَى، بِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَيْهَا أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَعْزِلْ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ الْحَوَالَةِ. قَوْلُهُ: (وَصَدَّقَهُ) فَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يَجِبْ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ أَقَرَّ أَوْ حَلَفَ الطَّالِبُ بَعْدَ نُكُولِهِ لَزِمَهُ الدَّفْعُ، وَإِذَا دَفَعَ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ الْحَوَالَةَ، وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهَا أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ الدَّافِعِ وَلَا يَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ لَهُ، لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ. قَوْلُهُ: (أَنَا وَارِثُهُ) أَوْ أَنَّهُ وَصَّى لِي بِمَا تَحْتَ يَدِكَ وَكَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، أَوْ أَنَا نَاظِرُ وَقْفٍ، أَوْ أَنَا وَصِيٌّ عَنْهُ، وَفَارَقَ الْوَكِيلَ فِيمَا مَرَّ،؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَهُ التَّصَرُّفُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ لَهُ التَّصَرُّفُ وَجَبَ الدَّفْعُ لَهُ أَيْضًا، رَاجِعْهُ وَلَوْ ظَهَرَ الْمُسْتَحِقُّ حَيًّا رَجَعَ عَلَى الدَّافِعِ، وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ لَهُ لِتَبَيُّنِ كَذِبِهِ، وَإِنَّمَا   [حاشية عميرة] مَعَ يَمِينِهِ كَالضَّامِنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَيِّمُ الْيَتِيمِ) وَكَذَلِكَ الْأَبُ وَالْجَدُّ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْعِلَّةِ. وَلَوْ قَالَ فِي الدَّفْعِ كَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ الْمَدْيُونَ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ) أَيْ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ وَقَدْ يُوَجَّهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى مَنْ يَرَى الِاسْتِفْصَالَ كَالْمَالِكِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنَا وَارِثُهُ) مِثْلُهُ أَنَا وَصِيُّهُ أَنَا مُوصِي لَهُ بِتِلْكَ الْعَيْنِ. تَتِمَّةٌ ادَّعَى عَلَى وَكِيلٍ غَائِبٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَحَكَمَ ثُمَّ جَاءَ وَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ، فَلَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَقُولُ. اُنْظُرْ لَوْ فُرِضَ الْحُكْمُ عَلَى الْوَكِيلِ مِنْ غَيْرِ يَمِينِ اسْتِظْهَارٍ كَيْفَ يَكُونُ الْحَالُ؟ . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 وَارِثُهُ) الْمُسْتَغْرِقُ لِتَرِكَتِهِ (وَصَدَّقَهُ) مَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ فِي ذَلِكَ (وَجَبَ الدَّفْعُ) إلَيْهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، لِاعْتِرَافِهِ بِانْتِقَالِ الْمَالِ إلَيْهِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: هَذَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَالثَّانِي وَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ السَّابِقَةِ، لَا يَجِبُ إلَيْهِ الدَّفْعُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى إرْثِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَرِثَهُ الْآنَ لِحَيَاتِهِ، وَيَكُونُ ظَنُّ مَوْتِهِ خَطَأً.   [حاشية قليوبي] قَيَّدَ الْوَارِثَ بِالْمُسْتَغْرِقِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَخْتَصُّ مَا يَأْخُذُهُ وَمِثْلُ الْوَارِثِ أَحَدُ سَيِّدَيْ الْمُكَاتَبِ، وَأَحَدُ مُسْتَحِقِّي رِيعِ الْوَقْفِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ.   [حاشية عميرة] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 كِتَابُ الْإِقْرَارِ أَيْ الِاعْتِرَافِ (يَصِحُّ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) أَيْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ. (وَإِقْرَارُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَاغٍ) ذَكَرًا كَانَ كُلُّ مِنْهُمَا أَوْ أُنْثَى (فَإِنْ ادَّعَى) الصَّبِيُّ (الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ مَعَ الْإِمْكَانِ) لَهُ بِأَنْ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَجْرِ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ. (وَلَا يَحْلِفُ) عَلَيْهِ إذَا فُرِضَ ذَلِكَ فِي خُصُومَةٍ بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَدَعْوَى الصَّبِيَّةِ الْبُلُوغَ بِالْحَيْضِ فِي وَقْتِ إمْكَانِهِ وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَيْضِ   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الْإِقْرَارِ كِتَابُ الْإِقْرَارِ هُوَ يُشْبِهُ الْوَكَالَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ قَبْلَ إقْرَارِهِ مُتَصَرِّفٌ فِيمَا بِيَدِهِ، وَلَيْسَ لَهُ وَقَدْ عُزِلَ عَنْهُ بِإِقْرَارِهِ وَمَعْنَاهُ لُغَةً: الثُّبُوتُ مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ ثَبَتَ. وَشَرْعًا: إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ الدَّعْوَى، وَلِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ الشَّهَادَةُ. وَقَيَّدَ ذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ بِالْأَمْرِ الْخَاصِّ، وَإِلَّا فَعَنْ مَحْسُوسٍ رِوَايَةً وَمَعَ إلْزَامِ حُكْمٍ، وَإِلَّا فَفَتْوَى. وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ فِي الرِّوَايَةِ إقْرَارًا بِمَشْيَخَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَدَعْوَى السَّمَاعِ عَلَى غَيْرِهِ، وَفِي الْإِفْتَاءِ وَالْحُكْمُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُقَلَّدُ بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُسْتَفْتَى أَوْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ اصْطِلَاحٌ. قَوْلُهُ: (الِاعْتِرَافُ) تَفْسِيرٌ بِالْمُرَادِفِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إرَادَةِ التَّقْرِيرِ، أَوْ عَدَمِ الِاعْتِرَاضِ، أَوْ لِمُوَافَقَةِ حَدِيثِ: «فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» . قَوْلُهُ: (مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) هُوَ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ، هُوَ أَحَدُ أَرْكَانِهِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي هِيَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ، وَالْمُقَرُّ بِهِ وَالصِّيغَةُ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُكُوتِ الْمُصَنِّفِ عَنْهُ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَلَوْ بِدَعْوَاهُمَا وَلَوْ بَعْدَ إقْرَارٍ أَوْ تَصَرُّفٍ حَيْثُ أَمْكَنَ ذَلِكَ، وَلَا يَحْلِفُ حَالَ صِبَاهُ. قَوْلُهُ: (بِالِاحْتِلَامِ) وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ وَلَا يَجِبُ اسْتِفْصَالُهُ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَوْ يُنْدَبُ وَالْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (تِسْعَ سِنِينَ) تَحْدِيدِيَّةٍ فِي الْإِمْنَاءِ، وَتَقْرِيبِيَّةٍ فِي الْحَيْضِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ) وَإِنْ كَذَّبَهُ أَبُوهُ وَسَيِّدُهُ وَلَوْ ادَّعَى الصِّبَا ثُمَّ ادَّعَى الْبُلُوغَ قُبِلَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: كُنْت كَاذِبًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْلِفُ) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ مُزَاحَمَةً لِغَيْرِهِ وَإِلَّا كَطَلَبِ سَهْمِ الْغَنِيمَةِ وَإِثْبَاتِ اسْمِهِ فِي الْمُرْتَزِقَةِ فَيَحْلِفُ وُجُوبًا إنْ اُتُّهِمَ وَإِلَّا فَنَدْبًا. قَالَ شَيْخُنَا: وَمِثْلُ ذَلِكَ طَلَبُهُ ضَرْبَ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ.   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الْإِقْرَارِ] ِ قَوْلُهُ: (يَصِحُّ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) يُسْتَثْنَى النَّائِمُ عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُهُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ، وَمَنْ لَا فَلَا. وَقَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْ الطَّرْدِ الْوَكِيلُ بِالتَّصَرُّفِ، وَوَلِيُّ الثَّيِّبِ، وَمِنْ الْعَكْسِ الْمَرْأَةُ بِالنِّكَاحِ وَإِقْرَارُ الْمَجْهُولِ بِالرِّقِّ أَوْ الْحُرِّيَّةِ، وَالْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ وَالْمُفْلِسُ بِبَيْعِ الْأَعْيَانِ، وَالْأَعْمَى بِالْبَيْعِ وَالْوَارِثُ بِدَيْنٍ عَلَى مُورِثِهِ، وَالْمَرِيضُ فِي إرْثِهِ بِأَنَّهُ قَدْ وَهَبَهُ. وَقَوْلُهُ: مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ إلَخْ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الظَّاهِرِ، وَفِي الْبَاطِنِ بِالْعَكْسِ. تَنْبِيهٌ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَوْ زِيدَ فِي الضَّابِطِ مَنْ قَدَرَ عَلَى إنْشَاءٍ يَسْتَقِلُّ بِهِ إلَخْ لَخَرَجَ مَا وَرَدَ عَلَى الطَّرْدِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (صُدِّقَ وَلَا يَحْلِفُ) مِثْلُهُ لَوْ أَقَرَّ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ صَغِيرٌ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ حِينَ الْإِقْرَارِ صَغِيرًا، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ حِينَ الْإِقْرَارِ صَغِيرًا وَاحْتُمِلَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) وَلَوْ كَانَ غَرِيبًا خَامِلَ الذِّكْرِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 كَذَلِكَ (وَإِنْ ادَّعَى بِالسِّنِّ) بِأَنْ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً كَمَا تَقَدَّمَ، (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) عَلَيْهِ لِإِمْكَانِهَا (وَالسَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ سَبَقَ حُكْمُ إقْرَارِهِمَا) فِي بَابِ الْحَجْرِ وَالتَّفْلِيسِ (وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الرَّقِيقِ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ كَالْقَتْلِ وَقَطْعِ الطَّرَفِ، وَالزِّنَى وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ، لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ كُلَّ نَفْسٍ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْحَيَاةِ، وَالِاحْتِرَازِ عَنْ الْآلَامِ وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ، أَنَّهُ يَضْمَنُ مَالَ السَّرِقَةِ فِي ذِمَّتِهِ تَالِفًا كَانَ أَوْ بَاقِيًا فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ السَّيِّدِ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ فِيهَا، فَإِنْ صَدَّقَهُ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَالثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ. (وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِ جِنَايَةٍ لَا تُوجِبُ عُقُوبَةً) كَجِنَايَةِ الْخَطَأِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ (فَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ) فِي ذَلِكَ (تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ) يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ وَإِنْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ فَيُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَقَدْرِ الدَّيْنِ، وَإِذَا بِيعَ وَبَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ لَا يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ (وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى السَّيِّدِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ) بَلْ يَتَعَلَّقُ الْمُقِرُّ بِهِ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ أَمْ لَا. (وَيُقْبَلُ) عَلَى السَّيِّدِ (إنْ كَانَ) مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، (وَيُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ وَمَا فِي يَدِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ بِهِ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ كَالْقَرْضِ، فَلَا يُقْبَلُ عَلَى السَّيِّدِ وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ حَجْرِ السَّيِّدِ عَلَيْهِ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ أَضَافَهُ إلَى حَالِ الْإِذْنِ لَمْ تُقْبَلْ إضَافَتُهُ فِي الْأَصَحِّ، وَقَبْلَ الْحَجْرِ لَوْ أُطْلِقَ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ فِي الْأَصَحِّ. (وَيَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ لِأَجْنَبِيٍّ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (كَذَلِكَ) أَيْ تُصَدَّقُ وَلَا تَحْلِفُ، نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ زَوْجُهَا طَلَاقَهَا بِحَيْضِهَا فَادَّعَتْهُ فَلَا بُدَّ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ تَحْلِيفِهَا إنْ اتَّهَمَهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ ادَّعَاهُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا يَحْتَاجُ إنْ كَانَ فَقِيهًا إلَى اسْتِفْصَالٍ فِي الدَّعْوَى، وَلَا فِي الْبَيِّنَةِ، وَالْقَوْلُ بِهِ يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْفَقِيهِ. قَوْلُهُ: (طُولِبَ) وَلَوْ غَرِيبًا بِبَيِّنَةِ رَجُلَيْنِ، وَيَكْفِي أَرْبَعُ نِسْوَةٍ تَشْهَدُ عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ. فَرْعٌ: إقْرَارُ الرَّشِيدِ بِجِنَايَةٍ فِي الصِّغَرِ مَقْبُولَةٌ فَيَلْزَمُهُ أَرْشُهَا إنْ كَانَتْ مِمَّا يَلْزَمُهُ فِي الصِّغَرِ بِأَنْ كَانَتْ بِإِتْلَافٍ، وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ. قَوْلُهُ: (وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الرَّقِيقِ) خِلَافًا لِلْمُزَنِيِّ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ وَالْمُبَعَّضُ فِي بَعْضِهِ الْحُرُّ كَالْحُرِّ، وَفِي الرَّقِيقِ كَالرَّقِيقِ وَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً، وَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ مَا يُقَابِلُ الرِّقَّ مِنْ مَالِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ عَنْ مُعَامَلَةٍ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهَا فَهُوَ كَالْحُرِّ فَيَقْضِي مِمَّا فِي يَدِهِ عَلَى مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (يَضْمَنُ مَالَ السَّرِقَةِ فِي ذِمَّتِهِ) خَرَجَ مَالُ الْجِنَايَةِ بِعَفْوِ مُسْتَحِقِّهَا فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ قَهْرًا عَلَى السَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَاقِيًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْزَعُ مِنْ يَدِهِمَا بِلَا تَصْدِيقِ السَّيِّدِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ وَجَبَ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا بَلْ بِرَقَبَتِهِ وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا، لَكِنْ يُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ وَالْمَجْنِيُّ الْأَوَّلُ فَإِنْ ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ بِبَيِّنَةٍ اشْتَرَكَ فِي رَقَبَتِهِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِمَا، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ قَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِهِ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ فِيهَا) فَإِنْ صَدَّقَهُ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ فَقَطْ جَرْيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ، وَلِلسَّيِّدِ فِدَاؤُهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ وَلَا يُتْبَعُ بِمَا فَضَلَ بَعْدَ عِتْقِهِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ) أَيْ لَمْ يُصَدِّقْهُ. قَوْلُهُ: (إذَا عَتَقَ) أَيْ جَمِيعُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ) وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (كَالْقَرْضِ) وَكَذَا شِرَاءُ مُعَيَّنٍ وَبَيْعُ فَاسِدٍ، وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ فَيَتَعَلَّقُ بَدَلُهُ لَا ثَمَنُهُ لَهُ ثَمَنُهُ فِي الْمَبِيعِ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (لَمْ تُقْبَلْ إضَافَتُهُ) فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ أَيْ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ السَّيِّدُ، وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْزِلْ عَلَى دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ) فَيَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ، وَمَحَلُّهُ إنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ وَإِلَّا وَجَبَتْ وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى تَفْسِيرِهِ وَإِقْرَارِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ بِمَا كَانَ قَبْلَهُ كَإِقْرَارِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ بِمَا كَانَ قَبْلَهُ، وَكُلُّ مَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ فَالدَّعْوَى بِهِ عَلَيْهِ وَمَا لَا فَعَلَى سَيِّدِهِ. فَرْعٌ: عَبْدٌ فِي يَدِ إنْسَانٍ أَقَرَّ بِهِ لِشَخْصٍ وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِرِقِّهِ لِآخَرَ قُبِلَ إقْرَارُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ دُونَهُ، وَإِقْرَارُ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ لَا يُقْبَلُ إلَّا فِي دَيْنِ جِنَايَةٍ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَإِذَا بِيعَ فِيهَا وَبَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يُطَالَبْ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ) وَيُحْسَبُ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا نَحْوَ هِبَةٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَطْلَقَهُ، فَيُحْمَلُ عَلَى وُقُوعِهِ فِي الْمَرَضِ فَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ. قَوْلُهُ: (بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ) قُيِّدَ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمُوجِبِ عُقُوبَةٍ وَنِكَاحٍ وَغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْوَارِثُ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَة، وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ تَحْلِيفُهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ عَنْ حَقِيقَةٍ، وَكَذَا لَهُمْ تَحْلِيفُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِذَا نَكَلَ مَنْ طُلِبَ تَحْلِيفُهُ حَلَفُوا وَبَطَلَ الْإِقْرَارُ. وَمِنْهُ إقْرَارُهُ بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى وَارِثٍ، وَقَبْضُهَا صَدَاقَهَا مِنْ زَوْجِهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ) أُجِيبَ بِأَنَّهُ وَصَلَ إلَى حَالَةٍ لَا يَكْذِبُ فِيهَا ظَاهِرًا.   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: لَوْ ادَّعَى الْبُلُوغَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا بِهِ الْبُلُوغُ فَفِي تَصْدِيقِهِ وَجْهَانِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْمُخْتَارُ اسْتِفْسَارُهُ. قَوْلُهُ: (فِي بَابَيْ الْحَجْرِ إلَخْ) لَمْ يُسْبَقْ حُكْمُ إقْرَارِ السَّفِيهِ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ بَاطِلٌ، لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ يُشْكِلُ بِقَبُولِ إقْرَارِهِ الْمَرْأَةَ بِهِ مَعَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِنْشَاءِ، وَتَوَقُّفِ صَاحِبِ الْمَطْلَبِ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ إذَا طَرَأَ السَّفَهُ حَالًّا فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ سَابِقًا عَلَى السَّفَهِ. [إقْرَارُ الرَّقِيقِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الرَّقِيقِ إلَخْ) . وَقَالَ الْمُزَنِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا تُوجِبُ عُقُوبَةً) خَرَجَ بِهَذَا الْمَالُ فِي إقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّ فِيهِ خِلَافًا سَبَقَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ: عُقُوبَةً يَرُدُّ عَلَيْهِ الْغَصْبَ وَالْإِتْلَافَ عَمْدًا وَسَرِقَةَ مَا دُونِ النِّصَابِ، فَإِنَّهَا تُوجِبُ التَّعْزِيرَ، وَيَتَعَلَّقُ الْمَالُ بِالذِّمَّةِ قَطْعًا كَدِيَةِ الْخَطَأِ. قَوْلُهُ: (يَتْبَعُ بِهِ إلَخْ) لَوْ كَانَ عَنْ شِرَاءٍ مَثَلًا فَاَلَّذِي يَتْبَعُ بِهِ الْقِيمَةُ لَا الثَّمَنُ. قَوْلُهُ: (صَدَّقَهُ السَّيِّدُ أَمْ لَا) أَيْ بِخِلَافِ دَيْنِ الْجِنَايَةِ عِنْدَ تَصْدِيقِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْمُعَامِلَ مُقَصِّرٌ. قَوْلُهُ: (بِدَيْنِ) فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ وَعَكْسِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 4 بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ (وَكَذَا الْوَارِثُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيهِ بِحِرْمَانِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي الِاعْتِبَارُ فِي كَوْنِهِ وَارِثًا بِحَالِ الْمَوْتِ، وَفِي قَوْلٍ بِحَالِ الْإِقْرَارِ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ ثُمَّ أَبَانَهَا وَمَاتَ لَمْ يُعْمَلْ بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَمَاتَ عُمِلَ بِإِقْرَارِهِ (وَلَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ) لِإِنْسَانٍ (وَفِي مَرَضِهِ) بِدَيْنٍ (لِآخَرَ لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ) بَلْ يَتَسَاوَيَانِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِمَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ، (وَلَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ) بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ (وَأَقَرَّ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ) بِدَيْنٍ (لِآخَرَ لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَارِثِ كَإِقْرَارِ الْمُوَرِّثِ، فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنَيْنِ. وَالثَّانِي يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ صَرْفُهَا عَنْهُ (وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ) عَلَى الْإِقْرَارِ (وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُقِرِّ لَهُ أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقِ الْمُقِرِّ بِهِ فَلَوْ قَالَ لِهَذِهِ الدَّابَّةُ عَلَيَّ كَذَا فَلَغْوٌ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلِاسْتِحْقَاقِ (فَلَوْ قَالَ) : عَلَيَّ (بِسَبَبِهَا لِمَالِكِهَا) كَذَا (وَجَبَ) . وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهَا أَوْ اكْتَرَاهَا (وَلَوْ قَالَ لِحَمْلِ هِنْدٍ) عَلَيَّ أَوْ عِنْدَهُ (وَكَذَا بِإِرْثٍ) عَنْ أَبِيهِ مَثَلًا (أَوْ وَصِيَّةٍ) لَهُ مِنْ فُلَانٍ (لَزِمَهُ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا أَسْنَدَ إلَيْهِ مُمْكِنٌ (وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فِي حَقِّهِ) كَقَوْلِهِ: أَقْرَضَنِيهِ أَوْ بَاعَنِي بِهِ شَيْئًا (فَلَغْوٌ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بَلْ يَتَسَاوَيَانِ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ نَعَمْ يُقَدَّمُ إقْرَارٌ بِعَيْنٍ عَلَى دَيْنٍ وَلَوْ قَضَى دَيْنَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ لَمْ يُشَارِكْهُ غَيْرُهُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ) قُيِّدَ بِالدَّيْنِ فِي هَذَا، وَمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ مُرَاعَاةً لِأَوَّلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا لِأَجْلِ الْحُكْمِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْحَذْفُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ وَعَكْسِهِ، وَيُسَمَّى فِي الْبَدِيعِ الِاحْتِبَاكُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُقَدَّمْ إلَخْ) أَيْ فَيَتَسَاوَيَانِ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ بِالْعَيْنِ يُقَدَّمُ بِأَخْذِهَا وَلَوْ عَلَى نَحْوِ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (بِالدَّيْنَيْنِ) فَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ دَيْنًا وَاحِدًا أَقَرَّ بِهِ الْمَرِيضُ لِشَخْصٍ، وَالْوَارِثُ لِشَخْصٍ آخَرَ، لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ لِلثَّانِي وَلَا غُرْمَ لَهُ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَيْنِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِعَيْنٍ لِوَاحِدٍ ثُمَّ لِآخَرَ، وَلَا غُرْمَ لِلثَّانِي أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. فَرْعٌ: لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ حَائِزَيْنِ لِلْآخَرِ كَزَوْجَةٍ وَابْنٍ، أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ وَلَمْ تُكَذِّبْهُ ضَارَبَتْ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِسَبْعَةِ أَثْمَانِ ذَلِكَ الدَّيْنِ لِصُدُورِ الْإِقْرَارِ مِمَّنْ عِبَارَتُهُ نَافِذَةٌ فِي سَبْعَةِ أَثْمَانِ الْمِيرَاثِ. [إقْرَارُ مُكْرَهٍ] قَوْلُهُ: (مُكْرَهٍ عَلَى الْإِقْرَارِ) وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْإِكْرَاهِ مَعَ قَرِينَةٍ، وَتُقَدَّمُ بِبَيِّنَتِهِ عَلَى بَيِّنَةِ الِاخْتِيَارِ إنْ لَمْ تَشْهَدْ بِتَقَدُّمِ إكْرَاهٍ عَلَيْهِ. وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارِ نَحْوَ مَحْبُوسٍ وَذِي تَرْسِيمٍ لِوُجُودِ إمَارَةِ الْإِكْرَاهِ وَتَثْبُتُ الْإِمَارَةُ بِإِقْرَارِ الْمُقَرِّ لَهُ وَبِالْبَيِّنَةِ بِهَا وَبِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالطَّوَاعِيَةِ فِي نَحْوَ بَيْعٍ ثُمَّ ادَّعَى الْإِكْرَاهَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّهُ أُكْرِهَ عَلَى الطَّوَاعِيَةِ وَكَالْمُكْرَهِ النَّائِمُ وَالسَّكْرَانُ غَيْرُ الْمُتَعَدِّي، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَإِقْرَارُهُ بِعُقُوبَةٍ تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِهِ مَقْبُولٌ وَبِالْمَالِ مَوْقُوفٌ، وَقُيِّدَ الْإِقْرَارُ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: بِغَيْرِ حَقٍّ فَانْظُرْ مَا صُورَتُهُ بِالْحَقِّ. وَخَرَجَ بِالْإِقْرَارِ مَا لَوْ أُكْرِهَ لِيُصَدَّقَ وَلَوْ بِالضَّرْبِ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَقِيقٌ بِالْإِشْكَالِ خُصُوصًا فِي هَذَا الزَّمَانِ الَّذِي فَسَدَ فِيهِ أَمْرُ الْوُلَاةِ. قَوْلُهُ: (أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقِ) وَكَذَا تَعْيِينُهُ وَلَوْ فِي مَحْصُورٍ كَأَحَدِ هَؤُلَاءِ أَوْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَهُمْ مَحْصُورُونَ، وَيُعَيَّنُ مَنْ شَاءَ مِمَّنْ ذُكِرَ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمْ هُوَ أَنَا وَخَالَفَهُ الْمُقِرُّ صُدِّقَ الْمُقِرُّ وَلَوْ لَمْ يَنْحَصِرْ وَلَمْ يَصِحَّ، وَيَنْزِعُهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ مَا لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ لُقَطَةٌ. قَوْلُهُ: (لِهَذِهِ الدَّابَّةِ) أَيْ الْمَمْلُوكَةِ أَمَّا نَحْوُ خَيْلٍ مُسَبَّلَةٍ وَنَحْوُ مَسْجِدٍ وَرِبَاطٍ فَصَحِيحٌ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لِمَالِكِهَا) أَيْ حَالَ الْإِقْرَارِ إنْ لَمْ يُقَيَّدْ بِغَيْرِهِ وَإِلَّا فَهُوَ لِمَنْ عَيَّنَهُ فَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ وَرَجَعَ وَعَمِلَ بِتَفْسِيرِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ وُقِفَ بَيْنَ مُلَّاكِهَا لِلِاصْطِلَاحِ. تَنْبِيهٌ: الْإِقْرَارُ لِعَبْدٍ إنْ كَانَ مُكَاتَبًا فَلَهُ أَوْ مُوصًى بِهِ فَلِلْمُوصَى لَهُ أَوْ مَوْقُوفًا فَلِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، أَوْ مُبَعَّضًا فَلِذِي التَّوْبَةِ، وَإِلَّا فَبِنِسْبَةِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، أَوْ قِنًّا فَلِسَيِّدِهِ حَالَ الْإِقْرَارِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ غَيْرَهُ، وَإِلَّا فَلِمَنْ عَيَّنَهُ فَإِنْ أَطْلَقَ رُوجِعَ وَعُمِلَ بِتَفْسِيرٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ وَقْتٌ بَيْنَ مُلَّاكِهِ حِينَ يَصْطَلِحُوا كَمَا مَرَّ فِي الدَّابَّةِ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ قَبْلَ اسْتِرْقَاقِهِ فَلَهُ إنْ عَتَقَ وَإِلَّا فَهُوَ فَيْءٌ، وَلَوْ رَدَّ الْعَبْدُ الْإِقْرَارَ لَمْ يَرْتَدَّ وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِسَيِّدِهِ. نَعَمْ يَصِحُّ رَدُّهُ فِي الْوَصِيَّةِ وَانْظُرْهُ فِي نَحْوِ الْمُكَاتَبِ مِمَّنْ ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَخْ) مِنْهُ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ عَقِبَ الثُّبُوتِ لِغَيْرِهِ، أَوْ بِذَلِكَ الْعَبْدِ عَقِبَ عِتْقِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَغْوٌ) أَيْ الْإِقْرَارُ مِنْ أَصْلِهِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَالْخَطِيبِ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي قَوْلِهِمْ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَإِلْغَاءِ الْإِسْنَادِ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَيُصَرِّحُ بِكَوْنِ اللَّاغِي هُوَ الْإِقْرَارُ جَرَيَانُ الْقَوْلَيْنِ بَعْدَهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ الْمُقْتَضِي لِلْقَطْعِ بِإِلْغَائِهِ فِي حَالَةِ الْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَحِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ الْمَذْكُورُ فِي الشَّارِحِ مِنْ تَخْرِيجِ الْأَصْحَابِ وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ صَحِيحٌ) هَذِهِ الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا فِي كَلَامِهِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِيهِ) أَيْ الْإِقْرَارُ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ فَهَذَا طَرِيقٌ   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ: مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَقْدِيمُ دَيْنِ الصِّحَّةِ [إقْرَارُ الْمَرِيضِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] فَإِذَا أُسْقِطَ أَثَرُ الْكُفْرِ فَبِالْأَوْلَى غَيْرُهُ، وَلَوْ أُكْرِهَ لِيُصَدَّقَ صَحَّ إقْرَارُهُ. [شُرُوط الْمُقِرّ لَهُ] قَوْلُهُ: (عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي) هَذَا تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ اخْتِصَارًا وَاعْتِمَادًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 وَقِيلَ: صَحِيحٌ وَيَلْغُو الْإِسْنَادُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ. وَقِيلَ: فِيهِ قَوْلًا تَعْقِيبُ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ وَفِي الشَّرْحِ تَصْحِيحُ الطَّرِيقِ الثَّانِي وَتُشْبِهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ الْبُطْلَانُ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ. (وَإِنْ أُطْلِقَ) أَيْ لَمْ يُسْنَدْ إلَى شَيْءٍ (صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ) . وَيُحْمَلُ عَلَى الْجِهَةِ الْمُمْكِنَةِ فِي حَقِّهِ وَالثَّانِي يَقُولُ لَا ضَرُورَةَ إلَى ذَلِكَ، وَعَلَى الصِّحَّةِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْحَمْلُ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوَّلُهَا فَأَكْثَرُ إلَى دُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَأُمُّهُ غَيْرُ فِرَاشٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْوَصَايَا ثُمَّ إنْ اُسْتُحِقَّ بِوَصِيَّةٍ فَلَهُ الْكُلُّ أَوْ بِإِرْثٍ عَنْ الْأَبِ وَهُوَ ذَكَرٌ فَكَذَلِكَ أَوْ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ أَوْ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ (إذَا كَذَّبَ الْمُقِرُّ لَهُ الْمُقِرَّ) بِمَالٍ كَثُوَّبٍ (تُرِكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ يَدَهُ تُشْعِرُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرٌ أَوْ سَقَطَ إقْرَارُهُ بِمُعَارَضَةِ الْإِنْكَارِ، وَالثَّانِي يَنْتَزِعُهُ الْحَاكِمُ وَيَحْفَظُهُ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ. (فَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ فِي حَالِ تَكْذِيبِهِ وَقَالَ: غَلِطْت) فِي الْإِقْرَارِ (قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَالَ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ وَالثَّانِي لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُ وَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ لَهُ وَصَدَّقَ الْمُقِرَّ، وَبَنَيْنَا عَلَى أَنَّهُ يُعْمَلُ فِي يَدِهِ لَا يُسْلَمُ لِلْمُقِرِّ لَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ، وَإِنْ بَنَيْنَا عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْتَزِعُهُ لَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ لَمْ تُسْمَعْ فَصْلٌ قَوْلُهُ لِزَيْدٍ: كَذَا عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي (صِيغَةُ إقْرَارٍ. وَقَوْلُهُ: عَلَيَّ وَفِي ذِمَّتِي لِلدَّيْنِ وَمَعِي وَعِنْدِي لِلْعَيْنِ) أَيْ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ حَتَّى إذَا ادَّعَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَأَنَّهَا تَلِفَتْ   [حاشية قليوبي] ثَالِثٌ. قَوْلُهُ: (حَيًّا) فَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا فَالْوَجْهُ أَنْ يُسْأَلَ الْمُقِرُّ، فَإِنْ أَسْنَدَهُ لِنَحْوِ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ عُمِلَ بِتَفْسِيرِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَطَلَ وَلَوْ وَلَدَتْ حَيًّا وَمَيِّتًا فَالْمَيِّتُ كَالْعَدَمِ. قَوْلُهُ: (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْمَوْتِ إنْ عُلِمَ وَإِلَّا فَمِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ وَبِهَذَا يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ. قَوْلُهُ: (إلَى دُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ) صَوَابُهُ إلَى فَوْقِهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ مُلْحَقَةٌ بِمَا دُونَهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ) أَوْ ذَكَرٌ وَأُنْثَى فَأَثْلَاثٌ إلَّا فِي نَحْوِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ، فَإِنْ أُطْلِقَ الْإِرْثُ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ سَأَلَ وَعَمِلَ بِتَفْسِيرِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ جُعِلَ سَوِيَّةً، كَمَا لَوْ كَانَ عَنْ نَحْوِ وَصِيَّةٍ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (الْمُقَرُّ لَهُ) وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ. قَوْلُهُ: (بِمَالٍ) عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ. قَوْلُهُ: (فِي يَدِهِ) عَلَى جِهَةِ الْمِلْكِيَّةِ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لَوْ كَانَ عَيْنًا حَتَّى لَوْ كَانَ أَمَةً فَلَهُ وَطْؤُهَا إلَّا إنْ عُلِمَ أَنَّهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَسَقَطَ إقْرَارُهُ) أَيْ بَطَلَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَلَا يُنَافِيهِ صِحَّةُ الرُّجُوعِ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِي حَالِ تَكْذِيبِهِ) لَيْسَ قَيْدًا فَبَعْدَ رُجُوعِ الْمُقَرِّ لَهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ، وَإِلَّا فَهُوَ تَابِعٌ لَهَا كَمَا فِي الْخُلْعِ. فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارِ الَّتِي هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِهِ، وَقَدَّمَهَا فِي الْمَنْهَجِ اهْتِمَامًا بِهَا؛ لِأَنَّهَا سَابِقَةٌ عَلَى وَصْفِهِ بِالْإِقْرَارِ. قَوْلُهُ: (لِزَيْدٍ كَذَا صِيغَةُ إقْرَارٍ) أَيْ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ صِيَغِ الْإِقْرَارِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا صَدَّقَهُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي) وَكَذَا هَذَا الثَّوْبُ مَثَلًا. وَخَرَجَ بِعَلَيَّ أَوْ عِنْدِي الَّذِي زَادَهُ الشَّارِحُ لَفْظُ كَذَا وَحْدَهُ فَلَيْسَ صِيغَةَ إقْرَارٍ أَيْ صَرِيحَةٍ فَهِيَ كِنَايَةٌ. قَوْلُهُ: (صِيغَةُ إقْرَارٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَقُلْ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ أَظُنُّ، وَإِلَّا فَلَغْوٌ. قَوْلُهُ: (لِلدَّيْنِ) وَلَهُ تَفْسِيرُ عَلَيَّ بِالْعَيْنِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِلْعَيْنِ) وَلَهُ تَفْسِيرُهُمَا بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَغْلَظُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى إلَخْ) ظَاهِرُهُ حَمْلُ   [حاشية عميرة] عَلَى مَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي الصِّيغَةِ. قَوْلُهُ: (تَصْحِيحُ الطَّرِيقِ الثَّانِي) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَقِيلَ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (لَا ضَرُورَةَ) عُلِّلَ أَيْضًا بِأَنَّ الْغَالِبَ وُجُوبُ الْمَالِ بِالْمُعَامَلَةِ، وَهِيَ مُسْتَحِيلَةٌ هُنَا. قَوْلُهُ: (إذَا انْفَصَلَ حَيًّا) أَمَّا لَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالْمَالِ لِوَرَثَةِ مَنْ ذَكَرَ الْمُقِرُّ أَنَّهُ وَرَّثَهُ مِنْهُ، أَوْ لِلْمُوصِي أَوْ لِوَرَثَتِهِ إنْ أَسْنَدَهُ إلَى وَصِيَّةٍ، هَذَا حُكْمُ الْحَالِ الْأَوَّلِ. وَأَمَّا فِي الْحَالَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فَإِنَّ الْمُقِرَّ يَسْأَلُ حِسْبَةً عَنْ جِهَةِ إقْرَارِهِ وَيُعْلِمُ بِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَكَمَا لَوْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ فَكَذَّبَهُ. قَوْلُهُ: (إنْ اُسْتُحِقَّ بِوَصِيَّةٍ إلَخْ) أَيْ فَهَذَا الْحُكْمُ يَخْتَصُّ بِالْحَالِ الْأَوَّلِ وَكَذَا بِالْأَخِيرَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ إذَا بَيَّنَ الْجِهَةَ كَذَلِكَ، أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ فِي الْحَالَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فَالْكُلُّ لِلْحَمْلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَبَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ إنْ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى إذْ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ تَكُونَ الْجِهَةُ وَصِيَّةً، وَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (تُرِكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ) هَلْ يُتْرَكُ مِلْكًا لَهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ مَالِكَهُ؟ قَضِيَّةُ كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي الْمُهَذَّبِ الْأَوَّلِ، وَكَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الثَّانِي: وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الْأَشْبَهُ وَيَحْفَظُهُ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَهُ تَحْتَ يَدِ الْمُقِرِّ جَازَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي حَالِ تَكْذِيبِهِ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ بَعْدَ رُجُوعِ الْمُقَرِّ لَهُ لَا يُفِيدُ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ مُرَادُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فُرِضَ فِيهَا التَّكْذِيبُ. فَرْعٌ: يَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ فِي كُلِّ مَنْ نَفَى عَنْ نَفْسِهِ حَقًّا ثُمَّ رَجَعَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً إلَخْ) يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ. [فَصْلٌ قَوْلُهُ لِزَيْدٍ كَذَا عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي صِيغَةُ إقْرَارٍ] فَصْلٌ: قَوْلُهُ لِزَيْدٍ كَذَا إلَخْ قَوْلُهُ: (عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مُنْكَرًا نَحْوُ لِزَيْدٍ ثَوْبٌ مَثَلًا أَمَّا لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا فِي يَدِهِ أَوْ غَائِبًا، نَحْوَ: لِزَيْدٍ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الثَّوْبُ الْفُلَانِيُّ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى عِنْدِي وَعَلَيَّ؛ لِأَنَّ اللَّامَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَعَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ وَمَعِي عَشْرَةٌ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ الْعَشَرَةِ بِالدَّيْنِ وَبَعْضِهَا بِالْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْرَدَهَا إلَخْ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّوْضَةُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ (وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ: زِنْ أَوْ خُذْ أَوْ زِنْهُ أَوْ خُذْهُ أَوْ اخْتِمْ عَلَيْهِ أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسِك فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُذْكَرُ لِلِاسْتِهْزَاءِ (وَلَوْ قَالَ: بَلَى أَوْ نَعَمْ أَوْ صَدَقْت أَوْ أَبْرَأْتنِي مِنْهُ أَوْ قَضَيْته، أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ) بِالْأَلْفِ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْقَضَاءِ وَالرَّفْضُ فِي الْأَخِيرِ بُحِثَ بِأَنَّهُ يَجُوزَانِ يُرِيدُ الْإِقْرَارَ لِغَيْرِهِ فَيَضُمُّ إلَيْهِ لَك وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَلَوْ قَالَ: أَنَا مُقِرٌّ وَأَنَا أُقِرُّ بِهِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) بِالْأَلْفِ لِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ لِلْإِقْرَارِ بِغَيْرِهِ كَوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّانِي لِلْوَعْدِ بِالْإِقْرَارِ بِهِ بَعْدُ (وَلَوْ قَالَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْك كَذَا؟ فَقَالَ: بَلَى أَوْ نَعَمْ فَإِقْرَارٌ وَفِي نَعَمْ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلتَّصْدِيقِ فَيَكُونُ مُصَدِّقًا لَهُ فِي النَّفْيِ بِخِلَافِ بَلَى فَإِنَّهُ لِرَدِّ النَّفْيِ، وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّظَرَ فِي الْإِقْرَارِ إلَى الْعُرْفِ وَأَهْلُهُ يَفْهَمُونَ الْإِقْرَارَ بِنَعَمْ فِيمَا ذُكِرَ. (وَلَوْ قَالَ: اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْك فَقَالَ: نَعَمْ أَوْ أَقْضِي غَدًا أَوْ أَمْهِلْنِي يَوْمًا أَوْ حَتَّى أَقْعُدَ أَوْ أَفْتَحَ الْكِيسَ أَوْ أَجِدَ) أَيْ الْمِفْتَاحَ مَثَلًا (فَإِقْرَارٌ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَقُولُ: لَيْسَ بِصَرِيحَةٍ فِيهِ. فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقِرِّ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ حِينَ يُقِرُّ (فَلَوْ قَالَ دَارِي: أَوْ ثَوْبِي أَوْ دَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو فَهُوَ لَغْوٌ) ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ   [حاشية قليوبي] الْعَيْنِ عَلَى مَا يَعُمُّ الْوَدِيعَةَ وَغَيْرَهَا. وَفِي الرَّوْضَةِ حَمْلُهَا عَلَى الْوَدِيعَةِ، وَإِذَا فَسَّرَهَا بِغَيْرِهَا قُبِلَ. تَنْبِيهٌ: قِبَلِي، بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَجِهَتِي صَالِحٌ لِلْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، وَكُلُّ مَا جَازَ تَفْسِيرُهُ بِالْعَيْنِ جَازَ تَفْسِيرُ بَعْضِهِ بِالدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهِ) أَيْ فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ لَا فِي أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فَيُقْبَلُ بِلَا يَمِينٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسِك) أَوْ كُلُّ مَا قُلْت عِنْدِي أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ أَوْ مَعَ مِائَةٍ أَوْ اُكْتُبُوا لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا فَلَيْسَ ذَلِكَ إقْرَارًا وَكَذَا بِسْمِ اللَّهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَبْرَأْتنِي مِنْهُ) وَكَذَا أَبْرِئْنِي مِنْهُ فَهُوَ إقْرَارٌ بِخِلَافِ أَبْرَأْتنِي أَوْ أَبْرِئْنِي مِنْ دَعْوَاك، أَوْ قَدْ أَقْرَرْت بِبَرَاءَتِي أَوْ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنِّي فَلَيْسَ إقْرَارًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَوْ قَضَيْته) أَيْ الْأَلْفَ فَلَوْ قَالَ: قَضَيْت مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ فَهُوَ إقْرَارٌ بِهَا دُونَ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ، وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْقَضَاءِ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا كَمَا لَوْ قَالَ: قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي أَوْ اسْتَوْفَى مِنِّي أَوْ بِسْمِ اللَّهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ) أَوْ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِهِ أَوْ إذَا شَهِدَ بِهِ عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ صَادِقٌ أَوْ عَدْلٌ أَوْ لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ أَوْ لَسْت مُنْكِرًا لَهُ، أَوْ إذَا شَهِدَ عَلَيَّ فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَوْ شَخْصَانِ فَهُمَا صَادِقَانِ، أَوْ عَدْلَانِ فَهُوَ إقْرَارٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ كَصَبِيٍّ وَعَبْدٍ. وَكَذَا لَوْ قَالَ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ، وَهُوَ صَادِقٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ أَوْ عَدْلٌ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِيمَا شَهِدَ بِهِ أَوْ قَالَ: إذَا شَهِدَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ عَلَيَّ صَدَّقْتهمَا أَوْ فُلَانٌ صَدَّقْته، أَوْ إنْ شَهِدَا عَلَيَّ فَهُمَا صَادِقَانِ أَوْ عَدْلَانِ أَوْ لَا أُنْكِرُ شَهَادَتَهُمَا، أَوْ إنْ قَالَا ذَلِكَ فَهُوَ عِنْدِي فَلَيْسَ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ: أُشْهِدُكُمْ أَنَّ لَهُ عَلَيَّ كَذَا فَهُوَ إقْرَارٌ، بِخِلَافِ أُشْهِدُكُمْ بِكَذَا. وَلَوْ كَتَبَ فِي ذِمَّتِهِ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ ثُمَّ قَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا فَلَيْسَ إقْرَارًا، وَإِنْ قَالَ: وَأَنَا عَالِمٌ بِمَا فِيهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِنْ عَلِمَ مَا فِيهَا وَحَفِظَهُ كَانَ إقْرَارًا. فَرْعٌ: لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا، ثُمَّ ادَّعَى شَيْئًا مُعَيَّنًا وَقَالَ: نَسِيته حَالَ الْإِقْرَارِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ، أَوْ ادَّعَى نَوْعًا مِنْهُ لَمْ يُقْبَلْ، كَمَا لَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ لَوْ قَالَ: لَا أَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ حَقًّا لَا عَمْدًا وَسَهْوًا وَلَا نِسْيَانًا مَثَلًا. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنَّ هَذَا وَقْفٌ صَارَ وَقْفًا. قَوْلُهُ: (فَهُوَ إقْرَارٌ) إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ قَرِينَةُ اسْتِهْزَاءٍ وَإِلَّا فَلَيْسَ إقْرَارًا. وَلَوْ قَالَ لِزَيْدٍ السُّبْكِيّ: بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهِ رَاجِعٌ لِلْأَلْفِ، فَلَا يُقْبَلُ أَنَّهُ أَرَادَ غَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ) وَكَذَا هَلْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ أُسْقِطَ؟ الِاسْتِفْهَامُ كَانَ إقْرَارًا مَعَ بَلَى لَا مَعَ نَعَمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَعَمْ) وَإِنْ كَانَ نَحْوِيًّا نَظَرًا لِلْعُرْفِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَجِدَ أَيْ الْمِفْتَاحَ مَثَلًا فَإِقْرَارٌ) وَكَذَا مِنْهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ: أَوْ ابْعَثْ مَنْ يَأْخُذُهُ، أَوْ اصْبِرْ حَتَّى أَصْرِفَ الدَّرَاهِمَ، أَوْ اُقْعُدْ حَتَّى تَأْخُذَ، أَوْ لَا أَجِدُ الْيَوْمَ أَوْ لَا تُدِمْ الْمُطَالَبَةَ، أَوْ مَا أَكْثَرَ مَا تَتَقَاضَى، أَوْ وَاَللَّهِ لَأَقْضِيَنَّكَ. قَالَ: وَكُلُّهَا إقْرَارٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا. فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ أَرْكَانِ الْإِقْرَارِ وَالْمَذْكُورُ هُنَا مِنْهَا الْمُقَرُّ بِهِ وَشُرُوطُهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي صِيغَتِهِ مَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لَهُ، وَأَنْ لَا   [حاشية عميرة] زَمَنٍ يُمْكِنُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْك) قَالَ السُّبْكِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُرِيدَ بِهَا الْخَبَرَ أَوْ الِاسْتِفْهَامَ انْتَهَى. أَقُولُ: وَكَذَا لَوْ صَرَّحَ بِأَدَاةِ الِاسْتِفْهَامِ فِيمَا يَظْهَرُ، بَلْ هُوَ مُرَادُ السُّبْكِيّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَقَالَ زِنْ) مِثْلُهُ قَوْلُهُ: وَهِيَ صِحَاحٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلَى أَوْ نَعَمْ) هُمَا حَرْفَا تَصْدِيقٍ إذَا تَقَدَّمَهُمَا خَبَرٌ مُثْبَتٌ، وَلَوْ مُسْتَفْهَمًا عَنْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لِرَدِّ النَّفْيِ) أَيْ بِخِلَافِهَا فِي جَوَابِ الْإِثْبَاتِ كَمَا سَلَفَ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ قَطْعًا، وَلَيْسَتْ لِنَفْيِ الْمُثْبَتِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَكَذَا يَكُونُ إقْرَارًا قَطْعًا فِي جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ الدَّاخِلِ عَلَى الْخَبَرِ نَحْوَ: أَلِي عَلَيْك أَلْفٌ وَلَوْ وَقْعًا أَعْنِي نَعَمْ وَبَلَى فِي جَوَابِ الْخَبَرِ الْمَنْفِيِّ، نَحْوَ: لَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ إقْرَارًا مَعَ بَلَى بِخِلَافِ نَعَمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَقَالَ نَعَمْ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: أَمَّا نَعَمْ فَإِقْرَارٌ، وَأَمَّا الْبَاقِي فَقَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهَا صِيَغُ إقْرَارٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْأَصْحَابُ يَضْطَرِبُونَ فِيهَا وَالْمَيْلُ إلَى مُوَافَقَتِهِ أَكْثَرُ، وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: إنَّهُ الْأَشْبَهُ وَتَبِعَهُ فِي الْمِنْهَاجِ قَالَ: وَالْأَشْبَهُ عِنْدِي خِلَافُهُ انْتَهَى. [فَصْل يُشْتَرَطُ فِي الْمُقِرِّ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ حِينَ يُقِرُّ] فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ دَيْنِي إلَخْ) قَالَ الْأَصْحَابُ بِخِلَافِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو وَاسْمِي فِي الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ. قَالَ السُّبْكِيُّ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 لَهُ فَتُنَافِي الْإِقْرَارَ لِغَيْرِهِ إذْ هُوَ إخْبَارٌ بِسَابِقٍ عَلَيْهِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْوَعْدِ بِالْهِبَةِ وَلَوْ قَالَ: مَسْكَنِي لِزَيْدٍ فَهُوَ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْكُنُ مِلْكَ غَيْرِهِ. (وَلَوْ قَالَ: هَذَا) الثَّوْبُ (لِفُلَانٍ وَكَانَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت) بِهِ (فَأَوَّلُ كَلَامِهِ إقْرَارٌ وَآخِرُهُ لَغْوٌ) فَيُطْرَحُ آخِرُهُ وَيُعْمَلُ بِأَوَّلِهِ (وَلِيَكُنْ الْمُقِرُّ بِهِ) الْمُعَيَّنُ (فِي يَدِ الْمُقِرِّ لِيُسَلَّمَ بِالْإِقْرَارِ لِلْمُقِرِّ لَهُ) فِي الْحَالِ، (فَلَوْ أَقَرَّ وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ ثُمَّ صَارَ) فِي يَدِهِ (وَعَمِلَ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ) بِأَنْ يُسَلِّمَ لِلْمُقِرِّ لَهُ فِي الْحَالِ، (فَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ) فَتُرْفَعُ يَدُهُ عَنْهُ. (ثُمَّ إنْ كَانَ قَالَ) فِي صِيغَةِ إقْرَارِهِ (هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ فَشِرَاؤُهُ افْتِدَاءٌ) لَهُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي وَبَيْعٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، (وَإِنْ) كَانَ (قَالَ اعْتِقْهُ) وَهُوَ يَسْتَرِقُهُ (فَافْتِدَاءٌ مِنْ جِهَتِهِ وَبَيْعٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ: بَيْعٌ مِنْ الْجِهَتَيْنِ (فَيَثْبُتُ فِيهِ) عَلَى الْأَوَّلِ (الْخِيَارَانِ) أَيْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ (لِلْبَائِعِ فَقَطْ) وَكَذَا يَثْبُتَانِ لَهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ (وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ) وَيُطْلَبُ مِنْ الْمُقِرِّ تَفْسِيرُهُ (فَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِكُلِّ مَا يَقُولُ وَإِنْ قَلَّ) كَرَغِيفٍ وَفَلْسٍ (وَلَوْ فَسَّرَهُ بِمَا لَا يَقُولُ لَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ   [حاشية قليوبي] يُعْلَمَ كَوْنُهُ مِلْكًا لَهُ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ لَغْوٌ) أَيْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِقْرَارَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَلَطٌ عَلَى نَفْسِهِ وَيُرَادُ بِالْإِضَافَةِ الْمُلَابَسَةُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَقْتَضِي الْمِلْكَ) بِخِلَافِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو فَصَحِيحٌ، وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ، أَوْ كَانَ كَذَلِكَ فِي كِتَابَةِ الْوَثِيقَةِ، أَوْ لَمْ يَقُلْ وَاسْمِي فِي الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ، فَلَوْ كَانَ بِهِ وَثِيقَةٌ كَرَهْنٍ انْتَقَلَ بِهَا إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى الْحَوَالَةِ كَقَوْلِهِ: صَارَ لِعَمْرٍو. قَوْلُهُ: (وَيُعْمَلُ بِأَوَّلِهِ) فَهُوَ إقْرَارٌ، وَعَكْسُ ذَلِكَ إقْرَارٌ أَيْضًا عَمَلًا بِآخِرِهِ؛ لِأَنَّهُ جُمْلَتَانِ، وَلَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِمِثْلِ هَذِهِ الصِّيغَةِ لَمْ تُقْبَلْ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْغَيْرِ يُبْطِلُهَا التَّنَاقُضُ. قَوْلُهُ: (الْمُعَيَّنُ) بِخِلَافِ الدَّيْنِ لِعَدَمِ تَأَتِّي مَا سَيَأْتِي فِيهِ فَإِرَادَتُهَا مُتَعَيِّنَةٌ. قَوْلُهُ: (فِي يَدِ الْمُقِرِّ) أَيْ لَا عَنْ وِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ، وَلَوْ أَقَرَّ بَائِعٌ بِمَا بَاعَهُ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ وَلَوْ مَعَ الْمُشْتَرِي كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ. وَقِيلَ: يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ وَيُقَدَّمُ تَصَرُّفُ غَائِبٍ عَلَى حَاكِمٍ، وَهَذَا الشَّرْطُ لِلْعَمَلِ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ لَا لِصِحَّتِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ بِرَهْنِيَّتِهِ عِنْدَ شَخْصٍ، ثُمَّ صَارَ بِيَدِهِ بَيْعٌ فِي الدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ اشْتَرَاهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ بِنَحْوِ وَكَالَةٍ. قَالَ شَيْخُنَا: وَظَاهِرُ ذَلِكَ جَوَازُ الْعَقْدِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ رُبَّمَا يَجِبُ أَنْ تُعَيِّنَ الْخَلَاصَ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ. وَقَوْلُهُ: حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ وَصَحَّ الشِّرَاءُ نَظَرًا لِتَصْدِيقِ صَاحِبِ الْيَدِ؛ وَلِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِلْعِتْقِ وَكَالْحُرِّيَّةِ الْإِقْرَارُ بِوَقْفِ دَارٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (أَعْتِقْهُ) أَيْ هُوَ أَوْ غَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بَيْعٌ مِنْ الْجِهَتَيْنِ) وَقِيلَ: افْتِدَاءٌ مِنْ الْجِهَتَيْنِ فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ الْوَجْهُ الْمُفَصَّلُ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ فِي طَرِيقِهِ، وَهُنَاكَ طَرِيقٌ أُخْرَى بِحِكَايَةِ وَجْهَيْنِ: مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي، وَالْقَطْعِ بِالْبَيْعِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، قِيلَ: وَهَذِهِ مُرَادُ الشَّارِحِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارَانِ) وَكَذَا خِيَارُ الْعَيْبِ فِي الثَّمَنِ، وَإِذَا رُدَّ الثَّمَنُ رُدَّ الْعَبْدُ، وَإِذَا ظَهَرَ الْعَبْدُ مَعِيبًا فَلَا أَرْشَ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ سَقَطَ الثَّمَنُ، فَيَرُدُّهُ الْبَائِعُ إنْ كَانَ أَخَذَهُ أَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا يَسْقُطُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ وَلَا لِأَحَدٍ إنْ قَالَ: هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ فَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَهُ أَخْذُ جَمِيعِهِ إنْ قَالَ: أَنَا أَعْتِقُهُ، وَلَهُ أَخْذُ قَدْرِ الثَّمَنِ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ قَالَ لِلْبَائِعِ: أَنْتَ أَعْتَقْته؛ لِأَنَّهُ بَعْضُ مَالِهِ فِي الْكَذِبِ وَقَدْرُ مَا ظَلَمَهُ بِهِ فِي الصِّدْقِ، وَلَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي غَرِمَهُ الْبَائِعُ لِمَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ، وَالثَّمَنُ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ إنْ قَالَ أَعْتَقَهُ غَيْرُ الْبَائِعِ وَعَيَّنَهُ، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ فَكَحُرِّ الْأَصْلِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ فَقَطْ اسْتَفْصَلَ وَعَمِلَ بِتَفْسِيرِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَكَحُرِّ الْأَصْلِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْمُقِرُّ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ فَهُوَ افْتِدَاءٌ لِلْمَنْفَعَةِ فَيَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِخْدَامُهُ، وَلَوْ نَكَحَ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهَا صَحَّ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ. لَكِنْ لَا يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ إلَّا إنْ نَكَحَهَا بِإِذْنِهَا وَسَيِّدُهَا عِنْدَهُ وَلِيٌّ بِالْوَلَاءِ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ) وَلَوْ فِي جَوَابِ دَعْوَى عِنْدَ حَاكِمٍ بِالْمَجْهُولِ الشَّامِلِ لِلْمُبْهَمِ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ. قَوْلُهُ: (قُبِلَ تَفْسِيرُهُ) وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرَ هَذَا، وَسَوَاءٌ قَالَ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي. وَكَذَا فِي ذِمَّتِي إلَّا فِي نَحْوِ الْكَلْبِ. قَوْلُهُ: (بِكُلِّ مَا يُتَمَوَّلُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هُوَ مَا لَهُ قِيمَةٌ.   [حاشية عميرة] لَوْ تَنَاقَضَ كَأَنْ شَهِدُوا فِي الْكِتَابِ بِأَنَّهُ أَنْشَأَ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ مَشَايِخِهِ. قَالَ: أَعْنِي السُّبْكِيَّ: فَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ أَنْشَأَ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ، فَإِذَا أَقَرَّ وَلَمْ يَقُلْ الَّذِي اشْتَرَيْته لِنَفْسِي فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بَعْدَ دَعْوَى وَلَا تَنَاقُضَ، أَمَّا لَوْ قَالَ: هَذَا الَّذِي اشْتَرَيْته لِزَيْدٍ فَهُوَ مُتَنَاقِضٌ. قَوْلُهُ: (إذْ هُوَ إخْبَارٌ بِسَابِقٍ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ إزَالَةَ مِلْكٍ عَنْ الْمُقَرِّ بِهِ. وَلَوْ قَالَ: هَذَا لِي، هَذَا لِزَيْدٍ فَإِقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُمَا جُمْلَتَانِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ، فَيَكُونُ حَاصِلُ هَذَا أَنَّهُ إقْرَارٌ بَعْدَ إنْكَارٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلْيَكُنْ الْمُقَرُّ بِهِ إلَخْ) أَيْ يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ بِتَسْلِيمِهِ حَالَ كَوْنِهِ فِي يَدِهِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا وَإِلَّا فَهُوَ دَعْوَى عَلَى الْغَيْرِ أَوْ شَهَادَةٌ بِغَيْرِ لَفْظِهَا. وَقَوْلُهُ: الْعَيْنُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الدَّيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ كَانَ قَالَ) لَوْ قَالَ: أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ قَبْلَ شِرَاءِ الْبَائِعِ لَهُ كَانَ كَحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (افْتِدَاءٌ) أَيْ إجْرَاءٌ لِكُلِّ عَاقِدٍ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ. وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا صَدَّقَ الْبَائِعَ غَلَّبْنَا جَانِبَهُ فَجَعَلْنَاهُ بَيْعًا مِنْ الْجِهَتَيْنِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَعُبِّرَ بِالْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ طَرِيقَةَ الْإِمَامِ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَالتَّفْصِيلُ بَيْعٌ مِنْ جِهَتِهِمَا، فِدَاءٌ مِنْ جِهَتِهِمَا. وَطَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ الْقَطْعُ بِالْبَيْعِ فِي جَانِبِ الْبَائِعِ، وَإِجْرَاءُ الْخِلَافِ فِي الْمُشْتَرِي. قَالَ فَالطَّرِيقَانِ إنَّمَا هُمَا فِي الْبَائِعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَبْلَ تَفْسِيرِهِ) أَيْ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرَ هَذَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ فَسَّرَهُ إلَخْ) لَوْ كَانَتْ الصِّيغَةُ لَهُ فِي ذِمَّتِي لَمْ يُقْبَلْ بِهَذَا وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ، أَوْ بِمَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ) لِلْعِيدِ (وَسِرْجِينٍ) أَيْ زِبْلٍ (قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ أَخْذُهُ وَيَجِبُ عَلَى آخِذِهِ رَدُّهُ وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا قِيمَةَ لَهُ فَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِكَلِمَةِ عَلَيَّ، وَالثَّانِيَ لَيْسَ بِمَالٍ وَظَاهِرُ الْإِقْرَارِ لِلْمَالِ (وَلَا يُقْبَلُ) تَفْسِيرُهُ (بِمَا لَا يُقْتَنَى) كَكَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ لَا نَفْعَ فِيهِ مِنْ صَيْدٍ وَنَحْوِهِ إذْ لَا يَجِبُ رَدُّهُ فَلَا يُصَدَّقُ بِهِ قَوْلُهُ عَلَيَّ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ فَيُصَدَّقُ بِهِ (وَلَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ أَيْضًا (بِعِبَادَةٍ وَرَدِّ سَلَامٍ) لِبُعْدِ فَهْمِهِمَا فِي مَعْرِضِ الْإِقْرَارِ إذْ لَا مُطَالَبَةَ بِهِمَا، (وَلَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ أَوْ مَالٍ عَظِيمٍ أَوْ كَبِيرٍ أَوْ كَثِيرٍ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَا قَلَّ مِنْهُ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ. وَيَكُونُ وَصْفُهُ بِالْعِظَمِ وَنَحْوِهِ مِنْ حَيْثُ إثْمُ غَاصِبِهِ وَكُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ. (وَكَذَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِالْمُسْتَوْلَدَةِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا يُنْتَفَعُ بِهَا وَتُسْتَأْجَرُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُبَاعُ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى امْتِنَاعِ بَيْعِهَا (لَا بِكَلْبٍ وَجِلْدِ مَيْتَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِمَا اسْمُ الْمَالِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ إذَا قَالَ لَهُ: عَلَيَّ مَالٌ إلَى آخِرِهِ، وَمِنْهُ الْمَقْبُولُ بِالْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْمُنَاسِبُ فِيهَا أَنْ يَقُولَ لَهُ: عِنْدِي مَالٌ (وَقَوْلُهُ) لَهُ (كَذَا) عَلَيَّ (كَقَوْلِهِ) لَهُ (شَيْءٌ) عَلَيَّ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ (وَقَوْلُهُ شَيْءٌ شَيْءٌ أَوْ كَذَا كَذَا كَمَا لَوْ لَمْ يُكَرَّرْ) ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ تَأْكِيدٌ. (وَلَوْ قَالَ شَيْءٌ وَشَيْءٌ أَوْ كَذَا وَكَذَا وَجَبَ شَيْئَانِ) يُقْبَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي تَفْسِيرِهِ شَيْءٌ لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةَ (فَإِنْ قَالَ) لَهُ (كَذَا دِرْهَمًا أَوْ رُفِعَ الدِّرْهَمُ أَوْ جُزْءٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) وَالْمَنْصُوبُ تَمْيِيزٌ، وَالْمَرْفُوعُ عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ بَدَلٌ، وَالْجَرُّ لَحْنٌ. (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ دِرْهَمَانِ)   [حاشية قليوبي] وَقَالَ غَيْرُهُ: مَا يَحْصُلُ بِهِ دَفْعُ ضَرَرٍ أَوْ جَلْبُ نَفْعٍ فَقَوْلُهُ: كَرَغِيفٍ يُرَادُ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ مِمَّا يُسَاوِي دِرْهَمًا الْمُعَبَّرَ عَنْهُ فِي كَلَامِهِ بِالْفَلْسِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ) وَكَثَمَرٍ بِمَحَلٍّ تَكْثُرُ ثِمَارُهُ كَالْبَصْرَةِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ) أَيْ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ وَلَيْسَ الصَّيْدُ قَيْدًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ، وَلَوْ عَمَّمَهُ الشَّارِحُ هُنَا أَخْذًا مِنْهُ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ عَلَى آخِذِهِ رَدُّهُ) وَمِنْهُ مَيْتَةٌ لِمُضْطَرٍّ وَخَمْرَةٌ غَيْرُ مُحْتَرَمَةٍ لِذِمِّيٍّ. قَوْلُهُ: (بِكَلِمَةِ عَلَيَّ) فَلَوْ قَالَ: فِي ذِمَّتِي لَمْ يُقْبَلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَا لَا يُتَمَوَّلُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِي مَعْرِضِ الْإِقْرَارِ) أَيْ الَّذِي بِلَفْظِ شَيْءٍ، وَيُقْبَلُ فِيهِمَا لَوْ أَقَرَّ بِحَقٍّ، وَكَوْنُ الشَّيْءِ أَعَمَّ مِنْ الْحَقِّ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ لَا يُنَافِي خِلَافَهُ مِنْ حَيْثُ الْعُرْفِ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: غَصَبْتُك أَوْ غَصَبْتُك مَا تَعْلَمُ لَمْ يَصِحَّ أَوْ غَصَبْتُك شَيْئًا صَحَّ وَهُوَ مِنْ الْمُبْهَمِ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِدَارٍ فَلَهُ جَمِيعُ مَا فِيهَا، فَلَوْ تَنَازَعَا فِي شَيْءٍ كَانَ فِيهَا حَالَ الْإِقْرَارِ صُدِّقَ الْمُقِرُّ وَوَارِثُهُ كَذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ سَاكِنٌ وَلَوْ زَوْجَةَ الْمُقِرِّ قُبِلَ قَوْلُهُ بِنِصْفِ مَا فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ) (أَقَرَّ) بِلَفْظِ، عِنْدِي أَوْ مَعِي أَوْ عَلَيَّ وَكَذَا فِي ذِمَّتِي فِي غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ كَثِيرٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَكَذَا بِأَكْثَرَ مِنْ مَالِ فُلَانٍ أَوْ مَا عَلَى فُلَانٍ مِمَّا فِي يَدِ فُلَانٍ، فَلَوْ قَالَ، مِثْلُ مَا فِي يَدِ فُلَانٍ، أَوْ مِثْلُ مَا عَلَيْهِ تَعَيَّنَ مِقْدَارُ ذَلِكَ عَدَدًا بِأَيِّ جِنْسٍ كَانَ لِتَبَادُرِ الْمِثْلِيَّةِ لِلْعَدَدِ الْمُسَاوِي بِخِلَافِ الْأَكْثَرِيَّةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ أَنْ أَلْزَمَ الْيَقِينَ وَأَطْرَحَ الشَّكَّ، وَلَا أَسْتَعْمِلُ الْغَلَبَةَ وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ الظَّنُّ الْغَالِبُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بِالْمُسْتَوْلَدَةِ) أَيْ يَصِحُّ تَفْسِيرُ الْمَالِ فِيهَا إنْ لَمْ يَقُلْ فِي ذِمَّتِي، وَمِثْلُهَا الْمُكَاتَبُ وَغَيْرُهُمَا وَلَا تَصِحُّ بِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَتُسْتَأْجَرُ) وَيَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَسَوَاءٌ قَالَ فِي إقْرَارِهِ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ: وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَا كَذَا) وَإِنْ زَادَ فِي التَّكْرَارِ فِي هَذَا وَمَا يَأْتِي لِجَوَازِ تَعَدُّدِ التَّأْكِيدِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الثَّانِيَ تَأْكِيدٌ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الِاسْتِئْنَافَ لَزِمَهُ شَيْئَانِ. قَوْلُهُ: (شَيْءٌ وَشَيْءٌ) وَالْفَاءُ وَثُمَّ وَبَلْ كَالْوَاوِ. قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَا وَكَذَا) وَمِثْلُهُ شَيْءٌ وَكَذَا أَوْ كَذَا وَشَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ كَذَا هُنَا لَفْظُهَا لَا كَوْنُهَا كِنَايَةً عَنْ الْعَدَدِ وَلَا أَصْلُهَا الْمُرَكَّبُ مِنْ كَافِ التَّشْبِيهِ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ. وَلَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ عَيْنُ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ كَذَا بَلْ كَذَا لِاحْتِمَالِهِ لِغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَدَلٌ) أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ قَوْلُهُ: (وَالْجَرُّ لَحْنٌ) عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ، وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ بِأَنَّ كَذَا مِثْلُ كَمْ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كَذَا مُبْتَدَأٌ؛ لِأَنَّهَا اسْمُ عَيْنٍ فَسَقَطَ مَا لِابْنِ هِشَامٍ هُنَا، وَلَوْ سُكِّنَ الدِّرْهَمُ وَقْفًا فَكَذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي الْأَحْوَالِ الْآتِيَةِ. وَدَعْوَى لُزُومِ عِشْرِينَ فِي النَّصْبِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ يُمَيَّزُ بِمُفْرَدٍ مَنْصُوبٍ كَمَا قَالَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ لُزُومُ مِائَةٍ فِي الْجَرِّ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ يُمَيَّزُ بِمُفْرَدٍ مَجْرُورٍ وَلَا قَائِلَ بِهِ. وَدَعْوَى لُزُومِ بَعْضِ دِرْهَمٍ فِي الْحُرِّ بِتَقْدِيرِ مِنْ مَرْدُودٌ بِأَنَّ كَذَا لِلْآحَادِ لَا لِكُسُورِهَا. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا بِكَلْبٍ إلَخْ) أَيْ وَيَكُونُ فِيهِمَا خِلَافٌ أَخْذًا مِمَّا سَلَفَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ ابْنَ شُهْبَةَ قَالَ: إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُفَرَّعَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ انْتَهَى. قُلْت: وَيُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَةِ الْمَتْنِ هُنَا عَلَى مَا لَوْ قَالَ لَهُ: عِنْدِي مَالٌ دُونَ لَهُ عَلَيَّ، وَقَدْ أَشَارَ فِيمَا سَيَأْتِي لَهُ مِنْ ذِكْرِ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَالْمُحَرَّرُ إلَى أَنَّ عِبَارَةَ الْكِتَابِ أَحْسَنُ مِنْ جِهَةِ تَنَاوُلِ الْمُسْتَوْلَدَةِ أَيْ نَظَرًا إلَى إمْكَانِ تَصْوِيرِهَا بِمَا قُلْنَاهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ أَحْسَنُ لِإِمْكَانِ تَصْوِيرِهَا بِلَهُ عِنْدِي مَالٌ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَذَا) هِيَ فِي الْأَصْلِ مُرَكَّبَةٌ مِنْ كَافِ التَّشْبِيهِ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ، ثُمَّ نُقِلَتْ فَصَارَتْ يُكَنَّى بِهَا عَنْ الْعَدَدِ وَغَيْرِهِ، وَهِيَ فِي مِثَالِهِ بِمَعْنَى شَيْءٍ وَلَيْسَتْ كِنَايَةً عَنْ الْعَدَدِ. قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَتَى بِلَفْظَيْنِ مُبْهَمَيْنِ وَعَقَبَهُمَا بِقَوْلِهِ: دِرْهَمًا كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَمْيِيزٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلِأَنَّ التَّمْيِيزَ وَصْفٌ، وَالْوَصْفُ يَعُودُ إلَى كُلٍّ فَقَدَّمَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 وَفِي قَوْلٍ دِرْهَمٌ وَفِي قَوْلٍ دِرْهَمٌ وَشَيْءٌ نَظَرًا إلَى أَنَّ الدِّرْهَمَ تَفْسِيرٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمُبْهَمَيْنِ أَوْ لِمَجْمُوعِهَا أَوْ الثَّانِي فَقَطْ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ (وَ) الْمَذْهَبُ (أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ أَوْ جَرَّ) الدِّرْهَمَ (فَدِرْهَمٌ) وَالْمَعْنَى فِي الرَّفْعِ هُمَا دِرْهَمٌ وَالْجَرُّ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ. وَقِيلَ فِي صُورَةِ الرَّفْعِ قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا يَجِبُ دِرْهَمَانِ وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وُجُوبَ دِرْهَمَيْنِ فِي الْجَرِّ. (وَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ فَدِرْهَمٌ فِي الْأَحْوَالِ) الثَّلَاثِ النَّصْبُ وَالرَّفْعُ وَالْجَرُّ لِاحْتِمَالِ التَّأْكِيدِ. (وَلَوْ قَالَ: أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ قُبِلَ تَفْسِيرُ الْأَلْفِ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ) مِنْ الْمَالِ كَأَلْفِ فَلْسٍ. (وَلَوْ قَالَ: خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا فَالْجَمِيعُ دَرَاهِمُ) عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ الْخَمْسَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى الْإِبْهَامِ (وَلَوْ قَالَ: الدَّرَاهِمُ الَّتِي أَقْرَرْت بِهَا نَاقِصَةُ الْوَزْنِ فَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ) الَّذِي أَقَرَّ فِيهِ (تَامَّةَ الْوَزْنِ فَالصَّحِيحُ قَبُولُهُ إنْ ذَكَرَهُ مُتَّصِلًا) بِالْإِقْرَارِ (وَمَنَعَهُ إنْ فَصَلَهُ عَنْ الْإِقْرَارِ) كَالِاسْتِثْنَاءِ وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقَةٍ فِي الْمُتَّصِلِ لَا يُقْبَلُ عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ. وَفِي وَجْهٍ فِي الْمُنْفَصِلِ يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ لَهُ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (وَإِنْ كَانَتْ) دَرَاهِمُ الْبَلَدِ (نَاقِصَةً قُبِلَ) قَوْلُهُ: (إنْ وَصَلَهُ) بِالْإِقْرَارِ (وَكَذَا إنْ فَصَلَهُ) عَنْهُ (فِي النَّصِّ) حَمْلًا عَلَى وَزْنِ الْبَلَدِ، وَفِي وَجْهٍ لَا حَمْلًا عَلَى وَزْنِ الْإِسْلَامِ. (وَالتَّفْسِيرُ بِالْمَغْشُوشَةِ كَهُوَ بِالنَّاقِصَةِ) فَفِيهَا التَّفْصِيلُ السَّابِقُ. (وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ) وَقِيلَ: عَشَرَةٌ إدْخَالًا لِلطَّرَفَيْنِ، وَقِيلَ: ثَمَانِيَةٌ إخْرَاجًا لَهُمَا وَالْأَوَّلُ أَخْرَجَ الثَّانِيَ دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الْإِقْرَارِ (وَإِنْ قَالَ) لَهُ: (دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ، فَإِنَّ   [حاشية قليوبي] كَذَا وَكَذَا) وَإِنْ زَادَ فِي التَّكْرَارِ كَمَا مَرَّ فِي عَدَمِ الْعَطْفِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) فَهِيَ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ فِي طَرِيقٍ، وَتَعْلِيلُهَا بَعْدَهَا عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ. وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ فِي الْأُولَى بِالْمَذْهَبِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ) فَجُمْلَةُ مَا فِي كَلَامِهِ تِسْعُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ كَذَا إمَّا مُفْرَدٌ أَوْ مُكَرَّرٌ أَوْ مَعْطُوفٌ، وَالدِّرْهَمُ إمَّا مَرْفُوعٌ أَوْ مَنْصُوبٌ أَوْ مَجْرُورٌ، وَمَعَ السُّكُونِ تَكُونُ الصُّوَرُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِي كَذَا وَمِثْلُهَا فِي شَيْءٍ، وَمَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الدِّرْهَمِ سِتُّ صُوَرٍ، فَالْجُمْلَةُ إمَّا ثَمَانِيَةَ عَشْرَ أَوْ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَوْ ثَلَاثُونَ، وَمَعَ الْجَمْعِ فِي شَيْءٍ وَكَذَا سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ أَوْ خَمْسُونَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ) ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ لِلزِّيَادَةِ لَا لِلتَّفْسِيرِ الَّذِي قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَلْزَمَهُ بِهِ فِي مَعْطُوفٍ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ، وَرُدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا بِعَكْسِ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ كَأَلْفِ حَبَّةِ حِنْطَةٍ وَدِرْهَمٍ نَعَمْ لَوْ قَالَ: أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ فِضَّةً فَالْجَمِيعُ فِضَّةٌ إنْ نَصَبَ فِضَّةً، وَلَهُ تَفْسِيرُ الْأَلْفِ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ مِنْ الْفِضَّةِ فَإِنْ أَضَافَ فِضَّةً إلَى دِرْهَمٍ كَانَ الْأَلْفُ مُبْهَمًا، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَلَوْ قَالَ: أَلْفٌ وَقَفِيزُ حِنْطَةٍ فَالْأَلْفُ مُبْهَمٌ مُطْلَقًا، وَلَوْ قَالَ: أَلْفُ دِرْهَمٍ بِلَا إضَافَةٍ قُبِلَ تَفْسِيرُ الْأَلْفِ بِمَا لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ عَنْ دِرْهَمٍ فَقَطْ، وَلَوْ قَالَ: خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا فَالْجَمِيعُ دَرَاهِمُ، وَكَذَا مِائَةٌ أَوْ أَلْفٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَالِ) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَشَطَبَ عَلَيْهِ فِي الْمَنْهَجِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (نَاقِصَةُ الْوَزْنِ) أَيْ عَنْ الدَّرَاهِمِ الْإِسْلَامِيَّةِ كَمَا سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ، فَالدَّرَاهِمُ الْمُطْلَقَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَيْهَا لَا عَلَى الدَّرَاهِمِ الْفُلُوسِ نَعَمْ إنْ هُجِرَتْ، أَوْ قَالَ: نَقِرَةٌ حُمِلَ عَلَى الْفُلُوسِ؛ لِأَنَّهَا الْمَعْرُوفَةُ فِي بِلَادِ مِصْرَ، وَالدِّينَارُ يُحْمَلُ عَلَى الشَّرْعِيِّ مِنْ الذَّهَبِ، وَالْأَشْرَفِي يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا فَإِنْ فَسَّرَهُ بِعَشْرَةِ أَنْصَافٍ قُبِلَ لِإِطْلَاقِهِ عَلَيْهَا، وَالدَّوْكَاتُ كَالْأَشْرَفِيِّ وَلَوْ فَسَّرَ الدَّرَاهِمَ بِتَامَّةٍ غَيْرَ سِكَّةِ الْبَلَدِ قُبِلَ مُطْلَقًا. وَفَارَقَ الْبَيْعَ بِأَنَّهُ هُنَا إخْبَارٌ بِحَقٍّ سَابِقٍ وَالدِّرْهَمُ الْكَامِلُ سِتَّةُ دَوَانِقَ وَالنَّاقِصُ دُونَهَا كَالطَّبَرِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ، وَالْخُوَارِزْمِيّ فَإِنَّهُ أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ وَنِصْفُ دَانِقٍ، وَإِذَا قُبِلَ بِالنَّاقِصِ حُمِلَ إطْلَاقُهُ عَلَى الْأَقَلِّ إنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ وَإِلَّا فَبِمَا يَقُولُهُ. قَوْلُهُ: (إنْ فَصَّلَهُ) أَوْ سَكَتَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ تِسْعَةٌ) وَمِنْ وَاحِدٍ إلَى مِائَةٍ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَالْخَارِجُ أَبَدًا وَاحِدٌ وَبِمَا بَيْنَ وَاحِدٍ وَعَشْرَةٍ يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ أَخْذًا بِمُقْتَضَى بَيْنَ الْمُخْرَجَةِ لِلطَّرَفَيْنِ. قَوْلُهُ: (عَشْرَةٌ إدْخَالًا لِلطَّرَفَيْنِ) كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ مِنْ وَاحِدٍ إلَى ثَلَاثٍ، وَأُجِيبَ بِحَصْرِ عَدَدِ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (إخْرَاجًا لَهُمَا) كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك مِنْ هَذَا الْجِدَارِ إلَى هَذَا الْجِدَارِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا التَّحْدِيدُ لَا التَّعْدَادُ. قَوْلُهُ: (الْمَعِيَّةَ) أَيْ الْمُسْنَدَةَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ أَيْ مَعَ عَشْرَةٍ   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ: قِيَاسُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَجِبَ هُنَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا. قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى فِي الرَّفْعِ هُمَا دِرْهَمٌ) أَيْ فَالدِّرْهَمُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَوَجَّهَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ: لَهُ كَذَا كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ، وَكَذَا دِرْهَمٌ مَعْنَاهُ، وَكَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ كَنُطْقِي بِهِ دِرْهَمٌ، فَيَكُونُ عَطْفُ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ. قَالَ: وَيُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدِ، وَيَكُونُ دِرْهَمُ عَطْفَ بَيَانٍ مِنْ الْمَجْمُوعِ. وَقَوْلُهُ: وَالْجَرُّ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَحْنٌ، فَحُمِلَ عَلَى الْأَقَلِّ وَهُوَ الرَّفْعُ، وَوَجْهُ وُجُوبِ الدِّرْهَمَيْنِ فِي الرَّفْعِ أَنَّهُ يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ أَنَّ الدِّرْهَمَ تَفْسِيرٌ وَإِنْ كَانَ لَحْنًا. قَوْلُهُ: (وُجُوبَ دِرْهَمَيْنِ فِي الْجَرِّ) وَقِيلَ أَيْضًا: يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ وَبَعْضُ دِرْهَمٍ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَيُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ فِيهِ خِلَافُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَبَعْضُ دِرْهَمٍ انْتَهَى، وَحِينَئِذٍ فَالتَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ النِّسْبَةُ إلَى الْجَرِّ أَيْضًا صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقَةٍ) بِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبَّرَ فِي الْأُولَى بِالْمَذْهَبِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: (عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ بَلْ خَمْسُمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَلْفٌ، وَرُدَّ بِأَنَّ ذَاكَ صِفَةٌ وَهَذَا إضْرَابٌ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ فَصَلَهُ) لَوْ سَكَتَ عَنْ بَيَانٍ حُمِلَ عَلَى النَّاقِصَةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 أَرَادَ الْمَعِيَّةَ لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ) دِرْهَمًا. وَوَرَدَتْ فِي بِمَعْنَى مَعَ فِي قَوْله تَعَالَى: {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] أَيْ مَعَهُمْ (أَوْ الْحِسَابَ فَعَشَرَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا مُوجَبَةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرَادَ الظَّرْفَ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (فَدِرْهَمٌ) ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ. فَصْلٌ إذَا (قَالَ لَهُ: عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (أَوْ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ) بِضَمِّ الصَّادِ (لَا يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ) أَخْذًا بِالْيَقِينِ، (أَوْ غِمْدٌ فِيهِ سَيْفٌ أَوْ صُنْدُوقٌ فِيهِ ثَوْبٌ لَزِمَهُ الظَّرْفُ وَحْدَهُ) لِمَا ذُكِرَ (أَوْ الْعَبْدُ عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ لَمْ تَلْزَمْهُ الْعِمَامَةُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِمَا ذُكِرَ، وَالثَّانِي تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَهُ يَدٌ عَلَى مَلْبُوسِهِ، وَيَدُهُ كَيَدِ سَيِّدِهِ، (أَوْ دَابَّةٌ بِسَرْجِهَا أَوْ ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ (لَزِمَهُ الْجَمِيعُ) ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ وَالطِّرَازُ جُزْءٌ مِنْ الثَّوْبِ. (وَلَوْ قَالَ) لَهُ: (فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ فَهُوَ إقْرَارٌ عَلَى أَبِيهِ بِدَيْنٍ وَلَوْ قَالَ) لَهُ: (فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي) أَلْفٌ (فَهُوَ وَعْدُ هِبَةٍ) . نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْ نَصِّهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَهُ فِي مَالِي أَلْفٌ إقْرَارٌ (وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ) حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ (فَإِنْ قَالَ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ) لِاقْتِضَاءِ   [حاشية قليوبي] لَهُ، فَإِنْ أَرَادَ مَعَ عَشْرَةٍ لِي لَزِمَهُ وَاحِدٌ كَمَا لَوْ ذَكَرَ لَفْظَ مَعَ وَعَلَيَّ هَذَا فَذِكْرُ مَعَ وَإِرَادَتُهَا سَوَاءٌ فَسَقَطَ مَا لِلْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْإِطْلَاقُ مَعَ إرَادَةِ الْمَعِيَّةِ كَالْأَوَّلِ فَيَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ أَخْذًا بِالْيَقِينِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (شَيْئًا) أَيْ مِنْ مَعِيَّةٍ أَوْ ظَرْفِيَّةٍ أَوْ حِسَابٍ، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ حِسَابًا وَلَمْ يُعَرِّفْهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ. فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ وَمَا مَعَهَا. قَوْلُهُ: (سَيْفٌ فِي غِمْدٍ) وَمِثْلُهُ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ، وَنَعْلٌ فِي حَافِرٍ، وَحَمْلٌ فِي بَطْنِ دَابَّةٍ، وَثَمَرَةٌ عَلَى شَجَرَةٍ، وَسَرْجٌ عَلَى دَابَّةٍ، وَحُكْمُ عَكْسِهِ عَكْسُ حُكْمِهِ، نَعَمْ إذَا أَطْلَقَ فِي الْخَاتَمِ دَخَلَ فَصُّهُ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْجَمِيعِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فِي الدَّابَّةِ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ حَمْلُهَا؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهَا نَحْوُ لَهُ عَلَيَّ دَابَّةٌ إلَّا حَمْلَهَا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فِي الدَّابَّةِ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ حَمْلُهَا؛ لِأَنَّهُ فِيهِ. قَالَ الْإِمَامُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ: وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لَا يَدْخُلُ هُنَا، وَمَا يَدْخُلُ فِيهِ يَدْخُلُ هُنَا لَا الْحَمْلُ وَالثَّمَرَةُ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ وَأُسُّ الْجِدَارِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ هُنَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ الظَّرْفُ) وَمِنْهُ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (عِمَامَةٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا. قَوْلُهُ: (دَابَّةٌ بِسَرْجِهَا) وَمِثْلُهُ عَبْدٌ بِعِمَامَتِهِ كَمَا فِي الرَّوْضِ أَوْ بِثِيَابِهِ أَوْ دَارٌ بِفُرُشِهَا، أَوْ دَابَّةٌ بِحَمْلِهَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَيَدْخُلُ الْكُلُّ بِخِلَافِ مَعَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَيْ إذَا لَمْ تَكُنْ إضَافَةُ نَحْوِ دَابَّةٍ مَعَ سَرْجٍ، وَإِلَّا نَحْوُ دَابَّةٍ مَعَ سَرْجِهَا فَيَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (مُطَرَّزٌ) بِخِلَافِ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ طُرُزٌ، فَلَا يَلْزَمُهُ طِرَازُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ سَوَاءٌ فِي الطِّرَازِ فِيهِمَا الطَّارِئُ عَلَى الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى مَعَ) وَلَوْ صَرَّحَ بِمَعَ فَهِيَ مِثْلُ فِي. قَوْلُهُ: (وَالطِّرَازُ جُزْءٌ مِنْ الثَّوْبِ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَحْوَ: لَهُ عَلَيَّ فَرَسٌ مُسْرَجٌ، فَلَا يَلْزَمُهُ السَّرْجُ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي هَذَا الْكِيسِ لَزِمَهُ أَلْفٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِيسِ شَيْءٌ أَوْ الْأَلْفُ الَّذِي فِي هَذَا الْكِيسِ لَزِمَهُ مَا فِيهِ، وَإِنْ نَقَصَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. قَوْلُهُ: (فِي مِيرَاثِي) وَمُنِعَتْ لِإِضَافَةِ الدَّيْنِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (أَلْفٌ) وَمِثْلُهُ جُزْءٌ شَائِعٌ، وَيُحْمَلُ عَلَى نَحْوِ وَصِيَّةٍ مَعَ إجَازَةٍ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَعْدُ هِبَةٍ) إنْ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ عَلَيَّ وَلَمْ يُرِدْ الْإِقْرَارَ، وَإِلَّا فَهُوَ إقْرَارٌ وَيَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ إنْ كَانَ حَائِزًا أَوْ صَدَّقَهُ الْوَرَثَةُ وَإِلَّا فَبِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَقَطْ، وَيَلْزَمُ الْأَلْفُ وَإِنْ تَلِفَتْ التَّرِكَةُ. قَوْلُهُ: (نَصَّ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ الْخِلَافِ، وَلَعَلَّ عُذْرَهُ مَا قِيلَ: إنَّ النَّصَّ الْمُخْرَجَ مِنْهُ مِنْ غَلَطِ النُّسَّاخِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ النَّصَّيْنِ سَوَاءٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ نَصِّهِ إلَخْ) وَهَذَا النَّصُّ مَرْجُوحٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ) قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ كَرَّرَهُ مِرَارًا وَلَوْ فِي مَجَالِسَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّأْكِيدَ النَّحْوِيَّ. قَوْلُهُ: (وَدِرْهَمٌ) وَثُمَّ كَالْوَاوِ وَكَذَا الْفَاءُ إنْ أَرَادَ الْعَطْفَ وَإِلَّا كَالتَّفْرِيعِ فَدِرْهَمٌ فَقَطْ.   [حاشية عميرة] حُكْمُهَا هُنَا وَفِي الضَّمَانِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْوَصِيَّةِ وَالطَّلَاقِ وَالْيَمِينِ وَالنَّذْرِ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْيَقِينُ) عُلِّلَتْ الْأُولَى أَيْضًا بِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمَظْرُوفِ لَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِالظَّرْفِ. [فَصْل الْإِقْرَار بِقَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي غِمْدٍ] فَصْلٌ: قَالَ لَهُ عِنْدِي إلَخْ قَوْلُهُ: (أَخْذًا بِالْيَقِينِ) وَكَذَا لَوْ قَالَ: غَصَبْت مِنْهُ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ أَوْ زَيْتًا فِي جَرَّةٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوْ قَالَ: غَصَبْت مِنْهُ دَابَّةً فِي إصْطَبْلٍ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي خَاتَمٌ ثُمَّ أَحْضَرَهُ وَعَلَيْهِ فَصٌّ وَقَالَ: أَرَدْت مَا عَدَا الْفَصَّ لَمْ يُقْبَلْ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ مَعَ الْحَمْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِسَرْجِهَا) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مُسْرَجَةٌ أَوْ عَلَيْهَا سَرْجٌ وَاسْتُشْكِلَ الْفَرْقُ. قَوْلُهُ: (مِنْ نَصِّهِ) هَذَا النَّصَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَوَّلَهُ الْأَكْثَرُونَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ قِيلَ: إنَّهُ غَلَطٌ مِنْ النُّسَّاخِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَ وَدِرْهَمٌ إلَخْ) مِثْلُهُ الْعَطْفُ بِثُمَّ وَكَذَا بِالْفَاءِ إنْ أَرَادَ الْعَطْفَ وَإِلَّا فَالنَّصُّ دِرْهَمٌ، إذْ التَّقْدِيمُ فَالدِّرْهَمُ لَازِمٌ لِي بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةَ. (وَلَوْ قَالَ لَهُ: دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ لَزِمَهُ وَدِرْهَمٌ بِالْأَوَّلَيْنِ دِرْهَمَانِ) كَمَا تَقَدَّمَ، (وَأَمَّا الثَّالِثُ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ تَأْكِيدَ الثَّانِي) بِعَاطِفَةٍ (لَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى) بِهِ (الِاسْتِئْنَافَ لَزِمَهُ ثَالِثٌ وَكَذَا إنْ نَوَى) بِهِ (تَأْكِيدَ الْأَوَّلِ أَوْ أَطْلَقَ) يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ (فِي الْأَصَحِّ) ثَالِثٌ أَخْذًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَنِيَّةُ التَّأْكِيدِ مَعَ تَخَلُّلِ الْفَاصِلِ مُلْغَاةٌ، وَفِي وَجْهٍ يُعْمَلُ بِهَا وَفِي قَوْلِهِ مِنْ طَرِيقَةِ الْإِطْلَاقِ لَا يَلْزَمُهُ ثَالِثٌ، وَيُحْمَلُ عَلَى التَّأْكِيدِ أَخْذًا بِالْيَقِينِ (وَمَتَى أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ كَشَيْءٍ وَثَوْبٍ وَطُولِبَ بِالْبَيَانِ فَامْتَنَعَ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُحْبَسُ) لِامْتِنَاعِهِ مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي لَا يُحْبَسُ لِإِمْكَانِ حُصُولِ الْغَرَضِ بِدُونِ الْحَبْسِ، (وَلَوْ بَيَّنَ) الْمُبْهَمَ بِمَا يُقْبَلُ (وَكَذَّبَهُ الْمُقِرُّ لَهُ) فِي أَنَّهُ حَقُّهُ (فَلْيُبَيِّنْ) جِنْسَ الْحَقِّ وَقَدْرَهُ (وَلْيَدْعُ) بِهِ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي نَفْيِهِ) ، فَإِذَا بَيَّنَ الْمُقِرُّ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُقِرُّ لَهُ مَا لِي عَلَيْك إلَّا مِائَةُ دِينَارٍ وَادَّعَى بِهَا حَلَفَ الْمُقِرُّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا، وَبَطَلَ إقْرَارُهُ بِرَدِّ الْمُقِرِّ لَهُ، وَإِنْ قَالَ لِي عَلَيْك مِائَتَا دِرْهَمٍ حَلَفَ الْمُقِرُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا مِائَةُ دِرْهَمٍ. (وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ) فِي يَوْمٍ (ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ لَزِمَهُ أَلْفٌ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَتَعَدُّدُهُ لَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَ الْمُخْبِرِ عَنْهُ (وَلَوْ اخْتَلَفَ الْقَدْرُ) كَأَنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ عُكِسَ (دَخَلَ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ) لِجَوَازِ الْإِقْرَارِ بِبَعْضِ الشَّيْءِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِكُلِّهِ أَوْ قَبْلَهُ، (فَلَوْ وَصَفَهُمَا بِصِفَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ) كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ، (أَوْ أَسْنَدَهُمَا إلَى جِهَتَيْنِ) كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ (أَوْ قَالَ: قَبَضْت يَوْمَ السَّبْتِ عَشَرَةً، ثُمَّ قَالَ: قَبَضْت يَوْمَ الْأَحَدِ عَشَرَةً لَزِمَا) أَيْ الْقَدْرَانِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، (وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ أَلْفٌ قَضَيْته لَزِمَهُ الْأَلْفُ فِي الْأَظْهَرِ)   [حاشية قليوبي] وَفَارَقَ الطَّلَاقَ بِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَلَا بُدَّ فِي بَلْ مِنْ قَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ عَطَفَ بِلَكِنْ أَوْ بِبَلْ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِمَّا قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَأَحَدُهُمَا نَعَمْ إنْ اخْتَلَفَ الْمُقَرُّ بِهِ فِيهِمَا وَلَوْ صِفَةً، أَوْ كَانَ مُعَيَّنًا لَزِمَاهُ كَدِرْهَمٍ بَلْ أَوْ لَكِنْ دِينَارًا وَهَذَا الدِّرْهَمُ بَلْ هَذَا الدِّرْهَمُ. قَوْلُهُ: (لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةَ) أَيْ وَعَدَمُ صِحَّةِ التَّأْكِيدِ بِزِيَادَةِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَوَى بِهِ الِاسْتِئْنَافَ) وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ الْعَاطِفُ كَدِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ ثُمَّ دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ بِكُلِّ حَالٍ. قَوْلُهُ: (بِمُبْهَمٍ) وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ، وَالشَّهَادَةُ كَالْوَصِيَّةِ. قَوْلُهُ: (يُحْبَسُ) وَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْقَوْلَيْنِ مَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِدُونِ حَبْسٍ نَحْوُ، لِعَمْرٍو عَلَيَّ أَلْفٌ وَنِصْفُ مَا لِزَيْدٍ، وَلِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ وَنِصْفُ مَا لِعَمْرٍو فَإِنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِالْقَوَاعِدِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحِسَابِ. وَمِنْهَا الْجَبْرُ وَالْمُقَابَلَةُ كَأَنْ يُقَالَ هُنَا يُفْرَضُ لِعَمْرٍو مِثْلُ مَا لِزَيْدٍ وَشَيْءٌ فَلِزَيْدٍ أَلْفٌ وَنِصْفُ شَيْءٍ فَلِعَمْرٍو أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ وَرُبْعُ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ أَلْفَانِ، وَيَقُومُ وَارِثُ الْمُقِرِّ مَقَامَهُ فِي التَّعْيِينِ فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُحْبَسْ، لَكِنْ تُوقَفُ التَّرِكَةُ فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا لَكِنْ يُجْعَلُ الْوَارِثُ كَنَاكِلٍ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ قَدْرًا وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ وَيَأْخُذَهُ، وَإِنْ كَذَّبَ الْمُقَرُّ لَهُ الْوَارِثَ حَلَفَ الْوَارِثُ، وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِينَئِذٍ تَعْيِينٌ وَلَا حَلِفٌ وَغَيْبَتُهُ كَنُكُولِهِ. قَوْلُهُ: (وَادَّعَى بِهَا) أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَهَا بِالْإِقْرَارِ. قَوْلُهُ: (وَبَطَلَ إقْرَارُهُ بِالْمِائَةِ) أَيْ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَيْهَا، وَإِلَّا ثَبَتَتْ بِاتِّفَاقِهَا. قَوْلُهُ: (لِي عَلَيْك مِائَتَا دِرْهَمٍ) وَادَّعَى بِهَا أَوْ بِأَنَّهُ أَرَادَهَا بِإِقْرَارِهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا مِائَةُ دِرْهَمٍ) وَبَطَلَ الْإِقْرَارُ بِالْمِائَةِ الْأُخْرَى إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَيْهَا وَإِلَّا ثَبَتَتْ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا، وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْإِرَادَةِ فِي صُورَةِ الدَّعْوَى بِهَا، وَلَا يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى نَفْيِهَا لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ) وَإِنْ حَكَمَ بِكُلٍّ حَاكِمٌ وَكَتَبَ وَثِيقَةً أَوْ شَهِدَ بِكُلٍّ شَاهِدَانِ قَوْلُهُ: (مُخْتَلِفَتَيْنِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَمَا أَجَابَ بِهِ بَعْضُهُمْ عَنْهُ لَيْسَ فِيهِ جَدْوَى فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْأَلْفُ) وَلَهُ إثْبَاتُ الْقَضَاءِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ، كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْته، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي هَذِهِ قَضَيْته كَانَ لَغْوًا، وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ سَيُقِرُّ بِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لَزِمَهُ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (مَعَ تَخَلُّلِ الْفَاصِلِ إلَخْ) مِنْ جُمْلَةِ الْفَاصِلِ الْحَرْفُ الْعَاطِفُ بِدَلِيلِ لُزُومِ دِرْهَمَيْنِ فِي دِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ، وَلَوْ أَرَادَ التَّأَكُّدَ فِيهِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ يُعْمَلُ بِهَا) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ دِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ بِاتِّفَاقٍ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ يُعْمَلُ بِهَا) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ دِرْهَمٍ وَدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ مَعْطُوفٌ عَلَى الثَّانِي عَلَى رَأْيٍ فَأَمْكَنَ أَنْ يُؤَكَّدَ الْأَوَّلُ بِهِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (أَخْذًا بِالْيَقِينِ) رُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ التَّأْسِيسَ أَوْلَى مِنْ التَّأْكِيدِ. وَقَوْلُهُ: بِالْيَقِينِ عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ كَوْنُ الْأَصْلِ إعْمَالَ اللَّفْظِ عَارَضَهُ أَصْلُ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ فَتَسَاقَطَا فَلَمْ يَبْقَ لِلثَّالِثِ مُقْتَضٍ، فَاقْتَصَرَ عَلَى الْيَقِينِ انْتَهَى، وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى مَا لَخَّصَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَتَى أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ كَشَيْءٍ وَثَوْبٍ) أَشَارَ بِهَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ إلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ: بِأَنَّهُ يُحْبَسُ فِي الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ دُونَ الشَّيْءِ، وَنَحْوُهُ لِصِدْقِهِ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ مِمَّا لَا يَتَأَتَّى الْحَبْسُ عَلَيْهِ. وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ بِنَاءً عَلَى قَبُولِ تَفْسِيرِهِ بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ قَوْلُهُ: (لِامْتِنَاعِهِ إلَخْ) بَلْ أَوْلَى مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَّا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (لِإِمْكَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْلَمُهُ وَطَرِيقَةُ فَصْلِ الْخُصُومَةِ مَا سَيَأْتِي، أَيْ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُقَرُّ لَهُ مِقْدَارًا وَيَدَّعِيَ بِهِ. فَرْعٌ: لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ فِي سَمَاعِهَا وَجْهَانِ: رَجَّحَ السُّبْكِيُّ سَمَاعَهَا، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ جَارِيَانِ فِي الشَّهَادَةِ كَذَلِكَ، وَفِيمَا لَوْ ادَّعَى بِالْإِقْرَارِ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مَعْلُومًا، وَلَوْ مَاتَ الْمُقِرُّ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الْبَيَانِ، وَتُوقَفُ جَمِيعُ التَّرِكَةِ حَتَّى يُبَيِّنَ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا كَانَ الْمَجْهُولُ شَيْئًا وَنَحْوَهُ لِشُمُولِهِ الِاخْتِصَاصَاتِ، وَلَوْ غَابَ عَيَّنَ الْمُقَرُّ لَهُ قَدْرًا وَادَّعَى بِهِ وَأَنَّهُ أَرَادَهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَسَلَّمَهُ لَهُ الْحَاكِمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُخْتَلِفَيْنِ) مُسْتَدْرَكٌ، وَلِذَا أَسْقَطَهُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ بِدُونِهِ تُصَدَّقُ بِأَنْ يَقُولَ بِأَلْفٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ، وَالثَّانِي لَا عَمَلًا بِآخِرِهِ لَكِنْ لِلْمُقِرِّ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ أَنَّهُ مِنْ الْجِهَةِ الْمَذْكُورَةِ، أَوْ أَنَّهُ قَضَاءٌ. (وَلَوْ قَالَ) : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ إذَا سَلَّمَهُ، سَلَّمْت قُبِلَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَجُعِلَ ثَمَنًا) . وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ، أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ (وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْإِقْرَارَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ غَيْبٌ عَنَّا وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ. (وَلَوْ قَالَ) لَهُ: عَلَيَّ (أَلْفٌ لَا يَلْزَمُ لَزِمَهُ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يَلْزَمُ لَا يَنْتَظِمُ مَعَ مَا قَبْلَهُ فَأُلْغِيَ. (وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفٌ ثُمَّ جَاءَ بِأَلْفٍ، وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ هَذَا، وَهُوَ وَدِيعَةٌ فَقَالَ الْمُقِرُّ لَهُ: لِي عَلَيْهِ أَلْفٌ آخَرُ) دَيْنًا (صُدِّقَ الْمُقِرُّ فِي الْأَظْهَرِ بِيَمِينِهِ) أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَلْفٌ آخَرُ. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ لَهُ بِيَمِينِهِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا آخَرَ نَظَرًا إلَى أَنَّ عَلَى لِلْوُجُوبِ، فَلَا يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ الْوَدِيعَةِ فِيهِ، وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ إرَادَةِ الْوُجُوبِ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ (فَإِنْ كَانَ قَالَ) أَلْفٌ (فِي ذِمَّتِي أَوْ دَيْنًا) إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهُمَا، (صُدِّقَ الْمُقِرُّ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) بِيَمِينِهِ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفًا آخَرَ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: وَجْهَانِ ثَانِيهُمَا: يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفٌ آخَرُ. وَقَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِي يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ إنْ تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ؛ لِأَنِّي تَعَدَّيْت فِيهَا: (قُلْت:) أَخْذًا مِنْ الشَّرْحِ: (فَإِذَا قَبِلْنَا التَّفْسِيرَ الْوَدِيعَةِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَمَانَةٌ، فَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ التَّلَفَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَدَعْوَى الرَّدِّ) بَعْدَهُ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ قَوْلُ الْإِمَامِ عَنْ الْأَصْحَابِ: إنَّهَا مَضْمُونَةٌ نَظَرًا إلَى قَوْلِهِ: عَلَى الصَّادِقِ بِالتَّعَدِّي فِيهَا، وَأُجِيبَ بِصِدْقِهِ بِوُجُوبِ حِفْظِهَا. وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَيْ بِتَفْسِيرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّلَفِ، فَلَوْ ادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ قَبْلَ الْإِقْرَارِ لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّ التَّالِفَ وَالْمَرْدُودَ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ، (وَإِنْ قَالَ لَهُ: عِنْدِي أَوْ مَعِي أَلْفٌ، صُدِّقَ فِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ وَالرَّدِّ وَالتَّلَفِ قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُشْعِرٌ بِالْأَمَانَةِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِيعَةٌ قُبِلَ، وَأُوِّلَتْ عَلَيَّ بِوُجُوبِ الْحِفْظِ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ فِي قَوْلٍ، وَعَلَى قَبُولِهِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ. (وَلَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَإِقْبَاضٍ) فِيهَا.   [حاشية قليوبي] وَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ الْإِشْهَادُ. وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك عَشَرَةٌ قَضَيْتنِي مِنْهَا خَمْسَةً فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَفْيُ الْعَشَرَةِ وَلَيْسَ لَهُ الطَّلَبُ بِالْخَمْسَةِ الَّتِي ادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَهَا هَكَذَا تَحَرَّرَ مَعَ شَيْخِنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ) الَّذِي هُوَ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَلْغُو آخِرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ كَافِرًا أَوْ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ بَيْعٍ نَحْوِ الْكَلْبِ، نَعَمْ إنْ رُفِعَ لِحَاكِمٍ يَرَى ذَلِكَ فَلَهُ الْحُكْمُ بِعَقِيدَتِهِ، وَلَوْ عَكْسَ مَا ذُكِرَ كَأَنْ قَالَ: مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ عَلَيَّ أَلْفٌ، أَوْ لَهُ عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَلْفٌ فَلَغْوٌ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. وَصُرِّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ) وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذَا مُتَّصِلًا. قَوْلُهُ: (لَمْ أَقْبِضْهُ) سَوَاءٌ قَالَهُ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا، وَمَا بَعْدَهُ إيضَاحٌ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي ثَمَنِ خَمْرٍ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا هُنَا لَا يَرْفَعُ مَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (إنْ شَاءَ اللَّهُ) وَكَذَا إنْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ أَرَادَ، أَوْ يُرِيدُ أَوْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ يَشَاءُ زَيْدٌ، أَوْ أَرَادَ أَوْ يُرِيدُ زَيْدًا، أَوْ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، أَوْ زَيْدٌ مَثَلًا نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِرَأْسِ الشَّهْرِ أَوْ مَجِيءِ زَيْدٍ التَّأْجِيلَ، فَهُوَ إقْرَارٌ مُؤَجَّلٌ إنْ صَحَّ الْأَجَلُ، وَإِلَّا فَحَالٌّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ عَلَّقَ) فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ التَّعْلِيقِ وَحْدَهُ مَعَ بَقِيَّةِ شُرُوطِ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِيَةِ، وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ التَّعْلِيقَ هُنَا بِقَصْدِهِ الْإِتْيَانَ بِالصِّيغَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَمِنْ التَّعْلِيقِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِمْ: إنْ شَهِدَ عَلَيَّ فُلَانٌ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ غَيْبٌ) ذَكَرَهُ لِكَوْنِ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا مِمَّا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) وَرُدَّ بِعَدَمِ الْجَزْمِ هُنَا بِالِالْتِزَامِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا ثُبُوتُ الْأَلْفِ الَّذِي جَاءَ بِهَا، وَأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يُحْتَمَلُ إلَخْ) فَلَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لِكَوْنِهَا تَلِفَتْ بِتَقْصِيرٍ قُبِلَ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِتَفْسِيرِهِ) إنَّمَا ذَكَرَهُ مُرَاعَاةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَدَعْوَى التَّلَفِ، وَالرَّدِّ قَبْلَ التَّفْسِيرِ، وَبَعْدَ الْإِقْرَارِ مَقْبُولَةٌ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ وَإِنْ قَالَ: كُنْت ظَانًّا بَقَاءَهَا عِنْدِي، أَوْ جَهِلْت تَلَفَهَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِيعَةٌ) أَيْ قَالَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ   [حاشية عميرة] صِحَاحٍ، ثُمَّ يَقُولَ: أَلْفٌ صِحَاحٌ مَثَلًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ ثَمَنِ إلَخْ) لَوْ فَصَلَهُ لَمْ يُقْبَلْ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (عَمَلًا بِآخِرِهِ) أَيْ وَلِأَنَّ أَمْثَالَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ الْفَاسِدَةِ تَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ عَلَى فَسَادِهَا، وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَمَّا جَرَى، وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ فَلِأَنَّ تَقْرِيرَهَا كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْته، وَهُوَ لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا. وَيُجْرَى بِالْقَوْلَانِ فِي كُلِّ مَا يَنْتَظِمُ لَفْظُهُ عَادَةً، وَيَبْطُلُ حُكْمُهُ شَرْعًا، كَمَا لَوْ أَضَافَ إلَى بَيْعٍ فَاسِدٍ وَنَحْوِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إذَا سَلَّمَهُ سَلَّمْت) قِيلَ: مُسْتَدْرَكٌ. وَقَوْلُهُ: جَعَلَ ثَمَنًا أَيْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الثَّمَنِ، قِيلَ: وَيُغْنِي عَنْ ذَلِكَ أَوَّلًا قُبِلَ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا لَا يُقْبَلُ عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ) ؛ لِأَنَّ آخِرَهُ يَرْفَعُ أَوَّلَهُ، عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ تَسْلِيمِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ عَمَلًا بِأَوَّلِ الْكَلَامِ) أَيْ؛ لِأَنَّ آخَرَ يَرْفَعُ أَوَّلَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ قَالَ أَلْفٌ لَا يَلْزَمُ) لَوْ قَالَ: أَنَا أُرِيدُ الْآنَ أَنْ أُقِرَّ بِمَا لَيْسَ عَلَيَّ مِنْ مَالٍ، أَوْ طَلَاقٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِذَلِكَ، قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: هُوَ كَقَوْلِهِ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ إلَخْ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا هَذَا. قَوْلُهُ: (لِأَنِّي تَعَدَّيْت فِيهَا) يَعْنِي يَكُونُ اتَّصَفَ بِالتَّعَدِّي وَقْتَ الْإِقْرَارِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت إلَخْ) هَذَا لَا يُتَّجَهُ جَرَيَانُهُ فِي مَسْأَلَةِ فِي ذِمَّتِي، أَوْ دَيْنًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ لَهُ إلَخْ) لَوْ كَانَ بَدَلَ عَلَيَّ فِي ذِمَّتِي فَسَكَتَ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِقْبَاضٍ) أَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْهِبَةِ فَلَا يَكُونُ مُقِرًّا. بِالْقَبْضِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَهَبْته وَمَلَكَهَا، قَالَهُ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ الْمِلْكُ بِالْهِبَةِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَقَبَضَهَا بِغَيْرِ رِضَايَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 (ثُمَّ قَالَ: كَانَ) ذَلِكَ (فَاسِدًا وَأَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةَ لَمْ يُقْبَلْ) فِي قَوْلِهِ بِفَسَادِهِ. (وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ لَهُ) أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَاسِدًا، (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْحَلِفِ (حَلَفَ الْمُقِرُّ) أَنَّهُ كَانَ فَاسِدًا، (وَبَرِئَ) مِنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ. وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَحُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، (وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو، أَوْ غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ، بَلْ مِنْ عَمْرٍو سُلِّمَتْ لِزَيْدٍ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُقِرَّ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِعَمْرٍو) ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا (بِالْإِقْرَارِ) الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي لَا يَغْرَمُ لَهُ لِمُصَادَفَةِ الْإِقْرَارِ بِهَا لَهُ مِلْكَ الْغَيْرِ (وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ إنْ اتَّصَلَ وَلَمْ يُسْتَغْرَقْ) الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ نَحْوُ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً، بِخِلَافِ إلَّا عَشَرَةً فَلَا يَصِحُّ، وَتَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ، وَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ اسْتَثْنَى لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَهُوَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ، وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ. (فَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً، إلَّا ثَمَانِيَةً، وَجَبَ تِسْعَةٌ)   [حاشية قليوبي] مُحْتَرَزُ مَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ جَاءَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَإِقْبَاضٍ فِيهَا) أَيْ الْهِبَةِ، فَلَوْ سَكَتَ عَنْ الْإِقْبَاضِ قُبِلَ عَدَمُهُ. وَلَوْ قَالَ: مَلَكَهَا، أَوْ خَرَجَتْ إلَيْهِ عَنْهَا لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالْإِقْبَاضِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ مِمَّنْ يُقْطَعُ بِصِدْقِهِ كَبَدْوِيٍّ حَلَفَ، صُدِّقَ فِي دَعْوَى الْفَسَادِ، أَوْ كَانَ فَقِيهًا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ بِوَجْهٍ أَنَّ مِلْكَهَا بِالْقَبْضِ، أَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْمُقَرِّ لَهُ، فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ) الْمُرَادُ مِنْهَا التَّرْتِيبُ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) هِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُوصَفُ بِالْبَرَاءَةِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُهْدَةِ، أَوْ مِنْ الدَّعْوَى كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (بَلْ لِعَمْرٍو) وَالْفَاءُ وَثُمَّ مِثْلُ بَلْ وَسَوَاءٌ قَالَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا، وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الزَّمَنِ. قَوْلُهُ: (بَلْ مِنْ عَمْرٍو) أَوْ غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ، وَهُوَ غَصَبَهَا مِنْ عَمْرٍو فَلَوْ قَالَ: غَصَبْتهَا مِنْ زَيْدٍ وَالْمِلْكُ فِيهَا لِعَمْرٍو، سُلِّمَتْ لِزَيْدٍ لِاحْتِمَالِ إجَارَتِهِ وَلَا غُرْمَ، كَمَا لَا غُرْمَ فِيمَا لَوْ قَالَ فِي عَيْنٍ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ: هَذِهِ لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو لِعَدَمِ كَمَالِ اطِّلَاعِهِ. قَوْلُهُ: (يَغْرَمُ قِيمَتَهَا) وَلَوْ مِثْلِيَّةً أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا غُرْمُ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيَّةِ وَيُوَافِقُهُ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ) سَوَاءٌ فِي الْخَبَرِ أَوْ الْإِنْشَاءِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي الْأَمْرِ مَأْخُوذٌ مِنْ الشَّيْءِ، وَهُوَ الرُّجُوعُ لِرُجُوعِ الْمُقِرِّ عَنْ مُقْتَضَى لَفْظِهِ. وَلَوْ قَالَ: أَحُطُّ أَوْ أَسْتَثْنِي أَوْ أُخْرِجُ، فَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي قَوْلُهُ: (إنْ اتَّصَلَ وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ) وَتَلَفَّظَ بِهِ وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ، وَنَوَاهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي جُزْءٍ مِنْ لَفْظِهِ، وَلَوْ مَعَ آخِرِهِ وَسَوَاءٌ قَدَّمَ الْمُسْتَثْنَى أَوْ أَخَّرَهُ، وَلَمْ يُجْمَعْ الْمُفَرَّقُ عِنْدَ الِاسْتِغْرَاقِ لَا فِي الْمُسْتَثْنَى وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَلَا فِيهِمَا، فَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ دِرْهَمٌ، وَلَوْ جَمَعَ ثَلَاثَةً؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْرِقٌ. وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ، وَلَوْ جَمَعَ دِرْهَمٌ فَقَطْ. وَلَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ، وَلَوْ جَمَعَ فِيهَا لَزِمَهُ دِرْهَمٌ، وَفِي هَذَا رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْأَخِيرِ وَحْدَهُ، وَمَحَلُّهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، فَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِينَارٍ إلَّا خَمْسِينَ، رَجَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسَقَطَ مِنْ كُلٍّ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُهُ عَشَرَةُ) ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْرِقٌ فَيَلْغُو لَا إنْ أَلْحَقَهُ بِآخَرَ. فَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا عَشَرَةً إلَّا أَرْبَعَةً لَزِمَهُ الْأَرْبَعَةُ فَقَطْ، وَلَيْسَ مِنْ الْمُسْتَغْرِقِ لَهُ عَلَيَّ الشَّيْءُ إلَّا شَيْئًا أَوْ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ إلَّا شَيْئًا، أَوْ عَكْسُهُ أَوْ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ إلَّا مَالًا، أَوْ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ مَالٌ إلَّا عَشَرَةً أَوْ عَكْسُهُ، أَوْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا لِلْإِبْهَامِ فِي الْجَمِيعِ، وَيُرْجَعُ إلَى تَفْسِيرِهِ فَإِنْ بُيِّنَ بِمُسْتَغْرِقٍ لَغَا كَمَا سَيَأْتِي. وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا خَمْسَةً لَزِمَتْهُ، أَوْ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ عَشَرَةً إلَّا خَمْسَةً هُوَ خَمْسَةٌ. وَقَدْ تَسَلَّطَ النَّفْيُ عَلَيْهَا وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ الْوَصِيَّةَ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ فِيهَا صَحِيحٌ لِإِبْطَالِهِ مَا قَبْلَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا إلَّا نِصْفَ الْمَالِ، أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْبُطْلَانَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَفْظٌ يُفِيدُ الرُّجُوعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ، لَا مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَكَتَ) أَيْ لَا لِتَنَفُّسٍ أَوْ عِيٍّ وَيُصَدَّقُ إذَا ادَّعَاهُ. قَوْلُهُ: (بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ) نَعَمْ لَا يَضُرُّ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَا غَيْرُهُ كَالْحَمْدِ لِلَّهِ، كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. قَوْلُهُ: (إلَّا ثَمَانِيَةً) أَيْ بِغَيْرِ عَطْفٍ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْعَطْفِ يَرْجِعُ الْجَمِيعُ لِلْأَوَّلِ، وَيَلْغُو مِنْهُ مَا حَصَلَ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ سَوَاءٌ ذَكَرَ إلَّا مَعَ الْعَطْفِ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا. وَتُقَوَّلُ إلَّا مَقَامَ الْعَطْفِ إنْ لَمْ يَذْكُرْهُ. وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ ثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمًا إلَّا دِرْهَمًا لَزِمَهُ دِرْهَمٌ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً لَزِمَهُ أَرْبَعَةٌ لِطَرْحِ الشَّكِّ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَشَرَةٌ فِيمَا أَظُنُّ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ أَصْلًا.   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: لَوْ أَقَرَّ بِالْقَبْضِ، ثُمَّ أَنْكَرَ قُبِلَ لِلتَّحْلِيفِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ أَقَرَّ وَلَمْ يَقْبِضْ فَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْقَبُولِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ، وَفِي الْمُطْلَقِ أَنَّ كَلَامَ الْقَاضِي يُشْعِرُ بِأَنَّهُ الْمَنْصُوصُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الصَّحِيحِ. تَنْبِيهٌ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّ قَبُولَهُ هُنَا يُؤَدِّي إلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ مَرَّتَيْنِ، أَيْ فِي الْإِقْرَارِ وَالْبَيْعِ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ هُنَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَحُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ إلَخْ) هِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي عَيْنٍ، لَا فِي دَيْنٍ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ مِنْ عَمْرٍو) مِثْلُهُ ثُمَّ لِعَمْرٍو. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ حَالَ إلَخْ) أَيْ وَالْحَيْلُولَةُ الْقَوْلِيَّةُ كَالْفِعْلِيَّةِ. [الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِقْرَار] قَوْلُهُ: (وَتَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِمَ لَا خَرَّجُوهُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مَا يَجُوزُ وَمَا لَا يَجُوزُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) مَنَعَهُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُطْلَقًا، وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَلِذَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الثَّوْبَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا تِسْعَةً لَا تَلْزَمُ، إلَّا ثَمَانِيَةً تَلْزَمُ، فَتَلْزَمُ الثَّمَانِيَةُ وَالْوَاحِدُ الْبَاقِي مِنْ الْعَشَرَةِ. (وَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَأَلْفٍ إلَّا ثَوْبًا، وَيُبَيَّنُ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ دُونَ أَلْفٍ) ، فَإِنْ بُيِّنَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَالْبَيَانُ لَغْوٌ، وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ بَيَّنَ مَا أَرَادَ بِهِ، فَكَأَنَّهُ تَلَفَّظَ بِهِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ فَيُبَيِّنُهُ بِغَيْرِ مُسْتَغْرِقٍ، (وَ) يَصِحُّ (مِنْ الْمُعَيَّنِ كَهَذِهِ الدَّارِ لَهُ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ، أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ لَهُ إلَّا هَذَا الدِّرْهَمَ) ، أَوْ هَذَا الْقَطِيعُ لَهُ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ، (وَفِي الْمُعَيَّنِ وَجْهٌ شَاذٌّ) أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ، وَالْمُعْتَادُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْمُطْلَقِ. (قُلْت:) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ. (لَوْ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ لَهُ إلَّا وَاحِدًا قُبِلَ، وَرُجِعَ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ، فَإِنْ مَاتُوا إلَّا وَاحِدًا وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمُسْتَثْنَى صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَنَّهُ الَّذِي أَرَادَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ (عَلَى الصَّحِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَالثَّانِي لَا يُصَدَّقُ لِلتُّهْمَةِ. فَصْلٌ: إذَا (أَقَرَّ بِنَسَبٍ إنْ أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ) بِأَنْ قَالَ: هَذَا ابْنِي (اُشْتُرِطَ لِصِحَّتِهِ) أَيْ الْإِلْحَاقِ، (أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ) وَتَكْذِيبُهُ بِأَنْ يَكُونَ فِي سِنٍّ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ أَبًا لِلْمُسْتَلْحَقِ (وَلَا الشَّرْعُ) ، وَتَكْذِيبُهُ (بِأَنْ يَكُونَ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقُ (مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُسْتَلْحَقُ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ) بِأَنْ كَانَ عَاقِلًا بَالِغًا؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي نَسَبِهِ. (فَإِنْ كَانَ بَالِغًا فَكَذَّبَهُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَخْ) هَذَا الْمَعْنَى أَحَدُ الطُّرُقِ فِي بَيَانِهِ، وَمِنْهَا: أَنْ يُسْقِطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا قَبْلَهُ مُبْتَدَأً مِنْ الْآخَرِ، كَأَنْ يُسْقِطَ فِي هَذَا الثَّمَانِيَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ التِّسْعَةِ قَبْلَهَا فَيَبْقَى وَاحِدٌ، فَيَسْقُطَ مِنْ الْعَشَرَةِ قَبْلَهَا يَبْقَى تِسْعَةٌ وَهِيَ الْوَاجِبُ: وَمِنْهَا: أَنْ يَجْمَعَ الْمُثْبَتَ وَحْدَهُ سَوَاءٌ انْفَرَدَ أَوْ تَعَدَّدَ، وَالْمَنْفِيُّ وَحْدَهُ كَذَلِكَ، وَيَسْقُطُ الْمَنْفِيُّ مِنْ الْمُثْبَتِ فَالْبَاقِي هُوَ الْوَاجِبُ، كَأَنْ يَجْمَعَ هُنَا الْعَشَرَةَ وَالثَّمَانِيَةَ؛ لِأَنَّهُمَا مَنْفِيَّانِ، وَيُلْغِيَ مِنْهَا التِّسْعَةَ؛ لِأَنَّهَا مَنْفِيَّةٌ فَيَبْقَى تِسْعَةٌ كَمَا مَرَّ، وَيَظْهَرُ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً إلَّا سَبْعَةً، وَهَكَذَا إلَى الْوَاحِدِ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي بُطْلَانِهِ مُطْلَقًا، وَلِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي بُطْلَانِهِ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ. قَوْلُهُ: (الْمُعَيَّنِ) وَمِنْهُ هَذَا الثَّوْبُ لَهُ إلَّا كُمَّهُ هَذَا، وَلَوْ أَقَرَّ بِثِيَابِ بَدَنِهِ دَخَلَ جَمِيعُ مَلْبُوسِهِ وَلَوْ فَرْوَةً وَخُفًّا. قَوْلُهُ: (وَرُجِعَ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ) وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ وَيَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِيهِ لَوْ مَاتَ. فَرْعٌ: أَقَرَّ لِوَرَثَةِ أَبِيهِ بِشَيْءٍ، وَهُوَ مِنْهُمْ لَمْ يَدْخُلْ لِعَدَمِ دُخُولِ الْمُتَكَلِّمِ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ، وَإِنْ نَصَّ عَلَى نَفْسِهِ دَخَلَ. فَائِدَةٌ: عَلَيْهِ أَلْفٌ لِشَخْصٍ وَلَهُ عَلَيْهِ قِيمَةٌ نَحْوُ عَبْدٍ أَوْ قَدْرٍ مَعْلُومٍ وَيَخْشَى أَنْ يُقِرَّ بِأَلْفٍ فَيَجْحَدَ الْآخَرُ مَا عَلَيْهِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا كَذَا بِقَدْرِ الَّذِي لَهُ، وَلَهُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ سُرَاقَةَ. تَنْبِيهٌ: الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ. فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الصَّادِقِ وَحَرَامٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ كُفْرٌ يُرَادُ بِهِ كُفْرَانُ النِّعْمَةِ أَوْ لِمَنْ اسْتَحَلَّهُ. قَوْلُهُ: (إذَا أَقَرَّ) أَيْ ذَكَرٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ غَيْرُ مَمْسُوحٍ مُخْتَارٌ وَلَوْ سَفِيهًا، أَوْ كَانَ رَقِيقًا أَوْ كَافِرًا. قَوْلُهُ: (هَذَا ابْنِي) وَمِثْلُهُ أَنَا أَبُوهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِلْإِضَافَةِ إلَى الْمُقِرِّ، لَا هَذَا أَبِي خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِلْحَاقِ بِالْغَيْرِ، وَهُوَ الْجَدُّ: وَشَرْحُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ كَابْنِ حَجَرٍ أَوَّلًا وَمُخَالِفٌ لَهُ آخِرًا فِي الْإِلْحَاقِ بِالْغَيْرِ، وَلَعَلَّهُ تَبِعَهُ فِي الْأَوَّلِ غَافِلًا عَمَّا يَأْتِي بَعْدَهُ، وَلَا هَذِهِ أُمِّي لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ قَالَتْ: هَذَا ابْنِي وَخَرَجَ نَحْوُ يَدِهِ أَوْ رَأْسِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (اُشْتُرِطَ لِصِحَّتِهِ) أَيْ الْإِلْحَاقِ أَيْ مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَيَنْفُذُ مُطْلَقًا مَا لَمْ يُكَذِّبْهُ الْحِسُّ سَوَاءٌ كَذَّبَهُ الشَّرْعُ أَوْ لَا، ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَلَا يُحْكَمُ بِكُفْرِ مَنْ اسْتَلْحَقَهُ الْكَافِرُ إلَّا إنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: (فِي سِنٍّ) لَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ عَدَمُ   [حاشية عميرة] فَائِدَةٌ: ذَكَرَهَا ابْنُ سُرَاقَةَ عَلَيْهِ أَلْفٌ لِرَجُلٍ، وَلَهُ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مَثَلًا، وَيَخْشَى أَنْ يَقُولَهُ بِأَلْفٍ فَيَجْحَدَ الَّذِي لَهُ، فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا كَذَا، وَيُقَوَّمُ الَّذِي عِنْدَهُ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (تَلَفَّظَ بِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِمَا مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يُبَيِّنُ مَا إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمِنْ الْمُعَيَّنِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ صَحِيحٌ لَيْسَ بِمُحَالٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ، وَهَذَا الْبَيْتُ مِنْهَا لِي، أَوْ قَالَ لِعَمْرٍو بَدَلَ نَفْسِهِ قُبِلَ أَيْضًا خِلَافًا لِلْقَاضِي فِي الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ: (لِلتُّهْمَةِ) عُلِّلَ أَيْضًا بِنُدْرَةِ هَذَا الِاتِّفَاقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ نَقَلَهُ. فَرْعٌ: لَوْ مَاتَ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ. خَاتِمَةٌ: لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ فِيمَا أَظُنُّ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ. [فَصْل أَقَرَّ بِنَسَبٍ لِنَفْسِهِ] فَصْلٌ: أَقَرَّ بِنَسَبٍ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ: هَذَا أَبِي وَيُصَدِّقُهُ، فَلَوْ كَذَّبَهُ لَمْ يَثْبُتْ، لَكِنْ يَجْرِي بَيْنَهُمَا الْأَيْمَانُ كَعَكْسِهِ. وَقَوْلُهُ: أَنْتَ أَبِي أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَا ابْنُك، وَقَوْلُ الْأَبِ، أَنْتَ ابْنِي أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَا أَبُوك، وَكُلٌّ صَحِيحٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ كَانَ أَهْلًا) أَيْ فَالشَّرْطَانِ الْأَوَّلَانِ يَعُمَّانِ الْأَهْلَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 لَمْ يَثْبُتْ) نَسَبُهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَلَّفَهُ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَثَبَتَ نَسَبُهُ، وَلَوْ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ قَضِيَّةُ اعْتِبَارِ التَّصْدِيقِ. وَشَمِلَ السُّكُوتَ قَوْلُ الرَّوْضَةِ: فَإِنْ اسْتَلْحَقَ بَالِغًا فَلَمْ يُصَدِّقْهُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ صَغِيرًا ثَبَتَ) نَسَبُهُ (فَلَوْ بَلَغَ وَكَذَّبَهُ لَمْ يَبْطُلْ) نَسَبُهُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ، فَلَا يَنْدَفِعُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ. وَالثَّانِي: يَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ أَهْلٍ لِلْإِنْكَارِ، وَقَدْ صَارَ أَهْلًا لَهُ وَأَنْكَرَ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ اسْتَلْحَقَ مَجْنُونًا فَأَفَاقَ وَأَنْكَرَ. (وَيَصِحُّ أَنْ يَسْتَلْحِقَ مَيِّتًا صَغِيرًا وَكَذَا كَبِيرًا فِي الْأَصَحِّ) . وَالثَّانِي لَا لِفَوَاتِ التَّصْدِيقِ. (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (يَرِثُهُ) أَيْ الْمَيِّتَ الْمُسْتَلْحَقَ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى التُّهْمَةِ (وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اثْنَانِ بَالِغًا ثَبَتَ) نَسَبُهُ (لِمَنْ صَدَّقَهُ) مِنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا سَيَأْتِي قَبْلَ كِتَابِ الْعِتْقِ. (وَحُكْمُ الصَّغِيرِ) الَّذِي يَسْتَلْحِقُهُ اثْنَانِ. (يَأْتِي فِي) كِتَابِ (اللَّقِيطِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) كَمَا سَيَأْتِي فِيهِ حُكْمُ اسْتِلْحَاقِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ. (وَلَوْ قَالَ لِوَلَدِ أَمَتِهِ: هَذَا وَلَدِي ثَبَتَ نَسَبُهُ) بِشَرْطِهِ، (وَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ فِي الْأَظْهَرِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَوْلَدَهَا بِنِكَاحٍ ثُمَّ مَلَكَهَا، وَالثَّانِي يَثْبُتُ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ أَوْلَدَهَا بِالْمِلْكِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ النِّكَاحِ. (وَكَذَا لَوْ قَالَ) فِيهِ: هَذَا (وَلَدِي وَلَدْته فِي مِلْكِي) لَا يَثْبُتُ بِهِ الِاسْتِيلَادُ فِي الْأَظْهَرِ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْبَلَهَا بِنِكَاحٍ ثُمَّ مَلَكَهَا، وَالثَّانِي يَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَحْبَلَهَا بِالْمِلْكِ، (فَإِنْ قَالَ: عَلِقْت بِهِ فِي مِلْكِي ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ) وَانْقَطَعَ الِاحْتِمَالُ، (فَإِنْ كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ) بِأَنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا (لَحِقَهُ) الْوَلَدُ (بِالْفِرَاشِ مِنْ غَيْرِ اسْتِلْحَاقٍ) . قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:   [حاشية قليوبي] التَّصَوُّرِ بِنَحْوِ الزَّمَنِ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ مَشْرِقِيٌّ بِمَغْرِبِيَّةٍ، وَلَمْ يَمْضِ زَمَانُ إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا عَادَةً، وَلَا عِبْرَةَ بِإِمْكَانِ إنْفَاذِ مَنِيِّهِ لَهَا وَاسْتِدْخَالِهِ وَلَا بِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِمَّنْ تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ أَوْ الزَّمَنُ، وَكَمَا لَوْ عُلِمَ أَنَّهُ مَمْسُوحٌ قَبْلَ اجْتِمَاعِهِمَا. قَوْلُهُ: (مَعْرُوفَ النَّسَبِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ النِّسْبَةُ لِيَدْخُلَ وَلَدُ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ. وَيَدْخُلَ الْمَنْفِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِغَيْرِ النَّافِي اسْتِلْحَاقُهُ، وَمَحَلُّهُ إنْ نُفِيَ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَإِنْ نُفِيَ عَنْ فَاسِدٍ أَوْ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، فَلِغَيْرِ النَّافِي اسْتِلْحَاقُهُ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُصَدِّقَهُ إلَخْ) وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ بَعْدَ التَّصْدِيقِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ) وَفَارَقَ السُّكُوتَ فِي الْأَمْوَالِ بِالِاحْتِيَاطِ فِي النَّسَبِ، نَعَمْ إنْ مَاتَ قَبْلَ إمْكَانِ التَّصْدِيقِ ثَبَتَ النَّسَبُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخَيْنِ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْعَرْضُ هُنَا عَلَى الْقَائِفِ لِعَدَمِ التَّنَازُعِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ بَلَغَ وَكَذَّبَهُ لَمْ يَبْطُلْ نَسَبُهُ) وَفَارَقَ مَا لَوْ حُكِمَ بِإِسْلَامِ لَقِيطٍ تَبَعًا لِلدَّارِ ثُمَّ بَلَغَ، وَاخْتَارَ الْكُفْرَ حَيْثُ يُقَرُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِلْحَاقَ بِهَا ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: (فِيمَا لَوْ اسْتَلْحَقَ مَجْنُونًا) وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَلْحَقَهُ قَبْلَ جُنُونِهِ وَأَنْكَرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهِ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ، وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَقَوْلُ الْمُقِرِّ لِمَجْنُونٍ: هَذَا أَبِي لَا يَلْحَقُهُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ اعْتِبَارِ التَّصْدِيقِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِلْمَجْنُونِ: هَذَا ابْنِي أَيْضًا، فَذِكْرُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لَهَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ مَعَ أَنَّ هَذَا عِنْدَهُ مِنْ الْإِلْحَاقِ بِالْغَيْرِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، فَلَعَلَّ ذِكْرَهُ لَهَا غَفْلَةٌ عَنْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُنْظَرُ إلَى التُّهْمَةِ) بِالْإِرْثِ وَلَا بِإِسْقَاطِ الْقِصَاصِ لَوْ وُجِدَ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا كَبِيرًا) هُوَ مَنْصُوبٌ كَمَا وُجِدَ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُ الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ إنَّ جَمِيعَ مَا بَعْدِ كَذَا فِي الْمِنْهَاجِ مَرْفُوعٌ إلَّا فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ، وَلَمْ يَعُدَّ هَذَا مِنْهَا لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا إنْ قُلْنَا إنَّ خَطَّ الْمُصَنِّفِ تَعَدَّدَ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا) بِأَنْ كَذَّبَهُمَا أَوْ سَكَتَ أَوْ صَدَّقَهُمَا، أَوْ كَذَّبَ أَحَدَهُمَا وَسَكَتَ عَنْ الْآخَرِ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَإِلْحَاقُ الْقَائِفِ حُكْمٌ لَا اسْتِلْحَاقٌ فَلَا يُنَافِي عَدَمَ اعْتِبَارِهِ فِيمَا مَرَّ عِنْدَ عَدَمِ التَّنَازُعِ. قَوْلُهُ: (يَأْتِي فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ) وَهُوَ أَنَّهُ يُقَدِّمُ بَيِّنَةً ثُمَّ يَسْبِقُ اسْتِلْحَاقٌ، ثُمَّ بِقَائِفٍ ثُمَّ بِتَصْدِيقِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ. قَوْلُهُ: (حُكْمُ اسْتِلْحَاقِ الْمَرْأَةِ) أَيْ كَوْنُهَا تَسْتَلْحِقُ غَيْرَهَا، فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي اسْتِلْحَاقِهَا مِنْ الْبَيِّنَةِ لِإِمْكَانِهَا بِالْوِلَادَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْعَبْدِ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمَرْأَةِ، لَكِنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ أَيْ كَوْنِهِ يَسْتَلْحِقُهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ سَيِّدُهُ عَتَقَ مُطْلَقًا وَثَبَتَ نَسَبُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ، أَوْ صَدَّقَهُ إنْ كَانَ أَهْلًا أَوْ غَيْرَ سَيِّدِهِ لَحِقَهُ إنْ كَانَ أَهْلًا وَصَدَّقَهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَلَا يَخْرُجُ بِتَصْدِيقِهِ عَنْ رِقِّ سَيِّدِهِ، إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ النَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ اسْتَلْحَقَ عَتِيقٌ غَيْرَهُ فَكَذَلِكَ وَالْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ، وَفَائِدَةُ ثُبُوتِ النَّسَبِ فِيهِ تَقْدِيمُ عَصَبَتِهِ عَلَى عَصَبَةِ الْوَلَاءِ. قَوْلُهُ: (لِوَلَدِ أَمَتِهِ) أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ فِرَاشًا. قَوْلُهُ: (هَذَا   [حاشية عميرة] وَغَيْرَهُ، وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَأَنْ لَا يَبْطُلَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ إنْ كَانَ صَغِيرًا كَمَا فِي الْعَبْدِ وَالْعَتِيقِ الصَّغِيرَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَبَتَ نَسَبُهُ) قَدْ وَافَقَنَا عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِي مُخَالَفَتِهِ فِي الْمَيِّتِ الصَّغِيرِ، وَقَدْ يُقَالُ فِي الْمَيِّتِ مِيرَاثُ بَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) أَيْ كَالثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُشَاهِدْ فِرَاشًا وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِلْإِنْكَارِ، وَكَذَا لَوْ صَدَّقَهُ الصَّغِيرُ قَبْلَ الْبُلُوغِ. فَرْعٌ: لَوْ بَلَغَ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَا يُقْبَلُ. قَوْلُهُ: (مَجْنُونًا) لَوْ قَالَ الْمَجْنُونُ: هَذَا أَبِي لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ حَتَّى يُفِيقَ وَيُصَدِّقَهُ وَاسْتَشْكَلَ الرُّويَانِيُّ الْفُرْقَةَ. تَنْبِيهٌ: مَسْأَلَةُ الشَّارِحِ صَوَّرَهَا السُّبْكِيُّ بِمَا لَوْ اتَّصَلَ الْجُنُونُ بِالْبُلُوغِ. قَوْلُهُ: (لِفَوَاتِ التَّصْدِيقِ) عُلِّلَ أَيْضًا بِأَنَّ تَأْخِيرَ الِاسْتِلْحَاقِ إلَى الْمَوْتِ يُشْعِرُ بِإِنْكَارِهِ لَوْ وَقَعَ فِي حَيَاتِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَذَّبَهُمَا. قَوْلُهُ: (رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) لَفْظُهُ «اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً فَالْوَلَدُ لِلزَّوْجِ) ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَهُ. (وَاسْتِلْحَاقُ السَّيِّدِ بَاطِلٌ) أَيْ لَا اعْتِبَارَ بِهِ (وَأَمَّا إذَا أَلْحَقَ النَّسَبَ بِغَيْرِهِ كَهَذَا أَخِي أَوْ عَمِّي، فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُلْحَقِ بِهِ) كَالْأَبِ وَالْجَدِّ فِيمَا ذُكِرَ (بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ) فِي الْإِلْحَاقِ بِنَفْسِهِ. (وَيُشْتَرَطُ) أَيْضًا (كَوْنُ الْمُلْحَقِ بِهِ مَيِّتًا، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ نَفَاهُ فِي الْأَصَحِّ) ، فَيَجُوزُ إلْحَاقُهُ بِهِ بَعْدَ نَفْيِهِ إيَّاهُ، كَمَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ هُوَ بَعْدَ أَنْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ، فَلَا يَجُوزُ الْإِلْحَاقُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ فِي إلْحَاقِ مَنْ نَفَاهُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إلْحَاقَ عَارٍ بِنَسَبِهِ، (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُقِرِّ) فِي إلْحَاقِ النَّسَبِ بِغَيْرِهِ (وَارِثًا حَائِزًا) لِتَرِكَةِ الْمُلْحَقِ بِهِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ، كَابْنَيْنِ أَقَرَّا بِثَالِثٍ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيَرِثُ مَعَهُمَا. (وَالْأَصَحُّ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْحَائِزَيْنِ بِثَالِثٍ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ (أَنَّ الْمُسْتَلْحَقَ لَا يَرِثُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، (وَلَا يُشَارِكُ الْمُقِرَّ فِي حِصَّتِهِ) وَالثَّانِي يَرِثُ   [حاشية قليوبي] وَلَدِي) وَإِنْ قَالَ مِنْ زِنًا، وَإِنْ قَالَهُ مُتَّصِلًا. قَوْلُهُ: (بِنِكَاحٍ مَثَلًا) كَوَطْءِ شُبْهَةٍ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَلَكَهَا) خَرَجَ مَا لَوْ ذَكَرَ مُدَّةً لَا يُمْكِنُ فِيهَا ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: وَهِيَ مِلْكِي مِنْ عَشَرِ سِنِينَ، وَعُمْرُ الْوَلَدِ دُونَ ذَلِكَ فَيَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ أَيْضًا، وَتَنْظِيرُ بَعْضِهِمْ فِيهِ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَحْبَلَهَا، وَهُوَ مُعْسِرٌ وَبِيعَتْ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ بِالشِّرَاءِ، وَهُوَ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا) ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إلَّا بِذَلِكَ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْإِمَاءِ الِاسْتِخْدَامُ بِالْأَصَالَةِ. قَوْلُهُ: (زَمْعَةَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ، اسْمُ رَجُلٍ صَحَابِيٍّ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِهِ) شَمِلَ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَا فِي الْمَنْهَجِ ضَعِيفٌ، وَمَا عُلِّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ. قَوْلُهُ: (كَهَذَا أَخِي) وَإِنْ قَالَ مِنْ زِنًا وَلَوْ مُتَّصِلًا كَمَا مَرَّ، نَعَمْ إنْ قَالَ: مِنْ رَضَاعٍ أَوْ فِي الْإِسْلَامِ صُدِّقَ إنْ قَالَهُ مُتَّصِلًا، وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ جِهَةِ الْأُخُوَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ هُمَا، وَكَذَا فِي الْبَيِّنَةِ. قَوْلُهُ: (عَمِّي) وَمِثْلُهُ أَبِي كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ اسْتَلْحَقَ مَجْنُونًا فَكَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَالْجَدِّ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا حَيْثُ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَيِّتًا) خَرَّجَ الْحَيَّ وَلَوْ مَجْنُونًا؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَنْ يَثْبُتَ نَسَبُهُ بِنَفْسِهِ فَلَا حَاجَةَ لِغَيْرِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُ الْمُقِرِّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، فَلَوْ أَقَرَّ مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ بِأَبٍ أَوْ أَخٍ لَمْ يُقْبَلْ، لِتَضَرُّرِ مَنْ لَهُ لِوَلَاءٍ بِمَنْعِهِ مِنْ الْإِرْثِ مَعَ إمْكَانِ ثُبُوتِ النَّسَبِ هُنَا مِنْ غَيْرِ الْمُقِرِّ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي إلْحَاقِهِ بِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَارِثًا) وَلَوْ مَآلًا أَوْ بِوَلَاءٍ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا أَوْ بِالزَّوْجِيَّةِ، فَلَوْ أَقَرَّ وَاحِدٌ مِنْ مُتَعَدِّدِينَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِ الْبَقِيَّةِ، وَخَرَجَ بِوَارِثٍ مَا لَوْ خَلَفَ وَلَدَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا فَيَكْفِي إقْرَارُ مَنْ شَارَكَ الْمَيِّتَ فِي دِينِهِ مِنْهُمَا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (حَائِزًا) وَلَوْ مَآلًا كَمَا سَيَأْتِي أَوْ بِوَاسِطَةٍ، كَأَنْ أَقَرَّ بِعَمٍّ وَهُوَ حَائِزٌ لِتَرِكَةِ أَبِيهِ الْحَائِزِ لِتَرِكَةِ جَدِّهِ كَمَا فِي الْإِقْرَارِ بِالْأَخِ فِيمَا يَأْتِي، وَقَوْلُ الْحَائِزِ أَبِي عَتِيقُ فُلَانٍ يُثْبِتُ لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءَ، إنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ أُمٌّ حُرَّةُ الْأَصْلِ. قَوْلُهُ: (وَيَرِثُ مَعَهُمَا) كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ إنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْمَرْجُوحِ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْحِيَازَةِ الَّتِي امْتَنَعَتْ الْمُشَارَكَةُ لِأَجْلِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، إذْ لَوْ اُعْتُبِرَتْ الْحِيَازَةُ وَقْتَ الْمَوْتِ أَوْ الْإِقْرَارِ فَقَطْ لَوَرِثَ الِابْنُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْأَخُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا بِقَوْلِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ اعْتِبَارَ الْحِيَازَةِ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا وَقْتَ الْإِلْحَاقِ، حَتَّى لَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ وَقْتَ الْمَوْتِ ثُمَّ زَالَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْإِلْحَاقُ إنْ انْفَرَدَ، وَلَا يَحْتَاجُ لِتَصْدِيقِهِ مَعَ غَيْرِهِ لَوْ كَانَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشَارِكُ إلَخْ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا بِالْمُشَارَكَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ اتِّفَاقًا، وَهَذِهِ حِكْمَةُ ذِكْرِ الْمُشَارَكَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهَا بِذِكْرِ عَدَمِ الْإِرْثِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهَا الشَّارِحُ.   [حاشية عميرة] وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي غُلَامٍ، فَقَالَ سَعْدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِي عُتْبَةَ عَهِدَ إلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، فَانْظُرْ إلَى شَبَهِهِ بِهِ. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، أَخِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي مِنْ وَلِيدَتِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ إلَى شَبَهِهِ فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ فَقَالَ: يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ» فَلَمْ تَرَهُ قَطُّ. وَالْأَمْرُ بِالِاحْتِجَابِ وَرَعًا لِمَكَانِ الشَّبَهِ. وَالْغُلَامُ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ يَمَانِيَّةً، وَقَدْ خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَلَمْ يَعْتَبِرْ فِرَاشَ الْأَمَةِ، وَعُوِّلَ عَلَى الِاسْتِلْحَاقِ. وَحُجَّتُنَا هَذَا الْحَدِيثُ، وَاعْتُذِرَ بِأَنَّهُ لَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ عَبْدُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ) لِحَدِيثِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ؛ وَلِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَخْلُفُونَ الْمُورِثَ فِي حُقُوقِهِ وَهَذَا مِنْهَا. وَخَالَفَ الْبُوَيْطِيُّ وَاعْتَذَرَ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَعْلَمُ الْفِرَاشَ الَّذِي لِزَمْعَةَ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: هَذِهِ أُمِّي لَمْ يَصِحَّ، لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ. وَقَالَ: هَذَا أَخِي ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ لَمْ يُقْبَلْ، كَمَا لَوْ فَسَّرَهُ بِأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَيِّتًا) خَرَّجَ الْحَيَّ وَلَوْ مَجْنُونًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَارِثًا حَائِزًا) وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ خَلِيفَةَ الْمُورِثِ. وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ مُوَافَقَةُ الْمُعْتِقِ وَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، وَلَوْ خَلَفَ ابْنَيْنِ وَأَحَدُهُمَا غَيْرُ وَارِثٍ كَفَى إلْحَاقُ الْوَارِثِ كَمَا أَفَادَتْهُ الْعِبَارَةُ، وَكَذَا لَوْ أَلْحَقَ كَافِرٌ مُسْلِمًا بِكَافِرٍ أَوْ عَكْسِهِ، وَلَوْ كَانَ بِهِ مَانِعٌ عِنْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ زَالَ فَفِي صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِهِ نَظَرٌ، وَلَوْ أَقَرَّ بِعُمُومَةِ مَجْهُولٍ وَهُوَ حَائِزٌ لِتَرِكَةِ أَبِيهِ، وَكَانَ أَبُوهُ حَائِزًا لِتَرِكَةِ جَدِّهِ الْمُلْحَقِ بِهِ صَحَّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُشَارِكُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هُوَ بِالْفَاءِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ قَالَ: وَخَالَفَنَا فِي ذَلِكَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فَقَالُوا: يُشَارِكُ الْمُقِرَّ: فِي حِصَّتِهِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَمَنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِإِشْكَالِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَيْسَ فِي التَّحْقِيقِ عَلَى نَصِيبٍ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 بِأَنْ يُشَارِكَ الْمُقِرَّ فِي حِصَّتِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ عَدَمُ الْمُشَارَكَةِ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ، أَمَّا فِي الْبَاطِنِ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ صَادِقًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيمَا يُرِيهِ فِي الْأَصَحِّ بِثُلُثِهِ، وَقِيلَ: بِنِصْفِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْبَالِغَ مِنْ الْوَرَثَةِ لَا يَنْفَرِدُ بِالْإِقْرَارِ) ، بَلْ يَنْتَظِرُ بُلُوغَ الصَّبِيِّ، وَالثَّانِي يَنْفَرِدُ بِهِ وَيُحْكَمُ بِثُبُوتِ النَّسَبِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ خَطِيرٌ لَا يُجَازَفُ فِيهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَارِثَيْنِ) الْحَائِزَيْنِ بِثَالِثٍ، (وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَمَاتَ وَلَمْ يَرِثْهُ إلَّا الْمُقِرُّ ثَبَتَ النَّسَبُ) ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ صَارَ لَهُ، وَالثَّانِي لَا يَثْبُتُ نَظَرًا إلَى إنْكَارِ الْمُوَرِّثِ الْأَصْلَ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ ابْنٌ حَائِزٍ بِأُخُوَّةِ مَجْهُولٍ، فَأَنْكَرَ الْمَجْهُولُ نَسَبَ الْمُقِرِّ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ) إنْكَارُهُ (وَيَثْبُتُ أَيْضًا نَسَبُ الْمَجْهُولِ) وَالثَّانِي يُؤَثِّرُ الْإِنْكَارُ فَيَحْتَاجُ الْمُقِرُّ إلَى الْبَيِّنَةِ عَلَى نَسَبِهِ، وَالثَّالِثُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْمَجْهُولِ لِزَعْمِهِ أَنَّ الْمُقِرَّ لَيْسَ بِوَارِثٍ، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَارِثُ الظَّاهِرُ يَحْجُبُهُ الْمُسْتَلْحَقُ كَأَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ ثَبَتَ النَّسَبُ) لِلِابْنِ (وَلَا إرْثَ) لَهُ، وَالثَّانِي لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَثَبَتَ الْإِرْثُ، وَلَوْ وَرِثَ الِابْنُ لَحُجِبَ الْأَخُ فَيَخْرُجُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْإِقْرَارِ فَيَنْتَفِي نَسَبُ الِابْنِ وَالْمِيرَاثِ. وَالثَّالِثُ يَثْبُتَانِ وَلَا يَخْرُجُ الْأَخُ بِالْحَجْبِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْإِقْرَارِ، فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُ الْمُقِرِّ حَائِزًا لِلتَّرِكَةِ لَوْلَا إقْرَارُهُ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِثُلُثِهِ) أَيْ بِثُلُثِ مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ فَقَطْ نَظَرًا إلَى أَنَّ مَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مُسْتَحَقٌّ لِلثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بِنِصْفِهِ) أَيْ بِنِصْفِ مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ فَقَطْ أَيْضًا، نَظَرًا إلَى أَنَّ قَضِيَّةَ الْمِيرَاثِ أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ شَيْءٌ إلَّا وَيُسَلَّمُ لِلْآخَرِ مِثْلُهُ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْكَلَامُ فِيمَا يَلْزَمُ فِي الْبَاطِنِ وَهُوَ مَعَ كَذِبِ الْمُقِرِّ لَا شَيْءَ لِهَذَا الثَّالِثِ، وَمَعَ صِدْقِهِ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الثَّالِثُ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ وَانْظُرْ. قَوْلُهُ: (وَأَنْكَرَ الْآخَرُ) وَكَذَا لَوْ سَكَتَ لَكِنْ فِي هَذِهِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِلَا خِلَافٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ثَبَتَ النَّسَبُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إقْرَارٍ جَدِيدٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمُقِرُّ غَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ الْمَوْتِ، ثُمَّ مَاتَ الْوَارِثُ وَوَرِثَهُ الْمُقِرُّ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَبِهِ يُرَدُّ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ شَيْخِنَا مِنْ اعْتِبَارِ الْإِرْثِ فِي وَقْتِ الْمَوْتِ فَقَطْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْمُوَرِّثِ الْأَصْلَ) وَهُوَ الْأَخُ الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي إرْثِ الْبَاقِي. قَوْلُهُ: (لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ إنْكَارُهُ) وَيَرِثْ مَعَهُ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْجَبْ حِرْمَانًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا مَرَّ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْحِيَازَةِ، وَعَلَى ثُبُوتِ نَسَبِ الثَّانِي لَوْ أَقَرَّا مَعًا بِثَالِثٍ فَأَنْكَرَ هَذَا الثَّالِثُ نَسَبَ الثَّانِي بَطَلَ نَسَبُ الثَّانِي، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَوْلُهُمْ: أَدْخِلْنِي أُخْرِجُك، وَلَوْ أَقَرَّ بِأُخُوَّةِ مَجْهُولِينَ فَأَنْكَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ لَمْ يُؤَثِّرْ، فَلَوْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا وَكَذَّبَ الْآخَرَ ثَبَتَ نَسَبُ الْمُصَدَّقِ فَقَطْ، إلَّا أَنْ يَكُونَا تَوْأَمَيْنِ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَلَا إرْثَ لَهُ) لِلُزُومِ الدُّورِ، قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَفِي هَذَا قَطْعُ الدُّورِ مِنْ وَسَطِهِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي قَطْعُهُ مِنْ أَصْلِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرِثْ هُنَا مَعَ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ يَحْجُبُهُ حِرْمَانًا، وَلَوْ أَقَرَّ بِبِنْتٍ ثَبَتَ النَّسَبُ وَوَرِثَتْ مَعَهُ لِعَدَمِ مَا ذُكِرَ، وَبَقِيَ الْإِرْثُ فِيمَا ذُكِرَ بِحَسْبِ الظَّاهِرِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ ادَّعَى الْحَاجِبُ عَلَى الْأَخِ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ فَأَنْكَرَ الْأَخُ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ وَحَلَفَ، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ وَرِثَ وَحَجَبَ الْأَخَ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا كَالْإِقْرَارِ فَفِيهِ مَا فِيهِ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ، وَلَوْ أَقَرَّتْ بِنْتٌ وَأُخْتٌ بِابْنٍ سُلِّمَ لِلْأُخْتِ حِصَّتُهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْجُبُهَا حِرْمَانًا، وَلَوْ أَقَرَّ ابْنَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ بِأَخٍ لَهُمْ وَأَنْكَرَ الثَّالِثُ صَحَّتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ، وَثَبَتَ نَسَبُ الرَّابِعِ؛ لِأَنَّهُمَا أَوْلَى مِنْ الْأَجَانِبِ فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.   [حاشية عميرة] وَالْجَوَابُ الْمُغْنِي عَنْ التَّكَلُّفِ الْقِيَاسُ، عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا مَعَ وُجُودِ الِاعْتِرَافِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُشَارِكَ الْمُقِرَّ) يُرَدُّ بِهَذَا أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ الْمُشَارَكَةُ، وَأَمَّا النَّسَبُ فَلَا يَثْبُتُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (بِثُلُثِهِ وَقِيلَ بِنِصْفِهِ) هُمَا جَارِيَانِ أَيْضًا إذَا قُلْنَا بِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَنْفُذُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَائِزًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْكَرَ الْآخَرُ) لَوْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ إلَّا السُّكُوتُ، ثُمَّ سِمَاتٌ ثَبَتَ النَّسَبُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فَيَحْتَاجُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِنَسَبِ الْمَجْهُولِ، وَالْمَجْهُولُ قَدْ أَنْكَرَهُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ رَكِيكٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا إرْثَ) أَيْ لِلُزُومِ الدُّورِ. قَالَ الْأَئِمَّةُ: هَذَا الْوَجْهُ فِيهِ قَطْعُ الدُّورِ مِنْ وَسَطِهِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي قَطْعُهُ مِنْ أَصْلِهِ. قَوْلُهُ: (لَوْلَا إقْرَارُهُ) أَيْ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ ابْنٌ حَائِزٌ بِابْنٍ آخَرَ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ حَائِزٌ لَوْلَا الْإِقْرَارُ أَقُولُ: قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَارِثِ لَوْلَا إقْرَارُهُ وَالْحَائِزِ لَوْلَا إقْرَارُهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 كِتَابُ الْعَارِيَّةِ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَقَدْ تُخَفَّفُ اسْمٌ لِمَا يُعَارُ، وَتَتَحَقَّقُ بِمُعِيرٍ وَغَيْرِهِ. (شَرْطُ الْمُعِيرِ صِحَّةُ تَبَرُّعِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ تَبَرُّعٌ بِإِبَاحَةِ الْمَنْفَعَةِ، (وَمِلْكُهُ الْمَنْفَعَةَ فَيُعِيرُ مُسْتَأْجِرٌ لَا مُسْتَعِيرٌ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يَقُولُ: يَكْفِي فِي الْمُعِيرِ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً لَهُ، وَشَرْطُ الْمُسْتَعِيرِ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ فِي الْمُعِيرِ صِحَّةُ قَبُولِهِ التَّبَرُّعَ، فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ الصَّبِيِّ، وَلَا اسْتَعَارَتْهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَعِيرِ (أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةَ) لَهُ، كَأَنْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ الْمُسْتَعَارَةَ وَكِيلُهُ فِي حَاجَتِهِ. (وَ) شَرْطُ (الْمُسْتَعَارِ كَوْنُهُ مُنْتَفَعًا بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ) ، فَلَا تَجُوزُ إعَارَةُ الْأَطْعِمَةِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا فِي اسْتِهْلَاكِهَا (وَتَجُوزُ إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِخِدْمَةِ امْرَأَةٍ أَوْ) ذَكَرٍ (مَحْرَمٍ) لِلْجَارِيَةِ، وَلَا يَجُوزُ إعَارَتُهَا لِلِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَلَا لِخِدْمَةِ ذَكَرٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، إلَّا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى، أَوْ قَبِيحَةً فَتَجُوزُ فِي الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ نَفْيِ الْجَوَازِ الْفَسَادُ. وَقَالَ فِي الْوَسِيطِ فِي الْخِدْمَةِ بِالصِّحَّةِ مَعَ الْحُرْمَةِ (وَيُكْرَه ُ إعَارَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ وَآخَرُونَ بِأَنَّهَا حَرَامٌ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ الْجَوَازُ اهـ.   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الْعَارِيَّةِ قَوْلُهُ: (بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَقَدْ تُخَفَّفُ) وَأَصْلُهَا عَوَرِيَّةٌ، تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا، قُلِبَتْ أَلِفًا مَأْخُوذَةٌ مِنْ التَّعَاوُرِ بِمَعْنَى التَّنَاوُبِ، أَوْ مِنْ عَارَ إذَا ذَهَبَ وَجَاءَ بِسُرْعَةٍ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: الْإِعَارَةُ مَصْدَرٌ، وَالْعَارَةُ اسْمُ الْمَصْدَرِ كَأَطَاقَ إطَاقَةً وَطَاقَةً. قَوْلُهُ: (اسْمٌ لِمَا يُعَارُ) أَيْ لُغَةً، وَشَرْعًا اسْمٌ لِلْعَقْدِ الْمُقَيَّدِ بِمَا يَأْتِي، أَوْ اسْمٌ لِإِبَاحَةِ مَنْفَعَةِ عَيْنٍ مَعَ بَقَائِهَا بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ ، وَكَانَتْ وَاجِبَةً فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بِمُقْتَضَى التَّوَعُّدِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] الْمُفَسَّرِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ بِمَا يُعَارُ، وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالزَّكَاةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ جَرَى الْإِمَامُ مَالِكٌ، وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَقَدْ نُسِخَتْ إلَى النَّدْبِ فَهُوَ الْأَصْلُ فِيهَا، وَقَدْ تَجِبُ كَإِعَارَةِ نَحْوِ ثَوْبٍ لِدَفْعِ حَرٍّ وَبَرْدٍ مُبِيحَيْنِ لِلتَّيَمُّمِ، وَنَحْوِ سِكِّينٍ لِذَبْحِ شَاةٍ وَإِنْ جَازَ لِمَالِكِهَا تَرْكُهَا، وَإِنْ مَاتَتْ وَمَعَ الْوُجُوبِ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْبَذْلُ مَجَّانًا، بَلْ لَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ، ثُمَّ إنْ عَقَدَ بِهَا وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الْإِجَارَةِ فَهِيَ إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ، وَإِلَّا فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ، وَعَلَى هَذَا فَفِي جَعْلِ ذَلِكَ مِنْ الْعَارِيَّةِ تَسَمُّحٌ نَظَرًا لِلَفْظِ وَقَدْ تُكْرَهُ، وَسَيَأْتِي قَالُوا وَقَدْ تَحُومُ كَمَا فِي إعَارَةِ الْجَوَارِي لِنَحْوِ الْوَطْءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ مَعَ الْحُرْمَةِ لَا إعَارَةَ لِفَسَادِ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِحُرْمَةِ الْعَقْدِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلِاخْتِصَاصِ فَيُعِيرُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ الْمَوْقُوفَ بِإِذْنِ النَّاظِرِ وَمُوصًى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَوْ مُدَّةً، وَلَا يُعِيرُ مَنْ أَوْصَى لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ أَوْ مُدَّةَ حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ فِيهِمَا، أَوْ صَحَّحَ شَيْخُنَا فِي الثَّانِيَةِ صِحَّةَ الْعَارِيَّةِ. وَتَصِحُّ إعَارَةُ كَلْبِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِ، وَإِعَارَةُ أُضْحِيَّةٍ وَهَدْيٍ وَلَوْ مَنْدُوبَيْنِ، وَتَصِحُّ إعَارَةُ الْفَقِيهِ خَلْوَتَهُ وَلَوْ لِغَيْرِ أَهْلِ شَرْطِهَا، وَإِنْ حَرُمَ مَكَثَ الْمُسْتَعِيرُ فِيهَا. قَالَ شَيْخُنَا: وَنُوزِعَ فِي الصِّحَّةِ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَلَا تَجُوزُ مُطْلَقًا إعَارَةُ الْإِمَامِ أَمْوَالَ بَيْتِ الْمَالِ كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ طِفْلِهِ، وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ عَبْدًا لِنَفْسِهِ وَلَوْ لِعِتْقِهِ. فَرْعٌ: سَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ أَنَّ وَقْفَ الْأَتْرَاكِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ صَحِيحٌ، بِحَسَبِ اتِّبَاعِ شُرُوطِهِمْ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ رِقُّهُمْ حَالَةَ الْوَقْفِ. قَوْلُهُ: (فَيُعِيرُ مُسْتَأْجِرٌ) أَيْ إجَارَةً صَحِيحَةً، وَإِلَّا فَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِمَا كَالْمَغْصُوبِ وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَ عِنْدَهُ. قَوْلُهُ: (لَا مُسْتَعِيرٌ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُعِيرِ وَإِلَّا فَتَصِحُّ، وَلَا تَبْطُلُ عَارِيَّةُ الْأَوَّلِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ إلَّا إنْ عَيَّنَ لَهُ الثَّانِي وَأَعَارَهُ. قَوْلُهُ: (يَكْفِي إلَخْ) وَرُدَّ بِأَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تُفِيدُ نَقْلَ الْيَدِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الضَّيْفَ لَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا قُدِّمَ لَهُ. قَوْلُهُ: (صِحَّةُ قَبُولِهِ التَّبَرُّعَ) عَلَيْهِ وَكَوْنُهُ مُعَيَّنًا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (الصَّبِيِّ) وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ، نَعَمْ يَصِحُّ إعَارَةُ السَّفِيهِ نَفْسَهُ لِمَا لَا يَقْصِدُ مِنْ مَنْفَعَتِهِ، كَغِنَاهُ وَإِعَارَةُ الصَّبِيِّ وَلَوْ مِنْ وَلِيِّهِ لِذَلِكَ كَخِدْمَةِ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ، وَلِوَلِيِّهِمَا أَنْ يَسْتَعِيرَ لَهُمَا إعَارَةً غَيْرَ مَضْمُونَةٍ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ نَحْوِ مُسْتَأْجِرٍ، وَتَصِحُّ إعَارَةُ الْمُفْلِسِ مِنْ مَالِهِ زَمَنًا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ. قَوْلُهُ: (مَنْ يَسْتَوْفِي) وَلَيْسَ أَثْقَلُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمُعِيرَ يَرْضَى بِرُكُوبِهِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (كَوْنُهُ مُنْتَفَعًا بِهِ) أَيْ حَالَةَ الْعَقْدِ قَالَهُ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالْخَطِيبُ صِحَّتَهَا فِيمَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ أَوْ الْمُقَيَّدَةِ بِمُدَّةٍ يَتَأَتَّى فِيهَا الِانْتِفَاعُ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الِانْتِفَاعِ مُبَاحًا مَقْصُودًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْأَطْعِمَةِ) أَيْ لِلْأَكْلِ، فَإِنْ كَانَ لِيَعْمَلَ عَلَى مِثْلِهَا صَحَّ، وَمِثْلُهَا النَّقْدُ، فَتَصِحُّ إعَارَتُهُ لِلضَّرْبِ عَلَى صُورَتِهِ أَوْ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فِي اسْتِهْلَاكِهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ النَّفْعُ بِدُونِ   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الْعَارِيَّةِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُنْتَفَعًا بِهِ) أَيْ مَنْفَعَةً مُبَاحَةً. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ إعَارَةُ الْأَطْعِمَةِ) وَالشَّمْعِ لِلْإِيقَادِ، وَكَذَا السِّرَاجُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَائِدَةٌ: لَوْ أَخَذَ كُوزًا مِنْ السَّقَّاءِ لِيَشْرَبَ مَجَّانًا، فَالْكُوزُ فِي يَدِهِ عَارِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ أَوْ عَادَتُهُ الْأُجْرَةَ فَهُوَ أَمَانَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ لِلْكُوزِ مُشْتَرٍ لِلْمَاءِ. زَادَ السُّبْكِيُّ شِرَاءً فَاسِدًا وَإِيجَارًا فَاسِدًا. قَوْلُهُ: (وَلَا لِخِدْمَةِ إلَخْ) نَازَعَ فِيهِ فِي الْمَطْلَبِ وَحَالِ الصِّحَّةِ. قَالَ: لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا بِحُضُورِ مَنْ تَنْدَفِعُ بِهِ الْخَلْوَةُ، أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 وَعُلِّلَ فِي الْمِنْهَبِ عَدَمُ الْجَوَازِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْدُمَهُ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ لَفْظٍ كَأَعَرْتُكَ أَوْ أَعِرْنِي، وَيَكْفِي لَفْظُ أَحَدِهِمَا مَعَ فِعْلِ الْآخَرِ) كَمَا فِي إبَاحَةِ الطَّعَامِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظٌ حَتَّى لَوْ أَعْطَى عَارِيًّا قَمِيصًا فَلَبِسَهُ تَمَّتْ الْإِعَارَةُ، وَكَذَا لَوْ فَرَشَ لِضَيْفِهِ بِسَاطًا لِمَنْ يَجْلِسُ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ إعَارَةً لِمَنْ جَلَسَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمُسْتَعِيرِ اهـ. (وَلَوْ قَالَ: أَعَرْتُكَهُ) أَيْ حِمَارِي مَثَلًا (لِتَعْلِفَهُ) بِعَلَفِك، (أَوْ لِتُعِيرَنِي فَرَسَك فَهُوَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ تُوجِبُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) ، أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ مُدَّةَ الْإِمْسَاكِ، وَقِيلَ: هُوَ إعَارَةٌ فَاسِدَةٌ، وَهَذَا نَاظِرٌ إلَى اللَّفْظِ وَفَسَادِهِ لِذِكْرِ الْعِوَضِ، الْأَوَّلُ نَاظِرٌ إلَى الْمَعْنَى، وَفَسَادِهِ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ وَالْعَلَفِ. وَلَوْ قَالَ: أَعَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ شَهْرًا مِنْ الْيَوْمِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، أَوْ لِتُعِيرَنِي ثَوْبَك شَهْرًا مِنْ الْيَوْمِ فَهَلْ هِيَ إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ أَوْ إعَارَةٌ فَاسِدَةٌ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالْمَعْنَى. تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ الْفَسَادِ فِي أَعَرْتُكَهُ لِتَعْلِفَهُ أَنْ يَكُونَ الْعَلَفُ فِي الْإِعَارَةِ عَلَى الْمَالِكِ، وَمِثْلُهُ طَعَامُ الرَّقِيقِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْبَيَانِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ. وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: عَلَى الْمُسْتَعِيرِ عَلَفُ الدَّابَّةِ وَسَقْيُهَا، وَطَعَامُ الْعِيدِ   [حاشية قليوبي] اسْتِهْلَاكِهَا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَحْوَ الثَّوْبِ، وَخَرَجَ بِهِ اسْتِهْلَاكُ عَيْنٍ مِنْهَا فَتَصِحُّ إعَارَةُ شَجَرَةٍ لِأَخْذِ ثَمَرِهَا، وَشَاةٍ لِأَخْذِ لَبَنِهَا، وَدَوَاةٍ لِلْكِتَابَةِ مِنْهَا، وَهَذِهِ الْأَعْيَانُ مَأْخُوذَةٌ بِالْإِبَاحَةِ. وَالْمُعَارُ مَحَالُّهَا عَلَى الرَّاجِحِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ قَبْلَ الِانْتِفَاعِ بِالْمَذْكُورَاتِ ضَمِنَهَا الْمُنْتَفِعُ، وَلَوْ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالرُّجُوعِ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ كَذَا قَالُوا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْعَارِيَّةِ لَيْسَ فِيهِ إبَاحَةُ عَيْنٍ، وَلَا تَصِحُّ الْإِبَاحَةُ بِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْإِبَاحَةُ صَدَرَتْ قُبِلَ بِشَرْطِهَا فَهُوَ مُحْتَمَلٌ فَتَأَمَّلْ، وَتَصِحُّ إعَارَةُ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَلَوْ مِنْ نَجَاسَةٍ، وَالذَّاهِبُ مِنْهُ كَانْمِحَاقِ الثَّوْبِ نَعَمْ إنْ تَنَجَّسَ الْمَاءُ لِقِلَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا لِخِدْمَةِ ذَكَرٍ) وَمِثْلُهَا الْأَمْرُ وَلَوْ لِمَنْ لَا يُعْرَفُ بِالْفُجُورِ أَوْ عِنْدَهُ حَلِيلَةٌ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (غَيْرِ مَحْرَمٍ) إلَّا إنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى خِدْمَتِهِ. قَوْلُهُ: (فَتَجُوزُ) أَيْ فِيهِمَا، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فَجَوَّزَهُ فِي الصَّغِيرَةِ لَا فِي الْقَبِيحَةِ كَالْإِسْنَوِيِّ، وَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مُسْلِمَةٍ لِكَافِرَةٍ لِحُرْمَةِ نَظَرِهَا، وَلَا يَصِحُّ كَوْنُ الْخُنْثَى مُعِيرًا وَلَا مُسْتَعِيرًا وَإِعَارَةُ عَبْدٍ لِامْرَأَةٍ كَعَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (الْفَسَادُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، قَالَ شَيْخُنَا: وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا يُكْرَهُ أَنْ يَسْتَعِيرَ الْوَلَدُ وَالِدَهُ إلَّا لِتَرَفُّهِهِ، وَالْإِعَارَةُ كَالِاسْتِعَارَةِ وَلَوْ مِنْ أَصْلِهِ لَهُ، نَعَمْ إنَّ خِدْمَةَ أَصْلِهِ بِغَيْرِ طَلَبِهِ لَمْ يُكْرَهْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا، وَيَدُلُّ لَهَا قَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: إنَّهَا لَيْسَتْ عَارِيَّةً حَقِيقَةً، وَعَلَيْهَا يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَقْدِ، وَأَمَّا خِدْمَةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ بِعَقْدٍ أَوْ بِغَيْرِ عَقْدٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهَا فِي بَابِ الْجِزْيَةِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ، وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ بِقَوْلِ الرَّوْضَةِ: الْأَصَحُّ الْجَوَازُ أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ هُنَا، وَتَعْلِيلُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ حُرْمَةُ الْعَقْدِ الْمَذْكُورَةُ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ وَآخَرِينَ بِحُرْمَةِ الْخِدْمَةِ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ جَوَازُهَا وَلَا وُجُودُهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ جَوَازِ عَقْدِهَا، وَلَا يُمَكَّنُ الْكَافِرُ مِنْ اسْتِخْدَامِ الْمُسْلِمِ، بَلْ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْهُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ. وَيَسْتَنِيبُ الْمُسْلِمُ كَافِرًا يَقُومُ عَنْهُ بِهَا فِي غَيْرِهَا، فَقَوْلُ شَيْخِنَا بِجَوَازِ الْخِدْمَةِ هُنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَرَاجِعْ وَحَرِّرْ. وَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ سِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ وَنَحْوِ مُصْحَفٍ لِكَافِرٍ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الصِّحَّةُ فِيهِمَا مَعَ الْحُرْمَةِ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ الْوَجْهُ. وَلَا يَصِحُّ إعَارَةُ صَيْدٍ لِمُحْرِمٍ، تَنْبِيهٌ: لَوْ اسْتَعَارَ كِتَابَ عِلْمٍ أَوْ مُصْحَفًا أَوْ كِتَابَ حَدِيثٍ فَوَجَدَ فِيهِ خَطَأً وَجَبَ إصْلَاحُهُ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ مُطْلَقًا، وَكَذَا فِي غَيْرِهِمَا إنْ كَانَ وَقْفًا وَإِلَّا جَازَ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ مَنَعَهُ مَالِكُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَا مَالِكِهِ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ فِي خَطٍّ مُنَاسِبٍ لِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا فِي الْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (لَفْظُ أَحَدِهِمَا مَعَ فِعْلِ الْآخَرِ) فَلَا يَكْفِي سُكُوتُ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ، وَلَا الْفِعْلُ مِنْهُمَا إلَّا فِي نَحْوِ ظَرْفِ مَبِيعٍ أَوْ هَدِيَّةٍ جَرَتْ عَادَةٌ بِهِ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمُعَارِ فَيَكْفِي خُذْ مِنْ دَوَابِّي مَا شِئْت، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي الْقَبُولِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعَقْدَ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَكَوْنُ الْعَارِيَّةِ مِنْ الْإِبَاحَةِ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ، وَلِذَلِكَ صَحَّتْ بِلَفْظِ الْإِبَاحَةِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى لَوْ أَعْطَى إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إبَاحَةٌ فِيهِمَا. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: احْمِلْ مَتَاعِي عَلَى دَابَّتِك فَفَعَلَ فَهُوَ عَارِيَّةٌ، أَوْ أَعْطِنِي مَتَاعَك لِأَحْمِلَهُ عَلَى دَابَّتِي فَهُوَ وَدِيعَةٌ، وَاسْتُشْكِلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ فِيهِ تَقَدُّمَ الْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ الْوَدِيعَةِ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ الْمَحْمُولُ، وَإِنَّ الدَّابَّةَ مُعَارَةٌ كَالْأُولَى، وَحِينَئِذٍ فَالْمَتَاعُ أَمَانَةٌ فِيهِمَا، وَالدَّابَّةُ مُعَارَةٌ فِيهِمَا فَلَا مُخَالَفَةَ. قَوْلُهُ: (بِعَلَفِك) لَيْسَ قَيْدًا فَبِعَلَفِي كَذَلِكَ لِجَهَالَةِ الْفِعْلِ، وَتَقْيِيدُهُ بِهِ لِأَجْلِ التَّنْبِيهِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ فِيمَا ذَكَرَهُ لِيَأْتِيَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ: (هِيَ إجَارَةٌ صَحِيحَةٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَا يَضُرُّ فِيهَا جَهَالَةُ الْعَمَلِ كَالتَّقْدِيمِ لِلدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ فَهُوَ مُغْتَفَرٌ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَالِكِ) وَهُوَ كَذَلِكَ، فَلَوْ عَلَفَهَا الْمُسْتَعِيرُ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا إنْ   [حاشية عميرة] يُوَكِّلَ امْرَأَةً فِي اسْتِخْدَامِهَا. [إعَارَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ] قَوْلُهُ: (وَعُلِّلَ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ مَنْعَهُ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ خَاصٌّ بِالْإِعَارَةِ لِلْخِدْمَةِ، وَلِهَذَا جَمَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ: التَّحْرِيمُ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْخِدْمَةِ وَالْكَرَاهَةُ عَلَى غَيْرِهَا. فَرْعٌ: يَحْرُمُ إعَارَةُ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ، وَلَوْ فَعَلَ حَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ الْإِرْسَالُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ هُوَ إعَارَةٌ فَاسِدَةٌ) قَضِيَّتُهُ أَنْ لَا يَجِبَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى هَذَا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَطْلَبِ وَاسْتَبْعَدَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَبْذُلْ الْمَنْفَعَةَ مَجَّانًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ تَلِفَتْ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَلَوْ اسْتَعَارَ عَبْدًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 وَشَرَابُهُ (وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ) لِلْعَارِيَّةِ (عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) مِنْ الْمَالِكِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ إنْ رُدَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ رُدَّ عَلَى الْمَالِكِ فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْمُسْتَأْجَرَ (فَإِنْ تَلِفَتْ لَا بِاسْتِعْمَالٍ ضَمِنَهَا، وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ) قَالَ النَّبِيُّ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» . «وَقَالَ فِي أَدْرُعٍ أَخَذَهَا مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ: عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تُضْمَنُ بِقِيمَةِ يَوْمَ التَّلَفِ، وَتَلَفُ بَعْضِهَا مَضْمُونٌ. وَقِيلَ: لَا كَتَلَفِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا يَنْمَحِقُ) مِنْ الثِّيَابِ. (أَوْ يَنْسَحِقُ بِالِاسْتِعْمَالِ) . وَالثَّانِي: يَضْمَنُهُمَا. (وَالثَّالِثُ: يَضْمَنُ الْمُنْمَحِقَ) أَيْ الْبَالِيَ دُونَ الْمُنْسَحِقِ أَيْ التَّالِفِ بَعْضِ أَجْزَائِهِ، وُجِّهَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ مَا بِهِمَا حَدَثَ عَنْ سَبَبٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَالثَّانِي قَالَ: حَقُّ الْعَارِيَّةِ أَنْ تُرَدَّ، وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا فِي الْأَوَّلِ فَتُضْمَنُ فِي آخِرِ حَالَاتِ التَّقْوِيمِ، وَفَاتَ رَدُّ بَعْضِهَا فِي الثَّانِي فَيَضْمَنُ بَدَلَهُ، وَالثَّالِثُ فَرَقَ بِوُجُودِ مَرْدُودٍ فِي الثَّانِي   [حاشية قليوبي] عَلَفَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ إشْهَادٍ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ اسْتَعَارَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا مِنْ سَيِّدِهَا فَمُؤْنَتُهَا عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَتَهَا بِالْإِعَارَةِ، وَلَوْ اسْتَعَارَ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ صَحَّ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي إعَارَةِ نَفْسِهَا لِغَيْرِهِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ فِيهِمَا، وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا كَمَا لَوْ سَافَرَتْ لِغَرَضِهَا وَحْدَهَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِعَدَمِ خُرُوجِهَا هُنَا، وَهَلْ تَبْطُلُ الْعَارِيَّةُ إذَا طَلَّقَهَا؟ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْقَاضِي) هُوَ مَرْجُوحٌ. فُرُوعٌ: الضَّمَانُ الْوَاقِعُ فِي بِلَادِ الرِّيفِ تَقَدَّمَ فِي الشَّرِكَةِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ أَعْطَى دِرْهَمًا لِمَنْ يَسْقِيهِ أَوْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَسْقِيَهُ بِعِوَضٍ أَوْ مُطْلَقًا نَظَرًا إلَى أَنَّ الْغَالِبَ الْعِوَضُ فَأَعْطَاهُ الْمَاءَ فِي ظَرْفٍ، فَالظَّرْفُ مَأْخُوذٌ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَالْمَاءُ مَأْخُوذٌ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَهُوَ مَضْمُونٌ إنْ كَانَ بِقَدْرِ مَا يَشْتَرِيهِ، فَإِنْ زَادَ فَالزَّائِدُ أَمَانَةٌ فَلَا يَضْمَنُهُ وَلَوْ سَقَاهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ لَمْ يَضْمَنْ الْمَاءَ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ، وَيُضَمُّ الظَّرْفُ؛ لِأَنَّهُ مُعَارٌ، فَلَوْ كَانُوا جَمَاعَةً فَفِي الْعَارِيَّةِ يَضْمَنُ الْكُلَّ وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ التَّلَفُ، وَفِي الْإِجَارَةِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا فَاسِدَةٌ بِأَنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ أَوْ قَصَرَ كَأَنْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ مِلْكِ الْمَالِكِ أَوْ فِيهِ فِي مَحَلٍّ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِوَضْعِهِ فِيهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَعْطَى سَائِلًا مَثَلًا طَعَامًا فِي إنَاءٍ لِأَكْلِهِ مَثَلًا، وَمِثْلُهُ إعْطَاءُ دَوَاةٍ لِيَكْتُبَ مِنْهَا، أَوْ مُكْحُلَةٍ لِيَكْتَحِلَ مِنْهَا، أَوْ أَقْلَامًا لِيَكْتُبَ بِوَاحِدٍ مِنْهَا، أَوْ كِتَابًا لِيَنْسَخَ مِنْهُ، أَوْ مُصْحَفًا كَذَلِكَ، أَوْ قِنْدِيلًا لِيَسْتَضِيءَ بِهِ، وَكُلُّ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ مَا شُرِطَ أَمَانَةٌ كَبَقِيَّةِ الْمَاءِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى بَيَّاعٍ أَوْ طَبَّاخٍ مَثَلًا ظَرْفًا لِيَضَعَ لَهُ فِيهِ مَا يَشْتَرِيهِ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَتَلِفَ الظَّرْفُ، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مُعَيَّنًا أَوْ أَفْرَزَهُ بِنَحْوِ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ لَمْ يَضْمَنْ الظَّرْفَ وَإِلَّا ضَمِنَهُ، وَلَوْ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ فَوَجَدَهُ زَائِدًا عَدَدًا أَوْ كَيْلًا أَوْ غَيْرَهُمَا ضَمِنَ الزَّائِدَ؛ لِأَنَّهُ أُخِذَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ كَالْمُقْتَرِضِ، وَلَوْ وُجِدَ فِي الطَّعَامِ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي الظَّرْفِ نَحْوَ فَأْرَةٍ وَادَّعَى كُلٌّ أَنَّهَا كَانَتْ فِي ظَرْفِ الْآخَرِ، صُدِّقَ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعِي الصِّحَّةَ، وَلَوْ اشْتَرَى نَحْوَ سَمْنٍ مِنْ ظَرْفَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ وَوَجَدَ فِي أَحَدِهِمَا نَجَاسَةً وَاشْتَبَهَ، نَقُولُ لَهُ: اجْتَهِدْ وَاعْمَلْ بِاجْتِهَادِك، فَإِنْ تَحَيَّرَ قُلْنَا لَهُ: نَحْنُ مُفْتُونَ لَا مُجْبِرُونَ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) وَيَجِبُ الرَّدُّ فَوْرًا مَتَى بَطَلَتْ الْعَارِيَّةُ، فَإِنْ أَخَّرَ لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ مَعَ مُؤْنَةِ الرَّدِّ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ إنْ قَصَرَ، وَلَهُ الرُّكُوبُ فِي الرَّدِّ، وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ لِلُزُومِهِ لَهُ وَيَبْرَأُ بِهِ إنْ وَصَلَتْ إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ لِمَحَلِّ أَخْذِهَا مِنْهُ إنْ عَلِمَ بِهَا الْمَالِكُ وَلَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَدَّ عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ رَدُّهَا لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْ مُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي الْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا إحْسَانٌ، فَلَوْ لَمْ تُجْعَلْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لَرُبَّمَا امْتَنَعَ النَّاسُ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَلِفَتْ) وَلَوْ بِإِتْلَافِ الْمَالِكِ بِنَحْوِ صِيَالٍ. قَوْلُهُ: (لَا بِاسْتِعْمَالٍ) أَيْ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَمِثْلُ الْمَأْذُونِ فِيهِ عَقْرُهَا وَعَرَجُهَا وَعُثُورُهَا بِثِقَلِ حَمْلٍ أُذِنَ فِيهِ، وَيُصَدَّقُ الْمُسْتَعِيرُ فِي دَعْوَى تَلَفِهَا بِالْمَأْذُونِ فِيهِ عَكْسُ مَا لَوْ أَقَامَا بِبِنْتَيْنِ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَهَا) وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهَا أَمَانَةٌ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُفْسِدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَشُرِطَ رَهْنٌ بِهَا أَوْ ضَمَانُهُ لَهَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ كَذَلِكَ، وَشُرِطَ أَنْ لَا ضَمَانَ فَاسِدَ لَا مُفْسِدٌ، وَيَضْمَنُ نَحْوَ إكَافِهَا أَيْضًا وَلَا يَضْمَنُ وَلَدُهَا الْمَوْجُودَ حَالَ الْعَارِيَّةِ وَإِنْ صَرَّحَ بِاسْتِعَارَتِهِ، إلَّا إنْ اسْتَحْفَظَهُ عَلَيْهِ أَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَتْ أُمُّهُ لَا تَمْشِي إلَّا بِهِ كَذَا عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَلَوْ وَلَدَتْ حَالَ الْعَارِيَّةِ فَالْوَلَدُ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إنْ تَمَكَّنَ وَيَضْمَنُهُ إنْ قَصَّرَ، وَلَا يَضْمَنُ ثِيَابَ رَقِيقٍ وَلَا جِلْدَ أُضْحِيَّةٍ مَنْذُورَةٍ كَالنَّاذِرِ وَلَا مُسْتَعَارًا لِلرَّهْنِ، وَلَا صَيْدًا مُسْتَعَارًا مِنْ مُحْرِمٍ، وَعَكْسُهُ يَضْمَنُ الْجَزَاءَ وَالْقِيمَةَ، وَلَا كِتَابًا وَقْفًا عَلَى طَائِفَةٍ هُوَ مِنْهُمْ، وَلَا مَا أَخَذَهُ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَلَهُ فِيهِ حَقٌّ، وَالْحُكْمُ بِأَنَّ هَذَا مِنْ الْعَارِيَّةِ مَجَازٌ. قَوْلُهُ: (فِي أَدْرُعٍ) بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ أَوْ مُعْجَمَةٍ جَمْعُ دِرْعٍ كَمَا فِي رِوَايَةٍ. قَوْلُهُ: (بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ) وَلَوْ مِثْلِيَّةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْمِثْلِ يُؤَدِّي إلَى ضَمَانِ مَا تَلِفَ بِالِانْتِفَاعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (مَضْمُونٌ) أَيْ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا عَلَى وِزَانِ مَا قَبْلَهُ قَوْلُهُ: (مِنْ الثِّيَابِ) وَمِنْهُ أَوْ مِثْلُهَا نَحْوُ سَرْجِ فَرَسٍ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي إعَارَتِهَا لِتَوَقُّفِ انْتِفَاعِهِ عَلَيْهِ، وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ لَمْ يَبْقَ فِي الْبَاقِي مَنْفَعَةٌ أَوْ تَلِفَ   [حاشية عميرة] وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ لَمْ يَضْمَنْهَا بِخِلَافِ سَرْجِ الدَّابَّةِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالِاسْتِعْمَالِ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَنَا. فَرْعٌ: لَوْ أَعَارَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا ضَمَانَ لَغَا الشَّرْطُ وَصَحَّ الْعَقْدُ، كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَرُدَّ مُكَسَّرًا عَنْ صَحِيحٍ. قَوْلُهُ: (يَضْمَنُهُمَا) أَيْ لِإِطْلَاقِ حَدِيثِ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» كَذَا عَلَّلَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَعَلَّلَهُ الشَّارِحُ بِمَا سَيَأْتِي. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ الثَّالِثُ أَضْعَفُ مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ بَعْدَ الْمُنْمَحِقِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْبَالِيَ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ الِانْمِحَاقُ هُوَ التَّلَفُ بِالْكُلِّيَّةِ، مِثْلُ أَنْ يَلْبَسَهَا إلَى أَنْ تُبْلَى، وَالِانْسِحَاقُ هُوَ النُّقْصَانُ. قَالَ: وَتَلَفُ الدَّابَّةِ بِالرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ إلَّا الْمُعْتَادَ كَالِانْمِحَاقِ، وَعَرَقُهَا وَعَرَجُهَا كَالِانْسِحَاقِ. قَوْلُهُ: (فَتُضْمَنُ فِي آخِرِ إلَخْ) يَعْنِي آخِرَ حَالَةٍ يُمْكِنُ تَقْوِيمُهُ فِيهَا، وَمُقَابِلُهُ يَضْمَنُهَا كُلَّهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 دُونَ الْأَوَّلِ، وَنَشَأَ الثَّالِثُ الْمَزِيدُ عَلَى الْمُحَرَّرِ مِنْ جَمْعِ الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ لَا يَضْمَنُ) التَّالِفَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ، وَهُوَ لَا يَضْمَنُ. وَالثَّانِي قَالَ: يَضْمَنُ كَالْمُسْتَعِيرِ مِنْ الْمَالِكِ (وَلَوْ تَلِفَتْ دَابَّتُهُ فِي يَدِ وَكِيلٍ بَعَثَهُ فِي شُغْلِهِ، أَوْ فِي يَدِ مَنْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ لِيُرَوِّضَهَا) أَيْ يُعَلِّمَهَا، (فَلَا ضَمَانَ) عَلَى الْوَكِيلِ أَوْ الرَّائِضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَلَيْسَ مُسْتَعِيرًا (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَعِيرِ (الِانْتِفَاعُ بِحَسَبِ الْإِذْنِ، فَإِنْ أَعَارَهُ لِزِرَاعَةِ حِنْطَةٍ زَرَعَهَا، وَمِثْلَهَا) وَدُونَهَا فِي ضَرَرِ الْأَرْضِ (إنْ لَمْ يَنْهَهُ) عَنْ غَيْرِهَا، فَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَرْعُهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ مَا فَوْقَهَا كَالذُّرَةِ وَالْقُطْنِ، (أَوْ الشَّعِيرِ لَمْ يَزْرَعْ مَا فَوْقَهُ كَحِنْطَةٍ) فَإِنَّ ضَرَرَهَا فَوْقَ ضَرَرِهِ، (وَلَوْ أَطْلَقَ الزِّرَاعَةَ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ وَيَزْرَعُ مَا شَاءَ) لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ، وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ لِتَفَاوُتِ الضَّرَرِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَوْ قِيلَ: يَصِحُّ وَلَا يَزْرَعُ إلَّا أَقَلَّ الْأَنْوَاعِ ضَرَرًا لَكَانَ مَذْهَبًا، وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ. (وَإِذَا اسْتَعَارَ لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ فَلَهُ الزَّرْعُ، وَلَا عَكْسُ) ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُمَا أَكْثَرُ، (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَغْرِسُ مُسْتَعِيرٌ لِبِنَاءٍ، وَكَذَا الْعَكْسُ) لِاخْتِلَافِ جِنْسِ الضَّرَرِ، إذْ ضَرَرُ الْبِنَاءِ فِي ظَاهِرِ الْأَرْضِ أَكْثَرُ، وَضَرَرُ الْغِرَاسِ فِي بَاطِنِهَا أَكْثَرُ لِانْتِشَارِ عُرُوقٍ، وَالثَّانِي يَجُوزُ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ لِلتَّأْبِيدِ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا تَصِحُّ إعَارَةُ الْأَرْضِ مُطْلَقَةً، بَلْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ نَوْعِ الْمَنْفَعَةِ) مِنْ زَرْعٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْإِجَارَةِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ، وَيُحْتَمَلُ فِيهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْإِجَارَةِ، وَيَنْتَفِعُ بِهَا كَيْفَ شَاءَ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: يَنْتَفِعُ بِمَا هُوَ الْعَادَةُ فِيهَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَالَ: أَعَرْتُكهَا لِتَنْتَفِعَ بِهَا كَيْفَ شَاءَ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ، يَنْتَفِعُ بِمَا هُوَ الْعَادَةُ فِيهَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَالَ: أَعَرْتُكهَا لِتَنْتَفِعَ بِهَا كَيْفَ شِئْت فَوَجْهَانِ، يُؤْخَذُ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ مِنْ نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِجَارَةِ، وَكَالْأَرْضِ فِيمَا ذُكِرَ الدَّابَّةُ تَصْلُحُ لِلرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ، أَمَّا مَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِوَجْهٍ وَاحِدٍ كَالْبِسَاطِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ إلَّا لِلْفَرْشِ، فَلَا حَاجَةَ فِي إعَارَتِهِ إلَى بَيَانِ الِانْتِفَاعِ   [حاشية قليوبي] جَمِيعُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ مَاءُ الْوُضُوءِ وَنَحْوُهُ. قَوْلُهُ: (الْمَزِيدُ عَلَى الْمُحَرَّرِ) وَعَلَى الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ) أَيْ إجَارَةً صَحِيحَةً ظَاهِرَةً وَلَوْ بَعْدَ التَّعَدِّي فِيهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَالِكِ مَنْفَعَةٍ كَمُوصًى لَهُ وَمَنْفَعَةٌ هِيَ رَأْسُ مَالٍ، أَوْ صَدَاقٌ، أَوْ مَصَالِحُ بِهَا، أَوْ سَلَمٌ، أَوْ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (دَابَّتُهُ) أَيْ الْمَالِكِ، وَمِثْلُهُ الْمُسْتَعِيرُ حَيْثُ جَازَتْ لَهُ الْإِنَابَةُ. قَوْلُهُ: (يُعَلِّمَهَا) أَيْ السَّيْرَ الَّذِي يَسْتَرِيحُ بِهِ رَاكِبُهَا. قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) مَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سَلَّمَهُ عَبْدًا لِيُعَلِّمَهُ حِرْفَةً وَاسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهَا كَخِدْمَةٍ. فَرْعٌ: لَوْ اسْتَعَارَ عَبْدَيْنِ مِنْ مَالِكِهِمَا فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَاقْتَصَّ الْمَالِكُ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (بِحَسْبِ الْإِذْنِ) أَيْ بِحَسْبِ مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ فِيهِ، وَمِنْهُ تَكْرَارُ الِانْتِفَاعِ بِنَحْوِ لُبْسِ ثَوْبٍ، وَرُكُوبِ دَابَّةٍ، وَسُكْنَى دَارٍ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَرَّةٍ أَوْ مُدَّةٍ، وَلَوْ عَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، أَوْ جَاوَزَ مَحَلًّا أُذِنَ لَهُ فِي وُصُولِهِ صَارَ ضَامِنًا وَلَزِمَتْهُ أُجْرَةُ مَا جَاوَزَهُ فَقَطْ، وَلَهُ الرُّكُوبُ فِي الْعَوْدِ مِنْهُ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ مَا فَوْقَهَا) وَإِذَا زَرَعَ ذَلِكَ صَارَ مُتَعَدِّيًا وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَلِلْمَالِكِ قَلْعُهُ مَجَّانًا وَالْعَارِيَّةُ بَاقِيَةٌ فَلَهُ زَرْعُ مَا أُبِيحَ لَهُ بَعْدَ قَلْعِ الْأَوَّلِ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يُفْهِمُ خِلَافَهُ فَرَاجِعْهُ، وَلَا يَزْرَعُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ. قَوْلُهُ: (كَحِنْطَةٍ) وَالْقَوْلُ دُونَهَا وَفَوْقَ الشَّعِيرِ. قَوْلُهُ: (مَا شَاءَ) أَيْ مِمَّا اُعْتِيدَ زَرْعُهُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ نَادِرًا أَوْ مُضِرًّا. قَوْلُهُ: (لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ) بِقَوْلِهِ زُرِعَ قَوْلُهُ: (لِتَنْتَفِعَ بِهَا كَيْفَ شِئْت) هَذَا تَعْمِيمٌ قَوْلُهُ: (تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ مَا شَاءَ جَزْمًا، وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَالْإِطْلَاقِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا يَجُوزُ دَفْنُ الْمَيِّتِ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (يُنْتَفَعُ بِهِ بِوَجْهٍ وَاحِدٍ) وَكَذَا مَا الْمَقْصُودُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَجْهٌ وَاحِدٌ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ) لَوْ كَانَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ مُسْتَأْجِرًا مِنْ غَاصِبٍ، وَتَلِفَتْ الْعَيْنُ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ رَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (زَرَعَهَا وَمِثْلَهَا) تَعَرَّضَ هُنَا لِمَا يَجُوزُ، وَتَرَكَ مَا لَا يَجُوزُ، وَعُكِسَ فِي الشَّعِيرِ إحَالَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ. فَرْعٌ: لَوْ فَعَلَ مَا مُنِعَ مِنْهُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمُتَّجَهُ أَنَّ عَلَيْهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، لَا مَا زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ بِعُدُولِهِ عَنْ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ كَالرَّادِّ لِمَا أُبِيحَ لَهُ، وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ عِنْدَهُ لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَطْلَقَ الزِّرَاعَةَ) صُورَةُ الْإِطْلَاقِ أَنْ يَقُولَ: لِتَزْرَعْ مَا شِئْت فَهُوَ عَامٌّ. فَيَزْرَعُ مَا شَاءَ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (وَيُحْتَمَلُ فِيهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا مَكْرَمَةٌ وَمَعُونَةٌ، وَأَيْضًا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ. قَوْلُهُ: (كَيْفَ شَاءَ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: إلَّا دَفْنَ الْمَوْتَى؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اللُّزُومِ، أَيْ فَلَا يُسْتَفَادُ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ. أَقُولُ: وَهَذَا يَجْرِي فِي مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ الْآتِيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 فَصْلٌ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُعِيرُ (رَدُّ الْعَارِيَّةِ مَتَى شَاءَ) سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُطْلَقَةُ وَالْمُؤَقَّتَةُ، وَرَدُّ الْمُعِيرِ بِمَعْنَى رُجُوعِهِ، وَبِهِ عُبِّرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، (إلَّا إذَا أَعَارَ لِدَفْنٍ) وَفَعَلَ (فَلَا يَرْجِعُ) فِي مَوْضِعِهِ (حَتَّى يَنْدَرِسَ أَثَرُ الْمَدْفُونِ) مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْمَيِّتِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ وَضْعِهِ فِيهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَكَذَا بَعْدَ الْوَضْعِ مَا لَمْ يُوَارِهِ التُّرَابَ. تَنْبِيهٌ: يُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ الْعَارِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمُعِيرُ، أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ انْفَسَخَتْ الْإِعَارَةُ كَسَائِرِ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَعِيرُ انْفَسَخَتْ أَيْضًا اهـ (وَإِذَا أَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً، ثُمَّ رَجَعَ) بَعْدَ أَنْ بَنَى الْمُسْتَعِيرُ أَوْ غَرَسَ (إنْ كَانَ شَرَطَ) عَلَيْهِ (الْقَلْعَ مَجَّانًا) أَيْ بِلَا أَرْشٍ لِنَقْصِهِ (لَزِمَهُ) ، فَإِنْ امْتَنَعَ قَلَعَهُ الْمُعِيرُ مَجَّانًا. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ الْقَلْعَ، (فَإِنْ اخْتَارَ الْمُسْتَعِيرُ الْقَلْعَ قَلَعَ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْمُعِيرِ بِأَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ الْقَلْعَ رَضِيَ بِمَا يَحْدُثُ مِنْهُ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ: (الْأَصَحُّ يَلْزَمُهُ) التَّسْوِيَةُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّهُ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، فَيَلْزَمُهُ رَدُّ الْأَرْضِ.   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْعَارِيَّةَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (مَتَى شَاءَ) وَهُوَ فِي الْمُؤَقَّتَةِ قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا تَنْتَهِي بِفَرَاغِهَا، وَلَا أُجْرَةَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِرُجُوعِ الْمُعِيرِ، وَفَارَقَ ضَمَانَ ثَمَرِ بُسْتَانٍ مَثَلًا رُجِعَ عَنْ إبَاحَتِهِ بِضَعْفِ الْمَنْفَعَةِ هُنَا، وَخَرَجَ بِرُجُوعِهِ نَحْوُ جُنُونِهِ فَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِيهِ قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (وَرَدُّ الْمُعِيرِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَارِيَّةِ فِي كَلَامِهِ الْعَقْدُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِمُنَاسَبَةِ مَا بَعْدَهُ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِي الْعَيْنِ مَعَ صِحَّةِ الرُّجُوعِ فِي الْعَقْدِ لِأَجْلِ أَنَّهُ قَدْ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ مِنْ وَقْتِ رُجُوعِهِ كَمَتَاعٍ فِي سَفِينَةٍ فِي اللُّجَّةِ، وَثَوْبٍ لِلصَّلَاةِ مُطْلَقًا أَوْ صَلَاةِ نَفْلٍ أَوْ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَحَلٍّ لِسُكْنَى مُعْتَدَّةٍ أَوْ سِكِّينٍ لِذَبْحٍ أَوْ سَيْفٍ لِقِتَالٍ، وَلَوْ نَزَعَ الثَّوْبَ مِنْ الْمُصَلِّي أَتَمَّ صَلَاتَهُ عَارِيًّا إنْ عَجَزَ عَنْ السُّتْرَةِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ لَهُ فَرْضًا وَشَرَعَ فِيهِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِقَصْرٍ رَمَّهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَرْجِعُ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ رُجُوعُ ضَمِيرِهِ لِلْمُعِيرِ وَفِي الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ الصَّوَابُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَنْدَرِسَ) فَلَا رُجُوعَ فِي نَبِيٍّ وَشَهِيدٍ دَائِمًا. قَوْلُهُ: (عَلَى حُرْمَةِ الْمَيِّتِ) إنْ عُلِمَ أَنَّهُ مُحْتَرَمٌ كَالْآدَمِيِّ فَلَا مَنْعَ فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ وَضْعِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ نَبِيًّا أَوْ شَهِيدًا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بَعْدَ الْوَضْعِ) الْمُعْتَمَدُ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ بِإِدْلَائِهِ فِي الْقَبْرِ؛ لِأَنَّ فِي عَوْدِهِ إزْرَاءً بِهِ، وَيَجِبُ عَوْدُ دَفْنِهِ لَوْ أَظْهَرَهُ نَحْوُ سَيْلٍ إلَّا إنْ أَمْكَنَ دَفْنُهُ فِي مَحَلٍّ مُبَاحٍ قَرِيبٍ مِنْهُ، أَوْ أَوْصَلَهُ السَّيْلُ إلَيْهِ، وَكَذَا يُعَادُ لَوْ نُبِشَ لِمَا لَا يَطُولُ زَمَنُهُ كَتَوَجُّهٍ لِقِبْلَةٍ، وَشَهَادَةٍ عَلَى صُورَتِهِ، وَإِلَّا كَغُسْلٍ جَازَ الرُّجُوعُ، وَإِذَا حَفَرَ الْوَارِثُ وَرَجَعَ الْمُعِيرُ غَرِمَ لَهُ أُجْرَةَ حَفْرِهِ؛ لِأَنَّهُ وَرَّطَهُ فِيمَا لَا يُمْكِنُ إلَّا بِهِ، كَمَا لَوْ حَرَثَ أَرْضًا لَا يُمْكِنُ زَرْعُهَا إلَّا بِالْحَرْثِ، فَإِنْ كَانَ الْحَافِرُ الْمَيِّتُ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ يَغْرَمْ. قَوْلُهُ: (انْفَسَخَتْ الْإِعَارَةُ) أَيْ بِنَحْوِ جُنُونٍ، فَلَا أُجْرَةَ كَأَرْضٍ يُمْكِنُ زَرْعُهَا بِغَيْرِ الْحَرْثِ، وَإِعَارَةُ الْكَفَنِ كَإِعَارَةِ الْقَبْرِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِسَفَهٍ) وَكَذَا بِفَلَسٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَعِيرُ انْفَسَخَتْ) وَيَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ الرَّدُّ وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ فَوْرًا فَإِنْ أَخَّرُوا الْعُذْرَ فَلَا أُجْرَةَ وَلَا ضَمَانَ، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي التَّرِكَةِ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِمْ الْأُجْرَةُ وَالضَّمَانُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ، وَكَالْمَوْتِ الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ وَحَجْرُ السَّفَهِ لَا حَجْرُ الْفَلَسِ، نَعَمْ لَا تَنْفَسِخُ فِي السَّفَهِ إنْ لَمْ تُضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهَا حِينَئِذٍ. تَنْبِيهٌ: يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ نَحْوَ شَهِيدٍ لَا ذِكْرُ طُولِهِ وَغِلَظِهِ، وَنَحْوُهُمَا كَإِسْلَامٍ وَكُفْرٍ وَيُتْبَعُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ الْعِلْمُ بَعْدَ الرُّجُوعِ، وَحَيْثُ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ فَلَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ الدَّفْنِ وَمِثْلُهُ الْكَفَنُ، وَلِأَهْلِهِ زِيَارَتُهُ وَجُلُوسُهُمْ عَلَى قَبْرِهِ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَكَذَا لِغَيْرِ أَهْلِهِ. وَيُمْنَعُ مَالِكُ الْأَرْضِ مِمَّا يَضُرُّ الْمَيِّتَ وَلَوْ بِزَرْعٍ أَوْ حَفْرِ سِرْدَابٍ، وَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ لِلدَّفْنِ فِيمَا. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَوْ شَرَطَ تَسْوِيَةَ الْأَرْضِ أَوْ التَّبْقِيَةَ بِالْأُجْرَةِ أَوْ غَرِمَ   [حاشية عميرة] [فَصْل لِكُلِّ مِنْهُمَا أَيْ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُعِيرِ رَدُّ الْعَارِيَّةِ مَتَى شَاءَ] فَصْلٌ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا رَدُّ الْعَارِيَّةِ مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ بِالْمَنَافِعِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَالتَّبَرُّعُ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِالْقَبْضِ، وَكَذَا الْإِبَاحَةُ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ، وَلِأَنَّهَا إعَانَةٌ وَمَكْرَمَةٌ، فَلَوْ مَنَعْنَا الْمَالِكَ مِنْ الرُّجُوعِ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْهَا، وَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ. وَخَرَّجَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى مَا لَوْ رَجَعَ الْمُبِيحُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُبَاحُ لَهُ بِالرُّجُوعِ، وَهَذَا التَّخْرِيجُ حَقٌّ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ الرَّاجِحَ وُجُوبُ الْأُجْرَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا إذَا أَعَارَ إلَخْ) يَرِدُ عَلَى هَذَا الْحَصْرِ مَسَائِلُ: مِنْهَا: إعَارَةُ الْكَفَنِ، وَمِنْهَا: اسْتِعَارَةُ الدَّارِ لِسُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ فَقَطْ. وَمِنْهَا؛ مَا لَوْ قَالَ أَعِيرُوا دَارِي بَعْدَ مَوْتِي شَهْرًا وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَتَّى يَنْدَرِسَ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ عَلَى ظَاهِرِ الْقَبْرِ. قَوْلُهُ: (انْفَسَخَتْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَيَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ الرَّدُّ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ الْمُعِيرُ زَادَ غَيْرُهُ وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي التَّرِكَةِ، فَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ شَيْئًا فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ التَّخْلِيَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَجَّانًا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مُسْتَدْرَكٌ أَقُولُ: مُرَادُهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ غُرْمِ النَّقْصِ، وَغَرَضُ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى لَفْظِ مَجَّانًا؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، (وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) أَنْ يَقْلَعَهُ (لَمْ يَقْلَعْ مَجَّانًا) ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ، (بَلْ لِلْمُعِيرِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ بِأُجْرَةٍ أَوْ يَقْلَعَ، وَيَضْمَنَ أَرْشَ النَّقْصِ) وَهُوَ قَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَقْلُوعًا (قِيلَ: أَوْ يَتَمَلَّكُهُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ حِينَ التَّمَلُّكِ. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ضَمُّ الثَّالِثِ إلَى الْأَوَّلَيْنِ فِي مَقَالَةٍ، وَإِسْقَاطُ الْأَوَّلِ مَعَ الثَّالِثِ مَعَ مَقَالَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا إجَارَةٌ وَبَيْعٌ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ رِضَا الْمُسْتَعِيرِ، وَضَمُّ الثَّالِثِ وَالثَّانِي فَقَطْ فِي مَقَالَةٍ وَأَنَّهَا أَصَحُّ اهـ. وَإِذَا اخْتَارَ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ، فَإِنْ أَبَى كُلِّفَ تَفْرِيغَ الْأَرْضِ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ، (فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) أَيْ الْمُعِيرُ شَيْئًا. (لَمْ يَقْلَعْ مَجَّانًا إنْ بَذَلَ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ أَعْطَى (الْمُسْتَعِيرُ الْأُجْرَةَ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَبْذُلْهَا فِي الْأَصَحِّ، ثُمَّ) عَلَى هَذَا الْأَصَحِّ (قِيلَ: يَبِيعُ الْحَاكِمُ الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا) مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ (وَيَقْسِمُ بَيْنَهُمَا) عَلَى مَا يَذْكُرُهُ بَعْدُ فَصْلًا لِلْخُصُومَةِ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْرِضُ عَنْهُمَا حَتَّى يَخْتَارَا شَيْئًا) أَيْ يَخْتَارَ الْمُعِيرُ مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ، وَيُوَافِقُهُ الْمُسْتَعِيرُ عَلَيْهِ لِيَنْقَطِعَ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَخْتَارُ بِلَا أَلِفٍ أَيْ الْمُعِيرُ، وَيَأْتِي بَعْدَ اخْتِيَارِهِ مَا سَبَقَ. (وَلِلْمُعِيرِ) عَلَى هَذَا الْأَصَحِّ (دُخُولُهَا وَالِانْتِفَاعُ بِهَا) وَالِاسْتِظْلَالُ بِالْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ، (وَلَا يَدْخُلُهَا الْمُسْتَعِيرُ بِغَيْرِ إذْنٍ لِلتَّفَرُّجِ، وَيَجُوزُ) دُخُولُهَا (لِلسَّقْيِ وَالْإِصْلَاحِ) لِلْجِدَارِ (فِي الْأَصَحِّ) ،   [حاشية قليوبي] الْأَرْشَ لَزِمَ أَيْضًا. وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي شَرْطِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ صُدِّقَ الْمُعِيرِ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ الْقَلْعَ) لَمْ يَذْكُرْ مَجَّانًا إشَارَةً إلَى أَنَّ ذِكْرَهُ لَيْسَ شَرْطًا وَقَدْ يَكُونُ احْتِرَازًا عَنْ نَحْوِ شَرْطِ الْأَرْشِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ جَاهِلًا بِالرُّجُوعِ قَلَعَ مَجَّانًا، كَمَا لَوْ حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ قَلَعَ بَذْرَهُ الَّذِي حَمَلَهُ مِنْ نَحْوِ السَّيْلِ مِنْ أَرْضِ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَزِمَهُ أَخْذًا بِقَوْلِهِ وَلَوْ امْتَنَعَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُمَا جُزْءَا عِلَّةٍ وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ: (إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ) الْمُرَادُ عَوْدُ التُّرَابِ الَّذِي أُزِيلَ بِالْقَلْعِ إلَى مَكَانِهِ، لَا تَحْصِيلُ تُرَابٍ مِنْ غَيْرِهِ، بَلْ لِلْمَالِكِ مَنْعُهُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (بِأُجْرَةٍ) أَيْ بِعَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَتُعْتَبَرُ الْأُجْرَةُ بِمَا مَرَّ فِي حَقِّ الْبِنَاءِ وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَغْرِسَ مَوْضِعَ مَا قُلِعَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَأَنَّ لَهُ إجَارَةَ مَا بَيْنَ الْمَغْرُوسِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا التَّصْرِيحُ بِالْأُولَى وَمِثْلُهَا الثَّانِيَةُ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِجَمِيعِ الْأَرْضِ فَإِنْ كَانَتْ لِمَحَلِّ الْمَغْرُوسِ فَقَطْ فَلَا. قَوْلُهُ: (أَوْ يَقْلَعَ) أَيْ الْمُعِيرُ الْغِرَاسَ وَالْبِنَاءَ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَفَ مَسْجِدًا خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ. قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَمُؤْنَةُ الْقَلْعِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَمَحَلُّ الْقَلْعِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُعِيرُ شَرِيكًا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْغِرَاسِ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، وَلَمْ يُوقَفْ الْغِرَاسُ أَوْ الْبِنَاءُ وَإِلَّا تَعَيَّنَ عَدَمُ الْقَلْعِ فِي الْأُولَى وَالتَّبْقِيَةُ إلَى الْجُذَاذِ فِي الثَّانِيَةِ، وَامْتَنَعَ التَّمَلُّكُ فِي الثَّالِثَةِ. نَعَمْ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ الرُّجُوعُ لِتَغْرِيمِ الْأُجْرَةِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ، وَلَهُ فِي الثَّالِثَةِ الْقَلْعُ أَوْ التَّبْقِيَةُ بِالْأُجْرَةِ كَمَا مَرَّ، وَلَهُ فِي وَقْفِ الْأَرْضِ الْقَلْعُ إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْإِبْقَاءُ بِالْأُجْرَةِ أَوْ التَّمَلُّكِ لِلْوَقْفِ مِنْ رِيعِهِ إنْ لَمْ يُخَالِفْ شَرْطَ الْوَاقِفِ. قَوْلُهُ: (وَيَضْمَنَ أَرْشَ النَّقْصِ) أَيْ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ أَوْ الثِّمَارِ عَلَيْهِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (قَائِمًا) أَيْ مُسْتَحِقَّ الْقَلْعِ. قَوْلُهُ: (قِيلَ أَوْ يَتَمَلَّكُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ، وَلَا بُدَّ لِهَذَا التَّمَلُّكِ مِنْ عَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ، وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُسْتَعِيرُ بِذِمَّةِ الْمُعِيرِ أُجْبِرَ عَلَى التَّسْلِيمِ أَوَّلًا أَوْ عَلَى الْوَضْعِ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ. قَوْلُهُ: (لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ) نَعَمْ لَوْ اخْتَارَ قَلْعَ بَعْضٍ وَتَبْقِيَةَ بَعْضٍ مَثَلًا لَمْ يَلْزَمْهُ مُوَافَقَتُهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) سَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ مُقَابِلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مَجَّانًا. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَخْتَارَا) قَالَ شَيْخُنَا وَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ فِي الْأَرْضِ لِيُطَالِبَ الْمُسْتَعِيرَ بِالْأُجْرَةِ، وَفِي الْعُبَابِ وَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ أُجْرَةُ مُدَّةِ التَّوَقُّفِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ الْإِعْرَاضِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَبْلَ الرُّجُوعِ، وَمَا فِي الْعُبَابِ عَلَى مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَخْتَارُ الْمُعِيرُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: يَخْتَارُ أَحَدُهُمَا مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ كَمَا هُوَ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ، وَحَمْلُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ عَلَيْهِ أَوْلَى مِمَّا فَعَلَهُ الشَّارِحُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَعُودَ وَيَخْتَارَ الْقَلْعَ، وَأَنَّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ، وَلَعَلَّ سُكُوتَهُ عَنْ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِمُوَافَقَةِ الْآخَرِ فَتَأَمَّلْهُ. فَرْعٌ: لَوْ وَصَلَ غُصْنًا بِشَجَرَةِ غَيْرِهِ فَالثَّمَرَةُ لِمَالِكِ الْغُصْنِ، ثُمَّ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ خُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ أَوْ الْقَلْعِ مَعَ غُرْمِ الْأَرْشِ، كَمَا لَوْ أَعَارَ رَأْسَ الْجِدَارِ لِلْبِنَاءِ وَلَا يَتَمَلَّكُهُ بِالْقِيمَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلِلْمُعِيرِ عَلَى هَذَا الْأَصَحِّ) وَهُوَ الْإِعْرَاضُ. قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِظْلَالُ) وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهُ كَمَا مَرَّ فِي الْجِدَارِ، وَلَيْسَ لَهُ نَحْوُ جُلُوسٍ عَلَيْهِ أَوْ اسْتِنَادٍ يَضُرُّ. قَوْلُهُ: (لِلْجِدَارِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِيَعُمَّ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: لَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ جَاهِلًا بِالرُّجُوعِ قَلَعَ مَجَّانًا، كَمَا لَوْ حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرًا إلَى أَرْضِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الْخِلَافُ يَلْتَفِتُ إلَى الْخِلَافِ فِي الَّذِي يَتْلَفُ مِنْ أَجْزَاءِ الثَّوْبِ بِالِانْسِحَاقِ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَأَنَّ مُرَادَهُ الْحَفْرُ لِلْأَسَاسِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَهُ بِخِلَافِ الْحَفْرِ لِقَطْعِ الْأَسَاسِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَهُ. قَوْلُهُ: (بَلْ لِلْمُعِيرِ) ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الْجَمْعَ بَيْنَ مَصْلَحَتَيْهِمَا، وَخُيِّرَ الْمُعِيرُ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْسِنُ، وَلِأَنَّ الْأَرْضَ تُسْتَتْبَعُ. قَوْلُهُ: (أَيْ حِينَ التَّمَلُّكِ) أَيْ مَعَ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهِ مُسْتَحِقَّ الزَّوَالِ. قَوْلُهُ: (إجَارَةٌ وَبَيْعٌ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَقْدٍ، وَلَيْسَ كَالشَّفِيعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا إنْ لَمْ يَبْذُلْهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ التَّنْجِيزِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقُولُ: قَدْ انْتَهَتْ الْعَارِيَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْ أُجْرَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْرِضُ عَنْهُمَا إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ، وَأَمَّا الْمُعِيرُ فَالضَّرَرُ عَلَيْهِ. فَرْعٌ: شَخْصٌ وَصَلَ غُصْنًا بِشَجَرَةِ غَيْرِهِ فَالثَّمَرَةُ لِمَالِكِ الْغُصْنِ، ثُمَّ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَخَيَّرَ بَيْنَ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ أَوْ الْقَطْعِ، وَغَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ فَقَطْ، كَمَا لَوْ أَعَارَ رَأْسَ الْجِدَارِ لِلْبِنَاءِ. قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِظْلَالُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَرْبِطُ بِهَا شَيْئًا وَلَا يَسْتَنِدُ إلَيْهَا، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 صِيَانَةً لِمِلْكِهِ عَنْ الضَّيَاعِ، وَالثَّانِي يُعَارِضُ بِأَنَّهُ يُشْغَلُ بِدُخُولِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ إلَى أَنْ يَصِلَ مِلْكَهُ (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (بَيْعُ مِلْكِهِ) لِلْآخَرِ، وَالثَّالِثُ (وَقِيلَ: لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ بَيْعُهُ لِثَالِثٍ) ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، إذْ لِلْمُعِيرِ تَمَلُّكُهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَانِعًا مِنْ بَيْعِهِ، ثُمَّ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُعِيرِ يَتَخَيَّرُ تَخَيُّرَهُ، وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْمُسْتَعِيرِ يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ فَيَتَخَيَّرُ الْمُعِيرُ كَمَا سَبَقَ، وَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ إنْ جَهِلَ الْحَالَ. تَتِمَّةٌ: لَوْ اتَّفَقَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ عَلَى بَيْعِ الْأَرْضِ مِمَّا فِيهَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ جَازَ فِي الْأَصَحِّ لِلْحَاجَةِ، ثُمَّ كَيْفَ يُوَزَّعُ الثَّمَنُ هُنَا، وَفِيمَا إذَا بَاعَهُمَا الْحَاكِمُ عَلَى وَجْهٍ سَبَقَ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: هُوَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا غَرَسَ الرَّاهِنُ الْأَرْضَ الْمَرْهُونَةَ، أَيْ وَهُمَا السَّابِقَانِ فِي رَهْنِ الْأُمِّ دُونَ الْوَلَدِ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ: يُوَزَّعُ عَلَى الْأَرْضِ مَشْغُولَةً بِالْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ، وَعَلَى مَا فِيهَا وَحْدَهُ، فَحِصَّةُ الْأَرْضِ لِلْمُعِيرِ، وَحِصَّةُ مَا فِيهَا لِلْمُسْتَعِيرِ. (وَالْعَارِيَّةُ الْمُؤَقَّتَةُ) لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ، (كَالْمُطْلَقَةِ) فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحْكَامِ. (وَفِي قَوْلٍ لَهُ الْقَلْعُ فِيهَا مَجَّانًا إذَا رَجَعَ) بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَيَكُونُ هَذَا فَائِدَةَ التَّأْقِيتِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: فَائِدَتُهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ، وَفِي وَجْهٍ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ. (وَإِذَا أَعَارَ لِزِرَاعَةٍ وَرَجَعَ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَيْهِ الْإِبْقَاءَ إلَى الْحَصَادِ) . وَالثَّانِي لَهُ أَنْ يَقْلَعَ وَيَغْرَمَ أَرْشَ النَّقْصِ، وَالثَّالِثُ لَهُ تَمَلُّكُهُ بِالْقِيمَةِ كَالْغِرَاسِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ لِلزَّرْعِ أَمَدًا يُنْتَظَرُ، (وَ) الصَّحِيحُ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ) مِنْ وَقْتِ الرُّجُوعِ إلَى الْحَصَادِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبَاحَ الْمَنْفَعَةَ إلَى وَقْتِ الرُّجُوعِ. وَالثَّانِي لَا أُجْرَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ إلَى الْحَصَادِ كَالْمُسْتَوْفَاةِ بِالزَّرْعِ، (فَلَوْ عَيَّنَ مُدَّةً وَلَمْ يُدْرَكْ فِيهَا لِتَقْصِيرِهِ بِتَأْخِيرِ الزِّرَاعَةِ، قَلَعَ)   [حاشية قليوبي] الشَّجَرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا أَصْلِهَا وَلَا الْمُحَرَّرِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَالْمُرَادُ إصْلَاحُ الْجِدَارِ بِآلَتِهِ لَا بِآلَةٍ جَدِيدَةٍ، قَالَ شَيْخُنَا: مَا لَمْ يَتَوَقَّفْ الْإِصْلَاحُ عَلَيْهَا. وَهَذَا كَمَا تَرَى ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِدَارِ الْبِنَاءُ الْمَمْلُوكُ لِلْمُسْتَعِيرِ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَمْلُوكُ لِلْمُعِيرِ الْمُحِيطُ بِالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، إلَيْهِ يُرْشِدُ عُدُولُ الشَّارِحِ إلَى التَّعْبِيرِ بِهِ إلَى التَّعْبِيرِ بِالْبِنَاءِ وَالْعِلَّةُ لَا تُنَافِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (صِيَانَةً لِمِلْكِهِ إلَخْ) نَعَمْ إنْ تَعَطَّلَتْ بِدُخُولِهِ مَنْفَعَتُهَا عَلَى مَالِكِهَا فَلَهُ مَنْعُهُ إلَّا بِأُجْرَةٍ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ قُلْنَا: لَا أُجْرَةَ لِمُدَّةِ الْإِعْرَاضِ، إلَّا فَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُرَادَ أُجْرَةٌ لِدُخُولِهِ زِيَادَةً عَلَى أُجْرَةِ الْأَرْضِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يُعَارِضُ إلَخْ) وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَا يُعَارِضُ دَلِيلَ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (يَشْغَلُ) هُوَ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْغَيْنِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ مَانِعًا مِنْ بَيْعِهِ) فَهُوَ كَبَيْعِ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ مَعَ تَمَكُّنِ الشَّفِيعِ مِنْ الْأَخْذِ. قَوْلُهُ: (فَيَتَخَيَّرُ الْمُعِيرُ) لَوْ قَالَ: فَلَهُ الْقَلْعُ مَجَّانًا، وَإِذَا امْتَنَعَ تَخَيُّرُ الْمُعِيرِ لَكَانَ أَوْلَى، وَكَلَامُهُ فِيمَا إذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا فَلَوْ بَاعَا مَعًا لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ، وَيَحِلُّ الْمُشْتَرِي مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مَحَلَّهُ فِيمَا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَلِلْمُشْتَرِي) أَيْ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَسْخُ الْبَيْعِ إنْ جُهِلَ الْحَالُ مِنْ الْإِعَارَةِ، وَالِاسْتِعَارَةِ وَالتَّخْيِيرِ وَغَيْرِهِ وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا قَبْلَ الرُّجُوعِ وَبَعْدَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْحَاجَةِ) وَبِهَا فَارَقَ بَيْعَ عَبِيدٍ جُمِعَ بِثَمَنٍ. قَوْلُهُ: (عَلَى وَجْهٍ سَبَقَ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى هَذَا فِيهِ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْبَغَوِيّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ وَحْدَهَا بِصِفَةِ كَوْنِهَا مَشْغُولَةً بِغِرَاسٍ مَثَلًا يَسْتَحِقُّ الْقَلْعَ بِالْأَرْشِ، وَيُقَوَّمُ الْغِرَاسُ وَحْدَهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، ثُمَّ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَجْمُوعِهِمَا، فَهَذِهِ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ يُقَابِلُهَا طَرِيقَةُ الْمُتَوَلِّي الْحَاكِيَةُ الَّتِي عَلَى قِيَاسِ الرَّهْنِ، وَالْأَصَحُّ فِيهَا أَنَّ غَيْرَ الْمَرْهُونِ لَا يُقَوَّمُ وَحْدَهُ، وَالْفَرْقُ اخْتِلَافُ الْمَالِكِ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَحِصَّةُ الْأَرْضِ إلَخْ) أَيْ حِصَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ الْقِيمَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحْكَامِ) فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا قَدْ تُخَالِفُهَا فِي أَنَّ الْمُطْلَقَةَ قَدْ يَجُوزُ فِيهَا تَكْرَارُ الْمُعَارِ لَهُ دُونَ الْمُقَيَّدَةِ كَذَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ التَّكْرَارُ فِي الْمُقَيَّدَةِ أَظْهَرَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْمُدَّةِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّجُوعِ الِانْتِهَاءُ، وَلَوْ عُبِّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ الْقَطْعُ بِجَوَازِ الرُّجُوعِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ. قَوْلُهُ: (كَالْغِرَاسِ) لَا يَبْعُدُ رُجُوعُهُ لِلْوَجْهَيْنِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (بِتَأْخِيرِ الزِّرَاعَةِ) وَكَذَا بِالزِّرَاعَةِ، كَأَنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ نَحْوُ سَيْلٍ وَتَأَخَّرَ بِسَبَبِهِ عَنْ أَوَانِ الزِّرَاعَةِ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَذَا لَوْ أَبْدَلَ الزَّرْعَ الْمُعَيَّنَ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا قَبْلَهَا وَلَوْ قَالَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى، إذْ لَيْسَ هُنَاكَ غَيْرُ هَذَا الدَّاخِلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مَا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ) كَأَنْ تَأَخَّرَ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ أَوْ لِنَبَاتِهِ ثَانِيًا بَعْدَ أَكْلِ نَحْوِ جَرَادٍ، أَوْ لِتَعْيِينِ الْمُعِيرِ مُدَّةً يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُدْرَكُ فِيهَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ الْعَارِيَّةُ فِي هَذِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ لِإِمْكَانِ إبْدَالِ الزَّرْعِ بِغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ دُونَهُ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْمَيِّتِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ) هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ التَّبْقِيَةِ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ إنْ كَانَ هَذَا لَيْسَ مِنْ أَوَانِ الْحَصَادِ. قَوْلُهُ: (مِمَّا يُعْتَادُ قَطْعُهُ) وَكَذَا لَوْ لَمْ يَنْقُصْ بِقَطْعِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَمِنْ ذَلِكَ فَسِيلٌ وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ، وَبِقَوْلٍ: يُعْتَادُ نَقْلُهَا وَإِلَّا فَهِيَ كَالْبِنَاءِ.   [حاشية عميرة] وَالظَّاهِرُ حَمْلُ الِاسْتِنَادِ عَلَى مَا فِيهِ ضَرَرٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ جَارٍ. وَلَوْ أَذِنَ الْمُعِيرُ. [تَتِمَّة لَوْ اتَّفَقَ الْمُعِير وَالْمُسْتَعِير عَلَى بَيْع الْأَرْض مِمَّا فِيهَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (السَّابِقَانِ فِي رَهْنِ الْأُمِّ إلَخْ) أَصَحُّهُمَا يُقَوَّمُ الْمَرْهُونُ وَحْدَهُ ثُمَّ مَعَ الْآخَرِ، وَالثَّانِي يُقَوَّمُ الْمَرْهُونُ وَحْدَهُ، ثُمَّ الْآخَرُ وَحْدَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الثَّانِيَ هُوَ قَوْلُ الْبَغَوِيّ الْآتِي، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: مَشْغُولَةٌ أَنَّ صِفَةَ الشَّغْلِ تُلَاحَظُ فِي تَقْوِيمِ الْأَرْضِ، مِنْ غَيْرِ قِيمَةِ الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ إلَيْهَا. لَكِنَّ قَوْلَهُ: بَعْدُ وَعَلَيَّ مَا فِيهَا وَحْدَهُ قَدْ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ، هَذَا وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ غَرَضَ الشَّارِحِ مِنْ قَوْلِهِ: قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ، أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَأَنَّ الْبَغَوِيّ اقْتَصَرَ عَلَى وَجْهٍ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيَّ مَا فِيهَا) قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَإِذَا قَوَّمْنَا الْغِرَاسَ قَوَّمْنَاهُ مُسْتَحَقَّ الْأَخْذِ. [الْعَارِيَّةُ الْمُؤَقَّتَةُ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ] قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبَاحَ إلَخْ) أَيْ وَأَيْضًا فَكَمَا لَوْ أَعَارَ دَابَّةً لِحَمْلِ مَتَاعٍ إلَى مَكَانٍ ثُمَّ رَجَعَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، فَإِنَّهُ يَحْمِلُهُ إلَى مَأْمَنٍ وَلَكِنْ بِأُجْرَةٍ. قَوْلُهُ: (مَا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ) مِنْ صُوَرِهِ أَنْ يَأْكُلَ الزَّرْعَ الْجَرَادُ ثُمَّ يَنْبُتَ ثَانِيًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 الْمُعِيرُ الزَّرْعَ (مَجَّانًا) ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ كَالْمُسْتَثْنَاةِ مِمَّا قَبْلَهَا، فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ، فَإِنَّ حُكْمَهُ وَحُكْمَ الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ مَا تَقَدَّمَ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الزَّرْعُ مِمَّا يُعْتَادُ قَطْعُهُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ كُلِّفَ الْمُسْتَعِيرُ (وَلَوْ حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرًا) لِغَيْرِهِ (إلَى أَرْضِهِ فَنَبَتَ فَهُوَ) أَيْ النَّابِتُ (لِصَاحِبِ الْبَذْرِ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَالثَّانِي لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فَهُوَ مُسْتَعِيرٌ، فَيُنْظَرُ فِي النَّابِتِ أَهُوَ شَجَرٌ أَمْ زَرْعٌ؟ وَيَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى مَا سَبَقَ. (وَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً وَقَالَ لِمَالِكِهَا: أَعَرْتنِيهَا فَقَالَ: بَلْ آجَرْتُكهَا) مُدَّةَ كَذَا بِكَذَا، (أَوْ اخْتَلَفَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَزَارِعُهَا كَذَلِكَ، فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ عَلَى الْمَذْهَبِ) نَظَرًا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَأْذَنُ فِي الِانْتِفَاعِ غَالِبًا بِمُقَابِلٍ، فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَا أَعَارَهُ وَأَنَّهُ آجَرَهُ، وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي الْمُصَدَّقُ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الْأُجْرَةِ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَا اسْتَأْجَرَ، وَالثَّالِثُ الْمُصَدَّقُ فِي الْأَرْضِ الْمَالِكُ وَفِي الدَّابَّةِ الرَّاكِبُ؛ لِأَنَّهُ تَكْثُرُ الْإِعَارَةُ فِيهَا بِخِلَافِ الْأَرْضِ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِهَذَا (وَكَذَا لَوْ قَالَ) الرَّاكِبُ أَوْ الزَّارِعُ: (أَعَرْتنِي، وَقَالَ) الْمَالِكُ: (بَلْ غَصَبْت مِنِّي) فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إذْنِهِ فَيَحْلِفُ، وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي الْمُصَدَّقُ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالدَّابَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ (فَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ) قَبْلَ رَدِّهَا (فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الضَّمَانِ) لَهَا الْمُخْتَلَفِ جِهَتُهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَغْصُوبَ يُضْمَنُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ إلَى يَوْمِ التَّلَفِ، (لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْعَارِيَّةَ تُضْمَنُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ، لَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ، وَلَا بِيَوْمِ الْقَبْضِ) وَهُمَا مُقَابِلُ الْأَصَحِّ، (فَإِنْ كَانَ مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ) النَّسَبَ (أَكْثَرَ) . مِنْ قِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ (حَلَفَ لِلزِّيَادَةِ) أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا، وَيَأْخُذُ مَا عَدَاهَا وَالْمُسَاوِيَ بِلَا يَمِينٍ.   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ: وَكَّلَ شَخْصًا لِيَزْرَعَ لَهُ بَذْرَهُ فِي أَرْضِهِ فَزَرَعَهُ فِي غَيْرِ أَرْضِ الْمُوَكِّلِ غَلَطًا فَالزَّرْعُ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَذْرِهِ، وَعَلَى الْوَكِيلِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ وَضَمَانُ الزَّرْعِ لَوْ تَلِفَ، وَلَوْ بِقَلْعِ صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَضَمَانُ نَقْصِ الْأَرْضِ إنْ حَصَلَ فِيهَا نَقْصٌ بِالزَّرْعِ أَوْ قَلْعِهِ لِتَعَدِّيهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرًا لِغَيْرِهِ) وَلَوْ نَحْوَ نَوَاةٍ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ مَالِكَهَا الَّذِي يَصِحُّ إعْرَاضُهُ عَنْهَا أَعْرَضَ عَنْهَا فَإِنْ عُلِمَ ذَلِكَ مَلَكَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ مَالِكُهَا عَدَمَ الْإِعْرَاضِ وَالْحِجَارَةُ كَالْبَذْرِ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ) وَلَا يَلْزَمُهُ قَلْعُهُ قَبْلَ الطَّلَبِ، وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَلْعِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ وَعَدَمِ فِعْلِهِ، وَتَجِبُ مُدَّةَ الْقَلْعِ، وَيَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ إنْ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (مُدَّةَ كَذَا بِكَذَا) فِي شَرْحِ شَيْخِنَا صِحَّةُ الدَّعْوَى بِالْإِجَارَةِ الْمُطْلَقَةِ. قَوْلُهُ: (فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ) أَيْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ وَالْقِيمَةِ لَا فِي بَقَاءِ الْعَقْدِ، وَلَوْ نَكَلَ الْمَالِكُ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَحْلِفْ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ؛ لِأَنَّهُمَا يَدَّعِيَانِ الْعَارِيَّةَ وَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا مَضَى زَمَنٌ لَهُ أُجْرَةٌ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَإِلَّا فَالْمُصَدِّقُ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ جَزْمًا، فَإِنْ نَكَلَا حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى الْإِجَارَةِ وَاسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ. قَوْلُهُ: (فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) يَمِينًا تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا كَمَا صَوَّرَهُ الشَّارِحُ، وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى نَفْيِ الْعَارِيَّةِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَصْلِ الْإِذْنِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ اسْتِحْقَاقُ الْأُجْرَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) لَا الْمُسَمَّى وَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي نَفْسِ الْأُجْرَةِ بَلْ هُنَا أَوْلَى، وَيَجِبُ رَدُّ الدَّابَّةِ إنْ لَمْ تَتْلَفْ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لِلْمَالِكِ إنْ تَلِفَتْ بِالْمُسْتَأْجِرِ لَهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ، إنْ تَلِفَتْ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ أَوْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهَا عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَإِلَّا فَالرَّاكِبُ مُقَرٌّ لَهُ بِالزَّائِدِ وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْقَوْلُ الثَّانِي إلَخْ) وَفَارَقَ تَصْدِيقَ الْمَالِكِ بِلَا خِلَافٍ فِيمَا لَوْ زَعَمَ الْغَسَّالُ وَالْخَيَّاطُ أَنَّهُمَا فَعَلَا بِأُجْرَةٍ، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ بِأَنَّ هَا هُنَا فَوَّتَا مَنْفَعَةَ أَنْفُسِهِمَا وَيَدَّعِيَانِ الْعِوَضَ، وَهُنَاكَ فَوَّتَا مَنْفَعَةَ غَيْرِهِمَا وَيَدَّعِيَانِ الْإِسْقَاطَ. قَوْلُهُ: (فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا) يَمِينًا وَاحِدَةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ. قَوْله: (أَنَّهُ مَا اسْتَأْجَرَ) ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الْعَارِيَّةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيَحْلِفُ) أَيْ إنَّهُ غَصَبَهُ وَإِنْ سَكَتَ عَنْ الْأُجْرَةِ لِلُزُومِ الْغَصْبِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي دَعْوَى الْإِجَارَةِ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، وَإِلَّا رَدَّ الدَّابَّةَ وَلَا حَلِفَ. قَوْلُهُ: (مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ) وَهُوَ أَقْصَى الْقِيَمِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (حَلَفَ لِلزِّيَادَةِ) وَهِيَ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا، وَمَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ إنْ كَانَ. تَنْبِيهٌ: لَوْ انْعَكَسَتْ الدَّعْوَى فِي الْأُولَى بِأَنْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْإِعَارَةَ وَذُو الْيَدُ الْإِجَارَةُ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ لَهُ أُجْرَةٌ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: أَعَارَ لِلزَّرْعِ أَوْ الْغِرَاسِ لَمْ يَزْرَعْ، أَوْ يَغْرِسْ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَلْعُ إلَّا بِأَمْرِ الْمَالِكِ، نَعَمْ لَوْ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ الْمَالِكُ فَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ. فَرْعٌ: قَلَعَ صَاحِبُ النَّبَاتِ نَبَاتَهُ، لَزِمَهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَجْبَرَهُ الْمَالِكُ لَا تَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَهُ بِالْمُبَاشِرِ بِالِاخْتِيَارِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمَذْهَبِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نَصٌّ عَلَى تَصْدِيقِ الرَّاكِبِ دُونَ الزَّارِعِ، فَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى حِكَايَةِ قَوْلَيْنِ فِيهِمَا، وَبَعْضُهُمْ قَرَّرَ النَّصَّيْنِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. وَيَتَخَلَّصُ مِنْ الطَّرِيقِينَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَيْ كَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) أَيْ دُونَ الْمُسَمَّى وَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهِ، هَذَا قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، أَيْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْأُجْرَةِ وَمَعَ ذَلِكَ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَقَالَ الْإِمَامُ: إنْ قُلْنَا يَأْخُذُ الْمُسَمَّى وَجَبَ الْحَلِفُ عَلَى مُعَيَّنٍ، وَإِلَّا كَفَى الْحَلِفُ عَلَى الْأُجْرَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَوْمَ التَّلَفِ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّا لَوْ ضَمَّنَا فِيهَا الْأَقْصَى أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ، لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى تَضْمِينِ الْأَجْزَاءِ الْمُنْسَحِقَةِ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَقِيلَ: بِالْأَقْصَى؛ لِأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَأَوْجَبْنَا قِيمَتَهَا، وَقِيلَ: يَوْمَ الْقَبْضِ كَالْفَرْضِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 كِتَابُ الْغَصْبِ (هُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ عُدْوَانًا) ، أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ   [حاشية قليوبي] وَجَبَ رَدُّ الدَّابَّةِ فَقَطْ، فَإِنْ تَلِفَتْ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ فَلَا شَيْءَ، وَإِلَّا فَالْمَالِكُ مُدَّعٍ لِقِيمَتِهَا فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ مَضَى مَا ذُكِرَ وَجَبَ رَدُّ الدَّابَّةِ إنْ بَقِيَتْ، وَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِالْأُجْرَةِ لِمُنْكِرِهَا وَإِنْ تَلِفَتْ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ فَكَذَلِكَ، وَلَا شَيْءَ فِي الدَّابَّةِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَهُ قَدْرُ الْأُجْرَةِ بِلَا يَمِينٍ، وَيَحْلِفُ إنْ زَادَتْ عَلَى الْقِيمَةِ لِمَا زَادَ فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ فَالزَّائِدُ مُقِرٌّ بِهِ لِمُنْكِرِهِ، وَلَوْ نَكَلَ الْمَالِكُ حَلَفَ ذُو الْيَدِ وَاسْتَوْفَى الْمُدَّةَ، وَلَوْ انْعَكَسَتْ الدَّعْوَى فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْعَارِيَّةَ وَذُو الْيَدِ الْغَاصِبُ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ أَيْضًا، فَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ الْعَيْنُ وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ فَلَا شَيْءَ سِوَى رَدِّهَا، وَإِنْ مَضَى ذَلِكَ فَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِالْأُجْرَةِ لِمُنْكِرِهَا وَإِنْ تَلِفَتْ وَلَمْ يَمْضِ ذَلِكَ الزَّمَنُ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ أَقْصَى الْقِيَمِ عَلَى قِيمَةِ يَوْمَ التَّلَفِ فَهُوَ لِلْمَالِكِ، وَإِنْ زَادَ فَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِهِ لِمُنْكِرِهِ، وَإِنْ مَضَى زَمَنٌ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ فَهُوَ مُقِرٌّ بِهَا لِمُنْكِرِهَا أَيْضًا، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْغَصْبَ وَالرَّاكِبُ الْإِجَارَةَ صُدِّقَ الْمَالِكُ كَذَلِكَ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ لَهُ أُجْرَةٌ وَجَبَ الرَّدُّ فَقَطْ إنْ بَقِيَتْ الدَّابَّةُ، وَإِلَّا فَلِلْمَالِكِ أَقْصَى الْقِيَمِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ مَضَى ذَلِكَ، فَإِنْ سَاوَى الْمُسَمَّى أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَهُوَ لِلْمَالِكِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ حَلَفَ لِلزَّائِدِ أَوْ الْمُسَمَّى فَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِهِ لِمُنْكِرِهِ وَيَجِبُ رَدُّ الدَّابَّةِ إنْ بَقِيَتْ وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ، وَلَوْ انْعَكَسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ بِأَنْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْإِجَارَةَ وَالرَّاكِبُ الْغَصْبَ صُدِّقَ الْمَالِكُ أَيْضًا، وَيَجِبُ رَدُّ الدَّابَّةِ إنْ بَقِيَتْ وَإِلَّا فَالرَّاكِبُ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرِهَا، وَإِنْ مَضَى زَمَنٌ لَهُ أُجْرَةٌ فَالْمَالِكُ يَدَّعِي الْمُسَمَّى وَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنْ تَسَاوَى أَخَذَهُ الْمَالِكُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا فَالزَّائِدُ مِنْ الْمُسَمَّى يَحْلِفُ عَلَيْهِ الْمَالِكُ، وَالزَّائِدُ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ مُقِرٌّ بِهِ لِمُنْكِرِهِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْغَصْبَ وَذُو الْيَدِ الْوَدِيعَةَ فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ إنْ وُجِدَ اسْتِعْمَالٌ مِنْ الْآخِذِ، وَإِلَّا صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ وَلِلْمَالِكِ قِيَمُ الْعَيْنِ الْأَقْصَى إنْ تَلْفِت وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَالِ عِنْدَ الْآخِذِ أَنَّهُ قَرْضٌ، وَادَّعَى الْآخِذُ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ أَيْضًا خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ الْعَارِيَّةَ وَذُو الْيَدِ الْوَدِيعَةَ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ إنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ أَوْ اسْتَعْمَلَهَا ذُو الْيَدِ، وَإِلَّا فَعَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ، وَتَجِبُ الْقِيمَةُ فِي الْأُولَى وَالرَّدُّ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ مُقِرٌّ بِالْأُجْرَةِ لِمُنْكِرِهَا. كِتَابُ الْغَصْبِ ذَكَرَهُ عَقِبَ الْعَارِيَّةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الضَّمَانِ بِالتَّلَفِ وَالْإِتْلَافِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ كَبِيرَةٌ فِي الْمَالِ وَإِنْ قُلْ كَحَبَّةِ بُرٍّ قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِنِصَابِ السَّرِقَةِ تَبَعًا لِلْهَرَوِيِّ، وَصَغِيرَةٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَاخْتِصَاصٍ وَقِيَامٍ مِنْ نَحْوِ مَسْجِدٍ. قَوْلُهُ: (هُوَ) أَيْ شَرْعًا، وَأَمَّا لُغَةً: فَهُوَ أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا مُجَاهَرَةً، وَالِاسْتِيلَاءُ هُوَ الْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ وَلَوْ حُكْمًا فَيَدْخُلُ مَوْتُ وَلَدِ شَاةٍ بِذَبْحِهَا لِتَعَيُّنِ اللَّبَنِ لِغِذَائِهِ، وَيَخْرُجُ مَا لَوْ مُنِعَ مَالِكُ زَرْعٍ أَوْ دَابَّةٍ مِنْ السَّقْيِ فَهَلَكَ، وَمَا لَوْ غَصَبَ دَابَّةً فَتَبِعَهَا وَلَدُهَا أَوْ أُمَّ النَّحْلِ فَتَبِعَهَا النَّحْلُ فَلَا ضَمَانَ فِي ذَلِكَ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَخَذَ بِيَدِ رَقِيقٍ وَلَمْ يَنْقُلْهُ، أَوْ نَقَلَهُ بِلَا قَصْدِ اسْتِيلَاءٍ أَوْ خَوَّفَهُ بِتُهْمَةٍ نَحْوِ سَرِقَةٍ فَمَاتَ فَلَا يَضْمَنُهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِغَيْرِ حَقٍّ) أَيْ فَالْمُرَادُ الْعُدْوَانُ وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ أَمَانَاتٌ تَعَدَّى فِيهَا وَإِنْ جَهِلَهَا، وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا السَّرِقَةُ وَغَيْرُهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ أَخَذَهُ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ خُفْيَةً فَهُوَ سَرِقَةٌ، أَوْ مُجَاهَرَةً فِي صَحْرَاءَ فَهُوَ مُحَارَبَةٌ، أَوْ مُتَعَمِّدَ الْهَرَبِ فَهُوَ اخْتِلَاسٌ، أَوْ جَحْدُ أَمَانَةٍ فَهُوَ خِيَانَةٌ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ. وَتَخْرُجُ الْعَارِيَّةُ وَالسَّوْمُ وَالضِّيَافَةُ وَنَحْوُهَا. قَوْلُهُ: (وَبِهِ عُبِّرَ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَصْبَ قَدْ يُعْرَفُ بِاعْتِبَارِ الضَّمَانِ. وَالْإِثْمِ وَهُوَ مَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَقَدْ يُعْرَفُ بِاعْتِبَارِ الْإِثْمِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ ضَمَانٌ أَوْ لَا، وَهُوَ مَا سَلَكَهُ فِي الْمِنْهَاجِ قَبْلَ التَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ يُعْرَفُ بِاعْتِبَارِ الْأَعَمِّ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ مَا سَلَكَهُ فِي الرَّوْضَةِ الَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَالْكَلْبِ) أَيْ غَيْرِ الْعَقُورِ وَإِلَّا فَلَا يَدَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ رَدُّهُ كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ. قَوْلُهُ: (وَيَدْخُلُ ذَلِكَ إلَخْ) كَمَا دَخَلَ فِيهِ السَّرِقَةُ وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهَا بِالْغَصْبِ أَوْلَى مِمَّنْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّهُ مَالَهُ فَتَأَمَّلْ.   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الْغَصْبِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (هُوَ الِاسْتِيلَاءُ إلَخْ) أَيْ هَذَا تَعْرِيفُهُ شَرْعًا، وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا مُجَاهَرَةً، فَإِنْ كَانَ مِنْ حِرْزٍ سُمِّيَ سَرِقَةً، أَوْ مُكَابَرَةً فِي صَحْرَاءَ سُمِّيَ مُحَارَبَةً، أَوْ جِهَارًا وَاعْتَمَدَ الْهَرَبَ سُمِّيَ اخْتِلَاسًا، وَإِنْ جَحَدَ مَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ سُمِّيَ خِيَانَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْغَيْرِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ غَيْرَ تَلْزَمُ التَّنْكِيرَ، فَلَا يَصِحُّ دُخُولُ أَلْ عَلَيْهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 وَبِهِ عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ، وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ مَالُ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا يُغْصَبُ، وَلَيْسَ بِمَالٍ كَالْكَلْبِ وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ وَالسِّرْجِينِ، وَالِاخْتِصَاصُ بِالْحَقِّ كَحَقِّ التَّحَجُّرِ. وَيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: حَقٌّ قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ وَالرَّوْضَةِ، (فَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً أَوْ جَلَسَ عَلَى فِرَاشٍ فَغَاصِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ) ذَلِكَ. قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: سَوَاءٌ قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ أَمْ لَا، وَالرَّافِعِيُّ حَكَى فِي عَدَمِ قَصْدِهِ وَجْهَيْنِ كَعَدَمِ النَّقْلِ، (وَلَوْ دَخَلَ دَارِهِ وَأَزْعَجَهُ عَنْهَا) فَخَرَجَ مِنْهَا. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا دَخَلَ بِأَهْلِهِ عَلَى هَيْئَةِ مَنْ يَقْصِدُ السُّكْنَى، (أَوْ أَزْعَجَهُ وَقَهَرَهُ عَلَى الدَّارِ وَلَمْ يَدْخُلْ فَغَاصِبٌ) ، وَسَوَاءٌ فِي الْأُولَى قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ يُغْنِي عَنْ قَصْدِهِ. (وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ وَاهٍ) أَنَّهُ لَيْسَ بِغَاصِبٍ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ خِلَافَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ. وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَالْأَشْهُرُ أَنَّهُ يَصِيرُ غَاصِبًا. (وَلَوْ سَكَنَ بَيْتًا) مِنْ الدَّارِ (وَمَنَعَ الْمَالِكَ مِنْهُ دُونَ بَاقِي الدَّارِ فَغَاصِبٌ لِلْبَيْتِ فَقَطْ) ، أَيْ دُونَ بَاقِي الدَّارِ، (وَلَوْ دَخَلَ) الدَّارَ (بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ وَلَيْسَ الْمَالِك فِيهَا فَغَاصِبٌ) لَهَا. وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا وَالْمَالِكُ قَوِيًّا، (وَإِنْ كَانَ) الْمَالِكُ (فِيهَا وَلَمْ يُزْعِجْهُ) عَنْهَا (فَغَاصِبٌ لِنِصْفِ الدَّارِ) لِاسْتِيلَائِهِ مَعَ الْمَالِكِ عَلَيْهَا، (إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا لَا يُعَدُّ مُسْتَوْلِيًا عَلَى   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ) أَيْ الدَّابَّةَ وَالْفِرَاشَ فَخَرَجَ بِرُكُوبِ الدَّابَّةِ سَوْقَهَا فَلَيْسَ غَصْبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا مَعَهَا، وَلَوْ رَكِبَ مَعَ مَالِكِهَا فَهُوَ غَاصِبٌ لِنِصْفِهَا كَمَا يَأْتِي فِي الدَّارِ، وَخَرَجَ بِالْجُلُوسِ ضَمُّهُ إلَى بَعْضِهِ بِغَيْرِ حَمْلٍ فَلَيْسَ غَصْبًا أَيْضًا وَبِالدَّابَّةِ وَالْفِرَاشِ غَيْرُهُمَا مِنْ الْمَنْقُولَاتِ، فَلَا بُدَّ فِي غَصْبِهَا مِنْ الِاسْتِيلَاءِ بِالنَّقْلِ، فَلَوْ اسْتَخْدَمَ عَبْدَ غَيْرِهِ وَلَوْ بِبَعْثِهِ فِي حَاجَتِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ إذَا بَعَثَهُ؛ لِأَنَّهُ كَالِاسْتِيلَاءِ، وَلَمْ يُوَافِقْهُ شَيْخُنَا عَلَيْهِ إلَّا إنْ كَانَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ. نَعَمْ لَوْ حَضَرَ مَالِكُ الدَّابَّةِ أَوْ الْفِرَاشِ وَلَمْ يُزْعِجْهُ الْغَاصِبُ فَغَاصِبٌ لِنِصْفِهِ، وَلَوْ لَمْ يَعُدْ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْمَالِكِ فَلَيْسَ بِغَاصِبٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعَقَارِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ: وَمَعْنَى حُضُورِهِ فِي الْفِرَاشِ جُلُوسُهُ عَلَيْهِ لَا وُجُودُهُ عِنْدَ الْجَالِسِ، وَلَوْ جَلَسَ عَلَى الْفِرَاشِ آخَرُ بَعْدَ قِيَامِ الْأَوَّلِ فَهُوَ غَاصِبٌ أَيْضًا كَالْأَوَّلِ وَكَذَا ثَالِثٌ، وَهَكَذَا وَالْقَرَارُ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ قِيَامِهِ عَنْهُ عَلَى الْمُتَّجَهِ الْمُنَاسِبِ لِلْقَوَاعِدِ، فَمَا نُقِلَ عَنْ الْعَبَّادِيِّ مِمَّا يُخَالِفُهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْفِرَاشُ كَبِيرًا هَلْ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ أَوْ قَدْرَ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ؟ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْغَاصِبُ عَلَى فِرَاشٍ كَبِيرٍ فَهَلْ يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمْ الْجَمِيعَ أَوْ قَدْرَ مَا عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ فَقَطْ؟ يَظْهَرُ الثَّانِي فِيهِمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ أَمْ لَا) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كُلُّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ فِي الْمَبِيعِ غَصْبٌ سَوَاءٌ حَصَلَ مَعَهُ قَصْدُ الِاسْتِيلَاءِ أَوْ لَا، إلَّا فِي نَحْوِ جَحْدِ وَدِيعَةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ التَّعْمِيمِ خَاصٌّ بِالدَّابَّةِ وَالْفِرَاشِ. قَوْلُهُ: (وَالرَّافِعِيُّ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الرَّوْضَةِ فِي عَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي عَدَمِ قَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ، وَعَلَى الْمِنْهَاجِ فِي عَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي عَدَمِ النَّقْلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَأَزْعَجَهُ) أَيْ أَخْرَجَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْ الْإِزْعَاجِ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (بِأَهْلِهِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا، وَلِذَلِكَ أَسْقَطَهُ مِنْ الْمِنْهَاجِ، وَقَدْ يُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا لَوْ هَجَمَ عَلَيْهِ وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا لِنَحْوِ حَاكِمٍ وَلَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ. قَوْلُهُ: (فَغَاصِبٌ) أَيْ لِلدَّارِ وَكَذَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَنْقُولِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ وَلَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَمْنَعْ مَالِكَهُ مِنْ نَقْلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا وَنُوَزِّعُ فِي عَدَمِ الْمَنْعِ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ فِي الْأُولَى) وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ، وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ لِمُنَاسَبَةِ التَّعْلِيلِ وَنَازَعَ فِيهَا الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ وُجُودَهُ يُغْنِي عَنْ قَصْدِهِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يُرْشِدُ إلَى أَنَّهُ غَاصِبٌ، وَإِنْ قَصَدَ عَدَمَ الِاسْتِيلَاءِ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ الْمَالِكُ) وَلَا نَائِبُهُ كَمُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا) وَإِنْ لَمْ يَعُدْ مُسْتَوْلِيًا عَلَى مَالِكِهَا. قَوْلُهُ: (الْمَالِكُ فِيهَا) وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا جِدًّا وَالْغَاصِبُ قَوِيًّا، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَالِكُ أَوْ الْغَاصِبُ فَالْغَصْبُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ، وَلَا نَظَرَ لِأَهْلٍ وَعَشِيرَةٍ لِأَحَدِهِمَا مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُزْعِجْهُ) أَيْ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْهَا.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (كَالْكَلْبِ) أَيْ الَّذِي لِلصَّيْدِ وَنَحْوِهِ، أَمَّا الْعَقُورُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَبَقِيَّةُ الْفَوَاسِقِ فَلَا يَدَ عَلَيْهَا، وَلَا يَجِبُ رَدُّهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَهَرَهُ عَلَى الدَّارِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُك أَنَّهُ لَا بُدَّ هُنَا مِنْ قَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَسَوَاءٌ فِي الْأُولَى إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ دَخَلَ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي: لَوْ دَفَعَ إلَى عَبْدِ الْغَيْرِ شَيْئًا لِيُوصِلَهُ إلَى بَيْتِهِ، أَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي شُغْلٍ كَانَ غَاصِبًا لِلْعَبْدِ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ: لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا اُعْتُقِدَ طَاعَةُ الْآمِرِ كَعَبْدِ الْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا اهـ. وَقَوْلُ الْقَاضِي إلَى بَيْتِهِ، كَأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إلَى بَيْتِ الدَّافِعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ) خَرَجَ مَا لَوْ قَصَدَ النَّظَرَ إلَيْهَا لِيَبْنِيَ مِثْلَهَا مَثَلًا، وَلَوْ تَلِفَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا ضَمَانَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْمَنْقُولِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ فَلَا أَثَرَ لِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ؛ لِأَنَّ تَحَقُّقَهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَقَصْدُهُ وَسْوَسَةٌ وَحَدِيثُ نَفْسٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 صَاحِبِ الدَّارِ) فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا لِشَيْءٍ مِنْهَا، وَلَوْ دَخَلَهَا لَا عَلَى قَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ، وَلَكِنْ لِيَنْظُرَ هَلْ تَصْلُحُ لَهُ أَوْ لِيَتَّخِذَ مِثْلَهَا لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا لِشَيْءٍ مِنْهَا. (وَعَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ) لِلْمَغْصُوبِ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» . (فَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ) بِآفَةٍ أَوْ إتْلَافٍ (ضَمِنَهُ) حَيْثُ يَكُونُ مَالًا، وَهُوَ الْغَالِبُ مِمَّا سَيَأْتِي وَغَيْرُ الْمَالِ كَالْكَلْبِ وَالسِّرْجِينِ لَا يُضْمَنُ (وَلَوْ أَتْلَفَ مَالًا فِي يَدِ مَالِكِهِ ضَمِنَهُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَالْمَسَائِلُ الَّتِي بَعْدَهَا ذَكَرُوهَا اسْتِطْرَادًا لِمَا يُضْمَنُ بِغَيْرِ الْغَصْبِ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ التَّسَبُّبِ (وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَ زِقٍّ مَطْرُوحٍ عَلَى الْأَرْضِ فَخَرَجَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ أَوْ مَنْصُوبٍ فَقَطْ بِالْفَتْحِ وَخَرَجَ مَا فِيهِ ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ الْمُؤَدِّيَ إلَى التَّلَفِ نَاشِئٌ عَنْ فِعْلِهِ، (وَإِنْ سَقَطَ بِعَارِضِ رِيحٍ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ بِالرِّيحِ لَا بِفِعْلِهِ. (وَلَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ وَهَيَّجَهُ فَطَارَ ضَمِنَ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَتْحِ، فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ طَارَ فِي الْحَالِ ضَمِنَ، وَإِنْ وَقَفَ ثُمَّ طَارَ فَلَا) يَضْمَنُ وَالثَّانِي يَضْمَنُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ سَبَبُ الطَّيَرَانِ، وَالثَّالِثُ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ لِلطَّائِرِ اخْتِيَارًا فِي الطَّيَرَانِ. وَالْأَوَّلُ يَقُولُ طَيَرَانُهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ يُشْعِرُ بِاخْتِيَارِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا (وَالْأَيْدِي الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ أَيْدِي ضَمَانٍ، وَإِنْ جَهِلَ صَاحِبُهَا الْغَصْبَ) وَكَانَتْ أَيْدِيَ أَمَانَةٍ، (ثُمَّ إنْ عَلِمَ) مَنْ تَرَتَّبَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ الْغَصْبَ. (فَكَغَاصِبٍ مِنْ غَاصِبٍ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ) ،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا لِشَيْءٍ مِنْهَا) لَعَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِيلَاءَ لِيُجَامِعَ مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنْ قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ هُنَا لَمْ يُعْتَبَرْ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانُ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا لِاجْتِمَاعِهِ مَعَ الْمَالِكِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ حَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (لِيَنْظُرَ هَلْ تَصْلُحُ إلَخْ) أَوْ لِيَتَفَرَّجَ عَلَيْهَا، لَكِنْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مُدَّةِ إقَامَتِهِ فِيهَا كَالْبُسْتَانِ، وَمِنْهَا أَخَذَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَدَمَ الضَّمَانِ فِي الْمَنْقُولِ السَّابِقِ إذَا وُجِدَ فِيهِ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ أَخَذَ كِتَابًا مِنْ مَالِكِهِ لِيَتَفَرَّجَ عَلَيْهِ فَتَلِفَ فَلَا يَضْمَنُهُ لِعَدَمِ الْغَصْبِ. تَنْبِيهٌ: مَتَى حُكِمَ بِأَنَّهُ غَاصِبٌ لِلدَّارِ أَوْ لِبَعْضِهَا ضَمِنَ الْأُجْرَةَ، وَلَوْ انْهَدَمَتْ ضَمِنَهَا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ) بِنَفْسِهِ أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ وَكِيلِهِ فَوْرًا وَإِنْ تَكَلَّفَ عَلَيْهِ أَضْعَافُ قِيمَتِهِ. نَعَمْ إنْ دَفَعَهُ لِمَالِكِهِ فِي مَفَازَةٍ بِشَرْطِ الْمُؤْنَةِ عَلَى الْغَاصِبِ الدَّافِعِ لَهُ، لَمْ تَلْزَمْ الْغَاصِبَ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ، وَالرَّدُّ الْوَاجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ يَكُونُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَوْ مُسْتَعِيرًا لَا مُلْتَقِطًا، وَقَدْ يَجِبُ مَعَ الرَّدِّ الْقِيمَةُ لِلْحَيْلُولَةِ، كَمَا لَوْ حَمَلَتْ بِحُرٍّ وَرَدَّهَا وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِرَدِّ نَحْوِ ثِيَابِ عَبْدٍ مِمَّا رَضِيَ السَّيِّدُ يَدْفَعُهُ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَلَوْ صَغِيرًا، وَكَذَا عَلَى حُرٍّ صَغِيرٍ. نَعَمْ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِنَحْوِ إشْهَادٍ، وَوُصُولِ سَفِينَةٍ إلَى الْبَرِّ لِإِخْرَاجِ لَوْحٍ مَغْصُوبٍ أُدْرِجَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (لِلْمَغْصُوبِ) أَيْ الْمُحْتَرَمِ وَلَوْ غَيْرَ مَالٍ أَوْ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ كَزِبْلٍ وَحَبَّةِ بُرٍّ. نَعَمْ إنْ مَلَكَهُ كَأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ حَرْبِيٍّ قَهْرًا فَلَا رَدَّ لَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ) وَلَوْ حُكْمًا كَفِعْلٍ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ ضَمِنَهُ. قَوْلُهُ: (حَيْثُ يَكُونُ مَالًا) أَيْ مُتَمَوَّلًا مُحْتَرَمًا، وَالْغَاصِبُ أَهْلًا لِلضَّمَانِ بِخِلَافِ حَبَّةِ بُرٍّ وَنَحْوِهَا، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَ مُرْتَدًّا أَوْ صَائِلًا، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ حَرْبِيًّا لِمَالِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، وَإِنْ أَسْلَمَ أَوْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ بَعْدَ تَلَفِهِ أَوْ إتْلَافِهِ وَلَا ضَمَانَ، وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ طَرَأَ الصِّيَالُ أَوْ الرِّدَّةُ بَعْدَ الْغَصْبِ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ أَثَرَ الْغَصْبِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْمَالِكِ لَهُ لِرِدَّتِهِ أَوْ لِصِيَالِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يَبْرَأُ بِهِ الْغَاصِبُ وَصَوَّرَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ بِمَا لَوْ كَانَ الْغَصْبُ وَالتَّلَفُ حَالَ الصِّيَالِ فَرَاجِعْهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْإِتْلَافِ مَا مَرَّ مِنْ إتْلَافِ الْمَالِكِ، وَمِثْلُهُ رَقِيقُهُ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ، وَمَأْذُونُهُ فِيهِ وَاقْتِصَاصُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَتْلَفَ) أَيْ مَنْ يَضْمَنُ، وَالْمُرَادُ بِإِتْلَافِهِ نِسْبَةُ التَّلَفِ إلَيْهِ، وَمِنْهُ مَصْرُوعٌ فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِوُقُوعِهِ وَصَرْعِهِ وَصَبِيٌّ فِي الْمَهْدِ فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِوُقُوعِهِ مِنْ مَهْدِهِ. نَعَمْ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِوُقُوعِ دَابَّةٍ وَقَعَتْ مَيْتَةً تَحْتَ رَاكِبِهَا، وَلَا بِوُقُوعِ رَاكِبِهَا عَنْهَا مَيِّتًا وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَالًا) أَيْ مُتَمَوَّلًا مُحْتَرَمًا كَمَا مَرَّ بِالْأُولَى. قَوْلُهُ: (فِي يَدِ مَالِكِهِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ مَغْصُوبًا حِينَ إتْلَافِهِ، فَلَوْ سَخَّرَ دَابَّةً فِي يَدِ مَالِكِهَا فَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ إلَّا إنْ حَمَلَهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ. قَوْلُهُ: (اسْتِطْرَادًا) هُوَ ذِكْرُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ مَعَ غَيْرِهِ لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا، فَمَحَلُّهَا الْجِنَايَاتُ وَمُنَاسَبَتُهَا لِلْغَصْبِ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانُ. قَوْلُهُ: (بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ التَّسَبُّبِ) بَيَانٌ لِلْغَيْرِ فَأَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ يَدٌ عَادِيَةٌ، وَمُبَاشَرَةٌ، وَسَبَبٌ، وَسَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مَا يُؤَثِّرُ فِي التَّلَفِ وَيَحْصُلُ، وَأَنَّ السَّبَبَ مَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَلَا يُحَصِّلُهُ كَالْإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَعُمُّ الشَّرْطَ، وَهُوَ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِي التَّلَفِ وَلَا يُحَصِّلُهُ، وَلَكِنْ يَحْصُلُ التَّلَفُ عِنْدَهُ كَحَفْرِ الْبِئْرِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ فَتَحَ إلَخْ) وَلَوْ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ السَّبَبِ وَمَا قَبْلَهَا مِنْ الْمُبَاشَرَةِ. قَوْلُهُ: (فَخَرَجَ مَا فِيهِ بِالْفَتْحِ) أَوْ بِفِعْلِ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: لَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ، فَالظَّاهِرُ الضَّمَانُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ. فَرْعٌ: حَيْثُ لَا غَصْبَ هُنَا فَلَا أُجْرَةَ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ) أَيْ وَلَوْ غَرِمَ عَلَيْهِ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ. فَرْعٌ: دَفَعَهُ لِلْمَالِكِ وَشَرَطَ عَلَى الْغَاصِبِ مُؤْنَةَ النَّقْلِ، لَمْ تَلْزَمْهُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُلُ مِلْكَ نَفْسِهِ: فَرْعٌ: لَوْ غَصَبَ مِنْ مُودِعٍ وَمُسْتَأْجِرٍ وَمُرْتَهِنٍ، ثُمَّ رَدَّ إلَيْهِ بَرِئَ. وَفِي الرَّدِّ إلَى الْمُسْتَعِيرِ وَجْهَانِ، وَلَوْ انْتَزَعَ مِنْ الْعَبْدِ ثِيَابَ مَلْبُوسِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْآلَاتِ الْمَدْفُوعَةِ إلَيْهِ مِنْ الْمَالِكِ، بَرِئَ بِالرَّدِّ إلَى الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (اسْتِطْرَادًا) أَيْ وَإِلَّا فَذِكْرُ ذَلِكَ فِي الْجِنَايَاتِ أَشْبَهُ. قَوْلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 وَيُطَالَبُ كَالْأَوَّلِ. (وَكَذَا إنْ جَهِلَ) الْغَصْبَ (وَكَانَتْ يَدُهُ فِي أَصْلِهَا يَدَ ضَمَانٍ كَالْعَارِيَّةِ) ، فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ، (وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ أَمَانَةً كَوَدِيعَةٍ، فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ) فِيمَا تَلِفَ عِنْدَ الْمُودِعِ وَنَحْوِهِ. (وَمَتَى أَتْلَفَ الْآخِذُ مِنْ الْغَاصِبِ مُسْتَقِلًّا بِهِ) أَيْ بِالْإِتْلَافِ، (فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا) أَيْ فِي يَدِ الضَّمَانِ وَيَدِ الْأَمَانَةِ لِقُوَّةِ الْإِتْلَافِ، (وَإِنْ حَمَلَهُ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ قَدَّمَ لَهُ طَعَامًا مَغْصُوبًا ضِيَافَةً فَأَكَلَهُ فَكَذَا) الْقَرَارُ عَلَى الْآكِلِ (فِي الْأَظْهَرِ) ، وَالثَّانِي عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْآكِلِ. (وَعَلَى هَذَا) أَيْ الْأَظْهَرِ (لَوْ قَدَّمَهُ لِمَالِكِهِ فَأَكَلَهُ بَرِئَ الْغَاصِبُ) وَعَلَى الثَّانِي لَا يَبْرَأُ.   [حاشية قليوبي] مَنْ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْعُقَلَاءِ، أَوْ بِشَمْسٍ، أَوْ بِرِيحٍ هَابَّةٍ وَقْتَ الْفَتْحِ. قَوْلُهُ: (فَسَقَطَ بِالْفَتْحِ) أَيْ بِسَبَبِهِ يَقِينًا، فَدَخَلَ مَا لَوْ سَقَطَ بِمَا تَقَاطَرَ مِنْهُ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَخَرَجَ مَا لَوْ شَكَّ فِي سَبَبِ سُقُوطِهِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ حَلَّ رِبَاطَ سَفِينَةٍ فَغَرِقَتْ، وَشَكَّ فِي سَبَبِ غَرَقِهَا حَيْثُ يَضْمَنُهَا بِأَنَّ الْمَاءَ مَعْدِنُ غَرَقِ السُّفُنِ. قَوْلُهُ: (بِعَارِضِ رِيحٍ لَمْ يَضْمَنْ) وَمِثْلُهُ الزَّلْزَلَةُ، قَالَ شَيْخُنَا م ر: أَوْ وُقُوعُ طَيْرٍ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ عَنْهُ، إنَّ فِعْلَ غَيْرِ الْعَاقِلِ كَالرِّيحِ الْهَابَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِوُقُوعِهِ هُنَا سُقُوطُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ، وَخَرَجَ بِالْعَارِضَةِ الْهَابَّةُ كَمَا مَرَّ، وَفَارَقَ الضَّمَانَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مُطْلَقًا بِأَنَّ طُلُوعَهَا مُحَقَّقٌ. نَعَمْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ حَاجِبٌ مِنْ وُصُولِ الشَّمْسِ فَأَزَالَهُ شَخْصٌ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُزِيلِ كَمَا لَوْ خَرَجَ مَا فِيهِ بِتَقْرِيبِ نَارٍ، فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُقَرِّبِ. قَوْلُهُ: (لَا يَفْعَلُهُ) الْوَجْهُ سُقُوطُ هَذِهِ الْعِلَّةِ لِوُجُودِ مِثْلِهَا فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (طَائِرٍ) هُوَ مُفْرَدٌ جَمْعُهُ طَيْرٌ كَمَا قَالَهُ جُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ: كَرَاكِبٍ وَرَكْبٍ، وَجَمْعُ الطَّيْرِ طُيُورٌ وَأَطْيَارٌ كَعَيْنٍ وَعُيُونٍ، وَفَرْخٍ وَأَفْرَاخٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ اسْمَ الْفَاعِلِ بِمَعْنَى الْمُتَّصِفِ بِالطَّيَرَانِ كَمَا تُوُهِّمَ، وَهُوَ مِثَالٌ. وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَوْ رَقِيقًا وَحَلُّ رِبَاطِهِ وَفَتْحُ بَابٍ عَلَيْهِ، وَأَمْرُهُ بِإِرْسَالِ طَيْرٍ فِي يَدِهِ مَثَلًا كَفَتْحِ الْقَفَصِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي ضَمَانِهِ، وَيَضْمَنُ أَيْضًا مَا تَلِفَ بِسَبَبِهِ كَأَكْلِهِ نَحْوِ شَعِيرٍ فِي وِعَاءٍ قَرِيبَةٍ مِنْ مَحَلِّ رِبَاطِهِ، وَوُقُوعِ نَحْوِ فَأْرَةٍ فِي زِقٍّ كَذَلِكَ، وَكَسْرِ نَحْوِ زُجَاجَةٍ فِي طَرِيقِهِ، وَصَدْمِ جِدَارٍ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْمُمَيِّزُ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ وَلَوْ رَقِيقًا كَأَنْ فَتَحَ بَابًا عَلَيْهِ فَأَبَقَ، وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُ الْإِبَاقَ. وَالضَّمَانُ الْمَذْكُورُ هُنَا الْعَامُّ فِي سَائِرِ الْأَزْمِنَةِ لَا يُنَافِي التَّفْصِيلَ الْآتِيَ فِي الصِّيَالِ مِنْ كَوْنِ الْإِتْلَافِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي دَابَّةٍ مَنْسُوبٍ حِفْظُهَا إلَيْهِ، وَالتَّلَفُ فِيهِ مُرَتَّبٌ عَلَى الْحِفْظِ وَعَدَمِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، فَإِنَّ بِهِ يُجْمَعُ مَا تَنَاقَضَ وَتَنَافَرَ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. تَنْبِيهٌ: هَلْ الضَّمَانُ هُنَا بِقِيمَةِ وَقْتِ السَّبَبِ كَالْفَتْحِ، أَوْ بِوَقْتِ التَّلَفِ، أَوْ تَحَقُّقِ الْفِعْلِ، أَوْ أَقْصَى الْقِيَمِ فِي ذَلِكَ؟ وَيَظْهَرُ الْآنَ الْأَخِيرُ وَهُوَ أَقْصَى الْقِيمَةِ فِي ذَلِكَ إلَّا لِمَا تَلِفَ فِي يَدِ مَالِكِهِ، فَبِوَقْتِ تَلَفِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَ) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ، وَيَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ أَيْ الْمُتَسَبِّبِ وَلِلْمَفْعُولِ التَّالِفِ. قَوْلُهُ: (إنْ طَارَ فِي الْحَالِ ضَمِنَ) وَكَذَا بَعْدَ مَشْيِهِ إلَى بَابِ الْقَفَصِ، أَوْ بَعْدَ تَرَدُّدِهِ فِيهِ لِأَجْلِ أَنْ يَجِدَ فُرْجَةً يَخْرُجُ مِنْهَا حَتَّى وَجَدَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ طَارَ فَلَا يَضْمَنُ) وَكَذَا لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِسَبَبِهِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهِ طَارَ حَالًا أَوْ لَا فَالْقِيَاسُ الضَّمَانُ نَظَرًا لِلتَّعَدِّي فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَضْمَنُ مُطْلَقًا) كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ صَغِيرَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُنْظَرْ إلَى الِارْتِضَاعِ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الصَّغِيرَةِ كَمَا هُنَا، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ إلْقَامَ الثَّدْيِ إلْجَاءٌ عَادِيٌّ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْدِي ضَمَانٍ) قَالَ شَيْخُنَا: ضَمَانُ غَصْبٍ وَإِنْ جُهِلَ وَكَانَتْ يَدُهُ أَمِينَةً فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يُتْلِفْهُ. نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَى حَاكِمٍ وَنَائِبِهِ بِالْأَخْذِ لِمَصْلَحَةٍ لِجَوَازِ الْأَخْذِ لَهُمَا، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْأَخْذُ إذَا عَلِمَا ضَيَاعَهُ عَلَى مَالِكِهِ بِعَدَمِ الْأَخْذِ، وَلَا عَلَى الْآخِذِ مِنْ غَاصِبٍ حَرْبِيٍّ أَوْ مِنْ عَبْدٍ غَاصِبٍ مَالَ سَيِّدِهِ لِيَرُدَّهُ لِمَالِكِهِ فِيهِمَا، وَلَا عَلَى مُتَزَوِّجِ الْمَغْصُوبَةِ مِنْ غَاصِبٍ جَاهِلًا بِالْغَصْبِ، فَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا إنْ مَاتَتْ بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ، وَإِلَّا ضَمِنَهَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ كَمَا يَضْمَنُ مَهْرَهَا أَرْشَ بَكَارَتِهَا مُطْلَقًا، وَمِثْلُهَا مَنْ أَوْلَدَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ، وَلَوْ غُرَّ الزَّوْجُ بِحُرِّيَّةِ الْمَغْصُوبَةِ انْعَقَدَ الْوَلَدُ حُرًّا، فَإِذَا رَدَّهَا حَامِلًا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا لِلْحُيُولَةِ، فَإِنْ لَمْ تَمُتْ بِالْوِلَادَةِ رُدَّتْ الْقِيمَةُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَيَلْزَمُ الْوَاطِئَ مَهْرُهَا وَأَرْشُ بَكَارَتِهَا وَقِيمَةُ الْوَلَدِ. قَوْلُهُ: (إنْ عَلِمَ) وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ عِلْمِهِ سَوَاءٌ قَالَ لَهُ الْغَاصِبُ: أَعْلَمْتُك أَوْ عَلِمْت مِنْ غَيْرِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ   [حاشية عميرة] الْمَتْنِ: (وَإِنْ اقْتَصَرَ إلَخْ) قَالُوا فِي الْمَرْأَةِ: إذَا ارْتَضَعَتْ صَغِيرَةٌ مُتَزَوِّجَةً، إنَّ الْأَمْرَ يَتَعَلَّقُ بِالْمُرْضِعَةِ مُطْلَقًا، وَلَا يُنْظَرُ إلَى الِارْتِضَاعِ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الصَّغِيرَةِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ غَامِضٌ. قَالَ السُّبْكِيُّ: الْفَرْقُ أَنَّ إلْقَامَ الثَّدْيِ إلْجَاءٌ عَادِيٌّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ إنْ عُلِمَ إلَخْ) لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْعِلْمِ بِأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ: قَدْ قُلْت لَك إنَّهُ مَغْصُوبٌ، وَأَنْكَرَ الْآخِذُ صُدِّقَ، أَوْ قَالَ: عَلِمْت الْغَصْبَ مِنْ غَيْرِي صُدِّقَ الْآخِذُ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْوَجْهُ تَصْدِيقُ الْآخِذِ مُطْلَقًا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَفَرَضَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْأَكْلِ، وَقَدْ ظَهَرَ لِي عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ تَفَقُّهًا، فَلِذَا فُرِضَتْ الْمَسْأَلَةُ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ السُّبْكِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ: لَوْ وَهَبَ الْغَاصِبُ ثُمَّ قَالَ: أَعْلَمْتُك بِالْغَصْبِ وَأَنْكَرَ صُدِّقَ الْغَاصِبُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: عَلِمْت مِنْ غَيْرِي. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالْمُخْتَارُ تَصْدِيقُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مُطْلَقًا. قَالَ فِي مَسْأَلَةِ الضِّيَافَةِ: فَلَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ حَمَلَهُ إلَخْ) قَسِيمُ قَوْلِهِ مُسْتَقِلًّا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 فَصْلُ تُضْمَنُ نَفْسَ الرَّقِيقِ بِقِيمَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ (تَلِفَ) بِالْقَتْلِ (أَوْ أُتْلِفَ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ (وَ) تُضْمَنُ (أَبْعَاضُهُ الَّتِي لَا يَتَقَدَّرُ أَرْشُهَا مِنْ الْحُرِّ) كَالْبَكَارَةِ (بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) تَلِفَتْ أَوْ أُتْلِفَتْ، (وَكَذَا الْمُقَدَّرَةُ) كَالْيَدِ تُضْمَنُ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ (إنْ تَلِفَتْ) بِآفَةٍ، (وَإِنْ أُتْلِفَتْ) بِجِنَايَةٍ (فَكَذَا فِي الْقَدِيمِ) تُضْمَنُ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ، (وَعَلَى الْجَدِيدِ تَتَقَدَّرُ مِنْ الرَّقِيقِ، وَالْقِيمَةُ فِيهِ كَالدِّيَةِ فِي الْحُرِّ، فَفِي يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ) وَلَوْ   [حاشية قليوبي] شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ) أَيْ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ وَضْعِ يَدِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْعَارِيَّةِ) وَالسَّوْمِ وَالْهِبَةِ وَإِنْ كَانَتْ أَمَانَةً، وَالْقَرْضِ وَالْبَيْعِ وَاللُّقَطَةِ بَعْدَ التَّمَلُّكِ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَهُ أَمَانَةٌ. قَوْلُهُ: (ضَمَانُ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ إلَخْ) أَيْ بِأَقْصَى الْقِيَمِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ إنَّمَا تُضْمَنُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ. نَعَمْ لَوْ غَرِمَ لِلْغَاصِبِ أُجْرَةً رَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ انْتَفَعَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ أَبْرَأَ الْمَالِكَ الثَّانِيَ بَرِئَ الْأَوَّلُ وَلَا عَكْسُ. قَوْلُهُ: (كَوَدِيعَةٍ) وَقِرَاضٍ وَلَوْ قَتَلَهُ مَصُولٌ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَالضَّمَانُ وَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ. قَوْلُهُ: (وَمَتَى أَتْلَفَ الْآخِذُ) وَكَذَا لَوْ تَلِفَ بِتَقْصِيرِهِ كَوَدِيعَةٍ قَصَّرَ فِيهَا قَوْلُهُ: (وَإِنْ حَمَلَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ غَرَضٌ، وَإِلَّا كَذَبْحِ شَاةٍ وَقَطْعِ ثَوْبٍ، فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَيَضْمَنُ الذَّابِحُ وَالْقَاطِعُ أَرْشَ الذَّبْحِ وَالْقَطْعِ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ قَدَّمَ لَهُ طَعَامًا) أَيْ لَمْ يَفْعَلْ فِيهِ فِعْلًا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآكِلِ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَقُلْ: هُوَ مِلْكِي وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ مَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَلَوْ قَدَّمَهُ الْغَاصِبُ لِرَقِيقٍ وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَأَكَلَهُ تَعَلَّقَ الْغُرْمُ بِرَقَبَتِهِ فَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ فِي قِيمَتِهِ إذَا غَرِقَ، أَوْ قَدَّمَهُ لِبَهِيمَةِ الْغَيْرِ رَجَعَ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ بِإِذْنِهِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (قَدَّمَهُ) لَيْسَ قَيْدًا، وَالْمُرَادُ بِهَيْئَتِهِ الَّتِي غَصَبَهُ عَلَيْهَا أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بَرِئَ الْغَاصِبُ) وَيَبْرَأُ أَيْضًا بِرَدِّهِ لِمُسْتَأْجِرٍ وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَعِيرٍ حَيْثُ غَصَبَهُ مِنْهُمْ كَمَا مَرَّ، وَبِدَفْعِ الدَّرَاهِمِ لِمَالِكِهِ وَلَوْ لِيَشْتَرِيَ لِلْغَاصِبِ بِهَا شَيْئًا، وَبِإِعَارَتِهِ لِمَالِكِهَا، وَإِقْرَاضِهِ لَهُ وَبَيْعِهِ لَهُ وَلَوْ جَاهِلًا فِي ذَلِكَ، وَبِوَضْعِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِهِ وَعِلْمِهِ أَنَّهُ لَهُ، وَبِرَدِّهِ إلَى الْإِصْطَبْلِ مَعَ عِلْمِ الْمَالِكِ وَلَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ، وَبِوُقُوعِ عِتْقِهِ عَنْهُ وَلَوْ بِأَمْرِ الْغَاصِبِ، وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِ. نَعَمْ إنْ قَالَ لَهُ الْغَاصِبُ: أَعْتِقْهُ عَنِّي فَفَعَلَ وَقَعَ عَنْ الْغَاصِبِ، وَهُوَ بَيْعٌ إنْ ذَكَرَ عِوَضًا وَإِلَّا فَهِبَةٌ. وَلَا يَبْرَأُ بِإِجَارَتِهِ لِلْمَالِكِ، وَلَا بِإِيدَاعِهِ لَهُ، وَلَا بِتَزْوِيجِهِ لَهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إلَّا إنْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ، وَلَوْ بِمُقَارَضَتِهِ لَهُ، وَلَا بِرَهْنٍ لَهُ لِعَدَمِ التَّسَلُّطِ التَّامِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَوْ اقْتَصَّ الْمَالِكُ مِنْ الْمَغْصُوبِ أَوْ مِنْ قَاتِلِهِ بَرِئَ الْغَاصِبُ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الْغَصْبِ وَإِلَّا فَلَا، وَوَارِثُ الْمَالِكِ مِثْلَهُ وَلَوْ قَتَلَهُ الْمَالِكُ لِصِيَالِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْغَصْبِ لَمْ يَبْرَأْ الْغَاصِبُ كَمَا مَرَّ. فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَغْصُوبُ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ: (بِقِيمَتِهِ) أَيْ يَوْمَ التَّلَفِ فِي غَيْرِ الْمَغْصُوبِ، وَبِالْأَقْصَى فِيهِ. قَوْلُهُ: (بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ) وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ. قَوْلُهُ: (أَوْ أُتْلِفَ) بِإِتْلَافٍ أَوْ بِدُونِهِ. قَوْلُهُ: (عَادِيَةٍ) أَيْ ضَامِنَةٍ وَلَوْ بِغَيْرِ غَصْبٍ. قَوْلُهُ: (كَالْبَكَارَةِ) وَإِنْ زَالَتْ بِغَيْرِ الْوَطْءِ، وَيَجِبُ مَعَهَا فِي الْوَطْءِ مَهْرُ ثَيِّبٍ. قَوْلُهُ: (بِمَا نَقَصَ إلَخْ) وَإِنْ زَادَ عَلَى مُقَدَّرٍ عُضْوُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ فَلَا غُرْمَ. قَوْلُهُ: (إنْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ) فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَى هَذَا الْقَدِيمِ الْمَرْجُوعِ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ، كَمَا لَوْ سَقَطَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ قَطَعَهَا الْمَالِكُ أَوْ عَبْدُهُ لَمْ يَلْزَمْ الْغَاصِبَ إلَّا مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَكَذَا لَوْ قُطِعَتْ فِي نَحْوِ قِصَاصٍ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ، وَعَلَى الْغَاصِبِ الزَّائِدُ وَهُوَ طَرِيقٌ فِي ضَمَانِ النِّصْفِ أَيْضًا، وَاللُّزُومُ   [حاشية عميرة] [فَصْلُ تُضْمَنُ نَفْسُ الرَّقِيقِ بِقِيمَتِهِ] فَصْلُ: تَضَمُّنِ نَفْسِ الرَّقِيقِ إلَخْ قَوْلُهُ: (بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ) خَالَفَتْ الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ، وَخَالَفَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فَجَعَلَ كُلَّ مُتَقَوِّمٍ يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ، وَحُجَّتُنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ فِي ضَمَانِ الْآدَمِيِّ لِشَرَفِهِ، وَضَمَانُ الْأَحْرَارِ يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ. قَوْلُهُ: (عَادِيَةٍ) هِيَ تَأْنِيثُ عَادٍ بِمَعْنَى مُتَعَدٍّ، وَلَوْ قَالَ: ضَامِنَةٍ بَدَلَ عَادِيَةٍ لَشَمِلَ نَحْوَ الْمُسْتَعِيرِ، وَلَكِنَّ الْبَابَ مَعْقُودٌ لِلْيَدِ الْعَادِيَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَا نَقَصَ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ تَلِفَتْ) ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ بِالْآفَةِ لَا يَجِبُ فِيهِ قِصَاصٌ وَلَا كَفَّارَةٌ، وَلَا يُضْرَبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَكَانَ كَالْأَمْوَالِ. قَوْلُهُ: (بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ كَالْبَهِيمَةِ بِجَامِعِ الْأَمْوَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَلَى الْجَدِيدِ) وَجْهُهُ أَنَّهُ أَشْبَهَ الْحُرَّ فِي التَّكَالِيفِ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَحْكَامِ كَإِيجَابِ الْقِصَاصِ، وَالْفِطْرَةِ وَالتَّحْلِيلِ، وَالْحُدُودِ، وَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 قَطَعَهَا غَاصِبٌ لَهُ، لَزِمَهُ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَالْأَرْشِ، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الدِّيَاتِ مَسْأَلَةُ الرَّقِيقِ مَعَ زِيَادَةٍ. (وَ) يَضْمَنُ (سَائِرُ الْحَيَوَانِ) أَيْ بَاقِيَهُ (بِالْقِيمَةِ) تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ، وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ مِنْ أَجْزَائِهِ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ (وَغَيْرِهِ) أَيْ الْحَيَوَانِ (مِثْلِيٍّ وَمُتَقَوِّمٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمِثْلِيَّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ، وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ كَمَاءٍ وَتُرَابٍ وَنُحَاسٍ) وَحَدِيدٍ (وَتِبْرٍ) وَسَبِيكَةٍ (وَمِسْكٍ) ، وَعَنْبَرٍ (وَكَافُورٍ وَقُطْنٍ وَعِنَبٍ) وَرُطَبٍ وَسَائِرِ الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ، (وَدَقِيقٍ) وَحُبُوبٍ وَزَبِيبٍ وَتَمْرٍ (لَا غَالِيَةٍ وَمَعْجُونٍ) هُمَا مِمَّا خَرَجَ بِقَيْدِ جَوَازِ السَّلَمِ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ. مَا يُعَدُّ كَالْحَيَوَانِ أَوْ يُذْرَعُ كَالثِّيَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي سَكَتَ عَنْ التَّقْيِيدِ بِجَوَازِ السَّلَمِ، وَالثَّالِثُ زَادَ عَلَى التَّقْيِيدِ بِهِ التَّقْيِيدُ بِجَوَازِ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، فَيَخْرُجُ بِهِ بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ مِنْ الْعِنَبِ وَغَيْرِهِ (فَيَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْمِثْلُ بِأَنْ لَا يُوجَدَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَحَوَالَيْهِ، (فَالْقِيمَةُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَقْصَى قِيَمِهِ) بِالْهَاءِ (مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ) . وَالثَّانِي إلَى   [حاشية قليوبي] فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ فَلَا شَيْءَ مِنْ حَيْثُ الْغَصْبُ، وَأَمَّا فِي الْجِنَايَةِ فَيُقَدَّرُ النَّقْصُ قَبِيلَ الِانْدِمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ فَمَا قَبْلَهُ، وَهَكَذَا إلَى وَقْتِ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ فَرَضَ الْقَاضِي شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ، وَشَمِلَ الرَّقِيقُ الْمُكَاتَبَ وَالْمُسْتَوْلَدَةَ، وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَيُعْتَبَرُ بِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَفِي يَدِهِ رُبْعُ الدِّيَةِ وَأَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رُبْعِ الْقِيمَةِ وَنِصْفِ الْأَرْضِ. فَرْعٌ: لَوْ غَصَبَ الرَّاهِنُ عَبْدَهُ الْمَرْهُونَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَتَلِفَ عِنْدَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَقْصَى قِيمَتِهِ وَالدَّيْنِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِلُزُومِ قِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (سَائِرَ الْحَيَوَانِ) . فَرْعٌ: ذَهَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ ذَنَبَ حِمَارٍ ذِي هَيْئَةٍ أَوْ طَيْلَسَانه لَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ تَمَامُ قِيمَتِهِ. قَوْلُهُ: (مِثْلِيٌّ وَمُتَقَوِّمٌ) وَذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إلَى أَنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ مُتَقَوِّمَةٌ، وَتُضْمَنُ بِمِثْلِهَا وَلَوْ فِي الرَّقِيقِ. قَوْلُهُ: (حَصَرَهُ) أَيْ ضَبَطَهُ كَيْلٌ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَزْنٌ) أَيْ شَرْعًا وَإِلَّا فَالثِّيَابُ تُوزَنُ. قَوْلُهُ: (كَمَاءٍ) وَإِنْ أُغْلِيَ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَسَوَاءٌ الْعَذْبُ وَالْمَالِحُ، وَيَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهِ بِالْمَغْلِيِّ، وَمِثْلُهُ الْخَلُّ وَإِنْ دَخَلَهُ الْمَاءُ، وَكَذَا سَائِرُ الْمَائِعَاتِ فَهِيَ مِثْلِيَّةٌ لَهُ وَإِنْ دَخَلَ فِيهَا الْغَلْيُ هُنَا وَفِي بَابِ الرِّبَا. قَوْلُهُ: (وَنُحَاسٍ) وَلَوْ مُهَيَّأَ إنَاءٍ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُ النُّحَاسِ وَزْنًا وَقِيمَةُ الصَّنْعَةِ إنْ حَلَّتْ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمُتَطَرِّقَاتِ، وَمِثْلُهُ دَرَاهِمُ أَبْطَلَهَا السُّلْطَانُ وَقَطَعَهَا. قَوْلُهُ: (وَدَقِيقٍ) وَنُخَالَةٍ وَمِسْكٍ وَقُطْنٍ وَإِنْ لَمْ يَنْزِعْ حَبَّهُ، وَتِبْرٍ وَعَنْبَرٍ، وَكَافُورٍ وَثَلْجٍ، وَجَمْدٍ وَصُوفٍ، وَعِنَبٍ وَرُطَبٍ، وَبِقَوْلٍ وَفَوَاكِهَ، وَحُبُوبٍ وَلَحْمٍ طَرِيٍّ، وَخُلُولٍ وَلَوْ مَعَ مَاءٍ وَتِبْنٍ لِإِدْرِيسَ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) كَالدَّقِيقِ. قَوْلُهُ: (بِمِثْلِهِ) أَيْ إنْ بَقِيَ لَهُ قِيمَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ إلَى مَكَانٍ غَصْبِهِ مُؤْنَةٌ، وَإِلَّا كَمَاءٍ غَصَبَهُ بِمَفَازَةٍ ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ فِي مَحَلٍّ لَيْسَ لَهُ فِيهِ قِيمَةٌ وَلَوْ تَافِهَةً فَيُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهِ فِي الْمَفَازَةِ لَا بِمِثْلِهِ، وَدَخَلَ فِي الْمِثْلِيَّةِ الْجِنْسُ وَالنَّوْعُ وَالصِّفَةُ وَالْكَيْلُ فِي الْمَكِيلِ، وَالْوَزْنُ فِي الْمَوْزُونِ، فَلَوْ غَصَبَ مَاءً بَارِدًا لَزِمَهُ بَارِدٌ مِثْلُهُ أَوْ سَاخِنٌ مَعَ غُرْمِ تَفَاوُتِ قِيمَتِهِ، وَدَخَلَ أَيْضًا الْبُرُّ الْمُخْتَلِطُ بِشَعِيرٍ، فَيَجِبُ أَنْ يَرُدَّ قَدْرًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ السَّلَمُ فِيهِ لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَحَوَالَيْهِ) أَيْ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ. قَوْلُهُ: (إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ) هَذَا مَعَ ذِكْرِ الْخِلَافِ بَعْدَهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ ضَمِيرَ قِيمَتِهِ عَائِدٌ إلَى الْمَغْصُوبِ، وَيَلْزَمُهُ اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ مَعَ وُجُودِ مِثْلِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ ضَرُورَةً؛ لِأَنَّ قِيمَةَ مِثْلِهِ مُسَاوِيَةٌ لِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ لَوْ كَانَ بَاقِيًا، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إلَى الْمِثْلِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ إلَيْهِ مَعَ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ، يَلْزَمُهُ اعْتِبَارُ قِيمَةِ مِثْلِهِ مَعَ عَائِدٍ إلَى الْمِثْلِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ إلَيْهِ مَعَ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ؛ يَلْزَمُهُ اعْتِبَارُ قِيمَةِ مِثْلِهِ مَعَ بَقَائِهِ وَهُوَ فَاسِدٌ، إذْ لَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ قِيمَةِ غَيْرِهِ مَعَ بَقَائِهِ؛ وَلِأَنَّ الْوَجْهَ الثَّانِيَ يَعْتَبِرُ الْقِيمَةَ إلَى التَّلَفِ، وَرُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى الْمِثْلِ يَلْزَمُهُ أَنَّهُ هُوَ التَّالِفُ وَهُوَ فَاسِدٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمِثْلَ هُوَ الْمَوْجُودُ، وَأَنَّ التَّالِفَ هُوَ الْمَغْصُوبُ؛ وَلِأَنَّهُ يُقَالُ فِي عَدَمِ الْمِثْلِ، فَقَدْ مَثَّلَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ، وَلَا يُقَالُ: تَلِفَ فَسَقَطَ بِمَا ذُكِرَ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَيْهِ وَمَا قِيلَ: إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهَا.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَطَعَهَا غَاصِبٌ) مِثْلُهُ لَوْ قُطِعَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ، فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمَاءٍ وَتُرَابٍ إلَخْ) خَصَّ الشَّيْخُ هَذِهِ الْأَمْثِلَةَ لِخَفَائِهَا وَلِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي بَعْضِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمِثْلِهِ) أَيْ لَا بِالْقِيمَةِ، وَنُظِرَ ذَلِكَ بِعَدَمِ جَوَازِ الْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ) زَادَ فِي الْمُحَرَّرِ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِإِخْرَاجِ الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ مُطْلَقًا، كَمَا بَيَّنَهُ فِي بَابِهِ. قَالَ: وَقَدْ اعْتَرَضْنَا عَلَى الْمُؤَلِّفِ فِي ذِكْرِ عَادِيَةٍ أَوَّلَ الْفَصْلِ، فَلَوْ حَذَفَهُ هُنَاكَ وَأَتَى بِهِ هُنَا كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يُوجَدَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ إلَخْ) أَيْ كَانْقِطَاعِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (إلَى تَعَذُّرِ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْمِثْلِ كَوُجُودِ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَى التَّلَفِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ، لَا قِيمَةُ الْمِثْلِ. وَوُجِّهَ الثَّالِثُ أَنَّ الْمِثْلَ لَا يَسْقُطُ بِالْإِعْوَازِ، بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ الصَّبْرَ إلَى وُجْدَانِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 التَّلَفِ وَالثَّالِثُ إلَى الْمُطَالَبَةِ (وَلَوْ نُقِلَ الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيُّ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُكَلِّفَهُ رَدَّهُ) إلَى بَلَدِهِ (وَأَنْ يُطَالِبَهُ بِالْقِيمَةِ فِي الْحَالِ) لِلْحَيْلُولَةِ (فَإِذَا رَدَّهُ رَدَّهَا) وَاسْتَرَدَّهُ، (فَإِنْ تَلِفَ فِي الْبَلَدِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ طَالَبَهُ بِالْمِثْلِ فِي أَيِّ الْبَلَدَيْنِ شَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِرَدِّ الْعَيْنِ فِيهِمَا، (فَإِنْ فَقَدَ الْمِثْلَ غَرَّمَهُ قِيمَةَ أَكْثَرِ الْبَلَدَيْنِ قِيمَةً) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ فِيهِ. (وَلَوْ ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ كَالنَّقْدِ، فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ، وَإِلَّا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ بِالْمِثْلِ) ، وَلَا لِلْغَارِمِ تَكْلِيفُهُ قَبُولَ الْمِثْلِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ، (بَلْ يُغَرِّمُهُ قِيمَةَ بَلَدِ التَّلَفِ) وَالثَّانِي لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ مُطْلَقًا. فَرْعٌ: إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ ثُمَّ اجْتَمَعَا فِي بَلَدِ التَّلَفِ هَلْ لِلْمَالِكِ رَدُّ الْقِيمَةِ وَطَلَبُ الْمِثْلِ؟ وَهَلْ لِلْآخَرِ اسْتِرْدَادُ الْقِيمَةِ وَبَذْلُ الْمِثْلِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ غَرِمَ الْقِيمَةَ لِفَقْدِ الْمِثْلِ، ثُمَّ وَجَدَهُ هَلْ لَهُ وَلِصَاحِبِهِ مَا ذُكِرَ؟ أَصَحُّهُمَا لَا، (وَأَمَّا الْمُتَقَوِّمُ فَيُضْمَنُ) فِي الْغَصْبِ (بِأَقْصَى قِيَمِهِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ، وَفِي الْإِتْلَافِ بِلَا غَصْبٍ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ، فَإِنْ جُنِيَ) عَلَى الْمَأْخُوذِ بِلَا غَصْبٍ (وَتَلِفَ بِسِرَايَةٍ، فَالْوَاجِبُ الْأَقْصَى أَيْضًا) مِنْ الْجِنَايَةِ إلَى التَّلَفِ، فَإِذَا جَنَى عَلَى بَهِيمَةٍ مَأْخُوذَةٍ بِسَوْمٍ مَثَلًا وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ، ثُمَّ هَلَكَتْ بِالسِّرَايَةِ وَقِيمَةُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ، وَجَبَ عَلَيْهِ مِائَةٌ. (وَلَا تُضْمَنُ الْخَمْرُ) لِمُسْلِمٍ وَلَا ذِمِّيٍّ، (وَلَا تُرَاقُ عَلَى ذِمِّيٍّ إلَّا أَنْ يُظْهِرَ شُرْبَهَا أَوْ بَيْعَهَا) فَتُرَاقُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَلَوْ نُقِلَ الْمَغْصُوبُ) وَكَذَا لَوْ انْتَقَلَ بِنَفْسِهِ كَالْحَيَوَانِ، وَتَقْيِيدُهُ بِالْمِثْلِيِّ بِالنَّظَرِ لِلتَّفْرِيعِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (إلَى بَلَدٍ آخَرَ) أَيْ إلَى مَكَان آخَرَ وَاحِدٍ فَأَكْثَرَ. قَوْلُهُ: (بِالْقِيمَةِ) أَيْ بِأَقْصَى قِيمَةٍ فِي أَيِّ الْبَلَدَيْنِ، وَيَضْمَنُ مَا لَهُ أَرْشٌ فِي الرَّقِيقِ كَيَدِهِ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نَقْصِ الْقِيمَةِ وَالْمُقَدَّرِ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ الْقِيمَةِ أَمَةً تَحِلُّ لَهُ، وَلَكِنْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ لِلْحَيْلُولَةِ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ يَمْلِكُهَا كَالْقَرْضِ مُرَادُهُمْ فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (رَدَّهَا) أَيْ إنْ بَقِيَتْ مَعَ زِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ، وَأَمَّا الْمُنْفَصِلَةُ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا فَإِنْ تَوَافَقَا عَلَى عَدَمِ رَدِّ الْبَدَلِ فَلَا بُدَّ مِنْ عَقْدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِنْ تَلِفَتْ رُدَّ بَدَلُهَا مِنْ مِثْلٍ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ. قَوْلُهُ: (غَرَّمَهُ قِيمَةَ إلَخْ) أَيْ غَرَّمَهُ أَقْصَى قِيَمِ الْبَلَدَيْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إلَى وَقْتِ فَقْدِ الْمِثْلِ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ تَلَفِهِ بِتَقْدِيرِ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ مِثْلِهِ بَعْدَهُ إلَى فَقْدِهِ مُسَاوِيَةٌ لِقِيمَتِهِ ضَرُورَةً كَمَا مَرَّ كَذَا فِي كَلَامِهِمْ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي بَلَدٍ إلَّا بَعْدَ حُلُولِهِ بِهَا لَا مَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ فَرَاجِعْهُ. وَإِذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ فَهِيَ لِلْفَيْصُولَةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ وُجُودُ الْمِثْلِ بَعْدَهُ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَغْرَمْهَا حَتَّى وُجِدَ الْمِثْلُ طَالَبَهُ بِهِ لَا بِهَا حَتَّى يُفْقَدَ، وَهَكَذَا وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ) وَكَالْمُؤْنَةِ ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ عِنْدَ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (تَكْلِيفُهُ إلَخْ) فَلَوْ طَلَبَهُ مِنْ الْغَاصِبِ لَزِمَهُ الدَّفْعُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ الْغَاصِبُ بِسَفَرِهِ إلَى بَلَدِ الْغَصْبِ لِيُسَلِّمَهُ لَهُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (قِيمَةَ بَلَدِ التَّلَفِ) أَيْ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ إذْ الْمُعْتَبَرُ أَقْصَى قِيَمِ كُلِّ مَكَان حَلَّ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا لَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْغَصْبِ إلَخْ) أَيْ بِأَقْصَى قِيَمِ مَحَلٍّ حَلَّ بِهِ بِنَقْلٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ. تَنْبِيهٌ: لَوْ صَارَ الْمِثْلِيُّ مِثْلِيًّا كَجَعْلِ السِّمْسِمِ شَيْرَجًا أَوْ الْمِثْلِيِّ مُقَوَّمًا كَجَعْلِ الدَّقِيقِ خُبْزًا، وَالْمُتَقَوِّمِ مِثْلِيًّا كَجَعْلِ الشَّاةِ لَحْمًا، ثُمَّ تَلِفَ ضَمِنَ الثَّانِيَ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْمُطَالَبَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَكْثَرَ قِيمَةً فَيُطَالَبُ بِمِثْلِهِ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتِهِ فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَالْمَالِكُ فِي الْمِثْلِيَّيْنِ مُخَيَّرٌ فِي الْمُطَالَبَةِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْقِيمَةُ، وَأَمَّا لَوْ صَارَ الْمُتَقَوِّمُ مُتَقَوِّمًا كَجَعْلِ الْخُبْزِ هَرِيسَةً طَالَبَهُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ أَيْ بِالْأَكْثَرِ قِيمَةً مِنْهُمَا، وَتَمْثِيلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ لِذَلِكَ بِجَعْلِ إنَاءِ النُّحَاسِ حُلِيًّا مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْقِيمَةِ فِيهِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِثْلُ النُّحَاسِ وَزْنًا مَعَ قِيمَةِ الصَّنْعَةِ. قَوْلُهُ: (بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ) نَعَمْ لَا تُعْتَبَرُ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ بِمُحَرَّمٍ كَهِرَاشِ نَحْوِ دِيَكَةٍ وَغِنَاءٍ. قَالَ الْخَطِيبُ فِي أُنْثَى وَيَضْمَنُ فِي الذَّكَرِ فَرَاجِعْهُ. وَلَا يَأْتِي هُنَا تَعَدُّدُ الْمَكَانِ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّقْلِ يَكُونُ غَاصِبًا، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا غَصْبَ. قَوْلُهُ: (مِثْلِهَا) أَيْ الْمُمَاثِلَةِ لَهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (الْخَمْرُ) وَمِثْلُهُ كُلُّ مُتَنَجِّسٍ كَدُهْنٍ تَنَجَّسَ، وَسَوَاءٌ الْخَمْرُ الْمُحْتَرَمَةُ وَغَيْرُهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا تُرَاقُ عَلَى ذِمِّيٍّ) وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ وَمِثْلُهُ الْمُؤْمِنُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُظْهِرَ شُرْبَهَا) لَوْ أُسْقِطَ لَفْظُ الشُّرْبِ وَالْبَيْعِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ غَيْرَهُمَا كَالْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِإِظْهَارِهَا الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ تَجَسُّسٍ، وَلَوْ مِنْ الْجَارِ الْمُسْلِمِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (فَلِلْمَالِكِ) هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَنَاوَلَهُ عُمُومُ قَوْلِهِ أَوَّلًا، وَعَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يُطَالِبَهُ بِالْقِيمَةِ) أَخْذُ الْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ غَرَامَةِ أُجْرَةِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ ذَلِكَ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ أُمَّ وَلَدٍ وَعَتَقَتْ، رَجَعَ الْغَاصِبُ بِالْقِيمَةِ. فَرْعٌ: لَوْ أَعْطَاهُ جَارِيَةً عِوَضًا عَنْ هَذِهِ الْقِيمَةِ، فَفِي جَوَازِ الْوَطْءِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْحَالِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: أَنْ يُطَالِبَهُ. قَوْلُهُ: (رَدَّهَا) لَوْ زَادَتْ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً فَهِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَيُصَوَّرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ أَخَذَ عَنْ الْقِيمَةِ عِوَضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَيِّ الْبَلَدَيْنِ شَاءَ) وَكَذَا بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (فِيهِمَا) بَلْ لَوْ عَادَ إلَى بَلَدِ الْغَصْبِ ثُمَّ تَلِفَ، كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ) قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي وَقْتِ الرُّخْصِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَقْتَ الْغَلَاءِ وَغَيْرِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 (وَتُرَدُّ عَلَيْهِ) فِي غَيْرِ ذَلِكَ (إنْ بَقِيَتْ الْعَيْنُ) لِإِقْرَارِهِ عَلَيْهَا، (وَكَذَا الْمُحْتَرَمَةُ إذَا غُصِبَتْ مِنْ مُسْلِمٍ) تُرَدُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُ إمْسَاكَهَا لِتَصِيرَ خَلًّا، وَهِيَ الَّتِي عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ، أَوْ بِلَا قَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ. (وَالْأَصْنَامُ) وَالصُّلْبَانُ (وَآلَاتُ الْمَلَاهِي) كَالطُّنْبُورِ وَغَيْرِهِ، (لَا يَجِبُ فِي إبْطَالِهَا شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةُ الِاسْتِعْمَالِ، وَلَا حُرْمَةَ لِصَنْعَتِهَا. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُكْسَرُ الْكَسْرَ الْفَاحِشَ، بَلْ تُفْصَلُ لِتَعُودَ كَمَا قَبْلَ التَّأْلِيفِ) لِزَوَالِ الِاسْمِ بِذَلِكَ. وَالثَّانِي تُكْسَرُ وَتَرْضُضُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى حَدٍّ لَا يُمْكِنُ اتِّخَاذُ آلَةٍ مُحَرَّمَةٍ مِنْهُ لَا الْأُولَى وَلَا غَيْرَهَا، (فَإِنْ عَجَزَ الْمُنْكِرُ) عَلَى الْأَوَّلِ (عَنْ رِعَايَةِ هَذَا الْحَدِّ) أَيْ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ (لِمَنْعِ صَاحِبِ الْمُنْكَرِ) مِنْهُ (أَبْطَلَهُ كَيْفَ تَيَسَّرَ) إبْطَالُهُ، وَلَا يَجُوزُ إحْرَاقُهَا؛ لِأَنَّ رُضَاضَهَا مُتَمَوَّلٌ، وَمَنْ أَحْرَقَهَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا مَكْسُورَةً بِالْحَدِّ الْمَشْرُوعِ، وَمَنْ جَاوَزَهُ بِغَيْرِ الْإِحْرَاقِ فَعَلَيْهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهَا مَكْسُورَةً بِالْحَدِّ الْمَشْرُوعِ، وَبَيْنَ قِيمَتِهَا مُنْتَهِيَةً إلَى الْحَدِّ الَّذِي أَتَى بِهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَالْفَاسِقُ وَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ يَشْتَرِكُونَ فِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى إزَالَةِ هَذَا الْمُنْكَرِ وَسَائِرِ الْمُنْكَرَاتِ، وَيُثَابُ الصَّبِيُّ عَلَيْهِ كَمَا يُثَابُ الْبَالِغُ، وَإِنَّمَا تَجِبُ إزَالَتُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْقَادِرِ. (وَتُضْمَنُ مَنْفَعَةُ الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِمَا) مِمَّا يُسْتَأْجَرُ كَالدَّابَّةِ (بِالتَّفْوِيتِ وَالْفَوَاتِ فِي يَدٍ عَادِيَةٍ) ، بِأَنْ سَكَنَ الدَّارَ وَاسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ وَرَكِبَ الدَّابَّةَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، وَتُضْمَنُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ (وَلَا تُضْمَنُ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ إلَّا بِتَفْوِيتٍ) بِأَنْ وُطِئَ، وَتُضْمَنُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَا تُضْمَنُ بِفَوَاتٍ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهَا فَيُزَوِّجُ السَّيِّدُ الْمَغْصُوبَةَ وَالْيَدُ فِي بُضْعِ الْمَرْأَةِ لَهَا، (وَكَذَا مَنْفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ) لَا تُضْمَنُ إلَّا بِتَفْوِيتٍ (فِي   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَتُرَدُّ عَلَيْهِ) فَمُؤْنَتُهَا عَلَى الْغَاصِبِ. قَوْلُهُ: (الْمُحْتَرَمَةُ) وَلَوْ بِالشَّكِّ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، فَلَا تُرَدُّ بَلْ تُرَاقُ عَلَيْهِ، وَلِلْأَئِمَّةِ كَسْرُ أَوَانِي الْخَمْرِ وَلَوْ عَلَى الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا الْخَمْرُ، وَيُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ فِي دَعْوَى أَنَّ الْخَمْرَ مُحْتَرَمَةٌ إنْ كَانَتْ قَرِينَةٌ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ أَظْهَرَهَا الْكَافِرُ وَادَّعَى احْتِرَامَهَا لَمْ يَقُلْ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُحْتَرَمَةَ تُرَاقُ عَلَى الْكَافِرِ إذَا أَظْهَرَهَا وَفِيهِ بُعْدٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِلَا قَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَفِي الْإِطْلَاقِ مُحْتَرَمَةٌ وَتَتَغَيَّرُ عَنْ الِاحْتِرَامِ أَوْ إلَيْهِ بِتَغَيُّرِ الْقَصْدِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ ادَّعَى الْكَافِرُ احْتِرَامَهَا قَبْلَ إظْهَارِهَا صُدِّقَ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ كَمْ مَرَّ لِاتِّهَامِهِ. تَنْبِيهٌ: يَلْحَقُ بِالْخَمْرِ كُلُّ مُسْكِرٍ، وَلَوْ بِالتَّخْدِيرِ كَبَنْجٍ وَحَشِيشٍ وَالْأَوْلَى فِي حَقِّ مُرِيقِ الْمُسْكِرِ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ قَبْلَهُ دَفْعًا لِلْفِتْنَةِ. فَرْعٌ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَلْزَمُ مَنْ أَرَاقَ خَمْرًا عَلَى ذِمِّيٍّ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْنَامُ وَالصُّلْبَانُ) عَطْفُهَا مُرَادِفٌ، أَوْ الصَّنَمُ مَا كَانَ مُصَوَّرًا وَالصُّلْبُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (كَالطُّنْبُورِ) شَمِلَ مَا لَا وَتَرَ فِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَبْطَلَهُ كَيْفَ تَيَسَّرَ) وَيُصَدَّقُ إذَا ادَّعَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالْفَاسِقُ) أَيْ بِغَيْرِ الْكُفْرِ، فَلَيْسَ لِلْكُفَّارِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ يُعَاقَبُونَ عَلَى عَدَمِ الْإِزَالَةِ فِي الْآخِرَةِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ فِعْلِهَا مَعَ عِقَابِهِمْ عَلَيْهَا لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ الْإِتْيَانِ بِشَرْطِ ذَلِكَ الَّذِي هُوَ الْإِسْلَامُ، فَلَيْسَ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ التَّكْلِيفِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ كَمَا قِيلَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ) أَيْ مَعَ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ بِالْأَمْنِ، وَلَوْ عَلَى الْمَالِ أَوْ الْعِرْضِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُكَلَّفِ) أَيْ الْمُسْلِمِ كَمَا مَرَّ، وَخَرَجَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ سِنُّهُ فَيُطْلَبُ وَلَوْ مَعَ الْخَوْفِ، وَلَا يُنَافِيهِ النَّهْيُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] الْمُقْتَضِي لِلتَّحْرِيمِ لِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ، أَوْ؛ لِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ مَا فِيهِ إزَالَةُ مُنْكَرٍ. قَوْلُهُ: (الدَّارِ) أَيْ كَأَنْ غَصَبَهَا كَذَلِكَ، فَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا دَارًا فَإِنْ بَنَاهَا مِنْ تُرَابِهَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ الدَّارِ، وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْعَرْصَةِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (مِمَّا يُسْتَأْجَرُ) أَيْ مِمَّا تَصِحُّ إجَارَتُهُ فَخَرَجَ غَيْرُهُ مِنْ نَحْوِ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ وَآلَةِ لَهْوٍ وَنَحْوِ حَبَّةِ بُرٍّ، فَلَا أُجْرَةَ فِيهَا لِعَدَمِ الْمَالِيَّةِ أَوْ الْحُرْمَةِ أَوْ عَدَمِ الْمَنْفَعَةِ اهـ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ وَلَوْ بِالتَّفْوِيتِ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ، الْوَقْفُ وَمَالُ الْيَتِيمِ وَمَا أُعِدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ) نَعَمْ لَوْ اصْطَادَ الْعَبْدَ صَيْدًا فَهُوَ لِمَالِكِهِ، وَعَلَى الْغَاصِبِ أُجْرَةُ زَمَنِ الصَّيْدِ أَيْضًا بِخِلَافِ مَا يَصِيدُهُ نَحْوُ كَلْبٍ مَغْصُوبٍ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ جِنْسِ مَنْ يَمْلِكُ. قَوْلُهُ: (بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ) أَيْ بِأَقْصَاهَا، وَلَوْ تَفَاوَتَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْأَزْمِنَةِ ضَمِنَ أُجْرَةَ كُلِّ زَمَنٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ. قَالَ الْخَطِيبُ: فَلَوْ كَانَ لَهُ مَنَافِعُ ضَمِنَ أُجْرَةً أَعْلَاهَا إنْ لَمْ يُمْكِنْ اجْتِمَاعُهَا وَإِلَّا ضَمِنَ أُجْرَةَ الْجَمِيعِ كَخِيَاطَةٍ وَحِرَاسَةٍ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ. نَعَمْ لَا يَضْمَنُ فِي الْحُرِّ إلَّا أُجْرَةَ مَا فَوْقَهُ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (بَدَنِ الْحُرِّ) وَثِيَابُهُ مِثْلُهُ وَلَوْ صَغِيرًا. نَعَمْ لَوْ قَهَرَ مُرْتَدًّا عَلَى عَمَلٍ وَلَوْ أُنْثَى بِوَطْئِهَا، فَلَا ضَمَانَ إنْ مَاتَ مُرْتَدًّا. وَكَالْحُرِّ الْمَسْجِدُ وَالرِّبَاطُ، وَالْمَدْرَسَةُ وَالشَّوَارِعُ وَالْمَقَابِرُ، وَمِنًى وَعَرَفَةُ وَمُزْدَلِفَةُ، فَإِذَا اشْتَغَلَ شَيْئًا مِنْهَا بِمَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْجَالِسُ فِيهَا ضَمِنَ أُجْرَةَ جَمِيعِهِ إنْ أَشْغَلَهُ جَمِيعَهُ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ مَنَعَ النَّاسَ مِنْ بَاقِيهِ وَإِلَّا ضَمِنَ أُجْرَةَ   [حاشية عميرة] [إذَا غَرِمَ الْقِيمَة ثُمَّ اجْتَمَعَا فِي بَلَد التَّلَف هَلْ لِلْمَالِكِ رَدُّ الْقِيمَةِ] قَوْلُهُ: (وَتُرَدُّ) اقْتَضَى وُجُوبَ أُجْرَةٍ فِيهِ، وَفِيهِ إشْكَالٌ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ عِنْدَ التَّلَفِ، وَلِهَذَا نَسَبَ الْإِمَامُ إلَى الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْوَاجِبَ التَّخْلِيَةُ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَآلَاتُ الْمَلَاهِي) لَوْ وَجَدَ الطُّنْبُورَ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ وَتَرٍ فَهَلْ يَكْسِرُهُ؟ تَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ. فَائِدَةٌ: قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوْ كَانَ الِاشْتِغَالُ بِتَفْرِيغِ الْخَمْرِ يُعَطِّلُ شُغْلَهُ فَلَهُ الْكَسْرُ. قَالَ: وَلِلْوُلَاةِ كَسْرُ ظُرُوفِهَا زَجْرًا وَتَأْدِيبًا وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْآحَادِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْفَوَاتِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: لَك أَنْ تَقُولَ الْفَوَاتُ مَوْجُودٌ فِي التَّفْوِيتِ، وَكَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَوَاتِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِهِ. قَالَ: وَهَذَا الْبَحْثُ يَنْفَعُ فِي نَقْصِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهَا بِالِاسْتِعْمَالِ فَتَيَقَّظْ لَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا وَالْفَوَاتِ) خَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْيَدَ إلَخْ) يَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ غَصْبَ الزَّوْجَةِ لَا يُسْقِطُ عَنْ الزَّوْجِ الْمَهْرَ، بِخِلَافِ غَصْبِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ، وَأَنَّ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِي نِكَاحِهَا يَدَّعِيَانِ عَلَيْهَا، وَلَا يَدَّعِي أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مَنْفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ إلَخْ) كَذَلِكَ الثِّيَابُ الَّتِي عَلَى الْحُرِّ، وَلَوْ صَغِيرًا جِدًّا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 الْأَصَحِّ) ، كَأَنْ قَهَرَهُ عَلَى عَمَلٍ، وَالثَّانِي تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا لِتَقَوُّمِهَا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ تُشْبِهُ مَنْفَعَةَ الْمَالِ، وَالْأَوَّلُ يَقُولُ: الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، فَمَنْفَعَتُهُ تَفُوتُ تَحْتَ يَدِهِ (وَإِذَا نَقَصَ الْمَغْصُوبُ بِغَيْرِ اسْتِعْمَالٍ) كَسُقُوطِ يَدِ الْعَبْدِ بِآفَةٍ، (وَجَبَ الْأَرْشُ مَعَ الْأُجْرَةِ) لِلنَّقْصِ وَالْفَوَاتِ وَهِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ سَلِيمًا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمَعِيبًا بَعْدَهُ. (وَكَذَا لَوْ نَقَصَ بِهِ) أَيْ بِالِاسْتِعْمَالِ، (بِأَنْ بَلِيَ الثَّوْبُ) بِاللُّبْسِ يَجِبُ الْأَرْشُ مَعَ الْأُجْرَةِ (فِي الْأَصَحِّ) . وَالثَّانِي، لَا بَلْ يَجِبُ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالْأَرْشِ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ نَشَأَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ، وَقَدْ قُوبِلَ بِالْأُجْرَةِ فَلَا يَجِبُ لَهُ ضَمَانٌ آخَرُ. وَدُفِعَ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْفَوَاتِ لَا الِاسْتِعْمَالِ. فَصْلٌ إذَا (ادَّعَى) الْغَاصِبُ (تَلَفَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ، (وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ) ذَلِكَ (صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا وَيَعْجِزُ عَنْ الْبَيِّنَةِ، فَلَوْ لَمْ نُصَدِّقْهُ لَتَخَلَّدَ الْحَبْسُ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ، (فَإِذَا حَلَفَ) أَيْ الْغَاصِبُ (غَرَّمَهُ الْمَالِكُ فِي الْأَصَحِّ) بَدَلَ الْمَغْصُوبِ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ، الثَّانِي لَا يُغَرِّمُهُ بَدَلَهُ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ فِي زَعْمِهِ، أَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنْ عَجَزَ عَنْ الْوُصُولِ إلَيْهَا بِيَمِينِ الْغَاصِبِ (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ) بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَلَفِهِ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (الثِّيَابِ الَّتِي عَلَى الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فِي عَيْبٍ خُلُقِيٍّ) بِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ، كَأَنْ قِيلَ: كَانَ أَعْمَى أَوْ أَعْرَجَ خِلْقَةً (صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْأُولَى، وَعَدَمُ السَّلَامَةِ مِنْ الْخُلُقِيِّ فِي الثَّالِثَةِ، وَلِثُبُوتِ يَدِهِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَمَا عَلَيْهِ، (وَ) فِي الِاخْتِلَافِ (فِي عَيْبٍ حَادِثٍ) بَعْدَ تَلَفِهِ كَأَنْ قِيلَ: كَانَ أَقْطَعَ أَوْ سَارِقًا (يُصَدَّقُ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْ الزِّيَادَةِ. وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ، وَأَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْمَغْصُوبَ وَبِهِ عَيْبٌ وَقَالَ: غَصَبْته هَكَذَا، وَقَالَ الْمَالِكُ: حَدَثَ عِنْدَك صُدِّقَ الْغَاصِبُ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي: زَادَ فِي الرَّوْضَةِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ (وَلَوْ رَدَّهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ (نَاقِصَ الْقِيمَةِ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) لِبَقَائِهِ بِحَالِهِ، (وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، فَصَارَتْ بِالرُّخْصِ دِرْهَمًا ثُمَّ لَبِسَهُ فَأَبْلَاهُ فَصَارَتْ نِصْفَ دِرْهَمٍ فَرَدَّهُ، لَزِمَهُ خَمْسَةٌ، وَهِيَ قِسْطُ التَّالِفِ   [حاشية قليوبي] مَا أَشْغَلَهُ فَقَطْ، فَإِنْ مُنِعَ النَّاسُ مِنْهُ بِلَا إشْغَالٍ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا. وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَشْغَلَهُ بِمَا لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ شُغْلُ جَمِيعِهِ، كَمَا لَوْ رَمَى فِيهِ نَحْوَ ثَوْبٍ وَأَغْلَقَهُ عَلَيْهِ فَلَا أُجْرَةَ فِيهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ فَرَاجِعْهُ. فَرْعٌ: وَضْعُ الْخَزَائِنِ فِي الْمَسَاجِدِ لَا يَجُوزُ إلَّا حَالَةَ الِانْتِفَاعِ بِهَا لِلْوَاضِعِ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا يَجُوزُ وَضْعُهَا إذَا وَعَدَ بِوَقْفِهَا، وَإِذَا اسْتَغْنَى عَنْهَا بِرَحِيلِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ مَثَلًا وَجَبَ إزَالَتُهَا مَا لَمْ يَنْتَفِعْ غَيْرُهُ بِهَا، وَلَوْ أَغْلَقَهُ مَعَ إشْغَالِ بَعْضِهِ بِمَا يَجُوزُ وَجَبَ أُجْرَةٌ مِثْلُ أُجْرَةِ جَمِيعِهِ، وَلَوْ شَغَلَهُ بِمَتَاعٍ بِقَدْرِ مَا يُصَلِّي مَثَلًا كَمَا فِي أَمْتِعَةِ الطَّوَّافِينَ لَزِمَ أُجْرَةُ مَحَلِّهَا مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى وَضْعِهِ فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِلنَّقْصِ) رَاجِعٌ لِلْأَرْشِ، فَلَوْ غَصَبَ بُرًّا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَطَحَنَهُ، فَصَارَتْ عِشْرِينَ فَخَبَزَهُ فَصَارَتْ خَمْسِينَ ثُمَّ تَلِفَ لَزِمَهُ ثَمَانُونَ اهـ. فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي تَلَفِ الْمَغْصُوبِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْغَاصِبُ) عَلَى الْغَاصِبِ الَّذِي فِي الْوَدِيعَةِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ إنْفَاقِهِمَا عَلَى تَلَفِهِ) أَوْ بَعْدَ حَلِفِ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً بِقَدْرٍ سُمِعَتْ أَوْ بِزِيَادَةِ عَلَى مَا قَدَّرَهُ الْغَاصِبُ سُمِعَتْ أَيْضًا، وَيَبْطُلُ مَا قَدَّرَهُ الْغَاصِبُ، وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَزِيدَ إلَى قَدْرِ تَقَوُّلِ الْبَيِّنَةِ: إنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، وَلَا تَصِحُّ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِالصِّفَاتِ. فَلَوْ اعْتَرَفَ بِهَا الْغَاصِبُ، فَلِلْمَالِكِ الزِّيَادَةُ فِي الْقِيمَةِ إلَى حَدٍّ يَقُولُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: بِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ تَلَفِهِ) أَيْ عِنْدَ الْغَاصِبِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا، وَهُوَ قَيْدٌ لِإِخْرَاجِ الرَّدِّ الْآتِي. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْ الزِّيَادَةِ) وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْحَادِثَ يُقَدَّرُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ، وَاسْتِشْهَادٌ عَلَى تَقْيِيدِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِمَا بَعْدَ التَّلَفِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَوْ رَدَّ الْمَغْصُوبَ) سَوَاءٌ تَلِفَ عِنْدَ الْمَالِكِ أَوَّلًا لِقُوَّةِ جَانِبِ الْغَاصِبِ بِالرَّدِّ، وَسَوَاءٌ كَانَ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا لَوْ نَقَصَ بِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجِبُ ضَمَانُهُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ. [فَصْلٌ إذَا ادَّعَى الْغَاصِبُ تَلَفَهُ أَيْ الْمَغْصُوبِ] فَصْلٌ ادَّعَى إلَخْ قَوْلُهُ: (لِبَقَاءِ عَيْنِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ عَادَ وَصَدَّقَهُ غَرِمَهُ قَطْعًا، وَهُوَ كَذَلِكَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ فَرَّعْنَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيَنْبَغِي فِي الْمُتَقَوِّمِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالِكُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى التَّصْدِيقِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا إمَّا بَدَلًا عَنْ الْمُتْلَفِ، وَإِمَّا الْحَيْلُولَةَ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا لِبَقَاءِ عَيْنِهِ) أَيْ وَالْحَيْلُولَةُ إنَّمَا تُوجِبُ الْقِيمَةُ قَطْعًا لَا الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ، وَالْقِيمَةَ فِي الْمُتَقَوِّمِ كَذَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَهُوَ يُرْشِدُ إلَى وُجُوبِ الْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ عَلَى هَذَا. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْغَاصِبُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ الْعَيْنَ، وَالْأَصْلُ كَوْنُهَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ الْمَرْدُودَةِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَتْ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ نِصْفُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 مِنْ أَقْصَى الْقِيَمِ) ، وَهُوَ نِصْفُ الثَّوْبِ. (قُلْت:) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَلَوْ غَصَبَ خُفَّيْنِ) أَيْ فَرْدَيْ خُفٍّ (قِيمَتُهُمَا عَشَرَةٌ، فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا وَرُدَّ الْآخَرُ وَقِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ، أَوْ أَتْلَفَ أَحَدَهُمَا) فِي يَدِهِ (غَصْبًا) لَهُ، فَأَتْلَفَ عَطْفٌ عَلَى غَصَبَ، (أَوْ) أَتْلَفَهُ (فِي يَدِ مَالِكِهِ) وَالْقِيمَةُ لَهُمَا وَلِلْبَاقِي مَا ذُكِرَ، (لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . وَهِيَ قِيمَةُ مَا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ، وَأَرْشُ التَّفْرِيقِ الْحَاصِلُ بِذَلِكَ. وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ قِيمَةُ مَا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْضَمًّا إلَى الْآخَرِ، وَاقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأُولَى عَلَى الْأَوَّلِ، وَزَادَ فِي الرَّوْضَةِ فِيهَا الثَّانِيَ، وَزِيدَ عَلَيْهِمَا فِيهَا الثَّالِثُ عَنْ التَّتِمَّةِ، وَعَبَّرَا فِي الثَّانِيَةِ فِي شِقِّ الْغَصْبِ بِالتَّلَفِ وَيُقَاسُ بِهِ الْإِتْلَافُ فِي الْأُولَى (وَلَوْ حَدَثَ) فِي الْمَغْصُوبِ   [حاشية قليوبي] الْعَيْبُ خُلُقِيًّا أَوْ حَادِثًا قَوْلُهُ: (زَادَ فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ عَلَى أَصْلِهَا الَّذِي هُوَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ مِنْ الْقِيمَةِ، وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ إنْ كَانَتْ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ خَمْسَةٌ) أَيْ مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَيْضًا وَلَوْ صَارَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ بَعْدَ ذَلِكَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا زَادَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ التَّلَفِ كَالْعَدَمِ، وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّ الْغَلَاءَ بَعْدَ التَّلَفِ، وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَتَنَجَّسَ لَزِمَهُ مَا نَقَصَ بِسَبَبِ النَّجَاسَةِ، وَلَا يَجُوزُ تَطْهِيرُهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ، فَإِنْ ظَهَرَهُ بِلَا إذْنٍ غَرِمَ نَقْصَهُ بِالطَّهَارَةِ أَيْضًا أَوْ بِإِذْنِهِ فَلَا، فَإِنْ رَدَّهُ بِلَا تَطْهِيرٍ لَزِمَهُ مُؤْنَةُ تَطْهِيرِهِ، وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَحُمَّ فَرَدَّهُ فَمَاتَ بِالْحُمَّى لَزِمَهُ جَمِيعُ قِيمَتِهِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ يَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِهِ فَقَطْ، وَهُوَ الْوَجْهُ عَلَى نَظِيرِ مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ فَحُمَّ فَرَدَّهُ فَمَاتَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهِ فَقَطْ. وَلَوْ جَاءَ الْغَاصِبُ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ وَقَالَ لِلْمَالِكِ، هَذَا الَّذِي غَصَبْته مِنْك، فَقَالَ الْمَالِكُ غَصَبْت مِنِّي ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ غَيْرَ هَذَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ وَحُمِلَ الثَّوْبُ كَالتَّالِفِ، وَلَزِمَ الْغَاصِبُ خَمْسَةٌ. وَلَوْ جَاءَ بِعَبْدٍ وَقَالَ: هَذَا الَّذِي غَصَبْته مِنْك، فَقَالَ: بَلْ غَصَبْت مِنِّي ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ غَيْرَ هَذَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِهَا، وَسَقَطَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْهَا بِيَمِينِ الْغَاصِبِ وَمِنْ الْعَبْدِ بِرَدِّ الْإِقْرَارِ بِهِ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الثَّوْبِ الْمَذْكُورَةِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ لَمْ تَتَحَقَّقْ مُخَالَفَةُ عَيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الثَّوْبَ وَاحِدٌ، وَدَعْوَى الْمَالِكِ أَنَّهُ غَيْرُهُ مِنْ حَيْثُ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (خُفَّيْنِ إلَخْ) وَمِثْلُهُمَا كُلُّ مَا يَنْقُصُ إذَا انْفَرَدَ عَنْ قَرِينِهِ كَطَيْرٍ وَزَوْجَتِهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَيْ فَرْدَيْ خُفٍّ إلَى دَفْعِ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِمَّا لَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (فِي يَدِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ أَفَادَ بِهِ أَنَّ الْإِتْلَافَ بَعْدَ الْغَصْبِ، وَحِينَئِذٍ فَانْتَلَفَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَهُ) أَيْ لِأَحَدِهِمَا فَصَحَّ التَّفْرِيعُ بِقَوْلِهِ: فَأَتْلَفَ عَطْفٌ عَلَى غَصَبَ وَانْدَفَعَ بِذَلِكَ مَا قِيلَ: إنَّ غَصَبَ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ أَتْلَفَ عَطْفٌ عَلَى تَلِفَ فِي حَيِّزِ الْغَصْبِ، بَلْ لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ سَخَافَةَ هَذَا الِاعْتِرَاضِ، فَإِنَّ الْفَرْدَةَ الْمُتْلَفَةَ إمَّا مَغْصُوبَةٌ مَعَ أَخِيهَا، أَوْ مَغْصُوبَةٌ وَحْدَهَا، أَوْ لَيْسَتْ مَغْصُوبَةً كَأُخْتِهَا وَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ، وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا الِاعْتِرَاضِ سُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَنْ الثَّانِيَةِ مِنْهَا وَتَعْبِيرُهُ بِالتَّلَفِ فِي الْأُولَى وَالْإِتْلَافِ فِي الثَّانِيَةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى اسْتِوَاءِ الْحُكْمِ فِيهِمَا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَهُوَ مِنْ جِنَاسِ الِاحْتِبَاكِ فَتَأَمَّلْ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: فِي يَدِهِ أَيْ الْغَاصِبِ إلَى بَيَانِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ الظَّرْفُ بَعْدَهُ، وَبِقَوْلِهِ: أَتْلَفَهُ إلَى أَنَّ أَتْلَفَ الْمَذْكُورَ قَبْلَهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَتْلَفَهُ) أَيْ أَحَدَهُمَا فِي يَدِ مَالِكِهِ خَرَجَ بِيَدِ مَالِكِهِ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي يَدِ غَاصِبٍ، فَيَلْزَمَ الْمُتْلِفَ دِرْهَمَانِ كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْفَرْدَةُ الْأُخْرَى بَاقِيَةً فَالْمُتْلِفُ كَغَاصِبٍ مِنْ غَاصِبٍ، فَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الْأَوَّلَ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَإِنْ كَانَتْ تَلِفَتْ قَبْلَ غَصْبِ الثَّانِيَةِ، فَلَا يَلْزَمُ الْمُتْلِفَ غَيْرُ الدِّرْهَمَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْغَاصِبَ أَوْ الَّذِي أَتْلَفَهَا فِي يَدِهِ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْقِيمَةُ لَهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ فِي الْأُولَى مُعْتَبَرٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَهَا أَيْضًا دَفْعًا لِمَا يُوهِمُهُ اعْتِبَارُ الْعَطْفِ الْمَذْكُورِ فِي الثَّانِيَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَاقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأُولَى) وَهِيَ غَصْبُ الْفَرْدَتَيْنِ مَعًا، وَمِنْ كَلَامِهِ يُعْلَمُ أَنَّ ذِكْرَ الْخِلَافِ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَيْسَ فِي الرَّافِعِيِّ وَلَا فِي الرَّوْضَةِ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَا) أَيْ الرَّافِعِيُّ وَالرَّوْضَةُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَوْلَى) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى أَنَّ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي الْإِتْلَافِ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى مِنْهُ فِي التَّلَفِ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فِي الْعُدُولِ عَنْهُمَا. وَقِيلَ: بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُقَاسَ الْإِتْلَافُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى التَّلَفِ فِي الصُّورَةِ   [حاشية عميرة] الثَّوْبِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ التَّالِفِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (غَصْبًا) الْأَحْسَنُ غَاصِبًا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الثَّانِيَةِ) أَيْ بِشِقَّيْهَا وَجْهٌ، قَالَ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ هُوَ الْأَقْوَى بَعْدَ أَنْ قَالَ: إنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي قَاسَهُ الرَّافِعِيُّ عَلَى مَا لَوْ أَتْلَفَ أَحَدَهُمَا فَرِدَّةٌ، وَأَتْلَفَ الْآخَرُ الْأُخْرَى يَعْنِي مَعًا. فَائِدَةٌ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إذَا لَمْ تَبْلُغْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا نِصَابًا، وَإِنْ ضَمِنَاهُ مَا ذُكِرَ. تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرْته لَك عَنْ الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيِّ قَالَاهُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَلَا يُنَافِيهِ كَلَامُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالثَّانِيَةِ الْإِتْلَافَ لِأَحَدِهِمَا إمَّا فِي يَدِ الْغَاصِبِ، أَوْ فِي يَدِ الْمَالِكِ، فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَلَهَا شِقَّانِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 (نَقْصٌ يَسْرِي إلَى التَّلَفِ بِأَنْ جَعَلَ الْحِنْطَةَ هَرِيسَةً) وَالسَّمْنَ وَالدَّقِيقَ عَصِيدَةً (فَكَالتَّالِفِ) ، لِإِشْرَافِهِ عَلَى التَّلَفِ فَيَضْمَنُ بَدَلَهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ. (وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ) وَفِي ثَالِثٍ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَفِي رَابِعٍ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَهُمَا قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ سَنٌّ وَمَا لَا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ يَجِبُ أَرْشُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ. (وَلَوْ جَنَى الْمَغْصُوبُ فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ لَزِمَ الْغَاصِبَ تَخْلِيصُهُ) لِحُصُولِ الْجِنَايَةِ فِي يَدِهِ. (بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْمَالُ) الَّذِي وَجَبَ بِالْجِنَايَةِ. (فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ غَرَّمَهُ الْمَالِكُ) أَقْصَى قِيمَتِهِ. (وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَغْرِيمُهُ)   [حاشية قليوبي] الْأُولَى، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ، بَلْ وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَبَّرَ بِالتَّلَفِ فِي الصُّورَتَيْنِ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَيُقَاسَ التَّلَف فِي الثَّانِيَةِ عَلَى التَّلَفِ فِي الْأُولَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يَسْرِي إلَى التَّلَفِ) مِنْهُ خَلْطُ دَرَاهِمَ غَصَبَهَا وَلَوْ مِنْ جَمَاعَةٍ بِدَرَاهِمِهِ، أَوْ زَيْتٍ غَصَبَهُ كَذَلِكَ بِزَيْتِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ فِيهِمَا، فَيَلْزَمُهُ مِثْلُ الدَّرَاهِمِ وَالزَّيْتِ لِمَالِكِهِمَا وَخَرَجَ بِخَلْطٍ مَا لَوْ اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ كَتَبَ فِي الْوَرَقِ الْبَيَاضِ فَيَمْلِكُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِمَالِكِهِ، وَأَمَّا نَحْوُ الْكِتَابَةِ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ وَإِلَّا فَيَغْرَمُ أَرْشَ النَّقْصِ، فَإِنْ تَلِفَ بِالْمَحْوِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ، وَعَلَى كُلٍّ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْكِتَابَةِ. وَمِنْهُ مَا لَوْ بَذَرَ عَلَى بَذْرِ غَيْرِهِ فَيَمْلِكُهُ، وَيَلْزَمُهُ لِلْأَوَّلِ مِثْلُ بَذْرِهِ وَأُجْرَةِ الْأَرْضِ لِمُسْتَحِقِّهَا كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَيْسَ الْبَذْرُ فِعْلًا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ تَمَيَّزَ بَذْرُ الثَّانِي أَوْ نَبَاتُهُ وَكَانَ هُوَ الْمُتَعَدِّيَ وَجَبَ قَلْعُهُ وَدَفْعُهُ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْلَعْ فَهُوَ لَهُ وَعَلَيْهِ مَعَ الْأَوَّلِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ فَالْكُلُّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِمَا أُجْرَةُ الْأَرْضِ كَذَلِكَ، وَإِنْ تَعَدَّى الْأَوَّلُ أُجْرَةَ الْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ فَالْكُلُّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِمَا أُجْرَةُ الْأَرْضِ كَذَلِكَ، وَإِنْ تَعَدَّى الْأَوَّلُ بِالْبَذْرِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ لَهُ قَلْعُهُ بِلَا أَرْشِ نَقْصٍ لِتَعَدِّيهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْلَعْهُ وَبَذَرَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَمَيَّزَ فَكُلٌّ لِصَاحِبِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُشْتَرَكٌ وَعَلَيْهِمَا أُجْرَةُ الْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ كَمَا مَرَّ فَرَاجِعْ وَحَرِّرْ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ) الْأُولَى كَأَنْ. قَوْلُهُ: (جَعَلَ إلَخْ) خَرَجَ مَا لَوْ صَارَ هَرِيسَةً مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ فَهُوَ سَالِكُهُ مَعَ الْأَرْشِ، كَمَا لَوْ تَعَفَّنَ خُبْزٌ غَصَبَهُ. قَوْلُهُ: (عَصِيدَةً) بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلَهُ خُبْزًا. قَوْلُهُ: (فَكَالتَّالِفِ) فَلَيْسَ تَالِفًا حَقِيقَةً فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ مِلْكًا مُرَاعًى، فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ بِأَكْلٍ حَتَّى يَرُدَّ بَدَلَهُ، وَإِنْ خَافَ تَلَفَهُ بِالْكُلِّيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بِدَلِيلِ مَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا م ر وَغَيْرُهُ مِنْ امْتِنَاعِ الْأَكْلِ مِنْ الْكَوَارِعِ الْمَطْبُوخَةِ، وَإِنْ جُهِلَتْ أَعْيَانُ مُلَّاكِهَا؛ لِأَنَّهُمْ مَعْلُومُونَ فَهِيَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَمَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ أَنَّهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ وَأَمْرَهَا لِبَيْتِ الْمَالِ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ، بَلْ هُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى جَوَازِ أَكْلِ الظَّلَمَةِ أَمْوَالَ النَّاسِ بِنَحْوِ طَبْخِهَا وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَصَرَّفَ الْغَاصِبُ فِي الْمَغْصُوبِ بِمَا يُزِيلُ اسْمَهُ مَلَكَهُ كَطَبْخِ الْحِنْطَةِ وَخَبْزِ الدَّقِيقِ أَنْكَرَهُ أَصْحَابُنَا أَشَدَّ إنْكَارٍ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ إنْكَارُهُ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ. وَقَوْلُهُ: فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ قَالَ شَيْخُنَا م ر عَنْ وَالِدِهِ نَقْلًا عَنْ الْخَادِمِ: إنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ مَفْرُوضٌ فِي الْمِثْلِيِّ فَقَطْ لِقَطْعِهِمْ بِأَنَّهُ لَوْ جَرَحَ عَبْدًا جِرَاحَةً يُقْطَعُ بِمَوْتِهِ بِهَا وَمَاتَ بِهَا أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ، وَيَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْجَارِحَ قِيمَتُهُ فَقَطْ، انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ قَيْدًا فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَيَجِبُ اخْتِصَاصُ هَذَا الْحُكْمِ بِهِ أَوْ بِمَا يَخْرُجُ عَنْ الْمِلْكِيَّةِ بِقَتْلِهِ نَحْوِ حِمَارٍ وَبَغْلٍ، أَمَّا ذَبْحُ نَحْوِ شَاةٍ وَبَعِيرٍ فَلَا يَسَعُ الْقَوْلُ بِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ وَتَغْرِيمِ الْغَاصِبِ قِيمَتَهُ لِتَضَاعُفِ الْغُرْمِ فِيهِ، فَالْوَجْهُ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَرْشُ نَقْصِهِ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ جَنَى الْمَغْصُوبُ) أَيْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَقَطْ، فَلَوْ جَنَى قَبْلَ غَصْبِهِ وَبَعْدَهُ وَبِيعَ فِي الْجِنَايَتَيْنِ وَاسْتَغْرَقَا قِيمَتَهُ لَمْ يَلْزَمْ الْغَاصِبَ إلَّا أَرْشُ الْجِنَايَةِ الَّتِي فِي يَدِهِ، فَإِنْ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ غَرِمَ لِلْمَالِكِ أَقْصَى الْقِيَمِ، فَإِنْ أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَالِكِ أَرْشَهُ مِنْ الْغَاصِبِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ أَخَذَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَرْشَهُ مِنْ الْمَالِكِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ. قَوْلُهُ: (لَزِمَ الْغَاصِبَ تَخْلِيصُهُ) وَكَذَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْعَيْبِ الْحَاصِلِ بِالْجِنَايَةِ عِنْدَهُ. قَوْلُهُ: (قِيمَتِهِ) أَيْ وَقْتَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهَا أَكْثَرَ. قَوْلُهُ: (أَقْصَى قِيمَتِهِ) وَلَهُ أَخْذُ بَدَلِ الْقِيمَةِ وَهُوَ لِلْفَيْصُولَةِ، قَوْلُ شَيْخِنَا م ر. إنَّهُ لِلْحَيْلُولَةِ، وَلَوْ كَانَ أَمَةً حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (لَهُ إلَخْ) كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يُطَالِبَ الْمَالِكَ قَبْلَ أَخْذِهِ الْقِيمَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ. نَعَمْ لِلْمَالِكِ أَنْ يَغْرَمَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَكَالتَّالِفِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: هَذَا الْقَوْلُ مُشْكِلٌ يَكَادُ يُعَكِّرُ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَاخْتَارَ الرَّابِعَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ) أَيْ كَمَا فِي التَّعَيُّبِ الَّذِي يَسْرِي إلَى الْهَلَاكِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْأَقَلِّ) جَزَمَ هُنَا بِذَلِكَ، وَلَنَا فِي جِنَايَتِهِ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمَالِكِ قَوْلٌ: إنَّهُ يَفْدِيهِ بِالْأَرْشِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَعُلِّلَ بِأَنَّهُ قَدْ مُنِعَ بَيْعَهُ بِاخْتِيَارِ الْفِدَاءِ، وَلَوْ سُلِّمَ الْمَبِيعُ لَرُبَّمَا ظَهَرَ رَاغِبٌ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الْغَاصِبِ، فَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْجَزْمِ بِهَذَا قُلْت: هَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ أَجْرَى الْخِلَافَ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْغَصْبَ مَنَعَ مِنْ جَعْلِ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ، فَكَأَنَّ الْغَاصِبَ مَنَعَ مِنْهُ. فَائِدَةٌ: مِنْ عُيُوبِ الْمَبِيعِ جِنَايَاتُ الْخَطَأِ إذَا كَثُرَتْ، وَكَذَا الْعَمْدُ إذَا لَمْ يَتُبْ، وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ أَرْشَ هَذَا الْعَيْبِ أَيْضًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 إنْ لَمْ يَكُنْ غَرِمَ لَهُ. (وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَا أَخَذَهُ الْمَالِكُ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّقَبَةِ (ثُمَّ يَرْجِعَ الْمَالِكُ) بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ. (عَلَى الْغَاصِبِ) ؛ لِأَنَّهُ أُخِذَ بِجِنَايَةٍ فِي يَدِهِ، وَقَبْلَ الْأَخْذِ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُبْرِئَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْغَاصِبَ، فَيَسْتَقِرَّ لِلْمَالِكِ مَا أَخَذَهُ (وَلَوْ رُدَّ الْعَبْدُ إلَى الْمَالِكِ فَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ رَجَعَ الْمَالِكُ بِمَا أَخَذَهُ) مِنْهُ. (الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الْغَاصِبِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا فَنَقَلَ تُرَابَهَا) بِالْكَشْطِ (أَجْبَرَهُ الْمَالِكُ عَلَى رَدِّهِ) إنْ بَقِيَ. (أَوْ رَدِّ مِثْلِهِ) إنْ تَلِفَ (وَإِعَادَةِ الْأَرْضِ كَمَا كَانَتْ) . قَبْلَ النَّقْلِ مِنْ انْبِسَاطٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَلِلنَّاقِلِ الرَّدُّ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمَالِكُ إنْ كَانَ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ) . كَأَنْ دَخَلَ الْأَرْضَ نَقْصٌ، يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ أَوْ نَقَلَهُ إلَى مَكَان، وَأَرَادَ تَفْرِيغَهُ مِنْهُ. (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الرَّدِّ غَرَضٌ. (فَلَا يَرُدُّهُ بِلَا إذْنٍ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَهُ رَدُّهُ بِلَا إذْنٍ إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ الْمَالِكُ. (وَيُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَا حَفْرُ الْبِئْرِ وَطَمُّهَا) فَعَلَيْهِ الطَّمُّ بِتُرَابِهَا إنْ بَقِيَ، وَبِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ بِطَلَبِ الْمَالِكِ، وَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمَالِكُ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الضَّمَانَ بِالسُّقُوطِ فِيهَا، إلَّا أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ، وَلَا غَرَضَ لَهُ فِيهِ غَيْرَ دَفْعِ الضَّمَانِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ غَيْرُهُ، فَلَهُ الطَّمُّ فِي الْأَصَحِّ. (وَإِذَا أَعَادَ الْأَرْضَ كَمَا كَانَتْ وَلَمْ يَبْقَ نَقْصٌ، فَلَا أَرْشَ لَكِنَّ عَلَيْهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِمُدَّةِ الْإِعَادَةِ) مِنْ الرَّدِّ، وَالطَّمِّ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَ آتِيًا بِوَاجِبٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا قَبْلَهَا. (وَإِنْ بَقِيَ نَقْصٌ وَجَبَ أَرْشُهُ مَعَهَا) . أَيْ مَعَ الْأُجْرَةِ. (وَلَوْ غَصَبَ زَيْتًا وَنَحْوَهُ، وَأَغْلَاهُ فَنَقَصَتْ عَيْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ رَدَّهُ، وَلَزِمَهُ مِثْلُ الذَّاهِبِ) مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يَنْجَبِرُ نَقْصُهُ بِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ وَالثَّانِي قَالَ يَنْجَبِرُ بِهَا لِحُصُولِهِمَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ. (وَإِنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ فَقَطْ لَزِمَهُ الْأَرْشُ، وَإِنْ نَقَصَتَا غَرِمَ الذَّاهِبَ، وَرَدَّ الْبَاقِيَ مَعَ أَرْشِهِ، إنْ كَانَ نَقْصُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ) مِنْ نَقْصِ الْعَيْنِ، كَمَا إذَا كَانَ صَاعًا يُسَاوِي دِرْهَمًا، فَرَجَعَ بِالْإِغْلَاءِ إلَى نِصْفِ صَاعٍ، يُسَاوِي أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْصُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ، فَلَا أَرْشَ، وَإِنْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَقَبْلَ الْأَخْذِ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ) عَلَيْهِ هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ التَّرْتِيبِ بِثُمَّ. قَوْلُهُ: (غَصَبَ أَرْضًا) أَيْ غَصَبَ تُرَابَهَا بِأَخْذِهِ لَا نَفْسَهَا، وَلِذَلِكَ لَوْ لَمْ تَنْقُصْ بِالْأَخْذِ فَلَا ضَمَانَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (تُرَابَهَا) أَيْ غَيْرَ الْمُسَمَّدِ بِالزِّبْلِ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ، بَلْ وَلَا يَجُوزُ إلَّا لِدَفْعِ نَقْصٍ حَصَلَ فِي الْأَرْضِ يَزُولُ بِرَدِّهِ. قَوْلُهُ: (بِالْكَشْطِ) قَيْدٌ؛ لِأَنَّ الْحَفْرَ سَيَأْتِي وَخَرَجَ بِهِ أَخْذُ الْقُمَامَاتِ. قَوْلُهُ: (عَلَى رَدِّهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ. قَوْلُهُ: (مِثْلِهِ) إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ مَوْجُودٌ وَإِلَّا لَزِمَهُ أَرْشُ نَقْصِ الْأَرْضِ فَقَطْ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ قِيمَةَ التُّرَابِ لَوْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ وَهُوَ مَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (كَمَا كَانَتْ) فَلَوْ احْتَاجَتْ إلَى تُرَابٍ آخَرَ لِنَقْصٍ بِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ تَحْصِيلُهُ إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ الْمَالِكُ، وَإِلَّا امْتَنَعَ وَلَزِمَهُ أَرْشُ نَقْصِ الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: (مِنْ انْبِسَاطٍ) إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ الْمَالِكُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ) أَيْ وَلَمْ يُبَرِّئْهُ الْمَالِكُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى مَكَان) أَيْ غَيْرِ نَحْوِ مَوَاتٍ. قَوْلُهُ: (وَأَرَادَ تَفْرِيغَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَجِدْ نَحْوَ مَوَاتٍ يَرُدُّهُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِهِ حَيْثُ كَانَ أَسْهَلَ مِنْ الرَّدِّ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَرُدُّهُ) أَيْ وَلَا يَضْمَنُهُ بَلْ لِلْمَالِكِ أَنْ يُكَلِّفَهُ نَقْلَهُ إذَا أَعَادَهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَمْنَعَهُ) وَبِمَنْعِهِ يَبْرَأُ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ صِيغَةُ إبْرَاءٍ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ غَرَضُهُ دَفْعَ نَقْصٍ فِي الْأَرْضِ وَمَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ الطَّمِّ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (دَفْعِ الضَّمَانِ) أَيْ بِالسُّقُوطِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، أَوْ بِالنَّقْصِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الضَّمَانِ كَالتَّفْرِيغِ فِيمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ الطَّمُّ) أَيْ وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ وَاغْتَفَرَ، جُعِلَ مَا هُنَا قَبْضًا لِمَا فِي الذِّمَّةِ لِلْحَاجَةِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ شَقَّ الثَّوْبَ أَوْ كَسَرَ الْإِنَاءَ أَوْ جَرَحَ الْعَبْدَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الرَّفْوِ وَالْإِصْلَاحِ وَالْمُعَالَجَةِ، وَفَارَقَ الْأَرْضَ بِمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَغْصُوبَةٍ، وَلَوْ خُصِيَ الْعَبْدُ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ بِهِ أَوْ وَقَعَ الْإِتْلَافُ بِآفَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوَهُ) أَيْ مِنْ مَغْصُوبَةٍ، وَلَوْ خُصِيَ الْعَبْدُ لَزِمَهُ قِيمَةَ أَوْ وَقَعَ الْإِتْلَافُ بِآفَةٍ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِهِ قَوْلُهُ: (وَنَحْوَهُ) أَيْ مِنْ الْأَدْهَانِ، قَالَ شَيْخُنَا م ر، وَاللَّبَنُ مِنْهَا أَوْ مِثْلُهَا، أَوْ لَوْ تَنَجَّسَ الزَّيْتُ وَنَحْوُهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ غُرْمَ مِثْلِهِ كَمَا فِي الْعَصِيرِ إذَا تَخَمَّرَ. قَوْلُهُ: (دُونَ قِيمَتِهِ) أَيْ دُونَ قِيمَةِ مَا بَقِيَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ دِرْهَمٍ) فَيَلْزَمُهُ تَمَامُ نِصْفِ الدِّرْهَمِ. قَوْلُهُ: (فَلَا أَرْشَ) وَيَغْرَمُ نَقْصَ الْعَيْنِ فَقَطْ، وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا أَوْ مَاءً فَأَغْلَاهُ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ لَزِمَهُ الْأَرْشُ، أَوْ مَعَ عَيْنِهِ لَزِمَهُ مِثْلُ الذَّاهِبِ مَعَ أَرْشِ نَقْصِ قِيمَةِ الْبَاقِي إنْ كَانَ أَوْ عَيْنُهُ فَقَطْ فَلَا شَيْءَ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ مِنْهُ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا بِخِلَافِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ غَرِمَ لَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ وَقَعَ مِنْهُ تَخْلِيصُهُ قَبْلَ تَلَفِهِ، فَضَمِيرُ لَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ عَوْدُهُ إلَى الْمَالِكِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ فَسَادِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ، وَإِنْ أَرَدْت إيضَاحَ ذَلِكَ فَرَاجِعْ الْإِسْنَوِيَّ وَغَيْرَهُ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً، وَلَكِنْ كَانَ الْغَاصِبُ سَلَّمَهَا لِلْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (وَقَبْلَ الْأَخْذِ مِنْهُ إلَخْ) هَذَا الْحُكْمُ يُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِثُمَّ. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْبَيْعِ، وَهُوَ الْجِنَايَةُ مَضْمُونٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: بَلْ لَوْ مَنَعَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَرُدُّهُ بِلَا إذْنٍ) عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَكَانِ وَالتُّرَابِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ خَالَفَ وَرَدَّ، كَلَّفَهُ الْمَالِكُ النَّقْلَ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ) أَيْ فَحَالَةُ الْمَنْعِ لَا رَدَّ فِيهَا جَزْمًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ انْتِفَاءُ الْغَرَضِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْجَبِرُ إلَخْ) نَظِيرُ ذَلِكَ خِصَاءُ الْعَبْدِ إذَا زَادَتْ بِهِ قِيمَتُهُ. قَوْلُهُ: (بِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ رَدَّهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 لَمْ يَنْقُصْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ غَيْرُ الرَّدِّ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ السَّمْنَ لَا يَجْبُرُ نَقْصَ هُزَالٍ قَبْلَهُ) فِيمَا إذَا غَصَبَ بَقَرَةً، مَثَلًا سَمِينَةً فَهَزَلَتْ، ثُمَّ سَمِنَتْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ السِّمَنَ الثَّانِيَ غَيْرُ الْأَوَّلِ، وَقَائِلُ الثَّانِي يُقِيمُهُ مَقَامَهُ. (وَ) الْأَصَحُّ. (أَنَّ تَذَكُّرَ صَنْعَةٍ نَسِيَهَا يَجْبُرُ النِّسْيَانَ) لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُتَجَدِّدًا عُرْفًا وَالثَّانِي يَقُولُ هُوَ مُتَجَدِّدٌ كَالسِّمَنِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ النِّسْيَانَ وَالتَّذَكُّرَ عِنْدَ الْغَاصِبِ، (وَتَعَلُّمُ صَنْعَةٍ) عِنْدَهُ (لَا يَجْبُرُ نِسْيَانَ أُخْرَى) عِنْدَهُ (قَطْعًا) وَإِنْ كَانَتْ أَرْفَعَ مِنْ الْأُولَى. (وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ) عِنْدَهُ. (فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْخَلَّ لِلْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ (وَعَلَى الْغَاصِبِ الْأَرْشُ إنْ كَانَ الْخَلُّ أَنْقَصَ قِيمَةً) مِنْ الْعَصِيرِ لِحُصُولِهِ فِي يَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ قِيمَتِهِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ الرَّدِّ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ مِثْلُ الْعَصِيرِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّخَمُّرِ كَالتَّالِفِ، وَالْخَلُّ قِيلَ لِلْغَاصِبِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ مِلْكِهِ. (وَلَوْ غَصَبَ خَمْرًا فَتَخَلَّلَتْ) عِنْدَهُ. (أَوْ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَدَبَغَهُ، فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْخَلَّ وَالْجِلْدَ مَغْصُوبٌ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُمَا فَرْعُ مَا اُخْتُصَّ بِهِ، فَيَضْمَنُهُمَا الْغَاصِبُ إنْ تَلِفَا فِي يَدِهِ وَالثَّانِي هُمَا لِلْغَاصِبِ لِحُصُولِ الْمَالِيَّةِ عِنْدَهُ، وَالثَّالِثُ الْخَلُّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَالْجِلْدُ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَالًا يَفْعَلُهُ، وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ؛ لِأَنَّ الْجِلْدَ يَجُوزُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إمْسَاكُهُ، بِخِلَافِ الْخَمْرِ. فَصْلٌ: زِيَادَةُ الْمَغْصُوبِ إنْ كَانَتْ أَثَرًا مَحْضًا كَقِصَارَةٍ لِلثَّوْبِ، وَطَحْنٍ لِلْحِنْطَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (فَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ بِسَبَبِهَا) لِتَعَدِّيهِ بِهَا. (وَلِلْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ رَدَّهُ كَمَا كَانَ إنْ أَمْكَنَ) كَأَنْ صَاغَ النُّقْرَةَ حُلِيًّا، أَوْ ضَرَبَ النُّحَاسَ إنَاءً   [حاشية قليوبي] الدُّهْنِ كَمَا مَرَّ، هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ صُورَةٌ خَاصَّةٌ وَهِيَ مَا لَوْ تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بَعْدَ الْإِغْلَاءِ عَنْ قِيمَتِهِ قَبْلَهُ، كَأَنْ غَصَبَ رَطْلَ، عَصِيرٍ قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ فَأَغْلَاهُ فَنَقَصَ مِنْ الرَّطْلِ مَعَ بَقَاءِ قِيمَتِهِ عَلَى كَوْنِهَا دِرْهَمًا فَلَا يَلْزَمُهُ مِثْلُ الذَّاهِبِ فَرَاجِعْهُ قَالَ شَيْخُنَا: وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلذَّاهِبِ قِيمَتُهُ لَزِمَهُ مِثْلُهُ وَفَارَقَ عَدَمُ ضَمَانِ الذَّاهِبِ هُنَا ضَمَانَهُ لِلْبَائِعِ فِي الْفَلَسِ، بِأَنَّ الْمُفْلِسَ شَرِيكٌ بِالزِّيَادَةِ فَلَوْ لَمْ نَضْمَنْهُ لَأَجْحَفْنَا بِالْبَائِعِ، وَالزِّيَادَةُ هُنَا كُلُّهَا لِلْمَالِكِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَنَّ السِّمَنَ) بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَإِنْ أَفْرَطَ وَمِثْلُهُ الْحَسَنُ. قَوْلُهُ: (سَمِينَةً فَهَزَلَتْ) وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ كَمَا لَوْ غَصَبَهَا هَزِيلَةً فَسَمِنَتْ سِمَنًا نَقَصَتْ بِهِ الْقِيمَةُ فَيَلْزَمُهُ أَرْشُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَمِنَتْ) وَلَوْ تَعَدَّدَ الْهُزَالُ وَالسِّمَنُ ضَمِنَ نَقْصَ الْكُلِّ، قَالَهُ شَيْخُنَا: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَضَاعُفَ الْغُرْمِ بِوَصْفٍ وَاحِدٍ. قَوْلُهُ: (عِنْدَهُ) لَيْسَ قَيْدًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَوَهُّمِ الْجَبْرِ. قَوْلُهُ: (أَنَّ تَذَكُّرَ صَنْعَةٍ نَسِيَهَا يُجْبِرُ النِّسْيَانَ) وَخَرَجَ بِتَذَكُّرِهَا تَعَلُّمُهَا بِمُعَلِّمٍ فَإِنْ كَانَ عِنْد الْغَاصِبَ جُبِرَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْكَلَامُ فِي صَنْعَةٍ جَائِزَةٍ وَإِلَّا كَغِنَاهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى جَابِرٍ وَمِثْلُ تَذَكُّرِ الصَّنْعَةِ فِيمَا ذُكِرَ عَوْدُ نَحْوِ الشَّعْرِ وَالْوَبَرِ وَالصُّوفِ وَالسِّنِّ وَزَوَالُ الْمَرَضِ نَعَمْ إنْ كَانَ نَحْوُ الشَّعْرِ الْأَوَّلِ لَهُ قِيمَةٌ ضَمِنَهُ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْغَاصِبِ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ تَذَكُّرُهَا عِنْدَ الْمَالِكِ جَابِرٌ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَحَيْثُ قِيلَ بِالْجَبْرِ فَيَرْجِعُ بِمَا كَانَ دَفَعَهُ لِلْمَالِكِ فِي مُقَابَلَتِهَا. قَوْلُهُ: (وَتَعَلُّمَ صَنْعَةٍ) وَلَوْ بِمُعَلِّمٍ لَا يُجْبِرُ نِسْيَانَ صَنْعَةٍ أُخْرَى. تَنْبِيهٌ: كِبَرُ الْعَبْدِ نَقْصٌ يُضْمَنُ أَرْشُهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَخَلَّلَ) ، فَقَبْلَ التَّخَلُّلِ يَجِبُ رَدُّهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوْ إرَاقَتُهُ وَعَلَى كُلٍّ يَغْرَمُ مِثْلَ الْعَصِيرِ لِمَ غَصَبَهُ مِنْهُ، فَإِنْ تَخَلَّلَتْ رَجَعَ فِيهِ وَلَزِمَهُ رَدُّ الْخَلِّ مَعَ نَقْصِ أَرْشِهِ عَنْ الْعَصِيرِ إنْ كَانَ. قَوْلُهُ: (أَنَّ الْخَلَّ لِلْمَالِكِ) وَمِثْلُهُ فَرْخُ بِيضِ غَصْبِهِ وَنَبَاتٌ بِذَكَرٍ كَذَلِكَ، وَقَزُّ نَسْجِهِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْخَلِّ أَنَّهُ لَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ النَّبَاتِ مَثَلًا عَنْ قِيمَةِ الْبَذْرِ لَزِمَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ، وَلَوْ وَجَبَ لِمَحَلِّ الْبَذْرِ أُجْرَةٌ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي فَرْعِ غَلَطِ الْوَكِيلِ لُزُومُهَا لِلْغَاصِبِ. قَوْلُهُ: (خَمْرًا) وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ وَإِنْ لَزِمَهُ إرَاقَتُهَا وَلَمْ يَفْعَلْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا فَرْعُ مَا اُخْتُصَّ بِهِ) أَيْ أَصَالَةً أَوْ غَالِبًا فَلَا يَرُدُّ غَيْرَ الْمُحْتَرَمَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَهُوَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. فَصْلٌ فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ قَوْلُهُ: (وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَتَزْوِيقِ دَارٍ وَكَشَيِّ لَحْمٍ وَنَسْجِ غَزْلٍ. قَوْلُهُ: (لِتَعَدِّيهِ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَعْلَ الْمُفْلِسِ شَرِيكًا لِلْبَائِعِ كَمْ مَرَّ. قَوْلُهُ: (تَكْلِيفُهُ) . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ غَرَضٌ وَلِلْغَاصِبِ الرَّدُّ بِلَا طَلَبٍ إنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ نَعَمْ إنْ كَانَ غَرَضُهُ الْبَرَاءَةَ وَأَبْرَأَهُ الْمَالِكُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الرَّدُّ، وَلَا حَاجَةَ لِمَنْعِ الْمَالِكِ مَعَ الْإِبْرَاءِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ وَلَا يَكْفِي الْمَنْعُ هُنَا مِنْ غَيْرِ إبْرَاءٍ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْحَفْرِ؛ لِأَنَّ الْمُبْرَأَ مِنْهُ مُحَقَّقٌ. قَوْلُهُ: (النُّقْرَةَ) هِيَ اسْمٌ لِلْفِضَّةِ مُطْلَقًا أَوْ لِلْمَضْرُوبِ مِنْهَا، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِمْ فِي   [حاشية عميرة] نَقْصَ هُزَالٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ السَّمْنَ الْمُفْرَطَ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِزَوَالِهِ نَقْصٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ، نَعَمْ لَوْ سَمِنَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِهَذَا السَّمْنِ رَدَّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ نَقْصًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ تَذَكَّرَ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا تَعَلُّمُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ غَصَبَ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي الْحُكْمِ وَجَرَيَانِ الْخِلَافِ مَا لَوْ فَرَّخَ الْبِيضُ وَنَبَتَ الْبَذْرُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَقُولُونَ: إذَا تَصَرَّفَ الْغَاصِبُ بِمَا يُبْطِلُ اسْمَ الْأَوَّلِ مَلَكَهُ، نَحْوَ طَحْنِ الْحِنْطَةِ، وَخَبْزِ الدَّقِيقِ، وَأَصْحَابُنَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ أَشَدَّ إنْكَارٍ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لِلْمَالِكِ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى تَرْجِيحِ السُّبْكِيّ أَنَّ الْهَرِيسَةَ لِلْغَاصِبِ فِيمَا سَلَفَ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا فَرْعُ إلَخْ) إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْخَمْرَةِ الْمُحْتَرَمَةِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْخَمْرِ) إنَّمَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ. [فَصْل زِيَادَةُ الْمَغْصُوبِ إنْ كَانَتْ أَثَرًا مَحْضًا] فَصْلُ: زِيَادَةِ الْمَغْصُوبِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِلْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 (وَ) لَهُ (أَرْشُ النَّقْصِ) إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِالزِّيَادَةِ، عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَهَا، فِيمَا لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ أَوْ نَقَصَ عَمَّا كَانَ فِيمَا يُمْكِنُ رَدُّهُ وَرَدَّهُ (وَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا كَبِنَاءٍ، وَغِرَاسٍ كُلِّفَ الْقَلْعَ) لَهَا مِنْ الْأَرْضِ وَإِعَادَتَهَا كَمَا كَانَتْ، وَأَرْشَ نَقْصِهَا إنْ كَانَ مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. (وَإِنْ صَبَغَ) الْغَاصِبُ (الثَّوْبَ بِصَبْغِهِ) الْحَاصِلِ بِهِ فِيهِ عَيْنُ مَالٍ (وَأَمْكَنَ فَصْلُهُ) مِنْهُ (أُجْبِرَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا فِي قَلْعِ الْغِرَاسِ، وَالثَّانِي قَالَ يَصْبُغُ بِفَصْلِهِ بِخِلَافِ الْغِرَاسِ (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) فَصْلُهُ (فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ) أَيْ الثَّوْبِ بِالصِّبْغِ (فَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِيهِ، وَإِنْ نَقَصَتْ لَزِمَهُ الْأَرْشُ) لِحُصُولِ النَّقْصِ بِفِعْلِهِ (وَإِنْ زَادَتْ) بِالصِّبْغِ (اشْتَرَكَا فِيهِ) أَيْ الثَّوْبِ بِالنِّسْبَةِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ قَبْلَ الصِّبْغِ عَشَرَةً، وَبَعْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَلِصَاحِبِهِ الثُّلُثَانِ، وَلِلْغَاصِبِ الثُّلُثُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ صَبْغِهِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ عَشَرَةً، وَإِنْ صَبَغَهُ تَمْوِيهًا فَلَا شَيْءَ لَهُ. (وَلَوْ خُلِطَ الْمَغْصُوبُ بِغَيْرِهِ وَأَمْكَنَ التَّمْيِيزُ) كَحِنْطَةٍ بَيْضَاءَ بِحَمْرَاءَ أَوْ بِشَعِيرٍ. (لَزِمَهُ) التَّمْيِيزُ. (وَإِنْ شَقَّ) عَلَيْهِ. (فَإِنْ تَعَذَّرَ) كَأَنْ خَلَطَ الزَّيْتَ بِالزَّيْتِ. (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ)   [حاشية قليوبي] كُتُبِ الْأَوْقَافِ دِرْهَمٌ نُقْرَةٌ وَقَدْ ضُبِطَ أَنَّهُ يُسَاوِي ثَلَاثَةَ عَثَامِنَةَ مِنْ الْفُلُوسِ النُّحَاسِ، وَسَيَأْتِي فِي الْوَاقِفِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ الْمَالِكِ عَلَى الْغَاصِبِ أَرْشُ النَّقْصِ مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (بِالزِّيَادَةِ) أَمَّا النَّقْصُ بِالرَّدِّ فَلَا يَضْمَنُهُ إنْ وُجِدَ طَلَبٌ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ غَرَضٌ مِنْ الْغَاصِبِ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (كَبِنَاءٍ وَغِرَاسٍ) أَيْ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ وَكَذَا الْبَذْرُ. قَوْلُهُ: (كُلِّفَ الْقَلْعَ) لِحَدِيثِ لَيْسَ لِعَرَقِ ظَالِمٍ حَقٌّ وَفِي النِّهَايَةِ جَوَازُ تَنْوِينِ عَرَقٍ، وَإِضَافَتِهِ، وَلِلْغَاصِبِ قَلْعُهُمَا قَهْرًا عَلَى الْمَالِكِ وَلَا يَلْزَمُهُ إجَابَةُ الْمَالِكِ لَوْ طَلَبَ الْإِبْقَاءَ بِالْأُجْرَةِ أَوْ التَّمَلُّكَ بِالْقِيمَةِ، وَلِلْمَالِكِ قَلْعُهُمَا قَهْرًا عَلَى الْغَاصِبِ بِلَا أَرْشٍ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِمَا عَلَيْهِ، فَلَوْ قَلَعَهُمَا أَجْنَبِيٌّ لَزِمَهُ الْأَرْشُ وَلَوْ كَانَ مِنْ مَالِ الْمَالِكِ امْتَنَعَ قَلْعُهُمَا إلَّا بِطَلَبِ الْمَالِكِ، فَيَجِبُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِ الْأَرْضِ، وَلَوْ كَانَا لِأَجْنَبِيٍّ فَلَهُ حُكْمُ مَالِكِ الْأَرْضِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِعَادَتَهَا) مِنْهُ عُلِمَ وُجُوبُ التَّوْبَةِ. قَوْلُهُ: (أُجْبِرَ عَلَيْهِ) وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ الْخَسَارَةُ وَالضَّيَاعُ وَلِلْغَاصِبِ قَلْعُهُ قَهْرًا كَمَا مَرَّ فَلَوْ تَرَاضَيَا بِبَقَائِهِ فَهُمَا شَرِيكَانِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِالصِّبْغِ) بِكَسْرِ الضَّادِ عَيْنُ مَا صُبِغَ بِهِ وَبِفَتْحِهَا الصَّنْعَةُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ فِي الْأَوَّلِ وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ الثَّانِي لَا فِي الثَّانِي وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْغَاصِبِ وَهُوَ هَدَرٌ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (اشْتَرَكَا فِيهِ) أَيْ مُجَاوَرَةً هَذَا بِصَبْغِهِ وَهَذَا بِثَوْبِهِ وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِارْتِفَاعِ سِعْرِ أَحَدِهِمَا، فَهِيَ لِصَاحِبِهِ أَوْ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ وُزِّعَتْ عَلَيْهَا، كَمَا مَرَّ أَوْ نَقَصَ سِعْرُ أَحَدِهِمَا لَا بِفِعْلِ الْغَاصِبِ، فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا مَالَهُ لِثَالِثٍ، وَلَوْ بَاعَاهُ لَهُ مَعًا صَحَّ وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ إجَابَةُ الْآخَرِ إنْ طَلَبَ الْبَيْعَ دُونَ عَكْسِهِ، كَمَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الثَّوْبِ لِصَاحِبِهِ، لَوْ تَنَازَعَا وَلَوْ كَانَ الصَّبْغُ مِنْ مَالِكِ الثَّوْبِ، فَالْكُلُّ لَهُ وَلَهُ تَكْلِيفُ الْغَاصِبِ فَصْلَهُ، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ وَلَوْ نَقَصَ أَوْ مِنْ مَالِكٍ آخَرَ اشْتَرَكَا كَمَا مَرَّ، وَلَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ الْفَصْلِ وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ لَوْ نَقَصَ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَصْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ. تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِصَبْغِهِ اعْتِبَارَ فِعْلِهِ فَلَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فَانْصَبَغَ بِصَبَّاغٍ آخَرَ اشْتَرَكَا فِيهِ وَلَا يُكَلَّفُ أَحَدُهُمَا بَيْعًا وَلَا فَصْلًا وَلَا أَرْشَ نَقْصٍ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِصَبْغِ ثَوْبٍ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَوَقَعَ بِالدَّنِّ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَانْصَبَغَ زِيَادَةً عَلَيْهِ اشْتَرَكَا فِيهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ فِي التَّمْوِيهِ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ خُلِطَ الْمَغْصُوبُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوْ اخْتَلَطَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَسْرِي إلَيْهِ التَّلَفُ كَذَا ذَكَرُوهُ عَنْهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي قَرِيبًا، أَنَّ اخْتِلَاطَهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ يَجْعَلُهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مُلَّاكِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِهِ) سَوَاءٌ بِمَالِ الْغَاصِبِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مَغْصُوبٍ آخَرَ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ التَّمْيِيزُ) وَإِنْ شُقَّ لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ. قَوْلُهُ: (بِالزَّيْتِ) أَوْ بِالشَّيْرَجِ وَكَالزَّيْتِ كُلُّ مِثْلِيٍّ كَالْحُبُوبِ وَالدَّرَاهِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الْمُتَقَوِّمِ فَلَا يَأْتِي فِيهِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الِاجْتِهَادِ فِي اشْتِبَاهِ شَاتِه بِشَاةِ غَيْرِهِ، وَفِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (كَالتَّالِفِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقِ بَدَلِهِ بِذِمَّتِهِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ إلَى رَدِّ بَدَلِهِ، كَمَا مَرَّ نَعَمْ لَوْ مُيِّزَ مِنْ الْمَخْلُوطِ بِمِثْلِهِ قَدْرُ الْمَغْصُوبِ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي بَاقِيهِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَوْ تَعَذَّرَ مِلْكُهُ لِلْمَغْصُوبِ كَتُرَابِ وَقْفٍ خَلَطَهُ بِسِرْجِينٍ وَجَعَلَهُ آجِرًا وَجَبَ رَدُّهُ لِلنَّاظِرِ وَغُرْمُ مِثْلِ التُّرَابِ؛ لِأَنَّ السِّرْجِينَ يُسْتَهْلَكُ بِالنَّارِ وَلَوْ خَلَطَ مَغْصُوبَيْنِ بِإِذْنِ مَالِكِهِمَا أَوْ اخْتَلَطَ لَا بِفِعْلِهِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ بِلَا رِضَا الْآخَرِ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا بَلْ مَا يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا بَاقٍ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَلَهُمَا قِيمَتُهُ بِنِسْبَةِ الْأَجْزَاءِ لَا الْقِيمَةِ وَيُجْبَرُ صَاحِبُ الْأَرْدَأِ عَلَيْهَا دُونَ عَكْسِهِ، وَإِذَا بَاعَاهُ قُسِمَ ثَمَنُهُ بِنِسْبَةِ الْقِيمَةِ لَا الْأَجْزَاءِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَرْشُ النَّقْصِ) جَعَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ مَنْصُوبًا عَطْفًا عَلَى الرَّدِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كُلِّفَ الْقَلْعَ) لِحَدِيثِ: «لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُجْبِرَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ لَزِمَ عَلَى ذَلِكَ الْخَسَارَةُ وَالضَّيَاعُ. فَرْعٌ: لِلْغَاصِبِ قَلْعُهُ قَهْرًا، وَإِنْ نَقَصَ الثَّوْبُ وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الْإِبْقَاءِ فَهُمَا شَرِيكَانِ. قَوْلُهُ: (قَالَ يُصْبَغُ) وَقَالَ أَيْضًا: الْغِرَاسُ يَضُرُّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِمُقْتَضَى انْتِشَارِ عُرُوقِهِ وَأَغْصَانِهِ بِخِلَافِ هَذَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا شَيْءَ) قَالَ السُّبْكِيُّ: بِهِ تَعْلَمُ أَنْ حُكْمَ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ الصَّبْغَ عَيْبٌ، إنَّمَا هُوَ عِنْدَ زِيَادَةِ الْقِيمَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَمْكَنَ التَّمْيِيزُ) لَوْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ لِلْبَعْضِ كُلِّفَ بِهِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ) لَوْ خَلَطَ الزَّيْتَ بِالشَّيْرَجِ مَثَلًا فَهُوَ تَالِفٌ، لِبُطْلَانِ خَاصَّتِهِ. وَقِيلَ: يَأْتِي فِيهِ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا كَمَا لَوْ خُلِطَ بِالْجِنْسِ، وَاعْلَمْ أَنَّ السُّبْكِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْتَرَضَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ. (فَلَهُ) أَيْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. (تَغْرِيمُهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ) وَمِنْ الْمَخْلُوطِ بِالْمِثْلِ أَوْ الْأَجْوَدِ دُونَ الْأَرْدَأِ، إلَّا أَنْ يَرْضَى بِهِ، فَلَا أَرْشَ لَهُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا هَذَا، وَالثَّانِي يَشْتَرِكَانِ فِي الْمَخْلُوطِ وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَدْرُ حَقِّهِ مِنْ الْمَخْلُوطِ، وَقِيلَ إنْ خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ اشْتَرَكَا، وَإِلَّا فَكَالتَّالِفِ هَذَا مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَفِي الشَّرْحِ تَرْجِيحُ طُرُقِ الْقَوْلَيْنِ (وَلَوْ غَصَبَ خَشَبَةً وَبَنَى عَلَيْهَا أُخْرِجَتْ) وَرُدَّتْ إلَى مَالِكِهَا أَيْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَأَرْشُ نَقْصِهَا إنْ نَقَصَتْ مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنْ عَفِنَتْ بِحَيْثُ لَوْ أُخْرِجَتْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ، فَهِيَ كَالتَّالِفَةِ (وَلَوْ أَدْرَجَهَا فِي سَفِينَةٍ فَكَذَلِكَ) أَيْ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا وَرَدُّهَا إلَى مَالِكِهَا، وَأَرْشُ نَقْصِهَا مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (إلَّا أَنْ يُخَافَ) مِنْ إخْرَاجِهَا (تَلَفُ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مَعْصُومَيْنِ) بِأَنْ كَانَتْ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، وَهِيَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ فَيَصْبِرُ الْمَالِكُ إلَى أَنْ تَصِلَ الشَّطَّ، وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ، وَمِنْ غَيْرِ الْمُسْتَثْنَى أَنْ تَكُونَ السَّفِينَةُ عَلَى الْأَرْضِ، أَوْ مُرْسَاةً عَلَى الشَّطِّ، أَوْ تَكُونَ الْخَشَبَةُ فِي أَعْلَاهَا أَوْ لَا يُخَافُ تَلَفُ مَا ذُكِرَ، وَخَرَجَ بِالْمَعْصُومَيْنِ نَفْسُ الْحَرْبِيِّ، وَمَالُهُ. (وَلَوْ وَطِئَ) الْغَاصِبُ الْأَمَةَ (الْمَغْصُوبَةَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) لِوَطْئِهَا (حُدَّ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ زِنًا (وَإِنْ جَهِلَ) تَحْرِيمَهُ كَأَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ (فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ.   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: لَوْ جُهِلَ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهَا مَالِكٌ فَمَالٌ ضَائِعٌ أَمْرُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَأَمَّا نَحْوُ الْأَكَارِعِ الْمَأْخُوذَةِ فِي الْمُكُوسِ الْآنَ، فَالْوَجْهُ تَحْرِيمُهَا وَلَوْ مَطْبُوخَةً، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ مَالِكِهَا؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُعْطِيَهُ إلَخْ) وَيُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى الْقَبُولِ فِي غَيْرِ الْمَخْلُوطِ وَفِي الْمَخْلُوطِ بِالْمِثْلِ، أَوْ الْأَجْوَدِ لَا بِالْأَرْدَأِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى رِضَاهُ كَمَا ذَكَرَهُ، وَهَلْ يُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى مَا يَطْلُبُهُ الْمَالِكُ وَلَوْ مِنْ الْأَرْدَأِ يَنْبَغِي نَعَمْ لِخُرُوجِ الْغَاصِبِ مِنْ الْإِثْمِ مَعَ رِضَاهُ بِدُونِ حَقِّهِ فِي الْأَرْدَأِ رَاجِعْهُ. قَوْله: (قَوْلَيْنِ) وَفِي نُسْخَةٍ قَوْلَانِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ أَوْ الْوَاجِبُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنْ خَلَطَهُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هُوَ قَوْلٌ قِيلَ إنَّهُ مَنْصُوصٌ وَقَالَ شَيْخُنَا: هُوَ طَرِيقٌ قَاطِعٌ أَوْ مُفَصَّلٌ فَقَوْلُهُ هَذَا مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ دَفْعٌ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى تَعْبِيرِهِ فِيهِ بِقِيلَ وَعَلَى حِلِّهِ الْمَذْهَبُ عَلَى طَرِيقِ الْقَطْعِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أُخْرِجَتْ) مِنْ الْبِنَاءِ لِبَقَاءِ مِلْكِهَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَمْلِكُهَا الْغَاصِبُ وَيَغْرَمُ بَدَلَهَا وَشَمِلَ وُجُوبُ إخْرَاجِهَا مَا لَوْ غَرِمَ عَلَيْهِ أَضْعَافَ قِيمَتِهَا، أَوْ انْهَدَمَ مِنْهُ الْجِدَارُ نَعَمْ إنْ خِيفَ تَلَفُ الْجِدَارِ، وَلَوْ بِالْهَدْمِ أَوْ تَلَفُ مَعْصُومٍ، وَلَوْ لِلْغَاصِبِ لَمْ يَجِبْ إخْرَاجُهَا وَسَيَأْتِي. فَرْعٌ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ أَدْرَجَ حَجَرًا مَغْصُوبًا فِي مَنَارَةِ مَسْجِدٍ نُقِضَتْ، وَعَلَيْهِ غُرْمُ نَقْضِهَا لِلْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَطَوِّعَ بِالْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِبِنَائِهَا لِلْمَسْجِدِ اهـ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَدْمِ مَا جَاوَرَ الْحَجَرَ مِنْهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ) أَيْ وَلَوْ تَافِهَةً، كَمَا مَرَّ فِي الْمَاءِ وَيَلْزَمُهُ مِثْلُهَا. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَخَافَ إلَخْ) يُمْكِنُ رُجُوعُهُ لِمَسْأَلَةِ الْجِدَارِ، فَجَعْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِيهَا فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (تَلَفُ نَفْسٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَخْشَى مِنْهُ، وَلَوْ بِالتَّوَهُّمِ مَجْدُورٌ تَيَمَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَالٍ) أَيْ وَلَوْ لِلْغَاصِبِ وَمِنْهُ السَّفِينَةُ بِالْغَرَقِ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَوْ بِتَكَسُّرِ أَلْوَاحِهَا بِخِلَافِ مَا يُتْلَفُ بِنَفْسِ إخْرَاجِهَا مِنْ أُجْرَةِ مَنْ يُخْرِجُهَا، أَوْ تَفْصِيلِ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ أَوْ كَسْرِ مُجَاوِرِهَا مِنْهَا، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ وَلَوْ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ عَلَى إخْرَاجِهَا أَضْعَافُ قِيمَتِهَا، كَمَا مَرَّ فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ فَتَأَمَّلْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى أَنْ تَصِلَ الشَّطَّ) أَيْ شَطَّ أَقْرَبَ مِمَّا تَأْمَنُ فِيهِ وَلَوْ غَيْرَ مَقْصِدِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ) فِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا فِي الْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَمَحَلُّهُ إنْ أُخْرِجَتْ وَلَهَا قِيمَةٌ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَهِيَ لِلْفَيْصُولَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَالِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (نَفْسُ الْحَرْبِيِّ وَمَالُهُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمِثْلُهُ الْمُرْتَدُّ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَلَوْ رَقِيقًا كَأَنْ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ زِنَاهُ وَاسْتُرِقَّ وَلَمْ يُرَاعَ تَلَفُ الْحَرْبِيِّ بِنَحْوِ غَرَقٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَعْذِيبًا. فُرُوعٌ: غَصَبَ خَيْطًا وَخَاطَ بِهِ شَيْئًا فَإِنْ بَلِيَ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ وَإِلَّا وَجَبَ نَزْعُهُ، وَرَدُّهُ إلَّا مِنْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ يُخْشَى مِنْ نَزْعِهِ مِنْهُ، وَلَوْ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُخَاطُ آدَمِيًّا بِإِذْنِهِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ وَلَوْ وَقَعَ دِينَارٌ فِي مَحْبَرَةٍ أَوْ فَصِيلٌ فِي بَيْتٍ وَتَعَذَّرَ الْإِخْرَاجُ، إلَّا بِالْكَسْرِ أَوْ الْهَدْمِ فُعِلَ وَلَا غُرْمَ لِصَاحِبِهِ إنْ فَرَّطَ فَإِنْ فَرَّطَ آخَرُ، فَعَلَيْهِ الْغُرْمُ فَإِنْ فَرَّطَا فَعَلَيْهِمَا مَعًا سَوَاءٌ وَلَوْ أَدْخَلَتْ بَهِيمَةٌ رَأْسَهَا فِي قِدْرٍ لَمْ تُذْبَحْ وَلَوْ مَأْكُولَةً بَلْ تُكْسَرُ الْقِدْرُ وَفِي التَّفْرِيطِ مَا مَرَّ وَلَوْ ابْتَلَعَتْ بَهِيمَةٌ شَيْئًا لَمْ تُذْبَحْ، كَمَا مَرَّ ثُمَّ إنْ فَسَدَ بِالِابْتِلَاعِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ لِلْفَيْصُولَةِ، وَإِلَّا فَلِلْحَيْلُولَةِ وَفِي التَّفْرِيطِ مَا مَرَّ وَلَوْ غَصَبَ لُؤْلُؤَةً وَدَجَاجَةً فَابْتَلَعَتْهَا، يُقَالُ لَهُ إنْ ذَبَحْت الدَّجَاجَةَ غَرَّمْنَاك أَرْشَهَا وَإِلَّا غَرَّمْنَاك قِيمَةَ اللُّؤْلُؤَةِ، وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.   [حاشية عميرة] الْقَوْلَ بِجَعْلِهِ هَالِكًا، وَاسْتَشْكَلَهُ وَقَالَ: كَيْفَ يَكُونُ التَّعَدِّي سَبَبًا لِلْمِلْكِ؟ وَسَاقَ أَحَادِيثَ جَمَّةً، وَاخْتَارَ أَنَّ ذَلِكَ شَرِكَةٌ بَيْنَهُمَا كَالثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ، قَالَ: وَفَتْحُ هَذَا الْبَابِ فِيهِ تَسْلِيطُ الظَّلَمَةِ عَلَى مِلْكِ الْأَمْوَالِ بِخَلْطِهَا. قَوْلُهُ: (يَشْتَرِكَانِ) أَيْ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ بِنَفْسِهِ، أَوْ خَلَطَاهُ بِرِضَاهُمَا. قَوْلُهُ: (وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَدْرُ حَقِّهِ) . أَيْ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ قِسْمَةُ عَيْنِ الرِّبَوِيِّ عَلَى نِسْبَةِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ رِبًا، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْغَاصِبُ قَدْرَ حَقِّهِ عِنْدَ خَلْطِهِ بِالْأَجْوَدِ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُخْرِجَتْ) أَيْ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا: يَمْلِكُهَا وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا. لَنَا حَدِيثُ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ» . وَحَدِيثُ: «لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يَخَافَ إلَخْ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ وَلَوْ تَرَجَّحَتْ السَّلَامَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَعْصُومَيْنِ) وَلَوْ لِلْغَاصِبِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ قَرُبَ) أَيْ إذَا كَانَ يَظُنُّ أَنَّ الْغَصْبَ يُبِيحُ الْوَطْءَ، أَمَّا لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ تُطَاوِعَهُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إذَا كَانَتْ جَاهِلَةً بِالتَّحْرِيمِ وَجَبَ الْمَهْرُ اهـ. وَعِبَارَةُ الْكِتَابِ تُشْعِرُ بِخِلَافِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 (وَفِي الْحَالَيْنِ يَجِبُ الْمَهْرُ إلَّا أَنْ تُطَاوِعَهُ) فِي الْوَطْءِ. (فَلَا يَجِبُ عَلَى الصَّحِيحِ) كَالزَّانِيَةِ وَالثَّانِي قَالَ هُوَ لِسَيِّدِهَا، فَلَا يُسْقِطُهُ طَوَاعِيَتُهَا. (وَعَلَيْهَا الْحَدُّ إنْ عَلِمَتْ) حُرْمَةَ الْوَطْءِ، فَإِنْ جَهِلَتْهَا فَلَا حَدَّ، وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا فَعَلَيْهِ مَهْرُ بِكْرٍ، أَوْ أَرْشُ الْبَكَارَةِ مَعَ مَهْرِ ثَيِّبٍ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي (وَوَطْءُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ كَوَطْئِهِ فِي الْحَدِّ وَالْمَهْرِ) فَإِنْ عَلِمَ حُرْمَةَ الْوَطْءِ حُدَّ، وَإِنْ جَهِلَهَا بِجَهْلِ كَوْنِهَا مَغْصُوبَةً مَثَلًا، فَلَا حَدَّ، وَعَلَيْهَا الْمَهْرُ إلَّا أَنْ تُطَاوِعَهُ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ. (فَإِنْ غَرِمَهُ) أَيْ الْمَهْرَ (لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ مُقَابِلُ فِعْلِهِ، وَالثَّانِي يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ، بِكَوْنِهَا مَغْصُوبَةً؛ لِأَنَّهُ غَيَّرَهُ بِالْبَيْعِ، وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي أَرْشِ الْبَكَارَةِ، فَلَا يَرْجِعُ بِهِ فِي الْأَظْهَرِ. (وَإِنْ أَحْبَلَ) الْغَاصِبُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ. (عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) لِلْوَطْءِ (فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ) لِلسَّيِّدِ (غَيْرُ نَسِيبٍ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ زِنًا (وَإِنْ جَهِلَ) التَّحْرِيمَ (فَحُرٌّ نَسِيبٌ) لِلشُّبْهَةِ بِالْجَهْلِ (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِانْفِصَالِ) حَيًّا لِلسَّيِّدِ (وَيَرْجِعُ بِهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ) ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِالْبَيْعِ لَهُ، وَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ، فَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ أَوْ بِجِنَايَةٍ فَعَلَى الْجَانِي ضَمَانُهُ، وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ وَيُقَاسُ بِهِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ، وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الرَّقِيقِ الْمُنْفَصِلِ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ، وَفِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ لَهُ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ، وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ، لِثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَيُقَاسُ بِهِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ، وَيَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ انْفِصَالِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، وَيَضْمَنُهُ الْجَانِي بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ، وَضَمَانُ الْحُرِّ عَلَى الْجَانِي بِالْغُرَّةِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً، وَتَضْمِينُ الْمَالِكِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لِلْغَاصِبِ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ، وَيُقَاسُ بِهِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (يَجِبُ الْمَهْرُ) وَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ حَيْثُ عُلِمَ فِي الْكُلِّ، أَوْ الْبَعْضِ أَوْ دَفْعُهُ كَذَلِكَ، أَوْ اخْتَلَفَتْ الشُّبْهَةُ وَأَمْكَنَ هُنَا. قَوْلُهُ: (لَا أَنْ تُطَاوِعَهُ) وَيُصَدَّقُ هُوَ فِي عَدَمِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ بِعَدَمِ لُزُومِ مَهْرِ الْمُكْرَهَةِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجِبُ أَيْ الْمَهْرُ) وَأَمَّا أَرْشُ الْبَكَارَةِ، فَيَجِبُ مُطْلَقًا وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (كَالزَّانِيَةِ) يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِ الْمَهْرِ لَوْ طَاوَعَتْهُ جَاهِلَةً بِالتَّحْرِيمِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ؛ لِأَنَّهَا زَانِيَةٌ. قَوْلُهُ: (بِكْرًا) أَيْ وَأَزَالَ بَكَارَتَهَا وَإِلَّا كَالْغَوْرَاءِ، فَالْوَاجِبُ مَهْرُ بِكْرٍ غَوْرَاءَ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) وَهُوَ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُهُمَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا وَيَجِبُ مَهْرُ بِكْرٍ بِلَا أَرْشٍ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَمَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَفِيهِ يَتَضَاعَفُ غُرْمُ الْبَكَارَةِ لِمَا مَرَّ فِي بَابِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَتَكَرَّرُ الْغُرْمُ أَيْضًا فِي مُحْرِمٍ قَتَلَ صَيْدًا مَمْلُوكًا فَيَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ لِحَقِّ اللَّهِ، وَقِيمَتُهُ لِمَالِكِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ وَفِي وَطْءِ الْوَلَدِ زَوْجَةَ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَهْرٌ لَهَا وَمَهْرٌ لِأَبِيهِ لِتَفْوِيتِهِ الْبُضْعَ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِجَهْلِ كَوْنِهَا مَغْصُوبَةً) وَكَذَا بِنَحْوِهِ قُرْبَ الْعَهْدِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ) أَيْ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ مَهْرُ ثَيِّبٍ مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَنُقِلَ عَنْهُ وُجُوبُ مَهْرِ بِكْرٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الْأَوَّلَ وَخُصَّ مَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِغُرِّ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذْ مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ ذِكْرُ الشَّيْءِ فِي بَابِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْيَدَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ لَهَا حُكْمُ الْغَصْبِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ إلَخْ) وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ مَشَى عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) وَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِي الْوَطْءِ كَالْمَهْرِ. قَوْلُهُ: (وَيُرَجِّعُهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِخِلَافِ الْمُتَّهَبِ مِنْ الْغَاصِبِ فَلَا يَرْجِعُ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا نَعَمْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ حَيَاتِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَضْمَنُهُ) أَيْ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ، وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ الرَّقِيقَ الْمَيِّتَ بِلَا جِنَايَةٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَا يَبْعُدُ رُجُوعُهُ لِضَمَانِهِ مَعَ الْجِنَايَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ كَذَلِكَ وَهُوَ الْوَجْهُ. قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ بِهِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ) أَيْ يَضْمَنُهُ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، لَوْ انْفَصَلَ حَيًّا وَالْغُرَّةِ. قَالَ شَيْخُنَا وَالْمُعْتَمَدُ مَا هُنَا وَيُخَصُّ مَا مَرَّ بِغَيْرِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ كَمَا مَرَّ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ ضَمَانَ الْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ لِلْمَالِكِ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الرِّقُّ فَهُوَ بِعُشْرِ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ الْحُرُّ وَالرَّقِيقُ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَا يَغْرَمُ الْوَاطِئُ حَتَّى يَأْخُذَهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِمَا زَادَ عَلَى الثَّمَنِ) لَعَلَّهُ مَعَ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ وَقِيلَ   [حاشية عميرة] قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ: مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ عَلِمَتْ، قَيْدٌ فِي الْحُكْمَيْنِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُسْقِطُهُ) أَيْ كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي قَطْعِ يَدِهَا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَهْرَ يَتَأَثَّرُ بِهَا، كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ. فَرْعٌ: لَوْ زَعَمَتْ الْمَوْطُوءَةُ الْإِكْرَاهَ وَأَنْكَرَ الزَّانِي فَقَوْلَانِ فِي الْمُصَدَّقِ مِنْهُمَا، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَرَاكِبُهَا. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) صَحَّحَ السُّبْكِيُّ مَهْرَ بِكْرٍ وَأَرْشَ بَكَارَةٍ، وَقَالَ: قَدْ صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي وَطْءِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا، وَهَذَا أَوْلَى وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَمْتَعَ بِبِكْرٍ وَأَزَالَ الْبَكَارَةَ، فَلَا يَتَدَاخَلَانِ الْأُجْرَةُ مَعَ أَرْشٍ لِثَوْبِ النَّاقِصَةِ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ إذَا زَالَتْ الْبَكَارَةُ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ الْحَشَفَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَالْأَرْشُ قَطْعًا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ غَوْرَاءَ فَدَخَلَتْ الْحَشَفَةُ قَبْلَ الْإِزَالَةِ، يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ مَهْرُ بَكْرٍ غَوْرَاءَ مَعَ الْأَرْشِ قَطْعًا، لِثُبُوتِ الْيَدِ إلَخْ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْحُرَّ الْمُنْفَصِلَ مَيِّتًا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ. قَوْلُهُ: (فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَمْ عَبْدًا، هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ. قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ بِهِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الْمَضْمُونِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ فِيهِ يَضْمَنُ فِي الْوَلَدِ الْحُرِّ النَّازِلِ بِجِنَايَةٍ مَيِّتًا، الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، لَوْ انْفَصَلَ حَيًّا وَالْغُرَّةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَرْجِعْ) ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) عَلَّلَ ابْنُ سُرَيْجٍ مُقَابِلَهُ بِأَنَّ ضَمَانَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 الْمُشْتَرِي مِنْهُ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ، أَنَّ الْغُرَّةَ يَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ، وَكَذَا بَدَلُ الْجَنِينِ الرَّقِيقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ فِي الْأَظْهَرِ. (وَلَوْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَغَرِمَهُ) لِمَالِكِهِ. (لَمْ يَرْجِعْ) بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، وَعَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ أَنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ الْمَغْرُومِ بِمَا زَادَ عَلَى الثَّمَنِ. (وَكَذَا لَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ) بِآفَةٍ لَا يَرْجِعُ بِأَرْشِهِ الَّذِي غَرِمَهُ عَلَى الْغَاصِبِ. (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ التَّعَيُّبَ بِآفَةٍ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرَى كَمَا لَوْ عَيَّبَهُ. (وَلَا يَرْجِعُ) عَلَيْهِ (بِغُرْمِ مَنْفَعَةٍ اسْتَوْفَاهَا) كَالسُّكْنَى وَالرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مُقَابِلَهُ وَمُقَابِلُ الرَّاجِحِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ يَقُولُ غَرَّهُ بِالْبَيْعِ. (وَيَرْجِعُ) عَلَيْهِ (بِغُرْمِ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ) مِنْ مَنْفَعَةٍ بِغَيْرِ اسْتِيفَاءٍ. (وَبِأَرْشِ نَقْصٍ) بِالْمُهْمَلَةِ. (بِنَائِهِ وَغِرَاسِهِ إذَا نَقَضَ) بِالْمُعْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ مَالِكِ الْأَرْضِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِالْبَيْعِ وَالثَّانِي فِي الْأُولَى يَنْزِلُ التَّلَفُ عِنْدَهُ مَنْزِلَةَ إتْلَافِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَقُولُ كَأَنَّهُ بِالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مُتْلِفٌ مَالَهُ. (وَكُلُّ مَا لَوْ غَرِمَهُ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِهِ) عَلَى الْغَاصِبِ مِمَّا ذُكِرَ. (لَوْ غَرِمَهُ الْغَاصِبُ) ابْتِدَاءً (لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّ الْقَرَارَ عَلَيْهِ (وَمَا لَا يُرْجَعُ) أَيْ وَكُلُّ مَا لَوْ غَرِمَهُ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ مِمَّا ذُكِرَ، لَوْ غَرِمَهُ الْغَاصِبُ ابْتِدَاءً رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشُّحِّ. (وَكُلُّ مَنْ انْبَنَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ) غَيْرَ الْمُشْتَرِي (فَكَالْمُشْتَرِي) (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فِي الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ فِي الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ. كِتَابُ الشُّفْعَةِ مَحَلُّهَا فِي الْأَصْلِ أَنْ يَكُونَ عَقَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، مَثَلًا يَبِيعُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهُ لِغَيْرِ شَرِيكِهِ، فَيَثْبُتُ لِشَرِيكِهِ حَقُّ تَمَلُّكِ الْمَبِيعِ قَهْرًا بِمِثْلِ   [حاشية قليوبي] بِمَا زَادَ فَقَطْ قَوْلُهُ: (مَنْفَعَةٍ) وَمِثْلُهَا الثَّمَرَةُ وَكَسْبُ الْعَبْدِ وَالنِّتَاجُ فَلَا يَرْجِعُ بِغُرْمِ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَرْجِعُ بِالْمَنْفَعَةِ مُطْلَقًا وَلَا بِخَرَاجِ الْأَرْضِ فَلَوْ عَمَّمَ الشَّارِحُ كَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الرَّاجِحِ) لَمْ يَقُلْ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْمُقَابِلِ مَا مَرَّ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ. قَوْلُهُ: (إذَا نُقِضَ) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، كَمَا ذَكَرَهُ وَلَعَلَّهُ لِدَفْعِ التَّكْرَارِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ بِأَرْشِ نَقْصٍ أَوْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ وُجُودِ النَّقْصِ فِيهِ مَعَ بَقَائِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَلَوْ جُعِلَ بِالصَّادِ قَيْدًا فِي النَّقْصِ لَكَانَ صَحِيحًا وَيَلْزَمُ بِهَا كَوْنُهُ بَعْدَ هَدْمِ الْبِنَاءِ، وَقَلْعِ الْغِرَاسِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَكُلُّ مَا إلَخْ) تُكْتَبُ كُلٌّ مَوْصُولَةٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَا إنْ كَانَتْ ظَرْفِيَّةً وَإِلَّا فَمَفْصُولَةٌ كَمَا فِي رَسْمِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. قَوْلُهُ: (مِمَّا ذُكِرَ) كَقِيمَةِ وَلَدٍ وَمَنْفَعَةٍ لَمْ يَسْتَوْفِهَا. قَوْلُهُ: (لَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ مِمَّا ذُكِرَ) كَالْمَهْرِ وَقِيمَةِ الْعَيْنِ وَمَنْفَعَةٍ اسْتَوْفَاهَا. قَوْلُهُ: (رُجِعَ بِهِ) نَعَمْ لَوْ اعْتَرَفَ الْغَاصِبُ بِالْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ ظَالِمِهِ، وَلَوْ زَوَّجَ الْغَاصِبُ الْأَمَةَ فَمَاتَتْ عِنْدَ الزَّوْجِ لَمْ يَضْمَنْ قِيمَتَهَا إنْ مَاتَتْ بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ) أَيْ لَا فِي الِاسْتِقْرَارِ وَعَدَمِهِ كَمَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ وَالْأَيْدِي إلَخْ. كِتَابُ الشُّفْعَةِ الْمَأْخُوذُ فِيهَا الْمَشْفُوعُ قَهْرًا عَلَى الْمُشْتَرِي فَذُكِرَتْ عَقِبَ الْغَصْبِ، وَهِيَ بِإِسْكَانِ الْفَاءِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا لُغَةً الضَّمُّ مِنْ الشَّفْعِ ضِدُّ الْوِتْرِ، لِضَمِّ أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ إلَى الْآخَرِ، أَوْ مِنْ الشَّفَاعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ بِهَا أَوْ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالتَّقْوِيَةِ وَشَرْعًا مَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصْلِ) يُقَابِلُهُ التَّابِعُ الْآتِي بِمَعْنَى مَحَلِّ وُرُودِهَا. قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ مَا يُذْكَرُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ الَّذِي هُوَ الْكَوْنُ لَيْسَ هُوَ الْمَحَلَّ. قَوْلُهُ: (فَيَثْبُتُ لِشَرِيكِهِ) وَإِنْ اسْتَأْذَنَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَامْتَنَعَ، وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مُؤَوَّلٌ. قَوْلُهُ: (قَهْرًا) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى يَثْبُتُ لَا لِمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرُوهُ بِقَوْلِهِمْ حَقُّ تَمَلُّكٍ قَهْرِيٍّ يَثْبُتُ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَلَى الشَّرِيكِ الْحَادِثِ فِيمَا مُلِكَ بِعِوَضٍ حَيْثُ قَالُوا يَجُوزُ فِي قَهْرِيٍّ الرَّفْعُ صِفَةً لِحَقٍّ وَالْجَرُّ صِفَةً لِتَمَلُّكٍ، وَيُمْكِنُ تَأْوِيلُ كَلَامِ الشَّارِحِ لِيَرْجِعَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (هُوَ مُسَمَّى الشُّفْعَةِ شَرْعًا) وَلِذَلِكَ   [حاشية عميرة] الْعَقْدِ يُوجِبُ ضَمَانَ الْجُمْلَةِ، وَلَا يُوجِبُ ضَمَانَ الْإِجْزَاءِ عَلَى الِانْفِرَادِ، وَاحْتُجَّ بِأَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ تَعَيَّبَ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي اسْتِرْدَادُ مَا يُقَابِلُهُ، بَلْ إمَّا أَنْ يَرْضَى بِهِ مَعِيبًا أَوْ يَفْسَخَ، وَلَوْ تَلِفَ اسْتَرَدَّ كُلَّ الثَّمَنِ، هَذَا غَايَةُ مَا أَمْكَنَ فِي التَّوْجِيهِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يَرْجِعُ بِبَدَلِ الْإِجْزَاءِ دُونَ النَّفْسِ؟ . فَرْعٌ: لَوْ تَعَيَّبَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَا تَلِفَ) يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ شَامِلًا لِلثَّمَرَةِ وَالْكَسْبِ وَالنِّتَاجِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِالْمَنْفَعَةِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَبِأَرْشِ نَقْصِ بِنَائِهِ) هَلْ يَرْجِعُ أَيْضًا بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْعَبْدِ؟ الصَّحِيحُ لَا رُجُوعَ. فَرْعٌ: زَوَّجَ الْغَاصِبُ الْأَمَةَ فَمَاتَتْ عِنْدَ الزَّوْجِ، وَغَرِمَ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْغَاصِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكُلُّ مَا إلَخْ) . فَائِدَةٌ: كُلُّ مَا إنْ كَانَتْ ظَرْفًا تُكْتَبُ مَوْصُولَةً، وَإِلَّا فَمَفْصُولَةً كَمَا فِي لَفْظِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. قَوْلُهُ: (فِي الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ إلَخْ) أَيْ لَا فِي الِاسْتِدْرَاكِ. [كِتَابُ الشُّفْعَةِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي مَنْقُولٍ) خَالَفَ مَالِكٌ فَأَثْبَتَهَا فِيهِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ إذَا بِيعَ مَعَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُؤَبَّرْ) أَيْ حَدَثَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ الْأَخْذِ، وَلَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ، كَمَا سَيَأْتِي فَحَقُّ التَّمَلُّكِ فِيمَا ذُكِرَ، هُوَ مُسَمَّى الشُّفْعَةِ شَرْعًا. (لَا تَثْبُتُ فِي مَنْقُولٍ بَلْ) تَثْبُتُ (فِي أَرْضٍ وَمَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ تَبَعًا) لَهَا (وَكَذَا ثَمَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ) تَثْبُتُ فِيهِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ (فِي الْأَصَحِّ) كَشَجَرِهِ وَالثَّانِي يَقِيسُهُ عَلَى الْمُؤَبَّرِ، فَإِنَّهُ إذَا بِيعَ مَعَ الشَّجَرِ، وَالْأَرْضِ لَا تَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ، بَلْ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ وَالشَّجَرَ بِحِصَّتِهِمَا مِنْ الثَّمَنِ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شَرِكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ أَرْبَعَةً» ، وَحَائِطُ الْأَوَّلِ الْمَنْزِلُ وَالثَّانِي الْبُسْتَانُ، وَلَا شُفْعَةَ فِي بِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ أُفْرِدَ بِالْبَيْعِ لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ (وَلَا شُفْعَةَ فِي حُجْرَةٍ بُنِيَتْ عَلَى سَقْفٍ غَيْرِ مُشْتَرَكٍ) بِأَنْ اخْتَصَّ بِهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا، أَوْ غَيْرُهُمَا إذْ لَا أَرْضَ لَهَا. (وَكَذَا مُشْتَرَكٌ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ وَالثَّانِي يَجْعَلُهُ كَالْأَرْضِ. (وَكُلُّ مَا لَوْ قُسِمَ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهُ الْمَقْصُودَةُ كَحَمَّامٍ وَرَحًى) أَيْ طَاحُونَةٍ صَغِيرَيْنِ. (لَا شُفْعَةَ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي الْمُنْقَسِمِ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ، أَيْ أُجْرَةِ الْقَاسِمِ وَالْحَاجَةِ إلَى إفْرَادِ الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ لَهُ، بِالْمَرَافِقِ كَالْمِصْعَدِ وَالْمِنْوَرِ وَالْبَالُوعَةِ وَنَحْوِهَا، وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ دَفْعُ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ فِيمَا يَدُومُ وَكُلٌّ مِنْ الضَّرَرَيْنِ حَاصِلٌ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَمِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِيهِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُخَلِّصَ صَاحِبَهُ مِنْهُمَا بِالْبَيْعِ لَهُ، فَإِذَا بَاعَ لِغَيْرِهِ سَلَّطَهُ الشَّرْعُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ. (وَلَا شُفْعَةَ إلَّا لِشَرِيكٍ) بِخِلَافِ الْجَارِي رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: إنَّمَا «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ» . (وَلَوْ بَاعَ دَارًا وَلَهُ شَرِيكٌ فِي   [حاشية قليوبي] الْحَقُّ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ آخِذٌ وَمَأْخُوذٌ مِنْهُ، وَمَأْخُوذٌ وَأَمَّا الصِّيغَةُ، فَإِنَّمَا تَجِبُ فِي التَّمَلُّكِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فِي أَرْضٍ) خَرَجَ نَحْوُ السَّفِينَةِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مِنْ بِنَاءٍ) وَإِنْ انْهَدَمَ بَعْدَ ثُبُوتِهَا فَتَثْبُتُ فِي نَقْضِهِ، قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ وَقِيَاسُهُ ثُبُوتُهَا فِي شَجَرٍ قُلِعَ بَعْدَ الثُّبُوتِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (تَبَعًا لَهَا) ، وَالْمُرَادُ بِالتَّابِعِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَإِنْ نُصَّ عَلَى دُخُولِهِ؛ لِأَنَّهُ تَأْكِيدٌ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ كَمِفْتَاحِ غَلْقٍ وَالْأَعْلَى مِنْ حَجَرَيْ الرَّحَى، فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِي شَجَرَةٍ يَابِسَةٍ بِيعَتْ مَعَ الْأَرْضِ، وَلَا فِي شَجَرَةٍ بِيعَتْ مَعَ مَغْرِسِهَا، وَلَا فِي شَجَرٍ لِأَحَدِهِمَا بَيْعٌ مَعَ الْأَرْضِ، وَلَا فِي ثَمَرَةٍ مُؤَبَّرَةٍ شَرْطُ دُخُولِهِمَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يُؤَبَّرْ) أَيْ عِنْدَ الْبَيْعِ أَوْ الْأَخْذِ وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تُقْسَمْ) وَأَفَادَ النَّفْيُ بِلَمْ أَنَّهُ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ، كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ النَّفْيِ بِلَا وَلِذَلِكَ زَادَ فِي رِوَايَةٍ لَهُ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ، وَصُرِّفَتْ مُشَدَّدَةُ الرَّاءِ بِمَعْنَى بُيِّنَتْ، أَوْ فُرِّقَتْ أَوْ مُخَفَّفَةٌ بِمَعْنَى تَفَرَّقَتْ أَوْ تَبَيَّنَتْ. قَوْلُهُ: (أُفْرِدَ بِالْبَيْعِ) فَإِنْ بِيعَ مَعَهُمَا ثَبَتَتْ مَعَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (فَلَا شُفْعَةَ فِي حُجْرَةٍ إلَخْ) وَعَكْسُ هَذِهِ بِأَنْ كَانَ السَّقْفُ مُشْتَرَكًا دُونَ الْحُجْرَةِ فَبَاعَهَا مَعَ حِصَّتِهِ مِنْ السَّقْفِ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ بِالسَّقْفِ، وَلَوْ كَانَ السُّفْلُ مُشْتَرَكًا دُونَ الْعُلُوِّ ثَبَتَتْ فِي السُّفْلِ وَحْدَهُ قَوْلُهُ: (طَاحُونَةٍ) تَفْسِيرٌ بِالْمُرَادِفِ وَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمُحَرَّرِ لِلِاخْتِصَارِ، وَلَا نَظَرَ لِتَخَالُفِهِمَا فِي الْعُرْفِ وَالْمُرَادُ مَكَانُ الطَّحْنِ، وَتَابَعَهُ؛ لِأَنَّ الْحَجَرَ مَنْقُولٌ ثَبَتَتْ فِيهِ تَبَعًا وَالْمُرَادُ بِبُطْلَانِ الْمَنْفَعَةِ وَعَدَمِهِ فِي الْحِصَّةِ الْمَأْخُوذَةِ، وَلِذَلِكَ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِمَالِكِ عُشْرِ دَارٍ بَاعَ شَرِيكُهُ بَقِيَّتَهَا لَا عَكْسُهُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِيهِ، وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ دُونَ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (لِشَرِيكٍ) وَلَوْ ذِمِّيًّا مَعَ مُسْلِمٍ أَوْ مُكَاتَبًا مَعَ سَيِّدِهِ، أَوْ عَبْدًا لِسَيِّدِهِ أَوْ مُرْتَدًّا وَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ وَإِلَّا فَلِلْإِمَامِ أَوْ كَانَ الشَّرِيكُ هُوَ الْبَائِعُ، بِأَنْ وَكَّلَهُ شَرِيكُهُ فِي بَيْعِ حِصَّتِهِ نَعَمْ لَا شُفْعَةَ لِوَلِيٍّ فِي بَيْعِهِ حِصَّةَ مُولِيهِ الْمُشَارِكِ لَهُ فِيهَا لِلتُّهْمَةِ، وَلَا شُفْعَةَ لِحَمْلٍ فَإِنْ كَانَ وَارِثٌ غَيْرُهُ أَخَذَ الْكُلَّ، وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ لَوْ انْفَصَلَ الْحَمْلُ حَيًّا وَلَوْ وَرِثَ الْحَمْلُ شُفْعَةً لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ الْوَلِيُّ إلَّا بَعْدَ انْفِصَالِهِ حَيًّا وَالْمُرَادُ بِالشَّرِيكِ مَالِكُ الرَّقَبَةِ لَا مُوصًى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، وَلَا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُؤْخَذُ لَهُ وَلَا بِهِ وَلَا لِشَرِيكِهِ، فَلَوْ كَانَتْ أَرْضٌ ثُلُثُهَا وَقْفٌ لِمَسْجِدٍ مَثَلًا وَثُلُثَاهَا مَمْلُوكَانِ لِاثْنَيْنِ، فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ، فَلَا شُفْعَةَ لِلْآخَرِ إلَّا إنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ إفْرَازًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَلِنَاظِرِ الْمَسْجِدِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ حِينَئِذٍ، كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ شِقْصٌ، لَمْ يُوَفَّقْ وَبَاعَ شَرِيكُهُ حِصَّتَهُ فَلَهُ الْأَخْذُ أَيْضًا وَمِثْلُهُ الْإِمَامُ. فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ وَأَرَاضِي مِصْرَ كُلُّهَا وَقْفٌ؛ لِأَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً، فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَنُوزِعَ فِيهِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْأَعْصَارِ وَخَرَجَ بِالشَّرِيكِ غَيْرُهُ كَنَفْسِهِ، كَأَنْ مَاتَ عَنْ دَارِ شَرِيكُهُ فِيهَا وَارِثُهُ فَبِيعَتْ حِصَّةُ الْمَيِّتِ فِي دَيْنِهِ فَلَا شُفْعَةَ لِوَارِثِهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ، فَهُوَ غَيْرُ شَرِيكٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْجَارِي) نَعَمْ إنْ حَكَمَ لَهُ وَلَوْ شَافِعِيًّا حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ بِهَا لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ وَحَلَّ لَهُ الْأَخْذُ بَاطِنًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَ دَارًا) خَرَجَ مَا لَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَمَرِّ فَثَبَتَ فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ لَمْ   [حاشية عميرة] كَانَ عَلَيْهَا وَقْتَ الشِّرَاءِ عَلَيْهَا مُؤَبَّرٌ ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ عَرَضَ تَأْبِيرُهُ قَبْلَ الْأَخْذِ. قَوْلُهُ: (كَشَجَرِهِ) أَيْ بِجَامِعِ الدُّخُولِ فِي الْبَيْعِ. تَنْبِيهٌ: هَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ وَلَوْ حَدَثَتْ الثَّمَرَةُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْأَخْذِ وَلَوْ كَانَ الْبَقْلُ يُجَزُّ مِرَارًا، فَالْجِزَّةُ الظَّاهِرَةُ كَالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ، وَالْأُصُولُ كَالشَّجَرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا مُشْتَرَكٌ) . فَرْعٌ: لَوْ كَانَ السُّفْلُ مُشْتَرَكًا وَأَعْلَاهُ لِإِنْسَانٍ فَقَطْ، فَبَاعَ الْعُلُوَّ مَعَ حِصَّتِهِ مِنْ السُّفْلِ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ فِي حِصَّتِهِ مِنْ السُّفْلِ خَاصَّةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْبَيْعِ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ الْقِسْمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّرَرِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ) أَفْهَمَ عَدَمَهَا فِي الْمَقْسُومِ وَهُوَ الْمُجَاوِرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ بَاعَ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْخِلَافِ، وَالتَّصْحِيحُ الشَّرِكَةُ فِي بِئْرِ الْمَزْرَعَةِ دُونَهَا، وَفِي مَسِيلِ الْمَاءِ لِلْأَرْضِ دُونَهَا، وَفِي صَحْنِ الْخَانِ دُونَ بُيُوتِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 مَمَرِّهَا) التَّابِعِ لَهَا بِأَنْ كَانَ بِدَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ. (فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا) لِانْتِفَاءِ الشَّرِكَةِ فِيهَا. (وَالصَّحِيحُ ثُبُوتُهَا فِي الْمَمَرِّ إنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي طَرِيقٌ آخَرُ إلَى الدَّارِ، أَوْ أَمْكَنَ فَتْحُ بَابٍ) لَهَا (إلَى شَارِعٍ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَتْحُ بَابٍ وَلَا طَرِيقٍ (فَلَا) تَثْبُتُ فِيهِ حَذَرًا مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمُشْتَرِي، وَالثَّانِي تَثْبُتُ فِيهِ، وَالْمُشْتَرِي هُوَ الْمُضِرُّ بِنَفْسِهِ بِشِرَائِهِ هَذِهِ الدَّارَ، وَالثَّالِثُ لِلشَّرِيكِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ إنْ مُكِّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُرُورِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، وَأَلْحَقَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بِعَدَمِ الْإِمْكَانِ فِي الْخِلَافِ، مَا إذَا كَانَ فِي اتِّخَاذِ الْمَمَرِّ الْحَادِثِ عُسْرٌ، أَوْ مُؤْنَةٌ لَهَا وَقْعٌ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ وَجْهٌ بِعَدَمِ الثُّبُوتِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَهُوَ مُقَابِلُ الصَّحِيحِ فِيهِ الْمُعَبَّرُ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَيْضًا وَوُجِّهَ بِأَنَّ فِي الثُّبُوتِ ضَرَرًا لِلْمُشْتَرِي وَالصَّحِيحُ يَقُولُ يَنْتَفِي بِمَا شُرِطَ، وَحَيْثُ قِيلَ بِالثُّبُوتِ فَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَمَرِّ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ، أَمَّا الدَّرْبُ النَّافِذُ فَغَيْرُ مَمْلُوكٍ فَلَا شُفْعَةَ فِي مَمَرِّ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ مِنْهُ قَطْعًا. (وَإِنَّمَا تَثْبُتُ) الشُّفْعَةُ (فِيمَا مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ مِلْكًا لَازِمًا مُتَأَخِّرًا عَنْ مِلْكِ الشَّفِيعِ كَمَبِيعٍ وَمَهْرٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ وَصُلْحِ دَمٍ وَنُجُومٍ وَأُجْرَةٍ وَرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ) فَلَا شُفْعَةَ فِيمَا مُلِكَ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ كَالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ بِلَا ثَوَابٍ وَسَيَأْتِي مَا اُحْتُرِزَ عَنْهُ بِاللَّازِمِ وَمَا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ وَصُلْحِ دَمٍ هُوَ فِي الْجِنَايَةِ عَمْدًا فَإِنْ كَانَتْ خَطَأً فَالْوَاجِبُ فِيهَا الْإِبِلُ، وَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْهَا لِجَهَالَةِ صِفَاتِهَا، وَقَوْلُهُ وَنُجُومٍ عَطْفٌ عَلَى دَمٍ يَعْنِي وَالصُّلْحُ عَنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ بِصِحَّتِهِ. (وَلَوْ شُرِطَ فِي الْبَيْعِ الْخِيَارُ لَهُمَا) أَيْ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ (أَوْ لِلْبَائِعِ) وَحْدَهُ (لَمْ يُؤْخَذْ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يَنْقَطِعَ الْخِيَارُ) سَوَاءٌ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِهِ لِلْبَائِعِ أَمْ لِلْمُشْتَرِي أَمْ مَوْقُوفٌ (وَإِنْ شُرِطَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ) بِالشُّفْعَةِ (إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (لِلْمُشْتَرِي) نَظَرًا إلَى أَنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ الْآنَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ مَوْقُوفٌ (فَلَا) يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ زَوَالِ الْمِلْكِ وَقِيلَ يُؤْخَذُ لِانْقِطَاعِ سَلْطَنَةِ الْبَائِعِ، بِلُزُومِ الْعَقْدِ مِنْ جِهَتِهِ. (وَلَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالشِّقْصِ عَيْبًا أَرَادَ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ، وَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَهُ، وَيَرْضَى بِالْعَيْبِ، فَالْأَظْهَرُ إجَابَةُ الشَّفِيعِ) حَتَّى لَا يَبْطُلَ حَقُّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ، وَالثَّانِي إجَابَةُ الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ إذَا اسْتَقَرَّ الْعَقْدُ وَسَلِمَ عَنْ الرَّدِّ (وَلَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ دَارًا أَوْ بَعْضَهَا فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ)   [حاشية قليوبي] يُمْكِنْ إحْدَاثُ مَمَرٍّ لِلدَّارِ وَقَالَ شَيْخُنَا: بِعَدَمِ الشُّفْعَةِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ إحْدَاثُ مَمَرٍّ وَأَمْكَنَ بِمُؤْنَةٍ لَهَا وَقَعَ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَمْكَنَ) أَيْ بِلَا مُؤْنَةٍ لَهَا وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (وَأَلْحَقَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ) فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ، وَكَذَا فِي الْحُكْمِ كَمَا تَقَدَّمَ. تَنْبِيهٌ: لَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ كَيْفِيَّةِ تَحْرِيرِ الْخِلَافِ، فَتَأَمَّلْهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ وَمِثْلَ الْمَمَرِّ مَجْرَى النَّهْرِ وَصَحْنُ الْخَانِ وَبِئْرُ الْمَزْرَعَةِ قَوْلُهُ: (مُتَأَخِّرًا) وَلَوْ مِنْ حَيْثُ السَّبَبُ فَلَوْ بَاعَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ بِخِيَارٍ لَهُ، فَبَاعَ الْآخَرُ حِصَّتَهُ بِلَا خِيَارٍ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْأَوَّلِ فَالشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ مِلْكِهِ إنْ لَمْ يُشَفِّعْ بَائِعُهُ. قَوْلُهُ: (كَمَبِيعٍ) هُوَ بِالْمِيمِ قَبْلَ الْمُوَحَّدَةِ. كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَيَجُوزُ بِغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْوَصِيَّةِ) وَمِنْهَا أَنْ يُوصِيَ لِامْرَأَةٍ بِنِصْفِ شِقْصٍ إنْ خَدَمَتْ أَوْلَادَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ شَهْرًا سَوَاءٌ أُمُّ وَلَدِهِ وَغَيْرُهَا. قَوْلُهُ: (فَالْوَاجِبُ فِيهَا الْإِبِلُ) أَيْ وَالْوَاجِبُ فِي الْعَمْدِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ وَسَيَأْتِي فِي الْخَادِمِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْإِبِلُ، أَيْ لَا قِيمَتُهَا وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، كَمَا فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى أَنَّ اعْتِبَارَ قِيمَتِهَا فِي الْعَمْدِ يَلْزَمُهُ مَعْرِفَتُهَا، وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ إيجَابِ الْإِبِلِ أَوْ قِيمَتِهَا فِي الْجَهْلِ بِهَا أَوْ عَدَمِهِ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ فِي الصُّلْحِ فِي الْعَمْدِ أَنْ يَقَعَ عَنْ الْقِصَاصِ بِشِقْصٍ، وَهُوَ لَا يَكُونُ فِي غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ قَيَّدَ بِهِ الشَّارِحُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَطْفٌ عَلَى دَمٍ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَبِيعٍ، كَمَا قِيلَ وَذَلِكَ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ بِالشِّقْصِ غَيْرُ مُمْكِنٍ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ الْمُعَيَّنَ وَمَنْعُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لَهُ مَرْدُودٌ، وَالْوَجْهُ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَبِيعٍ، وَيُصَوَّرُ بِمَا لَوْ كَاتَبَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ عَلَى دِينَارٍ وَنِصْفِ عَقَارٍ مَوْصُوفَيْنِ فِي الذِّمَّةِ فَإِذَا مَلَكَ الْعَبْدُ نِصْفَ عَقَارٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَدَفَعَهُ لِسَيِّدِهِ، فَلِشَرِيكِهِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَلَعَلَّ هَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فَضْلًا عَنْهُ وَقَدْ مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شُرِطَ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَيْدِ اللُّزُومِ فِيمَا مَرَّ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ خُصُوصًا مَعَ جَرَيَانِ الْخِلَافِ الَّذِي شَأْنُ الْمِنْهَاجُ الِاعْتِنَاءُ بِهِ، فَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ فِي الْمَنْهَجِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَأَرَادَ رَدَّهُ إلَخْ) وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ إلَّا بَعْدَ الرَّدِّ بِإِقَالَةٍ أَوْ حَلِفٍ أَوْ عَيْبٍ، فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَإِبْطَالُ الرَّدِّ مِنْ حِينِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ، فَالزَّوَائِدُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْأَخْذِ لِلْبَائِعِ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَعَلَّهُ فِي الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الثَّمَرَةَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ حَالَّةُ الْأَخْذِ لِلشَّفِيعِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بِتَلَفِ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ قَبْضِهِ، لَمْ يَأْخُذْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (اشْتَرَى اثْنَانِ) أَيْ مَعًا فِي الزَّمَانِ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (فِي الْخِلَافِ) أَيْ لَا فِي التَّرْجِيحِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمَبِيعٍ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ بِالْمِيمِ قَبْلَ الْبَاءِ، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ شَرْطَ الْخِيَارِ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ، وَذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ الْأَخْذِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (أَمْ مَوْقُوفٌ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الْأَخْذَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَوْ صَدَرَ يُوقَفُ أَيْضًا وَقْفَ تَبَيُّنٍ. قَوْلُهُ: (يَنْظُرُ إلَخْ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَخْذُ يُؤَدِّي إلَى لُزُومِ الْعَقْدِ وَإِثْبَاتِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 لِحُصُولِ الْمِلْكِ لَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. (وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي شِرْكٌ) بِكَسْرِ الشِّينِ أَيْ نَصِيبٌ. (فِي الْأَرْضِ) كَأَنْ كَانَتْ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَثْلَاثًا فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ لِأَحَدِ صَاحِبَيْهِ. (فَالْأَصَحُّ أَنَّ الشَّرِيكَ لَا يَأْخُذُ كُلَّ الْمَبِيعِ بَلْ) يَأْخُذُ (حِصَّتَهُ) وَهِيَ فِيمَا ذُكِرَ السُّدُسُ وَالثَّانِي يَأْخُذُ كُلَّ الْمَبِيعِ، وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ تُسْتَحَقُّ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَلَا يَسْتَحِقُّهَا عَلَى نَفْسِهِ وَالْأَوَّلُ قَالَ لَا شُفْعَةَ فِي حِصَّةِ الْمُشْتَرِي فَمِلْكُهُ مُسْتَقِرٌّ عَلَيْهِمَا بِالشِّرَاءِ. (وَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ حُكْمُ حَاكِمٍ وَلَا إحْضَارُ الثَّمَنِ وَلَا حُضُورُ الْمُشْتَرِي) وَلَا رِضَاهُ بَلْ يُوجَدُ التَّمَلُّكُ بِهَا مَعَ كُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ وَمَعَ غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَيُشْتَرَطُ لَفْظٌ مِنْ الشَّفِيعِ كَتَمَلَّكْتُ أَوْ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّمَنَ (وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ إمَّا تَسْلِيمُ الْعِوَضِ إلَى الْمُشْتَرِي، فَإِذَا تَسَلَّمَهُ أَوْ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي التَّسْلِيمَ) إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ أَوْ قَبَضَ الْقَاضِي عَنْهُ كَمَا زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (مَلَكَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ وَإِمَّا رِضَا الْمُشْتَرِي بِكَوْنِ الْعِوَضِ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الشَّفِيعِ. (وَإِمَّا قَضَاءُ الْقَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ إذَا حَضَرَ مَجْلِسَهُ وَأَثْبَتَ حَقَّهُ) فِيهَا وَطَلَبَهُ. (فَيَمْلِكُ بِهِ) أَيْ بِالْقَضَاءِ. (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَمْلِكُ بِهِ حَتَّى يَقْبِضَ الْعِوَضَ، أَوْ يَرْضَى الْمُشْتَرِي بِتَأْخِيرِهِ. (وَلَا يَتَمَلَّكُ شِقْصًا لَمْ يَرَهُ الشَّفِيعُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مَنْعُهُ مِنْ الرُّؤْيَةِ، وَفِي قَوْلٍ يَتَمَلَّكُهُ قِيلَ الرُّؤْيَةُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ، وَلَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ قَهْرِيٌّ لَا يُنَاسِبُهُ إثْبَاتُ الْخِيَارِ فِيهِ.   [حاشية قليوبي] وَفِي هَذِهِ لِكُلِّ الدَّعْوَى عَلَى الْآخَرِ بِسَبْقِ عَقْدِهِ، فَإِنْ حَلَفَ كُلٌّ فَلَا شُفْعَةَ وَمَنْ نَكَلَ سَقَطَ حَقُّهُ. قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ الْمِلْكِ) أَيْ سَبَبِهِ وَهُوَ الْعَقْدُ سَوَاءٌ وُجِدَ خِيَارٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي خُذْ الْكُلَّ أَوْ اُتْرُكْهُ، لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ، وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْقَائِلِ مِنْ الشُّفْعَةِ. قَوْلُهُ: (لَا شُفْعَةَ فِي حِصَّةِ الْمُشْتَرِي) بَلْ دَفْعُ الشَّرِيكِ عَنْ أَخْذِ حِصَّتِهِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (بَلْ يُوجَدُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ التَّمَلُّكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ خُصُوصُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ، وَلَا خُصُوصُ وَاحِدٍ مِنْهَا بَلْ يَكْفِي وَاحِدٌ مِنْهَا مَعَ انْضِمَامِ مَا سَيَأْتِي مِنْ اللَّفْظِ وَمَا مَعَهُ، وَأَوَّلَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ بِاسْتِحْقَاقِ التَّمَلُّكِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ خُصُوصُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ، وَلَا خُصُوصُ وَاحِدٍ مِنْهَا وَلَا غَيْرِهَا، وَأَمَّا التَّمَلُّكُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا سَيَذْكُرُهُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ وَمُوَافَقَةِ الْأَوَّلِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي أَيْ فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ، فِيمَا لَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الثَّمَنُ) أَيْ حَالَةَ التَّمَلُّكِ وَلَوْ بَعْدَ الْأَخْذِ. قَوْلُهُ: (تَسْلِيمُ الْعِوَضِ) أَيْ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ قَبْضُ الْمَبِيعِ، وَلَوْ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ وَلَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَأْمُرَهُ بِهِ أَوْ يَقْبِضَهُ عَنْهُ، فَلَوْ أَبْرَأهُ مِنْهُ حَصَلَ التَّمَلُّكُ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ الْبَرَاءَةُ فَإِنْ اسْتَمْهَلَ أَمْهَلَهُ الْقَاضِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ، فَإِذَا مَضَتْ وَلَمْ يَفْعَلْ فَسَخَ الْقَاضِي تَمَلُّكَهُ. قَوْلُهُ: (بِكَوْنِ الْعِوَضِ فِي ذِمَّتِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ رِبًا وَإِلَّا كَدَارٍ فِيهَا صَفَائِحُ نَقْدٍ بِنَقْدٍ فَلَا. قَوْلُهُ: (بِالشُّفْعَةِ) أَيْ بِثُبُوتِهَا وَهُوَ حَقُّ التَّمَلُّكِ كَمَا مَرَّ لَا نَفْسُ التَّمَلُّكِ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا يَكُونُ حُكْمُهُ بِأَمْرٍ سَابِقٍ. قَوْلُهُ: (فَيَمْلِكُ بِهِ) وَلَا يَمْلِكُ بِالْإِشْهَادِ وَلَوْ مَعَ فَقْدِ الْحَاكِمِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مَنْعُهُ مِنْ الرُّؤْيَةِ) بَلْ يُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى تَمَكُّنِهِ مِنْهَا، كَمَا يُجْبِرُهُ عَلَى تَسَلُّمِ الشِّقْصِ مِنْ الْبَائِعِ، لِيَأْخُذَهُ الشَّفِيعُ وَلَا يَكْفِي أَخْذُهُ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ التَّسْلِيمَ فَيُبْطِلُ الْبَيْعَ فَلَا شُفْعَةَ، وَإِذَا تَمَلَّكَهُ بِغَيْرِ دَفْعِ الثَّمَنِ لَمْ يُجْبَرْ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِهِ حَتَّى يَأْخُذَ الثَّمَنَ وَفَارَقَ الْبَيْعَ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَهْرَانِ.   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ: ثُبُوتُ الْأَخْذِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لَازِمًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حُكْمُ حَاكِمٍ إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِخُصُوصِهِ لَا يُشْتَرَطُ، فَلَا يُنَافِي اعْتِبَارَ أَحَدِهِمَا أَوْ مَا يَسْتَلْزِمُهُ فِيمَا يَأْتِي، كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالسُّبْكِيُّ: لَكِنْ قَوَّلَهُ الشَّارِحُ: بَلْ يُوجَدُ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَمَّا رِضَا الْمُشْتَرِي إلَخْ) لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ الثَّمَنِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ يَقْتَضِي الرِّضَا، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَتِهِ؟ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: فِيهِ احْتِمَالَانِ أَقْوَاهُمَا نَعَمْ. أَقُولُ: فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الرِّضَا مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ لَا يُفِيدُ، وَالدَّالُّ عَلَيْهِ هُنَا لَفْظُ الْإِبْرَاءِ، وَبِهِ يَحْصُلُ الْمِلْكُ وَالْإِبْرَاءُ مَعًا مَعَ أَنَّ صِحَّةَ الْإِبْرَاءِ تَتَوَقَّفُ عَلَى سَبْقِ الْمِلْكِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْبَرَاءَةَ تَقُومُ مَقَامَ الرِّضَا لَا أَنَّهَا صَحِيحَةٌ فِي نَفْسِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالشُّفْعَةِ) أَيْ بِثُبُوتِ حَقِّ الشُّفْعَةِ لَا بِالْمِلْكِ، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَالنَّوَوِيِّ، وَأَقُولُ: وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ إيضَاحٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ وَإِفْصَاحٌ عَنْ مُرَادِهِمْ؛ لِأَنَّ مُسَمَّى الشُّفْعَةِ حَقُّ التَّمَلُّكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ، فَيَصِيرُ مَعْنَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ أَوْ الْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ الْقَضَاءَ بِحَقِّ التَّمَلُّكِ، وَوَجْهُهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ، إنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا يَكُونُ بِشَيْءٍ سَابِقٍ، وَالسَّابِقُ حَقُّ التَّمَلُّكِ لَا التَّمَلُّكُ، فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 فَصْلٌ إنْ اشْتَرَى بِمِثْلِيٍّ كَنَقْدٍ وَجَبَ. (أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِمُتَقَوِّمٍ) كَثَوْبٍ وَعَبْدٍ. (فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَقِيلَ يَوْمَ اسْتِقْرَارِهِ بِانْقِطَاعِ الْخِيَارِ) وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الْوَقْتُ، وَمِمَّا يُصَدَّقُ بِهِ الْمِثْلِيُّ أَوْ الْمُتَقَوِّمُ أَنْ يَكُونَ مُسَلَّمًا فِيهِ بِالشِّقْصِ، أَوْ مُصَالَحًا عَنْهُ بِالشِّقْصِ، أَوْ نُجُومَ كِتَابَةٍ مُعَوَّضًا عَنْهَا بِالشِّقْصِ، وَيُصَدَّقُ الدَّيْنُ مِمَّا ذُكِرَ بِالْحَالِّ، وَيُقَابِلُهُ قَوْلُهُ، (أَوْ بِمُؤَجَّلٍ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ الشَّفِيعَ. (مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُعَجِّلَ وَيَأْخُذَ فِي الْحَالِ أَوْ يَصْبِرَ إلَى الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ الْحُلُولِ (وَيَأْخُذَ) وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِالتَّأْخِيرِ لِلْعُذْرِ وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِمُؤَجَّلٍ، وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي، وَالثَّالِثُ يَأْخُذُهُ بِسِلْعَةٍ تُسَاوِي الثَّمَنَ إلَى أَجَلِهِ. (وَلَوْ بِيعَ شِقْصٌ وَغَيْرُهُ) كَثَوْبٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً. (أَخَذَهُ) أَيْ (الشَّفِيعُ بِحِصَّتِهِ) أَيْ بِمِثْلِ حِصَّتِهِ (مِنْ الْقِيمَةِ) مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً وَقِيمَةُ الشِّقْصِ ثَمَانِينَ، وَقِيمَةُ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ عِشْرِينَ أُخِذَ الشِّقْصُ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ، وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِيهَا عَالِمًا بِالْحَالِ: وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِمَا، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِحِصَّتِهِ، أَيْ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ (وَيُؤْخَذُ) الشِّقْصُ (الْمَمْهُورُ) لِامْرَأَةٍ. (بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَكَذَا عِوَضُ الْخُلْعِ)   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ الشِّقْصُ الْمَشْفُوعُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ قَوْلُهُ: (بِمِثْلِيٍّ) إنْ تَيَسَّرَ بِأَنْ وُجِدَ فِي دُونِ مَرْحَلَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ أَوْ قُدِّرَ بِغَيْرِ مِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ كَقِنْطَارِ بُرٍّ فَيَأْخُذُ بِوَزْنِهِ فَإِنْ فُقِدَ الْمِثْلُ فَبِقِيمَتِهِ نَعَمْ لَوْ انْتَقَلَ الْمِثْلُ إلَى الشَّفِيعِ تَعَيَّنَ الْأَخْذُ بِعَيْنِهِ، وَكَذَا الْمُتَقَوِّمُ الْآتِي قَالَ شَيْخُنَا مَا لَمْ يَتَرَاضَيَا بِغَيْرِهِ وَلَوْ تَرَاضَيَا فِي الثَّمَنِ بِأَخْذِ دَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ أَوْ عَكْسِهِ سَقَطَتْ الشُّفْعَةُ، وَكَانَ هَذَا تَمَلُّكًا جَدِيدًا قَالَهُ فِي الْحَاوِي، وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ الْحَالَ، وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ كَذَا قَالَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنَى بِسُقُوطِ الشُّفْعَةِ فِي كَلَامِهِ سُقُوطَ حَقِّهَا، بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وُقِّعَ عَقْدٌ بِمَا ذَكَرَهُ كَانَ الْمِلْكُ فِي الشِّقْصِ نَاشِئًا عَنْ عَقْدِ بَيْعٍ مُسْتَقِلٍّ لَا عَنْ الشُّفْعَةِ، أَوْ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ ذَلِكَ وَاقِعٌ بَعْدَ صِيغَةِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَهُ، فَلَا مَعْنَى لِبُطْلَانِهَا بِذَلِكَ الْعَقْدِ مِنْ الْعَالِمِ دُونَ الْجَاهِلِ، فَتَأَمَّلْ وَيَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بُطْلَانُهَا فِيمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِأَخْذِ مِثْلِيٍّ عَنْ مُتَقَوِّمٍ أَوْ عَكْسِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَبِقِيمَتِهِ) عُلِمَ أَنَّ مَا هُنَا كَالْغَصْبِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ ظَفِرَ الشَّفِيعُ بِالْمُشْتَرِي بِبَلَدٍ آخَرَ فَلَهُ إجْبَارُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَبْضِ الْمِثْلِ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر هُنَا وَإِنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ، فَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ فَهِيَ لِلْفَيْصُولَةِ، وَفِي هَذَا الِاعْتِمَادُ وَمَا هُوَ فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْبَيْعِ فِي الْمَبِيعِ) إنْ لَمْ يَحْصُلْ فِي الثَّمَنِ زِيَادَةٌ أَوْ حَطٌّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَإِلَّا فِيمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، كَمَا يَأْتِي وَسَيَأْتِي غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (مُسَلَّمًا فِيهِ) فَيُعْتَبَرُ مِثْلُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ أَوْ قِيمَتُهُ أَوْ وَقْتُهُ وَقْتَ السَّلَمِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ صُدِّقَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَلَوْ حُطَّ بَعْضُ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي، قَبْلَ اللُّزُومِ انْحَطَّ عَنْ الشَّفِيعِ أَوْ كُلُّهُ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ. قَوْلُهُ: (أَوْ نُجُومَ كِتَابَةٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِصِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا كَذَا قِيلَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَأَنَّهُ مَرْدُودٌ. قَوْلُهُ: (بِمُؤَجَّلٍ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَمِمَّا يُصَدَّقُ بِهِ الْمُنَجَّمُ فَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الْكُلَّ وَأَخَذَ أَوْ صَبَرَ إلَى آخِرِ الْأَجَلِ وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ مَا يُقَابِلُ كُلَّ قِسْطٍ وَأَخْذُ مُقَابِلِهِ. قَوْلُهُ: (مُخَيَّرٌ) مَا لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي بِذِمَّتِهِ وَإِلَّا فَلَا يُخَيَّرُ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ سَقَطَ حَقُّهُ لِعَدَمِ عُذْرِهِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَخْذِ فِي التَّعْجِيلِ، مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ كَزَمَنِ نَهْبٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَصْبِرَ إلَى الْمَحِلِّ) أَيْ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ حَلَّ قَبْلَهُ بِنَحْوِ مَوْتٍ، وَلَوْ أَرَادَ بَعْدَ صَبْرِهِ أَنْ يُعَجِّلَ مُكِّنَ مِنْهُ، وَلَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ قَبْلَ الْمَحِلِّ خُيِّرَ الشَّفِيعُ بَيْنَ الْأَخْذِ بِالْعَقْدِ الثَّانِي وَالصَّبْرِ إلَى الْمَحِلِّ، فَيَأْخُذُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَيَبْطُلُ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (بِسِلْعَةٍ تُسَاوِي الثَّمَنَ) أَيْ بِسِلْعَةٍ لَوْ بِيعَتْ مُؤَجَّلَةً بِذَلِكَ الْأَجَلِ سَاوَتْ ذَلِكَ الثَّمَنَ قَوْلُهُ: (مِنْ الْقِيمَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِحِصَّتِهِ وَمِنْ الْمِثْلِ مُتَعَلِّقٌ بِمِثْلٍ وَذَكَرَهُ الشَّارِحُ لِإِصْلَاحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُرَادُ أَخْذُهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ قَرَّرَ الشَّارِحُ كَلَامَهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَكَانَ أَوْفَقَ، وَلَعَلَّهُ الَّذِي أَرَادَهُ الْمُصَنِّفُ لِبُعْدِ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ تَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ تَبَعًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عِلْمًا بِالْحَالِ) هُوَ لِلْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ فَالْجَهْلُ كَالْعِلْمِ. قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ الشِّقْصُ الْمَمْهُورُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) . وَكَذَا الْخُلْعُ هَذَا إنْ وَقَعَ عِوَضًا فَلَوْ أَمْهَرَ شِقْصًا مَجْهُولًا أَوْ خَالَعَ بِهِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ إنْ اشْتَرَى بِمِثْلِيٍّ الشُّفْعَة] فَصْلُ: إنْ اشْتَرَى إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَوْمَ الْبَيْعِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ، كَذَا عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ يُلَائِمُ الْوَجْهَ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ، وَرَأَيْت بَعْضُهُمْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ وَقْتُ سَبَبِ الشُّفْعَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَوْمَ اسْتِقْرَارِهِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى قَدْرِ الثَّمَنِ، وَلَوْ وَجَدَهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ فَهَلْ يَتَمَلَّكُ بِهِ، وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَنْ قَبُولِهِ، أَوْ بِالْقِيمَةِ، أَوْ يَأْخُذُهُ بِالْمِثْلِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، بَلْ يَدْفَعُ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي تَأْخِيرِهِ إلَى بَلَدِ الْعَقْدِ احْتِمَالَاتٌ لِابْنِ الرِّفْعَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُخَيَّرٌ) هَلْ يَجِبُ تَنْبِيهُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ طَالِبٌ وَجْهَانِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: الْأَشْبَهُ بِكَلَامِ الْأَصْحَابِ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَانْعَكَسَ ذَلِكَ عَلَى النَّوَوِيِّ، فَصَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْوُجُوبَ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُنَجَّمًا فَحُكْمُهُ كَالْمُؤَجَّلِ، حَتَّى إذَا حَلَّ الْقِسْطُ الْأَوَّلُ خُيِّرَ بَيْنَ دَفْعِ الْجَمِيعِ وَالصَّبْرِ وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ الْبَعْضِ وَأَخْذُهُ مُقَابِلَهُ حَذَرًا مِنْ التَّقْسِيطِ. فَرْعٌ: بَاعَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ خُيِّرَ الشَّفِيعُ، بَيْنَ الْأَخْذِ حَالًّا بِالثَّمَنِ الثَّانِي، وَبَيْنَ الصَّبْرِ بِذَلِكَ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 يُؤْخَذُ بِمَهْرِ مِثْلِ الْمَخْلُوعَةِ، وَالِاعْتِبَارُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ يَوْمَ النِّكَاحِ وَيَوْمَ الْخُلْعِ. (وَلَوْ اشْتَرَى بِجُزَافٍ) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ دَرَاهِمُ، أَوْ حِنْطَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (وَتَلِفَ) الثَّمَنُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِقَدْرِهِ (امْتَنَعَ الْأَخْذُ فَإِنْ عَيَّنَ الشَّفِيعُ قَدْرًا وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ إنَّهُ لَا يُعْلَمُ قَدْرُهُ. (وَإِنْ ادَّعَى عِلْمَهُ بِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرًا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي تُسْمَعُ وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ الثَّمَنُ ضُبِطَ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِقَدْرِهِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يُكَلَّفْ الْبَائِعُ إحْضَارَهُ وَلَا الْإِخْبَارَ عَنْهُ. (وَإِذَا ظَهَرَ الثَّمَنُ مُسْتَحَقًّا) بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ. (فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا) كَأَنْ اشْتَرَى بِهَذِهِ الْمِائَةِ (بَطَلَ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ) لِتَرَتُّبِهَا عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَدَفَعَ عَمَّا فِيهَا (أُبْدِلَ) الْمَدْفُوعُ (وَبَقِيَا) أَيْ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ. (وَإِنْ دَفَعَ الشَّفِيعُ مُسْتَحَقًّا لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ إنْ جَهِلَ) كَوْنَهُ مُسْتَحَقًّا بِأَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ بِمَالِهِ، وَعَلَيْهِ إبْدَالُهُ. (وَكَذَا) أَيْ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ. (إنْ عَلِمَ) كَوْنَهُ مُسْتَحَقًّا. (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي نَزَلَ دَفْعُ الْمُسْتَحَقِّ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ مَنْزِلَةَ التَّرْكِ لِلشُّفْعَةِ ثُمَّ قِيلَ الْخِلَافُ فِي الْأَخْذِ بِمُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ بِهَذِهِ الْمِائَةِ، فَإِنْ قَالَ بِمِائَةٍ ثُمَّ دَفَعَ الْمُسْتَحَقَّةَ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ قَطْعًا وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي الْحَالَيْنِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الصَّحِيحُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَالَيْنِ، وَظَاهِرُ السُّكُوتِ عَنْ ذَلِكَ فِي قِسْمِ الْجَهْلِ، أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْحَالَيْنِ. (وَتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ كَبَيْعٍ وَوَقْعٍ وَإِجَارَةٍ) وَهِبَةٍ   [حاشية قليوبي] الزَّوْجَةِ، وَلَا شُفْعَةَ لِبَقَاءِ الشِّقْصِ عَلَى مِلْكِهِمَا، كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. قَوْلُهُ: (وَالِاعْتِبَارُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ يَوْمَ النِّكَاحِ وَيَوْمَ الْخُلْعِ) وَتُعْتَبَرُ الْمُتْعَةُ بِمُتْعَةِ مِثْلِهَا يَوْمَ الْإِمْتَاعِ وَيُؤْخَذُ فِي الْإِجَارَةِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مُدَّتُهَا، وَفِي الْجَعَالَةِ بَعْدَ الْعَمَلِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَفِي الْقَرْضِ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَرِضُ يَرُدُّ الْمِثْلَ صُورَةً، وَفِي صُلْحِ الْعَمْدِ بِقِيمَةِ الْإِبِلِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا كَمَا مَرَّ، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ فَارْجِعْ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اشْتَرَى بِجُزَافٍ إلَخْ) هَذَا مِنْ الْحِيَلِ الْمُسْقِطَةِ لِلشُّفْعَةِ، وَهِيَ حَرَامٌ بَعْدَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ وَمَكْرُوهَةٌ قَبْلَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي تَصْوِيرِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ الْعَقْدِ، وَكَذَا فِي جَعْلِ هَذَا مِنْ الْحِيَلِ الْمُسْقِطَةِ لَهَا إذْ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَدَّعِيَ قَدْرًا وَيَحْلِفَ الْمُشْتَرِي إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) وَلَا يَكْفِيهِ فِي الْجَوَابِ أَنْ يَقُولَ نَسِيت الْقَدْرَ، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الثَّمَنَ كَانَ أَلْفًا وَكَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ دُونَ الْمِائَةِ مَثَلًا فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِهَا وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَخْذُ مَا زَادَ عَلَى الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرًا) فَإِنْ عَيَّنَ قَدْرًا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي أَنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ أَوْ تَعَارُضُ بَيِّنَتَانِ فَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهِ، فَلَهُ أَنْ يَزِيدَ وَيُحَلِّفَهُ، وَهَكَذَا حَتَّى يَمْتَنِعَ مِنْ الْيَمِينِ فَيَحْلِفَ الشَّفِيعُ، وَيَأْخُذَ بِهِ وَكَذَا مَتَى نَكَلَ الْمُشْتَرِي، وَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْبَائِعِ لِأَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ نَفْسِهِ وَلَا يَكْفِيهِ فِي الْحَلِفِ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْته بِمَجْهُولٍ لِاحْتِمَالِ عِلْمِهِ بِهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ. قَوْلُهُ: (ظَهَرَ الثَّمَنُ مُسْتَحَقًّا) أَيْ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَتَتَفَرَّقُ الصَّفْقَةُ بَيْعًا وَشُفْعَةً، وَكَظُهُورِهِ مُسْتَحَقًّا مَا لَوْ ظَهَرَ نُحَاسًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَمَّا لَوْ خَرَجَ رَدِيئًا فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الرِّضَا بِهِ وَرَدِّهِ وَأَخْذِ الْجَيِّدِ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ الرِّضَا بِهِ بَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الشَّفِيعِ الْجَيِّدَ وَلَوْ خَرَجَ مَعِيبًا كَعَبْدٍ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ وَرَضِيَ الْبَائِعُ بِهِ لَزِمَ الشَّفِيعَ قِيمَتُهُ مَعِيبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي ذَلِكَ وَفَارَقَ الرَّدِيءَ بِأَنَّ الْعَيْبَ شَأْنُهُ الزَّوَالُ، فَافْهَمْ وَقَدْ مَرَّ فِي الْحَطِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّ مَحِلَّ هَذَا إنْ كَانَ الرِّضَا قَبْلَ اللُّزُومِ وَإِلَّا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ سَلِيمًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِهَذِهِ الْمِائَةِ) يُفِيدُ أَنَّ التَّعْيِينَ فِي الْعَقْدِ مُبْطِلٌ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِوَصْفِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَحِلُّهُ إنْ صُرِّحَ بِوَصْفِهَا كَهَذِهِ الْمِائَةِ دِينَارٍ وَإِلَّا كَهَذِهِ الْمِائَةِ، فَهُوَ عَلَى نَظِيرِ بَيْعِ الزُّجَاجَةِ عَلَى ظَنِّهَا جَوْهَرَةً فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَدَفَعَ عَمَّا فِيهَا) شَامِلٌ لِلدَّفْعِ فِي الْمَجْلِسِ وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ الْآتِي، وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ إبْدَالُهُ) وَلَا يَمْلِكُ الشَّفِيعُ إلَّا بِدَفْعِ الْبَدَلَ فَالزَّوَائِدُ قَبْلَ الدَّفْعِ لِلْمُشْتَرِي وَكَذَا فِيمَا بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ دَفَعَ) شَامِلٌ لِلْمَجْلِسِ وَفِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الصَّحِيحُ الْفَرْقُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ هَذَا مِنْ حَيْثُ بَقَاءُ حَقِّهِ أَمَّا مِنْ حَيْثُ الْمِلْكُ، فَفِي الْعَيْنِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَالزَّوَائِدُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ، فَيَحْتَاجُ تَمَلُّكًا جَدِيدًا كَذَا فِي الْمَنْهَجِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى عَقْدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (كَبَيْعٍ إلَخْ) خَرَجَ مَا لَوْ زَرَعَ الْأَرْضَ أَوْ غَرَسَ أَوْ بَنَى فِيهَا ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ، وَأَخَذَ بِالشُّفْعَةِ فَلَهُ الْقَلْعُ مُجَابًا لَا بِحَقِّ الشُّفْعَةِ بَلْ لِعُدْوَانِهِ عَلَى شَرِيكِهِ، فَلَوْ قُسِمَتْ الْأَرْضُ بِوَجْهٍ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ الشُّفْعَةِ، وَزَرَعَ الْمُشْتَرِي أَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي حِصَّتِهِ ثُمَّ أَخَذَ الشَّفِيعُ لَمْ يُقْلِعْ مَجَّانًا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي وَقَعَ فِي مِلْكِهِ، وَإِذَا قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ لَا يَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ، وَإِذَا حَصَلَ نَقْصٌ فِي الْأَرْضِ أَخَذَهَا   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الذِّمَمَ تَخْتَلِفُ، وَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذِمَّتِهِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ التَّخْيِيرِ، وَهُوَ أَصَحُّ وَجْهَيْنِ فِي الْحَاوِي. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) عَلَيْهِ قِيلَ: يَأْخُذُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَلِيًّا ثِقَةً. قَوْلُهُ: (يُسَاوِي الثَّمَنَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِحِصَّتِهِ) وَقَالَ مَالِكٌ: يَأْخُذُ الِاثْنَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَهْرِ مِثْلِهَا) فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ نَظِيرَ مَا لِلشَّفِيعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ) مِثْلُ هَذَا فِي الْحُكْمِ، مَا لَوْ قَالَ: نَسِيت الْقَدْرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ حَقًّا لَهُ، وَقَالَ الثَّانِي: هُوَ يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ فِي الْحَقِّ، ثُمَّ إذَا قُلْنَا بِالثَّانِي فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، حَلَفَ الشَّفِيعُ أَنَّهُ يَعْلَمُ وَحُبِسَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَسْأَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَ قَدْرًا بَعْدَ قَدْرٍ وَهَكَذَا، وَيُحَلِّفُهُ عَلَيْهِ. فَرْعٌ: قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الثَّمَنَ كَانَ أَلْفًا وَكَفًّا مِنْ الدَّرَاهِمِ دُونَ مِائَةٍ، فَقَالَ الشَّفِيعُ: أَنَا أُعْطِي الْأَلْفَ وَمِائَةً أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَنَازَعَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ فِي قَبُولِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ. أَقُولُ: لَوْ قَالَ أَنَا آخُذُ بِمِائَةٍ وَالثَّمَنُ دُونَهَا يَقِينًا، فَلْيَحْلِفْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ نَقْصَ الثَّمَنِ عَنْهَا، فَقِيَاسُ قَوْلِ الْغَزَالِيِّ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَأْتِي فِيهِ بَحْثُ ابْنِ أَبِي الدَّمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا إنْ عَلِمَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ فِي الطَّلَبِ وَالْأَخْذِ، وَإِذَا أَبْقَيْنَا حَقَّهُ عَالِمًا كَانَ أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 (صَحِيحٌ) ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ. (وَلِلشَّفِيعِ نَقْضُ مَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ كَالْوَقْفِ) وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ. (وَأَخْذُهُ) أَيْ الشِّقْصِ. (وَيَتَخَيَّرُ فِيمَا فِيهِ شُفْعَةٌ كَبَيْعٍ) وَصَدَاقٍ. (بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعِ الثَّانِي) وَالْإِصْدَاقِ. (أَوْ يَنْقُضَهُ وَيَأْخُذَ بِالْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ سَابِقٌ (وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُشْتَرِي، وَالشَّفِيعُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ بِمَا بَاشَرَهُ. (وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ الشِّرَاءَ أَوْ كَوْنَ الطَّالِبِ شَرِيكًا) يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ مَا اشْتَرَاهُ بَلْ وَرِثَهُ أَوْ اتَّهَبَهُ، وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الطَّالِبَ شَرِيكٌ. (فَإِنْ اعْتَرَفَ الشَّرِيكُ) فِي صُورَةِ إنْكَارِ الشِّرَاءِ (بِالْبَيْعِ فَالْأَصَحُّ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ) لِلْآخَرِ وَمُقَابِلُهُ يُنْظَرُ إلَى إنْكَارِ الشِّرَاءِ. (وَيُسَلَّمُ الثَّمَنُ إلَى الْبَائِعِ إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِقَبْضِهِ) مِنْ الْمُشْتَرِي. (وَإِنْ اعْتَرَفَ) بِقَبْضِهِ مِنْهُ. (فَهَلْ يُتْرَكُ فِي يَدِ الشَّفِيعِ أَمْ يَأْخُذُهُ الْقَاضِي، وَيَحْفَظُهُ فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي الْإِقْرَارِ نَظِيرُهُ) فِيمَا إذَا كَذَّبَ الْمُقِرُّ لَهُ الْمُقِرَّ بِمَالٍ كَثُوَّبٍ وَأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ (وَلَوْ اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ جَمْعٌ أَخَذُوا عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ وَفِي قَوْلٍ عَلَى الرُّءُوسِ) فَإِذَا كَانَ لِوَاحِدٍ النِّصْفُ وَلِآخَرَ الثُّلُثُ وَلِآخَرَ السُّدُسُ مِنْ دَارٍ، فَبَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ أَخَذَهُ الْآخَرَانِ أَثْلَاثًا عَلَى الْأَوَّلِ وَنِصْفَيْنِ عَلَى الثَّانِي، وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الشُّفْعَةَ مِنْ مَرَافِقِ الْمِلْكِ فَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهِ، وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ سَبَبَ الشُّفْعَةِ أَصْلُ الشَّرِكَةِ، وَهُمَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ (وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نِصْفَ حِصَّتِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ بَاقِيَهَا لِآخَرَ، فَالشُّفْعَةُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ) وَقَدْ يَعْفُو عَنْهُ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ عَفَا عَنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ شَارَكَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَإِلَّا فَلَا) يُشَارِكُهُ فِيهِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُشَارِكُهُ فِيهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ حَالَةَ بَيْعِهِ وَالثَّالِثُ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لِلْمَبِيعِ مُزَلْزَلٌ بِتَسَلُّطِ الْآخَرِ عَلَيْهِ، وَظَاهِرٌ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَفْوِ وَالْأَخْذِ بَعْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ عَفَا قَبْلَهُ ثَبَتَتْ الْمُشَارَكَةُ قَطْعًا أَوْ أَخَذَ قَبْلَهُ انْتَفَتْ قَطْعًا. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ عَفَا أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ سَقَطَ حَقُّهُ،   [حاشية قليوبي] الشَّفِيعُ نَاقِصَةً، أَوْ تَرَكَ الْأَخْذَ وَيَلْزَمُهُ إبْقَاءُ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ بِلَا أُجْرَةٍ لِمَا مَرَّ وَيُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ لَا فِي التَّأْخِيرِ إلَى جِذَاذِ الثَّمَرِ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ مَعَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْبِنَاءِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ حَادِثٌ. قَوْلُهُ: (نَقْضُ) أَيْ بِالْأَخْذِ فَالْأَخْذُ نَقْضٌ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقَدُّمِ نَقْضٍ قَبْلَهُ، فَعَطْفُ الْأَخْذِ بَعْدَهُ تَفْسِيرٌ وَتَبْطُلُ التَّصَرُّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ بِالْأَخْذِ إلَّا الْإِجَارَةَ، فَإِنْ فَسَخَهَا فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا فَالْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي، وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ فِي الْمَبِيعِ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ بِنَحْوِ ثَمَرِ شَجَرٍ دَخَلَ تَبَعًا أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي بِالْأَوْلَى مِنْ الْمِلْكِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لَهُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَبَّرْ عِنْدَ الْأَخْذِ فَهُوَ لِلشَّفِيعِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَلَكَهُ) شَامِلٌ لِمَا بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِاللَّفْظِ، وَقَبْلَ دَفْعِهِ الثَّمَنَ وَلَوْ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِهِ وَقَدْ مَرَّ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (كَالْوَقْفِ) وَلَوْ مَسْجِدًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حَقَّهُ سَابِقٌ) وَجَازَ لَهُ الْأَمْرَانِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَيْسَرَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْمُشْتَرِي) وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ كَثِيرًا كَأَلْفِ دِينَارٍ فِيمَا يُسَاوِي دِينَارًا مَثَلًا. قَوْلُهُ: (ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْبَيْعِ يَتَضَمَّنُ ثُبُوتَ حَقِّ الْمُشْتَرِي وَحَقِّ الشَّفِيعِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ أَحَدِهِمَا بِإِنْكَارِ الْآخَرِ، فَيُعْذَرُ الشَّفِيعُ بِعَدَمِ الْفَوْرِيَّةِ فِي إنْكَارِ الشِّرَاءِ. قَوْلُهُ: (إلَى الْبَائِعِ) فَإِنْ تَسَلَّمَهُ فَذَاكَ وَعُهْدَةُ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ مُتَلَقًّى مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ وَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فِي يَدِ الشَّفِيعِ) الْأَوْلَى فِي ذِمَّتِهِ، وَتَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِالْيَدِ، فِيمَا يَأْتِي لِمُرَاعَاةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلِلشَّفِيعِ التَّصَرُّفُ فِي الشِّقْصِ مَعَ بَقَاءِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ إجْبَارِ الْقَاضِي الْمُمْتَنِعِ إلَخْ.؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ اعْتِرَافِ الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ. قَوْلُهُ: (يُتْرَكُ فِي يَدِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِذَا اعْتَرَفَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ سُلِّمَ لَهُ الثَّمَنُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إقْرَارٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلِهِ عَلَى الرُّءُوسِ) قِيَاسًا عَلَى سَرَيَانِ الْعِتْقِ وَفَرَقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْعِتْقَ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ فَلَوْ مَاتَ شَفِيعَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ وَلَدَيْنِ فَعَفَا أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ انْتَقَلَ حَقُّهُ لِأَخِيهِ وَلَهُ نِصْفُ الْمَشْفُوعِ، كَالْوَلَدَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يَكُونُ الْمَشْفُوعُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ الرُّءُوسِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ بَاقِيَهَا إلَخْ) خَرَجَ مَا لَوْ بَاعَهُمَا مَعًا فَالشُّفْعَةُ فِيهِمَا لِلْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ فِي تَوْجِيهِهِ الْأَوْجَهِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْبَيْعِ الثَّانِي) وَكَانَ التَّأْخِيرُ لِعُذْرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ) وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (وَتَخَيَّرَ) هُوَ   [حاشية عميرة] جَاهِلًا فَهَلْ نَقُولُ إنَّهُ مَلَكَهُ بِالْأَخْذِ وَالثَّمَنُ دَيْنٌ عَلَيْهِ؟ أَوْ نَقُولُ تَبَيَّنَ عَدَمُ مِلْكِهِ؟ وَجْهَانِ: الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ الثَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَالْوَقْفِ) كَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ جَعَلَهُ مَسْجِدًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي قَدْرِ الثَّمَنِ) كَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَرَضًا وَتَلِفَ، وَاخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ. فَرْعٌ: لَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِالْمِقْدَارِ تَعَارَضَتَا وَكَأَنَّ لَا بَيِّنَةَ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَائِعِ لِأَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ) حَاوَلَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى حَسْبِ جَوَابِهِ. فَرْعٌ: إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الشَّرِكَةَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّ بَعْضَ الدَّارِ فِي يَدِهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ، وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ الثَّانِي إلَخْ) وَشَبَّهَ الثَّانِيَ بِأُجْرَةِ مَنْ يَكْتُبُ الصَّكَّ، وَبِمَا لَوْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ مُخْتَلِفِي الْأَنْصِبَاءِ فَأُعْتِقَ اثْنَانِ مَعَ الْيَسَارِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ قِيمَةَ نَصِيبِ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا إتْلَافٌ وَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 وَتَخَيَّرَ الْآخَرُ بَيْنَ أَخْذِ الْجَمِيعِ، وَتَرْكِهِ، وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ) لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالثَّانِي لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ، الثَّالِثُ يَسْقُطُ حَقُّ الِاثْنَيْنِ كَالْقِصَاصِ وَالرَّابِعُ لَا يَسْقُطُ حَقُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَغْلِيبًا لِلثُّبُوتِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْوَاحِدَ إذَا أَسْقَطَ بَعْضَ حَقِّهِ سَقَطَ كُلُّهُ) كَالْقِصَاصِ وَالثَّانِي لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْهُ. كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَالثَّالِثُ يَسْقُطُ مَا أَسْقَطَهُ وَيَبْقَى الْبَاقِي قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَمَحَلُّهُ مَا إذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ فَإِنْ أَبَى، وَقَالَ خُذْ الْكُلَّ أَوْ دَعْهُ فَلَهُ ذَلِكَ، وَالْخِلَافُ قَالَ الْإِمَامُ إذَا لَمْ نَحْكُمْ بِأَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى الْفَوْرِ، فَإِنْ حَكَمْنَا بِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ طَرَدَهُ إذَا بَادَرَ إلَى طَلَبِ الْبَاقِي، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالسُّقُوطِ فِي الْكُلِّ. (وَلَوْ حَضَرَ أَحَدُ شَفِيعَيْنِ فَلَهُ أَخْذُ الْجَمِيعِ فِي الْحَالِ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ شَارَكَهُ) وَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ الِاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ، لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي، لَوْ لَمْ يَأْخُذْ الْغَائِبُ وَمَا اسْتَوْفَاهُ الْحَاضِرُ مِنْ الْمَنَافِعِ، وَحَصَلَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالثَّمَرَةِ لَا يُزَاحِمُهُ فِيهِ الْغَائِبُ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ تَأْخِيرَ الْأَخْذِ إلَى قُدُومِ الْغَائِبِ) لِعُذْرِهِ فِي أَنْ لَا يَأْخُذَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ، وَالثَّانِي لَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْأَخْذِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى الْفَوْرِ. (وَلَوْ اشْتَرَيَا شِقْصًا فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ نَصِيبِهِمَا، وَنَصِيبِ أَحَدِهِمَا) وَحْدَهُ   [حاشية قليوبي] بِلَفْظِ الْمَاضِي عَطْفًا عَلَى سَقَطَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَدْخُولِ الْأَصَحِّ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ عَطْفًا عَلَى لَوْ عَفَا لِذَلِكَ وَالْأَوْلَى أَوْلَى لِإِيهَامِ هَذِهِ الِاسْتِئْنَافَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) هُوَ الْمُقَابِلُ لِقَوْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَخْ. وَالثَّالِثُ وَمَا بَعْدَهُ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ سَقَطَ حَقُّهُ أَيْ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (كَالْقِصَاصِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِرِضَا الْمُشْتَرِي بِالتَّبْعِيضِ وَأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ الشُّفْعَةَ عَلَى نَفْسِهِ سَقَطَتْ، كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَلَدًا لِلشَّفِيعِ فَمَاتَ الشَّفِيعُ عَنْهُ وَوَلَدٍ آخَرَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) وَفَارَقَ الْقِصَاصَ بِأَنَّ لَهُ بَدَلًا وَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِحَدِّ الْقَذْفِ عَدَمُ السُّقُوطِ بِرِضَا الْمُشْتَرِي بِهِ، وَأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ لَا يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ عَنْ بَعْضِهِ إذَا كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّهُ) أَيْ الثُّلُثِ فَلَا اعْتِرَاضَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَكَمْنَا بِهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ مِنْ حَيْثُ جَرَيَانُ الْخِلَافُ الْمُتَوَجِّهُ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ إلَخْ) وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ عَفَا الْحَاضِرُ ثُمَّ مَاتَ الْغَائِبُ وَوَرِثَهُ الْحَاضِرُ، فَلَهُ الْأَخْذُ الْآنَ بِحَقِّ الْإِرْثِ. قَوْلُهُ: (أَنَّ لَهُ تَأْخِيرَ الْأَخْذِ إلَى قُدُومِ الْغَائِبِ) وَلَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ طَالِبٌ لَهَا. فَرْعٌ: دَارٌ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ سَوَاءٌ، فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ، وَأَحَدُ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ حَاضِرٌ فَأَخَذَ الْكُلُّ فَإِذَا حَضَرَ الثَّانِي نَاصَفَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَوْ أَخَذَ ثُلُثَ مَا مَعَهُ بِثُلُثِ الثَّمَنِ، وَإِذَا حَضَرَ الثَّالِثُ أَخَذَ ثُلُثَ مَا مَعَ كُلٍّ فِي الْأَوْلَى أَوْ نِصْفَ مَا مَعَ الْأَوَّلِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَهُ فِيهَا أَخْذُ ثُلُثِ مَا مَعَ الْأَوَّلِ وَثُلُثِ مَا مَعَ الثَّانِي وَلَهُ أَيْضًا أَخْذُ مَا مَعَ الثَّانِي وَيَضُمُّهُ لِمَا مَعَ الْأَوَّلِ وَيُنَاصِفُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ لَهُ فِيهِ ثُلُثٌ وَعَلَى هَذَا تَصِحُّ قِسْمَةُ الشِّقْصِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ الثُّلُثِ وَاحِدٌ مِنْ تِسْعَةٍ يُضَمُّ إلَى سِتَّةِ الْأَوَّلِ، فَلَا تَصِحُّ قِسْمَتُهَا عَلَيْهِمَا فَيُضْرَبُ عَدَدُهُمَا فِي تِسْعَةٍ وَحِينَئِذٍ فَلِلثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَلِكُلِّ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ سَبْعَةٌ، وَإِذَا كَانَ رُبْعُ الدَّارِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَجُمْلَتُهَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ. قَالَ شَيْخُنَا م ر وَلَا يَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ لِتَقْصِيرِهِ فَرَاجِعْهُ وَبَقِيَ مِنْ الْأَحْوَالِ أَنَّ لِلثَّانِي أَخْذَ ثُلُثَيْ مَا مَعَ الْأَوَّلِ وَإِذَا حَضَرَ الثَّالِثُ وَنَاصَفَهُ أَوْ أَخْذَ ثُلُثِ مَا مَعَ الثَّانِي، وَثُلُثِ مَا مَعَ الْأَوَّلِ، أَوْ أَخْذَ ثُلُثِ مَا مَعَ الْأَوَّلِ وَضَمَّهُ لِمَا مَعَ الثَّانِي وَيُنَاصِفُهُ وَلَوْ كَانَ الْحَاضِرُ اثْنَيْنِ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمَا الْأَخْذُ مُنَاصَفَةً، أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْخُذَ الثُّلُثَ، وَالْآخَرِ الثُّلُثَيْنِ وَإِذَا صَبَرَ أَحَدُهُمَا إلَى حُضُورِ الْغَائِبِ دُونَ الْآخَرِ، فَهَلْ يُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى الصَّبْرِ أَوْ لَهُ الْأَخْذُ وَإِذَا أَخَذَ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَخْذُ الْكُلِّ أَوْ لَهُ أَخْذُ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ الثُّلُثَيْنِ فَرَاجِعْ هَذِهِ الْأَحْوَالَ مِنْ مَحَلِّهَا وَانْظُرْ وَحَرِّرْ وَاعْرِفْ مَا تَصِحُّ فِيهِ الْقِسْمَةُ مِنْ الْأَعْدَادِ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهُ مَا لَوْ شَفَعَ الْحَاضِرَانِ سَوِيَّةً ثُمَّ غَابَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ حَضَرَ الثَّالِثُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ مَا مَعَ الْحَاضِرِ أَوْ ثُلُثَهُ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَغَابَ الْحَاضِرُ أُخِذَ مِنْهُ السُّدُسُ فِي الْأُولَى وَالثُّلُثُ فِي الثَّانِيَةِ وَيُقْسَمُ الشِّقْصُ مِنْ الْأَوَّلِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْحَاجَةِ إلَى عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَلِنِصْفِهِ نِصْفٌ وَسُدُسٌ وَإِذَا كَانَ الرُّبْعُ اثْنَيْ عَشَرَ، فَكُلُّهُ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَعَلَى الثَّانِي مِنْ سِتَّةٍ لِلْحَاجَةِ إلَى عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَلِنِصْفِهِ ثُلُثٌ وَإِذَا كَانَ الرُّبْعُ سِتَّةً فَالْكُلُّ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ اهـ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اشْتَرَيَا إلَخْ) شُرُوعٌ فِي تَعَدُّدِ الشُّفْعَةِ وَهِيَ تُعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الصِّفَةِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ هُمَا وَبِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ وَبِتَعَدُّدِ الْمَحَلِّ وَبِتَعَدُّدِ الْمَالِكِ وَإِنْ اتَّحَدَ الْعَاقِدُ. قَوْلُهُ: (وَنَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ) لِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَخَيَّرَ الْآخَرُ) أَيْ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي جَمِيعِ الشِّقْصِ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ وَهُوَ الشَّرِكَةُ، وَإِنَّمَا قُسِمَ عِنْدَ التَّزَاحُمِ عَلَى الْأَخْذِ لِعَدَمِ الْمُرَجَّحِ. قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِلثُّبُوتِ) أَيْ وَلَيْسَتْ مِمَّا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ. فَرْعٌ: لَوْ اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ وَاحِدٌ ثُمَّ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ، فَحُكْمُهُمْ هَكَذَا. قَوْلُهُ: (كَالْقِصَاصِ) رُدَّ هَذَا بِأَنَّ الْقِصَاصَ يَثْبُتُ لِلْمَيِّتِ أَوَّلًا، وَهَذَا يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ: (وَيَسْقُطُ مَا أَسْقَطَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ قَابِلٌ لِلِاقْتِسَامِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ إلَخْ) لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِي وُجُوبِ التَّنْبِيهِ عَلَى الطَّلَبِ مَا أَسْلَفْته فِي الْحَاشِيَةِ فِي شَأْنِ الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَصِيبِ أَحَدِهِمَا) أَيْ وَلَوْ قُلْنَا بِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا: إنَّ الصَّفْقَةَ هُنَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي قَطْعًا، وَبِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْعَكْسِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 (وَلَوْ اشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ فَلَهُ) أَيْ لِلشَّفِيعِ. (أَخْذُ حِصَّةِ أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ، وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَلَكَ الْحِصَّتَيْنِ مَعًا فَلَا يُفَرَّقُ مِلْكُهُ عَلَيْهِ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى الْفَوْرِ) ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالثَّانِي تَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّهَا قَدْ تَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَتَأَمُّلٍ فَتُقَدَّرُ بِالثَّلَاثَةِ كَخِيَارِ الشَّرْطِ. (فَإِذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ) عَلَى الْأَوَّلِ (فَلْيُبَادِرْ عَلَى الْعَادَةِ) فِي طَلَبِهَا (فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ خَائِفًا مِنْ عَدُوٍّ فَلْيُوَكِّلْ) فِي طَلَبِهَا. (إنْ قَدَرَ) التَّوْكِيلَ فِيهِ (وَإِلَّا فَلْيُشْهِدْ عَلَى الطَّلَبِ) لَهَا (فَإِنْ تَرَكَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ التَّوْكِيلِ وَالْإِشْهَادِ (بَطَلَ حَقُّهُ فِي الْأَظْهَرِ) لِتَقْصِيرِهِ وَالثَّانِي لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَلْحَقُهُ مِنْهُ أَوْ مُؤْنَةٌ فِيمَا ذُكِرَ، وَفِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَظْهَرِ تَغْلِيبٌ لِلثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى، الْمُعَبَّرُ فِيهَا فِي الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا بِالْأَصَحِّ. (فَلَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ طَعَامٍ) أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ (فَلَهُ الْإِتْمَامُ) وَلَا يُكَلَّفُ قَطْعَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَقَلَّ مَا يَجْزِي، وَلَوْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ أَوْ الْأَكْلِ أَوْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، جَازَ لَهُ تَقْدِيمُهَا عَلَى طَلَبِ الشُّفْعَةِ، (وَلَوْ أَخَّرَ) الطَّلَبَ لَهَا (وَقَالَ لَمْ أُصَدِّقْ الْمُخْبِرَ) بِبَيْعِ الشَّرِيكِ. (لَمْ يُعْذَرْ إنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ) ذَكَرَانِ أَوْ ذَكَرٌ وَامْرَأَتَانِ بِذَلِكَ (وَكَذَا ثِقَةٌ فِي الْأَصَحِّ) حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ، وَالثَّانِي يُعْذَرُ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ لَا تَقُومُ بِوَاحِدٍ (وَيُعْذَرَانِ أَخْبَرَهُ مَنْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ) كَكَافِرٍ وَفَاسِقٍ وَصَبِيٍّ، وَلَا يُعْذَرُ إنْ أَخْبَرَهُ عَدَدٌ مِنْ الْفُسَّاقِ، لَا يُحْتَمَلُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ (وَلَوْ أُخْبِرَ بِالْبَيْعِ بِأَلْفٍ فَتُرِكَ فَبَانَ بِخَمْسِمِائَةٍ بَقِيَ حَقُّهُ) ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ لِخَبَرٍ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ.   [حاشية قليوبي] بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ) وَلَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ مِنْ اثْنَيْنِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ رُبْعِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهَا أَرْبَعَةُ عُقُودٍ، وَلَوْ اشْتَرَى رُبْعَ شِقْصٍ بِكَذَا وَرُبْعَهُ بِكَذَا، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ أَحَدِ الرُّبْعَيْنِ، وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ كُلٍّ مِنْ دَارَيْنِ فَلِلْمَالِكِ الشَّرِيكِ فِي كُلِّ دَارٍ أَخْذُ مَا بِيعَ مِنْهَا دُونَ الْأُخْرَى، وَإِنْ اتَّحَدَ مَالِكُهُمَا وَلَوْ بَاعَ وَكِيلٌ عَنْ مَالِكَيْنِ حِصَّتَهُمَا مِنْ ذَلِكَ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ حِصَّةِ أَحَدِ الْمَالِكَيْنِ دُونَ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا حَقٌّ) أَشَارَ إلَى الْفَوْرِيَّةِ فِي الْأَخْذِ بِاللَّفْظِ وَأَمَّا التَّمَلُّكُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ) وَلَوْ بِالْإِخْبَارِ كَمَا سَيَأْتِي خَرَجَ بِعِلْمِ مَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ، وَإِنْ طَالَا لِزَمَنٍ بِشُهُورٍ أَوْ سِنِينَ وَلَوْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ أَوْ الْجَهْلِ بِأَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ أَوْ أَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَأَمْكَنَ ذَلِكَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلِلْمُولَى عَلَيْهِ الْأَخْذُ بَعْدَ كَمَالِهِ وَإِنْ عَفَا وَلِيُّهُ. قَوْلُهُ: (فَلْيُبَادِرْ) أَيْ بِنَفْسِهِ وَلَهُ التَّوْكِيلُ مَعَ قُدْرَتِهِ وَيَجِبُ عِنْدَ عُذْرِهِ، كَمَا سَيَأْتِي وَلَهُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ وَلَوْ مَعَ حُضُورِ الْمُشْتَرِي وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ إذَا لَقِيَ الشُّهُودَ فِي طَرِيقِهِ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا وَسِيلَةٌ لِلْمَقْصُودِ وَلِأَنَّ تَسَلُّطَ الشَّفِيعِ أَقْوَى بِدَلِيلِ نَقْصِهِ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي، كَمَا مَرَّ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فَإِنْ أَشْهَدَ سَقَطَ عَنْهُ الذَّهَابُ كَمَا مَرَّ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مَرِيضًا) أَيْ مَرَضًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً لَا بِنَحْوِ صُدَاعٍ يَسِيرٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَائِبًا) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَيْبَتُهُ طَوِيلَةً؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إثْبَاتُ أَنَّهُ طَالِبٌ فَوْرًا وَأَمَّا الْحُكْمُ لَهُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَا فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (عَنْ بَلَدِ الْمُشْتَرِي) أَوْ عَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ عَدُوٍّ) أَوْ مِنْ فَرْطِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ. قَوْلُهُ: (فَلْيُوَكِّلْ) أَيْ وُجُوبًا وَإِنْ جَهِلَ مِقْدَارَ الثَّمَنِ حَالَةَ التَّوْكِيلِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْدِرْ بِنَفْسِهِ، وَعَجَزَ عَنْ التَّوْكِيلِ أَيْ وَعَنْ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ أَيْضًا فَلْيَشْهَدْ وُجُوبًا وَلَا يَكْفِي الْإِشْهَادُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ، وَإِذَا أَشْهَدَ وَلَوْ شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ سَقَطَ عَنْهُ الذَّهَابُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى التَّوْكِيلِ بَعْدَهُ وَلَوْ أَنْكَرَ الشُّهُودُ الشَّهَادَةَ لَمْ يَسْقُطْ حَقَّهُ. قَوْلُهُ: (فِي صَلَاةٍ) وَلَوْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَلَهُ الزِّيَادَةُ فِيهِ إلَى حَدٍّ لَا يُعَدُّ فِيهِ مُقَصِّرَ إعَادَةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ) يَقْتَضِي عَدَمَ الشُّرُوعِ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يُعَدَّ مُقَصِّرًا إعَادَةً كَمَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) أَوْ الْحَمَّامِ لِتَنَظُّفٍ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لَا عَبَثًا كَمَا يُقْتَصَرُ لَوْ كَانَ فِيهِ عَلَى مَا لَيْسَ عَبَثًا أَيْضًا وَلَوْ ادَّعَى الشَّفِيعُ مَرَضًا أَوْ غَيْبَةً، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ صُدِّقَ إنْ عُهِدَ وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُشْتَرِي. تَنْبِيهٌ: لَهُ التَّأْخِيرُ لِخَلَاصِ الْمَبِيعِ مِنْ نَحْوِ غَاصِبٍ، وَلِمَعْرِفَةِ قَدْرِ الثَّمَنِ وَلِإِدْرَاكِ زَرْعٍ وَحَصَادِهِ بِلَا أُجْرَةٍ لَا لِجِذَاذِ ثَمَرٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَدْلَانِ) أَيْ عِنْدَ الْحَاكِمِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْ عِنْدَ النَّاسِ أَوْ عِنْدَهُ وَلَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِعَدَالَتِهِمَا عُذِرَ إنْ أَمْكَنَ. قَوْلُهُ: (مَنْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ) أَيْ وَلَمْ يُعْتَقَدْ صِدْقُهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْفُسَّاقِ) الَّذِينَ لَا يُحْتَمَلُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَلَوْ كُفَّارًا وَمِثْلُهُمْ الصِّبْيَانُ وَالْعَبِيدُ. وَلَا يُعْذَرُ لِإِفَادَةِ الْعِلْمِ بِهِمْ. قَوْلُهُ: (بِأَلْفٍ إلَخْ) لَوْ أَخْبَرَ بِمُشْتَرٍ مُعَيَّنٍ أَوْ جِنْسٍ أَوْ حُلُولٍ أَوْ قُرْبٍ أَوْ مُشْتَرِيَيْنِ فَبَانَ خِلَافُهُ بَقِيَ حَقُّهُ أَخْذًا مِنْ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ لِحَدِيثِ الشُّفْعَةِ كَحَلِّ الْعِقَالِ، أَيْ تَفُوتُ بِتَرْكِ الْمُبَادَرَةِ، كَمَا يَفُوتُ الْبَعِيرُ الشَّرُودُ عِنْدَ حَلِّ الْعِقَالِ إذَا لَمْ يُبَادَرْ إلَيْهِ، ثُمَّ الْمُرَادُ فَوْرِيَّةُ الطَّلَبِ لَا التَّمَلُّكِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي تَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) ؛ لِأَنَّ التَّأْبِيدَ يَضُرُّ بِالْمُشْتَرِي، وَالْمُبَادَرَةَ تَضُرُّ بِالشَّفِيعِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ النَّظَرِ فِي الْأَحَظِّ فَنِيطَ بِالثَّلَاثَةِ، وَأَصْلُهَا وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذُكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ فَعَقَرُوهَا، فَقَالَ: تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْعَادَةِ) أَيْ فَمَا عُدَّ فِي الْعَادَةِ تَوَانِيًا ضَرَّ وَمَا لَا فَلَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلْيُوَكِّلْ) أَيْ وَلَوْ جَهِلَ مِقْدَارَ الثَّمَنِ حَالَ التَّوْكِيلِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ تَلْحَقُهُ) أَيْ وَالْأَظْهَرُ لَا يَنْظُرُ إلَى الْمِنَّةِ وَلَا إلَى الْمُؤْنَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا ثِقَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ وَإِخْبَارُ الثِّقَةِ مَقْبُولٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 (وَإِنْ بَانَ بِأَكْثَرَ بَطَلَ) حَقُّهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ بِأَلْفٍ فَبِأَكْثَرَ أَوْلَى. (وَلَوْ لَقِيَ الْمُشْتَرِيَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَوْ قَالَ) لَهُ (بَارَكَ اللَّهُ) لَك (فِي صَفْقَتِك لَمْ يَبْطُلْ) حَقُّهُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ سُنَّةٌ قَبْلَ الْكَلَامِ، وَقَدْ يَدْعُو بِالْبَرَكَةِ لِيَأْخُذَ صَفْقَتَهُ مُبَارَكَةً. (وَفِي الدُّعَاءِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّهُ، لِإِشْعَارِهِ بِتَقْرِيرِ بَيْعِهِ. (وَلَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ حِصَّتَهُ) أَوْ وَهَبَهَا. (جَاهِلًا بِالشُّفْعَةِ فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهَا) لِزَوَالِ سَبَبِهَا وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ لِوُجُودِ سَبَبِهَا حِينَ الْبَيْعِ، وَلَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِهَا بَطَلَ حَقُّهُ قَطْعًا وَإِنْ قُلْنَا الشُّفْعَةُ عَلَى التَّرَاخِي، لِزَوَالِ ضَرَرِ الْمُشَارَكَةِ. كِتَابُ الْقِرَاض (الْقِرَاضُ وَالْمُضَارَبَةُ) وَالْمُقَارَضَةُ. (أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى شَخْصٍ. (مَالًا لِيَتَّجِرَ فِيهِ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ) بَيْنَهُمَا وَدَلِيلُ صِحَّتِهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -. (وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ كَوْنُ الْمَالِ دَرَاهِمَ،   [حاشية قليوبي] الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) أَيْ وَكَانَ مِمَّنْ يُشْرَعُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ، وَإِلَّا كَفَاسِقٍ بَطَلَ حَقُّهُ إنْ عَلِمَ بِحَالِهِ نَعَمْ لَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِيَ يَقْضِي حَاجَتَهُ أَوْ يُجَامِعُ فَلَهُ تَأْخِيرُ الطَّلَبِ إلَى فَرَاغِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَعَلَيْهِ لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ كَسُكُوتِهِ عَنْهُ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِالسُّكُوتِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَدَبِ وَحَيْثُ خَالَفَهُ فَحَقُّهُ تَقْدِيمُ طَلَبِ حَقِّهِ عَلَى السَّلَامِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَالَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَجَمْعُ الدُّعَاءِ مَعَ السَّلَامِ لَا يَضُرُّ. قَوْلُهُ: (وَفِي الدُّعَاءِ وَجْهٌ) أَيْ إنْ كَانَ فِيهِ خِطَابٌ وَإِلَّا كَبَارَكَ اللَّهُ فِيهِ لَمْ يَضُرَّ قَطْعًا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَك وَلَا يَضُرُّ سُؤَالُهُ عَنْ الثَّمَنِ وَلَوْ عَالِمًا بِهِ أَوْ عَنْ جِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ بِخِلَافِ سُؤَالِهِ عَنْ الرَّخْصِ أَوْ الْغَلَاءِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَ) لَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَإِنْ عَادَتْ الْحِصَّةُ إلَيْهِ وَخَرَجَ مَا لَوْ وَكَّلَ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ وَلَوْ صَالَحَ عَنْ الشُّفْعَةِ بِمَالٍ أَوْ بِبَعْضِ الشِّقْصِ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ ثُمَّ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالْفَسَادِ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْهَا. وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (حِصَّتَهُ) أَيْ كُلَّهَا أَمَّا لَوْ بَاعَ بَعْضَهَا فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالشُّفْعَةِ بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِلَّا فَلَا نَعَمْ لَوْ بِيعَ بَعْضُ حِصَّتِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ كَأَنْ مَاتَ الشَّفِيعُ قَبْلَ الْأَخْذِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَبِيعَ الْبَعْضُ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ قَهْرًا عَلَى الْوَارِثِ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ الشُّفْعَةُ بِزَوَالِ الْبَعْضِ، فَلَهُ الْأَخْذُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ الْأَصْلِيَّةِ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَلَوْ بَاعَ الْوَرَثَةُ بَعْضَ دَارِ الْمَيِّتِ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ لَمْ يُشَفِّعُوا وَإِنْ كَانُوا شُرَكَاءَ لَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِلْكُهُمْ فَلَا يَأْخُذُونَ مَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِمْ مِمَّا بَقِيَ مِنْهُ وَأَمَّا أَخْذُ كُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّةَ غَيْرِهِ مِنْهُمْ بِالشُّفْعَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ. كِتَابُ الْقِرَاضِ بِكَسْرِ الْقَافِ هُوَ كَالْمُقَارَضَةِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ مِنْ الْقَرْضِ، بِمَعْنَى الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ دَفَعَ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ وَمِنْ الرِّبْحِ وَمِنْهُ الْمِقْرَاضُ؛ لِأَنَّهُ آلَةٌ لِلْقَطْعِ وَتُطْلَقُ الْمُقَارَضَةُ عَلَى الْمُسَاقَاةِ كَمَا فِي الرِّبْحِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُضَارَبَةُ) هِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ الضَّرْبِ بِمَعْنَى السَّفَرِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (أَنْ يَدْفَعَ) أَيْ عَقْدٌ يَقْتَضِي الدَّفْعَ إلَخْ. كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ الدَّفْعُ لَا يُسَمَّى قِرَاضًا وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ، أَنَّ أَرْكَانَهُ سِتَّةٌ صِيغَةٌ وَمَالِكٌ وَمَالٌ وَعَامِلٌ وَعَمَلٌ وَرِبْحٌ وَنُوزِعَ فِي كَوْنِ الْعَمَلِ رُكْنًا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ عَنْ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يُرَادَ ذِكْرُهُ كَالرِّبْحِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَدَلِيلُ صِحَّتِهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ) وَقِيَاسُهُ عَلَى الْمُسَاقَاةِ بِجَامِعِ، أَنَّ الْعَامِلَ قَدْ لَا يَمْلِكُ مَالًا، وَالْمَالِكُ قَدْ لَا يَعْرِفُ التَّصَرُّفَ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْهَا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِالطَّعْنِ فِي دَلِيلِهَا كَمَا سَيَأْتِي وَلَمْ يَسْتَدِلَّ كَالْمَاوَرْدِيِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] ؛ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ لَمَّا تَأَثَّمَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَّجِرُوا فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ وَلَا بِمُضَارَبَتِهِ لِخَدِيجَةَ بِمَالِهَا إلَى الشَّامِ حِينَ أَنْفَذَتْ مَعَهُ عَبْدَهَا مَيْسَرَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ تَزَوُّجِهِ بِهَا بِنَحْوِ شَهْرَيْنِ وَعُمُرُهُ إذْ ذَاكَ نَحْوُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ قَالَ) لَوْ جَمَعَ بَيْنَ السَّلَامِ وَالدُّعَاءِ لَمْ يَضُرَّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِإِشْعَارِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيهِ إذَا خَاطَبَ بِهِ كَأَنْ يَقُولَ: بَارَكَ لَك، وَأَمَّا بَارَكَ اللَّهُ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ جَزْمًا كَمَا أَوْضَحْته فِي الْمُهِمَّاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ إلَخْ) لَوْ بَاعَ بَعْضَهَا بَطَلَتْ فِي حَالِ الْعِلْمِ دُونَ حَالِ الْجَهْلِ. [كِتَابُ الْقِرَاض] مِنْهُ الْمِقْرَاضُ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ، وَأَمَّا الْمُضَارَبَةُ فَمِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ سَفَرًا، وَالسَّفَرُ يُسَمَّى ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ. قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [النساء: 101] أَيْ سَافَرْتُمْ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْقِرَاضَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالْمُضَارَبَةَ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يَدْفَعَ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْقِرَاضَ الْعَقْدُ الْمُقْتَضِي لِلدَّفْعِ، لَا نَفْسُ الدَّفْعِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ) خَرَجَ الْوَكِيلُ. قَوْلُهُ: (إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ) مِنْ الْأَدِلَّةِ الْقِيَاسُ عَلَى الْمُسَاقَاةِ بِجَامِعِ الْحَاجَةِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالِكَ الشَّجَرِ قَدْ لَا يُحْسِنُ الْعَمَلَ، أَوْ لَا يَتَفَرَّغُ لَهُ، وَاَلَّذِي يُحْسِنُهُ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ شَجَرٌ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ هُنَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 أَوْ دَنَانِيرَ خَالِصَةً، فَلَا يَجُوزُ عَلَى تِبْرٍ وَحُلِيٍّ وَمَغْشُوشٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ. (وَعُرُوضٍ) وَفُلُوسٍ وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى الْمَغْشُوشِ الرَّائِجِ وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى الْفُلُوسِ (وَمَعْلُومًا) فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَجْهُولِ الْقَدْرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ أَوْ الصِّفَةِ. (مُعَيَّنًا وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ) الْمُتَسَاوِيَتَيْنِ فِي الْقَدْرِ، وَالصِّفَةِ كَأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَلْفًا صِحَاحًا، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَعَلَى هَذَا يَتَصَرَّفُ الْعَالِمُ فِي أَيِّهِمَا شَاءَ، فَيَتَعَيَّنُ لِلْقِرَاضِ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا، لَوْ قَارَضَ عَلَى دَرَاهِمَ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ عَيَّنَهَا فِي الْمَجْلِسِ قَطَعَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ بِجَوَازِهِ، كَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ بِالْمَنْعِ وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ جَازَ، وَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَهُ عَلَى دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ ذِمَّةِ غَيْرِهِ. (وَمُسْلَمًا إلَى الْعَامِلِ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ كَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِ الْمَالِكِ) يُوَفِّي مِنْهُ ثَمَنَ مَا اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ. (وَلَا) شَرْطَ (عَمَلِهِ مَعَهُ) ؛ لِأَنَّ انْقِسَامَ التَّصَرُّفِ يُفْضِي إلَى انْقِسَامِ الْيَدِ. (وَيَجُوزُ شَرْطُ عَمَلِ غُلَامِ الْمَالِكِ مَعَهُ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا كَشَرْطِ عَمَلِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ يَدَ عَبْدِهِ يَدُهُ، وَفُرِقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ فَجُعِلَ عَمَلُهُ تَبَعًا لِلْمَالِكِ بِخِلَافِ السَّيِّدِ، نَعَمْ إنْ ضَمَّ إلَى عَمَلِهِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَوْ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ الْعَامِلُ، دُونَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ قَطْعًا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ مَعْلُومًا بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ الْوَصْفِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا فَسَدَ الْعَقْدُ. (وَوَظِيفَةُ الْعَامِلِ التِّجَارَةُ وَتَوَابِعُهَا، كَنَشْرِ الثِّيَابِ وَطَيِّهَا) وَذَرْعِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهُ عَلَيْهِ (فَلَوْ قَارَضَهُ لِيَشْتَرِيَ حِنْطَةً فَيَطْحَنَ وَيَخْبِزَ)   [حاشية قليوبي] سَنَةً. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ أَقَرَّهُ بَعْدَ الْبَعْثَةِ كَذَا قَبْلُ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ مُقَارِضًا؛ لِأَنَّ خَدِيجَةَ لَمْ تَدْفَعْ لَهُ مَالًا، وَإِنَّمَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّصَرُّفِ عَنْهَا، فَهُوَ كَالْوَكِيلِ بِجَعْلٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ دَنَانِيرَ) هِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ. قَوْلُهُ: (خَالِصَةً) وَإِنْ أَبْطَلَهَا السُّلْطَانُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَّا إنْ عَزَّ وُجُودُهَا أَوْ خِيفَ عِزُّهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَجُوزُ عَلَى تِبْرٍ) هُوَ اسْمٌ لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَبْلَ ضَرْبِهِمَا أَوْ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ وَالْمُرَادُ الْأَعَمُّ. قَوْلُهُ: (وَمَغْشُوشٍ) أَيْ غَيْرِ مُسْتَهْلَكٍ غِشُّهُ وَإِلَّا جَازَ كَمَا فِي دَرَاهِمِ مِصْرَ وَالْمُرَادُ بِاسْتِهْلَاكِهِ أَنْ لَا يَحْصُلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِعَرْضِهَا عَلَى النَّارِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ بَحْثٌ قَوِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَفُلُوسٍ) عَطْفٌ خَاصٌّ لِلْخِلَافِ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْعُرُوضِ. قَوْلُهُ: (مَجْهُولِ الْقَدْرِ) خَصَّهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ مَجْهُولَ الصِّفَةِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَيَشْمَلُ مَجْهُولَ النَّوْعِ أَوْ الْجِنْسِ أَيْضًا، أَوْ هُوَ مَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى وَلَا يَكْفِي لَوْ عُيِّنَ فِي الْمَجْلِسِ، وَمَا يَأْتِي عَنْ الْقَاضِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا عُلِمَ فِيهِ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ التَّشْبِيهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ) فَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَفُهِمَ مِنْ قَيْدِ التَّسَاوِي عَدَمُ الصِّحَّةِ قَطْعًا فِي غَيْرِهِ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيهَا مَا لَمْ تُعَيَّنْ الْمُرَادَةُ مِنْهُمَا فِي الْمَجْلِسِ، وَالْأَصَحُّ فِيهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ وَهِيَ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ مَعْلُومَةُ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ كَمَا فِي الصُّرَّتَيْنِ. قَوْلُهُ: (بِجَوَازِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ) يُحْمَلُ عَلَى مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ ذِمَّةِ الْعَامِلِ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ أَجْنَبِيٍّ بِأَنْ كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِمَا لِلْمَالِكِ فَلَا يَصِحُّ فِيهِمَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَإِنْ عُيِّنَ فِي الْمَجْلِسِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ بِكَوْنِ الْمَالِكِ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَعْيِينِ مَا فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ وَبِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ وَمِنْ الدَّيْنِ الْمَنْفَعَةُ، فَلَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَيْهَا، وَلَوْ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ كَأَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ دَارًا مَثَلًا لَيُؤَجِّرَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَمَا زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ يَكُنْ بَيْنَهُمَا. تَنْبِيهٌ: شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمَشَاعَ كَأَنْ يَخْلِطَ أَلْفَيْنِ لَهُ بِأَلْفٍ لِآخَرَ، وَيُشَارِكَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَيُقَارِضَهُ عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ جَائِزٌ وَيَتَصَرَّفَانِ فِي الثُّلُثَيْنِ، وَيَنْفَرِدُ الْعَامِلُ بِالثُّلُثِ، وَلَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ، وَلَهُ نِصْفُ رِبْحِ أَحَدِهِمَا، وَثُلُثُ رِبْحِ الْآخَرِ صَحَّ إنْ عَيَّنَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَمُسْلِمًا إلَخْ) وَلَوْ بَعْدَ مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَقَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ لَيْسَ شَرْطًا، فَيَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَى مَغْصُوبٍ، وَلَوْ مِنْ الْغَاصِبِ وَعَلَى وَدِيعَةٍ مِنْ الْوَدِيعِ. قَوْلُهُ: (وَلَا بِشَرْطِ عَمَلِهِ مَعَهُ) وَلَا بِشَرْطِ مُرَاجَعَةِ الْمَالِكِ، وَلَا جَعْلِ شَخْصٍ مُشْرِفًا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ يَدَ عَبْدِهِ كَيَدِهِ) فَلَا يَصِحُّ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، وَيَصِحُّ عَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُفَرَّقُ وَكَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَمْلُوكِ وَمِثْلُهُ دَابَّتُهُ وَكَذَا الْحُرُّ الْمُسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ لِلْمَالِكِ وَيَجُوزُ شَرْطُ نَفَقَتِهِمْ عَلَى الْعَامِلِ، وَيُتَّبَعُ فِيهَا الْعُرْفُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيرُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا م ر تَبِعَ فِيهِ ابْنَ حَجَرٍ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ اعْتِمَادُ خِلَافِهِ. قَوْلُهُ: (لِيَشْتَرِيَ حِنْطَةً إلَخْ) فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْعَامِلُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، لَمْ يَفْسُدْ الْقِرَاضُ وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِ وَيَصِيرُ ضَامِنًا   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ دَنَانِيرَ) أَوْ هُمَا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى الْمَغْشُوشِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: هُوَ الَّذِي قَوِيَ عِنْدِي أَنْ أُفْتِيَ وَأَحْكُمَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى مَنْعِهِ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ الْآنَ كَمَا دَعَتْ إلَى أَصْلِ الْقِرَاضِ فَسَاغَ. قَوْلُ: (فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَجْهُولِ الْقَدْرِ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ جَهَالَةُ قَدْرِ الرِّبْحِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ انْقِسَامَ التَّصَرُّفِ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا تَوْجِيهَ صِحَّةِ تَفَرُّعٍ قَوْلُهُ: وَلَا عَمَلِهِ مَعَهُ، عَلَى قَوْلِهِ: وَمُسْلَمًا إلَى الْعَامِلِ دَفْعًا لِمَا قِيلَ: اسْتِقْلَالُ الْعَامِلِ بِالتَّصَرُّفِ شَرْطٌ مُسْتَقِلٌّ، لَيْسَ مُتَفَرِّعًا عَلَى كَوْنِ الْمَالِ مُسْلَمًا إلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (غُلَامِ الْمَالِكِ) أَيْ الرَّقِيقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَوَظِيفَةُ الْعَامِلِ إلَخْ) أَيْ فَكُلُّ مَا هُوَ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، بَلْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَمَا لَيْسَ عَلَيْهِ لَوْ تَبَرَّعَ بِفِعْلِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، فَمِنْ الثَّانِي وَزْنُ الْأَمْتِعَةِ الثَّقِيلَةِ، وَنَقْلُ الْمَتَاعِ إلَى الْحَانُوتِ وَالنِّدَاءُ عَلَيْهِ، وَمِنْ الْأَوَّلِ حِفْظُهُ وَالنَّوْمُ عَلَيْهِ فِي السَّفَرِ، وَوَزْنُ الْأَشْيَاءِ الْخَفِيفَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 وَيَبِيعَهُ. (أَوْ غَزْلًا يَنْسِجُهُ، وَيَبِيعُهُ فَسَدَ الْقِرَاضُ) ؛ لِأَنَّ الطَّحْنَ وَالْخُبْزَ وَالْغَزْلَ وَالنَّسْجَ، لَيْسَتْ مِنْ وَظِيفَةِ الْعَامِلِ، وَهِيَ أَعْمَالٌ مَضْبُوطَةٌ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهَا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْقِرَاضِ عَلَيْهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى جَهَالَةِ الْعِوَضَيْنِ لِلْحَاجَةِ. (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِ شِرَاءَ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ) كَقَوْلِهِ لَا تَشْتَرِ إلَّا هَذِهِ السِّلْعَةَ (أَوْ نَوْعٍ يَنْدُرُ وُجُودُهُ) قَوْلُهُ لَا تَشْتَرِ إلَّا الْخَيْلَ الْبُلْقَ. (أَوْ مُعَامَلَةَ شَخْصٍ) بِعَيْنِهِ كَقَوْلِهِ لَا تَبِعْ إلَّا لِزَيْدٍ أَوْ لَا تَشْتَرِ إلَّا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَتَاعَ الْمُعَيَّنَ قَدْ لَا يَرْبَحُ فِيهِ، وَالنَّادِرُ قَدْ لَا يَجِدُهُ، وَالشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ قَدْ لَا يَتَأَتَّى مِنْ جِهَتِهِ رِبْحٌ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءَ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعَيُّنُ نَوْعٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِ. (وَلَا يَشْتَرِطَ بَيَانَ مُدَّةِ الْقِرَاضِ) فَإِنَّ الرِّبْحَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ لَا يَنْضَبِطُ وَقْتُهُ. (فَلَوْ ذَكَرَ مُدَّةً وَمَنَعَهُ التَّصَرُّفَ) أَوْ الْبَيْعَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. (بَعْدَهَا فَسَدَ) الْعَقْدُ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَرْبَحُ فِيهَا. (وَإِنْ مَنَعَهُ الشِّرَاءَ بَعْدَهَا فَلَا) يَفْسُدُ الْعَقْدُ (فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ الِاسْتِرْبَاحِ بِالْبَيْعِ الَّذِي لَهُ فِعْلُهُ بَعْدَهَا وَالثَّانِي يَفْسُدُ لِلتَّأْقِيتِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي قَوْلِهِ: لَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا وَلَك الْبَيْعُ، وَمَا هُنَا كَالْمُحَرَّرِ وَالتَّنْبِيهِ يُصَدَّقُ مَعَ ذَلِكَ، وَمَعَ السُّكُوتِ عَنْ الْبَيْعِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ قَارَضْتُك سَنَةً، فَسَدَ الْعَقْدُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الشِّرَاءِ. (وَيُشْتَرَطُ اخْتِصَاصُهُمَا بِالرِّبْحِ وَاشْتِرَاكُهُمَا فِيهِ) فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ شَيْءٍ مِنْهُ لِغَيْرِهِمَا إلَّا عَبْدَ الْمَالِكِ أَوْ الْعَامِلِ فَمَا شَرَطَهُ لَهُ مَضْمُومٌ إلَى مَا شُرِطَ لِسَيِّدِهِ. (وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ كُلَّ الرِّبْحِ لَك، فَقِرَاضٌ فَاسِدٌ وَقِيلَ قِرَاضٌ صَحِيحٌ، وَإِنْ قَالَ كُلُّهُ لِي فَقِرَاضٌ فَسَادٌ وَقِيلَ إبْضَاعٌ) أَيْ تَوْكِيلٌ بِلَا جُعْلٍ، الْأَوَّلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ   [حاشية قليوبي] وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ اسْتِئْجَارَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ جَازَ، قَالَهُ شَيْخُنَا عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفِي شَرْحِهِ خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ أَعْمَالٌ مَضْبُوطَةٌ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ لِإِفَادَةِ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهَا لَيْسَتْ مِنْ وَظِيفَةِ الْعَامِلِ لِكَوْنِهَا لَا تُسَمَّى تِجَارَةً، وَلَا فَاعِلَهَا عَامِلًا بَلْ تُسَمَّى حِرْفَةً وَفَاعِلُهَا مُحْتَرِفًا. قَوْلُهُ: (الْعِوَضَيْنِ) وَهُمَا الْعَمَلُ وَالرِّبْحُ وَهُمَا الْأَصْلُ فِي الْقِرَاضِ. قَوْلُهُ: (شِرَاءُ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ) وَيَجُوزُ مَنْعُ شِرَائِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَوْعٍ يَنْدُرُ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُعَامَلَةِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ) بِخِلَافِ مَنْعِ مُعَامَلَتِهِ وَشَرْطُ الْبَيْعِ فِي حَانُوتٍ مُعَيَّنٍ مُفْسِدٍ بِخِلَافِ شَرْطِ سُوقٍ مُعَيَّنٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْإِذْنُ الْمُطْلَقُ يُرْجَعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ وَالْإِذْنُ فِي الْبَزِّ بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ يَتَنَاوَلُ كُلَّ جِنْسٍ لَا الْفُرُشَ وَالْأَكْسِيَةَ وَفِي الْفَاكِهَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْبُقُولَ وَالْقِثَّاءَ وَالْخِيَارَ وَفِي الطَّعَامِ يَتَنَاوَلُ الْحِنْطَةَ لَا الدَّقِيقَ وَفِي الْبَحْرِ لَا يَتَنَاوَلُ الْبَرَّ وَعَكْسَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَشْتَرِ إلَّا مِنْهُ) هُوَ إتْمَامٌ لِمَعْنَى الْمُعَامَلَةِ وَالْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ نَوْعٍ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ تَعْيِينُهُ إنْ لَمْ يَنْدُرْ وُجُودُهُ، كَمَا مَرَّ وَالْجِنْسُ كَالنَّوْعِ بِالْأَوْلَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مُدَّةِ الْقِرَاضِ) خَرَجَ بِهِ نَحْوُ قَارَضْتُك مَا شِئْت أَنْت أَوْ شِئْت أَنَا فَيَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَمَنَعَهُ التَّصَرُّفَ) أَوْ عَلَّقَهُ وَنَجَزَ الْقِرَاضَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (مَنَعَهُ الشِّرَاءَ إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِهِ الصِّحَّةُ بِقَوْلِهِ قَارَضْتُكَ سَنَةً، وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ ذَكَرَ وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا مُتَّصِلًا فَإِنْ فَصَلَهُ فَهِيَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ وَحُكْمُهَا الْبُطْلَانُ قِيلَ وَعَلَيْهَا يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْوَجْهُ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا كَمَا بَيَّنْته فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ التَّحْرِيرِ بِأَظْهَرِ بَيَانٍ، فَلْيُرَاجِعْهُ مَنْ أَرَادَهُ وَقَوْلُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيُّ بِالصِّحَّةِ فِيهَا مُطْلَقًا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ بِالْأَوْلَى وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُكَ وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَ سَنَةٍ صَحَّ وَلَوْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَنْهَجِ عَلَى هَذِهِ لَكَانَ هُوَ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ. تَنْبِيهٌ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُدَّةِ أَنْ يُمْكِنَ فِيهَا الرِّبْحُ لَا نَحْوُ سَاعَةٍ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْقِرَاضِ وَلَا تَوْقِيتُهُ، وَلَا تَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ لِمُنَافَاةِ غَرَضِ الرِّبْحِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) هُوَ مُحْتَرَزُ اخْتِصَاصِهِمَا بِهِ وَسَكَتَ عَنْ مُحْتَرَزِ اشْتِرَاكِهِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِهِمَا) أَيْ مَعَ عَدَمِ الْعَمَلِ فَإِنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فَهُوَ قِرَاضٌ لِاثْنَيْنِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (إلَّا عَبْدٌ إلَخْ) تَقَدَّمَ الْمُرَادُ بِهِ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ نِصْفَ الرِّبْحِ لِلْعَامِلِ وَنِصْفَهُ لِمَمْلُوكِهِ فَسَدَ الْقِرَاضُ لِمَا مَرَّ وَكَذَا فِي الْمَالِكِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَالِكُ لِلْعَامِلِ وَنِصْفُهُ لَك عَلَى أَنْ تُعْطِيَ ابْنَك أَوْ زَوْجَتَك مِنْهُ كَذَا فَهُوَ فَاسِدٌ، نَعَمْ لَوْ قَالَ الْعَامِلُ عَلَى أَنْ أُعْطِيَ مِنْ نَصِيبِي كَذَا لِزَوْجَتِي فَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ وَعْدُ هِبَةٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ تَوْكِيلٌ إلَخْ) أَيْ فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْإِبْضَاعُ الَّذِي هُوَ فِي الْأَصْلُ اسْمٌ لِلشَّيْءِ الْمَبْعُوثِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ) لَوْ نَهَاهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ صَحَّ؛ لِأَنَّ فِي غَيْرِهَا مَجَالًا وَاسِعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ ذَكَرَ مُدَّةً) لَوْ نَجَزَ الْقِرَاضُ وَعَلَّقَ التَّصَرُّفَ عَلَى وَقْتٍ فَسَدَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْقِرَاضِ التَّصَرُّفُ، وَهُوَ لَا يُعْقِبُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ اقْتَصَرَ إلَخْ) افْهَمْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: قَارَضْتُك سَنَةً وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا صَحَّ، سَوَاءٌ قَالَ: وَلَك الْبَيْعُ أَوْ سَكَتَ كَمَا سَلَفَ، وَهَذَا الَّذِي أَفْهَمُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: قَارَضْتُك سَنَةً وَلَا تَشْتَرِ بَعْدَهَا يَصِحُّ، وَهُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيِّ، فَلَا تَغْتَرَّ بِمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ، حَمَلَهُ عَلَيْهِ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الرَّوْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اخْتِصَاصُهُمَا) اُنْظُرْ هَلْ هَذَا يُغْنِي عَمَّا بَعْدَهُ أَوْ لَا؟ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَاشْتِرَاكُهُمَا) أَيْ لِيَكُونَ الْمَالِكُ آخِذًا بِمِلْكِهِ، وَالْعَامِلُ آخِذًا بِعَمَلِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ إبْضَاعٌ) الْبِضَاعَةُ هِيَ الشَّيْءُ الْمَبْعُوثُ، وَهَذَا قَدْ بَعَثَ الْمَالَ مَعَهُ لِيَتَّجِرَ بِلَا جُعْلٍ. فَرْعٌ: قَالَ: تُصْرَفُ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك فَهُوَ قَرْضٌ، أَوْ كُلُّهُ لِي فَهُوَ إبْضَاعٌ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ صَالِحٌ لِلْجَمِيعِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ وَالْإِبْضَاعِ؛ فَلَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 نَاظِرٌ إلَى اللَّفْظِ وَالثَّانِي إلَى الْمَعْنَى، وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْأُجْرَةِ فِي ذَلِكَ. (وَ) يُشْتَرَطُ (كَوْنُهُ) أَيْ الْمُشْتَرَطُ مِنْ الرِّبْحِ. (مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ) كَالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ. (فَلَوْ قَالَ) قَارَضْتُك. (عَلَى أَنَّ لَك فِيهِ شَرِكَةً أَوْ نَصِيبًا فَسَدَ) الْقِرَاضُ (أَوْ) أَنَّهُ (بَيْنَنَا فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ وَيَكُونُ نِصْفَيْنِ) لِتَبَادُرِهِ إلَى الْفَهْمِ وَالثَّانِي يَفْسُدُ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِغَيْرِ الْمُنَاصَفَةِ فَلَا يَكُونُ الْجُزْءُ مَعْلُومًا (وَلَوْ قَالَ لِي النِّصْفُ فَسَدَ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيَكُون النِّصْفُ الْآخَرُ لِلْعَامِلِ. (وَإِنْ قَالَ لَك النِّصْفُ صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فَائِدَةُ الْمَالِ، فَهُوَ لِلْمَالِكِ إلَّا مَا يُنْسَبُ مِنْهُ، لِلْعَامِلِ، وَلَمْ يُنْسَبْ لَهُ فِي الْأُولَى شَيْءٌ مِنْهُ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا لِلْمَالِكِ كَالْعَامِلِ. (وَلَوْ) (شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا) أَيًّا كَانَ (عَشَرَةُ) مِنْ الرِّبْحِ، وَالْبَاقِي مِنْهُ بَيْنَهُمَا (أَوْ رِبْحُ صِنْفٍ) (فَسَدَ) ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ قَدْ يَنْحَصِرُ فِي الْعَشَرَةِ، أَوْ فِي ذَلِكَ الصَّفِّ فَيَفُوتُ عَلَى الْآخَرِ الرِّبْحُ. فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ فِي الْقِرَاضِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ (وَقِيلَ: يَكْفِي الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ) فِيمَا إذَا قَالَ لَهُ خُذْ هَذِهِ الْأَلْفَ مَثَلًا، وَاتَّجِرْ فِيهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ، فَأَخَذُوا مِنْ الْإِيجَابِ ضَارَبْتُك وَعَامَلْتُك (وَشَرْطُهُمَا كَوَكِيلٍ وَمُتَوَكِّلٍ) أَيْ الْعَامِلُ كَالْوَكِيلِ وَالْمَالِكُ كَالْمُوَكِّلِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا سَفِيهًا وَيَجُوزُ لِوَلِيِّ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ أَنْ يُقَارِضَ بِمَالِهِمَا. (وَلَوْ قَارَضَ الْعَامِلُ آخَرَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، لِيُشَارِكَهُ فِي الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ لَمْ يَجُزْ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَجُوزُ كَمَا لَوْ قَارَضَ الْمَالِكُ اثْنَيْنِ ابْتِدَاءً وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْقِرَاضَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَمَوْضُوعُهُ أَنْ يَعْقِدَ الْمَالِكُ، وَالْعَامِلُ فَلَا، يَعْدِلُ إلَى أَنْ يَعْقِدَهُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (نَاظِرٌ إلَى اللَّفْظِ) أَيْ لَفْظِ الْقِرَاضِ فَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ كَأَنْ قَالَ خُذْهُ وَتَصَرَّفْ فِيهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك فَقَرْضٌ صَحِيحٌ أَوْ كُلُّهُ لِي فَإِبْضَاعٌ وَكَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَبْضَعْتُكَ فَإِنْ قَالَ وَنِصْفُ الرِّبْحِ لَك فَقِرَاضٌ صَحِيحٌ وَلَوْ قَالَ اتَّجِرْ فِي هَذِهِ الدَّرَاهِمِ لِنَفْسِك كَانَ هِبَةً عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ) وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى حِسَابٍ، كَأَنْ يَقُولَ ثُلُثُ الرِّبْحِ لِي وَثُلُثُ بَاقِيه لَك، فَالْمُخْرَجُ تِسْعَةٌ لِلْعَامِلِ مِنْهَا اثْنَانِ وَالْبَاقِي وَهُوَ سَبْعَةٌ لِلْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (بَيْنَنَا) فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَفْظًا غَيْرَ الْمُنَاصَفَةِ فَسَدَ كَقَوْلِهِمَا بَيْنَنَا أَثْلَاثًا مَثَلًا. لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهْلِ بِمَنْ لَهُ الثُّلُثُ أَوْ الثُّلُثَانِ فَإِنْ عَيَّنَا مَنْ لَهُ أَحَدُهُمَا فَصَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ) أَيْ الْمَالِكُ وَكَذَا لَوْ قَالَ الْعَامِلُ لِي النِّصْفُ فَيَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَالْبَاقِي مِنْهُ بَيْنَهُمَا) لَيْسَ قَيْدًا وَلَعَلَّ إسْقَاطَ الْمُصَنِّفِ لَهُ مِنْ الْمُحَرَّرِ لِذَلِكَ فَلَا فَرْقَ فِي الْفَسَادِ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ وَالْبَاقِي بَيْنَنَا أَوْ لَك أَوْلَى أَوْ يَسْكُتَ عَنْهُ. فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْقِرَاضِ وَبَقِيَّةُ أَرْكَانِهِ وَمَا يُعْتَبَرُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (إيجَابٌ وَقَبُولٌ) وَمِنْهُ ذِكْرُ الرِّبْحِ فَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فَسَدَ الْعَقْدُ، فَالْمُرَادُ مِنْ الشَّرْطِيَّةِ فِي الصِّيغَةِ اعْتِبَارُ اللَّفْظِ فِيهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَلَا يُنَافِي الرُّكْنِيَّةَ. قَوْلُهُ: (فِي الْقِرَاضِ) لَمْ يَقُلْ لِلْقِرَاضِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْمَذْكُورَ رُكْنٌ لَا شَرْطٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (خُذْ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي صِيغَةِ الْأَمْرِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا وَلَا يَصِحُّ بِالْفِعْلِ فِي غَيْرِهَا قَطْعًا وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ضَارَبْتُك وَعَامَلْتُك فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْفِعْلُ هُنَا، وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَإِنْ أَشْبَهَ الْوَكَالَةَ لِوُجُودِ النَّصِّ هُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَالِكُ كَالْمُوَكِّلِ) فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَعْمَى أَيْ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْعَقْدِ وَيُوَكِّلُ فِي التَّعْيِينِ وَالْإِقْبَاضِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لِوَلِيٍّ إلَخْ) سَوَاءٌ الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ وَلَوْ فِيمَا لَمْ يَعْجِزَا عَنْهُ وَفَارَقَ الْوَكَالَةَ بِتَوَقُّعِ الرِّبْحِ هُنَا، وَالسَّفِيهُ كَالطِّفْلِ وَشَرْطُ الْعَامِلِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَنْ يَجُوزَ الْإِيدَاعُ عِنْدَهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَارِضَ الْوَلِيُّ لِنَفْسِهِ مَعَ مُوَلِّيهِ وَلَوْ أَبًا أَوْ جَدًّا وَيَجْتَهِدُ الْوَلِيُّ فِي أَنْ يَكُونَ مَا شَرَطَهُ لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ لَمْ يَضُرَّ كَذَا ذَكَرُوهُ فِي الْمَرِيضِ بِقَوْلِهِمْ وَلِلْمَرِيضِ أَنْ يُقَارِضَ وَلَا يُحْسَبُ مَا زَادَ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ الْعَامِلِ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلٌ مَعْدُومٌ: قَوْلُهُ (لِيُشَارِكَهُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ عَامِلًا مُسْتَقِلًّا بَلْ هُوَ كَالْمُسَاعِدِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ فِي الْأَصَحِّ) وَالْأَوَّلُ بَاقٍ عَلَى صِحَّتِهِ ثُمَّ إنْ عَمِلَ   [حاشية عميرة] قَالَ: أَبْضَعْتُكَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لَك فَهَلْ هُوَ إبْضَاعٌ أَوْ قَرْضٌ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. أَوْ عَلَى أَنَّ نِصْفَهُ لَك، فَهَلْ هُوَ إبْضَاعٌ أَوْ قِرَاضٌ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ قَوْلُهُ: (فَلَا يَكُونُ الْجُزْءُ مَعْلُومًا) نَظِيرُهُ بِعْتُك بِأَلْفِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَنَظِيرُ الْأَوَّلِ كَثِيرٌ مِنْ الْإِقْرَارِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ، وَالْبَيْعِ وَعَمْرٍو وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ، وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] فَإِنَّهُ يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ أَنَّ الْبَاقِيَ لِلْأَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِالْجُزْئِيَّةِ، وَمَا قَبْلَهَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَعْلُومًا. [فَصْلٌ يُشْتَرَطُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ فِي الْقِرَاضِ] فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ بِمَعْنَى لَا بُدَّ مِنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَكْفِي الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ) الْمُرَادُ بِالْفِعْلِ الْأَخْذُ، لَكِنْ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ فِي هَذَا، وَقِيلَ: لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ عَلَى وَجْهٍ انْتَهَى. وَقَضِيَّتُهَا أَنَّهُ لَوْ تَصَرَّفَ مِنْ غَيْرِ أَخْذٍ نَفَذَ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ. قَوْلُهُ: (خُذْ هَذَا الْأَلْفَ) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا مِنْ صِيَغِ الْقِرَاضِ، وَمِثْلُهُ خُذْهُ وَبِعْ فِيهِ وَاشْتَرِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَنَا، وَلَوْ قَالَ بَعْدَ إفَاقَتِهِ مِنْ الْجُنُونِ، أَوْ قَالَ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ: أَقْرَرْتُك عَلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ كَانَ كَافِيًا. قَوْلُهُ: (أَنْ يُقَارِضَ) يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي السَّفَرِ حَيْثُ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ. قَوْلُهُ (وَالثَّانِي يَجُوزُ) قَالَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ، لَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 عَامِلَانِ وَلَوْ قَارَضَهُ بِالْإِذْنِ لِيَنْفَرِدَ بِالرِّبْحِ وَالْعَمَلِ جَازَ. (وَبِغَيْرِ إذْنِهِ فَاسِدٌ فَإِنْ تَصَرَّفَ الثَّانِي فَتَصَرُّفُ غَاصِبٍ) تَصَرُّفُهُ فَيَضْمَنُ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ. (فَإِنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ) وَسَلَّمَ الْمَالَ فِي الثَّمَنِ وَرَبِحَ فِيمَا اشْتَرَى (وَقُلْنَا بِالْجَدِيدِ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى الْغَاصِبُ فِي الذِّمَّةِ وَسَلَّمَ الْمَغْصُوبَ فِي الثَّمَنِ، وَرَبِحَ فِيمَا اشْتَرَى أَنَّ الرِّبْحَ لَهُ (فَالرِّبْحُ) هُنَا (لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الثَّانِي وَكِيلٌ عَنْهُ. (وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا. (وَقِيلَ هُوَ لِلثَّانِي) كَالْغَاصِبِ وَالْقَدِيمُ فِي الْغَاصِبِ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْمَالِكِ، وَعَلَى هَذَا فَالرِّبْحُ هُنَا فِي الْأَصَحِّ نِصْفُهُ لِلْمَالِكِ، لِرِضَاهُ بِهِ فِي الْأَصْلِ، وَنِصْفُهُ بَيْنَ الْعَامِلِينَ بِالسَّوِيَّةِ، عَمَلًا بِالشَّرْطِ بَعْدَ خُرُوجِ نُصِبْ الْمَالِكِ. (وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ فَبَاطِلٌ) شِرَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ. (وَيَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَ الْوَاحِدُ اثْنَيْنِ مُتَفَاضِلًا وَمُتَسَاوِيًا) فِي الْمَشْرُوطِ لَهُمَا مِنْ الرِّبْحِ، كَأَنْ يَشْرِطَ لِأَحَدِهِمَا الْمُعَيَّنِ ثُلُثَ الرِّبْحِ، وَلِلْآخَرِ الرُّبْعَ أَوْ يَشْرِطَ لَهُمَا النِّصْفَ بِالسَّوِيَّةِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَ اثْنَيْنِ إذَا أُثْبِتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ الِاسْتِقْلَالُ فَإِذَا شَرَطَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مُرَاجَعَةَ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَمَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يُسَاعِدُونَهُ عَلَيْهِ، وَفِي الْمَطْلَبِ الْمَشْهُورِ الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَمَا ظَنَّهُ الرَّافِعِيُّ (وَالِاثْنَانِ وَاحِدًا وَالرِّبْحُ بَعْدَ نُصِبْ الْعَامِلِ بَيْنَهُمَا بِحَسْبِ الْمَالِ) فَإِذَا شَرَطَ لِلْعَامِلِ نِصْفَ الرِّبْحِ، وَمَالُ أَحَدِهِمَا مِائَتَانِ، وَمَالُ الْآخَرِ مِائَةٌ اقْتَسَمَا النِّصْفَ الْآخَرَ أَثْلَاثًا، فَإِنْ شَرَطَا غَيْرَ مَا تَقْتَضِيه النِّسْبَةُ، فَسَدَ الْعَقْدُ لِمَا فِيهِ مِنْ شَرْطِ الرِّبْحِ، لِمَنْ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا عَامِلٍ. (وَإِذَا فَسَدَ الْقِرَاضُ نَفَذَ تَصَرُّفُ الْعَامِلِ) لِلْإِذْنِ فِيهِ   [حاشية قليوبي] الثَّانِي وَحْدَهُ فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِإِذْنِهِ وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ وَإِنْ عَمِلَا مَعًا فَالْقِيَاسُ أَنَّ الْأَوَّلَ يَسْتَحِقُّ مِنْ الرِّبْحِ بِقِسْطِ مَا عَمِلَ وَالْبَاقِي لِلْمَالِكِ وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَةُ مِثْلِ مَا عَمِلَ نَعَمْ إنْ قَصَدَ الثَّانِي إعَانَةَ الْأَوَّلِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مُطْلَقًا وَالْأَوَّلُ عَلَى مَا شُرِطَ لَهُ. قَوْلُهُ: (عَامِلَانِ) أَيْ بِغَيْرِ نِيَابَةٍ عَنْ الْمَالِكِ فَلَا يُنَافِي مَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَارَضَهُ لِيَنْفَرِدَ إلَخْ) هُوَ مُحْتَرَزٌ لِيُشَارِكَهُ أَيْ أَذِنَ الْمَالِكُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ فِي أَنْ يُعَامِلَ عَامِلًا آخَرَ وَفِي أَنَّ الْآخَرَ يَنْفَرِدُ بِالْعَمَلِ وَالرِّبْحِ فَهُوَ حِينَئِذٍ عَامِلٌ مُسْتَقِلٌّ. قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ وَصَحَّ قَالَ شَيْخُنَا وَإِنْ شَرَطَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُرَاجَعَةَ الْآخَرِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ يَنْعَزِلُ كَمَا يَأْتِي فَلَيْسَ فِيهِ عَامِلَانِ وَحَيْثُ جَازَ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْآنَ بِحَيْثُ يَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ هَذَا ابْتِدَاءُ قِرَاضٍ، وَيَنْعَزِلُ الْأَوَّلُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ إنْ ابْتَدَأَ الْمَالِكُ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ بِأَنْ يُقَارِضَ الثَّانِي وَإِلَّا كَأَنْ قَالَ الْعَامِلُ ائْذَنْ لِي أَنْ أُقَارِضَ، أَوْ قَالَ الثَّانِي لِلْمَالِكِ: قَارِضْنِي إلَخْ الْعَزْلُ الْأَوَّلُ الْعَقْدُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (فَاسِدٌ) أَيْ الْقِرَاضُ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ بَاقٍ عَلَى صِحَّتِهِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اشْتَرَى) أَيْ الْعَامِلُ الثَّانِي فِي الذِّمَّةِ أَيْ فِي هَذَا الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ، وَقَصَدَ وُقُوعَ الْعَقْدِ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ لِيَأْتِيَ مَا بَعْدَهُ فَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ فَالْحُكْمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ الْغَاصِبُ حِينَئِذٍ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَى نَفْسَهُ مَعَ الْأَوَّلِ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ لِلثَّانِي، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (الْجَدِيدُ) الْمَذْكُورُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (أَنَّ الرِّبْحَ لَهُ) ، هَذَا هُوَ الْجَدِيدُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَالرِّبْحُ) أَيْ رِبْحُ الْمَالِ جَمِيعُهُ لَا الْمَشْرُوطِ فَقَطْ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (هُنَا) أَيْ فِي صُوَرِ الْقِرَاضِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) وَالْمُقَابِلُ لَهُ مَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْمَالِكِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ اشْتَرَى) أَيْ الثَّانِي بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ، فَبَاطِلٌ سَوَاءٌ قَصَدَ الشِّرَاءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ، أَوْ لِنَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ) وَحِينَئِذٍ فَالْأَوَّلُ بَاقٍ عَلَى صِحَّتِهِ، وَلِّهِ أَنْ يَنْزِعَ الْمَالَ مِنْ الثَّانِي وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ. تَنْبِيهٌ: كَالْعَامِلِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَصِيُّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَهُ وَإِخْرَاجُ نَفْسِهِ مِنْ الْوِصَايَةِ، وَكَذَا النَّاظِرُ بِشَرْطٍ لِوَاقِفٍ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ انْعَزَلَ وَلِلْقَاضِي أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ الْخَطِيبُ وَالسَّنْبَاطِيُّ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا مَا بَعْدَهُ عَنْ الْمَطْلَبِ، قَالَ؛ لِأَنَّهُمَا كَعَامِلٍ وَاحِدٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِتَوَقُّفِ إذْنِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ أَوْ حُضُورِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ شَرَطَا) بِأَلِفِ التَّثْنِيَةِ، كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا بَعْدَهُ وَعَلَى إسْقَاطِهَا، فَضَمِيرُهُ عَائِدٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَالِكَيْنِ، أَوْ لِأَحَدِهِمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ، أَوْ أَنَّ " شَرَطَ " مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ، وَيُنَزَّلُ عَلَى مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (نَفَذَ تَصَرُّفُ إلَخْ) نَعَمْ إنْ فَسَدَ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ، أَوْ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْعَامِلِ، أَوْ كَانَ مُقَارِضًا لِغَيْرِهِ كَالْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ لَمْ   [حاشية عميرة] انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْعَمَلِ وَلَمْ يَعْمَلْ الْآخَرُ شَيْئًا، لَمْ يَسْتَحِقَّ غَيْرُ الْعَالِمِ شَيْئًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقْتَضِي أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا دَفَعَ لِشَخْصٍ الْمَالَ عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ، يَكُونُ مَا يَشْتَرِيه فِي الذِّمَّةِ لِلْغَاصِبِ لَهُ رِبْحُهُ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْعَامِلِ، وَقَدْ اسْتَبْعَدَهُ السُّبْكِيُّ وَاخْتَارَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ الثَّانِي. وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ الْغَاصِبِ: الَّذِي فَرَضْتهَا هَذِهِ انْعَدَمَ فِيهَا الْعَقْدُ بِالْكُلِّيَّةِ، فَلَا يَتَصَرَّفُ الْعَامِلُ بِالْإِذْنِ، وَلَا يَلْحَقُ بِالْقِرَاضِ الْفَاسِدِ. أَقُولُ: وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ الْكَلَامَ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ يُخَالِفُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ) وَجْهُهُ التَّحْذِيرُ مِنْ اتِّخَاذِ النَّاسِ ذَلِكَ ذَرِيعَةً، وَالْجَدِيدُ يَقُولُ: التَّصَرُّفُ صَحِيحٌ، وَالْإِعْطَاءُ فَاسِدٌ. فَرْعٌ: لَوْ لَمْ يَخْطُرْ بِذِهْنِهِ حِينَ الشِّرَاءِ أَنْ يَنْقُدَ مِنْ الْمَغْصُوبِ، فَلَا يَجِيءُ الْقَوْلُ الْقَدِيمُ أَيْ فِيمَا لَوْ نَقَدَ مِنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (نِصْفُهُ لِلْمَالِكِ) أَيْ فَيُجْعَلُ كَالتَّالِفِ لِتَعَذُّرِ الْعَمَلِ فِيهِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَ الْوَاحِدُ اثْنَيْنِ) كَعَقْدَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالِاثْنَانِ وَاحِدًا) أَيْ كَمَا لَوْ قَارَضَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَالِهِ الْمُتَمَيِّزِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَفَذَ تَصَرُّفُ الْعَامِلِ) ؛ لِأَنَّ الَّذِي فَسَدَ هُوَ الْقِرَاضُ، لَا الْإِذْنُ فِيهِ، وَسَوَاءً عَلِمَ الْفَسَادَ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (أَيْضًا نَفَذَ تَصَرُّفُ الْعَامِلِ) حَاوَلَ السُّبْكِيُّ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْ هَذَا، مَا لَوْ دَفَعَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 (وَالرِّبْحُ) جَمِيعُهُ (لِلْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ (وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ مِثْلُ عَمَلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا وَقَدْ فَاتَهُ الْمُسَمَّى. (إلَّا إذَا قَالَ قَارَضْتُك، وَجَمِيعُ الرِّبْحِ لِي وَقَبِلَ فَلَا شَيْءَ فِي الْأَصَحِّ) لِرِضَاهُ بِالْعَمَلِ مَجَّانًا وَالثَّانِي لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صُوَرِ الْفَسَادِ. (وَيَتَصَرَّفُ الْعَامِلُ مُحْتَاطًا) فِي تَصَرُّفِهِ (لَا يَغْبِنُ) فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءَ (وَلَا نَسِيئَةَ) فِي ذَلِكَ (بِلَا إذْنٍ) أَيْ فِي النَّسِيئَةِ وَالْغَبَنِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْفَاحِشُ كَمَا فِي الْوَكِيلِ، وَبِالْإِذْنِ يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَأْتِي فِي تَقْدِيرِ الْأَجَلِ وَإِطْلَاقُهُ فِي الْبَيْعِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَكِيلِ وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً فَإِنْ تَرَكَهُ ضَمِنَ وَوَجْهُ مَنْعِ الشِّرَاءِ نَسِيئَةً أَنَّهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَدْ يُتْلِفُ رَأْسَ الْمَالِ فَتَبْقَى الْعُهْدَةُ مُتَعَلِّقَةً بِهِ أَيْ فَتَتَعَلَّقُ بِالْمَالِكِ. (وَلَهُ الْبَيْعُ بِعَرْضٍ) ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ فِي الِاسْتِرْبَاحِ (وَ) لَهُ (الرَّدُّ بِعَيْبٍ تَقْتَضِيه) أَيْ الرَّدُّ (مَصْلَحَةً) وَإِنْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ حَقَّهُ فِي الْمَالِ، وَجُمْلَةُ تَقْتَضِيه صِفَةٌ الرَّدِّ، وَلَامُهُ لِلْجِنْسِ وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: 37] . (فَإِنْ اقْتَضَتْ الْإِمْسَاكَ فَلَا) يَرُدُّ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَهُ الرَّدُّ كَالْوَكِيلِ. وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ لَهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ بِخِلَافِ، الْعَامِلِ إذَا رَأَى فِيهِ رِبْحًا، فَلَا يَرُدُّ مَا فِيهِ مُصْلِحَةً بِخِلَافِ الْوَكِيلِ. (وَلِلْمَالِكِ الرَّدُّ) حَيْثُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ (فَإِنْ اخْتَلَفَا) فِيهِ فَأَرَادَهُ أَحَدُهُمَا وَأَبَاهُ الْآخَرُ (عُمِلَ بِالْمَصْلَحَةِ) فِي ذَلِكَ (وَلَا يُعَامِلُ الْمَالِكَ) بِأَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ (وَلَا يَشْتَرِي لِلْقِرَاضِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ)   [حاشية قليوبي] يَنْفُذْ التَّصَرُّفُ أَصْلًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ إلَخْ) صَرِيحُهُ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ مَعَ عِلْمِ الْفَسَادِ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَ الِاسْتِحْقَاقَ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ، وَأَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا وَإِنْ جَهِلَ الْفَسَادَ وَظَنَّ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ. قَوْلُهُ: (فِي النَّسِيئَةِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّارِحِ نَعَمْ يَحْتَاجُ فِي السَّلَمِ إلَى النَّصِّ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ وَلَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْبَيْعِ حَالًا فَسَدَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْغَبَنِ بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يُرَجَّحْ رِبْحٌ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ) أَيْ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَالْإِقْرَارِ بِالْعَقْدِ لَا عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ، وَيَكْفِيه شَاهِدٌ لِيَحْلِفَ مَعَهُ وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ الْإِشْهَادِ لَمْ يَمْتَنِعْ وَلَهُ تَرْكُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ الْبَيْعُ) وَكَذَا الشِّرَاءُ. قَوْلُهُ: (بِعَرْضٍ) وَبِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ إنْ رَاجَ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ الرَّدُّ) بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَجُمْلَةُ إلَخْ) ذَكَرَهُ لِيُوَافِقَ الْجُمْهُورَ مِنْ مَنْعِ مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَأِ، وَصَحَّ كَوْنُهُ صِفَةً مِنْ الْمُعَرَّفِ بِأَلْ الْجِنْسِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّكِرَةِ وَقَدْ أَجَازَ سِيبَوَيْهِ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَأِ وَصَحَّ كَوْنُهُ صِفَةً مِنْ الْمُعَرَّفِ بِأَلْ الْجِنْسِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّكِرَةِ وَقَدْ أَجَازَ سِيبَوَيْهِ مَجِيءُ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَأِ، وَلَيْسَ بِضَعِيفٍ فَيَصِحُّ وُقُوعُهُ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اقْتَضَتْ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ انْتَفَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ أَوْ اسْتَوَتْ فِيهِمَا وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا جَوَازَ الرَّدِّ فِيهِمَا وَلَا يَجِبُ أَخْذًا بِمَفْهُومِ الْجُمْلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْمَالِكِ الرَّدُّ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِالْغَبَنِ وَإِلَّا فَعَلَى الْعَامِلِ وَلَهُ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ إنْ شَاءَ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَقَعُ لِلْعَامِلِ بِرَدِّ الْمَالِكِ، وَهَذَا حَيْثُ جَازَ لِلْعَامِلِ شِرَاءُ الْمَعِيبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِلَّا فَيَقَعُ لِلْعَامِلِ ابْتِدَاءً وَيَأْتِي فِيمَا لَوْ سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ كَذَّبَهُ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ. قَوْلُهُ: (حَيْثُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ) وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الرَّدِّ وَحْدَهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمَا مَا لَوْ اسْتَوَى الرَّدُّ وَالْإِمْسَاكُ فِي الْمَصْلَحَةِ أَوْ عَدَمِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا هُنَا إجَابَةُ الْعَامِلِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي الرَّدِّ مِنْ حَيْثُ الْمَصْلَحَةُ بِأَنْ ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا فِيهِ وَنَفَاهَا الْآخَرُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (عُمِلَ بِالْمَصْلَحَةِ) أَيْ عَمِلَ الْحَاكِمُ بِمَا رَأَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ، فَإِنْ اسْتَوَتْ عِنْدَهُ فِيهِمَا رَجَعَ الْعَامِلُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ) صَرِيحُهُ امْتِنَاعُ مُعَامَلَةِ وَكِيلِهِ فِي مَالِهِ وَمَأْذُونُهُ بِخِلَافِ مُكَاتَبِهِ، وَلَوْ فَاسِدًا وَكَذَا امْتِنَاعُ مُعَامَلَةِ أَحَدِ الْعَامِلَيْنِ لِلْآخَرِ فِي مَالِهِ، وَإِنْ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَصَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ وَخَرَجَ بِمَالِ الْمَالِكِ مَالُ غَيْرِهِ، كَأَنْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فَتَجُوزُ مُعَامَلَتُهُ لَهُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَشْتَرِي لِلْقِرَاضِ بِأَكْثَرَ إلَخْ) أَيْ وَلَا بِغَيْرِ جِنْسِهِ فَلَوْ رَأَى مَا يُبَاعُ بِالدَّرَاهِمِ وَرَأْسُ الْمَالِ دَنَانِيرُ بَاعَهَا بِالدَّرَاهِمِ، وَاشْتَرَى بِهَا وَمَحَلُّ مَنْعِ الشِّرَاءِ بِالْأَكْثَرِ بِغَيْرِ إذْنٍ وَيُمْكِنُ رُجُوعُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَى هَذَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ هُنَا أَنَّ الشِّرَاءَ بِالْعَيْنِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ لَا يَقَعُ فِيهِ مَا قَابَلَ الزَّائِدَ لِلْقِرَاضِ بَلْ يَبْطُلُ، أَوْ يَقَعُ لِلْعَامِلِ فَإِنْ جُعِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الشِّرَاءِ   [حاشية عميرة] قِرَاضًا قَالَ: لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْعَقْدِ لَمْ تُوجَدْ، فَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ مُطْلَقًا، وَلَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ الْإِذْنَ فِي الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ) أَيْ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ بَعْضَهُ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ مِثْلُ عَمَلِهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا إذَا قَالَ إلَخْ) وَقُلْنَا إنَّهُ قِرَاضٌ فَاسِدٌ، أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ إبْضَاعٌ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ شَيْئًا جَزْمًا. أَقُولُ: قَضِيَّةُ هَذَا صِحَّةُ الْإِبْضَاعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: هُوَ تَوْكِيلٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ مَعَ الْعُمُومِ؟ فَإِنْ قُلْنَا الْإِبْضَاعُ عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ يُفِيدُ ذَلِكَ، احْتَاجَ إلَى دَلِيلٍ مِنْ الشَّرْعِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْمَنْكُوحَةَ عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ تَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ، أَيْضًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ رِضَاهُ بِعَدَمِ الْمُسَمَّى أَنْ يَكُونَ طَامِعًا فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ إلَخْ) هَلْ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الشُّهُودِ الْعَقْدَ، أَمْ يَكْفِي أَنْ لَا يُسَلَّمَ الْمَبِيعُ حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِهِ؟ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: الْأَشْبَهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ عُسْرٌ، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِشَاهِدٍ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ الْوُجُوبَ. قَوْلُهُ: (حَيْثُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ) بَلْ الْمَالِكُ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عُمِلَ بِالْمَصْلَحَةِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَلَوْ اسْتَوَى الْحَالُ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ، قُدِّمَ الْعَامِلُ إذَا جَوَّزْنَا لَهُ شِرَاءَ الْمَعِيبِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ، رَجَعْنَا إلَى اخْتِيَارِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَقَعْ مَا زَادَ عَنْ جِهَةِ الْقِرَاضِ (وَلَا) يَشْتَرِي (مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمَالِكِ) مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ (بِغَيْرِ إذْنِهِ وَكَذَا زَوْجُهُ) لَا يَشْتَرِيه، بِغَيْرِ إذْنِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ فَعَلَ) أَيْ اشْتَرَى الْقَرِيبَ أَوْ الزَّوْجَ (لَمْ يَقَعْ لِلْمَالِكِ) لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِتَفْوِيتِ الْمَالِ، أَوْ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ. (وَيَقَعُ) الشِّرَاءُ (لِلْعَامِلِ أَنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ) فَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ بَطَلَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الرُّوحِ يُنْظَرُ إلَى تَوَقُّعِ الرِّبْحِ فِي شِرَائِهِ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الْأُنْثَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء: 90] (وَلَا يُسَافِرُ بِالْمَالِ بِلَا إذْنٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ وَالتَّعْرِيضِ لِلتَّلَفِ، فَلَوْ سَافَرَ بِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ ضَمِنَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَإِذَا سَافَرَ بِالْإِذْنِ لَمْ يَجُزْ سَفَرُهُ فِي الْبَحْرِ إلَّا بِنَصٍّ عَلَيْهِ وَمُرَادُهُ الْمِلْحُ. (وَلَا يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ حَضَرًا وَكَذَا سَفَرًا فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ لَهُ نَصِيبًا مِنْ الرِّبْحِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا آخَرَ، وَالثَّانِي يُنْفِقُ مِنْهُ مَا يَزِيدُ بِسَبَبِ السَّفَرِ، كَالْخُفِّ وَالْإِدَاوَةِ قَالَ: فِي الرَّوْضَةِ وَزِيَادَةِ النَّفَقَةِ وَاللِّبَاسِ وَالْكِرَاءِ وَنَحْوِهَا. اهـ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيُحْسَبُ مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ انْقَطَعَ بِالسَّفَرِ عَنْ التَّكَسُّبِ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ فَهُوَ خُسْرَانٌ لِحَقِّ الْمَالِ وَلَوْ شَرَطَ نَفَقَةَ السَّفَرِ فِي الْعَقْدِ صَحَّ عَلَى الثَّانِي، وَفَسَدَ عَلَى الْأَوَّلِ كَشَرْطِ نَفَقَةِ الْحَضَرِ. (وَعَلَيْهِ فِعْلُ مَا يُعْتَادُ كَطَيِّ الثَّوْبِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ (وَوَزْنُ الْخَفِيفِ) بِالرَّفْعِ (كَذَهَبٍ وَمِسْكٍ لَا الْأَمْتِعَةِ الثَّقِيلَةِ) فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَزْنُهَا (وَنَحْوُهُ) بِالرَّفْعِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ أَيْ نَحْوُ وَزْنِهَا، كَحَمْلِهَا وَنَقْلِهَا مِنْ الْخَانِ إلَى الْحَانُوتِ (وَمَا لَا يَلْزَمُهُ لَهُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ) مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَلَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ، فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَمَا يَلْزَمُهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْ فِعْلِهِ فَالْأُجْرَةُ مِنْ مَالِهِ   [حاشية قليوبي] فِي الذِّمَّةِ، وَفُعِلَ وَقَعَ الْكُلُّ لِلْقِرَاضِ وَالزَّائِدُ قَرْضٌ عَلَى الْمَالِكِ، فَلَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ فَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِمَالِ الْقِرَاضِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ آخَرَ، فَالثَّانِي بَاطِلٌ لِلْقِرَاضِ وَيَقَعُ لِلْعَامِلِ إنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الشِّرَاءُ الْأَوَّلُ بِالْعَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ دَفْعَهُ لَهُ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ لَا، وَإِذَا سَلَّمَ الْمَالَ فِي ثَمَنِ الثَّانِي صَارَ ضَامِنًا لَهُ وَإِذَا تَلِفَ حِينَئِذٍ انْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمَالِكِ دَفْعُهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ وَعَلَى الْعَامِلِ مِثْلُهُ فَإِنْ سَلَّمَ الْعَامِلُ مِنْ مَالِهِ الْمِثْلَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ حَصَلَ التَّقَاصُّ، وَإِلَّا بَرِئَ الْمَالِكُ وَبَقِيَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ لِلْمَالِكِ وَالْعَبْدُ الْأَوَّلُ مَالُ قِرَاضٍ نَعَمْ إنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلثَّانِي فِي زَمَنِ خِيَارِ الْأَوَّلِ لَهُ أَوْ لَهُمَا صَحَّ وَكَانَ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ فَتَدَبَّرْ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقَعْ مَا زَادَ عَنْ جِهَةِ الْقِرَاضِ) وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ غَيْرَ ذَلِكَ نَحْوَ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ مُسْتَوْلَدَتِهِ وَبِيعَتْ لِنَحْوِ رَهْنٍ، فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ كَأَصْلِهِ وَفُرُوعِهِ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِهِ) فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ عَتَقَ عَلَى الْمَالِكِ، وَيَرْجِعُ رَأْسُ الْمَالِ لِمَا بَقِيَ إنْ كَانَ وَإِلَّا بَطَلَ الْقِرَاضُ، فَإِنْ كَانَ رِبْحٌ اسْتَقَرَّ لِلْعَامِلِ عَلَى الْمَالِكِ حِصَّتُهُ مِنْهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَالِكُ عَبْدًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، وَخَرَجَ بِالْمَالِكِ الْعَامِلُ، فَلَهُ شِرَاءُ زَوْجِهِ وَمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ وَكَذَا إنْ كَانَ عَلَى مَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا خِلَافُهُ وَالْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ مِلْكِ الْعَامِلِ لِحِصَّتِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ اشْتَرَى) جَاهِلًا كَانَ أَوْ عَالِمًا كَمَا مَرَّ وَفَارَقَ الْوَكِيلُ بِغَرَضِ الرِّبْحِ هُنَا. قَوْلُهُ (لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِتَفْوِيتِ الْمَالِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ شِرَائِهِ لَوْ كَانَ ذِمِّيًّا لِمُصْحَفٍ وَنَحْوِهِ قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لِلْقِرَاضِ وَلَا مِلْكَ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ) وَلَهُ الْبَيْعُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ إلَيْهِ بِمِثْلِ قِيمَةِ الْبَلَدِ الْمَأْذُونِ فِيهِ أَوْ دُونَهَا بِقَدْرٍ يُتَسَامَحُ بِهِ وَيَسْتَمِرُّ مَا قَبَضَهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَعُودَ إلَى الْبَلَدِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِنَصٍّ عَلَيْهِ) أَوْ عَلَى مَحَلٍّ لَا يَصِلُهُ إلَّا بِالسَّفَرِ فِيهِ وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بِهِ الْأَنْهَارَ الْعَظِيمَةَ، وَلَا يَجُوزُ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ وَلَوْ مَعَ الْإِذْنِ إلَّا إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُنْفِقُ) الْأَوْلَى يُمَوِّنُ لِيَشْمَلَ غَيْرَ النَّفَقَةِ أَوْ الْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ الْمُؤْنَةُ، وَخَالَفَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فَجَوَّزَ النَّفَقَةَ وَالصَّدَقَةَ عَلَى الْعَادَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَهُ إلَخْ) لَعَلَّ شَأْنَهُ ذَلِكَ فَيَدْخُلُ مَا لَوْ لَمْ يَرْبَحْ أَوْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مَا يَزِيدُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ قَدْرَ نَفَقَةِ الْحَضَرِ مَمْنُوعَةٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ إلَخْ) أَيْ عَلَى الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَفَسَدَ عَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) عَطْفًا عَلَى فِعْلٍ فَالْوَزْنُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهِ الْعَادَةُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَصَرِيحُ مَا فِي الْمَنْهَجِ خِلَافُهُ، فَيَكُونُ مَجْرُورًا عَطْفًا عَلَى طَيِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ الشَّارِحُ مَا ذُكِرَ لِيَصِحَّ ضَبْطُ الْمُصَنِّفِ نَحْوَهُ بِالرَّفْعِ الْمَعْطُوفَ عَلَى الْأَمْتِعَةِ الْمَرْفُوعَةِ بِالنِّيَابَةِ عَنْ وَزْنٍ الْمُضَافِ إلَيْهَا الْمُقْتَضِي أَنَّ وَزْنَهَا لَيْسَ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَحَمْلِ الْأَمْتِعَةِ مِنْ السُّوقِ إلَى الْحَانُوتِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَيَصِحُّ الْجَرُّ فِيهَا أَيْضًا.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ) وَيَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا، إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ بِهَا مِثْلَ قِيمَةِ الْبَلْدَةِ الْمَأْذُونِ فِيهَا أَوْ أَقَلَّ، بِقَدْرٍ يُتَسَامَحُ بِهِ، وَإِذَا قَبَضَ الثَّمَرَ اسْتَمَرَّ فِي ضَمَانِهِ، وَلَوْ عَادَ إلَى الْبَلْدَةِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (انْقَطَعَ إلَخْ) أَيْ فَأَشْبَهَ الزَّوْجَةَ، وَعَلَيْهِ لَوْ قَامَ فِي بَلَدٍ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ يَتَوَقَّعُ الرِّبْحَ أَنْفَقَ وَلَوْ طَالَ. وَإِذَا رَجَعَ وَمَعَهُ فَضْلُ زَادٍ أَوْ مَاءٍ وَجَبَ رَدُّهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِالْقِسْمَةِ لَا بِالظُّهُورِ) وَالثَّانِي بِالظُّهُورِ لِلرِّبْحِ كَالْمَالِكِ لَكِنَّهُ مِلْكٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ لِاحْتِمَالِ الْخُسْرَانِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ فِيهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ يُورَثُ عَنْهُ، وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ. (وَثِمَارُ الشَّجَرِ وَالنِّتَاجُ وَكَسْبُ الرَّقِيقِ وَالْمَهْرُ الْحَاصِلَةُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ يَفُوزُ بِهَا الْمَالِكُ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ فَوَائِدِ التِّجَارَةِ. (وَقِيلَ) هِيَ (مَالُ الْقِرَاضِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ فَوَائِدِهِ وَعَلَى هَذَا هِيَ مِنْ الرِّبْحِ وَقِيلَ هِيَ شَائِعَةٌ فِي الرِّبْحِ وَرَأْسُ الْمَالِ، وَالنِّتَاجُ يَشْمَلُ وَلَدَ الْبَهِيمَةِ وَالْجَارِيَةِ وَالْمَهْرِ، بِوَطْئِهَا بِشُبْهَةٍ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ وَطْؤُهَا وَلَا تَزْوِيجُهَا. (وَالنَّقْصُ الْحَاصِلُ بِالرُّخْصِ مَحْسُوبٌ مِنْ الرِّبْحِ مَا أَمْكَنَ وَمَجْبُورٌ بِهِ) لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ وَأُلْحِقَ بِهِ النَّقْصُ، بِالْمَرَضِ وَالتَّعَيُّبِ الْحَادِثَيْنِ. (وَكَذَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ) أَيْ مَالُ الْقِرَاضِ (بِآفَةٍ) سَمَاوِيَّةٍ كَحَرِيقٍ. (أَوْ غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ) بِأَنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ أَوْ أَخْذُ بَدَلِهِ (بَعْدَ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ) بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَحْسُوبٌ مِنْ الرِّبْحِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يُحْسَبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَلَّقَ لَهُ بِالتِّجَارَةِ بِخِلَافِ الرُّخْصِ، وَلَيْسَ نَاشِئًا مِنْ نَفْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْمَرَضِ وَالْعَيْبِ. (وَإِنْ تَلِفَ) بِمَا ذُكِرَ. (قَبْلَ تَصَرُّفِهِ) بَيْعًا وَشِرَاءً. (فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَأَكَّدْ بِالْعَمَلِ، وَالثَّانِي مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ بِقَبْضِهِ صَارَ مَالَ قِرَاضٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ جَمِيعُهُ ارْتَفَعَ الْقِرَاضُ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَالْأُجْرَةُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْعَامِلِ، فَلَوْ دَفَعَهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ضَمِنَهَا. قَوْلُهُ: (بِالْقِسْمَةِ) وَمَعَ الْمِلْكِ بِهَا، لَوْ حَصَلَ بَعْدَهَا فِي الْمَالِ خُسْرَانٌ جُبِرَ بِالرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ إلَّا إنْ نَصَّ رَأْسَ الْمَالِ أَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ. قَوْلُهُ: (وَالنِّتَاجُ) الْحَاصِلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فِي مُدَّةِ التَّرَابُصِ لِلْمَالِكِ دَخَلَ فِيهِ الْحَمْلُ، فَهُوَ لِلْمَالِكِ، وَهَلْ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا حَامِلًا رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَهْرُ إلَخْ) نَعَمْ الْمَهْرُ الْحَاصِلُ بِوَطْءِ الْعَامِلِ مَالُ قِرَاضٍ رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِفِعْلِهِ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ إنْ عَلِمَ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ، وَهُوَ مَالُ قِرَاضٍ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا حَدَّ وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ قَالَ: وَالِدُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ يَكُونُ مَالَ قِرَاضٍ أَيْضًا وَخَالَفَهُ وَلَدُهُ فِيهَا وَمَالَ شَيْخُنَا لِلْأَوَّلِ: وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَالْمَهْرُ بِوَطْئِهَا بِشُبْهَةٍ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فَإِنْ أُرِيدَ مِنْهَا فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَلَيْسَتْ الشُّبْهَةُ قَيْدًا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالصُّوفُ وَالشَّعْرُ وَنَحْوُهُ كَالثَّمَرَةِ يَفُوزُ بِهَا الْمَالِكُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ وَطْؤُهَا) وَيَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ إلَّا حِصَّةُ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ إنْ حَصَلَ اسْتِيلَادٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ حُرٌّ نَسِيبٌ، وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكُ بِوَطْئِهِ مَهْرٌ، وَلَا حِصَّةُ الْعَامِلِ مِنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ، وَمِنْ الزَّوَائِدِ أَيْضًا أُجْرَةُ الْأَرَاضِي وَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا، فَهِيَ لِلْمَالِكِ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعْمِلُ لَهَا هُوَ الْعَامِلُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ اسْتِعْمَالُ نَحْوِ دَوَابِّ الْقِرَاضِ فَإِنْ خَالَفَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ سِوَى الْإِثْمِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَاصِلَةِ الْحَادِثَةُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ، فَلَوْ اشْتَرَى حَامِلًا. فَالْحَمْلُ مَالُ قِرَاضٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَزْوِيجُهَا) وَكَذَا لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) خَرَجَ غَيْرُهَا وَسَيَأْتِي فِي إتْلَافِ جَمِيعِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تَعَذَّرَ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ مَا ذَكَرَ، فَالْقِرَاضُ مُسْتَمِرٌّ فِيهِ أَوْ فِي بَدَلِهِ وَالْخَصْمُ فِيهِ الْمَالِكُ إنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ وَإِلَّا فَالْعَامِلُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ تَصَرُّفِ الْعَامِلِ) شَامِلٌ لِمَا بِالْعَيْنِ فِي الذِّمَّةِ، وَبِالْجَمِيعِ أَوْ الْبَعْضِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ فَإِنْ تَلِفَ بِغَيْرِهَا فَفِيهِ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ جَمِيعُهُ) أَيْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَإِنْ أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ فَكَذَلِكَ أَوْ بِأَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ بَدَلُهُ بَقِيَ فِيهِ الْقِرَاضُ وَكَذَا إتْلَافُ الْعَامِلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِتْلَافُ بَعْضِهِ كَإِتْلَافِ جَمِيعِهِ. فِيمَا ذُكِرَ وَالْمُرَادُ بِإِتْلَافِ الْعَامِلِ مَا يَشْمَلُ إتْلَافَهُ بِتَفْرِيطِهِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ عَلَى وَرَثَةِ الْعَامِلِ بَعْدَ مَوْتِهِ تَفْرِيطَ مُوَرِّثِهِمْ حَلَفُوا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَوْ أَنَّهُمْ فَرَّطُوا حَلَفُوا عَلَى عَدَمِهِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ مَالُ الْقِرَاضِ، وَلَا مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ بَدَلَهُ، فَلَا ضَمَانَ. فَرْعٌ: لَوْ جُنِيَ عَلَى عَبْدِ الْقِرَاضِ قَبْلَ ظُهُورِ رِبْحٍ، فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَقْتَصَّ وَأَنْ يَعْفُوَ وَلَوْ مَجَّانًا أَوْ بَعْدَ ظُهُورِهِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ وَالْعَفْوُ، وَيَسْقُطُ بِعَفْوِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ مَجَّانًا، وَمَنْ عَفَا مِنْهُمَا بِبَدَلٍ فَهُوَ مَا يَسْتَحِقُّهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْقِسْمَةِ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَبْلَ فَسْخِ الْعَقْدِ لَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (كَالْمَالِكِ) أَيْ وَقِيَاسًا عَلَى الْمُسَاقَاةِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَفُوزُ بِهَا) كَذَلِكَ الدَّوَابُّ وَالْأَرَاضِي. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَامِلِ وِلَايَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ. فَرْعٌ: لَوْ اسْتَعْمَلَ الْعَامِلُ دَوَابَّ الْقِرَاضِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِلْمَالِكِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهَا إلَّا لِغَرَضِ الْقِرَاضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ مَالُ قِرَاضٍ) هَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَهُمْ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ إنَّهَا مَالُ تِجَارَةٍ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيَحْتَاجُ الرَّافِعِيُّ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، قَالَ: وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ النَّظَرَ فِي الزَّكَاةِ إلَى عَيْنِ النِّصَابِ وَقَدْ تَوَلَّدَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى هَذَا هِيَ مِنْ الرِّبْحِ) هُوَ مُرَجَّحُ الْغَزَالِيِّ، قَالَ السُّبْكِيُّ. وَكَلَامُ التَّهْذِيبِ يُوَافِقُهُ. قَوْلُهُ: (وَالنِّتَاجُ) يَشْمَلُ وَلَدَ الْبَهِيمَةِ، لَكِنْ لَوْ اشْتَرَاهَا حَامِلًا فَيَظْهَرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْفَلَسِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ وَطْؤُهَا إلَخْ) فَلَوْ وَطِئَهَا فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ بِسَبَبِ ذَلِكَ. فَرْعٌ: لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ اسْتِعْمَالُ دَوَابِّ الْقِرَاضِ إلَّا بِإِذْنِ الْعَامِلِ، فَإِنْ خَالَفَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى الْإِثْمِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَخَذَ بَدَلَهُ) أَيْ وَإِلَّا فَيُؤْخَذُ وَالْقِرَاضُ مُسْتَمِرٌّ كَمَا كَانَ، ثُمَّ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ كَانَتْ الْمُخَاصَمَةُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِلَّا فَلِلْمَالِكِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَالشِّرَاءُ) هِيَ بِمَعْنَى أَوْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) الرَّاجِحُ فِي التَّلَفِ بِآفَةٍ طَرِيقَةُ الْقَطْعِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْغَاصِبُ وَالسَّارِقُ مِمَّا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ كَالْحَرْبِيِّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 فَصْلٌ: لِكُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (فَسْخُهُ) أَيْ الْقِرَاضُ مَتَى شَاءَ (وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ انْفَسَخَ) كَالْوَكَالَةِ (وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ الِاسْتِيفَاءُ) لِلدَّيْنِ (إذَا فَسَخَ أَحَدُهُمَا وَتَنْضِيضُ رَأْسِ الْمَالِ إنْ كَانَ) الْمَالُ (عَرَضًا) بِأَنْ يَبِيعَهُ بِنَقْدٍ (وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ التَّنْضِيضُ إنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِيهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ فِي عُهْدَةٍ أَنْ يَرُدَّ الْمَالَ كَمَا أَخَذَ ثُمَّ، مَا اسْتَوْفَاهُ أَوْ نَضَّضَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ، حَصَّلَهُ بِهِ وَتَقْيِيدُ التَّنْضِيضِ بِرَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ حُكْمُ عَرَضٍ مُشْتَرَكٍ فِيهِ، اثْنَانِ لَا يُكَلَّفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، بَيْعُهُ. (لَوْ) (اسْتَرَدَّ الْمَالِكُ بَعْضَهُ) أَيْ الْمَالِ (قَبْلَ ظُهُورِ رِبْحِ وَخُسْرَانٍ رَجَعَ رَأْسُ الْمَالِ إلَى الْبَاقِي) بَعْدَ الْمُسْتَرَدِّ (وَإِنْ اسْتَرَدَّ بَعْدَ الرِّبْحِ، فَالْمُسْتَرَدُّ شَائِعٌ رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ) عَلَى النِّسْبَةِ الْحَاصِلَةِ لَهُ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا (مِثَالُ رَأْسِ الْمَالِ مِائَةٌ وَالرِّبْحُ عِشْرُونَ وَاسْتَرَدَّ عِشْرِينَ فَالرِّبْحُ سُدُسُ الْمَالِ) جَمِيعُهُ (فَيَكُونُ الْمُسْتَرَدُّ سُدُسُهُ) بِالرَّفْعِ (مِنْ الرِّبْحِ) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ (فَيَسْتَقِرُّ لِلْعَامِلِ الْمَشْرُوطُ مِنْهُ) وَهُوَ وَاحِدٌ وَثُلُثَانِ، إنْ شُرِطَ لَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ، حَتَّى لَوْ عَادَ مَا فِي يَده إلَى ثَمَانِينَ، لَمْ يَسْقُطْ مَا اسْتَقَرَّ لَهُ. (وَبَاقِيه) أَيْ الْمُسْتَرَدُّ وَهُوَ سِتَّةُ عَشَرَ وَثُلُثَانِ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) فَيَعُودُ إلَى ثَلَاثَةٍ وَثَمَانِينَ وَثُلُثٍ. (وَإِنْ اسْتَرَدَّ بَعْدَ الْخُسْرَانِ، فَالْخُسْرَانُ مُوَزَّعٌ عَلَى الْمُسْتَرَدِّ، وَالْبَاقِي فَلَا يَلْزَمُ جَبْرُ حِصَّةِ الْمُسْتَرَدِّ، لَوْ رَبِحَ بَعْدَ ذَلِكَ. مِثَالُهُ الْمَالُ مِائَةٌ وَالْخُسْرَانُ عِشْرُونَ ثُمَّ اسْتَرَدَّ عِشْرِينَ فَرُبْعُ الْعِشْرِينَ) بِالْخُسْرَانِ. (حِصَّةُ الْمُسْتَرَدِّ) مِنْهُ فَكَأَنَّهُ اسْتَرَدَّ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ. (وَيَعُودُ رَأْسُ الْمَالِ إلَى خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ) فَلَوْ بَلَغَ ثَمَانِينَ قُسِمَتْ الْخَمْسَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إنْ شَرَطَ الْمُنَاصَفَةَ (وَيُصَدَّقُ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَرْبَحْ) شَيْئًا (أَوْ لَمْ أَرْبَحْ إلَّا كَذَا) .   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَوْنِ عَقْدِ الْقِرَاضِ جَائِزًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْقِرَاضُ، وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَالِكِ) وَمِنْ فَسْخِهِ أَنْ يَقُولَ لِلْعَامِلِ لَا تَتَصَرَّفْ، وَإِعْتَاقُهُ وَاسْتِيلَادُهُ وَاسْتِرْدَادُهُ الْمَالَ، وَمِنْهُ لَا قِرَاضَ بَيْنَنَا كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الْمَالِكَ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يَبِيعَ وَيَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ، وَلَوْ مَاتَ الْعَامِلُ، لَمْ يَتَصَرَّفْ وَارِثُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَإِنْ امْتَنَعَ فَبِأَمِينٍ حَاكِمٍ، وَلَا يَبِيعُ الْعَامِلُ هُنَا إلَّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ) أَيْ إنْ طَلَبَ الْمَالِكُ، أَوْ كَانَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ، وَيَجُوزُ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَالِكُ وَيَمْتَنِعُ إنْ مَنَعَهُ، وَيُعْمَلُ بِتَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ فِي الْعُرُوضِ وَلَوْ تَرَكَ الْعَامِلُ حَقَّهُ لِيَخْلُصَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ الْمَالِكَ الْقَبُولُ، وَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يُعْطِيَ لِلْعَامِلِ حِصَّتَهُ نَاضًّا أُجِيبَ فَإِنْ تَوَقَّعُوا رِبْحًا أُجِيبَ الْعَامِلُ. قَوْلُهُ: (لِلدَّيْنِ) أَيْ لِجَمِيعِهِ، وَلَوْ الرِّبْحَ أَوْ لَمْ يَكُنْ رِبْحًا. قَوْلُهُ: (إذَا فَسَخَ) أَوْ انْفَسَخَ بِجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ وَلِوَلِيِّهِمَا تَقْرِيرُ الْقِرَاضِ مَعَ الْعَامِلِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ تَقْرِيرُ وَرَثَةِ الْعَامِلِ عَلَى الْقِرَاضِ بَلْ وَلَا يَصِحُّ إلَّا إنْ كَانَ الْمَالُ نَاضًّا؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ قِرَاضٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الزَّائِدَ إلَخْ) نَعَمْ إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِانْفِرَادِهِ، وَجَبَ بَيْعُ الْكُلِّ، وَلَوْ طَلَبَ الْمَالِكُ قِيمَتَهُ عُرُوضًا أُجِيبَ، أَوْ طَلَبَ الْقِيمَةَ وَلَا رَاغِبَ فَكَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (شَائِعٌ) أَيْ إنْ أُخِذَ بِغَيْرِ رِضَا الْعَامِلِ أَوْ بِهِ، وَلَمْ يُصَرِّحَا بِأَنَّهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ الرِّبْحِ وَإِلَّا اخْتَصَّ بِمَا خَصَّصَاهُ بِهِ، وَنِيَّتُهُمَا إنْ اتَّفَقَتْ كَالتَّصْرِيحِ، وَإِلَّا فَكَالْأَخْذِ بِلَا إذْنٍ وَيَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِمَّا فِي يَدِهِ عَلَى الْإِشَاعَةِ فِيمَا إذَا خَصَّصَاهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِيمَا أَخَذَهُ بِلَا رِضًا، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ الْعَامِلُ بِالظُّهُورِ، وَعَلَى الْإِشَاعَةِ تَكُونُ حِصَّتُهُ لِلْعَامِلِ قَرْضًا عَلَى الْمَالِكِ وَقِيلَ هِبَةً قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعَلَى كَوْنِهِ قَرْضًا أَوْ هِبَةً. فَفِي مَنْعِ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيَسْتَقِرُّ لِلْعَامِلِ إلَخْ) وَلَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِهِ مِمَّا فِي يَدِهِ كَمَا اسْتَقَلَّ الْمَالِكُ بِالْأَخْذِ وَفَارَقَ الشَّرِيكَ بِمَنْعِهِ مِنْ الْأَخْذِ مِنْ الْمُشْتَرَكِ ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ: (فَيَعُودُ) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (الْخُسْرَانُ) مِنْهُ رِخَصٌ وَعَيْبٌ وَتَلَفٌ بِآفَةٍ أَوْ شِبْهُ غَصْبٍ وَتَعَذُّرُ أَخْذِ بَدَلِهِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَيْسَ مِنْهُ رُجُوعُ النَّقْدِ إلَى مِقْدَارٍ قَلِيلٍ وَلَوْ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ. قَوْلُهُ: (وَيُصَدَّقُ الْعَامِلُ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يُقِرَّ قَبْلَهُ بِمَا يُخَالِفُ دَعْوَاهُ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا لَكِنْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمَالِكِ، وَلَا يَخْرُجُ الْعَامِلُ بِذَلِكَ عَنْ أَمَانَتِهِ.   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ فَسْخُهُ أَيْ الْقِرَاضُ] فَصْلٌ: لِكُلٍّ فَسْخُهُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ) قَالَ الرَّافِعِيُّ يُطْلَبُ الْمَالِكُ، لَكِنْ ذَكَرَهُ فِي التَّنْضِيضِ وَالِاسْتِيفَاءُ مِثْلُهُ. تَنْبِيهٌ: عَلَّلَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ مِلْكًا تَامًّا فَلْيَرُدَّهُ كَمَا أَخَذَهُ، وَالدَّيْنُ مِلْكٌ نَاقِصٌ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَسْتَوْفِي قَدْرَ رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ كَالتَّنْضِيضِ، لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ بِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي الْجَمِيعَ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) اقْتَضَى أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ وَاجِبٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إلَخْ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِ غَيْرِهِ لِئَلَّا نُوجِبَ عَلَيْهِ عَمَلًا بِلَا مُقَابِلٍ. قَوْلُهُ: (فَيَعُودُ إلَخْ) أَيْ وَيَكُونُ حِصَّةُ الْعَامِلِ الَّتِي اسْتَقَرَّتْ فِي جُمْلَةِ الْعِشْرِينَ الَّتِي أَخَذَهَا الْمَالِكُ يَأْخُذُهَا مِنْهَا، أَوْ مِمَّا فِي يَدِهِ هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ فِي كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ قَالَ: إنَّ حِصَّةَ الْعَامِلِ تَكُونُ فِي الَّذِي اسْتَرَدَّهُ الْمَالِكُ إنْ بَقِيَ، وَفِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ إنْ تَلِفَ. قَالَ: وَكَلَامُ الْبَسِيطِ يُفْهِمُ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِ الْعَامِلِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا الْمَشْرُوطُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 لِمُوَافَقَتِهِ فِيمَا نَفَاهُ لِلْأَصْلِ (أَوْ اشْتَرَيْت هَذَا لِلْقِرَاضِ) وَإِنْ كَانَ خَاسِرًا (أَوْلَى) وَكَانَ رَابِحًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ (أَوْ لَمْ تَنْهَنِي عَنْ شِرَاءِ كَذَا) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّهْيِ (وَفِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دَفْعِ الزَّائِدِ عَلَى مَا قَالَهُ (وَدَعْوَى التَّلَفِ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ فَإِنْ ذُكِرَ سَبَبُهُ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ (وَكَذَا دَعْوَى الرَّدِّ) عَلَى الْمَالِكِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ كَالْمُودِعِ وَالثَّانِي لَا كَالْمُرْتَهِنِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَبَضَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَتِهِ وَالْعَامِلُ قَبَضَ لِمَنْفَعَةِ الْمَالِكِ وَانْتِفَاعِهِ بِالْعَمَلِ (وَلَوْ) (اخْتَلَفَا فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ) كَأَنْ قَالَ شَرَطْت لِي النِّصْفَ وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ الثُّلُثَ (تَحَالَفَا) كَاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ (وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِعَمَلِهِ وَلِلْمَالِكِ الرِّبْحُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهَلْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالتَّحَالُفِ أَمْ بِالْفَسْخِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ. كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ هِيَ أَنْ يُعَامِلَ إنْسَانًا عَلَى شَجَرَةٍ لِيَتَعَهَّدَهَا بِالسَّقْيِ وَالتَّرْبِيَةِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ثَمَرٍ يَكُونُ بَيْنَهُمَا وَالْأَصْلُ فِيهَا مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ» (تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) لِنَفْسِهِ (وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ بِالْوِلَايَةِ) عَلَيْهِمَا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَوْلَى) نَعَمْ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَلَا يَقَعُ لِلْقِرَاضِ عَلَى الْأَرْجَحِ مِنْ وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ تَنْهَنِي إلَخْ) أَيْ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْإِذْنِ مِنْهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ صُدِّقَ الْمَالِكُ. قَوْلُهُ: (وَدَعْوَى التَّلَفِ) وَكَذَا فِيمَا لَوْ قَالَ: رَدَدْت لَهُ الْمَالَ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَهَذَا الَّذِي فِي يَدَيْ حِصَّتِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ خَالَفَ الْأَصَحَّ فِي الشَّرِكَةِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ: الْعَامِلُ إنَّهُ قِرَاضٌ، وَالْمَالِكُ إنَّهُ قَرْضٌ صُدِّقَ الْعَامِلُ قَبْلَ تَلَفِ الْمَالِ، وَالْمَالِكُ بَعْدَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ قَرْضٌ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَانْتِفَاعُهُ بِالْعَمَلِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ أَيْ حَاصِلٌ بِهِ. قَوْلُهُ: (تَحَالَفَا) وَيَتَّجِهُ الْبُدَاءَةُ بِالْمَالِكِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَالُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَمُدَّعَى الْعَامِلِ أَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَلَا تَحَالُفَ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ صُدِّقَ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ أَوْ فِي أَنَّهُ وَكِيلٌ، أَوْ مُقَارِضٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ، وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِلْعَامِلِ. قَوْلُهُ: (حُكْمُ الْبَيْعِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَيَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ مَأْخُوذَةٌ لُغَةً مِنْ السَّقْيِ بِسُكُونِ الْقَافِ لِاحْتِيَاجِهَا إلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ أَعْمَالِهَا أَوْ مِنْ السَّقِيِّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ وَنُسِبَتْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهَا وَالْعِنَبُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ النَّخْلَ أَفْضَلُ مِنْ الْعِنَبِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (هِيَ) أَيْ شَرْعًا أَنْ يُعَامِلَ إلَخْ فَأَرْكَانُهَا سِتَّةٌ: صِيغَةٌ، وَعَاقِدَانِ وَعَمَلٌ وَثَمَرٌ وَمَوْرِدٌ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْقِرَاضِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِيهَا إلَخْ) وَجَوَّزَهَا مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ الْمُجْمِعِ عَلَيْهِ وَمَنَعَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَجَابَ عَنْ الْخَبَرِ. بِأَنَّ مُعَامَلَةَ الْكَفَّارَةِ يُحْتَمَلُ فِيهَا الْجَهَالَةُ وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ وَلِأَجْلِ هَذَا الْخِلَافِ قُدِّمَ الْقِرَاضُ عَلَيْهَا، وَقِيلَ إنَّهَا أَصْلٌ لِلْقَرْضِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَمَّا دَعَتْ إلَيْهَا بِكَوْنِ الْمَالِكِ قَدْ لَا يُحْسِنُ التَّعَهُّدَ وَمَنْ يُحْسِنُهُ قَدْ لَا يَمْلِكُ أَشْجَارًا فَجُوِّزَتْ. وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْقِرَاضِ فَجُوِّزَ أَيْضًا وَقَدْ يُقَالُ إنَّهَا لَمَّا أَخَذَتْ شَبَهًا مِنْ الْقِرَاضِ وَشَبَهًا مِنْ الْإِجَارَةِ جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ) وَفِي رِوَايَةٍ دَفَعَ إلَى يَهُودِ خَيْبَرَ أَرْضَهَا وَنَخْلَهَا، فَالْمُرَادُ بِالثَّمَرِ ثَمَرُ النَّخْلِ. قَوْلُهُ: (أَوْ زَرْعٍ) هُوَ الْمُزَارَعَةُ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ إلَخْ) أَيْ مَعَ مِثْلِهِ إذْ يُشْتَرَطُ فِي الْعَاقِدَيْنِ مَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (لِنَفْسِهِ) ذَكَرَهُ لِبَيَانِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مِمَّا بَعْدَهُ وَلِدَفْعِ إيرَادِ أَنَّ الْوَلِيَّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ. قَوْلُهُ (وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَمِثْلِهِمَا السَّفِيهُ وَفِي مَعْنَى الْوَلِيِّ   [حاشية عميرة] مِنْهُ يَرْجِعُ لِلْمَالِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، مِثَالُهُ الْمَالُ مِائَةٌ، وَالْخُسْرَانُ عِشْرُونَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا دَعْوَى) لَوْ قَالَ: رَدَدْت لَهُ الْمَالَ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَهَذَا الَّذِي فِي يَدِي حِصَّتِي. قَالَ الْإِمَامُ: صُدِّقَ وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُمْ صَحَّحُوا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ عَدَمَ التَّصْدِيقِ. فَرْعٌ: اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ، صُدِّقَ الْعَامِلُ أَوْ فِي أَنَّهُ وَكِيلٌ أَوْ مُقَارِضٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ، وَلَا أُجْرَةَ لِلْعَامِلِ، وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فَادَّعَى الْمَالِكُ الْقَرْضَ لَيَجِبَ عَلَيْهِ مِثْلُهُ، وَالْآخِذُ الْقِرَاضَ صُدِّقَ الْآخِذُ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَابْنُ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَفِي الْمُرَجَّحِ مِنْهُمَا وَجْهَانِ. قَالَ فِي الْخَادِمِ، الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ بَيِّنَةِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي سُقُوطَ الضَّمَانِ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِقَبْضِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى مَا يَدَّعِيه الْعَامِلُ. [كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) أَيْ لَا تَصِحُّ إلَّا مِنْهُ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) أَيْ عَلَى وَفْقِ الْمَصْلَحَةِ، وَمَا اعْتَادَ النَّاسُ الْآنَ مِنْ الرَّفْعِ فِي أُجْرَةِ الْأَرْضِ وَتَقْلِيلِ الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ لِلْمَالِكِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: يَجُوزُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ أَيْضًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّمَا يَتَّجِهُ إذَا نَزَّلْنَا الْكُلَّ مَنْزِلَةَ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَعِيدٌ. وَنَبَّهَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ: وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْمَلِكَ، وَالْوِلَايَةَ وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَشَارَ إلَى الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ: لِنَفْسِهِ، ثُمَّ لَوْ قَالَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ: لِيَشْمَلَ السَّفِيهَ كَانَ أَوْلَى. فَرْعٌ: مِثْلُ الْوَلِيِّ نَاظِرُ الْوَقْفِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 (وَمَوْرِدُهَا) فِي الْأَصْلِ (النَّخْلُ) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ (وَالْعِنَبُ) ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّخْلِ (وَجَوَّزَهَا الْقَدِيمُ فِي سَائِرِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ) كَالتِّينِ وَالتُّفَّاحِ وَالْمِشْمِشِ لِلْحَاجَةِ وَالْجَدِيدُ الْمَنْعُ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا تَنْمُو مِنْ غَيْرِ تَعَهُّدٍ بِخِلَافِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَعَلَى الْمَنْعِ لَوْ كَانَتْ بَيْنَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَعَلَى الْمَنْعِ لَوْ كَانَتْ بَيْنَ النَّخْلِ أَوْ الْعِنَبِ فَسَاقَى عَلَيْهَا مَعَهُ تَبَعًا فَفِيهَا وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ ذَكَرَهُ فِي آخِرِ بَابِ الْمُزَارَعَةِ وَالشَّجَرُ مَا لَهُ سَاقٌ وَمَا لَا يُثْمِرُ مِنْهُ كَالصَّنَوْبَرِ لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِ الشَّجَرِ كَالْبِطِّيخِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الشَّجَرَةُ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا مَرْئِيَّةً مُعَيَّنَةً فَلَا تَجُوزُ عَلَى أَحَدِ الْبَسَاتِينِ الْمَرْئِيِّينَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ (وَلَا تَصِحُّ الْمُخَابَرَةُ وَهِيَ عَمَلُ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَالْبَقَرُ مِنْ الْعَامِلِ وَلَا الْمُزَارَعَةُ وَهِيَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ وَالْبَذْرُ مِنْ الْمَالِكِ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ «نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ» وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ثَابِتٍ بْنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ الْمُزَارَعَةِ» (فَلَوْ) (كَانَ بَيْنَ النَّخْلِ بَيَاضٌ) أَيْ أَرْضٌ خَالِيَةٍ مِنْ الزَّرْعِ وَغَيْرِهِ (صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ عَلَيْهِ مَعَ الْمُسَاقَاةِ عَلَى النَّخْلِ) تَبَعًا لَهُ لِعُسْرِ الْإِفْرَادِ وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ مُعَامَلَةُ أَهْلِ خَيْبَرَ السَّابِقَةُ وَمِثْلُ النَّخْلِ فِيمَا ذُكِرَ الْعِنَبُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ (بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْعَامِلِ) أَيْ أَنْ يَكُونَ عَمَلُ الْمُزَارَعَةِ هُوَ عَامِلُ الْمُسَاقَاةِ (وَعُسْرُ إفْرَادِ النَّخْلِ بِالسَّقْيِ وَالْبَيَاضِ بِالْعِمَارَةِ) أَيْ الزِّرَاعَةِ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِالتَّعَذُّرِ قَالَ فَإِنْ أَمْكَنَ الْإِفْرَادُ لَمْ تَجُزْ الْمُزَارَعَةُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُفْصَلَ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ   [حاشية قليوبي] نَاظِرُ الْوَقْفِ فِي بَسَاتِينِهِ وَالْإِمَامُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَفِيمَا لَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصْلِ) سَيَأْتِي مَفْهُومُهُ، وَلَوْ أَخَّرَ الشَّارِحُ لَفْظَ الْأَصْلِ عَنْ النَّخْلِ لَكَانَ وَاضِحًا. قَوْلُهُ: (فِي النَّخْلِ) وَلَوْ ذُكُورًا. قَوْلُهُ: (جَوَّزَهَا الْقَدِيمُ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٍ وَأَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ وَحَمَلَهُ الْجَدِيدُ عَلَى النَّخْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُطْلَقِ، وَالْمُقَيَّدِ نَظَرًا لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ الْمُصَرِّحِ بِالنَّخْلِ لَا مِنْ بَابِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَالْمُرَادُ بِالْمُثْمِرَةِ مَا شَأْنُهَا الْإِثْمَارُ وَأَفْضَلُ الْأَشْجَارِ النَّخْلُ ثُمَّ الْعِنَبُ وَثَمَرُهُمَا مِثْلُهُمَا وَفَضْلُ النَّخْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ طِينَةِ آدَمَ؛ وَلِأَنَّهُ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِإِكْرَامِهِ؛ وَلِأَنَّهُ الشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ فِي الْقُرْآنِ، وَلَيْسَ فِي الْأَشْجَارِ مَا فِيهِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى غَيْرُهُ. كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ، وَلَيْسَ فِي الشَّجَرِ مَا يَحْتَاجُ إنَاثُهُ إلَى ذُكُورِهِ غَيْرُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّلْقِيحُ مِنْ حَيْثُ تَصَوُّرُهُ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ كَرْمًا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وَقَالَ غَيْرُهُ لِإِمْكَانِ اتِّخَاذِ الْخَمْرِ مِنْهَا، وَقَدْ وَرَدَ الْكَرْمُ بِسُكُونِ الرَّاءِ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ وَقَدْ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْكَرِيمِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يَأْتِي فِي الْمُزَارَعَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَا لَا يُثْمِرُ) أَيْ مَا لَا يُقْصَدُ ثَمَرُهُ وَمِنْهُ السَّنْطُ وَالْأَثْلُ. قَوْلُهُ: (لَا تَجُوزُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَبَعًا، وَغَيْرُ الشَّجَرِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَطَفَهُ عَلَيْهِ، وَفِي كَلَامِ السَّنْبَاطِيِّ مَا يُفِيدُ الْجَوَازَ تَبَعًا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (مَرْئِيَّةً) فَلَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ الْأَعْمَى، وَفَارَقَ صِحَّةَ شَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهَا تَوْكِيلٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَجُوزُ إلَخْ) هُوَ مُحْتَرَزُ مُعَيَّنَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ) أَيْ فِي الْعَقْدِ وَلَا يَكْفِي التَّعْيِينُ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ، وَالرِّبْحَ مُتَأَخِّرٌ وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ الْقِرَاضِ عَلَى إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ إذَا عُيِّنَتْ فِي الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَصِحُّ الْمُخَابَرَةُ) وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْخَبِيرِ أَنَّ الزِّرَاعَ وَهِيَ اسْمٌ شَرْعِيٌّ بِمَا ذُكِرَ فِيهَا، وَيَضْمَنُ الْعَامِلُ أُجْرَةَ الْأَرْضِ إنْ أَخَّرَ حَتَّى فَاتَ الزَّرْعُ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ إفْتَاءُ النَّوَوِيِّ بِالضَّمَانِ فِي الْمُزَارَعَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا الْمُزَارَعَةُ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ وَلَا يَضْمَنُ الْعَامِلُ فِيهَا أُجْرَةُ الْأَرْضِ وَإِذَا أَخَّرَ حَتَّى فَاتَ الزَّرْعُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَإِذَا وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ مَعَ صِحَّةِ الْعَقْدِ كَمَا يَأْتِي ضَمِنَ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ الْحِفْظَ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ النَّخْلِ) وَكَذَا بِجَانِبَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عُسْرِ الْإِفْرَادِ. قَوْلُهُ: (أَيْ أَرْضٌ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِحَقِيقَةِ الْبَيَاضِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ فَيَشْمَلُ الزَّرْعَ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَمِنْهُ الْبِطِّيخُ، وَقَصَبُ السُّكَّرِ وَنَحْوُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَذْرَ فِيهَا كَانَ مِنْ الْمَالِكِ وَلَوْ سَكَتَ عَلَى الْبَيَاضِ فِي الْمُسَاقَاةِ لَمْ يَجُزْ زَرْعُهُ، وَجَوَّزَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ إذَا كَانَ قَلِيلًا وَلَوْ شُرِطَ فِي الْمُزَارَعَةِ الْبَقَرُ عَلَى الْعَامِلِ صَحَّ، وَكَأَنَّ الْمَالِكَ اكْتَرَاهُ، وَبَقَرَهُ. قَوْلُهُ: (صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ) وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يَزْرَعُهُ وَفَارَقَ الْإِجَارَةَ بِأَنَّ الْمَالِكَ هُنَا شَرِيكٌ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ إلَخْ) فَالْمُرَادُ بِالِاتِّحَادِ عَدَمُ اسْتِقْلَالِ الْمُزَارَعَةِ بِعَامِلٍ، وَالْمُسَاقَاةِ بِعَامِلٍ لَا عَدَمَ تَعَدُّدِهِ. قَوْلُهُ: (وَعُسْرِ) هُوَ الْمُعْتَبَرُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ التَّعَذُّرُ الَّذِي فِي عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا تُقَدَّمَ الْمُزَارَعَةُ) بِأَنْ يُقَدِّمَ الْمُسَاقَاةَ أَوْ يَجْمَعَهُمَا مَعًا نَحْوُ عَامَلْتُك عَلَى الشَّجَرِ، وَالْبَيَاضِ بِكَذَا. وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِثَالٌ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَوْرِدُهَا النَّخْلُ) هُوَ شَامِلٌ لِفُحُولِ النَّخْلِ وَلَوْ مُنْفَرِدَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْعِنَبُ) خَرَجَ غَيْرُهُمَا وَلَوْ مَوْزًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي سَائِرِ الْأَشْجَارِ) أَيْ لِإِطْلَاقِ حَدِيثِ خَيْبَرَ السَّابِقِ. وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلِ، وَحَمْلُهُ الْجَدِيدَ عَلَى النَّخْلِ لِلرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الْمُصَرِّحَةِ بِهِ لَا يُقَالُ هَذَا مِنْ بَابِ ذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْعَامِّ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ حُجِّيَّةَ عُمُومِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ بِكَوْنِهِ مِنْ لَفْظِ الرَّاوِي. فَائِدَةٌ: هَذَا الْقَدِيمُ قَالَ بِهِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ) قَيَّدَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْقَلِيلِ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ مَجِيءَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي تَبَعِيَّةِ الْمُزَارَعَةِ لِلْمُسَاقَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهِيَ عَمَلُ الْأَرْضِ إلَخْ) أَيْ عَقْدٌ عَلَى عَمَلِ الْأَرْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ) أَيْ إذَا كَانَتْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ يُمْكِنُ الزَّرْعُ فِيهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) لَوْ قَالَ: عَامَلْتُك عَلَى الشَّجَرِ وَالْأَرْضِ بِكَذَا، كَانَ هَذَا اللَّفْظُ كَافِيًا؛ لِأَنَّهُ صَالِحٌ لَهُمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ، وَحُكِيَ فِيهِ الِاتِّفَاقُ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَقِبَ الْمُسَاقَاةِ يُخَالِفُ هَذَا، وَلَيْسَ مُرَادًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 فِي الْعَقْدِ (وَأَنْ لَا تُقَدَّمَ الْمُزَارَعَةُ) بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَقِبَ الْمُسَاقَةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَالثَّانِي يَجُوزُ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا لِحُصُولِهِمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمُزَارَعَةِ، وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً إنْ سَاقَاهُ بَعْدَهَا بَانَ صِحَّتُهَا وَإِلَّا فَلَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ كَثِيرَ الْبَيَاضِ كَقَلِيلِهِ) فِي صِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ عَلَيْهِ لِلْحَاجَةِ وَالثَّانِي قَالَ الْكَثِيرُ لَا يَكُونُ تَابِعًا، وَالنَّظَرُ فِي الْكَثِيرِ إلَى زِيَادَةِ النَّمَاءِ، أَوْ إلَى سَاحَةِ الْبَيَاضِ، وَمَغَارِسِ الشَّجَرِ وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ) فَيَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ الْعَامِلُ نِصْفَ الثَّمَرِ وَرُبْعَ الزَّرْعِ، وَالثَّانِي قَالَ التَّفْصِيلُ يُزِيلُ التَّبَعِيَّةَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَابَرَ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ) لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ وَالثَّانِي قَاسَهُ عَلَى الْمُزَارَعَةِ (فَإِنْ أُفْرِدَتْ أَرْضٌ بِالْمُزَارَعَةِ فَالْمُغَلُّ لِلْمَالِكِ وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَدَوَابِّهِ وَآلَاتِهِ، وَطَرِيقُ جَعْلِ الْغَلَّةِ لَهُمَا، وَلَا أُجْرَةَ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ) شَائِعًا. (لِيَزْرَعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ) مِنْ الْأَرْضِ (وَيُعِيرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ) شَائِعًا (أَوْ يَسْتَأْجِرَهُ بِنِصْفِ الْبَذْرِ وَنِصْفِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ) شَائِعًا (لِيَزْرَع) لَهُ (النِّصْفَ الْآخَرَ) مِنْ الْبَذْرِ (فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مِنْ الْأَرْضِ) فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ، الْمُغَلِّ شَائِعًا وَإِنْ أُفْرِدَتْ أَرْضٌ بِالْمُخَابَرَةِ، فَالْمُغَلُّ لِلْعَامِلِ وَلِمَالِكِ الْأَرْضِ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا. وَطَرِيقُ جَعْلِ الْغَلَّةِ لَهُمَا، وَلَا أُجْرَةَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ الْبَذْرِ. وَنِصْفِ عَمَلِهِ وَمَنَافِعِ دَوَابِّهِ وَآلَاتِهِ أَوْ بِنِصْفِ الْبَذْرِ، وَيَتَبَرَّعُ بِالْعَمَلِ وَالْمَنَافِعِ. فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُسَاقَاةِ (تَخْصِيصُ الثَّمَرِ بِهِمَا وَاشْتِرَاكُهُمَا   [حاشية قليوبي] قَالَ: بَعْضُهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ تَقْدِيمُ لَفْظِ الشَّجَرِ عَلَى لَفْظِ الْبَيَاضِ، وَمُقَارَنَتُهُمَا لَا تُتَصَوَّرُ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُتَعَيِّنٌ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ عَامَلْتُك عَلَى هَذَيْنِ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا مَثَلًا وَقُلْنَا بِالصِّحَّةِ كَانَتْ مِنْ الْمُقَارَنَةِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الثَّانِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَا فَائِدَةَ لِهَذَا الْخِلَافِ مَعَ مَا مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عُسْرُ الْإِفْرَادِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ إلَخْ) لَوْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ شَيْئًا مِنْ الزَّرْعِ، وَجَعَلَ الْجُزْءَ الَّذِي مِنْ الثَّمَرِ عَنْهُمَا فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ: الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي قَاسَهُ إلَخْ) وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ أَشْبَهُ بِالْمُسَاقَاةِ.؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ فِيهَا غَيْرُ الْعَمَلِ. ثُمَّ فِي اسْتِنَادِ الثَّانِي لِلْقِيَاسِ دُونَ الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ أَهْلَ خَيْبَرَ مُخَابِرُونَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ لَهُمْ بَذْرًا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ لَهُمْ بَذْرًا وَلَا أَنَّهُ شَرَطَ الْبَذْرَ عَلَيْهِمْ فَهِيَ وَاقِعَةٌ فِعْلِيَّةٌ، وَالِاحْتِمَالُ يُسْقِطُهَا، فَتَأَمَّلْ، وَتَقَدَّمَ مَا يَلْزَمُهُ إذَا وَقَعَتْ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ إلَخْ) سَوَاءٌ سَلَّمَ الزَّرْعَ أَوْ لَا كَالْقِرَاضِ، وَفَارَقَ الشَّرِيكَ بِأَنَّ عَمَلَهُ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ بِعَمَلِ الْعَامِلِ، وَأَرَادَ الْمَالِكُ بَيْعَهَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا مَرْهُونَةٌ بِأَجْرِهِ كَالْقِصَارَةِ. قَوْلُهُ: (وَطَرِيقُ جَعْلِ الْغَلَّةِ إلَخْ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ طَرِيقَيْنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأُجْرَةَ فِي الْأُولَى عَيْنٌ فَقَطْ وَأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي الْأَرْضِ مَتَى شَاءَ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا إذَا فَسَدَ مَنْبَتُهَا؛ لِأَنَّهَا مُعَارَةٌ بِخِلَافِ الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ. فَإِنَّ الْأُجْرَةَ فِيهَا عَيْنٌ وَمَنْفَعَةٌ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْأَرْضِ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ وَيُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ الطَّرِيقَانِ فِي الْمُخَابَرَةِ بَعْدَهَا الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الطُّرُقِ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ لَهُ طُرُقٌ أُخْرَى مِنْهَا، أَنْ يُقْرِضَ الْمَالِكُ لِلْعَامِلِ نِصْفَ الْبَذْرِ، وَيُؤَجِّرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِنِصْفِ عَمَلِهِ، وَمَنَافِعَ آلَاتِهِ وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمُسَاقَاةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ، وَمَا يَتْبَعُهَا قَوْلُهُ: (تَخْصِيصُ الثَّمَرِ بِهِمَا) إدْخَالُ الْبَاءِ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ، وَالْأَفْصَحُ إدْخَالُهَا عَلَى الْمَقْصُورِ كَمَا فَعَلَ فِي الْقِرَاضِ فِيمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِالثَّمَرِ الْجَرِيدُ وَالْكُرْنَافُ، وَنَحْوُهُمَا كَاللِّيفِ، وَالسَّاعِدِ فَلِلْمَالِكِ، وَأَمَّا الْقِنْوُ وَهُوَ مَجْمَعُ الشَّمَارِيخِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا كَالشَّمَارِيخِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمُزَارَعَةِ) هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الثَّانِيَةِ، قِيلَ: وَيَلْزَمُ قَائِلَهُ أَنْ يُصَحِّحَ بَيْعَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ، وَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى الشَّجَرَةِ لِمَنْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي قَالَ إلَخْ) وَأَيْضًا فَبَيَاضُ خَيْبَرَ كَانَ أَقَلَّ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ فِيهَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الشَّعِيرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَابَرَ إلَخْ) فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ دَفَعَ إلَى أَهْلِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَهُوَ يَدُلُّ لِلصِّحَّةِ تَبَعًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ الْآلَاتِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ تَخْصِيصٌ بِلَا دَلِيلٍ. قَوْلُهُ: (فَالْمُغِلُّ لِلْعَامِلِ) أَيْ وَتَجِبُ تَبْقِيَةُ الزَّرْعِ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَلِكُلٍّ عَلَى الْآخَرِ أُجْرَةُ مَا انْصَرَفَ مِنْ مَنَافِعِهِ عَلَى حِصَّةِ صَاحِبِهِ. فَرْعٌ: لَوْ تَسَلَّمَ الْأَرْضَ لِيَزْرَعَهَا، وَالْبَذْرُ عَلَى الْعَامِلِ فَتَرَكَ الزَّرْعَ، وَجَبَ عَلَى الْعَامِلِ أُجْرَةُ مُدَّةِ التَّعْطِيلِ لِلْأَرْضِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شُرِطَ الْبَذْرُ عَلَى الْمَالِكِ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَامِلِ لِمُدَّةِ تَعْطِيلِهِ. [فَصْلٌ شُرُوطُ الْمُسَاقَاةِ] فَصْلٌ يُشْتَرَطُ إلَخْ اعْلَمْ أَنَّ الْعِوَضَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الثَّمَرَةِ، فَلَوْ جَعَلَهُ مِنْ غَيْرِهَا فَسَدَ، لَكِنْ إنْ ذَكَرَ أَعْمَالًا مَضْبُوطَةً حِينَئِذٍ، فَإِنْ نَظَرْنَا إلَى الْمَعْنَى جَعَلْنَاهُ إجَارَةً بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ أَوْ إلَى اللَّفْظِ فَسَدَ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَحَيْثُ تَقَرَّرَ أَنَّ الْعِوَضَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الثِّمَارِ أَشْبَهَتْ الْقِرَاضَ، فَيَتَفَرَّعُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 فِيهِ وَالْعِلْمُ بِالنَّصِيبَيْنِ بِالْجُزْئِيَّةِ كَالْقِرَاضِ) فَلَوْ شُرِطَ بَعْضُ الثَّمَرِ لِغَيْرِهِمَا، أَوْ كُلُّهُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ جُزْءًا مِنْهُ لِلْعَامِلِ أَوْ الْمَالِكِ غَيْرِ مَعْلُومٍ فَسَدَتْ، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَ بَيْنَنَا، أَوْ إنَّ نِصْفَهُ لِي أَوْ نِصْفَهُ لَك، وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي صَحَّتْ فِي الْأُولَى مُنَاصَفَةً وَالثَّالِثَةِ دُونَ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الثَّلَاثِ أَوْ عَلَى أَنَّ ثَمَرَ هَذِهِ النَّخْلَةِ، أَوْ النَّخَلَاتِ لِي أَوْ لَك وَالْبَاقِي بَيْنَنَا وَعَلَى أَنَّ صَاعًا مِنْ الثَّمَرِ لَك أَوْ لِي وَالْبَاقِي بَيْنَنَا فَسَدَتْ. (وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرِ لَكِنْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) وَالثَّانِي لَا لِفَوَاتِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ، وَهُوَ مَا تَخْرُجُ بِهِ الثَّمَرَةُ وَعَارَضَهُ الْأَوَّلُ، بِأَنَّ الْعَقْدَ بَعْدَ ظُهُورِهَا، أَبْعَدُ عَنْ الْغَرَرِ بِالْوُثُوقِ بِالثَّمَرِ، الَّذِي مِنْهُ الْعِوَضُ فَهُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ، أَمَّا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَلَا تَصِحُّ جَزْمًا لِفَوَاتِ مُعْظَمِ الْأَعْمَالِ. (وَلَوْ مُسَاقَاةً عَلَى وَدِيٍّ) بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ، وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ. (لِيَغْرِسَهُ وَيَكُونَ الشَّجَرُ لَهُمَا لَمْ يَجُزْ) كَمَا لَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ الْبَذْرَ، لِيَزْرَعَهُ وَأَيْضًا الْغَرْسُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الْمُسَاقَاةِ فَضَمُّهُ يُفْسِدُهَا لِمَا سَيَأْتِي. (وَلَوْ كَانَ) الْوَدِيُّ (مَغْرُوسًا) وَسَاقَاهُ عَلَيْهِ (وَشَرَطَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَرِ عَلَى الْعَمَلِ. فَإِنْ قَدَّرَ لَهُ مُدَّةً يُثْمِرُ فِيهَا غَالِبًا صَحَّ) ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ أَكْثَرِ الْمُدَّةِ لَا ثَمَرَ فِيهَا، كَأَنْ سَاقَاهُ عَشْرَ سِنِينَ، وَالثَّمَرُ يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِي الْعَاشِرَةِ خَاصَّةً، فَإِنْ اُتُّفِقَ أَنَّهُ لَمْ يُثْمِرْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعَامِلُ شَيْئًا كَمَا لَوْ سَاقَاهُ عَلَى النَّخِيلِ الْمُثْمِرَةِ فَلَمْ تُثْمِرْ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَدَّرَ مُدَّةً لَا يُثْمِرُ فِيهَا غَالِبًا. (فَلَا) يَصِحُّ ذَلِكَ كَالْمُسَاقَاةِ عَلَى الشَّجَرِ الَّذِي لَا يُثْمِرُ لِخُلُوِّهَا عَنْ الْعِوَضِ (وَقِيلَ إنْ تَعَارَضَ الِاحْتِمَالَانِ) أَيْ احْتِمَالُ الْإِثْمَارِ وَاحْتِمَالُ عَدَمِهِ. (صَحَّ) ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ مَرْجُوٌّ، فَإِنْ أَثْمَرَ الشَّجَرُ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ مَا شُرِطَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَعَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ طَامِعًا (وَلَهُ مُسَاقَاةُ شَرِيكِهِ فِي الشَّجَرِ إذَا شَرَطَ لَهُ زِيَادَةً عَلَى حِصَّتِهِ) كَأَنْ كَانَتْ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِالْجُزْئِيَّةِ) وَإِنْ تَفَاوَتَتْ فِي السِّنِينَ الْمَشْرُوطَةِ حَيْثُ عَيَّنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَا يَخُصُّهَا أَوْ أَطْلَقَ الْجُزْءَ فِي جَمِيعِهَا وَإِنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ أَوْ الْجِنْسُ فَيَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الْجُزْءَ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى نَوْعَيْنِ مَثَلًا وَجَعَلَ لَهُ النِّصْفَ فِي أَحَدِهِمَا وَالثُّلُثَ فِي الْآخَرِ صَحَّ إنْ عَيَّنَ كُلَّ نَوْعٍ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِهِمَا) أَيْ وَلَيْسَ نَحْوُ عَبْدِ أَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْقِرَاضِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَهَذَا إنْ كَانَ الْقَائِلُ الْمَالِكَ، فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ صَحَّتْ فِي الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ دُونَ الثَّالِثَةِ عَلَى مَا هُوَ الْوَجْهُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَالِكُ أَوْ الْعَامِلُ أَوْ هُمَا لَمْ يَصِحَّ فِي الْأُولَى وَيُشْتَرَطُ فِي تَعَدُّدِ الْعَامِلِ بَيَانُ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِتَفَاوُتٍ أَوْ تَسَاوٍ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى أَنَّ ثَمَرَةَ هَذِهِ النَّخْلَةِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ عَلَى أَنَّ ثَمَرَةَ الْعِنَبِ لِي وَالنَّخْلِ لَك، أَوْ عَكْسُهُ وَقِيَاسُهُ الْفَسَادُ، فِيمَا لَوْ شَرَطَ لِلْعَامِلِ نَحْوَ الْجَرِيدِ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ الْمَالِكُ أَوْ شَرَطَ اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِمَا اشْتَرَكَا فِيهِ كَالْقِنْوِ أَوْ اشْتِرَاكَهُمَا فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ الْمَالِكُ نَحْوَ الْجَرِيدِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَإِلَيْهِ مَالَ الْعَبَّادِيُّ وَفِي كَلَامِ الْخَطِيبِ اعْتِمَادُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ وَلَوْ شَرَطَ لِلْعَامِلِ غَيْرَ الثَّمَرِ كَدَرَاهِمَ، فَسَدَتْ أَيْضًا نَعَمْ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْإِجَارَةِ فَهِيَ إجَارَةٌ لَا مُسَاقَاةٌ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَالِكُ أَوْ نَوْعُ الْمُسَاقِي عَلَيْهِ، وَشُرِطَ لِلْعَامِلِ مِنْ حِصَّةِ كُلِّ مَالِكٍ جُزْءٌ مَعْلُومٌ أَوْ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ كَذَلِكَ صَحَّتْ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَجْزَاءُ كَنِصْفٍ مِنْ مَالِكٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مِنْ نَوْعٍ مُعَيَّنٍ وَرُبْعٍ مِنْ آخَرَ. وَهَكَذَا نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ الْعَامِلُ وَشُرِطَ لَهُ نِصْفُ الثَّمَرِ مَثَلًا صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالِكِينَ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرِ) وَيَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فِي هَذِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) وَلَوْ لِبَعْضِهِ كَمَا فِي التَّأْبِيرِ. قَوْلُهُ: (عَلَى وَدِيٍّ) وَيُقَالُ لَهُ الْفَسِيلُ بِالْفَاءِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ) وَلَا يَصِحُّ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُهُ مِثْلُ عَمَلِهِ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا كَمَا فِي الْقِرَاضِ، وَإِنْ كَانَ الْغِرَاسُ لِلْعَامِلِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ أَوْ الْأَرْضُ فَلَهُ عَلَى مَالِكِ الْغِرَاسِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا. قَوْلُهُ: (يُثْمِرُ فِيهَا) أَيْ يَقِينًا أَوْ ظَنَّا فَقَطْ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُثْمِرْ) أَيْ فِي الْعَاشِرَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا لَا مِنْ الثَّمَرِ وَلَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَلَوْ أَثْمَرَ قَبْلَهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ أَيْضًا وَلَوْ أَثْمَرَ فِي الْعَاشِرَةِ. وَتَأَخَّرَ إدْرَاكُهُ لِنَحْوِ بَرْدٍ. لَزِمَهُ الْمَالِكَ إتْمَامُ الْعَمَلِ وَلِلْعَامِلِ مَا شُرِطَ لَهُ وَلَوْ أَثْمَرَتْ ثَانِيًا فِيهَا فَهُوَ لِلْمَالِكِ، وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ الْعَشْرِ فَأَثْمَرَ قَبْلَ الْعَاشِرَةِ لَزِمَ الْعَامِلَ إتْمَامُ الْمُدَّةِ، وَلَهُ مَا شُرِطَ لَهُ. قَوْلُهُ: (لَا يُثْمِرُ فِيهَا غَالِبًا) أَيْ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا أَوْ احْتِمَالًا أَوْ جَهْلًا أَخْذًا مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ) أَيْ فِي صُورَةِ الِاحْتِمَالِ الشَّامِلَةِ لِجَهْلِ الْحَالِ. قَوْلُهُ: (يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ) أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي صُورَتَيْ الْعِلْمِ، وَالظَّنِّ لِذَلِكَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَهُ مُسَاقَاةُ شَرِيكِهِ) وَصُورَةُ عَقْدِهِ مَعَهُ مَا فِي الْإِجَارَةِ لِإِرْضَاعِ رَقِيقٍ وَسَيَأْتِي، وَلِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مُسَاقَاةُ أَجْنَبِيٍّ لَكِنْ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، وَنُوزِعَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (زِيَادَة عَلَى حِصَّتِهِ) أَيْ وَلَمْ يَسْتَوْفِ جَمِيعَ حِصَّةِ الشَّارِطِ فَإِنْ اسْتَوْفَاهَا كَأَنْ سَاقَاهُ عَلَى أَنَّ كُلَّ الثَّمَرِ لَهُ لَمْ تَصِحَّ لَكِنْ يَسْتَحِقُّ فِي هَذِهِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ وَقَيَّدَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِمَا إذَا جَهِلَ الْفَسَادَ، وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا مَا يُخَالِفُهُ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا   [حاشية عميرة] عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَجْعَلَ حِصَّةَ الْعَامِلِ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَرِ، فَلَوْ شَرَطَهَا مِنْ ثَمَرِ الْعَامِ الْقَابِلِ فَسَدَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الثَّمَرِ) خَرَجَ اللِّيفُ وَالْجَرِيدُ وَالْكُرْنَافُ فَإِنَّهَا لِلْمَالِكِ، فَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا كَالثَّمَرِ فَوَجْهَانِ، أَوْ اخْتِصَاصَ الْعَالِمِ بِهَا بَطَلَ، وَأَمَّا الشَّمَارِيخُ فَهِيَ شِرْكَةٌ بَيْنَهَا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا تَخْرُجُ بِهِ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: كَمَا أَنَّ وَجْهَ صِحَّةِ الْقِرَاضِ لِلْحَاجَةِ كَوْنُ الْعَمَلِ يُسْتَخْرَجُ بِهِ الرِّبْحُ، فَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مِمَّا يَخْرُجُ بِهِ الثِّمَارُ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ الْبَذْرَ) أَيْ وَكَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ سِلْعَةً لِيَبِيعَهَا، وَيَكُونُ ثَمَنُهَا قِرَاضًا. قَوْلُهُ: (عَشْرَ سِنِينَ) أَيْ فَتَكُونُ الْأَعْوَامُ هُنَا كَالْأَشْهُرِ مِنْ السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 حِصَّتُهُ فِي الشَّجَرِ الثُّلُثَ، فَشَرَطَ لَهُ النِّصْفَ مِنْ الثَّمَرِ، فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ لَهُ زِيَادَةً عَلَى حِصَّتِهِ، لَمْ تَصِحَّ الْمُسَاقَاةُ لِخُلُوِّهَا عَنْ الْعِوَضِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ بِالْعَمَلِ. (وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَشْرِطَ عَلَى الْعَامِلِ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ أَعْمَالِهَا) فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ كَأَنْ شَرَطَ، أَنْ يُبْنَى لَهُ جِدَارَ الْحَدِيقَةِ، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ، وَاشْتِرَاطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ (وَ) يُشْتَرَطُ (أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْعَمَلِ وَبِالْيَدِ فِي الْحَدِيقَةِ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْعَمَلِ مَتَى شَاءَ، فَلَوْ شَرَطَ مُشَارَكَةَ الْمَالِكِ لَهُ فِي الْعَمَلِ، أَوْ الْيَدِ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَلَوْ شَرَطَ مُعَاوَنَةَ غُلَامِهِ فِي الْعَمَلِ، جَازَ وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ الْوَصْفِ، وَيَكُونُ تَحْتَ تَدْبِيرِ الْعَامِلِ، وَإِنْ شُرِطَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ جَازَ (وَ) يُشْتَرَطُ (مَعْرِفَةُ الْعَمَلِ بِتَقْدِيرِ الْمُدَّةِ كَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ) ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ كَالْإِجَارَةِ. (وَلَا يَجُوزُ التَّوْقِيتُ بِإِدْرَاكِ الثَّمَرِ فِي الْأَصَحِّ) لِلْجَهْلِ بِوَقْتِهِ، فَإِنَّهُ يَتَقَدَّمُ تَارَةً وَيَتَأَخَّرُ أُخْرَى، وَالثَّانِي نَظَرٌ إلَى أَنَّهُ الْمَقْصُودُ. (وَصِيغَتُهَا سَاقَيْتُك عَلَى هَذَا النَّخْلِ بِكَذَا) أَيْ بِنِصْفِ الثَّمَرِ مَثَلًا. (أَوْ سَلَّمْته إلَيْك لِتَتَعَهَّدَهُ) بِكَذَا أَوْ تَعَهَّدْهُ بِكَذَا أَوْ اعْمَلْ عَلَيْهِ بِكَذَا، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ كِنَايَةً، وَأَنْ تَكُونَ صَرِيحَةً، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا، وَمِثْلُ النَّخْلِ فِي ذَلِكَ الْعِنَبُ. (وَيُشْتَرَطُ) فِيهَا (الْقَبُولُ) لِلُزُومِهَا (دُونَ تَفْصِيلِ الْأَعْمَالِ) فَلَا يُشْتَرَطُ (وَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ عَلَى الْعُرْفِ الْغَالِبِ) فِيهَا فِي الْعَمَلِ (وَعَلَى الْعَامِلِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِصَلَاحِ الثَّمَرِ، وَاسْتِزَادَتِهِ   [حاشية قليوبي] شَيْءَ لَهُ فِي هَذِهِ وَفِيمَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ حِصَّتِي مِنْ الثَّمَرِ لِي عَلَى نَظِيرِ مَا لَوْ قَالَ الْمَالِكُ لِعَامِلِ الْقِرَاضِ قَارَضْتُك عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الرِّبْحِ لِي وَتَقَدَّمَ فِيهَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يُشْرَطُ عَلَى الْعَامِلِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ لَوْ فَعَلَهُ الْعَامِلُ بِلَا إذْنٍ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَبِإِذْنٍ فَلَهُ الْأُجْرَةُ وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ بِالْإِذْنِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِعَمَلٍ فِيهِ أُجْرَةٌ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَحْوَ اغْسِلْ ثَوْبِي. قَوْلُهُ: (جُدُرٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَالدَّالِ جَمْعُ جِدَارٍ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْإِفْرَادِ وَهُوَ مُضَافٌ فَيَعُمُّ. قَوْلُهُ: (غُلَامُهُ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ وَلَوْ حُرًّا. قَوْلُهُ: (جَازَ) وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ النَّفَقَةَ وَتُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا فِي الْقِرَاضِ وَلَوْ شُرِطَ لَهُ جُزْءٌ مَعْلُومٌ مِنْ الثَّمَرَةِ جَازَ أَيْضًا، وَهُوَ لِمَالِكِهِ. قَوْلُهُ: (بِتَقْدِيرِ الْمُدَّةِ) فَلَا تَصِحُّ مُؤَبَّدَةً، وَلَا مُطْلَقَةً وَفَارَقَ الْقِرَاضَ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِيهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَقْتُهُ. قَوْلُهُ: (صَرِيحُهُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُهَا عَلَى أَنَّ الثَّمَرَ بَيْنَنَا وَمِثْلُ سَاقَيْتُك عَامَلْتُك وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ بِكَذَا فَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَسَدَتْ وَلَهُ الْأُجْرَةُ وَلَا تَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ كَمَا مَرَّ وَكَذَا عَكْسُهُ وَلَيْسَتْ كِنَايَةً إذْ شَرْطُهَا أَنْ لَا تَجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهَا وَأَنْ تَقْبَلَ الْعَقْدَ الْمَنْوِيَّ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ) أَيْ لَفْظًا فَلَا يَكْفِي الْفِعْلُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَفِي الْكِتَابَةِ وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ وَجَمِيعُ مَا ذُكِرَ هُوَ مِنْ صُوَرِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْعَيْنِ، وَمِنْ صُوَرِهَا عَلَى الذِّمَّةِ. أَلْزَمْت ذِمَّتَك كَذَا بِكَذَا وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلِلْمُسَاقِي عَلَى ذِمَّتِهِ أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ تَمْكِينُهُ مِنْ الْعَمَلِ مَعَ قُدْرَةِ الْعَامِلِ كَمَا يَأْتِي فِي الْمُتَبَرِّعِ، وَأَمَّا الْمُسَاقِي عَلَى عَيْنِهِ فَفِيهِ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَارَضَ الْعَامِلُ عَامِلًا آخَرَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُشْتَرَطُ) أَيْ تَفْصِيلُ الْأَعْمَالِ وَإِنْ عُقِدَتْ بِغَيْرِ لَفْظِ الْمُسَاقَاةِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ إنْ كَانَ وَعَرَّفَهُ الْعَاقِدَانِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ بِلَا تَفْصِيلٍ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْعَامِلِ) قَالَ شَيْخُنَا عَطْفُهُ عَلَى الْعُرْفِ يُفِيدُ أَنَّهُ عَلَى الْعَامِلِ وَإِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِخِلَافِهِ وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا م ر؛ لِأَنَّهُ قَالَ كُلُّ مَا نَصُّوا أَنَّهُ عَلَى الْعَامِلِ أَوْ عَلَى الْمَالِكِ تَبَعٌ وَإِنْ خَالَفَهُ الْعُرْفُ وَالْأَرْجَحُ فِيهِ إلَى عُرْفِ كُلِّ نَاحِيَةٍ بِمَا فِيهَا وَمِثْلُهُ مَا نَصُّوا فِيهِ عَلَى اتِّبَاعِ الْعَادَةِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ إنَّهُ يَتْبَعُ الْعُرْفَ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَكُلُّ مَا نَصُّوا عَلَيْهِ إنَّمَا كَانَ بِحَسَبِ الْعُرْفِ فِي زَمَنِهِمْ فَلَوْ جَرَى الْعُرْفُ فِي نَاحِيَةٍ بِخِلَافِهِ عُمِلَ بِهِ. قَوْلُهُ: (مَا يَحْتَاجُ) أَيْ فِعْلَ ذَلِكَ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ كَمَا يُفِيدُهُ تَعْبِيرُهُمْ فِيهَا بِالْمَصْدَرِ، وَأَمَّا الَّذِي يُفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْيَانِ كَالْفَأْسِ وَالْمِنْجَلِ فَعَلَى الْمَالِكِ وَلَوْ تَرَكَ الْعَامِلُ بَعْضَ مَا لَزِمَهُ مِنْ الْأَعْمَالِ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِمَّا شُرِطَ لَهُ كَالشَّرِيكِ، وَالْقَوْلُ بِاسْتِحْقَاقِهِ بِالسَّقْطِ مَبْنِيٌّ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ) . فَرْعٌ: سَاقَى إلَى مُدَّةٍ فَأَدْرَكَتْ الثِّمَارُ قَبْلَ فَرَاغِهَا، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ بَقِيَّتَهَا بِغَيْرِ أُجْرَةٍ، وَإِنْ انْقَضَتْ وَعَلَيْهَا طَلْعٌ فَعَلَى الْمَالِكِ التَّعَهُّدُ إلَى الْإِدْرَاكِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ: مُؤْنَةُ السَّقْيِ وَالْحِفْظِ عَلَيْهِمَا، وَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ لِتَبْقِيَتِهِمَا أُجْرَةٌ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طَلْعٌ إلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ، فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِيهِ، وَيَضِيعُ تَعَبُهُ فِي الْمُدَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا ثَمَرَةٌ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ. فَرْعٌ: الْمُرَادُ بِالْإِدْرَاكِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْجِدَادُ، وَكَذَا فِي قَوْلِ الْمَتْنِ. وَلَا يَجُوزُ التَّوْقِيتُ بِإِدْرَاكِ الثَّمَرِ. [صِيغَة الْمُسَاقَاة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَصِيغَتُهَا) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ صُوَرِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْعَيْنِ هُوَ الَّذِي يَقَعُ فِي وَثَائِقِ الْقُضَاةِ بِمِصْرَ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ وَعَمَلُ النَّاسِ عَلَى خِلَافِهِ فَلْيُتَفَطَّنْ لِذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِكَذَا) فَلَوْ تَرَكَهُ فَسَدَتْ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْأُجْرَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ سَلَّمْته إلَيْك لِتَتَعَهَّدَهُ) قَالَ السُّبْكِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَلَوْ سَاقَاهُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ نَظَرًا لِلَّفْظِ وَكَذَا لَوْ تَعَاقَدَا عَلَى الْإِجَارَةٍ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ فَقَالَ الْمَالِكُ: سَاقَيْتُك عَلَى كَذَا مُدَّةَ كَذَا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ فَسَدَ أَيْضًا تَغْلِيبًا لِلَّفْظِ، وَعَلَّلَ الْإِمَامُ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ اللَّفْظَ الصَّرِيحَ فِي شَيْءٍ لَا يُصْرَفُ لِغَيْرِهِ بِالنِّيَّةِ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ السُّبْكِيُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ، فَهُوَ كَوَهَبْتُك كَذَا بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، ثُمَّ حَاوَلَ الْجَوَابَ بِأَنْ بَيْنَ مَعْنَى الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ تَنَافِيًا وَأَطَالَ فِيهِ بَيَانَهُ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِيهَا إلَخْ) أَيْ قَطْعًا وَلَا يَجْرِي فِيهَا وَجْهُ الْقِرَاضِ لِلُزُومِهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 مِمَّا يَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ، كَسَقْيٍ وَتَنْقِيَةِ نَهْرٍ) أَيْ مَجْرَى الْمَاءِ مِنْ الطِّينِ وَنَحْوِهِ. (وَإِصْلَاحِ الْأَجَّاجِينَ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا الْمَاءُ) وَهِيَ الْحُفَرُ حَوْلَ الشَّجَرِ يُجْمَعُ فِيهَا الْمَاءُ لِتَشْرَبَهُ، شُبِّهَتْ بِإِجَّانَاتِ الْغَسِيلِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْإِجَّانَةُ وَاحِدَةُ الْأَجَّاجِينَ. (وَتَلْقِيحٍ) لِلنَّخْلِ وَهُوَ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْ طَلْعِ الذُّكُورِ فِي طَلْعِ الْإِنَاثِ. (وَتَنْحِيَةِ حَشِيشٍ وَقُضْبَانٍ مُضِرَّةٍ) بِالشَّجَرِ (وَتَعْرِيشٍ) لِلْعِنَبِ (جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ) وَهُوَ أَنْ يَنْصِبَ أَعْوَادًا وَيُظَلِّلَهَا وَيَرْفَعَهُ عَلَيْهَا. (وَكَذَا) عَلَيْهِ (حِفْظُ الثَّمَرِ) عَنْ السَّارِقِ وَالطَّيْرِ. (وَجَدَادُهُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا، وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ فِي الصِّحَاحِ أَيْ قَطْعُهُ. (وَتَجْفِيفُهُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَصَالِحِهِ، وَالثَّانِي لَيْسَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ خَارِجٌ عَنْ أَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ وَكَذَا الْجَدَادُ، وَالتَّجْفِيفُ؛ لِأَنَّهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الثَّمَرِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصِلْهَا كَالتَّتِمَّةِ حِكَايَةُ الثَّانِي فِي الْحِفْظِ، أَنَّهُ عَلَى الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ بِحَسَبِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الثَّمَرِ، وَفِي الْبَسِيطِ وَغَيْرِهِ حِكَايَةُ أَنَّهُ عَلَى الْمَالِكِ وَفِي الْكِفَايَةِ حِكَايَةُ، أَنَّ الْجَدَادَ وَالتَّجْفِيفَ عَلَى الْمَالِكِ، وَالرَّوْضَةُ كَأَصْلِهَا سَاكِنَانِ عَنْ ذَلِكَ، وَفِيهِمَا بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي التَّجْفِيفِ، تَصْحِيحُ وُجُوبِهِ عَلَى الْعَامِلِ إذَا اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِهِ، أَوْ شَرَطَاهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ بِهَذَا الْقَيْدِ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، فَإِنَّ الْبَاقِيَ لِوُجُوبِهِ لَا يَسَعُهُ مُخَالَفَةَ الْعَادَةِ، أَوْ الشَّرْطِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْجَدَادِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا، لَا يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ إلَّا بِالشَّرْطِ، وَالثَّانِي يَجِبُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحِفْظِ أَيْضًا وَيَأْتِي وَجْهُ الِاشْتِرَاكِ فِيهِ فِي الْجَدَادِ وَالتَّجْفِيفِ. (وَمَا يُعَدُّ بِهِ حِفْظُ الْأَصْلِ، وَلَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ كَبِنَاءِ الْحِيطَانِ، وَحَفْرِ نَهْرٍ جَدِيدٍ فَعَلَى الْمَالِكِ) فَلَوْ شَرَطَهُ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْعَقْدِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَكَذَا مَا عَلَى الْعَامِلِ لَوْ شَرَطَهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمَالِكِ بَطَلَ الْعَقْدُ. تَتِمَّةٌ: يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرِ بِالظُّهُورِ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ بِالْقِسْمَةِ كَالْقِرَاضِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ فَإِنَّ لِلرِّيحِ وِقَايَةً لِرَأْسِ الْمَالِ، وَالثَّمَرُ لَيْسَ وِقَايَةً لِلشَّجَرِ. (وَالْمُسَاقَاةُ لَازِمَةٌ) كَالْإِجَارَةِ (فَلَوْ) (هَرَبَ الْعَامِلُ قَبْلَ الْفَرَاغِ) مِنْ الْعَمَلِ (وَأَتَمَّهُ الْمَالِكُ)   [حاشية قليوبي] عَلَى أَنَّهُ كَالْأَجِيرِ، وَمَتَى حَصَلَ فَسْخٌ أَوْ انْفِسَاخٌ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا مِنْ الثَّمَرَةِ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (حَشِيشٌ) هُوَ اسْمٌ لِلرَّطْبِ وَالْيَابِسِ كَمَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ، وَقَالَ غَيْرُهُ الْحَشِيشُ وَالْهَشِيمُ اسْمٌ لِلْيَابِسِ فَقَطْ، وَالْعُشْبُ وَالْخَلَا بِالْقَصْرِ اسْمٌ لِلرَّطْبِ فَقَطْ، وَالْكَلَأُ يَعُمُّهُمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَنْ السَّارِقِ وَالطَّيْرِ) أَيْ وَنَحْوِهِمَا وَأَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ عُنْقُودٍ قَوْصَرَّةً مَثَلًا وَلَوْ كَثُرَ السُّرَّاقُ أَوْ كَبُرَ الْبُسْتَانُ وَعَجَزَ عَنْ الْحِفْظِ ضَمَّ إلَيْهِ مُسَاعِدٌ وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى الْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (وَإِهْمَالُ الدَّالَيْنِ فِي الصِّحَاحِ) وَفِيهَا أَيْضًا جَوَازُ إعْجَامِهِمَا وَإِعْجَامِ إحْدَاهُمَا. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ فِي الثَّلَاثَةِ) وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهَا عَادَةٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَيْسَتْ عَلَيْهِ) أَيْ لَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ، كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ بَعْدُ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ فِي الثَّلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهَا عَلَى الْعَامِلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَالثَّانِي أَنَّهَا عَلَى الْمَالِكِ كَمَا فِي الْبَسِيطِ وَالْكِفَايَةِ وَلَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا أَصْلِهَا وَالثَّالِثُ أَنَّهَا عَلَى الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ مَعًا، وَهَذَا قَدْ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالتَّتِمَّةُ فِي الْحِفْظِ وَحْدَهُ وَقَاسَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ الْجِدَادَ وَالتَّجْفِيفَ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَظَهَرَ إلَخْ إلَى الرَّدِّ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي إجْرَاءِ الْخِلَافِ مَعَ الْعَادَةِ أَوْ الشَّرْطِ مَعَ أَنَّهُ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَاسْتُشْهِدَ لِذَلِكَ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْمُنَاقَشَاتِ مِنْ هَذَا الْإِمَامِ مَعَ قُوَّةِ الِاخْتِصَارِ فِي الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (لَا يَسَعُهُ مُخَالَفَةَ الْعَادَةِ) أَيْ الْمُوَافَقَةَ لِمَا نَصُّوا عَلَيْهِ لَا الْمُخَالَفَةَ لَهُ وَإِلَّا لَزِمَ بُطْلَانُ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (كَبِنَاءِ الْحِيطَانِ) وَكَذَا مَا يُبْنَى بِهِ، وَمِثْلُهُ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (جَدِيدًا) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ انْهِيَارِهِ وَمِثْلُهُ نَصْبُ بَابٍ وَدُولَابٍ وَحَرْثٍ، وَمَا يَحْرُثُ مِنْ الْآلَاتِ وَمَا يُحْرَثُ عَلَيْهِ كَبَقَرٍ وَخَرَجَ بِجَدِيدٍ تَرْقِيعُ النَّهْرِ وَالْحِيطَانِ. وَوَضْعُ نَحْوِ شَوْكٍ عَلَيْهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ فَيُتَّبَعُ فِيهِ الْعَادَةُ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (بِالظُّهُورِ) قَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُمَلِّكُهَا الْعَقْدُ بَعْدَهُ فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ هَذَا قَوْلُهُ: (كَالْإِجَارَةِ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنٍ مَعَ بَقَائِهَا. قَوْلُهُ: (فَلَوْ هَرَبَ) أَوْ امْتَنَعَ أَوْ حَبَسَ أَوْ مَرِضَ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْعَمَلِ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَأَتَمَّهُ الْمَالِكُ) أَيْ فَعَلَهُ وَلَوْ مِنْ ابْتِدَائِهِ كَمَا عُلِمَ آنِفًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ أَوْ بِمُتَبَرِّعٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا بِهِ أَوْ كَانَ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِمَّا يَتَكَرَّرُ) مِنْ الْعَمَلِ، وَإِلَّا فَغَيْرُ الطَّلْعِ الَّذِي يُلَقَّحُ بِهِ مُتَكَرِّرٌ كُلَّ عَامٍ، وَهُوَ عَلَى الْمَالِكِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْحَشِيشُ) أَطْلَقَهُ عَلَى الْأَخْضَرِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ لِلْيَابِسِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْكَلَأِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّهُمَا. فَرْعٌ: وَضْعُ الشَّوْكِ عَلَى الْجُدْرَانِ وَسَدُّ الثَّلَمِ الْيَسِيرَةِ فِي الْجِدَارِ يُتَّبَعُ فِيهَا الْعُرْفُ. قَوْلُهُ: (حِفْظُ الثَّمَرِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ، فَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ بِنَفْسِهِ فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْحِفْظَ خَارِجٌ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَعْمَالَهَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ تَنْمِيَةَ الثِّمَارِ. قَوْلُهُ: (وَيَأْتِي وَجْهُ إلَخْ) وَجْهُهُ مَا سَلَفَ لَنَا فِي رَأْسِ الصَّفْحَةِ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ وُجُوبِ الْحِفْظِ عَلَى الْعَامِلِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ فِي الْحِفْظِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَدِيدٍ) مِثْلُهُ مَا عَرَضَ انْهِيَارُهُ. [تَتِمَّة يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرِ بِالظُّهُورِ فِي الْمُسَاقَاة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُسَاقَاةُ لَازِمَةٌ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ الْعَمَلِ، وَالْجَامِعُ لَهَا مَعَ الْإِجَارَةِ أَنَّهُمَا عَقْدَانِ عَلَى عَمَلٍ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ مَعَ أَنَّهَا بِخِلَافِ الْقِرَاضِ، وَأَيْضًا لَوْ جَازَتْ وَفَسَخَ الْمَالِكُ قَبْلَ ظُهُورِ الثِّمَارِ فَاتَ عَمَلُ الْعَامِلِ، بِخِلَافِ الْقِرَاضِ مِنْ فَسْخِهِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ لَا يَضُرُّ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا فَسَخَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَقَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرِ هَلَّا صَحَّ وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ كَالْجَعَالَةِ قَالَ، وَلَمْ يَبْنِ لِي دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى لُزُومِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَتَمَّهُ الْمَالِكُ) مِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ. (مُتَبَرِّعًا) (بَقِيَ اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ (اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مَنْ يُتِمُّهُ) بَعْدَ ثُبُوتِ الْمُسَاقَاةِ، وَهَرَبَ لِلْعَامِلِ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا اقْتَرَضَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِكِ، أَوْ غَيْرِهِ وَيُوَفِّي مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الثَّمَرِ. (وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَاكِمِ فَلْيُشْهِدْ عَلَى الْإِنْفَاقِ) لِإِتْمَامِ الْعَمَلِ. (إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ) بِمَا يُنْفِقُهُ وَيُصَرِّحُ فِي الْإِشْهَادِ بِالرُّجُوعِ فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ كَمَا ذُكِرَ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِشْهَادُ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ. (وَلَوْ) (مَاتَ) الْعَامِلُ (وَخَلَّفَ تَرِكَةً) (أَتَمَّ الْوَارِثُ الْعَمَلَ مِنْهَا) بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ عَنْهُ لِلُزُومِهِ لِلْمُوَرِّثِ. (وَلَهُ أَنْ يُتِمَّ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ) وَيَسْتَحِقَّ الْمَشْرُوطَ وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً لَمْ يُقْتَرَضْ عَلَيْهِ، وَلِلْوَارِثِ أَنْ يُتِمَّ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِمَالِهِ وَيُسَلَّمُ لَهُ عَلَى عَيْنِ الْعَامِلِ، انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ كَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ، وَلَا تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ بِمَوْتِ الْمَالِكِ، بَلْ تَسْتَمِرُّ وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ نَصِيبَهُ. (وَلَوْ ثَبَتَتْ خِيَانَةُ عَامِلٍ) فِيهَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ. (ضُمَّ إلَيْهِ مُشْرِفٌ) إلَى أَنْ يَتِمَّ الْعَمَلُ. (فَإِنْ لَمْ يَتَحَفَّظْ بِهِ اُسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِهِ عَامِلٌ) يُتِمُّ الْعَمَلَ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمُشْرِفِ أَيْضًا. (وَلَوْ خَرَجَ الثَّمَرُ مُسْتَحَقًّا) بِخُرُوجِ مُسْتَحَقِّهِ (فَلِلْعَامِلِ عَلَى الْمُسَاقِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِعَمَلِهِ.   [حاشية قليوبي] بِحَضْرَتِهِمَا أَوْ اسْتَغْنَى الشَّجَرُ عَنْ الْعَمَلِ. قَوْلُهُ: (بَقِيَ إلَخْ) سَوَاءٌ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْعَيْنِ أَوْ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ كَقَضَاءِ دَيْنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. قَوْلُهُ: (اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ) أَيْ أَوْ أَذِنَ لِلْمَالِكِ فِي الْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ أَوْ يُقْرِضَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ. إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَعْمَلُ بِمُؤَجَّلٍ إلَى ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَلَا يُقْرِضُ إذَا ظَهَرَتْ وَيَسْتَأْجِرُ مِنْهَا وَمَحَلُّ اسْتِئْجَارِ الْحَاكِمِ، إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الذِّمَّةِ وَإِلَّا امْتَنَعَ لِتَمَكُّنِ الْمَالِكِ مِنْ الْفَسْخِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ، وَتَرْكِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَاكِمِ) لِعَدَمِهِ، أَوْ عَدَمِ إجَابَتِهِ لَهُ أَوْ تَوَقُّفِهِ عَلَى أَخْذِ مَالٍ لَهُ وَقَعَ أَوْ بَعْدَهُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَمِثْلُهُ عَجْزُ الْمَالِكِ عَنْ إثْبَاتِ هَرَبِ الْعَامِلِ فَلْيُشْهِدْ عَلَى الْإِنْفَاقِ أَوْ عَلَى عَمَلِهِ بِنَفْسِهِ إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ بِمَا يُنْفِقُهُ أَوْ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِهِ حَيْثُ وَافَقَ الْعُرْفَ. قَوْلُهُ: (كَمَا ذُكِرَ) وَمِنْهُ التَّصْرِيحُ بِالرُّجُوعِ نَعَمْ يُعْذَرُ فِي تَرْكِهِ لِجَهْلٍ بِهِ لَا فِي تَرْكِ الْإِشْهَادِ وَلَوْ تَعَذَّرَ الْعَمَلُ وَالْإِنْفَاقُ لَمْ يَفْسَخْ إنْ ظَهَرَتْ الثَّمَرَةُ وَهِيَ لَهُمَا وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا عَمِلَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ) أَيْ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الذِّمَّةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (أَتَمَّ الْوَارِثُ إلَخْ) أَيْ وَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِتْمَامِ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ أَوْ يَسْتَأْجِرُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مِنْ التَّرِكَةِ مَنْ يُتِمُّ. قَوْلُهُ: (بِنَفْسِهِ) وَيَلْزَمُ الْمَالِكَ تَمْكِينُهُ. إنْ كَانَ ثِقَةً عَارِفًا وَإِلَّا فَلَا وَمِثْلُهُ مَنْ يَعْمَلُ عَنْهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقْتَرِضْ) أَيْ لَا يَجُوزُ وَلِلْوَارِثِ إنْ شَاءَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَعْمَلْ فَلِلْمَالِكِ الْفَسْخُ. قَوْلُهُ: (انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ) قَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ. بِمَا إذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا نَحْوُ التَّجْفِيفِ فَلَا تَنْفَسِخُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ بِمَوْتِ الْمَالِكِ) نَعَمْ إنْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ الْعَامِلُ أَوْ كَانَ الْبَطْنُ الثَّانِي فِي الْوَقْفِ انْفَسَخَتْ. قَوْلُهُ: (بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ) وَكَذَا بِيَمِينٍ مَرْدُودَةٍ مِنْ الْعَامِلِ عَلَى الْمَالِكِ فَالْمُصَدَّقُ ابْتِدَاءً الْعَامِلُ، وَلَا بُدَّ فِي دَعْوَى الْمَالِكِ الْخِيَانَةَ أَنْ يُعَيِّنَ قَدْرَ مَا حَصَلَ بِهَا إنْ أَرَادَ أَنْ يُغَرِّمَهُ فَإِنْ أَرَادَ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ الشَّجَرِ سُمِعَتْ مَجْهُولَةً. قَوْلُهُ: (اُسْتُؤْجِرَ) أَيْ فِي مُسَاقَاةِ الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَلِلْمَالِكِ الْفَسْخُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْعَامِلِ فِي حَالِ ظُهُورِ الْخِيَانَةِ لَا بِإِشَاعَتِهَا فَإِنْ اسْتَأْجَرَ فِيهَا فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمَالِكِ وَسَوَاءٌ فِي ضَمِّ الْمُشْرِفِ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْعَيْنِ أَوْ الذِّمَّةُ. قَوْلُهُ: (بِخُرُوجِ الشَّجَرِ) مِثَالٌ فَيَشْمَلُ الْوَصِيَّةَ بِالثَّمَرَةِ قَبْلَ الْمُسَاقَاةِ كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ الْأُجْرَةَ مَعَ خُرُوجِ الْأَشْجَارِ مُسْتَحِقَّةً نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِعَمَلِهِ) أَيْ حَيْثُ جَهِلَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ قَطْعًا وَفَارَقَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ غَيْرَهَا مِنْ صُوَرِ الْفَسَادِ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ فِيهَا الْأُجْرَةَ وَإِنْ عَلِمَ بِعَدَمِ مِلْكِ الْمَالِكِ هُنَا، وَلَوْ بَاعَ الْمَالِكُ الشَّجَرَ فَالْعَامِلُ مَعَ الْمُشْتَرِي كَمَا كَانَ مَعَ الْبَائِعِ. تَنْبِيهٌ: تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ مِنْ الثَّمَرِ إنْ كَانَ وَلَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ رَدْمٌ انْقَطَعَ وَلَوْ تَلِفَ بِقَطْعِهِ الثَّمَرُ أَوْ بِجَائِحَةٍ أَوْ نَحْوَ غَصْبٍ لَزِمَ الْعَامِلَ إتْمَامٌ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُ الثَّمَرِ بِذَلِكَ خُيِّرَ الْعَامِلُ، فَإِنْ فَسَخَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ أَجَازَ أَتَمَّ الْعَمَلَ، وَلَهُ حِصَّتُهُ مِمَّا بَقِيَ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفَسِخْ فِي تَلَفِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَا يُرْجَى بَقَاؤُهُ لِأَجْلِهِ، وَلَمْ يَثِقْ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَبَدَا صَلَاحُ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَقِيَ اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ) قَالَ الْإِمَامُ: هُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ اهـ. وَالْأَصْحَابُ نَزَّلُوا ذَلِكَ مَنْزِلَةَ التَّبَرُّعِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، قَالَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمِنْ قَوْلِهِمْ هُنَا وَفِي الْجَعَالَةِ: لَوْ تَبَرَّعَ مُتَبَرِّعٌ بِالْعَمَلِ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ. قُلْت: قَدْ يُقَالُ بِمِثْلِهِ فِي إمَامِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ مِنْ وُلَاةِ الْوَظَائِفِ إذَا اسْتَنَابَ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفْتَيَا بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ النَّائِبِ وَالْمُسْتَنِيبِ مَعًا. قُلْت قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ مُبَاشَرَةُ مَنْ عَيَّنَهُ أَوْ عَيَّنَهُ النَّاظِرُ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ غَرَضُهُ مُبَاشَرَتَهُ أَيْضًا إذَا وَرَدَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْعَيْنِ، لَكِنَّ النِّيَابَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَظَائِفِ أَقْوَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى الْحَاكِمِ) أَيْ كَأَنْ يَكُونَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ مَا لَوْ تُوقَفْ ذَلِكَ عَلَى كُلْفَةٍ يَأْخُذُهَا بِغَيْرِ حَقٍّ. تَنْبِيهٌ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْإِنْفَاقِ فَقَدْ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي نَظَرِهِ مِنْ هَرَبِ الْجِمَالِ تَصْدِيقَ الْجَمَّالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ ثَبَتَتْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَثْبُتْ لَا ضَمَّ، لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْوَسِيطِ أَنَّ لِلْمَالِكِ أَنْ يَضُمَّ بِأُجْرَةٍ عَلَيْهِ، وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْيَدِ. قَوْلُهُ: (بِخُرُوجِ الشَّجَرِ) لَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوصِي بِمَا سَيَحْدُثُ مِنْ الثِّمَارِ، ثُمَّ يُسَاقِي عَلَيْهَا ثُمَّ مَحَلُّ الرُّجُوعِ إذَا كَانَ جَاهِلًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 كِتَابُ الْإِجَارَةُ هِيَ تُمْلِيك مَنْفَعَةٍ بَعُوضٍ، بِشُرُوطٍ تَأْتِي فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ عَاقِدَيْنِ وَصِيغَةٍ. (شَرْطُهُمَا) أَيْ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ (كَبَائِعٍ وَمُشْتَرٍ) أَيْ كَشَرْطِهِمَا مِنْ الرُّشْدِ، وَعَدَمِ الْإِكْرَاهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ. (وَالصِّيغَةُ آجَرْتُك هَذَا أَوْ أَكْرَيْتُكَ هَذَا أَوْ مَلَّكْتُك مَنَافِعَهُ سَنَةً بِكَذَا فَيَقُولُ) عَلَى الِاتِّصَالِ. (قَبِلْت أَوْ اسْتَأْجَرْت أَوْ اكْتَرَيْت) إلَخْ (وَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهَا بِقَوْلِهِ آجَرْتُك مَنْفَعَتَهَا) أَيْ الدَّارَ إلَخْ (وَمَنْعُهَا) أَيْ مَنْعُ انْعِقَادِهَا (بِقَوْلِهِ بِعْتُك مَنْفَعَتَهَا) إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَمْلُوكَةٌ بِالْإِجَارَةِ، فَذِكْرُهَا فِيهَا تَأْكِيدٌ، وَلَفْظُ الْبَيْعِ وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ، فَذِكْرُهُ فِي الْمَنْفَعَةِ مُفْسِدٌ وَالثَّانِي فِي الْأُولَى قَالَ لَفْظُ الْإِجَارَةِ وُضِعَ مُضَافًا لِلْعَيْنِ فَذِكْرُ الْمَنْفَعَةِ مَعَهُ مُفْسِدٌ وَفِي الثَّانِيَةِ نَظَرٌ إلَى الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ الْإِجَارَةَ صِنْفٌ مِنْ الْبَيْعِ [صِيغَة الْإِجَارَة] (وَهِيَ) أَيْ الْإِجَارَةُ   [حاشية قليوبي] الثَّمَرِ فَلَهُ خَرْصُهُ، وَتَعْيِينُ حِصَّةِ الْآخَرِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَلَهُمَا بَعْدَ أَوَانِ الْجُذَاذِ الْقِسْمَةُ إنْ قُلْنَا إفْرَازٌ وَلِكُلٍّ بَيْعُ حِصَّتِهِ لِلْآخَرِ وَلِثَالِثٍ وَاخْتِلَافُهُمَا فِي قَدْرِ الْمَشْرُوطِ مِنْ الثَّمَرِ، وَفِي الرَّدِّ وَفِي الْهَلَاكِ وَفِي قَدْرِ الشَّجَرِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ. كَمَا فِي الْقِرَاضِ فَيَتَحَالَفَانِ فِي الْأَوَّلِ، وَيُصَدَّقُ الْعَامِلُ فِي غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. كِتَابُ الْإِجَارَةِ بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْكَسْرُ أَشْهُرُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ آجَرَهُ بِالْمَدِّ يُؤَجِّرُهُ إيجَارًا أَوْ مِنْ أَجَرَهُ بِالْقَصْرِ. يَأْجُرُهُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا أَجْرًا وَهِيَ لُغَةً اسْمٌ لِلْأُجْرَةِ وَاشْتَهَرَتْ فِي الْعَقْدِ وَفِيهِ أَنَّ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ أَعَمُّ مِنْ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (هِيَ) أَيْ شَرْعًا، وَعَرَّفَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ مَقْصُودَةٍ قَابِلَةٍ لِلْبَذْلِ وَالْإِبَاحَةِ بَعُوضٍ مَعْلُومٍ وَضْعًا فَخَرَجَ بِالْمَنْفَعَةِ الْأَعْيَانُ كَالْبَيْعِ، وَبِمَعْلُومَةٍ نَحْوُ الْجَعَالَةِ وَبِمَقْصُودَةٍ نَحْوُ تُفَّاحَةٍ لِشَمِّهَا وَبِقَابِلَةٍ لِلْبَذْلِ نَحْوُ الْبُضْعِ، وَبِالْإِبَاحَةِ نَحْوُ جَارِيَةٍ لِلْوَطْءِ وَبَعُوضٍ الْعَارِيَّةُ وَبِمَعْلُومٍ نَحْوُ الْمُسَاقَاةِ وَبِوَضْعٍ مَا لَوْ وَقَعَتْ الْجَعَالَةُ مَثَلًا عَلَى عِوَضٍ مَعْلُومٍ فَتَأَمَّلْ وَاسْتَغْنَى الشَّارِحُ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بِشُرُوطٍ تَأْتِي وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ التَّمْلِيكِ بِالْعَقْدِ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ فِيهَا) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الرُّكْنِيَّةِ؛ لِأَنَّ أَرْكَانَهَا أَرْبَعَةٌ عَاقِدٌ وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ، وَأُجْرَةٌ وَصِيغَةٌ أَوْ ثَلَاثَةٌ بِجَعْلِ الْأُجْرَةِ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ لِضَرُورَةِ رُجُوعِ الضَّمِيرِ فِي شَرْطِهِمَا وَأَلِ الْعَهْدِيَّةِ فِي الصِّيغَةِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (مِنْ الرُّشْدِ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا يَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الذِّمِّيُّ مُسْلِمًا وَلَوْ إجَارَةَ عَيْنٍ، وَيَسْتَنِيبُ الْمُسْلِمُ كَافِرًا يَقُومُ عَنْهُ بِخِدْمَةِ الْكَافِرِ، وُجُوبًا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَيُؤْمَرُ وُجُوبًا بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَلِلْحَاكِمِ مَنْعُهُ مِنْهَا وَلَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ خِدْمَةَ كَافِرٍ وَلَوْ بِغَيْرِ إجَارَةٍ، وَيَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَعْمَى نَفْسَهُ أَوْ يُؤَجِّرَهَا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَجِّرَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ نَفْسَهُ، وَإِنْ صَحَّ بَيْعُهَا لَهُ وَيَصِحُّ أَنْ يُؤَجِّرَ السَّفِيهُ نَفْسَهُ لِمَا لَمْ يُقْصَدُ مِنْ عَمَلِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ شَيْخُنَا الْمُرَادُ مَا لَا يُقْصَدُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ كَالْحَجِّ، وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ وَتَصِحُّ إجَارَةُ الْمَوْقُوفِ مِنْ نَاظِرٍ لِنَاظِرٍ آخَرَ. قَوْلُهُ: (وَالصِّيغَةُ آجَرْتُك إلَخْ) أَيْ مَثَلًا فَالْحُصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِمَّا ذَكَرَهُ لَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (مَنَافِعَهُ) رَاجِعٌ لِلْأَخِيرَةِ فَقَطْ، وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِمَا قَبْلَهَا. فَتَأَمَّلْ مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (سَنَةً) هُوَ ظَرْفٌ لِلْمَنَافِعِ أَوْ مَفْعُولٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَانْتَفِعْ بِهِ سَنَةً وَلَيْسَتْ ظَرْفًا لَآجَرْت؛ لِأَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْإِنْشَاءُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (عَلَى الِاتِّصَالِ) الْمَفْهُومُ مِنْ الْفَاءِ إذْ يُشْتَرَطُ فِي الصِّيغَةِ هُنَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهَا فِي الْبَيْعِ إلَّا التَّأْقِيتُ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ هُنَا. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ تُفِيدُ الصِّحَّةَ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الْوَقْتِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (وَمَنْعُهَا إلَخْ) فَلَا تَصِحُّ بِهَا. وَلَيْسَتْ كِنَايَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمِنْ الْكِنَايَةِ اُسْكُنْ دَارِي شَهْرًا بِكَذَا أَوْ جَعَلْت لَك مَنْفَعَتَهَا سَنَةً بِكَذَا وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ بِالْفَوْقَانِيَّةِ وَفِي إشَارَةِ الْأَخْرَسِ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ. قَوْلُهُ: (إلَى آخِرِهِ) أَيْ مِنْ ذِكْرِ الْمُدَّةِ وَالْعِوَضِ وَالْوَقْتِ وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ الْأَوْلَوِيَّةِ مِنْ الْقَابِلِ وَشَرْطٌ مِنْ الْمُبْتَدَى وَمِنْ مَنْعِ إرَادَةِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ فُهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الِاشْتِرَاطُ مِمَّنْ يَقْبَلُ الْعَقْدَ فَقَالَ: الْمُرَادُ إلَى آخِرِ صِيَغِ الْقَبُولِ الْمَذْكُورَةِ إذْ بَقِيَ مِنْهَا تَمَلَّكْت مَثَلًا. قَوْلُهُ: (مُفْسِدٌ)   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الْإِجَارَة] قَوْلُهُ: (أَيْ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ) الْمَفْهُومَانِ مِنْ الْإِجَارَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنَافِعَهُ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّ الصِّيغَتَيْنِ قَبْلَهُ مُتَنَازِعَتَانِ فِيهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَخِيرَةِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي قَرِيبًا. قَوْلُهُ: (سَنَةً) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُدَّةِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الِاتِّصَالِ) هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ الْفَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَبِلْت) ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ. قَوْلُهُ: (إلَى آخِرِهِ) بَيَانٌ لِمَا هُوَ الْمُعْتَادُ. قَوْلُهُ: (مُفْسِدٌ) كَمَا لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ. قَوْلُهُ: (فَذِكْرُ الْمَنْفَعَةِ مَعَهُ مُفْسِدٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ: لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لِلْمَنْفَعَةِ مَنْفَعَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قِسْمَانِ وَارِدَةٌ عَلَى عَيْنٍ) أَيْ مُرْتَبِطَةٌ بِهَا فَلَا يُنَافِي تَصْحِيحَهُمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 (قِسْمَانِ وَارِدَةٌ عَلَى عَيْنٍ كَإِجَارَةِ الْعَقَارِ وَدَابَّةٍ أَوْ شَخْصٍ مُعَيَّنَيْنِ) وَالتَّثْنِيَةُ بَعْدَ الْعَطْفِ أَوْ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: 135] (وَ) وَارِدَةٌ (عَلَى الذِّمَّةِ كَاسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ مَوْصُوفَةٍ، وَبِأَنْ يُلْزِمَ ذِمَّتَهُ خِيَاطَةً أَوْ بِنَاءً) وَاقْتُصِرَ فِي الْعَقَارِ عَلَى إجَارَةِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ. (وَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك لِتَعْمَلَ كَذَا فَإِجَارَةُ عَيْنٍ) لِلْإِضَافَةِ إلَى الْمُخَاطَبِ. (وَقِيلَ) إجَارَةُ (ذِمَّةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ الْعَمَلِ مِنْ جِهَةِ، الْمُخَاطَبِ فَلَهُ تَحْصِيلُهُ بِغَيْرِهِ. (وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجْلِسِ) كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ. (وَإِجَارَةُ الْعَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِيهَا) كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ (وَيَجُوزُ) فِي الْأُجْرَةِ. (فِيهَا التَّعْجِيلُ وَالتَّأْجِيلُ إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ) بِخِلَافِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنَّهَا مَا تُؤَجَّلُ (وَإِذَا أُطْلِقَتْ تَعَجَّلَتْ وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً مُلِكَتْ فِي الْحَالِ) أَيْ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ الْمُطْلَقَةَ تُمْلَكُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ أَيْضًا، وَفِي التَّتِمَّةِ تُمْلَكُ الْأُجْرَةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ أَوْ عَيْنَ مَالٍ، وَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ مَعْلُومَةً) كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ (فَلَا تَصِحُّ) إجَارَةُ الدَّارِ وَالدَّابَّةِ (بِالْعِمَارَةِ وَالْعَلْفِ)   [حاشية قليوبي] لِمُنَافَاةِ وُجُوبِ ذِكْرِ التَّوْقِيتِ لِوُجُوبِ عَدَمِ ذِكْرِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لِلْمَنْفَعَةِ مَنْفَعَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ ذِكْرَ الْوَقْتِ لِلْإِعْلَامِ بِقَدْرِ الْمَنْفَعَةِ فَهِيَ كَالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ، وَلَيْسَ تَوْقِيتًا لِلْعَقْدِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ التَّحَالُفِ بَعْدَ فَرَاغِ الْوَقْتِ اهـ. قَوْلُهُ: (عَلَى عَيْنٍ) أَيْ عَلَى مَنْفَعَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِعَيْنٍ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ فَمَوْرِدُ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ مُطْلَقًا وَقِيلَ مَوْرِدُهَا فِي الْمُعَيَّنِ الْعَيْنُ قَالَ الشَّيْخَانِ وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ لَا يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ الْعَيْنِ، وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي لَا يَعْنِي بِهِ أَنَّ الْعَيْنَ تُمَلَّكُ وَأَوْرَدَ بَعْضُهُمْ لِذَلِكَ الْخِلَافِ فَوَائِدَ مِنْهَا أَنَّ اسْتِئْجَارَ حُلِيِّ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ أَوْ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ أَوْ بَيْعَ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ صَحِيحٌ إنْ قُلْنَا مَوْرِدُهَا الْمَنْفَعَةُ وَلَا يَصِحُّ إنْ قُلْنَا مَوْرِدُهَا الْعَيْنُ وَرَدَّ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ شُهْبَةَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَوَارِدَةٌ عَلَى الذِّمَّةِ) أَيْ عَلَى مَنْفَعَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْعَقَارِ) أَيْ الْكَامِلِ أَمَّا نِصْفُهُ فَأَقَلُّ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ لِثُبُوتِهِ فِيهَا سِلْمًا وَقَرْضًا وَالسَّفِينَةُ كَالْعَقَارِ وَقَالَ الْخَطِيبُ إنَّهَا كَالدَّوَابِّ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ أَذِنَ الْأَجِيرُ الْمُعَيَّنُ لِغَيْرِهِ فِي الْعَمَلِ وَعَمِلَ فَلَا أُجْرَةَ لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ إنْ جَهِلَ الْفَسَادَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ أَيْضًا، وَفَارَقَ الْقِرَاضَ وَالْمُسَاقَاةَ. بِأَنَّ الْعَامِلَ فِيهِمَا وُقِّعَ مَعَهُ عَقْدٌ وَبِأَنَّ الْعَقْدَ لِلِاسْتِحْقَاقِ. قَوْلُهُ: (اسْتَأْجَرْتُك) وَمِنْهُ أَلْزَمْتُك عَمَلَ كَذَا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) وَإِنْ عُقِدَتْ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ فِيهَا تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ) وَلَا الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا وَلَا الْحَوَالَةُ بِهَا وَلَا عَلَيْهَا وَلَا الْبَرَاءَةُ مِنْهَا وَإِذَا وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الْأَوَّلِ وَكَذَا فِيمَا بَعْدَهُ إنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَقِيلَ يَبْطُلُ وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا كَمَا فِي عَقْدِ السَّلَمِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي عَقْدِهِ خِيَارًا وَمَا ذُكِرَ إجَارَةٌ فَهِيَ كَالتَّفَرُّقِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا وَقِيَاسُ عَقْدِ السَّلَمِ أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ بَعْضَ الْأُجْرَةِ صَحَّ فِيمَا يُقَابِلُهُ، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (ذَلِكَ) أَيْ التَّسْلِيمُ وَتَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِهَا وَعَلَيْهَا وَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَا يَتَعَيَّنُ مَجْلِسُ الْعَقْدِ لِتَسْلِيمِهَا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ) أَيْ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَالرَّوْضَةِ لِشُمُولِهِ مَا فِي الذِّمَّةِ مُطْلَقَةً كَانَتْ أَوْ مُؤَجَّلَةً نَعَمْ لَا تَسْتَحِقُّ إلَّا بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ فَإِنْ تَنَازَعَا فَكَمَا فِي الْمَبِيعِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ آجَرَ النَّاظِرُ فِي وَقْفِ التَّرْتِيبِ الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَقَبَضَ أُجْرَتَهَا فَلَهُ تَسْلِيمُ جَمِيعِهَا لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَإِنْ عَلِمَ مَوْتَهُمْ قَبْلَ مُضِيِّهَا وَإِذَا مَاتُوا لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ وَيَرْجِعُ مَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى تَرِكَتِهِمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَى النَّاظِرِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَالرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ، خَالَفَهُمْ الْخَطِيبُ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَهَلْ لِمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ الِاسْتِحْقَاقُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ آخَرُ: سَيَأْتِي أَنَّ مِلْكَ الْأُجْرَةِ بِالْعَقْدِ مِلْكٌ مُرَاعًى بِمَعْنَى أَنَّهُ كُلَّمَا مَضَى زَمَنٌ عَلَى السَّلَامَةِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُؤَجَّرَ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى مَا يُقَابِلُهُ إنْ قَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ أَوْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَامْتَنَعَ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ مَعْلُومَةً) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً وَيَكْفِي رُؤْيَتُهَا فِي الْمُعَيَّنَةِ وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَفِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِوَقْتِ تَلَفِ الْمَنْفَعَةِ، نَعَمْ يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِلْحَجِّ بِالرِّزْقِ تَوْسِعَةً فِيهِ وَفِي الرَّوْضِ أَنَّهُ لَيْسَ إجَارَةً، وَإِنَّمَا هُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّرَاضِي وَجَوَّزَ   [حاشية عميرة] أَنْ مَوْرِدَهَا الْمَنْفَعَةُ، بِدَلِيلِ صِحَّةِ إجَارَةِ حُلِيِّ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَإِجَارَةِ الْعَقَارِ) كَمَا أَنَّ الْعَقَارَ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، لَا يَجُوزُ إجَارَتُهُ فِي الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا} [النساء: 135] إلَى آخَرِ الْآيَةِ يَعْنِي يَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ مَثْنًى عِنْدَ إرَادَةِ التَّنْوِيعِ، فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ عَوْدُ الضَّمِيرِ، وَالْوَصْفُ وَالْإِخْبَارُ عَنْ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ يَكُونُ مُفْرَدًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ فِيهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْإِجَارَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِجَارَةُ الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِنَفْسِ الْعَقْدِ) كَمَا لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، ثُمَّ مِلْكُهُ الْأُجْرَةَ مِلْكًا مُرَاعًى بِمَعْنَى كُلَّمَا مَضَى جُزْءٌ مِنْ الزَّمَانِ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى مَا يُقَابِلُهُ. فَرْعٌ: وَلَوْ آجَرَ النَّاظِرُ الْوَقْفَ سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَتَعَجَّلَ الْأُجْرَةَ. فَلَا يَدْفَعُ لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ ضَمِنَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ مَعْلُومَةً) وَسَوَادُ الْعِرَاقِ كَانَ ضَرُورَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْعِمَارَةِ وَالْعَلَفِ) هُمَا مِثَالَا الذِّمَّةِ، وَالِاثْنَانِ بَعْدَهُمَا مِثَالَا الْعَيْنِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 بِسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ بِالْفَتْحِ مَا تُعْلَفُ بِهِ لِلْجَهَالَةِ فِي ذَلِكَ (وَلَا لِيَسْلُخَ) الشَّاةَ (بِالْجِلْدِ وَيَطْحَنَ) الْحِنْطَةَ (بِبَعْضِ الدَّقِيقِ) كَثُلُثِهِ (أَوْ بِالنُّخَالَةِ) لِلْجَهَالَةِ بِثَخَانَةِ الْجِلْدِ وَبِقَدْرِ الدَّقِيقِ وَالنُّخَالَةِ (وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ (لِتُرْضِعَ رَقِيقًا بِبَعْضِهِ فِي الْحَالِ جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ) لِلْعِلْمِ بِهِ، وَالثَّانِي قَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ عَمَلُ الْأَجِيرِ فِي خَالِصِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بِبَعْضِهِ، بَعْدَ الْفِطَامِ لَمْ تَصِحَّ جَزْمًا لِلْجَهْلِ بِهِ إذْ ذَاكَ. (وَكَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مُتَقَوِّمَةً) أَيْ لَهُمَا قِيمَةٌ. (فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ بَيَّاعٍ عَلَى كَلِمَةِ لَا تَتْعَبْ وَإِنْ رُوِّجَتْ السِّلْعَةُ) إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا. (وَكَذَا دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ لِلتَّزَيُّنِ وَكَلْبٌ لِصَيْدٍ) أَوْ حِرَاسَةٍ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُهَا لِمَا ذُكِرَ. (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ التَّزَيُّنَ بِالنَّقْدِ لَا يُقْصَدُ إلَّا نَادِرًا، وَالنَّادِرُ كَالْمَعْدُومِ فَلَا قِيمَةَ لَهُ، وَالْكَلْبُ لَا قِيمَةَ لَعَيْنِهِ فَكَذَا الْمَنْفَعَةُ وَالثَّانِي يُنَازَعُ فِي ذَلِكَ. (وَكَوْنُ الْمُؤَجِّرِ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا. (فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ آبِقٍ وَمَغْصُوبٍ وَأَعْمَى لِلْحِفْظِ)   [حاشية قليوبي] مَالِكُ وَأَحْمَدُ الْإِجَارَةَ بِالنَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَسَطِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (لِلْجَهَالَةِ فِي ذَلِكَ) هُوَ لِلْأَغْلَبِ فِيمَا يُعْلَفُ بِهِ، فَالْمَعْلُومُ فِيهِ كَذَلِكَ لِضَمِّ الْعَمَلِ الْمَجْهُولِ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَضُمَّ الْعَمَلَ إلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرُوا قَدْرًا مَعْلُومًا وَأَذِنَ لَهُ خَارِجَ الْعَقْدِ بِصَرْفِهِ فِي الْعَلَفِ أَوْ الْعِمَارَةِ جَازَ وَاغْتُفِرَ كَوْنُهُ قَابِضًا وَمُقْبِضًا مِنْ نَفْسِهِ لِوُقُوعِهِ ضِمْنًا، وَمِنْهُ قَبْضُ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ مُسْتَأْجِرِ الْوَقْفِ مَا سَوَّغَهُ بِهِ النَّاظِرُ عَلَيْهِ مِنْ مَعْلُومِهِ، وَمِنْهُ إذْنُ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ فِي إسْلَافِ مَا فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانٍ مَثَلًا، وَمِنْهُ إذْنُ النَّاظِرِ لِمُسْتَأْجِرِ الْوَقْفِ فِي الصَّرْفِ فِي عِمَارَتِهِ. قَالَ شَيْخُنَا م ر: هَذَا إنْ كَانَ الصَّرْفُ مِنْ أُجْرَةٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ أُرِيدَ الصَّرْفُ لِيَكُونَ دَيْنًا عَلَى الْوَقْفِ، فَلَا يَكْفِي إذْنُ النَّاظِرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْقَاضِي. وَقَالَ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْقَاضِي مُطْلَقًا وَلَا يَكْفِي إذْنُ النَّاظِرِ وَحْدَهُ، وَاكْتَفَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِإِذْنِ النَّاظِرِ وَحْدَهُ مُطْلَقًا خُصُوصًا إذَا لَزِمَ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي غَرَامَةُ مَالٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ وَجِيهٌ لَا عُدُولَ عَنْهُ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ آخِرًا وَاعْتَمَدَهُ وَيُصَدَّقُ فِي صَرْفِ الْقَدْرِ اللَّائِقِ، وَتَكْفِي شَهَادَةُ الصُّنَّاعِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمْ يَعْنُونَ أَنْفُسَهُمْ. قَوْلُهُ: (بِالْجِلْدِ) أَيْ جِلْدِهَا. قَوْلُهُ: (بِبَعَضِ الدَّقِيقِ) أَيْ مِنْهَا وَإِنْ عُيِّنَ قَدْرُهُ كَصَاعٍ مَثَلًا وَالنُّخَالَةُ كَذَلِكَ وَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلَّلَ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ حَالَةَ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَرْأَةُ) وَمِثْلُهَا الرَّجُلُ وَخَرَجَ بِهِمَا نَحْوُ شَاةٍ فَلَا يَصِحُّ لَهُمْ قُدْرَةُ التَّسْلِيمِ. قَوْلُهُ: (رَقِيقًا) وَمِثْلُهُ الدَّابَّةُ. قَوْلُهُ: (بِبَعْضِهِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ بِالْجُزْئِيَّةِ كَرُبْعٍ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ اسْتَأْجَرْتُك لِإِرْضَاعِ هَذَا الرَّقِيقِ بِرُبْعِهِ الْآنَ فَيَصِحُّ وَيَنْزِلُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ. قَالَ شَيْخُنَا م ر: وَكَذَا لَوْ قَالَ لِإِرْضَاعِ كُلِّهِ أَوْ جَمِيعِهِ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي كُتُبِهِ، وَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَمَا يَأْتِي فَإِنْ قَالَ لِإِرْضَاعِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ بِرُبْعِهِ أَوْ بِرُبْعِهِ لِإِرْضَاعِ بَاقِيه صَحَّ بِلَا خِلَافٍ، وَمَا هُنَا يَجْرِي فِي الْمُسَاقَاةِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَالَ شَيْخُنَا م ر أَيْضًا وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي صُورَةِ الطَّحْنِ السَّابِقَةِ، وَلَعَلَّهُ لَوْ قُلْنَا بِصِحَّتِهَا فَتَأَمَّلْهُ أَوْ الْمُرَادُ بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْبُرِّ لَا مِنْ الدَّقِيقِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ : (مُتَقَوِّمَةُ) أَيْ وَمُبَاحَةٌ وَمَقْدُورٌ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَمَقْصُودَةٌ وَمَمْلُوكَةٌ لَهُ وَاقِعَةٌ لِلْمُكْتَرِي وَلَا تَتَضَمَّنُ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا وَتَسْتَوْفِي مِنْ الْعَيْنِ مَعَ بَقَائِهَا وَكُلُّ ذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (لَهَا قِيمَةٌ) فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَا قَابَلَ الْمِثْلِيَّةَ. قَوْلُهُ: (عَلَى كَلِمَةِ لَا تَتْعَبْ) وَلَوْ فِي غَيْرِ مُسْتَقِرِّ الْقِيمَةِ وَالضَّرْبَةُ كَالْكَلِمَةِ وَالْمُرَادُ مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ وَإِنْ حَصَلَ بِهِ تَعَبٌ، وَالْمُرَادُ بِالْكَلِمَةِ اللُّغَوِيَّةُ. وَقَالَ السَّنْبَاطِيُّ: يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إذَا كَانَ فِيهَا تَعَبٌ، نَعَمْ إنْ كَانَتْ مَعَ تَأَمُّلٍ كَضَرْبَةٍ لِتَقْوِيمِ نَحْوِ سَيْفٍ أَوْ فَصْدٍ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ) بِخِلَافِ الْحُلِيِّ فَيَصِحُّ إجَارَتُهُ. قَوْلُهُ: (لِلتَّزْيِينِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوْ لِلضَّرْبِ عَلَى صُورَتِهَا فَلَا تَصِحَّ الْإِجَارَةُ فِيهِمَا وَإِنَّمَا صَحَّتْ الْإِعَارَةُ فِيهَا لِعَدَمِ الْمَالِ، وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ لِلضَّرْبِ الْمَذْكُورِ كَالْعَارِيَّةِ لَهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِيهَا مَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عُرًى وَلَوْ مِنْهَا وَإِلَّا صَحَّتْ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالْحُلِيِّ. قَوْلُهُ: (لَا قِيمَةَ لَعَيْنِهِ) فَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ نَحْوَ هِرَّةٍ لِصَيْدِ فَأْرٍ وَفَهْدٍ، لِصَيْدٍ وَقِرْدٍ لِحِرَاسَةٍ وَطَاوُسٍ لِلَوْنِهِ، وَطَيْرٍ كَعَنْدَلِيبِ لِصَوْتِهِ، وَشَجَرَةٍ لِظِلِّهَا أَوْ لِرَبْطِ دَابَّةٍ بِهَا وَمِسْكٍ لِشَمِّهِ، وَتُفَّاحٍ كَثِيرٍ كَذَلِكَ لَا تُفَّاحَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ تَافِهٌ فِيهَا، وَالشَّبَكَةِ لِصَيْدٍ وَحَبْلٍ لِنَشْرِ ثِيَابٍ عَلَيْهِ، وَحَجَرٍ لِسَدِّ كُوَّةِ وَحْشٍ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ، وَبُسْتَانٍ لِلتَّفَرُّجِ فِيهِ، وَكُتُبٍ مُبَاحَةٍ لَا فُحْشَ فِيهَا لِقِرَاءَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ، وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْقِسِيِّ وَالرِّمَاحِ لَا النُّشَّابِ إلَّا تَبَعًا لِلْقِسِيِّ عَلَى الْأَوْجَهِ. قَوْلُهُ: (قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا) وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ مَحَلَّهَا كَمُسْتَأْجِرٍ وَمَا أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ وَمِنْهُ نَحْوُ أَرَاضِي مِصْرٍ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ، فَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَنْ مَنَعَهُ الْإِمَامُ فَوَاضِحٌ.   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ: ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ إلَى صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ الْأَجِيرِ بِنَفَقَتِهِ وَكُسْوَتِهِ، وَتُحْمَلُ عَلَى الْوَسَطِ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَهَا قِيمَةٌ) لَيْسَ الْمُرَادُ مُقَابِلَ الْمِثْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ بَيَّاعٍ إلَخْ) وَنَظِيرُهُ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِ حَبَّةِ الْحِنْطَةِ. قَوْلُهُ: (يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ) أَيْ وَيَقُولُ هِيَ مَنَافِعُ تُسْتَبَاحُ بِالْإِعَارَةِ فَاسْتُحِقَّتْ بِالْإِجَارَةِ. فَرْعٌ: إجَارَةُ الشَّمْعِ لِلْإِيقَادِ فَاسِدَةٌ، وَهَذِهِ مِمَّا عَمَّتْ بِهَا الْبَلْوَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى تَسْلِيمِهَا) كَالْبَيْعِ، قِيلَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: الْقُدْرَةُ عَلَى تَسَلُّمِهَا. فَرْعٌ: الْإِقْطَاعُ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الْمُقْطَعَ يُؤَجَّرُ، وَخَالَفَهُ الشَّيْخُ الْفَزَارِيّ وَوَلَدُهُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَفَصَلَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ اطِّرَادِ عَادَةٍ، وَبَيْنَ غَيْرِ ذَلِكَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 أَيْ حِفْظِ الْمَتَاعِ. (وَأَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ لَا مَاءَ لَهَا دَائِمٌ، وَلَا يَكْفِيهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَلَا تُسْقَى بِمَاءٍ غَالِبِ الْحُصُولِ مِنْ الْجَبَلِ، وَإِنْ أَمْكَنَ زَرْعُهَا بِإِصَابَةِ مَطَرٍ عَظِيمٍ أَوْ سَيْلٍ نَادِرٍ. (وَيَجُوزُ إنْ كَانَ لَهَا مَاءٌ دَائِمٌ) مِنْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ. (وَكَذَا إنْ كَفَاهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ أَوْ مَاءُ الثُّلُوجِ الْمُجْتَمِعَةِ وَالْغَالِبُ حُصُولُهَا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِحُصُولِ مَا ذُكِرَ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي أَرْضِ مِصْرَ الَّتِي تُرْوَى مِنْ زِيَادَةِ النِّيلِ غَالِبًا قَبْلَ رَيِّهَا. (وَالِامْتِنَاعُ الشَّرْعِيُّ) لِلتَّسْلِيمِ (كَالْحِسِّيِّ) الْمُتَقَدِّمِ (فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ لِقَلْعِ سِنٍّ صَحِيحَةٍ) بِخِلَافِ الْوَجِعَةِ (وَلَا حَائِضَ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ) لِحُرْمَةِ الْمُكْثِ (وَكَذَا مَنْكُوحَةٌ لِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فِي الْأَصَحِّ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (آبِقٍ) وَمَنْذُورِ الْعِتْقِ وَمُشْتَرًى بِشَرْطِ الْعِتْقِ، وَمَغْصُوبٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَغَيْرِ قَادِرٍ عَلَى انْتِزَاعِهِ حَالًا، وَمِنْهُ كَوْنُ الدَّارِ مَسْكَنَ الْجِنِّ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (لِلْحِفْظِ) أَيْ بِالْبَصَرِ وَالْإِجَارَةِ عَلَى عَيْنِهِ وَمِثْلُهُ غَيْرُ قَارِئٍ لِتَعْلِيمِ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ اتَّسَعَ الزَّمَنُ بِقَدْرِ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَيُعَلِّمَ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعَيْنِ لَا تَتَأَخَّرُ. قَوْلُهُ: (وَأَرْضٍ) وَمِثْلُهَا الْحَمَّامُ. قَوْلُهُ (لِلزِّرَاعَةِ) قَيْدٌ لِاعْتِبَارِ الْمَاءِ وَعَدَمِهِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِغَيْرِ الزِّرَاعَةِ صَحَّتْ حَيْثُ أَمْكَنَ فِيهَا مَا اسْتَأْجَرَهَا لَهُ، وَلَوْ آجَرَهَا مَقِيلًا وَمَرَاحًا أَوْ عَمَّمَ كَقَوْلِهِ لِتَنْتَفِعَ بِمَا شِئْت صَحَّ، وَيَنْتَفِعُ فِيهَا بِمَا اُعْتِيدَ، وَلَوْ بِالزِّرَاعَةِ لَا بِغَرْسٍ وَبِنَاءٍ، فَإِنْ قَالَ مَقِيلًا وَمَرَاحًا وَلِلزِّرَاعَةِ إنْ أَمْكَنَ صَحَّ إنْ أَرَادَ التَّعْمِيمَ، أَوْ بَيَّنَ مَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا بَطَلَ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) ذَكَرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاعْتِيَادِ الْغَالِبُ، فَلَا يَكْفِي مَعَ احْتِمَالِ التَّسَاوِي أَوْ النُّدُورِ. قَوْلُهُ: (نَادِرٌ) أَيْ غَيْرُ غَالِبٍ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَطَرٍ وَسَيْلٍ. قَوْلُهُ: (دَائِمٌ) أَيْ يَحْصُلُ فِي وَقْتِ إرَادَةِ حُصُولِهِ عَلَى الدَّوَامِ وَتَصِحُّ إجَارَتُهَا قَبْلَ حُصُولِهِ، وَحَالَ وُجُودِهِ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَرْئِيَّةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهَا أَوْ بَعْدَ انْحِسَارِهِ عَنْهَا وَلَوْ لَمْ تُرْوَ أَوْ لَمْ يَنْحَسِرْ الْمَاءُ عَنْهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، أَوْ عَنْ بَعْضِهَا أَوْ لَمْ يُرْوَ بَعْضُهَا انْفَسَخَتْ فِيهِ وَثَبَتَ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي فَوْرًا. قَوْلُهُ: (مِنْ نَهْرٍ إلَخْ) أَيْ مَوْجُودٍ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ الْتَزَمَ الْمُؤَجِّرُ إيجَادَهُ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْغَالِبُ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى الْمَطَرِ وَالثُّلُوجِ كَمَا مَرَّ. فَرْعٌ: لَوْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِتَكَرُّرِ الزَّرْعِ لَمْ يُكَرَّرْ وَإِنْ بَقِيَتْ الْمُدَّةُ بَعْدَ حَصَادِهِ مَثَلًا، فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَلَوْ تَأَخَّرَ أَوَانُ الزَّرْعِ بِلَا تَقْصِيرٍ لَزِمَ الْمُؤَجِّرَ إبْقَاؤُهُ بِلَا أُجْرَةٍ أَوْ بِتَقْصِيرٍ لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةُ مَا زَادَ، وَلَوْ أَكَلَهُ نَحْوُ جَرَادٍ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَلَوْ نَبَتَ ثَانِيًا أَبْقَى إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ وَلَهُ زَرْعُ غَيْرِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ إنْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَسَعُهُ. قَوْلُهُ: (سِنٍّ صَحِيحَةٍ) أَيْ لِغَيْرِ قَوْدٍ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (لِوَجِعَةٍ) أَيْ هِيَ أَوْ مَا تَحْتَهَا بِحَيْثُ يَقُولُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِزَوَالِ الْأَلَمِ بِقَلْعِهَا وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ وَمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الْقَلْعِ وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهُ أَوْ سَقَطَتْ لِإِمْكَانِ الْإِبْدَالِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ بِسُقُوطِ الْأُجْرَةِ وَرَدِّهَا لَوْ أَخَذَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إبْدَالِ الْمُسْتَوْفِي بِهِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَا حَائِضٍ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ) إجَارَةَ عَيْنٍ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ، أَوْ فِي زَمَنِ مَنْ تَحِيضُ فِيهِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ قَدْرًا لَا تَحِيضُ فِيهِ صَحَّتْ فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ وَالْكَلَامُ فِي الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ بِخِلَافِ الْكَافِرَةِ، لِجَوَازِ تَمْكِينِهَا مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَالْوَجْهُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِالْأَمْنِ الْمَذْكُورِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِحُرْمَةِ الْمُكْثِ) وَلَا تَسْتَحِقُّ أُجْرَةً لَوْ خَدَمَتْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ مُحَرَّمٍ كَذِي سَلَسٍ وَجِرَاحَةٍ نَضَّاحَةٍ وَتَعْلِيمِ تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ وَسِحْرٍ وَفُحْشٍ وَتَنْجِيمٍ وَرَمْلٍ وَحَمْلِ مُسْكِرٍ لِغَيْرِ إرَاقَتِهِ، وَتَصْوِيرِ حَيَوَانٍ وَنِيَاحَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ بَذْلُ مَالٍ فِيهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَمِثْلُهُ أَيْضًا اسْتِئْجَارُ كَافِرٍ مُسْلِمًا لِبِنَاءِ نَحْوَ كَنِيسَةٍ، وَإِنْ أَقَرُّوا عَلَيْهَا لِحُرْمَتِهِ وَمَا نُقِلَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ مِنْ جَوَازِهِ مَحْمُولٌ عَلَى كَنِيسَةٍ لِلْمَارَّةِ، وَمِثْلُهُ اسْتِئْجَارُ أَجْنَبِيٍّ أَجْنَبِيَّةً لِخِدْمَتِهِ، وَلَوْ أَمَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ النَّظَرِ غَالِبًا. قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَرَاجَعَهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَلَا تُسْقَى بِمَاءٍ غَالِبِ الْحُصُولِ إلَخْ) لَوْ قَالَ الْمُكْرِي: أَنَا أُحْفَرُ بِئْرًا أَسُوقُ مِنْهَا الْمَاءَ لَك أَوْ أَسُوقُهُ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ صَحَّ، قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ. فَرْعٌ: لَوْ أَجَرَهَا وَالْمَاءُ عَلَيْهَا صَحَّ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَرَهَا قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ لِقَلْعِ سِنٍّ صَحِيحَةٍ إلَخْ) وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَجْنَبِيٌّ أَمَةً تَخْدُمُهُ فَوَجْهَانِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ التَّحْرِيمَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ النَّظَرِ غَالِبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا مَنْكُوحَةٌ لِرَضَاعٍ إلَخْ) . فَرْعٌ: امْرَأَةٌ خَلِيَّةٌ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِتُرْضِعَ صَبِيًّا، ثُمَّ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا مَرَّةً أُخْرَى فَالثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعَلَّلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ فِي الرَّضَاعِ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ الْعَكَّامِينَ لِلْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ عَلَى عَيْنِهِمْ فَكَيْفَ يُسْتَأْجَرُونَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْحَجِّ؟ وَنَظَرَ فِيهِ الْعِرَاقِيُّ وَقَالَ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 لِأَنَّ أَوْقَاتَهَا مُسْتَغْرَقَةٌ بِحَقِّهِ وَالثَّانِي يَصِحُّ وَلِلزَّوْجِ فَسْخُهُ حِفْظًا لَحَقِّهِ، وَبِإِذْنِهِ يَصِحُّ جَزْمًا، وَالْكَلَامُ فِي الْحُرَّةِ أَمَّا الْأُمَّةُ الْمُزَوَّجَةُ، فَلِلسَّيِّدِ إيجَارُهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا. (وَيَجُوزُ تَأْجِيل الْمَنْفَعَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَأَلْزَمْت ذِمَّتَك الْحَمْلَ) لِكَذَا (إلَى مَكَّةَ أَوَّلَ شَهْرِ كَذَا) أَيْ مُسْتَهَلِّهِ كَالسَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ (وَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ عَيْنٍ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ) كَإِجَارَةِ الدَّارِ السَّنَةَ الْآتِيَةَ (فَلَوْ أَجَرَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ لِمُسْتَأْجِرِ الْأُولَى قَبْلَ انْقِضَائِهَا جَازَ فِي الْأَصَحِّ) وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ، وَالثَّانِي لَا يَسْتَثْنِيه (وَيَجُوزُ كِرَاءُ الْعَقِبِ) أَيْ الثَّوْبِ (فِي الْأَصَحِّ وَهُوَ أَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّةً رَجُلًا لِيَرْكَبَهَا بَعْضَ الطَّرِيقِ) أَيْ وَالْمُؤَجِّرُ يَرْكَبُهَا الْبَعْضَ الْآخَرَ عَلَى التَّنَاوُبِ (أَوْ) يُؤَجِّرَهَا (رَجُلَيْنِ لِيَرْكَبَ هَذَا أَيَّامًا وَذَا أَيَّامًا) عَلَى التَّنَاوُبِ (وَيُبَيِّنُ الْبَعْضَيْنِ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ (ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لِأَنَّ أَوْقَاتَهَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَظَاهِرٌ فِي زَوْجٍ حَاضِرٍ يُمْكِنُ اسْتِمْتَاعُهُ وَإِلَّا كَغَائِبٍ وَصَغِيرٍ، فَلَهَا الْإِجَارَةُ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ أَوْ عَدَمِ تَمَكُّنِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ حَضَرَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ فِيمَا بَقِيَ. قَوْلُهُ: (وَبِإِذْنِهِ يَصِحُّ) كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا هُوَ لِخِدْمَتِهِ مَثَلًا، وَيَنْبَغِي سُقُوطُ نَفَقَتِهَا كَمَا لَوْ سَافَرَتْ لِغَرَضِهَا فَرَاجِعْهُ وَلِلْمَرْأَةِ اسْتِئْجَارُ زَوْجِهَا، وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَقْتَ الْعَمَلِ لَكِنْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْأَمَةُ) أَيْ غَيْرُ الْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالْحُرَّةِ. تَنْبِيهٌ: لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَنْعُ الزَّوْجِ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً. قَالَ بَعْضُهُمْ: إلَّا فِي وَقْتٍ يُعَطِّلُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةَ. قَوْلُهُ: (أَيْ مُسْتَهَلَّهُ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِأَوَّلِهِ أَيْ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ عَيْنٍ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ) وَجَوَّزَهَا الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. قَوْلُهُ: (كَإِجَارَةِ الدَّارِ إلَخْ) وَمِثْلُهَا دَارٌ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيغُهَا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، إلَّا إنْ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ لِلْمُسْتَأْجِرِ. قَوْلُهُ: (لِمُسْتَأْجِرِ الْأُولَى) أَيْ لِمُسْتَحِقِّ مَنْفَعَتِهَا آخِرَ السَّنَةِ الْأُولَى، وَلَوْ غَيْرَ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ كَأَنْ آجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ نِصْفَ السَّنَةِ الْآخَرِ لِمُسْتَأْجِرٍ آخَرَ، فَتُصْبِحُ الْإِجَارَةُ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ تَفْرُغْ مُدَّةَ الْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ إجَارَةُ الْمَمْلُوكِ وَالْمَوْرُوثِ وَالْمَوْقُوفِ مِنْ النَّاظِرِ أَوْ غَيْرِهِ نَعَمْ إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ مَثَلًا، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ كَأَنْ تَتَوَقَّفْ عِمَارَتُهُ عَلَى أَكْثَرَ فَيَجُوزُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا، وَلَوْ تَقَابَلَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُؤَجِّرُ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَبْطُلْ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى إلَخْ) وَمِنْهُ إجَارَةُ الْأَرْضِ قَبْلَ أَوَانِ الزَّرْعِ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهُ الْإِجَارَةُ لِلْحَجِّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهِ لَكِنْ فِي وَقْتِ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ لَا قَبْلَهُ، وَتَصِحُّ إجَارَةُ نَحْوِ جِمَالِ وَعِكَامِ حَجٍّ؛ لِأَنَّ شَغْلَهُ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَمِنْهُ كِرَاءُ الْعَقِبِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (الْعَقِبِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَعْقُبُ صَاحِبَهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ. قَوْلُهُ: (دَابَّةً) وَمِنْهَا الرَّقِيقُ لِلْخِدْمَةِ مَثَلًا، وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُهَا لِعَمَلِ اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ أَوْ عَكْسِهِ وَلَا يَجُوزُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي نَحْوِ الدَّارِ فَيُشْتَرَطُ اتِّصَالُ الْمُدَّةِ فِيهَا وَالْفَرْقُ عَدَمُ قُدْرَةِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى التَّوَاصُلِ. قَوْلُهُ: (بَعْضَ الطَّرِيقِ) الْمُرَادُ بِالْبَعْضِ هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ زَمَنٌ مُقَدَّرٌ تَحْتَمِلُهُ الدَّابَّةُ بِلَا مَشَقَّةٍ فَذِكْرُ الْأَيَّامِ فِي كَلَامِهِ لَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (فِي الْأُولَى) وَيَجِب فِيهَا تَقْدِيمُ نَوْبَةِ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمُكْرِي لِأَجْلِ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَقْدِ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ الْوَجْهِ الثَّالِثِ الْمُقَابِلِ فِي الشَّرْحِ مَا يُصَرِّحُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ تَقْدِيمَ الْمَالِكِ مَوْرِدَ الْخِلَافِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُؤَجِّرُ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِقَوْلِهِ يَقْتَسِمَانِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ صِحَّةُ إكْرَاهِ اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ مَثَلًا وَالرُّكُوبُ غَيْرُ لَازِمٍ. قَوْلُهُ: (الْبَعْضَيْنِ) فِيهِ تَثْنِيَةُ لَفْظِ بَعْضٍ وَإِدْخَالُ " أَلْ " عَلَيْهِ وَقَدْ مَنَعَهُ جُمْهُورُ النُّحَاةِ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الْعَقْدِ تَعْيِينُ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ الرَّاكِبَيْنِ، فَيُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ بِقُرْعَةٍ إنْ تَنَازَعَا وَإِنْ شَرَطَاهُ عُمِلَ بِهِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ تَأْجِيلُ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ. قَوْلُهُ: (أَيْ مُسْتَهَلَّهُ) يُرَدُّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَقَدْ قَالُوا فِي السَّلَمِ: لَا يَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَ مَحَلَّهُ أَوَّلَ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِجَمِيعِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ، حَيْثُ قَالَ بِالصِّحَّةِ، وَيُحْمَلُ عَلَى مُسْتَهَلِّهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (لِاتِّصَالِ الْمُدَّتَيْنِ) نَظِيرُ ذَلِكَ بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ، يَصِحُّ مِنْ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ فَأُجِّرَ سِتًّا فِي عَقْدَيْنِ، أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلصِّحَّةِ فِي إجَارَةِ مُدَّةٍ تَلِي مُدَّةً فِي غَيْرِ الْوَقْفِ اتِّصَالُ الْمُدَّتَيْنِ، وَكَوْنُهُمَا فِي مَعْنَى الْعَقْدِ الْوَاحِدِ. وَهَذَا الْمَعْنَى يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي الْوَقْفِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَخَالَفَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ نَظَرًا إلَى مُطَابِقَةِ اللَّفْظِ لِلْحَقِيقَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كِرَاءُ الْعَقِبِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَعْقُبُ صَاحِبَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (دَابَّةً) فِي مَعْنَاهَا الْعَبْدُ، وَخَرَجَ الدَّارُ وَالثَّوْبُ إذَا اسْتَأْجَرَهُمَا لِلِانْتِفَاعِ لَيْلًا فَقَطْ، مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 أَيْ الْمُكْتَرِي وَالْمُكْرِي فِي الْأُولَى، أَوْ الْمُكْتَرِيَانِ فِي الثَّانِيَةِ مَا لَهُمَا مِنْ الرُّكُوبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ كَفَرْسَخٍ، لِهَذَا، ثُمَّ فَرْسَخٍ لِلْآخَرِ فِي الْأُولَى، وَيَوْمٍ لِهَذَا ثُمَّ يَوْمٍ لِلْآخَرِ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَكَذَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْمَنْعُ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا إجَازَةُ أَزْمَانٍ مُتَقَطِّعَةٍ، وَالثَّالِثُ الْمَنْعُ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا لَمْ يَتَّصِلْ زَمَنُ الْإِجَارَةِ فِيهَا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ، وَالرَّابِعُ الْمَنْعُ فِيهِمَا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، لِاشْتِمَالِهَا عَلَى إجَارَةِ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَدُفِعَ بِأَنَّ التَّأَخُّرَ الْوَاقِعَ فِي ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ فَلَا يَضُرُّ. فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً كَالْمَبِيعِ فَمَا لَهُ مَنَافِعُ يَجِبُ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْهَا (ثُمَّ تَارَةً تُقَدَّرُ) الْمَنْفَعَةِ (بِزَمَانٍ كَدَارٍ) لِلسُّكْنَى (سَنَةً وَتَارَةً) تُقَدَّرُ (بِعَمَلٍ كَدَابَّةٍ) لِلرُّكُوبِ (إلَى مَكَّةَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ) وَيَجِبُ مُرَاعَاةُ النَّصَفَةِ فِي الْقِسْمَةِ فَلَا تَطُولُ زَمَنًا تَعِي فِيهِ الدَّابَّةُ أَوْ يَشُقُّ عَلَى الْآخَرِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً، وَإِذَا اقْتَسَمَا بِحَسَبِ الزَّمَانِ لَمْ يُحْسَبْ زَمَنُ النُّزُولِ لِنَحْوِ اسْتِرَاحَةٍ، أَوْ عَلَفٍ فَلَهُ الرُّكُوبُ مِنْ نَوْبَةِ الْآخَرِ بِقَدْرِهِ. قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (الْمُبَيَّنِ) أَيْ بِذِكْرِهِمَا وَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ بِهِ عُرْفٌ، وَذِكْرُ الشَّارِحِ الْفَرَاسِخَ فِي الْأُولَى وَالْأَيَّامَ فِي الثَّانِيَةِ تَصْوِيرٌ وَلَوْ سَكَتَا عَنْ التَّنَاوُبِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَرَكِبَاهَا مَعًا إنْ احْتَمَلَتْهُمَا وَإِلَّا تَنَاوَبَا، وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا إنْ تَنَازَعَا فِيمَنْ يُقَدَّمُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ مَاتَ الرَّاكِبُ لَمْ يَلْزَمْهُ حَمْلُهُ عَلَى الدَّابَّةِ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ رُكُوبٌ فِي مُدَّةٍ كَانَتْ لَهُ. فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ وَمِنْهَا أَنْ لَا تَتَضَمَّنَ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا كَمَا مَرَّ، فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ بُسْتَانٍ لِأَخْذِ ثَمَرَتِهِ وَلَا بِرْكَةٍ لِلِاصْطِيَادِ مِنْهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِ " قَصْدًا " نَحْوُ اللَّبَنِ فِي الْإِجَارَةِ لِلْإِرْضَاعِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ. قَوْلُهُ: (مَعْلُومَةً) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْمُعَيَّنَةِ، فَلَا يَصِحُّ إيجَارُ أَحَدِ هَذَيْنِ وَالْعِلْمُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ بِالتَّعْيِينِ وَفِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ بِالْوَصْفِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْقَدْرِ. قَوْلُهُ: (كَالْمَبِيعِ) إلَّا فِي الْمُشَاهَدَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تُشَاهَدُ. قَوْلُهُ: (يَجِبُ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْهَا) وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا لَهُ مَنْفَعَةٌ وَاحِدَةٌ لَا حَاجَةَ فِيهِ لِلْبَيَانِ، كَالْبِسَاطِ وَمَحَلِّ وُجُوبِ الْبَيَانِ فِي غَيْرِ مَا اسْتَثْنَى كَدُخُولِ حَمَّامٍ فَيُغْتَفَرُ فِيهِ الْجَهْلُ بِقَدْرِ الْمُكْثِ فِيهِ وَبِقَدْرِ اسْتِعْمَالِ آلَاتِهِ كَالطَّاسَةِ وَالثَّوْبِ، وَبِقَدْرِ الْمَاءِ وَالْأُجْرَةِ فِي مُقَابَلَةِ غَيْرِ الْمَاءِ وَالْمَاءُ بِالْإِبَاحَةِ فَمَا عَدَاهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِجَارَةِ وَلَوْ الْفَاسِدَةِ، وَكَذَا ثِيَابُ الدَّاخِلِ فَلَا تُضْمَنُ إلَّا عَلَى مَنْ اسْتَحْفَظَهُ عَلَيْهَا قَالَ شَيْخُنَا أَوْ دَفَعَ لَهُ شَيْئًا فِي مُقَابَلَةِ حِفْظِهَا. قَوْلُهُ: (تَارَةً) هُوَ نَصْبٌ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ وَمَعْنَاهُ الْمَرَّةُ. كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ أَوْ الْوَقْتُ وَالْحِينُ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (كَدَارٍ لِلسُّكْنَى) بِأَنْ يَذْكُرَ حُدُودَهَا كَمَا فِي الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَكُونَ مَعْرُوفَةً) وَأَنْ يَقُولَ أَجَرْتُكَهَا لِلسُّكْنَى سَنَةً أَوْ لِتَسْكُنَهَا سَنَةً فَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ تَسْكُنَهَا أَوْ بِشَرْطِ أَنْ تَسْكُنَهَا أَوْ لِتَسْكُنَهَا وَحْدَك لَمْ تَصِحَّ. قَالَ شَيْخُنَا هَذَا إنْ كَانَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ صَحَّتْ. كَمَا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّهُ لَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتهَا لِأَسْكُنَهَا وَحْدِي صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَيْسَ لَهُ سُكْنَى زَوْجَتِهِ مَعَهُ وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْأُجْرَةِ، فَلَوْ قَالَ آجَرْتُكهَا كُلَّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ لَمْ تَصِحَّ إلَّا فِي اكْتِرَاءِ الْإِمَامِ لِلْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَلَوْ قَالَ آجَرْتُكهَا هَذَا الشَّهْرَ بِدِينَارٍ وَمَا بَعْدُ بِحِسَابِهِ أَوْ آجَرْتُكهَا شَهْرًا بِدِينَارٍ فَإِذَا مَضَى فَقَدْ آجَرْتُك شَهْرًا آخَرَ بِحِسَابِهِ صَحَّتْ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَلَوْ قَالَ آجَرْتُكَهَا شَهْرًا ثَلَاثِينَ يَوْمًا كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ فَبَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ بَانَ بُطْلَانُهَا لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ، كَذَا قِيلَ وَالْوَجْهُ حَمْلُ الشَّهْرِ عَلَى الْعَدَدِيِّ لَا الْهِلَالِيِّ، إلَّا إنْ صَرَّحَ بِاسْمِهِ كَشَهْرِ كَذَا، وَلَوْ قَالَ آجَرْتُكهَا سَنَةً كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ وَيَكْفِي فِي تَقْدِيرِ الْمَنْفَعَةِ فِي السُّكْنَى تَقْدِيرُ زَمَنٍ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، وَلَوْ دُونَ يَوْمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَنَافِعَ الْعَقَارِ وَالثِّيَابِ وَالْأَوَانِي وَنَحْوِهَا، لَا تُقَدَّرُ بِالزَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَمَلَ فِيهَا وَكَذَا الْإِرْضَاعُ وَالِاكْتِحَالُ وَالْمُدَاوَاةُ وَالتَّجْصِيصُ وَالتَّطْيِينُ وَنَحْوُهَا لِاخْتِلَافِ أَقْدَارِهَا. قَوْلُهُ: (كَدَابَّةٍ) شَمِلَ الْمُعَيَّنَةَ كَهَذِهِ الدَّابَّةِ، أَوْ مَا فِي الذِّمَّةِ كَدَابَّةٍ صِفَتُهَا كَذَا. قَوْلُهُ: (إلَى مَكَّةَ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ النَّاحِيَةِ الَّتِي تُرْكَبُ إلَيْهَا وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ فِي الدَّابَّةِ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ شَهْرًا صَحَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَكَانِ تَسْلِيمِهَا فِي عَوْدِهِ أَوْ فِي مَقْعَدِهِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّهْرُ ذَهَابًا فَقَطْ وَذَهَابًا وَإِيَابًا وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا فِي   [حاشية عميرة] لَا يُطِيقَانِ الْعَمَلَ دَائِمًا. وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْعَبْدَ وَالدَّابَّةَ لِيَنْتَفِعَ الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِي صَحَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ فِي التَّكْمِلَةِ آخِرَ الْفَصْلِ، وَفِي قِطْعَةِ السُّبْكِيّ لَوْ أَجَرَهُ لِيَرْكَبَ بَعْضًا وَيَمْشِيَ بَعْضًا صَحَّ أَيْضًا. [فَصْلٌ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً فِي الْإِجَارَة] فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً عَيْنًا وَقَدْرًا وَصِفَةً فَلَا يَصِحُّ آجَرْتُك أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ، وَلَا الْغَائِبَةَ، وَلَا الْحَاضِرَةَ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ بِمُدَّةٍ أَوْ مَحَلِّ عَمَلٍ كَمَا سَيَأْتِي، نَعَمْ يُسْتَثْنَى دُخُولُ الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ تَارَةً) أَيْ مَرَّةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَنَةً) مُعَيَّنَةً مُتَّصِلَةً بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي قَدْرَ السُّكْنَى، فَبِذِكْرِ الْمُدَّةِ تَصِيرُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) عَلَيْهِ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِأَسْرَعِهِمَا تَمَامًا وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ الزَّمَانُ، وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ الْعَمَلُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 وَكَخِيَاطَةِ ذَا الثَّوْبِ) وَالْمَعْنَى بِمَحَلِّ الْعَمَلِ، كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (فَلَوْ جَمَعَهُمَا) أَيْ الزَّمَانُ وَالْعَمَلُ. (فَاسْتَأْجَرَهُ لِيَخِيطَهُ بَيَاضَ النَّهَارِ، لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ قَدْ لَا يَفِي بِالْعَمَلِ، وَالثَّانِي يَقُولُ ذِكْرُ الزَّمَانِ لِلتَّعْجِيلِ (وَيُقَدَّرُ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ بِمُدَّةٍ) كَشَهْرٍ قَطَعَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَإِيرَادُ غَيْرِهِمَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ وَأَقْوَى (أَوْ تَعْيِينِ سُوَرٍ) أَوْ سُورَةٍ أَوْ آيَاتٍ بِأَنْ يَسْمَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ الْعَقْدِ، كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ يَكْفِي ذِكْرُ عَشْرِ آيَاتٍ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ سُورَةٍ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا. (وَفِي الْبِنَاءِ بَيْنَ الْمَوْضِعِ وَالطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالسَّمْكِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ الِارْتِفَاعُ.   [حاشية قليوبي] الْأَوَّلِ مِنْهُ، بَلْ يُسَلِّمُهَا لِنَائِبِ الْمَالِكِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَإِلَى الْحَاكِمِ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَإِلَى أَمِينِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْكَبَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَوَازَ عَوْدِ الْمُسْتَعِيرِ رَاكِبًا لَهَا، وَلَيْسَ لَهُ إذَا اسْتَأْجَرَ لِلرُّكُوبِ فِي الْعَوْدِ أَنْ يُقِيمَ فِي مَقْعَدِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْمَعْهُودِ، فَإِنْ أَقَامَ لِخَوْفٍ عَلَى الدَّابَّةِ مَثَلًا، كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَالْمُودِعِ فَلَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ تِلْكَ الْمُدَّةُ. قَوْلُهُ: (ذَا الثَّوْبِ) أَيْ أَوْ ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا وَيُبَيِّنُ نَوْعَ الْخِيَاطَةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى بِمَحَلِّ الْعَمَلِ) الْعَمَلُ فِي الدَّابَّةِ سَيْرُهَا أَوْ رُكُوبُهَا وَمَحَلُّهُ مَسَافَةُ ذَلِكَ، وَهِيَ الَّتِي تُقَدَّرُ وَالْعَمَلُ فِي الثَّوْبِ فِعْلُ الْخَيَّاطِ كَغَرْزِ الْإِبْرَةِ وَمَحَلُّهُ نَفْسُ الْخِيَاطَةِ، وَهِيَ الَّتِي تُقَدَّرُ، وَقَدْ يُطْلَقُ الْمَحَلُّ عَلَى نَفْسِ الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَتَأْوِيلُ الشَّارِحِ دَفْعًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ الصِّحَّةِ، لَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك عَمَلَ الْخِيَاطَةِ شَهْرًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ نَوْعَ الْخِيَاطَةِ وَمَحَلَّهَا مِنْ أَنَّهُ ثَوْبٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ قَمِيصٌ أَوْ قَبَاءٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَكَوْنُ الْخِيَاطَةِ رُومِيَّةً أَوْ فَارِسِيَّةً وَالرُّومِيَّةُ بِغُرْزَتَيْنِ وَالْفَارِسِيَّةُ بِغُرْزَةٍ وَاحِدَةٍ نَعَمْ إنْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِيَخِيطَهُ) أَيْ الثَّوْبَ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا جِدًّا. تَنْبِيهٌ: الِاسْتِئْجَارُ لِمُجَرَّدِ الْخِيَاطَةِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا عَمَلٌ مُسْتَقْبِلٌ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى الْقَطْعِ وَلِلْقَطْعِ وَالْخِيَاطَةُ صَحِيحَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ إلَخْ) فَإِنْ عُلِمَ ذَلِكَ صَحَّ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَعَلَى الثَّانِي يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِأَسْرَعِ الْأَمْرَيْنِ. قَوْلُهُ: (تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ) أَيْ جَمِيعِهِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي، وَإِذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ لِجَمِيعِهِ إلَّا لِقَرِينَةٍ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّ وَأَقْوَى) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي كَلَامِهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَعْيِينِ) عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْمُدَّةِ وَتَعْيِينِ السُّورَةِ مَثَلًا لَمْ يَصِحَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَحَلِّ وَالزَّمَانِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَسْمَعَهَا إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى الْآيَاتِ وَأَمَّا السُّورَةُ مَثَلًا، فَإِنَّهَا مَعْلُومَةٌ بِتَعَيُّنِهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى سَمَاعِهَا، وَلَا تَصِحُّ مَعَ إطْلَاقِهَا وَلَا يَكْفِي تَعْيِينُ الْآيَاتِ فِي الْمُصْحَفِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ، وَفِي تَقْدِيرِ الزَّمَانِ لَا يُحْتَاجُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَيُعَلِّمُهُ مَا شَاءَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَيُشْتَرَطُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ تَعْيِينُ الْمُتَعَلِّمِ، وَإِنْ لَمْ يَرَ أَوْ يَخْتَبِرْ حِفْظَهُ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا أَوْ يُرْجَى إسْلَامُهُ وَتَعْيِينُ مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ مِنْ بَيْتِ الْمُتَعَلِّمِ أَوْ غَيْرِهِ، إنْ اخْتَلَفَ بِهِ غَرَضٌ لَا تَعْيِينُ حَرْفٍ كَقِرَاءَةِ نَافِعٍ مَثَلًا، وَتُحْمَلُ عَلَى عُرْفِ مَحَلِّهِ مِنْ حِفْظٍ أَوْ اسْتِخْرَاجٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ وَجَبَ التَّعْيِينُ وَمَتَى عُيِّنَ شَيْءٌ تَعَيَّنَ. تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ الْمُتَعَلِّمُ يَنْسَى مَا يَتَعَلَّمُهُ وَجَبَ إعَادَتُهُ إنْ كَانَ بَعْضَ آيَةٍ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَعَلَّمَ بَعْضَهُ ثُمَّ تَرَكَ فَإِنْ أَمْكَنَ الْبِنَاءُ عَلَى مَا فَعَلَ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ، وَإِلَّا كَأَنْ مَاتَ الْمُتَعَلِّمُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَهَذَا يَجْرِي فِي سَائِرِ الْإِجَارَاتِ كَالْبِنَاءِ وَالْخِيَاطَةِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ كُلِّهِ فِي مُدَّةٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَحَلِّ وَالزَّمَنِ، وَإِذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فَتَعَلَّمَهُ كُلَّهُ فِي بَعْضِهَا اسْتَحَقَّ بِالْقِسْطِ، وَتَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَالْمُدَاوَاةِ وَالِاكْتِحَالِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَرْفٍ أَوْ قَدْرٍ فَعَلَّمَ غَيْرَهُ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا. فَرْعٌ: تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِحَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ وَيَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ إنْ قَرَأَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ نَوَاهُ بِهَا أَوْ أَهْدَى لَهُ الثَّوَابَ بَعْدَهَا، كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ ثَوَابَ ذَلِكَ أَوْ مِثْلَ ثَوَابِهِ لِفُلَانٍ، وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ نَحْوِ زِيَادَةٍ فِي شَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ وَاصِلًا لَهُ أَوْ بِهِ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ، وَيَحْصُلُ مَعَ ذَلِكَ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ لِلْقَارِئِ كَذَا قَالُوهُ فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِمْ كُلُّ عِبَادَةٍ كَانَ الْحَامِلُ عَلَيْهَا أَمْرًا دُنْيَوِيًّا لَا ثَوَابَ فِيهَا لِلْفَاعِلِ وَعَلَى الْأَوَّلِ تُفَارِقُ الْحَجَّ بِعَدَمِ إمْكَانِ تَعَدُّدِهِ وَإِذَا قَرَأَ جُنُبًا وَلَوْ نَاسِيًا لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً. فَرْعٌ: تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى كُلِّ مَسْنُونٍ كَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِمَا بِصِفَاتِهِمَا وَعَلَى أَذْكَارِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ حَيْثُ كَانَ فِيهَا كُلْفَةٌ لَا عَلَى رَفْعِ صَوْتٍ فِي ذَلِكَ، وَلَا عَلَى رِعَايَةِ الْوَقْتِ وَلَا عَلَى الْحِيطَتَيْنِ كَمَا قِيلَ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يُبْنَى بِهِ) وَكَذَا صِفَةُ الْبِنَاءِ مِنْ كَوْنِهِ مُنَضَّدًا أَوْ مُجَوَّفًا أَوْ مُسَنَّمًا. قَوْلُهُ: (بِالْعَمَلِ) أَيْ بِمَحَلِّهِ كَمَا مَرَّ وَلَوْ اكْتَرَى مَحَلًّا لِلْبِنَاءِ اُشْتُرِطَ بَيَانُ مَا ذُكِرَ أَيْضًا إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ أَرْضٍ كَسَقْفٍ إنْ كَانَ عَلَى أَرْضٍ اُشْتُرِطَ بَيَانُ الْمَحَلِّ وَالطُّولِ وَالْعَرْضِ دُونَ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ وَيَكْفِي فِيمَا يُبْنَى بِهِ إذَا كَانَ حَاضِرًا رُؤْيَتَهُ مُطْلَقًا.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (الْمَنْعَ) أَيْ لِتَفَاوُتِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً، وَعَلَى الْأَوَّلِ الظَّاهِرُ دُخُولُ الْجَمْعِ مَا لَمْ تَطَّرِدْ عَادَةٌ بِاسْتِثْنَائِهَا، ثُمَّ الْمُرَادُ مَا يُسَمَّى قُرْآنًا إذْ لَوْ أُرِيدَ الْجَمْعُ بَطَلَ؛ لِأَنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْمُدَّةِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلسُّورَةِ مِنْ قَوْلِهِ: مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ سُورَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الْبِنَاءِ يُبَيَّنُ إلَخْ) أَيْ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصًا لِلْبِنَاءِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 (وَمَا يُبْنَى بِهِ) مِنْ طِينٍ وَلَبِنٍ أَوْ آجُرٍّ (إنْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ) فَإِنْ قُدِّرَ بِالزَّمَانِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيَانِ مَا ذُكِرَ (وَإِذَا صَلَحَتْ الْأَرْضُ لِبِنَاءٍ وَزِرَاعَةٍ وَغِرَاسٍ اُشْتُرِطَ تَعْيِينُ الْمَنْفَعَةِ) مِنْ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهَا اللَّاحِقَ لِلْأَرْضِ مُخْتَلِفٌ (وَيَكْفِي تَعْيِينُ الزِّرَاعَةِ عَنْ ذِكْرِ مَا يُزْرَعُ) فَإِنْ قَالَ آجَرْتُكهَا لِلزِّرَاعَةِ فَتَصِحُّ (فِي الْأَصَحِّ) وَيَزْرَعُ مَا شَاءَ، وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الزَّرْعِ مُخْتَلِفٌ، وَدُفِعَ بِأَنَّ اخْتِلَافَهُ يَسِيرٌ وَلَوْ قَالَ لِلْبِنَاءِ أَوْ لِلْغِرَاسِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَبْنِي أَوْ يَغْرِسُ صَحَّتْ فِي الْأَصَحِّ أَيْضًا. (وَلَوْ قَالَ لِتَنْتَفِعَ بِهَا مَا شِئْت صَحَّ) وَيَصْنَعُ مَا شَاءَ. (وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ شِئْت فَازْرَعْ وَإِنْ شِئْت فَاغْرِسْ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ (فِي الْأَصَحِّ) وَيَتَخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْنَهُمَا، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِلْإِبْهَامِ، وَفِي الْأُولَى وَجْهٌ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ. (وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ) إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ. (مَعْرِفَةُ الرَّاكِبِ بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ وَصْفٍ تَامٍّ) لَهُ فِي ذَلِكَ. (وَقِيلَ لَا يَكْفِي الْوَصْفُ) فِيهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَتَعَلَّقُ بِثِقَلِ الرَّاكِبِ وَخِفَّتِهِ، بِالضَّخَامَةِ وَالنَّحَافَةِ، وَكَثْرَةِ الْحَرَكَاتِ، وَقِلَّتِهَا وَالْوَصْفُ لَا يَفِي بِذَلِكَ، وَجَوَابُهُ الْمَنْعُ (وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا يُرْكَبُ عَلَيْهِ مِنْ مَحْمِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِي ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَغَيْرُهُ) كَزَامِلَةٍ (إنْ كَانَ لَهُ) وَفِي الْمُحَرَّرِ مَعَهُ أَيْ وَذُكِرَ فِي الْإِجَارَةِ. فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا مَعْرِفَتُهُ بِمُشَاهَدَتِهِ، أَوْ وَصَفِّهِ التَّامِّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الرَّاكِبِ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ وَيُرْكِبُهُ الْمُؤَجِّرُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَإِنْ قُدِّرَ بِالزَّمَانِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيَانِ مَا ذُكِرَ) أَيْ يُشْتَرَطُ بَيَانُ جَمِيعِهِ فَيُشْتَرَطُ بَيَانُ بَعْضِهِ، وَهُوَ مَا يُبْنَى بِهِ وَكَذَا صِفَةُ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورَةِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا الشَّارِحُ لِسُكُوتِ الْمُصَنِّفِ عَنْهَا، وَبِمَا ذُكِرَ يَسْقُطُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الشَّارِحِ كَمَا فَعَلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَحَذَّرَ مِنْهُ فَتَأَمَّلْهُ. تَنْبِيهٌ: تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِلْخِدْمَةِ ثُمَّ إنْ عُيِّنَ نَوْعٌ تَعَيَّنَ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ، وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ بِالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَلَا عَادَةَ فِيهَا إلَّا فِي خَادِمِ الزَّوْجَةِ وَفِي الْحَجِّ بِالرِّزْقِ كَمَا مَرَّ. فَرْعٌ: لَا يَدْخُلُ فِي الْإِجَارَةِ بِالزَّمَنِ أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ، وَلَا يَوْمُ سَبْتٍ فِي اسْتِئْجَارِ يَهُودِيٍّ نَحْوَ شَهْرٍ مَثَلًا. وَلَا يَوْمُ أَحَدٍ فِي نَصْرَانِيٍّ كَذَلِكَ وَلَوْ نُصَّ عَلَى إخْرَاجِ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ بَطَلَ إلَّا فِيمَا عُلِمَ قَدْرُهُ فَلَا يَضُرُّ. فَرْعٌ آخَرُ: يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِلنِّسَاخَةِ وَيُبَيَّنُ كَيْفِيَّةُ الْخَطِّ وَرِقَّتُهُ وَغِلَظُهُ وَعَدَدُ الْأَوْرَاقِ وَسُطُورُ كُلِّ صَفْحَةٍ، كَذَا وَقَدْرُ الْقَطْعِ إنْ قُدِّرَ بِالْمَحَلِّ وَإِذَا غَلِطَ النَّاسِخُ غَلَطًا فَاحِشًا فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْوَرَقِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الْأُجْرَةُ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ الْإِصْلَاحُ وَلِضَرْبِ اللَّبِنِ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَيُبَيِّنُ طُولَ الْقَالَبِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَعَرْضَهُ وَسُمْكَهُ، وَكَذَا الْعَدَدَانِ قَدَّرَ بِالْمَحَلِّ وَلِلرَّعْيِ وَيُبَيِّنُ مُدَّتَهُ نَوْعَ الْحَيَوَانِ وَعَدَدَهُ مُطْلَقًا وَوَصْفَهُ إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (آجَرْتُكهَا إلَخْ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وُجُوبَ الْبَيَانِ إذَا كَانَ الْمُؤَجِّرُ وَلَّى الْقَاضِيَ. قَوْلُهُ: (وَيَزْرَعُ مَا شَاءَ) أَيْ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ وَلَوْ مَرَّةً. قَوْلُهُ: (صَحَّتْ فِي الْأَصَحِّ) وَلَهُ فِي هَذِهِ أَنْ يَغْرِسَ بَعْضًا وَيَبْنِيَ بَعْضًا لِتَسَاوِي الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ وَكَذَا لَوْ قَالَ افْعَلْ أَيَّهمَا شِئْت. قَوْلُهُ: (وَيَصْنَعُ مَا شَاءَ) وَلَوْ غَيْرَ زَرْعٍ لَكِنْ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (إنْ شِئْت فَازْرَعْ إلَخْ) وَكَذَا يَصِحُّ لَوْ قَالَ إنْ شِئْت فَابْنِ، وَإِنْ شِئْت فَاغْرِسْ وَلَهُ التَّبْعِيضُ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ ازْرَعْ اغْرِسْ أَوْ ازْرَعْ وَاغْرِسْ أَوْ ازْرَعْ النِّصْفَ وَاغْرِسْ النِّصْفَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ عَيْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ الثَّلَاثَةُ. نَعَمْ إنْ أَرَادَ فِي الْأَوَّلَيْنِ التَّعْمِيمَ صَحَّ. قَوْلُهُ: (بِمُشَاهَدَةٍ) وَلَا يَحْتَاجُ مَعَهَا إلَى وَزْنٍ فَإِنَّهُ إزْرَاءٌ فَإِنْ شَرَطَ اُتُّبِعَ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَصْفٍ تَامٍّ) كَضَخَامَةٍ وَنَحَافَةٍ وَفِي الْوَزْنِ مَا مَرَّ، وَهَذَا إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الْمَعْرِفَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَحْمَلٍ) وَيَدْخُلُ فِيهِ الْوَطْءُ دُونَ الْغِطَاءِ إلَّا إنْ شَرَطَ وَفِيهِمَا مَا فِي الْمَحْمَلِ مِنْ مُشَاهَدَةٍ أَوْ وَصْفٍ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَحْمَلِ وَنَحْوِهِ ذِكْرُ كَوْنِهِ مُغَطًّى أَوْ مَكْشُوفًا؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ بِحَسَبِ الثِّقَلِ بِالْهَوَاءِ. قَوْلُهُ: (كَزَامِلَةٍ) وَهِيَ تُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْبَعِيرِ وَعَلَى نَحْوِ ثِيَابٍ مَجْمُوعَةٍ يَرْكَبُ عَلَيْهَا كَالْبَرْذَعَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحَرَّرِ مَعَهُ) وَهُوَ الْمُرَادُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لَهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (إلَى بَيَانِ مَا ذُكِرَ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: إلَّا صِفَةَ الْبِنَاءِ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَصْفٍ تَامٍّ) . فَرْعٌ: لَوْ اسْتَأْجَرَ لِإِرْضَاعِ صَبِيٍّ لَمْ يَكْفِ وَصْفُهُ عَنْ رُؤْيَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْغَرَضَ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلِلْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا يُرْكَبُ عَلَيْهِ إلَخْ) وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَا يُفْرَشُ فِيهِ، وَمَا يُظَلَّلُ بِهِ، وَإِذَا تَعَرَّضَ لِمَا يُظَلَّلُ بِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ صِفَتِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَادَةٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَصْفِهِ التَّامِّ) لَكِنْ لَا بُدَّ مَعَهُ هُنَا مِنْ الْوَزْنِ وَكَذَا فِي الْمَعَالِيقِ الْآتِيَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ زَامِلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا. (وَلَوْ شَرَطَ) فِي الْإِجَارَةِ. (حَمْلَ الْمَعَالِيقِ) كَالسُّفْرَةِ وَالْإِدَاوَةِ لِلْمَاءِ وَالْقِدْرِ وَنَحْوِهَا. (مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُشَاهَدَةٍ وَلَا وَصْفٍ. (فَسَدَ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي مَقَادِيرِهَا وَالثَّانِي يَصِحُّ، وَيُحْمَلُ الْمَشْرُوطُ عَلَى الْوَسَطِ الْمُعْتَادِ نَقَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ عَقِبَ نَصِّهِ عَلَى الْأَوَّلِ، فَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إنَّهُ عَنَى نَفْسَهُ وَجَعَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ، وَأَنَّهُ عَنَى غَيْرَهُ أَيْ وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ. (وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ) أَيْ حَمْلُ الْمَعَالِيقِ. (لَمْ يَسْتَحِقَّ) لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ، وَقِيلَ يَسْتَحِقُّ الْمُعْتَادَ. (وَيُشْتَرَطُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ) لِلرُّكُوبِ لِيَتَحَقَّقَ. (تَعْيِينُ الدَّابَّةِ وَفِي اشْتِرَاطِ رُؤْيَتِهَا الْخِلَافُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ) وَالرَّاجِحُ عَدَمُ صِحَّتِهِ فَيَكُونُ الرَّاجِحُ اشْتِرَاطَ الرُّؤْيَةِ. (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) لِلرُّكُوبِ (ذِكْرُ الْجِنْسِ) لِلدَّابَّةِ كَالْإِبِلِ وَالْخَيْلِ. (وَالنَّوْعِ) لَهُمَا كَالْبَخَاتِيِّ أَوْ الْعِرَابِ. (وَالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ) فَالْأُنْثَى أَسْهَلُ سَيْرًا وَالذَّكَرُ أَقْوَى. (وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا) أَيْ فِي إجَارَتَيْ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ (بَيَانُ قَدْرِ السَّيْرِ كُلَّ يَوْمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالطَّرِيقِ مَنَازِلُ مَضْبُوطَةً فَيَنْزِلُ) قَدْرَ السَّيْرِ (عَلَيْهَا) إنْ لَمْ يُبَيَّنْ (وَيَجِبُ فِي الْإِيجَارِ لِلْحَمْلِ) إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ. (أَنْ يَعْرِفَ الْمَحْمُولَ، فَإِنْ حَضَرَ رَآهُ وَامْتَحَنَهُ بِيَدِهِ إنْ كَانَ فِي ظَرْفٍ) تَخْمِينًا لِوَزْنِهِ، (وَإِنْ غَابَ قُدِّرَ بِكَيْلٍ) فِي الْمَكِيلِ. (أَوْ وَزْنٍ) فِي الْمَوْزُونِ وَالتَّقْدِيرُ بِالْوَزْنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَوْلَى وَأَخْصَرُ. (وَ) أَنْ يَعْرِفَ (جِنْسَهُ) أَيْ الْمَحْمُولُ لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِهِ فِي الدَّابَّةِ، كَمَا فِي الْحَدِيدِ وَالْقُطْنِ فَإِنَّهُ يَتَثَاقَلُ بِالرِّيحِ نَعَمْ لَوْ قَالَ: آجَرْتُكهَا لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ رِطْلٍ، مِمَّا شِئْت صَحَّ فِي الْأَصَحِّ وَيَكُونُ رِضًا مِنْهُ بِأَضَرِّ الْأَجْنَاسِ، وَلَوْ قَالَ عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ مِمَّا شِئْت فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْفَرْجِ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ لِاخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ فِي الثِّقَلِ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَيْلِ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَذُكِرَ فِي الْإِجَارَةِ) نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهِ عُرْفٌ مُطَّرِدٌ لَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِهِ وَكَذَا الْغِطَاءُ وَالْوِطَاءُ فِي الْمَحْمَلِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِمُشَاهَدَتِهِ) أَيْ مَعَ امْتِحَانِهِ بِيَدٍ أَوْ بِوَزْنٍ وَهَذَا الْمُرَادُ بِالْوَزْنِ فِيهِ فِي عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَصْفِهِ التَّامِّ) مِنْ ضِيقٍ وَسَعَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَعَ وَزْنِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يَشَاءُ) أَيْ مِمَّا هُوَ مُتَعَارَفٌ، كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْمَعَالِيقِ) جَمْعُ مُعْلُوقٍ بِضَمِّ الْمِيمِ أَوْ مِعْلَاقٍ. قَوْلُهُ: (وَالْإِدَاوَةُ) كَالرِّكْوَةِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) كَالْإِبْرِيقِ وَالصَّحْنِ وَالْقَصْعَةِ وَالْمِخَدَّةِ وَالْمِضْرَبَةِ وَالزَّادِ. قَوْلُهُ: (وَجَعَلَ) ضَمِيرُهُ يَعُودُ لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ، وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِالْأَصَحِّ مُعْتَرَضٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ مِنْ غَيْرِ مُشَاهَدَةٍ إلَخْ) فَشَرْطُ حَمْلِهَا مَعَ الْمُشَاهَدَةِ وَالِامْتِحَانِ كَمَا مَرَّ أَوْ مَعَ الْوَصْفِ مَعَ الْوَزْنِ كَمَا مَرَّ يُوجِبُ حَمْلَهَا، وَلَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَسْتَحِقُّ الْمُعْتَادَ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ حَمْلَهَا، وَإِنْ اُعْتِيدَتْ أَوْ بَعْضُهَا. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) وَلَا بُدَّ مِنْ قُدْرَةِ الدَّابَّةِ عَلَى مَا تُسْتَأْجَرُ لَهُ مُطْلَقًا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (لِتَتَحَقَّقَ) أَيْ لِتَكُونَ إجَارَةَ عَيْنٍ، فَذَاكَ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَالْأُنْثَى أَسْهَلُ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا بَيَانُ صِفَةِ السَّيْرِ كَكَوْنِ الدَّابَّةِ مُهَمْلِجَةً أَوْ بَحْرًا أَوْ قَطُوفًا، وَالْمُهَمْلِجَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ بِالْجِيمِ سَرِيعَةُ السَّيْرِ، أَوْ حَسَنَةُ السَّيْرِ مَعَ السُّرْعَةِ وَالْقَطُوفُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّ الطَّاءِ بَطِيئَةُ السَّيْرِ وَالْبَحْرُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَبِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مَا بَيْنَهُمَا. أَوْ الْوَاسِعَةُ الْخُطَا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ لِلْخَيْلِ وَأُلْحِقَ بِهَا الْبِغَالُ وَلَا يُوصَفُ بِهَا غَيْرُهُمَا. أَيْ لُغَةً وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ. قَوْلُهُ: (كُلَّ يَوْمٍ) أَيْ كُلَّ وَقْتٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ أَوْ كَوْنِهِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا. قَوْلُهُ: (فَيَنْزِلُ عَلَيْهَا) أَيْ عِنْدَ الْأَمْنِ فِيهَا، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ غَيْرِهَا نَحْوِ مِنْ بَلَدِ كَذَا إلَى بَلَدِ كَذَا لِلضَّرُورَةِ، وَلَوْ زَادَ السَّيْرُ فِي وَقْتٍ أَوْ نَقَصَ لَمْ يُجْبَرْ مِمَّا بَعْدَهُ وَيَجُوزُ إنَّ لِخَوْفِ ضَرَرٍ وَلِخِصْبٍ لَا غِنَى عَنْهُ وَلَا يُحْسَبَانِ مِنْ الْمُدَّةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (رَآهُ وَامْتَحَنَهُ) وَيَكْفِي أَحَدُهُمَا حَيْثُ وُجِدَ الْعِلْمُ بِهِ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَأَصْلُ الْحُكْمِ أَنَّ الْمُشَاهَدَةَ لَيْسَ لَهَا دَخْلٌ فِي الْمَقْصُودِ، وَأَنَّ الِامْتِحَانَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فَكَانَ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، فَلَا حَاجَةَ لِلْمُشَاهَدَةِ مَعَهُ، وَإِنْ أَمْكَنَتْ الْمَعْرِفَةُ بِهَا كَفَتْ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ اكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ إلَخْ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ غَابَ) قَيْدٌ لَا مَفْهُومَ لَهُ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالتَّقْدِيرُ بِالْوَزْنِ إلَخْ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ لِتَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شِئْت. قَوْلُهُ: (مِائَةَ رَطْلٍ) خَرَجَ الْمَكِيلُ كَمِائَةِ صَاعٍ مِمَّا شِئْت فَلَا يَصِحُّ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ فِي الْأَقْفِزَةِ، وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَالْمُدُّ رَطْلٌ وَثُلُثٌ بَغْدَادِيٌّ أَيْ مُقَدَّرٌ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَهُوَ كَيْلٌ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يَشَاءُ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ اشْتِرَاطَ الْوَصْفِ نَظَرًا لَحَظِّ الْمُكْتَرِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَعْيِينُ الدَّابَّةِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالتَّعْيِينِ مُقَابِلُ الْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ، فَهِيَ لَا تَقَعُ إلَّا كَذَلِكَ، وَالشَّيْءُ لَا يَكُونُ شَرْطًا فِي نَفْسِهِ وَإِنْ أُرِيدَ بِالتَّعْيِينِ مُقَابِلَ الْإِبْهَامِ، فَذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْخِلَافُ) قَالَ السُّبْكِيُّ: بَلْ هَذَا أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الَّتِي بَيْنَ الْعَقْدِ وَالرُّؤْيَةِ تَفُوتُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كُلَّ يَوْمٍ إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ: لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى بَلَدٍ وَيَعُودَ رَاكِبًا، فَلَا يَسُوغُ لَهُ أَنْ يُقِيمَ فِي الْبَلَدِ أَكْثَرَ مِنْ الْمَعْهُودِ، فَإِنْ مَكَثَ احْتِيَاطًا لِلْخَوْفِ عَلَى الدَّابَّةِ، كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَالْمُودِعِ حَتَّى لَا تُحْسَبَ عَلَيْهِ تِلْكَ الْمُدَّةُ. قَوْلُهُ: (فَيَنْزِلُ عَلَيْهَا) أَيْ كَالنَّقْدِ الْغَالِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ) كَذَا يَصِحُّ أَنْ يُقَدِّرَهُ بِالظَّرْفِ كَالْغَرَائِزِ الْمَعْرُوفَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَعْرِفَ جِنْسَهُ) أَيْ سَوَاءً حَضَرَ أَوْ غَابَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 ذَلِكَ رِضًا بِأَثْقَلِ الْأَجْنَاسِ كَمَا جُعِلَ فِي الْوَزْنِ رِضًا بِأَضَرِّ الْأَجْنَاسِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الصَّوَابُ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ اخْتِلَافَ التَّأْثِيرِ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْوَزْنِ يَسِيرٌ بِخِلَافِ الْكَيْلِ، وَأَيْنَ ثِقَلُ الْمِلْحِ مِنْ ثِقَلِ الذُّرَةِ. اهـ. (لَا جِنْسِ الدَّابَّةِ وَصِفَتِهَا) أَيْ لَا يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَهَا. (إنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ) بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِيهَا فِي الرُّكُوبِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا. تَحْصِيلُ الْمَتَاعِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَشْرُوطِ، فَلَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِحَالِ حَامِلِهِ. (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَحْمُولُ زُجَاجًا وَنَحْوَهُ) كَالْخَزَفِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ حَالِ الدَّابَّةِ فِي ذَلِكَ. صِيَانَةً لَهُ أَمَّا إجَارَةُ الْعَيْنِ لِلْحَمْلِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا تَعْيِينُ الدَّابَّةِ. وَرُؤْيَتُهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ لِلرُّكُوبِ. فَصْلٌ: لَا تَصِحُّ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ حُضُورِ الصَّفِّ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ، فَتَصِحُّ إجَارَتُهُ لِلْإِمَامِ، وَسَيَأْتِيَانِ فِي كِتَابِ السِّيَرِ. (وَلَا عِبَادَةٍ) أَيْ لَا يَصِحُّ إجَارَةُ لِعِبَادَةٍ (تَجِبُ لَهَا نِيَّةٌ) كَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا امْتِحَانُ الْمُكَلَّفِ، بِكَسْرِ نَفْسِهِ، بِالْفِعْلِ وَلَا يَقُومُ الْأَجِيرُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ. (إلَّا الْحَجَّ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَنْ الْمَيِّتِ، وَالْعَاجِزِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ. (وَتَفْرِقَةَ زَكَاةٍ) فَإِنَّهَا تَجُوزُ فِيهَا الِاسْتِنَابَةُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا وَمِثْلُهَا تَفْرِقَةُ الْكَفَّارَةِ. (وَتَصِحُّ) الْإِجَارَةُ (لِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ وَدَفْنِهِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ) وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَى الْأَجِيرِ   [حاشية قليوبي] وَالْقَفِيزُ مِكْيَالٌ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا، وَالْعَرَقُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مِكْيَالٌ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، وَيُحْسَبُ مِنْ الْمِائَةِ الظَّرْفُ وَالْحَبْلُ وَنَحْوُهُمَا وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَعْرِفَةَ الْجِنْسِ إنَّمَا هِيَ فِي الْمَكِيلِ. قَوْلُهُ: (الصَّوَابُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَصِفَتَهَا) وَمِنْهُ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهَا بَحْرًا أَوْ قَطُوفًا. قَوْلُهُ: (زُجَاجًا) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْخَزَفِ وَالْبَيْضِ) . قَالَ الْقَاضِي وَفِي مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ نَحْوُ وَحْلٍ أَوْ طِينٍ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ الْجِنْسِ أَوْ الصِّفَةِ وَمِنْهَا الذُّكُورَةُ وَالْأُنُوثَةُ وَصِفَةُ السَّيْرِ كَمَا مَرَّ وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ، فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ لَمْ يَنْظُرُوا لِصِفَةِ الدَّابَّةِ فِي سَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ مَا ذُكِرَ. كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ ثَقُلَ الْمَحْمُولُ بِنَحْوِ نَدَاوَةٍ أَوْ الرَّاكِبُ بِنَحْوِ سِمَنٍ، أَوْ مَوْتٍ خُيِّرَ الْمُؤَجِّرُ إنْ لَمْ يُبْدِ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِمِثْلِهِ بَيْنَ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِحَمْلِهِ أَوْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ، أَوْ يُبْقِيه بِأُجْرَةٍ مِثْلِ الزَّائِدِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَوْ خَفَّ الْمَحْمُولُ بِنَحْوِ جَفَافٍ أَوْ هُزَالٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ إبْدَالٌ وَلَا زِيَادَةٌ وَلَا فَسْخٌ. فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْإِجَارَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا قَوْلُهُ: (لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ) لَوْ قَالَ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ كَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ عَدَمُ صِحَّتِهِ لِلرَّقِيقِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ، وَيَخْرُجُ بَقِيَّةُ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ الْمُنْضَبِطَةِ كَمَا يَأْتِي وَفِيهِ نَظَرٌ لِوُرُودِ صِحَّةِ إجَارَةِ الْكَافِرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْعُقُودَ مَعَ الْكُفَّارِ يُغْتَفَرُ فِيهَا الْجَهَالَةُ وَالْمُرَابَطَةُ كَالْجِهَادِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ فَتَصِحُّ إجَارَتُهُ لِلْجِهَادِ مِنْ الْإِمَامِ وَلَوْ بِنَائِبِهِ فَقَطْ، وَإِذَا أَسْلَمَ فِي أَثْنَائِهِ انْفَسَخَتْ. فَرْعٌ: أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِصِحَّةِ اسْتِئْجَارِ مَنْ يُحْبَسُ مَكَانَهُ فِي الْحَبْسِ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ الضَّبْطُ. قَوْلُهُ: (تَجِبُ لَهَا نِيَّةٌ) أَيْ تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَيْهَا فَيَشْمَلُ صَلَاةَ النَّافِلَةِ، وَمُتَعَلِّقُ مَا لَهُ نِيَّةٌ مِثْلُهُ كَإِمَامَةِ الصَّلَوَاتِ وَالْخُطْبَةِ وَلَا تَصِحُّ لِتَدْرِيسٍ وَلَا قَضَاءٍ وَلَا إعَادَةٍ وَلَوْ لِقُرْآنٍ أَوْ حَدِيثٍ، وَلَا لِتَمَلُّكٍ مُبَاحٍ نَعَمْ لَوْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ كَأَنْ تَخَيَّطْ لِي شَهْرًا أَوْ عُيِّنَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ صَحَّتْ لَهُ، كَتَدْرِيسِ مَسَائِلَ مَخْصُوصَةٍ أَوْ إعَادَتِهَا أَوْ الْقَضَاءِ فِيهَا أَوْ اصْطِيَادِ مُعَيَّنٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا تَصِحُّ لِزِيَارَةِ الْقُبُورِ وَلَوْ قَبْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلدُّعَاءِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَتَصِحُّ الْجَعَالَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: قَالَ شَيْخُنَا وَتَصِحُّ إنَابَةُ الطَّلَبَةِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُمْ الْوَاقِفُ بِأَعْيَانِهِمْ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ إحْيَاءُ الْمَكَانِ بِحُضُورِ الْمُدَرِّسِ مَعَهُمْ، وَتَصِحُّ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْوَظَائِفِ وَالْإِمَامَةِ وَالْخُطْبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْمَنْعُ السَّابِقُ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ سَلْبُ ثَوَابِ الْأَجِيرِ عَنْهُ، وَحُصُولُهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَأَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يُصَلِّي إمَامًا وَيُصَلِّي هُوَ مُنْفَرِدًا وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ إمَامَةِ الْأَجِيرِ، وَهَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَأَمَّا إقَامَةُ شَعَائِرِ الْوَقْفِ فَلَا رَيْبَ فِي صِحَّةِ الْإِنَابَةِ فِيهَا لَكِنْ شَرَطَ شَيْخُنَا م ر فِي اسْتِنَابَةِ الْوَظَائِفِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَنَابُ مِثْلَ الْمُسْتَنِيبِ أَوْ أَعْلَى فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَتَفْرِقَةَ زَكَاةٍ) وَمِثْلُهَا الْهَدْيُ وَالذَّبْحُ وَنَحْوُهُمَا وَمِثْلُ الْحَجِّ الْعُمْرَةُ وَيَدْخُلُ فِيهِمَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ تَبَعًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ) وَإِنْ تَعَيَّنَ نَعَمْ لَا تَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا جِنْسِ الدَّابَّةِ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا إلَى سُرْعَةِ سَيْرِهَا وَبُطْئِهِ، وَتَخَلُّفِهَا عَنْ الْقَافِلَةِ، وَضَعْفِهَا وَلَوْ نَظَرُوا إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. [فَصْلٌ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ] فَصْلٌ: لَا تَصِحُّ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ وَلَوْ رَقِيقًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْجَوَازَ فِيهِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ لِلْغَازِي أَجْرُهُ، وَلِلْجَاعِلِ أَجْرُهُ، وَأَجْرُ الْغَازِي وَحُمِلَ عَلَى الْإِعَانَةِ. قَوْلُهُ: (كَالصَّلَاةِ) قَالَ الْغَزَالِيُّ: يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْإِمَامَةِ، وَلَهُ الْأَجْرُ فِي مُقَابِلَةِ إتْعَابِ نَفْسِهِ بِالْحُضُورِ إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، وَالْقِيَامُ بِهَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (إلَّا الْحَجَّ) يُرِيدُ بِهَذَا اسْتِثْنَاءَ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ، وَمِنْهُ ذَبْحُ الضَّحَايَا وَالْهَدْي، وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ، وَتَفْرِقَةُ النُّذُورِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَصِحُّ لِتَجْهِيزِ مَيِّتٍ إلَخْ) وَإِنْ تَعَيَّنَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِفِعْلِهِ، وَأَصْلُهُ مُرْتَبِطٌ بِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ التَّرِكَةُ. وَكَذَا التَّعْلِيمُ أَصْلُهُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وُجُوبَ عَيْنٍ، وَإِنْ كَانَ نَشْرُ الْقُرْآنِ فَرْضَ كِفَايَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَعْلِيمُ الْقُرْآنِ) وَإِنْ تَعَيَّنَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ خَرَجَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 وَهُوَ عِبَادَةٌ لَا تَجِبُ لَهَا نِيَّةٌ وَذَكَرَ التَّعْلِيمَ، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عِبَادَةٌ مَعَ ذِكْرِهِ السَّابِقِ مِنْ حَيْثُ التَّقْدِيرِ لَا تَكْرَارَ فِيهِ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ ذِكْرُهُ السَّابِقُ صِحَّةَ الِاسْتِئْجَارِ لَهُ (وَ) تَصِحُّ (لِحَضَانَةٍ وَإِرْضَاعٍ مَعًا وَلِأَحَدِهِمَا فَقَطْ) وَتُقَدَّرُ بِالْمُدَّةِ وَيَجِبُ تَعْيِينُ الرَّضِيعِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ حَالِهِ، وَتَعْيِينُ مَوْضِعِ الْإِرْضَاعِ مِنْ بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ، أَوْ بَيْتِ الْمُرْضِعَةِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ فِي ذَلِكَ، فَهُوَ فِي بَيْتِهَا أَسْهَلُ عَلَيْهَا، وَبِبَيْتِهِ أَشَدُّ وُثُوقًا بِهِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَسْتَتْبِعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) فِي الْإِجَارَةِ لِإِفْرَادِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ وَالثَّانِي يَسْتَتْبِعُ لِتَلَازُمِهِمَا عَادَةً، وَالثَّالِثُ يَسْتَتْبِعُ الْإِرْضَاعُ الْحَضَانَةَ دُونَ عَكْسِهِ، وَفِي الْمَطْلَبِ حِكَايَةُ عَكْسِهِ. (وَالْحَضَانَةُ حِفْظُ صَبِيٍّ) أَيْ جِنْسِهِ الصَّادِقِ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. (وَتَعَهُّدُهُ بِغَسْلِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَدَهْنِهِ، وَكَحْلِهِ وَرَبْطِهِ فِي الْمَهْدِ، وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ وَنَحْوِهَا) مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، وَالْإِرْضَاعُ أَنْ تُلْقِمَهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي حِجْرِهَا مَثَلًا الثَّدْيَ وَتَعْصِرَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَيَتْبَعُ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، بِالْإِجَارَةِ اللَّبَنُ الْمُرْضَعُ بِهِ، وَقِيلَ الْأَصْلُ اللَّبَنُ، وَفِعْلُ الْمُرْضِعَةِ تَابِعٌ. (وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لَهُمَا) أَيْ لِلْحَضَانَةِ وَالْإِرْضَاعِ (فَانْقَطَعَ اللَّبَنُ فَالْمَذْهَبُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ فِي الْإِرْضَاعِ دُونَ الْحَضَانَةِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ، وَقِيلَ يَنْفَسِخُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ تَابِعَةٌ وَقِيلَ لَا يَنْفَسِخُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ انْقِطَاعَ اللَّبَنِ عَيْبٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَسْقُطُ قِسْطُ الْإِرْضَاعِ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَبَقَاءُ الْحَضَانَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ خِلَافِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ أَوْجُهًا. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ حِبْرٌ وَخَيْطٌ وَكُحْلٌ عَلَى وَرَّاقٍ) أَيْ نَاسِخٍ (وَخَيَّاطٍ وَكَحَّالٍ) فِي اسْتِئْجَارِهِمْ لِلنَّسْخِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْكَحْلِ، وَالثَّانِي يَجِبُ مَا ذُكِرَ لِحَاجَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ كَاللَّبَنِ   [حاشية قليوبي] عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ وَتَصِحُّ فِي الصَّوْمِ عَنْهُ مِنْ قَرِيبِهِ. قَوْلُهُ: (وَدَفْنِهِ) عَطْفٌ خَاصٌّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِبُ وَحْدَهُ كَمَا فِي حَرْبِيٍّ يُؤْذِي رِيحُهُ. قَوْلُهُ: (وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ) وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَى الْمُعَلِّمِ فَقَوْلُهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَيْ أَصَالَةً، وَفِي الشَّرْحِ الْجَوَابُ عَنْ تَكْرَارِ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ هُنَا مَعَ مَا سَبَقَ وَإِذَا عَلَّمَ وَلَوْ جُنُبًا اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ بِخِلَافِ قِرَاءَةِ الْأَجِيرِ، كَمَا مَرَّ وَلَوْ تَرَكَ الْأَجِيرُ بَعْضَ آيَاتٍ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ لَزِمَهُ إعَادَتُهَا لَا الِاسْتِئْنَافُ، وَدَخَلَ فِي الْقُرْآنِ مَنْسُوخُ الْحُكْمِ. قَالَ شَيْخُنَا م ر وَكَذَا مَنْسُوخُ التِّلَاوَةِ أَوْ هُمَا مَعًا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَنُقَدَّرُ بِالْمُدَّةِ) لَا بِالْمَحَلِّ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (تَعْيِينُ الرَّضِيعِ) بِالرُّؤْيَةِ وَكَذَا بِالْوَصْفِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسَوَاءٌ كَانَ آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ كَلْبًا مُحْتَرَمًا وَسَوَاءٌ فِي الْإِرْضَاعِ اللِّبَأُ وَغَيْرُهُ وَسَوَاءٌ فِي الْمُرْضِعَةِ الصَّغِيرَةِ، وَلَوْ دُونَ تِسْعٍ أَوْ الْكَبِيرَةُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَالذَّكَرُ كَمَا مَرَّ، وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَسَوَاءٌ وَقَعَ الِاسْتِئْجَارُ مِنْهَا أَوْ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا وَلَوْ أَرْضَعَتْهُ لَبَنَ غَيْرِهَا، كَجَارَتِهَا أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ فَإِنْ كَانَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ اسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ أَوْ الْعَيْنَ فَلَا وَتُكَلَّفُ تَنَاوَلَ مَا يُزِيدُ اللَّبَنَ أَوْ يُصْلِحُهُ وَتَرْكَ مَا يَضُرُّ، وَلَوْ وَطْىَ حَلِيلِهَا وَإِذَا امْتَنَعَتْ أَوْ تَغَيَّرَ لَبَنُهَا أَوْ نَقَصَ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ. قَوْلُهُ: (وَالْحَضَانَةُ) مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحِضْنِ بِكَسْرِ الْحَاءِ لِضَمِّ الْحَاضِنَةِ الطِّفْلَ إلَيْهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْإِبِطِ وَالْكَشْحِ. قَوْلُهُ: (حِفْظُ إلَخْ) عَبَّرَ فِيهِ بِالْمَصَادِرِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَفْعَالُ، وَأَمَّا الْأَعْيَانُ كَالدُّهْنِ وَالْكُحْلِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ فِيهِمَا فَعَلَى الْوَلِيِّ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِخِلَافِهِ، وَقَالَ الْخَطِيبُ تُعْتَبَرُ الْعَادَةُ كَمَا فِي حِبْرِ النَّاسِخِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (وَدَهْنِهِ وَكَحْلِهِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْإِرْضَاعُ) وَيُسَمَّى الْحَضَانَةَ الصُّغْرَى. قَوْلُهُ: (وَيَتْبَعُ) فَلَوْ نُفِيَ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا م ر وَهَذَا كُلُّهُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ وَلَا يَجِبُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ إلَّا تَسْلِيمُ نَفْسِهِ أَوْ الدَّابَّةِ عَارِيَّةً فَقَطْ إلَّا فِي السَّرْجِ فَيَجِبُ مُطْلَقًا كَالْبَرْذعَةِ. قَوْلُهُ: (حِبْرٌ) هُوَ إمَّا مِنْ الْحُبَارِ بِالضَّمِّ، وَهُوَ التَّأْثِيرُ لِتَأْثِيرِهِ فِي الْوَرَقِ أَوْ مِنْ التَّحْبِيرِ، وَهُوَ التَّحْسِينُ؛ لِأَنَّهُ يُحَسَّنُ بِهِ الْكُتُبُ وَالْقَلَمُ وَلِدَوَاةٍ كَالْحِبْرِ وَتَقَدَّمَ مَا يَجِبُ ذِكْرُهُ لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَمَا يَلْزَمُهُ إذَا غَلِطَ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَخَيْطٌ وَكُحْلٌ) ، وَكَذَا صِبْغُ الصَّبَّاغِ وَطَلْعُ الْمُلَقِّحِ وَإِبْرَةُ الْخَيَّاطِ وَمَرْدُودُ الْكَحَّالِ وَذَرُورُهُ، وَمَرْهَمُ الْجَرَائِحِيِّ وَصَابُونُ الْغَسَّالِ.   [حاشية عميرة] تَدْرِيسُ الْعِلْمِ، فَإِنْ كَانَ عَامًّا امْتَنَعَ، أَوْ مَسَائِلَ مَخْصُوصَةً لِأَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ جَازَ لِانْضِبَاطِهِ. فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: يَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ إخْرَاجُ أَهْلِ الْمَنْطِقِ مِنْ الْمَدَارِسِ. فَرْعٌ: يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الِاصْطِيَادِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُبَاحَاتِ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِصِحَّةِ اسْتِئْجَارِ رَجُلٍ يُحْبَسُ مَكَانَهُ فِي الْحَبْسِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ تَعْيِينُ الرَّضِيعِ) أَيْ فَلَا يَكْفِي فِيهِ الْوَصْفُ. قَوْلُهُ: (دُونَ عَكْسِهِ) أَيْ لِئَلَّا تَصِيرَ الْعَيْنُ مَقْصُودَةً بِالْإِجَارَةِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَالْخِلَافُ فِي الْحَضَانَةِ الْكُبْرَى، وَأَمَّا الصُّغْرَى فَتَدْخُلُ فِي الرَّضَاعِ قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْحَضَانَةُ) أَيْ السَّابِقَةُ فِي كَلَامِهِ وَهِيَ الْكُبْرَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَدَهْنُهُ) هُوَ بِالْفَتْحِ، وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَفِيهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عَلَى الْأَبِ وَالثَّانِي اتِّبَاعُ الْعَادَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَتْبَعُ إلَخْ) أَيْ فَالْمَنْفَعَةُ أَصْلٌ، وَاللَّبَنُ تَابِعٌ، وَالْمُرَادُ بِالْمَنْفَعَةِ هِيَ الْإِلْقَامُ لِلثَّدْيِ، وَوَضْعُ الصَّغِيرِ فِي الْحِجْرِ، وَعَصْرُهُ لَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَتُسَمَّى هَذِهِ الْحَضَانَةُ الْحَضَانَةَ الصُّغْرَى. فَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِمَا سَلَفَ؛ لِأَنَّ تِلْكَ حَضَانَةٌ كُبْرَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْمَذْهَبُ إلَخْ) الَّذِي فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّا إنْ قُلْنَا: الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ اللَّبَنُ وَالْحَضَانَةُ تَابِعَةٌ انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ بِالْعَكْسِ، فَلَا وَيَتَخَيَّرُ أَوْ هُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ. انْفَسَخَ فِي الرَّضَاعِ وَفِي الْحَضَانَةِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، فَحِينَئِذٍ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمَذْهَبِ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَضَانَةِ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ صُوَرِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الدَّوَامِ. وَفِيهِ طَرِيقَانِ: إحْدَاهُمَا: قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَالثَّانِيَةُ: الْقَطْعُ بِالتَّفْرِيقِ، وَإِذَا تَأَمَّلْت كَلَامَ الشَّارِحِ وَجَدْته أَشَارَ إلَى هَذَا. فَرْعٌ: لَوْ أَرْضَعَتْهُ جَارِيَتُهَا قَالَ ابْنُ كَجٍّ: إنْ شَرَطَ إرْضَاعَهَا بِنَفْسِهَا لَمْ تَسْتَحِقَّ، وَإِذَا أَطْلَقَ اسْتَحَقَّتْ. قَوْلُهُ: (وَبَقَاءُ الْحَضَانَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَسْقُطُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَجِبُ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا أَعْيَانٌ، وَاغْتُفِرَ اللَّبَنُ لِلضَّرُورَةِ وَمِثْلُ هَذَا الصِّبَاغُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 فِي الْإِرْضَاعِ وَدُفِعَ بِأَنَّ دُخُولَ اللَّبَنِ لِلضَّرُورَةِ، وَالثَّالِثُ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (قُلْت صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الرُّجُوعَ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ) قَالَ (فَإِنْ اضْطَرَبَتْ وَجَبَ الْبَيَانُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُبَيَّنْ (فَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَم) وَعَبَّرَ فِي هَذَا بِالْأَشْبَهِ وَفِي الْأَوَّلِ فِي الْمُحَرَّرِ، بِالْمَشْهُورِ وَحَكَى فِي الشَّرْحِ الْخِلَافَ طُرُقًا. فَصْلٌ: يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي (تَسْلِيمُ مِفْتَاحِ) الدَّارِ إلَى الْمُكْتَرِي. (لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا) (وَعِمَارَتُهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ) كَبِنَاءٍ وَتَطْيِينِ سَطْحٍ وَوَضْعِ بَابٍ، وَمِيزَابٍ وَإِصْلَاحِ مُنْكَسِرٍ، وَغَلْقٍ يَعْسُرُ فَتْحُهُ: (فَإِنْ بَادَرَ وَأَصْلَحَهَا) فَلَا خِيَارَ (وَإِلَّا فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ) لِتَضَرُّرِهِ بِنَقْصِ الْمَنْفَعَةِ. (وَكَسْحُ الثَّلْجِ عَنْ السَّطْحِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ) ؛ لِأَنَّهُ كَعِمَارَةِ الدَّارِ (وَتَنْظِيفُ عَرْصَةِ الدَّارِ عَنْ ثَلْجٍ وَكُنَاسَةٍ عَلَى الْمُكْتَرِي) أَمَّا الْكُنَاسَةُ فَلِحُصُولِهَا بِفِعْلِهِ إذْ فَسَّرُوهَا بِمَا يَسْقُطُ مِنْ الْقُشُورِ وَالطَّعَامِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا الثَّلْجُ فَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَيْسَ الْمُرَادُ، أَنَّهُ   [حاشية قليوبي] وَمَاؤُهُ، وَحَطَبُ الْخَبَّازِ. قَوْلُهُ: (الرُّجُوعَ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَتَى وَجَبَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَدَفَعَهُ لِلْأَجِيرِ فَإِنْ كَانَ نَحْوَ الصِّبْغِ وَالْخَيْطِ وَالْحِبْرِ مَلَكَهُ بِأَخْذِهِ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ نَحْوَ اللَّبَنِ وَالْكُحْلِ وَمَاءِ الْأَرْضِ، فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ. كَذَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَمْلِكُهُ الْأَجِيرُ بِأَخْذِهِ، فَيَرُدُّ مَا فَضَلَ مِنْهُ مَا لَمْ يُوجَدْ إعْرَاضٌ عَنْهُ، وَمَا وَجَبَ عَلَى الْأَجِيرِ يَمْلِكُهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِوَضْعِهِ فِي مِلْكِهِ أَوْ اسْتِعْمَالِهِ فِيهِ فَلَوْ دَفَعَ لَهُ نَحْوَ كُحْلٍ لَمْ يَمْلِكْهُ إلَّا بِاسْتِعْمَالِهِ مَا لَمْ يَكُنْ إعْرَاضٌ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. تَنْبِيهٌ: شَرْطُ الطَّبِيبِ أَنْ يَكُونَ مَاهِرًا، بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ خَطَؤُهُ نَادِرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاهِرًا فِي الْعِلْمِ فِيمَا يَظْهَرُ فَتَكْفِي التَّجْرِبَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَيَضْمَنُ وَيُرْجَعُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ أُجْرَةٍ وَغَيْرِهَا، وَيَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ حَيْثُ صَحَّتْ إجَارَتُهُ وَيَمْلِكُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ نَحْوِ ثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الشِّفَاءُ فَلَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ الشِّفَاءُ وَالْعَوْدُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الشِّفَاءَ بِمَحْضِ صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ جَعَالَةً، وَيُعْتَبَرُ كُلُّ زَمَانٍ وَمَحَلٍّ بِعُرْفِهِ وَإِنْ خَالَفَ هُنَا بِمَا نَصُّوا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْبَيَانُ) أَيْ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ مُؤَجَّرًا أَوْ مُسْتَأْجَرًا وَلَا يَجِبُ تَقْدِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ كَاللَّبَنِ فَإِنْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ فِي قَدْرِهِ وَجَبَ ذِكْرُهُ وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ فِي هَذَا إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُوَافِقْ فِي تَعْبِيرِهِ مَا فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا مَا فِي الشَّرْحِ وَنُقِلَ عَنْهُ التَّصْحِيحُ بِالْمَعْنَى فَتَأَمَّلْهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ لَا يَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ أُجْرَةً، وَكُلُّ مَا يَصِحُّ لَهُ الِاسْتِئْجَارُ إذَا فَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ لَا يَسْتَحِقُّ أَيْضًا غَالِبًا. فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي وَغَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي قَوْلُهُ: (مِفْتَاحِ الدَّارِ) أَوْ مِفْتَاحِ الضَّبَّةِ لَا مِفْتَاحِ الْقُفْلِ، وَلَا الْقُفْلِ أَيْضًا، وَلَوْ تَلِفَ الْمِفْتَاحُ وَلَوْ بِتَقْصِيرٍ، فَهُوَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهِ أَوْ تَجْدِيدِهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ مُدَّةَ الِامْتِنَاعِ، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ نَعَمْ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْمِفْتَاحِ إذَا تَلِفَ بِتَفْرِيطِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِصْلَاحُ مُنْكَسِرٍ) وَكَذَا إعَادَةُ رُخَامٍ وَلَوْ بِقَلْعِ الْمُسْتَأْجَرِ، وَيَضْمَنُ بِنَقْصِهِ إنْ قَصَّرَ وَتَنْفَسِخُ فِي مُدَّةِ عَدَمِ الْإِعَادَةِ وَلَهُ الْخِيَارُ نَعَمْ يَسْقُطُ الْخِيَارُ بِإِعَادَةِ بَلَاطٍ بَدَلَهُ إنْ لَمْ يُشْرَطْ إعَادَتُهُ بِعَيْنِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ، وَلَوْ وَكَفَ السَّطْحُ مِنْ نَحْوِ مَطَرٍ أَوْ تَوَلَّدَ مِنْ وَكْفِهِ نَقْصٌ فَلَهُ الْخِيَارُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ) صَرِيحٌ فِي تَوَقُّفِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ عَلَى عَدَمِ الْإِصْلَاحِ لَا فِي الِابْتِدَاءِ. قَوْلُهُ: (عَنْ السَّطْحِ) أَيْ الَّذِي لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ كَالْجَمَلُونِ، وَإِلَّا فَكَذَلِكَ ابْتِدَاءً وَكَالْعَرْصَةِ دَوَامًا. قَوْلُهُ: (كَعِمَارَةِ الدَّارِ) فَمَعْنَى لُزُومِهِ لَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ إنْ لَمْ يَنْقُلْهُ وَنَقَصَتْ الْمَنْفَعَةُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُكْتَرِي) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ بِهَا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلِحُصُولِهَا بِفِعْلِهِ) فَالْكَلَامُ فِي الدَّوَامِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ إزَالَةَ نَحْوِ الْكُنَاسَةِ كَالرَّمَادِ وَتَفْرِيغَ نَحْوِ الْحَشِّ كَالْبَالُوعَةِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ مُطْلَقًا، إلَّا مَا حَصَلَ مِنْهَا بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَعَلَيْهِ فِي الدَّوَامِ وَكَذَا بَعْدَ الْفَرَاغِ فِي نَحْوِ الْكُنَاسَةِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِنَقْلِهَا شَيْئًا فَشَيْئًا لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمَعْنَى نَقْلِهِ إلَى نَحْوِ الْكِيمَانِ مَثَلًا بَلْ الْمُرَادُ جَمْعُهُ فِي مَحَلٍّ مِنْ الدَّارِ أَوْ مُعْتَادٍ لَهُ فِيهَا. قَالَ شَيْخُنَا: وَيُتَّبَعُ فِي رَبْطِ الدَّوَابِّ الْعَادَةُ،   [حاشية عميرة] فَائِدَةٌ: الْحِبْرُ مِنْ الْحُبَارِ بِالضَّمِّ، وَهُوَ التَّأْثِيرُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوَرَقِ. وَقِيلَ: مِنْ التَّحْبِيرِ وَهُوَ التَّحْسِينُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ الْبَيَانُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ بُيِّنَ شَرْطُهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ جَازَ، وَجَزَمَ فِي الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ بِالْفَسَادِ. قَالَ فِي الْكَافِي: وَلَعَلَّهُ جَوَابٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إنْ شُرِطَ عَلَى أَحَدِهِمَا جَازَ، وَإِنْ أُطْلِقَ بَطَلَ. [فَصْل يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي تَسْلِيم مِفْتَاح الدَّار إلَى الْمُكْتَرِي] فَصْلٌ: يَجِبُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ بَادَرَ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْعِبَارَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَوْلُهُ: وَعِمَارَتُهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ أَيْ إنْ أَرَادَ دَوَامَ الْإِجَارَةِ، أَوْ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. نَعَمْ الْوَقْفُ وَمَالُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عِمَارَتُهَا. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْكُنَاسَةُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُدَّةَ إذَا انْقَضَتْ وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ تَنْظِيفُ الْمَكَانِ مِنْ الْكُنَاسَةِ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا يَجِبُ تَفْرِيغُ الْبَالُوعَةِ وَالْحَشِّ أَيْ السُّنْدَاسِ. قَالَ السُّبْكِيُّ أَيْضًا: وَلَا يَجُوزُ رَبْطُ الدَّوَابِّ فِي الدُّورِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلسُّكْنَى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ نَقْلُهُ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ، وَكَذَا التُّرَابُ الْمُجْتَمِعُ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا اهـ. . (وَإِنْ أَجَرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ إكَافٌ وَبَرْذعَةٌ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْإِكَافُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ تَحْتَ الْبَرْذعَةِ وَقَبْلَ فَوْقِهَا. (وَحِزَامٌ وَثُفْرٌ) بِالْمُثَلَّثَةِ (وَبُرَةٌ) بِضَمِّ الْبَاءِ، وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ حَلْقَةٌ تُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ. (وَخِطَامٌ) بِكَسْرِ الْخَاءِ أَيْ زِمَامٌ يُجْعَلُ فِي الْحَلْقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَمَكَّنُ مِنْ الرُّكُوبِ بِدُونِهَا. (وَعَلَى الْمُكْتَرِي مَحَلٌّ وَمِظَلَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ مَا يُظَلَّلُ بِهِ عَلَى الْمَحْمِلِ (وَوِطَاءٌ وَغِطَاءٌ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا وَالْوِطَاءُ مَا يُفْرَشُ فِي الْمَحْمِلِ لِيُجْلَسَ عَلَيْهِ. (وَتَوَابِعُهَا) كَالْحَبْلِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الْمَحْمِلُ عَلَى الْجَمَلِ، أَوْ أَحَدُ الْمَحْمِلَيْنِ إلَى الْآخَرِ. (وَالْأَصَحُّ فِي السَّرْجِ) لِلْفَرَسِ. (اتِّبَاعُ الْعُرْفِ) أَيْ فِي مَوْضِعِ الْإِجَارَةِ، وَالثَّانِي عَلَى الْمُؤَجِّرِ كَالْإِكَافِ، وَالثَّالِثُ لَيْسَ لِاضْطِرَابِ الْعُرْفِ فِيهِ. (وَظَرْفُ الْمَحْمُولِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ النَّقْلَ فَعَلَيْهِ تَهْيِئَةُ أَسْبَابِهِ. (وَعَلَى الْمُكْتَرِي فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ) إذْ لَيْسَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فِيهَا إلَّا تَسْلِيمُ الدَّابَّةِ، كَمَا يَأْتِي. (وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي إجَارَةٍ لِذِمَّةِ الْخُرُوجِ مَعَ الدَّابَّةِ لِتَعَهُّدِهَا وَإِعَانَةِ الرَّاكِبِ فِي رُكُوبِهِ وَنُزُولِهِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) فَيُنِيخُ الْبَعِيرَ لِلْمَرْأَةِ وَالضَّعِيفَ بِمَرَضٍ أَوْ شَيْخُوخَةٍ وَيُقَرِّبُ الْبَغْلَ وَالْحِمَارَ مِنْ نَشَرٍ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ. (وَرَفْعُ الْحَمْلِ وَحَطُّهُ وَشَدُّ الْمَحْمِلِ وَحَلِّهِ) وَشَدُّ أَحَدِ الْمَحْمِلَيْنِ إلَى الْآخَرِ، وَهُمَا بَعْدُ عَلَى الْأَرْضِ فِي وَجْهِ صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالثَّانِي هُوَ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ إصْلَاحُ مِلْكِهِ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُؤَجِّرِ (فِي إجَارَةِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ) أَيْ فَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا) أَيْ لَا ابْتِدَاءً وَلَا دَوَامًا. تَنْبِيهٌ. مَحَلُّ عَدَمِ لُزُومِ الْعِمَارَةِ فِي غَيْرِ وَلَيِّ الْيَتِيمِ، وَنَاظِرِ الْوَقْفِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا، إلَّا مِنْ حَيْثُ الْإِجَارَةُ وَلَا يَجُوزُ لِمُسْتَأْجِرِ دَارٍ فِعْلُ مَا يَضُرُّ بِشَيْءٍ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فِي مِثْلِهَا، وَتَخْلِيصُ الْمَغْصُوبِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا كَالْعِمَارَةِ، فَهُوَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَكَذَا دَفْعُ حَرِيقٍ وَنَهْبٌ نَعَمْ إنْ سَهُلَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الدَّفْعُ بِلَا مَشَقَّةٍ لَزِمَهُ فَإِنْ قَصَّرَ ضَمِنَ كَالْوَدِيعِ، وَلَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ عَلَى مَتَاعِ الْمُسْتَأْجِرِ لَزِمَ الْمُؤَجِّرَ التَّخْلِيَةُ وَأَمَّا ضَمَانُ مَا تَلِفَ فَلَا. فَائِدَةٌ: الْعَرْصَةُ اسْمٌ لِلْخَلَا بَيْنَ الدُّورِ وَجَمْعُهَا عِرَاصٌ وَعَرَصَاتٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَجَرَ دَابَّةً) أَيْ إجَارَةِ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ) أَيْ عِنْدَ إطْلَاقِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ شَرَطُوا شَيْئًا خِلَافَ مَا يَأْتِي اُتُّبِعَ، وَإِنَّمَا وَجَبَ نَحْوُ الْإِكَافِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ لِتَوَقُّفِ أَصْلِ الِانْتِفَاعِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لِكَمَالِ الِانْتِفَاعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ) وَبِضَمِّهَا أَيْضًا وَأَبْدَلَهَا الْعَوَامُّ لَامًا مَضْمُومَةً. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فَوْقَهَا) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ وَهُوَ خَشَبٌ يُوضَعُ عَلَى جَانِبَيْ الْبَرْذعَةِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَحْتَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ جَلَسَ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ، وَقِيلَ هُوَ الْبَرْذعَةُ وَهُوَ حِلْسٌ غَلِيظٌ مَحْشُوٌّ مُضَرَّبٌ وَلَعَلَّهُ مُشْتَرَكٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ مَا تَحْتَهَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَحِزَامٌ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالزَّايِ مِنْ الْحَزْمِ، وَهُوَ الْقُوَّةُ؛ لِأَنَّهُ يُشَدُّ بِهِ الْإِكَافُ وَالْبَرْذعَةُ. قَوْلُهُ: (وَثَفَرٌ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْفَاءِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمُجَاوَرَتِهِ ثَفَرَ الدَّابَّةِ وَهُوَ فَرْجُهَا مُذَكَّرَةً أَوْ مُؤَنَّثَةً وَلَوْ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ طَيْرٍ. قَوْلُهُ: (حَلْقَةٌ إلَخْ) وَتُعْرَفُ بِالْخُزَامِ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَأَصْلُ الْحَلْقَةِ مِنْ الْحَدِيدِ، وَالْخُزَامُ مِنْ الشَّعْرِ وَالْمُرَادُ الْأَعَمُّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (يُجْعَلُ فِي الْحَلْقَةِ) أَيْ أَصَالَةً وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُقَادُ بِهِ الْمَعْرُوفُ بِالْمِقْوَدِ وَمِثْلُهُ اللِّجَامُ وَالرَّسَنُ. قَوْلُهُ: (لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّكُوبِ بِدُونِهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمُكْتَرِي) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ مَحْمَلٌ وَلَا يَسْتَحِقُّ حَمْلَهُ. كَمَا قَالَ شَيْخُنَا إلَّا بِشَرْطِهِ وَالْغِطَاءُ وَمَا مَعَهُ تَابِعٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْحَبْلِ إلَخْ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْحَبْلَ الْأَوَّلَ عَلَى صَاحِبِ الْجَمَلِ. قَوْلُهُ: (فِي مَوْضِعِ الْإِجَارَةِ) وَإِنْ خَالَفَ عُرْفًا قَبْلَهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَلَوْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ فِيهِ وَجَبَ الْبَيَانُ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِ الْبَرْذعَةِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ لِإِطْرَادِ الْعُرْفِ فِيهَا بِذَلِكَ، فَلَوْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ فِيهَا أَيْضًا وَجَبَ الْبَيَانُ. قَوْلُهُ: (إلَّا تَسْلِيمُ الدَّابَّةِ) وَعَلَيْهِ حِفْظُهَا وَضَمَانُهَا إنْ قَصَّرَ كَالْوَدِيعَةِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ. قَوْلُهُ: (فَيُنِيخُ الْبَعِيرَ لِلْمَرْأَةِ) وَلَوْ قَوِيَّةً وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى وَالضَّعِيفُ وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (نَشَزٍ) بِنُونٍ فَمُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ فَزَايٍ مُعْجَمَةٍ هُوَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ هُنَا، وَيُطْلَقُ عَلَى عِظَامِ الْمَيِّتِ وَكِبَرِ السِّنِّ قَوْلُهُ: (الرُّكُوبُ) وَكَذَا النُّزُولُ لِمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، كَصَلَاةِ فَرْضٍ لَا نَحْوُ أَكْلٍ وَلَا يَلْزَمُهُ تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ لَهُ تَطْوِيلُهَا عَلَى الِاعْتِدَالِ فَإِنْ طَوَّلَ ثَبَتَ الْخِيَارُ، وَلَهُ النَّوْمُ عَلَيْهَا، وَقْتَ الْعَادَةِ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُهُ النُّزُولُ إلَّا فِي وَقْتٍ لَا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ الْمَشْيُ فِيهِ، وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ أَيْضًا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ حِفْظُ الْمَتَاعِ فِي الْمَنْزِلِ وَأُجْرَةُ الْبَذْرَقَةِ وَالْقَائِدِ وَالسَّائِقِ وَالدَّلِيلِ وَنَحْوِ الدَّلْوِ وَالرَّشَا وَعَلَيْهِ الْإِيصَالُ إلَى مَا لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ مِنْ سُورٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَا وُصُولُهُ إلَى مَنْزِلِهِ إلَّا إنْ قَرُبَ بِحَيْثُ يُتَسَامَحُ بِهِ. قَوْلُهُ: (فِي وَجْهٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (إلَّا التَّخْلِيَةُ) أَيْ التَّمْكِينُ. قَوْلُهُ: (فِي رُكُوبٍ) وَلَا حَمْلٍ وَلَا غَيْرِهِمَا مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِتَلَفِ الدَّابَّةِ) وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، وَيَسْتَحِقُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا مَضَى حَيْثُ وَقَعَ مُسَلِّمًا. قَوْلُهُ: (وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِعَيْبِهَا) أَيْ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (يَلْزَمُهُ الْإِبْدَالُ)   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ أَجَرَ دَابَّةً) أَيْ إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ لَا فَحَصَلَ بِدُونِ ذَلِكَ، سَوَاءً فِي ذَلِكَ إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: إنْ كَانَ الْمُوجِبُ لِهَذِهِ إلَّا الْعُرْفَ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَاللَّفْظُ قَاصِرٌ عَنْهَا، فَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا اطَّرَدَ الْعُرْفُ، فَإِنْ اضْطَرَبَ وَجَبَ الْبَيَانُ، وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَظَرْفُ الْمَحْمُولِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: مُؤْنَةُ الدَّلِيلِ وَالْبَذْرَقَةُ أَيْ الْخِفَارَةُ وَحِفْظُ الْمَتَاعِ فِي الْمَنْزِلِ كَالطُّرُقِ، قَالَ: وَلَا يُمْنَعُ الرَّاكِبُ مِنْ النَّوْمِ عَلَيْهَا فِي قُبَّةٍ، وَيُمْنَعُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ بِالتَّخْلِيَةِ هُنَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 الْعَيْنِ إلَّا التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمُكْتَرِي وَالدَّابَّةِ) فَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَانَتُهُ فِي رُكُوبٍ وَلَا حَمْلٍ. (وَتَنْفَسِخُ إجَارَةُ الْعَيْنِ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ) لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ (وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِعَيْبِهَا) كَأَنْ تَعْثُرَ فِي الْمَشْيِ أَوْ تَعْرُجَ فَتَتَخَلَّفَ عَنْ الْقَافِلَةِ. (وَلَا خِيَارَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) بِعَيْبِ الدَّابَّةِ الْمُحْضَرَةِ. (بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِبْدَالُ) وَلَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِهَا (وَالطَّعَامُ الْمَحْمُولُ لِيُؤْكَلَ يُبْدَلُ إذَا أُكِلَ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا يُبْدَلُ وَيَشْتَرِي الْمُكْتَرِي فِي كُلِّ مَنْزِلَةٍ قَدْرَ الْحَاجَةِ، وَلَوْ أَكَلَ بَعْضَهُ أَبْدَلَ فِي الرَّاجِحِ، وَالْخِلَافُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْكُلِّ وَجْهَانِ، وَفِي الْبَعْضِ قَوْلَانِ وَيُقَالُ وَجْهَانِ وَمَحَلُّهُ، إذَا كَانَ يَجِدُ الطَّعَامَ فِي الْمَنَازِلِ الْمُسْتَقْبِلَةِ بِسِعْرِ الْمَنْزِلِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَجِدْهُ أَوْ وَجَدَهُ بِأَعْلَى، فَلَهُ الْإِبْدَالُ قَطْعًا. فَصْلٌ: يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا فَيُؤَجَّرُ الْعَبْدُ وَالدَّارُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَالدَّابَّةُ عَشْرَ سِنِينَ وَالثَّوْبُ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَالْأَرْضُ مِائَةَ سَنَةٍ وَأَكْثَرَ. (وَفِي قَوْلٍ لَا يُزَادُ عَلَى سَنَةٍ) لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ إلَى الْإِجَارَةِ بِهَا. (وَفِي قَوْلٍ) عَلَى (ثَلَاثِينَ) سَنَةٍ؛ لِأَنَّهَا نِصْفُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ. (وَلِلْمُكْتَرِي اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ، فَيَرْكَبُ وَيُسْكِنُ مِثْلَهُ، وَلَا يُسْكِنُ حَدَّادًا وَقِصَارًا) لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ بِدَقِّهِمَا. (وَمَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ كَدَارٍ وَدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يُبْدَلُ)   [حاشية قليوبي] فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ ثَبَتَ الْخِيَارُ. قَوْلُهُ: (إذَا أَكَلَ) فَلَا يَلْزَمُ مَالِكَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ، وَلَا يُطَالِبُهُ الْمُؤَجِّرُ بِالْأَكْلِ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ وَلَا يَبِيعُهُ كَذَلِكَ وَلَا بِأُجْرَةٍ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِبْدَالِهِ. تَنْبِيهٌ: مَتَى مَضَى مُدَّةٌ بَعْدَ وُجُوبِ الْإِبْدَالِ فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا مِنْ الْمُسَمَّى إلَى الْفَسْخِ أَوْ فَرَاغِ الْمُدَّةِ. فَصْلٌ فِي تَقْدِيرِ الْمَنْفَعَةِ بِالزَّمَنِ وَمَا يَتْبَعُهُ قَوْلُهُ: (وَالْأَرْضِ مِائَةَ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ) سَوَاءٌ الْأَرْضُ الْوَقْفُ وَالْمِلْكُ إلَّا إنْ خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ وَلَوْ زَادَ فِي الْعَقْدِ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ، وَلَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ نَعَمْ إنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ زِيدَ بِقَدْرِهَا كَمَا مَرَّ، وَالثَّلَاثِينَ فِي الْعَبْدِ مِنْ حِينِ وِلَادَتِهِ وَالْعَشَرَةُ فِي الدَّابَّةِ كَذَلِكَ، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَسْتَقِيمُ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ الْعُمُرِ الْغَالِبِ فِي الْعَبْدِ بِأَنْ يَكُونَ الثَّلَاثُونَ سَنَةً فِيهِ، وَالْعَشَرَةُ فِي الدَّابَّةِ بِبَقِيَّةِ مَا غَلَبَ بَقَاؤُهُمَا إلَيْهِ، وَلِذَلِكَ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ بَلْ الْمُعْتَبَرُ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ فِيهِ، وَفِي الْخَطِيبِ مِثْلُهُ. قَوْلُهُ: (بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ) فَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ بِخِلَافِهِ فِي الْمُسْتَوْفِي فِيهِ وَبِهِ، فَيَجُوزُ شَرْطُ مَنْعِ إبْدَالِهِمَا وَيُتَّبَعُ وَفُرِّقَ بِأَنَّ فِي الْأُولَى حَجَرًا؛ لِأَنَّهُ كَمَنْعِ بَيْعِ الْمَبِيعِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسَكِّنُ حَدَّادًا وَلَا قَصَّارًا) حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ عَمَّمَ لَهُ فِي الْمَنْفَعَةِ كَقَوْلِهِ لِتُسَكِّنْ مَنْ شِئْت إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِمَا، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يُصَرِّحُ بِجَوَازِ إسْكَانِهِمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ وَعِبَارَتُهُ قَالَ جَمْعٌ: وَلَوْ قَالَ لِتُسَكِّنْ مَنْ شِئْت جَازَ إسْكَانُ الْحَدَّادِ وَالْقَصَّارِ كَ " ازْرَعْ " مَا شِئْت خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ رُكُوبٍ بِحَمْلٍ وَلَا حَدِيدٍ بِقُطْنٍ وَلَا حَدَّادٍ بِقَصَّارٍ، وَعُكُوسُهَا وَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَتَفَاوَتُ الضَّرَرُ اهـ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مُعَيَّنَةٍ) رَاجِعْ إلَى الدَّابَّةِ إذْ الدَّارُ لَا تَكُونُ إلَّا مُعَيَّنَةً كَمَا مَرَّ وَخَرَجَ مَا فِي الذِّمَّةِ فَيَجِبُ إبْدَالُهُ مَعَ التَّلَفِ أَوْ التَّعَيُّبِ وَيَجُوزُ بِدُونِ ذَلِكَ بِالرِّضَا وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ دُونَ الذِّمَّةِ، وَلَوْ بَعْدَ قَبْضِ الْعَيْنِ كَمَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَنْفَسِخُ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِعَيْبِهَا) أَيْ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ، وَوَجْهُهُ فِي الْحَادِثِ أَنَّهُ قَدِيمٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَنَافِعِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُقْبَضْ بَعْدُ. فَرْعٌ: لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَاتَ الْخِيَارُ وَلَهُ الْأَرْشُ، ثُمَّ الْخِيَارُ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّهُ يَتَحَدَّدُ بِمُرُورِ الْأَوْقَاتِ لِحُدُوثِ النَّقْصِ بِهَا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَغَلِطَ جَمَاعَةٌ فَقَالُوا: هُوَ عَلَى الْفَوْرِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالطَّعَامُ الْمَحْمُولُ لِيُؤْكَلَ إلَخْ) فَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْمَتَاعِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِبَيْعِهِ فِي الطَّرِيقِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ. وَأَمَّا الْمَاءُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُبْدَلُ قَطْعًا. [فَصْلٌ يَصِحّ عَقْد الْإِجَارَة مُدَّة تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا] فَصْلٌ: يَصِحُّ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَبْقَى فِيهَا إلَخْ) أَيْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ إلَيْهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ، فَمَعَهَا يَجُوزُ مُطْلَقًا قَطْعًا، ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي غَايَةِ الْمُدَّةِ وَأَمَّا فِي أَقَلِّهَا، فَإِنْ كَانَ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. وَفِي الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ يَكُونُ مُمْكِنًا فِي الْمُدَّةِ. فَرْعٌ: إجَارَةُ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ لَا يَكْفِي فِيهَا أَنْ يَقُولَ: كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا بِخِلَافِ سَوَادِ الْعِرَاقِ، فَإِنَّ الَّذِي صَدَرَ مِنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُسْتَثْنًى لِلْمَصْلَحَةِ، وَكَذَا اسْتِئْجَارُ الْإِمَامِ لِلْأَذَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِكَذَا، وَهَلْ لِلْمُؤَذِّنِ الِامْتِنَاعُ بَعْدَ الْقَبُولِ أَوْ لَا؟ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَنْوَاعَ الْمَنْفَعَةِ تَتَأَتَّى فِيهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَلَاثِينَ) أَيْ تَقْرِيبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِلْمُكْتَرِي اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ) وَلَوْ عَيْنًا كَالْمَاءِ وَالْحِبْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُسْكِنُ حَدَّادًا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ قَالَ لَهُ: وَتُسْكِنُ مَنْ شِئْت فِيمَا يَظْهَرُ، لَكِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْجُرْجَانِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ. فَرْعٌ لَهُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ، دُونَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ، وَالسَّلَمُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ، فَلَوْ قَبَضَ الْعَيْنَ فَلَهُ الِاعْتِيَاضُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ) لَمْ يَقُلْ مُعَيَّنَيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَا تَكُونُ إلَّا مُعَيَّنَةً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 أَيْ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ (وَمَا يَسْتَوْفِي بِهِ كَثَوْبٍ وَصَبِيٍّ عُيِّنَ) أَيْ الْمَذْكُورُ (لِلْخِيَاطَةِ وَالْإِرْضَاعِ يَجُوزُ إبْدَالُهُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ كَالرَّاكِبِ لَا مَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ. (وَيَدُ الْمُكْتَرِي عَلَى الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ) مَثَلًا (يَدُ أَمَانَةٍ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ وَكَذَا بَعْدَهَا فِي الْأَصَحِّ) تَبَعًا لَهَا فَيَكُونُ كَالْمُودِعِ وَالثَّانِي يَدُ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَعِيرِ فَيَضْمَنُ مَا يَتْلَفُ عَلَى هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ وَفِي ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ مِنْ الْمَنَافِعِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ، أَخْذًا مِنْ الْأَصَحِّ السَّابِقِ. (وَلَوْ رَبَطَ دَابَّةً أَوْ اكْتَرَاهَا لِحَمْلٍ أَوْ رُكُوبِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا) فَتَلِفَتْ (لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إذَا انْهَدَمَ عَلَيْهَا إصْطَبْلٌ فِي وَقْتٍ) لِلِانْتِفَاعِ (لَوْ انْتَفَعَ) بِهَا فِيهِ. (لَمْ يُصِبْهَا الْهَدْمُ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ جَاءَ مِنْ رَبْطِهَا وَقْتٍ لِانْتِفَاعٍ بِهَا، كَبَعْضِ النَّهَارِ دُونَ جُنْحِ اللَّيْلِ فِي الشِّتَاءِ. (وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ أَجِيرٍ بِلَا تَعَدٍّ، كَثَوْبٍ اُسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَتِهِ أَوْ صَبْغِهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ لَمْ يَتَفَرَّدْ بِالْيَدِ، بِأَنْ قَعَدَ الْمُسْتَأْجِرُ مَعَهُ) حَيٌّ يَعْمَلُ (أَوْ أَحْضَرَهُ مَنْزِلَهُ) لِيَعْمَلَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا اسْتَعَانَ الْمَالِكُ بِهِ فِي شُغْلِهِ كَمَا يَسْتَعِينُ بِالْوَكِيلِ. (وَكَذَا إنْ انْفَرَدَ) بِالْيَدِ لَا يَضْمَنُ. (فِي أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ) وَالثَّانِي يَضْمَنُ كَالْمُسْتَامِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَدُفِعَ بِأَنَّهُ أَخَذَ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْتَأْجِرِ أَيْضًا، فَلَا يَضْمَنُ كَعَامِلٍ لِلْقِرَاضِ. (وَالثَّالِثُ يَضْمَنُ) الْأَجِيرُ (الْمُشْتَرَكُ وَهُوَ مَنْ الْتَزَمَ عَمَلًا فِي ذِمَّتِهِ لَا الْمُنْفَرِدُ وَهُوَ مِنْ آجَرَ نَفْسَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً لِعَمَلٍ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُخْتَصَّةٌ، بِالْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمُدَّةِ فَيَدُهُ كَيَدِ الْوَكِيلِ مَعَ الْمُوَكِّلِ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِلَا تَعَدٍّ عَمَّا إذَا تَعَدَّى، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا قَطْعًا. (وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ لِيَقْصِرَهُ، أَوْ خَيَّاطٍ لِيَخِيطَهُ فَفَعَلَ) أَيْ قَصَرَهُ أَوْ خَاطَهُ (وَلَمْ يَذْكُرْ أُجْرَةً فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهَا (وَقِيلَ لَهُ) الْأُجْرَةُ لِاسْتِهْلَاكِ الدَّافِعِ عَمَلَهُ (وَقِيلَ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ الْعَمَلِ) بِالْأُجْرَةِ (فَلَهُ) الْأُجْرَةُ (وَإِلَّا فَلَا) أُجْرَةَ لَهُ (وَقَدْ يُسْتَحْسَنُ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالرِّضَا وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهِ أَوْ تَعَيُّبِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَسْتَوْفِي بِهِ) وَمِثْلُهُ مَا يَسْتَوْفِي فِيهِ كَالطَّرِيقِ. قَوْلُهُ: (عُيِّنَ لِلْخِيَاطَةِ وَالِارْتِضَاعِ) أَيْ بِأَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى عَيْنِهِ كَهَذَا الثَّوْبِ أَوْ الصَّبِيِّ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا مِنْ تَصْوِيرِهِ بِتَعَيُّنِهِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ إبْدَالُهُ) وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَا الْمُؤَجِّرِ سَوَاءٌ تَلِفَ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّوْبُ مَثَلًا) وَيَجِبُ فِي الِاسْتِيفَاءِ مُرَاعَاةُ الْعَادَةِ فِي اللُّبْسِ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَلَا يَنَامُ فِي ثَوْبِ التَّجَمُّلِ وَلَوْ نَهَارًا وَلَا فِي غَيْرِهِ لَيْلًا وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَلَا يَتَّزِرُ بِالْقَمِيصِ وَلَا بِالرِّدَاءِ وَلَهُ عَكْسُهُ وَالتَّعْمِيمُ بِهِمَا. قَوْلُهُ: (مُدَّةَ الْإِجَارَةِ) وَلَهُ السَّفَرُ بِهِمَا وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بَعْدَهَا) وَلَا يُسَافِرُ بِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ كَالْمُودِعِ. قَوْلُهُ: (وَفِي ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ مِنْ الْمَنَافِعِ) أَيْ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا إنْ اسْتَعْمَلَ أَوْ حَبَسَ الْعَيْنَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ بِهَا فَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، فَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا شَهْرًا وَأَغْلَقَهَا فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَلَمْ يُسَلِّمْ الْمِفْتَاحَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ، وَكَذَا لَوْ غَابَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ فَيَضْمَنُ مَا بَعْدَهَا وَخَرَجَ بِ " أَغْلِقْهَا " مَا لَوْ تَرَكَهَا مَفْتُوحَةً فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ خَشِيَ عَلَيْهَا وَلَا يَلْزَمُهُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ. فَرْعٌ: لَوْ أَكْرَى قِدْرًا لِيَطْبُخَ فِيهِ، ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَى دَابَّةٍ لِيَرُدَّهُ، فَسَقَطَتْ الدَّابَّةُ فَانْكَسَرَ الْقِدْرُ فَإِنْ سَهُلَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ وَلَاقَ بِهِ ضَمِنَهُ لِتَقْصِيرِهِ إلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَبَطَ) أَيْ بِلَا عُذْرٍ مَانِعٍ لَهُ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ ذَلِكَ الْوَقْتَ مِنْ بِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ. قَوْلُهُ: (إلَّا إذَا انْهَدَمَ إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِهِ عَدَمُ الضَّمَانِ بِغَيْرِ انْهِدَامِ السَّقْفِ، وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا كَالْخَطِيبِ وَشَرْحُ شَيْخِنَا يُوَافِقُهُمَا اعْتِمَادًا وَيُخَالِفُهُمَا تَعْلِيلًا، وَنُظِرَ فِي اعْتِمَادِهِ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ هُنَا إمَّا ضَمَانُ جِنَايَةٍ، كَمَا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَيَتَقَيَّدُ بِالتَّقْصِيرِ وَلَوْ بِغَيْرِ الِانْهِدَامِ كَنَهْشِ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ أَوْ سَرِقَةٍ، وَإِمَّا ضَمَانُ يَدٍ فَيَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ كَالْعَارِيَّةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ صَبْغِهِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ. قَوْلُهُ: (الْمُشْتَرِكُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَلْتَزِمُ فِي ذِمَّتِهِ أَعْمَالًا لِمُتَعَدِّدِينَ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا فَقَدْ اشْتَرَكُوا فِي مَنْفَعَتِهِ. قَوْلُهُ: (إذَا تَعَدَّى) وَمِنْهُ إسْرَافُ وَقُودِ خَبَّازٍ وَمَوْتُ مُتَعَلِّمٍ بِضَرْبِ مُعَلِّمٍ، وَدَفْعُ مَا اُسْتُؤْجِرَ لِرَعْيِهِ لِغَيْرِهِ يَرْعَاهُ وَالْقَرَارُ عَلَى الثَّانِي إنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدِهِ وَعُلِمَ الْحَالُ وَإِلَّا فَعَلَى الْأَوَّلِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ التَّعَدِّي مَا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ خَيِّرَانِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) أَيْ بِأَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ التَّعَدِّي إلَى وَقْتِ التَّلَفِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَخِيطًا أَوْ مَصْبُوغًا إنْ وَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا وَإِلَّا فَخَالٍ عَنْهُمَا، نَعَمْ لَوْ أَتْلَفَهُ فِي هَذِهِ الثَّانِيَةِ أَجْنَبِيٌّ فَلِلْمَالِكِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَإِجَازَتُهَا إنْ أَجَازَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَغُرِّمَ الْأَجْنَبِيُّ قِيمَةَ الثَّوْبِ مَخِيطًا أَوْ مَصْبُوغًا، وَإِنْ فَسَخَ طَالَبَ الْأَجِيرُ الْأَجْنَبِيَّ بِأُجْرَتِهِ وَطَالَبَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ، وَصَاحِبُ الصِّبْغِ بِقِيمَةِ صِبْغِهِ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْأَجِيرَ لِحِفْظِ حَانُوتٍ لَا يَضْمَنُ مَتَاعَهَا إذَا سُرِقَ وَمِثْلَهُ الْخُفَرَاءُ. تَنْبِيهٌ: مُؤْنَةُ الْمُؤَجِّرِ مِنْ دَابَّةٍ وَغَيْرِهَا عَلَى مَالِكِهِ وَمِنْهُ نَحْوُ صَابُونٍ وَمَاءٍ لِغَسْلِ ثَوْبٍ اتَّسَخَ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ غَسْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (دَفَعَ ثَوْبًا إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ فَكُلُّ عَمَلٍ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فِعْلُهُ مِنْ صَاحِبِهِ كَحَلْقِ رَأْسٍ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَذْكُرْ أُجْرَةً) وَلَا مَا يَقْتَضِيه كَأُرْضِيك أَوْ تَرَى مَا يَسُرُّك أَوْ مَا يَطِيبُ بِهِ خَاطِرُك أَوْ أُطْعِمُك أَوْ لَا أُخَيِّبُ عَمَلَك، وَيَلْزَمُ فِي ذَلِكَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَيُرْجَعُ عَلَى الْأَجِيرِ بِمَا أَكَلَهُ أَوْ شَرِبَهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا أُجْرَةَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَحَلُّهُ فِي عَامِلِ أَهْلِ تَبَرُّعٍ، وَإِلَّا كَقِنٍّ وَصَبِيٍّ وَسَفِيهٍ وَنَحْوِهِمْ فَيَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ يُسْتَحْسَنُ)   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) قَالَ الشَّيْخَانِ: هَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي الِانْفِسَاخِ بِالتَّلَفِ، لَكِنْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلْعِ الِانْفِسَاخُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُعَيَّنَةً) هِيَ مُسْتَدْرَكَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا لَوْ قُدِّرَ بِالْعَمَلِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 هَذَا الْعَمَلُ فِيهِ بِالْعَادَةِ، وَالْمُرَادُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؛ كَمَا أَفْصَحَ بِهَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الثَّانِي. (وَلَوْ تَعَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنْ ضَرَبَ الدَّابَّةَ أَوْ كَبَحَهَا) بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَةِ أَيْ نَخْعًا بِاللِّجَامِ (فَوْقَ الْعَادَةِ) هُوَ رَاجِعٌ إلَى الِاثْنَيْنِ. (أَوْ أَرْكَبَهَا أَثْقَلَ مِنْهُ أَوْ أَسْكَنَ حَدَّادًا أَوْ قَصَّارًا) دَقَّ. (ضَمِنَ الْعَيْنَ) أَيْ صَارَ ضَامِنًا لَهَا أَمَّا الضَّرْبُ الْمُعْتَادُ وَنَحْوُهُ إذَا قَضَى إلَى تَلَفٍ فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا. (وَكَذَا لَوْ اكْتَرَى) دَابَّةً (لِحَمْلِ مِائَةِ رِطْلٍ مِنْ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ مِائَةً شَعِيرًا أَوْ عَكَسَ) أَيْ يَصِيرُ ضَامِنًا لَهَا؛ لِأَنَّ الشَّعِيرَ أَخَفُّ فَمَا أَخَذَهُ مِنْ ظَهْرِهَا أَكْثَرُ، وَالْحِنْطَةُ أَثْقَلُ فَيَجْتَمِعُ ثِقَلُهَا فِي الْمَوْضِعِ الْوَاحِدِ. (أَوْ لِعَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ شَعِيرٍ فَحَمَلَ) عَشَرَةً (حِنْطَةً) أَيْ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلدَّابَّةِ لِزِيَادَةِ ثِقَلِ الْحِنْطَةِ. (دُونَ عَكْسِهِ) لِخِفَّةِ الشَّعِيرِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْجَحِيمِ. (وَلَوْ اكْتَرَى) دَابَّةً (لِمِائَةٍ فَحَمَلَ مِائَةً، وَعَشَرَةً لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ وَإِنْ تَلِفَتْ بِذَلِكَ ضَمِنَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا مَعَهَا) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا لَهَا بِحَمْلِ الزِّيَادَةِ. (فَإِنْ كَانَ) صَاحِبُهَا مَعَهَا. (ضَمِنَ قِسْطَ الزِّيَادَةِ وَفِي قَوْلٍ نِصْفَ الْقِيمَةِ) ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ بِمَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ، فَتُوَزَّعُ الْقِيمَةُ بِالْقِسْطِ أَوْ بِالسَّوِيَّةِ، الْأَوَّلُ أَقْرَبُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ وَأَظْهَرُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَلَوْ سَلَّمَ الْمِائَةَ وَالْعَشَرَةَ إلَى الْمُؤَجِّرِ، فَحَمَلَهَا جَاهِلًا) بِالزِّيَادَةِ بِأَنْ قَالَ لَهُ هِيَ مِائَةٌ كَاذِبًا فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ بِهَا. (ضَمِنَ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ حَمَلَهَا بِنَفْسِهِ، وَفِيمَا يَضْمَنُهُ الْقَوْلَانِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي ضَمَانِهِ قَوْلًا لِعَارِضِ الْغُرُورِ، وَالْمُبَاشَرَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَسَوَاءٌ ثَبَتَ الْخِلَافُ أَمْ لَا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الضَّمَانِ وَإِنْ حَمَلَهَا عَالَمًا بِالزِّيَادَةِ، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا فَحُكْمُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ : (وَلَوْ وَزَنَ الْمُؤَجِّرُ وَحَمَّلَ) بِالتَّشْدِيدِ (فَلَا أُجْرَةَ لِلزِّيَادَةِ) لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي نَقْلِهَا. (وَلَا ضَمَانَ إنْ تَلِفَتْ) بِذَلِكَ الدَّابَّةُ سَوَاءٍ غَلِطَ الْمُؤَجِّرُ أَمْ لَا، وَسَوَاءً جَهِلَ الْمُسْتَأْجِرُ الزِّيَادَةَ أَمْ عَلِمَهَا وَسَكَتَ. (وَلَوْ أَعْطَاهُ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ) بَعْدَ قَطْعِهِ. (فَخَاطَهُ قَبَاءَ وَقَالَ: أَمَرْتنِي بِقَطْعِهِ قَبَاءَ فَقَالَ) الْمَالِكُ (بَلْ قَمِيصًا   [حاشية قليوبي] وَمَعَ اسْتِحْسَانِهِ مَرْجُوحٌ إلَّا فِي دَاخِلِ الْحَمَّامِ، وَرَاكِبِ السَّفِينَةِ بِلَا إذْنٍ فَعَلَيْهِمَا الْأُجْرَةُ، وَلَا أُجْرَةَ مَعَ الْإِذْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ سَوَاءٌ سَيَّرَ السَّفِينَةَ بِعِلْمِ مَالِكِهِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (بِالْمُوَحَّدَةِ إلَخْ) وَقَدْ تُبْدَلُ بِالْفَوْقِيَّةِ أَوْ بِالْمِيمِ وَيُقَالُ أَكْبَحَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَوْقَ الْعَادَةِ) لِمِثْلِ تِلْكَ الدَّابَّةِ وَهُوَ رَاجِحٌ لِلْمُسْتَثْنَى قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (صَارَ ضَامِنًا) وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ دَقَّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الضَّمَانُ فِي الْحَدَّادِ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا السُّكْنَى وَإِلَّا فَيَضْمَنُ مَا خَالَفَ عَادَةَ مِثْلِهِ، وَالضَّمَانُ الْمَذْكُورُ فِي الدَّابَّةِ وَمَا مَعَهَا ضَمَانُ يَدٍ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ وَلَوْ أَرْكَب مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ فَتَعَدَّى الرَّاكِبُ، فَالْقَرَارُ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَعَدِّي الْأَوَّلِ، وَلَوْ أَرْدَفَ غَيْرَهُ مَعَهُ فَكَمَا لَوْ حَمَّلَهَا زِيَادَةً عَلَى مَا اسْتَأْجَرَ لَهُ وَلَوْ أَرْدَفَ غَيْرَهُ عَلَى دَابَّةِ نَفْسِهِ فَعَارِيَّةً، وَالضَّمَانُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ أَوْ حَمَلَ مَتَاعَ غَيْرِهِ، مَعَهُ وَهُوَ رَاكِبٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلرَّاكِبِ، يَدًا بِخِلَافِ الْمَحْمُولِ. فَرْعٌ: اشْتَرَى حَطَبًا عَلَى دَابَّةٍ بِشَرْطِ حَمْلِهِ إلَى مَحَلِّهِ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ فَتُضْمَنُ الدَّابَّةُ فِي الثَّانِيَةِ إلَّا إنْ سَيَّرَهَا مَالِكُهَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (أَيْ يَصِيرُ ضَامِنًا) أَيْ ضَمَانَ جِنَايَةٍ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ اكْتَرَى إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْوَزْنِ مُطْلَقًا وَفِي الْكَيْلِ إنْ عَدَلَ إلَى الْأَثْقَلِ. قَوْلُهُ: (أَقْفِزَةٌ) جَمْعُ قَفِيزٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا. قَوْلُهُ: (بِذَلِكَ) وَكَذَا بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ يَدٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِجَمِيعِهَا، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ضَمَانُ جِنَايَةٍ. قَوْلُهُ: (غَاصِبًا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ) إنْ عَلِمَ صَاحِبَهَا. قَوْلُهُ: (الْأَوَّلُ أَقْرَبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَحَمَلَهَا) أَوْ سَيَّرَهَا بَعْدَ الْوَضْعِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ. قَوْلُهُ: (الْقَوْلَانِ) أَصَحُّهُمَا ضَمَانُ الْقِسْطِ. قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا إنْ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَهَا، وَإِلَّا ضَمِنَ الْكُلَّ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ حَمَلَهَا) أَوْ سَيَّرَهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَزَنَ الْمُؤَجِّرُ وَحَمَلَ) أَوْ حَمَلَ بِلَا وَزْنٍ أَوْ سَبْرٍ بَعْدَ الْوَضْعِ كَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ وَزَنَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ لَا، فَلَا أُجْرَةَ لِلزِّيَادَةِ وَلَا ضَمَانَ لِلدَّابَّةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي نَقْلِهَا) فَيَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ رَدُّ الزِّيَادَةِ لِمَحَلِّهَا وَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا لَوْ تَلِفَتْ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ) فَإِنْ قَالَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ احْمِلْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فَمُسْتَعِيرٌ، وَيَضْمَنُ الْقِسْطَ إنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْحَمْلِ، وَلَا أُجْرَةَ لِلزَّائِدِ وَلَوْ نَقَصَ الْمَحْمُولُ بِمَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ مَثَلًا، لَمْ يُؤَثِّرْ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ حَطَّ قِسْطَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَفِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَيْضًا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ، وَلَوْ سَخَّرَ دَابَّةً وَصَاحِبَهَا فَقَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا لَا   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: الْأَجِيرُ لِحِفْظِ الْحَانُوتِ إذَا سُرِقَ مَتَاعُهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْخُفَرَاءَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (بِالْمُوَحَّدَةِ إلَخْ) يُقَالُ أَيْضًا: بِالْمِيمِ بَدَلَ الْبَاءِ، وَكَذَا بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ. وَأَكْبَحَ أَيْضًا فَفِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ضَمِنَ الْعَيْنَ) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانَتْ يَدُ الثَّانِي يَدَ أَمَانَةٍ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ إنْ عَلِمَ دُونَ مَا إذَا جَهِلَ، وَإِنْ كَانَتْ يَدَ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَعِيرِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (أَيْ يَصِيرُ ضَامِنًا) وَلَوْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ هَذَا السَّبَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ (أَقْفِزَةِ) جَمْعُ قَفِيزٍ، وَالْقَفِيزُ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَحَمَلَ مِائَةً وَعَشَرَةَ إلَخْ) أَشَارَ بِالْعَشَرَةِ إلَى اشْتِرَاطِ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ أَكْثَرَ مِمَّا لَا يَقَعُ التَّفَاوُتُ بِهِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ. فَرْعٌ: لَوْ أَكْرَى بَيْتًا يَضَعُ فِيهِ مِائَةَ إرْدَبٍّ فَوَضَعَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ أَرْضًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ، وَإِنْ كَانَ غُرْفَةً فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا: تَخْيِيرُ الْمُؤَجِّرِ بَيْنَ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ وَبَيْنَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَالثَّانِيَةُ: قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي: أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِكُلٍّ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ بَلَغَتْهُ) بِذَلِكَ أَوْ بِغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ضَمِنَ قِسْطَ الزِّيَادَةِ) أَيْ فَهُوَ ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانُ يَدٍ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ التَّلَفُ بِذَلِكَ، فَتَقْيِيدُ الْمِنْهَاجِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ بِذَلِكَ نَافِعٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَقُلْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: احْمِلْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فَهُوَ مُسْتَعِيرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَحَمَلَ) خَرَجَ مَا لَوْ حَمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عَلِمَ أَوْ جَهِلَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 فَالْأَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُصَدَّقُ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَكَذَا فِي صِفَتِهِ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَذِنَ لَهُ فِي قَطْعِهِ قَبَاءَ. (وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) إذَا حَلَفَ (وَعَلَى الْخَيَّاطِ أَرْشُ النَّقْصِ) لِلثَّوْبِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَمَقْطُوعًا، أَوْ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا قَمِيصًا وَمَقْطُوعًا قَبَاءَ، وَجْهَانِ وَعَلَيْهِ الثَّانِي إنْ لَمْ يَنْقُصْ الْقَبَاءُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي تَصْدِيقُ الْخَيَّاطِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْغُرْمَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَذِنَ لَهُ فِي قَطْعِهِ قَمِيصًا وَأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي قَطْعِهِ قَبَاءَ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ، وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الِاقْتِصَارُ عَلَى الشِّقِّ الثَّانِي فَإِذَا حَلَفَ فَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، بِيَمِينِهِ وَقِيلَ لَهُ الْمُسَمَّى وَقِيلَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ أَيْ انْتِفَاءِ الْأُجْرَةِ لَهُ، أَنْ يَدَّعِيَ بِهَا عَلَى الْمَالِكِ، وَيُحَلِّفَهُ فَإِنْ نَكَلَ فَفِي تَجْدِيدِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ، وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي، أَنْ يَكُونَ أَصَحُّهُمَا التَّجْدِيدَ، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، وَقَالَ فِيمَا قَدَّمَهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ إنَّهُ أَصَحُّ إنْ لَمْ تَثْبُتْ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ كَافٍ فِي نَفْيِ الْغُرْمِ، وَإِنْ أَثْبَتْنَاهَا فَقَوْلُ صَاحِبِ الشَّامِلِ هُوَ الصَّوَابُ. فَصْلٌ: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَلَا تُفْسَخُ (بِعُذْرٍ) فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ الْأَوَّلِ (كَتَعَذُّرِ وَقُودِ حَمَّامٍ) عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ (وَسَفَرٍ) عَرَضَ لِمُسْتَأْجِرِ دَارٍ مَثَلًا (وَمَرَضِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ لِسَفَرٍ) عَلَيْهَا وَالثَّانِي كَمَرَضِ مُؤَجِّرِ دَابَّةٍ عَجَزَ بِهِ عَنْ الْخُرُوجِ مَعَهَا، وَتَأَهُّلِ مَنْ أَكْرَى دَارِهِ أَوْ حُضُورِ أَهْلِهِ الْمُسَافِرِينَ. (وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِزِرَاعَةٍ فَزَرَعَ فَهَلَكَ الزَّرْعُ بِجَائِحَةٍ) مِنْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ سَيْلٍ أَوْ كَثْرَةِ مَطَرٍ أَوْ جَرَادٍ أَوْ نَحْوِهَا. (فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ، وَلَا حَطُّ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ) ؛ لِأَنَّ الْجَائِحَةَ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ.   [حاشية قليوبي] ضَمَانَ لَوْ تَلِفَتْ وَبَعْدَهُ عَارِيَّةٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا مَعَهَا فَغَصْبٌ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الزِّيَادَةِ أَوْ قَدْرِهَا صُدِّقَ الْمُنْكِرُ وَلَوْ تَبَرَّأَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الزِّيَادَةِ تُرِكَتْ فِي يَدِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ أَكْرَى مَوْضِعًا يَضَعُ فِيهِ شَيْئًا كَحَبٍّ مُعَيَّنٍ فَوَضَعَ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ أَرْضًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ، وَإِلَّا كَغَرْفَةٍ فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِلْكُلِّ، وَالثَّانِي التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَهُ وَالْقِيَاسُ الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ قَطْعِهِ) قَيْدٌ لَمَحَلِّ الْخِلَافِ، فَقَبْلَهُ يَتَحَالَفَانِ قَطْعًا وَيَبْدَأُ فِي الْكُلِّ بِالْمَالِكِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأُجْرَةِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَوْ قَدْرِ الْمُسْتَأْجَرِ بِهِ أَوْ الْمُدَّةِ، وَبَعْدَ الْفَسْخِ تَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (مَا بَيْنَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا شَيْءَ لِلْخَيَّاطِ فِي مُقَابَلَةِ خُيُوطِهِ وَلَهُ نَزْعُهَا وَغُرْمُ أَرْشِ النَّقْصِ بِهَا، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِتَضْرِيبِ ثَوْبٍ بِخُيُوطٍ مَعْدُودَةٍ، وَقِسْمَةٍ مَعْلُومَةٍ فَخَاطَهُ عَلَى خِلَافِ مَا شُرِطَ فَإِنْ أَمْكَنَ إتْمَامُهُ عَلَى مَا شُرِطَ أَتَمَّهُ وَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ كُلَّهَا أَوْ أَمْكَنَ الْبِنَاءُ عَلَى بَعْضِهِ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْمَبْنِيِّ عَلَى الثَّانِي. فَرْعٌ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ الْمُحْضَرَ هَلْ هُوَ ثَوْبُهُ أَوْ لَا صُدِّقَ الْخَيَّاطُ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ لَهُ وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَيَحْتَاجُ لِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ، وَلَوْ جَحَدَ الْخَيَّاطُ مَثَلًا الثَّوْبَ وَأَقَرَّ بِهِ أَوْ ثَبَتَ بِحُجَّةٍ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ إنْ كَانَ خَاطَهُ قَبْلَ الْجَحْدِ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أَحْضَرَ ثَوْبًا لِخَيَّاطٍ وَقَالَ لَهُ هَلْ يَكْفِينِي فَقَالَ نَعَمْ: فَفَصَّلَهُ فَلَمْ يَكْفِهِ لَمْ يَضْمَنْ نَقْصَهُ وَلَا أَرْشَهُ، وَإِنْ قَالَ لَهُ إنْ كَانَ يَكْفِينِي فَاقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ، فَلَمْ يَكْفِهِ ضَمِنَ أَرْشَ نَقْصِهِ. فَصْلٌ فِيمَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِهِ وَمَا يَتْبَعُهُ قَوْلُهُ: (لَا تُفْسَخُ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَقُودِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مَا يُوقَدُ بِهِ، وَبِضَمِّهَا الْمَصْدَرُ أَيْ الْفِعْلُ وَكَذَا تَعَذُّرُ مَنْ يَدْخُلُهُ لِنَحْوِ خَرَابِ مَا حَوْلَهُ أَوْ مَنْعِ حَاكِمٍ مِنْهُ وَمِثْلُهُ إبْطَالُ حَاكِمٍ التَّفَرُّجَ لِمَنْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ سَفِينَةً لَهُ وَقِيَاسُهُ، أَنَّهُ لَا فَسْخَ وَلَا خِيَارَ فِي دَارٍ وُجِدَ بِهَا عَمَارًا. وَعَنْ شَيْخِنَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ. قَوْلُهُ: (وَسَفَرٍ عَرَضَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ سَفَرَ عَطْفٌ عَلَى " تَعَذُّرِ " وَيَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى " وَقُودٍ " كَمَطَرٍ وَخَوْفٍ فِي طَرِيقِ مُسَافِرٍ، وَيَجُوزُ سُكُونُ الْفَاءِ جَمْعُ مُسَافِرٍ أَيْ تَعَذُّرِ رُفْقَةٍ يَخْرُجُ مَعَهُمْ. قَوْلُهُ: (لَمْ تُؤَثِّرْ فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ غَرَقَ الْأَرْضِ يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ لِفَوَاتِ عَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَعْلَهُ عَيْبًا فِي الْبَيْعِ لِبَقَاءِ عَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالْقَوْلُ الثَّانِي) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةٌ حَاكِيَةٌ لِلْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا التَّحَالُفُ. وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ: الْقَطْعُ بِالتَّحَالُفِ، وَرَجَّحَهُ الْقَفَّالُ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ كَسُلَيْمٍ، وَالْبَنْدَنِيجِيّ، وَالْمَحَامِلِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَالطَّبَرِيِّ، وَالْمَاوَرْدِيّ، وَالْجُرْجَانِيِّ، وَالشَّاشِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ قَضِيَّةُ الْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا كَذَلِكَ وَالثَّوْبُ صَحِيحٌ تَحَالَفَا، فَكَذَا يَنْبَغِي وَالثَّوْبُ مَقْطُوعٌ. تَتِمَّةٌ: أَحْضَرَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ فَقَالَ رَبُّهَا: لَيْسَتْ هَذِهِ ثَوْبِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ [فَصْلٌ لَا تَنْفَسِخ الْإِجَارَة بِعُذْرِ فِي غَيْر الْمَعْقُود عَلَيْهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ الْأَوَّل] فَصْلٌ: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِعُذْرٍ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا يَثْبُتُ بِهِ فَسْخٌ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِعُذْرٍ) أَيْ كَمَا لَا تُفْسَخُ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا تُفْسَخُ بِعُذْرٍ فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ. فَرْعٌ: أَجْرُ الشَّرِيكِ حِصَّتُهُ، وَقُلْنَا: لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ. قَالَ الْقَفَّالُ: فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَتَعَذُّرِ وُقُودٍ إلَخْ) . فَائِدَةٌ: أَطْلَقَ الرَّافِعِيُّ ثُبُوتَ الْفَسْخِ بِإِفْلَاسِ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْأُجْرَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَسَلَّمَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ حَالَّةً قَالَ: فَإِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 (وَتَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ (بِمَوْتِ الدَّابَّةِ وَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنَيْنِ فِي) الزَّمَانِ (الْمُسْتَقْبَلِ) لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ (لَا الْمَاضِي) إذَا كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ (فِي الْأَظْهَرِ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ (فَيَسْتَقِرُّ قِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى) أَيْ بِاعْتِبَارِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِذَا كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ سَنَةً، وَمَضَى نِصْفُهَا، وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ مَثَلًا أُجْرَةَ النِّصْفِ الْبَاقِي وَجَبَ مِنْ الْمُسَمَّى ثُلُثَاهُ وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَثُلُثُهُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي تَنْفَسِخُ فِي الْمَاضِي مُسَاوَاةً بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ، وَيَسْقُطُ الْمُسَمَّى، وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا مَضَى، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ تَنْفَسِخُ فِيهِ قَطْعًا، وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنَيْنِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ، فَإِنَّهُمَا إذَا أُحْضِرَا وَمَاتَا فِي خِلَالِ الْمُدَّةِ وَجَبَ إبْدَالُهُمَا. (وَلَا تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ (بِمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا بَلْ تَبْقَى إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَيُخْلَفُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ. (وَ) لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ (مُتَوَلِّي الْوَقْفِ) الَّذِي أَجَّرَهُ إلَّا فِي صُورَةٍ ذَكَرَهَا فِي قَوْلِهِ. (وَلَوْ أَجَّرَ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ) أَيْ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْوَقْفُ (مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا) وَكُلُّ بَطْنٍ لَهُ النَّظَرُ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ. (أَوْ الْوَلِيُّ صَبِيًّا مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ فَبَلَغَ) فِيهَا (بِالِاحْتِلَامِ فَالْأَصَحُّ انْفِسَاخُهَا فِي الْوَقْفِ لَا الصَّبِيِّ) ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ انْتَقَلَ اسْتِحْقَاقُهُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ لِغَيْرِهِ، وَالصَّبِيَّ بَنَى الْوَلِيُّ تَصَرُّفَهُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ فَيَلْزَمُ، وَالثَّانِي فِي الْوَقْفِ لَا تَنْفَسِخُ كَالْمِلْكِ وَفِي الصَّبِيِّ تَنْفَسِخُ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْوِلَايَةِ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ، بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ بِهِ، فِيمَا قَبْلَهُ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَاسْتَبْعَدَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَطَائِفَةٌ تَعْبِيرَ الْجُمْهُورِ فِي الْوَقْفِ بِالِانْفِسَاخِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِسَبْقِ الِانْعِقَادِ، وَجَعَلُوا الْخِلَافَ فِي أَنَّا هَلْ نَتَبَيَّنُ الْبُطْلَانَ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهَا تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِ الدَّارِ) الْمُؤَجَّرَةِ لِزَوَالِ الِاسْمِ بِفَوَاتِ السُّكْنَى. (لَا انْقِطَاعِ مَاءِ أَرْضٍ اُسْتُؤْجِرْت لِزِرَاعَةٍ) لِبَقَاءِ الِاسْمِ وَإِمْكَانِ الزَّرْعِ بِسَوْقِ الْمَاءِ إلَيْهَا. (بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ)   [حاشية قليوبي] لَوْ تَلِفَتْ الْأَرْضُ قَبْلَ تَلَفِ الزَّرْعِ اسْتَرَدَّ الْمُسَمَّى وَلَوْ لِمَا قَبْلَ تَلَفِهَا فَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ تَلَفِ الزَّرْعِ وَلَمْ يُمْكِنْ إبْدَالُهُ بَعْدَ التَّلَفِ وَقَبْلَ الِانْفِسَاخِ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُسَمَّى بِقَدْرِ مَا قَبْلَ التَّلَفِ. فَرْعٌ: لَوْ نَبَتَ نَحْوُ حَشِيشٍ فِي أَرْضٍ عُطِّلَتْ عَنْ الزِّرَاعَةِ، فَهُوَ لِمَالِكِهَا وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَتِهَا. فَرْعٌ: لَوْ أَجَرَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ، وَقُلْنَا لَا يُجْبَرُ شَرِيكُهَا عَلَى الْمُهَايَأَةِ قَالَ الْقَفَّالُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ. قَوْلُهُ: (وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الدَّابَّةِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ حُضُورَ زَوْجٍ مِنْ غَيْبَتِهِ كَذَلِكَ إذَا حَضَرَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَتَنْفَسِخُ فِي بَاقِيهَا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ آجَرَ مُدَبِّرَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَمَاتَ أَوْ حَدَثَتْ الصِّفَةُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فِيهِمَا وَتَصِحُّ إجَارَةُ الدَّارِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ بِالْمَنْفَعَةِ لَا بِأَنْ يَنْتَفِعَ وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ لَا بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ بِالدَّارِ حَيَاتَهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَابِعَةٌ. قَوْلُهُ: (الْمُسْتَقْبَلِ) مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (بِاعْتِبَارِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ) أَيْ وَقْتَ الْعَقْدِ لَا مَا بَعْدَهُ، وَلَا عَلَى نِسْبَةِ الْمُدَّتَيْنِ بَلْ بِاعْتِبَارِ أُجْرَةِ مِثْلِ الْمُدَّتَيْنِ فَقَوْلُهُ ثُلُثَاهُ وَثُلُثُهُ مُعْتَمَدٌ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ إبْدَالُهُمَا) وَتَقَدَّمَ مَا لَوْ لَمْ يُبْدَلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَجَرَ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ) أَيْ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِبَطْنٍ بَعْدَهُ أَوْ لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (الْوَقْفِ) أَيْ حِصَّتِهِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (النَّظَرُ) أَيْ بِذَاتِهِ أَوْ بِوَصْفٍ كَالْأَرْشَدِيَّةِ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ) أَيْ حَيَاتِهِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ النَّظَرُ مُطْلَقًا، أَوْ عَلَى جَمِيعِ الْوَقْفِ أَوْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُدَّةِ حَيَاتِهِ، أَوْ كَانَ النَّاظِرُ غَيْرَهُمْ فَلَا تَنْفَسِخُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْضُهُمْ أَوْ مِنْ بَعْدِهِمْ أَوْ أَجْنَبِيًّا كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ دَفَعَ النَّاظِرُ الْأُجْرَةَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ، وَإِذَا انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ رَجَعَ بِمَا يُقَابِلُ مَا بَقِيَ عَلَى تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ النَّاظِرُ وَالْقَابِضُ لِنَفْسِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ آجَرَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ دُونِهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ كَانَ لَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ آجَرَ الْوَلِيُّ صَبِيًّا) وَمِثْلُهُ مَالُهُ وَكَالصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ نَفْسًا وَمَالًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي ذَلِكَ وَإِفَاقَةُ الْمَجْنُونِ وَرَشَدُ السَّفِيهِ كَالْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ فَلَا تَنْفَسِخُ. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ) أَيْ عَلَى زَمَنِ السِّنِّ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَصَحَّتْ فِيمَا دُونَهُ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ) أَيْ ظَاهِرًا فَلَوْ بَلَغَ سَفِيهًا اسْتَمَرَّتْ وَلَوْ بَلَغَ غَائِبًا وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ رُشْدَهُ تَصَرَّفَ الْحَاكِمُ إلَّا الْوَلِيُّ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (يَتَبَيَّنُ الْبُطْلَانَ) أَيْ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (بِانْهِدَامِ الدَّارِ) أَيْ جَمِيعِهَا وَفِي انْهِدَامِ بَعْضِهَا الْخِيَارُ إنْ لَمْ يُصْلِحْهُ الْمُكْرِي قَبْلَ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِسَوْقِ الْمَاءِ إلَيْهَا) فَإِنْ تَعَذَّرَ سَوْقُهُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، وَمِثْلُهُ مَاءُ بِئْرِ الرَّحَى، أَوْ الْحَمَّامُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْحَسِرْ الْمَاءُ عَنْ الْأَرْضِ أَوْ بَعْضِهَا انْفَسَخَتْ فِيمَا لَمْ يَنْحَسِرْ عَنْهُ، وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَعْضِ الْبَاقِي فَوْرًا. قَوْلُهُ: (بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَلَى التَّرَاخِي لِعَدَمِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَإِذَا أَجَازُوا التَّقْدِيرَ بِالْعَمَلِ اسْتَوْفَاهُ بَعْدَ عَوْدِ الْعَيْنِ،   [حاشية عميرة] كَانَتْ تَسْتَحِقُّ كُلَّ شَهْرٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ، وَبَعْدَهُ مَضَتْ الْمَنْفَعَةُ أَقُولُ: كَانَ مُرَادُهُمْ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ) كَتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الرَّاجِحُ هُنَا طَرِيقَةُ الْقَطْعِ، كَمَا لَوْ تَلِفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ إلَخْ) أَيْ فَلْيَسْقُطْ بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الْمُدَّةِ وَهِيَ الْأُجْرَةُ، لَا بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَتَفَاوَتُ. فَرْعٌ: الِاعْتِبَارُ بِتَقْوِيمِ الْمَنْفَعَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ، لَا بِمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُتَوَلِّي الْوَقْفِ) لَوْ كَانَ الْمُتَوَلِّي مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ نَظَرَهُ لِنَفْسِهِ لَيْسَ كَنَظَرِهِ لِكُلِّهِمْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْإِمَامُ، أَقُولُ: كَيْفَ يَجْتَمِعُ مَعَ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ إذَا شُرِطَ لَهُ النَّظَرُ مُطْلَقًا فَأَجَرَ ثُمَّ مَاتَ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ، وَالْعَجَبُ أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ سَاقَ هَذَا عَقِبَ سَوْقِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُنَبِّه عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ النُّسْخَةَ فِيهَا سَقَمٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ) لَوْ كَانَ إيجَارُهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الِانْفِسَاخُ قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ) عَلَى التَّرَاخِي وَقَدْ غَلِطَ فِيهِ جَمَاعَةٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. أَقُولُ: وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: فِي خِيَارِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 إنْ لَمْ يَسُقْ الْمُؤَجِّرُ الْمَاءَ إلَيْهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، وَالِانْفِسَاخُ فِي الْأُولَى وَثُبُوتُ الْخِيَارِ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ نَقَلَ وَحَرَّجَ وَجَعَلَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَيْنِ، وَجْهُ الِانْفِسَاخِ فِي الثَّانِيَةِ فَوَاتُ الزَّرْعِ وَوَجْهُ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ فِي الْأَوَّلِ إمْكَانُ الِانْقِطَاعِ فِيهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. (وَغَصْبُ الدَّابَّةِ وَإِبَاقُ الْعَبْدِ يُثْبِتُ الْخِيَارَ) فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَإِنْ بَادَرَ الْمُؤَجِّرُ وَانْتَزَعَ مِنْ الْغَاصِبِ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ سَقَطَ خِيَارُ الْمُسْتَأْجِرِ، وَفِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ لَا خِيَارَ وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ الْإِبْدَالُ. (وَلَوْ أَكْرَى جِمَالًا وَهَرَبَ وَتَرَكَهَا عِنْدَ الْمُكْتَرِي رَاجَعَ الْقَاضِي لَيُمَوِّنَهَا مِنْ مَالِ الْجِمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا اقْتَرَضَ عَلَيْهِ) الْقَاضِي (فَإِنْ وَثِقَ بِالْمُكْتَرِي دَفَعَهُ إلَيْهِ) لِيُنْفِقَهُ عَلَيْهَا (وَإِلَّا جَعَلَهُ عِنْدَ ثِقَةٍ) لِذَلِكَ (وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا قَدْرَ النَّفَقَةِ) عَلَيْهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إذَا لَمْ يَجِدْ مَالًا آخَرَ وَلَا يُخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْمُسْتَأْجَرَةِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ اهـ. (وَلَوْ أَذِنَ لِلْمُكْتَرِي فِي الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ وَيُجْعَلُ مُتَبَرِّعًا وَعَلَى الْأَوَّلِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ إذَا ادَّعَى نَفَقَةَ مِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ اهـ وَيَدْخُلُ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، نَفَقَةُ مَنْ يَتَعَهَّدُهَا، وَتَصْدُقُ الْعِبَارَةُ بِإِجَارَةِ الذِّمَّةِ وَإِجَارَةِ الْعَيْنِ. تَتِمَّةٌ: لَوْ هَرَبَ الْمُؤَجِّرُ بِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ اكْتَرَى الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا اقْتَرَضَ عَلَيْهِ، وَاكْتَرَى، فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاكْتِرَاءُ عَلَيْهِ، فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ، وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ، فَلَهُ الْفَسْخُ كَمَا إذَا نَدَّتْ الدَّابَّةُ. (وَمَتَى قَبَضَ الْمُكْتَرِي الدَّابَّةَ أَوْ الدَّارَ وَأَمْسَكَهَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ) عَلَيْهِ.   [حاشية قليوبي] وَلَزِمَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ، أَوْ بِالزَّمَانِ انْفَسَخَتْ فِيمَا مَضَى بِقِسْطِهِ مِنْ الْمُسَمَّى وَاسْتَعْمَلَ الْعَيْنَ فِيمَا بَقِيَ مِنْهُ، إنْ كَانَ وَإِلَّا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَسَقَطَ الْمُسَمَّى، إنْ لَمْ يَكُنْ بِتَفْرِيطٍ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ: فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَغَصْبُ إلَخْ) وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ مُخَاصَمَةُ الْغَاصِبِ إلَّا إنْ تَعَذَّرَتْ مُخَاصَمَةُ الْمَالِكِ، أَوْ خَاصَمَ بِدَعْوَى اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ. قَوْلُهُ: (فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ) أَيْ الْمُقَدَّرَةِ بِالزَّمَنِ فَإِنْ قُدِّرَتْ بِالْعَمَلِ فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهُ بَعْدَ زَوَالِ الْغَصْبِ وَالْإِبَاقِ إذَا أَجَازَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَادَرَ إلَخْ) عُلِمَ أَنَّ الْخِيَارَ فِيهِ عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ تَفْرِيقِ صَفْقَةٍ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ كُلَّ وَقْتٍ لِقَوْلِهِمْ إنَّهُ كُلَّمَا مَضَى زَمَنٌ مَعَ الْغَصْبِ انْفَسَخَتْ فِيهِ لَا فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا فَهِيَ تَنْفَسِخُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَتَجَدَّدُ لَهُ الْفَسْخُ فَإِنْ أَرَادُوا الْفَوْرَ مَعَ فَوْرِ الْخِيَارِ بَعْدَ عَوْدِ الْعَيْنِ فَوَاضِحٌ. قَالَ شَيْخُنَا وَحَيْثُ جَازَ لَهُ الْفَسْخُ، فَلَهُ فَسْخُ جَمِيعِ الْمُدَّةِ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهَا، وَفِي فَسْخِ جَمِيعِ الْمُدَّةِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ، وَإِذَا عَادَتْ الْعَيْنُ، وَبَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ شَيْءٌ اسْتَوْفَاهُ وَلَزِمَهُ أُجْرَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فَسْخٌ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمُؤَجَّرِ الْإِبْدَالُ) وَيُجْبِرُهُ عَلَيْهِ حَاكِمٌ، وَيَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ لَوْ امْتَنَعَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَكْرَى جِمَالًا) سَوَاءٌ فِي الْعَيْنِ أَوْ الذِّمَّةِ وَسَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (اقْتَرَضَ عَلَيْهِ الْقَاضِي) وَلَوْ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ، نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَلَى حَاجَةِ الْمُكْتَرِي فَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ الزَّائِدَ وَيُمَوِّنَهَا مِنْ أُجْرَتِهِ وَتُوقَفُوا فِي تَصْوِيرِهِ، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ بِنَحْوِ مَا لَوْ اكْتَرَاهَا شَهْرًا مَثَلًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا زَرْعَهُ الْمَحْصُودَ مِنْ مَحَلِّ حَصَادِهِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ كَالْبَيْدَرِ فَتَعَذَّرَ الْحَصَادُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ أَوْ خَلَتْ مِنْ الْحَمْلِ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ لِقِلَّةِ الْمَحْصُودِ، مَثَلًا فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا فِي مُدَّةِ الْخُلُوِّ بِمَا يُمَوِّنُهَا بِهِ، فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ وَأَمْكَنَ الْحَاكِمُ بَيْعَهَا كُلَّهَا وَتَمَامُ الْعَمَلِ مِنْ ثَمَنِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّصَرُّفِ لِلْغَائِبِ بِالْمَصْلَحَةِ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ) أَيْ إنْ تَعَذَّرَ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مِنْهَا) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ جَمِيعَهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا إنْ خَشِيَ أَنْ تَأْكُلَ جَمِيعُهَا، وَإِذَا تَعَذَّرَ الْبَيْعُ فِي الْبَعْضِ، فَهُوَ كَتَعَذُّرِ بَيْعِ الْكُلِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُخَرَّجُ إلَخْ) أَيْ فَجَوَازُ الْبَيْعِ هُنَا لَا خِلَاف فِيهِ قَوْلُهُ: (جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) فَإِنْ تَعَذَّرَ الْحَاكِمُ أَشْهَدَ عَلَى الْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَرْجِعْ وَإِنْ قَصَدَ الرُّجُوعَ لِنُدُورِهِ وَلَوْ تَعَذَّرَ الِاقْتِرَاضُ وَالْبَيْعُ وَالْأَخْذُ خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ فَرَغَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَالْجِمَالُ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْحَاكِمِ وَفِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَمَتَى قَبَضَ) وَلَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ مَا لَوْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ أَخْذِهَا أَوْ وُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا، وَلَوْ مَنْقُولَةً خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَأَمْسَكَهَا) وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمَالِكَ بِعَوْدِهَا وَلَا خِيَارَ لَهُ أَيْضًا.   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ: لَوْ أَجَازَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْمُسَمَّى، وَلَوْ فَسَخَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِمُدَّةِ الِانْقِطَاعِ. الْمَاضِي؟ هُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْإِبَاقِ وَالْغَصْبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بِوُجُودِهَا فِي يَدِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا أَثَرَ لَهُ مَعَ تَعَذُّرِ الِانْقِطَاعِ، أَيْ إذَا انْحَصَرَ فِي الزِّرَاعَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَغَصْبُ الدَّابَّةِ إلَخْ) . فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ كَجٍّ: اكْتَرَى ثَوْبًا لِلُبْسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَضَاعَ ثُمَّ وَجَدَهُ، فَلَيْسَ لَهُ لُبْسُهُ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إنْ كَانَ غُصِبَ أَوْ ضَاعَ بِتَقْصِيرِهِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَثْبُتُ الْخِيَارُ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِتَفْرِيطٍ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ مَقَالَةٌ لِلْمَاوَرْدِيِّ لَا يَعْلُو عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ لِلْعَيْنِ يُثْبِتُ الْخِيَارَ. تَنْبِيهٌ: هَذَا إذَا لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ وَإِلَّا فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخَيْنِ. قَالَ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 (وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ) لِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ تَحْتَ يَدِهِ. (وَكَذَا لَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبٍ إلَى مَوْضِعٍ) مُعَيَّنٍ (وَقَبَضَهَا وَمَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَيْهِ) وَلَمْ يَسِرْ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ. (وَسَوَاءٌ فِيهِ إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ إذَا سَلَّمَ) الْمُؤَجِّرُ (الدَّابَّةَ الْمَوْصُوفَةَ) فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ (وَتَسْتَقِرُّ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْمُسَمَّى فِي الصَّحِيحَةِ) سَوَاءً انْتَفَعَ أَمْ لَا، وَسَوَاءً كَانَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى أَمْ أَكْثَرَ. (وَلَوْ أَكْرَى عَيْنًا مُدَّةً وَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتْ) أَيْ الْمُدَّةُ (انْفَسَخَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَلَوْ لَمْ يُقَدِّرْ مُدَّةً وَآجَرَ) دَابَّةً (لِرُكُوبٍ إلَى مَوْضِعٍ) مُعَيَّنٍ (وَلَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ السَّيْرِ) إلَيْهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا) أَيْ الْإِجَارَةُ (لَا تَنْفَسِخُ) إذْ لَمْ يَتَعَذَّرْ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْمُكْرِي كَالْمُكْتَرِي وَعَلَى الْأَوَّلِ فَفِي الْوَسِيطِ أَنَّ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارَ لِتَأَخُّرِ حَقِّهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ لَا خِيَارَ لَهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ مَا تَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةُ مِنْهُ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا تَحْصِيلُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ، فَلَا فَسْخَ وَلَا انْفِسَاخَ بِحَالٍ. (وَلَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ. وَأَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْعَبْدِ) فِي فَسْخِهَا وَيَسْتَوْفِي الْمُسْتَأْجِرُ مَنْفَعَتَهُ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَةِ مَا بَعْدَ الْعِتْقِ) وَالثَّانِي يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ لِتَفْوِيتِ السَّيِّدِ لَهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ قِيسَ فِي الْأُولَى عَلَى مَا إذَا مَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى مَا إذَا عَتَقَتْ تَحْتَ رَقِيقٍ وَيَدْفَعُ الثَّلَاثَةَ أَنَّ الْإِعْتَاقَ تَنَاوَلَ الرَّقَبَةَ خَالِيَةً عَنْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَقَبَضَهَا) كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ لَمْ تَمُتْ الدَّابَّةُ وَإِلَّا سَقَطَتْ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ لِعَدَمِ اسْتِبْدَالِ الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ وَبِهَذَا فَارَقَ سُقُوطَ السِّنِّ كَمَا مَرَّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ رُكُوبُ الدَّابَّةِ وَلَا سَفَرٌ بِهَا وَقَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ لَهُ السَّفَرُ إنْ شَرَطَهُ أَوْ جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (بِمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ إلَخْ) نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ هُنَا، فَلَا يَكْفِي الْعَرْضُ عَلَيْهِ وَلَا الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُسَلِّمْهَا) أَيْ وَلَوْ لِأَجْلِ قَبْضِ الْأُجْرَةِ وَلَوْ حَبَسَهَا أَجْنَبِيٌّ، فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَصْبٌ كَمَا مَرَّ وَلَوْ حَبَسَ بَعْضَهَا انْفَسَخَ فِيهِ، وَلَهُ الْخِيَارُ وَلَا يُبْدَلُ زَمَانٌ بِزَمَانٍ. قَوْلُهُ: (حَتَّى مَضَتْ) وَلَوْ مَضَى بَعْضُهَا انْفَسَخَتْ فِيهِ وَلَهُ الْخِيَارُ فَوْرًا كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ الْغَصْبِ وَفِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُسَلِّمْهَا) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَبَسَهَا أَجْنَبِيٌّ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَبَسَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَتَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَوْلُ الْأَصْحَابِ لَا خِيَارَ لَهُ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا انْفِسَاخَ) وَلَا خِيَارَ وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ أَوْ عُيِّنَ زَمَنُ الِاسْتِيفَاءِ وَفَاتَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ آجَرَ عَبْدَهُ) وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَقْدُ عَتَاقَةٍ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ صِحَّةَ بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَعْتَقَهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) وَكَذَا لَوْ وَقَفَهُ وَنَفَقَتُهُ بَعْدَ وَقْفِهِ وَعِتْقِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَعْتَقَهُ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا بِصِفَةٍ وَوُجِدَتْ فِي زَمَنِ الْإِجَارَةِ، نَعَمْ إنْ سَبَقَ التَّعْلِيقُ عَلَى الْإِجَارَةِ   [حاشية عميرة] أَنْ تُغْصَبَ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ أَوْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ، خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ) سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ بِعُذْرٍ أَمْ لَا. قَالَ فِي الْحَاوِي: إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْعُذْرُ قَائِمًا بِالدَّابَّةِ كَمَرَضِهَا. أَقُولُ: فِيهَا نَظَرٌ، فَإِنَّ هَذَا مُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ لَا مُسْقِطٌ لِلْأُجْرَةِ. وَبِالْجُمْلَةِ هَذَا الْكَلَامُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْفَسْخَ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي انْقِطَاعِ مَاءِ الْأَرْضِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، أَيْ عِنْدَ انْحِصَارِ الْمَنْفَعَةِ فِي الزِّرَاعَةِ وَكُلُّهُ مُشْكِلٌ، وَاَلَّذِي يَخْطُرُ بِذِهْنِي أَنَّ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ هَذَا وَجْهٌ فِي الْمَذْهَبِ وَالْفَتْوَى عَلَى خِلَافِهِ، فَإِنْ مَرَضَ الدَّابَّةِ كَعَرَجِهَا بِخِلَافِ الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ لِخُلُوِّ الْيَدِ مِنْهُمَا، ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ فِي قِطْعَتِهِ حَاوَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَجْهًا مَرْجُوحًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَبَضَهَا) مِثْلُهُ الْعَرْضُ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسَوَاءٌ فِيهِ إجَارَةُ الْعَيْنِ إلَخْ) قَطَعَ فِي التَّنْبِيهِ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِيهَا لَا تَسْتَقِرُّ إلَّا بِالْعَمَلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَسْتَقِرُّ إلَخْ) أَيْ كَمَا فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ لَا يَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إلَّا بِالْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْبِضْعَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ. نَعَمْ يُرَدُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ أَنَّ عِوَضَ الْعَيْنِ تَسْتَقِرُّ بِهِ الْأُجْرَةُ فِي الصَّحِيحَةِ دُونَ الْفَاسِدَةِ وَلَوْ كَانَ الْمُؤَجَّرُ عَقَارًا لَمْ يَكْفِ فِي الْفَاسِدَةِ التَّخْلِيَةُ. فَرْعٌ: يَجِبُ فِيمَا لَوْ عَقَدَ غَيْرُ الْإِمَامِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَسَكَتُوا، حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمُسَمَّى دُونَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. فَرْعٌ: لَوْ أَكْرَى صَبِيٌّ بَالِغًا وَعَمِلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ. قَوْلُهُ: (الْمَنْفَعَةُ إلَخْ) وَلَوْ مَضَى بَعْضُهَا انْفَسَخَ فِيهِ، وَفِي الْبَاقِي الْخِلَافُ فِي تَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنْ قُلْنَا يَنْفَسِخُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ وَلَا يُبْدَلُ زَمَانٌ بِزَمَانٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَخْ) لَوْ غُصِبَ الدَّابَّةُ أَوْ الْعَبْدُ اُتُّجِهَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، لَكِنْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَهْجَةِ. قَوْلُهُ: (كَالْمُكْتَرِي) لَوْ كَانَ هُوَ الْحَابِسُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى، فَكَمَا اسْتَوَى حُكْمُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَلْيَسْتَوِ حُكْمُ الْمُكْرِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (لَا خِيَارَ لَهُ) أَيْ كَمَا لَوْ حَبَسَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ ثُمَّ سَلَّمَهُ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تُرَادُ لِلدَّوَامِ فَيَفُوتُ الْغَرَضُ بِالتَّأْخِيرِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (فَلَا فَسْخَ وَلَا انْفِسَاخَ بِحَالٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ تَأَخَّرَ وَفَاؤُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَجَرَ عَبْدَهُ إلَخْ) مِثْلُهُ مَوْتُهُ بَعْدَ إجَارِ الْمُسْتَوْلَدَةِ عَلَى مَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَنَسَبَهُ لِصَاحِبِ الْكَافِي بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْبُطْلَانَ. أَقُولُ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ هُوَ الْحَقُّ بِدَلِيلِ مَا لَوْ صَدَرَ تَعْلِيقُ عِتْقِ الْعَبْدِ عَلَى صِفَةٍ قَبْلَ الْإِيجَارِ ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي مُدَّتِهِ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ. قَوْلُهُ: (لِتَفْوِيتِ السَّيِّدِ لَهُ) أَيْ قَهْرًا فَكَانَ كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْعَمَلِ، وَلَوْ مَاتَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 الْمَنْفَعَةِ بَقِيَّةَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. (وَيَصِحُّ بَيْعُ) الْعَيْنِ (الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْمُكْتَرِي وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَابِعَةٌ فِي الْبَيْعِ لِلرَّقَبَةِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّابِعَةَ هِيَ الْمَمْلُوكَةُ لِلْبَائِعِ حِينَ الْبَيْعِ. (وَلَوْ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ جَازَ فِي الْأَظْهَرِ وَلَا تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ بَلْ تَسْتَوْفِي مُدَّتَهَا وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ مَانِعَةٌ مِنْ التَّسْلِيمِ وَأُجِيبَ بِمَا قَالَ الْجُرْجَانِيُّ، إنَّ الْعَيْنَ تُؤْخَذُ مِنْهُ وَتُسَلَّمُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ تُعَادُ إلَيْهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ بِذَلِكَ لِقِلَّةِ زَمَنِهِ، وَالْقَوْلَانِ أَذِنَ الْمُسْتَأْجِرُ أَمْ لَا وَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ إنْ جَهِلَ أَنَّهَا مُسْتَأْجَرَةٌ. كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ هُوَ مُسْتَحَبٌّ وَيَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ، وَالْأَصْلُ فِيهَا أَحَادِيثُ مِنْهَا حَدِيثُ «وَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَحَدِيثُ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهِ أَجْرٌ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّ الْمَوَاتَ الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تُعْمَرْ قَطُّ،   [حاشية قليوبي] انْفَسَخَتْ لِاسْتِحْقَاقِ الْعِتْقِ، قَبْلَهَا وَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ مَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ، وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً أَوْ اسْتَوْلَدَهَا بَعْدَ الْإِجَارَةِ، نَعَمْ لَوْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ انْفَسَخَتْ إنْ سَبَقَ الِاسْتِيلَادُ عَلَى الْإِجَارَةِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِعِتْقٍ سَابِقٍ عَلَى الْإِجَارَةِ لَمْ يُقْبَلْ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ، وَلِلْعَبْدِ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَرْبِيًّا فَرَقَّ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بَقِيَّةَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) وَلَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ مَلَكَ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ، وَلَوْ آجَرَ دَارِهِ ثُمَّ وَقَفَهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَالْمَنَافِعُ تَرْجِعُ لِلْوَاقِفِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ كَوَالِدِهِ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِلْمُكْتَرِي) فَلَوْ بَاعَهَا الْمُكْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ الْآخَرِ، انْتَقَلَتْ بِمَنَافِعِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَتَّى لَوْ اسْتَثْنَى مَنَافِعَهَا بَطَلَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ) أَوْ وَهَبَهَا أَوْ وَقَفَهَا لَمْ تَنْفَسِخْ أَيْضًا وَسَوَاءٌ قُدِّرَتْ الْإِجَارَةُ بِزَمَنٍ أَوْ عَمَلٍ. قَوْلُهُ: (لِقِلَّةِ زَمَنِهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ مَشْحُونَةً بِأَمْتِعَةٍ كَثِيرَةٍ يَطُولُ زَمَنُهَا أَنَّهَا لَا تُسَلَّمُ لَهُ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا نَاظِرًا إلَى أَنَّ شَأْنَهَا قِلَّةُ الزَّمَنِ. قَوْلُهُ: (إنْ جَهِلَ أَنَّهَا مُسْتَأْجَرَةٌ) وَكَذَا لَوْ عَلِمَ الْإِجَارَةَ وَجَهِلَ الْمُدَّةَ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَكَذَا لَوْ عَلِمَ الْمُدَّةَ وَظَنَّ أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ فِي بَاقِيهَا خِلَافًا لِلشَّاشِيِّ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى وَلَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَمَنْفَعَةُ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لِلْبَائِعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْعَبْدِ بِصَيْرُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ. تَنْبِيهَاتٌ: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِزِيَادَةِ أُجْرَةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَا بِحُدُوثِ طَالِبٍ بِهَا بَعْدَهُ، وَلَوْ فِي إجَارَةِ وَقْفٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَقْفِ، فَلَوْ كَانَ الطَّلَبُ مَوْجُودًا حَالَةَ الْعَقْدِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَوْ تَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهَا فَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً وَلَمْ تَتَغَيَّرْ عُمِلَ بِمُقْتَضَى الْحَالِ، فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ بِعَدَمِ النَّسْخِ بِالزِّيَادَةِ أَوْ بِظُهُورِ رَاغِبٍ بِهَا فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ شَافِعِيًّا فَلِلْمُخَالِفِ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ أَوْ غَيْرُهُ شَافِعِيٌّ لَمْ يُنْقَضْ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِزِرَاعَةٍ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ وَزَرَعَهَا ثُمَّ مَاتَ حَلَّتْ الْأُجْرَةُ بِمَوْتِهِ وَلِلْمُؤَجِّرِ أَخْذُهَا مِنْ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ زَرَعَهَا غَيْرُهُ مُتَعَدِّيًا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَارْتَفَعَ الْحُلُولُ وَيَرُدُّ الْمُؤَجِّرُ مَا أَخَذَهُ لِلْوَرَثَةِ، وَيُطَالِبُ الزَّارِعَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ تَعَلُّقٌ بِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا بِأُجْرَةٍ مُقَسَّطَةً فَكَتَبَهَا الشُّهُودُ إجْمَالًا ثُمَّ تَفْصِيلًا، بِمَا لَا يُطَابِقُ الْإِجْمَالَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ تَحَالَفَا لِسُقُوطِهِمَا بِالتَّعَارُضِ وَإِلَّا كَأَنْ قَالُوا أَرْبَعُ سِنِينَ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ كُلُّ شَهْرٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ حُمِلَ عَلَى تَقْسِيطِ الْمَبْلَغِ عَلَى أَوَّلِ الْمُدَّةِ، فَيَفْضُلُ بَعْدَ تِسْعَةِ عَشَرَ شَهْرًا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَتُقَسَّطُ عَلَى مَا يَخُصُّهَا مِنْ الشَّهْرِ، وَهُوَ يَوْمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ الْعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ خَصَّ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَةٌ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ. كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ أَيْ عِمَارَةُ الْأَرْضِ الَّتِي لَمْ تُعْمَرْ شُبِّهَتْ عِمَارَتُهَا بِإِحْيَاءِ الْمَوْتَى لِمَا فِيهَا مِنْ إحْدَاثِ مَنْفَعَةٍ بِأَمْرٍ جَائِزٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ الْأَرْضُ مِلْكُ اللَّهِ ثُمَّ مَلَّكَهَا لِلشَّارِعِ ثُمَّ رَدَّهَا الشَّارِعُ عَلَى أُمَّتِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَرْضُ إمَّا مَمْلُوكَةٌ أَوْ مَحْبُوسَةٌ عَلَى حُقُوقٍ عَامَّةٍ أَوْ خَاصَّةٍ أَوْ مُنْفَكَّةٌ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْمَوَاتُ. قَوْلُهُ: (هُوَ مُسْتَحَبٌّ) أَيْ أَصْلُهُ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي بَعْضَ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ) أَيْ لِلْمُحْيِي عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَهِيَ لَهُ) هَذَا دَلِيلُ الْمِلْكِ فَعُلِمَ مِنْهُ اخْتِصَاصُهُ بِالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَمْلِكُ دَارَ الْإِسْلَامِ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مَا بَعْدَهُ عَلَى خِلَافِ مَا قَبْلَهُ مِنْ تَقْدِيمِ الِاسْتِحْبَابِ عَلَى الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْبَابَ إنَّمَا يَنْشَأُ عَنْ الْمِلْكِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي لَيْسَ لِنَفْسِ الْإِحْيَاءِ، بَلْ لِمَا يَنْشَأُ عَنْهُ مِنْ نَحْوِ أَكْلِ الْعَوَافِي كَمَا سَيَأْتِي فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ فِيهِ) أَيْ الْإِحْيَاءِ أَجْرٌ أَيْ ثَوَابٌ بِهِ أَوْ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، كَمَا فِي حَدِيثٍ وَمَا أَكَلَتْ الْعَوَافِي جَمْعُ عَافِيَةٍ أَوْ عَافٍ أَيْ طُلَّابِ الرِّزْقِ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ طَيْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، مِنْهَا لَهُ صَدَقَةٌ وَالشُّرْبُ كَالْأَكْلِ وَهُمَا لِلْأَغْلَبِ.   [حاشية عميرة] السَّيِّدُ فَأَعْتَقَهُ الْوَارِثُ لَمْ يَرْجِعْ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَثْنَاةٌ شَرْعًا لَا لَفْظًا. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِالْمُدَّةِ اُتُّجِهَ الْبُطْلَانُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ إلَخْ) أَيْ بِحَقٍّ لَازِمٍ فَكَانَتْ أَوْلَى مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ. [كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ] الْمَوَاتِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَيْسَ هُوَ لِذِمِّيٍّ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَا كَانَ مَعْمُورًا) شَمِلَ مَا لَوْ أَحْيَاهُ ثُمَّ تَرَكَهُ، لَكِنْ خَالَفَ فِيهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 وَلَا هِيَ حَرِيمٌ لِمَعْمُورٍ كَمَا قَالَ: (الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تُعْمَرْ قَطُّ إنْ كَانَتْ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَلِلْمُسْلِمِ تَمَلُّكُهَا بِالْإِحْيَاءِ) أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ أَمْ لَا (وَلَيْسَ هُوَ لِذِمِّيٍّ) وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ (وَإِنْ كَانَتْ بِبِلَادِ كُفَّارٍ فَلَهُمْ إحْيَاؤُهَا وَكَذَا لِمُسْلِمٍ) إحْيَاؤُهَا (إنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَذُبُّونَ الْمُسْلِمِينَ عَنْهَا) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّهَا، فَإِنْ ذَبُّوهُمْ عَنْهَا فَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ إحْيَاؤُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. (وَمَا كَانَ مَعْمُورًا) دُونَ الْآنَ. وَهُوَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ (فَلِمَالِكِهِ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا. (فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ وَالْعِمَارَةُ إسْلَامِيَّةٌ فَمَالٌ ضَائِعٌ) لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ الْأَمْرُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فِي حِفْظِهِ أَوْ بَيْعِهِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ. (وَإِنْ كَانَتْ جَاهِلِيَّةً فَالْأَظْهَرُ) وَيُقَالُ الْأَصَحُّ. (أَنَّهُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لَمْ تُعْمَرْ) أَيْ فِي الْإِسْلَامِ بِأَنْ لَمْ تُعْلَمْ عِمَارَتُهُ فِيهِ بِدَلِيلٍ كَشَجَرٍ وَنَهْرٍ وَجِدَارٍ وَأَوْتَادٍ وَنَحْوِهَا، فَلَا تَضُرُّ عِمَارَتُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَوْلُهُ: (فَلِلْمُسْلِمِ) وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَغَيْرَ حُرٍّ وَيَمْلِكُهُ سَيِّدُهُ. قَوْلُهُ: (تَمَلُّكُهَا) أَيْ فِعْلُ مَا تُمْلَكُ بِهِ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى صِيغَةٍ؛ لِأَنَّهُ إعْطَاءٌ عَامٌ مِنْهُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَاهُ أَرْضَ الدُّنْيَا وَالْجَنَّةِ يُعْطِي مِنْهَا مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ، وَلِذَلِكَ أَفْتَى السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِكُفْرِ مَنْ عَارَضَ أَوْلَادَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ بِمَا أَقْطَعهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ بِأَرْضِ الشَّامِ، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ، بِأَنَّ التَّمَلُّكَ يَقْتَضِي اشْتِرَاطُ التَّكْلِيفِ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَ التَّمَلُّكَ عَلَى الصِّفَةِ، فَاقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ هُوَ) أَيْ الْإِحْيَاءُ لِذِمِّيٍّ فَغَيْرُهُ مِنْ الْكُفَّارِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ، فَلَا عِبْرَةَ بِإِحْيَائِهِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَلِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ، وَيَمْلِكَهُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ عَيْنٌ لَهُ كَزَرْعٍ رَدَّهُ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ، فَإِنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ مُدَّةَ إحْيَائِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَلِلذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ الِاحْتِطَابُ وَالِاحْتِشَاشُ وَالِاصْطِيَادُ، وَنَقْلُ تُرَابٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَيْنَا كَأَخْذِهِ مِنْ مَوَاتٍ بِدَارِنَا، وَهُوَ سَاكِنٌ فِيهَا بِالْأُجْرَةِ غَالِبًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِحَرْبِيٍّ لَكِنْ لَوْ فَعَلَ مَلَكَهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لِمُسْلِمٍ إحْيَاؤُهَا) فَيَمْلِكُهَا بِهِ لَا بِالِاسْتِيلَاءِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ لَكِنْ يَصِيرُ بِهِ مُتَحَجِّرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا يَذُبُّونَ عَنْهُ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (مِمَّا لَا يَذُبُّونَ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ لَا يَمْنَعُونَهُمْ عَنْهَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ ذَبُّوهُمْ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَدْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ أَوْ كَانَتْ أَرْضَ هَدِيَّةٍ وَإِلَّا فَيَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ بِالْإِحْيَاءِ مُطْلَقًا، وَالْكَلَامُ فِيمَنْ دَخَلَ دَارَهُمْ بِغَيْرِ قُوَّةٍ وَمَنْعَةٍ وَإِلَّا بِأَنْ فَتَحُوا بِلَادَهُمْ عَنْوَةً كَالْغَانِمِينَ فَيَمْلِكُونَ عَامِرَهُمْ وَمَوَانَهُمْ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْغَنِيمَةِ، وَمَا أَعْرَضَ عَنْهُ الْكَافِرُ مِنْ مِلْكِهِ عَادَ مَوَاتًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِذَا اسْتَوْلَيْنَا عَلَى مَوَاتٍ يَذُبُّونَا عَنْهُ فَالْغَانِمُونَ أَحَقُّ بِإِحْيَاءِ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ، وَأَهْلُ الْخُمُسِ بِإِحْيَاءِ خُمُسِهِ فَإِنْ أَعْرَضَ بَعْضُ كُلٍّ فَبَاقِيهمْ أَحَقُّ بِجَمِيعِهِ. فَإِنْ أَعْرَضَ الْغَانِمُونَ فَأَهْلُ الْخُمُسِ أَحَقُّ بِالْجَمِيعِ، أَوْ عَكْسُهُ فَعَكْسُهُ أَوْ أَعْرَضَ كُلٌّ فَلِمَنْ أَحْيَاهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتَشْكَلَ فِي الرَّوْضَةِ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَعْرَاضُ أَهْلِ الْخُمُسِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْأَعْرَاضَ مِنْ الْيَتَامَى مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ إنْ انْحَصَرُوا. قَوْلُهُ: (دُونَ الْآنَ) بِأَنْ كَانَ خَرَابًا الْآنَ وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَالْمَنْهَجِ، وَإِنْ كَانَ خَرَابًا الْآنَ، وَهُوَ يُفِيدُ مِلْكَ الْمَعْمُورِ بِالْإِحْيَاءِ أَيْ الِاسْتِيلَاءِ فَذِكْرُ بِلَا الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (إسْلَامِيَّةٌ) وَلَوْ احْتِمَالًا. قَوْلُهُ: (إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ) إنْ رَجَى ظُهُورَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُهُ، وَيَمْلِكُهُ الْآخِذُ بِذَلِكَ، قَالَ شَيْخُنَا م ر كَوَالِدِهِ وَيَحِلُّ بَيْعُهُ وَأَكْلُهُ وَمِنْهُ الْمُكُوسُ وَالْجُلُودُ وَنَحْوُهَا الْمَأْخُوذَةُ الْآنَ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحَ هُوَ كَوَالِدِهِ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيِّ فِي بَابِ الْغَصْبِ بِحُرْمَةِ الْكَوَارِعِ وَغَيْرِهَا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ أَرْبَابَهَا مَعْرُوفُونَ مَوْجُودُونَ حَاضِرُونَ عِنْدَهَا فَهِيَ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ كُلٌّ مِنْ أَصْحَابِهَا مَالَهُ، وَيُصَرِّحُ بِهَذَا قَوْلُهُمْ، إنَّهُ لَوْ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ ظَهَرَ مَالِكُهُ بَعْدَ إقْطَاعِهِ وَجَبَ رَدُّهُ إلَيْهِ، أَوْ بَعْدَ بَيْعِهِ دَفَعَ إلَيْهِ ثَمَنَهُ وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِمُسَوِّغِهِ الشَّرْعِيِّ فِي وَقْتِهِ عَلَى أَحَدِ احْتِمَالَيْنِ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ بَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ لِظُهُورِ فَسَادِ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (جَاهِلِيَّةً) أَيْ يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ جَهِلْنَا دُخُولَهُ فِي أَيْدِينَا، أَمَّا لَوْ جَهِلْنَا هَلْ هِيَ جَاهِلِيَّةٌ أَوْ لَا لَمْ تُمْلَك بِالْإِحْيَاءِ كَمَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. لَنَا حَدِيثُ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً لَيْسَتْ لِأَحَدٍ» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ كَانَتْ جَاهِلِيَّةً) أَيْ وَلِلْفَرْضِ كَمَا سَلَف أَنَّهَا بِيَدِ الْإِسْلَامِ، وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ كَيْفِيَّةُ اسْتِيلَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ بِقِتَالٍ فَلِلْغَانِمِينَ وَإِلَّا فَفَيْءٌ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِإِحْيَاءٍ لِتَحَقُّقِ سَبْقِ الْمَالِكِ اهـ. وَسَيَأْتِي أَنَّ الذِّمِّيَّ بِبِلَادِ الْكُفَّارِ كَذَلِكَ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنَّهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الْمَوَاتِ الَّذِي كَانَ مَعْمُورًا لَا إلَى الْمَعْمُورِ الْآنَ، فَإِنَّ الَّذِي يُحْيَا إنَّمَا هُوَ الْمَوَاتُ نَفْسُهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا، فَلَيْسَ بِمَوَاتٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرِّكَازَ مَمْلُوكٌ جَاهِلِيٌّ يُمْلَكُ فَكَذَلِكَ هَذَا وَلَوْ كَانَ الْمَعْمُورُ الْمَذْكُورُ بِبِلَادِ الْكُفَّارِ، وَلَمْ يُعْرَفْ مَالِكُهُ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ. (وَلَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ حَرِيمُ الْمَعْمُورِ) أَيْ لَا يَمْلِكُهُ غَيْرُ مَالِكِ الْمَعْمُورِ، وَيَمْلِكُهُ مَالِكُ الْمَعْمُورِ بِالتَّبَعِيَّةِ لَهُ. (وَهُوَ) أَيْ حَرِيمُ الْمَعْمُورِ (مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِتَمَامِ الِانْتِفَاعِ) بِالْمَعْمُورِ (فَحَرِيمُ الْقَرْيَةِ) الْمُحْيَاةِ (النَّادِي) وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْقَوْمِ لِلْحَدِيثِ (وَمُرْتَكَضُ الْخَيْلِ) لِلْخَيَّالَةِ (وَمُنَاخُ الْإِبِلِ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُنَاخُ فِيهِ. (وَمَطْرَحُ الرَّمَادِ) وَالسِّرْجِينُ (وَنَحْوُهَا) كَمَرَاحِ الْغَنَمِ (وَحَرِيمِ الْبِئْرِ) الْمَحْفُورَةِ (فِي الْمَوَاتِ مَوْقِفُ النَّازِحِ) مِنْهَا (وَالْحَوْضُ) الَّذِي يَصُبُّ فِيهِ النَّازِحُ الْمَاءَ أَيْ مَوْضِعُهُ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ بِمَصَبِّ الْمَاءِ. (وَالدُّولَابُ) بِضَمِّ الدَّالِ أَيْ مَوْضِعُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. (وَمُجْتَمَعُ الْمَاءِ) أَيْ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ لِسَقْيِ الْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ مِنْ حَوْضٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَفِي الْمُحَرَّرِ وَنَحْوِهِ. (وَمُتَرَدَّدِ الدَّابَّةِ) وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ) نَعَمْ إنْ كَانَ بِبِلَادِهِمْ وَذَبُّونَا عَنْهُ، وَقَدْ صُولِحُوا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ كَمَا مَرَّ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الْمَعْمُورُ إلَخْ) فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كَمَوَاتِ بِلَادِهِمْ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ، وَلَوْ عُرِفَ مَالِكُهُ فَكَالْمَعْمُورِ. تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ مَا بَنَاهُ الْمُسْلِمُونَ كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ، أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ، أَوْ فُتِحَ عَنْوَةً كَخَيْبَرِ وَمِصْرَ وَسَوَادِ الْعِرَاقِ أَوْ صُلْحًا، وَالْأَرْضُ لَنَا وَهُمْ يَدْفَعُونَ الْجِزْيَةَ، وَفِي هَذِهِ عِمَارَتُهَا فَيْءٌ وَمَوَاتُهَا مُتَحَجِّرٌ لِأَهْلِ الْفَيْءِ، وَحِفْظُهُ عَلَى الْإِمَامِ وَإِنْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ، فَمَوَاتُهَا مُتَحَجِّرٌ لَهُمْ وَمَعْمُورُهَا مِلْكٌ لَهُمْ. فَرْعٌ: لَوْ رَكِبَ الْأَرْضَ مَاءٌ أَوْ رَمْلٌ أَوْ طِينٌ فَهِيَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ مِلْكٍ، وَوَقْفٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّمْلُ مَثَلًا مَمْلُوكًا فَلِمَالِكِهِ أَخْذُهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْحَسِرْ عَنْهَا وَلَوْ انْحَسَرَ مَاءُ النَّهْرِ عَنْ جَانِبٍ مِنْهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ، وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ إقْطَاعُهُ لِأَحَدٍ كَالنَّهْرِ وَحَرِيمِهِ وَلَوْ زَرَعَهُ أَحَدٌ لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ إنْ كَانَ لَهُ حِصَّةٌ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ، نَعَمْ لِلْإِمَامِ دَفْعُهُ لِمَنْ يَرْتَفِقُ بِهِ بِمَا لَا يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ، وَمِثْلُهُ مَا يَنْحَسِرُ عَنْهُ الْمَاءُ مِنْ الْجَزَائِرِ فِي الْبَحْرِ وَيَجُوزُ زَرْعُهُ، وَنَحْوُهُ لِمَنْ لَمْ يَقْصِدْ إحْيَاءَهُ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْبِنَاءُ وَلَا الْغِرَاسُ وَلَا مَا يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ، هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا م ر وَبَالَغَ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ ذَكَرَ شَيْئًا مِمَّا يُخَالِفُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (حَرِيمَ الْمَعْمُورِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحُرْمَةِ التَّصَرُّفِ فِيهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُهُ مِلْكَ الْمَعْمُورِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ إحْيَائِهِ، بِجَعْلِهِ دَارًا مَثَلًا، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ غَيْرِهِ مِنْ الْمُرُورِ فِيهِ، وَلَا مِنْ رَعْيِ كَلَأٍ فِيهِ وَلَا الِاسْتِقَاءُ مِنْ مَاءٍ فِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَهَكَذَا يُقَالُ فِي حَرِيمِ الْقَرْيَةِ وَغَيْرِهِ مِمَّا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مُرْتَكَضُ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَآخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ مَحَلُّ سُوقِ الْخَيْلِ لِنَحْوِ السِّبَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ خَيْلٌ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (كَمَرَاحِ الْغَنَمِ) وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ وَمَسِيلِ الْمِيَاهِ وَالطُّرُقَاتِ، وَكَذَا الْمَرْعَى وَالْمُحْتَطَبُ وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِالْقَرِيبَيْنِ قَالَ وَأَمَّا الْبَعِيدَانِ فَإِنْ تَعَيَّنَّ بُعْدُهُمَا بِحَيْثُ لَا يُعَدَّانِ مِنْ مَرَافِقِهَا فَظَاهِرٌ وَإِلَّا فَكَالْقَرِيبَيْنِ. قَوْلُهُ: (الْبِئْرِ) أَيْ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْمَحْفُورَةِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَّا أَنَّ الْحَفْرَ صِفَةٌ لِلْبِئْرِ لَا حَالٌ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ فِيهِ، فَلَامُ الْبِئْرِ لِلْجِنْسِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَبْنِيَّةِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (مَوْقِفُ النَّازِحِ) مِنْ جَانِبٍ أَوْ أَكْثَرَ دَابَّةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا، وَمِنْهُ مَوْضِعُ دَوَرَانِهِ. قَوْلُهُ: (بِمَصَبِّ الْمَاءِ) فَالْمُرَادُ مَا يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ إلَى مَحَلِّ الِاجْتِمَاعِ الْآتِي. تَنْبِيهٌ: لَوْ حَفَرَ اثْنَانِ بِئْرًا عَلَى أَنَّهَا لِأَحَدِهِمَا فَحَرِيمُهَا لِمَالِكِهَا، وَلِلْآخَرِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ. فَرْعٌ: حَرِيمُ النَّهْرِ كَالنِّيلِ مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ كَإِلْقَاءِ الْأَمْتِعَةِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُ عِنْدَ حَفْرِهِ أَوْ تَنْظِيفِهِ، فَيَهْدِمُ مَا يَبْنِي فِيهِ وَلَوْ مَسْجِدًا كَمَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ، وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ النَّهْرُ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يَصِيرُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَكَذَا فِي الْقَرْيَةِ وَغَيْرِهَا، وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ مَنْعُ مَنْ يَتَعَاطَى بِنَاءً أَوْ نَحْوَهُ بِجَانِبِ النِّيلِ أَوْ الْخَلِيجِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَوَارِدِ الْمَاءِ وَمُصَلَّى الْأَعْيَادِ فِي الصَّحْرَاءِ وَنَحْوِهَا، وَأَمَّا الْأَبْنِيَةُ عَلَى ذَلِكَ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ حُدُوثُهَا، فَلَا يَتَعَرَّضُ لِأَهْلِهَا لِاحْتِمَالِ وَضْعِهَا بِحَقٍّ، وَلَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ بَيْتٍ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً مِنْ جَالِسٍ بِجَانِبِهِ فِي حَرِيمٍ أَوْ شَارِعٍ، إلَّا إنْ كَانَتْ عَادَةً لَمْ يَعْلَمْ حُدُوثَهَا، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الْمَعْمُورُ إلَخْ) إذَا نَظَرْت إلَى هَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَهُوَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ صَحَّ لَك مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا شَامِلٌ لِلْإِسْلَامِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ بِبِلَادِ الْكُفْرِ. قَوْلُهُ (كَمَرَاحِ الْغَنَمِ) وَمَسِيلِ الْمَاءِ، وَمَلْعَبِ الصِّبْيَانِ، وَأَمَّا الْمَرْعَى وَالْمُحْتَطَبُ فَنَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَعَنْ آخَرِينَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَوْقِفُ النَّازِحِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ كَانَ يُنْزَحُ بِالدَّابَّةِ فَحَرِيمُهَا قَدْرُ عُمْقِهَا مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمُتَرَدَّدُ الدَّابَّةِ) يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ أَيْضًا الْمَوْضِعُ الَّذِي حُفِرَ فِيهِ بِئْرٌ لِنَقْصِ مَاءِ هَذِهِ، فَإِنَّهُ فِي الْحَرِيمِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُحْيِي فِعْلُهُ، وَإِنْ سَاغَ نَظِيرُهُ فِي الْأَمْلَاكِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 عَقِبَ الدُّولَابِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إنْ كَانَ الِاسْتِقَاءُ بِهِمَا، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يُطْرَحُ فِيهِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَوْضِ، وَنَحْوِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ غَيْرُ مَحْدُودٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ اهـ. وَالدُّولَابُ، يُطْلَقُ عَلَى مَا يَسْتَقِي بِهِ النَّازِحُ، وَمَا يَسْتَقِي بِهِ بِالدَّابَّةِ وَقَوْلُهُ فِي الْمَوَاتِ هُنَا، وَيُعَدُّ تَصْرِيحًا بِمَا الْكَلَامُ فِيهِ (وَحَرِيمُ الدَّارِ) الْمَبْنِيَّةِ (فِي الْمَوَاتِ مَطْرَحِ رَمَادٍ وَكُنَاسَةٍ وَثَلْجٍ وَمَمَرٍّ فِي صَوْبِ الْبَابِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَا عَلَى امْتِدَادِ الْمَوَاتِ، فَلِغَيْرِ مَالِكِهَا إحْيَاءُ مَا فِي قُبَالَةِ الْبَابِ إذَا أَبْقَى الْمَمَرَّ لَهُ اهـ. (وَحَرِيمُ أَبَآَّرِ الْقَنَاةِ مَا لَوْ حَفَرَ فِيهِ نَقَصَ مَاؤُهَا أَوْ خِيفَ الِانْهِيَارُ) أَيْ السُّقُوطُ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ. بِصَلَابَةِ الْأَرْضِ وَرَخَاوَتِهَا وَأَبْآرُ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْمُوَحَّدَةِ السَّاكِنَةِ، بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَصْلِ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْهَمْزَةِ وَقَلْبُهَا أَلْفًا (وَالدَّارُ الْمَحْفُوفَةُ بِدُورٍ لَا حَرِيمَ لَهَا) وَإِلَّا فَمَا يُجْعَلُ حَرِيمًا لَهَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ حَرِيمًا لِأُخْرَى وَتَصَوُّرُ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ أُحْيِيَتْ كُلُّهَا مَعًا (وَيَتَصَرَّفُ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْ الْمُلَّاكِ (فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ) وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ أَفْضَى إلَى تَلَفٍ (فَإِنْ تَعَدَّى) الْعَادَةَ (ضَمِنَ) مَا تَعَدَّى فِيهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ) (يَتَّخِذُ دَارِهِ الْمَحْفُوفَةَ بِمَسَاكِنَ حَمَّامًا وَإِصْطَبْلًا) وَطَاحُونَةً. (وَحَانُوتُهُ فِي الْبَزَّازِينَ حَانُوتُ حَدَّادٍ) أَوْ قَصَّارٍ (إذَا احْتَاطَ وَأَحْكَمَ الْجُدْرَانَ) بِمَا يَلِيقُ بِمَقْصُودِهِ، وَالثَّانِي يَمْتَنِعُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَعُورِضَ بِأَنَّ فِي مَنْعِهِ إضْرَارًا بِهِ (وَيَجُوزُ إحْيَاءُ مَوَاتِ الْحَرَمِ) الْمُفِيدُ لِمِلْكِهِ، كَمَا أَنَّ مَعْمُورَهُ يُمْلَكُ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ. (دُونَ عَرَفَاتٍ) فَلَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهَا فَلَا تُمْلَكُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوُقُوفِ بِهَا، وَالثَّانِي يَجُوزُ فَتُمْلَكُ بِهِ كَغَيْرِهَا وَفِي بَقَاءِ حَقِّ الْوُقُوفِ عَلَى هَذَا فِيمَا مُلِكَ وَجْهَانِ وَهَلْ بَقَاؤُهُ مَعَ اتِّسَاعِ الْبَاقِي، أَوْ بِشَرْطِ ضِيقِهِ عَنْ الْحَجِيجِ وَجْهَانِ. (قُلْت وَمُزْدَلِفَةُ وَمِنَى كَعَرَفَاتٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهُمَا فِي الْأَصَحِّ، كَمَا عَبَّرَ بِهِ تَصْحِيحُ التَّنْبِيهِ وَفِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِيهِمَا كَعَرَفَاتٍ لِوُجُودِ الْمَعْنَى (وَيَخْتَلِفُ الْإِحْيَاءُ بِحَسَبِ الْغَرَضِ) مِنْهُ (فَإِنْ أَرَأَدَ مَسْكَنًا اُشْتُرِطَ) لِحُصُولِهِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَثَلْجٌ) وَمَصَبُّ مِيزَابِ الْمَاءِ الْأَمْطَارِ. قَوْلُهُ: (وَمَمَرٌّ) وَيُقَدَّرُ بِالْحَاجَةِ وَمَا وَرَدَ مِنْ تَقْدِيرِهِ بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ، مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، قَوْلُهُ: (آبَارِ الْقَنَاةِ) هِيَ الْمَحْفُورَةُ مِنْ غَيْرِ طَيٍّ لِيَجْتَمِعَ الْمَاءُ فِيهَا، وَيُؤْخَذُ لِنَحْوِ الْمَزَارِعِ وَبِئْرِ الِاسْتِقَاءِ السَّابِقَةِ، مَا كَانَتْ مَطْوِيَّةً، وَيَنْبُعُ الْمَاءُ مِنْهَا وَيَظْهَرُ أَنَّ الطَّيَّ لَيْسَ قَيْدًا هُنَا. قَوْلُهُ: (مَا لَوْ حُفِرَ إلَخْ) وَيُعْتَبَرُ هَذَا فِي بِئْرِ الِاسْتِقَاءِ أَيْضًا وَلَا يَحْتَاجُ هُنَا إلَى مَوْقِفِ نَازِحٍ وَلَا غَيْرِهِ مِمَّ مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا. قَوْلُهُ: (مَعًا) أَيْ يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ انْتَهَى الْإِحْيَاءُ إلَى مَمْلُوكٍ فَلَا حَرِيمَ. قَوْلُهُ: (إلَى تَلَفٍ) أَيْ لِمَالِ الْجَارِ أَوْ جِدَارِهِ أَوْ نَقْصِ مَاءِ بِئْرِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ كَحَفْرِ حُشٍّ، وَيُمْنَعُ مِمَّا يُؤَدِّي إلَى تَلَفِ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ مُحْتَرَمٍ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَ مَا تَعَدَّى) أَيْ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ مَا تَعَدَّى بِهِ كَأَنْ دَقَّ دَقًّا عَنِيفًا، فَأَزْعَجَ أَبْنِيَةَ جَارِهِ أَوْ حَبَسَ الْمَاءَ فِي مِلْكِهِ فَانْتَشَرَتْ النَّدَاوَةُ إلَى جِدَارِهِ قَوْلُهُ: (بِمَا يَلِيقُ بِمَقْصُودِهِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ الْمِلْكَ، وَإِنْ ضَرَّ الْمَالِكَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ فِعْلَ مَا وَافَقَ الْعَادَةَ، وَإِنْ ضَرَّ الْمِلْكَ وَالْمَالِكَ وَأَنَّ لَهُ فِعْلَ مَا خَالَفَهَا إنْ لَمْ يَضُرَّ الْمِلْكَ وَإِنْ ضَرَّ الْمَالِكَ وَكَذَا لَوْ ضَرَّ الْأَجْنَبِيَّ بِالْأَوْلَى وَيَكْفِي جَرَيَانُ الْعَادَةِ كَوْنُ جِنْسِهِ يُفْعَلُ بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ، وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِفِعْلِ عَيْنِهِ، وَمِنْهُ حَدَّادٌ بَيْنَ بَزَّازِينَ فَخَرَجَ نَحْوُ مَعْمَلِ النَّشَادِرِ، فَيَضْمَنُ فَاعِلُهُ بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ وَمِثْلُهُ مَعْمَلُ الْبَارُودِ نَعَمْ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى فِعْلِهِ بِالْمُنَادَاةِ كَبُيُوتِ الْأَخْلِيَةِ، فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ إذَا لَمْ يُنَادِ عَلَيْهَا. تَنْبِيهٌ: شَمِلَ مَا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ التَّصَرُّفِ الْمُعْتَادِ مَا لَوْ أَسْرَجَ فِي مِلْكِهِ سِرَاجًا، وَلَوْ بِنَجَسٍ وَلَزِمَ عَلَيْهِ تَسْوِيدُ جِدَارِ جَارِهِ وَلَوْ مَسْجِدًا، وَلَوْ مَسْجِدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ مَال إلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَلَى تَرَدُّدٍ. فَرْعٌ: لَوْ شَمَّتْ حَامِلٌ نَحْوَ سَمَكٍ أَوْ لَحْمٍ مَشْوِيٍّ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَخِيفَ عَلَيْهَا الْإِجْهَاضُ وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لَهَا، وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ فَإِنْ قَصَّرَ فِي ذَلِكَ ضَمِنَ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الْبَذْلُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَإِنْ امْتَنَعَتْ لَمْ يَضْمَنْ. قَوْلُهُ: (مَوَاتِ الْحَرَمِ) هَلْ يُكْرَهُ إحْيَاؤُهُ كَمَا فِي بَيْعِ دُورِهِ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (دُونَ عَرَفَاتٍ) هُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْحِلِّ. قَوْلُهُ: (وَمُزْدَلِفَةُ وَمِنًى) خَرَجَ الْمُحَصَّبُ فَلَا يَلْحَقُ بِهِمَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَتَقَدَّمَ تَحْدِيدُ الْكُلِّ فِي الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ الْغَرَضِ) فَلَوْ حَفَرَ قَبْرًا مَلَكَهُ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَطْرَحُ إلَخْ) أَيْ هُوَ مَطْرَحٌ لِلثَّلَاثَةِ جَمِيعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَمَرٌّ) سَكَتَ عَنْ مِقْدَارِهِ عَرَضًا وَهُوَ مَنُوطٌ بِالْحَاجَةِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ التَّقْدِيرِ بِسَبْعَةِ أَذْرُعٍ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ حُمِلَ عَلَى عُرْفِ الْمَدِينَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (آبَارِ الْقَنَاةِ) وَهُوَ قَسِيمُ آبَارِ الِاسْتِقَاءِ، أَيْ فَهَذِهِ لَا تَحْتَاجُ إلَى مَوْقِفٍ نَازِحٍ وَلَا غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى حِفْظِ مَائِهَا، ثُمَّ هَذَا الضَّابِطُ بِالنَّظَرِ إلَى حَفْرِ بِئْرٍ أُخْرَى لَا مُطْلَقًا، فَلَوْ بَنَى الْغَيْرُ هُنَاكَ جَازَ. وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي الْمَوَاتِ وَإِلَّا فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَحْفِرَ فِي مِلْكِهِ بِئْرًا، وَلَوْ نَقَصَ مَاءُ الْبِئْرِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَوَاتِ الْحَرَمِ) هَلْ يُكْرَهُ إحْيَاءُ مَوَاتِ مَكَّةَ كَمَا يُكْرَهُ بَيْعُ عَامِرِهَا فِيمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ؟ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُمْلَكُ بِهِ) دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ إنَّمَا حَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي الْجَوَازِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْمِلْكِ بِإِحْيَاءٍ. تَنْبِيهٌ: صَنِيعُ الْمَتْنِ يُوهِمُ أَنَّ عَرَفَاتِ مِنْ الْحَرَمِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجُوزُ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُحْيِي الْجَمِيعَ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) إذَا قُلْنَا بِالْبَقَاءِ، فَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الزَّوَالِ إلَى الْفَجْرِ، لَا مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ وُقُوفٌ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلُهُ: (بِهِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 (تَحْوِيطُ الْبُقْعَةِ) بِآجُرٍّ أَوْ لَبِنٍ أَوْ مَحْضِ الطِّينِ، أَوْ أَلْوَاحِ الْخَشَبِ، وَالْقَصَبِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ. (وَسَقْفُ بَعْضِهَا) لِتَتَهَيَّأَ لِلسُّكْنَى (وَتَعْلِيقُ الْبَابِ) أَيْ نَصْبُهُ؛ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فِي ذَلِكَ. (وَفِي الْبَابِ) أَيْ تَعْلِيقُهُ (وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهُ لِلْحِفْظِ وَالسُّكْنَى لَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ (أَوْ زَرِيبَةُ دَوَابِّ فَتَحْوِيطٌ) وَلَا يَكْفِي نَصْبُ سَعَفٍ أَوْ أَحْجَارٍ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ. (لَا سَقْفٌ) ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهَا عَدَمُهُ. (وَفِي الْبَابِ) أَيْ تَعْلِيقُهُ (الْخِلَافُ) فِي الْمَسْكَنِ (أَوْ مَزْرَعَةٌ فَجَمْعُ التُّرَابِ حَوْلَهَا) لِيَنْفَصِلَ الْمَحْيَا عَنْ غَيْرِهِ وَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ الْمَالِ، وَفِي مَعْنَى التُّرَابِ قَصَبٌ وَحَجَرٌ وَشَوْكٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَحْوِيطٍ. (وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) بِطَمِّ الْمُنْخَفِضِ وَكَسْحِ الْمُسْتَعْلِي وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَحِرَاثَتُهَا وَتَلْيِينُ تُرَابِهَا فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ إلَّا بِمَا يُسَاقُ إلَيْهَا، فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِتَتَهَيَّأَ لِلزِّرَاعَةِ. (وَتَرْتِيبُ مَاءٍ لَهَا) بِشِقِّ سَاقِيَةٍ مِنْ نَهْرٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ قَنَاةٍ (إنْ لَمْ يَكْفِهَا الْمَطَرُ الْمُعْتَادُ) فَإِنْ كَفَاهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَرْتِيبِ مَاءٍ (لِزِرَاعَةٍ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَةٍ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْإِحْيَاءِ، وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَا تَصِيرُ مُحْيَاةً، إلَّا إذَا حَصَلَ فِيهَا عَيْنُ مَالِ الْمُحْيِي فَكَذَا الْمَزْرَعَةُ. (أَوْ بُسْتَانًا فَجَمْعُ التُّرَابِ) أَيْ حَوْلَ الْأَرْضِ كَالْمَزْرَعَةِ إنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالتَّحْوِيطِ. (وَالتَّحْوِيطُ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ) أَيْ نَفْسُهُ وَمَا تَحَوَّطَ بِهِ مِنْ بِنَاءٍ، أَوْ قَصَبٍ أَوْ شَوْكٍ هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي جَمْعِ التُّرَابِ وَالتَّحْوِيطِ. (وَتَهْيِئَةُ مَاءٍ) كَمَا سَبَقَ فِي الْمَزْرَعَةِ. (وَيُشْتَرَطُ الْغَرْسُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ كَالزَّرْعِ فِي الْمَزْرَعَةِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ اسْمَ الْمَزْرَعَةِ يَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ، قَبْلَ الزَّرْعِ وَاسْمِ الْبُسْتَانِ لَا عَلَيْهَا قَبْلَ الْغَرْسِ، وَمِنْ شَرَطَ الزَّرْعَ فِي الْمَزْرَعَةِ شَرَطَ الْغَرْسَ فِي الْبُسْتَانِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، فَهَذِهِ طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ قَاطَعَهُ بِالِاشْتِرَاطِ، وَرَجَّحَهَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (وَمِنْ شَرَعَ فِي عَمَلِ إحْيَاءٍ وَلَمْ يُتِمَّهُ أَوْ أَعْلَمَ عَلَى بُقْعَةٍ بِنَصَبِ أَحْجَارٍ أَوْ غَرْزِ خَشَبٍ فَمُتَحَجِّرٌ) لِذَلِكَ الْمَحَلِّ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ. (وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) مِنْ غَيْرِهِ أَيْ مُسْتَحِقٌّ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ، لِمَا عَمِلَهُ فِيهِ (لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَالثَّانِي يَصِحُّ كَأَنَّهُ يَبِيعُ حَقَّ الِاخْتِصَاصِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا وَفِي الْمُحَرَّرِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ هَذَا الْحَقَّ. (وَ) الْأَصَحُّ أَنَّهُ (لَوْ أَحْيَا آخَرَ مَلَكَهُ) وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ إحْيَائِهِ وَالثَّانِي لَا يَمْلِكُهُ كَيْ لَا يُبْطِلَ حَقَّ الْمُتَحَجِّرِ (وَلَوْ طَالَتْ مُدَّةُ التَّحَجُّرِ) وَلَمْ يُحْيَ وَالرُّجُوعُ فِي طُولِهَا إلَى الْعَادَةِ (قَالَ لَهُ السُّلْطَانُ أَحْيِ أَوْ اُتْرُكْ) أَيْ الْمَحَلَّ   [حاشية قليوبي] بِالْحَفْرِ أَوْ بِئْرًا فَكَذَلِكَ إنْ قَصَدَ تَمَلُّكَهَا، لِتَتَمَيَّزَ عَمَّا إذَا كَانَتْ لِلِارْتِفَاقِ الْعَامِ، وَكَذَا كُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ حَفْرِهَا فِي أَرْضٍ مُسَبَّلَةٍ، فَلَا يَخْتَصُّ بِهَا. قَوْلُهُ: (تَحْوِيطَ الْبُقْعَةِ) أَيْ بِجُدْرَانٍ أَرْبَعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَخْذًا مِنْ اشْتِرَاطِ السَّقْفِ. نَعَمْ إنْ أَرَادَ مَوْضُوعًا لِنُزْهَةٍ أَوْ نَصْبِ نَحْوِ خَيْمَةٍ لَمْ يَحْتَجْ فِيهَا لِسَقْفٍ وَلَا بِنَاءٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْعَادَةُ) فَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ نَصْبِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ نَصْبُهُ. فَرْعٌ: لَوْ حَوَّطَ بُقْعَةً لِأَجْلِ جَعْلِهَا مَسْجِدًا صَارَتْ مَسْجِدًا وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ أَوْ لَمْ يَبْنِ فِيهِ أَوْ لَمْ يَسْقِفْ وَمِثْلُهُ مُصَلَّى الْعِيدِ وَاعْتَبَرَ السُّبْكِيُّ فِي الْمَسْجِدِ السَّقْفَ. قَوْلُهُ: (فَتَحْوِيطٌ) كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْخِلَافُ فِي الْمَسْكَنِ) وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ نَصْبِهِ أَيْضًا وَذِكْرُ الدَّوَابِّ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الْغِلَالُ وَالثِّمَارُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَزْرَعَةٌ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ، وَالْفَتْحُ أُفْصِحُ وَيُسَمَّى مَا يُزْرَعُ فِيهَا زَرِيعَةً مُخَفَّفًا وَجَمْعُهُ زَرَائِعُ كَذَرِيعَةٍ، وَذَرَائِعُ لِلْأُمُورِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى غَيْرِهَا مَثَلًا. قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَتَرْتِيبُ مَاءٍ لَهَا) أَوْ بِمَنْعِهِ عَنْهَا، كَأَرْضِ الْبَطَائِحِ بِالْعِرَاقِ؛ لِأَنَّهَا دَائِمًا مَمْلُوءَةٌ بِالْمَاءِ. قَوْلُهُ: (فِي جَمْعِ التُّرَابِ وَالتَّحْوِيطِ) أَيْ فِي ذِكْرِهِمَا أَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَوْ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَيُرَاعَى فِيهِ الْعَادَةُ وَكَذَا تَهْيِئَةُ الْمَاءِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ الْغَرْسُ) وَلَا بُدَّ مِنْ غَرْسِ قَدْرٍ يُسَمَّى بِهِ بُسْتَانًا عُرْفًا. قَوْلُهُ: (وَرَجَّحَهَا إلَخْ) وَلَمْ يَحْمِلْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهَا لِبِنَائِهَا عَلَى مَرْجُوحٍ، فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الرَّوْضَةِ فِي تَرْجِيحِهَا. قَوْلُهُ: (لِمَا عَلَّمَهُ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَفِي نُسْخَةٍ لِمَا عَمِلَهُ، وَهِيَ أَوْلَى لِشُمُولِهَا الْقِسْمَيْنِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ مَا عَمِلَهُ لَا يَكْفِي لِغَرَضٍ مِنْ الْأَغْرَاضِ، وَلِمَا كَفَى لِغَرَضٍ غَيْرِ الَّذِي قَصَدَهُ ابْتِدَاءً وَقَصَدَهُ الْآنَ كَأَنْ قَصَدَهُ لِلسُّكْنَى، وَعَمَلِ مَا يَكْفِي لِلزَّرِيبَةِ وَقَصَدَ حِينَئِذٍ جَعْلَهَا زَرِيبَةً وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ إنْ عَمِلَ بَعْدَ تَغَيُّرِ قَصْدِهِ مَا يُنَاسِبُ مَا قَصَدَهُ الْآنَ ابْتِدَاءً أَوْ تَكْمِيلًا مَلَكَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ وَلَوْ مَحَلَّ بِنَائِهِ فَلَوْ بَنَى غَيْرُهُ عَلَى بِنَائِهِ مَلَكَ الْبُقْعَةَ، وَالْبِنَاءُ الْأَوَّلُ لِمَالِكِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ وَأَخْذُهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الصَّوَابَ مَا فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ أَثِمَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ الْأَوَّلُ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ آلَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. فَرْعٌ: لَوْ فَوَّضَ الْإِحْيَاءَ إلَى غَيْرِهِ، صَارَ أَحَقَّ بِهِ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ قَوْلُهُ: (قَالَ لَهُ السُّلْطَانُ) وُجُوبًا وَكَذَا الْآحَادُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَمْرِ.   [حاشية عميرة] الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْأَصَحِّ مِنْ قَوْلِهِ: إحْيَاؤُهُمَا فِي الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (بِحَسْبِ الْعَادَةِ) حَتَّى فِي الْبَلَدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَزْرَعَةٌ) اسْمُ الْبَذْرِ الَّذِي يُبْذَرُ فِيهَا زَرِيعَةٌ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَجَمْعُهُ زَرَائِعُ، كَذَرِيعَةٍ وَذَرَائِعَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَجَمْعُ التُّرَابِ) حَمَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى إصْلَاحِ تُرَابِ الْأَرْضِ وَتَهْيِئَتِهِ لِمَا يُرَادُ لَهُ، لَا جَمْعِهِ حَوْلَهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ الْغَرْسُ) أَيْ غَرْسُ مَا يُسَمَّى مَعَهُ بُسْتَانًا كَذَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، قَالَ: فَلَا يَكْفِي الشَّجَرَةُ وَالشَّجَرَتَانِ فِي الْفَضَاءِ الْوَاسِعِ. قَوْلُهُ: (وَفَرْقُ الْأَوَّلِ إلَخْ) وَأَيْضًا فَالْغِرَاسُ لِلدَّوَامِ، فَالْتَحَقَ بِبِنَاءِ الدَّارِ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَمْ يُتِمَّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْعَمَلِ مِنْ قَوْلِهِ فِي عَمَلِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) فَكَانَ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَذَا الْحَقُّ فِي مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ وَالْوَظَائِفِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ، وَلَمْ يَمْلِكْ الْمَنْفَعَةَ اهـ. أَقُولُ: لَكِنَّ السُّبْكِيَّ حَاوَلَ إلْحَاقَ الْوَظَائِفِ فَفُرِشْت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَوْ ارْفَعْ يَدَك عَنْهُ. (فَإِنْ اسْتَمْهَلَ) بَعْدَ الِاعْتِذَارِ (أُمْهِلَ مُدَّةً قَرِيبَةً) لِيَسْتَعِدَّ فِيهَا لِلْعِمَارَةِ يُقَدِّرُهَا السُّلْطَانُ بِرَأْيِهِ، وَلَا تَتَقَدَّرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فِي الْأَصَحِّ فَإِذَا مَضَتْ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِالْعِمَارَةِ بَطَلَ حَقُّهُ. (وَلَوْ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ مَوَاتًا صَارَ أَحَقَّ بِإِحْيَائِهِ) مِنْ غَيْرِهِ أَيْ مُسْتَحِقًّا لَهُ دُونَ غَيْرِهِ (كَالْمُتَحَجِّرِ) وَإِذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ بِلَا إحْيَاءٍ أَوْ أَحْيَاهُ غَيْرُهُ، فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ فِي الْمُتَحَجِّرِ. (وَلَا يَقْطَعُ إلَّا قَادِرًا عَلَى الْإِحْيَاءِ وَقَدْرًا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى إحْيَائِهِ؛ لِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ. (وَكَذَا الْمُتَحَجِّرُ) أَيْ لَا يَتَحَجَّرُ الْإِنْسَانُ إلَّا مَا يَقْدِرُ عَلَى عِمَارَتِهِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي فَلِغَيْرِهِ أَنْ يُحْيِيَ الزَّائِدَ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَصِحُّ تَحَجُّرُهُ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي أَقْوَى. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحْيِيَ بُقْعَةَ مَوَاتٍ لِرَعْيِ نَعَمِ جِزْيَةٍ وَصَدَقَةٍ وَ) نَعَمٍ (ضَالَّةٍ وَ) نَعَمِ إنْسَانٍ (ضَعِيفٍ عَنْ النُّجْعَةِ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ الْأَبْعَادِ فِي الذَّهَابِ لِطَلَبِ الرَّعْيِ لَأَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ رَعْيِهَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِهِمْ، «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَى النَّقِيعَ بِالنُّونِ لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ» ، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِحَدِيثِ «لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ نَقْضَ حِمَاهُ لِلْحَاجَةِ) إلَيْهِ أَيْ عِنْدَهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، بِأَنْ ظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ بَعْدَ ظُهُورِهَا. فِي الْحِمَى وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَمَا لَوْ عَيَّنَ بُقْعَةً لِمَسْجِدٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ، (وَلَا يَحْمِي لِنَفْسِهِ) وَلَا حِمَى لِغَيْرِهِ أَصْلًا.   [حاشية قليوبي] بِالْمَعْرُوفِ. قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ إلَخْ) ذَكَرَهَا؛ لِأَنَّهَا الْمُرَادَةُ مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ اسْتَمْهَلَ) يُفِيدُ أَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ قَبْلَ الِاسْتِمْهَالِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَتَقَدَّرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) ؛ لِأَنَّهَا مَوْكُولَةٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الِاعْتِذَارِ) اقْتَضَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْتَذِرْ بَطَلَ حَقُّهُ وَكَذَا لَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ مِنْهُ الْإِعْرَاضَ فَيَنْزِعُهُ مِنْهُ حَالًا وَلَا يُمْهِلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى حَاجَتِهِ أَوْ عَلَى قُدْرَتِهِ وَيُرَاجَعُ وُجُوبًا. كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِيمَا يُرِيدُهُ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ حَقُّهُ) أَيْ فَلَيْسَ مُتَحَجِّرًا فَلَا يَأْثَمُ غَيْرُهُ بِإِحْيَائِهِ وَكَذَا مَا ذُكِرَ آنِفًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ) أَيْ إرْفَاقًا. قَوْلُهُ: (مُسْتَحِقًّا) فَلَيْسَ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ فِي الْمُتَحَجِّرِ) أَيْ فَإِذَا أَحْيَاهُ غَيْرُهُ مَلَكَهُ، وَإِنْ كَانَ آثِمًا وَهَذَا فِي غَيْرِ إقْطَاعِ التَّمَلُّكِ، وَإِلَّا فَيَمْلِكُهُ بِالْإِقْطَاعِ بِشَرْطِهِ الْآتِي، وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ الْأَمْوَالُ الَّتِي جُهِلَتْ أَرْبَابُهَا إرْفَاقًا تَمَلُّكًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَادِرًا) أَيْ مُسْلِمًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَقَدْرًا إلَخْ) فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ إقْطَاعُهُ إرْفَاقًا أَوْ تَمَلُّكًا وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ ذَلِكَ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ بُطْلَانُهُ فِي الْجَمِيعِ، وَلَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْقَدْرِ، فَيَبْقَى الْكُلُّ عَلَى أَصْلِهِ مَوَاتًا لَكِنْ مُقْتَضَى مَا بَعْدَهُ فِي الْمُتَحَجِّرِ أَنَّهُ يَخْتَصُّ الْبُطْلَانُ بِالزَّائِدِ فَقَطْ، وَحِينَئِذٍ يُنْظَرُ فِي تَعْيِينِ مَحَلِّهِ مِنْ أَيِّ الْجِهَاتِ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يَتَحَجَّرُ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى إحْيَاءِ الزَّائِدِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الثَّانِي أَوْلَى مِنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّحَجُّرِ فِيهِ عِنْدَهُ، فَإِنْ كَانَ الِاعْتِمَادُ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ التَّحَجُّرِ وَعَدَمُهُ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَلَامُهُمَا مُشْعِرًا بِهِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَلِغَيْرِهِ إلَخْ) مَحَلُّهُ فِي إقْطَاعِ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ إرْفَاقًا كَمَا مَرَّ. تَنْبِيهٌ: مَا فِي الْمَوَاتِ مِنْ نَحْوَ غَرْسٍ وَحَشِيشٍ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْبُقْعَةِ تَبَعًا لَهَا، لَا بِإِحْيَاءِ ذَلِكَ الشَّجَرِ مَثَلًا. فَرْعٌ: عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْطَاعُ عَامِرٍ وَلَوْ إرْفَاقًا. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَسَكَتُوا عَنْ الْإِقْطَاعَاتِ الْوَاقِعَةِ لِلْجُنْدِ فِي الْأَرَاضِي الْعَامِرَةِ لِاسْتِقْلَالِهَا، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهَا وَلَهُ إيجَارُهَا مَا لَمْ يَزْرَعْهَا الْإِمَامُ، وَمَا يَأْخُذُهُ الْجُنْدِيُّ مِنْهَا حَلَالٌ بِطَرِيقِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ) وَفِي نُسْخَةٍ الْأَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (أَنَّ لِلْإِمَامِ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ وَكَذَا لِوُلَاةِ النَّوَاحِي. قَوْلُهُ: (أَنْ يَحْمِيَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ يَمْنَعُ وَبِضَمِّهِ يُجْعَلُ حِمًى. قَوْلُهُ: (نَعَمٍ) أَيْ مَوَاشٍ وَخَرَجَ بِالرَّعْيِ الشُّرْبُ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْمِيَ الْمَاءَ الْعِدَّ لِشُرْبِ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ الَّذِي لَا تَنْقَطِعُ مَادَّتُهُ بِكَوْنِهِ نَابِعًا مِنْ بِئْرٍ أَوْ عَيْنٍ. قَوْلُهُ: (النَّقِيعَ) بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ وَغَلِطَ مَنْ جَعَلَهُ بِالْمُوَحَّدَةِ، وَبِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَآخِرُهُ عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَقَعُ الْمَاءِ، وَهُوَ أَشْرَفُ الْأَحْمَاءِ وَأَفْضَلُهَا. حَمَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجُنْدِ الْمُسْلِمِينَ وَحَمَاهُ صَاحِبَاهُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ طَيِّبُ التُّرْبَةِ يَغِيبُ الرَّاكِبُ فِي كَلَئِهِ، وَهُوَ بِصَدْرِ وَادِي الْعَقِيقِ يَمَانِيَّ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ عِشْرِينَ فَرْسَخًا وَقِيلَ عِشْرِينَ مِيلًا وَطُولُهُ يَزِيدُ وَعَرْضُهُ مِيلٌ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَحَلٍّ مِنْهُ، وَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُنَادِيَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ فَفَعَلَ فَكَانَ مَدَى صَوْتِهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي وُقُوفُ جَمَاعَةٍ بِأَطْرَافِهِ يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ، وَيَقْتَضِي تَسَاوِي طُولِهِ وَعَرْضِهِ أَوْ اسْتِدَارَتُهُ، فَتَأَمَّلْ وَقَدْ جَعَلُوا مَوْضِعَ صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ مَسْجِدًا. قَوْلُهُ: «لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَحْمِي لِنَفْسِهِ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ وَلَوْ وَقَعَ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ مَصْلَحَتُهُمْ، أَوْ بِأَنَّ الْمَعْنَى لَا حِمَى إلَّا حِمًى مِثْلُ حِمَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ كَوْنِهِ لَا عِوَضَ فِيهِ وَلَا   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: لَوْ وَهَبَهُ حَقَّ التَّحَجُّرِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَجُوزُ، وَقَالَ الدَّارِمِيُّ يَجُوزُ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَوْ أَقْطَعَهُ إلَخْ) قَدْ أَقْطَعَ النَّبِيُّ الزُّبَيْرَ، وَأَقْطَعَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٌ أَرْضًا بِحَضْرَمَوْتَ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَحْيَاهُ غَيْرُهُ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا أَقْطَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَرْعٌ: إقْطَاعُ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ الْعَامِرَةِ جَائِزٌ كَمَا سَلَفَ فِي الْإِجَارَةِ، وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُقْطِعُ وَلَهُ الْإِيجَارُ عَلَى مَا سَلَفَ، لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ هُنَا، وَقَوْلُهُمْ: لَا يَجُوزُ الْإِقْطَاعُ إلَّا فِي الْمَوَاتِ مَانِعٌ مِنْهُ، وَيَحْتَاجُ هَذَا إلَى دَلِيلٍ. ثُمَّ سَاقَ مَا يَقْتَضِي مِنْ إفْتَاءِ النَّوَوِيِّ بِأَنَّ لَهُ الْإِيجَارَ وَغَيْرَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَا يَصِحُّ تَحَجُّرُهُ) أَيْ بِالْكُلِّيَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِرَعْيِ نَعَمِ جِزْيَةٍ إلَخْ) وَخَيْلِ الْمُجَاهِدِينَ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يُضِرَّ بِهِمْ) لَكِنْ يُغْتَفَرُ مَا لَوْ أَحْوَجَهُمْ إلَى الْإِبْعَادِ قَلِيلًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِحَدِيثِ إلَخْ) وَالْأَوَّلُ يَحْمِلُهُ عَلَى مَعْنَى الْأَعْلَى مِثْلَ مَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقُولُ: أَوْ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَصَالِحِ لَا لِنَفْسِهِ، أَيْ إلَّا لِجِهَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِأَنْ يُرِيدَ مَصَالِحَ الْمُسْلِمِينَ لَا مَصَالِحَ نَفْسِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 فَصْلٌ: مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ الْأَصْلِيَّةِ (الْمُرُورُ) فِيهِ (وَيَجُوزُ الْجُلُوسُ بِهِ لِاسْتِرَاحَةٍ وَمُعَامَلَةٍ وَنَحْوِهِمَا إذَا لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى الْمَارَّةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الْإِمَامِ) فِي ذَلِكَ لِاتِّفَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ عَلَى تَلَاحُقِ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ. (وَلَهُ تَظْلِيلُ مَقْعَدِهِ) فِيهِ (بِبَارِيَّةٍ) بِتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ (وَغَيْرِهَا) مِمَّا لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ وَهُوَ مَنْسُوجُ قَصَبٍ كَالْحَصِيرِ (وَلَوْ سَبَقَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى مَقْعَدٍ (اثْنَانِ) وَتَنَازَعَا فِيهِ (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمَا (وَقِيلَ يُقَدِّمُ الْإِمَامُ) أَحَدُهُمَا (بِرَأْيِهِ وَلَوْ جَلَسَ بِمَوْضِعٍ لِلْعَامَّةِ، ثُمَّ فَارَقَهُ تَارِكًا لِلْحِرْفَةِ، أَوْ مُنْتَقِلًا إلَى غَيْرِهِ بَطَلَ حَقُّهُ) مِنْهُ (وَإِنْ فَارَقَهُ لِيَعُودَ لَمْ يَبْطُلْ) حَقُّهُ (إلَّا أَنْ تَطُولَ مُفَارَقَتُهُ بِحَيْثُ يَنْقَطِعُ مُعَامِلُوهُ عَنْهُ وَيَأْلَفُونَ غَيْرَهُ) فَيَبْطُلُ حَقُّهُ وَسَوَاءً فَارَقَ بِعُذْرِ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَمْ بِلَا عُذْرٍ وَلَوْ جَلَسَ لِاسْتِرَاحَةٍ، وَنَحْوِهَا بَطَلَ حَقُّهُ بِمُفَارَقَتِهِ. (وَمَنْ   [حاشية قليوبي] غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ أَخْذُ الْعِوَضِ مِمَّنْ يَرْعَى فِيهِ، كَالْمَوَاتِ وَلَا يَرْعَى مَوَاشِيَ نَفْسِهِ فِيهِ، وَيَمْنَعُ الْأَقْوِيَاءَ مِنْ الرَّعْيِ أَيْضًا لَكِنْ لَوْ وَقَعَ مِنْهُمْ رَعْيٌ فِيهِ لَمْ يُغَرِّمُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُعَزِّرُهُمْ وَإِنْ عَلِمُوا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (نَقْضَ حِمَاهُ) وَكَذَا حِمَى غَيْرِهِ وَلَوْ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ إلَّا حِمَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ نَصٌّ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاجْتِهَادِ، وَلَوْ غَرَسَ فِيهِ أَوْ بَنَى قُلِعَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيَكْفُرُ مَنْ يَنْقُضُهُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ عَيَّنَ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ نَحْوَ الْمَسْجِدِ انْفَكَّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّينَ. قَوْلُهُ: (وَلَا حِمَى لِغَيْرِهِ أَصْلًا) أَيْ إلَّا لِوُلَاةِ النَّوَاحِي. كَمَا مَرَّ. تَنْبِيهٌ: الْحِمَى مَقْصُورٌ يَجُوزُ مَدُّهُ وَجَمْعُهُ أَحْمَاءُ فِيهِمَا اهـ. فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ قَوْلُهُ: (مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ) وَمِثْلُهُ حَرِيمُ الدُّورِ وَأَفْنِيَتُهَا وَأَعْتَابُهَا، فَيَجُوزُ الْمُرُورُ مِنْهَا، وَالْجُلُوسُ فِيهَا وَعَلَيْهَا، وَلَوْ لِنَحْوِ بَيْعٍ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ. كَمَا مَرَّ وَإِنْ قُلْنَا بِالْمُعْتَمَدِ إنَّ الْحَرِيمَ مَمْلُوكٌ. قَوْلُهُ: (الْأَصْلِيَّةُ) احْتِرَازًا عَنْ نَحْوِ الْجُلُوسِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ الْجُلُوسُ إلَخْ) سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ إلَّا فِي التَّظْلِيلِ عِنْدَ شَيْخِنَا زي فَيُمْنَعُ مِنْهُ الْكَافِرُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: كَابْنِ الرِّفْعَةِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْوُلَاةِ أَوْ غَيْرِهِمْ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا أَدْرِي بِأَيِّ وَجْهٍ يَلْقَى اللَّهَ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ. وَيُقَالُ بِمِثْلِهِ فِي الْحَرِيمِ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ وَمِنْهُ حَرِيمُ الْمَسْجِدِ لَا رَحْبَتُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ إزْعَاجُ جَالِسٍ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَهُوَ أَحَقُّ بِمَجْلِسِهِ مُدَّةَ دَوَامِهِ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ إزْعَاجُهُ مَعَ الضَّرَرِ وَلَيْسَ لِجَالِسٍ مَنْعُ مَنْ يَبِيعُ مِثْلَ بِضَاعَتِهِ مَثَلًا، وَلَوْ بِجَانِبِهِ وَلَهُ مَنْعُ مَنْ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ، وَلَوْ لِكَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ أَخْذِهِ أَوْ إعْطَائِهِ أَوْ مَنْعِ رُؤْيَةٍ يُرِيدُ مُعَامَلَتَهُ أَوْ مَنْعِ وُصُولِهِ إلَيْهِ، وَيَخْتَصُّ كُلٌّ بِقَدْرِ مَكَانِهِ وَمَقَرِّ أَمْتِعَتِهِ وَوُقُوفِ مَنْ يُعَامِلُهُ. كَمَا مَرَّ وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ إقْطَاعُ بَعْضِ الشَّارِعِ لِمَنْ يَرْتَفِقُ بِهِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُمْنَعُ الْكَافِرُ أَيْضًا مِنْ اغْتِسَالِهِ فِي الْمَغَاطِسِ الْمَشْهُورَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ خَارِجَةً عَنْ الْمَسْجِدِ إلَّا بِإِذْنِ مُكَلَّفٍ، وَكَذَا مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِهِ فِي سِقَايَةِ مَسْجِدِ الْمُسْلِمِينَ. فَرْعٌ: وَضْعُ السَّرِيرِ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ كَالْحَصِيرِ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْكِيبِ بِكَسْرِ الْكَافِ كَالتَّظْلِيلِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا قُدِّمَ بِلَا إقْرَاعٍ وَلَا يُنَحَّى الذِّمِّيُّ إذَا سَبَقَ لِأَجْلِ الْمُسْلِمِ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ حَقُّهُ) وَإِنْ كَانَ قَدْ أَقْطَعَهُ لَهُ الْإِمَامُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِيَعُودَ) أَوْ بِلَا قَصْدٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ) وَمِنْهُ الْأَسْوَاقُ الْمَعْرُوفَةُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي بِنَاءٍ أَوْ لَا وَمِنْهُ مَحَلُّ الْأَجْرَانِ الْمَعْهُودَةِ فِي الْقُرَى. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ يَنْقَطِعُ إلَخْ) الْمُرَادُ مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ أَوْ انْقِطَاعُهُمْ بِالْفِعْلِ. وَلَوْ فِي الِابْتِدَاءِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ تَعَوَّدَ الْجُلُوسَ فِيهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى أَمَّا فِي الِابْتِدَاءِ فَيُعْتَبَرُ قَصْدُهُ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) وَمِنْهُ مَنْ يَقْعُدُ كُلَّ يَوْمٍ مَثَلًا فِي سُوقٍ أَوْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ السُّوقِ. تَنْبِيهٌ: مَنْ فَارَقَ وَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ الْجُلُوسُ فِي مَوْضِعِهِ، وَالْبَيْعُ وَنَحْوُهُ مُدَّةَ غِيَابِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَسْجِدِ) أَوْ الْمَدْرَسَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُقْرِئُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْقِرَاءَاتِ، وَلَوْ بِنَحْوِ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ، أَوْ بِحِفْظِ الْأَلْوَاحِ، وَمِثْلُهُ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ، كَمَا يَأْتِي وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَنْ يَقْرَأُ مَا يَحْفَظُهُ، أَوْ لِحِفْظِ مَا فِي لَوْحِهِ مَثَلًا، أَوْ لِقِرَاءَةٍ فِي مُصْحَفِ وَقْفٍ أَوْ كِتَابَةِ سُنَّةٍ أَوْ قِرَاءَةِ نَحْوِ سَبْعٍ فَيَنْقَطِعُ حَقُّهُ بِمُفَارَقَتِهِ إلَّا لِنَحْوِ وُضُوءٍ أَوْ إجَابَةِ دَاعٍ وَمِثْلُهُ مَنْ جَلَسَ لِذِكْرٍ نَحْوُ وِرْدٍ، أَوْ صَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ] ِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِاسْتِرَاحَةٍ وَمُعَامَلَةٍ إلَخْ) وَلَوْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ، وَخِيفَ دَعْوَى الْمَالِكِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَغَيْرِهَا) الْأَحْسَنُ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّ شَرْطَ الْجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يُنْقَلُ مَعَهُ، وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ كَبِنَاءِ الدِّكَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُقَدِّمُ الْإِمَامُ) أَيْ كَمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (أَحَدَهُمَا) لَا يُقَالُ هَذَا وَجْهُهُ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ الْإِقْطَاعَ فِي الشَّوَارِعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: سَبْقُهُمَا مَنَعَ تَصَرُّفَ الْإِمَامِ بِالْإِقْطَاعِ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 أَلِفِ مِنْ الْمَسْجِدِ مَوْضِعًا يُفْتِي فِيهِ وَيُقْرِئُ) الْقُرْآنَ أَوْ الْحَدِيثَ أَوْ الْفِقْهَ وَنَحْوَهَا. (كَالْجَالِسِ فِي شَارِعٍ لِمُعَامَلَةٍ) فَفِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ. (وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ لِصَلَاةٍ لَمْ يَصِرْ أَحَقَّ بِهِ فِي غَيْرِهَا) أَيْ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى (فَلَوْ فَارَقَهُ) قَبْلَهَا (لِحَاجَةٍ لِيَعُودَ) كَتَجْدِيدِ وُضُوءٍ وَإِجَابَةِ دَاعٍ (لَمْ يَبْطُلْ اخْتِصَاصُهُ) بِهِ (فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ إزَارَهُ) فِيهِ وَالثَّانِي يَبْطُلُ لِمُفَارَقَتِهِ كَمَا فِي صَلَاةٍ أُخْرَى. (وَلَوْ سَبَقَ رَجُلٌ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ رِبَاطٍ مُسْبَلٍ، أَوْ فَقِيهٍ إلَى مَدْرَسَةٍ أَوْ صُوفِيٍّ إلَى خَانْقَاهْ لَمْ يُزْعَجْ) مِنْهُ (وَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ) مِنْهُ (بِخُرُوجِهِ لِشِرَاءِ حَاجَةٍ وَنَحْوِهِ) وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَتَاعَهُ فِيهِ، رَوَى مُسْلِمٌ حَدِيثَ «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» . فَصْلٌ: الْمَعْدِنُ الظَّاهِرُ وَهُوَ مَا خَرَجَ بِلَا عِلَاجٍ وَإِنَّمَا الْعِلَاجُ فِي تَفْصِيلِهِ. (كَنِفْطٍ) بِكَسْرِ النُّونِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا   [حاشية قليوبي] وَلَوْ فِي نَحْوِ مُحْيَاةٍ، وَلَوْ فِي نَحْوِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مَعَ جَمَاعَةٍ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) كَجُلُوسٍ بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُفِيدَ أَوْ يَسْتَفِيدَ وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْجَالِسِ إلَخْ) مِنْهُ التَّظْلِيلُ بِنَحْوِ بَارِيَةٍ فَرَاجِعْهُ، وَمِنْهُ عَدَمُ الْحَاجَةِ لِإِذْنِ الْإِمَامِ لَهُ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ. قَوْلُهُ: (لِصَلَاةٍ) وَمِثْلُهَا اعْتِكَافٌ إنْ قُدِّرَ بِمُدَّةٍ وَشَمِلَ جُلُوسُ الصَّلَاةِ مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِذَلِكَ الْمَحَلِّ كَعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِخْلَافِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَا لَوْ جَلَسَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ عُدَّ مُنْتَظِرًا لَهَا عُرْفًا لَا نَحْوَ بَعْدَ صُبْحٍ لِانْتِظَارِ ظُهْرٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا إنْ اسْتَمَرَّ جَالِسًا. قَوْلُهُ: (لِيَعُودَ) أَوْ بِلَا قَصْدٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَبْطُلْ اخْتِصَاصُهُ) فَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ الْجُلُوسُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ عِلْمِ رِضَاهُ نَعَمْ لَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، وَاتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ فَلِغَيْرِهِ سَدُّ مَكَانِهِ، وَإِنْ عَلِمَ حُضُورَهُ فِيهَا لَا؛ لِأَنَّهُ يَجُبُّ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ نَحْوُ سَجَّادَةٍ دَفَعَهَا بِنَحْوِ رِجْلِهِ، أَوْ عُودٍ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي ضَمَانِهِ وَمِثْلُهُ فَرْشُهَا فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، أَوْ فِي مَكَّةَ خَلْفَ الْمَقَامِ، أَوْ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ وَيَحْرُمُ فَرْشُهَا فِي ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ أَوْ الْمَنْعِ مِنْ الصَّلَاةِ، بَلْ يُمْنَعُ الْجَالِسُ خَلْفَ الْمَقَامِ مِنْ الْجُلُوسِ فِيهِ، لِمَا ذُكِرَ وَفَارَقَ مَا هُنَا بَقَاءَ الْحَقِّ لِمَنْ فَارَقَ فِي نَحْوِ الْمَقَاعِدِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ غَرَضَ الْمُعَامَلَةِ يَخْتَلِفُ فِيهِ بِخِلَافِ بَقَاءِ الْمَسْجِدِ، وَاعْتِبَارُ فَضِيلَةِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَنُوطَةٌ بِوُقُوفِ الْإِمَامِ لَا بِالْبُقْعَةِ. فَرْعٌ يُنْدَبُ مَنْعُ مَنْ جَلَسَ فِيهِ لِحِرْفَةٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ بَلْ يَجِبُ إنْ كَانَ فِيهَا ازْدِرَاءٌ بِهِ وَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ فِعْلُهَا فِيهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِيهَا تَضْيِيقٌ عَلَى أَهْلِهِ، وَلَوْ بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَيْهِ كَالْكَاتِبِ بِالْأُجْرَةِ وَيُنْدَبُ مَنْعُ مَنْ يَتَطَرَّقُ حِلَقَ الْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ تَوْقِيرًا لَهُمْ. قَوْلُهُ: (إلَى مَوْضِعٍ) أَيْ وَفِي الدَّاخِلِ شَرْطُ مَنْ يَدْخُلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَاظِرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ) أَيْ إنْ لَمْ تَطُلْ غِيبَتُهُ عُرْفًا أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ لَهَا، وَطَالَتْ غَيْبَتُهُ بَطَلَ حَقُّهُ. تَنْبِيهٌ: شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا إنْ خَالَفَ شَرْطَ وَاقِفٍ أَوْ عُرْفًا أَوْ مُدَّةَ السَّفَرِ فِي مَحَلِّ مُسَافِرٍ، أَوْ تَرَكَ طَلَبَ الْعِلْمِ فِيمَا لِلْمُتَعَلِّمِ فَيُزْعَجُ مُدَرِّسٌ تَرَكَ التَّدْرِيسَ فِي الْمَسَاجِدِ مَثَلًا، وَمُتَعَلِّمٌ تَرَكَ التَّعَلُّمَ وَصُوفِيٌّ تَرَكَ مُهَيَّأً لِلتَّعَبُّدِ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ بَطَالَةِ الْمُدَرِّسِينَ فِي الْمَدَارِسِ فَيُمْنَعُ اسْتِحْقَاقُ مَعْلُومِهَا عَلَى شَيْخٍ لَمْ يُدَرِّسْ، وَمُتَعَلِّمٍ لَمْ يَحْضُرْ إذَا حَضَرَ وَجَدَّ الْمُدَرِّسُ؛ لِأَنَّ زَمَنَ بَطَالَتِهِمْ غَيْرُ مُعْتَادٍ فِيمَا سَبَقَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ أَخْذُ الْمَعْلُومِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ حَيْثُ لَمْ يُرَاعُوا مَا كَانَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِمْ فِي الْمُتَعَلِّمِ إذَا حَضَرَ الْمُدَرِّسُ مَا إذَا لَمْ يَحْضُرْ الْمُدَرِّسُ فَلَا يَسْقُطُ مَعْلُومُ الْمُتَعَلِّمِ. فُرُوعٌ: لِبُيُوتِ الرِّبَاطَاتِ وَالْمَدَارِسِ وَنَحْوِهَا حُكْمُ مَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ فِيمَا مَرَّ، وَلَا يُبَاحُ سُكْنَاهَا إلَّا لِفَقِيهٍ مُطْلَقًا، أَوْ لِمَنْ فِيهِ شَرْطُ وَاقِفِهَا، وَلِكُلِّ أَحَدٍ دُخُولُ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا كَمَنْ فِيهِ لِنَحْوِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَوْمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِمَّا لَمْ يُضَيَّقْ وَلَمْ يُقَدَّرْ وَلَمْ يُطْلَبْ تَرْكُهَا فِيهَا كَمَا مَرَّ. فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْأَعْيَانِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ قَوْلُهُ: (الْمَعْدِنُ) مِنْ الْعَدْنِ وَهُوَ الْإِقَامَةُ وَمِنْهُ جَنَّاتُ عَدْنٍ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْمَكَانِ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى مَا يُسْتَخْرَجُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ جَلَسَ فِيهِ بِصَلَاةٍ) خَرَجَ مَا لَوْ أَرْسَلَ سَجَّادَتَهُ فَفُرِشَتْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِشِرَاءِ حَاجَةٍ) مِنْهُ تَعْلَمُ اشْتِرَاطَ الْعُذْرِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: الْمَدَارِسُ الَّتِي بُنِيَتْ فِي زَمَنٍ اُعْتِيدَ فِيهِ بَطَالَةُ أَشْهُرٍ يُسْتَحَقُّ الْمَعْلُومُ فِي زَمَنِ الْبَطَالَةِ الْمَذْكُورَةِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَدَارِسِ الْمَذْكُورَةِ. فَرْعٌ: سُكْنَى غَيْرِ الْمُتَفَقِّهَةِ فِي بُيُوتِ الْمَدَارِسِ إنْ كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ اُتُّبِعَ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ مَنْعُهُ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ [فَصْلٌ الْمَعْدِنُ تَمْلِيكُهُ بِالْإِحْيَاءِ] فَصْلٌ: الْمَعْدِنُ الظَّاهِرُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَنَفْطٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ دُهْنٌ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ فِي الْعَيْنِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 (وَكِبْرِيتٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ (وَقَارٍ) وَهُوَ الزِّفْتُ (وَمُومْيَا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ يُمَدُّ، وَيُقْصَرُ وَهُوَ شَيْءٌ يُلْقِيه الْبَحْرُ إلَى السَّاحِلِ، فَيَجْمُدُ وَيَصِيرُ كَالْقَارِ لَا الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ عِظَامِ الْمَوْتَى فَإِنَّهَا نَجِسَةٌ. (وَبِرَامٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ حَجَرٌ يُعْمَلُ مِنْهُ الْقُدُورُ. (وَأَحْجَارُ رَحًى لَا يُمْلَكُ بِإِحْيَاءٍ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ اخْتِصَاصٌ بِتَحَجُّرٍ وَلَا إقْطَاعٍ) بِالرَّفْعِ أَيْ مِنْ السُّلْطَانِ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ، كَالْمَاءِ الْجَارِي وَالْكَلَأِ وَالْحَطَبِ وَلَوْ بَنَى عَلَيْهِ دَارًا لَمْ يَمْلِكْ الْبُقْعَةَ وَقِيلَ يَمْلِكُهَا بِهِ (فَإِنْ ضَاقَ نِيلُهُ) أَيْ الْحَاصِلُ مِنْهُ عَنْ اثْنَيْنِ مَثَلًا جَاءَا إلَيْهِ (قُدِّمَ السَّابِقُ) إلَيْهِ (بِقَدْرِ حَاجَتِهِ) قَالَ الْإِمَامُ يَأْخُذُ مَا تَقْتَضِيه الْعَادَةُ لِأَمْثَالِهِ، (فَإِنْ طَلَبَ زِيَادَةً فَالْأَصَحُّ إزْعَاجُهُ) ؛ لِأَنَّ عُكُوفَهُ عَلَيْهِ كَالتَّحَجُّرِ، وَالثَّانِي يَأْخُذُ مَا شَاءَ لِسَبْقِهِ. (فَلَوْ جَاءَا) إلَيْهِ. (مَعًا أَقْرَعَ) بَيْنَهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُقَدِّمُ الْإِمَامُ مَنْ يَرَاهُ أَحْوَجَ، وَالثَّالِثُ يُنَصِّبُ مَنْ يَقْسِمُ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمَا. (وَالْمَعْدِنُ الْبَاطِنُ، وَهُوَ مَا لَا يَخْرُجُ إلَّا بِعِلَاجٍ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ، لَا يُمْلَكُ بِالْحَفْرِ الْعَمَلَ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يُمْلَكُ بِذَلِكَ كَالْمَوَاتِ إذَا أَحْيَا وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ، بِأَنَّ الْمُحْيِيَ يَسْتَغْنِي عَنْ الْعَمَلِ، وَالنِّيلُ مَبْثُوثٌ فِي طَبَقَاتِ الْأَرْضِ يُحْوِجُ كُلَّ يَوْمٍ إلَى حَفْرٍ وَعَمَلٍ وَعَلَى الْمِلْكِ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ التَّمَلُّكِ، وَخُرُوجِ النِّيلِ، وَهُوَ قَبْلَ خُرُوجِهِ كَالْمُتَحَجِّرِ، وَعَلَى عَدَمِ الْمِلْكِ، هُوَ أَحَقُّ بِهِ لَكِنْ، إذَا طَالَ مَقَامُهُ، فَفِي إزْعَاجِهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الظَّاهِرِ، وَلَوْ ازْدَحَمَ عَلَيْهِ اثْنَانِ فَعَلَى الْأَوْجُهِ السَّابِقَةِ، وَلِلسُّلْطَانِ إقْطَاعُهُ عَلَى الْمِلْكِ وَكَذَا عَلَى عَدَمِهِ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَا يُقْطِعُ الْأَقْدَارَ يَتَأَتَّى لِلْمُقْطَعِ الْعَمَلُ عَلَيْهِ، وَالْأَخْذُ مِنْهُ وَيَجُوزُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْعَمَلُ فِيهِ، وَالْأَخْذُ مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْمَوَاتِ. (وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَظَهَرَ فِيهِ مَعْدِنٌ بَاطِنٌ) لَمْ يَعْلَمْ بِهِ (مَلَكَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَقُدِّمَ لِمِلْكِهَا بِالْإِحْيَاءِ، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَاِتَّخَذَ عَلَيْهِ دَارًا، فَفِي مِلْكِهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْمِلْكِ، وَأَمَّا الْبُقْعَةُ الْمُحْيَاةُ فَلَا تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ، وَقِيلَ تُمْلَكُ بِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْدِنَ الظَّاهِرَ لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ، وَفِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا فَظَهَرَ فِيهَا بَعْدَ الْإِحْيَاءِ مَعْدِنٌ، بَاطِنٌ أَوْ ظَاهِرٌ مَلَكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ إلَّا بِالْإِحْيَاءِ. (وَالْمِيَاهُ الْمُبَاحَةُ مِنْ الْأَوْدِيَةِ يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهَا) كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ (وَالْعُيُونِ فِي الْجِبَالِ) وَسُيُولِ الْأَمْطَارِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَهُوَ شَيْءٌ يُلْقِيه إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْعَنْبَرَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَنْبُتُ فِي قَاعِ الْبَحْرِ ثُمَّ يَقْذِفُهُ الْمَاءُ بِتَمَوُّجِهِ إلَى الْبَرِّ. قَوْلُهُ: (وَبِرَامٍ) جَمْعُ بُرْمَةٍ بِالضَّمِّ. قَوْلُهُ: (لَا يُمْلَكُ إلَخْ) وَلَا بُقْعَتُهُ إنْ عَلِمَهُ، فَإِنْ جَهِلَهُ مَلَكَهُ وَبُقْعَتَهُ وَكَذَا الْبَاطِنُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَلَا إقْطَاعٍ) وَلَوْ لِلْإِرْفَاقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) عَطْفًا عَلَى اخْتِصَاصٍ لِإِفَادَةِ نَفْيِ الْإِقْطَاعِ لَا بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى تَحَجُّرٍ لِاقْتِضَائِهِ نَفْيَ الِاخْتِصَاصِ بِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (بَيْنَ النَّاسِ) أَيْ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ. قَوْلُهُ: (كَالْمَاءِ) وَكَذَا الْمِلْحُ الْمَائِيُّ وَالْجَبَلِيُّ. نَعَمْ لَوْ حَفَرَ بِجَانِبِ السَّاحِلِ وَسَاقَ الْمَاءَ إلَيْهِ فَانْعَقَدَ مِلْحًا جَازَ إحْيَاؤُهُ، وَإِقْطَاعُهُ، وَلَوْ تَمْلِيكًا وَكَذَا لَوْ احْتَاجَ الْجَلْيُ إلَى حَفْرٍ. فَرْعٌ: مِنْ الظَّاهِرِ سَمْكُ الْبِرَكِ وَصَيْدُ الْبَحْرِ وَالْبَرِّ وَجَوَاهِرُهُمَا، وَشَجَرُ الْأَيْكَةِ وَثِمَارُهَا، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا تَحَجُّرٌ وَلَا اخْتِصَاصٌ وَلَا قِطَاعٌ وَلَوْ إرْفَاقًا وَلَا أَخْذُ مَالٍ أَوْ عِوَضٍ مِمَّنْ يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِهَذَا فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. نَعَمْ يَمْلِكُهَا تَبَعًا لِلْبُقْعَةِ إذَا مَلَكَهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَمْلِكْ الْبُقْعَةَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ ضَاقَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ اتَّسَعَ فَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْ جَانِبٍ. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ حَاجَتِهِ) أَيْ مَا دَامَ عَاكِفًا فَإِنْ انْصَرَفَ فَغَيْرُهُ مِمَّنْ سَبَقَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) نَعَمْ إنْ بِغَيْرِهِ أُزْعِجَ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (مَعًا) يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا وَتَنَازَعَا فِي الِابْتِدَاءِ. قَوْلُهُ: (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) نَعَمْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا قُدِّمَ وَلَا إقْرَاعَ. قَوْلُهُ: (وَنُحَاسٍ) وَرَصَاصٍ وَفَيْرُوزِ وَعَقِيقٍ وَيَاقُوتٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْجَوَاهِرِ. قَوْلُهُ: (لَا يُمْلَكُ) أَيْ مَعَ الْعِلْمِ كَمَا مَرَّ. فَرْعٌ: لِقِطْعَةِ ذَهَبٍ مَثَلًا أَظْهَرَهَا السَّيْلُ مَثَلًا حُكْمُ الْمَعْدِنِ الظَّاهِرِ. قَوْلُهُ: (وَلِلسُّلْطَانِ إقْطَاعُهُ) أَيْ إقْطَاعَ إرْفَاقٍ لَا تَمْلِيكٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ تَحْجِيرٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْطِعُ إلَخْ) فَإِنْ زَادَ مُنِعَ مِنْهُ كَمَا مَرَّ فِي الْإِحْيَاءِ. قَوْلُهُ: (بَاطِنٌ) لَيْسَ قَيْدًا وَجَمِيعُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يُنَزَّلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ. قَوْلُهُ: (الْبُقْعَةُ) الْمُرَادُ بِهَا مَا حُوِّطَ عَلَيْهِ لَا مَحَلُّ الْمَعْدِنِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (كَالنِّيلِ) وَعِمَارَتُهُ وَإِصْلَاحُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَا سَائِرُ النُّزُعِ وَالْخُلْجَانِ وَسَوَاحِلِ مَا ذُكِرَ مِثْلُهَا، وَيَمْتَنِعُ الْبِنَاءُ وَغَيْرُهُ فِيهَا كَمَا مَرَّ. نَعَمْ يَجُوزُ بِنَاءُ نَحْوِ الرَّحَى فِيهَا، حِينَئِذٍ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْأَقْرَبِ وَكَذَا بِنَاءُ الْقَنَاطِرِ عَلَيْهَا. فَائِدَةٌ غَرِيبَةٌ: ذَكَرَ الْجَلَالُ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُرْصَدَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِحَفْرِ خُلْجَانِ إقْلِيمِ مِصْرَ وَتُرَعِهِ وَبُحُورِهِ وَتَسْوِيَةِ جُسُورِهِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكِبْرِيتٍ) هُوَ عَيْنٌ تَجْرِي وَتُضِيءُ فِي مَوْضِعِهِ، فَإِذَا فَارَقَهُ زَالَ ضَوْءُهُ. قَوْلُهُ: (كَالْمَاءِ الْجَارِي إلَخْ) بِجَامِعِ الظُّهُورِ، وَالنَّفْعِ الْعَامِّ، وَعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ، إلَى مُؤْنَةٍ فِي التَّحْصِيلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُدِّمَ السَّابِقُ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: مَا دَامَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، فَإِنْ قَامَ فَغَيْرُهُ مِمَّنْ سَبَقَ إلَيْهِ أَحَقُّ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (كَالتَّحَجُّرِ) أَيْ فَهُوَ كَتَحَجُّرِ الْمَاءِ الْعِدِّ، وَيُفَارِقُ مَقَاعِدَ الْأَسْوَاقِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى الْمَعَادِنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ مَا لَا يَخْرُجُ إلَخْ) لَوْ أَظْهَرَ السَّيْلُ مَعْدِنَ ذَهَبٍ مَثَلًا صَارَ مِنْ الظَّاهِرِ. قَوْلُهُ: (كَالْمَوَاتِ إذَا أُحْيِيَ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلَاجِ وَالْمُؤَنِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ) أَيْ بِخِلَافِ الرِّكَازِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَلَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ أَنَّ الْمُحْيِيَ يَمْلِكُ الرِّكَازَ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْمِلْكِ) رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْبُقْعَةُ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ: فَإِنْ عَلِمَ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ ظَاهِرُ مِلْكِهِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 (يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهَا) بِأَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا يَشَاءُ. (فَإِنْ أَرَادَ قَوْمٌ سَقْيَ أَرَاضِيهمْ) بِفَتْحِ الرَّاءِ بِلَا أَلْفٍ (مِنْهَا فَضَاقَ الْمَاءُ عَنْهُمْ وَبَعْضُهُمْ أَعْلَى سَقَى الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى وَحَبَسَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِذَلِكَ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ (فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ ارْتِفَاعٌ) مِنْ طَرَفٍ (وَانْخِفَاضٌ) مِنْ طَرَفٍ (أُفْرِدَ كُلُّ طَرَفٍ بِسَقْيٍ) بِمَا هُوَ طَرِيقُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ طَرِيقُهُ، أَنْ يَسْقِيَ الْمُنْخَفِضُ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يَسُدَّهُ ثُمَّ يَسْقِيَ الْمُرْتَفِعَ، وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ يَفِي بِالْجَمِيعِ سَقَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ مَتَى شَاءَ. (وَمَا أُخِذَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ فِي إنَاءٍ مُلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يُمْلَكُ لَكِنَّ آخِذَهُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَحَافِرُ بِئْرٍ بِمَوَاتٍ لِلِارْتِفَاقِ) دُونَ التَّمَلُّكِ (أَوْلَى بِمَائِهَا حَتَّى يَرْتَحِلَ) فَإِذَا ارْتَحَلَ صَارَ كَغَيْرِهِ، وَقَبْلَ ارْتِحَالِهِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ مَا فَضَلَ عَنْهُ عَنْ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، لِلشُّرْبِ إذَا اسْتَقَى بِدَلْوِ نَفْسِهِ وَلَا مَنْعُ مَوَاشِيه، وَلَهُ مَنْعُ غَيْرِهِ مِنْ سَقْيِ الزَّرْعِ بِهِ (وَالْمَحْفُورَةُ لِلتَّمَلُّكِ أَوْ فِي مِلْكٍ يَمْلِكُ) حَافِرُهَا (مَاءَهَا فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءٌ مَلَكَهُ كَالثَّمَرَةِ وَالثَّانِي لَا يَمْلِكُهُ لِحَدِيثِ «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ (وَسَوَاءً مَلَكَهُ أَمْ لَا لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ لِزَرْعٍ وَيَجِبُ لِمَاشِيَةٍ)   [حاشية قليوبي] أَلْفِ قِطَاعٍ بِالطَّوَارِئِ، وَالْأَعْلَاقُ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا لِخُصُوصِ الصَّعِيدِ، وَالْبَاقِي لِبَقِيَّةِ الْإِقْلِيمِ. قَوْلُهُ: (يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهَا) وَلَوْ كُفَّارًا فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا تَحَجُّرٌ وَلَا إقْطَاعٌ وَلَا إرْفَاقٌ فَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ فِعْلُهُ إجْمَاعًا نَعَمْ مَا وُجِدَ تَحْتَ يَدِ أَحَدٍ وَلَمْ يُعْلَمْ أَصْلُهُ يُحْكَمُ بِمِلْكِهِ لَهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا لَمْ يَكُنْ مَنْبَعُهُ مِنْ مَوَاتٍ أَوْ نَهْرٍ عَظِيمٍ. قَوْلُهُ: (مَا يَشَاءُ) أَيْ إنْ اتَّسَعَ وَكَفَى الْجَمِيعَ وَإِلَّا قُدِّمَ عَطْشَانُ. وَلَوْ مَسْبُوقًا عَلَى غَيْرِهِ وَآدَمِيٌّ مُحْتَرَمٌ عَلَى غَيْرِهِ. وَسَابِقٌ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا أُقْرِعَ لِحَاجَةِ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ لِحَاجَةِ دَوَابِّهِمْ، وَلَا تَدْخُلُ دَوَابُّهُمْ فِي قُرْعَتِهِمْ نَعَمْ قِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْمُسْلِمُ عَلَى الْكَافِرِ وَلَا إقْرَاعَ. قَوْلُهُ: (الْأَعْلَى) أَيْ الْأَقْرَبُ إلَى الْمَاءِ، فَالْأَقْرَبُ وَهَذَا إنْ عُلِمَ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ أَوْ جُهِلَ الْحَالُ، فَإِنْ عُلِمَ سَبْقُ الْأَبْعَدِ قُدِّمَ فَإِنْ اسْتَوَوْا قُرْبًا وَجُهِلَ الْأَسْبَقُ وَأَحْيَوْا مَعًا أَقُرِعَ وُجُوبًا وَلِلْأَبْعَدِ مَنْعُ، مَنْ يُرِيدُ إحْيَاءَ مَوَاتٍ أَقْرَبَ مِنْهُ خَشْيَةَ إثْبَاتِ حَقِّ سَبْقِهِ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَحَبَسَ كُلُّ وَاحِدٍ) وَإِنْ لَزِمَ هَلَاكُ زَرْعِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ) الْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُ عَادَةِ الزُّرُوعِ، وَالْأَرْضِ وَالْوَقْتِ وَلَوْ احْتَاجَ بَعْضُهُمْ لِسَقْيٍ ثَانِيًا مُكِّنَ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فِي إنَاءٍ) وَمِنْهُ كِيزَانُ نَحْوِ الدَّوَالِي وَمِثْلُهُ نَحْوُ الْأَحْوَاضِ وَالْمَصَائِدِ وَلَا يَحْرُمُ رَدُّهُ إلَى الْمَاءِ وَلَا يَصِيرُ شَرِيكًا بِهِ عِنْدَ جَمِيعِ الْأَصْحَابِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ أُدْخِلَ الْمَاءُ مِلْكَهُ مِنْ نَحْوَ سَيْلٍ، أَوْ نَهْرٍ فَلَا يَمْلِكُهُ لَكِنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَلِغَيْرِهِ السَّقْيُ مِنْهُ وَالْأَخْذُ مِنْهُ بِنَحْوِ دَلْوٍ، وَاسْتِعْمَالُهُ نَعَمْ إنْ سُدَّ عَلَيْهِ مَلَكَهُ، إنْ قَصَدَ تَمَلُّكَهُ وَإِنْ كَثُرَ. قَوْلُهُ: (لِلِارْتِفَاقِ) أَيْ ارْتِفَاقِ نَفْسِهِ سَوَاءٌ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ نَفْسَهُ فَهُوَ كَغَيْرِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (كَغَيْرِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْعَوْدَ وَلَمْ تَطُلْ غَيْبَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَحْفُورَةُ) أَيْ فِي الْمَوَاتِ لِلتَّمَلُّكِ أَوْ فِي مِلْكٍ أَيْ مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (يَمْلِكُ حَافِرُهَا مَاءَهَا) وَالنَّابِعَةُ فِي الثَّانِيَةِ كَالْمَحْفُورَةِ. قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ إلَخْ) وَحُمِلَ عَلَى غَيْرِ الْمَمْلُوكِ مِنْهَا وَقُدِّمَ الْقِيَاسُ قَبْلَهُ عَلَيْهِ لِاعْتِضَادِهِ بِحَدِيثِ «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ» ، إلَّا مَا كَانَ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ فَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّارِ مَا كَانَتْ فِي حَطَبٍ مُبَاحٍ، أَوْ الْمُرَادُ الِانْتِفَاعُ بِضَوْئِهَا أَوْ بِالْإِضَاءَةِ مِنْهَا إذْ لَيْسَ لِمَالِكِهَا الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ، نَعَمْ لَهُ إطْفَاؤُهَا، وَلَوْ بِقَصْدِ مَنْعِ غَيْرِهِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْمِيلُ إلَى حُرْمَةِ ذَلِكَ، وَفِيهِ بُعْدٌ أَمَّا أَخْذُ جُزْءٍ مِنْ جُرْمِهَا فَمَمْنُوعٌ بِغَيْرِ رِضًا؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ أَوْ مُخْتَصٌّ بِصَاحِبِهَا. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ مَلَكَهُ أَمْ لَا) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَمُقَابِلِهِ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِمَسْأَلَةِ الِارْتِفَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ التَّكْرَارُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لِتَقْيِيدِهِ الْأَوَّلَ بِالشُّرْبِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَذْلُ مَا فَضَلَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ طَمُّ الْبِئْرِ بَعْدَ حَفْرِهَا فِي الْمَوَاتِ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ آلَاتِ الِاسْتِقَاءِ كَدَلْوٍ وَرَشًا وَلَا بَذْلُ الْكَلَأِ مُطْلَقًا وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إذَا اسْتَقَى بِدَلْوِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (عَنْ حَاجَتِهِ) أَيْ النَّاجِزَةِ فِيمَا يُخْلِفُ، وَإِلَّا فَمُطْلَقًا وَشَمِلَ حَاجَتَهُ لِنَفْسِهِ وَمَوَاشِيه وَزَرْعِهِ، فَزَرْعُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى نَفْسِ غَيْرِهِ،   [حاشية عميرة] الْفَتْوَى عَلَى هَذَا، وَسَوَاءٌ كَانَ جَارِيًا أَوْ جَامِدًا. قَوْلُهُ: (يَسْتَوِي النَّاسُ فِيهَا) أَيْ فَلَا تُمْلَكُ بِإِقْطَاعٍ وَلَا يَثْبُتُ فِيهَا تَحَجُّرٌ، وَكَذَا حُكْمُ حَافَّتَيْ النَّهْرِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا إقْطَاعُهُ، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِالْبِنَاءِ عَلَى حَافَّتَيْ النَّهْرِ، كَمَا عَمَّتْ بِالْبِنَاءِ فِي الْقَرَافَةِ مُسْبَلَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: «يَا زُبَيْرُ اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَدْرَ، ثُمَّ أَرْسِلْ إلَى جَارِك» . قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِذَا بَلَغَ الْمَاءُ إلَى الْكَعْبَيْنِ بَلَغَ أَصْلَ الْجَدْرِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْحَائِطُ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ، وَخَرَجَ بِالْإِنَاءِ دُخُولُ السَّيْلِ فِي مِلْكِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ عَلَى الْأَصَحِّ. فَرْعٌ: لَوْ رَدَّ الْمَاءَ الَّذِي حَازَهُ إلَى النَّهْرِ لَمْ يَصِرْ شَرِيكًا فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ قَوْلُهُ: (لِلِارْتِفَاقِ) أَيْ لِارْتِفَاقِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَفَرَ بِلَا قَصْدِ إرْفَاقٍ لَا تُمْلَكُ، أَوْ بِقَصْدِ ارْتِفَاقِ الْمَارَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْمَالِ وَالْكَلَا إلَخْ) قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: أَرَادَ بِالْمَاءِ مَاءَ السَّمَاءِ، وَمَاءَ الْعُيُونِ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا، وَأَرَادَ بِالْكَلَأِ مَرَاعِي الْأَرْضِ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا، وَأَرَادَ بِالنَّارِ الشَّجَرَ الَّذِي يَحْتَطِبُهُ النَّاسُ فَيَنْتَفِعُونَ بِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: النَّارُ إذَا أَضْرَمَتْ فِي حَطَبٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ اهـ. أَمَّا الْمَمْلُوكُ فَالْجَمْرُ نَفْسُهُ لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ مِنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَأَمَّا الْجُرْمُ الْمُضِيءُ فَالْوَجْهُ عَدَمُ مَنْعِ مَنْ يَقْتَبِسُ مِنْهُ ضَوْءًا كَالِاسْتِنَادِ لِجِدَارِ الْغَيْرِ، وَأَظُنُّ ذَلِكَ مَذْكُورًا فِي بَابِ الصُّلْحِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 لَمْ يَجِدْ صَاحِبُهَا مَاءً مُبَاحًا. (عَلَى الصَّحِيحِ) لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ كَالْمَاءِ الْمُحْرَزِ فِي إنَاءٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ عَنْهُ، عَلَى الصَّحِيحِ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَالثَّانِي يَجُوزُ كَمَا يُطْعَمُ الْمُضْطَرُّ بِالْعِوَضِ (وَالْقَنَاةُ الْمُشْتَرَكَةُ) بَيْنَ مُلَّاكِهَا (يُقْسَمُ مَاؤُهَا بِنَصَبِ خَشَبَةٍ فِي عُرْضِ النَّهْرِ فِيهَا ثُقُبٌ مُتَسَاوِيَةٌ أَوْ مُتَفَاوِتَةٌ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ) وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُتَسَاوِيَةً مَعَ تَفَاوُتِ الْحِصَصِ، بِأَنْ يَأْخُذَ صَاحِبُ الثُّلُثِ مَثَلًا ثُقْبَةً وَالْآخَرُ ثُقْبَتَيْنِ، وَيَسُوقُ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ إلَى أَرْضِهِ. (وَلَهُمْ الْقِسْمَةُ مُهَايَأَةً) كَأَنْ يَسْقِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَوْمًا أَوْ بَعْضُهُمْ يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ أَكْثَرَ بِحَسَبِ حِصَّتِهِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ الرُّجُوعُ عَنْ الْمُهَايَأَةِ مَتَى شَاءَ. كِتَابُ الْوَقْفِ هُوَ كَقَوْلِهِ وَقَفْت دَارِي عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَتَحَقَّقُ بِوَاقِفٍ وَمَوْقُوفٍ وَمَوْقُوفٍ عَلَيْهِ وَصِيغَةٍ وَأَتَى بِالْأَرْبَعَةِ مَعَ مَا يُشْتَرَطُ فِيهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ. (شَرْطُ الْوَاقِفِ صِحَّةُ عِبَارَتِهِ وَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ)   [حاشية قليوبي] وَمَاشِيَتِهِ نَعَمْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ ذُو رُوحٍ مُحْتَرَمٌ حَالَةَ اضْطِرَارٍ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِوُجُوبِ بَذْلِ مَا فُقِدَ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجِدْ صَاحِبُهَا مَاءً مُبَاحًا) هَذَا الْقَيْدُ يَجْرِي فِي مَسْأَلَةِ الِارْتِفَاقِ السَّابِقَةِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُ الْمَاشِيَةِ تَرْعَى فِي كَلَأٍ مُبَاحٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَاءِ وَأَنْ لَا يَجُوزَ الْفَاضِلُ فِي إنَاءٍ مَثَلًا وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ بَذْلُهُ مُطْلَقًا وَاشْتَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ فِي وُصُولِ الْمَاشِيَةِ إلَى الْمَاءِ ضَرَرٌ بِزَرْعٍ أَوْ شَجَرٍ مَثَلًا لِغَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَذْلِ الْمَذْكُورِ التَّمْكِينُ مِنْهُ لَا الِاسْتِقَاءُ لَهُ، وَإِذَا رَدَّ الْمَاءَ مَنْ أَخَذَهُ إلَى الْبَحْرِ لَمْ يَكُنْ شَرِيكًا فِيهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ) لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ بَيْعَ الطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ مِعْيَارُ الْمَاءِ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، وَلَا يَجُوزُ بِرِيِّ الْمَاشِيَةِ لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِهِ، وَكَذَلِكَ الشُّرْبُ مِنْ السَّقَّائِينَ، وَاغْتَفَرَ الْخَطِيبُ الشُّرْبَ مِنْ السِّقَاءِ لِقِلَّةِ غَرَرِهِ. تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ الشُّرْبُ وَسَقْيُ الدَّوَابِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْجَدَاوِلِ الْمَمْلُوكَةِ وَلَوْ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَالْمَوْقُوفَةِ وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ، لِإِذْنِ الْعُرْفِ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يُضِرَّ بِمَالِكِهَا أَوْ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مَاؤُهَا) أَيْ الْمُجَازُ مِنْ نَحْوِ نَهْرٍ مُبَاحٍ؛ لِأَنَّهُ يُمْلَكُ بِدُخُولِهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَدْرِ الْحِصَصِ) أَيْ حِصَصِهِمْ مِنْ الْقَنَاةِ الْمُشْتَرَكَةِ، فَإِنْ جُهِلَتْ فَعَلَى قَدْرِ الْأَرَاضِي، وَرَجَّحَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ اعْتِبَارَ الْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ وَالْقَرِينَةِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْكَعْبَيْنِ وَلَا بِجَانِبِهِمَا الْأَسْفَلِ وَلَا بِجَانِبِهِمَا الْأَعْلَى خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ. وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ السَّعْيَ ثَانِيًا يُمَكَّنُ مِنْهُ كَمَا مَرَّ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ شُرُوعِ غَيْرِهِ فِي السَّقْيِ وَفِيهِ بُعْدٌ فَحَرِّرْهُ وَلَوْ زَادَ مَا يَخُصُّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ عَلَى سَقْيِ أَرْضِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ لِبَقِيَّتِهِمْ بَلْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا شَاءَ، فَإِنْ أَكْرَهَهُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ رَجَعَ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فِي الزَّائِدِ؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ بِقَدْرِ الْعَمَلِ. قَوْلُهُ: (وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ الرُّجُوعُ إلَخْ) وَإِذَا رَجَعَ بَعْدَ أَخْذِ نَوْبَتِهِ وَقَبْلَ أَخْذِ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ أَخْذِهِ مِنْ النَّهْرِ، وَتَتَعَيَّنُ الْمُهَايَأَةُ فِي قَنَاةٍ يَكْثُرُ مَاؤُهَا أَوْ يَقِلُّ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ تَصَرُّفٌ فِي الْقَنَاةِ بِنَحْوِ حَفْرٍ أَوْ غَرْسٍ بِجَانِبِهَا بِغَيْرِ إذْنِ بَاقِيهمْ، وَعِمَارَتُهَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ سَوْقُ الْمَاءِ إلَى أَرْضٍ أَجْنَبِيَّةٍ لِإِيهَامِهِ ثُبُوتَ الْحَقِّ لَهَا، وَلَوْ وُجِدَ لِأَهْلِ الْأَرَاضِي مَاءٌ تُسْقَى مِنْهُ، وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ بِحَفْرٍ أَوْ خَرْقٍ حُكِمَ بِمِلْكِهِ لَهُمْ بِالْيَدِ، وَلَوْ وُجِدَ لَهُمْ سَاقِيَةٌ لَا شُرْبَ لَهَا مِنْ غَيْرِهِ حُكِمَ بِشُرْبِهَا مِنْهُ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ. كِتَابُ الْوَقْفِ هُوَ لُغَةً الْحَبْسُ مِنْ وَقَفَ كَذَا حَبَسَهُ، وَأَوْقَفَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ عَلَيْهَا الْعَامَّةُ عَكْسُ حَبَسَ، وَأَحْبَسَ وَجَمْعُهُ وُقُوفٌ وَأَوْقَافٌ وَشَرْعًا حَبْسُ مَالٍ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (لِحُرْمَةِ الرُّوحِ) وَلِحَدِيثِ: «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ الْكَلَأَ» أَيْ رَعْيَ الْكَلَأِ، وَإِنَّمَا خَالَفَ الْبَهَائِمُ الزَّرْعَ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَنْعِهِ مِنْهُ مَنْعُهُ مِنْ الْكَلَإِ الْمُشْتَرَكِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ هُوَ الْمُخَصِّصُ لِمَا تَمَسَّكَ بِهِ الْإِمَامُ مِنْ عُمُومِ النَّهْي عَنْ بَذْلِ فَضْلِ الْمَاءِ. فَرْعٌ: الشُّرْبُ وَسَقْيُ الْمَاءِ الدَّوَابَّ مِنْ الْجَدَاوِلِ الْمَمْلُوكَةِ جَائِزٌ إقَامَةً لِلْإِذْنِ الْعُرْفِيِّ مَقَامَ اللَّفْظِيِّ. نَعَمْ لَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ وَنَحْوِهِ اُتُّجِهَ الْمَنْعُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُهَايَأَةً) جَعَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ حَالًا مِنْ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ الْقِسْمَةُ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ. أَقُولُ: لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يُجْعَلَ حَالًا مِنْ فَاعِلِ الظَّرْفِ. [كِتَابُ الْوَقْفِ] مَصْدَرُ وَقَفَ وَأَوْقَفَ لُغَةُ تَمِيمٍ وَهُوَ عَكْسُ حَبَسَ، فَإِنَّ الْفَصِيحَ أَحْبَسَ. قَالَ الرَّاغِبُ: وَمَعْنَاهُ لُغَةً الْمَنْعُ مِنْ الْحَرَكَةِ اهـ. وَشَرْعًا: حَبْسُ مَالٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ، بِقَطْعِ التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهِ عَلَى مَصْرِفٍ مُبَاحٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) هُوَ مُغْنٍ عَمَّا قَبْلَهُ. فَرْعٌ: أَفْتَى ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِصِحَّةِ وَقْفِ الْإِمَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ لَهُ تَمْلِيكَهُ وَكَمَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي أَرْضِ سَوَادِ الْعِرَاقِ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: لَا أُفْتِي بِهِ وَلَا بِمَنْعِهِ وَلَا أَعْتَقِدُهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 أَيْ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ وَالْمَكَاتِبِ. (وَ) شَرْطُ (الْمَوْقُوفِ دَوَامُ الِانْتِفَاعِ بِهِ لَا مَطْعُومٌ) بِالرَّفْعِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ فِي اسْتِهْلَاكِهِ. (وَرَيْحَانٌ) فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ لِسُرْعَةِ فَسَادِهِ، وَفِي ضِمْنِ دَوَامِ الِانْتِفَاعِ حُصُولُهُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ حُصُولُهُ فِي الْحَالِ بَلْ يَجُوزُ وَقْفُ الْعَبْدِ وَالْجَحْشِ الصَّغِيرَيْنِ وَالزَّمِنِ الَّذِي يُرْجَى زَوَالُ زَمَانَتِهِ. (وَيَصِحُّ وَقْفُ عَقَارٍ) بِالْإِجْمَاعِ (وَمَنْقُولٍ) لِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَقْفِ الْحَصْرِ   [حاشية قليوبي] يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ عَلَى مَصْرِفٍ مُبَاحٍ، وَلَا حَاجَةَ لِمَا زَادَهُ بَعْضُهُمْ فِيهِ وَعَدَلَ عَنْهُ الشَّارِحُ إلَى مَا ذَكَرَهُ لِسَلَامَتِهِ مِمَّا اُنْتُقِدَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (شَرْطُ الْوَاقِفِ) الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَرْكَانِهِ الْأَرْبَعَةِ وَبَاقِيهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، وَالْمَوْقُوفُ وَالصِّيغَةُ وَهُوَ يَشْمَلُ الْأَعْمَى، وَالْإِمَامَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَلَوْ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ جِهَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَشْمَلُ الْكَافِرَ، وَلَوْ عَلَى مَسْجِدٍ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ قُرْبَةً مَحْضَةً، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ نَذْرِهِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ إلَّا مَنْ يُسْلِمُ مِنْهُمْ، فَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ يَصِحُّ وَيَلْغُو الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ. وَيَشْمَلُ الْمُبَعَّضُ مِمَّا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ أَهْلُ تَبَرُّعٍ فِيهِ وَعَدَمُ صِحَّةِ عِتْقِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لِنَقْصِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْوَلَاءِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ) وَلَوْ بِمُبَاشَرَةِ أَوْلِيَائِهِمْ وَلَا مَحْجُورِ الْفَلَسِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُكَاتَبِ) وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. قَوْلُهُ: (دَوَامُ الِانْتِفَاعِ) أَيْ بِحَبْسِهِ كَمَا يَأْتِي، قَالَ شَيْخُنَا بِحَيْثُ يَبْقَى مُدَّةً يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ فِيهَا بِإِذْنٍ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَفِيهِ بَحْثٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ يَعْنِي إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ مَعَ خَبَرِهِ لِلْعِلْمِ بِهِمَا أَيْ مَا يَدُومُ نَفْعُهُ يَصِحُّ وَقْفُهُ لَا مَطْعُومٌ، وَلَا يَصِحُّ رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى " دَوَامِ " وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى انْتِفَاعِ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَسْلِيطِ الدَّوَامِ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى مَجْرُورٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ يَصِحُّ وَقْفُ مَا يَدُومُ لَا مَطْعُومٍ لِلُّزُومِ عَلَى الْجَارِّ مَحْذُوفًا فِي غَيْرِ إنَّ وَأَنْ الْمُشَدَّدَةِ وَالْمَصْدَرِيَّةِ. قَوْلُهُ: (لِسُرْعَةِ فَسَادِهِ) يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَيْسَ مَزْرُوعًا وَإِلَّا فَيَصِحُّ سَوَاءٌ مَا تُؤْخَذُ ثَمَرَتُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، أَوْ جِزَّتُهُ كَذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ ذِي رِيحٍ طَيِّبٍ وَكَذَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا يَدُومُ شَمُّهُ نَحْوِ مِسْكٍ وَعَفِيرٍ لَا نَحْوِ عُودٍ. قَوْلُهُ: (وَفِي ضِمْنِ إلَخْ) أَيْ حُصُولُ الِانْتِفَاعِ لَازِمٌ مِنْ دَوَامِهِ وَلَوْ مَالًا فَخَرَجَ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ أَبَدًا كَزَمَنٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَمَا وَصَّى بِهِ أَوْ بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُمَا نَعَمْ لَوْ بَرَأَ الزَّمِنُ الْمَذْكُورُ فَالْوَجْهُ تَبَيُّنُ صِحَّةِ وَقْفِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَشَرْطُ كَوْنِ النَّفْعِ مُبَاحًا أَيْ غَيْرَ مُحَرَّمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ، فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ آلَةِ لَهْوٍ وَلَا دَرَاهِمَ غَيْرِ مُعَرَّاةٍ، وَكَوْنُهُ مَقْصُودًا فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ دَرَاهِمَ مُعَرَّاةٍ لِلزِّينَةِ سَوَاءٌ نَقْشُهَا أَوْ مَا يَحْصُلُ مِنْهَا بِنَحْوِ تِجَارَةٍ؛ لِأَنَّ الزِّينَةَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَغَيْرَهَا لَا دَوَامَ لَهُ وَفَارَقَ صِحَّةَ إعَارَتِهَا لِلزِّينَةِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الدَّوَامِ فِيهَا، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا صِحَّةَ وَقْفِهَا لِتُصَاغَ حُلِيًّا. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ وَقْفُ عَقَارٍ) بِالْمَعْنَى الْمُقَابِلِ لِلْمَنْقُولِ فَيَشْمَلُ الْأَرْضَ وَالْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ، وَيَشْمَلُ الْمُؤَجَّرَ مُدَّةً وَغَيْرَ الْمُؤَجَّرِ، وَيَشْمَلُ وَقْفَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرَهُ وَالْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ مُدَّةً، وَإِذَا وَقَفَ الْمُؤَجِّرُ مَسْجِدًا وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ رَجَعَتْ الْمَنْفَعَةُ فِي بَقِيَّتِهَا لِلْوَاقِفِ، فَلَهُ إيجَارُهَا وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ مُؤَجِّرٌ حَيْثُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ، بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ أَصَالَةً كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْقُولٍ) أَيْ غَيْرِ مَسْجِدٍ فَإِنْ ثَبَّتَهُ بِنَحْوِ تَسْمِيرٍ صَحَّ إنْ كَانَ مَحَلُّهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا يَخْتَصُّ بِمَنْفَعَتِهِ بِنَحْوِ إحْيَائِهِ أَوْ وَصِيَّتِهِ لَا نَحْوِ مَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ، فَلَا يَصِحُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَضُرُّ نَقْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي هَوَائِهِ لَا تَحْتَهُ وَكَذَا يَحْرُمُ الْمُكْثُ مِنْ الْجُنُبِ فَوْقَهُ لَا تَحْتَهُ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ حَمْلُهُ. كَذَا قَالَ بَعْضَ مَشَايِخِنَا فَرَاجِعْهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ مَعَ هَوَاءِ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَالْوَجْهُ الْحُرْمَةُ فِيهِمَا وَالْأَقْرَبُ صِحَّةُ الِاعْتِكَافِ تَحْتَهُ وَلَوْ لِحَامِلِهِ حَيْثُ كَانَ دَاخِلًا فِي هَوَائِهِ وَلَا يَضُرُّ تَجَدُّدُ هَوَاءٍ وَزَوَالُهُ كَمَا مَرَّ فِي بَلَاطِ مَسْجِدٍ أُخِذَ مِنْهُ، وَشَمَلَ مَا ذُكِرَ الْمُوصَى بِهِ مُدَّةً وَغَيْرَ الْمُوصِي كَمَا مَرَّ. وَالْمُؤَجَّرَ كَذَلِكَ وَالْمَغْصُوبَ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَخْلِيصِهِ، وَالْمُدَبَّرَ وَمُعَلَّقَ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ، إنْ عَتَقَا بَطَلَ الْوَقْفُ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَرْحِ شَيْخِنَا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْوَقْفُ كَالْبَيْعِ وَهُوَ لَا يَبْطُلُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ، أَوْ الْمَوْتِ بَعْدَهُ فَإِنْ جُعِلَ عِتْقُهُمَا عَلَى فَرْضِ وُجُودِهِ عَلَى مَعْنَى إذَا قُلْنَا بِعِتْقِهِمَا إلَخْ وَعِبَارَةُ شَرْحِ شَيْخِنَا تُشْعِرُ، وَتُصَرِّحُ بِهِ لِمَنْ تَأَمَّلَهَا وَهُوَ مَرْجُوحٌ أَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ تَبَيَّنَ عِتْقُهُمَا قَبْلَ الْوَقْفِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ، أَوْ الْمَوْتِ قَبْلَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ فَرَاجِعْهُ وَيَدُلُّ هَذَا تَعْبِيرُهُ بِعَتَقَا دُونَ أَنْ يَقُولَ إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ أَوْ الْمَوْتُ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَالزُّلَالِيِّ) نَوْعٌ مِنْ الْبُسُطِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمَنْقُولِ إلَخْ) خَصَّ ذَلِكَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَهُ، فِيمَا بَعْدُ وَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (دَوَامُ الِانْتِفَاعِ) يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَقْفُهُ وَيَبْطُلُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ صِحَّةُ وَقْفِ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ. وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ وَقْفِ الْأَعْمَى وَلَمْ يَذْكُرُوهُ، ثُمَّ إذَا وَقَفَ غَيْرُ الْمَرْئِيِّ فَلَا خِيَارَ لَهُ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ . قَوْلُهُ: (لِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ) اُسْتُدِلَّ أَيْضًا بِحَدِيثِ، وَأَمَّا خَالِدٌ فَقَدْ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْأَعْتَادُ مَا يُعِدُّهُ الرَّجُلُ مِنْ مَرْكُوبٍ وَسِلَاحٍ، وَرُوِيَ وَاعْتَدَّهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الذِّمَّةِ) أَيْ سَوَاءً ذِمَّةُ نَفْسِهِ وَذِمَّةُ غَيْرِهِ كَعَبْدِهِ مُسَلَّمٍ فِيهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 وَالْقَنَادِيلِ وَالزُّلَالِيِّ فِي كُلّ عَصْرٍ وَمِنْ الْمَنْقُولِ الْعَبِيدُ وَالدُّولَابُ (وَمَشَاعٍ) وَقَفَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِائَةِ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ مَشَاعًا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْمَشَاعُ يَصْدُقُ بِالْمَنْقُولِ كَنِصْفِ عَبْدٍ وَلَا يَسْرِي وَقْفُهُ إلَى النِّصْفِ الْآخَرِ. (لَا عَبْدٍ وَثَوْبٍ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُمَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْقُولِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ (وَلَا) يَصِحُّ (وَقْفُ حُرٍّ نَفْسَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ. (وَكَذَا مُسْتَوْلَدَةٌ وَكَلْبٌ مُعَلَّمٌ وَأَحَدُ عَبْدَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ آيِلَةٌ إلَى الْعِتْقِ فَكَأَنَّهَا عَتِيقَةٌ، وَالْكَلْبُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ، وَأَحَدُ الْعَبْدَيْنِ مُبْهَمٌ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهِ يَقِيسُ الْوَقْفَ عَلَى الْعِتْقِ وَفِيمَا قَبْلَهُ يَقِيسُ وَقْفَهُ عَلَى إجَارَتِهِ. فَرْعٌ: مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الرَّقَبَةِ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ إيَّاهَا (وَلَوْ وَقَفَ بِنَاءً أَوْ غِرَاسًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُمَا فَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذْ لِمَالِكِ الْأَرْضِ قَلْعُهُمَا، فَلَا يَدُومُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا، قُلْنَا يَكْفِي دَوَامُهُ إلَى الْقَلْعِ، بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ قَلَعَ الْبِنَاءَ، وَبَقِيَ مُنْتَفِعًا بِهِ فَهُوَ وَقْفٌ كَمَا كَانَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فَيَصِيرُ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ، عَلَيْهِ أَوْ يَرْجِعُ إلَى الْوَاقِفِ، وَجْهَانِ وَيُقَاسُ بِالْبِنَاءِ فِي ذَلِكَ الْغِرَاسُ. (فَإِنْ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَاحِدٍ أَوْ جَمْعٍ اُشْتُرِطَ إمْكَانُ تَمْلِيكِهِ) بِأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا حَالَ الْوَقْفِ فِي الْخَارِجِ أَهْلًا لِلْمِلْكِ. (فَلَا يَصِحُّ عَلَى جَنِينٍ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ فَلَوْ أَطْلَقَ الْوَاقِفُ الْوَقْفَ عَلَيْهِ فَهُوَ وَقْفٌ عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَمُشَاعٍ) وَلَوْ مَسْجِدًا وَتَجِبُ قِسْمَتُهُ وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ الْمُطْلَقِ لِلضَّرُورَةِ، وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِي حُرْمَةِ الْمُكْثِ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَفِي نَدْبِ التَّحِيَّةِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إكْرَامٌ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِ الِاعْتِكَافُ، وَلَا يَجُوزُ التَّبَاعُدُ فِيهِ عَلَى ثَلَاثمِائَةِ ذِرَاعٍ بَيْنَ الْمُصَلِّينَ. قَوْلُهُ: (وَقَفَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) وَهُوَ أَوَّلُ وَقْفٍ وُقِفَ فِي الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسْرِي إلَخْ) وَفَارَقَ الْعِتْقَ بِعَدَمِ مَنْ يَسْرِي عَلَيْهِ هُنَا. قَوْلُهُ: (لَا عَبْدٍ وَثَوْبِ فِي الذِّمَّةِ) فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ فِيهِ وَلَا حَمْلٌ لَكِنْ إذَا وُقِفَتْ أَمَةٌ تَبِعَهَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مُسْتَوْلَدَةٌ) وَمُكَاتِبٌ كِتَابَةً صَحِيحَةً بِخِلَافِ الْفَاسِدَةِ. قَوْلُهُ: (آيِلَةٌ إلَى الْعِتْقِ) أَيْ لُزُومًا فَلَا يَرِدُ نَحْوَ الْمُدَبَّرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَلَى إجَارَتِهِ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ فِي الْكَلْبِ. قَوْلُهُ: (لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ إيَّاهَا) ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ يَسْتَدْعِي أَصْلًا تَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتُهُ عَلَى الدَّوَامِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَقَفَ بِنَاءً) وَلَوْ مَسْجِدًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ) وَلَوْ إجَارَةً فَاسِدَةً وَمِنْهَا أَرْضٌ مُحْتَكَرَةٌ لِيَبْنِيَ فِيهَا غَيْرَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا لِذَلِكَ، وَيَصِحُّ فِي الْمُعَارَةِ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبَةِ وَمِنْهَا سَوَاحِلُ الْأَنْهَارِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا فِيهَا، وَمِنْهَا مَا لَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (قُلْنَا يَكْفِي إلَخْ) رُبَّمَا يُوهَمُ تَقْيِيدَ وَقْفِيَّتِهِ بِمُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَسْتَمِرُّ بَعْدَهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ (مُنْتَفَعًا بِهِ) أَيْ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ قَبْلَ الْقَلْعِ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَصْلًا فَإِنْ أَمْكَنَ بَيْعُهُ بِيعَ وُجُوبًا وَاشْتُرِيَ شِقْصٌ أَوْ بَعْضُهُ مَكَانَهُ وَهَذَا مَا جَمَعَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بَيْنَ التَّنَاقُضِ فِي كَلَامِهِمْ وَيُفْعَلُ بِأَرْشِ نَقْصِهِ كَذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: يَصِحُّ وَقْفُ الْمَنْقُولَاتِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ، خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَابْنِ الرِّفْعَةِ كَالْخَزَائِنِ الْمَوْضُوعَةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهَا خَارِجَ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ. وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ الْبِنَاءَ وَنَحْوَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَهْلًا لِلْمِلْكِ) أَيْ لِمِلْكِ مَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مُصْحَفٍ أَوْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ عَلَى كَافِرٍ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِحُّ وَقْفُ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى جَنِينٍ) أَيْ اسْتِقْلَالًا أَوْ تَبَعًا كَوَلَدِي وَحَمْلِ زَوْجَتِي، نَعَمْ يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ وَالْعَقِبِ الْأَعْلَى الْأَوْلَادُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا قَبْلَ انْفِصَالِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا عَلَى الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ) وَالْمُرَادُ بِهِ رَقِيقُ غَيْرِهِ، وَأَمَّا رَقِيقُهُ فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَلَوْ مُكَاتِبًا، وَأَمَّ وَلَدٍ نَعَمْ يَصِحُّ عَلَى مَكَاتِبِ غَيْرِهِ، ثُمَّ إنْ عَجَزَ نَفْسُهُ فَمُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ أَوْ قَيَّدَ بِمُدَّةِ الْكِتَابَةِ، كَقَوْلِهِ مُكَاتِبٌ فُلَانٍ أَوْ مُدَّةَ كِتَابَتِهِ فَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ وَإِلَّا اسْتَمَرَّ لَهُ وَيُعْتَبَرُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمُبَعَّضِ ذُو النَّوْبَةِ فِي الْمُهَايَأَةِ، وَإِلَّا وُزِّعَ فَإِنْ قَصَدَ الْوَاقِفُ شَيْئًا عُمِلَ بِقَصْدِهِ، وَيَصِحُّ وَقْفُ بَعْضِهِ الرَّقِيقِ عَلَى بَعْضِهِ الْحُرِّ وَكَذَا الْوَصِيَّةُ لَهُ بِهِ.   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: يَصِحُّ عِتْقُ الْحَمْلِ، وَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ تَعَيُّنِ إلَخْ) فَكَانَ كَعِتْقِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ حُرٍّ) أَيْ وَلَوْ قُلْنَا: مِلْكُ الْمَوْقُوفِ لِلْوَاقِفِ، وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا مَلَكَ الْمَنَافِعَ فَقَطْ لَا يَصِحُّ وَقْفُهَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فَرْعُ الرَّقَبَةِ فَهِيَ تَابِعَةٌ لَهَا. فَلَا يُقَالُ: هَلَّا صَحَّ نَقْلُ مَنَافِعِهَا كَمَا يُؤَجِّرُهَا. قَوْلُهُ: (يَقِيسُ إلَخْ) فَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْعِتْقَ أَقْوَى بِدَلِيلِ السِّرَايَةِ وَالتَّعْلِيقِ. قَوْلُهُ: (يَقِيسُ وَقْفَهُ إلَخْ) فَعَلَى هَذَا إذَا أُعْتِقَتْ الْمُسْتَوْلَدَةُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ بَطَلَ الْوَقْفُ. [فَرْعٌ وَقَفَ بِنَاء أَوْ غِرَاسًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُمَا] قَوْلُهُ: (لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا فَرْعُ الرَّقَبَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا عَلَى الْعَبْدِ) يَصِحُّ لِوَقْفٍ عَلَى مَكَاتِبِ الْغَيْرِ عِنْدَ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَكَذَا عَلَى الْمُبَعَّضِ أَيْ عَلَى النِّصْفِ الْحُرِّ، وَلَوْ وَقَفَ مَالِكُ نِصْفِهِ نِصْفَ الرَّقِيقِ عَلَى النِّصْفِ الْآخَرِ صَحَّ أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَهُوَ وَقْفٌ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْعَبْدِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 لِيَصِحَّ (وَلَوْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ عَلَى بَهِيمَةٍ لَغَا وَقِيلَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى مَالِكِهَا) كَمَا فِي الْوَقْفِ عَلَى الْعَبْدِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ أَهْلٌ لَهُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ فِي قَوْلٍ، وَلَوْ وُقِفَ عَلَى عَلَفِهَا فَفِيهِ الْخِلَافُ. (وَيَصِحُّ) الْوَقْفُ (عَلَى ذِمِّيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَنَفْسِهِ) مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ (لَا) عَلَى (مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَنَفْسِهِ) أَيْ الْوَاقِفُ (فِي الْأَصَحِّ) فِي الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ وَالْحَرْبِيَّ لَا دَوَامَ لَهُمَا، وَالْوَقْفُ صَدَقَةٌ دَائِمَةٌ، وَهُوَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ فَتَمْلِيكُهَا نَفْسَهُ تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ يَقِيسُهُمَا عَلَى الذِّمِّيِّ، وَفِي النَّفْسِ يَقُولُ اسْتِحْقَاقُ الشَّيْءِ وَقْفًا غَيْرُ اسْتِحْقَاقِهِ مِلْكًا، وَمِنْ الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ، أَنْ يَشْرِطَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثِمَارِهِ أَوْ يَنْتَفِعَ بِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ وَقَفْت هَذَا عَلَى أَحَدِكُمَا لَمْ يَصِحَّ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ. (وَإِنْ وَقَفَ عَلَى جِهَةِ مَعْصِيَةٍ كَعِمَارَةِ كَنَائِسَ فَبَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ. (أَوْ جِهَةِ قُرْبَةٍ كَالْفُقَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ صَحَّ) جَزْمًا (أَوْ جِهَةٍ لَا تَظْهَرُ فِيهَا الْقُرْبَةُ كَالْأَغْنِيَاءِ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) .   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لِيَصِحَّ) وَيَقْبَلُ الْعَبْدُ وَإِنْ مَنَعَهُ سَيِّدُهُ. قَوْلُهُ: (لَيْسَتْ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ بِحَالٍ) وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى الدَّارِ، وَلَوْ عَلَى عِمَارَتِهَا إلَّا أَنْ قَالَ عَلَى طَارِقِيهَا أَوْ كَانَتْ وَقْفًا. قَوْلُهُ: (فَفِيهِ الْخِلَافُ) وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ عَلَى. هَذَا الصِّحَّةُ وَعَلَّلَهُ فِي الْمَنْهَجِ، بِأَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى مَالِكِهَا وَمُقْتَضَاهُ إنَّهُ لَهُ، وَإِنْ مَاتَتْ الدَّابَّةُ أَوْ بَاعَهَا وَإِنَّهُ بِمَوْتِهِ يَكُونُ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ، وَأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ فِي عَلَفِهَا، فَرَاجِعْ مَا فِي الْوَصِيَّةِ فَإِنْ قَصَدَ مَالِكَهَا صَحَّ قَطْعًا أَوْ نَفْسَهَا بَطَلَ قَطْعًا. تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ وَإِلَّا كَالْوَقْفِ عَنْ الْأَرِقَّاءِ الْمَوْقُوفِينَ عَلَى خِدْمَةِ نَحْوِ الْكَعْبَةِ أَوْ عَلَى الدَّوَابِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ عَلَى حَمَامِ مَكَّةَ، فَصَحِيحٌ وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى الْوُحُوشِ وَالطُّيُورِ الْمُبَاحَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ عَلَى الذِّمِّيِّ) وَيَبْطُلُ بِمُحَارَبَتِهِ فَيَصِيرُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ أَوْ الْآخِرِ، نَعَمْ إنْ قَيَّدَهُ بِوَصْفٍ تَظْهَرُ فِيهِ الْمَعْصِيَةُ، كَأَنْ كَانَ خَادِمَ كَنِيسَةٍ لِلتَّعَبُّدِ بَطَلَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَسَوَاءٌ ذَكَرَ اسْمَهُ مَعَ وَصْفِهِ أَوْ لَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَالْمُعَاهِدُ وَالْمُؤَمَّنُ كَالذِّمِّيِّ فِيمَا ذُكِرَ، وَيَنْقَطِعُ بِعَوْدِهِمَا إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ الْجِنْسُ فَيَصِحُّ عَلَى الذِّمِّيِّينَ وَالْمُعَاهِدِينَ وَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ لَا عَلَى مَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ أَوْ قَطَعَ الطَّرِيقَ، وَكَذَا قَالُوا، وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْمُرَادُ فِي الْقَسَمِ الْأَوَّلِ بِالْقُطَّاعِ أَوْ الذِّمِّيِّينَ مَنْ هُمْ كَذَلِكَ فِي وَقْتِ وَقْفِهِ، وَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ لَهُمْ إذَا تَابُوا وَأَسْلَمُوا فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مَا دَامُوا كَذَلِكَ أَوْ كُلُّ مَنْ اتَّصَفَ بِذَلِكَ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ عَلَى الْوَجْهِ الْوَجِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَا عَلَى مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) هُمَا لِلْجِنْسِ أَيْضًا وَسَوَاءٌ ذَكَرَ اسْمَهُ مَعَ وَصْفِهِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (لَا دَوَامَ لَهُمَا) أَيْ مَعَ كُفْرِهِمَا فَلَا يَرِدُ صِحَّتُهُ عَلَى الزَّانِي الْمُحْصَنِ. قَوْلُهُ: (وَفِي النَّفْسِ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةٌ أَجِلَّةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ كَابْنِ سُرَيْجٍ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِ خُرَاسَانَ وَجَوَّزَ الرُّويَانِيُّ الْإِفْتَاءَ بِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ فِي الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثِمَارِهِ) أَوْ يَقْضِيَ مِنْهُ دَيْنَهُ أَوْ يُشْرِبَ مِنْهُ أَوْ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ مَاءِ بِئْرٍ وَقَفَهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ يَنْتَفِعَ بِهِ) كَمُطَالَعَتِهِ فِي الْكِتَابِ أَوْ طَبْخِهِ فِي الْقِدْرِ نَعَمْ يَصِحُّ بِشَرْطِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مِنْهُ أَوْ يَذْبَحَ عَنْهُ مِنْهُ، أَوْ يُسْرِجَ لَهُ فِي مَسْجِدِهِ، أَوْ أَنْ يَشْتَرِطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ بِمُقَابِلِ قَدْرِ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، فَأَقَلَّ أَوْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ إذَا اتَّصَفَ بِوَصْفِ مَنْ وَقَفَهُ عَلَيْهِمْ، كَالْفُقَرَاءِ أَوْ أَنْ يَصِفَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ بِوَصْفٍ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ، كَأَفْقَهِ أَوْلَادِ أَبِيهِ مَثَلًا، وَهَذِهِ مِنْ حِيَلِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ وَلَيْسَ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ، قَوْلُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا وَقَفَ بِئْرَ رُومَةٍ دَلْوِي فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَخْبَارِ بِأَنَّ لِلْوَاقِفِ الِانْتِفَاعَ بِوَقْفِهِ الْعَامِّ كَغَيْرِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (كَعِمَارَةِ الْكَنَائِسِ) أَيْ الَّتِي لِلتَّعَبُّدِ فَإِنْ كَانَتْ لِنُزُولِ الْمَارَّةِ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ صَحَّ فَإِنْ شُرِّكَ بَيْنَهُمَا بَطَلَ وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى كِتَابَةِ التَّوْرَاةِ مَثَلًا، وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ دَارٍ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ كَالْكَنِيسَةِ فَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِمْ مُسْلِمًا صَحَّ. قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ بَحْثٌ بِمَا مَرَّ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْفُقَرَاءِ) الْمُرَادُ بِهِمْ مَا فِي الزَّكَاةِ إلَّا الْمُكْتَسِبَ لِمَا يَكْفِيه فَهُوَ هُنَا مِنْهُمْ وَكَالْوَقْفِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَالْعُلَمَاءِ) وَهُمْ عُلَمَاءُ الشَّرْعِ كَالْوَصِيَّةِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ إلَخْ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الطُّيُورِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ لَا يَصِحُّ جَزْمًا. قَوْلُهُ: (لَا عَلَى مُرْتَدٍّ) لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى الْمُرْتَدِّينَ أَوْ الْحَرْبِيِّينَ بَطَلَ قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَفْسِهِ) لَوْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ مُبَاحَةً، كَأَنْ يَقِفَ مَكَانًا مَسْجِدًا أَوْ مَمَرًّا فَلَا يَضُرُّ التَّصْرِيحُ بِنَفْسِهِ مَعَ النَّاسِ بِخِلَافِ وَقْفِ الْبُسْتَانِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ عِنْدَ التَّصْرِيحِ وَأَنْ كَانَ يَدْخُلُ عَنْ الْإِطْلَاقِ بِطَرِيقِ التَّبَعِ فِيمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ اتَّصَفَ بِالْفَقْرِ. قَوْلُهُ: (وَفِي النَّفْسِ إلَخْ) عَلَيْهِ أَجُلَّةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ كَابْنِ سُرَيْجٍ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِ خُرَاسَانَ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يُفْتَى بِهِ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى فُلَانٍ، ثُمَّ عَلَى نَفْسِي، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْ فَيَكُونُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ. [فَرْعٌ لَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ وَقَفْت هَذَا عَلَى أَحَدِكُمَا] قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ جِهَةِ) لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّعْمِيمِ، بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ فِيهِمْ لَا يُوجِبُ الِاسْتِيعَابَ، لَكِنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ الزَّرْكَشِيُّ بَحْثًا مِثْلَ الْقَنَاطِرِ وَالرَّبْطِ قَالَ: فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَضُرَّ التَّعْمِيمُ فِيهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 نَظَرًا إلَى أَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكٌ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ وَلَا قُرْبَةَ فِي الْأَغْنِيَاءِ. (وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِلَفْظٍ) كَغَيْرِهِ مِنْ التَّمْلِيكِ. (وَصَرِيحُهُ وَقَفْت كَذَا) عَلَى كَذَا (أَوْ أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ وَالتَّسْبِيلُ وَالتَّحْبِيسُ صَرِيحَانِ) أَيْضًا (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي هُمَا كِنَايَتَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْتَهِرَا اشْتِهَارَ الْوَقْفِ وَالثَّالِثُ التَّسْبِيلُ فَقَطْ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السَّبِيلِ وَهُوَ مُبْهَمٌ (وَلَوْ قَالَ تَصَدَّقْت بِكَذَا صَدَقَةً مُحَرَّمَةً أَوْ مَوْقُوفَةً أَوْ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ فَصَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ) لِذِكْرِ التَّحْرِيمِ أَوْ الْوَقْفِ أَوْ حُكْمِهِ، وَالثَّانِي هُوَ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِهِ التَّمْلِيكَ الْمَحْضَ. (وَقَوْلُهُ تَصَدَّقْت فَقَطْ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَإِنْ نَوَى) يَعْنِي لَا يَحْصُلُ بِهِ الْوَقْفُ وَإِنْ نَوَاهُ. (إلَّا أَنْ يُضِيفَ إلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ) كَالْفُقَرَاءِ (وَيَنْوِي) الْوَقْفَ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ فَيَكُونُ كِنَايَةً فِيهِ، بِخِلَافِ الْمُضَافِ إلَى الْمُعَيَّنِ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي التَّمْلِيكِ الْمَحْضِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى الْوَقْفِ بِنِيَّتِهِ، فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِيهِ فَقَوْلُهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ حَرَّمْته) أَيْ لِلْمَسَاكِينِ (أَوْ أَبَّدْته لَيْسَ بِصَرِيحٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ مُسْتَقِلًّا إنَّمَا يُؤَكَّدُ بِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَالثَّانِي هُوَ صَرِيحٌ لِإِفَادَتِهِ الْغَرَضَ كَالتَّحْبِيسِ (وَ) الْأَصَحُّ. (أَنَّ قَوْلَهُ جَعَلْت الْبُقْعَةَ مَسْجِدًا تَصِيرُ بِهِ مَسْجِدًا) وَالثَّانِي لَا تَصِيرُ بِهِ مَسْجِدًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ أَلْفَاظِ الْوَاقِفِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ لِإِشْعَارِهِ بِالْمَقْصُودِ وَاشْتِهَارِهِ فِيهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولُهُ) نَظَرًا إلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَلْيَكُنْ مُتَّصِلًا بِالْإِيجَابِ كَالْهِبَةِ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ (وَلَوْ رُدَّ بَطَلَ حَقُّهُ) مِنْهُ (شَرَطْنَا الْقَبُولَ أَمْ لَا) أَمَّا الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى الْمَسْجِدِ وَالرِّبَاطِ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (كَالْأَغْنِيَاءِ) الْمُقَابِلِينَ لِلْفُقَرَاءِ فِيمَا مَرَّ وَيُقْبَلُ دَعْوَى الْفَقْرِ مِمَّنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ، وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْغَنِيِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِلَفْظٍ) نَعَمْ قَدْ مَرَّ إنَّهُ تَكْفِي النِّيَّةُ فِي الْبِئْرِ وَالْمَسْجِدِ فِي الْمَوَاتِ وَمِثْلُهُ مَنْ يَأْخُذُ مِنْ النَّاسِ أَمْوَالًا لِيَبْنِيَ بِهَا نَحْوَ مَدْرَسَةٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ مَسْجِدٍ وَأَمَّا آلَاتُ بِنَاءِ ذَلِكَ فَهِيَ لَا يَزُولُ مِلْكُ مُلَّاكِهَا عَنْهَا إلَّا بِوَضْعِهَا فِي مَحَلِّهَا مِنْ الْبِنَاءِ مَعَ قَصْدِ نَحْوِ الْمَسْجِدِ أَوْ بِقَوْلِهِ هِيَ لِلْمَسْجِدِ وَنَحْوَهُ مَعَ قَبُولِ نَاظِرِهِ وَقَبْضِهَا وَإِلَّا فَهِيَ عَارِيَّةٌ لَكِنْ قَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْغَصْبِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ مَا يُصَرِّحُ بِزَوَالِ مِلْكِ مَالِكِهَا بِوَضْعِهَا فِي الْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى مَا ذُكِرَ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ. قَوْلُهُ: (تَصَدَّقْت إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْوَقْفَ مِنْ الصَّدَقَةِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ لِحُرْمَةِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ فَرْضًا وَنَفْلًا. قَوْلُهُ: (وَلَا تُوهَبُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَوَاهُ) فَهُوَ لَيْسَ كِنَايَةً أَيْضًا وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيَصِيرُ وَقْفًا. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي التَّمْلِيكِ الْمَحْضِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْمَحْضِ الْعَامَّةُ فَإِنَّهَا وَإِنْ قَبِلَتْ التَّمْلِيكَ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ، فَهُوَ غَيْرُ مَحْضٍ كَمَا لَا يَخْفَى. قَوْلُهُ: (جَعَلْت الْبُقْعَةَ مَسْجِدًا إلَخْ) فَلَوْ قَالَ جَعَلْتهَا لِلصَّلَاةِ فِيهَا أَوْ لِلِاعْتِكَافِ أَوْ التَّحِيَّةِ صَارَتْ وَقْفًا، وَلَا يَثْبُتُ لَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِيَّةِ إلَّا بِلَفْظِهَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَالْوَجْهُ الْوَجِيهُ الِاكْتِفَاءُ فِي الْمَسْجِدِ، بِجَعْلِهِ لِلِاعْتِكَافِ، أَوْ التَّحِيَّةِ لِوَقْفِهِمَا عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى مُعَيَّنٍ) وَهُوَ مَا عَدَا الْجِهَةَ وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا كَبَنِي زَيْدَانَ انْحَصَرُوا. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِنْهُ وَلَدُ الْوَاقِفِ كَوَقَفْت عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ نَعَمْ لَوْ وَقَفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ الْحَائِزِينَ ثُلُثَ مَالِهِ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ، أَوْ عَلَى أَحَدِ وَرَثَتِهِ عَيْنًا قَدْرَ ثُلُثِ مَالِهِ نَفَذَ قَهْرًا عَلَيْهِمْ وَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ فِيهِمَا، فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِمْ كَالْوَصِيَّةِ. قَوْلُهُ: (فَلْيَكُنْ مُتَّصِلًا) أَيْ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولٌ مِمَّنْ بَعْدَهُ لِتَأَخُّرِهِ ضَرُورَةً فَلَمْ يُعْتَبَرْ وُجُودُهُ مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ حَقُّهُ) أَيْ الرَّادِّ فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا بَطَلَ الْوَقْفُ أَوْ مُتَعَدِّدًا وَرَدَّ الْكُلَّ، فَكَذَلِكَ أَوْ رَدَّ بَعْضَهُمْ اسْتَحَقَّ غَيْرُهُ الْجَمِيعَ، وَيَبْطُلُ بِرَدِّ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ لَا بِرَدِّ مَنْ بَعْدَهُ وَيَبْطُلُ حَقُّهُ، فَهُوَ إمَّا مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ إنْ كَانَ بَعْدَهُ بَطْنٌ آخَرُ مَثَلًا، وَإِلَّا فَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ وَلَوْ عَادَ الرَّادُّ وَقِيلَ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ) وَهِيَ مَا عَدَا الْمُعَيَّنَ كَمَا مَرَّ وَإِنْ انْحَصَرَتْ وَمِنْهَا الْوَقْفُ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ أَوْ الْخَيْرِ أَوْ الثَّوَابِ وَيُصْرَفُ لِأَقْرِبَاءِ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَالْأَغْنِيَاءِ) لَوْ ضُمَّ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ صَحَّ جَزْمًا كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. فَرْعٌ: الْغَنِيُّ هُنَا مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِلَفْظٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بِنَاءَ مَسْجِدٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْيَا مَوَاتًا بِنِيَّةِ الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَقْبَرَةِ أَوْ الْبِئْرِ أَوْ الرِّبَاطِ أَوْ الْمَدْرَسَةِ، وَأَمَّا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ الْآلَةِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا فِي مَوَاضِعِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَرِيحَانِ) أَيْ لِاشْتِهَارِهِمَا فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ) اُسْتُدِلَّ لَهُ بِحَدِيثِ حَبْسِ الْأَصْلِ وَسُبُلِ الثَّمَرَةِ، فَلَمْ يَسْتَعْمِلْ التَّسْبِيلَ فِي الْأَصْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ مَوْقُوفَةً) قِيلَ ذِكْرُهَا تَحْرِيفٌ إذْ كَيْف يَكُونُ أَرْضِي مَوْقُوفَةٌ صَرِيحًا قَطْعًا وَتَصَدَّقْت بِكَذَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً صَرِيحٌ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِهِ التَّمْلِيكَ) أَيْ وَتَكُونُ هَذِهِ الصِّفَاتُ مُؤَكِّدَةً. قَوْلُهُ: (فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى الْوَقْفِ) الَّذِي فِي الزَّرْكَشِيّ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ لِلْمَسَاكِينِ) مِثْلُهُ عَلَيْهِمْ لَكِنْ يَنْبَغِي فِيهِ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً قَطْعًا وَلَوْ قَالَ: حَرَّمْته وَأَبَّدْته مَعًا فَهُوَ كِنَايَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِهِ فُلَانٍ وَمَنْ يَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: فَهُوَ فِي حُكْمِ الْجِهَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَيْسَ كَالْوَقْفِ عَلَى مَعْدُومٍ وَمَوْجُودٍ كَيْ يَصِحَّ فِي النِّصْفِ فَقَطْ، وَخَرَّجَهُ الزَّرْكَشِيُّ عِنْدَ الرَّدِّ عَلَى مُنْقَطِعِ الِابْتِدَاءِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَخْ) كَالْعِتْقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (شَرَطْنَا الْقَبُولَ أَمْ لَا) ؛ لِأَنَّهُ إنْ شُرِطَ فَكَالْوَصِيَّةِ، وَإِلَّا فَكَالْوَكَالَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ جَزْمًا. (وَلَوْ قَالَ وَقَفْت هَذَا سَنَةً فَبَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْوَقْفِ التَّأْبِيدُ. (وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي أَوْ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ نَسْلِهِ وَلَمْ يَزِدْ فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْوَقْفِ) وَيُسَمَّى مُنْقَطِعَ الْآخِرِ، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُ لِانْقِطَاعِهِ، وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ حَيَوَانًا صَحَّ الْوَقْفُ إذْ مَصِيرُ الْحَيَوَانِ إلَى الْهَلَاكِ، فَقَدْ يَهْلِكُ قَبْلَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْعَقَارِ. (فَإِذَا انْقَرَضَ الْمَذْكُورُ) بِنَاءً عَلَى الصِّحَّةِ. (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَبْقَى وَقْفًا) وَالثَّانِي يَعُودُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ أَوْ وَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ (وَ) الْأَظْهَرُ عَلَى الْأَوَّلِ (إنَّ مَصْرِفَهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ يَوْمَ انْقِرَاضِ الْمَذْكُورِ) لِمَا فِيهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ وَيَخْتَصُّ بِفُقَرَاءِ قَرَابَةِ الرَّحِمِ فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْبِنْتِ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ وَالثَّانِي مَصْرِفُهُ الْمَسَاكِينُ، وَالثَّالِثُ الْمَصَالِحُ الْعَامَّةُ مَصَارِفُ خَمْسِ الْخُمُسِ (وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ كَ وَقَفْته عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي) ثُمَّ الْفُقَرَاءِ. (فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) لِانْقِطَاعِ أَوَّلِهِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا الصِّحَّةُ، وَيُصْرَفُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَالِ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ، إلَى الْوَاقِفِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَقِيلَ إلَى الْمَذْكُورِينَ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَمِنْ صُوَرِهِ وَقَفْت عَلَى وَلَدِي ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَا وَلَدَ لَهُ فَيُصْرَفُ عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فِي الْحَالِ إلَى الْفُقَرَاءِ وَذِكْرُ الْأَوَّلِ لَغْوٌ (أَوْ) كَانَ الْوَقْفُ (مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ كَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ رَجُلٍ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ) وَقِيلَ لَا يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ وَعَلَى الصِّحَّةِ   [حاشية قليوبي] الْوَاقِفِ، ثُمَّ لِأَهْلِ الزَّكَاةِ ثُمَّ لِلْعَامِلِينَ وَالْمُؤَلَّفَةِ وَعَلَى سَبِيلِ اللَّهِ، وَيُصْرَفُ لِلْغُزَاةِ الَّذِينَ هُوَ أَهْلُ الزَّكَاةِ، فَإِنْ جَمَعَ هَذَا مَعَ وَاحِدٍ مِمَّا قَبْلَهُ صُرِفَ ثُلُثُهُ لِأَقَارِبِهِ وَثُلُثُهُ لِلْغُزَاةِ وَثُلُثُهُ لِبَاقِي أَهْلِ الزَّكَاةِ غَيْرِ الْعَامِلِينَ، وَالْمُؤَلَّفَةِ وَمِنْهَا الْوَقْفُ عَلَى أَكْفَانِ الْمَوْتَى، أَوْ تَجْهِيزِهِمْ أَوْ الْمُغَسَّلِينَ لَهُمْ أَوْ الْحَفَّارِينَ لَهُمْ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَلَا يُصْرَفُ إلَّا لِمَنْ يَجِبُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ وَكَذَا مَالُ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، فَرَاجِعْهُ وَمِنْهَا الْوَقْفُ عَلَى الْأَوَانِي لِمَنْ تَنْكَسِرُ مِنْهُ، وَعَلَى الْفُقَهَاءِ وَهُمْ مَنْ حَصَّلَ مِنْ عِلْمِ الْفِقْهِ مَا يَهْتَدِي بِهِ إلَى بَاقِيه، وَإِنْ قَلَّ وَعَلَى الْمُتَفَقِّهِينَ وَهُمْ الْمُشْتَغِلُونَ بِالْفِقْهِ وَلَوْ الْمُبْتَدَئِينَ، وَعَلَى الصُّوفِيَّةِ وَهُمْ الْمُشْتَغِلُونَ بِالْعِبَادَةِ الْمُعْرِضُونَ عَنْ الدُّنْيَا وَإِنْ كَانَ لَهُمْ قُدْرَةُ عَلَى الْكَسْبِ، أَوْ عَلَى الِاكْتِسَابِ بِحِرْفَةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حِرْفَةٌ وَلَا فِيهِمْ أَهْلِيَّةُ تَدْرِيسٍ أَوْ وَعْظٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُشْتَرَطُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (سَنَةً) أَيْ مَثَلًا نَعَمْ إنْ قَالَ أَلْفَ سَنَةٍ، أَوْ بَقَاءَ الدُّنْيَا صَحَّ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ التَّأْبِيدُ، وَكَذَا إنْ قَالَ جَعَلْته مَسْجِدًا سَنَةً فَيَصِحُّ وَيَلْغُو ذِكْرُ السَّنَةِ وَيَكُونُ مُؤَبَّدًا. قَوْلُهُ: (فَبَاطِلٌ) نَعَمْ إنْ عَقَّبَهُ بِمَصْرِفٍ عَامٍّ كَوَقَفْتُهُ عَلَى زَيْدٍ سَنَةً ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَمْ يَبْطُلْ. فَرْعٌ: أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ مَنْ وَقَفَ كَذَا لِمَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ فَمَاتَ وَلَمْ يُعْرَفْ قَبْرُهُ أَنَّ الْوَقْفَ يَبْطُلُ لَكِنْ سَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ. قَوْلُهُ: (أَقْرَبُ النَّاسِ إلَخْ) إلَّا إنْ كَانَ الْوَاقِفُ الْإِمَامَ فَيُصْرَفُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وُجُوبًا إنْ كَانَتْ أَهَمَّ وَالْأَخِيرُ بَيْنَهُمَا وَمِثْلُ ذَلِكَ وَقْفٌ جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ أَيْ فَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَيَقْدَحُ فِي النَّظَرِ إنَّهُ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قِرَاءَةِ عَلَى قَبْرِ الْوَاقِفِ، فَلْيَقْرَأْ مَا عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ إنْ عَلِمَهُ أَوْ مَا تَيَسَّرَ وَيُهْدِي ثَوَابَهُ لِلْوَاقِفِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ مِنْ رِيعِهِ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ عَنْهُ فَلْيَفْعَلْ كَذَلِكَ وَهَكَذَا فَلْيُنْظَرْ وَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (فَيُقَدَّم) أَيْ وُجُوبًا وَلَا يُفَضَّلُ ذَكَرٌ عَلَى أُنْثَى وَيَسْتَوِي خَالٌ وَعَمَّةٌ لِاسْتِوَائِهِمَا قُرْبًا. قَوْلُهُ: (الثَّانِي مَصْرِفُهُ لِلْمَسَاكِينِ إلَخْ) حُمِلَ عَلَى مَا إذَا فُقِدَ الْأَقَارِبُ أَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ. قَوْلُهُ: (الْمَصَالِحُ الْعَامَّةُ) حُمِلَ عَلَى كَوْنِهِ الْأَهَمَّ أَوْ فُقِدَ مَنْ قَبْلَهُ وَلَا يَخْتَصُّ بِفُقَرَاءِ بَلَدِ الْوَاقِفِ أَوْ الْوَقْفِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ الْوَاقِفُ يُصْرَفُ مِنْ رِيعِهِ لِفُلَانٍ كَذَا وَسَكَتَ عَنْ بَاقِيه فَحُكْمُ ذَلِكَ الْبَاقِي مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ صُوَرِهِ) فَهِيَ مِنْ مَحَلِّ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: وَقَفَ عَلَى ابْنِهِ دَارًا هِيَ قَدْرُ ثُلُثِ مَالِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَهُوَ وَصِيَّةٌ وَلَا تَرْتَدُّ بِرَدِّ الْوَلَدِ، وَيَحْتَاجُ إلَى إجَازَةٍ كَذَا فِي الزَّرْكَشِيّ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَظْهَرُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الثَّوَابُ، فَإِذَا بَيَّنَ مَصْرِفَهُ حَالًا سَهُلَتْ إدَامَتُهُ عَلَى وَجْهِ الْخَيْرِ، وَالثَّانِي نُظِرَ أَنَّهُ يُشْبِهُ الَّذِي أُسْنِدَ إلَى غَيْرِ مَالِكٍ فَكَانَ كَمُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ الْفَتْوَى اهـ. قَوْلُهُ: (لِانْقِطَاعِهِ) فَكَأَنَّهُ مُوَقَّتٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَبْقَى وَقْفًا) وَجْهُهُ أَنَّ وَضْعَ الْوَقْفِ عَلَى الدَّوَامِ، كَمَا لَوْ نَذَرَ هَدْيًا إلَى مَكَّةَ فَرَدَّهُ فُقَرَاؤُهَا. قَوْلُهُ: (إنْ مَاتَ) ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ بِلَا مَصْرِفٍ مُتَعَذِّرٌ، وَصَرْفَهُ لِغَيْرِ مَنْ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَقَارِبِ أَفْضَلُ الْقُرُبَاتِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) وَجْهُهُ أَنَّ الْمَسَاكِينَ أَعَمُّ كَمَا أَنَّ وَجْهَ الثَّالِثِ أَنَّ الْمَصَالِحَ أَعَمُّ مِنْ الْكُلِّ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ الْوَقْفُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ صُرِفَ لِلْمَصَالِحِ لَا لِأَقَارِبِ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (الْمَسَاكِينُ) هَلْ الْمُرَادُ مَسَاكِينُ بَلَدِ الْوَاقِفِ أَوْ الْوَقْفِ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي نَظَرًا إلَى اعْتِبَارِهِمْ فِي الزَّكَاةِ فُقَرَاءَ بَلَدِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْفُقَرَاءِ) هُوَ دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ: هَذَا الْمَالُ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ أَيْضًا، وَلَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِهِ وَعُذْرُ الْمُصَنِّفِ إيضَاحُ الْحَالِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْأَوَّلِ يُفْهِمُهُ. تَنْبِيهٌ: مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ فِيهِ تَعْلِيقٌ ضِمْنِيٌّ كَمَا أَنَّ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ فِيهِ تَأْقِيتٌ ضِمْنِيٌّ. قَوْلُهُ: (فَيُصْرَفُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْمِثَالِ السَّابِقِ، وَالْفَرْقُ لَائِحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ كَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي إلَخْ) رُبَّمَا يَكُونُ هَذَا أَوْلَى بِالْفَسَادِ مِنْ مُنْقَطِعِ الْآخِرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صِحَّتُهُ) أَيْ وَلِوُجُودِ الْمَصْرِفِ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ فَهُنَا يَصِحُّ بِالْأَوْلَى هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 يُصْرَفُ بَعْدَ الْأَوَّلِ فِيهِ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِيهِ. (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى وَقَفْت) كَذَا (فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) لِعَدَمِ ذِكْرِ مَصْرِفِهِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيُصْرَفُ مَصْرِفَ مُنْقَطِعِ الْآخِرِ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِيهِ. (وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ زَيْدٌ فَقَدْ وَقَفْت) إلَى آخِرِهِ. (وَلَوْ وَقَفَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ) أَيْ فِي إبْقَائِهِ وَالرُّجُوعِ فِيهِ مَتَى شَاءَ. (بَطَلَ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يَصِحُّ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ اُتُّبِعَ شَرْطِي وَالثَّانِي لَا لِتَضَمُّنِهِ الْحَجَرَ عَنْهُ) مُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ فَيَفْسُدُ الشَّرْطُ وَالْقِيَاسُ فَسَادُ الْوَقْفِ بِهِ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي وَقْفِ الْمَسْجِدِ اخْتِصَاصَهُ بِطَائِفَةٍ) أَيْ وَقْفِ الْمَكَانِ مَسْجِدًا (اخْتِصَاصَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ (بِطَائِفَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ اخْتَصَّ) بِهِمْ أَيْ قَصُرَ عَلَيْهِمْ (كَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي وَقْفِهِمَا اخْتِصَاصَهُمَا بِطَائِفَةٍ اخْتَصَّا بِهِمْ، قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ قَطْعًا وَالثَّانِي لَا يَخْتَصُّ الْمَسْجِدُ بِهِمْ، قَالَ الْإِمَامُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يَفْسُدُ الْوَقْفُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَفِيهِمَا وَالْمُحَرَّرِ التَّعْبِيرُ بِاتِّبَاعِ الشَّرْطِ. (وَلَوْ وَقَفَ عَلَى شَخْصَيْنِ) مُعَيَّنَيْنِ. (ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ أَنَّ نَصِيبَهُ يُصْرَفُ إلَى الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ، وَالثَّانِي يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ كَنَصِيبِهِمَا إذَا مَاتَا قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُجْعَلَ الْوَقْفُ فِي نَصِيبِهِ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مَعْنَاهُ يَكُونُ مَصْرِفُهُ مَصْرِفَ مُنْقَطِعِ الْوَسَطِ لَا إنَّهُ يَجِيءُ خِلَافٌ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ انْتَهَى. وَيُوَافِقُ الْبَحْثَ حِكَايَةُ وَجْهٍ بَعْدَهُ، بِالصَّرْفِ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ.   [حاشية قليوبي] الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِيهِ) مَحَلُّهُ إنْ عُلِمَ أَمَدُ الْوَسَطِ كَعَبْدِ فُلَانٍ لِنَفْسِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ يُصْرَفُ لِمَنْ ذَكَرَهُ مَا لِوَاقِفٍ بَعْدَهُ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَمَدٌ كَمَا فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ فَيُصْرَفُ بَعْدَ الْأَوَّلِ لِمَنْ ذَكَرَهُ الْوَاقِفُ بَعْدَ الرَّجُلِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ انْقِرَاضِ مَنْ قَبْلَهُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الرِّيعَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ، هُوَ مُحْتَمَلٌ وَيَظْهَرُ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (بُطْلَانُهُ) أَيْ وَإِنْ أَضَافَهُ اللَّهَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَقَوْلِهِ وَقَفْته لِلَّهِ أَوْ فِيمَا شَاءَ اللَّهُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَهُمَا الْفُقَرَاءُ، وَلَوْ قَالَ وَقَفْته عَلَى مَنْ شِئْت أَوْ فِيمَا شِئْت فَإِنْ كَانَ عَيَّنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ) أَيْ إلَّا بِالْمَوْتِ أَصْلًا أَوْ إعْطَاءً كَ وَقَفْته بَعْدَ مَوْتِي أَوْ وَقَفْته عَلَى فُلَانٍ وَلَا يُعْطَى إلَّا بَعْدَ مَوْتِي قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ حِينَئِذٍ وَصِيَّةٌ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (اُتُّبِعَ شَرْطُهُ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِلَا إجَارَةٍ وَإِلَّا فَقَالَ شَيْخُنَا يَفْسُدُ الْوَقْفُ، وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَطَ إنَّهُ يَمْنَعُ مِنْهُ مَنْ شَاءَ وَيُعْطِي مَنْ شَاءَ أَوْ إنَّ لَهُ الْإِدْخَالَ وَالْإِخْرَاجَ، أَوْ إنَّهُ يَبِيعُهُ مَتَى شَاءَ، أَوْ إذَا افْتَقَرَ أَوْ إذَا احْتَاجَ إلَى بَيْعِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَمَحَلُّ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ أَيْضًا مَا لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ وَلَوْ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَإِلَّا كَنَحْوِ خَرَابَةٍ فَلَا يُتَّبَعُ شَرْطُهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ شَرَطَ إنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ مَثَلًا، وَدَعَتْ ضَرُورَةٌ وَلَوْ مُدَّةً طَوِيلَةً إلَى عِمَارَتِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ، إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ بِقَدْرِ الْعِمَارَةِ لِلضَّرُورَةِ قَالَ شَيْخُنَا م ر بِعُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ خِلَافًا لِابْنِ عَصْرُونٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ عَدَمُ التَّوَقُّفِ عَلَى تَعَدُّدِ الْعُقُودِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (اخْتَصَّ بِهِمْ) فَإِنْ انْقَرَضُوا صَارَ عَامًّا. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) فَهِيَ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ كَمَا هُنَا لَا يَحْسُنُ فِيهِ التَّعْبِيرُ بِالِاخْتِصَاصِ. قَوْلُهُ: (كَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ) وَكَذَا الْمَقْبَرَةُ وَمَعْنَى اخْتِصَاصِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ بِالطَّائِفَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا إنَّهُ يُمْنَعُ غَيْرُهُمْ مِنْ دُخُولِهِ، وَالْجُلُوسِ فِيهِ وَلَوْ لِصَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ، فَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِمْ ذَلِكَ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْوَاقِفِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ مَكْرُوهًا وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَطَ فِي مُدَرِّسٍ كَوْنَهُ شَافِعِيًّا، فَلَا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ ذَلِكَ، التَّدْرِيسِ لِغَيْرِ شَافِعِيٍّ، وَلَا يَجُوزُ تَدْرِيسُ غَيْرِهِ أَيْضًا فِي مَكَان خَصَّصَهُ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى شَخْصَيْنِ) أَيْ وَلَمْ يَفْصِلْ وَإِلَّا كَأَنْ قَالَ لِهَذَا نِصْفُهُ وَلِذَاكَ نِصْفُهُ فَهُمَا وَقْفَانِ ثُمَّ إنْ كَانَ قَالَ ثُمَّ الْفُقَرَاءُ صُرِفَ نُصِيبُ الْمَيِّتِ لَهُمْ، وَإِنْ كَانَ قَالَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا لِلْفُقَرَاءِ كَانَ لِلْآخَرِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ بَكْرٍ ثُمَّ عَمْرٍو ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ ثُمَّ مَاتَ مَنْ قَبْلَهُ انْتَقَلَ لِمَنْ بَعْدَهُ، فَلَوْ مَاتَ بَكْرٌ قَبْلَ زَيْدٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ انْتَقَلَ لِعَمْرٍو وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِكَذَا، وَلِلْأَشْرَافِ الْمُقِيمِينَ بِبَلَدِ كَذَا بِكَذَا، فَأَقَامَ زَيْدٌ بِهَا وَهُوَ شَرِيفٌ اسْتَحَقَّ مَعَهُمْ جُزْءًا مُضَافًا لِمَا مَعَهُ وَفَارَقَ مَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِشَيْءٍ وَكَانَ فَقِيرًا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مَعَهُمْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْفُقَرَاءِ لَمْ تَثْبُتْ لِزَيْدٍ اسْتِحْقَاقًا خَاصًّا وَلِلْوَصِيِّ حِرْمَانُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] يَظْهَرُ، وَبِهِ تَعْلَمُ وَجْهَ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ. ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ قَالَ: وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَوْلَانِ فِي مُنْقَطِعِ الْآخِرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَلَى الصِّحَّةِ يُصْرَفُ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى ابْنِ الْمُقْرِي حَيْثُ يَقُولُ فِي مِثْلِ مِثَالِ الْمَتْنِ الْمَذْكُورِ: إنَّهُ يُلْغِي الْمَجْهُولَ، وَيُصْرَفُ لِمَنْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْأَوَّلِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَوْلَادِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُشْتَرِي وَاتَّهَبَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ إلَخْ) كَمَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ. وَكَمَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَفَرَّقَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ غَالِبَ الْوَصَايَا لِلْمَسَاكِينِ، وَبِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ بِدَلِيلِ صِحَّتِهَا بِالْمَجْهُولِ وَالنَّجِسِ، وَقَدْ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ الثَّانِي عِنْدَ قَوْلِهِ لِلَّهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ) مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ لَوْ نَجَزَهُ وَعَلَّقَ الْمَصْرِفَ عَلَى وَقْتٍ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ) دَلِيلُهُ أَنَّ شَخْصًا أَعْمَرَ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرْطَهُ فَقَطْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ) . وَجَّهَ السُّبْكِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَثْبُتُ لَهُ جَمِيعُ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَكِنْ لِضَرُورَةِ الْمُزَاحَمَةِ وَقَعَ الِاشْتِرَاكُ، فَإِذَا زَالَتْ انْفَرَدَ بِالِاسْتِحْقَاقِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 فَصْلٌ قَوْلُهُ: (وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْكُلِّ) أَيْ جَمِيعِ الْأَفْرَادِ وَإِدْخَالُ الـ عَلَى كُلٍّ، أَجَازَهُ الْأَخْفَشُ وَغَيْرُهُ. (وَكَذَا لَوْ زَادَ) عَلَى مَا ذُكِرَ. (مَا تَنَاسَلُوا أَوْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ) فَإِنَّهُ أَيْضًا لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْجَمِيعِ إذْ الْمَزِيدُ لِلتَّعْمِيمِ فِي النَّسْلِ، وَقِيلَ الْمَزِيدُ فِيهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ التَّرْتِيبُ. (وَلَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا أَوْ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى أَوْ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ فَهُوَ لِلتَّرْتِيبِ) فَلَا يُصْرَفُ لِلْبَطْنِ الثَّانِي مَثَلًا شَيْءٌ مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ الْأَوَّلِ بِالْجَرِّ بَدَلًا. (وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ فِي الْأَصَحِّ) إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِي وَلَدِ الْوَلَدِ لِشَخْصٍ لَيْسَ وَلَدَهُ وَالثَّانِي يَدْخُلُونَ حَمْلًا عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَالثَّالِثُ تَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنِينَ لِانْتِسَابِهِمْ إلَيْهِ دُونَ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ. (وَيَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ وَالْعَقِبِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ) لِصِدْقِ اللَّفْظِ بِهِمْ. (إلَّا أَنْ يَقُولَ عَلَى مَنْ يَنْتَسِبُ إلَيَّ مِنْهُمْ) أَيْ فَإِنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ لَا يَدْخُلُونَ فِيمَنْ ذَكَرَ نَظَرًا إلَى الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ. (وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ وَلَهُ مُعْتِقٌ) بِكَسْرِ التَّاءِ (وَمُعْتَقٌ) بِفَتْحِهَا (قُسِمَ) الْوَقْفُ (بَيْنَهُمَا) لِتَنَاوُلِ اسْمِ الْمَوْلَى لَهُمَا، (وَقِيلَ يَبْطُلُ) لِلْجَهْلِ بِالْمُرَادِ مِنْهُمَا وَامْتِنَاعِ حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ قَوْلُهُ: (يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ) أَيْ فِي الْإِعْطَاءِ وَقَدْرِ الْمُعْطَى سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى، نَعَمْ إنْ زَادَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ، فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ فَإِنَّ وَلَدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ يَخْتَصُّ بِنَصِيبِهِ وَيُشَارِكُ الْبَاقِينَ، إذَا سَاوَاهُمْ فِي الدَّرَجَةِ. قَوْلُهُ: (جَمِيعِ الْأَفْرَادِ) أَيْ لَا الْأَنْوَاعِ وَهُمَا وَلَدُهُ وَوَلَدُ وَلَدِهِ. قَوْلُهُ: (مَا تَنَاسَلُوا) قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَهُ حَتَّى لَا يَكُونَ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ تَنَاسَلَ يَكُونُ فِيهِ التَّرْتِيبُ كَالْمَذْكُورِ، وَهُوَ كَذَلِكَ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ، وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ وَقْفُ تَرْتِيبٍ أَوْ تَسْوِيَةٍ صُدِّقَ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ مِنْ نَاظِرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا حَلَفُوا أَوْ قُسِمَ بَيْنَهُمْ. قَوْلُهُ: (بَطْنًا) هُوَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَفِي كَلَامِ الْوَاقِفِ عَلَى الْحَالِيَّةِ وَيَصِحُّ رَفْعُهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَا بَعْدَهُ وَسَوَّغَهُ الْوَصْفُ الْمَحْذُوفُ أَيْ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (لِلتَّسْوِيَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ الْأَسَافِلُ وَالْأَعَالِي عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِالْجَرِّ) وَيَجُوزُ نَصْبُهُ حَالًا. قَوْلُهُ: (بَدَلًا) مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَدْخُلُ إلَخْ) أَيْ حَمْلًا عَلَى الْحَقِيقَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ حُمِلَ عَلَى الْمَجَازِ فَلَوْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَهُ شَارَكَ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ وَلَا يَحْجُبُهُمْ، قَالَ بَعْضُهُمْ فَلَوْ رَتَّبَ بِثُمَّ مَثَلًا بَطَلَ لِأَنَّهُ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ، وَنُوزِعَ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِالْأَوْلَادِ الْجِنْسُ فَيَشْمَلُ الْوَلَدَ لِوَاحِدٍ فَيَسْتَحِقُّ الْكُلَّ، فَلَوْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَهُ شَارَكَهُ وَلَا يَدْخُلُ الْحَمْلُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ حَذَرًا مِنْ إلْغَاءِ عِبَارَةِ الْوَاقِفِ، وَيَسْتَحِقُّ وَهُوَ جَنِينٌ وَيَدْخُلُ فِي نَحْوِ الذُّرِّيَّةِ، وَلَا يَدْخُلُ الرَّقِيقُ وَإِذَا عَتَقَ اسْتَحَقَّ وَلَا يَدْخُلُ الْمَنْفِيُّ بِلِعَانٍ فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ اسْتَحَقَّ حِصَّتَهُ فِيمَا مَضَى فَيَرْجِعُ بِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ وَيَدْخُلُ الْخُنْثَى فِي الْأَوْلَادِ وَيَدْفَعُ لَهُ الْمُتَيَقَّنَ إنْ فَاضَلَ وَيُوقَفُ مَا شَكَّ فِيهِ إلَى اتِّضَاحِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَنِينَ وَلَا فِي الْبَنَاتِ وَلَا يُوقَفُ لَهُ شَيْءٌ فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا دَخَلَ عَلَى مَا مَرَّ، وَلَا يَدْخُلُ بَنُونَ فِي بَنَاتٍ وَلَا عَكْسُهُ. فَرْعٌ قِيَاسُ مَا ذَكَرَ أَنَّ الْأُمَّهَاتِ لَا تَشْتَمِلُ الْجَدَّاتِ وَمَا قِيلَ مِنْ دُخُولِهِنَّ لِصِيغَةِ الْجَمْعِ تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ رَدُّهُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا الْجَدَّاتُ دَخَلْنَ كَمَا مَرَّ فِي الْأَوْلَادِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْآبَاءُ وَالْأَجْدَادُ وَيَدْخُلُ الْجَدُّ مِنْ الْأُمِّ فِيهِمْ. قَوْلُهُ: (يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ إلَخْ) نَعَمْ إنْ قَيَّدَ أَوْلَادَهُ مَثَلًا بِالْهَاشِمِيِّينَ لَمْ تَدْخُلْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ إلَّا إنْ كَانَ أَبُوهُمْ هَاشِمِيًّا. قَوْلُهُ: (نُظِرَ إلَى الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ) أَيْ إنْ كَانَ مُعْتَبَرًا شَرْعًا بِأَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ ذَكَرًا فَإِنْ كَانَ أُنْثَى دَخَلُوا بِجَعْلِ الِانْتِسَابِ لُغَوِيًّا. قَوْلُهُ: (مَوَالِيهِ) اسْمٌ لِلْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ وَكَذَا مَوْلَاهُ. قَوْلُهُ: (مُعْتِقٌ بِكَسْرِ التَّاءِ) سَوَاءٌ الْمُبَاشِرُ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ وَعَصَبَتُهُ الَّذِينَ شَمِلَهُمْ الْوَلَاءُ بِخِلَافِ نَحْوِ أَخِيهِ. قَوْلُهُ: (وَمُعْتَقٌ بِفَتْحِهَا) بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَخَرَجَ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ. قَوْلُهُ: (قُسِمَ الْوَقْفُ عَلَى جَمِيعِ الْأَفْرَادِ) سَوَاءٌ تَعَدَّدُوا مِنْ الْجَانِبَيْنِ، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمْ سَوِيَّةً بَيْنَ الرُّءُوسِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَإِنْ خَالَفَهُ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (بَيْنَهُمَا) إنْ وُجِدَا مَعًا حَالَ الْوَقْفِ وَإِلَّا اُخْتُصَّ بِالْمَوْجُودِ مِنْهَا، وَلَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ لَوْ حَدَثَ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ الِاسْمِ هُنَا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْأَوْلَادِ.   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ قَوْلُهُ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي] فَصْلٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَقِيَاسُ مَنْ جَعَلَهَا لِلتَّرْتِيبِ تَأَخُّرُ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ، وَأَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَا تَنَاسَلُوا) هُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ وَإِنْ سَفُلُوا. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْفَصْلِ قَوْلُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ عَلَى أَوْلَادِي إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخَانِ فِي هَذَا الْمِثَالِ مَا تَنَاسَلُوا، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ بَعْدَ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَدْخُلُونَ) اسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: 26] وَغَيْرِهَا وَحَدِيثِ «ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ» . فَرْعٌ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَوْلَادُ أَوْلَادٍ حُمِلَ عَلَيْهِمْ، فَلَوْ حَدَثَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَدٌ فَالظَّاهِرُ دُخُولُهُ. فَرْعٌ لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي أَوْ أَخَوَاتِي دَخَلَ الْمَوْجُودُ وَالْحَادِثُ. فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَبْطُلُ) مَأْخَذُ الْخِلَافِ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ هَلْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ رَجَّحَ كُلًّا مُرَجَّحُونَ، وَفِي الشَّرْحِ الْأَوَّلُ أَصَحُّ فِي التَّنْبِيهِ وَالثَّانِي أَرْجَحُ فِي الْوَجِيزِ وَزَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ الْأَوَّلُ. (وَالصِّفَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى جُمَلٍ مَعْطُوفَةٍ تُعْتَبَرُ فِي الْكُلِّ كَوَقَفْتُ عَلَى مُحْتَاجِي أَوْلَادِي وَأَحْفَادِي) وَهُمْ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ. (وَإِخْوَتِي وَكَذَا الْمُتَأَخِّرَةُ عَلَيْهَا) وَالِاسْتِثْنَاءُ يُعْتَبَرَانِ فِي الْكُلِّ. (إذَا عَطَفَ) فِيهِمَا (بِوَاوٍ كَقَوْلِهِ) وَقَفْت (عَلَى أَوْلَادِي وَأَحْفَادِي وَإِخْوَتِي الْمُحْتَاجِينَ أَوْ إلَّا أَنْ يَفْسُقَ بَعْضُهُمْ) فَإِنْ كَانَ الْعَطْفُ بِثُمَّ اُخْتُصَّتْ الصِّفَةُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهَا لِلْمُقَابَلَةِ وَفِي الْمُحَرَّرِ عَنْهَا وَفِي تَسْمِيَةِ مَا ذُكِرَ جُمَلًا تَسَمُّحٌ. فَصْلٌ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمِلْكَ فِي رَقَبَةِ الْمَوْقُوفِ يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَيْ يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ كَالْعِتْقِ (فَلَا يَكُونُ لِلْوَاقِفِ وَلَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) وَالثَّانِي لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْوَاقِفِ بِدَلِيلِ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ وَالثَّالِثُ يَنْتَقِلُ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَالصَّدَقَةِ وَسَوَاءٌ فِي الْخِلَافِ الْمَوْقُوفُ عَلَى مُعَيَّنٍ، أَمْ جِهَةٍ عَامَّةٍ وَلَوْ جَعَلَ الْبُقْعَةَ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً انْفَكَّ عَنْهَا اخْتِصَاصُ الْآدَمِيِّ قَطْعًا (وَمَنَافِعُهُ) أَيْ الْمَوْقُوفِ (مِلْكٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ)   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ التَّرْتِيبُ فِي طَبَقَاتِ الْمَوَالِي يُعْتَبَرُ بِمَا مَرَّ فِي الْأَوْلَادِ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) ذَكَرَهَا لِأَنَّهَا تُفِيدُ تَعَدُّدَ الْمُرَجِّحِ لِكُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (وَزَادَ فِي الرَّوْضَةِ) كَمَا زَادَهُ هُنَا عَلَى الْمُحَرَّرِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ الْأَوَّلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (تُعْتَبَرُ فِي الْكُلِّ) مَا لَمْ يَكُنْ فَصْلٌ طَوِيلٌ، وَإِلَّا اُخْتُصَّتْ بِمَا تَلِيهِ كَوَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ، وَلَهُ وَلَدٌ فَحِصَّتُهُ لِوَلَدِهِ، وَإِلَّا فَلِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَعَلَى إخْوَتِي الْمُحْتَاجِينَ. قَوْلُهُ: (مُحْتَاجِي إلَخْ) وَالْحَاجَةُ هُنَا تُعْتَبَرُ بِأَخْذِ الزَّكَاةِ. قَوْلُهُ: (وَإِخْوَتِي) هُوَ لِلذُّكُورِ وَلَا يَدْخُلُ الْإِنَاثُ وَأَخَوَاتِي بِعَكْسِهِ فَإِنْ جَمَعَهُمَا دَخَلَ الْخُنْثَى وَإِلَّا فَلَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (يُعْتَبَرَانِ) أَيْ الصِّفَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ وَالظَّاهِرُ مِنْ عَطْفِهِ عَلَى الْمُتَأَخِّرَةِ، أَنَّهُ الْمُتَأَخِّرُ وَيَدُلُّ لَهُ الْمِثَالُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْأَعَمُّ الشَّامِلُ لِلْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَوَسِّطِ فَيُوَافِقُ الْمُعْتَمَدَ وَسَكَتَ عَنْ الصِّفَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُهَا أَيْضًا، فَلَوْ قَالَ عَبْدِي هَذَا حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَزَوْجَتِي طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ، مَا لَمْ يَقْصِدْ إنْشَاءَ طَلَاقِهَا. قَوْلُهُ: (بِوَاوٍ) فَهِمَ الشَّارِحُ أَنَّ الْوَاوَ قَيْدٌ فَأَخْرَجَ مَا بِثُمَّ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، فَالْفَاءُ وَثُمَّ كَذَلِكَ إذْ الْمُعْتَبَرُ حَرْفٌ مُشْرِكٌ، وَمِنْهُ حَتَّى بِخِلَافِ لَا وَبَلْ وَلَكِنْ، كَمَا قَالَهُ فِي الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ بَلْ فِي ذَلِكَ لِلِانْتِقَالِ لَا لِلْإِضْرَابِ الْمُقْتَضِي لِإِبْطَالِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ فَلْيُرَاجَعْ وَيُحَرَّرْ. قَوْلُهُ: (يَفْسُقُ) أَيْ بِمَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهَا لِلْمُقَابَلَةِ) أَيْ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ عَلَى جُمَلٍ فَالْمُنَاسِبُ هُنَا عَنْهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (وَفِي تَسْمِيَةِ إلَخْ) وَلِذَلِكَ مَثَّلَ الْإِمَامُ لِلْجُمَلِ بِقَوْلِهِ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي دَارِي وَحَبَسْت عَلَى أَقَارِبِي ضَيْعَتِي وَسَبَّلْتُ عَلَى خَدَمِي بَيْتِي الْمُحْتَاجِينَ، أَوْ إلَّا مَنْ يَفْسُقُ مِنْهُمْ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. فَرْعٌ لَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ أَوْلَادِهِ أُعْطِيَ مَنْ هُوَ فَقِيرٌ، أَوْ مَنْ افْتَقَرَ بَعْدَ غِنَاهُ، أَوْ عَلَى أَرَامِلِ بَنَاتِهِ أُعْطِيت مَنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ أَصْلًا أَوْ مَنْ طَلُقَتْ بَعْدَ زَوَاجِهَا بِشَرْطِ فَقْرِهَا فِيهِمَا، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ إلَّا مَنْ تَزَوَّجَتْ أَوْ اسْتَغْنَتْ خَرَجَتْ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ، وَلَا يَعُودُ إلَيْهَا بَعْدَ طَلَاقِهَا أَوْ فَقْرِهَا، لِاحْتِمَالِ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهَا تَفِيءُ لَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَيْهَا وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَعُودُ لِبَنَاتِهِ بِذَلِكَ الشَّرْطِ، وَلَا بُعْدَ فِيهِ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي فَإِنْ انْقَرَضُوا هُمْ وَأَوْلَادُهُمْ فَلِلْفُقَرَاءِ فَمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ، وَلَوْ قَالَ عَلَى فُلَانٍ إنْ سَكَنَ هُنَا ثُمَّ بَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ، فَمُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ صَحِيحٌ وَعُرُوضُ إعْرَاضِهِ عَنْ السُّكْنَى لَا يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةٍ. تَنْبِيهٌ لَيْسَتْ الرَّجْعِيَّةُ أَرْمَلَةً بَلْ مُزَوَّجَةً. فَرْعٌ لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ وَوَلَدِي فُلَانٍ ثُمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي فَإِذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ ثَالِثٌ دَخَلَ وَلَدُهُ دُونَهُ كَذَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّ) فَنِسْبَةُ الْمِلْكِ إلَيْهِ مَجَازٌ عَلَى مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ، وَإِنَّمَا حَقِيقَةُ الْمِلْكِ لِلَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي   [حاشية عميرة] هُوَ مُجْمَلٌ أَوْ كَالْعَامِّ، وَالْمَحْكِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُصُولِ الثَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَحْفَادِي) يُقَالُ: رَجُلٌ مَحْفُودٌ إذَا كَانَ لَهُ خَدَمٌ وَأَعْوَانٌ يُسْرِعُونَ فِي طَاعَتِهِ، وَمِنْهُ نَسْعَى وَنَحْفَظُ أَيْ نُسْرِعُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ الْعَطْفُ بِثُمَّ إلَخْ) لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الطَّلَاقِ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي: إنَّ الشَّرْطَ يَعُودُ إلَى الْجُمْلَةِ إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِثُمَّ. [فَصْلٌ الْمِلْكَ فِي رَقَبَة الْمَوْقُوفِ يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى] الْأَظْهَرُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَيْ يَنْفَكُّ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْمَوْجُودَاتِ مِلْكٌ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ. قَوْلُهُ: (بِدَلِيلِ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ) وَأَيْضًا فَقَدْ حَبَسَ الْأَصْلَ وَسَبَّلَ الثَّمَرَةُ، وَذَلِكَ لَا يَسْتَدْعِي انْتِقَالَ مِلْكِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِلْكٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَيْسَ لِلْوَاقِفِ انْتِفَاعٌ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى الْمَسْجِدُ وَالْبِئْرُ وَالْمَقْبَرَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَلِلْوَاقِفِ فِيهَا مَا لِغَيْرِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبِغَيْرِهِ) هَذَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ، أَمَّا عَلَى غَيْرِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 مِنْ نَاظِرِهِ فَإِنْ وُقِفَ لِيَسْكُنَهُ زَيْدٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ إسْكَانُ غَيْرِهِ (وَيَمْلِكُ أُجْرَتَهُ وَفَوَائِدَهُ كَثَمَرَةٍ) وَمِنْهَا أَغْصَانُ شَجَرِ الْخِلَافِ (وَصُوفٍ) وَوَبَرٍ (وَلَبَنٍ وَكَذَا الْوَلَدُ فِي الْأَصَحِّ وَالثَّانِي يَكُونُ وَقْفًا) تَبَعًا لِأُمِّهِ وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا حِينَ الْوَقْفِ فَوَلَدُهَا وَقْفٌ عَلَى الثَّانِي، وَكَذَا عَلَى الْأَوَّلِ إنْ قُلْنَا لِلْحَمْلِ حُكْمُ الْمَعْلُومِ، وَلَوْ وَقَفَ دَابَّةً عَلَى رُكُوبِ إنْسَانٍ فَدَرُّهَا وَنَسْلُهَا لِلْوَاقِفِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ. (وَلَوْ مَاتَتْ الْبَهِيمَةُ اخْتَصَّ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ. (بِجِلْدِهَا) فَإِنْ دَبَغَهُ فَفِي عَوْدِهِ وَقْفًا وَجْهَانِ قَالَ الْمُتَوَلِّي أَصَحُّهُمَا الْعَوْدُ. (وَلَهُ مَهْرُ الْجَارِيَةِ إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ إنْ صَحَّحْنَاهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ) تَحْصِينًا لَهَا وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا قَدْ تَمُوتُ مِنْ الطَّلْقِ فَيَفُوتُ حَقُّ الْبَطْنِ الثَّانِي مِنْهَا وَعَلَى الصِّحَّةِ، وَقَوْلُنَا الْمِلْكُ فِي الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ تَعَالَى: يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ وَيَسْتَأْذِنُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ زَوَّجَهَا بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَيْضًا أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ زَوَّجَهَا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ أَحَدٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ طَلَبَتْ التَّزْوِيجَ فَلَهُمْ الِامْتِنَاعُ. (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (لَا يَمْلِكُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ إذَا أُتْلِفَ) أَيْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ وَلَا يَمْلِكُهَا الْوَاقِفُ (بَلْ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا   [حاشية قليوبي] لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْوَاقِفِ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ. قَوْلُهُ: (الثَّالِثُ يَنْتَقِلُ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ جُعِلَ) هُوَ تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً) أَوْ رِبَاطًا أَوْ مَدْرَسَةً أَوْ بِئْرًا. قَوْلُهُ: (مِنْ نَاظِرِهِ) أَيْ فِي الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ أَوْ مِنْهُ بِإِذْنِ النَّاظِرِ لَهُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (لِيَسْكُنَهُ) مِنْهُ مَحِلُّ مُؤَدِّبِ الْأَطْفَالِ وَخَلْوَةِ الْمُدَرِّسِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ لَهُ إسْكَانُ غَيْرِهِ) بِالْإِجَارَةِ مُطْلَقًا وَكَذَا الْإِعَارَةُ عِنْدَ الْخَطِيبِ، وَاعْتَمَدَ. شَيْخُنَا م ر. جَوَازَ الْإِعَارَةِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِمُسَامَحَةِ النَّاسِ بِذَلِكَ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ إمَامِنَا النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَمَّا وَلِيَ تَدْرِيسَ دَارِ الْحَدِيثِ، وَفِيهَا قَاعَةٌ لِلْمُدَرِّسِ أَسْكَنَهَا لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَسْكُنْهَا، وَلَوْ حَصَلَ فِي هَذِهِ فَوَائِدُ فَهِيَ لِلْوَاقِفِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُ أُجْرَتَهُ) وَتُدْفَعُ لَهُ جَمِيعُهَا، وَلَوْ لِزَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقَدْ مَرَّ حُكْمُ مَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَقِيلَ يَدْفَعُ لَهُ النَّاظِرُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِقَدْرِ مَا يَسْتَقِرُّ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (كَثَمَرَةٍ) أَيْ حَادِثَةٍ بَعْدَ الْوَقْفِ، وَإِلَّا فَهِيَ لِلْوَاقِفِ إنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً، وَإِلَّا فَهِيَ وَقْفٌ فَتُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِقَدْرٍ مِنْ ثَمَنِهَا مِنْ جِنْسِ أَصْلِهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَغَيْرُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَادَتْ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ ثُمَّ لِلْفُقَرَاءِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي وَكَذَا فِي الصُّوفِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (الْخِلَافِ) هُوَ نَوْعٌ مِنْ الصَّفْصَافِ أَوْ نَفْسُهُ، وَكَذَا نَحْوُهُ مِمَّا يُعْتَادُ قَطْعُهُ أَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قَطْعَهُ. نَعَمْ قَالَ الْإِمَامُ إنْ شَرَطَ قَطْعَ الْأَغْصَانِ الَّتِي لَا يُعْتَادُ قَطْعُهَا مَعَ ثِمَارِهَا كَانَتْ لَهُ كَذَا فِي الْخَطِيبِ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْوَلَدُ) أَيْ الرَّقِيقُ وَإِلَّا كَوَطْءِ شُبْهَةٍ فَقِيمَتُهُ. قَوْلُهُ: (إنْ قُلْنَا لِلْحَمْلِ حُكْمُ الْمَعْلُومِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِلْوَاقِفِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِ الرُّكُوبِ بِمَا يَضُرُّ بِهَا، وَلَوْ عَجَزَتْ عَنْهُ جَازَ فِي غَيْرِهِ وَمِثْلُ الرُّكُوبِ الْإِنْزَاءُ مَثَلًا، وَكَذَا لَوْ وَقَفَهَا لِتُدْفَعَ لَهُ أُجْرَتُهَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ رُكُوبُهَا. قَوْلُهُ: (مَاتَتْ الْبَهِيمَةُ) فَلَوْ لَمْ تَمُتْ وَأَشْرَفَتْ عَلَى الْمَوْتِ فَعَلَ الْحَاكِمُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِنْ بَيْعِهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا، أَوْ ذَبْحِهَا وَيَفْعَلُ بِلَحْمِهَا مَا يَرَاهُ مِنْ مَصْلَحَةٍ مِنْ بَيْعِهِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ عَادَتْ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ دَبَغَهُ) أَوْ انْدَبَغَ بِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْعَوْدُ) إلَى الْوَقْفِ أَوْ وَقْفُ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ مَهْرُ الْجَارِيَةِ) خَرَجَ بِهِ أَرْشُ الْبَكَارَةِ، لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (بِشُبْهَةٍ) أَيْ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا مَهْرَ لَهَا وَمِنْ الشُّبْهَةِ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ، وَمِنْهُ نِكَاحُ الْوَاقِفِ أَوْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَعَ الْعُذْرِ فِيهِمَا وَإِلَّا فَهُوَ كَقِيمَةِ الْعَبْدِ الْآتِيَةِ فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدَّ الْمُوصَى لَهُ لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُورَثُ عَنْهُ وَيَجِبُ الْمَهْرُ عَلَى الْوَاقِفِ لَا الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَهُ. قَوْلُهُ: (إنْ صَحَّحْنَاهُ) بِأَنْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ كَمَا عُلِمَ، وَلَوْ وَقَفَ زَوْجَتَهُ عَلَيْهِ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ إنْ قَبِلَ كَمَا مَرَّ أَوْ قُلْنَا بِعَدَمِ شَرْطِ الْقَبُولِ، فَلَوْ رَدَّ فِي الثَّانِيَةِ احْتَمَلَ عَدَمَ الِانْفِسَاخِ. قَوْلُهُ: (يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانَ) وَلَا دَخْلَ لِلْوَلِيِّ الْخَاصِّ هُنَا كَالْأَبِ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَأْذَن الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُعَيَّنُ وَإِلَّا فَالنَّاظِرُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَلَبَتْ إلَخْ) فَلَيْسَ لَهُمْ إجْبَارُهَا عَلَى النِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُمْ الِامْتِنَاعُ) أَيْ السُّلْطَانُ وَالْوَاقِفُ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) لَيْسَ قَيْدًا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدَهُ وَالْمُرَادُ أَتْلَفَهُ إتْلَافًا مُضَمَّنًا وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُقَصِّرْ فَلَا ضَمَانَ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي نَحْوِ صِيَالٍ وَخَرَجَ مَا لَوْ تَلِفَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ كَنَقْصِ رَصَاصِ حَمَّامٍ، فَإِنْ كَانَ بِتَقْصِيرٍ ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ تَلِفَ مِنْهُ كُوزُ سَبِيلٍ لِلشُّرْبِ مِنْهُ، وَلَوْ أَوْجَبَ إتْلَافُهُ قَوَدًا فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَقْتَصَّ وَيَفُوتُ الْوَقْفُ وَلَهُ الْعَفْوُ بِمَالٍ، وَلَا يَفُوتُ وَلَوْ جَنَى الْمَوْقُوفُ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ جَازَ الِاقْتِصَاصُ، وَيَفُوتُ الْوَقْفُ كَمَا مَرَّ. أَوْ بِمَا يُوجِبُ مَالًا أَوْ عَفَى عَلَيْهِ فِدَاءُ الْوَاقِفِ   [حاشية عميرة] كَالْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ خَاصَّةً دُونَ الْإِيجَارِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ بَيْتَ الْمُدَرِّسِ وَنَحْوَهُ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ وَلَا إعَارَتُهُ. فَرْعٌ لَوْ نَقَصَ رَصَاصُ الْحَمَّامِ بِالِاسْتِعْمَالِ ضَمِنَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَا نَقَصَ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَحْثًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِجَارَةٍ) أَيْ مَا لَمْ يَشْرُطْ نَفْيَهَا، وَكَذَا الْإِعَارَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ نَاظِرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِجَارَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَثَمَرَةٍ) أَيْ بَعْدَ الْوَقْفِ. أَمَّا الْمَوْجُودُ عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً فَهِيَ مِلْكُ الْوَاقِفِ، أَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ فَوَجْهَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَذَا الْمَوْجُودَةُ فِي الْبِئْرِ عِنْدَ الْوَقْفِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالثَّانِي يَكُونُ وَقْفًا) هُوَ نَظِيرُ مَا صَحَّحَاهُ فِي وَلَدِ الْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهَا وَالْفَرْقُ قُوَّةُ الْمِلْكِ هُنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ صَحَّحْنَاهُ) رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْفَسَادِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَحْصِينًا لَهَا) أَيْ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ كَالْإِجَارَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 لِيَكُونَ وَقْفًا مَكَانَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبَعْضُ عَبْدٍ) وَقِيلَ يَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْقُوفِ لَهُ وَقِيلَ الْوَاقِفُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لَهُ وَيَنْتَهِي الْوَقْفُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِهَا إلَى آخِرِهِ، لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ غَرَضُ الْوَاقِفِ، وَحَقُّ بَاقِي الْبُطُونِ وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ تَرْجِيحِ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ، وَإِنْ أَتْلَفَ الْعَبْدَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ أَيْ الْوَاقِفُ، فَإِنْ قُلْنَا الْقِيمَةُ لَهُ فِي إتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ فَيَشْتَرِي بِالْقِيمَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ عَبْدًا إلَى آخِرِهِ وَيَشْتَرِيهِ الْحَاكِمُ عَلَى قَوْلِنَا الْمِلْكُ فِي الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُ وَالْوَاقِفُ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَيُوقِعُهُ مَنْ يُبَاشِرُ شِرَاءَهُ وَقِيلَ يَصِيرُ وَقْفًا بِالشِّرَاءِ وَالْجَارِيَةُ كَالْعَبْدِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ عَبْدٍ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ، وَلَا عَكْسُهُ وَفِي جَوَازِ شِرَاءِ الصَّغِيرِ بِقِيمَةِ الْكَبِيرِ، وَعَكْسِهِ وَجْهَانِ أَقْوَاهُمَا فِي الرَّوْضَةِ الْمَنْعُ (وَلَوْ جَفَّتْ الشَّجَرَةُ) الْمَوْقُوفَةُ (لَمْ يَنْقَطِعْ الْوَقْفُ عَلَى الْمَذْهَبِ بَلْ يَنْتَفِعُ بِهَا جِذْعًا) إدَامَةً لِلْوَقْفِ فِي عَيْنِهَا وَقِيلَ تَصِيرُ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (وَقِيلَ تُبَاعُ وَالثَّمَنُ كَقِيمَةِ الْعَبْدِ) فَقِيلَ يُشْتَرَى بِهِ شَجَرَةٌ أَوْ شِقْصُ شَجَرَةٍ مِنْ جِنْسِهَا لِتَكُونَ وَقْفًا، وَقِيلَ يَمْلِكُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ يَنْقَطِعُ الْوَقْفُ فَيَنْقَلِبُ الْحَطَبُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا فِي مَسْأَلَتَيْ الْعَبْدِ وَالشَّجَرَةِ فَالْمَذْهَبُ فِيهَا   [حاشية قليوبي] وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْفِدَاءِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ، فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ قَدْ مَاتَ فَدَاهُ بَيْتُ الْمَالِ، وَلَا يُفْدَى مِنْ كَسْبِهِ مُطْلَقًا وَلَا مِنْ تَرِكَةِ الْوَاقِفِ وَجِنَايَاتُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ. تَنْبِيهٌ قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيُّ. فَرْعٌ اشْتَرَى بِنَاءً فِي أَرْضٍ مُحْتَكَرَةٍ، ثُمَّ وَقَفَهُ أَفْتَى ابْنُ عَلَّانَ بِأَنَّ الْوَاقِفَ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ، كَمَا يَلْزَمُهُ جِنَايَةُ عَبْدٍ وَقَفَهُ بِجَامِعٍ أَنَّ الْوَقْفَ مُفَوِّتٌ لِلْبَيْعِ فِيهِمَا، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهَا تَكُونُ فِي الرِّيعِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَتُهُ بِالتَّفْرِيغِ، قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ رَقَبَةَ الْعَبْدِ مَحِلٌّ لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ لَوْلَا الْوَقْفُ وَلَا كَذَلِكَ الْبِنَاءُ، اهـ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَبَعْضُ عَبْدٍ) فَإِنْ تَعَذَّرَ مِلْكُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى عَبْدٍ فَحُكْمُ الزَّائِدِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَتْلَفَ) أَيْ تَعَدِّيًا وَالْعَبْدُ مَفْعُولُهُ. قَوْلُهُ: (وَيَشْتَرِيهِ الْحَاكِمُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَخْذًا مِنْ التَّفْرِيعِ. قَوْلُهُ: (وَيَقِفُهُ) بِصِيغَةٍ مِنْ أَلْفَاظِ الْوَقْفِ السَّابِقَةِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ بَدَلَ الْأُضْحِيَّةِ كَذَا قَالُوا وَفِيهِ، كَمَا قَالَ الْعَبَّادِيُّ بَحْثٌ دَقِيقٌ أَنَّ مَا اشْتَرَى مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فَكَالْمُوصَى بِهِ قَالَهُ الْبُرُلُّسِيُّ. قَوْلُهُ: (مَنْ يُبَاشِرُ شِرَاءَهُ) وَهُوَ الْحَاكِمُ كَمَا مَرَّ، لَا النَّاظِرُ الْعَامُّ وَلَا الْخَاصُّ، أَمَّا مَا يَشْتَرِيهِ النَّاظِرُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فَيَقِفُهُ النَّاظِرُ، وَأَمَّا مَا يَبْنِيهِ النَّاظِرُ مِنْ مَالِهِ، أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فِي جِدَارِ الْوَقْفِ، وَلَوْ غَيْرَ مَسْجِدٍ فَيَصِيرُ وَقْفًا بِالْبِنَاءِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ مَعَ زِيَادَةٍ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ فَرَاجِعْهُ مَعَ مَا فِيهِ، وَلَعَلَّ مَا ذُكِرَ فِي وَقْفٍ عَلَى غَيْرِ أَرْضٍ مُحْتَكَرَةٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَقْوَاهُمَا فِي الرَّوْضَةِ الْمَنْعُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِذَا تَعَذَّرَ مَلَكَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ جَفَّتْ الشَّجَرَةُ إلَخْ) فَلَوْ أَخْلَفَتْ بَدَلَهَا كَالْوُدِّ فَلَهُ حُكْمُهَا، وَكَذَا لَوْ فَرَّخَتْ مِنْ جَوَانِبِهَا وَلَوْ مَعَ بَقَائِهَا، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ وَقْفٍ وَمِثْلُهُ وَلَدُ مَا وُقِفَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَوْلُهُ: (جِذْعًا) أَوْ دِعَامَةً أَوْ أَلْوَاحًا لِنَحْوِ بَابٍ، أَوْ سَقْفٍ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ الصَّلَاحِيَةِ صَارَتْ لِلْوَاقِفِ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ أَنَّهَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَكُلُّ مَنْ صَارَتْ لَهُ يَنْتَفِعُ بِهَا وَلَوْ فِي نَحْوِ الْإِحْرَاقِ لَا بِنَحْوِ بَيْعٍ وَمِثْلُهُ بِنَاءٌ أَوْ غِرَاسٌ وُقِفَ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ، وَلَمْ يَزِدْ رِيعُهُ عَلَى أُجْرَتِهِ، وَقَدْ مَرَّ عَنْ الْبُرُلُّسِيِّ كَلَامٌ فِي هَذَا آنِفًا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تُبَاعُ) وَعَلَيْهِ فَالْمُبَاشِرُ لِلشِّرَاءِ أَوْ الْوَقْفِ الْحَاكِمُ كَمَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَمْلِكُهَا إلَخْ) أَيْ وَالْأَصَحُّ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عَدَمُ الْمِلْكِ، بَلْ يَشْتَرِي عَلَى سَائِرِ الْأَقْوَالِ لِأَنَّا وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهَا، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهَا، وَلِهَذَا رَجَّحَ بَعْضُهُمْ طَرِيقَةَ الْقَطْعِ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ إلَخْ) إنْ قُلْت: اقْتَضَى صَنِيعُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَرْجِيحَ الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لِلْخِلَافِ، قُلْت: أَخْذُهُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرِّرِ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ فَإِنَّهُ مُشْعِرٌ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ) أَيْ فِي الْمَوْقُوفِ نَفْسِهِ لَا فِي قِيمَةِ الْمَوْقُوفِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ حِينَئِذٍ يُفْسِدُ. قَوْلُهُ: (إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ) أَيْ فِي الْمَوْقُوفِ نَفْسِهِ لَا فِي قِيمَةِ الْمَوْقُوفِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ حِينَئِذٍ يَفْسُدُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْقَطِعْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ وَقْفُهَا ابْتِدَاءً لِقُوَّةِ الدَّوَامِ عَلَى الِابْتِدَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ يَنْتَفِعُ بِهَا جِذْعًا) حَتَّى فِي جَعْلِهِ بَابًا مَثَلًا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَشَرَطَ فِيهِ تَعَذُّرَ الِانْتِفَاعِ بِإِجَارَتِهِ خَشَبًا قَالَ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ إلَّا بِالْإِيقَادِ فَعَلَ، وَيَصِيرُ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ اخْتِيَارِ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ: وَلَوْ كَانَ الْغِرَاسُ مَوْقُوفًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ وَرِيعُهُ لَا يَفِي بِالْأُجْرَةِ أَوْ يَفِي بِهَا فَقَطْ، سَاغَ قَلْعُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا مَلَكَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ. فَرْعٌ اشْتَرَى بِنَاءً فِي أَرْضٍ مُحْتَكَرَةٍ ثُمَّ وَقَفَهُ، أَفْتَى ابْنُ عَلَّانَ بِأَنَّ الْوَاقِفَ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ كَمَا يَلْزَمُهُ جِنَايَةُ الْعَبْدِ الَّذِي وَقَفَهُ بِجَامِعِ أَنَّ الْوَقْفَ مُفَوِّتٌ لِلْبَيْعِ فِيهِمَا. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: ظَاهِرٌ أَنَّهَا تَكُونُ فِي الرِّيعِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَتُهُ بِالتَّفْرِيغِ قَالَ: وَالْفَرْقُ أَنَّ رَقَبَةَ الْعَبْدِ مَحِلٌّ لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ لَوْلَا الْوَقْفُ وَلَا كَذَلِكَ الْغِرَاسُ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ) يُرِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ السَّابِقَ مِنْ تَفَارِيعِ الْأَوَّلِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 بِمَعْنَى الرَّاجِحِ. (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ بَيْعِ حُصْرِ الْمَسْجِدِ الْمَوْقُوفَةِ، إذَا بَلِيَتْ وَجَفَوْا عَنْهُ إذَا انْكَسَرَتْ، وَلَمْ تَصْلُحْ إلَّا لِلْإِحْرَاقِ) لِئَلَّا تَضِيعَ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا فِي مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ، وَالثَّانِي لَا تُبَاعُ بَلْ تُتْرَكُ بِحَالِهَا أَبَدًا وَحُصْرُهُ الَّتِي اُشْتُرِيَتْ أَوْ وُهِبَتْ لَهُ وَلَمْ تُوقَفْ يَجُوزُ بَيْعُهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ جَزْمًا (وَلَوْ انْهَدَمَ مَسْجِدٌ وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ لَمْ يُبَعْ بِحَالٍ) لِإِمْكَانِ الصَّلَاةِ فِيهِ فِي الْحَالِ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى الرَّاجِحِ) لِعَدَمِ الطَّرِيقِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ بَيْعِ حُصْرِ الْمَسْجِدِ وَجُذُوعِهِ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَجُذُوعِهِ) وَكَذَا جُذُوعِ عَقَارَاتِهِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ وَأَبْنِيَتِهَا، وَمِثْلُ انْكِسَارِهَا مَا لَوْ أَشْرَفَتْ عَلَى الِانْكِسَارِ أَوْ الْهَدْمِ، أَوْ كَانَتْ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ وَلَمْ يَزِدْ رِيعُهَا عَلَى الْأُجْرَةِ فَإِنَّ لَهُ قَلْعَهَا. قَوْلُهُ: (وَلَمْ تَصْلُحْ) أَيْ الْحُصْرُ وَالْجُذُوعُ إلَّا لِلْإِحْرَاقِ دَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، مَا لَوْ صَلَحَتْ لِخَلْطِ طِينٍ، وَلَوْ بِنَشْرِهَا أَوْ لِجَعْلِهَا فِي بِنَاءٍ بَدَلَ الْآجُرِّ، أَوْ السَّقْفِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلَا تُبَاعُ كَمَا مَرَّ وَمِثْلُ حُصْرِ الْمَسْجِدِ وَجُذُوعِهِ غَيْرُهَا مِنْ الْمَوْقُوفَاتِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا فِي مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ) أَيْ إنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ حَصِيرٍ أَوْ جِذْعٍ بِهِ، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (اشْتَرَيْت لَهُ) أَيْ مِنْ رِيعِهِ بِمُبَاشَرَةِ نَاظِرٍ. قَوْلُهُ: (وَهَبْت لَهُ) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ رِيعِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ تُوقَفْ) أَيْ مِنْ مَالِكِهَا أَوْ مِنْ النَّاظِرِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ وَلَيْسَتْ مِنْ بَدَلِ مُتْلَفٍ وَإِلَّا فَمِنْ الْحَاكِمِ كَشِرَائِهَا كَمَا مَرَّ، وَتَقَدَّمَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ انْهَدَمَ مَسْجِدٌ) أَيْ وَتَعَذَّرَتْ الصَّلَاةُ فِيهِ لِخَرَابِ مَا حَوْلَهُ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ) أَيْ بِنَقْصِهِ ثُمَّ إنْ رَجَى عَوْدَهُ حُفِظَ نَقْضُهُ وُجُوبًا وَلَوْ بِنَقْلِهِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ، إنْ خِيفَ عَلَيْهِ لَوْ بَقِيَ وَلِلْحَاكِمِ هَدْمُهُ وَنَقْلُ نَقْضِهِ إلَى مَحِلٍّ أَمِينٍ، إنْ خِيفَ عَلَى أَخْذِهِ وَلَوْ لَمْ يُهْدَمْ، فَإِنْ لَمْ يَرْجُ عَوْدَهُ بُنِيَ بِهِ مَسْجِدٌ آخَرُ لَا نَحْوُ مَدْرَسَةٍ وَكَوْنُهُ بِقُرْبِهِ أَوْلَى، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْمَسْجِدُ بُنِيَ بِهِ غَيْرُهُ وَأَمَّا غَلَّتُهُ الَّتِي لَيْسَتْ لِأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ وَحُصْرُهُ وَقَنَادِيلُهُ فَكَنَقْضِهِ، وَإِلَّا فَهِيَ لِأَرْبَابِهَا وَإِنْ تَعَذَّرَتْ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِمْ، كَمُدَرِّسٍ لَمْ تَحْضُرْ طَلَبَتُهُ، بِخِلَافِ إمَامٍ لَمْ يَحْضُرْ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ، فَلَا يَسْتَحِقُّ إلَّا إنْ صَلَّى فِي الْبُقْعَةِ وَحْدَهُ، لِأَنَّ عَلَيْهِ فِعْلُ الصَّلَاةِ فِيهِ وَكَوْنُهُ إمَامًا فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا بَقِيَ الْآخَرُ، وَهَذَا فِي مَسْجِدٍ تُمْكِنُ فِيهِ تِلْكَ الْوَظَائِفُ، وَإِلَّا كَمَسْجِدٍ مَحَاهُ الْبَحْرُ مَثَلًا، وَصَارَ دَاخِلَ اللُّجَّةِ فَيَنْبَغِي نَقْلُ وَظَائِفِهِ أَيْ مَعَ بَقَائِهَا مَعَ أَرْبَابِهَا لِمَا يُنْقَلُ إلَيْهِ نَقْضُهُ. تَنْبِيهٌ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُقَدِّمُ حِفْظَ غَلَّتِهِ لِرَجَاءِ عَوْدِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ صُرِفَتْ إلَى أَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا، وَإِلَّا صُرِفَتْ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ إنْ وُجِدُوا وَإِلَّا فَلِلْفُقَرَاءِ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا فِي كَلَامِهِمْ مِنْ التَّنَاقُضِ. فُرُوعٌ عِمَارَةُ الْمَسْجِدِ هِيَ الْبِنَاءُ وَالتَّرْمِيمُ وَالتَّجْصِيصُ لِلْأَحْكَامِ وَالسَّلَالِمُ وَالسَّوَارِي وَالْمَكَانِسُ وَالْبَوَارِي لِلتَّظْلِيلِ أَوْ لِمَنْعِ صَبِّ الْمَاءِ فِيهِ لِتَدْفَعَهُ لِنَحْوِ شَارِعٍ وَالْمَسَّاحِي وَأُجْرَةُ الْقَيِّمِ وَمَصَالِحِهِ تَشْمَلُ ذَلِكَ، وَمَا لِمُؤَذِّنٍ وَإِمَامٍ وَدُهْنٍ لِلسِّرَاجِ وَقَنَادِيلَ لِذَلِكَ، وَالْوَقْفُ مُطْلَقًا يُحْمَلُ عَلَى الْمَصَالِحِ، وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ الْوَقْفِ وَلَوْ مُطْلَقًا فِي تَزْوِيقٍ وَنَقْشٍ وَنَحْوِهِمَا بَلْ الْوَقْفُ عَلَى ذَلِكَ بَاطِلٌ، وَقَالَ شَيْخُنَا بِصِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى السُّتُورِ وَلَوْ بِحَرِيرٍ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا، وَفِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ مَا وُقِفَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ سِرَاجٌ لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَوْ عُمُومًا وَجَوَّزَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ احْتِرَامًا لَهُ وَدَفْعَ الْوَحْشَةِ بِالظُّلْمَةِ. تَنْبِيهٌ لَوْ زَادَ رِيعُ مَا وُقِفَ عَلَى الْمَسْجِدِ لِمَصَالِحِهِ أَوْ مُطْلَقًا اُدُّخِرَ لِعِمَارَتِهِ وَلَهُ شِرَاءُ شَيْءٍ بِهِ مِمَّا فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ زَادَ رِيعُ مَا وُقِفَ لِعِمَارَتِهِ لَمْ يُشْتَرَ مِنْهُ شَيْءٌ وَيُقَدِّمُ عِمَارَةَ عَقَارِهِ عَلَى عِمَارَتِهِ وَعَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْوَاقِفُ كَذَا فِي الْعُبَابِ وَيَجِبُ عَلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ ادِّخَارُ شَيْءٍ مِمَّا زَادَ مِنْ غَلَّتِهِ لِعِمَارَتِهِ وَشِرَاءُ عَقَارٍ بِبَاقِيهِ وَأَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِجَوَازِ الِاتِّجَارِ فِيهِ إنْ كَانَ مِنْ وَقْفِ مَسْجِدٍ وَإِلَّا فَلَا وَسَيَأْتِي أَقِرَاضُهُ تَنْبِيهٌ لَوْ أَرَادَ شَخْصٌ تَرْمِيمَ مَسْجِدٍ مَثَلًا مِنْ مَالِهِ، وَفِي رِيعِهِ كِفَايَةٌ فَلَهُ ذَلِكَ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ: وَمَنْ مَنَعَهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ لَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ شَيْءٍ مِنْ عَيْنِ الْوَقْفِ، وَلَوْ لِأَرْفَعَ مِنْهَا فَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الْعَمَلَ بِالْمَصْلَحَةِ اُتُّبِعَ شَرْطُهُ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: يَجُوزُ تَغْيِيرُ الْوَقْفِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ لَا يُغَيَّرَ مُسَمَّاهُ، وَأَنْ يَكُونَ مَصْلَحَةً لَهُ كَزِيَادَةِ رِيعِهِ، وَأَنْ لَا تُزَالَ عَيْنُهُ فَلَا يَضُرُّ نَقْلُهَا مِنْ جَانِبٍ إلَى آخَرَ. نَعَمْ يَجُوزُ فِي وَقْفِ قَرْيَةٍ عَلَى قَوْمٍ إحْدَاثُ مَسْجِدٍ وَمَقْبَرَةٍ وَسِقَايَةٍ فِيهَا. فَرْعٌ يُصَدَّقُ النَّاظِرُ فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَهُ مِمَّا يُوَافِقُ الْعَادَةَ، فَإِنْ اتَّهَمَهُ الْحَاكِمُ حَلَّفَهُ، وَمَعْنَاهُ الصَّرْفُ لِجِهَةٍ كَالْفُقَرَاءِ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ وَيَجُوزُ لِأَهْلِ الْوَقْفِ الْمُهَايَأَةُ لَا قِسْمَتُهُ وَلَوْ إفْرَازًا لَا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (الْمَوْقُوفَةُ) أَيْ بِأَنْ يُصَرِّحَ بِوَقْفِهَا لَفْظًا، وَلَا يَكْفِي الشِّرَاءُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَوْجُودُ الْآنَ بِالْمَسَاجِدِ يُبَاعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُمْ لَا يُصَرِّحُونَ فِيهِ بِوَقْفِيَّةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إذَا انْكَسَرَتْ) وَأَشْرَفَتْ عَلَيْهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 فَصْلٌ إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ اُتُّبِعَ شَرْطُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لِأَحَدٍ. (فَالنَّظَرُ لِلْقَاضِي عَلَى الْمَذْهَبِ) وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ قِيلَ لِلْوَاقِفِ وَقِيلَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَقِيلَ لِلْقَاضِي، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْقُوفِ لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ لِلْوَاقِفِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَفِي الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ الَّذِي يَقْتَضِي كَلَامُ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ الْفَتْوَى بِهِ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ، فَالتَّوْلِيَةُ لِلْحَاكِمِ أَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ فَكَذَلِكَ إنْ قُلْنَا الْمِلْكُ، يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ التَّوْلِيَةُ. (وَشَرْطُ النَّاظِرِ الْعَدَالَةُ وَالْكِفَايَةُ وَالِاهْتِدَاءُ إلَى التَّصَرُّفِ) هُوَ الْمُهِمُّ مِنْ الْكِفَايَةِ ذُكِرَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَزِيدٌ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. (وَوَظِيفَتُهُ الْعِمَارَةُ وَالْإِجَارَةُ وَتَحْصِيلُ الْغَلَّةِ وَقِسْمَتُهَا) عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَحِفْظُ الْأُصُولِ وَالْغَلَّاتِ عَلَى الِاحْتِيَاطِ، وَكَأَنَّ السُّكُوتَ عَنْ ذَلِكَ لِظُهُورِهِ وَهَذَا إذَا أَطْلَقَ النَّظَرَ لَهُ   [حاشية قليوبي] فَائِدَةٌ أَسْتَارُ الْكَعْبَةِ الْمَوْقُوفَةُ كَحُصْرِ الْمَسْجِدِ فِيمَا مَرَّ قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ الْأَمْرُ فِيهَا إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَجِّ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. فَصْلٌ فِي النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِ النَّاظِرِ وَوَظِيفَتِهِ قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُهُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَقَبُولُهُ كَالْوَكِيلِ اهـ. قَوْلُهُ: (اُتُّبِعَ شَرْطُهُ) أَيْ فِي اسْتِحْقَاقِهِ النَّظَرَ وَكَذَا فِيمَا شَرَطَ لَهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ وَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الْوَاقِفِ وَفِي غَيْرِهِ مُطْلَقًا، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ شَيْءٌ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ، إلَّا إنْ قَرَضَ لَهُ الْحَاكِمُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ بَعْدَ رَفْعِهِ لَهُ، فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ بِغَيْرِ مَا قُرِّرَ لَهُ ضَمِنَهُ، وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِرَدِّهِ لِلْقَاضِي وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا يُؤْخَذُ ضِيَافَةً أَوْ حُلْوَانًا. فَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِجَوَازِهِ نَظَرًا لِلْعَادَةِ وَمَنَعَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ بَذَلَهُ دَافِعُهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ بِلَا إكْرَاهٍ وَبِلَا خَوْفِ زَوَالِ الْوَقْفِ عَنْهُ، وَبِلَا نَقْصِ أُجْرَةِ وَقْفِهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامِهِمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْقَاضِي) أَيْ قَاضِي بَلَدِ الْوَقْفِ مِنْ حَيْثُ إجَارَتُهُ وَحِفْظُهُ وَنَحْوُهُمَا. وَقَاضِي بَلَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ التَّصَرُّفُ وَقِسْمَةُ الْغَلَّةِ وَنَحْوُهُمَا. كَمَا فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْقَاضِيَيْنِ فِعْلُ مَا لَيْسَ لَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَذْهَبِ) هُوَ طَرِيقٌ قَاطِعٌ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ سَوَاءٌ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمُعَيَّنِ أَوْ الْجِهَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ النَّاظِرِ) وَإِنْ كَانَ هُوَ الْوَاقِفَ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَشَمِلَ الْأَعْمَى وَالْأُنْثَى. قَوْلُهُ: (الْعَدَالَةُ) أَيْ الْبَاطِنَةُ فَلَا يَصِحُّ لِذِمِّيٍّ وَلَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ. قَوْلُهُ: (هُوَ الْمُهِمُّ إلَخْ) أَيْ فَذِكْرُهُ مِنْ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ وَحِكْمَتُهُ مَا ذَكَرَهُ، وَلَوْ زَالَتْ الْأَهْلِيَّةُ انْتَقَلَ النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ لَا لِمَنْ بَعْدَهُ مِمَّنْ شَرَطَ لَهُ النَّظَرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ عَادَتْ الْأَهْلِيَّةُ عَادَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ إنْ كَانَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ بِالنَّصِّ عَلَى عَيْنِهِ وَإِلَّا فَلَا وَثُبُوتُ أَهْلِيَّتِهِ فِي مَكَان مِنْ جُمْلَةِ الْوَقْفِ يَسْرِي عَلَى بَقِيَّتِهِ مِنْ حَيْثُ الْأَمَانَةُ مُطْلَقًا، وَكَذَا الْكِفَايَةُ إنْ كَانَ أَعْلَى مِنْ الْبَقِيَّةِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا فِي الْجَمِيعِ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ النَّاظِرَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ لَا يَنْعَزِلُ وَلَوْ بِعَزْلِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا يُبَدَّلُ بِغَيْرِهِ وَأَنَّ عُرُوضَ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ مَانِعٌ مِنْ تَصَرُّفِهِ لَا سَالِبٌ لِوِلَايَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِسْمَتُهَا عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا) وَيُرَاعِي زَمَنًا عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ أَخْذُ مَعْلُومٍ قَبْلَ وَقْتِ اسْتِحْقَاقِهِ، وَلَهُ جَعْلُ الْمَالِ تَحْتَ يَدِهِ مِنْ حَيْثُ الْوِلَايَةُ لَا الِاسْتِحْقَاقُ لِيَأْخُذَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْهُ قَدْرَ مَعْلُومِهِ فِي وَقْتِهِ مِنْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَلَا يَجُوزُ مِثْلُ ذَلِكَ لِلْجَابِي وَلَا لِلْعَامِلِ وَلَا غَيْرِهِمَا، إلَّا بِإِذْنِهِ وَهُمْ نُوَّابُهُ فِيهِ وَلَهُ التَّوْلِيَةُ وَالْعَزْلُ وَتَنْزِيلُ الطَّلَبَةِ وَتَقْدِيرُ جَوَامِكِهِمْ لَا لِمُدَرِّسٍ بِلَا نَظَرٍ، وَلَوْ جَهِلَ النَّاظِرُ مَرَاتِبَ الطَّلَبَةِ نَزَّلَهُمْ الْمُدَرِّسُ بِإِذْنِهِ وَلَهُ إقْرَاضُ مَالِ الْوَقْفِ، كَمَا فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَلَهُ الِاقْتِرَاضُ عَلَى الْوَقْفِ وَلَوْ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ. إنْ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ أَوْ أَذِنَ فِيهِ الْحَاكِمُ وَتَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْوَظَائِفِ قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ وَلَا يَسْتَنِيبُ إلَّا مِثْلَهُ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ كَمَا مَرَّ. وَأُجْرَةُ النَّائِبِ عَلَى مَنْ اسْتَنَابَهُ لَا عَلَى الْوَقْفِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْفُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ حَيْثُ قَالَ بِعَدَمِهَا فِي الثَّانِي. فَرْعٌ يُرَاعَى فِي النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، فَلَا يَجُوزُ النُّزُولُ عَنْهَا لِمَنْ لَيْسَ فِيهِ شَرْطُهُ، وَلَا يَصِحُّ تَقْرِيرُهُ فِيهَا وَيَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَى الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ مَعْلُومَهَا وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَرَّرَ فِي وَظِيفَتِهِ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لَهَا.   [حاشية عميرة] فَصْلٌ إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) مُحَصَّلُهُ أَنَّ فِي الْجِهَةِ الْعَامَّةِ كَالطَّرِيقَةِ الْأُولَى، وَفِي الْمُعَيَّنِ يَكُونُ الْحُكْمُ نَظِيرَ مَا يَتَحَصَّلُ مِنْ أَوْجُهِ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَوَظِيفَتُهُ إلَخْ) وَلَوْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَقِسْمَتُهَا) وَأَمَّا التَّوْلِيَةُ وَالْعَزْلُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إلَيْهِ، وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ: إنَّ الْمُدَرِّسَ هُوَ الَّذِي يُقَرِّرُ الْفُقَهَاءَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلنَّاظِرِ. وَنَازَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ مُتَمَسِّكًا بِأَنَّ لَهُ الْقِسْمَةَ فَلَهُ التَّعْيِينُ. فَرْعٌ مَنْ عُيِّنَ لِاسْتِحْقَاقٍ لَا يَجُوزُ عَزْلُهُ بِغَيْرِ سَبَبٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي الْأَجْنَادِ الْمُرَتَّبِينَ فِي الدِّيوَانِ وَهَذَا أَوْلَى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 (فَإِنْ فُوِّضَ إلَيْهِ بَعْضُ هَذِهِ الْأُمُورِ لَمْ يَتَعَدَّهُ) وَلَوْ فُوِّضَ إلَى اثْنَيْنِ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ. (وَلِلْوَاقِفِ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ) النَّظَرُ. (وَنَصْبُ غَيْرِهِ) وَهَذَا حَيْثُ كَانَ النَّظَرُ لَهُ. (إلَّا أَنْ يَشْرِطَ نَظَرَهُ حَالَ الْوَقْفِ) فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ بَعْدَ شَرْطِهِ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ. كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ. (وَإِذَا أَجَّرَ النَّاظِرُ) مُدَّةً بِأُجْرَةٍ (فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ) عَلَيْهَا (لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ جَرَى بِالْغِبْطَةِ فِي وَقْتِهِ، وَالثَّانِي يَنْفَسِخُ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ عَلَى خِلَافِ الْغِبْطَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَضَعَّفَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ. كِتَابُ الْهِبَةِ هِيَ شَامِلَةٌ لِلصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي. (التَّمْلِيكُ بِلَا عِوَضٍ هِبَةٌ) ذَاتُ أَنْوَاعٍ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لَمْ يَتَعَدَّهُ) وَلَوْ أَبْطَلَ السُّلْطَانُ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لَمْ يَجُزْ تَغْيِيرُهُ مَا دَامَ لَهُ قِيمَةٌ. فَرْعٌ حُرِّرَ الدِّرْهَمُ النُّقْرَةُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ فِي سِتَّةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْأَلْفِ، فَوُجِدَ أَنَّهُ قَدْرُ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْفُلُوسِ مُعَامَلَةً ذَلِكَ الْوَقْتَ ثُمَّ حَرَّرَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي سَنَةِ عِشْرِينَ بَعْدَ الْأَلْفِ فَوَجَدَهُ يُسَاوِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ) عَلَى مَا فِي الْوَصِيَّةِ لِاثْنَيْنِ. تَنْبِيهٌ لَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدُ مِنْ أَوْلَادِهِ دَخَلَ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ، وَمَتَى ثَبَتَ رُشْدُ وَاحِدٍ لَمْ يُنْتَقَلْ عَنْهُ بِرُشْدِ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ، وَلَوْ تَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ بِرُشْدِ اثْنَيْنِ مَثَلًا اشْتَرَكَا حَيْثُ وُجِدَتْ الْأَهْلِيَّةُ وَسَقَطَ الرُّشْدُ لِلتَّعَارُضِ فِيهِ، وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ النَّاقِلَةُ. قَوْلُهُ: (وَلِلْوَاقِفِ عَزْلُ مَنْ وَلَّاهُ) خَرَجَ غَيْرُهُ مِنْ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ وَالْمُدَرِّسُ وَالْإِمَامُ وَالطَّلَبَةُ وَنَحْوُهُمْ، فَلَيْسَ لَهُمْ وَلَا لِلنَّاظِرِ وَلَا لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَزْلُهُمْ بِغَيْرِ سَبَبٍ، وَلَا يَنْفُذُ عَزْلُهُمْ يَضُمَّن عَازِلُهُمْ بِهِ، وَيُطَالَبُ بِسَبَبِهِ إلَّا إنْ عُلِمَتْ صِيَانَتُهُ وَدِيَانَتُهُ وَأَمَانَتُهُ وَعِلْمُهُ. فَرْعٌ الْمُرَادُ بِالْمُعِيدِ إذَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ مَنْ يُعِيدُ لِلطَّلَبَةِ مَا قَرَأَهُ الْمُدَرِّسُ لِإِيضَاحٍ أَوْ تَفْهِيمٍ، وَيُنَزَّهُ مَحِلُّ التَّدْرِيسِ عَنْ تَفْرِقَةِ الْمَعْلُومِ فِيهِ لِلطَّلَبَةِ، وَلَوْ فَضَلَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ شَيْءٌ بَقِيَ مَعَ مَنْ يَصْرِفُ لَا لِلْفُقَرَاءِ، وَلَوْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْ النَّاظِرِ كِتَابَ الْوَقْفِ لِمَعْرِفَةِ اسْتِحْقَاقِهِمْ وَجَبَ دَفْعُهُ لَهُمْ. قَوْلُهُ: (أَجَّرَ النَّاظِرُ) خَرَجَ بِهِ الْمُسْتَحِقُّ، فَلَهُ إجَارَةُ حِصَّتِهِ بِدُونِ أُجْرَةِ مِثْلِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ ظَهَرَ) أَيْ طَرَأَ بَعْدَ الْعَقْدِ. فَرْعٌ لَوْ ضَاقَ الْوَقْفُ عَنْ مُسْتَحِقِّيهِ لَمْ يُقَدَّمْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بَلْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالْمُحَاصَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ إحْدَاثُ وَظِيفَةٍ لَمْ تَكُنْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ الْوَقْفِ فِيهَا وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ قُرِّرَ فِيهَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الْمَعْلُومِ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ إبْطَالُ وَظِيفَةٍ مِمَّا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَيَفْسُقُ فَاعِلُ ذَلِكَ، وَيَنْعَزِلُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ تَقْدِيمُ بَعْضِ الْمُسْتَحِقِّينَ عَلَى بَعْضٍ فِي الْإِعْطَاءِ، وَلَوْ انْدَرَسَتْ مَقْبَرَةٌ مَوْقُوفَةٌ، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ لَمْ يَجُزْ لِلنَّاظِرِ إجَارَتُهَا لِلزِّرَاعَةِ مَثَلًا، وَإِنْ قَصَدَ صَرْفَ أُجْرَتِهَا لِنَحْوِ مَصَالِحِ الْوَقْفِ وَالْمَسْجِدِ وَلَوْ انْدَرَسَ شَرْطُ الْوَاقِفِ يَضُمَّنِّ التَّرْتِيبُ بَيْنَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ وَمِقْدَارِ حِصَصِهِمْ قُسِمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا أَوْ لَا بَيِّنَةَ عُمِلَ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ بِلَا يَمِينٍ إنْ كَانَ حَيًّا وَإِلَّا فَوَارِثُهُ، وَإِلَّا فَنَاظِرٌ مِنْ جِهَتِهِ، وَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَارِثِ لَوْ اخْتَلَفَا وَإِلَّا فَذُو الْيَدِ مِنْهُمْ فَإِنْ كَانَتْ الْيَدُ لِلْكُلِّ قُسِمَ بَيْنَهُمْ وَلَا يُعْتَبَرُ بِقَوْلِ نَاظِرِ الْحَاكِمِ وَنَفَقَةُ الْمَوْقُوفِ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ وَعِمَارَتِهِ مِنْ حَيْثُ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، وَإِلَّا فَمِنْ مَنَافِعِ الْمَوْقُوفِ كَكَسْبِ الْعَبْدِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ مَا عَدَا الْعِمَارَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. كِتَابُ الْهِبَةِ مِنْ هَبَّ بِمَعْنَى مَرَّ لِمُرُورِهَا مِنْ يَدٍ إلَى أُخْرَى، أَوْ بِمَعْنَى تَيَقَّظَ لِتَيَقُّظِ فَاعِلِهَا لِلْخَيْرِ فَهِيَ مَنْدُوبَةٌ وَقَدْ تَخْرُجُ عَنْ النَّدْبِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (هِيَ إلَخْ) أَيْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَأَمَّا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ فَهِيَ مُقَابِلَةٌ لَهُمَا. قَوْلُهُ: (التَّمْلِيكُ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ نَقْلُ الْيَدِ عَنْ اخْتِصَاصٍ فَيَصِحُّ وَلَا يُسَمَّى هِبَةً الْعَارِيَّةُ وَالضِّيَافَةُ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بِالْوَضْعِ فِي الْفَمِ أَوْ بِالِازْدِرَادِ عَلَى الْأَصَحِّ وَمِثْلُهُ الْوَقْفُ لِأَنَّهُ لَا تَمْلِيكَ فِيهِ، وَشَمِلَ التَّمْلِيكُ مَا يُهْدَى لِغَنِيٍّ مِنْ نَحْوِ أُضْحِيَّةٍ، أَوْ هَدْيٍ فَإِنَّهُ تَمْلِيكٌ وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَحْوِ بَيْعٍ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِلَا   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (يَنْفَسِخُ) اقْتِضَاءُ هَذَا الِانْفِسَاخِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى فَسْخٍ. فَرْعٌ فَضَلَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ شَيْءٌ هَلْ يَجُوزُ الِاتِّجَارُ فِيهِ؟ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالْجَوَازِ إنْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَلَا. خَاتِمَةٌ أَرَادَ بَعْضُ النَّاسِ تَرْمِيمَ الْوَقْفِ وَفِي رِيعِهِ كِفَايَةٌ، نَقَلَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عَنْ بَعْضِهِمْ مَنْعَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْطِيلِ غَرَضِ الْوَاقِفِ عَلَيْهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْأَجْرِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ. [كِتَابُ الْهِبَةِ] ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (التَّمْلِيكُ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّ الِاخْتِصَاصَاتِ لَا تَجْرِي فِيهَا الْهِبَةُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 (فَإِنْ مَلَّكَ مُحْتَاجًا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ) أَيْ لِأَجْلِهِ شَيْئًا. (فَصَدَقَةٌ فَإِنْ نَقَلَهُ إلَى مَكَانِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إكْرَامًا لَهُ فَهَدِيَّةٌ) فَكُلٌّ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَالْهَدِيَّةِ هِبَةٌ، وَلَا عَكْسَ وَغَيْرُهُمَا اقْتَصَرَ عَلَى اسْمِ الْهِبَةِ، وَانْصَرَفَ الِاسْمُ عَنْ الْإِطْلَاقِ إلَيْهِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ. (وَشَرْطُ الْهِبَةِ) أَيْ لِتَتَحَقَّقَ (إيجَابٌ وَقَبُولٌ لَفْظًا) نَحْوُ وَهَبْت لَك هَذَا فَيَقُولُ قَبِلْت. (وَلَا يَشْتَرِطَانِ فِي الْهَدِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ بَلْ يَكْفِي الْبَعْثُ مِنْ هَذَا وَالْقَبْضُ مِنْ ذَاكَ) كَمَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْأَعْصَارِ وَالْمُشْتَرَطُ قَاسَهَا عَلَى الْهِبَةِ وَحَمَلَ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَرَدَّ بِتَصَرُّفِهِمْ فِي الْمَبْعُوثِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الصَّدَقَةُ كَالْهَدِيَّةِ بِلَا فَرْقٍ وَقَوْلُهُ لَفْظًا تَأْكِيدٌ وَنَصَبَهُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ الْبَاءِ (وَلَوْ قَالَ) بَدَلَ وَهَبْتُك. (أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ) أَيْ جَعَلْتهَا لَك عُمُرَك. (فَإِذَا مِتّ فَهِيَ لِوَرَثَتِك فَهِيَ هِبَةٌ) طَوَّلَ فِيهَا الْعِبَارَةَ. (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَعْمَرْتُكَ) هَذِهِ الدَّارَ (فَكَذَا) أَيْ هِيَ هِبَةٌ. (فِي الْجَدِيدِ) وَالْقَدِيمِ الْبُطْلَانُ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْمَرْتُكَ سَنَةً. (لَوْ قَالَ) بَعْدَهُ (فَإِذَا مِتّ عَادَتْ إلَيَّ فَكَذَا) أَيْ هِيَ هِبَةٌ. (فِي الْأَصَحِّ) عَلَى الْجَدِيدِ وَيَلْغُو الشَّرْطُ وَالثَّانِي يَبْطُلُ الْعَقْدُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ وَعَلَى الْقَدِيمِ، تَبْطُلُ مِنْ بَابِ أَوْلَى كَمَا ذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ. (وَلَوْ قَالَ أَرْقَبْتُك) هَذِهِ الدَّارَ (أَوْ جَعَلْتهَا لَك رُقْبَى أَيْ إنْ مِتّ قَبْلِي عَادَتْ إلَيَّ وَإِنْ مِتّ قَبْلَك اسْتَقَرَّتْ لَك فَالْمَذْهَبُ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ) فَالْجَدِيدُ يَصِحُّ هِبَتُهُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ إنْ مِتّ قَبْلِي عَادَتْ إلَيَّ، وَالْقَدِيمُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ، وَالرُّقْبَى مِنْ الرَّقُوبِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يَرْقُبُ مَوْتَ صَاحِبِهِ،   [حاشية قليوبي] عِوَضٍ التَّطَوُّعُ فَيَخْرُجُ الْبَيْعُ، وَنَحْوُهُ وَالنَّذْرُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدِ كَوْنِهِ فِي حَيَاةٍ لِتَخْرُجَ الْوَصِيَّةُ، لِأَنَّهَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ. قَوْلُهُ: (مُحْتَاجًا لِثَوَابِ الْآخِرَةِ) لَيْسَ قَيْدًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُهُ لِأَجْلِهِ أَيْ فِي الثَّوَابِ الْوَاقِعِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ حَالَ الْإِعْطَاءِ، أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ وَقَدْ يَكُونُ ذَكَرَهُ احْتِرَازًا عَنْ ثَوَابِ الدُّنْيَا الْآتِي الَّذِي تَكُونُ الْهِبَةُ مَعَهُ بَيْعًا لَا خُصُوصَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَقَلَهُ) لَعَلَّهُ لِلْأَغْلَبِ لِأَنَّ مِنْ الْهَدِيَّةِ الْعَقَارُ مَثَلًا وَلَيْسَ فِيهِ نَقْلٌ، وَالْمُرَادُ بِالنَّقْلِ مَا يَشْمَلُ الْبَعْثَ بِهِ إلَيْهِ مَعَ وَكِيلِهِ مَثَلًا فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ بِالْوَاوِ لِإِيهَامِ الْفَاءِ أَنَّ الْهَدِيَّةَ قِسْمٌ مِنْ الصَّدَقَةِ مَرْدُودٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الصَّدَقَةَ لَازِمَةٌ لِلْهَدِيَّةِ، وَبِفَرْضِ عَدَمِ ذَلِكَ قَدْ يَجْتَمِعَانِ، كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ النَّقْلُ وَالْحَاجَةُ. قَوْلُهُ: (إكْرَامًا) أَيْ فِي الْوَاقِعِ وَقَدْ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ نَحْوِ رِشْوَةٍ وَإِعْطَاءِ نَحْوِ شَاعِرٍ خَوْفًا مِنْ هَجْوِهِ. قَوْلُهُ: (فَهَدِيَّةٌ) وَلَعَلَّ مِنْهَا خِلَعَ الْمُلُوكِ الْمَعْرُوفَةُ وَكِسْوَةَ نَحْوِ الْحَاجِّ إذَا قَصَدَ دَافِعُهَا عَدَمَ الرُّجُوعِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا عَكْسَ) أَيْ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَلَيْسَ كُلُّ هِبَةٍ صَدَقَةً، وَهَدِيَّةً وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي الْحَلِفِ، فَمَنْ حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ لَمْ يَحْنَثْ بِهِبَةٍ أَوْ هَدِيَّةٍ أَوْ حَلَفَ لَا يُهْدِي لَمْ يَحْنَثْ بِصَدَقَةٍ وَهِبَةٍ، أَوْ لَا يَهَبُ حَنِثَ بِهِمَا، وَعِتْقُ عَبْدِهِ وَإِبْرَاءُ مَدِينِهِ مِنْ الصَّدَقَةِ، كَمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ ذَلِكَ) يُفْهِمُ أَنَّ هُنَاكَ قِسْمًا آخَرَ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَكُلُّهَا مَنْدُوبَةٌ وَأَفْضَلُهَا الصَّدَقَةُ. نَعَمْ تَحْرُمُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي مَعْصِيَةٍ. قَوْلُهُ: (لِتَتَحَقَّقَ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْطِ الرُّكْنُ، وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ وَاهِبٌ وَمَوْهُوبٌ وَمَوْهُوبٌ لَهُ وَصِيغَةٌ. قَوْلُهُ: (إيجَابٌ وَقَبُولٌ) وَلَوْ ضِمْنًا كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي وَخَرَجَ بِذَلِكَ إلْبَاسُ الْوَلِيِّ حُلِيًّا مَثَلًا لِمَحْجُورِهِ، أَوْ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ هـ، فَلَيْسَ هِبَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِمَا، وَيُصَدَّقَانِ أَنَّهُ لَيْسَ هِبَةً بِالْيَمِينِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الصِّيغَةِ هُنَا مَا فِي الْبَيْعِ، فَلَوْ أَوْجَبَ لَهُ شَيْئَيْنِ فَقَبِلَ أَحَدَهُمَا أَوْ شَيْئًا فَقَبِلَ بَعْضَهُ لَمْ يَصِحَّ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا عَنْ وَالِدِهِ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ، وَإِنْ نَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الْمَذْكُورِ، وَلَوْ وَهَبَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ، لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ فِي الْوَلَدِ. وَمَا وَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُهْدِيَ لَهُ سَمْنٌ وَأَقِطٌ وَكَبْشٌ فَرَدَّ الْكَبْشَ وَقَبِلَ الْآخَرَيْنِ» ، فَذَلِكَ مِنْ الْهَدِيَّةِ لَا الْهِبَةِ. قَوْلُهُ: (نَحْوَ وَهَبْت لَك) أَوْ وَهَبْتُك أَوْ مَنَحْتُك أَوْ عَظَّمْتُك أَوْ مَلَّكْتُك أَوْ أَكْرَمْتُك أَوْ أَنْحَلْتُكَ أَوْ أَطْعَمْتُك وَلَوْ لِغَيْرِ طَعَامٍ، وَكُلُّهَا صَرَائِحُ وَمِنْ الْكِنَايَةِ كَسَوْتُك هَذَا الثَّوْبَ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْعَارِيَّةَ. قَوْلُهُ: (لَفْظًا تَأْكِيدٌ) لِأَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ لَا يَكُونَانِ إلَّا بِهِ، وَلَا يَرِدُ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ لِقِيَامِهَا مَقَامَ اللَّفْظِ. قَوْلُهُ: (الدَّارَ) أَوْ الدَّابَّةَ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (فَهِيَ هِبَةٌ) إنْ عَرَفَ مَعْنَى ذَلِكَ اللَّفْظِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ فِي هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا وَيُصَدَّقُ مَنْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِمَعْنَاهُ، وَأَمْكَنَ وَمِثْلُ جَعَلْته لَك وَهَبْتُك وَمِثْلَ عُمُرِكَ مَا عِشْت بِخِلَافِ عُمْرِي، أَوْ عُمَرَ زَيْدٍ أَوْ سَنَةً، فَلَا تَصِحُّ وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ أَرْقَبَ كُلٌّ مِنْ شَرِيكَيْنِ، أَوْ مَالِكَيْنِ دَارًا عَلَى الْآخَرِ، أَوْ قَالَ كُلٌّ هِيَ لِآخِرِنَا مَوْتًا فَيَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَيَلْغُو الشَّرْطُ) وَإِنْ ظَنَّ لُزُومَهُ أَوْ صِحَّتَهُ وَلَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَلْغُو فِيهِ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ إلَّا هَذَا وَذَلِكَ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُحْتَاجًا) مِثْلُهُ غَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ: لِثَوَابِ الْآخِرَةِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ غَفَلَ عَنْ ذَلِكَ وَمَلَكَهُ لِأَجْلِ حَاجَتِهِ لَا يَكُونُ صَدَقَةً وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ نَقَلَهُ) الْوَاوُ أَحْسَنُ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ الْهَدِيَّةَ نَوْعٌ مِنْ الصَّدَقَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إكْرَامًا) خَرَجَ بِهِ الرِّشْوَةُ، وَمَا يُعْطَى لِلشَّاعِرِ خَوْفًا مِنْ هَجْوِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَهَدِيَّةٌ) مِنْهَا الْهَدْيُ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ إلَى مَكَّةَ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ الْبُطْلَانُ) أَيْ «لِقَوْلِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقُولَ: هِيَ لَك وَلِعَقِبِك، فَأَمَّا إذَا قَالَ: هِيَ لَك مَا عِشْت فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهَا» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَيْ إنْ مِتّ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ تَفْسِيرٌ لِلصُّورَتَيْنِ قَبْلَهُ اهـ. وَقَضِيَّةُ الْمِنْهَاجِ أَنَّ التَّفْسِيرَ الْمَذْكُورَ إلَخْ يَقْتَضِي الثَّانِيَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ صُورَةُ السُّكُوتِ، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ الَّذِي فِيهِ صُورَةِ التَّفْسِيرِ. قَوْلُهُ: (الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ) لِأَنَّ هَذَا اشْتِرَاطٌ فِي الْعُمْرَى كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ذَكَرَ الطَّرِيقَيْنِ فِي صُورَتَيْ التَّفْسِيرِ، وَالسُّكُوتُ عَنْهُ أَيْ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ «الْعُمْرَى مِيرَاثٌ لِأَهْلِهَا» . (وَمَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ هِبَتُهُ وَمَا لَا) يَجُوزُ بَيْعُهُ. (كَمَجْهُولٍ وَمَغْصُوبٍ وَضَالٍّ) وَآبِقٍ. (فَلَا) يَجُوزُ هِبَتُهُ (إلَّا حَبَّتَيْ حِنْطَةٍ وَنَحْوَهُمَا) فَإِنَّهُمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَجُوزُ هِبَتُهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الدَّقَائِقِ لِانْتِفَاءِ الْمُقَابِلِ فِيهَا وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ الْمَزِيدُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا أَمْرُ الْعَاقِدَيْنِ وَاضِحٌ أَيْ مِنْ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ. (وَهِبَةُ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ إبْرَاءٌ) مِنْهُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى وَقِيلَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ (وَلِغَيْرِهِ بَاطِلَةٌ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي صَحِيحَةٌ، وَهُمَا مُفَرَّعَانِ فِي الشَّرْحِ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِنْ وَهَبَهُ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ فِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ. (وَلَا يُمْلَكُ مَوْهُوبٌ إلَّا بِقَبْضٍ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) فَيَتَخَيَّرُ وَارِثُ الْوَاهِبِ فِي الْإِقْبَاضِ وَيَقْبِضُ وَارِثُ الْمَوْهُوبِ لَهُ، إنْ أَقْبَضَهُ الْوَاهِبُ. (وَقِيلَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ) لِجَوَازِهِ كَالشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ   [حاشية قليوبي] لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَيْ إنْ مِتُّ إلَخْ. مِنْ كَلَامِ الْمُرْقِبِ وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيَلْغُو الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ، الْمُقْتَضِي أَنَّ مَحِلَّ الطَّرِيقَيْنِ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَأَنَّ حَالَةَ السُّكُوتِ، إنَّمَا طُرِدَ فِيهَا الطَّرِيقَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السُّكُوتَ عَنْهُ مُلْحَقٌ بِذِكْرِهِ، لِإِفَادَةِ اللَّفْظِ لَهُ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ التَّفْسِيرَ عَائِدٌ إلَى الصُّوَرِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَمَا جَازَ بَيْعُهُ) أَيْ مِنْ الْأَعْيَانِ، فَلَا يَصِحُّ هِبَةُ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ وَتَصِحُّ هِبَةُ الْمَنَافِعِ، وَتُقْبَضُ بِقَبْضِ مَحِلِّهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتُمَلَّكُ بِاسْتِيفَائِهَا وَمَحِلُّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَجُوزُ هِبَتُهُ) بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَتَجُوزُ صَدَقَتُهُ وَهَدِيَّتُهُ، كَمَا مَرَّ وَتَصِحُّ فِي الْمَغْصُوبِ لِقَادِرٍ عَلَى انْتِزَاعِهِ أَوْ لِغَاصِبٍ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْغَاصِبِ فِي الْقَبْضِ عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا حَبَّتَيْ حِنْطَةٍ) أَوْ حَبَّةً كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَتَجُوزُ هِبَتُهُمَا) وَهُوَ تَمْلِيكٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا هِبَةُ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ وَصُوفِهَا وَلَبَنِهَا وَمَا تَحْجُرُهُ مِنْ الْمَوَاتِ وَأَرْضٍ مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ الْعَقْدُ، وَثَمَرٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِغَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ وَزَرْعٍ كَذَلِكَ وَاخْتِلَاطُ ثَمَرِهِ بِثَمَرِ غَيْرِهِ أَوْ حَمَامِهِ بِحَمَامِ بُرْجِ غَيْرِهِ، مَثَلًا فَتَصِحُّ هِبَةُ ذَلِكَ لَا بَيْعُهُ. قَالَهُ الْخَطِيبُ وَشَيْخُنَا وَاعْتَمَدُوهُ. قَوْلُهُ: (أَمْرُ الْعَاقِدَيْنِ وَاضِحٌ) فَيُشْتَرَطُ فِي الْوَاهِبِ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ وَفِي الْمَوْهُوبِ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّمَلُّكِ، فَلَا تَصِحُّ هِبَةُ مُكَاتَبٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا وَلِيٍّ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ، قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَصِحُّ عَقْدُ الْأَعْمَى أَيْ أَنْ يَهَبَ وَلَا قَبْضُهُ مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ أُهْدِيَ لَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ وَلَا إقْبَاضُهُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ، أَوْ أَهْدَاهُ لِغَيْرِهِ أَخْذًا بِمُقْتَضَى مَا ذُكِرَ وَخَالَفَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَى فِعْلِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ إلَّا فِي الْهِبَةِ الْخَاصَّةِ وَسَيَأْتِي فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ مَا يَدُلُّ لَهُ، وَيَصِحُّ لِمَحْجُورٍ لَكِنْ يَقْبَلُ لَهُ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ، أَوْ كَانَ فَاسِقًا وَإِلَّا فَيَقْبَلُ لَهُ وَلِيُّهُ وَلَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ انْعَزَلَ، إلَّا إنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا وَلَوْ وَهَبَ الْوَلِيُّ لِمَحْجُورِهِ قَبِلَ لَهُ الْحَاكِمُ، وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ، وَالْهِبَةُ لِلْعَبْدِ وَالدَّابَّةُ لِلْوَقْفِ عَلَيْهِمَا، فَلَا يَصِحُّ إنْ قَصَدَهُمَا أَوْ أَطْلَقَ فِي الدَّابَّةِ، وَيَصِحُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَيَقْبَلُ مَالِكُ الدَّابَّةِ مَا وُهِبَ لَهَا وَيَقْبَلُ الْعَبْدُ مَا وُهِبَ لَهُ وَهُوَ لِسَيِّدِهِ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ سَيِّدَهُ. قَوْلُهُ: (إبْرَاءً مِنْهُ) صَرِيحٌ بِلَفْظِ الْهِبَةِ أَوْ التَّصَدُّقِ وَكِنَايَةً بِلَفْظِ التَّرْكِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلِغَيْرِهِ بَاطِلَةٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ قَالَ. شَيْخُنَا م ر. وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ صِحَّةِ تَبَرُّعِ أَحَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِأُجْرَةِ حِصَّتِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ أَذِنَ لِلْجَابِي فِي دَفْعِهِ إذَا قَبَضَهُ. قَوْلُهُ: (مَوْهُوبٌ) بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ. قَوْلُهُ: (بِقَبْضٍ) وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ أَوْ وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنٍ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَلَا، وَيَحْصُلُ الْقَبْضُ فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ بِمَا فِي الصَّحِيحَةِ فِي غَيْرِ مَا يَأْتِي وَيَضْمَنُ مَا يُتْلِفُهُ. تَنْبِيهٌ جِهَازُ الْبِنْتِ لَيْسَ مِلْكًا لَهَا إلَّا أَنَّ مِلْكَهُ لَهَا بِصِيغَةٍ، أَوْ قَالَ هَذَا جِهَازُ بِنْتِي وَيُصَدَّقُ إنْ ادَّعَاهُ فِي حَيَاتِهَا أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (بِإِذْنٍ) بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ فَإِنْ وَقَعَ فِي أَثْنَائِهِ لَغَا الْإِذْنُ وَصَحَّ الْعَقْدُ وَيُشْتَرَطُ بَقَاءُ أَهْلِيَّةِ الْآذِنِ إلَى تَمَامِ الْقَبْضِ، وَإِلَّا بَطَلَ الْإِذْنُ وَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ إنْ ادَّعَى الْعَارِيَّةَ أَوْ نَحْوَهَا. قَوْلُهُ: (فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ، وَلَوْ بِفَلْسٍ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ أَيْ بَيْنَ تَمَامِهِمَا. قَوْلُهُ: (قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) فِي الْمَوْتِ وَمِثْلُهُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ دُونَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، إلَّا إنْ أَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ فَكَالْمَجْنُونِ وَيَقْبِضُ مَحْجُورُ الْفَلْسِ بِنَفْسِهِ لِكَمَالِهِ. قَوْلُهُ: (وَارِثُ الْوَاهِبِ) بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِلْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمَجْهُولٍ) فِي الزَّرْكَشِيُّ لَوْ أَخْرَجَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ نَفْسَهُ مِنْ الْبَيْنِ وَجَعَلَ حِصَّتَهُ لَهُمْ جَازَ ذَلِكَ مَعَ الْجَهْلِ بِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِغَيْرِهِ بَاطِلَةٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ، إذْ مَا يَقْبِضُهُ عَيْنٌ لَا دَيْنٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَوْهُوبٌ) هُوَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِلْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ، وَسَوَاءً كَانَ بِصِيغَةِ الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى أَمْ لَا. فَرْعٌ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ هُنَا بِالْإِتْلَافِ وَلَا بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، أَعْنِي فِي الْمَنْقُولِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ كَقَبْضِ الْوَدِيعَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ إلَخْ) كَالْبَيْعِ الْجَائِرِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 يَئُولَ إلَى اللُّزُومِ بِخِلَافِهِمَا، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ضَمُّ الْهَدِيَّةِ إلَى الْمَوْهُوبِ، وَمِثْلُهَا الْمُتَصَدِّقُ لَهُ، وَقَوْلُهُمْ يَقْبِضُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ ظَاهِرٌ فِي الْقَبْضِ مِنْ غَيْرِهِ، فَلَا يُحْتَاجُ فِي إقْبَاضِهِ إلَى إذْنِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ النَّصِّ لَوْ قِيلَ لَهُ وَهَبْت دَارَك لِفُلَانٍ، وَأَقْبَضْته فَقَالَ نَعَمْ كَانَ إقْرَارًا بِالْهِبَةِ وَالْإِقْبَاضِ وَفِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِقْبَاضِ أَيْضًا وَكَيْفِيًّا الْقَبْضُ فِي الْعَقَارِ وَالْمَنْقُولِ كَمَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ. (وَيُسَنُّ لِلْوَالِدِ الْعَدْلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ بِأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَقِيلَ كَقِسْمَةِ الْإِرْثِ) فَإِنْ لَمْ يَعْدِلْ فَقَدْ فَعَلَ مَكْرُوهًا زَادَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الْأُمَّ فِي ذَلِكَ كَالْأَبِ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ وَكَذَا الْوَلَدُ لِوَالِدَيْهِ قَالَ الدَّارِمِيُّ فَإِنْ فَضَّلَ فَلْيُفَضِّلْ الْأُمَّ انْتَهَى. (وَلِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَةِ وَلَدِهِ، وَكَذَا لِسَائِرِ الْأُصُولِ) مِنْ الْأُمِّ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ (عَلَى الْمَشْهُورِ) وَالثَّانِي لَا رُجُوعَ لِغَيْرِ الْأَبِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً، فَيَرْجِعَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ قَصَرَهُ الثَّانِي عَلَى الْأَبِ وَعَمَّمَهُ الْأَوَّلُ فِي كُلِّ مَنْ لَهُ وِلَادَةٌ. (وَشَرْطُ رُجُوعِهِ) أَيْ الْأَبِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأُصُولِ. (بَقَاءُ الْمَوْهُوبِ فِي سَلْطَنَةِ الْمُتَّهَبِ فَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِبَيْعِهِ وَوَقْفِهِ) وَكِتَابَتِهِ وَإِيلَادِهِ. (لَا بِرَهْنِهِ وَهِبَتِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ) فِيهِمَا (وَتَعْلِيقُ عِتْقِهِ) وَتَدْبِيرِهِ. (وَتَزْوِيجُهَا وَزِرَاعَتُهَا) لِبَقَاءِ السَّلْطَنَةِ (وَكَذَا الْإِجَارَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ: إنْ لَمْ يُصَحَّحْ بَيْعُ الْمُؤَجِّرِ، فَفِي الرُّجُوعِ تَرَدُّدٌ، وَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَلَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ لِوَلَدِ الْمُتَّهَبِ لَا يَرْجِعُ فِيهَا الْجَدُّ. (وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ) أَيْ الْمَوْهُوبِ (وَعَادَ) بِإِرْثٍ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَلَا يَحْتَاجُ فِي إقْبَاضِهِ إلَى إذْنِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (كَمَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ) فِي قَبْضِ الْعَيْنِ وَفِي الْإِجَارَةِ فِي قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ. نَعَمْ لَا يَكْفِي الْإِتْلَافُ هُنَا بِغَيْرِ إذْنٍ، وَلَا مَعَهُ إلَّا فِي نَحْوِ أَكْلٍ وَعِتْقٍ، وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَّا فِي الْهَدِيَّةِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (لِلْوَالِدِ) وَالْإِخْوَةُ كَالْأَوْلَادِ. قَوْلُهُ: (فِي عَطِيَّةٍ إلَخْ) الشَّامِلُ لِلصَّدَقَةِ وَالْوَقْفِ وَالْهَدِيَّةِ وَمِثْلُهَا الْكَلَامُ وَالتَّوَدُّدُ وَلَوْ نَحْوُ صِلَةٍ. قَوْلُهُ: (فَعَلَ مَكْرُوهًا) مَا لَمْ تَكُنْ مَزِيَّةٌ لِأَحَدِهِمْ كَعِلْمٍ وَفَضْلٍ وَحَاجَةٍ، نَعَمْ يُنْدَبُ حِرْمَانُ نَحْوِ فَاسِقٍ وَعَاقٍّ بَلْ يَحْرُمُ إنْ زَادَ عُقُوقُهُ أَوْ فِسْقُهُ بِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ) لِأُمِّهِمَا لِلْجِنْسِ، فَيَشْمَلُ الْأَعْلَى مَعَ دُونِهِ، وَكَذَا فِي الْوَلَدِ وَالْخُنْثَى كَالذَّكَرِ. قَوْلُهُ: (الرُّجُوعُ) وَإِنْ أَسْقَطَهُ أَوْ تَرَاخَى فِيهِ وَمِنْهُ مَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِوَلَدِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ بِالْهِبَةِ وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ لَا فِي مَنْفَعَةٍ دُونَ رَقَبَةٍ، وَلَا فِي أُمٍّ دُونَ وَلَدٍ، يَمْتَنِعُ فِيهِ التَّفْرِيقُ أَوْ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (فِي هِبَةٍ إلَخْ) بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ. قَوْلُهُ: (وَلَدُهُ) وَعَبْدُ وَلَدِهِ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ مِثْلُهُ، وَالْكَلَامُ فِي الْوَلَدِ الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْحَيِّ فِي هِبَةِ عَيْنٍ لَيْسَ فِيهَا حَقٌّ، فَلَا رُجُوعَ فِي الْهِبَةِ لِلْعَبْدِ لِأَنَّهَا لِسَيِّدِهِ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ، وَلَا الْمَجْنُونُ وَنَحْوُهُ حَتَّى يُفِيقَ وَلَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ ارْتَدَّ الْوَلَدُ تَوَقَّفَ الرُّجُوعُ عَلَى عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ، وَلَوْ وَهَبَ الْمُسْلِمُ لِوَلَدِهِ الْكَافِرِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، وَوَرِثَهُ الْجَدُّ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَلَا فِيمَا لَوْ وَهَبَهُ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَلَا كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهُ مِنْ أُضْحِيَّةٍ أَوْ زَكَاةٍ بِشَرْطِهَا وَدَخَلَ فِي وَلَدِهِ الْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ لَكِنْ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ، وَالرُّجُوعُ مُبَاحٌ إذَا اسْتَوَى مَعَ عَدَمِهِ، وَمُسْتَحَبٌّ فِيمَا مُيِّزَ بِهِ بِغَيْرِ مَزِيَّةٍ وَمَكْرُوهٌ إنْ اسْتَوَى كَمَا مَرَّ، وَوَاجِبٌ إنْ انْزَجَرَ بِهِ عَنْ نَحْوِ فِسْقٍ وَحَرَامٌ إنْ زَادَ بِهِ الْفِسْقُ، وَبَعْدَ الرُّجُوعِ يَكُونُ فِي يَدِ الْوَلَدِ أَمَانَةً إلَى أَخْذِهِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (بَيْعُهُ) إنْ زَالَ مِلْكُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ خِيَارًا، وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي وَمِنْ الْبَيْعِ قِسْمَةُ الرَّدِّ وَالتَّعْدِيلِ وَبَيْعُهُ لِأَصْلِهِ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَكِتَابَتُهُ) أَيْ الصَّحِيحَةُ وَإِذَا عَجَزَ جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْإِجَارَةُ) وَلَا تَنْفَسِخُ بِالرُّجُوعِ كَالتَّزْوِيجِ وَالْأُجْرَةِ لِلْوَلَدِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْأَبِ. فَرْعٌ الِاسْتِيلَادُ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ كَالْوَقْفِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ حَبًّا وَزَرَعَهُ أَوْ بَيْضًا فَفَرَّخَ أَوْ صَيْدًا أَوْ حُرِمَ الْوَلَدُ. قَوْلُهُ: (وَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِالرَّهْنِ) بَعْدَ قَبْضِهِ إلَّا إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ هُوَ الْأَصْلَ، أَوْ قَضَى الْأَصْلُ دَيْنَ الرَّهْنِ كُلَّهُ، أَوْ انْفَكَّ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ كَالرَّهْنِ، فِيمَا ذُكِرَ وَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِحَجْرِ السَّفَهِ وَحَجْرِ الْفَلَسِ، وَتَخَمُّرِ الْعَصِيرِ وَمَوْتِ الدَّابَّةِ وَمَرَضِ الْمَوْتِ، فَإِنْ زَالَ ذَلِكَ بِفَكِّ الْحَجْرِ وَتَخَلُّلِ الْعَصِيرِ وَدَبْغِ الْجِلْدِ جَازَ الرُّجُوعُ، وَلَوْ ادَّعَى الْأَصْلُ الرُّجُوعَ قَبْلَ زَوَالِ السَّلْطَنَةِ لَمْ يُقْبَلْ. قَوْلُهُ: (لَا يَرْجِعُ فِيهَا الْجَدُّ) وَإِنْ رَجَعَ الْأَبُ. قَوْلُهُ: (زَالَ مِلْكُهُ) خَرَجَ مَا لَوْ زَالَتْ سَلْطَنَتُهُ، وَعَادَتْ فَلَا يُمْنَعُ الرُّجُوعُ كَمَا مَرَّ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ لَيْسَ فِي مَحِلِّهِ فَتَأَمَّلْهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (كَانَ إقْرَارًا بِالْهِبَةِ إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الِاعْتِرَافِ بِإِذْنٍ، فَيَكُونُ فِيهِ شَاهِدٌ لِمَا سَلَف لَهُ مِنْ أَنَّ الْإِقْبَاضَ يُغْنِي عَنْ الْإِذْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ لِلْوَالِدِ الْعَدْلِ) لِأَنَّ التَّفَاضُلَ يُفْضِي إلَى الْعُقُوقِ وَالتَّحَاسُدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى) أَيْ لِمَا فِي الْحَدِيثِ: «أَيَسُرُّك أَنْ يَكُونُوا لَك فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: فَلَا إذًا» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي هِبَةِ وَلَدِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ: وَلَوْ أَقَرَّ الْأَبُ لِابْنِهِ بِعَيْنٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ. قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ عَلَيْهَا تَنْزِيلًا عَلَى أَضْعَفِ الْمِلْكَيْنِ وَهُوَ الْهِبَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِسَائِرِ الْأُصُولِ) أَيْ كَمَا فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ، وَحُصُولِ الْعِتْقِ، وَسُقُوطِ الْقِصَاصِ، ثُمَّ الْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِهِمْ وَفَوْرُ شَفَقَتِهِمْ، فَلَا يَرْجِعُونَ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ غَالِبًا. فَرْعٌ لَوْ وَهَبَ الْمُسْلِمُ لِوَلَدِهِ الْكَافِرِ، ثُمَّ مَاتَ الْمُسْلِمُ فَوَرِثَهُ جَدُّ الِابْنِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 أَوْ غَيْرِهِ. (لَمْ يَرْجِعْ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مِلْكَهُ الْآنَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْهُ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى مِلْكِهِ السَّابِقِ. (وَلَوْ زَادَ رَجَعَ فِيهِ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ) كَالسِّمَنِ (لَا الْمُنْفَصِلَةِ) كَالْكَسْبِ لَوْ نَقَصَ رَجَعَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَرْشِ النَّقْصِ. (وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِرَجَعْتُ فِيمَا وَهَبْت. أَوْ اسْتَرْجَعْته أَوْ رَدَدْته إلَى مِلْكِي أَوْ نَقَضْت الْهِبَةَ) أَوْ أَبْطَلْتهَا أَوْ فَسَخْتهَا، وَفِي وَجْهٍ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ كِنَايَاتٌ تَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ. (لَا بِبَيْعِهِ وَوَقْفِهِ وَهِبَتِهِ وَإِعْتَاقِهِ وَوَطِئَهَا فِي الْأَصَحِّ نُقِضْت الْهِبَةُ) فِي الْخَمْسَةِ، وَالثَّانِي يَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِكُلٍّ مِنْهَا، كَمَا يَحْصُلُ بِهِ مِنْ الْبَائِعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَفَسْخِ الْبَيْعِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ضَعِيفٌ بِخِلَافِ مِلْكِ الْوَلَدِ لِلْمَوْهُوبِ إذْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ بِالْوَطْءِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَيَلْغُو غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ وَعَلَى الثَّانِي لَا وَلَا وَظَاهِرٌ، أَنَّ الْمُرَادَ عَلَيْهِ الْهِبَةُ التَّامَّةُ بِالْقَبْضِ، وَفِي الرَّوْضَةِ لَا خِلَافَ أَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الرُّجُوعَ كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ: انْتَهَى وَقَالَ الْفَارِقِيُّ إنْ قُلْنَا يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ، فَهُوَ حَلَالٌ. (وَلَا رُجُوعَ لِغَيْرِ الْأُصُولِ فِي هِبَةٍ مُقَيَّدَةٍ بِنَفْيِ الثَّوَابِ) أَيْ الْعِوَضِ وَسَيَأْتِي الرُّجُوعُ فِي الْمُطْلَقَةِ (وَمَتَى وَهَبَ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِثَوَابٍ أَوْ عَدَمِهِ. (فَلَا ثَوَابَ إنْ وَهَبَ لِدُونِهِ) فِي الرُّتْبَةِ (وَكَذَا لِأَعْلَى مِنْهُ فِي الْأَظْهَرِ وَلِنَظِيرِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَقْتَضِيهِ وَالْمُقَابِلُ يَنْظُرُ إلَى الْعَادَةِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي الْأَخِيرَةِ يَطَّرِدُ فِيهَا الْخِلَافُ فِيمَا قَبْلَهَا. (فَإِنْ وَجَبَ) ثَوَابٌ عَلَى الْمَرْجُوعِ (فَهُوَ قِيمَةُ الْمَوْهُوبِ فِي الْأَصَحِّ) يَوْمَ الْقَبْضِ وَالثَّانِي مَا يُعَدُّ ثَوَابًا لِمِثْلِهِ عَادَةً. (فَإِنْ لَمْ يُثِبْهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ) فِي الْمَوْهُوبِ إنْ بَقِيَ فَإِنْ تَلِفَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا يَجِبُ فِي الصَّدَقَةِ ثَوَابٌ بِكُلِّ حَالٍ قَطْعًا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَأَمَّا الْهَدِيَّةُ فَظَاهِرٌ أَنَّهَا كَالْهِبَةِ اهـ. وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ (وَلَوْ وَهَبَ بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ، فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْعَقْدِ، وَيَكُونُ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ) نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَالثَّانِي لَا يَكُونُ هِبَةً نَظَرًا إلَى اللَّفْظِ فَلَا يَلْزَمُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ بُطْلَانُ الْعَقْدِ، لِمُنَافَاةِ شَرْطِ الثَّوَابِ لِلَّفْظِ الْهِبَةِ الْمُقْتَضِي لِلتَّبَرُّعِ. (أَوْ) بِشَرْطِ ثَوَابِ (مَجْهُولٍ) كَثَوْبٍ (فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) أَيْ الْعَقْدِ لِتَعَذُّرِ تَصْحِيحِهِ بَيْعًا بِجَهَالَةِ الْعِوَضِ وَهِبَةً بِذِكْرِ الثَّوَابِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَقْتَضِيهِ، وَقِيلَ يَصِحُّ هِبَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَقْتَضِيهِ. (وَلَوْ بَعَثَ هَدِيَّةً فِي ظَرْفٍ فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ كَقَوْصَرَّةِ تَمْرٍ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَمَاؤُهُ الَّذِي يُكْنَزُ فِيهِ مِنْ الْبَوَارِي قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ: (فَهُوَ هَدِيَّةٌ أَيْضًا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ (فَلَا) يَكُونُ هَدِيَّةً (وَيَحْرُمُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) كَالْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ. قَوْلُهُ: (كَالسَّمْنِ) وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ أَوْ حِرْفَةٍ لَا بِتَعْلِيمٍ وَحَرْثٍ، وَإِنْ زَادَتْ بِهِ الْقِيمَةُ وَحَمْلٌ قَارَنَ الْقَبْضَ. قَوْلُهُ: (كَالْكَسْبِ) وَالْحَمْلُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَإِنْ قَارَنَ الرُّجُوعَ، فَهُوَ لِلْوَلَدِ فَيَأْخُذُهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ، وَالثَّمَرُ وَإِنْ لَمْ يُؤَبَّرْ وَيَبْقَى إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ أَوْ الْجُذَاذِ بِلَا أُجْرَةٍ وَيُشَارِكُ بِنَحْوِ الْقَصَّارَةِ، وَطَحْنِ الْحَبِّ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ بِمُعَلِّمٍ، كَمَا عُلِمَ وَلَا يَرْجِعُ بِأَرْشِ نَقْصٍ وَلَوْ بِجِنَايَةِ الْفَرْعِ، وَفِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مَا فِي الْإِعَارَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ) وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلَيْسَ تَفَاسُخُ الْهِبَةِ وَتَقَايُلُهَا رُجُوعًا فَلَا تَنْفَسِخُ بِهِمَا قَوْلُهُ: (وَلَا رُجُوعَ لِغَيْرِ الْأُصُولِ) وَإِنَّمَا صَحَّ الرُّجُوعُ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُمْ لِشَفَقَتِهِمْ لَا يَرْجِعُونَ إلَّا لِمُنَاسِبٍ وَلِذَلِكَ كَانَ بِرُّهُمْ أَفْضَلَ الْبُرِّ وَيَحْرُمُ أَذَاهُمْ بِغَيْرِ الْهَيِّنِ إلَّا فِي وَاجِبٍ وَلَوْ دَعَوْهُ لِلُبْسِ حَرَامٍ أَوْ أَكْلِهِ تَلَطَّفَ فِي دَفْعِهِ أَوْ تَقْلِيلِهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. قَوْلُهُ: (فَلَا ثَوَابَ) مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ، وَإِلَّا كَقَضَاءِ حَاجَةٍ وَلَمْ تُقْضَ فَيَجِبُ الثَّوَابُ أَوْ الرَّدُّ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْبَذْلِ صُدِّقَ الْمُتَّهِبُ بِيَمِينِهِ، إلَّا فِيمَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ أَنَّهُ جَعَلَهُ عَنْهُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ وَلَمْ يَبْعَث صُدِّقَ الدَّافِعُ، وَيُكْرَهُ شِرَاءُ مَا وَهَبَهُ مِنْ الْمُتَّهِبِ لِأَنَّهُ مِنْ الصَّدَقَةِ قَوْلُهُ: (فَهُوَ قِيمَةُ الْمَوْهُوبِ) وَلَوْ مِثْلِيًّا وَيُغْنِي عَنْهَا رَدُّ الْمَوْهُوبِ بِعَيْنِهِ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (بِكُلِّ حَالٍ) مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا فِي الْهَدِيَّةِ قَوْلُهُ: (بَعَثَ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (كَقَوْصَرَّةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالصَّادِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ، وَبَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ مُشَدَّدَةٌ وِعَاءُ الثَّمَرِ وَلَا تُسَمَّى بِذَلِكَ إلَّا وَفِيهَا التَّمْرُ، وَإِلَّا فَهِيَ مَكِيلٌ وَزِنْبِيلٌ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ هَدِيَّةٌ) فَيَمْلِكُهُ الْمُتَّهَبُ كَمَكْتُوبِ الرِّسَالَةِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى رَدِّهِ. قَوْلُهُ: (جَرَتْ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ) أَوْ اضْطَرَبَتْ. قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ أَكْلُهَا مِنْهُ) وَيُرَاعَى فِي كُلِّ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ فِيهِ مِنْ تَفْرِيغِهِ حَالًا أَوْ إبْقَائِهَا فِيهِ مُدَّةً أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. فَرْعٌ لَا يَضْمَنُ ضَيْفٌ مَا وُضِعَ لَهُ مِنْ طَعَامٍ وَإِنَائِهِ وَحَصِيرٍ وَنَحْوِهَا سَوَاءٌ قَبْلَ الْأَكْلِ وَبَعْدَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ نَحْوِ هِرَّةٍ عَنْهُ، فَإِنْ حَمَلَ الْإِنَاءَ مَثَلًا بِغَيْرِ إذْنٍ ضَمِنَ فَإِنْ وَضَعَهُ بَرِئَ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ وَيُنْدَبُ رَدُّ ظَرْفِ الْهَدِيَّةِ حَالًا فَرْعٌ جَرَتْ الْعَادَةُ لِذَوِي الْأَفْرَاحِ بِحَمْلِ الْهَدَايَا إلَيْهِمْ وَوَضْعِ نَحْوِ طَاسَةٍ لِوَضْعِ الدَّرَاهِمِ فِيهَا، وَإِعْطَاءِ خَادِمِ الصُّوفِيَّةِ الدَّرَاهِمَ وَنَحْوَهَا وَحُكْمُ ذَلِكَ أَنَّ الْمِلْكَ لِمَنْ قَصَدَهُ الدَّافِعُ مِنْ صَاحِبِ الْفَرَحِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ الْمُزَيِّنِ مَثَلًا أَوْ الْخَادِمِ أَوْ الصُّوفِيَّةِ انْفِرَادًا وَشَرِكَةً وَإِلَّا فَلِآخِذِهِ، لِأَنَّهُ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَحْصُلُ الرُّجُوعُ إلَخْ) وَتَصِحُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) هُوَ جَارٍ فِي الْهِبَةِ، وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَثَوَابُهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَسَيَأْتِيَانِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. فَرْعٌ أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً عَلَى أَنْ يَقْضِيَ لَهُ حَاجَةً أَوْ يَخْدِمَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ وَجَبَ رَدُّهَا إنْ بَقِيَتْ، وَبَدَلُهَا إنْ تَلِفَتْ قَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَهُوَ قِيمَةُ الْمَوْهُوبِ) أَيْ كَمَا فِي النِّكَاحِ بِلَا مَهْرٍ حَيْثُ تَجِبُ قِيمَةُ الْبُضْعِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ. فَرْعٌ لَا تَجِبُ الْقِيمَةُ عَيْنًا بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَدِّ الْمَوْهُوبِ. قَوْلُهُ: (وِعَاؤُهُ الَّذِي يَكْنِزُ فِيهِ إلَخْ) وَلَا تُسَمَّى بِذَلِكَ إلَّا وَالتَّمْرُ فِيهَا، فَإِنْ أُفْرِدَتْ سُمِّيَتْ زِنْبِيلًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 اسْتِعْمَالُهُ إلَّا فِي أَكْلِ الْهَدِيَّةِ مِنْهُ إنْ اقْتَضَتْهُ الْعَادَةُ) فَيَجُوزُ أَكْلُهَا مِنْهُ حِينَئِذٍ قَالَ الْبَغَوِيّ، وَيَكُونُ عَارِيَّةً. كِتَابُ اللُّقَطَةِ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ فِي الْمَشْهُورِ أَيْ الشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ وَهُوَ مَا ضَاعَ مِنْ مَالِكِيهِ لِسُقُوطٍ أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فِي مَحَالَّ تَأْتِي (يُسْتَحَبُّ الِالْتِقَاطُ لِوَاثِقٍ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ وَقِيلَ يَجِبُ) عَلَيْهِ صِيَانَةً لِلْمَالِ عَنْ الضَّيَاعِ. (وَلَا يُسْتَحَبُّ لِغَيْرِ وَاثِقٍ) بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ.   [حاشية قليوبي] الْمَقْصُودُ عُرْفًا أَوْ عَادَةً وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ نَذَرَ شَيْئًا لِوَلِيٍّ مَيِّتٍ فَإِنْ قَصَدَ تَمْلِيكَهُ لَغَا، أَوْ تَمْلِيكَ خَدَمَتِهِ مَثَلًا فَلَهُمْ وَإِلَّا صُرِفَ فِي مَصَالِحِ قَبْرِهِ وَإِنْ كَانَ، وَإِلَّا فَلِمَنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِقَصْدِهِمْ عِنْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ عَارِيَّةً) فَهُوَ مَضْمُونٌ إلَّا إذَا كَانَ بِمُقَابِلٍ فَهُوَ إجَارَةٌ، فَلَا يُضْمَنُ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ هُوَ بَعْدَ فَرَاغِ الْأَكْلِ مِنْهُ أَمَانَةٌ فِيهِمَا. فُرُوعٌ رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَدِيَّةٍ حَتَّى يَأْمُرَ صَاحِبَهَا بِالْأَكْلِ مِنْهَا» ، لَكَانَ الذِّرَاعُ الْمَسْمُومُ، وَصَارَ ذَلِكَ عَادَةَ الْمُلُوكِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْهَدَايَا وَرُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَأَى رَجُلًا يَطُوفُ بِأُمِّهِ حَامِلًا لَهَا وَهُوَ يُنْشِدُ وَيَقُولُ: أَنَا لَهَا مَطِيَّةٌ لَا أَنْفِرُ ... إذَا كَانَ الرِّكَابُ ذُعِرَتْ لَا أَذْعَرُ مَا حَمَلَتْ وَأَرْضَعَتْنِي أَكْثَرُ ... اللَّهُ رَبِّي ذُو الْجَلَالِ أَكْبَرُ فَائِدَةٌ تَحْصُلُ صِلَةُ الرَّحِمِ الْمَنْدُوبَةُ بِإِرْسَالِ سَلَامٍ أَوْ كِتَابٍ أَوْ إرْسَالِ هَدِيَّةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هِيَ مِنْ أَنْوَاعِ الِاكْتِسَابِ فَلِذَلِكَ ذُكِرَتْ عَقِبَ الْهِبَةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَشْهُورِ) وَإِسْكَانُ الْقَافِ فِيهِمَا، وَقِيلَ بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِلَّاقِطِ وَيُقَالُ لَهَا لُقَاطَةٌ وَكَذَا لَقَطَةٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْقَافِ فِيهِمَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (الشَّيْءُ الْمَلْقُوطُ) أَيْ لُغَةً. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْمَلْقُوطُ شَرْعًا مَا ضَاعَ مِنْ مَالٍ، أَوْ اخْتِصَاصٍ مُحْتَرَمٍ كَمَالِ حَرْبِيٍّ دَخَلَ دَارَنَا لِلتِّجَارَةِ بِأَمَانٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ مُحْتَرَمًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَمَانٌ، فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ غَنِيمَةٌ لَا لُقَطَةٌ، وَبِذَلِكَ خَرَجَ مَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ، أَوْ أَلْقَاهُ هَارِبٌ فِي حِجْرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَالِكُهُ أَوْ أَلْقَتْهُ الْبِحَارُ عَلَى السَّوَاحِلِ مِنْ الْغَرَقِ، أَوْ وَجَدَهُ عِنْدَ مُورَثِهِ مِنْ الْوَدَائِعِ الْمَجْهُولَةِ، وَلَمْ تُعْرَفْ مُلَّاكُهَا فَأَمْرُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْإِمَامُ نَعَمْ إنْ كَانَ جَائِرًا فَأَمْرُهُ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ، فَإِنْ عَرَفَ الْمَالِكُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ بَعْدَ زَمَانٍ طَوِيلٍ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، وَلَا رُجُوعَ لِآخِذِهِ عَلَى مَالِكِهِ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ وَلَوْ حَيَوَانًا وَمِنْهُ جَمَلٌ أَعْيَا أَوْ أَثْقَلَهُ الْحَمْلُ فَتَرَك الْجَمَلُ مَالِكَهُ فِي الْبَرِّيَّةِ مَثَلًا، وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَاللَّيْثِ يَمْلِكُهُ مَنْ أَخَذَهُ وَعِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ لَا يَمْلِكُهُ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى مَالِكِهِ بِمَا صَرَفَهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَفْلَةً) وَمِنْهُ إبْدَالُ نَعْلِهِ بِغَيْرِهِ، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ إلَّا بَعْدَ تَعْرِيفِهِ أَوْ إعْرَاضِ مَالِكِهِ عَنْهُ، فَإِنْ عَلِمَ تَعَمُّدَهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوُهُمَا) كَنَوْمٍ وَعِلْمٍ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ أَرْكَانَهَا ثَلَاثَةٌ لَاقِطٌ وَمَلْقُوطٌ وَلَقْطٌ وَفِي اللَّقْطِ مَعْنَى الْأَمَانَةِ وَالْوِلَايَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَمِينٌ، فِيمَا لَقَطَهُ وَإِنْ كَانَ الشَّارِعُ وَلَّاهُ حِفْظَهُ كَالْوَلِيِّ فِي مَالِ مَحْجُورٍ، وَفِيهِ مَعْنَى الِاكْتِسَابِ مِنْ حَيْثُ التَّمَلُّكُ عَلَى مَا يَأْتِي، وَالْمُغَلِّبُ مِنْهَا الثَّانِي بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْتِقَاطِ الصَّبِيِّ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي اللَّاقِطِ الْإِسْلَامُ وَالتَّكْلِيفُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْعَدَالَةُ، وَعَدَمُ وُجُودِ حَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ وَفِي أَضْدَادِ ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يَأْتِي. قَوْلُهُ: (يُسْتَحَبُّ) نَعَمْ يَجِبُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الضَّيَاعُ بِتَرْكِهِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ عَارِيَّةً) أَيْ إذَا لَمْ تَقْتَضِ ثَوَابًا، وَإِلَّا فَهُوَ أَمَانَةٌ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ. [كِتَابُ اللُّقَطَةِ] ِ هِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَقَدْ تُسَكَّنُ الشَّيْءُ الْمُلْتَقَطُ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: بِفَتْحِهَا: هِيَ الشَّخْصُ الْمُلْتَقِطُ كَالضُّحَكَةِ بِالتَّحْرِيكِ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ وَيُقَالُ أَيْضًا: لُقَاطَةٌ وَكَذَا لَقَطٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْقَافِ، وَهِيَ لُغَةً: مَا وُجِدَ عَلَى تَطَلُّبٍ قَالَ تَعَالَى {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ} [القصص: 8] وَشَرْعًا: مَا وُجِدَ مِنْ مَالٍ أَوْ مُخْتَصٍّ ضَائِعٍ لِغَيْرِ حَرْبِيٍّ لَيْسَ بِمُحْرَزٍ، وَلَا مُمْتَنِعٍ بِقُوَّتِهِ؛ وَلَا يَعْرِفُ الْوَاجِدُ مَالِكَهُ. وَخَرَجَ بِالْمُحْرَزِ الْمَالُ الْمَوْجُودُ فِي الْمَكَانِ الْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِ، وَلَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ فَإِنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ يُحْفَظُ، وَلَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ بَلْ يَحْفَظُهُ الْإِمَامُ أَوْ يَبِيعُهُ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ، أَوْ يَقْتَرِضُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ: إلَّا إذَا أَتَى مَنْ يَعْرِفُ مَالِكَهُ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ ذَكَرَهَا عَقِبَ الْهِبَةِ نَظَرًا لِلِاكْتِسَابِ، وَلَوْ ذُكِرَتْ عَقِبَ الْقِرَاضِ لَكَانَ مُتَّجِهًا أَيْضًا فَإِنَّا نَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَهُ وَعِنْدَ الْحَنَفِيِّ مَسْلَكُ الصَّدَقَةِ، وَلِهَذَا مَنَعَ الْغَنِيَّ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (صِيَانَةً لِلْمَالِ إلَخْ) رُدَّ هَذَا بِأَنَّهَا أَمَانَةٌ ابْتِدَاءً اكْتِسَابٌ انْتِهَاءً وَكُلٌّ لَا يَجِبُ. نَعَمْ لَوْ تَعَيَّنَ لِلْأَخْذِ وَخَافَ الضَّيَاعَ يَنْبَغِي الْوُجُوبُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُسْتَحَبُّ لِغَيْرِ وَاثِقٍ) اسْتَشْكَلَ السُّبْكِيُّ جَزْمَهُمْ بِذَلِكَ مَعَ حِكَايَةِ وَجْهٍ هُنَا بِالْوُجُوبِ، وَأَجَابَ بِأَنَّ الْوُجُوبَ لِحَقِّ الْمَالِكِ، وَيُجَاهِدُ نَفْسَهُ وَالِاسْتِحْبَابُ يُجَامِعُهُ تَرْكُ الْفِعْلِ فَأَخْذُهُ مَعَ الْخَوْفِ خَطَرٌ يُمْكِنُهُ اجْتِنَابُهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 (وَيَجُوزُ) لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَحْرُمُ لِخَوْفِ الْخِيَانَةِ. (وَيُكْرَهُ لَفَاسِقٍ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَدْعُوهُ نَفْسُهُ إلَى كِتْمَانِهِ وَفِي الْوَسَطِ لَا يَجُوزُ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى الِالْتِقَاطِ) لَكِنْ يُسْتَحَبُّ وَقِيلَ يَجِبُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ، وَيَذْكُرُ فِي الْإِشْهَادِ صِفَاتِ الْمُلْتَقَطِ أَوْ يَسْكُتُ عَنْهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ الثَّانِي لِئَلَّا يَتَوَصَّلَ كَاذِبٌ إلَيْهِ وَقَالَ الْإِمَامُ يَذْكُرُ بَعْضَهَا لِيَكُونَ فِي الْإِشْهَادِ فَائِدَةٌ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَ) الْمَذْهَبُ (أَنَّهُ يَصِحُّ الْتِقَاطُ الْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ وَالذِّمِّيِّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) كَاصْطِيَادِهِمْ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إنْ قُلْنَا الْمُغَلَّبُ فِي الِالْتِقَاطِ الْأَمَانَةُ وَالْوِلَايَةُ فَلَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُمْ، أَوْ الِاكْتِسَابُ بِالتَّمَلُّكِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، وَهُمَا وَجْهَانِ وَيُقَالُ قَوْلَانِ فَيَصِحُّ الْتِقَاطُهُمْ، وَطَرِيقُ الْقَطْعِ فِي الذِّمِّيِّ مَرْجُوحٌ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. (ثُمَّ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُنْزَعُ) الْمُلْتَقَطُ. (مِنْ الْفَاسِقِ وَيُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ) وَالثَّانِي لَا يُنْزَعُ وَلَكِنْ يُضَمُّ إلَيْهِ عَدْلٌ مُشْرِفٌ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ لَا يُعْتَمَدُ تَعْرِيفُهُ بَلْ يُضَمُّ إلَيْهِ) عَدْلٌ (رَقِيبٌ) لِئَلَّا يَخُونَ فِيهِ، وَالثَّانِي يُعْتَمَدُ مِنْ غَيْرِ رَقِيبٍ ثُمَّ إذَا تَمَّ التَّعْرِيفُ، فَلَهُ التَّمَلُّكُ (وَيَنْزِعُ الْوَلِيُّ لُقَطَةَ الصَّبِيِّ وَيُعَرِّفُ وَيَتَمَلَّكُهَا لِلصَّبِيِّ إنْ رَأَى ذَلِكَ حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ لَهُ) فَإِنَّ التَّمَلُّكَ فِي مَعْنَى الِاقْتِرَاضِ. فَإِنْ لَمْ يَرَهُ حَفِظَهَا أَوْ سَلَّمَهَا لِلْقَاضِي. (وَيَضْمَنُ الْوَلِيُّ إنْ قَصَّرَ فِي انْتِزَاعِهِ) أَيْ الْمُلْتَقَطَ (حَتَّى تَلِفَ فِي يَدِ الصَّبِيِّ) أَوْ أَتْلَفَهُ الضَّمَانُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ ثُمَّ يُعَرِّفُ التَّالِفَ وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ انْتِزَاعِهِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِالْتِقَاطِهِ وَتَلِفَ فِي يَدِ الصَّبِيِّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَ. تَتِمَّةٌ الذِّمِّيُّ كَالْفَاسِقِ فِي انْتِزَاعِ الْمُلْتَقَطِ مِنْهُ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ. (وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُ الْتِقَاطِ الْعَبْدِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ وَالْمِلْكِ وَالثَّانِي صِحَّتُهُ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ وَالْقَوْلَانِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ، وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ فَطَرَدَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ، وَقَطَعَ غَيْرُهُ بِالصِّحَّةِ وَلَوْ نَهَاهُ عَنْهُ قَطَعَ الْإِصْطَخْرِيُّ بِالْمَنْعِ، وَطَرَدَ غَيْرُهُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ طَرِيقَةُ الْإِصْطَخْرِيِّ أَقْوَى. (وَلَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ) عَلَى الْبُطْلَانِ (فَلَوْ أَخَذَهُ) أَيْ الْمُلْتَقَطَ (سَيِّدُهُ مَنْ كَانَ الْتِقَاطًا)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لَهُ) أَيْ لِغَيْرِ وَاثِقٍ مَعَ كَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (لِخَوْفِ الْخِيَانَةِ) فَإِنْ عَلِمَهَا حَرُمَ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ لِفَاسِقٍ) إنْ الْتَقَطَ لِلتَّمَلُّكِ وَيَحْرُمُ لِلْحِفْظِ وَمَنْ أَخَذَهَا مِنْهُ. حِينَئِذٍ فَهُوَ اللَّاقِطُ وَمِنْهُ الْمُرْتَدُّ وَالْكَافِرُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْكِتْمَانَ حَرُمَ. قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ لَهُ) يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَالْحُرْمَةَ وَقَدْ عُلِمَ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ) أَيْ مَا لَمْ يُخْشَ مِنْهُ الضَّيَاعُ وَإِلَّا لَمْ يُنْدَبْ بَلْ يَحْرُمُ وَيَضْمَنُ لَوْ فَعَلَ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا) حُمِلَ عَلَى مَا إذَا خِيفَ مِنْ جَائِرٍ أَخَذَهَا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (يَذْكُرُ بَعْضَهَا) أَيْ نَدْبًا وَيُكْرَهُ اسْتِقْضَاؤُهَا إلَّا إذَا خِيفَ ضَيَاعُهَا فَيَحْرُمُ وَفَارَقَ حُرْمَةَ اسْتِقْصَائِهَا فِي التَّعْرِيفِ الْآتِي، لِأَنَّ فِي الْإِشْهَادِ احْتِيَاطًا وَمَتَى خَالَفَ ضَمِنَ أَيْضًا. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالْوَجْهُ حُرْمَةُ الِاسْتِيعَابِ هُنَا مُطْلَقًا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِلَيْهِ مَالَ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (يَصِحُّ الْتِقَاطُ الْفَاسِقِ) فَعَطْفُ مَا بَعْدَهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ لِإِفَادَةِ دَفْعِ تَوَهُّمِ الْخُصُوصِ، وَهَذَا تَصْرِيحُ مَا عُلِمَ مِنْ كَرَاهَتِهِ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَالصَّبِيُّ) إنْ كَانَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ، وَكَذَا السَّفِيهُ وَلَا عِبْرَةَ بِقَصْدِهِمْ تَمَلُّكًا أَوْ حِفْظًا. قَوْلُهُ: (وَالذِّمِّيُّ) وَمِثْلُهُ الْمُعَاهَدُ وَالْمُؤَمَّنُ. قَوْلُهُ: (فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) هُوَ رَاجِعٌ إلَى الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَالْمُرَادُ بِهَا مَا فِيهَا مُسْلِمٌ، وَإِلَّا فَهُوَ غَنِيمَةٌ تُخَمَّسُ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَنْزِعُ الْمُلْتَقَطَ) أَيْ يَنْزِعُهُ الْحَاكِمُ مِنْ الْفَاسِقِ وَمِنْهُ الْكَافِرُ وَالْمُرْتَدُّ كَمَا مَرَّ وَسَيَذْكُرُهُ، فَإِنْ كَمُلُوا قَبْلَ النَّزْعِ اسْتَمَرَّتْ مَعَهُمْ قَوْلُهُ: (عِنْدَ عَدْلٍ) وَأُجْرَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُعْتَمَدُ تَعْرِيفُهُ) أَيْ الْفَاسِقِ وَكَذَا مَنْ أُلْحِقَ بِهِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (رَقِيبٌ) وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِ إذَا تَمَلَّكَ. قَوْلُهُ: (وَيَنْزِعُ الْوَلِيُّ) أَيْ لِأَجْلِ الْحِفْظِ فَإِنْ نَزَعَهَا عَلَى وَجْهِ الِالْتِقَاطِ جَازَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهُ كَالصَّبِيِّ، قَوْلُهُ: (وَيُعَرِّفُ) أَيْ الْوَلِيُّ وَلَوْ حَاكِمَا وَلَا يَصِحُّ تَعْرِيفُ الصَّبِيِّ، وَلَا الْمَجْنُونِ نَعَمْ يَصِحُّ تَعْرِيفُ السَّفِيهِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَالصَّبِيِّ بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ وَيُرَاجِعُ الْوَلِيُّ الْحَاكِمَ فِي مُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ، إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْحَاكِمَ وَإِلَّا فَحَاكِمٌ آخَرُ يَبِيعُ جُزْءًا مِنْهَا لِمُؤْنَتِهَا. قَوْلُهُ: (وَيَضْمَنُ الْوَلِيُّ) وَلَوْ عَامًا وَكَالصَّبِيِّ مَنْ أُلْحِقَ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَالضَّمَانُ مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ) وَلَوْ فِي إتْلَافِ الْمَحْجُورِ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ) أَيْ مِنْ الْوَلِيِّ وَلَا عِبْرَةَ بِتَفْرِيطِ الصَّبِيِّ. قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) أَيْ عَلَى أَحَدٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَلِيِّ أَوْ الصَّبِيِّ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْتِقَاطِهِ حَتَّى كَمُلَ بِالْبُلُوغِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَتْلَفَهُ) أَيْ الصَّبِيُّ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ ضَمِنَهُ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَخْ) فِيمَا أَخَذَهُ مَالٌ ضَائِعٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَيَضْمَنُ مَا الْتَقَطَهُ لِمَالِكِهِ فِي رَقَبَتِهِ كَالْغَاصِبِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَاللَّقِيطُ حِينَئِذٍ لَهُ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخِيَانَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنَّهُ لَا يَجِبُ إلَخْ) لِعَدَمِ الْأَمْرِ بِهِ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجِبُ) أَيْ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد: «مَنْ أَخَذَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوَيْ عَدْلٍ وَلَا يَكْتُمْ» . وَهَذَا الْحَدِيثُ حُمِلَ عَلَى النَّدْبِ، وَيَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ) لِأَنَّهُ لَا يَلِي مَالَ وَلَدِهِ فَكَيْفَ يَلِي مَالَ غَيْرِهِ؟ وَنَظَرَ الثَّانِي إلَى حَقِّ التَّمَلُّكِ. [تَتِمَّةٌ الذِّمِّيُّ كَالْفَاسِقِ فِي انْتِزَاعِ الْمُلْتَقَطِ مِنْهُ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَظْهَرُ) أَيْ سَوَاءً قُلْنَا: يُنْزَعُ مِنْ يَدِهِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي صِحَّتُهُ) كَالِاحْتِطَابِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 لَهُ وَلَوْ أَقَرَّهُ فِي يَدِهِ وَاسْتَحْفَظَهُ عَلَيْهِ لِيُعَرِّفَهُ وَهُوَ أَمِينٌ جَازَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا، فَهُوَ مُتَعَدٍّ بِالْإِقْرَارِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ وَرَدَّهُ إلَيْهِ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (الْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْتِقَاطِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً) لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِالْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّبَرُّعِ بِالْحِفْظِ وَالتَّعْرِيفِ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ كَالْحُرِّ أَمَّا الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً فَاسِدَةً، فَلَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ كَالْقِنِّ وَقِيلَ يَصِحُّ كَذِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ، وَإِذَا صَحَّ الْتِقَاطُ الْمُكَاتَبِ عَرَّفَ وَتَمَلَّكَ (وَ) الْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْتِقَاطِ. (مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ) وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ حَكَى الرَّافِعِيُّ فِيهِ الطَّرِيقَيْنِ فِي الْمُكَاتَبِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْمَذْهَبُ وَالْمَنْصُوصُ صِحَّةُ الْتِقَاطِهِ (وَهِيَ) أَيْ اللُّقَطَةُ (لَهُ وَلِسَيِّدِهِ) يُعَرِّفَانِهَا وَيَتَمَلَّكَانِهَا بِحَسَبِ الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ كَشَخْصَيْنِ الْتَقَطَا هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ. (فَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةٌ) أَيْ مُنَاوَبَةٌ (فَلِصَاحِبِ النَّوْبَةِ) اللُّقَطَةُ (فِي الْأَظْهَرِ) فَإِنْ وَقَعَتْ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ عَرَّفَهَا، وَتَمَلَّكَهَا وَإِنْ وَقَعَتْ فِي نَوْبَةِ الْعَبْدِ، عَرَّفَهَا وَتَمَلَّكَ وَالِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الِالْتِقَاطِ، وَقِيلَ بِوَقْتِ التَّمَلُّكِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي، كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ. (وَكَذَا حُكْمُ سَائِرِ النَّادِرِ) أَيْ بَاقِيهِ (مِنْ الْأَكْسَابِ) كَالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَالرِّكَازِ (وَ) مِنْ (الْمُؤَنِ) كَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَالْحَجَّامِ، وَعَنْ الدَّوَاءِ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَكْسَابَ لِمَنْ حَصَلَتْ فِي نَوْبَتِهِ، وَالْمُؤَنُ عَلَى مَنْ وُجِدَ سَبَبُهَا فِي نَوْبَتِهِ فِي الْأَظْهَرِ فِيهِمَا، وَمُقَابِلُهُ يَشْتَرِكَانِ فِيهِمَا. (إلَّا أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ فَلَيْسَ عَلَى مَنْ وُجِدَتْ الْجِنَايَةُ فِي نَوْبَتِهِ وَحْدَهُ بَلْ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ جَزْمًا لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ، وَهَذَا الْمُسْتَثْنَى بِتَوْجِيهِهِ مَزِيدٌ فِي الرَّوْضَةِ اسْتِقْلَالًا. وَمَزِيدٌ مَعَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَلَى الشَّرْحِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ يَشْتَرِكَانِ فِي سَائِرِ النَّادِرِ مِنْ الْأَكْسَابِ وَالْمُؤَنِ.   [حاشية قليوبي] وَكَأَنَّهُ الْتَقَطَ الْآنَ. قَوْلُهُ: (بِالصِّحَّةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (بِالْمَنْعِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَخَذَهُ سَيِّدُهُ) وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ. قَوْلُهُ: (جَازَ) وَيُحْكَمُ بِالِالْتِقَاطِ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ، وَسَوَاءٌ فِي الْإِذْنِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا إلَخْ) فَالضَّمَانُ فِيهِمَا عَلَيْهِمَا فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ فَيَغْرَمُ السَّيِّدُ وَإِنْ هَلَكَ الْعَبْدُ، وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ لَوْ أَفْلَسَ السَّيِّدُ كَمَا لَوْ رَآهُ يُتْلِفُ مَالًا وَلَمْ يَمْنَعْهُ وَلَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَخْذِهَا مِنْهُ، فَلَهُ تَمَلُّكُهَا إنْ بَطَلَ الِالْتِقَاطُ وَإِلَّا فَهِيَ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهَا مِنْ كَسْبِهِ فَلَهُ أَخْذُهَا وَتَعْرِيفُهَا وَيَتَمَلَّكُهَا. قَوْلُهُ: (وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْتِقَاطِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً) لِاسْتِقْلَالِهِ بِالِاكْتِسَابِ. قَوْلُهُ: (عَرَّفَ وَتَمَلَّكَ) فَإِنْ عَجَزَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَخَذَهَا الْحَاكِمُ لَا السَّيِّدُ وَحَفِظَهَا لِمَالِكِهَا، وَلَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ فَبَدَلُهَا فِي كَسْبِهِ وَلَا يُقَدَّمُ مَالِكُهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمِثْلُهُ الْحُرُّ الْمُفْلِسُ وَالْمَيِّتُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ إلَّا فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَحْدَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ وَيَكْفِي فِي الْمُشْتَرَكِ إذْنُ أَحَدِ سَيِّدَيْهِ وَمَا الْتَقَطَهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (عَرَّفَهَا وَتَمَلَّكَهَا) أَيْ إنْ كَانَ قَدْ أَذِنَ لَهُ لِأَنَّهُ فِيهَا كَالْقِنِّ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَعَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ يَعُودُ مَا مَرَّ فِي الرَّقِيقِ وَإِنْ فَرَغَتْ نَوْبَةُ السَّيِّدِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الِالْتِقَاطِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِهَا فِي نَوْبَةِ أَيِّهِمَا صُدِّقَ ذُو الْيَدِ فَإِنْ كَانَتْ بِيَدِهِمَا، أَوْ لَا بِيَدِ أَحَدٍ حَلَفَ كُلٌّ وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ تَخَلَّلَتْ نَوْبَةُ السَّيِّدِ فِي مُدَّةِ تَعْرِيفِ الْعَبْدِ أَنَابَ مَنْ يُعَرِّفُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَكْسَابِ) وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِوَقْتِ الْوُجُودِ وَمِنْهَا الصَّدَقَةُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمُؤَنِ) وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِوَقْتِ الِاحْتِيَاجِ لَا بِوُجُودِ السَّبَبِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ مَرْجُوحٌ وَمِنْهَا زَكَاةُ الْفِطْرِ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَرْشَ الْجِنَايَةِ) أَيْ مِنْهُ أَوْ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ: (وَهَذَا الْمُسْتَثْنَى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ فِي الشَّرْحِ سَاكِتًا عَنْ الْمُؤَنِ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي وَحْدَهُ وَزَادَهُ مَعَ الْأَوَّلِ فِي الْمِنْهَاجِ أَيْضًا فَقَوْلُهُ عَلَى الشَّرْحِ مُتَعَلِّقٌ بِمَزِيدٍ فِيهِمَا   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالْقَوْلُ الثَّانِي) عَلَيْهِ يَأْخُذُهَا الْقَاضِي وَيَحْفَظُهَا دُونَ السَّيِّدِ، لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ. أَقُولُ: هَذَا فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا انْتَزَعَ مِنْ الْعَبْدِ اللُّقَطَةَ صَحَّ الْتِقَاطُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلِصَاحِبِ النَّوْبَةِ فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْكَسْبِ النَّادِرِ فِي الْمُهَايَأَةِ، وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُهُ يَشْتَرِكَانِ) أَيْ لِأَنَّ النَّادِرَ لَا يَخْطِرُ بِالذَّهَبِ عِنْدَ تَهَايُئِهِمَا. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ عَلَى مَنْ وُجِدَتْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا لَهُ فِيمَا إذَا جَنَى قَالَ: وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْمُؤَنِ وَالْأَكْسَابِ، لَا مِنْ الْمُؤَنِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (اسْتِقْلَالًا) يَعْنِي زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ الْمُؤَنُ، وَقَوْلُهُ: وَمَزِيدٌ مَعَهُ إلَخْ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ مَا زَادَهُ الْمِنْهَاجُ هُنَا بِقَوْلِهِ قُلْت: كُلُّهُ فِي الشَّرْحِ إلَّا أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَالْمُؤَنِ، فَهُمَا فِي الْمِنْهَاجِ مَزِيدَانِ عَلَى الشَّرْحِ، وَفِي الرَّوْضَةِ زَادَ الْأَرْشَ فَقَطْ هَذَا مُرَادٌ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الرَّوْضَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 فَصْلٌ (الْحَيَوَانُ الْمَمْلُوكُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ) كَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ. (بِقُوَّةٍ كَبَعِيرٍ وَفَرَسٍ) وَحِمَارٍ وَبَغْلٍ. (أَوْ بِعَدْوٍ) أَيْ جَرْيٍ (كَأَرْنَبٍ وَظَبْيٍ أَوْ طَيَرَانٍ كَحَمَامٍ إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ) أَيْ مُهْلِكَةٍ (فَلِلْقَاضِي الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ وَكَذَا لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الْقَاضِي مِنْ الْآحَادِ الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ. (فِي الْأَصَحِّ) لِئَلَّا يَأْخُذَهُ خَائِنٌ فَيَضِيعُ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْآحَادِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ. (وَيَحْرُمُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ) عَلَى كُلِّ أَحَدٍ لِأَنَّهُ مَصُونٌ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ أَكْثَرِ السِّبَاعِ مُسْتَغْنٍ بِالرَّعْيِ إلَى أَنْ يَجِدَهُ صَاحِبُهُ، لِتَطَلُّبِهِ لَهُ، فَمَنْ أَخَذَهُ لِلتَّمَلُّكِ ضَمِنَهُ، وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ بِرَدِّهِ إلَى مَوْضِعِهِ، فَإِنْ دَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي بَرِئَ فِي الْأَصَحِّ. (وَإِنْ وُجِدَ بِقَرْيَةٍ) أَوْ مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْهَا أَوْ بَلْدَةٍ (فَالْأَصَحُّ جَوَازُ الْتِقَاطِهِ لِتَمَلُّكٍ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْمَفَازَةِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ فِي الْعُمْرَانِ يَضِيعُ بِامْتِدَادِ الْيَدِ الْخَائِنَةِ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَفَازَةِ، فَإِنَّ طُرُوقَ النَّاسِ بِهَا لَا يَعُمُّ وَلَوْ وُجِدَ فِي زَمَنِ نَهْبٍ، وَفَسَادٍ جَازَ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ قَطْعًا فِي الْمَفَازَةِ وَالْعُمْرَانِ. (وَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ. (كَشَاةٍ) وَعِجْلٍ وَفَصِيلٍ (يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ فِي الْقَرْيَةِ) وَنَحْوِهَا (وَالْمَفَازَةِ) صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْخَوَنَةِ وَالسِّبَاعِ. (وَيَتَخَيَّرُ آخِذُهُ مِنْ مَفَازَةٍ فَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهُ وَتَمَلَّكَهُ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ اسْتِقْلَالًا إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا وَبِإِذْنِهِ فِي الْأَصَحِّ إنْ وُجِدَ (وَحَفِظَ ثَمَنَهُ وَعَرَّفَهَا) أَيْ اللُّقَطَةَ الْمَبِيعَةَ. (ثُمَّ تَمَلَّكَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (أَوْ أَكَلَهُ) أَيْ وَإِنْ شَاءَ أَكَلَهُ مُتَمَلِّكًا لَهُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي. (وَغَرِمَ قِيمَتَهُ إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ) وَلَا يَجِبُ بَعْدَ أَكْلِهِ تَعْرِيفُهُ فِي الظَّاهِرِ لِلْإِمَامِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ لِمَا سَيَأْتِي عَنْهُ، وَالْخَصْلَةُ الْأُولَى أَوْلَى مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّانِيَةُ أَوْلَى مِنْ الثَّالِثَةِ. (فَإِنْ أُخِذَ مِنْ الْعُمْرَانِ فَلَهُ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَبِالتَّحْتَانِيَّةِ. (لَا الثَّالِثَةُ فِي الْأَصَحِّ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْأَظْهَرُ. وَالثَّانِي لَهُ الثَّالِثَةُ أَيْضًا كَالْمَفَازَةِ وَدُفِعَ بِأَنَّ الْأَكْلَ فِيهَا، لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ فِيهَا مَنْ يَشْتَرِي بِخِلَافِ الْعُمْرَانِ، وَيَشُقُّ النَّقْلُ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَالْجَحْشِ فَفِيهِ الْخَصْلَتَانِ الْأُولَيَانِ، وَلَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ فِي الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِذَا أَمْسَكَ الْمُلْتَقِطُ الْحَيَوَانَ وَتَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ فَذَاكَ وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ، فَلْيُنْفِقْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا أَشْهَدَ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي حُكْمِ لَقْطِ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ: (الْمَمْلُوكُ) خَرَجَ بِهِ نَحْوُ كَلْبٍ يُقْتَنَى فَيَحِلُّ لَقْطُهُ، وَبَعْدَ تَعْرِيفِهِ يَخْتَصُّ بِهِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ بِغَيْرِ فِيهِ قِلَادَةٌ مَثَلًا، مِمَّا هُوَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ هَدْيٌ فَيُعَرِّفُهُ وَاجِدُهُ وَيَذْبَحُهُ وَقْتَ النَّحْرِ بِمِنًى وَيُفَرِّقُ لَحْمَهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ نَدْبًا، فَإِنْ ظَهَرَ صَاحِبُهُ وَأَنْكَرَ كَوْنَهُ هَدْيًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَعَلَى الذَّابِحِ لَهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ حَيًّا وَمَذْبُوحًا، وَعَلَى الْآكِلِ غُرْمُ اللَّحْمِ وَالذَّابِحُ طَرِيقٌ فِيهِ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ تَمَلُّكِ مَنْفَعَةِ مَوْقُوفٍ أَوْ مُوصًى بِهَا بَعْدَ تَعْرِيفِهَا. قَوْلُهُ: (الْمُمْتَنِعُ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَلَوْ مَعَ حَمْلٍ عَلَى ظَهْرِهِ مَثَلًا فَإِنْ أَثْقَلَهُ الْحَمْلُ أَوْ كَانَ بِهِ نَحْوُ كَسْرِ رِجْلٍ فَكَغَيْرِ الْمُمْتَنِعِ وَإِذَا لَقَطَهُ، فَهُوَ لَاقِطٌ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَمْلِ وَعَكْسِهِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (كَالذِّئْبِ إلَخْ) مِثَالٌ لِلصِّغَارِ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْأَسَدِ وَقِيلَ الْمُرَادُ صِغَارُ الْمَذْكُورَاتِ. قَوْلُهُ: (مُهْلِكَةٌ) وَسُمِّيَتْ مَفَازَةً تَفَاؤُلًا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ، يُقَالُ فَازَ إذَا نَجَا أَوْ هَلَكَ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ فَبِزَمَنِ الْخَوْفِ يَجُوزُ قَطْعًا وَلَوْ أَمِنَ عَلَيْهِ يَقِينًا، وَلَمْ يَعْرِفْ مَالِكُهُ امْتَنَعَ أَخْذُهُ وَإِنْ عَرَفَ مَالِكُهُ جَازَ أَخْذُهُ لِرَدِّهِ إلَيْهِ وَهُوَ أَمَانَةٌ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ) أَيْ زَمَنَ الْأَمْنِ فِي الْمَفَازَةِ لِلتَّمَلُّكِ. قَوْلُهُ: (لِلتَّمَلُّكِ قَطْعًا إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحِفْظِ مُطْلَقًا وَكَذَا لِلتَّمَلُّكِ إلَّا مِنْ مَفَازَةٍ آمِنَةٍ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ) أَيْ غَيْرِ الْمُمْتَنِعِ لِلتَّمَلُّكِ وَكَذَا لِلْحِفْظِ سَوَاءٌ زَمَنَ الْأَمْنِ أَوْ غَيْرِهِ فِي الْمَفَازَةِ وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِالتَّمَلُّكِ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (الْخَوَنَةُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ جَمْعُ خَائِنٍ. قَوْلُهُ: (وَيَتَخَيَّرُ آخِذُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمُمْتَنِعِ لِلتَّمَلُّكِ أَوْ مَا أَخَذَهُ لِلتَّمَلُّكِ وَلَوْ مِنْ الْمُمْتَنِعِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ حَالًا. قَوْلُهُ: (وَعَرَّفَهَا) لَمْ يَذْكُرْ الضَّمِيرَ هُنَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَوْدِهِ إلَى الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَكْلُهُ) أَيْ حَالًا بَعْدَ تَمَلُّكِهِ إنْ وَجَدَهُ فِي مَفَازَةٍ فَإِنْ وَصَلَ بِهِ إلَى   [حاشية عميرة] [فَصْل الْحَيَوَانُ الْمَمْلُوك الْمُمْتَنِع مِنْ صِغَار السِّبَاع كَالذِّئْبِ إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ] فَصْلٌ الْحَيَوَانِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمَمْلُوكُ) كَذَلِكَ الْمُخْتَصُّ كَالْكَلْبِ وَالْبَعِيرِ الْمَنْذُورِ هَدِيَّةً يَلْتَقِطُهُ لِلنَّحْرِ، وَالْمَوْقُوفُ يَنْبَغِي أَنْ يُلْتَقَطَ لِتَمَلُّكِ مَنَافِعِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلِلْقَاضِي الْتِقَاطُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ إذَا خَافَ الضَّيَاعَ، وَإِلَّا فَيُتْرَكُ وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَصُونٌ بِالِامْتِنَاعِ إلَخْ) فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فِي الْإِبِلِ: «مَا لَك وَلَهَا» . قَوْلُهُ: (كَالْمَفَازَةِ) لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْمَفَازَةِ) أَيْ وَالْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْمَفَازَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيهِ: «تَرِدُ الْمَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ» . قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّعْرِيفِ) كَغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بَاعَهُ) لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْأَكْلِ. قَوْلُهُ: (أَيْ اللُّقَطَةُ الْمَبِيعَةُ) يَعْنِي لَا الثَّمَنُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ أَكَلَهُ) الْأَحْسَنُ وَأَكَلَهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا أَوْ أَكَلَهُ) بِالْإِجْمَاعِ عَلَى هَذِهِ الْخَصْلَةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، فَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ حَتَّى حَضَرَ بِهِ إلَى الْعُمْرَانِ امْتَنَعَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ. قَوْلُهُ: (أَخْذًا) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ مُتَمَلِّكًا لَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَغَرِمَ قِيمَتَهُ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: دَلِيلُهُ الْقِيَاسُ عَلَى إثْبَاتِ ذَلِكَ فِي لُقَطَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ) هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ صَنِيعِ الْمِنْهَاجِ حَيْثُ ذَكَرَ التَّعْرِيفَ فِي الْخَصْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَتَرَكَهُ مِنْ الْأَخِيرَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الثَّالِثَةِ) أَيْ لِمَا فِيهَا مِنْ تَعْجِيلِ الِاسْتِبَاحَةِ قَبْلَ التَّعْرِيفِ. فَرْعٌ لَمْ يُرَاعُوا هُنَا وُجُوبَ اتِّبَاعِ الْأَحَظِّ، وَرَاعُوهُ فِيمَا يُجَفَّفُ كَمَا سَيَأْتِي فَمَا الْفَرْقُ؟ ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ اعْتَبَرَهُ هُنَا أَيْضًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 (وَيَجُوزُ أَنْ يَلْتَقِطَ عَبْدًا لَا يُمَيِّزُ) فِي زَمَنِ أَمْنٍ أَوْ نَهْبٍ وَمُمَيِّزًا فِي زَمَنِ نَهْبٍ، بِخِلَافِ الْأَمْنِ، لِأَنَّهُ يَسْتَدِلُّ فِيهِ عَلَى سَيِّدِهِ فَيَصِلُ إلَيْهِ، وَالْأَمَةُ كَالْعَبْدِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ غُضُونِ كَلَامِهِمْ أَنَّ فِيهِمَا الْخَصْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَفِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا ثُمَّ يَجُوزُ تَمَلُّكُ الْعَبْدِ، وَالْأَمَةِ الَّتِي لَا تَحِلُّ كَالْمَجُوسِيَّةِ وَالْمَحْرَمِ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِلُّ فَعَلَى قَوْلَيْنِ كَالِاقْتِرَاضِ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ بِالِالْتِقَاطِ اقْتِرَاضٌ، وَيُنْفِقُ عَلَى الرَّقِيقِ مُدَّةَ الْحِفْظِ مِنْ كَسْبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسْبٌ فَعَلَى مَا سَبَقَ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَإِذَا بِيعَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَالِكُ وَقَالَ كُنْت أَعْتَقْته قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْأَظْهَرِ، وَحُكِمَ بِفَسَادِ الْبَيْعِ وَالثَّانِي لَا كَمَا لَوْ بَاعَ بِنَفْسِهِ انْتَهَى. (وَيُلْتَقَطُ غَيْرُ الْحَيَوَانِ) كَمَأْكُولٍ وَثِيَابٍ وَنُقُودٍ. (فَإِنْ كَانَ يُسْرِعُ فَسَادُهُ كَهَرِيسَةٍ) وَرُطَبٍ لَا يَتَتَمَّرُ. (فَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ) أَيْ اسْتِقْلَالًا إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا، وَبِإِذْنِهِ إنْ وَجَدَهُ أَخْذًا مِمَّا سَبَقَ (وَعَرَّفَهُ) بَعْدَ بَيْعِهِ (لِيَتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ. (وَإِنْ شَاءَ تَمَلَّكَهُ فِي الْحَالِ وَأَكَلَهُ) وَغَرِمَ قِيمَتَهُ سَوَاءٌ وَجَدَهُ فِي مَفَازَةٍ أَوْ عُمْرَانٍ. (وَقِيلَ: إنْ وَجَدَهُ فِي عُمْرَانٍ وَجَبَ الْبَيْعُ) وَامْتَنَعَ الْأَكْلُ وَعَلَى جَوَازِهِ فِي الْقِسْمَيْنِ فِي التَّعْرِيفِ بَعْدَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْعُمْرَانِ، وُجُوبُهُ وَفِي الْمَفَازَةِ قَالَ الْإِمَامُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ. (وَإِنْ أَمْكَنَ بَقَاؤُهُ بِعِلَاجٍ كَرُطَبٍ يَتَجَفَّفُ، فَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي بَيْعِهِ بِيعَ أَوْ فِي تَجْفِيفِهِ وَتَبَرَّعَ بِهِ الْوَاجِدُ جَفَّفَهُ، وَإِلَّا بِيعَ بَعْضُهُ لِتَجْفِيفِ الْبَاقِي) حِفْظًا لَهُ وَالْمُرَادُ بِالْعُمْرَانِ الشَّارِعُ، وَالْمَسْجِدُ لِأَنَّهُمَا مَعَ الْمَوَاتِ مَحَالُّ اللُّقَطَةِ. (وَمَنْ أَخَذَ لُقَطَةً لِلْحِفْظِ أَبَدًا فَهِيَ أَمَانَةٌ)   [حاشية قليوبي] الْعُمْرَانِ فَقَالَ الْعَبَّادِيُّ يَمْتَنِعُ أَكْلُهُ وَتَمَلُّكُهُ قَبْلَ التَّعْرِيفِ، وَجَوَّزَ الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ خَصْلَةً رَابِعَةً، وَهِيَ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ حَالًا وَيُبْقِيهِ حَيًّا لِيَنْتَفِعَ بِدَرِّهِ أَوْ نَسْلِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ إلَخْ) أَيْ مَا دَامَ فِي الصَّحْرَاءِ وَإِلَّا فَيَجِبُ. قَوْلُهُ: (وَالْخَصْلَةُ الْأُولَى إلَخْ) هَذَا إذَا اسْتَوَتْ الْخِصَالُ فِي الْأَحَظِّيَّةِ أَوْ عَدَمِهَا، وَإِلَّا وَجَبَ فِعْلُ الْأَحَظِّ لِلْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (أَشْهَدَ) فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَرْجِعْ وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ فَإِنْ فَقَدَ الشُّهُودَ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ نَوَاهُ، فَإِنْ اخْتَارَ الْبَيْعَ فَكَمَا تَقَدَّمَ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ بَعْضِهِ، وَلَا أَنْ يَقْتَرِضَ عَلَى الْمَالِكِ لِلنَّفَقَةِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَغْرِقُهُ فِيهِ وَفَارَقَ الْإِنْفَاقَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. بِأَنَّ مَا اقْتَرَضَهُ قَدْ يُتْلَفُ قَبْلَ إنْفَاقِهِ، وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَلْتَقِطَ عَبْدًا لَا يُمَيِّزُ) مُطْلَقًا وَيُعْرَفُ رِقُّهُ بِعَلَامَةٍ كَالْحَبَشَةِ وَالزِّنْجِيِّ، أَوْ بِإِخْبَارٍ بِرِقِّهِ مِمَّنْ يَعْرِفُهُ قَبْلُ، أَوْ بِنَحْوِ مِلْكٍ فَإِنْ عَرَفَ مَالِكُهُ وَأَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ إلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَمُمَيِّزًا) يَشْمَلُ الْبَالِغَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِي زَمَنِ نَهْبٍ) فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ خَوْفٍ. قَوْلُهُ: (كَالِاقْتِرَاضِ) فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّمَلُّكِ. قَوْلُهُ: (وَيُنْفِقُ إلَخْ) سَوَاءٌ الْتَقَطَهُ لِلْحِفْظِ أَوْ لِلتَّمَلُّكِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (أَعْتَقْته) وَكَالْعِتْقِ غَيْرُهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ، كَمَا فِي ابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ، مِمَّا يُزِيلُ الْمِلْكَ وَلَوْ عَادَ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ لِيَأْخُذَ الثَّمَنَ، فَفِي قَبُولِهِ وَجْهَانِ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ الْحَيَوَانِ) شَمِلَ الِاخْتِصَاصَ نَحْوَ كَلْبٍ مُعَلَّمٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ وَزِبْلٍ وَلُقَطَةٍ لِحِفْظٍ، أَوْ اخْتِصَاصٍ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، ثُمَّ إنْ ظَهَرَ الْمَالِكُ أَخَذَ الْمَوْجُودَ، وَلَا ضَمَانَ فِيمَا تَلِفَ وَلَوْ بِإِتْلَافٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ لِعَدَمِ تَأَتِّي مَا بَعْدَهُ فِيهِ مِنْ التَّفَاصِيلِ. فَرْعٌ يَجُوزُ الْتِقَاطُ السَّنَابِلِ لِلتَّمَلُّكِ إنْ أَعْرَضَ مَالِكُهَا عَنْهَا أَوْ عُلِمَ رِضَاهُ، وَلَوْ كَانَتْ فِي مَالٍ زَكَوِيٍّ وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمَالِكِ فِيهَا لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ فِي مَحِلِّ الْإِعْرَاضِ مِنْ الْمَالِكِ جُعِلَتْ كَذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ تَبَعًا. قَوْلُهُ: (وَبِإِذْنِهِ) وُجُوبًا بِأَنْ لَمْ يُخَفْ مِنْهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا اسْتَقَلَّ. قَوْلُهُ: (وَغَرِمَ قِيمَتَهُ) أَيْ وَقْتَ أَكْلِهِ حَالَ اللُّقَطَةِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إفْرَازُهَا لِأَنَّ الذِّمَّةَ أَحْفَظُ، فَإِنْ أَفْرَزَهَا فَهِيَ أَمَانَةٌ، وَلَهُ تَمَلُّكُهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ كَالثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ وَجَدَهُ فِي مَفَازَةٍ أَوْ عُمْرَانٍ) وَسَوَاءٌ زَمَنَ أَمْنٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَيَوَانِ مَنْعُ الْأَخِيرَةِ لِلتَّمَلُّكِ، وَيُؤْخَذُ الْفَرْقُ مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْقِسْمَيْنِ) أَيْ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ ذِكْرِهِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ لِمَا سَيَأْتِي عَنْهُ أَيْ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا يَجِبُ) أَيْ مَا دَامَ فِي الْمَفَازَةِ وَإِلَّا وَجَبَ كَمَا مَرَّ، وَالتَّخْيِيرُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْأَحَظِّيَّةِ لِلْمَالِكِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْأَحَظُّ كَمَا مَرَّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ إلَخْ) وَلَا يَجُوزُ هُنَا التَّمَلُّكُ وَالْأَكْلُ حَالًا لِبَقَائِهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي تَجْفِيفِهِ) أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ. قَوْلُهُ: (وَتَبَرَّعَ بِهِ) الْوَاجِدُ أَوْ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا بِيعَ بَعْضُهُ) وَتَقَدَّمَ فِي الْحَيَوَانِ مَنْعُ بَيْعِ بَعْضِهِ خَوْفَ اسْتِغْرَاقِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَخَذَ إلَخْ) وَهُوَ أَهْلُ لُقَطَةٍ لِلْحِفْظِ إلَخْ: أَيْ فَنَحْوُ صَبِيٍّ إذَا رَأَى وَلِيُّهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ لَهُ لَمْ يَصْرِفْ مُؤْنَةَ التَّعْرِيفِ مِنْ مَالِهِ، بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا لَهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالْأَمَةُ كَالْعَبْدِ) إلَّا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَنْعُ لَقْطِهِ مَنْ تَحِلُّ لَهُ لِلتَّمَلُّكِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَجُوزُ) وَجْهُ اسْتِدْلَالِهِ التَّعْبِيرُ بِثُمَّ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَأَخُّرَ التَّمَلُّكِ عَنْ التَّعْرِيفِ فَيَنْتَفِي التَّمَلُّكُ حَالًا. وَأَمَّا خَصْلَةُ الْبَيْعِ فَكَأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمَا الْآتِي وَإِذَا بِيعَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَالِكُ، فَإِنَّهُ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (كَمَأْكُولٍ وَثِيَابٍ إلَخْ) وَكَذَا خَمْرٌ مُحْتَرَمَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ) وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْخَصْلَةِ الْآتِيَةِ بِالِاتِّفَاقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ شَاءَ إلَخْ) وَلَا تَأْتِي هُنَا الْخَصْلَةُ الثَّالِثَةُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنْ وَجَدَهُ إلَخْ) هُوَ نَظِيرُ مَا سَلَفَ فِي الشَّاةِ مِنْ امْتِنَاعِ الْأَكْلِ فِيهَا مِنْ الْعُمْرَانِ. قَوْلُهُ: (فِي الْقِسْمَيْنِ) هُمَا الْحَيَوَانُ وَغَيْرُ الْحَيَوَانِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ) أَيْ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ لِغَرَضِ ظُهُورِ صَاحِبِهِ قَبْلَ التَّمَلُّكِ وَقَدْ وُجِدَ، وَفَارَقَ الْعُمْرَانَ بِأَنْ يُرْجَى فِيهِ ظُهُورُ مَالِكِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ، وَلَمْ أَرَ لِلْأَصْحَابِ جَوَازَ الْأَكْلِ هَا هُنَا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالْبَيْعِ كَغَيْرِهِ، وَأَشَارَ الرُّويَانِيُّ إلَى تَفَرُّدِهِ لِإِمْكَانِ تَبْقِيَتِهِ، فَلَا ضَرُورَةَ لِلْأَكْلِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ وَمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِتَجْفِيفِ الْبَاقِي) وَيُخَالِفُ الْحَيَوَانُ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُ كُلِّهِ، لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَأْكُلُهُ. قَوْلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 فِي يَدِهِ (فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْقَاضِي لَزِمَهُ الْقَبُولُ) وَكَذَا مَنْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى الْقَاضِي يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ. (وَلَمْ يُوجِبْ الْأَكْثَرُونَ التَّعْرِيفَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ الْأَخْذُ لِلْحِفْظِ أَبَدًا قَالُوا لِأَنَّ التَّعْرِيفَ إنَّمَا يَجِبُ لِتَحْقِيقِ شَرْطِ التَّمَلُّكِ وَأَوْجَبَهُ غَيْرُهُمْ، وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لِئَلَّا يَكُونَ كِتْمَانًا مُفَوِّتًا لِلْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا أَقْوَى وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ التَّعْرِيفَ فِي الْأَخْذِ لِلتَّمَلُّكِ وَاجِبٌ قَطْعًا. (فَلَوْ قَصَدَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ الْأَخْذِ لِلْحِفْظِ أَبَدًا. (خِيَانَةَ لَمْ يَصِرْ ضَامِنًا فِي الْأَصَحِّ) بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ وَالثَّانِي يَصِيرُ. (وَإِنْ أَخَذَ بِقَصْدِ خِيَانَةٍ فَضَامِنٌ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَهُ أَنْ يُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَهُ ذَلِكَ لِوُجُودِ صُورَةِ الِالْتِقَاطِ (وَإِنْ أَخَذَ لِيُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ) بَعْدَ التَّعْرِيفِ. (فَأَمَانَةٌ مُدَّةَ التَّعْرِيفِ وَكَذَا بَعْدَهَا مَا لَمْ يَخْتَرْ التَّمَلُّكَ فِي الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ تَصِيرُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ إذَا كَانَ غُرْمُ التَّمَلُّكِ مُطَّرِدًا، قَالَهُ الْغَزَالِيُّ كَالْإِمَامِ وَالْأَوَّلُ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ. (وَيَعْرِف) بِفَتْحِ الْيَاءِ الْمُلْتَقِطُ (جِنْسَهَا) أَذَهَبٌ هِيَ أَمْ فِضَّةٌ أَمْ ثِيَابٌ. (وَصِفَتَهَا) أَهَرَوِيَّةٌ أَمْ مَرْوِيَّةٌ. (وَقَدْرَهَا) بِوَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ (وَعِفَاصَهَا) أَيْ وِعَاءَهَا مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (وَوِكَاءَهَا) أَيْ خَيْطَهَا الْمَشْدُودَةَ بِهِ رَوَى الشَّيْخَانِ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَائِلِهِ عَنْ لُقَطَةِ الذَّهَبِ، أَوْ الْوَرِقِ «اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً» وَقِيسَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ خَارِجَهَا فِيهِ مَعْرِفَةُ دَاخِلِهَا، وَذَلِكَ لِيَعْرِفَ صِدْقَ وَاصِفِهَا (ثُمَّ يُعَرِّفُهَا) بِالتَّشْدِيدِ. (فِي الْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ) عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ مِنْ الْجَمَاعَاتِ (وَنَحْوِهَا) مِنْ مَجَامِعِ النَّاسِ فِي بَلَدِ الِالْتِقَاطِ أَوْ قَرْيَتِهِ أَوْ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَى مَوْضِعِهِ مِنْ الصَّحْرَاءِ، وَإِنْ جَازَتْ بِهِ قَافِلَةٌ تَبِعَهُمْ وَعَرَّفَ، وَلَا يُعَرِّفُ فِي الْمَسَاجِدِ قَالَ الشَّاشِيُّ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَهِيَ أَمَانَةٌ) وَكَذَا زَوَائِدُهَا مِنْ نَحْوِ دَرٍّ وَنَسْلٍ وَيَجْرِي فِيهِ مَا فِي أَصْلِهَا مِنْ تَجْفِيفِ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (إلَى الْقَاضِي لَزِمَهُ الْقَبُولُ) وَهَذَا فِي قَاضٍ أَمِينٍ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ دَفْعُهُ لَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَيَضْمَنُهَا دَافِعُهَا لَهُ. قَوْلُهُ: (لِلتَّمَلُّكِ) أَوْ لِلِاخْتِصَاصِ أَوَّلًا بِقَصْدِ شَيْءٍ وَنَسِيَهُ أَوْ بِقَصْدِ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ دَفَعَهَا إلَخْ) فِيهِ مَا مَرَّ وَيَبْرَأُ بِدَفْعِهَا إلَى الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (قَالُوا) صِيغَةُ تَبَرٍّ، لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ الْوُجُوبُ لِيَظْهَرَ الْمَالِكُ. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ أَرَادَ الْعَوْدَ لِلتَّمَلُّكِ وَجَبَ التَّعْرِيفُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (لِلْحِفْظِ) وَكَذَا لِلتَّمَلُّكِ. قَوْلُهُ: (بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ) فَإِنْ فَعَلَ صَارَ ضَامِنًا بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (بِقَصْدِ خِيَانَةٍ) وَعُلِمَ ذَلِكَ الْقَصْدُ يَقِينًا وَلَمْ يَنْسَهُ وَإِلَّا فَأَمِينٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَهُ) أَيْ مَا دَامَ مُصِرًّا عَلَيْهِ وَيَأْخُذُهَا الْحَاكِمُ مِنْهُ قَهْرًا عَلَيْهِ، فَلَوْ عَادَ إلَى الْأَمَانَةِ وَلَوْ بَعْدَ أَخْذِ الْحَاكِمِ أَوْ الْخِيَانَةِ فِيهَا بِالْفِعْلِ لِيَصْرِفَ وَيَتَمَلَّكَ جَازَ، وَيَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، كَمَا لَوْ سَلَّمَهَا لِلْحَاكِمِ وَالتَّعْرِيفُ الْمَمْنُوعُ مَا كَانَ لِأَجْلِ أَنْ يَتَمَلَّكَ، فَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ أَنْ يَعْرِفَ صَاحِبَهَا لِيَدْفَعَهَا لَهُ فَلَا مَانِعَ. قَوْلُهُ: (لِيُعَرِّفَ وَيَتَمَلَّكَ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (مُطَّرِدًا) أَيْ مُسْتَمِرًّا لَمْ يَتَخَلَّلْهُ قَصْدُ حِفْظٍ. تَنْبِيهٌ التَّعْرِيفُ مَمْنُوعٌ عَلَى مَنْ خَافَ بِهِ أَخْذَ ظَالِمٍ لَهَا، وَتَكُونُ عِنْدَهُ أَبَدًا أَمَانَةً فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ. قَوْلُهُ: (وَيُعَرِّفُ) سَيَأْتِي أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَيُنْدَبُ كِتَابَةُ أَوْصَافِهَا وَوَقْتُ لَقْطِهَا وَمَوْضِعُهُ. قَوْلُهُ: (مَرْوِيَّةٌ) بِسُكُونِ الرَّاءِ نِسْبَةً إلَى مَرْوَ قَرْيَةٍ بِأَرْضِ الْعَجَمِ كَهَرَاةَ. قَوْلُهُ: (وِعَاءَهَا) هُوَ أَحَدُ مَاصَدَقَاتِ الْعِفَاصِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْعِفَاصُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوِعَاءِ الَّذِي فِيهِ النَّفَقَةُ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَعِلَاقِ الْقَارُورَةِ وَالْجِلْدِ الَّذِي يُغَطِّي بِهِ رَأْسَهَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُعَرِّفُهَا) أَيْ الْمُلْتَقِطُ سَنَةً وُجُوبًا، وَلَوْ اخْتِصَاصًا سَوَاءٌ انْفَرَدَ أَوْ تَعَدَّدَ وَفِي التَّعَدُّدِ تُوَزَّعُ السَّنَةُ عَلَيْهِمْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَكْفِي أَحَدُهُمْ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْبَاقِينَ، وَيَكْفِي إذْنُهُمْ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَوْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ حَقَّهُ مِنْ الِالْتِقَاطِ لَمْ يَسْقُطْ وَيَبْنِي الْوَارِثُ عَلَى تَعْرِيفِ مُورَثِهِ وَيُعْتَبَرُ فِيمَنْ يُعَرِّفُ كَوْنُهُ، مُكَلَّفًا مَوْثُوقًا بِهِ، وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ، وَلَيْسَ مَعْرُوفًا بِالْخَلَاعَةِ وَالْمُجُونِ وَيُغْنِي عَنْ تَعْرِيفِهَا دَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ كَمَا فِي لُقَطَةِ الْحَرَمِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَى مَوْضِعِهِ مِنْ الصَّحْرَاءِ) أَيْ إنْ كَانَ فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ مَقْصِدُهُ وَإِنْ بَعُدَ أَوْ عَرَضَ لَهُ قَصْدُهُ بَعْدَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (تَبِعَهُمْ) أَيْ إنْ كَانَ سَيْرُهُمْ إلَى جِهَةِ مَقْصِدِهِ، وَإِلَّا تَعَرَّضَ لَهُمْ بِالْمُنَادَاةِ فَقَطْ. فَرْعٌ لَوْ وَجَدَ لُقَطَةً فِي بَيْتِهِ فَعَلَيْهِ التَّعْرِيفُ لِمَنْ يَدْخُلُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُعَرِّفُ فِي الْمَسَاجِدِ) أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ بَعْضُ مَنْ فِيهَا مِنْ غَيْرِ صُورَةِ تَعْرِيفٍ، وَشَمِلَتْ الْمَسَاجِدُ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ وَالْأَقْصَى.   [حاشية عميرة] الْمَتْنِ: (فَهِيَ أَمَانَةٌ) كَذَلِكَ دَرُّهَا وَنَسْلُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لُزُومُهُ الْقَبُولَ) أَيْ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (قَالُوا) صِيغَةُ تَبَرٍّ وَجْهُهُ أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ، وَيُقَالُ: بَلْ وَجَبَ لِيَظْهَرَ الْمَالِكُ وَلَا يَكُونُ الْمُلْتَقِطُ كَاتِمًا فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْكَتْمِ. قَوْلُهُ: (وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ إلَخْ) أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ لِلْحِفْظِ ثُمَّ بَدَا لَهُ التَّمَلُّكُ؟ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ التَّعْرِيفِ كَذَا فِي الزَّرْكَشِيّ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الصَّفْحَةِ بَعْدَهَا مَا يُفِيدُك أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا قُلْنَا: إنَّ التَّعْرِيفَ فِي حَقِّهِ غَيْرُ وَاجِبٍ. قَوْلُهُ: (بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ) كَالْوَدِيعَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِيرُ) إذْ سَبَبُ أَمَانَتِهِ مُجَرَّدُ نِيَّتِهِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُهُ تَصِيرُ إلَخْ) كَالْمُسْتَامِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُسْتَامَ قَدْ قَبَضَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ، وَهَذَا حِينَ الْأَخْذِ مُعْظَمُ غَرَضِهِ الْحِفْظُ عَلَى صَاحِبِهَا وَصَوْنُ مَالِهِ عَنْ الضَّيَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُعَرَّفُ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عِنْدَ آخِرِ الصَّفْحَةِ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 إلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى الْأَصَحِّ (سَنَةً) لِلْحَدِيثِ وَيُقَاسُ عَلَى مَا فِيهِ غَيْرُهُ، وَلَيْسَتْ عَلَى الِاسْتِيعَابِ بَلْ. (عَلَى الْعَادَةِ يُعَرِّفُ أَوَّلًا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ طَرَفَيْ النَّهَارِ ثُمَّ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً ثُمَّ كُلَّ أُسْبُوعٍ) مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (ثُمَّ كُلَّ شَهْرٍ) بِحَيْثُ لَا يَنْسَى أَنَّهُ تَكْرَارٌ لِلْأَوَّلِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَفِي أَصْلِهَا لِمَا مَضَى وَسَكَتَا عَنْ بَيَانِ الْمَدَدِ فِي ذَلِكَ وَفِي التَّهْذِيبِ ذَكَر الْأُسْبُوعَ فِي الْمُدَّةِ الْأُولَى وَيُقَاسَ بِهَا الثَّانِيَةُ. (وَلَا تَكْفِي سَنَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْأَصَحِّ) كَأَنْ يُعَرِّفَ شَهْرًا وَيَتْرُكَ شَهْرًا، وَهَكَذَا لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ فَائِدَةُ التَّعْرِيفِ. (قُلْت الْأَصَحُّ تَكْفِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ عَرَّفَ سَنَةً وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا وَلَا تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ فِي التَّعْرِيفِ فِي الْأَصَحِّ، كَمَا أَفَادَهُ ثُمَّ (وَيَذْكُرُ) الْمُلْتَقِطُ (بَعْضَ أَوْصَافِهَا) فِي التَّعْرِيفِ وَلَا يَسْتَوْعِبُهَا، لِئَلَّا يَعْتَمِدَهَا الْكَاذِبُ، وَذِكْرُهُ مُسْتَحَبٌّ وَقِيلَ شَرْطٌ وَهُوَ مَسْبُوقٌ بِمَعْرِفَتِهِ، فَيَأْتِي فِيهَا الْخِلَافُ. (وَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ إنْ أَخَذَ لِحِفْظِهِ) بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ السَّابِقِ عَنْ غَيْرِ الْأَكْثَرِينَ. (بَلْ يُرَتِّبُهَا الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يُقْتَرَضُ عَلَى الْمَالِكِ) أَوْ يَأْمُرُ الْمُلْتَقِطَ بِهَا لِيَرْجِعَ عَلَى الْمَالِكِ، وَعَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ التَّعْرِيفُ عَلَيْهِ، إنْ عَرَّفَ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ (وَإِنْ أَخَذَ لِتَمَلُّكٍ لَزِمَتْهُ) مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ تَمَلَّكَ أَمْ لَا. (وَقِيلَ إنْ لَمْ يَتَمَلَّكْ) بِأَنَّ ظَهَرَ مَالِكُهَا. (فَعَلَى الْمَالِكِ) الْمُؤْنَةُ لِعَوْدِ فَائِدَةِ التَّعْرِيفِ إلَيْهِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْحَقِيرَ) أَيْ الْقَلِيلَ الْمُتَمَوَّلَ. (لَا يُعَرَّفُ سَنَةً بَلْ زَمَنًا يَظُنُّ أَنْ فَاقِدَهُ يَعْرِضُ عَنْهُ غَالِبًا) بَعْدَ ذَلِكَ لِزَمَنٍ وَيَخْتَلِفُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (إلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) فَلَا يُكْرَهُ التَّعْرِيفُ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَسَتَأْتِي حِكْمَتُهُ. قَوْلُهُ: (سَنَةً) عَلَى التَّحْدِيدِ. نَعَمْ إنْ كَانَتْ قَبْلَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ وَجَبَ بَعْدَهُ سَنَةً أُخْرَى، وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي الشَّرْحِ فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ وَاعْتُبِرَتْ السَّنَةُ لِعَدَمِ انْقِطَاعِ الْقَوَافِلِ فِيهَا غَالِبًا، وَلِأَنَّ فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا إضْرَارًا بِاللَّاقِطِ. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ لَا يَنْسَى) هُوَ ضَابِطٌ وَاضِحٌ لَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهِ فِي كُلِّ السَّنَةِ، وَالتَّقْيِيدُ، بِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ مَرَّتَيْنِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، وَهَكَذَا لَيْسَ مُتَعَيِّنًا بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ مِنْ ابْتِدَاءِ التَّعْرِيفِ، وَإِذَا حَصَلَ النِّسْيَانُ وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا. قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ بِهَا الثَّانِيَةُ) فَهِيَ أُسْبُوعٌ كَالْأُولَى وَفِي الْمَنْهَجِ أَوْ أُسْبُوعَيْنِ ثُمَّ كُلَّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ إلَى تَمَامِ سَبْعَةِ أَسَابِيعَ ثُمَّ كُلَّ شَهْرٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ تَكْفِي) أَيْ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ: أَيْ مِنْ عَدَمِ النِّسْيَانِ وَيَجِبُ أَيْضًا بَيَانُ زَمَنِ وُجْدَانِهَا وَمَكَانِهِ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَجَبَ اسْتِئْنَافُ سَنَةٍ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَانْظُرْ هَلْ يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ بِعَدَمِ ذِكْرِ الزَّمَانِ، أَوْ الْمَكَانِ فِي مَرَّةٍ مِنْ التَّعْرِيفِ أَوْ فِي غَالِبِ الْمَرَّاتِ أَوْ فِي جَمِيعِهَا فِي جَمِيعِ السَّنَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ فِي التَّعْرِيفِ) بَلْ الْوَاجِبُ أَنْ يُنْسَبَ لِزَمَنِ الِالْتِقَاطِ وَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فَوَاتُ مَعْرِفَةِ الْمَالِكِ لَهَا مَدْفُوعٌ بِمَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ ذِكْرِ زَمَنِهَا وَمَكَانِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْتَوْعِبُهَا) فَيَحْرُمُ وَيَضْمَنُ إنْ فَعَلَ كَمَا لَوْ دَلَّ عَلَى الْوَدِيعَةِ. قَوْلُهُ: (وَذِكْرُهُ مُسْتَحَبٌّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (مَسْبُوقٌ بِمَعْرِفَتِهِ) الْمُتَقَدِّمَةِ بِقَوْلِهِ وَيُعَرِّفُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (فَيَأْتِي فِيهَا الْخِلَافُ) الْمَذْكُورُ الْمُقْتَضِي لِحُرْمَةِ اسْتِيعَابِهَا وَنُدِبَ ذِكْرُ بَعْضِهَا، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّهُ فِيهَا وَاجِبٌ إنْ قَصَدَ التَّمَلُّكَ، وَإِلَّا فَمَنْدُوبٌ قَالَ: وَهَذَا عِنْدَ الِالْتِقَاطِ وَأَمَّا عِنْدَ التَّمَلُّكِ فَوَاجِبٌ قَطْعًا لِيَعْرِفَ مَا يَدْفَعُهُ لِلْمَالِكِ إذَا ظَهَرَ. قَوْلُهُ: (لِحِفْظِهِ) الْمُرَادُ لِغَيْرِ تَمَلُّكِهِ عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَلَى وُجُوبِ التَّعْرِيفِ) الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) تَبَرُّعًا وَيُقَدَّمُ عَلَى مَا بَعْدَهُ، وَيَجِبُ فِيمَا بَعْدَهُ مُرَاعَاةُ الْأَحَظِّ لِلْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَقْتَرِضُ عَلَى الْمَالِكِ) أَمَّا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِأَنْ يُرَتِّبَهَا الْحَاكِمُ فِيهِ، وَمِنْهُ أَمْرُ اللَّاقِطِ بِهَا كَمَا ذَكَرَهُ وَلَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ بِقَدْرِ قِيمَةِ اللُّقَطَةِ بِيعَتْ بِنَقْدٍ، وَحُفِظَ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَى مُؤْنَةٍ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ يَقْتَرِضُهَا عَلَى الْمَالِكِ مِنْ اللَّاقِطِ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ) إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِتَمَلُّكِ) وَلَوْ بَعْدَ أَخْذِهِ لِلْحِفْظِ فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالتَّمَلُّكِ عَدَمُ الْأَخْذِ لِلْحِفْظِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَزِمَتْهُ) وَمَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إلَى أَنَّهَا عَلَى الْمَالِكِ كَالَّتِي قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: (لَا يُعَرِّفُ) قَالَ بَعْضُهُمْ إلَّا فِي الْحَرَمِ لِمَنْعِ لُقَطَتِهِ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (إلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) وَجْهُ ذَلِكَ بِأَنَّ لُقَطَتُهُ لَا تُتَمَلَّكُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، أَيْ فَيَكُونُ التَّعْرِيفُ لِغَرَضِ التَّمَلُّكِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ هَذَا الْحُكْمَ ثَابِتٌ وَلَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ لِلْحِفْظِ فَقَطْ، فَالْوَجْهُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ مَثَابَةٌ لِلنَّاسِ، وَكَثْرَةُ النَّاسِ بِهِ مَظِنَّةٌ لِوُجُودِ صَاحِبِهَا أَوْ إرْسَالِهِ مَنْ يَنْظُرُهَا. قَالَ الْقَفَّالُ: وَلَوْ الْتَقَطَ دِرْهَمًا فِي بَيْتِهِ فَعَلَيْهِ التَّعْرِيفُ لِمَنْ يَدْخُلُ بَيْتَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُعَرَّفُ أَوَّلًا إلَخْ) إنَّمَا كَانَتْ مَرَّاتُ التَّعْرِيفِ فِي الْأَوَائِلِ أَكْثَرُ، لِأَنَّ الطَّلَبَ فِيهَا أَكْثَرُ. قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ بِهَا الثَّانِيَةُ) يُرْجَعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ عَرَّفَ سَنَةً) وَكَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ وَلِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَقَيَّدَهُ الْإِمَامُ بِمَا إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى نِسْيَانِ النُّوَبِ السَّابِقَةِ، انْتَهَى، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا بَيَانُ زَمَنِ الْوُجْدَانِ وَإِسْنَادِهَا إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (كَمَا أَفَادَهُ ثُمَّ) الْمُرَادُ بِهَا مَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ يُعَرِّفُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَلَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ لَا تَتَأَتَّى فِي السَّنَةِ إلَّا بِقِيمَةِ اللُّقَطَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ تُبَاعَ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ، فَإِنَّ حِفْظَهُ سَهْلٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) قَرْضًا عَلَى صَاحِبِهَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ ظَهَرَ مَالِكُهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا الْوَجْهِ فِيمَا لَوْ تَمَلَّكَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَالِكُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 ذَلِكَ اخْتِلَافُ الْمَالِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ فَدَانَقُ الْفِضَّةِ، يُعَرَّفُ فِي الْحَالِ وَدَانَقُ الذَّهَبِ يُعَرَّفُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَالثَّانِي يُعَرَّفُ سَنَةً كَالْكَثِيرِ وَقِيلَ يُعَرَّفُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمَّا الْقَلِيلُ غَيْرُ الْمُتَمَوَّلِ كَحَبَّةِ الْحِنْطَةِ، وَالزَّبِيبَةِ فَلَا يُعَرَّفُ وَلِوَاجِدِهِ الِاسْتِبْدَادُ بِهِ، وَقَدَّرَ بَعْضُهُمْ الْقَلِيلَ الْمُتَمَوَّلَ بِمَا دُونَ نِصَابِ السَّرِقَةِ، وَالْأَصَحُّ لَا يَتَقَدَّرُ بَلْ هُوَ مَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ فَاقِدَهُ لَا يَكْثُرُ أَسَفُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَطُولُ لَهُ غَالِبًا. فَصْلٌ فَصْلٌ إذَا عَرَّفَ أَيْ الْمُلْتَقِطُ لِلتَّمَلُّكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ اللُّقَطَةَ. (سَنَةً) عَلَى مَا تَقَدَّمَ (لَمْ يَمْلِكْهَا حَتَّى يَخْتَارَهُ) أَيْ الْمِلْكَ. (بِلَفْظٍ كَتَمَلَّكْتُ) وَنَحْوِهِ (وَقِيلَ تَكْفِي النِّيَّةُ) أَيْ نِيَّةُ التَّمَلُّكِ لِفَقْدِ الْإِيجَابِ (وَقِيلَ يَمْلِكُ بِمُضِيِّ السَّنَةِ) اكْتِفَاءً بِقَصْدِهِ عِنْدَ الْأَخْذِ لِلتَّمَلُّكِ بَعْدَ التَّعْرِيفُ، فَمَنْ الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ دَائِمًا وَقُلْنَا بِوُجُوبِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِ، وَعَرَّفَ سَنَةً فَبَدَا لَهُ التَّمَلُّكُ لَا يَأْتِي فِيهِ هَذَا الْوَجْهُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ وَإِنْ لَمْ نُوجِبْ التَّعْرِيفَ عَلَيْهِ، فَعَرَّفَ ثُمَّ بَدَا لَهُ قَصْدُ التَّمَلُّكِ لَا يُعْتَدُّ بِمَا عُرِفَ مِنْ قَبْلُ. (فَإِنْ تَمَلَّكَ) الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ (فَظَهَرَ الْمَالِكُ) وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا. (وَاتَّفَقَا عَلَى رَدِّ عَيْنِهَا فَذَاكَ) ظَاهِرٌ وَيُقَاسُ بِهِ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْعَدْلِ إلَى بَدَلِهَا. (وَإِنْ أَرَادَهَا الْمَالِكُ وَأَرَادَ الْمُلْتَقِطُ الْعُدُولَ إلَى بَدَلِهَا أُجِيبَ الْمَالِكُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي الْمُلْتَقِطُ وَاسْتَدَلَّ الْأَوَّلُ بِمَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا فَأَدَّاهَا إلَيْهِ وَقَصَرَهُ الثَّانِي عَلَى مَا قَبْلَ التَّمَلُّكِ وَلَوْ رَدَّهَا الْمُلْتَقِطُ لَزِمَ الْمَالِكَ الْقَبُولُ. (وَإِنْ تَلِفَتْ غَرِمَ مِثْلَهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً. (أَوْ قِيمَتَهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ مُتَقَوَّمَةً (يَوْمَ التَّمَلُّكِ) لِأَنَّهُ يَوْمَ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ. (وَإِنْ نَقَصَتْ بِعَيْبٍ) وَنَحْوِهِ (فَلَهُ أَخْذُهَا مَعَ الْأَرْشِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْكُلَّ مَضْمُونٌ فَكَذَا الْبَعْضُ وَالثَّانِي لَا أَرْشَ وَلَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الرُّجُوعُ إلَى بَدَلِهَا سَلِيمَةً بَدَلُهَا أَفْصَحَ بِهِ الْبَغَوِيّ عَلَى الثَّانِي لِاقْتِصَارِهِ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ لَوْ أَرَادَهُ الْمُلْتَقِطُ وَأَرَادَ الْمَالِكُ الرُّجُوعَ إلَى الْبَدَلِ أُجِيبَ الْمُلْتَقِطُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ زَادَتْ أَخَذَهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ وَلَوْ ظَهَرَ الْمَالِكُ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَخَذَهَا بِزَوَائِدِهَا الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَلِوَاجِدِهِ الِاسْتِبْدَادُ) أَيْ الِاسْتِقْلَالُ قَالَ بَعْضُهُمْ بِصِيغَةِ تَمَلُّكٍ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ لَا يَتَقَدَّرُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَا يَكْثُرَ أَسَفُهُ عَلَيْهِ) سَوَاءٌ كَانَ مَالًا أَوْ اخْتِصَاصًا نَعَمْ إنْ ظَهَرَ مَالِكُهُ، وَادَّعَى عَدَمَ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ وَجَبَ دَفْعُهُ لَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا مُطْلَقًا، وَبَدَلُهُ إنْ كَانَ مُتَمَوَّلًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. فَصْلٌ فِيمَا تُمَلَّكُ بِهِ اللُّقَطَةُ وَمَا تُضْمَنُ بِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (عَلَى مَا تَقَدَّمَ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ السَّنَةَ لَيْسَتْ قَيْدًا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى وُجُودِ تَعْرِيفٍ مُعْتَدٍّ بِهِ وَلَوْ دُونَ سَنَةٍ فِيمَا يَكْفِي فِيهِ. قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ) مِنْهُ أَوْ مِنْ وَلِيِّهِ، أَوْ وَارِثِهِ لَوْ مَاتَ فِيهِمَا، وَكَاللَّفْظِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَمَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ نَعَمْ تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّ غَيْرَ الْمُتَمَوَّلِ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى تَمَلُّكٍ. قَوْلُهُ: (كَتَمَلَّكْتُ) أَيْ فِيمَا يُمَلَّكُ وَنَحْوِ نَقَلْت الِاخْتِصَاصَ إلَى نَفْسِي فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَكْفِي نِيَّةُ التَّمَلُّكِ) أَيْ الْآنَ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ عِنْدَ الْأَخْذِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَقُلْنَا بِوُجُوبِ إلَخْ) هُوَ مَحِلُّ تَوَهُّمِ مَجِيءِ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي مَعَ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (هَذَا الْوَجْهُ) وَهُوَ الْقَائِلُ بِالْمِلْكِ بِمُضِيِّ السَّنَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ نُوجِبْ إلَخْ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مَعَ الْوُجُوبِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ أَيْضًا، فَلَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ اسْتِئْنَافِ سَنَةٍ أُخْرَى، فَعُلِمَ أَنَّ التَّعْرِيفَ قَدْ يَجِبُ سَنَتَيْنِ. وَانْظُرْ عَكْسَ هَذِهِ بِأَنْ قَصَدَ التَّمَلُّكَ أَوَّلًا وَعَرَّفَ سَنَةً ثُمَّ قَصَدَ الْحِفْظَ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ عَدَمُ وُجُوبِ سَنَةٍ أُخْرَى. بَلْ يَتَمَلَّكُ مَتَى أَرَادَهُ بَعْدُ. تَنْبِيهٌ قَدْ تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ أَنَّ التَّعْرِيفَ قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ أَيْضًا، كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَكَانَهَا أَوْ زَمَانَهَا، أَوْ حَصَلَ نِسْيَانٌ فِي أَثْنَائِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَظَهَرَ الْمَالِكُ) مَالِكُهَا وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَلَا مُطَالَبَةَ عَلَى اللَّاقِطِ فِي الْآخِرَةِ، إنْ عَزَمَ عَلَى رَدِّهَا إذَا ظَهَرَ. قَوْلُهُ: (بِحَالِهَا) أَيْ بِلَا نَقْصٍ وَلَا زِيَادَةٍ وَلَا تَعَلُّقِ حَقٍّ كَرَهْنٍ، مِمَّا يَمْنَعُ بَيْعَهَا فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا ذَلِكَ تَعَيَّنَ الْبَدَلُ، نَعَمْ إنْ بَاعَهَا الْمُلْتَقِطُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَوَّلُهُمَا فَظَهَرَ الْمَالِكُ فِيهِ انْفَسَخَ وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى رَدِّ عَيْنِهَا) وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ قَبْلَ التَّمَلُّكِ وَبَعْدَهُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ مُتَقَوَّمَةً) وَلَا نَظَرَ لِلْمِثْلِ الصُّورِيِّ وَإِنْ وَجَبَ فِي الْقَرْضِ الْمَقِيسَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمِثْلِيَّةِ، وَلَا ضَمَانَ فِيمَا لَا قِيمَةَ لِعَيْنِهِ، وَلَا لِمَنَافِعِهِ كَالْكَلْبِ وَالسِّرْجِينِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ) وَكَذَا الْمُنْفَصِلَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا أَرْشَ لَوْ نَقَصَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ) وَمِنْهَا الْحَمْلُ الْحَادِثُ بَعْدَ التَّمَلُّكِ، وَإِنْ لَمْ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (الْمُتَمَوَّلُ) خَرَجَ الْقَلِيلُ الَّذِي لَا يُتَمَوَّلُ، فَإِنَّهُ يُتَمَلَّكُ فِي الْحَالِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (كَالْكَثِيرِ) لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ. [فَصْلٌ إذَا عَرَّفَ أَيْ الْمُلْتَقِطُ لِلتَّمَلُّكِ سَنَةً] فَصْلٌ إذَا عَرَّفَ إلَخْ قَوْلُهُ: (أَيْ نِيَّةُ التَّمَلُّكِ) أَيْ إحْدَاثُ هَذِهِ النِّيَّةِ فَلَا يُكْتَفَى بِنِيَّةِ ذَلِكَ عِنْدَ الْأَخْذِ. قَوْلُهُ: (اكْتِفَاءً بِقَصْدِهِ) وَفِي الْحَدِيثِ: «فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَهِيَ لَك» . وَلِذَا قَالَ فِي الْعُدَّةِ: إنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَلَا يُخَالِفُهُ حَدِيثٌ «وَإِلَّا فَشَأْنُك بِهَا» . قَوْلُهُ: (فَمَنْ الْتَقَطَ إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ إنَّ مَنْ عَرَّفَ عَامًا وَقَدْ الْتَقَطَ بِقَصْدِ الْحِفْظِ ثُمَّ بَدَا لَهُ التَّمَلُّكُ، لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِ عَامٍ آخَرَ مَحِلُّهُ إذَا قُلْنَا إنَّ التَّعْرِيفَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، وَالْأَصَحُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْوُجُوبُ خِلَافًا لِمَا سَلَفَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَدَلَّ الْأَوَّلُ) مِنْ الْأَدِلَّةِ أَيْضًا الْقِيَاسُ عَلَى الْقَرْضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ قِيمَتُهَا إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكُ الْقَرْضِ لَيْسَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. قَوْلُهُ: (لَا أَرْشَ لَهُ) لِحُصُولِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 (وَإِذَا ادَّعَاهَا رَجُلٌ) مَثَلًا (وَلَمْ يَصِفْهَا وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ بِهَا (لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ) إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُلْتَقِطَ أَنَّهَا لَهُ فَيَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ. (وَإِنْ وَصَفَهَا وَظَنَّ) الْمُلْتَقِطُ (صِدْقَهُ جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي يَجِبُ (فَإِنْ دَفَعَ) إلَيْهِ (فَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً بِهَا حُوِّلَتْ إلَيْهِ) عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ (فَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ فَلِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ وَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الثَّانِي فَيَرْجِعُ الْمُلْتَقِطُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَيْهِ، إنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ فَإِنْ أَقَرَّ لَمْ يَرْجِعْ مُؤَاخَذَةً لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ صِدْقَهُ لَمْ يَجُزْ الدَّفْعُ إلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَحَكَى الْإِمَامُ تَرَدُّدًا فِي جَوَازِهِ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ. (لَا تَحِلُّ لُقَطَةُ الْحَرَمِ) أَيْ حَرَمِ مَكَّةَ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَحَرَمُهَا (لِلتَّمَلُّكِ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ وَتَحِلُّ لِلْحِفْظِ أَبَدًا جَزْمًا (وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا) أَيْ الَّتِي لِلْحِفْظِ (قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) اسْتَدَلَّ الْأَوَّلُ الْمُحَرِّمُ بِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حُرْمَةُ اللَّهِ لَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهُ إلَّا لِمُنْشِدٍ» أَيْ لِمُعَرِّفٍ، وَالْمَعْنَى عَلَى الدَّوَامِ وَإِلَّا فَسَائِرُ الْبِلَادِ كَذَلِكَ، فَلَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ، وَالثَّانِي الْمُحَلِّلُ قَالَ الْمُرَادُ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهَا سَنَةً، كَمَا فِي سَائِرِ الْبِلَادِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ تَعْرِيفَهَا فِي الْمَوْسِمِ كَافٍ لِكَثْرَةِ النَّاسِ وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ وَجْهَيْنِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ مُخَالِفٌ لِحِكَايَتِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ قَوْلَيْنِ وَقَوْلُهُ قَطْعًا زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ لِلْحَدِيثِ، وَقَالَ يَلْزَمُ الْمُلْتَقِطَ الْإِقَامَةُ، لِلتَّعْرِيفِ أَوْ دَفْعُهَا إلَى الْحَاكِمِ، وَسَكَتَ عَنْ لُقَطَةِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، فَلَا تُلْتَحَقُ بِمَكَّةَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الِانْتِصَارِ خِلَافُ ذَلِكَ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي حَدِيثِ الْمَدِينَةِ «وَلَا نَلْتَقِطُ لُقَطَتَهَا إلَّا لِمَنْ أَشَارَ بِهَا» أَيْ رَفَعَ صَوْتَهُ وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ. كِتَابُ اللَّقِيطِ بِمَعْنَى الْمَلْقُوطِ، وَهُوَ كُلُّ طِفْلٍ ضَائِعٍ لَا كَافِلَ لَهُ يُسَمَّى لَقِيطًا وَمَلْقُوطًا بِاعْتِبَارِ، أَنَّهُ يُلْقَطُ وَمَنْبُوذًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ نُبِذَ أَيْ أُلْقِيَ فِي الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ (الْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ) بِالْمُعْجَمَةِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) صِيَانَةً لِلنَّفْسِ الْمُحْتَرَمَةِ عَنْ الْهَلَاكِ. (وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْتِقَاطِهِ (فِي الْأَصَحِّ)   [حاشية قليوبي] يَنْفَصِلْ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا بَيِّنَةَ) فَلَوْ أَقَامَهَا لَزِمَهُ الدَّفْعُ إنْ شَهِدَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَأَمَرَهُ بِالدَّفْعِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ فُقِدَ الْحَاكِمُ أَوْ خِيفَ مِنْهُ فَمُحَكَّمٌ. قَوْلُهُ: (فَيَلْزَمُهُ إلَخْ) لِعِلْمِهِ أَنَّهَا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَظَنَّ الْمُلْتَقِطُ صِدْقَهُ) أَوْ أَخْبَرَتْهُ بَيِّنَةٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (جَازَ) بَلْ نُدِبَ مَا لَمْ يَتَعَدَّدْ الْوَاصِفُ، وَإِلَّا امْتَنَعَ الدَّفْعُ إلَّا بِحُجَّةٍ. قَوْلُهُ: (حُوِّلَتْ إلَيْهِ) وَالزَّوَائِدُ قَبْلَ الْحُجَّةِ لِلْمُلْتَقِطِ لَا لِمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ، وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بِوَصْفِهَا بَعْدَ تَلَفِهَا وَلَوْ عِنْدَ الْأَخْذِ مِنْ الْمُلْتَقِطِ. قَوْلُهُ: (تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ) إنْ لَمْ يَكُنْ دُفِعَ بِأَمْرِ حَاكِمٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَ الَّذِي أَخَذَهُ عَيْنَ اللُّقَطَةِ، فَإِنْ كَانَ بَدَلَهَا لِتَلَفِهَا مَثَلًا لَمْ يُطَالِبْهُ الْمَالِكُ، لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ مَالُ الْمُلْتَقِطِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَقَرَّ) وَلَوْ بَعْدَ أَمْرِ الْحَاكِمِ لَهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (مَكَّةَ وَحَرَمِهَا) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، لِأَنَّ مَكَّةَ مِنْهُ وَهُوَ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَخَرَجَ بِهِ الْحِلُّ كَعَرَفَةَ وَمُصَلَّى إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (لِلتَّمَلُّكِ) بِقَصْدِهِ أَوْ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لِلْحِفْظِ) أَيْ بِقَصْدِهِ فَقَطْ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ هَذَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ، أَيْ يَعُودُونَ إلَيْهِ لِلنُّسُكِ، فَرُبَّمَا يَعُودُ مَالِكُهَا أَوْ نَائِبُهُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ. قَوْلُهُ: (لِعُرْفٍ) يُقَالُ أَنْشَدَ إذَا عَرَّفَ وَنَشَدَ إذَا طَلَبَ فَالْمُنْشِدُ الْمُعَرِّفُ وَالنَّاشِدُ الطَّالِبُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. قَوْلُهُ: (زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ) وَلَوْ أَبْدَلَهُ بِقَوْلِهِ أَبَدًا لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (إلَى الْحَاكِمِ) أَيْ الْأَمِينِ. قَوْلُهُ: (عَنْ حَرَمِ الْمَدِينَةِ) وَمِثْلُهُ الْأَقْصَى. قَوْلُهُ: (فَلَا تُلْتَحَقُ بِمَكَّةَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَلِكَ مُصَلَّى إبْرَاهِيمَ لِأَنَّهُ مِنْ الْحِلِّ كَعَرَفَاتٍ كَمَا مَرَّ. كِتَابُ اللَّقِيطِ هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ الْمَلْقُوطُ أَيْ بَيَانُ حَقِيقَتِهِ، وَمَا يُفْعَلُ بِهِ وَبِمَا مَعَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (طِفْلٌ) أَصَالَةً وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَخَرَجَ بِهِ الْبَالِغُ. قَوْلُهُ: (لَا كَافِلَ لَهُ) أَيْ مُعَيَّنًا. قَوْلُهُ: (يُسَمَّى) أَيْ لُغَةً وَمَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ مَا ذَكَرَهُ قَبْلُ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ أَرْكَانَهُ ثَلَاثَةٌ لَقْطٌ، وَلَقِيطٌ وَلَاقِطٌ قَوْلُهُ: (وَمَنْبُوذًا) وَدِيعًا، لِأَنَّ غَيْرَهُ يَدَّعِيهِ وَذَكَرَ النَّبْذَ لِكَوْنِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَتَسْمِيَتُهُ لَقِيطًا وَمَنْبُوذًا، بِاعْتِبَارِ طَرَفَيْ حَالِهِ وَمَنْشَأِ   [حاشية عميرة] النَّقْصِ فِي مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ لَوْ أَرَادَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِمَا يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ) لِحَدِيثِ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ الدَّفْعُ) شَبَّهَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ بِقَبُولِ الْهَدِيَّةِ مِنْ الرَّسُولِ وَشِرَاءِ مَا يَشْتَرِيهِ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِلْكُهُ. فَرْعٌ وَصَفَهَا جَمَاعَةٌ لَا تُدْفَعُ لِأَحَدِهِمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجِبُ) أَيْ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فَيَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (يَجِبُ) لِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ قَدْ تَعْسُرُ، وَبِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ وَالْمَدْفُوعِ إلَيْهِ إلَخْ) لَوْ أَتْلَفَ الْعَيْنَ الْمُلْتَقِطُ بَعْدَ مُضِيِّ الْحَوْلِ وَغَرِمَ قِيمَتَهَا لِلْوَاصِفِ. ثُمَّ أَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ، فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ لِمُعَرِّفٍ) يُقَالُ: أَنْشَدَ إذَا عَرَّفَ، وَنَشَدَ إذَا طَلَبَ فَالْمُنْشِدُ الْمُعَرِّفُ، وَالنَّاشِدُ الطَّالِبُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) بِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ [كِتَابُ اللَّقِيطِ] ِ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَمَنْبُوذًا) هَذَا النَّبْذُ مُنْشَؤُهُ عَارٌ يَبْلُغُ الْأُمَّ أَوْ فَقْدُ أَبِيهِ أَوْ فَقْدُ أَبَوَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ هَذَا الْوَلَدُ لَهُ اسْمَانِ مَأْخُوذَانِ مِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 خِيفَةً مِنْ اسْتِرْقَاقِ الْمُلْتَقِطِ لَهُ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ اعْتِمَادًا عَلَى الْأَمَانَةِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ، لَمْ يَجِبْ أَوْ مَسْتُورَهَا وَجَبَ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَرْجِيحُ الْقَطْعِ بِالْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ لَوْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ، قَالَ فِي الْوَسِيطِ لَا تَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ الْحَضَانَةِ، وَيَجُوزُ الِانْتِزَاعُ مِنْهُ، ثُمَّ الطِّفْلُ يَصْدُقُ بِالْمُمَيِّزِ وَفِي الْتِقَاطِهِ، تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ وَالْأَوْفَقُ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُلْتَقَطُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَلِي أَمْرَهُ الْحَاكِمُ وَمَنْ لَهُ كَافِلٌ كَأَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ قَاضٍ أَوْ مُلْتَقِطٍ يُرَدُّ إلَى كَافِلِهِ أَيْ يَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهِ. (وَإِنَّمَا تَثْبُتُ وِلَايَةُ الِالْتِقَاطِ لِمُكَلَّفٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ عَدْلٍ رَشِيدٍ) وَبَيْنَ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ الْتَقَطَ عَبْدٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ انْتَزَعَ) أَيْ اللَّقِيطَ (مِنْهُ) لِأَنَّ الْحَضَانَةَ تَبَرُّعٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ. (فَإِنْ عَلِمَهُ، فَأَقَرَّهُ عِنْدَهُ أَوْ الْتَقَطَ بِإِذْنِهِ فَالسَّيِّدُ الْمُلْتَقِطُ) وَالْعَبْدُ نَائِبُهُ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْبِيَةِ، وَلَوْ الْتَقَطَ الْمُكَاتَبُ اُنْتُزِعَ مِنْهُ، وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ لِأَنَّ حَقَّ الْحَضَانَةِ وِلَايَةٌ، وَلَيْسَ الْمُكَاتَبُ أَهْلًا لَهَا، فَإِنْ قَالَ لَهُ السَّيِّدُ الْتَقِطْ لِي فَالسَّيِّدُ هُوَ الْمُلْتَقِطُ، وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إذَا الْتَقَطَ فِي نَوْبَتِهِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْكَفَالَةَ وَجْهَانِ (وَلَوْ الْتَقَطَ صَبِيٌّ) أَوْ مَجْنُونٌ (أَوْ فَاسِقٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ) بِتَبْذِيرٍ (أَوْ كَافِرٌ مُسْلِمًا اُنْتُزِعَ) مِنْهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَلِأَنَّ الْفَاسِقَ وَالْمُبَذِّرَ غَيْرُ مُؤْتَمَنَيْنِ شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي عَدْلًا وَالْكَافِرُ لَا يَلِي الْمُسْلِمَ، وَلَهُ الْتِقَاطُ الْكَافِرِ، وَلِلْمُسْلِمِ الْتِقَاطُ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ، وَسَيَأْتِي وَمَنْ ظَهَرَ مِنْ حَالِهِ الْأَمَانَةُ، وَلَمْ يُخْتَبَرْ لَا يُنْتَزَعُ مِنْهُ لَكِنْ يُوَكِّلُ الْقَاضِي بِهِ، مَنْ يُرَاقِبُهُ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ لِئَلَّا يَتَأَذَّى، فَإِذَا وَثَّقَ بِهِ صَارَ كَمَعْلُومِ الْعَدَالَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَقِطِ الذُّكُورَةُ وَلَا الْغِنَى إذْ الْحَضَانَةُ بِالْإِنَاثِ أَلْيَقُ، وَالْفَقِيرُ لَا يَشْغَلُهُ عَنْهَا طَلَبُ الْقُوتِ. (وَلَوْ ازْدَحَمَ اثْنَانِ عَلَى أَخْذِهِ) بِأَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا آخِذُهُ (جَعَلَهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا) إذْ لَا حَقَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ أَخْذِهِ. (وَإِنْ سَبَقَ وَاحِدٌ فَالْتَقَطَهُ مُنِعَ الْآخَرُ مِنْ مُزَاحَمَتِهِ) لِسَبْقِهِ بِالِالْتِقَاطِ وَلَا يَثْبُتُ السَّبْقُ بِالْوُقُوفِ عَلَى رَأْسِهِ بِغَيْرِ أَخْذٍ فِي الْأَصَحِّ. (وَإِنْ الْتَقَطَاهُ مَعًا وَهُمَا أَهْلٌ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقَدَّمُ غَنِيٌّ عَلَى فَقِيرٍ) لِأَنَّهُ قَدْ يُوَاسِيهِ بِمَالِهِ. (وَعَدْلٌ عَلَى مَسْتُورٍ) احْتِيَاطًا لِلَّقِيطِ، وَالثَّانِي يَسْتَوِيَانِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَهْلِيَّتِهِمَا وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ وَهُمَا أَهْلٌ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَهْلٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ قُبِلَ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْأَهْلِ فِيمَا قُبِلَ أَيْضًا. (فَإِنْ اسْتَوَيَا) فِي الصِّفَاتِ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا عِنْدَ تَشَاحِّهِمَا وَلَوْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ قَبْلَ الْقُرْعَةِ انْفَرَدَ بِهِ الْآخَرُ كَالشَّفِيعَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ تَرْكُ حَقِّهِ لِلْآخَرِ كَمَا لَيْسَ لِلْمُنْفَرِدِ نَقْلُ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ. (وَإِذَا وَجَدَ بَلَدِيٌّ لَقِيطًا بِبَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ   [حاشية قليوبي] النَّبْذِ عَارٍ يَتْبَعُ الْأُمَّ أَوْ فَقْدَ الْوَالِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (فَرْضُ كِفَايَةٍ) عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ وَتَعَدَّدَ فَإِنْ انْفَرَدَ فَفَرْضُ عَيْنٍ وَفَارَقَ اللُّقَطَةَ حَيْثُ لَمْ يَجِبْ لَقْطُهَا، كَمَا مَرَّ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا الِاكْتِسَابُ وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ فَاسْتُغْنِيَ بِهِ عَنْ الْوُجُوبِ وَلَا يُحْتَاجُ فِي اللَّقْطِ إلَى إذْنِ الْحَاكِمِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْتِقَاطِهِ) خَرَجَ تَسْلِيمُ الْحَاكِمِ لِلْعَدْلِ فَالْإِشْهَادُ مُسْتَحَبٌّ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (خِيفَةً مِنْ اسْتِرْقَاقِ الْمُلْتَقِطِ لَهُ) وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ الْوُجُوبِ فِي اللُّقَطَةِ وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ عَلَى مَا مَعَهُ تَبَعًا. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ الِانْتِزَاعُ مِنْهُ) أَيْ مَا لَمْ يَتُبْ وَيُشْهِدْ، وَإِلَّا فَلَا تُنْزَعْ مِنْهُ وَيَكُونُ لَك لَفْظًا جَدِيدًا وَالْمُنْتَزَعُ هُنَا، وَفِيمَا يَأْتِي هُوَ الْحَاكِمُ فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ، لَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ وَفَارَقَ الِابْتِدَاءَ بِوُجُودِ الْيَدِ هُنَا. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يُلْتَقَطُ) أَيْ وُجُوبًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُلْتَقَطٌ) وَإِنْ تَرَكَهُ نَابِذًا لَهُ. قَوْلُهُ: (لِمُكَلَّفٍ إلَخْ) أَيْ بَصِيرٍ لَيْسَ بِهِ نَحْوُ بَرَصٍ وَلَا عَمًى وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ ذَلِكَ بِمَا إذَا بَاشَرَ بِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (لِمُكَلَّفٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ عَدْلٍ رَشِيدٍ) وَفِي أَضْدَادِ ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَدْلٌ) أَيْ فِي الرِّوَايَةِ فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَأَقَرَّهُ إلَخْ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ كَالْحَاكِمِ، وَفِي الْمُكَاتَبِ الْمُنْتَزَعِ الْحَاكِمُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْتَقِطْ لِي) فَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي فَسَدَ اللَّقْطُ لَهُ وَلِلسَّيِّدِ وَلَا تَصِحُّ نِيَابَتُهُ عَنْ السَّيِّدِ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ مُخَالَفَةٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ، كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً إلَّا بِإِذْنٍ كَالْمُكَاتَبِ وَيَنْتَزِعُهُ الْحَاكِمُ. قَوْلُهُ: (اُنْتُزِعَ مِنْهُ) أَيْ يَنْتَزِعُهُ الْحَاكِمُ وُجُوبًا وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ لِلْعَطْفِ بِأَوْ، فَهُوَ رَاجِعٌ لِأَحَدِ الْخَمْسَةِ وَقُيِّدَ الْحَجْرُ بِالتَّبْذِيرِ لِأَنَّ الْمُفْلِسَ أَهْلٌ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ الْكَافِرِ الْعَدْلِ فِي دِينِهِ الْتِقَاطُ الْكَافِرِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا دِينًا نَعَمْ لِلذِّمِّيِّ الْتِقَاطُ حَرْبِيٍّ لَا عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (لَا يُنْتَزَعُ) أَيْ لَا يَجُوزُ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ مَا لَمْ يُرِدْ سَفَرًا. قَوْلُهُ: (يُوَكِّلُ الْقَاضِيَ) قَالَ بَعْضُهُمْ وُجُوبًا وَفِيهِ تَرَدُّدٌ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ أَخْذٍ) وَمِثْلُ الْأَخْذِ الْجَرُّ لَا وَضْعُ الْيَدِ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يُقَدَّمُ غَنِيٌّ) أَيْ فِي الزَّكَاة وَلَوْ بَخِيلًا. قَوْلُهُ: (وَعَدْلٌ) وَلَوْ فَقِيرًا عَلَى مَسْتُورٍ وَلَوْ غَنِيًّا وَيُقَدَّمُ مِنْ الْغَنِيَّيْنِ غَيْرُ الْبَخِيلِ عَلَيْهِ وَتُقَدَّمُ مُرْضِعَةٌ فِي رَضِيعٍ عَلَى غَيْرِهَا وَخَلِيَّةٌ عَلَى مُتَزَوِّجَةٍ، وَلَا يُقَدَّمُ مُسْلِمٌ عَلَى كَافِرٍ فِي كَافِرٍ وَلَوْ بِالدَّارِ، إلَّا إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ عَدْلًا بَاطِنًا وَلَا امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ نَعَمْ يُقَدَّمُ الْمُقِيمُ مُطْلَقًا عَلَى الْمُسَافِرِ، وَالْبَلَدِيُّ الْمُقِيمُ عَلَى الظَّاعِنِ وَالْقَرَوِيُّ عَلَى الْبَلَدِيِّ الظَّاعِنِ أَيْضًا، وَلَا يُقَدَّمُ بِاخْتِيَارِ اللَّقِيطِ وَفَارَقَ الْحَضَانَةَ لِعَدَمِ الْوِلَادَةِ هُنَا الْمُقْتَضِيَةِ لِلْمِيلِ الطَّبِيعِيِّ. قَوْلُهُ: (وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ وَهُمَا إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ   [حاشية عميرة] طَرَفَيْ حَالِهِ، إذْ اللَّقِيطُ وَالْمَنْبُوذُ مِنْ اللَّقْطِ وَالنَّبْذِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِمُكَلَّفٍ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّهَا وَلِأَنَّهُ تَثْبُتُ عَلَى الْغَيْرِ فَكَانَتْ شَبِيهَةً بِالْقَضَاءِ. وَقَوْلُهُ: رَشِيدٌ قِيلَ: إنَّهُ مُسْتَدْرَكٌ بَعْدَ الْعَدَالَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اُنْتُزِعَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمُنْتَزِعُ مِنْهُمْ هُوَ الْحَاكِمُ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ صَاحِبِ التَّعْجِيزِ، وَلَوْ زَالَ الْمَانِعُ قَبْلَ الِانْتِزَاعِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا سَلَفَ فِي اللُّقَطَةِ أَيْ فَيُقَرُّ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ الْآنَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَسْتَوِيَانِ إلَخْ) عُلِّلَ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِأَنَّ نَفَقَةَ اللَّقِيطِ لَا تَجِبُ عَلَى مُلْتَقِطِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِأَنَّ الْمَسْتُورَ لَا يُسَلِّمُ مُؤْنَةَ الْآخَرِ وَيَقُولُ: لَا أَتْرُكُ حَقِّي بِسَبَبِ جَهْلِهِمْ حَالِي. فَرْعٌ لَوْ اجْتَمَعَ غَنِيَّانِ لَمْ يُقَدَّمْ أَغْنَاهُمَا عَلَى الْآخَرِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَخِيلًا اتَّجَهَ تَقْدِيمُ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَنَّ الثَّانِي) يَرْجِعُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 نَقْلُهُ إلَى بَادِيَةٍ) لِخُشُونَةِ عَيْشِهَا، وَفَوَاتِ الْعِلْمِ بِالدِّينِ وَالصَّنْعَةِ فِيهَا. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ نَقْلَهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَأَنَّ لِلْغَرِيبِ إذَا الْتَقَطَ بِبَلَدٍ أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى بَلَدِهِ) لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ فِي الْبَادِيَةِ وَالثَّانِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضٍ فِيهِ لِلضَّيَاعِ، فَإِنَّهُ يُطْلَبُ غَالِبًا حَيْثُ ضَاعَ (وَإِنْ وَجَدَهُ) أَيْ الْبَلَدِيُّ (بِبَادِيَةٍ فَلَهُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ) لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ. (وَإِنْ وَجَدَهُ بَدْوِيٌّ بِبَلَدٍ فَكَالْحَضَرِيِّ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إلَى بَادِيَةٍ، وَلَهُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فِي الْأَصَحِّ. (أَوْ) وَجَدَهُ أَيْ الْبَدْوِيُّ (بِبَادِيَةٍ أُقِرَّ بِيَدِهِ) وَإِنْ كَانَ أَهْلُ حِلَّتِهِ يَنْتَقِلُونَ. (وَقِيلَ إنْ كَانُوا يَنْتَقِلُونَ لِلنُّجْعَةِ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ الذَّهَابِ لِطَلَبِ الْمَرْعَى وَغَيْرِهِ (لَمْ يُقَرَّ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ نَسَبِهِ لِلضَّيَاعِ وَالْبَلَدِيُّ سَاكِنُ الْبَلَدِ، وَالْبَدْوِيُّ سَاكِنُ الْبَادِيَةِ، وَالْحَضَرِيُّ سَاكِنُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ خِلَافُ الْبَادِيَةِ كَالْبَلَدِ. (وَنَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ الْعَامِّ كَوَقْفٍ عَلَى اللُّقَطَاءِ) أَوْ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ (أَوْ الْخَاصِّ وَهُوَ مَا اخْتَصَّ بِهِ كَثِيَابٍ مَلْفُوفَةٍ عَلَيْهِ) وَمَلْبُوسَةٍ لَهُ. (وَمَفْرُوشَةٍ تَحْتَهُ) وَمُغَطًّى بِهَا (وَمَا فِي جَيْبِهِ مِنْ دَرَاهِمَ وَغَيْرِهَا وَمَهْدُهُ) الَّذِي هُوَ فِيهِ (وَدَنَانِيرُ مَنْثُورَةٌ فَوْقَهُ وَتَحْتَهُ) لِأَنَّ لَهُ يَدًا وَاخْتِصَاصًا كَالْبَالِغِ وَالْأَصْلُ الْحُرِّيَّةُ مَا لَمْ يُعْرَفْ غَيْرُهَا. (وَإِنْ وُجِدَ فِي دَارٍ) لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ. (فَهِيَ لَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ. (وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ، وَكَذَا ثِيَابٌ وَأَمْتِعَةٌ مَوْضُوعَةٌ بِقُرْبِهِ) لَيْسَتْ لَهُ. (فِي الْأَصَحِّ) كَالْبَعِيدَةِ عَنْهُ، (فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ فَالْأَظْهَرُ، أَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، وَالثَّانِي يُقْتَرَضُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ. (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ فِيهِ مَالٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. (قَامَ الْمُسْلِمُونَ بِكِفَايَتِهِ قَرْضًا) بِالْقَافِ. (وَفِي قَوْلٍ نَفَقَةً) فَإِنْ قَامَ بِهَا بَعْضُهُمْ انْدَفَعَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ، وَالْمَعْنَى عَلَى جِهَةِ الْقَرْضِ أَوْ النَّفَقَةِ، فَالنَّصْبُ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ (وَلِلْمُلْتَقِطِ الِاسْتِقْلَالُ بِحِفْظِ مَالِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَحِفْظِهِ وَالثَّانِي يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي. (وَلَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي قَطْعًا) أَيْ عَلَى الْوَجْهَيْنِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، إذَا أَمْكَنَتْ مُرَاجَعَتُهُ فَإِنْ أَنْفَقَ بِلَا إذْنِهِ ضَمِنَ.   [حاشية قليوبي] وَجَوَابٌ عَنْهُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَوْلَوِيَّةِ السُّكُوتِ عَنْهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ النَّقْلُ لِلْمَثَلِ، وَالْأَعْلَى لَا لِلدُّونِ إلَّا فِي بَادِيَةٍ يَسْهُلُ مَعَهَا تَحْصِيلُ مَا ذُكِرَ وَلَا يَجُوزُ النَّقْلُ مُطْلَقًا إلَّا مَعَ تَوَاصُلِ الْأَخْبَارِ وَأَمْنِ الطَّرِيقِ وَالْمَقْصِدِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ) بَلْ يَجِبُ مَعَ عَدَمِ الْأَمْنِ. قَوْلُهُ: (وَالْبَلَدِيُّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعِمَارَةَ إنْ قَلَّتْ فَقَرْيَةٌ، أَوْ كَثُرَتْ فَبَلَدٌ أَوْ عَظُمَتْ فَمَدِينَةٌ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمُعَةِ وَهُوَ أَنَّ الْبَلَدَ مَا فِيهِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ أَوْ شُرْطِيٌّ أَوْ أَسْوَاقٌ لِلْمُعَامَلَةِ، وَإِنْ جَمَعْت الْكُلَّ فَمِصْرٌ وَمَدِينَةٌ وَإِنْ خَلَتْ عَنْ الْكُلِّ فَقَرْيَةٌ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْبَلَدِيَّ أَخَصُّ مِنْ الْحَضَرِيِّ. قَوْلُهُ: (عَلَى اللُّقَطَاءِ) أَوْ الْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْخَاصِّ) وَيُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (كَثِيَابٍ إلَخْ) وَكَذَا دَابَّةٌ زِمَامُهَا فِي يَدِهِ أَوْ مَرْبُوطٌ عَلَيْهَا بِنَحْوِ وَسَطِهِ، أَوْ رَاكِبٌ عَلَيْهَا وَلَوْ مَعَ سَائِقٍ وَقَائِدٍ وَمَا عَلَيْهَا تَبَعٌ لَهَا. قَوْلُهُ: (فِي دَارٍ) فَهِيَ لَهُ وَكَذَا فِي قَرْيَةٍ لَا فِي بَابِهَا وَلَا فِي بُسْتَانٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالسُّكْنَى فِيهِ، وَإِلَّا فَكَالدَّارِ وَمَا فِي الدَّارِ وَالْبُسْتَانِ تَابِعٌ لَهُمَا مِلْكًا وَعَدَمَهُ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ) فَإِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ، فَلَهُ حِصَّتُهُ بِعَدَدِهِ بِحَسَبِ الرُّءُوسِ. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) مِنْ كَوْنِهِ أَنَّ لَهُ يَدًا أَوْ اخْتِصَاصًا فَيَبُتُّ لَهُ الْحَاكِمُ التَّصَرُّفَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَيُحْكَمُ لَهُ بِهِ عِنْدَ مَنْ يُنَازِعُهُ فِيهِ لَا مُطْلَقًا مَا لَمْ يُعْلَمْ خِلَافُ شَيْءٍ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ) وَإِنْ كَانَ فِيهِ رُقْعَةٌ مَكْتُوبٌ فِيهَا أَنَّهُ لَهُ ثُمَّ إنْ كَانَ فِيهِ خَيْطٌ مَرْبُوطٌ بِنَحْوِ يَدِهِ مَثَلًا فَهُوَ لَهُ، كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْخَطِيبُ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَكَذَا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِأَنَّ الْمَكَانَ لَهُ فَهُوَ لَهُ تَبَعًا لِلْمَكَانِ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَلَوْ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ وَإِذَا أَنْفَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَلَا رُجُوعَ أَخْذًا مِنْ الْمُقَابِلِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ) أَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَهَمَّ أَوْ مُنِعَ ظُلْمًا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِذَلِكَ فَكَانَ الْأَنْسَبُ لِلشَّارِحِ ذَلِكَ، وَإِنْ خَالَفَ الْمُحَرِّرُ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (قَامَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ) أَيْ الْمَيَاسِيرُ بِمَا فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ بَيْتِ الْمَالِ الِاقْتِرَاضُ عَلَيْهِ إنْ رَآهُ الْحَاكِمُ وَيُوَزِّعُهَا عَلَى مَيَاسِيرِ بَلَدِهِ، فَعَلَى مَنْ يَرَاهُ مِنْهُمْ فَيَتَخَيَّرُ إنْ اسْتَوَوْا. قَوْلُهُ: (قَرْضًا بِالْقَافِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَسَيَأْتِي مَا لَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ نَفَقَةً) أَيْ فَلَا رُجُوعَ بِهَا وَهَذَا يُوَافِقُ مَا فِي السِّيَرِ مِنْ   [حاشية عميرة] لِلْفَقِيرِ وَالْمَسْتُورِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُقَدَّمُ غَنِيٌّ عَلَى فَقِيرٍ، وَعَدْلٌ عَلَى مَسْتُورٍ. قَوْلُهُ: (لِخُشُونَةِ عَيْشِهَا) وَأَيْضًا فَظُهُورُ نَسَبِهِ بِمَحِلِّ الْتِقَاطِهِ أَغْلَبُ، لَا فَرْقَ بَيْنَ سَفَرِ النَّقْلَةِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضٍ إلَى آخِرِهِ) وَالْأَوَّلُ لَمْ يَعْتَبِرْ هَذِهِ الْعِلَّةَ، وَنَظَرَ إلَى اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَيْشِ، وَتَعَلُّمِ الدِّينِ وَالصَّنْعَةِ، فَإِنَّهَا الْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ إلَخْ) أَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ أَطْرَافَ الْبَادِيَةِ كَمَحَالِّ الْبَلْدَةِ الْوَاسِعَةِ. قَوْلُهُ: (كَالْبَلَدِ) مِثَالٌ بِخِلَافِ الْبَادِيَةِ وَمِثَالُهُ أَيْضًا الْقَرْيَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَلَدِيَّ أَخَصُّ مِنْ الْحَضَرِيِّ هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي مَالِهِ) أَيْ كَمَا فِي الطِّفْلِ الَّذِي لَهُ أَبٌ مَوْجُودٌ وَأَوْلَى، وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَثِيَابٍ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ جَوَازُ التَّصَرُّفِ وَدَفْعُ الْمُنَازَعِ لَهُ، لَا أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ طَرِيقًا لِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِصِحَّةِ مِلْكِهِ لَهُ فَتَفَطَّنْ لَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَسُوغُ لِلْحَاكِمِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: ثَبَتَ عِنْدِي، انْتَهَى. أَقُولُ: فِيهِ شِبْهُ تَدَافُعٍ، لِأَنَّ الْمُنَازِعَ لَا يُدْفَعُ إلَّا بِالْحَاكِمِ ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ طَرِيقٌ لِلْحُكْمِ بِدَفْعِ الْمُنَازِعِ لَا لِلْحُكْمِ بِالْمِلْكِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِالدَّفْنِ الضَّمَّ إلَى الطِّفْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَوْضُوعَةً بِقُرْبِهِ) لَوْ كَانَتْ فِي دَارٍ هُوَ فِيهَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَهُ كَالدَّارِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الدَّفِينِ السَّابِقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لِلْمُلْتَقِطِ لَقِيطًا لَك وَلَاؤُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ اللَّقِيطِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَرْضًا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ مُشْكِلٌ مَعَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 فَصْلٌ إذَا وُجِدَ لَقِيطٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَفِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ أَوْ بِدَارٍ فَتَحُوهَا أَيْ الْمُسْلِمُونَ (وَأَقَرُّوهَا بِيَدِ كُفَّارٍ صُلْحًا) أَيْ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ (أَوْ) أَقَرُّوهَا بِيَدِهِمْ (بَعْدَ مِلْكِهَا بِجِزْيَةٍ وَفِيهَا مُسْلِمٌ) فِي الصُّورَتَيْنِ. (حُكِمَ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا فَتَحُوهَا مُسْلِمٌ فَاللَّقِيطُ كَافِرٌ. (وَإِنْ وُجِدَ بِدَارِ كُفَّارٍ فَكَافِرٌ إنْ لَمْ يَسْكُنْهَا مُسْلِمٌ) وَإِنْ سَكَنَهَا مُسْلِمٌ (كَأَسِيرٍ وَتَاجِرٍ وَإِلَّا فَمُسْلِمٌ فِي الْأَصَحِّ) تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ، وَالثَّانِي هُوَ كَافِرٌ تَغْلِيبًا لِلدَّارِ. (وَمَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِالدَّارِ فَأَقَامَ ذِمِّيٌّ بَيِّنَةً بِنَسَبِهِ لَحِقَهُ وَتَبِعَهُ فِي الْكُفْرِ) لِلْبَيِّنَةِ (وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الدَّعْوَى فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ) لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ فَلَا يُغَيَّرُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ كَالنَّسَبِ. (وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الصَّبِيِّ بِجِهَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ لَا تُفْرَضَانِ فِي لَقِيطٍ إحْدَاهُمَا الْوِلَادَةُ فَإِنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمًا وَقْتَ الْعُلُوقِ فَهُوَ مُسْلِمٌ)   [حاشية قليوبي] وُجُوبِ إطْعَامِ الْمُحْتَاجِ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ ذَاكَ، فِيمَنْ تَحَقَّقَتْ حَاجَتُهُ وَكَوْنُهَا نَفَقَةً عَلَى الثَّانِي، إنَّمَا هُوَ فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِي الْوَاقِعِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ رَقِيقٌ غَرِمَ سَيِّدُهُ، مَا أُنْفِقَ عَلَيْهِ أَوْ حُرٌّ وَلَهُ مَالٌ فَعَلَيْهِ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، وَلَمْ تَسْقُطْ هُنَا بِمُضِيِّ الزَّمَنِ لِوُقُوعِهَا قَرْضًا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ مَعَ أَنَّ عَدَمَ مُطَالَبَةِ الْقَرِيبِ هُنَا لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْغَارِمِينَ، أَيْ مِمَّا فَضَلَ عَنْ كِفَايَتِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَحَصَلَ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ قَبْلَ يَسَارِهِ قُضِيَ مِنْهُ، وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ تَبَيَّنَ أَنَّ النَّفَقَةَ لَيْسَتْ قَرْضًا، فَلَا رُجُوعَ بِهَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَحَقَّقَتْ حَاجَتُهُ، وَالْمُنْفِقُ غَنِيٌّ كَمَا مَرَّ، كَمَا لَوْ افْتَقَرَ رَجُلٌ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ لَا رُجُوعَ لَهُمْ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَامَ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا رَاجِعٌ إلَى الْقَوْلَيْنِ، وَيَلْزَمُهُ أَنَّ الْقَرْضَ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ هُنَا فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلِلْمُلْتَقِطِ) حَيْثُ يَجُوزُ إيدَاعُ مَالِ الْيَتِيمِ عِنْدَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِحِفْظِ مَالِهِ غَيْرِ الَّذِي لِلنَّفَقَةِ. قَوْلُهُ: (كَحِفْظِهِ) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ مَنْ نَازَعَهُ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي) وَيَكْفِي أَوَّلَ مَرَّةٍ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ أَشْهَدَ فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ صَارَ ضَامِنًا، وَلَوْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقَطُ مِنْ مَالِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْحَاكِمِ، وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ لِأَنَّهُ نَادِرٌ. فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ أَوْ عَدَمِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ أَوْ عَدِمِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (إذَا وُجِدَ لَقِيطٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ) بِأَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ ابْتِدَاءً وَإِنْ مَنَعَهُمْ الْكُفَّارُ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَطَالَتْ مُدَّةُ مَنْعِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَفِيهَا مُسْلِمٌ) أَيْ يُمْكِنُ كَوْنُ اللَّقِيطِ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مُجْتَازًا بِهَا أَوْ تَاجِرًا أَوْ أَسِيرًا مُطْلَقًا وَسَوَاءٌ نَفَاهُ أَوْ لَا فَهُوَ مُسْلِمٌ. قَوْلُهُ: (فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ الْأَخِيرَتَيْنِ بِخِلَافِ الْأُولَى نَظَرًا لِأَصْلِ الدَّارِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (فِيمَا فَتَحُوهَا) الشَّامِلَةِ لِلصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ سَابِقًا وَلَوْ عَبَّرَ هُنَا كَمَا مَرَّ لَكَانَ أَقْرَبَ. قَوْلُهُ: (حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ) هُوَ جَوَابُ إذَا لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِدَارِ كُفَّارٍ) وَهِيَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَهَا فَكَافِرٌ إنْ لَمْ يَسْكُنْهَا مُسْلِمٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَكَنَهَا مُسْلِمٌ) أَيْ وُجِدَ فِيهَا مُدَّةً انْقَطَعَ السَّفَرُ وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ، وَلَا يَكْفِي الِاجْتِيَازُ هُنَا وَلَا عِبْرَةَ بِأَسِيرٍ مَحْبُوسٍ فِي نَحْوِ مَطْمُورَةٍ وَالْبَادِيَةُ كَالْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (فَمُسْلِمٌ) فَإِنْ نَفَاهُ انْتَفَى نَسَبُهُ لِإِسْلَامِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَأَقَامَ ذِمِّيٌّ) الْمُرَادُ كَافِرٌ. قَوْلُهُ: (بَيِّنَةً) وَمِثْلُهَا الْقَائِفُ وَكَذَا بِمَحِلٍّ مَنْسُوبٍ لِلْكُفَّارِ لَيْسَ بِهِ مُسْلِمٌ لَحِقَهُ فِي النَّسَبِ وَالدِّينِ فَهُوَ كَافِرٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ ثَبَتَ النَّسَبُ دُونَ الْكُفْرِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ مُسْلِمَةٍ بِشُبْهَةٍ وَقَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ وَإِلَّا فَمُسْلِمٌ قَطْعًا وَيُنْدَبُ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ ادَّعَاهُ وَلَحِقَهُ فِي النَّسَبِ فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ الْكُفْرَ قُرِّرَ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يُهَدَّدُ فَلَعَلَّهُ يُسْلِمُ وَحَيْثُ حُكِمَ بِكُفْرِهِ فَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ لِعَوْدِ مَنْفَعَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، مِنْ أَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ. فَرْعٌ ذِمِّيَّةٌ أَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْ زِنَا بِمُسْلِمٍ قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ إنَّهُ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِابْنِ حَزْمٍ نَظَرًا لِلدَّارِ وَخَالَفَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ. وَشَيْخُنَا م ر. قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ أَسْبَابِ الْإِسْلَامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ تَبَعِيَّةُ الْأَصْلِ، أَوْ السَّابِي أَوْ الدَّارُ. قَوْلُهُ: (لَا تُفْرَضَانِ إلَخْ) فَذِكْرُهُمَا فِيهِ اسْتِطْرَادِيٌّ. قَوْلُهُ: (أَحَدُ أَبَوَيْهِ) الْمُرَادُ أَحَدُ أُصُولِهِ بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَيْهِ، وَيَرِثُ مِنْهُ وَلَوْ بِالرَّحِمِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ، وَلَوْ رَقِيقًا أَوْ مَيِّتًا أَوْ كَانَ الْأَقْرَبَ   [حاشية عميرة] قَوْلِهِمْ: إنَّ وُجُوبَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ نَفَقَةً لَا قَرْضًا، ثُمَّ وَجْهُ كَوْنِهَا قَرْضًا إلْحَاقُهُ بِإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ وَوَجْهُ النَّفَقَةِ إلْحَاقُهُ بِالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ الْعَاجِزَيْنِ. قَوْلُهُ: (يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي) لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ. [فَصْل وُجِدَ لَقِيطٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَفِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ] فَصْلٌ إذَا وُجِدَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بِدَارٍ فَتَحُوهَا إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: كِلَا الْقِسْمَيْنِ دَارُ إسْلَامٍ أَيْضًا، عَلَى نَظَرٍ فِي الْأَوَّلِ. قَالَ وَلَوْ مَنَعُونَا مِنْ الثَّانِي فَهُوَ دَارُ كُفْرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْلِمٌ) أَيْ يُمْكِنُ أَنْ يُولَدَ لَهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اشْتِرَاطُ وُجُودِ الْمُسْلِمِ رَاجِعًا لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ سَكَنَهَا مُسْلِمٌ إلَخْ) وَإِنْ نَفَاهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُغَيَّرُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى) اُنْظُرْ لَوْ انْضَمَّ إلَى الدَّعْوَى إلْحَاقُ الْقَائِفِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا تُفْرَضَانِ فِي لَقِيطٍ) أَيْ وَإِنَّمَا يُذْكَرَانِ فِي بَابِ اللَّقِيطِ اسْتِطْرَادًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ (فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ كُفْرًا) أَيْ أَعْرَبَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ هُنَا وَبَعْدُ. (فَمُرْتَدٌّ وَلَوْ عَلِقَ بَيْنَ الْكَافِرَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ) تَبَعًا لَهُ. (فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ كُفْرًا فَمُرْتَدٌّ وَفِي قَوْلٍ) هُوَ (كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) لِأَنَّهُ كَانَ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ وَأُزِيلَ ذَلِكَ بِالْحُكْمِ بِالتَّبَعِيَّةِ، فَإِذَا اسْتَقَلَّ انْقَطَعَتْ فَيُعْتَبَرُ بِنَفْسِهِ، (الثَّانِيَةُ إذَا سَبَى مُسْلِمٌ طِفْلًا تَبِعَ السَّابِيَ فِي الْإِسْلَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ) لِأَنَّهُ صَارَ تَحْتَ وِلَايَتِهِ، فَإِذَا كَانَ مَعَهُ فِي السَّبْيِ أَحَدُهُمَا لَمْ يَتْبَعْ السَّابِيَ، لِأَنَّ تَبَعِيَّةَ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَقْوَى وَمَعْنَى كَوْنِ أَحَدِهِمَا مَعَهُ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَنْ يَكُونَا فِي جَيْشٍ وَاحِدٍ وَغَنِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا فِي مِلْكِ رَجُلٍ. (وَلَوْ سَبَاهُ ذِمِّيٌّ لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُحْكَمُ بِهِ تَبَعًا لِلدَّارِ فَإِنَّ الذِّمِّيَّ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهَا لَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ فَكَيْفَ تُؤَثِّرُ فِي مُسَبَّبِهِ، ثُمَّ فِي الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلسَّابِي إذَا بَلَغَ وَأَعْرَبَ بِالْكُفْرِ الْقَوْلَانِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ فَعَلَى قَوْلٍ، إنَّهُمَا كَافِرَانِ أَصْلِيَّانِ نُلْحِقُهُمَا بِدَارِ الْحَرْبِ (وَلَا يَصِحُّ إسْلَامُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ اسْتِقْلَالًا عَلَى الصَّحِيحِ) الْمَنْصُوصِ وَالثَّانِي يَصِحُّ فَيَرِثُ مِنْ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَلَطَّفَ بِوَالِدِيهِ وَأَهْلِهِ الْكُفَّارِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ لِئَلَّا يَفْتِنُوهُ، فَإِنْ بَلَغَ وَوَصَفَ الْكُفْرَ هُدِّدَ وَطُولِبَ بِالْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَصَرَّ رُدَّ إلَيْهِمْ أَمَّا الصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ قَطْعًا.   [حاشية قليوبي] مِنْهُ حَيًّا كَافِرًا وَخَالَفَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (مُسْلِمًا) وَإِنْ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّا. قَوْلُهُ: (وَقْتَ الْعُلُوقِ) أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَوْ بِالِاحْتِلَامِ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْبُلُوغَ إلَّا مَعَ أَمَارَةٍ كَنَبْتِ الْعَانَةِ خَشِنَةً كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا. تَنْبِيهٌ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ إسْلَامِ أَحَدِ أُصُولِهِ، فَهُوَ كَافِرٌ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ حَيٍّ كَافِرٍ بِأَنْ أَسْلَمَ أَصْلُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَكَانَ الْعُلُوقُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَصْلِ الْمُسْلِمِ فَهُوَ مُسْلِمٌ وَتَرَدُّدُ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ فِي ذَلِكَ لَا وَجْهَ لَهُ بَلْ لَهُ حُكْمُ الْغَفْلَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَالِغَ إذَا جُنَّ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْوَلَدِ الْمَذْكُورِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ جُنَّ وَلَدٌ بَالِغٌ مِنْ بَالِغٍ عَاقِلٍ كَافِرٍ حَيٍّ بَعْدَ مَوْتِ جَدِّهِ الْمُسْلِمِ، فَهُوَ مُسْلِمٌ بِلَا مِرْيَةٍ وَتَرَدَّدَ بَعْضُهُمْ فِيهِ عَلَى نَظِيرِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَعْرَبَ إلَخْ) فَالْمُرَادُ وَصْفُ نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ. قَوْلُهُ: (فَمُرْتَدٌّ) لَكِنْ لَا تُنْقَضُ الْأَحْكَامُ السَّابِقَةُ عَلَى رِدَّتِهِ بِمُقْتَضَى الْإِسْلَامِ كَإِرْثِهِ مِنْ مُسْلِمٍ وَعِتْقِهِ عَنْ كَفَّارَةٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ كَافِرَيْنِ) لَيْسَ لَهُمَا أَصْلٌ مُسْلِمٌ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا) أَوْ مَنْ فَوْقَهُمَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَلَغَ) كَمَا مَرَّ أَوْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ. قَوْلُهُ: (فَيُعْتَبَرُ بِنَفْسِهِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْإِسْلَامَ عَلَى الْأَوَّلِ بِالتَّبَعِيَّةِ كَالْإِسْلَامِ بِالنَّفْسِ، فَقَوْلُ الْحَلِيمِيِّ وَالْغَزَالِيِّ إنَّ إسْلَامَ مَنْ أَسْلَمَ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ لَا يُغْنِي عَنْ إسْلَامِهِ بِنَفْسِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ، أَوْ هُوَ سَبْقُ قَلَمٍ. قَوْلُهُ: (إذَا سَبَى مُسْلِمٌ) وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ رَقِيقًا مُنْفَرِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا وَحْدَهُ أَوْ مَعَ كَافِرٍ. قَوْلُهُ: (طِفْلًا) أَوْ مَجْنُونًا ذَكَرًا كُلٌّ مِنْهُمَا، أَوْ أُنْثَى مُنْفَرِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا. قَوْلُهُ: (تَبِعَ السَّابِيَ فِي الْإِسْلَامِ) وَإِنْ كَانَ الثَّانِي بَالِغًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ) أَيْ أَحَدُ أُصُولِهِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا كَانَ مَعَهُ فِي السَّبْيِ أَحَدُهُمَا لَمْ يَتْبَعْ السَّابِيَ) أَيْ بِأَنْ سُبِيَ مَعَ سَبْيِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ بَعْدَ سَبْيِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ لَمَّا سَاوَى أَصْلَهُ فِي وَصْفِ السَّبْيِ، كَانَتْ تَبَعِيَّتُهُ لَهُ أَقْوَى مِنْ تَبَعِيَّةِ السَّابِي فَإِنْ سُبِيَ قَبْلَهُمَا تَبِعَهُ فَهُوَ مُسْلِمٌ. قَوْلُهُ: (فِي جَيْشٍ وَاحِدٍ وَغَنِيمَةٍ وَاحِدَةٍ) فَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْغَنِيمَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَبَاهُ ذِمِّيٌّ) الْمُرَادُ كَافِرًا انْفَرَدَ أَوْ تَعَدَّدَ وَلَوْ غَيْرَ ذِمِّيٍّ وَلَمْ يُشَارِكْهُ مُسْلِمٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ) بَلْ هُوَ عَلَى دَيْنِ سَابِيهِ وَإِنْ خَالَفَ دِينَ أُصُولِهِ، فَلَوْ كَانَ سَابِيهِ نَصْرَانِيًّا، فَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ مَجُوسِيًّا مَثَلًا وَبِذَلِكَ يُتَصَوَّرُ عَدَمُ إنْفَاقِ الْوَارِثِينَ فِي الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ فِي الْفَرَائِضِ فَلْيُرَاجَعْ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ اعْتِبَارِ الْكُفْرِ حَالَةَ السَّبْيِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ السَّابِي بَعْدَهُ لَمْ يَتَنَبَّهْ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ بَعْدَ أَخْذِهِ قَهْرًا أَوْ أَسْلَمَ مَنْ اشْتَرَاهُ فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي ذَلِكَ. تَنْبِيهٌ مَنْ أَخَذَهُ الْكَافِرُ سَرِقَةً مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مِثْلَ مُسْبِيهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ لَا غَنِيمَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (تَبَعًا لِلسَّابِي) وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ كَمَا مَرَّ، وَخَرَجَ بِهِ مِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا، لِلدَّارَةِ فَإِنَّهُ إذَا بَلَغَ وَأَعْرَبَ بِالْكُفْرِ، فَهُوَ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ لِضَعْفِ تَبَعِيَّتِهَا وَعَلَيْهِ فَتُنْقَضُ الْأَحْكَامُ الَّتِي كَانَتْ أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ، بِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعْرِبَ وَلَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِعْرَابِهِ وَلَا تُنْقَضُ الْأَحْكَامُ الْإِسْلَامِيَّةُ، الَّتِي أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ تَمَحَّضَ الْمُسْلِمُونَ بِالدَّارِ ثُمَّ أَعْرَبَ بِالْكُفْرِ، فَهُوَ مُرْتَدٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (الْقَوْلَانِ) وَأَصَحُّهُمَا أَنَّهُ مُرْتَدٌّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ إسْلَامُ صَبِيٍّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ الدُّنْيَا أَمَّا فِي الْآخِرَةِ، فَهُوَ مِنْ الْفَائِزِينَ اتِّفَاقًا وَلَوْ تَعَبَّدَ فَعِبَادَتُهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا تَمْرِينًا وَلَا يُؤْمَرُ بِهَا لِعَدَمِ صِحَّتِهَا وَفَارَقَ صِحَّتَهَا مِنْ الْمُسْلِمِ الْمُمَيِّزِ الْأَصْلِيِّ، لِانْتِفَاعِهِ بِهَا لِأَنَّهُ تَقَعُ لَهُ نَفْلًا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (تَبَعًا لَهُ) قَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] وَحَدِيثُ «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ» فَجَعَلَ مُوجِبَ كُفْرِهِ كُفْرَهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ هُوَ إجْمَاعٌ فِي إسْلَامِ الْأَبِ وَكَذَلِكَ الْأُمُّ عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ قَوْلُهُ: (هُوَ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: فِي الظَّاهِرِ مِنْ فَوَائِدِ الْقَوْلَيْنِ وُجُوبُ التَّلَفُّظِ بِالْإِسْلَامِ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَبِعَ السَّابِيَ) وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّبْيَ يَسْتَفْتِحُ لَلْمَسْبِيّ وُجُودًا كَأَنَّهُ وَلَدُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَحَدُ أَبَوَيْهِ) مِثْلُهُمَا سَائِرُ الْأُصُولِ. فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ سَبَاهُ ذِمِّيٌّ إلَخْ) وَيَكُونُ عَلَى دِينِ سَابِيهِ لِأَنَّ السَّبْيَ يَسْتَفْتِحُ لِلْمَسْبِيِّ وُجُودًا، كَأَنَّهُ وَلَدُهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 فَصْلٌ إذَا لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ بِرِقٍّ فَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّ غَالِبَ النَّاسِ أَحْرَارٌ. (إلَّا أَنْ يُقِيمَ آخِذٌ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ) فَيُعْمَلُ بِهَا بِشَرْطِهِ الْآتِي (وَإِنْ أَقَرَّ) وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ (بِهِ) أَيْ بِالرِّقِّ (لِشَخْصٍ فَصَدَّقَهُ قُبِلَ إنْ لَمْ يَسْبِقْ إقْرَارُهُ بِحُرِّيَّةٍ) فَإِنْ سَبَقَ إقْرَارُهُ بِهَا لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِهِ أَيْضًا، (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) فِي قَبُولِ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ. (أَنْ لَا يَسْبِقَ) مِنْهُ (تَصَرُّفٌ يَقْتَضِي نُفُوذَهُ) بِالْمُعْجَمَةِ (حُرِّيَّةً كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ بَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ) بَعْدَ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ (فِي أَصْلِ الرِّقِّ وَأَحْكَامِهِ الْمُسْتَقْبَلَةِ) وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ فَيَبْقَى عَلَى أَحْكَامِ الْحُرِّيَّةِ (لَا) الْأَحْكَامِ (الْمَاضِيَةِ الْمُضِرَّةِ بِغَيْرِهِ) أَيْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا. (فِي الْأَظْهَرِ فَلَوْ لَزِمَهُ دَيْنٌ فَأَقَرَّ بِرِقٍّ وَفِي يَدِهِ مَالٌ قُضِيَ مِنْهُ) عَلَى هَذَا وَعَلَى مُقَابِلِهِ لَا يُقْضَى مِنْهُ، وَالْمَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَبْقَى الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْمُقِرِّ، أَمَّا الْأَحْكَامُ الْمَاضِيَةُ الْمُضِرَّةُ بِهِ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا قَطْعًا. (وَلَوْ ادَّعَى رِقَّهُ مَنْ لَيْسَ فِي يَدِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يُقْبَلْ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرِّيَّةُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ) كَمَا صَحَّ إسْلَامُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ إسْلَامَهُ كَانَ قَبْلَ عَامِ الْخَنْدَقِ، وَكَانَتْ الْأَحْكَامُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَنُوطَةً بِالتَّمْيِيزِ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِالْبُلُوغِ بَعْدَهُ، وَقِيلَ إنَّهُ كَانَ قَدْ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ وَقِيلَ إنَّهُ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ) مُعْتَمَدٌ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَصَرَّ رُدَّ إلَيْهِمْ) ظَاهِرُهُ، أَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ فَرَاجِعْهُ فَرْعٌ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ قَبْلَ بُلُوغِهِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَكُونُ خَادِمًا لِأَهْلِهَا. فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِحُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَعَدَمِهَا وَحُكْمِ اسْتِلْحَاقِهِ قَوْلُهُ (إذَا لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ بِرِقٍّ فَهُوَ حُرٌّ) وَإِنْ ادَّعَى رِقَّهُ لَاقِطُهُ أَوْ غَيْرُهُ. أَوْ وُجِدَ بِدَارِ حَرْبٍ لَيْسَ فِيهَا مُسْلِمٌ، وَلَا ذِمِّيٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُقِيمَ أَحَدٌ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ) سَوَاءٌ لَاقِطُهُ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (بِشَرْطِهِ الْآتِي) وَهُوَ تَعَرُّضُهَا لِسَبَبِ الْمِلْكِ كَشِرَاءٍ، وَنَحْوِهِ وَلَا يَكْفِي إطْلَاقُ الرِّقِّ لِأَنَّ أَمْرَهُ خَطَرٌ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْأَمْوَالَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَقَرَّ وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ) وَلَوْ سَفِيهًا بِهِ لِشَخْصٍ فَصَدَّقَهُ أَوْ سَكَتَ قُبِلَ إنْ لَمْ يَسْبِقْ إقْرَارُهُ بِحُرِّيَّةٍ، وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ لَا لِلْمُدَّعِي وَلَا لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَذَّبَهُ) أَيْ وَلَمْ يَسْبِقْ مَا ذُكِرَ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِهِ، أَيْ الرِّقِّ وَإِنْ عَادَ الْمُكَذِّبُ وَصَدَّقَهُ لِأَنَّهُ بِتَكْذِيبِهِ ثَبَتَتْ حُرِّيَّتُهُ، وَيَتَعَذَّرُ إسْقَاطُهَا وَلَا لِغَيْرِ الْمُكَذِّبِ لِثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ أَيْضًا بِعَدَمِ إقْرَارِهِ لَهُ فَهُوَ حُرُّ الْأَصْلِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ بِخِلَافِ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ. فَرْعٌ لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ رِقَّ لَقِيطٍ فَأَنْكَرَ، ثُمَّ اعْتَرَفَ لَهُ بِهِ فَإِنْ قَالَ فِي إنْكَارِهِ لَسْت بِرَقِيقٍ لَك قُبِلَ وَإِنْ قَالَ لَسْت بِرَقِيقٍ أَصْلًا لَمْ يُقْبَلْ. قَوْلُهُ: (قُضِيَ مِنْهُ) فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ فَلِمَنْ أَقَرَّ لَهُ، وَإِنْ فَضَلَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ فَفِي ذِمَّتِهِ وَلَا يُوَفَّى مِنْ كَسْبِهِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْأَحْكَامُ الْمَاضِيَةُ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ اللَّقِيطُ امْرَأَةً مُتَزَوِّجَةً، وَلَوْ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَرَطَ الْحُرِّيَّةَ، وَإِذَا لَمْ يَنْفَسِخْ سَلِمَتْ لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَإِنْ تَضَرَّرَ السَّيِّدُ وَلَهُ السَّفَرُ بِهَا كَذَلِكَ، وَوَلَدُهَا قَبْلَ إقْرَارِهَا حُرٌّ لِظَنِّهِ حُرِّيَّتَهَا وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ لِلطَّلَاقِ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ لِلْمَوْتِ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَبِطَلَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ يَسْقُطُ الْمُسَمَّى، وَلَا يُطَالِبُهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِشَيْءٍ لِزَعْمِهِ فَسَادَ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ الْمُسَمَّى وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ أَيْضًا، أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ وَمَتَى كَانَ دَفَعَ لَهَا شَيْئًا مِنْهُ أَجْزَأَهُ وَلَا مُطَالَبَةَ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ بِالرِّقِّ هُوَ الزَّوْجَ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى بَعْدَ الدُّخُولِ وَنِصْفُهُ قَبْلَهُ، وَيُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ الْحَاصِلِ وَالْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي ذِمَّتِهِ. فَرْعٌ لَوْ جَنَى عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ فَفِي الْعَمْدِ يُقْتَصُّ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا، وَفِي غَيْرِ الْعَمْدِ يُقْضَى مِمَّا فِي يَدِهِ كَالْحَجْرِ بِالْفَلْسِ، وَلِئَلَّا يَتَضَرَّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَالزَّائِدُ عَلَيْهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْبَلْ) لَكِنْ لَا يُنْزَعُ مِنْ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) يَصِحُّ بِدَلِيلِ قِصَّةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهُوَ قَوِيٌّ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ تَصِحُّ مِنْهُ، فَهَلَّا كَانَ الْإِسْلَامُ كَذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ هَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ نَقْلًا قَوِيٌّ تَوْجِيهًا. قَالَ: وَقَدْ صَحَّحُوا إحْرَامَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِسْلَامِ عَشْرٌ، وَقَوْلُهُ تَصِحُّ مِنْهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلصَّبِيِّ الْمُسْلِمِ لَا لِهَذَا الصَّبِيِّ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ لِيُتَأَمَّلْ. [فَصْلٌ لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ بِرِقِّ] فَصْلٌ إذَا لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ) زَادَ بَعْضُهُمْ الرُّشْدَ بَحْثًا وَقَالَ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ بْنُ سَلَمَةَ فِي قَبُولِ أَصْلِ الْإِقْرَارِ قَوْلَانِ، وَأَصَحُّ الطَّرِيقَيْنِ الْقَطْعُ بِقَبُولِ أَصْلِ الْإِقْرَارِ وَثُبُوتِ حُكْمِ الْأَرِقَّاءِ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُطْلَقًا، وَتَخْصِيصُ الْقَوْلَيْنِ بِأَحْكَامِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَاضِيَةِ فَأَحَدُهُمَا الْقَبُولُ فِي أَحْكَامِهَا أَيْضًا وَأَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ فِيمَا يَضُرُّ غَيْرَهُ وَالْقَبُولُ فِي الَّذِي يَضُرُّ بِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَحْكَامُهُ الْمُسْتَقْبَلَةُ) أَيْ وَلَوْ ضَرَّتْ الْغَيْرَ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا لَوْ بَاعَ عَيْنًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ مِلْكُ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ أَقُولُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 (وَكَذَا إنْ ادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ) أَيْ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يُقْبَلْ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِالرِّقِّ، كَمَا فِي يَدِ غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ، وَسَيَأْتِي وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ ظَاهِرًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (وَلَوْ رَأَيْنَا صَغِيرًا مُمَيِّزًا، أَوْ غَيْرَهُ فِي يَدِ مَنْ يَسْتَرِقُّهُ وَلَمْ نَعْرِفْ اسْتِنَادَهَا إلَى الْتِقَاطٍ حُكِمَ لَهُ بِالرِّقِّ) بِدَعْوَاهُ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ وَلَا أَثَرَ لِإِنْكَارِ الصَّغِيرِ ذَلِكَ. (فَإِنْ بَلَغَ وَقَالَ أَنَا حُرٌّ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِرِقِّهِ فَلَا يُرْفَعُ ذَلِكَ الْحُكْمُ إلَّا بِحُجَّةٍ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِرِقِّهِ. (وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ عُمِلَ بِهَا وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَتَعَرَّضَ الْبَيِّنَةُ لِسَبَبِ الْمِلْكِ) لَهُ مِنْ إرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لِئَلَّا تُعْتَمَدُ ظَاهِرُ يَدٍ الِالْتِقَاطِ. (وَفِي قَوْلٍ يَكْفِي مُطْلَقُ الْمِلْكِ) كَمَا فِي الدَّارِ وَالثَّوْبِ وَغَيْرِهِمَا وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ أَمْرَ الرِّقِّ خَطِيرٌ فَاحْتِيجَ فِيهِ. (وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ) الْمُسْلِمَ (حُرٌّ مُسْلِمٌ لَحِقَهُ) بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ فِي الْإِقْرَارِ سَوَاءٌ الْمُلْتَقِطُ وَغَيْرُهُ. (وَصَارَ أَوْلَى بِتَرْبِيَتِهِ) مِنْ غَيْرِهِ أَيْ أَحَقَّ بِهِمَا بِمَعْنَى أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَهَا دُونَ غَيْرِهِ وَاسْتِلْحَاقُ الْكَافِرِ كَاسْتِلْحَاقِ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ. (وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ عَبْدٌ لَحِقَهُ) لِإِمْكَانِ حُصُولِهِ مِنْهُ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ. (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ) لِأَنَّ اللُّحُوقَ يَمْنَعُهُ الْإِرْثَ لَوْ أَعْتَقَهُ. (وَإِنْ اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ لَمْ يَلْحَقْهَا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَلْحَقُهَا كَالرَّجُلِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِإِمْكَانِ إقَامَتِهَا الْبَيِّنَةَ عَلَى وِلَادَتِهَا بِالْمُشَاهَدَةِ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالثَّالِثُ يَلْحَقُ الْخَلِيَّةَ دُونَ الْمُزَوِّجَةِ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَلْحَقُ زَوْجَهَا وَقِيلَ يَلْحَقُهُ وَاسْتِلْحَاقُ الْأَمَةِ كَالْحُرَّةِ، وَإِنْ جَوَّزْنَا اسْتِلْحَاقَ الْعَبْدِ فَإِنْ أَثْبَتْنَاهُ لَمْ يُحْكَمْ بِرِقِّ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا، وَقِيلَ يُحْكَمُ بِهِ. (أَوْ) اسْتَلْحَقَهُ (اثْنَانِ لَمْ يُقَدَّمْ مُسْلِمٌ وَحُرٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ وَعَبْدٍ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِ الْعَبْدِ، بَلْ يَسْتَوِي الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ أَهْلٌ لَوْ انْفَرَدَ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَجِّحٍ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ (عُرِضَ) اللَّقِيطُ (عَلَى الْقَائِفِ فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْقَائِفِ فِي فَصْلٍ آخَرَ كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ) وُجِدَ لَكِنْ (تَحَيَّرَ أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أُمِرَ) اللَّقِيطُ (بِالِانْتِسَابِ بَعْدَ بُلُوغِهِ) وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا تُرِكَ حَتَّى يَبْلُغَ فَإِذَا بَلَغَ أُمِرَ بِالِانْتِسَابِ. (إلَى مَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ مِنْهُمَا) بِحُكْمِ الْجِبِلَّةِ لَا بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي، وَعَلَيْهِمَا النَّفَقَةُ مُدَّةُ الِانْتِظَارِ، فَإِذَا انْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا، رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ   [حاشية قليوبي] يَدِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ خُصُوصًا إنْ أَشْهَدَ بِحُرِّيَّتِهِ. قَوْلُهُ: (بِدَعْوَاهُ) أَيْ مَعَ حَلِفِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُهُ كَمَا قَالَاهُ اهـ. قَوْلُهُ: (بِرِقِّهِ) أَيْ الْمَلْقُوطِ وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اُسْتُلْحِقَ اللَّقِيطُ) أَيْ الصَّغِيرُ وَغَيْرُ اللَّقِيطِ كَذَلِكَ حُرٌّ مُسْلِمٌ سَوَاءٌ الرَّشِيدُ وَالسَّفِيهُ، وَالْمُلْتَقَطُ وَغَيْرُهُ لَحِقَهُ فِي النَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِرْثِ، وَلَا يَلْحَقُ زَوْجَتَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَيُنْدَبُ لِلْقَاضِي اسْتِفْسَارُهُ بِكَوْنِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَظُنَّ أَنَّ الِالْتِقَاطَ يُفِيدُ النَّسَبَ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ الْوُجُوبَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَاسْتِلْحَاقُ الْكَافِرِ الْكَافِرَ) وَكَذَا الْمُسْلِمُ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي الْكُفْرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ عَبْدٌ لَحِقَهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ لَا فِي الرِّقِّ وَيُقَرُّ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ وَنَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْكَافِرَ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً لَحِقَهُ الْوَلَدُ فِي الْكُفْرِ، وَفَارَقَ عَدَمَ لُحُوقِهِ فِي الرِّقِّ هُنَا بِأَنَّ فِيهِ إثْبَاتَ مِلْكٍ لِلْغَيْرِ هُنَا وَبِأَنَّ احْتِمَالَ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ بِكَوْنِهِ مِنْ حُرَّةٍ تَزَوَّجَ بِهَا الْعَبْدُ، أَوْ بِكَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَقْوَى مِنْ احْتِمَالِ وُجُودِ هُنَا وَبِأَنَّ احْتِمَالَ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ بِكَوْنِهِ مِنْ حُرَّةٍ تَزَوَّجَ بِهَا الْعَبْدُ، أَوْ بِكَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَقْوَى مِنْ احْتِمَالِ وُجُودِ أَصْلٍ مُسْلِمٍ لِلْكَافِرِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُحْكَمْ بِرِقِّ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَلْحَقُ زَوْجَهَا. فَرْعٌ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ الْخُنْثَى وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَلَوْ مَاتَ هَذَا الْوَلَدُ فَانْظُرْ مَاذَا يَرِثُ مِنْهُ الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (اثْنَانِ) أَيْ مَعًا فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا قُدِّمَ إنْ كَانَ لَهُ يَدٌ عَنْ غَيْرِ لَقْطٍ وَإِلَّا فَكَالْمَعِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (عُرِضَ عَلَى قَائِفٍ) أَيْ بَعْدَ فَقْدِ السَّبْقِ الْمَذْكُورِ وَيُقَدَّمُ السَّابِقُ إذَا تَعَارَضَ قَائِفَانِ، وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ الْقَائِفِ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِمِثْلِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ) أَيْ لَمْ يُوجَدْ فِي أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَهُوَ فِيهَا كَالْمَعْدُومِ. قَوْلُهُ: (أُمِرَ) أَيْ وُجُوبًا وَحُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ لَكِنْ بَعْدَ بُلُوغِهِ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي) بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. وَشَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ اسْتِقَامَةَ طَبِيعَتِهِ وَاتِّضَاحَ ذَكَائِهِ وَمَعْرِفَتَهُ. قَوْلُهُ: (رَجَعَ إلَخْ) أَيْ إنْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ   [حاشية عميرة] هَذَا حُكْمٌ مَاضٍ لَا مُسْتَقْبَلٌ، وَإِنْ كَانَ صُدُورُ الْإِقْرَارِ مُسْتَقْبَلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا إنْ ادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ) لَكِنْ هَلْ يُنْزَعُ مِنْ يَدِهِ، قَالَ الْمُزَنِيّ: لَا وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: نَعَمْ لِأَنَّهُ بَطَلَتْ أَمَانَتُهُ عَلَيْهِ وَاعْتُرِضَ بِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ) أَيْ اللَّقِيطِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ اسْتَلْحَقَ إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى النَّسَبِ عُسْرَةٌ، فَلَوْ كُلِّفَ الشَّخْصُ ذَلِكَ وَلَمْ يَكْتَفِ فِيهِ بِالدَّعْوَى لَضَاعَتْ الْأَنْسَابُ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمُسْتَلْحَقِ بَيْنَ الرَّشِيدِ وَالسَّفِيهِ الْمُلْتَقِطِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَهُ مِنْ أَيْنَ لَهُ ذَلِكَ، أَمِنْ أَمَةٍ أَمْ حُرَّةٍ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ، فَإِنَّهُ قَدْ يَظُنُّ الِاكْتِفَاءَ فِي ذَلِكَ بِالِالْتِقَاطِ ثُمَّ أَحْكَامُ النَّسَبِ ثَبَتَتْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَيَرِثُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْمُسْلِمُ ذُكِرَ تَوْطِئَةً لِتَقْيِيدِ الْمَتْنِ الْمُلْتَقِطَ بِالْمُسْلِمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْلِمٌ) لَوْ اسْتَلْحَقَ الذِّمِّيُّ لَقِيطًا مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ فِي الدَّارِ لَحِقَهُ وَلَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ كَمَا سَلَفَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِيرُ أَحَقَّ بِتَرْبِيَتِهِ وَلَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَحِقَهُ) أَيْ فِي النَّسَبِ فَقَطْ، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُرِّيَّتِهِ. قَوْلُهُ: (بِنِكَاحٍ إلَخْ) لَكِنْ لَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِأَمْرِ الرِّقِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ) مِثْلُ تَصْدِيقِهِ، مَا لَوْ كَانَ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُمِرَ اللَّقِيطُ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَا حَيَّيْنِ وَيَكُونَ الْفَطِنَةُ صَحِيحَ الذَّكَاءِ. قَوْلُهُ: (رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ نَقْلًا، عَنْ الرَّافِعِيِّ مَحِلُّ هَذَا إذَا أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ انْتَهَى فَانْدَفَعَ الْإِشْكَالُ بِأَنَّ نَفَقَةَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 بِمَا أَنْفَقَ أَيْ لِلُحُوقِهِ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَنْتَسِبْ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِفَقْدِ الْمَيْلِ بَقِيَ الْأَمْرُ مَوْقُوفًا وَلَوْ انْتَسَبَ إلَى غَيْرِهِمَا وَادَّعَاهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، (وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِنَسَبِهِ (مُتَعَارِضَتَيْنِ سَقَطَتَا فِي الْأَظْهَرِ) وَيُرْجَعُ إلَى قَوْلِ الْقَائِفِ، وَالثَّانِي لَا يَسْقُطَانِ وَتُرَجَّحُ إحْدَاهُمَا الْمُوَافِقُ لَهَا قَوْلُ الْقَائِفِ بِقَوْلِهِ فَمَآلُ الِاثْنَيْنِ لِوَاحِدٍ، وَهُمَا وَجْهَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى قَوْلِ التَّسَاقُطِ فِي التَّعَارُضِ فِي الْأَمْوَالِ، وَلَا يَأْتِي هُنَا مَا فُرِّعَ عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ أَقْوَالِ الْوَقْفِ وَالْقِسْمَةِ وَالْقُرْعَةِ، وَقِيلَ تَأْتِي الْقُرْعَةُ هُنَا وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ تَسَاقَطَتَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَظْهَرِ وَهِيَ أَقْرَبُ. كِتَابُ الْجِعَالَةِ بِكَسْرِ الْجِيمِ (هِيَ كَقَوْلِهِ مَنْ رَدَّ آبِقِي فَلَهُ كَذَا) أَوْ رُدَّ دَابَّتِي الضَّالَّةَ وَلَك كَذَا وَسَيَأْتِي مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ فَلَهُ كَذَا، وَيُلْحَقُ بِهِ رُدَّ عَبْدَ زَيْدٍ وَلَك كَذَا، وَشَرْطُ الْجَاعِلِ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ. (وَيُشْتَرَطُ) فِيهَا لِتَتَحَقَّقَ (صِيغَةٌ) مِنْ الْجَاعِلِ. (تَدُلُّ عَلَى الْعَمَلِ) بِشَرْطٍ أَوْ طَلَبٍ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْعَمَلِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (بِعِوَضٍ مُلْتَزَمٍ) كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الصِّيَغِ وَنَحْوِهَا (فَلَوْ عَمِلَ) الْعَامِلُ (بِلَا إذْنٍ أَوْ أَذِنَ لِشَخْصٍ فَعَمِلَ غَيْرُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ)   [حاشية قليوبي] أَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ فَقْدِهِ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ وَإِنْ نَوَاهُ قَالَهُ. شَيْخُنَا م ر. نَعَمْ قَدْ مَرَّ عَنْهُ فِي اللُّقَطَةِ الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ فَرَاجِعْهُ. قَالَ وَلَوْ كَانَ التَّنَازُعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ فَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لِفَقْدِ الْمَيْلِ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ لِعِنَادِهِ فَيُؤْمَرُ بِهِ وُجُوبًا وَيُحْبَسُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ) وَقِيَاسُ ذَلِكَ رُجُوعُ الْمُنْفِقِ مِنْهُمَا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مُتَعَارِضَتَيْنِ) كَأَنْ لَمْ يُؤَرِّخَا بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَمَآلُ الِاثْنَيْنِ) أَيْ الْقَوْلَيْنِ أَيْ مَرْجِعُهُمَا وَاحِدٌ فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَهُمَا وَجْهَانِ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَعُذْرُهُ تَبَعِيَّةُ أَصْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْهُ فَرْعٌ لَوْ أَلْحَقَ نَفْسَهُ بِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ ثُمَّ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالْآخَرِ عُمِلَ بِهِ، وَبَطَلَ الْأَوَّلُ وَإِلْحَاقُ الْبَيِّنَةِ يُقَدَّمُ عَلَى الْقَائِفِ، فَيَبْطُلُ إلْحَاقُهُ لِأَنَّهَا أَقْوَى. كِتَابُ الْجَعَالَةِ هِيَ كَالْجُعْلِ وَالْجُعْلِيَّةُ لُغَةً اسْمٌ لِمَا يُجْعَلُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ، وَشَرْعًا الْتِزَامُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ عَلَى عَمَلٍ فِيهِ كُلْفَةٌ، وَلَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَأَصْلُهَا مَا رُوِيَ أَنَّ «أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَقَى مَلْدُوغًا بِعَقْرَبٍ بِالْفَاتِحَةِ عَلَى قَطِيعٍ ثَلَاثِينَ رَأْسًا مِنْ الْغَنَمِ وَأَقَرَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ» وَهِيَ كَالْإِجَارَةِ إلَّا فِي أَرْبَعَةِ أُمُورٍ جَوَازُهَا وَصِحَّتُهَا مَعَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَعَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ وَتَوَقُّفُ اسْتِحْقَاقِ الْعِوَضِ فِيهَا عَلَى فَرَاغِ الْعَمَلِ. وَبَقِيَ أَمْرٌ خَامِسٌ وَهُوَ عَدَمُ قَبُولِ الْعَامِلِ، وَسَادِسٌ وَهُوَ جَهْلُ الْعِوَضِ، وَسَابِعٌ وَهُوَ سُقُوطُ كُلِّ الْعِوَضِ بِفَسْخِ الْعَامِلِ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَهَا بَعْضُهُمْ عَقِبَ الْإِجَارَةِ، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ ذِكْرَهَا هُنَا، لِأَنَّ فِيهَا طَلَبَ ضَائِعٍ كَاللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْجِيمِ) عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ وَجَمْعُهَا جَعَائِلُ. قَوْلُهُ: (هِيَ كَقَوْلِهِ) أَيْ الْمَالِكِ وَلَوْ شَرِيكًا بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ، وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ، كَمَا يَأْتِي وَمِنْ ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ أَرْكَانَهَا أَرْبَعَةٌ أَوْ خَمْسَةٌ وَهِيَ الْعَاقِدُ وَالْعَمَلُ وَالْعِوَضُ وَالصِّيغَةُ. قَوْلُهُ: (أَوْرَدَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى دَفْعِ إيهَامِ الْحَصْرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَهَا صُوَرٌ أَرْبَعٌ لِأَنَّ الْجَاعِلَ إمَّا مَالِكٌ أَوْ غَيْرُهُ وَالْعَامِلُ إمَّا مُعَيَّنٌ أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ) أَيْ صَحِيحَ التَّصَرُّفِ فِيمَا يُجْعَلُ عِوَضًا فَدَخَلَ الْوَلِيُّ وَخَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ وَشَرْطُهُ الِاخْتِيَارُ أَيْضًا لِيَخْرُجَ الْمُكْرَهُ. قَوْلُهُ: (لِتَتَحَقَّقَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا رُكْنٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا تَصِحُّ مُؤَقَّتَةً وَلَا مُعَلَّقَةً وَمِنْهَا إشَارَةُ الْأَخْرَسِ وَالْكِتَابَةُ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَوَافُقُهُمَا، فَلَوْ قَالَ لَهُ: رُدَّ عَبْدِي بِدِينَارٍ؟ فَقَالَ: أَرُدُّهُ بِدِرْهَمٍ ثُمَّ رَدَّهُ فَلَهُ الدِّينَارُ. قَوْلُهُ: (صِيغَةٌ مِنْ الْجَاعِلِ) فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْعَامِلِ وَلَوْ مُعَيَّنًا، كَمَا يَأْتِي وَلَا تَبْطُلُ بِرَدِّهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. نَعَمْ لَوْ قَالَ لَهُ الْعَامِلُ أَرُدُّ لَك عَبْدَك وَلِي دِينَارٌ. فَقَالَ لَهُ نَعَمْ أَوْ رَدَّهُ كَفَى. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) فَهُوَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ.   [حاشية عميرة] الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَا يَأْتِي هُنَا مَا فُرِّعَ عَلَى مُقَابِلِهِ) مِنْ ثَمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ لَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ تَسْقُطُ فِيهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي إعْمَالِ الْبَيِّنَتَيْنِ إلَّا هَذَا الْمَوْضِعَ، وَمَسْأَلَةُ الشَّكِّ فِي النَّجَاسَةِ وَعِبَارَةُ صَاحِبِ الْعُدَّةِ، إنْ قُلْنَا يُسْتَعْمَلَانِ لَمْ يَحْسُنْ إلَّا الْقَافَةُ، وَلَا شَيْءَ مِنْ الْأَقْوَالِ وَلِذَا قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: تَسَاقَطَا قَوْلًا وَاحِدًا وَتَجِيءُ الْقَافَةُ انْتَهَى. فَرْعٌ لَوْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْمُنَازَعَةِ، وَهُوَ يَسْتَلْحِقُهُ رَجَحَتْ بَيِّنَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ أَقْرَبُ) أَيْ أَقْرَبُ إلَى إفَادَةِ أَنَّ الْحُكْمَ وَجْهَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ فِي الْأَمْوَالِ. [كِتَابُ الْجِعَالَةِ] ِ قَوْلُهُ: (أَوْ رَدَّ) هُوَ يُفْهَمُ مِنْ مِثَالِ الْمَتْنِ بِالْأَوْلَى، وَقَوْلُهُ وَسَيَأْتِي إلَى آخِرِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ آبِقِي لَيْسَ بِشَرْطٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صِيغَةٌ) أَيْ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ. فَرْعٌ تَأْقِيتُهَا مُفْسِدٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْعَمَلِ) أَيْ وَلَوْ مَجْهُولًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُلْتَزَمٌ) يُفْهَمُ مِنْ الِالْتِزَامِ اشْتِرَاطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَهُوَ كَذَلِكَ مَا يَأْتِي، وَكَذَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا بِخِلَافِ الدَّمِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِمَا لِأَنَّهَا مُؤَنَّثَةٌ مَعْنَى، لِأَنَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 نَعَمْ لَوْ كَانَ الْغَيْرُ عَبْدَ الْمَأْذُونِ لَهُ اسْتَحَقَّ، الْمَأْذُونُ لَهُ الْجُعْلَ لِأَنَّ يَدَ عَبْدِهِ يَدُهُ، وَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ آبِقِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ نِدَاؤُهُ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَلَوْ قَالَ إنْ رَدَّهُ زَيْدٌ فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ زَيْدٌ غَيْرَ عَالِمٍ بِإِذْنِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَلَوْ أَذِنَ فِي الرَّدِّ لَمْ يَشْرُطْ عِوَضًا فَلَا شَيْءَ لِلرَّادِّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ عَلِمَ بِإِذْنِ عِلْمِهِ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ الْمُلْتَزَمَ (وَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ فَلَهُ كَذَا اسْتَحَقَّهُ الرَّادُّ) الْعَالِمُ بِذَلِكَ (عَلَى الْأَجْنَبِيِّ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ (وَإِنْ قَالَ قَالَ زَيْدٌ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا وَكَانَ كَاذِبًا لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى زَيْدٍ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمَا، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا اسْتَحَقَّ عَلَى زَيْدٍ قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ خَبَرُهُ، (وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْعَامِلِ وَإِنْ عَيَّنَهُ) الْجَاعِلُ بَلْ يَكْفِي الْإِتْيَانُ بِالْعَمَلِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ مُعَيَّنًا فَلَا يُتَصَوَّرُ قَبُولُ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُهُ، وَفِيهِمَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ التَّعْيِينِ أَهْلِيَّةُ الْعَمَلِ فِي الْعَامِلِ. (وَتَصِحُّ) الْجِعَالَةُ (عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ) كَرَدِّ الْآبِقِ (وَكَذَا مَعْلُومٌ) كَخِيَاطَةٍ وَبِنَاءٍ مَوْصُوفَيْنِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ اسْتِغْنَاءً بِالْإِجَارَةِ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْجُعْلِ مَعْلُومًا) إذْ لَا حَاجَةَ إلَى جَهَالَتِهِ بِخِلَافِ الْعَمَلِ. (فَلَوْ قَالَ مَنْ رَدَّهُ) أَيْ آبِقِي (فَلَهُ ثَوْبٌ أَوْ أَرْضِيَّةٌ فَسَدَ الْعَقْدُ وَلِلرَّادِّ أُجْرَةُ مِثْلِهِ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَلَوْ عَمِلَ بِلَا إذْنٍ) فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ عَرَّفَ بِذَلِكَ الْعَمَلِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ أَوْ كَانَ صَبِيًّا وَلَوْ مُمَيَّزًا أَوْ مَجْنُونًا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَعَمِلَ غَيْرُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ إعَانَةَ الْمَأْذُونِ لَهُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (نَعَمْ لَوْ كَانَ الْغَيْرُ عَبْدَ الْمَأْذُونِ لَهُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ سَيِّدُهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ عَالِمٍ) قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ. وَيَكْفِي عَمَلُهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمَالِكِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَالَ رَدِّهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ عَمِلَ بِإِذْنٍ عَلِمَهُ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ) وَلَوْ مَجْنُونًا عَلِمَ بِالنِّدَاءِ قَبْلَ جُنُونِهِ أَوْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ أَوْ صَبِيًّا لَهُ تَمْيِيزٌ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلِيُّهُ وَفِي صَبِيٍّ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْعَمَلِ تَرَدُّدٌ وَالْمُعْتَبَرُ قُدْرَتُهُ وَقْتَ الْعَمَلِ، وَفِي كَوْنِهِ لَا قُدْرَةَ لَهُ مَعَ كَوْنِهِ رَدَّهُ بِالْفِعْلِ تَنَافٍ فَتَأَمَّلْهُ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ مَنْ سَمِعَ نِدَائِي فَرَدَّهُ مَنْ عَلِمَ وَلَمْ يَسْمَعْ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا. قَوْلُهُ: (أَجْنَبِيٌّ) وَمِنْهُ الشَّرِيكُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (اسْتَحَقَّهُ الرَّادُّ) أَيْ اسْتَحَقَّ الرَّادُّ جَمِيعَ الْجُعْلِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّادُّ شَرِيكًا لِلْمَالِكِ فِي الرَّقِيقِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نَظَرًا لِلْمُتَبَادِرِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِلُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى زَيْدٍ، إذَا أَنْكَرَ زَيْدٌ الْقَوْلَ الْمُسْنَدَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مِمَّنْ يُعْتَمَدُ خَبَرُهُ) وَكَذَا لَوْ اعْتَقَدَ الرَّادُّ صِدْقَهُ وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّ الرَّادُّ شَيْئًا. تَنْبِيهٌ مُكَاتَبُ السَّيِّدِ وَالْمُبَعَّضُ فِي نَوْبَةِ نَفْسِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْعَامِلِ) أَيْ بِاللَّفْظِ مَثَلًا فَالْمُعْتَبَرُ فِعْلُهُ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَيْهِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رَدُّهُ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى شُمُولِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لِمَا فِيهَا فَإِنَّ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ صَادِقٌ بِعَدَمِ إمْكَانِهِ، وَإِلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِمَا فِي نَفْيِ التَّصَوُّرِ إذْ قَدْ يُسْمَعُ النِّدَاءُ الْعَامُّ مَنْ يُرِيدُ الْعَمَلَ، كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَيُتَصَوَّرُ قَبُولُهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِمَا إلَخْ) أَيْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هَذَا إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِ شَرْطٍ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ أَهْلِيَّةُ الْعَامِلِ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ قُدْرَةٌ عَلَى الْعَمَلِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ، لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْعَمَلِ يَسْتَلْزِمُ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ بَلْ عَدَمُ ذِكْرِهِ أَوْلَى، لِأَنَّ اعْتِبَارَهُ فِي الْمُعَيَّنِ يَقْتَضِي عَدَمَ اعْتِبَارِهِ فِي غَيْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ اعْتِبَارَهُ حَالَةَ التَّعْيِينِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ أَيْضًا لِمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ، مِنْ أَنَّ الْعَامِلَ هُنَا كَالْوَكِيلِ، يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ عِنْدَ عِلْمِ الْمَالِكِ بِهِ، وَلِأَنَّ الْعَمَلَ غَيْرُ فَوْرِيٍّ فَيَكْفِي قُدْرَتُهُ عِنْدَ وُجُودِهِ فَتَأَمَّلْ وَحَرِّرْ. قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ الْجِعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ) أَيْ إنْ كَانَ مِمَّا يَعْسُرُ ضَبْطُهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ كَبِنَاءِ حَائِطٍ وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ، فَإِنْ وُجِدَ فِيهِ الْقَبُولُ وَقَدْرُ الزَّمَنِ فَهُوَ إجَارَةٌ حَقِيقَةً، نَعَمْ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لَا تَصِحُّ الْجِعَالَةُ عَلَى الْحَجِّ بِالنَّفَقَةِ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِصِحَّتِهَا وَتَرَدَّدَ فِي أَنَّ اللَّازِمَ نَفَقَةٌ مِثْلُ الْعَامِلِ أَوْ الْجَاعِلِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مُوَافَقَةُ ابْنِ حَجَرٍ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ يُعْتَبَرُ فِي الْعَمَلِ مُطْلَقًا أَنْ يَكُونَ فِيهِ كُلْفَةٌ، كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ مُتَعَيِّنًا عَلَى الْعَامِلِ، فَدَخَلَ نَحْوُ مُدَاوَاةٍ وَرُقْيَةٍ وَتَخْلِيصٍ مِنْ نَحْوِ حَبْسٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ، وَدَفْعِ ظَالِمٍ وَإِنْ تَعَيَّنَ لِأَنَّهُ عَارِضٌ وَخَرَجَ نَحْوُ رِوَايَةِ خَبَرٍ وَدَلَالَةٍ عَلَى شَخْصٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ رَدِّ مَغْصُوبٍ وَمُعَارَضٍ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمُعَيِّرِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا كُلْفَةٌ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْجُعْلِ مَعْلُومًا) جِنْسًا وَصِفَةً وَقَدْرًا كَالثَّمَنِ وَكَوْنُهُ طَاهِرًا مَقْصُودًا، أَيْ فَيَلْزَمُ بِعَيْنِهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ فِي النَّجِسِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَسَادَ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي غَيْرِ الْمَقْصُودِ كَالدَّمِ.   [حاشية عميرة] عَوْدَهُ عَلَى الصِّيَغِ يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ نَحْوَهَا تَقَدَّمَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ عَمِلَ بِلَا إذْنٍ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا كَانَ الْعَامِلُ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ الْعَمَلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ وَيَضْمَنُ بِوَضْعِ الْيَدِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْتَحِقَّ) لَوْ رَدَّهُ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ ثُمَّ عَلِمَ النِّدَاءَ فِي الْبَلَدِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ اسْتَحَقَّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَهُ كَذَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ صَادِقًا) لَوْ كَذَّبَهُ زَيْدٌ فَشَهِدَ عَلَيْهِ الْمُنَادِي. قَالَ: فِي الْبَيَانِ تُقْبَلُ وَنَازَعَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي تَرْوِيجِ قَوْلِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُشْتَرَطُ) لَكِنْ هَلْ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ يُشْبِهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا فِي الْوَكَالَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَبُولٌ) لِأَنَّهُ تَضْيِيقٌ يُنَافِي مَوْضُوعَ الْبَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَمَلٍ مَجْهُولٍ) أَيْ بِقِيَاسِ الْأَوْلَى عَلَى الْقِرَاضِ، وَذَلِكَ لِأَنَّنَا احْتَمَلْنَا الْجَهَالَةَ فِي الْقِرَاضِ لِحُصُولِ زِيَادَةٍ، فَرَدُّ الْجَاعِلِ أَوْلَى ثُمَّ إذَا صَحَّتْ عَلَى الْمَجْهُولِ فَعَلَى الْمَعْلُومِ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَوْنُ الْجُعْلِ مَعْلُومًا) أَيْ مَالًا مَعْلُومًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ (وَلَوْ قَالَ) مَنْ رَدَّهُ (مِنْ بَلَدِ كَذَا) فَلَهُ كَذَا بِنَاءً عَلَى الصِّحَّةِ فِي الْمَعْلُومِ. (فَرَدَّهُ مِنْ أَقْرَبَ مِنْهُ فَلَهُ قِسْطُهُ مِنْ الْجُعْلِ) وَلَوْ رَدَّهُ مِنْ أَبْعَدَ مِنْهُ، فَلَا زِيَادَةَ لَهُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهَا، (وَلَوْ اُشْتُرِطَ اثْنَانِ فِي رَدِّهِ اشْتَرَكَا فِي الْجُعْلِ) بِالسَّوِيَّةِ. (وَلَوْ الْتَزَمَ جُعْلًا لِمُعَيَّنٍ) كَقَوْلِهِ إنْ رَدَدْته فَلَكَ دِينَارٌ (فَشَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْعَمَلِ إنْ قَصَدَ إعَانَتَهُ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُعَيَّنِ (كُلُّ الْجُعْلِ وَإِنْ قَصَدَ الْعَمَلَ لِلْمَالِكِ فَلِلْأَوَّلِ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَلَهُ ثَوْبٌ) وَكَذَا لَهُ ثِيَابُ الْعَبْدِ أَوْ رُبُعُهُ وَلَيْسَا مَعْلُومَيْنِ، وَإِلَّا فَهُوَ إجَارَةٌ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُهَا، وَإِلَّا فَلَهُ عَيْنُ الْمَشْرُوطِ. قَوْلُهُ: (فَرَدَّهُ مَنْ أَقْرَبُ مِنْهُ فَلَهُ قِسْطُهُ) وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ، وَلَوْ رَدَّهُ مِنْ مِثْلِ الْمَسَافَةِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى اسْتَحَقَّ جَمِيعَ الْجُعْلِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ قِسْطُهُ) أَيْ لَهُ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ مِنْ الْمَشْرُوطِ بِنِسْبَةِ مَا قَطَعَهُ مِنْ الطَّرِيقِ إلَى الْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ نِصْفًا فَلَهُ النِّصْفُ، وَهَكَذَا وَلَا يَدْخُلُ زَمَنُ التَّسْلِيمِ فِي التَّقْسِيطِ. نَعَمْ لَوْ اخْتَلَفَ الطَّرِيقُ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً اُعْتُبِرَ كُلٌّ بِمَا يُنَاسِبُهُ، فَلَوْ كَانَ النِّصْفُ الَّذِي قَطَعَهُ قَدْرَ ضِعْفِ الْبَاقِي فِي الْمَشَقَّةِ فَلَهُ ثُلُثَا الْجُعْلِ وَعَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا زِيَادَةَ لَهُ) أَيْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الزَّائِدِ عَلَى الْمَسَافَةِ الْمَشْرُوطَةِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ أَصْعَبَ. قَوْلُهُ: (اشْتَرَكَا فِي الْجُعْلِ بِالسَّوِيَّةِ) فَهُوَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لِأَنَّ الْعَمَلَ مَجْهُولٌ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا يُسَمَّى رَادًّا وَحْدَهُ وَعَمَلُهُمَا مَعًا وَاقِعٌ لِلْمَالِكِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ قَالَ شَرِيكَانِ فِي عَبْدٍ مَنْ رَدَّ عَبْدَنَا فَلَهُ دِينَارٌ، فَإِنَّهُ يُوَزَّعُ الدِّينَارُ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا، لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ فَعَلَى مَنْ لَهُ ثُلُثُ الْعَبْدِ ثُلُثُ الدِّينَارِ، وَمَا لَوْ قَالَ مَنْ دَخَلَ دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ، فَدَخَلَهَا اثْنَانِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا دِرْهَمٌ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُسَمَّى دَاخِلًا وَمَا لَوْ قَالَ مَنْ حَجّ عَنِّي فَلَهُ دِينَارٌ، فَحَجَّ عَنْهُ اثْنَانِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ لَهُ الدِّينَارُ، وَإِلَّا اسْتَحَقَّهُ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ. تَنْبِيهٌ مَحِلُّ الِاشْتِرَاكِ الْمَذْكُورِ، إذَا لَمْ يَقْصِدْ أَحَدُهَا إعَانَةَ الْآخَرِ أَوْ الْمَالِكِ بِأَنْ قَصَدَ نَفْسَهُ أَوْ أَطْلَقَ، وَإِلَّا فَفِيهِ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ هَذِهِ. قَوْلُهُ: (إنْ قَصَدَ إعَانَتَهُ إلَخْ) فَلَوْ قَصَدَ إعَانَةَ الْعَامِلِ وَالْمَالِكِ مَعًا فَلِلْعَامِلِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْجُعْلِ، وَلَا شَيْءَ لِهَذَا وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ وَالْعَامِلَ فَلِهَذَا الرُّبُعُ وَالْبَاقِي لِلْعَامِلِ كَمَا مَرَّ. وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ وَالْمَالِكَ لَهُ الرُّبُعُ وَلِلْأَوَّلِ النِّصْفُ، وَإِنْ قَصَدَ الثَّلَاثَةَ فَلَهُ السُّدُسُ وَلِلْعَامِلِ الثُّلُثَانِ، وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ أَوْ أَطْلَقَ فَلَهُ النِّصْفُ كَمَا مَرَّ. تَنْبِيهٌ لَوْ أَذِنَ لِاثْنَيْنِ فِي رَدِّ عَبْدَيْنِ بِدِينَارٍ، فَرَدَّ أَحَدُهُمَا الْعَبْدَيْنِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدِّينَارِ أَوْ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ اسْتَحَقَّ رُبُعَهُ لِتَمَامِ الْعَمَلِ فِي الْمَرْدُودِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ جَاعَلَهُ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ فَخَاطَ نِصْفَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا عَلَى مَا يَأْتِي، وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْعَامِلُ أَوْ كُلٌّ مِنْ الْعَامِلَيْنِ بِالنِّدَاءِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لِمَنْ عَمِلَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَمَا مَرَّ. وَلَا لِمَنْ لَمْ تَصِحَّ وَكَالَتُهُ أَوْ صَحَّتْ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا، وَإِلَّا فَلَهُ عَلَيْهِ مَا الْتَزَمَهُ لَهُ. فَرْعٌ اسْتَنْبَطَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ فِيمَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلْمَدَارِسِ أَوْ الطَّالِبُ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا وَلَمْ يَحْضُرْ فِي يَوْمٍ غَيْرِ مَعْهُودِ الْبَطَالَةِ، أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِقِسْطٍ مَا حَضَرَ إلَّا إنْ كَانَ فِي عَدَمِ حُضُورِهِ مُشْتَغِلًا بِالْعِلْمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْعُهُ وَأَنَّهُ إذَا حَضَرَ لَا بِصَدَدِ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَأَنَّهُ إذَا أُكْرِهَ مُسْتَحَقَّ وَظِيفَةٍ عَلَى عَدَمِ مُبَاشَرَتِهَا اسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَكَذَا لَوْ غَابَ لِعُذْرٍ كَخَوْفِ طَرِيقٍ أَوْ لِعِلْمِهِ أَنَّ الْمُدَرِّسَ لَا يَحْضُرُ، وَكَذَا لَوْ غَابَ الْمُدَرِّسُ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَحْضُرُ أَحَدٌ مِنْ الطَّلَبَةِ، إذَا حَضَرَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُ النَّاظِرِ بِهِمْ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَجْبُرُهُمْ عَلَى الْحُضُورِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ فِي الْوَظَائِفِ الَّتِي تَقْبَلُ النِّيَابَةَ جَائِزَةٌ، إذَا كَانَ النَّائِبُ مِثْلَ الْمُسْتَنِيبِ أَوْ أَعْلَى، وَيَسْتَحِقُّ الْمُسْتَنِيبُ جَمِيعَ الْمَعْلُومِ وَإِنْ جَعَلَ لِلنَّائِبِ شَيْئًا وَجَبَ دَفْعُهُ لَهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ) فَهُوَ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ وَإِذَا مَاتَ الْمَالِكُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ فَرَدَّهُ الْعَامِلُ لِوَارِثِهِ اسْتَحَقَّ بِقِسْطِ مَا عَمِلَ فِي الْحَيَاةِ فَقَطْ. أَوْ مَاتَ الْعَامِلُ فِي أَثْنَائِهِ فَرَدَّهُ وَارِثُهُ لِلْمَالِكِ اسْتَحَقَّ الْوَارِثُ الْقِسْطَ إنْ كَانَ الْعَامِلُ مُعَيَّنًا، وَإِلَّا فَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْجُعْلِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَشَارَكَهُ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْعَامِلُ مُعَيَّنًا ثُمَّ وَكَّلَ غَيْرَهُ، وَلَمْ يَفْعَلْ هُوَ شَيْئًا فَلَا جُعْلَ لِأَحَدٍ وَإِنْ كَانَ عَامًّا فَعَلِمَ بِهِ شَخْصٌ ثُمَّ وَكَّلَ اسْتَحَقَّ الْأَوَّلُ هَذَا مُحَصَّلُ بَحْثِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي الْأُولَى. قَوْلُهُ: (فَلَهُ كُلُّ الْجُعْلِ) مِنْهُ اسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ اسْتِحْقَاقَ الْمُسْتَنِيبِ فِي الْوَظَائِفِ لِكُلِّ الْجُعْلِ إذَا كَانَ النَّائِبُ مِثْلَهُ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ خِلَافًا لِلنَّوَوِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حَيْثُ قَالَا بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَنَصَرَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ وَلَا الْجِعَالَةِ لِأَنَّ شَرْطَهُمَا أَنْ يَقَعَ الْعَمَلُ لِلْمُسْتَأْجَرِ وَالْجَاعِلِ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا كَوْنُهُ إبَاحَةً بِشَرْطِ الْحُصُولِ. وَلَمْ يُوجَدْ قَالَ فَإِنْ اسْتَنَابَ بِإِذْنِ الْوَاقِفِ فَهُوَ كَمَا إذَا فَوَّضَ إلَيْهِ الْقَضَاءَ، وَالْوَكَالَةَ وَأَذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِنَابَةِ أَيْ فَيَكُونُ عَنْ الْمُوَكِّلِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْوَكِيلُ مِنْ عَزْلِ النَّائِبِ، وَلَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ انْتَهَى. أَقُولُ إنَّ قَوْلَهُ إنَّ شَرْطَ الْجِعَالَةِ أَنْ يَقَعَ الْعَمَلُ لِلْجَاعِلِ غَفْلَةً عَنْ مَسْأَلَةِ مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ، فَلَهُ كَذَا فَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ قَوِيمٌ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 أَيْ الْمُعَيَّنِ (قِسْطُهُ) أَيْ النِّصْفُ (وَلَا شَيْءَ لِلْمُشَارِكِ بِحَالٍ) أَيْ فِي حَالٍ مِمَّا قَصَدَهُ لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ لَهُ (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْجَاعِلِ وَالْعَامِلِ (الْفَسْخُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الشُّرُوعِ) فِيهِ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ الْعَامِلِ الْمُعَيَّنِ الْقَابِلِ. (أَوْ فَسَخَ الْعَامِلُ بَعْدَ الشُّرُوعِ) فِيهِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ فِي الْأُولَى وَلَمْ يَحْصُلْ غَرَضُ الْمَالِكِ فِي الثَّانِيَةِ. (وَإِنْ فَسَخَ الْمَالِكُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِمَا عُمِلَ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا كَمَا لَوْ فَسَخَ الْعَامِلُ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ (وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَزِيدَ وَيَنْقُصَ فِي الْجُعْلِ قَبْلَ الْفَرَاغِ) مِنْ الْعَمَلِ (وَفَائِدَتُهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ) فِيهِ (وُجُوبُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ) لَهُ لِأَنَّ التَّغْيِيرَ بِمَا ذُكِرَ فَسْخٌ لِلْأَوَّلِ. (وَلَوْ مَاتَ الْآبِقُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ أَوْ هَرَبَ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَإِنْ فُسِخَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَفَسْخُهُ مِنْ الْمَالِكِ) أَيْ الْجَاعِلِ بِقَوْلِهِ فَسَخْت الْعَقْدَ أَوْ رَدَدْته أَوْ أَبْطَلْته أَوْ رَجَعْت فِيهِ أَوْ أَبْطَلْت نِدَائِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَمِنْ الْعَامِلِ بِقَوْلِهِ فَسَخْت الْعَقْدَ أَوْ أَبْطَلْته أَوْ رَدَدْته. نَعَمْ قَدْ ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِرَدِّ الْعَامِلِ كَمَا مَرَّ. وَيَتَّجِهُ بِأَنْ يُرَادَ بِالرَّدِّ هُنَاكَ قَصْدُ عَدَمِ الْعَمَلِ وَهُنَا رَدُّ الْعَقْدِ. كَمَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا فَلْيُرَاجَعْ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ الْعَامِلِ الْمُعِينِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الْفَسْخُ مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ، وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ قَدْ يُقَالُ إنْ عَلِمَ الْعَامِلُ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ بِمَنْزِلَةِ قَبُولِهِ لِطَلَبِ الْعَمَلِ مِنْهُ، حِينَئِذٍ خُصُوصًا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ بِاللَّفْظِ فَتَأَمَّلْهُ قَوْلُهُ: (أَوْ فَسَخَ الْعَامِلُ بَعْدَ الشُّرُوعِ) شَمِلَ الْعَامِلَ الْمُعَيَّنَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَغَيْرَ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّهُ بِالشُّرُوعِ يَتَعَيَّنُ، وَسَوَاءٌ فِيهِمَا فَسَخَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْمَالِكِ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ. قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) وَهُمَا الْفَسْخُ قَبْلَ الشُّرُوعِ مُطْلَقًا وَمِنْ الْعَامِلِ بَعْدَ الشُّرُوعِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ فِي الْأُولَى) هُوَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ، وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّ وَإِنْ عَمِلَ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْفَسْخِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَحْصُلْ غَرَضُ الْمَالِكِ فِي الثَّانِيَةِ) يُقَالُ فِيهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فَسَخَ الْمَالِكُ بَعْدَ الشُّرُوعِ) وَمِنْهُ مَنْعُ الْعَامِلِ مِنْ الْعَمَلِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْمَالِكِ) أَيْ الْجَاعِلِ وَلَوْ غَيْرَ الْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (وَفَائِدَتُهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ فِي الْجُعْلِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ) أَيْ الْعَمَلِ خَرَجَ مَا قَبْلَ الشُّرُوعِ الصَّادِقِ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، فَالْعِبْرَةُ بِالثَّانِي إنْ عَلِمَهُ الْعَامِلُ وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْأَوْجَهِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ) سَوَاءٌ عَلِمَ بِالنِّدَاءِ الثَّانِي أَوْ لَا نَعَمْ لَوْ شَارَكَهُ مَنْ عَلِمَ بِالنِّدَاءِ الثَّانِي، فَلَهُ نِصْفُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ جَمِيعِ الْعَمَلِ، وَلِلثَّانِي نِصْفُ الْمُسَمَّى الَّذِي عَلِمَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ التَّغْيِيرَ بِمَا ذُكِرَ فَسْخٌ لِلْأَوَّلِ) وَقَوْلُهُمْ لَا شَيْءَ لِمَنْ عَمِلَ بَعْدَ الْفَسْخِ مَحِلُّهُ فِي فَسْخٍ لَا إلَى بَدَلٍ فَتَأَمَّلْ. تَنْبِيهٌ لَوْ زَادَ الْمَالِكُ فِي الْعَمَلِ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْعَامِلُ فَلَهُ الْفَسْخُ، وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مِثْلِ مَا عَمِلَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ الْآبِقُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ) أَيْ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِسَيِّدِهِ وَلَوْ عَلَى بَابِ دَارِهِ نَعَمْ إنْ مَاتَ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ، اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ أُجْرَةَ مِثْلِ مَا عَمِلَ. قَوْلُهُ: (أَوْ هَرَبَ) وَلَوْ بَعْدَ دُخُولِ دَارِ سَيِّدِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَسَلَّمْهُ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَعْتَقَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَامِلُ بِعِتْقِهِ وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ) سَوَاءٌ وَصَلَ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ) أَيْ وَالْجُعْلُ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِتَمَامِ الْعَمَلِ، فَلَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ مَقْصُودِ الْجَاعِلِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ مَاتَ الْأَجِيرُ فِي الْحَجِّ قَبْلَ تَمَامِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِقِسْطِ مَا عَمِلَ. تَنْبِيهٌ حَاصِلُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا هُنَا كَالْإِجَازَةِ أَنَّهُ إنْ سَلَّمَ الْعَامِلُ وَوَصَلَ مَا عَمِلَ فِيهِ لِلْمَالِكِ اسْتَحَقَّ الْكُلُّ، وَإِنْ تَلِفَ الْعَامِلُ فَقَطْ كَعَامِلٍ مَاتَ وَسَفِينَةٍ غَرِقَتْ وَسَلِمَ حِمْلُهَا وَجَبَ الْقِسْطُ، وَإِنْ سَلِمَ الْعَامِلُ فَقَطْ وَتَلِفَ مَا عَمِلَ فِيهِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَإِنَّ وَقَعَ مُسَلَّمًا بِأَنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ، أَوْ فِي مِلْكِهِ وَظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحِلِّ وَأَمْكَنَ الْإِتْمَامُ عَلَيْهِ كَالْخِيَاطَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَالْبِنَاءِ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ أَيْضًا، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَقَعْ مُسَلَّمًا لِلْمَالِكِ بِمَا مَرَّ. أَوْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ كَجَرَّةٍ انْكَسَرَتْ، أَوْ لَمْ يُمْكِنْ الْإِتْمَامُ عَلَيْهِ كَثَوْبٍ أُحْرِقَ بَعْدَ خِيَاطَةٍ. أَوْ مُتَعَلِّمٍ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ تَعَلُّمِهِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَةِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ اسْتِحْقَاقُ الْقِسْطِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ وَلَوْ تَلِفَا مَعًا كَسَفِينَةٍ غَرِقَتْ بِحِمْلِهَا فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (أَيْ النِّصْفُ) يُرِيدُ أَنَّهُ بِحَسَبِ الرُّءُوسِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ فَسَخَ الْعَامِلُ) أَيْ سَوَاءً وَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا أَمْ لَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَنْقُصُ) أَيْ كَمَا فِي الْبَيْعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ مَاتَ الْآبِقُ) . فَرْعٌ تَوَلَّى وَظِيفَةً ثُمَّ أُكْرِهَ عَلَى تَرْكِ مُبَاشَرَتِهَا بِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ خِلَافَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جِعَالَةٌ، وَلَمْ يَحْصُلْ الْجُعْلُ، أَقُولُ اُنْظُرْ كَيْفَ اعْتَرَضَ هُنَا بِأَنَّهُ جِعَالَةٌ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ السَّابِقَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 (وَإِذَا رَدَّهُ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِقَبْضِ الْجُعْلِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِالتَّسْلِيمِ. (وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ إذَا أَنْكَرَ شَرْطَ الْجُعْلِ أَوْ سَعْيَهُ) أَيْ الطَّالِبِ لَهُ (فِي رَدِّهِ) أَيْ الْآبِقِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا (فَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْجَاعِلُ وَالْعَامِلُ (فِي قَدْرِ الْجُعْلِ تَحَالَفَا) وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. كِتَابُ الْفَرَائِضِ أَيْ مَسَائِلُ قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ جَمْعُ فَرِيضَةٍ بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ، أَيْ مُقَدَّرَةٍ لَمَّا فِيهَا مِنْ السِّهَامِ الْمُقَدَّرَةِ. فَغُلِّبَتْ عَلَى غَيْرِهَا، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهُ، فَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ» أَيْ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْتِ الْمُقَابِلِ لِلْحَيَاةِ. (يَبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ) وُجُوبًا (بِمُؤْنَةِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِقَبْضِ الْجُعْلِ) وَلَا لِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ إنْ اسْتَحَقَّهُ بِأَنْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، أَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ فَقْدِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ بِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِالتَّسْلِيمِ) وَلِذَلِكَ لَوْ تَلِفَ الْمَرْدُودُ قَبْلَهُ سَقَطَ الْجُعْلُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ) أَيْ الْجَاعِلُ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِيمَا إذَا أَنْكَرَ شَرْطَ الْجُعْلِ) أَيْ أَنْكَرَ الْتِزَامَهُ لَهُ وَخَرَجَ بِذَلِكَ، مَا لَوْ أَنْكَرَ سَمَاعَ الْعَامِلِ النِّدَاءَ فَالْمُصَدَّقُ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ سَعْيَهُ) أَيْ وَيُصَدَّقُ الْجَاعِلُ إذَا أَنْكَرَ سَعْيَ الْعَامِلِ فِي الرَّدِّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ لَكَانَ أَصْرَحَ مِمَّا ذَكَرَهُ، كَأَنْ قَالَ الْمَالِكُ لِلْعَامِلِ إنَّ الْعَبْدَ جَاءَ بِنَفْسِهِ أَوْ إنَّهُ رَدَّهُ غَيْرُك، أَوْ إنَّ هَذَا غَيْرُ الْعَبْدِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْجُعْلِ أَوْ ثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ بِالْعَمَلِ أَوْ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ. قَوْلُهُ: (فِي قَدْرِ الْجُعْلِ) أَيْ فِي قَدْرِ مَا يُسْتَحَقُّ مِنْهُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا، وَمِثْلُ الْقَدْرِ لِجِنْسٍ وَالصِّفَةِ وَالْمَحِلِّ. قَوْلُهُ: (تَحَالَفَا) كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ، وَيَنْبَغِي الْبُدَاءَةُ هُنَا بِالْمَالِكِ. فَرْعٌ لَوْ سَرَقَ الْعَبْدُ الْآبِقُ قُطِعَ كَغَيْرِهِ وَعَلَى حَاكِمٍ عَلِمَ بِإِبَاقِهِ أَخْذُهُ وَحِفْظُهُ لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ طَالَ انْتِظَارُ سَيِّدِهِ بَاعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ، وَإِذَا حَضَرَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ، وَوَضْعُ الْعَامِلِ يَدَهُ عَلَى الْعَبْدِ جَائِزٌ وَهُوَ أَمَانَةٌ لِرِضَا مَالِكِهِ بِهِ إنْ كَانَ بِإِذْنِهِ وَلَا يَضْمَنُهُ مَا لَمْ يُقَصِّرْ كَتَرْكِهِ بِمَضْيَعَةٍ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُهُ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ يَقَعُ تَبَرُّعًا إلَّا إنْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، أَوْ بِإِشْهَادٍ عِنْدَ فَقْدِهِ، وَإِذَا وَجَدَ الْعَامِلُ الْعَبْدَ أَوْ غَيْرُ الْعَامِلِ شَخْصًا مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، أَوْ مَرِيضًا عَاجِزًا عَنْ السَّيْرِ فِي مَفَازَةٍ مَثَلًا، وَجَبَ عَلَيْهِ الْمُقَامُ مَعَهُ. إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ وَلَزِمَهُ حَمْلُهُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَإِذَا مَاتَ لَزِمَهُ حَمْلُ مَتَاعِهِ إلَى أَهْلِهِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ. وَهُوَ أَمِينٌ عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُهُ، وَلَوْ قَالَ عَمِّرْ دَارِي مِنْ مَالِكِ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ بِمَا نَغْرَمُهُ فَلَيْسَ بِلَازِمٍ، لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبُ وَلَمْ يَجْرِ سَبَبُ وُجُوبِهِ وَلَوْ مَاتَ صَبِيٌّ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيمِهِ فَلِلْمُعَلِّمِ الْقِسْطُ عَلَى مَا مَرَّ. عَنْ شَرْحِ شَيْخِنَا هُنَا وَفِي بَابِ الْإِجَارَةِ خِلَافُهُ، وَلَوْ تَرَكَ الْمُعَلِّمُ التَّعْلِيمَ، فَلَا شَيْءَ لَهُ بِخِلَافِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ كَمَا مَرَّ فِيهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. كِتَابُ الْفَرَائِضِ أَخَّرَهُ عَنْ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ لِاضْطِرَارِ الْإِنْسَانِ إلَيْهِمَا أَوْ إلَى أَحَدِهِمَا مِنْ حِينِ وِلَادَتِهِ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا إلَى مَوْتِهِ، وَلِأَنَّهُمَا مُتَعَلِّقَانِ بِإِدَامَةِ الْحَيَاةِ السَّابِقَةِ عَلَى الْمَوْتِ، وَلِأَنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ فَنَاسَبَ ذِكْرُهُ فِي نِصْفِ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (أَيْ مَسَائِلُ إلَخْ) إشَارَةٌ لِلتَّغْلِيبِ الْآتِي بِجَعْلِ الْفَرْضِ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلتَّعْصِيبِ. قَوْلُهُ: (جَمْعُ فَرِيضَةٍ) نَظَرًا لِلْجَمْعِ الْمَذْكُورِ، وَسَيَأْتِي التَّعْبِيرُ بِالْفُرُوضِ وَهُوَ جَمْعُ فَرْضٍ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ لُغَةً الْقَطْعُ وَالتَّبْيِينُ وَالْإِنْزَالُ وَالْإِحْلَالُ وَالْعَطَاءُ وَالْإِيجَابُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَشَرْعًا هُنَا نَصِيبٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا لِلْوَارِثِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ يُزَادُ بِالرَّدِّ وَيَنْقُصُ بِالْعَوْلِ، بَلْ وَلَا يَصِحُّ وَإِنْ جَعَلَهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حَقِيقَتِهِ. فَائِدَةٌ كَانَ الْجَاهِلِيَّةُ يُوَرِّثُونَ الرِّجَالَ وَالْكِبَارَ دُونَ غَيْرِهِمَا، ثُمَّ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ بِالتَّحَالُفِ وَالنُّصْرَةِ، ثُمَّ نُسِخَ إلَى التَّوَارُثِ بِالْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ، ثُمَّ نُسِخَ إلَى وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ. ثُمَّ نُسِخَ بِآيَاتِ الْمَوَارِيثِ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ السُّيُوطِيّ إنَّ الَّذِي تَكَرَّرَ نَسْخُهُ أَرْبَعٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحِلِّهِ، وَقَدْ يُقَالُ كَلَامُهُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ تَكَرَّرَ حِلُّهُ وَحُرْمَتُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ) فَهِيَ اسْمُ مَفْعُولٍ وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهَا اسْمَ فَاعِلٍ بِمَعْنَى فَارِضَةٍ لِأَنَّ الْفَارِضَ اسْمٌ لِلْفَرْضِيِّ وَيُقَالُ لَهُ الْفَرَائِضِيُّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أَيْ مُقَدَّرَةٍ) لَا بِمَعْنَى الْمَأْخُوذَةِ لِلْوَارِثِ قَهْرًا. قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهَا) أَيْ الْفَرَائِضِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى.   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الْفَرَائِضِ] ِ قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهَا) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ أَيْ مَسَائِلُ وَقَوْلُهُ فَغُلِّبَتْ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ السِّهَامُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَبْدَأُ فِي حَيَاتِهِ بِكِفَايَتِهِ مُقَدَّمًا عَلَى الدُّيُونِ، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ فِي مَيِّتٍ أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَمْ يَسْأَلْ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا» . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 تَجْهِيزِهِ) بِالْمَعْرُوفِ (ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ ثُمَّ) تَنْفُذُ (وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (فَإِنْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ كَالزَّكَاةِ) أَيْ كَالْمَالِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ لِأَنَّهُ كَالْمَرْهُونِ بِهَا. (وَالْجَانَّيْ) لَتَعَلَّقَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ (وَالْمَرْهُونُ) لِتَعَلُّقِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ بِهِ (وَالْمَبِيعُ إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا) لِتَعَلُّقِ حَقِّ فَسْخِ الْبَائِعِ بِهِ (قُدِّمَ) ذَلِكَ الْحَقُّ (عَلَى مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا يُبَاعُ وَاحِدٌ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ الَّذِي هُوَ عَيْنُ التَّرِكَةِ فِي مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ، كَمَا ذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا فِي فَصْلِ الْكَفَنِ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَغُلِّبَتْ) أَيْ السِّهَامُ الْمُقَدَّرَةُ أَوْ الْفَرَائِضُ وَهُوَ أَوْلَى وَأَنْسَبُ وَإِنَّمَا غُلِّبَتْ عَلَى الْأَصَحِّ لِشَرَفِهَا بِتَقْدِيمِهَا عَلَى التَّعْصِيبِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَسْقُطُ بِهَا وَقِيلَ التَّعْصِيبُ أَشْرَفُ لِأَنَّ بِهِ قَدْ يُسْتَغْرَقُ الْمَالُ. قَوْلُهُ: (وَعَلِّمُوهُ) أَيْ عِلْمَ الْفَرَائِضِ الْمَعْلُومَ مِنْ تَعَلَّمُوا، وَفِي رِوَايَةٍ وَعَلِّمُوهَا. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ) هُوَ عِلَّةٌ لِلْحَثِّ عَلَى تَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ، وَلِأَنَّهُ أَوَّلُ عِلْمٍ يُنْسَى وَأَوَّلُ عِلْمٍ يُفْقَدُ مِنْ الْأَرْضِ وَأَوَّلُ عِلْمٍ يُنْزَعُ مِنْهَا أَيْ بِمَوْتِ أَهْلِهِ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى عُلُومٍ ثَلَاثَةٍ، بِمَعْنَى أَنَّهَا حَقِيقَتُهُ عِلْمُ الْفَتْوَى، بِمَعْنَى مَعْرِفَةِ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَارِثٍ مِنْ التَّرِكَةِ وَعِلْمُ النَّسَبِ، بِمَعْنَى كَيْفِيَّةِ انْتِسَابِ الْوَارِثِ لِلْمَيِّتِ وَعِلْمُ الْحِسَابِ بِمَعْنَى الْعَدَدِ الَّتِي تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ أَوْ أَصْلِهَا فَحَقِيقَتُهُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْفِقْهِ وَالْحِسَابِ. قَوْلُهُ: (لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْتِ الْمُقَابِلِ لِلْحَيَاةِ) هُوَ عِلَّةٌ لِكَوْنِهِ نِصْفَ الْعِلْمِ أَيْ لِأَنَّ الْعِلْمَ يَتَعَلَّقُ بِالْإِنْسَانِ حَيًّا وَمَيِّتًا وَهُمَا حَالَتَانِ فَالْعِلْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِأَحَدِهِمَا نِصْفٌ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالنِّصْفِ الصِّنْفُ وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الْمُرَادُ بِالنِّصْفِ الشَّطْرُ لَا خُصُوصُ النِّصْفِ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (تَرِكَةِ) هِيَ مَا تَخَلَّفَ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَوْ بِسَبَبٍ أَوْ غَيْرِ مَالٍ كَاخْتِصَاصٍ وَلَوْ خَرَّ تَخَلَّلَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَحَدِّ قَذْفٍ وَخِيَارٍ وَشُفْعَةٍ وَمَا وَقَعَ مِنْ صَيْدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي شَبَكَةٍ نَصَبَهَا قَبْلَهُ وَإِنْ انْتَقَلَ مِلْكُ الشَّبَكَةِ لِلْوَارِثِ وَدِيَةِ قَتْلٍ وَلَوْ بِعَفْوٍ عَنْ قِصَاصٍ مِنْ وَارِثِهِ. تَنْبِيهٌ لَوْ عَاشَ بَعْدَ مَوْتِهِ مُعْجِزَةً لِنَبِيٍّ أَوْ كَرَامَةً لِوَلِيٍّ لَمْ يَعُدْ مِلْكُهُ إلَيْهِ، وَسَيَأْتِي الْمَسْخُ فِي الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ) أَيْ إنْ لَمْ تَجِبْ عَلَى غَيْرِهِ كَزَوْجَةٍ وَمُؤْنَةِ تَجْهِيزِ مُمَوَّنِهِ إنْ مَاتَ فِي حَيَاتِهِ أَوْ مَعَهُ مِثْلَهُ. وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي الْمَعِيَّةِ وَإِذَا ضَاقَتْ التَّرِكَةُ عَنْ الْجَمِيعِ قُدِّمَ بِمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ. قَوْلُهُ: (بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ بِحَسَبِ يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا كَانَ فِي حَيَاتِهِ مِنْ إسْرَافٍ أَوْ تَقْتِيرٍ. قَوْلُهُ: (تَنْفُذُ) قَدَّرَهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَسْلِيطِ الْقَضَاءِ عَلَى الْوَصَايَا. وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ، فَلَوْ ضَمَّنَ تَقْتَضِي مَعْنَى تُؤَدِّي لَكَانَ أَوْلَى مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضَاءِ هُنَا الْأَدَاءُ فَرَاجِعْهُ وَالْمُرَادُ بِدَيْنِهِ الْمُطْلَقِ فِي الذِّمَّةِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي، وَيُقَدَّمُ مِنْهُ دَيْنُ اللَّهِ كَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ. وَحَجٍّ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ عَكْسَ مَا فِي الْحَيِّ لِبِنَاءِ حَقِّ الْآدَمِيِّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَكَالْوَصَايَا عِتْقٌ عَلِقَ بِالْمَوْتِ وَتَبَرُّعٌ وَاسْتَرَقَّ فِي مَرَضِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ ثُلُثٍ إلَخْ) هِيَ ابْتِدَائِيَّةٌ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ اسْتَغْرَقَتْ الْوَصَايَا الثُّلُثَ كُلَّهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُقْسَمُ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُتَأَخِّرَ هُوَ الْقِسْمَةُ وَأَنَّ الْمِلْكَ سَابِقٌ عَلَى الْمُؤَنِ، وَتَقْدِيمُ الْوَصِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ فِي اللَّفْظِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَا. وَمَا اقْتَضَاهُ مِنْ مُسَاوَاتِهَا لِلدَّيْنِ غَيْرُ مُرَادٍ. تَنْبِيهٌ التَّرْتِيبُ فِي هَذَا وَمَا يَأْتِي إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الرُّتْبَةِ خُصُوصًا عِنْدَ ضِيقِ التَّرِكَةِ لَا فِي الْأَدَاءِ وَالتَّصَرُّفِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَعَلَّقَ إلَخْ) أَيْ لَا بِحَجْرِ فَلْسٍ فَتُقَدَّمُ مُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ عَلَى دُيُونِ الْغُرَمَاءِ. قَوْلُهُ: (كَالْمَالِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الزَّكَاةَ هِيَ الْحَقُّ، وَأَنَّ الْمَالَ هُوَ عَيْنُ التَّرِكَةِ، وَإِنَّمَا قُدِّرَ ذَلِكَ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ وَلَوْ بَقِيَ بَعْضُ الْمَالِ تَعَلَّقَتْ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ مِنْهَا، فَلَوْ مَاتَ عَنْ شَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ، فَالتَّقْدِيمُ رُبُع عُشْرِهَا وَتُقَدَّمُ الزَّكَاةُ إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ الرَّهْنِ أَوْ الْجِنَايَةِ كَمَا فِي عَبْدِ التِّجَارَةِ، إذَا كَانَ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا. قَوْلُهُ: (كَالْمَرْهُونِ) فَلَيْسَ مَرْهُونًا حَقِيقَةً لِأَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِالْمَالِ تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَيْسَ كَالشَّرِكَةِ حَقِيقَةً لِجَوَازِ الْإِعْطَاءِ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ فَفِي إدْخَالِ الزَّكَاةِ فِي التَّرِكَةِ تَجَوُّزٌ، أَوْ تَغْلِيبٌ وَشَمِلَتْ الزَّكَاةَ مَا لَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَشَاةٍ عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ، فَيَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْإِبِلِ قَدْرُ قِيمَةِ الشَّاةِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْهُونُ) أَيْ لَا بِمَوْتِهِ بِأَنْ رَهَنَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ قَبْضٌ. قَوْلُهُ: (مُفْلِسًا) أَيْ عَاجِزًا عَنْ ثَمَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِتَعَلُّقِ حَقِّ فَسْخِ الْبَائِعِ بِهِ) يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ كَرَهْنٍ وَكِتَابَةٍ وَلَوْ زَالَ التَّعَلُّقُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ شَيْخُنَا فَلَهُ الْفَسْخُ حِينَئِذٍ وَيُقَدَّمُ بِهِ فَرَاجِعْهُ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (تُقْضَى دُيُونُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْنِ لِمَا سَيَأْتِي وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ دُيُونُ اللَّهِ تَعَالَى وَدُيُونُ الْآدَمِيِّ أَعْنِي دُيُونَ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالْعَيْنِ كَالْحَجِّ وَنَحْوِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُفْلِسًا) أَيْ سَوَاءً حُجِرَ عَلَيْهِ أَمْ لَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 (وَأَسْبَابُ الْإِرْثِ أَرْبَعَةٌ قَرَابَةٌ) فَيَرِثُ بَعْضُ الْأَقَارِبِ مِنْ بَعْضٍ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي. (وَنِكَاحٌ) فَيَرِثُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ. (وَوَلَاءٌ فَيَرِثُ الْمُعْتِقُ الْعَتِيقَ وَلَا عَكْسَ) أَيْ لَا يَرِثُ الْعَتِيقُ الْمُعْتِقَ (وَالرَّابِعُ الْإِسْلَامُ) أَيْ جِهَتُهُ (فَتُصْرَفُ التَّرِكَةُ لِبَيْتِ الْمَالِ إرْثًا إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ بِالْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ يَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ بِالْعُصُوبَةِ. (وَالْمُجْمَعُ عَلَى إرْثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ عَشَرَةٌ) وَبِالْبَسْطِ خَمْسَةَ عَشَرَ. (الِابْنُ وَابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَبُ وَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا وَالْأَخُ) لِأَبَوَيْنِ وَلِأَبٍ وَلِأُمٍّ (وَابْنُهُ) أَيْ ابْنُ الْأَخِ (إلَّا مِنْ الْأُمِّ) أَيْ ابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ وَابْنُ الْأَخِ لِأَبٍ (وَالْعَمُّ إلَّا لِلْأُمِّ) أَيْ لِأَبَوَيْنِ وَلِأَبٍ (وَكَذَا ابْنُهُ) أَيْ ابْنُ الْعَمِّ لِأَبَوَيْنِ وَلِأَبٍ (وَالزَّوْجُ وَالْمُعْتِقُ وَمِنْ النِّسَاءِ سَبْعٌ) ، وَبِالْبَسْطِ عَشْرٌ (الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ) أَيْ الِابْنُ (وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ) .   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ بَقِيَ مِنْ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ النَّذْرُ وَالْقِرَاضُ وَالْقَرْضُ وَالْكِتَابَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ يُقَدَّمُ فِي الْمِيرَاثِ نَذْرٌ وَمَسْكَنٌ ... زَكَاةٌ وَمَرْهُونٌ مَبِيعٌ لِمُفْلِسِ وَجَانِي قِرَاضٍ ثُمَّ قَرْضُ كِتَابَةٍ ... وَرُدَّ بِعَيْبٍ فَاحْفَظْ الْعِلْمَ تَرْأَسْ وَأَوْصَلَهَا الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ إلَى نَحْوِ ثَمَانِي عَشْرَةَ صُورَةً فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَأَسْبَابُ الْإِرْثِ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ أَرْكَانَهُ وَهِيَ مُوَرِّثٌ وَوَارِثٌ، وَمَوْرُوثٌ لِعِلْمِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ بِذِكْرِ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَقِسْمَتِهَا عَلَى الْوَرَثَةِ، وَلَا شُرُوطَهُ لِعِلْمِهَا مِمَّا سَيَأْتِي فِي مِيرَاثِ نَحْوِ الْمَفْقُودِ وَسَيَذْكُرُ مَوَانِعَهُ آنِفًا. قَوْلُهُ: (قَرَابَةٌ) هِيَ لُغَةً الرَّحِمُ مُطْلَقًا وَعُرْفًا هُنَا رَحِمٌ خَاصٌّ لِيَخْرُجَ ذَوُو الْأَرْحَامِ وَهِيَ الْأُبُوَّةُ وَالْبُنُوَّةُ وَالْإِدْلَاءُ بِأَحَدِهِمَا، وَيُورَثُ بِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ تَارَةً وَمِنْ أَحَدِهِمَا أُخْرَى. قَوْلُهُ: (وَنِكَاحٌ) وَهُوَ لُغَةً الضَّمُّ أَوْ الْوَطْءُ وَعُرْفًا عَقْدُ الزَّوْجِيَّةِ الصَّحِيحُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَطْءٌ وَلَا خَلْوَةٌ، وَيُورَثُ بِهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ غَالِبًا وَلَوْ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَوَلَاءٌ) وَهُوَ لُغَةً الْقَرَابَةُ وَالْقُوَّةُ وَالْمُصَافَاةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَاصْطِلَاحًا هُنَا عُصُوبَةٌ سَبَبُهَا نِعْمَةُ الْمُعْتِقِ شَرْعًا عَلَى رَقِيقٍ، وَيُورَثُ بِهِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَا عَكْسَ أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ عَتِيقًا، فَلَا يَرِدُ تَصْوِيرُ عَكْسِهِ، بِمَا لَوْ أَعْتَقَ كَافِرٌ عَبْدًا وَالْتَحَقَ الْمُعْتَقُ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَاسْتُرِقَّ وَمَلَكَهُ عَتِيقُهُ وَأَعْتَقَهُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يَرِثُ الْآخَرَ، لَكِنْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُعْتَقًا. قَوْلُهُ: (أَيْ جِهَتُهُ) وَهِيَ بَيْتُ الْمَالِ الْمُسْنَدُ إلَيْهِ الْإِرْثُ بَعْدَهُ، وَمَا قِيلَ إنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ نِسْبَةِ الْإِرْثِ إلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ لَا يَصِحُّ نِسْبَةُ الْإِرْثِ إلَيْهِ مَرْدُودٌ بِإِتْيَانِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْقَرَابَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا مَرَّ. وَمَا قِيلَ إنَّهُ فِعْلٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَارِثَ هُوَ الْمُتَّصِفُ بِالْإِسْلَامِ مَرْدُودٌ أَيْضًا، لِلُّزُومِ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ لِلْمُسْلِمِينَ، مِمَّنْ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ مِمَّا مَرَّ ذَلِكَ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ يَرِثُ كُلَّ مُسْلِمٍ وَهُوَ بَاطِلٌ إجْمَاعًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إرْثًا) أَيْ مُرَاعًى فِيهِ الْمَصْلَحَةُ فَيُعْطَى مِنْهُ مَنْ أَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ أَوْ وُلِدَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا رَقِيقٌ وَلَا مُكَاتَبٌ وَلَا كَافِرٌ وَلَا قَاتِلٌ. تَنْبِيهٌ تَتَبَلْوَرُ الْأَسْبَابُ الْأَرْبَعَةُ فِي إمَامٍ مَلَكَ بِنْتَ عَمِّهِ وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَ بِهَا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْهُ كَذَا. قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ فِي الْإِمَامِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَبِأَنَّهُ لَيْسَ وَارِثًا بِالْأَرْبَعَةِ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يَرِثُهُ) أَيْ الْمَيِّتُ الْمَعْلُومُ مِنْ الْمَقَامِ، أَوْ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّرِكَةِ، أَوْ التَّرِكَةُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا مَوْرُوثًا وَالْمُرَادُ بِالْمُسْلِمِينَ جِهَتُهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِالْعُصُوبَةِ) الْمَعْلُومَةِ مِنْ اسْتِغْرَاقِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ. قَوْلُهُ: (وَابْنُهُ) احْتَاجَ لِذِكْرِهِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِمَا بَعْدَهُ لِدَفْعِ إدْخَالِ ابْنِ الْبِنْتِ. قَوْلُهُ: (وَأَبُوهُ) ذَكَرَهُ لِدَفْعِ شُمُولِهِ لِأَبِي الْأُمِّ بِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ فِي الِابْنِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنِكَاحٌ) دَلِيلُ النِّكَاحِ وَالْقَرَابَةِ الْآيَةُ، وَدَلِيلُ الْوَلَاءِ حَدِيثُ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» ، وَالْمُرَادُ الْقَرَابَةُ الْخَاصَّةُ، وَيُورَثُ بِهَا فَرْضًا وَتَعْصِيبًا، وَبِالنِّكَاحِ فَرْضًا فَقَطْ وَبِالْوَلَاءِ تَعْصِيبًا فَقَطْ وَضَمَّ بَعْضُهُمْ خَامِسًا، وَهُوَ سَبْقُ النِّكَاحِ عَلَى الْقَدِيمِ فِي الْمَبْتُوتَةِ فِي الْمَرَضِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهَا لَوْ مَاتَتْ، وَالنِّكَاحُ يُورَثُ بِهِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ الرَّحِمُ عِنْدَ عَدَمِ الِانْتِظَامِ كَالْإِسْلَامِ عِنْدَ فَقْدِ الْعَاصِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَرِثُ) نَبَّأَ بِهَذَا عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ يُورَثُ بِهِ مِنْ طَرَفٍ فَقَطْ. نَعَمْ لَوْ أَعْتَقَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا ثُمَّ الْتَحَقَ الْمُعْتِقُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتَرَقَّهُ الْعَتِيقُ وَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَا وَرِثَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ، وَلِذَا لَوْ اشْتَرَى الْعَتِيقُ أَبَا الْمُعْتِقِ وَأَعْتَقَهُ صَارَ لَهُ الْوَلَاءُ سِرَايَةً عَلَى ابْنِهِ الَّذِي هُوَ مُعْتَقُ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (أَيْ جِهَتُهُ) كَانَ الْمُرَادُ بَيْتُ الْمَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِبَيْتِ الْمَالِ إرْثًا) أَيْ بِخِلَافِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ مِنْ الذِّمِّيِّينَ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ فَيْئًا. فَرْعٌ لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ وَلَا وَارِثَ لَهُ مُسْتَغْرَقٌ هَلْ نَتْرُكُهُمْ أَوْ نَطْلُبُ الْبَاقِيَ وَنَأْخُذُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا صَوْبَ الزَّرْكَشِيّ الثَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ الرِّجَالِ) الْمُرَادُ بِهِمْ الذُّكُورُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَابْنُهُ) قِيلَ فِيهِ وَفِي ذِكْرِ أَبِي الْأَبِ بَسْطٌ وَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى طَرِيقِ الِاخْتِصَارِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الِابْنُ) فِيهِ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 أُمُّ الْأَبِ، وَأَمُّ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَتَا. (وَالْأُخْتُ) مِنْ جِهَاتِهَا الثَّلَاثِ (وَالزَّوْجَةُ وَالْمُعْتِقَةُ) وَيَدْخُلُ فِي الْعَمِّ عَمُّ الْأَبِ وَعَمُّ الْجَدِّ، وَالْمُرَادُ بِالْمُعْتِقِ وَالْمُعْتِقَةِ مَنْ أَعْتَقَ، أَوْ عَصَبَةٌ أَدْلَى بِمُعْتِقٍ. (فَلَوْ اجْتَمَعَ كُلُّ الرِّجَالِ وَرِثَ الْأَبُ وَالِابْنُ وَالزَّوْجُ فَقَطْ) لِأَنَّ غَيْرَهُمْ مَحْجُوبٌ بِغَيْرِ الزَّوْجِ (أَوْ) اجْتَمَعَ (كُلُّ النِّسَاءِ فَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُمُّ وَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةُ) وَسَقَطَتْ الْجَدَّةُ بِالْأُمِّ وَالْمُعْتِقَةُ بِالْأُخْتِ الْمَذْكُورَةِ، كَمَا سَقَطَتْ بِهَا الْأُخْتُ لِلْأَبِ وَبِالْبِنْتِ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ. (أَوْ الَّذِينَ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمْ مِنْ الصِّنْفَيْنِ فَالْأَبَوَانِ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ الذَّكَرُ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً وَالْأُنْثَى إنْ كَانَ رَجُلًا. (وَلَوْ فُقِدُوا كُلُّهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْمَذْكُورِينَ (فَأَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُوَرَّثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمْ (وَ) أَصْلُ الْمَذْهَبِ فِيمَا لَا تَسْتَغْرِقُ الْوَرَثَةُ الْمَالَ أَنَّهُ. (لَا يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ) أَيْ التَّقْدِيرُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ بَعْدَ الْمَفْرُوضِ. (بَلْ الْمَالُ) كُلُّهُ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ الْمَفْرُوضِ. (لِبَيْتِ الْمَالِ) إرْثًا وَقَالَ الْمُزَنِيّ وَابْنُ سُرَيْجٍ بِتَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ فِي الْأُولَى، وَبِالرَّدِّ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ وَلَمْ يَقُولَا إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ. (وَأَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ) مِنْ الْأَصْحَابِ (إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ) لِكَوْنِ الْإِمَامِ غَيْرَ عَادِلٍ (بِالرَّدِّ) أَيْ بِأَنْ يَرُدَّ (عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ مَا فَضَلَ عَنْ فُرُوضِهِمْ) أَيْ مُقَدَّرَاتِهِمْ بِالزَّوْجَيْنِ (بِالنِّسْبَةِ) أَيْ نِسْبَةِ سِهَامِ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ فَفِي بِنْتٍ وَأُمٍّ وَزَوْجٍ يَبْقَى بَعْدَ إخْرَاجِ فُرُوضِهِمْ سَهْمٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِلْبِنْتِ وَرُبُعُهُ لِلْأُمِّ، لِأَنَّ سِهَامَهُمَا ثَمَانِيَةٌ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِلْبِنْتِ وَرُبُعُهَا لِلْأُمِّ، فَتُصْبِحُ الْمَسْأَلَةُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لِأَنَّ غَيْرَهُمْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ لِلِابْنِ دَخْلًا فِي حَجْبِ الْإِخْوَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِقَوْلِهِمْ إنْ حَجَبَهُ لَهُمْ بِوَاسِطَةِ حَجْبِهِ لِعُصُوبَةِ الْأَبِ، كَمَا يَأْتِي وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَدْلَى بِوَاسِطَةٍ فَهِيَ الْحَاجِبَةُ لَهُ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْحَجْبَ قَائِمٌ بِهِمْ بِشَرْطِ فَقْدِ مَنْ قَبْلَهُمْ، كَمَا فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ وَمَسْأَلَتُهُمْ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ. قَوْلُهُ: (فَالْبِنْتُ إلَخْ) وَمَسْأَلَتُهُمْ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْأُخْتِ مِنْهَا وَاحِدٌ لِأَنَّهَا عَصَبَةٌ مَعَ الْبَنَاتِ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى) وَمَسْأَلَتُهُمْ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ رَجُلًا) لَوْ قَالَ ذَكَرًا لَكَانَ أَوْلَى وَمَسْأَلَتُهُمْ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ الزَّوْجَانِ فِي مَسْأَلَةٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ الَّذِينَ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمْ، وَمَا نُقِلَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ إمْكَانِهِ فِيمَا لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ مَعَهُ أَوْلَادٌ عَلَى مَيِّتٍ مَلْفُوفٍ أَنَّهُ زَوْجَتُهُ وَأَنَّ هَؤُلَاءِ أَوْلَادٌ مِنْهَا، وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ كَذَلِكَ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَأَنَّ هَؤُلَاءِ أَوْلَادُهَا مِنْهُ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً، بِمَا ادَّعَاهُ فَكُشِفَ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ خُنْثَى، وَأَنَّ الْمَالَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَأَوْلَادِهِمَا نِصْفَيْنِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ تَرْجِيحِ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ، وَالْمُعْتَمَدُ تَرْجِيحُ بَيِّنَةِ الزَّوْجِ لِصِحَّةِ اسْتِلْحَاقِهِ فَالْمَالُ لَهُ وَلِأَوْلَادِهِ فَقَطْ. قَالُوا وَكَيْفِيَّةُ الْقِسْمَةِ عَلَى ذَلِكَ النَّصِّ أَنْ يُعْطَى لِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ، وَلِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ، الثُّمُنُ فَلَهُمَا رُبُعُ الْمَالِ وَالْبَاقِي يُقْسَمُ بَيْنَ أَوْلَادِهِمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ فِي الْمُطَوَّلَاتِ. قَوْلُهُ: (فَأَصْلُ الْمَذْهَبِ) أَيْ الْمَعْرُوفُ الْمُنَاسِبُ لَهُ. قَوْلُهُ: (فِيمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ جُمْلَةَ لَا يَرِدُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةٍ مُقَدَّرَةٍ مَعْطُوفَةٍ عَلَى لَوْ فَقَدُوا الْمُقَدَّمَةِ مِنْ تَأْخِيرٍ لِدَفْعِ مَا يَرِدُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْفَسَادِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَهْلِ الْفَرْضِ) أَيْ الْفُرُوضِ الْمُقَدَّرَةِ انْفَرَدَتْ أَوْ اجْتَمَعَتْ وَلَمْ تُسْتَغْرَقْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (إرْثًا) أَيْ فِي الْمُسْلِمِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِي الْكَافِرِ يَكُونُ فَيْئًا وَنُطَالِبُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا. قَوْلُهُ: (وَأَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ) وَهُمْ مَنْ بَعْدَ الْأَرْبَعمِائَةِ مُوَافَقَةً لِبَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ عَادِلٍ) أَوْ غَيْرَ أَهْلٍ أَوْ لَمْ يُوجَدْ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَرُدَّ) احْتَاجَ إلَى هَذَا لِأَنَّ عَمَلَ الْمَصْدَرِ الْمَسْبُوكِ ضَعِيفٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَفَارَقَ مَا هُنَا دَفْعَ الزَّكَاةِ لِلْإِمَامِ غَيْرِ الْعَادِلِ بِأَنَّ غَرَضَ الْمُزَكِّي بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْهَا. وَدَفْعُ الضَّمَانِ بِتَلَفِهَا وَدَفْعُ مُؤْنَةِ التَّفْرِقَةِ عَنْهُ وَلِعَدَمِ انْحِصَارِ الْمُسْتَحَقِّينَ غَالِبًا بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الصَّرْفُ لِلْإِمَامِ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ إلَى مَنْ أَخَذَ بَعْضَهَا لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ) مُسْلِمًا كَانَ الْمَيِّتُ أَوْ كَافِرًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (أُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ الْأُمِّ) لِهَذَا التَّعْمِيمِ لَمْ يَقُلْ فِي الْمَتْنِ الْأُمُّ وَأُمُّهَا، كَمَا قَالَ فِيمَا سَلَفَ الْأَبُ وَأَبُوهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ) اقْتَضَى هَذَا الصَّنِيعُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ الِابْنَانِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَقُولُونَهُ فِي تَغْلِيبِ الِابْنِ وَالِابْنَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يُورَثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ) أَيْ لِعَدَمِ ذِكْرِهِمْ فِي الْقُرْآنِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَكِبَ إلَى قُبَاءَ يَسْتَخْبِرُ اللَّهَ فِي الْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ لَا مِيرَاثَ لَهُمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُرْسَلًا، وَهُوَ يُحْتَجُّ بِهِ لِكَوْنِهِ وَرَدَ مُسْنَدًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ وَرِثُوا لَمَا قُدِّمَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الْوَلَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُرَدُّ) أَيْ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ {فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] وَكَيْفَ تَأْخُذُ الْكُلَّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ) لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ أَنَّ «بِنْتَ حَمْزَةَ أَعْتَقَتْ شَخْصًا فَمَاتَ عَنْ بِنْتٍ فَأَعْطَاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِصْفَ الْمَالِ، وَصَرَفَ الْبَاقِيَ لِلْمُعْتِقَةِ» ، أَقُولُ هَذَا الدَّلِيلُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ فَقْدِ الْعَصَبَةِ حَتَّى مِنْ الْوَلَاءِ. قَوْلُهُ: (إرْثًا) لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ مَوْجُودُونَ وَإِنْ اخْتَلَّ أَمْرُ إمَامِهِمْ الْمُسْتَوْفِي لَهُمْ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ سُقُوطَ حَقِّهِمْ. قَوْلُهُ: (بِتَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ) أَيْ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ ابْنَ سُرَاقَةَ، وَهُوَ قَبْلَ الْأَرْبَعِمِائَةِ، قَالَ: هُوَ قَوْلُ عَامَّةِ شُيُوخِنَا وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَغَلِطَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي مُخَالَفَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالرَّدِّ) فِيهِ إعْمَالُ الْمَصْدَرِ الْمُعَرَّفِ وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى سِتَّةَ عَشَرَ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْبِنْتِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَفِي بِنْتٍ وَأُمٍّ وَزَوْجَةٍ يَبْقَى بَعْدَ إخْرَاجِ فُرُوضِهِنَّ خَمْسَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَعِشْرِينَ لِلْأُمِّ رُبُعُهَا سَهْمٌ وَرُبُعٌ فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَتِسْعِينَ وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ لِلزَّوْجَةِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْبِنْتِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْأُمِّ سَبْعَةٌ، وَفِي بِنْتٍ وَأُمٍّ يَبْقَى بَعْدَ إخْرَاجِ فَرْضِهِمَا سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُمِّ رُبُعُهَا نِصْفُ سَهْمٍ، فَتُصْبِحُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى أَرْبَعَةٍ لِلْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ، وَيُقَالُ عَلَى وَفْقِ الِاخْتِصَارِ ابْتِدَاءً فِي هَذِهِ تُجْعَلُ سِهَامُهُمَا مِنْ السِّتَّةِ الْمَسْأَلَةُ وَفِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا الْبَاقِي مِنْ مَخْرَجَيْ الرُّبُعِ وَالثُّمُنُ لِلزَّوْجَيْنِ بَعْدَ نَصِيبِهِمَا لَا يَنْقَسِمُ عَلَى أَرْبَعَةٍ سِهَامُ الْبِنْتِ وَالْأُمِّ مِنْ مَسْأَلَتَيْهِمَا فَتُضْرَبُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَخْرَجَيْنِ، وَلَوْ كَانَ ذُو الْفَرْضِ وَاحِدًا كَبِنْتٍ رُدَّ إلَيْهَا الْبَاقِي أَوْ اثْنَيْنِ كَبِنْتَيْنِ فَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَقَوْلُهُ غَيْرَ الزَّوْجَيْنِ بِالنَّصْبِ اسْتِثْنَاءً مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ مُوَجَّهٌ فِي الشَّرْحِ بِأَنَّهُ لَا رَحِمَ لَهُمَا، كَانَ الْمُورَثُ بِالرَّدِّ هُوَ الْمُورَثُ بِالرَّحِمِ، وَقَدَّمَ أَهْلَ الْفَرْضِ بِالرَّدِّ لِقُوَّتِهِمْ (فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا) أَيْ أَهْلُ الْفَرْضِ أَيْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ (صُرِفَ) الْمَالُ (إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ) أَيْ إرْثًا (وَهُمْ مَنْ سِوَى الْمَذْكُورِينَ) بِالْإِرْثِ (مِنْ الْأَقَارِبِ) هُوَ بَيَانٌ لِمَنْ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا هُمْ كُلُّ قَرِيبٍ لَيْسَ بِذِي فَرْضٍ وَلَا عَصَبَةٍ. (وَهُمْ عَشَرَةُ أَصْنَافٍ أَبُو الْأُمِّ وَكُلُّ جَدٍّ وَجَدَّةٍ سَاقِطَيْنِ) مِنْهُ أَبُو أَبِي الْأُمِّ وَأُمُّ أَبِي الْأُمِّ وَهَؤُلَاءِ صِنْفٌ، (وَأَوْلَادُ الْبَنَاتِ) لِلصُّلْبِ أَوْ لِلِابْنِ مِنْ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ (وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ (وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ. (وَبَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَالْعَمِّ لِلْأُمِّ) أَيْ أَخُو الْأَبِ لِأُمِّهِ (وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، وَيُضَمُّ إلَيْهِنَّ بَنُو الْأَعْمَامِ لِلْأُمِّ (وَالْعَمَّاتُ) بِالرَّفْعِ (وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ) كُلٌّ مِنْهُمْ مِنْ جِهَاتِهِ الثَّلَاثِ، (وَالْمُدْلُونَ بِهِمْ) أَيْ بِالْعَشَرَةِ وَهُوَ مَزِيدٌ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا وَمَنْ انْفَرَدَ مِنْهُمْ، حَازَ جَمِيعُ الْمَالِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَا يُسَمَّى عَصَبَةً وَفِي الْمُجْتَمِعِ مِنْهُمْ كَلَامٌ طَوِيلٌ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا يُرَاجَعُ. تَتِمَّةٌ لَوْ وُجِدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَرَفَ الْبَاقِيَ بَعْدَ فَرْضِهِ لِذَوِي الْأَرْحَامِ فَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ وَلَد الْخُؤُولَةُ أَوْ الْعُمُومَةُ، وَحْدَهُ حَازَ الْبَاقِي بِالرَّحِمِ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ) بِضَرْبِ مَخْرَجِ الرُّبُعِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ أَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ سِتَّةٍ وَتِسْعِينَ) بِضَرْبِ أَرْبَعَةٍ مَخْرَجِ الرُّبُعِ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ أَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ) أَيْ بِاعْتِبَارِ مَخْرَجِ النِّصْفِ وَهُوَ اثْنَانِ أَوْ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ بِاعْتِبَارِ مَخْرَجِ الرُّبُعِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَتَرْجِعُ الْأُولَى إلَى ثُلُثِهَا أَرْبَعَةٍ وَالثَّانِيَةُ إلَى سُدُسِهَا أَرْبَعَةٍ. قَوْلُهُ: (عَلَى وَفْقِ الِاخْتِصَارِ) أَيْ طَرِيقَتِهِ وَمُنَاسَبَتِهِ. قَوْلُهُ: (الْبَاقِي) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مِنْ مَخْرَجِ الرُّبُعِ أَوْ سَبْعَةٌ مِنْ مَخْرَجِ الثُّمُنِ. قَوْلُهُ: (فَتُضْرَبُ) أَيْ الْأَرْبَعَةُ. قَوْلُهُ: (بِالنَّصْبِ) اسْتِثْنَاءً أَوْ حَالًا مِنْ الْمُضَافِ وَيَجُوزُ الْجَرُّ بَدَلًا مِنْ أَهْلِ. قَوْلُهُ: (أَيْ إرْثًا) خَرَجَ نَحْوُ رَقِيقٍ وَكَافِرٍ فَلَا يُعْطَى مِنْهُ شَيْئًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِالْإِرْثِ) خَرَجَ بِهِ الْمَذْكُورُ لَا لِلْإِرْثِ كَالْعَمِّ لِلْأُمِّ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) دَلِيلٌ لِلْبَيَانِ وَإِنْ كَانَ أَعَمَّ. قَوْلُهُ: (وَهُمْ) أَيْ اصْطِلَاحًا وَأَمَّا شَرْعًا فَكُلُّ قَرِيبٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَشْرَةُ) بَلْ أَحَدَ عَشَرَ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَبَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ) وَتَقَدَّمَتْ بَنَاتُهُمْ. قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) عَطْفًا عَلَى أَبُو الْأُمِّ لَا بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْأَعْمَامِ الْمُقْتَضِي إرَادَةَ بَنَاتِهِنَّ الْمُقْتَضِي لِتَكَرُّرِهِ مَعَ مَا بَعْدَهُ وَلِلسُّكُوتِ عَنْهُنَّ. قَوْلُهُ: (بِالْعَشَرَةِ) فَهُوَ حَادِي عَشَرَ وَفِي ذَلِكَ تَجَوُّزٌ لِأَنَّ النِّصْفَ الْأَوَّلَ لَمْ يَبْقَ مَنْ يُدْلِي بِهِ فَالْمُرَادُ غَيْرُهُ مِنْ التِّسْعَةِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسَمَّى عَصَبَةً) هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر وَأَكْثَرِ الْفَرْضِيِّينَ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ لِدُخُولِهِ فِي تَعْرِيفِ الْعَاصِبِ بِأَنَّهُ مَنْ لَيْسَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُزَادُ فِي التَّعْرِيفِ مِنْ الْمُجْمَعِ عَلَى إرْثِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُجْتَمَعِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ فِي كَيْفِيَّةِ إرْثِ ذِي الْأَرْحَامِ مَذْهَبَيْنِ أَحَدُهُمَا مَذْهَبُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ بِأَنْ يُنَزَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ يُدْلِي بِهِ مِنْ حَيْثُ الْإِرْثُ فَيَأْخُذُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا، وَيُقَدَّمُ الْأَسْبَقُ إلَى الْوَارِثِ لَا إلَى الْمَيِّتِ وَخَرَجَ بِالْإِرْثِ الْحَجْبُ فَفِي زَوْجَةٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ، وَالثَّانِي مَذْهَبُ أَهْلِ الْقَرَابَةِ بِأَنْ يُقَدِّمَ الْأَقْرَبَ إلَى الْمَيِّتِ فَفِي بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتِ ابْنٍ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا عَلَى الْأَوَّلِ، وَكُلُّهُ لِلْأُولَى عَلَى الثَّانِي لِقُرْبِهَا لِلْمَيِّتِ. تَنْبِيهٌ لَوْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَحُكْمُهُ كَمَا قَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ إذَا جَارَتْ الْمُلُوكُ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ وَظَفِرَ بِهِ أَحَدٌ يَعْرِفُ الْمَصَارِفَ وَجَبَ عَلَيْهِ صَرْفُهُ فِيهَا وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَى ذَلِكَ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (عَلَى وَفْقِ الِاخْتِصَارِ) أَيْ عَلَى مُوَافَقَةِ الِاخْتِصَارِ الَّذِي سَلَفَ. قَوْلُهُ: (أَيْ إرْثًا) وَقَالَ الرَّافِعِيُّ مَصْلَحَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُمْ مَنْ سِوَى إلَى آخِرِهِ) أَيْ فِي اصْطِلَاحِ الْفَرْضِيِّينَ، وَإِلَّا فَالرَّحِمُ شَرْعًا شَامِلٌ لِكُلِّ قَرِيبٍ. قَوْلُهُ: (هُوَ بَيَانٌ لِمَنْ) هَذَا يَلْزَمُهُ أَنَّ الْبَيَانَ أَعَمُّ مِنْ الْمُبَيَّنِ، فَهَلَّا جَعَلَهَا تَبْعِيضِيَّةً. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَكُلُّ جَدٍّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبَنُو الْإِخْوَةِ) الْأَحْسَنُ وَأَوْلَادُ الْإِخْوَةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِالْعَشَرَةِ) أَيْ فَهُوَ غَيْرُ الْعَشَرَةِ وَلِهَذَا عَدَّهُمْ شَيْخُنَا أَحَدَ عَشَرَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 فَصْلُ الْفُرُوضِ جَمْعُ فَرْضٍ بِمَعْنَى نَصِيبٍ أَيْ الْأَنْصِبَاءُ. (الْمُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى) لِلْوَرَثَةِ (سِتَّةٌ النِّصْفُ) الَّذِي هُوَ أَحَدُهَا (فَرْضُ خَمْسَةٍ زَوْجٌ لَمْ تُخَلِّفْ زَوْجَتُهُ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ) قَالَ تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: 12] وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ فِي ذَلِكَ إجْمَاعًا (وَبِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ أَوْ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مُنْفَرِدَاتٍ) قَالَ تَعَالَى فِي الْبِنْتِ: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11] وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ بِنْتُ الِابْنِ بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] الْمُرَادُ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ دُونَ الْأُخْتِ لِأُمٍّ لِأَنَّ لَهَا السُّدُسَ لِلْآيَةِ الْآتِيَةِ وَاحْتَرَزَ بِمُنْفَرِدَاتٍ عَمَّا إذَا اجْتَمَعْنَ مَعَ إخْوَتِهِنَّ أَوْ أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ اجْتَمَعَ بَعْضُهُنَّ مَعَ بَعْضٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. (وَالرُّبُعُ فَرْضُ زَوْجٍ لِزَوْجَتِهِ وَلَدٌ أَوْ وِلْدَانٌ) قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ} [النساء: 12] وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ فِي ذَلِكَ إجْمَاعًا (وَزَوْجَةٍ لَيْسَ لِزَوْجِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا) قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} [النساء: 12] وَمِثْلُ الْوَلَدِ فِي ذَلِكَ وَلَدُ الِابْنِ إجْمَاعًا (وَالثُّمُنُ فَرْضُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْوَلَدِ، وَوَلَدِ الِابْنِ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ} [النساء: 12] وَوَلَدُ الِابْنِ كَالْوَلَدِ فِي ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ وَلِلزَّوْجَتَيْنِ، وَالثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ مَا ذُكِرَ لِلْوَاحِدَةِ مِنْ الرُّبُعِ أَوْ الثُّمُنِ بِالْإِجْمَاعِ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابَيْ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ يَتَوَارَثَانِ. (وَالثُّلُثَانِ فَرْضُ بِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا وَابْنَتَيْ ابْنٍ فَأَكْثَرَ وَأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ)   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الْفُرُوضِ وَذَوِيهَا قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى نَصِيبٍ) لَا بِمَعْنَى مُقَدَّرٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ بِقَوْلِهِ الْمَقْدِرَةِ. قَوْلُهُ: (الْمَقْدِرَةِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ إلَّا فِي الرَّدِّ وَلَا تَنْقُصُ إلَّا فِي الْعَوْلِ، كَذَا قَالُوا وَالْوَجْهُ تَرْكُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ فِيهِمَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ فِي مَاصَدَقِهِ الَّذِي هُوَ الْمَالُ لَا فِي عَيْنِهِ فَهُوَ لِقِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ، إذْ لَا يُقَالُ فِي زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ إنَّ فَرْضَ الزَّوْجَةِ التُّسْعُ، وَلَا فِي بِنْتٍ وَأَمٍّ إنَّ فَرْضَ الْأُمِّ الرُّبُعُ وَهَكَذَا فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. قَوْلُهُ: (فِي كِتَابِ اللَّهِ) خَرَجَ مَا يُفْرَضُ لِلْجَدِّ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ، وَثُلُثُ الْبَاقِي لِلْأُمِّ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِلْوَرَثَةِ) بَيَانٌ لِانْحِصَارِهَا فِي السِّتَّةِ. قَوْلُهُ: (سِتَّةٌ) أَيْ مِقْدَارًا وَعَدَدًا وَخَمْسَةً مَخْرَجًا، كَمَا يَأْتِي وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِعِبَارَاتٍ، فَيُقَالُ هِيَ النِّصْفُ وَالثُّلُثَانِ وَنِصْفُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَنِصْفُ نِصْفِهِ، وَيُقَالُ هِيَ الثُّمُنُ وَالسُّدُسُ وَضِعْفُ كُلٍّ وَضِعْفُ ضِعْفِهِ، وَيُقَالُ هِيَ الرُّبُعُ وَالثُّلُثُ وَضِعْفُ كُلٍّ وَنِصْفُهُ وَهَذِهِ أَخْصَرُهَا. قَوْلُهُ: (النِّصْفُ) بَدَأَ بِهِ لِأَنَّهُ أَكْبَرُ كَسْرٍ مُفْرَدٍ وَلِأَنَّ فِي مُسْتَحِقِّيهِ مَنْ لَا يُتَصَوَّرُ تَعَدُّدُهُ وَهُوَ الزَّوْجُ، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ تَعَدُّدُ غَيْرِهِ مَعَ اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ أَيْضًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ التَّعَدُّدُ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. وَبَعْضُهُمْ بَدَأَ بِالثُّلُثَيْنِ اقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ الَّذِي بَدَأَ فِيهِ بِالْأَوْلَادِ لِلِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهِمْ لِأَنَّهُمْ أَهَمُّ عِنْدَ الْآدَمِيِّ. قَوْلُهُ: (الَّذِي هُوَ أَحَدُهَا) آثَرَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ الَّتِي فِيهَا حَذْفُ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ عَلَى أَنْ يَقُولَ أَحَدُهَا النِّصْفُ، وَهُوَ فَرْضُ إلَخْ. اللَّازِمُ عَلَيْهِ حَذْفُ مُبْتَدَأَيْنِ وَهُوَ أَقْوَى فِي الْمُرَاعَاةِ مِنْ الْخَبَرِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا عُمْدَةً مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَحْذُوفَ بَدَلٌ مَوْصُوفٌ لَا مُبْتَدَأٌ وَلَا خَبَرٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (زَوْجٌ) يَجُوزُ فِيهِ الْجَرُّ وَالرَّفْعُ وَكَذَا النَّصْبُ لَوْلَا الرَّسْمُ وَبَدَأَ بِهِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ تَعَدُّدِهِ فِي ذَاتِهِ كَمَا مَرَّ. فَهُوَ أَسْهَلُ وَلِتَقْدِيمِ الزَّوْجِيَّةِ عَلَى الْوَلَدِيَّةِ فِي نَحْوِ الْفِطْرَةِ. قَوْلُهُ: (مُنْفَرِدَاتٍ) حَالٌ مِمَّا قَبْلَهُ بِجَعْلِ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ. قَوْلُهُ: (مَعَ إخْوَتِهِنَّ) الْأَوْلَى مَعَ مُعَصِّبِهِنَّ لِيَشْمَلَ الْأُخْتَ مَعَ الْجَدِّ أَوْ الْبِنْتِ. قَوْلُهُ: (أَوْ اجْتَمَعَ بَعْضُهُنَّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُجْتَمَعَاتِ يَخْرُجُ عَنْ النِّصْفِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ إنَّ غَيْرَ الْأُولَى مِنْهُنَّ الْمُنْتَقَلَ عَنْهُ، إمَّا إلَى فَرْضٍ دُونَهُ، وَإِلَى تَعْصِيبٍ وَلَوْ مِثْلَهُ، كَأُخْتٍ مَعَ بِنْتٍ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَنْفَرِدْنَ عَمَّنْ يَحْجُبُهُنَّ حِرْمَانًا أَوْ نُقْصَانًا وَأَسْقَطَهُ الشَّارِحُ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُوجَدُ فِي الْبِنْتِ وَالثَّانِي دَاخِلٌ فِي اجْتِمَاعِ بَعْضِهِنَّ مَعَ بَعْضٍ نَعَمْ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فِي اجْتِمَاعِ الْبَنَاتِ مَثَلًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَدٌ أَوْ وِلْدَانٌ) لَوْ قَالَ فَرْعٌ وَارِثٌ فِي هَذَا أَوْ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ لَكَانَ أَوْلَى، وَأَخْصَرَ وَأَعَمَّ. قَوْلُهُ: (وَلِلزَّوْجَتَيْنِ إلَخْ) هُوَ إيرَادٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَفِيهِ قُصُورٌ وَلَوْ قَالَ لِجِنْسِ زَوْجَةٍ فِي حَلِّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ   [حاشية عميرة] [فَصْلُ الْفُرُوض] ُ الْمُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ اسْتِحْقَاقِ الْجَدِّ الثُّلُثَ فِي مَسَائِلِ الْإِخْوَةِ، وَالْأُمِّ ثُلُثَ الْبَاقِي فِي مَسْأَلَةِ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَأَمَّا الِارْتِقَاءُ إلَى السُّبْعِ وَالتُّسْعِ فِي مَسَائِلِ الْعَوْلِ فَأَصْلُهَا الْفُرُوضُ السِّتَّةُ غَايَةُ الْأَمْرِ، أَنَّ الثُّمُنَ مَثَلًا صَارَ تُسْعًا وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا ثُمُنُ عَائِلٍ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: فِي مَسَائِلِ الْعَوْلِ الثُّلُثَانِ تَضْعِيفُ الثُّلُثِ، وَإِنَّمَا جُعِلَ فَرْضًا بِرَأْسِهِ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى الْمُقَدَّرَاتِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا النِّصْفُ الْوَاحِدُ مِنْ الْوَرَثَةِ. قَوْلُهُ: (كَالْوَلَدِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إمَّا لِأَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ يَشْمَلُهُ أَوْ بِالْقِيَاسِ كَمَا فِي الْإِرْثِ وَالتَّعْصِيبِ قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: وَإِنَّمَا جُعِلَ لِلزَّوْجِ ضِعْفُ مَا لِلزَّوْجَةِ فِي الْحَالَيْنِ لِأَنَّ فِيهِ ذُكُورَةً، وَهِيَ تَعْصِيبٌ فَكَانَ كَالْأَبَوَيْنِ مَعَ الْبِنْتِ. قَوْلُهُ: (الْمُرَادُ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُهُ: (وَاحْتَرَزَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مُرَادَهُ الِاحْتِرَازُ مِنْ هَذَا الِاجْتِمَاعِ الْخَاصِّ لَا عَنْ مُطْلَقِ الِاجْتِمَاعِ بِأَنَّ لَهَا مَعَ الزَّوْجِ مَثَلًا النِّصْفَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالرُّبُعُ) قِيلَ يُرَدُّ عَلَى الْحَصْرِ الْأُمِّ فِي مَسْأَلَةِ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ فَإِنَّ لَهَا ثُلُثَ الْبَاقِي وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ رُبُعٌ لَكِنَّهُمْ تَأَدَّبُوا مَعَ لَفْظِ الْقُرْآنِ. قَوْلُهُ: (وَلِلزَّوْجَتَيْنِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلِذَا لَمْ تَرِدْ فِي الْقُرْآنِ إلَّا بِلَفْظِ الْجَمْعِ بِخِلَافِ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ، فَإِنَّهُنَّ وَرَدْنَ فِيهِ تَارَةً بِلَفْظِ الْوَاحِدَةِ، وَتَارَةً بِلَفْظِ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ: (وَبِنْتَيْ ابْنٍ) يَعْنِي مُنْفَرِدَتَيْنِ عَنْ بِنْتِ الصُّلْبِ وَإِلَّا فَلَهُمَا السُّدُسُ كَمَا سَيَأْتِي وَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ أَيْضًا فِي الْأَخَوَاتِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 يَعْنِي مُتَفَرِّعَاتٍ مِنْ إخْوَتِهِنَّ قَالَ تَعَالَى فِي الْبَنَاتِ {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] وَفِي الْأُخْتَيْنِ {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 176] نَزَلَتْ فِي جَابِرٍ مَاتَ عَنْ أَخَوَاتٍ فَدَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا الْأُخْتَانِ فَصَاعِدًا وَالْبِنْتَانِ وَمِثْلُهُمَا بِنْتَا الِابْنِ مَقِيسَتَانِ عَلَى الْأُخْتَيْنِ وَبَنَاتُ الِابْنِ مَقِيسَاتٌ عَلَى بَنَاتِ الصُّلْبِ. (وَالثُّلُثُ فَرْضُ أُمٍّ لَيْسَ لِمَيِّتِهَا وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ وَلَا اثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ) قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11] وَوَلَدُ الِابْنِ مُلْحَقٌ بِالْوَلَدِ فِي ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالْإِخْوَةِ الِاثْنَانِ فَصَاعِدًا وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ، (وَفَرْضُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ) قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12] الْمُرَادُ أَوْلَادُ الْأُمِّ قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ، وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ الْأُمِّ (وَقَدْ يُفْرَضُ) الثُّلُثُ (لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ) كَمَا سَيَأْتِي فِي فَصْلِهِ (وَالسُّدُسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ أَبٍ وَجَدٍّ لِمَيِّتِهَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ) قَالَ تَعَالَى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 11] إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ وَأُلْحِقَ بِهِ وَلَدُ الِابْنِ وَقِيسَ الْجَدُّ عَلَى الْأَبِ. (وَأَمٍّ لِمَيِّتِهَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ أَوْ اثْنَانِ مِنْ إخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَتَيْنِ. (وَجَدَّةٍ) لِأُمٍّ وَلِأَبٍ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ الْمُغِيرَةِ، أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْطَى الْجَدَّةَ السُّدُسَ» وَسَيَأْتِي أَنَّ لِلْجَدَّاتِ السُّدُسَ (وَلِبِنْتِ ابْنٍ مَعَ بِنْتِ صُلْبٍ) لِقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَيَأْتِي أَنَّ لِبَنَاتِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ السُّدُسَ (وَلِأُخْتٍ) لِأَبٍ (أَوْ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ مَعَ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ) كَمَا فِي بَنَاتِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ (وَلِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ) لِمَا تَقَدَّمَ.   [حاشية قليوبي] لَشَمِلَ ذَلِكَ وَشَمِلَ مَا لَوْ زِدْنَ عَلَى أَرْبَعٍ كَمَا فِي نِكَاحِ نَحْوِ الْمَجُوسِ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) هُوَ إيرَادٌ أَوْ دَلِيلُ تَأْوِيلٍ بِأَنْ يُرَادَ زَوْجَةٌ وَلَوْ فِيمَا مَضَى: قَوْلُهُ: (فَرْضُ بِنْتَيْنِ إلَخْ) لَوْ قَالَ فَرْضُ مَنْ تَعَدَّدَ مِنْ أَصْحَابِ النِّصْفِ لَكَانَ أَخْصَرَ. قَوْلُهُ: (عَنْ إخْوَتِهِنَّ) فِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (نَزَلَتْ فِي جَابِرٍ) أَيْ نَزَلَتْ فِي بَيَانِ حَالِهِ حِينَ مَرِضَ وَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كَيْفِيَّةِ إرْثِ أَخَوَاتِهِ مِنْهُ إذَا مَاتَ فَقَوْلُهُ. مَاتَ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِأَنَّ جَابِرًا عَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَمَنًا طَوِيلًا وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنْهُ إفَادَةُ دَلِيلٍ آخَرَ هُوَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ جَابِرٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (عَنْ أَخَوَاتٍ) أَيْ سَبْعٍ. قَوْلُهُ: (وَالْبِنْتَانِ إلَخْ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَفْظَ فَوْقَ فِي الْقُرْآنِ غَيْرُ صِلَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ نَصٌّ لَا قِيَاسٌ. قَوْلُهُ: (مُلْحَقٌ) هُوَ بِمَعْنَى مَقِيسٍ كَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ لَيْسَ حَقِيقَةً فِي وَلَدِ الْوَلَدِ، وَإِلَّا كَمَا قِيلَ بِهِ فَهُوَ نَصٌّ لَا قِيَاسٌ وَكَذَا إنْ قُلْنَا إنَّ اللَّفْظَ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ مَعًا، كَمَا يَقُولُ بِهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِالْإِخْوَةِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْأَخَوَاتِ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ فِي الْقُرْآنِ خِلَافًا لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأُنْثَى) وَكَذَا الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (لِمَا قَامَ إلَخْ) هُوَ عِلَّةٌ لِمُسَاوَاةِ الْأُنْثَى لِلذَّكَرِ هُنَا، وَلِشُمُولِ جَمْعِ الذُّكُورِ لِلْإِنَاثِ قَبْلُ، وَاَلَّذِي قَامَ عِنْدَهُمْ هُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ إدْلَاؤُهُمْ بِمَنْ لَا عُصُوبَةَ لَهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مِنْ ذَلِكَ) أَيْ الْوَاحِدِ. قَوْلُهُ: (قَرَأَ إلَخْ) هُوَ دَلِيلٌ لِذَلِكَ الْمُرَادِ إذْ الْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْحُكْمِ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَقَدْ يُفْرَضُ) فَهُوَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ مِنْ حَيْثُ ثُبُوتُهُ بِالِاجْتِهَادِ لَا مِنْ حَيْثُ الْمِقْدَارُ وَالْمَخْرَجُ كَمَا عُلِمَ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (سَبْعَةً) صَرَّحَ بِالْعَدَدِ هُنَا وَفِي النِّصْفِ الْمُتَقَدِّمِ دُونَ مَا بَيْنَهُمَا لِدَفْعِ إيهَامِ أَنَّ الْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَبُ قِسْمٌ وَاحِدٌ هُنَاكَ عَلَى قِيَاسِ عَدِّهِمْ فِي الْمُجْمَعِ عَلَى إرْثِهِمْ، مَعَ الِاخْتِصَارِ كَمَا مَرَّ. وَأَنَّ الْجَدَّ وَالْأَبَ قِسْمٌ وَاحِدٌ هُنَا، كَقَوْلِهِمْ الْأَبُ وَإِنْ عَلَا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِمَيِّتِهَا وَلَدٌ إلَخْ) وَيُنْسَبُ الْحَجْبُ بِالْفِعْلِ لِلْوَلَدِ إذَا اجْتَمَعَ مَعَ الْإِخْوَةِ، لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ اثْنَانِ) أَيْ يَقِينًا وَلَوْ حُكْمًا فَخَرَجَ بِالْأَوَّلِ مَا لَوْ تَعَاقَبَ رَجُلَانِ عَلَى امْرَأَةٍ بِشُبْهَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَمَاتَ قَبْلَ إلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمَا، وَلِأَحَدِهِمَا ابْنَانِ فَلِلْأُمِّ مِنْهُ الثُّلُثُ لِاحْتِمَالِ إلْحَاقِهِ مِمَّنْ لَا وَلَدَ لَهُ، وَدَخَلَ بِالثَّانِي مَا لَوْ كَانَا مُلْتَصِقَيْنِ وَأَعْضَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَامِلَةً حَتَّى الْفَرْجَيْنِ، فَلَهُمَا حُكْمُ اثْنَيْنِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ حَتَّى إنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ سَوَاءٌ كَانَا ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، فَإِنْ نَقَصَتْ أَعْضَاءُ أَحَدِهِمَا فَإِنْ عُلِمَ حَيَاةُ أَحَدِهِمَا اسْتِقْلَالًا كَنَوْمِ أَحَدِهِمَا وَيَقِظَةِ الْآخَرِ فَكَاثْنَيْنِ أَيْضًا وَإِلَّا فَكَوَاحِدٍ وَدَخَلَ أَيْضًا مَا لَوْ حُجِبَ الِاثْنَانِ بِالشَّخْصِ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي) هُوَ إيرَادٌ أَوْ مُرَادٌ بِأَنَّ الْجَدَّةَ لِلْجِنْسِ وَالْمُرَادُ جَدَّةٌ غَيْرُ سَاقِطَةٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي) فِيهِ مَا عَلِمْت. تَنْبِيهٌ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ وَلَوْ مَعَ التَّعْصِيبِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَرْبَعَةٌ مِنْ الذُّكُورِ الزَّوْجُ، وَالْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ وَتِسْعَةٌ مِنْ الْإِنَاثِ غَيْرُ ذَاتِ الْوَلَاءِ، وَأَنَّ مَنْ يَرِثُ مِنْهُمْ بِالْفَرْضِ فَقَطْ سَبْعَةٌ، الزَّوْجَانِ وَالْجَدَّتَانِ وَالْأُمُّ وَوَلَدَاهَا وَأَنَّ مَنْ يَرِثُ مِنْهُمْ بِالْفَرْضِ تَارَةً وَبِالتَّعْصِيبِ تَارَةً وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، تَارَةً اثْنَانِ الْأُمُّ وَالْجَدُّ، وَأَنَّ مَنْ يَرِثُ مِنْهُمْ. كَذَلِكَ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ وَأَنَّ مَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ فَقَطْ اثْنَا عَشَرَ وَهُمْ مَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] لِأَبٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَيْسَ لِمَيِّتِهَا إلَخْ) قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَيْضًا وَلَا زَوْجَةٌ أَوْ زَوْجٌ وَأَبٌ فَإِنَّ فَرْضَهَا مَعَ ذَلِكَ أَنْقَصُ مِنْ الثُّلُثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ) إنَّمَا أُعْطُوا الثُّلُثَ وَالسُّدُسَ لِأَنَّهُمْ يُدْلُونَ بِالْأُمِّ. وَهُمَا فَرْضُهَا وَسَوَّى بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ لَا تَعْصِيبَ فِيمَنْ أَدْلَوْا بِهِ بِخِلَافِ الْأَشِقَّاءِ لَمَّا كَانَ فِيهِمْ تَعْصِيبٌ جَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، كَالْأَوْلَادِ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَدْ يُفْرَضُ إلَخْ) مِثَالُهُ أَنْ يَنْقُصَ حَقُّهُ بِالْمُقَاسَمَةِ عَنْ الثُّلُثِ، كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَبٌ) نَعَمْ إذَا كَانَ مَعَهُ بِنْتٌ أَخَذَ السُّدُسَ فَرْضًا وَالْبَاقِيَ تَعْصِيبًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 فَصْلٌ الْأَبُ وَالِابْنُ وَالزَّوْجُ لَا يَحْجُبُهُمْ أَحَدٌ عَنْ الْإِرْثِ (وَابْنُ الِابْنِ) وَإِنْ سَفَلَ (لَا يَحْجُبُهُ) مِنْ جِهَةِ الْعَصَبَةِ (إلَّا الِابْنَ أَوْ ابْنَ ابْنٍ أَقْرَبَ مِنْهُ) وَيَحْجُبُهُ أَصْحَابُ فُرُوضٍ مُسْتَغْرِقَةٍ، كَأَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهَا تَحْجُبُ كُلَّ عَصَبَةٍ. (وَالْجَدُّ) وَإِنْ عَمَلًا (لَا يَحْجُبُهُ إلَّا مُتَوَسِّطٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ) كَالْأَبِ وَأَبِيهِ (وَالْأَخُ لِأَبَوَيْنِ يَحْجُبُهُ الْأَبُ وَالِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ) وَإِنْ سَفَلَ إجْمَاعًا (وَالْأَبُ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ) لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ. (وَ) الْأَخُ (لِأُمٍّ يَحْجُبُهُ أَبٌ وَجَدٌّ وَوَلَدٌ وَوَلَدُ ابْنٍ) وَإِنْ سَفَلَ (وَابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ يَحْجُبُهُ سِتَّةٌ أَبٌ وَجَدٌّ وَابْنٌ ابْنِهِ وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ وَ) أَخٌ (لِأَبٍ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ (وَ) ابْنُ الْأَخِ (لِأَبٍ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) السِّتَّةُ (وَابْنُ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ) لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ (وَالْعَمُّ لِأَبَوَيْنِ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) السَّبْعَةُ (وَابْنُ أَخٍ لِأَبٍ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ (وَ) الثَّمَانِيَةُ (وَعَمٌّ لِأَبَوَيْنِ) لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ (وَابْنُ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) التِّسْعَةُ (وَعَمٌّ لِأَبٍ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ (وَ) الْعَمُّ (لِأَبٍ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) ابْنُ عَمٍّ (لِأَبٍ يَحْجُبُهُ هَؤُلَاءِ) الْعَشَرَةُ (وَابْنُ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ) لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ. (وَالْمُعْتِقُ يَحْجُبُهُ عَصَبَةُ النَّسَبِ) لِأَنَّهُمْ أَقْوَى مِنْهُ (وَالْبِنْتُ وَالْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ لَا يُحْجَبْنَ) عَنْ الْإِرْثِ (وَبِنْتُ الِابْنِ يَحْجُبُهَا ابْنٌ أَوْ بِنْتَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَنْ يُعَصِّبُهَا) كَأَخٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ، فَإِنْ كَانَ أَخَذَ مَعَهُ الْبَاقِيَ بَعْدَ ثُلُثَيْ الْبِنْتَيْنِ بِالتَّعْصِيبِ (وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ لَا يَحْجُبُهَا إلَّا الْأُمَّ وَلِلْأَبِ يَحْجُبُهَا الْأَبُ أَوْ الْأُمُّ) لِأَنَّ إرْثَهَا بِطَرِيقِ الْأُمُومَةِ، وَالْأُمُّ أَقْرَبُ مِنْهَا (وَالْقُرْبَى مِنْ كُلِّ جِهَةٍ تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْهَا)   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَشَرْعًا هُنَا مَنْعُ مَنْ قَامَ بِهِ سَبَبُ الْإِرْثِ مِنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ مِنْ أَوْفَرِ حَظَّيْهِ وَيُسَمَّى الثَّانِي حَجْبَ نُقْصَانٍ وَيَدْخُلُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، وَيُسَمَّى الْأَوَّلُ حَجْبَ حِرْمَانٍ، وَهُوَ إمَّا بِالْوَصْفِ وَقَدْ مَرَّ. وَيَدْخُلُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ أَيْضًا، وَإِمَّا بِالشَّخْصِ وَلَا يَدْخُلُ عَلَى جَمِيعِهِمْ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَحَدٌ وَمِنْهُ الِاسْتِغْرَاقُ، كَمَا يَأْتِي وَهُوَ سِتَّةُ أَقْسَامٍ لِأَنَّهُ إمَّا انْتِقَالٌ مِنْ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ كَالْأُمِّ، أَوْ مِنْ فَرْضٍ إلَى تَعْصِيبٍ كَالْأَبِ، أَوْ مِنْ تَعْصِيبٍ إلَى تَعْصِيبٍ كَالْأُخْتِ مَعَ أَخِيهَا، أَوْ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ مِنْ تَعْصِيبٍ إلَى فَرْضٍ كَالْأَخِ فِي الْمُشْتَرَكَةِ أَوْ كَالْأَبِ أَوْ بِمُزَاحَمَةٍ فِي فَرْضٍ كَالْبَنَاتِ وَكَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ أَوْ بِمُزَاحَمَةٍ فِي تَعْصِيبٍ كَالْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ هَكَذَا ذَكَرُوهُ فَتَأَمَّلْهُ وَمَدَارُ الْحَجْبِ عَلَى قَوَاعِدَ ثَلَاثَةٍ الْجِهَةُ ثُمَّ الْقُرْبُ ثُمَّ الْقُوَّةُ؛ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِمْ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: فَبِالْجِهَةِ التَّقْدِيمُ ثُمَّ بِقُرْبِهِ وَبَعْدَهُمَا التَّقْدِيمُ بِالْقُوَّةِ اجْعَلَا. قَوْلُهُ: (إلَّا الِابْنَ) سَوَاءٌ كَانَ أَبَاهُ أَوْ عَمَّهُ. قَوْلُهُ: (يَحْجُبُهُ الْأَبُ) لِأَنَّهُ يُدْلِي بِهِ، وَالِابْنُ لِأَنَّهُ يَحْجُبُ عُصُوبَةَ الْأَبِ، فَلَأَنْ يَحْجُبَ مَنْ يُدْلِي بِهِ أَوْلَى فَإِذَا اجْتَمَعَا مَعَ الْجَدِّ نُسِبَ حَجْبُهُ لِلْأَبِ لِأَنَّهُ يُحْجَبُ فَرْضُهُ وَعُصُوبَتُهُ، وَلِأَنَّهُ بِلَا وَاسِطَةٍ بِخِلَافِ الِابْنِ أَوْ اجْتَمَعَا مَعَ الْأَخِ نُسِبَ حَجْبُهُ لِلْأَبِ أَيْضًا لِأَنَّهُ بِلَا وَاسِطَةٍ بِخِلَافِ الِابْنِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَبُ يَحْجُبُهُ) أَيْ حَجْبًا مُطْلَقًا فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَحْجُبُهُ أَيْضًا أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ لِأَنَّهُ حُجِبَ بِشَرْطِ اجْتِمَاعٍ وَبَعْضُهُمْ قَالَ إنَّ هَذَا مِنْ حَجْبِ الِاسْتِغْرَاقِ وَفِيهِ نَظَرٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَصْرُ حَجْبِهِ فِيمَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (وَجَدٌّ) وَإِنْ عَلَا. قَوْلُهُ: (وَالْعَمُّ) وَالْمُرَادُ بِهِ وَبِابْنِ الْعَمِّ عَمُّ الْمَيِّتِ وَابْنُ عَمِّهِ لَا عَمُّ الْجَدِّ وَابْنُ عَمِّهِ لِأَنَّ ابْنَ عَمِّ الْمَيِّتِ يَحْجُبُ عَمَّ الْجَدِّ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمْ أَقْوَى مِنْهُ) أَيْ لِأَنَّ النَّسَبَ أَقْوَى مِنْ الْوَلَاءِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَتْ الدَّرَجَةُ أَوْ الْمَرْتَبَةُ يُعَبَّرُ بِالْقُرْبِ، وَإِذَا اتَّحَدَتْ يُعَبَّرُ بِالْقُوَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالْبِنْتُ إلَخْ) هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ مِنْ الْإِنَاثِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُنَّ ثَلَاثَةٌ مِنْ الذُّكُورِ، فَهَؤُلَاءِ السِّتَّةُ لَا يَحْجُبُهُمْ أَحَدٌ، وَضَابِطُهُمْ كُلُّ مَنْ أَدْلَى إلَى الْمَيِّتِ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ الْأَبُ وَالِابْنُ وَالزَّوْجُ لَا يَحْجُبُهُمْ أَحَدٌ عَنْ الْإِرْثِ] فَصْلُ الْأَبِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَحْجُبُهُمْ أَحَدٌ) أَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ، وَلَيْسَ فَرْعًا لِغَيْرِهِ، وَاحْتُرِزَ بِالْأَخِيرِ عَنْ الْمُعْتَقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَحَدٌ) فِيهِ لَطِيفَةٌ وَهِيَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْحَجْبَ بِالشَّخْصِ، وَأَمَّا بِالْوَصْفِ فَيُحْجَبُونَ بِهِ كَغَيْرِهِمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ ابْنِ ابْنٍ أَقْرَبَ مِنْهُ) يُفِيدُك أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا ابْنُ الِابْنِ مُرَادُهُ بِهِ، وَإِنْ سَفَلَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ حَتَّى يَنْتَظِمَ مَعَ هَذَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَحْجُبُهُ الْأَبُ إلَخْ) أَمَّا الْأَبُ فَلِأَنَّ الْأَخَ يُدْلِي بِهِ، وَأَمَّا الِابْنُ وَابْنُهُ فَلِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ عُصُوبَةَ الْأَبِ، وَيُرَدُّ أَنَّهُ إلَى الْفَرْضِ فَلَا يَمْنَعَانِ عُصُوبَةَ الْأَخِ الْأَوَّلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَبٌ وَجَدٌّ إلَخْ) دَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً} [النساء: 12] . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَوَلَدٌ) أَيْ وَبِنْتٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (سِتَّةٌ أَبٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ يَحْجُبُ أَبَاهُ، فَهُوَ أَوْلَى وَالْجَدُّ فِي دَرَجَةِ أَبِيهِ، وَأَمَّا أَبُو الْجَدِّ فَقِيلَ يَسْتَوِيَانِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْجِهَةَ مُقَدَّمَةٌ إلَى آخِرِهَا، فَأَبُو الْجَدِّ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالْجَدُّ مُقَدَّمٌ قَطْعًا، وَأَمَّا الِابْنُ وَابْنُهُ فَلِأَنَّهُمَا يَحْجُبَانِ أَبَاهُ، وَأَمَّا الْأَخُ لِأَبَوَيْنِ فَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَبَاهُ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَهُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأَخِ لِأَبٍ وَإِنَّمَا قُيِّدَ هُنَا بِالْعَدَدِ دُونَ غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ خَوْفًا مِنْ اللَّبْسِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلِأَبٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (هَؤُلَاءِ السَّبْعَةُ) وَجْهُ ذَلِكَ فِي الْأَخِ أَنَّهُ ابْنُ أَبِي الْمَيِّتِ وَالْعَمُّ ابْنُ جَدِّهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يُحْجَبْنَ) أَيْ لِمَا سَبَقَ فِي الْأَبِ وَالِابْنِ وَالزَّوْجِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ هُنَا أَيْضًا لَفْظُ أَحَدٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ ابْنُ عَمٍّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَسْفَلَ مِنْهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 كَأُمِّ أُمٍّ وَأُمِّ أُمِّ أُمٍّ وَأُمِّ أَبٍ وَأُمِّ أُمِّ أَبٍ، (وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) كَأُمِّ أُمٍّ (تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَأُمِّ أُمِّ أَبٍ، وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ) كَأُمِّ أَبٍ (لَا تَحْجُبُ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) كَأُمِّ أُمِّ أُمٍّ (فِي الْأَظْهَرِ) بَلْ يَشْتَرِكَانِ فِي السُّدُسِ، وَالثَّانِي تَحْجُبُهَا كَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِقُوَّةِ قَرَابَةِ الْأُمِّ يَحْجُبُهَا الْجَدَّاتُ (وَالْأُخْتُ مِنْ الْجِهَاتِ كَالْأَخِ) فِيمَا يَحْجُبُ فِيهِ فَيَحْجُبُ الْأُخْتَ لِأَبَوَيْنِ الْأَبُ وَالِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ وَلِأَبٍ هَؤُلَاءِ وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ، وَلِأُمِّ أَبٍ وَجَدٍّ وَوَلَدِ وَوَلَدِ ابْنٍ (وَالْأَخَوَاتُ الْخُلَّصُ لِأَبٍ يَحْجُبُهُمْ أَيْضًا أُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ) فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ أَخٌ عَصَّبَهُنَّ كَمَا سَيَأْتِي (وَالْمُعْتِقَةُ كَالْمُعْتِقِ) يَحْجُبُهَا عَصَبَةُ النَّسَبِ (وَكُلُّ عَصَبَةٍ) مِمَّنْ يَحْجُبُ (يَحْجُبُهُ أَصْحَابُ فُرُوضٍ مُسْتَغْرِقَةٍ) لِلْمَالِ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَعَمٍّ لَا شَيْءَ لِلْعَمِّ فَصْلٌ الِابْنُ يَسْتَغْرِقُ الْمَالَ وَكَذَا الْبَنُونَ وَالِابْنَانِ بِالْإِجْمَاعِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ. (وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِبِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ وَلَوْ اجْتَمَعَ بَنُونَ وَبَنَاتٌ فَالْمَالُ لَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) أَيْ نَصِيبُهُمَا قَالَ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11] وَتَقَدَّمَ قِيَاسُ الْبِنْتَيْنِ عَلَى الْأُخْتَيْنِ. (وَأَوْلَادُ الِابْنِ إذَا انْفَرَدُوا كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ) فِيمَا ذُكِرَ بِالْإِجْمَاعِ، (فَلَوْ اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ ذَكَرٌ حَجَبَ أَوْلَادَ الِابْنِ) بِالْإِجْمَاعِ (وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ لِلصُّلْبِ بِنْتٌ) فَقَطْ (فَلَهَا النِّصْفُ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الِابْنِ الذُّكُورِ) بِالسَّوِيَّةِ (أَوْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) مِنْ وَلَدِ الِابْنِ (إلَّا أُنْثَى أَوْ إنَاثٌ فَلَهَا أَوْ لَهُنَّ السُّدُسُ) تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ (وَإِنْ كَانَ لِلصُّلْبِ بِنْتَانِ فَصَاعِدًا أَخَذَتَا) وَأَخَذْنَ (الثُّلُثَيْنِ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الِابْنِ الذُّكُورِ) بِالسَّوِيَّةِ (أَوْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (وَلَا شَيْءَ لِلْإِنَاثِ الْخُلَّصِ)   [حاشية قليوبي] بِلَا وَاسِطَةٍ غَيْرِ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ، أَوْ يُقَالُ كُلُّ مَنْ أَدْلَى إلَى الْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ فَرْعًا مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ فَرْعُ النَّسَبِ، أَوْ يُقَالُ كُلُّ مَنْ أَدْلَى إلَى الْمَيِّتِ بِالنَّسَبِ بِلَا وَاسِطَةٍ. قَوْلُهُ: (تَحْجُبُ الْبُعْدَى عَنْهَا) أَيْ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ فَلَوْ وَرِثَتْ الْجَدَّةُ بِالْجِهَتَيْنِ فَلَوْ حُجِبَتْ مِنْ إحْدَاهُمَا وَرِثَتْ بِالْأُخْرَى، كَأَنْ تَزَوَّجَ شَخْصٌ بِبِنْتِ خَالَتِهِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَمَاتَ هَذَا الْوَلَدُ عَنْ أُمِّهِ فَقَطْ. أَوْ عَنْ أَبِيهِ فَقَطْ وَعَنْ أُمِّ خَالَةِ أَبِيهِ الَّتِي هِيَ أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ وَأَمُّ أُمِّ أَبِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأُخْتُ مِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ كَالْأُخْتِ) نَعَمْ هِيَ لَا تَسْقُطُ عِنْدَ الِاسْتِغْرَاقِ وَلَهَا مِنْ الْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ السُّدُسُ، وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ دَقِيقٌ. قَوْلُهُ: (أُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ) وَكَذَا شَقِيقَةٌ مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مِمَّنْ يُحْجَبُ) خَرَجَ الِابْنُ. قَوْلُهُ: (يَحْجُبُهُ أَصْحَابُ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَنْقَلِبْ إلَى فَرْضٍ كَالشَّقِيقِ فِي الْمُشَرِّكَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَتَسْمِيَةُ الِاسْتِغْرَاقِ حَجْبًا لَا ضَرَرَ فِيهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ مِنْ الْحَجْبِ بِالشَّخْصِ لِإِسْنَادِهِ إلَى الْأَحَدِ فِيمَا مَرَّ وَإِلَى أَصْحَابِ الْفُرُوضِ هُنَا، وَعَلَيْهِ فَنِسْبَةُ بَعْضِهِمْ هَذَا الْحَجْبَ إلَى الْفُرُوضِ أَوْ إلَى الِاسْتِغْرَاقِ فِيهِ تَجَوُّزٌ فَافْهَمْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَجَدٍّ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْجَدَّ يَرِثُ فِي هَذِهِ بِالْفَرْضِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْهَائِمِ. فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ إرْثِ الْأَوْلَادِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا قَوْلُهُ: {مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] أَمَّا تَفْضِيلُ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى فَلِصَلَاحِيَّتِهِ لِلنُّصْرَةِ وَالْجِهَادِ وَالْإِمَامَةِ وَتَحَمُّلِ الْعَقْلِ أَيْ الدِّيَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ دُونَهَا وَأَمَّا جَعْلُهُ مِثْلَيْهَا فَلِأَنَّ لَهُ حَاجَتَيْنِ لِنَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ، وَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْأُولَى وَقَدْ تَسْتَغْنِي عَنْهَا بِالزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (إذَا انْفَرَدُوا) أَيْ عَنْ أَوْلَادِ الصُّلْبِ. قَوْلُهُ: (فِيمَا ذُكِرَ) وَهُوَ أَنَّ الْوَاحِدَ فَأَكْثَرَ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ، وَأَنَّ لِلْوَاحِدَةِ النِّصْفَ وَأَنَّ لِلْبِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَيْنِ،   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا تُحْجَبُ الْبُعْدَى) لِأَنَّ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ لَهَا قُوَّةٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَبَ لَا يَحْجُبُهَا، وَالْأُمُّ تَحْجُبُ أُمَّ الْأَبِ، فَقُوَّتُهَا جَبَرَتْ تَرَاخِيَهَا، وَكَمَا أَنَّ الْأَبَ لَا يَحْجُبُ الْجَدَّةَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، فَكَذَلِكَ أُمُّهُ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (يَحْجُبُهَا الْجَدَّاتُ) أَيْ بِخِلَافِ الْأَبِ فَإِنَّهُ لَا يَحْجُبُ الْجَدَّاتِ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (فِيمَا يُحْجَبُ بِهِ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَخَ يَسْقُطُ بِأَصْحَابِ الْفُرُوضِ الْمُسْتَغْرِقَةِ بِخِلَافِ الْأُخْتِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَاجِبِ الَّذِي مَرَّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُخْتَانِ لِأَبَوَيْنِ) لِأَنَّ فَرْضَ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْ الْإِنَاثِ لَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ مَعَ حَجْبِ الْأَبِ وَالِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ وَالْأَخِ لِأَبَوَيْنِ لَهُنَّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكُلُّ عَصَبَةٍ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسْأَلَتَانِ الْعَصَبَةُ لِأَبَوَيْنِ فِي الْمُشَرِّكَةِ الثَّانِيَةُ الْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَجَدٍّ) هُوَ هُنَا وَارِثٌ بِالتَّعْصِيبِ دُونَ الْفَرْضِ، فَلَوْ قَالَ بَدَلَ جَدٍّ وَأَخٌ لِأُمٍّ كَانَ أَوْلَى. [فَصْلٌ الِابْن يَسْتَغْرِقُ الْمَالَ وَكَذَا الْبَنُونَ وَالِابْنَانِ] فَصْلٌ الِابْنِ يَسْتَغْرِقُ إلَخْ إنَّمَا قَدَّمَ الْأَوْلَادَ عَلَى غَيْرِهِمْ جَرْيًا عَلَى نَظْمِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: {مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وَذَلِكَ لِأَنَّ الذُّكُورَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِالِاتِّفَاقِ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ الْجَاهِلِيَّةُ يَحْرُمُونَ الْإِنَاثَ فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ حَظًّا مِنْ الْمِيرَاثِ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: الذَّكَرُ لَهُ حَاجَةٌ لِنَفْسِهِ وَحَاجَةٌ لِزَوْجَتِهِ هـ وَالْأُنْثَى حَاجَتُهَا وَاحِدَةٌ. قَوْلُهُ: (تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ) مُرَادُ الْعُلَمَاءِ بِذِكْرِ هَذَا أَنَّ السُّدُسَ لَيْسَ فَرْضًا مُسْتَقِلًّا لَهُنَّ هُنَا بَلْ هُوَ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 مِنْهُمْ مَعَ بِنْتَيْ الصُّلْبِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَ مِنْهُنَّ ذَكَرٌ فَيُعَصِّبُهُنَّ) فِي الْبَاقِي لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَلَمْ يُسْتَثْنَ الْمُسَاوِي فِي الدَّرَجَةِ أَيْضًا لِدُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ، أَمَّا الْأَعْلَى فَيَسْقُطْنَ بِهِ. (وَأَوْلَادُ ابْنِ الِابْنِ مَعَ أَوْلَادِ الِابْنِ كَأَوْلَادِ الِابْنِ مَعَ أَوْلَادِ الصُّلْبِ) فِيمَا ذُكِرَ (وَكَذَا سَائِرُ الْمَنَازِلِ) أَيْ بَاقِيهَا كَأَوْلَادِ ابْنِ ابْنِ الِابْنِ مَعَ أَوْلَادِ ابْنِ الِابْنِ (وَإِنَّمَا يُعَصِّبُ الذَّكَرُ النَّازِلُ) مِنْهُمْ عَنْ الْإِنَاثِ (مَنْ فِي دَرَجَتِهِ) كَأُخْتِهِ وَبِنْتِ عَمِّهِ بِخِلَافِ مَنْ هِيَ أَسْفَلُ مِنْهُ فَيُسْقِطُهَا كَمَا تَقَدَّمَ. (وَيُعَصِّبُ مَنْ فَوْقَهُ) كَبِنْتِ عَمِّ أَبِيهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ) كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ فَلَا يُعَصِّبُهَا. فَصْلٌ الْأَبُ يَرِثُ بِفَرْضٍ إذَا كَانَ مَعَهُ ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ وَفَرَضَاهُ (السُّدُسُ) كَمَا تَقَدَّمَ فَيَأْخُذُهُ وَالْبَاقِي لِمَنْ مَعَهُ (وَ) يَرِثُ (بِتَعْصِيبٍ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ) فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ كَزَوْجٍ أَخَذَ الْبَاقِيَ بَعْدَهُ وَإِلَّا أَخَذَ الْجَمِيعَ (وَ) يَرِثُ (بِهِمَا) أَيْ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ. (إذَا كَانَ مَعَهُ بِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ لَهُ السُّدُسُ فَرْضًا وَالْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِهِمَا) لَهُ (بِالْعُصُوبَةِ) وَهُوَ الثُّلُثُ (وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ أَوْ السُّدُسُ فِي الْحَالَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي الْفُرُوضِ) وَذَكَرَتْ هُنَا بِذَلِكَ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَلَهَا فِي مَسْأَلَتَيْ زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ) فَرْضِ (الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ) لَا ثُلُثُ الْجَمِيعِ لِيَأْخُذَ الْأَبُ مِثْلَيْ مَا تَأْخُذُ الْأُمُّ، وَاسْتَبْقَوْا فِيهَا لَفْظَ الثُّلُثِ مُوَافَقَةً لِلْآيَةِ {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] ، وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ وَالثَّانِيَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ (وَالْجَدُّ) فِي الْمِيرَاثِ (كَالْأَبِ إلَّا أَنَّ الْأَبَ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ) لِلْمَيِّتِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَالْجَدُّ يُقَاسِمُهُمْ إنْ كَانُوا لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ (وَالْأَبُ يُسْقِطُ أُمَّ نَفْسِهِ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يُسْقِطُهَا الْجَدُّ) لِأَنَّهَا لَمْ تُدْلِ بِخِلَافِهَا فِي الْأَبِ، (وَالْأَبُ فِي) مَسْأَلَتَيْ. (زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ يَرُدُّ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى ثُلُثِ الْبَاقِي) كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَرُدُّهَا الْجَدُّ) إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِيهَا فِي الدَّرَجَةِ بِخِلَافِ الْأَبِ (وَلِلْجَدَّةِ السُّدُسُ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَكَذَا الْجَدَّاتُ)   [حاشية قليوبي] وَأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَا كَانَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. قَوْلُهُ: (الصِّنْفَانِ) أَيْ أَوْلَادُ الصُّلْبُ وَأَوْلَادُ الِابْنِ وَالْمُرَادُ بِهِ جِنْسُ الذُّكُورِ أَوْ الذَّكَرُ الْوَاحِدُ. قَوْلُهُ: (بِالسَّوِيَّةِ) حَيْثُ اتَّحَدَتْ دَرَجَتُهُمْ سَوَاءٌ كَانُوا إخْوَةً بِأَنْ اتَّحَدَ الِابْنُ وَأَوْلَادُ عَمٍّ لِبَعْضِهِمْ بِأَنْ تَعَدَّدَ الِابْنُ. قَوْلُهُ: (وَالذُّكُورُ) وَالْإِنَاثُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلَا شَيْءَ لِلْإِنَاثِ الْخُلَّصِ) سَوَاءٌ كُنَّ أَخَوَاتٍ أَوْ لَا اتَّحَدَتْ دَرَجَتُهُنَّ أَوْ تَعَدَّدَتْ. قَوْلُهُ: (مِنْ فَوْقِهِ) وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الدَّرَجَاتُ وَأَصْحَابُهَا. قَوْلُهُ: (لَهَا) ضَمِيرُهُ عَائِدٍ لِمَنْ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا وَالْمُرَادُ بِهَا الْجِنْسُ، وَيُسَمَّى الْأَخُ أَوْ ابْنُ الِابْنِ الْمَذْكُورُ، إذَا عَصَّبَ السَّاقِطَةَ بِالْأَخِ الْمُبَارَكِ أَوْ ابْنِ الْأَخِ الْمُبَارَكِ أَوْ بِابْنِ الْعَمِّ الْمُبَارَكِ لِعَوْدِ بَرَكَتِهِ عَلَى مَنْ عَصَّبَهَا بِإِرْثِهَا مَعَهُ، وَلَوْلَاهُ لَمْ تَرِثْ وَضِدُّ هَذَا يُسَمَّى بِالْأَخِ الْمَشْئُومِ، كَأَخٍ لِأَبٍ مَعَ أُخْتِهِ إذَا اجْتَمَعَا مَعَ بِنْتٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ لِأَنَّهُ لَوْلَاهُ لَوَرِثَتْ فَتَأَمَّلْ. فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ إرْثِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْأُمِّ فِي حَالَةِ قَوْلِهِ: (الْأَبُ يَرِثُ بِفَرْضٍ) أَيْ فَقَطْ وَبَدَأَ بِهِ لِقُوَّتِهِ عَلَى التَّعْصِيبِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَيَرِثُ بِتَعْصِيبٍ) أَيْ فَقَطْ بِقِيَاسِ الْفَحْوَى عَلَى الْأَخِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] . قَوْلُهُ: (أَوْ بِنْتُ ابْنٍ) هِيَ مَانِعَةُ الْخُلُوِّ كَذَا قِيلَ وَالْوَجْهُ أَنَّهَا مَانِعَةُ الْجَمْعِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَهُوَ الثُّلُثُ. قَوْلُهُ: (فَرْضَيْهِمَا) فِيهِ تَثْنِيَتَانِ، وَهُمَا الْفَرْضَانِ وَصَاحِبَاهُمَا وَهُمَا الْأَبُ مَعَ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ أَوْ هُمَا وَفِي نُسْخَةٍ أَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ وَهُوَ الْأَفْصَحُ. قَوْلُهُ: (فِي مَسْأَلَتَيْ إلَخْ) أَيْ وَيُلَقَّبَانِ بِالْغَرَّاوَيْنِ لِشُهْرَتِهِمَا كَالْكَوْكَبِ الْأَغَرِّ، وَبِالْعُمْرِيَّتَيْنِ لِقَضَاءِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهِمَا بِمَا ذُكِرَ وَبِالْغَرِيبَتَيْنِ لِعَدَمِ النَّظِيرِ لَهُمَا. قَوْلُهُ: (مِنْ سِتَّةٍ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ تَصْحِيحًا وَنُقِلَ عَنْهُ إنَّهُ تَأْصِيلٌ، لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَثُلُثُ مَا يَبْقَى، وَهَذَا الْمُوَافِقُ لِلْقَاعِدَةِ الْعَدَدِيَّةِ وَالْفَرْضِيَّةِ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَصْحِيحٌ وَهْمٌ كَمَا قَالَهُ فِي كَشْفِ الْغَوَامِضِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِيَةُ مِنْ   [حاشية عميرة] وَإِلَّا لَوَجَبَ لَهُنَّ عِنْدَ اسْتِغْرَاقِ بَنَاتِ الصُّلْبِ الثُّلُثَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا شَيْءَ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَ غَايَةَ الْبَنَاتِ الثُّلُثَيْنِ. قَوْلُهُ: (فِيمَا قَبْلَهُ) يُرْجَعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَعْصِبُهَا) لَا يُقَالُ هَلَّا أَخَذَتْ السُّدُسَ فَرْضًا، وَشَارَكَتْ فِي الْبَاقِي تَعْصِيبًا لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ خَصَائِصِ الْآبَاءِ، وَلَا يَرِدُ الْأَخُ لِلْأُمِّ إذَا كَانَ ابْنَ عَمٍّ حَيْثُ يَرِثُ بِهَا لِأَنَّهُ بِجِهَتَيْنِ. [فَصْل الْأَبُ يَرِثُ بِفَرْضٍ إذَا كَانَ مَعَهُ ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ] فَصْلُ الْأَبِ يَرِثُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبِتَعْصِيبٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَ لِلْأَخِ جَمِيعَ الْمَالِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَالْأَبُ أَوْلَى بِذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبِهِمَا) لِحَدِيثِ «فَمَا أَبْقَتْ الْفَرَائِضُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ) كَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ كَانَا مَعَهُ أَوْ كَانَ مَعَهُ بِنْتَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِهِمَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَيْ بَعْدَ فَرْضِ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ وَالْأَبِ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَى الْبِنْتَيْنِ، لِأَنَّ الضَّمِيرَ بَعْدَ الْعَطْفِ بِأَوْ يُفْرَدُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَبَوَيْنِ ثُلُثُ إلَخْ) لَوْ قَالَ وَأَبٍ لَكَفَى. قَوْلُهُ: (وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ) لِأَنَّهَا مِنْ نِصْفٍ وَثُلُثِ الْبَاقِي. فَصْلٌ فِي مِيرَاثِ الْحَوَاشِي قَوْلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 يَعْنِي الْجَدَّتَيْنِ فَصَاعِدًا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لَهُنَّ السُّدُسُ رَوَى الْحَاكِمُ عَنْ عِبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى لِلْجَدَّتَيْنِ مِنْ الْمِيرَاثِ بِالسُّدُسِ بَيْنَهُمَا» ، وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. (وَتَرِثُ مِنْهُنَّ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ خُلَّصٍ) كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ، وَلَا يَرِثُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ إلَّا وَاحِدَةٌ. (وَأَمُّ الْأَبِ وَأُمَّهَاتُهَا كَذَلِكَ) أَيْ الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ خُلَّصٍ كَأُمِّ أُمِّ أُمِّ الْأَبِ. (وَكَذَا أُمُّ أَبِي الْأَبِ وَأُمُّ الْأَجْدَادِ فَوْقَهُ وَأُمَّهَاتُهُنَّ) يَرِثْنَ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِإِدْلَائِهِنَّ بِوَارِثٍ، وَالثَّانِي لَا يَرِثْنَ بِجَدٍّ كَالْإِدْلَاءِ بِأَبِي الْأُمِّ. (وَضَابِطُهُ) أَيْ إرْثُ الْجَدَّاتِ أَنْ يُقَالَ (كُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِمَحْضِ إنَاثٍ) كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ (أَوْ) بِمَحْضِ (ذُكُورٍ) كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ (أَوْ) بِمَحْضِ (إنَاثٍ إلَى ذُكُورٍ) كَأُمِّ أُمِّ أُمِّ الْأَبِ. (تَرِثُ وَمَنْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ) كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ (فَلَا) تَرِثُ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا مَعَ الذَّكَرِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ فِي أَصْلِ الْمَذْهَبِ. فَصْلٌ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ إذَا انْفَرَدُوا أَيْ عَنْ أَوْلَادِ الْأَبِ (وَرِثُوا كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ) لِلذَّكَرِ الْوَاحِدِ فَأَكْثَرَ جَمِيعُ الْمَالِ وَلِلْأُنْثَى النِّصْفُ وَلِلْأُنْثَيَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ وَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فِي اجْتِمَاعِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ (وَكَذَا إنْ كَانُوا الْأَبَ) أَيْ وَرِثُوا، كَمَا ذُكِرَ وَيَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ الْأَبَوَيْنِ وَأَوْلَادَ الْأَبِ قَوْله تَعَالَى {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 176] . (إلَّا فِي الْمُشَرَّكَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ (وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَوَلَدُ أُمٍّ وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ فَيُشَارِكُ الْأَخُ) لِأَبَوَيْنِ (وَلَدَ الْأُمِّ فِي الثُّلُثِ) فَرْضِهِمَا لِاشْتِرَاكِهِ مَعَهُمَا فِي وِلَادَةِ الْأُمِّ لَهُمْ. (وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْأَخِ) لِأَبَوَيْنِ (أَخٌ لِأَبٍ سَقَطَ) فَلَيْسَ كَالْأَخِ لِأَبَوَيْنِ فِي الْإِرْثِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُشَرَّكِ فِيهَا بَيْنَ وَلَدِ الْأُمِّ وَوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ (وَلَوْ اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ) أَيْ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ وَأَوْلَادُ أَبٍ (فَكَاجْتِمَاعِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَأَوْلَادِ ابْنِهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ ذَكَرٌ حَجَبَ أَوْلَادَ الْأَبِ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ، وَالْبَاقِي لِأَوْلَادِ الْأَبِ الذُّكُورِ أَوْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ إلَّا أُنْثَى أَوْ إنَاثٌ فَلَهَا أَوْ لَهُنَّ السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ وَإِنْ كَانَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ اثْنَتَيْنِ، فَأَكْثَرَ فَلَهُمَا أَوْ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الْأَبِ الذُّكُورِ أَوْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَلَا   [حاشية قليوبي] أَرْبَعَةٍ) فِيهِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَبُ يُسْقِطُ أُمَّ نَفْسِهِ) وَكَذَا الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا فَلَا مُخَالَفَةَ فِي هَذِهِ. فَصْلٌ قَوْلُهُ: (لِلْجَدَّتَيْنِ) وَيُقَاسُ مَا زَادَ عَلَيْهِمَا بِهِمَا فَلَا يُزَادُ لَهُنَّ عَلَى السُّدُسِ شَيْءٌ. قَوْلُهُ: (وَأَمُّ الْأَجْدَادِ) هِيَ بِمَعْنَى الْجَمْعِ بِدَلِيلِ الْإِضَافَةِ وَضَمِيرُ الْجَمْعِ بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (بِوَارِثٍ) هُوَ مَحِلُّ الرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَتَأَمَّلْهُ. فَصْلٌ فِي مِيرَاثِ الْحَوَاشِي قَوْلُهُ: (أَيْ عَنْ أَوْلَادٍ لِأَبٍ) وَكَذَا عَنْ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِهِمْ كَمَا يَشْمَلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِمْ بِقَوْلِهِ وَرِثُوا وَخَرَجَ بِهِ حَجْبُهُمْ، فَلَيْسُوا كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ فِيهِ لِأَنَّهُمْ يُحْجَبُونَ بِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا) فَصَلَ بِهِ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا إلَخْ) هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِمَّا تَضَمَّنَهُ كَلَامُهُ مِنْ عُمُومِ التَّشْبِيهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُنْقَطِعٌ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الرَّاءِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ وَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَالْأَصْلُ الْمُشَرَّكِ فِيهَا، وَيَجُوزُ الْكَسْرُ عَلَى النِّسْبَةِ الْمَجَازِيَّةِ، وَتُسَمَّى الْحِمَارِيَّةَ وَالْحَجَرِيَّةَ وَالْيَمِّيَّةَ وَالْمِنْبَرِيَّةَ. قَوْلُهُ: (وَأُمٌّ) وَمِثْلُهَا الْجَدَّةُ. قَوْلُهُ: (وَوَلَدُ أُمٍّ) أَيْ فَأَكْثَرُ. قَوْلُهُ: (وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ) الْمُرَادُ عَصَبَةٌ شَقِيقَةٌ، وَلَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا، فَلَوْ قَالَ شَقِيقٌ لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ وَلَعَلَّهُ رَاعَى الْقِسْمَةَ الْمُشَارَ إلَيْهَا فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الثُّلُثِ) أَيْ مِنْ السِّتَّةِ الَّتِي هِيَ أَصْلُهَا، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَيَخْتَلِفُ التَّصْحِيحُ بِحَسَبِ عَدَدِ أَوْلَادِ الْأُمِّ وَالْأَشِقَّاءِ. قَوْلُهُ: (فَرْضُهُمَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْأَخُ الشَّقِيقُ بِالْفَرْضِ، فَلَوْ كَانَ مَعَهُ أُنْثَى فَلَهَا مِثْلُهُ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ. تَنْبِيهٌ إرْثُ الْأَخِ بِالْفَرْضِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ اعْتِبَارِ بَقَاءِ الْعُصُوبَةِ فِيهِ فَيَحْجُبُ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبِ، لَوْ كَانُوا مَعَهُ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي كَشْفِ الْغَوَامِضِ. قَوْلُهُ: (أَخٌ لِأَبٍ سَقَطَ) وَلَوْ كَانَ مَعَهُ أُخْتٌ لِأَبٍ فَأَكْثَرُ سَقَطَتْ تَبَعًا لَهُ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لَهُ الْأَخُ الْمَشْئُومُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهَا لَوْ انْفَرَدَتْ عَنْهُ لَمْ تَسْقُطْ فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فُرِضَ لَهَا النِّصْفُ، أَوْ أَكْثَرُ فُرِضَ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَتُعَالُ الْمَسْأَلَةُ أَوْ خُنْثَى عُمِلَ بِالْأَحْوَطِ فَيُقَدَّرُ فِي حَقِّهِ   [حاشية عميرة] الْمَتْنِ: (وَأَمُّ الْأَبِ وَأُمَّهَاتُهَا كَذَلِكَ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَدَّتَيْنِ جَاءَتَا إلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَعْطَى أُمَّ الْأُمِّ فَقَطْ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ أَعْطَيْت الَّتِي لَوْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا، وَحَرَمْت الَّتِي لَوْ مَاتَتْ لَوَرِثَهَا فَشَرَّكَ بَيْنَهُمَا فِيهِ. [فَصْلٌ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ إذَا انْفَرَدُوا عَنْ أَوْلَادِ الْأَبِ] فَصْلُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيُشَارِكُهُ الْأَخُ) لَوْ كَانَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ الْمَذْكُورُ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا بُدَّ مِنْ تُسَاوِيهِمْ فِي الْأَخْذِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَأْخُذُونَ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ، ثُمَّ حَكَاهُ عَنْ صَاحِبِ التَّعْجِيزِ وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا تَقَاسَمُوا الثُّلُثَ بِالسَّوِيَّةِ يُؤْخَذُ مَا يَخُصُّ الْأَشِقَّاءَ، وَيُقْسَمُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. فَرْعٌ لَوْ كَانَ بَدَلُ الشَّقِيقِ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَلَهَا النِّصْفُ، وَتُعَالُ فَلَوْ كَانَ مَعَ الْأُخْتِ لِلْأَبِ أَخٌ لِأَبٍ أَسْقَطَهَا وَهُوَ الْأَخُ الْمَشْئُومُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِاشْتِرَاكِهِ إلَخْ) وَفِي قَوْلٍ غَرِيبٍ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ يَسْقُطُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ اللَّبَّانِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَأَبُو خَلْفٍ الطَّبَرِيُّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 شَيْءَ لِلْإِنَاثِ الْخُلَّصِ مِنْهُمْ مَعَ الْأُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ، وَلَا يَأْتِي هُنَا الِاسْتِثْنَاءُ السَّابِقُ فِي بَنَاتِ الِابْنِ كَمَا قَالَ (إلَّا أَنَّ بَنَاتِ الِابْنِ يُعَصِّبُهُنَّ مَنْ فِي دَرَجَتِهِنَّ أَوْ أَسْفَلُ) مِنْهُنَّ أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ (وَالْأُخْتُ وَلَا يُعَصِّبُهَا إلَّا أَخُوهَا) أَيْ فَلَا يُعَصِّبُهَا ابْنُ أَخِيهَا فَلَيْسَتْ كَبِنْتِ الِابْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَتَسْقُطُ وَيَخْتَصُّ ابْنُ أَخِيهَا بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّلُثَيْنِ. (وَلِلْوَاحِدِ مِنْ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ لِأُمٍّ السُّدُسُ وَلِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا) مِنْهُمْ (الثُّلُثُ سَوَاءٌ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَالْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مَعَ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ عَصَبَةٌ كَالْإِخْوَةِ، فَتَسْقُطُ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ مَعَ الْبِنْتِ الْأَخَوَاتُ لِأَبٍ) فَالْمُرَادُ بِالْأَخَوَاتِ وَالْبَنَاتِ الْجِنْسُ رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ «ابْنَ مَسْعُودٍ سُئِلَ عَنْ بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَأُخْتٍ فَقَالَ لِأَقْضِيَن فِيهَا بِمَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلِابْنَةِ النِّصْفُ، وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسُ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ» . (وَبَنُو الْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ كُلٌّ مِنْهُمْ كَأَبِيهِ اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا) فَفِي الِانْفِرَادِ يَسْتَغْرِقُ الْوَاحِدُ وَالْجَمَاعَةُ الْمَالَ، وَفِي الِاجْتِمَاعِ يَسْقُطُ ابْنُ الْأَخِ لِأَبٍ بِابْنِ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ. (لَكِنْ يُخَالِفُونَهُمْ) أَيْ آبَاءَهُمْ (فِي أَنَّهُمْ لَا يَرُدُّونَ الْأُمَّ) مِنْ الثُّلُثِ (إلَى السُّدُسِ) بِخِلَافِ آبَائِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ) بِخِلَافِ آبَائِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ (وَيَسْقُطُونَ فِي الْمُشَرَّكَةِ) بِخِلَافِ آبَائِهِمْ الْأَشِقَّاءِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَالْعَمُّ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ كَأَخٍ مِنْ الْجِهَتَيْنِ اجْتِمَاعًا انْفِرَادًا) فَمَنْ انْفَرَدَ مِنْهُمَا أَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ وَإِذَا اجْتَمَعَا سَقَطَا الْعَمُّ لِأَبٍ بِالْعَمِّ لِأَبَوَيْنِ (وَكَذَا قِيَاسُ بَنِي الْعَمِّ وَسَائِرِ) بَاقِي (عَصَبَةِ النَّسَبِ) كَبَنِي بَنِي الْعَمِّ وَبَنِي بَنِي الْإِخْوَةِ وَهَلُمَّ وَمِنْ الْعَصَبَةِ عَمُّ الْأَبِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، وَعَمُّ الْجَدِّ كَذَلِكَ، وَبَنُوهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ. (وَالْعَصَبَةُ مَنْ لَيْسَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الْمُجْمَعِ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ فَيَرِثُ الْمَالَ) إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ذُو فَرْضٍ (أَوْ مَا فَضَلَ بَعْدَ الْفُرُوضِ) أَوْ الْفَرْضَ إنْ كَانَ مَعَهُ ذَوُو فُرُوضٍ، أَوْ ذُو فَرْضٍ أَيْ سَهْمٍ مُقَدَّرٍ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَنْ لَهُ فَرْضٌ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ فِي حَالَةِ الْفَرْضِ أَوْ فِي حَالَةٍ أُخْرَى فَيَتَنَاوَلُهُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ الْحَدُّ الصَّادِقُ عَلَى الْعَصَبَةِ بِنَفْسِهِ كَالِابْنِ وَبِغَيْرِهِ كَالْبِنْتِ بِأَخِيهَا وَمَعَ غَيْرِهِ كَالْأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ، وَقَوْلُهُ فَيَرِثُ الْمَالَ صَادِقُ الْعَصَبَةِ بِنَفْسِهِ وَبِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ مَعًا وَمَا بَعْدُ صَادِقٌ بِذَلِكَ وَبِالْعَصَبَةِ مَعَ غَيْرِهِ ثُمَّ الْعَصَبَةُ يُسَمَّى بِهَا الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ قَالَهُ الْمُطَرِّزِيُّ. فَصَلِّ مَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ بِنَسَبٍ وَلَهُ مُعْتِقٌ فَمَا لَهُ أَوْ الْفَاضِلُ مِنْهُ (عَنْ الْفُرُوضِ) أَوْ الْفَرْضِ (لَهُ) أَيْ لِلْمُعْتِقِ (رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً) بِالْإِجْمَاعِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ يُوجَدْ مُعْتِقٌ (فَلِعَصَبَتِهِ بِنَسَبِ   [حاشية قليوبي] ذُكُورَتُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ، وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ أُنُوثَتُهُ فَيُعَالُ لَهُ بِالنِّصْفِ عَلَى السِّتَّةِ إلَى تِسْعَةٍ، وَالْجَامِعَةُ لَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلتَّوَافُقِ بِالثُّلُثِ يُوقَفُ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ، فَإِنْ بَانَ أُنْثَى أَخَذَهَا أَوْ ذَكَرًا رَدَّ عَلَى الزَّوْجُ ثَلَاثَةً وَعَلَى الْأُمِّ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (ذَكَرٌ) وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ كَانَ مَعَهُ أُنْثَى أَوْ إنَاثٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُعَصِّبُهَا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُعَصِّبُ أُخْتَهُ فَعَمَّتُهُ أَوْلَى وَعَكْسُهُ ابْنُ الِابْنِ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ إرْثَهُمْ بِطَرِيقِ الرَّحِمِ لَا بِالْعُصُوبَةِ وَسَوَاءٌ اجْتَمَعُوا أَوْ انْفَرَدُوا وَيَرِثُونَ مَعَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ، وَذَكَرُهُمْ أَدْلَى بِأُنْثَى وَيَرِثُ وَيَحْجُبُونَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ نُقْصَانًا فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَحْكَامٍ تَخُصُّهُمْ. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) فَذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَتُسْقِطُ) مِنْ أَسْقَطَ وَالْأُخْتُ فَاعِلُهُ وَالْأَخَوَاتُ مَفْعُولُهُ. قَوْلُهُ: (فَالْمُرَادُ) أَخْذًا مِنْ الْإِسْقَاطِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَمَا بَقِيَ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ إرْثَهَا بِالْعُصُوبَةِ، وَحِينَئِذٍ فَتَحْجُبُ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ الذُّكُورُ كَالْإِنَاثِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَالْعَصَبَةُ) أَيْ مَنْ يُوصَفُ بِهَذَا اللَّفْظِ مُفْرَدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَنْ لَيْسَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ، أَيْ مِنْ حَيْثُ التَّعْصِيبُ فَيَشْمَلُ أَقْسَامَ الْعَاصِبِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الْعَاصِبُ بِنَفْسِهِ، وَهُمْ ذَوُو الْوَلَاءِ وَلَوْ أُنْثَى وَرِجَالُ النَّسَبِ غَيْرُ الْأَخِ لِلْأُمِّ وَالْعَاصِبُ مَعَ غَيْرِهِ، وَهُنَّ الْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ سَوَاءٌ انْفَرَدْنَ أَوْ تَعَدَّدْنَ وَالْعَاصِبُ بِغَيْرِهِ وَهُنَّ الْبَنَاتُ مَعَ إخْوَتِهِنَّ وَبَنَاتُ الِابْنِ مَعَ إخْوَتِهِنَّ أَوْ بَنِي عَمِّهِنَّ، أَوْ مَنْ هُوَ أَنْزَلُ مِنْهُنَّ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مَعَ إخْوَتِهِنَّ. أَوْ مَعَ الْجَدِّ سَوَاءٌ انْفَرَدْنَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَوْ تَعَدَّدْنَ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمُجْمَعِ عَلَى إرْثِهِنَّ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إسْقَاطُهُ لِيَشْمَلَ إرْثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ، فَإِنَّهُ بِالْعُصُوبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَبَعًا لِأَكْثَرِ الْفَرْضِيِّينَ. فَصْلٌ فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ قَوْلُهُ: (وَلَهُ مُعْتَقٌ) أَيْ اسْتَقَرَّ لَهُ وَلَاؤُهُ فَيَخْرُجُ عِتْقُ حَرْبِيٍّ رَقَّ وَمَلَكَهُ مُسْلِمٌ، وَأَعْتَقَهُ فَوَلَاؤُهُ لَهُ عَلَى النَّصِّ، فَهُوَ الَّذِي يَرِثُهُ دُونَ   [حاشية عميرة] وَاسْتَدَلَّ لَهُ أَبُو مَنْصُورٍ بِأَنَّ الشَّخْصَ لَوْ أَوْصَى لِوَلَدِ أُمِّهِ بِمِائَةٍ وَشَقِيقِهِ بِبَاقِي الثُّلُثِ، وَكَانَ الثُّلُثُ مِائَةً اسْتَحَقَّهَا وَلَدُ الْأُمِّ بِلَا مُشَارَكَةٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُعَصِّبُهَا ابْنُ أَخِيهَا) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُعَصِّبُ أُخْتَ نَفْسِهِ، إذْ هِيَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَكَيْفَ يُعَصِّبُ عَمَّتَهُ بِخِلَافِ وَلَدِ الْوَلَدِ فَافْتَرَقَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِلْوَاحِدِ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ اجْتِمَاعَ الثَّلَاثَةِ وَالْحُكْمُ أَنَّ لِلْأَخِ لِلْأُمِّ السُّدُسَ وَالْبَاقِيَ لِلشَّقِيقِ، وَيَسْقُطُ الْآخَرُ وَفِي الْإِنَاثِ لِلشَّقِيقَةِ النِّصْفُ، وَلِلَّتِي لِلْأَبِ السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ وَيُفْرَضُ لِلَّتِي لِلْأُمِّ السُّدُسُ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَعْصِبُونَ أَخَوَاتِهِمْ) أَيْ لِأَنَّهُنَّ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْعَصَبَةُ) هِيَ مَنْ عُصِبُوا بِهِ إذَا احْتَاطُوا بِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كُلُّ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الرِّجَالِ عَاصِبٌ إلَّا الزَّوْجُ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ، وَكُلُّ مَنْ ذُكِرَتْ مِنْ النِّسَاءِ ذَاتُ فَرْضٍ إلَّا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 الْمُتَعَصِّبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ) كَابْنِهِ وَأَخِيهِ (لَا لِبِنْتِهِ وَأُخْتِهِ) مَعَ أَخَوَيْهِمَا الْمُعَصِّبَيْنِ لَهُمَا. (وَتَرْتِيبُهُمْ كَتَرْتِيبِهِمْ فِي النَّسَبِ) فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْمُعْتِقِ ثُمَّ ابْنُ ابْنِهِ ثُمَّ أَبُوهُ وَهَكَذَا (لَكِنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ أَخَا الْمُعْتِقِ وَابْنَ أَخِيهِ يُقَدَّمَانِ عَلَى جَدِّهِ) . وَالثَّانِي لَا يُقَدَّمَانِ عَلَيْهِ بَلْ يُشَارِكُهُ الْأَخُ، وَيَسْقُطُ بِهِ ابْنُ الْأَخِ كَمَا فِي النَّسَبِ. (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ) مِنْ النَّسَبِ (فَلِمُعْتِقِ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا فِي عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ. (وَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مُعْتَقُهَا) بِفَتْحِ التَّاءِ (أَوْ مُنْتَمِيًا إلَيْهِ بِنَسَبٍ) كَابْنِهِ (أَوْ وَلَاءً) كَعِتْقِهِ فَإِنَّهَا تَرِثُ بِالْوَلَاءِ مِنْ ذَكَرٍ وَيُشَارِكُهَا الرَّجُلُ فِي ذَلِكَ، وَيَزِيدُ عَلَيْهَا بِكَوْنِهِ عَصَبَةَ مُعْتِقٍ مِنْ النَّسَبِ، وَتَقَدَّمَ كُلُّ ذَلِكَ إلَّا مَسْأَلَةَ بِالِانْتِمَاءِ بِالنَّسَبِ. فَصَلِّ اجْتَمَعَ جَدٌّ وَإِخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فُرُوضٌ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ وَمُقَاسَمَتُهُمْ كَأَخٍ فَإِذَا كَانَ مَعَهُ أَخَوَانِ وَأُخْتٌ فَالثُّلُثُ أَكْثَرُ أَوْ أَخٌ وَأُخْتٌ فَالْمُقَاسَمَةُ أَكْثَرُ، وَإِذَا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ يُعَبِّرُ الْفَرْضِيُّونَ فِيهِ بِالثُّلُثِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ.   [حاشية قليوبي] الْحَرْبِيِّ قَوْلُهُ: (أَيْ يُوجَدْ مُعْتِقٌ) أَيْ مُطْلَقًا أَوْ بِصِفَةِ الْإِرْثِ فَيَرِثُ الْمُسْلِمُ ابْنَ الْكَافِرِ عَتِيقَ أَبِيهِ الْمُسْلِمِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (لَا لِبِنْتِهِ وَأُخْتِهِ) أَشَارَ بِالْأُولَى إلَى الْعَصَبَةِ بِالْغَيْرِ، وَبِالثَّانِيَةِ إلَى الْعَصَبَةِ مَعَ الْغَيْرِ وَسَوَاءٌ انْفَرَدَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ لَا وَحَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ لَيْسَ مُرَادًا. إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ مَحِلُّ التَّوَهُّمِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا فَرْضَ فِي الْوَلَاءِ وَكَذَا يُقَدَّمُ عَمُّ الْمُعْتِقِ عَلَى أَبِي جَدِّهِ. وَهَكَذَا وَيُقَدَّمُ فِي ابْنَيْ عَمِّ أَحَدِهِمَا أَخٌ لِأُمٍّ هَذَا عَلَى الْآخَرِ فَلَا شَيْءَ لَهُ. قَوْلُهُ: (بَلْ يُشَارِكُهُ الْأَخُ) أَيْ مُقَاسَمَةً أَبَدًا. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي النَّسَبِ) وَفُرِّقَ بِأَنَّهُ لَا فَرْضَ فِي الْوَلَاءِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (إلَّا مُعْتِقَهَا) أَيْ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهَا عِتْقُهَا فَيَدْخُلُ أَبُوهَا إذَا مَلَكَتْهُ فَلَوْ أَعْتَقَ هَذَا الْأَبُ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ عَنْهَا وَعَنْ أَخِيهَا، فَمِيرَاثُهُ لِأَخِيهَا دُونَهَا لِأَنَّهَا عَصَبَةُ نَسَبٍ بِنَفْسِهِ، وَيُقَالُ لِهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْقُضَاةِ لِأَنَّهُ كَمَا قِيلَ أَخْطَأَ فِيهَا أَرْبَعُمِائَةِ قَاضٍ غَيْرُ الْمُتَفَقِّهَةِ، حَيْثُ جَعَلُوا الْمِيرَاثَ لِلْبِنْتِ وَقِيلَ مَسْأَلَةُ الْقُضَاةِ غَيْرُ هَذِهِ. قَوْلُهُ: (وَتَقَدَّمَ كُلُّ ذَلِكَ) أَيْ فَهُوَ مُكَرَّرٌ وَذِكْرُهُ هُنَا إيضَاحٌ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ كَمَا عُلِمَ أَكْثَرُ ذَلِكَ، وَمَا هُنَا أَوْلَى نَعَمْ مَسْأَلَةُ الِانْتِمَاءِ الْمَذْكُورَةُ لَمْ تَتَقَدَّمْ. فَصْلٌ فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَشِقَّاءِ أَوْ لِلْأَبِ أَوْ هُمَا وَأَحْوَالُهُ مَعَهُمْ مُنْتَظِمَةٌ ابْتِدَاءً فِي خَمْسَةٍ، لِأَنَّ لَهُ خَيْرَ أَمْرَيْنِ الْمُقَاسَمَةَ أَوْ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ مَعَ عَدَمِ الْفَرْضِ، وَخَيْرَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ فِي الْمُقَاسَمَةِ وَسُدُسَ الْمَالِ وَثُلُثَ الْبَاقِي مَعَ وُجُودِهِ، وَإِذَا ضَرَبْت الْخَمْسَةَ فِي أَحْوَالِ الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ كَوْنُهُمْ أَشِقَّاءَ وَلِأَبٍ وَمُجْتَمِعِينَ كَانَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ حَالًا وَصُوَرُ تِلْكَ الْأَحْوَالِ كَثِيرَةٌ تُرَاجَعُ مِنْ مَحِلِّهَا، وَسَيَأْتِي بَعْضُهَا وَإِذَا اُعْتُبِرَتْ الْمُسَاوَاةُ فِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ الْخَمْسَةِ كَانَتْ خَمْسَةً أَيْضًا، وَإِذَا ضُرِبَتْ تِلْكَ الْعَشَرَةُ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ كَانَتْ ثَلَاثِينَ حَالًا. قَوْلُهُ: (فَلَهُ الْأَكْثَرُ) لِأَنَّهُ أَجْمَعَ فِيهِ جِهَتَا فَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ فَأَخَذَ بِأَكْثَرِهِمَا. قَوْلُهُ: (ثُلُثُ الْمَالِ) لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ مَعَ الْأُمِّ كَانَ لَهُ مِثْلَاهَا غَالِبًا وَالْإِخْوَةُ لَا يَنْقُصُونَهَا عَنْ السُّدُسِ فَلَا يَنْقُصُونَهُ عَنْ ضِعْفِهِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَاسَمَتُهُمْ) لِأَنَّهُ كَالْأَخِ فِي إدْلَائِهِ بِالْأَبِ. قَوْلُهُ: (أَخَوَانِ وَأُخْتٌ) أَيْ فَأَكْثَرُ وَضَابِطُهُ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى مِثْلَيْهِ وَلَا تَنْحَصِرُ صُوَرُهُ. قَوْلُهُ: (فَالثُّلُثُ أَكْثَرُ) أَيْ وَإِرْثُهُ لَهُ بِالْفَرْضِ، كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْهَائِمِ. وَيُصَرِّحُ بِهِ   [حاشية عميرة] الْمُعْتَقَةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْ لَيْسَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ) أَيْ حَالَ تَعْصِيبِهِ مِنْ جِهَةِ التَّعْصِيبِ وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي حَالَةٍ أُخْرَى، أَوْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ التَّعْصِيبِ فَدَخَلَ الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْأَخَوَاتُ وَالْبَنَاتُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ الْمُجْمَعِ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ) خَرَجَ ذَوُو الْأَرْحَامِ فَإِنَّهُمْ لَيْسُوا بِعَصَبَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَرِثُ الْمَالَ إلَخْ) لَيْسَ هُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِّ لِئَلَّا يَلْزَمَ الدَّوْرُ، بَلْ هُوَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعَصَبَةِ دَلِيلُهُ حَدِيثُ «فَمَا أَبْقَتْ الْفُرُوضُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» . قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُ) عُطِفَ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْبَاءُ مُقَدَّرَةٌ يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ الِابْنَ مَعَ أُخْتِهِ يَرِثَانِ جَمِيعَ الْمَالِ فَصَدَقَ أَنَّ الْعَصَبَةَ بِنَفْسِهِ، وَبِغَيْرِهِ مَعًا أَخَذَا جَمِيعَ الْمَالِ. [فَصَلِّ مَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ بِنَسَبٍ وَلَهُ مُعْتِقٌ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا لِبِنْتِهِ وَأُخْتِهِ) قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَلَاءَ أَضْعَفُ مِنْ النَّسَبِ الْمُتَرَاخِي، وَإِذَا تَرَاخَى النَّسَبُ وَرِثَ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ كَبَنِي الْأَخِ وَبَنِي الْعَمِّ وَأَخَوَاتِهِمْ. مُغَالَطَةً اجْتَمَعَ أَبُو الْمُعْتَقِ وَعِتْقُ الْأَبِ مِنْ الْأَوْلَى. الْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا الْعَتِيقَ مِنْ الرِّقِّ فَوَلَاؤُهُ لِأَبِي مُعْتَقِهِ وَلَا وَلَاءَ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَكِنَّ الْأَظْهَرَ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ تَعْصِيبَ الْأَخِ يُشْبِهُ تَعْصِيبِ الِابْنِ لِإِدْلَائِهِ بِالْبُنُوَّةِ، وَتَعْصِيبُ الْجَدِّ يُشْبِه تَعْصِيبِ الْأَبِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ هُنَا الْأَبُ وَالِابْنُ قُدِّمَ الِابْنُ وَكَانَ الْقِيَاسُ تَقْدِيمُ الْأَخِ فِي الْمِيرَاثِ لَكِنْ صَدَّ عَنْهُ الْإِجْمَاعُ وَوَجْهُ ذَلِكَ فِي ابْنِ الْأَخِ قُوَّةُ الْبُنُوَّةِ، كَمَا يُقَدَّمُ ابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ عَلَى الْأَبِ هُنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَابْنُ أَخِيهِ) الْقَوْلُ بِتَقْدِيمِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الْأَخِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالثَّانِي لَا يُقَدَّمَانِ) عَلَيْهِ يَكُونُ الْأَصَحُّ الْمُقَاسَمَةُ أَبَدًا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْفَرْضُ فِي بَابِ الْوَلَاءِ. قَوْلُهُ: (وَتَقَدُّمُ كُلِّ ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ وَيُشْرِكُهَا وَقَوْلِهِ وَيَزِيدُ عَلَيْهَا. [فَصْلٌ اجْتَمَعَ جَدٌّ وَإِخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فِي الْمِيرَاث] فَصْلٌ اجْتَمَعَ جَدٌّ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ سُدُسِ التَّرِكَةِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ لَا يَنْقُصُونَهُ عَنْ السُّدُسِ، فَالْإِخْوَةُ أَوْلَى وَوَجْهُ الْمُقَاسَمَةِ وَثُلُثُ الْبَاقِي أَنَّ صَاحِبَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 (فَإِنْ أَخَذَ الثُّلُثَ فَالْبَاقِي لَهُمْ) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. (وَإِنْ كَانَ) مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ، (فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ سُدُسِ التَّرِكَةِ وَثُلُثُ الْبَاقِي) بَعْدَ الْفَرْضِ (وَالْمُقَاسَمَةُ) بَعْدَ الْفَرْضِ فَفِي بِنْتَيْنِ وَجَدٍّ وَأَخَوَيْنِ وَأُخْتٍ السُّدُسُ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي وَمِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَفِي زَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأَخَوَيْنِ وَأُخْتٍ ثُلُثُ الْبَاقِي أَكْثَرُ وَفِي بِنْتٍ وَجَدٍّ وَأَخٍ وَأُخْتٍ الْمُقَاسَمَةُ أَكْثَرُ. (وَقَدْ لَا يَبْقَى) بَعْدَ الْفُرُوضِ (شَيْءٌ كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَزَوْجٍ) مَعَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ (فَيُفْرَضُ لَهُ سُدُسٌ وَيُزَادُ فِي الْعَوْلِ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَعَالَتْ بِوَاحِدٍ فَيُزَادُ فِي الْعَوْلِ اثْنَانِ نَصِيبُ الْجَدِّ (وَقَدْ يَبْقَى سُدُسٌ كَبِنْتَيْنِ وَزَوْجٍ) مَعَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ (فَيُفْرَضُ لَهُ) أَيْ السُّدُسُ (وَتُعَالُ) الْمَسْأَلَةُ بِوَاحِدٍ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ (وَقَدْ يَبْقَى سُدُسٌ كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ) مَعَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ (فَيَفُوزُ بِهِ الْجَدُّ وَتَسْقُطُ الْإِخْوَةُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ) الثَّلَاثَةِ (وَلَوْ كَانَ مَعَ الْجَدِّ إخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ وَلِأَبٍ فَحُكْمُ الْجَدِّ مَا سَبَقَ) مِنْ أَنَّ لَهُ الْأَكْثَرَ مَا تَقَدَّمَ (وَيُعَدُّ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ عَلَيْهِ أَوْلَادُ الْأَبِ فِي الْقِسْمَةِ فَإِذَا أَخَذَ حِصَّتَهُ) وَهِيَ الْأَكْثَرُ مِمَّا تَقَدَّمَ (فَإِنْ كَانَ فِي أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ ذَكَرٌ فَالْبَاقِي) بَعْدَ نَصِيبِ الْجَدِّ (لَهُمْ وَسَقَطَ أَوْلَادُ الْأَبِ) مِثَالُهُ جَدٌّ وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ ذَكَرٌ (فَتَأْخُذُ الْوَاحِدَةُ) مِنْهُمْ مَعَ مَا خَصَّهَا بِالْقِسْمَةِ (إلَى النِّصْفِ) أَيْ تَسْتَكْمِلُهُ (وَ) تَأْخُذُ (الثِّنْتَانِ فَصَاعِدًا) مَعَ مَا خَصَّهُنَّ بِالْقِسْمَةِ (إلَى الثُّلُثَيْنِ) أَيْ يَسْتَكْمِلُهُمَا (وَلَا يَفْضُلُ عَنْ الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ) لِأَنَّ الْجَدَّ لَهُ الثُّلُثُ مِثَالُهُ جَدٌّ وَأُخْتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ لِأَبٍ، فَيَسْقُطُ، (وَقَدْ يَفْضُلُ عَنْ النِّصْفِ فَيَكُونُ) الْفَاضِلُ (لِأَوْلَادِ الْأَبِ) مِثَالُهُ جَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ لِلْجَدِّ الثُّلُثُ وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ النِّصْفُ،   [حاشية قليوبي] مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا مَرَّ. بِقَوْلِهِ وَقَدْ يُفْرَضُ لِلْجَدِّ الثُّلُثُ إلَخْ. وَمَا أَوْرَدَهُ بَعْضُهُمْ، بِقَوْلِهِ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ لِلْأَخَوَاتِ الْأَرْبَعُ مَعَ الثُّلُثَانِ لِعَدَمِ تَعْصِيبِهِ لَهُنَّ وَالْفَرْضُ لَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ مَعَهُمْ، يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُمْ نَظَرُوا فِيهِ لِلْجِهَتَيْنِ كَمَا فِي الْأَخِ فِي الْمُشَرَّكَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَخٌ وَأُخْتٌ) وَضَابِطُهُ أَنْ يَنْقُصُوا عَنْ مِثْلَيْهِ وَصُوَرُهُ خَمْسَةٌ بَقِيَ مِنْهَا أُخْتٌ فَقَطْ أَخٌ فَقَطْ أُخْتَانِ فَقَطْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ. قَوْلُهُ: (وَاذَا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ) وَصُوَرُهُ ثَلَاثَةٌ إخْوَان أَخٌ وَأُخْتَانِ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ وَضَابِطُهُ أَنْ يَكُونُوا مِثْلَيْهِ. قَوْلُهُ: (يُعَبِّرُ الْفَرْضِيُّونَ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِحَالَةِ اسْتِوَاءِ الْأَمِينِ، وَقَدْ مَرَّ مِثْلُهُ فِي حَالَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى مِثْلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُ كَلَامِ الشَّارِحِ لَهَا أَوْ هِيَ مَعْلُومَةٌ مِنْهُ بِالْأَوْلَى مِمَّا هُنَا. قَوْلُهُ: (بِالثُّلُثِ) أَيْ فَرْضًا. وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ بَعْدَ الْفَرْضِ، وَكَذَا أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كَانَ مَعَهُ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ فَأَصْلُهَا ثَلَاثَةٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْفَرْضِ وَيُحْتَاجُ إلَى تَصْحِيحٍ وَسِتَّةٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْمُقَاسَمَةِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ذُو فَرْضٍ) وَاَلَّذِي يُتَصَوَّرُ مَعَهُمْ مِنْهُ خَمْسَةٌ بِنْتٌ فَأَكْثَرُ وَبِنْتُ ابْنٍ فَأَكْثَرُ وَأَمٌّ وَجَدَّةٌ فَأَكْثَرُ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ.، وَأَقَلُّ فَرْضٍ يُوجَدُ مَعَهُمْ ثُمُنٌ وَأَكْثَرُهُ نِصْفٌ وَثُلُثٌ وَرُبُعٌ وَلَا يَرِثُونَ مَعَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْفَرْضُ أَقَلَّ مِنْ نِصْفٍ وَثُلُثٍ. قَوْلُهُ: (السُّدُسُ أَكْثَرُ) لِأَنَّهُ نِصْفُ سَهْمٍ وَثُلُثُ الْبَاقِي ثُلُثُ سَهْمٍ وَالْمُقَاسَمَةُ سُبْعَانِ مِنْ سَهْمٍ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي هَذِهِ مِنْ سِتَّةٍ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَلَاثِينَ مِنْ ضَرْبِ خَمْسَةٍ عَدَدِ الْإِخْوَةِ فِي أَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (ثُلُثُ الْبَاقِي أَكْثَرُ) لِأَنَّهُ سَهْمَانِ وَثُلُثُ سَهْمٍ، وَالسُّدُسُ سَهْمَانِ كَالْمُقَاسَمَةِ فَأَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ لِسَكْرِ فَرْضِ الْجَدِّ عَلَى مَخْرَجِ الثُّلُثِ، فَيُضْرَبُ فِيهَا فَتَبْلُغُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ، ثُمَّ نَصِيبُ الْإِخْوَةِ مِنْهَا رِبَايَتُهُمْ فَيَضْرِبُ عَدَدَهُمْ وَهُوَ خَمْسَةٌ فِيهَا فَتَبْلُغُ مِائَةً وَثَمَانِينَ هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَأَمَّا طَرِيقَةُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْأَصْلَيْنِ الزَّائِدَيْنِ فِي بَابِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ فَأَصْلُهَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَتَصِحُّ مِمَّا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (الْمُقَاسَمَةُ أَكْثَرُ) لِأَنَّهَا خَمْسًا مِنْهُمْ وَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ سُدُسِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ ثُلُثُ سَهْمِ الْمُسَاوِي لِثُلُثِ الْبَاقِي فَأَصْلُهَا اثْنَانِ وَتَصِحُّ مِنْ عَشْرَةٍ، وَيُقَالُ لَهَا الْعَشْرِيَّةُ وَعَشْرِيَّةُ زَيْدٍ فَهِيَ مِنْ مُلَقَّبَاتِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ الْفَرْضِيُّونَ، وَلِلْأَكْثَرِ مِنْ الثَّلَاثَةِ ضَابِطٌ هُوَ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْفَرْضُ نِصْفًا فَأَقَلَّ، فَالْمُقَاسَمَةُ أَكْثَرُ إنْ نَقَصَ الْإِخْوَةُ عَنْ مُثَلَّثِهِ وَثُلُثُ الْبَاقِي. أَكْثَرُ إنْ زَادُوا عَلَى مِثْلَيْهِ، فَإِنْ كَانُوا مِثْلَيْهِ اسْتَوَيَا وَقَدْ تَسْتَوِي الثَّلَاثَةُ، وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ ثُلُثَيْنِ فَالْمُقَاسَمَةُ، أَكْثَرُ إنْ كَانَ مَعَهُ أُخْتٌ فَقَطْ، وَإِلَّا فَالسُّدُسُ أَكْثَرُ وَإِنْ كَانَ الْفَرْضُ بَيْنَ النِّصْفِ وَالثُّلُثَيْنِ كَنِصْفٍ وَثُمُنٍ فَالْمُقَاسَمَةُ أَكْثَرُ إنْ كَانَ مَعَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ أَوْ أُخْتَانِ، فَإِنْ زَادُوا فَالسُّدُسُ أَكْثَرُ. قَوْلُهُ: (فَيُزَادُ فِي الْعَوْلِ اثْنَانِ) أَيْ فَتَصِيرُ خَمْسَةَ عَشَرَ. قَوْلُهُ: (وَتَسْقُطُ الْإِخْوَةُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ) سَوَاءٌ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ انْفَرَدُوا أَوْ تَعَدَّدُوا إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ أَسْقَطَهُمْ مِنْهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (ذَكَرٌ) وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ مَعَهُ أُنْثَى أَوْ أَكْثَرُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ أُنْثَى مَعَهَا بِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَسَقَطَ أَوْلَادُ الْأَبِ) وَقَدْ حَجَبُوهُ مَعَ حَجْبِهِمْ كَأَوْلَادِ الْأُمِّ مَعَهَا لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْوِلَادَةِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْإِرْثِ بِالتَّعْصِيبِ بِالْغَيْرِ بِدَلِيلِ عَدَمِ الْعَوْلِ وَعَدَمِ أَخْذِ الذَّكَرِ مِثْلَيْ، الْأُنْثَى لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ بِالْجُدُودَةِ وَالْإِخْوَةِ. قَوْلُهُ: (مِثَالُهُ جَدُّ إلَخْ) هِيَ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِلْجَدِّ وَاحِدٌ وَلِلْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ الْبَاقِي. قَوْلُهُ: (مَعَ مَا خَصَّهَا بِالْقِسْمَةِ) أَيْ عِنْدَ اعْتِبَارِ الْإِخْوَةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ تَسْتَكْمِلُهُ) لَوْ أَبْقَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ لَكَانَ أَوْلَى إذْ يَبْقَى أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ فَتَقْتَصِرُ عَلَيْهِ كَزَوْجَةٍ وَأَمٍّ وَجَدٍّ وَشَقِيقَةٍ وَوَلَدِ أَبٍ   [حاشية عميرة] الْفَرْضِ إذَا أَخَذَهُ فَكَانَ لَا فَرْضَ، وَهُوَ مَعَ عَدَمِهِ يَسْتَحِقُّ الْخَيْرَ مِنْ الثُّلُثِ وَالْمُقَاسَمَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ كَانَ مَعَ الْجَدِّ إلَخْ) أَيْ مَا سَلَفَ فِيمَا إذَا كَانَ مَعَهُ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (مِثَالُهُ إلَخْ) أَيْ فَيَأْخُذُ الْجَدُّ الثُّلُثَ، وَالْبَاقِي لِلْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَتَأْخُذُ الْوَاحِدَةُ إلَى النِّصْفِ) مِثَالُهُ جَدٌّ وَشَقِيقَةٌ وَأَخٌ لِأَبٍ هِيَ مِنْ خَمْسَةٍ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ وَلِلْأَخِ سَهْمَانِ يُرَدُّ مِنْهُمَا عَلَى الْأُخْتِ تَمَامُ النِّصْفِ، وَهُوَ سَهْمٌ وَنِصْفٌ يَبْقَى فِي يَدِهِ نِصْفُ سَهْمٍ فَتَضْرِبُ مَخْرَجَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ عَشْرَةً وَمِنْهَا تَصِحُّ قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَقِسْ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا يُفْرَضُ لَهُنَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 وَالْبَاقِي لِأَوْلَادِ الْأَبِ، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةٍ عَلَى أَرْبَعَةٍ، فَتَضْرِبُ فِيهَا السِّتَّةَ فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ (وَالْجَدُّ مَعَ أَخَوَاتٍ كَأَخٍ فَلَا يُفْرَضُ لَهُنَّ مَعَهُ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَلِلزَّوْجِ نِصْفٌ وَلِلْأُمِّ ثُلُثٌ وَلِلْجَدِّ سُدُسٌ وَالْأُخْتُ نِصْفٌ فَتَعُولُ) الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ إلَى تِسْعَةٍ. (ثُمَّ يَقْتَسِمُ الْجَدُّ وَالْأُخْتُ نَصِيبَهُمَا) وَهُمَا أَرْبَعَةٌ (أَثْلَاثًا لَهُ الثُّلُثَانِ) وَلَهُمَا الثُّلُثُ فَتَضْرِبُ التِّسْعَةَ فِي مَخْرَجِهِ فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سَبْعَةٍ، وَعِشْرِينَ لِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ وَلِلْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ وَلِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ، وَإِنَّمَا فُرِضَ لِلْأُخْتِ مَعَ الْجَدِّ، وَلَمْ يُعَصِّبْهَا فِيمَا بَقِيَ لِنَقْصِهِ، بِتَعْصِيبِهَا فِيهِ عَنْ السُّدُسِ فَرْضِهِ وَاقْتِسَامُ فَرْضَيْهِمَا، كَمَا تَقَدَّمَ بِالتَّعْصِيبِ وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْأُخْتِ أَخٌ سَقَطَ أَوْ أُخْتَانِ، فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَلَهُمَا السُّدُسُ الْبَاقِي وَسُمِّيَتْ الْأَكْدَرِيَّةَ قِيلَ: لِأَنَّ سَائِلَهَا اسْمُهُ أَكْدَرُ وَقِيلَ لِغَيْرِ ذَلِكَ. فَصَلِّ لَا يَتَوَارَثُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَتَوَارَثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَلَا يَرِثُ مُرْتَدٌّ) مِنْ أَحَدٍ (وَلَا يُورَثُ) أَيْ وَلَا يَرِثُهُ أَحَدٌ وَمَالُهُ فَيْءٌ (وَيَرِثُ الْكَافِرُ الْكَافِرَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا) كَالْيَهُودِيِّ مِنْ النَّصْرَانِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ مِنْ الْمَجُوسِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ مِنْ الْوَثَنِيِّ وَبِالْعُكُوسِ (لَكِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا تَوَارُثَ بَيْنَ حَرْبِيٍّ وَذِمِّيٍّ) لِانْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ التَّوَارُثُ بَيْنَ ذِمِّيِّينَ وَحَرْبِيِّينَ، وَالثَّانِي يَقُولُ وَبَيْنَ ذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ لِشُمُولِ الْكُفْرِ وَالْمُعَاهَدُ وَالْمُؤَمَّنُ كَالذِّمِّيِّ فَالتَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا. (وَلَا يَرِثُ مَنْ فِيهِ رِقٌّ) لِنَقْصِهِ (وَالْجَدِيدُ أَنَّ مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يُورَثُ) أَيْ يَرِثُهُ فِيمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرُّ قَرِيبُهُ وَمُعْتِقُهُ وَزَوْجَتُهُ وَالْقَدِيمُ لَا يُورَثُ، وَيَكُونُ مَا مَلَكَهُ لِمَالِكِ الْبَاقِي (وَلَا) يَرِثُ (قَاتِلٌ)   [حاشية قليوبي] وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الثُّلُثَيْنِ فَإِنَّهُ قَدْ يَبْقَى دُونَهُمَا. فَيَقْتَصِرَانِ عَلَيْهِ كَأُمٍّ وَجَدٍّ وَشَقِيقَتَيْنِ وَوَلَدِ أَبٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (جَدٌّ وَأُخْتَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٌ لِأَبٍ) هِيَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَهُمَا مَخْرَجُ الثُّلُثِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ الْجَدِّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْأُولَى وَقَطْعًا فِي الثَّانِيَةِ وَتَصِحُّ فِي الْأُولَى مِنْهَا وَفِي الثَّانِيَةِ مِنْ تِسْعَةٍ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةٍ) لِأَنَّ أَصْلَهَا ثَلَاثَةٌ مَخْرَجُ فَرْضِ الْجَدِّ لِأَنَّهُمْ زَادُوا عَلَى مِثْلَيْهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ لَهُ مِنْهَا وَاحِدٌ، وَيَخُصُّ الْأُخْتَ لِأَبَوَيْنِ مِنْهَا مِنْ مُقَاسَمَةِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ رُبُعَ سَهْمٍ فَيُكْمَلُ لَهَا عَلَيْهِ إلَى نِصْفِ الْمَالِ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَنِصْفٌ، وَالنِّصْفُ كَسْرٌ وَمَخْرَجُهُ اثْنَانِ فَيُضْرَبُ فِي الثَّلَاثَةِ يَحْصُلُ سِتَّةٌ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَخْرَجُ الرُّبُعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ حِصَّةً كَامِلَةً وَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهُ جَعَلَ مَخْرَجَ فَرْضِ الْجَدِّ وَالْأُخْتِ أَصْلًا لَهَا خِلَافَ الطَّرِيقَةِ الْجَادَّةِ فِي الْفَرَائِضِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُفْرَضُ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ اسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ فَلَا يُنَافِي مَا نُقِلَ فِي جَدٍّ وَشَقِيقَةٍ، وَأَخٍ لِأَبٍ أَنَّهَا تَأْخُذُ النِّصْفَ فَرْضًا وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى مَرْجُوحٍ. قَوْلُهُ: (لِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ إلَخْ) وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ خَلَّفَ أَرْبَعَةً مِنْ الْوَرَثَةِ فَأَخَذَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَ الْمَالِ، وَآخَرُ ثُلُثَ الْبَاقِي وَآخَرُ ثُلُثَ بَاقِي الْبَاقِي، وَالرَّابِعُ الْبَاقِيَ فَالْأَوَّلُ الزَّوْجُ، وَالثَّانِي الْأُمُّ، وَالثَّالِثُ الْأُخْتُ وَالرَّابِعُ الْجَدُّ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا فَرْضُ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ تَسْقُطْ كَمَا سَقَطَتْ فِي بِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ، لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْجَدِّ، وَالْأُخْتِ هُنَا فَرْضًا إذَا انْفَرَدَا وَتَعْصِيبًا إذَا اجْتَمَعَا، وَلَا كَذَلِكَ الْبَنَاتُ وَالْأُخْتُ لِأَنَّهَا عَصَبَةٌ مَعَهُنَّ أَبَدًا وَعَكْسُهُ، وَلِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ تَعْصِيبُهَا مِنْ جِهَةِ الْجَدِّ بَقِيَ تَعْصِيبُهَا مِنْ جِهَةِ الْبَنَاتِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَاقْتِسَامٌ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ بِالتَّعْصِيبِ أَيْ فَرْضُهَا بِالرَّحِمِ فَرُوعِيَ الْجَانِبَانِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ بَدَلَ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ خُنْثَى لَكَانَ مَسْأَلَةُ تَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ مِنْ سِتَّةٍ، وَتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ كَمَا مَرَّ. وَجَامِعَتُهُمَا أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ لِتَوَافُقِهِمَا بِالثُّلُثِ، وَالْأَحْوَطُ تَقْدِيرُ أُنُوثَتِهِ فِي حَقِّ الزَّوْجِ، وَالْأُمِّ فَلَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَلَهَا اثْنَا عَشَرَ وَذُكُورَتُهُ فِي حَقِّ الْجَدِّ، فَلَهُ تِسْعَةٌ وَيُوقَفُ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَإِنْ بَانَ ذَكَرًا أُعْطِيَ لِلزَّوْجِ مِنْهَا تِسْعَةٌ، وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ أَوْ أُنْثَى فَلَهُ ثَمَانِيَةٌ وَلِلْجَدِّ سَبْعَةٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ) مِنْهُ تَكْدِيرُهَا عَلَى زَيْدٍ مَذْهَبُهُ بِمُخَالَفَتِهَا الْقَوَاعِدَ الْفَرْضِيَّةَ وَمِنْهُ تَكَدُّرُ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِيهَا بِاخْتِلَافِهِمْ. فَصْلٌ فِي مَوَانِعِ الْإِرْثِ وَمَا مَعَهَا قَوْلُهُ: (لَا يَتَوَارَثُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَا إرْثَ إذْ الْمُفَاعَلَةُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَانْتِفَاءُ الْإِرْثِ لِعَدَمِ الْمُنَاصَرَةِ، وَالْمُوَالَاةِ الْمَبْنِيِّ هُوَ عَلَيْهَا فَلَا يَرِدُ جَوَازُ نِكَاحِ الْمُسْلِمِ كَافِرَةً، لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ لِقَضَاءِ الْوَطَرِ. قَوْلُهُ: (رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ زِيَادَةُ «إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ» اهـ. وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُشْكِلٌ وَقَدْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مَعْنَى الْإِرْثِ فِيهِ بَقَاءُ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ كَمَا كَانَ فِي الْحَيَاةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ لَفْظُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ. قَوْلُهُ: (لَا يَرِثُ مُرْتَدٌّ) وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ مَوْتِ مُورَثِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَمَالُهُ فَيْءٌ) أَيْ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ وَمِثْلُهُ الزِّنْدِيقُ، وَهُوَ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا أَيْ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ أَوْ مَنْ يُخْفِي الْكُفْرَ وَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَمِثْلُهُمَا الْمُنْتَقِلُ. قَوْلُهُ (وَيَرِثُ الْكَافِرُ الْكَافِرَ)   [حاشية عميرة] مَعَهُ) أَيْ كَمَا يُفْرَضُ لَهُنَّ مَعَ الْأَخِ لِنَقْصِهِ أَيْ فَلَمَّا لَزِمَ ذَلِكَ رَجَعَ إلَى أَصْلِ فَرْضِهِ وَهُوَ السُّدُسُ، فَكَذَلِكَ رَجَعَتْ إلَى أَصْلِ فَرْضِهَا لَكِنْ لَمَّا لَزِمَ تَفْصِيلُهَا عَلَيْهِ، لَوْ اسْتَقَلَّتْ بِمَا فُرِضَ لَهَا قُسِمَ بَيْنَهُمَا بِالتَّعْصِيبِ مُرَاعَاةً لِلْجِهَتَيْنِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: هَذَا مَا قَالُوهُ وَقِيَاسُ كَوْنِهَا عَصَبَةً بِالْجَدِّ سُقُوطُهَا وَالرُّجُوعُ إلَى الْفَرْضِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ عُصُوبَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَفَرِيضَةٌ مِنْ وَجْهٍ، فَالْفَرْضُ حَيْثُ الرَّحِمُ وَالْقِسْمَةُ بِالتَّعْصِيبِ. [فَصْلٌ لَا يَتَوَارَثُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ] ٌ. . . إلَخْ قَوْلُهُ: (بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلذِّمِّيِّ مِنْ قَوْلِهِ كَالذِّمِّيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَتَوَارَثَا) أَيْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِ الْإِرْثِ مِنْ الْحَيَاةِ بَعْدَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 مِنْ مَقْتُولِهِ مُطْلَقًا لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ شَيْءٌ» أَيْ مِنْ الْمِيرَاثِ. (وَقِيلَ إنْ لَمْ يُضْمَنْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ الْقَتْلُ كَأَنْ وَقَعَ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا (وَرِثَ) الْقَاتِلُ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى غَيْرِ ذَاكَ لِلْمَعْنَى وَمِنْ الْمَضْمُونِ الْقَتْلُ خَطَأً فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ تَضْمَنُهُ وَمَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ فَقَطْ كَمَنْ رَمَى صَفَّ الْكُفَّارِ وَلَمْ يَعْلَمْ فِيهِمْ مُسْلِمًا فَقَتَلَ قَرِيبَهُ الْمُسْلِمَ فَإِنَّهُ لَا دِيَةَ فِيهِ (وَلَوْ مَاتَ مُتَوَارِثَانِ بِغَرَقٍ أَوْ هَدْمٍ) أَوْ حَرِيقٍ (أَوْ فِي غُرْبَةٍ مَعًا أَوْ جُهِلَ أَسْبِقُهُمَا) عُلِمَ سَبْقٌ أَوْ جُهِلَ (لَمْ يَتَوَارَثَا وَمَالُ كُلٍّ) مِنْهُمَا (لِبَاقِي وَرَثَتِهِ) وَلَوْ عُلِمَ أَسْبِقُهُمَا ثُمَّ الْتَبَسَ وُقِفَ الْمِيرَاثُ حَتَّى بِبَيْنٍ أَوْ يَصْطَلِحُوا (وَمَنْ أُسِرَ أَوْ فُقِدَ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ تُرِكَ مَالُهُ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ أَوْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ فَوْقَهَا فَيَجْتَهِدُ الْقَاضِي وَيْحُكُمْ بِمَوْتِهِ ثُمَّ يُعْطِي مَالَهُ مَنْ يَرِثُهُ وَقْتَ الْحُكْمِ) بِمَوْتِهِ وَلَا يُورَثُ مِنْهُ مَنْ مَاتَ قُبَيْلَ الْحُكْمِ، وَلَوْ بِلَحْظَةٍ لِجَوَازِ مَوْتِهِ فِيهَا. (وَلَوْ مَاتَ مَنْ يَرِثُهُ الْمَفْقُودُ) قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ (وَقَفْنَا حِصَّتَهُ وَعَمِلْنَا فِي الْحَاضِرِينَ بِالْأَسْوَأِ) فِي حَقِّهِمْ فَمَنْ يَسْقُطُ مِنْهُمْ بِالْمَفْقُودِ لَا يُعْطَى شَيْئًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهُ، وَمَنْ يَنْقُصُ حَقُّهُ مِنْهُمْ بِحَيَاتِهِ أَوْ مَوْتِهِ يُقَدَّرُ فِي حَقِّهِ ذَلِكَ، وَمَنْ لَا يَخْتَلِفُ نَصِيبُهُ بِهِمَا يُعْطَاهُ فَفِي زَوْجٍ، وَعَمٍّ وَأَخٍ لِأَبٍ مَفْقُودٍ يُعْطَى الزَّوْجُ نِصْفَهُ وَيُؤَخِّرُهُمْ وَفِي جَدٍّ وَأَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٍ مَفْقُودٍ يُقَدَّرُ فِي حَقِّ الْجَدِّ حَيَاتُهُ فَيَأْخُذُ السُّدُسَ، وَفِي حَقِّ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ مَوْتُهُ فَيَأْخُذُ النِّصْفَ وَيَبْقَى السُّدُسُ إنْ تَبَيَّنَ مَوْتُهُ فَلِلْجَدِّ أَوْ حَيَاتُهُ فَلِلْأَخِ (وَلَوْ خَلَّفَ حَمْلًا يَرِثُ) لَا مَحَالَةَ بَعْدَ انْفِصَالِهِ بِأَنْ كَانَ مِنْهُ (أَوْ قَدْ يَرِثُ) بِأَنْ   [حاشية قليوبي] وَالِاعْتِبَارُ بِحَالَةِ الْمَوْتِ فَلَا يَرِدُ إرْثُ حَمْلِ كَافِرَةٍ مِنْ كَافِرٍ أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْيَهُودِيِّ إلَخْ) وَالِاعْتِبَارُ بِحَالَةِ الْمَوْتِ فَلَا يَرِدُ إرْثُ حَمْلِ كَافِرَةٍ مِنْ كَافِرٍ أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْيَهُودِيِّ إلَخْ) لِأَنَّ الْمِلَلَ وَإِنْ كَانَتْ حَقِيقَتُهَا مُخْتَلِفَةً فَهِيَ فِي الْبُطْلَانِ كَمِلَّةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ تَعَالَى {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: 32] . قَوْلُهُ: (لِشُمُولِ الْكُفْرِ) وَجَوَابُهُ مَا مَرَّ مِنْ انْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُعَاهَدُ وَالْمُؤَمَّنُ كَالذِّمِّيِّ) إنْ كَانَ بِدَارِنَا. قَوْلُهُ: (فَالتَّوَارُثُ إلَخْ) سَوَاءٌ مَنْ كَانَ بِدَارِنَا أَوْ بِدَارِهِمْ وَيُتَصَوَّرُ اخْتِلَافُ دِينِهِمْ بِصُوَرٍ مِنْهَا، مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ يَهُودِيًّا وَالْآخَرُ نَصْرَانِيًّا بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَإِنَّهُ يُتَخَيَّرُ بَعْدَ بُلُوغِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ وَلَدَانِ وَاخْتَارَ أَحَدُهُمَا الْيَهُودِيَّةَ، وَالْآخَرُ النَّصْرَانِيَّةَ حَصَلَ التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا بِالْأُبُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ وَالْإِخْوَةِ. قَوْلُهُ: (مَنْ فِيهِ رِقٌّ) خَرَجَ بِهِ الْحُرُّ وَإِنْ كَانَتْ مَنَافِعُهُ مُسْتَغْرِقَةً لِغَيْرِهِ، كَأَنْ أَوْصَى بِهَا سَيِّدُهُ قَبْلَ عِتْقِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ لَا يُورَثُ إلَخْ) أَيْ لَا يُورَثُ عَنْهُ مَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرُّ بَلْ هُوَ لِمَالِكِ بَاقِيهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ، أَوْ وَهَبْ لَهُ وَفُرِّقَ بِأَنَّ هَذِهِ عُقُودٌ اخْتِيَارِيَّةٌ نَعَمْ لَوْ جَنَى عَلَى كَافِرٍ حَالَ حُرِّيَّتِهِ وَأَمَانِهِ، ثُمَّ اُسْتُرِقَّ وَمَلَكَهُ إنْسَانٌ وَمَاتَ بِالسَّرَايَةِ فِي الرِّقِّ فَالْوَاجِبُ قِيمَتُهُ يَرِثُ قَرِيبَهُ مِنْهَا قَدْرَ الدِّيَةِ، وَمَا زَادَ لِسَيِّدِهِ وَهَذِهِ عَلَى الْعَكْسِ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَةِ فِيمَا لَوْ جَرَحَهُ حَالَ رِقِّهِ، ثُمَّ عَتَقَ وَمَاتَ بِالسَّرَايَةِ فَإِنَّ لِوَرَثَتِهِ مِنْ دِيَتِهِ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِ تَقْدِيمًا لِحَالَةِ الْجُرْحِ فِيهِمَا لِسَبْقِهِ. قَوْلُهُ: (قَاتِلٌ) أَيْ مَنْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي الْقَتْلِ وَلَوْ بِسَبَبٍ أَوْ شَرْطٍ مَا عَدَا الْمُفْتِيَ وَرَاوِيَ الدَّلِيلِ وَالْخَبَرِ بِهِ نَعَمْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى لَحْمًا وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ، فَأَكَلَتْ مِنْهُ حَيَّةٌ ثُمَّ أَكَلْت مِنْهُ زَوْجَتُهُ فَمَاتَتْ أَنَّهُ يَرِثُهَا. قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْقَاتِلَ قَطَعَ الْمُوَالَاةَ وَلِشُبْهَةِ اسْتِعْجَالِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَحَسْبَمَا لِلْبَابِ فِي الْبَاقِي، وَقَدْ يَرِثُ الْمَقْتُولُ مِنْ قَاتِلِهِ، كَأَنْ يَجْرَحَهُ وَيَمُوتُ هُوَ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (مُتَوَارِثَانِ) لَيْسَ التَّفَاعُلُ عَلَى بَابِهِ، وَهَذَا شُرُوعٌ فِيمَا يُعْلَمُ مِنْهُ شُرُوطُ الْإِرْثِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ تَحَقُّقُ مَوْتِ الْمُورَثِ، أَوْ إلْحَاقِهِ بِالْمَوْتَى حُكْمًا وَتَحَقُّقُ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَهُ أَوْ إلْحَاقِهِ بِالْأَحْيَاءِ حُكْمًا، وَالْعِلْمُ بِجِهَةِ الْإِرْثِ وَذِكْرُ مِثْلَ هَذَا فِي الْمَوَانِعِ الْمُشْعِرُ، بِأَنَّهُ مِنْهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عَدَمَ الشَّرْطِ يُعَدُّ مَانِعًا وَهُوَ مَجَازٌ، كَمَا فِي جَهْلِ النَّسَبِ بِانْتِفَاءِ السَّبَبِ كَالْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْأَوْجَهُ وِفَاقًا لِابْنِ الْهَائِمِ فِي غَيْرِ شَرْحِ كِفَايَتِهِ، أَنَّ الْمَوَانِعَ سِتَّةٌ وَإِنْ عُدَّ غَيْرُهَا مَانِعًا مَجَازًا وَهِيَ الْقَتْلُ وَالرِّقُّ وَاخْتِلَافُ الدِّينِ وَالرِّدَّةُ، وَاخْتِلَافُ الْعَهْدِ وَالدُّورُ الْحُكْمِيُّ، وَهُوَ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ ثُبُوتِ الْإِرْثِ عَدَمُهُ كَأَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ. قَوْلُهُ: (هَدْمٌ) هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ الْمَهْدُومُ وَبِسُكُونِ ثَانِيهِ الِانْهِدَامُ، وَلَوْ بِغَيْرِ فِعْلٍ وَبِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ الثَّوْبُ الْبَالِي وَالْهَدْمَةُ الدَّفْعَةُ مِنْ الْمَالِ وَالْمُهَنْدَمُ الْمُصْلِحُ عَلَى الْمِقْدَارِ الْمَقْبُولِ قَوْلُهُ: (حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ) أَيْ بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ بَعْدَ دَعْوَى، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا الْحَاكِمُ وَلَوْ أَسْنَدَتْ الْمَوْتَ لِوَقْتٍ سَابِقٍ اُعْتُبِرَ قَوْلُهُ: (مُدَّةً) وَلَا تَتَقَدَّرُ بِقَدْرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لَا يَعِيشُ) أَيْ بِاعْتِبَارِ أَقْرَانِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُحْكَمُ) أَيْ صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا كَقِسْمَةِ مَالِهِ بَعْدَ الرَّفْعِ إلَيْهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِقِسْمَتِهِ قَبْلَ الرَّفْعِ، لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ بِغَيْرِ رَفْعٍ لَيْسَ حُكْمًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (قُبَيْلَ الْحُكْمِ) وَكَذَا مَعَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (حِصَّتُهُ) أَيْ نَصِيبُهُ وَلَوْ جَمِيعَ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (بِالْمَفْقُودِ) أَيْ بِحَيَاتِهِ أَوْ مَوْتِهِ كَالْأَخِ الْمُبَارَكِ. قَوْلُهُ: (وَفِي حَقِّ الْأَخِ إلَخْ) وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ مِنْ حَيْثُ مَنْعُ الْأَخِ مِنْ الزَّائِدِ عَنْ النِّصْفِ. قَوْلُهُ: (لَا مَحَالَةَ) أَيْ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ انْفِصَالِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَرِثُ وَهُوَ قَيْدٌ لِتَحَقُّقِ الْإِرْثِ، وَإِلَّا فَهُوَ وَارِثٌ قَبْلَ انْفِصَالِهِ عَلَى الرَّاجِحِ الْمُنَبَّهِ عَلَيْهِ، بِقَوْلِهِمْ لَنَا جَمَادٌ يَرِثُ. قَوْلُهُ: (كَحَمْلِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ) فَإِنَّهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَرِثَ أَوْ أُنْثَى فَلَا اهـ. كَذَا قَالُوهُ وَهُوَ كَلَامٌ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ، وَلَكِنْ مَا صُورَتُهُ هُنَا، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ هُوَ أَخُو الْحَيِّ فَحَمْلُهُ وَارِثٌ مُطْلَقًا وَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِمْ، أَوْ كَانَ مَنْ قَدْ يَحْجُبُهُ الْحَمْلُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَانْظُرْ مَا صُورَتُهُ، وَلَوْ أَسْقَطَ الضَّمِيرَ مِنْ أَخِيهِ، وَأَبِيهِ   [حاشية عميرة] مَوْتِ رَقِيقِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ كَالْجَنِينِ إذَا اُنْتُظِرَ ثُمَّ خَرَجَ مَيِّتًا، وَأَشَارَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى اجْتِمَاعِ الصَّحَابَةِ فِيهِ، وَأَنَّ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ وَالْحَرَّةِ لَمْ يُجْعَلْ بَيْنَهُمْ تَوَارُثٌ إلَّا مَعَ عِلْمِ تَأَخُّرِ الْحَيَاةِ، فَلَوْ مَاتَ شَخْصٌ وَأَبُوهُ فِي غَرَقٍ مَثَلًا عَنْ زَوْجَتِهِ وَأَخٍ أَخَذَتْ الزَّوْجَةُ الرُّبُعَ، وَالْبَاقِي لِلْأَخِ قِيلَ وَالْقِيَاس أَنْ تُعْطَى الزَّوْجَةُ الثُّمُنَ، وَلَا يُعْطَى الْأَخُ شَيْئًا وَيُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَصْطَلِحَا، كَمَا فِي الْخُنْثَى وَإِلَى ذَلِكَ صَارَ ابْنُ اللَّبَّانِ، وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ أُسِرَ أَوْ فُقِدَ) عَقَدَ فِي الْمُحَرَّرِ هُنَا فَصْلًا لِبَيَانِ أَسْبَابِ التَّوَقُّفِ فِي صَرْفِ الْمِيرَاثِ حَالًا، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الشَّكُّ فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 كَانَ مِنْ غَيْرِهِ كَحَمْلِ أَخِيهِ لِابْنِهِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَرِثَ أَوْ أُنْثَى فَلَا وَحَمْلِ أَبِيهِ مَعَ زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ فَأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى فَلَهَا السُّدُسُ وَتَعُولُ بِهِ الْمَسْأَلَةُ أَوْ ذَكَرًا سَقَطَ. (عُمِلَ بِالْأَحْوَطِ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ) قَبْلَ انْفِصَالِهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ (فَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَإِلَّا) بِأَنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا لِوَقْتٍ لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ (فَلَا) يَرِثُ (بَيَانُهُ) أَنْ يُقَالَ (إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ سِوَى الْحَمْلِ أَوْ كَانَ مَنْ قَدْ يَحْجُبُهُ) الْحَمْلُ (وُقِفَ الْمَالُ) إلَى أَنْ يَنْفَصِلَ (وَإِنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ (مَنْ لَا يَحْجُبُهُ وَلَهُ) سَهْمٌ مُقَدَّرٌ أُعْطِيَهُ عَائِلًا إنْ أَمْكَنَ عَوْلٌ كَزَوْجَةٍ عَامِلٍ وَأَبَوَيْنِ لَهَا ثُمُنٌ (وَلَهُمَا سُدُسَانِ عَائِلَاتٌ) بِالْفَوْقَانِيَّةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْحَمْلَ بِنْتَانِ فَتَعُولُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُقَدَّرٌ كَأَوْلَادٍ لَمْ يُعْطَوْا شَيْئًا حَتَّى يَنْفَصِلَ الْحَمْلُ إذْ لَا ضَبْطَ لَهُ حَتَّى يُضَمَّ إلَى الْأَوْلَادِ. (وَقِيلَ أَكْثَرُ الْحَمْلِ أَرْبَعَةٌ فَيُعْطَوْنَ) أَيْ الْأَوْلَادُ (الْيَقِينَ) بِأَنْ تُقَدَّرَ الْأَرْبَعَةُ ذُكُورًا وَكَوْنُهَا أَكْثَرَ الْحَمْلِ بِحَسَبِ الْوُجُودِ عِنْدَ قَائِلِهِ، وَالْأَوَّلُ قَالَ وُجِدَ خَمْسَةٌ فِي بَطْنٍ وَاثْنَا عَشَرَ فِي بَطْنٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَامِلَ الزَّوْجَةُ تُعْطَى نَصِيبَهَا. (وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ إرْثُهُ) بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ. (كَوَلَدِ أُمٍّ وَمُعْتِقٍ فَذَاكَ) ظَاهِرٌ أَيْ قَدْرَ إرْثِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَ إرْثُهُ بِهِمَا (فَيُعْمَلُ بِالْيَقِينِ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ وَيُوقَفُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ) الْحَالُ مِثَالُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ زَوْجٌ وَأَبٌ وَوَلَدٌ خُنْثَى لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ وَلِلْأَبِ السُّدُسُ وَالْخُنْثَى النِّصْفُ وَيُوقَفُ الْبَاقِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ، وَالْخُنْثَى مَا لَهُ فَرْجُ الرِّجَالِ وَفَرْجُ النِّسَاءِ. (وَمَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ جِهَتَا فَرْضٍ وَحُسِبَ كَزَوْجٍ هُوَ مُعْتِقٌ أَوْ ابْنِ عَمٍّ وَرِثَ بِهِمَا) فَيَسْتَغْرِقُ الْمَالَ إنْ انْفَرَدَ   [حاشية قليوبي] فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ لَكَانَ صَوَابًا، هَكَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّهُ نَاشِئٌ عَنْ فَهْمِ أَنَّ الْحَمْلَ مِنْ الْمَيِّتِ الَّذِي أَخُوهُ مِنْ أَبِيهِ حَيٌّ، وَهُوَ فَاسِدٌ وَإِنَّمَا صُورَتُهُ أَنَّ شَخْصًا مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ حَامِلَةٍ، ثُمَّ مَاتَ أَخُوهُ مِنْ أَبِيهِ بَعْدَهُ مَعَ بَقَاءِ حَمْلِ زَوْجَةِ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ. وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلًا صَحِيحًا إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَحَمْلُ أَبِيهِ) أَيْ حَمْلُ زَوْجَةِ الْمَيِّتِ الَّذِي هُوَ أَبُو الْحَيِّ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أُمِّهِ أَيْضًا أَمْ لَا، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ امْرَأَةً مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَعَنْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَعَنْ حَمْلِ أَبُوهَا الَّذِي مَاتَ قَبْلَهَا، فَالْحَمْلُ إنْ كَانَ ذَكَرًا أَوْ فِيهِ ذَكَرٌ سَقَطَ لِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ التَّرِكَةَ فَأَخَذَ الزَّوْجُ النِّصْفَ، وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ النِّصْفَ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَأَكْثَرُ فَرْضٍ لَهُ السُّدُسُ، وَتُعَالُ الْمَسْأَلَةُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنْ كَانَ ذَكَرًا لَمْ يَرِثْ أَوْ أُنْثَى وَرِثَ، وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَيِّتَ رَجُلٌ وَلَهُ ابْنٌ حَيٌّ وَزَوْجَةٌ حَامِلٌ فَالْحَمْلُ أَخُو الْحَيِّ فَإِنْ كَانَ مِنْ أُمِّهِ أَيْضًا فَهُوَ شَقِيقٌ يَرِثُ مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَلَا يَرِثُ مُطْلَقًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فِيهِمَا وَأَبِي بِضَمِيرِ أَبِيهِ مُذَكَّرًا بِاعْتِبَارِ الْمَيِّتِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُؤَنَّثٌ وَلَوْ حَذَفَهُ كَانَ صَوَابًا، كَمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ وَهَذَا يُسَمَّى جَهْلَ التَّارِيخِ وَهُوَ الْعِلْمُ بِالْمَعِيَّةِ أَوْ الْجَهْلُ بِهَا أَوْ الْعِلْمُ بِالسَّبْقِ دُونَ عَيْنِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ انْفَصَلَ) أَيْ كُلُّهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ، وَلَوْ بِحَزِّ رَقَبَتِهِ لَمْ يَرِثْ وَإِنْ وَجَبَ فِيهِ الْقِصَاصُ. قَوْلُهُ: (يُعْلَمُ وُجُودُهُ) أَيْ وَلَوْ بِالظَّنِّ كَإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ بِوُجُودِهِ عِنْدَهُ، أَوْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُطْلَقًا أَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ وَلَيْسَتْ فِرَاشًا لِمَنْ يُمْكِنُ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ سِوَى الْحَمْلِ) كَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ مِنْ مُطَلَّقَةٍ بَائِنًا. قَوْلُهُ: (مَنْ قَدْ يَحْجُبُهُ الْحَمْلُ) كَأَخٍ لِلْمَيِّتِ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ إلَخْ) وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ احْتِمَالَ الْحَمْلِ مَانِعٌ أَيْضًا كَقُرْبِ عَهْدٍ بِوَطْءٍ وَإِنْ لَمْ تَدْعُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَتَعُولُ إلَخْ) وَتُسَمَّى الْمِنْبَرِيَّةَ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ قَائِلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَحْكُمُ بِالْحَقِّ قَطْعًا، وَيَجْزِي كُلَّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى وَإِلَيْهِ الْمَآبُ وَالرُّجْعَى، فَسُئِلَ عَنْهَا حِينَئِذٍ فَقَالَ ارْتِجَالًا صَارَ ثَمَنُ الْمَرْأَةِ تِسْعًا وَمَضَى فِي خُطْبَتِهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُعْطُوا شَيْئًا) وَحِينَئِذٍ مَنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ هَذَا أَوْ كَسْبٌ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ، وَإِلَّا فَكَاللَّقِيطِ. قَوْلُهُ: (وَاثْنَا عَشَرَ فِي بَطْنٍ) بَلْ قَالَ الْقَاضِي إنَّ بَعْضَ نِسَاءِ سَلَاطِينِ بَغْدَادَ وَلَدَتْ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ أَرْبَعِينَ وَلَدًا كَالْأَصَابِعِ وَأَنَّهُمْ عَاشُوا وَرَكِبُوا الْخَيْلَ مَعَ أَبِيهِمْ بِبَغْدَادَ. قَوْلُهُ: (وَمَعْلُومٌ إلَخْ) هُوَ إيرَادٌ عَلَى مَا دَخَلَ فِي ضَمِيرِ لَمْ يُعْطَوْا شَيْئًا الشَّامِلِ لِلزَّوْجَةِ، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ مَعْلُومٌ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِنَصِيبِهَا الثَّمَنُ إنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ غَيْرُ الْحَمْلِ، وَإِلَّا أُعْطِيَتْهُ وَوُقِفَ لَهَا بَقِيَّةُ الرُّبُعِ إلَى الِانْفِصَالِ. قَوْلُهُ: (وَالْخُنْثَى) مَأْخُوذٌ مِنْ خَنَثَ الطَّعَامُ إذَا جُهِلَ طَعْمُهُ، أَوْ اخْتَلَطَ حَالُهُ، أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ وَأَصْلُهُ التَّكَسُّرُ وَالتَّثَنِّي، يُقَالُ خَنَثَتْ السِّقَاءُ إذَا ثُنِيَتْ حَافَّتُهُ إلَى خَارِجٍ لِلشُّرْبِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ) وَلَوْ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اُتُّهِمَ. قَوْلُهُ: (لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ إلَخْ) فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَالْبَاقِي مِنْهَا وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (مَا لَهُ) الْأَوْلَى مَنْ لَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَنْ يَعْقِلُ. قَوْلُهُ: (فَرْجُ الرِّجَالِ) وَهُوَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ أُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَفَرْجُ النِّسَاءِ) وَهُوَ الْقُبُلُ وَلَمْ يَقُلْ أَوَّلَهُ ثُقْبَةٌ لَا تُشْبِهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ التَّبَيُّنُ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. تَنْبِيهٌ لَوْ مَاتَ الْخُنْثَى قَبْلَ اتِّضَاحِهِ لَمْ يَبْقَ إلَّا الصُّلْحُ فِي الْمَوْقُوفِ لَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ جَرَيَانِ لَفْظِ الصُّلْحِ أَوْ التَّوَاهُبِ وَلَا يُصَالَحُ وَلِيٌّ مَحْجُورٌ بِدُونِ حِصَّتِهِ بِفَرْضِ إرْثِهِ. قَوْلُهُ: (جِهَتَا إلَخْ) خَرَجَ الْأَبُ وَالْجَدُّ لِأَنَّهُمَا فِيهِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ الْأُبُوَّةُ. قَوْلُهُ: (وَتَعْصِيبٌ) شَمِلَ   [حاشية عميرة] الْوُجُودِ وَالنَّسَبِ وَالْحَمْلِ وَالذُّكُورَةِ. قَوْلُهُ: (فَلِلْأَخِ) أَيْ الْأَخِ الشَّقِيقِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُعَدُّ الْأَخَ لِلْأَبِ وَيُسْقِطُهُ. قَوْلُهُ: (بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ) أَيْ فَإِنْ تَبَيَّنَ ذُكُورَتُهُ أَوْ أُنُوثَتُهُ أَخَذَهُ الْأَبُ بِالتَّعْصِيبِ، ثُمَّ الْبَاقِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَهْمٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَزَوْجٍ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يُمَثِّلْ أَيْضًا بِابْنِ عَمٍّ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ مَعَ أَنَّ حُكْمَهُ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ إنَّمَا تُصُوِّرَ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَا وَارِثٌ يُسْقِطُ إخْوَةَ الْأُمِّ، فَإِنْ كَانَ كَمَا لَوْ خَلَّفَتْ بِنْتًا وَابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخ لِأُمٍّ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ، وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذَا الْمِثَالُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ جِهَةُ فَرْضٍ، لِأَنَّهَا مَحْجُوبَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ. (فَلَوْ وُجِدَ فِي نِكَاحِ الْمَجُوسِ أَوْ الشُّبْهَةِ بِنْتٌ هِيَ أُخْتٌ) لِأَبٍ بِأَنْ يَطَأَ بِنْتَه فَتَلِدَ بِنْتًا وَتَمُوتَ عَنْهَا (وَرِثَتْ بِالْبُنُوَّةِ) فَقَطْ (وَقِيلَ بِهِمَا) أَيْ الْبُنُوَّةِ وَالْإِخْوَةِ. (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَتَسْتَغْرِقُ الْمَالَ إنْ انْفَرَدَتْ وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الْمُحَرَّرِ فِي جِهَتَيْ الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ وَرِثَ بِهِمَا، وَاسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَقُولَ فِي الْأُخْتِ لِأَبٍ (وَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي جِهَةِ عُصُوبَةٍ وَزَادَ أَحَدُهُمَا بِقَرَابَةٍ أُخْرَى كَابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَلَهُ السُّدُسُ) فَرْضًا وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا بِالْعُصُوبَةِ (فَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا بِنْتٌ فَلَهَا نِصْفٌ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا سَوَاءً) وَسَقَطَتْ إخْوَةُ الْأُمِّ بِالْبِنْتِ (وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِهِ الْأَخُ) تَرْجِيحًا بِقَرَابَةِ الْأُمِّ كَأَخٍ لِأَبَوَيْنِ مَعَ أَخٍ لِأَبٍ وَصُورَةُ ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ أَنْ يَتَعَاقَبَ أَخَوَانِ عَلَى امْرَأَةٍ، وَتَلِدُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ابْنًا وَلِأَحَدِهِمَا ابْنٌ مِنْ غَيْرِهَا فَابْنَاهُ ابْنَا عَمِّ الْآخَرِ وَأَحَدُهُمَا أَخُوهُ لِأُمِّهِ. (وَمَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ جِهَتَا فَرْضٍ وَرِثَ بِأَقْوَاهُمَا فَقَطْ وَالْقُوَّةُ بِأَنْ تَحْجُبَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى أَوْ لَا تُحْجَبَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ. (أَوْ تَكُونُ أَقَلَّ حَجْبًا فَالْأَوَّلُ كَبِنْتٍ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ بِأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ بِشُبْهَةٍ أُمَّهُ فَتَلِدَ بِنْتًا) فَتَرِثَ مِنْهُ بِالْبِنْتِيَّةِ دُونَ الْأُخْتِيَّةِ. (وَالثَّانِي كَأُمٍّ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ بِأَنْ يَطَأَ) مَنْ ذُكِرَ (بِنْتَه فَتَلِدَ بِنْتًا) فَتَرِثَ الْوَالِدَةُ مِنْهَا بِالْأُمُومَةِ دُونَ الْأُخْتِيَّةِ (وَالثَّالِثُ كَأُمِّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ بِأَنْ يَطَأَ هَذِهِ الْبِنْتَ الثَّانِيَةَ فَتَلِدَ وَلَدًا فَالْأُولَى أُمُّ أُمِّهِ وَأُخْتُهُ) لِأَبِيهِ فَتَرِثُ مِنْهُ بِالْجُدُودَةِ دُونَ الْأُخْتِيَّةِ لِأَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الْأُمِّ إنَّمَا يَحْجُبُهَا الْأُمُّ وَالْأُخْتُ يَحْجُبُهَا جَمَاعَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ.   [حاشية قليوبي] مَا بِنَفْسِهِ وَبِالْغَيْرِ وَمَعَ الْغَيْرِ، وَهَذَانِ مَوْضِعُ اسْتِدْرَاكِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (وَتَمُوتُ عَنْهَا) أَيْ تَمُوتُ الْكُبْرَى عَنْ الصُّغْرَى بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بِهِمَا) وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَالْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا إلَخْ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ التَّعْصِيبِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْعَصَبَةُ بِنَفْسِهِ. نَعَمْ فِيهِ دَفْعُ تَوَهُّمِ الْعُمُومِ. قَوْلُهُ: (بِذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِدْرَاكِ. قَوْلُهُ: (عَنْ أَنْ يَقُولَ) أَيْ عَنْ تَقْيِيدِ الْأُخْتِ بِكَوْنِهَا مِنْ الْأَبِ، كَمَا قَيَّدَهَا الشَّارِحُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهَا عَصَبَةٌ مَعَ الْبِنْتِ فَلَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الْأَبِ، فَقَوْلُهُ لِأَبٍ مَقُولُ يَقُولُ. قَوْلُهُ: (تَرْجِيحًا إلَخْ) وَرُدَّ بِأَنَّ الْأُخْتَ هُنَا لَمَّا كَانَتْ يُورَثُ بِهَا مُنْفَرِدَةً وَقَدْ حُجِبَتْ سَقَطَ اعْتِبَارُهَا بِخِلَافِ إخْوَةِ الْأُمِّ فِي الشَّقِيقِ فَإِنَّهَا مُرَجَّحَةٌ مِنْ الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي الْوَلَاءِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تَحْجُبَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) أَيْ حِرْمَانًا كَمَا مَثَّلَ أَوْ نُقْصَانًا كَمَا إذَا نَكَحَ مَنْ ذَكَرَ بِنْتَه فَتَلِدُ بِنْتًا وَيَمُوتُ عَنْهَا فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ وَلَا عِبْرَةَ بِالزَّوْجِيَّةِ لِحَجْبِهَا مِنْ الرُّبُعِ إلَى الثُّمُنِ. قَوْلُهُ: (فَتَلِدُ) أَيْ أُمُّهُ مِنْ وَطْئِهِ بِنْتًا، فَهَذِهِ الْبِنْتُ بِنْتُهُ وَأُخْتُهُ مِنْ أُمِّهِ، فَتَرِثُ مِنْهُ إذَا مَاتَ بِالْبِنْتِيَّةِ، لِأَنَّ إخْوَةَ الْأُمِّ مَحْجُوبَةٌ بِهَا، فَهَذِهِ الْبِنْتُ بِنْتُ الْأُمِّ وَبِنْتُ ابْنِهَا وَالْأُمُّ مَعَهَا أُمُّهَا وَجَدَّتُهَا أُمُّ أَبِيهَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَطَأَ بِنْتَه) فَتَلِدَ بِنْتًا وَالْبِنْتُ الثَّانِيَةُ مَعَ الْوَاطِئِ بِنْتُهُ، وَبِنْتُ بِنْتِهِ وَمَعَ الْأُولَى بِنْتُهَا، وَأُخْتُهَا مِنْ أَبِيهَا وَهِيَ الْمُرَادَةُ، وَالْأُولَى أُمُّ الثَّانِيَةِ وَأُخْتُهَا مِنْ أَبِيهَا. قَوْلُهُ: (فَالْأُولَى أُمُّ أُمِّهِ) أَيْ الْوَلَدُ وَأُخْتُهُ مِنْ أَبِيهِ، وَالثَّانِيَةُ أُمُّهُ وَأُخْتُهُ مِنْ أَبِيهِ وَهُوَ ابْنُ الثَّانِيَةِ وَابْنُ بِنْتِ الْأُولَى وَأَخُوهُمَا مِنْ أَبِيهِمَا وَهُوَ ابْنُ الْوَاطِئِ، وَابْنُ بِنْتِهِ، وَابْنُ بِنْتِ بِنْتِهِ وَالثَّانِيَةُ بِنْتُ الْوَاطِئِ وَبِنْتُ بِنْتِهِ. قَوْلُهُ: (فَتَرِثُ بِالْجُدُودَةِ دُونَ الْأُخْتِيَّةِ إلَخْ) فَلَوْ حُجِبَتْ الْجُدُودَةُ الَّتِي هِيَ الْقَوِيَّةُ وَرِثَتْ بِالْأُخْتِيَّةِ الضَّعِيفَةِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي هَذِهِ عَنْ أُمِّهِ وَأُمِّهَا الْمَذْكُورَتَيْنِ، فَتَرِثُ الْعُلْيَا مِنْهُ النِّصْفِ بِالْإِخْوَةِ لِأَنَّ الْجُدُودَةَ حُجِبَتْ بِأُمِّهِ، الَّتِي هِيَ بِنْتُهَا وَلِلْأُمِّ فِي هَذِهِ الثُّلُثُ وَلَا يَحْجُبُهَا إخْوَةُ نَفْسِهِ مَعَ الْأُخْرَى عَنْهُ، وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ أُمٌّ لَمْ تَحْجُبْ الْجَدَّةَ الَّتِي هِيَ أُمُّهَا، وَجَدَّةٌ وَرِثَتْ مَعَ الْأُمِّ الَّتِي هِيَ ابْنَتُهَا وَجَدَّةٌ وَرِثَتْ النِّصْفَ مَعَ أُمٍّ وَرِثَتْ الثُّلُثَ، وَأَمٌّ وَرِثَتْ الثُّلُثَ مَعَ عَدَدٍ مِنْ الْأَخَوَاتِ، فَتَأَمَّلْ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ إخْوَةَ الْأُمِّ الْمَذْكُورَةِ تَحْجُبُهَا إلَى السُّدُسِ، فَرَاجِعْهُ.   [حاشية عميرة] وَقِيلَ بِهِمَا) بِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي الِانْتِصَارِ كَمَا فِي وَلَدِ الْعَمِّ إذَا كَانَ أَخًا لِأُمٍّ. أَقُولُ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هَاتَيْنِ الْقَرَابَتَيْنِ يَجْتَمِعَانِ فِي الْإِسْلَامِ اخْتِيَارًا بِخِلَافِ الْأُولَتَيْنِ. فَرْعٌ لَوْ مَاتَتْ الصُّغْرَى أَوَّلًا، فَالْكُبْرَى أُمُّهَا وَأُخْتُهَا لِأَبِيهَا فَتَرِثُ بِالْأُمُومَةِ قَطْعًا، وَلَا يَجْرِي الْوَجْهُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّ هُنَا فَرْضَيْنِ وَفِي تِلْكَ فَرْضٌ وَعُصُوبَةٌ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَغْنَى بِذَلِكَ) لِأَنَّهُ لَوْ فَرْضَ إخْوَةِ أُمٍّ كَانَ الْجِهَتَانِ فَرِيضَتَيْنِ فَيَكُونُ مُنْدَرِجًا فِي قَوْلِهِ الْآتِي، وَمَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ جِهَتَا فَرْضٍ إلَخْ، نَعَمْ قَدْ اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ كَوْنَ الْبِنْتِ تُعَصِّبُ نَفْسَهَا، وَمُنِعَ الِاجْتِمَاعُ بِوَاسِطَةِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِقَرَابَةِ أُخْرَى) خَرَجَ بِلَفْظِ أُخْرَى نَحْوُ ابْنَيْ مُعْتِقٍ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ وَاحْتَجَّ لَهُ بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْوَلَاءِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 فَصْلٌ إنْ كَانَ الْوَرَثَةُ عَصَبَاتٍ قُسِمَ الْمَالُ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ (أَنْ تَمَحَّضُوا ذُكُورًا) كَثَلَاثَةِ بَنِينَ أَوْ إخْوَةٍ (أَوْ إنَاثًا) كَثَلَاثِ نِسْوَةٍ أَعْتَقْنَ عَبْدًا بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُنَّ (وَإِنْ اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ) مِنْ النَّسَبِ (قَدْرُ كُلِّ ذَكَرٍ أُنْثَيَيْنِ) فَفِي ابْنٍ وَبِنْتٍ يُقْسَمُ الْمَالُ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِلِابْنِ سَهْمَانِ وَلِلْبِنْتِ سَهْمٌ. (وَعَدَدُ رُءُوسِ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِمْ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ يُسَمَّى بِذَلِكَ كَالثَّلَاثَةِ فِيمَا ذُكِرَ (وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ ذُو فَرْضٍ أَوْ ذَوَا) بِالتَّثْنِيَةِ (فَرْضَيْنِ مُتَمَاثِلَيْنِ) كَنِصْفٍ أَوْ نِصْفَيْنِ (فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ مَخْرَجِ ذَلِكَ الْكَسْرِ) فَفِي زَوْجٍ وَأَخٍ لِأَبٍ أَوْ زَوْجٍ، وَأُخْتٍ لِأَبٍ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْنِ مَخْرَجِ النِّصْفِ كَمَا قَالَ (فَمَخْرَجُ النِّصْفِ اثْنَانِ وَالثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ وَالرُّبُعِ أَرْبَعَةٌ وَالسُّدُسِ سِتَّةٌ وَالثُّمُنِ ثَمَانِيَةٌ) وَالثُّلُثَانِ كَالثُّلُثِ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ صَحِيحٌ اثْنَانِ وَكَذَا الْبَاقِي. (وَإِنْ كَانَ فَرْضَانِ مُخْتَلِفَا الْمَخْرَجِ فَإِنْ تَدَاخَلَ مَخْرَجَاهُمَا فَأَصْلٌ الْمَسْأَلَةِ أَكْثَرُهُمَا كَسُدُسٍ وَثُلُثٍ) فِي مَسْأَلَةِ أُمٍّ وَوَلَدَيْ أُمٍّ وَأَخٍ لِأَبٍ فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ (وَإِنْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ وَالْحَاصِلُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ كَسُدُسٍ وَثُمُنٍ) فِي مَسْأَلَةِ أُمٍّ وَزَوْجَةٍ وَابْنٍ (فَالْأَصْلُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ)   [حاشية قليوبي] [فَصْلٌ كَانَ الْوَرَثَةُ عَصَبَاتٍ] فَصْلٌ فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَتْبَعُهَا وَالْأُصُولُ جَمْعُ أَصْلٍ وَهُوَ لُغَةً مَا يُبْنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ كَبِنَاءِ التَّصْحِيحِ عَلَيْهِ هُنَا، وَقَدْ يَتَّحِدَانِ إذَا صَحَّتْ مِنْ أَصْلِهَا وَعُرْفًا هُنَا عَدَدُ مَخْرَجِ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ أَوْ فُرُوضِهَا أَوْ عَدَدُ رُءُوسِ الْعَصَبَةِ، إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَرْضٌ. قَوْلُهُ: (عَصَبَاتٍ) شَمِلَ الْعَاصِبَ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ فِيمَا يَخُصُّهُ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُفْرَدُ غَيْرَ الْأَوَّلِ بِمَسْأَلَةٍ اسْتِقْلَالًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْمَالُ) أَيْ التَّرِكَةُ. قَوْلُهُ: (تَمَحَّضُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ وَإِدْخَالُ مَحْضِ الْإِنَاثِ فِي ضَمِيرِ الذُّكُورِ صَحِيحٌ نَظَرًا لِعُمُومِ أَوَّلِ الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (بِالسَّوِيَّةِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اخْتَلَفَتْ فَهِيَ كَالْفَرْضِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِي تَصْوِيرِهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ النَّسَبِ) خَرَجَ الْوَلَاءُ وَقَدْ مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ) مَرْفُوعٌ خَبَرٌ عَنْ عَدَدٍ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ نَائِبُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ يُقَالُ أَوْ مَنْصُوبٌ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ تُسَمَّى قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَدَّمَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِمْ عَصَبَاتٍ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِغَيْرِ قَيْدِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ ذَوَا) هُوَ مَثْنَى أَيْ صَاحِبُ فَرْضَيْنِ وَتَتَابُعُ التَّثْنِيَةِ فِيهِ أَسْهَلُ مِنْ إيهَامِ اجْتِمَاعِ فَرْضَيْنِ لِوَاحِدٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَخْرَجٍ) هُوَ أَقَلُّ عَدَدٍ يَصِحُّ مِنْهُ الْكَسْرُ صَحِيحًا سَوَاءٌ كَانَ مُفْرَدًا كَثُلُثٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ، أَوْ مُضَافًا كَنِصْفِ ثُلُثٍ مِنْ سِتَّةٍ، أَوْ مَعْطُوفًا كَنِصْفٍ وَرُبُعٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ، أَوْ نِصْفٍ وَثُلُثٍ مِنْ سِتَّةٍ أَوْ رُبُعٍ، وَثُلُثُ الْبَاقِي مِنْ أَرْبَعَةٍ، أَوْ نِصْفٍ وَثُلُثُ الْبَاقِي مِنْ سِتَّةٍ، وَالْمُكَرَّرُ كَالْمُفْرَدِ كَثُلُثَيْنِ فَهُمَا كَالثُّلُثِ مِنْ ثَلَاثَةٍ. قَوْلُهُ: (كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ أَوْ شَقِيقَةٍ) وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْيَتِيمَةَ وَالنِّصْفِيَّةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْفَرَائِضِ مَا يُورَثُ بِهِ الْمَالُ مُنَاصَفَةً فَرْضًا غَيْرُهَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْبَاقِي) وَكُلُّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ أَسْمَاءِ أَعْدَادِهَا إلَّا النِّصْفَ فَإِنَّهُ مِنْ التَّنَاصُفِ فَكَأَنَّ الْمُقْتَسِمِينَ تَنَاصَفَا الْمَالَ، وَلَوْ أُخِذَ مِنْ اسْمِ الْعَدَدِ لَقِيلَ لَهُ ثِنْيٌ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ مَعَ سُكُونِ ثَانِيهِ، وَكَسْرِهِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ أَسْمَاءَ أَعْدَادِهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ أَسْمَائِهَا مَقْلُوبٌ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي ذَاتِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (ضُرِبَ كُلٌّ فِي كُلٍّ) أَيْ ضُرِبَ جُمْلَةُ أَحَدِهِمَا فِي جُمْلَةِ الْآخَرِ هَذَا مُرَادُ، الْمُصَنِّفِ وَتَقْدِيرُ الشَّارِحِ يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ، وَاَلَّذِي أَحْوَجَهُ إلَيْهِ بَقَاءُ الْمَتْنِ عَلَى إعْرَابِهِ اللَّازِمِ عَلَيْهِ سُلُوكُهُ فِي الْإِعْرَابِ اللَّفْظِيِّ الظَّاهِرِ. قَوْلُهُ: (فَالْأُصُولُ سَبْعَةٌ) مِنْهَا خَمْسَةٌ لَازِمَةٌ فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ وَقَدْ تُوجَدُ فِي حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ، حَيْثُ لَمْ تَخْرُجْ الْفُرُوضُ بِالْجَمْعِ عَنْهَا وَمِنْهَا اثْنَانِ حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ خَرَجَا عَنْ الْخَمْسَةِ، وَهُمَا الِاثْنَا عَشَرَ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ وَزَادَ الْمُتَأَخِّرُونَ أَصْلَيْنِ آخَرَيْنِ فِي بَابِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ إذَا زَادُوا عَلَى مِثْلَيْهِ أَحَدُهُمَا الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ فِيهَا سُدُسٌ وَثُلُثُ الْبَاقِي لِأَنَّهُمَا أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ ذَلِكَ كَأُمٍّ وَجَدٍّ وَإِخْوَةٍ، وَثَانِيهِمَا السِّتَّةُ وَالثَّلَاثُونَ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ فِيهَا رُبُعٌ وَسُدُسٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ، لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ ذَلِكَ كَزَوْجَةٍ، وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَإِخْوَةٍ وَاعْتَذَرَ الْإِمَامُ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ بِأَنَّ فِي ثُلُثِ الْبَاقِي خِلَافًا. قَوْلُهُ: (مَزِيدَانِ عَلَى الْخَمْسَةِ) أَيْ وَهِيَ نَاشِئَةٌ مِنْهَا فَحَسَنُ التَّفْرِيعِ بِالْفَاءِ لِأَنَّ مَا بَعْدَهَا يُنْتَجُ عَمَّا قَبْلَهَا بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ. قَوْلُهُ: (يَعُولُ) أَيْ يَزِيدُ عَلَى عَدَدِ أَصْلِهِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] فَصْلٌ إنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ عَصَبَاتٍ قَوْلُهُ: (بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُنَّ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهَذَا لِيُطَابِقَ قَوْلَ الْمَتْنِ بِالسَّوِيَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَدَدُ رُءُوسِ إلَخْ) لَوْ كَانُوا أَهْلَ وَلَاءٍ وَالْأَنْصِبَاءُ مُخْتَلِفَةٌ، فَأَصْلُهَا مَخْرَجُ كُسُورِ أَنْصِبَائِهِمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَرْضَيْنِ) أَوْ ذَوُو فُرُوضٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ مَخْرَجٍ) هُوَ عَدَدُ وَاحِدِهِ ذَلِكَ الْفَرْضُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اثْنَانِ إلَخْ) اخْتِصَارُ هَذَا أَنْ تَقُولَ اثْنَانِ وَضِعْفُهَا وَضِعْفُ ضِعْفِهَا وَثَلَاثَةٌ وَضِعْفُهَا وَضِعْفُ ضِعْفِهَا وَضِعْفُ ضِعْفِ ضِعْفِهَا، وَإِنَّمَا انْحَصَرَتْ فِي سَبْعَةٍ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ سِتَّةٌ، لِأَنَّ لِلْفُرُوضِ حَالَةَ انْفِرَادٍ وَاجْتِمَاعٍ فَفِي الِانْفِرَادِ يُحْتَاجُ لِخَمْسَةٍ، لِأَنَّ الثُّلُثَ يُغْنِي عَنْ الثُّلُثَيْنِ، وَفِي حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ يُحْتَاجُ لِمَخْرَجَيْنِ آخَرَيْنِ، لِأَنَّ التَّرْكِيبَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَمَاثُلٍ أَوْ تَدَاخُلٍ أَوْ تَبَايُنٍ أَوْ تَوَافُقٍ فَفِي الْأَوَّلَيْنِ يُكْتَفَى بِأَحَدِ الْمِثْلَيْنِ، أَوْ الْأَكْبَرِ وَفِي الْأَخِيرَيْنِ يُحْتَاجُ إلَى الضَّرْبِ فَيَجْتَمِعُ اثْنَا عَشَرَ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَاَلَّذِي يَعُولُ مِنْهَا) اعْلَمْ أَنَّ الْأُصُولَ قِسْمَانِ تَامٌّ وَنَاقِصٌ فَالتَّامُّ هُوَ الَّذِي تُسَاوِيهِ أَجْزَاؤُهُ الصَّحِيحَةُ، أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهِ، وَالنَّاقِصُ مَا عَدَاهُمَا فَالسِّتَّةُ بِإِهَانَتِهَا تُسَاوِيهَا وَالِاثْنَا عَشَرَ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ أَجْزَاؤُهُمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ وَفْقِ أَحَدِ الْمَخْرَجَيْنِ وَهُوَ نِصْفُ السِّتَّةِ أَوْ الثَّمَانِيَةِ فِي الْآخَرِ (وَإِنْ تَبَايَنَا ضُرِبَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (فِي كُلٍّ وَالْحَاصِلُ لِأَصْلٍ كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ) فِي مَسْأَلَةِ أُمٍّ وَزَوْجَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ (الْأَصْلُ اثْنَا عَشَرَ) حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ (فَالْأُصُولُ سَبْعَةٌ اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَسِتَّةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ) وَالْأَخِيرَانِ مَزِيدَانِ عَلَى الْخَمْسَةِ السَّابِقَةِ فَحَسُنَ قَوْلُهُ فَالْأُصُولُ بِالْفَاءِ (وَاَلَّذِي يَعُولُ مِنْهَا السِّتَّةُ إلَى سَبْعَةٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ أُخْتٍ اثْنَانِ (وَإِلَى ثَمَانِيَةٍ كَهُمْ وَأُمٍّ) لَهَا السُّدُسُ وَاحِدٌ (وَإِلَى تِسْعَةٍ كَهُمْ وَأَخٍ لِأُمٍّ) لَهُ السُّدُسُ وَاحِدٌ (وَإِلَى عَشَرَةٍ كَهُمْ وَآخَرُ لِأُمٍّ) لَهُ وَاحِدٌ (وَالِاثْنَا عَشَرَ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ لِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ وَلِكُلِّ أُخْتٍ أَرْبَعَةٌ (وَإِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ كَهُمْ وَأَخٍ لِأُمٍّ) لَهُ السُّدُسُ اثْنَانِ (وَ) إلَى (سَبْعَةَ عَشْرَةَ كَهُمْ وَآخَرَ لِأُمٍّ) لَهُ اثْنَانِ (وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ كَبِنْتَيْنِ وَأَبَوَيْنِ وَزَوْجَةٍ) لِلْبِنْتَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَلِلْأَبَوَيْنِ ثَمَانِيَةٌ وَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ، وَالْعَوْلُ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ الزِّيَادَةُ عَلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، مَا بَقِيَ مِنْ سِهَامِ ذَوِي الْفُرُوضِ، لِيَدْخُلَ النَّقْصُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ بِقَدْرِ فَرْضِهِ، كَنَقْصِ أَصْحَابِ الدُّيُونِ بِالْمُحَاصَّةِ. (وَإِذَا تَمَاثَلَ الْعَدَدَانِ) كَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةٍ مَخْرَجَيْ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ وَلَدَيْ أُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ أَيْ فَيُقَالُ فِيهِمَا مُتَمَاثِلَانِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا وَفَنِيَ الْأَكْثَرُ بِالْأَقَلِّ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَمُتَدَاخِلَانِ كَثَلَاثَةٍ مَعَ سِتَّةٍ أَوْ تِسْعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُفْنِهِمَا إلَّا عَدَدٌ ثَالِثٌ، فَمُتَوَافِقَانِ بِجُزْئِهِ كَأَرْبَعَةٍ وَسِتَّةٍ بِالنِّصْفِ) لِأَنَّهُمَا يُفْنِيهِمَا الِاثْنَانِ وَهُوَ مَخْرَجُ النِّصْفِ. (وَإِنْ لَمْ يُفْنِهِمَا إلَّا وَاحِدٌ) وَلَا يُسَمَّى عَدَدًا. (تَبَايَنَا كَثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعَةٍ) يُفْنِيهِمَا الْوَاحِدُ فَقَطْ (وَالْمُتَدَاخَلَانِ مُتَوَافِقَانِ وَلَا عَكْسَ) أَيْ لَيْسَ كُلُّ مُتَوَافِقٍ مُتَدَاخِلًا فَالثَّلَاثَةُ مَعَ السِّتَّةِ مُتَدَاخِلَانِ   [حاشية قليوبي] السِّتَّةِ) وَكَذَا ضِعْفُهَا وَضِعْفُ ضِعْفِهَا كَمَا يَأْتِي وَإِنَّمَا عَالَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ لِأَنَّهَا أَعْدَادٌ تَامَّةٌ، إذْ كُلُّ عَدَدٍ إذَا اجْتَمَعَتْ أَجْزَاؤُهُ سَاوَتْهُ أَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ يُقَالُ لَهُ تَامٌّ وَغَيْرُهُ نَاقِصٌ. قَوْلُهُ: (كَهُمْ وَأَخٍ لِأُمٍّ) الْأَوْلَى كَهُنَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لِانْضِمَامِ الْأَخِ الْمَذْكُورِ، كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَفِي ذَلِكَ إدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الضَّمِيرِ وَهُوَ خِلَافُ الْفَصِيحِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَى ثَمَانِيَةٍ) مِنْ صُوَرِهَا الْمُبَاهَلَةُ وَهِيَ زَوْجٌ وَأُخْتٌ لِغَيْرِ أُمٍّ، وَأَمٌّ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا قَضَى فِيهَا الْإِمَامُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِمَّا يَأْتِي خَالَفَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَجَعَلَ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثَ وَلِلْأُخْتِ مَا بَقِيَ، وَلَا عَوْلَ فَقِيلَ لَهُ النَّاسُ عَلَى خِلَافِ رَأْيِك، فَقَالَ فَإِنْ شَاءُوا فَلْنَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَهُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَهُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ، فَقِيلَ لَهُ لِمَ سَكَتّ عَنْ ذَلِكَ فِي زَمَنِ عُمَرَ؟ فَقَالَ: كَانَ رَجُلًا مُهَابًا فَهِبْته وَالْبَهْلَةُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ اللَّعْنَةُ وَمَعْنَى نَبْتَهِلُ نَقُولُ بَهْلَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ مِنَّا وَمِنْكُمْ. قَوْلُهُ: (وَإِلَى عَشْرَةٍ) وَتُسَمَّى أُمَّ الْفُرُوخِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْجِيمِ لِكَثْرَةِ مَا فَرَّخَتْ، وَكَثْرَةِ الْإِنَاثِ فِيهَا، وَتُسَمَّى الشَّرِيحِيَّةَ لِأَنَّهَا لَمَّا رُفِعَتْ لِلْقَاضِي شُرَيْحٍ جَعَلَهَا مِنْ عَشْرَةٍ، وَلَا تَعُولُ السِّتَّةُ لِمَا فَوْقَ السَّبْعَةِ إلَّا وَيَكُونُ فِيهِ الْمَيِّتُ أُنْثَى عَكْسَ الِاثْنَيْ عَشَرَ. تَنْبِيهٌ مَتَى نُسِبَ مَا زِيدَ عَلَى السِّتَّةِ إلَيْهَا حَصَلَ اسْمُ الْكَسْرِ الَّذِي هُوَ مِقْدَارُ الزِّيَادَةِ، وَمَتَى نُسِبَ لِلْمَجْمُوعِ حَصَلَ اسْمُ مِقْدَارِ الْكَسْرِ الَّذِي نَقَصَ مِنْ كُلِّ وَارِثٍ مِثَالُهُ فِي الْعَوْلِ لِلسَّبْعَةِ، إذَا نُسِبَ الْوَاحِدُ لِلسِّتَّةِ كَانَ سُدُسًا، فَيُقَالُ عَالَتْ بِسُدُسِهَا وَإِذَا نُسِبَ لِلسَّبْعَةِ كَانَ سَبْعًا فَيُقَالُ نَقَصَ مِنْ حِصَّةِ كُلِّ وَارِثٍ سُبُعُ مَا نُطِقَ لَهُ بِهِ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (لِزِيَادَةٍ) أَلْ فِيهِ زَائِدَةٌ وَمَفْعُولُهُ مَا بَقِيَ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ الْمَقْرُونَ بِأَلْ لَا يَعْمَلُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسَمَّى عَدَدًا) أَيْ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْحِسَابِ وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ هُنَا لِمُقَابَلَتِهِ لِمَا قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْمُتَدَاخَلَانِ مُتَوَافِقَانِ) لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّوَافُقِ هُنَا مُطْلَقُ الِاشْتِرَاكِ الصَّادِقِ بِالتَّمَاثُلِ وَالتَّدَاخُلِ وَالتَّوَافُقِ، لَا التَّوَافُقُ الَّذِي هُوَ قِسْمُ التَّدَاخُلِ الْمُشْتَرَطِ فِي عَدَدَيْهِ أَنْ لَا يُفْنِيَهُمَا إلَّا عَدَدٌ ثَالِثٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَيْسَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَكْسِ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ تَبْدِيلُ الطَّرَفَيْنِ مَعَ اخْتِلَافِ الْإِيجَابِ وَالسَّلْبِ فَتَنْعَكِسُ فِيهِ الْكُلِّيَّةُ الْمُوجَبَةُ إلَى كُلِّيَّةٍ سَالِبَةٍ، لَا الْعَكْسُ الْمَنْطِقِيُّ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ بَقَاءُ الْإِيجَابِ وَالسَّلْبِ فَتَنْعَكِسُ فِيهِ الْكُلِّيَّةُ الْمُوجَبَةُ إلَى جُزْئِيَّةٍ، مُوجَبَةٍ نَحْوَ كُلُّ إنْسَانٍ حَيَوَانٌ، فَيَنْعَكِسُ إلَى بَعْضُ الْحَيَوَانِ إنْسَانٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَرْعٌ) زَادَ التَّرْجَمَةَ لِطُولِ الْكَلَامِ قَبْلَهُ وَالْمَذْكُورُ فِيهِ تَصْحِيحُ الْمَسَائِلِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ وَمَعْرِفَةُ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ مِنْ ذَلِكَ الْمُصَحَّحِ. قَوْلُهُ: (إذَا عَرَفْت) خِطَابٌ لِكُلِّ مَنْ يُرِيدُ ذَلِكَ وَفَعَلَهُ. قَوْلُهُ: (وَانْقَسَمَتْ) بِأَنْ دَخَلَ كُلُّ فَرِيقٍ فِي سِهَامِهِ أَوْ مَاثَلَتْهُ. قَوْلُهُ: (تَبَايَنَا) أَيْ السِّهَامُ وَعَدَدُ الصِّنْفِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكٌ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ. قَوْلُهُ: (ضُرِبَ عَدَدُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُبَايِنُ صِنْفًا وَاحِدًا وَانْقَسَمَتْ عَلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ اثْنَيْنِ) مَخْرَجُ النِّصْفِ فَرْضُ الزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (مِنْهَا تَصِحُّ) وَيُقَالُ عَلَى وَقْفِ مَا سَيَأْتِي مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِهَا يُضْرَبُ لَهُ فِيمَا ضُرِبَ فِيهَا، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِجُزْءِ السَّهْمِ فَلِلزَّوْجِ وَاحِدٌ مِنْ الْأَصْلِ فِي اثْنَيْنِ جُزْءِ السَّهْمِ فَلَهُ اثْنَانِ وَلِلْأَخَوَيْنِ كَذَلِكَ فَلِكُلِّ أَخٍ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ سِتَّةٍ) هِيَ الْحَاصِلَةُ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ مَخْرَجِ نِصْفِ الزَّوْجِ فِي ثَلَاثَةٍ مَخْرَجِ الثُّلُثَيْنِ   [حاشية عميرة] تَزِيدُ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْمَخَارِجِ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ، فَإِنَّ أَجْزَاءَ كُلٍّ تَنْقُصُ عَنْهُ فَهَذَا ضَابِطُ الَّذِي يَعُولُ وَاَلَّذِي لَا يَعُولُ. فَرْعٌ الْأَصْلَانِ الْمَزِيدَانِ لَا عَوْلَ فِيهِمَا لِأَنَّ السُّدُسَ وَثُلُثَ مَا بَقِيَ لَا يَسْتَغْرِقَانِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَالسُّدُسَ وَالرُّبُعَ وَثُلُثَ الْبَاقِي لَا يَسْتَغْرِقُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَزَوْجٍ إلَخْ) . لَوْ مَاتَ عَنْ أُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ وَأُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، وَاثْنَيْنِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ أَيْضًا، قَالُوا وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي الْفَرَائِضِ أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَمُتَدَاخِلَانِ) يَعْنِي أَنَّ الْأَقَلَّ دَاخِلٌ فِي الْأَكْثَرِ إنْ اقْتَضَتْ الْعِبَارَةُ أَنَّ كُلًّا دَاخِلٌ فِي الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ تَدَاخُلٍ) لِأَنَّ شَرْطَ التَّدَاخُلِ أَنْ لَا يَزِيدَ الْأَقَلُّ عَلَى نِصْفِ الْأَكْثَرِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُقَالَ إلَخْ) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 وَمُتَوَافِقَانِ بِالثُّلُثِ وَالْأَرْبَعَةُ مَعَ السِّتَّةِ مُتَوَافِقَانِ مِنْ غَيْرِ تَدَاخُلٍ. (فَرْعٌ إذَا عَرَفْت أَصْلَهَا) أَيْ الْمَسْأَلَةِ (وَانْقَسَمَتْ السِّهَامُ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ كَزَوْجٍ وَثَلَاثَةِ بَنِينَ هِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ (وَإِذَا انْكَسَرَتْ عَلَى صِنْفٍ) مِنْهُمْ (قُوبِلَتْ) أَيْ سِهَامُهُ (بِعَدَدِهِ فَإِنْ تَبَايَنَا ضُرِبَ عَدَدُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا إنْ عَالَتْ) مِثَالُهُ بِلَا عَوْلٍ زَوْجٌ وَأَخَوَانِ لِأَبٍ هِيَ مِنْ اثْنَيْنِ لِلزَّوْجِ وَاحِدٌ يَبْقَى وَاحِدٌ لَا يَصِحُّ قَسْمُهُ عَلَى الْأَخَوَيْنِ، وَلَا مُوَافَقَةَ فَيُضْرِبُ عَدَدُهُمَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ أَرْبَعَةً، مِنْهَا تَصِحُّ وَمِثَالُهُ بِالْعَوْلِ زَوْجٌ وَخَمْسُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ هِيَ مِنْ سِتَّةٍ، وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ وَتَصِحُّ بِضَرْبِ خَمْسَةٍ فِي سَبْعَةٍ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ. (وَإِنْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقُ عَدَدِهِ فِيهَا) أَيْ الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا إنْ عَالَتْ (فَمَا بَلَغَ صَحَّتْ مِنْهُ) مِثَالُهُ بِلَا عَوْلٍ أُمٌّ وَأَرْبَعَةُ أَعْمَامٍ لِأَبٍ هِيَ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ يَبْقَى اثْنَانِ يُوَافِقَانِ عَدَدَ الْأَعْمَامِ بِالنِّصْفِ، فَتَضْرِبُ نِصْفَهُ اثْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ تَبْلُغُ سِتَّةً مِنْهَا تَصِحُّ وَمِثَالُهُ بِالْعَوْلِ زَوْجٌ وَأَبَوَانِ وَسِتُّ بَنَاتٍ: هِيَ بِعَوْلِهَا مِنْ خَمْسَةٍ وَتَصِحُّ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ. (وَإِنْ انْكَسَرَتْ عَلَى صِنْفَيْنِ قُوبِلَتْ سِهَامُ كُلِّ صِنْفٍ بِعَدَدِهِ فَإِنْ تَوَافَقَا) أَيْ سِهَامُ كُلِّ صِنْفٍ وَعَدَدُهُ. (رُدَّ الصِّنْفُ إلَى وَفْقِهِ وَإِلَّا) بِأَنْ تَبَايَنَا (تُرِكَ) الصِّنْفُ بِحَالِهِ وَكَذَا إنْ كَانَ التَّوَافُقُ فِي صِنْفٍ وَالتَّبَايُنُ فِي آخَرَ وَقَدْ تَحْتَمِلُ الْعِبَارَةُ دُخُولَ هَذَا الْقِسْمِ بِأَنْ يُقَالَ فِي قَوْلِهِ تَوَافَقَا أَيْ السِّهَامُ وَالْعَدَدُ فِي الصِّنْفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَكَذَا فِي تَبَايَنَا. (ثُمَّ إنْ تَمَاثَلَ عَدَدُ الرُّءُوسِ) فِي الصِّنْفَيْنِ بِالرَّدِّ إلَى الْوَفْقِ، أَوْ الْبَقَاءِ عَلَى حَالِهِ أَوْ الرَّدِّ فِي صِنْفٍ وَالْبَقَاءِ فِي آخَرَ. (ضُرِبَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْعَدَدَيْنِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ. (فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا) إنْ عَالَتْ (وَإِنْ تَدَاخَلَا) أَيْ الْعَدَدَانِ (ضُرِبَ أَكْثَرُهُمَا) فِيمَا ذُكِرَ (وَإِنْ تَوَافَقَا ضُرِبَ وَفْقُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي الْمَسْأَلَةِ) بِعَوْلِهَا (وَإِنْ تَبَايَنَا ضُرِبَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي الْمَسْأَلَةِ) بِعَوْلِهَا (فَمَا بَلَغَ) بِهِ الضَّرْبُ فِي كُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ (صَحَّتْ مِنْهُ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ فِيهِ أَمْثِلَةُ ذَلِكَ فِي الرَّدِّ إلَى الْوَفْقِ أُمٌّ وَسِتَّةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَاثْنَتَا عَشْرَةَ أُخْتًا لِأَبٍ هِيَ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ لِلْإِخْوَةِ سَهْمَانِ يُوَافِقَانِ عَدَدَهُمْ، بِالنِّصْفِ فَيُرَدُّ إلَى ثَلَاثَةٍ، وَلِلْأَخَوَاتِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ تُوَافِقُ عَدَدَهُنَّ بِالرُّبْعِ فَتُرَدُّ إلَى ثَلَاثَةٍ تُضْرَبُ إحْدَى الثَّلَاثَتَيْنِ فِي سَبْعَةٍ تَبْلُغُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ وَمِنْهُ تَصِحُّ أُمٌّ وَثَمَانِيَةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ، وَثَمَانِي أَخَوَاتٍ لِأَبٍ تَرُدُّ عَدَدَ الْإِخْوَةِ إلَى أَرْبَعَةٍ وَالْأَخَوَاتِ إلَى اثْنَيْنِ وَهُمَا مُتَدَاخِلَانِ، فَتَضْرِبُ الْأَرْبَعَةَ فِي سَبْعَةٍ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ، وَمِنْهُ تَصِحُّ أُمٌّ وَاثْنَا عَشَرَ أَخًا لِأُمٍّ وَسِتَّ عَشْرَةَ أُخْتًا لِأَبٍ، تَرُدُّ عَدَدَ الْإِخْوَةِ إلَى سِتَّةٍ، وَالْأَخَوَاتِ إلَى أَرْبَعَةٍ، وَهُمَا مُتَوَافِقَانِ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ نِصْفَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، تَبْلُغُ اثْنَيْ عَشَرَ تَضْرِبُ فِي سَبْعَةٍ تَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ، وَمِنْهُ تَصِحُّ أُمٌّ وَسِتَّةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ، وَثَمَانِي أَخَوَاتٍ لِأَبٍ تَرُدُّ عَدَدَ الْإِخْوَةِ إلَى ثَلَاثَةٍ وَالْأَخَوَاتِ إلَى اثْنَيْنِ، وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ، فَتَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ تَبْلُغُ سِتَّةً تَضْرِبُ فِي سَبْعَةٍ تَبْلُغُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، وَمِنْهُ تَصِحُّ وَأَمْثِلَةُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ مَعَ بَقَاءِ عَدَدِ الرُّءُوسِ بِحَالِهِ ثَلَاثُ بَنَاتٍ، وَثَلَاثَةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ هِيَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَالْعَدَدَانِ مُتَمَاثِلَانِ يُضْرِبُ أَحَدُهُمَا ثَلَاثٌ فِي ثَلَاثَةٍ تَبْلُغُ تِسْعَةً وَمِنْهُ تَصِحُّ ثَلَاثُ بَنَاتٍ وَسِتَّةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ الْعَدَدَانِ مُتَدَاخِلَانِ تَضْرِبُ أَكْثَرَهُمَا سِتَّةً فِي ثَلَاثَةٍ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَمِنْهُ تَصِحُّ تِسْعُ بَنَاتٍ وَسِتَّةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ الْعَدَدَانِ مُتَوَافِقَانِ بِالثُّلُثِ تَضْرِبُ ثُلُثَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ تَضْرِبُ فِي ثَلَاثَةٍ تَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ وَمِنْهُ تَصِحُّ ثَلَاثُ بَنَاتٍ وَأَخَوَانِ لِأَبٍ الْعَدَدَانِ مُتَبَايِنَانِ تَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ، تَبْلُغُ سِتَّةً تَضْرِبُ فِي ثَلَاثٍ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَمِنْهُ تَصِحُّ وَأَمْثِلَةُ الْأَرْبَعَةِ أَيْضًا فِي الرَّدِّ إلَى الْوَفْقِ فِي صِنْفٍ وَالْبَقَاءُ فِي الْآخَرِ سِتُّ بَنَاتٍ وَثَلَاثَةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ تَرُدُّ عَدَدَ الْبَنَاتِ إلَى ثَلَاثَةٍ، وَتَضْرِبُ إحْدَى الثَّلَاثَتَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ تَبْلُغُ تِسْعَةً وَمِنْهُ تَصِحُّ أَرْبَعُ بَنَاتٍ وَأَرْبَعَةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ تَرُدُّ عَدَدَ الْبَنَاتِ إلَى اثْنَيْنِ وَهُمَا دَاخِلَانِ فِي الْأَرْبَعَةِ فَتَضْرِبُهَا فِي ثَلَاثَةٍ تَبْلُغُ اثْنَيْ عَشَرَ وَمِنْهُ تَصِحُّ ثَمَانِي بَنَاتٍ وَسِتَّةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ تَرُدُّ عَدَدَ الْبَنَاتِ إلَى أَرْبَعَةٍ. وَهِيَ تُوَافِقُ السِّتَّةَ بِالنِّصْفِ فَيَضْرِبُ نِصْفَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، تَبْلُغُ اثْنَيْ عَشَرَ تَضْرِبُ فِي ثَلَاثَةٍ تَبْلُغُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَمِنْهُ تَصِحُّ أَرْبَعُ بَنَاتٍ وَثَلَاثَةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ تَرُدُّ عَدَدَ الْبَنَاتِ إلَى اثْنَيْنِ، وَهُمَا مَعَ ثَلَاثَةٍ مُتَبَايِنَانِ تَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ تَبْلُغُ سِتَّةً تَضْرِبُ فِي ثَلَاثَةٍ   [حاشية قليوبي] فَرْضِ الْأَخَوَاتِ. قَوْلُهُ: (خَمْسَةٍ) عَدَدُ الْأَخَوَاتِ. قَوْلُهُ: (سَبْعَةٍ) هِيَ الْمَسْأَلَةُ بِالْعَوْلِ. قَوْلُهُ: (ضُرِبَ عَدَدُهُ فِيهَا) أَيْ حَيْثُ انْقَسَمَتْ عَلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ ثَلَاثَةٍ) مَخْرَجِ الثُّلُثِ فَرْضِ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ) وَأَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ نِصْفِ مَخْرَجِ رُبُعِ الزَّوْجِ فِي سِتَّةٍ مَخْرَجِ أَحَدِ السُّدُسَيْنِ أَوْ عَكْسِهِ، وَمَخْرَجُ ثُلُثِي الْبَنَاتِ دَاخِلٌ فِيهِ، وَالسُّدُسُ الْآخَرُ مُمَاثِلٌ لَهُ، وَعَالَتْ بِرُبُعِهَا ثَلَاثَةً وَنَقَصَ مِنْ حِصَّةِ كُلِّ وَارِثٍ خُمُسُهَا. قَوْلُهُ: (خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ) هِيَ الْحَاصِلَةُ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ وَفْقَ الْبَنَاتِ فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ أَصْلِهَا بِالْعَوْلِ. قَوْلُهُ: (عَلَى صِنْفَيْنِ) أَيْ وَصَحَّتْ عَلَى غَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (بِالرَّدِّ إلَى الْوَفْقِ) أَيْ فِي الصِّنْفَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْبَقَاءِ) أَيْ فِي الصِّنْفَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَمْثِلَةُ ذَلِكَ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ فِي الرُّءُوسِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ الرُّءُوسِ وَالسِّهَامِ فَهِيَ اثْنَا عَشَرَ مِثَالًا، وَمَعَ الْعَوْلِ وَعَدَمِهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَقَدْ اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ مِثَالًا مِنْ النَّوْعَيْنِ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا عَائِلَةٌ. قَوْلُهُ: (أُمٌّ وَسِتَّةُ إخْوَةٍ إلَخْ) هُوَ مِثَالٌ لِلْمُمَاثَلَةِ فِي الرُّءُوسِ مَعَ الْمُوَافَقَةِ فِي الصِّنْفَيْنِ مَعَ سِهَامِهِمَا. قَوْلُهُ: (أُمٌّ وَثَمَانِيَةُ إخْوَةٍ إلَخْ) هُوَ مِثَالٌ لِلْمُدَاخَلَةِ فِي الْمُوَافَقَةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أُمٌّ وَاثْنَا عَشَرَ أَخًا إلَخْ) هُوَ مِثَالٌ لِلْمُوَافَقَةِ فِي الْمُوَافَقَةِ. قَوْلُهُ: (أُمٌّ وَسِتَّةُ إخْوَةٍ لِأُمٍّ إلَخْ) هُوَ مِثَالٌ لِلْمُبَايَنَةِ فِي الْمُوَافَقَةِ وَبِهِ تَتِمُّ أَحْوَالُ الْمُوَافَقَةِ الْأَرْبَعَةِ. قَوْلُهُ: (مَعَ بَقَاءِ إلَخْ) أَيْ مَعَ مُبَايَنَةِ كُلِّ صِنْفٍ لِسِهَامِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ ثَلَاثَةٍ) مَخْرَجِ ثُلُثِ الْبَنَاتِ الثَّلَاثِ لَهُنَّ اثْنَانِ مُبَايِنَانِ لَهُنَّ وَلِلْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ كَذَلِكَ، فَهُوَ مِثَالٌ لِلْمُمَاثَلَةِ فِي الْمُبَايَنَةِ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثُ بَنَاتٍ إلَخْ) فِيهَا مَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَهُوَ مِثَالٌ لِلْمُدَاخَلَةِ فِي الْمُبَايَنَةِ. قَوْلُهُ: (تِسْعُ بَنَاتٍ إلَخْ) فِيهَا مَا ذُكِرَ أَيْضًا وَهُوَ مِثَالٌ لِلْمُوَافَقَةِ فِي الْمُبَايَنَةِ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثُ بَنَاتٍ وَأَخَوَانِ إلَخْ) فِيهَا وِزَانُ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مِثَالٌ لِلْمُبَايَنَةِ فِي الْمُبَايَنَةِ، وَيُقَالُ لَهُمَا صَمَّاءُ، وَكَذَا كُلُّ مَسْأَلَةٍ عَمَّهَا التَّبَايُنُ بِهِ تَتِمُّ الْأَمْثِلَةُ الْأَرْبَعَةُ فِي مُبَايَنَةِ سِهَامِ الصِّنْفَيْنِ لَهُمَا. قَوْلُهُ: (يُرَدُّ عَدَدُ الْبَنَاتِ إلَى ثَلَاثَةٍ) أَيْ يَبْقَى عَدَدُ الْإِخْوَةِ بِحَالِهِ ثَلَاثَةً. قَوْلُهُ: (وَيُضْرَبُ إحْدَى الثَّلَاثَتَيْنِ إلَخْ) فَهُوَ مِثَالٌ لِلْمُمَاثَلَةِ فِي مُبَايَنَةِ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ وَوَفْقَ الْآخَرِ.   [حاشية عميرة] هَذَا الْقَوْلُ إنْ اعْتَبَرْنَاهُ فِي تَوَافَقَا لَمْ يَصِحَّ اعْتِبَارُهُ فِيمَا بَعْدَ إلَّا وَإِنْ اعْتَبَرْنَاهُ فِيمَا بَعْدَ إلَّا لَمْ يَصِحَّ اعْتِبَارُهُ فِي تَوَافَقَا. وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ الشَّارِحَ فِيمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 تَبْلُغُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمِنْهُ تَصِحُّ. (وَيُقَاسُ عَلَى هَذَا) الْمَذْكُورِ كُلِّهِ (الِانْكِسَارُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ وَأَرْبَعَةٍ وَلَا يَزِيدُ الْكَسْرُ عَلَى ذَلِكَ) لِأَنَّ الْوَارِثِينَ فِي الْفَرِيضَةِ لَا يَزِيدُونَ عَلَى خَمْسَةِ أَصْنَافٍ، كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي اجْتِمَاعِ مَنْ يَرِثُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَحَدُهَا الْأَبُ، وَلَا تَعَدُّدَ فِيهِ وَكَذَا الزَّوْجُ. (فَإِذَا أَرَدْت) بَعْدَ تَصْحِيحِ الْمَسْأَلَةِ (مَعْرِفَةَ نَصِيبِ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ مَبْلَغِ الْمَسْأَلَةِ فَاضْرِبْ نَصِيبَهُ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ) بِعَوْلِهَا إنْ عَالَتْ (فِي ضَرْبِهِ فِيهَا فَمَا بَلَغَ، فَهُوَ نَصِيبُهُ ثُمَّ تَقْسِمُهُ عَلَى عَدَدِ الصِّنْفِ) مِثَالُهُ جَدَّتَانِ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ وَعَمٌّ لِأَبٍ هِيَ مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ بِضَرْبِ سِتَّةٍ فِيهَا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ لِلْجَدَّتَيْنِ وَاحِدٌ، فِي سِتَّةٍ بِسِتَّةٍ لِكُلِّ جَدَّةٍ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَخَوَاتِ أَرْبَعَةٌ فِي سِتَّةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِكُلِّ أُخْتٍ ثَمَانِيَةٌ وَلِلْعَمِّ وَاحِدٌ فِي سِتَّةٍ بِسِتَّةٍ زَوْجَتَانِ وَأَرْبَعُ جَدَّاتٍ وَسِتُّ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ هِيَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَتَعُولُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَتَرُدُّ عَدَدَ الْجَدَّاتِ إلَى اثْنَيْنِ، وَالْأَخَوَاتِ إلَى ثَلَاثَةٍ، وَتَضْرِبُ فِيهَا أَحَدَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ اثْنَانِ تَبْلُغُ سِتَّةً تَضْرِبُ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ تَبْلُغُ ثَمَانِيَةً وَسَبْعِينَ لِلزَّوْجَتَيْنِ، ثَلَاثَةٌ فِي سِتَّةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِكُلِّ زَوْجَةٍ تِسْعَةٌ وَلِلْجَدَّاتِ اثْنَانِ فِي سِتَّةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِكُلِّ جَدَّةٍ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَخَوَاتِ ثَمَانِيَةٌ فِي سِتَّةٍ بِثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ لِكُلِّ أُخْتٍ ثَمَانِيَةٌ فَرْعٌ فِي الْمُنَاسَخَاتِ. (مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَرِثْ الثَّانِي غَيْرُ الْبَاقِينَ، وَكَانَ إرْثُهُمْ مِنْهُ كَإِرْثِهِمْ مِنْ الْأَوَّلِ جُعِلَ) الْحَالُ بِالنَّظَرِ إلَى الْحِسَابِ. (كَأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يَكُنْ) مِنْ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ (وَقُسِمَ) الْمَالُ (بَيْنَ الْبَاقِينَ كَإِخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ) مِنْ الْأَبِ (أَوْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ مَاتَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْبَاقِينَ) بَدَأَ بِالْإِخْوَةِ لِأَنَّ إرْثَهُمْ مِنْ الثَّانِي بِطَرِيقِ إرْثِهِمْ مِنْ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْأَوْلَادِ. (وَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرْ إرْثُهُ فِي الْبَاقِينَ) بِأَنْ شَرَكَهُمْ غَيْرُهُمْ (أَوْ انْحَصَرَ) فِيهِمْ (وَاخْتَلَفَ قَدْرُ الِاسْتِحْقَاقِ) لَهُمْ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي (فَصَحَّ مَسْأَلَةُ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَسْأَلَةُ الثَّانِي ثُمَّ إنْ انْقَسَمَ نَصِيبُ الثَّانِي مِنْ مَسْأَلَةِ الْأَوَّلِ عَلَى مَسْأَلَتِهِ فَذَاكَ) ظَاهِرٌ (وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ ضُرِبَ وَفْقُ مَسْأَلَتِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبْهَمًا مُوَافَقَةً بِأَنْ تَبَايَنَا ضُرِبَ. (كُلُّهَا فِيهَا فَمَا بَلَغَ صَحَّتَا مِنْهُ ثُمَّ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَهُمَا دَاخِلَانِ إلَخْ) فَهُوَ مِثَالٌ لِلْمُدَاخَلَةِ فِي وَفْقِ الْوَاحِدِ مِنْ الصِّنْفَيْنِ وَبَقَاءِ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ تُوَافِقُ إلَخْ) فَهُوَ مِثَالٌ لِلْمُوَافَقَةِ مَعَ بَقَاءِ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ وَرَدِّ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (مُتَبَايِنَانِ) فَهُوَ مِثَالٌ لِلْمُبَايَنَةِ فِي مُوَافَقَةِ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ أَوْ مُبَايَنَةِ الْآخَرِ، وَبِهِ تَتِمُّ أَحْوَالُ هَذَا الْقِسْمِ الْأَرْبَعَةُ، وَيَكْمُلُ بِهِ اثْنَا عَشَرَ مِثَالًا مِمَّا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ) كَجَدَّتَيْنِ وَثَلَاثَةِ أُخُوَّةٍ لِأُمٍّ وَعَمَّيْنِ فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ مَخْرَجِ سُدُسِ الْجَدَّتَيْنِ لِدُخُولِ مَخْرَجِ ثُلُثِ الْإِخْوَةِ فِيهِ وَسِهَامُ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ تُبَايِنُهَا، لِأَنَّ لِلْجَدَّتَيْنِ سَهْمًا وَلِلْعَمَّيْنِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَلِلْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ سَهْمَيْنِ، فَيُضْرَبُ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِتَمَاثُلِهِمَا فِي الصِّنْفِ الثَّالِثِ لِمُبَايَنَتِهِ يَحْصُلُ جُزْءُ سَهْمِهِمَا سِتَّةً وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ. قَوْلُهُ: (وَأَرْبَعَةٍ) كَزَوْجَتَيْنِ وَأَرْبَعِ جَدَّاتٍ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ، لِأُمٍّ وَعَمَّيْنِ وَهِيَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، لِأَنَّ مَخْرَجَ فَرْضِ الْإِخْوَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ دَاخِلٌ فِي مَخْرَجِ فَرْضِ الْجَدَّاتِ وَهُوَ سِتَّةٌ وَهِيَ تُوَافِقُ مَخْرَجَ فَرْضِ الزَّوْجَاتِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ بِالنِّصْفِ وَالْحَاصِلُ مِنْهُمَا اثْنَا عَشَرَ فَهِيَ أَصْلُهَا وَسِهَامُ غَيْرِ الْجَدَّاتِ تُبَايِنُهُ وَرَاجِعْهُنَّ، وَهُوَ اثْنَانِ مُمَاثِلٌ لِلْعَمَّيْنِ وَالزَّوْجَتَيْنِ فَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي عَدَدِ الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ يَحْصُلُ سِتَّةٌ هِيَ جُزْءُ سَهْمِهَا، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ مِنْ ضَرْبِ سِتَّةٍ فِي اثْنَيْ عَشَرَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَزِيدُ الْكَسْرُ) أَيْ بِالِاسْتِقْرَاءِ فِي غَيْرِ الْوَلَاءِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الزَّوْجُ) وَكَذَا الْأُمُّ. قَوْلُهُ: (جَدَّتَانِ إلَخْ) هُوَ مِثَالٌ خَالٍ عَنْ الْعَوْلِ. قَوْلُهُ: (زَوْجَتَانِ إلَخْ) مِثَالٌ لِمَا فِيهِ عَوْلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (فَرْعٌ) زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ لِمَا مَرَّ. لِأَنَّ الْمُنَاسَخَاتِ نَوْعٌ مِنْ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ النَّوْعِ السَّابِقِ قَبْلَهُ الدَّاخِلَيْنِ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُمَا لَكِنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِأَكْثَرِ مِنْ مَيِّتٍ، وَهِيَ مِنْ عَوِيصِ عِلْمِ الْفَرَائِضِ. قَوْلُهُ: (الْمُنَاسَخَاتِ) هِيَ جَمْعُ مُنَاسَخَةٍ مُفَاعَلَةٌ مِنْ النَّسْخِ لُغَةً بِمَعْنَى الْإِزَالَةِ كَمَا فِي نَسَخَتْ الشَّمْسُ الظِّلَّ أَزَالَتْهُ أَوْ بِمَعْنَى النَّقْلِ كَنَسَخْتُ الْكِتَابَ إذَا نَقَلْته بِأَشْكَالِ صُوَرِهِ لِمَا فِيهَا مِنْ إزَالَةِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ، وَنَقْلِ الْحُكْمِ إلَيْهَا وَاصْطِلَاحًا أَنْ يَمُوتَ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَارِثٌ فَأَكْثَرُ قَبْلَ قِسْمَةِ تَرِكَتِهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُفَاعَلَةَ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا إذْ لَيْسَ هُنَا إلَّا نَاسِخَةٌ أَوْ مَنْسُوخَةٌ وَقَدْ يُقَالُ مِنْ صَحِيحِهِ فِي غَيْرِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ إذْ كُلُّ مَا بَيْنَهُمَا نَاسِخَةٌ وَمَنْسُوخَةٌ. . قَوْلُهُ: (بِالنَّظَرِ إلَى الْحِسَابِ) أَيْ لَا بِالنَّظَرِ إلَى وُجُودِهِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِطَرِيقِ إرْثِهِمْ مِنْ الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْإِخْوَةُ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْأَوْلَادِ) فَإِنَّ إرْثَهُمْ مِنْ الْأَوَّلِ بِالْبُنُوَّةِ وَمِنْ الثَّانِي بِالْإِخْوَةِ وَعُلِمَ مِنْ الْكَافِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ كَوْنِ جَمِيعِ الْبَاقِينَ وَارِثِينَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ كَوْنِ بَعْضِهِمْ وَارِثًا مِنْهُ أَوْ كَوْنِهِمْ أَصْحَابَ فَرْضٍ أَوْ كَوْنِهِمْ عَصَبَةً، كَأَنْ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَابْنَيْنِ مِنْ غَيْرِهِ، فَمَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَنَفْرِضُ أَنَّهَا مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَابْنٍ فَلِلزَّوْجِ الرُّبُعُ وَلِلِابْنِ الْبَاقِي. قَوْلُهُ: (بِأَنْ شَرِكَهُمْ غَيْرُهُمْ) أَوْ كَانَ الْوَارِثُ غَيْرَهُمْ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تَبَايَنَا) هُوَ حَصْرٌ لِعُمُومِ النَّفْيِ قَبْلَهُ إذْ لَا يَأْتِي هُنَا التَّمَاثُلُ وَلَا التَّدَاخُلُ، لِأَنَّهَا مَعَ   [حاشية عميرة] حَاوَلَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَزِيدُ الْكَسْرُ عَلَى ذَلِكَ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ الْوَلَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَعَلَ كَأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يَكُنْ بِهِ) يَظْهَرُ وَجْهُ تَسْمِيَتِهَا مُنَاسَخَاتٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ الثَّانِيَةَ نَسَخَتْ الْأُولَى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 قَلَّ (مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ) الْمَسْأَلَةِ (الْأُولَى أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِيمَا ضُرِبَ فِيهَا) مِنْ وَفْقِ الثَّانِيَةِ أَوْ كُلِّهَا. (وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي نَصِيبِ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى أَوْ فِي وَفْقِهِ إنْ كَانَ بَيْنَ مَسْأَلَتِهِ وَنَصِيبِهِ وَفْقٌ) مِثَالُ الِانْقِسَامِ زَوْجٌ وَأُخْتَانِ لِأَبٍ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى وَعَنْ بِنْتٍ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ اثْنَيْنِ وَنَصِيبُ مَيِّتِهَا مِنْ الْأُولَى اثْنَانِ، مُنْقَسِمٌ عَلَيْهِمَا وَمِثَالُ الْوَفْقِ جَدَّتَانِ وَثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ مَاتَتْ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ عَنْ أُخْتٍ لِأُمٍّ، وَهِيَ الْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ فِي الْأُولَى وَعَنْ أُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ وَعَنْ أُمِّ أُمٍّ وَهِيَ إحْدَى الْجَدَّتَيْنِ فِي الْأُولَى الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَالثَّانِيَةُ مِنْ سِتَّةٍ، وَنَصِيبُ مَيِّتِهَا مِنْ الْأُولَى اثْنَانِ يُوَافِقَانِ مَسْأَلَتَهُ بِالنِّصْفِ، فَيُضْرَبُ نِصْفُهَا فِي الْأُولَى تَبْلُغُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ لِكُلٍّ مِنْ الْجَدَّتَيْنِ مِنْ الْأُولَى سَهْمٌ فِي الثَّلَاثَةِ بِثَلَاثَةٍ، وَلِلْوَارِثَةِ فِي الثَّانِيَةِ سَهْمٌ مِنْهَا فِي. وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ، وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبَوَيْنِ فِي الْأُولَى سِتَّةٌ مِنْهَا فِي ثَلَاثَةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَلَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ سَهْمٌ فِي وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبِ فِي الْأُولَى سَهْمَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ، وَلِلْأُخْتَيْنِ لِلْأَبَوَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا فِي وَاحِدٍ بِأَرْبَعَةٍ، وَمِثَالُ عَدَمِ الْوَفْقِ زَوْجَةٌ وَثَلَاثَةُ بَنِينَ، وَبِنْتٌ مَاتَتْ الْبِنْتُ عَنْ أُمٍّ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ، وَهُمْ الْبَاقُونَ مِنْ الْأُولَى الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَالثَّانِيَةُ تَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَنَصِيبُ مَيِّتِهَا مِنْ الْأُولَى سَهْمٌ لَا يُوَافِقُ مَسْأَلَتَهُ، فَتُضْرَبُ فِي الْأُولَى تَبْلُغُ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ لِلزَّوْجَةِ مِنْ الْأُولَى سَهْمٌ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمِنْ الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةٌ فِي وَاحِدٍ بِثَلَاثَةٍ وَلِكُلِّ ابْنٍ مِنْ الْأُولَى سَهْمَانِ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ وَمِنْ الثَّانِيَةِ خَمْسَةٌ فِي وَاحِدٍ بِخَمْسَةٍ. كِتَابُ الْوَصَايَا جَمْعُ وَصِيَّةٍ بِمَعْنَى إيصَاءٍ وَتَتَحَقَّقُ بِمُوصٍ، وَمُوصًى لَهُ وَمُوصًى بِهِ، وَصِيغَةٍ كَقَوْلِهِ أَوْصَيْت لِلْفُقَرَاءِ ثُلُثَ مَالِي أَيْ تَبَرَّعْت لَهُمْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِي، وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُوصِي فَقَالَ: (تَصِحُّ وَصِيَّةُ كُلِّ مُكَلَّفٍ حُرٍّ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا) هُوَ صَادِقٌ بِالذِّمِّيِّ، وَبِهِ عَبَّرَ فِي الْوَسِيطِ وَبِالْحَرْبِيِّ صَرَّحَ   [حاشية قليوبي] التَّمَاثُلِ مُنْقَسِمَةٌ وَكَذَا مَعَ تَدَاخُلِ الْمَسْأَلَةِ فِي السِّهَامِ وَفِي عَكْسِهِ تَرْجِعُ إلَى الْوَقْفِ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ. قَوْلُهُ: (عَنْ أُخْتَيْنِ) وَلَمْ يَرِثَا مِنْ الْأَوَّلِ لِوُجُودِ مَانِعٍ. قَوْلُهُ: (نِصْفُهَا) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ. قَوْلُهُ: (تَبْلُغُ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ) وَهِيَ الْجَامِعَةُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ فَيُجْعَلُ مَسْأَلَةً أَوْلَى فَإِذَا مَاتَ ثَالِثٌ فَمَسْأَلَتُهُ تَصِيرُ ثَانِيَةً وَهَكَذَا. كِتَابُ الْوَصَايَا أَخَّرَهَا عَنْ الْمَوْتِ نَظَرًا لِلْقَبُولِ، وَالرَّدِّ فِيهَا الْمُعْتَبَرَيْنِ بِضِدِّهِ وَلِمَعْرِفَةِ قَدْرِ الثُّلُثِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْمَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (جَمْعُ وَصِيَّةٍ) وَهِيَ تُطْلَقُ عَلَى الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا، وَعَلَى الْعَقْدِ الْمُرَادِ هُنَا، وَهِيَ بِهَذَا الْمَعْنَى لُغَةً: الْإِيصَالُ مِنْ وَصَّى الشَّيْءَ بِكَذَا وَصَلَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ وَصَلَ خَيْرَ دُنْيَاهُ بِخَيْرِ عُقْبَاهُ، وَقِيلَ عَكْسُهُ وَالْأَوَّلُ أَنْسَبُ وَأَشْهَرُ، وَشَرْعًا: تَبَرُّعٌ بِحَقٍّ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ تَقْدِيرًا لَيْسَ بِتَدْبِيرٍ وَلَا تَعْلِيقِ عِتْقٍ بِصِفَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَشَارُوا بِقَوْلِهِمْ: وَلَوْ تَقْدِيرَ الشُّمُولِ نَحْوَ أَوْصَيْت لَهُ بِكَذَا، فَإِنَّ بَعْدَ الْمَوْتِ مُقَدَّرًا مَعَهُ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: لِيَشْمَلَ التَّبَرُّعَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ فِيهِ نَظَرٌ، وَغَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَصِيَّةً وَإِنْ كَانَ لَهُ حُكْمُهَا فِيمَا ذُكِرَ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُمْ: لَيْسَ بِتَدْبِيرٍ إلَخْ مُسْتَدْرَكٌ فَتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ) أَيْ بِمَعْنَى الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَرْكَانُ وَالشُّرُوطُ لَا بِمَعْنَى الْعَيْنِ، وَحِينَئِذٍ فَهِيَ شَامِلَةٌ لِلْإِيصَاءِ الَّذِي سَيَأْتِي كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَلَكِنَّ التَّعْرِيفَ الْمَذْكُورَ لَهَا هُنَا لَا بِمَعْنَاهُ، فَمَنْ فَهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْإِيصَاءَ بِالْمَعْنَى الْآتِي أَعَمُّ مِنْ الْوَصِيَّةِ، إمَّا مُخْطِئٌ أَوْ سَاهٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَتَتَحَقَّقُ) أَيْ تُوجَدُ حَقِيقَتُهَا، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ أَرْكَانُهَا وَأَخَّرَ الصِّيغَةَ إلَى الْمَرَضِ الْمَخُوفِ لِمُنَاسَبَتِهَا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَمُوصًى لَهُ) وَلَوْ ضِمْنًا كَأَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ، فَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ صُرِفَ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ وَفَارَقَ تَعَيُّنُ ذِكْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قِيلَ بِنَقْلِ الْمِلْكِ لَهُ فِيهِ حَالَةَ الْوَقْفِ، فَكَأَنَّهُ أَشْبَهَ الْهِبَةَ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ إلَخْ) أَيْ مُطْلَقًا وَأَصْلُهَا النَّدْبُ مُؤَكَّدًا وَكَانَتْ وَاجِبَةً قَبْلَ آيَةِ الْمَوَارِيثِ فَنُسِخَ الْوُجُوبُ بِهَا، وَأَفْضَلُهَا الْقَرِيبُ غَيْرُ وَارِثٍ وَتَقْدِيمُ مُحَرَّمِ نَسَبٍ فَرَضَاعٍ فَمُصَاهَرَةٍ فَوَلَاءٍ فَجِوَارٍ أَفْضَلُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ فِيهَا تَخْلِيطٌ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا مَنْدُوبَةٌ مُطْلَقًا وَعَزْوُ الْأَحْكَامِ مِنْ حَيْثُ مَنْ الْمُسْنَدَةُ إلَيْهِ، وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى دَعْوَى النَّسْخِ فِيهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا لِلْأَقَارِبِ مَثَلًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: إنَّهَا قَدْ تَجِبُ؛ إذْ لَزِمَ مِنْ تَرْكِهَا ضَيَاعُ حَقٍّ وَقَدْ تَحْرُمُ، وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهَا فَسَادُهُ، وَقَدْ تُكْرَهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْحُرْمَةُ وَالْكَرَاهَةُ هُنَا مِنْ حَيْثُ الْعَقْدُ، فَهِيَ صَحِيحَةٌ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي وَقَدْ تُبَاحُ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّهَا لَيْسَتْ عَقْدَ قُرْبَةٍ أَيْ دَائِمًا كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا مَا وَضَعَهُ عَلَى النَّدْبِ لَا يَكُونُ مُبَاحًا فَهِيَ مَنْدُوبَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُبَاحًا كَعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْآتِيَةِ؛ إذْ لَا مُلَازَمَةَ فَقَدْ مَرَّ، أَنَّهَا قَدْ تُكْرَهُ فِي الْقِرْيَةِ فَتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (مُكَلَّفٌ) وَلَوْ حُكْمًا فَشَمِلَ السَّكْرَانَ وَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدِ الِاخْتِيَارِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (حُرٌّ) وَلَوْ مُبَعَّضًا، وَلَوْ   [حاشية عميرة] [كِتَاب الْوَصَايَا] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَانَتْ وَاجِبَةً بِكُلِّ الْمَالِ لِلْوَارِثِ ثُمَّ نُسِخَ بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَصِحُّ وَصِيَّةٌ إلَخْ) . أَيْ بِالْإِجْمَاعِ وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ السَّكْرَانَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ عِنْدَهُ وَوَصِيَّتُهُ صَحِيحَةٌ. فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ حُرًّا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ سُبِيَ وَاسْتُرِقَّ وَكَانَ الْمَالُ عِنْدَنَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَالظَّاهِرُ بَقَاءُ الْوَصِيَّةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ كَانَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (وَكَذَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الضَّابِطِ فَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا لَا تَصِحُّ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ، فَالسَّفِيهُ بِلَا حَجْرٍ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ جَزْمًا وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ كَمَا ذُكِرَ فِي بَابِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. (لَا مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَصَبِيٍّ) أَيْ لَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. (وَفِي قَوْلٍ تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالْإِعْتَاقِ، (وَلَا رَقِيقٍ) أَيْ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ، (وَقِيلَ إنْ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ صَحَّتْ) لِإِمْكَانِ تَنْفِيذِهَا، وَالْمُكَاتَبُ كَالرَّقِيقِ . (وَإِذَا أَوْصَى لِجِهَةٍ عَامَّةٍ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا تَكُونَ مَعْصِيَةً كَعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ) مِنْ كَافِرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهَا، وَتَصِحُّ لِغَيْرِهَا مِنْ قُرَبِهِ، وَجَائِزٍ كَعِمَارَةِ مَسْجِدٍ، وَفَكِّ أَسْرَى الْكُفَّارِ مِنْ أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ (أَوْ) أَوْصَى (لِشَخْصٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (فَالشَّرْطُ أَنْ يُتَصَوَّرَ لَهُ الْمِلْكُ فَتَصِحُّ لِحَمْلٍ وَتُنَفَّذُ) بِالْمُعْجَمَةِ (إنْ انْفَصَلَ حَيًّا وَعُلِمَ وُجُودُهُ عِنْدَهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (بِأَنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْهَا (فَإِنْ انْفَصِلْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ) مِنْهَا (وَالْمَرْأَةُ فِرَاشُ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ) الْمُوصَى بِهِ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ عِنْدَهَا وَلَا مُوَالَاةَ بِنَقْصِ مُدَّةِ الْحَمْلِ فِي ذَلِكَ عَنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ.   [حاشية قليوبي] بِالْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (مَنْ كَانَ كَافِرًا) كَوَقْفِهِ وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ نَذْرِهِ بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِهَا كَمَا مَرَّ عَنْ الرَّافِعِيِّ قَوْلُهُ: (صَادِقٌ بِالذِّمِّيِّ) وَكَذَا بِالْمُرْتَدِّ لَكِنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى عَوْدِهِ لِلْإِسْلَامِ، فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بَطَلَتْ. قَوْلُهُ: (الْحَرْبِيِّ) وَإِنْ اُسْتُرِقَّ بَعْدَهَا فَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ، وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِمَا يَأْتِي فِي الْمُكَاتَبِ كَذَا قَالُوهُ وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ إنْ قِيلَ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ بَعْدَ اسْتِرْقَاقِهِ، فَلَا وَجْهَ لِبُطْلَانِهَا وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا، وَهُوَ مَا تَقْتَضِيهِ الْغَايَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ دَفْعُ مَالِهِ إلَيْهِ بَعْدَ حُرِّيَّتِهِ، فَرَاجِعْهُ، وَإِنْ قِيلَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ بِاسْتِرْقَاقِهِ، فَلَا وَجْهَ لِبَقَائِهَا إنْ تَعَلَّقَتْ بِمَالِهِ، وَإِنْ عَادَ حُرًّا فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ فَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهَا، وَتُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ لَوْ عَادَ حُرًّا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الضَّابِطِ) فَذَكَرَهُ لِأَجْلِ الْخِلَافِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَوْتِ) وَرُدَّ بِفَسَادِ عِبَارَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنْ عَتَقَ إلَخْ) وَرُدَّ بِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ فِيهِ، فَلَا تَصِحُّ وَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُكَاتَبُ كَالرَّقِيقِ) نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ صَحَّتْ وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ مَعَ اسْتِقْلَالِهِ بِالتَّصَرُّفِ عِنْدَهَا، وَفِي صِحَّتِهَا مِنْهُ بِالْعِتْقِ تَرَدُّدٌ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر اعْتِمَادُ الصِّحَّةِ وَتَقَدَّمَ صِحَّتُهَا مِنْ الْمُبَعَّضِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمُوصَى بِهِ مَمْلُوكًا لِلْمُوصِي، فَلَا تَصِحُّ بِمَالِ أَجْنَبِيٍّ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: تَصِحُّ وَيَصِيرُ مُوصًى بِهِ إذَا مَلَكَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (كَعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ) أَيْ لِتَعَبُّدِهِمْ فِيهَا وَلَوْ مَعَ نُزُولِ الْمَارَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ لِنُزُولِ الْمَارَّةِ فَقَطْ وَلَوْ كُفَّارًا صَحَّتْ وَكَعَمَارَتِهَا نَحْوُ إسْرَاجِهَا. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِهَا) أَيْ الْمَعْصِيَةِ شَمِلَ الْمَكْرُوهَ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيهِ كَالْحَرَامِ. قَوْلُهُ: (وَجَائِزٍ) أَيْ مُبَاحٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ مُعَيَّنٍ) هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ شَرْطِهِ الْمَذْكُورِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْجِهَةَ فَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ، كَأَوْلَادِ زَيْدٍ وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ الْمُهِمُّ كَ أَوْصَيْتُ لِأَحَدِ هَذَيْنِ فَلَا تَصِحُّ نَعَمْ، إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْإِعْطَاءِ كَأَعْطُوهُ لِأَحَدِ هَذَيْنِ صَحَّ، وَيُعْطِيهِ الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ إذْنٌ فِي التَّمْلِيكِ، وَلَيْسَ تَمْلِيكًا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فَالشَّرْطُ) أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى عَدَمِ الْمَعْصِيَةِ وَالْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْجِهَةِ وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، فَيَخْرُجُ أَوْصَيْت لِخَادِمِ الْكَنِيسَةِ، أَوْ لِمَنْ يَرْتَدُّ بِخِلَافِ زَيْدٍ خَادِمِ الْكَنِيسَةِ، أَوْ زَيْدٍ الْمُرْتَدِّ فَتَصِحُّ لِبَقَائِهَا لَهُ، وَإِنْ زَالَ الْوَصْفُ وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ: (أَنْ يُتَصَوَّرَ لَهُ الْمِلْكُ) أَيْ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِمَّنْ يَمْلِكُ حَالَةَ الْوَصِيَّةِ يَخْرُجُ بِهِ مَنْ سَيُحْدِثُ فَلَا تَصِحُّ لَهُ. قَالَ شَيْخُنَا م ر وَلَوْ تَبَعًا وَنُوزِعَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ تَبَعًا وَقَدْ يُفَرَّقُ لِدَوَامِ الْوَقْفِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَالْأَوْلَى الْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ وَخَرَجَ بِهِ الْمَيِّتُ أَيْضًا، إلَّا فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مِلْكٍ نَحْوُ مَاءٍ، لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ أَوْ لِغُسْلِهِ، وَالْمُرَادُ الْأَوْلَوِيَّةُ فِي مَحَلِّ الْمُوصِي، أَوْ فِي مَحَلِّ الْمَالِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَيْسَ فِي هَذِهِ وَصِيَّةٌ لِمَيِّتٍ بَلْ هِيَ لِوَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَوَلَّى أَمْرَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ انْفَصَلَ) وَلَوْ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَلَا يَسْتَحِقُّ.   [حاشية عميرة] كَافِرًا) هُوَ شَامِلٌ لِلْمُرْتَدِّ إذَا مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ: وَنَازَعَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى قَوْلِ الْوَقْفِ، وَنُقِلَ عَنْ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ صَحَّحَ فِي بَابِ الرِّدَّةِ الصِّحَّةَ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا رَقِيقٍ) أَيْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْوَصِيَّةَ حَيْثُ التَّوَارُثُ، وَالْعَبْدُ لَا يُورَثُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُكَاتَبُ كَالرَّقِيقِ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ صِحَّتَهَا مِنْهُ إذَا عَتَقَ قَبْلَ الْمَوْتِ ثُمَّ لَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِلْمُكَاتَبِ، فَلَا كَلَامَ فِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَتَبَرُّعَاتُهُ صَحِيحَةٌ بِالْإِذْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِشَخْصٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ لِمَيِّتٍ نَعَمْ إنْ قَالَ اصْرِفُوا هَذَا الْمَاءَ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ، وَهُنَاكَ مَيِّتٌ قُدِّمَ عَلَى الْحَيِّ الْمُتَنَجِّسِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَارِثٌ يَقْبَلُ لَهُ. فَائِدَةٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْوَقْفِ أَنَّ الشَّخْصَ لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ الْمُوصَى لَهُ، أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ هُنَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي لِلَّهِ تَعَالَى صُرِفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا مُبَالَاةَ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِهَذَا إمَّا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مِنْ أَنَّ زَمَنَ الْعُلُوقِ مَحْسُوبٌ مِنْ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ، فَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ نَقْصُ مُكْثِ الْحَمْلِ فِي الْبَطْنِ عَنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ زَمَنٍ مِنْ الْعُلُوقِ مِنْ جُمْلَةِ السِّتَّةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَا يُشْكِلُ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ، وَلَمْ تَكُنْ فِرَاشًا؛ لِأَنَّا إذَا مَشَيْنَا عَلَى مُقْتَضَى مَا تَقَرَّرَ، بِأَنْ حَسَبْنَا زَمَنَ مَنْ الْعُلُوقُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْبَعِ لَا إشْكَالَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ أَنَّهَا لَمْ تَلِدْهُ لِأَزِيدَ مِنْ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَلْتَبِسُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 الْمُبْهَمِينَ الْوَطْءَ وَالْعِلْوَانَ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا وَانْفَصَلَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ فَكَذَلِكَ) لَمْ يَسْتَحِقَّ لِعَدَمِهِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ. (أَوْ لِدُونِهِ) أَيْ دُونَ الْأَكْثَرِ (اسْتَحَقَّ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، وَالثَّانِي لَا يَسْتَحِقُّ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَهَا، وَاعْتِبَارُ هَذَا الِاحْتِمَالِ فِيمَا تَقَدَّمَ؛ لِمُوَافَقَتِهِ فِيهِ لِلْأَصْلِ وَيَقْبَلُ الْوَصِيَّةَ لِلْحَمْلِ مَنْ يَلِي أَمْرَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ حَيًّا (وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدٍ فَاسْتَمَرَّ رِقُّهُ فَالْوَصِيَّةُ لِسَيِّدِهِ) أَيْ تُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ لِتَصِحَّ وَيَقْبَلَهَا الْعَبْدُ دُونَ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُ، وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ فِي الْأَصَحِّ. (فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَهُ) الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْقَبُولِ حُرٌّ. (وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ قَبِلَ بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَ تُمْلَكُ) إنْ قُلْنَا بِالْمَوْتِ بِشَرْطِ الْقَبُولِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَلِلسَّيِّدِ أَوْ بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلِلْعَبْدِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ فَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْوَصِيَّةِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ (وَإِنْ وَصَّى لِدَابَّةٍ وَقَصَدَ تَمْلِيكَهَا أَوْ أَطْلَقَ فَبَاطِلَةٌ) وَتَقَدَّمَ فِي الْوَقْفِ الْمُطْلَقُ عَلَيْهَا حِكَايَةُ وَجْهِ أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِلَحْظَةِ الْوَطْءِ وَالْعُلُوقِ) فَاللَّحْظَةُ لَهُمَا وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ قَدْ يُقَارِنُ الْوَطْءَ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ فَلَوْ حُسِبَتْ تِلْكَ اللَّحْظَةُ مِنْ السِّتَّةِ لَزِمَ مُقَارَنَةُ الْوَصِيَّةِ لَهَا فَيَلْزَمُ الِاحْتِمَالُ الْمُشَارُ إلَيْهِ، بِقَوْلِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ الْوَلَدُ بِالزَّوْجِ مَعَ هَذَا الِاحْتِمَالِ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ وَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ لَحْظَةً لِلْوَضْعِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا إلَخْ) نَعَمْ لَوْ لَمْ يُعْلَمْ لَهَا تَقَدَّمَ فِرَاشٌ قَطُّ، أَوْ لَمْ يُتَصَوَّرْ غَشَيَانُهَا لِنَحْوِ صِغَرٍ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ ابْتِدَاءً قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَفِرَاشُ نَحْوِ مَمْسُوحٍ كَعَدَمِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْفِرَاشِ وُجُودُ وَطْءٍ يُمْكِنُ كَوْنُ الْحَمْلِ مُنِعَ بَعْدَ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ بَلْ الْوَطْءُ لَيْسَ قَيْدًا؛ إذْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يُحَالُ وُجُودُ الْحَمْلِ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْ دُونَ الْأَكْثَرِ) فَالْأَرْبَعَةُ مُلْحَقَةٌ بِمَا دُونَهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَسْتَحِقُّ) وَفَارَقَ لُحُوقَ النَّسَبِ بِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَاعْتِبَارُ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي جَعْلِهِ الِاحْتِمَالَ مَانِعًا فِيمَا مَرَّ. لَا هُنَا وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ اعْتِبَارَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ قَوِيٌّ بِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْحَمْلِ عِنْدَهَا أَيْ، وَلَمْ يُعَارِضْهُ ظَاهِرٌ بِخِلَافِهِ هُنَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ خُرُوجِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: يَلِي أَمْرَهُ فَيَصِحُّ الْقَبُولُ لَهُ مِنْهُ، وَلَوْ قَبْلَ انْفِصَالِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَدَخَلَ فِيمَنْ يَلِي أَمْرَهُ السَّيِّدُ فِي عَبْدِهِ وَلَوْ قَيَّدَ الْحَمْلَ بِكَوْنِهِ مِنْ فُلَانٍ اُشْتُرِطَ لُحُوقُهُ بِهِ وَعَدَمُ نَفْيِهِ لَهُ قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدٍ) أَيْ وَلَيْسَ مَمْلُوكًا لَهُ وَلَا مُكَاتَبًا وَلَا مُبَعَّضًا فَإِنْ كَانَ لَهُ وَأَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِبَعْضِهَا عَتَقَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، وَيُوقَفُ الزَّائِدُ إنْ كَانَ عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ مَعَ ذَلِكَ بِمَالٍ فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ لِلْوَارِثِ فَلَا يَصِحُّ فِي الْجُزْءِ الْمُقَابِلِ لِلرِّقِّ، كَمَا يَأْتِي بَعْدَهُ، وَلَوْ أَوْصَى لِمُدَبَّرِهِ بِمَالٍ قُدِّمَ عِتْقُهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَسِعَ ثُلُثُهُ زِيَادَةً عَلَى عِتْقِهِ، أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا فَهِيَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُبَعَّضًا فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ عَلَى نِسْبَةِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ مَا لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَإِلَّا فَلِصَاحِبِ النَّوْبَةِ نَعَمْ لَوْ خَصَّهَا الْمُوصِي بِجُزْءِ الرِّقِّ، أَوْ الْحُرِّيَّةِ عُمِلَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِوَارِثِهِ فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِوَارِثِهِ. قَوْلُهُ: (لِسَيِّدِهِ) أَيْ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ غَيْرَهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، أَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي. قَوْلُهُ: (تُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ) يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ قَصَدَ سَيِّدَهُ فَبِالْأَوْلَى، وَإِنْ قَصَدَ الْعَبْدُ فَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيَقْبَلُهَا الْعَبْدُ) إنْ كَانَ أَهْلًا بِاخْتِيَارِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْقَبُولِ قَبِلَ سَيِّدُهُ، وَإِنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَفْتَقِرُ إلَخْ) بَلْ وَإِنْ نَهَاهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي) وَكَذَا مَعَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ الْوَصِيَّةُ) أَيْ إنْ عَتَقَ كُلُّهُ وَإِلَّا فَلَهُمَا عَلَى نِسْبَةِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَلَا نَظَرَ لِمُهَايَأَةٍ هُنَا بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ لِوُجُودِ التَّبْعِيضِ هُنَاكَ فِي الِابْتِدَاءِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ وَقْتَ الْقَبُولِ حُرٌّ) الْوَجْهُ وَقْتَ الْمَوْتِ لِيُطَابِقَ الْمَدْلُولَ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَبَرُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ مَوْتِهِ) لَا مَعَهُ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْوَصِيَّةِ) فَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ لِنَفْسِهِ، بَاطِلَةً هُنَا أَيْضًا، وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِالصِّحَّةِ هُنَا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْوَقْفَ وَضْعُهُ أَنْ يَكُونَ نَاجِزًا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ فِي وَقْتِ وُجُودِ الْمِلْكِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَوْنُهُ حَالًا أَوْ مَالًا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَاعْتِبَارُ كَوْنِ الْعَبْدِ رُبَّمَا يَعْتِقُ قَبْلَ وَقْتِ الْمِلْكِ فِي الْوَصِيَّةِ إنَّمَا هُوَ فَرْعٌ مِنْ صِحَّتِهَا، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ غَيْرُ مُصَحِّحٍ لَهَا بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْبُطْلَانَ فِي الْوَصِيَّةِ أَوْلَى مِنْهُ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِخِلَافِهَا وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ ظَاهِرِ شَرْحِ شَيْخِنَا مُوَافِقًا لِابْنِ حَجَرٍ لِعَدَمِ اسْتِدْرَاكِهِ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ لِظُهُورِهِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ بِ ثُبُوتِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّيَقُّنِ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الشُّبْهَةَ نَادِرَةٌ، وَتَقْدِيرُ الزِّنَى إسَاءَةُ ظَنٍّ. قَوْلُهُ: (لِلْأَصْلِ) يُرِيدُ الْأَصْلَ الَّذِي لَمْ يُعَارِضْهُ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ خُرُوجِهِ حَيًّا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَيَقْبَلُ الْوَصِيَّةَ . قَوْلُهُ: (وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ) بَلْ لَوْ نَهَاهُ لَمْ يَصِرْ كَخُلْعِهِ مَعَ نَهْيِ السَّيِّدِ عَنْهُ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ الْعَبْدُ صَغِيرًا فَهَلْ يُنْتَظَرُ، كَمَالُهُ أَوْ يَقْبَلُ السَّيِّدُ كَوَلِيِّ الْحُرِّ الظَّاهِرُ الثَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ عَتَقَ) لَوْ عَتَقَ بَعْضُهُ فَلَهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِأَنَّهُ وَقْتَ الْقَبُولِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَقْتَ الْمَوْتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَبَاطِلَةٌ) أَيْ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يُخَاطَبُ وَيَتَأَتَّى مِنْهُ الْقَبُولُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 مَالِكِهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَيُشْبِهُ أَنْ يَأْتِيَ فِي الْوَصِيَّةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ مَحْضٌ فَيَنْبَغِي أَنْ تُضَافَ إلَى مَنْ يَمْلِكُ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْفَرْقُ أَصَحُّ. (وَإِنْ قَالَ لِيُصْرَفَ فِي عَلْفِهَا فَالْمَنْقُولُ صِحَّتُهَا) ؛ لِأَنَّ عَلْفَهَا عَلَى مَالِكِهَا، فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالْوَصِيَّةِ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ، وَيَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ إلَى جِهَةِ الدَّابَّةِ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْمُوصِي، وَقَوْلُهُ فَالْمَنْقُولُ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، أَنَّهُ يُحْتَمَلُ مَجِيءُ وَجْهٍ بِالْبُطْلَانِ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى عَلْفِهَا (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ) وَمَصَالِحِهِ (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) الْوَصِيَّةَ لِلْمَسْجِدِ تَصِحُّ (فِي الْأَصَحِّ وَتُحْمَلُ عَلَى عِمَارَتِهِ وَمَصَالِحِهِ) وَالثَّانِي تَبْطُلُ كَالْوَصِيَّةِ لِلدَّابَّةِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت تَمْلِيكَ الْمَسْجِدِ فَقِيلَ: تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ صِحَّتَهَا بِأَنَّ لِلْمَسْجِدِ مِلْكًا وَعَلَيْهِ وَقْفًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا هُوَ الْأَفْقَهُ وَالْأَرْجَحُ (وَ) تَصِحُّ (لِذِمِّيٍّ) كَالصَّدَقَةِ عَلَيْهِ (وَكَذَا حَرْبِيٌّ وَمُرْتَدٌّ فِي الْأَصَحِّ) كَالذِّمِّيِّ وَالثَّانِي لَا إذْ يُقْتَلَانِ. (وَقَاتِلٍ فِي الْأَظْهَرِ) كَالْهِبَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ بِحَقٍّ أَمْ بِغَيْرِهِ، وَالثَّانِي كَالْإِرْثِ، وَصُورَتُهَا أَنْ يُوصِيَ لِرَجُلٍ فَيَقْتُلَهُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَتْلُ سَيِّدِ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصِيَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْعَبْدِ وَصِيَّةٌ لِسَيِّدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) تَصِحُّ (لِوَارِثٍ فِي الْأَظْهَرِ إنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ) بِخِلَافِ مَا إذَا رَدُّوا، وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ الْإِجَازَةُ تَنْفِيذٌ لِلْوَصِيَّةِ. (وَلَا عِبْرَةَ بِرَدِّهِمْ وَإِجَازَتِهِمْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (إلَى مَنْ يَمْلِكُ) أَيْ جِنْسَهُ وَبِهَذَا الْفَرْقِ يُعْلَمُ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْعَبْدِ دُونَ الدَّابَّةِ. تَنْبِيهٌ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلصَّوَابِ الْمُسَبَّلَةِ كَصِحَّةِ الْوَاقِفِ عَلَيْهَا قَصْدًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْفَرْقُ أَصَحُّ) أَيْ فَلَا يَأْتِي هُنَا الْوَجْهُ الْمَذْكُورُ فِي الْوَقْفِ بَلْ الْوَصِيَّةُ لَيْسَتْ وَصِيَّةً لِمَالِكِهَا قَطْعًا فَالْفَرْقُ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ؛ إذْ الْحُكْمُ بِالْبُطْلَانِ فِيهِمَا مُتَّجَهٌ وَكَالدَّابَّةِ دَارٌ يَصْرِفُ فِي عِمَارَتِهَا، فَلَا يَصِحُّ فِي الْإِطْلَاقِ قَطْعًا فَلَا يَقْصِدُ عِمَارَتَهَا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ) أَيْ الْمُوصِي أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَوَارِثُهُ مِثْلُهُ فَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ خَالَفَهُ الْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. قَوْلُهُ: (عَلَفَهَا) بِفَتْحِ اللَّامِ مَا تَأْكُلُهُ وَبِسُكُونِهَا تَقْدِيمُ الْعَلَفِ لَهَا الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْعَالِفِ فَيُصْرَفُ لِأُجْرَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَعَيَّنُ إلَخْ) مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الدَّابَّةِ لِنَحْوِ تَجَمُّلٍ أَوْ مُبَاسَطَةٍ، وَإِلَّا فَهُوَ لِلْمَالِكِ، وَإِنْ انْتَقَلَتْ الدَّابَّةُ عَنْهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ فِي عَلْفِهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (رِعَايَةً إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهَا لَوْ انْتَقَلَتْ إلَى غَيْرِهِ اسْتَمَرَّ الصَّرْفُ فِي عَلْفِهَا، وَلَا يَجِبُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَفَهَا لِلْمَالِكِ الْأَوَّلِ، وَلَا الثَّانِي بَلْ يَتَوَلَّاهُ الْوَصِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْقَاضِي وَلَوْ بِنَائِبِهِ، وَإِذَا مَاتَتْ الدَّابَّةُ كَانَ الْمُوصَى بِهِ لِمَالِكِهَا عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ) أَيْ مَوْجُودٍ كَمَا مَرَّ، وَمِثْلُهُ الرِّبَاطُ وَالْمَدْرَسَةُ وَضَرَائِحُ الْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ إنْشَاءً وَتَرْمِيمًا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَّا فِي أَرْضٍ مُسَبَّلَةٍ. قَوْلُهُ: (وَمَصَالِحِهِ) عَطْفُ عَامٍّ. قَوْلُهُ: (وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ صِحَّتَهَا) وَإِنْ قَصَدَ تَمْلِيكَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعُلِمَ مِنْ تَعْلِيلِهِ بِأَنَّ لِلْمَسْجِدِ مِلْكًا إلَخْ. الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّابَّةِ وَخَرَجَ بِنَحْوِ الْمَسْجِدِ الْوَصِيَّةُ لِدَارٍ لِعِمَارَتِهَا فَبَاطِلَةٌ كَمَا مَرَّ . قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ لِذِمِّيٍّ) وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ كَانَ ذَكَرَ اسْمَهُ فَقَطْ أَوْ وَصْفَهُ بِالذِّمِّيَّةِ مَعَ ذِكْرِ اسْمِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلذِّمِّيِّينَ عَلَى ذِكْرٍ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا حَرْبِيٌّ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ. نَعَمْ إنْ قَالَ لِلْحَرْبِيِّينَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَسْمَاءَهُمْ أَوْ لِمَنْ يُحَارِبُ لَمْ تَصِحَّ. قَوْلُهُ: (وَمُرْتَدٍّ) أَيْ مَعَ ذِكْرِ اسْمِهِ فَإِنْ قَالَ لِمَنْ يَرْتَدُّ أَوْ لِلْمُرْتَدِّينَ لَمْ تَصِحَّ وَلَوْ مَاتَ الْمُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ بَطَلَتْ. تَنْبِيهٌ: مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْكَافِرِ لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ. مِنْ شَرْطِ عَدَمِ الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا الشَّخْصُ، وَإِنْ زَالَ الْوَصْفُ لَمْ يَظْهَرْ قَصْدُ الْوَصْفِ فِيهِ الَّذِي هُوَ الْمَعْصِيَةُ. مَعَ أَنَّ وَصْفَ نَحْوِ الذِّمِّيَّةِ وَالْحَرْبِيَّةِ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْكَافِرِ أَصَالَةً، وَإِنَّمَا غَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْعُرْفُ فَتَأَمَّلْ، قَوْلُهُ: (وَصُورَتُهَا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِمَنْ يَقْتُلُنِي لَمْ تَصِحَّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: مَنْ يَقْتُلُ الْمُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرَهُمْ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهُ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْصَرِفُ إلَيْهِ عُرْفًا، فَإِنْ قَالَ بِحَقٍّ صَحَّتْ وَبِذَلِكَ عُلِمَ صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِمَنْ يَقْتُلُنِي؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ جَائِزٌ فَالْمُرَادُ بِالْحَقِّ هُنَا الْحَقُّ الْجَائِزُ. قَوْلُهُ: (إنْ أَجَازَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَتُنَفَّذَانِ إنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِتَصِحُّ لِمَا لَا يَخْفَى، وَالْمُرَادُ بِالْوَرَثَةِ الْمُطْلَقُونَ التَّصَرُّفُ فَلَا تَصِحُّ إجَازَةُ مَحْجُورٍ، وَلَا وَلِيِّهِ بَلْ يُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى تَأَهُّلِهِ. تَنْبِيهٌ: شَمِلَتْ الْوَصِيَّةُ الْمَوَارِثَ مَا لَوْ كَانَتْ بِعَيْنٍ، وَلَوْ مِثْلِيَّةً، وَلَوْ قَدْرَ حِصَّتِهِ لَكِنْ مَعَ تَمْيِيزِ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمْ، وَكَالْوَصِيَّةِ فِي اعْتِبَارِ الْإِجَازَةِ إبْرَاؤُهُ وَالْهِبَةُ لَهُ وَالْوَقْفُ عَلَيْهِ. نَعَمْ لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إجَازَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ إبْطَالُهُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ قَدْرَ ثُلُثِ مَالِهِ فَوَقَفَ ثُلُثَيْهَا عَلَى ابْنِهِ وَثُلُثَهُ عَلَى ابْنَتِهِ وَلَا وَارِثَ غَيْرُهُمَا، وَلَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَ لِظَنِّهِ كَثْرَةَ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (كَالصَّدَقَةِ عَلَيْهِ) ، لَوْ قَالَ لِأَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ بَطَلَتْ بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (كَالْهِبَةِ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا تَمْلِيكٌ بِعَقْدٍ. قَوْلُهُ: (كَالْإِرْثِ) أَيْ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مَالٌ يُسْتَحَقُّ بِالْمَوْتِ، بَلْ أَوْلَى مِنْ الْإِرْثِ لِكَوْنِهِ قَهْرًا يَأْثَمُ الْخِلَافُ ثَابِتٌ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَمْ خَطَأً بِحَقٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَالْمِيرَاثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِوَارِثٍ إلَخْ) . الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا إنْ شَاءَ الْوَرَثَةُ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ احْتَجَّ بِمَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ. فَائِدَةٌ: لَا تَجُوزُ لِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ، فَلَوْ أَجَازَ لَمْ يَضْمَنْ مَا لَمْ يَقْبِضْ. فَرْعٌ: لَوْ وَقَفَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ بِقَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ صَحَّ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى الْإِجَازَةِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ إنْ تَبَرَّعَ لِوَلَدِي بِخَمْسِمِائَةٍ صَحَّ، وَإِذَا قِيلَ لَزِمَهُ دَفْعُ الْخَمْسِمِائَةِ لِلْوَلَدِ، نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ حِيلَةٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَصَوَّرَهَا الدَّمِيرِيِّ بِقَوْلِهِ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ بِشَرْطِ أَنْ يَتَبَرَّعَ لِوَلَدِي بِأَلْفٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 فَلِمَنْ رَدَّ فِي الْحَيَاةِ الْإِجَازَةُ بَعْدَ الْوَفَاةِ وَالْعَكْسُ إذْ لَا حَقَّ لَهُ قَبْلَهَا. (وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهِ وَارِثًا بِيَوْمِ الْمَوْتِ) أَيْ بِوَقْتِهِ (وَالْوَصِيَّةُ لِكُلِّ وَارِثٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ لَغْوٌ) ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِلَا وَصِيَّةٍ (وَبِعَيْنٍ هِيَ قَدْرُ حِصَّتِهِ صَحِيحَةٌ وَتَفْتَقِرُ إلَى الْإِجَازَةِ فِي الْأَصَحِّ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي الْأَعْيَانِ، وَالثَّانِي لَا تَفْتَقِرُ (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِالْحَمْلِ وَيُشْتَرَطُ انْفِصَالُهُ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَهَا) وَيَقْبَلُهَا الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْوَضْعِ، إنْ قُلْنَا: الْحَمْلُ يُعْلَمُ (وَبِالْمَنَافِعِ) كَالْأَعْيَانِ (وَكَذَا بِثَمَرَةٍ أَوْ حَمْلٍ سَيَحْدُثَانِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِهِمَا الْآنَ (وَ) تَصِحُّ (بِأَحَدِ عَبْدَيْهِ) وَيُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ (وَبِنَجَاسَةِ مَحَلِّ الِانْتِفَاعِ بِهَا كَكَلْبٍ مُعَلَّمٍ وَزِبْلٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ) لِثُبُوتِ الِاخْتِصَاصِ فِيهَا بِخِلَافِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْخِنْزِيرِ. (وَلَوْ أَوْصَى بِكَلْبٍ مِنْ كِلَابِهِ) أَيْ الْمُنْتَفَعِ بِهَا فِي صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ (أَعْطَى) لِلْمُوصَى لَهُ (أَحَدَهَا) بِتَعْيِينٍ فَالْوَارِثُ (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَلْبٌ) مُنْتَفَعٌ بِهِ (لَغَتْ) وَصِيَّتُهُ (وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَكِلَابٌ) مُنْتَفَعٌ بِهَا (وَوَصَّى بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا فَالْأَصَحُّ نُفُوذُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (وَإِنْ كَثُرَتْ) أَيْ الْكِلَابُ الْمُوصَى بِهَا. (وَقَلَّ الْمَالُ) ؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهَا؛ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا، وَالثَّانِي لَا تَنْفُذُ إلَّا فِي ثُلُثِهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَالٌ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِهِ حَتَّى تُضَمَّ إلَيْهِ، وَالثَّالِثُ تُقَوَّمُ بِتَقْدِيرِ   [حاشية قليوبي] التَّرِكَةِ أَوْ عَدَمَ مُشَارِكٍ فَبَانَ خِلَافَهُ، لَمْ يُصَدَّقْ إنْ كَانَتْ الْإِجَازَةُ فِي عَيْنٍ وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَبَطَلَتْ إجَازَتُهُ، وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ، فَإِنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ عَامٍّ، كَأَنْ كَانَ وَارِثُهُ بَيْتَ الْمَالِ، فَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ فَأَقَلَّ صَحِيحَةٌ دُونَ مَا أَرَادَ مُرَادُهُ بِالْوَارِثِ الْعَامِّ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُعَيَّنٌ هُوَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ وَارِثٌ بِجِهَةِ الْإِسْلَامِ لَا بِالْقَرَابَةِ الْخَاصَّةِ، وَالْكَافُ بِمَعْنَى الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. فَرْعٌ: وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ إنْ تَبَرَّعَ لِابْنِهِ فُلَانٍ بِخَمْسِمِائَةٍ مَثَلًا لَمْ يَحْتَجْ لِإِجَازَةٍ وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَهَذِهِ حِيلَةٌ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَةٍ مِنْ بَاقِي الْوَرَثَةِ. قَوْلُهُ: (فِي حَيَاةِ الْمُوصِي) وَإِنْ طَالَتْ. قَوْلُهُ: (لِكُلِّ وَارِثٍ) خَرَجَ مَا لَوْ أَوْصَى لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ، وَلَوْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ كَأَنْ أَوْصَى لِأَحَدِ بَنِيهِ الثَّلَاثَةِ بِثُلُثِ مَالِهِ، أَوْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ أَوْ بِمِثْلِهَا فَهِيَ صَحِيحَةٌ فَسُقُوطُ لَفْظِ كُلٍّ مِنْ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ سَبْقُ قَلَمٍ وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ لَفْظِ قَدْرَ، أَوْ مِثْلَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَالْمَعْنَى عَلَى تَقْدِيرِهِ، كَمَا هُوَ الرَّاجِحُ الْمُعْتَمَدُ فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (بِالْحَمْلِ) أَيْ الْمَوْجُودِ حَالَ الْوَصِيَّةِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ وَيَرْجِعُ فِي كَوْنِهَا حَامِلًا لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَفِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (حَيًّا) خَرَجَ مَا لَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ مُطْلَقًا، أَوْ بِهَا فِي غَيْرِ حَمْلِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ أَمَةً مَضْمُونَةٌ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا، فَإِنْ كَانَ حَمْلُ أَمَةٍ بِجِنَايَةٍ فَبَدَلُهُ لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَتِهِ نَعَمْ. جَنِينُ الْمُذَكَّاةِ الْمُوصَى بِحَمْلِهَا يَمْلِكُهُ الْمُوصَى لَهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْوَضْعِ) أَيْ وَبَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي. قَوْلُهُ: (يُعْلَمُ) أَيْ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْلُومِ مِنْ حَيْثُ مُقَابَلَتُهُ بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ. وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْحَمْلُ مِثَالٌ وَالْمُرَادُ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ بِالْمَجْهُولِ كَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ. قَوْلُهُ: (بِثَمَرَةٍ أَوْ حَمْلٍ) وَيَسْتَحِقُّهُمَا عَلَى الدَّوَامِ مَا لَمْ تُعَيَّنْ مُدَّةٌ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الشَّجَرَةَ وَالدَّابَّةَ الَّتِي تَحْمِلُ مُعَيَّنَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مَمْلُوكَيْنِ لَهُ حَالَةَ الْوَصِيَّةِ إذَا مَلَكَهُمَا قَبْلَ مَوْتِهِ، كَقَوْلِهِ: أَوْصَيْت بِعَبْدِ زَيْدٍ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: إنْ مَلَكْته أَوْ مُكَاتَبٍ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ. قَوْلُهُ: (مُعَلَّمٌ) أَيْ قَابِلٌ لِلتَّعْلِيمِ، وَلَوْ لِمَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ لِإِمْكَانِ نَقْلِ الْيَدِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (مُحْتَرَمَةٌ) وَهِيَ مَا عُصِرَتْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، وَإِنْ أَيِسَ مِنْ عَوْدِهَا خَلًّا وَخَرَجَ غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ فَلَا تَصِحُّ بِهَا كَنَجَسٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ. قَوْلُهُ: (مَالٌ) أَيْ مُتَمَوَّلٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَأَوْصَى بِثُلُثِهَا أَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِوَاحِدٍ وَبِالْكِلَابِ لِآخَرَ اُعْتُبِرَ ثُلُثُ الْكِلَابِ فِيهِمَا عَدَدًا، لَا قِيمَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِنْ انْكَسَرَتْ كَأَرْبَعَةٍ فَلَهُ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَثُلُثُ الرَّابِعِ شَائِعًا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ تُقَوَّمُ إلَخْ) قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ كَانَ لَهُ كِلَابٌ، وَنَحْوُ زِبْلٍ فَأَوْصَى بِثُلُثِهِمَا فَإِنَّهُمَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُمَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُمَا قِيمَةً، وَقَالَ شَيْخُنَا تُفْرَضُ بِوَصْفِ حَيَوَانَاتٍ مِثْلِهَا لَهَا قِيمَةٌ كَمَا فِي فَرْضِ الْحُرِّ رَقِيقًا، وَسَكَتَ عَنْ الزِّبْلِ، فَانْظُرْ بِمَاذَا يَفْرِضُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ هُنَا   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: وَلَّدَهُ الْفِكْرُ لَوْ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَقَفْت دَارِي عَلَى زَيْدٍ مُدَّةَ حَيَاتِي وَبَعْدَ مَوْتِي عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ، وَالثُّلُثُ يَحْتَمِلُهَا هَلْ لِبَقِيَّةِ وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ اعْتِرَاضٌ فِيمَا خَصَّ بِهِ وَلَدَهُ يُتَأَمَّلُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ) مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُ مَالِ الْغَيْرِ بِمِثْلِهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا تَفْتَقِرُ) أَيْ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ بَيْعُ الْمَرِيضِ التَّرِكَةَ بِثَمَنِ مِثْلِهَا قَهْرًا . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَصِحُّ بِالْحَمْلِ) أَيْ مَعَ الْأُمِّ أَوْ مُنْفَرِدًا عَنْهَا، وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا هُنَا التَّفْرِيقَ لَكِنْ طَرَدَ ابْنُ كَجٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْ التَّفْرِيقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُعْلَمُ وُجُودُهُ إلَخْ) وَيُرْجَعُ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي حَمْلِ الْبَهَائِمِ. قَوْلُهُ: (كَالْأَعْيَانِ) أَيْ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا يُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا بِثَمَرَةٍ) وَتَصِحُّ بِاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَالصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ، وَمَهْمَا حَدَثَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَلِلْوَارِثِ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ بِيَمِينِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَيَحْدُثَانِ) أَيْ كَمَا يَصِحُّ مِلْكُ الْمَعْدُومِ بِعَقْدِ السَّلَمِ، وَالضَّابِطُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا بِ قَبْلَ النَّقْلِ، ثُمَّ هَذَا التَّعْبِيرُ جَارٍ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ، وَالْمُلَائِمُ لِمَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ أَنْ يَقُولَ سَيَحْدُثُ مِنْ غَيْرِ تَثْنِيَةٍ. قَوْلُهُ: (لِثُبُوتِ الِاخْتِصَاصِ فِيهَا) وَلِأَنَّهَا تُورَثُ وَتُوهَبُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي ذَلِكَ بِالْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَعْنَى نَقْلِ الْيَدِ قَوْلُهُ: (بِتَعَيُّنِ الْوَارِثِ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ يُعَانِي الزَّرْعَ مَثَلًا دُونَ الصَّيْدِ لَا يَتَعَيَّنُ كَلْبُ الزَّرْعِ، لَكِنْ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ بِخِلَافِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْأَقْوَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْمُوصَى لَهُ وَمَالَ السُّبْكِيُّ إلَى الْأَوَّلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَغَتْ) أَيْ لِتَعَذُّرِ تَحْصِيلِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 الْمَالِيَّةِ فِيهَا وَتُضَمُّ إلَى الْمَالِ، وَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ الْجَمِيعِ أَيْ فِي قَدْرِهِ مِنْ الْكِلَابِ (وَلَوْ أَوْصَى بِطَبْلٍ وَلَهُ طَبْلُ لَهْوٍ وَطَبْلٌ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَطَبْلِ حَرْبٍ) يُضْرَبُ بِهِ لِلتَّهْوِيلِ (وَ) طَبْلُ (حَجِيجٍ) يُضْرَبُ بِهِ لِلْإِعْلَامِ بِالنُّزُولِ وَالِارْتِحَالِ. (حُمِلَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (عَلَى الثَّانِي) لِتَصِحَّ (وَلَوْ أَوْصَى بِطَبْلِ اللَّهْوِ) وَهُوَ مَا يَضْرِبُ بِهِ الْمُخَنَّثُونَ، وَسَطُهُ ضَيِّقٌ وَطَرَفَاهُ وَاسِعَانِ (لَغَتْ إلَّا إنْ صَلَحَ لِحَرْبٍ أَوْ حَجِيجٍ) بِهَيْئَتِهِ أَوْ بِأَنْ يُغَيَّرَ فَتَصِحَّ بِهِ. فَصْلٌ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِسَعْدٍ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ مَكْرُوهَةٌ، وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ مُحَرَّمَةٌ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْئًا (فَإِنْ زَادَ) الْمُوصِي عَلَى الثُّلُثِ شَيْئًا. (وَرَدَّ الْوَارِثُ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ) ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ (وَإِنْ أَجَازَ فَإِجَازَتُهُ تَنْفِيذٌ) لِلْوَصِيَّةِ بِالزَّائِدِ. (وَفِي قَوْلٍ عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ) مِنْهُ (وَالْوَصِيَّةُ بِالزِّيَادَةِ لَغْوٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ خَاصٌّ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا مُجِيزَ. (وَيُعْتَبَرُ الْمَالُ) الْمُوصَى بِثُلُثِهِ (يَوْمَ الْمَوْتِ وَقِيلَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ) وَيَخْتَلِفُ قَدْرُ الثُّلُثِ بِاخْتِلَافِ قَدْرِ الْمَالِ فِي الْيَوْمَيْنِ (وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ) الَّذِي يُوصِي بِهِ. (أَيْضًا عِتْقٌ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ)   [حاشية قليوبي] رَجَعَ إلَى اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْصَى بِطَبْلٍ إلَخْ) أَيْ وَالْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنٍ غَيْرِ نَحْوِ مَسْجِدٍ وَإِلَّا كَالْفُقَرَاءِ، وَالْمَسْجِدِ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مُطْلَقًا، وَيُحْمَلُ عَلَى مَا يَحِلُّ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَعَلَى مَا لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِرُضَاضِهِ. قَوْلُهُ: (حُمِلَتْ إلَخْ) أَيْ لِشُمُولِ اسْمِ الطَّبْلِ لَهُمَا مَعًا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ صِحَّتِهَا فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِعُودٍ، وَلَهُ عُودُ لَهْوٍ وَغَيْرُهُ، لِانْصِرَافِ الِاسْمِ لِلْأَوَّلِ وَحْدَهُ، وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ آنِفًا. قَوْلُهُ: (بِطَبْلِ اللَّهْوِ) بِأَنْ صَرَّحَ بِوَصْفِهِ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لَغَتْ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْبُطْلَانُ فِي هَذِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُغَيَّرَ إلَخْ) أَيْ تَغَيُّرًا لَا يَمْنَعُ اسْمَ الطَّبْلِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً. [فَصْلٌ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ] فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ وَحُكْمِ التَّبَرُّعَاتِ قَوْلُهُ: (يَنْبَغِي) أَيْ يُنْدَبُ عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ يَجِبُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، وَعِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ لَا يَنْبَغِي وَهِيَ تَصَدُّقٌ بِالْمُبَاحِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (مَالِهِ) أَيْ الْمَوْجُودِ حَالَةَ الْوَصِيَّةِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ أَصَالَةً مَالَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ كَمَا يَأْتِي. تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْوَارِثِ، وَيُكْرَهُ لِلْوَارِثِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لِسَعْدٍ) هُوَ ابْنُ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ عَادَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ وَسَأَلَهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِمَالِهِ كُلِّهِ فَلَمْ يَرْضَهُ فَقَالَ بِثُلُثَيْهِ فَلَمْ يَرْضَهُ، فَقَالَ بِنِصْفِهِ فَلَمْ يَرْضَهُ، فَقَالَ بِثُلُثِهِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» هَكَذَا حَكَاهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ مِنْ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (مَكْرُوهَةٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (مُحَرَّمَةٌ) مَرْجُوحٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى قَصْدِ حِرْمَانِ الْوَارِثِ. وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ الْحُرْمَةَ مَعَ التَّوَقُّفِ عَلَى الْإِجَازَةِ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ لِاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ الْمَالِ، عِنْدَ الْمَوْتِ بِالزِّيَادَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: بِنِصْفِ مَالِي مَثَلًا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْحُرْمَةَ مِنْ حَيْثُ إتْيَانُهُ بِمَا لَمْ يَرْضَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَنْقُصَ) فَالْمَعْنَى يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ لَا أَنَّ نَفْسَ الزِّيَادَةِ مَكْرُوهَةٌ، أَوْ مُحَرَّمَةٌ فَهُوَ كَصَلَاةِ الْحَاقِنِ، مَثَلًا فَسَقَطَ مَا قِيلَ: إنَّ فِي ذَلِكَ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ بِالْمُحَرَّمِ أَوْ بِالْمَكْرُوهِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَ النَّقْصُ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَدِيثِ قَدْ اسْتَكْثَرَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ حَقُّهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ مُسْتَغْرِقَةٌ، كَانَ الْمُعْتَبَرُ أَصْحَابَهَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْآنَ لَهُمْ فَتُقَدَّمُ إجَازَتُهُمْ عَلَى رَدِّ الْوَارِثِ، كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَجَازَ) أَيْ الْوَارِثُ الْكَامِلُ بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَرُشْدٍ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَ كَمَالُهُ فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ حُكِمَ بِبُطْلَانِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ ظَاهِرًا، فَلَوْ كَمُلَ وَأَجَازَ تَبَيَّنَ نُفُوذُهَا وَلَا يَصِحُّ رُجُوعٌ بَعْدَ إجَازَةٍ إلَّا فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ الْمَالُ) أَيْ التَّرِكَةُ وَمِنْهَا دِيَتُهُ لَوْ قَتَلَ. قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْمَوْتِ) أَيْ وَقْتَهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ) كَالنَّذْرِ وَفُرِّقَ بِعَدَمِ اللُّزُومِ هُنَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا) عَائِدٌ إلَى " يُعْتَبَرُ " فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى يَنْبَغِي كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ مِنْ الثُّلُثِ الْمُحْوِجِ إلَى رُجُوعِهِ لِأَوَّلِ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ سَابِقًا بِقَوْلِهِ: تُنَفَّذُ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَإِنْ   [حاشية عميرة] فَصْلٌ يَنْبَغِي إلَخْ قَوْلُهُ: (مُحَرَّمَةٌ) يَشْهَدُ لِذَلِكَ حَدِيثُ سَعْدٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِجَازَتُهُ تَنْفِيذٌ إلَخْ) مِنْ فَوَائِدِ هَذَا الْخِلَافِ أَنَّ إجَازَةَ الْوَارِثِ إذَا كَانَ مَرِيضًا تُحْسَبُ مِنْ ثُلُثِهِ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ تَنْفِيذٌ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ صَادَفَ الْمِلْكَ، وَحَقُّ الْوَارِثِ إنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدُ. وَقَوْلُهُ: عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُهَا. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ: قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَغْوٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا حَقُّ الْوَارِثِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ) قَالَ الْمُتَوَلِّي: هَذَا إذَا قُلْنَا يَنْتَقِلُ إرْثًا فَإِنْ قُلْنَا عَلَى جِهَةِ الْمَصْلَحَةِ فَيُشْبِهُ الْقَطْعَ بِالْجَوَازِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَوْمَ الْمَوْتِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَحِينَئِذٍ تَلْزَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَنْبَغِي إلَخْ. بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعِتْقٍ) قِيلَ يُسْتَثْنَى عِتْقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ فَأَلْحَقَ الِاسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ اسْتِمْتَاعٌ وَإِتْلَافٌ، وَهُوَ لَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُسِّطَ الثُّلُثُ) ، أَيْ وَلَا يُقَدَّمُ بِالسَّبْقِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا فِي الْعَوْلِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 سَوَاءٌ عَلَّقَ فِي الصِّحَّةِ أَمْ فِي الْمَرَضِ (وَتَبَرُّعٌ نُجِزَ فِي مَرَضِهِ كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ وَعِتْقٍ وَإِبْرَاءٍ، وَإِذَا اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَوْتِ وَعَجَزَ الثُّلُثُ) عَنْهَا (فَإِنْ تَمَحَّضَ الْعِتْقُ) كَأَنْ قَالَ إذَا مِتَّ فَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ مِنْهُ مَا بَقِيَ بِالثُّلُثِ، وَلَا يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ شِقْصٌ (أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ تَمَحَّضَ غَيْرُ الْعِتْقِ (قُسِّطَ الثُّلُثُ) عَلَى الْجَمِيعِ فَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ وَلِعَمْرٍو بِخَمْسِينَ وَلِبَكْرٍ بِخَمْسِينَ وَثُلُثُ مَالِهِ مِائَةٌ أُعْطِيَ زَيْدٌ خَمْسِينَ، وَكُلٌّ مِنْ عَمْرٍو وَبَكْرٍ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ (أَوْ هُوَ) أَيْ اجْتَمَعَ الْعِتْقُ (وَغَيْرُهُ) كَأَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَلِزَيْدٍ بِمِائَةٍ (قُسِّطَ) الثُّلُثُ عَلَيْهِمَا (بِالْقِيمَةِ) لِلْمُعْتَقِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً، وَالثُّلُثُ مِائَةً عَتَقَ نِصْفُهُ وَلِزَيْدٍ خَمْسُونَ (وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْعِتْقُ) فَلَا يَكُونُ لِزَيْدٍ فِي الْمِثَالِ شَيْءٌ (أَوْ) اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ (مُنْجَزَةٌ) كَأَنْ أَعْتَقَ وَتَصَدَّقَ وَوَقَفَ (قُدِّمَ الْأَوَّلُ) مِنْهَا (فَالْأَوَّلُ حَتَّى يَتِمَّ الثُّلُثُ) وَيَتَوَقَّفُ مَا بَقِيَ عَنْ إجَازَةِ الْوَارِثِ (فَإِنْ وُجِدَتْ دُفْعَةً) بِضَمِّ الدَّالِ (وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ كَعِتْقِ عَبِيدٍ أَوْ إبْرَاءِ جَمْعٍ) كَأَنْ قَالَ أَعْتَقْتُكُمْ أَوْ أَبْرَأْتُكُمْ (أُقْرِعَ فِي الْعِتْقِ) حَذَرًا مِنْ التَّشْقِيصِ فِي الْجَمِيعِ (وَقُسِّطَ فِي غَيْرِهِ) بِالْقِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ اخْتَلَفَ) الْجِنْسُ (وَتَصَرَّفَ وُكَلَاءُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عِتْقٌ) كَأَنْ تَصَدَّقَ وَاحِدٌ، وَوَقَفَ آخَرُ، وَأَبْرَأَ آخَرُ دُفْعَةً. (قُسِّطَ) الثُّلُثُ عَلَيْهَا (وَإِنْ كَانَ) فِيهَا عِتْقٌ (قُسِّطَ) الثُّلُثُ عَلَيْهَا أَيْضًا (وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْعِتْقُ) كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهَا مُنْجَزًا وَبَعْضُهَا مُعَلَّقًا بِالْمَوْتِ قُدِّمَ الْمُنْجَزُ مِنْهُمَا. (لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ فَقَطْ) أَيْ لَا ثَالِثَ لَهُمَا (سَالِمٌ وَغَانِمٌ فَقَالَ إنْ أَعْتَقْت غَانِمًا فَسَالِمٌ حُرٌّ ثُمَّ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا أَحَدُهُمَا فَقَطْ. (عَتَقَ) غَانِمٌ فَقَطْ.   [حاشية قليوبي] اسْتَحْسَنَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ بَلْ لَا يَصِحُّ لِمَنْ أَحْسَنَ التَّأَمُّلَ. قَوْلُهُ: (عُلِّقَ بِالْمَوْتِ) خَرَجَ مَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ كَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِيَوْمٍ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (فِي مَرَضِهِ) أَيْ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا هَلْ مَاتَ فِيهِ أَوْ لَا صُدِّقَ الْوَارِثُ إنْ كَانَ مَخُوفًا. قَوْلُهُ: (وَهِبَةٍ) وَيُصَدَّقُ مَنْ الْهِبَةُ فِي يَدِهِ لَوْ اخْتَلَفَا هَلْ وَقَعَتْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ، وَإِلَّا صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ ضِدِّهِ وَيُعْتَبَرُ فِيمَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ أَقَلُّ قِيمَةٍ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ إلَى وَقْتِ الْقَبْضِ وَفِي الْمُضَافِ إلَى الْمَوْتِ، بِوَقْتِ الْمَوْتِ وَفِي الْمُنْجَزِ مِنْ نَحْوِ الْهِبَةِ وَالْوَقْفِ وَالْعِتْقِ قِيمَةُ وَقْتَ التَّنْجِيزِ، وَيَكْفِي فِي اعْتِبَارِ الْهِبَةِ مِنْ الثُّلُثِ إقْبَاضُهَا فِي الْمَرَضِ وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الصِّحَّةِ. نَعَمْ لَوْ نَجَزَ عِتْقَ أُمِّ وَلَدٍ فِي مَرَضِهِ فَهِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ اسْتَوْلَدَهَا فِيهِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَ لَهُ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، فَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَيْضًا. بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ فَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ بِمُحَابَاةٍ فَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمَتَى عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وُرِثَ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقٍ عَنْ كَفَّارَتِهِ الْمُخَيَّرَةِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ مَا زَادَ عَلَى الْأَقَلِّ مِنْهُ وَمِنْ الْكِسْوَةِ أَوْ الْإِطْعَامِ. تَنْبِيهٌ: يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ كُلُّ مَا فَاتَ عَلَى الْوَرَثَةِ، فَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا بَعْدَ مَوْتِي فَأَعْطُوهُ لَهُ فَهُوَ وَصِيَّةٌ وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا يُطَالَبُ بِحُجَّةٍ وَلَا يَمِينٍ وَيُعْطَوْنَ جَمِيعَ مَا ادَّعَاهُ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ، وَإِلَّا فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ بِحَسَبِ دَعْوَاهُمْ لَوْ تَعَدَّدُوا فَلَوْ تَقَاسَمُوا الثُّلُثَ ثُمَّ طَرَأَ غَيْرُهُمْ أُعْطِيَ مَا ادَّعَاهُ، إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِنِسْبَةِ دَيْنِهِ مَعَ دُيُونِهِمْ كَمَا فِي جِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تَبَرُّعَاتٌ) أَيْ غَيْرُ مَرْتَبَةٍ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَوَّلُ، فَالْأَوَّلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْهُ كَإِذَا مِتَّ فَسَالِمٌ حُرٌّ ثُمَّ غَانِمٌ، وَهَكَذَا أَوْ بِأَمْرِهِ كَأَعْتِقُوا بَعْدَ مَوْتِي سَالِمًا ثُمَّ غَانِمًا وَهَكَذَا أَوْ أَعْتِقُوا سَالِمًا ثُمَّ أَعْطُوا زَيْدًا كَذَا، أَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِمَالٍ فَيُقَدَّمُ فِيهِ الْعِتْقُ عَلَى الْوَصِيَّةِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدًا وَأَوْصَى بِعِتْقِ آخَرَ فَهُمَا سَوَاءٌ وَإِنْ احْتَاجَ الثَّانِي إلَى إنْشَاءِ عِتْقٍ كَذَا قَالُوهُ وَالْوَجْهُ تَقْدِيمُ الْمُدَبَّرِ لِسَبْقِ عِتْقِهِ عَلَى نَظِيرِ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ، وَرَاجِعْهُ، وَلَوْ قَالَ سَالِمٌ حُرٌّ وَغَانِمٌ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَهُمَا سَوَاءٌ، فَإِنْ كَانَ عِتْقُ سَالِمٍ مُنْجَزًا فَهُوَ تَرْتِيبٌ. قَوْلُهُ: (قُسِّطَ الثُّلُثُ عَلَى الْجَمِيعِ) وَالْعِبْرَةُ بِالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ مِنْهَا وَبِالْأَجْزَاءِ فِي غَيْرِهِ كَذَا قَالُوا أَوْ اُنْظُرْ كَيْفَ تُعْرَفُ النِّسْبَةُ فِي انْضِمَامِ الْأَجْزَاءِ لِلْقِيمَةِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُهُ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى الْعِتْقِ فَغَيْرُ فَاعِلٌ تَمَحَّضَ فَانْظُرْ لِمَاذَا أَخَّرَهُ الشَّارِحُ عَنْهُ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْ اجْتَمَعَ) قَدْرُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَمَحَّضَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (بِالْقِسْمَةِ) نَعَمْ إنْ تَعَدَّدَ الْعِتْقَ أَقْرَعَ فِيمَا يَخُصُّهُ. قَوْلُهُ: (لِلْمُعْتَقِ) هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَعَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَتَصَدَّقَ وَوَقَفَ) لَمْ يَأْتِ بِحَرْفِ التَّرْتِيبِ لِيَصِحَّ التَّقْسِيمُ بَعْدَهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ هُنَا التَّرْتِيبَ. قَوْلُهُ: (وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ) بِأَنْ كَانَ عِتْقًا فَقَطْ أَوْ غَيْرَ عِتْقٍ فَقَطْ فَهُمَا جِنْسَانِ دَائِمًا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (حَذَرًا مِنْ التَّشْقِيصِ) نَعَمْ إنْ عَلِمَ التَّرْتِيبَ ثُمَّ نَسِيَ وَلَمْ يَرْجُ مَعْرِفَتَهُ اُعْتُبِرَ التَّشْقِيصُ. قَوْلُهُ: (بِالْقِيمَةِ) لَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَوْلَى لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمِثْلِيِّ الْأَجْزَاءُ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمِنْ الْقِيمَةِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي نَحْوِ الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (وَتَصَرَّفَ وُكَلَاءُ) إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ تَصَوُّرِهِ مِنْهُ وَصَوَّرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ. بِأَنْ يُقَالَ لَهُ أَعْتَقْت فُلَانًا وَوَقَفْت كَذَا وَتَصَدَّقْت بِكَذَا وَأَبْرَأْت مِنْ كَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا ثَالِثَ لَهُمَا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ لَا عَدَمُ الْمَالِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِيهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ عِتْقِ جَمِيعِ غَانِمٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَتَقَ غَانِمٌ) أَيْ إنْ وَفَّى بِهِ الثُّلُثَ، وَإِلَّا عَتَقَ بِقِسْطِهِ وَلَوْ زَادَ الثُّلُثُ عَلَيْهِ عَتَقَ مِنْ الْآخَرِ بِقَدْرِ الزَّائِدِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْعِتْقُ) لِقُوَّتِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ الْآدَمِيِّ بِهِ. قَوْلُهُ: (بِالْقِيمَةِ) أَيْ إذَا كَانَتْ التَّبَرُّعَاتُ أَعْيَانًا وَبِاعْتِبَارِ الْمِقْدَارِ إذَا كَانَتْ إبْرَاءً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَصَرَّفَ وُكَلَاءُ) هُوَ تَصْوِيرٌ لِلْمَعِيَّةِ وَلَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ؛ إذْ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ أَعْتَقْت وَأَبْرَأْت وَوَهَبْت فَيَقُولُ نَعَمْ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 (وَلَا إقْرَاعَ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَخْرُجَ الْقُرْعَةُ بِالْحُرِّيَّةِ لِسَالِمٍ، فَيَلْزَمُ إرْقَاقُ غَانِمٍ فَيَفُوتُ شَرْطُ عِتْقِ سَالِمٍ، وَلَوْ خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ مُثَلَّثًا (وَلَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ، وَبَاقِيهِ غَائِبٌ لَمْ تُدْفَعْ كُلُّهَا إلَيْهِ فِي الْحَالِ) لِاحْتِمَالِ تَلَفِ الْغَائِبِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الثُّلُثِ مِنْهَا أَيْضًا) ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ مِنْهَا، لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ الْغَائِبِ، وَالثَّانِي يُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ الْوَارِثِ. فَصْلٌ: إذَا ظَنَنَّا الْمَرَضَ مَخُوفًا أَيْ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ. (لَمْ يُنَفَّذْ تَبَرُّعٌ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ (فَإِنْ بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (نُفِّذَ) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْحَجْرِ (وَإِنْ ظَنَنَّاهُ غَيْرَ مَخُوفٍ فَمَاتَ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْفُجَاءَةِ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْمَدِّ وَبِفَتْحِهَا وَسُكُونِ الْجِيمِ. (نُفِّذَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهَا (فَمَخُوفٌ)   [حاشية قليوبي] الشَّارِحُ . قَوْلُهُ: (غَائِبٌ) أَيْ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَكَالْحَاضِرِ وَالدَّيْنُ كَالْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (لَا يَتَسَلَّطُ) أَيْ ظَاهِرًا فَلَوْ تَصَرَّفَ وَبَانَ أَنَّهُ لَهُ صَحَّ. قَوْلُهُ: (لَا يَتَسَلَّطُ) أَيْ وَشَرْطُ تَسَلُّطِ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْمُوصِي كَأَنْ يَتَسَلَّطَ الْوَارِثُ عَلَى مِثْلَيْهِ، وَلَمْ يُوجَدْ فَلَا يُقَالُ: إنَّ ثُلُثَ الْحَاضِرِ لِلْمُوصَى لَهُ مُطْلَقًا، فَلَا يَمْنَعُ مِنْ التَّسَلُّطِ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ وَلَهُ التَّصَرُّفُ بِنَحْوِ إجَارَةٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَلَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ فَبَانَ تَلَفُ الْغَائِبِ صَحَّ فِي الثُّلُثَيْنِ عَلَى نَظِيرِ مَا قَبْلَهُ اعْتِبَارًا بِالْوَاقِعِ فِي الْمَفْقُودِ. فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْحَجْرُ فِي التَّصَرُّفِ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (ظَنَنَّا) ضَمِيرُهُ عَائِدٌ إلَى الْفُقَهَاءِ بِاعْتِبَارِ مَا بَلَغَهُمْ عَنْ الْأَطِبَّاءِ الْعُدُولِ، أَوْ عَنْ النُّصُوصِ وَقَدْ يَرْتَقِي الظَّنُّ فِي ذَلِكَ إلَى الْعِلْمِ، وَالْيَقِينِ لِنَحْوِ تَوَاتُرٍ فَيُرَادُ بِالظَّنِّ مَا يَشْمَلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْمَرَضِ، مَا هُوَ وَاقِعٌ بِالْمُتَصَرِّفِ بِالْفِعْلِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَجُمْلَةُ مَا يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ مَرَضٍ، وَالْمَخُوفُ مِنْهَا مَا نَصُّوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ) مُقْتَضَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَنْ يُقَالَ: مُخِيفٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ الصَّوَابُ، وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَوْتُ بِهِ نَادِرًا. قَوْلُهُ: (تَبَرُّعٌ) مُنْجَزًا أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ عِنْدَ الْمَوْتِ كَمَا مَرَّ. وَاعْتِبَارُهُ حَالَ الْوَصِيَّةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ بِمَعْنَى عَدَمِ النُّفُوذِ فِيهِ، أَنْ يَتَوَقَّفَ فِي صَرْفِهِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ صَحِيحٌ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (الْفُجَاءَةِ) فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ وَحُمِلَ الْخَبَرُ الْأَخِيرُ بِأَنَّهُ أَخْذَةُ أَسَفٍ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَعِدِّ. قَوْلُهُ: (فَمَخُوفٌ) أَيْ حُكْمًا فَعُلِمَ أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ الْمَوْتُ، فَهُوَ مَخُوفٌ مُطْلَقًا، وَمَحَلُّ التَّفْصِيلِ إذَا لَمْ يَمُتْ بِهِ وَمَاتَ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَثْبُتْ) أَيْ كَوْنُهُ مَخُوفًا أَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ، وَيُصَدَّقُ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفٍ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ. قَوْلُهُ: (اعْتِبَارًا بِالزِّيَادَةِ) يُفِيدُ اعْتِبَارَ كَوْنِهِمَا ذَكَرَيْنِ أَيْضًا فَلَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا يُمَحَّضُ النِّسْوَةُ إلَّا إنْ كَانَ عِلَّةً بَاطِنِيَّةً بِامْرَأَةٍ كَمَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مَعْرِفَةَ النِّسْوَةِ بِهِ دُونَ الرِّجَالِ، فَظَاهِرُ الْفَسَادِ أَوْ اطِّلَاعُهُنَّ عَلَيْهِ غَالِبًا. فَكَذَلِكَ لِجَوَازِ اطِّلَاعِ الرِّجَالِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ مَعْرِفَتِهِ كَمَا هُوَ جَائِزٌ فِيمَا هُوَ أَخْفَى مِنْ الْمَرَضِ أَوْ الْمُرَادُ إخْبَارُهُنَّ بِهِ لِمَنْ يَعْرِفُهُ مِنْ الرِّجَالِ فَهُوَ لَمْ يَثْبُتْ بِهِنَّ فَتَأَمَّلْهُ، وَعِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَرَضِ يُقَدَّمُ مِنْ الْمُخْتَلِفِينَ الْأَعْلَمُ فَالْأَكْثَرُ، فَمَنْ قَالَ إنَّهُ مَخُوفٌ أَوْ يَتَوَلَّدُ عَنْهُ مَخُوفٌ. نَعَمْ مَنْ صَارَ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِمَرَضٍ أَوْ جُرْحٍ لَا يُعْتَبَرُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْأَمْوَاتِ. قَوْلُهُ: (قُولَنْجُ) وَإِنْ اعْتَادَهُ وَسَلِمَ مِنْهُ. وَيَنْفَعُهُ ابْتِلَاعُ الصَّابُونِ غَيْرِ الْمَبْلُولِ وَأَكْلُ التِّينِ وَالزَّبِيبِ وَالْقَيْءِ بِالْمَاءِ الْحَارِّ، وَيَضُرُّهُ حَبْسُ الرِّيحِ وَالْمَاءُ الْبَارِدُ، وَأَشَارَ بِمَنْ إلَى عَدَمِ حَصْرِ الْأَمْرَاضِ الْمَخُوفَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا مِنْهَا مَا يَغْلِبُ وُقُوعُهُ. قَوْلُهُ: (وَذَاتُ جَنْبٍ) وَتُسَمَّى ذَاتُ الْخَاصِرَةِ وَهِيَ الْمَرَضُ الْمَعْرُوفُ بِالْقَصَبَةِ وَمِنْ عَلَامَاتِهَا ضِيقُ النَّفَسِ وَالسُّعَالُ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا إقْرَاعَ) أَيْ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا تَقَدَّمَ وَمِثْلُهَا أَنْ يَقُولَ لِثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْكُمْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، فَإِنَّهُ لَا إقْرَاعَ لِعَدَمِ السِّرَايَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَسَلَّطُ إلَخْ) . خَصَّ الزَّرْكَشِيُّ مَنْعَ تَصَرُّفِ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَارِثِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ دُونَ الِاسْتِخْدَامِ وَنَحْوِهِ [فَصْل إذَا ظَنَنَّا الْمَرَض يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ لَمْ يُنَفَّذْ تَبَرُّعٌ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فِي الْوَصِيَّة] فَصْلٌ إذَا ظَنَنَّا إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَخُوفًا) أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ هَذَا وَصَوَّبَ أَنْ يُقَالَ: مُخِيفًا قَالَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي الْخَوْفِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْأَسْرِ وَنَحْوِهِ، وَالثَّانِي فِيمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْخَوْفُ كَالْمَرَضِ لَكِنَّ النَّوَوِيَّ جَوَّزَ الْأَمْرَيْنِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الرَّاءِ) هِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَلُغَةُ غَيْرِهِمْ الْكَسْرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْفُجَاءَةِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ تَنْكِيرُهَا، وَأَمَّا التَّعْرِيفُ فَفِي الْمُحْكَمِ اسْتَعْمَلَهُ ثَعْلَبٌ، فَلَا أَدْرِي مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَمْ مِنْ كَلَامِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَثْبُتْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ إمَّا الْوَارِثُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ ثُمَّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ صِحَّةُ الشَّهَادَةِ هُنَا عَلَى النَّفْيِ كَأَنْ يَقُولَا: لَيْسَ بِمَخُوفٍ، وَقَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْمُتَوَلِّي. قَوْلُهُ: (عَدْلَيْنِ) هَذَا إنْ أُرِيدَ بِهِ عَدْلُ الشَّهَادَةِ أَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ حُرَّيْنِ وَإِلَّا فَلْيَذْكُرْ بَقِيَّةَ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ مِنْ التَّكْلِيفِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ اللَّامِ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ هُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَعَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ سَمِعَ فَتْحَهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَذَاتُ جَنْبٍ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 كَإِسْهَالِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ (وَلَوْ شَكَكْنَا فِي كَوْنِهِ مَخُوفًا لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِطَبِيبَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ) اعْتِبَارًا بِالشَّهَادَةِ (وَمِنْ الْمَخُوفِ قُولَنْجُ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ أَنْ تَنْعَقِدَ أَخْلَاطُ الطَّعَامِ فِي بَعْضِ الْأَمْعَاءِ، فَلَا تَنْزِلَ وَيَصْعَدَ بِسَبَبِهِ الْبُخَارُ إلَى الدِّمَاغِ فَيُؤَدِّيَ إلَى الْهَلَاكِ. (وَذَاتُ جَنْبٍ) وَهِيَ قُرُوحٌ تَحْدُثُ فِي دَاخِلِ الْجَنْبِ بِوَجَعٍ شَدِيدٍ ثُمَّ تَنْفَتِحُ فِي الْجَنْبِ، وَيَسْكُنُ الْوَجَعُ، وَذَلِكَ وَقْتُ الْهَلَاكِ (وَرُعَافٌ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ (دَائِمٌ) ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ بِخِلَافِ غَيْرِ الدَّائِمِ (وَإِسْهَالٌ مُتَوَاتِرٌ) ؛ لِأَنَّهُ يُنَشِّفُ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَوَاتِرِ كَأَنْ يَنْقَطِعَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ (وَدِقٌّ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الْقَلْبَ، وَلَا تَمْتَدُّ مَعَهُ الْحَيَاةُ غَالِبًا (وَابْتِدَاءُ فَالِجٍ) بِخِلَافِ اسْتِمْرَارِهِ وَسَبَبُهُ غَلَبَةُ الرُّطُوبَةِ، وَالْبَلْغَمِ فَإِذَا هَاجَ رُبَّمَا أَطْفَأَ الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةَ وَأَهْلَكَ. (وَخُرُوجُ الطَّعَامِ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ) بِأَنْ تَنْخَرِقَ الْبَطْنُ فَلَا يُمْكِنُهُ الْإِمْسَاكُ. (أَوْ كَانَ يَخْرُجُ بِشِدَّةٍ وَوَجَعٍ أَوْ وَمَعَهُ دَمٌ) أَيْ مِنْ عُضْوٍ شَرِيفٍ كَكَبِدٍ بِخِلَافِ دَمِ الْبَوَاسِيرِ وَذَكَرَ كَانَ مَعَ الْمُضَارِعِ لِإِفَادَةِ التَّكْرَارِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ كَانَ حَاتِمُ يُكْرِمُ الضَّيْفَ. (وَحُمَّى مُطْبِقَةٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ لَازِمَةٌ لَا تَبْرَحُ (أَوْ غَيْرُهَا) كَالْوِرْدِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ، وَالْغِبِّ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمًا، وَالثُّلُثِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمًا وَحُمَّى الْأَخَوَيْنِ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتَقْطَعُ يَوْمَيْنِ. (إلَّا الرُّبُعَ) وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا، وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ، فَلَيْسَتْ مَخُوفَةً؛ لِأَنَّ الْمَحْمُومَ بِهَا يَأْخُذُ قُوَّةً مِنْ يَوْمَيْ الْإِقْلَاعِ، وَالْحُمَّى الْيَسِيرَةُ لَيْسَتْ مَخُوفَةً بِحَالٍ، وَالرُّبُعُ وَالثُّلُثُ وَالْغِبُّ وَالْوِرْدُ بِكَسْرِ أَوَّلِهَا. (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْمَخُوفِ أَسْرُ كُفَّارٍ اعْتَادُوا قَتْلَ الْأَسْرَى، وَالْتِحَامُ قِتَالٍ بَيْنَ مُتَكَافِئَيْنِ وَتَقْدِيمٌ لِقِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ وَاضْطِرَابُ رِيحٍ وَهَيَجَانُ   [حاشية قليوبي] وَالْحُمَّى اللَّازِمَةُ، وَيَنْفَعُهَا شُرْبُ الْبَنَفْسَجِ وَضِمَادُهَا بِهِ وَالْقِرْفَةُ عَلَى الرِّيقِ مُجَرَّبٌ. قَوْلُهُ (وَرُعَافٌ دَائِمٌ) هُوَ بِمَعْنَى: مُتَتَابِعٌ وَمُتَوَاتِرٌ وَهِيَ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ فَتَعَدُّدُ ذِكْرِهَا تَفَنُّنٌ، أَوْ خَوْفُ لُبْسٍ عَلَى نَحْوِ كَاتِبٍ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ الدَّائِمَ مَا يَكْثُرُ مَعَهُ الْمَوْتُ، وَالْمُتَوَاتِرُ مَا كَانَ مَعَهُ انْفِصَالٌ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} [المؤمنون: 44] وَالْمُتَتَابِعُ مَا كَانَ بِلَا فَصْلٍ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُتَوَاتِرَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَدِقٌّ) خَرَجَ بِهِ السُّلُّ وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الرِّئَةَ، فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْقَصَبَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الدِّقَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْحُمِّيَّاتِ وَيَنْفَعُهُ حَلِيبُ اللَّبُونِ وَكُلُّ حُلْوٍ رَطْبٍ كَمَاءِ الْقَرْعِ وَالسُّكَّرِ مَعًا. قَوْلُهُ (وَابْتِدَاءُ فَالِجٍ) هُوَ مَا قَبْلَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَقَبْلَ سَبْعِ سَاعَاتٍ، وَالْمُرَادُ بِالْفَالِجِ هُنَا اسْتِرْخَاءُ أَيِّ عُضْوٍ كَانَ مِنْ أَعْضَاءِ الْبَدَنِ، وَبَعْضُهُمْ خَصَّهُ بِاسْتِرْخَاءِ أَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ، وَيَنْفَعُهُ أَكْلُ الثُّومِ وَعَسَلِ النَّحْلِ وَالْفُلْفُلِ. قَوْلُهُ: (وَخُرُوجُ الطَّعَامِ) هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى الْإِسْهَالِ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفٍ فَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ مَعَهُ، فَإِسْهَالُ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ غَيْرُ مَخُوفٍ كَمَا مَرَّ، إلَّا إنْ كَانَ مَعَهُ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (بِشِدَّةٍ وَوَجَعٍ) وَيُسَمَّى الزَّحِيرَ. قَوْلُهُ: (وَذِكْرُ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى اعْتِبَارِ التَّكْرَارِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْإِسْهَالِ الْمُتَوَاتِرِ، كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ فَهُوَ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ وَإِفَادَةُ التَّكْرَارِ لَهَا عُرْفًا لَا وَضْعًا. قَوْلُهُ: (مُطْبِقَةٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ) أَيْ عَلَى الْأَشْهَرِ وَمَعْنَى كَوْنِهَا لَا تَبْرَحُ بِأَنْ تَتَجَاوَزَ يَوْمَيْنِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (كُلَّ يَوْمٍ) أَيْ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَلَمْ تَسْتَغْرِقْهُ وَلَا تَتَقَيَّدُ بِقَدْرِ زَمَنٍ. قَوْلُهُ: (تَأْتِي يَوْمًا) أَيْ فِيهِ وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْهُ. قَوْلُهُ: (وَتُقْلِعُ يَوْمًا) فَلَا تَأْتِي فِي جُزْءٍ مِنْهُ، وَيُقَالُ مِثْلَ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (الرُّبْعَ) وَتُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ الْمُثَلَّثَةَ نَظَرًا لِيَوْمَيْ إقْلَاعِهَا مَعَ يَوْمِ مَجِيئِهَا وَالْأَوَّلَ نَظَرًا لِيَوْمَيْ إقْلَاعِهَا وَيَوْمَيْ مَجِيئِهَا. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ أَوَّلِهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةِ مَعَ الْمُثَلَّثَتَيْنِ فِي الثُّلُثِ وَمَعَ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ فِي الْغِبِّ. قَوْلُهُ: (أَسْرُ كُفَّارٍ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الْمُرَادُ مَنْ يَعْتَادُ قَتْلَ الْأَسْرَى كَالْبُغَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ. قَوْلُهُ: (وَتَقْدِيمٌ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ الْحَبْسُ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَهَيَجَانُ مَوْجٍ فِي رَاكِبِ سَفِينَةٍ) فِي بَحْرٍ أَوْ نَهْرٍ عَظِيمٍ كَالنِّيلِ وَإِنْ عَرَفَ السِّبَاحَةَ وَكَانَ قَرِيبًا مِنْ الْبَرِّ. قَوْلُهُ: (وَطَلْقُ حَامِلٍ) لَا بِعَلَقَةٍ أَوْ مُضْغَةٍ، وَلَا مَشِيمَتِهِمَا، وَمَوْتُ الْحَمْلِ فِي الْبَطْنِ مَخُوفٌ، وَلَوْ بِلَا وَجَعٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. فَرْعٌ: يَلْحَقُ بِالْمَخُوفِ أَيْضًا زَمَنُ الْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ لِمَنْ غَلَبَ فِي أَمْثَالِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَيَحْرُمُ دُخُولُ بَلَدِهِ وَالْخُرُوجُ مِنْهَا مُطْلَقًا. فَائِدَةٌ: رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ حَدِيثًا فِي مِصْرَ وَلَفْظُهُ «مِصْرُ يُسَاقُ إلَيْهَا أَقَلُّ النَّاسِ أَعْمَارًا فَاِتَّخِذُوا خَيْرَهَا وَلَا تَتَّخِذُوهَا دَارًا» . قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْمَذْهَبِ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلْقِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ غَلَبَ غَيْرَهَا، وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ فِي مَسْأَلَةِ الْقِصَاصِ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الطَّرِيقِ الْحَاكِيَةِ لِلْخِلَافِ لِطَرِيقِ الْقَطْعِ وَفِي غَيْرِهَا، إمَّا طَرِيقُ الْقَطْعِ أَوْ   [حاشية عميرة] مِنْ عَلَامَاتِهَا الْحُمَّى، وَالْوَجَعُ النَّاخِسُ تَحْتَ الْأَضْلَاعِ، وَضَعْفُ النَّفَسِ وَتَوَاتُرُهُ وَفِي الْحَدِيثِ «مَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَنِي بِهَا» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالِجٍ) هُوَ فِي عُرْفِ الْأَطِبَّاءِ الِاسْتِرْخَاءُ لِشَيْءٍ مِنْ الْبَدَنِ وَلَيْسَ هَذَا مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِذَا هَاجَ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَسَبَبُهُ. قَوْلُهُ (بِأَنْ تَنْخَرِقَ الْبَطْنُ إلَخْ) وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي وَذُكِرَ إلَخْ. كَأَنَّهُ دَفْعٌ لِمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ اتِّصَالُهَا بِنَوْعِ إسْهَالٍ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْبَاءِ) أَيْ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَفِي الْحَدِيثِ «الْحُمَّى رَائِدُ الْمَوْتِ» لَكِنْ فِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَلِأَنَّ إطْبَاقَهَا يُذْهِبُ الْقُوَّةَ الَّتِي تَدُومُ بِهَا الْحَيَاةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا الرُّبُعَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَتُسَمِّيهَا الْعَوَامُّ الْمُثَلَّثَةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهَيَجَانٌ) أَيْ خَارِجٌ عَنْ الْعَادَةِ. قَوْلُهُ: (تَسْتَعْقِبُ الْهَلَاكَ غَالِبًا) وَلَا يَنْدَفِعُ بِدَوَاءٍ كَالْمَرَضِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يُصِبْ بَدَنَ الْإِنْسَانِ مُشْكِلٌ فِي الطَّلْقِ وَمَا بَعْدَهُ. فَائِدَةٌ: خَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ مَسْأَلَةَ الطَّلْقِ بِالْأَبْكَارِ وَالْأَحْدَاثِ دُونَ كِبَارِ النِّسَاءِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ، قَوْلُهُ: (قَوْلَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 مَوْجٍ فِي رَاكِبِ سَفِينَةٍ وَطَلْقُ حَامِلٍ، وَبَعْدَ الْوَضْعِ مَا لَمْ تَنْفَصِلْ الْمَشِيمَةُ) وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النِّسَاءُ الْخَلَاصَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ تَسْتَعْقِبُ الْهَلَاكَ غَالِبًا، وَوَجْهُ عَدَمِ إلْحَاقِهَا بِالْمَرَضِ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْ بَدَنَ الْإِنْسَانِ فِيهَا شَيْءٌ، وَالْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلْقِ إلَى آخِرِهَا قَوْلَانِ وَفِيمَا قَبْلَهَا طَرِيقَانِ حَاكِيَةٌ لِقَوْلَيْنِ وَقَاطِعَةٌ فِي التَّقْدِيمِ لِقِصَاصٍ بِعَدَمِ الْإِلْحَاقِ، وَفِي غَيْرِهِ بِالْإِلْحَاقِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْقِصَاصِ لَا تَبْعُدُ مِنْهُ الرَّحْمَةُ، وَالْعَفْوُ طَمَعًا فِي الثَّوَابِ أَوْ الْمَالِ وَلَا خَوْفٌ فِي أَسْرِ مَنْ لَمْ يَعْتَدْ قَتْلَ الْأَسْرَى كَالرُّومِ، وَلَا فِيمَا إذَا لَمْ يَلْتَحِمْ الْقِتَالُ، وَإِنْ كَانَ يَتَرَامَيَانِ بِالنُّشَّابِ، وَالْحِرَابِ، وَلَا فِي الْفَرِيقِ الْغَالِبِ، وَلَا فِيمَا إذَا كَانَ الْبَحْرُ سَاكِنًا وَقَوْلُهُ: " مُتَكَافِئَيْنِ " الْمَزِيدُ عَلَى الْمُحَرَّرِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمِينَ أَوْ كُفَّارًا أَوْ مُسْلِمِينَ وَكُفَّارًا أَوْ مُسْلِمِينَ وَكُفَّارًا (وَصِيغَتُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (أَوْصَيْت لَهُ بِكَذَا أَوْ ادْفَعُوا إلَيْهِ) بَعْدَ مَوْتِي كَذَا (أَوْ أَعْطُوهُ بَعْدَ مَوْتِي) كَذَا (أَوْ جَعَلْته لَهُ) بَعْدَ مَوْتِي (أَوْ هُوَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِي فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) قَوْلِهِ (هُوَ لَهُ فَإِقْرَارٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ هُوَ لَهُ مِنْ مَالِي فَيَكُونُ وَصِيَّةً) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تُجْعَلُ كِنَايَةً عَنْ الْوَصِيَّةِ (وَتَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ) بِالنُّونِ مَعَ النِّيَّةِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ، وَغَيْرِهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَلِذَلِكَ أَسْقَطَ مِنْ الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ فِيهَا الْأَظْهَرُ. (وَالْكِتَابَةُ) بِالتَّاءِ (كِنَايَةٌ) وَإِذَا كَتَبَ وَقَالَ نَوَيْت الْوَصِيَّةَ صَحَّتْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ بَحْثًا وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ كَمَا هُنَا (وَإِنْ وَصَّى لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ   [حاشية قليوبي] الْمُوَافِقُ لَهَا مِنْ الْحَاكِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ مُخَالَفَةُ طَرِيقِ الْقَطْعِ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ. قَوْلُهُ: (وَلَا خَوْفٌ) أَيْ لَيْسَ مِنْ الْمَخُوفِ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (مُسْلِمِينَ) هُوَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى، وَانْظُرْ لَوْ كَانَا مُفْرَدَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَصِيغَتُهَا إلَخْ) هُوَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا إلَى هُنَا لِلْمُنَاسَبَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْصَيْت إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي. قَوْلُهُ: (بَعْدَ مَوْتِي) وَمِثْلُهُ بَعْدَ عَيْنِي، وَإِنْ قَضَى اللَّهُ عَلَيَّ بِالْمَوْتِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى ادْفَعُوا لَهُ كَذَا فَهُوَ تَوْكِيلٌ يَرْتَفِعُ بِالْمَوْتِ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَعْطُوهُ كَذَا فَوَعْدُ هِبَةٍ أَوْ إقْرَارٌ بِوَدِيعَةٍ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى جَعَلْته لَهُ احْتِمَالُ الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ فَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ إحْدَاهُمَا بَطَلَ، وَلَوْ قَالَ وَهَبْته كَذَا أَوْ تَصَدَّقْت عَلَيْهِ أَوْ حَبَوْته أَوْ مَلَكْته فَهِبَةٌ نَاجِزَةٌ فَإِنْ زَادَ بَعْدَ مَوْتِي فَوَصِيَّةٌ، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَا فِي جَرِيدَتِي أَيْ دَفْتَرِي قَدْ قَبَضْته فَإِقْرَارٌ بِمَا عُلِمَ أَنَّهُ فِيهَا وَوَصِيَّةٌ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَيُجْعَلُ كِنَايَةً) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَتَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ بِالنُّونِ) وَمِنْهَا ثُلُثُ مَالِي لِزَيْدٍ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ بَطَلَتْ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ. حَيْثُ قَالَ فِي الشَّرْحِ إنَّ انْعِقَادَ الْوَصِيَّةِ بِالْكِنَايَةِ لَا خِلَافَ فِيهِ مَعَ ذِكْرِهِ خِلَافًا فِي الْمُحَرَّرِ لِقَوْلِهِ الْأَظْهَرُ وَلِذَلِكَ أَسْقَطَهُ فِي الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (وَالْكِتَابَةُ بِالتَّاءِ كِنَايَةٌ) سَوَاءٌ مِنْ النَّاطِقِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ، وَفِي الْإِشَارَةِ مَا مَرَّ فِيهِ أَيْضًا، وَمِنْهَا مَا لَوْ قِيلَ لِمَرِيضٍ: أَوْصَيْت بِكَذَا فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ مَثَلًا أَنْ نَعَمْ فَقَوْلُهُ: وَقَالَ: نَوَيْت أَيْ كَتَبَ نَوَيْت مُطْلَقًا أَوْ تَلَفَّظَ النَّاطِقُ بِهِ . قَوْلُهُ: (لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَعْسُرُ عَدُّهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ) وَلَا يَتَعَيَّنُ فُقَرَاءُ بَلَدِ الْمُوصِي. قَوْلُهُ: (لِمُعَيَّنٍ) مِنْهُ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ، وَمِثْلُهُ مَنْ أَرْضَى بِعِتْقِهِ، وَنَفَقَةُ هَذَا عَلَى الْوَارِثِ قَبْلَ إعْتَاقِهِ، وَإِذَا أَعْتَقَهُ رَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ بِشَرْطِهِ، وَيَتَعَيَّنُ أَنَّ كَسْبَهُ لَهُ مِنْ الْمَوْتِ، وَلَوْ نَادِرًا وَمِنْ الْمُعَيَّنِ الصَّبِيُّ فَيَقْبَلُ لَهُ وَلِيُّهُ وَمِنْهُ نَحْوُ الْمَسْجِدِ فَيَقْبَلُ نَاظِرُهُ قَوْلُهُ: (اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ) أَيْ لَفْظًا فَلَا يَكْفِي الْفِعْلُ وَلَا التَّصَرُّفُ كَرَهْنٍ، وَلَوْ قُبِلَ الْبَعْضُ صَحَّ فِيهِ، وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ اكْتَفَى عَنْ الْفِعْلِ بِنَحْوِ الْهَدِيَّةِ. قَوْلُهُ: (كَالْفُقَرَاءِ) فِي اللُّزُومِ بِالْمَوْتِ وَعَدَمِ الْقَبُولِ وَعَدَمِ التَّسْوِيَةِ إلَّا إنْ عَيَّنَ مَحَلًّا، وَسَهُلَ عَدُّ مَنْ فِيهِ. وَهَذَا يَجْرِي فِي الْفُقَرَاءِ أَيْضًا فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِمْ وَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ حَيْثُ سَهُلَ عَدُّهُمْ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.   [حاشية عميرة] يَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ بِأَنَّ الطَّلْقَ مَخُوفٌ فَكَلَامُ النَّوَوِيِّ عَلَى إطْلَاقِهِ. قَوْلُهُ: (طَرِيقَانِ حَاكِيَةٌ لِقَوْلَيْنِ) هِيَ الصَّحِيحَةُ قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) . قَدْ يَدَّعِي احْتِمَالَ الرُّجُوعِ فِي الزِّنَا الثَّابِتِ بِالْإِقْرَارِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ إرَادَةَ التَّطَهُّرِ بِالْحَدِّ يَبْعُدُ مِنْهُ الرُّجُوعُ، وَإِنْ أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ. قَوْلُهُ: (لَا تَبْعُدُ مِنْهُ الرَّحْمَةُ) لَوْ قَتَلَ كَافِرٌ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ، وَأَقَارِبُ الْمَقْتُولِ كُفَّارٌ تَخَلَّفَ هَذَا التَّوْجِيهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَخَلَّفَ هَذَا الْخِلَافَ لِذَلِكَ . قَوْلُهُ: (تُجْعَلُ كِنَايَةً عَنْ الْوَصِيَّةِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْهِبَةَ النَّاجِزَةَ وَيَحْتَمِلُ الْوَصِيَّةَ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَتَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ قَوْلُهُ: (وَلِذَلِكَ أَسْقَطَ) فَاعِلَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَعَلَّ الَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ مِنْ كِتَابَةٍ بِالتَّاءِ، وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ وَالْكِتَابَةُ كِنَايَةُ بَيَانِ كِنَايَةٍ. قَوْلُهُ: (قَوْلُهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (بَحْثًا) مُقَابِلُهُ نُقِلَ عَنْ التَّتِمَّةِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ بِالْكِتَابَةِ بِالتَّاءِ. فَائِدَةٌ: قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَوْ قَالَ: كُلُّ مَنْ ادَّعَى عَلَيَّ بَعْدَ مَوْتِي هُوَ إقْرَارٌ بِمَجْهُولٍ فَيُرْجَعُ فِيهِ لِتَفْسِيرِ الْوَارِثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَزِمَتْ بِالْمَوْتِ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الصِّيغَةُ: أَعْطُوهُمْ كَذَا حَتَّى يَمْلِكَ الْأَكْسَابَ الْحَاصِلَةَ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْإِعْطَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. فَائِدَةٌ: لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ) أَيْ كَالْهِبَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ قَبُولُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: كَانَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ يَنْزِعُ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْقَبُولِ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ تَرَاخِيهِ عَنْ الْمَوْتِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 لَزِمَتْ بِالْمَوْتِ بِلَا قَبُولٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِهِ وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ، وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ (أَوْ لِمُعَيَّنٍ) كَزَيْدٍ (اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ) وَإِنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ مُتَعَدِّدًا كَبَنِي زَيْدٍ اُشْتُرِطَ مَعَ الْقَبُولِ اسْتِيعَابُهُمْ، وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَعَدِّدُ قَبِيلَةً كَبَنِي هَاشِمٍ فَهُمْ كَالْفُقَرَاءِ فَمَا تَقَدَّمَ. (وَلَا يَصِحُّ قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي) فَلِمَنْ قَبِلَ فِي الْحَيَاةِ الرَّدُّ بَعْدَ الْوَفَاةِ، وَالْعَكْسُ إذْ لَا حَقَّ لَهُ قَبْلَهَا. (وَلَا يُشْتَرَطُ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ الْمُوصِي (الْفَوْرُ) فِي الْقَبُولِ (فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْمُوصِي (بَطَلَتْ أَوْ بَعْدَهُ) قَبْلَ الْقَبُولِ (فَيَقْبَلُ وَارِثُهُ) أَوْ يَرُدُّ (وَهَلْ يَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ) الْمُعَيَّنُ الْمُوصَى بِهِ. (بِمَوْتِ الْمُوصِي أَمْ بِقَبُولِهِ أَمْ) هُوَ (مَوْقُوفٌ فَإِنْ قَبِلَ أَنَّهُ مِلْكٌ بِالْمَوْتِ، وَإِلَّا بَانَ لِلْوَارِثِ أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا الثَّالِثُ، وَعَلَيْهَا تُبْنَى الثَّمَرَةُ وَكَسْبُ عَبْدٍ حَصَلَا بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ وَنَفَقَتُهُ وَفِطْرَتُهُ) بَيْنَهُمَا فَعَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لِلْمُوصَى لَهُ الثَّمَرَةُ، وَالْكَسْبُ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَالْفِطْرَةُ، وَعَلَى الثَّانِي لَا وَلَا، وَلَوْ رَدَّ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ وَعَلَيْهِ مَا ذُكِرَ، وَعَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ لَا وَلَا وَعَلَى النَّفْيِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ يَتَعَلَّقُ مَا ذُكِرَ بِالْوَارِثِ. (وَيُطَالِبُ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْعَبْدُ (الْمُوصَى لَهُ) بِهِ (بِالنَّفَقَةِ إنْ تَوَقَّفَ فِي قَبُولِهِ وَرَدِّهِ) فَإِنْ أَرَادَ الْخَلَاصَ رَدَّ. فَصْلٌ إذَا (أَوْصَى بِشَاةٍ تَنَاوَلَ صَغِيرَةَ الْجُثَّةِ وَكَبِيرَتَهَا سَلِيمَةً وَمَعِيبَةً ضَأْنًا وَمَعْزًا) لِصِدْقِ الِاسْمِ بِمَا ذُكِرَ (وَكَذَا ذَكَرًا فِي الْأَصَحِّ) وَالْهَاءُ فِي   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فِي حَيَاةِ الْمُوصِي) وَلَا مَعَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ لِمَنْ رَدَّ بَعْدَ الْوَفَاةِ أَنْ يَعُودَ إلَى الْقَبُولِ، وَلَا عَكْسُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمِنْ كِنَايَةِ الرَّدِّ لَا حَاجَةَ لِي بِهَا أَنَا غَنِيٌّ عَنْهَا هِيَ لَا تَلِيقُ بِي. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) نَعَمْ يَجِبُ الْفَوْرُ عَلَى وَلِيِّ رَأْيِ الْمَصْلَحَةِ وَلِلْوَارِثِ مُطَالَبَةُ الْمُوصَى لَهُ بِالْقَبُولِ، أَوْ الرَّدِّ فَإِنْ أَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ بِالرَّدِّ. قَوْلُهُ: (قَبْلَهُ) وَكَذَا مَعَهُ. قَوْلُهُ: (فَيَقْبَلُ وَارِثُهُ) وَلَوْ عَامًا وَيَقْضِي مِنْهُ دَيْنَ مُوَرِّثِهِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ كَمُوَرِّثِهِ وَلَوْ قَبِلَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ مَلَكَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمُوصَى بِهِ. نَعَمْ لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِوَلَدِهِ فَإِنْ قَبِلَهُ هُوَ عَتَقَ وَوَرِثَ أَوْ قَبِلَهُ وَارِثُهُ عَتَقَ وَلَا يَرِثُ لِلدَّوْرِ. قَوْلُهُ: (حَصَلَا إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ: " كَسْبُ الْعَبْدِ، وَالثَّمَرَةُ " وَلَامُهَا لِلْجِنْسِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى النَّفْيِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ) النَّفْيُ هُوَ لَا وَلَا وَلَا وَالْمَوْضِعُ الْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي هُوَ رَدُّهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَمَا ذُكِرَ هُوَ الْكَسْبُ وَالثَّمَرَةُ وَالنَّفَقَةُ وَالْفِطْرَةُ تَعَلَّقَ ذَلِكَ بِالْوَارِثِ، يَعْنِي أَنَّ عَلَيْهِ الْأَخِيرَيْنِ وَأَنَّ لَهُ الْأَوَّلَيْنِ وَلَيْسَا تَرِكَةً كَبَقِيَّةِ الزَّوَائِدِ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ اللَّامِ) وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا صِحَّةُ الْفَتْحِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ فَهُوَ لِكُلِّ مَنْ صَلَحَتْ مِنْهُ الْمُطَالَبَةُ كَالْوَارِثِ وَالْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ، وَالْقَرَارُ فِي النَّفَقَةِ عَلَى مَنْ تَمَّ لَهُ الْمِلْكُ بَعْدُ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ وَتَقَدَّمَ مُقَابِلُهُ. فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ اللَّفْظِيَّةِ وَمَدَارُهَا عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ ثُمَّ الْعُرْفِ الْعَامِّ ثُمَّ الْخَاصِّ بِبَلَدِ الْمُوصِي ثُمَّ بِاجْتِهَادِ الْوَصِيِّ ثُمَّ الْحَاكِمِ فَلَوْ أَوْصَى بِطَعَامٍ حُمِلَ عَلَى عُرْفِ الْمُوصِي لَا عُرْفِ الشَّرْعِ الَّذِي فِي الرِّبَا. قَوْلُهُ: (وَأَوْصَى بِشَاةٍ) بِأَنْ قَالَ: أَوْصَيْت لَهُ بِشَاةٍ، وَلَمْ يَزِدْ فَإِنْ قَالَ: اشْتَرُوا لَهُ شَاةً تَعَيَّنَ السَّلِيمُ أَوْ وَصَفَهَا بِحَلُوبٍ تَعَيَّنَ الْأُنْثَى أَوْ بِإِنْزَاءٍ تَعَيَّنَ الذَّكَرُ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (لِصِغَرِ سِنِّهِمَا) فَلَا يَدْخُلُونَ فِي اسْمِ الشَّاةِ فَإِنَّهَا اسْمٌ لِمَا بَلَغَ سَنَةً فَأَكْثَرَ وَهُمَا اسْمَانِ لِمَا لَمْ يَبْلُغْهَا، وَلَفْظُ السَّخْلَةِ يُغْنِي عَنْ الْعَنَاقِ؛ لِأَنَّهَا فَرْدٌ مِنْهَا، كَمَا ذَكَرَهُ   [حاشية عميرة] فَائِدَةٌ: لَوْ قَبِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ رَدَّ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ عَدَمُ الرَّدِّ، وَرُجِّحَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ خِلَافُهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ. قُلْت يُؤَيِّدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ قَوْلُهُمْ لَوْ قَبِلَ ثُمَّ مَاتَ انْتَقَلَتْ إلَى وَارِثِهِ سَوَاءٌ قَبَضَهَا قَبْلَ الْمَوْتِ أَمْ لَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُشْتَرَطُ بَعْدَ مَوْتِهِ الْفَوْرُ) أَيْ وَإِلَّا لَاعْتُبِرَ عَقِبَ الْإِيجَابِ. فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ الْقَابِلُ وَلِيَّ الْقَاصِرِ وَاقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ الْقَبُولَ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُهُ فَوْرًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهَلْ يَمْلِكُ إلَخْ) . قَدْ اسْتَعْمَلَ هَلْ هُنَا بِمَعْنَى الْهَمْزَةِ لِطَلَبِ التَّعْيِينِ بِدَلِيلِ الْإِتْيَانِ بِأَمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَوْتِ الْمُوصِي) أَيْ بِشَرْطِ الْقَبُولِ لَكِنَّهُ قَدْ يُشْكِلُ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الرَّدَّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَمْنَعُ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ الْأَكْسَابَ الْحَادِثَةَ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالرَّدِّ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَمْلِكَ بِالْمَوْتِ، وَيَسْتَقِرَّ بِالْقَبُولِ كَمَا لَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ فَسَخَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَلَيْهَا تُبْنَى إلَخْ) هُوَ تَعْرِيفٌ جِنْسِيٌّ لِثَلَاثَةٍ، وَأَنَّهُ يَطْلُبُ فَصْلًا حَالًا وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ يَطْلُبُهُ صِفَةً؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُطَالِبُ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ امْتَنَعَ مُطَلِّقُ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مِنْ التَّعْيِينِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا التَّفْرِيعُ عَلَى قَوْلِ الْقَبُولِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْوَقْفِ، فَالْمُتَّجَهُ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا مَعًا كَائِنَيْنِ عَقْدًا عَلَى امْرَأَةٍ وَجُهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا. [فَصْل أَوْصَى بِشَاةٍ تَنَاوَلَ صَغِيرَةَ الْجُثَّةِ وَكَبِيرَتَهَا] فَصْلٌ: أَوْصَى بِشَاةٍ قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَغِيرَةَ الْجُثَّةِ) خَصَّهَا بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ بِالْجِسْمِ إذَا كَانَ جَالِسًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَعِيبَةً) هَذَا يُخَالِفُ اشْتِرَاطَ السَّلَامَةِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَالتَّوْكِيلِ فِي الشِّرَاءِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لِأَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ضَأْنًا وَمَعْزًا) صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ: بِأَنَّ ذَلِكَ وَضْعُ اللُّغَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَكَذَا ذَكَرًا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا اسْمُ جِنْسٍ كَإِنْسَانٍ قَوْلُهُ: (لِلْوَحْدَةِ) مِثْلُ حَمَامَةٍ وَحَمَامٍ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الِاسْمَ إلَخْ) أَيْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 الشَّاةِ لِلْوَحْدَةِ وَالثَّانِي لَا يَتَنَاوَلُهُ لِلْعُرْفِ. (لَا سَخْلَةً وَعِنَاقًا فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَصْدُقُ بِهِمَا لِصِغَرِ سِنِّهِمَا وَالثَّانِي قَالَ يَصْدُقُ وَالسَّخْلَةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ الضَّأْنِ، وَالْمَعْزِ وَالْعِنَاقُ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ، وَمِثْلُهَا الذَّكَرُ أَيْ الْجَدْيُ (وَلَوْ قَالَ أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ غَنَمِي) أَيْ بَعْدَ مَوْتِي (وَلَا غَنَمَ لَهُ لَغَتْ) وَصِيَّتُهُ هَذِهِ (وَإِنْ قَالَ مِنْ مَالِي) وَلَا غَنَمَ لَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (اُشْتُرِيَتْ لَهُ) شَاةٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ غَنَمٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَعْطَى شَاةً مِنْهَا أَوْ فِي الثَّانِيَةِ جَازَ أَنْ يُعْطِيَ شَاةً عَلَى غَيْرِ صِفَةِ غَنَمِهِ. (وَالْجَمَلُ وَالنَّاقَةُ يَتَنَاوَلَانِ الْبَخَاتِيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا (وَالْعِرَابُ لَا أَحَدُهُمَا الْآخَرُ) أَيْ لَا يَتَنَاوَلُ الْجَمَلُ النَّاقَةَ، وَالْعَكْسُ؛ لِأَنَّ الْجَمَلَ لِلذَّكَرِ، وَالنَّاقَةَ لِلْأُنْثَى. (وَالْأَصَحُّ تَنَاوُلُ بَعِيرٍ نَاقَةً) سُمِعَ حَلَبَ بَعِيرَهُ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْجَمَلِ. (لَا بَقَرَةٍ ثَوْرًا) بِالْمُثَلَّثَةِ وَالثَّانِي يَقُولُ الْهَاءُ لِلْوَحْدَةِ (وَالثَّوْرُ لِلذَّكَرِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ (وَالْمَذْهَبُ حَمْلُ الدَّابَّةِ) وَهِيَ لُغَةً مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ. (عَلَى فَرَسٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ لِاشْتِهَارِهَا فِيهَا عُرْفًا فَقِيلَ هَذَا عَلَى عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ، وَإِذَا كَانَ عُرْفُ أَهْلِ غَيْرِهَا، كَالْعِرَاقِ الْفُرْسَ حُمِلَ عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ الْعَمَلُ بِالنَّصِّ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ، فَهَذَا اخْتِلَافٌ فِي فَهْمِ الْمُرَادِ بِالنَّصِّ يَصِحُّ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ. (وَيَتَنَاوَلُ الرَّقِيقَ صَغِيرًا وَأُنْثَى وَمَعِيبًا وَكَافِرًا وَعُكُوسَهَا) أَيْ كَبِيرًا وَذَكَرًا وَسَلِيمًا وَمُسْلِمًا (وَقِيلَ إنْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ وَجَبَ الْمُجْزِئُ كَفَّارَةً) بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَعْطُوهُ عَبْدًا (وَلَوْ وَصَّى بِأَحَدِ رَقِيقِهِ فَمَاتُوا أَوْ قُتِلُوا قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ (وَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ تَعَيَّنَ) لِلْوَصِيَّةِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُمْسِكَهُ، وَيَدْفَعَ قِيمَةَ مَقْتُولٍ لَهُ وَإِنْ قُتِلُوا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ صَرَفَ الْوَارِثُ قِيمَةَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَوْ بَيْنَهُمَا فَكَذَلِكَ إنْ قُلْنَا يُمْلَك الْمُوصَى بِهِ بِالْمَوْتِ، أَوْ هُوَ مَوْقُوفٌ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْقَبُولِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. (أَوْ بِإِعْتَاقِ رِقَابٍ فَثَلَاثٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يَقَعُ   [حاشية قليوبي] وَأَوَّلُ سِنِّهِمَا مِنْ الْوِلَادَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ، وَقِيلَ أَوَّلُ سَنِيّ الْعَنَاقِ إذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ قَوِيَتْ. قَوْلُهُ: (وَالسَّخْلَةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى) فَالْهَاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ كَالْهَاءِ فِي شَاةٍ وَنَمْلَةٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْجَدْيُ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلذَّكَرِ مِنْ الْمَعْزِ مَا لَمْ يَبْلُغْ سَنَةً كَالْعَنَاقِ . قَوْلُهُ: (وَلَا غَنَمَ لَهُ) أَيْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْغَنَمِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ وَاحِدَةٌ تَعَيَّنَتْ، وَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِهِ عِنْدَهُ ظِبَاءٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مِنْ شِيَاهِي فَيُعْطِي مِنْ الظِّبَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا. قَوْلُهُ: (اُشْتُرِيَتْ لَهُ شَاةٌ) وَلَوْ مَعِيبَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: اشْتَرُوا لَهُ شَاةً مِنْ مَالِي، أَوْ أَطْلَقَ فَيَتَعَيَّنُ السَّلِيمُ كَالْوَكِيلِ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (وَالْجَمَلُ وَالنَّاقَةُ إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِهِمَا هُنَا الْمَعْنَى الْمُتَعَارَفُ وَهُوَ لِمَا بَلَغَ مِنْهُمَا سَنَةً فَأَكْثَرَ وَمَا دُونَهَا يُسَمَّى فَصِيلًا وَهُوَ لَا يَدْخُلُ وَأَمَّا مَعْنَاهُمَا لُغَةً فَهُوَ مَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ وَهُوَ مَا يُقَالُ لَهُ رُبَاعِيًّا. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يَتَنَاوَلُ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْبَخَاتِيِّ وَالْعِرَابِ. قَوْلُهُ: (تَنَاوُلُ بَعِيرٍ نَاقَةً) وَمِثْلُهُ الرَّاحِلَةُ وَالْمَطِيَّةُ. قَوْلُهُ: (لَا بَقَرَةٍ) هِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْعِرَابِ وَالْجَوَامِيسِ إذَا بَلَغَتْ سَنَةً، وَدُونَهَا الْعِجْلَةُ وَالثَّوْرُ لِلذَّكَرِ مِنْ ذَلِكَ، كَذَلِكَ وَدُونَهُ عِجْلٌ وَعُلِمَ أَنَّ لَفْظَ الْبَقَرِ يَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِمَّا ذُكِرَ، وَالْجَامُوسُ لَا يَتَنَاوَلُ الْبَقَرَ، وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَشْمَلُ الْوَحْشِيَّ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ لُغَةً مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَيَشْمَلُ الطَّيْرَ وَغَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى فَرَسٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ) أَيْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا إنْ وُجِدَتْ كُلُّهَا، وَإِلَّا فَعَلَى مَا وُجِدَ مِنْهَا عِنْدَ مَوْتِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حُمِلَ عَلَى غَيْرِهَا، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ مِنْ دَجَاجٍ أَوْ كَلْبٍ وَسَوَاءٌ فِيهَا صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا سَلِيمُهَا وَمَعِيبُهَا ذَكَرُهَا وَأُنْثَاهَا وَالْفَرَسُ اسْمٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْبَغْلُ وَالْحِمَارُ اسْمٌ لِلذَّكَرِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (عُرْفًا) أَيْ شَرْعِيًّا وَفِي الْعُرْفِ الْعَامِّ لِذَوَاتِ الْأَرْبَعِ. قَوْلُهُ: (كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصًّا وَمُقَابَلَةً فَلَا يَصِحُّ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ وَسَيَذْكُرُ الْجَوَابَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ وَصَفَهَا بِوَصْفٍ تَعَيَّنَ مَا فِيهِ ذَلِكَ الْوَصْفُ نَحْوُ الْكَرِّ وَالْفَرِّ لِلْفَرَسِ الصَّالِحِ لِذَلِكَ، وَكَذَا لِلْقِتَالِ فَإِنْ اُعْتِيدَ عَلَى الْفِيَلَةِ دَخَلَتْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْحَمَلِ لِلْبَغْلِ أَوْ الْحِمَارِ وَلَوْ اُعْتِيدَ عَلَى الْبَقَرِ دَخَلَتْ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيَتَنَاوَلُ الرَّقِيقَ) أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ وَصَفَهُ بِوَصْفٍ نَحْوَ لِلِاسْتِمْتَاعِ، أَوْ الْإِعَانَةِ فِي السَّفَرِ اتَّبَعَ فَتَتَعَيَّنُ الْأُنْثَى فِي الْأَوَّلِ وَالذَّكَرُ السَّلِيمُ فِي الثَّانِي، وَلَفْظُ الْعَبْدِ لَا يَتَنَاوَلُ الْأَمَةَ، وَعَكْسُهُ، وَقَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ بِالْأَوَّلِ هُوَ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ قَوْلُهُ: (بِأَحَدِ رَقِيقِهِ) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَوْجُودِينَ حَالَةَ الْوَصِيَّةِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ وَإِلَّا أَعْطَى مِمَّا يُحْدَثُ قَبْلَ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ إلَخْ) يُفِيدُ مَنْعَ النَّقْصِ وَجَوَازَ الزِّيَادَةِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَهِيَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (لَا يَشْتَرِي شِقْصٌ) وَلَوْ مِمَّا بَاقِيهِ حُرٌّ. قَوْلُهُ: (نَفِيسَتَانِ) لَا نَفِيسَةٌ، وَالْعِبْرَةُ بِالنَّفَاسَةِ بِبَلَدِ الْمُوصِي عِنْدَ إرَادَةِ الشِّرَاءِ. قَوْلُهُ: (فَلِلْوَرَثَةِ) فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَا يَفِي بِرَقَبَتِهِ. فَرْعٌ: الْقَفِيزُ مِنْ الْحِنْطَةِ مَثَلًا كَالرَّقَبَةِ، وَالْأَقْفِزَةُ كَالرِّقَابِ فِيمَا ذُكِرَ، وَالْقَفِيزُ مِكْتَلٌ يَسَعُ مِنْ الْحَبِّ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا، وَالْقَفِيزُ مِنْ الْأَرْضِ مُسَطَّحُ ضَرْبِ قَصَبَةٍ فِي عَشْرِ قَصَبَاتٍ وَهُوَ عُشْرُ الْجَرِيبِ، وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا. قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَصَحِّ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى تَعْبِيرِهِ هُنَا   [حاشية عميرة] كَمَا لَا يُسَمَّى الطِّفْلُ رَجُلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ غَنَمِي) قَالَ ابْنُ الْخَبَّازِ الْعَامَّةُ تُخْطِئُ فِيهَا مِنْ وَجْهَيْنِ: قَوْلُهُمْ مِنْ غَنَمِهِ، وَتُخَصِّصُ ذَلِكَ بِالضَّأْنِ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ كَالْخِلَافِ فِي الشَّاةِ مَعَ الذَّكَرِ وَالتَّصْحِيحُ مُتَعَاكِسٌ. فَائِدَةٌ: نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي التَّحْرِيرِ اتِّفَاقَ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى تَنَاوُلِ الْبَقَرَةِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. قَوْلُهُ: (مَعَ رَقَبَتَيْنِ) أَيْ أَمَّا لَوْ لَمْ يَسَعْ الثُّلُثُ سِوَى شِقْصٍ فَقَطْ. فَلَا يَشْتَرِي قَطْعًا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، ثُمَّ وَجْهُ امْتِنَاعِ شِرَاءِ الشِّقْصِ كَوْنُهُ لَا يُسَمَّى رَقَبَةً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 عَلَيْهِ الِاسْمُ (فَإِنْ عَجَزَ ثُلُثُهُ عَنْهُنَّ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَى شِقْصٌ) مَعَ رَقَبَتَيْنِ (بَلْ) تُشْتَرَى (نَفِيسَتَانِ بِهِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَنْفَسِ رَقَبَتَيْنِ شَيْءٌ فَلِلْوَرَثَةِ) وَقِيلَ يُشْتَرَى شِقْصٌ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَصَحِّ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ وَالثَّانِي وَصَفَهُ الْغَزَالِيُّ بِالْأَظْهَرِ، وَلِانْفِرَادِهِ بِتَرْجِيحِهِ عَبَّرَ الْمُصَنَّفُ بِالْمَذْهَبِ. (وَلَوْ قَالَ ثُلُثِي لِلْعِتْقِ اشْتَرَى شِقْصًا) بِلَا خِلَافٍ أَيْ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ. (وَلَوْ وَصَّى لِحَمْلِهَا) بِكَذَا (فَأَتَتْ بِوَلَدَيْنِ فَلَهُمَا) بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يُفَضَّلُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى. (أَوْ) أَتَتْ (بِحَيٍّ وَمَيِّتٍ فَكُلُّهُ لِلْحَيِّ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لِلْحَيِّ نِصْفُهُ، وَالْبَاقِي لِوَارِثِ الْمُوصِي (وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا أَوْ قَالَ) إنْ كَانَ (أُنْثَى فَلَهُ كَذَا فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى. (لَغَتْ) وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ حَمْلَهَا جَمِيعَهُ لَيْسَ بِذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى، (وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ بِبَطْنِهَا ذَكَرٌ) فَلَهُ كَذَا، (فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى (اسْتَحَقَّ الذَّكَرُ) ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ بِبَطْنِهَا وَزِيَادَةُ الْأُنْثَى لَا تَضُرُّ (أَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ فَالْأَصَحُّ صِحَّتُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (وَيُعْطِيهِ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ (وَالْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِاقْتِضَاءِ التَّبْكِيرِ التَّوْحِيدَ، وَالثَّالِثُ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا (وَلَوْ وَصَّى لِجِيرَانِهِ فَلِأَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) مِنْ جَوَانِبِ دَارِهِ الْأَرْبَعَةِ لِحَدِيثٍ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَيُقَسِّمُ الْمَالَ عَلَى عَدَدِ الدُّورِ لَا عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهَا. (وَالْعُلَمَاءُ) فِي الْوَصِيَّةِ لَهُمْ. (أَصْحَابُ عُلُومِ الشَّرْعِ مِنْ تَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ) وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ مَنْ يَسْمَعُونَ الْحَدِيثَ، وَلَا عِلْمَ لَهُمْ بِطُرُقِهِ وَلَا بِأَسْمَاءِ الرُّوَاةِ وَلَا بِالْمُتُونِ فَإِنَّ السَّمَاعَ الْمُجَرَّدَ لَيْسَ بِعِلْمٍ (لَا مُقْرِئٌ وَأَدِيبٌ وَمُعَبِّرٌ وَطَبِيبٌ)   [حاشية قليوبي] بِالْمَذْهَبِ وَسَيَذْكُرُ الْجَوَابَ عَنْهُ، وَتَعْبِيرُ الْغَزَالِيِّ بِالْأَظْهَرِ عَنْ الْأَصَحِّ غَيْرُ مُنَافٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا اصْطِلَاحَ لَهُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ شِرَاؤُهُ) أَيْ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَامِلِ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: (بِوَلَدَيْنِ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْحَمْلِ وَلَوْ تَوْأَمَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُمَا) وَكَذَا لَهُمْ لَوْ كَانُوا أَكْثَرَ. قَوْلُهُ: (فَوَلَدَتْهُمَا لَغَتْ) فَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَقَطْ فَلَهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ أُنْثَى فَكَذَلِكَ، وَخَرَجَ بِذَكَرٍ وَأُنْثَى مَا لَوْ قَالَ ابْنٌ أَوْ بِنْتٌ فَهُوَ فِيهِمَا لِلْمُفْرَدِ فَقَطْ، فَإِنْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا بَطَلَتْ أَوْ وَلَدَتْ ابْنَيْنِ أَوْ بِنْتَيْنِ فَكَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) قَالَ شَيْخُنَا وَنَظِيرُ هَذِهِ مَا لَوْ أَوْصَى لِمُحَمَّدِ ابْنِ بِنْتِهِ بِكَذَا وَلَهُ بِنْتَانِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ابْنٌ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَيُعْطِيهِ الْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى الصُّلْحِ فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ الْمُرَادُ وَحَلَفَ دُونَ الْآخَرِ أُعْطِيَ لِلْحَالِفِ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي الْمَنْعُ) هَذَا مُقَابِلُ الصِّحَّةِ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّالِثُ مُقَابِلُ التَّخْيِيرِ فِيهِ، وَانْظُرْ لِمَ عَدَلَ عَنْ الْبُطْلَانِ إلَى الْمَنْعِ الْمُوهِمِ لِعَدَمِ الْبُطْلَانِ تَأَمَّلْهُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَفَتْحُهَا لَحْنٌ وَلَيْسَ مِنْهُمْ مَنْ يُسَاكِنُهُمْ وَلَا مَنْ سَكَنَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا وَارِثِ الْمُوصِي، وَيَأْتِي هَذَا فِي الْوَصِيَّةِ لِلْعُلَمَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَأْتِي فَلَا يَدْخُلُ الْمُوصِي، وَلَا وَارِثُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا الْوَصْفُ الْمُسْتَلْحَقُ بِهِ الْوَصِيَّةُ. قَوْلُهُ: (فَلِأَرْبَعِينَ دَارًا) ، وَالْمَسْجِدُ كَدَارٍ، وَكَذَا الرَّبْعُ إنْ كَانَ الْمُوصِي خَارِجَهُ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ دُورُهُ كَغَيْرِهَا، وَيُقَدَّمُ عِنْدَ ضِيقِ الْمُوصَى بِهِ مِنْ الْجِيرَانِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ. قَوْلُهُ: (دَارِهِ) قَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا تَعَدُّدُهَا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَإِذَا تَعَدَّدَتْ اُعْتُبِرَ بِمَا فِي حَاضِرِي الْحَرَمِ أَوْ بِمَا فِي الْجُمُعَةِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يُعْتَبَرُ مَا مَاتَ بِهَا فَأَكْثَرُهُمَا سُكْنَى فَإِنْ اسْتَوَيَا فَإِلَى جِيرَانِهِمَا. قَوْلُهُ: (الْأَرْبَعَةِ) هُوَ لِلْأَغْلَبِ فَلَوْ زَادَتْ لِسِعَةِ دَارِهِ اُعْتُبِرَ الزَّائِدُ أَيْضًا، وَإِنْ زَادَ الْعَدَدُ، وَلَوْ مِنْ أَعْلَى وَأَسْفَلَ كَمَا فِي الرَّبْعِ لِمَنْ هُوَ فِيهِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ عُدِمَ أَحَدُ الْجَوَانِبِ سَقَطَ، وَلَا يُؤْخَذُ بَدَلُهُ مِنْ الْبَاقِي أَوْ نَقَصَ عَدَدُ جَانِبٍ كُمِّلَ عَدَدُهُ مِنْ الْبَاقِي وَقَالَ شَيْخُنَا لَا يُكَمَّلُ مُطْلَقًا وَقَالَ الْخَطِيبُ يُكَمَّلُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (عَلَى عَدَدِ الدُّورِ) وَالْمَسْجِدُ كَدَارٍ وَكَذَا الرَّبْعُ عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهَا) وَأَمَّا مَا يَخُصُّ كُلَّ دَارٍ فَيُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهَا سَوَاءٌ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالْحُرُّ وَالرَّقِيقُ وَحِصَّتُهُ لِسَيِّدِهِ، إنْ لَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا، وَلَا مُبَعَّضًا فَإِنْ كَانَ مُكَاتَبًا فَلَهُ أَوْ مُبَعَّضًا وُزِّعَتْ عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ فَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً فَلِصَاحِبِ النَّوْبَةِ وَقْتَ الْمَوْتِ وَمَا خَصَّ الْمَسْجِدَ يُوَزَّعُ عَلَى مُجَاوِرٍ بِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: يُصْرَفُ عَلَى مَصَالِحِهِ فَقَطْ. ثُمَّ قَالَ: وَمَا يَخُصُّ الرَّبْعُ يُقَسَّمُ عَلَى دُورِهِ أَوَّلًا ثُمَّ عَلَى سُكَّانِهَا عَلَى مَا مَرَّ، وَلَوْ رَدَّ أَحَدُ الْجِيرَانِ جُعِلَ كَالْعَدَمِ، أَوْ كَانَ لَهُ دَارَانِ أَعْطَى بِهِمَا، وَقَوْلُ شَيْخِنَا يُعْتَبَرُ بِمَا فِي تَعَدُّدِ دَارِ الْمُوصِي فِيهِ نَظَرٌ إلَّا إنْ كَانَ مُرَادُهُ اعْتِبَارَ مَنْ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْهَا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْعُلَمَاءِ) وَهُمْ مَنْ أَدْرَكَ طَرَفًا مِنْ فَنِّهِ يَهْتَدِي بِهِ إلَى بَاقِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا فِيهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ تَفْسِيرٍ) وَهُوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ مَعَانِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، مَا أُرِيدَ بِهِ ظَاهِرًا. قَوْلُهُ: (وَحَدِيثٍ) وَهُوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ حَالُ الرَّاوِي وَالْمَرْوِيِّ وَصَحِيحُهُ وَسَقِيمُهُ وَعِلَلُهُ. قَوْلُهُ: (وَفِقْهٍ) وَتَقَدَّمَ تَعْرِيفُهُ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَخَرَجَ بِهِ الْمُتَفَقِّهُ وَهُوَ مَنْ أَدْرَكَ طَرَفًا صَالِحًا مِنْ الْفِقْهِ لَا شَيْئًا يَسِيرًا كَنَحْوِ شَهْرٍ، وَلَوْ شَكَّ فِي فِقْهِهِ رَجَعَ فِيهِ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ، وَالْوَرِعُ لَهُ التَّرْكُ، وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الثَّلَاثَةُ فِي شَخْصٍ أُعْطِيَ بِأَحَدِهِمَا بِخِبْرَتِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ السَّمَاعَ الْمُجَرَّدَ لَيْسَ بِعِلْمٍ) وَكَذَا الْحِفْظُ الْمُجَرَّدُ. قَوْلُهُ: (لَا مُقْرِئٍ) وَهُوَ مَنْ يَعْرِفُ عِلْمَ الْقِرَاءَاتِ. قَوْلُهُ: (وَأَدِيبٍ) وَهُوَ مَنْ يَعْرِفُ عِلْمَ الْأَدَبِ كَالنَّحْوِ وَالصَّرْفِ وَاللُّغَةِ وَالْبَيَانِ وَالْمَعَانِي وَالْعَرُوضِ وَنَحْوِهَا. وَعَدَّهَا الزَّمَخْشَرِيُ اثْنَيْ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ، كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِ زَيْدٍ وَلَهُ أَوْلَادٌ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِجِيرَانِهِ) فِي الْمُحْكَمِ الْجَارُ الْمُجَاوِرُ وَعَيْنُهُ وَاوٌ وَجَمْعُهُ أَجْوَارٌ وَجِيرَةٌ وَجِيرَانٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِقْهٍ) نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْوَافِي، أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْفُقَهَاءِ الْفَاضِلِ لَا الْمُبْتَدِئِ مِنْ شَهْرٍ، وَنَحْوِهِ وَلِلْمُتَوَسِّطِ بَيْنَهُمَا دَرَجَاتٌ يَجْتَهِدُ الْمُفْتِي فِيهَا، وَالْوَرَعُ لِهَذَا الْمُتَوَسِّطِ التَّرْكُ، وَإِنْ أَفْتَاهُ الْمُفْتِي بِالدُّخُولِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 بِرَفْعِ الْأَرْبَعَةِ عَطْفًا عَلَى: " أَصْحَابُ " أَيْ لَيْسُوا مِنْ عُلَمَاءِ الشَّرْعِ. (وَكَذَا مُتَكَلِّمٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) وَقَالَ الْمُتَوَلِّي هُوَ مِنْهُمْ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ قَرِيبٌ. (وَيَدْخُلُ فِي وَصِيَّةِ الْفُقَرَاءِ الْمَسَاكِينِ وَعَكْسُهُ) لِوُقُوعِ اسْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ. (وَلَوْ جَمَعَهُمَا شُرِكَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (نِصْفَيْنِ وَأَقَلُّ كُلِّ صِنْفٍ) مِنْهُمَا (ثَلَاثَةٌ وَلَهُ التَّفْضِيلُ) بَيْنَ آحَادِ الثَّلَاثَةِ فَأَكْثَرَ (أَوْ) وَصَّى (لِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَأَحَدِهِمْ فِي جَوَازِ إعْطَائِهِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ لَكِنْ لَا يُحْرَمُ) كَمَا يُحْرَمُ أَحَدُهُمْ لِعَدَمِ وُجُوبِ اسْتِيعَابِهِمْ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا، وَقِيلَ: هُوَ كَأَحَدِهِمْ فِي سِهَامِ الْقِسْمَةِ فَإِنْ ضَمَّ إلَيْهِ أَرْبَعَةً مِنْ الْفُقَرَاءِ. كَانَ لَهُ الْخُمُسُ أَوْ خَمْسَةً كَانَ لَهُ السُّدُسُ، وَهَكَذَا، وَقِيلَ: لَهُ الرُّبُعُ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْفُقَرَاءِ ثَلَاثَةٌ، وَقِيلَ لَهُ النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْفُقَرَاءِ، وَالْأَوَّلَانِ فُسِّرَ بِهِمَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: إنَّهُ كَأَحَدِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَعَبَّرَ فِيهَا بِأَصَحِّ الْأَوْجُهِ (أَوْ) وَصَّى (لِجَمْعٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ مُنْحَصِرٍ كَالْعَلَوِيَّةِ صَحَّتْ فِي الْأَظْهَرِ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ)   [حاشية قليوبي] عَشَرَ عِلْمًا. قَوْلُهُ: (وَمُعَبِّرٍ) وَهُوَ الْعَالِمُ بِتَأْوِيلِ الرُّؤْيَا قَوْلُهُ: (وَطَبِيبٍ) وَهُوَ الْعَالِمُ بِالطِّبِّ وَهُوَ عِلْمٌ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى بَقَاءِ صِحَّةِ الْبَدَنِ أَوْ زَوَالِ مَرَضِهِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مُتَكَلِّمٌ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ الْعَالِمُ بِعِلْمِ الْكَلَامِ، وَهُوَ عِلْمُ أُصُولِ الدِّينِ. وَأَمَّا الْعَالِمُ بِأُصُولِ الْفِقْهِ فَقِيلَ هُوَ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا. فَرْعٌ: الْقُرَّاءُ جَمْعُ قَارِئٍ وَهُوَ مَنْ يَحْفَظُ جَمِيعَ الْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ وَأَعْلَمُ النَّاسِ الْفُقَهَاءُ، وَأَكْيَسُ النَّاسِ وَأَعْقَلُهُمْ الزُّهَّادُ، وَهُمْ مَنْ يَتْرُكُ مِنْ الْحَلَالِ مَا فَوْقَ حَاجَتِهِ، وَأَبْخَلُ النَّاسِ مَانِعُ الزَّكَاةِ، أَوْ مَنْ لَا يُقْرِي الضَّيْفَ، وَأَحْمَقُ النَّاسِ السُّفَهَاءُ، أَوْ مَنْ يَقُولُ بِالتَّثْلِيثِ، وَسَيِّدُ النَّاسِ الْخَلِيفَةُ، وَسَادَةُ النَّاسِ الْأَشْرَافُ، وَالسَّيِّدُ الشَّرِيفُ الْمُنْتَسِبُونَ لِأَحَدِ السِّبْطَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَ أَهْلِ مِصْرَ وَالشَّرِيفُ أَصَالَةً لَقَبٌ لِكُلِّ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، كَمَا يَأْتِي وَالْوَرِعُ تَارِكُ الشُّبُهَاتِ وَأَجْهَلُ النَّاسِ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ، فَإِنْ قُيِّدَ بِالْمُسْلِمِينَ فَسُلِبَ الصَّحَابَةُ وَبَعْضُهُمْ اسْتَشْكَلَ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا جِهَةُ مَعْصِيَةٍ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بَيَانُ حَقِيقَتِهِمْ، وَجَمِيعُ الْمَذْكُورِينَ يُعْطَوْنَ مَعَ الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَيُشْتَرَطُ الْفَقْرُ فِي الْيَتِيمِ، وَهُوَ مَنْ لَا أَبَ لَهُ، وَلَوْ فِي الْأُنْثَى، وَفِي الْأَيِّمِ وَالْأَرْمَلَةِ، وَهِيَ غَيْرُ الْمُتَزَوِّجَةِ، وَفِي الْأَعْزَبِ، وَهُوَ غَيْرُ الْمُتَزَوِّجِ، وَفِي الْوَصِيَّةِ لِلْحُجَّاجِ وَالْغَارِمِينَ وَالزَّمْنَى وَالْمَسْجُونِينَ وَتَكْفِينِ الْمَوْتَى وَحَفْرِ قُبُورِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (الْفُقَرَاءُ إلَخْ) وَيَخْتَصُّ بِمَنْ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ. قَوْلُهُ: (مِنْهُمَا) قَيَّدَ بِهِ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ فَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْعُلَمَاءِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةٍ) فَلَوْ أَعْطَى الدَّافِعُ الْمُوصَى بِهِ كُلَّهُ لِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ حَرُمَ عَلَيْهِ مَعَ الْعِلْمِ وَضَمِنَ مُطْلَقًا لِلثَّالِثِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ، وَيَدْفَعُهُ لَهُ مَعَ الْجَهْلِ، وَكَذَا مَعَ الْعِلْمِ إنْ تَابَ وَإِلَّا دَفَعَهُ لِلْحَاكِمِ لِفِسْقِهِ، وَيَدْفَعُهُ الْحَاكِمُ لِلثَّالِثِ وَيَجِبُ اسْتِرْدَادُ مَا لِلثَّالِثِ مِنْ الِاثْنَيْنِ مُطْلَقًا. كَذَا قَالُوا، وَانْظُرْ إذَا اسْتَرَدَّ لِمَنْ يُعْطِي رَاجِعْهُ، وَالْوَجْهُ عَدَمُ اسْتِرْدَادِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ التَّفْضِيلُ) وَهَلْ يَكْفِي إعْطَاءُ وَاحِدٍ قَدْرًا لَا يُتَمَوَّلُ رَاجِعْهُ، وَيُقَدِّمُ ذَا مَحْرَمِيَّةٍ فَرَحِمٍ قَوْلُهُ: (لِزَيْدٍ) بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَيِّنَ لَهُ مِقْدَارًا، وَأَنْ لَا يَصِفَهُ بِغَيْرِ صِفَتِهِمْ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَعْطُوفُ جَمْعًا مِنْ جِنْسِ مَنْ يَمْلِكُ، وَإِلَّا فَلَهُ مَا عَيَّنَهُ فِي الْأَوَّلِ، وَالنِّصْفُ كُلُّهُ فِي الثَّانِي، وَلَهُ فِي الثَّالِثِ بِنِسْبَةِ مَا عَطَفَ عَلَيْهِ فَفِي زَيْدٍ وَجِبْرِيلَ لَهُ النِّصْفُ، وَفِي زَيْدٍ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ لَهُ الثُّلُثُ، وَهَكَذَا، وَكَذَا فِي نَحْوِ زَيْدٍ وَالرِّيحِ زَيْدٍ وَالرِّيحِ وَالْمَطَرِ، وَفِي زَيْدٍ وَالْجُدْرَانِ وَالْمَلَائِكَةِ، أَوْ الرِّيَاحِ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ. وَيَبْطُلُ فِيمَا عَدَا مَا يَأْخُذُهُ زَيْدٌ، وَلَوْ قَالَ لِزَيْدٍ: وَاَللَّهِ صُرِفَ النِّصْفُ الْآخَرُ لِلْفُقَرَاءِ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَهُ النِّصْفُ) وَبِهِ قَطَعَ أَبُو مَنْصُورٍ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ نَظَرًا إلَيْهِ وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ ذِكْرَهُ، وَضَمِيرُ أَسْقَطَهُ عَائِدٌ لِقَوْلِهِ: وَالْأَوَّلَانِ إلَخْ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِأَصَحِّ الْأَوْجُهِ إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصًّا، وَمُقَابِلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَالْعَلَوِيَّةِ) وَهُمْ الْمَنْسُوبُونَ لِسَيِّدِنَا عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ ذُرِّيَّةِ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: جُمْلَةُ أَوْلَادِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ الذُّكُورِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ، وَاَلَّذِي أَعْقَبَ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ابْنَا فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ نِسْبَةً لِبَنِي حَنِيفَةَ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ الْكِلَابِيَّةِ، وَعُمَرُ بْنُ التَّغْلِبِيَّةِ، نِسْبَةً لِقَبِيلَةٍ يُقَالُ لَهَا تَغْلِبُ بِالْمُثَنَّاةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَمِنْ الْإِنَاثِ ثَمَانِي عَشْرَةَ وَاَلَّتِي أَعْقَبَتْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ فَقَطْ، وَهِيَ زَيْنَبُ أُخْتُ السِّبْطَيْنِ مِنْ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ، فَإِنَّهُ تَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا عَلِيٌّ وَعَوْنٌ الْأَكْبَرُ وَعَبَّاسٌ وَمُحَمَّدٌ وَأَمُّ كُلْثُومَ، ثُمَّ قَالَ: فَجَمِيعُ أَوْلَادِ عَلِيٍّ يُقَالُ لَهُمْ مِنْ آلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ وَيَسْتَحِقُّونَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى، وَيُقَالُ لَهُمْ أَشْرَافٌ فِي الْأَصْلِ قَبْلَ تَخْصِيصِ الْعُرْفِ بِأَوْلَادِ السِّبْطَيْنِ كَمَا مَرَّ. آنِفًا وَيَسْتَحِقُّونَ مِنْ وَقْفِ بِرْكَةِ الْحَبَشِ؛ لِأَنَّ وَقْفَهَا فِي سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وُقِفَ نِصْفُهَا عَلَى ذُرِّيَّةِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ خَاصَّةً، وَنِصْفُهَا عَلَى ذُرِّيَّةِ بَقِيَّةِ أَوْلَادِ عَلِيٍّ، وَكُلُّ أَوْلَادِ فَاطِمَةَ وَذُرِّيَّتِهَا يُقَالُ لَهُمْ: أَوْلَادُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذُرِّيَّتُهُ لَكِنْ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْهُمْ إلَّا أَوْلَادُ السِّبْطَيْنِ خَاصَّةً، لِنَصِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ. وَكُلُّ أَوْلَادِ عَلِيٍّ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ لُبْسِ الْعِمَامَةِ الْخَضْرَاءِ، بَلْ وَلَا غَيْرُهُمْ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ؛ إذْ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ، وَإِنَّمَا حَدَثَتْ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِأَمْرِ الْمَلِكِ الْأَشْرَفِ شَعْبَانَ بْنِ حُسَيْنٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُعَبِّرٌ) الْأَفْصَحُ وَعَابِرٌ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ عَبَرْت بِالتَّخْفِيفِ، قَالَ تَعَالَى {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ التَّشْدِيدَ وَفِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 كَالْفُقَرَاءِ وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَلَا عُرْفَ يُخَصِّصُهُ بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ، فَإِنَّ الْعُرْفَ خَصَّصَهُ بِالِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِثَلَاثَةِ الْمُتَضَمِّنِ لِلصِّحَّةِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الصِّحَّةَ فِيهِ لَمَّا صَارَتْ أَصْلًا جَازَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ فِيهَا مَنْ ذُكِرَ، وَنَحْوُهُمْ كَالْهَاشِمِيَّةِ. (أَوْ) وَصَّى (لِأَقَارِبِ زَيْدٍ دَخَلَ كُلُّ قَرَابَةٍ) لَهُ (وَإِنْ بَعُدَ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا وَارِثًا أَوْ غَيْرَهُ. (إلَّا أَصْلًا وَفَرْعًا فِي الْأَصَحِّ) أَيْ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إذْ لَا يُسَمَّوْنَ أَقَارِبَ فِي الْعُرْفِ، وَيَدْخُلُ الْأَجْدَادُ وَالْأَحْفَادُ، وَقِيلَ: لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَيُوَافِقُهُ تَعْبِيرُ الْمُحَرَّرِ بِالْأُصُولِ، وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ: يَدْخُلُ الْجَمِيعُ، (وَلَا تَدْخُلُ قَرَابَةُ أُمٍّ فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَفْتَخِرُونَ بِهَا، وَالثَّانِي تَدْخُلُ كَمَا فِي وَصِيَّةِ الْعَجَمِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ الْأَقْوَى وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَصَحِّ (وَالْعِبْرَةُ بِأَقْرَبِ جَدٍّ يُنْسَبُ إلَيْهِ زَيْدٌ وَتُعَدُّ أَوْلَادُهُ قَبِيلَةً) فَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ جَدٍّ فَوْقَهُ فَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ حَسَنِيٍّ لَمْ تَدْخُلْ الْحُسَيْنِيُّونَ (وَيَدْخُلُ فِي أَقْرَبِ أَقَارِبِهِ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ) أَيْ الْأَبَوَانِ وَالْأَوْلَادُ كَمَا يَدْخُلُ غَيْرُهُمْ عِنْدَ انْتِفَائِهِمْ (وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ ابْنٍ عَلَى أَبٍ وَأَخٍ عَلَى جَدٍّ) وَالثَّانِي يُسَوَّى بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَاءِ الْأَوَّلَيْنِ فِي الرُّتْبَةِ وَالْأَخِيرَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى قُوَّةِ إرْثِ الِابْنِ وَعُصُوبَتِهِ وَإِلَى قُوَّةِ الْبُنُوَّةِ فِي الْأَخِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الثَّانِيَةِ قَوْلَانِ (وَلَا يَرْجِعُ بِذُكُورَةٍ وَوِرَاثَةٍ بَلْ يَسْتَوِي الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ) وَالْأَخُ وَالْأُخْتُ. (وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْبِنْتِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الِابْنِ) ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ (وَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ لَمْ تَدْخُلْ وَرَثَتُهُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُوصَى لَهُمْ فَيَخْتَصُّ بِالْوَصِيَّةِ الْبَاقُونَ، وَالثَّانِي يَدْخُلُونَ لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُمْ ثُمَّ يَبْطُلُ نَصِيبُهُمْ، وَيَصِحُّ الْبَاقِي لِغَيْرِ الْوَرَثَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَك أَنْ تَقُولَ يَجِبُ اخْتِصَاصُ الْوَجْهَيْنِ بِقَوْلِنَا: الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ، فَإِنْ وَقَفْنَاهَا عَلَى الْإِجَارَةِ فَلْيُقْطَعْ بِالْوَجْهِ الثَّانِي قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِهِمَا، وَلِأَنَّ مَأْخَذَهُمَا، أَنَّ الِاسْمَ يَقَعُ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ لَفْظِ الْفُقَرَاءِ قَوْلُهُ: (الْأَقَارِبُ) هُمْ جَمْعُ أَقْرَبَ وَفِي شُمُولِهِ لِلْأَبْعَدِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (كُلُّ قَرَابَةٍ) فَلَوْ كَانَ وَاحِدًا أَخَذَ الْجَمِيعَ، وَإِذَا انْحَصَرُوا وَجَبَ اسْتِيعَابُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرَهُ) شَمِلَ وَلَدَ الْبِنْتِ وَلَيْسَ مِنْ الْأَحْفَادِ، فَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ سِبْطٌ وَشَمِلَ الرَّقِيقَ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَدْخُلْ سَيِّدُهُ وَحِصَّتُهُ لِسَيِّدِهِ كَالْكَسْبِ. قَوْلُهُ: (وَيُوَافِقُهُ تَعْبِيرُ الْمُحَرَّرِ بِالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ) وَسَكَتَ عَنْ مُوَافَقَةِ تَعْبِيرِ الْمِنْهَاجِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَهُمَا بِالْإِفْرَادِ كَانَ أَقْرَبَ إلَى إرَادَةِ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ، وَالْفَرْقِ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْهُ قَوْلُهُ: (قَرَابَةُ أُمٍّ) أَيْ قَرَابَةُ الْمَيِّتِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ كَخَالِهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي تَدْخُلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ هُنَا، وَقَوْلُ الْأَوَّلِ لَا يَفْتَخِرُونَ بِهَا مَرْدُودٌ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «سَعْدٌ خَالِي فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ» . قَوْلُهُ: (جَدٌّ يُنْسَبُ إلَيْهِ) وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْأَبَوَانِ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ مَا خَرَجَ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ابْنٍ) أَيْ وَبِنْتٍ وَإِنْ سَفَلَا وَلَوْ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ تَقْدِيمًا لِلْفُرُوعِ عَلَى الْأُصُولِ، وَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَيُقَدَّمُ ابْنُ بِنْتٍ عَلَى ابْنِ ابْنِ ابْنٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلَى أَبٍ) أَيْ وَأُمٍّ وَإِنْ عَلَوْا وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ تَقْدِيمًا لِلْأُصُولِ عَلَى الْحَوَاشِي، وَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، فَيُقَدَّمُ أَبُو أُمٍّ عَلَى أَبِي أَبِي أَبٍ. قَوْلُهُ: (وَأَخٌ) ، وَلَوْ مِنْ أُمٍّ عَلَى جَدٍّ وَلَوْ مِنْ أَبٍ تَقْدِيمًا لِحَاشِيَةِ الْأَصْلِ الْأَقْرَبِ عَلَى نَفْسِ الْأَصْلِ الْأَبْعَدِ، وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: يُقَدَّمُ عَمُّ الْمَيِّتِ وَعَمَّتُهُ وَخَالُهُ وَخَالَتُهُ عَلَى جَدِّهِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَوَلَدُ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ، وَوَلَدُ الْخَالِ وَالْخَالَةِ، كَذَلِكَ كَمَا فِي الْوَلَاءِ، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَلَيْهِ فَيُقَدَّمُ بَعْدَ الْجُدُودَةِ الْإِخْوَةُ ثُمَّ أَوْلَادُهَا ثُمَّ الْعُمُومَةُ ثُمَّ أَوْلَادُهَا، وَالْخُؤُولَةُ وَالْعُمُومَةُ سَوَاءٌ، وَكَذَا أَوْلَادُهُمَا، وَيُقَدَّمُ مُدْلٍ بِجِهَتَيْنِ كَالشَّقِيقِ عَلَى مُدْلٍ بِأَحَدِهِمَا وَلَا تَدْخُلُ أَخَوَاتٌ فِي إخْوَةٍ كَعَكْسِهِ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْجُمُوعِ نَظَرًا إلَى قُوَّةِ إرْثِ الِابْنِ وَعُصُوبَتِهِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ ابْنُ الْبِنْتِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَى قُوَّةِ الْبُنُوَّةِ فِي الْأَخِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ الْعَمُّ قَوْلُهُ: (لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ) وَمِثْلُهُ لِأَقْرَبِ أَقَارِبِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (خِلَافُ الْعَادَةِ) فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَدْخُلُونَ وَعَلَى الثَّانِي يَدْخُلُونَ لَكِنْ لَا يُعْطَوْنَ نَظَرًا لِلْعَادَةِ.   [حاشية عميرة] الْحَدِيثِ «الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (دَخَلَ كُلُّ قَرَابَةٍ) ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُذْكَرُ عُرْفًا لِإِرَادَةِ جِهَةِ الْقَرَابَةِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَاحِدٌ أَخَذَ الْكُلَّ، وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ إدْخَالُ الْبَعِيدِ مَعَ أَنَّ أَقَارِبَ جَمْعُ أَقْرَبَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّسْوِيَةَ ثَابِتَةٌ بِالْعُرْفِ، كَمَا أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] سَائِرُ قُرَيْشٍ. ثُمَّ مَحَلُّ هَذَا إذَا انْحَصَرُوا وَإِلَّا فَكَالْعَلَوِيَّةِ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ. قَوْلُهُ: (إذْ لَا يُسَمَّوْنَ إلَخْ) . وَقَدْ اسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ أَيْضًا بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] فَإِنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُنْسَبُ إلَيْهِ زَيْدٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ جَدُّ الْأُمِّ، قَالَ نَعَمْ لَوْ اُشْتُهِرَ بِهِ كَكَثِيرٍ مِنْ الْأَسْبَاطِ فَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُسَوَّى بَيْنَهُمَا) هَذَا الْوَجْهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ قَوِيٌّ فَإِنَّ الْمُوصِيَ إنَّمَا اعْتَبَرَ الْأَقْرَبِيَّةَ، وَهُمَا فِيهَا سَوَاءٌ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى قُوَّةِ إرْثِ الِابْنِ إلَخْ. وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ قَضِيَّتَهُ تَقْدِيمُ أَوَّلًا الْبَنِينَ عَلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَالْأَعْمَامِ عَلَى الْأَخْوَالِ، وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَى قُوَّةِ الْبُنُوَّةِ فِي الْأَخِ) أَيْ كَمَا فِي الْوَلَاءِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ هَذَا تَقْدِيمُ الْعَمِّ عَلَى الْجَدِّ، كَمَا فِي الْوَلَاءِ، وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَوْصَى لِأَقْرَبِ أَقَارِبِ نَفْسِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 فَصْلٌ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِمَنَافِعِ عَبْدٍ وَدَارٍ وَغَلَّةِ حَانُوتٍ) مُؤَبَّدَةٍ وَمُؤَقَّتَةٍ وَمُطْلَقَةٍ، وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ، وَغَلَّةِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنَافِعَ. (وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ مَنْفَعَةَ الْعَبْدِ وَأَكْسَابَ الْمُعْتَادَةِ) كَالِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَالِاصْطِيَادِ وَأُجْرَةِ الْحِرْفَةِ بِخِلَافِ النَّادِرَةِ، كَالْهِبَةِ وَاللُّقَطَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ بِالْوَصِيَّةِ (وَكَذَا) (مَهْرُهَا) أَيْ الْأَمَةِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا إذَا تَزَوَّجَتْ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: آلُ الرَّجُلِ أَقَارِبُهُ وَأَهْلُهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ أَقَارِبُهُ وَزَوْجَتُهُ وَآبَاؤُهُ أُصُولُهُ الذُّكُورُ، وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ، وَأُمَّهَاتُهُ أُصُولُهُ الْإِنَاثُ كَذَلِكَ، وَالْأَحْمَاءُ أُمُّ الزَّوْجِ وَالْأَصْهَارُ الْأَحْمَاءُ وَالْأَخْتَانُ، وَالْمَحْرَمُ مَنْ لَا يُنْقِضُ لَمْسُهُ الْوُضُوءَ وَالْمَوْلَى مَا فِيهِ الْوَقْفُ. فَائِدَةٌ: النَّاسُ غِلْمَانٌ وَصِبْيَانٌ وَأَطْفَالٌ وَذَرَارِيُّ إلَى الْبُلُوغِ، ثُمَّ شُبَّانٌ وَفِتْيَانٌ إلَى الثَّلَاثِينَ، ثُمَّ كُهُولٌ إلَى الْأَرْبَعِينَ، ثُمَّ شُيُوخٌ كَذَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ، وَفِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِ مُخَالَفَةٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ فَصْلٌ: فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَمَا يَتْبَعُهَا. قَوْلُهُ: (بِمَنَافِعِ) أَعَادَهَا هُنَا مَعَ ذِكْرِهَا أَوَّلَ الْبَابِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا مَا يَأْتِي، وَصَحَّتْ بِهَا؛ لِأَنَّهَا تُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ كَالْأَعْيَانِ. قَوْلُهُ: (عَبْدٍ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْأَمَةِ وَإِذَا جَنَى وَقَتَلَ أَوْ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ بَطَلَتْ كَمَا لَوْ مَاتَ، وَإِنْ فَدَى أَحَدُهُمَا مَالَهُ بَقِيَ لَهُ وَبِيعَ مَا لِلْآخَرِ وَإِنْ فَدَيَاهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا اسْتَمَرَّتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا حَصَلَ فِدَاءٌ مِنْ كُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ وَبِيعَ غَيْرُهُ، وَإِذَا بِيعَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَزَادَ الثَّمَنُ عَلَى الْأَرْشِ، اشْتَرَى الْوَارِثُ لَا غَيْرُهُ بِالزَّائِدِ بَدَلَهُ، وَلَوْ شِقْصًا مَكَانَهُ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِجِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ فَأَرْشُهُ لِلْوَارِثِ لِبَقَاءِ الْمُوصَى بِهِ، فَإِنْ سَرَى إلَيْهِ وَمَاتَ أَوْ قَتَلَهُ الْقَاطِعُ فَالْوَجْهُ ضَمُّ أَرْشِ الطَّرَفِ لِبَقِيَّةِ قِيمَتِهِ، وَيَشْتَرِي بَدَلَهُ بِالْجَمِيعِ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فَيَا لَوْ مَاتَ بِغَيْرِ سِرَايَةٍ كَأَنْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْقَاطِعِ أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، أَوْ بِجِنَايَةٍ غَيْرِ مَضْمُونَةٍ هَلْ يَبْقَى أَرْشُ الطَّرَفِ لِلْوَارِثِ رَاجِعْهُ، وَالظَّاهِرُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَا يَبْقَى لَهُ الْأُولَى بَلْ يَشْتَرِي بِهِ شِقْصًا، وَأَنَّ مَا بَعْدَ الْأُولَى مِثْلُهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَدَارٍ) فَلَوْ انْهَدَمَتْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فَإِنْ أُعِيدَتْ، وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِنَقْضِهَا عَادَتْ الْوَصِيَّةُ. قَوْلُهُ: (وَمُؤَقَّتَةٍ) أَيْ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَخَرَجَ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، أَوْ حَيَاةِ زَيْدٍ فَهُوَ إبَاحَةٌ لَا تَمْلِيكٌ وَمَا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُدَّةَ كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِهِ مُدَّةً فَيَرْجِعُ لِتَعَيُّنِ الْوَارِثِ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَغَلَّةٍ مَعْطُوفٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ عَيْنُ الْغَلَّةِ لَا مَنَافِعُهَا قَالَ السُّبْكِيُّ النَّاشِئُ عَنْ الْمَنْفَعَةِ إمَّا عَيْنٌ كَأُجْرَةِ الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ وَصُوفِ الشَّاةِ وَلَبَنِهَا. وَمَا يَنْبُتُ فِي الْأَرْضِ فَيُسَمَّى غَلَّةً، وَإِمَّا غَيْرُ عَيْنٍ كَالسُّكْنَى وَالِاسْتِخْدَامِ وَحَبْسِ الدَّابَّةِ فِي الْمَكَانِ وَرَبْطِهَا بِالشَّجَرَةِ فَيُسَمَّى مَنْفَعَةً، وَهَذِهِ لَا يَسْتَحِقُّهَا الْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ إلَّا إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهَا بِالْوَصِيَّةِ انْتَهَى. وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَعْيَانَ، كَالْأُجْرَةِ إلَّا بِقَرِينَةٍ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُوصَى لَهُ الْعَبْدَ الْمَذْكُورَ، وَلَا أَنْ يَسْكُنَ بِنَفْسِهِ الْحَانُوتَ الْمَذْكُورَ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِاسْتِحْقَاقِ الْأَكْسَابِ الْمُعْتَادَةِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْغَلَّةِ وَصَرِيحِ كَلَامِهِ وَكَلَامِ الشَّارِحِ وَكَلَامِ السُّبْكِيّ الْمَذْكُورِ، أَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَشْمَلُهَا وَأَنَّهَا لَا تُسَمَّى مَنْفَعَةً، وَعَلَى هَذَا فَكَانَ صَوَابُ عِبَارَةِ السُّبْكِيّ، أَنْ يَقُولَ النَّاشِئُ عَنْ الْمُوصَى بِهِ إلَخْ. فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُ إلَخْ) فَلَهُ أَنْ يُعِيرَ وَيُؤَجِّرَ وَتُورَثَ عَنْهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. نَعَمْ لَوْ أَوْصَى لَهُ أَنْ يَسْكُنَ الدَّارَ مَثَلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَارِيَّةِ وَالْإِبَاحَةِ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْإِبَاحَةِ هُنَا الِاسْتِحْقَاقُ اللَّازِمُ لَا عَنْ مِلْكٍ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ امْتِثَالُ قَوْلِ مُوَرِّثِهِ، وَامْتِنَاعُ الرُّجُوعِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْوَصِيَّةُ إبَاحَةٌ مُطْلَقًا، وَلَوْ قَالَ: أَطْعِمْ زَيْدًا رِطْلَ خُبْزٍ مِنْ مَالِي فَهُوَ تَمْلِيكٌ أَوْ اشْتَرِ خُبْزًا مِنْ مَالِي وَأَطْعِمْهُ لِجِيرَانِي فَإِبَاحَةٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ بِالدَّفْعِ فِي الصُّورَتَيْنِ يَحْصُلُ الْمِلْكُ لَا قَبْلَهُ، فَلَا مَعْنَى لِلْإِبَاحَةِ بَعْدَ الدَّفْعِ فِي الثَّانِيَةِ كَأَخْذِ الْفُقَرَاءِ مَا أُبِيحَ لَهُمْ وَلَيْسَ الْمُوصَى بِهِ مَنْفَعَةً كَالسُّكْنَى فِيمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إذَا تَزَوَّجَتْ) وَالْمُزَوَّجُ بِهَا الْوَارِثُ بِإِذْنِ الْمُوصَى لَهُ وَمِثْلُهَا الْعَبْدُ. قَوْلُهُ: (بِشُبْهَةٍ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مَتَى وَجَبَ الْمَهْرُ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَمِنْهَا وَطْءُ الْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِهِ، وَلَكِنْ لَا مَهْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ نَعَمْ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ لِلْوَارِثِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَلَا يَثْبُتُ اسْتِيلَادُهُ لَوْ أَحْبَلَهَا، وَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ. وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَشْتَرِي   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ تَصِحُّ الْوَصِيَّة بِمَنَافِعِ عَبْد وَدَار وَغَلَّةِ حَانُوتٍ] فَصْلٌ تَصِحُّ بِمَنَافِعِ عَبْدٍ أَيْ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ لِسَبْقِهَا أَوَّلَ الْبَابِ، وَذَكَرَهَا هُنَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا مَا بَعْدَهَا، وَإِنَّمَا صَحَّتْ بِالْمَنَافِعِ؛ لِأَنَّهَا تُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ، كَالْأَعْيَانِ، وَانْظُرْ لَوْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ عَشْرَ سِنِينَ كَيْفَ التَّقْوِيمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ) خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي جَعْلِهَا إبَاحَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْفَعَةَ الْعَبْدِ) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمَنْفَعَةِ دُونَ أَنْ يَنْتَفِعَ، أَنَّهُ يُؤَخِّرُ وَيُعِيرُ وَيُوصِي بِهَا وَتُورَثُ عَنْهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ يَمْلِكُهُ الْمُوصَى لَهُ. (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ الرَّقَبَةِ كَالْكَسْبِ، وَالثَّانِي لَا بَلْ هُوَ لِوَارِثِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ وَهِيَ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهَا، فَلَا يَسْتَحِقُّ بَدَلَهَا بِالْوَصِيَّةِ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ هَذَا الْأَخِيرَ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الثَّانِي الْأَشْبَهُ. (لَا وَلَدُهَا) مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًى أَيْ لَا يَمْلِكُهُ الْمُوصَى لَهُ. (فِي الْأَصَحِّ بَلْ هُوَ كَالْأُمِّ مَنْفَعَتُهُ لَهُ وَرَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ) ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا وَالثَّانِي يَمْلِكُهَا الْمُوصَى لَهُ كَكَسْبِهَا (وَلَهُ إعْتَاقُهُ) أَيْ لِلْوَارِثِ إعْتَاقُ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ، كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِرَقَبَتِهِ لَكِنْ لَا يُجْزِئُ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْكَسْبِ، وَإِذَا أَعْتَقَهُ تَبْقَى الْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا. (وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ إنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً، وَكَذَا أَبَدًا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي عَلَى الْمُوصَى لَهُ، وَالْفِطْرَةُ كَالنَّفَقَةِ (وَبَيْعُهُ إنْ لَمْ يُؤَبِّدْ) أَيْ الْمُوصِي الْمَنْفَعَةَ (كَالْمُسْتَأْجِرِ) فَيَصِحُّ لِلْمُوصَى لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَلَى الرَّاجِحِ (وَإِنْ أَبَّدَ) الْمَنْفَعَةَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ دُونَ غَيْرِهِ)   [حاشية قليوبي] بِهَا مِثْلَهُ مَكَانَهُ، كَمَا فِي الْوَارِثِ الْآتِي وَيَجُوزُ لِلْوَارِثِ وَطْؤُهَا إذَا لَمْ تَحْبَلْ وَإِلَّا حَرُمَ، وَإِنَّمَا حَرُمَ عَلَى الرَّاهِنِ مُطْلَقًا لِحَجْرِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ زَوَالِهِ وَإِذَا أَحْبَلَهَا الْوَارِثُ ثَبَتَ اسْتِيلَادُهُ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَشْتَرِي بِهَا مِثْلَهُ مَكَانَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (يَمْنَعُ هَذَا الْأَخِيرَ) وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْبَدَلِ قَالَ بَعْضُهُمْ الْمَعْنَى يَمْنَعُ الْمُلَازَمَةَ بَيْنَهُمَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الثَّانِي أَشْبَهُ) مَرْجُوحٌ. قَوْله: (لَا وَلَدُهَا) أَيْ الْمَوْجُودِ حَالَ الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ وَلَوْ مِنْ زِنَى لَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ بَلْ هُوَ كَالْأُمِّ أَمَّا الْمُنْفَصِلُ قَبْلَهُ، فَهُوَ لِلْوَارِثِ. قَوْلُهُ: (مَنْفَعَتُهُ لَهُ) وَاسْتَبْعَدَهُ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ؛ لِأَنَّهَا كَالْمُؤَجَّرَةِ. تَنْبِيهٌ: الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ، وَإِنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحَقُّونَ، وَأَذِنُوا بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمَوْقُوفَةِ فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ. إنْ انْحَصَرُوا، وَإِلَّا فَبِإِذْنِ النَّاظِرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ النِّكَاحِ مَعَ زِيَادَةٍ جَلِيلَةٍ قَوْلُهُ: (أَيْ لِلْوَارِثِ إعْتَاقُ الْعَبْدِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْوَلَدِ الَّذِي هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُحَرَّرِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ أَبِيهِ وَقَدْ يُقَالُ: رُجُوعُ الضَّمِيرِ لَهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْأَبِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ وَجْهُ أَنَّ الْوَلَدَ مَمْلُوكٌ لِلْمُوصَى لَهُ فَتَأَمَّلْ وَحَيْثُ عَتَقَ فَلَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ فِي سَائِرِ الْأُمُورِ حَتَّى فِي لُزُومِ الْجُمُعَةِ وَالْإِرْثِ، وَلَهُ اسْتِعَارَةُ نَفْسِهِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ، وَالْأَمَةُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ كَالْعَبْدِ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مُوصَى بِهَا تَحْمِلُهُ وَتَزَوَّجَتْ وَلَوْ بِحُرٍّ انْعَقَدَ وَلَدُهَا رَقِيقًا مَمْلُوكًا لِلْمُوصَى لَهُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهَذَا رَقِيقٌ بَيْنَ حُرَّيْنِ، وَلَا يَتَزَوَّجُهَا الْحُرُّ إلَّا بِشُرُوطِ الْأَمَةِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لَا يُجْزِئُ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ) وَلَا عَنْ النَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ كَوَاجِبِ الشَّرْعِ، وَلَا بِكِتَابَتِهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ زَمَنِ الْوَصِيَّةِ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى نَفَقَةٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ أَجْزَأَ إعْتَاقُهُ عَمَّا ذُكِرَ، وَكِتَابَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَعْتَقَهُ تَبْقَى الْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا) فَتَنْتَقِلُ أَكْسَابُهُ النَّادِرَةُ لَهُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ لِمَنْ أَعْتَقَتْهُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) أَيْ الْوَارِثِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ أَعَادَ الضَّمِيرَ فِيهِمَا عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ مَا لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ لِشَخْصٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ، وَالْمُرَادُ بِنَفَقَتِهِ مُؤْنَتُهُ. قَوْلُهُ: (إنْ أَوْصَى) آثَرَهُ لِجَرَيَانِهِ عَلَى الْأَلْسِنَةِ. قَوْلُهُ: (مُدَّةً) أَيْ زَمَنًا مُعَيَّنًا وَلَوْ بِتَعْيِينِ الْوَارِثِ كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا وَتَتَقَيَّدُ بِمَا عَيَّنَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِالْمَوْتِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ سَنَةً مَثَلًا تَعَيَّنَ اتِّصَالُهَا بِهِ فَلَا يَجُوزُ تَأَخُّرُهَا عَنْهُ فَلَوْ مَضَتْ ثُمَّ قَبِلَ رَجَعَ بِمُقَابِلِهَا عَلَى مَنْ اسْتَوْفَاهَا وَرَجَعَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلْوَارِثِ عَقِبَهَا وَفِي الْمُدَّةِ الْمَجْهُولَةِ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (وَبَيْعُهُ) يَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى إعْتَاقِهِ وَيَجُوزُ كَوْنُهُ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ كَالْمُسْتَأْجَرِ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ يَصِحُّ إلَخْ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً وَإِلَّا فَهُوَ كَاخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ. قَوْلُهُ: (دُونَ غَيْرِهِ) نَعَمْ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْبَيْعِ الثَّالِثِ صَحَّ. قَوْلُهُ: (إذْ لَا فَائِدَةَ) أَيْ ظَاهِرَةً فَلَا يَرِدُ عِتْقُهُ وَأَكْسَابُهُ النَّادِرَةُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِبَعْضِ مَنَافِعِهِ صَحَّ بَيْعُهُ لِلْغَيْرِ مُطْلَقًا.   [حاشية عميرة] قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: مَا زِلْت أَسْتَشْكِلُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ، وَأَقُولُ: مَا الَّذِي يَسْتَفِيدُهُ، وَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ مِلْكِهَا حَتَّى رَأَيْت قَائِلًا فِي النَّوْمِ لَوْ ظَهَرَ فِي الْأَرْضِ مَعْدِنٌ مَلَكَهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ. قَوْلُهُ: (هَذَا الْأَخِيرُ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ بَدَلَهَا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي الْأَشْبَهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْبَحْثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ هُوَ كَلَامٌ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْإِيصَاءِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْفَعَتُهُ لَهُ) قَدْ اسْتَبْعَدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ مِنْ حَيْثُ إنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمَنْفَعَةِ لَا يَتَعَدَّى لِمَنَافِعِ الْوَلَدِ، كَمَا فِي الْإِجَارَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ إعْتَاقُهُ) أَيْ وَيَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى نَظَرِ مَا كَانَ فِي الْأَكْسَابِ الْمُعْتَادَةِ وَالنَّادِرَةِ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَعِيرَ نَفْسَهُ مِنْهُ. كَالْحُرِّ الْمُؤَجَّرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَمْ أَرَ نَقْلًا فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِعَجْزِهِ عَنْ الْكَسْبِ) أَيْ فَأَشْبَهَ الزَّمِنَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا أَبَدًا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ مُدَّةَ حَيَاةِ الْعَبْدِ، أَوْ يَقُولَ أَبَدًا أَوْ يُطْلِقَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي عَلَى الْمُوصَى لَهُ) أَيْ كَزَوْجِ الرَّقِيقَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: سَكَتُوا عَمَّا لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ. أَوْ مُدَّةَ حَيَاةِ زَيْدٍ، وَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا لِجَهَالَةِ مُدَّةِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 إذْ لَا فَائِدَةَ لِغَيْرِهِ فِيهِ وَالثَّانِي يَصِحُّ مُطْلَقًا لِكَمَالِ الْمِلْكِ، وَالثَّالِثُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا لِاسْتِغْرَاقِ الْمَنْفَعَةِ بِحَقِّ الْغَيْرِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ كُلُّهَا) أَيْ قِيمَتُهُ بِمَنْفَعَتِهِ (مِنْ الثُّلُثِ إنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَ الْوَارِثِ وَبَيْنَهَا، وَالثَّانِي تُعْتَبَرُ مِنْهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ بِمَنْفَعَتِهِ وَقِيمَتِهِ بِلَا مَنْفَعَةٍ لِبَقَاءِ الرَّقَبَةِ لِلْوَارِثِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ بِمَنْفَعَتِهِ مِائَةً وَبِدُونِهَا عَشَرَةً اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى الْأَوَّلِ مِائَةٌ، وَعَلَى الثَّانِي تِسْعُونَ (وَإِنْ أَوْصَى بِهَا مُدَّةً قُوِّمَ بِمَنْفَعَتِهِ ثُمَّ مَسْلُوبِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ، وَيُحْسَبُ النَّاقِصُ مِنْ الثُّلُثِ) فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ بِمَنْفَعَتِهِ مِائَةً وَبِدُونِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ ثَمَانِينَ، فَالْوَصِيَّةُ بِعِشْرِينَ. (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِحَجِّ تَطَوُّعٍ فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ دُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهِ قِيَاسًا عَلَى الْفَرْضِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: الضَّرُورَةُ فِي الْفَرْضِ مُنْتَفِيَةٌ فِي التَّطَوُّعِ، وَظَاهِرٌ عَلَى الصِّحَّةِ أَنَّهَا تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ. (وَيَحُجُّ مِنْ بَلَدِهِ أَوْ الْمِيقَاتِ كَمَا قَيَّدَ وَإِنْ أَطْلَقَ فَمِنْ الْمِيقَاتِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي مِنْ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ التَّجْهِيزُ لِلْحَجِّ مِنْهُ وَعُورِضَ، بِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَالِبُ الْإِحْرَامَ مِنْهُ (وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) كَغَيْرِهَا مِنْ الدُّيُونِ (فَإِنْ أَوْصَى بِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ الثُّلُثِ عُمِلَ بِهِ وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ بِهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ)   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ: لِصَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ بَيْعُهَا لِوَارِثِ الْمُوصِي وَلِغَيْرِهِ مُطْلَقًا كَبَيْعِ حَقِّ الْمَمَرِّ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ الْوَارِثُ وَالْمُوصَى لَهُ وَالْعَبْدُ كُفَّارًا، وَأَسْلَمَ الْعَبْدُ وَحْدَهُ حِيلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ وَاسْتَكْسَبَاهُ عِنْدَ عَدْلٍ، وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ الْمُوصَى لَهُ أَيْضًا وَلَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا عَلَى بَيْعِ مَالِهِ فِيهِمَا وَقِيلَ يُجْبَرُ الْوَارِثُ فِي الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (أَبَدًا) قَالَ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ الْمُدَّةُ الْمَجْهُولَةُ، وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِتَعْيِينِ الْوَارِثِ. قَوْلُهُ: (مِائَةٌ) أَيْ إنْ وَفَّى بِهَا الثُّلُثَ وَإِلَّا فَبِقَدْرِهِ وَتَصِيرُ الْمَنْفَعَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ وَلَهُ فِيهَا أَنْ يَتَهَايَأَ مَعَ الْوَارِثِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَوْصَى بِهَا) أَيْ بِمَنْفَعَتِهِ فَقَطْ فَإِنْ أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ أَيْضًا اُعْتُبِرَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ. تَنْبِيهٌ: وَلَوْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ مُدَّةً كَعَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا كَيْفَ التَّقْوِيمُ رَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ) أَيْ وَمِثْلُهُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ لِمَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ اسْتِطَاعَةٍ حُكْمًا وَخِلَافًا، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَسَيَأْتِي عَنْهُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ مَا يُخَالِفُهُ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ لَا يُقَالُ الْإِلْحَاقُ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ كَذَلِكَ، كَمَا يَأْتِي لِعَدَمِ صِحَّةِ اتِّحَادِهِمَا فِي الْخِلَافِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَتُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ إنْ وَسِعَهَا، وَإِلَّا بَطَلَتْ وَعَادَ الْمَالُ لِلْوَارِثِ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مِنْ بَلَدِهِ أَوْ الْمِيقَاتِ) أَيْ حَيْثُ وَسِعَ الثُّلُثُ ذَلِكَ فَإِنْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَمَّا قَبْلَ الْمِيقَاتِ فَمِنْ حَيْثُ وَسِعَ، أَوْ عَنْ الْمِيقَاتِ بَطَلَتْ وَعَادَ الْمَالُ لِلْوَارِثِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ الَّتِي أَلْحَقَهَا بِالتَّطَوُّعِ هُنَا، كَمَا سَيَأْتِي عَنْهُ، وَبِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِئْجَارُ مَنْ هُوَ دُونَ الْمِيقَاتِ، بِمَا يَفِي بِهِ، وَبِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: لَا إسَاءَةَ فِي الْمُجَاوَزَةِ فِي هَذِهِ لِلْعُذْرِ وَبِأَنَّ الْإِسَاءَةَ لَا تُبْطِلُ الْحَجَّ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ حَجَرٍ ذَكَرَ الْبُطْلَانَ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ أَوَّلًا ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ بِالْقَلَمِ، وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ إلَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ الْقَدْرُ لَا يَفِي بِأُجْرَةِ مَنْ يَحُجُّ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (كَمَا قَيَّدَ) فَإِنْ خَالَفَ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ فَلَا دَمَ، وَيَلْزَمُ بِالْوَصِيَّةِ أَكْثَرُ مِنْ حَجَّةٍ إلَّا إنْ قَالَ بِثُلُثِ مَالِي وَوَسِعَ الْأَكْثَرُ فَيَجِبُ وَإِنْ زَادَ عَلَى حَجَّتَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ) قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِالِاسْتِطَاعَةِ. وَقَالَ شَيْخُنَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ اسْتَطَاعَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ لَا وَتَقَدَّمَ عَنْهُ آنِفًا مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ أَلْحَقَ حَجَّ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ قَبْلَ مَوْتِهِ بِالتَّطَوُّعِ، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ فَرَاجِعْهُ، وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ مَا وَجَبَ بِالنَّذْرِ فِي الصِّحَّةِ، وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ. قَوْلُهُ: (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَمِثْلُهَا كُلُّ وَاجِبٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ كَعُمْرَةٍ وَزَكَاةٍ وَلَوْ لَمْ يَفِ الْمَالُ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ وَجَبَ مِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ، كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا هُنَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِلْحَاقِ السَّابِقِ عَنْهُ. وَالْحَاصِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (إذْ لَا فَائِدَةَ لِغَيْرِهِ فِيهِ) يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ صِحَّةُ بَيْعِ الْعَبْدِ الزَّمِنِ؛ لِأَنَّ مِنْ فَوَائِدِهِ الْعِتْقَ، قُلْت: وَمِنْ الْفَوَائِدِ أَيْضًا مِلْكُ الْمُشْتَرِي لِلْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ أَوْصَى بِهَا مُدَّةً) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُوصِيَ مَعَ ذَلِكَ بِالرَّقَبَةِ لِآخَرَ. وَإِلَّا اُعْتُبِرَ الْجَمِيعُ مِنْ الثُّلُثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تِلْكَ الْمُدَّةَ) الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ رَاجِحٌ لِقَوْلِهِ مَسْلُوبُهَا خَاصَّةً، كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَصِحُّ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ فِي الْأَظْهَرِ) هُمَا جَارِيَانِ أَيْضًا فِيمَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ حَجٍّ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ، وَإِنْ كَانَ الْحَجُّ عَنْهُ يَقَعُ عَنْ فَرِيضَةِ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ فَإِنْ احْتَمَلَهُ فَذَاكَ وَإِلَّا بَطَلَ وَعَادَ لِلْوَرَثَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحُجُّ مِنْ بَلَدِهِ) أَيْ إنْ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ اُحْتُمِلَ. قَوْلُهُ: (كَغَيْرِهَا) مِنْ الدُّيُونِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَشْبِيهُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيَّاهَا بِالدَّيْنِ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الْمَشْهُورَةِ. تَنْبِيهٌ عِبَارَتُهُ تُفِيدُك أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ الثُّلُثِ زَاحَمَ الْوَصَايَا، فَإِنْ عَجَزَ الثُّلُثُ كُمِّلَ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، كَمَا قَالُوا بِمِثْلِهِ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَيَلْزَمُ الدَّوْرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ الثُّلُثِ) أَيْ وَيَكُونُ فَائِدَةُ ذِكْرِ الثُّلُثِ الرِّفْقَ بِالْوَرَثَةِ فِي مُزَاحَمَةِ الْوَصَايَا فِيهِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ كُمِّلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَتَدُورُ الْمَسْأَلَةُ حِينَئِذٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 عَلَى الْأَصْلِ (وَقِيلَ مِنْ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهُ مَصْرَفُ الْوَصَايَا فَيُحْمَلُ ذِكْرُ الْوَصِيَّةِ عَلَيْهِ (وَيَحُجُّ مِنْ الْمِيقَاتِ) إذْ لَا يَجِبُ مِنْ دُونِهِ (وَلِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ   [حاشية قليوبي] قَبْلَ مَوْتِهِ تَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَيَجِبُ الْإِحْرَامُ بِهَا مِنْ الْمِيقَاتِ إنْ وَسِعَهُ الْمَالُ، وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ مِمَّا دُونَهُ، وَإِنَّهُ إذَا أَوْصَى بِهَا مِنْ الثُّلُثِ صَحَّ، وَإِذَا لَمْ يَفِ مَا يَخُصُّهَا مِنْهُ بِالْمِيقَاتِ كَمُلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَا يَفِي بِهَا مِنْهُ فَإِنْ عَجَزَ مَعَ ذَلِكَ عَنْهُ فَمِنْ دُونِهِ كَمَا مَرَّ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. قَوْلُهُ: (عُمِلَ بِهِ) وَفَائِدَتُهُ فِي الثُّلُثِ مُزَاحَمَةُ الْوَصَايَا بِهِ رِفْقًا بِالْوَارِثِ، وَلَوْ لَمْ يَفِ مَا خَصَّهُ بِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَجَبَ التَّكْمِيلُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ، وَقَدْ يَلْزَمُ الدَّوْرُ فِي ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي، وَلَوْ عَيَّنَ الْمَيِّتُ قَدْرًا لِلْحَجِّ وَجَبَ الِاسْتِئْجَارُ بِالْعَقْدِ، فَلَا يَكْفِي إذْنُ الْوَارِثِ وَلَا رِضَا الْفَاعِلِ بِغَيْرِ إجَازَةٍ وَلَا جَعَالَةٍ، وَلَا رِضَا الْفَاعِلِ بِدُونِ الْمُقَدَّرِ فَإِنْ كَانَ الْمُقَدَّرُ قَدْرَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ جَازَ وَرَجَعَ الْبَاقِي لِلْوَارِثِ أَوْ أَكْثَرَ تَعَيَّنَ صَرْفُ جَمِيعِهِ لِلْفَاعِلِ خُصُوصًا إنْ كَانَ عَيَّنَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ إرْفَاقَهُ، وَلَوْ حَجَّ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ أَوْ بِغَيْرِ الْمُقَدَّرِ رَجَعَ جَمِيعُهُ لِلْوَارِثِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ وَلَا يَجُوزُ لِلْأَخِيرِ تَأْخِيرُ الْحَجِّ عَنْ الْعَامِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ الْوَارِثِ إنْ كَانَ الْحَجُّ عَلَى الْفَوْرِ كَأَنْ عَصَى بِتَأْخِيرِهِ، وَإِلَّا جَازَ، وَيَجُوزُ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ فَقَطْ أَنْ يَكُونَ الْأَجِيرُ قِنًّا وَصَغِيرًا مُمَيِّزًا، وَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ إلَّا لِعُذْرٍ كَعَجْزِ الْأَجِيرِ، وَخَوْفِ حَبْسِهِ أَوْ فَلَسِهِ أَوْ خِيَانَتِهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ فِي أَنَّهُ أَتَى بِجَمِيعِ أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَفِي أَنَّهُ حَجَّ مَا لَمْ يَقْطَعْ بِكَذِبِهِ الْحِسُّ كَأَنْ شُوهِدَ بِمِصْرَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ. فَائِدَةٌ: جَمِيعُ مَا فُعِلَ عَنْ الْمَيِّتِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ إلَّا مَا عُذِرَ فِي تَأْخِيرِهِ كَذَا قَالُوا هُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (إذْ لَا يَجِبُ مِنْ دُونِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِدُونِهِ مَا قَبْلَهُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَلِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ) وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْوَارِثُ) قُيِّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ؛ إذْ مَعَ إذْنِهِ عَنْ إذْنِ الْمَيِّتِ صَحِيحٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَلِلْوَارِثِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ) أَيْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ إلَخْ) وَكَذَا الْوَارِثُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَوْهَمَ كَلَامُ الشَّارِحِ خِلَافَهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْضَ، وَلَوْ بِحَسَبِ الْأَصْلِ كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَمَّنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِطَاعَةِ صَحِيحٌ مِنْهُمَا مَعَ عَدَمِ الْوَصِيَّةِ، وَأَنَّ النَّقْلَ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْهُمَا مَعَ عَدَمِ الْوَصِيَّةِ، كَمَا عُلِمَ، وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ غَيْرُ الْوَارِثِ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَقِيَاسُ الصَّوْمِ أَنْ يُرَادَ بِهِ غَيْرُ الْقَرِيبِ بِالْأَوْلَى مِنْ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ مِنْ غَيْرِ الْقَرِيبِ، وَلَوْ فَرْضًا أَوْ أَوْصَى بِهِ فَتَأَمَّلْ. تَنْبِيهٌ: قَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى لُزُومِ الدَّوْرِ، وَهُوَ تَوَقُّفُ كُلٍّ مِنْ شَيْئَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَهُنَا يَتَوَقَّفُ مَعْرِفَةُ مَا تَتِمُّ الْحَجَّةُ بِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ ثُلُثِ الْبَاقِي لِتَعْرِيفِ حِصَّةِ الْوَاجِبِ مِنْهُ، وَيَتَوَقَّفُ مَعْرِفَةُ ثُلُثِ الْبَاقِي عَلَى مَعْرِفَةِ مَا تَتِمُّ بِهِ، وَلِاسْتِخْرَاجِهِ طُرُقٌ مِنْهَا طَرِيقُ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ مِثَالُهُ: أَوْصَى بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ الثُّلُثِ، وَالْأُجْرَةُ لَهَا مِائَةٌ، وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ، وَالتَّرِكَةُ ثَلَاثُمِائَةٍ فَافْرِضْ مَا تَتِمُّ بِهِ أُجْرَةُ الْحَجِّ شَيْئًا، يَبْقَى ثَلَاثُمِائَةٍ إلَّا شَيْئًا أُخْرِجَ مِنْهَا ثُلُثُهَا، وَهُوَ مِائَةٌ إلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ اقْسِمْهُ بَيْنَ الْحَجِّ وَزَيْدٍ مُنَاصَفَةً، فَيَخُصُّ الْحَجَّ خَمْسُونَ إلَّا سُدُسَ شَيْءٍ يُضَمُّ إلَيْهَا الشَّيْءُ الْمَخْرَجُ، فَخَمْسُونَ، وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ تَعْدِلُ مِائَةَ الْأُجْرَةِ فَخُمُسَا الشَّيْءِ سِتُّونَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَنِصْفُ ثُلُثِ الْبَاقِي أَرْبَعُونَ فَهِيَ مِائَةٌ قَدْرَ الْأُجْرَةِ، كَذَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ فَرَاجِعْهُ، وَالْوَجْهُ فِي كَيْفِيَّةِ الدَّوْرِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَعْرِفَةَ الْقَدْرِ الَّذِي تَتِمُّ الْحَجَّةُ بِهِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمِقْدَارِ الَّذِي يَخُصُّهَا مِنْ الثُّلُثِ، وَمَعْرِفَةُ مَا يَخُصُّهَا مِنْهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى إخْرَاجِ الْقَدْرِ الَّذِي تَتِمُّ بِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ فَخَمْسُونَ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ إلَخْ. صَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ فَخَمْسُونَ وَشَيْءٌ وَسُدُسُ شَيْءٍ يَعْدِلُ مِائَةً وَسُدُسَ شَيْءٍ، وَيُصَرِّحُ الْمُشْتَرَكُ، وَهُوَ خَمْسُونَ وَسُدُسُ شَيْءٍ، وَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: فَخُمُسَا الشَّيْءِ سِتُّونَ صَوَابُهُ، أَنْ يُقَالَ فَالشَّيْءُ سِتُّونَ؛ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ إلَّا سُدُسَ شَيْءٍ إذَا أُزِيلَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ بِجَبْرِهَا بِسُدُسٍ مِنْ الشَّيْءِ الْمُنْضَمِّ لَهَا عَلَى كَلَامِهِ صَارَتْ خَمْسِينَ وَخَمْسَةَ أَسْدَاسِ شَيْءٍ تُعَادِلُ الْمِائَةَ فَيُطْرَحُ مِنْ الْمِائَةِ خَمْسُونَ لِمُسَاوَاتِهَا   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ بِهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ وَيُحْمَلُ الْإِيصَاءُ عَلَى التَّأْكِيدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحُجُّ مِنْ الْمِيقَاتِ) قَضِيَّتُهَا لَجَزَمَ بِذَلِكَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ إنْ قُلْنَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَمُسَلَّمٌ، وَإِنْ قُلْنَا مِنْ الثُّلُثِ فَمِنْ الْمِيقَاتِ عَلَى الْأَصَحِّ كَالتَّطَوُّعِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ. فَائِدَةٌ لَوْ حَجَّ مِنْ مِيقَاتٍ أَبْعَدَ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ لَكِنْ بِأُجْرَةِ مِيقَاتِ بَلَدِهِ، فَقِيلَ يَجِبُ الدَّمُ لِلْمُخَالَفَةِ، وَالْأَظْهَرُ الْمَنْعُ، وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا لِلْحَجِّ، فَاسْتَأْجَرَ بِبَعْضِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ الْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ أَوْ لَا، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوْ لَا، مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْوَارِثُ) كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ هُنَا عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْمَيِّتِ وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى حَالِ جَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ، بِخِلَافِ الْوَارِثِ لَا شَرْطَ فِيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا فَعَلَ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ، وَلَا إذْنٍ مِنْ الْوَارِثِ. وَمَتَى وُجِدَ أَحَدُهُمَا جَازَ قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُطْعِمُ وَيَكْسُو إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ يَتَعَيَّنُ أَقَلُّ الْخِصَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إذَا لَمْ يَكُنْ تَرِكَةً) قَضِيَّتُهُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَجْنَبِيِّ الْآتِيَةِ بِالْأَوْلَى، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّهُ لِمُوَافَقَةِ الْغَالِبِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ) حَجَّةَ الْإِسْلَامِ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ الْوَارِثِ (فِي الْأَصَحِّ) كَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لِلِافْتِقَارِ إلَى النِّيَّةِ وَلِلْوَارِثِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ تَطَوُّعًا إذَا لَمْ يُوصِ بِهِ (وَيُؤَدِّي الْوَارِثُ عَنْهُ) مِنْ التَّرِكَةِ (الْوَاجِبَ الْمَالِيَّ فِي كَفَّارَةِ صِحَّتِهَا) كَكَفَّارَةِ الْوِقَاعِ مِنْ إعْتَاقٍ وَإِطْعَامٍ، وَالْوَلَاءُ لِلْمَيِّتِ. (وَيُطْعِمُ وَيَكْسُو فِي الْمُخَيَّرَةِ) كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْتِقُ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ شَرْعًا فَإِعْتَاقُهُ كَإِعْتَاقِهِ، وَالثَّانِي قَالَ: لَا ضَرُورَةَ هُنَا إلَى الْإِعْتَاقِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ لَهُ) أَيْ فِي الْمُرَتَّبَةِ وَالْمُخَيَّرَةِ أَخْذًا مِنْ الْإِطْلَاقِ. (الْأَدَاءَ مِنْ مَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ تَرِكَةً) كَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَالثَّانِي لَا لِبُعْدِ الْعِبَادَةِ عَنْ سِيَابَةٍ، وَالثَّالِثُ يَمْتَنِعُ الْإِعْتَاقُ فَقَطْ لِبُعْدِ إثْبَاتِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَقَعُ) أَيْ الطَّعَامُ أَوْ الْكِسْوَةُ (عَنْهُ لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِطَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ) كَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَالثَّانِي لَا لِبُعْدِ الْعِبَادَةِ عَنْ النِّيَابَةِ (لَا إعْتَاقٍ) أَيْ لَا يَقَعُ عَنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِاجْتِمَاعِ بُعْدِ الْعِبَادَةِ عَنْ النِّيَابَةِ وَبُعْدِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ، وَالثَّانِي يَقَعُ عَنْهُ كَغَيْرِهِ وَهَذَا التَّصْحِيحُ فِي الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُرَتَّبَةِ أَخْذًا مِنْ الْإِطْلَاقِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ تَصْحِيحِ الْوُقُوعِ فِي الْمُرَتَّبَةِ بِنَاءً عَلَى تَعْلِيلِ   [حاشية قليوبي] الْخَمْسِينَ الْمَعْلُومَةَ، فَيَبْقَى مِنْهَا خَمْسُونَ تُقَابِلُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الشَّيْءِ الْبَاقِيَةَ فَسُدُسُ الشَّيْءِ عَشَرَةٌ فَالشَّيْءُ الْكَامِلُ سِتُّونَ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ التَّرِكَةِ) قَيْدٌ لِلْوُجُوبِ عَلَى الْوَارِثِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ التَّرِكَةِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْوَاجِبَ الْمَالِيَّ) خَرَجَ بِهِ الْبَدَنِيُّ فَيَصِحُّ فِي الصَّوْمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ بِمَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (كَكَفَّارَةِ الْوِقَاعِ) وَالظِّهَارِ وَدَمِ التَّمَتُّعِ. قَوْلُهُ: (مِنْ إعْتَاقٍ وَإِطْعَامٍ) هُمَا بَيَانٌ لِلْوَاجِبِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ) وَالْحَلْقِ وَنَذْرِ اللَّجَاجِ وَيَتَعَيَّنُ فِي الْمُخَيَّرَةِ أَقَلُّ الْخِصَالِ إنْ كَانَ ثَمَّ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَكُنْ تِرْكَةٌ) وَكَذَا إنْ كَانَتْ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَيْ الطَّعَامُ أَوْ الْكِسْوَةُ) لَوْ قَالَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْطَعُ عَنْهُ مَا يَفْعَلُهُ أَجْنَبِيٌّ إلَخْ. لَكَانَ حَسَنًا؛ لِأَنَّ فِيمَا ذَكَرَهُ خَلَلًا مِنْ وُجُوهٍ؛ لِأَنَّهُ يَنْحَلُّ إلَى قَوْلِك: وَيَقَعُ عَنْهُ الطَّعَامُ وَالْكِسْوَةُ إنْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِطَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ، وَلِأَنَّهُ جَعَلَ لَفْظَ إعْتَاقٍ مَعْطُوفًا عَلَى ضَمِيرِ: " يَقَعُ " وَيَلْزَمُهُ الْجَهْلُ بِمَنْ أَوْقَعَهُ، وَعَدَمُ تَسَلُّطِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ، وَكَانَ الْوَجْهُ كَوْنَهُ مَجْرُورًا عَطْفًا عَلَى طَعَامٍ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ. قَوْلُهُ: (أَجْنَبِيٌّ) وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْوَارِثِ كَمَا تَقَدَّمَ وَسَوَاءٌ كَانَ تَرِكَةً أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (وَهَذَا التَّصْحِيحُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ يَكُونُ الْإِطْلَاقُ مُقْتَضِيًا لِجَرَيَانِ وَجْهٍ تَقَدَّمَ، أَوْ وَقَعَ فِي الْمَرْتَبَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) أَيْ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْمَرْتَبَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّعْلِيلِ بِسُهُولَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِ الْعِتْقِ فِي الْمُخَيَّرَةِ، أَيْ وَهُوَ تَعْلِيلٌ مَرْجُوحٌ فَالْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (صَدَقَةً عَنْهُ) كَوَقْفِ مُصْحَفٍ وَحَفْرِ بِئْرٍ وَغَرْسِ شَجَرٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ فَعَلَهُ فِي حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى نَفْعِهِ بِهِ حُصُولُ ثَوَابِهِ لَهُ، كَأَنَّهُ فَعَلَهُ وَفِي وُسْعِ اللَّهِ مَا يُثِيبُ الْفَاعِلَ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَعْنَى نَفْعِهِ بِالدُّعَاءِ حُصُولُ الْمَدْعُوِّ بِهِ لَهُ إذَا تَفَضَّلَ اللَّهُ بِإِجَابَتِهِ، وَهَذَا لَا يُسَمَّى ثَوَابًا. أَمَّا نَفْسُ الدُّعَاءِ فَثَوَابُهُ لِلدَّاعِي؛ لِأَنَّهُ شَفَاعَةٌ أَجْرُهَا لِلشَّافِعِ. وَبِهَذَا فَارَقَ الصَّدَقَةَ نَعَمْ دُعَاءُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ يَحْصُلُ نَفْسُ ثَوَابِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَمَلِهِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. فَائِدَةٌ: قِيلَ يَحْرُمُ الدُّعَاءُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرَّحْمَةِ وَفَارَقَتْ الصَّلَاةُ، وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَاهَا بِأَنَّ فِي لَفْظِ الصَّلَاةِ إشْعَارًا بِالتَّعْظِيمِ، وَفِي لَفْظِ الرَّحْمَةِ إشْعَارًا بِالذَّنْبِ. فَرْعٌ: ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ لِلْقَارِئِ، وَيَحْصُلُ مِثْلُهُ أَيْضًا لِلْمَيِّتِ، لَكِنْ إنْ كَانَتْ بِحَضْرَتِهِ أَوْ بِنِيَّتِهِ أَوْ يَجْعَلُ مِثْلَ ثَوَابِهَا لَهُ بَعْدَ فَرَاغِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُ الدَّاعِي: اجْعَلْ ثَوَابَ ذَلِكَ لِفُلَانٍ عَلَى مَعْنَى الْمِثْلِيَّةِ، وَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ مِنْ مَنْعِ إهْدَاءِ الْقِرَاءَةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَمْنُوعٌ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الصَّدَقَةَ أَوْلَى مِنْ الدُّعَاءِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْقِرَاءَةِ، وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] فَمَنْسُوخٌ أَوْ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بَلْ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ: إنَّ ثَوَابَ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ عَنْ الْمَيِّتِ يَحْصُلُ لَهُ حَتَّى الصَّلَاةَ وَالِاعْتِكَافَ، وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا عِنْدَنَا.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَنْفَعُ الْمَيِّتَ صَدَقَةٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنْ يَصِيرَ الْمَيِّتُ كَأَنَّهُ تَصَدَّقَ أَيْ بِخِلَافِ الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ شَفَاعَةٌ أَجْرُهَا لِلشَّافِعِ، وَمَقْصُودُهَا لِلْمَيِّتِ ثُمَّ إطْلَاقُهُ الصَّدَقَةَ يَشْمَلُ الْوَقْفَ وَقَدْ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ فِي وَقْفِ الْمُصْحَفِ، وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ كُلُّ وَقْفٍ ثُمَّ أَفْهَمَتْ عِبَارَةُ الْكِتَابِ عَدَمَ نَفْعِ الْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَكِنْ اخْتَارَ الْوُصُولَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا مِنْهُمْ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ مَا قَرَأْنَاهُ لِفُلَانٍ قَالَ: وَالْآيَةُ وَالْخَبَرُ لَا يَدُلَّانِ عَلَى بُطْلَانِ هَذَا أَمَّا الْآيَةُ فَلِأَنَّ الْمُرَادَ لَا حَقَّ لَهُ، وَلَا جَزَاءَ إلَّا فِيمَا سَعَى، وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا تَبَرَّعَ الْغَيْرُ بِهِ؛ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَلَا مُجَازَاةَ، وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ غَيْرُهُ تَبَرُّعًا، وَالْحَدِيثُ وَارِدٌ فِي عَمَلِهِ وَهَذَا عَمَلُ غَيْرِهِ، وَحَمَلَ غَيْرُهُ الْمَنْعَ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ أَنْ يَكُونَ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ دُعَاءٍ عَقِبَهُ. فَائِدَةٌ قِيلَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرَّحْمَةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الصَّلَاةِ لِمَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ التَّعْظِيمِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 الْمَنْعِ فِي الْمُخَيَّرَةِ بِسُهُولَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِ إعْتَاقٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (وَيَنْفَعُ الْمَيِّتَ صَدَقَةٌ) عَنْهُ (وَدُعَاءٌ) لَهُ (مِنْ وَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ) بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَفِي وُسْعِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُثِيبَ الْمُتَصَدِّقَ أَيْضًا. فَصْلٌ: لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَعَنْ بَعْضِهَا بِقَوْلِهِ نَقَضْت الْوَصِيَّةَ أَوْ أَبْطَلْتهَا أَوْ رَجَعْت فِيهَا أَوْ فَسَخْتهَا أَوْ هَذَا لِوَارِثِي مُشِيرًا إلَى مَا وَصَّى بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِوَارِثِهِ إلَّا إذَا انْقَطَعَ تَعَلُّقُ الْمُوصَى لَهُ عَنْهُ (وَبِبَيْعٍ وَإِعْتَاقٍ وَإِصْدَاقٍ) لِمَا وَصَّى بِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ. (وَكَذَا هِبَةٌ أَوْ رَهْنٌ) لَهُ (مَعَ قَبْضٍ وَكَذَا دُونَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِظُهُورِ صَرْفِهِ بِذَلِكَ عَنْ جِهَةِ الْوَصِيَّةِ، وَالثَّانِي يَعْتَلُّ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ (وَبِوَصِيَّةٍ بِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ) فِيمَا وَصَّى بِهِ (وَكَذَا تَوْكِيلٌ فِي بَيْعِهِ وَعَرْضِهِ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ تَوَسُّلٌ إلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ، وَالثَّانِي يَقُولُ قَدْ لَا يَحْصُلُ بَيْعُهُ (وَخَلْطُ حِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ) وَصَّى بِهَا (رُجُوعٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا عَنْ إمْكَانِ التَّسْلِيمِ. (وَلَوْ وَصَّى بِصَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ، فَخَلَطَهَا بِأَجْوَدَ مِنْهَا فَرُجُوعٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ زِيَادَةً لَمْ تَتَنَاوَلْهَا الْوَصِيَّةُ (أَوْ بِمِثْلِهَا فَلَا وَكَذَا بِأَرْدَأَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّعْيِيبِ وَالثَّانِي يَقُولُ غَيَّرَهَا عَمَّا كَانَتْ كَالتَّغْيِيرِ بِالْأَجْوَدِ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهَا قَوْلُهُ: (عَنْ الْوَصِيَّةِ) خَرَجَ التَّبَرُّعُ الْمُنْجَزُ، وَلَوْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (بِقَوْلِهِ نُقِضَتْ الْوَصِيَّةُ إلَخْ) وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ بِالرُّجُوعِ، وَلَا بَيِّنَتُهُ بِهِ إلَّا إذَا تَعَرَّضَتْ بِصُدُورِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُهَا رَجَعَ عَنْ وَصَايَاهُ، وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الرُّجُوعِ بِالْقَوْلِ وَسَيَذْكُرُ الرُّجُوعَ بِالْفِعْلِ بِقَوْلِهِ: وَخَلْطُ حِنْطَةٍ إلَخْ. قَوْلُهُ: (أَوْ رَدَدْتهَا) أَوْ هِيَ حَرَامٌ عَلَى الْمُوصَى لَهُ أَوْ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (هَذَا لِوَارِثِي) بِخِلَافِ هَذَا تَرِكَتِي، وَلَوْ قَالَ هَذَا مِيرَاثٌ عَنِّي أَوْ لِقَرِيبِي أَوْ عَتِيقِي فَرُجُوعٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِشَخْصٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِآخَرَ فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ مُنَاصَفَةً؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَصِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (وَبِبَيْعٍ) وَلَوْ بِخِيَارٍ لِلْبَائِعِ. قَوْلُهُ: (وَإِعْتَاقٍ) وَلَوْ مُعَلَّقًا وَاسْتِيلَادٍ وَكِتَابَةٍ وَلَوْ فَاسِدَةً لَا وَطْءٍ وَنَظَرِ اسْتِمْتَاعِ وَاسْتِخْدَامٍ وَنَحْوِهَا. كَالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ وَتَزْوِيجِ الْعَبْدِ، أَوْ الْأَمَةِ، وَالتَّعْلِيمِ وَالرُّكُوبِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ سَوَاءٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ، أَوْ إذْنِهِ نَعَمْ. لَوْ أَوْصَى لَهُ بِأَمَةٍ يَتَسَرَّى بِهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا كَانَ رُجُوعًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا دُونَهُ) أَيْ الْقَبْضِ فِي الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ بَعْدَ الْقَبُولِ فَهُوَ رُجُوعٌ، وَكَذَا هُمَا رُجُوعٌ لَوْ كَانَا فَاسِدَيْنِ، أَوْ بِلَا قَبُولٍ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (الثَّانِي يَعْتَلُّ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ) ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الرَّهْنَ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَبِوَصِيَّةٍ بِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ) لَوْ قَالَ بِمَا ذُكِرَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ لِشُمُولِهِ لِلْوَصِيَّةِ بِكَوْنِهِ لِوَارِثِهِ مَثَلًا. تَنْبِيهٌ: كَلَامُهُ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِ التَّصَرُّفِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَّى بِهِ فَلَوْ كَانَ فِي بَعْضِهِ فَقَالَ شَيْخُنَا فَكَذَلِكَ فَيَكُونُ رُجُوعًا فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَعُرُوضِهِ) بِالْجَرِّ عَلَى الْأُولَى. قَوْلُهُ: (وَخَلْطِ حِنْطَةٍ) أَيْ بِفِعْلِ الْمُوصِي مُطْلَقًا أَوْ بِإِذْنِهِ بِأُخْرَى لَهُ فَإِنْ كَانَتْ لِأَجْنَبِيٍّ فَهُوَ غَصْبٌ أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ فَلَيْسَ رُجُوعًا وَالْحِنْطَةُ مِثَالٌ لِكُلِّ حَبٍّ وَمَائِعٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهَا لَوْ تَمَيَّزَتْ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا، وَشَمِلَ مَا ذَكَرَ الْخَلْطَ بِأَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ . قَوْلُهُ: (فَخَلَطَهَا) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ كَالتَّعْيِيبِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّعْيِيبَ لَيْسَ رُجُوعًا، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ بَلَّ الْحِنْطَةَ مِنْ الرُّجُوعِ، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الصُّبْرَةِ إلَّا صَاعٌ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ كَالْبَيْعِ رَاجِعْهُ مِمَّا قَبْلَهُ قَوْلُهُ: (وَطَحْنِ حِنْطَةٍ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِجَرِيشِهَا رُجُوعٌ وَالْحِنْطَةُ مِثَالٌ، فَغَيْرُهَا مِثْلُهَا كَالْفُولِ وَالْعَدَسِ. قَوْلُهُ: (وَعَجْنِ دَقِيقٍ) وَطَبْخِهِ وَخَبْزِهِ وَخَبْزِ عَجِينٍ وَطَبْخِ لَحْمٍ وَشَيِّهِ، وَكَذَا تَقْدِيدُهُ إنْ كَانَ لَا يَفْسُدُ بِبَقَائِهِ، وَإِلَّا فَلَا وَتَفْتِيتِ خُبْزٍ وَنَزْعِ نَوَى رُطَبٍ رُجُوعٌ لَا تُتَمِّرُهُ وَبِنَاءُ الْخَشَبَةِ وَجَعْلُهَا بَابًا رُجُوعٌ، وَجَعْلُ الْقُطْنِ حَشْوًا رُجُوعٌ، لَا نَزْعُهُ مِنْ جَوْزِهِ، وَالضَّابِطُ لِأَفْرَادِ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: يَحْصُلُ الرُّجُوعُ فِي كُلِّ مَا زَالَ بِهِ الْمِلْكُ، أَوْ زَالَ بِهِ الِاسْمُ مُطْلَقًا أَوْ كَانَ بِفِعْلِهِ أَوْ أَشْعَرَ بِالْإِعْرَاضِ إشْعَارًا قَوِيًّا. قَوْلُهُ: (وَغَزْلِ قُطْنٍ) وَحَشْوِهِ رُجُوعٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَقَطْعِ ثَوْبٍ) رُجُوعٌ لَا خِيَاطَتِهِ مُفَصَّلًا. قَوْلُهُ: (وَبِنَاءٌ وَغِرَاسٌ فِي عَرْصَةٍ وَصَّى بِهَا رُجُوعٌ) فِيمَا غَرَسَ أَوْ بُنِيَ فِيهِ دُونَ الْخَالِي مِنْ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا مَا يُفِيدُ كَوْنَهُ رُجُوعًا فِي الْجَمِيعِ وَزَرْعُ مَا تَبَقَّى أُصُولُهُ كَالْغِرَاسِ.   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَعَنْ بَعْضِهَا] فَصْلٌ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ دَلِيلُهُ الْإِجْمَاعُ، وَلَوْ أَرَادَهَا عَلَى الرُّجُوعِ لَزِمَتْ لَكِنْ يُمْكِنُهُ فَكُّهَا بِإِرَادَةِ الْعَزْلِ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ) أَيْ الْمُضَافَةِ لِلْمَوْتِ دُونَ الْمُنْجَزَةِ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ. قَوْلُهُ: (لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ) نَظَرَ بَعْضُهُمْ فِيهِ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ فِيمَا سَيَمْلِكُهُ قَالَ: فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الِاعْتِرَاضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَرْضِهِ عَلَيْهِ) أَيْ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّ الْعَرْضَ فِيهِ لَا يُؤَثِّرُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ رُجُوعًا فِي الصَّفِّ كَالْوَصِيَّةِ لِشَخْصٍ ثَانٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَخَلْطُ حِنْطَةٍ) أَيْ خَلْطُ الْمُوصِي وَمِثْلُهُ الْوَكِيلُ فِي ذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 (وَطَحْنُ حِنْطَةٍ وَصَّى بِهَا وَبَذْرُهَا) بِالْمُعْجَمَةِ (وَعَجْنُ دَقِيقٍ) وَصَّى بِهِ (وَغَزْلُ قُطْنٍ) وَصَّى بِهِ (وَنَسْجِ غَزْلٍ) وَصَّى بِهِ (وَقَطْعُ ثَوْبٍ) وَصَّى بِهِ (قَمِيصًا وَبِنَاءٌ وَغِرَاسٌ فِي عَرْصَةٍ) وَصَّى بِهَا (رُجُوعٌ) لِظُهُورِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ فِي الصَّرْفِ مِنْ جِهَةِ الْوَصِيَّةِ. تَتِمَّةٌ: لَوْ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي جَمِيعِهِ بِبَيْعٍ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثُلُثُ مَالِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ. فَصْلٌ: يُسَنُّ الْإِيصَاءُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا، وَالنَّظَرُ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ) فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا نَصَّبَ الْقَاضِي مَنْ يَقُومُ بِهَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَزَادَ فِيهَا أَنَّ الْإِيصَاءَ فِي رَدِّ الْمَظَالِمِ، وَقَضَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي يَعْجِزُ عَنْهُ فِي الْحَالِ وَاجِبٌ، وَفِيهَا كَأَصْلِهَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ مَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ، أَوْ فِي ذِمَّتِهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، كَزَكَاةٍ وَحَجٍّ أَوْ دَيْنٍ لِآدَمِيٍّ، يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ غَيْرُهُ، زَادَ فِيهَا الْمُرَادَ، إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَنْ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ: وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ سَنَّ الْإِيصَاءِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَرَدِّ الْمَظَالِمِ إذَا كَانَا مَعْلُومَيْنِ (وَشُرِطَ لِوَصِيٍّ تَكْلِيفٌ) أَيْ بُلُوغٌ وَعَقْلٌ (وَحُرِّيَّةٌ وَعَدَالَةٌ إلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمُوصَى بِهِ وَإِسْلَامٌ لَكِنْ الْأَصَحُّ جَوَازُ وَصِيَّةِ ذِمِّيٍّ إلَى ذِمِّيٍّ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ) أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِمَا هُوَ مَوْجُودٌ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فُرُوعٌ: إنْكَارُ الْوَصِيَّةِ لِغَرَضٍ لَيْسَ رُجُوعًا وَلَوْ وَصَّى بِمُعَيَّنٍ لِشَخْصٍ ثُمَّ وَصَّى بِهِ لِآخَرَ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ رَدَّ أَحَدَهُمَا كَانَ جَمِيعُهُ لِلْآخَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَصَّى بِهِ لِاثْنَيْنِ ابْتِدَاءً فَرَدَّ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ النِّصْفُ، وَلَوْ وَصَّى لَهُ بِخَاتَمٍ دَخَلَ فَصُّهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُسَمَّاهُ وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ فَصُّهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَإِلَّا نَحْوُ مَعْدِنٍ فِي نَقْدٍ فَلَا فَرَاجِعْهُ وَلَوْ وَصَّى لَهُ بِدَارٍ أَوْ بِخَاتَمٍ وَلِآخَرَ بِأَبْنِيَتِهَا، أَوْ بِفَصِّهِ فَالْعَرْصَةُ وَالْخَاتَمُ لِلْأَوَّلِ وَالْأَبْنِيَةُ وَالْفَصُّ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ، مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِدَارٍ أَوْ عَبْدٍ وَلِآخَرَ. بِسُكْنَاهَا، أَوْ خِدْمَتِهِ فَلَا يَشْتَرِكُ بَيْنَهُمَا فِي السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ بَلْ هُمَا لِلثَّانِي وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا جُزْءًا مِنْ الدَّارِ وَالْعَبْدِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْفَعَةَ الدَّارِ وَخِدْمَةَ الْعَبْدِ لَا تَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالدَّارِ، وَالْعَبْدِ فَرَاجِعْهُ. مَعَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا يَأْتِي وَلَوْ وَصَّى لَهُ بِأَمَةٍ حَامِلٍ وَلِآخَرَ بِحَمْلِهَا فَالْحَمْلُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَالْأَمَةُ لِمَنْ وَصَّى لَهُ بِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ وَلَوْ وَصَّى لَهُ بِشَيْءٍ، ثُمَّ وَصَّى بِنِصْفِهِ لِآخَرَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. فَإِنَّهُ نُسِبَ فِيمَا قَالَهُ لِلسَّهْوِ رَاجِعْهُ وَلَوْ وَصَّى بِبَيْعِ شَيْءٍ وَصَرْفِ ثَمَنِهِ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ وَصَّى بِبَيْعِهِ وَصَرْفِ ثَمَنِهِ لِلْمَسَاكِينِ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا وَلَوْ وَصَّى بِشَيْءٍ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ وَصَّى بِبَيْعِهِ وَصَرْفِ ثَمَنِهِ لِلْمَسَاكِينِ كَانَ رُجُوعًا فَصْلٌ فِي الْإِيصَاءِ الْخَاصِّ وَهُوَ لُغَةً كَالْوَصِيَّةِ وَشَرْعًا إثْبَاتُ تَصَرُّفٍ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) صَرَّحَ بِهَا وَاسْتَنَدَ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لِيَبْرَأَ مِنْ عُهْدَةِ ذِكْرِهَا الْمُؤَدِّي لِلتَّكْرَارِ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ ذِكْرِهَا فِيهِمَا أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ أَعْيَانًا فَغَلَبَ غَيْرُهَا عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ مِنْ رَدِّهَا الْخُرُوجُ عَنْهَا كَاسْتِحْلَالٍ مِنْ غِيبَةٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْحَمْلِ، وَلَوْ مِمَّا سَيَحْدُثُ وَكَذَا الْمَجَانِينُ وَالسُّفَهَاءُ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ الْإِيصَاءِ عَلَى أَطْفَالٍ خِيفَ ضَيَاعُ أَمْوَالِهِمْ لِثِقَةِ مَأْمُونٍ وَجِيهٍ، وَلَوْ لَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ بِهَا نَصَّبَ الْقَاضِي مَنْ يَقُومُ بِهَا. أَيْ الْوَصَايَا وَأَمْرِ الْأَطْفَالِ وَلَعَلَّ النَّصْبَ الْمَذْكُورَ مَنْدُوبٌ وَلَا يَبْعُدُ وُجُوبُهُ عَلَى الْقَاضِي فَرَاجِعْهُ. فَرْعٌ: إذَا وَجَبَ الْإِيصَاءُ تَعَيَّنَ عَلَى الْوَصِيِّ الْقَبُولُ، إنْ تَوَقَّفَ حِفْظُ أَمْوَالِ الْأَطْفَالِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مُنْفَرِدًا فَإِنْ تَعَدَّدَ، فَهُوَ إذَا وَجَبَ الْإِيصَاءُ تَعَيَّنَ عَلَى الْوَصِيِّ الْقَبُولُ، إنْ تَوَقَّفَ حِفْظُ أَمْوَالِ الْأَطْفَالِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مُنْفَرِدًا فَإِنْ تَعَدَّدَ، فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي حَقِّهِمْ، لَكِنْ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ طُلِبَ مِنْهُ الْقَبُولُ خَوْفُ التَّوَاكُلِ، كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ. قَوْلُهُ: (الَّذِي يَعْجِزُ عَنْهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمَظَالِمِ وَالدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (مَنْ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَوْ وَاحِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَوْ وَارِثًا وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ، وَقَالَ أَيْضًا: يَكْفِي خَطُّهُ إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ مَنْ يُثْبِتُهُ وَلِمُوصًى لَهُ أَخْذُ مُوصًى بِهِ مُعَيَّنٍ بِغَيْرِ إذْنٍ وَإِرْثٍ، وَكَذَا لِأَجْنَبِيٍّ لِيَدْفَعَهُ لَهُ، وَكَذَا نَحْوُ وَدِيعَةٍ، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ نَزْعُ مُوصًى بِهِ، وَلَا نَحْوُ وَدِيعَةٍ مِنْ الْوَارِثِ قَوْلُهُ: (وَحُرِّيَّةٌ) أَيْ كَامِلَةٌ وَلَوْ مَالًا كَمُدَبَّرِهِ وَمُسْتَوْلَدَتِهِ وَمُسْتَأْجِرِ الْعَيْنِ لِكَمَالِ نَظَرِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَدَالَةٌ) وَلَوْ ظَاهِرَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا عِنْدَ التَّنَازُعِ فَتُشْتَرَطُ الْبَاطِنَةُ، وَشَرْطُهُ أَيْضًا عَدَمُ الْعَدَاوَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، قَالَ شَيْخُنَا وَشَرْطُهُ أَيْضًا النُّطْقُ لِيَخْرُجَ الْأَخْرَسُ وَإِنْ كَانَ لَهُ   [حاشية عميرة] فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: (لِظُهُورِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ إلَخْ) هَذَا مَيْلٌ مِنْ الشَّارِحِ إلَى أَنَّ فِعْلَهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَضُرُّ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنْ فِي شَرْحِ الْكَمَالِ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّ الْأَصَحَّ الْبُطْلَانُ عِنْدَ زَوَالِ الِاسْمِ انْتَهَى، قُلْت: وَلَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْرِيحٌ بِتَرْجِيحٍ. [تَتِمَّةٌ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي جَمِيعِهِ] فَصْلٌ يُسَنُّ الْإِيصَاءُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالنَّظَرُ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: كَانَ الْقِيَاسُ مَنْعَهُ لِانْقِطَاعِ سَلْطَنَةِ الْمُوصِي بِالْمَوْتِ، لَكِنْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَشَرْطُ الْوَصِيِّ) قَالَ صَاحِبُ الصِّحَاحِ: الْوَصِيُّ يُطْلَقُ عَلَى الْمُوصِي، وَعَلَى الْمُوصَى لَهُ انْتَهَى، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ الثَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَكِنْ الْأَصَحُّ جَوَازُ وَصِيَّةِ ذِمِّيٍّ) مُقَابِلُهُ الْمَنْعُ قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 أَيْ عَدْلٌ فِي دَيْنِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ: وَعَدَالَةٌ وَلَمْ يَحْتَجْ فِي الْجَوَازِ إلَى قَوْلِ الْوَجِيزِ فِي أَوْلَادِهِ الْكُفَّارِ لِظُهُورِ أَنَّهُ الْمُرَادُ إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْكَافِرِ عَلَى أَوْلَادِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُوصِي عَلَى أَوْلَادِهِ إلَّا مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ، كَمَا سَيَأْتِي فَخَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ، وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَالْفَاسِقُ وَمَنْ لَا يَهْتَدِي إلَى التَّصَرُّفِ لِسَفَهٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ إلَيْهِمْ (وَلَا يَضُرُّ الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَضُرُّ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يَقْدِرُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ، فَلَا يُفَوَّضُ إلَيْهِ أَمْرُ غَيْرِهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ يُوَكِّلُ فِيمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ. (وَلَا تُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ) فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ امْرَأَةً. (وَأُمُّ الْأَطْفَالِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا) إذَا حَصَلَتْ الشُّرُوطُ فِيهَا، وَهِيَ تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَقِيلَ: وَعِنْدَ الْوَصِيَّةِ أَيْضًا، وَقِيلَ وَمَا بَيْنَهُمَا أَيْضًا (وَيَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ بِالْفِسْقِ) بِتَعَدٍّ فِي الْمَالِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَفِي مَعْنَاهُ قَيَّمَ الْقَاضِي (وَكَذَا الْقَاضِي) أَيْ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ (فِي الْأَصَحِّ لَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ) لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِوِلَايَتِهِ وَقَاسَ عَلَيْهِ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ، وَفِيهِ وَجْهٌ بِالِانْعِزَالِ أَيْضًا (وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ مِنْ كُلِّ حُرٍّ مُكَلَّفٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ: كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَتَنْفِيذٍ بِتَحْتَانِيَّةٍ بَيْنَ الْفَاءِ وَالذَّالِ، كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَفِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ تُنَفَّذُ بِلَا تَحْتَانِيَّةٍ مَضْمُومُ الْفَاءِ وَالذَّالِ بِعَدَدِ دَائِرَةٍ، أَيْ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى يَصِحُّ وَيَتَعَلَّقُ بِهِمَا قَوْلُهُ مِنْ إلَى آخِرِهِ. (وَيُشْتَرَطُ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ مَعَ هَذَا) الْمَذْكُورِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالتَّكْلِيفِ. (أَنْ يَكُونَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ابْتِدَاءً مِنْ الشَّرْعِ لَا بِتَفْوِيضٍ أَيْ فَيُوصَى الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَهْلِ. (وَلَيْسَ لِوَصِيٍّ إيصَاءٌ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ   [حاشية قليوبي] إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَإِنْ تَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ لَكِنْ يُوَافِقُهُمَا مَا ذَكَرُوهُ فِي ضَابِطِ الْأَخْرَسِ مِنْ أَنَّهُ يُعْتَدُّ بِإِشَارَتِهِ فِي غَيْرِ حِنْثٍ وَصَلَاةٍ وَشَهَادَةٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِسْلَامٌ) أَيْ فِي الْمُوصَى لَهُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ كَافِرًا كَالْوَلَدِ السَّفِيهِ أَوْ كَانَ الْمُوصِي مُسْلِمًا، وَلَوْ عَلَى وَلَدِهِ الْكَافِرِ. قَوْلُهُ: (وَصِيَّةِ ذِمِّيٍّ) أَيْ كَافِرٍ وَلَوْ حَرْبِيًّا. قَوْلُهُ: (إلَى ذِمِّيٍّ) أَيْ كَافِرٍ غَيْرِ حَرْبِيٍّ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مُدَّتُهُمَا. قَوْلُهُ: (عَدْلٍ فِي دِينِهِ) حَالَ الْمَوْتِ وَتُعْرَفُ عَدَالَتُهُ بِإِخْبَارِ عَدَدٍ تَوَاتَرَ مِنْهُمْ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلَيْنِ أَسْلَمَا مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَحْتَجْ إلَخْ) اعْتِذَارٌ عَنْ سُكُوتِ الْمُصَنِّفِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْفَاسِقِ) وَلَا يُعْتَدُّ بِتَفْرِيقِهِ مَا فُوِّضَ إلَيْهِ إلَّا فِي نَحْوِ رَدِّ وَدِيعَةٍ مِمَّا لِمَالِكِهِ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا لَا يُعْتَدُّ بِهِ مَنْ ضَمِنَهُ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتَرَدَّهُ الْحَاكِمُ. تَنْبِيهٌ: لَيْسَ لِلْحَاكِمِ تَفْتِيشٌ عَلَى أَيْتَامٍ كُفَّارٍ فِي أَمْوَالِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ مَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْهِ، أَوْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ مُسْلِمٍ، وَلَا عَلَى أَطْفَالٍ تَحْتَ وِلَايَةِ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ قَيِّمٍ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ فَيَجِبُ التَّفْتِيشُ عَلَيْهِ قَالَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ. قَوْلُهُ: (وَأَمُّ الْأَطْفَالِ) أَيْ غَيْرِ الْبَالِغِينَ وَلَوْ ذُكُورًا. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الشُّرُوطُ فِي الْأُمِّ تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ، هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارُ الصِّحَّةِ، وَأَمَّا الْأَوْلَوِيَّةُ فَاعْتَبَرَ فِيهَا شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْوَصِيَّةِ أَيْضًا وَزَادَ اعْتِبَارُ صِفَةِ الرُّجُولِيَّةِ أَيْضًا فِي قُوَّةِ التَّصَرُّفِ ثُمَّ قَالَ: وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُفَوِّضَ أَمْرَ الطِّفْلِ لِامْرَأَةٍ رَأَى فِيهَا الْكِفَايَةَ فِي التَّصَرُّفِ. قَوْلُهُ: (بِالْفِسْقِ) وَمِنْهُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا بِلَا عُذْرٍ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ تَصَرُّفِهِ، نَعَمْ إنْ فَسَقَ بِمَا لَوْ عُرِضَ عَلَى مُوَلِّيه رَضِيَ بِهِ لَمْ يَنْعَزِلْ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي مَعْنَاهُ قَيِّمُ الْقَاضِي) وَمِثْلُهُمَا الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْأُمُّ لَوْ كَانَتْ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْقَاضِي) وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْوُلَاةِ أَخْذًا مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ وَجْهٌ) فَالْأَصَحُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُسَلَّطٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ أَيْضًا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ. تَنْبِيهٌ: لِلْحَاكِمِ نَصَبُ أَمِينٍ عَلَى مَنْ تَوَهَّمَ فِيهِ الْخِيَانَةَ تَوَهُّمًا قَوِيًّا بِلَا أُجْرَةٍ فَإِنْ ظَنَّهَا جَازَ بِالْأُجْرَةِ، وَمِثْلُهُ نَاظِرُ الْحِسْبَةِ الْمَعْرُوفُ وَلِلْحَاكِمِ عَزْلُ قَيِّمِهِ بِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ؛ لِأَنَّهُ الْوَصِيُّ. قَوْلُهُ: (مُكَلَّفٌ) وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ. قَوْلُهُ: (قَالَ بَعْضُهُمْ) هُوَ ابْنُ النَّقِيبِ وَهَذَا تَمْهِيدٌ لِجَوَابِ اعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (دَائِرَةٍ) هِيَ صُورَةٌ يُشَارُ بِهَا إلَى انْفِصَالِ الْكَلَامِ عَنْ بَعْضِهِ. قَوْلُهُ: (بِهِمَا) أَيْ بِيَصِحُّ وَتَنْفُذُ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ قَضَاءُ الدَّيْنِ مُكَرَّرًا فِي كَلَامِهِ؛ إذْ الْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ الْمُوصِي فَسَاوَى مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الَّذِي هُوَ صَرِيحٌ فِي تَعَلُّقِهِمَا الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ: (الْأَطْفَالِ) بِالْمَعْنَى السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (ابْتِدَاءً) هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِدْلَالِهِ عَلَيْهِ، وَلَا لِقَوْلِهِ مِنْ الْأَهْلِ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْمُوصِي. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِوَصِيٍّ إيصَاءٌ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا فِي حَقِّ الْأَطْفَالِ، وَلَهُ أَنْ يُوصِيَ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (ذِمِّيٍّ إلَى ذِمِّيٍّ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ التَّعَرُّضُ لِأَمْوَالِ أَيْتَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْهِ، أَوْ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ مُسْلِمٍ، وَنَازَعَ الزَّرْكَشِيُّ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَتَكَشَّفُ عَنْهَا، وَيُحِيلُ الْأَمْرَ عَلَى الْعَدَمِ، أَمَّا مَنْ عَلِمَ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ. قَوْلُهُ (وَفِي مَعْنَاهُ قَيَّمَ الْقَاضِي) مِثْلَهُمَا أَيْضًا الْأَبَ وَالْجَدَّ لَكِنْ لَوْ تَابَ عَادَتْ الْوِلَايَةُ بِخِلَافِ الْأَوَّلَيْنِ. فَائِدَةٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَكَشَّفَ عَنْ حَالِ أَطْفَالِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَكَذَا الْقَيِّمُ بِخِلَافِ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْوَصِيِّ فَفِيهِ وَجْهَانِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَصَحُّهُمَا عِنْدِي أَنَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَعْطُوفٌ إلَخْ) هُوَ إشَارَةٌ إلَى رَدِّ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ لُزُومِ التَّكْرَارِ عَلَى هَذَا الضَّبْطِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَصِيَّةَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ تَقَدَّمَتْ أَوَّلَ الْفَصْلِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا سُنَّةٌ فَلَا فَائِدَةَ لِلْحُكْمِ ثَانِيًا بِصِحَّتِهَا، وَأَيْضًا يَلْزَمُ عَدَمُ بَيَانِ مُتَعَلِّقِ النُّفُوذِ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يَكُونَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ إلَى آخِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ) مِنْ جُمْلَةِ مَا خَرَجَ بِهَذَا الْأَبُ وَالْجَدُّ فِيمَنْ طَرَأَ سَفِيهُهُ فَإِنَّ وَلِيَّهُ الْحَاكِمُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَذَا الْأَبُ الْفَاسِقُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقِيمَ وَصِيًّا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُوصِ بِتَصَرُّفِ الثَّانِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَقُولَ: عَنِّي أَوْ يُضِيفَ إلَى نَفْسِهِ كَأَنْ يَقُولَ بِتَرِكَتِي، فَإِنْ قَالَ: أَوْصِ إلَى مَنْ شِئْت وَلَمْ يَقُلْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ، وَالثَّالِثُ: إنْ عَيَّنَ الْوَصِيُّ جَازَ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت إلَيْك إلَى بُلُوغِ ابْنِي أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ فَإِذَا بَلَغَ أَوْ قَدِمَ فَهُوَ الْوَصِيُّ جَازَ) ذَلِكَ وَاغْتُفِرَ التَّأْقِيتُ فِي الْإِيصَاءِ إلَى الْأَوَّلِ، وَالتَّعْلِيقُ فِي الْإِيصَاءِ إلَى الثَّانِي وَنَحْوُهُ أَوْصَيْت إلَيْك سَنَةً وَبَعْدَهَا وَصِيِّي فُلَانٌ. (وَلَا يَجُوزُ) لِلْأَبِ (نَصْبُ وَصِيٍّ) عَلَى الْأَطْفَالِ. (وَالْجَدُّ حَيٌّ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ) عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ شَرْعًا، وَيَجُوزُ لَهُ نَصْبُ وَصِيٍّ فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ وَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ أَبِيهِ (وَلَا يَجُوزُ الْإِيصَاءُ بِتَزْوِيجِ طِفْلٍ وَبِنْتٍ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا يُزَوِّجُ صَغِيرًا وَالصَّغِيرَةَ (وَلَفْظُهُ) أَيْ الْإِيصَاءِ. (أَوْصَيْت إلَيْك أَوْ فَوَّضْت) إلَيْك وَنَحْوُهُمَا كَأَقَمْتُكَ مَقَامِي. (وَيَجُوزُ فِيهِ التَّوْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ) نَحْوُ مَا سَبَقَ وَنَحْوُ أَوْصَيْت إلَيْك سَنَةً، وَإِذَا جَاءَ فُلَانٌ فَهُوَ وَصِيٌّ (وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يُوصِي فِيهِ) كَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا، وَأَمْرِ الْأَطْفَالِ. (فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَوْصَيْت إلَيْك لَغَا) هَذَا الْقَوْلُ (وَ) يُشْتَرَطُ (الْقَبُولُ) أَيْ قَبُولُ الْإِيصَاءِ وَفِي قِيَامِ الْعَمَلِ مَقَامَهُ وَجْهَانِ أَخْذًا مِنْ الْوَكَالَةِ. (وَلَا يَصِحُّ) الْقَبُولُ (فِي حَيَاتِهِ) أَيْ الْمُوصِي (فِي الْأَصَحِّ) كَالْمُوصَى لَهُ وَالثَّانِي يَصِحُّ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِعَمَلٍ يَتَأَخَّرُ يَصِحُّ الْقَبُولُ فِي الْحَالِ، وَالرَّدُّ فِي حَيَاةِ الْوَصِيِّ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ رَدَّ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ قَبِلَ بَعْدَ مَوْتِهِ جَازَ وَلَوْ رَدَّ بَعْدَ الْمَوْتِ لَغَا الْإِيصَاءُ (وَلَوْ وَصَّى اثْنَيْنِ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا) بِالصَّرْفِ (إلَّا إنْ صَرَّحَ بِهِ)   [حاشية قليوبي] فِي الْمَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَرِيحٌ فِيهِ، وَحُكْمُهُ كَالْوَكَالَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ جَازَ) ثُمَّ إنْ قَالَ لَهُ أَوْصِ عَنْك أَوْصَى عَنْهُ نَفْسَهُ، وَإِلَّا بِأَنْ قَالَ: أَوْصِ عَنِّي أَوْ عَنَّا أَوْ بِتَرِكَتِي أَوْ أَوْصَى سَوَاءٌ عَيَّنَ لَهُ شَخْصًا، أَوْ قَالَ لَهُ: أَوْصِ مَنْ شِئْت أَوْ أَطْلَقَ أَوْ أَوْصَى عَنْ الْوَلِيِّ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مُخَالَفَةٌ لَهُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ فَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى بُلُوغِ ابْنِي) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ: فَإِذَا مِتَّ أَنْتَ فَوَصِيُّ مَنْ تُوصِي إلَيْهِ أَوْ فَوَصِيُّك وَصِيِّي فَهُوَ بَاطِلٌ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِصُورَتَيْهَا مُقَدَّمَةٌ مِنْ تَأْخِيرٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ الْوَصِيُّ) أَيْ إنْ كَانَ أَهْلًا، وَإِلَّا انْتَقَلَتْ لِلْحَاكِمِ، وَلَا تَبْقَى لَهُ لِعَزْلِهِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ) وَلَا يَصِحُّ فَيَحْرُمُ حَيْثُ كَانَتْ صِفَةُ الْوِلَايَةِ مَوْجُودَةً فِي الْجَدِّ حَالَ الْإِيصَاءِ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ فَلَوْ خَرَجَ الْجَدُّ عَنْ الصِّفَةِ حَالَ الْمَوْتِ تَبَيَّنَ صِحَّتُهَا لِلْأَجْنَبِيِّ وَلَا عِبْرَةَ بِعَوْدِ الصِّفَاتِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَمِثْلُ الْأَبِ كُلُّ جَدٍّ مَعَ أَعْلَى مِنْهُ. نَعَمْ لَوْ اسْتَلْحَقَ خَشِيَ طِفْلًا فَلَهُ الْإِيصَاءُ عَلَيْهِ لِأَجْنَبِيٍّ مَعَ وُجُودِ الْجَدِّ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ أُبُوَّةٌ مُحَقَّقَةٌ كَذَا قَالُوهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْجَدُّ حَيٌّ) وَلَوْ غَائِبًا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْوَصِيُّ غَيْرُ الْأَبِ أَوْلَى مِنْ أَبِيهِ، وَالْحَاكِمُ أَوْلَى مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (كَأَقَمْتُكَ مَقَامِي) أَوْ وَلَّيْتُك أَوْ أَنَبْتُك أَوْ جَعَلَتْك مَكَانِي أَوْ وَكَّلْتُك، وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ بَعْدَ مَوْتِي فِيمَا عَدَا أَوْصَيْت لِيَكُونَ مِنْ الصَّرَائِحِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فَهُوَ كِنَايَاتٌ قَوْلُهُ: (نَحْوُ مَا سَبَقَ) هُوَ إشَارَةٌ إلَى تَأْخِيرِ هَذِهِ عَنْ مَحَلِّهَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (أَوْصَيْت إلَيْك سَنَةً، وَإِذَا جَاءَ فُلَانٌ فَهُوَ وَصِيِّي) هَذِهِ كُلُّهَا صِيغَةٌ وَاحِدَةٌ جَامِعَةٌ لِلتَّأْقِيتِ وَالتَّعْلِيقِ مَعًا دَالَّةٌ عَلَى صِحَّتِهِمَا لَيْسَتْ مُكَرَّرَةً مَعَ مَا سَبَقَ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ قَوْلُهُ: (كَقَضَاءِ الدَّيْنِ إلَخْ) فَإِنْ خَصَّصَهُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا لَمْ يَتَجَاوَزْ، وَهُوَ فِي الثَّالِثِ حِفْظُ الْأَمْوَالِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا، وَيُشْرِكُهُ فِي الْحِفْظِ قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ، وَفِي التَّصَرُّفِ قَاضِي بَلَدِ الطِّفْلِ، وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت إلَيْك فِي كُلِّ أُمُورِي شَمِلَ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ) وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي إلَّا لِمُقْتَضٍ، وَيُنْدَبُ إنْ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ، وَيَحْرُمُ إنْ عَلِمَ خِيَانَتَهَا. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا قِيَامُهُ فَيَكْفِي كَالْوَكَالَةِ. قَوْلُهُ: (فِي حَيَاتِهِ) وَلَا مَعَ مَوْتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ) فَالْأَصَحُّ عَدَمُ صِحَّةِ ذَلِكَ الرَّدِّ فِي حَيَاتِهِ وَهَذِهِ ذَكَرَهَا تَتْمِيمًا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: فَعَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْأَصَحُّ إلَى صِحَّةِ الْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَسَكَتَ عَنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الرَّدَّ عَلَيْهِ صَحِيحٌ وَلَا يَرْجِعُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ رُدَّ) خَرَجَ مَا لَوْ سَكَتَ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَصَّى اثْنَيْنِ) كَقَوْلِهِ: أَوْصَيْت إلَيْكُمَا أَوْ فُلَانٌ وَصِيٌّ وَفُلَانٌ وَصِيٌّ، وَإِنْ تَرَاخَى الثَّانِي. قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا) فَإِنْ انْفَرَدَ ضَمِنَ، وَلَوْ فِيمَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْأَطْفَالِ، فَإِنْ عُدِمَ أَحَدُهُمَا بِمَوْتٍ أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّةٍ أَوْ عَدَمِ قَبُولٍ نَصَّبَ الْحَاكِمُ بَدَلَهُ. نَعَمْ يَجُوزُ الِانْفِرَادُ فِي رَدِّ وَدِيعَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَمَغْصُوبٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ، وَقَيَّدَهُ فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ بِمَا إذَا أَذِنَ صَاحِبُ ذَلِكَ بِوَضْعِ يَدِ هَذَا عَلَيْهِ وَإِلَّا يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْوَصِيِّ كَفَتْحِ بَابٍ وَحَلِّ وِكَاءٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْحَقِّ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الرَّوْضِ الْعَيْنُ؛ إذْ الدَّيْنُ الَّذِي فِي التَّرِكَةِ جِنْسُهُ لِأَوْجُهٍ لِاعْتِبَارِ إذْنِ صَاحِبِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِقَبْضِهِ.   [حاشية عميرة] ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ هَذَا إلَى قَوْلِهِ: وَيَجُوزُ فِيهِ التَّوْقِيتُ إلَخْ فَإِنَّهُ مِثَالٌ لَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِذَا بَلَغَ أَوْ قَدِمَ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ انْعِزَالُ الْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ الْقُدُومِ، وَالْبُلُوغِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ فَيَلِيهِ الْحَاكِمُ. قَوْلُهُ: (وَالْجَدُّ حَيٌّ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ غَائِبًا قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لَهُ) فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَالْجَدُّ إشَارَةٌ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرُ وَالصَّغِيرَةُ) يَرِدُ عَلَيْهِ السَّفِيهَةُ فَالْأَحْسَنُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ النَّسَبِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا جَاءَ إلَخْ) هِيَ صِيغَةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ فَانْدَفَعَ مَا عَسَاهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَنَحْوُ أَوْصَيْت إلَخْ. أَنَّهُ عَيْنُ مَا سَلَفَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَغَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُتَّجَهُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا جَعَلْتُك وَصِيِّي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْقَبُولِ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ كَالْوَصِيَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ وَصَّى اثْنَيْنِ إلَخْ) قَالَ الْعَبَّادِيُّ فِي الزِّيَادَاتِ لَوْ قَالَ اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ أَوْ بِعِلْمِهِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ، جَازَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 أَيْ بِالِانْفِرَادِ فَيَجُوزُ (وَلِلْمُوصِي وَالْوَصِيِّ الْعَزْلُ مَتَى شَاءَ) أَيْ لِلْمُوصِي عَزْلُ الْوَصِيِّ وَلِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ، أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ، مِنْ قَاضٍ وَغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلِلْمُوصِي الرُّجُوعُ (وَإِذَا بَلَغَ الطِّفْلُ وَنَازَعَهُ) أَيْ الْوَصِيُّ (فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ صُدِّقَ الْوَصِيُّ) بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (أَوْ فِي دَفْعٍ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ صُدِّقَ الْوَلَدُ) بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْإِنْفَاقِ، وَفِي وَجْهٍ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الْقَيِّمِ فِي آخِرِ الْوَكَالَةِ. كِتَابُ الْوَدِيعَةِ هِيَ الْعَيْنُ الَّتِي تُوضَعُ عِنْدَ شَخْصٍ لِيَحْفَظَهَا يُسَمَّى مُودَعًا بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْوَاضِعُ مُودِعًا بِكَسْرِهَا (مَنْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهَا حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا) أَيْ أَخْذُهَا (وَمَنْ قَدَرَ) عَلَى حِفْظِهَا (وَلَمْ يَثِقْ بِأَمَانَتِهِ) فِيهَا (كُرِهَ لَهُ) قَبُولُهَا، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ لَا يَنْبَغِي، أَنْ يَقْبَلَهَا، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا هَلْ يَحْرُمُ قَبُولُهَا. أَوْ يُكْرَهُ وَجْهَانِ، (فَإِنْ وَثِقَ) بِأَمَانَتِهِ فِيهَا. (اُسْتُحِبَّ) لَهُ قَبُولُهَا. (وَشَرْطُهُمَا) أَيْ الْمُودِعِ وَالْمُودَعُ الْمُتَعَلِّقَيْنِ بِهَا. (شَرْطُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَيْ بِالِانْفِرَادِ) وَالتَّصْرِيحُ بِهِ، كَأَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْت إلَى كُلٍّ مِنْكُمَا، أَكُلٌّ مِنْكُمَا وَصِيٌّ أَوْ أَنْتُمَا وَصِيَّايَ وَفَارَقَ هَذَا أَوْصَيْت إلَيْكُمَا، كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ هُنَا أَثْبَتَ وَصْفَ الْوَصِيَّةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ، وَتَصَرُّفُ السَّابِقِ مِنْ الْمُنْفَرِدَيْنِ نَافِذٌ يُرْجَعُ فِي كَوْنِهِ بِالْمَصْلَحَةِ لِلْحَاكِمِ، وَلَهُ نَصْبُ بَدَلٍ عَنْ فَقْدٍ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ، وَلَهُ قَسْمُ الْمَالِ بَيْنَهُمَا إنْ أَمْكَنَ، وَيُقْرِعُ بَيْنَهُمَا فِي أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ إنْ تَنَازَعَا، وَيَتَصَرَّفُ كُلٌّ فِي حِصَّتِهِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَلَوْ نَصَّ الْمُوصِي عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا تَعَيَّنَ وَيَبْطُلُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا بِدُونِ الْآخَرِ، وَلَيْسَ لِمُشْرِفٍ أَوْ نَاظِرِ حِسْبَةٍ تَصَرُّفٌ بَلْ يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ تَصَرُّفِ غَيْرِهِ عَلَى مُرَاجَعَتِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَّا فِي حَشِيشٍ كَحُزْمَةِ بَقْلٍ، وَلَوْ قَالَ: اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ أَوْ بِأَمْرِهِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ أَوْ بِعِلْمِهِ جَازَتْ مُخَالَفَتُهُ، فَإِنْ قَالَ: لَا تَعْمَلْ إلَّا بِرَأْيِهِ، وَهَكَذَا امْتَنَعَ الِانْفِرَادُ؛ لِأَنَّهُمَا وَصِيَّانِ قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ . قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ إلَخْ) أَيْ فَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ عَزْلُ الْمُوصَى لَهُ وَعَزْلُهُ نَفْسَهُ، وَلَا يَنْفُذُ الْعَزْلُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ أَجَازَهُ، وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ الْعَزْلُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا مِنْ غَيْرِهِمَا، وَذَلِكَ كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ الْحَاكِمُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، أَوْ كَانَ الْمُوصِي اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ، وَعَلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَتُغْتَفَرُ حِينَئِذٍ الْجَهَالَةُ لِلْحَاجَةِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْمُوصِي الرُّجُوعُ) فَهُوَ الْمُرَادُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لَكِنَّهُ غَلَبَ الْعَزْلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَنَازَعَهُ فِي الْإِنْفَاقِ) أَيْ فِي أَنَّهُ أَسْرَفَ، أَوْ أَنَّهُ مِنْ اللَّائِقِ وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا عُمِلَ بِمُقْتَضَى الْحَالِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْوَصِيُّ) وَكَذَا وَارِثُهُ وَالْقَاضِي وَالْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْقَيِّمُ كَالْوَصِيِّ وَكَالطِّفْلِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ) أَوْ فِي دَفْعِ زَكَاةٍ أَوْ فِي وَقْتِ مَوْتِ الْأَبِ، أَوْ فِي وَقْتِ مِلْكِ الْمَالِ صُدِّقَ الْوَلَدُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ تَنَازَعَا فِي التَّصَرُّفِ هَلْ وَقَعَ بِالْمَصْلَحَةِ صُدِّقَ الْأَبُ وَالْجَدُّ، وَكَذَا الْأُمُّ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَالْمُشْتَرِي مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ مِثْلُهُ وَمَا صَرَفَهُ الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلَوْ لِدَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ مَالِ الْوَلَدِ لَا يَرْجِعُ بِهِ، إلَّا إنْ كَانَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ، أَوْ إشْهَادٍ لَا بِنِيَّةِ رُجُوعٍ إلَّا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَكَذَا غَيْرُهُمَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَاكِمِ وَالْإِشْهَادِ، وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ شِرَاءُ مَالِ الْوَلَدِ لِنَفْسِهِ بَلْ يَبِيعُهُ لَهُ الْحَاكِمُ. كَالْوَكِيلِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مِنْ تَوْلِيَةِ الطَّرَفَيْنِ فِي بَيْعِ مَالِهِ لِطِفْلِهِ وَعَكْسِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْوَلِيُّ هُنَا عَلَى غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَرَاجِعْ، وَانْظُرُوا، وَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ فِي دَفْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ لِظَالِمٍ لِدَفْعِهِ عَنْ مَالِ الطِّفْلِ، لَا فِي دَفْعِهِ لِحَاكِمٍ لِسُهُولَةِ الْبَيِّنَةِ فِيهِ، وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْخِيَانَةِ. فَرْعٌ: لَا يُطَالَبُ أَمِينٌ مِنْ وَصِيٍّ وَقَيِّمٍ وَوَكِيلٍ وَمُقَارِضٍ وَشَرِيكٍ بِحِسَابٍ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرُّجُوعُ إلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. كِتَابُ الْوَدِيعَةِ ذَكَرَهَا عَقِبَ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يُوصَى بِهِ نَدْبًا أَوْ وُجُوبًا وَلِأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ بِلَا وَارِثٍ يَصِيرُ كَالْوَدِيعَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَهِيَ تُقَالُ عَلَى الْعَيْنِ لُغَةً وَشَرْعًا فَهِيَ عَيْنٌ مَوْضُوعَةٌ عِنْدَ غَيْرِ صَاحِبِهَا أَمَانَةً، وَتُقَالُ شَرْعًا لِلْإِيدَاعِ وَهُوَ وَضْعُ عَيْنٍ إلَخْ. وَلِلْعَقْدِ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا مِنْ وَدَعَ يَدَعُ بِمَعْنَى سَكَنَ لِسُكُونِهَا عِنْدَ الْوَدِيعِ أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ فِي دَعَةٍ، أَيْ رَاحَةٍ؛ لِأَنَّهَا فِي رَاحَتِهِ أَيْضًا، وَيُقَالُ لِدَافِعِهَا مُودِعٌ بِكَسْرِ الدَّالِ، وَلِآخِذِهَا مُودَعٌ بِفَتْحِهَا وَوَدِيعٌ وَشَمِلَتْ الْعَيْنُ الْمَالَ وَالِاخْتِصَاصَ، وَالْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَانِبِ الْقَبُولِ غَالِبًا وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: هِيَ الْعَيْنُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ) أَيْ الْقَبُولُ وَقَالَ شَيْخُنَا مَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ الْمَالِكُ الْمُتَصَرِّفُ عَنْهُ نَفْسِهِ، وَإِلَّا أُبِيحَ قَبُولُهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ أَخَذَهَا) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْدِ لَا يَحْرُمُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ وَسِيلَةٌ فَيَحْرُمُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (كُرِهَ) عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحُرْمَةِ. قَوْلُهُ: (لَا يَنْبَغِي) تُفِيدُ الْإِبَاحَةَ نَصًّا وَالْحُرْمَةَ أَوْ الْكَرَاهَةَ احْتِمَالًا، فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَفْسِيرٌ لَهَا.   [حاشية عميرة] أَنْ يُخَالِفَهُ فَيَعْمَلَ دُونَ أَمْرِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَّا بِأَمْرِهِ إلَّا بِعَمَلِهِ إلَّا بِرَأْيِهِ فَإِنَّهُمَا وَصِيَّانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ فِي دَفْعٍ إلَيْهِ) لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ تَنْكِيرِ هَذَا دُونَ الْإِنْفَاقِ. [كِتَابُ الْوَدِيعَةِ] ِ حَكَى الْكِسَائِيُّ أَنَّهُ يُقَالُ: أَوْدَعَهُ بِمَعْنَى قَبِلَ وَدِيعَتَهُ فِي إذْنٍ مِنْ الْأَضْدَادِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 مُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ) ؛ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ اسْتِنَابَةٌ فِي الْحِفْظِ. (وَيُشْتَرَطُ صِيغَةُ الْمُودِعِ كَ اسْتَوْدَعْتُكَ هَذَا، أَوْ اسْتَحْفَظْتُك أَوْ أَنَبْتُك فِي حِفْظِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا وَيَكْفِي الْقَبْضُ) وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ وَالثَّالِثُ يُشْتَرَطُ فِي صِيغَةِ الْعَقْدِ، نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ دُونَ صِيغَةِ الْأَمْرِ، كَمَا حُفِظَ هَذَا وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذَا الْخِلَافِ فِي الْوَكَالَةِ (وَلَوْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ مَالًا لَمْ يَقْبَلْهُ فَإِنْ قَبِلَ ضَمِنَ) وَلَا يَزُولُ الضَّمَانُ إلَّا بِالرَّدِّ إلَى وَلِيِّ أَمْرِهِ (وَلَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا مَالًا فَتَلِفَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ، وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُودِعَ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ (وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَالصَّبِيِّ) فِي إيدَاعِهِ، وَالْإِيدَاعُ عِنْدَهُ وَهُوَ مُرَادُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ بِالسَّفِيهِ (وَتَرْتَفِعُ) الْوَدِيعَةُ مِنْ حَيْثُ الْإِيدَاعِ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا أَيْ تَنْتَهِي (بِمَوْتِ الْمُودِعِ أَوْ الْمُودَعِ وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ) كَالْوَكَالَةِ (وَلَهُمَا الِاسْتِرْدَادُ وَالرَّدُّ كُلَّ وَقْتٍ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ. قَوْلُهُ: (اُسْتُحِبَّ) أَيْ الْقَبُولُ بَلْ يَجِبُ إذَا تَعَيَّنَ لِعَدَمِ غَيْرِهِ، أَوْ لِلْأَمْنِ مِنْ عِنْدِهِ دُونَ غَيْرِهِ مَعَ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَلَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى ضَيَاعِ مَنْفَعَتِهِ وَمَنْفَعَةِ حِرْزِهِ مَجَّانًا، وَيُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَيْهَا إنْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْأُمَنَاءُ وَجَبَ عَلَى الْمَسْئُولِ خَوْفَ التَّوَاكُلِ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهَا تَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَنُوزِعَ فِي الْإِبَاحَةِ فِيمَا مَرَّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ مَا وَضَعَهُ عَلَى النَّدْبِ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَى الْإِبَاحَةِ فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (الْمُتَعَلِّقِينَ بِهَا) أَيْ فَإِنَّهُمَا رُكْنَانِ كَالصِّيغَةِ وَالْعَيْنِ، فَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا ذَكَرَ شُرُوطَهُمَا صَرِيحًا أَوْ تَأْوِيلًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (شَرْطُ مُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ) فَلَا يُودَعُ كَافِرٌ مُصْحَفًا وَلَا مُسْلِمًا وَلَا مُحْرِمٌ صَيْدًا وَلَا أَعْمَى عَيْنًا وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِصِحَّةِ الْإِيدَاعِ فِي الْجَمِيعِ بِمَعْنَى الْعَقْدِ، لَكِنْ لَا تُوضَعُ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدِ الْأَوَّلَيْنِ وَيُوَكِّلُ الْأَعْمَى مَنْ يَقْبِضُ لَهُ. قَوْلُهُ: (صِيغَةٌ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ اعْتِبَارَ اللَّفْظِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَعَ اللَّفْظِ مِنْ الْآخَرِ، أَوْ الْفِعْلِ مِنْهُ، وَلَوْ مُتَرَاخِيًا، كَمَا فِي الْوَكَالَةِ وَالْإِيصَاءِ، وَلَا يَكْفِي السُّكُوتُ مِنْهُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا يَقَعُ بَعْدَهُ فِعْلٌ فَظَاهِرٌ، فَلَوْ قَالَ لَهُ: احْفَظْ مَتَاعِي هَذَا مَثَلًا فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ وَدِيعًا، وَيُغْنِي عَنْ الْقَبُولِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ، وَلَمْ يَرْتَضِ هَذِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَلَوْ قَالَ: خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا غَيْرَ وَدِيعَةٍ فَوَدِيعَةٌ أَبَدًا أَوْ عَكْسَهُ فَأَمَانَةٌ غَيْرُ وَدِيعَةٍ أَبَدًا، وَلَوْ قَالَ: خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا عَارِيَّةً أَوْ عَكْسَهُ عُمِلَ بِمَا قَالَهُ فِي الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَبَعْدَهُمَا أَمَانَةٌ أَبَدًا غَيْرُ وَدِيعَةٍ، وَقَالَ شَيْخُنَا فِي الْأُولَى مَضْمُونٌ أَبَدًا، وَلَوْ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا وَأَذِنَهُ بِلُبْسِهِ، فَهُوَ عَقْدَانِ فَاسِدَانِ وَهُوَ قَبْلَ لُبْسِهِ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَبَعْدَهُ مَضْمُونٌ؛ إذْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْدَعَهُ) أَيْ أَوْدَعَ غَيْرَ كَامِلٍ بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَحُرِّيَّةٍ وَرُشْدٍ وَلَوْ حُكْمًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقْبَلْهُ) فَيَحْرُمُ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: " ضَمِنَ مَنْ " إلَى أَنَّ فَاسِدَ الْعَقْدِ هُنَا لَيْسَ كَصَحِيحِهِ، لِامْتِنَاعِ وَضْعِ الْيَدِ وَلَوْ بِلَا عَقْدٍ، أَوْ؛ لِأَنَّهُ لَا عَقْدَ فَيَكُونُ ضَامِنًا مُطْلَقًا، أَوْ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ لَا فَاسِدٌ. قَوْلُهُ: (بِالرَّدِّ) وَإِتْلَافُ الصَّبِيِّ لَهَا عِنْدَ الْوَدِيعِ مُبَرِّئٌ لَهُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ شَيْخِنَا: وَلَوْ أَتْلَفَ نَحْوُ صَبِيٍّ وَدِيعَتَهُ بُرِّئَ الْوَدِيعُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُمْكِنُ انْضِبَاطُهُ، وَتَضْمِينُهُ مَالَ نَفْسِهِ مُحَالٌ فَتَعَيَّنَتْ بَرَاءَةُ الْوَدِيعِ انْتَهَى وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَجْنُونَ وَالسَّفِيهَ كَالصَّبِيِّ فَتَأَمَّلْ، وَلَوْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ نَحْوِ الصَّبِيِّ حِسْبَةً لِيَرُدَّهُ لِوَلِيِّهِ، وَخَشِيَ ضَيَاعَهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَمْ يَضْمَنْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْدَعَ) أَيْ كَامِلٌ بِمَا مَرَّ غَيْرَ كَامِلٍ لِكَوْنِهِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ سَفِيهًا كَمَا يَأْتِي أَوْ رَقِيقًا، وَلَوْ بَالِغًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الرَّقِيقِ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمْ إنْ أَتْلَفَ لَا إنْ تَلِفَ عِنْدَهُ. تَتِمَّةٌ: لَوْ أَوْدَعَ نَاقِصٌ نَاقِصًا لِمَضْمُونٍ مُطْلَقًا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَ فَرَّطَ أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ هَكَذَا تَحَرَّرَ مَعَ شَيْخِنَا فِي دَرْسِهِ وَاعْتَمَدَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ الْإِيدَاعُ) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ الْأَمَانَةُ، بَلْ هِيَ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ يَجِبُ عَلَى وَارِثِ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا أَوْ وَلِيِّهِ إعْلَامُ مَالِكِهَا بِهَا فَوْرًا، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا حَيْثُ تَمَكَّنَ قَوْلُهُ: (وَلَهُمَا) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَجِبْ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (أَيْ لِلْمُودِعِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى التَّوْزِيعِ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ خِلَافَهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (شَرْطُ مُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ اسْتِيدَاعُ الْمُحَرَّمِ وَلَا الْكَافِرِ الْمُصْحَفَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَاسْتَوْدَعْتُكَ إلَخْ) هِيَ صَرَائِحُ الْكِنَايَةِ خُذْهُ، وَنَحْوُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَكْفِي الْقَبْضُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُنْقَلْ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْعِبَارَةِ خِلَافَ ذَلِكَ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ التَّهْذِيبِ، أَنَّهُ لَوْ قَالَ: ضَعْهُ فَوَضَعَهُ كَانَ إيدَاعًا. فَائِدَةٌ قَدْ عُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ اشْتِرَاكُ الْوَدِيعَةِ مَعَ الْوَكَالَةِ فِي الْعَاقِدِ وَالصِّيغَةِ، وَذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُودَعَةِ لِاشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْمُوَكَّلِ فِيهِ، بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ إلَخْ) نَظَرًا إلَى أَنَّهَا عَقْدٌ لَا مُجَرَّدُ إذْنٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: حُكْمُ الْعَبْدِ كَالصَّبِيِّ إلَّا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّهَا إذَا تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِ الْعَبْدِ بِتَفْرِيطٍ ضَمِنَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ قَبِلَ ضَمِنَ) أَيْ فَلَيْسَ الْفَاسِدُ هُنَا كَالصَّحِيحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا) مِثْلُهُ الْمَجْنُونُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَرْتَفِعُ) أَيْ وَبَعْدَ الِارْتِفَاعِ عَلَيْهِ الرَّدُّ، وَقِيلَ: يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّالِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِغْمَائِهِ) اسْتَشْكَلَ الزَّرْكَشِيُّ إفْرَادَ الضَّمِيرِ هُنَا. وَتَثْنِيَتَهُ فِيمَا يَأْتِي، وَقَالَ الْأَوْجَهُ التَّسْوِيَةُ فِي الْإِفْرَادِ لِتَقَدُّمِ الْعَطْفِ بِأَوْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَصْلُهَا الْأَمَانَةُ) يَعْنِي أَنَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 أَيْ لِلْمُودِعِ الِاسْتِرْدَادُ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ أَوْ نَائِبٌ عَنْهُ وَلِلْمُودَعِ عِنْدَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْحِفْظِ (وَأَصْلُهَا الْأَمَانَةُ وَقَدْ تَصِيرُ مَضْمُونَةً بِعَوَارِضَ مِنْهَا أَنْ يُودِعَ غَيْرَهُ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمُودِعِ (وَلَا عُذْرَ) لَهُ (فَيَضْمَنُ) سَوَاءٌ أَوْدَعَ زَوْجَتَهُ وَوَلَدَهُ وَعَبْدَهُ وَالْقَاضِيَ وَغَيْرَهُمْ (قِيلَ إنْ أَوْدَعَ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّ أَمَانَةَ الْقَاضِي أَظْهَرُ مِنْ أَمَانَتِهِ، (وَإِذَا لَمْ يُزِلْ) بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّةِ وَكَسْرِ الزَّايِ (يَدَهُ عَنْهَا جَازَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِمَنْ يَحْمِلُهَا إلَى الْحِرْزِ أَوْ يَضَعُهَا فِي خِزَانَةٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ (مُشْتَرَكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ مَثَلًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْقَفَّالِ (وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا فَلْيَرُدَّ) الْوَدِيعَةَ (إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ) إنْ كَانَ (فَإِنْ فَقَدَهُمَا) لِغَيْبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (فَالْقَاضِي) أَيْ يَرُدُّهَا إلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبُولُهَا (فَإِنْ فَقَدَهُ فَأَمِينٍ) أَيْ يَرُدُّهَا إلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُ تَأْخِيرَ السَّفَرِ، فَإِرَادَتُهُ عُذْرٌ فِي الرَّدِّ إلَى غَيْرِ الْمُودِعِ، (فَإِنْ دَفَنَهَا بِمَوْضِعٍ) وَسَافَرَ (ضَمِنَ) إنْ لَمْ يُعْلِمْ بِهَا مَنْ يَذْكُرُ، (فَإِنْ أَعْلَمَ بِهَا أَمِينًا يَسْكُنُ الْمَوْضِعَ، لَمْ يَضْمَنْ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ إعْلَامَهُ بِمَنْزِلَةِ إيدَاعِهِ، وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ (وَلَوْ سَافَرَ بِهَا) مِنْ الْحَضَرِ (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّ حِرْزَ السَّفَرِ دُونَ حِرْزِ الْحَضَرِ، (إلَّا إذَا وَقَعَ حَرِيقٌ أَوْ غَارَةٌ وَعَجَزَ عَمَّنْ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ كَمَا سَبَقَ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَأَصْلُهَا) أَيْ وَضْعُهَا، وَالْمُنَاسِبُ فِيهَا، وَالْغَالِبُ عَلَيْهَا الْأَمَانَةُ، وَإِنْ حَرُمَتْ أَوْ كُرِهَتْ. قَوْلُهُ: (بِعَوَارِضَ) أَيْ عَشَرَةٍ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: عَوَارِضُ التَّضْمِينِ عَشْرٌ وَدْعُهَا ... وَسَفَرٌ وَنَقْلُهَا وَجَحْدُهَا وَتَرْكُ إيصَاءٍ وَدَفْعُ مُهْلِكٍ وَمَنْعُ رَدِّهَا ... وَتَضْيِيعٌ حُكِيَ وَالِانْتِفَاعُ وَكَذَا الْمُخَالَفَةُ فِي حِفْظِهَا إنْ لَمْ يُرِدْ مَنْ خَالَفَهْ وَأَخْصَرُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلِي عَوَارِضُهَا عَشْرٌ ضَيَاعُ وَدِيعَةٍ ... وَنَقْلٌ وَجَحْدُ مَنْعِ رَدٍّ لِمَالِكٍ مُخَالَفَةٌ فِي الْحِفْظِ تَرْكُ وَصِيَّةٍ ... وَسَفَرٌ بِهَا نَفْعٌ بِهَا تَرْكُ هَالِكٍ قَوْلُهُ: (فَيَضْمَنُ) أَيْ يَصِيرُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا، وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا لَمْ يُزِلْ يَدَهُ عَنْهَا) بِأَنْ اسْتَمَرَّ الْإِيدَاعُ. قَوْلُهُ: (بِمَنْ) أَيْ بِثِقَةٍ أَوْ صَبِيٍّ مَأْمُونٍ مُطْلَقًا أَوْ غَيْرِهِمَا، وَلَازِمُهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الشَّرِيكِ فِي الْخِزَانَةِ. قَوْلُهُ: (يَحْمِلُهَا) وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ حَمْلُهَا، وَلَاقَ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا) أَيْ مُبَاحًا وَإِنْ قَصُرَ إنْ رَدَّهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا وَنَائِبِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَتَقَيَّدُ السَّفَرُ بِالْمُبَاحِ، أَيْ رَدُّهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا وَنَائِبِهِ لَا يَجُوزُ، إلَّا فِي السَّفَرِ الْمُبَاحِ وَرَدُّهَا لَهُمَا يَجُوزُ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمُبَاحِ، بَلْ لَا يَتَقَيَّدُ بِالسَّفَرِ لِجَوَازِ الْعَقْدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَكِيلِهِ) وَلَوْ عَامًا أَوْ وَلِيِّهِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوِهَا) كَحَبْسِ الْمَالِكِ وَتَوَارِيهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ قَبُولُهَا) أَيْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَخْذُهَا مِنْ الْوَدِيعِ حِفْظًا لَهَا. بِخِلَافِ دَيْنِ غَائِبٍ وَأَخْذِ مَغْصُوبٍ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُمَا أَحَرَزُ لِلْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَرُدُّهَا إلَيْهِ) أَيْ يُعْلِمُهُ بِهَا وَبِمَحَلِّهَا، وَلَا يَلْزَمُ الْإِشْهَادُ فِي رَدِّهَا لِوَاحِدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي السَّفَرِ بِهَا وَعَيَّنَ لَهُ طَرِيقًا أَوْ مَحَلًّا تَعَيَّنَ، وَإِلَّا لَزِمَهُ سُلُوكُ أَكْثَرِ الطَّرِيقَيْنِ أَمْنًا فَأَقْصَرَهُمَا، وَإِذَا رَجَعَ لَزِمَهُ أَخْذُهَا مِمَّنْ دَفَعَهَا لَهُ، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ الْمَالِكُ وَأَقَرَّهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ دَفَنَهَا بِمَوْضِعٍ) وَلَوْ حِرْزًا لِمِثْلِهَا ضَمِنَ وَالدَّفْنُ لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ إعْلَامَهُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ إعْلَامَ مُؤَخَّرٍ عَنْ إعْلَامِ الْمَالِكِ وَوَكِيلِهِ وَالْحَاكِمِ. قَوْلُهُ: (يَسْكُنُ) لَيْسَ قَيْدًا، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَوْضِعِ حِرْزًا لَهَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَافَرَ بِهَا) أَيْ بِغَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ، وَبِغَيْرِ   [حاشية عميرة] الْأَمَانَةَ مَقْصُودَةٌ مِنْهَا بِحَسَبِ وَضْعِهَا الْأَصْلِيِّ، وَلَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ كَمَا فِي الرَّهْنِ وَمَالِ الْقِرَاضِ وَأَشْجَارِ الْمُسَاقَاةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَائِدَةٌ قَالَ فِي الْكَافِي: لَوْ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا، وَأَذِنَ لَهُ فِي لُبْسِهَا فَهُوَ إيدَاعٌ فَاسِدٌ لِاقْتِرَانِهِ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ اللُّبْسِ، لَمْ يَضْمَنْ إلْحَاقًا لِلْفَاسِدِ بِالصَّحِيحِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ اللُّبْسِ فَيَضْمَنُ إلْحَاقًا لِفَاسِدِ الْعَارِيَّةِ بِصَحِيحِهَا. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا عُذْرٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْهُ التَّضَجُّرُ مِنْ الْحِفْظِ عَلَى الْمَذْهَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَضْمَنُ) وَلَهُ تَضْمِينُ الثَّانِي أَيْضًا ثُمَّ الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي حَالِ الْجَهْلِ دُونَ حَالِ الْعِلْمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَضْمَنُ أَيْضًا) قِيلَ هُوَ مُسْتَدْرَكٌ لِإِغْنَاءِ مَا قَبْلَهُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَعَانَ بِأَحَدٍ وَيَدُهُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ مِثْلُ أَنْ يُرْسِلَهَا مَعَ وَلَدِهِ لِلسَّقْيِ وَنَحْوِهِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا لَمْ يُزِلْ يَدَهُ عَنْهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا بَصَرَهُ فَإِنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا) أَيْ وَإِنْ قَصُرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْقَاضِي) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَتَى حَمَلَهَا إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِحَمْلِهَا لَهُ وَيَعْلَمَ يَضْمَنَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ فَقَدَهُ فَأَمِينٌ) فَإِنْ تَرَكَهَا بِمَنْزِلِهِ وَسَافَرَ، وَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ وَهَذَا أَمْرٌ يَقَعُ لِلنَّاسِ كَثِيرًا فَلْيُتَفَطَّنْ لَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَمِينًا) قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ فَقْدِ الْحَاكِمِ انْتَهَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْأَحْسَنُ أَنْ يُحْمَلَ الْأَمِينُ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْوَكِيلَ وَالْحَاكِمَ وَالْعَدْلَ عَلَى التَّرْتِيبِ السَّابِقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَسْكُنُ) مِثْلُهُ الْمُرَاقَبَةُ مِنْ غَيْرِ مَسْكَنٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا إذَا وَقَعَ حَرِيقٌ إلَخْ) هَذَا إذَا تَأَمَّلْته اقْتَضَى أَنَّ الْعَجْزَ عَنْ الرَّدِّ إلَى مَنْ سَلَّفَ لَا يُبِيحُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 فَلَا يَضْمَنُ بَلْ يَلْزَمُهُ السَّفَرُ بِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (وَالْحَرِيقُ وَالْغَارَةُ فِي الْبُقْعَةِ وَإِشْرَافُ الْحِرْزِ عَلَى الْخَرَابِ) وَلَمْ يَجِدْ حِرْزًا يَنْقُلُهَا إلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، (أَعْذَارٌ كَالسَّفَرِ) فِي الرَّدِّ إلَى غَيْرِ الْمُودِعِ (وَإِذَا مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا فَلْيَرُدَّهَا إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ) إنْ وَجَدَهُ (وَإِلَّا فَالْحَاكِمِ) أَيْ يَرُدَّهَا إلَيْهِ إنْ وَجَدَهُ أَوْ يُوصِي إلَيْهِ بِهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (أَوْ) يَرُدَّهَا إلَى (أَمِينٍ أَوْ يُوصِيَ بِهَا) إلَيْهِ إنْ لَمْ يَجِدْ الْحَاكِمَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَفِيهِمَا الْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ الْإِعْلَامُ وَالْأَمْرُ بِالرَّدِّ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَهَا وَيُمَيِّزَهَا عَنْ غَيْرِهَا. (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) مَا ذُكِرَ (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلْفَوَاتِ؛ إذْ الْوَارِثُ يَعْتَمِدُ ظَاهِرَ الْيَدِ، وَيَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ (إلَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بِأَنْ مَاتَ فَجْأَةً) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَوْ قُتِلَ غِيلَةً أَيْ فَلَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ مَا ذُكِرَ. (وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ عَوَارِضِ الضَّمَانِ. (إذَا نَقَلَهَا مِنْ مَحَلَّةٍ أَوْ دَارٍ إلَى أُخْرَى دُونَهَا فِي الْحِرْزِ ضَمِنَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دُونَهَا فِيهِ بِأَنْ كَانَتْ مِثْلَهَا فِيهِ أَوْ أَحْرَزَ مِنْهَا، (فَلَا) يَضْمَنُ وَلَوْ نَقَلَهَا مِنْ بَيْتٍ إلَى بَيْتٍ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَحْرَزَ قَالَهُ الْبَغَوِيّ. (وَمِنْهَا أَنْ لَا يَدْفَعَ مُتْلِفَاتِهَا) لِوُجُوبِ الدَّفْعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حِفْظِهَا الْوَاجِبِ. (فَلَوْ أَوْدَعَهُ دَابَّةً فَتَرَكَ عَلْفَهَا) بِسُكُونِ اللَّامِ. (ضَمِنَ) لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حِفْظِهَا (فَإِنْ نَهَاهُ) الْمَالِكُ (عَنْهُ فَلَا) يَضْمَنُ بِتَرْكِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ)   [حاشية قليوبي] إذْنِهِ وَلَوْ ضِمْنًا كَأَنْ أَوْدَعَهُ فِي السَّفَرِ. قَوْلُهُ: (غَارَةٌ) هِيَ أَثَرُ الْإِغَارَةِ فَهِيَ الْغَدْرُ أَصَالَةً. قَوْلُهُ: (بَلْ يَلْزَمُهُ السَّفَرُ بِهَا) وَلَوْ مَخُوفًا إنْ عَلِمَ سَلَامَتَهَا بِهِ، فَإِنْ ظَنَّهُ جَازَ وَلَوْ طَرَأَ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ أَقَامَ بِهَا، فَلَوْ هَجَمَ عَلَيْهِ قُطَّاعٌ فَأَنْكَرَهَا مِنْهُمْ فَحَلَّفُوهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَلِفُ لِإِحْرَازِهَا وَعَلَى كُلٍّ إذَا حَلَفَ حَنِثَ سَوَاءٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ، وَلَمْ يُوَرِّ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُكْرِهُوهُ عَلَى الْحَلِفِ عَيْنًا وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ فَإِنْ أَخَذُوهَا مِنْهُ قَهْرًا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِلَّا بِأَنْ سَلَّمَهَا لَهُمْ أَوْ دَلَّهُمْ عَلَيْهَا وَعَيَّنَ مَوْضِعَهَا ضَمِنَهَا، وَلَوْ دَفَنَهَا بِمَوْضِعٍ وَلَوْ لِرَجَاءِ سَلَامَتِهَا أَوْ طَرَحَهَا فِي مُنْعَطَفٍ، كَذَلِكَ فَتَلِفَتْ، وَلَوْ بِغَيْرِ أَخْذٍ ضَمِنَهَا. قَوْلُهُ: (فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) وَفِي غَيْرِهَا يَجُوزُ السَّفَرُ وَلَا يَلْزَمُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا) وَمِثْلُهُ مَا أُلْحِقَ بِهِ إلَّا الْحَبْسَ لِلْقَتْلِ، فَإِنَّهُ كَالْمَرَضِ غَيْرِ الْمَخُوفِ. قَوْلُهُ: (أَمِينٍ) وَلَوْ وَارِثًا وَلَوْ ظَهَرَ غَيْرَ أَمِينٍ ضَمِنَ الْوَدِيعُ إنْ كَانَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَجِدْ الْحَاكِمَ) فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَمِينِ، وَمَا بَعْدَهُ فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ، وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ وُجُودِهِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى، وَفِي عِبَارَةِ شَيْخِنَا أَنْ لَا يَكُونَ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُبَيِّنَهَا أَوْ يُمَيِّزَهَا عَنْ غَيْرِهَا) وَلَوْ بِالْإِشَارَةِ أَوْ الْوَصْفِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ضَمِنَ إلَّا إذَا كَانَ قَاضِيًا أَمِينًا فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَهُ فِي تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ وَمَحَلُّ الضَّمَانِ فِي سَائِرِ الْأُمَنَاءِ، إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ، وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَةِ الْوَدِيعِ مَا عَيَّنَهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ، أَوْ وُجِدَ وَأَنْكَرَهُ الْوَارِثُ لَمْ يُقْبَلْ، وَلَوْ قَصَّرَ الْوَارِثُ فِي رَدِّهَا ضَمِنَ وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَفِي أَنَّ مُوَرِّثَهُ رَدَّهَا، وَفِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ أَيْضًا، وَفِي تَلَفِهَا عِنْدَهُ، وَفِي عَدَمِ عِلْمِهِ بِحَالِهِ، وَلَوْ وُجِدَ بَعْدَهُ مُتَعَدِّدٌ مِمَّا وَصَفَهُ، وَلَمْ يُرِدْهُ الْوَارِثُ ضَمِنَ. تَنْبِيهٌ: لَا أَثَرَ لِكِتَابَتِهِ عَلَى شَيْءٍ هَذَا وَدِيعَةُ فُلَانٍ مَثَلًا أَوْ فِي جَرِيدَتِهِ عِنْدِي لِفُلَانٍ كَذَا إلَّا إنْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ أَقَرَّ بِهِ الْوَارِثُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا ذُكِرَ ضَمِنَ) أَيْ لَا بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ، وَفِي كَلَامِ السُّبْكِيّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي غَيْرِ الْإِيدَاعِ وَالْإِيصَاءِ إلَّا بِالتَّلَفِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا مَرَّ. وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (إذَا نَقَلَهَا) أَيْ لَا بِظَنِّ أَنَّهَا مَالُهُ، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ. قَوْلُهُ: (دُونَهَا) ضَمِيرُهُ عَائِدٌ إلَى الْمَحَلَّةِ أَوْ الدَّارِ بِدَلِيلِ مَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَعَلَهُ عَائِدًا إلَى الْوَدِيعَةِ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَضْمَنُ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ نَهْيٌ مِنْ الْمَالِكِ عَنْ النَّقْلِ وَلَا تَعْيِينَ لِلْمَحَلِّ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَلَوْ تَلِفَتْ فِي مَحَلِّهَا مَعَ النَّهْيِ عَنْ نَقْلِهَا، وَلَوْ بِنَحْوِ حَرِيقٍ فَلَا ضَمَانَ، فَلَوْ نَقَلَهَا صِيَانَةً لَهَا وَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مُتْلِفَاتِهَا) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْقَادِرُ عَلَى دَفْعِهَا بِلَا ضَرَرٍ عَلَيْهِ وَلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، فَلَوْ وَقَعَ حَرِيقٌ فِي مَحَلِّهَا، وَفِيهِ مَتَاعٌ لَهُ مَعَهَا فَقَدَّمَ مَتَاعَهُ لَمْ يَضْمَنْ، إلَّا إنْ سَهُلَ نَقْلُهَا مَعَهُ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ وَدَائِعُ، فَنَقَلَ بَعْضَهَا وَتَلِفَ بَعْضُهَا لَمْ يَضْمَنْ إلَّا مَا قَصَّرَ فِي نَقْلِهِ مِنْهَا، وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى عَدَمِ التَّمَكُّنِ فِي هَذِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: (بِسُكُونِ اللَّامِ) فَهُوَ الْفِعْلُ الَّذِي هُوَ التَّقْدِيمُ لِمَا يُعْلَفُ بِهِ مَعَهُ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (ضَمِنَ لِوُجُوبِهِ إلَخْ) أَيْ صَارَ ضَامِنًا لِجَمِيعِهَا إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَمُوتُ مِثْلُهَا فِيهَا غَالِبًا، أَوْ دُونَهَا وَبِهَا جُوعٌ سَابِقٌ وَعَلِمَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ أَصْلًا، وَفَارَقَ ضَمَانُ الْقِسْطِ فِي الْجِنَايَاتِ فِي هَذِهِ بِتَعَدِّيهِ نَعَمْ، يَضْمَنُ الْأَرْشَ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَهَاهُ الْمَالِكُ) أَيْ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَوَلِيِّ مَحْجُورٍ، وَعَلِمَ لَهُ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (عَنْهُ) أَيْ الْعَلْفِ الَّذِي هُوَ التَّقْدِيمُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَ لَهُ مَا يَعْلِفُهَا بِهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا   [حاشية عميرة] السَّفَرَ بِهَا إلَّا مَعَ الْحَرِيقِ، وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالسَّفَرِ عِنْدَ الْعَجْزِ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا. قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ قَوْلُهُ: (أَوْ يُوصِيَ بِهَا) قُلْت فَإِذًا الْأَحْسَنُ حَمْلُ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي أَوْ يُوصِيَ بِهَا عَلَى مَا يَشْمَلُ الْحَاكِمَ وَالْأَمِيرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ضَمِنَ) أَيْ إذَا وَقَعَ التَّلَفُ بَعْدَ الْمَوْتِ دُونَ التَّلَفِ الْكَائِنِ بَيْنَ التَّرْكِ وَالْمَوْتِ هَذَا مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ضَمِنَ) اسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مِنْهُ مَا لَوْ نَقَلَهَا وَهُوَ يَظُنُّهَا مِلْكَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ضَمِنَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ عَلَى مَا فِي الرَّافِعِيِّ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ عَنْ الْبَغَوِيّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ اُقْتُلْ دَابَّتِي فَقَتَلَهَا، لَكِنْ يَعْصِي لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، وَالثَّانِي يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ بِالْعِصْيَانِ. (فَإِنْ أَعْطَاهُ الْمَالِكُ عَلَفًا) بِفَتْحِ اللَّامِ فِيمَا لَمْ يَنْهَهُ. (عَلَفَهَا مِنْهُ وَإِلَّا فَلْيُرَاجِعْهُ أَوْ وَكِيلُهُ) لِيَعْلِفَهَا (أَوْ يَسْتَرِدَّهَا) فَإِنْ فُقِدَا (فَالْحَاكِمُ) أَيْ يُرَاجِعُهُ لِيَقْتَرِضَ عَلَيْهِ، أَوْ يُؤَجِّرَهَا وَيَصْرِفَ الْأُجْرَةَ فِي مُؤْنَتِهَا أَوْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا (وَلَوْ بَعَثَهَا مَعَ مَنْ يَسْقِيهَا) وَهِرّ أَمِينٌ (لَمْ يَضْمَنْ فِي الْأَصَحِّ) لِجَرْيِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ وَالثَّانِي يَضْمَنُ لِإِخْرَاجِهَا مِنْ يَدِهِ مَعَ إمْكَانِ أَنْ يَسْقِيَهَا بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ عَادَةً، فَلَا يَضْمَنُ قَطْعًا قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ وَلَوْ بَعَثَهَا مَعَ غَيْرِ أَمِينٍ ضَمِنَ قَطْعًا. (وَعَلَى الْمُودَعِ تَعْرِيضُ ثِيَابِ الصُّوفِ لِلرِّيحِ كَيْ لَا يُفْسِدَهَا الدُّودُ، وَكَذَا لُبْسُهَا عِنْدَ حَاجَتِهَا) ، لِتُعَبَّقَ بِهَا رَائِحَةُ الْآدَمِيِّ فَتَدْفَعَ الدُّودَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، وَفَسَدَتْ ضَمِنَ إلَّا أَنْ يَنْهَاهُ عَنْهُ، فَلَا يَضْمَنُ، وَأَشَارَ فِي التَّتِمَّةِ إلَى أَنَّهُ يَجِيءُ فِيهِ الْوَجْهُ السَّابِقُ فِي الْعَلْفِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا بِأَنْ كَانَتْ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ كِيسٍ مَشْدُودٍ فَلَا ضَمَانَ، (وَمِنْهَا أَنْ يَعْدِلَ عَنْ الْحِفْظِ الْمَأْمُورِ) بِهِ مِنْ الْمُودِعِ (وَتَلِفَتْ بِسَبَبِ الْعُدُولِ فَيَضْمَنُ فَلَوْ قَالَ) لَهُ (لَا تَرْقُدْ عَلَى الصُّنْدُوقِ فَرَقَدَ وَانْكَسَرَ بِثِقَلِهِ وَتَلِفَ مَا فِيهِ ضَمِنَ) لِمُخَالَفَتِهِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى التَّلَفِ، (وَإِنْ تَلِفَ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ ثِقَلِهِ (فَلَا) يَضْمَنُ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الرُّقُودَ عَلَيْهِ يُوهِمُ السَّارِقَ نَفَاسَةَ مَا فِيهِ، فَيَقْصِدَهُ (وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهِ قُفْلَيْنِ) بِضَمِّ الْقَافِ يَعْنِي لَا تَقْفِلْ إلَّا وَاحِدًا. (فَأَقْفَلَهُمَا) أَوْ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهِ، فَأَقْفَلَ لَا يَضْمَنُ بِذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ وَتَوْجِيهُ الضَّمَانِ بِمَا تَقَدَّمَ لَا يُسَلَّمُ أَنَّهُ يَقْتَضِيهِ، (وَلَوْ قَالَ: اُرْبُطْ الدَّرَاهِمَ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا، (فِي كُمِّك فَأَمْسَكَهَا فِي يَدِهِ فَتَلِفَتْ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا إنْ ضَاعَتْ بِنَوْمٍ وَنِسْيَانٍ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَرْبُوطَةً لَمْ تَضِعْ بِهَذَا السَّبَبِ، فَالتَّلَفُ حَصَلَ بِالْمُخَالَفَةِ (أَوْ) تَلِفَتْ (بِأَخْذِ غَاصِبٍ فَلَا) يَضْمَنُ   [حاشية قليوبي] لَوْ قَالَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهَا عِلَّةٌ يَضُرُّ مَعَهَا الْعَلْفُ وَنَهَاهُ لِأَجْلِهَا فَعَلَفَهَا مَعَهَا ضَمِنَهَا. قَوْلُهُ: (فِيمَا لَمْ يَنْهَهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا مُؤَخَّرٌ عَنْ مَحَلِّهِ الَّذِي هُوَ قَبْلَ تَرْكِهِ التَّقْدِيمُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِيَعْلِفَهَا) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ يَدْفَعَ مَا يَعْلِفُهَا بِهِ لِلْوَدِيعِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فُقِدَا) قَالَ الْخَطِيبُ هُوَ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ كَمَا فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ عَدَمُ وُجُودِهِمَا فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، أَوْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَالْحَاكِمُ) فَإِنْ فَقَدَهُ أَشْهَدَ، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَرْجِعْ وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ كَهَرَبِ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ. قَوْلُهُ: (فِي مُؤْنَتِهَا) أَيْ الَّتِي تَصُونُهَا عَنْ تَلَفٍ أَوْ تَعْيِيبٍ لَا نَحْوِ سِمَنٍ وَيَجِبُ تَسْرِيحُ رَاعِيهِ مَعَ ثِقَةٍ إنْ تَيَسَّرَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَمِينٌ، وَلَوْ صَبِيًّا) نَعَمْ إنْ وَضَعَهَا الْأَمِينُ فِي مَحَلٍّ لَمْ يَعْرِفْهُ الْوَدِيعُ ضَمِنَهَا الْوَدِيعُ لِزَوَالِ نَظَرِهِ وَيَدِهِ عَنْهَا. فَرْعٌ: لَوْ أَخَذَ الظَّافِرُ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ، وَأَوْدَعَهُ إنْسَانًا فَرَدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ جِنْسَ حَقِّهِ ضَمِنَ. قَوْلُهُ: (مَعَ إمْكَانِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَلِيقَ بِهِ عَادَةً أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَعَثَهَا مَعَ غَيْرِ أَمِينٍ ضَمِنَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ. نَعَمْ إنْ لَاحَظَهُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ثِيَابِ الصُّوفِ) وَمِثْلُهُ الْوَبَرُ وَالشَّعْرُ وَنَحْوُهُمَا وَمِنْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَرْكُهُ سَقْيَ شَجَرٍ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ سَقْيِهِ، وَلَمْ يَشْرَبْ بِعُرُوقِهِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ. قَوْلُهُ: (لَبِسَهَا) بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَلَوْ تَوَقَّفَ عَلَى أُجْرَةٍ لَزِمَتْهُ، وَفِي الرُّجُوعِ بِهَا مَا مَرَّ فِي الْعَلْفِ، وَلَوْ طَلَبَهَا، وَإِنْ فَعَلَ بِنَفْسِهِ، وَلَهُ لُبْسُ نَحْوِ حَرِيرٍ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَلْبَسُهُ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ لُبْسُهُ مَجَّانًا. قَوْلُهُ: (وَأَشَارَ فِي التَّتِمَّةِ إلَخْ) أَيْ فَعَدَمُ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِعَدَمِ اعْتِنَائِهِ بِهِ فَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (فِي صُنْدُوقٍ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا كَمَا ذَكَرَهُ أَوْ عَلِمَ بِهَا، وَلَمْ يُعْطِهِ مِفْتَاحَهُ، وَإِلَّا وَجَبَ فَتْحُهُ لَهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ قَوْلُهُ: (أَنْ يَعْدِلَ إلَى مَا هُوَ دُونَ الْمَأْمُورِ بِهِ) أَوْ يُخَالِفُ مَا نَهَى عَنْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الصَّادِ) عَلَى الْأَفْصَحِ فَيَجُوزُ فَتْحُهَا. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِهِ) أَيْ الثِّقَلِ، وَرُجُوعُهُ لِلْعُدُولِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ حَجَرٍ يَرُدُّهُ ذِكْرُ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ فَاسِدٌ كَمَا يَعْرِفُهُ مَنْ تَأَمَّلَهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَضْمَنُ) نَعَمْ إنْ سُرِقَ مِنْ مَوْضِعٍ لَوْ لَمْ يَرْقُدْ فَوْقَهُ لَرَقَدَ فِيهِ أَوْ مِنْ مَوْضِعٍ أَمَرَهُ بِالرُّقُودِ فِيهِ فَخَالَفَ ضَمِنَ وَفِي كَلَامِهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْرِ هُوَ السَّرِقَةُ فَقَطْ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَعْنِي إلَخْ) لَعَلَّ حَمْلَهُ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِهِمْ أَوَّلًا قَبْلَهُ فَلَا خَفَاءَ، وَإِلَّا فَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِلنَّهْيِ عَنْ الْقَفْلِ مِنْ أَصْلِهِ، وَهُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (ارْبِطْ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا كَمَا مَرَّ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَضْمَنُ) هَذَا زَيَّفَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي الضَّمَانَ، فِي نَحْوِ اُقْتُلْ عَبْدِي أَوْ أَحْرِقْ ثَوْبِي قَالَ وَهُوَ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ فُقِدَ فَالْحَاكِمُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ مِنْ هَرَبِ الْجَمَّالِ وَنَحْوِهِ أَنْ يَتَعَاطَاهُ بِنَفْسِهِ وَيُشْهِدَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَفِي الرُّجُوعِ وَجْهَانِ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا تُقْفَلُ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَقْفَلَ وَمِنْ قَفَلَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ قَالَ ارْبِطْ الدَّرَاهِمَ إلَخْ) لَوْ نَهَاهُ مَعَ ذَلِكَ عَنْ الْمَسْكِ بِالْيَدِ خَرَّجَهُ الْإِمَامُ عَلَى النَّقْلِ إلَى الْأَحْرَزِ عِنْدَ النَّهْيِ عَنْ النَّقْلِ. قُلْت: وَلَوْ قَالَ أَمْسِكْهَا فِي يَدِك فَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ، فَالظَّاهِرُ انْعِكَاسُ الْحُكْمِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 لِأَنَّ الْيَدَ أَحْرَزُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إطْلَاقُ قَوْلَيْنِ، وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ: إنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِمْسَاكِ ضَمِنَ، وَإِنْ أَمْسَكَ بَعْدَ الرَّبْطِ لَمْ يَضْمَنْ (وَلَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ بَدَلًا عَنْ الرَّبْطِ فِي الْكُمِّ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ إلَّا إذَا كَانَ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَبِالْعَكْسِ) وَهُوَ أَنْ يَرْبِطَهَا فِي الْكُمِّ بَدَلًا عَنْ قَوْلِهِ: اجْعَلْهَا فِي جَيْبِك، (يَضْمَنُ) لِتَرْكِهِ الْأَحْرَزَ (وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِالسُّوقِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ الْحِفْظِ فَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ، وَأَمْسَكَهَا بِيَدِهِ أَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ بَالَغَ فِي الْحِفْظِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَيْبُ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ، فَيَضْمَنَ لِسُهُولَةِ تَنَاوُلِهَا بِالْيَدِ مِنْهُ. (وَإِنْ أَمْسَكَهَا بِيَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ أَخَذَهَا غَاصِبٌ، وَيَضْمَنُ إنْ تَلِفَتْ بِغَفْلَةٍ أَوْ نَوْمٍ) لِتَقْصِيرِهِ (وَإِنْ قَالَ: احْفَظْهَا فِي الْبَيْتِ فَلْيَمْضِ إلَيْهِ وَيُحْرِزْهَا فِيهِ، فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْهَا فِيهِ مِنْ التَّأْخِيرِ. (وَمِنْهَا أَنْ يُضَيِّعَهَا بِأَنْ يَضَعَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا أَوْ يُدِلُّ عَلَيْهَا سَارِقًا) بِأَنْ يُعَيِّنَ مَوْضِعَهَا (أَوْ مَنْ يُصَادِرُ الْمَالِكَ) بِأَنْ يُعْلِمَهُ بِهَا فَيَضْمَنَهَا بِذَلِكَ (فَلَوْ أَكْرَهَهُ ظَالِمٌ حَتَّى سَلَّمَهَا إلَيْهِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِتَسْلِيمِهِ (ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الظَّالِمِ) وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ تَضْمِينُهُ لِلْإِكْرَاهِ، وَيُطَالَبُ الظَّالِمُ، وَلَهُ عَلَى الْأَوَّلِ مُطَالَبَتَهُ أَيْضًا، وَلَوْ أَخَذَهَا الظَّالِمُ مِنْ الْمُودِعِ قَهْرًا، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ (وَمِنْهَا أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا بِأَنْ يَلْبَسَ) الثَّوْبَ (أَوْ يَرْكَبَ) الدَّابَّةَ (خِيَانَةً) بِالْخَاءِ (أَوْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ) مِنْ مَحَلِّهِ (لِيَلْبَسَهُ أَوْ الدَّرَاهِمَ) مِنْ مَحَلِّهَا (لِيُنْفِقَهَا فَيَضْمَنَ) بِمَا ذُكِرَ، وَقَوْلُهُ خِيَانَةً أَيْ لِغَيْرِ عُذْرٍ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ اللُّبْسِ. لِدَفْعِ الدُّودِ وَرُكُوبِ مَا لَا يَنْقَادُ لِلسَّقْيِ، وَيَأْخُذُ مَعْطُوفٌ عَلَى يَنْتَفِعُ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَأَمْسَكَهَا فِي يَدِهِ) أَيْ بَدَلًا عَنْ الرَّبْطِ أَوْ مَعَهُ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ فَإِنْ امْتَثَلَ وَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ فَإِنْ لَمْ يُحْكِمْ رَبْطَهَا ضَمِنَ مُطْلَقًا، أَوْ كَانَ فَوْقَ مَا رَبَطَهَا فِيهِ ثَوْبٌ آخَرُ لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا. وَإِلَّا فَإِنْ رَبَطَهَا مِنْ خَارِجٍ فَضَاعَتْ بِأَخْذِ طِرَازٍ ضَمِنَ أَوْ بِاسْتِرْسَالٍ، فَلَا أَوْ رَبَطَهَا مِنْ دَاخِلٍ فَعَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَضْمَنُ) مَا لَمْ يَكُنْ نَهَاهُ عَنْ الْيَدِ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَلَوْ لَمْ يَرْبِطْ كُمَّهُ عَلَيْهَا فَضَاعَتْ سَهْوًا أَوْ بِنَفْضِ كُمِّهِ أَوْ بِاسْتِرْسَالٍ، وَهِيَ خَفِيفَةٌ لَا يَشْعُرْ بِهَا ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ، وَلَوْ وَضَعَهَا فِي كُورِ عِمَامَتِهِ ضَمِنَهَا. قَوْلُهُ: (وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِمْسَاكِ ضَمِنَ) أَيْ مُطْلَقًا. لِيُخَالِفَ مَا فِي الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَمْ يَضْمَنْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فِي جَيْبِهِ) أَيْ الَّذِي بِإِزَاءِ حَلْقِهِ عَلَى صَدْرِهِ أَوْ الَّذِي عَلَى وَرِكِهِ، وَلَيْسَ فَوْقَهُ ثَوْبٌ آخَرُ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَاسِعًا إلَخْ) وَكَذَا لَوْ وَضَعَهَا بَيْنَ ثِيَابِهِ، وَلَوْ سَهْوًا أَوْ كَانَ جَيْبُهُ مَثْقُوبًا وَقْتَ الْوَضْعِ، وَإِنْ جَهِلَهُ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ لَهُ الثَّقْبُ. قَوْلُهُ: (فِي السُّوقِ) أَيْ مَثَلًا فَالصَّحْرَاءُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَكَانًا وَلَا كَيْفِيَّةً فَرَجَعَ فِيهَا إلَى الْعِدَّةِ، وَهِيَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَخَرَجَ مَا لَوْ أَعْطَاهَا لَهُ فِي الْبَيْتِ، وَقَالَ لَهُ: احْفَظْهَا فِيهِ فَإِنَّهُ مَتَى خَرَجَ بِهَامَتِهِ مَعَ إمْكَانِ حِفْظِهَا فِيهِ ضَمِنَ إلَّا إنْ رَبَطَهَا عَلَى جَسَدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحَرَزُ مِنْ الْبَيْتِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ) أَيْ وَقَدْ أَعْطَاهَا لَهُ فِي السُّوقِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَخَّرَ) بِأَنْ لَمْ يَذْهَبْ حَالًا. قَوْلُهُ: (بِلَا عُذْرٍ) وَالْعُذْرُ هُنَا مَا كَانَ ضَرُورِيًّا، أَوْ قَارَبَهُ؛ إذْ لَيْسَ مِنْهُ مَا لَوْ جَرَتْ عَادَتُهُ أَنْ لَا يَذْهَبَ مِنْ حَانُوتِهِ مَثَلًا إلَّا مَعَ آخِرِ النَّهَارِ، وَإِنْ كَانَ حَانُوتُهُ حِرْزًا لَهَا. قَوْلُهُ: (أَنْ يُضَيِّعَهَا) كَأَنْ يَنَامَ عَنْهَا وَلَيْسَ عِنْدَهُ نَحْوُ رُفْقَةٍ تَحْفَظُهَا وَكَأَنْ يَنْسَاهَا، وَلَوْ بَعْدَ وَضْعِهَا عَنْ بَدَنِهِ لِيَرْتَاحَ مِنْ حَمْلِهَا، أَوْ يَدْفِنَهَا أَوْ يَطْرَحَهَا أَوْ يَهْرُبَ عَنْهَا خَوْفًا مِنْ قَاطِعٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَأَنْ يَذْهَبَ بِهَا نَحْوُ فَأْرٍ فِي جِدَارٍ مَثَلًا، وَلَا يُكَلَّفُ مَالِكُهُ هَدْمَهُ بِلَا أَرْشٍ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، وَكَأَنْ يُخْبِرَ عَنْهَا وَقَدْ نَهَاهُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَحَلَّهَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَلْبَسَ الثَّوْبَ) أَوْ يَجْلِسَ عَلَيْهِ أَوْ يَجُزَّ صُوفَ الشَّاةِ، أَوْ يَقْطَعَ بَعْضَ أُذُنِهَا إلَّا إنْ حَلَبَهَا فَيَضْمَنُ اللَّبَنَ فَقَطْ، أَوْ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ فَتْحٍ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي، وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: خِيَانَةُ الرَّاجِعِ لِيَنْتَفِعَ عَدَمَ وُجُودِ عُذْرٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. فَرْعٌ: يُعْتَبَرُ فِي الِانْتِفَاعِ فِي نَحْوِ الْخَاتَمِ الْعَادَةُ فَلُبْسُهُ مُضَمَّنٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا، وَفِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى فِي الْخَصْرِ، وَكَذَا فِي غَيْرِهِ إنْ اُعْتِيدَ أَوْ قُصِدَ اسْتِعْمَالُهُ، وَإِلَّا فَلَا إنْ لَمْ يَنْهَهُ أَوْ انْكَسَرَ وَسُفْلُ كُلِّ أُصْبُعٍ أَحَرَزُ مِنْ وَسَطِهِ، وَهُوَ أَحَرَزُ مِنْ أَعْلَاهُ وَمَا قَوِيَ اسْتِمْسَاكُهُ أَحَرَزُ، وَالْيَدُ الْيُمْنَى أَحَرَزُ، وَعَكْسُهُ فِي الْأَعْسَرِ، وَيَسْتَوِيَانِ فِي الْعَامِلِ بِهِمَا سَوَاءٌ. قَوْلُهُ: (فَيَضْمَنُ بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِالِانْتِفَاعِ أَوْ بِالْأَخْذِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (إطْلَاقُ قَوْلَيْنِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الرَّبْطِ وَالْوَضْعِ فِي الْيَدِ يَدْفَعُ شَيْئًا غَيْرَ مَا يَدْفَعُهُ الْآخَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَضْمَنُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اسْتَثْنَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ مَا إذَا رَبَطَهَا بَيْنَ عَضُدِهِ وَجَنْبِهِ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ بَيْنَ ثِيَابِهِ أَحْرَزَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَمْسَكَهَا) أَيْ أَمَّا لَوْ رَبَطَهَا فَقَطْ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالرَّبْطِ فَأَمَّنَهُ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ جَعَلَ الْخَيْطَ مِنْ خَارِجٍ فَضَاعَتْ بِالطِّرَارِ ضَمِنَ، أَوْ بِالِاسْتِرْسَالِ فَلَا، وَإِنْ جَعَلَهُ مِنْ دَاخِلٍ انْعَكَسَ الْحُكْمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ أَرَادَ وَضْعَهَا فِي الْجَيْبِ فَوَضَعَهَا فِي كُوْرِ عِمَامَتِهِ وَلَمْ يَشُدَّهَا ضَمِنَ انْتَهَى ثُمَّ مَحَلُّ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ مَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى الْبَيْتِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْوَضْعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ فَلَوْ خَرَجَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي كُمِّهِ أَوْ يَدِهِ أَوْ جَيْبِهِ ضَمِنَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ أَخَّرَ إلَخْ) اسْتَثْنَى الْفَارِقِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ مَا إذَا تَأَخَّرَ بِهَا فِي حَانُوتِهِ لِلِاتِّجَارِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهَا بَعْدَ انْتِهَاءِ أَمْرِهِ، إذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ الْجُلُوسُ فِي السُّوقِ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ أَوْدَعَهُ، وَهُوَ فِي حَانُوتِهِ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَسُرِقَتْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ وَضَعَهَا لِيَرْتَادَ لَهَا مَوْضِعًا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَ إهْمَالًا ضَمِنَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَضَعَهَا إلَخْ) مِنْهُ، مَا لَوْ هَجَمَ عَلَيْهِ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ فَأَلْقَاهَا فِي مَضْيَعَةٍ إرَادَةَ الْإِخْفَاءِ فَضَاعَتْ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُعْلِمَهُ بِهَا) أَيْ وَلَوْ مُكْرَهًا عَلَى مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلِلْمَالِكِ إلَخْ) إنْ كَانَ الْإِثْمُ مُنْتَفِيًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (خِيَانَةً) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 (وَلَوْ نَوَى الْأَخْذَ وَلَمْ يَأْخُذْ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِعْلًا وَالثَّانِي يَضْمَنُ لِنِيَّتِهِ الْخِيَانَةَ (وَلَوْ خَلَطَهَا بِمَالِهِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ (وَلَوْ خَلَطَ دَرَاهِمَ كِيسَيْنِ لِلْمُودِعِ ضَمِنَ فِي الْأَصَحِّ) لِمُخَالَفَتِهِ لِلْغَرَضِ فِي التَّفْرِيقِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ، (وَمَتَى صَارَتْ مَضْمُونَةً بِانْتِفَاعٍ وَغَيْرِهِ) ، كَمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَانَةَ لَمْ يَبْرَأْ) مِنْ الضَّمَانِ (فَإِنْ أَحْدَثَ لَهُ الْمَالِكُ اسْتِئْمَانًا) كَأَنْ قَالَ اسْتَأْمَنْتُك عَلَيْهَا، (بَرِئَ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي لَا يَبْرَأُ حَتَّى يَرُدَّهَا إلَيْهِ، (وَمَتَى طَلَبَهَا الْمَالِكُ لَزِمَهُ الرَّدُّ بِأَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَمْلُهَا إلَيْهِ (فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ) ، وَإِنْ تَلِفَتْ فِي زَمَنِ الْعُذْرِ كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَلَا ضَمَانَ (وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا أَوْ ذَكَرَ) سَبَبًا (خَفِيًّا كَسَرِقَةٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ (وَإِنْ ذَكَرَ) سَبَبًا (ظَاهِرًا كَحَرِيقٍ، فَإِنْ عُرِفَ الْحَرِيقُ وَعُمُومُهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ عُرِفَ دُونَ عُمُومِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فِي التَّلَفِ بِهِ لِاحْتِمَالِهِ (وَإِنْ جُهِلَ) الْحَرِيقُ (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) عَلَى وُجُودِهِ (ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ بِهِ) وَإِنْ نَكَلَ الْمُودَعُ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ وَاسْتَحَقَّ (وَإِنْ ادَّعَى رَدَّهَا عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَالتَّلَفِ (أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَوَارِثِهِ، أَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودَعِ الرَّدَّ)   [حاشية قليوبي] لِتَعَدِّيهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّهَا مِلْكَهُ، وَلَمْ يَنْتَفِ وَرَدَّهَا لَمْ يَضْمَنْ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَوْ أَخَذَ بَعْضًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ ضَمِنَهَا كُلَّهَا إنْ فَضَّ نَحْوَ خَتْمٍ، وَإِلَّا ضَمِنَ مَا أَخَذَهُ فَقَطْ، فَإِنْ رَدَّهُ فَكَذَلِكَ إنْ تَمَيَّزَ أَوْ تَلِفَتْ كُلُّهَا، فَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهَا ضَمِنَ بِقِسْطِهِ فَقَطْ، فَيَضْمَنُ نِصْفَهُ إنْ تَلِفَ نِصْفُهَا كَذَا قَالُوهُ، وَقَالُوا أَيْضًا: إنَّهُ لَوْ رَدَّ بَدَلَهُ ضَمِنَ الْكُلَّ إنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ وَإِلَّا ضَمِنَهُ وَحْدَهُ. فَرْعٌ: دَفَعَ لَهُ ثَوْبًا لِيُحَرِّقَهُ فَانْتَفَعَ بِهِ ضَمِنَهُ وَأُجْرَتَهُ، وَإِنْ أَحْرَقَهُ بَعْدُ فَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى إحْرَاقِهِ عَيْنًا لَمْ يَضْمَنْهُ، وَقِرَاءَةُ الْكِتَابِ كَلُبْسِ الثَّوْبِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (لِدَفْعِ الدُّودِ) أَيْ مَثَلًا، وَيُصَدَّقُ فِي إرَادَتِهِ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَأْخُذَ) مَعْطُوفُ عَلَى يَنْتَفِعَ أَيْ لَا عَلَى يَلْبَسَ؛ إذْ لَمْ يَنْتَفِعْ هُنَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ خَالَفَهُ شَرْحُ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَوَى الْأَخْذَ) أَيْ بَعْدَ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ فَإِنْ نَوَاهُ حَالَ أَخْذِهَا ضَمِنَ مُطْلَقًا وَخَرَجَ بِنِيَّةِ الْأَخْذِ التَّرَدُّدُ فِيهِ وَخُطُورُهُ بِبَالِهِ فَلَا يَضْمَنُ بِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَأْخُذْ لَمْ يَضْمَنْ) فَإِنْ أَخَذَ ضَمِنَ مِنْ وَقْتِ النِّيَّةِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْأَخْذِ. قَوْلُهُ: (لَوْ خَلَطَهَا) وَلَوْ سَهْوًا، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (بِمَالِهِ) أَوْ مَالِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ تَتَمَيَّزْ) أَيْ لَمْ يَسْهُلْ تَمْيِيزُهَا ضَمِنَ فَشَمِلَ خَلْطَ بُرٍّ بِشَعِيرٍ فَإِنْ تَمَيَّزَتْ كَمَا ذُكِرَ لَمْ يَضْمَنْهَا، فَإِنْ نُقِضَتْ بِالْخَلْطِ ضَمِنَ أَرْشَهَا وَلَوْ لَمْ يَتَمَيَّزْ بَعْضُهَا ضَمِنَهُ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ إلَخْ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَفُضَّ خَتْمًا وَلَمْ يَقْطَعْ كِيسًا أَوْ يَكْسِرْ صُنْدُوقًا، وَإِلَّا ضَمِنَ قَطْعًا وَلَا ضَمَانَ بِحَلِّ خَيْطٍ قَدْ رَبَطَ بِهِ رَأْسَ كِيسٍ، أَوْ نَحْوَ رِزْمَةِ قُمَاشٍ؛ لِأَنَّهُ لِمَنْعِ الِانْتِشَارِ لَا لِلْكَتْمِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَحْدَثَ لَهُ الْمَالِكُ اسْتِئْمَانًا بَرِئَ) خَرَجَ بِالْمَالِكِ غَيْرُهُ كَوَصِيٍّ وَوَكِيلٍ وَخَرَجَ بِ أَحْدَثَ اسْتِئْمَانًا مَا لَوْ أَبْرَأهُ مِمَّا فَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ إحْدَاثٍ. قَوْلُهُ: (اسْتَأْمَنْتُك عَلَيْهَا) أَوْ اسْتَحْفَظْتُكَهَا أَوْ أَبْرَأْتُك مِنْهَا أَوْ أَوْدَعْتُكَهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَمَتَى طَلَبَهَا الْمَالِكُ) أَيْ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْوَدِيعَةِ حَقٌّ، وَإِلَّا كَسَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ فَالرَّدُّ إلَى الْوَلِيِّ أَوْ نَحْوِهِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَوْ حُجِرَ عَلَى الْوَدِيعِ بِالْفَلَسِ نُزِعَتْ مِنْهُ الْوَدِيعَةُ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا وَلَوْ طَلَبَ أَحَدَ شَرِيكَيْنِ أَوْ دَعَاهُ حِصَّتَهُ دَفَعَهَا لَهُ بِإِذْنِ حَاكِمٍ يُقَسِّمُهَا. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَمْلُهَا إلَيْهِ) نَعَمْ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي رَدِّهَا بَعْدَ جَحْدِهَا وَكَالْوَدِيعَةِ الْأَمَانَةُ الشَّرْعِيَّةُ كَثَوْبٍ أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي دَارِهِ فَيَلْزَمُهُ إعْلَامُ الْمَالِكِ بِهِ لَا حَمْلُهُ إلَيْهِ. فَرْعٌ: لَوْ دَفَعَ لَهُ خَاتَمًا أَمَارَةً عَلَى حَاجَةٍ فَلَهُ حُكْمُ الْوَدِيعَةِ. قَوْلُهُ: (كَقَضَاءِ حَاجَةٍ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ وَصَلَاةٍ وَطَهَارَةٍ وَأَكْلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَلَوْ طَالَ زَمَنُ الْعُذْرِ كَاعْتِكَافِ نَحْوِ شَهْرٍ مَنْذُورٍ لَزِمَهُ بَعْثُهَا مَعَ وَكِيلٍ أَمِينٍ، فَإِنْ فَقَدَهُ فَمَعَ حَاكِمٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ، وَلَوْ قَالَ رُدَّهَا إلَى مَنْ شِئْت مِنْ وُكَلَائِي فَأَخَّرَهَا عَمَّنْ طَلَبَهَا مِنْهُمْ، أَوْ لَا لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: ادْفَعْهَا لِأَحَدِ وُكَلَائِي فَأَخَّرَهَا عَمَّنْ طَلَبَهَا مِنْهُمْ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يَعْصِي وَيَضْمَنُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ ذَهَبَ بِهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْأَمَانَةِ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْحِرْزِ حَتَّى يُسَلِّمَهَا إلَيْهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْ . قَوْلُهُ: (وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهَا) وَلَوْ بَعْدَ أَنْ طَلَبَهَا الْمَالِكُ وَقَالَ أَرُدُّهَا. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَلَا بُدَّ فِي التَّلَفِ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ. قَوْلُهُ: (كَسَرِقَةٍ) مِنْ نَحْوِ خَلْوَةٍ، وَإِلَّا طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَالْغَصْبُ كَالسَّرِقَةِ وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِهِ السُّقُوطَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (ظَاهِرًا) مِنْهُ مَوْتُ حَيَوَانٍ ذَكَرَ أَنَّهُ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ. قَوْلُهُ: (بِلَا يَمِينٍ) أَيْ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ وَإِلَّا حَلَفَ وُجُوبًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَدِيعَةِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَدْبَ الْحَلِفِ فِي الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ ادَّعَى) أَيْ الْوَدِيعُ الَّذِي لَا يَضْمَنُ. قَوْلُهُ: (مَنْ لَهُ ائْتَمَنَهُ) أَيْ الْأَهْلُ   [حاشية عميرة] اسْتَعْمَلَهَا يَظُنُّهَا مِلْكَهُ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَضْمَنُ) أَيْ بِالْقِيمَةِ وَالْأُجْرَةِ. قَوْلُهُ: (لِنِيَّتِهِ الْخِيَانَةَ) أَيْ وَكَمَا أَنَّ نِيَّةَ الْقُنْيَةِ تَقْطَعُ حَوْلَ التِّجَارَةِ. تَنْبِيهٌ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ تُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ ضَمِنَ مِنْ حِينِ النِّيَّةِ لَا مِنْ حِينِ الْأَخْذِ فَقَطْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كِيسَيْنِ) لَوْ كَانَا مَشْدُودَيْنِ ضَمِنَ بِمُجَرَّدِ الْحَلِّ وَإِنْ لَمْ يَخْلِطْ. قَوْلُهُ: (مِنْ الضَّمَانِ) أَيْ كَمَا لَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ اعْتَرَفَ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ قَالَ اسْتَأْمَنْتُك) قَالَ الْفَارِقِيُّ لَوْ قَالَ: اسْتَوْدَعْتُك إيَّاهَا بَرِئَ قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ عَلَى غَيْرِهِ) هَذَا بِعُمُومِهِ يَشْمَلُ الْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةَ، كَالثَّوْبِ الَّتِي أَلْقَاهَا الرِّيحُ، وَاللُّقَطَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ فِي جَزْمِهِ بِالتَّصْدِيقِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 فِي التَّلَفِ بِهِ لِاحْتِمَالِهِ (وَإِنْ جُهِلَ) الْحَرِيقُ (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) عَلَى وُجُودِهِ (ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ بِهِ) وَإِنْ نَكَلَ الْمُودَعُ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ وَاسْتَحَقَّ، (وَإِنْ ادَّعَى رَدَّهَا عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَالتَّلَفِ (أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَوَارِثِهِ أَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودَعِ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ سَفَرِهِ أَمِينًا. فَادَّعَى الْأَمِينُ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ طُولِبَ) كُلٌّ مِمَّنْ ذُكِرَ (بَيِّنَةً) بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ (وَجُحُودُهَا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ مُضَمِّنٌ) بِخِلَافِ إنْكَارِهَا مِنْ غَيْرِ طَلَبِهِ، وَلَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ؛ لِأَنَّ خَفَاءَهَا أَبْلَغُ فِي حِفْظِهَا. كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ (الْفَيْءُ مَالٌ حُصِّلَ مِنْ كُفَّارٍ بِلَا قِتَالٍ وَ) بِلَا   [حاشية قليوبي] لِلْقَبْضِ وَلَوْ وَكِيلًا أَوْ قَيِّمًا أَوْ حَاكِمًا وَمِنْهُ جَابٍ ادَّعَى الدَّفْعَ لِمَنْ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْجِبَايَةِ، وَوَكِيلٌ ادَّعَى الدَّفْعَ لِمُوَكِّلِهِ، وَأَمِينٌ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الْوَدِيعِ بَعْدَ عَوْدِهِ مِنْ نَحْوِ سَفَرٍ، وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِهِ الرَّدَّ عَلَيْهِ قَبْلَهُ، وَمَا لَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ الْوَدِيعِ رَدَّ وَالِدِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (أَمِينًا) أَيْ لَمْ يُعَيِّنْهُ الْمَالِكُ. قَوْلُهُ: (وَجُحُودُهَا) بِأَنْ يَقُولَ: لَمْ تُودِعْنِي يَضْمَنُ بِخِلَافِ لَا وَدِيعَةَ لَك عِنْدِي فَيُقْبَلُ بَعْدَهُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ، وَيُعْذَرُ فِي دَعْوَى النِّسْيَانِ قَبْلَ التَّلَفِ لَا بَعْدَهُ. تَنْبِيهٌ: إذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَالِكِ فِي التَّلَفِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ. فُرُوعٌ: أَوْدَعَهُ وَرَقَةً مَكْتُوبَةً بِإِقْرَارٍ أَوْ نَحْوِهِ فَتَلِفَتْ بِتَقْصِيرٍ ضَمِنَ قِيمَتَهَا مَكْتُوبَةً مَعَ أُجْرَةِ مِثْلِ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا مُطَرَّزًا فَتَلِفَ، كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مُطَرَّزًا فَقَطْ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ تُنْقِصُ قِيمَةَ الْوَرَقَةِ بِخِلَافِ الطِّرَازِ فَتَلِفَ، كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مُطَرَّزًا فَقَطْ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ تُنْقِصُ قِيمَةَ الْوَرَقَةِ بِخِلَافِ الطِّرَازِ فِي الثَّوْبِ وَلَوْ ادَّعَى اثْنَانِ عَلَى وَدِيعٍ بِوَدِيعَةٍ فَإِنْ صَدَّقَهُمَا فَالْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا فَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُ الْوَدِيعِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَغَرَّمَهُ قِيمَتَهَا وَلَوْ قَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَأُنْسِيتُهُ، وَكَذَّبَاهُ فِي النِّسْيَانِ ضَمِنَ، وَالْأَمْرُ فِي اللُّقَطَةِ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا وَفِي ثَوْبٍ أَلْقَاهُ الرِّيحُ فِي دَارِهِ وَأَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِمَا لِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَائِرًا. وَيَجُوزُ لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَصْرِفَهُمَا فِي مَصَارِفِهِمَا أَوْ فِي بِنَاءِ نَحْوِ مَسْجِدٍ كَرِبَاطٍ كَمَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ جَائِرًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ ذَكَرَهُ عَقِبَ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْحَاصِلَ فِيهِ، كَالْوَدِيعَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِلْمُسْلِمِينَ، أَوْ لِأَنَّ الْمَالَ عِنْدَ الْكُفَّارِ كَالْوَدِيعَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَعْنَى الْفَيْءِ الْآتِي، أَوْ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ قَدْ يَئُولُ أَمْرُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَالْقَسْمُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ السِّينِ بِمَعْنَى الْقِسْمَةِ هُنَا، وَيُطْلَقُ عَلَى الْعَدْلِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ وَبِفَتْحِهِمَا بِمَعْنَى الْيَمِينِ وَبِكَسْرِ الْقَافِ مَعَ سُكُونِ السِّينِ بِمَعْنَى النَّصِيبِ، وَمَعَ فَتْحِهَا جَمْعُ قِسْمَةٍ وَالْفَيْءُ بِفَاءٍ مَفْتُوحَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ فَهَمْزَةٍ مَصْدَرُ فَاءَ إذَا رَجَعَ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَالِ الرَّاجِعِ إلَيْنَا مِنْ الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْكَوْنَ وَمَا فِيهِ لِمَنَافِعِ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ تَحْتَ يَدِ الْكُفَّارِ كَالْعَارِيَّةِ، أَوْ الْوَدِيعَةِ، فَإِذَا أَخَذَهُ الْمُؤْمِنُونَ فَقَدْ رَجَعَ إلَى مَحَلِّهِ وَالْغَنِيمَةُ فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ مِنْ الرِّبْحِ وَالْمَشْهُورُ تَغَايُرُهُمَا كَمَا سَيَأْتِي وَبِدَلِيلِ الْعَطْفِ، وَقِيلَ: كُلٌّ مِنْهُمَا يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ إذَا انْفَرَدَ فَإِذَا اجْتَمَعَا افْتَرَقَا، كَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ وَقِيلَ يُطْلَقُ الْفَيْءُ عَلَى الْغَنِيمَةِ دُونَ عَكْسِهِ، وَقِيلَ تُطْلَقُ الْغَنِيمَةُ عَلَى الْفَيْءِ دُونَ عَكْسِهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِمْ لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا يَعُمُّ الْفَيْءَ بَلْ كَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ إذَا غَنِمُوا مَالًا جَمَعُوهُ، فَتَأْتِي نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ فَتَأْخُذُهُ ثُمَّ أُحِلَّتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لَهُ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ كَالْمُقَاتِلِينَ كُلِّهِمْ نُصْرَةً وَشُجَاعَةً بَلْ أَعْظَمُ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، فِيمَا يَأْتِي، وَمَعْنَى أَخْذِ النَّارِ لَهُ حَرْقُهُ بِهَا فِي مَوْضِعِهِ وَهُوَ بِظَاهِرِهِ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ فِيهِ حَيَوَانٌ فَرَاجِعْهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْعَلَّامَةِ الْعَلْقَمِيِّ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا يُصَرِّحُ بِاسْتِثْنَاءِ الْحَيَوَانِ مِنْ الْحَرْقِ لَكِنْ يُنْظَرُ مَا إذَا كَانَ يَفْعَلُ بِهِ، وَقَدْ يُقَالُ بِجَوَازِ حَرْقِهِ فِي شَرَائِعِهِمْ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا كَشَرْعِنَا مَعَ أَنَّهُ فِي شَرْعِنَا قَدْ يَجُوزُ حَرْقُ الْحَيَوَانِ، كَمَا فِي النَّمْلِ وَالْقَمْلِ إذَا تَعَذَّرَ دَفْعُهُ إلَّا بِالْحَرْقِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِشْكَالَ سَاقِطٌ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الْحَرْقَ هُنَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْبَشَرِ وَلِلَّهِ أَنْ يَفْعَلَ فِي خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مَالٌ) وَكَذَا غَيْرُهُ، وَلَوْ أَسْقَطَ اللَّامَ لَشَمِلَهُ. قَوْلُهُ: (حَصَلَ) أَيْ لَنَا بِمَعْنَى دُخُولِهِ فِي قَبْضَتِنَا؛ لِأَنَّهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (مِنْ كُفَّارٍ) وَلَوْ غَيْرَ حَرْبِيِّينَ أَوْ لَمْ تَبْلُغْهُمْ الدَّعْوَةُ مِمَّا حَوْلَهُمْ فَخَرَجَ صَيْدُ دَارِهِمْ فَهُوَ كَدَارِنَا، وَخَرَجَ مَالُ مُسْلِمٍ عِنْدَهُمْ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودِعِ إلَخْ) لَوْ ادَّعَى أَنَّ مُوَرِّثَهُ مَنْ رَدَّ عَلَى الْمَالِكِ قَبْلَ مَوْتِهِ صُدِّقَ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمَالِكِ) خَرَجَ بِهِ دَعْوَى الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ. كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَالٌ) هُوَ بِاعْتِبَارٍ وَإِلَّا فَالِاخْتِصَاصَاتُ كَالْأَمْوَالِ قِيلَ لَوْ قَيَّدَ الْحُصُولَ بِكَوْنِهِ عَلَى سَبِيلِ الْغَلَبَةِ لَخَرَجَ مَا أَوْرَدَ مِنْ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ غَنِيمَةٌ لَا فَيْءٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 (إيجَافِ) أَيْ إسْرَاعِ (خَيْلٍ وَرِكَابٍ) أَيْ إبِلٍ (كَجِزْيَةٍ وَعُشْرِ تِجَارَةٍ وَمَا جَلَوْا عَنْهُ خَوْفًا) مِنْ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ سَمَاعِ خَبَرِهِمْ، (وَمَالِ مُرْتَدٍّ قُتِلَ أَوْ مَاتَ وَ) مَالِ. (ذِمِّيٍّ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ فَيُخَمَّسُ) خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ قَالَ تَعَالَى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الحشر: 7] «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقْسَمُ لَهُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ وَخُمُسَ خُمُسِهِ، وَلِكُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورِينَ مَعَهُ خُمُسُ خُمُسٍ، وَيُصْرَفُ مَا كَانَ لَهُ بَعْدَهُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ لِلْمُرْتَزِقَةِ كَمَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ. وَخُمُسُهُ لِخَمْسَةٍ أَحَدُهَا مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ كَالثُّغُورِ وَالْقُضَاةِ وَالْعُلَمَاءِ يُقَدَّمُ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ وَالثَّانِي بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ وَهُمْ الْمُرَادُ بِذِي الْقُرْبَى فِي الْآيَةِ لِاقْتِصَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَسْمِ عَلَيْهِمْ مَعَ سُؤَالِ غَيْرِهِمْ. مِنْ بَنِي عَمَّيْهِمْ نَوْفَلٍ وَعَبْدِ شَمْسٍ لَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَيَشْتَرِكُ) فِيهِ (الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَالنِّسَاءُ وَيُفَضَّلُ الذَّكَرُ كَالْإِرْثِ) ، فَلَهُ سَهْمَانِ، وَلِلْأُنْثَى سَهْمٌ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (خَيْلٍ وَرِكَابٍ) ذَكَرَهُمَا لِلتَّبَرُّكِ بِالْقُرْآنِ فَمِثْلُهُمَا غَيْرُهُمَا كَرَجَّالَةٍ وَسُفُنٍ وَمِنْهُ الْمَسْرُوقُ لِوُجُودِ الْإِيجَافِ فِيهِ وَمِنْهُ اللُّقَطَةُ وَالضَّالَّةُ وَالصَّغِيرُ مِنْهُمْ، وَأَمَّا مَا أَهْدَاهُ الْكُفَّارُ لَنَا وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ، فَهُوَ لِمَنْ أَهْدَى لَهُ، وَلَيْسَ فَيْئًا وَلَا غَنِيمَةً لِعَدَمِ الْإِيجَافِ، وَلِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِمْ. قَوْلُهُ: (أَيْ إبِلٍ) هُوَ كَالرِّكَابِ لَا وَاحِدَ لَهُمَا وَمُفْرَدُهُمَا بَعِيرٌ أَوْ رَاحِلَةٌ. قَوْلُهُ: (خَوْفًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ) لَيْسَ الْخَوْفُ وَالْمُسْلِمُونَ قَيْدًا فَغَيْرُهُمْ وَلَوْ نَحْوَ مَرَضٍ كَعَجْزٍ عَنْ حَمْلِ شَيْءٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِلَا وَارِثٍ) أَيْ مُسْتَغْرَقٌ فَمَالُهُ أَوْ الْفَاضِلُ مِنْهُ فَيْءٌ إنْ انْتَظَمَ بَيْتَ الْمَالِ، وَإِلَّا رُدَّ عَلَى الْوَارِثِ كَمَا فِي الْمُسْلِمِ. قَوْلُهُ: (فَيُخَمَّسُ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ صَرَفُوهُ كُلَّهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. قَوْلُهُ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ} [الحشر: 7] لَكِنْ لَيْسَ فِي الْآيَةِ تَصْرِيحٌ بِذِكْرِ التَّخْمِيسِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِي آيَةِ الْغَنِيمَةِ فَحُمِلَ مَا هُنَا عَلَيْهَا وَلِذَلِكَ ذَكَرَ الشَّارِحُ الْحَدِيثَ بَعْدَهَا لِبَيَانِهِ. قَوْلُهُ: (وَخَمَّسَهُ لِخَمْسَةٍ) وَيَتَمَيَّزُ بِالْقُرْعَةِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلِلَّهِ) ذَكَرَهُ لِلتَّبَرُّكِ. قَوْلُهُ: (يُقْسَمُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ، إذَا لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا لَمَا اُحْتِيجَ لِلْحَمْلِ السَّابِقِ وَيَجِبُ فِيهِ تَقْدِيمُ الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ. قَوْلُهُ: (كَالثُّغُورِ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمُعْجَمَةِ الْمَضْمُومَتَيْنِ، جَمْعُ ثَغْرٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، وَهُوَ مَحَلُّ الْخَوْفِ مِنْ أَطْرَافِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَأَصْلُهُ مَحَلُّ الْفَتْحِ. قَوْلُهُ: (وَالْقُضَاةِ) أَيْ فِي الْبِلَادِ لَا قُضَاةِ الْعَسْكَرِ الَّذِينَ مَعَهُ يَحْكُمُونَ لِأَهْلِ الْفَيْءِ فَإِنَّهُمْ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (وَالْعُلَمَاءِ) وَالْمُرَادُ بِهِمْ الْمُشْتَغِلُونَ، بِأَيِّ عِلْمٍ وَلَوْ مُبْتَدِئِينَ كَعِلْمِ الْقِرَاءَةِ وَالطِّبِّ وَعُلُومِ الْأَدَبِ، كَالنَّحْوِ وَمِثْلُهُمْ الْأَئِمَّةُ وَالْمُؤَذِّنُونَ، وَمَنْ يُرِيدُ حِفْظَ الْقُرْآنِ وَسَوَاءٌ فِي الْجَمِيعِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَقَدْرُ الْمُعْطِي إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَيَخْتَلِفُ بِضِيقِ الْمَالِ وَسَعَتِهِ، قَالَ الْغَزَالِيُّ وَيُعْطَى الْفَقِيرُ الْعَاجِزُ عَنْ الْكَسْبِ أَيْضًا. فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَوْ مَنَعَ السُّلْطَانُ حَقَّ الْمُسْتَحَقِّينَ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ الظَّفَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي الْأَمْوَالِ الْعَامَّةِ، وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ ذَكَرَهَا الْغَزَالِيُّ ثَانِيهَا: لَهُ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ قُوتِهِ، ثَالِثُهَا أَنَّهُ يَأْخُذُ كِفَايَةَ سَنَةٍ، رَابِعُهَا أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ مَا كَانَ يُعْطِيهِ الْإِمَامُ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ، وَأَقَرَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ وَهُوَ الظَّاهِرُ. قَوْلُهُ: (وَيُقَدَّمُ) أَيْ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (بَنُو هَاشِمٍ إلَخْ) فِيهِ تَغْلِيبُ الْمُذَكَّرِ أَيْ الْمُنْتَسِبِ إلَى مَنْ ذُكِرَ فَخَرَجَ وَلَدُ غَيْرِهِمْ، وَلَوْ مِنْ بَنَاتِهِمْ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (وَهُمْ الْمُرَادُ بِذِي الْقُرْبَى فِي الْآيَةِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الْقَرَابَةِ الشَّامِلَ لِغَيْرِهِمْ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ الْمُرَادِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بَنِي عَمَّيْهِمْ) هُوَ مَثْنًى وَيُبْدَلُ مِنْهُ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (يَشْتَرِكُ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِحْقَاقُ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْأَحْوَجِ فَالْأَحْوَجِ. قَوْلُهُ: (كَالْإِرْثِ) أَيْ فِي التَّفْصِيلِ وَكَذَا فِي عَدَمِ صِحَّةِ إعْرَاضِهِمْ عَنْهُ لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ، فَيَجُوزُ إعْطَاءُ الْأَخِ مَعَ الْأَبِ، وَابْنِ الِابْنِ مَعَ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِيجَافِ خَيْلٍ وَرِكَابٍ) وَاحِدَةُ رَاحِلَةٍ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنَى أَوْ، وَالتَّقْدِيرُ مَا حَصَلَ عِنْدَ انْتِفَاءِ أَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ انْتِفَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ، وَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الْأَعَمِّ انْتِفَاءُ الْأَخَصِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (خَوْفًا) مِثْلُهُ مَا جَلَوْا عَنْهُ بِغَيْرِ الْخَوْفِ وَعُذْرُ الْمُصَنِّفِ مُوَافَقَةُ الْغَائِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيُخَمَّسُ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ قَالُوا: يُصْرَفُ الْجَمِيعُ لِلْمَصَالِحِ مُحْتَجِّينَ، بِأَنَّهُ آيَةُ الْفَيْءِ لَيْسَ فِيهَا تَخْمِيسٌ بِخِلَافِ الْغَنِيمَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ أَيْ تَرْكِ بَيَانِ التَّخْمِيسِ فِي آيَةِ الْفَيْءِ إحَالَةً عَلَى بَيَانِهِ فِي آيَةِ الْغَنِيمَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قُلْت: وَقَوْلُهُمْ لَيْسَ فِيهَا تَخْمِيسٌ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ. نَعَمْ لَيْسَ فِيهَا التَّخْمِيسُ الَّذِي قَالَهُ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْعُلَمَاءُ) قَالَ الْغَزَالِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ الْعُلَمَاءِ وَنَحْوِهِمْ: وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَى هَؤُلَاءِ مَعَ الْغِنَى وَيَكُونَ إلَى رَأْيِ السُّلْطَانِ بِالْمَصْلَحَةِ، حَكَاهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ الْبَيْعِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قُلْت: وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ تَقْتَضِيهِ حَيْثُ أَطْلَقَ فِيهِ وَقَيَّدَ فِي الْأَيْتَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَالْإِرْثِ) يُرِيدُ أَنَّ هَذَا عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَفْعَلُ فِيهَا مَا ذُكِرَ كَالْإِرْثِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ فَإِنَّهَا عَطِيَّةُ آدَمِيٍّ عَلَى أَنَّ الْمُزَنِيّ وَأَبَا ثَوْرٍ ذَهَبَا إلَى التَّسْوِيَةِ كَالْوَصِيَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَ الْمُدْلِي بِجِهَتَيْنِ، وَالْمُدْلِي بِجِهَةٍ، وَأَنَّهُمْ لَوْ عَرَضُوا عَنْهُ، لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُمْ بِالْإِعْرَاضِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 وَلَا يُعْطَى أَوْلَادُ الْبِنْتِ، كَمَا فَعَلَ الْأَوَّلُونَ (وَالثَّالِثُ الْيَتَامَى وَهُوَ) أَيْ الْيَتِيمُ (صَغِيرٌ لَا أَبَ لَهُ وَيُشْتَرَطُ فَقْرُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْيَتِيمِ يُشْعِرُ بِالْحَاجَةِ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِشُمُولِ الِاسْمِ لِلْغَنِيِّ، (وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ الْمَسَاكِينُ وَابْنُ السَّبِيلِ) ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا وَبَيَانُ الْفَقِيرِ فِي الْكِتَابِ التَّالِي لِهَذَا (وَيَعُمُّ الْأَصْنَافَ الْأَرْبَعَةَ الْمُتَأَخِّرَةَ) بِالْعَطَاءِ (وَقِيلَ يَخُصُّ بِالْحَاصِلِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ مَنْ فِيهَا مِنْهُمْ) وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ الْجَمِيعَ لِلْمَشَقَّةِ فِي النَّقْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّقْلَ لِنَاحِيَةٍ لَا شَيْءَ فِيهَا أَوْ لَمْ يَفِ مَا فِيهَا بِمَنْ فِيهَا، بِقَدْرِ الْحَاجَةِ لِعُمُومِ الْآيَةِ (وَأَمَّا الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ، وَهُمْ الْأَجْنَادُ الْمُرْصَدُونَ لِلْجِهَادِ) لِعَمَلِ الْأَوَّلِينَ، وَالثَّانِي أَنَّهَا لِلْمَصَالِحِ، كَخُمُسِ الْخُمُسِ، وَأَهَمُّهَا تُعْهَدُ لِلْمُرْتَزِقَةِ، فَيَرْجِعُ إلَى الْأَوَّلِ، وَيُخَالِفُهُ فِي الْفَاضِلُ عَنْهُمْ، وَالثَّالِثُ أَنَّهَا تُقَسَّمُ كَمَا يُقَسَّمُ الْخُمُسُ خُمُسُهَا لِلْمَصَالِحِ، وَالْبَاقِي لِلْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ، (فَيَضَعُ الْإِمَامُ دِيوَانًا) بِكَسْرِ الدَّالِ وَهُوَ   [حاشية قليوبي] الِابْنِ، وَيَسْتَوِي ذُو الْجِهَتَيْنِ كَالشَّقِيقِ مَعَ ذِي الْجِهَةِ، كَالْأَخِ لِلْأَبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُعْطَى الْخُنْثَى نَصِيبَ أُنْثَى بِلَا وَقْفٍ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا يُوقَفُ لَهُ تَمَامُ نَصِيبِ ذَكَرٍ، وَلَعَلَّهُ إنْ رَجَى اتِّضَاحَهُ لِتَعَذُّرِ الصُّلْحِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (كَمَا فَعَلَ الْأَوَّلُونَ) أَيْ فَهُوَ إجْمَاعٌ مُخَصِّصٌ لِمَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْيَتِيمُ) أَيْ الَّذِي هُوَ مُفْرَدُ الْيَتَامَى مَعْنَاهُ لُغَةً صَغِيرٌ، وَلَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى، وَلَوْ مُمَيِّزًا لَا أَبَ لَهُ أَيْ مَعْرُوفٌ شَرْعًا فَدَخَلَ وَلَدُ الزِّنَا وَاللَّقِيطُ وَالْمَنْفِيُّ بِاللِّعَانِ، وَإِذَا ظَهَرَ الْأَبُ فِيهِمَا رَجَعَ عَلَيْهِمَا بِمَا دَفَعَ لَهُمَا، كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِيهِمَا وَهَذَا فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ جَدٌّ وَأُمٌّ، أَمْ لَا، وَفَاقِدُ الْأُمِّ مِنْهُ يُقَالُ لَهُ مُنْقَطِعٌ، وَأَمَّا الْيَتِيمُ فِي الْبَهَائِمِ فَهُوَ فَاقِدُ الْأُمِّ، وَفِي الطُّيُورِ فَهُوَ فَاقِدُ أَبَوَيْهِ مَعًا. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْإِعْطَاءُ لَا مِنْ حَيْثُ الِاسْمُ كَمَا ذَكَرَهُ مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ. قَوْلُهُ: (فَقْرُهُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْمَسْكَنَةِ، وَيُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (الْمَسَاكِينُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْفُقَرَاءِ فَيُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَابْنُ السَّبِيلِ) أَيْ الطَّرِيقِ بِشَرْطِ الْفَقْرِ وَالْإِسْلَامِ وَإِبَاحَةِ السَّفَرِ. قَوْلُهُ: (يَعُمُّ) أَيْ وُجُوبًا إنْ وَفَّى الْمَالُ. قَوْلُهُ: (الْأَصْنَافَ) وَكَذَا آحَادُهَا، وَلَهُ التَّفْضِيلُ فِي الْأَصْنَافِ وَالْآحَادِ. قَوْلُهُ: (الْأَرْبَعَةَ الْمُتَأَخِّرَةَ) حَيْثُ ثَبَتَ اتِّصَافُهُمْ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ بِالْبَيِّنَةِ فِي ذَوِي الْقُرْبَى أَوْ بِالِاسْتِفَاضَةِ فِيهِمْ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَبِالْبَيِّنَةِ فِي الْيَتَامَى وَكَذَا فِي الْمَسَاكِينِ إنْ عُرِفَ لِلْمُدَّعِي مَالٌ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ادَّعَى عِيَالًا وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَابْنِ السَّبِيلِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ فِي أَهْلِ الْخُمُسِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ الْإِمَامُ لِلْفُقَرَاءِ مَعَ الْخُمُسِ نَصِيبَهُمْ مِنْ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ، فَيَجْتَمِعُ لَهُمْ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ، وَمَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ وَصْفَانِ أَخَذَ بِأَحَدِهِمَا بِاخْتِيَارِهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَزْوًا جَازَ الْأَخْذُ بِهِمَا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ اجْتَمَعَ فِي شَخْصٍ يُتْمٌ، وَمَسْكَنَةٌ أَخَذَ بِالْيُتْمِ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لَازِمٌ مَرْدُودٌ نَاشِئٌ عَنْ غَفْلَةٍ؛ لِأَنَّ الْفَقْرَ شَرْطٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْيَتِيمِ، فَتَأَمَّلْ، وَلَوْ فَقَدَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَصْنَافِ صَرْفَ مَا يَخُصُّهُ إلَى الْبَاقِينَ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (قِيلَ يَخُصُّ) ظَاهِرُهُ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ) قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُنَاسِبُ وَإِنْ عَمَّ الْجَمِيعَ بِأَنْ كَانَ كَثِيرًا فَرَاجِعْهُ وَقَدْ يُرَادُ بِالْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ الْإِمَامُ بِالْإِعْطَاءِ جَمِيعَ مَنْ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَبِالثَّانِي وَإِنْ عَمَّ الْمَالُ لِكَثْرَتِهِ جَمِيعَ الْأَصْنَافِ، وَاخْتَارَ الشَّارِحُ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ التَّعْمِيمِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِهَا يَمْتَنِعُ نَقَلَهُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مَعَ أَنَّ النَّظَرَ لِعُمُومِ الْآيَةِ الَّذِي جَعَلَهُ عِلَّةً لِلْجَوَابِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ الْقَيْدَ فَتَأَمَّلْ، وَفَارَقَ مَا هُنَا مِنْ جَوَازِ النَّقْلِ مَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ مَنْعِهِ بِتَشَوُّفِ أَهْلِهَا إلَيْهَا، وَبِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَالِكَ يُفَرِّقُهَا كَذَا أَجَابَ بَعْضُهُمْ، وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ إنَّمَا يُفِيدُ الْأَوْلَوِيَّةَ لَا الْمَنْعَ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّ فُقَرَاءَ الْمَحَلِّ قَدْ مَلَكُوا الزَّكَاةَ قَبْلَ صَرْفِهَا بِخِلَافِ الْفَيْءِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِلْمُرْتَزِقَةِ) وَمِنْهُمْ قُضَاتُهُمْ وَأَئِمَّتُهُمْ وَمُؤَذِّنُوهُمْ وَنَحْوُهُمْ كَمَا مَرَّ. وَسُمُّوا بِذَلِكَ لِطَلَبِهِمْ مِنْ الْإِمَامِ أَرْزَاقَهُمْ. قَوْلُهُ: (الْمُرْصَدُونَ لِلْجِهَادِ) بِخِلَافِ الْمُتَطَوِّعَةِ فَيُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ كَمَا سَيَأْتِي آنِفًا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) إنَّمَا خَصَّهُ؛ لِأَنَّ مَا سَيَأْتِي فِيمَا إذَا فَضَلَتْ لَا يَتَأَتَّى عَلَى غَيْرِهِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَلَا يُعْطَى أَوْلَادُ الْبَنَاتِ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ عَدُّهُمْ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - انْتِسَابَ أَوْلَادِ بَنَاتِهِ إلَيْهِ، وَالْجَوَابُ قَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا فَعَلَ الْأَوَّلُونَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَقْرُهُ) أَيْ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْمَسْكَنَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ) اسْتَدَلَّ لَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ اُشْتُرِطَ الْفَقْرُ لَدَخَلَ فِي الْمَسَاكِينِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَةَ النَّصِّ عَلَيْهِ عَدَمُ جَوَازِ الْحِرْمَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْمُرْتَزِقَةِ) لَوْ لَمْ يَفِ الْفَيْءُ بِهِمْ، وَهُمْ فُقَرَاءُ جَازَ إعْطَاؤُهُمْ مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ إلَخْ) مَأْخَذُهُ ظَاهِرُ آيَةِ الْحَشْرِ. وَلِأَنَّهَا كَانَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحُصُولِ النُّصْرَةِ بِهِ فَتُصْرَفُ مِنْ بَعْدِهِ لِمَنْ بِهِ النُّصْرَةُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) كَأَنَّ الشَّارِحَ خَصَّ التَّفْرِيعَ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ: فَإِنْ فَضَلَتْ الْأَخْمَاسُ إلَخْ. لَا يَأْتِي عَلَى غَيْرِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 كَمَا فِي الشَّامِلِ الدَّفْتَرُ الَّذِي يُثْبِتُ فِيهِ أَسْمَاءَ الْمُرْتَزِقَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ وَضَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَيُنَصِّبُ لِكُلِّ قَبِيلَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ عَرِيفًا) لِيَعْرِضَ عَلَيْهِ أَحْوَالَهُمْ، وَيَجْمَعَهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَنَصْبُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مُسْتَحَبٌّ (وَيَبْحَثُ عَنْ حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (وَعِيَالِهِ وَمَا يَكْفِيهِ فَيُعْطِيهِ كِفَايَتَهُمْ) نَفَقَةً وَكِسْوَةً وَغَيْرَهُمَا لِيَتَفَرَّغَ لِلْجِهَادِ (وَيُقَدِّمُ فِي إثْبَاتِ الِاسْمِ وَالْإِعْطَاءِ قُرَيْشًا) اسْتِحْبَابًا لِشَرَفِهِمْ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِحَدِيثِ «قَدِّمُوا قُرَيْشًا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، (وَهُمْ وَلَدُ النَّضِرِ بْنِ كِنَانَةَ) أَحَدِ أَجْدَادِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيُقَدِّمُ مِنْهُمْ بَنِي هَاشِمٍ) جَدِّهِ الثَّانِي، (وَ) بَنِي (الْمُطَّلِبِ) شَقِيقِ هَاشِمٍ (ثُمَّ) بَنِي (عَبْدِ شَمْسٍ) شَقِيقِ هَاشِمٍ، (ثُمَّ) بَنِي (نَوْفَلٍ) أَخِي هَاشِمٍ لِأَبِيهِ، عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ، وَتَقْدِيمُ بَنِي الْمُطَّلِبِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَسْوِيَةِ النَّبِيِّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ فِي الْقَسْمِ (ثُمَّ) بَنِي (عَبْدِ الْعُزَّى) بْنِ قُصَيٍّ؛ لِأَنَّهُمْ أَصْهَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ زَوْجَتَهُ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، (ثُمَّ سَائِرَ الْبُطُونِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) مِنْهُمْ بَعْدَ بَنِي عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ (ثُمَّ) بَعْدَ قُرَيْشٍ (الْأَنْصَارَ) لِآثَارِهِمْ الْحَمِيدَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَهُمْ حَيَّانِ لِلْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ (ثُمَّ سَائِرَ الْعَرَبِ) أَيْ بَاقِيَهُمْ (ثُمَّ) يُعْطِي (الْعَجَمَ) ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ أَقْرَبُ مِنْهُمْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا التَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَيَضَعُ) أَيْ نَدْبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (دِيوَانًا) هُوَ فِي الْأَصْلِ اسْمُ شَيْطَانٍ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ وَضَعَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الدَّالِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَقِيلَ عَرَبِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَيُنَصِّبُ) أَيْ الْإِمَامُ وَمَنْصُوبُهُ يُسَمَّى صَاحِبَ جَيْشٍ، وَهُوَ يُنَصِّبُ النُّقَبَاءَ، وَهُمْ يُنَصِّبُونَ الْعُرَفَاءَ، فَالْعَرِيفُ مَنْصُوبُ الْإِمَامِ بِوَاسِطَةٍ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَعْرِفُ أَسْمَاءَ مَنْ هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (وَنَصْبُهُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيَبْحَثُ) وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (وَعِيَالِهِ) مِمَّنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُمْ، كَزَوْجَاتِهِ وَإِنْ حَدَثْنَ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِنَّ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ كَذَلِكَ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِالْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مِنْهُنَّ، وَفَارَقْنَ الزَّوْجَاتِ بِانْحِصَارِهِنَّ فِي أَرْبَعٍ، وَأَوْلَادِهِ وَإِنْ حَدَثُوا لِعَدَمِ اخْتِيَارِهِ فِي حُدُوثِهِمْ، وَعَبِيدِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِمْ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَبْدٌ وَاحْتَاجَ إلَيْهِ لِزَمَانَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ، وَكَانَ مِمَّنْ يَخْدُمُ أَعْطَى عَبْدًا وَمُؤْنَتَهُ، وَكَذَا الْفَرَسُ لِمَنْ يُقَاتِلُ فَارِسًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ، لَا يُعْطَى دَوَابَّ وَلَا مُؤْنَتَهَا، وَاشْتَرَطَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي كُلِّ مَنْ يُعْطَى لِأَجْلِهِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فِي أُصُولِهِ، وَلَا فِي زَوْجَاتِهِ، وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَسَيَأْتِي مَا بَعْدَ مَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَكْفِيهِمْ) وَيُرَاعَى فِي ذَلِكَ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَالرُّخْصُ وَالْغَلَاءُ وَعَادَتُهُ مُرُوءَةً وَضِدَّهَا، وَيُزَادُ بِزِيَادَةِ مُمَوَّنِهِ. قَوْلُهُ: (فَيُعْطِيهِ كِفَايَتَهُمْ) وَيَمْلِكُ مَا يُعْطَاهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَوْ لِزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ، وَيَصِيرُ إلَيْهِمْ مِنْ جِهَتِهِ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيمَا يَأْخُذُهُ، وَلَوْ بِغَيْرِ الْإِعْطَاءِ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ الَّتِي عَلَيْهِ لَهُ دَفْعُهَا مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَرَادَ. قَوْلُهُ: (وَيُقَدَّمُ) أَيْ اسْتِحْبَابًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (قُرَيْشًا) سُمُّوا بِذَلِكَ لِتَقَرُّشِهِمْ أَيْ تَجَمُّعِهِمْ أَوْ لِشِدَّتِهِمْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا) أَيْ بِصِيغَةِ بَلَغَنِي. قَوْلُهُ: (وَلَدُ النَّضْرِ) وَقِيلَ وَلَدُ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ. قَوْلُهُ: (ابْنِ كِنَانَةَ) وَهُوَ ابْنُ خُزَيْمَةَ بْنُ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ إلَى هُنَا انْتَهَى النَّسَبُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَحَدُ أَجْدَادِهِ) هُوَ بَدَلٌ مِنْ النَّضْرِ وَهُوَ الْجَدُّ الثَّانِي عَشَرَ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (جَدِّهِ الثَّانِي) هُوَ بَدَلٌ مِنْ هَاشِمٍ وَقَبْلَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ قَوْلُهُ: (عَبْدِ مَنَافٍ) هُوَ جَدُّهُ الثَّالِثُ، وَهُوَ أَبُو الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورِينَ. قَوْلُهُ: (ابْنِ قُصَيٍّ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ هُوَ جَدُّهُ الرَّابِعُ وَهُوَ ابْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ بِالْهَمْزِ، وَتَرَكَهُ ابْنُ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِذَا ضُمَّ هَذَا إلَى مَا سَبَقَ انْتَظَمَ لَهُ عِشْرُونَ جَدًّا مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَهُمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ اهـ. قَوْلُهُ: (بَنِي عَبْدِ الْعُزَّى) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ أَخُو عَبْدِ مَنَافٍ، وَأَشَارَ إلَى عِلَّةِ تَقْدِيمِهِمْ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُمْ أَصْهَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ زَوْجَتَهُ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى. قَوْلُهُ: (بَنُو عَبْدِ الدَّارِ) هُوَ أَخُو عَبْدِ مَنَافٍ أَيْضًا، فَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ أَوْلَادُ قُصَيٍّ ثُمَّ يُقَدَّمُ بَعْدَ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بَنُو زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ؛ لِأَنَّهُمْ أَخْوَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ بَنُو مَخْزُومٍ لِمَكَانِ أَبِي بَكْرٍ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ثُمَّ بَنُو عَدِيٍّ لِمَكَانِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ بَنُو جُمَحَ، ثُمَّ بَنُو سَهْمٍ، ثُمَّ بَنُو عَامِرٍ، ثُمَّ بَنُو الْحَارِثِ. قَوْلُهُ: (حَيَّانِ) مُثَنَّى حَيٍّ بِمَعْنَى قَبِيلَةٍ وَيُبْدَلُ مِنْهُمَا الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، وَيُقَالُ لَهُمْ بَنُو قَيْلَةَ بِقَافٍ مَفْتُوحَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ اسْمُ جَدَّتِهِمْ الْعُلْيَا، وَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ الْأَوْسُ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ وَرَثَةِ أَخْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَائِرُ الْعَرَبِ بَعْدَ الْأَنْصَارِ) أَيْ وَبَعْدَ الْأَقْرَبِ إلَى الْأَنْصَارِ كَمُضَرٍ فَرَبِيعَةَ فَعَدْنَانَ فَقَحْطَانَ، وَيُقَدَّمُ فِي الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الشَّامِلِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا قَالَ غَيْرُهُ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَضْبِطُ الْأَسْمَاعَ. قَوْلُهُ: (وَنَصْبُهُ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ بَيَانِ الدِّيوَانِ، وَكَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ يُفْهِمُ الْوُجُوبَ لَكِنْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِالِاسْتِحْبَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ الْأَنْصَارُ) هُمْ مِنْ وَلَدِ قَحْطَانَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 (وَلَا يُثْبِتُ فِي الدِّيوَانِ أَعْمَى، وَلَا زَمِنًا، وَلَا مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ) غَيْرَهُمَا لِعَجْزِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يُثْبِتُ الْأَقْوِيَاءَ الْمُسْتَعِدِّينَ لِلْغَزْوِ مِنْ الرِّجَالِ الْمُكَلَّفِينَ الْأَحْرَارِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْمُسْلِمِينَ، (وَلَوْ مَرِضَ بَعْضُهُمْ أَوْ جُنَّ وَرُجِيَ زَوَالُهُ) أَيْ زَوَالُ مَرَضِهِ أَوْ جُنُونِهِ (أُعْطِيَ) لِئَلَّا يَرْغَبَ النَّاسُ عَنْ الْجِهَادِ وَيَشْتَغِلُوا بِالْكَسْبِ (فَإِنْ لَمْ يُرْجَ) زَوَالُهُ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْطَى) أَيْضًا (وَكَذَا) تُعْطَى (زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ إذَا مَاتَ) لِئَلَّا يُشْغَلَ النَّاسُ بِالْكَسْبِ عَنْ الْجِهَادِ، إذَا عَلِمُوا ضَيَاعَ عِيَالِهِمْ بَعْدَهُمْ، (فَتُعْطَى الزَّوْجَةُ حَتَّى تُنْكَحَ وَالْأَوْلَادُ) الذُّكُورُ (حَتَّى يَسْتَقِلُّوا) بِالْكَسْبِ، وَالْإِنَاثُ حَتَّى يَتَزَوَّجْنَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْوَسِيطِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُعْطَى هُوَ وَلَا عِيَالُهُ بَعْدَهُ، لِعَدَمِ رَجَاءِ نَفْعِهِ وَلِزَوَالِ تَبَعِيَّتِهِمْ لَهُ (فَإِنْ فَضَّلَتْ) بِالتَّشْدِيدِ (الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ عَنْ حَاجَاتِ الْمُرْتَزِقَةِ وَزَّعَ) الْفَاضِلَ (عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مُؤْنَتِهِمْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَصْرِفَ بَعْضَهُ فِي إصْلَاحِ الثُّغُورِ وَالسِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ) أَيْ الْخَيْلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عُدَّةٌ لَهُمْ، وَيَكُونُ الْمُوَزَّعُ الْبَاقِي بَعْدَ ذَلِكَ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ بَلْ يُوَزِّعُ جَمِيعَ الْفَاضِلِ، (وَهَذَا حُكْمُ مَنْقُولِ الْفَيْءِ فَأَمَّا عَقَارُهُ) وَهُوَ الدُّورُ وَالْأَرَاضِيُ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُجْعَلُ وَقْفًا) بِأَنْ يَقِفَهُ الْإِمَامُ (وَتُقَسَّمَ غَلَّتُهُ) كُلَّ سَنَةٍ (كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ قَسْمِ الْمَنْقُولِ، أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ، وَخُمُسُهَا لِلْمَصَالِحِ، وَالْأَصْنَافُ الْأَرْبَعَةُ سَوَاءٌ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا مِنْ غَيْرِ جُعْلٍ، وَوُجِّهَ أَنَّهُ يُقَسَّمُ كَالْمَنْقُولِ إلَّا سَهْمَ الْمَصَالِحِ.   [حاشية قليوبي] بِالْقُرْبِ فَيَسْبِقُ الْإِسْلَامُ فَبِالدِّينِ فَبِالسِّنِّ، فَبِالْهِجْرَةِ فَبِالشَّجَاعَةِ فَبِاخْتِيَارِ الْإِمَامِ وَقَدَّمَ السِّنَّ هُنَا عَكْسَ إمَامَةِ الصَّلَاةِ نَظَرًا لِلِافْتِخَارِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَهَذَا التَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ) وَهُوَ مَا مَرَّ بِقَوْلِهِ: وَيُقَدَّمُ فِي إثْبَاتِ الِاسْمِ إلَى هُنَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَثْبُتُ) أَيْ نَدْبًا فَيُكْرَهُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَالزِّيَادِيِّ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ وُجُوبًا فَيَحْرُمُ، وَهَذَا فِي إثْبَاتِ أَسْمَاءِ الْمُرْتَزِقَةِ، أَمَّا عِيَالُهُمْ فَيُثْبِتُهُمْ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (أَعْطَى) وَإِنْ مَحَى اسْمَهُ مِنْ الدِّيوَانِ قَالَ شَيْخُنَا وَمَحْوُ اسْمِ مَنْ لَمْ يُرْجَ، وَطَالَ مَرَضُهُ مَنْدُوبٌ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ وُجُوبُهُ، وَلَعَلَّ الْإِعْطَاءَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ وَاجِبٌ. قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَشْتَغِلَ النَّاسُ إلَخْ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمُ وُجُوبِ إعْطَاءِ أَوْلَادِ الْعَالِمِ وَظَائِفَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِرَغْبَةِ الْأَنْفُسِ فِي الْعِلْمِ، لَا عَنْهُ وَهَذَا فِي الْأَوْقَافِ، وَأَمَّا أَمْوَالُ الْمَصَالِحِ فَأَوْلَادُ الْعَالِمِ بَعْدَهُ يُعْطَوْنَ كَمَا هُنَا. قَوْلُهُ: (فَيُعْطِي الزَّوْجَةَ) وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَكَذَا الْمُسْتَوْلَدَةُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى تُنْكَحَ) أَوْ تَسْتَغْنِيَ أَوْ تَمُوتَ. قَوْلُهُ: (الذُّكُورُ) قَيَّدَ بِهِ لِمُنَاسِبَةِ قَوْلِهِ لِيَسْتَقِلُّوا إلَخْ. وَلَوْ أَدْخَلَ الْإِنَاثَ فِي كَلَامِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِ مَا ذَكَرَهُ بَقَاءَ إعْطَاءِ الْبَنَاتِ قَبْلَ التَّزَوُّجِ، وَإِنْ اسْتَقَلُّوا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مَنْ يُعْطَى فِي جَمِيعِ مَنْ ذُكِرَ بِالْإِسْلَامِ وَالْخِيَرَةِ فِي قَدْرِ الْمُعْطِي، وَزَمَنُ الْإِعْطَاءِ لِلْإِمَامِ وَلَهُ إسْقَاطُ بَعْضِهِمْ لَكِنْ بِسَبَبٍ وَلِبَعْضِهِمْ إخْرَاجُ نَفْسِهِ إنْ اسْتَغْنَى، وَإِلَّا امْتَنَعَ، وَيُجِيبُ مَنْ طَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ إنْ كَانَ أَهْلًا وَرَآهُ مَصْلَحَةً، وَفِي الْمَالِ سَعَةٌ. فَرْعٌ: مَنْ مَاتَ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ قَبْلَ جَمْعِ الْمَالِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِلَّا فَنَصِيبُهُ لِوَارِثِهِ . قَوْلُهُ: (بِالتَّشْدِيدِ) أَيْ فِي الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مَعَ فَتْحِ الْفَاءِ، وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ التَّخْفِيفَ، وَفِيهِ إيهَامُ بَقَاءِ جَمِيعِ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ. قَوْلُهُ: (وَزَّعَ الْفَاضِلَ عَلَيْهِمْ) أَيْ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ لَا عَلَى غَيْرِهِمْ، وَلَا ذَرَارِيِّهِمْ. قَوْلُهُ: (عَلَى قَدْرِ مُؤْنَتِهِمْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ عَلَى قَدْرِ نِسْبَةِ مَا أَعْطَى لِكُلٍّ مِنْهُمْ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَخَذَهُ الْجَمِيعُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَصْرِفَ بَعْضَهُ) أَيْ الْفَاضِلَ لَا جَمِيعَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْكُرَاعِ أَيْ الْخَيْلِ) وَكَذَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَبِنَاءِ الرُّبُطِ وَالْمَدَارِسِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ، وَلَهُ صَرْفُهُ فِي غَيْرِ مَصْرِفِهِ وَيُعَوِّضُهُمْ عَنْهُ وَلَهُ صَرْفُهُ لَهُمْ عَنْ عَامٍ قَابِلٍ، وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُبْقِي فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ الْفَيْءِ شَيْئًا مَا وَجَدَ لَهُ مَصْرِفًا وَلَا يَدَّخِرُ مِنْهُ شَيْئًا لِنَحْوِ خَوْفِ نَازِلَةٍ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا أُنْزِلَتْ وَاحْتَاجَتْ لِمَالٍ فَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: لَهُ الْإِدْخَالُ. فَرْعٌ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مَنْ عَجَزَ بَيْتُ الْمَالِ عَنْ إعْطَائِهِ بَقِيَ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ دَيْنًا عَلَيْهِ لَا عَلَى نَاظِرِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقِفَهُ الْإِمَامُ) وَغَلَّتُهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ، وَخُمُسُهَا لِأَهْلِ الْخُمُسِ الْخَمْسَةِ، وَهَذَا إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَلَهُ بَيْعُهُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَقَسْمُ ثَمَنِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَلَهُ قَسْمُهُ مَنْ رَآهُ كَذَلِكَ إلَّا خُمُسَ الْخَمْسِ الَّذِي لِلْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ قِسْمَتُهُ فَوَقْفُهُ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يُقَسَّمُ) وَقَدْ مَرَّ تَرْجِيحُهُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَمَرَّ عَدَمُ تَصَوُّرِهِ فِي سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَلِذَلِكَ اسْتَثْنَاهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ) وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ) إفْرَادُ الْأَوَّلِ وَجَمْعُ الثَّانِي رُبَّمَا يُوهِمُ الِاقْتِصَارَ عَلَى زَوْجَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، ثُمَّ اُسْتُغْرِبَ أَنَّهَا تُعْطَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وُزِّعَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُنَا فَرْعٌ لِلْإِمَامِ صَرْفُ مَالِ الْفَيْءِ فِي غَيْرِهِ وَيُعْطِيهِمْ مِنْ غَيْرِهِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 فَصْلٌ (الْغَنِيمَةُ مَالٌ حُصِّلَ مِنْ كُفَّارٍ بِقِتَالٍ وَإِيجَافٍ) بِخَيْلٍ وَرِكَابٍ، (فَيُقَدَّمُ مِنْهُ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ) الْمُسْلِمِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا صَبِيًّا كَانَ أَوْ بَالِغًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَهُوَ ثِيَابُ الْقَتِيلِ وَالْخُفُّ وَالرَّانُ) بِالرَّاءِ وَالنُّونِ، وَهُوَ خُفٌّ بِلَا قَدَمٍ، (وَآلَاتُ الْحَرْبِ كَدِرْعٍ) أَيْ زَرَدِيَّةٌ (وَسِلَاحٌ وَمَرْكُوبٌ وَسَرْجٌ وَلِجَامٌ) وَمِقْوَدٌ (وَكَذَا سِوَارٌ) وَطَوْقٌ (وَمِنْطَقَةٌ وَخَاتَمٌ وَنَفَقَةُ مَعَهُ) بِهِمْيَانِهَا (وَجَنِيبَةٌ تُقَادُ مَعَهُ) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ بِيَدِ يَدَيْهِ، (فِي الْأَظْهَرِ لَا حَقِيبَةٌ مَشْدُودَةٌ عَلَى الْفَرَسِ) ، بِمَا فِيهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالدَّرَاهِمِ، (عَلَى الْمَذْهَبِ) ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَطْرُدُ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا وَجْهُ أَوَّلِهِمَا، أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فِي يَدِهِ يَمْتَدُّ طَمَعُ الْقَاتِلِ بِهَا، وَالثَّانِي قَالَ لَيْسَ مُقَاتِلًا إلَيْهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَنِيبَةِ وَالْحَقِيبَةِ أَنَّ الْجَنِيبَةَ فِي مَعْنَى الْمَرْكُوبِ (وَإِنَّمَا يُسْتَحَقُّ) السَّلَبُ (بِرُكُوبِ غَرَرٍ يُكْفَى بِهِ شَرُّ كَافِرٍ فِي حَالِ الْحَرْبِ، فَلَوْ رَمَى مِنْ حِصْنٍ أَوْ مِنْ الصَّفِّ أَوْ قَتَلَ نَائِمًا أَوْ أَسِيرًا أَوْ قَتَلَهُ) . أَيْ الْكَافِرُ، (وَقَدْ انْهَزَمَ الْكُفَّارُ، فَلَا سَلَبَ لَهُ) لِانْتِفَاءِ رُكُوبِ الْغَرَرِ الْمَذْكُورِ (وَكِفَايَةُ شَرِّهِ أَنْ يُزِيلَ امْتِنَاعَهُ، بِأَنْ يَفْقَأَ عَيْنَيْهِ أَوْ يَقْطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَسَرَهُ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ، أَوْ رِجْلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ) ، وَالثَّانِي يَقُولُ فِي الْأَسْرِ لَمْ يَنْدَفِعْ بِهِ شَرُّهُ كُلُّهُ، وَفِي قَطْعِ الْيَدَيْنِ قَدْ يَهْرُبُ، وَيَجْمَعُ الْقَوْمَ وَفِي قَطْعِ الرِّجْلَيْنِ قَدْ يُقَالُ: يُقَاتِلُ رَاكِبًا بِيَدَيْهِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي قَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ بِخِلَافِ قَطْعِ إحْدَاهُمَا   [حاشية قليوبي] [فَصْلٌ الْغَنِيمَةُ مَالٌ حُصِّلَ مِنْ كُفَّارٍ بِقِتَالٍ وَإِيجَافٍ] فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا مَعَهَا مِنْ تَخْمِيسٍ وَغَيْرِهِ، وَمَرَّ مَعْنَاهَا لُغَةً وَمَا ذُكِرَ هُنَا مَعْنَاهَا شَرْعًا. قَوْلُهُ: (مَالٌ) وَنَحْوُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حُصِّلَ) أَيْ حَصَّلَهُ الْكَامِلُونَ مِنَّا بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَحُرِّيَّةٍ وَذُكُورَةٍ، وَإِلَّا فَيُقَسَّمُ مَا بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ عَلَيْهِمْ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ، وَأَمَّا مَا حَصَّلَهُ الذِّمِّيُّونَ بِقِتَالِهِمْ لِأَهْلِ الْحَرْبِ، فَهُوَ لَهُمْ وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيهِ، فَلَوْ أَخَذَهُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ خُمِّسَتْ حِصَّةُ الْمُسْلِمِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ كُفَّارٍ) أَيْ حَرْبِيِّينَ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (بِخَيْلٍ وَرِكَابٍ) أَيْ إبِلٍ وَكَذَا رَجَّالَةٍ وَسُفُنٍ وَمِنْهُ مَا سُرِقَ أَوْ لُقِطَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) أَعْجَمِيًّا كَانَ أَوْ مَجْنُونًا لَا ذِمِّيًّا، وَلَا عَبْدًا مُسْلِمًا لِذِمِّيٍّ، وَلَا مُرْجِفًا، وَلَا مُخْذِلًا، بَلْ يَمْنَعَانِ مِنْ الْخُرُوجِ كَمَا يَأْتِي، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْقَتْلَ بِغَيْرِ الْمَكْرُوهِ، فَلَا سَلَبَ فِي قَتْلِ نَحْوِ أَبٍ، وَبِغَيْرِ الْحَرَامِ فَلَا سَلَبَ فِي قَتْلِ امْرَأَةِ وَصِيٍّ لَمْ يُقَاتِلَا، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ ثِيَابُ الْقَتِيلِ) أَيْ الْمَلْبُوسَةُ لَهُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْحَاجَةِ وَكَذَا مَا بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَسِلَاحٍ) أَيْ مَعَهُ، وَلَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ مَا مَعَهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ، وَمَا يَحْتَاجُهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ بِخِلَافِ مَا لَا يَحْتَاجُهُ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَيْ وَلَيْسَ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَمَرْكُوبٍ) أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ زِمَامُهُ بِيَدِهِ لَا مَا بِيَدِ غُلَامِهِ، وَلَا وَلَدِ مَرْكُوبِهِ وَلَا عَبْدِهِ وَلَا مَا يَحْمِلُ ثِقَلَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَنَفَقَةٌ بِهِمْيَانِهَا) أَيْ كِيسِهَا. قَوْلُهُ: (وَجَنِيبَةٍ) أَيْ وَاحِدَةٍ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ، وَالْخِيَرَةُ فِيهَا لِلْقَاتِلِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ خَلْفَهُ أَوْ بِجَانِبِهِ. قَوْلُهُ: (لَا حَقِيبَةً) وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا عَلَى حَقٍّ وَالْبَعِيرِ. قَوْلُهُ: (بِمَا فِيهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالدَّرَاهِمِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا آلَةُ حَرْبٍ، وَإِلَّا فَفِيهِ مَا مَرَّ . قَوْلُهُ: (بِرُكُوبِ) أَيْ ارْتِكَابِ غَرَرٍ يَكْفِي بِهِ أَيْ الرُّكُوبُ وَمِنْهُ إغْرَاءُ نَحْوِ كَلْبٍ عَقُورٍ عَلَيْهِ لَا نَحْوُ أَعْجَمِيٍّ وَمَجْنُونٍ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَسِيرًا) أَيْ مَمْنُوعًا مِنْ الْهَرَبِ فَلَوْ لَمْ يَمْنَعْهُ مَنْ أَسَرَهُ مِنْ الْهَرَبِ فَإِنْ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ أَوْ قَتَلَهُ غَيْرَهُ اسْتَحَقَّ سَلَبَهُ أَوْ قَتَلَهُ هُوَ، وَغَيْرُهُ اشْتَرَكَا فِي سَلَبِهِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ انْهَزَمَ الْكُفَّارُ) أَيْ وَكَانَ الْمَقْتُولُ مِنْ الْمُهْزَمِينَ، وَإِلَّا فَلَهُ السَّلَبُ، وَخَرَجَ مَا لَوْ تَحَرَّفُوا أَوْ تَحَيَّزُوا أَوْ قَصَدُوا الْخَدِيعَةَ، فَالسَّلَبُ فِي ذَلِكَ بَاقٍ لِلْقَاتِلِ. قَوْلُهُ: (يَفْقَأُ عَيْنَيْهِ) الْمُرَادُ زَوَالُ ضَوْئِهِمَا وَمَنْ لَهُ عَيْنٌ وَاحِدَةٌ تَكْفِي إزَالَتُهَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ أَسَرَهُ) أَيْ وَحْدَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ إنْ مَنَعَهُ مِنْ الْهَرَبِ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ هَذَا الْقَاتِلُ سَلَبَهُ، وَكَذَا مَنْ قَتَلَهُ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي وَلَوْ أَثْخَنَهُ وَاحِدٌ فَقَتَلَهُ آخَرُ، فَالسَّلَبُ لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ قَطَعَ وَاحِدٌ رِجْلَهُ وَآخَرُ رِجْلَهُ الْأُخْرَى، مَثَلًا فَإِنْ وَقَعَا مَعًا اشْتَرَكَا فِي سَلَبِهِ، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا حَقَّ لَهُ كَمَا   [حاشية عميرة] فَصْلٌ الْغَنِيمَةُ مَالٌ حُصِّلَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَحْسَنُ حَصَّلْنَاهُ لِيَخْرُجَ مَا حُصِّلَ بِقِتَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَهُمْ فَلَيْسَ بِغَنِيمَةٍ لَنَا، وَلَا يَجِبُ تَخْمِيسُهُ وَقَوْلُهُ مِنْ كُفَّارٍ أَيْ أَهْلِ حَرْبٍ بِقَرِينَةِ الْقِتَالِ، وَقَوْلُهُ: وَإِيجَافٍ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَوْ هُوَ لِمُوَافَقَةِ الْغَالِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْقَاتِلِ) يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الْقَتْلُ مَنْهِيًّا عَنْهُ، كَمَا فِي النِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ وَأَمَّا مَنْ يُكْرَهُ قَتْلُهُ مِنْ الْأَقَارِبِ كَالْأَبِ فَمَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ خُفٌّ بِلَا قَدَمٍ) أَيْ فَنَفْعُهُ خَاصٌّ بِالسَّاقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسِلَاحٍ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْغُلَامُ يَحْمِلُهُ وَيُنَاوِلُهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، قَالَ الْإِمَامُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَالْفَرَسِ الْمَجْنُوبِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ. وَلَوْ جَاوَزَ الْعَادَةَ فِي السِّلَاحِ وَنَحْوِهِ قَالَ الْإِمَامُ فَالزَّائِدُ مَحْمُولٌ لَا سِلَاحٌ انْتَهَى وَلَوْ كَانَ لِفَرَسِهِ مُهْرٌ لَمْ يَدْخُلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَنِيبَةٌ) تَعْبِيرُهُ يُفْهِمُ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، نَعَمْ عِنْدَ التَّعَدُّدِ يُخْتَارُ وَاحِدَةٌ كَمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنْ لَمْ تَكُنْ نَافِعَةً فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ ضَارَّةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا حَقِيبَةٌ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُجْعَلُ عَلَى حَقْوِ الْبَعِيرِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَفْقَأَ عَيْنَيْهِ) الْمُرَادُ إزَالَةُ الضَّوْءِ بِفَقْءٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 (وَلَا يُخَمَّسُ السَّلَبُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَالثَّانِي يُخَمَّسُ فَخُمُسُهُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ وَالْبَاقِي لِلْقَاتِلِ، (وَبَعْدَ السَّلَبِ تَخْرُجُ مُؤْنَةُ الْحِفْظِ وَالنَّقْلِ وَغَيْرِهِمَا) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ (ثُمَّ يُخَمَّسُ الْبَاقِي فَخُمُسُهُ لِأَهْلِ خُمُسِ الْفَيْءِ يُقَسَّمُ) بَيْنَهُمْ (كَمَا سَبَقَ) قَالَ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] الْآيَةَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ النَّفَلَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْفَاءِ (يَكُونُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ أَنَّ نَفَلَ مِمَّا سَيُغْنَمُ فِي هَذَا الْقِتَالِ) وَالثَّانِي مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ، وَالثَّالِثُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا، (وَيَجُوزُ أَنْ يُنْفَلَ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ الْحَاصِلِ عِنْدَهُ، وَالنَّفَلُ زِيَادَةٌ يَشْرِطُهَا الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ، لِمَنْ يَفْعَلُ مَا فِيهِ نِكَايَةٌ فِي الْكُفَّارِ) كَالتَّهَجُّمِ عَلَى قَلْعَةٍ، وَالدَّلَالَةِ عَلَيْهَا، وَحِفْظِ مَكْمَنٍ وَتَجَسُّسِ حَالٍ، (وَيَجْتَهِدُ) الشَّارِطُ (فِي قَدْرِهِ) بِقَدْرِ الْفِعْلِ وَخَطَرِهِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا سَيَغْنَمُ، فَيَذْكُرُ جُزْءًا كَرُبُعٍ أَوْ ثُلُثٍ، وَتُحْتَمَلُ فِيهِ الْجَهَالَةُ لِلْحَاجَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْحَاصِلِ عِنْدَهُ فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا، وَيَجُوزُ أَنْ يُنْفِلَ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ فِي الْحَرْبِ مُبَارَزَةٌ، وَحُسْنُ إقْدَامٍ، وَأَثَرٌ مَحْمُودٌ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ، (وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ عَقَارُهَا وَمَنْقُولُهَا لِلْغَانِمِينَ) أَخْذًا مِنْ الْآيَةِ حَيْثُ اقْتَصَرَ فِيهَا بَعْدَ الْإِضَافَةِ إلَيْهِمْ عَلَى إخْرَاجِ الْخُمُسِ، (وَهُمْ مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ بِنِيَّةِ الْقِتَالِ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ) ، وَمَنْ حَضَرَ لَا بِنِيَّتِهِ، وَقَاتَلَ فِي الْأَظْهَرِ الْآتِي، وَمَنْ حَضَرَ غَيْرَ كَامِلٍ، فَلَهُ الرَّضْخُ فِي الْأَظْهَرِ الْآتِي (وَلَا شَيْءَ لِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ وَفِيمَا قَبْلَ حِيَازَةِ الْمَالِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ (وَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ انْقِضَائِهِ، وَالْحِيَازَةِ فَحَقُّهُ لِوَارِثِهِ، وَكَذَا بَعْدَ الِانْقِضَاءِ وَقَبْلَ الْحِيَازَةِ فِي الْأَصَحِّ) .   [حاشية قليوبي] يَأْتِي، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ لَهُمَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِوَاءِ السَّابِقَةِ فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي قَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ) سَوَاءٌ قَطَعَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا فَلَهُ السَّلَبُ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ قَطْعِ إحْدَاهُمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ فَلَا سَلَبَ لِقَاطِعِهَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهَا إثْخَانٌ وَإِلَّا فَلَهُ السَّلَبُ كَمَا مَرَّ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ أَبِي جَهْلٍ . قَوْلُهُ: (وَلَا يُخَمَّسُ السَّلَبُ) أَيْ إنْ اسْتَحَقَّهُ الْقَاتِلُ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فَيُخَمَّسُ، كَبَقِيَّةِ الْغَنِيمَةِ بِرَدِّهِ إلَيْهَا. قَوْلُهُ: (تَخْرُجُ مُؤْنَةُ إلَخْ) أَيْ قَدْرُ أُجْرَةِ مِثْلِ ذَلِكَ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ مُتَطَوِّعٌ امْتَنَعَ الْإِخْرَاجُ مِنْ أَجْلِهِ كَمَالِ الْيَتِيمِ. قَوْلُهُ: (فَخُمُسُهُ لِأَهْلِ خُمُسِ الْفَيْءِ إلَخْ) أَيْ وَيُمَيَّزُ خُمُسُهُ لَهُمْ بِقُرْعَةٍ وَتَجِبُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا بِأَنْ تُؤْخَذَ خَمْسَةُ أَوْرَاقٍ وَيُكْتَبُ فِي وَاحِدَةٍ لِلَّهِ، أَوْ لِلْمَصَالِحِ، وَعَلَى الْبَقِيَّةِ لِلْغَانِمِينَ وَتُدْرَجُ فِي بَنَادِقَ وَيَخْرُجُ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَالْفَاءُ) أَيْ وَفَتْحُ الْفَاءِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا، وَهُوَ لُغَةً: الزِّيَادَةُ، وَشَرْعًا: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا. قَوْلُهُ: (إنْ نَفَلَ) بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِهَا، وَيَتَعَدَّى فِي الثَّانِي لِاثْنَيْنِ. قَوْلُهُ: (الْإِمَامُ وَالْأَمِيرُ) وَيَتَعَيَّنُ الْأَصْلَحُ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (لِمَنْ يَفْعَلُ) وَلَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (وَيَجْتَهِدُ الشَّارِطُ) مِنْ إمَامٍ أَوْ أَمِيرٍ. قَوْلُهُ: (كَرُبُعٍ أَوْ ثُلُثٍ) أَيْ مِنْ الْخُمُسِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ إلَخْ) فَهَذَا قِسْمٌ آخَرُ مِنْ النَّفْلِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَخْمَاسُ إلَخْ) وَيُنْدَبُ قِسْمَتُهَا بَيْنَهُمْ بَعْدَ إفْرَازِ الْخُمُسِ، وَقَبْلَ قِسْمَتِهِ بَيْنَ أَهْلِهِ، وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُ قِسْمَتِهَا بَيْنَهُمْ، وَالْأَفْضَلُ قِسْمَتُهَا بِدَارِ الْحَرْبِ بَلْ تَجِبُ إنْ طَلَبُوهَا، وَلَوْ بِلِسَانِ الْحَالِ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ مَنْ غَنِمَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَمَا نُقِلَ أَنَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِعْلَهُ لَمْ يَثْبُتُ وَبِفَرْضِ ثُبُوتِهِ، فَالْغَنِيمَةُ كَانَتْ لَهُ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِمَا يَرَاهُ. قَوْلُهُ: (عَقَارُهَا) وَفَارَقَ مَا هُنَا تَخْيِيرَ الْإِمَامِ فِي عَقَارِ الْفَيْءِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ هُنَا حَصَلَ بِفِعْلِهِمْ. قَوْلُهُ: (لِلْغَانِمِينَ) وَهُمْ السَّرَايَا الْمَبْعُوثَةُ لِدَارِ الْحَرْبِ سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ سَرِيَّتُهُمْ أَوْ تَعَدَّدَتْ، وَسَوَاءٌ اتَّحَدَتْ جِهَتُهُمْ، أَوْ اخْتَلَفَتْ بِشَرْطِ اتِّحَادِ بَاعِثِهِمْ، أَوْ مُعَاوَنَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَإِلَّا فَلِكُلِّ سَرِيَّةٍ حُكْمٌ وَحْدَهَا فِيمَا غَنِمَتْهُ. قَوْلُهُ: (وَهُمْ مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ) قَبْلَ الْفَتْحِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَيْهِ، وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ غَيْرَهُ الْكَامِلَ مَعَهُ لَا مُنْفَرِدًا كَمَا مَرَّ، فَقَوْلُهُ وَمَنْ حَضَرَ لَا بِنِيَّتِهِ، وَقَاتَلَ إلَخْ. تَتْمِيمٌ لِأَقْسَامِ الْغَانِمِينَ الَّذِي أَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْهُمْ، وَدَخَلَ أَيْضًا فِيهِمْ جَاسُوسٌ وَكَمِينٌ وَمُتَأَخِّرٌ لِحِرَاسَةِ الْعَسْكَرِ مِنْ هُجُومِ الْعَدُوِّ، وَكَافِرٌ أَسْلَمَ وَحَضَرَ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَأَسِيرٌ هَرَبَ مِنْ الْكُفَّارِ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ أَوْ قَاتَلَ لِخَلَاصِ نَفْسِهِ، وَمُتَحَيِّزٌ إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ، وَمُتَحَرِّفٌ لِقِتَالٍ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ إنْ عَادَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ حَضَرَ غَيْرَ كَامِلٍ) شَامِلٌ لِمَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْقِتَالَ، وَلَمْ يُقَاتِلْ، وَظَاهِرُ مَا سَيَأْتِي يُوَافِقُهُ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا حَضَرَ بِنِيَّةِ الْقِتَالِ أَوْ قَاتَلَ، فَقَوْلُهُ فِي الْأَظْهَرِ مُتَعَلِّقٌ بِمَنْ حَضَرَ لَا بِالرَّضْخِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ. كَمَا سَيَأْتِي . قَوْلُهُ: (وَلَا شَيْءَ لِمَنْ حَضَرَ إلَخْ) وَكَذَا لَا شَيْءَ لِمُخْذِلٍ أَوْ مُرْجِفٍ وَإِنْ   [حاشية عميرة] قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ) وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ فِي مَجْلِسٍ ثُمَّ قَطَعَ الْأُخْرَى غَيْرُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ فَهَلْ يَشْتَرِكَانِ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَبُهُ أَجْمَعَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ نَفَلَ) ضَبَطَهُ الْمُؤَلِّفُ بِالتَّخْفِيفِ وَمَعْنَاهُ جَعْلُ النَّفَلِ فَيَكُونُ مُتَعَدِّيًا لِوَاحِدٍ وَيَجُوزُ التَّشْدِيدُ فَيَتَعَدَّى لِاثْنَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِمَنْ يَفْعَلُ) أَيْ مُعِينًا أَوْ غَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَنْ يَنْفُلَ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّ هَذَا الْقِسْمَ يَتَعَيَّنُ فِيهِ سَهْمُ الْمَصَالِحِ، وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ الْآتِي) لَك أَنْ تَقُولَ: وَكَذَا عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الرَّضْخِ، حِينَئِذٍ، وَأَصْحَابُ الرَّضْخِ مِنْ الْغَانِمِينَ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ حَضَرَ غَيْرَ كَامِلٍ) أَيْ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَانِمِينَ، وَالْعِبَارَةُ تَشْمَلُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ لَا فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ فَقَطْ. وَقَوْلُهُ الْأَظْهَرُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْأَظْهَرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي بَيَانِ الْغَانِمِينَ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَا يَكُونُ غَيْرُ الْكَامِلِ مِنْهُمْ عَلَى الْأَظْهَرِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ مُقَابِلَهُ يَجْعَلُ الرَّضْخَ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ أَوْ مِنْ الْخُمُسِ، وَقَوْلُهُ فِي الْأَظْهَرِ حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ حَضَرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ انْقِضَاءِ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَضَرَ قَبْلَ الِانْقِضَاءِ وَلَكِنْ بَعْدَ الْحَوْزِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ تُمْلَكُ بِالِانْقِضَاءِ، وَالثَّانِي يَقُولُ بِالِانْقِضَاءِ وَالْحِيَازَةِ مَعًا (وَلَوْ مَاتَ فِي الْقِتَالِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ) وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِحُضُورِهِ بَعْدَ الْوَقْعَةِ، وَالثَّالِثُ إنْ حَصَلَتْ الْحِيَازَةُ بِذَلِكَ الْقِتَالِ اسْتَحَقَّ أَوْ بِقِتَالٍ جَدِيدٍ، فَلَا (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْأَجِيرَ لِسِيَاسَةِ الدَّوَابِّ وَحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ وَالتَّاجِرَ وَالْمُحْتَرَفَ يُسْهَمُ لَهُمْ إذَا قَاتَلُوا) ، لِشُهُودِهِمْ الْوَقْعَةَ، وَالثَّانِي لَا إذَا لَمْ يَقْصِدُوا الْجِهَادَ (وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةٌ) سَهْمَانِ لِلْفَرَسِ، وَسَهْمٌ لَهُ لِلْأَتْبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَلَا يُعْطَى) ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فَرَسَانِ (إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ) كَالْبِرْذَوْنِ أَبَوَاهُ عَجَمِيَّانِ وَالْهَجِينِ أَبُوهُ عَرَبِيٌّ وَأُمُّهُ عَجَمِيَّةٌ، وَالْمُقْرِفُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ، وَكَسْرِ الرَّاءِ أَبُوهُ عَجَمِيٌّ، وَأُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ، (لَا لِبَعِيرٍ وَغَيْرِهِ) كَالْفِيلِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الدَّوَابَّ لَا تَصْلُحُ لِلْحَرْبِ صَلَاحِيَّةَ الْخَيْلِ لَهُ، بِالْكَرِّ وَالْفَرِّ اللَّذَيْنِ تَحْصُلُ بِهِمَا النُّصْرَةُ، نَعَمْ يُرْضَخُ لَهَا، وَرَضْخُ الْفِيلِ أَكْثَرُ مِنْ رَضْخِ الْبَغْلِ، وَرَضْخُ الْبَغْلِ أَكْثَرُ مِنْ رَضْخِ الْحِمَارِ، (وَلَا يُعْطَى لِفَرَسٍ أَعْجَفَ) أَيْ مَهْزُولٍ، (وَمَا لَا غَنَاءَ فِيهِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ أَيْ نَفْعَ كَالْكَسِيرِ وَالْهَرَمِ، (وَفِي قَوْلٍ يُعْطَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ نَهْيَ الْأَمِيرِ عَنْ إحْضَارِهِ) ، كَمَا يُعْطَى الشَّيْخُ الْكَبِيرُ، إذَا حَضَرَ وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الشَّيْخَ يُنْتَفَعُ بِرَأْيِهِ، وَدُعَائِهِ وَقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ نَهْيَ الْأَمِيرِ صَادِقٌ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا إنْ لَمْ يُنْهَ أَوْ لَمْ يُبَلَّغْ النَّهْيَ (وَالْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالذِّمِّيُّ إذَا حَضَرُوا) الْوَقْعَةَ (فَلَهُمْ الرَّضْخُ) لِلْأَتْبَاعِ رَوَاهُ فِي الْعَبْدِ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَفِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ مُرْسَلًا، وَفِي قَوْمٍ مِنْ الْيَهُودِ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ أَسْهَمَ، وَحُمِلَ عَلَى الرَّضْخِ   [حاشية قليوبي] حَضَرَ بِنِيَّةِ الْقِتَالِ وَقَاتَلَ وَلَا لِمُنْهَزِمٍ غَيْرِ مُتَحَرِّفٍ وَلَا مُتَحَيِّزٍ إنْ لَمْ يَعُدْ فَإِنْ عَادَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمَحُوزِ بَعْدَ عَوْدِهِ، وَمِثْلُهُ مَنْ حَضَرَ فِي أَثْنَاءِ الْقِتَالِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بَعْدَ إلَخْ) وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) وَهَذَا مَرْجُوحٌ، وَالْحَامِلُ لِلشَّارِحِ عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ جَعْلُهُ الْحَقَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى النَّصِيبِ، الَّذِي مَلَكَهُ وَلَوْ جَعَلَ الْحَقَّ فِيهِ بِمَعْنَى حَقِّ التَّمَلُّكِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ فِي الْقِتَالِ فَلَا شَيْءَ لَهُ) عَلَى مَا يَأْتِي، وَكَذَا لَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ جُرْحُهُ وَمَرَضُهُ وَمَوْتُ فَرَسِهِ، فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ، وَلَا حَقُّ فَرَسِهِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَلَوْ مَاتَا مَعًا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا شَيْءَ لَهُمَا وَفِيهِ وَقْفَةٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ فِيمَا غُنِمَ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلِوَارِثِهِ حِصَّتُهُ، فِيمَا حِيزَ قَبْلَهُ أَوْ وُجِدَ . قَوْلُهُ: (إنَّ الْأَجِيرَ) بِسَهْمٍ لَهُ إذَا قَاتَلَ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيُعْطَى، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إنَابَةِ غَيْرِهِ. عَنْهُ وَسَوَاءٌ فِي الشِّقَّيْنِ الْمُسْلِمُ وَغَيْرُهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً، أَوْ لَا، وَأَمَّا الْأَجِيرُ لِلْجِهَادِ فَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَلَهُ أُجْرَتُهُ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا انْفَسَخَتْ بِحُضُورِهِ الصَّفَّ فَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ وَلَا سَلَبٌ وَلَا سَهْمٌ وَلَا رَضْخٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَشَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَنُقِلَ عَنْ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ اسْتِحْقَاقُهُ السَّلَبَ. قَوْلُهُ: (وَالتَّاجِرَ وَالْمُحْتَرِفَ) هُمَا مَنْصُوبَانِ عَطْفًا عَلَى التَّاجِرِ فَيُسْهَمَانِ إنْ قَاتَلَا. قَوْلُهُ: (سَهْمَانِ لِلْفَرَسِ) وَإِنْ مَاتَ أَوْ بَاعَهُ أَوْ ضَاعَ وَإِنْ قَاتَلَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ مُسْتَعَارًا أَوْ مُسْتَأْجَرًا وَكَذَا مَغْصُوبٌ وَلَمْ يَحْضُرْ مَالِكُهُ الْوَقْعَةَ، أَوْ قَاتَلَ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَسَهْمًا لِمَالِكِهِ، وَلَوْ حَضَرَ اثْنَانِ بِفَرَسٍ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا سَهْمُهُ، وَأَمَّا الْفَرَسُ فَلَهُ سَهْمَانِ إنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ، أَوْ رَكِبَاهُ مَعًا وَصَلَحَ لِرَكْبِهِمَا، وَإِلَّا فَلَهُ الرَّضْخُ وَيَقْسِمَانِ مَا خَصَّهُ، وَيُوَزَّعُ بِحَسَبِ الْمِلْكِ إنْ كَانَ وَلَوْ قَاتَلَ فِي سَفِينَةٍ وَمَعَهُ فَرَسٌ، فَإِنْ قَرُبَ مِنْ الْبَرِّ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقِتَالِ عَلَيْهَا فِيهِ أَسْهُمٌ لَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُعْطَى إلَّا لِفَرَسٍ) أَيْ إنْ بَلَغَ سَنَةً، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْقِتَالِ. قَوْلُهُ: (كَالْبِرْذَوْنِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْأَوْصَافُ يَتَّصِفُ بِهَا الْآدَمِيُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَرَضْخُ الْفِيلِ أَكْثَرُ مِنْ رَضْخِ الْبَغْلِ) وَكَذَا رَضْخُ الْبَعِيرِ إنْ صَلَحَ لِلْكَرِّ وَإِلَّا فَدُونَ الْبَغْلِ، وَهَذَا جَمَعَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، كَوَالِدِهِ مَا تَنَاقَضَ فِي كَلَامِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُعْطَى) أَيْ لَا يُسْهَمُ لِفَرَسٍ أَعْجَفَ أَيْ مِنْ أَوَّلِ الْقِتَالِ بَلْ لَهُ الرَّضْخُ وَإِلَّا بَقِيَ سَهْمُهُ كَمَا لَوْ مَاتَ. قَوْلُهُ: (وَمَا لَا غَنَاءَ فِيهِ) أَيْ لَا يُسْهَمُ لَهُ بَلْ يُرْضَخُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ) أَمَّا بِكَسْرِهَا فَمَعَ الْقَصْرِ ضِدُّ الْفَقْرِ وَمَعَ الْمَدِّ إنْشَادُ الْأَشْعَارِ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (كَالْكَسِيرِ وَالْهَرَمِ) وَمِثْلُهُ الْحَرُونُ، وَالْجَمُوحُ وَمَا لَمْ يَبْلُغْ سَنَةً كَمَا مَرَّ. وَمَا تَوَلَّدَ بَيْنَ مَا يُرْضَخُ لَهُ وَغَيْرُهُ فَيُرْضَخُ لِلْجَمِيعِ . قَوْلُهُ: (وَالْعَبْدُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْأَمَةِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّبِيُّ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلصَّبِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى نَعَمْ إنْ اتَّضَحَ بَعْدَ الْقِتَالِ بِالذُّكُورَةِ أُسْهِمَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَالذِّمِّيُّ) الْمُرَادُ بِهِ الْكَافِرُ الْمَعْصُومُ كَالْمُعَاهَدِ وَالْمُؤَمَّنِ، وَكَذَا حَرْبِيٌّ يَجُوزُ لَنَا الِاسْتِعَانَةُ بِهِ، وَيَلْحَقُ بِهَؤُلَاءِ الْأَعْمَى، وَالزَّمِنُ وَفَاقِدِ الْأَصَابِعِ أَوْ جَمِيعِ الْأَطْرَافِ وَتَاجِرٍ وَمُحْتَرِفٍ لَمْ يُقَاتِلَا. قَوْلُهُ: (إذَا حَضَرُوا) قَالَ فِي الْمَنْهَجِ وَفِيهِمْ نَفْعٌ لِيَخْرُجَ نَحْوُ طِفْلٍ صَغِيرٍ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يَدُلُّ لَهُ وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا إذَا انْتَفَى مِنْهُمْ الْقِتَالُ وَنِيَّتُهُ مَعًا، وَفِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَهُمْ الرَّضْخُ) أَيْ وَلِخَيْلِهِمْ أَيْضًا وَشَرَطَ شَيْخُنَا أَنْ لَا يَبْلُغَ رَضْخُ الْوَاحِدِ وَرَضْخُ فَرَسِهِ أَيْ مَجْمُوعُهُمَا سَهْمُ رَجُلٍ كَامِلٍ فَرَاجِعْهُ، وَالرَّضْخُ لُغَةً: الْعَطَاءُ الْقَلِيلُ وَهُوَ بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ   [حاشية عميرة] فَحَقُّهُ لِوَارِثِهِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا قُلْنَا: الْغَنِيمَةُ لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ أَوْ بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى الْوَرَثَةِ حَقُّ التَّمَلُّكِ لَا الْمِلْكِ اهـ. وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ لَا تَأْبَاهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا لِفَرَسٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ جَذَعًا أَوْ ثَنِيًّا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْمُسَابَقَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ هَذِهِ الدَّوَابَّ إلَخْ) اسْتَأْنَسُوا لِذَلِكَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60] الْآيَةَ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا، وَلَوْ تَوَلَّدَ بَيْنَ مَا يُسْهَمُ لَهُ وَمَا لَا يُسْهَمُ لَهُ لَمْ يُسْهَمْ لَهُ قَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَا لَا غَنَاءَ فِيهِ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ ثُمَّ الْمُرَادُ مَنْ اتَّصَفَ بِمَا ذُكِرَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَأَمَّا إذَا عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْقِتَالِ فَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَهَى الْأَمِيرُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ قَيَّدَ الِاعْتِبَارَ بِعِلْمِهِ بِنَهْيِ الشَّرْعِ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إذَا حَضَرُوا) أَيْ لَوْ حَضَرُوا مُنْفَرِدِينَ وَغَنِمُوا فَلَهُمْ حُكْمُ الْكَامِلِينَ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَهُمْ الرَّضْخُ) هُوَ لُغَةً: الْعَطَاءُ الْقَلِيلُ وَجَوَّزَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 وَسَوَاءٌ أَذِنَ السَّيِّدُ وَالْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ فِي الْحُضُورِ أَمْ لَا، (وَهُوَ دُونَ سَهْمٍ) وَإِنْ كَانُوا فُرْسَانًا وَ (يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي قَدْرِهِ) بِحَسَبِ مَا يَرَى، وَيُفَاوِتُ بَيْنَ أَهْلِهِ بِحَسَبِ نَفْعِهِمْ، فَيَرْجِعُ الْمُقَاتِلُ، وَمَنْ قِتَالُهُ أَكْثَرُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْفَارِسُ عَلَى الرَّاجِلِ، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَسْقِي الْعِطَاشَ عَلَى الَّتِي تَحْفَظُ الرِّحَالَ، (وَمَحَلُّهُ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْأَظْهَرِ، وَالثَّانِي أَصْلُ الْغَنِيمَةِ وَالثَّالِثُ خُمُسُ الْخُمُسِ لَهُمْ الْمَصَالِحُ، وَهُوَ مُسْتَحَقٌّ) ، وَفِي قَوْلٍ مُسْتَحَبٌّ قُلْت أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (إنَّمَا يُرْضَخُ لِذِمِّيٍّ حَضَرَ بِلَا أُجْرَةٍ، وَبِإِذْنِ الْإِمَامِ عَلَى الصَّحِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، فَإِنْ حَضَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يُرْضَخْ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِمُوَالَاةِ أَهْلِ دِينِهِ، بَلْ يُعَزِّرُهُ إنْ رَأَى ذَلِكَ، وَإِنْ حَضَرَ بِإِذْنِهِ بِأُجْرَةٍ فَلَهُ الْأُجْرَةُ فَقَطْ. كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَيْ الزَّكَوَاتِ لِمُسْتَحِقِّيهَا وَهُمْ ثَمَانِيَةُ أَصْنَافٍ يُذْكَرُونَ عَلَى تَرْتِيبِ ذِكْرِهِمْ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] إلَى آخِرِهِ، (الْفَقِيرُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِ) ، كَمَنْ يَحْتَاجُ إلَى عَشَرَةٍ، وَلَا يَمْلِكُ أَوْ يَكْسِبُ إلَّا دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، (وَلَا   [حاشية قليوبي] وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ فِي الْخَاءِ الْإِهْمَالَ أَيْضًا. وَشَرْعًا مَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ أَذِنَ السَّيِّدُ إلَخْ) فَرَضْخُهُ لِسَيِّدِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا وَلَا مُبَعَّضًا فَإِنْ كَانَ مُكَاتَبًا فَلَهُ أَوْ مُبَعَّضًا فَلِصَاحِبِ النَّوْبَةِ إنْ كَانَ مُهَايَأَةً وَإِلَّا فَلَهُمَا. تَنْبِيهٌ: مَنْ كَمُلَ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي أَثْنَاءِ الْقِتَالِ أُسْهِمَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُسْتَحَقٌّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ وَاجِبٌ بِسَبَبِ الْحُضُورِ كَالسَّهْمِ؛ إذْ إنَّهُ نَاقِصٌ عَنْهُ، فَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ. قَوْلُهُ: (بِإِذْنِ الْإِمَامِ) وَلَوْ مُكْرَهًا. قَوْلُهُ: (فَلَهُ الْأُجْرَةُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى سَهْمِ الرَّاجِلِ وَهَذَا فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، فِيمَا إذَا أَكْرَهَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ بَلْ يُعَزِّرُهُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ لِمُسْتَحِقِّيهَا، وَالْقَسْمُ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ بِمَعْنَى تَقْدِيرِ الْأَنْصِبَاءِ هُنَا وَالصَّدَقَاتُ جَمْعُ صَدَقَةٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِشْعَارِهَا بِصِدْقِ نِيَّةِ بَاذِلِهَا، وَهِيَ شَامِلَةٌ لِلْمَنْدُوبَةِ وَتَخْصِيصُهَا بِالزَّكَوَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ هُنَا، وَذُكِرَتْ هُنَا لِمَا فِيهَا مِنْ قَسْمِ الْإِمَامِ، وَتَعَلُّقِهَا بِسَبَبِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِمُسْتَحِقِّيهَا) أَيْ عَلَيْهِمْ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ ذِكْرَهُمْ زِيَادَةٌ عَلَى التَّرْجَمَةِ، وَلَيْسَ مَعِيبًا. قَوْلُهُ: (وَهُمْ ثَمَانِيَةٌ) وَأَنْوَاعُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَيْضًا ثَمَانِيَةٌ إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ وَذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَزَرْعٌ وَنَخْلٌ وَكَرْمٌ وَهَذَا فِي زَكَاةِ الْعَيْنِ، فَلَا تَرِدُ التِّجَارَةُ بَلْ هِيَ رَاجِعَةٌ إلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. قَوْلُهُ: (لِلْفُقَرَاءِ إلَخْ) أَضَافَ فِيهَا الصَّدَقَاتِ إلَى الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى بِاللَّامِ الْمُفِيدَةِ لِلْمِلْكِ وَإِلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ، بِفِي الْمُفِيدَةِ لِلظَّرْفِيَّةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى إطْلَاقِ الْمِلْكِ فِي الْأُولَى، وَتَقْيِيدِهِ بِصَرْفِهِ فِي مَصَارِفِهِ فِي الْأَخِيرَةِ، حَتَّى لَمْ يَصْرِفُوهُ فِيهَا اسْتَرْجَعَ مِنْهُمْ كُلَّهُ أَوْ مَا بَقِيَ، وَذَكَرَ الظَّرْفِيَّةَ فِي كُلِّ صِنْفَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ مِنْهُمَا يَأْخُذَانِ لِغَيْرِهِمْ. وَالْأَخِيرَيْنِ مِنْهَا يَأْخُذَانِ لِأَنْفُسِهِمَا. قَوْلُهُ: (الْفَقِيرُ) الَّذِي هُوَ مُفْرَدُ الْفُقَرَاءِ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الزَّكَاةَ. قَوْلُهُ: (يَقَعُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَمِنْ حَاجَتِهِ) أَيْ كِفَايَتِهِ لِعُمْرِهِ الْغَالِبِ أَوْ بَقِيَّتِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ عُمَرُ مُمَوَّنِهِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ كِفَايَةُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لَمْ يُعْطَ حَتَّى يَصْرِفَهُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ ثَلَاثَةً) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوْ أَرْبَعَةً فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا فَهُوَ مِنْ الْمِسْكِينِ. قَوْلُهُ: (وَثِيَابُهُ) وَحُلِيُّ الْمَرْأَةِ كَالثِّيَابِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ) أَيْ وَلَوْ مَرَّةً فِي الْعَامِ أَيْ مَعَ كَوْنِهَا لَائِقَةً بِهِ كَالْحُلِيِّ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْكَنِ نَعَمْ إنْ اسْتَغْنَى بِسُكْنَى نَحْوِ الْمَدَارِسِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْ بِنَحْوِ الْأُجْرَةِ مَنَعَ مَسْكَنَهُ فَقْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَعَبْدُهُ) أَيْ اللَّائِقُ بِهِ، وَمِثْلُهُ خَيْلُ الْجُنْدِيِّ غَيْرِ الْمُرْتَزِقِ أَوْ لَمْ يُعْطِهِ الْإِمَامُ وَكَذَا آلَةُ الْمُحْتَرِفِ، وَكُتُبُ الْعَالِمِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ طِبٍّ، أَوْ وَعْظٍ أَوْ تَعَدَّدَتْ مِنْ فَنٍّ وَاحِدٍ نَعَمْ إنْ تَعَدَّدَتْ مِنْ كِتَابٍ تُرِكَ لَهُ الْأَصَحُّ وَمِثْلُ كُتُبِ الْعِلْمِ تَوَارِيخُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ لَا غَيْرِهِمْ. وَأَشْعَارِ نَحْوِ اللُّغَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَالُهُ الْغَائِبُ) وَلَوْ حُكْمًا كَحَاضِرٍ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُؤَجَّلُ) وَإِنْ قَصُرَ الْأَجَلُ وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الْإِعْطَاءَ لِهَذَيْنِ بِمَا إذَا لَمْ يَجِدَا مِنْ يُقْرِضُهُمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَالِهِ) صَوَابُهُ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ مَالُهُ أَوْ إسْقَاطُ لَفْظِ إلَى؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَفْرَادِ ابْنِ   [حاشية عميرة] ابْنُ يُونُسَ فِيهِ الْحَاءَ الْمُهْمَلَةَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَضَرَ إلَخْ) مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ عَبْدُ الْكَافِرِ الْمُسْلِمُ إذَا حَضَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ كَافِرٌ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ الْأُجْرَةُ) أَيْ وَلَوْ بَلَغَتْ سَهْمَ الرَّاجِلِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي بَابِ السَّيْرِ قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَوْ بَلَغَتْ سَهْمَ الْفَارِسِ جَازَ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ. [كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ] ِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِشْعَارِهَا بِصِدْقِ بَاذِلِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا كَسْبَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَجْعَلُوا الْغَنِيَّ بِالْكَسْبِ كَالْمَالِ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ، كَالْحَجِّ بَلْ فِيمَا يَجِبُ لَهُ كَالزَّكَاةِ قِيلَ كَانَ مِنْ حَقِّ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يَذْكُرَ الْآيَةَ كَمَا فَعَلَ، الْمُحَرِّرُ ثُمَّ يَسُوقُ بَيَانَ الْأَصْنَافِ لِيَكُونَ الْكَلَامُ مُرْتَبِطًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَإِنَّمَا بَدَأَ فِي الْآيَةِ بِالْفَقِيرِ لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَسْكَنُهُ وَثِيَابُهُ) أَيْ اللَّائِقَانِ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَالُهُ الْغَائِبُ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى فَسْخِ الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ بِمِثْلِ ذَلِكَ. قَالَ الْبَغَوِيّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ لَا مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 يَمْنَعُ الْفَقْرَ مَسْكَنُهُ وَثِيَابُهُ) ، إنْ كَانَتْ لِلتَّجَمُّلِ قَالَ ابْنُ كَجٍّ وَعَبْدُهُ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى خِدْمَتِهِ ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي، الرَّوْضَةِ وَعَلَى وَفْقِ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ، وَقَالَ: وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ (وَمَالُهُ الْغَائِبُ فِي مَرْحَلَتَيْنِ وَالْمُؤَجَّلُ) فَيَأْخُذُ مَا يَكْفِيهِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَالِهِ، وَإِلَى أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ. (وَكَسْبٌ لَا يَلِيقُ بِهِ) فَيَتْرُكُهُ، وَيَأْخُذُ (وَلَوْ اشْتَغَلَ بِعِلْمٍ) شَرْعِيٍّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا (وَالْكَسْبُ يَمْنَعُهُ) مِنْ الِاشْتِغَالِ بِهِ (فَفَقِيرٌ) فَيَشْتَغِلُ بِالْعِلْمِ، وَيَأْخُذُ (لَوْ اشْتَغَلَ بِالنَّوَافِلِ فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ بِفَقِيرٍ، فَيَكْتَسِبُ وَلَا يَشْتَغِلُ بِهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ فَرْضُ كِفَايَةٍ (وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي الْفَقِيرِ الَّذِي يَأْخُذُ (الزَّمَانَةُ وَلَا التَّعَفُّفُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْجَدِيدِ) وَالْقَدِيمِ يُشْتَرَطَانِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الزَّمِنِ يُمْكِنُهُ الْكَسْبُ، وَغَيْرُ الْمُتَعَفِّفِ إذَا سَأَلَ أُعْطِيَ وَمَنَعَ الْأَوَّلُ التَّوْجِيهَيْنِ (وَالْمَكْفِيُّ بِنَفَقَةٍ قَرِيبٌ أَوْ زَوْجٌ لَيْسَ فَقِيرًا فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ، كَالْمُكْتَسِبِ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ كِفَايَتِهِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ، وَيُمْنَعُ تَشْبِيهُهُ بِالْمُكْتَسِبِ، (وَالْمِسْكِينُ مَنْ قَدَرَ عَلَى مَالٍ أَوْ كَسْبٍ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ، وَلَا يَكْفِيهِ) ، كَمَنْ يَمْلِكُ أَوْ يَكْسِبُ سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً وَلَا يَكْفِيهِ إلَّا عَشَرَةٌ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الْمَالِ، أَوْ يَكْسِبُ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ قَوْلِنَا يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ الْمَطْعَمَ، وَالْمُشْرَبَ وَالْمَلْبَسَ، وَالْمَسْكَنَ، وَسَائِرَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ، وَلَا تَقْتِيرٍ لِلشَّخْصِ، وَلِمَنْ هُوَ فِي نَفَقَتِهِ (وَالْعَامِلُ سَاعٍ وَكَاتِبٌ) وَحَاسِبٌ (وَقَاسِمٌ وَحَاشِرٌ يَجْمَعُ ذَوِي الْأَمْوَالِ) ، وَحَافِظٌ لَهَا (لَا الْقَاضِي وَالْوَالِي) أَيْ وَالِي الْإِقْلِيمِ، وَالْإِمَامُ فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِي الزَّكَاةِ وَرِزْقُهُمْ، إذَا لَمْ يَتَطَوَّعُوا فِي خُمُسِ الْخُمُسِ الْمُرْصَدُ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ عَامٌّ (وَالْمُؤَلَّفَةُ مَنْ أَسْلَمَ، وَنِيَّتُهُ ضَعِيفَةٌ، أَوْ لَهُ شَرَفٌ يُتَوَقَّعُ بِإِعْطَائِهِ إسْلَامُ غَيْرِهِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ)   [حاشية قليوبي] السَّبِيلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَكَسْبٌ لَا يَلِيقُ بِهِ) أَوْ يَلِيقُ بِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْبُيُوتِ الَّذِينَ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِالتَّكَسُّبِ، فَلَهُ الْأَخْذُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَائِقٍ بِهِ عُرْفًا. قَوْلُهُ: (بِعِلْمٍ شَرْعِيٍّ) وَلَوْ مِمَّا يُطَهِّرُ الْبَاطِنَ كَالتَّصَوُّفِ، وَمِثْلُ الْعِلْمِ آلَتُهُ كَالنَّحْوِ، وَكَذَا حِفْظُ الْقُرْآنِ لَا تِلَاوَتُهُ، وَكَذَا إنْذَارُ صَوْمِ الدَّهْرِ حَيْثُ جَازَ. قَوْلُهُ: (فَيَشْتَغِلُ بِالْعِلْمِ) إنْ كَانَ فِيهِ تَحْصِيلٌ، وَإِلَّا فَلَا يُعْطَى شَيْئًا. قَوْلُهُ: (وَيَأْخُذُ) أَيْ مَا يَكْفِيهِ وَيَكْفِي مُمَوَّنَهُ اللَّازِمَةُ نَفَقَتُهُ كَأَبِيهِ وَوَلَدِهِ وَعَبْدِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لَا زَوْجَتِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِالنَّوَافِلِ) وَلَوْ مُؤَكَّدَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً فَلَا يُعْطَى. قَوْلُهُ: (فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ أَصَالَةً أَوْ غَالِبًا فَيَدْخُلُ الْمُجْتَهِدُ فَيُعْطَى وَكُلُّ فَرْضِ كِفَايَةٍ كَذَلِكَ، وَفَرْضُ الْعَيْنِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (الزَّمَانَةُ) هِيَ الْعَاهَةُ كَمَا فِي الْمُحْكَمِ وَفِي الصِّحَاحِ آفَةٌ فِي الْحَيَوَانِ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَمْنَعُ مِنْ التَّكَسُّبِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَكْفِيُّ) قَالَ شَيْخُنَا فَلَوْ لَمْ يَكْفِهِ فَلَهُ أَخْذُ تَمَامِ كِفَايَتِهِ، وَلَوْ مِنْ زَكَاةِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ قَرِيبٍ كَمَا لِلزَّوْجِ الْفَقِيرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ زَكَاةِ زَوْجَتِهِ، وَإِنْ أَعَادَهَا لَهَا عَنْ النَّفَقَةِ، وَمَنْعُهُمْ دَفْعَ زَكَاتِهِ لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ تَكْفِيهِ النَّفَقَةُ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ قَرِيبُهُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ. وَاسْتَحْيَا مِنْ رَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَكْفِيٍّ أَيْضًا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ عَنْ النَّفَقَةِ أَوْ غَابَ. وَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى الْفَسْخِ بِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ مَاتَ الْمُنْفِقُ، وَلِقَرِيبِهِ الْأَخْذُ مِنْ زَكَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (بِنَفَقَةِ زَوْجٍ) وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ نَاشِزًا لِقُدْرَتِهَا عَلَى الطَّاعَةِ حَالًا، كَمَا يَأْتِي قَوْلُهُ: (لَيْسَ فَقِيرًا) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَالشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ لَا يُعْطَى وَمَا سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى لِإِيهَامِ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ مِنْ الْفَقِيرِ، فَلَا يُعْطَى فَيَخْرُجُ عَنْ الْحَدِّ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا تُعْطَى النَّاشِزَةُ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الطَّاعَةِ حَالًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (سَبْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً) وَكَذَا سِتَّةً أَوْ خَمْسَةً كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي الْخَمْسَةِ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يَلِيقُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَوْ اعْتَادَ مَا دُونَهُ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (سَاعٍ) وَهُوَ الْجَابِي. قَوْلُهُ: (وَكَاتِبٌ) يَكْتُبُ مَا أَعْطَاهُ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ. قَوْلُهُ: (يَجْمَعُ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْحَاشِرِ، وَكَذَا مَنْ يَجْمَعُ ذَوِي السُّهْمَانِ، وَمِنْهُ الْعَرِيفُ الَّذِي يَعْرِفُ أَرْبَابَ الِاسْتِحْقَاقِ كَالنَّقِيبِ وَالْمِشَدِّ وَمِنْهُ الْكَيَّالُ وَالْعَدَّادُ وَالْوَزَّانُ إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فِي مَالِ الْمُسْتَحِقِّينَ، فَإِنْ فَعَلُوهُ لِتَمْيِيزِ الزَّكَاةِ مِنْ الْمَالِ فَأُجْرَتُهُمْ عَلَى الْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (وَحَافِظٌ لَهَا) أَيْ لِلْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ الزَّكَاةُ، وَمِثْلُهُ الرَّاعِي لَهَا، وَالْخَازِنُ وَنَحْوُهُمْ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِ الْإِمَامِ لَهَا، وَإِلَّا فَأُجْرَتُهُمْ فِي جُمْلَةِ السُّهْمَانِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ إلَّا فِي سَهْمِ الْعَامِلِ. تَنْبِيهٌ: إذَا فَرَّقَ الْمَالِكُ أَوْ جَعَلَ الْإِمَامُ لِمَنْ يَعْمَلُ جُعْلًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا عَامِلَ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْقَاضِي وَالْوَالِي إلَخْ) أَيْ إذَا قَامُوا بِمَا يَعْمَلُهُ الْعَامِلُ مِمَّا ذُكِرَ لَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا. قَوْلُهُ: (وَالْمُؤَلَّفَةُ) أَيْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَمَّا مُؤَلَّفَةُ الْكُفَّارِ، وَهُمْ مَنْ يُرْجَى إسْلَامُهُ، أَوْ يُخَافُ مِنْ شَرِّهِ فَلَا يُعْطَوْنَ مِنْ زَكَاةٍ وَلَا غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعَزَّ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ وَأَغْنَى عَنْ التَّأْلِيفِ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَنْ لَا يَنْزِلَ بِالْمُسْلِمِينَ، وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ نَازِلَةٌ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالنَّوَافِلِ فَلَا) أَيْ لِأَنَّ نَفْعَهَا قَاصِرٌ بِخِلَافِ الْعِلْمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِزَمَانَةٍ) هِيَ الْعَاهَةُ قَالَهُ فِي الْمُحْكَمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ زَوْجٍ) لَوْ أَعْسَرَ بِالنَّفَقَةِ اسْتَحَقَّتْ مِنْ الزَّكَاةِ وَلَا تُكَلَّفُ الْفَسْخَ. فَائِدَةٌ لَوْ مَاتَ الْقَرِيبُ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ فَهَلْ تُدْفَعُ لِأَقَارِبِهِ أَجَابَ الْقَفَّالُ بِأَنَّهُمْ إنْ كَانُوا مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَلَا تُدْفَعُ لَهُمْ، وَإِلَّا فَنَعَمْ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا سَاقِطَةٌ عَنْهُ بِالْمَوْتِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ عَدَمُ الْجَوَازِ لِبَقَاءِ الْبَعْضِيَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَاعٍ) هُوَ الْأَصْلُ وَالْبَوَاقِي أَعْوَانٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا الْقَاضِي وَالْوَالِي) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ إذَا قَامَا بِذَلِكَ لَا حَقَّ لَهُمَا فِيهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبَعْضُ الْمَذْكُورَاتِ يَدْخُلُ فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 وَالْقَوْلُ الثَّانِي مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَقُوَّةِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِالْأَوَّلِ لِلْآيَةِ، (وَالرِّقَابُ الْمُكَاتَبُونَ) ، فَيُدْفَعُ إلَيْهِمْ مَا يُعِينُهُمْ عَلَى الْعِتْقِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مَا يَفِي بِنُجُومِهِمْ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْكِتَابَةِ صَحِيحَةً، وَيَجُوزُ الدَّفْعُ قَبْلَ حُلُولِ النَّجْمِ، وَبِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، (وَالْغَارِمُ إنْ اسْتَدَانَ لِنَفْسِهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) كَنَفَقَةِ عِيَالِهِ، (أُعْطِيَ) بِخِلَافِ الْمُسْتَدِينِ فِي مَعْصِيَةٍ، كَالْخَمْرِ وَالْإِسْرَافِ فِي النَّفَقَةِ فَلَا يُعْطَى، (قُلْت: الْأَصَحُّ يُعْطَى إذَا تَابَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا، وَوُجِّهَ مُقَابِلُهُ بِأَنَّهُ يَتَّخِذُ لَهُ التَّوْبَةَ ذَرِيعَةً لِلْأَخْذِ، وَيَعُودُ وَالرَّافِعِيُّ حَكَى الْوَجْهَيْنِ، وَتَصْحِيحُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ جَمَاعَةٍ (وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ حَاجَتِهِ) بِأَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى وَفَاءِ مَا اسْتَدَانَهُ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِعُمُومِ الْآيَةِ (دُونَ حُلُولِ الدَّيْنِ) فَلَا يُشْتَرَطُ (قُلْت الْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ حُلُولِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِيَكُونَ مُحْتَاجًا إلَى وَفَائِهِ، وَالْأَوَّلُ يُنْظَرُ إلَى وُجُوبِهِ (أَوْ) اسْتَدَانَ (لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ) أَيْ الْحَالِ بَيْنَ الْقَوْمِ كَانَ يَخَافُ فِتْنَةً بَيْنَ قَبِيلَتَيْنِ تَنَازَعَتَا فِي قَتِيلٍ، لَمْ يَظْهَرْ قَاتِلُهُ فَيَتَحَمَّلُ الدِّيَةَ تَسْكِينًا لِلْفِتْنَةِ، (أُعْطِيَ مَعَ الْغِنَى) ، بِالْعَقَارِ وَالْعَرَضِ وَالنَّقْدِ لِعُمُومِ الْآيَةِ، (وَقِيلَ إنْ كَانَ غَنِيًّا بِنَقْدٍ فَلَا) يُعْطَى، وَالْفَرْقُ أَنَّ إخْرَاجَهُ فِي الْغُرْمِ لَيْسَ، فِيهِ مَشَقَّةُ بَيْعِ الْعَقَارِ، أَوْ الْعَرَضِ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ الشَّرُّ مُتَوَقَّعًا فِي مَالٍ فَتُحْمَلُ قِيمَةُ الْمُتْلِفِ فَفِي إعْطَائِهِ مَعَ الْغِنَى وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ فِتْنَةَ الدَّمِ أَشَدُّ، وَلَوْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ بِالضَّمَانِ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَهُوَ مُعْسِرٌ أُعْطِيَ مَا يَقْضِي   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَنِيَّتُهُ ضَعِيفَةٌ) أَيْ لَيْسَ لَهَا قُوَّةُ مَنْ نَشَأَ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّهَا مُزَلْزَلَةٌ فِي الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَهُ شَرَفٌ) أَيْ أَوْ مَنْ قَوِيَ إسْلَامُهُ لَكِنْ لَهُ شَرَفٌ إلَخْ. قَوْلُهُ: (يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ) أَيْ سَوَاءٌ قَسَمَ الْإِمَامُ أَوْ الْمَالِكُ وَسَوَاءٌ اُحْتِيجَ إلَيْهِمْ أَوْ لَا وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ شَرْطِ أَنْ يَقْسِمَ الْإِمَامُ، وَأَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِمْ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ، وَقَدْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْقِسْمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ. وَهُمْ مَنْ يَكْفِينَا شَرَّ مَنْ يَلِيهِ مِنْ الْكُفَّارِ، أَوْ مَانِعِي الزَّكَاةِ فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى ذَلِكَ فَوَاضِحٌ. قَوْلُهُ: (وَالرِّقَابُ) جَمْع رَقَبَةٍ عَبَّرَ بِهَا عَنْ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ كَالْحَبْلِ فِي عُنُقِهِ ثُمَّ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمُكَاتَبِينَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُهُ: (فَيَدْفَعُ) أَيْ يَدْفَعُ الْإِمَامُ مُطْلَقًا أَوْ الْمَالِكُ غَيْرُ السَّيِّدِ أَوْ السَّيِّدُ مِنْ غَيْرِ زَكَاةِ نَفْسِهِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ: لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ، وَهُوَ لَا يَدْفَعُهَا لِمَمْلُوكِهِ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِمْ) أَوْ إلَى سَيِّدِهِمْ وَهُوَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْكِتَابَةِ صَحِيحَةً) وَأَنْ تَكُونَ لِجَمِيعِهِ، وَأَمَّا مُكَاتَبُ الْبَعْضِ فَإِنْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يُعْطَى شَيْئًا؛ لِأَنَّ كِتَابَتَهُ فَاسِدَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَحَلِّهَا، وَلَا عِبْرَةَ بِمُهَايَأَةٍ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْغَارِمُ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ إمَّا لِنَفْسِهِ أَوْ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ أَوْ لِضَمَانٍ، وَيُعْتَبَرُ الْفَقْرُ فِي غَيْرِ الثَّانِي كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِنَفْسِهِ) وَمِثْلُهُ لِإِقْرَاءِ ضَيْفٍ أَوْ بِنَاءِ مَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَاجَةُ الْآتِيَةُ. قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ بِقَصْدِهِ ذَلِكَ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِالْقَرَائِنِ. قَوْلُهُ: (أَعْطَى) وَإِنْ صَرَفَهُ فِي مَعْصِيَةٍ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْمُسْتَدِينِ فِي مَعْصِيَةٍ) أَيْ وَصَرَفَهُ فِيهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَإِلَّا أُعْطِيَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَالْإِسْرَافِ فِي النَّفَقَةِ فَلَا يُعْطَى) وَهُوَ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى الْخَمْرِ فَهُوَ حَرَامٌ لِكَوْنِهِ بِاسْتِدَانَةٍ أَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ مَالٍ عِنْدَهُ فَلَا يَحْرُمُ. قَوْلُهُ: (إذَا تَابَ) وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى تَوْبَتِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَوُجِّهَ مُقَابِلُهُ) بِضَمِّ الْوَاوِ مَعَ تَشْدِيدِ الْجِيمِ الْمَكْسُورَةِ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَّخِذُ التَّوْبَةَ ذَرِيعَةً لِلْأَخْذِ وَيَعُودُ وَمُنِعَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يَقْدِرَ) أَيْ يُفْقَدَ عِنْدَهُ وَلَا يُكَلَّفَ بَيْعَ نَحْوِ مَسْكَنِهِ، وَلَا غَيْرِهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَا يُكَلَّفُ الْكَسْبَ وَإِنْ عَصَى بِالدَّيْنِ، وَلَوْ وَفَّى دَيْنَهُ مِنْ قَرْضٍ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ لِبَقَاءِ الدَّيْنِ، أَوْ بِإِبْرَاءٍ اسْتَرَدَّ، وَإِنْ طَرَأَ دَيْنٌ بَعْدَهُ قَبْلَ الرَّدِّ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ) عَدَلَ إلَيْهِ عَنْ الْأَظْهَرِ الْمُعَبَّرِ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْخِلَافَ أَوْجَهُ، كَمَا فِي الشَّرْحِ لِيُوَافِقَ اصْطِلَاحَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْحَالُ بَيْنَ الْقَوْمِ) هُوَ بَيَانٌ لِذَاتِ الْبَيْنِ. قَوْلُهُ: (فِي قَتِيلٍ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ كَنَحْوِ كَلْبٍ بَلْ لَيْسَ قَيْدًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَظْهَرْ) لَيْسَ قَيْدًا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (الدِّيَةَ) قَدْ عُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ قَيْدًا بَلْ الْقِيمَةُ وَغَيْرُهَا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أُعْطِيَ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ مَا اسْتَدَانَهُ بَاقِيًا وَحَلَّ أَجَلُهُ، فَإِنْ وَفَّاهُ مِنْ مَالِهِ، أَوْ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهُ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا. قَوْلُهُ: (فِي مَالٍ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا نَعَمْ) لِأَنَّ الْمَالَ كَالنَّفْسِ لَمَّا عَلَّلَ بِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنٍ) وَكَذَا بِإِذْنٍ وَأَعْسَرَ هُوَ وَالْأَصِيلُ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] وِلَايَةِ الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَقَامَ لَهَا نَاظِرًا. قَوْلُهُ: (وَالْقَوْلُ الثَّانِي مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ) اُنْظُرْ مَا الْجَوَابُ عَنْ الْآيَةِ حِينَئِذٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ فَرَّقَ الْمَالِكُ سَقَطَ سَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يُعْطِيهِمْ إذَا دَعَتْ إلَى ذَلِكَ حَاجَةٌ وَدَعَا إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمُكَاتَبُونَ) أَيْ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي جَعْلِهِمَا الْمُرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِذَلِكَ رِقَابَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُمْ اقْتِرَانُهُمْ فِي الْآيَةِ مَعَ الْغَارِمِينَ وَكَمَا أَنَّهُ يَدْفَعُ لِلْغَارِمِينَ كَذَلِكَ الرِّقَابُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ حَاجَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ) . فَائِدَةٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الِاسْتِدَانَةِ لِلْمَعْصِيَةِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ فِي الْإِعْطَاءِ مِنْ الْحَاجَةِ قَطْعًا وَلَوْ قَدَرَ هَذَا الْغَارِمُ عَلَى الْكَسْبِ لَمْ يُكَلَّفْ نَعَمْ إنْ كَانَ اسْتَدَانَ فِي مَعْصِيَةٍ فَمَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْأَصَحُّ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ وَجْهَانِ وَهُوَ مَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَصَدْرُ عِبَارَةِ الْمَتْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَوْلَانِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْحَالُ) تَفْسِيرٌ لِذَاتِ الْبَيْنِ قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: قَوْلُهُمْ: إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ يَعْنِي الْأَحْوَالَ. الَّتِي بَيْنَهُمْ وَإِصْلَاحُهَا بِالتَّعَهُّدِ وَلَمَّا كَانَتْ مُلَابَسَةً وُصِفَتْ بِهِ فَقِيلَ لَهَا ذَاتُ الْبَيْنِ كَمَا قِيلَ لِلْإِسْرَارِ ذَاتُ الصُّدُورِ كَذَلِكَ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُعْطِيَ مَعَ الْغَنِيِّ) لَوْ اسْتَدَانَ لِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ أَوْ إقْرَاءِ ضَيْفٍ لَمْ يُعْطَ مَعَ الْغِنَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالِاسْتِدَانَةِ لِنَفْسِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 بِهِ الدَّيْنَ (وَسَبِيلُ اللَّهِ تَعَالَى غُزَاةٌ لَا فَيْءَ لَهُمْ) بِأَنْ نَشِطُوا لِلْجِهَادِ، وَلَمْ يَتَجَرَّدُوا لَهُ (فَيُعْطَوْنَ مَعَ الْغِنَى) بِخِلَافِ مَنْ تَجَرَّدُوا لَهُ، وَهُمْ الْمُرْتَزِقَةُ الَّذِينَ لَهُمْ حَقٌّ فِي الْفَيْءِ، فَلَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ (وَابْنُ السَّبِيلِ مُنْشِئُ سَفَرٍ) مِنْ بَلَدِهِ أَوْ بَلَدٍ كَانَ مُقِيمًا بِهِ (أَوْ مُجْتَازٌ) بِبَلَدٍ فِي سَفَرِهِ (وَشَرْطُهُ الْحَاجَةُ وَعَدَمُ الْمَعْصِيَةِ) بِسَفَرِهِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي سَفَرِهِ، أَوْ كَانَ سَفَرُهُ مَعْصِيَةً، لَمْ يُعْطَ فَيُعْطَى فِي الطَّاعَةِ كَالسَّفَرِ لِلْحَجِّ، وَالزِّيَارَةِ وَفِي الْمُبَاحِ كَالسَّفَرِ لِطَلَبِ الْآبِقِ، وَالنُّزْهَةِ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعْطَى (وَشَرْطُ آخِذِ الزَّكَاةِ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْإِسْلَامُ) ، فَلَا تُعْطَى لِكَافِرٍ لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «صَدَقَةٌ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ» ، (وَأَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا، وَلَا مُطَّلِبِيًّا) ، فَلَا تَحِلُّ لَهُمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ «لَا أُحِلُّ لَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْ الصَّدَقَاتِ شَيْئًا، وَلَا غُسَالَةَ الْأَيْدِي إنَّ لَكُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ مَا يَكْفِيكُمْ أَوْ يُغْنِيكُمْ» ، أَيْ بَلْ يُغْنِيكُمْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ (وَكَذَا مَوْلَاهُمْ) أَيْ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، فَلَا تَحِلُّ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِحَدِيثِ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَالثَّانِي قَالَ الْمَنْعُ فِيهِمْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ بِخُمُسِ الْخُمُسِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا حَقَّ لِمَوْلَاهُمْ فِيهِ فَتَحِلُّ لَهُ.   [حاشية قليوبي] وَسَبِيلُ اللَّهِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ مُوَصِّلٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ (غُزَاةٌ) هُوَ خَبَرٌ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِحَذْفٍ مِنْ الْأَوَّلِ أَوَالثَّانِي أَيْ أَهْلُ سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ حَالُ غُزَاةٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَجَرَّدُوا لَهُ) أَيْ لَمْ يَرْتَزِقُوا مِنْ الْفَيْءِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ) وَإِنْ تَعَذَّرَ الصَّرْفُ لَهُمْ مِنْ الْفَيْءِ وَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ إعَانَتُهُمْ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (وَابْنُ السَّبِيلِ) أَيْ ابْنُ الطَّرِيقِ نُسِبَ إلَيْهَا بِالْوِلَادَةِ مُبَالَغَةً لِمُلَازَمَتِهِ لَهَا سُلُوكُهُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (مُنْشِئُ سَفَرٍ) خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَوْلُهُ: (أَوْ مُجْتَازٌ) وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (مَعَهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ كَسُوبًا، أَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ فَلَا يُمْنَعَانِ مِنْ إعْطَائِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ، وَفَارَقَ عَدَمُ الْإِعْطَاءِ لِمَنْ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ إذَا وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ، بِأَنَّ السَّفَرَ أَشَقُّ، وَالْحَاجَةُ فِيهِ أَشَدُّ. قَوْلُهُ: (وَالنُّزْهَةِ) فَيُعْطَى وَإِنْ كَانَتْ حَامِلَةً عَلَى سَفَرِهِ، وَلَوْ تَابَ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ أُعْطِيَ مِنْ حِينِ التَّوْبَةِ، وَلَا يُعْطَى الْهَائِمُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ فَيُعْطَى الْعَاصِي فِي سَفَرِهِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ) أَيْ فِي السَّفَرِ الْمُبَاحِ، وَدَخَلَ فِي الطَّاعَةِ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ وَسَكَتَ عَنْ الْمَكْرُوهِ، كَسَفَرِ التِّجَارَةِ فِي أَكْفَانِ الْمَوْتَى فَيُعْطَى فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ وَلَوْ ذَكَرَهُ بَدَلَ الْمُبَاحِ أَوْ مَعَهُ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ آخِذِ الزَّكَاةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا زَكَاةً فَلَوْ كَانَ بِإِجَارَةٍ، وَلَوْ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ جَازَتْ مِنْ كَافِرٍ وَهَاشِمِيٍّ وَغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (الْإِسْلَامُ) وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ الْكَامِلَةُ إلَّا فِي الْمُكَاتَبِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يُعْطَى الْمُبَعَّضُ شَيْئًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ الْآخِذُ وَلَوْ أُنْثَى. قَوْلُهُ: (هَاشِمِيًّا وَلَا مُطَّلِبِيًّا) أَيْ مُنْتَسِبًا إلَيْهِمْ أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَخَرَجَ أَوْلَادُ بَنَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مَوْلَاهُمْ) أَيْ عَتِيقُهُمْ، وَلَوْ أُنْثَى وَكَذَا أَوْلَادُهُ وَمَنْ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ أَيْضًا نَعَمْ يُتَّجَهُ إعْطَاءُ أَوْلَادِ بَنَاتِهِ مِنْ غَيْرِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ بِالْأُولَى. تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالزَّكَاةِ فِي شَرْطِ الْآخِذِ الْمَذْكُورِ كُلُّ وَاجِبٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ كَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ الْوَاجِبَةِ انْتَهَى، وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ يُدْرَكُ بِمُرَاجَعَةِ مَوَاضِعِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ) أَيْ مَنْسُوبٌ إلَيْهِمْ وَيَرِثُونَهُ فَخَرَجَ نَحْوُ ابْنِ الْأُخْتِ وَإِنْ وَرَدَ ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ لِعَدَمِ مَا ذُكِرَ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ لِلْأَعْمَى دَفْعَهَا وَقَبْضَهَا لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ. وَأَنَّهُ يَصِحُّ قَبْضُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَمَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِصِفَتِهَا، كَذَا قَالَ شَيْخُنَا كَغَيْرِهِ إنْ اعْتَمَدَهُ هُنَا، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْهُ فِي الْهِبَةِ أَنَّ الصَّدَقَةَ وَالْهَدِيَّةَ لَا تَصِحُّ مِنْ الْأَعْمَى، وَلَا لَهُ فَلَعَلَّ الْوَجْهَ أَنَّ مَا هُنَاكَ كَمَا هُنَا فَلْيُرَاجَعْ. فَرْعٌ: ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَمَا نُقِلَ عَنْهُ أَنَّ زَوْجَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِنَّ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي حَيَاتِهِ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ انْتَهَى.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ مُجْتَازٌ) هَذَا بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَخَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ؛ لِأَنَّ السَّبِيلَ هُوَ الطَّرِيقُ، فَلَا يُضَافُ إلَّا لِمَنْ لَابَسَهُ وَقَوَّاهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ حَيْثُ إنَّ اللَّفْظَ لَا يَتَنَاوَلُهُ إلَّا لِمَجَازِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَجَازٌ مَغْلُوبٌ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَقِيقَةِ الْغَالِبَةِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ لَا يَحْنَثُ بِالنَّوْمِ عَلَى الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ مَعَهُ إلَخْ) لَوْ كَانَ كَسُوبًا جَازَ الْإِعْطَاءُ وَفَارَقَ مَا سَلَفَ فِي الْفَقِيرِ لِضَرُورَةِ السَّفَرِ هُنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا مُطَّلِبِيًّا) قَالَ بَعْضُهُمْ: أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ دَفْعِهَا لِبَنِي الْمُطَّلِبِ إلَّا الشَّافِعِيَّ وَهُوَ مِنْهُمْ فَرْعٌ أَوْلَادُ بَنَاتِ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ بِاتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْخُمُسِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 فَصْلٌ مَنْ طَلَبَ زَكَاةً، وَعَلِمَ الْإِمَامُ اسْتِحْقَاقًا أَوْ عَدَمَهُ عَمِلَ بِعِلْمِهِ فَلَا يَجُوزُ الصَّرْفُ لِمَنْ عَلِمَ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ، وَيَجُوزُ لِمَنْ عَلِمَ اسْتِحْقَاقَهُ، (وَإِلَّا) . أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ اسْتِحْقَاقَهُ أَوْ عَدَمَهُ، أَيْ لَمْ يَعْلَمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا (فَإِنْ ادَّعَى فَقْرًا أَوْ مَسْكَنَةً، لَمْ يُكَلَّفْ بَيِّنَةً) لِعُسْرِهَا وَلَا يَحْلِفُ إنْ اُتُّهِمَ فِي الْأَصَحِّ، (فَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ وَادَّعَى تَلَفَهُ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ) لِسُهُولَتِهَا، (وَكَذَا إنْ ادَّعَى عِيَالًا) يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ (فِي الْأَصَحِّ) وَلَوْ قَالَ: لَا كَسْبَ لِي، وَحَالُهُ يَشْهَدُ بِصِدْقِهِ بِأَنْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا، أَوْ زَمِنًا أُعْطِيَ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ (وَيُعْطَى غَازٍ وَابْنُ سَبِيلٍ بِقَوْلِهِمَا) بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ، (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا اُسْتُرِدَّ) مِنْهُمَا، وَيُحْتَمَلُ تَأْخِيرُ الْخُرُوجِ لِانْتِظَارِ الرِّفْعَةِ، وَتَحْصِيلِ الْأُهْبَةِ وَغَيْرِهِمَا. (وَيُطَالَبُ عَامِلٌ وَمُكَاتَبٌ وَغَارِمٌ بِبَيِّنَةٍ) بِالْعَمَلِ، وَالْكِتَابَةِ، وَالْغُرْمِ لِسُهُولَتِهَا، وَالصِّنْفُ الثَّانِي مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ يُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ، وَالْأَوَّلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، (وَهِيَ) أَيْ الْبَيِّنَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَمَا تَقَدَّمَ (إخْبَارُ عَدْلَيْنِ)   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي مُقْتَضَى صَرْفِ الزَّكَاةِ وَصِفَةِ مَنْ يَأْخُذُ مِنْهَا، وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (مَنْ طَلَبَ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (وَعُلِمَ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلظَّنِّ. قَوْلُهُ: (الْإِمَامُ) وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِعْطَاءِ. قَوْلُهُ: (اسْتِحْقَاقَهُ) أَيْ لِلزَّكَاةِ، وَمِثْلُهَا الْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ، وَالْوَقْفُ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: (عَمِلَ بِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ لِعَدَمِ الْحُكْمِ هُنَا، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِ عِلْمِهِ لَمْ يُعْمَلْ بِهَا مَا لَمْ تَذْكُرْ نَقْلَهُ مِنْ حَالَةٍ إلَى غَيْرِهَا، وَلَوْ قَامَتْ بِخِلَافِ ظَنِّهِ عَمِلَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ لِمَنْ إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فَالدَّفْعُ لِوَلِيِّهِ لَا لَهُ. قَوْلُهُ: (ادَّعَى فَقْرًا أَوْ مَسْكَنَةً) أَيْ وَأَنَّهُ غَيْرُ كَسُوبٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَمْ يُعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ إنْ عَدِمَ الْعِلْمَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالْآخَرِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِهِمَا مَعًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ) سَوَاءٌ مَنَعَ صَرْفَ جَمِيعِ الزَّكَاةِ إلَيْهِ أَوْ بَعْضَهَا وَيُعْطِي فِي الثَّانِي مَا زَادَ عَلَى مَالِهِ بِلَا يَمِينٍ. قَوْلُهُ: (كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ) أَيْ فِيمَا يَحْتَاجُ فِي دَعْوَى تَلَفِهِ إلَيْهَا، وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، أَوْ بِلَا يَمِينٍ عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (ادَّعَى عِيَالًا) أَيْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ. قَوْلُهُ: (يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ فِي الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ لَا يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا بُدَّ عَلَيْهِ مِنْ الْيَمِينِ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ هَذَا الْمُقَابِلَ، وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَحَالُهُ يَشْهَدُ إلَخْ) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْقَطْعِ، وَإِلَّا فَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا اُسْتُرِدَّ مِنْهُمَا) أَيْ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِمْهَالِ الَّتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْمُقَدَّرَةِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُمَا إذَا مَضَى عَامُ الْأَخْذِ فَقَبْلَ مُضِيِّهِ يُطَالَبُ الْغَازِي بِالْغَزْوِ أَوْ الرَّدِّ، وَلَوْ عَادَ بَعْدَ السَّفَرِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ دُخُولِهِ بِلَادَ الْحَرْبِ أَوْ بَعْدَهَا، وَلَمْ يُقَاتِلْ مَعَ قُرْبِ الْعَدُوِّ اُسْتُرِدَّ مِنْهُ الْجَمِيعُ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ الْغَزْوِ وَفَضَلَ مَعَهُ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا أَوْ قَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يُسْتَرَدَّ وَإِلَّا اُسْتُرِدَّ، وَيُطَالَبُ ابْنُ السَّبِيلِ بِالسَّفَرِ، أَوْ الرَّدِّ فَإِنْ عَادَ بَعْدَ السَّفَرِ اسْتَرَدَّ الْفَاضِلَ مِنْهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ كَانَ الْفَاضِلُ يَسِيرًا، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَصْرِفْهُ وَعَادَ بِهِ، وَصَرَفَهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ حَاجَةِ السَّفَرِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي حَاجَةِ السَّفَرِ، وَكُلُّ مَا يُسْتَرَدُّ يَجِبُ رَدُّهُ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا فَبَدَلُهُ. قَوْلُهُ: (وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْإِعْطَاءَ حَالَةَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ، وَالْمُرَادُ بِالتَّأَخُّرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَأَقَلُّ. قَوْلُهُ: (بِالْعَمَلِ) هُوَ جَوَابُ الزَّرْكَشِيّ وَبِهِ سَقَطَ مَا أَطَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ كَيْفَ يَحْتَاجُ الْعَامِلُ إلَى بَيِّنَةٍ مَعَ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّهُ الَّذِي وَلَّاهُ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُصَوَّرُ، بِمَا إذَا اخْتَلَفَ الْإِمَامُ، أَوْ وَلَّاهُ نَائِبُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ هُوَ بِهِ أَوْ أَنَّ الْإِمَامَ نَسِيَ تَوْلِيَتَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُخْبِرُ بِأَنَّهُ عَامِلٌ، وَهُوَ لَيْسَ مُرَادًا نَعَمْ يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ مَعَ الْمَالِكِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ بِغَيْرِ مَا أَخَذَهُ أَوْ بَرِئَ الْغَارِمُ مِنْ الدَّيْنِ بِغَيْرِهِ، أَوْ اسْتَغْنَى فِي غَيْرِ الْغَارِمِ لِذَاتِ الْبَيْنِ بِغَيْرِهِ اُسْتُرِدَّ مِنْ كُلِّ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ مَنْ طَلَبَ زَكَاةً وَعَلِمَ الْإِمَامُ اسْتِحْقَاقًا أَوْ عَدَمَهُ] فَصْلٌ مَنْ طَلَبَ زَكَاةً قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَمِلَ بِعِلْمِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَمْ يُخْرِجُوهُ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إضْرَارٌ بِمُعَيَّنٍ بِخِلَافِ الْحُكْمِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: مَنْ طَلَبَ الْحُكْمَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُكَلَّفْ إلَخْ) دَلِيلُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى لِلَّذِينَ سَأَلَاهُ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُمَا أَنَّهُ لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ» ، وَكَذَا يَصْدُقُ فِي دَعْوَى عَدَمِ الْكَسْبِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا كَانَ ظَاهِرُ حَالِهِ مُخَالِفًا لِمَسْأَلَتِهِ وَقُوَّةِ بَدَنِهِ وَحُسْنِ هَيْئَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَهُ عَلَى طَرِيقِ الْوَعْظِ مَا قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذَيْنِ سَأَلَاهُ «لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي قُوَّةٍ يَكْتَسِبُ» ، ثُمَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالزَّكَاةِ فَفِي الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْوَصِيَّةُ لَهُمْ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأُولَى وَبَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ، فَإِنَّ الْغَنِيَّ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، قَوْلُهُ: (الْبَيِّنَةَ لِسُهُولَتِهَا) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ بِفَقْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُقَابِلَهُ، وَهُوَ عَدَمُ تَكْلِيفِ الْبَيِّنَةِ قِيَاسًا عَلَى دَعْوَى الْفَقْرِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ قَطْعًا قَوْلُهُ: (بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لِأَنَّهُ فِي أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ. قَوْلُهُ: (وَيُحْتَمَلُ تَأْخِيرُ الْخُرُوجِ إلَخْ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 وَلَا يَحْتَاجُ إلَى دَعْوَى عِنْدِ قَاضٍ، وَإِنْكَارٍ وَاسْتِشْهَادٍ (وَتُغْنِي عَنْهَا الِاسْتِفَاضَةُ) بَيْنَ النَّاسِ لِحُصُولِ الظَّنِّ بِهَا (وَكَذَا تَصْدِيقُ رَبِّ الدَّيْنِ) فِي الْغَارِمِ (وَالسَّيِّدِ) فِي الْمُكَاتَبِ يُغْنِي عَنْهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِظُهُورِ الْحَالِ، وَالثَّانِي: لَا يُغْنِي لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ (وَيُعْطَى الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا، إذَا لَمْ يُحْسِنْ الْكَسْبَ بِحِرْفَةٍ وَلَا تِجَارَةٍ، (كِفَايَةَ سَنَةٍ) ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ، فَتَحْصُلُ بِهَا الْكِفَايَةُ سَنَةً (قُلْت الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ) يُعْطَى (كِفَايَةَ الْعُمُرِ الْغَالِبُ، فَيَشْتَرِي بِهِ عَقَارًا يَسْتَغِلُّهُ) وَيَسْتَغْنِي عَنْ الزَّكَاةِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَمَنْ يُحْسِنُ الْكَسْبَ بِحِرْفَةٍ يُعْطَى مَا يَشْتَرِي بِهِ آلَاتِهَا قَلَّتْ قِيمَتُهَا، أَوْ كَثُرَتْ أَوْ بِتِجَارَةٍ يُعْطَى مَا يَشْتَرِي بِهِ، مِمَّا يُحْسِنُ التِّجَارَةَ فِيهِ مَا يَفِي رِبْحَهُ بِكِفَايَتِهِ غَالِبًا، فَالْبَقْلِيُّ يَكْتَفِي بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ والْباقِلَّائِيُّ بِعَشَرَةٍ وَالْفَاكِهِيُّ بِعِشْرِينَ، وَالْخَبَّازُ بِخَمْسِينَ، وَالْبَقَّالُ بِمِائَةٍ وَالْعَطَّارُ بِأَلْفٍ، وَالْبَزَّازُ بِأَلْفَيْنِ، وَالصَّيْرَفِيُّ بِخَمْسَةِ آلَافٍ، وَالْجَوْهَرِيُّ بِعَشَرَةِ آلَافٍ (وَ) يُعْطَى (الْمُكَاتَبُ وَالْغَارِمُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَدْرَ دَيْنِهِ) ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِهِ أُعْطِيَ الْبَاقِيَ، (وَ) يُعْطَى (ابْنُ السَّبِيلِ مَا يُوَصِّلُهُ مَقْصِدَهُ) بِكَسْرِ الصَّادِ، (أَوْ مَوْضِعَ مَالِهِ) إنْ كَانَ لَهُ فِي طَرِيقِهِ مَالٌ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى كِسْوَةٍ أُعْطِيَهَا (وَ) يُعْطَى (الْغَازِي قَدْرَ حَاجَتِهِ لِنَفَقَةٍ، وَكِسْوَةٍ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَمُقِيمًا هُنَاكَ) أَيْ فِي الثَّغْرِ (وَفَرَسًا) إنْ كَانَ يُقَاتِلُ فَارِسًا (وَسِلَاحًا) وَعِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ وَيَشْتَرِي لَهُ   [حاشية قليوبي] مَا أَخَذَهُ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُ صَاحِبِ الدَّيْنِ أَخَذْت الدَّيْنَ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّكَاةِ. قَوْلُهُ: (وَالصِّنْفُ الثَّانِي مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ) وَهُوَ مَنْ لَهُ شَرَفٌ فِي قَوْمِهِ يُطَالَبُ بِبَيِّنَةٍ، وَمِثْلُهُ الصِّنْفَانِ الْآخَرَانِ، وَهُمَا مَانِعُ شَرِّ الْكُفَّارِ وَمَانِعِي الزَّكَاةِ فَيُطَالَبَانِ بِالْبَيِّنَةِ أَيْضًا، وَهَذَا إنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ) وَهُوَ ضَعِيفُ النِّيَّةِ فِي الْإِسْلَامِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْ بِلَا يَمِينٍ وَلَا بَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: (إخْبَارُ عَدْلَيْنِ) وَكَذَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ عَدْلٌ وَاحِدٌ أَوْ فَاسِقٌ ظَنَّ صِدْقَهُ أَوْ جَمْعٌ يَبْعُدُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَلَوْ ثَلَاثَةً. قَوْلُهُ: (وَتُغْنِي عَنْهَا) أَيْ الْبَيِّنَةِ ظَاهِرُهُ فِي جَمِيعِ هَذَا الْفَصْلِ أَخْذًا مِنْ تَعْمِيمِهِ السَّابِقِ، وَفِيهِ بَحْثٌ يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ. قَوْلُهُ: (تَصْدِيقُ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ السَّيِّدِ) أَيْ إنْ ظَنَّ صِدْقَهُ، وَمِثْلُهُ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. قَوْلُهُ: (وَيُعْطَى إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي صِفَةِ مَنْ يَأْخُذُ وَمِنْ هُنَا فِي قَدْرِ مَا يَأْخُذُ قَوْلُهُ: (أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا) قُدِّرَ ذَلِكَ لِأَجْلِ إفْرَادِ الضَّمَائِرِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِمَحَلِّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلِإِخْرَاجِ مَنْ سَيَذْكُرُهُ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (قُلْت الْأَصَحُّ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِ الْمُحَرِّرِ ذِكْرُ خِلَافٍ يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُقَابِلَهُ مَعَ احْتِمَالِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِكَوْنِ الْخِلَافِ نَصًّا أَوْ أَوْجُهًا أَوْ أَقْوَالًا أَوْ طُرُقًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْعُمُرِ الْغَالِبُ) وَهُوَ سِتُّونَ سَنَةً وَبَعْدَهُ يُعْطَى سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ. قَوْلُهُ: (فَيَشْتَرِي بِهِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْ النَّقْدِ مَا يَكْفِيهِ لِمَا ذُكِرَ بَلْ مِقْدَارًا يَكُونُ ثَمَنًا لِعَقَارٍ تَفِي غَلَّتُهُ بِذَلِكَ، أَوْ بِمَا يَتِمُّ بِهِ ذَلِكَ إنْ كَانَ مَالِكًا لِبَعْضِهِ وَيَشْتَرِيهِ لَهُ الْمَالِكُ لَكِنْ بَعْدَ قَبْضِهِ، أَوْ الْإِمَامُ، وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ يَلْزَمُهُ بِالشِّرَاءِ، وَيَمْنَعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِغَيْرِهِ، وَيَمْلِكُ مَا يَشْتَرِي لَهُ وَيُورَثُ عَنْهُ، نَعَمْ يَمْتَنِعُ الشِّرَاءُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُعْطَى لَهُ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ. قَوْلُهُ: (قُلْت إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَ مَا يُعْطَى لَهُ لَا يَفِي بِقِيمَتِهَا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الشِّرَاءِ. قَوْلُهُ: (مَا يَشْتَرِي) مَفْعُولُ يُعْطَى الثَّانِي. قَوْلُهُ: (مَا يَفِي رِبْحُهُ بِكِفَايَتِهِ غَالِبًا) أَيْ بِحَسَبِ عَادَةِ بَلَدِهِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ، وَالْأَمَاكِنِ وَالْأَزْمِنَةِ فَيُرَاعِي ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجُهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ فِي زَمَانِهِمْ، وَمَنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ حِرْفَةٍ يُعْطَى لِمَا يَكْفِيهِ مِنْهَا، فَإِنْ كَفَاهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ حِرَفٍ مُتَعَدِّدَةٍ، أُعْطِيَ لِأَدْنَاهَا، وَإِنْ لَمْ تَكْفِهِ وَاحِدَةٌ زِيدَ لَهُ قَدْرَ كِفَايَتِهِ. كَذَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَالْبَقْلِيُّ) بِالْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ مَنْ يَبِيعُ الْبُقُولَ وَهِيَ الْخَضْرَاوَاتُ. قَوْلُهُ: (وَالْبَاقِلَّانِيّ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ أَوْ تَشْدِيدِهَا عَلَى مَا مَرَّ هُوَ مَنْ يَبِيعُ الْبَاقِلَا، وَهُوَ الْفُولُ، وَلَوْ. مَسْلُوقَةً. قَوْلُهُ: (وَالْبَقَّالُ) هُوَ بِالْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْقَافِ الثَّقِيلَةِ وَيُقَالُ لَهُ الْفَامِيُّ بِالْفَاءِ، وَهُوَ مَنْ يَبِيعُ الْحُبُوبَ قِيلَ، أَوْ الزَّيْتَ وَمَنْ جَعَلَهُ بِالنُّونِ فَقَدْ صَحَّفَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى النَّقْلِيَّ بِالنُّونِ الْمَضْمُومَةِ بِغَيْرِ أَلِفٍ بَعْدَ الْقَافِ، وَهُوَ مَنْ يَبِيعُ نَحْوَ اللَّوْزِ وَالْجَوْزِ. قَوْلُهُ: (وَالْبَزَّازُ) بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ بَائِعُ الْبَزِّ أَيْ الْأَقْمِشَةِ، وَأَصْلُ الْبَزِّ اسْمٌ لِمَتَاعِ الْبَيْتِ. قَوْلُهُ: (وَالْغَارِمُ) أَيْ لِغَيْرِ إصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُعْطَى مَعَ الْغِنَى. قَوْلُهُ: (مَا يُوَصِّلُهُ إلَخْ) فَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ أُعْطِيَ مُدَّةَ إيَابِهِ أَيْضًا، وَكَذَا مُدَّةَ إقَامَةٍ لَا تَمْنَعُ التَّرَخُّصَ، وَلَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَوْ رَجَعَ   [حاشية عميرة] هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْطَى إذَا حَانَ وَقْتُ الْخُرُوجِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْغَازِي وَمِثْلُهُ ابْنُ السَّبِيلِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْتَاجُ) لَوْ قَالَ: فَلَا يَحْتَاجُ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَخْبَارِ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ) هُوَ فِي مَسْأَلَةِ رَبِّ الدَّيْنِ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ يَظْهَرُ حَالُهُ مِنْ الِاسْتِقْلَالِ بِسَبَبِ الْعِتْقِ بَعْدَ الْأَدَاءِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ بِقَبُولِ السَّيِّدِ دُونَ رَبِّ الدَّيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُعْطَى الْفَقِيرُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ إلَى هُنَا فِي الصِّفَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلِاسْتِحْقَاقِ، وَمِنْ هُنَا إلَخْ. فِي كَيْفِيَّةِ الصَّرْفِ وَقَدْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الزَّكَاةَ إلَخْ) عَضَّدَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا بِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَدَّخِرُ لِأَهْلِهِ كِفَايَةَ سَنَةٍ» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَشْتَرِي بِهِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ لَهُ مَا يَكْفِيهِ عُمُرَهُ دَفْعَةً، وَإِنَّمَا الدَّفْعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ الْكَافِي لَهُ يَوْمًا فَيَوْمًا لَا يُعْطِي شَيْئًا قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَأَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا أَمِنَ أَهْلَ الضِّيَاعِ وَإِلَّا فَيُمْكِنُ مِنْ نَصْبِ عَامِلٍ يَتَّجِرُ لَهُ وَيُعْطِي وَلَا يَتَعَيَّنُ شِرَاءُ الْعَقَارِ. قَوْلُهُ: (أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا) قَدْرُ ذَلِكَ لِأَجْلِ إفْرَادِ الضَّمِيرِ الْآتِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَدْرَ حَاجَتِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَسَكَتَ الْجُمْهُورُ عَنْ نَفَقَةِ عِيَالِهِ، وَإِعْطَاؤُهَا لَيْسَ بِبَعِيدٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَبِهِ جَزَمَ الْفَارِقِيُّ وَقَوْلُهُ: وَمُقِيمًا أَيْ وَيَجْتَهِدُ الْمُعْطِي فِي قَدْرِ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ فَإِنْ زَادَتْ زَادَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 الْفَرَسَ وَالسِّلَاحَ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يُعْطَى مَا يَشْتَرِيهِمَا بِهِ. (وَيَصِيرُ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُ) ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسْتَأْجَرَا لَهُ، (وَيُهَيَّأُ لَهُ وَلِابْنِ السَّبِيلِ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (مَرْكُوبٌ إنْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا أَوْ كَانَ) هُوَ (ضَعِيفًا لَا يُطِيقُ الْمَشْيَ، وَمَا يَنْقُلُ عَلَيْهِ الزَّادَ وَمَتَاعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرًا يَعْتَادُ مِثْلُهُ حَمْلَهُ بِنَفْسِهِ) ، فَلَا وَكَذَا لَوْ كَانَ السَّفَرُ قَصِيرًا، وَهُوَ قَوِيٌّ، وَالْمُؤَلَّفَةُ يُعْطَوْنَ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ، قَالَ الْمَسْعُودِيُّ عَلَى قَدْرِ كُلْفَتِهِمْ، وَكِفَايَتِهِمْ، وَالْعَامِلُ يُعْطَى أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ، فَإِنْ زَادَ سَهْمُهُ عَلَيْهَا رُدَّ الْفَاضِلُ عَلَى سَائِرِ الْأَصْنَافِ، وَإِنْ نَقَصَ كُمِّلَ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ ثُمَّ يُقَسَّمُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُكَمَّلَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، (وَمَنْ فِيهِ صِفَتَا اسْتِحْقَاقٍ) كَفَقِيرٍ غَارِمٍ (يُعْطَى بِإِحْدَاهُمَا فَقَطْ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ عَطْفَ بَعْضِ الْمُسْتَحَقِّينَ عَلَى بَعْضٍ فِي الْآيَةِ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ، وَالثَّانِي يُعْطَى بِهِمَا بِجَعْلِ تَعَدُّدِ الْوَصْفِ كَتَعَدُّدِ الشَّخْصِ. فَصْلٌ: يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ فِي الْقَسْمِ (إنْ قَسَمَ الْإِمَامُ، وَهُنَاكَ عَامِلٌ وَإِلَّا) ، بِأَنْ عَامَلَ بِأَنْ حَمَلَ أَصْحَابُ الْأَمْوَالِ زَكَاتَهُمْ إلَى الْإِمَامِ، (فَالْقِسْمَةُ عَلَى سَبْعَةٍ فَإِنْ فُقِدَ بَعْضُهُمْ) أَيْضًا (فَعَلَى الْمَوْجُودِينَ)   [حاشية قليوبي] مِنْ بَعْضِ الْمَسَافَةِ، وَقَدْ أَنْفَقَ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ فَإِنْ كَانَ لِنَحْوِ غَيْرِ الْأَسْعَارِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا يُقَابَلُ مَا لَمْ يُسَافِرْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَدْرَ حَاجَتِهِ) لَهُ وَلِعِيَالِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الثَّغْرِ) هُوَ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَوَّلُهُ مَحَلُّ الْمَخَافَةِ وَالْمُرَادُ بِقَدْرِ إقَامَتِهِ بِحَيْثُ مَا تُظَنُّ فِيهِ الْإِقَامَةُ فَإِنْ زَادَتْ زِيدَ لَهُ وَلَوْ قَصَدَ عَدَمَ الرُّجُوعِ لَمْ يُعْطَ مُؤْنَةَ الْإِيَابِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى لِمُدَّةِ الْإِقَامَةِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ لِلْغَزْوِ دُونَ مَا زَادَ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَيَصِيرُ ذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ لِمَا يُعْطَاهُ، وَمِنْهُ الْفَرَسُ وَالسِّلَاحُ، وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الْآخَرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ التَّمْلِيكِ فَإِنْ أُعْطِيَ قِيمَتَهَا فَكَالْأَوَّلِ فَذَكَرَ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ لِبَيَانِ الْمُرَادِ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَالْمُحَرَّرِ وَالْحُكْمُ بِمِلْكِهِ لِمَا ذُكِرَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ حِينَ الْإِعْطَاءِ، فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ اسْتِرْدَادِ الْفَاضِلِ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ مِلْكِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَا لَهُ) أَيْ الْفَرَسَ وَالسِّلَاحَ أَيْ يَسْتَأْجِرَهُمَا الْإِمَامُ، يُعْطِيَهُمَا لَهُ، يَجُوزُ أَنْ يُعِيرَهُمَا لَهُ إذَا اشْتَرَاهُمَا مِنْ هَذَا السَّهْمِ سَوَاءٌ وَقَفَهُمَا أَوْ لَا؛ إذْ لَهُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ عَارِيَّةً حَقِيقَةً؛ إذْ الْإِمَامُ غَيْرُ مَالِكٍ فَلَا ضَمَانَ لَوْ تَلِفَا وَيُصَدَّقُ فِي تَلَفِهِمَا بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُهَيَّأُ لَهُمَا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ، وَلَا يَمْلِكَانِ ذَلِكَ، وَلَوْ بِتَمْلِيكِ الْإِمَامِ فَيَسْتَرِدُّ مِنْهُمَا إذَا رَجَعَا. قَوْلُهُ: (مَرْكُوبٌ) أَيْ غَيْرُ الَّذِي يُقَاتِلُ عَلَيْهِ الْغَازِي. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا) أَيْ وَلَيْسَ سَفَرَ نُزْهَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ وَاعْتَمَدَ الْخَطِيبُ الْإِعْطَاءَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَنْقُلُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مَرْكُوبٍ وَهُوَ نَحْوُ بَغْلٍ وَحِمَارٍ. قَوْلُهُ: (مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ) أَيْ إنْ فَرَّقَ فَإِنْ فَرَّقَ الْمَالِكُ فَمَا يَرَاهُ الْمَالِكُ. قَوْلُهُ: (يُعْطَى) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَأْجِرًا وَلَمْ يَتَطَوَّعْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ) فَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ زَادَ سَهْمُهُ) اُنْظُرْ مَا سَهْمُ الْعَامِلِ الَّذِي تُعْتَبَرُ زِيَادَتُهُ عَلَى الْأُجْرَةِ أَوْ نَقْصُهُ عَنْهَا. قَوْلُهُ: (كَفَقِيرٍ غَارِمٍ) فِيهِ تَأَمُّلٌ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ كَيَتِيمٍ مِسْكِينٍ فَهُوَ مُعْتَرَضٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ إعْطَائِهِ الْفَقْرُ. قَوْلُهُ: (يُعْطَى) أَيْ يَأْخُذُ؛ لِأَنَّ الْخِيَرَةَ لَهُ. قَوْلُهُ: (بِإِحْدَاهُمَا) أَيْ مِنْ زَكَاةٍ وَاحِدَةٍ وَبَقِيَ مَعَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا، وَإِلَّا فَلَهُ الْأَخْذُ بِصِفَةٍ مِنْ زَكَاةٍ وَبِأُخْرَى مِنْ أُخْرَى، وَلَوْ أَخَذَ بِصِفَةِ الْغُرْمِ، وَدَفَعَ مَا أَخَذَهُ لِغَرِيمِهِ، فَلَهُ الْأَخْذُ بِصِفَةِ الْفَقْرِ أَيْضًا. نَعَمْ إنْ كَانَتْ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ غَزْوًا أُعْطِيَ بِهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّ الْغَزْوَ يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَيْنَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُقَسَّمُ) أَيْ مَالُ الزَّكَاةِ بَعْدَ تَتْمِيمِ أُجْرَةِ الْعَامِلِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) أَيْ مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ وَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ طُرُقٌ، وَخَالَفَ بَعْضُهُمْ فِيهِ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ لِلْفُقَرَاءِ بَيْنَ الزَّكَاةِ وَالْخُمُسِ وَالْكَفَّارَةِ   [حاشية عميرة] الْمَتْنِ: (وَيَصِيرُ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ إذَا رَجَعَ وَبِهِ صَرَّحَ الْفَارِقِيُّ قَالَ: لِأَنَّهُ أَعْطَى لِتَحْصِيلِ غَرَضٍ، وَهُوَ تَحْقِيقُ الْغَزْوِ، وَقَدْ وُجِدَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا سَلَفَ فِي فَاضِلِ النَّفَقَةِ انْتَهَى. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُهَيَّأُ لَهُ إلَخْ) أَيْ وَيَسْتَرِدُّ ذَلِكَ مِنْهُ إذَا رَجَعَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قُوَّةِ الْعِبَارَةِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ تَهْيِئَةُ ذَلِكَ لِابْنِ السَّبِيلِ حَتَّى فِي سَفَرِ النُّزْهَةِ، وَهُوَ بَعِيدٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) الْمَسْأَلَةُ فِيهَا طُرُقٌ ثَلَاثٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يُقَالُ كَانَ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ طَرِيقَةُ الْقَوْلَيْنِ انْتَهَى. قُلْت هَذَا بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ إنَّمَا يَكُونُ أَوْ يَحْسُنُ إذَا أُرِيدَ بِهِ الطَّرِيقَةُ الْقَاطِعَةُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. تَنْبِيهٌ حُكْمُ الصِّفَاتِ كَالصِّفَتَيْنِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ الْمُرَادُ مَنْعُ الْإِعْطَاءِ بِهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً أَمَّا لَوْ أَعْطَاهُ بِالْغُرْمِ فَأَدَّاهُ لِغَرِيمِهِ جَازَ إعْطَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْفَقْرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ قَالَ أَخَذَ بِإِحْدَاهُمَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ لَهُ لَا لِلْمُعْطِي ثُمَّ الْمُرَادُ صِفَاتُ اسْتِحْقَاقِ الزَّكَاةِ وَإِلَّا فَالْهَاشِمِيُّ الْغَازِي يَأْخُذُ مِنْ الْفَيْءِ بِهِمَا قَطْعًا كَمَا سَلَفَ فِي بَابِهِ. [فَصْل يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ فِي الْقَسْمِ فِي الصدقات] فَصْلٌ يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ قَالَ الْإِمَامُ: لَوْ صُرِفَ سَهْمُ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ إلَى الْفُقَرَاءِ نَظَرًا إلَى أَنَّ احْتِيَاجَ الْفُقَرَاءِ أَشَدُّ، فَهُوَ نَظَرٌ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّرْعِ أَنْ تَزُولَ حَاجَةُ الْمُحْتَاجِينَ، وَالْمَسَاكِينُ أَقْرَبُ إلَى حُصُولِ ذَلِكَ، فِيهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ، فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ غَرَضُ الشَّارِعِ صَرْفَ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ حَتَّى يَتَمَاسَكُوا، وَلَا يَصِيرُوا إلَى حَدِّ الْفَقْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ قَسَّمَ الْإِمَامُ) مِثْلُهُ الْعَامِلُ يُقَسِّمُ فَيَعْزِلُ نَفْسَهُ، ثُمَّ يُفَرِّقُ الْبَاقِيَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 مِنْهُمْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ حُفِظَتْ الزَّكَاةُ حَتَّى يُوجَدُوا أَوْ يُوجَدَ بَعْضُهُمْ (وَإِذَا قَسَمَ الْإِمَامُ اسْتَوْعَبَ مِنْ الزَّكَوَاتِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَهُ آحَادُ كُلِّ صِنْفٍ) وُجُوبًا (وَكَذَا يَسْتَوْعِبُ الْمَالِكُ) الْآحَادَ وُجُوبًا (إنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ فِي الْبَلَدِ وَوَفَّى بِهِمْ الْمَالُ، وَإِلَّا فَيَجِبُ إعْطَاءُ ثَلَاثَةٍ) مِنْ كُلِّ صِنْفٍ لِذِكْرِهِ فِي الْآيَةِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنُ السَّبِيلِ الَّذِي هُوَ لِلْجِنْسِ وَلَا عَامِلَ، وَفِي قَسْمِ الْمَالِكِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ كَمَا اسْتَغْنَى عَنْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ، (وَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ) وَإِنْ كَانَتْ حَاجَةُ بَعْضِهِمْ أَشَدَّ إلَّا الْعَامِلَ، فَلَا يُزَادُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ، كَمَا سَبَقَ (لَا بَيْنَ آحَادِ الصِّنْفِ) فَيَجُوزُ تَفْضِيلُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ (إلَّا أَنْ يَقْسِمَ الْإِمَامُ فَيَحْرُمَ عَلَيْهِ التَّفْضِيلُ مَعَ تَسَاوِي الْحَاجَاتِ) قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ وَتَعَقَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ، بِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ اسْتِحْبَابَ التَّسْوِيَةِ (وَالْأَظْهَرُ مَنْعُ نَقْلِ الزَّكَاةِ) مِنْ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي حُكْمِ اسْتِيعَابِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَنَقْلِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ) أَيْ وَلَوْ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ. قَوْلُهُ: (إنْ قَسَّمَ الْإِمَامُ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ، وَمِنْهُ الْعَامِلُ إذَا أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي عَزْلِ نَصِيبِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ قَدْرُ أُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَهُنَاكَ عَامِلٌ) سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي الْعَمَلِ أَمْ لَا، قَالَ شَيْخُنَا وَيَسْتَحِقُّ حِصَّةَ جَمِيعِ الصِّنْفِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ، أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ حَمَلَ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ تَبَرَّعَ بِعَمَلِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْإِمَامُ، أَوْ جَعَلَ جُزْءًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فُقِدَ بَعْضُهُمْ) أَيْ فِي الْبَلَدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِكِ أَوْ مُطْلَقًا لِلْإِمَامِ، وَلَوْ امْتَنَعُوا مِنْ أَخْذِهَا قُوتِلُوا. قَوْلُهُ: (اسْتَوْعَبَ) أَيْ إنْ وَفَّى الْمَالُ وَاسْتَوَتْ الْحَاجَاتُ، وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَحْوَجُ إنْ كَانَ، وَإِلَّا عُمِلَ بِالْمَصْلَحَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الزَّكَوَاتِ) أَيْ مَجْمُوعِهَا لَا مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَلَهُ إعْطَاءُ كُلِّ زَكَاةِ مَالِكٍ لِمُسْتَحِقٍّ وَاحِدٍ. قَوْلُهُ: (آحَادَ كُلِّ صِنْفٍ) وَلَوْ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا يَسْتَوْعِبُ الْمَالِكُ الْأُحَادَ وُجُوبًا) عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ الشَّرْطِ. قَوْلُهُ: (إنْ انْحَصَرَ إلَخْ) أَيْ وَقْتَ الْوُجُوبِ فِي مَحَلِّ الْوُجُوبِ بِأَنْ سَهُلَ عَدُّهُمْ بِمَا فِي النِّكَاحِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَوَفَّى بِهَا الْمَالُ) أَيْ بِحَاجَاتِهِمْ النَّاجِزَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَتْ حَاجَةُ بَعْضِهِمْ أَشَدَّ) فَيَجِبُ نَقْلُ مَا زَادَ عَنْ صِنْفٍ إلَى صِنْفٍ نَاقِصٍ. قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَالتَّسْوِيَةُ وَاجِبَةٌ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورِ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ تَعْمِيمُ الْأَصْنَافِ، وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، وَتَعْمِيمُ الْآحَادِ، وَكَذَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ عِنْدَ تَسَاوِي الْحَاجَاتِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ الْأَوَّلَانِ، وَكَذَا الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ انْحَصَرُوا وَوَفَّى بِهِمْ الْمَالُ، فَقَوْلُهُ لَا بَيْنَ آحَادِ الصِّنْفِ هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْحَصِرُوا. فَرْعٌ: لَوْ أَخَلَّ الْإِمَامُ أَوْ الْمَالِكُ بِصِنْفٍ ضَمِنَ كُلَّ نَصِيبَهُ أَوْ بِوَاحِدٍ مِنْ صِنْفٍ ضَمِنَ لَهُ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ، وَضَمَانُ الْإِمَامِ فِي الزَّكَوَاتِ إنْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ عِنْدَهُ، وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ وَضَمَانُ الْمَالِكِ فِي مَالِهِ، وَلِلْمُسْتَحِقَّيْنِ حِينَئِذٍ إبْرَاؤُهُ مِنْهَا، وَتَسْقُطُ عَنْهُ كَالنِّيَّةِ، وَلَهُمْ مُطْلَقًا التَّصَرُّفُ فِي حِصَصِهِمْ قَبْلَ قَبْضِهَا إلَّا بِاسْتِبْدَالٍ أَوْ إبْرَاءٍ، وَإِذَا مَاتُوا فَهِيَ لِوَرَثَتِهِمْ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ الْمَالِكَ سَقَطَتْ عَنْهُمْ الزَّكَاةُ وَالنِّيَّةُ، وَلَا يَضُرُّ غِنَاهُمْ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ وَلَا غَيْبَتُهُمْ عَنْ الْبَلَدِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مَنْعُ نَقْلِ الزَّكَاةِ) الْمُرَادُ بِنَقْلِهَا أَنْ يُعْطَى مِنْهَا مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلِّهَا وَقْتَ الْوُجُوبِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَسَوَاءٌ أَخْرَجَهَا عَنْ الْمَحَلِّ أَوْ جَاءُوا بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ إلَيْهِ. نَعَمْ لَوْ لَمْ يَنْحَصِرْ الْمُسْتَحِقُّونَ فِي الْبَلَدِ جَازَ إعْطَاءُ مَنْ جَاءَهَا بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ. قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ وَلَوْ خَرَجَ مَعَ الْمُسْتَحِقِّينَ إلَى خَارِجِ الْمَحَلِّ وَدَفَعَهَا لَهُمْ حِينَئِذٍ لَمْ يَمْتَنِعْ، وَخَرَجَ بِالزَّكَاةِ غَيْرُهَا، كَالْكَفَّارَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالنَّذْرِ وَالْوَقْفِ، فَيَجُوزُ النَّقْلُ فِيمَا لَمْ يُخَصَّصْ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ بَلَدِ الْوُجُوبِ) أَيْ إلَى مَحَلٍّ يَجُوزُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ لِلْمُسَافِرِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَلَدِ مَحَلُّ الْوُجُوبِ كَالْقَرْيَةِ وَالْحِلَّةِ وَمَحَلِّ الْإِقَامَةِ لِذِي الْخِيَامِ وَالسَّفِينَةِ لِمَنْ فِيهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ مُسْتَحِقٌّ تَعَيَّنَ أَقْرَبُ مَحَلٍّ يُوجَدُ فِيهِ الْمُسْتَحِقُّ إلَيْهِ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى سَبْعَةٍ) أَيْ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ سَهْمَ الْعَامِلِ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ تَوَلَّاهَا؛ لِأَنَّ نَظَرَهُ عَامٌّ، وَحَقُّهُ فِي الْفَيْءِ عَامٌّ. قَوْلُ الْمَتْنِ (فَإِنْ فُقِدَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) الْمُرَادُ هُنَا الْفَقْدُ مُطْلَقًا، وَأَمَّا مِنْ الْبَلْدَةِ خَاصَّةً فَسَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ. تَنْبِيهٌ لَوْ فُقِدَ بَعْضُ صِنْفٍ رُدَّ عَلَى بَاقِيهِ، وَلَوْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْ كِفَايَةِ مَنْ وُجِدَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِمَامَ يَحْفَظُهُ إلَى وُجُودِ أَهْلِهِ وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْبَاقِي إلَّا مَا دَامَ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: لَوْ فُقِدَ بَعْضُ الْأَصْنَافِ مِنْ الْبَلَدِ خَاصَّةً، وَفَضَلَ الْمَالُ عَنْ كِفَايَتِهِ وَجَبَ النَّقْلُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ الزَّكَوَاتِ) يُرِيدُ أَنَّ الزَّكَوَاتِ فِي يَدِهِ كَزَكَاةٍ وَاحِدَةٍ فَلَهُ إعْطَاءُ شَخْصٍ زَكَاةَ وَاحِدٍ، لَكِنْ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ الشَّاشِيُّ بِأَنَّ كُلَّ صَدَقَةٍ مِلْكٌ لِلْمُسْتَحِقِّينَ، فَكَيْفَ يَتَأَتَّى التَّخْصِيصُ. قَوْلُهُ: (وُجُوبًا) إنْ وَفَّى بِهِمْ الْمَالُ قَوْلُهُ: (الَّذِي هُوَ لِلْجِنْسِ) صِفَةٌ لِابْنِ السَّبِيلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يُقَسِّمَ الْإِمَامُ إلَخْ) مِثْلُهُ الْمَالِكُ إذَا انْحَصَرُوا وَوَفَّى بِهِمْ الْمَالُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 بَلَدِ الْوُجُوبِ مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّينَ فِيهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فِيهِ الْمُسْتَحِقُّونَ، بِأَنْ تُصْرَفَ إلَيْهِمْ أَيْ يَحْرُمُ، وَلَا يُجْزِئُ لِمَا فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «صَدَقَةٌ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ النَّقْلُ وَيُجْزِئُ لِلْإِطْلَاقِ فِي الْآيَةِ، (وَلَوْ عُدِمَ الْأَصْنَافُ فِي الْبَلَدِ وَوَجَبَ النَّقْلُ) إلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ (أَوْ) عُدِمَ (بَعْضُهُمْ وَجَوَّزْنَا النَّقْلَ) مَعَ وُجُودِهِمْ (وَجَبَ) نَقْلُ نَصِيبِ الْمَعْدُومِ إلَى مِثْلِهِ، (وَإِلَّا فَيُرَدُّ عَلَى الْبَاقِينَ، وَقِيلَ: يُنْقَلُ) لِوُجُودِ مُسْتَحِقِّهِ، وَالْأَوَّلُ يَقُولُ عَدَمُهُ فِي مَحَلِّهِ كَالْعَدَمِ الْمُطْلَقِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْخِلَافُ فِي جَوَازِ النَّقْلِ وَتَفْرِيقُهُ ظَاهِرٌ، فِيمَا إذَا فَرَّقَ رَبُّ الْمَالِ زَكَاتَهُ، أَمَّا إذَا فَرَّقَ الْإِمَامُ، فَرُبَّمَا اقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْحَابِ طَرْدَ الْخِلَافِ فِيهِ، وَرُبَّمَا دَلَّ عَلَى جَوَازِ النَّقْلِ لَهُ، وَالتَّفْرِقَةِ كَيْفَ شَاءَ وَهَذَا أَشْبَهُ انْتَهَى. (وَشَرْطُ السَّاعِي) وَهُوَ الْعَامِلُ وُصِفَ بِأَحَدِ أَوْصَافِهِ السَّابِقَةِ، (كَوْنُهُ حُرًّا عَدْلًا فَقِيهًا بِأَبْوَابِ الزَّكَاةِ) يَعْرِفُ مَا يَأْخُذُ وَمَنْ يَدْفَعُ إلَيْهِ (فَإِنْ عُيِّنَ لَهُ أَخْذٌ وَدَفْعٌ لَمْ يُشْتَرَطْ الْفِقْهُ) الْمَذْكُورُ، وَتَقَدَّمَ شَرْطُ أَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا، وَلَا مُطَّلِبِيًّا، وَلَا مَوْلَاهُمْ وَكَذَا، وَلَا مُرْتَزِقًا، مِمَّا ذُكِرَ فِي سَهْمِ الْغُزَاةِ (وَلْيُعْلِمْ) أَيْ السَّاعِي (شَهْرًا لِأَخْذِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ نَدْبًا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُحَرَّمَ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ السُّنَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَذَلِكَ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ الْمُخْتَلِفُ فِي حَقِّ النَّاسِ، بِخِلَافِ مَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ، كَالزُّرُوعِ، وَالثِّمَارِ فَوَقْتُ الْوُجُوبِ فِيهِ، اشْتِدَادُ الْحَبِّ، وَإِدْرَاكُ الثِّمَارِ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ فِي النَّاحِيَةِ الْوَاحِدَةِ كَثِيرَ اخْتِلَافٍ ثُمَّ بَعْثُ السُّعَاةِ لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ، وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامَةِ (وَيُسَنُّ وَسْمُ نَعَمِ الصَّدَقَةِ وَالْفَيْءِ) لِلْأَتْبَاعِ فِي بَعْضِهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَقِيَاسُ الْبَاقِي عَلَيْهِ، وَفِيهِ فَائِدَةُ تَمَيُّزِهَا عَنْ غَيْرِهَا، وَأَنْ يَرُدَّهَا وَاجِدُهَا لَوْ شَرَدَتْ أَوْ ضَلَّتْ، (فِي مَوْضِعٍ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا صُلْبٌ ظَاهِرٌ (لَا يَكْثُرُ شَعْرُهُ) وَالْأَوْلَى فِي الْغَنَمِ الْآذَانُ، وَفِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ الْأَفْخَاذُ (يُكْرَهُ فِي الْوَجْهِ)   [حاشية قليوبي] وَقْتَ الْوُجُوبِ نَعَمْ يَجُوزُ فِي الدَّيْنِ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ فِي كُلٍّ مِنْ مَحَلِّ الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ وَقْتَ الْوُجُوبِ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَذَا لَوْ تَشَقَّصَ النِّصَابُ بِبَلَدَيْنِ كَعِشْرِينَ شَاةً بِبَلَدٍ وَعِشْرِينَ بِأُخْرَى فَلَهُ إخْرَاجُ شَاةٍ فِي إحْدَاهُمَا مَعَ الْكَرَاهَةِ، فَإِنْ أَخْرَجَ فِي كُلِّ بَلَدٍ نِصْفَهَا لَمْ يُكْرَهْ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَحْرُمُ وَلَا يُجْزِئُ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْمَنْعِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجُوزُ النَّقْلُ وَتُجْزِئُ) وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ كَابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ الْفِرْكَاحِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: وَيَجُوزُ لِلشَّخْصِ الْعَمَلُ بِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَكَذَا يَجُوزُ الْعَمَلُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ، كَالْأَذْرَعِيِّ وَالسُّبْكِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عُدِمَ الْأَصْنَافُ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ فَضَلَ عَنْهُمْ شَيْءٌ يَجِبُ نَقْلُهُ لِمَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (وَجَوَّزْنَا النَّقْلَ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (فَيُرَدُّ) أَيْ إنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُمْ وَإِلَّا وَجَبَ نَقْلُ الْفَاضِلِ لِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ تَقْيِيدٌ لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَنْعَ النَّقْلِ بِكَوْنِهِ عَلَى الْمَالِكِ لَا الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَتَفْرِيقِهِ) الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: أَوْ عُدِمَ بَعْضُهُمْ إلَخْ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّفْرِقَةُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ، " وَتَفْرِيقِهِ " مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى جَوَازِ. تَنْبِيهٌ: مُؤْنَةُ النَّقْلِ حَيْثُ جَازَ عَلَى الْمَالِكِ قَبْلَ أَخْذِ السَّاعِي، وَإِلَّا فَهِيَ الزَّكَاةُ فَيُبَاعُ جُزْءٌ مِنْهَا لَهُ، وَكَذَا لِإِنْقَاذِهَا مِنْ نَحْوِ خَطَرٍ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: فُرِّقَ هَذَا عَلَى الْمَسَاكِينِ لَمْ يَدْخُلْ هُوَ، وَلَا مُمَوَّنُهُ، وَإِنْ نَصَّ عَلَيْهِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَرَّقَ الْإِمَامُ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ، وَمِنْ نَائِبِهِ الْمَالِكُ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي التَّفْرِقَةِ. قَوْلُهُ: (جَوَازِ النَّقْلِ) وَإِنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ فِي الْبَلَدِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا أَشْبَهُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ . قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ السَّاعِي إلَخْ) وَسَيَأْتِي أَنَّ بَعْثَهُ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (حُرًّا عَدْلًا) الْمُرَادُ بِالْعَدْلِ فِي الشَّهَادَةِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ حُرًّا كَمَا فَعَلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمُقْتَضَاهُ اشْتِرَاطُ السَّمْعِ وَالنُّطْقِ وَالذُّكُورَةِ وَعَدَمِ التُّهْمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِأَبْوَابِ الزَّكَاةِ) وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ غَيْرَهَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عُيِّنَ لَهُ أَخْذٌ وَدَفْعٌ) إنْ أُرِيدَ أَخْذُ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَدَفْعُهُ لِمُعَيَّنٍ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ كَافِرًا وَفَاسِقًا وَعَبْدًا وَغَيْرَهُمْ، وَإِنْ أُرِيدَ غَيْرُ ذَلِكَ، اُشْتُرِطَتْ الْعَدَالَةُ دُونَ الْفِقْهِ، وَلَعَلَّ هَذَا مَحْمَلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَفِيهِ عَلَى ذَلِكَ تَأَمُّلٌ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْفِقْهِ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ قَالَهُ شَيْخُنَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَتَقَدَّمَ شَرْطُ إلَخْ) فَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْإِمَامُ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ أَعْطَاهُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ إلَّا مِنْ الزَّكَاةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ السَّاعِي) أَيْ بِأَمْرِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ. قَوْلُهُ: (الْمُحَرَّمِ) أَيْ فِي حَقِّ مَنْ يَتِمُّ حَوْلُهُ عِنْدَهُ، وَإِلَّا فَعِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ. قَوْلُهُ: (فَوَقْتُ الْوُجُوبِ) أَيْ وَقْتُ انْعِقَادِ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجُوزُ إلَخْ) . هُوَ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَابْنُ الْفِرْكَاحِ عِنْدَ وُجُودِ مَصْلَحَةٍ مِنْ قَرِيبٍ، وَنَحْوُهُ، قَالَ الْبَغَوِيّ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: يَجُوزُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَجْزَاءِ، وَأَمَّا التَّحْرِيمُ فَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ وَقِيلَ فِيهِمَا. اهـ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَتْنِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ، وَلَوْ كَانَ الْفُقَرَاءُ مَحْصُورِينَ بِالْبَلَدِ. تَنْبِيهٌ لَوْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْ كِفَايَتِهِمْ وَجَبَ نَقْلُ الْفَاضِلِ. قَوْلُهُ: (لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ) أَيْ وَقِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِلَّا فَيُرَدُّ) هَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَوْجُودُ وَاحِدًا مِنْ صَفٍّ فَقَطْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَعَمِ الصَّدَقَةِ) مُرَادُهُ بِهَا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا مِنْ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْفِيَلَةِ وَغَيْرِهَا لِقَوْلِهِ: وَالْفَيْءُ وَالْوَسْمُ جَوَّزَ بَعْضُهُمْ فِيهِ الْإِعْجَامَ، وَقِيلَ بِالْإِهْمَالِ لِلْوَجْهِ وَبِالْإِعْجَامِ لِسَائِرِ الْجَسَدِ قَوْلُهُ: (فِي نَعَمِ الْجِزْيَةِ إلَخْ) أَيْ وَالسِّمَةُ فِي نَعَمِ الْجِزْيَةِ الَّتِي هِيَ بَعْضُ الْفَيْءِ جِزْيَةٌ أَوْ صِغَارٌ فَالْخَبَرُ قَوْلُهُ جِزْيَةٌ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْفَيْءِ مِنْ غَيْرِ الْجِزْيَةِ فَيُكْتَبُ عَلَيْهِ فَيْءٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَهُ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَغَيْرُهُ، (قُلْت الْأَصَحُّ يَحْرُمُ وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيّ) فِي التَّهْذِيبِ، (وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ لَعَنَ فَاعِلَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الضَّرْبِ فِي الْوَجْهِ، وَعَنْ الْوَسْمِ فِي الْوَجْهِ، وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ» ثُمَّ السِّمَةُ فِي نَعَمِ صَدَقَةِ زَكَاةٍ أَوْ صَدَقَةٍ، وَفِي نَعَمِ الْجِزْيَةِ مِنْ الْفَيْءِ جِزْيَةٌ أَوْ صِغَارٌ. فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ سُنَّةٌ لِمَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، (وَتَحِلُّ لِغَنِيٍّ وَكَافِرٍ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ يُسْتَحَبُّ لِلْغَنِيِّ التَّنَزُّهُ عَنْهَا وَيُكْرَهُ لَهُ التَّعَرُّضُ لِأَخْذِهَا وَفِي الْبَيَانِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا مُظْهِرَ الْفَاقَةِ، وَهُوَ حَسَنٌ وَفِي الْحَاوِي الْغَنِيُّ بِمَالٍ، أَوْ بِصَنْعَةٍ سُؤَالُهُ حَرَامٌ، وَمَا يَأْخُذُهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ انْتَهَى، (وَدَفْعُهَا سِرًّا، وَفِي رَمَضَانَ وَلِقَرِيبٍ وَجَارٍ أَفْضَلُ) ،   [حاشية قليوبي] الْوَقْتِ، وَإِلَّا فَالْإِخْرَاجُ عِنْدَ التَّصْفِيَةِ وَالْجُذَاذِ. قَوْلُهُ: (وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ) سَوَاءٌ فِي الْمَالِ الْحَوْلِيِّ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وُسِمَ) بِالْمُهْمَلَةِ السَّاكِنَةِ وَقِيلَ بِالْمُعْجَمَةِ أَيْضًا، وَهُوَ لُغَةً: التَّأْثِيرُ بِالْكَيِّ بِالنَّارِ، وَقِيلَ الْأَوَّلُ لِمَا فِي الْوَجْهِ خَاصَّةً، وَالثَّانِي أَعَمُّ. قَوْلُهُ: (نَعَمِ الصَّدَقَةِ وَالْفَيْءِ) هُوَ قَيْدٌ لِلنَّدْبِ فَغَيْرُهَا مُبَاحٌ، وَمَوْضِعُهُ مِثْلُهَا، وَأَمَّا الْكَيُّ لِغَيْرِ الْوَسْمِ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا، إلَّا لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ، وَأَمَّا الْخِصَاءُ فَحَرَامٌ إلَّا فِي مَأْكُولٍ صَغِيرٍ عُرْفًا لِطِيبِ لَحْمِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ، وَأَمَّا الْإِنْزَاءُ فَجَائِزٌ فِيمَا لَا يَضُرُّ نَحْوُ مِثْلِهِ، أَوْ مُقَارِبِهِ كَخَيْلٍ بِمِثْلِهَا أَوْ بِحَمِيرٍ، وَإِلَّا فَحَرَامٌ كَخَيْلٍ لِبَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ وَمَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ بَيْنَ الْخَيْلِ وَالْحَمِيرِ يُرَادُ بِهِ الْكَرَاهَةُ خَشْيَةَ قِلَّةِ الْخَيْلِ. قَوْلُهُ: (صُلْبٌ) بِضَمِّ الصَّادِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ. قَوْلُهُ: (ظَاهِرٌ) بِالظَّاءِ الشَّامِلَةِ أَيْ لِلنَّاسِ. قَوْلُهُ: (فِي الْغَنَمِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْمَعْزِ، وَمِثْلُهَا مَا قَارَبَهَا كَالْغَزَالِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ الْأَفْخَاذُ) وَكَذَا الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ وَالْفِيلَةُ وَنَحْوُهَا وَوَسْمُ الْغَنَمِ أَلْطَفُ، وَفَوْقَهُ الْحَمِيرُ، وَفَوْقَهُ الْبَقَرُ وَالْبِغَالُ وَفَوْقَهُ الْإِبِلُ، وَفَوْقَهُ الْفِيلَةُ. قَوْلُهُ: (لَا صَحَّ يَحْرُمُ) أَيْ فِي الْوَجْهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقَابِلُهُ الْكَرَاهَةُ قَبْلَهُ، وَلَمْ يُنَبِّهْ الشَّارِحُ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ طُرُقٌ، أَوْ أَوْجُهٌ مَعَ احْتِمَالِهِ لَهُمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَعَنَ اللَّهُ إلَخْ) وَفِي نُسْخَةٍ: لَعْنُ فَاعِلِهِ بِالْإِضَافَةِ، وَجَازَ لَعْنُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ لِمُعَيَّنٍ وَلَوْ غَيْرَ حَيَوَانٍ كَالْجَمَادِ نَعَمْ يَجُوزُ لَعْنُ كَافِرٍ مُعَيَّنٍ بَعْدَ مَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (زَكَاةٍ أَوْ صَدَقَةٍ) أَوْ طُهْرَةٌ أَوْ لِلَّهِ وَهُوَ أَبْرَكُ وَأَوْلَى وَلَا نَظَرَ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ مُلَاقَاتِهِ لِنَجَاسَةٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَفِي نَعَمِ الْجِزْيَةِ مِنْ الْفَيْءِ جِزْيَةٌ أَوْ صَغَارٌ) وَفِي بَقِيَّةِ الْفَيْءِ فَيْءٌ وَيَكْفِي عَنْ اللَّفْظِ أَكْبَرُ حُرُوفِهِ كَالْكَافِ مِنْ زَكَاةٍ وَالْجِيمِ مِنْ الْجِزْيَةِ. فَصْلٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ بِمَعْنَى الْغَيْرِ وَاجِبَةٍ فَصَحَّ الْإِخْبَارُ سُنَّةً أَيْ مُؤَكَّدَةً وَهَذَا بِاعْتِبَارِ دَفْعِهَا أَيْ إعْطَائِهَا سُنَّةً مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَلَوْ نَبِيًّا أَوْ كَافِرًا إلَّا لِمَانِعٍ كَإِعَانَةٍ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَذِكْرُ الْحِلِّ الْآتِي بِاعْتِبَارِ أَخْذِهَا وَقَبُولِهَا وَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا وَلَوْ لِهَاشِمِيٍّ وَمُطَّلِبِيٍّ عَلَى مَا يَأْتِي لَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا تَحِلُّ لَهُ وَانْظُرْ بَقِيَّةَ الْأَنْبِيَاءِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْحِلِّ فِيهِمْ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَتَحِلُّ) بِمَعْنَى يَحِلُّ قَبُولُهَا كَمَا مَرَّ بَلْ يَجِبُ عَلَى نَحْوِ مُضْطَرٍّ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِغَنِيٍّ) بِمَا فِي الزَّكَاةِ قَالَهُ شَيْخُنَا نَقْلًا عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي شَرْحِهِ اعْتِبَارُ الْفِطْرَةِ كَ ابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَكَافِرٍ) أَيْ غَيْرِ حَرْبِيٍّ وَكَذَا لَهُ مَعَ رَجَاءِ إسْلَامٍ أَوْ قَرَابَةٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ) هُوَ بَيَانٌ لِمَفْهُومِ يُسْتَحَبُّ وَتَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ بِالتَّنَزُّهِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ قَبُولَهَا، وَسُؤَالُهُ وَلَوْ بِلِسَانِ الْحَالِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُظْهِرْ الْفَاقَةَ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لَا يَحِلُّ لَهُ) أَيْ يَحْرُمُ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِصَنْعَةٍ) وَكَذَا بِكَسْبٍ. قَوْلُهُ: (سُؤَالُهُ حَرَامٌ) أَيْ عِنْدَ إظْهَارِ الْفَاقَةِ أَوْ مَعَ إلْحَاحٍ أَوْ إيذَاءٍ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْمَسْئُولِ أَوْ إلْجَاءٍ إلَى الْإِعْطَاءِ لِحَيَاءٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَأْخُذُهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ) أَيْ عِنْدَ شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ، أَوْ عِنْدَ فَقْدِ صِفَةٍ أَعْطَى لِأَجْلِهَا قَالَ شَيْخُنَا: وَحَيْثُ حَرُمَ لَا يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ، وَيَجِبُ رَدُّهُ إلَّا إذَا عَلِمَ الْمُعْطِي بِحَالِهِ فَيَمْلِكُهُ، وَلَا حُرْمَةَ إلَّا إنْ أَخَذَهُ بِسُؤَالٍ أَوْ إظْهَارِ فَاقَةٍ فَيَمْلِكُهُ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَحَيْثُ أَعْطَاهُ عَلَى ظَنِّ صِفَةٍ وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِهَا وَلَوْ عَلِمَ بِهِ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَمْلِكْ مَا أَخْذَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ عُقُودِ التَّبَرُّعِ كَهِبَةٍ وَهَدِيَّةٍ وَوَقْفٍ وَنَذْرٍ وَوَصِيَّةٍ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: مَتَى حَلَّ لَهُ الْأَخْذُ وَأَعْطَاهُ لِأَجْلِ صِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ صَرْفُ مَا أَخَذَهُ فِي غَيْرِهَا، فَلَوْ أَعْطَاهُ دِرْهَمًا لِيَأْخُذَ بِهِ رَغِيفًا لَمْ يَجُزْ لَهُ صَرْفُهُ فِي إدَامٍ مَثَلًا أَوْ أَعْطَاهُ رَغِيفًا لِيَأْكُلَهُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، وَلَا التَّصَدُّقُ بِهِ، وَهَكَذَا إلَّا إنْ ظَهَرَتْ قَرِينَةٌ بِأَنْ ذَكَرَ الصِّفَةَ لِنَحْوِ تَجَمُّلٍ كَقَوْلِهِ   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ الْكَيُّ بِالنَّارِ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ، وَتَرْكُهُ تَوَكُّلًا أَفْضَلُ، وَيَجُوزُ خِصَاءُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فِي الصِّغَرِ فَقَطْ. وَيَحْرُمُ فِي غَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَرْجِعَ الصِّغَرِ الْعُرْفُ، وَيَحْرُمُ التَّحْرِيشُ بَيْنَ الْبَهَائِمِ وَيُكْرَهُ إنْزَاءُ الْحُمُرِ عَلَى الْخَيْلِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي قِلَّتِهَا. [فَصْل صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ] ِ سُنَّةٌ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى وُجُوبِ قَبُولِهَا عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْأَمْرِ، فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ} [النساء: 4] الْآيَةَ، وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا أَتَاك مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُسْتَشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ» . قَوْلُهُ: (وَتَحِلُّ لِغَنِيٍّ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَظُنَّ الدَّافِعُ فَقْرَهُ، وَإِلَّا فَفِي الْإِحْيَاءِ إنْ عَلِمَ الْآخِذُ ذَلِكَ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ تَنَاوُلُهُ، وَكَذَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ أَوْ صَلَاحِهِ وَنَسَبِهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ إلَّا إنْ كَانَ كَذَلِكَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 مِنْ دَفْعِهَا جَهْرًا، وَفِي غَيْرِ رَمَضَانَ، وَلِغَيْرِ قَرِيبٍ، وَغَيْرِ جَارٍ لِمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ. (وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّصَدُّقُ، (حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ) ، فَالتَّصَدُّقُ بِدُونِ أَدَائِهِ خِلَافُ الْمُسْتَحَبِّ وَرُبَّمَا قِيلَ يُكْرَهُ، (قُلْت الْأَصَحُّ تَحْرِيمُ صَدَقَتِهِ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِنَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، أَوْ لِدَيْنٍ لَا يَرْجُو لَهُ وَفَاءً) لَوْ تَصَدَّقَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَإِنْ رَجَا وَفَاءً مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: فَلَا بَأْسَ بِالتَّصَدُّقِ، وَفِيهَا أَنَّ التَّصَدُّقَ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ قِيلَ يَحْرُمُ، وَإِنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ أَيْ إنَّهُ   [حاشية قليوبي] لِتَشْرَبَ بِهِ قَهْوَةً مَثَلًا فَيَجُوزُ صَرْفُهُ فِيمَا شَاءَ. فَرْعٌ: يُنْدَبُ التَّنَزُّهُ عَنْ قَبُولِ صَدَقَةٍ لِنَحْوِ شَكٍّ حِلٍّ أَوْ هَتْكِ مُرُوءَةٍ أَوْ دَنَاءَةٍ أَوْ ظَنُّهُ أَنَّهَا لِغَرَضٍ، وَلَوْ أُخْرَوِيًّا وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ مِمَّنْ فِي مَالِهِ حَرَامٌ، وَإِنْ كَثُرَ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ إلَّا إنْ عَلِمَ حُرْمَةَ الْمَأْخُوذِ بِعَيْنِهِ، وَلَمْ يَقْصِدْ رَدَّهُ لِمَالِكِهِ إنْ عَرَفَهُ وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ. قَوْلُهُ: (وَدَفْعُهَا سِرًّا) بِعَدَمِ اطِّلَاعِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي رَمَضَانَ) وَعَشْرُهُ الْأَخِيرُ أَفْضَلُ مِنْ بَاقِيهِ، وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ فِي الْفَضِيلَةِ مَا يَكُونُ عِنْدَ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ كَسَفَرٍ وَمَرَضٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَكُسُوفٍ، وَيُؤَخَّرُ عَنْهُ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ نَحْوَ مَكَّةَ ثُمَّ الْمَدِينَةِ ثُمَّ الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ مِنْ الْأَزْمِنَةِ، أَوْ الْأَمْكِنَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَعْضَهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ فِي ذَاتِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. فَرْعٌ: يُنْدَبُ التَّصَدُّقُ عَقِبَ كُلِّ مَعْصِيَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ، وَبِنَحْوِ ثَوْبٍ قَدِيمٍ لِمَنْ لَبِسَ بَدَلَهُ جَدِيدًا. قَوْلُهُ: (وَلِقَرِيبٍ) وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ، أَوْ بَعُدَ فِي الْقَرَابَةِ أَوْ بَعُدَتْ دَارُهُ بِعَمْدِ أَلَّا يَمْنَعَ نَقْلَ الزَّكَاةِ، أَوْ كَانَ كَافِرًا، وَأَفْضَلُهُ مُحَرَّمُ نَسَبٍ، وَيُقَدَّمُ مِنْهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ زَوْجٌ ثُمَّ مُحَرَّمُ رَضَاعٍ ثُمَّ مُصَاهَرَةٍ، ثُمَّ مَوْلَاهُ الْأَعْلَى ثُمَّ الْأَسْفَلُ. وَالْعَدُوُّ مِنْ هَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَهْلُ الصَّلَاحِ مِنْهُمْ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ، أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَجَارٌ) أَيْ بَعْدَ الْقَرِيبِ وَيُقَدَّمُ مِنْهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَأَهْلُ الصَّلَاحِ مِنْهُمْ أَفْضَلُ وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِمْ وَالْأَحْوَجُ فِي جَمِيعِ الْمَذْكُورِينَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ وَالْمُسْلِمُ أَفْضَلُ مِنْ الْكَافِرِ. قَوْلُهُ: (أَفْضَلُ) بِمَعْنَى أَنَّ الصَّدَقَةَ الْوَاقِعَةَ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ أَفْضَلُ مِنْ الْوَاقِعَةِ فِي غَيْرِهِ، لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَطْلُبُ تَأْخِيرَ الصَّدَقَةِ إلَيْهَا وَإِكْثَارُ الصَّدَقَةِ فِي الْمَذْكُورَاتِ أَفْضَلُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مِنْ دَفْعِهَا جَهْرًا) إلَّا لِنَحْوِ اقْتِدَاءٍ بِهِ وَخَلَا بِهِ عَنْ نَحْوِ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ، وَإِلَّا كَدَفْعِ الْإِمَامِ الزَّكَاةَ لِلْفُقَرَاءِ فِي الْمَالِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، فَجَهْرًا أَفْضَلُ فِيهِمَا، وَكَذَا الْمَالِكُ فِي الْمَالِ الظَّاهِرِ فَقَطْ. تَنْبِيهٌ: اُخْتُلِفَ فِي قَبُولِ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُخْتَلَفُ بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ، فَقَبُولُ الزَّكَاةِ لِنَحْوِ كَسْرِ نَفْسٍ أَوْ مِمَّنْ لَوْ لَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ لَمَنَعَهَا أَفْضَلُ وَعَكْسُهُ الصَّدَقَةُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ لِلَّهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) أَيْ مُؤْنَتُهُ وَمِنْهُ نَفْسُهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ عَنْ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ لَا تَصْدُقُ بِالْمُبَاحِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، لَا يُسْتَحَبُّ وَهِيَ تَصْدُقُ بِالْإِبَاحَةِ. قَوْلُهُ: (خِلَافُ الْمُسْتَحَبِّ) وَهَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَرُبَّمَا قِيلَ يُكْرَهُ) وَهَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ تَحْرِيمُ صَدَقَتِهِ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ) مِمَّا مَرَّ وَمَعَ الْحُرْمَةِ يَمْلِكُهُ الْآخِذُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفَارَقَ عَدَمُ صِحَّةِ هِبَةِ الْمَاءِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ هُنَاكَ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَالضِّيَافَةُ كَالصَّدَقَةِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيلَ لَا تَحْرُمُ إلَّا بِمَا يَحْصُلُ بِهِ أَدْنَى ضَرَرٍ لَهُ أَوْ لِمُمَوَّنِهِ وَالْمُرَادُ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَوْلُهُ: (لِنَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) نَعَمْ إنْ أَذِنَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِلْمُتَصَدِّقِ فِي التَّصَدُّقِ، وَقَدَرَ عَلَى الصَّبْرِ لَمْ يَحْرُمْ التَّصَدُّقُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَوْ لِدَيْنٍ) أَيْ وَالْمُتَصَدِّقُ بِهِ مِمَّا يُعْتَادُ أَنْ يَصْرِفَ فِي الدَّيْنِ لَا نَحْوُ لُقْمَةٍ أَوْ رَغِيفٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى) أَيْ ظَاهِرَةٍ نَعَمْ الْإِيرَادُ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ هُنَا بِعَكْسِ مَا مَرَّ فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الِاسْتِدْرَاكِ السَّابِقِ فِي كَلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَسَاوِيًا فِي الْحُكْمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (وَفِيهَا إلَخْ) أَوْرَدَهُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ مِنْ عِبَارَتِهِ وَقَدْ يَشْمَلُهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ عِنْدَ حُلُولِهِ. قَوْلُهُ: (قِيلَ يَحْرُمُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّبْرِ، وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ كَمَا مَرَّ فِي غَيْرِهِ، وَعَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ تُحْمَلُ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ بِالْمَنْعِ أَوْ بِالْجَوَازِ وَحَيْثُ لَا حُرْمَةَ فِيمَا ذُكِرَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ قِصَّةِ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ أَحْوَجَ، وَعَلَيْهِ تُحْمَلُ الْقِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ) أَيْ حَاجَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَكِسْوَةِ فَصْلٍ، قَالَهُ شَيْخُنَا م ر وَفِي ابْنِ حَجَرٍ عَنْ حَاجَةِ سَنَةٍ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ لِنَدْبِ التَّصَدُّقِ بِهِ مُطْلَقًا بِلَا خِلَافٍ وَيَجِبُ عِنْدَ الْإِضَافَةِ وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيْعِهِ عِنْدَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْإِضَافَةِ) أَيْ الضِّيقِ مِنْ أَضَاقَ الشَّخْصُ يَضِيقُ إذَا ذَهَبَ مَالُهُ وَالْمُرَادُ هُنَا تَحَمُّلُ الْمَشَقَّةِ لَا مِنْ ضَاقَ بِمَعْنَى بَخِلَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُسْتَحَبُّ) بَلْ يُكْرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَدَفْعُهَا سِرًّا) أَيْ وَلَا يَتَحَدَّثُ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَحْرِيمُ صَدَقَتِهِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهَلْ يَمْلِكُهُ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْخِلَافُ فِي هِبَةِ الْمَاءِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 لَا يُسْتَحَبُّ وَرُبَّمَا قِيلَ يُكْرَهُ (وَفِي اسْتِحْبَابِ الصَّدَقَةِ بِمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ) ، لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَدَيْنِهِ، (أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ) عَلَى الْإِضَافَةِ (اُسْتُحِبَّ) لَهُ. (وَإِلَّا فَلَا) يُسْتَحَبُّ، وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ لَا يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا. كِتَابُ النِّكَاحِ أَيْ التَّزْوِيجِ (وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِمُحْتَاجٍ إلَيْهِ) بِأَنْ تَتُوقَ نَفْسُهُ إلَى الْوَطْءِ (يَجِدُ أُهْبَتَهُ) أَيْ مُؤْنَتَهُ مِنْ مَهْرٍ، وَغَيْرِهِ تَحْصِينًا لِلدِّينِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالْعِبَادَةِ أَمْ لَا، (فَإِنْ فَقَدَهَا اُسْتُحِبَّ تَرْكُهُ وَيَكْسِرُ شَهْوَتَهُ بِالصَّوْمِ) إرْشَادًا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ، فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» ، أَيْ دَافِعٌ لِشَهْوَتِهِ، وَالْبَاءَةُ بِالْمَدِّ   [حاشية قليوبي] [كِتَابُ النِّكَاحِ] هُوَ لُغَةً الضَّمُّ وَالْوَطْءُ وَشَرْعًا عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ إبَاحَةَ وَطْءٍ بِلَفْظِ إنْكَاحٍ أَوْ تَزْوِيجٍ، فَهُوَ مِلْكُ انْتِفَاعٍ لَا مِلْكُ مَنْفَعَةٍ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ بِقَرِينَةِ قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وَبِقَرِينَةِ حَدِيثِ «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ» أَيْ حَتَّى يُوجَدَ بِالْوَطْءِ لِيَقْتَضِيَ غَالِبًا اللَّذَّةَ الْمُشَبَّهَةَ بِالْعَسَلِ، وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا وَحَرُمَتْ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ وَأَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ فَلَا يَصِحُّ نَذْرُهُ، وَإِنْ نُدِبَ نَظَرًا لِأَصْلِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَقَالَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ: أَصْلُهُ النَّدْبُ وَتَعْبِيرُ بَعْضِهِمْ بِالْإِبَاحَةِ مُرَادُهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَعَلَيْهِ فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَالْمُرَادُ نَذْرُ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَسْتَقِلُّ بِهِ النَّاذِرُ وَفَائِدَتُهُ حِفْظُ النَّسْلِ وَتَفْرِيغُ مَا يَضُرُّ حَبْسُهُ مِنْ الْمَنِيِّ وَحُصُولُ اللَّذَّةِ وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي فِي الْجَنَّةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ التَّزْوِيجُ) أَيْ الْقَبُولُ وَلَوْ أَخَّرَ هَذَا عَنْ الضَّمِيرِ لَكَانَ أَنْسَبَ. قَوْلُهُ: (هُوَ مُسْتَحَبٌّ) وَلَوْ لِمَمْسُوحِ إلَّا بِدَارِ حَرْبٍ هَوْنًا لِوَلَدِهِ عَنْ الرِّقِّ أَوْ الْكُفْرِ، وَقَدْ يَجِبُ فِي نَحْوِ مَنْ طَلَّقَهَا وَلَهَا حَقُّ قَسْمٍ، وَنَحْوُ خَائِفِ عَنَتٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يَحْرُمُ فِي نَحْوِ مَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ عَدَمَ الْقِيَامِ بِوَاجِبِهِ وَسَيَأْتِي كَرَاهَتُهُ. فَرْعٌ: يَجْرِي فِي التَّسَرِّي مِثْلُ مَا فِي النِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تَتُوقَ) فَسَّرَ الْحَاجَةَ بِذَلِكَ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَيُنْدَبُ لِنَحْوِ خِدْمَةٍ وَإِينَاسٍ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَهْرٍ) أَيْ الْحَالِّ مِنْهُ قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُ) هُوَ نَفَقَةُ يَوْمٍ وَكِسْوَةُ فَصْلٍ. قَوْلُهُ: (وَيَكْسِرُ إلَخْ) أَيْ الرَّجُلُ؛ لِأَنَّهُ لَا دَخْلَ لَهُ فِي كَسْرِ شَهْوَةِ الْمَرْأَةِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إرْشَادٌ) أَيْ مِنْ الشَّارِعِ فَهُوَ مُثَابٌ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَاءِ الْمُشَمَّسِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الصَّوْمَ مُثِيرٌ لِلْحَرَارَةِ الْمُفْضِيَةِ إلَى زِيَادَةِ الشَّهْوَةِ مَرْدُودٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ دَاوَمَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا. قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ) أَيْ وَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَفِيهِ عَدَمُ الطَّلَبِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ طَلَبِ التَّرْكِ الْمُعَبَّرِ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (بِالْمَدِّ) أَيْ مَعَ الْمُثَنَّاةِ، وَأَمَّا بِالْقَصْرِ وَالْهَاءِ فَهُوَ الْجِمَاعُ أَوْ شَهْوَتُهُ. قَوْلُهُ: (لَا يَكْسِرُهَا بِالْكَافُورِ وَنَحْوِهِ) بَلْ يَحْرُمُ إنْ قَطَعَ النَّسْلَ وَيُكْرَهُ إنْ فَتَّرَ الشَّهْوَةَ. فَرْعٌ: قَطْعُ الْحَبَلِ مِنْ الْمَرْأَةِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ تَتُقْ) أَيْ ظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ، وَإِنْ احْتَاجَ لِلِاسْتِئْنَاسِ وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَكِنَّ الْعِبَادَةَ أَفْضَلُ) أَيْ ذَاتُهَا إلَّا التَّخَلِّيَ لَهَا بِدَلِيلِ تَأْوِيلِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ، وَلَوْ أَبْقَى أَفْضَلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَقَدَّرَ التَّخَلِّيَ لِلْعِبَادَةِ) لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْعِبَادَةَ أَفْضَلُ قَطْعًا وَمَا ذُكِرَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ مِنْ الْعِبَادَةِ، وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ مِنْهَا إنْ قُصِدَ بِهِ إعْفَافٌ أَوْ وَلَدٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (قُلْت إلَخْ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا بَعْدَ إلَّا الْمُفِيدُ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ لِوَاجِدِ الْأُهْبَةِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَعَلَى إطْلَاقِ تَفْضِيلِ الْعِبَادَةِ، وَلَوْ لِغَيْرِ الْمُتَعَبِّدِ فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ غَيْرِ الْمُرَتَّبِ فَتَأَمَّلْ.   [حاشية عميرة] كِتَابُ النِّكَاحِ قَالَ الزَّجَّاجُ وَيُوضَعُ نَكَحَ فِي كَلَامِهِمْ لِلُزُومِ الشَّيْءِ رَاكِبًا عَلَيْهِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْوَطْءِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الضَّمِّ وَعَلَى الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ اهـ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى الثَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (هُوَ مُسْتَحَبٌّ)) نَقَلَ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَا رَأَيْت مِثْلَ مَنْ تَرَكَ النِّكَاحَ بَعْدُ قَوْله تَعَالَى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32] قَوْلُهُ: (مُؤَنُ النِّكَاحِ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمُؤَنِ، وَأَمَّا الْبَاهُ بِالْقَصْرِ فَهُوَ الْوَطْءُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ تَتُقْ نَفْسُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِغَرَضِ الِاسْتِئْنَاسِ لَا تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُكْرَهُ) لَوْ كَانَ الشَّخْصُ غَيْرَ جَائِزِ التَّصَرُّفِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ إنْكَاحُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَكِنَّ الْعِبَادَةَ أَفْضَلُ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ النِّكَاحَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ عِبَادَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يَكُونُ عِبَادَةً بِوَاسِطَةِ مَا يَعْرِضُ لَهُ بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ مِنْ الْكَافِرِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 مُؤَنُ النِّكَاحِ، فَإِنْ لَمْ تَنْكَسِرْ بِالصَّوْمِ، لَا يَكْسِرُهَا بِالْكَافُورِ وَنَحْوِهِ، بَلْ يَتَزَوَّجُ (فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ) إلَيْهِ بِأَنْ لَمْ تَتُقْ نَفْسُهُ إلَى الْوَطْءِ. (كُرِهَ) لَهُ (إنْ فَقَدَ الْأُهْبَةَ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْتِزَامِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ بِهِ عِلَّةٌ أَمْ لَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْقِدْ الْأُهْبَةَ أَيْ وَجَدَهَا وَلَيْسَ بِهِ عِلَّةٌ (فَلَا) يُكْرَهُ لَهُ (لَكِنَّ الْعِبَادَةَ أَفْضَلُ) لَهُ مِنْهُ أَيْ فَاضِلَةٌ عَلَيْهِ (قُلْت فَإِنْ لَمْ يَتَعَبَّدْهُ فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ لَهُ) مِنْ تَرْكِهِ (فِي الْأَصَحِّ) ، كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ كَيْ لَا تُفْضِيَ بِهِ الْبَطَالَةُ إلَى الْفَوَاحِشِ، وَالثَّانِي تَرْكُهُ أَفْضَلُ مِنْهُ لِلْخَطَرِ فِي الْقِيَامِ بِوَاجِبِهِ، (فَإِنْ وَجَدَ الْأُهْبَةَ وَبِهِ عِلَّةٌ كَهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ دَائِمٍ أَوْ تَعْنِينٍ كُرِهَ) لَهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ مَعَ الْخَطَرِ فِي الْقِيَامِ بِوَاجِبِهِ، وَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الرَّوْضَةِ، وَلَا أَصْلِهَا، وَتَوَقَّفَ بَعْضُهُمْ فِي الْكَرَاهَةِ فِيهَا (وَيُسْتَحَبُّ دَيِّنَةٌ) ، بِخِلَافِ الْفَاسِقَةِ (بِكْرٌ) إلَّا لِعُذْرٍ كَأَنْ تَضْعُفَ آلَتُهُ عَنْ افْتِضَاضِهَا، (نَسِيبَةٌ) بِخِلَافِ بِنْتِ الزِّنَا (لَيْسَتْ قَرَابَةً قَرِيبَةً) ، بِأَنْ تَكُونَ أَجْنَبِيَّةً أَوْ قَرَابَةً بَعِيدَةً لِضَعْفِ الشَّهْوَةِ فِي الْقَرِيبَةِ، فَيَجِيءُ الْوَلَدُ نَحِيفًا، وَالْبَعِيدَةُ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ بَدَلَ لَيْسَتْ غَيْرُ كَانَ أَنْسَبَ بِمَا قَبْلَهُ (وَإِذَا قَصَدَ نِكَاحَهَا سُنَّ نَظَرُهُ إلَيْهَا قَبْلَ الْخِطْبَةِ) لَهَا (وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ) فِيهِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَنْ «الْمُغِيرَةَ أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ اُنْظُرْ إلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» أَيْ يَحْصُلَ بَيْنَكُمَا الْمَوَدَّةُ وَالْأُلْفَةُ، فَقَوْلُهُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ) أَيْ فَاضِلٌ وَاسْتَغْنَى بِمَا قَبْلَهُ عَنْهُ وَحَيْثُ كَانَ النِّكَاحُ مَطْلُوبًا وَقَدَّمَهُ عَلَى الْحَجِّ وَمَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ لَمْ يَعْصِ إنْ كَانَ خَائِفَ الْعَنَتِ، وَإِلَّا عَصَى كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ خَرَجَ بِمَا يَصْرِفُهُ فِي النِّكَاحِ عَنْ الِاسْتِطَاعَةِ فِي أَوَّلِ سِنِي الْإِمْكَانِ، فَلَا إثْمَ مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَهَا فَيَأْثَمُ مُطْلَقًا عَلَى نَظِيرِ مَا فِي الصَّلَاةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَعْنِينٍ) أَيْ دَائِمٍ أَيْضًا وَهُوَ مِنْ عَنَّ الشَّيْءَ عَجَزَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ إلَخْ) أَيْ بِحَسَبِ اطِّلَاعِهِ، وَإِلَّا فَهِيَ فِيهِمَا. تَنْبِيهٌ: التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الرَّجُلِ يَجْرِي فِي الْمَرْأَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ نَعَمْ لَوْ لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهَا الْفُجْرَةُ إلَّا بِهِ وَجَبَ وَاحْتِيَاجُهَا لِلنَّفَقَةِ نَظِيرُ وُجُودِ الْأُهْبَةِ فِي الرَّجُلِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْفَاسِقَةِ) . أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّيِّنَةِ مَنْ فِيهَا صِفَةُ الْعَدَالَةِ لَا الْعِفَّةِ وَحْدَهَا بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ نِكَاحَ كَافِرَةٍ أَوْلَى مِنْ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ تَارِكَةٍ لِلصَّلَاةِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (بِكْرٌ) أَيْ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا وَلَوْ ثَيِّبًا وَغَيْرُ الْبِكْرِ الْمَدْخُولُ بِهَا، وَلَوْ بِكْرًا. قَوْلُهُ: (كَأَنْ تَضْعُفَ إلَخْ) أَوْ لَهُ عِيَالٌ تَقُومُ عَلَيْهِنَّ كَمَا فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (نَسِيبَةٍ) أَيْ طَيِّبَةِ الْأَصْلِ مَعْرُوفَةٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَفِيعَةً، فَخَرَجَ بِنْتُ الْفَاسِقِ وَاللَّقِيطَةُ، وَبِنْتُ اللَّقِيطِ، وَمَنْ لَا يُعْرَفُ لَهَا أَبٌ، قَالَ شَيْخُنَا: بَلْ يُكْرَهُ فِي ذَلِكَ، فَذِكْرُ بِنْتِ الزِّنَا لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَيُسْتَحَبُّ جَمِيلَةً بِحَسَبِ طَبْعِهِ، وَلُودًا بِاعْتِبَارِ أَقَارِبِهَا، وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا غَنِيَّةً كَثِيرَةَ الْمَالِ، وَأَمَّا حَدِيثُ «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك» ، فَهُوَ إخْبَارٌ عَمَّا يَرْغَبُ النَّاسُ فِيهِ بِحَسَبِ طِبَاعِهِمْ، وَلَيْسَ مِنْ الْأَمْرِ فِي شَيْءٍ إلَّا لِذَاتِ الدِّينِ وَمَعْنَى تَرِبَتْ افْتَقَرَتْ فَكَأَنَّهَا الْتَصَقَتْ بِالتُّرَابِ، أَوْ أَنَّ الَّذِي فِيهَا تُرَابٌ إنْ لَمْ تَظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ، وَمَا قِيلَ إنَّ مَعْنَى تَرِبَتْ اسْتَغْنَتْ بِأَنْ صَارَ مَا فِيهَا مِنْ الْمَالِ لِكَثْرَتِهِ كَالتُّرَابِ، وَلَوْ كَانَ مُرَادُهُ افْتَقَرَتْ لَقَالَ أَتْرَبَتْ فَاسِدٌ مُنَابِذٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْحَدِيثِ إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى مَعْنَى: إنْ فَعَلْت أَيْ ظَفِرْت بِذَاتِ الدِّينِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْبَعِيدَةُ) مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِمَكَانِ أَنَّ النَّسَبَ مَعْرُوفٌ، وَمَا وَرَدَ عَنْ النَّصِّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ النِّكَاحِ مِنْ الْعَشِيرَةِ يُحْمَلُ عَلَى الْأَقْرَبِينَ. تَنْبِيهٌ: كُلُّ مَا طُلِبَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ يُطْلَبُ فِي عَكْسِهِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَنْسَبُ) أَيْ لِاتِّفَاقِ الصِّفَاتِ فِي الْإِفْرَادِ وَالِاسْمِيَّةِ. قَوْلُهُ: (قَصَدَ نِكَاحَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا مُفْرَدَةً أَوْ مَعَ غَيْرِهَا فَلَوْ قَصَدَ نِكَاحَ وَاحِدَةٍ مِنْ نِسْوَةٍ فَلَهُ نَظَرُهُنَّ دَفْعَةً، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ نَعَمْ تَقْيِيدُهُ النَّظَرَ بِكَوْنِهِ دُفْعَةً فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (سُنَّ نَظَرُهُ) أَيْ إنْ رَجَا إجَابَةً وَعَلِمَ أَنَّهَا خَالِيَةٌ عَمَّا تَحْرُمُ بِهِ الْخِطْبَةُ وَلَا حُرْمَةَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي، وَخَرَجَ بِالنَّظَرِ اللَّمْسُ فَيَحْرُمُ، وَلَوْ لِأَعْمَى، أَوْ تَعَذَّرَ النَّظَرُ. قَوْلُهُ: (إلَيْهَا) لَا إلَى أُخْتِهَا وَلَوْ مُزَوَّجَةً وَلَا لِنَحْوِ أَخِيهَا إذَا تَعَذَّرَ نَظَرُهُ، كَالْأَعْمَى، وَكَّلَ نَحْوَ امْرَأَةٍ تَنْظُرُ لَهُ نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ نَظَرُهُ لَهَا وَأَخْبَرَهُ ثِقَةٌ أَنَّ أَخَاهَا مِثْلُهَا جَازَ لَهُ نَظَرُهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ النَّظَرُ لَهُ مَعَ شَهْوَةٍ، وَإِلَّا فَلَهُ النَّظَرُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ عَلَى الْمُرَجَّحِ الْآتِي.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ) ، كَانَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَرَكَ تَأْوِيلَ هَذَا بِالْفَاضِلِ إحَالَةً عَلَى مَا سَبَقَ قَرِيبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَعْنِينٍ) قِيلَ الْأَوْلَى تَقْيِيدُهُ بِالدَّوَامِ لِيَخْرُجَ مَنْ يَعِنُّ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ، وَالتَّعْنِينُ مَادَّتُهُ مِنْ عَنَّ إذَا عَرَضَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَكَأَنَّهُ يَتَعَرَّضُ لِلنِّكَاحِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (دَيِّنَةٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ كَانَتْ تَارِكَةً لِلصَّلَاةِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الذِّمِّيَّةَ أَوْلَى مِنْهَا؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَهَذِهِ مُرْتَدَّةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَفِي وَجْهٍ عِنْدَنَا فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا حِينَئِذٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِكْرٌ) كَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لِلشَّخْصِ أَنْ لَا يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ إلَّا مِنْ بِكْرٍ أَيْ لَمْ يَتَزَوَّجْ قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ بِنْتِ الزِّنَى) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالنَّسِيبَةِ مَنْ لَهَا نَسَبٌ لَا شَرِيفَةَ النَّسَبِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تَكُونَ أَجْنَبِيَّةً) يُرِيدُ أَنَّ عِبَارَةَ الْمُؤَلِّفِ مِنْ بَابِ نَفْيِ الْمَوْصُوفِ مُقَيَّدًا بِالصِّفَةِ. قَوْلُهُ: (كَانَ أَنْسَبَ إلَخْ) كَانَ وَجْهُهُ أَنْ تَكُونَ الصِّفَاتُ كُلُّهَا مُفْرَدَةً. قَوْلُهُ: (أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَعْنَى يُؤْدَمَ يَدُومَ تَقَدَّمَ الْوَاوُ عَلَى الدَّالِ، وَقِيلَ مِنْ الْإِدَامِ مَأْخُوذٌ مِنْ إدَامِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 قَبْلَ الْخِطْبَةِ بَيَانٌ لِوَقْتِ النَّظَرِ، وَلَوْ كَانَ وَقْتُهُ بَعْدَهَا لَشَقَّ عَلَى الْمَرْأَةِ تَرْكُ النَّاظِرِ لَهَا نِكَاحَهَا، وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ خَطَبَ امْرَأَةً أَيْ عَزَمَ عَلَى خِطْبَتِهَا (وَلَهُ تَكْرِيرُ نَظَرِهِ) ، لِيَتَبَيَّنَ هَيْئَتَهَا فَلَا يَنْدَمَ بَعْدَ نِكَاحِهَا عَلَيْهِ، (وَلَا يَنْظُرُ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ مِنْهَا وَفِي نَظَرِهِمَا كِفَايَةٌ، فَإِنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِالْوَجْهِ عَلَى الْجَمَالِ وَبِالْكَفَّيْنِ عَلَى خَصِبَ الْبَدَنِ، وَيَنْظُرُهُمَا ظَهْرًا وَبَطْنًا (وَيَحْرُمُ نَظَرُ فَحْلٍ بَالِغٍ إلَى عَوْرَةِ حُرَّةٍ كَبِيرَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ) ، مُطْلَقًا قَطْعًا وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرَةِ غَيْرُ الصَّغِيرَةِ، الَّتِي لَا تُشْتَهَى، (وَكَذَا وَجْهُهَا وَكَفُّهَا) ، أَيْ كُلُّ كَفٍّ مِنْهَا (عِنْدَ خَوْفِ فِتْنَةٍ) . أَيْ دَاعٍ إلَى الِاخْتِلَاءِ بِهَا وَنَحْوِهِ (وَكَذَا عِنْدَ الْأَمْنِ) ، مِنْ الْفِتْنَةِ فِيمَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ، وَمُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30] ، وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] ، وَهُوَ مُفَسَّرٌ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ نَعَمْ يُكْرَهُ، وَالْكَفُّ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْمِعْصَمِ لَا الرَّاحَةُ فَقَطْ (وَلَا يَنْظُرُ مِنْ مَحْرَمِهِ بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) ، أَيْ يَحْرُمُ نَظَرُ ذَلِكَ (وَيَحِلُّ) نَظَرُ (مَا سِوَاهُ) قَالَ تَعَالَى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور: 31] وَالزِّينَةُ مُفَسَّرَةٌ بِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ، وَالرُّكْبَةِ (وَقِيلَ) يَحِلُّ نَظَرُ (مَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ) أَيْ الْخِدْمَةِ (فَقَطْ) كَالرَّأْسِ وَالْعُنُقِ وَالْوَجْهِ، وَالْكَفِّ، وَالسَّاعِدِ وَطَرَفِ السَّاقِ؛ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ الْمَحْرَمُ بِالنَّسَبِ، وَالْمُصَاهَرَةِ وَالرَّضَاعِ (وَ) الْأَصَحُّ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْخِطْبَةِ) قَيْدٌ لِلنَّدَبِ فَيَجُوزُ بَعْدَهَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ أَيْضًا وَالتَّقْيِيدُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الْمَنْعِ قَبْلَهَا لِعَدَمِ التَّأْكِيدِ بِتَقْدِيمِهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ) وَلَوْ مَعَ شَهْوَةٍ أَوْ خَوْفِ فِتْنَةٍ لَا مَعَ خَلْوَةٍ، وَالْأَوْلَى كَوْنُ النَّظَرِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهَا لِئَلَّا تَتَزَيَّنَ لَهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُؤْدَمَ) مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَبَعْدَ أَوَّلِهِ هَمْزَةٌ قَدْ تُبْدَلُ بِالْوَاوِ، وَقِيلَ: أَصْلُهُ يَدُومُ فَقُدِّمَتْ الْوَاوُ عَلَى الدَّالِ، وَهُمِزَتْ فَهُوَ مِنْ الدَّوَامِ وَقِيلَ: لَا تَقْدِيمَ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْإِدَامِ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ يَطِيبُ بِهِ وَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ رُبَّمَا لَا يُوَافِقُ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (بَيَانٌ لِوَقْتِ النَّظَرِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِوَقْتِ النَّظَرِ الْمَنْدُوبِ فَيُوَافِقُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِوَقْتِ النَّظَرِ الْأَكْمَلِ فَيُوَافِقُ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِوَقْتِ النَّظَرِ الْجَائِزِ فَيَمْتَنِعُ بَعْدَ الْخِطْبَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ) كَانَ الْأَنْسَبُ التَّفْرِيعَ بِالْفَاءِ لِمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْ عَزَمَ) هُوَ تَأْوِيلٌ لِدَفْعِ حُرْمَةِ النَّظَرِ قَبْلَ الْخِطْبَةِ مَعَ أَنَّهُ الْمَنْدُوبُ أَوْ الْجَائِزُ أَوْ الْأَكْمَلُ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ بَعْدَهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ تَكْرِيرُ نَظَرِهِ) وَلَا يَتَقَيَّدُ بَعْدُ مَا دَامَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَيَحْرُمُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ غَيْرَ الْعَوْرَةِ مِنْهَا، أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحُرَّةِ أَمَّا الْأَمَةُ فَيَنْظُرُ مِنْهَا غَيْرَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِوَاءُ الْحُرَّةِ، وَالْأَمَةِ لِعُدُولِهِ عَنْ الْعَوْرَةِ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ مَرْجُوحٌ، وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ مِنْ الرَّجُلِ أَيْضًا غَيْرَ مَا ذُكِرَ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً، فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَنْظُرُ مِنْ الْآخَرِ مَا عَدَا عَوْرَةَ الصَّلَاةِ. تَنْبِيهٌ: فَرَّقُوا فِي النَّظَرِ هُنَا بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ، بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي نَظَرِ الْأَجْنَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ هُنَا مَأْذُونٌ فِيهِ، وَلَوْ مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فَأُنِيطَ بِغَيْرِ الْعَوْرَةِ، وَمَا يَأْتِي غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ فَهُوَ مَنُوطٌ بِخَوْفِ الْفِتْنَةِ فَأُنِيطَ بِمَا يُخَافُ مِنْهَا فِيهِ وَلَوْ غَيْرَ الْعَوْرَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ نَظَرُ فَحْلٍ) هُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَسَيَأْتِي عَكْسُهُ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْفَحْلِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاتِّفَاقِ، وَمِثْلُهُ الْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا يَأْتِي وَالْخُنْثَى يُحْتَاطُ فِيهِ نَاظِرًا وَمَنْظُورًا. قَوْلُهُ: (بَالِغٍ) هُوَ قَيْدٌ لِعَدَمِ الْخِلَافِ أَيْضًا وَسَيَأْتِي غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (إلَى عَوْرَةٍ إلَخْ) هُوَ قَيْدٌ كَمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي غَيْرُهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَحْرُمُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا، وَإِنْ أُبِينَ كَظُفُرٍ وَشَعْرِ عَانَةٍ وَإِبْطٍ وَدَمِ حَجْمٍ وَفَصْدٍ لَا نَحْوُ بَوْلٍ كَلَبَنٍ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْمُبَانِ بِوَقْتِ الْإِبَانَةِ فَيَحْرُمُ مَا أُبِينَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ، وَإِنْ نَكَحَهَا وَلَا يَحْرُمُ مَا أُبِينَ مِنْ زَوْجَةٍ وَإِنْ أَبَانَهَا، وَشَمِلَ النَّظَرُ مَا لَوْ كَانَ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ أَوْ مُهَلْهَلِ النَّسْجِ أَوْ فِي مَاءٍ صَافٍ، وَخَرَجَ بِهِ رُؤْيَةُ الصُّورَةِ فِي الْمَاءِ أَوْ فِي الْمِرْآةِ فَلَا يَحْرُمُ وَلَوْ مَعَ شَهْوَةٍ وَيَحْرُمُ سَمَاعُ صَوْتِهَا، وَلَوْ نَحْوَ الْقُرْآنِ، إنْ خَافَ مِنْهُ فِتْنَةً، أَوْ الْتَذَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَالْأَمْرَدُ فِيمَا ذُكِرَ كَالْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ: (حُرَّةٍ) وَلَوْ مُبَعَّضَةً؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الْأَمَةِ الْآتِيَةِ، وَيُنْدَبُ لِلْمَرْأَةِ تَغْلِيظُ صَوْتِهَا فِي خِطَابِ أَجْنَبِيٍّ. قَوْلُهُ: (أَجْنَبِيَّةٍ) هِيَ غَيْرُ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا مِنْ مَحَارِمِهِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ مَعَ شَهْوَةٍ أَوْ خَوْفِ فِتْنَةٍ أَوْ لَا، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: قَطْعًا إلَى عَدَمِ الْخِلَافِ فِيمَا ذَكَرَهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (الَّتِي لَا تَشْتَهِي) أَيْ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ لِذَوِي الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ. قَوْلُهُ: (وَكَفُّهَا) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهُ) أَيْ نَحْوُ خَوْفِ الْفِتْنَةِ وَهُوَ الشَّهْوَةُ بِأَنْ يَلْتَذَّ بِالنَّظَرِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ النَّظَرَ إلَخْ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ الْخُرُوجُ سَافِرَاتِ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْحَرَامِ، وَفَارَقَهَا الرَّجُلُ لِمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ مَا ظَهَرَ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ يُكْرَهُ) أَيْ عَلَى الثَّانِي. قَوْلُهُ: (الْمِعْصَمُ) هُوَ مِفْصَلُ الْكَفِّ مِنْ السَّاعِدِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَحْرَمِهِ) أَيْ مَنْ يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ نِكَاحِهَا فَمَحَارِمُ نَحْوِ الْمَجُوسِ الَّذِي يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُنَّ كَالْأَجَانِبِ مَعَهُمْ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (مَا سِوَاهُ) شَمِلَ نَفْسَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ خِلَافًا لِمَا فِي   [حاشية عميرة] يَطِيبُ بِهِ، حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ الْأَوَّلَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ، وَالثَّانِيَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَحْلٍ) خَرَجَ بِهِ الْمَمْسُوحُ وَسَيَذْكُرُهُ وَالْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ وَحُكْمُهَا كَالْفَحْلِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَى عَوْرَةِ حُرَّةٍ) الْمُبَعَّضَةُ كَالْحُرَّةِ قَطْعًا، وَقِيلَ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (فِيمَا يَظْهَرُ لَهُ) دَفْعٌ لِمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْأَمْنَ حَقِيقَةً لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ مَعْصُومٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 (حِلُّ النَّظَرِ بِلَا شَهْوَةٍ إلَى الْأَمَةِ إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ؛ لِأَنَّ الْعَوْرَةَ مِنْهَا، وَالثَّانِي يَحْرُمُ نَظَرُ كُلِّهَا كَالْحُرَّةِ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ وَالثَّالِثُ يَحْرُمُ نَظَرُ مَا لَا يَبْدُو مِنْهَا فِي الْمِهْنَةِ فَقَطْ، وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ قَطْعًا لِكُلِّ مَنْظُورٍ إلَيْهِ مِنْ مَحْرَمٍ وَغَيْرِهِ، غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَالتَّعَرُّضُ لَهُ هُنَا بَعْضُ الْمَسَائِلِ لَيْسَ لِلِاخْتِصَاصِ بَلْ لِحِكْمَةٍ تَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ، وَالْأَصَحُّ حِلُّ النَّظَرِ (إلَى صَغِيرَةٍ إلَّا الْفَرْجَ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ وَالثَّانِي يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْإِنَاثِ أَمَّا الْفَرْجُ، فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ، كَصَاحِبِ الْعِدَّةِ اتِّفَاقًا زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَوْلُهُ قَطَعَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِحِلِّهِ (وَ) الْأَصَحُّ (إنْ نَظَرَ الْعَبْدُ إلَى سَيِّدَتِهِ، وَنَظَرُ مَمْسُوحٍ) أَيْ ذَاهِبُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ. (كَالنَّظَرِ إلَى مَحْرَمٍ) فَيَحِلُّ نَظَرُهُمَا نَظَرَ   [حاشية قليوبي] الرَّوْضِ نَعَمْ يَحْرُمُ نَظَرُ الْجُزْءِ الْمُلَاصِقِ لِلْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ. قَوْلُهُ: (وَالزِّينَةُ مُفَسِّرَةٌ إلَخْ) هَذَا تَفْسِيرٌ مُرَادٌ لِضَرُورَةِ عَطْفِ الْآبَاءِ عَلَيْهِ، فَهِيَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَفْسِيرٌ بِمَا يَلِيقُ بِهِ، وَقَدْ تُفَسَّرُ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ كَمَا فِي زِينَةِ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] . قَوْلُهُ: (الْمِهْنَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا الْخِدْمَةُ. قَوْلُهُ: (إلَى الْأَمَةِ) الْكَامِلَةِ الرِّقِّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ قَطْعًا) هُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَمُرَادُ الشَّارِحِ بِذَلِكَ دَفْعُ مَا يُقَالُ تَقْيِيدًا لِمُصَنَّفٍ بِعَدَمِ الشَّهْوَةِ لَا مَحَلٌّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ مَعَهَا أَيْضًا، وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ الْحُرْمَةَ مَعَ الشَّهْوَةِ مَعْلُومَةٌ لَا تَحْتَاجُ إلَى تَنْبِيهٍ، وَالتَّعَرُّضُ لَهَا لَيْسَ لِأَجْلِ اعْتِبَارِ مَفْهُومٍ، وَإِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ حِكْمَةٍ تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّأَمُّلِ، وَالْمُرَادُ بِكُلِّ مَنْظُورٍ إلَيْهِ مِمَّا هُوَ مَحَلُّ الشَّهْوَةِ لَا نَحْوُ بَهِيمَةٍ وَجِدَارٍ قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَلَمْ يُوَافِقْهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَجَعَلَهُ شَامِلًا حَتَّى لِلْجَمَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَالتَّعَرُّضُ لَهُ) أَيْ لِلنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَوْ تَذَكَّرَ الشَّهْوَةَ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا وَهَذَا أَوْلَى، أَوْ مُتَعَيِّنٍ لِلْمُتَأَمِّلِ، وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ لِمَحْذُوفٍ أَوْ عَائِدٌ إلَيْهَا، وَذِكْرُهُ بِاعْتِبَارِ الْمُضَافِ، أَوْ الْمَحْذُوفِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (لِحِكْمَةٍ إلَخْ) الْوَجْهُ فِيهَا أَنَّ ذِكْرَهَا يَكُونُ تَارَةً لِتَقْيِيدِ مَحَلِّ عَدَمِ الْخِلَافِ، وَتَارَةً لِجَوَازِ النَّظَرِ بِدُونِهَا، وَتَارَةً لِوُقُوعِ اسْتِدْرَاكٍ بَعْدَهَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَأَنَّ عَدَمَ ذِكْرِهِ تَارَةً يَكُونُ لِلتَّقْيِيدِ بِمَحَلِّ الْخِلَافِ، وَتَارَةً لِنَفْيِ الشَّهْوَةِ فِي ذَاتِهَا وَتَارَةً لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَمَا قِيلَ فِي حِكْمَتِهَا بِغَيْرِ هَذَا غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ، وَلَا مَنْظُورٍ إلَيْهِ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَتِهِ وَتَأَمُّلِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ إلَى صَغِيرَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى إلَى الْأَمَةِ لَا بِقَيْدِ عَدَمِ الشَّهْوَةِ لِانْتِفَائِهَا هُنَا فِي ذَاتِهَا بِدَلِيلِ مَا عَلَّلَ بِهِ، وَتَقْيِيدُ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ بِهَا مَعَ ذِكْرِ الْعِلَّةِ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ، أَوْ بِحَسَبِ مَا فَهِمُوهُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَبِذَلِكَ يَرِدُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ دَفْعًا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَحْذُورِ وَهُوَ الْعَطْفُ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى صَغِيرَةٍ) وَالصَّغِيرُ مِثْلُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ نَظَرًا إلَى أَنَّ فَرْجَهَا أَفْحَشُ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْفَرْجُ) أَيْ مِنْ الصَّغِيرَةِ وَالصَّغِيرِ كَمَا عُلِمَ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَنْقُضُ مَسُّهُ الْوُضُوءَ مِنْ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ، وَكَذَا مَحَلُّ نَبَاتِ الْعَانَةِ فِيهِمَا، قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ فِيهِمَا إلَّا لِحَاجَةٍ) كَزَمَنِ الرَّضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ لِنَحْوِ الْأُمِّ وَغَسْلِ نَجَاسَةٍ وَمُدَاوَاةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (زَادَ فِي الرَّوْضَةِ) ذَكَرَهُ لِرَدِّ دَعْوَى الِاتِّفَاقِ لَا لِلْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ نَظَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ نَظَرَ الْعَبْدِ وَالْمَمْسُوحِ مَعْطُوفٌ عَلَى حَلَّ قَبْلَهُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الشَّهْوَةِ فَتَأَمَّلْهُ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُرَاهِقِ الْآتِي، وَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ الْمَمْلُوكُ كُلُّهُ لِسَيِّدَتِهِ وَلَيْسَ مُكَاتَبًا لَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. فَالْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ وَالْمُشْتَرَكُ كَالْأَجْنَبِيِّ مَعَهَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ مَعَ سَيِّدِهِنَّ فَكَالْمَحْرَمِ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْعَلْقَمِيُّ. قَوْلُهُ: (إلَى سَيِّدَتِهِ) أَيْ وَعَكْسُهُ كَمَا يَأْتِي قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَإِنْ اخْتَلَفَا إسْلَامًا وَكُفْرًا فَرَاجِعْهُ مَعَ مَا يَأْتِي.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْمِهْنَةِ) قَالَ ابْنُ السَّيِّدِ الْمِهَنُ الْمَصْدَرُ، وَالْمِهْنَةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ، وَبِالْكَسْرِ الْهَيْئَةُ وَمَعْنَاهَا الِابْتِذَالُ لِلْخِدْمَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَلَّ النَّظَرُ بِلَا شَهْوَةٍ) قَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا، بِأَنْ لَا يَخَافَ الْفِتْنَةَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: (فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ) أَيْ كَالْأَمَةِ وَالْأَمْرَدِ قَوْلُهُ: (وَالْحِكْمَةُ إلَخْ) هِيَ فِي الْأَمَةِ التَّوْطِئَةُ لِبَيَانِ مَحَلِّ اسْتِدْرَاكِهِ الْآتِي وَكَذَا فِي الْأَمْرَدِ فَإِنْ قُلْت: كَانَ يَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِمِثْلِ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى بَدَنِ الْأَجْنَبِيِّ قُلْت قَدْ قَالَ فِيهَا إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً، وَهُوَ مُحَصِّلٌ لِلْغَرَضِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ اشْتِرَاطَ عَدَمِ الشَّهْوَةِ أَيْضًا، فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ وَإِلَى صَغِيرَةٍ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ الْأَمَةِ فَيَكُونُ قَيْدُ عَدَمِ الشَّهْوَةِ مَذْكُورًا فِيهَا، وَلَيْسَ فِيهَا مَعْنًى مِمَّا ذَكَرْتُهُ، قُلْت قَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَيْدَ عَدَمِ الشَّهْوَةِ لَمْ يَرِدْ فِيهَا حَيْثُ قَالَ: وَالْأَصَحُّ حِلُّ النَّظَرِ إلَى الصَّغِيرَةِ وَلَمْ يَقُلْ بِلَا شَهْوَةٍ. نَعَمْ كُلُّ هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ إنَّمَا يَحْسُنُ اعْتِذَارًا عَنْ الْمُؤَلِّفِ، وَأَمَّا الِاعْتِذَارُ عَنْ الْمُحَرَّرِ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ قَيَّدَ بِهَا فِي الْأَمْرَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحُرْمَةَ إلَّا عِنْدَ الشَّهْوَةِ، وَتَعَرَّضَ لَهَا فِي مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ نَظَرًا إلَى كَثْرَةِ اخْتِلَافِ الْأَصْحَابِ فِيهَا، فَاعْتَنَى بِهَا وَحَرَّرَ مَحَلَّ اخْتِلَافِهِمْ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى بَدَنِ الْأَجْنَبِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، اطَّلَعْت إلَى الْمُحَرَّرِ فَرَأَيْته لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ الشَّهْوَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَحْرُمُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ لَمْ أَجِدْ حِكَايَةَ الْخِلَافِ فِي وَجْهِهَا إلَّا فِي الْوَسِيطِ، وَيَكَادُ أَنْ يَكُونَ خَرْقًا لِلْإِجْمَاعِ، وَالتَّعْلِيلُ بَاطِلٌ بِالْمَحَارِمِ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ النَّظَرِ إلَى وُجُوهِهِنَّ، وَهَذِهِ أَوْلَى لِخُرُوجِهَا عَنْ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ فِي حَقِّ جَمِيعِ النَّاسِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَحْرُمُ إلَخْ) مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمَمْسُوحِ فِي النَّظَرِ خَاصَّةً كَمَا فَرَضَهَا الْمُؤَلِّفُ، وَأَمَّا الدُّخُولُ عَلَيْهِنَّ فَجَائِزٌ قَطْعًا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا اتَّجَهَ التَّحْرِيمُ قَطْعًا بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِ نَظَرِ الذِّمِّيَّةِ إلَى الْمُسْلِمَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 الْمَحْرَمِ، قَالَ تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور: 31] وَالثَّانِي يَحْرُمُ نَظَرُهُمَا كَغَيْرِهِمَا، وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ الْإِمَاءُ، وَالْمُغَفَّلُونَ الَّذِينَ لَا يَشْتَهُونَ النِّسَاءَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُرَاهِقَ كَالْبَالِغِ) ، فَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ مَنْعُهُ مِنْ النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ، فَيَلْزَمُهَا الِاحْتِجَابُ مِنْهُ لِظُهُورِهِ عَلَى الْعَوْرَاتِ بِخِلَافِ طِفْلٍ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا قَالَ تَعَالَى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31] ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ كَالْبَالِغِ، فَلَهُ النَّظَرُ كَالدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ إلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ قَالَ تَعَالَى: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ} [النور: 58] وَعَلَى هَذَا فَنَظَرُهُ كَالنَّظَرِ إلَى مَحْرَمٍ ، (وَيَحِلُّ نَظَرُ رَجُلٍ إلَى رَجُلٍ إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) ، فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ، (وَيَحْرُمُ نَظَرُ أَمْرَدَ بِشَهْوَةٍ) ، وَهُوَ أَنْ يَنْظُرَ فَيَلْتَذَّ، (قُلْت: وَكَذَا بِغَيْرِهَا عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ) ؛ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْ نَظَرِهِ الْفِتْنَةُ كَالْمَرْأَةِ؛ إذْ الْكَلَامُ فِي الْجَمِيلِ الْوَجْهِ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، وَالْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ وَغَيْرِهَا، وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ، وَإِلَّا لَأُمِرَ الْمُرْدُ بِالِاحْتِجَابِ كَالنِّسَاءِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالِاحْتِجَابِ لِلْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ فِيهِ، وَفِي تَرْكِ الْأَسْبَابِ اللَّازِمِ لَهُ وَعَلَى غَيْرِهِمْ غَضُّ الْبَصَرِ عِنْدَ تَوَقُّعِ الْفِتْنَةِ، وَالْخِلَافُ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ وَجَزَمَ عِنْدَ عَدَمِهِ بِالْجَوَازِ، وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ قَوْلُهُ أَطْلَقَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى الْأَمْرَدِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَنَقَلَهُ الدَّارَكِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فَأَخَذَ مِنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ مَا شَمِلَتْهُ عِبَارَتُهُ فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ الْحُرْمَةِ عِنْدَ عَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ حَسْمًا لِلْبَابِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ هُوَ وَلَا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَنَظَرُ مَمْسُوحٍ) أَيْ النَّظَرُ مِنْهُ وَالْخَلْوَةُ كَالنَّظَرِ بِخِلَافِ الْمَسِّ. قَوْلُهُ: (أَيْ ذَاهِبٌ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ لَمْ تَبْقَ لَهُ شَهْوَةٌ فَإِنْ بَقِيَتْ فَكَالْفَحْلِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (إلَى أَجْنَبِيَّةٍ) وَكَذَا عَكْسُهُ وَتَقْيِيدُهُ بِهَا لِمُنَاسِبَةِ مَا قَبْلَهُ وَلَوْ أَبْدَلَ الْمُصَنِّفُ إلَى بِمَعَ لَكَانَ أَعَمَّ لِشُمُولِهِ لِكَوْنِ النَّظَرِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ أَوْ إلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْعَبْدَ شَامِلٌ لِلْمَمْسُوحِ، وَأَنَّ السَّيِّدَةَ مَعَ الْعَبْدِ لَا يُقَالُ لَهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (فَيَحِلُّ نَظَرُهُمَا) ضَمِيرُ الْمُثَنَّى عَائِدٌ لِلْعَبْدِ وَالْمَمْسُوحِ وَشَرْطُ حِلِّ النَّظَرِ فِيهِمَا الْعَدَالَةُ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا فِي الْمَنْهَجِ بِالْعِفَّةِ فِي الْأَوَّلِ، وَمِثْلُهُ الثَّانِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَشَرَطَ فِي الثَّانِي أَيْضًا اتِّفَاقَ الدِّينِ قَالَ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الْمَرْأَةِ كَمَا يَأْتِي، وَلَا بُدَّ مِنْ الْعِفَّةِ فِي كُلٍّ مِنْ الْعَبْدِ وَسَيِّدَتِهِ فِي حِلِّ نَظَرِ كُلٍّ مِنْهُمَا، كَمَا فِي الْمَنْهَجِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَفِيفًا دُونَ الْآخَرِ امْتَنَعَ النَّظَرُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ مُفَادَ الْمَنْهَجِ عَدَمُ حِلِّ نَظَرِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَ انْتِفَاءِ عِفَّتِهِمَا، وَذَلِكَ لَا يُفِيدُ مَنْعَ حِلِّ نَظَرِ الْعَفِيفِ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فَتَأَمَّلْهُ وَهُوَ مَرْدُودٌ بَلْ مَفْهُومُهُ الْمَنْعُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31] دَلِيلُ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ التَّابِعِينَ) دَلِيلُ الْمَمْسُوحِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ الْإِمَاءُ) أَيْ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ. (وَالْمُغَفَّلُونَ) أَيْ مِنْ التَّابِعِينَ. قَوْلُهُ: (أَنَّ الْمُرَاهِقَ) وَهُوَ مَنْ قَارَبَ زَمَنَ الْبُلُوغِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَظْهَرُ عَلَى الْعَوْرَاتِ أَيْ الَّذِي قَدَرَ عَلَى أَنْ يَحْكِيَ مَا يَرَاهُ مِنْ النِّسَاءِ أَمَّا مَنْ لَمْ يَبْلُغْ هَذَا الْحَدَّ فَإِنْ بَلَغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَكَالْمَحْرَمِ وَإِلَّا فَكَالصَّغِيرِ. قَوْلُهُ: (كَالْبَالِغِ) يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي كَوْنِهِ نَاظِرًا وَكَوْنِهِ مَنْظُورًا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ نَظَرُ رَجُلٍ) وَالْمُرَادُ بِهِ فِي الشِّقَّيْنِ مَا يَعُمُّ الْمُرَاهِقَ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ نَظَرُ أَمْرَدَ) وَلَوْ مَعَ مَحْرَمِيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ وَهُوَ أَشَدُّ إثْمًا مِنْ نَظَرِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْمُرَادُ نَظَرُ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ، وَلَوْ شَعْرًا وَظُفْرًا وَإِنْ أُبِينَ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ مَا بَيْنَ بُلُوغِ حَدِّ الشَّهْوَةِ إلَى أَوَانِ طُلُوعِ اللِّحْيَةِ وَبُعْدِهِ أَجْرَدَ، وَأَثْطُ بِالْمُثَلَّثَةِ الْمَفْتُوحَةِ قَبْلَ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الثَّقِيلَةِ. قَوْلُهُ: (شَهْوَةٍ) وَكَذَا بِخَوْفِ فِتْنَةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بِغَيْرِهَا عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَهُ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ هُنَا، وَعَلَيْهَا يُقَيَّدُ بِعَدَمِ الْمِلْكِ هُنَا أَوْ الْمَحْرَمِيَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْجَمِيلِ الْوَجْهِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ النَّقِيِّ الْبَدَنِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (لِلْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ) كَمَا فِي الرِّجَالِ. قَوْلُهُ: (وَفِي تَرْكِ الْأَسْبَابِ) لَفْظُ تَرَكِ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ وَمَذْكُورٌ فِي بَعْضِهَا وَهُوَ أَوْلَى وَيَدُلُّ لَهُ تَذْكِيرُ اللَّازِمِ. قَوْلُهُ: (الدَّارَكِيُّ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ. قَوْلُهُ: (نَصُّ الْأُمِّ) وَفِي نُسْخَةٍ نَصَّ الشَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (فَأَخَذَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مَا شَمِلَتْهُ عِبَارَتُهُ فِي الْمِنْهَاجِ) وَعَبَّرَ فِيهِ بِالْأَصَحِّ نَظَرًا لِقَوْلِ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ، وَبِالْمَنْصُوصِ نَظَرًا لِنَصِّ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ إلَخْ) فِيهِ تَحَامُلٌ كَثِيرٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ اخْتَرَعَ فِي الْمَذْهَبِ مَا لَيْسَ مِنْهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ (وَالْمُغَفَّلُونَ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ حِلِّ نَظَرِهِمْ، وَمَا الْمُرَادُ بِهِمْ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَظْهَرُوا إلَخْ) أَيْ لَمْ يَبْلُغُوا أَنْ يَصِفُوا الْعَوْرَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ نَظَرُ أَمْرَدَ) يُقَالُ غُصْنٌ أَمْرَدُ أَيْ لَا وَرَقَ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْكَافِي وَهُوَ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِحَالٍ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ، وَكَمَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ، وَكَأَنَّهُ يَعْنِي غَيْرَ الْمَحْرَمِ. قَوْلُهُ: (بِحِكَايَتِهَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مِنْ الْحُرْمَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 غَيْرُهُ، بِحِكَايَتِهَا فِي الْمَذْهَبِ، وَلَمْ يُبَالِ بِتَعْلِيلِ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ، مَا أَطْلَقَهُ بِخَوْفِ الِافْتِتَانِ، وَلَا تَعْلِيلِ صَاحِبِ الْبَيَانِ مَا نَقَلَهُ الدَّارَكِيُّ عَنْ النَّصِّ بِأَنَّهُ يُفْتَنُ، وَقَدْ اعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْحُرْمَةِ عِنْدَ عَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ النَّاسُ فِي مُخَالَطَةِ الصِّبْيَانِ مِنْ عَصْرِ الصَّحَابَةِ إلَى الْآنَ فِي الْمَكَاتِبِ، وَمَحَالِّ الصَّنَائِعِ وَغَيْرِهَا، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَشْعَرَ ذَلِكَ، فَدَفَعَهُ بِمَا سَيَأْتِي لَهُ أَنَّهُ يُبَاحُ النَّظَرُ لِلتَّعْلِيمِ (وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْأَمَةَ كَالْحُرَّةِ) فِي حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهَا، (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمَرْأَةُ مَعَ امْرَأَةٍ كَرَجُلٍ وَرَجُلٍ) ، فَيَحِلُّ نَظَرُهَا إلَيْهَا إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ، وَرُكْبَةٍ فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ، (وَالْأَصَحُّ بِتَحْرِيمِ نَظَرِ ذِمِّيَّةٍ إلَى مُسْلِمَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31] وَالذِّمِّيَّةُ لَيْسَتْ مِنْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ، فَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ مَعَ الْمُسْلِمَاتِ، نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ تَرَى مِنْهَا مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ، وَقِيلَ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ فَقَطْ، وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ نَظَرًا إلَى اتِّحَادِ الْجِنْسِ. (وَ) الْأَصَحُّ (جَوَازُ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى بَدَنِ أَجْنَبِيٍّ سِوَى مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ إنْ لَمْ تَخَفْ فِتْنَةً) ؛ لِأَنَّ مَا سِوَى مَا بَيْنَهُمَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مِنْهُ، (قُلْت الْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ كَهُوَ) أَيْ كَنَظَرِهِ (إلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ تَعَالَى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31] وَالثَّالِثُ يَجُوزُ إلَى مَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ فَقَطْ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ خَافَتْ فِتْنَةً حَرُمَ قَطْعًا (وَنَظَرَهَا إلَى مَحْرَمِهَا كَعَكْسِهِ) أَيْ كَنَظَرِ الرَّجُلِ إلَى مَحْرَمِهِ، فَتَنْظُرُ مِنْهُ مَا سِوَى مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ وَقِيلَ مَا يَبْدُو مِنْهُ فِي الْمِهْنَةِ فَقَطْ، وَهُوَ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ ، (وَمَتَى حَرُمَ النَّظَرُ حَرُمَ الْمَسُّ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي اللَّذَّةِ مِنْهُ فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ ذَلِكَ، مَسُّ فَخْذِ رَجُلٍ بِلَا حَائِلٍ وَيَجُوزُ مِنْ فَوْقِ إزَارٍ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً، وَقَدْ يَحْرُمُ الْمَسُّ حَيْثُ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ كَمَسِّ وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ فَيَحْرُمُ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لَمْ يُبَالِ إلَخْ) هُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَأَخَذَ إلَخْ، وَفِيهِ تَحَامُلٌ أَيْضًا عَلَيْهِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مُبَالٍ بِهِ، وَلَكِنَّهُ فَهِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ شَأْنَهُ ذَلِكَ لَا وُجُودُهُ بِالْفِعْلِ، وَيَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُ صَاحِبِ الْبَيَانِ بِالْمُضَارِعِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ اعْتَرَضَ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ الِاعْتِرَاضِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (مَنْ عُصُرِ إلَخْ) بِضَمِّ أَوَّلَيْهِ مَعًا أَوْ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْمُرَاهِقَةَ، وَلَوْ فَاسِقَةً فِي الشِّقَّيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي جَعْلِهَا كَالذِّمِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (تَحْرِيمُ نَظَرِ ذِمِّيَّةٍ) الْمُرَادُ كَافِرَةً، وَلَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ زَوْجَةَ مُسْلِمٍ. قَوْلُهُ: (إلَى مُسْلِمَةٍ) أَيْ وَلَا مَمْلُوكِيَّةٍ وَلَا مَحْرَمِيَّةٍ. وَأَمَّا عَكْسُ مَا ذُكِرَ هُوَ نَظَرُ الْمُسْلِمَةِ إلَى الذِّمِّيَّةِ فَجَائِزٌ لِغَيْرِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ تَرَى) أَيْ الذِّمِّيَّةُ مِنْ الْمُسْلِمَةِ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيُقَيَّدُ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ) أَيْ فِي غَيْرِ الْعَوْرَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قُلْت الْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ) فَيَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَسْتُرَ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَنْظُرُ إلَيْهِ مِنْهُ كَعَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (كَهُوَ إلَيْهَا) الْمُتَّفَقُ عَلَى حُرْمَتِهِ؛ لِأَنَّهُنَّ مَحَلُّ الشَّهْوَةِ أَصَالَةً، وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْمُرَاهِقَةَ، كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا وَمِنْ هُنَا عُلِمَ اخْتِصَاصُ النِّسَاءِ بِالْمَنْعِ مِنْ خُرُوجِهِنَّ سَافِرَاتِ الْوَجْهِ، وَلِأَنَّ سِتْرَهُنَّ أَسْهَلُ مِنْ سَتْرِ الرِّجَالِ وَلِقِلَّةِ بُرُوزِهِنَّ فِي الْأَسْوَاقِ وَنَحْوِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ مَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ أَيْ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَتَقَدَّمَ خِلَافُهُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ، وَعُلِمَ بِمَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي نَفْسِ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَمَتَى حَرُمَ إلَخْ) وَمِنْهُ مَا أُبِينَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ أَمْرَدَ كَشَعْرٍ وَظُفُرٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَبْلَغُ) بِدَلِيلِ بُطْلَانِ الصَّوْمِ. بِالْإِنْزَالِ مَعَهُ لَا مَعَ النَّظَرِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ مِنْ فَوْقِ إزَارٍ) وَلَوْ رَقِيقًا حَيْثُ مَنَعَ مِنْ نَقْضِ الْوُضُوءِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ يَحْرُمُ نَظَرُ زَوْجَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ فِي الْإِزَارِ وَلَعَلَّ بَقِيَّةَ الْأَنْبِيَاءِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً أَوْ شَهْوَةً) وَإِلَّا حَرُمَ وَلَوْ كَانَ الْحَائِلُ كَثِيفًا جِدًّا قَالَ شَيْخُنَا سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْجِنْسُ فِي ذَلِكَ أَوْ اخْتَلَفَ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَحْرُمُ الْمَسُّ حَيْثُ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ) لَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ عَكْسُ مَا فِيهِ وَلَا يُسْتَثْنَى مِمَّا فِيهِ شَيْءٌ. قَوْلُهُ: (كَمَسِّ وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ) وَمِثْلُهُ مَسُّ الْعَبْدِ شَيْئًا مِنْ بَدَنِ سَيِّدَتِهِ، وَعَكْسُهُ وَكَذَا مَسُّ مَمْسُوحٍ أَوْ عَكْسُهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 59] الْآيَةَ. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: الصَّحِيحُ أَنَّهَا عَامَّةٌ فِي الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَحْرِيمُ نَظَرِ ذِمِّيَّةٍ) مِثْلُهَا فِيمَا يَظْهَرُ الْفَاسِقَةُ الْمُسَاحَقَةُ، وَقَوْلُهُ: ذِمِّيَّةٌ أَيْ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِلْمُسْلِمَةِ وَمِثْلُهَا مَحَارِمُهَا الْكَافِرَاتُ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ كَهُوَ إلَيْهَا) أَيْ، وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي رُؤْيَتِهَا لِلَعِبِ الْحَبَشَةِ، فَقَدْ أَوَّلَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى رُؤْيَتِهَا اللَّعِبَ وَالْحِرَابَ دُونَ الْأَبَدَانِ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (إلَى مَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ) اعْلَمْ أَنَّهُ فِيمَا سَلَف قَدْ فَسَّرَ مَا يَبْدُو فِي مِهْنَةِ الْمَرْأَةِ بِمِثْلِ الرَّأْسِ وَالْعُنُقِ وَالْوَجْهِ إلَخْ. فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ هُنَا أَيْضًا مِثْلَ ذَلِكَ، لَكِنْ سَيَأْتِي قَرِيبًا تَفْسِيرُ مَا يَبْدُو فِي مِهْنَةِ الرَّجُلِ الْمَحْرَمِ بِمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ، فَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ ذَلِكَ هُنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ يَبْدُو فِي مِهَنِهِمْ ذَلِكَ غَالِبًا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُخَيَّلَ فَارِقٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَحْرَمَ الرَّجُلُ مَعَ مَحَارِمِهِ الْإِنَاثِ يَبْدُو وَفِي مِهْنَتِهِ مَعَهُنَّ مِثْلُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَهَذَا الْفَرْقُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى إلَّا أَنَّ صَنِيعَ الشَّارِحِ يُؤَيِّدُهُ حَيْثُ تَرَكَ هُنَا التَّفْسِيرَ، بِمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِهِ إلَّا فِي مِهْنَةِ الرَّجُلِ الْمَحْرَمِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَعَلَى الْأَخِيرِ يَلْزَمُ اتِّحَادُ الثَّالِثِ وَالْأَوَّلِ إلَّا فِي نَفْسِ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمَامِ وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّ مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ مِنْ الرَّجُلِ لَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ انْتَهَى ثُمَّ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ يَظْهَرُ فِي السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَتَى حَرُمَ النَّظَرُ حَرُمَ الْمَسُّ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ طَرْدًا وَعَكْسًا فَالْأَوَّلُ الْعُضْوُ الْمُبَانُ يَحْرُمُ نَظَرُهُ دُونَ مَسِّهِ، وَحَلْقَةُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 وَإِنْ قِيلَ بِجَوَازِ نَظَرِهِ، وَكَغَمْزِ الرَّجُلِ سَاقَ مَحْرَمَةٍ، أَوْ رِجْلَهَا وَعَكْسُهُ، فَيَحْرُمُ مَعَ جَوَازِ النَّظَرِ إلَى مَا ذُكِرَ، وَلَوْ قَالَ بَدَلَ مَتَى حَيْثُ، كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ كَانَ أَقْرَبَ لِلْمُرَادِ؛ لِأَنَّ حَيْثُ اسْمُ مَكَان، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي يَحْرُمُ نَظَرُهُ، يَحْرُمُ مَسُّهُ، وَمَتَى اسْمُ زَمَانٍ وَلَا مَوْقِعَ لِإِرَادَتِهِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِغَيْرِهِ (وَيُبَاحَانِ) أَيْ النَّظَرُ وَالْمَسُّ (لِفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ وَعِلَاجٍ) لِعِلَّةٍ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَلْيَكُنْ ذَلِكَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِحُضُورِ مَحْرَمٍ، أَوْ زَوْجٍ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا تُوجَدَ امْرَأَةٌ تُعَالِجُ الْمَرْأَةَ أَوْ رَجُلٌ يُعَالِجُ الرَّجُلَ، وَأَنْ لَا يَكُونَ ذِمِّيًّا مَعَ وُجُودِ مُسْلِمٍ، (قُلْت: وَيُبَاحُ النَّظَرُ لِمُعَامَلَةٍ) بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَشَهَادَةٍ) تَحَمُّلًا وَأَدَاءً. (وَتَعْلِيمٍ) وَهُوَ لِلْأَمْرَدِ كَإِرَادَةِ الرَّجُلِ شِرَاءَ جَارِيَةٍ، أَوْ الْمَرْأَةِ شِرَاءَ عَبْدٍ، (بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) فِي الْجَمِيعِ، (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، فَيُنْظَرُ فِي إرَادَةِ شِرَاءِ الْجَارِيَةِ أَوْ الْعَبْدِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَيَنْظُرُ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَأَدَائِهَا وَجْهَهَا فَقَطْ، وَمَسْأَلَةُ التَّعْلِيمِ مَزِيدَةٌ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْقَصْدُ بِهَا تَعْلِيمُ الْأَمْرَدِ خَاصَّةً، فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ بِحُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ، مُطْلَقًا وَلَا غِنَى لِلْمُرْدِ عَنْ تَعَلُّمِ الْوَاجِبَاتِ وَغَيْرِهَا، وَلَا يَتَأَتَّى تَعْلِيمُهُمْ بِدُونِ النَّظَرِ إلَيْهِمْ ذَكَرَ جَوَازَهُ، لِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي فَتَاوِيهِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تَفْقِدُ مَنْ يُعَلِّمُهَا مِنْ مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَلَا يَجُوزُ نَظَرُ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا لِلتَّعْلِيمِ وَسَيَأْتِي فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ قُرْآنٍ وَطَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ تَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ (وَلِلزَّوْجِ النَّظَرُ إلَى كُلِّ بَدَنِهَا) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ لَكِنْ يُكْرَهُ نَظَرُ الْفَرْجِ وَسَيِّدُ الْأَمَةِ الَّتِي يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا كَالزَّوْجِ فِيمَا ذُكِرَ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَإِنْ قِيلَ بِجَوَازِ نَظَرِهِ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ أَوْ لِنَحْوِ تَعْلِيمٍ. قَوْلُهُ: (وَكَغَمْزِ) بِمُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا مِيمٌ هُوَ التَّكْبِيسُ الْمَعْرُوفُ لُغَةً. قَوْلُهُ: (سَاقِ مَحْرَمِهِ) هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ وَلَا شَفَقَةٍ، إلَّا مَعَ شَهْوَةٍ أَوْ خَوْفِ فِتْنَةٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ عُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَمَّا فِي الْمُحَرَّرِ مَقْصُودٌ إمَّا؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ يُمْكِنُ فِيهِ مَا ذُكِرَ أَيْضًا كَأَجْنَبِيَّةٍ تَزَوَّجَهَا، وَأَمْرَدَ كَبِرَ عَنْ زَمَنِ الْمُرْدَانِيَّةِ، وَصَغِيرَةٍ كَبِرَتْ وَنَحْوُ ذَلِكَ، أَوْ لِلْإِشَارَةِ إلَى اسْتِعْمَالِ مَتَى فِيمَا يَعُمُّ الزَّمَانَ وَالْمَكَانَ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ إلَيْهِمَا مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ مَعًا جَائِزٌ كَمَا عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَوْلُهُ وَلَا مَوْقِعَ لِإِرَادَتِهِ هُنَا مَمْنُوعٌ وَلَا حَاجَةَ لِتَأْوِيلِهِ بِغَيْرِهِ الَّذِي هُوَ حَيْثُ إذْ مِنْ الْبَعِيدِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَعْدِلُ مِنْ لَفْظٍ إلَى لَفْظٍ مُسَاوٍ لَهُ ثُمَّ يَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلِهِ بِمَا عَدَلَ عَنْهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِلْحَاجَةِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ أَدْنَى حَاجَةٍ، وَفِي غَيْرِ الْفَرْجَيْنِ مُبِيحُ تَيَمُّمٍ وَفِيهِمَا لِضَرُورَةٍ. قَوْلُهُ: (لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ) أَيْ عِنْدَ فَقْدِ الشَّرْطِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا تُوجَدَ امْرَأَةٌ) وَلَوْ ذِمِّيَّةً. قَوْلُهُ: (أَوْ رَجُلٌ) وَلَوْ ذِمِّيًّا. قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ الْمُعَالِجُ ذِمِّيًّا مَعَ وُجُودِ مُسْلِمٍ أَيْ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَيُقَدَّمُ فِي الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ امْرَأَةٌ مَحْرَمٌ مُسْلِمَةٌ، ثُمَّ أَجِنِّيَّةٌ مُسْلِمَةٌ، ثُمَّ صَبِيٌّ غَيْرُ مُرَاهِقٍ مُسْلِمٌ ثُمَّ صَبِيٌّ غَيْرُ مُرَاهِقٍ كَافِرٌ، ثُمَّ بَالِغٌ مَحْرَمٌ ثُمَّ بَالِغٌ كَافِرٌ، ثُمَّ مَمْسُوحٌ مُسْلِمٌ، مَمْسُوحٌ كَافِرٌ، ثُمَّ ذِمِّيَّةٌ مَحْرَمٌ ثُمَّ ذِمِّيَّةٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ، ثُمَّ مُرَاهِقٌ مُسْلِمٌ ثُمَّ مُرَاهِقٌ غَيْرُ مُسْلِمٍ، ثُمَّ بَالِغٌ أَجْنَبِيٌّ مُسْلِمٌ، ثُمَّ بَالِغٌ أَجْنَبِيٌّ كَافِرٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْجِنْسُ عَلَى غَيْرِهِ، وَيُقَدَّمُ الْمَحْرَمُ عَلَى غَيْرِهِ، وَيُقَدَّمُ مَنْ نَظَرُهُ أَكْثَرُ عَلَى غَيْرِهِ، وَيُقَدَّمُ عِنْدَ اتِّحَادِ النَّظَرِ الْجِنْسُ عَلَى غَيْرِهِ. ثُمَّ الْمَحْرَمُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْمُوَافِقُ فِي الدِّينِ عَلَى غَيْرِهِ، وَهَكَذَا فَإِذَا أَفْقِدَ ذَلِكَ عَالَجَ الْأَجْنَبِيُّ بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ مِنْ حُضُورِ نَحْوِ مَحْرَمٍ. قَوْلُهُ: (تَحَمُّلًا) وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا وَكَذَا الْأَدَاءُ، وَلَا يَجُوزُ نَظَرُ الشَّاهِدِ لَهَا إذَا عَرَفَهَا وَلَوْ بِاسْمٍ وَنَسَبٍ. فَإِنْ عَرَفَهَا بِتَعْرِيفِ عَدْلٍ اكْتَفَى بِهِ وَجَازَ النَّظَرُ، وَإِذَا امْتَنَعَتْ مِنْ كَشْفِ وَجْهِهَا كَشَفَتْهُ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا، وَيَجُوزُ نَظَرُ فَرْجِهَا لِلشَّهَادَةِ بِالزِّنَى، أَوْ الْوِلَادَةِ وَنَظَرُ الثَّدْيِ فِي الرَّضَاعِ وَكَالشَّهَادَةِ الْحُكْمُ لَهَا أَوْ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ لِلْأَمْرَدِ خَاصَّةً لِمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي بَابِ الصَّدَاقِ، وَهَذَا مَرْجُوحٌ وَسَيَأْتِي هُنَا الْجَوَابُ عَنْهُ، وَالْأَصَحُّ جَوَازُ التَّعْلِيمِ لِلْأَمْرَدِ وَلِلْمَرْأَةِ إلَّا الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ الْفِرَاقِ لِمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فِي الْجَمِيعِ) لَا يَبْعُدُ رُجُوعُهُ لِلْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَالْعِلَاجِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) فَهُوَ دَلِيلٌ ثَانٍ لِتَخْصِيصِهِ الَّذِي ادَّعَاهُ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى فَتَاوِيهِ أَيْ إنَّ الْمُصَنِّفَ صَرَّحَ فِي فَتَاوِيهِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِتَخْصِيصِ التَّعْلِيمِ الْمَذْكُورِ بِالْأَمْرَدِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تَفْقِدُ إلَخْ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِجَوَازِ تَعْلِيمِ الْأَجْنَبِيِّ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ فَقْدِ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمَحْرَمِ وَالْمَرْأَةِ، وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: إنَّ الْحُكْمَ يَكْفِي فِي ثُبُوتِهِ الْفَرْدُ النَّادِرُ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ فِي غَيْرِهِ، فَتَأَمَّلْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِعَدَمِ الْفَقْدِ مَا مَنْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي فِي الصَّدَاقِ) هُوَ دَلِيلٌ ثَالِثٌ لِمَا ادَّعَاهُ وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُ تَعْلِيمِهَا، وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ فِي الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَتْ آمَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ فَرُبَّمَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا مَا وَقَعَ التَّحْذِيرُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ. نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْخَلْوَةِ لِتَعْلِيمِ الْأَمْرَدِ حُضُورُ مَحْرَمٍ، أَوْ نَحْوِهِ وَيُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي الْجَمِيعِ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (كُلُّ بَدَنِهَا) إلَّا لِمَانِعٍ كَعِدَّةِ شُبْهَةٍ، وَعَكْسُ ذَلِكَ مِثْلُهُ فَلَهَا نَظَرُ كُلِّ بَدَنِهِ. نَعَمْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ نَظَرِ عَوْرَتِهِ فَقَطْ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا نَظَرُهَا حِينَئِذٍ بِخِلَافِ عَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُكْرَهُ نَظَرُ الْفَرْجِ) سَوَاءٌ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بَلْ قِيلَ نَظَرُ الْبَاطِنِ مِنْهُ يُورِثُ الْعَمَى فِي النَّاظِرِ، وَقِيلَ فِي وَلَدِهِ. قَوْلُهُ: (كَالزَّوْجِ فِيمَا ذُكِرَ) مِنْ جَوَازِ نَظَرِهِ لِكُلِّ بَدَنِهَا إلَّا لِمَانِعٍ كَتَزْوِيجٍ وَعِدَّةٍ وَاسْتِبْرَاءٍ وَكِتَابَةٍ وَتَوَثُّنٍ، فَيَحْرُمُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.   [حاشية عميرة] دُبُرِ الزَّوْجَةِ يَحْرُمُ نَظَرُهَا عَلَى مَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ دُونَ مَسِّهَا. وَفَرْجُ الزَّوْجَةِ يَحْرُمُ نَظَرُهُ عَلَى وَجْهٍ وَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ، وَالثَّانِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الطَّرْدِ كَمَا تَقَرَّرَ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَمَسْأَلَةُ الْعُضْوِ لَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِ، وَهِيَ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَوْرَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ. ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ الزَّمَانَ مَنْظُورٌ إلَيْهِ أَيْضًا فَإِنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ يَحْرُمُ نَظَرُهَا فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا حَلَّ فَإِذَا طَلَّقَهَا حَرُمَ، وَالطِّفْلَةُ عَلَى الْعَكْسِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَشَهَادَةٍ) لَوْ عَرَفَهَا فِي النِّقَابِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ كَشْفٍ، وَحِينَئِذٍ يَحْرُمُ النَّظَرُ. قَوْلُهُ: (الْمَرْأَةُ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا: الْأَمْرَدُ خَاصَّةً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 فَصْلٌ تَحِلُّ خِطْبَةُ خَلِيَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ تَعْرِيضًا وَتَصْرِيحًا وَتَحْرُمُ، خِطْبَةُ الْمَنْكُوحَةِ كَذَلِكَ إجْمَاعًا فِيهِمَا، (لَا تَصْرِيحَ لِمُعْتَدَّةٍ) فَيَحْرُمُ رَجْعِيَّةً كَانَتْ أَوْ بَائِنًا، أَوْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ إجْمَاعًا (وَلَا تَعْرِيضَ لِرَجْعِيَّةٍ) فَيَحْرُمُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمَنْكُوحَةِ. (وَيَحِلُّ تَعْرِيضٌ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) قَالَ تَعَالَى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] وَهِيَ وَارِدَةٌ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، (وَكَذَا الْبَائِنُ) بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِانْقِطَاعِ سُلْطَةِ الزَّوْجِ عَنْهَا، وَالثَّانِي يَحْرُمُ؛ إذْ لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ أَنْ يَنْكِحَهَا فَأَشْبَهَتْ الرَّجْعِيَّةَ فَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ.   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: هَذَا الْحُكْمُ مُقَيَّدٌ بِالْحَيَاةِ، أَمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَفِي تَحْرِيمِ النَّظَرِ عَلَى الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي بَابِ الْجَنَائِزِ، وَخَرَجَ بِالنَّظَرِ الْمَسُّ فَلَا خِلَافَ فِي حِلِّهِ فِي جَمِيعِ بَدَنِهَا وَلَوْ لِلْفَرْجِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِلَا كَرَاهَةٍ إلَّا لِمَانِعٍ أَيْضًا كَعِدَّةِ شُبْهَةٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَنَحْوِهَا. فُرُوعٌ: يَجُوزُ نَوْمُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ أَوْ ثَوْبٍ وَاحِدٍ حَيْثُ وُجِدَ حَائِلٌ يَمْنَعُ الْمُمَاسَّةَ لَلْأَبَدَانِ، وَيَحْرُمُ ذَلِكَ مَعَ الْعُرْيِ، وَإِنْ تَبَاعَدَا أَوْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ وَكَانَ مَحْرَمِيَّةً كَأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ جَدٍّ صِغَرٌ لَكِنْ مَعَ بُلُوغِ عَشْرِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ، وَيُكْرَهُ نَظَرُ فَرْجِ نَفْسِهِ عَبَثًا، وَتَحْرُمُ مُصَافَحَةٌ وَتَقْبِيلٌ وَمُعَانَقَةٌ فِي نَحْوَ أَمْرَدَ، وَيُكْرَهُ ذَلِكَ فِي ذِي عَاهَةٍ كَبَرَصٍ وَجُذَامٍ، وَيُسَنُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ خُصُوصًا لِنَحْوِ قُدُومِ سَفَرٍ، وَيُنْدَبُ تَقْبِيلُ طِفْلٍ وَلَوْ لِغَيْرِ شَفَقَةٍ وَوَجْهِ مَيِّتٍ لِنَحْوِ صَلَاحٍ وَيَدِ نَحْوِ عَالَمٍ وَصَالِحٍ وَصَدِيقٍ وَشَرِيفٍ لِأَجْلِ غِنًى، وَنَحْوِهِ وَالْقِيَامُ لَهُمْ كَذَلِكَ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ وُجُوبَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ صَارَ قَطِيعَةً. [فَصْلٌ تَحِلُّ خِطْبَةُ خَلِيَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ تَعْرِيضًا وَتَصْرِيحًا] فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِطْبَةِ بِكَسْرِ الْخَاءِ مِنْ الْخِطَابِ الَّذِي هُوَ اللَّفْظُ أَوْ مِنْ الْخَطْبِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ بِمَعْنَى الشَّأْنِ، وَالْحَالِ أَوْ الْأَمْرِ الْمُهِمِّ وَشَرْعًا الْتِمَاسُ النِّكَاحِ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (تَحِلُّ) أَيْ إنْ حَلَّ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَتَحْرُمُ فَلَهَا حُكْمُهُ وُجُوبًا وَنَدْبًا وَكَرَاهَةً وَتَحْرِيمًا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (خَلِيَّةٍ) أَيْ وَلَوْ بِدَعْوَاهَا سَوَاءٌ، قَالَتْ: كُنْت زَوْجَةَ فُلَانٍ مَثَلًا وَطَلَّقَنِي، وَانْقَضَتْ عِدَّتِي أَوْ سَكَتَتْ وَلِلْوَلِيِّ اعْتِمَادُ قَوْلِهَا فِي ذَلِكَ وَتَزْوِيجُهَا نَعَمْ لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجُهَا فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (عَنْ نِكَاحٍ) أَمَّا الْأَمَةُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ فَكَالْخَلِيَّةِ وَإِلَّا فَفِي زَمَنِ الْفِرَاشِ كَالْمَنْكُوحَةِ وَفِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ كَالرَّجْعِيَّةِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ كَالْبَائِنِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (تَصْرِيحٌ لِمُعْتَدَّةٍ) وَكَذَا فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ وَشُبْهَةٍ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَا تَعْرِيضٌ لِرَجْعِيَّةٍ) وَإِنْ أَذِنَ الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى وَمِثْلُهَا مُعْتَدَّةٌ عَنْ رِدَّةِ الزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ تَعْرِيضٌ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) وَكَذَا عِدَّةُ شُبْهَةٍ وَبَائِنٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ) أَيْ لِذَاتِهَا كَمَا مُثِّلَ أَمَّا مَنْ يَمْتَنِعُ نِكَاحُهَا لِعَارِضٍ كَأُخْتِ الزَّوْجَةِ وَخَامِسَةٍ وَوَثَنِيَّةٍ وَصَغِيرَةٍ ثَيِّبٍ أَوْ بِكْرٍ بِلَا مُجْبِرٍ فَلَا تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ فِيهِنَّ لِعَدَمِ الْمَعْنَى فِي غَيْرِهِنَّ. قَوْلُهُ: (كَالْمُطَلَّقَةِ إلَخْ) وَتَحْرُمُ خِطْبَتُهَا عَلَى الْمُطَلِّقِ، وَالْمُفَارِقِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا صَاحِبُ الْعِدَّةِ فَلَهُ التَّعْرِيضُ وَالتَّصْرِيحُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ. قَوْلُهُ: (وَالتَّصْرِيحُ) وَهُوَ مَا يَقْطَعُ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ، وَمِنْهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا، وَمِنْهُ عِنْدِي جِمَاعٌ يُرْضِي مَنْ جُومِعَتْ وَمِنْهُ رَضِيتُك زَوْجَةً لِي   [حاشية عميرة] فَصْلٌ تَحِلُّ خِطْبَةٌ بَلْ تُسْتَحَبُّ إنْ كَانَ الْخَاطِبُ مِمَّنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ النِّكَاحُ، وَتُكْرَهُ مِمَّنْ يُكْرَهُ لَهُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْوَسِيلَةِ حُكْمُ الْمَقْصِدِ وَإِنْ كَانَ هَذَا التَّعْلِيلُ يَنْتَقِضُ بِالْمُحْرِمِ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ الْخِطْبَةُ دُونَ النِّكَاحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَحِلُّ خِطْبَةُ الثَّيِّبِ الصَّغِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ نِكَاحُهَا الْآنَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ حِلُّ خِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ سِوَاهَا حَرُمَتْ الْخِطْبَةُ اهـ قُلْت مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُعْتَدَّةِ بِشُبْهَةٍ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْمُقْرِي وَقَدْ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ، وَنُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ حُرْمَةُ التَّصْرِيحِ دُونَ التَّعْرِيضِ فَفِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمْت أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ وَمَوْضِعِي فِي قَوْمِهِ» فَكَانَتْ تِلْكَ خِطْبَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (خِطْبَةٌ) هِيَ بِالْكَسْرِ وَحُكِيَ الضَّمُّ وَهِيَ إمَّا مِنْ الْخَطْبِ أَيْ الشَّأْنِ أَوْ مِنْ الْخِطَابِ بِمَعْنَى الْكَلَامِ قَوْلُهُ: (وَتَحْرُمُ خِطْبَةُ الْمَنْكُوحَةِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهَا السُّرِّيَّةُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ إذَا لَمْ يُعَرِّضْ السَّيِّدُ عَنْهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا تَصْرِيحٌ لِمُعْتَدَّةٍ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: حِكْمَتُهُ أَنَّ فِي الْمَرْأَةِ مِنْ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ وَالرَّغْبَةِ فِي الْأَزْوَاجِ مَا يَدْعُوهَا إلَى الْكَذِبِ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ أَيْضًا) لَوْ أَذِنَ الزَّوْجُ فِي التَّعْرِيضِ لِلرَّجْعِيَّةِ فَهَلْ تَرْتَفِعُ الْحُرْمَةُ هُوَ مُحْتَمَلٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَالْمُفَارَقَةِ بِلِعَانٍ أَوْ رَضَاعٍ فَكَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ، وَقِيلَ فِيهَا الْخِلَافُ وَالتَّصْرِيحُ نَحْوُ أُرِيدُ أَنْ أَنْكِحَك أَوْ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُك نَكَحْتُك، وَالتَّعْرِيضُ نَحْوُ مَنْ يَجِدُ مِثْلَ، أَوْ إذَا حَلَلْت فَآذِنِينِي، وَحُكْمُ جَوَابِ الْمَرْأَةِ تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا حُكْمُ الْخِطْبَةِ ، (وَتَحْرُمُ خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةِ مَنْ صَرَّحَ بِإِجَابَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَوْ بِتَرْكٍ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ «لَا يَبِعْ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ حَتَّى يَذَرَ» ، وَلَوْ صَرَّحَ بِرَدِّهِ حَلَّتْ (فَإِنْ لَمْ يَجِبْ وَلَمْ يُرِدْ) أَيْ لَمْ يُصَرِّحْ بِإِجَابَةٍ، وَلَا رَدٍّ بِأَنْ سَكَتَ عَنْهُمَا، أَوْ ذَكَرَ، مَا يُشْعِرُ بِالرِّضَا نَحْوَ لَا رَغْبَةَ عَنْك، (لَمْ تَحْرُمْ فِي الْأَظْهَرِ) وَقَطَعَ بِهِ فِي السُّكُوتِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُبْطِنُ شَيْئًا مُقَرَّرًا، وَالثَّانِي تَحْرُمُ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَتُعْتَبَرُ الْإِجَابَةُ وَالرَّدُّ لَاغِيَةَ الْإِذْنِ مِنْ الْوَلِيِّ، وَفِي مُعْتَبَرَتِهِ مِنْهَا، وَفِي الرَّقِيقَةِ مِنْ السَّيِّدِ، وَتَجُوزُ خِطْبَةُ مَنْ لَمْ يَدْرِ أَخُطِبَتْ أَمْ لَا، وَمَنْ لَمْ يَدْرِ أُجِيبَ خَاطِبُهَا أَمْ رُدَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ الْخَاطِبُ الْمُسْلِمُ، وَالذِّمِّيُّ فِي الذِّمِّيَّةِ، وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَقِيلَ: هُوَ فِي الْمُسْلِمِ فَقَطْ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ : (مَنْ اُسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ ذَكَرَ مَسَاوِئَهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ عُيُوبَهُ (بِصِدْقٍ) لِيُحْذَرَ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ، وَسُمِّيَتْ عُيُوبُ الْإِنْسَانِ مَسَاوِئَ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهَا يَسُوءُهُ، فَالْيَاءُ بَدَلٌ مِنْ الْهَمْزَةِ وَقِيَاسُ الْمُفْرَدِ مَسْوَأٌ كَمَسْكَنٍ، وَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِسُوءٍ، كَمَا فِي حَسَنٍ وَمَحَاسِنَ ، (وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ خُطْبَةٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ (قَبْلَ الْخِطْبَةِ) بِكَسْرِهَا (وَ) أُخْرَى (قَبْلَ الْعَقْدِ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ، فَهُوَ أَقْطَعُ» أَيْ مِنْ الْبَرَكَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ كُلُّ كَلَامٍ، فَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى الْخَاطِبُ وَيُصَلِّي   [حاشية قليوبي] مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَالتَّعْرِيضُ) وَهُوَ مَا احْتَمَلَ إرَادَةَ النِّكَاحِ وَغَيْرَهُ فَهُوَ مِنْ الْكِنَايَةِ، وَكَوْنُ الْكِنَايَةِ أَبْلَغَ مِنْ الصَّرِيحِ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ، وَمِنْهُ أَنَا رَاغِبٌ فِيك أَوْ رُبَّ رَاغِبٍ فِيك، إنَّ اللَّهَ سَائِقٌ إلَيْك خَيْرًا. قَوْلُهُ: (فَآذِنِينِي) هُوَ بِالْمَدِّ أَيْ أَعْلِمِينِي. قَوْلُهُ: (وَحُكْمُ جَوَابِ الْمَرْأَةِ) أَيْ الْجَوَابِ مِنْ جِهَتِهَا، وَلَوْ قَالَ: وَحُكْمُ جَوَابِ الْخِطْبَةِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ. قَوْلُهُ: (حُكْمُ الْخِطْبَةِ) أَيْ مِنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَالتَّعْرِيضِ وَالتَّصْرِيحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَتَحْرُمُ خِطْبَةٌ إلَخْ) وَكَذَا تَحْرُمُ خِطْبَةُ امْرَأَةٍ لِرَجُلٍ مَعَهُ أَرْبَعٌ، أَوْ لَمْ يَرُدَّ غَيْرَ مَنْ مَعَهُ أَوْ غَيْرَ مَنْ خَطَبَهَا. قَوْلُهُ: (عَلَى خِطْبَةٍ) أَيْ جَائِزَةٍ وَعَلِمَ الثَّانِي بِهَا بِجَوَازِهَا. قَوْلُهُ: (مَنْ صَرَّحَ بِإِجَابَتِهِ) مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إجَابَتُهُ كَمَا يَأْتِي وَلَوْ فِي زَائِدَةٍ عَلَى الْأَرْبَعِ فَلَوْ خَطَبَ خَمْسًا حَرُمَ خِطْبَةُ غَيْرِهِ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى يَنْكِحَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ إجَابَتُهُ كَمَا يَأْتِي وَلَوْ فِي زَائِدَةٍ عَلَى الْأَرْبَعِ فَلَوْ خَطَبَ خَمْسًا حَرُمَ خِطْبَةُ غَيْرِهِ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى يَنْكِحَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ وَكَذَا نَحْوُ أُخْتَيْنِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ الْخَاطِبِ لَا مَعَ قَرِينَةٍ نَحْوُ تَهَكُّمٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِتَرْكٍ) هُوَ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ الْمَجْرُورِ بِالْمُوَحَّدَةِ عَطْفًا عَلَى إذْنِهِ وَلَمْ يُضِفْهُ لِلضَّمِيرِ لِيَشْمَلَ تَرْكَ الْوَلِيِّ مَثَلًا وَسَوَاءٌ التَّرْكُ بِالصَّرِيحِ أَوْ بِالْقَرِينَةِ كَعَدَمِ إنْفَاقِهِ فِي الْمَوَاسِمِ وَعَدَمِ قَبُولِ مَا يُرْسِلُهُ إلَيْهَا، قَالَ شَيْخُنَا: وَمِنْهُ إجَابَةُ الْوَلِيِّ مَثَلًا لِلْخَاطِبِ الثَّانِي فَهِيَ إعْرَاضٌ عَنْ الْأَوَّلِ إنْ حَرُمَتْ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا. فَرْعٌ: قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا: زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت جَازَ لِكُلِّ أَحَدٍ خِطْبَتُهَا، وَلَوْ عَلَى خِطْبَةِ غَيْرِهِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ بَعْضِهِمْ لَهُ عَلَى سِلْعَةٍ يُطَافُ بِهَا عَلَى مَنْ يَشْتَرِي مَمْنُوعٌ لِمَ لَا يَخْفَى مَعَ أَنَّ إجَابَةَ الْخَاطِبِ هُنَا كَاسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ فِي السِّلْعَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا يَبِعْ) بِحَذْفِ التَّحْتِيَّةِ لِأَجْلِ النَّهْي. قَوْلُهُ: (وَفِي رِوَايَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لِمُسْلِمٍ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَذَرَ) أَيْ يَتْرُكَ فَهُوَ دَلِيلٌ لِمَا زَادَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَمْ يُصَرِّحْ) هُوَ حَمْلٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُفْهِمِ لِخِلَافِهِ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بِهِ فِي السُّكُوتِ) فَفِيهِ طَرِيقَانِ فَذِكْرُ الْأَظْهَرِ فِيهِ تَغْلِيبٌ. قَوْلُهُ: (فِي لَاغِيَةِ الْإِذْنِ) وَمِنْهَا ثَيِّبٌ صَغِيرَةٌ، وَصَغِيرَةٌ بِكْرٌ بِلَا مُجْبِرٍ لِمَا مَرَّ مِنْ حِلِّ خِطْبَتِهَا، وَتَحْرُمُ الْخِطْبَةُ بَعْدَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْوَلِيِّ) أَيْ الْخَاصِّ أَوْ الْعَامِّ كَالسُّلْطَانِ فِي الْمَجْنُونَةِ الْبَالِغَةِ عِنْدَ فَقْدِ الْخَاصِّ، وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ مَنْ فِي مَحَلِّ أَنْ يُزَوِّجَ، وَإِنْ تَوَقَّفَ تَزْوِيجُهُ عَلَى زَوَالِ مَانِعٍ كَمَا مَرَّ فِي الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ، فَلَا يُعْتَبَرُ الْوَلِيُّ الْبَعِيدُ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْقَرِيبِ كَالْعَمِّ مَعَ الْأَبِ. قَوْلُهُ: (وَفِي مُعْتَبَرَتِهِ) أَيْ الْإِذْنِ بِأَنْ يَتَوَقَّفَ صِحَّةُ نِكَاحِهَا عَلَى إذْنِهَا. قَوْلُهُ: (مِنْهَا) وَحْدَهَا إنْ كَانَ الْخَاطِبُ كُفُؤًا وَإِلَّا فَمَعَ الْوَلِيِّ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّقِيقَةِ) أَيْ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً صَحِيحَةً وَغَيْرِ الْمُبَعَّضَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ السَّيِّدِ) أَيْ وَحْدَهُ وَمِنْهُ مَعَهَا فِي الْمُكَاتَبَةِ، وَمِنْهُ مَعَهَا، وَمَعَ الْوَلِيِّ فِي الْمُبَعَّضَةِ إنْ كَانَ الْخَاطِبُ غَيْرَ كُفْءٍ، وَإِلَّا فَمَعَهَا فَقَطْ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ، وَإِلَّا فَمَعَ الْوَلِيِّ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَتَجُوزُ إلَخْ) اقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ تَجُوزُ الْخِطْبَةِ الثَّانِيَةُ إذَا كَانَتْ الْأُولَى غَيْرَ جَائِزَةٍ، أَوْ جَائِزَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ الْإِجَابَةُ فِيهَا، أَوْ وُجِدَتْ بِغَيْرِ الصَّرِيحِ أَوْ بِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي، أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِجَابَةِ فِيهَا أَوْ عَلِمَ بِهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا بِالصَّرِيحِ، أَوْ عَلِمَ أَنَّهَا بِهِ وَجَهِلَ الْحُرْمَةَ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَحَصَلَ إعْرَاضٌ. قَوْلُهُ: (جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَيْ ذِكْرِ الْأَخِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي هُوَ الْمُسْلِمُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ اُسْتُشِيرَ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ اسْتِشَارَةٌ. قَوْلُهُ: (فِي خَاطِبٍ) غَيْرِ قَيْدٍ بَلْ كَانَ كُلُّ مَنْ أُرِيدَ الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ، وَلَوْلَا أَخْذُ عِلْمٍ أَوْ صِنَاعَةٍ أَوْ مُعَاشَرَةٍ، وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَشَارَ، أَوْ الَّذِي يُرَادُ الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ذَكَرَ) أَيْ وُجُوبًا لَكِنْ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ بِأَنْ يَأْمَنَ الذَّاكِرُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَعِرْضِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَسَاوِئَهُ) أَيْ مَسَاوِئَ مَنْ أُرِيدَ الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمَا لِأَجْلِهِ الِاجْتِمَاعُ فَيَذْكُرُ لِمَنْ أَرَادَ النِّكَاحَ الْمَسَاوِئَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالنِّكَاحِ دُونَ الْبَيْعِ مَثَلًا، وَهَكَذَا، وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ نَحْوُ لَا يَصْلُحُ. أَوْ لَا أَصْلَحُ فَإِنْ تَوَقَّفَ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ فِيهَا طَرِيقَةً قَاطِعَةً حَاكِيَةً لِلْخِلَافِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُمَيِّزَ ذَلِكَ وَيُمِرَّ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُوصِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ يَقُولُ: جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ، وَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ لَسْت بِمَرْغُوبٍ عَنْك، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَيَحْصُلُ الْمُسْتَحَبُّ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ الزَّوْجِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، (وَلَوْ) (خَطَبَ الْوَلِيُّ) ، وَأَوْجَبَ كَأَنْ قَالَ الْحَمْدُ اللَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ زَوَّجْت إلَى آخِرِهِ، (فَقَالَ الزَّوْجُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبِلْت) إلَى آخِرِهِ، (صَحَّ النِّكَاحُ) مَعَ مَا تَخَلَّلَ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّلَ مُقَدَّمَةُ الْقَبُولِ فَلَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ كَالْإِقَامَةِ بَيْنَ صَلَاةِ الْجَمْعِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّلَ لَيْسَ مِنْ الْعَقْدِ (بَلْ) عَلَى الصِّحَّةِ (يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ) الذِّكْرُ بَيْنَهُمَا لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ (قُلْت: الصَّحِيحُ لَا يُسْتَحَبُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بَلْ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَارِحُ التَّعْجِيزِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهِ، وَسَكَتَ عَنْ اسْتِحْبَابِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَلَيْسَ فِيهَا وَلَا فِي أَصْلِهَا حِكَايَةُ مُقَابِلِهِ، (فَإِنْ طَالَ الذِّكْرُ الْفَاصِلُ) بَيْنَهُمَا (لَمْ يَصِحَّ) ، النِّكَاحُ قَطْعًا، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إذَا كَانَ الذِّكْرُ مُقَدَّمَةَ الْقَبُولِ، فَلَا يَضُرُّ إطَالَتُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ   [حاشية قليوبي] عَلَى ذِكْرِ أَشْخَاصِ الْعَيْبِ ذَكَرَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ وَجَبَ ذِكْرُ الْعَيْبِ إنْ كَانَ مِمَّا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَعُنَّةٍ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةً كَبُخْلٍ سُنَّ ذِكْرُهُ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِنْهُ وَسَتْرُ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (عُيُوبَهُ) أَيْ الشَّرْعِيَّةَ أَوْ الْعُرْفِيَّةَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذِكْرَهَا يَسُوءُهُ) فَهِيَ مِنْ الْغِيبَةِ وَإِنَّمَا جَازَتْ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا أَحَدُ الْمَحَالِّ الَّتِي تَجُوزُ فِيهَا الْغِيبَةُ وَبَعْضُهُمْ عَدَّهَا سِتَّةً وَنَظَمَهَا بِقَوْلِهِ: لَقَبٌ وَمُسْتَفْتٍ وَفِسْقٌ ظَاهِرٌ ... ظُلْمٌ وَتَحْذِيرٌ إزَالَةُ مُنْكَرٍ وَيَجُوزُ الْكَذِبُ فِي مَوَاضِعَ فِي الْجِهَادِ لِتَفْرِيقِ الْكُفَّارِ، وَفِيمَا يَتَجَاهَرُ بِهِ الْفَاسِقُ، وَفِي دَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ مَالٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، أَوْ عِرْضٍ كَذَلِكَ وَفِي سَتْرِ مَعْصِيَةٍ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَفِي إصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَفِي جَبْرِ خَاطِرِ امْرَأَةٍ أَوْ وَلَدٍ، وَالْغِيبَةُ وَصْفُ الْغَيْرِ وَلَوْ بِالْقَلْبِ بِمَا يَكْرَهُ، وَلَوْ عُرْفًا فِي نَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجِهِ أَوْ مَالِهِ، نَعَمْ لَا تَحْرُمُ بِالصَّلَاحِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ كَرِهَهُ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا يَجُوزُ غِيبَةُ الْعَالِمِ بِمَا هُوَ مُتَجَاهِرٌ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إذَا سَمِعُوا ذَلِكَ تَسَاهَلُوا فِي ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي، وَالِاسْتِخْفَافِ بِالدِّينِ وَالْعِلْمِ وَأَهْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (فَالْيَاءُ) أَيْ فِي آخِرِهِ بَدَلٌ مِنْ الْهَمْزَةِ لِوُقُوعِهَا طَرَفًا فَحُقِّقَتْ بِالْإِبْدَالِ. قَوْلُهُ: (قِيَاسٌ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الْجَمْعِ الَّذِي عَلَى وَزْنِ مَفَاعِلَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُفْرَدُهَا زَائِدًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ) أَيْ إنْ جَازَ التَّصْرِيحُ فِي الْخِطْبَةِ. قَوْلُهُ: (كُلُّ أَمْرٍ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (وَفِي رِوَايَةٍ كُلُّ كَلَامٍ) هُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ أَمْرِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ، وَذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ نَصٌّ فِي الْمَقْصُودِ هُنَا، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فَرْدَ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ لَا يُخَصِّصُهُ وَلَيْسَ مِنْ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ. قَوْلُهُ: (فَيَحْمَدُ اللَّهَ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ قِرَاءَةِ الْآيَةِ وَالدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ مَعَ نَدْبِهِمَا أَيْضًا، كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مَعَ أَنَّهَا لَا تُسَمَّى خِطْبَةً إلَّا بِذَلِكَ إمَّا؛ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْعَقْدِ) يُوهِمُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَأْتِي فِي الْخِطْبَةِ الَّتِي فِي أَثْنَاءِ الْعَقْدِ، وَلَا فِي خِطْبَتَيْ الْخِطْبَةِ بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَلَعَلَّهُ لَيْسَ مُرَادًا، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ هَذَا لِأَجْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ، وَقَدْ يُقَالُ كَلَامُهُ شَامِلٌ لَهَا بَلْ لِلْخُطَبِ الْأَرْبَعِ بِأَنْ يُرَادَ بِمَا قَبْلَ الْعَقْدِ مَا قَبْلَ تَمَامِهِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ. فَائِدَةٌ: فِي ذِكْرِ خِطْبَةِ النَّبِيِّ حِين زَوَّجَ بِنْتَهُ فَاطِمَةَ لِعَلِيِّ ابْنِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ وَلَفْظُهَا «الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَحْمُودُ بِنِعْمَتِهِ، الْمَعْبُودُ بِقُدْرَتِهِ، الْمُطَاعُ بِسُلْطَانِهِ، الْمَرْهُوبُ مِنْ عَذَابِهِ، وَسَطَوْتِهِ، النَّافِذُ أَمْرُهُ فِي أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ، الَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِهِ، وَسَيَّرَهُمْ بِأَحْكَامِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَجَعَلَ الْمُصَاهَرَةَ سَبَبًا لَاحِقًا وَأَمْرًا مُفْتَرَضًا أَوْشَجَ أَيْ شَبَّكَ بِهِ الْأَيَّامَ وَأَكْرَمَ بِهِ الْأَرْحَامَ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا} [الفرقان: 54] الْآيَةَ، وَلِكُلِّ قَدْرٍ أَجَلٌ، وَلِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ، يَمْحُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ، وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ» . قَوْلُهُ: (إلَى آخِرِهِ) هُوَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ شَامِلٌ لِبَقِيَّةِ الْخِطْبَةِ، وَبَقِيَّةِ الصِّيغَةِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَى آخِرِ مَا يُطْلَبُ لَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فِيمَا مَضَى. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ عَنْ اسْتِحْبَابِهِ فِي الرَّوْضَةِ) وَلَمْ يَسْتَدِرْك عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ ارْتَضَاهُ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا هُنَا. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ إلَخْ) زِيَادَةُ اعْتِرَاضٍ لِإِيهَامِ اسْتِحْبَابِهِ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى عَدَمِ الْخِلَافِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُقَدِّمَةَ الشَّيْءِ لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ غَالِبًا، وَخَرَجَ بِالْخِطْبَةِ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ يَسِيرًا وَالسُّكُوتُ الْمُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ مَعَهُمَا مُطْلَقًا. فَرْعٌ: دَفْعُ الْخَاطِبِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ شَيْئًا مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ أَوْ نَقْدٍ أَوْ مَلْبُوسٍ لِمَخْطُوبَتِهِ أَوْ لِوَلِيِّهَا ثُمَّ حَصَلَ إعْرَاضٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ مَوْتٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا رَجَعَ الدَّافِعُ أَوْ وَارِثُهُ بِجَمِيعِ مَا دَفَعَهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ مُطْلَقًا وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ مَاتَ إلَّا إنْ مَاتَتْ هِيَ وَلَا رُجُوعَ بَعْدَ الدُّخُولِ مُطْلَقًا.   [حاشية عميرة] [حُكْم الْخُطْبَة عَلَى الْخُطْبَة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسْتَحَبُّ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: احْتَجَّ لَهُ الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا» فَفِيهِ اسْتِنْزَالُ الْمَرْغُوبِ إلَيْهِ بِالْبَيَانِ وَبِالسِّحْرِ، وَذَلِكَ لِأَجْلِ مَا فِي النُّفُوسِ مِنْ الْأَنَفَةِ فِي أَمْرِ الْمُولَيَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الصَّحِيحُ إلَخْ) ذَهَبَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى بُطْلَانِ الْعَقْدِ بِهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ حَاصِلُهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَالثَّانِي اسْتِحْبَابُهُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَلَا يَبْطُلُ خَارِجٌ عَنْهُمَا اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ طَالَ الذِّكْرُ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ مَعَ مَا سَبَقَ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ الذَّكَرِ مِنْ الْكَلَامِ يَضُرُّ وَلَوْ يَسِيرًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 مُقَابِلُهُ، (فَإِنْ طَالَ الذِّكْرُ الْفَاصِلُ) بَيْنَهُمَا (لَمْ يَصِحَّ) ، النِّكَاحُ قَطْعًا، قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ الذِّكْرُ مُقَدَّمَةَ الْقَبُولِ، فَلَا يَضُرُّ إطَالَتُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ. فَصْلٌ مَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِإِيجَابٍ وَهُوَ زَوَّجْتُك، أَوْ أَنْكَحْتُك إلَى آخِرِهِ، (وَقَبُولٍ بِأَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ: تَزَوَّجْت أَوْ نَكَحْت) إلَى آخِرِهِ (أَوْ قَبِلْت نِكَاحَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا) أَوْ هَذَا النِّكَاحَ، وَالنِّكَاحُ هُنَا بِمَعْنَى الْإِنْكَاحِ لِيُوَافِقَ الْإِيجَابَ، (وَيَصِحُّ تَقْدِيمُ لَفْظِ الزَّوْجِ عَلَى) لَفْظِ (الْوَلِيِّ) ، فِي تَزَوَّجْت وَنَكَحْت وَكَذَا قَبِلْت، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي مَبْحَثِ التَّوْكِيلِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَ التَّقَدُّمِ، كَالتَّأَخُّرِ (وَلَا يَصِحُّ) النِّكَاحُ (إلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوْ الْإِنْكَاحِ) ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ، وَرَدَ بِهِمَا فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِمَا، فَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبَاحَةِ أَوْ الْإِحْلَالِ (وَيَصِحُّ) ، بِمَعْنَى اللَّفْظَيْنِ (بِالْعَجَمِيَّةِ) ، وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَاقِدُ الْعَرَبِيَّةَ (فِي الْأَصَحِّ) اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى، وَالثَّانِي لَا اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى، وَالثَّانِي لَا اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ الْوَارِدِ، فَمَنْ لَمْ يُحْسِنْهُ يَصْبِرْ إلَى أَنْ يَتَعَلَّمَهُ، أَوْ يُوَكِّلَ، وَالثَّالِثُ: أَحْسَنُهُ لَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِهِ، وَإِلَّا صَحَّ لِعَجْزِهِ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَبَعْضُهُمْ، بِالثَّانِي وَالْمُرَادُ بِالْعَجَمِيَّةِ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ، وَالْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا فَهِمَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ كَلَامَ الْآخَرِ فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ وَأَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِمَعْنَاهُ،   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَمَا مَعَهَا وَهِيَ خَمْسَةٌ صِيغَةٌ وَزَوْجٌ وَزَوْجَةٌ وَشَاهِدَانِ وَوَلِيٌّ وَقَدَّمَ الصِّيغَةَ؛ لِأَنَّهَا الْأَهَمُّ، وَالسَّبَبُ فِي وَصْفِ الزَّوْجِيَّةِ ثُمَّ الشَّاهِدَانِ؛ لِأَنَّهُمَا سَبَبٌ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ، مَا ذُكِرَ ثُمَّ الْوَلِيُّ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَالزَّوْجُ دَاخِلٌ فِي ضِمْنِ الصِّيغَةِ، وَالزَّوْجَةُ فِي ضِمْنِ الْوِلَايَةِ فَهُمَا مُتَقَدِّمَانِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ. قَوْلُهُ: (زَوَّجْتُك) وَكَذَا زَوَّجْت لَك أَوْ إلَيْك أَوْ زَوَّجْتُكَهُ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ، وَلَا يَضُرُّ إبْدَالُ الْجِيمِ زَايًا، وَعَكْسُهُ وَلَا إبْدَالُ الْكَافِ هَمْزَةٍ، وَلَا زِيَادَةُ هَمْزَةٍ كَأَزْوَجْتُكَ، وَلَا نَقْصُهَا فِي أَنْكَحْتُك، وَلَا فَتْحُ تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَضَمُّ تَاءِ الْمُخَاطَبِ، وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ لَحْنٌ سَوَاءٌ كَانَ عَامِّيًّا أَوْ لَا سَوَاءٌ كَانَتْ لُغَتَهُ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ نَعَمْ إنْ عُرِفَ لَفْظٌ مِنْهَا مُخَالِفٌ لِلْمُرَادِ وَقَصَدَهُ لَمْ يَصِحَّ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ خَالَفَ فِي بَعْضِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (إلَخْ) هُوَ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي إشَارَةٌ إلَى ذِكْرِ مَا بَقِيَ مِنْ تَمَامِ الصِّيغَةِ وُجُوبًا فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ كَضَمِيرِ الزَّوْجَةِ أَوْ اسْمِهَا أَوْ اسْمِ إشَارَةٍ لَهَا أَوْ قَصْدِهَا، وَيَلْغَى الِاسْمَ إذَا عَارَضَهُ الْقَصْدُ أَوْ الْوَصْفُ نَحْوُ زَيْنَبَ الْكَبِيرَةِ فَإِنْ تَعَارَضَ وَصْفَانِ كَصَغِيرَةٍ طَوِيلَةٍ تَسَاقَطَا وَبَطَلَ الْعَقْدُ وَنُدِبَا فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، كَذِكْرِ الصَّدَاقِ وَالنَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْمُتَوَسِّطُ وَغَيْرُهُ، وَلَا يَكْفِي الْإِضَافَةُ إلَى جُزْئِهَا، وَإِنْ لَمْ تَعِشْ بِدُونِهِ كَقَلْبِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ يَدِهَا نَعَمْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا صِحَّةَ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ إنْ قَصَدَ بِهِ الْجُمْلَةَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ وَهُوَ أَقْرَبُ. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى الْإِنْكَاحِ) أَيْ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ فِي عِبَارَةِ الْعَاقِدِ سَوَاءٌ عَرَفَهُ وَقَصَدَهُ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ أَتَى بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ أَوْ لَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَتَهُ الْمُرَكَّبَةَ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِيُوَافِقَ الْإِيجَابَ) بِقَوْلِهِ: أَنْكَحْتُك وَلَا يَحْتَاجُ مَعَ الْقَبُولِ بِالْمَصْدَرِ إلَى ضَمِيرٍ وَلَا غَيْرِهِ، مِمَّا تَقَدَّمَ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ اعْتِبَارُ اسْمِ الْإِشَارَةِ قَبْلَهُ لِيَرْجِعَ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ هَذَا النِّكَاحُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا قَبِلْت) وَمِثْلُهُ رَضِيت وَأَحْبَبْت وَأَرَدْت وَنَحْوَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا فَعَلْت بِخِلَافِ الْبَيْعِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا يَصِحُّ بِ زَوَّجْتُ نَفْسِي بِنْتَك عَلَى لَفْظٍ بِعَيْنِهِ إلَّا ثَلَاثَةٌ: النِّكَاحُ وَالسَّلَمُ وَالْكِتَابَةُ كَمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ وَسَوَاءٌ نَطَقَ فِي الْجَانِبَيْنِ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا مِنْ جَانِبٍ، وَبِالْآخَرِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَمِثْلُهُمَا مَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا، وَمِنْهُ أَنَا مُتَزَوِّجٌ أَوْ نَاكِحٌ بِنْتَك، وَخَرَجَ بِذَلِكَ لَفْظُ نَعَمْ، فَلَا يَصِحُّ بِهِ وَلَوْ مَعَ مُتَوَسِّطٍ، وَلَوْ اقْتَرَنَ بِاللَّفْظِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْإِنْشَاءِ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى لَمْ يَنْعَقِدْ بِهِ نَحْوَ أَتُزَوِّجُنِي بِنْتَك أَوْ زَوَّجَتْنِي بِنْتَك. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ إخْرَاجُ غَيْرِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ لَا تَعْيِينُ الْمَصْدَرِ الْمَلْفُوظِ بِهِ فِيهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قَالَ: فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِهِمَا، كَالْإِبَاحَةِ وَالْإِحْلَالِ لَكَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَصَحِّ وَالشِّقُّ الْأَوَّلُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ أَحْسَنَهُ، وَالشِّقُّ الثَّانِي رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَالْأَصَحُّ لِعَجْزِهِ. قَوْلُهُ: (مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ) وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ لُغَتُهُ إذَا أَحْسَنَ غَيْرَهَا. قَوْلُهُ: (إذَا فَهِمَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ مَعْنَاهَا) وَكَذَا الشَّاهِدَانِ.   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ مَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ] فَصْلٌ: إنَّمَا يَصِحُّ النِّكَاحُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ زَوَّجْتُك) لَوْ قَالَ زَوَّجْت لَك أَوْ إلَيْك فَهَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا جَزَمَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ بِالصِّحَّةِ قَالَ: لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الصَّلَاةِ، إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْخَطَأِ فِي الْإِعْرَابِ بِالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ، وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُكَهُ وَأَشَارَ إلَى ابْنَتِهِ صَحَّ اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 فَفِي صِحَّةٍ هُنَا بِنَاءً عَلَى الصِّحَّةِ هُنَاكَ وَجْهَانِ، (لَا بِكِنَايَةٍ) نَحْوُ أَحْلَلْتُك ابْنَتِي، فَلَا يَصِحُّ بِهَا النِّكَاحُ (قَطْعًا) بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النِّيَّةِ وَالشُّهُودُ شَرْطُ صِحَّةِ النِّكَاحِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا اطِّلَاعَ لَهُمْ عَلَى النِّيَّةِ (وَلَوْ قَالَ) الْوَلِيُّ (زَوَّجْتُك) إلَى آخِرِهِ (فَقَالَ) الزَّوْجُ (قَبِلْت) مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ (لَمْ يَنْعَقِدْ) بِذَلِكَ النِّكَاحُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِانْتِفَاءِ التَّصْرِيحِ فِي الْقَبُولِ بِأَحَدِ اللَّفْظَيْنِ، وَنِيَّتُهُ لَا تُفِيدُ، وَفِي قَوْلٍ يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ لِانْصِرَافِ الْقَبُولِ مَا أَوْجَبَهُ الْوَلِيُّ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ وَبَعْضُهُمْ بِالثَّانِي. (وَلَوْ قَالَ) الزَّوْجُ (زَوِّجْنِي) بِنْتَك إلَى آخِرِهِ (فَقَالَ) الْوَلِيُّ (زَوَّجْتُك) إلَى آخِرِهِ، (أَوْ قَالَ الْوَلِيُّ تَزَوَّجَهَا) أَيْ بِنْتِي إلَخْ (فَقَالَ) الزَّوْجُ (تَزَوَّجْت) إلَى آخِرِهِ (صَحَّ) النِّكَاحُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِمَا ذُكِرَ لِوُجُودِ الِاسْتِدْعَاءِ الْجَازِمِ الدَّالِ عَلَى الرِّضَا، وَفِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْبَيْعِ خِلَافٌ تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ قَدْ يَذْكُرُ فِيهِ، لِاسْتِبَانَةِ الرَّغْبَةِ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ لِخَطَرِهِ عَلَى أَنَّهُ حَكَى فِيهِ الْخِلَافَ أَيْضًا (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) أَيْ النِّكَاحِ كَأَنْ يَقُولَ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، فَقَدْ زَوَّجْتُك إلَى آخِرِهِ كَالْبَيْعِ وَأَوْلَى مِنْهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِوَجْهِ الِاحْتِيَاطِ، (وَلَوْ بُشِّرَ بِوَلَدٍ فَقَالَ) لِجَلِيسِهِ (إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا) إلَى آخِرِهِ فَقَبِلَ (أَوْ قَالَ) لَهُ (إنْ كَانَتْ بِنْتِي طَلُقَتْ) أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا (وَاعْتَدَّتْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا) فَقَبِلَ وَبَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَدَّرَ، وَإِنْ الْبِنْتُ أَذِنَتْ لِابْنَتِهَا فِي تَزْوِيجِهَا (فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) أَيْ النِّكَاحِ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ، بِالتَّعْلِيقِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ظَانًّا حَيَاتَهُ، فَبَانَ مَيِّتًا حِين الْبَيْعِ، أَوْ التَّزْوِيجِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بَيْنَهُمَا بِجَزْمِ الصِّيغَةِ هُنَاكَ ، (وَلَا) يَصِحُّ (تَوْقِيتُهُ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَأَخْبَرَهُ بِمَعْنَاهَا ثِقَةٌ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ، وَأَجْنَبِيٌّ حُرٌّ أَوْ رَقِيقٌ ذَكَرٌ وَأُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ إنْ تَأَخَّرَ الْإِخْبَارُ عَنْ تَمَامِ الصِّيغَةِ، أَوْ تَأَخَّرَ إخْبَارُ أَحَدِهِمَا عَنْ لَفْظِهِ، وَإِلَّا بِأَنْ أَخْبَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَعْنَى لَفْظٍ قَبْل نُطْقِهِ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ لَفْظِ الْآخَرِ صَحَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لَا بِكِنَايَةٍ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ، فَلَوْ كَانَ لَهُ أَبْنَاءٌ أَوْ بَنَاتٌ وَنَوَى الْعَاقِدَانِ مُعَيَّنًا فِيهِمَا صَحَّ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِهَا، وَإِنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا فَظُنُونٌ فَكِنَايَةٌ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِهَا، وَيَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ بِهَا مَنْ يَعْقِدُ لَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا) أَيْ الْكِنَايَةَ وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ بِالْفَوْقِيَّةِ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِهَا. قَوْلُهُ: (قَبِلْت) وَمِثْلُهُ قَبِلْته وَقَبِلْنَا وَقَبِلْنَاهُ وَقَبِلْنَا الْعَقْدَ أَوْ ذَلِكَ الْعَقْدَ. كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْدُ فَلَا يَنْعَقِدُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ ذِكْرِ لَفْظِ النِّكَاحِ فِيهِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (الِانْصِرَافُ إلَخْ) وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا مِنْ أَفْرَادِ الْكِنَايَةِ وَقَدْ مَرَّ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ بِنْتِي إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِلضَّمِيرِ لَا لِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِهِ. قَوْلُهُ: (لِوُجُودِ الِاسْتِدْعَاءِ) أَيْ مَعْنَى فِي الْأَوْلَى وَلَفْظًا أَيْضًا فِي الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (لِاسْتِبَانَةِ الرَّغْبَةِ) أَيْ ظُهُورِهَا. قَوْلُهُ: (عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) فَتَرَك الْمُصَنِّفُ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ إمَّا لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ عِنْدَهُ، وَإِمَّا لِعَدَمِ اعْتِدَادِهِ بِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) نَعَمْ فِي إنْ شِئْت مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَكَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَضُرُّ إنْ قَصَدَ بِهِ التَّبَرُّكَ كَذَا قَالُوهُ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي الْإِطْلَاقِ، فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْإِطْلَاقَ فِي الْعُقُودِ لَا يَضُرُّ بِخِلَافِ الْعِبَادَاتِ لِمَكَانِ النِّيَّةِ فِيهَا الْمُعْتَبَرُ فِيهَا الْجَزْمُ. قَوْلُهُ: (أَذِنْت) أَيْ أَوْ كَانَتْ مُجْبَرَةً، وَقَدْ وَجَبَتْ فِيهَا الْعِدَّةُ بِنَحْوِ اسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بُشِّرَ بِوَلَدٍ) أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ أُنُوثَتَهُ وَلَمْ يَظُنَّهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فَخَرَجَ مَا لَوْ عَلِمَ أُنُوثَتَهُ أَوْ بُشِّرَ بِبِنْتٍ، وَصَدَقَ الْمُخْبِرُ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَتَكُونُ إنْ بِمَعْنَى إذَا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا قِيلَ بِالصِّحَّةِ هُنَا فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْبُطْلَانِ، وَيَنْدَفِعُ التَّنَاقُضُ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِهِمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ بِنْتِي) أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهَا الْمَذْكُورِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ عَلَى نَظِيرِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (لِفَسَادِ الصِّيغَةِ) أَيْ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ فَمَعَ الْعِلْمِ يَتَسَاوَى مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ مِنْ الصِّحَّةِ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى التَّأْوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (بِجَزْمِ الصِّيغَةِ هُنَاكَ) بِعَدَمِ التَّعْلِيقِ فِيهَا فَإِنْ عَلَّقَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا هُنَا أَيْ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمُقْتَضَى هَذَا الْفَرْقِ الصِّحَّةُ لَوْ جَزَمَ هُنَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ الْبُطْلَانُ هُنَا لِلتَّرَدُّدِ فِي أُنُوثَةِ الْوَلَدِ فِي الْأُولَى، وَفِي طَلَاقِ بِنْتِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا يَصِحُّ مَعَ عَدَمِ التَّعْلِيقِ أَيْضًا   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا بِكِنَايَةٍ) لَوْ كَانَتْ الْكِنَايَةُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، كَأَنْ قَالَ: زَوَّجْتُك بِنْتِي وَنَوَيَا وَاحِدَةً قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: يَصِحُّ وَاعْتَرَضَ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَنَّ الشُّهُودَ، لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى النِّيَّةِ قَالَ رَافِعِيٌّ وَالِاعْتِرَاضُ مَتِينٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُك إلَخْ) . اعْلَمْ أَنَّهُمْ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْبَيْعِ قَالُوا: يَنْعَقِدُ وَيَكُونُ صَرِيحًا، وَاسْتَشْكَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُقَدَّرُ كَالْمَلْفُوظِ لَزِمَ الِانْعِقَادُ فِي النِّكَاحِ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي الْبَيْعِ اهـ. فَائِدَةٌ: إذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ هُنَا فَهِيَ فِي النِّكَاحِ، وَالْمُسَمَّى بِخِلَافِ قَبِلْت نِكَاحَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا خَصَّ النِّكَاحَ بِالْقَبُولِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمُسَمَّى قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَوْلُهُ: (أَيْ بِنْتِي إلَخْ) . يُوهِمُ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِمَا قَبْلَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ الْبِنْتُ أَذِنَتْ) هَذَا تَصْوِيرٌ مُشْكِلٌ وَقَدْ صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا قَالَتْ الْبِنْتُ أَذِنْت لِأَبِي فِي تَزْوِيجِي إنْ طَلُقْت، وَاعْتَدَدْت، ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ بَعْضَهُمْ صَوَّرَ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ بِالْمَجْنُونَةِ قُلْت، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ طَلُقْت، وَاعْتَدَدْت بِمَعْنَى أَذِنْت إذْنًا نَاجِزًا ثُمَّ قَالَ: إنْ كَانَتْ طَلُقَتْ إلَخْ، وَهَذَا وَاضِحٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ عَالِمًا بِالْحَالِ أَمْ لَا. اهـ قُلْت وَيُشْكِلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 كَأَنْ يَنْكِحَ إلَى شَهْرٍ أَوْ إلَى قُدُومِ زَيْدٍ لِلنَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ، وَهُوَ الْمُؤَقَّتُ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ مُجَرَّدُ التَّمَتُّعِ دُونَ التَّوَالُدِ، وَغَيْرُ مِنْ أَغْرَاضِ النِّكَاحِ ، (وَلَا) يَصِحُّ (نِكَاحُ الشِّغَارِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ (وَهُوَ زَوَّجْتُكهَا) أَيْ بِنْتِي (عَلَى أَنْ تَزَوَّجَنِي بِنْتَك وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (صَدَاقُ الْأُخْرَى فَيَقْبَلُ) ذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ: تَزَوَّجْت بِنْتَك، وَزَوَّجْتُك بِنْتِي عَلَى مَا ذَكَرْت وَهَذَا التَّفْسِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ آخِرِ الْحَدِيثِ، الْمُحْتَمَلِ، لَأَنْ يَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ عُمَرَ الرَّاوِي، فَيُرْجَعُ إلَيْهِ وَالْمَعْنَى فِي الْبُطْلَانِ التَّشْرِيكُ فِي الْبُضْعِ حَيْثُ جَعَلَ مَوْرِدَ النِّكَاحِ وَصَدَاقَ الْأُخْرَى، وَقِيلَ التَّعْلِيقُ وَقِيلَ الْخُلُوُّ عَنْ الْمَهْرِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ شِغَارًا مِنْ قَوْلِهِمْ شُغِرَ الْبَلَدُ عَنْ السُّلْطَانِ إذَا خَلَا عَنْهُ (فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْبُضْعَ صَدَاقًا)   [حاشية قليوبي] فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يُنَازَعُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (إلَى شَهْرٍ) أَوْ أَلْفِ سَنَةٍ أَوْ بَقَاءِ الدُّنْيَا أَوْ عُمْرِك أَوْ حَيَاتِك، وَفَارَقَ صِحَّةَ الْبَيْعِ فِي غَيْرِ بَقَاءِ الدُّنْيَا بِمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ مِنْ النَّهْيِ هُنَا. قَوْلُهُ: (لِلنَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ) إنَّمَا بَطَلَ هُنَا لِلنَّهْيِ الْوَاقِعِ فِي عَامِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ النَّاسِخِ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ الْجَوَازِ الْمُتَكَرِّرِ، فَإِنَّهُ كَانَ جَائِزًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِلْمُضْطَرِّ، ثُمَّ حَرُمَ عَامَ خَيْبَرَ، ثُمَّ رَخَّصَ فِيهِ عَامَ الْفَتْحِ ثُمَّ حَرُمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَيُشَارِكُ الْمُتْعَةَ فِي تَكْرِيرِ النَّسْخِ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا الْقِبْلَةُ وَالْخَمْرَةُ وَالْوُضُوءُ مِمَّا يَمَسُّ النَّارَ، وَقَدْ نَظَمَهَا الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ بِقَوْلِهِ: وَأَرْبَعٌ تَكَرَّرَ النَّسْخُ لَهَا ... جَاءَتْ بِهَا النُّصُوصُ وَالْآثَارُ فَقِبْلَةٌ وَمُتْعَةٌ وَخَمْرٌ ... كَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا تَمَسُّ النَّارُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ خَامِسًا وَهُوَ الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ بَلْ ادَّعَى أَنَّهَا الَّتِي فِي النَّظْمِ الْمَذْكُورِ، وَعَلَيْهِ فَزَادَ الْخَمْرَةَ وَعَلَى كُلٍّ فَهِيَ خَمْسَةٌ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَقَع تَكَرُّرُ النَّسْخِ فِي غَيْرِ الْمُتْعَةِ لَعَلَّهُ قَالَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْبَقِيَّةِ، أَوْ أَرَادَ يَقِينًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الشِّغَارِ) بِمُعْجَمَتَيْنِ أَوَّلُهُمَا مَكْسُورَةٌ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ وَسَيَأْتِي مَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ) خَرَجَ بِهِ بُضْعُ الزَّوْجِ كَقَوْلِ الْوَلِيِّ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبُضْعُك صَدَاقٌ لَهَا، فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ لَكِنْ يَفْسُدُ الصَّدَاقُ وَيَرْجِعُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَقُولَ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ: أَوْ يَقُولَ: قَبِلْت الْعَقْدَيْنِ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ بَلْ، وَلَا يَصِحُّ قَبِلْت النِّكَاحَيْنِ أَوْ قَبِلْت التَّزْوِيجَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُوجِبٌ وَقَابِلٌ فَتَأَمَّلْهُ. نَعَمْ لَوْ عَكَسَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ مِثْلُ أَصْلِهِ. قَوْلُهُ: (مَأْخُوذٌ) لَوْ قَالَ مَذْكُورٌ لَكَانَ أَنْسَبَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ آخِرِ الْحَدِيثِ) أَيْ عَقِبِهِ أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (الْمُحْتَمَلُ) وَصْفٌ لِآخَرَ. قَوْلُهُ: (لَأَنْ يَكُونَ) أَيْ الْآخَرُ. قَوْلُهُ: (مِنْ تَفْسِيرِ النَّبِيِّ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَكُونُ قِطْعَةً مِنْ الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ عُمَرَ) ، فَيَكُونُ مُدْرَجًا فِيهِ مِنْ ابْنِ عُمَرَ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ أَوْ مِنْ تَفْسِيرِ نَافِعٍ الرَّاوِي لَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَهُوَ مِنْ سِلْسِلَةِ الذَّهَبِ. قَوْلُهُ: (فَيُرْجَعُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى التَّفْسِيرِ؛ لِأَنَّ الرَّاوِيَ أَدْرَى بِمَوَاقِعِ الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ: يَنْبَغِي الْإِعْرَاضُ عَنْ هَذِهِ الْمَعَانِي، وَالتَّعْوِيلُ عَلَى الْحَدِيثِ قَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ هَذَا الْإِعْرَاضُ مُتَعَيِّنٌ؛ لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ بُضْعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِكَمَالِهِ قَدْ جُعِلَ صَدَاقًا لِلْأُخْرَى، وَلِأَنَّهُ لَا تَعْلِيقَ فِي الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الشَّرْطِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَلِأَنَّ خُلُوَّ الْعَقْدِ عَنْ الْمَهْرِ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (التَّشْرِيكُ) قِيلَ مِنْ حَيْثُ تَعَدُّدُ الْمُسْتَحَقِّ. قَوْلُهُ: (مَوْرِدُ النِّكَاحِ وَصَدَاقُ الْأُخْرَى) عِبَارَةُ غَيْرِهِ مَوْرِدُ النِّكَاحِ وَصَدَاقًا لِأُخْرَى. قَوْلُهُ: (شَغَرَ الْبَلَدُ إلَخْ) أَوْ مِنْ شَغَرَ الْكَلْبُ إذَا رَفَعَ رِجْلَهُ وَقْتَ بَوْلِهِ عِنْدَ بُلُوغِهِ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ لِلْآخَرِ لَا تَرْفَعْ رِجْلَ بِنْتِي حَتَّى أَرْفَعَ رِجْلَ بِنْتِك.   [حاشية عميرة] عَلَى هَذَا مَا قَالُوهُ مِنْ الصِّحَّةِ، فِيمَا لَوْ بُشِّرَ بِبِنْتٍ، فَقَالَ إنْ صَدَقَ الْمُخْبِرُ فَقَدْ زَوَّجْتهَا نَعَمْ قَيَّدَ شَيْخُنَا مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ صِدْقَ الْمُخْبِرِ. قَوْلُهُ: (لِلنَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ إلَخْ) كَانَ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِلْمُضْطَرِّ كَلَحْمِ الْمَيْتَةِ ثُمَّ حُرِّمَ عَامَ خَيْبَرَ ثُمَّ رُخِّصَ فِيهِ عَامَ الْفَتْحِ، وَقِيلَ عَامَ الْوَدَاعِ، ثُمَّ حُرِّمَ أَبَدًا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَا أَعْلَمُ شَيْئًا حُرِّمَ ثُمَّ أُبِيحَ ثُمَّ حُرِّمَ إلَّا الْمُتْعَةَ، وَعَنْ الْبَيْهَقِيّ تَصْحِيحُ تَحْرِيمِهِ عَامَ الْفَتْحِ لِئَلَّا يَلْزَمَ النَّسْخُ مَرَّتَيْنِ وَنَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَجَابَ عَنْ حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَلُحُومِ الْحُمُرِ يَوْمَ خَيْبَرِ بِأَنَّ ذِكْرَ الْمُتْعَةِ أَدْرَجَهُ الرَّاوِي قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَقُولَ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ الْمَتْنِ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِهِ: قَبِلْت الْعَقْدَيْنِ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَعِبَارَتُهُ فَيَقْبَلُ أَوْ يَقُولُ مِثْلَهُ. قَوْلُهُ: (حَيْثُ جَعَلَ إلَخْ) أَيْ فَأَشْبَهَ التَّزْوِيجَ مِنْ رَجُلَيْنِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَإِنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا يَحْصُلُ إذَا نَزَلَ عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ. وَإِنَّمَا أَضَافَهُ هُنَا عَلَى حُكْمِ جِهَةِ التَّمَلُّكِ وَالْعِوَضِيَّةِ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي قَوْلُهُ وَبُضْعُ كُلٍّ صَدَاقُ الْأُخْرَى يَقْتَضِي اسْتِرْجَاعَهُ لِيَجْعَلَهُ صَدَاقًا فَقَدْ رَجَعَ عَمَّا أَوْجَبَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ فَبَطَلَ انْتَهَى، وَعَوَّلَ الْإِمَامُ عَلَى الْخَبَرِ وَضَعَّفَ الْمَعَانِيَ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلِذَلِكَ سُمِّيَ شِغَارًا) قَالَ الْقَفَّالُ فِي الْمَحَاسِنِ كَأَنَّهُمَا قَصَدَ إفْضَاءَ الْحَاجَةِ مِنْ غَيْرِ نِكَاحٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 بِأَنْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ، (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ) فِي النِّكَاحَيْنِ لِانْتِفَاءِ التَّشْرِيكِ الْمَذْكُورِ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُمَا لِوُجُودِ التَّعْلِيقِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ، وَذَلِكَ لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ (وَلَوْ سَمَّيَا مَالًا مَعَ جَعْلِ الْبُضْعِ صَدَاقًا) كَأَنْ قِيلَ وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ، وَأَلْفٌ صَدَاقُ الْأُخْرَى، (بَطَلَ) نِكَاحُ كُلٍّ مِنْهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ التَّشْرِيكِ الْمَذْكُورِ وَالثَّانِي يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْلُ عَنْ الْمَهْرِ (وَلَا يَصِحُّ) النِّكَاحُ (إلَّا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ) ، لِحَدِيثِ ابْنِ حِبَّانَ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ بَاطِلٌ» وَالْمَعْنَى فِي اشْتِرَاطِهِمَا فِي الِاحْتِيَاطِ لِلْأَبْضَاعِ، وَصِيَانَةِ الْأَنْكِحَةِ عَنْ الْجُحُودِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إحْضَارُهُمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: بِحَضْرَةٍ (وَشَرْطُهُمَا حُرِّيَّةٌ وَذُكُورَةٌ وَعَدَالَةٌ وَسَمْعٌ وَبَصَرٌ) ، فَلَا يَصِحُّ بِحَضْرَةِ مَنْ انْتَفَى فِيهِ شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ، (وَفِي الْأَعْمَى وَجْهٌ) أَنَّهُ يَصِحُّ بِحَضْرَتِهِ، وَفِي الصِّحَّةِ بِحُضُورِ الْأَخْرَسِ، وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ قَبُولِهَا وَيَجْرِيَانِ فِي ذِي الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ، وَلَوْ عَقَدَ بِخُنْثَيَيْنِ فَبَانَا ذَكَرَيْنِ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يَصِحُّ بِمَنْ لَا يَعْرِفُ لِسَانَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، فَإِنْ كَانَ يَضْبِطُ اللَّفْظَ فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُلُهُ إلَى الْحَاكِمِ، وَلَا يَصِحُّ بِالْمُغَفَّلِ الَّذِي لَا يَضْبِطُ بِخِلَافِ مَنْ يَحْفَظُ، وَيَنْسَى عَنْ قَرِيبٍ (وَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهُ) أَيْ النِّكَاحِ (بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ بِابْنَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ ابْنِ أَحَدِهِمَا وَابْنِ الْآخَرِ، (وَعَدُوَّيْهِمَا) أَيْ كَذَلِكَ لِثُبُوتِ النِّكَاحِ بِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ وَالثَّانِي لَا لِتَعَذُّرِ ثُبُوتِ هَذَا النِّكَاحِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالِانْعِقَادِ فِي الثَّانِيَةِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَدَاوَةَ قَدْ تَزُولُ، وَيَنْعَقِدُ بِابْنَيْهِ مَعَ ابْنَيْهَا، وَبِعَدُوَّيْهِ مَعَ عَدُوَّيْهَا قَطْعًا لِإِمْكَانِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِأَنْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ الْبُضْعِ، وَلَا حَاجَةَ لِنَفْيِهِ الشَّامِلِ لَهُ كَلَامُهُ. قَوْلُهُ: (مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ لِأَنَّ السُّكُوتَ عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ يُوجِبُهُ فَإِنْ شَرَكَ فِي بُضْعِ وَاحِدَةٍ دُونَ الْأُخْرَى بَطَلَ، فِيمَنْ شَرَكَ فِيهَا وَصَحَّ فِي الْأُخْرَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (لِلتَّعْلِيقِ) قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَلِذَلِكَ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ الْقَائِلُ بِالْبُطْلَانِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ أَلْفٌ) فَإِنْ جَعَلَ بُضْعَ إحْدَاهُمَا فَقَطْ بَطَلَ فِيهَا وَصَحَّ فِي الْأُخْرَى كَمَا مَرَّ، وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى بِانْضِمَامِ رِفْقِ الْعَقْدِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَخْلُ عَنْ الْمَهْرِ) ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مَرْفُوضٌ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ حُرِّيَّةٌ أَيْ حَالَةَ الْعَقْدِ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ، كَأَنْ وَقَعَتْ مِنْ مَرِيضٍ مَرِضَ الْمَوْتِ لِعَبْدِهِ، وَخَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ فَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَمْ تَجُزْ الْوَرَثَةُ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ، كَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الصِّحَّةِ بِحُضُورِ الْأَخْرَسِ) ذَكَرَهُ وَمَا بَعْدُ لِسُكُوتِهِ عَنْهُ، وَفِي كَلَامِهِ اعْتِذَارٌ بِوُجُودِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ عَدَمُ قَبُولِهَا) أَيْ شَهَادَةِ الْأَخْرَسِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ عَدَمَ الصِّحَّةِ بِحُضُورِهِ هُنَا. قَوْلُهُ: (الْحِرْفَةُ الدَّنِيئَةُ) أَيْ الْمُخِلَّةُ بِالْمُرُوءَةِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُمَا حَالَةَ الْعَقْدِ ذَكَرَ أَنَّ فِي الْوَاقِعِ، قَالَ شَيْخُنَا وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ كَأَنْ بَانَا حُرَّيْنِ أَوْ نَاطِقَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الشَّاهِدَيْنِ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَشْهَدَانِ عَلَى جَرَيَانِ الْعَقْدِ، وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ مُعْتَبَرَةٌ فِي الشَّاهِدِ هُنَا عِنْدَ الْعَقْدِ كَالْأَدَاءِ، وَفِي غَيْرِ النِّكَاحِ عِنْدَ الْأَدَاءِ فَقَطْ، لِعَدَمِ تَوَقُّفِ الصِّحَّةِ فِي غَيْرِهِ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (فَفِيهِ وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ وَسَكَتُوا عَنْ صِحَّتِهِ بِالْجِنِّ وَقِيَاسُ قَوْلِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِصِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ صِحَّتُهُ بِهِمْ، وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَنْ وَالِدِهِ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهِ بِهِمْ لِتَعَذُّرِ إثْبَاتِهِ بِهِمْ يُقَالُ عَلَيْهِ هُوَ كَمَوْتِ الشُّهُودِ الْمُعَيَّنِينَ. قَوْلُهُ: (بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ) وَكَذَا أَبَوَاهُمَا حَيْثُ عَقَدَ غَيْرُهُمَا؛ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا عَاقِدًا وَشَاهِدًا مَعًا. قَوْلُهُ: (أَيْ بِابْنَيْ كُلٍّ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ إرَادَةِ الشَّقِيقَيْنِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَا مِنْ الزَّوْجِ فَقَطْ، أَوْ الزَّوْجَةِ فَقَطْ أَوْ وَاحِدٍ مِنْ وَاحِدِ وَالْآخَرُ مِنْ الْآخَرِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي عَدُوَّيْهِمَا وَيَلْحَقُ بِالِابْنَيْنِ سَيِّدٌ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ، وَوَلِيٌّ سَفِيهٌ أَذِنَ لَهُ فِيهِ لَا بِوَكِيلٍ وَمُوَكَّلٍ فِيهِ مَعًا، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُوَكِّلُ كَإِخْوَةٍ وُكِّلُوا فِي نِكَاحِ أُخْتِهِمْ، فَإِنْ وَكَّلَ أَحَدُهُمْ صَحَّ شَهَادَةُ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ كَأَنْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ فَأَنْكَرَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ ابْنَاهُ أَوْ عَكْسُهُ فَإِنَّهُ تَثْبُتُ الزَّوْجِيَّةُ بِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَيَنْعَقِدُ بِابْنَيْهِ) مَعَ ابْنَيْهَا فَهُمَا أَرْبَعَةُ أَوْلَادٍ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فَهُمْ أَرْبَعَةُ أَعْدَاءٍ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ ضَمِيرُ الْجَمْعِ بَعْدَهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي بُطْلَانُهُمَا) عَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِإِطْلَاقِ النَّهْيِ عَنْ الشِّغَارِ، وَبِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ جَعْلُ بُضْعُ كُلٍّ صَدَاقُ الْأُخْرَى، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي هُوَ نَصُّ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (التَّعْلِيقُ) أَيْ تَعْلِيقُ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَخْلُ عَنْ الْمَهْرِ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ فِي الْأَوَّلِ الْخُلُوُّ عَنْ الْمَهْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ إلَخْ) قَالَ فِي الْوَسِيطِ حُضُورُ الشُّهُودِ شَرْطٌ لَكِنْ تَسَاهَلْنَا فِي عَدِّهِ رُكْنًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَسْمَعَا الْعَقْدَ بِالْفِعْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حُرِّيَّةٌ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِمَنْ عَتَقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ قَبْلَ مَرَضِ الْمُعْتِقِ، إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَحْتَمِلُهُ الثُّلُثُ الْآنَ فَإِنْ طَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ نَقْصٌ فِي الْمَالِ وَرَدَّتْ الْوَرَثَةُ الزَّائِدَ عَلَى الثُّلُثِ تَبَيَّنَ الْبُطْلَانُ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَقَوْلُهُ سَمْعٌ وَبَصَرٌ أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَقْوَاتَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالْمُعَايَنَةِ وَالسَّمَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ) مِثْلُهُمَا الْأَجْدَادُ، وَكَذَا أَبُو الزَّوْجِ وَأَمَّا أَبُو الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، نَعَمْ يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِأَنْ تَكُونَ أَمَةً، وَزَوْجُهَا السَّيِّدُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 الْمَبَاتِ شِقَّيْهِ بِهِمْ (وَيَنْعَقِدُ بِمَسْتُورِي الْعَدَالَةِ) وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَجْرِي بَيْنَ أَوْسَاطِ النَّاسِ، وَالْعَوَامِّ، وَلَوْ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ لَاحْتَاجُوا إلَى مَعْرِفَتِهَا، لِيُحْضِرُوا مَنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِهَا فَيَطُولُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ، وَيَشُقُّ، وَالثَّانِي لَا يَنْعَقِدُ بِحُضُورِهِمَا لِتَعَذُّرِ ثُبُوتِهِ بِهِمَا، (لَا مَسْتُورِ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ) ، وَهُوَ مَنْ لَا يُعْرَفُ إسْلَامُهُ، وَحُرِّيَّتُهُ بِأَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْكُفَّارِ، وَالْأَحْرَارُ بِالْأَرِقَّاءِ وَلَا غَالِبَ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ، وَكَذَلِكَ لَا يَنْعَقِدُ أَيْضًا بِظَاهِرِ الْإِسْلَامِ، وَالْحُرِّيَّةِ بِالدَّارِ حَتَّى يَعْرِفَ فِيهِمَا بَاطِنًا، (وَلَوْ بَانَ فِسْقُ الشَّاهِدِ عِنْدَ الْعَقْدِ، فَبَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِفَوَاتِ الْعَدَالَةِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي هُوَ صَحِيحٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْنِ اكْتِفَاءً بِالسِّتْرِ يَوْمَئِذٍ، (وَإِنَّمَا يُبَيِّنُ) فِسْقَهُ (بِبَيِّنَةٍ) تَقُومُ بِهِ (أَوْ اتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ) عَلَيْهِ بِأَنْ نَسِيَاهُ عِنْدَ الْعَقْدِ وَتَذَكَّرَاهُ بَعْدَهُ، أَوْ لَمْ يَعْرِفَا عَيْنَ الشَّاهِدِ عِنْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ عَرَفَاهُ مَعَ مَعْرِفَتِهِمَا بِفِسْقِهِ، أَوْ عَرَفَا عَيْنَهُ وَفِسْقَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَفِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ قَالَ الْإِمَامُ: تَبَيَّنَ الْبُطْلَانُ بِلَا خِلَافٍ لِانْتِفَاءِ السِّتْرِ عَلَيْهِمَا يَوْمَئِذٍ، وَعَلَيْهِمَا التَّعْوِيلُ فِي التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ، (وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِ الشَّاهِدَيْنِ كُنَّا فَاسِقَيْنِ) عِنْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ لَهُمَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا عَلَى الزَّوْجَيْنِ، (وَلَوْ اعْتَرَفَ بِهِ) أَيْ بِالْفِسْقِ (الزَّوْجُ وَأَنْكَرَتْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا) لِاعْتِرَافِهِ بِمَا يَتَبَيَّنُ بِهِ بُطْلَانُ نِكَاحِهِ (وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ) الْمُسَمَّى (إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا (فَكُلُّهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهَا فِي الْمَهْرِ، وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا تَنْقُصُ عَدَدَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَيَنْعَقِدُ) أَيْ ظَاهِرًا وَلَوْ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ بِخِلَافِ الزَّوْجَيْنِ. قَوْلُهُ: (بِهَا ظَاهِرًا) وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ، وَهِيَ الَّتِي لَمْ تَثْبُتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَعْرِفَتُهَا بِالْمُخَالَطَةِ، أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا غَالِبٌ) قَيْدٌ لِكَوْنِهِ يُسَمَّى مَسْتُورًا فَإِنَّ غَالِبَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْأَحْرَارِ سُمِّيَ بِهِ ظَاهِرًا وَلَا يَصِحُّ بِهِ أَيْضًا أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ وَمِثْلُهُمَا مَسْتُورًا الْبُلُوغُ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الشَّاهِدِ: إنَّهُ مُسْلِمٌ أَوْ حُرٌّ أَوْ بَالِغٌ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ فَسَقَ) وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ، وَاللَّامُ فِي الشَّاهِدِ لِلْجِنْسِ، وَمِثْلُهُ الْوَلِيُّ وَالظَّرْفُ بِقَوْلِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقٌ بِفِسْقٍ لَا بِشَاهِدٍ كَمَا لَا يَخْفَى. قَوْلُهُ: (بِبَيِّنَةٍ) وَلَوْ حِسْبَةً، وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِهَا. بِخِلَافِ بَيِّنَةِ الْفِسْقِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَتُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِتَأَكُّدِ النِّكَاحِ بِالْعَقْدِ وَعِلْمِ الْحَاكِمِ الْمُجْتَهِدِ كَالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ اتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ فِي حَقِّهِمَا كَرُجُوعٍ بِمَهْرِ مِثْلٍ، وَلَهُمَا الْعَقْدُ حِينَئِذٍ بِلَا مُحَلِّلٍ لَوْ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ أَمَّا لَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ، أَوْ أَقَامَا بِهِ بَيِّنَةً بَعْدَ طَلَاقِهَا ثَلَاثًا لِإِسْقَاطِ التَّحْلِيلِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. فَرْعٌ: سَمِعْت مِنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَالزِّيَادِيِّ حِينَ سَأَلْته ثُمَّ رَأَيْت أَيْضًا بِخَطِّ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ سَأَلْت شَيْخَنَا الرَّمْلِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْأَنْكِحَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الْعَوَامّ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ شُرُوطَ الْأَنْكِحَةِ، وَالْغَالِبُ فَسَادُهَا هَلْ يَحْتَاجُونَ فِيهَا إلَى تَحْلِيلٍ إذَا وَقَعَ مِنْهُمْ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ سَأَلَ وَالِدَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: قَدْ سُئِلْت عَنْ ذَلِكَ، وَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّحْلِيلِ وَلَا تَجُوزُ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ نَسِيَاهُ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِعُذْرِهِمَا فِي إقْرَارِهِمَا بِهِ وَمَحَلُّ قَبُولِ إقْرَارِهِمَا بِهِ إذَا لَمْ يُقِرَّ قَبْلَهُ بِالْعَدَالَةِ وَيَحْكُمْ بِهَا حَاكِمٌ، وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلَا وَلَهُمَا الْعَمَلُ بِمَا يَعْلَمَانِهِ وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمَا أَحَدٌ غَيْرُ الْحَاكِمِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ) وَهِيَ مَا لَوْ عَرَفَا أَيْ بَانَ لَهُمَا الْآنَ مَعْرِفَةُ عَيْنِهِ وَفِسْقِهِ حَالَةَ الْعَقْدِ فَقَوْلُهُ فِيهَا عِنْدَ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقٌ بِفِسْقِهِ، وَلَوْ وَقَعَ وَطْءٌ فِيهَا وَطْءُ شُبْهَةٍ نَظَرًا لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِصِحَّتِهِ. قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ السِّتْرِ) أَيْ الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الطَّرِيقَ الثَّانِيَ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِمَا التَّعْوِيلُ) فَلَا الْتِفَاتَ لِلسِّتْرِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا. قَوْلُهُ: (عَلَى الزَّوْجَيْنِ) أَمَّا عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَيُقْبَلَانِ كَأَنْ حَضَرَا عَقْدَ أُخْتِهِمَا، ثُمَّ مَاتَتْ وَلَمْ يَزِدْ مَهْرُ مِثْلِهَا عَلَى الْمُسَمَّى. قَوْلُهُ: (فَرَّقَ) أَيْ: لِأَنَّ النِّكَاحَ انْفَسَخَ، وَلَا يَحْتَاجُ لِفَاسِخٍ أَصْلًا فَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ أَقَرَّ مُتَزَوِّجُ أَمَةٍ بِأَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى طَوْلِ حُرَّةٍ، حَالَ عَقْدِهِ حَيْثُ قَالُوا: إنَّهَا فُرْقَةُ طَلَاقٍ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ النِّكَاحُ مَعَ الْفِسْقِ، وَيُتَصَوَّرُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّوْلِ كَمَا فِي الْمَالِ الْغَائِبِ، وَبِأَنَّ الْفِسْقَ وَصْفٌ فِي غَيْرِ الْمُقِرِّ بِهِ، فَيَقْرُبُ فِيهِ التَّدْلِيسُ مِنْ الشُّهُودِ، وَالْقُدْرَةُ وَصْفٌ لِلْمُقِرِّ بِهَا، فَيَبْعُدُ التَّدْلِيسُ مِنْهُ فِيهَا بِإِقْدَامِهِ عَلَى الْعَقْدِ، وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالْفُرْقَةِ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ بِالطَّلَاقِ، فَهُوَ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الشُّهُودَ رُكْنٌ فِي الْعَقْدِ وَالِاعْتِنَاءُ بِهِ أَشَدُّ فَتَأَمَّلْهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ إلَخْ) اقْتَضَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ فِي الْعَدَالَةِ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا مَسْتُورَ الْإِسْلَامِ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعَطْفِ جَرَيَانُ خِلَافٍ هُنَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ بَانَ إلَخْ) مِنْ هُنَا أَخَذَ السُّبْكِيُّ أَنَّ انْعِقَادَهُ بِمَسْتُورِي الْعَدَالَةِ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ. وَتُوبِعَ عَلَى ذَلِكَ بِحَيْثُ أَثْبَتَهُ شَيْخُنَا فِي مَتْنِ الْمَنْهَجِ أَقُولُ: فِيهِ بَحْثٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ النَّظَرِ إلَى هَذَا الْمَأْخَذِ أَنْ لَا يَخُصَّ مَقَالَتَهُ بِالْمَسْتُورِينَ بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي الْعَدْلَيْنِ بَاطِنًا أَيْضًا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ مَتَى تَبَيَّنَ فِسْقُهُمْ تَبَيَّنَ الْبُطْلَانُ، سَوَاءٌ زُكُّوا عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ لَا أَمْ كَانُوا مَسْتُورِينَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَبَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) هَذَا شَامِلٌ لِمَا إذَا تَقَدَّمَ الْحُكْمُ بِالْعَقْدِ وَتَعْدِيلُ الشُّهُودِ وَهُوَ كَذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ النِّكَاحَ وَأَرَادَ إثْبَاتَهُ قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ: يَبْحَثُ الْقَاضِي عَنْ الشُّهُودِ لَا يَبْحَثُ عَنْ حَالِهِمَا حِينَ الْعَقْدِ، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَنَظَرَ فِيهِ فِي الذَّخَائِرِ بِأَنَّ مَحَلَّهُ إذَا شَهِدَ غَيْرُ مَنْ حَضَرَ الْعَقْدَ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ فِي حَالِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِمَا التَّعْوِيلُ إلَخْ) أَيْ فَلَا الْتِفَاتَ إلَى السِّتْرِ عَلَى الْوَلِيِّ قَوْلُهُ: (فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا عَلَى الزَّوْجَيْنِ) أَيْ أَمَّا فِي حَقِّ أَنْفُسِهِمَا فَقَدْ يَكُونُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 الطَّلَاقِ لَوْ نَكَحَهَا كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالرَّضَاعِ، وَقِيلَ فُرْقَةُ طَلْقَةٍ بَائِنَةٍ، وَلَوْ اعْتَرَفَتْ الزَّوْجَةُ بِالْفِسْقِ، وَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ، فَالْأَصَحُّ قَبُولُ قَوْلِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ، وَهِيَ تُرِيدُ رَفْعَهَا وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا فَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ دُخُولٍ، فَلَا مَهْرَ لِإِنْكَارِهَا أَوْ بَعْدَهُ، فَلَهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْمُسَمَّى، وَمَهْرُ الْمِثْلِ. (وَيُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ عَلَى رِضَا الْمَرْأَةِ) بِالنِّكَاحِ بِقَوْلِهَا كَأَنْ قَالَتْ رَضِيت بِهِ أَوْ أَذِنْت فِيهِ، (حَيْثُ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا) بِأَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ احْتِيَاطًا لِيُؤْمَنَ إنْكَارُهَا (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ رِضَاهَا لَيْسَ مِنْ نَفْسِ النِّكَاحِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الْإِشْهَادُ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِيهِ. فَصْلٌ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا بِإِذْنٍ مِنْ وَلِيِّهَا وَلَا دُونَ إذْنِهِ (وَلَا غَيْرَهَا بِوَكَالَةٍ) عَنْ الْوَلِيِّ وَلَا بِوِلَايَةٍ، (وَلَا تَقْبَلُ نِكَاحًا لِأَحَدٍ) بِوِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ قَطْعًا لَهَا عَنْ هَذَا الْبَابِ؛ إذْ لَا يَلِيقُ بِمَحَاسِنِ الْعَادَاتِ دُخُولُهَا فِيهِ لِمَا قُصِدَ مِنْهَا مِنْ الْحَيَاءِ، وَعَدَمِ ذِكْرِهِ أَصْلًا، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] ، وَتَقَدَّمَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فِي الْمَهْرِ) إنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ إذَا زَادَ الْمُسَمَّى عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَمِثْلُ الْمَهْرِ غَيْرُهُ فَتَرِثُهُ أَيْضًا، لَكِنْ إنْ حَلَفَتْ أَنَّ الْعَقْدَ بِعَدْلَيْنِ. قَوْلُهُ: (قَبُولُ قَوْلِهِ) أَيْ بِيَمِينِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَتْ تَزَوَّجَنِي بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِلَا شُهُودٍ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (فَلَا مَهْرَ) أَيْ إلَّا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً، أَوْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ فَلَا يُسْتَرَدُّ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ) هُوَ قَيْدٌ مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارُ الرِّضَا فَيُسَنُّ اسْتِئْذَانُ مُجْبَرَةٍ بَالِغَةٍ، وَكَذَا مُمَيِّزَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ) وَحِينَئِذٍ يَكْفِي إقْرَارُهَا أَوْ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ مَعَ إخْبَارِ الْوَلِيِّ أَوْ عَكْسِهِ وَلَوْ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَكْفِي أَيْضًا إخْبَارُ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ أَوْ فَاسِقٍ أَوْ امْرَأَةٍ، حَيْثُ ظَنَّ صِدْقَهُمْ، وَلَا يَكْفِي فِي الْإِذْنِ هُنَا سُكُوتُهَا. فَصْلٌ فِي عَاقِدِ النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ بَعْضُ الْأَرْكَانِ السَّابِقَةِ وَمَا مَعَهُ قَوْلُهُ: (لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَلَا بِوَكَالَةٍ عَنْ الْوَلِيِّ) أَيْ بِأَنْ يُوَكِّلَهَا الْوَلِيُّ لِتَعْقِدَ لِنَفْسِهَا عَنْهُ، فَإِنْ وَكَّلَهَا لِلتَّوْكِيلِ مَنْ يَعْقِدُ لَهَا عَنْهُ فَقَطْ صَحَّ فَإِنْ قَالَ وَكِّلِي عَنْك أَوْ عَنَّا أَوْ وَكَّلْت كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ، وَيَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَهَا أَجْنَبِيٌّ لِتُوَكِّلَ عَنْهُ مَنْ يُزَوِّجَ مُوَلِّيَتَهُ، وَلَا يَصِحُّ إذْنُهَا لِعَبْدِهَا أَوْ نَحْوِهِ فِي أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَخَرَجَ بِإِذْنِهَا تَوْكِيلُهَا لِمَنْ يُزَوِّجُهَا فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَسَيَأْتِي حُكْمُ تَحْكِيمِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا بِوِلَايَةٍ) نَعَمْ إنْ وَلِيَتْ الْوِلَايَةَ الْعُظْمَى صَحَّ تَزْوِيجُهَا لِلضَّرُورَةِ لِنَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا، كَمَا يَشْمَلُهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُقْبَلُ إلَخْ) سَوَاءٌ فِي الشِّقَّيْنِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، نَعَمْ لَوْ عَقَدَتْ فِي الْكُفْرِ لِنَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا، وَأَسْلَمُوا أُقِرُّوا عَلَى النِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إلَخْ) فَمَعْنَى قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ قِيَامُهُمْ بِمَصَالِحِهِنَّ، وَمِنْهَا وِلَايَةُ تَزْوِيجِهِنَّ، كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ الْحَدِيثُ بَعْدُهُ وَتَذْكِيرُ الْوَلِيِّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى ذُكُورَتِهِ. وَإِرَادَةُ التَّغْلِيبِ فِيهِ مَدْفُوعَةٌ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الثَّانِي وَيُقَاسُ قَبُولُهَا عَلَى إيجَابِهَا أَوْ أَنَّ التَّزْوِيجَ شَامِلٌ لَهُمَا وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الشَّارِحِ بِسُكُوتِهِ عَنْ قَبُولِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْوَطْءُ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَإِنْ حَرُمَ يُوجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الرَّشِيدِ وَلَوْ رَقِيقًا مَهْرَ مِثْلٍ أَيْ مَهْرَ ثَيِّبٍ فِيهَا وَمَهْرَ بِكْرٍ فِيهَا لَا أَرْشَ بَكَارَةٍ؛ لِأَنَّ فَاسِدَهُ كَصَحِيحِهِ وَفَارَقَ وُجُوبَ الْأَرْشِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ الصَّرِيحَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ فِيهِ الْوَطْءُ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يُصَحِّحُهُ) أَيْ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْإِمَامُ مَالِكٍ يُصَحِّحُهُ بِغَيْرِ شُهُودٍ، وَالْإِمَامُ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ يُصَحِّحُهُ بِدُونِهِمَا مَعًا وَلَا حَدَّ فِيهِمَا أَيْضًا نَعَمْ إنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِبُطْلَانِهِ حُدَّ إنْ عَلِمَ قَبْلَ وَطِئَهُ.   [حاشية عميرة] لِذَلِكَ أَثَرٌ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ أُخْتَهُمَا مَثَلًا، ثُمَّ تَمُوتَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهُمَا وَارِثَاهَا فَلَا مَهْرَ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ قَالَتْ إلَخْ) فَلَا يَرِدُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْإِذْنِ أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِالرِّضَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُشْتَرَطُ) قَالَ الْإِمَامُ: فِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ فِي النِّكَاحِ رُكْنٌ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ الْإِثْبَاتُ وَالِاحْتِيَاطُ فِي شَأْنِ الْأَبْضَاعِ، وَالْوَفَاءُ بِهَذَا الْغَرَضِ يُوجِبُ الْإِشْهَادَ عَلَى رِضَاهَا اهـ. وَعَلَّلَ فِي الذَّخَائِرِ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ بِأَنَّهُ إذْنٌ كَالْإِذْنِ فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ. [فَصْلٌ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا بِإِذْنٍ مِنْ وَلِيِّهَا وَلَا دُونَ إذْنِهِ وَلَا غَيْرَهَا] فَصْلٌ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا قَوْلُهُ: (وَلَا وِلَايَةَ) أَيْ وَلَا مِلْكَ. فَائِدَةٌ: اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَا لَوْ تَغَلَّبَتْ امْرَأَةٌ عَلَى الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى، فَإِنَّهَا تُنَفِّذُ أَحْكَامَهَا لِلضَّرُورَةِ فَلَهَا عَلَى هَذَا مُبَاشَرَةُ عَقْدِ الْأَنْكِحَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا تَقْبَلُ نِكَاحًا لِأَحَدٍ) أَيْ وَلَيْسَتْ كَالْفَاسِقِ يَكُونُ وَكِيلًا؛ لِأَنَّ مَانِعَهُ غَيْرُ لَازِمٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهَا فِي نِكَاحِ غَيْرِهَا إلَّا فِي مِلْكِهَا أَوْ سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ هِيَ وَصِيَّةٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا) زَادَ الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ مَاجَهْ «فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا» . قَوْلُهُ: (لِفَسَادِ النِّكَاحِ) أَيْ وَلِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا» ثُمَّ الْوَطْءُ فِي عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ مُتَنَاوِلٌ لَهُ فِي الْقُبُلِ، وَالدُّبُرِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُقَرِّرُ الْمَهْرَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ النَّصِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ الْوَطْءَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ يُوجِبُ الْمَهْرَ دُونَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْبَكَارَةِ مَأْذُونٌ فِيهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، كَالصَّحِيحِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْوَطْءُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 حَدِيثٌ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ حَدِيثَ «لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا» ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ (وَالْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ) بِأَنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا، (يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ) دُونَ الْمُسَمَّى لِفَسَادِ النِّكَاحِ، (لَا الْحَدَّ) لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يُصَحِّحُهُ نَعَمْ يُعَزَّرُ مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ (وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْوَلِيِّ بِالنِّكَاحِ إنْ اسْتَقَلَّ بِالْإِنْشَاءِ) ، وَقْتَ الْإِقْرَارِ بِأَنْ كَانَ مُجْبَرًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَاءٍ بِالنِّكَاحِ، حِينَئِذٍ (وَإِلَّا) . أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِإِنْشَاءِ النِّكَاحِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ بِهِ، بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مُجْبَرٍ (فَلَا) يُقْبَلُ إقْرَارٌ بِهِ عَلَيْهَا لِانْتِفَاءِ قُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهِ، بِدُونِ رِضَاهَا (وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ بِالنِّكَاحِ) لِمَنْ صَدَقَهَا النِّكَاحُ حَقَّ الزَّوْجَيْنِ، فَيَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمَا كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَالْقَدِيمُ، لَا يُقْبَلُ إذَا كَانَا بَلَدِيَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَسْهُلُ عَلَيْهِمَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ الْغَرِيبَيْنِ، وَعَلَى الْجَدِيدِ قِيلَ: يَكْفِي إطْلَاقُ الْإِقْرَارِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (يُعَزِّرُ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَمُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ فَاعِلُهُ عَائِدٌ إلَى الْحَاكِمِ لِيَدْخُلَ مَا لَوْ رَفَعَ إلَيْهِ مَنْ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ، فَإِنَّهُ يُعَزِّرُهُ نَعَمْ إنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ فَلَا تَعْزِيرَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْوَلِيِّ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُجْبِرُ فَتَدْخُلُ الْمَجْنُونَةُ، وَيَشْمَلُ السَّيِّدَ وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِ الْإِقْرَارِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي جَوَابِ دَعْوَى وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ كَذَّبَهُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالشُّهُودُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَقْتَ الْإِقْرَارِ) أَيْ لَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ بِالنِّكَاحِ) ثُمَّ يَثْبُتُ النِّكَاحُ وَلَوْ سَفِيهَةً أَوْ فَاسِقَةً أَوْ بِغَيْرِ كُفْءٍ أَوْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ وَالسَّكْرَى كَالْعَاقِلَةِ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ صَدَّقَهَا) شَمِلَ الْعَبْدَ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِ سَيِّدِهِ، وَالسَّفِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِ وَلِيِّهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَصْدِيقٌ مِنْهُمَا لَكِنْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا التَّزْوِيجُ إلَّا بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ إنْ صَدَّقَتْهُ كَعَكْسِهِ وَخَرَجَ بِالتَّصْدِيقِ، مَا لَوْ كَذَّبَهَا أَوْ عَكْسُهُ فَلَا يَثْبُتُ، وَلَا إرْثَ لِأَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ لَوْ مَاتَ لَكِنْ لَهَا الرُّجُوعُ عَنْ التَّكْذِيبِ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَحِينَئِذٍ تَرِثُ مِنْهُ وَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ، وَمَا لَوْ سَكَتَ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا يَثْبُتُ أَيْضًا، لَكِنْ يَرِثُ السَّاكِتُ مِنْ الْآخَرِ دُونَ عَكْسِهِ، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا قَبْلَ مَوْتِهِ وَأُخْرَى، أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهَا فِي نِكَاحِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَعَدُّدُ الْعَقْدِ عَمِلَ بِهِمَا، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أَقَرَّتْ لِوَاحِدٍ، وَوَلِيُّهَا لِآخَرَ عُمِلَ بِالْأَسْبَقِ فَإِنْ وَقَعَا مَعًا عُمِلَ بِإِقْرَارِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ عَلِمَ السَّبْقَ وَنَسِيَ وَجَبَ التَّوَقُّفُ، وَلَوْ جُهِلَ السَّبْقُ أَوْ عَيْنُ السَّابِقُ وَجَبَ التَّوَقُّفُ أَيْضًا إنْ رُجِيَ وَإِلَّا بَطَلَا وَانْظُرْ إذَا قَدَّمْنَا إقْرَارَهَا فِيمَا تَقَدَّمَ، وَمَاتَ مَنْ أَقَرَّتْ لَهُ أَوْ طَلَّقَهَا هَلْ تَرْجِعُ لِلْآخَرِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (فَيَثْبُتُ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ حَتَّى يُطَلِّقَهَا، أَوْ يَمُوتَ وَتَعْتَدَّ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَحَلُّهُ إنْ يَكُنْ إقْرَارُهَا فِي جَوَابِ دَعْوَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلِلْأَبِ) وَإِنْ لَمْ يَلِ مَالَهَا كَطُرُوِّ سَفَهٍ بَعْدَ رُشْدٍ. قَوْلُهُ: (صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً) عَاقِلَةً أَوْ مَجْنُونَةً، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُزَوِّجُ الْبِنْتَ الْمَجْنُونَةَ وَلَوْ صَغِيرَةً. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِهَا) وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ عَدَمُ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ مِنْ الْوَلِيِّ لَهَا بِأَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا، أَهْلُ مَحَلِّهَا، وَكَوْنُ الزَّوْجِ كُفُؤًا وَمُوسِرًا أَيْ قَادِرًا عَلَى حَالِ الصَّدَاقِ لَيْسَ عَدُوًّا لَهَا وَلَوْ بَاطِنًا حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ، وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعَقْدِ كَوْنُهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ حَالًّا كُلُّهُ، وَالْمُرَادُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فِيهَا، وَلَوْ عُرُوضًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْحُلُولِ، وَالْمُرَادُ بِقُدْرَتِهِ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِقَدْرِهِ مِمَّا يُبَاعُ فِي الدِّينِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَإِذَا حَرُمَ الْإِقْدَامُ فَسَدَ عَقْدُ الصَّدَاقِ فَقَطْ، وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ، وَيَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا كَانَ غَيْرُ نَقْدِ الْبَلَدِ أَكْثَرَ مِنْهُ قَالَ: وَإِذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ بَطَلَ النِّكَاحُ كَمَا مَرَّ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا فِي نَحْوِ مَا لَوْ عَقَدَ لِمَنْ مَهْرُهَا مِائَةٌ بِمِائَتَيْنِ حَالَّتَيْنِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مِائَةٍ فَقَطْ فَرَاجِعْهُ. وَخَرَجَ بِالْعَدَاوَةِ الْكَرَاهَةُ لِنَحْوِ بُخْلٍ أَوْ عَمًى أَوْ تَشَوُّهِ خِلْقَةٍ فَيُكْرَهُ التَّزْوِيجُ فَقَطْ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا حَاجَةَ لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ عَدَاوَةِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ شَفَقَةَ الْوَلِيِّ تَدْعُوهُ إلَى أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا مِنْ عَدُوِّهَا انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَوَكِيلُ الْوَلِيِّ مِثْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ. تَنْبِيهٌ: مُقْتَضَى اعْتِبَارِ تِلْكَ الشُّرُوطِ عَدَمُ صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ جَهْلِ الْوَلِيِّ بِهَا فَرَاجِعْهُ. مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي اعْتِبَارِ التَّحْلِيلِ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَرْأَةِ إذْنٌ فِي التَّزْوِيجِ كَمَا يَأْتِي فِي الْخِيَارِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْكَبِيرَةِ) وَكَذَا الْمُمَيِّزَةُ وَيُنْدَبُ أَنْ لَا تُزَوَّجَ حَتَّى تَبْلُغَ. قَوْلُهُ: (ثَيِّبٌ) وَإِنْ عَادَتْ بَكَارَتُهَا. قَوْلُهُ: (صَغِيرَةٌ) أَيْ حُرَّةٌ عَاقِلَةٌ أَوْ سَكْرَى كَمَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (نَعَمْ يُعَزَّرُ إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ نَفْيَ الْحَدِّ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ لَا يُقْبَلُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَلَى هَذَا جَوَازُ نِكَاحِهَا لِغَيْرِهِ، وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ مَنْعَ ذَلِكَ حَتَّى يُطَلِّقَهَا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَكِيلِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِلْأَبِ إلَخْ) شَمِلَ هَذَا الْإِطْلَاقُ الرَّتْقَاءَ وَالْقَرْنَاءَ وَالصَّغِيرَةَ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تُفَصِّلَ، فَتَقُولَ: زَوَّجَنِي مِنْهُ وَلِيٌّ بِحُضُورِ عَدْلَيْنِ، وَرِضَايَ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا ، (وَلِلْأَبِ تَزْوِيجُ الْبِكْرِ صَغِيرَةً، وَكَبِيرَةً بِغَيْرِ إذْنِهَا) لِكَمَالِ شَفَقَتِهِ، (وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُهَا) أَيْ الْكَبِيرَةِ تَطْيِيبًا لِخَاطِرِهَا، (وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ ثَيِّبٍ إلَّا بِإِذْنِهَا فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَمْ تُزَوَّجْ حَتَّى تَبْلُغَ) ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ لَا إذْنَ لَهَا (وَالْجَدُّ كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ) فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ، (وَسَوَاءٌ) ، فِيمَا ذُكِرَ فِي الثَّيِّبِ (زَالَتْ الْبَكَارَةُ بِوَطْءٍ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ) كَالزِّنَا (وَلَا أَثَرَ لِزَوَالِهَا بِلَا وَطْءٍ كَسَقْطَةٍ) وَأُصْبُعٍ وَحِدَةِ حَيْضٍ، (فِي الْأَصَحِّ) فَهِيَ فِي ذَلِكَ كَالْبِكْرِ لِبَقَائِهَا عَلَى حَيَائِهَا حَيْثُ لَمْ تُمَارِسْ أَحَدًا مِنْ الرِّجَالِ، وَالثَّانِي أَنَّهَا كَالثَّيِّبِ فِيمَا ذُكِرَ فِيهَا لِزَوَالِ الْعُذْرَةِ، وَالْمَوْطُوءَةُ فِي الدُّبُرِ كَالْبِكْرِ فِي الْأَصَحِّ، (وَمَنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ كَأَخٍ وَعَمٍّ) ، وَابْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا (لَا يُزَوِّجُ صَغِيرَةً بِحَالٍ) ، أَيْ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُ بِالْإِذْنِ، وَلَا إذْنَ لِلصَّغِيرَةِ، (وَتَزْوِيجُ الثَّيِّبِ الْبَالِغَةِ بِصَرِيحِ الْإِذْنِ) لِلْأَبِ أَوْ غَيْرِهِ، (وَيَكْفِي فِي الْبِكْرِ) الْبَالِغَةِ إذَا اُسْتُؤْذِنَتْ (سُكُوتُهَا فِي الْأَصَحِّ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا» ، وَالثَّانِي لَا يَكْفِي لِمَنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ كَالثَّيِّبِ، (وَالْمُعْتِقُ) وَعَصَبَتُهُ (وَالسُّلْطَانُ كَالْأَخِ) فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ ، (وَأَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لَمْ تُزَوَّجْ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْجَدُّ إنْ عَلَا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَالْأَبِ إلَّا فِي جَوَازِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ فِي الْجَدِّ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عِنْدَ عَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ زَالَتْ الْبَكَارَةُ إلَخْ) فَالْغَوْرَاءُ بِكْرٌ مُطْلَقًا وَمِثْلُهَا مَنْ خُلِقَتْ بِغَيْرِ بَكَارَةٍ. تَنْبِيهٌ: لَوْ تَعَدَّدَ الْفَرْجُ لَمْ يَزُلْ الْإِجْبَارُ بِالْوَطْءِ فِي الزَّائِدِ يَقِينًا، وَلَا فِي أَحَدِ الْمُشْتَبَهَيْنِ لِلشَّكِّ فِي زَوَالِ الْوِلَايَةِ وَيَزُولُ بِالْوَطْءِ فِي أَحَدِ الْأَصْلِيَّيْنِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَيُتَّجَهُ فِي تَزْوِيجِهَا فِي الثَّالِثَةِ اعْتِبَارُ مَهْرِ بِكْرٍ نَظَرًا لِلْأَصْلِيِّ الْآخَرَ، وَوُجُوبُ مَهْرِ بِكْرٍ بِالْوَطْءِ فِيهِ بَلْ مَعَ أَرْشِ بَكَارَةٍ وَيُتَّجَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُشْتَبَهَيْنِ وَاعْتِبَارُ إذْنِهَا احْتِيَاطٌ نَعَمْ لَا حَدَّ هُنَا بِوَطْئِهَا لِلشُّبْهَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِوَطْءٍ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ) وَكَذَا وَطْءُ الشُّبْهَةِ وَالنَّائِمَةِ وَقَدْ يَدْخُلَانِ فِي الْحَلَالِ عَلَى أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا عَدَا الْحَرَامَ. قَوْلُهُ: (فَهِيَ فِي ذَلِكَ كَالْبِكْرِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ بَقَاءُ الْإِجْبَارِ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ بِوَطْئِهَا مَهْرُ ثَيِّبٍ وَمِثْلُهَا الْغَوْرَاءُ. قَوْلُهُ: (تُمَارِسُ إلَخْ) هُوَ لِلْأَغْلَبِ وَإِلَّا فَنَحْوُ الْقِرْدِ كَالرَّجُلِ وَمُمَارَسَةُ الْغَوْرَاءِ كَعَدَمِهَا. تَنْبِيهٌ: تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي دَعْوَى بَكَارَتِهَا بِلَا يَمِينٍ وَكَذَا فِي ثُيُوبَتِهَا إلَّا إنْ ادَّعَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهَا كَانَتْ ثَيِّبًا قَبْلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهَا وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ يُصَدَّقُ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ هُنَا لِئَلَّا يَلْزَمَ بُطْلَانُ الْعَقْدِ، وَلَا تُسْأَلُ عَنْ سَبَبِ زَوَالِ بَكَارَتِهَا، وَلَوْ أَقَامَ الْوَلِيُّ بَيِّنَةً بِبَكَارَتِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ لِإِجْبَارِهَا قُبِلَتْ، وَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَهُ ثَيِّبًا لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَوْطُوءَةُ فِي الدُّبُرِ كَالْبِكْرِ) وَإِنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِهِ، وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِلْوَطْءِ الْحَرَامِ السَّابِقِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ أَفْضَاهَا بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ فَإِنْ لَمْ تَزُلْ الْبَكَارَةُ أَوْ لَمْ تُوجَدْ صُورَةُ وَطْءٍ فِي الْقُبُلِ فَهِيَ كَالْبِكْرِ أَيْضًا، وَإِلَّا فَهِيَ كَالثَّيِّبِ وَهَذَا مَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ قَوْلُهُ: (وَمِنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ) ، أَيْ فِيهَا لَا يُزَوِّجُ مَجْنُونَةً وَلَوْ كَبِيرَةً وَلَا صَغِيرَةً وَلَوْ بِكْرًا عَاقِلَةً. قَوْلُهُ: (الثَّيِّبُ الْبَالِغَةُ) الْعَاقِلَةُ وَلَوْ سَفِيهَةً أَوْ سَكْرَى بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا. قَوْلُهُ: (بِصَرِيحِ الْإِذْنِ) أَيْ بِالنُّطْقِ بِهِ مِنْ النَّاطِقَةِ وَبِالْإِشَارَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْمَجْنُونَةِ فَلَا يُزَوِّجُهَا مُطْلَقًا، وَمِنْ صَرِيحِ النُّطْقِ قَوْلُهَا: رَضِيت بِمَا يَفْعَلُهُ أَبِي أَوْ أُمِّي أَوْ أَخِي أَوْ عَمِّي، أَوْ رَضِيت بِمَا يَرْضُونَهُ أَوْ رَضِيت أَنْ أُزَوَّجَ أَوْ رَضِيت فُلَانًا زَوْجًا، وَأَمَّا إنْ رَضِيَ أَبِي مَثَلًا فَقَدْ رَضِيت فَلَيْسَ إذْنًا. قَوْلُهُ: (إذَا اُسْتُؤْذِنَتْ) أَيْ فِي النِّكَاحِ أَمَّا غَيْرُهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْمَهْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهَا قَبْلَ اسْتِئْذَانِهَا، وَلَوْ رَجَعَتْ قَبْلَ عَقْدِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِرُجُوعِهَا وَأَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِصِحَّةِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُزَوَّجَةِ إذَا أَذِنَتْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا إذَا طَلُقَتْ بِخِلَافِ، إذْنِ الْوَلِيِّ لِوَكِيلٍ فِي تَزْوِيجِ الْبِكْرِ إذَا طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْجَدُّ كَالْأَبِ) . وَهَلْ أُلْحِقَ بِهِ قِيَاسًا أَوْ الِاسْمُ شَامِلٌ لَهُ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي وَالْبَحْرِ وَأَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ عِنْدَ عَدَمِهِ أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ وُلِدَ لَهُ بِنْتٌ فِي كَمَالِ التَّاسِعَةِ، فَإِنَّهَا تَلْحَقُ بِهِ وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ بِخِلَافِ النَّسَبِ اهـ. وَنَبَّهَ أَيْضًا أَنَّ الْجَدَّ قَدْ يَزِيدُ عَلَى الْأَبِ كَمَا فِي تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ الْآتِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِوَطْءٍ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ) يَرِدُ عَلَيْهِ وَطْءُ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ قَوْلُهُ: (وَلَا أَثَرَ إلَخْ) . الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ هُنَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْإِجْبَارِ وَكَذَا الِاكْتِفَاءُ بِالصَّمْتِ، وَأَمَّا لَوْ وَطِئَهَا إنْسَانٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَهْرُ ثَيِّبٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِصَرِيحِ الْإِذْنِ) أَيْ وَلَوْ بِلَفْظِ التَّوْكِيلِ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ فِي حَاشِيَةِ النَّسَبِ) أَفَادَ بِهَذَا أَنَّهُ كَافٍ فِي حَقِّ الْآبَاءِ وَهُوَ قَطْعًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَزِيدِ الْحَيَاءِ فِي حَقِّهِمْ ثُمَّ السُّكُوتُ كَافٍ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ كَافٍ خِلَافًا لِابْنِ الْمُنْذِرِ، وَسَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ تَقَدُّمُ إعْلَامِ النَّاكِلِ بِمُوجِبِ نُكُولِهِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ كَفَى السُّكُوتُ أَيْضًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا عُلِمَتْ حَالُهُ وَنَبَّهَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ السُّكُوتَ كَافٍ فِي إذْنِهَا لِلْحُكْمِ حَيْثُ جَوَّزْنَاهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 بِالتَّزْوِيجِ (أَبٌ ثُمَّ جَدٌّ) أَبُو الْأَبِ (ثُمَّ أَبُوهُ) ، وَإِنْ عَلَا إلَى حَيْثُ يَنْتَهِي؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ وِلَادَةً وَعُصُوبَةً فَقُدِّمُوا عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُمْ إلَّا عُصُوبَةٌ وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ، (ثُمَّ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُهُ) أَيْ ابْنِ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ (وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ عَمٌّ) ، لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ (ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ سَائِرُ الْعَصَبَةِ) مِنْ الْقَرَابَةِ (كَالْإِرْثِ وَيُقَدَّمُ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ عَلَى أَخٍ لِأَبٍ فِي الْأَظْهَرِ) كَالْإِرْثِ لِزِيَادَةِ الْقُرْبِ وَالشَّفَقَةِ، وَالثَّانِي أَنَّهُمَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ إخْوَةَ الْأُمِّ لَا تُفِيدُ وِلَايَةَ النِّكَاحِ، فَلَا تُرَجَّحُ بِخِلَافِهَا فِي الْإِرْثِ وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي ابْنَيْهِمَا وَفِي الْعَمَّيْنِ وَابْنَيْهِمَا، (وَلَا يُزَوَّجُ ابْنٌ بِبُنُوَّةٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مُشَارَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ فِي النَّسَبِ، فَلَا يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهُ، (فَإِنْ كَانَ ابْنَ ابْنِ عَمٍّ) لَهَا (أَوْ مُعْتِقًا) لَهَا (أَوْ قَاضِيًا زَوَّجَ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ، وَلَا تَضُرُّهُ الْبُنُوَّةُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لَا مَانِعَةٍ، (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نَسِيبٌ زَوَّجَ الْمُعْتِقُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ) بِحَقِّ الْوَلَاءِ (كَالْإِرْثِ) أَيْ كَتَرْتِيبِهِمْ فِي إرْثِهِمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِهِ. (وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ مَنْ يُزَوِّجُ الْمُعْتَقَةَ مَا دَامَتْ حَيَّةً)   [حاشية قليوبي] فَلَا يَصِحُّ وَخَالَفَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ، قَالَ بِصِحَّتِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (سُكُوتُهَا) إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا كَضَرْبِ خَدٍّ أَوْ صِيَاحٍ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) يُفِيدُ الِاكْتِفَاءَ بِهِ فِي الْأَبِ قَطْعًا فَفِي كَلَامِهِ تَغْلِيبٌ. قَوْلُهُ: (فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَخِ لَا فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَأَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى ثُبُوتِ الْحَقِّ لِجَمِيعِهِمْ، وَإِنْ تَوَقَّفَ تَصَرُّفُ بَعْضِهِمْ عَلَى فَقْدِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ إلَخْ) هَذِهِ عِلَّةٌ لِتَقْدِيمِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ لَا لِتَقْدِيمِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَقَدْ يُؤْخَذُ هَذَا مِمَّا يَأْتِي بِقَوْلِهِ: لِزِيَادَةِ الْقُرْبِ وَالتَّفَقُّهِ. تَنْبِيهٌ: الْخُنْثَى مِنْهُمْ لَا يُزَوَّجُ بَلْ يُزَوَّجُ مَنْ بَعْدُهُ بِإِذْنِهِ وُجُوبًا سَوَاءٌ فِي النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لِأَبٍ) سَكَتَ عَنْ تَرْتِيبِهِ لِلْخِلَافِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ وَكَذَا فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْإِرْثِ) رَاجِعٌ لِلْإِخْوَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُزَوِّجُ ابْنٌ بِبُنُوَّةٍ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَلِلْمُزَنِيِّ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَخَرَجَ بِالْبُنُوَّةِ نَحْوُ السِّيَادَةِ كَمُكَاتَبٍ مَلَكَ أَمَةً فَيُزَوِّجُهَا بِهَا لَكِنْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. قَوْلُهُ: (لَا مُشَارَكَةً) ؛ لِأَنَّ كُلًّا يَنْتَسِبُ لِأَبِيهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ النَّسَبِ كَذَا قَالُوا وَلَا فَائِدَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكْرِهُهَا عَلَى النِّكَاحِ وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ بِغَيْرِ رِضَاهَا، وَإِذَا رَضِيَتْ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ ابْنَ ابْنِ عَمٍّ) أَوْ قَاضِيًا أَوْ مُعْتَقًا أَوْ أَخًا لِغَيْرِ أُمٍّ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحِ مَجُوسٍ، أَوْ وَكِيلًا عَنْ الْوَلِيِّ زَوَّجَ وَيُقَدَّمُ ابْنُ عَمٍّ هُوَ ابْنُهَا أَوْ ابْنُ مُعْتَقٍ أَوْ ابْنُ عَمِّ أَخٍ لِأُمٍّ عَلَى غَيْرِهِ، وَيُقَدَّمُ ابْنُ عَمٍّ شَقِيقٍ عَلَى ابْنِ عَمٍّ لِأَبٍ مُعْتَقٍ. قَوْلُهُ: (زَوَّجَ الْمُعْتِقُ) أَيْ الذَّكَرُ وَعَصَبَتُهُ الذُّكُورُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ أُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ) وَمِنْهُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ ابْنُ الْمُعْتِقِ عَلَى أَبِيهِ وَأَخُوهُ وَابْنُ أَخِيهِ عَلَى جَدِّهِ وَعَمُّهُ عَلَى أَبِي جَدِّهِ. قَوْلُهُ: (وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ) إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَتِيقَةِ وَلِيٌّ مِنْ النَّسَبِ، وَمَمْلُوكَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلُ عَتِيقَتِهَا لَكِنْ بِشَرْطِ إذْنِ الْمَالِكَةِ صَرِيحًا. فُرُوعٌ: لَا تُزَوَّجُ مُدَبَّرَةُ الْمُفْلِسِ وَلَوْ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ، وَلَا أَمَةُ الْمُرْتَدَّةِ وَالْمُرْتَدِّ، وَلَا لِوَلِيِّ أَمَةٍ صَغِيرَةٍ ثَيِّبٍ إلَّا إنْ كَانَتْ الصَّغِيرَةُ مَجْنُونَةً وَيُزَوِّجُ الْوَلِيُّ أَمَةً مَحْجُورَةً لِلْمَصْلَحَةِ، وَيُزَوِّجُ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمَأْذُونَ لَهَا فِي التِّجَارَةِ وَأَمَةَ عَبْدِهِ كَذَلِكَ لَكِنْ، بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ فِيهِمَا إنْ كَانَ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ بَيْعُ أَمَةِ عَبْدِهِ بَعْدَ الْحَجَرِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَا هِبَتُهَا، وَلَا وَطْؤُهَا وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ بِوَطْئِهَا وَيَنْفُذُ إيلَادُهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا فَلَا وَيُزَوِّجُ الْمَغْصُوبَةَ سَيِّدُهَا، وَلَوْ لِعَاجِزٍ عَنْ انْتِزَاعِهَا وَيُزَوِّجُ الْجَانِيَةَ وَالْمَرْهُونَةَ سَيِّدُهَا بِإِذْنِ الْمُسْتَحِقِّ، وَيُزَوِّجُ الْمَوْقُوفَةَ كُلَّهَا الْحَاكِمُ بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَافِرًا أَوْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، أَوْ بِإِذْنِ نَاظِرِهِ فِي نَحْوِ مَسْجِدٍ أَوْ جِهَةٍ، وَفِي مَوْقُوفَةِ الْبَعْضِ وَلِيُّهَا أَوْ سَيِّدُهَا مَعَ ذَكَرٍ، وَبِنْتُ الْمَوْقُوفَةِ مِثْلُهَا إنْ حَدَّثَتْ بَعْدَ الْوَقْفِ، وَاخْتَارَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهَا وَقْفٌ أَيْضًا، وَيُزَوِّجُ الْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهَا لِوَارِثٍ بِإِذْنِ الْمُوصَى لَهُ أَوْ وَلِيِّهِ، وَيُزَوِّجُ الْمُشْتَرِكَةَ سَادَاتُهَا أَوْ أَحَدُهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ إنْ وَافَقَهَا فِي الدِّينِ وَيُزَوِّجُ أَمَةَ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةَ الْحَاكِمُ بِإِذْنِهِ وُجُوبًا، وَفِيهِ بَحْثٌ وَيُزَوِّجُ أَمَةَ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ) قَيَّدَهُ بِذَلِكَ لِئَلَّا يَرِدَ أَنَّهُ يُخَالِفُهُ فِي تَزْوِيجِ الْمَجْنُونَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ كَالْإِرْثِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْأَحْسَنُ أَنْ يَعُودَ إلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ سَائِرُ الْعَصَبَاتِ دُونَ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ لِئَلَّا يَرِدَ أَنَّ الْجَدَّ هُنَا مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَخِ بِخِلَافِ الْإِرْثِ. [أَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ بِالتَّزْوِيجِ] قَوْلُهُ: (كَالْإِرْثِ) أَيْ فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ فِيهِ قَطْعًا، وَكَذَا فِي الْوَلَاءِ وَالْوَصِيَّةِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَتَحَمَّلَ الْعَقْلَ أَيْ الدِّيَةَ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُزَوِّجُ ابْنُ الْأَخِ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ كَانَ ابْنَ ابْنٍ إلَخْ) لَوْ كَانَ لِابْنِ ابْنِ الْعَمِّ الْمَذْكُورِ أَخٌ مِنْ أَبِيهِ فَفِيهِمَا خِلَافُ الْأَخِ الشَّقِيقِ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ فَتَكُونُ الْبُنُوَّةُ مُرَجَّحَةً قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ: قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُسْتَوِيَيْنِ مُعْتَقًا أَوْ أَخًا لِأُمٍّ قُدِّمَ. فَائِدَةٌ: قَدْ يُتَصَوَّرُ تَزْوِيجُ الِابْنِ لِأُمِّهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا لَوْ كَانَ مُكَاتَبًا وَمَلَكَهَا فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهَا بِالْمِلْكِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَكَمَا لَوْ تَوَلَّدَتْ قَرَابَةٌ مِنْ أَنْكِحَةِ الْمَجُوسِ أَوْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (زَوَّجَ الْمُعْتِقُ) أَيْ الذَّكَرُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 لِأَنَّهُ لَمَّا انْتَفَتْ وِلَايَةُ الْمَرْأَةِ لِلنِّكَاحِ، اسْتَتْبَعَتْ الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا الْوِلَايَةَ عَلَى عَتِيقِهَا فَيُزَوِّجُهَا أَبُو الْمُعْتَقَةِ ثُمَّ جَدُّهَا عَلَى تَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ وَلَا يُزَوِّجُهَا ابْنُ الْمُعْتِقَةِ، وَيُعْتَبَرُ فِي تَزْوِيجِهَا رِضَاهَا (وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُعْتَقَةِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا لَا وِلَايَةَ لَهَا وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَهَا، وَالْعَصَبَةُ إنَّمَا تُزَوِّجُ لِإِدْلَائِهِ بِهَا فَلَا أَقَلَّ مِنْ مُرَاجَعَتِهَا، فَإِنْ امْتَنَعَتْ نَابَ الْحَاكِمُ عَنْهَا فِي الْإِذْنِ، وَزَوَّجَ وَلِيُّهَا (فَإِذَا مَاتَتْ زَوَّجَ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ) ، مِنْ عَصَبَاتِهَا فَيُقَدَّمُ ابْنُهَا عَلَى أَبِيهَا، (فَإِنْ فُقِدَ الْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ زَوَّجَ السُّلْطَانُ) بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ (وَكَذَا يُزَوِّجُ إذَا عَضَلَ الْقَرِيبُ) ، مِنْ النَّسَبِ (وَالْمُعْتِقُ) ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ حَقُّ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُ وَفَّاهُ الْحَاكِمُ، وَهَلْ تَزْوِيجُهُ بِالْوِلَايَةِ أَوْ النِّيَابَةِ عَنْ الْوَلِيِّ وَجْهَانِ، (وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْفَضْلُ إذَا دَعَتْ بَالِغَةٌ عَاقِلَةٌ إلَى كُفْءٍ وَامْتَنَعَ) ، الْوَلِيُّ مِنْ تَزْوِيجِهِ، وَإِنْ كَانَ امْتِنَاعُهُ لِنَقْصِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَتَمَحَّضُ حَقًّا لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا دَعَتْ إلَى غَيْرِ كُفْءٍ، فَلَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ عَضْلًا؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْكَفَاءَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعَضْلِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِيُزَوِّجَ بِأَنْ يَمْتَنِعَ الْوَلِيُّ مِنْ التَّزْوِيجِ بَيْنَ يَدَيْهِ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهِ، وَالْمَرْأَةُ وَالْخَاطِبُ حَاضِرَانِ، أَوْ تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ لِتَعَزُّزٍ أَوْ تَوَارٍ بِخِلَافِ مَا إذَا حَضَرَ، فَإِنَّهُ إنْ زَوَّجَ فَقَدْ حَصَلَ   [حاشية قليوبي] الْقِرَاضِ الْمَالِكُ بِإِذْنِ الْعَامِلِ، وَيُزَوِّجُ أَمَةَ الْخُنْثَى وَعَتِيقَتَهُ مَنْ يُزَوِّجُهُ لَوْ كَانَ أُنْثَى بِإِذْنِهِ وُجُوبًا، وَيُزَوِّجُ الْمَبِيعَةَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ شَرَطَ لَهَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ اُعْتُبِرَ إذْنُهَا وُجُوبًا وَيُزَوِّجُ الْمُبَعَّضَةَ وَلِيُّهَا بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَوْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُزَوِّجُ أَمَتَهَا مَنْ يُزَوِّجُهَا لَكِنْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ تَصْرِيحًا وَيُزَوِّجُ الْمُكَاتَبُ أَمَتَهُ وَمُكَاتَبَتَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَيُزَوِّجُ الْمُكَاتَبَةَ سَيِّدُهَا، وَيُزَوِّجُ أَمَةَ بَيْتِ الْمَالِ الْإِمَامُ كَاللَّقِيطَةِ بِإِذْنِهَا وَكَبِنْتِ الرَّقِيقِ مِنْ الْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ أَبِيهَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ وَإِنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحَقُّونَ وَأَذِنُوا. قَوْلُهُ: (مَنْ يُزَوِّجُ الْمُعْتِقَةَ) بِكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ دَخَلَ فِيهِ الْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ، وَلَوْ أَعْتَقَهَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ كَاثْنَيْنِ اعْتَبَرَ مُبَاشَرَتَهُمَا، أَوْ إذْنَهُمَا الْوَكِيلُ عَنْهُمَا، أَوْ تَوْكِيلُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، وَيُزَوِّجُهَا أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مَعَ السُّلْطَانِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا اسْتَقَلَّ الْآخَرُ بِتَزْوِيجِهَا. قَوْلُهُ: (رِضَاهَا) أَيْ الْعَتِيقَةِ وَلَوْ بِالسُّكُوتِ فِي الْبِكْرِ، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَمْ يَصِحَّ حَتَّى تَبْلُغَ وَتَأْذَنَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُعْتَقَةِ) بَلْ وَلَوْ مَنَعَتْ أَوْ خَالَفَتْ دِينَ الْعَتِيقَةِ حَيْثُ وَافَقَ الْوَلِيُّ الْعَتِيقَةَ فِي الدِّينِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَإِنْ امْتَنَعَتْ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (زَوَّجَ السُّلْطَانُ) أَيْ مَنْ شَمِلَتْهَا وِلَايَتُهُ عُمُومًا أَوْ خُصُوصًا كَالْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ فِي وِلَايَتِهِ بِأَنْ وَكَّلَ وَلَا يُزَوِّجُ الْخَارِجَةَ عَنْ وِلَايَتِهِ، وَلَوْ لِمَنْ هُوَ فِيهَا. تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُوَكِّلَ فِي تَزْوِيجِهَا مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ. نَعَمْ لَهَا أَنْ تُحَكِّمَ مَعَ الزَّوْجِ مَنْ يُزَوِّجُهَا إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا مُطْلَقًا، أَوْ غَيْرَهُ مَعَ عَدَمِ قَاضٍ، وَلَوْ ضَرُورَةً، أَوْ تَوَقَّفَ الرَّفْعُ إلَيْهَا عَلَى دَفْعِ مَالٍ لَهُ وَقْعٌ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا يُزَوِّجُ) أَيْ السُّلْطَانُ، وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مَوْضِعَانِ مِنْ خَمْسَةٍ يُزَوِّجُ فِيهَا السُّلْطَانُ وَسَيَأْتِي بَاقِيهَا. قَوْلُهُ: (إذَا عَضَلَ) مِنْ الْعَضْلِ وَهُوَ الِامْتِنَاعُ. قَوْلُهُ: (الْقَرِيبُ) لَوْ قَالَ: الْوَلِيُّ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ. قَوْلُهُ: (وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ) أَيْ دُونَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، وَلَوْ بِالسُّكُوتِ، وَإِلَّا فَقَدْ فَسَقَ فَتَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ دُونَ السُّلْطَانِ، نَعَمْ إنْ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ، وَلَوْ بِالْفِعْلِ أَوْ امْتَنَعَ لِعُذْرٍ كَطَلَبِ أَكْفَاءَ أَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُزَوِّجُهَا، أَوْ قَالَ: هُوَ أَخُوهَا مِنْ رَضَاعٍ مَثَلًا، أَوْ قَالَ مَذْهَبِي لَا يَرَى حِلَّهَا لَهُ، أَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّحْلِيلِ وَلَوْ لِاجْتِهَادٍ لَمْ يَكُنْ عَاضِلًا فَلَا يَأْثَمُ وَلَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ فِي الْحَلِفِ وَزَوَّجَ لَمْ يَحْنَثْ. قَوْلُهُ: (لِنَقْصِ الْمَهْرِ) أَوْ كَانَ عِنِّينًا أَوْ مَجْبُوبًا؛ لِأَنَّهُ حَقُّهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعَضْلِ عِنْدَ الْحَاكِمِ) فَامْتِنَاعُهُ قَبْلَهُ، وَإِنْ تَكَرَّرَ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَضْلُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (حَاضِرَانِ) وَيُغْنِي عَنْ حُضُورِ الزَّوْجِ تَعْيِينُهُ. قَوْلُهُ: (الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَلِيِّ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (كُفُؤًا غَيْرَهُ) وَلَوْ أَقَلَّ مَهْرًا. قَوْلُهُ: (فَلَهُ ذَلِكَ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ دَعَتْ إلَى وَاحِدٍ مِنْ أَكْفَاءَ حَاضِرِينَ وَعَيَّنَ الْوَلِيُّ غَيْرَهُ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَلَهُ ذَلِكَ أَيْضًا وَلَوْ دَعَا الْوَلِيُّ إلَى أَكْفَاءَ مِمَّنْ ذَكَرَتْهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ إلَّا كُفْؤًا حَاضِرًا أُجِيبَ الْوَلِيُّ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَوْ غَائِبًا فَعَاضِلٌ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. تَنْبِيهٌ: تَوْبَةُ الْعَاضِلِ تَحْصُلُ بِتَزْوِيجِهِ فَتَعُودُ وِلَايَتُهُ بِهِ، وَهَذِهِ زَائِدَةٌ عَلَى مَنْ ذَكَرُوهُ بِعَوْدِ وِلَايَتِهِ بِلَا تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ لِلْعَضْلِ ثُمَّ ادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْعَضْلِ، وَزَوَّجَ قَبْلَ تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: (مَنْ عَيَّنَتْهُ) أَيْ مِنْ الْأَكْفَاءِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ) مِثْلُهَا فِي هَذَا أَمَةُ الْمَرْأَةِ إلَّا أَنَّ السَّيِّدَةَ الْكَامِلَةَ يُعْتَبَرُ إذْنُهَا نُطْقًا وَلَوْ بِكْرًا. قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ فِي تَزْوِيجِهَا رَضَاعًا) وَيَكْفِي السُّكُوتُ مِنْ الْبِكْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْقَرِيبُ إلَخْ) لَوْ قَالَ بَدَلَهُ الْوَلِيُّ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 الْغَرَضُ وَإِلَّا فَعَاضِلٌ فَلَا مَعْنَى لِلْبَيِّنَةِ عِنْدَ حُضُورِهِ، (وَلَوْ عَيَّنَتْ كُفُؤًا وَأَرَادَ الْأَبُ) الْمُجْبِرُ كُفُؤًا، (غَيْرَهُ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ نَظَرًا مِنْهَا، وَالثَّانِي لَا إعْفَافًا لَهَا، وَهُوَ قَوِيٌّ أَمَّا غَيْرُ الْمُجْبِرِ، فَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ غَيْرِ مَنْ عَيَّنَتْهُ جَزْمًا. فَصْلٌ لَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ لِنَقْصِهِ (وَصَبِيٍّ) لِسَلْبِ عِبَارَتِهِ (وَمَجْنُونٍ) أُطْبِقَ جُنُونُهُ لِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ أَوْ تَقَطَّعَ، كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَغْلِيبًا لِزَمَنِ الْجُنُونِ، فَيَزَوَّجُ الْأَبْعَدُ فِي زَمَنِ جُنُونِهِ دُونَ إفَاقَتِهِ وَالْأَشْبَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، أَنَّهُ لَا يُزِيلُ الْوِلَايَةَ كَالْإِغْمَاءِ، فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ وَلَوْ قَصُرَتْ نَوْبَةُ الْإِفَاقَةِ جِدًّا فَهِيَ كَالْعَدَمِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، (وَمُخْتَلُّ النَّظَرِ بِهَرَمٍ أَوْ خَبَلٍ) أَصْلِيٍّ أَوْ عَارِضٍ لِعَجْزِهِ عَنْ الْبَحْثِ عَنْ أَحْوَالِ الْأَزْوَاجِ وَمَعْرِفَةِ الْكُفْءِ مِنْهُمْ، وَفِي مَعْنَاهُ مَنْ شَغَلَهُ عَنْ ذَلِكَ الْأَسْقَامُ، وَالْآلَامُ (وَكَذَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) بِأَنْ بَذَرَ فِي مَالِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهُ لِنَقْصِهِ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَا يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَلِي فِي وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ كَامِلُ النَّظَرِ فِي أَمْرِ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُضَيِّعَ مَالَهُ فَإِنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَمَا يَنْبَغِي أَنْ تَزُولَ وِلَايَتُهُ، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الْحَاوِي وَصَحَّحَ فِي الْمَطْلَبِ كَالذَّخَائِرِ زَوَالَهَا أَمَّا مَنْ بَلَغَ مُفْسِدًا لِدِينِهِ، فَاسْتَمَرَّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ، فَهُوَ مِنْ صُوَرِهِ مَسْأَلَةُ الْفَاسِقِ الْآتِيَةُ، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ يَلِي لِكَمَالِ نَظَرِهِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ لَا لِنَقْصٍ فِيهِ، (وَمَتَى كَانَ الْأَقْرَبُ بِبَعْضِ هَذِهِ الصِّفَاتِ، فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ) ، فَيُزَوِّجُ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ، فَإِذَا زَالَتْ عَادَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَقْرَبِ (وَالْإِغْمَاءُ إنْ كَانَ لَا يَدُومُ غَالِبًا) ، كَأَنْ حَصَلَ بَهِيجَانِ الْمِرَّةِ الصَّفْرَاءِ، (اُنْتُظِرَ إفَاقَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَرِيبُ الزَّوَالِ كَالنَّوْمِ (وَإِنْ كَانَ يَدُومُ أَيَّامًا) ، فَأَقَلَّ أَيْ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ وَأَكْثَرَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، (اُنْتُظِرَ) الْإِفَاقَةُ مِنْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُدَّتَهُ قَرِيبَةٌ (وَقِيلَ) الْوِلَايَةُ (لِلْأَبْعَدِ) كَمَا فِي الْجُنُونِ (وَلَا يَقْدَحُ الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَهُ مِنْ الْبَحْثِ عَنْ الْأَكِفَّاءِ،   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي مَوَانِعِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَوَانِعُ الْخَاصَّةُ وَاسْتِثْنَاءُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ الْأَبْكَارَ إجْبَارًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَا وِلَايَةَ) خَرَجَ الْوَكَالَةُ فَسَيَأْتِي صِحَّتُهَا فِي الرَّقِيقِ وَالسَّفِيهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ. قَوْلُهُ: (الرَّقِيقُ) أَيْ وَلَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُبَعَّضًا وَتَزْوِيجُهُ أَمَتَهُ بِالْمِلْكِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِزَمَنِ الْجُنُونِ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ هَذَا لِمُخَالَفَتِهِ لِلتَّفْرِيعِ بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُزَوِّجُ فِي زَمَنِ إفَاقَتِهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ قَلَّ وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ غَيْرِهِ فِيهِ، وَعَكْسُهُ زَمَنَ الْجُنُونِ كَذَلِكَ، وَلَوْ وَكَّلَ فِي زَمَنِ إفَاقَتِهِ صَحَّ عَقْدُ وَكِيلٍ فِي زَمَنِ الْإِفَاقَةِ دُونَ زَمَنِ الْجُنُونِ؛ لِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِهِ. قَوْلُهُ: (فَهِيَ كَالْعَدَمِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَوْ قَصُرَ زَمَنُ الْجُنُونِ جِدًّا كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ اُنْتُظِرَ كَالْإِغْمَاءِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (خَبَلٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِهَا خَلَلٍ فِي الْعَقْلِ أَوْ كَالْجُنُونِ. قَوْلُهُ: (لِعَجْزِهِ) فَهُوَ غَيْرُ أَهْلٍ وَلَيْسَ لَهُ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَفِي مَعْنَاهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْعَجْزُ الْمَذْكُورُ، وَعَطْفُ الْآلَامِ عَلَى الْأَسْقَامِ مُرَادِفٌ أَوْ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ بَذَّرَ إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِهِ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَنْ بَذَّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهَذَا هُوَ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ. قَوْلُهُ: (أَمَّا مَنْ بَلَغَ إلَخْ) إذَا تَأَمَّلْت مَا ذَكَرَهُ رَأَيْت أَنَّ مَنْ فَسَقَ بَعْدَ رُشْدِهِ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ هُنَا وَكَذَا مَنْ بَلَغَ غَيْرَ مُصْلِحٍ لِمَالِهِ وَدِينِهِ مَعًا وَقَدْ يُجْعَلُ كَلَامُهُ شَامِلًا، لِهَذِهِ بِأَنْ يُرَادَ مُفْسِدًا لِدِينِهِ أَيْ فَقَطْ أَوْ مَعَ مَالِهِ، وَأَمَّا الْأَوْلَى فَإِخْرَاجُهَا مُتَعَيِّنٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَسْأَلَةِ الْفِسْقِ الْآتِيَةِ فَإِدْخَالُهَا يَقْتَضِي تَكْرَارَهَا، وَلِذَلِكَ جَعَلَ مَا هُنَا مِنْ أَفْرَادِهَا دُونَ عَكْسِهِ نَعَمْ قَدْ يُشْكِلُ، وَيُقَالُ: التَّبْذِيرُ فِي الْمَالِ مِنْ الْحَرَامِ، وَهُوَ مُفَسِّقٌ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَا يَأْتِي أَيْضًا فَإِنْ حُمِلَ عَلَى تَبْذِيرٍ غَيْرِ مُفَسِّقٍ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُخَصِّصُهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ الْوِلَايَةِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (بِالْفَلَسِ) أَيْ وَهُوَ مُكَلَّفٌ. قَوْلُهُ: (لِلْأَبْعَدِ) مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْ الْمُعْتَقِ أَوْ عَصَبَتِهِ فَلَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ وَأَخٍ كَبِيرٍ فَالْوِلَايَةُ عَلَى عَتِيقَتِهِ لِلْأَخِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَالْإِغْمَاءُ) وَمِثْلُهُ السُّكْرُ بِلَا تَعَدٍّ. قَوْلُهُ: (وَالْإِغْمَاءُ إنْ كَانَ لَا يَدُومُ) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِقْدَارَ يَوْمٍ فَقَطْ اُنْتُظِرَ إفَاقَتُهُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ احْتَاجَتْ. قَوْلُهُ: (وَأَكْثَرُ) أَيْ أَكْثَرُ مِنْ يَوْمٍ إلَى مِقْدَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ اُنْتُظِرَ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ عَنْهُ قَطْعًا لِلْأَبْعَدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: تَنْتَقِلُ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ لَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فِي النِّكَاحِ] فَصْلٌ لَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى نَفْيِ الْوِلَايَةِ يُفْهِمُ جَوَازَ الْوَكَالَةِ أَعْنِي أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْقَبُولِ دُونَ الْإِيجَابِ عَلَى الْأَصَحِّ، فِيهِمَا فَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ جَازَ الْقَبُولُ قَطْعًا وَمِثْلُ الرَّقِيقِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فَيَصِحُّ تَوَكُّلُهُ فِي الْقَبُولِ دُونَ الْإِيجَابِ. قَوْلُهُ: (دُونَ إفَاقَتِهِ) لَوْ وَكَّلَ هَذَا الْوَلِيُّ فِي حَالِ الْإِفَاقَةِ شَخْصًا اشْتَرَطَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ إيقَاعَهُ قَبْلَ عَوْدِ الْجُنُونِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْجُنُونِ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ خَبَلٍ) هُوَ فَسَادٌ فِي الْعَقْلِ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالْجُنُونِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ) دَلِيلُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ أُمَّ حَبِيبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِوِلَايَةِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، أَوْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَكِلَاهُمَا ابْنُ عَمِّ أَبِيهَا مَعَ وُجُودِ أَبِي سُفْيَانَ كَافِرًا» ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْكُفْرِ فَيُقَاسُ الْبَاقِي عَلَيْهِ. فَائِدَةٌ: قَالَ الْأَقْرَبُ لِلْأَبْعَدِ زَوَّجْت بَعْدَ تَأَهُّلِي فَتَزْوِيجُك بَاطِلٌ، وَقَالَ الْأَبْعَدُ بَلْ قَبْلَهُ فَتَزْوِيجِي صَحِيحٌ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمَا وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِلزَّوْجَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ إلَخْ) حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ مُوَافَقَةُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا وَاقْتِضَاءُ التَّعْبِيرِ بِالْأَيَّامِ أَنَّ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اُنْتُظِرَ) . الْأَحْسَنُ فِي هَذَا مَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إنْ كَانَتْ مُدَّتُهُ بِحَيْثُ يُعْتَبَرُ فِيهَا إذْنُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 وَمَعْرِفَتُهَا بِالسَّمَاعِ، وَقِيلَ يَقْدَحُ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ يُؤَثِّرُ فِي الشَّهَادَةِ فَأَشْبَهَ الصِّغَرَ فَيُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ. (وَلَا وِلَايَةَ لِفَاسِقٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) مُجْبِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَسَقَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ بِغَيْرِهِ، أَعْلَنَ بِفِسْقِهِ أَوْ أَسَرَّهُ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ فِي الشَّهَادَةِ فَيَمْنَعُ الْوِلَايَةَ كَالرِّقِّ فَيُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ يَلِي؛ لِأَنَّ الْفَسَقَةَ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْ التَّزْوِيجِ فِي عَصْرِ الْأَوَّلِينَ، وَلِأَنَّ أَمْرَ النِّكَاحِ خَطِيرٌ فَالِاهْتِمَامُ بِشَأْنِهِ، وَإِنْ كَانَ الشَّخْصُ فَاسِقًا أَقْرَبُ مِنْ تَرْكِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا يُفْتِي أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا سِيَّمَا الْخُرَاسَانِيُّونَ، وَقَطَعَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِالْأَوَّلِ، وَبَعْضُهُمْ بِالثَّانِي، وَبَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُجْبِرَ يَلِي بِخِلَافِ غَيْرِهِ، لِكَمَالِ شَفَقَتِهِ، وَبَعْضُهُمْ بِعَكْسِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُجْبِرَ قَدْ يَضَعُهَا عِنْدَ فَاسِقٍ مِثْلِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، لِتَوَقُّفِهِ عَلَى إذْنِهَا فَتَنْظُرُ لِنَفْسِهَا، وَبَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إنْ فَسَقَ بِغَيْرِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَلِيَ أَوْ بِشُرْبِهِ، فَلَا يَلِي لِاضْطِرَابِ نَظَرِهِ وَغَلَبَةِ السُّكْرِ عَلَيْهِ، وَبَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إنْ أَسَرَّ فِسْقَهُ وَلِيَ وَأَعْلَنَ بِهِ فَلَا يَلِي، وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَوْ سُلِبَ الْوِلَايَةُ لَانْتَقَلَتْ إلَى حَاكِمٍ فَاسِقٍ وَلِيَ، وَإِلَّا فَلَا وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ بِهِ وَهَا هُنَا أُمُورٌ أَحَدُهَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ، إذَا لَمْ يَنْعَزِلْ بِالْفِسْقِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَإِنَّهُ يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ، وَقِيلَ لَا كَغَيْرِهِ فَيُزَوِّجُهُنَّ مَنْ دُونَهُ مِنْ الْحُكَّامِ، الثَّانِي الْفِسْقُ يَتَحَقَّقُ بِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ، أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ كَالْعَضْلِ مَرَّاتٍ أَقَلُّهَا فِيمَا حَكَى بَعْضُهُمْ ثَلَاثٌ، الثَّالِثُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَلِي اشْتِرَاطُ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ عَدْلًا فَإِنَّ الْمَسْتُورَ يَلِي بِلَا خِلَافٍ، كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَأَصْحَابُ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ يَلُونَ، كَمَا رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ الْقَطْعَ بِهِ بَعْدَ حِكَايَةِ وَجْهَيْنِ ، (وَيَلِي الْكَافِرُ الْكَافِرَةَ) إذَا لَمْ يَرْتَكِبْ مَحْظُورًا فِي دِينِهِ فَإِنْ ارْتَكَبَهُ فَلَا، كَمَا فِي الْمُسْلِمِ الْفَاسِقِ وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ كَافِرًا أَمْ مُسْلِمًا فِي الذِّمِّيَّةِ وَلَا يَلِي الْكَافِرُ الْمُسْلِمَةَ وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَةَ بَلْ يَلِي الْأَبْعَدُ الْمُسْلِمُ فِي الْأُولَى وَالْكَافِرُ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ فُقِدَ فَالْحَاكِمُ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ، وَهَلْ يَلِي الْيَهُودِيُّ النَّصْرَانِيَّةَ، وَعَكْسُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يَلْحَقَ بِالْإِرْثِ أَيْ   [حاشية قليوبي] لِلسُّلْطَانِ كَالْغَائِبِ وَلَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّهُ يَدُومُ ثَلَاثًا انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ مِنْ أَوَّلِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: إنَّهُ كَالْغَيْبَةِ فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْدَحُ الْعَمَى) لَكِنْ يُوَكِّلُ فِي قَبْضِ الْمَهْرِ فَإِنْ عَقَدَ بِهِ مُعَيَّنًا صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الذِّمَّةِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ الْحَاكِمِ أَنْ يُوَلِّيَ الْأَعْمَى عَقْدَ الْأَنْكِحَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْقَضَاءِ، وَنُقِلَ عَنْ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ صِحَّةُ تَوْلِيَتِهِ. قَوْلُهُ: (فَأَشْبَهَ الصِّغَرَ) وَرُدَّ بِصِحَّةِ شَهَادَتِهِ بِمَا قَبْلَ الْعَمَى، وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا لَوْ عَقَدَ بِنَفْسِهِ فَإِنْ وَكَّلَ صَحَّ قَطْعًا. تَنْبِيهٌ: تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِعَقْدِ الْأَخْرَسِ. قَوْلُهُ: (وَلَا وِلَايَةَ لِفَاسِقٍ) فَإِنْ تَابَ زَوَّجَ فِي الْحَالِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَأَتْبَاعِهِ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ هُنَا بِعَزْمِهِ عَلَى وَفَاءِ الْحُقُوقِ الَّتِي عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَذْهَبِ) هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الطَّرِيقِ الْحَاكِيَةِ وَيُقَابِلُهَا سَبْعُ طُرُقٍ بِجَعْلِ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ طَرِيقَةً مُسْتَقِلَّةً. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْفَسَقَةَ) أَيْ الَّذِينَ طَرَأَ فِسْقُهُمْ. قَوْلُهُ: (وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ إلَخْ) وَرَدُّوهُ بِأَنَّ الْحَاكِمَ تُنَفَّذُ أَحْكَامُهُ لِلضَّرُورَةِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الصَّحِيحُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (بَنَاتُهُ) أَيْ وَلَوْ بِالْإِجْبَارِ فِي الْأَبْكَارِ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ شَيْخِنَا لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِنَّ نُطْقًا فِيهِ نَظَرٌ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ خَاصٌّ أَقْرَبُ مِنْهُ، وَكَذَا بَنَاتُ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ) يُفِيدُ أَنَّهُ انْعَزَلَ عَنْ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهِ مِمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ كَذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ وِلَايَتَهُ الْعَامَّةَ سَبَبٌ فِي بَقَاءِ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ لَهُ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ تَزْوِيجِهِ بَنَاتِهِ بِالْإِجْبَارِ فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْأُمُّ هِيَ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ بَنَاتِهَا لَهَا نُطْقًا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ إصْرَارٌ عَلَى صَغِيرَةٍ) أَيْ مَا لَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الْمَسْتُورَ يَلِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفِيهِ بَحْثٌ دَقِيقٌ مَعَ مَا مَرَّ، بِقَوْلِهِ أَعْلَنَ بِفِسْقِهِ أَوْ أَسَرَّهُ. قَوْلُهُ: (الْحِرَفُ الدَّنِيئَةُ) الْمُخِلَّةُ بِالْمُرُوءَةِ. قَوْلُهُ: (يَلُونَ كَمَا رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ الْقَطْعَ بِهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَحَيْثُ قُلْنَا الْفَاسِقُ لَا يَلِي انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ إنْ كَانَ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (وَيَلِي الْكَافِرُ الْكَافِرَةَ) وَإِنْ زَوَّجَهَا لِمُسْلِمٍ أَوْ كَانَتْ عَتِيقَةَ مُسْلِمٍ، وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ شَهَادَتِهِ بِأَنَّهَا وِلَايَةٌ مَحْضَةٌ وَفِي التَّزَوُّجِ حَقٌّ لِنَفْسِهِ بِنَحْوِ دَفْعِ الْعَارِ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَرْتَكِبْ إلَخْ) هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ عَدْلٍ فِي دِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا الْعَدَالَةِ كَمَا فِي الْمُسْلِمِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُعْرَفُ أَنَّهُ كَذَلِكَ بِإِخْبَارِ عَدَدٍ مُتَوَاتِرٍ مِنْهُمْ، أَوْ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ أَسْلَمَا مِنْهُمْ كَانَا يَعْرِفَانِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَلِي إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ التَّزْوِيجِ بِالْمِلْكِيَّةِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ صِحَّةِ تَزْوِيجِ السَّيِّدِ الْمُسْلِمِ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ، وَوَلِيُّهُ أَيْ السَّيِّدِ وَلَوْ أُنْثَى مِثْلُهُ وَلَا يُزَوِّجُ الْكَافِرُ أَمَتَهُ الْمُسْلِمَةَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فُقِدَ) أَيْ الْوَلِيُّ الْخَاصُّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ   [حاشية عميرة] الْوَلِيِّ الْغَائِبِ ذَهَابًا وَإِيَابًا اُنْتُظِرَ، وَإِلَّا زَوَّجَ الْحَاكِمُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَوَّجَ الْحَاكِمُ مَعَ صِحَّةِ عِبَارَةِ الْغَائِبِ فَمَعَ تَعَذُّرِ ذَلِكَ بِإِغْمَائِهِ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَقْدَحُ الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ) قِيلَ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا عَقَدَ بِنَفْسِهِ أَمَّا لَوْ وَكَّلَ فَيَصِحُّ قَطْعًا كَنَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ، ثُمَّ إذَا قُلْنَا يَلِي وَكَانَ الصَّدَاقُ عَيْنًا لَمْ يَنُبْ كَمَا فِي شِرَاءِ الْغَائِبِ قَالَهُ الشَّيْخَانِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَقْدَحُ) الظَّاهِرُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْأَبْعَدِ كَمَا نَقَلَهُ الْجَبَلِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَاعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: يُوَكِّلُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ زَوَّجَ الْقَاضِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَلِي الْكَافِرُ) أَيْ الْأَصْلِيُّ قَوْلُهُ: (أَمْ مُسْلِمًا) لَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِعَدَمِ انْعِقَادِهِ بِالشَّاهِدِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّ الْفَارِقَ الضَّرُورَةُ فِي الْوَلِيِّ دُونَ الشَّاهِدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَلِي الْكَافِرُ الْمُسْلِمَةَ إلَخْ) . قَالَ الْقَفَّالُ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ أَصْلَ الْوِلَايَةِ، يَتَعَلَّقُ بِاتِّفَاقِ الْأَدْيَانِ؛ إذْ لَا عَدَاوَةَ أَشَدُّ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الدِّينِ فَوَقَعَتْ التُّهْمَةُ فِي الِاخْتِيَارِ اهـ. وَاسْتُدِلَّ عَلَى امْتِنَاعِ تَزَوُّجِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمَةِ بِقِصَّةِ أُمِّ حَبِيبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَوْلُهُ: (وَالْكَافِرُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وَإِلَّا بَعْدَ الْكَافِرِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 فَيَلِي وَيُمْكِنُ أَنْ يُمْنَعَ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمِلَلِ، وَإِنْ كَانَتْ بَاطِلَةً مَنْشَأُ الْعَدَاوَةِ وَسُقُوطُ النَّظَرِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْمُشِيرِ إلَى الْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ مِلَّةٌ أَوْ مِلَلٌ كَمَا بَنَاهُ الْمُتَوَلِّي تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ عُمُومِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ، وَالْمُرْتَدُّ لَا يَلِي مُرْتَدَّةً وَلَا غَيْرَهَا (وَإِحْرَامُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ) مِنْ وَلِيٍّ، وَلَوْ كَانَ السُّلْطَانُ، أَوْ زَوْجٍ أَوْ وَكِيلٍ عَنْ أَحَدِهِمَا، (أَوْ الزَّوْجِيَّةِ) بِالْحَجِّ أَوْ بِالْعُمْرَةِ أَوْ بِهِمَا، (يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَحُ» (وَلَا تُنْقَلُ الْوِلَايَةُ) إلَى الْأَبْعَدِ (فِي الْأَصَحِّ) لِبَقَاءِ الرُّشْدِ وَالنَّظَرِ (فَيُزَوِّجُ السُّلْطَانُ عِنْدَ إحْرَامِ الْوَلِيِّ لَا الْأَبْعَدُ) وَقِيلَ يُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ بِنَاءً عَلَى انْتِقَالِ الْوِلَايَةِ إلَيْهِ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَلَوْ أَحْرَمَ الْوَلِيُّ أَوْ الزَّوْجُ) بَعْدَ التَّوْكِيلِ (فَعَقَدَ وَكِيلُهُ الْحَلَالُ لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَكَأَنَّ الْعَاقِدَ الْمُوَكِّلُ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِإِحْرَامِ الْمُوَكِّلِ، وَالْأَصَحُّ لَا فَيُزَوِّجُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ، وَلَوْ أَحْرَمَ السُّلْطَانُ أَوْ الْقَاضِي جَازَ لِخُلَفَائِهِ أَنْ يَعْقِدُوا الْأَنْكِحَةَ، كَمَا ذَكَرَهُ الْخَفَّافُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالْوَكَالَةِ (وَلَوْ غَابَ الْأَقْرَبُ إلَى مَرْحَلَتَيْنِ زَوَّجَ السُّلْطَانُ) نِيَابَةً عَنْهُ لِبَقَائِهِ عَلَى الْوِلَايَةِ، وَلَا يُسْتَأْذَنُ لِطُولِ مَسَافَتِهِ، (وَدُونَهُمَا لَا يُزَوِّجُ إلَّا بِإِذْنِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِقِصَرِ مَسَافَتِهِ، وَالثَّانِي يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ وَلَا يَنْتَظِرُ إذْنَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَفُوتُ الْكُفْءُ الرَّاغِبُ بِالتَّأْخِيرِ فَتَتَضَرَّرُ بِهِ، وَلَوْ ادَّعَتْ غِيبَةَ وَلِيَّهَا، وَأَنَّهَا خَلِيَّةٌ عَنْ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ، فَهَلْ يُعَوِّلُ الْحَاكِمُ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ، وَيُزَوِّجُهَا أَمْ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ خَبِيرَيْنِ بِهِ احْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ فَإِنَّ الْعُقُودَ يُرْجَعُ فِيهَا إلَى قَوْلِ أَرْبَابِهَا   [حاشية قليوبي] فَالْحَاكِمُ وَلَوْ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ يُزَوِّجُ فِيهِمَا بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَاكِمِ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَحَلِّ الزَّوْجَةِ، وَيُزَوِّجُ حَاكِمُ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ، وَحَاكِمُ الْكُفَّارِ لَهُمْ. قَوْلُهُ: (يَلْحَقُ بِالْإِرْثِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ وَالْمُؤَمَّنَ كَالذِّمِّيِّ وَلِأَنَّهُ لَا يَلِي الْحَرْبِيَّ غَيْرُهُ وَعَكْسُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَيْ فَيَلِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرْتَدُّ لَا يَلِي) أَيْ لَا يَمْلِكُ لَا بِوِلَايَةٍ وَلَا بِوَكَالَةٍ. قَوْلُهُ: (وَإِحْرَامُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ) مِنْ زَوْجٍ أَوْ وَلِيٍّ وَلَوْ عَامًّا أَوْ وَكِيلٍ عَنْ أَحَدِهِمَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ عَقْدِهِ حَالَةَ إحْرَامِهِ وَكَذَا إذْنُهُ لِعَبْدِهِ أَوْ وَلِيِّهِ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ، وَلَوْ بِإِذْنِهِ لَهُ كَذَلِكَ نَعَمْ يَصِحُّ أَنْ يُزَوِّجَ الْوَلِيُّ الْحَلَالُ أَمَةَ مُوَلِّيهِ الْحَرَامِ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَكِيلٍ عَنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ وَهُمَا حَلَالَانِ فَهُوَ عَكْسُ مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ) بِكَسْرِ الْكَافِ فِيهِمَا وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَضَمِّهَا مِنْ الْآخَرِ، وَهُوَ بِمَعْنَى الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّوْكِيلِ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ تَوْكِيلُهُ حَالَةَ إحْرَامِهِ كَذَلِكَ، وَسَوَاءٌ فِيهِمَا قَيَّدَ التَّوْكِيلَ بِالْعَقْدِ حَالَةَ الْإِحْرَامِ أَوْ أَطْلَقَ بَلْ يَبْطُلُ التَّوْكِيلُ فِي الْأَوَّلِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِي، فَلَهُ أَنْ يَعْقِدَ لَهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ لِحَمْلِ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ لِيَعْقِدَ لَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ وَكَّلَ حَلَالٌ مُحْرِمًا فِي أَنْ يُوَكِّلَ حَلَالًا لِيَعْقِدَ لَهُ، وَلَمْ يَقُلْ عَنْ نَفْسِك وَلَا عَنَّا فِيمَا يَظْهَرُ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا فَإِنْ قَالَ عَنْ نَفْسِك، أَوْ عَنَّا لَمْ يَصِحَّ كَمَا مَرَّ. وَبِهَذَا يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ) أَيْ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ وَقَعَ حَالَةَ الْإِحْرَامِ وَإِلَّا فَهُوَ صَحِيحٌ لِإِلْغَاءِ الشَّكِّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَحْرَمَ السُّلْطَانُ أَوْ الْقَاضِي إلَخْ) لَيْسَ وَارِدًا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ بِالْوَكَالَةِ عَنْ الْمُحْرِمِ مِنْهُمَا فَلِذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَابَ) هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَوْضِعَانِ أَيْ مِنْ الْخَمْسَةِ الَّتِي يُزَوِّجُ بِهَا السُّلْطَانُ أَيْضًا بَعْدَ الْمَوْضِعَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَسَيَأْتِي الْخَامِسُ وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ بِقَوْلِهِ: وَتُزَوِّجُ الْحُكَّامُ فِي صُوَرٍ أَتَتْ ... مَنْظُومَةً تَحْكِي عُقُودَ جَوَاهِرِ عَدَمُ الْوَلِيِّ وَفَقْدُهُ وَنِكَاحُهُ ... وَكَذَاك غَيْبَتُهُ مَسَافَةَ قَاصِرِ وَكَذَاك إغْمَاءٌ وَحَبْسٌ مَانِعٌ ... أَمَةً لِمَحْجُورٍ تَوَارِي الْقَادِرِ إحْرَامُهُ وَتَعَزُّزٌ مَعَ عَضْلِهِ ... إسْلَامُ أُمِّ الْفَرْعِ وَهْيَ لِكَافِرِ انْتَهَى فَانْظُرْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى مَرْحَلَتَيْنِ) أَيْ بَيْنَ الْوَلِيِّ مُوَلِّيَتِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ لِلسُّلْطَانِ أَوْ الْقَاضِي مَسَافَةٌ مَعَهُمَا وَلَا مَعَ أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (زَوَّجَ السُّلْطَانُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْقَاضِي كَمَا عُلِمَ نَعَمْ إنْ كَانَ لِلْغَائِبِ وَكِيلٌ حَاضِرٌ قُدِّمَ عَلَى السُّلْطَانِ. قَوْلُهُ: (لِقَصْرِ مَسَافَتِهِ) نَعَمْ لَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ لِنَحْوِ حَبْسٍ، وَلَوْ فِي حَبْسِ السُّلْطَانِ زَوَّجَ فِي ذَلِكَ السُّلْطَانُ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ادَّعَتْ إلَخْ) هُوَ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ إلَخْ) رَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَبِهِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَدَّمَ إمَامُنَا الْأَوَّلَ لِأُمُورٍ مِنْهَا قَوْلُ أَبِي رَافِعٍ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ، وَأَنَا كُنْت الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَيْضًا فَابْنُ عَبَّاسٍ، كَانَ يَرَى أَنَّ مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ صَارَ مُحْرِمًا وَلَعَلَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَهَا بَعْدَ تَقْلِيدِ الْهَدْيِ فَكَانَتْ رِوَايَتُهُ عَلَى وَفْقِ مَذْهَبِهِ، وَأَيْضًا فَدَلِيلُنَا مُحْرِمٌ وَقَوْلٌ، وَذَاكَ مُحَلِّلٌ وَفَعَلَ، وَعِنْدَ التَّعَارُضِ يُصَارُ إلَى تَرْجِيحِ الْمُحْرِمِ وَالْقَوْلِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْمَتْنُ عِوَضَ الزَّوْجَةِ أَوْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ الصَّبِيُّ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ الْحَلَالِ فَعَقَدَ عَلَيْهِ جَبْرًا لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا يُقَالُ فِي السَّيِّدِ مَعَ عَبْدِهِ، ثُمَّ إنَّهُ كَمَا لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُحْرِمِ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ لِعَبْدِهِ الْحَلَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَصِحَّ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَقَدَ الْوَكِيلُ فِي حَالِ صَلَاةِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَمْنَعُ حَتَّى لَوْ عَقَدَ فِيهَا نَاسِيًا صَحَّ. قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ غَابَ الْأَقْرَبُ إلَخْ) . لَوْ زَوَّجَ السُّلْطَانُ عَلَى ظَنِّ الْغَيْبَةِ الشَّرْعِيَّةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ قُرْبُ مَكَانَهُ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 (وَلِلْمُجْبِرِ التَّوْكِيلُ فِي التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ إذْنِهَا) كَمَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا، (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي جَوَازِ التَّوْكِيلِ، (تَعْيِينُ الزَّوْجِ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْأَزْوَاجِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ لِلْوَكِيلِ شَفَقَةٌ دَاعِيَةٌ إلَى حُسْنِ الِاخْتِيَارِ، وَدُفِعَ هَذَا بِأَنَّ شَفَقَةَ الْوَلِيِّ تَدْعُوهُ إلَى أَنْ لَا يُوَكِّلَ إلَّا مَنْ يَثِقُ بِحُسْنِ نَظَرِهِ وَاخْتِيَارِهِ، (وَيَحْتَاطُ الْوَكِيلُ) حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الزَّوْجُ، (فَلَا يُزَوِّجُ غَيْرَ كُفْءٍ) فَإِنْ زَوَّجَ بِهِ لَمْ يَصِحَّ (وَغَيْرُ الْمُجْبِرِ) ، بِأَنْ كَانَ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ مُطْلَقًا، وَأَحَدُهُمَا فِي الثَّيِّبِ (إنْ قَالَتْ لَهُ وَكِّلْ وَكَّلَ وَإِنْ نَهَتْهُ) عَنْ التَّوْكِيلِ (فَلَا) يُوَكِّلُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُزَوَّجُ بِالْإِذْنِ، وَلَمْ تَأْذَنْ فِي تَزْوِيجِ الْوَكِيلِ بَلْ نَهَتْ عَنْهُ، (وَإِنْ قَالَتْ زَوِّجْنِي) وَسَكَتَتْ عَنْ التَّوْكِيلِ (فَلَهُ التَّوْكِيلُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ بِالْوِلَايَةِ، فَيَتَمَكَّنُ مِنْ التَّوْكِيلِ بِغَيْرِ إذْنٍ كَالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ، وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِالْإِذْنِ فَلَا يُوَكِّلُ إلَّا بِإِذْنٍ كَالْوَكِيلِ (وَلَوْ وَكَّلَ قَبْلَ اسْتِئْذَانِهَا فِي النِّكَاحِ لَمْ يَصِحَّ) تَوْكِيلُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّزْوِيجَ بِنَفْسِهِ حِينَئِذٍ، فَكَيْفَ يُوَكِّلُ غَيْرَهُ فِيهِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ تَزْوِيجَهَا بِشَرْطِ الْإِذْنِ، فَلَهُ تَفْوِيضُ مَالِهِ إلَى غَيْرِهِ، وَلَا يُزَوِّجُ الْوَكِيلُ حَتَّى تَأْذَنَ هِيَ لِلْوَلِيِّ، وَلَا يَكْفِي إذْنُهَا لِلْوَكِيلِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَكْفِي وَلَوْ قَالَتْ وَكِّلْ بِتَزْوِيجِي، وَاقْتَصَرَتْ عَلَيْهِ فَلَهُ التَّوْكِيلُ وَكَذَا التَّزْوِيجُ بِنَفْسِهِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ مَنْعُهُ مِمَّا لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ، فَإِنْ نَهَتْهُ عَنْ التَّزْوِيجِ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهَا مَنَعَتْ الْوَلِيَّ وَرَدَّتْ التَّزْوِيجَ إلَى الْوَكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ فَأَشْبَهَ التَّفْوِيضَ إلَيْهِ ابْتِدَاءً. (وَلْيَقُلْ وَكِيلُ الْوَلِيِّ) لِلزَّوْجِ (زَوَّجْتُك بِنْتَ فُلَانٍ) فَيَقْبَلُ (وَلْيَقُلْ الْوَلِيُّ لِوَكِيلِ الزَّوْجِ زَوَّجْت بِنْتِي فُلَانًا فَيَقُولُ وَكِيلُهُ قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ) فَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ وَنَوَاهُ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ الْمُشْتَرَطَ حُضُورُهُمْ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ لَا اطِّلَاعَ لَهُمْ عَلَى النِّيَّةِ ، (وَيَلْزَمُ الْمُجْبِرُ)   [حاشية قليوبي] تَعْمِيمٌ فِي الْغَيْبَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الشَّامِلَةِ لِمَا لَوْ كَانَتْ بِدَعْوَاهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنَّهَا خَلِيَّةٌ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ تُعَيِّنْ زَوْجًا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الْحَاكِمِ لَهَا مِنْ إثْبَاتِ طَلَاقِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْحَاكِمِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) وَهُوَ الْعَمَلُ بِقَوْلِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُنْدَبُ تَحْلِيفُهَا عَلَى مَا ادَّعَتْهُ وَعَلَى أَنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا فِي غَيْبَتِهِ إنْ تَوَقَّفَ عَلَى إذْنِهِ وَعَلَى أَنَّهُ لَمْ يُزَوِّجْهَا فِي الْغَيْبَةِ، وَلِلْحَاكِمِ تَأْخِيرُ عَقْدِهِ لِيَظْهَرَ لَهُ الْأَمْرُ حَيْثُ رَآهُ مَصْلَحَةً لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ، وَلَوْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ لِظَنِّ بُعْدِهِ فَبَانَ قَرِيبًا أَوْ عَكْسُهُ اُعْتُبِرَ الْوَاقِعُ فَيَبْطُلُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَلِلْمُجْبِرِ) وَهُوَ الْأَبُ وَإِنْ عَلَا فِي الْبِكْرِ وَلَوْ حُكْمًا وَالْمَجْنُونَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِهَا) بَلْ وَإِنْ نَهَتْهُ عَنْهُ، وَيَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا بِزَوَالِ بَكَارَتِهَا لِزَوَالِ الْإِجْبَارِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ إلَخْ) وَقِيَاسًا عَلَى تَوْكِيلِ الزَّوْجِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ تَعْيِينُ الزَّوْجَةِ لِلْوَكِيلِ كَفُلَانَةَ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيهَا مُقَيَّدٌ بِالْكُفْءِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ، نَعَمْ يَكْفِي تَعْمِيمُ الزَّوْجِ لِلْوَكِيلِ كَزَوِّجْنِي مَنْ شِئْت بِخِلَافِ زَوِّجْنِي امْرَأَةً. قَوْلُهُ: (الِاخْتِبَارُ) هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَذَا اخْتِبَارُهُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنَّ شَفَقَةَ الْوَلِيِّ إلَخْ) أَيْ فَدَعْوَى الثَّانِي عَدَمُ شَفَقَةِ الْوَلِيِّ مَمْنُوعَةٌ أَوْ أَنَّهَا نَادِرَةٌ بِجَعْلِ قَدْ لِلتَّقْلِيلِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُزَوِّجُ غَيْرَ كُفْءٍ) وَلَا كُفُؤًا مَعَ طَلَبِ أَكْفَأَ مِنْهُ وَيُقَدَّمُ فِي الْمُسْتَوِينَ الْمُوسِرُ مِنْهُمْ، وَمَتَى خَالَفَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ بِخِلَافِ قِلَّةِ الْمَهْرِ، وَكَثْرَتِهِ فَمُخَالَفَتُهُ لَا تُبْطِلُ الْعَقْدَ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى دُونَهُ وَالْأَصَحُّ بِالْمُسَمَّى. قَوْلُهُ: (كَالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ) هُوَ مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا كَالْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ تَصَرَّفَهُمَا بِالتَّوْكِيلِ لَا بِالْوِلَايَةِ بِخِلَافِ وَكِيلِ الْوَلِيِّ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ هُنَا جَوَازُ التَّوْكِيلِ مِنْهُمَا، وَلَوْ عَيَّنَتْ لِلْوَلِيِّ زَوْجًا وَجَبَ تَعْيِينُهُ لِلْوَكِيلِ، وَإِلَّا فَسَدَ التَّوْكِيلُ وَالْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ اسْتِئْذَانِهَا) الْأَوْلَى إذْنُهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) نَعَمْ يَصِحُّ مِنْ الْحَاكِمِ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُزَوِّجُهَا قَبْلَ إذْنِهَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْلَافٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إلَخْ) فَهُوَ فِي غَيْرِ الْمُجْبِرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُزَوِّجُ الْوَكِيلُ) أَيْ عَلَى الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَلَا يَكْفِي) أَيْ عَلَى الثَّانِي أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ) هُوَ مَرْجُوحٌ عَلَى الثَّانِي. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ الْإِذْنُ) نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْعَهَا لَهُ لِنَحْوِ شَفَقَةٍ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فَيَصِحُّ. تَنْبِيهٌ: مِنْ التَّوْكِيلِ لَفْظُ الْإِذْنِ مِنْهَا، وَلَوْ مُعَلَّقًا كَأَذِنْتُ لَك فِي تَزْوِيجِي، أَوْ إذَا طَلَّقَنِي زَوْجِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي فَزَوِّجْنِي وَلَا يَصِحُّ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ الْوَلِيِّ لِلْوَكِيلِ. قَوْلُهُ: (بِنْتَ فُلَانٍ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ مُوَكِّلِي نَعَمْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ أَوْ الشُّهُودُ بِالْوَكَالَةِ وَجَبَ ذِكْرُهَا أَوْ إعْلَامُهُمْ بِهَا. قَوْلُهُ: (فُلَانًا) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مُوَكِّلُك نَعَمْ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ نَسَبَ الزَّوْجِ وَجَبَ إنْشَادُهُ، وَتَثْبُتُ الْوَكَالَةُ بِقَوْلِ مُدَّعِيهَا حَيْثُ اعْتَقَدَ الشُّهُودُ وَالزَّوْجُ أَوْ الْوَلِيُّ صِدْقَهُ، وَلْيَقُلْ وَكِيلُ الْوَلِيِّ لِوَكِيلِ الزَّوْجِ زَوَّجْت بِنْتَ فُلَانٍ فُلَانًا.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِغَيْرِ إذْنِهَا) وَقِيلَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِهَا فَيُمْنَعُ فِي الصَّغِيرَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ لِلْوَكِيلِ اسْتِئْذَانُهَا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَعْيِينُ الزَّوْجِ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّعْيِينَ فَيَمْلِكُ الْإِطْلَاقَ كَالْوَكَالَةِ فِي الْبَيْعِ قَوْلُهُ: (لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ إلَخْ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْأَبَ لَوْ وَكَّلَ الْجَدَّ صَحَّ قَطْعًا وَيَجِبُ أَيْضًا اخْتِصَاصُ الْخِلَافِ بِمَا إذَا لَمْ تُصَرِّحْ الْمَرْأَةُ بِإِسْقَاطِ الْكَفَاءَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ وَكَّلَ قَبْلَ اسْتِئْذَانِهَا إلَخْ) . لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ الْحَاكِمَ فَأَمَرَ رَجُلًا بِتَزْوِيجِهَا قَبْلَ الِاسْتِئْذَانِ فَنَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ، أَنَّهُ يَصِحُّ إنْ قُلْنَا: الِاسْتِنَابَةُ مِنْهُ فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ اسْتِخْلَافٌ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (زَوَّجْت بِنْتِي فُلَانًا إلَخْ) لَوْ قَالَ: زَوَّجْت بِنْتِي مِنْك لِلْمُخَاطَبِ الَّذِي وَكَّلَك لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا إلَّا فِي وَجْهٍ حَكَاهُ صَاحِبُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 أَيْ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ، (تَزْوِيجُ مَجْنُونَةٍ بَالِغَةٍ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ (وَمَجْنُونٍ ظَهَرَتْ حَاجَته) هُوَ مُرَادُ الْمُحَرَّرِ بِقَوْلِهِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَاجَةِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا يَلْزَمُهُ تَزْوِيجُ الْمَجْنُونَةِ وَالْمَجْنُونِ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِظُهُورِ أَمَارَاتِ التَّوَقَانِ أَوْ بِتَوَقُّعٍ لِشِفَاءٍ عِنْدَ إشَارَةِ الْأَطِبَّاءِ، أَيْ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ فَفِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ اكْتَفَى فِي الْمَجْنُونَةِ بِالْبُلُوغِ عَنْ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهَا وَاقْتَصَرَ فِي الْمَجْنُونِ عَلَى الْحَاجَةِ الظَّاهِرَةِ لِاسْتِلْزَامِهَا لِلْبُلُوغِ بِخِلَافِ الْخَفِيَّةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا الْأَطِبَّاءُ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ بَالِغَةٌ مُحْتَاجَةٌ، وَبَالِغٌ ظَاهِرُ الْحَاجَةِ وَالْحِكْمَةُ فِي الْمُخَالَفَةِ بَيْنَهُمَا أَنَّ تَزْوِيجَهَا يُفِيدُهَا الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ وَتَزْوِيجُهُ يُغْرِمُهُ إيَّاهُمَا، (لَا صَغِيرَةٍ وَصَغِيرٍ) عَاقِلَيْنِ لِعَدَمِ حَاجَتِهِمَا إلَيْهِ فِي الْحَالِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الْمَجْنُونَيْنِ (وَيَلْزَمُ الْمُجْبِرَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ وَنَوَاهُ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ) أَيْ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فَلَوْ اقْتَصَرَ الْوَلِيُّ عَلَى زَوَّجْتُك بِنْتِي وَاقْتَصَرَ الْوَكِيلُ عَلَى قَبِلْت نِكَاحَهَا وَقَعَ الْعَقْدُ لِلْوَكِيلِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالنِّيَّةِ لِغَيْرِهِ، وَهَذِهِ غَيْرُ النِّيَّةِ الَّتِي تَقَدَّمَ الِاكْتِفَاءُ بِهَا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُمَا الْمُرَادُ بِالْمُجْبِرِ هُنَا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إجْبَارٌ حَقِيقَةً كَمَا فِي الثَّيِّبِ الْبَالِغَةِ وَمِثْلُهُمَا الْقَاضِي هُنَا. قَوْلُهُ: (هُوَ مُرَادُ الْمُحَرَّرِ) أَيْ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا يُفْهَمُ مِنْهَا شَيْءٌ غَيْرُ مَا يُفْهَمُ مِنْ الْأُخْرَى فَلَوْ قَالَ: وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ كَذَا، وَالْمُرَادُ مِنْهَا كَذَا لَكَانَ أَوْلَى كَمَا سَتَعْرِفُهُ، مِمَّا يَأْتِي وَالْمُرَادُ الْمُطْبِقُ جُنُونُهُمَا وَإِلَّا لَمْ يُزَوَّجَا حَتَّى يُفِيقَا وَيَأْذَنَا فِي غَيْرِ الْبِكْرِيِّ وَبِعَوْدِ جُنُونِهِمَا يَبْطُلُ الْإِذْنُ وَفَارَقَا الْمُحْرِمَ بِبَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ فِيهِ دُونَهُمَا. قَوْلُهُ: (عَنْ الْحَاجَةِ) رَاجِعٌ لَهُمَا مَعًا وَلَمْ تُقَيَّدْ الْحَاجَةُ فِيهِمَا بِالظُّهُورِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاكْتَفَى بِالْحَاجَةِ عَنْ الْبُلُوغِ لِلُزُومِهِ لَهُمَا، كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ فَقَوْلُهُ بِظُهُورِ أَمَارَاتِ التَّوَقَانِ إلَخْ بَيَانٌ لِوُجُودِ الْحَاجَةِ لَا لِظُهُورِهَا فِيهِمَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ الِاحْتِيَاجُ لِلْخِدْمَةِ فِيهِمَا وَقَيَّدَهُ فِي الْمَنْهَجِ فِي الذَّكَرِ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي مَحَارِمِهِ مَنْ يَقُومُ بِهَا، وَمُؤْنَةُ النِّكَاحِ أَخَفُّ مِنْ شِرَاءِ أَمَةٍ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرُهُ وَاحْتِيَاجُ الْأُنْثَى لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَدْلَيْنِ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَلَوْ فِي الرِّوَايَةِ وَفِي الْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ عَدْلَيْ شَهَادَةٍ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الِاكْتِفَاءُ بِعَدْلٍ وَاحِدٍ. قَوْلُهُ: (لِاسْتِلْزَامِهَا) هُوَ عِلَّةٌ لِلْحَاجَةِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِظُهُورِهَا فَتَأَمَّلْ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَوْعٌ مِنْ الْبَدِيعِ يُسَمَّى الِاحْتِبَاكَ، وَهُوَ إسْقَاطُ شَيْءٍ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ اسْتِغْنَاءٌ بِذِكْرِهِ فِي الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا إلَخْ) إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ مَا مَرَّ مِنْ تَوَقُّعِ الشِّفَاءِ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْحِكْمَةُ إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَرَّرَهُ فِي كَلَامِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُ الْمُجْبِرَ وَغَيْرَهُ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ وَسَيَأْتِي مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْإِجَابَةُ) فَإِنْ امْتَنَعَ فَعَاضِلٌ وَيُزَوِّجُ مَنْ يُسَاوِيهِ لَا الْحَاكِمُ إلَّا إذَا عَضَلُوا كُلُّهُمْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءُ) أَيْ الْخَوَاصُّ مِنْ النَّسَبِ أَمَّا لَوْ أَذِنَتْ لِجَمَاعَةٍ مِنْ قُضَاةِ بَلَدِهَا، فَلِكُلٍّ الِانْفِرَادُ بِالْعَقْدِ بِلَا إقْرَاعٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَأَمَّا الْمُعْتِقُونَ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْعَقْدِ، وَلَوْ بِإِذْنِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَأَمَّا عَصَبَتُهُمْ فَعَصَبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ تَقُومُ مَقَامَهُ كَذَا قَالُوهُ، وَفِيهِ اقْتِضَاءٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ جَمِيعِ الْعَصَبَةِ الْمُتَعَدِّدِينَ سَوَاءٌ كَانُوا لِكُلِّ مُعْتِقٍ أَوْ لِبَعْضِهِمْ وَلَوْ كُلُّ وَاحِدٍ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ اعْتِبَارُ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ إذْ ذَاكَ، مِنْهُمْ كَأَوْلِيَاءِ النَّسَبِ، وَأَنَّهُمْ إذَا تَعَدَّدَتْ عَصَبَاتُهُمْ أَوْ عَصَبَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَاتَّحَدَتْ دَرَجَتُهُمْ يُعْتَبَرُ إذْنُ كُلِّهِمْ كَأَوْلِيَاءِ النَّسَبِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (كَإِخْوَةٍ) أَيْ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَأَشِقَّاءَ فَقَطْ أَوْ لِأَبٍ فَقَطْ، وَكَذَا الْأَعْمَامُ وَغَيْرُهُمْ. قَوْلُهُ: (فَسَأَلْت بَعْضَهُمْ) أَيْ مُعَيَّنًا مُفْرَدًا فَإِنْ تَعَدَّدَ فَفِيهِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) أَيْ عَيْنًا إنْ انْفَرَدَ وَكِفَايَةً إنْ تَعَدَّدَ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءُ فِي دَرَجَةٍ اُسْتُحِبَّ إلَخْ) وَالصُّورَةُ أَنَّهَا قَدْ أَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَلَوْ بِقَوْلِهَا: أَذِنْت لِكُلٍّ مِنْكُمْ أَنْ يُزَوِّجَنِي أَوْ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ، فَلْيَزَوَّجْنِي، أَوْ أَذِنْت لِوَاحِدٍ مِنْكُمْ، أَوْ أَذِنْت لِأَحَدِكُمْ، أَوْ لِأَحَدِ أَوْلِيَائِي وَكَذَا أَذِنْت لَكُمْ فِي تَزْوِيجِي سَوَاءٌ عَيَّنَتْ   [حاشية عميرة] الْبَحْرِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْأَبِ وَالْجَدِّ) أَيْ فَهُمَا الْمُرَادُ بِالْمُجْبِرِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِ الْمُوَلِّيَةِ مُجْبَرَةً. قَوْلُهُ: (هُوَ مُرَادُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الْمُحَرَّرِ كَأَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ يُتَوَهَّمُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ خِلَافُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَغْمُرَ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَاجَةِ بِمِثْلِ الظُّهُورِ الَّذِي هُوَ الْبُلُوغُ سَوَاءٌ وُجِدَتْ الْحَاجَةُ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (بِالْبُلُوغِ عَنْ الْحَاجَةِ) أَيْ عَنْ التَّصْرِيحِ بِاشْتِرَاطِهَا، وَإِلَّا فَهِيَ مُشْتَرَطَةٌ يَدُلُّك عَلَى أَنَّ هَذَا مُرَادَهُ قَوْلُهُ الْآتِي فَكَأَنَّهُ قِيلَ بَالِغَةٌ مُحْتَاجَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْحِكْمَةُ فِي الْمُخَالَفَةِ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ، وَإِلَّا فَالْمَذْهَبُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الِاكْتِفَاءِ بِمُطْلَقِ الْحَاجَةِ كَمَا سَلَفَ عَنْ الرَّوْضَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (عَاقِلَيْنِ) الظَّاهِرُ أَنَّ التَّعْمِيمَ أَوْلَى وَكَأَنَّهُ فَرَّ مِنْ ذَلِكَ لِلُزُومِ التَّكْرَارِ وَإِيهَامِ الْعِبَارَةِ الْجَوَازَ فِي الْمَجْنُونِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَزِمَهُ الْإِجَابَةُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَصِيرُ بِالِامْتِنَاعِ عَاضِلًا فَيُزَوِّجُهَا الْقَاضِي، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ إذْ كَيْفَ يُزَوِّجُ مَعَ وُجُودِ وَلِيٍّ آخَرَ، قَالَ: وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُزَوِّجُ لَكِنْ بِإِذْنِهِمْ انْتَهَى. قُلْت وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْتَقِلُّ إلَّا بَعْدَ امْتِنَاعِ الْجَمْعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَائِدَةٌ: إلْزَامُهُ بِالْإِجَابَةِ تَرَتُّبُ الْإِثْمِ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 وَغَيْرُهُ إنْ تَعَيَّنَ) كَأَخٍ وَاحِدٍ أَوْ عَمٍّ وَاحِدٍ (إجَابَةُ مُلْتَمِسَةِ التَّزْوِيجِ) تَحْصِينًا لَهَا (فَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَإِخْوَةٍ فَسَأَلَتْ بَعْضَهُمْ) ، أَنْ يُزَوِّجَهَا (لَزِمَهُ الْإِجَابَةُ فِي الْأَصَحِّ) كَيْ لَا يَتَوَاكَلُوا، فَلَا يُعِفُّونَهَا، وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ لِلْوِلَايَةِ. ، (وَإِذَا اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءٌ فِي دَرَجَةٍ) كَإِخْوَةٍ أَوْ أَعْمَامٍ (اُسْتُحِبَّ أَنْ يُزَوِّجَهَا أَفْقَهَهُمْ) بِالنَّظَرِ إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِشَرَائِطِ النِّكَاحِ، (وَأَسَنَّهُمْ) بِالنَّظَرِ إلَى غَيْرِهِ لِزِيَادِ تَجْرِبَتِهِ، وَكَذَا أَوَرَعَهُمْ؛ لِأَنَّهُ أَشْفَقُ وَأَحْرَصُ عَلَى طَلَبِ الْحِفْظِ (بِرِضَاهُمْ) أَيْ بِرِضَا بَاقِيهِمْ لِتَجْتَمِعَ الْآرَاءُ، وَلَا يَتَشَوَّشَ بَعْضُهُمْ بِاسْتِئْثَارِ الْبَعْضِ، (فَإِنْ تَشَاحُّوا) بِأَنْ لَمْ يَرْضُوا بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَأَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنْ يُزَوِّجَ (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ، (وَقَدْ أَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ) أَنْ يُزَوِّجَهَا (صَحَّ) تَزْوِيجُهُ (فِي الْأَصَحِّ) ، لِلْإِذْنِ فِيهِ، وَالثَّانِي لَا لِيَكُونَ لِلْقُرْعَةِ فَائِدَةٌ وَأُجِيبَ، بِأَنَّ فَائِدَتَهَا قَطْعُ النِّزَاعِ بَيْنَهُمْ لَا نَفْيُ وِلَايَةِ الْبَعْضِ. (وَلَوْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ زَيْدًا وَالْآخَرُ عُمَرًا) وَقَدْ أَذِنَتْ لَهُمْ فِي التَّزْوِيجِ وَسَبَقَ أَحَدُ التَّزْوِيجَيْنِ، (فَإِنْ عُرِفَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (فَهُوَ الصَّحِيحُ) وَالْآخَرُ بَاطِلٌ (وَإِنْ وَقَعَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّبْقُ وَالْمَعِيَّةُ فَبَاطِلَانِ) لِتَدَافُعِهِمَا فِي الْمَعِيَّةِ الْمُحَقَّقَةِ أَوْ الْمُحْتَمَلَةِ؛ إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فِيهَا مَعَ امْتِنَاعِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَلِتَعَذُّرِ إمْضَاءِ الْعَقْدِ فِي السَّبْقِ الْمُحْتَمَلِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ لَغَا. (وَكَذَا لَوْ عُرِفَ سَبْقُ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ) أَيْ فَهُمَا بَاطِلَانِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) أَمَّا الثَّانِي مِنْهُمَا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ، وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ: يُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ وَبَعْضُهُمْ أَبَى تَخْرِيجَهُ وَقَطَعَ بِالْأَوَّلِ، (وَلَوْ سَبَقَ مُعَيَّنٌ ثُمَّ اشْتَبَهَ) بِالْآخَرِ، (وَجَبَ التَّوَقُّفُ حَتَّى يُبَيِّنَ) ، فَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَطْؤُهَا، وَلَا لِثَالِثٍ نِكَاحُهَا قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَاهَا أَوْ يَمُوتَا أَوْ يُطَلِّقَ أَحَدُهُمَا وَيَمُوتَ الْآخَرُ، وَتَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَبَعْضُهُمْ أَجْرَى هُنَا قَوْلَ الْبُطْلَانِ فِيمَا قَبْلَهُ، (فَإِنْ ادَّعَى كُلُّ زَوْجٍ) عَلَيْهَا   [حاشية قليوبي] زَوْجًا فِي ذَلِكَ، أَوْ لَا، فَإِنْ قَالَتْ: زَوِّجُونِي تَعَيَّنَ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْعَقْدِ، وَلَوْ بِإِذْنِهِمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَإِذَا عَيَّنَتْ وَاحِدًا بَعْدَمَا تَقَدَّمَ لَا يَنْعَزِلُ غَيْرُهُ، وَلَوْ أَذِنَتْ ابْتِدَاءً لِوَاحِدٍ فَقَطْ تَعَيَّنَ دُونَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِالنَّظَرِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ عَدَمُ صِحَّةِ تَفْضِيلِ الْمُضَافِ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ عَدَمَ صِحَّةِ تَفْضِيلِ الشَّخْصِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ، فَلَوْ قَالَ: الْأَفْقَهُ لَكَانَ أَوْلَى؛ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: زَيْدٌ أَفْضَلُ الْإِخْوَةِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ زَيْدٌ أَفْضَلُ إخْوَتِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِشَرَائِطِ النِّكَاحِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِقْهِ هُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا فِي غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا أَوْرَعُهُمْ) هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَسَنِّ بَعْدَ الْأَفْقَهِ فَلَوْ ذَكَرَهُ عَقِبَهُ لَوَافَقَ الْمُعْتَمَدَ وَتَعْبِيرُهُ، بِمَا ذَكَرَهُ جَرَى عَلَى سُنَنِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ قَالَ الْأَوْرَعُ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ يَرْضُوا إلَخْ) لَوْ قَالَ بِأَنْ لَمْ يَرْضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، بِأَنْ يُزَوِّجَ غَيْرَهُ لَكَانَ صَوَابًا عَمَّا ذَكَرَهُ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (أَقْرَعَ) أَيْ وُجُوبًا، وَكَوْنُ الْقَارِعِ الْإِمَامَ أَوْلَى، وَهَذَا إذَا اتَّحَدَ الْخَاطِبُ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَنْ عَيَّنَتْهُ، وَإِلَّا عَيَّنَ الْإِمَامُ الْأَصْلَحَ، وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (فَائِدَتُهَا قَطْعُ النِّزَاعِ) فَلَا إثْمَ بِتَرْكِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِهَا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّأْكِيدُ فَرَاجِعْهُ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلسُّلْطَانِ. وَأَمَّا خَبَرُ فَإِنْ تَشَاحُّوا فَالسُّلْطَانُ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَضَلُوا كُلُّهُمْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ أَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ) أَيْ وَاتَّفَقَ الزَّوْجَانِ فِي الْكَفَاءَةِ أَوْ أَسْقَطُوهَا وَهَذَا تَصْوِيرٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَذِنَتْ لِمُعَيَّنٍ مُفْرَدٍ مِنْهُمْ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ غَيْرِهِ، وَمَا لَوْ عَيَّنَتْ اجْتِمَاعَهُمْ عَلَى الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ مَعَ فَقْدِ وَاحِدٍ مِمَّنْ عَيَّنَتْهُ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْآخَرُ بَاطِلٌ) أَيْ الثَّانِي، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ فِي الدُّخُولِ، إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِعَقْدِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (عُرِفَ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِتَصَادُقٍ. قَوْلُهُ: (فَبَاطِلَانِ) ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا فِي الْأُولَى وَظَاهِرًا فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهِيَ لَهُ نَعَمْ إنْ وَقَعَ الْفَسْخُ مِنْ الْحَاكِمِ انْفَسَخَ بَاطِنًا أَيْضًا فَلَا تَعُودُ لَهُ، وَإِنْ عَلِمَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فِي السَّبْقِ الْمُحْتَمَلِ) نَعَمْ إنْ رُجِيَ وَجَبَ التَّوَقُّفُ. قَوْلُهُ: (لَوْ عُرِفَ سَبْقُ أَحَدِهِمَا) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُرْجَ زَوَالُهُ وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يَتَوَقَّفَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مُخَرَّجٍ) أَيْ مِنْ سَبْقِ إحْدَى الْجُمُعَتَيْنِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ إذَا صَحَّتْ لَا يَطْرَأُ عَلَيْهَا إبْطَالٌ بِخِلَافِهِ هُنَا، كَمَا لَوْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ هُنَا فَسْخُهُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ التَّوَقُّفُ) وَلَهَا رَفْعُ أَمْرِهَا لِلْحَاكِمِ لِأَجْلِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ كَمَا يَأْتِي وَلَهُ الْفَسْخُ إذَا سَأَلَتْهُ لِلضَّرُورَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَطْؤُهَا) فَإِنْ وَطِئَهَا لَزِمَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُسَمَّى. قَوْلُهُ: (أَوْ يَمُوتَا) وَيُوقَفَ مِنْ تَرِكَةِ كُلِّ مَيِّتٍ مِنْهَا إرْثُ زَوْجَةٍ وَمَهْرُهَا. تَنْبِيهٌ: يَجِبُ عَلَيْهِمَا نَفَقَتُهَا مُدَّةَ التَّوَقُّفِ بِحَسَبِ حَالِهِمَا يَسَارٌ أَوْ غَيْرُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَسْبُوقُ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَهُ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ ثُمَّ بِإِشْهَادٍ، وَهِيَ تَرْجِعُ عَلَى السَّابِقِ بِتَمَامِ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ النَّفَقَةِ الْكَامِلَةِ كَذَا قَالَهُ الْكَمَالُ الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْوَجْهُ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر عَدَمُ اعْتِمَادِهِ فَلْيُرَاجَعْ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (بِالنَّظَرِ إلَى غَيْرِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا فِي عُرْفِ الشَّرْعِ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ الْأَوْرَعَ وَالْأَسَنَّ هَذَا مُرَادُهُ، فِيمَا يَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ لَا أَدْرِي هَلْ قَائِلُ هَذَا يَخُصُّهُ بِقُرْعَةِ السُّلْطَانِ أَوْ يَعُمُّ. قَالَ: وَعَلَى الْأَصَحِّ يُكْرَهُ التَّزْوِيجُ فِي قُرْعَةِ السُّلْطَانِ دُونَ غَيْرِهِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَالْآخَرُ بَاطِلٌ) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي أَمْ لَا خِلَافًا لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَبَاطِلَانِ) اُسْتُشْكِلَ الْبُطْلَانُ فِي الثَّانِيَةِ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَعِيَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ ادَّعَى كُلُّ زَوْجٍ إلَخْ) . لَيْسَ تَفْرِيعًا عَلَى الْخَامِسَةِ بَلْ الْمَعْنَى أَنَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ إذَا اعْتَرَفَ الزَّوْجَانِ بِأَنَّ الْحَالَ كَمَا ذُكِرَ فَإِنْ تَنَازَعَا وَزَعَمَ كُلٌّ أَنَّهُ السَّابِقُ، وَأَنَّهَا تَعْلَمُ ذَلِكَ فَفِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ يُعْرَفُ هَذَا بِمُرَاجَعَةِ الرَّافِعِيِّ الْكَبِيرِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 (عِلْمَهَا بِسَبْقِهِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُمَا بِنَاءً عَلَى الْجَدِيدِ، وَهُوَ قَبُولُ إقْرَارِهَا بِالنِّكَاحِ، فَإِنْ أَنْكَرَتْ حَلَفَتْ) قَالَ الْبَغَوِيّ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا أَيْ إنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَ نِكَاحِهِ، وَعَنْ الْقَفَّالِ إذَا حَضَرَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَادَّعَيَا أَيْ مَعًا حَلَفَتْ لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً، أَيْ إنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَ نِكَاحِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ، (وَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا) بِالسَّبْقِ (ثَبَتَ نِكَاحُهُ) بِإِقْرَارِهَا (وَسَمَاعُ دَعْوَى الْآخَرِ وَتَحْلِيفُهَا لَهُ) أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَ نِكَاحِهِ، (يُبْنَى عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ قَالَ هَذَا لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو، وَهَلْ يَغْرَمُ لِعَمْرٍو إنْ قُلْنَا نَعَمْ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ (فَنَعَمْ) أَيْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَلَهُ التَّحْلِيفُ رَجَاءَ أَنْ تُقِرَّ فَيُغْرِمَهَا، وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الزَّوْجِيَّةُ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَغْرَمُ لِعَمْرٍو، فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى هُنَا لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ أَوْ نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ، فَحَلَفَ هُوَ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ عَلَى الْأَظْهَرِ، لَا تَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي عَلَيْهِ التَّفْرِيعُ، وَحَيْثُ غَرِمَتْ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى شُهُودِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ إذَا رَجَعُوا بَعْدَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي وَهُوَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَفِي قَوْلٍ نِصْفُهُ إنْ كَانَ قَبْلَ وَطْءٍ (وَلَوْ تَوَلَّى طَرَفَيْ عَقْدٍ فِي تَزْوِيجِ بِنْتِ ابْنِهِ بِابْنِ ابْنِهِ الْآخَرِ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) لِقُوَّةِ وِلَايَتِهِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ خِطَابَ الْإِنْسَانِ مَعَ نَفْسِهِ لَا يَنْتَظِمُ، وَإِنَّمَا جُوِّزَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ لِلطِّفْلِ وَمِنْهُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ (وَلَا يُزَوِّجُ ابْنُ الْعَمِّ نَفْسَهُ بَلْ يُزَوِّجُهُ ابْنُ عَمٍّ فِي دَرَجَتِهِ) ، إنْ كَانَ (فَإِنْ فَقَدَهُ الْقَاضِي) ، وَلَا تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى الْأَبْعَدِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَإِنْ ادَّعَى) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَعِيَّةِ الْمُحَقَّقَةِ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهَا) وَكَذَا عَلَى وَلِيِّهَا الْمُجْبِرِ لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالنِّكَاحِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ دَعْوَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، فَلَا تَصِحُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ سَوَاءٌ قَبْلَ حَلِفِهَا وَبَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (عِلْمَهَا بِسَبَقِهِ) أَوْ إنَّهَا زَوْجَتُهُ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْبَغَوِيّ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ الْقَفَّالِ) هُوَ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ هُوَ. قَوْلُهُ: (رَجَاءَ أَنْ تُقِرَّ) أَوْ تُنْكِرَ فَيَحْلِفَ هُوَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَيُغْرِمُهَا) أَيْ مَهْرَ مِثْلِهَا وَهُوَ لِلْحَيْلُولَةِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ الْأَوَّلُ مَثَلًا عَادَتْ زَوْجَةً لِهَذَا بَعْدَ عِدَّتِهَا لِلْأَوَّلِ، وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهَا. تَنْبِيهٌ: شَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ ادَّعَيَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا، وَلَوْ أَقَرَّتْ لَهُمَا مَعًا أَوْ نَكَلَتْ وَحَلَفَا لَمْ تَسْقُطْ الْمُطَالَبَةُ عَنْهَا لِإِلْغَاءِ إقْرَارِهَا، وَتَعَارَضَ حَلِفُهَا وَتُؤْمَرُ بِمَا مَرَّ، وَلَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ ثَبَتَتْ لَهُ، وَلَوْ حَلَفَتْ لَهُمَا قَالَ شَيْخُنَا: بَقِيَ الْإِشْكَالُ فِي صُورَةِ النِّسْيَانِ، وَبَطَلَ النِّكَاحَانِ فِي غَيْرِهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهَا) أَيْ الدَّعْوَى بِعَدَمِ الْغُرْمِ فَالْمُدَّعَى بِهِ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ هُوَ النِّكَاحُ بِعَيْنِهِ، وَالْغُرْمُ أَمْرٌ مُرَتَّبٌ عَلَى ذَلِكَ، كَالنَّتِيجَةِ لَهُ فَهُوَ كَدَعْوَى الْمَالِ فِي السَّرِقَةِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا الْقَطْعُ وَبِذَلِكَ سَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِعَدَمِ فَائِدَةِ الدَّعْوَى أَيْ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ هُنَا يَقُولُ بِعَدَمِ غُرْمِهَا إذَا أَقَرَّتْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِيَمِينِهِ الْمَرْدُودَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ فَلَا فَائِدَةَ لِلدَّعْوَى لِعَدَمِ حُصُولِ زَوْجِيَّةٍ أَوْ غُرْمٍ فَلَا تُسْمَعُ فَقَوْلُهُ لَا تَغْرَمُ إلَخْ. جَوَابُ لَوْ وَعَلَى الْأَظْهَرِ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّشْبِيهِ بِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ فَيَكُونُ تَفْرِيعًا عَلَى نُكُولِهَا وَحَلِفُهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَحَيْثُ غَرِمَتْ) وَهُوَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَظْهَرِ فِي الْإِقْرَارِ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو الْمَذْكُورِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَهُ لَكَانَ أَقْرَبَ لِلْمُرَادِ. قَوْلُهُ: (مَهْرُ الْمِثْلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَوَلَّى) أَيْ الْوَلِيُّ الْمُجْبِرُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ إذْنَ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ الثَّيِّبِ كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا وَلَيْسَ دُونَهُ وَلِيٌّ أَقْرَبُ. قَوْلُهُ: (بِابْنِ ابْنِهِ) أَيْ الَّذِي فِي حِجْرِهِ. قَوْلُهُ: (صَحَّ) وَيَكْفِيهِ قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ وَاوٍ وَخَرَجَ بِالْجَدِّ وَكِيلُهُ، وَهُوَ وَكِيلُهُ مَعَهُ وَخَرَجَ السَّيِّدُ فِي عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مَجْنُونَةٍ وَمَجْنُونٍ فَيَنْصِبُ وَاحِدًا فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، وَيَتَوَلَّى هُوَ الطَّرَفَ الْآخَرَ، وَلِلْعَمِّ تَزْوِيجُ بِنْتِ أَخِيهِ بِابْنِهِ الْبَالِغِ وَلِابْنِ الْعَمِّ تَزْوِيجُ بِنْتِ عَمِّهِ بِابْنِهِ الْبَالِغِ، لِعَدَمِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ فِيهِمَا فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا قَبِلَ لَهُ مِنْ الْحَاكِمِ فَهُوَ وَلِيُّهَا حِينَئِذٍ وَلَا يُكَلَّفُ الصَّبْرَ إلَى الْبُلُوغِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُزَوِّجُ ابْنُ الْعَمِّ) أَيْ مَثَلًا فَكُلُّ الْأَوْلِيَاءِ كَذَلِكَ أَيْ لَا يُزَوِّجُ وَاحِدٌ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، مُوَلِّيَتَهُ لِنَفْسِهِ بِتَوْلِيَةِ الطَّرَفَيْنِ بَلْ يُزَوِّجُهُ بِهَا نَظِيرَهُ فِي دَرَجَتِهِ، وَيَقْبَلُ هُوَ لِنَفْسِهِ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ حِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي دَرَجَتِهِ زَوَّجَهَا لَهُ الْقَاضِي، وَهَذِهِ تَمَامُ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الَّتِي يُزَوِّجُ فِيهَا الْحَاكِمُ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسَمَاعُ دَعْوَى الْآخَرِ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْبِنَاءَ الْمَذْكُورَ بِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَى النِّكَاحِ إنَّمَا هِيَ لَعَيْنِهِ لَا لِمَا يَلْزَمُ عَنْهُ مِنْ الْغُرْمِ، فَكَيْفَ يَحْلِفُ عَلَى مَا لَمْ يَدَّعِهِ، وَالْحَلِفُ إنَّمَا يَكُونُ لِنَفْيِ الْمُدَّعَى بِهِ وَنَبَّهَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا ذَكَرَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً يَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ بِلَا خِلَافٍ. قُلْت وَكَذَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ بَيِّنَةً، وَلَا حَلِفًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَدَّعِيَ ثُمَّ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ. قَوْلُهُ: (فَيَكُونُ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) مُقَابِلُهُ أَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ وَعَلَيْهِ فَقِيلَ تُسْمَعُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْكَلَ وَيَحْلِفَ فَتُسَلَّمُ لَهُ، وَتُنْتَزَعَ مِنْ الْأَوَّلِ وَالصَّحِيحُ عَدَمُ السَّمَاعِ؛ لِأَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ فِي حَقِّ الْمُتَدَاعِيَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا. وَلَوْ عَلِمْنَا بِهَا لَزِمَ بُطْلَانُ نِكَاحِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا فِي التَّكْمِلَةِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي تَزْوِيجِ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ بِعَبْدِهِ الصَّغِيرِ إنْ قُلْنَا: لَهُ إجْبَارُهُ، وَفِي الْبَحْرِ: لَوْ أَرَادَ الْقَاضِي تَزْوِيجَ الْمَجْنُونِ مَجْنُونَةً لَا نَصَّ لَهُ وَلِقِيَاسِ أَنْ لَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ وَيُحْتَمَلُ الْمَذْهَبُ وَغَيْرُهُ اهـ. وَمَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا إلَّا الْقَاضِي يَجُوزُ أَنْ يَنْصِبَ شَخْصًا يُزَوِّجُهَا لِلْمَجْنُونِ الْمُحْتَاجِ وَالْقَاضِي يَقْبَلُ وَبِالْعَكْسِ. قَوْلُهُ: (لِقُوَّةِ وِلَايَتِهِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يُؤْخَذُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ أَنْ يَكُونَ مُجْبِرًا، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ حَتَّى لَا يَجُوزَ فِي بِنْتِ ابْنِهِ الثَّيِّبِ بِالْبَالِغِ الْعَاقِلِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُزَوِّجُ ابْنُ الْعَمِّ نَفْسَهُ) مِثْلُهُ ابْنُهُ الصَّغِيرُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 (فَلَوْ أَرَادَ الْقَاضِي نِكَاحَ مَنْ لَا وَلِيَ لَهَا) خَاصًّا (زَوَّجَهُ) إيَّاهَا (مَنْ فَوْقَهُ مِنْ الْوُلَاةِ) ، كَالسُّلْطَانِ (أَوْ خَلِيفَتِهِ) إنْ كَانَ لَهُ خَلِيفَةٌ أَوْ مُسَاوِيهِ كَخُلَفَاءِ الْقَاضِي (وَكَمَا لَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) . غَيْرِ الْجَدِّ كَمَا تَقَدَّمَ (لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا فِي أَحَدِهِمَا) وَيَتَوَلَّى الْآخَرَ (أَوْ وَكِيلَيْنِ فِيهِمَا) فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ مَنْزِلَةُ فِعْلِ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ تَزْوِيجِ خَلِيفَةِ الْقَاضِي لَهُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ بِالْوِلَايَةِ، وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ رِعَايَةُ التَّعَدُّدِ فِي صُورَةِ الْعَقْدِ وَقَدْ حَصَلَ فَصْلٌ (زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ) الْمُنْفَرِدُ كَالْأَبِ أَوْ الْأَخِ (غَيْرَ كُفْءٍ بِرِضَاهَا أَوْ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ الْمُسْتَوِينَ) كَإِخْوَةٍ أَوْ أَعْمَامٍ غَيْرِ كُفْءٍ (بِرِضَاهَا وَرِضَا الْبَاقِينَ صَحَّ) ، التَّزْوِيجُ؛ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ حَقُّهَا، وَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ، وَقَدْ رَضِيَتْ مَعَهُمْ بِتَرْكِهَا، (وَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَقْرَبُ بِرِضَاهَا) غَيْرَ كُفْءٍ، (فَلَيْسَ   [حاشية قليوبي] وَمَسَائِلُ خَمْسٌ تَقَرَّرَ حُكْمُهَا ... فِيهَا يُرَدُّ الْعَقْدُ لِلْحُكَّامِ فَقْدُ الْوَلِيِّ وَعَضْلُهُ وَنِكَاحُهُ ... وَكَذَاك غَيْبَتُهُ مَعَ الْإِحْرَامِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهَا مَسَائِلَ أُخَرَ تَعُودُ إلَى هَذِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فَلْتُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَرَادَ الْقَاضِي إلَخْ) هَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ أَفْرَادِ مَا مَرَّ أَيْ إذَا أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ هُوَ وَلِيٌّ لَهَا لِفَقْدِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ فَلَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَمَا مَرَّ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَتْ لِابْنِ عَمِّهَا: زَوِّجْنِي مِنْ نَفْسِك جَازَ أَنْ يُزَوِّجَهَا لَهُ الْقَاضِي، وَلَوْ قَالَتْ: زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ ذَلِكَ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِهِ. فَصْلٌ فِي الْكَفَاءَةِ بِالْمَدِّ وَهِيَ لُغَةً الْمُسَاوَاةُ وَالْمُعَادَلَةُ وَاصْطِلَاحًا أَمْرٌ يُوجِبُ فَقْدُهُ عَارًا، وَاعْتِبَارُهَا فِي النِّكَاحِ لَا لِصِحَّتِهِ غَالِبًا بَلْ لِكَوْنِهَا حَقًّا لِلْوَلِيِّ وَالْمَرْأَةِ فَلَهُمَا إسْقَاطُهَا. قَوْلُهُ: (زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ) وَمِثْلُهُ وَكِيلُهُ فَلَهُ ذَلِكَ بِالرِّضَا. نَعَمْ لَوْ قَالَتْ: زَوِّجْنِي مِمَّنْ شِئْت جَازَ لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ دُونَ وَكِيلِهِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ الْإِذْنِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ وَإِنْ رَضِيَتْ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِرِضَاهَا) وَلَوْ سَفِيهَةً، وَسُكُوتُهُ كَافٍ إنْ صَرَّحَ لَهَا بِأَنَّهُ غَيْرُ كُفْءٍ أَوْ عَيَّنَهُ لَهَا أَوْ عَيَّنَتْهُ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِإِسْقَاطِهَا لَفْظًا، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ عَقْدَ الْوَلِيِّ كَافٍ عَنْ تَصْرِيحِهِ بِإِسْقَاطِهَا نَعَمْ فِي تَعَدُّدِ الْأَوْلِيَاءِ لَا بُدَّ مِنْ تَصْرِيحِ غَيْرِ الْعَاقِدِ لَفْظًا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِيمَنْ عَرَفَ مَعْنَى الْكَفَاءَةِ، وَاعْتِبَارِهَا فِي الْعَقْدِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ مِنْ الزَّوْجَةِ، أَوْ الْأَوْلِيَاءِ كَغَالِبِ الْعَوَامّ فَهَلْ سُكُوتُهُ عَنْهَا كَافٍ فِي إسْقَاطِهَا وَصِحَّةُ الْعَقْدِ أَوْ لَا فَرَاجِعْهُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ إنْ وَقَعَ إذْنٌ مِنْ الزَّوْجَةِ فِي التَّزْوِيجِ، وَإِلَّا فَلَا لَكِنَّ ظَاهِرَ إفْتَاءِ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِوُجُوبِ التَّحْلِيلِ كَمَا مَرَّ، يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَقْدِ مُطْلَقًا وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَرِضَا الْبَاقِينَ) نَعَمْ لَوْ زَوَّجَهَا لَهُ ثَانِيًا لِنَحْوِ طَلَاقٍ بَعْدَ رِضَاهُمْ بِهِ أَوَّلًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى رِضَاهُمْ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لِلْأَبْعَدِ اعْتِرَاضٌ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي التَّزْوِيجِ، وَلَوْ أَقْرَبَ كَأَخٍ صَغِيرٍ مَعَ عَمٍّ كَامِلٍ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ كُفْءٍ) أَيْ بِغَيْرِ جَبٍّ وَعُنَّةٍ وَإِلَّا فَرَضَاهَا كَافٍ وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا. قَوْلُهُ: (رِضَا بَاقِيهِمْ) أَيْ وَلَوْ غَائِبًا مَرْحَلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ بِكْرًا) وَكَذَا غَيْرُهُمَا فِي التَّزْوِيجِ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ خَلِيفَتُهُ) . عَلَّلَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ حُكْمَهُ نَافِذٌ عَلَيْهِ، وَبِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ بِلَا سَبَبٍ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِيهِمَا وَلَوْ اسْتَنَابَ شَخْصًا فِي هَذَا التَّزْوِيجِ فَقَطْ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي، وَيُحْتَمَلُ الْكِفَايَةُ عِنْدَ انْفِرَادِ الْقَاضِي بِالْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (كَخُلَفَاءِ الْقَاضِي) أَيْ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ يُزَوِّجُ بَعْضًا، وَهُمْ مَسْتُورُونَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجُوزُ إلَخْ) لَنَا وَجْهٌ ثَالِثٌ بِالْجَوَازِ لِلْجَدِّ دُونَ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَالَ عَقِبَهُ تَنْبِيهٌ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ أَنَّ الْجَدَّ لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا فِي تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ صَحَّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْمَنْعُ اهـ. وَقَوْلُهُ يَجُوزُ لِلْجَدِّ دُونَ غَيْرِهِ يَجِبُ تَفْرِيعُهُ عَلَى الْقَوْلِ، بِأَنَّ الْجَدَّ لَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَمَا يَلُوحُ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - [فَصْلٌ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ غَيْرَ كُفْءٍ بِرِضَاهَا] فَصْلٌ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَحَّ) يَدُلُّ لَهُ حَدِيثُ تَزَوُّجِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الْقُرَشِيَّةِ مِنْ أُسَامَةَ وَتَزَوُّجِ بَنَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ وَلَا مُكَافِئَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَائِدَةٌ: يُكْرَهُ التَّزْوِيجُ مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ عَنْ الرِّضَا إلَّا لِمَصْلَحَةٍ، وَيَكْفِي فِي الرِّضَا السُّكُوتُ فِي الْبِكْرِ، وَلَوْ أَطْلَقَتْ الْإِذْنَ فَلَمْ تُعَيِّنْ رَجُلًا فَبَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ، قَالَ الْإِمَامُ صَحَّ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَكِنْ لَهَا حَقُّ الْفَسْخِ كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي رَجُلٍ ثُمَّ وَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ النُّقْصَانَ إلَخْ) رُبَّمَا يُوهِمُ اخْتِصَاصَ الْخِلَافِ بِالْعَيْبِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ التَّعْمِيمُ فِي سَائِرِ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ إلَخْ) خَصَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 لِلْأَبْعَدِ اعْتِرَاضٌ) ؛ إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي التَّزْوِيجِ (وَلَوْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ) أَيْ أَحَدُ الْمُسْتَوِينَ (بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا دُونَ رِضَاهُمْ) أَيْ رِضَا بَاقِيهِمْ (لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَقًّا فِي الْكَفَاءَةِ فَاعْتُبِرَ رِضَاهُمْ بِتَرْكِهَا كَالْمَرْأَةِ (وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَلَهُمْ الْفَسْخُ) ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ يَقْتَضِي الْخِيَارَ لَا الْبُطْلَانَ كَمَا فِي عَيْبِ الْبَيْعِ، (وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ) أَوْ ابْنِهِ (بِكْرًا صَغِيرًا أَوْ بَالِغَةً غَيْرَ كُفْءٍ بِغَيْرِ رِضَاهَا) أَيْ رِضَا الْبَالِغَةِ (فَفِي الْأَظْهَرِ) التَّزْوِيجُ (بَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغِبْطَةِ كَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ عَلَى خِلَافِهَا بَلْ أَوْلَى مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ يُحْتَاطُ فِيهِ (وَفِي الْآخَرِ يَصِحُّ وَلِلْبَالِغَةِ الْخِيَارُ وَلِلصَّغِيرَةِ) أَيْضًا (إذَا بَلَغَتْ وَلَوْ طَلَبَتْ مَنْ لَيْسَ الْأَوْلَى لَهَا) خَاصًّا (أَنْ يُزَوِّجَهَا السُّلْطَانُ) أَوْ الْقَاضِي (بِغَيْرِ كُفْءٍ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْحَظِّ وَالثَّانِي يَصِحُّ كَمَا فِي الْوَلِيِّ الْخَاصِّ (وَخِصَالُ الْكَفَاءَةِ) ، أَيْ الصِّفَاتُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا لِيُعْتَبَرَ مِثْلُهَا فِي الزَّوْجِ خَمْسَةٌ، (سَلَامَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ) ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ فَمَنْ بِهِ بَعْضُهَا كَالْجُنُونِ أَوْ الْجُذَامِ أَوْ الْبَرَصِ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِلسَّلِيمَةِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُ صُحْبَةَ مَنْ بِهِ، ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ بِهَا عَيْبٌ أَيْضًا، فَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَيْبَانِ، فَلَا كَفَاءَةَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ اتَّفَقَا وَمَا بِهِ أَكْثَرُ، فَكَذَلِكَ وَكَذَا إنْ تَسَاوَيَا أَوْ كَانَ مَا بِهَا أَكْثَرُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ، مَا لَا يَعَافُهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ كَانَ مَجْبُوبًا، وَهِيَ رَتْقَاءُ، أَوْ قَرْنَاءُ، (وَحُرِّيَّةٌ فَالرَّقِيقُ لَيْسَ كُفُؤًا لِحُرَّةٍ) أَصْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ عَتِيقَةً؛ لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِهِ، وَتَتَضَرَّرُ بِأَنَّهُ لَا يُنْفِقُ إلَّا نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ، (وَالْعَتِيقُ لَيْسَ كُفُؤًا لِحُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ) بِخِلَافِ الْمُعْتَقَةِ وَمَنْ مَسَّ الرِّقُّ أَحَدَ آبَائِهِ لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ لَمْ يَمَسَّ أَحَدًا مِنْ آبَائِهَا أَوْ مَسَّ أَبًا أَبْعَدَ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرِّقُّ فِي الْأُمَّهَاتِ مُؤَثِّرًا، وَلِذَلِكَ تَعَلَّقَ بِهَا الْوَلَاءُ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَوْلَهُ: الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ وَصَرَّحَ، بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ فَقَالَ: مَنْ وَلَدَتْهُ رَقِيقَةٌ كُفْءٌ لِمَنْ وَلَدَتْهَا عَرَبِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ (وَنَسَبٌ) كَأَنْ تَنْتَسِبَ إلَى مَنْ تَشْرُفُ بِهِ بِالنَّظَرِ إلَى مُقَابِلِهِ كَالْعَرَبِ فَإِنَّ اللَّهَ فَضَلَّهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، (فَالْعَجَمِيُّ لَيْسَ كُفْءَ عَرَبِيَّةٍ)   [حاشية قليوبي] مُطْلَقًا بِكْرًا أَوْ لَا فَهُوَ بَاطِلٌ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ إذَا ادَّعَى صِغَرَهَا وَقْتَ التَّزْوِيجِ، وَالزَّوْجُ غَيْرُ كُفْءٍ حَيْثُ أَمْكَنَ الصِّغَرُ وَقْتَهُ، وَتَبَيَّنَ بُطْلَانُ النِّكَاحِ، وَكَذَا تُصَدَّقُ هِيَ إذَا بَلَغَتْ وَادَّعَتْهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا خَاصًّا) هُوَ قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ أَمَّا مَنْ لَهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ، وَلَكِنْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ لِغَيْبَتِهِ أَوْ إحْرَامِهِ أَوْ عَضْلِهِ فَالتَّزْوِيجُ بَاطِلٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ كُفْءٍ) أَيْ بِغَيْرِ جَبٍّ وَعُنَّةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) وَإِنْ رَضِيَتْ نَعَمْ لَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُكَافِئُهَا، أَوْ لَمْ يَرْغَبْ فِيهَا مَنْ يُكَافِئُهَا صَحَّ تَزْوِيجُهُ لَهَا، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَا بُدَّ مِنْ فَقْدِ حَاكِمٍ يَرَى صِحَّةَ تَزْوِيجِهَا أَيْضًا، وَإِلَّا زَوَّجَهَا وُجُوبًا فَإِنْ امْتَنَعَ فَلَهَا تَحْكِيمُ مَنْ يَرَى الصِّحَّةَ أَيْضًا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ الْأَوَّلُ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (مِنْ تَرْكِ الْحَظِّ) أَيْ فِي حَقِّ الْوَلِيِّ مَنْ هُوَ كَالنَّائِبِ فَلَا يَرِدُ الْجَبُّ وَالْعُنَّةُ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْمُعْتَبَرَةُ) أَيْ حَالَةَ الْعَقْدِ نَعَمْ الْفَاسِقُ بِالزِّنَا لَا يَعُودُ كُفُؤًا بِالتَّوْبَةِ. قَوْلُهُ: (فِيهَا) ظَاهِرُ كَلَامِهِ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْكَفَاءَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ رَاجِعٌ لِلزَّوْجَةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ الْمُقَاوَمِ وَهُوَ الْأَنْسَبُ بِمَا بَعْدَهُ بَلْ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ لِقَوْلِهِ: مِثْلُهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (خَمْسَةٌ) أَيْ اتِّفَاقًا وَفِي السَّادِسِ وَهُوَ الْيَسَارُ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: شَرْطُ الْكَفَاءَةِ خَمْسَةٌ قَدْ حُرِّرَتْ ... يُنْبِيكَ عَنْهَا بَيْتُ شِعْرٍ مُفْرَدُ نَسَبٌ وَدِينٌ حِرْفَةٌ حُرِّيَّةٌ ... فَقْدُ الْعُيُوبِ وَفِي الْيَسَارِ تَرَدُّدُ وَالْحَاصِلُ فِيهَا أَنَّ كُلًّا مِنْ الدِّينِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْعِفَّةِ وَالْحِرْفَةِ وَفَقْدِ الْعُيُوبِ يُعْتَبَرُ فِي الشَّخْصِ وَآبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ، وَأَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالنَّسَبَ يُعْتَبَرَانِ فِي الْآبَاءِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (فَمَنْ بِهِ) أَوْ بِأَحَدِ آبَائِهِ أَوْ أُمَّهَاتِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي الْخِلَافُ) أَيْ بِتَصْحِيحِهِ فَلَيْسَ كُفُؤًا لَهَا وَالْمُعْتَبَرُ هُنَا رِضَاهَا دُونَ الْوَلِيِّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْمُعْتَقَةُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَفِي نُسْخَةٍ الْعَتِيقَةُ، وَالْمُبَعَّضُ كُفُؤٌ لِلْمُبَعَّضَةِ إنْ اسْتَوَيَا أَوْ زَادَتْ حُرِّيَّتُهُ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ) هُوَ مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ رِقُّ الْأُمَّهَاتِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ بِحَالَةِ جَهْلِ الْأَبِ وَقَطَعَ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالْبُطْلَانِ، كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَتَصْرِيحِ الْمَاوَرْدِيِّ فَلْيُنْظَرْ عَلَى هَذَا أَيُّ حَالَةٍ يَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ لِلْأَوْلِيَاءِ وَلِلْمَرْأَةِ بِالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَالْجَوَابُ أَنَّ صُورَتَهُ مَا لَوْ أَذِنَتْ الْبَالِغَةُ فِي مُعَيَّنٍ فَبَنَى الْوَلِيُّ الْحَالَ عَلَى ظَنِّ السَّلَامَةِ، ثُمَّ بَانَ مَعِيبًا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَجَوَابُهُ إذَا ظَنَّتْ زَيْدًا كُفُؤًا وَأَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْهُ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ غَيْرُ كُفْءٍ فَلَا خِيَارَ، وَالتَّقْصِيرُ مِنْهَا وَمِنْ الْوَلِيِّ، حَيْثُ لَمْ يَبْحَثَا، وَلَيْسَ هَذَا كَظَنِّ سَلَامَةِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ فِيهِ يُبْنَى عَلَى الْغَالِبِ، وَهُنَا لَا يُقَالُ: الْغَالِبُ كَفَاءَةُ الْخَاطِبِ. اهـ وَهَذَا كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ عِنْدَ جَهْلِ الْعَيْبِ، وَأَمَّا غَيْرُ هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَصِحُّ فِيهَا النِّكَاحُ نَظَرًا لِلْمُوَلِّيَةِ، جَهِلَ الْوَلِيُّ الْحَالَ، أَوْ عَلِمَ، وَالتَّخْصِيصُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ أَخَذْته مِنْ كَلَامٍ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ الْحَاشِيَةِ الْمُسَطَّرَةِ فِي رَأْسِ الصِّفَةِ الَّتِي عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهَا أُخْرَى، وَهِيَ مَا لَوْ أَذِنَتْ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَكَانَ الْوَلِيُّ جَاهِلًا قَوْلُهُ: (مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا بِالْكُلِّيَّةِ، أَمَّا لَوْ زَوَّجَ السُّلْطَانُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ لِغِيبَةِ الْخَاصِّ أَوْ إحْرَامِهِ وَنَحْوِهِمَا، فَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَهُوَ فَاسِقٌ مَثَلًا، وَلَيْسَ بَعْدَهُ إلَّا السُّلْطَانُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ: لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُمْ حَظٌّ فِي الْكَفَاءَةِ كَالْوَكِيلِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ كَمَا إلَخْ) قَوَّى هَذَا الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاسْتَدَلُّوا بِظَاهِرِ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَهَا وَاخْتَارَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْعَبَّادِيُّ، وَقَالَ فِي الذَّخَائِرِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَمُقَابِلُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَبِ فَمَنْ أَبُوهُ عَجَمِيٌّ وَأُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ، لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ أَبُوهَا عَرَبِيٌّ وَأُمُّهَا عَجَمِيَّةٌ، (وَلَا غَيْرُ قُرَشِيٍّ) مِنْ الْعَرَبِ (قُرَشِيَّةٌ) أَيْ كُفْءُ قُرَشِيَّةٍ لِحَدِيثٍ «قَدِّمُوا قُرَيْشًا، وَلَا تَقَدَّمُوهَا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا، (وَلَا غَيْرُ هَاشِمِيٍّ وَمُطَّلِبِيٍّ) ، مِنْ قُرَيْشٍ كُفُؤًا (لَهُمَا) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» ، وَحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَبَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ، أَكْفَاءُ، وَغَيْرُ قُرَيْشٍ مِنْ الْعَرَبِ بَعْضُهُمْ أَكِفَّاءُ بَعْضٍ» ، كَمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ (وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ النَّسَبِ فِي الْعَجَمِ كَالْعَرَبِ) ، وَالثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَنُونَ بِحِفْظِ الْأَنْسَابِ، وَلَا   [حاشية قليوبي] عَرَبِيَّةٍ) هُوَ جَارٍ عَلَى أَصْلِ أَنَّ الرِّقَّ لَا يَدْخُلُ فِي الْعَرَبِ وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (كَانَ يُنْتَسَبُ) أَيْ الشَّخْصُ إلَى أَبٍ يَشْرُفُ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِنِسْبَتِهِ إلَيْهِ بِالنَّظَرِ إلَى مُقَابَلَةٍ مِنْ أَبٍ تُنْسَبُ الزَّوْجَةُ إلَيْهِ وَتَشْرُفُ بِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْعَرَبِ) وَكَذَا الْعُلَمَاءُ وَالصُّلَحَاءُ بِخِلَافِ عُظَمَاءِ الدُّنْيَا وَالظَّلَمَةِ. قَوْلُهُ: (وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَبِ) أَيْ إلَّا فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ أَوْلَادَ بِنْتِهِ فَاطِمَةَ وَهُمْ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَأَوْلَادُهُمَا مِنْ الذُّكُورِ يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِ، وَهُمْ الْأَشْرَافُ فِي عُرْفِ مِصْرَ وَإِنْ كَانَ الشَّرَفُ أَصَالَةً لَقَبًا لِكُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَأَمَّا أَوْلَادُ زَيْنَبَ بِنْتَ فَاطِمَةَ، وَكَذَا أَوْلَادُ بَنَاتِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَأَوْلَادُهُمَا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَنْتَسِبُونَ إلَى آبَائِهِمْ وَإِنْ كَانَ يُقَالُ لِلْجَمِيعِ أَوْلَادُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذُرِّيَّتُهُ. فَائِدَةٌ: قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَعْقُبْ مِنْ أَوْلَادِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ فَإِنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَزَيْنَبَ، وَتَزَوَّجَتْ زَيْنَبُ هَذِهِ بِابْنِ عَمِّهَا عَبْدِ اللَّهِ فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا عَلِيٌّ وَعَوْنٌ الْأَكْبَرُ وَعَبَّاسٌ وَمُحَمَّدٌ وَأُمُّ كُلْثُومَ، وَكُلُّ ذُرِّيَّةِ فَاطِمَةَ يُقَالُ لَهُمْ أَوْلَادُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذُرِّيَّتُهُ لَكِنْ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْهُمْ إلَّا الذُّكُورُ مِنْ أَوْلَادِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ خَاصَّةً لِنَصِّهِ عَلَى ذَلِكَ اهـ. وَتَقَدَّمَ هَذَا مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْوَصِيَّةِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَقَدَّمُوهَا) بِحَذْفِ إحْدَى التَّاءَيْنِ أَوْ مِنْ قَدَّمَ بِمَعْنَى تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (مِنْ كِنَانَةَ) أَيْ مِنْ ابْنِهِ وَهُوَ النَّضْرُ. قَوْلُهُ: (نَحْنُ) أَيْ بَنُو هَاشِمٍ. قَوْلُهُ: (وَبَنُو هَاشِمٍ إلَخْ) نَعَمْ الْأَشْرَافُ الْأَحْرَارُ مِنْهُمْ لَا يُكَافِئُهُمْ غَيْرُهُمْ، وَخَرَجَ بِالْأَحْرَارِ مَا لَوْ تَزَوَّجَ هَاشِمِيٌّ بِرَقِيقَةٍ بِشَرْطِهِ، وَوَلَدَتْ بِنْتًا فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ وَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِرَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ وَإِنْ كَانَتْ هَاشِمِيَّةً؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا بِالْمِلْكِيَّةِ، وَلِذَلِكَ لَوْ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ بِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ فِي كَلَامِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ قُرَيْشٍ مِنْ الْعَرَبِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ يُقَدَّمُ عَلَى بَعْضٍ فَتُقَدَّمُ مُضَرٌ ثُمَّ رَبِيعَةُ ثُمَّ عَدْنَانُ ثُمَّ قَحْطَانُ، وَهَكَذَا الْمُعْتَبَرُ فِي الْعَرَبِيِّ النِّسْبَةُ إلَى قَبِيلَةٍ مِنْ قَبَائِلِهِمْ، وَإِلَّا فَإِنْ عُرِفَ لَهُ نَسَبٌ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَعَجَمِيٌّ. قَوْلُهُ: (فِي الْعَجَمِ) فَيُقَدَّمُ بَنُو إسْرَائِيلَ لِكَثْرَةِ الْأَنْبِيَاءِ فِيهِمْ ثُمَّ الْفُرْسُ لِكَثْرَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِمْ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (وَعِفَّةٌ) وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْكُفَّارِ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ فَاسِقٌ إلَخْ) أَيْ بِالزِّنَا إنْ تَابَ كَمَا مَرَّ. وَبِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَتُبْ وَالْفَاسِقُ كُفُؤٌ لِفَاسِقَةٍ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ فِسْقِهِمَا وَاتَّحَدَا فِي قَدْرِهِ أَوْ زَادَ فِسْقُهَا وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَحِرْفَةٌ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْحِرَافِ الشَّخْصِ إلَيْهَا لِطَلَبِ الرِّزْقِ اعْتِبَارًا بِمَا مِنْ شَأْنَهَا أَوْ غَالِبًا، وَمِنْهَا الْعِلْمُ وَالْقَضَاءُ وَضِدُّهُمَا، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الصِّنَاعَةِ؛ لِأَنَّهَا لِمَا كَانَ بِآلَةٍ بِخِلَافِ الْحِرْفَةِ وَالدَّنِيئَةِ مِنْهَا كُلُّ مَا دَلَّتْ مُلَابَسَتُهَا عَلَى انْحِطَاطِ مُرُوءَةٍ أَوْ سُقُوطِ نَفْسٍ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ كُفْءٌ أَرْفَعَ مِنْهُ) وَذَلِكَ مُعْتَبَرٌ بِمَا نَصُّوا عَلَيْهِ وَإِنْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِخِلَافِهِ وَفِي غَيْرِهِ بِعَادَةِ بَلَدِ الزَّوْجَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ وَيُعْتَبَرُ فِيمَنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ حِرْفَةٍ، مَا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهَا، فَإِنْ نَسَبَ لِكُلٍّ اُعْتُبِرَ الْأَدْنَى وَلَوْ تَرَكَ حِرْفَةً لِأَرْفَعَ مِنْهَا أَوْ عَكْسُهُ اُعْتُبِرَ قَطْعُ نِسْبَتِهِ عَنْ الْأُولَى وَلَيْسَ تَعَاطِي الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ لِتَوَاضُعٍ، أَوْ كَسْرِ نَفْسٍ أَوْ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ مُضِرًّا فِي الْكَفَاءَةِ. قَوْلُهُ: (فَكَنَّاسٌ) أَيْ هُوَ أَوْ أَحَدُ آبَائِهِ أَوْ أُمَّهَاتِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَرَاعٍ) وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ صِفَةُ مَدْحٍ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَعَدَمِ الْكِتَابَةِ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (وَقَيِّمُ حَمَّامٍ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْبَلَّانِ الَّذِي يُكَيِّسُ النَّاسَ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ) أَيْ وَاحِدٌ مِنْ الْخَمْسَةِ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ، وَمِثْلُهُمْ الْفَصَّادُ وَالْحَاقِنُ وَالْقَمَّامُ وَالْقَصَّارُ وَالزَّبَّالُ وَالْحُكَّالُ وَالدَّبَّاغُ وَالْإِسْكَافُ وَالْجَزَّارُ وَالْقَصَّابُ وَالسَّلَّاخُ، وَالْجَمَّالُ وَالدَّلَّالُ وَالْحَمَّالُ، وَالْحَائِلُ وَالْمَلَّاحُ وَالْجَلَّادُ، وَالْهَرَّاسُ وَالْفَوَّالُ وَالْحَدَّادُ وَالصَّوَّاغُ وَيَرْجِعُ فِيهِمْ لِعَادَةِ الْبَلَدِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (تَاجِرٌ) وَهُوَ أَصَالَةً: مَنْ يُقَلِّبُ الْمَالَ لِغَرَضِ الرِّبْحِ، وَاعْتُبِرَ فِيهِ فِي الْعُرْفِ الْآنَ كَوْنُهُ مُلَازِمًا لِحَانُوتٍ وَالْبَزَّازُ مَنْ يَبِيعُ الْبَزَّ وَقِيلَ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَرَبِيَّةٍ) ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ الْمُرَادُ بِالْعَرَبِ مَنْ كَانَ مُنْتَسِبًا إلَى أَحَدِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ، فَإِمَّا الْحَضَرُ، وَالْمُتَوَلِّدَةُ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَضْبُوطُ النَّسَبِ فَكَالْعَرَبِ وَإِلَّا فَكَالْعَجَمِ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) . عَلَّلَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْعَرَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعِفَّةٍ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا} [السجدة: 18] . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَصَاحِبُ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ لَيْسَ كُفُؤًا أَرْفَعَ مِنْهُ) أَيْ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى خِسَّةِ النَّفْسِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَيِّمُ الْحَمَّامِ) هُوَ الْبَلَّانُ كَذَا رَأَيْته مُخَرِّجًا لَهُ بِهَامِشِ التَّكْمِلَةِ وَعَلَيْهِ صَحَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 يُدَوِّنُونَهَا بِخِلَافِ الْعَرَبِ، (وَعِفَّةٍ فَلَيْسَ فَاسِقٌ كُفْءَ عَفِيفَةٍ) ، وَإِنَّمَا يُكَافِئُهَا عَفِيفٌ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِالصَّلَاحِ شُهْرَتَهَا، وَالْمُبْتَدِعُ لَيْسَ كُفُؤًا لِلسُّنِّيَّةِ، (وَحِرْفَةٌ فَصَاحِبُ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ لَيْسَ كُفْءَ أَرْفَعَ مِنْهُ، فَكَنَّاسٌ وَحَجَّامٌ وَحَارِسٌ، وَرَاعٍ وَقَيِّمُ الْحَمَّامِ لَيْسَ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ وَلَا خَيَّاطٌ بِنْتَ تَاجِرٍ أَوْ بَزَّازٍ، وَلَا هُمَا بِنْتَ عَالَمٍ وَقَاضٍ) نُظِرَ الْمُعَرِّفُ فِي ذَلِكَ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْيَسَارَ لَا يُعْتَبَرُ) ؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ، وَلَا يَفْتَخِرُ بِهِ أَهْلُ الْمُرُوءَاتِ وَالْبَصَائِرِ. وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا تَتَضَرَّرُ هِيَ بِنَفَقَتِهِ، وَبِعَدَمِ إنْفَاقِهِ عَلَى الْوَلَدِ، وَعَلَى هَذَا قِيلَ يُعْتَبَرُ الْيَسَارُ بِقَدْرِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ فَيَكُونُ بِهِمَا كُفُؤًا لِصَاحِبَةِ الْأُلُوفِ وَالْأَصَحُّ، أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ أَصْنَافٌ غَنِيٌّ وَفَقِيرٌ وَمُتَوَسِّطٌ، وَكُلُّ صِنْفٍ أَكِفَّاءُ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمَرَاتِبُ وَلَا يُعْتَبَرُ أَيْضًا الْجَمَالُ نَعَمْ يُعْتَبَرُ إسْلَامُ الْآبَاءِ، وَكَثْرَتُهُمْ فِيهِ فَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ كُفُؤًا، لِمَنْ لَهَا أَبَوَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ إنَّهُ كُفُؤٌ لَهَا وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ لَهَا عَشَرَةُ آبَاءَ فِي الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ: إنَّهُ كُفُؤٌ لَهَا؛ لِأَنَّ الْأَبَ الثَّالِثَ لَا يُذْكَرُ فِي التَّعْرِيفِ فَلَا يَلْحَقُ الْعَارُ بِسَبَبِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (وَإِنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ) فَلَا يُزَوَّجُ سَلِيمَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ دَنِيئَةٌ بِمَعِيبٍ نَسِيبٍ، وَلَا حُرَّةٌ فَاسِقَةٌ بِعَبْدٍ عَفِيفٍ، وَلَا عَرَبِيَّةٌ فَاسِقَةٌ بِعَجَمِيٍّ عَفِيفٍ، وَلَا عَفِيفَةٌ رَقِيقَةٌ بِفَاسِقٍ حُرٍّ، لِمَا بِالزَّوْجِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ النَّقْصِ الْمَانِعِ مِنْ الْكَفَاءَةِ، وَلَا يَنْجَبِرُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْفَضِيلَةِ الزَّائِدَةِ عَلَيْهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ دَنَاءَةَ نَسَبِهِ تَنْجَبِرُ بِعِفَّتِهِ الظَّاهِرَةِ، وَأَنَّ الْأَمَةَ الْعَرَبِيَّةَ يُقَابِلُهَا الْحُرُّ الْعَجَمِيُّ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالتَّنَقِّي مِنْ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ يُعَارِضُهُ الصَّلَاحُ وِفَاقًا وَالْيَسَارُ إنْ اُعْتُبِرَ يُعَارِضُ بِكُلِّ خَصْلَةٍ غَيْرَهُ، (وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَمَةً) لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الزِّنَا الْمُشْتَرَطِ فِي جَوَازِ نِكَاحِهَا. (وَكَذَا مَعِيبُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغِبْطَةِ فَلَا يَصِحُّ وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْبُطْلَانِ فِي تَزْوِيجِهِ الرَّتْقَاءَ أَوْ الْقَرْنَاءَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَذْلِ مَالٍ فِي بُضْعٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، (وَيَجُوزُ مَنْ تُكَافِئُهُ   [حاشية قليوبي] ثِيَابُ الْبَيْتِ وَلَيْسَ مُلَازِمًا لِحَانُوتٍ. قَوْلُهُ: (بِنْتُ عَالِمٍ) أَيْ مَنْ فِي أَحَدِ أُصُولِهَا عَالِمٌ كَمَا مَرَّ، وَتُعْتَبَرُ تِلْكَ الْحِرَفُ فِي الزَّوْجَيْنِ أَيْضًا، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ خِلَافَهُ فِي بَعْضِهَا كَمَا تَقَدَّمَ. تَنْبِيهٌ: لَا أَثَرَ لِلْعِلْمِ مَعَ الْفِسْقِ؛ لِأَنَّ النِّسْبَةَ إلَيْهِ عَارٌ وَتَضْمَحِلُّ مَعَهُ سَائِرُ الْفَضَائِلِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَكَذَا يُقَالُ فِي بَقِيَّةِ الْحِرَفِ. قَوْلُهُ: (وَقَاضٍ) فَهُوَ مِنْ الْحِرَفِ الشَّرِيفَةِ كَالْعِلْمِ، وَهَذَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي غَيْرِ قُضَاةِ زَمَانِنَا الَّذِينَ تَجِدُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ كَقَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْعِلْمَ وَالْقَضَاءَ أَرْفَعُ الْحِرَفِ، كُلِّهَا فَيُكَافِئَانِ سَائِرَ الْحِرَفِ، فَلَوْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهَا إلَى قَاضٍ لِيُزَوِّجَهَا لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا مِنْ ابْنِ عَالِمٍ أَوْ قَاضٍ دُونَ غَيْرِهَا لِاحْتِمَالِ شَرَفِهَا بِالنَّسَبِ إلَى أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (غَادٍ) هُوَ بَالِغِينَ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَى ذَاهِبٍ وَرَائِحٍ عَكْسُهُ، وَمِنْهُ حَدِيثُ مَنْ رَاحَ إلَى الْجُمُعَةِ أَيْ أَتَى إلَيْهَا. قَوْلُهُ: (الْمُرُوءَاتِ) جَمْعُ مُرُوءَةٍ وَهِيَ صِفَةٌ تَمْنَعُ صَاحِبَهَا عَنْ ارْتِكَابِ الْخِصَالِ الرَّذِيلَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْبَصَائِرُ) جَمْعُ بَصِيرَةٍ وَهِيَ النَّظَرُ بِالْقَلْبِ فِي الْأُمُورِ وَالْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ الْبَصَرِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُعْتَبَرُ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (الْجَمَالُ) وَلَا عَكْسُهُ كَتَشَوُّهِ الصُّورَةِ، وَلَا الْعَمَى وَلَا الْعَرَجِ وَلَا قَطْعِ نَحْوِ طَرْفٍ، وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ نَعَمْ السَّفِيهُ لَا يُكَافِئُ رَشِيدَةً، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ يُعْتَبَرُ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ إسْلَامُ الْآبَاءِ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْأُمَّهَاتِ وَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ أَشْرَفُ مِمَّنْ أَسْلَمَ تَبَعًا. قَوْلُهُ: (لَهَا أَبَوَانِ) وَكَذَا أَبٌ وَاحِدُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الصَّحَابِيَّ لَا يُكَافِئُ بِنْتَ تَابِعِيٍّ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ نَقْصٌ لِمَرْتَبَةِ الصَّحَابِيِّ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ سُخَفَاءِ الْعُقُولِ. قَوْلُهُ: (لَا يُقَابِلُ بِبَعْضٍ) سَوَاءٌ فِي الشَّخْصِ وَأُصُولِهِ فَيُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي وَاحِدٍ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ نَقْصٌ عَمَّنْ يُقَابِلُهُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ مُقَابِلِهِ أَكْمَلَ فَلَيْسَ عَالِمٌ ابْنُ جَاهِلٍ كُفُؤًا لِجَاهِلَةٍ بِنْتِ عَالِمٍ، وَلَا عَكْسُهُ وَهَكَذَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّ الْأَمَةَ إلَخْ) هُوَ مِنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ كَمَا يُفِيدُهُ الْعَطْفُ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ مِنْ الْإِمَامِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي التَّزْوِيجِ بِالْوِلَايَةِ، كَمَا لَوْ أَرَادَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهَا فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ، وَمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِرَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ بِالْمِلْكِ. قَوْلُهُ: (يُعَارِضُهُ) أَيْ يُقَابِلُهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مَعِيبَةٌ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِمَعِيبَةٍ بِعُيُوبِ النِّكَاحِ، وَكَذَا بِغَيْرِهَا كَعَجُوزِ وَعَمْيَاءَ، وَمَقْطُوعَةِ الطَّرْفِ وَهَرِمَةٍ وَيَصِحُّ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ الصَّغِيرَةَ، بِهَؤُلَاءِ إنْ حَرُمَ عَلَيْهِ قَالَهُ الْجُمْهُورُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ) رَاجِعٌ لِتَزْوِيجِ ابْنِهِ بِالْمَعِيبَةِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، وَالْأَوْلَى رُجُوعُهُ لِتَزْوِيجِهِ بِالْأَمَةِ أَيْضًا لِئَلَّا يَلْزَمَ سُكُوتُهُ عَنْهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الطُّرُقَ فِي الرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ فَقَطْ فَفِي تَعْبِيرِهِ بِالْمَذْهَبِ تَغْلِيبٌ لَهُمَا عَلَى غَيْرِهِمَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. تَنْبِيهٌ: كُلُّ مَا ذُكِرَ فِي الصَّغِيرِ يَجْرِي فِي الْمَجْنُونِ إلَّا أَنْ يَجُوزَ بِالْأَمَةِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ، كَمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ عَلَى الْأَثَرِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْيَسَارَ لَا يُعْتَبَرُ) . قَالَ أَبُو طَالِبٍ فِي خُطْبَتِهِ عِنْدَ تَزَوُّجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - إنْ كَانَ فِي الْمَالِ قَلَّ، فَإِنَّ الْمَالَ ظِلٌّ زَائِلٌ وَأَمْرٌ حَائِلٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يُقَابِلُ بِبَعْضِ) أَيْ كَمَا فِي الْقِصَاصِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ الْمَتْنِ مِنْ عُمُومِ الْخِلَافِ لِصُوَرِ التَّقَابُلِ لَيْسَ مُرَادًا، وَقَوْلُهُ: وَإِنَّ الْأَمَةَ الْعَرَبِيَّةَ يُقَابِلُهَا الْحُرُّ الْعَجَمِيُّ، أَيْ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ خِلَافَ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ الْآتِي: وَلَهُ تَزْوِيجُهَا يَعْنِي الْأَمَةَ مِنْ رَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَسَبَ لَهَا، وَقَدْ يُعْتَذَرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بَيَانُ عَدَمِ الْكَفَاءَةِ لِيَجْتَنِبَ ذَلِكَ غَيْرُ السَّيِّدِ كَوَكِيلِهِ فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ زَوْجٍ، وَكَمَا فِي تَزْوِيجِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ أَمَتَهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 بِبَاقِي الْخِصَالِ) كَالنَّسَبِ وَالْحِرْفَةِ، (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُعَيَّرُ بِاسْتِقْرَاضِ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ نَعَمْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ، وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ فِيهِ غِبْطَةٌ. فَصْلٌ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ صَغِيرٌ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ الْأَمْرُ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ حَاجَتُهُ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، (وَكَذَا) أَيْ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ (كَبِيرٌ إلَّا لِحَاجَةٍ) كَأَنْ تَظْهَرَ رَغْبَتُهُ فِي النِّسَاءِ بِدَوَرَانِهِ حَوْلَهُنَّ وَتَعَلُّقِهِ بِهِنَّ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ يُتَوَقَّعُ الشِّفَاءُ بِهِ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ، (فَوَاحِدَةٌ) لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِهَا، وَيُزَوِّجُهُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ السُّلْطَانُ دُونَ سَائِرِ الْعَصَبَاتِ كَوِلَايَةِ الْمَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ تَزْوِيجُ مَجْنُونٍ ظَهَرَتْ حَاجَتُهُ ، (وَلَهُ) أَيْ لِلْوَلِيِّ (تَزْوِيجُ صَغِيرٍ عَاقِلٍ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ وَغِبْطَةٌ تَظْهَرُ لِلْوَلِيِّ وَيُزَوِّجُهُ الْأَبُ وَالْجَدُّ دُونَ الْوَصِيِّ وَالْقَاضِي لِعَدَمِ الْحَاجَةِ وَانْتِفَاءِ كَمَالِ الشَّفَقَةِ (وَيُزَوِّجُ الْمَجْنُونَةَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ إنْ ظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ) فِي تَزْوِيجِهَا، (وَلَا تُشْتَرَط الْحَاجَةُ) إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ يُفِيدُهَا الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ وَيَغْرَمُ الْمَجْنُونُ، (وَسَوَاءٌ) فِي جَوَازِ التَّزْوِيجِ (صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ ثَيِّبٌ وَبِكْرٌ) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ تَزْوِيجَ مَجْنُونَةٍ بَالِغَةٍ، (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَجَدٌّ لَمْ تُزَوَّجْ فِي صِغَرِهَا) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، (فَإِنْ بَلَغَتْ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَلِي مَالَهَا لَكِنْ بِمُرَاجَعَةِ أَقَارِبِهَا وُجُوبًا فِي وَجْهٍ صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِمَصْلَحَتِهَا وَنَدْبًا فِي آخَرَ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ، وَالثَّانِي يُزَوِّجُهَا الْقَرِيبُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ مَقَامَ إذْنِهَا (لِلْحَاجَةِ) كَأَنْ تَظْهَرَ عَلَامَاتُ غَلَبَةِ شَهْوَتِهَا أَوْ يُتَوَقَّعُ الشِّفَاءُ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ، (لَا لِمَصْلَحَةٍ) مِنْ كِفَايَةِ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا، (فِي الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ يُلْحَقُ السُّلْطَانُ بِالْمُجْبِرِ (وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) أَيْ تَبْذِيرٍ فِي مَالِهِ (لَا يَسْتَقِلُّ بِنِكَاحٍ) لِئَلَّا يُفْنِيَ مَالَهُ فِي مُؤْنَةٍ (بَلْ يَنْكِحُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ يَقْبَلُ لَهُ الْوَلِيُّ) بِإِذْنِهِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ وَالْإِذْنِ وَيُعْتَبَرُ فِي نِكَاحِهِ حَاجَتُهُ إلَيْهِ، بِالْأَمَارَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ، وَقِيلَ بِقَوْلِهِ لَا يُرَادُ عَلَى وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ تَكْفِي فِي نِكَاحِهِ الْمَصْلَحَةُ (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ) الْوَلِيُّ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالْحَجْرُ هُنَا بِجُنُونٍ أَصْغَرَ أَوْ سَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ أَوْ رِقٍّ سَوَاءٌ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ. قَوْلُهُ: (لَا يُزَوَّجُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مَجْنُونٌ ذَكَرٌ صَغِيرٌ أَيْ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَاحْتَاجَ إلَى الْخِدْمَةِ وَظَهَرَ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوُ ذَلِكَ) كَالْخِدْمَةِ وَمَعْنَى الْجَوَازِ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَنْعٍ، كَمَا تَقَدَّمَ مَعَ الْمُرَادِ بِالْحَاجَةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (فَوَاحِدَةٌ) أَيْ وَلَوْ بِأَمَةٍ لَا بِمَعِيبَةٍ، وَلَوْ بِغَيْرِ عُيُوبِ النِّكَاحِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِهَا) وَلَا نَظَرَ لِحَاجَةِ خِدْمَةٍ بَعْدَ الْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّ لِلْأَجْنَبِيَّاتِ أَنْ يَقُمْنَ بِهَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ يُزَادُ عَلَيْهَا لِأَجْلِ الْخِدْمَةِ لَا لِلنِّكَاحِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَجْنُونِ، الْمُطْبِقِ جُنُونُهُ وَإِلَّا فَلَا يُزَوَّجُ إلَّا فِي حَالِ إفَاقَتِهِ وَإِذْنِهِ وَكَالْمَجْنُونِ مُخْتَلُّ الْعَقْلِ وَمُغْمًى عَلَيْهِ أَيِسَ مِنْ إفَاقَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ فَيُقَالُ فِي السُّلْطَانِ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِمَنْ ذُكِرَ الْوَصِيُّ فَهُوَ كَالْعَصَبَاتِ فَلَا يُزَوِّجُهُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَلَهُ تَزْوِيجُ صَغِيرٍ عَاقِلٍ) أَيْ لِلْوَلِيِّ ذَلِكَ بِشَرْطِ الْمَصْلَحَةِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَمْسُوحٍ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) وَلَوْ أَرْبَعًا وَإِنْ اسْتَغْرَقَ مَالَهُ. قَوْلُهُ: (وَيُزَوِّجُهُ الْأَبُ وَالْجَدُّ) وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا عَدَمُ الْعَدَاوَةِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ بِاخْتِيَارِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُشْتَرَطُ الْحَاجَةُ) أَيْ فِي الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا مَعَ الْحَاجَةِ وَاجِبٌ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (وَثَيِّبٌ) وَفَارَقَ الصَّغِيرَةَ الْعَاقِلَةَ بِأَنَّ لَهَا أَمَدًا يَنْتَظِرُ. قَوْلُهُ: (وَتَقَدَّمَ إلَخْ) فَالْجَوَازُ فِيهَا الشَّامِلُ لَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْوُجُوبِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (زَوَّجَهَا) أَيْ الْمَجْنُونَةَ الْبَالِغَةَ السُّلْطَانُ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (بِمُرَاجَعَةِ أَقَارِبِهَا) أَيْ الَّذِينَ لَهُمْ الْوِلَايَةُ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ. قَوْلُهُ: (وُجُوبًا فِي وَجْهٍ) هُوَ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (وَنَدْبًا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُرَادُ بِالْأَقَارِبِ عَلَى هَذَا الْعَمُّ الشَّامِلُ لِلْخَالِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (بِإِذْنِ السُّلْطَانِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرِيبِ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِلْحَاجَةِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنْهَا الْخِدْمَةَ وَالنَّفَقَةَ وَنَحْوَهُمَا فَنَفْيُهَا الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ فِيمَا بَعْدَهُ فِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. تَنْبِيهٌ: لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْحَاجَةِ لِلْخِدْمَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ هُنَا، وَفِيمَا يَأْتِي كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (أَيْ تَبْذِيرٌ فِي مَالِهِ) حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْحَجْرِ الْحِسِّيِّ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَتِهِ بِطُرُوِّ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ فَمَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ كَذَلِكَ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهُ بِأَنْ يُرَادَ مَنْ وُصِفَ بِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَنْ بَذَّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ، وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالرَّشِيدِ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَنْكِحُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَعَاضِلٌ، وَلَهُ التَّزْوِيجُ، بِلَا إذْنٍ إنْ خَافَ الْعَنَتَ، وَالْمُرَادُ بِوَلِيِّهِ هُنَا الْأَبُ إنْ عَلَا ثُمَّ السُّلْطَانُ لَا الْوَصِيُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ صَغِيرٌ] فَصْلٌ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَوَاحِدَةً) أَيْ وَلَوْ أَمَةً بِشَرْطِهَا وَيَجُوزُ فِي وَاحِدَةٍ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ السُّلْطَانُ إلَخْ) وَيَأْتِي فِي مُرَاجَعَةِ الْأَقَارِبِ مَا سَيَأْتِي فِي تَزْوِيجِ الْمَجْنُونَةِ. قَوْلُهُ: (وَنَدْبًا فِي آخِرٍ) عَلَى هَذَا يُقَالُ: لَنَا مَوْضِعٌ يُزَوِّجُ فِيهِ السُّلْطَانُ جَبْرًا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِ أَحَدٍ وَهُوَ هَذَا دُونَ غَيْرِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 (وَعَيَّنَ امْرَأَةً لَمْ يَنْكِحْ غَيْرَهَا، وَيَنْكِحُهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ زَادَ) عَلَيْهِ (فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ بِقَدْرِهِ (مِنْ الْمُسَمَّى) الْمُعَيَّنِ وَيَلْغُو الزَّائِدُ، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُ لِلزِّيَادَةِ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ الْقِيَاسُ عَلَى الصِّحَّةِ أَنَّهُ يَبْطُلُ الْمُسَمَّى وَيَثْبُتُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الذِّمَّةِ (وَلَوْ قَالَ انْكِحْ بِأَلْفٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ امْرَأَةً نَكَحَ بِالْأَقَلِّ مِنْ أَلْفٍ وَمَهْرِ مِثْلِهَا) ، فَإِنْ نَكَحَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ، وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ أَوْ أَكْثَرُ صَحَّ النِّكَاحُ بِالْمُسَمَّى، أَوْ أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَغَا الزَّائِدُ، وَلَوْ قَالَ أَنْكِحُ فُلَانَةَ بِأَلْفٍ، وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا فَنَكَحَهَا بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ صَحَّ النِّكَاحُ بِالْمُسَمَّى أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ لَغَا الزَّائِدُ، (وَلَوْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ) ، فَقَالَ تَزَوَّجْ (فَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) أَيْ الْإِذْنِ وَالثَّانِي يَلْغُو وَإِلَّا لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَنْكِحَ شَرِيفَةً يَسْتَغْرِقُ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ، وَهَذَا مَدْفُوعٌ بِقَوْلِهِ، (وَيَنْكِحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَنْ تَلِيقُ بِهِ) ، فَإِنْ نَكَحَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ صَحَّ النِّكَاحُ بِالْمُسَمَّى أَوْ أَكْثَرَ لَغَا الزَّائِدُ، وَإِنْ نَكَحَ الشَّرِيفَةَ الْمَذْكُورَةَ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ كَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ، وَقَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ لِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ، وَالْإِذْنُ لِلسَّفِيهِ لَا يُفِيدُهُ جَوَازُ التَّوْكِيلِ، (فَإِنْ قَبِلَ لَهُ وَلِيُّهُ اُشْتُرِطَ إذْنُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ مَصَالِحِهِ وَعَلَى الْوَلِيِّ رِعَايَتُهَا، فَلَا يَحْتَاجُ فِي فِعْلِهَا إلَى إذْنٍ كَمَا فِي الْإِطْعَامِ وَالْكُسْوَةِ، (وَيَقْبَلُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ) لِمَنْ تَلِيقُ بِهِ (فَإِنْ زَادَ) عَلَيْهِ (صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ) لِلزِّيَادَةِ (وَلَوْ نَكَحَ السَّفِيهُ بِلَا إذْنٍ فَبَاطِلٌ) فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا (فَإِنْ وَطِئَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ الزَّوْجَةُ سَفَهَهُ لِلتَّفْرِيطِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْهُ (وَقِيلَ) يَلْزَمُهُ (مَهْرُ مِثْلٍ) لِشُبْهَةِ النِّكَاحِ الْمُسْقِطَةِ لِلْحَدِّ (وَقِيلَ أَقَلُّ مُتَمَوِّلٍ) لِيَتَمَيَّزَ النِّكَاحُ عَنْ السِّفَاحِ ، (وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ يَصِحُّ نِكَاحُهُ) ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ وَلَهُ ذِمَّةٌ، (وَمُؤَنُ النِّكَاحِ فِي كَسْبِهِ لَا فِيمَا مَعَهُ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَا فِي يَدِهِ (وَنِكَاحُ عَبْدٍ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ بَاطِلٌ) لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ، (وَبِإِذْنِهِ صَحِيحٌ) لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدُ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى (وَلَهُ إطْلَاقُ الْإِذْنِ، وَلَهُ تَقْيِيدُهُ بِامْرَأَةٍ) مُعَيَّنَةٍ (أَوْ قَبِيلَةٍ أَوْ   [حاشية قليوبي] وَيُعْتَبَرُ فِي نِكَاحِهِ حَاجَتُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْمُرَادَ حَاجَةُ النِّكَاحِ فَقَطْ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ وَكَذَا حَاجَةُ الْخِدْمَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُزَادُ إلَخْ) أَيْ إنْ انْدَفَعَتْ الْحَاجَةُ بِهَا، وَإِلَّا زِيدَ عَلَيْهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فَيُزَادُ لِلْخِدْمَةِ لَا لِلنِّكَاحِ كَمَا مَرَّ، وَلَمْ يُوَافِقْهُ شَيْخُنَا، وَلَوْ كَانَ مِطْلَاقًا بِأَنْ طَلَّقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ سَرَّى أَمَةً فَإِنْ تَبَرَّمَ بِهَا أُبْدِلَتْ، وَلَوْ تَبَرَّمَ بِالزَّوْجَةِ كَأَنْ جُنَّتْ مَثَلًا تُرِكَتْ تَحْتَهُ وَيُزَوَّجُ غَيْرُهَا عَيْنًا إنْ عَيَّنَّهُ، وَإِلَّا فَعَلَى الْأَصْلَحِ مِنْ تَسَرٍّ أَوْ تَزْوِيجٍ. قَوْلُهُ: (وَعَيَّنَ امْرَأَةً) أَيْ لَائِقَةً بِهِ وَكَذَا فِي الْمَالِ الْمُعَيَّنِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْكِحْ غَيْرَهَا) فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ نَعَمْ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا مَهْرًا وَنَفَقَةً وَزَادَتْ جَمَالًا أَوْ حَسَبًا أَوْ دِينًا صَحَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَا فِي شَرْحِهِ مِنْ اعْتِبَارِ نَقْصِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ غَيْرُ مُرَادٍ. قَوْلُهُ: (الْمُعَيَّنُ) أَيْ فِي الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (الْقِيَاسُ) أَيْ عَلَى مَا لَوْ نَكَحَ لَهُ الْوَلِيُّ وَفَرَّقَ بِأَنَّ هَذَا تَصَرُّفٌ فِي مَالِ نَفْسِهِ فَقَصَرَ الْإِلْغَاءَ عَلَى الزَّائِدِ، قَوْلُهُ: (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ بِقَدْرِهِ مِنْ الْمُسَمَّى كَمَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ جِنْسًا غَيْرَ مَا عَيَّنَهَا لِوَلِيٍّ، وَلَوْ نَكَحَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ لَمْ يَصِحَّ إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ أَيْضًا وَالْأَصَحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (لَغَا الزَّائِدُ) أَيْ الَّذِي سَمَّاهُ زَائِدًا عَلَى الْأَلْفِ فَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي هَذِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ بَطَلَ النِّكَاحُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (يَنْكِحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَنْ تَلِيقُ بِهِ) رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ هَذَا جَوَازُ أَنْ يَكُونَ مَا عَيَّنَهُ الْوَلِيُّ مِنْ الْقَدْرِ فِيمَا مَرَّ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ مِثْلِ لَائِقَةٍ بِهِ، وَأَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَلِيُّ غَيْرَ لَائِقَةٍ بِهِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْمَصْلَحَةِ، وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ إنْ نَكَحَهَا بِمَهْرِ لَائِقَةٍ بِهِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ إخْدَامُهَا فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ نَظِيرُ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ وَلَغَا الْمُسَمَّى كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِلَا إذْنٍ) أَيْ صَحِيحٍ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ قَالَ لَهُ انْكِحْ مَنْ شِئْت بِمَا شِئْت فَإِنَّ الْإِذْنَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْحَجْرِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إذَا نَكَحَ لَائِقَةً بِهِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا صَحَّ، كَمَا فِي الْعَبْدِ وَفَرَّقَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، بِأَنَّ لِلْعَبْدِ ذِمَّةً بِخِلَافِ السَّفِيهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ لِمَالِكَةٍ أَمَرَهَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهِيَ الْبَالِغَةُ الْعَاقِلَةُ الْحُرَّةُ الرَّشِيدَةُ الْمُخْتَارَةُ. قَوْلُهُ: (فِي كَسْبِهِ) فَيُسْتَثْنَى مَنْ تَعَلَّقَ الْحَجْرُ بِهِ فِي الْغُرَمَاءِ. قَوْلُهُ: (بَاطِلٌ) لِعَدَمِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنْ وَطِئَ فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ مُطْلَقًا، وَيَتَعَلَّقُ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَيَلْغُو الزَّائِدُ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مِنْ سَفِيهٍ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ) قَدْ رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ مِثْلَ مَقَالَةِ ابْنِ الصَّبَّاغِ، فِيمَا لَوْ عَقَدَ لِطِفْلٍ بِفَوْقِ مَهْرِ الْمِثْلِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا سَوَّى الْبَغَوِيّ بَيْنَهُمَا فِي التَّهْذِيبِ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِ الْمَحْجُورِ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا. قَوْلُهُ: (الْقِيَاسُ) أَيْ عَلَى مَا لَوْ عَقَدَ لِطِفْلِهِ بِفَوْقِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَقَدْ رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا وَفْقَ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْوَلِيَّ مُتَصَرِّفٌ عَلَى الْغَيْرِ، وَهَذَا فِي مَالِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْإِطْعَامِ وَالْكُسْوَةِ) أَيْ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ) أَيْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَالْوَجْهُ هُوَ الْأَوَّلُ، كَمَا لَوْ زَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ بِأَنْقَصَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ مَهْرُ الْمِثْلِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: خَصَّ الْمَاوَرْدِيُّ الْخِلَافَ بِالْمُطَاوَعَةِ فَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَنُقِلَ عَنْ الْبَصْرِيِّينَ تَخْصِيصُ الْخِلَافِ بِحَالَةِ جَهْلِ السَّفَهِ وَالْحَجْرِ، وَإِلَّا فَلَا مَهْرَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَقِيلَ: الْخِلَافُ فِي الْحَالَيْنِ. اهـ وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ عَدَمَ وُجُوبِ الْمَهْرِ حَالَةَ الْجَهْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ حَقَّهَا بَطَلَ بِالتَّمْكِينِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنِكَاحُ عَبْدٍ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ بَاطِلٌ) وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَالسَّفِيهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 بَلَدٍ وَلَا يَعْدِلُ عَمَّا أَذِنَ فِيهِ) مُرَاعَاةً لِحَقِّهِ فَإِنْ عَدَلَ بَطَلَ النِّكَاحُ نَعَمْ لَوْ قَدَّرَ لَهُ مَهْرًا فَزَادَ عَلَيْهِ فَالزَّائِدُ فِي ذِمَّتِهِ يُطَالَبُ بِهِ إذَا عَتَقَ وَلَهُ فِي إطْلَاقِ الْإِذْنِ نِكَاحُ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَغَيْرِهَا، وَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى وَلَوْ طَلَّقَ لَمْ يَنْكِحْ أُخْرَى إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إجْبَارٌ عَبْدِهِ عَلَى النِّكَاحِ) صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَفْعَهُ بِالطَّلَاقِ، فَلَا يَمْلِكُ إثْبَاتَهُ وَالثَّانِي لَهُ إجْبَارُهُ كَالْأَمَةِ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ قَالَ الْبَغَوِيّ: أَوْ يُكْرِهَهُ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ وَخَالَفَهُ الْمُتَوَلِّي، وَالثَّالِثُ لَهُ إجْبَارُ الصَّغِيرِ دُونَ الْكَبِيرِ، (وَلَا عَكْسُهُ) أَيْ لَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ إذَا طَلَبَهُ فِي الْأَظْهَرِ لِمَا فِي وُجُوبِهِ مِنْ تَشْوِيشِ مَقَاصِدِ الْمِلْكِ وَفَوَائِدِهِ، وَالثَّانِي يَجِبُ عَلَيْهِ حَذَرًا مِنْ وُقُوعِهِ فِي الْفَاحِشَةِ، (وَلَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ) عَلَى النِّكَاحِ، (بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ) مِنْ صِغَرٍ وَكِبَرٍ وَبَكَارَةٍ وَثُيُوبَةٍ وَعَقْلٍ وَجُنُونٍ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَرِدُ عَلَى مَنَافِعِ الْبُضْعِ وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ وَبِهَذَا تُفَارِقُ الْعَبْدَ لَكِنْ لَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا بِرِضَاهَا فَإِنْ خَالَفَ بَطَلَ النِّكَاحُ، وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَلَهَا الْخِيَارُ، وَلَوْ تَزْوِيجَهَا بِرَقِيقٍ، وَدَنِيءِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهَا لَا نَسَبَ لَهَا. (فَإِنْ طَلَبَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ تَزْوِيجُهَا) ؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا، وَيُفَوِّتُ الِاسْتِمْتَاعَ عَلَيْهِ فِيمَنْ تَحِلُّ لَهُ، (وَقِيلَ إنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ) مُؤَبَّدًا كَأَنْ تَكُونَ أُخْتَهُ (لَزِمَهُ) إذْ لَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ قَضَاءُ شَهْوَةٍ وَلَا بُدَّ مِنْ إعْفَافِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ إحْدَى أُخْتَيْنِ مَلَكَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَزْوِيجُ الْأُخْرَى قَطْعًا؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ قَدْ يَزُولُ فَتَتَوَقَّعُ مِنْهُ قَضَاءَ الشَّهْوَةِ، (وَإِذَا زَوَّجَهَا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا، وَالثَّانِي أَنَّهُ بِالْوِلَايَةِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ رِعَايَةِ الْحَظِّ حَتَّى إنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ، كَمَا تَقَدَّمَ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا مِنْ مَجْذُومٍ وَنَحْوِهِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي تَزْوِيجِ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَى إجْبَارِهِ (فَيُزَوِّجُ) تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ (مُسْلِمٌ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ) أَيْ الْكِتَابِيَّةَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ   [حاشية قليوبي] بِذِمَّتِهِ فِي مَالِكَةٍ أَمَرَهَا وَبِرَقَبَتِهِ فِي غَيْرِهَا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَبِإِذْنِهِ) أَيْ السَّيِّدِ وَلَيْسَ مُحْرِمًا وَإِنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ إذَا رَدَّ لَغَا وَبِذَلِكَ فَارَقَ صِحَّةَ التَّوْكِيلِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَالزَّائِدُ فِي ذِمَّتِهِ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا فِي مَالِكَةٍ أَمْرَهَا، وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فِي غَيْرِهَا كَمَا مَرَّ، وَمِنْهَا الْمُجْبَرَةُ نَعَمْ إنْ نَهَاهُ السَّيِّدُ عَنْ الزِّيَادَةِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (إذَا عَتَقَ) أَيْ كُلُّهُ كَمَا مَرَّ فِي ابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ إطْلَاقُ الْإِذْنِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِتَعْمِيمِهِ كَقَوْلِهِ: انْكِحْ مَنْ شِئْت بِمَا شِئْت وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّفِيهِ، وَالزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْإِطْلَاقِ كَالزَّائِدِ عَلَى الْمُقَدَّرِ. قَوْلُهُ: (فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ) أَيْ بَلَدِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (وَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ) وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِذْنِ فَلَوْ نَكَحَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالرُّجُوعِ لَمْ يَصِحَّ. كَمَا فِي تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْكِحْ) خَرَجَ الرَّجْعِيَّةُ فَهِيَ لَهُ، وَلَوْ بِلَا إذْنٍ. قَوْلُهُ: (أُخْرَى) وَكَذَا مَنْ طَلَّقَهَا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَإِلَّا فَلَهُ نِكَاحُ غَيْرِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِلَا إذْنٍ لِبَقَاءِ الْإِذْنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَذَا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ إلَّا لِمَانِعٍ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُزَوِّجَهُ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْإِجْبَارِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ لَهُ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْوَلِيِّ فِي الصَّغِيرِ وَفَرَّقَ بِدَوَامِ الْحَجْرِ هُنَا بَعْدَ الْبُلُوغِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ) (إجْبَارُ أَمَتِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُرْتَدَّةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ) أَيْ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ فَلَا تُزَوَّجُ أَمَةٌ مَرْهُونَةٌ إلَّا لِلْمُرْتَهِنِ. أَوْ بِإِذْنِهِ، وَلَا أَمَةُ مُفْلِسٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ، وَلَا أَمَةُ قِرَاضٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْعَامِلِ، وَإِلَّا لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ وَلَا جَانِيَةٌ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا صَحَّ التَّزْوِيجُ وَكَانَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ الْبَيْعِ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ بِأَنَّ فِيهِ فَوَاتَ الرَّقَبَةِ وَلَا يُزَوِّجُ السَّيِّدُ أَمَةَ مَأْذُونٍ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، بَلْ لَوْ وَطِئَهَا السَّيِّدُ لَزِمَهُ الْمَهْرُ مُطْلَقًا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ لَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا بِرِضَاهَا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِرَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ) وَكَذَا الْحِرْفَةُ فَهُوَ مُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لَا نَسَبَ لَهَا) أَيْ يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ تَضْمَحِلُّ مَعَهُ الْخِصَالُ. قَوْلُهُ: (مُؤَبَّدًا) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ عَدَمُ لُزُومِهِ تَزْوِيجَهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (فَيُزَوِّجُ مُسْلِمٌ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ) أَيْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ بَلْ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا إلَّا بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ فَيَجِبُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْهَا إنْ أَمْكَنَ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (فَالزَّائِدُ فِي ذِمَّتِهِ) . لَمْ يَقُولُوا بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي السَّفِيهِ وَكَانَ الْفَرْقُ كَوْنَ الرَّقِيقِ صَالِحًا لِلتَّصَرُّفِ فِي نَفْسِهِ لَا يَتَوَقَّفُ نُفُوذُهُ عَلَى سِوَى إذْنِ السَّيِّدِ وَلَا كَذَلِكَ السَّفِيهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إجْبَارُ عَبْدِهِ) يُقَالُ جَبَرَهُ عَلَى كَذَا وَأَجْبَرَهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَفْعَهُ) هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي تَزْوِيجِ الطِّفْلِ الْعَاقِلِ، وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا سَلَفَ، وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ بَيْنَ إجْبَارِ الطِّفْلِ الْعَاقِلِ دُونَ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ، بِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَبِ الَّتِي يُزَوِّجُ بِهَا ابْنَهُ الصَّغِيرَ تَنْقَطِعُ بِبُلُوغِهِ بِخِلَافِ وِلَايَةِ السَّيِّدِ لَا تَنْقَطِعُ بِبُلُوغِ عَبْدِهِ، فَإِذَا لَمْ يُزَوِّجْهُ بِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ مَعَ بَقَائِهَا، فَكَذَا قَبْلَهُ كَالثَّيِّبِ الْعَاقِلَةِ هَذِهِ الْحَاشِيَةُ مَحَلُّهَا عِنْدَ الْقَوْلِ الثَّالِثِ الْآتِي فِي الشَّرْحِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ) حَكَى عَكْسَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ لَهُ فِي الْكَبِيرِ غَرَضًا فِي صِيَانَةِ مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (إجْبَارٌ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الرَّضَاعِ يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، وَجَرَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فِي بَابَيْ التَّحْلِيلِ وَالرَّضَاعِ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ إنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ إلَخْ) . هُوَ صَادِقٌ بِأَمَةِ الْمَرْأَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا زَوَّجَهَا إلَخْ) هَذَا الْخِلَافُ مُطَرِّدٌ فِي الْعَبْدِ عَلَى قَوْلِ الْإِجْبَارِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيُزَوِّجُ مُسْلِمٌ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 فِي الْمُحَرَّرِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا كَمَا سَيَأْتِي. (وَفَاسِقٌ وَمُكَاتَبٌ) أَمَتَهُ وَعَلَى الثَّانِي لَا يُزَوِّجُ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَنْ ذَكَرْت؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَلِي الْكَافِرَةَ وَالْفِسْقُ يَسْلُبُ الْوِلَايَةَ وَالرِّقُّ يَمْنَعُهَا كَمَا تَقَدَّمَ، (وَلَا يُزَوِّجُ وَلِيٌّ عَبْدِ صَبِيٍّ) لِمَا فِيهِ مِنْ انْقِطَاعِ اكْتِسَابِهِ عَنْهُ، (وَيُزَوِّجُ أَمَتَهُ فِي الْأَصَحِّ) اكْتِسَابًا لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالثَّانِي لَا يُزَوِّجُهَا؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا وَقَدْ تَحْبَلُ فَتَهْلَكُ، وَمَنْ يُزَوِّجُهَا قِيلَ وَلِيُّ الْمَالِ كَالْوَصِيِّ، وَالْقَيِّمِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ وَلِيُّ النِّكَاحِ الَّذِي يَلِي الْمَالَ، وَهُوَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ، وَعَبْدُ الْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ، وَأَمَتُهُمَا كَعَبْدِ الصَّبِيِّ وَأَمَتِهِ، فِيمَا ذُكِرَ وَيَحْتَاجُ إلَى إذْنِ السَّفِيهِ فِي نِكَاحِ أَمَتِهِ بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ (تَحْرُمُ الْأُمَّهَاتُ) أَيْ نِكَاحُهُنَّ وَكَذَا الْبَاقِي (وَكُلُّ مَنْ وَلَدَتْك أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَكَ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (فَهِيَ أُمُّك) ،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَيْ الْكِتَابِيَّةِ) أَيْ قَطْعًا وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا عَلَى الْأَصَحِّ مَا عَدَا الْمُرْتَدَّةَ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا أَيْ فِي وَجْهٍ مَرْجُوحٍ وَحَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى هَذَا أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَمُكَاتَبٌ) أَيْ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ لَكِنْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُزَوِّجُ وَلِيٌّ عَبْدَ صَبِيٍّ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الصَّبِيَّةَ. قَوْلُهُ: (وَيُزَوِّجُ أَمَتَهُ) أَيْ يُزَوِّجَ الْوَلِيُّ أَمَةَ الصَّبِيِّ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ، إنْ صَحَّ أَنْ يُزَوِّجَ سَيِّدُهَا فَلَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ الصَّغِيرَةَ الثَّيِّبَ الْعَاقِلَةَ وَلَا يُزَوِّجُ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ أَمَةَ صَغِيرٍ وَصَغِيرَةٍ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلِيُّ النِّكَاحِ) أَيْ وَقْتَ التَّزْوِيجِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَلِيُّ النِّكَاحِ أَوْ الْمَالِ وَلَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ بِذِكْرِ أَوْ بَدَلَ الْوَاوِ. بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمَوَانِعِ النِّكَاحِ، وَهُوَ الْأَنْسَبُ وَالْأَوْفَقُ بِالْمُرَادِ لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِهِ تَحْرُمُ أُمٌّ إلَخْ، الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ الْأُمُومَةُ لَا الْأُمُّ وَاخْتُلِفَ هَلْ مِنْهَا اخْتِلَافُ الْجِنْسِ، كَالْآدَمِيِّ وَالْجِنِّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الشَّيْخَانِ وَعَدَّهُ مِنْهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَابْنُ يُونُسَ وَخَالَفَهُمَا الْقَمُولِيُّ فَجَوَّزَ نِكَاحَ آدَمِيٍّ لِجِنِّيَّةٍ، وَعَكْسُهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَأَتْبَاعُهُ، وَعَلَيْهِ فَتَثْبُتُ الْأَحْكَامُ لِلْإِنْسِيِّ فَقَطْ، قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فَلِلْآدَمِيَّةِ تَمْكِينُ زَوْجِهَا الْجِنِّيِّ، وَلَوْ عَلَى صُورَةِ نَحْوِ كَلْبٍ حَيْثُ ظَنَّتْ زَوْجِيَّتَهُ وَلِلْآدَمِيِّ وَطْءُ زَوْجَتِهِ الْجِنِّيَّةِ، وَلَوْ عَلَى صُورَةِ نَحْوِ كَلْبَةٍ حَيْثُ ظَنَّ زَوْجِيَّتَهَا، وَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْبَهِيمَةِ وَلَا يَصِيرُ أَحَدُهُمَا بِوَطْئِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُحْصَنًا وَتَثْبُتُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ إنْ كَانَا عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: تَثْبُتُ الْأَحْكَامُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى أَيْضًا وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ فِي بَابِ الْحَدَثِ وَتَرَدَّدَ شَيْخُنَا فِي مَنْعِهَا مِنْ أَكْلِ نَحْوِ عَظْمٍ وَفِي أَمْرِهَا بِمُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَلْيُرَاجَعْ وَفِي ضَبْطِ أَحْكَامِ الْبَابِ عِبَارَاتٌ مِنْهَا، أَنْ يُقَالَ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ، وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ، فَأُصُولُهُ الْأُمَّهَاتُ وَفُصُولُهُ الْبَنَاتُ وَبَنَاتُ الْأَوْلَادِ وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ الْأَخَوَاتُ، وَبَنَاتُهُنَّ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ، وَإِنْ سَفَلُوا وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ هُنَّ الْعَمَّاتُ، وَالْخَالَاتُ، وَأَخْرَجَ الْأَصْلَدُ الْأَوَّلُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَنْ يُدْلِي بِهِ وَيُقَاسُ بِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالشَّخْصِ لَشَمِلَهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَمِنْهَا أَنْ يُقَالَ تَحْرُمُ مِنْ نَسَبٍ وَرَضَاعٍ، أَبَدًا إلَّا مَنْ دَخَلَتْ تَحْتَ اسْمِ وَلَدِ الْعُمُومَةِ أَوْ الْخُؤُولَةِ وَهَذَا أَخَصْرُ وَأَخَصُّ وَعَلَى الْإِنَاثِ أَنَصُّ وَأَوْفَقُ بِالْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبَنَاتِ عَمِّكَ} [الأحزاب: 50] إلَخْ. قَوْلُهُ: (نِكَاحُهُنَّ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ أَوْ لِأَجْلِ الِاحْتِرَامِ كَزَوْجَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّاتِي دَخَلَ بِهِنَّ قَالَ: الْقُضَاعِيُّ وَمِثْلُهُ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَيَحْرُمُ عَلَى أُمَمِهِمْ تَزَوُّجُ نِسَائِهِمْ، ثُمَّ قَالَ وَتَحِلُّ زَوْجَاتُ الْأَنْبِيَاءِ لِلْأَنْبِيَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ خُصُوصًا فِي نَبِيِّنَا؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ زَوْجَاتِهِ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَكَأَنَّهُنَّ فِي عِصْمَتِهِ وَلِأَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ أُمَّتِهِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِهِ إذَا أَدْرَكَهُ بَلْ وَلَا حَاجَةَ إلَى وَصْفِ الْأُمُومَةِ فِي التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَتْ فِي عِصْمَةِ رَجُلٍ لَمْ يَجُزْ نِكَاحُهَا لِغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَهِيَ أُمُّك) أَيْ حَقِيقَةً فِي الْكُلِّ أَوْ مَجَازًا فِي غَيْرِ الْأُولَى مِنْهُنَّ فَهُوَ عَلَى هَذَا مِنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ كَمَا عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ وَلِيُّ النِّكَاحِ إلَخْ) . قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْأَبَ وَالْجَدَّ لَا يُزَوِّجَانِ أَمَةَ الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ الْعَاقِلَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ وَصَاحِبِ الْكَافِي لَكِنَّهُمَا نَقَلَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ لَهُمَا تَزْوِيجَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْقِيَاسُ كَمَا يُزَوِّجُ الْوَلِيُّ أَمَةَ السَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ غَيْرِ الْمُحْتَاجَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَزْوِيجُهُمَا. اهـ قُلْت قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ بُلُوغَ الصَّغِيرَةِ لَهُ غَايَةٌ مُحَقَّقَةُ الْحُصُولِ فَتُنْتَظَرُ بِخِلَافِهِمَا، وَأَيْضًا لَا بُدَّ فِي تَزْوِيجِ أَمَةِ السَّفِيهِ مِنْ إذْنِهِ. [بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ] ِ، مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَهِيَ أُمُّك إلَخْ) ظَاهِرُهُ إطْلَاقُ الْأُمِّ عَلَى الْجَدَّاتِ حَقِيقَةٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبِنْتِ وَغَيْرِهَا. مِمَّا يَأْتِي قَوْلُهُ: (وَدَلِيلُ التَّحْرِيمِ) . هَذَا بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْأُمِّ شَامِلٌ وَمُتَنَاوِلٌ لِلْعُلْيَا، وَلَفْظُ الْبِنْتِ مُتَنَاوِلٌ لِلسُّفْلَى، وَذَلِكَ إمَّا بِالْتِزَامِ كَوْنِ ذَلِكَ مِنْ الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ، أَوْ مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَهَذَا الثَّانِي مُتَعَيِّنٌ فِي الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ كَمَا لَا يَخْفَى. ثُمَّ رَأَيْت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 وَدَلِيلُ التَّحْرِيمِ فِيهَا وَفِي بَقِيَّةِ السَّبْعِ الْآتِيَةِ قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] إلَى آخِرِهِ (وَالْبَنَاتُ كُلُّ مَنْ وَلَدَتْهَا أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَهَا) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا. (فَبِنْتُك. قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ، (وَالْمَخْلُوقَةُ مِنْ) مَاءِ (زِنَاهُ تَحِلُّ لَهُ) إذْ لَا حُرْمَةَ لِمَاءِ الزِّنَى نَعَمْ تُكْرَهُ لَهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ كَالْحَنَفِيَّةِ (وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَدُهَا مِنْ زِنًى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْإِرْثِ بَيْنَهُمَا، (وَالْأَخَوَاتُ) وَكُلُّ مَنْ وَلَدَهَا أَبَوَاك أَوْ أَحَدُهُمَا فَأُخْتُك، (وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَ) بَنَاتُ (الْأَخَوَاتِ) وَإِنْ سَفَلْنَ (وَالْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ، وَكُلُّ مَنْ هِيَ أُخْتُ ذَكَرٍ وَلَدَك) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (فَعَمَّتُك) وَقَدْ تَكُونُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَأُخْتِ أَبِي الْأُمِّ (أَوْ أُخْتُ أُنْثَى وَلَدَتْك) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (فَخَالَتُك) ، وَقَدْ تَكُونُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَأُخْتِ أُمِّ الْأَبِ، (وَيَحْرُمُ هَؤُلَاءِ السَّبْعِ بِالرَّضَاعِ أَيْضًا) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ النَّسَبِ» وَقَالَ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] (وَكُلُّ مَنْ أَرْضَعَتْك أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ أَرْضَعَتْك أَوْ) أَرْضَعَتْ (مَنْ وَلَدَك) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا، (أَوْ وَلَدَتْ مُرْضِعَتَك) بِوَاسِطَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا (أَوْ ذَا لَبَنِهَا) هُوَ الْفَحْلُ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (فَأُمُّ رَضَاعٍ وَقِسْ الْبَاقِيَ) بِمَا ذُكِرَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] أَيْ نِكَاحُهُنَّ كَمَا تَقَدَّمَ إذْ لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى تَحْرِيمِ الذَّاتِ، وَلَا تَحْرِيمِ الْكَلَامِ، وَلَا تَحْرِيمِ النَّظَرِ وَلَا تَحْرِيمِ الْمَسِّ، وَلَا تَحْرِيمِ نَحْوِ الْأَكْلِ لِمَا عُلِمَ مِنْ مَحَالِّهَا، فَتَعَيَّنَ إرَادَةُ النِّكَاحِ، وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ لَا تَخْتَصُّ إلَّا بِالْأَقَارِبِ فَتَأَمَّلْ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَاقِي ثُمَّ لَمَّا كَانَتْ الْحُرْمَةُ فِي السَّبْعَةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا فِي الْآيَةِ، مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ تَرْجِعُ إلَى أَنَّهَا إمَّا بِالْأُمُومَةِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْهَا، أَوْ بِالْوِلَادَةِ مِنْ الشَّخْصِ، أَوْ مِنْ أُصُولِهِ فِي السِّتَّةِ الْبَاقِيَةِ اقْتَصَرَ فِي الرَّضَاعِ عَلَى ذِكْرِهِمَا فَقَطْ. قَوْلُهُ: (فَبِنْتُك) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأُمِّ. تَنْبِيهٌ: لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فِي الْأُمِّ أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَك وَلَا لِقَوْلِهِ فِي الْبِنْتِ أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَهَا. وَأَخْصَرُ مِمَّا ذُكِرَ أَنْ يُقَالَ فِي الْأُمِّ كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي نَسَبُك إلَيْهَا وَفِي الْبِنْتِ كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي نَسَبُهَا إلَيْك. قَوْلُهُ: (وَالْمَخْلُوقَةُ مِنْ مَاءِ زِنَاهُ تَحِلُّ لَهُ) وَالْمُرَادُ بِمَاءِ الزِّنَى مَا كَانَ حَالَ خُرُوجِهِ فَقَطْ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ فِي ظَنِّهِ وَالْوَاقِعُ مَعًا وَمِنْهُ مَا خَرَجَ مِنْ وَطْءِ الْمُكْرَهِ أَوْ مِنْ وَطْءِ حَلِيلَتِهِ فِي دُبُرِهَا أَوْ مِنْ اللِّوَاطِ وَلَوْ لِنَفْسِهِ أَوْ مِنْ إتْيَانِ الْبَهَائِمِ وَلَوْ فِي فَرْجِهَا أَوْ مِنْ الِاسْتِمْنَاءِ بِغَيْرِ يَدِ حَلِيلَتِهِ، وَلَوْ بِيَدِهِ وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ وَقُلْنَا بِحِلِّهِ حِينَئِذٍ نَظَرًا لِأَصْلِهِ وَلَيْسَ مِنْ الْمُحَرَّمِ الِاسْتِمْنَاءُ بِيَدِ حَلِيلَتِهِ، وَلَا الْخَارِجُ فِي نَحْوِ نَوْمٍ وَلَوْ بِاسْتِدْخَالِ أَجْنَبِيَّةٍ ذَكَرَهُ، وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْهُ زَوْجَتُهُ وَحَمَلَتْ مِنْهُ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي هَذِهِ: يَنْبَغِي أَنَّهَا نَسِيبَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَاحِقَةٌ لَهُ بِالْفِرَاشِ، وَمَالَ إلَيْهَا شَيْخُنَا وَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِ زِنَاهُ تَحِلُّ لَهُ أَيْضًا. تَنْبِيهٌ: لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ الْمَنْفِيَّةِ بِاللِّعَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَبِنْتِ الزِّنَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهَا مَعَهَا فَتَحْرُمُ، كَمَا يَأْتِي وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا فِيهَا مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مِنْ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ لَهَا الْمَحْرَمِيَّةُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا، وَلَا يَحِلُّ نَظَرُهَا لَهُ، وَلَا نَظَرُهُ لَهَا وَلَا الْخَلْوَةُ بِهَا وَلَا يُقْتَلُ بِقَتْلِهَا وَلَا يُقْطَعُ بِقَطْعِهَا، وَلَا بِسَرِقَتِهِ مَالَهَا، وَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِهَا، وَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِلَمْسِهَا وَمِثْلُهَا الْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِهَا فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (كَالْحَنَفِيَّةِ) وَكَذَا الْحَنَابِلَةُ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَدُهَا مِنْ الزِّنَى) وَكَذَا عَلَى مَحَارِمِهَا. قَوْلُهُ: (لِثُبُوتِ النَّسَبِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ كَعُضْوٍ مِنْهَا، وَقَدْ انْفَصَلَ عَنْهَا وَهُوَ إنْسَانٌ وَلَا كَذَلِكَ النُّطْفَةُ. وَقَوْلُهُ: (وَالْأَخَوَاتُ) وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْمُسْتَلْحَقَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ قَبْلَ اسْتِلْحَاقِهَا وَلَمْ يُصَدِّقْ أَبَاهُ فِي اسْتِلْحَاقِهَا، أَوْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهَا، وَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ فَلَوْ طَلُقَتْ مِنْهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إذَا بَانَتْ، وَلَهُ رَجَعْتُهَا، إذَا لَمْ تَبْنِ، وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّ عَكْسَ الْمَسْأَلَةِ مِثْلُهَا بِأَنْ اسْتَلْحَقَ أَبُوهَا زَوْجَهَا، وَلَمْ تُصَدِّقْهُ هِيَ، وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِمَا يُعْلَمُ رَدُّهُ فِي مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (أَبَوَاك أَوْ أَحَدُهُمَا) أَيْ حَقِيقَةً بِلَا وَاسِطَةٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَفَلْنَ) رَاجِعٌ لِبَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَكُونُ إلَخْ) فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الضَّابِطِ وَذَكَرَهُ لِخَفَائِهِ. قَوْلُهُ: (مَنْ أَرْضَعَتْك) وَقَدْ بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ تَقْرِيبًا وَإِلَّا فَلَبَنُهَا لَا يُحَرِّمُ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَرْضَعَتْ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ التَّعْمِيمِ بِقَوْلِهِ: بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ ذَا لَبَنِهَا) أَيْ مَنْ وَلَدَتْهُ، وَكَذَا مَنْ أَرْضَعَتْهُ. قَوْلُهُ: (وَقِسْ الْبَاقِيَ) أَيْ مِنْ السَّبْعِ الْمُحَرَّمَاتِ بِالرَّضَاعِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] الزَّرْكَشِيَّ تَعَرَّضَ لَهُمَا وَأَثْبَتَ فِيهِمَا خِلَافَ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إلْحَاقُ غَيْرِ الْمَنْصُوصِ بِمَا ذُكِرَ قِيَاسًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ مَاءِ زِنَاهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ ضَابِطَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ بِسَبَبٍ مُحَرَّمٍ، وَانْظُرْ لَوْ خَرَجَ بِسَبَبٍ مُحَرَّمٍ ثُمَّ اسْتَدْخَلَتْهُ زَوْجَتُهُ كَيْفَ الْحُكْمُ وَالْوَجْهُ ثُبُوتُ النَّسَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ) مِثْلُهَا الْمَحَارِمُ الْمُدْلُونَ بِهَا كَبِنْتِهَا وَأُمِّهَا نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ إلَخْ) لَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ تَأَسِّيًا بِالْقُرْآنِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَقَوْلُهُ: وَالْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ مِنْهُ مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ يُفْهِمُ حِلَّ بَنَاتِ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَالَ تَعَالَى) قَدَّمَ الْحَدِيثَ لِعُمُومِ دَلَالَتِهِ وَقِيلَ: إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَبَّهَ بِالْمَذْكُورَتَيْنِ فِي الْآيَةِ عَلَى بَاقِي السَّبْعِ حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَوَجْهُهُ أَنَّ السَّبْعَ حُرِّمْنَ لِمَعْنَى الْوِلَادَةِ وَالْأُخُوَّةِ يَظْهَرُ ذَلِكَ بِالتَّأَمُّلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ ذَا لَبَنِهَا) وَكَذَا مُرْضِعَةُ الْفَحْلِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 فَكُلُّ مَنْ أُرْضِعَتْ بِلَبَنِك أَوْ بِلَبَنِ مَنْ وَلَدْته بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا، أَوْ أَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ وَلَدَتْهَا بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَبِنْتُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَإِنْ سَفَلَتْ فَبِنْتُ رَضَاعٍ، وَكُلُّ مَنْ أَرْضَعَتْهَا أُمُّك، أَوْ أُرْضِعَتْ بِلَبَنِ أَبِيك أَوْ وَلَدَتْهَا مُرْضِعَتُك أَوْ الْفَحْلُ فَأُخْتُ رَضَاعٍ، وَأُخْتُ الْفَحْلِ وَأُخْتُ ذَكَرِ وَلَدِهِ بِوَاسِطَةٍ، أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ نَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ عَمَّةُ رَضَاعٍ وَأُخْتُ الْمُرْضِعَةِ، وَأُخْتُ أُنْثَى وَلَدَتْهَا بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ خَالَةُ رَضَاعٍ وَبِنْتُ وَلَدِ الْمُرْضِعَةِ، وَالْفَحْلُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَإِنْ سَفَلْت وَمَنْ أَرْضَعَتْهَا أُخْتُك أَوْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِ أَخِيك، وَبِنْتُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَإِنْ سَفَلَتْ، وَبِنْتُ وَلَدٍ أَرْضَعَتْهُ أُمُّك، أَوْ ارْتَضَعَ بِلَبَنِ أَبِيك مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَإِنْ سَفَلَتْ بِنْتُ أَخٍ وَأُخْتِ رَضَاعٍ (وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْك مَنْ أَرْضَعَتْ أَخَاك) ، أَوْ أُخْتُك، وَلَوْ كَانَتْ أُمَّ نَسَبٍ كَانَتْ أُمَّك أَوْ زَوْجَةَ أَبِيك، فَتَحْرُمُ عَلَيْك، (وَنَافِلَتُك) وَهُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ، وَلَوْ كَانَتْ أُمَّ نَسَبٍ كَانَتْ بِنْتَك أَوْ زَوْجَةَ ابْنِك فَتَحْرُمُ عَلَيْك، (وَلَا أُمُّ مُرْضِعَةِ وَلَدِك وَبِنْتُهَا) أَيْ بِنْتُ الْمُرْضِعَةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ أُمَّ نَسَبٍ كَانَتْ زَوْجَتَك فَتَحْرُمُ أُمُّهَا عَلَيْك وَبِنْتُهَا، فَهَذِهِ الْأَرْبَعُ يَحْرُمْنَ فِي النَّسَبِ، وَلَا يَحْرُمْنَ فِي الرَّضَاعِ فَتُسْتَثْنَى عِنْدَ بَعْضِهِمْ مِنْ قَاعِدَةِ يَحْرُم مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ، وَالْجُمْهُورُ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يَسْتَثْنُوهَا لِانْتِفَاءِ جِهَةِ الْحُرْمَةِ فِي النَّسَبِ عَنْ الرَّضَاعِ، فَإِنَّ أُمَّ الْأَخِ مَثَلًا حُرِّمَتْ عَلَيْك فِي النَّسَبِ لِكَوْنِهَا أُمَّكَ أَوْ زَوْجَةَ أَبِيك، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي كَوْنِهَا أُمَّ رَضَاعٍ، وَكَذَا الْبَاقِي كَمَا تَقَدَّمَ وَلِهَذَا سَكَتَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ (وَلَا) تَحْرُمُ عَلَيْك (أُخْتُ أَخِيك بِنَسَبٍ وَلَا رَضَاعٍ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْأُخْتِ (وَهِيَ) فِي النَّسَبِ (أُخْتُ أَخِيك لِأَبِيك لِأُمِّهِ) ، بِأَنْ كَانَ لِأُمِّ أَخِيك بِنْتٌ مِنْ غَيْرِ أَبِيك، (وَعَكْسُهُ) أَيْ أُخْتُ أَخِيك لِأُمِّك لِأَبِيهِ بِأَنْ كَانَ لِأَبِي أَخِيك بِنْتٌ مِنْ غَيْرِ أُمِّك وَفِي الرَّضَاعِ أُخْتٌ مِنْ الرَّضَاعِ لِأَخِيك بِأَنْ أَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْك فِي الشِّقَّيْنِ (وَتَحْرُمُ) عَلَيْك، (زَوْجَةُ مَنْ وَلَدْت أَوْ وَلَدِك مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (وَأُمُّ زَوْجَتِك مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ النَّسَبِ أَوْ الرَّضَاعِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، (وَكَذَا بَنَاتُهَا) أَيْ   [حاشية قليوبي] فَكُلُّ مَنْ أُرْضِعَتْ) هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ أَيْ رَضَعَتْ. قَوْلُهُ: (بِلَبَنِ مَنْ وَلَدَتْهُ) الْمُرَادُ بِهِ الذَّكَرُ وَإِلَّا فَمَا بَعْدَهُ مُسْتَدْرَكٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ رَضَاعٍ) مُسْتَدْرَكٌ مَعَ مَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (أُمُّك) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ. قَوْلُهُ: (أَبِيك) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ. قَوْلُهُ: (بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِالْفَحْلِ وَبِوَلَدِهِ، وَمِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ مُتَعَلِّقٌ بِأُخْتٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. قَوْلُهُ: (بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُرْضِعَةِ وَبِأُنْثَى. قَوْلُهُ: (مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ) مُتَعَلِّقٌ بِأُخْتٍ فِي الْمَحَلَّيْنِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَالْفَحْلُ) أَيْ وَلَدٌ لِفَحْلٍ. قَوْلُهُ: (نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْوَلَدِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَفَلَتْ) أَيْ الْبِنْتُ. قَوْلُهُ: (مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ) رَاجِعٌ لِأُخْتِك وَلِأَخِيك وَلِبِنْتِهَا. قَوْلُهُ: (سَفَلَتْ) عَائِدٌ لِلْبِنْتِ. قَوْلُهُ: (بِنْتُ أَخٍ) فِي الْأَوَّلِ وَأُخْتُ رَضَاعٍ فِي الثَّانِي، وَهُمَا مُضَافَانِ لِرَضَاعٍ وَلَوْ عَبَّرَ بِأَوْ كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ لَكَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهَا مَنْ اُرْتُضِعَتْ مِنْ الْجِهَتَيْنِ بِجَعْلِهَا مَانِعَةَ خُلُوٍّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْك مَنْ أَرْضَعَتْ أَخَاك) أَيْ أَوْ أَرْضَعَتْ أُخْتَك وَلَا مَنْ أَرْضَعَتْ نَافِلَتَك أَيْ وَلَدَ وَلَدِك ذَكَرًا، كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَيُقَالُ لِوَلَدِ الِابْنِ حَفِيدٌ، وَلِوَلَدِ الْبِنْتِ سِبْطٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا أُمُّ مُرْضِعَةِ وَلَدِك وَبِنْتُهَا) وَأَمَّا مُرْضِعَةُ وَلَدِك فَتَحِلُّ وَلَوْ فِي النَّسَبِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَبِنْتُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ تُطْلَقُ الرَّبِيبَةُ عَلَى بِنْتِ الزَّوْجَةِ، وَعَلَى بِنْتِ ابْنِهَا، وَإِنْ سَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ. قَوْلُهُ (جِهَةُ الْحُرْمَةِ) أَيْ الْمَعْنَى الْمُعَلِّلِ لَهُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَلِذَا سَكَتَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) كَمَا سَكَتَ عَنْ أُمِّ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَأُمِّ الْخَالِ وَالْخَالَةِ فَلَا تَحْرُمُ بِنْتُ زَوْجِ الْأُمِّ، وَلَا أُمُّهُ وَلَا بِنْتُ زَوْجِ الْبِنْتِ وَلَا أُمُّهُ، وَلَا أُمُّ زَوْجَةِ الرَّبِيبِ وَلَا بِنْتُهَا، وَلَا أُمُّ زَوْجَةِ الِابْنِ وَلَا بِنْتُهَا، وَلَا زَوْجَةُ الرَّبِيبِ وَلَا زَوْجَةُ الرَّابِّ، وَلَا أُمُّ أَخِي زَوْجَةِ الْأَبِ، وَلَا أُمُّ أَخِي الِابْنِ، وَصُورَةُ هَذِهِ الْأَخِيرَةِ أَنْ تَكُونَ امْرَأَةٌ لَهَا ابْنٌ ارْتَضَعَ عَلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، لَهَا ابْنٌ فَالْمَرْأَةُ الْأُولَى أُمُّ أَخِي هَذَا الِابْنِ مِنْ أُمِّهِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا. كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَزَوَّجَ بِأُمِّ أَخِيهِ لِأُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ، لَا بِأُمِّ أَخِي ابْنِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْإِضَافَةُ فِي الْأَخِ وَالِابْنِ بَيَانِيَّةً، وَالْمُرَادُ بِأَخِي الِابْنِ نَفْسُ الْأَخِ أَيْ لَا يَحْرُمُ عَلَى الِابْنِ أُمُّ أَخٍ هُوَ ابْنُهَا، أَوْ لَا يَحْرُمُ عَلَى ابْنِ امْرَأَةٍ أُمُّ أَخِي ذَلِكَ الِابْنِ أَوْ أَنَّ الْعِبَارَةَ مَقْلُوبَةٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَخُو ابْنِهَا، وَحِينَئِذٍ فَهَذِهِ مُسَاوِيَةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْك مَنْ أَرْضَعَتْ أَخَاك غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّ أُمُّ نَسَبٍ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوْ رَضَاعٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَوْلَى أَنْ يُصَوِّرَ بِرَجُلٍ لَهُ ابْنٌ ارْتَضَعَ عَلَى امْرَأَةٍ لَهَا ابْنٌ فَلِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا وَهِيَ أُمُّ أَخِي ابْنِهِ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (مُتَعَلِّقٌ بِالْأُخْتِ) أَيْ لِمُنَاسَبَتِهِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ: قَوْلُهُ: (لِأُمِّ أَخِيك) أَيْ لِأَبِيك. قَوْلُهُ: (لِأَبِي أَخِيك) أَيْ مِنْ أُمِّك. قَوْلُهُ: (لِأَخِيك) أَيْ لِأَبِيك أَوْ لِأُمِّك أَوْ لَهُمَا فَذِكْرُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْأَوَّلَ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ. قَوْلُهُ: (وَتَحْرُمُ) أَيْ بِالْعَقْدِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَبِالْوَطْءِ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (مَنْ وَلَدْتَ) بِتَاءِ الْمُخَاطَبِ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَلَدَكَ)   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ) مُتَعَلِّقٌ بِبِنْتِ الْوَلَدِ الْمَذْكُورِ لَا بِالْوَلَدِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: وَبِنْتُ وَلَدٍ أَرْضَعَتْهُ أُمُّك إلَخْ. (قَوْلُهُ: (لِأَخِيك) أَيْ شَقِيقًا كَانَ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (فِي الشِّقَّيْنِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ بِنَسَبٍ وَلَا رَضَاعٍ قَوْلُهُ: (بِوَاسِطَةٍ) أَيْ وَهَلْ دُخُولُهُ بِالدَّلِيلِ الْآتِي بِالْقِيَاسِ، أَوْ شُمُولِ الِاسْمِ، فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 الزَّوْجَةِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا، (إنْ دَخَلْت بِهَا) أَيْ بِالزَّوْجَةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: 23] وَقَوْلُهُ {الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: 23] لِبَيَانِ أَنَّ زَوْجَةُ مَنْ تَبَنَّاهُ لَا تَحْرُمُ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] وَقَالَ: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] وَذِكْرُ الْحُجُورِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ بِالزَّوْجَةِ لَا تَحْرُمُ بِنْتُهَا (وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً بِمِلْكٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا وَحَرُمَتْ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ) ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ نَازِلَةٌ مَنْزِلَةَ عَقْدِ النِّكَاحِ، (وَكَذَا الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ فِي حَقِّهِ) ، بِأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ بِنِكَاحٍ أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدَيْنِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، تَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا، وَتَحْرُمُ هِيَ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ، كَمَا يُثْبِتُ هَذَا الْوَطْءُ النَّسَبَ، وَيُوجِبُ الْعِدَّةَ، وَسَوَاءٌ ظَنَّتْهُ كَمَا ظَنَّ أَمْ لَا، (قِيلَ أَوْ حَقُّهَا) ، بِأَنْ ظَنَّتْهُ، كَمَا ذُكِرَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْحَالِ، فَالْحُرْمَةُ كَمَا ذُكِرَ أَيْضًا، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِانْتِفَاءِ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْعِدَّةِ هُنَا، وَقِيلَ فِيمَا إذَا ظَنَّتْ دُونَهُ تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ، وَابْنِهِ، لَا تَحْرُمُ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا عَلَيْهِ، وَفِيمَا إذَا ظَنَّ دُونَهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا، وَلَا تَحْرُمُ هِيَ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ رِعَايَةً لِلظَّنِّ وَالْعِلْمِ فِي الطَّرَفَيْنِ، (لَا الْمَزْنِيُّ بِهَا) فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَى الزَّانِي أُمُّهَا وَبِنْتُهَا، وَلَا تَحْرُمُ هِيَ عَلَى أَبِيهِ كَمَا لَا يُثْبِتُ الزِّنَى النَّسَبَ (وَلَيْسَتْ مُبَاشَرَةٌ) كَمُفَاخَذَةٍ وَلَمْسٍ (بِشَهْوَةٍ) فِي الشُّبْهَةِ (كَوَطْءٍ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ عِدَّةً، وَالثَّانِي نَعَمْ بِجَامِعِ التَّلَذُّذِ بِالْمَرْأَةِ فَتَحْرُمُ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا عَلَيْهِ، وَتَحْرُمُ هِيَ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ، وَاحْتُرِزَ بِالشَّهْوَةِ عَنْ عَدَمِهَا أَثَرًا لِلْمُبَاشَرَةِ فِي ذَلِكَ (وَلَوْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمٌ) ،   [حاشية قليوبي] بِالْفِعْلِ الْمَاضِي فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى وَلَدْت لَا عَلَى مَنْ. قَوْلُهُ: (إنْ دَخَلْت بِهَا) أَيْ إنْ حَصَلَ وَطْءٌ، وَلَوْ فِي الدُّبُرِ، وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ الْمُحْتَرَمِ، وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ إلَخْ) بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِاحْتِيَاجِ الْعَاقِدِ لِمُكَالَمَةِ الْأُمِّ عَقِبَ الْعَقْدِ لِتَرْتِيبِ أُمُورِهِ، وَمَحَلُّ التَّحْرِيمِ بِالدُّخُولِ إنْ كَانَ فِي الْحَيَاةِ مِنْ وَاضِحِ، وَإِلَّا فَلَا تَحْرُمُ الْبِنْتُ بِهِ، وَشَمِلَتْ الْبَنَاتُ فِيمَا تَقَدَّمَ الْمَنْفِيَّاتِ بِاللِّعَانِ، وَقَدْ مَرَّ آنِفًا وَدَخَلَ فِي أُمِّ الزَّوْجَةِ مَنْ طَرَأَتْ أُمُومِيَّتُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَأَنْ طَلَّقَ صَغِيرَةً فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً بِمِلْكٍ) أَيْ فِي الْحَيَاةِ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ اسْتِدْخَالَ الْمَنِيِّ الْمُحْتَرَمِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا وَحَرُمَتْ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ) وَكَذَا تَثْبُتُ الْمَحْرَمِيَّةُ أَيْضًا بِخِلَافِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَمِنْهُ وَطْءُ الْمَجْنُونِ وَالْمُشْتَرَكَةِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ بِالْإِكْرَاهِ، فَلَيْسَ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ كَمَا مَرَّ. فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَحْرِيمٌ، وَلَا مَحْرَمِيَّةٌ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: إنَّ اسْتِدْخَالَ الْمَنِيِّ تَثْبُتُ بِهِ الْمُصَاهَرَةُ وَالنَّسَبُ وَالْعِدَّةُ دُونَ الْإِحْصَانِ وَالتَّحْلِيلِ وَتَقْرِيرِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِهِ فِي الْمُفَوَّضَةِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ وَالْغُسْلِ وَالْمَهْرِ اهـ. لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةِ إلَخْ) أَيْ تَحْرُمُ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا لَكِنْ لَا تَثْبُتُ لَهَا مَحْرَمِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اخْتَلَطَتْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ عَلَامَةٌ يَحْصُلُ بِهَا تَمْيِيزٌ كَنَسَبٍ وَنَحْوِهِ وَأَشَارُوا بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَى أَنَّ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ دَخَلْت بِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا، وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ وَكَذَا بِالدُّخُولِ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بِوَاسِطَةٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ يَقَعُ السُّؤَالُ عَنْهَا كَثِيرًا وَمِثْلُ الدُّخُولِ اسْتِدْخَالُهَا مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ. قَوْلُهُ: (قَالَ تَعَالَى {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: 23] إلَخْ) . هَذِهِ الْأَدِلَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا خَاصَّةً بِجِهَةِ النَّسَبِ، وَأَمَّا جِهَةُ الرَّضَاعِ فَقَالُوا دَلِيلُهَا الْحَدِيثُ السَّالِفُ، وَلَك أَنْ تَتَوَقَّفَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ زَوْجَةَ الْأَبِ مَثَلًا إنَّمَا حُرِّمَتْ عَلَى الْوَلَدِ بِالْمُصَاهَرَةِ، فَلَا يَتَنَاوَلُهَا الْحَدِيثُ. قَوْلُهُ: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] إلَخْ) . قَالَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ، وَإِذَا كَانَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - حَرَّمَ الرَّبَائِبَ؛ لِأَنَّهُنَّ فِي مَعْنَى الْبَنَاتِ، فَكَذَلِكَ امْرَأَةُ الْأَبِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى أُمِّهِ، قَالَ: وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ قَالَ مِنْ عَجَائِبِ الشَّرِيعَةِ كَوْنُ الرَّجُلِ مَحْرَمًا لِامْرَأَةِ أَبِيهِ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا مِنْهُ، وَلَا يَكُونُ الْأَبُ مَحْرَمًا لَهَا وَوَجْهُهُ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقَدْ أَثْبَتَ لَهَا بِالنِّكَاحِ حُرُمَاتٍ مُؤَبَّدَةً فَمَنْ وَلَدَتْ صَارَ لِوَلَدِهِ مِنْهَا مَا صَارَ لِوَلَدِهَا مِنْهُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ الَّذِي هُوَ أَبُو وَلَدِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا لِلْوَلَدِ فَكَذَا وَلَدُ الزَّوْجِ لَمَّا تَصَوَّرَ بِصُورَةِ وَلَدِهَا، فَأَبْدَتْ حُرْمَتُهُ اهـ. وَقَوْلُهُ فِي مَعْنَى أُمِّهِ الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِوَلَدِ الْأَبِ لَا لِلْأَبِ، وَقَوْلُهُ: مِنْهَا مُتَعَلِّقٌ بِصَارَ الْأَوَّلِ وَكَذَا مِنْهُ يَتَعَلَّقُ بِصَارَ الثَّانِي، وَقَوْلُهُ مَا لِلْوَلَدِ أَيْ وَلَدِ الْأَبِ مِنْهَا. وَقَوْلُهُ وَكَذَا وَلَدُ الزَّوْجِ أَيْ مِنْ غَيْرِهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ وَطِئَ إلَخْ) . هَذَا الْوَطْءُ يُثْبِتُ الْمَحْرَمِيَّةَ أَيْضًا بِخِلَافِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَالْفَرْقُ احْتِيَاجُ الْأُصُولِ إلَى الْمُخَالَطَةِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ) أَيْ تَحْرُمُ أُصُولُهَا وَفُرُوعُهَا، وَلَا تَثْبُتُ الْمَحْرَمِيَّةُ بِخِلَافِ الْمَوْطُوءَةِ بِالْمِلْكِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا الْمَزْنِيُّ بِهَا) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - امْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِالنَّسَبِ وَالصِّهْرِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْحُرْمَةُ الَّتِي امْتَنَّ بِهَا مِنْ الزِّنَى الَّذِي فَاعِلُهُ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى، قَالَ فِي الْأُمِّ قَوْلُهُ: (وَلَيْسَتْ مُبَاشَرَةٌ) خَرَجَ النَّظَرُ، وَلَوْ إلَى الْفَرْجِ. قَوْلُهُ: (فِي الشُّبْهَةِ) كَأَنْ بَاشَرَهَا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا سَلَفَ لَا مَعَ عِلْمِ الْحَالِ، وَرَأَيْت فِي الزَّرْكَشِيّ مَا نَصُّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ - يَعْنِي الْمُصَنِّفَ - لَمْسُ الْأَبِ جَارِيَةَ الِابْنِ. فَإِنَّهَا تَحْرُمُ لِمَا لَهُ مِنْ الشُّبْهَةِ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ لَمْسِ الزَّوْجَةِ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِمَامَ فَرَّعَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّمْسَ يُؤَثِّرُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي نَعَمْ إلَخْ) عَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ فَكَانَ كَالْوَطْءِ. وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، (بِنِسْوَةِ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ) كَأَلْفِ امْرَأَةٍ (نَكَحَ مِنْهُنَّ) وَاحِدَةً مَثَلًا وَإِلَّا لَامْتَنَعَ عَلَيْهِ بَابُ النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ سَافَرَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ لَمْ يَأْمَنْ مُسَافَرَتَهَا إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ أَيْضًا، (لَا بِمَحْصُورَاتِ) كَالْعَشَرَةِ وَالْعِشْرِينَ، فَإِنَّهُ لَا يَنْكِحُ مِنْهُنَّ؛ إذْ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بَابُ النِّكَاحِ بِذَلِكَ، فَلَوْ نَكَحَ مِنْهُنَّ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ لِغَلَبَةِ التَّحْرِيمِ، وَقِيلَ يَصِحُّ لِلشَّكِّ فِي سَبَبِ مَنْعِ الْمَنْكُوحَةِ، وَلَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ لِفَقْدِ عَلَامَةِ الِاجْتِهَادِ ، (وَلَوْ طَرَأَ مُؤَبَّدُ تَحْرِيمٍ عَلَى نِكَاحٍ قَطَعَهُ كَوَطْءِ زَوْجَةِ أَبِيهِ) ، أَوْ ابْنِهِ (بِشُبْهَةٍ) أَوْ وَطْءِ الزَّوْجِ أُمَّهَا أَوْ بِنْتَهَا بِشُبْهَةٍ فَيَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا ، (وَيَحْرُمُ جَمْعُ الْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا مِنْ رَضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ) ، قَالَ تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] ؛ وَقَالَ: «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا، وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا، وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا،   [حاشية قليوبي] الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ يُوجَدَانِ مَعَ غَيْرِ الْيَقِينِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (مُحْرِمٌ) وَلَوْ مُتَعَدِّدَةً وَلَوْ غَيْرَ مَحْصُورَةٍ لَوْ كَانَ لَوْ وَزَّعَ غَيْرَ الْمَحْرَمِ عَلَيْهِ خَصَّ كُلَّ فَرَدٍّ مَحْصُورٍ، أَوْ كَانَ غَيْرُ الْمُحْرِم مِثْلَهُ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ كَأَلْفِ مُحْرِمٍ بِأَلْفٍ، أَوْ أَقَلَّ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَنُقِلَ عَنْ الْعَلَّامَةِ ابْنُ قَاسِمٍ الْمَنْعُ فِي الْمُسَاوِي، وَالْأَقَلِّ مُطْلَقًا وَلَعَلَّهُ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ نَسَبٍ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمُحَرَّمَةُ بِلِعَانٍ أَوْ نَفْيٍ أَوْ كُفْرٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَلَوْ قَالَ: مُحَرَّمَةٌ بَدَلَ مُحَرَّمٍ لَشَمِلَ ذَلِكَ، وَاخْتِلَاطُ الرَّجُلِ الْمَحْرَمِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِرِجَالٍ غَيْرِ مَحَارِمَ كَعَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (كَأَلْفِ امْرَأَةٍ) فَأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ إلَى أَوَّلِ السِّتِّمِائَةِ، قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (نَكَحَ مِنْهُنَّ) وَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِلَمْسِ مَنْ يَنْكِحُهَا مِنْهُ، وَاسْتُفِيدَ مِنْ لَفْظِ مَنْ أَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي الْجَمِيعَ، فَيَجُوزُ إلَى أَنْ يَبْقَى مَحْصُورٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي شَرْحِهِ وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ مَحْرَمُهُ غَيْرَ مَحْصُورٍ أَيْضًا، وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لَكِنْ نَقَلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْمَنْعَ إذَا وَصَلَ إلَى قَدْرِ مَحْرَمِهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ الْمُوَافِقُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَوَانِي وَغَيْرِهَا، كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ وَإِنْ سَافَرَ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ مَنْعُ النِّكَاحِ مِنْ الْمُشْتَبِهَاتِ مَعَ تَيَقُّنٍ حَلَالٌ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ عَدَمُ صِحَّةِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا فِي الْأَوَانِي وَمَا هُنَا، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ هُنَاكَ أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ حَتَّى يَبْقَى قَدْرَ الْمُشْتَبَهِ عِنْدَ شَيْخِنَا كَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ، وَخَرَجَ بِنَكَحَ مَا لَوْ اخْتَلَطَتْ زَوْجَتُهُ بِغَيْرِهَا، فَلَيْسَ لَهُ الْوَطْءُ بِغَيْرِ عَقْدٍ، وَلَوْ بِاجْتِهَادٍ؛ إذْ لَيْسَ لَهُ عَلَامَةٌ. قَوْلُهُ: (كَالْعَشَرَةِ وَالْعِشْرِينَ) قَالَ شَيْخُنَا وَمَا فَوْقَهَا إلَى آخِرِ الْمِائَتَيْنِ، وَأَمَّا فَوْقَ ذَلِكَ إلَى آخِرِ الْخَمْسِمِائَةِ فَيَسْتَفْتِي فِيهِ الْقَلْبَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَصِحُّ لِلشَّكِّ إلَخْ) وَرُدَّ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْحِلِّ هُنَا بِغَيْرِ أَصْلٍ فَهُوَ مُؤَثِّرٌ فِي الْمَنْعِ احْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ فَلَا يَرِدُ حِلُّ مَنْ شَكَّ فِي رَضَاعِهَا؛ لِأَنَّ الْحِلَّ فِيهَا مُتَيَقَّنٌ أَصَالَةً فَلَا يُزَالُ بِالشَّكِّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مُؤَبِّدُ تَحْرِيمٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ وَالْمُرَادُ التَّحْرِيمُ عَلَى مَنْ هِيَ حَلَالٌ لَهُ، لَا لِلْوَاطِئِ لِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ وَطْئِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى نِكَاحٍ) خَرَجَ مِلْكُ الْيَمِينِ كَوَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ ابْنِهِ وَلَمْ تَحْبَلْ كَذَا قَالُوهُ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (قِطْعَةٌ) وَإِنْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ حَرَامًا عَلَى الْوَاطِئِ قَبْلَ وَطْئِهِ حُرْمَةً أَصْلِيَّةً كَبِنْتِ أَخِيهِ مَعَ ابْنِهِ. قَوْلُهُ: (كَوَطْءِ زَوْجَةِ أَبِيهِ بِشُبْهَةٍ إلَخْ) أَيْ وَلِوَاطِئٍ وَاضِحٍ بِخِلَافِ الْخُنْثَى لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ، وَيُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ لَهُ ابْنٌ بِمَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ وَوَطِئَ أَمَتَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ أَوْ تَزَوَّجَ بِمَيْلِهِ إلَى النِّسَاءِ، وَوَطِئَ وَوُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يُحْكَمُ بِذُكُورَتِهِ لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ فَلِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ صَحِيحٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ، فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّ التَّشْبِيهَ بِقَوْلِهِ وَكَذَا الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ {حَرُمَ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا وَحَرُمْنَ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ} وَهُوَ صَرِيحٌ فِي شُمُولِهِ لِلْحُرْمَةِ بِالنِّكَاحِ، أَوْ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ عَلَى شُبْهَةٍ فِي حَقِّهَا فَقَطْ، فَوَاضِحٌ لَكِنْ لَا يَخْتَصُّ الْجَوَازُ فِيهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي شُبْهَةٍ مَعَ تَحَقُّقِ مَنْعٍ قَبْلَهَا فَرَاجِعْ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَيَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا) وَيَجِبُ لِلْأَبِ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكُلُّهُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ) أَيْ فِي الدُّنْيَا لَا فِي الْآخِرَةِ وَتَحْرِيمُ هَذَا الْجَمْعِ عَامٌّ فِي حَقِّ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ وَأُمَمِهِمْ كَمَا فِي الْعُبَابِ. قَوْلُهُ: (وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا) وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (مِنْ رَضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ) خَرَجَ بِهَا جَمْعُ الْمَرْأَةِ وَأَمَتِهَا أَوْ أُمِّ زَوْجِهَا أَوْ بِنْتِهِ أَوْ رَبِيبَتِهِ أَوْ زَوْجَةِ وَلَدِهَا، أَوْ جَمَعَ أُخْتَيْ رَجُلٍ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَلَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ فِي ذَلِكَ وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلضَّابِطِ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: يَحْرُمُ جَمْعُ امْرَأَتَيْنِ لَوْ فُرِضَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا فِي نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ لَوْ فُرِضَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ، فَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا، وَإِنْ أَرَادَ فَرْضَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَهُوَ خَارِجٌ بِذِكْرِهِمَا فَتَأَمَّلْ وَتَدَبَّرْ.   [حاشية عميرة] وَهُوَ قَوِيٌّ. قَوْلُ الْمَتْنِ (مِنْهُنَّ) يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ جَوَازِ نِكَاحِ الْجَمِيعِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَهَلْ يَنْكِحُ إلَى أَنْ تَبْقَى وَاحِدَةٌ، أَوْ إلَى أَنْ يَبْقَى عَدَدٌ مَحْصُورٌ اخْتَارَ الرُّويَانِيُّ الثَّانِيَ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ نَكَحَ، مِثْلُهُ شِرَاءُ الْأَمَةِ. قَوْلُهُ: (لِفَقْدِ عَلَامَةِ الِاجْتِهَادِ) نَازَعَ الرَّافِعِيُّ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ فَالْأَحْسَنُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْعَلَامَةَ لَمْ تَتَأَيَّدْ بِأَصْلِ الْحِلِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ابْنُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ بِخَطِّهِ بِالنُّونِ وَبِالْيَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ إلَخْ) لَمَّا انْتَهَى قِسْمُ الْمُؤَبَّدِ شَرَعَ فِي غَيْرِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 لَا الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى، وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَنَحْوُ صَدْرِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، (فَإِنْ جَمَعَ بِعَقْدٍ بَطَلَ أَوْ مُرَتَّبًا فَالثَّانِي) ، بَاطِلٌ (وَمَنْ حَرُمَ جَمْعُهُمَا بِنِكَاحٍ حَرُمَ فِي الْوَطْءِ بِمِلْكٍ لَا مِلْكُهُمَا) ، فَيَجُوزُ شِرَاءُ أُخْتَيْنِ مَثَلًا، وَيَحْرُمُ وَطْؤُهُمَا وَلَهُ وَطْءُ أَيَّتِهِمَا شَاءَ، (فَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً) مِنْهُمَا (حَرُمَتْ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى) بِمَحْرَمِ (كَبَيْعٍ) لِكُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا (أَوْ نِكَاحٍ) أَيْ تَزْوِيجِهَا (أَوْ كِتَابَةٍ لَا حَيْضٍ وَإِحْرَامٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُزِيلَا الْمِلْكَ وَلَا الِاسْتِحْقَاقَ (وَكَذَا رَهْنٌ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ الْحِلُّ؛ إذْ يَجُوزُ الْوَطْءُ مَعَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَالثَّانِي يَكْفِي الرَّهْنُ كَالتَّزْوِيجِ، فَلَوْ عَادَتْ الْأُولَى كَأَنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ قَبْلَ وَطْءِ الْأُخْرَى فَلَهُ وَطْءُ أَيَّتِهِمَا شَاءَ بَعْدَ اسْتِبْرَاءِ الْعَائِدَةِ، أَوْ بَعْدَ وَطْئِهَا حَرُمَتْ تِلْكَ الْعَائِدَةُ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى (وَلَوْ مَلَكَهَا ثُمَّ نَكَحَ أُخْتَهَا) الْحُرَّةَ (أَوْ عَكَسَ) أَيْ نَكَحَ امْرَأَةً ثُمَّ مَلَكَ أُخْتَهَا (حَلَّتْ الْمَنْكُوحَةُ دُونَهَا) أَيْ دُونَ الْمَمْلُوكَةِ، وَلَوْ كَانَ وَطِئَهَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الِاسْتِبَاحَةَ بِالنِّكَاحِ أَقْوَى مِنْهَا بِالْمِلْكِ؛ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ وَغَيْرُهُ، فَلَا يَنْدَفِعُ بِالْأَضْعَفِ بَلْ يَدْفَعُهُ (وَلِلْعَبْدِ امْرَأَتَانِ وَلِلْحُرِّ أَرْبَعٌ فَقَطْ) ،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لَا الْكُبْرَى إلَخْ) هُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ غَيْرِ الْمُرَتَّبِ، وَفِيهِ دَفْعُ تَوَهُّمِ تَقْيِيدِ الْمَنْعِ بِكَوْنِ الْعَمَّةِ أَوْ الْخَالَةِ هِيَ الْكُبْرَى كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مُرَتَّبًا) أَيْ وَعُلِمَ عَيْنُ السَّابِقِ يَقِينًا وَلَمْ يُنْسَ فَإِنْ نُسِيَ وَجَبَ التَّوَقُّفُ، وَإِنْ وَقَعَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّبْقُ أَوْ السَّابِقَ بَطَلَا مَعًا. نَعَمْ إنْ رُجِيَ مَعْرِفَةُ السَّابِقِ وَجَبَ التَّوَقُّفُ أَيْضًا، وَفِي وُجُوبِ الْمُؤْنَةِ حَالَ الْوَقْفِ مَا مَرَّ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ اثْنَيْنِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ فِي الْوَطْءِ بِمِلْكٍ لَا مِلْكُهُمَا) وَلَا غَيْرُ الْوَطْءِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْأَنْوَارِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ وَطِئَ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَلَا عِبْرَةَ بِاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَاحِدَةً مِنْهُمَا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا وَاضِحَةً فَلَا عِبْرَةَ بِوَطْءِ الْخُنْثَى. نَعَمْ إنْ اتَّضَحَ بِالْأُنُوثَةِ فَلَهُ حُكْمُهَا. قَوْلُهُ: (حَرُمَتْ الْأُخْرَى) أَيْ حَرُمَ وَطْؤُهَا وَلَا تَخْرُجُ بِهِ الْأُولَى عَنْ الْحِلِّ؛ لِأَنَّ الْحَرَامَ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ فَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا حَرَامًا عَلَيْهِ بِمَحْرَمِيَّةٍ أَوْ تَمَجُّسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَوَطْؤُهُ لَهَا لَا يُحَرِّمُ الْأُخْرَى مُطْلَقًا، وَفَارَقَ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ كَمَا مَرَّ. بِأَنَّ الْمَوْطُوءَةَ ثَمَّ حَلَالٌ فِي ذَاتِهَا فَأَثَّرَ وَطْؤُهَا فِي تَحْرِيمِ غَيْرِهَا، وَلَا كَذَلِكَ الْمَوْطُوءَةُ هُنَا كَذَا ذَكَرُوهُ، فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي وَطْءِ الْأَبِ زَوْجَةَ ابْنِهِ أَوْ عَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (كَبَيْعٍ) وَلَوْ لِبَعْضِهَا بِلَا خِيَارٍ أَوْ بِخِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مَعَ قَبْضٍ بِإِذْنِهِ وَلَعَلَّهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ، وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ عَدَمَ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ مُوجِبٌ لِلتَّحْرِيمِ عَلَيْهِ وَعَوْدُ الْحِلِّ بِنَحْوِ فَسْخٍ لَا نَظَرَ إلَيْهِ، كَمَا فِي تَعْجِيزِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ كِتَابَةٍ) أَيْ صَحِيحَةٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إلَخْ) وَبِهَذَا التَّعْلِيلِ يُعْلَمُ رَدُّ قِيَاسِ الْوَجْهِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (فَلَهُ وَطْءُ أَيَّتِهِمَا شَاءَ) نَعَمْ لَوْ كَانَتْ أُمًّا أَوْ بِنْتَهَا حَرُمَتْ غَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ مُؤَبَّدًا كَمَا مَرَّ. تَنْبِيهٌ: لَوْ ادَّعَى الْأَمَتَانِ أَنَّ بَيْنَهُمَا مَا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الْجَمْعُ كَأُخُوَّةِ رَضَاعٍ مَثَلًا قُبِلَ قَوْلُهُمَا إنْ كَانَ التَّمْكِينُ قَالَ بَعْضُهُمْ أَوْ ادَّعَتَا عُذْرَ الْجَهْلِ. قَوْلُهُ: (الْحُرَّةُ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْحُرِّ أَمَةً وَتَحْتَهُ أَمَةٌ تُعِفُّهُ، فَإِنْ فُرِضَ وُقُوعُهُ فَنَادِرٌ. قَوْلُهُ: (امْرَأَةً) لَمْ يُقَيِّدْ بِالْحُرَّةِ لِيَشْمَلَ الْأَمَةَ؛ لِأَنَّ سَبْقَهَا لِلْحُرَّةِ لَا يَنْدُرُ، كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فَرَحِمَ اللَّهُ هَذَا الشَّارِحَ مَا أَدْرَاهُ بِأَسَالِيبِ الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الِاسْتِبَاحَةَ إلَخْ) لِمَا فِيهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَالرَّجْعَةِ وَغَيْرِهَا، فَهُوَ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِبَاحَةُ أَقْوَى بِخِلَافِ مِلْكِ الْيَمِينِ فَهُوَ أَقْوَى مِنْ مِلْكِ الِاسْتِبَاحَةِ، وَلِذَلِكَ لَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ بَطَلَ النِّكَاحُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَنْدَفِعُ بِالْأَضْعَفِ) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُمَا لَوْ وَقَعَا مُرَتَّبًا مَعًا حَلَّتْ الْمَنْكُوحَةُ أَيْضًا وَحْدَهَا وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَسُكُوتُ الشَّارِحِ عَنْهُ لِمَا قِيلَ: إنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَلَا فِي كَلَامِ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْحُرِّ أَرْبَعٌ) قِيلَ كَانَ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى جَوَازُ النِّكَاحِ لِلرَّجُلِ بِلَا حَصْرٍ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الرِّجَالِ، وَفِي شَرِيعَةِ عِيسَى لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى وَاحِدَةٍ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ النِّسَاءِ، وَقَدْ اعْتَدَلَتْ شَرِيعَةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرِعَايَةِ مَصْلَحَةِ الْفَرِيقَيْنِ وَحِكْمَةُ تَخْصِيصِ الْأَرْبَعِ كَمَا قِيلَ، إنَّ غَالِبَ أُمُورِ هَذِهِ الشَّرِيعَةُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّثْلِيثِ وَتَرْكِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، كَمَا فِي الطِّهَارَاتِ وَإِمْهَالِ مُدَّةِ الشَّرْعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَوْ زِيدَ هُنَا عَلَى الْأَرْبَعِ لَكَانَتْ نَوْبَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَا تَعُودُ إلَّا بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ لَيَالٍ، وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا مَرَّ. وَقِيلَ الْحِكْمَةُ مُرَاعَاةُ الْأَخْلَاطِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْإِنْسَانِ الْمُتَوَلِّدِ عَنْهَا أَنْوَاعُ الشَّهْوَةِ وَرَدَّ بَعْضُهُمْ هَذِهِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهَا فِي الرَّقِيقِ مَعَ تَمَامِ الْأَخْلَاطِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (مَثْنَى) أَيْ اثْنَيْنِ وَثُلَاثَ أَيْ ثَلَاثٍ وَرُبَاعَ أَيْ أَرْبَعٍ. وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُبَاحَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ لَا مَجْمُوعُهَا الَّذِي هُوَ تِسْعَةٌ، وَلَا اثْنَانِ مِنْهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمَثْنَى اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ مُكَرَّرًا وَهَكَذَا الْبَقِيَّةُ كَمَا اسْتَنَدَ لَهُ بَعْضُ الْمُلْحِدَةِ، فَجَوَّزَ لَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ امْرَأَةً فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَدْفُوعٌ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ: أَمْسِكْ عَلَيْك إلَخْ، فَإِنَّ فِيهِ مَنْعَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ فِي الدَّوَامِ فَفِي الِابْتِدَاءِ أَوْلَى وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَرُمَ فِي الْوَطْءِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَطْءَ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ شِرَاءٌ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أُخْتَهُ وَيَمْتَنِعَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَقَطْ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ: امْرَأَتَانِ وَقَوْلُهُ أَرْبَعٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 أَمَّا الْحُرُّ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْلَانَ، وَقَدْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ: أَمْسِكْ أَرْبَعًا، وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلِأَنَّهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ، وَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةُ ، (فَإِنْ نَكَحَ خَمْسًا مَعًا بَطَلْنَ أَوْ مُرَتَّبًا فَالْخَامِسَةُ) يَبْطُلُ نِكَاحُهَا، (وَتَحِلُّ الْأُخْتُ وَالْخَامِسَةُ فِي عِدَّةِ بَائِنٍ لَا رَجْعِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ ، (وَإِذَا طَلَّقَ الْحُرُّ ثَلَاثًا، أَوْ الْعَبْدُ طَلْقَتَيْنِ) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، (لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ) زَوْجًا غَيْرَهُ، (وَتُغَيِّبُ بِقُبُلِهَا حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا) مِنْ مَقْطُوعِهَا (بِشَرْطِ الِانْتِشَارِ) فِي الذَّكَرِ، (وَصِحَّةُ النِّكَاحِ وَكَوْنُهُ مِمَّنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ لَا طِفْلًا عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِنَّ) ، وَفِي وَجْهٍ قَطَعَ الْجُمْهُورُ بِخِلَافِهِ أَنَّهُ يَحْصُلُ التَّحْلِيلُ، بِلَا انْتِشَارٍ لِشَلَلٍ أَوْ غَيْرِهِ، لِحُصُولِ صُورَةِ الْوَطْءِ، وَأَحْكَامِهِ وَفِي قَوْلٍ أَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ يَكْفِي الْوَطْءُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْعَبْدُ) أَيْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَلَوْ مُبَعَّضًا وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ عَلَى النِّصْفِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ الْمُمْكِنِ فِيهَا التَّجْزِئَةُ فَهُوَ قِيَاسٌ وَمَا بَعْدَهُ إجْمَاعٌ. قَوْلُهُ: (عُتَيْبَةُ) مُصَغَّرُ عُتْبَةَ بِمُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ فَفَوْقِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ، فَمُوَحَّدَةٍ قَبْلَ آخِرِهِ، وَصَحَّفَ مَنْ جَعَلَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بَطَلْنَ) نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهِنَّ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ كَأُخْتَيْنِ، أَوْ يَحْرُمُ نِكَاحُهُ كَمَجُوسِيَّةٍ بَطَلَ فِيهِ، وَصَحَّ الْبَاقِي حَيْثُ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْأَرْبَعِ فِي الْحُرِّ، وَلَا عَلَى اثْنَيْنِ فِي الْعَبْدِ قَوْلُهُ: (لَمْ تَحِلَّ لَهُ) أَيْ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَوْ بِالْمِلْكِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى تَنْكِحَ) أَيْ يُوجَدَ الْعَقْدُ فَلَا يَكْفِي الْوَطْءُ بِالْمِلْكِ. قَوْلُهُ: (وَيَغِيبَ) وَلَوْ فِي يَوْمِهَا أَوْ جُنُونِهَا. قَوْلُهُ: (بِقُبُلِهَا) بِخِلَافِ دُبُرِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ زَوَالِ الْبَكَارَةِ، وَلَوْ فِي غَوْرَاءَ أَوْ صَغِيرَةٍ يَعْسُرُ وَطْؤُهَا، وَلَوْ أَزَالَهَا بِنَحْوِ أُصْبُعِهِ ثُمَّ وَطِئَ بَعْدَهُ كَفَى لَا عَكْسُهُ. تَنْبِيهٌ: لَمْ يَجْعَلُوا الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ هُنَا كَالْقُبُلِ، وَهُوَ أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِيهَا وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: وَالدُّبُرُ مِثْلُ الْقُبُلِ فِي الْإِتْيَانِ ... لَا الْحِلِّ وَالتَّحْلِيلِ وَالْإِحْصَانِ وَفَيْئَةِ الْإِيَّلَا وَنَفْيِ الْعُنَّةِ ... وَالْإِذْنِ نُطْقًا وَافْتِرَاشِ الْقِنَّةِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ بَعْضَ مَسَائِلَ تُرَاجَعُ مِنْ مَحَلِّهَا، وَلَمْ يَجْعَلُوا الْوَطْءَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ كَالْوَطْءِ فِي الْعَقْدِ وُقُوفًا مَعَ حَقِيقَةِ لَفْظِ النِّكَاحِ، وَالزَّوْجِ فِي الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ، وَلَمْ يَجْعَلُوا اسْتِدْخَالَ الْمَنِيِّ كَالْوَطْءِ وُقُوفًا مَعَ مَجَازِ لَفْظِ النِّكَاحِ فِي الْآيَةِ الْمُتَعَيِّنِ بِحَقِيقَةِ ذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ فِي الْحَدِيثِ، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ زِيَادَةُ التَّنْفِيرِ عَنْ إيقَاعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَالْحَلِفِ بِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (حَشَفَتَهُ) وَلَوْ فِي نَوْمِهِ مَعَ الِانْتِشَارِ، وَلَا يَكْفِي إدْخَالُهَا مَعَ عَدَمِ الِانْتِشَارِ، وَلَا إدْخَالُ بَعْضِهَا مُطْلَقًا، وَلَا اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ، وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ التَّحْلِيلُ بِالْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ بِلَا خِلَافٍ فَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِ، لَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ، وَلَا الْعَمَلُ بِهِ وَلَوْ لِلشَّخْصِ نَفْسِهِ خُصُوصًا مَعَ النَّقْلِ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ، وَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْسُبَهُ إلَيَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (لَا طِفْلًا) وَلَوْ مَعَ الِانْتِشَارِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يَشْتَهِي، وَإِلَّا كَفَى إنْ كَانَ حُرًّا مُطْلَقًا أَوْ رَقِيقًا بَالِغًا. وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ، مَا لَوْ كَانَ الْوَاطِئُ حَالَةَ الْوَطْءِ مَجْنُونًا أَوْ مُسْلِمًا فِي كَافِرَةٍ أَوْ خَصِيًّا، أَوْ كَانَ الْوَطْءُ فِي حَيْضٍ أَوْ إحْرَامٍ، أَوْ بِحَائِلٍ أَوْ فِي عِدَّةٍ طَارِئَةٍ عَلَيْهِ، أَوْ فِي ظِهَارٍ أَوْ لِصَغِيرَةٍ لَا تَشْتَهِي أَوْ لَمْ يُنْزِلْ أَوْ مَعَ ضَعْفِ انْتِشَارٍ، وَإِنْ اسْتَعَانَ عَلَى دُخُولِ الْحَشَفَةِ بِنَحْوِ أُصْبُعِهِ لَا مَعَ عَدَمِ الِانْتِشَارِ أَصْلًا، وَلَوْ فِي السَّلِيمِ فَلَا يَكْفِي كَمَا مَرَّ. وَالتَّحْلِيلُ فِي الْجِنِّ مَعَ الْإِنْسِ مِثْلُهُ فِي الْإِنْسِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ مُنَاكَحَتِهِمْ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الْكَافِرِ مِثْلُهُ فِي الْمُسْلِمِينَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ الَّذِي هُوَ الرَّاجِحُ، وَتُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْإِصَابَةِ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا الْمُحَلِّلُ فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ تَزْوِيجُهَا وَتُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْوَطْءِ إذَا أَنْكَرَهُ الْمُحَلِّلُ، أَوْ الزَّوْجُ كَمَا تُصَدَّقُ إذَا ادَّعَتْ التَّحْلِيلَ وَإِنْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ أَوْ الشُّهُودُ، أَوْ الزَّوْجُ أَوْ اثْنَانِ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ لَا إنْ كَذَّبَهَا الْجَمِيعُ، وَيُكْرَهُ نِكَاحُ مَنْ ظَنَّ كَذِبَهَا فِيهِ، وَلَوْ رَجَعَ الزَّوْجُ عَنْ التَّكْذِيبِ قُبِلَ أَوْ رَجَعَتْ هِيَ عَنْ الْإِخْبَارِ بِالتَّحْلِيلِ قُبِلَتْ قَبْلَ عَقْدِ الزَّوْجِ لَا بَعْدَهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (لِغَيْلَانَ) حَدِيثُ غَيْلَانَ يُفِيدُ الْمَنْعَ فِي الِابْتِدَاءِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلِأَنَّهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ) قَالَ الْقَفَّالُ: النِّكَاحُ مِنْ بَابِ الْفَضَائِلِ، فَكَمَا لَا يَلْحَقُ الْحُرُّ فِيهِ مَرْتَبَةُ النُّبُوَّةِ، لَا يَلْحَقُ الْعَبْدُ مَرْتَبَةَ الْحُرِّ. [نَكَحَ خَمْسًا مَعًا] قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَحِلَّ نِكَاحُهَا وَلَا وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَاشْتَرَاهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُغَيِّبُ بِقُبُلِهَا) أَيْ وَلَوْ فِي حَالِ نَوْمِهَا أَوْ نَوْمِهِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَقْطُوعِهَا) لَمْ يَقُلْ مِنْهُ كَمَا سَلَفَ لَهُ فِي بَابِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ حَشَفَتِهِ هُنَا مُغْنٍ عَنْ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِشَرْطِ الِانْتِشَارِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَيْسَ لَنَا وَطْءٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ الِانْتِشَارُ إلَّا هَذَا، وَنُقِلَ عَنْ صَاحِبِ الْمَطْلَبِ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الِانْتِشَارُ بِالْفِعْلِ بَلْ بِالْقُوَّةِ ثُمَّ قَالَ أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ قُلْت قَدْ جَزَمَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ، بِاعْتِبَارِ الِانْتِشَارِ بِالْفِعْلِ وَقُوَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ تَقْتَضِيهِ، وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْجِمَاعُ لَا يُحَلِّلُ، فَلْيُحْمَلْ كَلَامُ النَّوَوِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ عَلَى إطْلَاقِهِ. اهـ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا طِفْلًا) يُرِيدُ طِفْلًا لَا يَتَأَتَّى جِمَاعُهُ أَمَّا مَنْ يَتَأَتَّى جِمَاعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا فَإِنَّهُ يُحَلِّلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا الطِّفْلَةُ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ فَإِنَّ وَطْأَهَا مُحَلِّلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ اسْمَ النِّكَاحِ يَتَنَاوَلُهُ، وَفِي وَجْهٍ نَقَلَ الْإِمَامُ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَى خِلَافِهِ، أَنَّ الطِّفْلَ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْجِمَاعُ يُحَلِّلُ، (وَلَوْ نَكَحَ) الثَّانِي (بِشَرْطِ) أَنَّهُ (إذَا وَطِئَ طَلَّقَ أَوْ بَانَتْ) مِنْهُ، (أَوْ فَلَا نِكَاحَ) بَيْنَهُمَا (بَطَلَ) النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، (وَفِي التَّطْلِيقِ قَوْلٌ) أَنَّ شَرْطَهُ لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ، وَلَكِنْ يُبْطِلُ الشَّرْطَ وَالْمُسَمَّى، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَوْ نَكَحَ بِلَا شَرْطٍ، وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يُطَلِّقَ إذَا وَطِئَ كُرِهَ، وَصَحَّ الْعَقْدُ وَحَلَّتْ بِوَطْئِهِ. فَصْلٌ: لَا يَنْكِحُ مَنْ يَمْلِكُهَا أَوْ بَعْضَهَا وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ أَوْ بَعْضَهَا بَطَلَ نِكَاحُهُ أَيْ انْفَسَخَ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ أَقْوَى مِنْ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِهِ الرَّقَبَةَ، وَالْمَنْفَعَةَ، وَالنِّكَاحُ لَا يُمْلَكُ بِهِ إلَّا ضَرْبٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، فَسَقَطَ الْأَضْعَفُ بِالْأَقْوَى، (وَلَا تَنْكِحُ مَنْ تَمْلِكَهُ أَوْ بَعْضَهُ) وَلَوْ مَلَكَتْ زَوْجَهَا أَوْ بَعْضَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ النِّكَاحِ وَالْمِلْكِ مُتَنَاقِضَةٌ؛ لِأَنَّهَا تُطَالِبُهُ بِالسَّفَرِ إلَى الْمَشْرِقِ؛ لِأَنَّهُ عَبْدُهَا وَهُوَ يُطَالِبُهَا بِالسَّفَرِ مَعَهُ إلَى الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَإِذَا دَعَاهَا إلَى الْفِرَاشِ بِحَقِّ النِّكَاحِ بَعَثَتْهُ فِي أَشْغَالِهَا بِحَقِّ الْمِلْكِ، وَإِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بَطَلَ الْأَضْعَفُ وَثَبَتَ الْأَقْوَى، وَهُوَ الْمِلْكُ (وَلَا) يَنْكِحُ (الْحُرُّ أَمَةَ غَيْرِهِ إلَّا بِشُرُوطٍ أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ) مُسْلِمَةٌ أَوْ   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ: رَجَعَ مِنْ غَيْبَتِهِ وَادَّعَى مَوْتَ زَوْجَتِهِ حَلَّ لَهُ نِكَاحُ نَحْوَ أُخْتِهَا أَوْ رَجَعَتْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ وَادَّعَتْ مَوْتَ الْأُخْرَى، لَمْ تَحِلَّ لِزَوْجِ أُخْتِهَا الَّتِي ادَّعَتْ مَوْتَهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّوْجَ قَادِرٌ عَلَى حَلِّ نَحْوِ الْأُخْتِ بِنَفْسِهِ بِطَلَاقٍ مَثَلًا بِخِلَافِهَا. قَوْلُهُ: (فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) مَرْجُوحٌ فَلَا يَحْصُلُ التَّحْلِيلُ فِيهِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اخْتَلَّ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ كَوَطْءٍ فِي رِدَّةِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ وَكَوَطْءٍ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، كَأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَ الْمُحَلِّلِ ثُمَّ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ وَطِئَهَا قَبْلَ الرَّجْعَةِ، فَلَا يَكْفِي وَإِنْ رَاجَعَهَا. قَوْلُهُ: (بِشَرْطٍ) أَيْ فِي الْعَقْدِ وَيُكْرَهُ قَصْدُهُ وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ. فَصْلٌ فِيمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ مِنْ الرِّقِّ وَمَا يَجُوزُ مَعَهُ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (لَا يَنْكِحُ) أَيْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى مَنْ يَمْلِكُهَا أَوْ بَعْضَهَا، وَإِنْ قَلَّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَلَكَ) مِلْكًا تَامًّا بِأَنْ لَا يَكُونَ خِيَارٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَجْلِسٌ أَوْ غَيْرُهُ. حَتَّى لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، ثُمَّ انْفَسَخَ الْبَيْعُ لَمْ يَبْطُلْ النِّكَاحُ، قَالَ فِي الْمَنْهَجِ وَهَذَا مُحْتَرَزُ الْمِلْكِ التَّامِّ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ مُوَافَقَتُهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَالْمُوَافِقُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى خِلَافُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ، وَيَجُوزُ الْوَطْءُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ بِالْمِلْكِيَّةِ أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ بِالزَّوْجِيَّةِ لِبَقَائِهَا وَكَبَيْعٍ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا لِجَهْلِ الْمَبِيعِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: انْفَسَخَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ بُطْلَانِ عَقْدِهِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِهِ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ) هَذَا بَيَانٌ لِوَجْهِ الْقُوَّةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ عَلَى مِلْكِهِمَا مَعًا، فَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ مِلْكَهُ الرَّقَبَةَ أَوْ بَعْضَهَا مَانِعٌ، وَكَذَا اسْتِحْقَاقُهُ الْمَنْفَعَةَ، أَوْ بَعْضَهَا بِوَصِيَّةٍ أَوْ وَقْفٍ وَلَوْ مُؤَقَّتَيْنِ أَوْ بِالْخِدْمَةِ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِعَدَمِ الْفَسْخِ فِي الْمُؤَقَّتَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالْمُؤَجَّرَةِ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمِلْكِهَا بِإِجَارَةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْكِحُ مَنْ تَمْلِكُهُ أَوْ بَعْضَهُ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ لَهَا نِكَاحَ عَبْدِ أَبُوهَا أَوْ ابْنِهَا وَأَنَّ لِلِابْنِ نِكَاحَ أَمَةِ أَبِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَفَارَقَ عَكْسُهُ وَحْدَهُ بِشُبْهَةِ الْإِعْفَافِ عَلَى الْوَلَدِ وَقَيَّدَ ابْنُ حَجَرٍ الْمَنْعَ فِي الْعَكْسِ بِالْوَلَدِ الْمُوسِرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعْفَافُ وَسَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ شَيْخِنَا مُوَافَقَتُهُ، وَالْمُتَّجَهُ هُنَا الْمَنْعُ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُ مُطْلَقًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَلَكَتْ) هُوَ تَتْمِيمٌ لِلْمَسْأَلَةِ وَهُوَ عَلَى مَا يُقَدَّمُ. تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: مِلْكُ مُكَاتَبِهِ مِثْلُ مِلْكِهِ فَلَا يَنْكِحُ سَيِّدُهُ أَمَتَهُ، وَإِذَا مَلَكَ زَوْجَةَ سَيِّدِهِ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَيَحْرُمُ نِكَاحُ الْمُكَاتَبِ لِأَمَتِهِ كَغَيْرِهِ، بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّسَرِّي بِهَا أَيْضًا فَرَاجِعْهُ مِنْ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْكِحُ الْحُرُّ) أَيْ كَامِلُ الْحُرِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (أَمَةَ غَيْرِهِ) أَيْ الَّتِي لَمْ يَسْتَحِقَّ مَنْفَعَتَهَا بِغَيْرِ نَحْوِ الْإِجَارَةِ كَمَا مَرَّ. وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا أَوْ عَلَّقَ عِتْقَ أَوْلَادِهَا عَلَى وِلَادَتِهَا أَوْ شَرَطَ حُرِّيَّةَ أَوْلَادِهَا، أَوْ عَتَقَتْ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ بِأَوْلَادِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ فِي هَذِهِ إذَا تَزَوَّجَهَا مَمْسُوحٌ أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِأَوْلَادِهَا. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ نَكَحَ إلَخْ) . عَلَى هَذَا حُمِلَ حَدِيثُ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ الْمَالِكِيُّ فِي التَّمْهِيدِ؛ لِأَنَّ إرَادَةَ الْمَرْأَةِ الرُّجُوعَ إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَقْدَحْ فِي الْعَقْدِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ امْرَأَةِ رِفَاعَةَ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ» مَعَ أَنَّ لَهَا فِيهِ حَظًّا، فَالنِّكَاحُ كَذَلِكَ وَالْمُطَلِّقُ أَحْرَى أَنْ لَا يُرَاعِيَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْحَدِيثِ إظْهَارَ الشَّرْطِ، فَيَكُونُ كَالْمُتْعَةِ فَيَبْطُلُ وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ لَا أُوتَى بِمُحَلِّلٍ إلَّا رَجَمْته مَحْمَلُهُ التَّغْلِيظُ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ عِنْدَ عَدَمِ حَدِّ الْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ، فَكَيْفَ بِالْمُتَأَوِّلِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا رَجْمَ عَلَيْهِ اهـ. وَهُوَ مَعَ حُسْنِهِ بِطُرُقِهِ إنَّ إرَادَةَ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ الْعَوْدَ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْحَدِيثِ قَدْ يَكُونُ عُرُوضُهَا بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي سَبْقَهَا بَلْ فِيهِ قَرِينَةٌ عَلَى تَأَخُّرِهَا أَعْنِي قَوْلَهَا، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَوْلُهُ فَالنِّكَاحُ كَذَلِكَ لَعَلَّهُ فَالنِّكَاحُ حِينَئِذٍ كَذَلِكَ. [فَصْلٌ لَا يَنْكِحُ مَنْ يَمْلِكُهَا أَوْ بَعْضَهَا] فَصْلٌ: لَا يَنْكِحُ مَنْ يَمْلِكُهَا مِثْلُ ذَلِكَ الْمَوْقُوفَةُ وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلَّهِ، وَكَذَا الْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهَا قِيلَ وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ تَشْمَلُ ذَلِكَ بِجَعْلِ الْمِلْكِ شَامِلًا لِمِلْكِ الْمَنَافِعِ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ إلَخْ. مُحَصَّلُ مَا فِي الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ الْمِلْكُ التَّامُّ، فَلَا يَضُرُّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ إلَخْ) أَيْ وَلِتَنَاقُضِ أَحْكَامِهِمَا فَلَا يَرِدُ شِرَاءُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 كِتَابِيَّةٌ (تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ قِيلَ وَلَا غَيْرُ صَالِحَةٍ) لَهُ كَأَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ مَجْذُومَةً أَوْ بَرْصَاءَ أَوْ رَتْقَاءَ لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ فِي حَدِيثٍ «نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا، وَالْأَوَّلُ يُقَيِّدُهُ بِالصَّالِحَةِ لِلِاسْتِمْتَاعِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى، وَقَوْلُهُ أَمَةَ غَيْرِهِ مُقَيَّدٌ، بِمَا سَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْإِعْفَافِ، أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ وَأَمَةِ مُكَاتَبِهِ، (وَأَنْ يَعْجَزَ عَنْ حُرَّةٍ) ، مُسْلِمَةٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ (تَصْلُحُ) لِلِاسْتِمْتَاعِ (قِيلَ: أَوْ لَا تَصْلُحُ) ، لَهُ بِأَنْ لَا يَجِدَهَا أَوْ لَا يَقْدِرَ عَلَى صَدَاقِهَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ} [النساء: 25] الْآيَةَ، وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرُ، وَقَوْلُهُ الْمُؤْمِنَاتِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالْوَجْهُ الْمَرْجُوحُ فِي غَيْرِ الصَّالِحَةِ، كَالْقَرْنَاءِ وَالرَّتْقَاءِ يُوَجَّهُ بِحُصُولِ بَعْضِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ بِهَا، وَالْمُتَوَلِّي بَنَى الْخِلَافَ فِيهَا عَلَى الْخِلَافِ، فِيمَا إذَا كَانَتْ تَحْتَهُ وَالْبَغَوِيُّ جَزَمَ بِجَوَازِ الْأَمَةِ هُنَا مَعَ الْجَوَابِ بِالْمَنْعِ هُنَاكَ، (فَلَوْ قَدَرَ عَلَى غَائِبَةٍ حَلَّتْ لَهُ أَمَةٌ إنْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ فِي قَصْدِهَا أَوْ خَافَ زِنًى مُدَّتَهُ) ، أَيْ مُدَّةَ قَصْدِهِ وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَشَقَّةَ الْمُعْتَبَرَةَ، بِأَنْ يُنْسَبَ مُحْتَمَلُهَا فِي طَلَبِ الزَّوْجَةِ إلَى الْإِسْرَافِ، وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ، (وَلَوْ وَجَدَ حُرَّةً بِمُؤَجَّلٍ أَوْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلٍ) وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ (فَالْأَصَحُّ حِلُّ أَمَةٍ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ) ؛ لِأَنَّهُ   [حاشية قليوبي] إلَّا بِشُرُوطٍ) أَيْ ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ عَمّ الثَّالِثُ الْحُرَّ وَغَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (تَحْتَهُ حُرَّةٌ) لَيْسَ قَيْدًا وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (تَصْلُحُ) أَيْ عُرْفًا لَا بِالنَّظَرِ لِطَبْعِهِ، وَلَوْ مَآلًا كَصَغِيرَةٍ أَمِنَ الزِّنَى إلَى صَلَاحِهَا. قَوْلُهُ: (لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ) وَإِنْ سَفَلَ، وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ، وَأَمَةِ مُكَاتَبِهِ، وَلَوْ كِتَابَةً صَحِيحَةً وَقَدْ مَرَّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يَقْدِرَ) أَيْ بِنَفْسِهِ بِمَالِهِ أَوْ بِكَسْبِهِ وَلَا بِوَلَدِهِ. قَالَ شَيْخُنَا كَغَيْرِهِ، وَمَحَلُّهُ فِي الْوَلَدِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ إعْفَافُهُ، بِأَنْ لَمْ يَمْلِكْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ هُمَا زَائِدًا عَلَى مَا يَجِبُ بَذْلُهُ فِي الْفِطْرَةِ مَا يَبْذُلُ صَدَاقًا بِقَدْرِ مَا تَرْضَى بِهِ الْحُرَّةُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ مِثْلِ لَائِقَةٍ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُتَوَلِّي بَنَى الْخِلَافَ إلَخْ) أَيْ إذَا قِيلَ بِالْجَوَازِ إذَا كَانَتْ تَحْتَهُ فَيُقْطَعُ بِالْجَوَازِ هُنَا، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ صِحَّةُ قَطْعِ الْبَغَوِيّ الْمَذْكُورِ، وَفِي ذَلِكَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (فَلَا قَدَرَ عَلَى غَائِبَةٍ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ لَيْسَتْ تَحْتَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهَا تَحْتَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ نَقْلُ ابْنِ حَجَرٍ الْأَوْلَى عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَوْ جَعَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ صَحَّ لِاسْتِوَائِهِمَا فِيهِ، وَلَوْ لَمْ تَرْضَ الْغَائِبَةُ بِالنُّقْلَةِ إلَى بَلَدِهِ فَهِيَ كَالْمَعْدُومَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَكَالْغَائِبَةِ زَوْجَتُهُ الْمُعْتَدَّةُ إذَا خَافَ الزِّنَى مُدَّةَ الْعِدَّةِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَأَنْكَرَ وَصَارَتْ تَهْرَبُ مِنْهُ إذَا طَلَبَهَا، وَكَذَا الْمُتَحَيِّرَةُ حَيْثُ مُنِعَ مِنْ وَطْئِهَا مَعَ خَوْفِ الْعَنَتِ عَلَى الْمَرْجُوحِ السَّابِقِ، وَالزَّانِيَةُ كَعَدَمِهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَنْسُبَ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ غُرْمُ مَالٍ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْإِسْرَافِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ لَوْمٌ وَتَعْيِيرٌ مِنْ النَّاسِ بِقَصْدِهَا. قَوْلُهُ: (بِمُؤَجَّلٍ) أَوْ بِلَا مَهْرٍ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ فِيهِمَا شَمِلَ مَا لَوْ قَصُرَ الْأَجَلُ وَعَلِمَ قُدْرَتَهُ عِنْدَ الْحُلُولِ فَرَاجِعْهُ. وَفَارَقَ وُجُوبَ شِرَاءِ مَاءِ الطَّهَارَةِ فِي ذَلِكَ لِمَا يَلْزَمُ هُنَا مِنْ مُؤَنِ النِّكَاحِ بَعْدَهُ، وَرُبَّمَا تَنْفَسِخُ بَعْدُ فَيَعُودُ مَا كَانَ لِأَجْلِهِ الْجَوَازُ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلٍ) لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَكَذَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَيْضًا، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ وَقَدَرَ عَلَيْهَا أَيْ فَلَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ. نَعَمْ إنْ سَاوَى الْأَكْثَرُ مَا يَطْلُبُهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ قَدَّمَ الْحُرَّةَ عَلَيْهَا وُجُوبًا وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ هِبَةِ الْمَهْرِ، وَلَا التَّكَسُّبُ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ) قَالَ شَيْخُنَا لَيْسَ قَيْدًا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْقَادِرِ أَوْلَى بِجَوَازِ الْأَمَةِ مِنْ الْمُؤَجَّلِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ضَعُفَتْ شَهْوَتُهُ) وَكَذَا لَوْ سَاوَتْ تَقْوَاهُ، وَلَوْ مِنْ حَيَاءٍ أَوْ مُرُوءَةٍ وَكَذَا مَجْبُوبٌ وَمَمْسُوحٌ بِخِلَافِ الْخَصِيِّ، وَالْعِنِّينِ إذَا خَافَ الْعَنَتَ وَالْمُرَادُ بِخَوْفِ الْعَنَتِ عُمُومُهُ، فَلَوْ خَافَهُ مِنْ أَمَةٍ بِعَيْنِهَا لِمَيْلِهِ إلَيْهَا لَمْ يَجُزْ نِكَاحُهَا وَإِنْ فَقَدَ الطَّوْلَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا بِشُرُوطٍ) أَيْ وَعِنْدَ اجْتِمَاعِهَا قِيلَ يُسْتَحَبُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} [النساء: 25] وَقِيلَ الْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ بِدَلِيلِ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ، الْأَوَّلُ لِابْنِ السَّمْعَانِيِّ وَالثَّانِي لِلزَّرْكَشِيِّ، هَذَا الشَّرْطُ الْأَوَّلُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْآيَةِ بِقِيَاسِ الْأَوْلَى، وَقَوْلُ الْمَتْنِ حُرَّةٍ الْأَحْسَنُ مَنْكُوحَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ يُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَجِدَ مَهْرَ حُرَّةٍ وَسَطٍ لَا عَجُوزٍ وَلَا قَبِيحَةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قِيلَ وَلَا غَيْرُ صَالِحَةٍ) مَدْخُولُ الْوَاوِ الْمَذْكُورَةِ مُفْرَدٌ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ تَصْلُحُ؛ لِأَنَّهَا فِي تَأْوِيلِ الْمُفْرَدِ. وَأَمَّا الْوَاوُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا وَاوُ التَّلْقِينِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [البقرة: 124] ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَاطِفَيْنِ هُنَا أَحَدُهُمَا الْقَائِلُ وَالْآخَرُ لِآخَرَ. قَوْلُهُ: (لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ) أَيْ وَلِإِمْكَانِ الْوَطْءِ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يَعْجَزَ عَنْ حُرَّةٍ) وَذَلِكَ يَصْدُقُ بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْمَهْرِ، وَلَا يَجِدَ مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ، وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ الْمَالُ غَائِبًا قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا أَعْلَمُ الْآنَ أَحَدًا يَعْجَزُ عَنْ طَوْلِ حُرَّةٍ. قَوْلُهُ: (فِيمَا إذَا كَانَتْ تَحْتَهُ) قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَوْلَى بِالْجَوَازِ. قَوْلُهُ: (إلَى الْإِسْرَافِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ غُرْمُ مَالٍ هَذَا مَا ظَهَرَ مِنْ كَلَامِهِمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَضِيَتْ بِلَا مَهْرٍ فَإِنَّ الْأَمَةَ تَحِلُّ لِوُجُوبِهِ بِالْوَطْءِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 فِي الْأُولَى قَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَهْرِ عِنْدَ حُلُولِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ قَادِرٌ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ، وَوَجْهُ الثَّانِي فِي الْأُولَى تَمَكُّنُهُ مِنْ نِكَاحِ حُرَّةٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْمِنَّةُ بِالنَّقْصِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمِنَّةَ فِيهِ قَلِيلَةٌ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْمُهُورِ، (وَأَنْ يَخَافَ زِنًى) بِأَنْ تَغْلِبَ شَهْوَتُهُ وَيَضْعُفَ تَقْوَاهُ بِخِلَافِ مَنْ ضَعُفَتْ شَهْوَتُهُ أَوْ قَوِيَ تَقْوَاهُ قَالَ تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25] أَيْ زِنًى، وَأَصْلُهُ الْمَشَقَّةُ سُمِّيَ بِهِ الزِّنَى؛ لِأَنَّهُ مَعَهَا فِي الْحَدِّ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقُوبَةِ بِهِ فِي الْأُخْرَى، وَعُلِمَ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّ مَنْ تَحْتَهُ أَمَةٌ لَا يَنْكِحُ أُخْرَى، (فَلَوْ أَمْكَنَهُ تَسَرٍّ) بِشِرَاءِ أَمَةٍ، (فَلَا خَوْفَ فِي الْأَصَحِّ) ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَالثَّانِي يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ طَوْلَ حُرَّةٍ، وَهَذَا هُوَ الشَّرْطُ فِي الْأَمَةِ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَالْمُحَرَّرِ لَمْ يَنْكِحْ الْأَمَةَ كَانَ أَحْسَنَ، فَإِنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ لَا فِي الْخَوْفِ فِي الْقَطْعِ بِانْتِفَائِهِ، (وَإِسْلَامُهَا) ، فَلَا تَحِلُّ الْكِتَابِيَّةُ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] (وَتَحِلُّ لِحُرٍّ وَعَبْدٍ كِتَابِيَّيْنِ أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدِّينِ، وَالثَّانِي يَقُولُ كُفْرُهَا مَانِعٌ مِنْ نِكَاحِهَا، (لَا لِعَبْدٍ مُسْلِمٍ فِي الْمَشْهُورِ) ؛ لِأَنَّ كُفْرَهَا مَانِعٌ مِنْ نِكَاحِهَا، وَالثَّانِي تَحِلُّ لَهُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الرِّقِّ وَلَا بُدَّ فِي حِلِّ نِكَاحِ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ مِنْ أَنْ يَخَافَ زِنًى، وَيَفْقِدَ الْحُرَّةَ كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَلَا غَيْرُهُ ، (وَمَنْ بَعْضُهَا رَقِيقٌ كَرَقِيقَةٍ) فَلَا يَنْكِحُهَا الْحُرُّ إلَّا عِنْدَ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَوْ نَكَحَ حُرٌّ أَمَةً بِشَرْطٍ ثُمَّ أَيْسَرَ أَوْ نَكَحَ حُرَّةً لَمْ تَنْفَسِخْ الْأَمَةُ) ، لِقُوَّةِ الدَّوَامِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فِي الْحَدِّ فِي الدُّنْيَا) أَيْ شَأْنُهَا ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ، وَكَذَا الْعُقُوبَةُ فِي الْآخِرَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُعَاقَبُ وَإِنْ حُدَّ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُطْلَبُ مِنْ مَحِلِّهِ مُرَتَّبٌ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ جَوَابِرُ أَوْ زَوَاجِرُ. قَوْلُهُ: (لَا يَنْكِحُ أُخْرَى) نَعَمْ تَجُوزُ الْغَيْبَةُ كَاَلَّتِي تَقَدَّمَتْ، وَلَوْ لِأَرْبَعِ إمَاءٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ إلَخْ) صَرِيحُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي ثَمَنٍ لَيْسَ قَدْرَ طَوْلِ حُرَّةٍ، وَأَنَّهُ إنْ كَانَ قَدْرُهُ لَمْ تَحِلَّ الْأَمَةُ قَطْعًا أَوْ زَائِدًا عَلَيْهِ حَلَّتْ قَطْعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسَرِّي مَانِعَةٌ مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ عِبَارَةَ الْمُحَرَّرِ أَوْلَى، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَسَعُ الْقَوْلُ بِالْحِلِّ مَعَ انْتِفَاءِ شَرْطِهِ الَّذِي هُوَ الْخَوْفُ فَلِوَجْهِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي كُلٍّ بَلْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى لِإِفَادَتِهَا تَرَتُّبَ الْحِلِّ وَعَدَمِهِ عَلَى الْخَوْفِ وَعَدَمِهِ، فَيُسْتَفَادُ مِنْ عَدَمِ الْخَوْفِ عَدَمُ الْحِلِّ دُونَ عَكْسِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا مَلْحَظُ الْمُصَنِّفِ فَلَا زَالَتْ سَحَائِبُ الرَّحْمَةِ وَالْغُفْرَانِ تَنْهَلُّ عَلَى ثَرَى قَبْرِهِ مَدَى الزَّمَانِ. وَقَوْلُهُ: (وَإِسْلَامِهَا) مَجْرُورٌ عَطْفُ مَصْدَرٍ صَرِيحٍ عَلَى مُؤَوَّلٍ بَدَلٍ مِنْ شُرُوطٍ وَيَجُوزُ غَيْرُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ إسْلَامُ سَيِّدِهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَهَذَا فِي الْعَقْدِ بِالنِّكَاحِ وَإِلَّا فَلِلْمُسْلِمِ الْحُرُّ وَطْءُ أَمَتِهِ الْكَافِرَةِ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يَحِلُّ نِكَاحُ حَرَائِرِهِمْ، كَمَا فِي الْعُبَابِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا. قَوْلُهُ: (لِلْحُرِّ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْإِنْفَاقِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) وَكَانَتْ دَلِيلًا لِلْحُرِّ لِذِكْرِ الْمِلْكِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَتَقْيِيدُهُ بِالْكِتَابِيِّينَ لِقَوْلِهِ أَمَةً كِتَابِيَّةً، وَإِلَّا فَلَا يَتَقَيَّدُ. قَوْلُهُ: (كَرَقِيقَةٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارُ الشُّرُوطِ فِي نِكَاحِهَا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى كَامِلَةِ الرِّقِّ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ يَنْعَقِدُ مُبَعَّضًا عَلَى الرَّاجِحِ بِقَدْرِ مَا فِيهَا مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ، وَيَجِبُ تَقْدِيمُ قَلِيلَةِ الرِّقِّ عَلَى كَثِيرَتِهِ، وَتَقَدَّمَ مَنْ عَلَّقَ حُرِّيَّةَ أَوْلَادِهَا   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ أَمْكَنَهُ تَسَرٍّ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ طَوْلِ حُرَّةٍ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي تَوْجِيهٍ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (بِشِرَاءِ أَمَةٍ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ فِي مِلْكِهِ فَإِنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ بِأَمَةٍ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَطْعًا. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا هُوَ الشَّرْطُ فِي الْأَمَةِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي انْحِصَارَ الشَّرْطِ، فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْعَجْزِ عَنْ طَوْلِ الْحُرَّةِ دُونَ خَوْفِ الزِّنَى، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ خَافَ الزِّنَى لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ سِوَى الْعَجْزِ عَنْ طَوْلِ الْحُرَّةِ لَا الْعَجْزِ عَنْ التَّسَرِّي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِسْلَامُهَا) مَرْفُوعٌ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمَصْدَرِ الصَّرِيحِ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُنْسَبِكِ مِنْ أَنْ وَالْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَحِلُّ كِتَابِيَّةٌ) . لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي النِّكَاحِ، وَأَمَّا التَّسَرِّي بِهَا فَجَائِزٌ وَإِنَّمَا لَمْ تَحِلَّ الْكِتَابِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا نَقْصُ الْكُفْرِ وَالرِّقِّ، فَكَانَتْ كَالْحُرَّةِ الْوَثَنِيَّةِ اجْتَمَعَ فِيهَا الْكُفْرُ وَعَدَمُ الْكِتَابِ ثُمَّ إذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، وَهُوَ أَنَّ الْعَرَبِيَّ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ رِقٌّ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّ الْعَرَبِيِّ الْمُسْلِمِ سِوَى الْإِسْلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الصَّحِيحِ) تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي التَّأْثِيمِ، وَفِيهَا لَوْ طَلَبُوا مِنْ قَاضِينَا أَنْ يُزَوِّجَهَا لِأَحَدٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ الْخِلَافُ فِي الْعَبْدِ مُرَتَّبٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحُرِّ وَأَوْلَى بِالْجَوَازِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ كُفْرَهَا مَانِعٌ إلَخْ) . أَيْ فَكَانَتْ كَالْمُرْتَدَّةِ وَقَوْلُهُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الرِّقِّ أَيْ وَلَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ فِي الدِّينِ، كَمَا يَنْكِحُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ. قَوْلُهُ: (الْكِتَابِيُّ) أَيْ الْحُرُّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ خِلَافُ ذَلِكَ، قَالَ وَكَذَا الْمَعْنَى فَإِنَّ الْكَافِرَ غَيْرُ الْكَامِلِ يُرَقَّ بِالْأَسْرِ، وَالْكَامِلُ يَتَخَيَّرُ فِيهِ الْإِمَامُ فَيَبْعُدُ النَّظَرُ هُنَا لِلْمَعْنَى الْمُلَاحَظِ فِي الْحُرِّ الْمُسْلِمِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ إلَخْ) . هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ أَمْنَ الزِّنَى، وَالْيَسَارِ إذَا قَارَنَا عَقْدَ الْكَافِرِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَا يَقْدَحُ، إلَّا إذَا كَانَ مُقَارِنًا بَعْدَ ذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ الْإِسْلَامِيِّينَ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْكَافِرِ، وَإِلَّا لَأَثَّرَ عِنْدَ مُقَارَنَةِ الْعَقْدِ مَعَ أَحَدِ الْإِسْلَامِيِّينَ كَغَيْرِهِ، مِنْ الْمُفْسِدَاتِ كَالْعِدَّةِ وَنَحْوِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ أَيْسَرَ إلَخْ) لَوْ زَالَ الْعَنَتُ بِتَعْنِينٍ مَثَلًا قَالَ الْغَزَالِيُّ: قَدْ وَافَقَ الْمَزْنِيُّ هُنَا عَلَى عَدَمِ الِانْفِسَاخِ وَخَالَفَ فِي الصُّورَتَيْنِ يَعْنِي اللَّتَيْنِ فِي الْمَتْنِ. قَوْلُهُ: (لِقُوَّةِ الدَّوَامِ) أَيْ وَكَمَا فِي الرِّدَّةِ وَالْغِرَّةِ وَالْإِحْرَامِ، وَقَالَ الْمُزَنِيّ: يَنْفَسِخُ فِي الصُّورَتَيْنِ إلْحَاقًا لِنِكَاحِ الْأَمَةِ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ، وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ إلَى جَوَابَيْنِ: جَوَازُ نِكَاحِ الْأَمَةِ فِي الْجُمْلَةِ. وَكَوْنُ أَكْلِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ زَوَالِ الضَّرُورَةِ أَمْرًا ابْتِدَائِيًّا بِخِلَافِ التَّزْوِيجِ؛ وَلِهَذَا لَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 (وَلَوْ جَمَعَ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ أَمَةً حُرَّةً وَأَمَةً بِعَقْدٍ) ، كَأَنْ يَقُولَ لِمَنْ قَالَ لَهُ زَوَّجْتُك بِنْتِي، وَأَمَتِي: قَبِلْت نِكَاحَهُمَا، (بَطَلَتْ الْأَمَةُ) قَطْعًا لِانْتِفَاءِ شُرُوطِ نِكَاحِهَا، (لَا الْحُرَّةُ فِي الْأَظْهَرِ) تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ، وَالثَّانِي تَبْطُلُ الْحُرَّةُ أَيْضًا فِرَارًا مِنْ تَبْعِيضِ الْعَقْدِ، وَلَوْ جَمَعَهُمَا مَنْ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ بِعَقْدٍ، كَأَنْ رَضِيَتْ الْحُرَّةُ بِتَأْجِيلِ الْمَهْرِ، بَطَلَتْ الْأَمَةُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا لَا تُقَارِنُ الْحُرَّةَ، كَمَا لَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا، وَلِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا، وَفِي الْحُرَّةِ طَرِيقَانِ أَرْجَحُهُمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ يَجُوزُ إفْرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَيَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَالْأُخْتَيْنِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ نِكَاحَ الْحُرَّةِ أَقْوَى مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ، وَالْأُخْتَانِ لَيْسَ فِيهِمَا أَقْوَى، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ نَكَحَ أَمَتَيْنِ فِي عَقْدٍ بَطَلَ نِكَاحَهُمَا قَطْعًا كَالْأُخْتَيْنِ. فَرْعٌ: وَلَدُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ رَقِيقٌ لِمَالِكِهَا تَبَعًا لَهَا، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا الْحُرُّ عَرَبِيًّا، وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ أَنَّ وَلَدَ الْعَرَبِيِّ حُرٌّ، وَهَلْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَالْمَغْرُورِ، أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِرِضَا سَيِّدِهَا حِينَ زَوَّجَهَا عَرَبِيًّا قَوْلَانِ. فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ (نِكَاحُ مَنْ لَا كِتَابَ لَهَا كَوَثَنِيَّةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ وَتَحِلُّ) لَهُ (كِتَابِيَّةٌ) قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] وَقَالَ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] أَيْ حِلٌّ لَكُمْ (لَكِنْ تُكْرَهُ) كِتَابِيَّةٌ (حَرْبِيَّةٌ) لِمَا فِي الْإِقَامَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ تَكْثِيرِ سَوَادِهِمْ وَقَدْ تُسْتَرَقُّ، وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَنَّ حَمْلَهَا مِنْ مُسْلِمٍ (وَكَذَا) تُكْرَهُ (ذِمِّيَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ مِنْ الْمَيْلِ إلَيْهَا الْفِتْنَةَ فِي الدِّينِ، وَقَوْلُهُ وَمَجُوسِيَّةٌ ظَاهِرُهُ الْعَطْفُ عَلَى وَثَنِيَّةٍ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ الْمَجُوسَ لَا كِتَابَ لَهُمْ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ وَبَدَّلُوهُ فَرُفِعَ لَكِنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا كِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ الْآنَ، وَلَا نَتَيَقَّنُهُ مِنْ قَبْلُ فَنَحْتَاطُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعْطِفَ عَلَى مَنْ فَيُوَافِقُ الْأَشْبَهَ وَالْوَثَنِيَّةُ عَابِدَةُ الْوَثَنِ، وَمِثْلُهَا عَابِدَةُ الشَّمْسِ وَالنُّجُومِ وَالصُّوَرِ الَّتِي يَسْتَحْسِنُونَهَا، وَالْوَثَنُ وَالصَّنَمُ قِيلَ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، وَقِيلَ الْوَثَنُ مَا كَانَ غَيْرَ مُصَوَّرٍ وَالصَّنَمُ مَا كَانَ مُصَوَّرًا، (وَالْكِتَابِيَّةُ يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ لَا مُتَمَسِّكَةٌ بِالزَّبُورِ وَغَيْرِهِ) ،   [حاشية قليوبي] بِوِلَادَتِهَا عَلَى غَيْرِهَا، وَتَقْدِيمُ أَمَةِ أَبِيهِ عَلَى أَمَةِ أَجْنَبِيٍّ لِلْحُكْمِ بِعِتْقِهِ عَلَى أَبِيهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ جَمَعَ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ) قَيَّدَ بِمَحَلِّ الْخِلَافِ وَسَيَذْكُرُ مُقَابِلَهُ. قَوْلُهُ: (حُرَّةً صَالِحَةً أَوْ لَا) عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتَصْوِيرُ الْجَمْعِ، بِقَوْلِهِ بِنْتِي وَأَمَتِي لِأَجْلِ اللَّفِّ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ لِأَجْلِ الْخِلَافِ، وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ، وَقِيلَ بِالْبُطْلَانِ فِيهِ لِتَقْدِيمِ الْبَاطِلِ وَالْعَطْفُ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك هَاتَيْنِ أَوْ نَحْوَهُ فَكَالْأَوَّلِ وَخَرَجَ بِعَقْدِ مَا لَوْ جَمَعَهُمَا بِعَقْدَيْنِ، وَقَدَّمَ الْأَمَةَ فَيَصِحُّ فِيهِمَا، وَمِنْهُ مَا لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك الْأَمَةَ بِكَذَا، وَالْحُرَّةَ بِكَذَا فَقِبَلَهُمَا؛ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ يُعَدِّدُ الْعَقْدَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ بِالْحُرَّةِ الصَّالِحَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْقَوْلَيْنِ) وَالْأَظْهَرُ مِنْهُمَا الصِّحَّةُ فِي الْحُرَّةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِالْبُطْلَانِ) أَيْ فِي الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَكَحَ) أَيْ الْحُرُّ كَمَا مَرَّ أَمَّا الرَّقِيقُ فَالْجَمْعُ فِيهِ صَحِيحٌ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (فِي عَقْدٍ) فَإِنْ كَانَ فِي عَقْدَيْنِ صَحَّتْ الْأُولَى إنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ، وَإِلَّا بَطَلَ فِيهَا كَالثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (رَقِيقٌ لِمَالِكِهَا) وَلَهُ حُكْمُهَا فَيَمْتَنِعُ نَحْوُ بَيْعِ وَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ كَأُمِّهِ. قَوْلُهُ: (تَبَعًا لَهَا) فَلَهُ مِنْ وَلَدِ الْمُبَعَّضَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فِيهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ مُبَعَّضًا كَأُمِّهِ. قَوْلُهُ: (قَوْلَانِ) أَصَحُّهُمَا الثَّانِي عَلَى هَذَا الْقَدِيمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَصْلٌ فِيمَنْ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا أَوَّلًا مِنْ الْكُفَّارِ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ لِلْكُفَّارِ وَمَا يَتْبَعُهُ قَوْلُهُ: (يَحْرُمُ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُسْلِمِ) وَمِثْلُهُ الْكَافِرُ لَكِنْ إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا، وَإِلَّا فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ. قَوْلُهُ: (نِكَاحٌ) وَمِثْلُهُ التَّسَرِّي. وَقَوْلُهُ: (وَتَحِلُّ لَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ وَكَذَا لِغَيْرِهِ مَا عَدَا نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَحِلُّ لَهُ التَّسَرِّي لَا النِّكَاحُ، وَفِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَنْبِيَاءِ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ تُكْرَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَرْجُ إسْلَامَهَا وَوَجَدَ مُسْلِمَةً وَلَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ يُسَنُّ فِي الْأُولَى، وَالْكَرَاهَةُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْهَا فِي الذِّمِّيَّةِ أَخْذًا مِنْ الْخِلَافِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (عَلَى الصَّحِيحِ) وَمُقَابِلِهِ لَا كَرَاهَةَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْرَاشَ إهَانَةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ وَلَعَلَّهُ لِوُجُودِ مِثْلِهِ فِي الْحَرْبِيَّةِ وَلَمْ يَقُولُوا فِيهَا بِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (قِيلَ بِمَعْنَى) سَوَاءٌ الْمُصَوَّرُ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ الصَّنَمُ مَا كَانَ مِنْ حَجَرٍ مُصَوَّرٍ، وَالْوَثَنُ مَا كَانَ مِنْ نَحْوِ نُحَاسٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ) وَيَثْبُتُ ذَلِكَ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ عِلْمُ آبَائِهَا الْآتِي وَكَذَا بِقَوْلِهَا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (لَا مُتَمَسِّكَةٌ بِالزَّبُورِ) لِدَاوُدَ وَصُحُفِ شِيثٍ وَهِيَ خَمْسُونَ صَحِيفَةً، وَإِدْرِيسَ وَهِيَ ثَلَاثُونَ صَحِيفَةً، وَإِبْرَاهِيمَ وَهِيَ عَشْرُ صَحَائِفَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْ الْمِائَةِ أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى قَبْلَ التَّوْرَاةِ، وَقِيلَ أُنْزِلَتْ عَلَى آدَمَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَشْبَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَقُولَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك بِنْتِي بِأَلْفٍ، وَأَمَتِي بِمِائَةٍ فَقَبِلَ الْبِنْتَ ثُمَّ الْأَمَةَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي الْبِنْتِ قَطْعًا، وَلَوْ اقْتَصَرَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ عَلَى قَبُولِ الْبِنْتِ، فَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْحُرَّةِ أَيْضًا نَظَرًا لِلْإِيجَابِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ إلَخْ) عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يُشْتَرَطُ فِي نِكَاحِ الْعَرَبِيِّ لِلْأَمَةِ سِوَى إسْلَامِهَا. [فَصْلٌ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ نِكَاحُ مَنْ لَا كِتَابَ لَهَا كَوَثَنِيَّةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ وَتَحِلُّ لَهُ كِتَابِيَّةٌ] فَصْلٌ: يَحْرُمُ نِكَاحُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَحِلُّ لَهُ كِتَابِيَّةٌ) يُسْتَثْنَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا تَحِلُّ لَهُ الْكِتَابِيَّةُ إلَّا بِمِلْكِ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَخَافُ إلَخْ) أَيْ وَيَخَافُ أَيْضًا عَلَى وَلَدِهِ مِنْهَا، الْفِتْنَةَ، وَالثَّانِي لَا كَرَاهَةَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْرَاشَ إهَانَةٌ وَهَذَا الثَّانِي لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ) أَيْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 كَصُحُفِ شِيثٍ، وَإِدْرِيسَ، وَإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهَا قَبْلُ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَمْ يَنْزِلْ بِنَظْمٍ يُدَرَّسُ، وَيُتْلَى، وَإِنَّمَا أُوحِيَ إلَيْهِمْ مُعَايَنَةً، وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ لَا أَحْكَامٌ وَشَرَائِعُ، (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْكِتَابِيَّةُ إسْرَائِيلِيَّةً) ، أَوْ مِنْ وَلَدِ إسْرَائِيلَ وَهُوَ يَعْقُوبُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، (فَالْأَظْهَرُ حِلُّهَا) لِلْمُسْلِمِ (إنْ عُلِمَ دُخُولُ قَوْمِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ) أَيْ دِينِ مُوسَى أَوْ عِيسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، (قَبْلَ نَسْخِهِ وَتَحْرِيفِهِ) ، لِتَمَسُّكِهِمْ بِذَلِكَ الدِّينِ حِينَ كَانَ حَقًّا (وَقِيلَ: يَكْفِي) دُخُولُهُمْ فِي ذَلِكَ الدِّينِ، (قَبْلَ نَسْخِهِ) سَوَاءٌ دَخَلُوا قَبْلَ تَحْرِيفِهِ أَمْ بَعْدَهُ، لِتَمَسُّكِهِمْ بِالدِّينِ قَبْلَ نَسْخِهِ، وَالثَّانِي: لَا تَحِلُّ لَهُ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَلِانْتِفَاءِ النَّسَبِ إلَى إسْرَائِيلَ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ عُلِمَ دُخُولُهُمْ فِي ذَلِكَ الدِّينِ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ، وَنَسْخِهِ كَمَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، فَلَا تَحِلُّ وَكَذَا مَنْ تَهَوَّدَ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فِي الْأَصَحِّ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ التَّحْرِيفِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَ النَّسْخِ أَوْ بَعْدَهُ لَا تَحِلُّ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ أَمَّا الْإِسْرَائِيلِيَّة، فَتَحِلُّ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى أَنَّ آبَاءَهَا مَعًا دَخَلُوا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ تَحْرِيفِهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ نَسْخِهِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أُوحِيَ إلَيْهِمْ) أَيْ الْأَنْبِيَاءِ مَعَانِيهِ فَعَبَّرُوا عَنْهَا بِأَلْفَاظٍ مِنْ تِلْقَائِهِمْ، وَبِذَلِكَ سَقَطَتْ حُرْمَتُهُ فَهُوَ كَالْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ عِنْدَنَا، كَذَا قَالُوهُ وَلَا يَخْفَى عَلَى ذِي مُسْكَةٍ عَدَمُ صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى إنْزَالًا فَيَبْطُلُ قَوْلُهُمْ: الْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ مِنْ السَّمَاءِ كَذَا، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَقُولُهُ النَّبِيُّ مَعْدُودٌ مِنْ كِتَابِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْطِقُ إلَّا عَنْ الْوَحْيِ وَلَا قَائِلَ بِهِ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَيْهِمْ بِأَلْفَاظٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، إمَّا بِالْعَرَبِيَّةِ، كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ قَوْلَيْنِ وَهُمْ يَعْرِفُونَهَا؛ لِأَنَّهَا مَرْكُوزَةٌ فِي طِبَاعِهِمْ، أَوْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَلْهَمَهُمْ مَعَانِيَهَا.؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَهَا فَعَبَّرُوا عَنْهَا بِأَلْفَاظٍ تُوَافِقُ قَوْمَهُمْ، وَإِمَّا بِأَلْفَاظٍ مِنْ لُغَتِهِمْ لَكِنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالتَّقْيِيدِ بِهَا فَعَبَّرُوا عَنْهَا بِمَا يُوَافِقُ طِبَاعَ قَوْمِهِمْ، فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: لِأَنَّهُ حِكَمٌ) جَمْعُ حِكْمَةٍ، وَمَوَاعِظُ جَمْعُ مَوْعِظَةٍ، وَالْأَقْرَبُ فَرَّقَ الْقَفَّالُ بِأَنَّ فِي الْكِتَابِيَّةِ نَقْصًا وَاحِدًا، وَهُوَ الْكُفْرُ وَفِي غَيْرِهَا نَقْصَيْنِ الْكُفْرَ وَفَسَادَ الدِّينِ، وَاسْتُشْكِلَ الْقَوْلُ بِالْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: نَزَلَ فَاسِدًا، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْآنَ وَرُدَّ أَنَّ التَّوْرَاةَ وَنَحْوَهَا، كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ تَمَسُّكَهُمْ بِهِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِاتِّبَاعِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَسْتَقِيمُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِسْرَائِيلِيَّة تَكُونُ مِنْ الْيَهُودِ وَمِنْ النَّصَارَى فَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (إسْرَائِيلُ) مَعْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَكَذَا كُلُّ مَا أُضِيفَ إلَى إيَّلَ الَّذِي هُوَ اسْمُ اللَّهِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، نَحْوُ جَبْرَائِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ. فَائِدَةٌ مُهِمَّةٌ: اسْمُ اللَّهِ بِالْعَرَبِيَّةِ اللَّهُ، وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ إيَّلُ وَآيِيلُ وَإِيلَا، وَبِالسُّرْيَانِيَّةِ إيَّلَا أَوْ عِيلَا وَبِالْفَارِسِيَّةِ خداي وَبِالْحَرْزِيَّةِ تندك، وَبِالرُّومِيَّةِ شمخشا، وَبِالْهِنْدِيَّةِ مشطيشا وَبِالتُّرْكِيَّةِ بيات، وبالخفاجية أغان مُعْجَمَةً بَعْد هَمْزَةٍ مَضْمُومَةٍ، وَبِالْبُلْغَارِيَّةِ تكري، وَبِالتَّغَرْغُرِيّة بِمُعْجَمَتَيْنِ وَمُهْمَلَتَيْنِ بَعْدَ الْفَوْقِيَّةِ، أُلُهْ بِهَمْزَةٍ وَلَامٍ مَضْمُومَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ عَلِمَ) أَيْ بِعَدَدِ التَّوَاتُرِ أَوْ بِعَدْلَيْنِ أَسْلَمَا مِنْهُمْ لَا بِقَوْلِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ الْعَاقِدَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (دُخُولُ قَوْمِهَا) أَيْ دُخُولِ أُصُولِهَا سَوَاءٌ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالْمُرَادُ اعْتِبَارُ مَنْ تُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ هَؤُلَاءِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ، وَلَوْ مِمَّنْ بَعْدَهُ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ مُخَالَفَةٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ بِالْقَلَمِ، وَانْظُرْ لَوْ نُسِبَتْ إلَى أَبَوَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الدُّخُولِ، وَالْوَجْهُ فِيهَا الْمَنْعُ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ. قَوْلُهُ: (أَمْ بَعْدَهُ) أَيْ التَّحْرِيفِ، وَلَمْ يَجْتَنِبُوا الْمُحَرَّفَ، وَإِلَّا حَلَّتْ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ غَيْرُ الْإِسْرَائِيلِيَّة وَهَذَا الْمُحْتَرَزُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ نَسْخِهِ وَتَحْرِيفِهِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْإِسْرَائِيلِيَّة كَذَلِكَ فِي هَذَا الْفَرْدِ. قَوْلُهُ: (كَمَنْ تَهَوَّدَ) أَيْ وَأُصُولُهُ يَهُودُ أَوْ تَنَصَّرَ، وَأُصُولُهُ نَصَارَى، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْمُنْتَقِلِ وَسَيَأْتِي كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، فَحَرِّرْهُ، وَقَدْ يُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ، وَالِانْتِقَالُ الْآتِي إنَّمَا هُوَ بَعْدَ وُجُودِ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِلشَّرِيعَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ كَسَائِرِ الشَّرَائِعِ قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى) ؛ لِأَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِشَرِيعَةِ مُوسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَخَرَجَ بِهَذِهِ الشَّرَائِعِ الثَّلَاثَةِ مَا بَيْنَهَا وَمَا قَبْلَهَا فَلَيْسَ نَاسِخًا لِغَيْرِهِ، فَلَا يُعْتَبَرُ تَمَسُّكُهُ بِهِ، وَلَا عَدَمُهُ فَلَا يَضُرُّ انْتِقَالُهُ مِنْ التَّوْرَاةِ إلَيْهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا قِيلَ إنَّ الْمُتَمَسِّكَ بِزَبُورِ دَاوُد، وَهُوَ بَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى لَا تَحِلُّ الْمَنْسُوبَةُ إلَيْهِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ فِيمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ كَانَتْ إلَخْ) هُوَ الْمُحْتَرَزُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ عَلِمَ، وَهَذَا مَحَلُّ مُخَالَفَةِ غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّة لَهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ) أَيْ فِي حَالَاتِ عَدَمِ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهَا أَمَّا مَنْ عَلِمَ دُخُولَ مَنْ تُنْسَبُ إلَيْهِ، مِنْ أُصُولِهَا فِي شَرِيعَةٍ بَعْدَ نَسْخِهَا فَلَا تَحِلُّ كَغَيْرِهَا، وَمَنْ عَلِمَ دُخُولَ مَنْ تُنْسَبُ إلَيْهِ فِي شَرِيعَةٍ قَبْلَ نَسْخِهَا فَتَحِلُّ بِالْأَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ التَّحْرِيفِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَجَنَّبُوا الْمُحَرَّفَ أَوْ لَا.   [حاشية عميرة] لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156] وَقَوْلُهُ لَا مُتَمَسِّكَةٌ إلَخْ. أَيْ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ تَقْرِيرَهُمْ بِالْجِزْيَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مَا ذُكِرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ عَنْ هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا وَحْيٌ، وَلَيْسَتْ بِكَلَامِ اللَّهِ - تَعَالَى، وَتَعْبِيرُ الشَّارِحِ أَحْسَنُ فَإِنَّ الَّذِي قَالَهُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْكِتَابِيَّةُ إسْرَائِيلِيَّةً) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالرُّومِ. قَوْلُهُ: (لِتَمَسُّكِهِمْ بِذَلِكَ الدِّينِ) مِمَّا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الدِّينِ، وَإِنْ تَخَلَّفَ النَّسَبُ إلَى إسْرَائِيلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كِتَابِ هِرْقِلَ ": يَا أَهْلَ الْكِتَابِ " وَالرُّومُ لَيْسُوا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ، فَقَدْ اعْتَبَرَ الْكِتَابَ وَجَعَلَهُمْ مِنْ أَهْلِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 لِشَرَفِ نَسَبِهَا، أَمَّا بَعْدَ النَّسْخِ بِبَعْثَةِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، فَلَا تُفَارِقُ فِيهِ الْإِسْرَائِيلِيَّة غَيْرَهَا ، (وَالْكِتَابِيَّةُ الْمَنْكُوحَةُ كَمُسْلِمَةٍ فِي نَفَقَةٍ وَقَسْمٍ وَطَلَاقٍ) ، بِخِلَافِ التَّوَارُثِ (وَتُجْبَرُ عَلَى غُسْلِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) إنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُ لِتَوَقُّفِ الْحِلِّ عَلَيْهِ، وَيَفْتَقِرُ عَدَمُ النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ، كَمَا فِي الْمُسْلِمَةِ الْمَجْنُونَةِ، (وَكَذَا جَنَابَةٌ) أَيْ غُسْلُهَا، (وَتَرْكُ أَكْلِ خِنْزِيرٍ) تُجْبَرُ عَلَيْهِمَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا فِي أَكْلِ الْخِنْزِيرِ، وَتَرْكِ الْغُسْلِ مِنْ الِاسْتِقْذَارِ وَتَرْكِ التَّنْظِيفِ وَالثَّانِي لَا تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ، (وَتُجْبَرُ هِيَ وَمُسْلِمَةٌ عَلَى غَسْلِ مَا نَجِسِ مِنْ أَعْضَائِهِمَا) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا (وَتَحْرُمُ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ وَثَنِيٍّ وَكِتَابِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّ الِانْتِسَابَ إلَى الْأَبِ وَهُوَ مِمَّنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ، (وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ تَحْرُمُ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ كِتَابِيٍّ وَوَثَنِيَّةٍ (فِي الْأَظْهَرِ) تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ، وَالثَّانِي لَا تَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الِانْتِسَابَ إلَى الْأَبِ، وَهُوَ مِمَّنْ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ، (وَإِنْ خَالَفَتْ السَّامِرَةَ) وَهِيَ طَائِفَةٌ تُعَدُّ مِنْ الْيَهُودِ (الْيَهُودُ وَالصَّابِئُونَ) وَهُمْ طَائِفَةٌ تُعَدُّ مِنْ النَّصَارَى (النَّصَارَى فِي أَصْلِ دِينِهِمْ حَرُمْنَ وَإِلَّا فَلَا) ، أَيْ وَإِنْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَمَّا بَعْدَ النَّسْخِ) أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ بِدُخُولِ مَنْ تُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ آبَائِهَا بَعْدَ النَّسْخِ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا مِنْ أَفْرَادِ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ، بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ نَسْخِهِ فَاحْتَفِظْ بِهَذِهِ الْقُيُودِ الَّتِي أَهْمَلَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هُنَا. قَوْلُهُ: (نَفَقَةٍ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْكُسْوَةِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ التَّوَارُثِ) وَكَذَا الْحَدُّ بِقَذْفِهَا. قَوْلُهُ (وَتُجْبَرُ) أَيْ وَيَجْبُرُهَا الزَّوْجُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (لِتَوَقُّفِ الْحِلِّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَنَفِيًّا يَرَى الْحِلَّ أَوْ عَكْسَهُ، لَمْ تُجْبَرْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ أَوْ لِمَا شَأْنُهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يُغْتَفَرُ عَدَمُ النِّيَّةِ) أَيْ مِنْهَا فَيَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ الزَّوْجُ عَنْهَا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَنْوِيَ عِنْدَ عَدَمِ الِامْتِنَاعِ، وَمِثْلُهَا الْمَجْنُونَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فَتُجْبَرُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى غُسْلِ الْجَنَابَةِ، وَتَرْكِ أَكْلِ الْخِنْزِيرِ، وَلَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ رَتْقَاءَ، أَوْ قَرْنَاء أَوْ مُتَحَيِّرَةً، أَوْ الزَّوْجُ مَمْسُوحًا وَكَذَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلَى غُسْلِ مَا نَجَسَ مِنْ أَعْضَائِهِمَا) أَيْ الْكَافِرَةِ وَالْمُسْلِمَةِ، وَلَوْ نَجَاسَةً مَعْفُوًّا عَنْهَا أَوْ مُغَلَّظَةً بِالسَّبْعِ مَعَ التَّرْتِيبِ وَيُجْبَرَانِ عَلَى إزَالَةِ الْأَوْسَاخِ مِنْ ثِيَابِهِمَا، وَلَوْ طَاهِرَةً وَكَذَا بَدَنُهُمَا، وَكَذَا إزَالَةُ رِيحِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ، أَوْ لَوْنِهِ وَعَلَى تَرْكِ أَكْلِهِ كَبَصَلٍ وَثُومٍ وَمُسْكِرٍ وَلَوْ نَبِيذًا وَعَلَى إزَالَةِ ظُفُرٍ أَوْ شَعْرٍ وَلَوْ مِنْ لِحْيَةٍ نَبَتَتْ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا إزَالَتُهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَإِنْ قَصَدَتْ التَّشَبُّهَ بِالرِّجَالِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَتَحْرُمُ مُتَوَلِّدَةٌ) أَيْ بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ، وَكَذَا مُتَوَلِّدٌ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُمَا الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ آدَمِيٍّ وَبَهِيمَةٍ، وَلَوْ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَيْضًا. قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ) وَإِنْ بَلَغَتْ وَاخْتَارَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ خَالَفَتْ) وَلَوْ احْتِمَالًا. قَوْلُهُ: (السَّامِرَةُ) نِسْبَةً إلَى السَّامِرِيِّ عَابِدِ الْعِجْلِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّابِئُونَ) جَمْعُ صَابِئٍ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْمُوَحَّدَةِ، أَوْ تَرْكِهَا، وَلَوْ قَالَ الصَّابِئَةُ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ عَطَفَ عَلَى السَّامِرَةِ وَهُوَ نِسْبَةٌ إلَى صَابِئٍ عَمِّ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى الْمُنْتَقِلِ مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ مِنْ صَابَ بِمَعْنَى رَجَعَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْمَنْسُوبِينَ لِعَمِّ نُوحٍ هُمْ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (أَمَّا بَعْدَ النَّسْخِ بِبَعْثَةِ نَبِيِّنَا إلَخْ) . هَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ الدُّخُولَ فِي شَأْنِ الْإِسْرَائِيلِيَّة قَبْلَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَضُرُّ، وَلَوْ بَعْدَ النَّسْخِ لِشَرِيعَةِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ يَلْتَزِمُ ذَلِكَ لِشَرَفِهِ نَسَبُهَا، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: بَلْ لَا يَحْرُمُ مِنْ الْإِسْرَائِيلِيَّات إلَّا مَنْ عُلِمَ دُخُولُ آبَائِهَا بَعْدَ النَّسْخِ بِبَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى. وَهَا هُنَا سُؤَالٌ، وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَمَا تَرَى يَقْتَضِي أَنَّ الْإِسْرَائِيلِيَّات تَنْقَسِمُ إلَى مَنْ تَحِلُّ وَتَحْرُمُ، وَأَنَّ مَا بِهِ التَّحْرِيمُ مِنْ الدُّخُولِ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرٌ مُمْكِنٌ فِي حَقِّهَا، وَحِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ ذَلِكَ مَعَ مَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ. حَيْثُ قَالَ: قَالَ الْإِمَامُ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهَا مِنْ وَلَدِ إسْرَائِيلَ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ آبَائِهَا دَخَلَ فِي الدِّينِ، وَهُوَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، فَيَجْتَمِعُ شَرَفُ النَّسَبِ، وَالتَّعَلُّقُ بِالدِّينِ قَبْلَ التَّغْيِيرِ انْتَهَى. وَكَأَنَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَنَى كَلَامَهُ هَذَا عَلَى أَنَّ سَائِرَ بَنِي إسْرَائِيلَ آمَنُوا بِمُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ التَّحْرِيمِ لَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ يُحْتَمَلُ تَخَلُّفُ بَعْضِهِمْ، فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ؛ إذْ الْمُرَادُ بِالْآبَاءِ مُطْلَقُ الْأُصُولِ، وَلَوْ جَدَّهُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي نَفَقَةٍ) عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ هِيَ كَمُسْلِمَةٍ، فِيمَا لَهَا وَعَلَيْهَا إلَّا التَّوَارُثَ نِيَّتُهَا وَرَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ، أَمَّا إذَا امْتَنَعَتْ فَيُغَسِّلُهَا الزَّوْجُ وَيَسْتَبِيحُهَا، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ نِيَّةٌ، وَقِيلَ: يَنْوِي عَنْهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ كَذَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ: يَعْنِي فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَوْ امْتَنَعَتْ الْمُسْلِمَةُ فَغَسَّلَهَا قَهْرًا حَلَّتْ وَهَلْ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ الزَّوْجِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَجْنُونَةِ، وَرَجَّحَ فِي التَّحْقِيقِ اشْتِرَاطَ نِيَّةِ الزَّوْجِ فِي الْمَجْنُونَةِ انْتَهَى. كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) هَذَانِ الْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِي إجْبَارِ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى غَسْلِ مَا نَجَسِ مِنْ أَعْضَائِهِمَا) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ الْمُتَنَجِّسُ أَوْ ذَاتُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ) لَمْ يَقُولُوا بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَيَغْلِبُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 لَمْ يُخَالِفُوهُمْ فِي الْأُصُولِ، وَإِنَّمَا خَالَفُوهُمْ فِي الْفُرُوعِ فَتَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُمْ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ قَوْلَيْنِ فِي مُنَاكَحَةِ السَّامِرَةِ وَالصَّابِئِينَ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ، وَقَدْ نُقِلَ أَنَّ الصَّابِئِينَ فِرْقَتَانِ: فِرْقَةٌ تُوَافِقُ النَّصَارَى فِي أُصُولِ الدِّينِ وَأُخْرَى تُخَالِفُهُمْ وَتَعْبُدُ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ، وَتُضِيفُ الْآثَارَ إلَيْهَا، وَتَنْفِي الصَّانِعَ الْمُخْتَارَ وَقَدْ أَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ بِقَتْلِهِمْ لَمَّا اسْتَفْتَى الْقَاهِرُ الْفُقَهَاءَ فِيهِمْ (وَلَوْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ تَنَصَّرَ يَهُودِيٌّ (لَمْ يُقَرَّ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ دِينًا بَاطِلًا، بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِبُطْلَانِهِ، فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ، وَالثَّانِي يُقَرُّ لِتَسَاوِي الدِّينَيْنِ فِي التَّقْرِيرِ بِالْجِزْيَةِ، (فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً لَمْ تَحِلَّ لِمُسْلِمٍ) تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَرُّ، (فَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَتَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ (فَكَرِدَّةِ مُسْلِمَةٍ) فَإِنْ كَانَ التَّهَوُّدُ أَوْ التَّنَصُّرُ قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ أَوْ بَعْدَهُ تَوَقَّفَتْ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ مَا انْتَقَلَ عَنْهُ، وَكَانَ مُقِرًّا بِبُطْلَانِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ، (وَفِي قَوْلٍ أَوْ دِينِهِ الْأَوَّلِ) لِتَسَاوِي الدِّينَيْنِ فِي الْحُكْمِ، وَلَوْ أَبَى الْإِسْلَامَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، أَوْ الْإِسْلَامَ وَدِينَهُ الْأَوَّلَ جَمِيعًا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ يُقْتَلُ، وَالْأَشْبَهُ لَا بَلْ يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ، (وَلَوْ تَوَثَّنَ) يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ، (لَمْ يُقَرَّ وَفِيمَا يُقْبَلُ) مِنْهُ (الْقَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا الْإِسْلَامُ فَقَطْ، وَالثَّانِي هُوَ أَوْ دِينُهُ الْأَوَّلُ وَفِي ثَالِثٍ أَوْ مُسَاوِيهِ فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتَوَقَّفَتْ بَعْدَهُ، عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، (وَلَوْ تَهَوَّدَ وَثَنِيٌّ أَوْ تَنَصَّرَ لَمْ يُقَرَّ) لِانْتِقَالِهِ عَمَّا لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ إلَى بَاطِلٍ، وَالْبَاطِلُ لَا يُفِيدُ فَضِيلَةَ الْإِقْرَارِ، (وَيَتَعَيَّنُ الْإِسْلَامُ كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ) فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الْإِسْلَامُ، فَإِنْ أَبَى قُتِلَ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْمُرْتَدِّ (وَلَا تَحِلُّ مُرْتَدَّةٌ لِأَحَدٍ) لَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ، لَا تُقَرُّ، وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهَا، (وَلَوْ ارْتَدَّ زَوْجَانِ) مَعًا (أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ دُخُولٍ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) لِعَدَمِ تَأَكُّدِ النِّكَاحِ بِالدُّخُولِ (أَوْ بَعْدَهُ وُقِفَتْ فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ فِي   [حاشية قليوبي] الْفِرْقَةُ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ الْآتِي ذِكْرُهُمْ. قَوْلُهُ: (فِي أَصْلِ دِينِهِمْ) وَهُوَ النَّبِيُّ، وَالْكِتَابُ وَالْفُرُوعُ مَا عَدَاهُمَا، فَأَصْلُ دِينِ الْيَهُودِ مُوسَى وَالتَّوْرَاةُ، وَأَصْلُ دِينِ النَّصَارَى عِيسَى وَالْإِنْجِيلُ. قَوْلُهُ: (فَتَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ كَمُبْتَدَعَةِ الْإِسْلَامِ نَعَمْ إنْ كَفَّرَهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مَعًا لَمْ تَحِلَّ مُنَاكَحَتُهُمْ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَأُخْرَى تُخَالِفُهُمْ) وَهُمْ أَقْدَمُ مِنْ النَّصَارَى، وَلَا مَانِعَ مِنْ مُوَافَقَةِ بَعْضِ صَابِئَةِ النَّصَارَى لَهُمْ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نُقِلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ. قَوْلُهُ: (وَتَنْفِي الصَّانِعَ الْمُخْتَارَ) وَهَؤُلَاءِ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبِيحَتُهُمْ وَلَا يُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ. قَوْلُهُ: (بِقَتْلِهِمْ) أَيْ عُبَّادِ الْكَوَاكِبِ مِنْ الْأَقْدَمِينَ مَعَ مَا انْضَمَّ إلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْ النَّصَارَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمَّا اسْتَفْتَى الْقَاهِرُ الْفُقَهَاءَ فِيهِمْ) فَبَذَلُوا لَهُ مَالًا كَثِيرًا فَتَرَكَهُمْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَهَوَّدَ إلَخْ) وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ بَعْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ لَهُ وَلَا نَعْقِدُ لَهُ إنْ عَلِمَ انْتِقَالَهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لَمْ يُقِرَّ) لَكِنْ يَبْلُغُ مَأْمَنَهُ ثُمَّ هُوَ حَرْبِيُّ إنْ ظَفِرْنَا بِهِ جَازَ لَنَا قَتْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ قَبِلْنَاهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ اعْتِرَافِهِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَحِلَّ لِمُسْلِمٍ) خَرَجَ بِهِ الْكَافِرُ فَإِنْ لَمْ يَرْحَلْهَا فَكَالْمُسْلِمِ، وَإِلَّا حَلَّتْ لَهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا تُقِرُّ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ، فَهُوَ إمَّا مُسْتَثْنَى، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الظَّفَرِ بِهَا، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَوْ الْمُرَادُ بَيَانُ حُكْمِهَا لَوْ بَقِيَتْ. قَوْلُهُ: (تَوَقَّفَتْ إلَخْ) وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَشْبَهُ لَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَفِي ثَالِثٍ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَلَا يَجْرِي هَذَا الْقَوْلُ فِيمَا مَرَّ، لِعَدَمِ مَا يُسَاوِي أَحَدَ الدِّينَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَعَيَّنُ الْإِسْلَامُ) وَلَا يَأْتِي هُنَا الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ. قَوْلُهُ: (لَا تُقَرُّ) قَيْدٌ أَخْرَجَ حِلَّ الْكِتَابِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ) وَلَوْ مُرْتَدًّا مِثْلَهَا. قَوْلُهُ: (مَعًا) الْمُرَادُ مِنْهُ وُجُودُ الرِّدَّةِ مِنْهُمَا، وَلَوْ بِلَا مَعِيَّةٍ وَمِنْ رِدَّتِهِ، مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا كَافِرَةُ مَرِيدًا حَقِيقَةَ الْكُفْرِ، لَا إنْ أَرَادَ الشَّتْمَ أَوْ أَطْلَقَ مَثَلًا، وَغَيْرُ الزَّوْجَيْنِ فِي هَذَا كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: لَسْت مُسْلِمًا لَمْ يَكْفُرْ لِزَعْمِ الْمُعْتَزِلَةِ وُجُودَ وَاسِطَةٍ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ دُخُولٍ) أَيْ وَطْءٍ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ، وَفِي مَعْنَاهُ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ فِي الْقُبُلِ. قَوْلُهُ: (وَقَفَتْ) ؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَافُ دِينٍ طَرَأَ بَعْدَ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَقَدْ نُقِلَ إلَخْ) هَذَا لَا يُنَافِي كَلَامَ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ هَذَا الْإِعْلَامِ بِمَا نُقِلَ، أَنَّ الصَّابِئِينَ فِرْقَتَانِ وَأَنَّ الْفِرْقَةَ الثَّانِيَةَ تَعْبُدُ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ إلَخْ. قَالَ بَعْضُهُمْ فِي هَذِهِ الثَّانِيَةِ: إنَّهَا أَقْدَمُ مِنْ النَّصَارَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُقِرَّ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِمَنْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحِرَابَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِسْلَامِ، أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ، قَالَ أَمَّا لَوْ تَهَوَّدَ النَّصْرَانِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَنَا وَقَبِلَ الْجِزْيَةَ فَإِنَّهُ يُقَرُّ لِمَصْلَحَةِ قَبُولِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْت وَقَوْلُهُ لِمَصْلَحَةِ قَبُولِهَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ امْرَأَةً لَمْ تَحِلَّ مُنَاكَحَتُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ أَوْ دِينِهِ الْأَوَّلِ) لَيْسَ الْمُرَادُ عَلَى هَذَا تَخْيِيرَهُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ لَا يُؤْمَرُ بِهِ، وَلَكِنْ نَقُولُ لَهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ فَإِنْ بَادَرَ وَرَجَعَ إلَى دِينِهِ الْأَوَّلِ تُرِكَ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا مَانِعَ مِنْ التَّخْيِيرِ، وَلَيْسَ دُعَاءً إلَى الْكُفْرِ، بَلْ هُوَ إخْبَارٌ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ - تَعَالَى. كَمَا أَنَّ الدُّعَاءَ إلَى الْجِزْيَةِ لَيْسَ رِضًا بِالْكُفْرِ. قَوْلُهُ: (لِتَسَاوِي الدِّينَيْنِ) رَاجِعٌ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ دِينُهُ الْأَوَّلُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَتَعَيَّنُ الْإِسْلَامُ) فَإِنْ أَبَى قُتِلَ، أَيْ بَعْدَ الْإِلْحَاقِ بِمَأْمَنِهِ إنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَبَى) أَيْ الْمُرْتَدُّ قَوْلُهُ: (قُتِلَ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ قَوْلُهُ: (وَلَا مِنْ الْكُفَّارِ) هُوَ شَامِلٌ لِلْمُرْتَدِّ، وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي ذَلِكَ الْإِجْمَاعَ. قُلْت لَكِنْ خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمَعِيَّةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 الْعِدَّةِ دَامَ النِّكَاحُ) بَيْنَهُمَا (وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ الرِّدَّةِ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (وَيَحْرُمُ الْوَطْءُ فِي التَّوَقُّفِ) لِتَزَلْزُلِ مِلْكِ النِّكَاحِ بِمَا حَدَثَ، (وَلَا حَدَّ) فِيهِ لِشُبْهَةِ بَقَاءِ النِّكَاحِ، وَتَجِبُ الْعِدَّةُ مِنْهُ كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ. بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ هُوَ الْكَافِرُ عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ (أَسْلَمَ كِتَابِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ) كَوَثَنِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ، (وَتَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ دَامَ نِكَاحُهُ) لِجَوَازِ نِكَاحِ الْمُسْلِمِ لَهَا (أَوْ) أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ (وَثَنِيَّةٌ، أَوْ مَجُوسِيَّةٌ فَتَخَلَّفَتْ) عَنْهُ أَيْ لَمْ تُسْلِمْ مَعَهُ (قَبْلَ دُخُولٍ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) بَيْنَهُمَا (أَوْ بَعْدَهُ وَأَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ دَامَ نِكَاحُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ فِيهَا بِأَنَّ أَصَرَّتْ إلَى انْقِضَائِهَا، (فَالْفُرْقَةُ) بَيْنَهُمَا حَاصِلَةٌ (مِنْ) حِينِ (إسْلَامِهِ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْكَافِرَةُ (وَأَصَرَّ) الزَّوْجُ عَلَى كُفْرِهِ، (فَكَعَكْسِهِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولٍ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ أَوْ بَعْدَهُ، وَأَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ دَامَ نِكَاحُهُ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ فِيهَا فَالْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا مِنْ حِينِ إسْلَامِهَا وَالْفُرْقَةُ فِيمَا ذُكِرَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا فُرْقَةُ طَلَاقٍ (وَلَوْ أَسْلَمَا مَعًا دَامَ النِّكَاحُ) بَيْنَهُمَا (وَالْمَعِيَّةُ بِآخِرِ اللَّفْظِ) الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْإِسْلَامُ لَا بِأَوَّلِهِ (وَحَيْثُ أَدَمْنَا) النِّكَاحَ (لَا تَضُرُّ مُقَارَنَةُ الْعَقْدِ) أَيْ عَقْدِ النِّكَاحِ (لِمُفْسِدٍ هُوَ زَائِلٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ وَكَانَتْ بِحَيْثُ تَحِلُّ لَهُ الْآنَ) تَخْفِيفًا بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ (وَإِنْ بَقِيَ الْمُفْسِدُ) عِنْدَ الْإِسْلَامِ (فَلَا نِكَاحَ) بَيْنَهُمَا يَدُومُ (فَيُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ، وَفِي عِدَّةٍ هِيَ مُنْقَضِيَةٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ) ، لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عَدَمُهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُنْقَضِيَةِ فَلَا يُقَرُّ عَلَى النِّكَاحِ فِيهَا لِبَقَاءِ الْمُفْسِدِ (وَ) يُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ، (مُؤَقَّتٍ) بِمُدَّةٍ كَعِشْرِينَ   [حاشية قليوبي] مَسِيسٍ، فَلَا يُوجِبُ الْفَسْخَ فِي الْحَالِ كَإِسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ) وَلَوْ بِقَوْلِهِ كَأَنْ غَابَ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَقَالَ: أَسْلَمْت قَبْلَ انْقِضَائِهَا، وَلَمْ تُكَذِّبْهُ فَإِنْ كَذَّبَتْهُ قُبِلَ قَوْلُهَا كَمَا فِي الرَّجْعَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُمْكِنُ مَجِيءُ التَّفْصِيلِ فِيهَا هُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا حَدَّ فِيهِ) أَيْ بَلْ فِيهِ التَّعْزِيرُ. قَوْلُهُ: (طَلَّقَ امْرَأَتَهُ) أَيْ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ كَالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ نَحْوِ أُخْتِهَا فِيهَا، وَيُوقَفُ ظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ وَطَلَاقُهُ فِيهَا. نَعَمْ لَوْ طَلَّقَهَا فِيهَا ثَلَاثًا حَلَّ لَهُ نَحْوُ أُخْتِهَا؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ الرِّدَّةِ. فَرْعٌ: لَهُ زَوْجَتَانِ مُسْلِمَةٌ وَكَافِرَةٌ، فَأَقَرَّ بِإِسْلَامِ الْكَافِرَةِ وَبِكُفْرِ الْمُسْلِمَةِ ارْتَفَعَ نِكَاحُهُمَا بِزَعْمِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَكَذَا بَعْدَهُ إلَّا إنْ صَدَّقَتَاهُ وَعَادَتْ الْمُسْلِمَةُ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ أَيْ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ أَوْ فَسَادِهِ أَوْ دَوَامِهِ أَوْ رَفْعِهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ أَشْرَكَ وَمِنْ التَّشْرِيكِ لِادِّعَائِهِ شَرِيكًا لِلَّهِ - تَعَالَى - غَالِبًا. قَوْلُهُ: (هُوَ) أَيْ الْمُشْرِكُ الْمُرَادُ هُنَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ إطْلَاقٌ حَقِيقِيٌّ لُغَةً فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَيِّ مِلَّةٍ كَانَ) وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُقَابِلِ الْكِتَابِيِّ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة: 1] . قَوْلُهُ: (أَسْلَمَ) وَلَوْ تَبَعًا. قَوْلُهُ: (كِتَابِيَّةً) أَيْ تَحِلُّ لَهُ ابْتِدَاءً فَخَرَجَ الرَّقِيقَةُ وَمُطَلَّقَتُهُ ثَلَاثًا وَغَيْرُهَا مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ دُخُولٍ) أَيْ وَطْءٍ، وَلَوْ فِي الدُّبُرِ، وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ فِي الْقُبُلِ. قَوْلُهُ: (إلَى انْقِضَائِهَا) فَإِنْ قَارَنَ إسْلَامُهَا الِانْقِضَاءَ انْدَفَعَتْ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ، قَوْلُهُ: (وَأَصَرَّ) كَانَ الْوَجْهُ إسْقَاطَهُ؛ لِأَنَّهُ لِمَنْ لَمْ يُسْلِمْ فِي الْعِدَّةِ وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِإِطْلَاقِ تَفْسِيرِهِ. قَوْلُهُ: (فَكَعَكْسِهِ) أَيْ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي عَكْسِهِ، وَهُوَ إسْلَامُهُ أَوَّلًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمَعِيَّةُ بِآخِرِ اللَّفْظِ) أَيْ مِنْهُمَا إنْ أَسْلَمَا اسْتِقْلَالًا، أَوْ مِنْ أَبَوَيْهِمَا إنْ أَسْلَمَا تَبَعًا، فَلَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا، وَالْآخَرُ اسْتِقْلَالًا كَأَنْ أَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ مَعَ أَبِي الطِّفْلِ أَوْ عَقِبِهِ، قَبْلَ الدُّخُولِ بَطَلَ النِّكَاحُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا لِتَقَدُّمِ إسْلَامِهَا فِي الْأُولَى، وَتَأَخُّرِهِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمِيٌّ وَخَرَجَ بِآخِرِ اللَّفْظِ أَوَّلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَمِثْلُهُ وَسَطُهُ. قَوْلُهُ: (الْعَقْدُ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَعْتَقِدُونَ بِهِ وُجُودَ النِّكَاحِ، وَلَوْ فِعْلًا كَوَطْءٍ لَا نَحْوِ غَصْبِ ذِمِّيٍّ لِذِمِّيَّةٍ. قَوْلُهُ: (لِمُفْسِدٍ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ الْمُرَادُ بِهِ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ مِلَّتِنَا، وَلَوْ غَيْرَ الْأَرْبَعَةِ كَدَاوُد الظَّاهِرِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ الْإِقْرَارَ عَلَى النِّكَاحِ الْمُؤَقَّتِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُتْعَةِ، وَقَدْ قِيلَ بِصِحَّتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَرِدُ عَلَيْهِ طَرْدًا وَعَكْسًا. قَوْلُهُ: (هُوَ زَائِلٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ) أَيْ غَيْرِ مَوْجُودٍ وَقْتَهُ، وَلَمْ يَعْتَقِدُوا حَالَ الْعَقْدِ فَسَادَهُ بِهَذَا الزَّائِلِ. قَوْلُهُ: (وَكَانَتْ بِحَيْثُ إلَخْ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ نَكَحَ فِي الْكُفْرِ أَمَةً بِالشُّرُوطِ ثُمَّ نَكَحَ حُرَّةً، ثُمَّ أَسْلَمُوا فَإِنَّ الْأَمَةَ تَنْدَفِعُ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ مُفْسِدٌ عِنْدَ الْعَقْدِ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ لَمْ يَزُلْ، فَمَنْ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِذِكْرِ هَذَا الْقَيْدِ غَيْرُ مُصِيبٍ؛ إذْ لَا تَخْرُجُ هَذِهِ الصُّورَةُ إلَّا بِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ بَقِيَ) أَيْ وُجِدَ الْمُفْسِدُ وَقْتَ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ طَارِئًا بَعْدَ الْعَقْدِ كَوَطْءِ الْأَبِ زَوْجَةَ ابْنِهِ بِشُبْهَةٍ، فَالْمُفْسِدُ هُنَا أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ، وَأَلْ فِيهِ لِلْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ أَوْ الذِّكْرِيِّ لَا بِقَيْدِ مُقَارَنَةِ الْعَقْدِ، فَلَوْ قَالَ وَلَوْ وُجِدَ وَقْتَ الْإِسْلَامِ مُفْسِدٌ لَكَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَفِي عِدَّةٍ) وَلَوْ مِنْ شُبْهَةٍ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْإِسْلَامِ) أَيْ إسْلَامِهَا أَوْ الْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا.   [حاشية عميرة] [بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَسْلَمَ كِتَابِيٌّ) أَيْ وَلَوْ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (دَامَ نِكَاحُهُ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الِابْتِدَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 سَنَةً (إنْ اعْتَقَدُوهُ مُؤَبَّدًا) وَيَكُونُ ذِكْرُ الْوَقْتِ لَغْوًا بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدُوهُ مُؤَقَّتًا فَإِنَّهُ إذَا حَصَلَ الْإِسْلَامُ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ شَيْءٌ لَا يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهِ (وَكَذَا لَوْ قَارَنَ إسْلَامٌ عِدَّةَ شُبْهَةٍ) بِأَنْ أَسْلَمَا بَعْدَ عُرُوضِهَا، وَقَبْلَ انْقِضَائِهَا فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَى النِّكَاحِ الَّذِي عَرَضَتْ لَهُ، (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرْفَعُ النِّكَاحَ، وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ، (لَا نِكَاحُ مَحْرَمٍ) كَبِنْتِهِ وَأُمِّهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ لِلُزُومِ الْمُفْسِدِ لَهُ (وَلَوْ أَسْلَمَ) الزَّوْجُ، (ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ) فِي الْعِدَّةِ (وَهُوَ مُحْرِمٌ أُقِرَّ) النِّكَاحُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُؤَثِّرُ فِي دَوَامِ النِّكَاحِ، وَفِي قَوْلٍ قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُحْرِمِ ، (وَلَوْ نَكَحَ حُرَّةً وَأَمَةً) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (وَأَسْلَمُوا) أَيْ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَتَانِ مَعَهُ (تَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ وَانْدَفَعَتْ الْأَمَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ مَعَ وُجُودِ حُرَّةٍ تَحْتَهُ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ، الثَّانِي لَا تَنْدَفِعُ الْأَمَةُ نَظَرًا إلَى الْإِمْسَاكِ كَاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ لَا كَابْتِدَائِهِ. (وَنِكَاحُ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ) أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) قَالَ تَعَالَى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ - وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} [القصص: 4 - 9] (وَقِيلَ فَاسِدٌ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إخْلَالُهُمْ بِشُرُوطِ النِّكَاحِ، لَكِنْ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا رِعَايَةً لِلْعَهْدِ وَالذِّمَّةِ، وَنُقِرُّهُمْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ تَخْفِيفًا، (وَقِيلَ) مَوْقُوفٌ (إنْ أَسْلَمَ وَقَرَّرَ تَبَيَّنَّا صِحَّتَهُ، وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَرِّرْ تَبَيَّنَّا فَسَادَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: فَإِنْ تَصَوَّرَ عِلْمُنَا بِاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ فِي نِكَاحٍ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (إنْ اعْتَقَدُوهُ) وَالْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِ أَهْلِ مِلَّةِ الزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ أَسْلَمَا) أَيْ مَعًا وَكَذَا مُرَتَّبًا وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ كَأَنْ كَانَتْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ بِالْحَمْلِ فَلَا تَحْرُمُ، وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فِيهَا، وَالْآخَرُ بَعْدَ فَرَاغِهَا، أَوْ قَبْلَ عُرُوضِهَا بِأَنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَكِنْ لَا يُقَالُ فِي هَذَيْنِ إنَّهُمَا أَسْلَمَا فِيهَا، وَالْكَلَامُ فِي شُبْهَةٍ لَمْ تُحَرِّمْ كَوَطْءِ الْأَبِ الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (لَا نِكَاحٌ مُحَرَّمٌ) وَإِنْ طَرَأَ التَّحْرِيمُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ) لَمْ يَقُلْ: أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا لِيَشْمَلَ عَكْسَ مَا ذَكَرَهُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ: قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ) فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الْحَاكِيَةِ الْمُخَالِفِ لِلْقَاطِعَةِ، وَفِي تَرْجِيحِهِ تَقْدِيمُ الدَّوَامِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ هَذِهِ عَكْسُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُرَتَّبًا) وَإِنْ تَقَدَّمَتْ الْأَمَةُ، وَكَانَ نِكَاحُهَا بِالشُّرُوطِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَعَهُ) لَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْمَعِيَّةِ بَلْ عَدَمَ التَّخَلُّفِ عَنْ الْإِسْلَامِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ أَسْلَمُوا مُرَتَّبًا. قَوْلُهُ: (وَانْدَفَعَتْ الْأَمَةُ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْحُرَّةُ صَالِحَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِلَّا بَقِيَا؛ لِأَنَّ هَذَا يُشْبِهُ الدَّوَامَ بِخِلَافِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ مَحْكُومٍ بِصِحَّتِهِ) أَيْ رُخْصَةٍ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا، وَتَأْوِيلُ الصَّحِيحِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مُوَافَقَةُ الْفِعْلِ ذِي الْوَجْهَيْنِ الشَّرْعَ، وَلَا شَرْعَ عِنْدَهُمَا، وَشَمِلَ مَا لَوْ عَلِمْنَا مِنْهُمْ فَسَادَهُ، وَلَا نَسْأَلُهُمْ عَنْ فَسَادِهِ، لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا وَشَمِلَ نِكَاحَ الْمَحَارِمِ أَيْضًا، فَيَجِبُ بِهِ الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفُهُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لَكِنْ لَا يُفَرَّقُ إلَخْ) أَيْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ التَّرَافُعِ فِيمَا إذَا لَمْ نَعْلَمْ فَسَادَهُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ تَصَوَّرَ عِلْمُنَا) لَوْ قَالَ: فَإِنْ وَقَعَ بِاجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ كَانَ أَوْلَى.   [حاشية عميرة] إنْ اعْتَقَدُوا مُؤَبَّدًا) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ اعْتِقَادِ الزَّوْجَيْنِ جَمِيعًا. قَوْلُهُ: (وَقَدْ بَقِيَ إلَخْ) أَيْ أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فَقَدْ فَاتَ النِّكَاحُ. قَوْلُهُ: (مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا) أَمَّا مَعَ الْمَعِيَّةِ أَوْ تَقَدُّمِ نِكَاحِ الْحُرَّةِ، فَلَا إشْكَالَ فِي انْدِفَاعِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ قَارَنَ الْعَقْدَ، وَالْإِسْلَامَ، وَأَمَّا عِنْدَ تَقَدُّمِ نِكَاحِ الْأَمَةِ، فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَفْسَدُوا فِيهِ نِكَاحَ الْأَمَةِ نَاظِرِينَ فِي ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ كَالِابْتِدَاءِ دُونَ الدَّوَامِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْعِدَّةِ الطَّارِئَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ بَدَلٌ يَعْدِلُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحُرَّةِ، وَالْإِبْدَالُ أَضْيَقُ حُكْمًا مِنْ الْأُصُولِ فَلِذَا غَلَبَ هُنَا شَائِبَةُ الِابْتِدَاءِ انْتَهَى. قُلْت وَكَذَا لَوْ طَرَأَ الْيَسَارُ أَوْ أَمِنَ الْعَنَتَ بَعْدَ نِكَاحِ الْكَافِرِ الْأَمَةَ بِحَيْثُ قَارَنَ اجْتِمَاعَ الْإِسْلَامِيِّينَ انْدَفَعَتْ الْأَمَةُ. فَائِدَةٌ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُفْسِدُ لِلنِّكَاحِ إنْ قَارَنَ الْعَقْدَ وَاسْتَمَرَّ إلَى الْإِسْلَامِ اكْتَفَى فِي كَوْنِهِ دَافِعًا بِمُقَارَنَةِ أَحَدِ الْإِسْلَامِيِّينَ، وَإِنْ طَرَأَ وَقُلْنَا بِتَكْثِيرِهِ كَالْيَسَارِ وَأَمْنِ الْعَنَتِ فِي الْأَمَةِ اُشْتُرِطَ مُقَارَنَتُهُ لِلْإِسْلَامِيَّيْنِ انْتَهَى. وَمُرَادُهُ بِمُقَارَنَةِ الْإِسْلَامِيِّينَ مُقَارَنَةُ اجْتِمَاعِهِمَا، فَإِنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ أَوَّلًا وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ طَرَأَ الْيَسَارُ وَاسْتَمَرَّ حَتَّى قَارَنَ إسْلَامَهَا انْدَفَعَتْ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى صَدْرِ كَلَامِهِ لَوْ قَارَنَ الْيَسَارَ، وَأَمِنَ الْعَنَتَ الْعَقْدُ وَاسْتَمَرَّ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا إنْ قَارَنَ الْإِسْلَامِيِّينَ، كَمَا فِي الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (مَعَ وُجُودِ حُرَّةٍ تَحْتَهُ) أَيْ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ وَهُوَ الصَّلَاحِيَةُ لِلِاسْتِمْتَاعِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: حَاصِلُ مَا سَلَفَ أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا يَجُوزُ إمْسَاكُهَا بِعَقْدٍ مَضَى فِي الشِّرْكِ، وَإِلَّا فَلَا إلَّا فِي الْعِدَّةِ وَالْإِحْرَامِ الطَّارِئَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَيْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ) يُرِيدُ بِهَذَا دَفْعَ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّ الصِّحَّةَ مُوَافَقَةُ الْفِعْلِ ذِي الْوَجْهَيْنِ الشَّرْعَ، وَنِكَاحُ الْكُفَّارِ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: التَّحْقِيقُ أَنَّهَا يَعْنِي أَنْكِحَتَهُمْ إنْ وَافَقَتْ الشَّرْعَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ، وَإِلَّا فَمَحْكُومٌ لَهَا بِالصِّحَّةِ رُخْصَةً وَتَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ. قَالَ الْإِمَامُ قَدْ خَرَجَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُنَا عَنْ قِيَاسِ مَذْهَبِهِ مِنْ تَكْلِيفِ الْكَافِرِ بِالْفُرُوعِ لِلْأَخْبَارِ وَالتَّرْغِيبِ فِي الْإِسْلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الصَّحِيحِ) قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: لَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِمْ، وَتَصَرُّفَاتِهِمْ قَوْلُهُ: (لَكِنْ لَا يُفَرَّقُ إلَخْ) اسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ مَا لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي شَأْنِ صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَفَسَادِهِ قَالَ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 حَكَمْنَا بِصِحَّتِهِ قَطْعًا (فَعَلَى الصَّحِيحِ) وَهُوَ صِحَّةُ نِكَاحِهِمْ (لَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ تَحِلَّ) لَهُ (إلَّا بِمُحَلِّلٍ) بِخِلَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ فَتَحِلُّ بِلَا مُحَلِّلٍ (وَمَنْ قُرِّرَتْ فَلَهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ، وَأَمَّا الْفَاسِدُ كَخَمْرٍ، فَإِنْ قَبَضَتْهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَلَا شَيْءَ لَهَا) لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بَيْنَهُمَا، وَمَا انْفَصَلَ حَالَ الْكُفْرِ لَا يَتَتَبَّعُ، وَمِنْهُمْ قَوْلًا بِأَنَّ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، (فَمَهْرُ مِثْلٍ) لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ إلَّا بِالْمَهْرِ، وَالْمُطَالَبَةُ بِالْخَمْرِ الْمُسَمَّى فِي الْإِسْلَامِ مُمْتَنِعَةٌ فَرَجَعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ نَكَحَ الْمُسْلِمُ عَلَى خَمْرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَى قَوْلًا بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْخَمْرِ، وَتَعَذَّرَ قَبْضُهَا لَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَسَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ بِالْمَهْرِ (وَإِنْ قَبَضَتْ بَعْضَهُ فَلَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ) وَلَا يَجُوزُ تَسْلِيمُ الْبَاقِي مِنْهُ وَيَأْتِي قَوْلٌ بِأَنَّ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ وَقَوْلٌ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا كَمَا تَقَدَّمَ، (وَمَنْ انْدَفَعَتْ بِإِسْلَامٍ بَعْدَ دُخُولٍ) ، بِأَنْ أَسْلَمَ وَأَصَرَّتْ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ الْعَكْسِ، (فَلَهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ إنْ صَحَّحَ نِكَاحَهُمْ وَإِلَّا) ، أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَحَّحْ نِكَاحُهُمْ أَيْ أُفْسِدَ. (فَمَهْرُ مِثْلٍ) لَهَا فِي مُقَابَلَةِ الْوَطْءِ (أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَصُحِّحَ) نِكَاحُهُمْ (فَإِنْ كَانَ الِانْدِفَاعُ بِإِسْلَامِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاقَ مِنْ جِهَتِهَا، وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهَا أَحْسَنَتْ بِالْإِسْلَامِ، فَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُوَافِقَهَا، فَإِذَا امْتَنَعَ انْتَسَبَ الْفِرَاقُ إلَى تَخَلُّفِهِ، (أَوْ بِإِسْلَامِهِ فَنِصْفُ مُسَمًّى إنْ كَانَ صَحِيحًا) لَهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسَمَّى صَحِيحًا (فَنِصْفُ مَهْرِ مِثْلٍ) لَهَا فَإِنْ لَمْ يُسَمَّ مَهْرٌ وَجَبَتْ مُتْعَةٌ وَإِنْ لَمْ نُصَحِّحْ نِكَاحَهُمْ فَلَا شَيْءَ لَهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَجِبُ فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ شَيْءٌ (وَلَوْ تَرَافَعَ إلَيْنَا ذِمِّيٌّ وَمُسْلِمٌ وَجَبَ) عَلَيْنَا (الْحُكْمُ) بَيْنَهُمَا جَزْمًا (أَوْ ذِمِّيَّانِ) كَيَهُودِيَّيْنِ أَوْ نَصْرَانِيَّيْنِ (وَجَبَ فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] وَالثَّانِي لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي الْمُعَاهَدِينَ {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] وَيُقَاسُ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ لَكِنْ لَا نَتْرُكُهُمْ عَلَى النِّزَاعِ بَلْ نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ أَوْ نَرُدُّهُمْ إلَى حُكْمِ مِلَّتِهِمْ،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (حَكَمْنَا إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ يُقَالُ فَهُوَ صَحِيحٌ لَكَانَ أَوْلَى وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ رَدُّ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا) وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ طَلَاقًا قَوْلُهُ: (لَمْ تَحِلَّ لَهُ) وَلَوْ بِالْوَطْءِ بِالْمِلْكِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْفَاسِدُ) أَيْ وَلَيْسَ مُسْلِمًا وَلَا مَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَلَا كَافِرًا مَعْصُومًا وَلَا مَا يَخْتَصُّ بِهِ، فَإِنْ كَانَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ مُطْلَقًا كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ. فَرْعٌ: لَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ لَهُ عَلَى كَافِرٍ دَيْنٌ أَنْ يَحْتَالَ بِهِ عَلَى ثَمَنِ نَحْوَ خَمْرٍ بَاعَهُ، لِنَحْوِ كَافِرٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْإِسْلَامِ) وَلَوْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَبَضَهُ بَعْدَ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا كَعَدَمِهِ، وَدَخَلَ فِي قَبْضِهَا قَبْضُ وَلِيِّهَا وَهِيَ غَيْرُ رَشِيدَةٍ. قَوْلُهُ: (قَسَّطَ مَا بَقِيَ) وَالتَّقْسِيطُ يُعْتَبَرُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا أَوْ مِثْلِيًّا مَعَ مُتَقَوِّمٍ، أَوْ مِثْلِيًّا اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ، وَلَوْ بِسَبَبِ وَصْفٍ كَخَمْرِ عِنَبٍ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ خَمْرِ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَالتَّقْسِيطُ يُعْتَبَرُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ جِنْسُهُ كَبَوْلٍ وَخَمْرٍ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَفَارَقَ مَا هُنَا مَا لَوْ قَبَضَ مِنْ مُكَاتَبِهِ بَعْضَ مَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَاسِدِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ بَقِيَّةُ ذَلِكَ الْفَاسِدِ مَعَ تَمَامِ الْقِيمَةِ، بِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا يَتَبَعَّضُ حُكْمُهَا وَفِيهَا نَوْعُ تَعْلِيقٍ. تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حَرْبِيَّةً وَمَنَعَهَا زَوْجُهَا مِنْ صَدَاقِهَا وَلَوْ صَحِيحًا أَوْ دَيْنًا قَاصِدًا تَمَلُّكَهُ، وَالْغَلَبَةُ عَلَيْهَا فِيهِ سَقَطَ، وَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَإِنْ وَطِئَ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مُفَوَّضَةً، وَاعْتِقَادُهُمْ أَنْ لَا مَهْرَ أَصْلًا. قَوْلُهُ: (وَمَنْ انْدَفَعَتْ) وَلَوْ بِمَحْرَمِيَّةٍ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَصْوِيرٌ، لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِإِسْلَامٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (فَلَهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ وَفِي الْفَاسِدِ مَا مَرَّ فِي الْمُقَرَّرَةِ وَفِي الْمُفَوَّضَةِ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ لَهَا) اُنْظُرْ مَا لَوْ كَانَتْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ كُلَّهُ، أَوْ بَعْضَهُ عَلَى قَوْلَيْ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فِي هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَذْهَبِ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَالْمُرَادُ بِهِ طَرِيقُ الْقَطْعِ، أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَرَافَعَ) أَيْ طَلَبَ مِنَّا الْحُكْمَ، وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ غَيْرُهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَحَدُ الطَّالِبِينَ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْلِمًا وَجَبَ الْحُكْمُ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ وَمَتَى   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (حَكَمْنَا بِصِحَّتِهِ قَطْعًا) أَيْ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ اعْتِقَادُهُمْ فِيهِ الْفَسَادَ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْوَقْفِ فَقَدْ أَطَالَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقَعُ فِي كُلِّ عَقْدٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ قُرِّرَتْ فَلَهَا الْمُسَمَّى) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالتَّفْرِيعِ بَلْ هُوَ مُسْتَأْنَفٌ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ كَمَا تَثْبُتُ الصِّحَّةُ لِلنِّكَاحِ تَثْبُتُ لِلْمُسَمَّى، قَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى قَوْلِ التَّصْحِيحِ أَوْ الْوَقْفِ وَأَمَّا عَلَى الْفَسَادِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ كَذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ قَدْ يَسْقُطُ بِهِ الْمُسَمَّى إلَّا فِي عَقْدِ الْإِمَامِ لِلْكُفَّارِ سُكْنَى الْحِجَازِ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَمَّا الْفَاسِدُ كَخَمْرٍ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ الْكَافِرَ يَمْلِكُ ثَمَنَ الْخَمْرِ، وَحِينَئِذٍ فَلَوْ دَفَعَ لِلْمُسْلِمِ مِنْ ذَلِكَ فِي دَيْنِهِ وَجَبَ قَبُولُهُ، وَبِهِ أَفْتَى الْقَفَّالُ لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْجِزْيَةِ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ لَا يُجْبَرُ بَلْ لَا يَجُوزُ قَبُولُهُ، وَيَحْتَاجُ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بِإِسْلَامِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَصَحَّحَ انْتَهَى وَهُوَ عَجِيبٌ فَإِنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ وَصَحَّحَ. قَوْلُهُ: (كَيَهُودِيَّيْنِ إلَخْ) احْتَرَزَ عَنْ الْيَهُودِيِّ مَعَ النَّصْرَانِيِّ فَإِنَّ الْحُكْمَ يَجِبُ قَطْعًا، وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِالْأُولَى كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَلَوْ كَانَ الذِّمِّيَّانِ مُخْتَلِفِي الْمِلَّةِ كَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ وَجَبَ الْحُكْمُ جَزْمًا؛ لِأَنَّ كُلًّا لَا يَرْضَى بِمِلَّةِ الْآخَرِ، وَقِيلَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ (وَنُقِرُّهُمْ) فِيمَا تَرَافَعُوا فِيهِ (عَلَى مَا نُقِرُّ لَوْ أَسْلَمُوا وَنُبْطِلُ مَا لَا نُقِرُّ) لَوْ أَسْلَمُوا فَإِذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ أَوْ فِي عِدَّةٍ هِيَ مُنْقَضِيَةٌ عِنْدَ التَّرَافُعِ أَقْرَرْنَاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بَاقِيَةً، وَبِخِلَافِ نِكَاحِ الْمَحْرَمِ فَنُبْطِلُهُ فِي ذَلِكَ. فَصْلٌ: أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ الزَّوْجَاتِ الْحَرَائِرِ (وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، (أَوْ) أَسْلَمْنَ بَعْدَ إسْلَامِهِ (فِي الْعِدَّةِ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ لَزِمَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ) مِنْهُنَّ (وَيَنْدَفِعُ) نِكَاحُ (مَنْ زَادَ) مِنْهُنَّ عَلَى الْأَرْبَعِ الْمُخْتَارَةِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «أَنَّ غَيْلَانَ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ: أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ وَسَوَاءٌ نَكَحَهُنَّ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَإِذَا نَكَحَ مُرَتَّبًا فَلَهُ   [حاشية قليوبي] وَقَعَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ اسْتَوْفَى مِنْهُمْ مَا ثَبَتَ، وَلَوْ حَدَّ زِنًى أَوْ قَطْعَ سَرِقَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا بِهِ. نَعَمْ لَا يُحَدُّونَ بِشُرْبِ خَمْرٍ لِقُوَّةِ أَدِلَّةِ حِلِّهِ فِي عَقِيدَتِهِمْ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (وَأُجِيبَ إلَخْ) وَاعْتُرِضَ النَّسْخُ بِأَنْ يَلْزَمَهُ وُجُوبُ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُعَاهَدِينَ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ بِالْوُجُوبِ فَدَعْوَاهُ النَّسْخَ مُوَافَقَةٌ لِمُعْتَقَدِهِ، أَوْ أَنَّهُ سَقَطَ بِالنَّسْخِ الِاسْتِدْلَال بِالْآيَةِ وَيُسْتَفَادُ التَّخْيِيرُ بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ النَّسْخَ مِنْ حَيْثُ الْقِيَاسُ، فَلَا يُقَاسُ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَلَيْهِمْ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ إذْ لَا مَعْنَى لِلنَّسْخِ مَعَ بَقَاءِ الْحُكْمِ، وَلَا لِخُصُوصِ نَفْيِ الْقِيَاسِ مَعَ نَفْيِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ إلَخْ) أَوْرَدَهُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذَا طُرُقٌ. قَوْلُهُ: (وَنُقِرُّهُمْ إلَخْ) أَيْ إنْ ذَكَرُوا مَا يَقْتَضِي التَّقْدِيرَ أَوْ عَدَمَهُ وَإِلَّا فَلَا نَسْأَلُهُمْ عَنْهُ وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ بِالْبَحْثِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَبِخِلَافِ نِكَاحِ الْمَحْرَمِ) وَكَذَا نِكَاحُ الْأُخْتَيْنِ فَنُبْطِلُهُمَا مَعًا، وَلَهُ الْعَقْدُ فِي أَيَّتِهِمَا شَاءَ إلَّا إنْ عَلِمْنَا سَبْقَ إحْدَاهُمَا فَتَبْطُلُ الثَّانِيَةُ فَقَطْ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ، مِمَّا يُخَالِفُ هَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَإِنْ تَكَلَّفَ بَعْضُهُمْ الْجَوَابَ عَنْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَسْلَمَ) أَيْ الزَّوْجُ وَفِي عَكْسِهِ بِأَنْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ زَوْجٍ، فَإِنْ عَقَدُوا مَعًا لَمْ تَقِرَّ مَعَ وَاحِدٍ أَوْ مُرَتَّبًا أَقَرَّتْ مَعَ الْأَوَّلِ. نَعَمْ إنْ مَاتَ الْأَوَّلُ فِي الْكُفْرِ، أَقَرَّتْ مَعَ مَنْ بَعْدَهُ إنْ اعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ. قَوْلُهُ: (وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ) أَيْ فِي الْحُرِّ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ثِنْتَيْنِ فِي غَيْرِهِ، وَلَوْ قَالَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ مُبَاحَةٍ، كَمَا قَالَ غَيْرُهُ لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) أَيْ فَوْرًا إنْ كَانَ أَهْلًا بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَإِلَّا فَعِنْدَ تَأَهُّلِهِ وَلَا يَجُوزُ اخْتِيَارُ وَلِيِّهِ، وَقِيلَ يَجُوزُ فِي الْمَجْنُونِ كَمَا لَهُ تَزْوِيجُهُ ابْتِدَاءً فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ) أَيْ لِلنِّكَاحِ فِي الْحُرِّ وَثِنْتَيْنِ فِي غَيْرِهِ. كَمَا مَرَّ وَلَوْ عَلَى التَّدْرِيجِ وَلَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا دُونَ ذَلِكَ، وَلَوْ فِي مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَوْ اخْتَارَ دَفْعَ مَنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ مَثَلًا لِغَيْرِ النِّكَاحِ تَعَيَّنَ الْأَرْبَعُ، أَوْ اخْتَارَ دَفْعَ بَعْضَ مَنْ زَادَ انْدَفَعَ وَبَقِيَ الِاخْتِيَارُ فِي الْبَاقِي وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (وَيَنْدَفِعُ) أَيْ يَتَعَيَّنُ انْدِفَاعُ مَنْ زَادَ مِنْ وَقْتِ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (غَيْلَانَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ اسْمُ رَجُلٍ مِنْ قَبِيلَةِ ثَقِيفٍ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةِ رِجَالٍ مِنْ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ، أَسْلَمَ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ، وَبَاقِيهِمْ مَسْعُودُ بْنُ مُصْعَبٍ وَمَسْعُودُ بْنُ عَامِرٍ، وَمَسْعُودُ بْنُ عَمْرٍو، وَعُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَخُصَّ غَيْلَانُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ الْخِطَابُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (أَمْسِكْ) هُوَ وَفَارِقْ فِعْلَا أَمْرٍ اخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ أَمْسِكْ لِلْوُجُوبِ وَفَارِقْ لِلْإِبَاحَةِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ عَكْسَهُ وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَاخْتَارَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وُجُوبَ أَحَدِهِمَا إذْ بِوُجُودِهِ يَتَعَيَّنُ الْآخَرُ، وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ نَظَرٌ إذْ لَا مَعْنَى لِتَعَيُّنِ لَفْظِ أَحَدِهِمَا مُعَيَّنًا أَوْ مُبْهَمًا وَإِبَاحَةِ الْآخَرِ،   [حاشية عميرة] الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (وَأُجِيبَ إلَخْ) يُقَالُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الثَّانِيَةُ مَنْسُوخَةً بِالْأُولَى وَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الثَّانِيَةَ فِي الْمُعَاهَدِينَ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ لُزُومُ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُعَاهَدِينَ، وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى الْمَنْعِ وَيُجَابُ بِأَنَّ النَّسْخَ فِي الْحَقِيقَةِ لِقِيَاسِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُعَاهَدِينَ الَّذِينَ وَرَدَتْ فِيهِمْ الْآيَةُ، وَلَمَّا كَانَتْ الْآيَةُ أَصْلًا لِلْقِيَاسِ جُعِلَتْ الْآيَةُ الْأُخْرَى نَاسِخَةً لَهَا مِنْ حَيْثُ الْمَنْعُ مِنْ صِحَّةِ الْقِيَاسِ عَلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الذِّمِّيَّانِ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي نَفْيِ الْخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ الْتِزَامَ أَحْكَامِنَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ قَوْلُهُ: (جَزْمًا) اسْتَشْكَلَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ: يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْجَزْمُ بِالْحُكْمِ بَيْنَ الْمُتَّفِقَيْنِ، إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا حَاكِمٌ أَوْ كَانَ وَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا؛ إذْ يَبْعُدُ أَنْ يَلْزَمَهُمَا حُكْمُ الْكُفْرِ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ فِيهِ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ فَإِذَا تَرَافَعُوا إلَى آخِرِهِ. [فَصْلٌ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ مِنْ الزَّوْجَاتِ] فَصْلٌ: أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ لَزِمَهُ إلَخْ مُرَادُهُ عَدَمُ جَوَازِ الزِّيَادَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَنْدَفِعُ مَنْ زَادَ) أَيْ مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ وَكَذَا الْعِدَّةُ. قَوْلُهُ: «فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ» إلَخْ) . قَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي أَفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ أَمْسِكْ لِلْإِبَاحَةِ وَفَارِقْ لِلْوُجُوبِ لِحَقِّهِنَّ فِي رَفْعِ الْحَبْسِ عَنْهُنَّ، فَالسُّكُوتُ عَنْ الْكُلِّ لَا مَحْذُورَ فِيهِ إلَّا إذَا طَلَبْنَ، فَيَجِبُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ فَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَيْهِ، وَتَعَقَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ السُّكُوتَ مَعَ الْكَفِّ يَلْزَمُ مِنْهُ إمْسَاكُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ مَحْذُورٌ اهـ. فَائِدَةٌ: لَوْ تَزَوَّجَتْ فِي الشِّرْكِ بِزَوْجَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمُوا قَالَ الْقَاضِي لَا يُعْرَفُ لِلشَّافِعَيَّ فِيهَا نَصٌّ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا تَخْتَارُ أَيَّهُمَا شَاءَتْ وَفِي التَّتِمَّةِ لَا بِخِلَافِهِ فِي عَدَمِ تَخْيِيرِ الزَّوْجَيْنِ، وَفِي الْمَرْأَةِ وَجْهَانِ وَالصَّحِيحُ عَدَمُ ثُبُوتِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُخَالِفَ حَمَلَ حَدِيثَ غَيْلَانَ عَلَى الْأَوَائِلِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 إمْسَاكُ الْأَخِيرَاتِ، وَإِذَا مَاتَ بَعْضُهُنَّ فَلَهُ اخْتِيَارُ الْمَيِّتَاتِ، وَيَرِثُ مِنْهُنَّ كُلَّ ذَلِكَ لِتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ فِي الْحَدِيثِ. (وَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ) بَعْدَهُ، (فِي الْعِدَّةِ أَرْبَعٌ فَقَطْ تَعَيَّنَّ) وَانْدَفَعَ نِكَاحُ مَنْ بَقِيَ. (فَلَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُمٌّ وَبِنْتُهَا كِتَابِيَّتَانِ أَوْ) غَيْرُ كِتَابِيَّتَيْنِ وَ (أَسْلَمَتَا فَإِنْ دَخَلَ بِهِمَا حَرُمَتَا أَبَدًا) ، بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِهِمْ وَفَسَادِهِ (أَوَّلًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ (بِوَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا، (تَعَيَّنَتْ الْبِنْتُ) وَانْدَفَعَتْ الْأُمُّ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِهِمَا (وَفِي قَوْلٍ يُتَخَيَّرُ) ، بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى فَسَادِ نِكَاحِهِمْ فَإِنْ اخْتَارَ الْبِنْتَ حَرُمَتْ الْأُمُّ أَبَدًا، أَوْ الْأُمُّ انْدَفَعَتْ الْبِنْتُ، وَلَا تَحْرُمُ مُؤَبَّدًا إلَّا بِالدُّخُولِ بِالْأُمِّ (أَوْ) دَخَلَ (بِالْبِنْتِ) فَقَطْ (تَعَيَّنَتْ) وَحَرُمَتْ الْأُمُّ أَبَدًا (أَوْ) دَخَلٌ (بِالْأُمِّ) فَقَطْ (حَرُمَتَا أَبَدًا) لِأَنَّ الدُّخُولَ بِالْأُمِّ يُحَرِّمُ بِنْتَهَا مُطْلَقًا وَالْعَقْدُ عَلَى الْبِنْتِ يُحَرِّمُ أُمَّهَا بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِهِمْ، (وَفِي قَوْلٍ تَبْقَى الْأُمُّ) بِنَاءً عَلَى فَسَادِ نِكَاحِهِمْ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ نَكَحَهُمَا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا. (أَوْ) أَسْلَمَ (وَتَحْتَهُ أَمَةٌ أَسْلَمَتْ مَعَهُ) قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ) أَسْلَمَتْ بَعْدَ إسْلَامِهِ (فِي الْعِدَّةِ أَقَرَّ) النِّكَاحَ (إنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ) حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ أُقِرَّ عَلَى نِكَاحِهَا، فَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ انْدَفَعَ نِكَاحُهَا (وَإِنْ تَخَلَّفَتْ) عَنْ إسْلَامِهِ (قَبْلَ دُخُولٍ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) كَمَا فِي الْحُرَّةِ. (أَوْ) أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ (إمَاءٌ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ) قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ) أَسْلَمْنَ بَعْدَ إسْلَامِهِ (فِي الْعِدَّةِ اخْتَارَ أَمَةً إنْ حَلَّتْ لَهُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ) ، لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ جَازَ لَهُ اخْتِيَارُهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ حِينَئِذٍ   [حاشية قليوبي] كَذَلِكَ وَلَا لِتَعَيُّنِ مَعْنَى أَحَدِهِمَا مِنْ الْإِبْقَاءِ، وَالدَّفْعِ كَذَلِكَ. فَالْوَجْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُودُ فِي ضِمْنِ أَيِّهِمَا وُجِدَ، وَهُوَ تَمْيِيزُ مُبَاحَةٍ مِنْ غَيْرِهَا، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدٌ لِظَاهِرِ الدَّلِيلِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ إلَخْ) هُوَ إشَارَةٌ إلَى قَاعِدَةٍ ذَكَرهَا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْوَقَائِعِ الْقَوْلِيَّةِ بِدَلِيلِ آخِرِهَا، بِقَوْلِهِ تَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ وَلَهُ قَاعِدَةٌ أُخْرَى، فِي الْوَقَائِعِ الْفِعْلِيَّةِ وَهِيَ وَقَائِعُ الْأَحْوَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبُ الْإِجْمَالِ وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال، كَمَا فِي وَضْعِ يَدِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَلَى عَقِبَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاتِهِ وَاسْتَمَرَّ فِيهَا فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ، فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى عَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِاللَّمْسِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَهُ) يَنْبَغِي عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى الدُّخُولِ لَا إلَى الزَّوْجِ، لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ فِي الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى تَرْتِيبٍ فَتَدَبَّرْ. قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَ) أَيْ الْأَرْبَعُ قَالَ فِي الْمَنْهَجِ مَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُ كِتَابِيَّتَيْنِ وَأَسْلَمَتَا) أَوْ إحْدَاهُمَا غَيْرُ كِتَابِيَّةٍ، وَأَسْلَمَتْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ دَخَلَ بِهِمَا) وَلَوْ احْتِمَالًا حَرُمَتَا أَبَدًا. قَوْلُهُ: (أَوَّلًا بِوَاحِدَةٍ) أَيْ يَقِينًا بِأَنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَتْ الْبِنْتُ) مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) وَإِلَّا لَمْ تَنْدَفِعْ لِعَدَمِ الْوَطْءِ، فَمَا فِي الْمَنْهَجِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ دَخَلَ بِالْبِنْتِ) وَلَوْ احْتِمَالًا مَعَ تَيَقُّنِ عَدَمِ الدُّخُولِ، بِالْأُمِّ تَعَيَّنَتْ الْبِنْتُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أَوْ دَخَلَ بِالْأُمِّ) وَلَوْ احْتِمَالًا سَوَاءٌ تَيَقَّنَ عَدَمَ الدُّخُولِ بِالْبِنْتِ أَوْ لَا حَرُمَتَا أَبَدًا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ إسْلَامِهِ) الْوَجْهُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَقَرَّ النِّكَاحَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا، وَلَمْ يُرَاجِعْهَا. قَوْلُهُ: (إنْ حَلَّتْ لَهُ) بِأَنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ فِيهِ شُرُوطُ نِكَاحِ الْأَمَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَخَلَّفَتْ عَنْ إسْلَامِهِ) أَيْ أَوْ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ دُخُولٍ) أَيْ أَوْ بَعْدَهُ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ إسْلَامِهِ) وَكَذَا قَبْلَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (اخْتَارَ أَمَةً) أَيْ إنْ كَانَ حُرًّا وَإِلَّا تَعَيَّنَ اخْتِيَارُ أَمَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ) الصَّوَابُ وَإِسْلَامِهَا لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ اثْنَتَانِ مِنْ أَرْبَعٍ فَعَتَقَتْ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ أُسْلِفَ الْأُخْرَيَانِ، انْدَفَعَتَا بِهَذِهِ الْحُرَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ ثُمَّ أُخْرَى وَهِيَ لَا تَحِلُّ لَهُ ثُمَّ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ اخْتِيَارُ الثَّانِيَةِ، وَلَهُ اخْتِيَارُ إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ إلَّا إنْ كَانَ اخْتِيَارُ الْأُولَى عَقِبَ إسْلَامِهَا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ، اخْتِيَارُ الثَّالِثَةِ أَيْضًا كَذَا قَالُوهُ فَرَاجِعْهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَيُّنُ الْوَاحِدَةِ، وَإِنْ لَمْ تُعِفَّهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِاخْتِيَارِهَا، وَقَدْ يُقَالُ بِجَوَازِ اخْتِيَارِ ثَانِيَةٍ، كَمَا لَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ، وَهَذَا أَوْجُهُ، فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ، وَأَسْلَمُوا أُقِرَّتْ الْأَمَةُ إنْ كَانَتْ الْحُرَّةُ غَيْرَ صَالِحَةٍ، وَمَا هُنَا مِثْلُهُ ثُمَّ فِي تَعَيُّنِ الْوَاحِدَةِ فِيمَا ذَكَرُوهُ نَظَرٌ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ وَجَعْلِهِمْ التَّقْرِيرَ كَالدَّوَامِ، فَكَانَ   [حاشية عميرة] وَهُوَ بَعِيدٌ، وَأَبْعَدُ مِنْهُ حَمْلُ أَمْسِكْ عَلَى ابْتَدِئْ وَلَنَا ظَاهِرُ اللَّفْظِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ تَجْدِيدُ عَقْدٍ، وَأَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ إلَى التَّجْدِيدِ لَمْ تُجْعَلْ الْخِيَرَةُ لَهُ لِتَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى الرِّضَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الرَّاجِحَ تَعْيِينُ الْبِنْتِ عَلَى قَوْلِ الْفَسَادِ أَيْضًا، كَمَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ الْقَائِلِ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِمْ، لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا صَرَّحَ بِأَنَّ قَوْلَ التَّعَيُّنِ مَبْنِيٌّ عَلَى الصِّحَّةِ امْتَنَعَ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) أَيْ كِتَابِيَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَمْ عَبْدًا قَوْلُ الْمَتْنِ: (اخْتَارَ أَمَةً إنْ حَلَّتْ لَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ صُدُورُ الِاخْتِيَارِ عِنْدَ عُرُوضِ الْيَسَارِ فِيمَا يَظْهَرُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 (انْدَفَعْنَ) . (أَوْ) أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ (حُرَّةٌ وَإِمَاءٌ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ) قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ (أَمْ) أَسْلَمْنَ بَعْدَ إسْلَامِهِ (فِي الْعِدَّةِ تَعَيَّنَتْ) أَيْ الْحُرَّةُ (وَانْدَفَعْنَ) أَيْ الْإِمَاءُ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ نِكَاحُ الْأَمَةُ لِمَنْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ فَيَمْتَنِعُ اخْتِيَارُهَا (وَإِنْ أَصَرَّتْ) أَيْ الْحُرَّةُ (فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا اخْتَارَ أَمَةً) إنْ حَلَّتْ لَهُ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ حُرَّةً لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا بَانَتْ بِإِسْلَامِهِ، (وَلَوْ أَسْلَمَتْ) أَيْ الْحُرَّةُ، (وَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ فَكَحَرَائِرَ) ، أَصْلِيَّاتٍ (فَيَخْتَارُ أَرْبَعًا) مِمَّنْ ذُكِرْنَ. (وَالِاخْتِيَارُ) أَيْ أَلْفَاظُهُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ، (اخْتَرْتُك أَوْ أَقْرَرْت نِكَاحَك، أَوْ أَمْسَكَتْك أَوْ ثَبَتُّك) ، وَإِيرَادُهُمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ صَرِيحٌ، كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ: لَكِنَّ الْأَقْرَبَ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ اخْتَرْتُك أَوْ أَمْسَكْتُك مِنْ غَيْرِ التَّعَرُّضِ لِلنِّكَاحِ كِنَايَةً، وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَمِثْلُهُ ثَبَتُّك (وَالطَّلَاقُ اخْتِيَارٌ) لِلْمُطَلَّقَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُخَاطِبُ بِهِ الْمَنْكُوحَةَ، فَإِذَا طَلَّقَ أَرْبَعًا انْقَطَعَ نِكَاحُهُنَّ بِالطَّلَاقِ، وَانْدَفَعَ الْبَاقِيَاتُ بِالشَّرْعِ (لَا الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ) فَلَيْسَا بِاخْتِيَارٍ (فِي الْأَصَحِّ) ، لِأَنَّ الظِّهَارَ مُحَرَّمٌ وَالْإِيلَاءُ حَلِفٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِالْأَجْنَبِيَّةِ أَلْيَقُ مِنْهُ بِالْمَنْكُوحَةِ، وَالثَّانِي يَقُولُ هُمَا تَصَرُّفَانِ، مَخْصُوصَانِ بِالنِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ. (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ اخْتِيَارٍ وَلَا فَسْخٍ) ، كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَقَدْ اخْتَرْت نِكَاحَك، أَوْ فَسَخْت نِكَاحَك وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ فَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الطَّلَاقَ اخْتِيَارٌ وَتَعْلِيقُ الِاخْتِيَارِ مُمْتَنِعٌ وَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ وَحُصُولُ الِاخْتِيَارِ بِالطَّلَاقِ ضِمْنِيٌّ، وَيُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمُسْتَقِلِّ.   [حاشية قليوبي] يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ لَا يُقَالُ الْحُرُّ، لَا يَزِيدُ عَلَى وَاحِدَةٍ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا لِأَنَّهُ مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ التَّعَدُّدِ لِمَنْ لَا تُعِفُّهُ، وَلِمَنْ يَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ فِي الْغَائِبَةِ بِالْوُصُولِ إلَيْهَا. تَنْبِيهٌ: الِاخْتِيَارُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ إسْلَامِ جَمِيعِ مَنْ تَحْتَهُ أَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِمَّنْ لَمْ تُسْلِمْ. قَوْلُهُ: (حُرَّةٌ) أَيْ تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ وَأَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (وَأَسْلَمْنَ) أَيْ الْحُرَّةُ وَالْإِمَاءُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَسْلَمْنَ) أَيْ الْحُرَّةُ وَالْإِمَاءُ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا سَبَقَ إسْلَامُ الْحُرَّةِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ إسْلَامِهِ) أَوْ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) أَوْ لَمْ تُسْلِمْ مَعَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ. قَوْلُهُ: (اخْتَارَ أَمَةً) أَيْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَهُ بَعْدَهَا نَقْضُ اخْتِيَارِهِ قَبْلَهَا، بَلْ لَوْ أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ فِيهَا بَعْدَ اخْتِيَارِ غَيْرِهَا، بَطَلَ اخْتِيَارُهُ قَهْرًا عَلَيْهِ وَتَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ أَمَةٍ حَيْثُ تَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ، وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ وَلَوْ قَبْلَ إسْلَامِ الْإِمَاءِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَمْنَعْ الْيَسَارُ اخْتِيَارَ أَمَةٍ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ، لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِتَحْصِيلِ الْحُرَّةِ وَالْوَسَائِلُ تُغْتَفَرُ. قَوْلُهُ: (وَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ إلَخْ) الْمُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَالْحُرَّةِ أَنْ يَجْتَمِعَ إسْلَامُهَا مَعَ إسْلَامِ الزَّوْجِ وَهِيَ حُرَّةٌ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ إسْلَامُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا أَوْ تَأَخَّرَ وَسَوَاءٌ تَرَتَّبَ إسْلَامُهُنَّ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ عِتْقُهُنَّ عَلَى إسْلَامِهِنَّ أَوْ لَا وَمُقَارَنَةُ الْعِتْقِ لِاجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ كَتَقَدُّمِ الْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (لَكِنَّ الْأَقْرَبَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (ثَبَتُّك) وَمِثْلُهُ أَرَدْتُك وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ قَالَ اخْتَرْتُك لِلْفَسْخِ أَوْ أَرَدْتُك لَهُ، أَوْ اخْتَرْت فَسْخَ نِكَاحِك، أَوْ أَرَدْته أَوْ صَرَفْتُك أَوْ دَفَعْتُك عَنْ النِّكَاحِ أَوْ دَفَعْتُك عَنْهُ أَوْ صَرَفْت نِكَاحَك، أَوْ دَفَعْته كَانَتْ كُلُّهَا لِلْفَسْخِ. قَوْلُهُ: (وَالطَّلَاقُ) صَرِيحُهُ وَكِنَايَتُهُ مُنَجَّزًا وَمُعَلَّقًا اخْتِيَارٌ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَا) أَيْ الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ بِاخْتِيَارٍ، وَيُوقَفَانِ فَإِذَا اخْتَارَهَا لِلنِّكَاحِ حُسِبَا مِنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ فَيَصِيرُ عَائِدًا بَعْدَهُ، وَالْوَطْءُ لَيْسَ اخْتِيَارًا وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ إنْ لَمْ يَخْتَرْ نِكَاحَهَا. قَوْلُهُ: (بِالْأَجْنَبِيَّةِ أَلْيَقُ) وَبِالزَّوْجَةِ لَائِقٌ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَسْخُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَا فَسْخٍ) أَيْ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْفَسْخِ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ وَيَكُونُ اخْتِيَارًا لِلنِّكَاحِ. قَوْله: (وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ) أَيْ بِلَفْظٍ مِنْ أَلْفَاظِهِ صَرِيحَةً كَانَتْ أَوْ كِنَايَةً وَمِنْهَا لَفْظُ الْفِرَاقِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ مَنْ دَخَلَتْ الدَّارَ مِنْكُنَّ، فَهِيَ طَالِقٌ وَيَتَوَقَّفُ الِاخْتِيَارُ عَلَى الدُّخُولِ، فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَهُ اخْتِيَارُ غَيْرِهَا أَوْ اخْتَارَ أَرْبَعًا قَبْلَ دُخُولِهَا انْدَفَعَتْ كَغَيْرِهَا، فَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانٍ، فَقَالَ لِأَرْبَعٍ مِنْهُنَّ فَسَخْت نِكَاحَهُنَّ، وَلَمْ يُرِدْ الطَّلَاقَ تَعَيَّنَ الْبَاقِيَاتُ لِلنِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (فِي خَمْسٍ) أَيْ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ) قَالَ شَارِحُ التَّعْجِيزِ وَفِي تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّعْيِينِ سِرٌّ لَطِيفٌ، وَهُوَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْمُبَاحِ، انْدَفَعَ نِكَاحُهُ بِالْإِسْلَامِ فَهُوَ كَالطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ فَلَيْسَ فِيهِ إنْشَاءُ زَوَالٍ، وَبِذَلِكَ سَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ الْإِسْلَامَ قَارَنَ الزِّيَادَةَ فَيَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ كَالْعَقْدِ عَلَى نَحْوِ خَمْسٍ. قَوْلُهُ: (وَنَفَقَتُهُنَّ) أَيْ مُؤْنَتُهُنَّ عَلَيْهِ وَلَوْ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا اخْتَارَ أَمَةً) يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ اخْتَارَ الْأَمَةَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْحُرَّةِ لَا يُفِيدُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِانْقِضَائِهَا تَبَيَّنَ اعْتِبَارُهُ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَنَّ الِاخْتِيَارَ قَبْلَ الْيَأْسِ عَنْ الْحُرَّةِ يُلْغَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالِاخْتِيَارُ إلَخْ) يَحْصُلُ الِاخْتِيَارُ أَيْضًا بِمَا لَوْ اخْتَارَ فِرَاقَ مَنْ زَادَتْ عَلَى الْأَرْبَعِ مَثَلًا، لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْأَرْبَعُ لِلنِّكَاحِ، وَنَبَّهَ الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى أَنَّ لِلْفَسْخِ أَيْضًا صَرَائِحَ وَكِنَايَاتٍ فَالْأَوَّلُ كَفَسَخْتُ نِكَاحَهَا وَرَفَعْته وَالثَّانِي كَصَرَفْتُهَا وَأَبْعَدْتهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالطَّلَاقُ اخْتِيَارٌ) قِيلَ إنْ أَرَادَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَصِحُّ بِمَعْنَاهُ كَلَفْظِ الْفَسْخِ إنْ أُرِيدَ بِهِ الطَّلَاقُ، وَإِنْ أَرَادَ الْأَعَمَّ وَرَدَ عَلَيْهِ لَفْظُ الْفِرَاقِ فَإِنَّهُ هُنَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَسْخٌ عَلَى الْأَصَحِّ. قُلْت لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الثَّانِيَ وَالْفِرَاقُ يَصِحُّ بِهِ الطَّلَاقُ هُنَا إذَا نَوَاهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِلطَّلَاقِ أَيْضًا فَإِنَّ لَنَا وَجْهًا، بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ اخْتِيَارٌ لِلنِّكَاحِ لِمَا فِي قِصَّةِ فَيْرُوزَ طَلِّقْ أَيَّهُمَا شِئْت. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّاوِيَ ذَكَرَ لَفْظَ الْفِرَاقِ بِالْمَعْنَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ اخْتِيَارٍ وَلَا فَسْخٍ) عِلَّتُهُ أَنَّ الِاخْتِيَارَ كَالنِّكَاحِ، أَوْ كَالرَّجْعَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، وَالْفَسْخُ يَتَضَمَّنُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 (وَلَوْ حَصَرَ الِاخْتِيَارُ فِي خَمْسٍ انْدَفَعَ مَنْ زَادَ) ، لِجَوَازِ هَذَا الْحَصْرِ إذْ يَخِفُّ بِهِ الْإِبْهَامُ، (وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ) لِأَرْبَعٍ مِنْ الْخَمْسِ، (وَنَفَقَتُهُنَّ) أَيْ الْخَمْسِ (حَتَّى يَخْتَارَ) ، أَرْبَعًا مِنْهُنَّ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ بِسَبَبِ النِّكَاحِ. (فَإِنْ تَرَكَ الِاخْتِيَارَ حُبِسَ) إلَى أَنْ يَخْتَارَ فَإِنْ أَصَرَّ عُزِّرَ بِضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَرَاهُ الْإِمَامُ. (فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ (اعْتَدَّتْ حَامِلٌ بِهِ) أَيْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ (وَذَاتُ أَشْهُرٍ وَغَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَذَاتُ أَقْرَاءٍ بِأَكْثَرَ مِنْ الْأَقْرَاء وَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ) ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُنَّ عَلَى انْفِرَادِهَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً، بِأَنْ تَخْتَارَ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، وَأَنْ لَا تَكُون زَوْجَةً بِأَنْ تُفَارِقَ، فَلَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ فَاحْتِيطَ بِمَا ذُكِرَ، فَفِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ إنْ مَضَتْ الْأَقْرَاءُ مِنْ الثَّلَاثَة قَبْلِ تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ أُكْمِلَتْ، وَإِنْ مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ وَعَشْرٌ قَبْلَ تَمَامِ الْأَقْرَاءِ، أَتَمَّتْ وَابْتِدَاءُ الْأَقْرَاءِ إسْلَامُهُمَا مَعًا أَوْ إسْلَامُ السَّابِقِ مِنْهُمَا. (وَيُوقَفُ نَصِيبُ زَوْجَاتٍ) مِنْ رُبُعٍ أَوْ ثُمُنٍ (حَتَّى يَصْطَلِحْنَ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِعَيْنِ مُسْتَحَقِّهِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ اسْتِحْقَاقَ الزَّوْجَاتِ لِلْإِرْثِ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ كِتَابِيَّاتٍ، وَأَسْلَمَ مَعَهُ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ، وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ لِلزَّوْجَاتِ شَيْءٌ لِجَوَازِ أَنْ يَخْتَارَ الْكِتَابِيَّاتِ، وَيُقَسِّمَ التَّرِكَةَ بَيْنَ بَاقِي الْوَرَثَةِ، وَقِيلَ يُوقِفُ لَهُنَّ، لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ غَيْرِهِنَّ نَصِيبَهُنَّ غَيْرُ مَعْلُومٍ. . فَصْلٌ: أَسْلَمَا مَعًا اسْتَمَرَّتْ النَّفَقَةُ لِاسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ. (وَلَوْ أَسْلَمَ وَأَصَرَّتْ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ) وَهِيَ غَيْرُ كِتَابِيَّةٍ (فَلَا) نَفَقَةَ لِنُشُوزِهَا بِالتَّخَلُّفِ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِيهَا لَمْ تَسْتَحِقَّ لِمُدَّةِ التَّخَلُّفِ فِي الْجَدِيدِ) لِمَا ذُكِرَ وَالْقَدِيمُ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ، لِأَنَّهَا لَمْ تُحْدِثْ شَيْئًا، وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي بَدَّلَ الدِّينَ، وَتَسْتَحِقُّ مِنْ وَقْتِ الْإِسْلَامِ قَطْعًا. (وَلَوْ أَسْلَمَتْ أَوَّلًا فَأَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ أَصَرَّ) إلَى انْقِضَائِهَا،   [حاشية قليوبي] صَغِيرًا وَسَفِيهًا وَغَيْرَهُمَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْخَمْسُ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ مُنَاسَبَةِ مَا بَعْدَهُ وَلَوْ أَعَادَهُ عَلَى الْمَوْقُوفَاتِ لَكَانَ أَكْثَرَ فَائِدَةً. قَوْلُهُ: (حُبِسَ) وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ كَمَا مَرَّ. وَلَا يَنُوبُ عَنْهُ الْحَاكِمُ فِي الِاخْتِيَارِ كَالْوَلِيِّ وَلَوْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ جَازَ إمْهَالُهُ الْمُدَّةَ الْمَشْرُوعَةَ. قَوْلُهُ: (عُزِّرَ بِضَرْبٍ) وَكُلَّمَا بَرِئَ مِنْ أَلَمِ الضَّرْبِ زِيدَ مِنْهُ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَبْسَ لِلتَّرَوِّي لَا تَعْزِيرٌ وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، أَوْ جُنَّ فِيهِ أُطْلِقَ حَتَّى يَبْرَأَ. قَوْلُهُ: (بِوَضْعِ الْحَمْلِ) وَلَوْ كَانَتْ ذَاتَ أَقَرَاءً. قَوْلُهُ: (وَذَاتُ أَقَرَاءً) مَدْخُولٌ بِهَا. قَوْلُهُ: (فَلَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْفِرَاقِ لِعَدَمِ شُمُولِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا. قَوْلُهُ: (أَكْمَلَتْ) وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْمَوْتِ وَبِنَاءً أَكْمَلَتْ لِلْمَجْهُولِ أَوْلَى وَمِثْلُهُ أَتَمَّتْ. قَوْلُهُ: (وَابْتِدَاءُ الْأَقْرَاءِ إلَخْ) فَالْمُرَادُ مَا بَقِيَ وَقْتَ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَصْطَلِحْنَ) وَلَهُنَّ الْقِسْمَةُ بِتَسَاوٍ أَوْ تَفَاوُتٍ. نَعَمْ لَيْسَ لِوَلِيِّ مَحْجُورَةٍ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ أَنْ يُصَالِحَ بِدُونِ مَا يَخُصُّهُمَا مِنْ عَدَدِهِنَّ كَعَشْرٍ مِنْ عَشْرَةٍ، قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَطَرِيقُ الصُّلْحِ لِيَقَعَ عَنْ إقْرَارِ أَنْ تُقِرَّ كُلٌّ مِنْهُنَّ لِصَاحِبَتِهَا بِالزَّوْجِيَّةِ، وَتَسْأَلَهَا تَرْكَ شَيْءٍ مِنْ حَقِّهَا لَهَا، وَلَا تَجُوزُ الْمُصَالَحَةُ عَلَى مَالٍ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقِ مَالِكٍ وَحَيْثُ وَقَعَ الصُّلْحُ، فَفِيهِ هِبَةٌ ضِمْنِيَّةٌ لَا تَحْتَاجُ لِصِيغَةٍ وَلَا قَبُولٍ وَلَا قَبْضٍ وَخَرَجَ بِالصُّلْحِ مَا قَبْلَهُ، فَلَا تُعْطَى وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ شَيْئًا إلَّا إنْ طَلَبَ مِنْهُنَّ مَنْ فِيهِ وَارِثَةٌ يَقِينًا فَيُعْطَيْنَ بِقَدْرِهَا، فَلَوْ كُنَّ ثَمَانِيًا فَطَلَبَ مِنْهُنَّ أَرْبَعٌ فَأَقَلُّ لَمْ يُعْطَيْنَ شَيْئًا أَوْ خَمْسٌ أُعْطِينَ رُبْعَ الْمَوْقُوفِ أَوْ سِتٌّ فَنِصْفَهُ، أَوْ سَبْعٌ فَثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ، وَلَهُنَّ قِسْمَةُ مَا أَخَذْنَهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ، وَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ تَمَامُ حَقِّهِنَّ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَجْرِي فِي الصُّلْحِ هُنَا مَا مَرَّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ فَرَاجِعْهُ. [فَصْلٌ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا] فَصْلٌ فِي حُكْمِ مُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ مَعَ الْإِسْلَامِ أَوْ غَيْرِهِ قَوْلُهُ: (أَسْلَمَا مَعًا) بِقَوْلِهِمَا أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُمَا أَسْلَمَا حِينَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، لَا مَعَ طُلُوعِهَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُقَارَنَةِ لِطُلُوعِ جَمِيعِ قُرْصِ الشَّمْسِ. قَوْلُهُ: (وَأَصَرَّتْ) وَلَوْ لِعُذْرٍ كَصِغَرٍ وَجُنُونٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ اسْتَغْرَقَ الْعِدَّةَ. قَوْلُهُ: (وَتَسْتَحِقُّ مِنْ وَقْتِ الْإِسْلَامِ) الزَّوْجُ وَإِنْ   [حاشية عميرة] اخْتِيَارَ الْأُخْرَى وَكَأَنَّهُ عَلَّقَ وَأَيْضًا الْعُقُودُ الَّتِي يَمْتَنِعُ تَعْلِيقُهَا يَمْتَنِعُ تَعْلِيقُ فَسْخِهَا، وَقَوْلُهُ وَلَا فَسْخَ مَحَلِّهِ مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ حَصَرَ الِاخْتِيَارَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ الْمُخْتَارَاتِ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الْعِبَارَةِ بِدُونِهِ. فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ حَصَرْت الْمُخْتَارَاتِ فِي الْعَدَدِ الْفُلَانِيِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ إلَخْ) جُوِّزَ فِي هَذَا أَنْ يَكُونَ مِنْ تَمَامِ الَّذِي قَبْلَهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُحَرِّرِ فَيَنْدَفِعُ غَيْرُهُنَّ، وَيُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ فِيهِنَّ، وَلِأَنَّ وُجُوبَ أَصْلِ التَّعْيِينِ قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ، وَأَنْ يَكُونَ كَلَامًا مُبْتَدَأً وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَمِلَ بِخُطَّةٍ فَاصِلَةٍ قَبْلَهُ، وَأَنَّ حُكْمَ النَّفَقَةِ وَمَا بَعْدَهَا لَمْ يَسْبِقْ لَهُ ذِكْرٌ، قَالَ شَارِحُ التَّعْجِيزِ وَفِي التَّعْبِيرِ بِالتَّعْيِينِ سِرٌّ وَهُوَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ زَالَ نِكَاحُ مَا زَادَ فَالِاخْتِيَارُ تَعْيِينٌ لِأَمْرٍ سَابِقٍ لَا إنْشَاءُ إزَالَةٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ) عِبَارَتُهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ إذْ لَوْ قَالَ بَدَلَهَا فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْفِرَاقِ لَلَزِمَهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَعْتَدُّ عَنْ الْفِرَاقِ وَهُوَ فَاسِدٌ. فَصْلٌ: أَسْلَمَا مَعًا إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ أَسْلَمَتْ إلَخْ) يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ مَا إذَا كَانَ التَّخَلُّفُ لِعُذْرٍ مِنْ صِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ) هُوَ بِعُمُومِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 (فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) وَهِيَ فِي الْأُولَى لِمُدَّةِ التَّخَلُّفِ وَقِيلَ لَا نَفَقَةَ لَهَا، لِأَنَّهَا أَحْدَثَتْ الْمَانِعَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا أَتَتْ بِمَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا، فَلَا يَسْقُطُ بِهِ نَفَقَتُهَا كَمَا لَوْ صَلَّتْ أَوْ صَامَتْ. (وَإِنْ ارْتَدَّتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ (فَلَا نَفَقَةَ) لَهَا (وَإِنْ أَسْلَمْت فِي الْعِدَّةِ) ، لِنُشُوزِهَا بِالرِّدَّةِ وَتَسْتَحِقُّ مِنْ وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ. (وَإِنْ ارْتَدَّ) الزَّوْجُ (فَلَهَا) عَلَيْهِ (نَفَقَةُ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا لَمْ تُحْدِثْ شَيْئًا) ، وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي أَحْدَثَ الرِّدَّةَ، وَلَوْ ارْتَدَّا مَعًا فَلَا نَفَقَةَ قَالَهُ الْبَغَوِيّ: قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافٌ وَسَكَتَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ إذَا (وَجَدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِالْآخَرِ جُنُونًا) ، مُطْبِقًا أَوْ مُتَقَطِّعًا (أَوْ جُذَامًا) ، وَهُوَ عِلَّةٌ يَحْمَرُّ مِنْهَا الْعُضْوُ ثُمَّ يَسْوَدُّ ثُمَّ يَتَقَطَّعُ وَيَتَنَاثَرُ، (أَوْ بَرَصًا) وَهُوَ بَيَاضٌ شَدِيدٌ مُبَقَّعٌ (أَوْ وَجَدَهَا رَتْقَاءَ أَوْ قُرَنَاءَ) أَيْ مُنْسَدًّا مَحَلَّ الْجِمَاعِ مِنْهَا فِي الْأَوَّلِ بِلَحْمٍ، وَفِي الثَّانِي بِعَظْمٍ، وَقِيلَ بِلَحْمِ وَيَخْرُجُ الْبَوْلُ مِنْ ثُقْبَةٍ ضَيِّقَةٍ فِيهِ (أَوْ وَجَدَتْهُ عِنِّينًا) أَيْ عَاجِزًا عَنْ الْوَطْءِ (أَوْ مَجْبُوبًا) أَيْ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ (ثَبَتَ) لِلْوَاحِدِ (الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ) لِفَوَاتِ الِاسْتِمْتَاعِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ وَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ شَيْخِهِ، أَنَّ أَوَائِلَ الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ، وَإِنَّمَا يُثْبِتُهُ   [حاشية قليوبي] كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ رَجَعَتْ عَنْ النُّشُوزِ، وَهُوَ غَائِبٌ حَيْثُ لَا تَسْتَحِقُّ الْبَقَاءَ الْمَانِعَ وَهُوَ عَدَمُ التَّمَتُّعِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَصَرَّ) أَيْ وَلَوْ لِعُذْرٍ كَمَا مَرَّ فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأُولَى) وَهُوَ مَا لَوْ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي سَبْقِ الْإِسْلَامِ صُدِّقَتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُسْقِطِ، أَوْ فِي قَدْرِ مُدَّةِ التَّخَلُّفِ صُدِّقَ هُوَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتٍ فَكَالرَّجْعَةِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ) وَهُوَ مُقَابِلُ الصَّحِيحِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ ارْتَدَّا مَعًا فَلَا نَفَقَةَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ) أَيْ فِي الرَّوْضَةِ عَلَيْهِ فَهُوَ يَرْضَاهُ. بَابُ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ وَذَكَرَ مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةً: الْعَيْبَ وَالتَّغْرِيرَ وَالْعِتْقَ، وَذِكْرُ شَرْطِ الْخِيَارِ مَعَهُ لَيْسَ مِنْ الْمَعِيبِ، وَلَوْ أَخَّرَ الْخِيَارَ عَنْ الْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ لَكَانَ أَنْسَبَ لِدُخُولِهِ فِيهِمَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ قَدْ رَاعَى الْأَعْلَى أَوْ لِقُوَّةِ مُنَاسَبَةِ الْخِيَارِ لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُ نِكَاحٍ. بَابُ الْخِيَارِ وَذَكَرَ مِنْ أَقْسَامِهِ ثَلَاثَةً خِيَارُ الْعَيْبِ وَالتَّغْرِيرِ وَالْعِتْقِ وَذَكَرَ شَرْطَ الْخِيَارِ مَعَهُ لَيْسَ مِنْ الْعَيْبِ، وَلَوْ أَخَّرَ الْخِيَارَ عَنْ الْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ لَكَانَ أَنْسَبَ لِدُخُولِهِ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ قَدْ رَاعَى الْأَعْلَى أَوْ لِقُوَّةِ مُنَاسَبَةِ الْخِيَارِ لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخَ نِكَاحٍ قَوْلُهُ: (وَجَدَ) يُفِيدُ أَنَّهُ جَاهِلٌ بِهِ فَمَعَ الْعِلْمِ لَا خِيَارَ، لَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَّا فِي الْعُنَّةِ لِأَنَّهَا تَكُونُ لِامْرَأَةٍ دُونَ الْأُخْرَى، وَفِي نِكَاحٍ دُونَ آخَرَ. قَوْلُهُ: (جُنُونًا) وَمِنْهُ الصَّرَعُ وَالْخَبَلُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَمِثْلُهُ الْإِغْمَاءُ إذَا أَيِسَ مِنْهُ بِقَوْلِ الْأَطِبَّاءِ. قَوْلُهُ (مُطْبِقًا أَوْ مُنْقَطِعًا) مُسْتَحْكِمًا أَوْ لَا وَفَارَقَ غَيْرَهُ بِإِفْضَائِهِ إلَى الْبَطْشِ بِالْآخَرِ، غَالِبًا نَعَمْ إنْ قَلَّ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ فَلَا خِيَارَ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ جُذَامًا أَوْ بَرَصًا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَعَافُهُ النَّفْسُ وَيُعْدِي فِي الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْوَلَدِ. قَوْلُهُ: (رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ) وَإِنْ كَانَ هُوَ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا تُجْبَرُ هِيَ عَلَى إزَالَةِ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَتْهُ وَأَمْكَنَ الْوَطْءُ فَلَا خِيَارَ وَلَا يَجُوزُ لِلْأَمَةِ فِعْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا. قَوْلُهُ: (وَيَخْرُجُ الْبَوْلُ إلَخْ) تَبِعَ فِي هَذَا صَاحِبَ الْكِفَايَةِ، وَهُوَ نَاشِئٌ عَنْ تَوَهُّمِ أَنَّ مَخْرَجَ الْبَوْلِ، وَمَدْخَلَ الذَّكَرِ وَاحِدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مَخْرَجُ الْبَوْلِ مُسْتَقِلٌّ فَوْقَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ. قَوْلُهُ: (عِنِّينًا) وَلَيْسَ صَبِيًّا وَلَا مَجْنُونًا وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ لِانْعِطَافِهِ وَالْتِوَائِهِ وَمِثْلُهُ مَنْ بِهِ مَرَضٌ مُزْمِنٌ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْوَطْءِ) أَيْ وَطْئِهَا وَإِنْ قَدَرَ عَلَى غَيْرِهَا، وَشَمَلَ مَا ذَكَرَ نِكَاحَ الْأَمَةِ، لِأَنَّ لِلْعِنِّينِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا كَمَا مَرَّ. مَعَ احْتِمَالِ طُرُوُّ الْعُنَّةِ فَلَا تُبْطِلُهُ. قَوْلُهُ: (مَقْطُوعَ الذَّكَرِ) أَيْ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ قَدْرُ الْحَشَفَةِ وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ وَتُعْتَبَرُ حَشَفَتُهُ بِأَقْرَانِهِ فِي غَيْرِ مَقْطُوعِهَا، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَشَفَتُهُ وَإِنْ جَاوَزَتْ الْعَادَةَ   [حاشية عميرة] لِيَشْمَلَ مَا لَوْ كَانَ لِلزَّوْجِ عُذْرٌ مِنْ صِغَرٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنَّ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا يَجِيءُ فِيهِ الْقَدِيمُ الْمُتَقَدِّمُ، لِأَنَّهَا هُنَاكَ أَقَامَتْ عَلَى دِينِهَا وَلَمْ تُحْدِثْ شَيْئًا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَطَرَدَهُ جَمَاعَةٌ. قَوْلُهُ: (وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافٌ) أَيْ كَمَا فِي تَشْطِيرِ الْمَهْرِ بِرِدَّتِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّ بَابَ النَّفَقَاتِ لَا يُبْنَى عَلَى مَسَائِلِ التَّشْطِيرِ. [بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ] بَابُ الْخِيَارِ ذَكَرَ مِنْ أَقْسَامِهِ ثَلَاثَةً: خِيَارَ الْعَيْبِ وَالتَّغْرِيرِ وَالْعِتْقِ ثُمَّ الدَّلِيلُ عَلَى الْخِيَارِ بِالْبَرَصِ حَدِيثُ الْغِفَارِيَّةِ الَّتِي وَجَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَشْحِهَا بَيَاضًا، وَفِعْلُ عُمَرَ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُقَالُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ وَفِعْلُ عُمَرَ وَقَعَ فِي الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَقِيسَ الْبَاقِي عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ) يُفْهِمُ أَنَّ الْعَالِمَ لَا خِيَارَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْعُنَّةِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ بَيَاضٌ شَدِيدٌ مُبَقَّعٌ) يَذْهَبُ مَعَهُ دَمُ الْجِلْدِ وَعَلَامَتُهُ أَنْ يَعْصِرَ الْمَكَانَ فَلَا يَحْمَرُّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بِلَحْمٍ) أَيْ فَيَكُونُ الرَّتْقُ وَالْقَرْنُ وَاحِدًا وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَقَوْلُهُ وَيَخْرُجُ الْبَوْلُ إلَخْ. رَاجِعٌ لِلْكُلِّ قَوْلُهُ: (أَيْ عَاجِزًا عَنْ الْوَطْءِ) مُنْشَؤُهُ ضَعْفٌ فِي الْقَلْبِ أَوْ الدِّمَاغِ أَوْ الْكَبِدِ أَوْ الْآلَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَبَتَ الْخِيَارُ) ، قَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِهَذِهِ الْعُيُوبِ فَمَا دُونَهَا لِفَوَاتِ مَالِيَّةٍ يَسِيرَةٍ فَفَوَاتُ مَقْصُودِ النِّكَاحِ أَوْلَى انْتَهَى وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ ثُبُوتَ الْخِيَارِ، لِلْمَرْأَةِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ الْمُقَارِنِ لِأَنَّهَا إنْ عَلِمَتْ بِهِ فَلَا خِيَارَ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ فَالتَّنَقِّي مِنْ الْعُيُوبِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ قِسْمٍ آخَرَ وَهُوَ مَا لَوْ أَذِنَتْ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ مِنْ مُعَيَّنٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سَلِيمٌ، فَإِذَا هُوَ مَعِيبٌ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّةُ النِّكَاحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ وَالْمُرَابَحَةِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 لِلْمُسْتَحْكِمِ، وَهُوَ فِي الْجُذَامِ بِالتَّقَطُّعِ، وَتَرَدَّدَ أَيْ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: يَجُوز أَنَّهُ يَكْتَفِي بِاسْوِدَادِ الْعُضْوِ، وَحَكَمَ أَهْلُ الْبَصَائِرِ بِاسْتِحْكَامِ الْعِلَّةِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ ثَبَتَ جَوَابٌ لِإِذَا الْمُقَدَّرَةِ قَبْلَ وَجَدَ لِيَرْتَبِطَ الْكَلَامُ، وَقَوْلُهُ وَجَدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ إلَى آخِرِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِهِ عَيْبٌ، مِثْلُ مَا وَجَدَهُ بِالْآخَرِ، بِأَنْ كَانَا مَجْذُومَيْنِ أَوْ أَبْرَصَيْنِ أَوَّلًا وَهُوَ صَحِيحٌ (وَقِيلَ إنْ وُجِدَ بِهِ مِثْلُ عَيْبِهِ) مِنْ الْجُذَامِ أَوْ الْبَرَصِ قَدْرًا وَفُحْشًا (فَلَا) خِيَارَ لَهُ لِتَسَاوِيهِمَا وَرُدَّ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُهُ مِنْ نَفْسِهِ، أَمَّا الْمَجْنُونَانِ فَيَتَعَذَّرُ الْخِيَارُ لَهُمَا لِانْتِفَاءِ الِاخْتِيَارِ. (وَلَوْ وُجِدَ خُنْثَى وَاضِحًا) بِالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ (فَلَا خِيَارَ) لَهُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ مَا بِهِ مِنْ زِيَادَةِ ثُقْبَةٍ فِي الرَّجُلِ أَوْ سِلْعَةٍ فِي الْمَرْأَةِ لَا تُفَوِّتُ مَقْصُودَ النِّكَاحِ، وَالثَّانِي لَهُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ لِنَفْرَةِ الطَّبْعِ عَنْهُ، وَسَوَاءٌ أُوضِحَ بِعَلَامَةٍ قَطْعِيَّةٍ كَالْوِلَادَةِ أَوْ ظَنِّيَّةٍ أَمْ بِاخْتِيَارِهِ، أَمَّا الْمُشْكِلُ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ. (وَلَوْ حَدَثَ بِهِ) بَعْدَ الْعَقْد (عَيْبٌ تَخَيَّرَتْ) لِحُصُولِ الضَّرَرِ بِهِ سَوَاءٌ حَدَثَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ بَعْدَهُ، وَلَوْ جُبَّتْ ذَكَرُهُ ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فِي الْأَصَحِّ كَالْمُسْتَأْجِرِ إذَا خَرِبَ الدَّارُ الْمُسْتَأْجَرَةُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي إذَا عِيبَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنَّهُ قَابِضٌ لِحَقِّهِ (إلَّا عُنَّةً بَعْدَ دُخُولٍ) ، فَلَا خِيَارَ لَهَا بِهَا لِأَنَّهَا عَرَفَتْ قُدْرَتَهُ عَلَى الْوَطْءِ وَوَصَلَتْ إلَى حَقِّهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْجَبِّ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ يُورِثُ الْيَأْسَ عَنْ الْوَطْءِ، وَالْعُنَّةُ قَدْ يُرْجَى زَوَالُهَا (أَوْ) حَدَثَ (بِهَا) عَيْبٌ بِخِلَافٍ (تَخَيَّرَ فِي الْجَدِيدِ) سَوَاءٌ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبَعْدَهُ كَمَا لَوْ حَدَثَ بِهِ وَالْقَدِيمُ لَا خِيَارَ لَهُ لِتَمَكُّنِهِ مَنْ الْخَلَاصِ بِالطَّلَاقِ، وَضُعِّفَ بِتَضَرُّرِهِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ، أَوْ كُلِّهِ.   [حاشية قليوبي] فِي الْكِبَرِ أَوْ الصِّغَرِ، وَيُصَدَّقُ هُوَ فِي بَقَاءِ قَدْرِهَا لَوْ أَنْكَرَتْهُ وَخَرَجَ بِهِ الْخَصِيُّ، وَهُوَ مَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ فَلَا خِيَارَ لَهَا بِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْوَطْءِ بَلْ قِيلَ إنَّهُ أَقْدَرُ مِنْ غَيْرِهِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِلْمُسْتَحْكِمِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي الْبَرَصِ أَنْ لَا يَقْبِلَ الْعِلَاجَ، أَوْ أَنْ يَزْمَنَ أَوْ يَتَزَايَدَ وَفِي الْجُذَامِ الِاسْوِدَادُ مَعَ قَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ لَا التَّقَطُّعُ وَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَنْ شَيْخِهِ الرَّمْلِيِّ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاسْتِحْكَامِ فِيهِ، مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِحْكَامَ هُوَ التَّقَطُّعُ وَأَنَّ الِاسْوِدَادَ الْمَذْكُورَ لَا يُسَمَّى اسْتِحْكَامًا فَلَا خِلَافَ وَلَا اعْتِرَاضَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْجُذَامِ أَوْ الْبَرَصِ) بَيَانٌ لِمَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْمِثْلِيَّةُ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الْجُنُونُ لِأَجْلِ مَا سَيَذْكُرُهُ بَعْدَهُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمَجْنُونَانِ) هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَا دَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِخْرَاجُهَا مِنْهُ لِعَدَمِ الْخِيَارِ فِيهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَيَتَعَذَّرُ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِأَنْفُسِهِمَا فَغَيْرُ مُمَكَّنٍ فِي حَالَةِ الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ، أَمَّا فِي غَيْرِهِ فَلِكُلٍّ الْخِيَارُ فِي حَالَةِ إفَاقَتِهِ أَوْ بِوَلِيِّهِمَا فَلَا يُتَصَوَّرُ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْجُنُونُ مُقَارِنًا لِلْعَقْدِ، وَالْوَلِيُّ جَاهِلٌ بِهِ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ فَلَا خِيَارَ إنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَإِنَّ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا خِيَارَ لِلْوَلِيِّ بِهِ، كَمَا سَيَأْتِي وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا م ر. مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِوَلِيِّهِمَا وَتَصْوِيرِهِ بِمَا إذَا أَذِنَتْ فِي مُعَيَّنٍ ثُمَّ جُنَّتْ وَعَقَدَ الْوَلِيُّ مَعَ وَكِيلِ الزَّوْجِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فِيهِ مَعَ التَّكَلُّفِ الزَّائِدِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَاضِحًا) حَالَ الْعَقْدِ فِيهِمَا فَلَا خِيَارَ كَمَا لَا خِيَارَ بِاسْتِحَاضَةٍ، وَإِنْ اسْتَحْكَمَتْ، وَلَا بِقُرُوحٍ سَيَّالَةٍ، وَإِنْ أَزْمَنَتْ وَلَا بِإِجَارَةٍ وَلَوْ عَيْنِيَّةً، وَلَا بِضِيقِ مَنْفَذٍ إلَّا إنْ أَفْضَاهَا كُلُّ أَحَدٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ الرَّتَقِ وَلَا خِيَارَ بِعَبَالَةِ الزَّوْجِ، أَيْ كِبَرِ آلَتِهِ إلَّا إنْ عَجَزَ عَنْ إطَاقَتِهَا كُلُّ النِّسَاءِ، وَاعْتَبَرَ ابْنُ حَجَرٍ أَمْثَالَهَا نَحَافَةً وَضِدَّهَا وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ. قَوْلُهُ: (ظَنِّيَّةٍ) كَالْحَيْضِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمُشْكِلُ) أَيْ حَالَةَ الْعَقْدِ، وَإِنْ اتَّضَحَ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ فَيُحْتَاطُ لَهُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ اتِّضَاحَ الشَّاهِدِ وَالْوَلِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ) أَيْ لَا يَصِحّ عَقْدُ النِّكَاحِ الْوَاقِعُ عَلَيْهِ زَوْجًا كَانَ أَوْ زَوْجَةً فَلَوْ عَبَّرَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ لَكَانَ أَقْرَبَ لِلْمُرَادِ أَوْ مُسْتَقِيمًا. . قَوْلُهُ: (وَلَوْ جَبَّتْ ذَكَرَهُ) أَيْ قَطَعَتْهُ وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ وَطُولِ الزَّمَنِ. قَوْلُهُ: (ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ) فَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ وَحَصَلَ لَهَا رَتَقٌ ثَبَتَ الْخِيَارُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (إلَّا عُنَّةً) هِيَ بِالضَّمِّ الْعَجْزُ عَنْ الْوَطْءِ هُنَا وَتُطْلَقُ أَيْضًا لُغَةً عَلَى حَظِيرَةٍ أَوْ خَيْمَةٍ تُجْعَلُ مِنْ أَعْوَادِ الشَّجَرِ لِلِاسْتِظْلَالِ بِهَا مَثَلًا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ دُخُولٍ) أَيْ وَطْءٍ فِي الْقُبُلِ فَقَطْ. وَلَوْ مَرَّةً وَبِإِعَانَةٍ بِنَحْوِ أُصْبُعٍ فِي دُخُولِهِ. قَوْلُهُ: (إلَى حَقِّهَا مِنْهُ) قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ تَقْرِيرُ الْمَهْرِ وَالتَّحْصِينِ، وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمُطَالَبَتِهَا بِهِ فِي الْفَيْئَةِ فِي الْإِيلَاءِ وَلَوْ حُمِلَ قَوْلُهُمْ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْوَطْءِ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: لَوْ وَجَدَتْهُ مَجْبُوبًا بِالْبَاءِ فَرَضِيَتْ بِهِ ثُمَّ وَجَدَهَا رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ، فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ مَحَلُّ النَّظَرِ. قُلْت وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ فِيمَا حَكَاهُ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ إلَخْ. مَعَنَا وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَوَافَقَ مَا سَلَفَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ، فَصْلٌ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ غَيْرَ كُفْءٍ إلَخْ. حَيْثُ قَالَ وَلَوْ أَطْلَقَتْ الْإِذْنَ فَلَمْ تُعَيِّنْ رَجُلًا فَبَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ، قَالَ الْإِمَامُ صَحَّ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَكِنْ لَهَا حَقُّ الْفَسْخِ، كَمَا لَوْ أَذِنَتْ مِنْ مُعَيَّنٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ بِهِ عَيْبٌ انْتَهَى وَقَوْلُهُ فَبَانَ الزَّوْجُ غَيْرُ الْكُفْءِ، يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ عَالِمًا بِالْحَالِ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُ: (الشَّارِحِ وَإِنَّمَا يُثْبِتُهُ الْمُسْتَحْكِمُ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ فَقَالَا لَا يُشْتَرَطُ الِاسْتِحْكَامُ قَوْلُهُ: (قَدْرًا أَوْ فُحْشًا) زَادَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلًّا. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْمَجْنُونَانِ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ مِنْ الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَخَيَّرَتْ) قَالَ الْقَفَّالُ عُمْدَةُ الْأَصْحَابِ فِي هَذَا الْقِيَاسُ عَلَى حُدُوثِ عِتْقِ الْأَمَةِ تَحْتَ زَوْجِهَا الرَّقِيقِ، قَوْلُهُ: (إلَّا عُنَّةً بَعْدَ دُخُولٍ) أَيْ لِحُصُولِ مَقْصُودِ النِّكَاحِ لَهَا مِنْ تَقْرِيرِ الْمَهْرِ وَالْحَضَانَةِ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا التَّلَذُّذُ وَهُوَ شَهْوَةٌ لَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا مَعَ احْتِمَالِ عُنَّتِهِ لِلزَّوَالِ، بِخِلَافِ الْجَبِّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 (وَلَا خِيَارَ لِوَلِيٍّ بِحَادِثٍ) لِأَنَّهُ لَا يُعَيَّرُ بِذَلِكَ (وَكَذَا بِمُقَارِنِ جَبٍّ وَعُنَّةٍ) لِمَا ذُكِرَ وَضَرَرُهُ يَعُودُ إلَيْهَا (وَيُتَخَيَّرُ بِمُقَارِنٍ وَجُنُونٍ) وَإِنْ رَضِيَتْ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِهِ (وَكَذَا جُذَامٌ وَبَرَصٌ فِي الْأَصَحِّ) لِلتَّعَيُّرِ بِهِمَا وَالثَّانِي لَا يُتَخَيَّرُ بِهِمَا لِأَنَّ ضَرَرَهُمَا مُخْتَصٌّ بِهَا. (وَالْخِيَارُ) هُنَا (عَلَى الْفَوْرِ) كَخِيَارِ الْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَى فِيهِ قَوْلَيْ خِيَارِ الْعِتْقِ أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ يَعْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالثَّانِي إلَى أَنْ يُوجَدَ صَرِيحُ الرِّضَا بِهِ، أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. (وَالْفَسْخُ) ، بِعَيْبِهِ أَوْ عَيْبِهَا (قَبْلَ دُخُولٍ يُسْقِطُ الْمَهْرَ) ، لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ الْخَالِي عَنْ الْوَطْءِ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ مُقَارِنًا لِلْعَقْدِ أَمْ حَادِثًا بَعْدَهُ. (وَ) الْفَسْخِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ، بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ إلَّا بَعْدَهُ (الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ) بِهِ (مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ فَسَخَ بِمُقَارِنٍ) لِلْعَقْدِ (أَوْ بِحَادِثٍ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ جَهِلَهُ الْوَاطِئُ وَالْمُسَمَّى إنْ حَدَثَ بَعْدَ وَطْءٍ) لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي النِّكَاحِ لَا يَخْلُو عَنْ مُقَابِلٍ، وَالثَّانِي يَجِبُ الْمُسَمَّى مُطْلَقًا لِتَقَرُّرِهِ بِالدُّخُولِ، وَالثَّالِثُ مَهْرُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الرِّضَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِالْمُسَمَّى فِيمَنْ هُوَ سَالِمٌ عَنْ الْعَيْبِ أَبَدًا وَقِيلَ فِي الْمُقَارِنِ إنْ فَسَخَ بِعَيْبِهَا فَمَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ فَسَخَتْ بِعَيْبِهِ فَالْمُسَمَّى وَقَوْلُهُ جَهِلَهُ الْوَاطِئُ ذُكِرَ بَيَانًا لِمَحَلِّ الْفَسْخِ فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَهُ قَبْلَ الْوَطْءِ، لَا فَسْخَ لِرِضَاهُ فِي الْعَيْبِ وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ. (وَلَوْ انْفَسَخَ) النِّكَاحُ (بِرِدَّةٍ بَعْدَ وَطْءٍ) بِأَنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ (فَالْمُسَمَّى) لِتَقَرُّرِهِ بِالْوَطْءِ (وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْمَهْرِ) الَّذِي غَرِمَهُ بِالدُّخُولِ (عَلَى مَنْ غَرَّهُ فِي الْجَدِيدِ) وَالْقَدِيمُ يَرْجِعُ بِهِ لِلتَّدْلِيسِ عَلَيْهِ بِإِخْفَاءِ الْعَيْبِ الْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ، أَمَّا الْحَادِثُ بَعْدَهُ إذَا فُسِخَ بِهِ، فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ قَطْعًا لِانْتِفَاءِ التَّدْلِيسِ وَسَوَاءٌ عَلَى الْقَدِيمِ، كَانَ الْمَغْرُومُ مَهْرَ الْمِثْلِ أَمْ الْمُسَمَّى   [حاشية قليوبي] عَلَى الزَّوْجِ عَلَى غَيْرِ الْمَرَّةِ الْأُولَى، لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا يَجِبُ عَلَيْهِ عَقْدُ النِّكَاحِ عَلَيْهَا، إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ كُلِّهِ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ بِالْفَسْخِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُقَالَ لَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (وَلَا خِيَارَ لِوَلِيٍّ بِحَادِثٍ) وَمِنْهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُمْ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (سَقَطَ الْمَهْرُ) وَكَذَا الْمُتْعَةُ. قَوْلُهُ: (وَيَتَخَيَّرُ) أَيْ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ بِخِلَافِ وَلِيِّ الزَّوْجِ لِأَنَّ عَقْدَهُ بَاطِلٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ بَعْدَ زَوَالِهِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا خِيَارَ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ لِمَنْ عَلِمَ بِهِ وَبِفَوْرِيَّتِهِ، وَيُعْذَرُ مَنْ جَهِلَهُمَا وَأَمْكَنَ وَلَوْ مُخَالِطًا لَنَا. قَوْلُهُ: (كَخِيَارِ الْعَيْبِ) فَيُبَادِرُ بِالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ عَلَى الْعَادَةِ، وَبِالرَّفْعِ فِي الْعُنَّةِ بَعْدَ السَّنَةِ، وَبِالْفَسْخِ بِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالْفَسْخُ بَعْدَهُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوْ مَعَهُ وَفِي تَصْوِيرِهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) هُوَ تَصْحِيحٌ لِعُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الشَّامِلِ، لِمَا لَوْ عَلِمَ قَبْلَ الْوَطْءِ، وَفَسَخَ بَعْدَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا فَسْخَ فِي هَذِهِ، وَإِنْ عُذِرَ فِي التَّأْخِيرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالتَّعْلِيلُ لِلْغَالِبِ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا عِلْمَ الْآخَرِ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْوَطْءِ صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (فُسِخَ) مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ، وَكَذَا يُعْلَمُ الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ كَلَامِهِ فَيَشْمَلُ جَانِبَهُ وَجَانِبَهَا. قَوْلُهُ: (وَالْوَطْءِ) أَيْ تَمَامِهِ فَيَشْمَلُ الْمُقَارِنَ لَهُ، وَاسْتَشْكَلَ هَذَا التَّفْصِيلُ بِأَنَّ الْفَسْخَ إنْ رَفَعَ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ وَجَبَ الْمُسَمَّى مُطْلَقًا، أَوْ مِنْ أَصْلِهِ فَمَهْرُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا، وَهَذَا غَيْرُ الْوَجْهَيْنِ الْمُقَابِلَيْنِ لِلْأَصَحِّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُنَا الْمَنَافِعُ، وَهِيَ لَا تُقْبَضُ حَقِيقَةً إلَّا بِالِاسْتِيفَاءِ التَّامِّ، فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إذَا عَلِمَهُ قَبْلَ الْوَطْءِ) أَيْ وَلَمْ يُبَادِرْ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْفَسْخِ) أَيْ بِالْعَيْبِ. قَوْلُهُ: (مَهْرَ الْمِثْلِ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا خِيَارَ لِوَلِيٍّ بِحَادِثٍ) أَيْ لِأَنَّ حَقَّ الْأَوْلِيَاءِ، إنَّمَا يُرَاعَى فِي الِابْتِدَاءِ دُونَ الدَّوَامِ بِسَبِيلِ مَا لَوْ عَتَقَتْ تَحْتَ رَقِيقٍ، وَرَضِيَتْ بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ اعْتِرَاضٌ وَلَا كَذَلِكَ الِابْتِدَاءُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعُنَّةٍ) هِيَ بِالضَّمِّ الْعَجْزُ عَنْ الْوَطْءِ وَخَيْمَةٌ، أَوْ حَظِيرَةٌ تُتَّخَذُ مِنْ أَغْصَانِ الشَّجَرِ، قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَانْظُرْ كَيْف تَصْوِيرٌ الْمُقَارِنِ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّهُ قَدْ يَعِنُّ عَنْ امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى، وَفِي نِكَاحٍ دُونَ آخَرَ قِيلَ وَقَدْ يُصَوَّرُ بِمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا وَثَبَتَتْ الْعُنَّةُ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ أَرَادَ تَجْدِيدَ نِكَاحِهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِهِ) هَذِهِ الْعِلَّةُ تُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلِيِّ وَلِيُّ الْقَرَابَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ) قَالَ الْقَفَّالُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُمْتَدًّا لَمْ يَدْرِ الزَّوْجُ مَا هِيَ فِيهِ وَمَا يَئُولُ أَمْرُهَا فَلَا تَدُومُ صُحْبَةُ، وَلَا تَقَعُ مُعَاشَرَةٌ وَكَذَا فِي الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تَصِيرُ فِي مَعْنَى غَيْرِ الْمَنْكُوحَةِ، ثُمَّ مَعْنَى كَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ أَنَّ الرَّفْعَ إلَى الْقَاضِي تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِهِ. قَوْلُهُ: (قَوْلَيْ خِيَارِ الْعِتْقِ) أَيْ الْمَرْجُوحَيْنِ وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ فِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ إنْ فُسِخَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْفَسْخِ رُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى عَيْنِ حَقِّهِ، أَوْ بَدَلِهِ إنْ تَلِفَ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ إلَى الْمُسَمَّى وَالزَّوْجَةُ إلَى بَدَلِ بُضْعِهَا، وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَوَاتِ حَقِّهَا بِالدُّخُولِ، وَهَا هُنَا سُؤَالٌ وَهُوَ أَنَّ الْفَسْخَ إنْ رَفَعَ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ فَيَنْبَغِي وُجُودُ مَهْرِ الْمِثْلِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ حِينِهِ فَالْمُسَمَّى مُطْلَقًا فَمَا وَجْهُ التَّفْصِيلِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُنَا الْمَنَافِعُ وَهِيَ لَا تَقْبِضُ حَقِيقَةً، إلَّا بِالِاسْتِيفَاءِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِي الْمُقَارِنِ إلَخْ) . قِيلَ هَذَا لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ بَدَلَ الْمُسَمَّى فِي التَّمَتُّعِ بِسَلِيمَةٍ وَقَدْ اسْتَوْفَاهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَرْجِعُ إلَخْ) أَيْ لِئَلَّا يَكُونَ جَامِعًا بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ قَوْلُهُ: (الَّذِي غَرِمَهُ) فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمَهْرَ السَّابِقَ الَّذِي جَعَلَهُ قَسِيمًا لِلْمُسَمَّى بَلْ الْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ الْمُسَمَّى، كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُسَمَّى إنَّمَا يَتَصَوَّرُ فِي التَّغْرِيرِ فِيهِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ مُطْلَقًا لِمَا سَيَأْتِي، أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ لَا رُجُوعَ فِيهِ قَطْعًا لِعَدَمِ التَّغْرِيرِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 وَالْغَارِمُ الْوَلِيُّ أَمْ الزَّوْجَةُ، بِأَنْ سَكَتَ عَنْ الْعَيْبِ، وَكَانَتْ أَظْهَرَتْ لَهُ أَنَّ الزَّوْجَ عَرَفَهُ. (وَيُشْتَرَطُ فِي الْعُنَّةِ رَفْعٌ إلَى حَاكِمٍ) لِيَفْعَلَ مَا سَيَأْتِي بَعْدَ ثُبُوتِهَا (وَكَذَا سَائِرُ الْعُيُوبِ) أَيْ بَاقِيهَا يُشْتَرَطُ فِي الْفَسْخِ بِكُلٍّ مِنْهَا الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ (فِي الْأَصَحِّ) لَيُفْسَخَ بِحَضْرَتِهِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، وَيَنْفَرِدُ كُلُّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِالْفَسْخِ كَمَا فِي فَسْخِ الْبَيْعِ بِالْعَيْبِ. (وَتَثْبُتُ الْعُنَّةُ بِإِقْرَارِهِ) عِنْدَ الْحَاكِمِ (أَوْ بِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ) وَلَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهَا بِالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لِلشُّهُودِ عَلَيْهَا. (وَكَذَا) تَثْبُتُ (بِيَمِينِهَا بَعْدَ نُكُولِهِ) عَنْ الْيَمِينِ الْمَسْبُوقِ بِإِنْكَارِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِإِمْكَانِ اطِّلَاعِهَا عَلَى عُنَّتِهِ بِالْقَرَائِنِ وَالثَّانِي يُمْنَعُ ذَلِكَ وَيَقُولُ لَا تَحْلِفُ وَيَقْضِي بِنُكُولِهِ (وَإِذَا ثَبَتَتْ ضَرَبَ الْقَاضِي لَهُ سَنَةً) كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَتَابَعَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ، وَقَالُوا تَعَذُّرُ الْجِمَاعِ قَدْ يَكُونُ لِعَارِضِ حَرَارَةٍ، فَتَزُولُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ بُرُودَةٍ فَتَزُولُ فِي الصَّيْفِ أَوْ يُبُوسَةٍ فَتَزُولُ فِي الرَّبِيعِ، أَوْ رُطُوبَةٍ فَتَزُولُ فِي الْخَرِيفِ، فَإِذَا مَضَتْ السُّنَّةُ وَلَا إصَابَةَ عَلِمْنَا أَنَّهُ عَجْزٌ خِلْقِيٌّ وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ مِنْ وَقْتِ ضَرْبِ الْقَاضِي، وَإِنَّمَا يَضْرِبُ (بِطَلَبِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ فَلَوْ سَكَتَتْ لِجَهْلٍ أَوْ دَهْشَةٍ فَلَا بَأْسَ بِتَنْبِيهِهَا وَيَكْفِي فِي الضَّرْبِ قَوْلُهَا إنِّي طَالِبَةٌ حَقِّي عَلَى مُوجِبِ الشَّرْعِ وَإِنْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَلَا فَرْقَ فِي ضَرْبِ السَّنَةِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ. (فَإِذَا تَمَّتْ) أَيْ السَّنَةُ (رَفَعَتْهُ إلَيْهِ فَإِنْ قَالَ وَطِئْت) فِي السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَلَمْ تُصَدِّقْ (حَلَفَ) أَنَّهُ وَطِئَ كَمَا ذَكَرَ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَتْ) هِيَ (فَإِنْ حَلَفَتْ) أَنَّهُ مَا وَطِئَ (أَوْ أَقَرَّ) هُوَ بِذَلِكَ (اسْتَقَلَّتْ) هِيَ (بِالْفَسْخِ وَقِيلَ تَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي) لَهَا بِهِ (أَوْ فَسْخِهِ وَلَوْ اعْتَزَلَتْهُ أَوْ مَرِضَتْ أَوْ حُبِسَتْ فِي الْمُدَّةِ) ،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَمْ الْمُسَمَّى) عَلَى الْمَرْجُوحِ وَذِكْرُ الْمَنْهَجِ لِهَذَا لَا مَحَلَّ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْغَارِمُ) عَطْفٌ عَلَى الْمَغْرُومِ، فَهُوَ اسْمُ كَانَ، وَالْوَلِيُّ وَالزَّوْجَةُ خَبَرُهَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ سَكَتَ إلَخْ) هُوَ تَصْوِيرٌ لِوُجُودِ التَّغْرِيرِ مِنْهَا وَقَدْ يَكُونُ مِنْهَا حَقِيقَةً بِأَنْ عَقَدَتْ بِنَفْسِهَا، وَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ. قَوْلُهُ: (رَفْعٌ إلَى حَاكِمٍ) فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ أَوْ تَوَقَّفَ عَلَى أَخْذِ مَالٍ، فَلَهَا نَصْبُ مُحَكَّمٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَسْخِ إنْ مَضَتْ السَّنَةُ وَهُوَ مَعْدُومٌ. قَوْلُهُ: (وَيَنْفَرِدُ) عَلَى الثَّانِي. قَوْلُهُ: (بِإِقْرَارِهِ) فَلَا بُدَّ مِنْ تَكْلِيفِهِ وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ) أَيْ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ غَيْرِهِ، فَتَقْيِيدُ إقْرَارِهِ بِالْحَاكِمِ لِدَفْعِ التَّكْرَارِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (سَنَةً) أَيْ هِلَالِيَّةً. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ ابْتَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ فِي الْحِكْمَةِ وَتَابَعَهُ الْعُلَمَاءُ بَعْدَهُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ اكْتِفَاءٌ بِإِحْدَى صِفَتَيْ كُلِّ فَصْلٍ عَنْ الثَّانِيَةِ فِيهِ إذْ فِي الصَّيْفِ مَعَ الْحَرَارَةِ الْيُبُوسَةُ، وَفِي الشِّتَاءِ مَعَ الْبُرُودَةِ الرُّطُوبَةُ وَفِي الرَّبِيعِ مَعَ الرُّطُوبَةِ الْحَرَارَةُ، وَفِي الْخَرِيفِ مَعَ الْبُرُودَةِ الْيُبُوسَةُ، وَاقْتِصَارُهُمْ عَلَى الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ، فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لِمُضَادَّتِهَا لِبَعْضِهَا فَالْيُبُوسَةُ فِي الصَّيْفِ، وَالرُّطُوبَةُ فِي الشِّتَاءِ ضِدَّانِ، وَالْحَرَارَةُ فِي الرَّبِيعِ وَالْبُرُودَةُ فِي الْخَرِيفِ ضِدَّانِ، وَإِنْ كَانَ لِشُهْرَتِهَا فَالْحَرَارَةُ فِي الرَّبِيعِ وَالْبُرُودَةُ فِي الْخَرِيفِ، أَشْهَرُ فَلَوْ ذَكَرُوا فِي كُلِّ فَصْلٍ صِفَتَهُ لَكَانَ أَوْلَى وَأَشْهَرَ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (عَجْزٌ خُلُقِيٌّ) أَيْ مُطْلَقًا أَوْ لِخُصُوصِ امْرَأَةٍ أَوْ زَمَنٍ كَمَا مَرَّ، فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِطَلَبِهَا) أَيْ لَا بِطَلَبِ وَلِيِّهَا وَلَوْ مَحْجُورَةً بِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ رِقٍّ. قَوْلُهُ: (حَقِّي) قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ تَقَرُّرُ الْمَهْرِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ آنِفًا. قَوْلُهُ: (الْحُرِّ وَالْعَبْدِ) وَالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَقَالَ مَالِكٌ: يُضْرَبُ لِلْعَبْدِ نِصْفُ سَنَةٍ فَقَطْ، وَرُدَّ بِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْحُرُّ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (رَفَعَتْهُ) إنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا وَإِلَّا انْتَظَرَتْ إفَاقَتَهُ أَوْ كَمَالَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ تُصَدِّقْهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَكَذَّبَتْهُ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ صَدَّقَتْهُ أَوْ سَكَتَتْ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْفَسْخِ، وَإِنْ لَمْ تُزَلْ الْبَكَارَةُ لِرِقَّةِ ذَكَرِهِ مَثَلًا، فَإِنَّهُ وَطْءٌ مُعْتَبَرٌ إلَّا فِي التَّحْلِيلِ. قَوْلُهُ: (حَلَفَ) وَلَا حَاجَةَ لِمُرَاجَعَتِهَا نَعَمْ إنْ كَانَتْ بِكْرًا غَيْرَ غَوْرَاءَ حَلَفَتْ هِيَ وَلَوْ مَعَ بَيِّنَةٍ بِعُذْرَتِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ بَكَارَةٍ مَشْرُوطَةٍ صُدِّقَتْ فِي أَنَّهَا بِكْرٌ لِدَفْعِ الْفَسْخِ وَصُدِّقَ هُوَ فِي عَدَمِهَا، لِعَدَمِ كَمَالِ الْمَهْرِ، فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ تُشْطَرُ. قَوْلُهُ: (حَلَفَتْ) فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَتْ، فَإِنْ نَكَلَ فَسَخَتْ بِلَا يَمِينٍ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ مَا وَطِئَ) أَوْ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا أَوْ أَنَّ بَكَارَتَهَا أَصْلِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (اسْتَقَلَّتْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ بَعْدَ قَوْلِ الْقَاضِي ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ أَوْ ثَبَتَتْ الْعُنَّةُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ حَكَمْت بِذَلِكَ، وَلَوْ رَجَعَتْ بَعْدَ إنْكَارِهَا وَصَدَّقَتْهُ قُبِلَتْ وَسَقَطَ الْفَسْخُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (أَمْ الْمُسَمَّى) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (وَكَذَا سَائِرُ الْعُيُوبِ) أَيْ لِأَنَّهَا مُجْتَهَدٌ فِيهَا فَأَشْبَهَ الْفَسْخَ بِالْإِعْسَارِ قَوْلُهُ: (بِإِقْرَارٍ) يَخْرُجُ بِهِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْحَاكِمِ) إنَّمَا قُيِّدَ بِذَلِكَ لِئَلَّا يُقَالَ مَا بَعْدَ هَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ أَوْ بِبَيِّنَةٍ إلَى آخِرِهِ يُغْنِي عَنْهُ. قَوْلُهُ: (الثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْرَهُهَا أَوْ يَسْتَحْيِي مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَتَابَعَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ) قَالَ الْإِمَامُ قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى اتِّبَاعِهِ فِي هَذَا قَوْلُهُ: (عَلِمْنَا أَنَّهُ عَجَزَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَخْدِشُهُ كَوْنُ الشَّخْصِ يَعِنُّ عَنْ امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى وَعَنْ مَأْتِيٍّ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ لِلْفَصْلِ أَثَرٌ لِأَثَرِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (مِنْ وَقْتِ ضَرْبِ الْقَاضِي) لِأَنَّهَا مُجْتَهَدٌ فِيهَا لِثُبُوتِهَا بِاجْتِهَادِ عُمَرَ بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ، فَيَكُونُ مِنْ وَقْتِ الْحَلِفِ. قُلْت وَهَذَا التَّعْلِيلُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْحُجَّةَ فِي الْعَامِّ الْإِجْمَاعُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (رَفَعْته) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وُجُوبُ الْفَوْرِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 جَمِيعِهَا (لَمْ تُحْسَبْ) وَتَسْتَأْنِفُ سَنَةٌ أُخْرَى بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ فِي السَّنَةِ فَإِنَّهَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ وَلَوْ وَقَعَ لَهَا مِثْلُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ السَّنَةِ وَزَالَ فَالْقِيَاسُ أَنْ تُسْتَأْنَفَ السَّنَةُ (وَلَوْ رَضِيَتْ بَعْدَهَا بِهِ بَطَلَ حَقُّهَا) مِنْ الْفَسْخِ أَيْ سَقَطَ لِرِضَاهَا بِالْعَيْبِ، (وَكَذَا لَوْ أَجَّلَتْهُ) بَعْدَ السَّنَةِ مُدَّةً أُخْرَى كَشَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حَقُّهَا مِنْ الْفَسْخِ (عَلَى الصَّحِيحِ) ، لِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَالتَّأْجِيلُ مُفَوِّتٌ لِلْفَوْرِ، وَالثَّانِي لَا يَبْطُلُ لِإِحْسَانِهَا بِالتَّأْجِيلِ، فَلَا يَلْزَمُهَا، فَلَهَا الْفَسْخُ مَتَى شَاءَتْ. (وَلَوْ نَكَحَ وَشُرِطَ فِيهَا إسْلَامٌ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا نَسَبٌ أَوْ حُرِّيَّةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا) ، كَكَوْنِهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا أَوْ كِتَابِيَّةً، أَوْ أَمَةً أَوْ كَوْنِهِ عَبْدًا (فَأَخْلَفَ) الْمَشْرُوطَ (فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ) لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مُعَيَّنٌ لَا يَتَبَدَّلُ بِخُلْفِ الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَعْتَمِدُ الصِّفَاتِ وَالْأَسْمَاءَ دُونَ التَّعْيِينِ وَالْمُشَاهَدَةِ فَيَكُونُ اخْتِلَافُ الصِّفَةِ فِيهِ كَاخْتِلَافِ الْعَيْنِ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْعَيْنُ، بِأَنْ قَالَتْ زَوِّجْنِي مِنْ زَيْدٍ فَزَوَّجَهَا مِنْ عَمْرٍو لَمْ يَصِحَّ فَكَذَا هُنَا، وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا حَدَّ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ. (ثُمَّ) عَلَى الصِّحَّةِ (إنْ بَانَ) الْمَوْصُوفُ (خَيْرًا مِمَّا شُرِطَ) فِيهِ كَأَنْ شُرِطَ فِي الزَّوْجَةِ أَنَّهَا كِتَابِيَّةٌ فَبَانَتْ مُسْلِمَةً، أَوْ أَمَةٌ فَبَانَتْ حُرَّةً، أَوْ ثَيِّبٌ فَبَانَتْ بِكْرًا وَفِي الزَّوْجِ أَنَّهُ عَبْدٌ فَبَانَ حُرًّا (فَلَا خِيَارَ وَإِنْ بَانَ دُونَهُ) كَأَنْ شُرِطَ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَبَانَتْ أَمَةً، وَهُوَ حُرٌّ يَحِلُّ لَهُ.   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: تَصْدِيقُ الزَّوْجِ هُنَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ تَصْدِيقِ النَّافِي لِلْوَطْءِ، كَمَا اسْتَثْنَى مِنْهَا مَا لَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ الْوَطْءَ، وَأَنْكَرَتْ فَيُصَدَّقُ هُوَ بِيَمِينِهِ، وَمَا لَوْ ادَّعَى الْمُحَلِّلُ عَدَمَ الْوَطْءِ، وَادَّعَتْهُ فَتُصَدَّقُ هِيَ بِيَمِينِهَا، وَمَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِلْإِمْكَانِ مِنْهُ وَأَنْكَرَ الْوَطْءَ مِنْ أَصْلِهِ فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ، وَمَا لَوْ ادَّعَتْ فِي بَكَارَةٍ مَشْرُوطَةٍ فِي الْعَقْدِ أَنَّهُ أَزَالَهَا وَأَنْكَرَ فَتُصَدَّقُ هِيَ، كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا وَيَلْحَقُ بِهَذَا مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِعَدَمِ الْوَطْءِ ثُمَّ ادَّعَاهُ وَأَنْكَرَتْ، فَيُصَدَّقُ هُوَ مَا لَوْ عَلَّقَ أَنَّهُ مَتَى تَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ كَذَا مِنْ صَدَاقِهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ وَادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ لَهَا صَدَاقَهَا، وَأَنْكَرَتْ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِإِبْرَائِهَا لَا مِنْ حَيْثُ سُقُوطُ مَهْرِهَا عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اعْتَزَلَتْهُ) أَوْ لَمْ تُمَكِّنْهُ وَيُصَدَّقُ هُوَ إذَا ادَّعَاهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ حُبِسَتْ) وَلَوْ مِنْ جِهَتِهِ أَوْ ظُلْمًا لَمْ تُحْسَبْ الْمُدَّةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ، فَتُحْسَبُ الْمُدَّةُ فِيهِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ فَتُحْسَبُ الْمُدَّةُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (فَالْقِيَاسُ إلَخْ) هَذَا مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ لَا تَعْتَزِلَهُ فِي مِثْلِ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَتْ اعْتَزَلَتْهُ فِيهِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ لِقَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ إنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهِ الِاسْتِئْنَافُ أَيْضًا، وَمَنْعُ اللُّزُومِ ظَاهِرٌ خُصُوصًا إنْ كَانَتْ اعْتَزَلَتْهُ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ الْمَضْرُوبَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَضِيَتْ إلَخْ) هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِالْفَوْرِيَّةِ الْمَشْرُوطَةِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بَعْدَهَا) وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهَا قَبْلَهَا لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْحَقِّ. قَوْلُهُ: (أَيْ سَقَطَ) دَفَعَ بِهِ مَا يَقْتَضِيهِ الْبُطْلَانُ مِنْ وُجُودِ حَقٍّ قَبْلَ الرِّضَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَكَحَ) أَيْ وَلَوْ وَقَعَ نِكَاحٌ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا بَعْدَهُ وَيَجُوزُ فِيهِ وَيَتَعَيَّنُ فِي شَرْطٍ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ بِدَلِيلِ الرَّفْعِ بَعْدَهُ فِي إسْلَامٍ وَتَابِعِهِ، وَهُوَ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الشَّارِطُ الزَّوْجَ أَوْ الزَّوْجَةَ أَوْ غَيْرَهُمَا، مِمَّنْ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ. قَوْلُهُ: (كَكَوْنِهَا) لَوْ قَالَ كَبَكَارَةٍ وَثُيُوبَةٍ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ شَرَطَتْ الزَّوْجَةُ بَكَارَةَ الزَّوْجِ أَوْ ثُيُوبَتَهُ، كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَكَانَ أَوْلَى وَشَرْطُ نَحْوِ الْبَيَاضِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إلَخْ) وَقِيَاسًا بِالْأَوْلَى عَلَى الْبَيْعِ الَّذِي يَتَأَثَّرُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ مَعَ أَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيُفَرِّقُ) أَيْ يُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (إنْ بَانَ خَيْرًا مِمَّا شُرِطَ) أَيْ إنْ بَانَ الْمَوْصُوفُ بِوَصْفٍ أَكْمَلَ مِنْ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ أَوْ إنْ بَانَ الْوَصْفُ خَيْرًا مِنْ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْ فَلَا خِيَارَ، وَالْمَنْظُورُ إلَيْهِ كَمَالُ الْوَصْفِ فِي ذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مُرَادِ الشَّارِطِ، كَمَا تَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَبَانَتْ بِكْرًا فَلَا خِيَارَ) وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ ضَعِيفَ الْآلَةِ. قَوْلُهُ: (دُونَهُ) مِنْهُ مَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا بِكْرًا فَبَانَتْ ثَيِّبًا فَلَهُ الْخِيَارُ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ ثَيِّبًا أَيْضًا فِيهِ كَمَا يَأْتِي وَمِنْ الدُّونِ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ مَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَهَا مُسْلِمَةً فَبَانَتْ كَافِرَةً تَحِلُّ لَهُ، وَفَارَقَ عَدَمَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ فِي هَذِهِ، لِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ الْمَنْظُورِ إلَيْهَا فِيهِ، وَمِنْهُ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (مِنْ الْفَسْخِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ فَوْرِيٌّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِيهَا إسْلَامٌ) لَمْ يَقُلْ فِي أَحَدِهِمَا إشَارَةً إلَى أَنَّ ضَابِطَ الْمَذْكُورِ هُنَا أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ، يَصِحُّ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الشَّرْطِ، فَلَوْ شَرَطَتْ الْكِتَابِيَّةُ إسْلَامَهُ فَأَخْلَفَ اطَّرَدَ الْقَوْلَانِ. قَوْلُهُ: (كَكَوْنِهَا بِكْرًا) لَوْ اخْتَلَفَا فَزَعَمَتْ زَوَالَ الْبَكَارَةِ الْمَشْرُوطَةِ بِوَطْئِهِ، وَأَنْكَرَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا لِرَفْعِ الْفَسْخِ وَصُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِرَفْعِ كَمَالِ الْمَهْرِ، حَتَّى لَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ الشَّطْرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ) هَذَا بِعُمُومِهِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَتْ الْمَنْكُوحَةُ قَاصِرَةً، وَشَرَطَ الْوَلِيُّ حُرِّيَّةَ الزَّوْجِ أَوْ نَسَبَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْكَفَاءَةِ، وَأَخْلَفَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فَسَادُ النِّكَاحِ وَمِثْلُهُ، أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ زَوَّجَ الْقَاصِرَةَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَكِنْ عَلَى ظَنِّ الْكَفَاءَةِ، فَأَخْلَفَ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ صَرَّحَ فِي فَصْلِ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ غَيْرَ كُفْءٍ بِالْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ، وَذَكَرَ فِيهَا مَا حَاوَلَتْهُ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي بُطْلَانُهُ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ خَيْرًا مِمَّا شَرَطَ هَلْ يَتَخَلَّفُ هَذَا الْقَوْلُ أَمْ لَا ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ الْعُمُومُ. قَوْلُهُ: (وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الْقَائِلِ بِالْبُطْلَانِ قَوْلُهُ: (فَفِي أَحَدِ قَوْلَيْنِ) الْمُرَادُ بِهِمَا الْأَظْهَرُ وَمُقَابِلُهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَقَدْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِي نِكَاحِهَا أَوْ أَنَّهُ حُرٌّ فَبَانَ عَبْدًا وَقَدْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي النِّكَاحِ وَالزَّوْجَةُ حُرَّةٌ (فَلَهَا خِيَارٌ وَكَذَا لَهُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا خِيَارَ لَهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخَلَاصِ بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عَبْدًا فَفِي أَحَدِ قَوْلَيْنِ صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ لِتَكَافُئِهِمَا وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي الثَّانِيَةِ أَمَةً فَفِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ لَا خِيَارَ لِتَكَافُئِهِمَا وَقَطَعَ بِمُقَابِلِهِ، وَيَكُونُ الْخِيَارُ لِلسَّيِّدِ. وَلَوْ شُرِطَ فِي الزَّوْجِ نَسَبٌ شَرِيفٌ فَبَانَ خِلَافُهُ فَإِنْ كَانَ نَسَبُهُ دُونَ نَسَبِهَا فَلَهَا الْخِيَارُ كَمَا شَمَلَتْهُ الْعِبَارَةُ، وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ، فَلِأَوْلِيَائِهَا الْخِيَارُ لِفَوَاتِ الْكَفَاءَةِ، وَإِنْ كَانَ نَسَبُهُ مِثْلَ نَسَبِهَا أَوْ فَوْقَهُ، فَالْأَظْهَرُ وَقُطِعَ بِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا وَلَا لِلْأَوْلِيَاءِ لِانْتِفَاءِ الْعَارِ. وَلَوْ شُرِطَ النَّسَبُ فِي الزَّوْجَةِ فَبَانَ خِلَافُهُ، فَإِنْ كَانَ نَسَبُهَا دُونَ نَسَبِهِ، فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا شَمَلَتْهُ الْعِبَارَةُ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ، فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَقِيلَ لَا خِيَارَ لَهُ مُطْلَقًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الطَّلَاقِ. فَرْعٌ: خِيَارُ الْخُلْفِ عَلَى الْفَوْرِ، وَقِيلَ فِيهِ خِلَافُ خِيَارِ الْعِتْقِ الْآتِي قَالَ الْبَغَوِيّ، وَيَنْفَرِدُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بِالْفَسْخِ، وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى الْحَاكِمِ كَخِيَارِ عَيْبِ الْمَبِيعِ وَتَعَقَّبَهُ الرَّافِعِيُّ، بِأَنَّ الْخُلْفَ يُبْطِلُ الْعَقْدَ عَلَى قَوْلِ فَلْيَكُنْ كَخِيَارِ عَيْبِ النِّكَاحِ. (وَلَوْ ظَنَّهَا مُسْلِمَةً أَوْ حُرَّةً فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ فَلَا خِيَارَ) لَهُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ، أَوْ الشَّرْطِ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الثَّانِيَةِ، وَوَجْهُ الثَّانِي الْمَنْصُوصُ فِي الْأُولَى إلْحَاقُ خُلْفِ الظَّنِّ بِخُلْفِ الشَّرْطِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَنْ هُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَرَّرَ النَّصَّيْنِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ وَلِيَّ الْكَافِرَةِ، كَافِرٌ يَتَمَيَّزُ بِعَلَامَةٍ كَالْغِيَارِ، وَخَفَاءُ الْحَالِ عَلَى الزَّوْجِ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّلْبِيسِ بِتَرْكِ الْعَلَامَةِ وَوَلِيُّ الْأَمَةِ لَا يَتَمَيَّزُ عَنْ وَلِيِّ الْحُرَّةِ. (وَلَوْ أَذِنَتْ) لِلْوَلِيِّ (فِي تَزْوِيجِهَا بِمِنْ ظَنَّتْهُ كُفُؤًا) لَهَا (فَبَانَ فِسْقُهُ أَوْ دَنَاءَةُ نَسَبِهِ، وَحِرْفَتِهِ فَلَا خِيَارَ لَهَا)   [حاشية قليوبي] مَا لَوْ شُرِطَ كَوْنُهَا بَيْضَاءَ فَبَانَتْ سَمْرَاءَ، أَوْ كَوْنُهُ أَبْيَضَ فَبَانَ أَسْمَرَ، أَوْ كَوْنُ أَحَدِهِمَا جَمِيلًا فَبَانَ قَبِيحًا، وَهَكَذَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارُ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ حُرٌّ يَحِلُّ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ وَكَذَا بِمَا عَبَّدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِيمَا لَوْ بَانَ مِثْلَهُ الَّذِي تَدَافَعَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ قَالَ ثُمَّ إنْ بَانَ دُونَهُ ثَبَتَ الْخِيَارُ، وَإِلَّا فَلَا لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ. قَوْلُهُ: (الْأُولَى) وَهِيَ شَرْطُ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَبَانَتْ أَمَةً. قَوْلُهُ: (صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لِتُكَافِئهُمَا) أَيْ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْخَلَاصِ بِالطَّلَاقِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ هَذِهِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْمَقْطُوعِ بِهِ فِي الَّتِي بَعْدَهَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ شُرِطَ فِي أَحَدِهِمَا حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ فَبَانَ عَتِيقًا أَوْ كَوْنُهُ مُبَعَّضًا فَبَانَ رَقِيقًا أَوْ مُبَعَّضًا وَلَوْ مِثْلَهُ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ لَهَا لَا لَهُ لِمَا ذُكِرَ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِيَارَ فِيمَا لَوْ بَانَ دُونَهُ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهَا لَا لَهُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ، وَقَدْ مَرَّ خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بِمُقَابِلِهِ) وَهُوَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لِلسَّيِّدِ) لِأَنَّ لَهُ إجْبَارَهَا عَلَى نِكَاحِ الْعَبْدِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لَهَا فِي الْعَيْبِ. قَوْلُهُ: (كَمَا شَمِلَتْهُ الْعِبَارَةُ) فَذَكَرَهُ لِأَجْلِ تَتْمِيمِ الْأَقْسَامِ وَكَذَا ذَكَرَ الْفَوْقِيَّةَ أَيْضًا، وَإِنَّمَا لَمْ يُنَبِّه عَلَيْهِ لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِيهِ، فَهُوَ لَمْ تَشْمَلْهُ الْعِبَارَةُ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ فَافْهَمْ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (فَالْأَظْهَرُ وَقَطَعَ بِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا) كَمَا يَأْتِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. . قَوْلُهُ: (كَمَا شَمِلَتْهُ الْعِبَارَةُ) الْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ هَذِهِ مِمَّا شَمِلَتْهُ الْعِبَارَةُ لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِيهَا، الْمَعْلُومِ بِقَوْلِهِ. وَقِيلَ لَا خِيَارَ لَهُ مُطْلَقًا وَمَا سَلِمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ أَحَدٌ وَإِنْ بَلَغَ الْغَايَةَ الْقُصْوَى. قَوْلُهُ: (فَلَا خِيَارَ لَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْفَوْرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيَنْفَرِدُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَتَعَقَّبَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) يُقَالُ عَلَيْهِ حَيْثُ قِيلَ بِالْبُطْلَانِ فِي الْخُلْفِ، فَهُوَ أَقْوَى مِنْ عَيْبِ النِّكَاحِ فَلَا يُقَاسُ. تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا: مَحِلُّ عَدَمِ الْخِيَارِ إذَا بَانَ مِثْلُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ الْعُيُوبِ بِقَرِينَةِ مَا سَبَقَ قَالَ شَيْخُنَا وَمَحِلُّهُ أَيْضًا فِي النَّسَبِ وَالْحِرْفَةِ وَالْعِفَّةِ أَمَّا غَيْرُهَا، كَالْقُبْحِ وَالْبَيَاضِ وَالسُّمْرَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَالْجَمَالِ فَالْمِثْلِيَّةُ فِيهَا لَا تُسْقِطُ الْخِيَارَ لَهُمَا فَرَاجِعْهُ. ثَانِيهمَا أَنَّهُ اُسْتُفِيدَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ عَدَمَ الْكَفَاءَةِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعِهَا خِلَافُهُ فَلْيُنْظَرْ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ وَحَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي خُلْفِ الظَّنِّ لَا يَسْتَقِيمُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ظَنَّهَا إلَخْ) هُوَ لِبَيَانِ أَنَّ الظَّنَّ لَيْسَ كَالشَّرْطِ وَذِكْرُهُ مِثَالٌ لِقَاعِدَةٍ هِيَ لَوْ ظَنَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي الْآخَرِ، وَصْفًا فَأُخْلِفَ فَلَا خِيَارَ، وَالْمُرَادُ فِي غَيْرِ الْعُيُوبِ بِقَرِينَةِ مَا سَبَقَ وَسَيُشِيرُ الشَّارِحُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الْكِتَابِيَّةُ أَوْ الْأَمَةُ تَحِلُّ لَهُ. قَوْلُهُ: (الْبَحْثِ أَوْ الشَّرْطِ) فَالْوَاوُ فِي عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ بِمَعْنَى أَوْ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَظْهَرِ، لِأَنَّ لِلْخِلَافِ طُرُقٌ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نِسْبَةُ مُقَابِلِ النَّصِّ لِلشَّافِعِيِّ كَمَا مَرَّ فِي مَحِلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُمْ مَنْ قَرَّرَ النَّصَّيْنِ) وَهُمَا عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلزَّوْجِ وَفِي الثَّانِيَةِ، وَهِيَ الْأَمَةُ وَثُبُوتُهُ لَهُ فِي الْأُولَى، وَهِيَ الْكَافِرَةُ. قَوْلُهُ: (بِالتَّلْبِيسِ) فَلَا تَقْصِيرَ مِنْ الزَّوْجِ فَلَهُ الْخِيَارُ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِيهَا وَهَذَا الْفَرْقُ مِنْ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا خِيَارَ لَهُ مُطْلَقًا) هَذَا هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ السَّابِقِ فِي الْمَتْنِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ كَمَا شَمَلَتْهُ الْعِبَارَةُ، كَمَا قَالَ فِيمَا سَلَفَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا خِيَارَ) أَيْ كَمَا لَوْ ظَنَّ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ كَاتِبًا مَثَلًا فَأَخْلَفَ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ) أَيْ وَمُقَابِلُهُ مُخْرَجٌ مِنْ النَّصِّ فِي الْأُولَى، كَمَا أَنَّ مُقَابِلَ النَّصِّ فِي الْأُولَى مُخْرَجٌ مِنْ النَّصِّ فِي الثَّانِيَةِ، قَوْلُهُ: (وَفَرَّقَ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ رَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهَا الْمُتَضَرِّرَةُ بِالْفَسْخِ فَكَيْف يُجْعَلُ تَغْرِيرُ غَيْرِهَا سَبَبًا لِضَرَرِهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 لِتَقْصِيرِهَا بِتَرْكِ الْبَحْثِ (قُلْت وَلَوْ بَانَ مَعِيبًا أَوْ عَبْدًا فَلَهَا الْخِيَارُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمُوَافَقَةِ مَا ظَنَّتْهُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالسَّلَامَةِ مِنْ الْعَيْبِ الْغَالِبِ فِي النَّاسِ وَالْمَسْأَلَتَانِ ذَكَرَهُمَا الرَّافِعِيُّ وَالْأُولَى مُسْتَغْنًى عَنْهَا بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْعُيُوبِ وَالثَّانِي بِطُرُقِهَا خِلَافُ مَا إذَا ظَنَّهَا حُرَّةً، فَبَانَتْ أَمَةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعْهُ الْمُصَنِّفُ وَتَعَقَّبَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْفِسْقِ بِأَنَّهُ ذَكَرَ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّ لَهَا حَقَّ الْفَسْخِ بِهِ وَتَعْجَبُ مِمَّا قَالَ هُنَا مَعَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ (وَمَتَى فَسَخَ بِخُلْفٍ) لِلشَّرْطِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ (فَحُكْمُ الْمَهْرِ وَالرُّجُوعِ بِهِ عَلَى الْغَارِّ مَا سَبَقَ فِي الْعَيْبِ) فَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا مَهْرَ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحَالِ، إلَّا بَعْدَهُ فَمَهْرُ الْمِثْلِ وَقِيلَ الْمُسَمَّى، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا يَغْرَمُهُ عَلَى الْغَارِّ فِي الْجَدِيدِ. (وَالْمُؤَثِّرُ) ، لِلْفَسْخِ بِخُلْفِ الشَّرْطِ، (تَغْرِيرٌ قَارَنَ الْعَقْدَ) ، كَقَوْلِهِ زَوَّجْتُك هَذِهِ الْمُسْلِمَةَ، أَوْ الْبِكْرَ أَوْ الْحُرَّةَ، وَهُوَ وَكِيلٌ عَنْ السَّيِّدِ، أَوْ يَصِفُهَا لَهُ بِذَلِكَ مُرَغِّبًا فِي نِكَاحِهَا ثُمَّ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ عَلَى الِاتِّصَالِ بِخِلَافِ، مَا لَوْ زَوَّجَهَا مِنْهُ بَعْدَ أَيَّامٍ. (وَلَوْ غُرَّ بَحْرِيَّة أَمَةٍ) فِي نِكَاحِهِ إيَّاهَا كَأَنْ شَرَطَتْ فِيهِ، (وَصَحَّحْنَاهُ) أَيْ النِّكَاحَ بِأَنْ قُلْنَا بِالْأَظْهَرِ، إنَّ خُلْفَ الشَّرْطِ لَا يُبْطِلُهُ وَحَصَلَ مِنْهُ وَلَدٌ (فَالْوَلَدُ) الْحَاصِلُ (قَبْلَ الْعِلْمِ) ، بِأَنَّهَا أَمَةٌ (حُرٌّ) لِظَنِّ الزَّوْجِ حُرِّيَّتَهَا حِينَ حُصُولِهِ سَوَاءٌ، كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَسَوَاءٌ فَسَخَ الْعَقْدَ أَمْ أَجَازَهُ، إذَا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ (وَعَلَى الْمَغْرُورِ قِيمَتُهُ لِسَيِّدِهَا) لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ رِقَّهُ التَّابِعَ لِرَقِّهَا بِظَنِّهِ حُرِّيَّتَهَا، فَتَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ أَيَّامِ إمْكَانِ تَقْوِيمِهِ (وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَارِّ) لِأَنَّهُ الْمُوقِعُ لَهُ فِي غَرَامَتِهَا وَهُوَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَغْرَمَهَا بِخِلَافِ الْمَهْرِ، إنَّمَا   [حاشية قليوبي] حَيْثُ الْخِلَافُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْخِيَارِ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَذِنَتْ) أَيْ لِمُجْبِرٍ مُطْلَقًا أَوْ لِغَيْرِهِ، وَعَيَّنَتْ الزَّوْجَ سَوَاءٌ عَلِمَ الْوَلِيُّ بِحَالِ الزَّوْجِ أَوْ لَا وَمَا مَرَّ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي عَدَمِ الْكَفَاءَةِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَا ذُكِرَ كَذَا قَالُوا فَرَاجِعْهُ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ فِيمَا مَرَّ وَمِنْ بَابِ الْكَفَاءَةِ. قَوْلُهُ: (بِمَنْ ظَنَّتْهُ كُفُؤًا) وَهُوَ مُعَيَّنٌ مُطْلَقًا أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فِي الْمُجْبَرِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ كَذَا قَالُوهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كَيْفَ لَا يَكُونُ مُعَيَّنًا مَعَ أَنَّهَا أَذِنَتْ فِيهِ، وَكَيْفَ يَصِحُّ النِّكَاحُ اتِّفَاقًا مَعَ عَدَمِ الْكَفَاءَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْغَالِبِ) مَفْعُولُ الْمُوَافَقَةَ. قَوْلُهُ: (وَالْمَسْأَلَتَانِ ذَكَرَهُمَا الرَّافِعِيُّ) أَيْ فِي الشَّرْحِ وَلَمْ يُنَبِّهْ الشَّارِحُ عَلَيْهِ بَعْدُ. قُلْت كَمَا هُوَ عَادَتُهُ لِأَجْلِ مَا ذَكَرَهُ، فِيهِمَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْأُولَى) وَهِيَ مَا لَوْ بَانَ مَعِيبًا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ مُسْتَغْنًى عَنْهَا إلَى أَنَّهَا مُكَرَّرَةٌ، وَلَعَلَّ ذِكْرَهَا لِتَتْمِيمِ أَقْسَامِ خِصَالِ الْكَفَاءَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يَطْرُقُهَا خِلَافُ إلَخْ) وَالْحُكْمُ فِيهَا الْمُعْتَمَدُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ هُنَا، وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اتِّحَادِ الْمُخَالِفِ اتِّحَادُ التَّرْجِيحِ، قَوْلُهُ: (وَتَعَقَّبَهُ إلَخْ) أَيْ تَعَقَّبْ الْمُصَنِّفَ فِي الرَّوْضَةِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ وَتَعَجَّبَ الْمُصَنِّفُ مِنْ الرَّافِعِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ مُخَالَفَةِ كَلَامِهِ فِي مَوْضِعَيْنِ عَلَى مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ بَعْضُهُمْ، فَالْمُصَنِّفُ أَوْلَى بِالتَّعَجُّبِ بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا تَعَجُّبَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَدْ دَفَعَهُ السَّنْبَاطِيُّ بِبَعْضِ مَا يُنَاسِبُ رَدَّهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِلشَّرْطِ) هُوَ قَيْدٌ لِمُرَاعَاةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَخُلْفُ الظَّنِّ كَذَلِكَ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَحُكْمُ الْمَهْرِ إلَخْ) وَحُكْمُ الْمُؤَنِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا عَدَمُ وُجُوبِهَا لِكُلِّ مَفْسُوخَةٍ إلَّا سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ الْحَامِلِ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِوُجُوبِهَا فِي الْفَسْخِ بِغَيْرِ الْمُقَارِنِ، ثُمَّ قَالَ وَالْكَلَامُ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْغَارِّ، وَأَمَّا هِيَ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ وَكِيلٌ) ذَكَرَهُ لِيُوَافِقَ مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلَى الِاتِّصَالِ) ذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ مِثَالًا لِلْمُقَارَنَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ شَرْطًا لِلتَّغْرِيرِ لِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ، وَلَا لِلرُّجُوعِ بِقِيمَتِهِ وَعَلَى كُلٍّ فَذِكْرُ الشَّارِحِ لَهُ لَيْسَ فِي مَحِلِّهِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي التَّغْرِيرِ الْمُوجِبِ لِلْفَسْخِ، وَلِذَلِكَ حَذَّرَ مِنْهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ) سَوَاءٌ وَقَعَ التَّغْرِيرُ فِي الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (أَمْ عَبْدًا) وَهَذَا حُرٌّ بَيْنَ رَقِيقَيْنِ. قَوْلُهُ: (حُرًّا كَانَ إلَخْ) وَيُطَالَبُ الْحُرُّ حَالًا وَكَذَا الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ وَيُطَالَبُ غَيْرُهُمْ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَوْ لِبَعْضِهِ أَخْذًا مِنْ مُطَالَبَةِ الْمُبَعَّضِ كَمَا تَقَدَّمَ لَكِنْ بَعْدَ الْيَسَارِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لِمَالِكِهِ بَدَلَ سَيِّدِهَا كَانَ أَوْلَى وَمَعْلُومٌ، أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا لِمَالِكِ الْوَلَدِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَنْ ظَنَّتْهُ كُفُؤًا) مِثْلُ ذَلِكَ، فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ جَهِلَتْ كَوْنَ الْكَفَاءَة، مُعْتَبَرَةً ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا إلَى قَوْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، يُفِيدُ أَنَّ كَوْنَ الْإِخْلَالِ بِالْكَفَاءَةِ مُفْسِدًا لِلنِّكَاحِ مَحَلُّهُ، إذَا كَانَتْ الْمَنْكُوحَةُ مُجْبَرَةً لَمْ تَأْذَنْ وَعَلِمَ الْوَلِيُّ الْحَالَ وَكَذَا لَوْ جَهِلَ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ، إذَا كَانَ الْإِذْنُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ لِمُعَيَّنٍ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ، وَلَا خِيَارَ إلَّا فِي الْعَيْبِ وَالرِّقِّ عَلَى مَا تَقَرَّرَ هُنَا، مَعَ مُلَاحَظَةِ مَا أَسْلَفْنَاهُ فِي الْحَاشِيَةِ أَوَّلَ الْفَصْلِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالْإِمَامِ نَعَمْ لَوْ أَذِنَتْ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِغَيْرِ كُفْءٍ مَعَ عِلْمِ الْحَالِ اتَّجَهَ الْبُطْلَانُ. قَوْلُهُ: (كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ) أَيْ بَحْثًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ سَعِدَ فِي ذَلِكَ الْبَحْثِ، فَإِنَّهُ نَصُّ إمَامِ الْمَذْهَبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَعَنْ الزَّرْكَشِيّ وَعَنْ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ. قَوْلُهُ: (وَتَعْجَبُ مِمَّا قَالَهُ هُنَا) قُلْت وَلِهَذَا تَعَجَّبَ بَعْضُهُمْ مِنْ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي اتِّبَاعِهِ لِلرَّافِعَيَّ هُنَا قَوْلُهُ: (لِلشَّرْطِ) لَمْ يَقُلْ أَوْ الظَّنِّ لِقَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَارِّ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْخُلْفِ فِيمَا لَوْ ظَنَّتْهُ حُرًّا فَبَانَ عَبْدًا فِيهَا بَحْثُ الشَّيْخَيْنِ السَّابِقُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُؤَثِّرُ لِلْفَسْخِ) مِثْلُهُ الْبُطْلَانُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ. قَوْلُهُ: (حُرٌّ) أَيْ انْعَقَدَ حُرًّا خِلَافًا لِاحْتِمَالٍ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ بِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ رَقِيقًا ثُمَّ يَعْتِقُ. قَوْلُهُ: (وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَارِّ) قَالَ الْإِمَامُ بِالْإِجْمَاعِ انْتَهَى وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَهْرِ كَمَا سَبَقَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 يَرْجِعُ إذَا غَرِمَ كَالضَّامِنِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: قَبْلَ الْعِلْمِ عَنْ الْحَاصِلِ بَعْدَهُ، فَهُوَ رَقِيقٌ وَالْمُرَادُ بِالْحُصُولِ الْعُلُوقُ، وَقَوْلُهُ صَحَّحْنَاهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ، فَإِنَّ الْحُكْمَ كَمَا ذُكِرَ إذَا أُبْطِلَ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ، وَكَذَا إذَا بَطَلَ بِكَوْنِ الزَّوْجِ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِشُبْهَةِ التَّغْرِيرِ (وَالتَّغْرِيرُ بِالْحُرِّيَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ سَيِّدِهَا) ، لِأَنَّهُ إذَا قَالَ زَوَّجَتْك هَذِهِ الْحُرَّةَ، أَوْ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ عَتَقَتْ (بَلْ) يُتَصَوَّرُ (مِنْ وَكِيلِهِ) فِي نِكَاحِهَا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْفَوَاتُ فِي ذَلِكَ بِخُلْفِ الشَّرْطِ تَارَةً وَالظَّنِّ أُخْرَى، (أَوْ مِنْهَا) وَالْفَوَاتُ فِيهِ بِخُلْفِ الظَّنِّ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ لَيْسَ بِعَاقِدٍ، وَلَا مَعْقُودٍ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ مِنْهَا تَعَلَّقَ الْغُرْمُ بِذِمَّتِهَا) ، فَتُطَالَبُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهَا وَلَا بِرَقَبَتِهَا (وَلَوْ انْفَصَلَ الْوَلَدُ مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ) ، لِأَنَّ حَيَاتَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْفَصِلْ بِجِنَايَةٍ فَفِيهِ لِانْعِقَادِهِ حُرًّا غُرَّةٌ لِوَارِثِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا كَانَ أَوْ سَيِّدَ الْأَمَةِ أَوْ الْمَغْرُورَ، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا تَعَلَّقَتْ الْغُرَّةُ بِرَقَبَتِهِ وَيَضْمَنُهُ الْمَغْرُورُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ لِتَفْوِيتِهِ رِقَّهُ بِعَشْرِ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي يَضْمَنُ بِهِ الْجَنِينُ الرَّقِيقَ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إلَّا مَا يَضْمَنُ بِهِ الرَّقِيقَ وَالْغُرَّةَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِرَاحِ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَرِثَ مِنْهَا فِي مَسْأَلَتِنَا مَعَ الْأَبِ الْحُرِّ غَيْرِ الْجَانِي إلَّا أَمُّ الْأُمِّ الْحُرَّةِ. (وَمَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ رَقِيقٍ أَوْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ تُخُيِّرَتْ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ) ، قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «أَنَّ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ، فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ أَمَّا مَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ فَلَا خِيَارَ لَهَا، لِأَنَّ مَا حَدَثَ لَهَا مِنْ الْكَمَالِ مُتَّصِفٌ بِهِ الزَّوْجُ، وَلَوْ عَتَقَا مَعًا فَلَا خِيَارَ،   [حاشية قليوبي] قَبْلَ الْعِلْمِ إلَخْ) وَيُعْلَمُ كَوْنُهُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ بِالْوِلَادَةِ فَإِنْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْعِلْمِ فَهُوَ حُرٌّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (حُرٌّ) أَيْ يَنْعَقِدُ حُرًّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لَا يُتَصَوَّرُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ هُوَ لِلْغَالِبِ فَلَا يَرِدُ كَوْنُ سَيِّدِهَا مَرِيضًا عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ، أَوْ سَفِيهًا أَوْ مُفْلِسًا أَوْ مُكَاتَبًا وَأَذِنَ لَهُمْ فِي التَّزْوِيجِ أَوْ كَوْنُهَا مَرْهُونَةً أَوْ جَانِيَةً، وَزُوِّجَتْ كَذَلِكَ أَوْ كَوْنُ اسْمِهَا حُرَّةً أَوْ أُرِيدَ بِالْحُرِّيَّةِ الْعِفَّةُ عَنْ الزِّنَى لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ. قَوْلُهُ: (عَتَقَتْ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ لَا بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ سَبْقُ حُرِّيَّتِهَا عَلَى الْعَقْدِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ وَكِيلِهِ) فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى مَنْ غَرَّ سَوَاءٌ هِيَ أَوْ سَيِّدُهَا، وَعَلَى هَذَا لَوْ وُجِدَ مِنْهُمَا مَعًا فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ الْغُرْمِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (بِخُلْفِ الشَّرْطِ) رَاجِعٌ لِلْعَقْدِ وَالظَّنُّ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَا بَعْدَهُ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ خُلْفِ الظَّنِّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْعِتْقِ) أَيْ وَلَوْ لِبَعْضِهَا أَوْ الْيَسَارِ مَا لَمْ تَكُنْ مُكَاتَبَةً وَإِلَّا طُولِبَ حَالًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْجَانِي) أَيْ الْحُرِّ. قَوْلُهُ: (عَبْدًا) أَيْ لِغَيْرِ سَيِّدِهَا. قَوْلُهُ: (بِرَقَبَتِهِ) فَإِنْ كَانَ عَبْدًا لِلْمَغْرُورِ فَحَقُّ سَيِّدِهَا عَلَى سَيِّدِ الْمَغْرُورِ. قَوْلُهُ: (لِلسَّيِّدِ) أَيْ لِلْأَمَةِ الْأُولَى لِمَالِكِ الْوَلَدِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُتَصَوَّرُ إلَخْ) لِأَنَّ الْأُمَّ رَقِيقَةٌ فَلَا تَرِثُ، وَحِصَّةُ أُمِّ الْأُمِّ الْمَذْكُورَةِ فِي رَقَبَةِ الرَّقِيقِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً أَيْضًا، فَكُلُّهَا لِلْأَبِ فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا أَوْ جَانِيًا فَكُلُّهَا لِأُمِّ الْأُمِّ الْحُرَّةِ، وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ عَتَقَتْ) وَلَوْ بِكَمَالِ حُرِّيَّتِهَا فِي مُبَعَّضَةٍ أَوْ بِوُجُودِ صِفَةٍ فِي مُعَلَّقَةٍ أَوْ بِأَدَاءِ نُجُومٍ فِي مُكَاتَبَةٍ، وَكَذَا بِتَصْدِيقِ زَوْجِهَا لَهَا فِي دَعْوَاهَا الْحُرِّيَّةَ لَكِنْ يُصَدَّقُ السَّيِّدُ إنْ أَنْكَرَهَا وَلَا يَسْقُطُ مِنْ الْمَهْرِ شَيْءٌ، لَوْ فَسَخَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَلَيْسَ لِزَوْجِهَا لَوْ عَتَقَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لِأَنَّ أَوْلَادَهَا أَرِقَّاءَ بِزَعْمِ السَّيِّدِ، وَهَلْ لِلسَّيِّدِ تَزْوِيجُهَا مَعَ زَعْمِهِ بَقَاءَ الزَّوْجِيَّةِ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تَخَيَّرَتْ) أَيْ إنْ كَانَتْ كَامِلَةً وَإِلَّا كَصَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ، فَحَتَّى تَكْمُلَ وَلِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْفَسْخِ وَعَلَيْهِ لِمُعْتَقِهَا الْمَهْرُ الْمُسَمَّى إنْ وَطِئَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (بَرِيرَةَ) بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ فَمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَقَوْلُهُ عَبْدًا. اسْمُهُ مُغِيثٌ. قَوْلُهُ: (تَحْتَ حُرٍّ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَتَقَا مَعًا) وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَوْ عَتَقَ بَعْدَ عِتْقِهَا، وَقَبْلَ فَسْخِهَا فَلَا خِيَارَ أَيْضًا.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالتَّغْرِيرُ بِالْحُرِّيَّةِ إلَخْ) جَعَلَ الْجِيلِيُّ مِنْ صُوَرِ التَّغْرِيرِ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك أُخْتِي هَذِهِ وَنَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ، بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أُخْتُهُ وَهِيَ رَقِيقَةٌ لَهُ قَوْلُهُ: (مِنْ وَكِيلِهِ) مِثْلُهُ وَلِيُّهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْوَكِيلِ وَالْمَرْأَةِ صَوَّرَ الشَّافِعِيُّ الْغُرُورَ فَكَانَ ذَلِكَ حَامِلًا لِلْأَصْحَابِ عَلَى قَوْلِهِمْ إنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ السَّيِّدِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الشَّافِعِيُّ التَّمْثِيلَ بِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْ السَّيِّدِ فِي صُوَرٍ وَسَاقَهَا. قَوْلُهُ: (وَالظَّنُّ أُخْرَى) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ السَّابِقَ أَوْ يَصِفُهَا لَهُ بِذَلِكَ إلَخْ. مُرَادُهُ بِهِ أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِخُلْفِ الشَّرْطِ لَا أَنَّهُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا وَلَا رُجُوعَ وَمِنْهُ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ السَّابِقَةُ فِيمَا لَوْ ظَنَّهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً قَوْلُهُ: (وَمَنْ عَتَقَتْ إلَخْ) هُوَ شَامِلٌ لِلْمُبَعَّضَةِ الَّتِي كَمَلَ عِتْقُهَا تَحْتَهُ. فَرْعٌ: لَوْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ الْعِتْقَ وَصَدَّقَ الزَّوْجُ صُدِّقَ السَّيِّدُ وَهَلْ تَفْسَخُ؟ قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي قَالَ شَيْخُنَا سَمِعْت شَيْخِي أَبَا عَلِيٍّ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَالْأَصَحُّ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ فِي زَعْمِهِمَا وَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي، فَعَلَى هَذَا لَوْ فَسَخَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَسْقُطْ الصَّدَاقُ لِأَنَّهُ حَقُّ السَّيِّدِ وَلَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ وَأَيْسَرَ فَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُهَا لِأَنَّ أَوْلَادَهَا أَرِقَّاءُ. قَوْلُهُ: (تَخَيَّرَتْ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ) لَوْ مَاتَ أَوْ عَتَقَ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا فَلَا خِيَارَ. قَوْلُهُ: (أَمَّا مَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ فَلَا خِيَارَ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ الْخِيَارَ (عَلَى الْفَوْرِ) كَخِيَارِ الْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، وَالثَّانِي يَمْتَدُّ مُدَّةَ التَّرَوِّي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَبْدَؤُهَا مِنْ حِينِ عَلِمَتْ بِالْعِتْقِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ، وَالثَّالِثُ يَمْتَدُّ إلَى أَنْ تُصَرِّحَ بِإِسْقَاطِهِ أَوْ تُمَكِّنَ مِنْ الْوَطْءِ طَائِعَةً (فَإِنْ قَالَتْ) بَعْدَ تَأْخِيرِهَا الْفَسْخَ مُرِيدَةً لَهُ (جَهِلْت الْعِتْقَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا إنْ أَمْكَنَ) جَهْلُهَا (بِأَنْ كَانَ الْمُعْتِقُ غَائِبًا) عَنْهَا حِينَ الْعِتْقِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ مَعَهُ فِي بَيْتِهِ وَيَبْعُدُ خَفَاءُ الْعِتْقِ عَلَيْهَا فَالْمُصَدِّقُ الزَّوْجُ (وَكَذَا إنْ قَالَتْ جَهِلْت الْخِيَارَ بِهِ) أَيْ بِالْعِتْقِ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ بِهِ خَفِيٌّ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ، وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ وَيَبْطُلُ خِيَارُهَا بِالتَّأْخِيرِ، وَلَوْ ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِأَنَّ الْخِيَارَ عَلَى الْفَوْرِ، فَقَالَ الْعَبَّادِيُّ إنْ كَانَتْ قَدِيمَةَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ، وَخَالَطَتْ أَهْلَهُ لَمْ تُعْذَرْ، وَإِنْ كَانَتْ حَدِيثَةَ الْعَهْدِ بِهِ، أَوْ لَمْ تُخَالِطْ أَهْلَهُ فَقَوْلَانِ وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ، أَنَّهَا لَا تُعْذَرُ وُجِّهَ، بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَصْلَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ عِلْم أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ. فَرْعٌ: الْفَسْخُ بِالْعِتْقِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْمُرَافَعَةِ، إلَى الْحَاكِمِ، لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ (فَإِنْ فَسَخَتْ قَبْلِ وَطْءٍ فَلَا مَهْرَ) ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهَا مَنْعُهَا مِنْ الْفَسْخِ لِتَضَرُّرِهَا بِتَرْكِهِ (أَوْ بَعْدَهُ بِعِتْقٍ بَعْدَهُ وَجَبَ الْمُسَمَّى أَوْ) يَعْتِقُ (قَبْلَهُ) بِأَنْ لَمْ تَعْلَمْ بِالْعِتْقِ إلَّا بَعْدَ الْوَطْءِ (فَمَهْرُ مِثْلٍ) لَا الْمُسَمَّى لِتَقَدُّمِ سَبَبِ الْفَسْخِ عَلَى الْوَطْءِ (وَقِيلَ الْمُسَمَّى) لِتَقَرُّرِهِ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الْعِلْمِ وَمَا وَجَبَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ الْمُسَمَّى فَلِلسَّيِّدِ. (وَلَوْ عَتَقَ بَعْضُهَا أَوْ كُوتِبَتْ أَوْ عَتَقَ عَبْدٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ فَلَا خِيَارَ) ، لَهَا وَلَا لَهُ لِأَنَّ مُعْتَمَدَ هَذَا الْخِيَارِ الْخَبَرُ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَعْنَى صُورَتِهِ لِبَقَاءِ النَّقْصِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بِاسْتِفْرَاشِ النَّاقِصَةِ، وَيُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ بِالطَّلَاقِ. فَصْلٌ. يَلْزَمُ الْوَلَدَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (إعْفَافُ الْأَبِ وَالْأَجْدَادِ) مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّهُ مِنْ وُجُوهِ حَاجَاتِهِمْ الْمُهِمَّةِ كَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ، وَالثَّانِي لَا كَمَا لَا يَلْزَمُ الْأَبَ إعْفَافُ الِابْنِ وَالْإِعْفَافُ (بِأَنْ يُعْطِيَهُ مَهْرَ حُرَّةٍ أَوْ يَقُولَ) لَهُ (انْكِحْ وَأُعْطِيك الْمَهْرَ أَوْ يَنْكِحُ لَهُ بِإِذْنِهِ وَبِمَهْرٍ أَوْ بِمِلْكِهِ أَمَةً) لَمْ يَطَأْهَا (أَوْ ثَمَنِهَا) ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحُرَّةِ الْمَنْكُوحَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ، وَالْكِتَابِيَّةِ، وَلَا يَكْفِي أَنْ يُزَوِّجَهُ أَوْ يُمَلِّكَهُ عَجُوزًا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (عَلَى الْفَوْرِ) نَعَمْ لَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ سُقُوطِ الْخِيَارِ أَوْ تَخَلَّفَ إسْلَامٌ، فَلَهَا انْتِظَارُ الْبَيْنُونَةِ فَإِنْ فَسَخَتْ حِينَئِذٍ، وُقِفَ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ. قَوْلُهُ: (مُرِيدَةً لَهُ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ قَالَتْ. قَوْلُهُ: (إنْ أَمْكَنَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُكَذِّبْهَا ظَاهِرُ الْحَالِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (فَقَالَ الْعَبَّادِيُّ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ مُطْلَقًا خِلَافًا لِلْعَبَّادِيِّ وَالْغَزَالِيِّ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا قَبْلَهُ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ فَعَدَمُ الْفَوْرِيَّةِ فِيهِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (لَا يَحْتَاجُ إلَى الْمُرَافَعَةِ إلَى الْحَاكِمِ) فَلَهَا الِاسْتِقْلَالُ بِهِ فَوْرًا. قَوْلُهُ: (أَوْ بِعِتْقٍ) قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (فَمَهْرُ مِثْلٍ) أَيْ لِعَتِيقِهِ. قَوْلُهُ: (فَلِلسَّيِّدِ) لِأَنَّ سَبَبَهُ وَهُوَ الْعَقْدُ وَقَعَ فِي مِلْكِهِ فَسَقَطَ مَا اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَتَقَ بَعْضُهَا) وَلَوْ بِسَبَبِ الدَّوْرِ كَأَنْ أَعْتَقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ، وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بِالصَّدَاقِ، فَلَا خِيَارَ لِأَنَّهَا إنْ فَسَخَتْ سَقَطَ الصَّدَاقُ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ، فَيَنْقُصُ الثُّلُثُ عَنْهَا فَيَرِقُّ بَعْضُهَا، فَيَسْقُطُ خِيَارُهَا فَجَعَلَ الْمَنْهَجُ هَذِهِ مِنْ زِيَادَاتِهِ مَعَ إمْكَانِ شُمُولِ كَلَامِهِ هُنَا لَهَا فِيهِ نَظَرٌ. [فَصْلٌ يَلْزَمُ الْوَلَدَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إعْفَافُ الْأَبِ وَالْأَجْدَادِ] فَصْلٌ فِي الْإِعْفَافِ مِنْ أَعَفَّ مُتَعَدِّيًا أَيْ أَوْصَلَ الْعِفَّةَ إلَى أَصْلِهِ فَمَصْدَرُهُ فِي الْأَصْلِ الْعِفَّةُ، وَهِيَ هُنَا تَرْكُ نَحْوِ الزِّنَا وَفِي الْعُرْفِ الْعَامِّ مَا يَدُلُّ عَلَى شَرَفِ النَّفْسِ، وَأَمَّا عَفَّ فَهُوَ لَازِمٌ وَمَصْدَرُهُ الْعَفَافُ، وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا. قَوْلُهُ: (الْوَلَدَ) أَيْ الْمُوسِرَ بِمَا يُعَفُّ بِهِ زِيَادَةً عَلَى مُؤْنَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَمَا فِي النَّفَقَةِ. قَوْلُهُ: (ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، كَامِلَ الْحُرِّيَّةِ أَوْ مُبَعَّضًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ، مُفْرَدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ وَلَوْ غَيْرَ وَارِثٍ ثُمَّ الْوَارِثُ إذَا اسْتَوَوْا قُرْبًا فَإِنْ تَسَاوَوْا قُرْبًا وَإِرْثًا أَوْ عَدَمَهُ وُزِّعَ فِي غَيْرِ الْوَارِثِ بِحَسَبِ الرُّءُوسِ وَفِي الْوَارِثِ بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَيَلْزَمُ وَلِيَّ الْمَحْجُورِ الْأَقَلُّ مِنْ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ الْآتِيَةِ إلَّا أَنْ يُلْزِمَهُ حَاكِمٌ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (الْأَبَ) الْكَامِلَ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (مِنْ حِينَ عَلِمَتْ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ فِي حِكَايَةِ هَذَا الْقَوْلِ، قَالَ الْإِمَامُ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ تَخْيِيرِهَا انْتَهَى وَزَادَ الدَّارِمِيُّ وَجْهًا آخَرَ مَا لَمْ يَمَسَّهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُرَجَّحُ فِي الدَّلِيلِ فِي أَبِي دَاوُد فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ «إنْ قَرُبَك فَلَا خِيَارَ لَك» وَأَطَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي ذَلِكَ قَوْلَهُ: (وَثُبُوتُ الْخِيَارِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْعِتْقُ. قَوْلُهُ: (إنْ أَمْكَنَ) الْأَحْسَنُ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إنْ لَمْ يُكَذِّبْهَا ظَاهِرُ الْحَالِ، وَوَجْهُ الْأَحْسَنِيَّةِ أَنَّ دَائِرَةَ الْإِمْكَانِ وَاسِعَةٌ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ كَانَ الْمُعْتِقُ) الْأَحْسَنُ كَأَنْ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ) أَيْ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَرُدَّ بِأَنَّ عُيُوبَ الْمَبِيعِ شَهِيرَةُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ الْمُسَمَّى) ، ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لِأَنَّ الْمَهْرَ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ مُحْسِنٌ بِالْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (فَلِلسَّيِّدِ) اسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَا إذَا كَانَ الْوَطْءُ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْعِتْقِ، قَالَ لِأَنَّهَا وُطِئَتْ وَهِيَ حُرَّةٌ انْتَهَى وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. فَصْلٌ: يَلْزَمُ الْوَلَدَ لَوْ تَعَذَّرَ الْوَلَدُ اُعْتُبِرَ الْأَقْرَبُ وَلَوْ غَيْرَ وَارِثٍ ثُمَّ الْوَارِثُ ثُمَّ التَّوْزِيعُ. قَوْلُهُ: (إعْفَافُ الْأَبِ) أَيْ الْحُرِّ الْمَعْصُومِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 شَوْهَاءَ أَوْ مَعِيبَةً لِأَنَّهَا لَا تُعِفُّهُ، وَلَا أَنْ يُزَوِّجَهُ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ بِمَالِ وَلَدِهِ، (ثُمَّ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُمَا) أَيْ مُؤْنَةُ الْأَبِ، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي أَعَفَّ بِهَا مِنْ نَفَقَةٍ، وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا الْأَبُ أَمَّا لُزُومُ مُؤْنَتِهِ، فَظَاهِرٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ، وَأَمَّا مُؤْنَتُهَا، فَلِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ الْإِعْفَافِ وَالْمُحَرَّرُ اقْتَصَرَ عَلَى مُؤْنَتِهَا. (وَلَيْسَ لِلْأَبِ تَعْيِينُ النِّكَاحِ دُونَ التَّسَرِّي وَلَا) تَعْيِينُ (رَفِيعَةٍ) بِجَمَالٍ أَوْ شَرَفٍ لِلنِّكَاحِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ دَفْعُ الْحَاجَةِ وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِالتَّسَرِّي وَبِغَيْرِ رَفِيعَةِ الْمَهْرِ. (وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى مَهْرٍ فَتَعْيِينُهَا لِلْأَبِ) ، لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِغَرَضِهِ فِي قَضَاءِ شَهْوَتِهِ. (وَيَجِبُ التَّجْدِيدُ إذَا مَاتَتْ) ، زَوْجَةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً (أَوْ انْفَسَخَ) النِّكَاحُ (بِرِدَّةٍ) مِنْهَا (أَوْ فَسَخَهُ) أَوْ فَسَخَتْهُ (بِعَيْبٍ وَكَذَا إنْ طَلَّقَ) ، أَوْ أَعْتَقَ (بِعُذْرِ) كَشِقَاقٍ أَوْ نُشُوزٍ (فِي الْأَصَحِّ) ، كَالْمَوْتِ وَلَا يَجِبُ التَّجْدِيدُ فِي الرَّجْعِيِّ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَوَجْهُ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ أَنَّهُ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ بِغَيْرِ عُذْرٍ، فَلَا يَجِبُ التَّجْدِيدُ، لِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ وَالْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ. (وَإِنَّمَا يَجِبُ) (إعْفَافُ فَاقِدِ مَهْرٍ) ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمُؤْنَةِ (مُحْتَاجٌ إلَى نِكَاحٍ) بِأَنْ تَتُوقَ نَفْسُهُ إلَى الْوَطْءِ وَلَيْسَ تَحْتَهُ مَنْ تَدْفَعُ حَاجَتَهُ، فَالْقَادِرُ عَلَى الْمَهْرِ أَوْ التَّسَرِّي، وَإِنْ كَانَ بِدُونِ مَهْرِ الْحُرَّةِ لَا يَجِبُ إعْفَافُهُ وَمَنْ تَحْتَهُ مَنْ لَا تَدْفَعُ حَاجَتَهُ كَصَغِيرَةٍ أَوْ عَجُوزٍ شَوْهَاءَ يَجِبُ إعْفَافُهُ. (وَيُصَدَّقُ إذَا ظَهَرَتْ الْحَاجَةُ) إلَى النِّكَاحِ وَقَضَاءِ الشَّهْوَةِ (بِلَا يَمِينٍ)   [حاشية قليوبي] بِالْحُرِّيَّةِ الْكَامِلَةِ وَالْعِصْمَةِ بِخِلَافِ الْمَهْدِ وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ. قَوْلُهُ: (وَالْأَجْدَادِ) فَيَجِبُ إعْفَافُ الْكُلِّ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا قُدِّمَ الْعَاصِبُ، وَإِنْ بَعُدَ عَلَى غَيْرِهِ، وَيُقَدَّمُ مِنْهُمَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، ثُمَّ بِالْقُرْعَةِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُعْطِيَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ لَا يُسَمِّي مَهْرًا فَلَا يَلْزَمُهُ قَبْلَهُ، وَشَمِلَ مَا لَوْ طَرَأَ إعْسَارُ الْأَبِ بَعْدَ عَقْدِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ يَجُوزُ لَهَا الْفَسْخُ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ ثَمَنَهَا) أَيْ بَعْدَ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ لَا يُسَمِّي ثَمَنًا وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْمَهْرِ وَالثَّمَنِ إلَّا الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ دُونَ مَا زَادَ، وَلَوْ دَفَعَ لَهُ الْمَهْرَ، وَالثَّمَنَ فَأَيْسَرَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَعِيبَةً) أَوْ عَمْيَاءَ أَوْ عَرْجَاءَ أَوْ ذَاتَ اسْتِحَاضَةٍ أَوْ قُرُوحٍ سَيَّالَةٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ إلَخْ) فَإِنْ عَجَزَ وَلَدُهُ جَازَتْ الْأَمَةُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُحَرَّرُ اقْتَصَرَ عَلَى مُؤْنَتِهَا) وَتَبِعَهُ الْمِنْهَاجُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ لِأَنَّ مُؤْنَتَهُ تُعْلَمُ مِنْ بَابِهِ، وَرُبَّمَا عَجَزَ الْأَبُ عَنْ الْمَهْرِ دُونَ النَّفَقَةِ لِكَسْبِهِ لَهَا، وَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ اللَّازِمَةِ لَهُ مَا يَجُوزُ لَهَا الْفَسْخُ بِهَا لَا نَحْوُ أُدُمٍ وَتَصِيرُ دَيْنًا عَلَى الْوَلَدِ، وَلَوْ بِلَا فَرْضِ قَاضٍ وَإِنْ كَانَتْ أُمَّ الْوَلَدِ مُرَاعَاةً لِجَانِبِ الْإِعْفَافِ وَيَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ مُرَاعَاةً لِجَانِبِ الْأُمُومَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِلْأَبِ إلَخْ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الْوَلَدَ مُوَافَقَةُ الْأَصْلِ فِيمَا عَيَّنَهُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ حُرَّةٍ، أَوْ أَمَةٍ. وَإِنْ احْتَاجَ إلَى زِيَادَةٍ عَلَيْهَا لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ إذَا كَانَ تَحْتَهُ مَنْ لَا تُعِفُّهُ وَجَبَ إعْفَافُهُ، فَحُمِلَ مَا هُنَا عَلَى مَنْ تُعِفُّهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ نَفَقَةِ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَ الْأَبِ زَوْجَاتٌ، أَوْ إمَاءٌ وَيَلْزَمُهُ صَرْفُهَا لِمَنْ تُعِفُّهُ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا تُوَزَّعُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (التَّسَرِّي) أَصْلُهُ التَّسَرُّرُ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ السِّرِّ وَهُوَ الْوَطْءُ لِأَنَّهُ يَكُونُ سِرًّا. قَوْلُهُ: (عَلَى مَهْرٍ) أَيْ عَلَى مَالٍ مُقَدَّرٍ بِرِضَاهُمَا. قَوْلُهُ: (فَتَعْيِينُهَا لِلْأَبِ) فَإِنْ نَكَحَ أَوْ اشْتَرَى بِهِ وَلَوْ مِنْ مَهْرِهَا أَوْ قِيمَتِهَا دُونَهُ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا فَلِلِابْنِ الرُّجُوعُ فِيمَا بَقِيَ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ دَفَعَهُ فَأَيْسَرَ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِتَحَقُّقِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْحَاجَةِ هُنَا وَقْتَ دَفْعِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (إذَا مَاتَتْ) وَلَوْ بِقَتْلٍ مِنْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْهُ لِنَحْوِ صِيَالٍ. قَوْلُهُ: (بِرِدَّةٍ مِنْهَا) وَحْدَهَا لَا مِنْهُمَا وَلَا مِنْهُ إلَّا إنْ مَاتَتْ وَالرَّضَاعُ كَالرِّدَّةِ كَأَنْ أَرْضَعَتْ مَنْ أُعِفَّ بِهَا زَوْجَةً لَهُ صَغِيرَةً. قَوْلُهُ: (أَوْ أُعْتِقَ بِعُذْرٍ) وَمِنْهُ عِنْدَ شَيْخِنَا م ر تَعَذُّرُ الْبَيْعِ بِعَدَمِ مُشْتَرٍ أَوْ اسْتِيلَادٍ وَنُظِرَ فِيهِ بِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِغَيْرِ الْعِتْقِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (كَشِقَاقٍ أَوْ نُشُوزٍ) وَكَذَا رِيبَةٌ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ عُذْرٍ) وَمِنْهُ قَتْلُهُ لَهَا لِغَيْرِ نَحْوِ صِيَالٍ، وَلَا يُقْبَلُ وَلَوْ اعْتَذَرَ بِأَنَّهُ لَا يَعُودُ لِمَا صَدَرَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجِبُ التَّجْدِيدُ) أَيْ إلَّا إنْ مَاتَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ التَّجْدِيدِ فِي قَتْلِهِ لَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ مُطْلَقًا، وَلَوْ اعْتَبَرَتْ مَوْتَ أَقْرَانِهَا لَمْ يَكُنْ مُبْعَدًا فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ مِطْلَاقًا بِأَنْ طَلَّقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَوْ مِنْ زَوْجَةٍ لَا دُونَهَا، وَلَوْ ثَلَاثًا دَفْعَةً وَمِنْ زَوْجَتَيْنِ سَرَّى أَمَةً قَالُوا وَسَبِيلُ الْحَاكِمِ فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي عِتْقِهَا، وَلَا يُحْتَاجُ فِي فَكِّهِ إلَى قَاضٍ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ إنْ أُعْتِقَ لِعُذْرٍ وَجَبَ التَّجْدِيدُ وَإِلَّا فَلَا فَمَا مَعْنَى هَذَا الْحَجْرِ وَمِنْ أَيِّ الْأَنْوَاعِ هُوَ وَمَا وَقْتُ انْفِكَاكِهِ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَاقِدِ مَهْرٍ) وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِنِكَاحٍ) وَكَذَا لِخِدْمَةٍ تَعَيَّنَتْ لِنَحْوِ مَرَضٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ. قَوْلُهُ: (لِلْوَطْءِ) فَلَا عِبْرَةَ بِالْحَاجَةِ لِلِاسْتِمْتَاعِ. قَوْلُهُ: (فَالْقَادِرُ) وَلَوْ بِكَسْبٍ فِي مُدَّةٍ لَا تَحْتَمِلُ التَّعَزُّبَ، وَفَارَقَ النَّفَقَةَ بِتَكَرُّرِهَا مَعَ عَدَمِ قِيَامِ الْبِنْيَةِ بِدُونِهَا فَتَشُقُّ عَلَى الْأَبِ. قَوْلُهُ: (مَنْ لَا تَدْفَعُ حَاجَتَهُ) أَيْ حَاجَةَ النِّكَاحِ بِأَنْ تَكُونَ الَّتِي تَحْتَهُ لَا تُعِفُّهُ كَمَا مَثَّلَهُ الشَّارِحُ فَإِنْ كَانَتْ تُعِفُّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى وَاحِدَةٍ لِحَاجَةِ النِّكَاحِ، كَشِدَّةِ شَهْوَتِهِ لَهُ مَثَلًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَاحِدَةٌ) وَفِيهَا مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ظَهَرَتْ حَاجَتُهُ) وَلَوْ بِقَوْلِهِ. قَوْلُهُ: (بِلَا يَمِينٍ) إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ ظَاهِرُ حَالِهِ كَذِي اسْتِرْخَاءٍ وَإِلَّا فَيَحْلِفُ.   [حاشية عميرة] مُؤْنَتُهُمَا) ، كَذَا هُوَ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ بِالتَّثْنِيَةِ قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الْأَبِ لَازِمَةٌ قَبْلَ الْإِعْفَافِ وَبَعْدَهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مُؤْنَتُهَا بِالْإِفْرَادِ وَهُوَ مَا فِي الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُمَا) حَكَى الرَّافِعِيُّ فِي النَّفَقَاتِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْأُدُمُ وَنَفَقَةُ الْخَادِمِ، لِأَنَّ فَقْدَهُمَا لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقِيَاسُ قَوْلِنَا إنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا لَزِمَ الْأَبَ وُجُوبُهُمَا لِأَنَّهُمَا يَلْزَمَانِ الْأَبَ مَعَ إعْسَارِهِ. قَوْلُهُ: (التَّسَرِّي) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ السِّرِّ وَأَصْلُهُ التَّسَرُّرُ وَهُوَ الْوَطْءُ لِأَنَّهُ يَكُونَ سِرًّا قَوْلُهُ: (أَوْ فَسَخَتْهُ) حُكْمُ هَذَا يُفْهَمُ بِالْأُولَى. قَوْلُهُ: (فَاقِدُ مَهْرٍ) الْمُعْتَبَرُ فَقْدُ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَلَوْ ثَمَنَ سُرِّيَّةٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إذَا ظَهَرَتْ الْحَاجَةُ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ إذَا أَظْهَرَ حَاجَتَهُ وَهِيَ أَحْسَنُ لِاقْتِضَاءِ الْأُولَى التَّوَقُّفَ عَلَى ظُهُورِهَا لَنَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَا يَلِيقُ بِحُرْمَتِهِ لَكِنْ لَا يَحِلُّ لَهُ طَلَبُ الْإِعْفَافِ، إلَّا إذَا صَدَقَتْ شَهْوَتُهُ بِحَيْثُ يَخَافُ، الزِّنَى أَوْ يَضُرُّ بِهِ التَّعَزُّبُ، وَيَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ، وَالْأَبُ الْكَافِرُ يَجِبُ إعْفَافُهُ فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ. (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ أَمَةِ وَلَدِهِ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَتِهِ وَلَا مَمْلُوكَتِهِ (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ مَهْرٍ لَا حَدٍّ) بِوَطْئِهِ لَهَا لِأَنَّ لَهُ فِي مَالِ وَلَدِهِ شُبْهَةَ الْإِعْفَافِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا فَعَلَهُ، فَانْتَقَى عَنْهُ بِهَا الْحَدُّ وَوَجَبَ عَلَيْهِ لِوَلَدِهِ الْمَهْرُ وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي يَجِبُ الْحَدُّ وَعَلَى هَذَا إنْ طَاوَعَتْهُ فَلَا مَهْرَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ أَكْرَهَهَا وَجَبَ الْمَهْرُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْمَذْهَبُ لَا حَدَّ وَيَجِبُ مَهْرٌ كَانَ أَوْضَحَ مِمَّا قَالَهُ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ (فَإِنْ أَحَبْلَ) الْأَبُ بِوَطْئِهِ (فَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ) لِلشُّبْهَةِ فَإِنْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ لَمْ تَصِرْ (مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ) ، لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تَصِيرُ) مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ لِلشُّبْهَةِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، وَيَقْدِرُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ فِيهَا إلَيْهِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ، وَالثَّانِي لَا تَصِيرُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكًا لَهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهَا إلَيْهِ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا) لِصَيْرُورَتِهَا مُسْتَوْلَدَةً لَهُ (مَعَ مَهْرٍ) لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْوَطْءِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ (لَا قِيمَةَ وَلَدٍ فِي الْأَصَحِّ) ، لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهَا قُبَيْلَ الْعُلُوقِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ بَعْدَ الْعُلُوقِ لِتَحَقُّقِ الصَّيْرُورَةِ حِينَئِذٍ. (وَنِكَاحُهَا) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ، لِأَنَّهَا لِمَالِهِ فِي مَالِ وَلَدِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْإِعْفَافِ وَالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهِمَا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (الْكَافِرُ) أَيْ الْمَعْصُومُ كَمَا تَقَدَّمَ. . قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَبِ وَإِنْ عَلَا أَوْ كَانَ رَقِيقًا وَطْءُ أَمَةِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ أَوْ كَانَ أُنْثَى وَكَذَا عَكْسُهُ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلَدِ، وَإِنْ سَفَلَ وَطْءُ أَمَةِ أَصْلِهِ وَإِنْ عَلَا أَوْ كَانَ أُنْثَى، نَعَمْ لَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِيهَا لِلْوَلَدِ إذَا أَحْبَلَهَا لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ اسْتِيلَادٌ وَلَا نَسَبٌ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ مُطْلَقًا وَالْحَدُّ إنْ لَمْ يُعْذَرْ وَفَارَقَ عَدَمَ قَطْعِهِ بِسَرِقَةِ مَالٍ أَصْلِهِ لِوُجُودِ شُبْهَةِ النَّفَقَةِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ مَهْرٍ) أَيْ عَلَى الْأَبِ فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا أَوْ مُكَاتَبًا وَإِلَّا فَفِي رَقَبَتِهِ وَمَحِلُّ وُجُوبِهِ إنْ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مُطْلَقًا أَوْ صَارَتْ، وَتَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ وَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ عَدَمُ تَأَخُّرِهِ، وَهُوَ مَهْرُ مِثْلٍ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ فِي الْبِكْرِ مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، وَقَالَ شَيْخُنَا فِي الْبِكْرِ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي عَنْهُ، وَلَا يَسْقُطُ بِمُطَاوَعَتِهَا لِأَنَّهُ لِشُبْهَةٍ، قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ أَيْ مَا لَمْ يُؤَدِّ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لَا حَدٌّ) أَيْ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ حَدٌّ بِوَطْئِهِ أَمَةَ فَرْعِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً لِلْوَلَدِ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِحَقِّ اللَّهِ إنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ، وَلَا قِيمَةَ لَهَا عَلَى الْأَبِ لِضَعْفِ مِلْكِ الْوَلَدِ، وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا عَلَى الِابْنِ مُطْلَقًا وَكَذَا عَلَى الْأَبِ إنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً لِلِابْنِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (بِوَطْئِهِ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَهُ إلَخْ) مُفِيدٌ إنَّ الْكَلَامَ فِي وَلَدِ النَّسَبِ. قَوْلُهُ: (شُبْهَةَ الْإِعْفَافِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ مُسَلَّطٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ وَالْمُثْبَتِ مَعًا تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى وُجُوبِ الْمَهْرِ، إذَا تَأَخَّرَ فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْقَطْعُ بِوُجُوبِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ عَادَةَ الشَّارِحِ صِحَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ فِي خِلَافٍ مَبْنِيٍّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ، وَأَنَّهُ قَدْ يُغَلِّبُ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى فِي جَمْعِهِمَا تَحْتَ خِلَافِ إحْدَاهُمَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَحْبَلَ الْأَبُ أَمَةَ فَرْعِهِ فَالْوَلَدُ حُرٌّ) أَيْ يَنْعَقِدُ الْوَلَدُ كُلُّهُ حُرًّا وَإِنْ كَانَ الْأَبُ رَقِيقًا إلَّا فِي أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ فَقَدْرُ حِصَّةِ الِابْنِ مِنْهُ حُرٌّ وَيَسْرِي لِبَاقِيهِ. قَوْلُهُ: (أَنَّهَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ) إنْ كَانَ حُرًّا وَلَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُزَوَّجَةً أَوْ مُوصًى بِهَا أَوْ مُسْلِمَةً وَهُوَ كَافِرٌ أَوْ مَرْهُونَةً وَهُوَ مُوسِرٌ. قَوْلُهُ: (فِيهَا) أَوْ فِيمَا مَلَكَهُ مِنْهَا وَيَسْرِي. قَوْلُهُ: (وَإِنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا) وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِهَا وَيُعْتَبَرُ آخِرُ وَطْءٍ يُمْكِنُ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْهُ إنْ تَكَرَّرَ وَيُعْلَمُ بِالْوَضْعِ. قَوْلُهُ: (لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ) فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ لِرِقِّ الْأَبِ مَثَلًا وَجَبَ قِيمَةُ الْوَلَدِ فَقَطْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَعَ مَهْرٍ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ إلَخْ) أَيْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَبُ الْحُرُّ أَمَةَ وَلَدِهِ مِنْ النَّسَبِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ فَلِلْوَلَدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةَ أَصْلِهِ الَّتِي لَمْ يَطَأْهَا أَصْلُهُ، وَلَا يَثْبُتُ بِهِ اسْتِيلَادُ وَلَا حُرِّيَّةُ وَلَدٍ، وَلِلْأَبِ الرَّقِيقِ وَلَوْ مُبَعَّضًا وَمُكَاتَبًا تَزْوِيجُ أَمَةِ وَلَدِهِ، وَلَا يَثْبُتُ بِهِ أَيْضًا اسْتِيلَادُ وَلَا حُرِّيَّةُ وَلَدٍ وَإِنْ ثَبَتَ اسْتِيلَادُ الْمُبَعَّضِ لِأَمَةِ نَفْسِهِ دُونَ الْمُكَاتَبِ، وَكَذَا لِلْأَبِ مِنْ   [حاشية عميرة] بِالْقَرَائِنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) ، أَيْ بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَمَةُ وَلَدِهِ) أَيْ وَإِنْ نَزَلَ وَكَذَا حُكْمُ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ وَغَيْرِهِ، كَمَا سَيَأْتِي هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الزَّرْكَشِيّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وُجُوبُ مَهْرٍ) يَجِبُ أَيْضًا أَرْشُ الْبَكَارَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَحَدٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ رَقِيقًا وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيلُ قَاصِرًا عَنْ إفَادَةِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) كَأَنَّهُ عَرَفَهُمَا إشَارَةً إلَى أَنَّهُمَا الْوَجْهَانِ فِي وَطْءِ أَمَةِ الْغَيْرِ الْمُطَاوَعَةُ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ مَهْرٌ) مَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْمَتْنَ لَوْ قَالَ هَذَا كَانَ الْمَذْهَبُ مُعَبَّرًا بِهِ عَنْ الطَّرِيقِ الْقَاطِعَةِ وَوُجُوبُهُ مُفَرَّعًا عَلَيْهَا، وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الْمَهْرِ فَمِنْ تَفَارِيعِ طَرِيقَةِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (فَالْوَلَدُ حُرٌّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ رَقِيقًا كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَفَّالِ خِلَافًا لِلْقَاضِي. قَوْلُهُ: (مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً وَتَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا كَالْإِرْثِ قَوْلُهُ: (قُبَيْلَ الْعُلُوقِ) أَوْ مَعَهُ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْوَطْءِ) هَذَا مَحَلُّهُ إذَا تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ دُخُولِ الْحَشَفَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنِكَاحُهَا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 كَالْمُشْتَرَكَةِ. (وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَةَ وَالِدِهِ الَّذِي لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ) ، حِينَ الْمِلْكِ إنْ أَيْسَرَ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِيَسْرَةِ وَلَدِهِ (لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ لِقُوَّتِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَلَيْسَ مِلْكُ الْوَلَدِ مِلْكَ الْوَالِدِ فِي رَفْعِهِ النِّكَاحَ، وَالثَّانِي يَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ مَلَكَهَا الْأَبُ لِمَالِهِ فِي مَالِ وَلَدِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْمِلْكِ بِوُجُوبِ الْإِعْفَافِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ الَّذِي لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ لَا مَفْهُومَ لَهُ، فَإِنَّهُ إذَا حَلَّتْ لَهُ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ أَيْضًا مِنْ بَابِ أَوْلَى وَإِنَّمَا فَرَضَ عَدَمَ الْحِلِّ صَاحِبُ الْوَجْهِ الثَّانِي لِيُقَرِّبَهُ مِنْ الصِّحَّةِ (وَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ) لِمَا لَهُ فِي مَالِهِ وَرَقَبَتِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْمِلْكِ بِتَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ. (فَإِنْ مَلَكَ مُكَاتَبٌ زَوْجَةَ سَيِّدِهِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ مَلَكَهَا السَّيِّدُ لِمَا ذُكِرَ وَالثَّانِي يُلْحِقُهُ بِمِلْكِ الْوَلَدِ زَوْجَةَ أَبِيهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّ تَعَلُّقَ السَّيِّدِ بِمَالِ الْمُكَاتَبِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ الْأَبِ بِمَالِ الِابْنِ. فَصْلٌ. السَّيِّدُ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ لَا يَضْمَنُ مَهْرًا وَنَفَقَةً فِي الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ يَضْمَنُهُمَا (وَهُمَا فِي كَسْبِهِ بَعْدَ النِّكَاحِ الْمُعْتَادِ) ، كَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِطَابِ وَمَا يَحْصُلُ بِالْحِرْفَةِ وَالصَّنْعَةِ (وَالنَّادِرُ) كَالْحَاصِلِ بِالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ أَمَّا بِالْكَسْبِ قَبْلَ النِّكَاحِ فَيَخْتَصُّ بِهِ السَّيِّدُ (فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي تِجَارَةٍ فَفِيمَا بِيَدِهِ مِنْ رِبْحٍ) لِأَنَّهُ كَسْبُهُ سَوَاءٌ حَصَلَ قَبْلَ   [حاشية قليوبي] الرَّضَاعِ نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ مِنْهُ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ مَلَكَ) الْوَلَدُ زَوْجَةَ وَالِدِهِ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا. قَوْلُهُ: (حِينَ الْمِلْكِ) كَأَنْ طَرَأَ يَسَارُهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ) فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ وَلَا يَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ أَخُوهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ بَابِ أَوْلَى) فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (لِيُقِرَّ بِهِ مِنْ الصِّحَّةِ) أَيْ صِحَّةِ التَّوْجِيهِ الْمَذْكُورِ فِيهِ،. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ) وَلَوْ كِتَابَةً صَحِيحَةً،. قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَلَكَ مُكَاتَبٌ) كِتَابَةً صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً. قَوْلُهُ: (زَوْجَةَ سَيِّدِهِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) وَخَرَجَ بِزَوْجَةِ سَيِّدِهِ مِلْكُهُ لِأَصْلِ سَيِّدِهِ وَفَرْعِ سَيِّدِهِ، فَلَا يَعْتِقَانِ عَلَى سَيِّدِهِ وَخَرَجَ أَيْضًا جُزْءُ سَيِّدِهِ، كَأَنْ كَاتَبَ مُبَعَّضٌ رَقِيقًا فَاشْتُرِيَ بَعْضُ سَيِّدِهِ الرَّقِيقِ، فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَخَرَجَ جُزْءُ نَفْسِهِ كَأَنْ اشْتَرَى مُكَاتَبٌ جُزْءَ نَفْسِهِ مِنْ سَيِّدِهِ، فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ، وَيُقَالُ فِي هَذِهِ اجْتَمَعَتْ الْمِلْكِيَّةُ وَالْبَعْضِيَّةُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ. [فَصْلٌ السَّيِّدُ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ لَا يَضْمَنُ مَهْرًا وَنَفَقَةً] فَصْلٌ فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ. قَوْلُهُ: (السَّيِّدُ) أَيْ الْمَالِكُ لِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَمَنْفَعَتِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَ كَمُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ اُعْتُبِرَ إذْنُ مَالِكِ الرَّقَبَةِ فِي الْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ وَإِذْنُ الْمُوصَى لَهُ فِي الْأَكْسَابِ الْمُعْتَادَةِ، وَلَا يَدْخُلُ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا مَا لِلْآخَرِ، وَظَاهِرُ هَذَا صِحَّةُ نِكَاحِهِ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِإِذْنِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَضْمَنُ بَعْدَهُ وَلَيْسَ الْإِذْنُ سَبَبًا لِنَفْيِ الضَّمَانِ، كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ إنْ أَنْكَرَهُ. قَوْلُهُ: (لَا يَضْمَنُ) وَإِنْ شَرَطَهُمَا فِي الْعَقْدِ أَوْ ضَمِنَهُمَا إلَّا بَعْدَ وُجُوبِهِمَا وَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ جَمِيعُ الْمُؤَنِ. قَوْلُهُ: (وَهُمَا فِي كَسْبِهِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِمَا فِي ذِمَّتِهِ فَلَهُ وَلِزَوْجَتِهِ الدَّعْوَى عَلَى السَّيِّدِ بِتَخْلِيَتِهِ لِكَسْبِهِمَا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ النِّكَاحِ) الْأَوْلَى بَعْدَ وُجُوبِهِمَا وَهُوَ فِي الْمَهْرِ الْحَالِّ بِالْعَقْدِ وَفِي الْمُؤَجَّلِ بِحُلُولِهِ وَفِي النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا، بِالتَّمْكِينِ وَيُقَدَّمُ مِنْهُ النَّفَقَةُ عَلَى الْمَهْرِ كُلَّ يَوْمٍ، وَلَا يَدْخُلُ لِلْمُؤَجَّلِ شَيْءٌ. نَعَمْ يُقَدَّمُ مَهْرٌ حَالَ تَوَقُّفِ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ النِّكَاحِ) وَلَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ وَفَارَقَ صَرْفَ الْكَسْبِ فِي الضَّمَانِ بَعْدَ الْإِذْنِ لِثُبُوتِ الْمَضْمُونِ قَبْلَهُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَنْهَجِ هَذَا الْفَرْقُ هُنَا وَفِي بَابِ الضَّمَانِ. نَعَمْ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ وَجَبَتْ مُؤْنَتُهُمَا عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْمِلْكِيَّةُ.   [حاشية عميرة] أَيْ إذَا كَانَ حُرًّا، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَطْءُ أَمَةِ وَلَدِهِ أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْفَسِخْ) أَيْ وَالْوَلَدُ الْحَاصِلُ بَعْدَ ذَلِكَ، يَنْعَقِدُ رَقِيقًا لِأَنَّهُ يَطَؤُهَا بِجِهَةِ النِّكَاحِ، وَلَا نَظَرَ لِلشُّبْهَةِ قَوْلُهُ: (لَا مَفْهُومَ لَهُ إلَخْ) كَلَامُهُ كَمَا تَرَى يَقْتَضِي جَرَيَانَ الْوَجْهِ الثَّانِي إذَا كَانَتْ تَحِلُّ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأَبِ الْحُرِّ، بِخِلَافِ الْأَبِ الرَّقِيقِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِ أَمَةِ وَلَدِهِ فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِعَدَمِ تَأْثِيرِ طَوَيَانِ مِلْكِ وَلَدِهِ لَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَفَاهُ وَادَّعَى أَنَّ التَّقْيِيدَ فِي الْمَتْنِ لِإِفَادَةِ الْقَطْعِ فِي هَذِهِ. فَصْلٌ السَّيِّدُ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ لَا يَضْمَنُ إلَخْ يُوهَمُ أَنَّ انْتِفَاءَ الضَّمَانِ تَسَبَّبَ عَنْ الْإِذْنِ وَلَيْسَ مُرَادًا، قَالَ الْإِمَامُ حَقِيقَةُ الْخِلَافِ أَنَّ الْأَثَرَ يَنْحَصِرُ فِي الْكَسْبِ، أَوْ يَعُمُّ أَمْوَالَ السَّيِّدِ وَلَيْسَ بِضَمَانٍ حَقِيقَةً لِأَنَّ قَدْرَ النَّفَقَةِ مَجْهُولٌ، انْتَهَى قُلْت وَلِأَنَّهُ لَمْ يَجِب بَعْدُ ثُمَّ عَنْ الْقَوْلِ بِالضَّمَانِ الصَّحِيحِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْوُجُوبَ لَاقَى الْعَبْدَ ثُمَّ تَحَمَّلَهُ السَّيِّدُ عَنْهُ حَتَّى لَوْ أَبْرَأَ الْعَبْدَ بَرِئَ السَّيِّدُ وَيَطْلُبَانِ بِخِلَافِهِ عَلَى مُقَابِلِ الصَّحِيحِ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ وَهُمَا فِي كَسْبِهِ إلَخْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ انْتَهَى. أَقُولُ كَيْف يَكُونُ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ الْمَتْنُ بَعْدَ النِّكَاحِ مَعَ مَا سَلَفَ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي أَنَّ مَعْنَى الْقَدِيمِ التَّعْلِيقُ بِسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا وَالْقَدِيمُ يَقُولُ الْتَزَمَهُمَا ضِمْنًا. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ يَضْمَنُهُمَا) الْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِي كُلِّ دَيْنٍ أُذِنَ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ كَالضَّمَانِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُمَا فِي كَسْبِهِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِيهِ إذْنٌ فِي لَوَازِمِهِ، وَكَيْفِيَّةُ الصَّرْفِ الْبُدَاءَةُ بِالنَّفَقَةِ وَمَا فَضَلَ لِلْمَهْرِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ النِّكَاحِ) خَرَجَ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ بِخِلَافِ نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 النِّكَاحِ أَمْ بَعْدَهُ، (وَكَذَا رَأْسُ مَالٍ فِي الْأَصَحِّ) ، كَدَيْنِ التِّجَارَةِ، وَالثَّانِي لَا كَسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكْتَسِبًا وَلَا مَأْذُونًا لَهُ) فِي التِّجَارَةِ (فَفِي ذِمَّتِهِ) ، كَالْقَرْضِ لِلُزُومِهِ بِرِضَا مُسْتَحَقِّهِ (وَفِي قَوْلٍ عَلَى السَّيِّدِ) لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي النِّكَاحِ لِمَنْ هَذِهِ حَالُهُ الْتِزَامٌ لِمُؤَنِهِ (وَلَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهِ وَيَفُوتُ الِاسْتِمْتَاعُ) بِالزَّوْجَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ فَيُقَدِّمُ حَقَّهُ، (وَإِذَا لَمْ يُسَافِرْ) بِهِ (لَزِمَهُ تَخْلِيَتُهُ لَيْلًا لِلِاسْتِمْتَاعِ) لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ (وَيَسْتَخْدِمُهُ نَهَارًا إنْ تَكَفَّلَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ وَإِلَّا فَيُخَلِّيه لِكَسْبِهِمَا، وَإِنْ اسْتَخْدَمَهُ، بِلَا تَكَفُّلٍ لَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلٍ) لِمُدَّةِ الِاسْتِخْدَامِ (وَ) مِنْ (كُلِّ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ) ، لِمُدَّةِ الِاسْتِخْدَامِ، لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَنْفَعَتَهُ بِاسْتِخْدَامِهِ مَعَ إذْنِهِ فِي النِّكَاحِ الْمُقْتَضِي لِتَعَلُّقِهِمَا بِكَسْبِهِ، وَلَوْ خَلَّاهُ لِلْكَسْبِ وَكَسَبَ أَكْثَرَ مِنْهُمَا، فَلَهُ أَخْذُ الزِّيَادَةِ أَوْ أَقَرَّ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ (وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ) ، وَإِنْ كَانَا أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَوْ خَلَّاهُ لِلْكَسْبِ تِلْكَ الْمُدَّةَ لَرُبَّمَا كَسَبَ مَا يَفِي بِهِمَا (وَلَوْ نَكَحَ فَاسِدًا) بِأَنْ نَكَحَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ أَوْ بِإِذْنِهِ وَخَالَفَهُ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ (وَوَطِئَ) فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا (فَمَهْرُ مِثْلٍ) يَجِبُ (فِي ذِمَّتِهِ) لِلُزُومِهِ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ كَالْقَرْضِ الَّذِي أَتْلَفَهُ (وَفِي قَوْلٍ فِي رَقَبَتِهِ) كَغَيْرِ الْوَطْءِ مِنْ الْإِتْلَافَاتِ. (وَإِذَا زَوَّجَ) السَّيِّدُ (أَمَتَهُ اسْتَخْدَمَهَا نَهَارًا وَسَلَّمَهَا لِلزَّوْجِ لَيْلًا) ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَيْ اسْتِخْدَامِهَا وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَقَدْ نَقَلَ الثَّانِيَةَ لِلزَّوْجِ فَتَبْقَى لَهُ الْأُخْرَى يَسْتَوْفِيهَا فِي النَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ، لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاسْتِرَاحَةِ وَالِاسْتِمْتَاعِ (وَلَا نَفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ اسْتِخْدَامِهَا (فِي الْأَصَحِّ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ كَسْبُهُ) يُفِيدُ تَعَلُّقَهُمَا بِمَا فِي يَدِهِ وَلَوْ قَبْلَ الْإِذْنِ فِي النِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (فَفِي ذِمَّتِهِ) وَلَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ إنْ جَهِلَتْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ مُكَرَّرٌ إنْ كَانَ قَدِيمًا وَمُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ إنْ كَانَ جَدِيدًا. قَوْلُهُ: (وَلَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهِ) إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ كَرَهْنٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ، وَلَهُ اسْتِصْحَابُ زَوْجَتِهِ وَعَلَى السَّيِّدِ تَخْلِيَتُهُ مَعَهَا عَلَى الْعَادَةِ، وَأُجْرَتُهَا لِسَيِّدِهَا فِي كَسْبِهِ، وَإِذَا امْتَنَعَتْ بَعْدَ طَلَبِهِ وَلَوْ يَمْنَعُ سَيِّدُهَا فَنَاشِزَةٌ. قَوْلُهُ: (لَيْلًا) أَيْ أَوْ نَهَارًا عَلَى الْعَادَةِ فِي الرَّاحَةِ وَعَدَمِ الْخِدْمَةِ. قَوْلُهُ: (إنْ تَكَفَّلَ) وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ أَدَّاهَا وَلَوْ مُعْسِرًا وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا الْأَدَاءَ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (فَيُخْلِيهِ) وَحِينَئِذٍ يُؤَخِّرُ نَفْسَهُ يَوْمًا فَيَوْمًا فَرُبَّمَا احْتَاجَ السَّيِّدُ لِخِدْمَتِهِ، وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَيُمْنَعُ السَّيِّدُ عَنْهُ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ اسْتَخْدَمَهُ) وَلَوْ نَهَارًا فَقَطْ. إذْ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ أُجْرَةُ اللَّيْلِ وَإِنْ اسْتَخْدَمَهُ فِيهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَبْسُهُ كَاسْتِخْدَامِهِ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ الْمَهْرِ) أَيْ الْحَالُّ مِنْهُ وَالنَّفَقَةُ فِيهِمَا مُقَابِلَانِ لِلْأُجْرَةِ. قَوْلُهُ: (لِمُدَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفَقَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَتْلَفَ إلَخْ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَلَوْ فِي مُسْتَقْبَلٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ) مُطْلَقًا وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ اسْتَخْدَمَهُ أَجْنَبِيٌّ، وَفَرَّقَ الْمَنْهَجُ بِأَنَّ سَبْقَ الْإِذْنِ مِنْ السَّيِّدِ أَوْجَبَ الْتِزَامَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَاسِدًا) أَيْ بِغَيْرِ إذْنٍ فِيهِ وَإِلَّا فَكَالصَّحِيحِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِلُزُومِهِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ يَعْتَبِرُ رِضَاهَا، وَإِلَّا كَنَائِمَةٍ وَمَجْنُونَةٍ وَصَغِيرَةٍ وَمُكْرَهَةٍ وَمَحْجُورَةِ سَفَهٍ، وَأَمَةٍ لَمْ يَأْذَنْ سَيِّدُهَا فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا. قَوْلُهُ: (اسْتِخْدَامِهَا) أَيْ إنْ كَانَ فِيهَا خِدْمَةٌ وَلَيْسَتْ مُكَاتَبَةً وَلَا مُبَعَّضَةً، وَإِلَّا فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ الزَّوْجِ نَعَمْ الْمُبَعَّضَةُ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهَا كَالْقِنَّةِ لَكِنْ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَنْعُ تَسْلِيمِ الْمُكَاتَبَةِ لِلزَّوْجِ إنْ أَدَّى إلَى فَوَاتِ النُّجُومِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَحِلُّ الِاسْتِرَاحَةِ) يُفِيدُ أَنَّ تَسْلِيمَهَا لِلزَّوْجِ وَقْتَ عَدَمِ شُغْلِهِ، وَيُقَدَّمُ بِهِ وَلَوْ رَقِيقًا عَلَى سَيِّدِهَا لَوْ عَارَضَهُ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَرِدُ سَفَرُهُ بِهَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْعًا مِنْ سَيِّدِهَا وَلَا يَأْتِي هَذَا التَّعَارُضُ فِي الْعَبْدِ وَإِنْ ذَكَرَهُ فِيهِ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا نَفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ فَوَّتَ عَلَى السَّيِّدِ خِدْمَتَهَا وَلَوْ بِنَحْوِ حَبْسٍ لَكِنْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا فَوَّتَهُ لِلسَّيِّدِ، لِأَنَّهُ غَاصِبٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ إذَا اسْتَخْدَمَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا. قَوْلُهُ: (فِي دَارِهِ) أَيْ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ) نَعَمْ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ وَلَدًا لِلسَّيِّدِ وَخَشِيَ عَلَيْهِ نَحْوَ فُجُورٍ لَزِمَهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ إكْسَابُهُ بِغَيْرِ التِّجَارَةِ الَّتِي بَعْدَ الْإِذْنِ وَلَوْ قَبْلَ النِّكَاحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَفِي ذِمَّتِهِ) لَوْ جُهِلَتْ الْحَالُ ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ عَلَى السَّيِّدِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا الْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ يَعْنِي الْجَدِيدَ وَمُقَابِلَهُ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهِ إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَتَكَفَّلَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ كَمَا فِي الِاسْتِخْدَامِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لَهُ اسْتِصْحَابُهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ فَعَلَ وَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ تَخْلِيَتُهُ لَهَا لَيْلًا. قَوْلُهُ: (إنْ تَكَفَّلَ) الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ الِالْتِزَامُ وَالْأَدَاءُ لَا حَقِيقَةُ الضَّمَانِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْتِزَامَهُ لَا يُفِيدُ. قَوْلُهُ: (لِمُدَّةِ الِاسْتِخْدَامِ) لَوْ اسْتَخْدَمَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ اعْتَبَرَ مُدَّةَ النَّهَارِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَخَالَفَهُ) لَوْ عَيَّنَ لَهُ مَهْرًا فَزَادَ عَلَيْهِ صَحَّ وَتَثْبُت الزِّيَادَةُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ تَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 لِانْتِفَاءِ التَّسْلِيمِ وَالتَّمْكِينِ التَّامِّ وَالثَّانِي يَجِبُ لِوُجُودِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ وَالثَّالِثُ يَجِبُ شَطْرُهَا تَوْزِيعًا لَهَا عَلَى الزَّمَانِ فَلَوْ سَلَّمَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَجَبَتْ قَطْعًا. (وَلَوْ أَخْلَى) السَّيِّدُ (فِي دَارِهِ بَيْتًا وَقَالَ لِلزَّوْجِ تَخْلُو بِهَا فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ) ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْحَيَاءَ وَالْمُرُوءَةَ يَمْنَعَانِهِ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِتَدُومَ يَدُ السَّيِّدِ عَلَى مِلْكِهِ مَعَ تَمَكُّنِ الزَّوْجِ مِنْ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ وَعَلَى هَذَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ (وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِهَا) ، لِأَنَّهُ مَالِكُ رَقَبَتِهَا فَيُقَدَّمُ عَلَى مَالِكِ الِاسْتِمْتَاعِ (وَلِلزَّوْجِ صُحْبَتُهَا) فِي السَّفَرِ لِيَسْتَمْتِعَ بِهَا لَيْلًا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ، وَلَا إلْزَامُهُ بِهِ لِيُنْفِقَ عَلَيْهَا، وَإِذَا لَمْ يُسَافِرْ، فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الْمَهْرِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَإِنْ سَلَّمَهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَ بِهَا. (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ قَتَلَهَا أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ دُخُولٍ سَقَطَ مَهْرُهَا) ، الْوَاجِبُ لَهُ لِتَفْوِيتِهِ مَحَلَّهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ وَتَفْوِيتُهَا كَتَفْوِيتِهِ. (وَأَنَّ الْحُرَّةَ لَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا أَوْ قَتَلَ الْأَمَةَ أَجْنَبِيٌّ أَوْ مَاتَتْ فَلَا) ، يَسْقُطُ الْمَهْرُ قَبْلَ الدُّخُولِ (كَمَا لَوْ هَلَكَتَا بَعْدَ الدُّخُولِ) وَمَا ذُكِرَ فِي قَتْلِ الْحُرَّةِ هُوَ الْمَنْصُوصُ فِيهَا عَكْسُ الْمَنْصُوصِ السَّابِقِ فِي قَتْلِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُرَّةَ كَالْمُسَلَّمَةِ إلَى الزَّوْجِ بِالْعَقْدِ إذْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ وَلِلْأَصْحَابِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ: طَرِيقَانِ أَشْهَرُهُمَا فِي كُلٍّ قَوْلَانِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ أَرْجَحُهُمَا الْمَنْصُوصُ فِيهِمَا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْمَنْصُوصِ فِيهِمَا، وَفِي وَجْهٍ أَنَّ قَتْلَ الْأَمَةِ نَفْسَهَا لَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ الْمُسْتَحِقَّةَ لَهُ وَفِي وَجْهٍ أَنَّ قَتْلَ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا أَوْ مَوْتَهَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ كَفَوَاتِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُزَوَّجُ بِالْمِلْكِ. (وَلَوْ بَاعَ مُزَوَّجَةً) قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (فَالْمَهْرُ) الْمُسَمَّى (لِلْبَائِعِ) ، لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ الْوَاقِعِ فِي مِلْكِهِ (فَإِنْ طَلُقَتْ) بَعْدَ الْبَيْعِ (قَبْلَ دُخُولٍ فَنِصْفُهُ) الْوَاجِبُ (لَهُ) لِمَا ذُكِرَ. (وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ) لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَسْمِيَتِهِ، وَقِيلَ يَجِبُ ثُمَّ يَسْقُطُ، فَيُسَمَّى حَتَّى لَا يَعْرَى النِّكَاحُ عَنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ عُرُوَّهُ عَنْهُ مِنْ خَصَائِصِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَلَا نَفَقَةَ) لِانْتِفَاءِ التَّمْكِينِ التَّامِّ. قَوْلُهُ: (وَلِلسَّيِّدِ) أَيْ لِلزَّوْجِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (السَّفَرُ بِهَا) وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهَا لِأَنَّهَا مَعَهُ كَالْمَحْرَمِ. نَعَمْ إنْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لَمْ يُسَافِرْ بِهَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْحَقِّ كَمَا مَرَّ فِي الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (لِيَسْتَمْتِعَ بِهَا لَيْلًا) أَيْ وَقْتَ الرَّاحَةِ كَمَا مَرَّ وَفِي لُزُومِهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا لَمْ يُسَافِرْ) أَوْ سَافَرَ وَلَمْ تُسَلَّمْ لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا كَمَا فِي الْحَضَرِ. قَوْلُهُ: (إنَّ السَّيِّدَ لَوْ قَتَلَهَا) وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ، أَوْ قُتِلَ زَوْجُهَا كَذَلِكَ سَقَطَ كُلُّ الْمَهْرِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ السَّيِّدِ، وَقَالَ الْخَطِيبُ فِي صُورَةِ الِاشْتِرَاكِ بِسُقُوطِ مَا يُقَابِلُ السَّيِّدَ وَفِعْلُهَا مَعَ وَاحِدٍ يُسْقِطُ النِّصْفَ تَوْزِيعًا عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا) أَوْ زَوْجَهَا كَمَا مَرَّ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهَا سَقَطَ كُلُّ الْمَهْرِ أَيْضًا وَفِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَأَنَّ الْحُرَّةَ لَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا) لَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَتْ زَوْجَهَا فَيَسْقُطُ الْمَهْرُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا فِي الْأَمَةِ فِي هَذِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَتَلَ الْأَمَةَ) أَيْ أَوْ الْحُرَّةَ. قَوْلُهُ: (أَجْنَبِيٌّ) وَمِنْهُ زَوْجُهَا لَمْ يَسْقُطْ كَمَا لَوْ هَلَكَتَا بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ. تَنْبِيهٌ: شَمِلَ الْقَتْلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ وَلَوْ بِسَبَبٍ أَوْ بِشَرْطٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَدَخَلَ فِي الْأَمَةِ الْمُبَعَّضَةُ، وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كَالْخَطِيبِ يَسْقُط مَا يُقَابِلُ الرِّقَّ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) فَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ فِي غَيْرِهِمَا تَغْلِيبًا لَهُمَا. قَوْلُهُ: (أَرْجَحُهُمَا الْمَنْصُوصُ فِيهِمَا) وَلَعَلَّهُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ الرَّاجِحُ مِنْ الطَّرِيقِ الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ هُمَا الْمُقَابِلَانِ لِلْمَذْهَبِ قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ وَهُوَ فِي الْأُولَى قَوْلٌ وَبَقِيَ مِمَّا ذُكِرَ كَمَوْتِ الْحُرَّةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ الشَّارِحُ مُقَابِلًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَ) وَمِثْلُهُ الْعِتْقُ. قَوْلُهُ: (الْمُسَمَّى) قَيَّدَ بِهِ لِصِحَّةِ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ بَدَلَهُ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ وَجَبَ بِتَسْمِيَةٍ فَاسِدَةٍ فَكَذَلِكَ أَوْ بِفَرْضٍ أَوْ وَطْءٍ فِي مُفَوِّضَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ مَوْتٍ فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ الْعِتْقِ فَلِلْبَائِعِ أَوْ بَعْدَهُ فَلِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا وَالْحَاصِلُ أَنْ يُقَالَ الْمَهْرُ لِمَنْ وَجَبَ فِي مِلْكِهِ وَهِيَ بِالْعِتْقِ مَلَكَتْ نَفْسَهَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ) أَيْ وَلَا كِتَابَةَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَإِلَّا وَجَبَ الْمَهْرُ وَيَجِبُ فِي الْمُبَعَّضِ بِقِسْطِهِ وَخَرَجَ عَبْدُ غَيْرِهِ، فَيَجِبُ وَلَا يَسْقُطُ بِمِلْكِ سَيِّدِهَا لَهُ بَعْدُ وَلَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ أَنَّ أَوْلَادَهُمَا بَيْنَ السَّيِّدَيْنِ، بَطَلَ الشَّرْطُ فَقَطْ. وَالْأَوْلَادُ لِمَالِكِ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ) وَإِنْ ذُكِرَ أَوْ دَخَلَ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يُسَنُّ ذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَكَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ سَنِّهِ. قَوْلُهُ: (فَيُسَمَّى) أَيْ نَدْبًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ عُرُوَّهُ) أَيْ خُلُوَّ الْعَقْدِ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْمَهْرِ أَيْ عَنْ ذِكْرِهِ وَوُجُوبِهِ أَخْذًا عَمَّا قَبْلَهُ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ سَفَرِ السَّيِّدِ بِهَا أَمَّا إذَا اسْتَخْدَمَهَا نَهَارًا وَسَلَّمَهَا لَيْلًا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَ بِهَا) ، يَرْجِعُ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الْمَهْرِ، وَقَوْلِهِ وَإِنْ سَلَّمَهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ. قَوْلُهُ: (لَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا) أَيْ أَمَّا لَوْ قَتَلَهَا أَجْنَبِيٌّ أَوْ الزَّوْجُ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّ الْمَهْرَ لَا يَسْقُطُ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الدُّخُولِ) هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ بَعْدَ دُخُولٍ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ وَإِنْ اتَّحِدْ الْحُكْمَ لِمَكَانِ الْخِلَافِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (فِي قَتْلِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ) زَادَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يُصَدَّقُ أَيْضًا فِي قَتْلِهَا نَفْسَهَا وَجَعَلَ ذَلِكَ مِثْلَ قَتْلِ السَّيِّدِ فِي إجْرَاءِ الطَّرِيقَيْنِ، أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ فِيهَا نَصًّا مُسَلَّمٌ لَكِنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّقُوطِ فِي قَتْلِ السَّيِّدِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَرَيَانِ الطَّرِيقَيْنِ، فِيهَا مَمْنُوعٌ يُعْرَفُ ذَلِكَ بِمُرَاجَعَةِ الرَّافِعِيِّ فَالْحَقُّ مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ فِيهَا قَوْلًا وَوَجْهًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) فُرِّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْحُرَّةِ الْوُصْلَةُ وَقَدْ وُجِدَتْ بِالْعَقْدِ وَالْغَرَضُ مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْوَطْءُ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ خَوْفِ الْعَنَتِ وَلَمْ يَحْصُلْ الْمَقْصُودُ فَرَجَعَ إلَى الْمَهْرِ. قَوْلُهُ: (فَلَا حَاجَةَ إلَى تَسْمِيَتِهِ) أَيْ وَلَا تُسْتَحَبُّ أَيْضًا قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجِبُ ثُمَّ يَسْقُطُ) زَيَّفَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِسُقُوطِهِ دَوَامًا مُقْتَرِنٌ بِالْعَقْدِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 كِتَابُ الصَّدَاقِ هُوَ الْمَهْرُ، وَيُقَالُ فِيهِ صَدَقَةٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَانِيهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] وَغَيْرُهُ (يُسَنُّ تَسْمِيَتُهُ فِي الْعَقْدِ) ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَخْلُ نِكَاحٌ مِنْهُ (وَيَجُوزُ إخْلَاؤُهُ مِنْهُ) إجْمَاعًا. . (وَمَا صَحَّ مَبِيعًا صَحَّ صَدَاقًا) ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَإِنْ انْتَهَى فِي الْقِلَّةِ لَا   [حاشية قليوبي] فُرُوعٌ: قَالَ لِأَمَتِهِ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَنْكِحِي زَيْدًا أَوْ تَنْكِحِينِي فَقَبِلَتْ فَوْرًا، أَوْ قَالَتْ لَهُ أَعْتِقْنِي عَلَى أَنْ أَنْكِحَك فَأَعْتَقَهَا فَوْرًا عَتَقَتْ وَلَزِمَهَا قِيمَتُهَا، وَقْتَ الْإِعْتَاقِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ بِالنِّكَاحِ وَلَوْ قَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَنْ أَنْكِحَك، أَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَنْ أَنْكِحَك ابْنَتِي فَأَعْتَقَهُ عَتَقَ وَلَزِمَ الْقَائِلَ الْقِيمَةُ لَا الْوَفَاءُ بِالنِّكَاحِ أَيْضًا، وَلَوْ قَالَتْ لِعَبْدِهَا أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَنِي عَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ وَلَا قِيمَةَ وَلَا نِكَاحَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنْ أَنْكِحَك بَعْدَ عِتْقِك فَأَنْت حُرَّةٌ فَلَا عِتْقَ وَلَا نِكَاحَ لِلدُّورِ، وَلَوْ جَعَلَ عِتْقَ صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ صَدَاقًا لَهَا عَتَقَتْ وَلَا يَلْزَمُهَا قِيمَةٌ وَلَا وَفَاءٌ بِالنِّكَاحِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. . كِتَابُ الصَّدَاقِ مِنْ الصِّدْقِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى صِدْقِ رَغْبَةِ بَاذِلِهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا عِوَضٌ، وَقِيلَ تَكْرِمَةٌ لِلزَّوْجِ وَالْمُخَاطَبُ بِهِ فِي الْآيَةِ الْأَزْوَاجُ وَقِيلَ الْأَوْلِيَاءُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَسُمِّيَ نِحْلَةً أَيْ عَطِيَّةً مِنْ اللَّهِ مُبْتَدَأَةً لِأَنَّ اسْتِمْتَاعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ اسْتِمْتَاعِ الْآخَرِ بِهِ فَالْمَهْرُ لَيْسَ لَهُ مُقَابِلٌ، وَيُنْدَبُ كَوْنُهُ مِنْ الْفِضَّةِ وَجَمْعُهُ أَصْدِقَةٌ فِي الْقِلَّةِ وَصُدُقٌ بِضَمَّتَيْنِ فِي الْكَثْرَةِ. قَوْلُهُ: (هُوَ الْمَهْرُ) وَقِيلَ الصَّدَاقُ مَا وَجَبَ بِالْعَقْدِ وَالْمَهْرُ مَا وَجَبَ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (صَدُقَةٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَانِيهِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ فِي ثَانِيهِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ وَالسُّكُونُ، وَيَجُوزُ ضَمُّ أَوَّلِهِ مَعَ ضَمِّ ثَانِيهِ أَوْ سُكُونِهِ فَهِيَ سِتُّ لُغَاتٍ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ هَذَا لِأَجْلِ الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ وَذَكَرَ لَفْظَ الْمَهْرِ لِذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُ فِيمَا سَيَأْتِي وَلَهُ أَسْمَاءٌ أُخْرَى، وَأَوْصَلَ بَعْضُهُمْ أَسْمَاءَهُ إلَى أَحَدَ عَشَرَ وَنَظَمَهَا بِقَوْلِهِ: صَدَاقٌ وَمَهْرٌ نِحْلَةٌ وَفَرِيضَةٌ ... حِبَاءٌ وَأَجْرٌ ثُمَّ عُقْرٌ عَلَائِقُ وَطُولُ نِكَاحٍ ثُمَّ خَرْسٌ تَمَامُهَا ... فَفَرْدٌ وَعُشْرٌ عَدُّ ذَاكَ مُوَافِقٌ وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَطِيَّةً أَيْضًا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ صَدَقَةٌ أَيْضًا فَجُمْلَتُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ اسْمًا وَقَدْ نَظَمْتهَا بِقَوْلِي: أَسْمَاءُ مَهْرٍ مَعَ ثَلَاثٍ عَشَرُ ... مَهْرٌ صَدَاقٌ طُولُ خَرْسٍ أَجْرُ عَطِيَّةٌ حِبًّا عَلَائِقُ نِحْلَةٌ ... فَرِيضَةُ نِكَاحٍ صَدُقَةٌ عُقْرُ وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مَا وَجَبَ بِعَقْدٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ تَفْوِيتِ بُضْعٍ قَهْرًا كَإِرْضَاعٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ فَلَا يَجِبُ بِاسْتِدْخَالِ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ زَوْجِهَا أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ فِي الْقُبُلِ وَلَا نَحْوِ خَلْوَةٍ، وَلَا فِي نَحْوِ رَتْقَاءَ كَمَا يَأْتِي وَمُقْتَضَى مَا ذُكِرَ أَنَّ وَطْءَ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي دُبُرِهَا يُوجِبُ الْمَهْرَ وَلَعَلَّهُ يُفَارِقُ الذَّكَرَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مَحِلًّا لِلْوَطْءِ كَالْبَهِيمَةِ أَوْ يُخَصُّ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ لِكَوْنِهِ فِي الزَّوْجَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ نَظَرًا لِوُجُودِ الْعَقْدِ فِيهَا فَرَاجِعْهُ. فَرْعٌ: يُسَنُّ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِالزَّوْجَةِ حَتَّى يَدْفَعَ لَهَا شَيْئًا مِنْ صَدَاقِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمَهْرِ الْحَالِّ وَيُحْتَمَلُ شُمُولُهُ أَيْضًا لِلْمُؤَجَّلِ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ التَّعْجِيلِ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الدَّلِيلِ وَقِيلَ عَطْفٌ عَلَى صَدَقَةٍ لِلْإِشَارَةِ إلَى بَقِيَّةِ أَسْمَائِهِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (يُسَنُّ) فِي غَيْرِ تَزْوِيجِ أَمَتِهِ بِعَبْدِهِ كَمَا مَرَّ. وَقَدْ يَجِبُ لِمَصْلَحَةٍ كَرَشِيدَةٍ رَضِيَتْ لِمَحْجُورٍ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ رَشِيدٍ رَضِيَ لِمَحْجُورَةٍ بِأَكْثَرَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَقَدْ يَحْرُمُ ذِكْرُهُ كَوَلِيِّ مَجْنُونٍ مُحْتَاجٍ إلَى النِّكَاحِ، وَلَمْ يَجِدْ وَلِيُّهُ إلَّا مَنْ تَطْلُبُ زِيَادَةً عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَسُكُوتُ الْوَلِيِّ عَنْهُ يَلْزَمُ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا بُعْدَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَوْ ذَكَرَهُ لَغَا كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (إجْمَاعًا) فَهُوَ صَارِفٌ لِلْوُجُوبِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ الْمَحْمُولِ عَلَى عَقْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ عَقْدِهِ لِنَفْسِهِ كَمَا فِي الْوَاهِبَةِ نَفْسَهَا. قَوْلُهُ: (وَمَا صَحَّ مَبِيعًا) الْأَوْلَى ثَمَنًا. لِأَنَّ الزَّوْجَ مُشْتَرٍ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْمَنْهَجِ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لَاحَظَ أَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِالْمَبِيعِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ فَتَأَمَّلْ.   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الصَّدَاقِ] ِ هَلْ الصَّدَاقُ عِوَضٌ أَوْ تَكْرِمَةٌ وَفَضِيلَةٌ لِلزَّوْجِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْمَرْعَشِيُّ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْفِضَّةِ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ: (إخْلَاؤُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِهِ إجْمَاعًا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [البقرة: 236] قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَمْ يَكُنْ رُكْنًا، كَالْمَبِيعِ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ النِّكَاحِ الِاسْتِمْتَاعُ وَتَوَابِعُهُ وَذَلِكَ قَائِمٌ بِالزَّوْجَيْنِ فَهُمَا الرُّكْنُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 يَتَمَوَّلُ فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ، لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُجَوِّزُ أَقَلَّ مِنْهَا، وَأَنْ لَا يُزَادَ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ خَالِصَةٍ صَدَاقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَزْوَاجِهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ (وَإِذَا أَصْدَقَ عَيْنًا فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَهَا ضَمَانَ عَقْدٍ) كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ (وَفِي قَوْلٍ ضَمَانَ يَدٍ) ، كَالْمُسْتَامِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهَا بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ) كَالْمَبِيعِ بِخِلَافِهِ عَلَى الثَّانِي (وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ) بِآفَةٍ (وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ) لِانْفِسَاخِ عَقْدِ الصَّدَاقِ بِالتَّلَفِ بِخِلَافٍ عَلَى الثَّانِي فَلَا يَنْفَسِخُ وَيَجِبُ مِثْلُ التَّالِفِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا، وَهِيَ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ إلَى يَوْمِ التَّلَفِ، لِاسْتِحْقَاقِ التَّسْلِيمِ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي فِيهِ، وَقِيلَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِصْدَاقِ، وَقِيلَ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ إلَى يَوْمِ التَّلَفِ (وَإِنْ أَتْلَفَتْهُ) الزَّوْجَةُ (فَقَابِضَةٌ) لِحَقِّهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَفِيمَا إذَا أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَجْهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا لَهُ بَلْ يَلْزَمُ قِيمَتُهُ لِلْبَائِعِ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ وَقِيَاسُهُ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ، أَنْ تَغْرَمَ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ وَتَأْخُذَ مَهْرَ الْمِثْلِ. (وَإِنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ تَخَيَّرَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ) ، بَيْنَ فَسْخِ الصَّدَاقِ وَإِبْقَائِهِ (فَإِنْ فَسَخَتْ الصَّدَاقَ أَخَذَتْ مِنْ الزَّوْجِ مَهْرَ مِثْلٍ) ، عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَمِثْلُ الصَّدَاقِ أَوْ قِيمَتِهِ عَلَى الثَّانِي، وَيَأْخُذُ الزَّوْجُ الْغُرْمَ مِنْ الْمُتْلِفِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَفْسَخْ الصَّدَاقَ (غَرَّمَتْ الْمُتْلِفَ) الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ وَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِالْغُرْمِ عَلَى الثَّانِي وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمُتْلِفِ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَتَخَيَّرُ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِآفَةٍ وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ، فِيمَا ذُكِرَ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، فَقَالَ وَتَبِعْهُ الْمُصَنِّفُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ عَلَى قَوْلِ ضَمَانِ الْعَقْدِ، فَأَمَّا عَلَى ضَمَانِ الْيَدِ فَلَا خِيَارَ وَلَيْسَ لَهَا إلَّا طَلَبُ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ كَمَا إذَا أَتْلَفَ أَجْنَبِيٌّ الْمُسْتَعَارَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ. (وَإِنْ أَتْلَفَهُ الزَّوْجُ فَكَتَلَفِهِ) بِآفَةٍ (وَقِيلَ كَأَجْنَبِيٍّ) أَيْ كَإِتْلَافِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُمَا. (وَلَوْ أَصَدَقَ عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ عَبْدٌ قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (صَحَّ صَدَاقًا) أَيْ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ امْتَنَعَ لِعَارِضٍ كَجَعْلِ أَصْلِ صَغِيرَةٍ صَدَاقًا لَهَا أَوْ أُمِّ وَلَدٍ صَدَاقًا قَالَهُ كَأَنْ أَوْلَدَهَا بِنِكَاحٍ ثُمَّ مَلَكَهَا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ دُخُولُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مِلْكِ الصَّغِيرِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ. تَنْبِيهٌ: يُنْدَبُ أَنْ لَا يَنْقُصَ الْمَهْرُ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ، صَدَاقُ بَنَاتِهِ وَزَوْجَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَ أُمِّ حَبِيبَةَ. قَوْلُهُ: (لَا يَتَمَوَّلُ) وَمِثْلُهُ مَا لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ كَحَقِّ شُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ. قَوْلُهُ: (لِأَزْوَاجِهِ) وَبَنَاتِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (عَيْنًا) لَيْسَتْ قَيْدًا إلَّا لِمُنَاسِبَةِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (فَتَلِفَتْ) لَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ كَوْنَهَا ضَمَانَ عَقْدٍ لَا يَتَقَيَّدُ بِتَلَفِهَا. قَوْلُهُ: (ضَمَانَ عَقْدٍ) وَهُوَ مَا يُضْمَنُ بِالْمُقَابِلِ. قَوْلُهُ: (ضَمَانَ يَدٍ) وَهُوَ مَا يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ. قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَامِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَضْمُون بِهِ كَقَوْلِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إنَّ الْمُسْتَامَ يُضْمَنُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ وَلَوْ مِثْلِيًّا فَيُخَالِفُ كَوْنَهَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ لَهَا بَيْعُهُ) وَلَا غَيْرُهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ وَيَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَالتَّقَابُلُ فِيهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ نَحْوَ تَعَلُّمِ صَنْعَةٍ مُنِعَ فِيهِ الِاعْتِيَاضُ لِأَنَّهُ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَتْلَفَتْهُ الزَّوْجَةُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ وَلَوْ جَاهِلَةً بِأَنَّهُ الْمَهْرُ مَثَلًا إتْلَافًا مُضَمَّنًا أَمَّا إتْلَافُ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ، وَالْإِتْلَافُ لِنَحْوِ صِيَالٍ أَوْ قِصَاصٍ فَلَا لِأَنَّهُ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيهِ وَيَلْزَمُ غَيْرَ الرَّشِيدَةِ الْبَدَلُ. قَوْلُهُ: (أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ أَهْلٌ لِلضَّمَانِ بِغَيْرِ حَقٍّ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ وَنَحْوِ الصِّيَالِ. قَوْلُهُ: (تَخَيَّرَتْ) فَوْرًا. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ) لَمْ يَقُلْ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي مَثَلًا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ طُرُقٌ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ الْبَحْثِ الْمَذْكُورِ طَرِيقًا فَتَأَمَّلْ. . قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَتْلَفَهُ الزَّوْجُ) وَلَوْ غَيْرَ أَهْلٍ أَوْ بِحَقٍّ فَكَتَلَفِهِ بِالْآفَةِ. قَوْلُهُ: (فَتَلِفَ) أَيْ تَلَفًا لَا ضَمَانَ فِيهِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَمَا صَحَّ مَبِيعًا) قَدْ يُدَّعَى شُمُولُهُ لِلْمَنَافِعِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ مَنَافِعَ نَعَمْ يُرَدُّ الدَّيْنُ عَلَى غَيْرِهَا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ صَدَاقًا وَكَذَا الْقَوَدُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى عَبْدِهَا يَصِحُّ جَعْلُهُ صَدَاقًا وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَكُلُّ ذَلِكَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ فَلَا إيرَادَ قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَصْدَقَ عَيْنًا) مِثْلُهَا الْمَنْفَعَةُ قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَامِ) أَيْ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِتَلَفِهِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ كَالْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْأَوَّلِ) فَرَّعَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ صِحَّةَ الْإِقَالَةِ فِي الصَّدَاقِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَيَصِحُّ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ) لَوْ كَانَ دَيْنًا صَحَّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ، فَلَوْ قَالَ بَيْعُهَا لَسَلِمَ مِنْ إيرَادٍ ذَلِكَ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ وَلَوْ طَلَبَتْهُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ. فَامْتَنَعَ وَإِنَّمَا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْبُضْعَ بِالْعَقْدِ كَالتَّالِفِ وَعِوَضُ الْبُضْعِ مَهْرُ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِصْدَاقِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهَا الَّتِي تَنَاوَلَهَا الْعَقْدُ فَإِنْ فُرِضَتْ زِيَادَةٌ وَجَبَ أَنْ لَا يَضْمَنَهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ قَوْلُهُ: (فَقَابِضَةٌ) هُوَ شَامِلٌ لِلْجَاهِلَةِ قَوْلُهُ: (وَقِيَاسُهُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّى يَتَّجِهُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ ضَمَانِ الْعَقْدِ قَوْلُهُ: (تَخَيَّرَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ) ، أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَسَيَأْتِي بَحْثُ الشَّيْخَيْنِ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَمِثْلُ الصَّدَاقِ إلَخْ) قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ أَنَّهَا لَا تُطَالِبُ الْمُتْلِفَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ) كَانَ وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ النَّظَرُ لِهَذَا الْبَحْثِ. قَوْلُهُ: (فِيمَا ذُكِرَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ تَخَيَّرَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (فَتَلِفَ عَبْدٌ) أَيْ بِآفَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ انْفَسَخَ الصَّدَاقُ أَمَّا لَوْ أَتْلَفَتْهُ فَقَابِضَةٌ لِحِصَّتِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 عَقْدُ الصَّدَاقِ (فِيهِ لَا فِي الْبَاقِي عَلَى الْمَذْهَبِ) ، مِنْ خِلَافِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (وَلَهَا الْخِيَارُ) فِيهِ (فَإِنْ فَسَخَتْ فَمَهْرُ مِثْلٍ وَإِلَّا فَحِصَّةُ التَّالِفِ مِنْهُ) هَذَا كُلُّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الثَّانِي لَا يَنْفَسِخُ الصَّدَاقُ، وَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ فَسَخَتْ رَجَعَتْ إلَى قِيمَةِ الْعَبْدَيْنِ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْبَاقِي رَجَعَتْ إلَى قِيمَةِ التَّالِفِ (وَلَوْ تَعَيَّبَ قَبْلَ قَبْضِهِ) كَعَمَى الْعَبْدِ وَنِسْيَانِهِ الْحِرْفَةَ (تَخَيَّرَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ) بَيْنَ فَسْخِ الصَّدَاقِ وَإِبْقَائِهِ (فَإِنْ فَسَخَتْ فَمَهْرُ مِثْلٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ) لَهَا كَمَا إذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِ الْمَبِيعِ هَذَا كُلُّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الثَّانِي إنْ فَسَخَتْ رَجَعَتْ إلَى بَدَلِ الصَّدَاقِ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ، وَإِنْ أَجَازَتْ فَلَهَا أَرْشُ الْعَيْبِ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَتَخَيَّرُ فَيَكُونُ لَهَا أَرْشُ الْعَيْبِ كَمَا لَوْ أَجَازَتْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الشَّيْخَانِ (وَالْمَنَافِعُ الْفَائِتَةُ فِي يَدِ الزَّوْجِ لَا يَضْمَنُهَا وَإِنْ طَلَبَتْ التَّسْلِيمَ، فَامْتَنَعَ ضَمِنَ ضَمَانَ الْعَقْدِ) ، بِخِلَافِهِ عَلَى ضَمَانِ الْيَدِ، فَيَضْمَنُهَا مِنْ وَقْتِ الِامْتِنَاعِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَحَيْثُ لَا امْتِنَاعَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ (وَكَذَا الَّتِي اسْتَوْفَاهَا بِرُكُوبٍ وَنَحْوِهِ) كَلُبْسٍ وَاسْتِخْدَامٍ لَا يَضْمَنُهَا (عَلَى الْمَذْهَبِ) ، نَظَرًا مَعَ الْبِنَاءِ عَلَى ضَمَانِ الْعَقْدِ إلَى أَنَّ إتْلَافَهُ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ نَظَرًا مَعَ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ إلَى أَنَّ إتْلَافَهُ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، أَوْ بِنَاءً عَلَى ضَمَانِ الْيَدِ، وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى ضَمَانِ الْعَقْدِ عَدَمَ الضَّمَانِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِلتَّعَدِّي بِالِامْتِنَاعِ فِي الْأُولَى وَبِالِاسْتِيفَاءِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَيْسَ كَإِتْلَافِ عَيْن الصَّدَاقِ لِأَنَّ لَهَا بِهِ حَقَّ الْفَسْخِ، وَالرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ. (وَلَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لِتَقْبِضَ الْمَهْرَ الْمُعَيَّنَ، وَالْحَالَّ لَا الْمُؤَجَّلَ) ، لِرِضَاهَا بِالتَّأْجِيلِ (فَلَوْ حَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا حَبْسَ فِي الْأَصَحِّ) ، لِوُجُوبِ تَسْلِيمِهَا نَفْسَهَا قَبْلَ الْحُلُولِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى حُلُولِهِ، وَيَلْحَقُهُ بِالْحَالِ ابْتِدَاءً (وَلَوْ قَالَ كُلٌّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ (لَا أُسَلِّمُ حَتَّى تُسَلِّمَ فَفِي قَوْلٍ يُجْبَرُ هُوَ) عَلَى تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ أَوَّلًا دُونَهَا، لِأَنَّ اسْتِرْدَادَ الصَّدَاقِ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الْبُضْعِ (وَفِي قَوْلٍ لَا إجْبَارَ وَمَنْ سَلَّمَ أَجْبَرَ صَاحِبَهُ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي ثُبُوتِ الْحَقِّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ (وَالْأَظْهَرُ يُجْبَرَانِ فَيُؤْمَرُ بِوَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ، وَتُؤْمَرُ بِالتَّمْكِينِ، فَإِذَا سَلَّمَتْ أَعْطَاهَا الْعَدْلَ) ، قَالَ الْإِمَامُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِهَا الزَّوْجُ، قَالَ فَلَوْ هَمَّ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَعَيَّبَ) بِغَيْرِهَا وَلَوْ أَجْنَبِيًّا أَمَّا لَوْ عَيَّبَتْهُ فَهِيَ قَابِضَةٌ لِمَا عَيَّبَتْهُ فَلَا خِيَارَ عَلَى مَا مَرَّ فِي التَّلَفِ. قَوْلُهُ: (تَخَيَّرَتْ) عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الشَّرْحِ. قَوْلُهُ: (فَمَهْرُ مِثْلٍ) أَوْ يُطَالِبُ الزَّوْجُ الْأَجْنَبِيَّ فِي صُورَتِهِ بِالْأَرْشِ. قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ لَهَا) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ مُطْلَقًا وَلَهَا مُطَالَبَةُ الْأَجْنَبِيِّ فِي صُورَتِهِ بِالْأَرْشِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ) فِيهِ مَا مَرَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُقَابِلٌ عَلَى قَوْلِ ضَمَانِ الْعَقْدِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحَ بِهِ) أَيْ بِالْأَرْشِ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَشْكَلَ إلَخْ) وَأُجِيبُ بِضَعْفِ مِلْكِهَا بِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ إلَيْهَا. تَنْبِيهٌ: دَخَلَ فِي الْمَنَافِعِ وَطْءُ الْأَمَةِ الْمُصْدَقَةِ فَلَا مَهْرَ بِهِ وَلَا حَدَّ وَلَا اسْتِيلَادَ لَوْ حَبِلَتْ قَالَهُ شَيْخُنَا وَخَرَجَ بِالْمَنَافِعِ الزَّوَائِدُ فَهِيَ لَهَا وَإِنْ فَسَخَتْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَهَا بِهِ) أَيْ بِالْإِتْلَافِ حَقُّ الْفَسْخِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إتْلَافَهُ كَأَجْنَبِيٍّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا) وَكَذَا لِوَلِيِّهَا فِي الْمَحْجُورَةِ وَلِسَيِّدِهَا فِي الْأَمَةِ وَلَوْ مُكَاتَبَةً. قَوْلُهُ: (لِتَقْبِضَ الْمَهْرَ) أَيْ الْمَمْلُوكَ لَهَا بِالْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهَا الْحَبْسُ كَمَا لَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ، لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ أَوْ أَعْتَقَهَا لِأَنَّهُ مِلْكٌ أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ بَاعَهَا لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ، أَوْ أَعْتَقَهَا، ثُمَّ أَوْصَى لَهَا بِهِ لِأَنَّهَا مَلَّكَتْهُ عَنْ غَيْرِ النِّكَاحِ وَعَلَى الثَّالِثَةِ يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ يُجْعَلُ الضَّمِيرُ عَائِدًا إلَى الْأَمَةِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا أَمْ لَا وَلَدَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ أَوْ بَاعَهَا وَصَحَّحْنَاهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَبِفَرْضِهِ لَا حَاجَةَ لَهُ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى بَيْعِهَا مِنْ نَفْسِهَا فَتَأَمَّلَ. قَوْلُهُ: (لَا الْمُؤَجَّلِ) قَالَ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ تَعْلِيمُ نَحْوِ قُرْآنٍ وَهُوَ الْأَخِيرُ مِنْ قَوْلَيْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بَعْدَ أَنْ قَالَ فِيمَا نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ يُفْسَخُ الْعَقْدُ وَيَرْجِعُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَتَحْبِسُ نَفْسَهَا لَهُ كَالْحَالِّ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَالَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ لَا أُسَلِّمُ حَتَّى تُسَلِّمَ الصَّدَاق، الْبُضْع قَوْلُهُ: (حَتَّى تُسَلِّمَ) أَيْ تُسَلِّمَ الزَّوْجَةُ نَفْسَهَا لَهُ، وَيُسَلِّمَ الزَّوْجُ الصَّدَاقَ لَهَا سَوَاءٌ الْمُعَيَّنُ، وَمَا فِي الذِّمَّةِ وَفَارَقَ الْبَيْعَ بِفَوَاتِ الْبُضْعِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ يُجْبَرَانِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (عَدْلٍ) وَهُوَ نَائِبٌ عَنْ الشَّرْعِ لَا عَنْهُمَا وَلَا عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.   [حاشية عميرة] أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ فَسْخِ الصَّدَاقِ وَعَدَمِهِ، عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا خِلَافًا لِبَحْثِ الشَّيْخَيْنِ كَمَا سَلَفَ نَظِيرُهُ فِي إتْلَافِهِ الْكُلَّ مَعَ تَفْرِيعِهِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ سَوَاءٌ قَبَضَ غَيْرَ التَّالِفِ أَمْ لَا لَكِنَّهُ إذَا قَبَضَ يَكُونُ الْأَمْرُ أَوْلَى بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ سَوَاءٌ تَلِفَ الْمَقْبُوضُ أَوْ بَقِيَ هَذَا مَا قَالُوهُ فِي الْبَيْعِ وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُهُ هُنَا. قَوْلُهُ: (مِنْ خِلَافِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) هُوَ طَرِيقَتَانِ إحْدَاهُمَا قَاطِعَةٌ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ فِيهِ، وَالثَّانِيَةُ حَاكِيَةٌ لِقَوْلَيْنِ وَالْمُرَجَّحُ طَرِيقَةُ الْقَطْعِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ لَا فِي الْبَاقِي قَوْلُهُ: (وَعَلَى الثَّانِي إنْ فَسَخَتْ إلَخْ) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْخِيَارَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا الْمُقَابِلَ جَارٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَفِي الرَّافِعِيِّ وَأَمَّا نُقْصَانُ الصِّفَةِ كَعَمَى الْعَبْدِ وَشَلَلِهِ فَلِلْمَرْأَةِ الْخِيَارُ وَعَنْ ابْنِ الْوَكِيلِ لَا خِيَارَ عَلَى قَوْلِ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ اهـ. قُلْت وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ مُرَادُ الشَّارِحِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، كَمَا لَوْ أَجَازَتْ فَإِنَّهُ يُعَيَّنُ قَوْلُ الْغَصْبِ، قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ فَرَاجِعْهُ لِقَوْلِهِ فَيَكُونُ لَهَا. قَوْلُهُ: (لَا يَضْمَنُهَا) أَيْ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ لَهُ إنْ امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ التَّسْلِيمِ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) الْإِشْكَالُ قَوِيٌّ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى الْمَنَافِعِ، وَهِيَ حَادِثَةٌ لَا عَلَى عَيْنِ الصَّدَاقِ وَإِنَّمَا جُعِلَتْ جِنَايَةُ الْبَائِعِ وَمِثْلُهُ الزَّوْجُ عَلَى الْعَيْنِ كَالْآفَةِ لِئَلَّا يَتَوَالَى عَلَى الْعَيْنِ ضَمَانَاتٌ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَنَافِعُ إذْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْإِعْطَاءِ، فَامْتَنَعَتْ فَالْوَجْهُ اسْتِرْدَادُهُ (وَلَوْ بَادَرَتْ فَمَكَّنَتْ طَالَبَتْهُ) بِالصَّدَاقِ عَلَى الْأَقْوَالِ كُلِّهَا (فَإِنْ لَمْ يَطَأْ امْتَنَعَتْ حَتَّى يُسَلِّمَ) ، الصَّدَاقَ وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا قَبْلَ التَّمْكِينِ (وَإِنْ وَطِئَ فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ، وَفِيهِ وَجْهٌ نَعَمْ لَوْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً فَلَهَا الِامْتِنَاعُ وَقِيلَ، لَا لِأَنَّ الْبُضْعَ بِالْوَطْءِ كَالتَّالِفِ. (وَلَوْ بَادَرَ فَسَلَّمَ) الصَّدَاق (فَلْتُمَكِّنْ) أَيْ يَلْزَمُهَا ذَلِكَ إذَا طَلَبَهُ (فَإِنْ مَنَعَتْ بِلَا عُذْرٍ اسْتَرَدَّ إنْ قُلْنَا إنَّهُ يُجْبَرُ) ، أَوَّلًا لِأَنَّ الْإِجْبَارَ مَشْرُوطٌ بِالتَّمْكِينِ، فَإِنْ قُلْنَا لَا يُجْبَرُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ لِتَبَرُّعِهِ بِالْمُبَادَرَةِ، وَقِيلَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ لِعَدَمِ دُخُولِ الْفَرْضِ. (وَلَوْ اسْتَمْهَلَتْ لِتَنَظُّفٍ وَنَحْوَهُ) كَاسْتِحْدَادٍ (أُمْهِلَتْ مَا يَرَاهُ قَاضٍ) كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ (وَلَا يُجَاوِزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) وَهَذَا الْإِمْهَالُ وَاجِبٌ وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ، (لَا لِيَنْقَطِعَ حَيْضٌ) لِأَنَّ مَدَّتْهُ قَدْ تَطُولُ وَيَتَأَتَّى الِاسْتِمْتَاعُ كُلُّهُ مَعَهُ بِغَيْرِ الْوَطْءِ. (وَلَا تُسَلِّمُ صَغِيرَةٌ، وَلَا مَرِيضَةٌ حَتَّى يَزُولَ مَانِعُ وَطْءٍ) ، لِتَضَرُّرِهِمَا بِهِ، وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ لَا أَقْرَبُهَا حَتَّى يَزُولَ الْمَانِعُ، لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَفِي بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَسِيطِ. (وَيَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ بِوَطْءٍ وَإِنْ حَرُمَ كَحَائِضٍ) لِاسْتِيفَاءِ مُقَابِلِهِ (وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) لِانْتِهَاءِ الْعَقْدِ بِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَمَةَ إذَا قَتَلَتْ نَفْسَهَا أَوْ قَتَلَهَا السَّيِّدُ يَسْقُطُ مَهْرُهَا، وَنَبَّهَ الْجِيلِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ بِالْمَوْتِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ (لَا بِخَلْوَةٍ فِي الْجَدِيدِ) وَالْقَدِيمِ يَسْتَقِرُّ بِهَا لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْوَطْءِ، وَإِنْ لَمْ تَدْعُهُ الْمَرْأَةُ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِهَا مَانِعٌ حِسِّيٌّ كَرَتَقٍ وَكَذَا شَرْعِيٌّ وَكَحَيْضٍ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَعَزَاهُ فِي الْوَسِيطِ إلَى الْمُحَقِّقِينَ، وَلَا يَسْتَقِرُّ بِهَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ قَطْعًا. .   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَالْوَجْهُ اسْتِرْدَادُهُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (تَمَكَّنَتْ) مِنْ الْوَطْءِ فِي غَيْرِ نَحْوِ الرَّتْقَاءِ وَمِنْ الِاسْتِمْتَاعِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ وَطِئَ) أَوْ اسْتَمْتَعَ كَمَا مَرَّ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْقُبُلِ وَمَرَّ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (مُكْرَهَةً) أَوْ صَغِيرٌ وَلَوْ بِتَسْلِيمِ الْوَلِيِّ لِمَصْلَحَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٌ كَذَلِكَ أَوْ خَرَجَ الصَّدَاقُ مُسْتَحَقًّا فَلَهَا الِامْتِنَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ جَهِلَتْ أَنَّ لَهَا الْحَبْسَ وَمَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فَحَرِّرْهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْعِبْرَةُ بِالتَّسْلِيمِ فِي مَحِلِّ الْعَقْدِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَحِلِّ الزَّوْجِ، وَإِنْ بَعُدَ عَنْ مَحِلِّ الْعَقْدِ وَلَهَا نَفَقَةُ مُدَّةِ الِامْتِنَاعِ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (بِلَا عُذْرٍ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (يُجْبَرُ) أَيْ وَحْدَهُ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اُسْتُمْهِلَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا وَكَذَا الزَّوْجُ. قَوْلُهُ: (وَاجِبٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ شَيْخُنَا وَلَهَا النَّفَقَةُ مُدَّتَهُ. قَوْلُهُ: (لَا لِيَنْقَطِعَ حَيْضٌ) فَلَا تُمْهَلُ لَهُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَطَأُ فِيهِ، وَمِثْلُهُ النِّفَاسُ وَالصَّوْمُ وَالْإِحْرَامُ وَالسِّمَنُ وَالْجِهَازُ وَنَحْوُهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا تُسَلَّمُ) أَيْ يُكْرَهُ لِلْوَلِيِّ فِي الصَّغِيرَةِ وَلَهَا فِي غَيْرِهَا، وَلَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ مَوْتَ الصَّغِيرَةِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا مَرِيضَةٌ) وَكَذَا ذَات الْهُزَالِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَزُولَ) أَيْ بِالْإِطَاقَةِ وَيُصَدَّقُ فِيهَا اثْنَانِ مِنْ مَحَارِمِهَا أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَتُصَدَّقُ الْمَرِيضَةُ بِيَمِينِهَا فِي بَقَاءِ أَلَمٍ بَعْدَ الْبُرْءِ. قَوْلُهُ: (لِتَضَرُّرِهِمَا بِهِ) فَهُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ إلَخْ) نَعَمْ يُجَابُ إنْ كَانَ ثِقَةً فِي غَيْرِ الصَّغِيرَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ) أَيْ يَحْصُلُ الْأَمْنُ مِنْ سُقُوطِهِ. قَوْلُهُ: (بِوَطْءٍ) إي بِمَغِيبِ حَشَفَةِ ذَكَرٍ أَوْ قَدْرِهَا فِي فَرْجٍ وَلَوْ دُبُرًا كَمَا مَرَّ. وَبِغَيْرِ انْتِشَارٍ وَلَوْ لِصِغَرٍ أَوْ لَمْ تُزَلْ الْبَكَارَةُ. قَوْلُهُ: (وَبِمَوْتٍ) وَلَوْ فِي الْمُفَوِّضَةِ أَوْ بِالْقَتْلِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (إنَّ الْأَمَةَ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي تَقَدَّمَ وَقَدْ مَرَّ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَنَبَّهَ الْجِيلِيُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَا بِخَلْوَةٍ) وَلَا بِاسْتِمْتَاعٍ وَلَوْ بِنَحْوِ رِيقِهِ وَلَا بِاسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ وَلَوْ فِي الْقُبُلِ كَمَا مَرَّ، وَلَا بِمَا دُونَ الْحَشَفَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَحِلُّهُ) أَيْ التَّقْدِيمُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ أَعْتَقَ مَرِيضٌ أَمَةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَأَجَازَ الْوَرَثَةُ الْعِتْقَ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ وَلَا مَهْرَ لَهَا لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَكَانَ جُزْءًا مِنْهَا فَيَلْزَمُ أَنْ تَمْلِكَ بَعْضَهَا وَيَلْزَمُ مِنْهُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ قَبْلَهَا فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ نَكَحَ مِلْكَ نَفْسِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، وَلَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَةِ غَيْرِهِ، وَيَجْعَلَ رَقَبَتَهُ صَدَاقًا لَهَا صَحَّ النِّكَاحُ وَمَلَكَهُ مَالِكُهَا فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتَمَرَّ الْعَبْدُ مِلْكًا لِسَيِّدِهَا فَإِنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ رَجَعَ عَلَى سَيِّدِهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي فَصْلِ التَّشْطِيرِ.   [حاشية عميرة] هِيَ بِمَنْزِلَةِ الزَّوَائِدِ الْحَادِثَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَأْتِهَا) أَيْ لَمْ يَطَأْهَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَادَرَ فَسَلَّمَ إلَخْ) ، لَوْ سَلَّمَهَا الصَّدَاقَ فَسَلَّمَتْ وَوَطِئَ ثُمَّ خَرَجَ مُسْتَحِقُّهَا فَهَلْ لَهَا الِامْتِنَاعُ مَحَلُّ نَظَرٍ. تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ التَّسْلِيمِ مَنْزِلُ الزَّوْجِ ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ لَكِنْ حُكِيَا عَنْ الْحَنَّاطِيِّ أَنَّهُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ فَإِذَا عَقَدَ بِبَغْدَادَ عَلَى امْرَأَةٍ بِالْكُوفَةِ لَا نَفَقَةَ لَهَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِبَغْدَادَ قَوْلُهُ: (أَمْهَلَتْ مَا يَرَاهُ قَاضٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ اسْتِمْهَالَهُ مِثْلُ اسْتِمْهَالِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا تُسَلَّمُ إلَخْ) لَوْ عَرَضَتْ عَلَى الزَّوْجِ لَزِمَهُ قَبُولُ الْمَرِيضَةِ دُونَ الصَّغِيرَةِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي إمْكَانِ الْوَطْءِ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ. قَوْلُهُ: (بِوَطْءٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْلِيلُ فِيمَا يَظْهَرُ كَالصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى جِمَاعُهُ قَوْلُهُ: (لِانْتِهَاءِ الْعَقْدِ) أَيْ وَانْتِهَاؤُهُ كَاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 فَصْلٌ. نَكَحَهَا بِخَمْرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَغْصُوبٍ كَثَوْبٍ بِأَنْ أَشَارَ إلَى مَا ذُكِرَ وَلَمْ يَصِفْهُ أَوْ وَصَفَهُ بِمَا ذُكِرَ أَوْ بِخِلَافِهِ، كَعَصِيرٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ (وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ) لِفَسَادِ الصَّدَاقِ بِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مَالًا فِي الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي وَمِلْكًا لِلزَّوْجِ فِي الثَّالِثِ (وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ بِأَنْ يُقَدَّرَ الْحُرُّ رَقِيقًا وَالْخَمْرُ عَصِيرًا لَكِنْ يَجِبُ مِثْلُهُ وَكَذَا الْمَغْصُوبُ الْمِثْلِيُّ يَجِبُ مِثْلُهُ، وَالْأَكْثَرُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذَا الْحُرُّ الْقَطْعُ بِوُجُوبِ مَهْرِ، الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْعِبَارَةِ وَيُلْحَقُ بِهِ هَذَا الْخَمْرُ، وَهَذَا الْمَغْصُوبُ (أَوْ بِمَمْلُوكٍ وَمَغْصُوبٍ بَطَلَ فِيهِ وَصَحَّ فِي الْمَمْلُوكِ فِي الْأَظْهَرِ) ، مِنْ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (وَتَتَخَيَّرُ) هِيَ بَيْنَ فَسْخِ الصَّدَاقِ وَإِبْقَائِهِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى لَمْ يُسَلَّمْ لَهَا (فَإِنْ فَسَخَتْ فَمَهْرُ الْمِثْلِ وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهَا) وَيَأْتِي الْقَوْلَانِ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُمَا لِيَشْمَلَ الْمِثْلِيَّ كَانَ أَحْسَنَ. (وَإِنْ أَجَازَتْ فَلَهَا مَعَ الْمَمْلُوكِ حِصَّةُ الْمَغْصُوبِ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ بِحَسَبِ قِيمَتِهَا) ، فَإِذَا كَانَتْ مِائَةً بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا، فَلَهَا عَنْ الْمَغْصُوبِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ (وَفِي قَوْلٍ تَقْنَعُ بِهِ) أَيْ بِالْمَمْلُوكِ لِإِجَازَتِهَا. . (وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك ثَوْبَهَا بِهَذَا الْعَبْدِ صَحَّ النِّكَاحُ، وَكَذَا الْمَهْرُ وَالْبَيْعُ فِي الْأَظْهَرِ) ، مِنْ قَوْلَيْ جَمْعِ الصَّفْقَةِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ، (وَيُوَزَّعُ الْعَبْدُ عَلَى الثَّوْبِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ) فَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَلْفًا وَقِيمَةُ الثَّوْبِ خَمْسَمِائَةٍ فَثُلُثُ الْعَبْدِ عَنْ الثَّوْبِ، وَثُلُثَاهُ صَدَاقٌ يَرْجِعُ الزَّوْجُ، فِي نِصْفِهِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ بُطْلَانُهُمَا وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَبْسَطُ مِمَّا ذَكَرَهُ فِيهَا فِي الْمَنَاهِي مِنْ الْبَيْعِ (وَلَوْ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ وَأَسْبَابِهِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ سِتَّةٌ عَدَمُ الْمَالِيَّةِ وَتَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وَالشَّرْطُ الْفَاسِدُ وَتَفْرِيطُ الْوَلِيِّ وَالْمُخَالَفَةُ وَالدَّوْرُ كَمَا فِي جَعْلِ الْأَمَةِ صَدَاقًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَصَفَهُ) عَطْفٌ عَلَى أَشَارَ لِإِفَادَةِ أَنَّ الْإِشَارَةَ مُنْفَرِدَةٌ وَالْوَصْفَ مُنْفَرِدٌ وَبِهِ صَرَّحَ الْخَطِيبُ، وَغَيْرُهُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْإِشَارَةِ وَالْوَصْفِ طَرِيقَيْنِ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى لَمْ يَصِفْهُ، وَلَا يَضُرُّ دُخُولُهَا فِي كَلَامِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (بِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مَالًا) فَكُلُّ مَا لَيْسَ مَالًا كَذَلِكَ كَالْحَشَرَاتِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَفَارَقَ عَدَمَ وُجُودِ الْعِوَضِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا فِي الْخُلْعِ عَلَى الدَّمِ بِأَنَّ عَدَمَ الْعِوَضِ هُنَا مُوجِبٌ لِلْمَهْرِ وَكَذَا عَدَمُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِهِ فِي الْبَيْعِ كَمَا سَيَأْتِي آنِفًا. قَوْلُهُ: (وَالْخَمْرَ عَصِيرًا) كَذَا قَدَّرُوهُ هُنَا فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ خَلًّا وَلَمْ يُقَدِّرُوهُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ شَيْئًا بَلْ أَوْجَبُوا قِيمَتَهُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ اعْتِبَارُ كُلِّ مَحِلٍّ بِمَا فِيهِ، فَلْيُنْظَرْ حِكْمَةُ الْمُخَالَفَةِ وَقَدْ يُقَالُ فِي الْحِكْمَةِ إنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الْعَقْدُ مَعَ الْخَمْرِ فَاسِدًا اُعْتُبِرَ لَهُ وَقْتُ صِحَّةٍ وَهُوَ كَوْنُهُ خَلًّا أَوْ عَصِيرًا، وَاعْتُبِرَ الْخَلُّ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ لُزُومَهُ مُسْتَقِلٌّ عَنْ الْعَقْدِ فَرُبَّمَا فُسِخَ بَعْدَهُ فَتَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ، فَاعْتُبِرَ بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ حَالُ الْخَمْرِ بِخِلَافِ عَقْدِ النِّكَاحِ، فَاعْتُبِرَ بِوَقْتٍ سَابِقٍ لَهُ فِيهِ قِيمَةٌ وَهُوَ كَوْنُهُ عَصِيرًا وَأَمَّا نِكَاحُ الْمُشْرِكِ فَالْعَقْدُ وَقَعَ صَحِيحًا بِالْخَمْرِ عِنْدَهُمْ وَلَمَّا امْتَنَعَتْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ رَجَعَ إلَى قِيمَتِهِ، وَوَقْتِهِ، لِأَنَّ اعْتِبَارَ غَيْرِ وَقْتِهِ يُؤَدِّي إلَى اعْتِبَارِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صِحَّتِهِ، وَرُبَّمَا يَقَعُ إجْحَافٌ لِأَنَّ قِيمَتَهُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا أَقَلُّ غَالِبًا مِنْ قِيمَةِ الْخَلِّ أَوْ الْعَصِيرِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ عَثَرَاتِ الْأَفْهَامِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ دَقَائِقِ نَفَائِسِ الْإِلْهَامِ. قَوْلُهُ: (بِمَمْلُوكٍ وَمَغْصُوبٍ) وَكَالْمَغْصُوبِ الْآبِقُ وَالْمَرْهُونُ وَكُلُّ غَيْرِ مُتَمَوِّلٍ أَوْ غَيْرِ مَالٍ كَالدَّمِ فَإِنْ كَانَ مَعَ الْفَاسِدِ صَحِيحٌ وَجَبَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا الدَّمِ وَالْحَشَرَاتِ فَلَا شَيْءَ فِي مُقَابَلَتِهِ وَلَا خِيَارَ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْمَهْرُ فِيهِ إذَا انْفَرَدَ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ كَالْعَدَمِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حِصَّةُ الْمَغْصُوبِ فِي صُورَتِهِ) وَفِي غَيْرِهِ كَذَلِكَ إلَّا الدَّمَ وَنَحْوَهُ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا) أَيْ الْمَمْلُوكِ وَالْمَغْصُوبِ وَيُقَدَّرُ الْحُرُّ رَقِيقًا وَالْمَيْتَةُ مُذَكَّاةً وَالْخَمْرُ خَلًّا كَذَا قِيلَ هُنَا وَقَدْ مَرَّ فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ يُقَدَّرُ عَصِيرًا وَهُوَ الْوَجْهُ فَلَعَلَّ مَنْ قَدَّرَ الْخَلَّ هُنَا سَرَى إلَيْهِ مِنْ تَقْدِيرِ ذَلِكَ، فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ مُعْتَبَرًا هُنَا فَهُوَ سَهْوٌ أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ. . قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْمَهْرُ وَالْبَيْعُ) إنْ كَانَ الثَّوْبُ لَهَا كَمَا أَفَادَتْهُ الْإِضَافَةُ وَكَانَ لَهُ جَوَازُ بَيْعِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَإِلَّا بَطَلَا وَرُجِعَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ وَصُورَةُ الْأَخِيرَةِ، أَنْ يَقُولَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَمَلَّكْتُك   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ نَكَحَهَا بِخَمْرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَغْصُوبٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ] فَصْلٌ قَوْلُهُ: (نَكَحَهَا بِخَمْرٍ) مِثْلُ ذَلِكَ الدَّمُ، وَنَحْوُهُ لَكِنْ خَالَفُوا ذَلِكَ فِي الْخُلْعِ فَجَعَلُوهُ رَجْعِيًّا إذَا كَانَ عَلَى دَمٍ وَنَحْوِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلْيُطْلَبْ الْفَرْقُ، فَإِنَّ قَضِيَّةَ مَا فِي الْخُلْعِ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَالْمُفَوِّضَةِ قِيلَ وَوَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْخُلْعِ التَّعَرُّضُ لِلْمَسْأَلَةِ وَقَالَ إنَّ قَضِيَّتَهُ فِي الْخُلْعِ أَنْ يَكُونَ الْحَالُ فِي مَسْأَلَتِنَا كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الْمَهْرِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَاعْتُرِضَ عَلَى الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ قَضِيَّةَ الْخُلْعِ جَعْلُهَا كَالْمُفَوِّضَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَغْصُوبٌ) فِي مَعْنَاهُ الْآبِقُ وَالْمَرْهُونُ لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ) عُلِّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ ذِكْرَهُمَا الْعِوَضَ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَصَدَهُمَا دُونَ قِيمَةِ الْبُضْعِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْبَدَلِ، كَانَ أَوْلَى وَالْعَجَبُ أَنَّ الرَّافِعِيَّ أَنْكَرَ عَلَى الْغَزَالِيِّ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْقِيمَةِ وَعَبَّرَ بِهَا فِي الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (وَالْخَمْرُ عَصِيرًا) قَدْ قَدَّرُوهُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ أَهْلِهَا وَفِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِالْخَلِّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالِاضْطِرَابُ مِمَّا يُؤَيِّدُ الْأَصَحَّ قُوَّةً، وَهُوَ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ قَوْلُهُ: (وَالْأَكْثَرُ إلَخْ) أَيْ فَمَا اقْتَضَاهُ عُمُومُ الْمَتْنِ مِنْ تَرْجِيحِ طَرِيقِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ مُرَادًا قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ تَقْنَعُ بِهِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقْنَعُ بِبَعْضِ الْمَبِيعِ إذَا خَرَجَ بَعْضُهُ مُسْتَحَقًّا قَوْلُهُ: (وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا عَسَاهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 نَكَحَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِأَبِيهَا أَوْ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ أَلْفًا فَالْمَذْهَبُ فَسَادُ الصَّدَاقِ، وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّهُ جَعَلَ بَعْضَ مَا الْتَزَمَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فَسَادُهُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ، لِأَنَّ لَفْظَ الْإِعْطَاءِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمُعْطَى لِلْأَبِ وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ فِي كُلٍّ قَوْلَانِ بِالنَّقْلِ، وَالتَّخْرِيجُ أَحَدُهُمَا الصِّحَّةُ بِالْأَلْفَيْنِ وَيَلْغُو ذِكْرُ الْأَبِ. (وَلَوْ شَرَطَ خِيَارًا فِي النِّكَاحِ بَطَلَ النِّكَاحُ) ، لِأَنَّ شَأْنَهُ اللُّزُومُ (أَوْ فِي الْمَهْرِ فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ لَا الْمَهْرِ) ، لِأَنَّهُ لِكَوْنِهِ الْعِوَضَ فِي النِّكَاحِ لَا يَلِيقُ بِهِ الْخِيَارُ، وَلَا يَسْرِي فَسَادُهُ إلَى النِّكَاحِ لِاسْتِقْلَالِهِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ الْمَهْرُ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ كَالْبَيْعِ، وَالثَّالِثُ يَفْسُدُ النِّكَاحُ لِفَسَادِ الْمَهْرِ، وَعَلَى صِحَّتِهِمَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهَا، فَإِنْ أَجَازَتْ فَذَاكَ، وَإِنْ فَسَخَتْ رَجَعَتْ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، كَمَا تَرْجِعُ إلَيْهِ عَلَى قَوْلِ فَسَادِ الْمَهْرِ، وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ لَهَا خِيَارٌ. (وَسَائِرُ الشُّرُوطِ) أَيْ بَاقِيهَا (أَنْ يُوَافِقَ مُقْتَضَى النِّكَاحِ) كَشَرْطِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، أَوْ يَقْسِمَ لَهَا (أَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ) كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا كَذَا (لَغَا) ذِكْرُ الشَّرْطِ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ (وَصَحَّ النِّكَاحُ وَالْمَهْرُ وَإِنْ خَالَفَ) مُقْتَضَى النِّكَاحِ (وَلَمْ يُخِلَّ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا صَحَّ النِّكَاحُ وَفَسَدَ الشَّرْطُ وَالْمَهْرُ) أَيْضًا لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِالْمُسَمَّى إلَّا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَرْضَ بِالْمُسَمَّى إلَّا بِشَرْطِ أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا. (وَإِنْ أَخَلَّ) بِمَقْصُودِ النِّكَاحِ الْأَصْلِيِّ (كَأَنْ لَا يَطَأَ أَوْ) أَنْ (يُطَلِّقَ) كَمَا يَقَعُ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ شَرْطُ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْوَطْءِ (بَطَلَ النِّكَاحُ) لِلْإِخْلَالِ الْمَذْكُورِ وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَيَلْغُو الشَّرْطُ، وَقِيلَ إنْ كَانَ الشَّارِطُ لِتَرْكِ الْوَطْءِ الزَّوْجَ صَحَّ   [حاشية قليوبي] هَذِهِ الْمِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهَا، بِهَاتَيْنِ الْمِائَتَيْنِ مِنْ الدَّرَاهِمِ. قَوْلُهُ: (فَثُلُثُ الْعَبْدِ عَنْ الثَّوْبِ) فَإِنْ لَمْ يُسَاوِ ثَمَنَ مِثْلِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ إنْ لَمْ تَكُنْ أَذِنَتْ فِيهِ بِدُونِهِ. قَوْلُهُ: (وَثُلُثَاهُ صَدَاقٌ) إنْ كَانَ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِلَّا بَطَلَ لَمْ تَأْذَنْ كَذَلِكَ وَرَجَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (يَرْجِعُ الزَّوْجُ إلَخْ) وَتَرْجِعُ هِيَ فِي الثَّوْبِ إذَا تَلِفَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ الْمَذْكُورُ، وَلَهَا بِعَيْبِ الْعَبْدِ رَدُّ حِصَّةِ الثَّوْبِ وَحْدَهَا أَوْ حِصَّةِ الصَّدَاقِ وَحْدَهَا إنْ شَاءَتْ. قَوْلُهُ: (وَمَا ذَكَرَهُ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ اعْتِرَاضٍ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِأَبِيهَا) أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (تُعْطَيْهِ) بِالْفَوْقِيَّةِ وَالتَّحْتِيَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا قَالَ وَهُوَ بِالْفَوْقِيَّةِ وَعْدٌ مِنْهَا لِأَبِيهَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (أَلْفًا) مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ جَعَلَ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْأَلْفُ مِنْ الْمَهْرِ، وَإِلَّا فَهُوَ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَفْظَ الْإِعْطَاءِ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي الْخُلْعِ أَنَّ لَفْظَ الْإِعْطَاءِ لِلتَّمْلِيكِ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ كَعَارِيَّةٍ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْإِعْطَاءِ لَهَا صَحَّ، وَكَانَ الْمَهْرُ أَلْفَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرَطَ خِيَارًا فِي النِّكَاحِ بَطَلَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِالْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا يَأْتِي وَسَوَاءٌ صَرَّحَ بِلَفْظِ النِّكَاحِ، أَوْ أَسْقَطَهُ وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى الْخِيَارِ فِي الْمَهْرِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا إلَخْ) وَمِنْهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ شَرَطَ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ بِالْعَيْبِ وَهُوَ وَاضِحٌ لَا وَجْهَ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا مَا يُخَالِفُهُ وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْخِيَارَ بِالْعَيْبِ، لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِالْمُقْتَضَى مَعَ بَقَاءِ الْعَقْدِ عَلَى لُزُومِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ صَرَّحَ بِالْخِيَارِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَسَدَ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ مُقْتَضَاهُ مِنْ جَوَازِ مُدَّةِ الْخِيَارِ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْخِيَارِ عَنْ الْمُدَّةِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، كَمَا فِي الْبَيْعِ وَإِنْ أُطْلِقَ فَفِيهِ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا فَرَاجِعْ. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَأْكُلَ) اُنْظُرْ هَلْ يَأْتِي هُنَا مَا فِي الْبَيْعِ، فِيمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَيَفْسُدُ النِّكَاحُ وَالصَّدَاقُ هُنَا، أَوْ يَفْسُدُ الصَّدَاقُ وَحْدَهُ رَاجِعْهُ وَالْمُتَّجَهُ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (لَغَا) مِنْ حَيْثُ عَدَمُ تَأْثِيرِهِ فِي النِّكَاحِ، وَهُوَ فِي الْأَوَّلِ تَأْكِيدٌ فَعَدَمُ الْفَائِدَةِ فِيهِ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ وُجُودِ أَمْرٍ زَائِدٍ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا) أَيْ مُطْلَقًا أَوْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ نَفَقَتَهَا عَلَى غَيْرِهِ، لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَأَجَابَا بِأَنَّهُ عُهِدَ سُقُوطُ النَّفَقَةِ عَنْهُ، وَلَمْ يُعْهَدْ وُجُوبُهَا عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا يُرَدُّ الِابْنُ فِي الْإِعْفَافِ لِأَنَّهُ سِرُّ أَبِيهِ، وَلَا الْأَمَةُ لِأَنَّ إنْفَاقَ السَّيِّدِ عَلَيْهَا بِالْمِلْكِيَّةِ لَا بِالنِّيَابَةِ عَنْ الزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ لَا يَطَأَ) أَيْ مُطْلَقًا أَوْ الْآمِرَةُ أَوْ فِي وَقْتٍ لَا يَمْتَنِعُ الْوَطْءُ فِيهِ، وَالِاسْتِمْتَاعُ كَالْوَطْءِ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ بِشَرْطِ عَدَمِهِ كَذَلِكَ، وَكَذَا بِشَرْطِ أَنْ لَا تَوَارُثَ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الدِّينِ، وَالِاسْتِمْتَاعُ كَالْوَطْءِ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ بِشَرْطِ عَدَمِ كَذَلِكَ، وَكَذَا بِشَرْطِ أَنْ لَا تَوَارُثَ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الدِّينِ، وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ إلَّا إنْ أَرَادَ أَوْ إنْ زَالَ الْمَانِعُ. قَوْلُهُ: (كَمَا يَقَعُ إلَخْ) فَمَا هُنَا أَعَمُّ فَلَا تَكْرَارَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنْ كَانَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ شَيْخُنَا وَاعْتَبَرُوا هُنَا الْمُبْتَدِئَ بِالشَّرْطِ دُونَ مُوَافَقَةِ الْآخَرِ عَلَيْهِ الْمُقْتَضِيَةِ، لِاجْتِمَاعٍ مُقْتَضٍ وَمَانِعٍ وَحَقُّهُ الْبُطْلَانُ لِقُوَّةِ النِّكَاحِ مَعَ ضَعْفِ الْمُوَافَقَةِ عَنْ التَّصْرِيحِ، فَهُوَ مِنْ الْمُقْتَضِي وَغَيْرِ الْمُقْتَضِي. قَوْلُهُ: (نَعَمْ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (مَنْ لَا تَحْتَمِلُ) أَوْ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا كَالْمُتَحَيِّرَةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) فَلَوْ لَمْ تَحْتَمِلْ   [حاشية عميرة] يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّكْرَارِ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الزَّرْكَشِيّ حَيْثُ قَالَ إنَّ الزَّائِدَ هُنَا هُوَ التَّصْوِيرُ لَا غَيْرُ وَوَجْهُ الرَّدِّ عَلَيْهِ، أَنَّ قَوْلَهُ وَيُوَزَّعُ إلَخْ لَمْ يَسْبِقْ هُنَاكَ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ شَأْنَهُ اللُّزُومُ) أَيْ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا مَدْخَلَ لِلْخِيَارِ فِيهِ فَيَفْسُدُ بِاشْتِرَاطِهِ كَالصَّرْفِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ إلَخْ) هُوَ نَصُّهُ فِي الْإِمْلَاءِ وَمِنْهُ خَرَجَ قَوْلٌ بِفَسَادِ النِّكَاحِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ فَسَدَ فِيهِ الصَّدَاقُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَى التَّخْرِيجَ، وَقَالَ إنَّ دُخُولَ الْخِيَارِ فِي الْبَدَلِ كَدُخُولِهِ فِي الْمُبْدَلِ أَيْ فَلَيْسَ الْفَسَادُ بِغَيْرِ الْخِيَارِ كَالْفَسَادِ بِهِ، فَلَا تَخْرِيجَ قَوْلُهُ: (وَعَلَى صِحَّتِهِمَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ حَيْثُ ثَبَتَ فَالْقِيَاسُ ثُبُوتُهُ لِلزَّوْجَيْنِ قَوْلُهُ: (لَغَا) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَيْسَ بَاطِلًا بَلْ هُوَ مُؤَكِّدٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ يَعْنِي فِيمَا يُوَافِقُ مُقْتَضَاهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا) مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ قَالَ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيَّ بَلْ عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ فِي جَعْلِهِمْ التَّزْوِيجَ عَلَيْهَا مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ نَوْعُ خَفَاءٍ، وَلَوْ قَالَ الْمَتْنُ وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَخْلُ بِمَقْصُودِهِ إلَخْ. لَكَانَ وَاضِحًا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مِثَالًا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ لَا يَطَأُ) أَيْ مُطْلَقًا أَوْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً. قَوْلُهُ: (كَمَا يَقَعُ فِي نِكَاحِ الْمَجْلِسِ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّهُ لَا تَكْرَارُ فِي الْكِتَابِ فِي مَسْأَلَةِ شَرْطِ التَّطْلِيقِ كَمَا زَعَمَ الزَّرْكَشِيُّ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ السَّابِقَ فِي التَّحْلِيلِ شَرْطُ طَلَاقٍ بَعْدَ الْوَطْءِ وَهُنَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) هُوَ الْمُصَحَّحُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (عَلَى مُهُورِ أَمْثَالِهِنَّ) أَيْ لَا عَلَى عَدَدٍ، رُءُوسِهِنَّ كَمَا قِيلَ بِهِ. قَوْلُهُ: (بِدُونِهِ إلَخْ) لَوْ زَوَّجَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 لِأَنَّ الْوَطْءَ حَقُّهُ، فَلَهُ تَرْكُهُ بِخِلَافِهِ فِيهَا نَعَمْ مَنْ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ فِي الْحَالِ إذَا شَرَطَ فِي نِكَاحِهَا عَلَى الزَّوْجِ أَنْ لَا يَطَأَهَا إلَى زَمَنِ الِاحْتِمَالِ صَحَّ، لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ. . (وَلَوْ نَكَحَ نِسْوَةً بِمَهْرٍ) وَاحِدٍ كَأَنْ زَوَّجَهُ بِهِنَّ أَبُو آبَائِهِنَّ، أَوْ مُعْتِقُهُنَّ، أَوْ وَكِيلٌ عَنْ أَوْلِيَائِهِنَّ (فَالْأَظْهَرُ فَسَادُ الْمَهْرِ) لِلْجَهْلِ، بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُنَّ فِي الْحَالِ (وَلِكُلٍّ مَهْرُ مِثْلٍ) وَالثَّانِي صِحَّتُهُ وَيُوَزَّعُ عَلَى مُهُورِ أَمْثَالِهِنَّ. (وَلَوْ نَكَحَ لِطِفْلٍ بِفَوْقِ مَهْرِ مِثْلٍ) مِنْ مَالِ الطِّفْلِ، وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ، (أَوْ أَنْكَحَ بِنْتًا لَا رَشِيدَةً) كَالْمَجْنُونَةِ وَالْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ أَوْ السَّفِيهَةِ (أَوْ رَشِيدَةً بِكْرًا بِلَا إذْنٍ بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلٍ (فَسَدَ الْمُسَمَّى) ، لِانْتِفَاءِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ فِيهِ (وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ مِثْلٍ) وَالثَّانِي فَسَادُهُ لِفَسَادِ الْمَهْرِ بِمَا ذُكِرَ وَلَوْ عَقَدَ لِابْنَتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَفِي فَسَادِ الْمُسَمَّى احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ، لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الِابْنِ، وَقَطَعَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ بِالصِّحَّةِ حَذَرًا مِنْ أَضْرَارِ الِابْنِ بِلُزُومِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي مَالِهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِنْتًا بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ نُونٍ كَمَا ضَبَطَهُ بِخَطِّهِ، وَلَا فِي قَوْلِهِ لَا رَشِيدَةً اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرٍ ظَهَرَ إعْرَابُهَا، فِيمَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ، وَقَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ أَيْ فِي النَّقْصِ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْبِكْرِ الَّتِي لَا يُحْتَاجُ فِي إنْكَاحِهَا إلَى إذْنٍ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيمَنْ يُحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا فِي النِّكَاحِ. (وَلَوْ تَوَافَقُوا عَلَى مَهْرٍ سِرًّا وَأَعْلَنُوا زِيَادَةً فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ مَا عَقَدَ بِهِ) فَإِنْ عَقَدَ سِرًّا بِأَلْفٍ ثُمَّ أُعِيدَ الْعَقْدُ عَلَانِيَةً بِأَلْفَيْنِ تَجَمُّلًا فَالْوَاجِبُ أَلْفٌ وَإِنْ تَوَافَقُوا سِرًّا عَلَى أَلْفٍ مِنْ غَيْرِ عَمْدٍ ثُمَّ عَقَدَ عَلَانِيَةً بِأَلْفَيْنِ، فَالْوَاجِبُ أَلْفَانِ، وَعَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ حُمِلَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ السِّرِّ وَفِي آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إثْبَاتُ قَوْلَيْنِ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ نَظَرًا فِي الِاكْتِفَاءِ بِمَهْرِ السِّرِّ إلَى أَنَّهُ الْمَقْصُودُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُمَا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى أَيْضًا نَظَرًا فِي مَهْرِ الْعَلَانِيَةِ إلَيْهَا، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ تَوَافُقُ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ وَقَدْ يُحْتَاجُ إلَى مُسَاعَدَةِ الْمَرْأَةِ. (وَلَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي بِأَلْفٍ، فَنَقَصَ عَنْهُ بَطَلَ النِّكَاحُ) ، لِلْمُخَالَفَةِ وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي يَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (فَلَوْ أَطْلَقَتْ) بِأَنْ سَكَتَتْ عَنْ الْمَهْرِ (فَنَقَصَ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ بَطَلَ) النِّكَاحُ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَقَدْ نَقَصَ عَنْهُ (وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ بِمَهْرِ مِثْلٍ قُلْت الْأَظْهَرُ صِحَّةُ   [حاشية قليوبي] أَبَدًا وَشُرِطَ أَيْضًا عَدَمُهُ أَبَدًا لَمْ يَضُرَّ. قَوْلُهُ: (إلَى زَمَنِ الِاحْتِمَالِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ خُصُوصًا إذَا دَلَّتْ قَرِينَةٌ وَهُوَ وَجِيهٌ. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا) أَيْ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَالِكِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَيْهِ مَثَلًا بِمَهْرٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَهُ وَإِذَا فُسِخَ فِي أَحَدَيْهِمَا وُزِّعَ الْمُسَمَّى عَلَى مَهْرٍ مِنْ مِثْلِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نُكِحَ لِطِفْلٍ) أَيْ لَائِقَةٌ بِهِ وَإِلَّا بَطَلَ النِّكَاحُ. قَوْلُهُ: (الْمَجْنُونُ) وَكَذَا السَّفِيهُ. قَوْلُهُ: (فَفِي فَسَادِ الْمُسَمَّى إلَخْ) وَأَمَّا النِّكَاحُ فَصَحِيحٌ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (حَذَرًا إلَخْ) لِأَنَّهُ إذَا فَسَدَ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْوَلَدِ بَلْ يَبْقَى عَلَى مِلْكِ الْأَبِ، فَسَقَطَ بِذَلِكَ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ نُونٍ) أَيْ لَا بِمُثَلَّثَةٍ ثُمَّ تَحْتِيَّةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَخْذًا مِنْ تَقْيِيدِ الَّتِي بَعْدَهَا بِالْبِكْرِ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي هَذِهِ بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (مَا عَقَدَ بِهِ) أَوْ مَا سَبَقَ الْعَقْدَ بِهِ لَوْ تَكَرَّرَ. قَوْلُهُ: (فَالْوَاجِبُ أَلْفَانِ) فَإِنْ صَرَّحُوا فِي الْعَقْدِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا أَلْفٌ فَسَدَ الْمَهْرُ وَرُجِعَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ إلَخْ) تَصْحِيحٌ لِضَمِيرِ الْجَمْعِ فِي تَوَافَقُوا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَتْ) أَيْ الْمُحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا فِي النِّكَاحِ، كَمَا وَعَدَ بِهِ الشَّارِحُ سَابِقًا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا. قَوْلُهُ: (فَنَقَصَ عَنْهُ) وَإِنْ كَانَ مَا عُقِدَ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَوْ فِي سَفِيهَةٍ تَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ النِّكَاحُ) هُوَ مَرْجُوحٌ كَمَا سَيَأْتِي إلَّا إذَا لَزِمَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ بُطْلَانُ الْإِذْنِ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ إنْ رَضِيَ بِهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِي النِّكَاحِ إذَا نَقَصَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ الْوَلِيِّ لِوَكِيلِهِ بَطَلَ النِّكَاحُ أَيْضًا وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ شَيْخُنَا وَخَرَجَ بِالنَّقْصِ مَا لَوْ زَادَ عَلَى مَا عَيَّنَتْهُ، فَإِنْ نَهَتْهُ عَنْ الزِّيَادَةِ أَوْ عَيَّنَتْ الزَّوْجَ بَطَلَ عَقْدُ الصَّدَاقِ وَرَجَعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا عَيَّنَتْهُ وَإِلَّا صَحَّ الْعَقْدُ بِالْمُسَمَّى. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يَأْتِي وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَفِي قَوْلٍ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ وَإِفَادَةُ أَنَّ فِي بُطْلَانِ النِّكَاحِ طَرِيقَةً قَاطِعَةً فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَيْسَ فِي الثَّانِيَةِ إلَّا قَوْلَانِ فَفِي كَلَامِهِ تَغْلِيبٌ فَتَأَمَّلْ.   [حاشية عميرة] ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوْ الْمَجْنُونَةَ بِعَرْضٍ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ: قَالَ الْبَغَوِيّ جَازَ كَبَيْعِ مَالِهَا عِنْدَ النَّظَرِ فَإِنْ كَانَتْ بَالِغَةً لَمْ يَصِحَّ يَعْنِي الْمَهْرُ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْبَيَانِ مِثْلُهُ، قَالَ وَمِثْلُ الْبَالِغَةِ مَا لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ. اهـ وَالْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا فِي الْمَهْرِ. أَمَّا النِّكَاحُ فَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا فِي قَوْلِهِ إلَخْ) هُوَ رَدٌّ عَلَى مَا اعْتَرَضَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنْ لَا إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُفْرَدٍ وَهُوَ صِفَةٌ لِسَابِقٍ وَجَبَ تَكْرَارُهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى. {لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} [البقرة: 68] {لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} [النور: 35] قَوْلُهُ: (وَمِنْهُمْ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا يَتَّجِهُ خِلَافٌ فِيهَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ) هُوَ تَوْجِيهٌ لِضَمِيرِ الْجَمْعِ فِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلِ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي) أَفَادَ بِهَذَا أَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ، إنَّمَا هُوَ طَرِيقُ الْقَطْعِ بِخِلَافِ مَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ مِنْ رُجُوعِ قَوْلِهِ الْآتِي وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ إلَخْ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا فَيَقْتَضِي اسْتِوَاءَهُمَا فِي الْخِلَافِ وَالتَّرْجِيحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (قُلْت الْأَظْهَرُ إلَخْ) لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً وَسَمَّى دُونَ تَسْمِيَتِهَا وَلَكِنَّهُ كَانَ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُضَيِّعَ الزَّائِدَ عَلَيْهَا كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، ثُمَّ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ يَشْهَدُ لَهُ فِي نِكَاحِ الْمُجْبَرِ بِدُونِ مَهْرٍ وَقَدْ وَافَقَ الرَّافِعِيُّ عَلَى صِحَّتِهِ وَأَيْضًا وَافَقَ عَلَى صِحَّتِهِ فِي السَّفِيهَةِ كَمَا سَلَفَ وَأَيْضًا لَوْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ لِشَخْصٍ فِي الْخُلْعِ فَاخْتَلَعَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَقَدْ يُعْتَذَرُ عَنْ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 النِّكَاحِ فِي الصُّورَتَيْنِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَسَائِرِ الْأَسْبَابِ الْمُفْسِدَةِ لِلصَّدَاقِ. . . فَصْلٌ إذَا (قَالَتْ رَشِيدَةٌ) لِوَلِيِّهَا (زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ فَزَوَّجَ وَنَفَى الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ) عَنْهُ (فَهُوَ تَفْوِيضٌ صَحِيحٌ) وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَكَذَا لَوْ قَالَ سَيِّدُ أَمَةٍ زَوَّجْتُكَهَا بِلَا مَهْرٍ) أَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ تَفْوِيضٌ صَحِيحٌ. (وَلَا يَصِحُّ تَفْوِيضُ غَيْرِ رَشِيدَةٍ) فَإِذَا قَالَتْ السَّفِيهَةُ زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ اسْتَفَادَ بِهِ الْوَلِيُّ الْإِذْنَ فِي النِّكَاحِ وَلَغَا التَّفْوِيضُ. (وَإِذَا جَرَى تَفْوِيضٌ صَحِيحٌ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ بِنَفْسِ الْعَقْدِ) ، وَالثَّانِي يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي التَّفْوِيضِ هُوَ لُغَةً رَدُّ الْأَمْرِ إلَى الْغَيْرِ مُطْلَقًا أَوْ مَعَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ، نَحْوُ فَوَّضْت أَمْرِي إلَى اللَّهِ أَوْ الْإِهْمَالُ لِقَوْلِهِمْ: لَا يُصْلِحُ النَّاسَ فَوْضَى لَا سَرَاةَ لَهُمْ ... وَلَا سَرَاةَ إذَا جُهَّالُهُمْ سَادُوا وَالسَّرَاةُ بِفَتْحِ السِّينِ أَهْلُ الْحِلِّ وَالْعَقْدِ كَالْأُمَرَاءِ وَاصْطِلَاحًا رَدُّ أَمْرِ الْمَهْرِ مِنْ الْمَرْأَةِ إلَى غَيْرِهَا، نَحْوُ زَوِّجْنِي بِمَا شِئْت أَوْ شَاءَ فُلَانٌ، وَهَذَا فِي الْحُرَّةِ أُورِدَ أَمْرُ الْبُضْعِ إلَى الزَّوْجِ مُطْلَقًا أَوْ إلَى الْوَلِيِّ فِي الْحُرَّةِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ مُفَوِّضَةٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ فِي الْقِسْمَيْنِ، وَيَصِحُّ فَتْحُهَا فِي الثَّانِي لِأَنَّ الْوَلِيَّ فَوَّضَ أَمْرَهَا لِلزَّوْجِ قَالَ فِي التَّحْرِيرِ، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي الْفَصَاحَةِ نَظَرٌ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يُرَادَ كَثْرَةُ الِاسْتِعْمَالِ. قَوْلُهُ: (قَالَتْ رَشِيدَةٌ) وَلَوْ حُكْمًا. قَوْلُهُ: (لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ) أَوْ عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لِي وَإِنْ زَادَتْ مَعَ ذَلِكَ لَا قَبْلَ الْوَطْءِ، وَلَا بَعْدَهُ، وَلَا حَالًا وَلَا مَآلًا فَإِنْ سَكَتَتْ عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ فَلَيْسَ تَفْوِيضًا وَكَذَا لَوْ ذَكَرَتْهُ مُقَيَّدًا بِغَيْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ قَدْرًا أَوْ صِفَةً وَيُزَوِّجُهَا بِمَا ذَكَرَتْهُ. قَوْلُهُ: (وَنَفَى الْمَهْرَ) أَوْ سَكَتَ عَنْهُ أَوْ قَيَّدَهُ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ. أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَهُوَ تَفْوِيضٌ مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِهِ مِنْهَا، كَمَا تَقَدَّمَ وَفَارَقَ السُّكُوتَ هُنَا مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الْمَهْرِ فِيهِ بِالْعَقْدِ لِاسْتِنَادِهِ هُنَا إلَى تَفْوِيضٍ، وَذِكْرِ السَّيِّدِ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ مَثَلًا لَيْسَ تَفْوِيضًا فَيَقَعُ الْعَقْدُ بِمَا سَمَّاهُ. قَوْلُهُ: (قَالَ سَيِّدُ أَمَةٍ) أَيْ غَيْرِ مُكَاتَبَةٍ. قَوْلُهُ: (زَوَّجْتُكَهَا بِلَا مَهْرٍ) أَوْ سَكَتَ كَمَا يَأْتِي وَيَصِحُّ تَفْوِيضُ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً صَحِيحَةً لِأَنَّ تَبَرُّعَهَا جَائِزٌ، بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَيَصِحُّ تَفْوِيضُ الْمَرِيضَةِ إنْ لَمْ تَمُتْ أَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ لِأَنَّ تَبَرُّعَهَا مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَتِهِمْ، كَذَا قَالُوا وَفِي كَوْنِ مَا ذُكِرَ تَبَرُّعًا نَظَرٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ وُجُوبِ الْمَهْرِ بِالْفَرْضِ أَوْ الْوَطْءِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ بِالنَّظَرِ إلَى صُورَةِ الْعَقْدِ، أَوْ إلَى فَرْضٍ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ سَكَتَ عَنْهُ) لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي تَزْوِيجِهِ لَهَا مَصْلَحَةٌ وَبِذَلِكَ فَارَقَ سُكُوتَ وَلِيِّ الْحُرَّةِ: تَنْبِيهٌ: سُكُوتُ الْمُوَكِّلِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ سَيِّدٍ عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ لِلْوَكِيلِ لَيْسَ تَفْوِيضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَا سُكُوتُ الْوَكِيلِ عَنْ الْوَلِيِّ أَوْ السَّيِّدِ حَالَ عَقْدِهِ، وَإِنْ كَانَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَجِبُ شَيْءٌ) فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ وَلَا إسْقَاطُهُ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجِبُ) وَعَلَيْهِ فَمَعْنَى التَّفْوِيضِ إخْلَاءُ الْعَقْدِ. عَنْ ذِكْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ وَطِئَ فَمَهْرُ مِثْلٍ) اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ صُورَتَيْنِ لَا مَهْرَ فِيهِمَا بِالْوَطْءِ إحْدَاهُمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا أَوْ بَاعَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا، ثُمَّ وُجِدَ الْوَطْءُ ثَانِيَتُهُمَا لَوْ نَكَحَ فِي الْكُفْرِ مُفَوِّضَةً وَاعْتِقَادُهُمْ أَنْ لَا مَهْرَ ثُمَّ أَسْلَمَا ثُمَّ وَطِئَ وَالتَّرَافُعُ إلَيْنَا كَالْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ بِحَالِ الْعَقْدِ) أَيْ إنْ كَانَ فِيهِ أَكْثَرُ وَالثَّانِي بِحَالِ الْوَطْءِ أَيْ إنْ كَانَ فِيهَا أَكْثَرُ وَكَذَا مَا بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْأَكْثَرُ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْوَطْءِ أَوْ الْمَوْتِ.   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ قَالَتْ رَشِيدَةٌ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ فَزَوَّجَ وَنَفَى الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ] فَصْلٌ: قَالَتْ رَشِيدَةٌ قَوْلُهُ: (غَيْرُ رَشِيدَةٍ) الْأَحْسَنُ غَيْرُ مُطْلَقَةِ التَّصَرُّفِ فَإِنَّ مَنْ طَرَأَ سَفَهُهَا بَعْدَ رُشْدِهَا غَيْرُ رَشِيدَةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ تَصَرُّفُهَا نَافِذٌ إلَى أَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (لَا يَجِبُ شَيْءٌ) إذْ لَوْ وَجَبَ لِتَشَطَّرَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ سِوَى الْمُتْعَةِ، وَقَوْلُهُ تَفْوِيضٌ صَحِيحٌ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْفَاسِدِ كَالْخَمْرِ وَكَغَيْرِ الرَّشِيدَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجِبُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا يَكُونُ الْوُجُوبُ عَلَى هَذِهِ أَيْضًا مُنْقَضِيًا بِالْعَقْدِ بَلْ يَنْتَظِرُ مَعَ ذَلِكَ إلَى حَالَةِ الْوَطْءِ وَإِلَّا لِتَشَطَّرَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهُوَ لَا يَجِبُ قَطْعًا إلَّا عَلَى وَجْهٍ شَاذٍّ اهـ. وَتَوْجِيهُ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ النَّظَرُ إلَى أَنَّ الْبُضْعَ يَجِبُ لِلزَّوْجِ بِالْعَقْدِ وَإِلَى أَنَّ الْمَهْرَ يَسْتَقِرُّ بِالْمَوْتِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 وَعَلَى الْأَوَّلِ (فَإِنْ وَطِئَ فَمَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. (وَيُعْتَبَرُ) الْمَهْرُ (بِحَالِ الْعَقْدِ فِي الْأَصَحِّ) ، لِأَنَّهُ الْمُقْتَضَيْ لِلْوُجُوبِ بِالْوَطْءِ، وَالثَّانِي بِحَالِ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا يَعْرَى عَنْ الْمَهْرِ بِخِلَافِ الْعَقْدِ. . (وَلَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ، بِأَنْ يَفْرِضَ مَهْرًا وَحَبْسُ نَفْسِهَا لِيُفْرَضَ) لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ فِي تَسْلِيمِ نَفْسِهَا (وَكَذَا التَّسْلِيمُ الْمَفْرُوضُ فِي الْأَصَحِّ) كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ وَالثَّانِي لَا لِمُسَامَحَتِهَا بِالْمَهْرِ فَكَيْفَ يُضَايَقُ فِي تَقْدِيمِهِ. (وَيُشْتَرَطُ رِضَاهَا بِمَا يَفْرِضُهُ الزَّوْجُ) ، لِيَتَعَيَّنَ كَالْمُسَمَّى فَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ (لَا عِلْمُهَا) حَيْثُ تَرَاضَيَا عَلَى مَهْرٍ (يُقَدَّرُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْأَظْهَرِ) ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بَدَلًا عَنْهُ بَلْ الْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ عِلْمُهَا بِقَدْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْوَاجِبُ ابْتِدَاءً، وَمَا يُفْرَضُ بَدَلٌ عَنْهُ. (وَيَجُوزُ فَرْضٌ مُؤَجَّلٌ فِي الْأَصَحِّ) كَالْمُسَمَّى، وَالثَّانِي لَا بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ ابْتِدَاءً، وَلَا مَدْخَلَ لِلتَّأْجِيلِ فِيهِ، فَكَذَا بَدَلُهُ (وَفَوْقَ مَهْرِ مِثْلٍ وَقِيلَ لَا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ) بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ ابْتِدَاءً فَلَا يُزَادُ الْبَدَلُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَعَرْضٍ تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، فَيَجُوزُ قَطْعًا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ لِارْتِفَاعِ الْقِيَمِ وَانْخِفَاضِهَا. (وَلَوْ امْتَنَعَ) الزَّوْجُ (مِنْ الْفَرْضِ أَوْ تَنَازَعَا فِيهِ) أَيْ فِي الْمَفْرُوضِ أَيْ كَمْ يُفْرَضُ (فَرَضَ الْقَاضِي نَقْدَ الْبَلَدِ حَالًا) وَإِنْ رَضِيَتْ بِالتَّأْجِيلِ وَتُؤَخِّرُ هِيَ إنْ شَاءَتْ (قُلْت وَيُفْرَضُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) حَتَّى لَا يَزِيدَ عَلَيْهِ، وَلَا يُنْقِصُ مِنْهُ نَعَمْ الْقَدْرُ الْيَسِيرُ الْوَاقِعُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ لَا عِبْرَةَ بِهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ لُزُومُ مَا يَفْرِضُهُ عَلَى رِضَاهُمَا بِهِ، فَإِنَّهُ حُكْمٌ مِنْهُ (وَلَا يَصِحُّ فَرْضُ أَجْنَبِيٍّ مِنْ مَالِهِ فِي الْأَصَحِّ) ، لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيَلْزَمُ بِرِضَا الزَّوْجَةِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْأَجْنَبِيُّ الْمُسَمَّى عَنْ الزَّوْجِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَعَلَى الصِّحَّةِ يَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ وَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ (وَالْفَرْضُ الصَّحِيحُ كَمُسَمًّى فَيَنْشَطِرُ بِطَلَاقٍ قَبْلَ وَطْءٍ وَلَوْ طَلَّقَ قَبْلَ فَرْضٍ وَوَطْءٍ فَلَا شَطْرَ) وَقِيلَ يَجِبُ الشَّطْرُ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُمَا لَمْ يَجِبْ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْأَظْهَرِ) كَالطَّلَاقِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَحَبْسُ إلَخْ) لِأَنَّ السَّبَبَ الَّذِي هُوَ الْعَقْدُ قَدْ وَجَبَ فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا وَلَهَا النَّفَقَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَبِ. قَوْلُهُ: (التَّسْلِيمُ الْمَفْرُوضُ) إنْ لَمْ يَكُنْ مُؤَجَّلًا كَالِابْتِدَاءِ. قَوْلُهُ: (رِضَاهَا) أَيْ إنْ نَقَصَ مَا يَفْرِضُهُ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِلَّا فَلَا، قَوْلُهُ: (لَا عِلْمُهَا) أَيْ قَبْلَ الْوَطْءِ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ، لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ وَلِيِّ الْمَحْجُورَةِ بِهِ إذَا طَرَأَ الْحَجْرُ حَتَّى لَا يَنْقُصَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (مُؤَجَّلٍ) وَغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (فَرَضَ الْقَاضِي) أَيْ الَّذِي تَقَعُ الدَّعْوَى بَيْنَ يَدَيْهِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ دَعْوَى صَحِيحَةٍ سَوَاءٌ قَاضِي بَلَدِ الزَّوْجَةِ أَوْ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (نَقْدَ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الزَّوْجَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَالَةَ الْفَرْضِ وَهُوَ بَلَدُ الْقَاضِي، وَبَلَدُ الْفَرْضِ عِنْدَ مَنْ عَبَّرَ بِهِمَا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهَا عِنْدَ الْقَاضِي وَلَوْ بِوَكِيلِهَا فَمُؤَدَّى الْعِبَارَاتِ وَاحِدٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِاعْتِمَادِ بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ فَتَأَمَّلْ، وَفِي هَذَا مَعَ اعْتِبَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا وَصِفَةً بَحْثٌ دَقِيقٌ يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ رَضِيَتْ بِالتَّأْجِيلِ) أَوْ كَانَ هُوَ الْوَلِيَّ لَهَا أَوْ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ بِهِ نَعَمْ يَنْبَغِي فِي هَذِهِ أَنْ يُنْقِصَ مِنْهُ قَدْرًا يُقَابِلُ الْأَجَلَ الْمُعْتَادَ وَعَقْدًا لِحَاكِمٍ ابْتِدَاءً فَمِنْ الْأَوْلَى لَهَا غَيْرُهُ، كَمَا هُنَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ كَعَادَةِ الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (وَيُفْرَضُ مَهْرُ مِثْلٍ) وَإِنْ رَضِيَتْ بِغَيْرِهِ مِنْ نَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ. قَوْلُهُ: (عِلْمُهُ بِهِ) فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ لَمْ يَصِحَّ فَرْضُهُ، وَإِنْ وَافَقَ الْوَاقِعَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَوَقَّفُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا يُعْتَبَرُ مَعَهُ رِضًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ فَرْضُ أَجْنَبِيٍّ) وَهُوَ مَنْ لَيْسَ وَكِيلًا عَنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا وَلِيًّا لَهُ وَلَا مَالِكًا لَهُ وَلَا مَنْ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ كَوَلَدٍ فِي الْإِعْفَافِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ بِلَا إذْنٍ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَلَا يَصِحُّ فِي الدَّيْنِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَالْفَرْضُ الصَّحِيحُ) خَرَجَ بِالْمَفْرُوضِ الْفَاسِدِ فَهُوَ كَعَدَمِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْعَقْدِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَلَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا لَمْ يَجِبْ بِالْعَقْدِ، أَوْ وَجَبَ بِهِ وَلَا يَتَشَطَّرُ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ لِيَتَقَرَّرَ الشَّرْطُ اهـ. سُؤَالٌ أَوْرَدَهُ فِي الْبَسِيطِ: إنْ قُلْنَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ فَمَا مَعْنَى الْمُفَوِّضَةِ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجِبُ فَكَيْف يَطْلُبُ مَا لَمْ يَجِبْ اهـ. قِيلَ: وَاَلَّذِي فِي الْبَسِيطِ فَمَا مَعْنَى الْفَرْضِ قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَفْرِضَ مَهْرًا) أَيْ مَهْرَ الْمِثْلِ قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ رِضَاهَا إلَخْ) لَوْ طَلَبَتْ قَدْرًا مُعَيَّنًا فَفَرَضَهُ الزَّوْجُ لَمْ يَحْتَجْ لِرِضَا ثَانٍ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمَ التَّوَقُّفِ عَلَى الرِّضَا، إذَا فُرِضَ قَدْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ قَالَ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الصَّيْدَلَانِيِّ وَالْإِمَامُ قَوْلُهُ: (لَا عِلْمُهَا بِقَدْرِ إلَخْ) هَذَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ. لِأَنَّهُ قِيمَةُ مُسْتَهْلَكٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَلًا عَنْهُ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ فِي أَوَاخِرِ الْفَصْلِ مَا نَصُّهُ، وَحَكَى فِي الْوَسِيطِ تَرَدُّدًا فِي أَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ إذْ الْأَصْلُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَالْمَفْرُوضُ بَدَلٌ عَنْهُ قَوْلُهُ: (وَفَوْقَ مَهْرِ مِثْلٍ) أَيْ وَأَنْقَصُ وَلَكِنْ بِلَا خِلَافٍ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْفَرْضَ الْآنَ لَا يَصِحُّ إلْحَاقُهُ بِالْعَقْدِ السَّابِقِ، إذْ لَيْسَ بِحَرِيمِهِ وَلَا بِالْوَطْءِ اللَّاحِقِ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ مِمَّا لَا يَجِبُ قَوْلُهُ: (فَرَضَ الْقَاضِي إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي إذَا زَوَّجَ الْقَاضِي امْرَأَةً لَا وَلِيَّ لَهَا سِوَاهُ أَنْ يَجُوزَ لَهُ تَأْجِيلُ الْمَهْرِ بِالْمَصْلَحَةِ كَمَا يَبِيعُ مَالَهَا كَذَلِكَ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ إلَخْ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْحَكَمَ كَذَلِكَ، وَلَوْ قُلْنَا يَجِبُ الْمَهْرُ بِالْعَقْدِ وَنَبَّهَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْعَيْنِ أَمَّا الدَّيْنُ فَلَا يَصِحُّ فَرْضُهُ مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إدْخَالَهُ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ كَيْ يَقَعَ عَنْهُ. قَوْله: (وَقِيلَ يَجِبُ الشَّطْرُ إلَخْ) أَيْ وَالصَّحِيحُ لَا يَجِبُ بِنَاءً عَلَى هَذَا أَيْضًا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 (قُلْت الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الْمَوْتَ كَالْوَطْءِ فِي تَقْرِيرِ الْمُسَمَّى، فَكَذَا فِي إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي التَّفْوِيضِ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنْ بِرْوَعَ بِنْتَ وَاشِقٍ نُكِحَتْ بِلَا مَهْرٍ، فَمَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا، فَقَضَى لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَهْرِ نِسَائِهَا وَبِالْمِيرَاثِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ. . فَصْلٌ. مَهْرُ الْمِثْلِ مَا يُرَغَّبُ وَبِهِ فِي مِثْلِهَا وَرُكْنُهُ الْأَعْظَمُ نَسَبٌ فَيُرَاعَى أَقْرَبُ مَنْ تُنْسَبُ مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ (إلَى مَنْ تُنْسَبُ) هَذِهِ (إلَيْهِ) ، كَالْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ دُونَ الْجَدَّاتِ وَالْخَالَاتِ (وَأَقْرَبُهُنَّ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ عَمٌّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنَاتُ أَخٍ) ، لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ (ثُمَّ عَمَّاتٌ كَذَلِكَ) ، أَيْ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَعْمَامِ كَذَلِكَ (فَإِنْ فُقِدَ نِسَاءُ الْعَصَبَةِ أَوْ لَمْ يَنْكِحْنَ أَوْ جَهِلَ مَهْرَهُنَّ، فَأَرْحَامٌ كَجَدَّاتٍ وَخَالَاتٍ) ، تُقَدَّمُ الْجِهَةُ الْقُرْبَيْ مِنْهُنَّ عَلَى غَيْرِهَا وَتُقَدَّمُ الْقُرْبَى مِنْ الْجِهَةِ الْوَاحِدَةِ كَالْجَدَّاتِ عَلَى غَيْرِهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِفَقْدِ نِسَاءِ الْعَصَبَاتِ مَوْتَهُنَّ، بَلْ يُعْتَبَرُ بِهِنَّ بَعْدَ مَوْتِهِنَّ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ ذَوَاتُ الْأَرْحَامِ اُعْتُبِرَتْ بِمِثْلِهَا مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ، وَتُعْتَبَرُ الْعَرَبِيَّةُ بِعَرَبِيَّةٍ مِثْلِهَا، وَالْأَمَةُ بِأَمَةٍ مِثْلِهَا، وَيُنْظَرُ إلَى شَرَفِ سَيِّدِهَا وَخِسَّتِهِ وَالْمُعْتَقَةُ بِمُعْتَقَةٍ مِثْلِهَا، وَلَوْ كَانَتْ نِسَاءُ الْعَصَبَةِ بِبَلَدَيْنِ هِيَ فِي أَحَدِهِمَا اُعْتُبِرَ نِسَاءُ بَلَدِهَا. (وَيُعْتَبَرُ سِنٌّ وَعَقْلٌ وَيَسَارٌ وَبَكَارَةٌ وَثُيُوبَةٌ، وَمَا اخْتَلَفَ بِهِ غَرَضٌ) كَجَمَالٍ، وَعِفَّةٍ وَعِلْمٍ، وَفَصَاحَةٍ، وَشَرَفِ نَسَبٍ، فَيُعْتَبَرُ مَهْرُ مَنْ شَارَكَتْهُنَّ الْمَطْلُوبُ مَهْرُهَا فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (فَإِنْ اخْتَصَّتْ) عَنْهُنَّ (بِفَضْلٍ أَوْ نَقْصٍ) مِمَّا ذُكِرَ (زِيدَ) فِي مَهْرِهَا (أَوْ نُقِصَ) مِنْهُ (لَائِقٌ بِالْحَالِ وَلَوْ سَامَحَتْ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (لَمْ يَجِبْ مُوَافَقَتُهَا) اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ (وَلَوْ خَفَضْنَ الْعَشِيرَةَ فَقَطْ اُعْتُبِرَ) ذَلِكَ فِي الْمَطْلُوبِ مَهْرُهَا فِي حَقِّ الْعَشِيرَةِ دُونَ مَهْرِهِمْ. (وَفِي وَطْءِ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مَهْرُ مِثْلِ يَوْمَ الْوَطْءِ) ، كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ نَظَرًا إلَى يَوْمِ الْإِتْلَافِ لَا يَوْمِ الْعَقْدِ، لِأَنَّهُ   [حاشية قليوبي] الْمَوْتَ إلَخْ) قَدَّمَ الْقِيَاسَ عَلَى النَّصِّ لِاحْتِمَالِ الْخُصُوصِيَّةِ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَفْيُ الْوَطْءِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِرْوَعَ) بِوَزْنِ جَعْفَرٍ وَمَا نُقِلَ عَنْ الْمُحَدِّثِينَ مِنْ جَوَازِ كَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، أَوَّلَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ قِيلَ إنَّهُ خَطَأٌ، إذْ لَمْ يُوجَدْ فِي اللُّغَةِ بِهَذَا الْوَزْنِ إلَّا خِرْوَعٌ اسْمُ نَبَاتٍ وَعِتْوَدٌ اسْمُ مَكَان، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [فَصْلٌ مَهْرُ الْمِثْلِ] فَصْلٌ فِي اعْتِبَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قَوْلُهُ: (مَا يُرْغَبُ) أَيْ مَا وَقَعَتْ الرَّغْبَةُ بِهِ فِيمَنْ تُمَاثِلُهَا فَالْمُرَادُ بِالْمُضَارِعِ الْمَاضِي فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (فِي مِثْلِهَا) أَيْ عَلَى عَادَةِ النَّاسِ فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ شَذَّتْ وَاحِدَةٌ أَوْ شَذَّ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (فَيُرَاعَى أَقْرَبُ مِنْ) أَيْ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ أَيْ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَكُنَّ عَصَبَةً لَوْ كُنَّ ذُكُورًا. قَوْلُهُ: (تُنْسَبُ إلَى مَنْ) أَيْ جَدٍّ أَيْ أَقْرَبِ جَدٍّ تُنْسَبُ الزَّوْجَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بَنَاتُ أَخٍ) وَإِنْ سَفَلْنَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فُقِدَ نِسَاءُ الْعَصَبَةِ) أَيْ أَصْلًا كَمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ، لَا مِنْ بَلَدِهَا فَقَطْ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. قَوْلُهُ: (فَأَرْحَامٌ) وَهُنَّ قَرَابَاتُ الْأُمِّ هُنَا لَا مَا فِي الْفَرَائِضِ. قَوْلُهُ: (تُقَدَّمُ الْجِهَةُ إلَخْ) فَتُقَدَّمُ أُمُّ الْمَنْكُوحَةِ فَأُخْتُهَا لِأُمِّهَا فَجَدَّتُهَا فَخَالَتُهَا فَبِنْتُ أُخْتِهَا لِأُمِّهَا فَبِنْتُ خَالِهَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ اسْتِوَاءُ أُمِّ الْأَبِ وَأُمِّ الْأُمِّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (كَالْجَدَّاتِ) فَتُقَدَّمُ جَدَّتُهَا عَلَى جَدَّةِ أُمِّهَا. قَوْلُهُ: (اُعْتُبِرَ نِسَاءُ أَرْحَامِهَا) أَوْ غَيْرُهُمْ فِي بَلَدِهَا عَلَى نِسَاءِ أَرْحَامِهَا أَوْ غَيْرِهِمْ، فِي بَلَدٍ أُخْرَى، نَعَمْ إنْ كَانَ نِسَاءُ الْأُخْرَى أَقْرَبَ قُدِّمْنَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ كَانَ نِسَاءُ الْعَصَبَةِ بِغَيْرِ بَلَدِهَا قُدِّمْنَ عَلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْضًا. قَوْله: (وَيُعْتَبَرُ) أَيْ فِي الزَّوْجَةِ، وَكَذَا فِي الزَّوْجِ أَيْضًا لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ فِي زِيَادَةِ الْمَهْرِ، وَنَقْصِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَقْدُهُ عَارًا وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ فِي الْكَفَاءَةِ. قَوْلُهُ: (زِيدَ فِي مَهْرِهَا أَوْ نُقِصَ) أَيْ وُجُوبًا فِي تَزْوِيجِ الْقَاضِي فَيُنْقِصُ قَدْرًا يَلِيقُ بِالْأَجَلِ وَلَا يُؤَجِّلُ وَلَا يَجِبُ مَا ذُكِرَ فِي الْوَلِيِّ وَلَا لِمَحْجُورَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَامَحَتْ) خَرَجَ بِهِ النَّقْصُ لِمَا يُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ نَقْصُهُ وَمَثَّلُوهُ بِعَزْلٍ مِنْ مَنْصِبٍ أَوْ فِسْقٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَفَضْنَ) كُلُّهُنَّ أَوْ بَعْضُهُنَّ وَلَوْ الْأَقَلَّ. قَوْلُهُ: (لِلْعَشِيرَةِ مَثَلًا)   [حاشية عميرة] فَصْلٌ: قَوْلُهُ: (وَرُكْنُهُ الْأَعْظَمُ نَسَبٌ) لِأَنَّ الْمَهْرَ يُفْتَخَرُ بِهِ فَيُنْظَرُ فِيهِ إلَى النَّسَبِ كَالْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ اسْتِثْنَاءَ الْعَجَمِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُعْتَنَوْنَ بِحِفْظِ الْأَنْسَابِ، وَلَا يُدَوِّنُونَهَا قَوْلُهُ: (مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ) اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي مَهْرِ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ بِمَهْرِ نِسَائِهَا» ، قَالُوا لِأَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ نِسَائِهَا يَنْصَرِفُ إلَى نِسَاءِ الْعَصَبَاتِ وَنَازَعَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ النِّسَاءَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ نِسَاؤُهَا بَلْ هُوَ عَامٌّ، وَيَخُصُّ بِالْمَعْنَى لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ قِيمَةُ الْبُضْعِ وَتُعْرَفُ قِيمَةُ الشَّيْءِ، بِالنَّظَرِ إلَى أَمْثَالِهِ وَأَمْثَالُهَا كَنِسَاءِ عَشِيرَتِهَا الْمُسَاوِيَاتِ لَهَا فِي نَسَبِهَا لِأَنَّ النَّسَبَ مُعْتَبَرٌ فِي النِّكَاحِ وَمَنْ لَا يَنْتَهِي إلَى نَسَبِهَا لَا يُسَاوِيهَا فِيهِ اهـ. أَقُولُ وَأَخْصَرُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ الْمَعْنَى الْمُخَصَّصُ هُوَ أَنَّ الْمَهْرَ يُفْتَخَرُ بِهِ فَيُرَاعَى فِيهِ النَّسَبُ كَالْكَفَاءَةِ وَمُرَاعَاتُهُ تُعُيِّنَ نِسَاءَ الْعَصَبَاتِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَمَّاتٍ) يُوهِمُ تَقَدُّمَهُنَّ عَلَى بَنَاتِ ابْنِ الْأَخِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ جِهَةُ الْأُخُوَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى جِهَةِ الْعُمُومَةِ فَتُقَدَّمُ بَعْدَ بِنْتِ الْأَخِ بِنْتُ ابْنِ الْأَخِ وَإِنْ نَزَلَ ثُمَّ الْعَمَّاتُ دُونَ بَنَاتِهِنَّ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَعْمَامِ ثُمَّ بَنَاتُ بَنِيهِمْ ثُمَّ عَمَّاتِ الْأَبِ دُونَ بَنَاتِهِنَّ ثُمَّ بَنَاتِ أَعْمَامِ الْأَبِ ثُمَّ بَنَاتِ بَنِيهِمْ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (فَأَرْحَامٍ كَجَدَّاتٍ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَرْحَامِ هُنَا مَا سَلَفَ فِي الْفَرَائِضِ بِدَلِيلِ عَدَمِ الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ وَنَحْوِهِمَا، فَتُعْتَبَرُ الْأُمُّ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْجَدَّاتُ ثُمَّ الْخَالَاتُ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخَوَاتِ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخْوَالِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ إلَخْ) نَبَّهَ صَاحِبُ الْكَافِي حَالَ الزَّوْجِ أَيْضًا مِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 لَا حُرْمَةَ لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ (فَإِنْ تَكَرَّرَ) الْوَطْءُ (فَمَهْرٌ) وَاحِدٌ كَمَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لَكِنْ (فِي أَعْلَى الْأَحْوَالِ) لِلْمَوْطُوءَةِ مِنْ أَحْوَالِ الْوَطَآتِ، فَيَجِبُ مَهْرُ تِلْكَ الْحَالَةِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقَعْ إلَّا الْوَطْأَةُ، فِيهَا لَوَجَبَ ذَلِكَ الْمَهْرُ، فَالْوَطَآتُ الزَّائِدَةُ إذَا لَمْ تَقْتَضِ زِيَادَةً لَا تُوجِبُ نَقْصًا. (قُلْت وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْءٌ بِشُبْهَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَهْرٌ) وَاحِدٌ (فَإِنْ تَعَدَّدَ جِنْسُهَا تَعَدَّدَ الْمَهْرُ) ، بِعَدَدِ الْوَطَآتِ. (وَلَوْ كُرِّرَ وَطْءُ مَغْصُوبَةٍ أَوْ مُكْرَهَةٍ عَلَى زِنًا تَكَرُّرُ الْمَهْرِ) بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ. (وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْءُ الْأَبِ) جَارِيَةَ ابْنِهِ، (وَالشَّرِيكِ) الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ، (وَسَيِّدٍ مُكَاتَبَةً فَمَهْرٌ) وَاحِدٌ لِشُمُولِ شُبْهَةِ الْإِعْفَافِ وَالْمِلْكِ لِجَمِيعِ الْوَطَآتِ (وَقِيلَ مُهُورٌ) بِعَدَدِ الْوَطَآتِ (وَقِيلَ إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ فَمَهْرٌ وَإِلَّا فَمُهُورٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . . فَصْلٌ. الْفُرْقَةُ قَبْلَ وَطْءٍ مِنْهَا كَفَسْخِهَا، بِعَيْبِهِ أَوْ بِعِتْقِهَا تَحْتَ رَقِيقٍ، أَوْ إسْلَامِهَا أَوْ رِدَّتِهَا، أَوْ إرْضَاعِهَا زَوْجَةً لَهُ صَغِيرَةً (أَوْ بِسَبَبِهَا كَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا تُسْقِطُ الْمَهْرَ) ،   [حاشية قليوبي] فَعَالِمٌ وَصَالِحٌ وَنَحْوُهُمَا، كَذَلِكَ وَالْمُشَاحَّةُ كَالْمُسَامَحَةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَطْءِ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مَهْرُ مِثْلٍ) أَيْ مَهْرُ ثَيِّبٍ فِي الثَّيِّبِ وَمَهْرُ بِكْرٍ فِي الْبِكْرِ لَا أَرْشُ بَكَارَةٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَكَذَا سَائِرُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ الْمَذْكُورِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا فِي وَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ ابْنِهِ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، وَهُوَ إمَّا تَابِعٌ لِابْنِ حَجَرٍ هُنَا وَهُوَ مَرْجُوحٌ أَوْ مُسْتَثْنًى فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَكَرَّرَ) وَتَكَرُّرُهُ إمَّا بِقَضَاءِ الْوَطَرِ، أَوْ بِانْفِصَالٍ مَعَ قَصْدِ التَّرْكِ، فَمَعَ تَوَاصُلِ الْأَفْعَالِ كَالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ. قَوْلُهُ: (فَمَهْرٌ وَاحِدٌ) أَيْ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْمَهْرَ وَإِلَّا تَكَرَّرَ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا فِي وَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ عَدَمُ تَكَرُّرِ الْمَهْرِ بِوَطْئِهِ الشَّامِلِ، لِمَا لَوْ أَدَّاهُ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا هُنَا فَيُحْمَلُ عَلَى الْمَذْكُورِ هُنَا وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَعَدَّدَ جِنْسُهَا) كَظَنِّهَا تَارَةً زَوْجَتَهُ وَتَارَةً أَمَتَهُ وَتَارَةً بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَهَكَذَا تَعَدَّدَ الْمَهْرُ، وَكَذَا لَوْ تَعَدَّدَتْ الشُّبْهَةُ، كَأَنْ نَكَحَهَا فَاسِدًا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ نَكَحَهَا، كَذَلِكَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ جِنْسِهَا لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (تَعَدَّدَ الْمَهْرُ) بِعَدَدِ الْوَطَآتِ وَيُعْتَبَرُ مَهْرُ كُلِّ مَرَّةٍ، بِوَقْتِهَا وَفِي كَلَامِ الْخَطِيبِ مَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَ أَعْلَى الْأَحْوَالِ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَعَدُّدِ الْوَطْءِ فِي شُبْهَةٍ وَاحِدَةٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَطْءُ مَغْصُوبَةٍ) هَذَا مُحْتَرَزُ الشُّبْهَةِ وَكَذَا نَائِمَةٌ وَكَذَا مُطَاوِعَةٌ لِشُبْهَةٍ اخْتَصَّتْ بِهَا وَمُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ عَالِمًا بِالْغَصْبِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْءُ الْأَبِ) أَيْ بِلَا إحْبَالٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَمَهْرٌ. قَوْلُهُ: (وَسَيِّدِ مُكَاتَبَةٍ) أَيْ بِلَا إحْبَالٍ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَحْبَلَهَا خُيِّرَتْ بَيْنَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ وَلَهَا الْمَهْرُ، أَوْ فَسْخِهَا لِتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا مَهْرَ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْبَقَاءَ ثُمَّ وَطِئَهَا خُيِّرَتْ أَيْضًا فَإِنْ اخْتَارَتْ الْبَقَاءَ لَزِمَهُ مَهْرٌ آخَرُ، وَهَكَذَا نُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْأُمِّ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُ النَّصِّ عَلَى مَا إذَا دَفَعَ الْمَهْرَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. فَصْلٌ فِيمَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ وَمَا يُنْصِفُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (الْفُرْقَةُ) هِيَ مَصْدَرٌ أَوْ اسْمُ مَصْدَرٍ لِفَارَقَ فَمُفَادُهُمَا وَاحِدٌ، فَمَا قِيلَ إنَّ التَّعْبِيرَ بِهِ أَوْلَى مِنْهَا مَمْنُوعٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا فُرْقَةُ الْحَيَاةِ، وَمِنْهَا الْمَسْخُ حَيَوَانًا، فَمَسْخُهَا وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ يُنْجِزُ الْفُرْقَةَ وَيُسْقِطُ الْمَهْرَ قَبْلَهُ أَيْضًا، وَلَا تَعُودُ الزَّوْجِيَّةُ بِعَوْدِهَا آدَمِيَّةً، وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ كَعَكْسِهِ الْآتِي، وَفَارَقَ الرِّدَّةَ بِبَقَاءِ الْجِنْسِيَّةِ فِيهَا وَمَسْخُهُ يُنْجِزُ الْفُرْقَةَ أَيْضًا وَلَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ لِتَعَذُّرِ عَوْدِهِ إلَيْهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ لِبَقَاءِ الْحَيَاةِ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ يَشْطُرُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالْأَمْرُ فِي النِّصْفِ الْعَائِدِ إلَيْهِ لِرَأْيِ الْإِمَامِ كَبَاقِي أَمْوَالِهِ، وَأَمَّا الْمَسْخُ حَجَرًا فَكَالْمَوْتِ وَلَوْ بَعْدَ مَسْخِهِ حَيَوَانًا، وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ جُزْءٌ آدَمِيًّا فَحُكْمُ الْآدَمِيِّ بَاقٍ لَهُ مُطْلَقًا وَلَوْ مُسِخَ بَعْضُهُ حَيَوَانًا وَبَعْضُهُ حَجَرًا فَالْحُكْمُ لِلْأَعْلَى، فَإِنْ كَانَ طُولًا فَهُوَ حَيَوَانٌ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَا دَامَ حَيَوَانًا فَإِنْ عَادَ آدَمِيًّا عَادَ إلَيْهِ مِلْكُهُ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ انْقَلَبَ حَجَرًا وَرِثَ عَنْهُ، وَلَوْ مُسِخَ الزَّوْجُ امْرَأَةً، وَعَكْسُهُ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ وَلَا تَعُودُ، وَإِنْ عَادَ كَمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ كَانَ انْقِلَابُهُمَا مُجَرَّدَ تَخَيُّلٍ فَلَا فُرْقَةَ. فَائِدَةٌ: قَالُوا إنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يَعِيشُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَأَنَّهُ لَا عَقِبَ لَهُ وَمَا وُجِدَ مِنْ جِنْسِ الْمَمْسُوخِ فَمِنْ نَسْلِ غَيْرِهِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَقِيلَ مِمَّا وَلَدَهُ الْمَمْسُوخُ قَبْلَ مَوْتِهِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ، قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجُمْلَةُ الْمَمْسُوخَاتِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، لِمَا أَخْرَجَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ وَالدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْتَنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الْمَمْسُوخِ فَقَالَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ: الْفِيلُ، وَكَانَ رَجُلًا   [حاشية عميرة] الْيَسَارِ وَالْعِلْمِ وَالْعِفَّةِ وَالنَّسَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (الْعَشِيرَةِ) هِيَ الْأَقَارِبُ قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَيَّ يَوْمِ الْإِتْلَافِ لَا يَوْمِ الْعَقْدِ) كَمَا فِي الْمُفَوِّضَةِ قَوْلُهُ: (فَمَهْرٌ) أَيْ فِي أَعْلَى الْأَحْوَالِ مَحَلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْحَالُ عِنْدَ عَدَمِ الشُّبْهَةِ لَا مَهْرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَ عَدَمِهَا يَجِبُ فِيهِ الْمَهْرُ مُتَعَدِّدًا، فَالْحَالُ مُسْتَمِرٌّ وَلَا أَثَرَ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ، كَمَا لَوْ وَطِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ عَلَى ظَنِّ الْحِلِّ فَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قُلْت وَهُوَ مَحَلُّ النَّظَرِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ قَاضِي عَجْلُونَ قَالَ إنَّ وَطْءَ الْمَغْصُوبَةِ فِي حَالِ الْجَهْدِ لَا يُعَدِّدُ الْمَهْرُ. قَوْلُهُ: (وَاحِدٌ كَمَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ) أَيْ لِأَنَّ حُكْمَ الْفَاسِدِ فِي الضَّمَانِ كَحُكْمِ الصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَعَدَّدَ جِنْسُهَا) لَوْ قَالَ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مَغْصُوبَةٌ) صُورَتُهُ أَنْ يُكْرِهَهَا فَهُوَ مُغْنٍ عَمَّا بَعْدَهُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا أَعَمُّ لِشُمُولِهِ مَا لَوْ وَطِئَهَا وَهُنَاكَ شُبْهَةٌ مِنْ جِهَتِهَا أَوْ نَائِمَةٌ. قَوْلُهُ: (وَطْءُ الْأَبِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إحْبَالٍ [فَصْلٌ الْفُرْقَةُ قَبْلَ وَطْءٍ مِنْهَا] فَصْلٌ قَوْلُهُ: (الْفُرْقَةَ) أَيْ فِي الْحَيَاةِ قَوْلُهُ: (بِعَيْبِهِ) مِثْلُهُ الْإِعْسَارُ فِيمَا يُظْهِرُهُ. قَوْلُهُ: (إسْلَامِهَا) أَيْ وَلَوْ تَبَعًا قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا مِنْ جِهَتِهَا) أَيْ وَهُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 لِأَنَّهَا مِنْ جِهَتِهَا (وَمَا لَا) أَيْ، وَاَلَّتِي لَا تَكُونُ مِنْهَا وَلَا بِسَبَبِهَا (كَطَلَاقٍ وَإِسْلَامِهِ وَرِدَّتِهِ وَلِعَانِهِ وَإِرْضَاعِ أُمِّهِ) ، لَهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ (أَوْ أُمِّهَا) لَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ (يَشْطُرُهُ) أَيْ بِنِصْفِ الْمَهْرِ أَمَّا فِي الطَّلَاقِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] . وَأَمَّا فِي الْبَاقِي فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ وَشِرَاؤُهَا زَوْجَهَا يُسْقِطُ جَمِيعَ الْمَهْرِ وَشِرَاؤُهُ زَوْجَتَهُ يَشْطُرُهُ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا (ثُمَّ قِيلَ مَعْنَى التَّشَطُّرِ أَنَّ لَهُ خِيَارَ الرُّجُوعِ) ، فِي النِّصْفِ إنْ شَاءَ رَجَعَ فِيهِ وَتَمَلَّكَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ (وَالصَّحِيحُ عَوْدُهُ) ، إلَيْهِ (بِنَفْسِ الطَّلَاقِ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ وَكَذَا غَيْرُ الطَّلَاقِ مِنْ صُوَرِ الْفِرَاقِ السَّابِقَةِ (فَلَوْ زَادَ) الْمَهْرَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الطَّلَاقِ (فَلَهُ) نِصْفُ الزِّيَادَةِ لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَّصِلَةً أَمْ مُنْفَصِلَةً، وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إنْ حَدَثَتْ قَبْلَ اخْتِيَارِ الرُّجُوعِ فَكُلُّهَا لِلزَّوْجَةِ فِي الْمُنْفَصِلَةِ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلَةِ فَنِصْفُهَا لِلزَّوْجِ فِي الْأَصَحِّ. (وَإِنْ طَلَّقَ وَالْمَهْرُ تَالِفٌ) بَعْدَ قَبْضِهِ (فَنِصْفُ مَهْرِهِ مِنْ مِثْلٍ) فِي الْمِثْلِيِّ (أَوْ قِيمَةٍ) فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَقَوْلُهُ كَالْجُمْهُورِ نِصْفُ الْقِيمَةِ قَالَ الْإِمَامُ فِيهِ تَسَاهُلٌ   [حاشية قليوبي] جَبَّارًا لُوطِيًّا وَالدُّبُّ، وَكَانَ رَجُلًا مُخَنَّثًا يَدْعُو النَّاسَ إلَى نَفْسِهِ، وَالْخِنْزِيرُ وَكَانَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْمَائِدَةِ وَالْقِرْدُ وَكَانَ مِنْ الْيَهُودِ الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي السَّبْتِ وَالْحَرِيشُ، وَكَانَ رَجُلًا دَيُّوثًا يَدْعُو النَّاسَ إلَى حَلِيلَتِهِ وَالضَّبُّ، وَكَانَ رَجُلًا يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ وَالْوَطْوَاطُ وَكَانَ رَجُلًا يَسْرِقُ الثِّمَارَ مِنْ الشَّجَرِ وَالْعَقْرَبُ، وَكَانَ رَجُلًا لَا يَسْلَمُ أَحَدٌ مِنْ لِسَانِهِ وَالدُّعْمُوصُ، وَكَانَ رَجُلًا نَمَّامًا وَالْعَنْكَبُوتُ كَانَتْ امْرَأَةً سَحَرَتْ زَوْجَهَا وَالْأَرْنَبُ وَكَانَتْ امْرَأَةً لَا تَتَطَهَّرُ مِنْ الْحَيْضِ وَسُهَيْلٌ وَكَانَ رَجُلًا عَشَّارًا، وَالزُّهَرَةُ وَكَانَتْ مِنْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ فُتِنَتْ مَعَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ» . اهـ وَالْحَرِيشُ نَوْعٌ مِنْ الْحَيَّاتِ أَوْ شَبِيهٌ بِهَا وَالدُّعْمُوصُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ نَوْعٌ مِنْ السَّمَكِ، وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْمَمْسُوخِينَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ إنْسَانًا فَلْيُرَاجَعْ مِنْ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (بِعَيْبِهِ) أَوْ بِإِعْسَارِهِ بِمَهْرٍ أَوْ نَفَقَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْبِ الْمُقَارِنُ بِخِلَافِ الْحَادِثِ فَلَا يُسْقِطُهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ إسْلَامِهَا) وَلَوْ تَبَعًا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ، وَفَارَقَ إرْضَاعَ أُمَّةِ لَهَا، وَعَكْسُهُ بِأَنَّ الْإِرْضَاعَ فِعْلٌ اجْتَمَعَ فِيهِ مُقْتَضٍ وَمَانِعٌ وَلِذَلِكَ لَوْ دَبَّتْ فَارْتَضَعَتْ سَقَطَ مَهْرُهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ رِدَّتِهَا) أَيْ وَحْدَهَا. قَوْلُهُ: (بِعَيْبِهَا) وَلَوْ الْحَادِثَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الزَّوْجِ كَمَا مَرَّ، لِأَنَّهُ غَارِمٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (كَطَلَاقٍ) وَلَوْ فِي خُلْعٍ أَوْ تَفْوِيضٍ إلَيْهَا أَوْ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى فِعْلهَا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا لَكِنْ لَا بُدَّ فِي الرَّجْعِيِّ مِنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَرِدَّتِهِ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَهَا. قَوْلُهُ: (أُمِّهِ لَهَا) أَوْ أُمِّهَا أَوْ بِنْتِهِ أَوْ بِنْتِهَا لَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ يُنَصِّفُ الْمَهْرَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّطْرِ أَنْ يَكُونَ لِلنِّصْفِ وَسَوَاءٌ فِي الْمَهْرِ فِي الشِّقَّيْنِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ ابْتِدَاءً وَالْمَفْرُوضُ بَعْدَهُ وَمَهْرُ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (وَشِرَاؤُهَا زَوْجَهَا إلَخْ) هُوَ مِنْ أَفْرَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَعَلَّ ذِكْرَهُ لِأَجْلِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَغَيْرُ الشِّرَاءِ مِنْ أَسِبَابِ الْمِلْكِ مِثْلُهُ. قَوْلُهُ: (عَوْدُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُؤَدِّي مُطْلَقًا زَوْجًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا، إلَّا إنْ أَدَّاهُ أَبٌ أَوْ جَدٌّ عَنْ مَحْجُورِهِ، فَيَعُودُ لَهُ لَا لَهُمَا أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ إقْرَاضَهُ لَهُ، وَيُصَدَّقَانِ فِي فَقْدِهِمَا ذَلِكَ، وَلَوْ أَدَّاهُ مَأْذُونٌ رَجَعَ إلَيْهِ إنْ عَتَقَ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَمَعَهُ، فَإِنْ بَاعَهُ رَجَعَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ الْمَالِكُ عِنْدَ الْفِرَاقِ، فَلَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَةِ غَيْرِهِ بِرَقَبَتِهِ ثُمَّ حَصَلَتْ فُرْقَةٌ فَكُلُّهُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ نِصْفُهُ بِالشَّرْطِ وَنِصْفُهُ بِالْمِلْكِيَّةِ عِنْدَ الْفِرَاقِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ مَالِكُ الْأَمَةِ، أَوْ بَاعَهُ قَبْلَ الْفِرَاقِ لَزِمَ سَيِّدَهَا كُلُّ الْقِيمَةِ أَوْ نِصْفُهَا لَهُ أَوْ لِمُشْتَرِيهِ. تَنْبِيهٌ: دَفْعُ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ كَدَفْعِ الصَّدَاقِ يَرْجِعُ إذَا فُسِخَ الْعَقْدُ لِمَنْ دَفَعَهُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، عِنْدَ شَيْخِنَا وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ يَرْجِعُ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (فَلَوْ زَادَ إلَخْ) أَمَّا لَوْ نَقَصَ بَعْدَ الْفِرَاقِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ قَبْضِهِ، فَلَهُ كُلُّ الْأَرْشِ أَوْ نِصْفُهُ مُطْلَقًا أَوْ قَبْلَهُ فَكَذَلِكَ إنْ عَيَّبَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ الزَّوْجَةُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا قَالُوهُ لَكِنْ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْأَرْشِ لَهُ، إذَا كَانَ هُوَ الَّذِي عَيَّبَهُ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِعَدَمِ مُطَالَبَةِ غَيْرِهِ بِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَقَوْلُهُ) أَيْ بِحَسَبِ التَّضَمُّنِ. قَوْلُهُ: (كَالْجُمْهُورِ) يَقْتَضِي أَنَّ الْجُمْهُورَ لَمْ يُعَبِّرُوا بِقِيمَةِ النِّصْفِ وَفِي الْمَنْهَجِ أَنَّهُمْ عَبَّرُوا بِكُلٍّ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ كَالشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَأَجَابَ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِكُلٍّ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ مِنْهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُؤَدَّاهُمَا عِنْدَهُمْ وَاحِدٌ، بِأَنْ يُرَادَ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ نِصْفُ قِيمَةِ كُلِّ نِصْفٍ مُنْفَرِدًا،   [حاشية عميرة] الْجَارِي عَلَى الْقِيَاسِ وَخُولِفَ فِي الطَّلَاقِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ لِوُرُودِ النَّصِّ. قَوْلُهُ: (كَطَلَاقٍ) أَيْ بَائِنٍ وَلَوْ بِخُلْعٍ قَوْلُهُ: (وَرِدَّتِهِ) أَيْ وَحْدَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُتْعَةِ لَوْ ارْتَدَّا مَعًا فَفِي الْمُتْعَةِ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي التَّشَطُّرِ إذَا ارْتَدَّا مَعًا قَبْلَ دُخُولٍ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ. اهـ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي قَوْلُهُ: (وَإِرْضَاعُ أُمِّهِ) هَذَا يَخْرُجُ مَا لَوْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ وَارْتُضِعَتْ فَإِنَّ الْمَهْرَ يَسْقُطُ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (خِيَارَ الرُّجُوعِ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي فَإِنَّهُ جَعَلَهُ كَخِيَارِ الْوَاهِبِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ) أَيْ كَالشَّفِيعِ قَوْلُهُ: (فَلَوْ زَادَ إلَخْ) لَوْ نَقَصَ بَعْدَهُ لَزِمَهَا الْأَرْشُ. وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّدْ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ، أَعْنِي بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (فَنِصْفُهَا لِلزَّوْجِ إلَخْ) . أَيْ وَلَا يَأْتِي فِي ذَلِكَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمَرْأَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُتَّصِلَةِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ هَذَا مَا ظَهَرَ مِنْ كَلَامِهِ ثُمَّ رَأَيْته فِي الرَّافِعِيِّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 وَإِنَّمَا هُوَ قِيمَةُ النِّصْفِ، وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ. (وَإِنْ تَعَيَّبَ فِي يَدِهَا فَإِنْ قَنَعَ بِهِ) أَخَذَهُ بِلَا أَرْشٍ (وَإِلَّا فَنِصْفُ قِيمَتِهِ سَلِيمًا) دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ. (وَإِنْ تَعَيَّبَ قَبْلَ قَبْضِهَا) وَرَضِيَتْ بِهِ (فَلَهُ نِصْفُهُ نَاقِصًا بِلَا خِيَارٍ) ، وَلَا أَرْشَ لِأَنَّهُ نَقَصَ حَالَ كَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِهِ. (فَإِنْ عَابَ بِجِنَايَةٍ وَأَخَذَتْ أَرْشَهَا فَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ نِصْفَ الْأَرْشِ) ، لِأَنَّهُ بَدَلُ الْفَائِتِ، وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ لِأَنَّهَا أَخَذَتْهُ بِحَقِّ الْمِلْكِ فَهُوَ كَزِيَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ. (وَلَهَا زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ) كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ وَالْكَسْبِ سَوَاءٌ حَصَلَتْ فِي يَدِهَا أَمْ فِي يَدِهِ، فَيَرْجِعُ فِي نِصْفِ الْأَصْلِ دُونَهَا (وَخِيَارٌ فِي مُتَّصِلَةِ) كَالسِّمْنِ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ، (فَإِنْ شَحَّتْ) فِيهَا (فَنِصْفُ قِيمَتِهِ بِلَا زِيَادَةٍ) ، أَيْ يُقَوَّمُ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَلَهُ نِصْفُ تِلْكَ الْقِيمَةِ (وَإِنْ سَمَحَتْ) بِهَا (لَزِمَهُ الْقَبُولُ) وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَقِيلَ لَهُ دَفْعًا لِلْمِنَّةِ. (وَإِنْ زَادَ وَنَقَصَ كَكِبَرِ عَبْدٍ وَطُولِ نَخْلَةٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ مَعَ بَرَصٍ) ، وَالنَّقْصُ فِي الْعَبْدِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ لِأَنَّ الصَّغِيرَ يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ، وَلَا يَعْرِفُ الْغَوَائِلَ، وَيَقْبَلُ التَّأْدِيبَ وَالرِّيَاضَةَ، وَفِي النَّخْلَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ ثَمَرَتَهَا تَقِلُّ، وَالزِّيَادَةُ فِيهَا كَثْرَةُ الْحَطَبِ، وَفِي الْعَبْدِ لِأَنَّهُ أَقْوَى عَلَى الشَّدَائِدِ وَالْأَسْفَارِ، وَأَحْفَظُ لِمَا يُسْتَحْفَظُ (فَإِنْ اتَّفَقَا بِنِصْفِ الْعَيْنِ) فَذَاكَ (وَإِلَّا فَنِصْفُ قِيمَةٍ)   [حاشية قليوبي] فَيَرْجِعُ إلَى قِيمَةِ النِّصْفِ أَوْ يُرَادُ بِقِيمَةِ النِّصْفِ قِيمَتُهُ مُنَصَّبًا، فَيَرْجِعُ إلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا، لِلْإِمَامِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ رِعَايَةً لِجَانِبِ الزَّوْجِ، كَمَا رُوعِيَتْ الزَّوْجَةُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيمَا يَأْتِي، قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُؤْخَذُ مِنْ الرِّعَايَةِ، أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ النِّصْفِ أَكْثَرَ اُعْتُبِرَتْ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَعَيَّبَ) أَيْ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمَا. قَوْلُهُ: (فَنِصْفُ قِيمَتِهِ سَلِيمًا) أَوْ نِصْفُ مِثْلِهِ. قَوْلُهُ: (وَرَضِيَتْ بِهِ) فَإِنْ لَمْ تَرْضَ فَنِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَابَ) أَيْ تَعَيَّبَ فِي يَدِهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَأَخَذَتْ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ وَإِنْ أَبْرَأَتْ مِنْهُ، أَوْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي عَيَّبَتْهُ. تَنْبِيهٌ: جَمِيعُ مَا ذُكِرَ إذَا كَانَتْ الْفُرْقَةُ لَا بِسَبَبِهَا وَإِلَّا فَحُكْمُ الْكُلِّ مِثْلُ حُكْمِ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَلَهَا) وَإِنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِسَبَبِهَا أَوْ بِسَبَبٍ مُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (كَالْوَلَدِ) وَلَوْ وَلَدَ أَمَةٍ لَمْ يُمَيِّزْ لَكِنْ يَلْزَمُ فِي هَذِهِ أَخْذُ نِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ، وَلَا يُجَابُ لَوْ قَالَ آخِذُ النِّصْفِ، أَتْرُكُهُ حَتَّى يُمَيِّزَ وَالْحَمْلُ كَالْوَلَدِ إلَّا إنْ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْإِصْدَاقِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ الْفُرْقَةِ، وَلَمْ يُمَيِّزْ فَلَهُ نِصْفُهُمَا وَلَهَا كَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ أَخَذَتْ نِصْفَ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْحَمْلِ وَقْتَ الِانْفِصَالِ. قَوْلُهُ: (وَاللَّبَنِ) وَالصُّوفُ وَالْوَبَرُ مِنْ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ فَهِيَ لَهَا إنْ حَصَلَتْ بَعْدَ الْإِصْدَاقِ. قَوْلُهُ: (وَخِيَارٌ) أَيْ وَلَهَا الْخِيَارُ فِي زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ إنْ حَدَثَتْ قَبْلَ ثُبُوتِ حَقِّ الْفَسْخِ لَهُ، وَإِلَّا بِأَنْ فَسَخَ بِمُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ حُدُوثِهَا فَكُلُّهَا لَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ تَتْبَعْ الزِّيَادَةُ هُنَا الْأَصْلَ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَبْوَابِ لِأَنَّ هُنَا ابْتِدَاءَ مِلْكٍ بِلَا فَسْخٍ. قَوْلُهُ: (كَالسِّمَنِ) وَلَوْ بَعْدَ هُزَالٍ لَا عَوْدِ بَصَرٍ بَعْدَ عَمًى وَلَا صَوْغِ نَقْدِ إنَاءٍ. قَوْلُهُ: (وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ) وَلَوْ بَعْدَ نِسْيَانِهَا أَوْ بِلَا مُعَلِّمٍ وَكَذَا صَوْغُ حُلِيٍّ بَعْدَ كَسْرِهِ، وَلَهُ فِي هَذِهِ نِصْفُ وَزْنِهِ وَنِصْفُ أُجْرَتِهِ قَبْلَ كَسْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِنْ رَضِيَتْ لَهُ بِنِصْفِهِ بَعْدَ صَوْغِهِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَمَحَتْ) وَلَيْسَتْ مَحْجُورَةً وَلَا لَهَا غُرَمَاءُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ زَادَ وَنَقَصَ) أَيْ قَبْلَ فُرْقَةٍ لَا بِسَبَبِهَا. قَوْلُهُ: (كَكِبَرِ عَبْدٍ) وَعَوْدِ حُلِيٍّ بَعْدَ كَسْرِهِ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ بَعْدَ نِسْيَانِهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الصَّغِيرَ يَدْخُلُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَكِبَرُهُ إلَى خَمْسِ سِنِينَ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ كَمَا أَنَّ كِبَرَهُ بَعْدَ قُوَّتِهِ إلَى سِنِّ الشَّيْخُوخَةِ نَقْصٌ مَحْضٌ. قَوْلُهُ: (بِنِصْفِ الْعَيْنِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْفِرَاقُ بِسَبَبِهَا وَإِلَّا فَلَهُ كُلُّ الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَّفِقَا أَوْ كَانَتْ مَحْجُورَةً وَلَوْ بِالْعَكْسِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُجْبَرُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَوْ رَضِيَتْ بِتَرْكِ الزِّيَادَةِ أُجْبِرَ الْآخَرُ، وَلَيْسَ بَعِيدًا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فَحَرِّرْهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا هُوَ قِيمَةُ النِّصْفِ) هَذَا أَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الشَّرِيكَ إذَا أُعْتِقَ يَغْرَمُ قِيمَةَ النِّصْفِ لَا نِصْفَ الْقِيمَةِ، قَالَ فِي التَّوْشِيحِ الْفَرْقُ صَحِيحٌ إنْ أُرِيدَ بِقِيمَةِ النِّصْفِ قِيمَتُهُ مُنْفَرِدًا وَبِنِصْفِ الْقِيمَةِ نِصْفُ قِيمَةِ الْكُلِّ مَجْمُوعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِقِيمَةِ النِّصْفِ قِيمَتُهُ مَجْمُوعًا أَيْضًا، وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْكُلِّ قِيمَتُهُ مَجْمُوعًا فَلَا فَرْقَ وَأَنْ يُرَادَ بِقِيمَةِ النِّصْفِ قِيمَتُهُ مُنْفَرِدًا وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْكُلِّ قِيمَتُهُ مُنْفَرِدًا، فَهَذِهِ مَعَانٍ تَحْتَمِلُهَا الْعِبَارَةُ وَلَا يَصِحُّ الْفَرْقُ إلَّا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُحْمَلَ عَلَيْهِ لِأَنَّا رَأَيْنَا مَنْ عَبَّرَ بِهَذِهِ قَدْ عَبَّرَ بِالْأُخْرَى، كَصَاحِبِ التَّنْبِيهِ فَإِنَّهُ عَبَّرَ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ فِيمَا إذَا كَانَ نَاقِصًا وَبِقِيمَةِ النِّصْفِ فِيمَا إذَا كَانَ زَائِدًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ فِي ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِبَارَتَيْنِ عِنْدَهُ بِمَعْنَى اهـ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَعَيَّبَ فِي يَدِهَا) يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى تَعَيُّبٍ قَبْلَ الْفِرَاقِ، فَلَوْ تَعَيَّبَ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ فَلَهُ الْأَرْشُ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَالْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ صَنِيعِ الْمِنْهَاجِ خِلَافُهُ عَلَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ الْآتِي، فِي جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ رَاجِعًا لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَابَ بِجِنَايَةٍ إلَخْ) أَيْ صَارَ ذَا عَيْبٍ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ مُتَعَدِّيًا قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ قَوْلُهُ: (وَخِيَارٌ فِي مُتَّصِلَةٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُتَّصِلَةَ تَتْبَعُ فِي سَائِرِ الْأُمُورِ كَالْفَلَسِ وَالْهِبَةِ الْمَرْجُوعِ فِيهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ بِخِلَافِهِ هَذَا الْبَابُ وَفُرِّقَ بِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ لَا عَلَى سَبِيلِ الْفَسْخِ. قَوْلُهُ: (دَفْعًا لِلْمِنَّةِ) رُدَّ بِأَنَّهَا تَابِعَةٌ تُفْرَدُ بِعَطِيَّةٍ فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 لِلْعَيْنِ خَالِيَةً عَنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ، وَلَا تُجْبَرُ هِيَ عَلَى دَفْعِ نِصْفِ الْعَيْنِ لِلزِّيَادَةِ وَلَا هُوَ عَلَى قَبُولِهِ لِلنَّقْصِ، (وَزِرَاعَةُ الْأَرْضِ نَقْصٌ) لِأَنَّهَا تَسْتَوْفِي قُوَّةَ الْأَرْضِ (وَحَرْثُهَا زِيَادَةٌ) ، لِأَنَّهُ يُهَيِّئُهَا لِلزَّرْعِ الْمُعَدَّةِ لَهُ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى نِصْفِ الْأَرْضِ الْمَحْرُوثَةِ، أَوْ الْمَزْرُوعَةِ وَتَرْكِ الزَّرْعِ إلَى الْحَصَادِ فَذَاكَ، وَإِلَّا رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأَرْضِ بِلَا زِرَاعَةٍ وَلَا حِرَاثَةٍ (وَحَمْلُ أَمَةٍ وَبَهِيمَةٍ زِيَادَةٌ) لِتَوَقُّعِ الْوَلَدِ (وَنَقْصٌ) أَمَّا فِي الْأَمَةِ فَلِلضَّعْفِ فِي الْحَالِ وَخَطَرِ الْوِلَادَةِ، وَأَمَّا فِي الْبَهِيمَةِ فَلِأَنَّ الْمَأْكُولَةَ يَرْدُؤُ لَحْمُهَا وَغَيْرَهَا تَضْعُفُ قُوَّتُهَا (وَقِيلَ الْبَهِيمَةُ) أَيْ حَمْلُهَا (زِيَادَةٌ) بِلَا نَقْصٍ لِانْتِفَاءِ خَطَرِ الْوِلَادَةِ (وَإِطْلَاعُ نَخْلٍ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ) وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا (وَإِنْ طَلَّقَ وَعَلَيْهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ) وَالتَّأْبِيرُ تَشْقِيقُ الطَّلْعِ (لَمْ يَلْزَمْهَا قَطْفُهُ) أَيْ قَطْعُهُ لِيَرْجِعَ هُوَ إلَى نِصْفِ النَّخْلِ لِأَنَّهُ حَدَثَ فِي مِلْكِهَا فَتُمَكَّنُ مِنْ إبْقَائِهِ إلَى الْجِدَادِ (فَإِنْ قُطِفَ تَعَيَّنَ نِصْفُ النَّخْلِ) حَيْثُ لَمْ يَمْتَدَّ زَمَنُ الْقَطْفِ، وَلَمْ يَحْدُثْ بِهِ نَقْصٌ فِي النَّخْلِ، بِانْكِسَارِ سَعَفٍ وَأَغْصَانٍ (وَلَوْ رَضِيَ بِنِصْفِ النَّخْلِ وَتَبْقِيَةِ الثَّمَرِ إلَى جِدَادِهِ أُجْبِرَتْ فِي الْأَصَحِّ، وَيَصِيرُ النَّخْلُ فِي يَدِهِمَا) كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ الْمُشْتَرَكَةِ وَالثَّانِي لَا تُجْبَر لِأَنَّهَا قَدْ تَتَضَرَّرُ بِيَدِهِ وَدُخُولِهِ الْبُسْتَانَ، (وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ) ، أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ أَخْذِهِ نِصْفَ النَّخْلِ وَتَبْقِيَةِ الثَّمَرِ إلَى الْجِدَادِ. (فَلَهُ الِامْتِنَاعُ) مِنْهُ (وَالْقِيمَةُ) أَيْ طَلَبُهَا لِأَنَّ حَقَّهُ نَاجِزٌ فِي الْعَيْنِ أَوْ الْقِيمَةِ، فَلَا يُؤَخَّرُ إلَّا بِرِضَاهُ (وَمَتَى ثَبَتَ خِيَارٌ لَهُ أَوْ لَهَا) لِحُدُوثِ نَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ لَهُمَا لِاجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ كَمَا سَبَقَ (لَمْ يَمْلِكْ نِصْفَهُ حَتَّى يَخْتَارَهُ ذُو الِاخْتِيَارِ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَيْسَ هَذَا الْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ (وَمَتَى رَجَعَ بِقِيمَةِ) لِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ تَلَفٍ (اُعْتُبِرَ الْأَقَلُّ مِنْ) قِيمَتَيْ (يَوْمَيْ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ) ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى قِيمَةِ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ حَادِثَةٌ فِي مِلْكِهَا لَا تَعَلُّقَ لِلزَّوْجِ بِهَا، وَالنَّقْصُ عَنْهَا مِنْ ضَمَانِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا وَجَوَّزَ الْإِمَامُ اعْتِبَارَ قِيمَةِ يَوْمِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ يَوْمُ ارْتِدَادِ الشَّطْرِ إلَيْهِ. (وَلَوْ أَصْدَقَ تَعْلِيمَ قُرْآنٍ) بِنَفْسِهِ (وَطَلَّقَ قَبْلَهُ فَالْأَصَحُّ تَعَذُّرُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَزِرَاعَةُ الْأَرْضِ) وَلَوْ بَعْدَ حَرْثٍ لِانْعِدَامِ زِيَادَتِهِ بِالزَّرْعِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يُهَيِّئُهَا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهَا مِمَّا تُزْرَعُ لِلْحَرْثِ وَأَنَّهُ فِي وَقْتِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ نَقْصٌ مَحْضٌ. قَوْلُهُ: (تَرْكُ الزَّرْعِ إلَخْ) أَيْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الزَّرْعِ، وَفَارَقَ الثَّمَرَةَ بِأَنَّهَا مِنْ عَيْنِ الْأَصْلِ، قَوْلُهُ: (وَحَمْلُ إلَخْ) . فَإِنْ أَخَذَهَا فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ وَنَقَصَتْ فَالنَّقْصُ مِنْ ضَمَانِهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهَا قَطْفُهُ) بِالْفَاءِ أَيْ قَطْعُهُ بِالْعَيْنِ وَإِنْ اُعْتِيدَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَطَفَ) أَوْ قَالَتْ لَهُ ارْجِعْ وَأَنَا أَقْطِفُهُ تَعَيَّنَ نِصْفُ النَّخْلِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَمْتَدَّ) زَمَنًا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ. قَوْلُهُ: (أُجْبِرَتْ) إنْ رَجَعَ لَا إنْ قَالَ أَنَا أَصْبِرُ إلَى أَوَانِ الْقَطْعِ، وَإِنْ أَبْرَأَهَا مِنْ ضَمَانِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ طَلَبُهَا) أَيْ الْقِيمَةِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ لَوْ سَمَحَتْ لَهُ بِنِصْفِ الثَّمَرِ، لِأَنَّهُ الْآنَ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ فَهُوَ كَالزَّرْعِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الطَّلْعَ فِيمَا تَقَدَّمَ قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا. قَوْلُهُ: (أَوْ لَهُمَا) يَجُوزُ دُخُولُهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ نَعَمْ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ وَحْدَهُ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَ الزِّيَادَةِ الْمَحْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ هَذَا الْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الْآخَرُ، وَإِلَّا لَزِمَ فَوْرًا وَلَا يُعَيِّنُ فِي طَلَبِهِ عَيْنًا وَلَا قِيمَةً لِأَنَّهَا مُخَيَّرَةٌ، بَلْ يَطْلُبُ حَقَّهُ مِنْهَا، وَلَا تُحْبَسُ لَوْ امْتَنَعَتْ بَلْ تُنْزَعُ الْعَيْنُ مِنْ يَدِهَا، وَتُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا فَإِنْ أَصَرَّتْ أَعْطَاهُ الْحَاكِمُ نِصْفَ الْعَيْنِ، إنْ سَاوَى قَدْرَ الْوَاجِبِ لَوْ بَاعَهُ، وَإِلَّا بَاعَ مِنْهَا بِقَدْرِ الْوَاجِبِ وَدَفَعَهُ لَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَاعَ الْجَمِيعَ وَدَفَعَ لَهُ مِنْهُ قَدْرَ الْوَاجِبِ، لَكِنْ لَا يَمْلِكُهُ فِي هَذِهِ إلَّا إنْ حُكِمَ لَهُ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَلِفَ) أَيْ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ، مَا لَمْ يَمْتَنِعْ بَعْدَ طَلَبِهِ وَإِلَّا فَكَالْغَصْبِ. قَوْلُهُ: (اُعْتُبِرَ الْأَقَلُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (قِيمَتَيْ يَوْمَيْ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ) وَكَذَا مَا بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَصْدَقَ تَعْلِيمَ قُرْآنٍ) أَيْ جَعَلَ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ لَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ صَدَاقًا لَهَا، وَكَتَعْلِيمِهَا تَعْلِيمُهُ لِعَبْدِهَا مُطْلَقًا أَوْ لِوَلَدِهَا الْوَاجِبِ عَلَيْهَا نَفَقَتُهُ وَفِي الرَّقِيقَةِ لِمَنْ عَيَّنَ السَّيِّدُ تَعْلِيمَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ فَرَاجِعْهُ، وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ لِكَافِرَةٍ يُرْجَى إسْلَامُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَالْقُرْآنِ فِي صِحَّةِ جَعْلِهِ صَدَاقًا سَمَاعُ حَدِيثٍ أَوْ حُكْمٍ أَوْ وَعْظٍ أَوْ شَعْرٍ مِنْ كُلِّ مَا يَحِلُّ تَعْلِيمُهُ، وَفِيهِ كُلْفَةٌ بِحَيْثُ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ وَيُقَدَّرُ جَمِيعُ ذَلِكَ بِالزَّمَنِ، كَيَوْمٍ أَوْ بِعَيْنِهِ كَسُورَةِ كَذَا أَوْ بِقِرَاءَتِهِ مَعَ سَمَاعِهَا مَثَلًا، وَلَا تَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا بَطَلَ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ الْمُزَنِيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ صِحَّةِ جَعْلِ الصَّدَاقِ شِعْرًا فَقَالَ يَجُوزُ إنْ كَانَ مِثْلَ قَوْلِ الْقَائِلِ وَهُوَ أَبُو الدَّرْدَاءِ الْأَنْصَارِيُّ: يُرِيدُ الْمَرْءُ أَنْ يُعْطَى مُنَاهُ ... وَيَأْبَى اللَّهُ إلَّا مَا أَرَادَا يَقُولُ الْمَرْءُ فَائِدَتِي وَزَادِي ... وَتَقْوَى اللَّهِ أَعْظَمُ مَا اسْتَفَادَا قَوْلُهُ: (بِنَفْسِهِ) وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى التَّعْلِيمِ حَالَ الْعَقْدِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تُؤَجَّلُ وَتَقْيِيدُهُ بِالنَّفْسِ، لِقَوْلِهِ تَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَذَّرُ، لِأَنَّهُ يَسْتَأْجِرُ مَنْ يُعَلِّمُهَا وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ التَّعْلِيمِ لَهَا أَيْضًا، بِخِلَافِ عَبْدِهَا وَوَلَدِهَا وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يُهَيِّئُهَا إلَخْ) . يُرِيدُ أَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ مَحَلُّهُ فِي الْأَرْضِ الْمُعَدَّةِ لِذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَبَهِيمَةٍ) قَدْ خَالَفَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْخِيَارِ فَقَالَ إنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ عَيْبًا فِي الْبَهِيمَةِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ هُنَا نَقْصًا أَنْ يُلْحَقَ بِالْعُيُوبِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا قَدْ تَتَضَرَّرُ إلَخْ) أَيْ وَقَدْ يَمْنَعُهَا السَّقْيَ إذَا تَضَرَّرَ بِهِ الشَّجَرُ وَاحْتَاجَتْ هِيَ إلَيْهِ لِلثَّمَرِ قَوْلُهُ: (اُعْتُبِرَ الْأَقَلُّ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، يُسْتَثْنَى مَا لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهَا بَعْدَ الْفِرَاقِ وَقُلْنَا بِالْمَذْهَبِ إنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهَا فَيُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ، لِأَنَّ الرُّجُوعَ وَقَعَ إلَى عَيْنِ الصَّدَاقِ ثُمَّ تَلِفَ تَحْتَ يَدِ ضَامِنِهِ اهـ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ تَلِفَ يُخَالِفُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَلَفٍ بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَبْلَ الْفَرْقِ. قَوْلُهُ (فَالْأَصَحُّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَوْضِعُ الْخِلَافِ حَيْثُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 تَعْلِيمِهِ) لِأَنَّهَا صَارَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ، لَا يَجُوزُ الِاخْتِلَاءُ بِهَا وَالثَّانِي لَا يَتَعَذَّرُ بَلْ يُعَلِّمُهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ فِي غَيْرِ خَلْوَةٍ الْكُلَّ، إنْ طَلَّقَ بَعْدَ الْوَطْءِ أَوْ النِّصْفَ إنْ طَلَّقَ قَبْلَهُ (مَهْرُ مِثْلٍ) إنْ طَلَّقَ (بَعْدَ وَطْءٍ وَنِصْفُهُ) إنْ طَلَّقَ (قَبْلَهُ) ، وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ أُجْرَةُ التَّعْلِيمِ أَوْ نِصْفُهَا، وَلَوْ طَلَّقَ بَعْدَ التَّعْلِيمِ وَقَبْلَ الْوَطْءِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ، وَلَوْ أَصْدَقَ التَّعْلِيمَ فِي ذِمَّتِهِ وَطَلَّقَ قَبْلَهُ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً أَوْ مَحْرَمًا يُعَلِّمُهَا الْكُلَّ إنْ طَلَّقَ بَعْدَ الْوَطْءِ أَوْ النِّصْفَ إنْ طَلَّقَ قَبْلَهُ. (وَلَوْ طَلَّقَ) قَبْلَ دُخُولٍ وَبَعْدَ قَبْضِ الصَّدَاقِ (وَقَدْ زَالَ مِلْكُهَا عَنْهُ) كَبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ مَعَ إقْبَاضٍ أَوْ عِتْقٍ، (فَنِصْفُ بَدَلِهِ) مِنْ مِثْلٍ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ (فَإِنْ كَانَ زَالَ وَعَادَ) قَبْلَ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ (تَعَلَّقَ) الزَّوْجُ (بِالْعَيْنِ فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِهَا فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ، وَالثَّانِي يَنْتَقِلُ إلَى الْبَدَلِ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْعَيْنِ مُسْتَفَادٌ مِنْ جِهَةٍ غَيْرِ الصَّدَاقِ. (وَلَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ ثُمَّ طَلَّقَ) قَبْلَ الدُّخُولِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ نِصْفَ بَدَلِهِ) مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ، وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهَا عَجَّلَتْ لَهُ مَا يَسْتَحِقُّهُ   [حاشية قليوبي] تَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ) أَيْ إنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ كَتَزْوِيجِهِ بِهَا ثَانِيًا، وَلَمْ تَصِرْ مَحْرَمًا لَهُ كَرَضَاعٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَتَعَذَّرَ التَّعْلِيمُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، بِحَضْرَةِ نَحْوِ مَحْرَمٍ وَسَمَاعُ الْحَدِيثِ كَالتَّعْلِيمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَفَارَقَتْ الزَّوْجَةُ الْأَجْنَبِيَّةَ بِقُوَّةِ التَّعَلُّقِ بَيْنَهُمَا وَحُصُولِ نَوْعِ وُدٍّ فَقَوِيَتْ التُّهْمَةُ. قَوْلُهُ: (النِّصْفَ) أَيْ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ، وَإِلَّا فُسِخَ الْعَقْدُ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ يَرْجِعُ إلَى خِيَرَتِهِ. قَوْلُهُ: (إنْ طَلَّقَ قَبْلَهُ) أَيْ لَا بِسَبَبِهَا وَإِلَّا فَالْكُلُّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَمَحَلُّ هَذَا الْقَوْلِ إنْ كَانَ لِلتَّعْلِيمِ أُجْرَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ، فَمَهْرُ الْمِثْلِ اتِّفَاقًا وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَنْ تَكُونَ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْل. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَلَّقَ بَعْدَ التَّعْلِيمِ إلَخْ) أَيْ لَا بِسَبَبِهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ) أَوْ بِكُلِّهَا إنْ فَارَقَ بِسَبَبِهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ بِنِصْفِ الْمَهْرِ كَعَكْسِهِ، لِأَنَّهُ كَعَيْنٍ قَبَضَهَا وَتَلِفَتْ فَيَرْجِعُ إلَى بَدَلِهَا وَهُوَ هُنَا الْأُجْرَةُ. قَوْلُهُ: (امْرَأَةً أَوْ مَحْرَمًا) أَوْ أَجْنَبِيًّا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ جَوَازِ تَعْلِيمِ الْأَجْنَبِيَّةِ إلَّا فِي الزَّوْجَيْنِ لِمَا مَرَّ. وَمَتَى وَجَبَ التَّعْلِيمُ عَلَيْهِ أَوْ مِنْهُ فَإِنْ عَيَّنُوا حَرْفًا تَعَيَّنَ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى تَعْلِيمِ غَالِبِ أَهْلِ الْبَلَدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ تَخَيَّرَ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمَنْهَجِ فِي عَدَمِ تَعَذُّرِ التَّعْلِيمِ، كَأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تَشْتَهِي، قَالَ شَيْخُنَا هُوَ فِي تَزْوِيجِ سَيِّدِ الْأَمَةِ وَلَا يَأْتِي فِي الْمُجْبَرِ، لِأَنَّهُ إذَا خَالَفَ نَقْدَ الْبَلَدِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ ابْتِدَاءً فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ النِّصْفَ) وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (كَبَيْعٍ) وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِيَارٌ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ إقْبَاضٍ) أَيْ فِي الْهِبَةِ لِيَصِحَّ كَوْنُهَا مِثَالًا لِزَوَالِ الْمِلْكِ وَإِلَّا فَنِصْفُ الْحَقِّ كَذَلِكَ كَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ وَتَزْوِيجٍ وَلَهُ فِي هَذِهِ الصَّبْرُ إلَى زَوَالِ الْحَقِّ إنْ رَضِيَتْ وَإِلَّا فَلَهَا إلْزَامُهُ، بِأَخْذِ نِصْفِ الْمُبْدَلِ أَوْ نِصْفِ الْعَيْنِ حَالًّا وَإِلْزَامُهُ بِقَبْضِهَا مِمَّنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَعَوْدُهَا إلَيْهِ لِتَبْرَأَ مِنْ ضَمَانِهَا. قَوْلُهُ: (عَتَقَ) أَيْ لِكُلِّهِ وَسَيَأْتِي مَا يُعْلَمُ مِنْهُ عِتْقُ بَعْضِهِ وَالتَّدْبِيرُ وَالتَّعْلِيقُ بِصِفَةٍ كَالْعِتْقِ وَلَوْ مُعْسِرَةً وَقَالَ شَيْخُنَا م ر إنَّ لَهُ إذَا كَانَتْ مُعْسِرَةً الرُّجُوعَ فِي نِصْفِهِ وَيَبْقَى نِصْفُهُ الْآخَرُ مُعَلَّقًا أَوْ مُدَبَّرًا. قَوْلُهُ: (فَنِصْفُ بَدَلِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ بِسَبَبِهَا وَإِلَّا فَكُلُّهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ زَالَ) أَيْ الْمِلْكُ وَكَذَا الْحَقُّ الْمُتَقَدِّمِ وَعَادَ بِعَوْدِهِ إلَى مِلْكِهَا أَوْ بِزَوَالِ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ فَالزَّائِلُ. الْعَائِدُ هُنَا كَاَلَّذِي لَمْ يَزُلْ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الطَّلَاقِ) الْأَوْلَى قَبْلَ أَخْذِ الْبَدَلِ وَلَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ مَعَ مُسَاوَاةِ الْبَدَلِ لِلْعَيْنِ غَالِبًا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْمُفْلِسَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ الثَّمَنَ دُونَ الْقِيمَةِ غَالِبًا، فَرُوعِيَ الْمُفْلِسُ وَكَذَا هِبَةُ الْفَرْعِ لِأَنَّ حَقَّ الْأَصْلِ انْقَطَعَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ) وَلَوْ بِلَفْظِ الْعَفْوِ هُنَا، كَمَا فِي الْآيَةِ وَظَاهِرُ شَرْحِ شَيْخِنَا تَعْيِينُ لَفْظِ الْهِبَةِ فَرَاجِعْهُ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ أَقْبَضَتْهُ لَهُ وَسَكَتَ عَنْهُ الشَّارِحُ لِأَجْلِ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَعَامَّةُ عُلَمَائِنَا كَالْبَغَوِيِّ وَالْمُزَنِيِّ.   [حاشية عميرة] يُمْكِنُهُ تَعْلِيمٌ مَعَ انْتِفَاءِ الْخَلْوَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَعْلِيمِهَا إلَّا مَعَ خَلْوَتِهَا لِفَقْدِ الْمَحْرَمِ وَنَحْوِهِ، فَقَدْ تَعَذَّرَ قَطْعًا قَوْلُهُ: (تَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ) لَمْ يَنْظُرُوا فِي ذَلِكَ إلَى عَدَمِ التَّعَذُّرِ، بِأَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى اسْتِنَابَةِ شَخْصٍ يُعَلِّمُهَا مِمَّنْ يَحِلُّ نَظَرُهُ وَقَدْ يُوَجَّهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَتَعَذَّرُ إلَخْ) عَلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ أُجْرَةُ التَّعْلِيمِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَلَفَ الصَّدَاقِ يُوجِبُ قِيمَتَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ النِّصْفُ إنْ طَلَّقَ قَبْلَهُ) النِّصْفُ الْمُشَاعُ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَهَذَا النِّصْفُ دُونَ ذَاكَ تَحَكُّمٌ وَأَيْضًا يَخْتَلِفُ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً، وَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ فَلْيُنْظَرْ كَيْف الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَكَذَا مَسْأَلَةُ إصْدَاقِهِ فِي الذِّمَّةِ الْآتِيَةُ فِي الشَّرْحِ قَوْلُهُ: (وَقَدْ زَالَ مِلْكُهَا) مِثْلُهُ مَا لَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ التَّدْبِيرُ لِأَنَّهُ يَتَقَاعَدُ عَنْ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ، قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي وَالْقِيَاسُ الرُّجُوعُ. قَوْلُهُ: (كَبَيْعٍ) يُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَقُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ وَهَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَنَّ مِلْكَهَا لَمْ يَزُلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ ثُمَّ طَلَّقَ) مِثْلُهُ مَا لَوْ جَرَى مَا يُوجِبُ رَدَّ الْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا شَيْءَ) هُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ وَالْبَغَوِيُّ وَفِي الْكَافِي أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ كَمَا فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَالدَّيْنِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 بِالطَّلَاقِ، وَسَوَاءٌ قَبَضَتْهُ قَبْلَ الْهِبَةِ أَمْ لَا فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ، وَقِيلَ إنْ وَهَبَتْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ تَرْجِعْ قَطْعًا (وَعَلَى هَذَا) أَيْ الْأَظْهَرُ (لَوْ وَهَبَتْهُ النِّصْفَ فَلَهُ نِصْفُ الْبَاقِي وَرُبُعُ بَدَلِ كُلِّهِ وَفِي قَوْلٍ النِّصْفُ الْبَاقِي) ، لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ بِالطَّلَاقِ وَقَدْ وَجَدَهُ فَيَأْخُذُ وَتَنْحَصِرُ هِبَتُهَا فِي نَصِيبِهَا (وَفِي قَوْلٍ يُتَخَيَّرُ بَيْنَ بَدَلِ نِصْفِ كُلِّهِ أَوْ نِصْفِ الْبَاقِي وَرُبُعِ بَدَلِ كُلِّهِ) ، كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ كَانَ أَوْفَقَ وَلَوْ قَالَ نِصْفُ بَدَلِهِ كُلِّهِ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ أَوْ الْجَارِيَةِ عَلَى الْأَلْسِنَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ، بِالْوَاوِ كَانَ أَقْوَمَ. (وَلَوْ كَانَ) الصَّدَاقُ (دَيْنًا فَأَبْرَأَتْهُ) ، مِنْهُ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الْوَطْءِ (لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا عَلَى الْمَذْهَبِ) ، بِخِلَافِ هِبَةِ الْعَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا فِي الدَّيْنِ لَمْ تَأْخُذْ مِنْهُ مَالًا وَلَمْ تَتَحَصَّلْ عَلَى شَيْءٍ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي طَرْدُ قَوْلَيْ الْهِبَةِ وَاتَّفَقَ مُثْبِتُوهُمَا عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الرُّجُوعِ، وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَنْ تَرْجِيحِ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَالْمِنْهَاجِ. (وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ عَفْوٌ عَنْ صَدَاقٍ عَلَى الْجَدِيدِ) كَسَائِرِ الدُّيُونِ لِلْمُولِيَةِ وَالْقَدِيمِ لِلْمُجْبَرِ الْعَفْوُ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّغِيرَةِ الْعَاقِلَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، وَحَمَلَهُ الْجَدِيدُ عَلَى الزَّوْجِ يَعْفُو عَنْ نِصْفِهِ. فَصْلٌ. لِمُطَلَّقَةٍ قَبْلَ وَطْءِ مُتْعَةٍ إنْ لَمْ يَجِبْ لَهَا (شَطْرُ مَهْرٍ) بِأَنْ كَانَتْ مُفَوِّضَةً، وَلَمْ يُفْرَضْ لَهَا شَيْءٌ قَالَ تَعَالَى: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: 236]   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ ضَمَانُ يَدٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ ضَمَانُ عَقْدٍ كَمَا مَرَّ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ هِبَتُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) وَالْمُنَاسِبُ لِهَذَا التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (وَتَنْحَصِرُ) وَلِذَلِكَ سُمِّيَ هَذَا قَوْلَ الْحَصْرِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ قَوْلَ الْإِشَاعَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْفَقَ) أَيْ لِقَوْلِ الْجُمْهُورِ الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (الْجَارِيَةِ) جَوَابٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (أَقُومَ) لِأَنَّهُ لَا يُعْطَفُ بِهَا بَعْدَ بَيْنَ. قَوْلُهُ: (فَأَبْرَأَتْهُ) وَلَوْ بِلَفْظِ هِبَةٍ أَوْ عَفْوٍ كَمَا مَرَّ، وَذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا يُفِيدُهُ لَفْظُ الْإِبْرَاءِ فَإِنْ قَبَضَتْهُ وَأَعَادَتْهُ إلَيْهِ فَهُوَ مِنْ هِبَةِ الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ طَلَّقَ) صَرِيحٌ فِي تَقْدِيمِ الْإِبْرَاءِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَكَذَا لَوْ قَارَنَهُ وَكَانَ فِي مُقَابَلَتِهِ كَقَوْلِهَا أَبْرَأْتُك مِنْ صَدَاقِي عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي، فَفَعَلَ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ أَيْضًا خِلَافًا لِلْحَضْرَمِيِّ الْقَائِلِ بِالرُّجُوعِ وَلِابْنِ عُجَيْلٍ الْقَائِلِ بِبُطْلَانِ الْخُلْعِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا هُنَا كَلَامٌ فِيهِ بَعْضُ مُخَالَفَةٍ لِذَلِكَ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَاتَّفَقَ مُثْبِتُوهُمَا) أَيْ الطَّرِيقَيْنِ هَذَا اعْتِذَارٌ عَنْ نَفْسِهِ فِي حَمْلِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى طَرِيقِ الْقَطْعِ. قَوْلُهُ: (الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ) أَيْ فِي آيَةِ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَمُنِعَ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ عُقْدَةٌ وَالْمُرَادُ بِهِ الزَّوْجُ. قَوْلُهُ: (عَنْ نِصْفِهِ) أَيْ لِيُسَلِّم لَهَا كُلَّ الْمَهْرِ. فَصْلٌ فِي الْمُتْعَةِ وَهِيَ لُغَةً مِنْ التَّمَتُّعِ بِالْأُمُورِ وَشَرْعًا مَالٌ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ لِمُفَارَقَةٍ بِشُرُوطٍ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَنْ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَعْلِيمُهَا لِلنِّسَاءِ، وَيُشَاعُ أَمْرُهَا بَيْنَهُنَّ لِيَعْرِفْنَهَا وَانْظُرْ هَلْ مَعْنَى وُجُوبِهَا لُزُومُهَا لِذِمَّةِ الزَّوْجِ مُوسِعًا أَوْ مُضَيِّقًا، فَيَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهَا أَوْ يَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى طَلَبِهَا رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِمُطَلَّقَةٍ) أَيْ لِمُفَارَقَةٍ يَجِبُ لَهَا شَطْرُ مَهْرٍ، وَإِنْ كَانَ الْفِرَاقُ بِخُلْعٍ وَلِعَانٍ وَلَوْ ذِمِّيَّةً أَوْ أَمَةً، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا وَهِيَ فِي كَسْبِ الْعَبْدِ وَلِسَيِّدِ الْأَمَةِ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ بِعَبْدِهِ فَلَا مُتْعَةَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لَا جُنَاحَ) أَيْ لَا تَبِعَةَ بِإِثْمٍ وَلَا مَهْرَ كَمَا قَالَهُ الْجَلَالُ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَفْرِضُوا) دُخُولُ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ قَبَضَتْهُ إلَخْ) هَذَا يُوهِمُ صِحَّةَ الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ أَعْنِي جَعْلَ الصَّدَاقِ مَضْمُونًا عَلَى الزَّوْجِ ضَمَانَ يَدٍ وَلَوْ كَانَ دَيْنًا فَقَبَضَتْهُ ثُمَّ وَهَبَتْهُ، فَهُوَ كَالْعَيْنِ ابْتِدَاءً وَلَوْ بَاعَتْهُ مُحَابَاةً رَجَعَ قَطْعًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَأَيْضًا غَرَضُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. أَنَّ الْقَوْلَيْنِ ثَابِتَانِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْهِبَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَمْ قَبْلَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّتِهَا، وَذَلِكَ إذَا قُلْنَا بِضَمَانِ الْيَدِ قَوْلُهُ: (بَدَلَ كُلِّهِ) أَيْ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَرَدَتْ عَلَى مُطْلَقِ الْجُمْلَةِ فَيَشِيعُ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ: يَتَخَيَّرُ إلَخْ) أَيْ لِمَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ التَّشْقِيصِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (كَانَ أَوْفَقَ) أَيْ لِمَا عَبَّرَ بِهِ هُنَا وَفِيمَا سَلَفَ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ هِيَ الْمُوَافِقَةَ لِاخْتِيَارِ الْإِمَامِ أَعْنِي قِيمَةَ النِّصْفِ دُونَ نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَأَمَّا تَعْبِيرُهُ بِرُبْعِ الْبَدَلِ فَلَا إشْكَالَ فِي مُوَافَقَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ دَيْنًا إلَخْ) نَظِيرُ هَذَا لَوْ أَبْرَأَ الْمَضْمُونُ لَهُ الضَّامِنَ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ أَوْ قَبَضَ مِنْهُ ثُمَّ وَهَبَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ. قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ لِلْمُجْبَرِ الْعَفْوُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ دَيْنًا قَالَهُ الْمُرَاوَزَةُ وَغَيْرُهُمْ، وَنَازَعَ فِيهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ. قَوْلُهُ: (وَحَمَلَهُ الْجَدِيدُ عَلَى الزَّوْجِ) يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237] فَإِنَّهُ لَوْ أُرِيدَ الْوَلِيُّ لَمْ يَحْسُنْ أَنْ يُقَالَ عَفْوُ الْوَلِيِّ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى مِنْ عَفْوِ الزَّوْجَةِ، إذْ الْعَفْوَانِ حِينَئِذٍ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ حَمْلِهِ عَلَى الزَّوْجِ، لَكِنْ قَدْ يُعْتَرَضُ هَذَا بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ {وَأَنْ تَعْفُوا} [البقرة: 237] رَاجِعًا لِلْأَزْوَاجِ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ {الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] بِالْوَلِيِّ وَفِيهِ بُعْدٌ وَأَمَّا تَغْيِيرُ التَّكَلُّمِ فِي الْأَوَّلِ بِالْغَيْبَةِ أَعْنِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ} [البقرة: 237] إلَخْ. وَإِنْ كَانَ مُرَجِّحًا لِلْقَدِيمِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ فَيُجَابُ بِأَنَّ الِالْتِفَاتَ فَنٌّ مِنْ الْبَلَاغَةِ، ثُمَّ وَجْهُ الْقَدِيمِ تَرْغِيبُ الْكُفْءِ فِي الْمُولِيَةِ بِحُسْنِ مُعَامَلَةِ أَوْلِيَائِهَا. [فَصْلٌ لِمُطَلَّقَةٍ قَبْلَ وَطْءِ مُتْعَةٍ إنْ لَمْ يَجِبْ لَهَا شَطْرُ مَهْرٍ] فَصْلٌ لِمُطَلَّقَةٍ أَيْ وَلَوْ بِخَلْعٍ. قَوْلُهُ: (قَالَ تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 236] إلَخْ) قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ مَفْهُومُ الْآيَةِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ إيجَابِ الْمُتْعَةِ بِالْمُفَوِّضَةِ الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا الزَّوْجُ، وَأَلْحَقَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ الْمَمْسُوسَةَ الْمُفَوِّضَةَ وَغَيْرَهَا قِيَاسًا وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 فَإِنْ وَجَبَ لَهَا الشَّطْرُ بِتَسْمِيَةٍ أَوْ بِفَرْضٍ فِي التَّفْوِيضِ، فَلَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا، وَتَشْطُرُ الْمَهْرَ لِمَا لَحِقَهَا مِنْ الِابْتِذَالِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى شَيْءٍ آخَرَ وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ} [البقرة: 241] (وَكَذَا الْمَوْطُوءَةُ فِي الْأَظْهَرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 241] ، وَالثَّانِي لَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ وَبِهِ غَنِيَّةٌ عَنْ الْمُتْعَةِ. (وَفُرْقَةٌ لَا بِسَبَبِهَا) ، كَرِدَّتِهِ وَإِسْلَامِهِ وَلِعَانِهِ وَإِرْضَاعِ أُمِّهِ أَوْ بِنْتِهِ زَوْجَتَهُ وَوَطْءِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ لَهَا (كَطَلَاقٍ) ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولٍ فَيَجِبُ لَهَا الشَّطْرُ، فَلَا مُتْعَةَ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ دُخُولٍ فَيَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِسَبَبِهَا كَإِسْلَامِهَا وَرِدَّتِهَا، وَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ وَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا فَلَا مُتْعَةَ لَهَا سَوَاءٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ) الْمُتْعَةُ (عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا) ، وَأَنْ لَا تُزَادَ عَلَى خَادِمٍ فَلَا حَدَّ لِلْوَاجِبِ وَقِيلَ هُوَ أَقَلُّ مَا يُتَمَوَّلُ كَمَا سَيَأْتِي وَإِذَا تَرَاضَيَا بِشَيْءٍ فَذَاكَ (فَإِنْ تَنَازَعَا قَدَّرَهَا الْقَاضِي بِنَظَرِهِ) أَيْ اجْتِهَادِهِ (مُعْتَبِرًا حَالَهُمَا) ، أَيْ يَسَارَ الزَّوْجِ وَإِعْسَارَهُ وَنَسَبَ الزَّوْجَةِ وَصِفَاتِهَا (وَقِيلَ حَالُهُ) فَقَطْ (وَقِيلَ حَالُهَا) فَقَطْ (وَقِيلَ) لَا يُقَدِّرُهَا بِشَيْءٍ بَلْ الْوَاجِبُ. (أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ) ، وَعَلَى تَقْدِيرِهِ يَجِبُ مَا يُقَدِّرُهُ. . فَصْلٌ. اخْتَلَفَا أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي قَدْرِ مَهْرٍ) مُسَمًّى كَأَنْ قَالَتْ نَكَحْتَنِي بِأَلْفٍ، فَقَالَ بِخَمْسِمِائَةٍ (أَوْ) فِي (صِفَتِهِ) كَأَنْ قَالَتْ بِأَلْفٍ صَحِيحَةٍ، فَقَالَ بَلْ مُكَسَّرَةٍ (تَحَالَفَا) كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فِي كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ فَتَحْلِفُ الزَّوْجَةُ أَنَّهُ مَا نَكَحَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ وَإِنَّمَا نَكَحَهَا بِأَلْفٍ، وَيَحْلِفُ الزَّوْجُ   [حاشية قليوبي] أَوْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ مُفِيدٌ لِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] فَلَا حَاجَةَ لِجَعْلِهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا قِيلَ أَوْ لِجَعْلِهَا بِمَعْنَى إلَى أَوْ إلَّا لِأَنَّ هَذَا نَاظِرٌ إلَى أَصْلِ اللُّغَةِ، وَذَاكَ إلَى اسْتِعْمَالِهَا. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ) قِيلَ إنَّهُ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْمَوْطُوءَةُ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَوْ رَجْعِيَّةٌ وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الرَّجْعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا تُسْتَرَدُّ مِنْهَا لَوْ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ وَاسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ لَيْسَ كَالْوَطْءِ فَلَا مُتْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَإِنْ وَجَبَتْ بِهِ الْعِدَّةُ. قَوْلُهُ: (لِقَوْلِهِ) أَيْ لِعُمُومِهِ وَلَمْ يُنْظَرْ لِهَذَا الْعُمُومِ فِيمَنْ وَجَبَ لَهَا الشَّطْرُ، كَمَا تَقَدَّمَ لِمُعَارَضَتِهِ فِيهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا مُتْعَةً وَالْخُصُوصُ مُقَدَّمٌ وَمَا سَلَكَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هُنَا فِي الدَّلِيلِ فِيهِ بَحْثٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَا بِسَبَبِهَا) أَيْ وَلَا بِسَبَبِهِمَا مَعًا وَلَا بِمِلْكِهِ لَهَا وَلَا بِمَوْتٍ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَلَا مُتْعَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (كَرِدَّتِهِ وَإِسْلَامِهِ) أَيْ وَحْدَهُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (بِسَبَبِهَا) أَيْ وَلَوْ مَعَهُ فَيَشْمَلُ مَا بِسَبَبِهِمَا مَعًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَإِسْلَامِهَا وَرِدَّتِهَا) وَلَوْ مَعَهُ فِيهِمَا بِخِلَافِ التَّشْطِيرِ كَمَا مَرَّ. لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَهَا وَغُلِّبَ جَانِبُهَا هُنَا لِأَنَّ الْمُتْعَةَ لِإِيحَاشِهَا وَفِعْلُهَا يُنَافِيه أَوْ يُعَارِضُهُ، وَلِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَسْبِقْ لِلْمُتْعَةِ سَبَبٌ يُغَلَّبُ فِيهِ جَانِبُهَا فَتَأَمَّلْ وَلَوْ تَسَبَّبَا مَعًا، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَالْفُرْقَةُ بِسَبَبِهِمَا مَعًا أَوْ كَامِلًا فَبِسَبَبِهَا وَحْدَهَا لِأَنَّهَا تَرِقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ وَلَوْ مَلَكَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا مُتْعَةَ لِأَنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ كَانَتْ عَلَيْهَا لَهُ وَلَوْ مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا مُتْعَةَ أَيْضًا، لِأَنَّهُ لَا إيحَاشَ وَفِي مَوْتِهِ وَحْدَهُ مُتَفَجِّعَةٌ لَا مُسْتَوْحِشَةٌ. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا تَنْقُصَ عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا) أَوْ مَا يُسَاوِيهَا. قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا تُزَادَ عَلَى خَادِمٍ) وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ الْخَادِمِ لِأَنَّهُ لَا ضَابِطَ لَهُ، وَلَوْ نَقَصَ نِصْفُ الْمَهْرِ عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا لَتَعَارَضَا فَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ يُرَاعَى الْأَقَلُّ اهـ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِمُرَاعَاتِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُقْتَصَرُ عَلَيْهِ وَقَالَ شَيْخُنَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُنْقَصُ عَنْ الْأَقَلِّ وَلَا يُبْلَغُ الْأَكْثَرَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ) وَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَفِيهِ مُخَالَفَةُ الْمَنْدُوبِ السَّابِقِ، بَعْدَ بُلُوغِهِ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَمُرَاعَاةُ الْمَنْدُوبِ حِينَئِذٍ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (قَدَّرَهَا الْقَاضِي) أَيْ وُجُوبًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ بِهَا مَهْرَ الْمِثْلِ، وَيَأْتِي فِيهِ التَّعَارُضُ وَالنَّدْبُ الْمُتَقَدِّمُ. قَوْلُهُ: (حَالَهُمَا) أَيْ إنْ عَلِمَهُ، وَإِلَّا رَاعَى الْمَعْلُومَ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَأَمْثَالُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى تَقْدِيرِهِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ فِي اعْتِبَارِ حَالِهِمَا عَلَى الرَّاجِعِ أَوْ اعْتِبَارِ أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (يَجِبُ مَا يُقَدِّرُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَالَفَ الْوَاجِبَ فِيمَا مَرَّ. مِنْ عَدَمِ بُلُوغِهِ مَهْرَ الْمِثْلِ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ بَلْ فِي مُخَالَفَةِ الْمَنْدُوبِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. فَصْلٌ فِي التَّحَالُفِ إذَا وَقَعَ فِي الْمَهْرِ التَّخَالُفُ قَوْلُهُ: (أَيْ الزَّوْجَانِ) سَوَاءٌ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (فِي قَدْرِ مَهْرٍ مُسَمًّى) خَرَجَ مَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ فَإِنْ عُلِمَ لَهُ مَرْجِعٌ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا لَوْ فُرِضَ جَهْلُهُ فَالْمُصَدِّقُ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ قَالَتْ إلَخْ) وَفِي عَكْسِ الْمِثَالِ لَا تَحَالُفَ وَيَبْقَى الزَّائِدُ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَهَا بِهِ وَهِيَ تُنْكِرُهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي صِفَتِهِ) وَكَذَا فِي جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَعَيْنِهِ وَغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ هُوَ قَوِيٌّ جِدًّا لِظَاهِرِ الْآيَةِ. قَوْلُهُ: (لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ} [البقرة: 241] ، الِاسْتِدْلَال بِهَذَا يُخَالِفُ مَا سَلَفَ عَنْ الْبَيْضَاوِيِّ فِي رَأْسِ الصَّفْحَةِ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِالْقِيَاسِ وَوَجْهُ الْمُخَالَفَةِ أَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ، أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُ الْفَرْعِ ثَابِتًا بِالنَّصِّ. قَوْلُهُ: (وَوَطْءُ أَبِيهِ) أَيْ بِشُبْهَةٍ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ حَالُهُ) أَيْ كَالنَّفَقَةِ وَلِظَاهِرِ الْآيَةِ قَوْلُهُ: (وَعَلَى تَقْدِيرِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ قَدَّرَهَا الْقَاضِي. [فَصْلٌ اخْتَلَفَا أَيْ الزَّوْجَانِ فِي قَدْرِ مَهْرٍ مُسَمًّى] اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَهْرٍ قَوْلُهُ: (مُسَمًّى) هَذَا احْتِرَازٌ عَمَّ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ مَثَلًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ فَلَا تَحَالُفَ وَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الزِّيَادَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 أَنَّهُ مَا نَكَحَهَا بِأَلْفٍ، وَإِنَّمَا نَكَحَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ (وَيَتَحَالَفُ وَارِثَاهُمَا أَوْ وَارِثٌ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا (وَالْآخَرُ) إذَا اخْتَلَفَا فِيمَا ذُكِرَ، وَيَحْلِفُ الْوَارِثُ فِي طَرَفِ النَّفْيِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَفِي طَرَفِ الْإِثْبَاتِ عَلَى الْبَتِّ، فَيَقُولُ وَارِثُ الزَّوْجِ وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثِي نَكَحَهَا بِأَلْفٍ إنَّمَا نَكَحَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ، وَيَقُولُ وَارِثُ الزَّوْجَةِ وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ نَكَحَ مُوَرِّثَتِي بِخَمْسِمِائَةٍ إنَّمَا نَكَحَهَا بِأَلْفٍ (ثُمَّ) بَعْدَ التَّحَالُفِ (يُفْسَخُ الْمَهْرُ) عَلَى مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ مِنْ أَنَّهُمَا يَفْسَخَانِهِ، أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَكَمُ، وَلَا يَنْفَسِخُ بِالتَّحَالُفِ (وَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ) وَإِنْ زَادَ عَلَى مَا ادَّعَتْهُ الزَّوْجَةُ، وَقِيلَ لَيْسَ لَهَا فِي ذَلِكَ إلَّا مَا ادَّعَتْهُ. (وَلَوْ ادَّعَتْ تَسْمِيَةً) لِقَدْرٍ (فَأَنْكَرَهَا) وَالْمُسَمَّى أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ (تَحَالَفَا فِي الْأَصَحِّ) لِرُجُوعِ ذَلِكَ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ، لِأَنَّهُ يَقُولُ الْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَهِيَ تَدَّعِي زِيَادَةً عَلَيْهِ، وَالثَّانِي لَا تَحَالُفَ وَالْقَوْلُ بِيَمِينِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ وَلَوْ ادَّعَى تَسْمِيَةً، فَأَنْكَرَتْهَا وَالْمُسَمَّى أَقَلُّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَالْقِيَاسُ، كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ مَجِيءُ الْوَجْهَيْنِ. (وَلَوْ ادَّعَتْ نِكَاحًا وَمَهْرَ الْمِثْلِ) بِأَنْ لَمْ تَجْرِ تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ (فَأَقَرَّ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ) ،   [حاشية قليوبي] بِالْأَوْلَى مِنْ الصِّفَةِ وَقَدْ يُرَادُ بِالصِّفَةِ مَا يَشْمَلُهَا. قَوْلُهُ: (وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ) لَكِنْ يَبْدَأُ هُنَا بِالزَّوْجِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِبَقَاءِ الْبُضْعِ لَهُ، وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّارِحِ عَنْهُ لِأَنَّهُ بَائِعٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مَا صَحَّ مَبِيعًا صَحَّ صَدَاقًا. قَوْلُهُ: (فَتَحْلِفُ الزَّوْجَةُ إلَخْ) وَإِنَّمَا حَلَفَتْ عَلَى الْبَتِّ مَعَ أَنَّهُ فِعْلُ غَيْرِهَا، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِعْلُ الْوَلِيِّ مُقَيَّدًا بِمَا تَأْذَنُ لَهُ فِيهِ فَكَأَنَّهَا الْفَاعِلَةُ، أَوْ لِأَنَّهُ نَفْيٌ مَحْصُورٌ يَسْهُلُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَارِثَاهُمَا) وَسَكَتَ عَنْ الْوَلِيَّيْنِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ إذْ لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ الزَّوْجِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ مَالِ الْمَحْجُورِ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ دَعْوَى وَلِيِّ الزَّوْجَةِ بِالْمَهْرِ الزَّائِدِ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ صَحِيحَةٌ خُصُوصًا مَعَ عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِ وَلِيِّ الزَّوْجِ، إنَّ الْمَهْرَ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ فَالْوَجْهُ أَنَّ عَدَمَ ذِكْرِهِ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي كَالْوَلِيَّيْنِ فَذِكْرُهُ هُنَا تَكْرَارٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ، وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ، لِأَنَّهُ مَنْ قَطَعَ بِأَلْفٍ قَطَعَ بِعَدَمِ أَلْفَيْنِ. قَوْلُهُ: (إنَّمَا) تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلْحَصْرِ فِي النَّفْيِ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (يَفْسَخَانِهِ إلَخْ) وَيَنْفَسِخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ فَسَخَاهُ أَوْ الْحَاكِمُ أَوْ الْمُحِقُّ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَظَاهِرًا فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ زَادَ عَلَى مَا ادَّعَتْهُ الزَّوْجَةُ) وَكَذَا لَوْ زَادَ عَلَى مَا ادَّعَتْهُ الزَّوْجَةُ وَالْوَلِيُّ عَنْ الْمَحْجُورِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَيْسَ لَهَا إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا لَا خِلَافَ فِيهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَأَنْكَرَهَا) أَيْ وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا وَإِلَّا حَلَفَ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ عَمَلًا بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّفْوِيضِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُسَمَّى أَكْثَرُ) خَرَجَ الْمُسَاوِي فَلَا اخْتِلَافَ وَالْأَقَلُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (فَأَنْكَرَتْهَا) أَيْ وَلَمْ تَدَّعِ تَفْوِيضًا فَإِنْ ادَّعَتْهُ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَلَفَ كُلٌّ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَالْمُسَمَّى) أَيْ الَّذِي ادَّعَاهُ أَقَلُّ. قَوْلُهُ: (فَالْقِيَاسُ) أَيْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ، قَوْلُهُ: (مَجِيءُ الْوَجْهَيْنِ) أَيْ فَيَتَحَالَفَانِ عَلَى الْأَصَحِّ. تَنْبِيهٌ: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ وَصِفَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ مَعَ وُجُودِ التَّحَالُفِ فِيهَا إمَّا لِأَنَّ التَّحَالُفَ هُنَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ، أَوْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي التَّسْمِيَةِ لِأَنَّهَا مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، فَإِدْخَالُهَا فِيهِ كَمَا فَعَلَ فِي الْمَنْهَجِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْهُ. . قَوْلُهُ: (وَمَهْرُ الْمِثْلِ) هُوَ مَفْهُومُ مَا مَرَّ بِقَوْلِهِ ادَّعَتْ تَسْمِيَةً وَاعْلَمْ أَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا إلَّا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِي تِلْكَ ادَّعَى تَسْمِيَةً صَحِيحَةً، وَفِي هَذِهِ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ تَسْمِيَةً فَاسِدَةً وَادَّعَى الزَّوْجُ عَدَمَهَا، وَفِي الْوَاقِعِ أَنَّ التَّسْمِيَةَ صَحِيحَةٌ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ تَكْلِيفُهُمْ لَهُ بِالْبَيَانِ، فَقَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ تَجْرِ تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ تَصْحِيحٌ لِدَعْوَاهَا مَهْرَ الْمِثْلِ وَالْمُرَادُ مَا تَضَمَّنَهُ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِ التَّسْمِيَةِ فَاسِدَةً أَوْ أَنَّهَا صَرَّحَتْ بِهَا، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ذَلِكَ الْمَهْرَ الْفَاسِدَ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الدَّعْوَى أَوْ صَرَّحَتْ بِهِ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ فِي جَوَابِهِ مُعْتَمِدًا فِيهِ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ الْفَاسِدَ الَّذِي ذَكَرَتْهُ نُفِيَ فِي الْعَقْدِ أَوْ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ، وَإِنَّمَا الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ لَكِنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهَا فَلِذَلِكَ كُلِّفَ بِبَيَانِهَا، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَتْ نَفْيَ الْمَهْرِ فِي الْعَقْدِ أَوْ السُّكُوتَ عَنْهُ فِيهِ وَوَافَقَهَا عَلَى ذَلِكَ وَادَّعَتْ تَسْمِيَةً فَاسِدَةً وَأَجَابَ بِنَفْيِ الْمَهْرِ فِي الْعَقْدِ أَوْ السُّكُوتِ عَنْهُ فِيهِ، أَوْ وَافَقَهَا عَلَيْهَا فَالْوَاجِبُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مَهْرُ الْمِثْلِ اتِّفَاقًا وَلَا حَاجَةَ إلَى تَكْلِيفِ بَيَانٍ وَلَا إلَى تَحَالُفٍ وَلَا حَلِفٍ أَيْضًا: هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ فِي هَذَا الْمَقَامِ، فَإِنَّهُ مِمَّا اتَّسَعَ فِيهِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (فَتَحْلِفُ الزَّوْجَةُ) السُّنَّةُ الْبُدَاءَةُ بِالزَّوْجِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِبَقَاءِ الْبُضْعِ لَهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَأَحْسَنَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ يَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى الْبَتِّ فِيهِمَا، لِأَنَّهُ مَنْ قَطَعَ بِأَلْفٍ قَطَعَ بِأَنَّهُ غَيْرُ أَلْفَيْنِ وَاسْتَبْعَدَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ جَرَيَانُ عَقْدَيْنِ، وَذَلِكَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقَطْعِ بِأَلْفَيْنِ بِخِلَافِ الْعَاقِدِ نَفْسِهِ وَفِي النِّهَايَةِ، وَغَيْرِهَا تَقُولُ الْمَرْأَةُ لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَبِي زَوَّجَنِي بِأَلْفٍ وَلَقَدْ زَوَّجَنِي بِأَلْفَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ خُصُوصًا إذَا زُوِّجَتْ وَهِيَ صَغِيرَةٌ. قَوْلُهُ: (الْمُسَمَّى أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِثْلُهُ قَدْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، قَالَ بَعْضُهُمْ أَوْ ادَّعَتْ عَيْنًا مُعَيَّنًا لِتَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَقُولُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا لَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا فَكَأَنَّهُ يَقُولُ الْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَإِذَا حَلَفَ وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ كَمَا لَوْ تَحَالَفَا. قَوْلُهُ: (وَأَنْكَرَ) أَيْ قَالَ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ مَهْرًا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ فِي حِكَايَةِ الْوَجْهِ الثَّانِي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 عَنْهُ بِأَنْ نُفِيَ فِي الْعَقْدِ أَوْ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ، (فَالْأَصَحُّ تَكْلِيفُهُ الْبَيَانَ) أَيْ بَيَانَ مَهْرٍ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِي الْمَهْرَ (فَإِنْ ذَكَرَ قَدْرًا وَزَادَتْ) عَلَيْهِ (تَحَالَفَا) وَهُوَ تَحَالُفٌ فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَإِنْ أَصَرَّ مُنْكِرًا) لِلْمَهْرِ (حَلَفَتْ) أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مَهْرَ مِثْلِهَا (وَقُضِيَ لَهَا) بِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُكَلِّفُ بَيَانَ مَهْرٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مَهْرًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَالثَّالِثُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا. (وَلَوْ اخْتَلَفَ فِي قَدْرِهِ زَوْجٌ وَوَلِيُّ صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ) كَأَنْ قَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُكَهَا بِأَلْفَيْنِ، فَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ بِأَلْفٍ وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا (تَحَالَفَا فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا الْوَلِيُّ فَلِأَنَّهُ الْعَاقِدُ، وَلَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ الْمَهْرِ، وَأَمَّا الزَّوْجُ فَوَاضِحٌ، وَالثَّانِي لَا تَحَالُفَ لِأَنَّا لَوْ حَلَّفْنَا الْوَلِيَّ لَأَثْبَتْنَا بِيَمِينِهِ حَقَّ غَيْرِهِ وَذَلِكَ مَحْذُورٌ، وَإِذَا لَمْ نُحَلِّفْهُ لَا يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّغِيرَةِ لِتَحْلِفَ مَعَهُ وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ قَبْلَ بُلُوغِهَا وَلَوْ كَانَ مَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، فَلَا تَحَالُفَ وَيُرْجَعُ فِي الْأَوَّلِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، لِأَنَّ نِكَاحَ مَنْ ذُكِرَتْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ يَقْتَضِيه، وَفِي الثَّانِي إلَى مُدَّعَى الزَّوْجِ حَذَرًا مِنْ الرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَوْ بَلَغَتْ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ حَلِفِ الْوَلِيِّ حَلَفَتْ دُونَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَوَلِيُّ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ حَلَفَتْ دُونَ الْوَلِيِّ. (وَلَوْ قَالَتْ) فِي دَعْوَاهَا (نَكَحَنِي يَوْمَ كَذَا) كَالْخَمِيسِ (بِأَلْفٍ وَيَوْمَ كَذَا) كَالسَّبْتِ (بِأَلْفٍ) ، وَطَالَبَتْهُ بِأَلْفَيْنِ (وَثَبَتَ الْعَقْدَانِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ) أَوْ بِيَمِينِهَا بَعْدَ نُكُولِهِ (لَزِمَ أَلْفَانِ) لِإِمْكَانِ صِحَّةِ الْعَقْدَيْنِ بِأَنْ يَتَخَلَّلَهُمَا خُلْعٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعَرُّضِ لَهُ، وَلَا لِلْوَطْءِ فِي الدَّعْوَى، (فَإِنْ قَالَ لَمْ أَطَأْ فِيهَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ   [حاشية قليوبي] الْكَلَامُ وَتَزَاحَمَتْ فِيهِ، الْأَفْهَامُ وَزَلَّتْ فِيهِ الْأَقْدَامُ وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَالْإِلْهَامِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ تَحَالُفٌ فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ تَحَالُفٌ فِي تَسْمِيَةٍ وَقَعَتْ حَالَةَ الْعَقْدِ مُسَاوِيَةٍ لِمَهْرِ الْمِثْلِ، أَوَّلًا وَأَمَّا مَهْرُ الْمِثْلِ فَلَا تَقَعُ الْمُحَالَفَةُ فِيهِ لِأَنَّ لَهُ مَرْجِعًا مَعْرُوفًا بِقَرِيبَةٍ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ وَلِذَا لَوْ حَلَفَتْ رَجَعَتْ إلَيْهِ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ إلَخْ) لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ذِكْرُ خِلَافٍ مُقَابِلٍ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي الْقَائِلِ بِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ، الْبَيَانَ لِأَنَّهُ اُعْتُبِرَ قَبُولُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ وَهَذَا مُقَابِلُهُ وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ التَّنْبِيهَ عَلَى ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. . قَوْلُهُ: (فِي قَدْرِهِ) أَيْ الْمُسَمَّى أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ فَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الْمَقَامِ. قَوْلُهُ: (زَوْجٌ أَوْ وَكِيلُهُ) وَوَكِيلُ الْوَلِيِّ كَذَلِكَ فَشَمِلَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ الْوَلِيَّانِ أَوْ الْوَكِيلَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ الْآخَرِ أَوْ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا) أَيْ قَدْرُهُ فَقَطْ، وَهُوَ قَيْدٌ لِمَحَلِّ التَّحَالُفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدَهُ بِمَفْهُومِهِ. قَوْلُهُ: (تَحَالَفَا) هُوَ وَاضِحٌ إذَا بُدِئَ بِالْوَلِيِّ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِحَلِفِ الْوَلِيِّ بَعْدَ الزَّوْجِ لِثُبُوتِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِحَلِفِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي حَلِفِ الْوَلِيِّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ تَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ وَلِكَوْنِهِ سُمِّيَ تَحَالُفًا وَلَوْ نَكَلَ الزَّوْجُ حَلَفَ الْوَلِيُّ وَثَبَتَتْ الزِّيَادَةُ. قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ مَحْذُورٌ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ حَلِفَ الْوَلِيِّ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ جَرَى كَذَلِكَ فَهُوَ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْمَالُ تَبَعًا وَهُوَ مُغْتَفَرٌ وَمَا فِي الدَّعَاوَى لَا يُخَالِفُ مَا هُنَا. قَوْلُهُ: (لَا يَحْلِفُ الزَّوْجُ) أَيْ إذَا قُلْنَا بِالتَّحَالُفِ كَمَا مَرَّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَا تَحَالُفَ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الزَّوْجُ رَجَاءَ أَنْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ وَتَثْبُتُ الزِّيَادَةُ. قَوْلُهُ: (وَيَنْتَظِرُ بُلُوغَ الصَّغِيرَةِ) أَوْ كَمَالَ الْمَجْنُونَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ مِنْ عَدَمِ التَّحَالُفِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ إلَخْ) أَيْ مَعَ كَوْنِ دَعْوَى الْوَلِيِّ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (وَيَرْجِعُ فِي الْأُولَى) أَيْ إنْ حَلَفَ الزَّوْجُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْوَلِيِّ حَلَفَ وَثَبَتَتْ الزِّيَادَةُ. قَوْلُهُ: (إلَى مُدَّعَى الزَّوْجِ) أَيْ بِلَا يَمِينٍ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ مُدَّعَى الْوَلِيِّ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ فَرُبَّمَا يَنْكُلُ فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ وَتَثْبُتُ الزِّيَادَةُ فَقَوْلُهُ حَذَرًا إلَخْ أَيْ إذَا قُلْنَا بِالتَّحَالُفِ. قَوْلُهُ: (حَلَفَ) أَيْ عَلَى الْبَتِّ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ فِي حَلِفِ الزَّوْجَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعَرُّضِ إلَخْ) وَانْظُرْ إذَا تَعَرَّضَتْ لِذَلِكَ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (أَوْ سَكَتَ) زَادَ الرَّافِعِيُّ عَلَى هَذَا وَلَمْ يَدَّعِ التَّفْوِيضَ وَلَا إخْلَاءَ النِّكَاحِ عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ تَحَالُفٌ إلَخْ) رُبَّمَا يُخَالِفُ مَا سَلَفَ فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (تَحَالَفَا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إذَا بَدَأْنَا بِالزَّوْجِ وَحَلَفَ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي تَحْلِيفِ الْوَلِيِّ بَعْدَ ذَلِكَ إذْ مَهْرُ الْمِثْلِ يَثْبُتُ بِيَمِينِ الزَّوْجِ قَوْلُهُ: (أَقَلُّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) بَحَثَ فِي الْمُهِمَّاتِ جَرَيَانُ التَّحَالُفِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي نُكَتِهِ الْحَقُّ عَدَمُ التَّحَالُفِ إنْ كَانَ مُدَّعَى الْوَلِيِّ فِيهَا قَدْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ اتَّجَهَ التَّحَالُفُ رَجَاءَ أَنْ يَنْكُلَ الزَّوْجُ فَيَنْفَرِدُ الْوَلِيُّ بِالْحَلِفِ، وَتَثْبُتُ الزِّيَادَةُ قَالَ وَإِذَا جَعَلْت هَذَا ضَابِطًا لِلتَّحَالُفِ اتَّضَحَ لَك أَمْرُهُ اهـ. قُلْت إذَا بَدَأْنَا بِالزَّوْجِ وَحَلَفَ تَعَذَّرَ الْمَعْنَى الَّذِي نَظَرَ إلَيْهِ الْعِرَاقِيُّ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي تَحْلِيفِ الْوَلِيِّ بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيَرْجِعُ فِي الْأَوَّلِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ إلَخْ) هَذَا نَقْلُ الزَّرْكَشِيّ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ الزَّوْجَ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ مُعْتَرِفٌ بِفَسَادِ النِّكَاحِ. أَقُولُ نَظَرُهُ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ فِي الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ (وَقَوْلُهُ لِأَنَّ نِكَاحَ مَنْ ذَكَرْت إلَخْ) . وَقَعَ فِي الرَّافِعِيِّ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى طَرِيقَتِهِ، فَإِنَّهَا تَقْتَضِي فَسَادَ النِّكَاحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. أَقُولُ مَسْأَلَتُنَا فِي غَيْرِ الرَّشِيدَةِ وَالرَّافِعِيُّ قَائِلٌ فِيهَا بِصِحَّةِ النِّكَاحِ فَلَا إشْكَالَ. قَوْلُهُ: (لِإِمْكَانِ صِحَّةِ الْعَقْدَيْنِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا قَالُوهُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ وَنِصْفُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الدُّخُولِ فِي الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 (وَسَقَطَ الشَّطْرُ) مِنْ الْأَلْفَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (وَإِنْ قَالَ كَانَ الثَّانِي تَجْدِيدَ لَفْظٍ لَا عَقْدًا لَمْ يُقْبَلْ) ، لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُهَا عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ. . فَصْلٌ. وَلِيمَةُ الْعُرْسِ سُنَّةٌ لِثُبُوتِهَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلًا وَفِعْلًا. «فَقَدْ أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «وَعَلَى صَفِيَّةَ بِحَيْسٍ» (وَفِي قَوْلٍ) ، كَمَا حَكَاهُ فِي الْمُهَذَّبِ (أَوْ وَجْهٍ) كَمَا فِي غَيْرِهِ (وَاجِبَةٌ) لِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَقَدْ أَعْرَسَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْأَوَّلُ يَحْمِلُهُ عَلَى النَّدْبِ. (وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا) عَلَى الْأَوَّلِ (فَرْضُ عَيْنٍ وَقِيلَ) فَرْضُ (كِفَايَةٍ وَقِيلَ سُنَّةٌ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَسَقَطَ الشَّطْرُ) أَيْ حَقِيقَةً فِي الْأَوَّلِ وَكَذَا فِي الثَّانِي إنْ طَلَّقَ فِيهِ وَإِلَّا فَالْمُرَادُ الْحُكْمُ فِيهِ بِالسُّقُوطِ لَوْ فَارَقَ. قَوْلُهُ: (تَجْدِيدَ لَفْظٍ) أَوْ رَجْعَةً بِلَفْظِ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْبَلْ) لِنُدُورِهِ. فَرْعٌ: لَوْ دَفَعَ لَهَا مَالًا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَهْرِ وَادَّعَى أَنَّهُ مِنْهُ صُدِّقَ كَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ صُدِّقَ الْآخِذُ فِي نَفْيِ الْعِوَضِ عَنْهُ كَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ، وَيُقْبَلُ الزَّوْجُ فِي دَفْعِ صَدَاقٍ لِوَلِيِّ مَحْجُورَةٍ أَوْ رَشِيدَةٍ أَذِنَتْ لِلْوَلِيِّ بِأَخْذِهِ نُطْقًا وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ الْوَلِيُّ فِي دَعْوَى الْإِذْنِ لَهُ فِي الْقَبْضِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَنْكُوحَةِ صُدِّقَ كُلٌّ فِيمَا نَفَاهُ بِيَمِينِهِ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَتَيْنِ بِأَلْفٍ، فَقَالَتْ إحْدَاهُمَا بَلْ أَنَا بِالْأَلْفِ تَحَالَفَا. وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْأُخْرَى فِي نَفْيِ النِّكَاحِ وَلَوْ أَصْدَقَهَا جَارِيَةً، ثُمَّ وَطِئَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا حَدَّ أَوْ بَعْدَهُ، حُدَّ مَا لَمْ يُعَذَّرْ لِأَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ مُتَعَرِّضٌ لِعَوْدِ نِصْفِهَا إلَيْهِ فَهُوَ شُبْهَةٌ. فَصْلٌ فِي الْوَلِيمَةِ مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ لُغَةً اسْمٌ لِلِاجْتِمَاعِ يُقَالُ أَوْلَمَ الرَّجُلُ إذَا اجْتَمَعَ عَقْلُهُ وَخُلُقُهُ أَوْ لِاسْتِدْعَاءِ النَّاسِ لِلطَّعَامِ أَوْ إصْلَاحِ الطَّعَامِ لِذَلِكَ أَوْ لِلطَّعَامِ الْمُتَّخَذِ لِلْعُرْسِ، أَوْ لِكُلِّ طَعَامٍ يُتَّخَذُ لِسُرُورٍ غَالِبًا وَإِذَا أُطْلِقَتْ فَهِيَ لِلْعُرْسِ وَجُمْلَةُ الْوَلَائِمِ عَشْرَةٌ، فَلِعَقْدِ النِّكَاحِ إمْلَاكٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَيُقَالُ لَهُ شِنْدِحِيٌّ بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ فَنُونٍ سَاكِنَةٍ فَدَالٍ مُهْمَلَةٍ، فَحَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَتَيْنِ، فَتَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ وَلِلدُّخُولِ فِيهِ وَلِيمَةٌ وَلِلْوِلَادَةِ خُرْسٌ بِمُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ فَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ، وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ وَتُسْتَحَبُّ لِلذَّكَرِ، وَلَا بَأْسَ بِهَا لِلْأُنْثَى لِلنِّسَاءِ فِيهِمَا بَيْنَهُنَّ وَلِحِفْظِ الْقُرْآنِ حِذَاقٌ بِمُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ، فَذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَآخِرُهُ قَافٌ، وَلِلْبِنَاءِ وَكِيرَةٌ وَلِلْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ نَقِيعَةٌ سَوَاءٌ فَعَلَهَا الْقَادِمُ، أَوْ غَيْرُهُ لِأَجْلِهِ وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ لَا نَحْوِ أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ وَلِلْمُصِيبَةِ وَضِيمَةٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَبِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَبِلَا سَبَبٍ مَأْدُبَةٌ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَفَتْحِهَا قَبْلَ مُوَحَّدَةٍ وَبَعْدَ هَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْوَلَائِمَ فِي عَشْرٍ مُجَمَّعَةٌ ... إمْلَاكُ عَقْدٍ وَإِعْذَارٌ لِمَنْ خَتَنَا عُرْسٌ وَخُرْسُ نِفَاسٍ وَالْعَقِيقَةُ مَعَ ... حِذَاقِ خَتْمٍ وَمَأْدُبَةُ الْمُرِيدِ ثَنَا نَقِيعَةٌ عِنْدَ عَوْدٍ لِلْمُسَافِرِ مَعَ ... وَضِيمَةٍ لِمُصَابٍ مَعَ وَكِيرَتِنَا قَوْلُهُ: (وَلِيمَةُ الْعُرْسِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مَعَ ضَمِّ الرَّاءِ وَإِسْكَانِهَا فِي وَلِيمَةِ الدُّخُولِ، وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالْعَقْدِ وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، وَلَا تَفُوتُ بِالطَّلَاقِ وَلَا بِالْمَوْتِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقَالَ الدَّمِيرِيِّ وَابْنُ أَبِي شَرِيفٍ إنَّهَا بَعْدَ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ قَضَاءٌ وَفِعْلُهَا لَيْلًا أَفْضَلُ تَبَعًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَهُوَ مُتَّجِهٌ إنْ ثَبَتَ وَإِرَادَةُ التَّسَرِّي بِالْإِمَاءِ كَالْعَقْدِ وَالدُّخُولُ كَالدُّخُولِ. قَوْلُهُ: (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ أَيْ لِلرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ أَوْ الْإِمَاءِ وَلَوْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَدُخُولٍ وَاحِدٍ وَتَكْفِي وَاحِدَةٌ قُصِدَ بِهَا الْجَمِيعُ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ أَوْ الدُّخُولُ قَبْلَ فِعْلِهَا، قَالَ شَيْخُنَا وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ قَصَدَ بِهَا وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا بَقِيَ طَلَبُ غَيْرِهَا وَسُئِلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ هَلْ تَتَدَاخَلُ الْوَلَائِمُ فَقَالَ نَعَمْ تَتَدَاخَلُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَسَقَطَ الشَّطْرُ مِنْ أَلْفَيْنِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ نِكَاحُ الْوَلِيِّ فِي الثَّانِي بَعْدَ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الظَّاهِرُ عَارَضَهُ أَصْلَانِ بَقَاءُ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَبَرَاءَةُ ذِمَّةِ الزَّوْجِ مِنْ صَدَاقٍ ثَانٍ. [فَصْلٌ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ] ِ الْوَلِيمَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ وَبَعْضُهُمْ نَظَرَ أَسْمَاءَ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَغَيْرَهَا فَقَالَ: وَلِيمَةُ عُرْسٍ ثُمَّ خُرْسُ وِلَادَةٍ ... عَقِيقَةُ مَوْلُودٍ وَكِيرَةِ بَانِي وَضِيمَةُ ذِي مَوْتٍ نَقِيعَةُ قَادِمٍ ... ` عَذِيرَة إعْذَارٍ وَيَوْمُ خِتَانٍ وَمَأْدُبَةُ الْخِلَّانِ لَا سَبَبَ لَهَا ... حِذَاقُ صَغِيرٍ عِنْدَ خَتْمِ قِرَانٍ قَوْلُهُ: (وَلِيمَةُ الْعُرْسِ) رُبَّمَا يَخْرُجُ بِهِ التَّسَرِّي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُهَا لَهُ اهـ. وَلَوْ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا مَعًا مَثَلًا هَلْ يَكْفِي وَلِيمَةٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى الْوَلِيمَةِ، فَلْيَأْتِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالثَّالِثُ يَحْمِلُهُ عَلَى النَّدْبِ مُوَافَقَةً لِلْمُجَابِ إلَيْهِ، وَيَدْفَعُ ذَلِكَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ، وَتُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ إظْهَارُ النِّكَاحِ بِالدُّعَاءِ إلَى وَلِيمَتِهِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِحُضُورِ الْبَعْضِ أَمَّا الْإِجَابَةُ إلَيْهَا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا، فَوَاجِبَةٌ جَزْمًا وُجُوبَ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْمُرَادُ فِي الْأَحَادِيثِ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ لِأَنَّهَا الْمَعْهُودَةُ عِنْدَهُمْ، أَمَّا غَيْرُهَا كَوَلِيمَةِ الْوِلَادَةِ وَالْخِتَانِ فَمُسْتَحَبَّةٌ قَطْعًا، وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا مُسْتَحَبَّةٌ قَطْعًا وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ. (وَإِنَّمَا تَجِبُ) الْإِجَابَةُ (أَوْ تُسَنُّ) كَمَا تَقَدَّمَ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ) بِالدَّعْوَةِ فَإِنْ خَصَّهُمْ بِهَا انْتَفَى طَلَبُ الْإِجَابَةِ عَنْهُمْ حَتَّى يَدْعُوَ الْفُقَرَاءَ مَعَهُمْ (وَأَنْ يَدْعُوَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) أَيْ يَخُصُّهُ بِالدَّعْوَةِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمِرْسَالِهِ، فَإِنْ فَتَحَ دَارِهِ وَقَالَ لِيَحْضُرْ مَنْ شَاءَ أَوْ مَنْ شَاءَ فُلَانٌ، فَلَا تُطْلَبُ الْإِجَابَةُ هُنَا، وَقَوْلُهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَكْمَلَ الْمُرَادَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَقَدْ أَوْلَمَ) هُوَ دَلِيلُ الْفِعْلِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ. قَوْلُهُ: (بِحَيْسٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَآخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ تَمْرٌ وَسَمْنٌ وَأَقِطٌ مَخْلُوطَةٌ، وَقَدْ يُجْعَلُ بَدَلَ الْأَقِطِ دَقِيقٌ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تَتَقَيَّدُ بِقَدْرٍ مَخْصُوصٍ، فَتَحْصُلُ بِكُلِّ طَعَامٍ وَفَارَقَتْ الْعَقِيقَةَ بِالنَّصِّ فِيهَا عَلَى شَاتَيْنِ أَوْ شَاةٍ لَكِنَّ أَقَلَّ الْكَمَالِ هُنَا لِلتَّمَكُّنِ بِمَا فِي الْفِطْرَةِ شَاةٌ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ يَحْمِلُهُ عَلَى النَّدْبِ) قِيَاسًا عَلَى الْأُضْحِيَّةَ وَبَقِيَّةِ الْوَلَائِمِ. قَوْلُهُ: (لِلْمُجَابِ إلَيْهِ) وَهُوَ الْوَلِيمَةُ لِأَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ وَأُورِدَ عَلَيْهِ رَدُّ السَّلَامِ مَعَ ابْتِدَائِهِ وَإِنْظَارُ الْمُعْسِرِ مَعَ إبْرَائِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا نَقْضَ بِالْمُسْتَثْنَى أَنَّ مَا خَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَيُدْفَعُ ذَلِكَ) أَيْ حَمْلُهُ عَلَى النَّدْبِ. قَوْلُهُ: (يُدْعَى إلَخْ) حَالٌ مُقَيِّدَةٌ لِكَوْنِهَا شَرًّا، وَمَا قِيلَ إنَّ الْمُرَادَ التَّنْفِيرُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَغَيْرُ صَحِيحٍ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَمْ يُجِبْ إلَخْ) أَيْ إذَا خَلَتْ عَنْ ذَلِكَ الْقَيْدِ لَا مُطْلَقًا وَعَلَى هَذَا فَلَا إشْكَالَ وَلَا اعْتِرَاضَ، وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ مَعَ وَصْفِ الْوَلِيمَةِ بِكَوْنِهَا مِنْ الشَّرِّ، مِنْ أَبْعَدِ الْبَعِيدِ إذْ الشَّرُّ مِمَّا يُطْلَبُ الْبَعْدُ عَنْهُ فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ أَوْ يَجُوزُ الْحُضُورُ إلَيْهِ فَضْلًا عَنْ الْوُجُوبِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْمَعْهُودُ) فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهَا وَيُبْطِلُ هَذَا الْحَمْلَ حَدِيثُ «إذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ» كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد لَكِنَّهُمْ حَمَلُوهُ عَلَى النَّدْبِ فِي غَيْرِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ، لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ وَمِنْهُ طَلَبُ الْإِعْلَانِ فِي النِّكَاحِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ «أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ وَلَوْ فِي الْمَسَاجِدِ» لَكِنَّهُ ضَعَّفَهُ التِّرْمِذِيُّ. قَوْلُهُ: (أَمَّا غَيْرُهَا) وَمِنْهُ وَلِيمَةُ التَّسَرِّي. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ) أَخْذًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا تَجِبُ) أَيْ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ عَلَى الرَّاجِحِ وَفِي غَيْرِهَا عَلَى الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تُسَنُّ) عَلَى الرَّاجِحِ فِي غَيْرِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَفِيهَا عَلَى الْمَرْجُوحِ وَسَوَاءٌ فِي طَلَبِ الْحُضُورِ عَلَى الْوُجُوبِ وَغَيْرِهِ، الْحُرُّ وَلَوْ أُنْثَى بِإِذْنِ حَلِيلِهَا فِي دَعْوَةِ النِّسَاءِ كَمَا يَأْتِي وَالْمَحْجُورُ كَالرَّشِيدِ وَالرَّقِيقُ وَالْمُبَعَّضُ، وَهُوَ فِي نَوْبَتِهِ كَالْحُرِّ وَفِي غَيْرِهَا كَالْقِنِّ فَيَحْتَاجُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ، إلَّا إنْ كَانَ الْحُضُورُ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ الْكَسْبَ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ أَيْ بِشُرُوطٍ أَوْصَلَهَا بَعْضُهُمْ إلَى نَحْوِ عِشْرِينَ شَرْطًا أَوْ أَكْثَرَ وَسَتَأْتِي كُلُّهَا أَوْ غَالِبُهَا مِنْهَا إسْلَامُ دَاعٍ وَمَدْعُوٍّ فَلَا وُجُوبَ مَعَ كُفْرِ أَحَدِهِمَا مِنْ حَيْثُ الْمُطَالَبَةُ فِي الدُّنْيَا، وَإِنْ عُوقِبَ فِي الْآخِرَةِ بَلْ يُكْرَهُ حِينَئِذٍ إلَّا لِجِوَارٍ أَوْ رَجَاءَ إسْلَامٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ وَغَيْرُهَا لِأَنَّ مُخَالَطَتَهُمْ مَكْرُوهَةٌ، وَالْمَيْلُ إلَيْهِمْ حَرَامٌ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ بِالْمَدْعُوِّ مُطْلَقًا مُرَخِّصٌ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ، أَوْ الْجُمُعَةِ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي مُرَادُهُ الْمُبَاهَاةُ أَوْ فَاسِقًا أَوْ شِرِّيرًا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَظَالِمٍ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَتَعَدَّدَ الدَّاعِي فَإِنْ تَعَدَّدَ قُدِّمَ الْأَسْبَقُ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ رَحِمًا ثُمَّ دَارًا ثُمَّ يُقْرَعُ وُجُوبًا فِي ذَلِكَ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ، وَنَدْبًا فِي غَيْرِهَا وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ قَاضِيًا إلَّا فِي أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِمَا. وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ كُلَّ ذِي وِلَايَةٍ عَامَّةٍ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى مَحَلِّ الْوَلِيمَةِ، حَاجِبٌ يَتَوَقَّفُ الْمَدْعُوُّ فِي الدُّخُولِ عَلَى اسْتِئْذَانِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَعْتَذِرَ الْمَدْعُوُّ لِلدَّاعِي، وَيَقْبَلَ عُذْرَهُ وَمِنْهَا أَنْ لَا يُعَارِضَ الدَّعْوَةَ أَهَمُّ مِنْهَا كَصَلَاةِ جِنَازَةٍ وَأَدَاءِ شَهَادَةٍ وَمِنْهَا تَعْيِينُ الْمَدْعُوِّ إلَّا إنْ قَالَ لِيَحْضُرْ مَنْ شَاءَ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ خَلْوَةً. وَمِنْهَا مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ   [حاشية عميرة] وَاحِدَةٌ أَمْ تَتَعَدَّدُ أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهِنَّ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (وَاجِبَةٌ) هُوَ شَامِلٌ لِلْمُعْسِرِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ يَحْمِلُهُ عَلَى النَّدْبِ) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا، قَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَقِيَاسًا عَلَى الْأُضْحِيَّةِ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَوَجَبَتْ الشَّاةُ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا قُلْت وَفِي الْأَخِيرِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (مُوَافِقَةٌ لِلْمُجَابِ إلَيْهِ) يُرَدُّ بِرَدِّ السَّلَامِ. قَوْلُهُ: (يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ إلَخْ) هُوَ حَالٌ مُقَيَّدَةٌ بِسَبَبِهَا تَكُونُ الْوَلِيمَةُ شَرَّ الطَّعَامِ فَلَوْ دَعَا عَامًّا لَمْ تَكُنْ شَرًّا لَكِنَّ سِيَاقَ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ. لَا يَسْقُطُ الطَّلَبُ فَيُشْكَلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ إنَّ تَخْصِيصَ الْأَغْنِيَاءِ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ) أَيْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرُّ الطَّعَامِ الْحَدِيثُ وَانْظُرْ مَا سَلَفَ فِي الْحَاشِيَةِ السَّابِقَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 بِاشْتِرَاطِهِ بِقَوْلِهِ، (فَإِنْ أَوْلَمَ ثَلَاثَةً لَمْ تَجِبْ فِي الثَّانِي) قَطْعًا وَاسْتِحْبَابُهَا فِيهِ دُونَ اسْتِحْبَابِهَا فِي الْأَوَّلِ (وَتُكْرَهُ فِي الثَّالِثِ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوَلِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَقٌّ، وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ وَفِي الثَّالِثِ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ (وَأَنْ لَا يَحْضُرَهُ لِخَوْفٍ) مِنْهُ لَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ (أَوْ طَمَعٍ فِي جَاهِهِ) بَلْ يَكُونُ لِلتَّقَرُّبِ أَوْ التَّوَدُّدِ فَإِنْ أَحْضَرَهُ أَيْ دَعَاهُ لِلْخَوْفِ أَوْ الطَّمَعِ الْمَذْكُورَيْنِ انْتَفَى عَنْهُ طَلَبُ الْإِجَابَةِ. (وَأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ مَنْ يَتَأَذَّى) هُوَ (بِهِ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ) كَالْأَرَاذِلِ فَإِنْ كَانَ، فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي التَّخَلُّفِ (وَلَا مُنْكَرٌ) كَشُرْبِ خَمْرٍ وَضَرْبِ مَلَاهٍ،   [حاشية قليوبي] الْخَطِيبُ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَةُ فِي وَقْتِ طَلَبِ الْوَلِيمَةِ، وَأَوَّلُهُ وَقْتُ الْعَقْدِ فَهُوَ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ دَعَاهُ قَبْلَ الْعَقْدِ إذْ لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا كَمَا مَرَّ، كَذَا قِيلَ فَرَاجِعْهُ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْمَدْعُوُّ مِمَّنْ يُتَوَهَّمُ فِيهِ رِيبَةٌ كَأَمْرَدَ، وَكَذَا عَكْسُهُ وَمِنْهَا أَمْنُ الْخَلْوَةِ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَأَنْ يَأْذَنَ حَلِيلٌ وَهَذَا فِي غَيْرِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ، وَفِيهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مَدْعُوَّةً لِمَا مَرَّ أَنَّهَا لَا تُطْلَبُ مِنْهَا، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ فِي مَالِ الدَّاعِي حَرَامٌ يَقِينًا، وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ عَيْنُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ مَالِهِ وَمِنْهَا الْهَدَايَا لِخَوْفٍ أَوْ حَيَاءٍ لِأَنَّ لَهَا حُكْمَ الْغَصْبِ، وَإِنْ كَانَتْ كَرَاهَةُ الْمُعَامَلَةِ مُقَيَّدَةً بِالْكَثْرَةِ نَظَرًا لِلتَّخْفِيفِ فِيهَا وَمِنْهَا أَنْ لَا تَكُونَ الْوَلِيمَةُ مِنْ مَالٍ مَحْجُورٍ، وَلَوْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَلَا مِنْ مَالِ غَيْرِهِ، وَلَوْ وَلِيًّا إلَّا أَبًا وَجَدًّا وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْوَلِيمَةُ مِنْ مَالِ الدَّاعِي، أَوْ مِنْ مَالِ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِهِ وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ أَنْ لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ، وَإِنْ خَصَّ الْفُقَرَاءَ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ دَعْوَةُ أَهْلِ حِرْفَتِهِ فَقَطْ، مِنْ التَّخْصِيصِ وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ، فَإِنْ خَصَّ انْتَفَى طَلَبُ الْإِجَابَةِ إلَّا إنْ كَانَ تَخْصِيصُهُمْ لِقِلَّةِ مَا عِنْدَهُ مَثَلًا، وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ وَأَنْ يَدْعُوَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَيْ أَنْ يُخَصِّصَ الدَّعْوَةَ بِهِ، وَمِنْهَا كَوْنُ الدَّعْوَةِ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ كَأَسْأَلُكَ الْحُضُورَ أَوْ أُحِبُّ أَنْ تَحْضُرَ لَا إنْ شِئْت فَاحْضُرْ أَوْ جَمِّلْنَا بِحُضُورِك، بَلْ وَلَا تُسَنُّ فِي ذَلِكَ إلَّا إنْ ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ وَنَحْوِهِ فَتَجِبُ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا. قَوْلُهُ: (أَوْ بِمِرْسَالِهِ) أَيْ نَائِبِهِ الثِّقَةِ وَالْمُمَيَّزِ الْمَأْمُونِ أَوْ مَنْ اعْتَقَدَ الْمَدْعُوُّ صِدْقَهُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا تُطْلَبُ) بَلْ تُكْرَهُ إلَّا فِيمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَكْمَلَ الْمُرَادَ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ شَرْطٌ لِجَعْلِهِ الشَّرْطِيَّةَ فِيهِ لِلتَّخْصِيصِ بِالدَّعْوَةِ، فَعِلْمُ شَرْطِيَّةُ الْيَوْمِ إنَّمَا عُلِمَ مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ أَوْقَاتٍ إلَّا لِضِيقِ مَنْزِلٍ أَوْ لِتَعَدُّدِ مَدْعُوٍّ بِجِنْسٍ بَعْدَ جِنْسٍ. قَوْلُهُ: (دُونَ اسْتِحْبَابِهَا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِنَدْبِهِ أَوْ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ. قَوْلُهُ: (حَقٌّ) أَيْ مَطْلُوبَةٌ طَلَبًا مُؤَكَّدًا مِنْ فَاعِلِهَا وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقْصِدَ بِإِجَابَتِهِ الِاقْتِدَاءَ بِالسُّنَّةِ إقَامَةَ الْمَطْلُوبِ، وَإِكْرَامَ أَخِيهِ وَزِيَارَتَهُ لِيُثَابَ عَلَى ذَلِكَ، وَيَكُونَ مِنْ الْمُتَزَاوِرِينَ وَالْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ لَا قَضَاءَ شَهْوَةٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (رِيَاءً وَسُمْعَةً) أَيْ الْغَالِبُ ذَلِكَ فَإِنْ وُجِدَ حَقِيقَةً كَانَ حَرَامًا. قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَحْضُرَهُ) أَيْ وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ طَلَبُ حُضُورِهِ لِخَوْفٍ مِنْهُ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ أَوْ عِرْضٍ أَوْ لِطَمَعٍ فِي جَاهِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ حُضُورِ غَيْرِهِ، مِمَّنْ فِيهِ ذَلِكَ لِأَجْلِهِ بَلْ يَدْعُوهُ لِلتَّقَرُّبِ أَوْ الصَّلَاحِ أَوْ الْعِلْمِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ إلَخْ) أَيْ وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْحَاضِرِينَ فِي مَحَلِّ الدَّعْوَةِ أَحَدٌ يَتَأَذَّى الْمَدْعُوُّ بِهِ إذَا حَضَرَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا مَثَلًا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِخِلَافِ عَكْسِ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا وَمِنْهَا التَّأَذِّي بِزَحْمَةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَلَا عِبْرَةَ بِعَدَاوَةٍ بَيْنَ الدَّاعِي وَالْمَدْعُوِّ فَلَا يَسْقُطُ بِهَا الطَّلَبُ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَا يَلِيقُ إلَخْ) أَيْ وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْحَاضِرِينَ فِي مَحَلِّ الدَّعْوَةِ أَحَدٌ لَا يَلِيقُ بِالْمَدْعُوِّ مُجَالَسَتُهُ عُرْفًا وَفِي عَكْسِهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَالْأَرَاذِلِ) أَيْ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا أَمَّا فِي الدِّينِ فَتَحْرُمُ مُجَالَسَتُهُمْ. قَوْلُهُ: (وَلَا مُنْكَرٌ) أَيْ وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُحَرَّمٌ عِنْدَ الْمَدْعُوِّ مِنْ حَيْثُ سُقُوطُ الْإِجَابَةِ، وَعِنْدَهُ وَعِنْدَ فَاعِلِهِ مِنْ حَيْثُ حُرْمَةُ الْحُضُورِ كَمَا سَيَأْتِي، قَالَ شَيْخُنَا وَمِنْ الْمُنْكَرِ اطِّلَاعُ النِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ كُوَّةٍ وَاخْتِلَاطُهُمْ بِهِنَّ وَمِنْهُ مُضْحِكٌ لِلنَّاسِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَدْعُوَهُ) يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ بَابَهُ، وَقَالَ لِيَحْضُرْ مَنْ شَاءَ فَلَا وُجُوبَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا عَدَمُ السُّنِّيَّةِ فَمَحَلُّ نَظَرٍ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُهَا أَيْضًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ. هَذِهِ الْحَاشِيَةَ سَطَّرْتهَا قَبْلَ النَّظَرِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، ثُمَّ رَأَيْته صَرَّحَ بِحَاصِلِهَا وَأَشَارَ إلَى اسْتِفَادَةِ ذَلِكَ مِنْ الْمَتْنِ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ فَتَحَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَقَوْلُهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ إلَخْ) . مُرَادُ الشَّارِحِ مِنْ هَذَا أَنَّ عِبَارَةَ الْمَتْنِ أَوَّلًا لَمَّا كَانَتْ تَقْتَضِي عَدَمَ الِاسْتِحْبَابِ حَقًّا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَكْمَلَ مُرَادَهُ بِمَا يَدْفَعُ ذَلِكَ حَيْثُ اقْتَصَرَ فِي كَلَامِهِ الْآتِي عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَجِبْ فِي الثَّانِي) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ الْوُجُوبَ عَلَى مَنْ لَمْ يُدْعَ فِي الْأَوَّلِ لِعُذْرٍ ثُمَّ دُعِيَ فِي الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَاسْتِحْبَابُهَا فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ لَا تُفِيدُ الِاسْتِحْبَابَ. قَوْلُهُ: (وَلَا مُنْكَرٍ) مِنْهُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يُضْحِكُ النَّاسَ بِالْفُحْشِ وَالْكَذِبِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَمِنْ الْمَوَانِعِ أَنْ يَكُونَ الْمُولِمُ مُتَكَلِّفًا طَلَبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ اهـ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا لَمْ يُشَاهِدْ الْمَلَاهِيَ لَمْ يَضُرَّهُ سَمَاعُهَا كَاَلَّذِي بِجَوَازِهِ وَكَذَا قَيَّدَ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ عَدَمَ الْوُجُوبِ، بِأَنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 وَاسْتِعْمَالِ أَوَانِي الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ (فَإِنْ كَانَ يَزُولُ بِحُضُورِهِ فَلْيَحْضُرْ) إجَابَةً لِلدَّعْوَةِ، وَإِزَالَةً لِلْمُنْكَرِ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ بِحُضُورِهِ حَرُمَ الْحُضُورُ، لِأَنَّهُ كَالرِّضَا بِالْمُنْكَرِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى حَضَرَ نَهَاهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا وَجَبَ الْخُرُوجُ إلَّا إذَا خَافَ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ بِاللَّيْلِ، فَيَقْعُدُ كَارِهًا وَلَا يَسْتَمِعُ وَلَوْ كَانَ الْمُنْكَرُ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ حَرُمَ الْحُضُورُ عَلَى مُعْتَقِدِ تَحْرِيمِهِ (وَمِنْ الْمُنْكَرِ فِرَاشُ حَرِيرٍ وَصُورَةُ حَيَوَانٍ) مَنْقُوشَةٌ (عَلَى سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ وِسَادَةٍ) مَنْصُوبَةٍ (أَوْ سِتْرٍ) مُعَلَّقٍ (أَوْ ثَوْبٍ مَلْبُوسٍ وَيَجُوزُ مَا عَلَى أَرْضٍ وَبِسَاطٍ) ، يُدَاسُ (وَمِخَدَّةٍ) يُتَّكَأُ عَلَيْهَا (وَمَقْطُوعُ الرَّأْسِ وَصُوَرُ شَجَرٍ) ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا يُوطَأُ وَيُطْرَحُ مُهَانٌ مُبْتَذَلٌ، وَالْمَنْصُوبُ مُرْتَفِعٌ يُشْبِهُ الْأَصْنَامَ (وَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ) عَلَى الْحِيطَانِ وَالسُّقُوفِ وَكَذَا عَلَى الْأَرْضِ، وَفِي نَسْجِ الثِّيَابِ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ» . (وَلَا تَسْقُطُ إجَابَةٌ بِصَوْمٍ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيُجِبْ» .   [حاشية قليوبي] بِفُحْشٍ أَوْ كَذِبٍ. قَوْلُهُ: (وَضَرْبُ مَلَاهٍ) أَيْ بِحَيْثُ يُسْمَعُ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْحُضُورِ لَكِنَّهُ فِي دَارِ الدَّاعِي لَا بِجِوَارِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ إلَّا إنْ كَانَ لِأَجْلِهِ كَضِيقِ مَحَلِّهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَلْيَحْضُرْ) أَيْ وُجُوبًا وَلَوْ فِي غَيْرِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ مِنْ حَيْثُ إزَالَةُ الْمُنْكَرِ، وَإِنْ نُدِبَ مِنْ حَيْثُ الْإِجَابَةُ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ الْحُضُورُ) أَيْ الْجُلُوسُ فِي مَحَلِّهِ وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ لَا الْمُرُورُ بِهِ. نَعَمْ يَحْرُمُ فِيهِمَا إنْ رَضِيَ بِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْتَمِعُ) أَيْ لَا يَقْصِدُ السَّمَاعَ. قَوْلُهُ: (حَرَامٌ) عَلَى مُعْتَمَدِ حُرْمَةِ الْحُضُورِ إنْ كَانَ الْفَاعِلُ يَعْتَقِدُ الْحُرْمَةَ أَيْضًا، فَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ الْفَاعِلُ الْحُرْمَةَ جَازَ لِمُعْتَقِدِ الْحُرْمَةِ الْحُضُورُ لَكِنْ يَسْقُطُ عَنْهُ وُجُوبُهُ وَهَذَا عَلَى وِزَانِ الْإِنْكَارِ كَمَا فِي السَّيْرِ وَشَيْخُنَا وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ تَبَعًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمُنْكَرِ فِرَاشُ الْحَرِيرِ) لِلرِّجَالِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمَتَى جَلَسَ شُهُودُ النِّكَاحِ عَلَى الْحَرِيرِ فُسِّقُوا، وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِهِمْ وَأَمَّا سَتْرُ الْجُدَرَانِ بِهِ وَنَصْبُهُ وَفَرْشُ جُلُودِ النُّمُورِ، فَحَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْمُزَرْكَشُ بِالنَّقْدِ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُ نَحْوُ الْمَغْصُوبِ، وَخَرَجَ بِالْفُرُشِ وَمَا مَعَهُ بَسْطُهُ عَلَى الْأَرْضِ يُدَاسُ، وَرَفْعُهُ عَلَى عُودٍ أَوْ فَوْقَ حَائِطٍ مَثَلًا فَلَا حُرْمَةَ. فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَا يَقَعُ فِي مِصْرَ مِنْ الزِّينَةِ بِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهِ وَالْمُرُورُ عَلَيْهِ إلَّا لِحَاجَةٍ مَعَ الْإِنْكَارِ وَيَحْرُمُ فِعْلُهُ إلَّا الْقَدْرَ الَّذِي يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ عَلَيْهِ، وَنَازَعَهُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَصُورَةُ حَيَوَانٍ) أَيْ وَمِنْ الْمُنْكَرِ ذَلِكَ وَلَوْ لِمَا لَا نَظِيرَ لَهُ كَبَقَرٍ لَهُ مِنْقَارٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ ثَوْبٌ مَلْبُوسٌ) قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ الْمُرَادُ بِهِ الْمَلْبُوسُ بِالْقُوَّةِ أَعْنِي مَا شَأْنُهُ أَنْ يُلْبَسَ، وَمِنْهُ الْمَوْضُوعُ عَلَى الْأَرْضِ لَا لِيُدَاسَ ثُمَّ قَالَا وَيَجُوزُ لُبْسُ مَا عَلَيْهِ صُورَةُ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ وَدَرْسُهُ وَوَضْعُهُ فِي صُنْدُوقِ أَوْ مُغَطًّى فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ مَا عَلَى أَرْضٍ وَبِسَاطٍ) وَطَبَقٍ وَخِوَانٍ وَقَصْعَةٍ لَا نَحْوِ إبْرِيقٍ. قَوْلُهُ: (وَمَقْطُوعُ الرَّأْسِ) وَكَذَا كُلُّ حَالَةٍ لَا يَعِيشُ مَعَهَا كَتَخَرُّقِ بَطْنٍ وَلَا يَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ) وَلَوْ عَلَى هَيْئَةٍ لَا يَعِيشُ مَعَهَا مَا لَا نَظِيرَ لَهُ كَمَا مَرَّ أَوْ مِنْ طِينٍ أَوْ مِنْ حَلَاوَةٍ، وَيَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَا يَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهَا وَلَا اسْتِدَامَتُهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي الْأَخِيرِينَ فَحَرَّمَهُمَا، وَيُسْتَثْنَى «لِعَبَّ الْبَنَاتِ لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ تَلْعَبُ بِهَا عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَحِكْمَتُهُ تَدْرِيبُهُنَّ عَلَى أَمْرِ التَّرْبِيَةِ، وَخَرَجَ بِالْحَيَوَانِ نَحْوُ شَجَرٍ وَقَمَرٍ وَشَمْسٍ، فَلَا يَحْرُمُ فِيهَا شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَشَدُّ النَّاسِ) أَيْ مِنْ أَشَدِّهِمْ وَفِي رِوَايَةٍ «إنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ. وَلَا صُورَةٌ» وَالْمُرَادُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ نَحْوِ «الْجَرَسِ وَمَا فِيهِ بَوْلٌ مَنْقُوعٌ» . . قَوْلُهُ: (وَلَا تَسْقُطُ إجَابَتُهُ بِصَوْمٍ) إلَّا فِي رَمَضَانَ قَبْلَ الْغُرُوبِ إذَا كَانَ الْحَاضِرُونَ كُلُّهُمْ صِيَامًا وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ إنِّي صَائِمٌ إذَا سَلِمَ مِنْ الرِّيَاءِ. قَوْلُهُ: (فَلْيُجِبْ) وَتَمَامُ الرِّوَايَةِ «فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» أَيْ فَلْيَدْعُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ «فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ وَيَطْعَمْ» بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ أَيْ يَأْكُلُ.   [حاشية عميرة] يَكُونَ الْمُنْكَرُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجْلِسُونَ فِيهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَاسْتِعْمَالُ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يَقْتَضِي أَنَّ وُجُودَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ لَيْسَ عُذْرًا فِي التَّخَلُّفِ، لَكِنَّ الزَّرْكَشِيَّ بَحَثَ إلْحَاقَ ثِيَابِ الْحَرِيرِ غَيْرِ الْمَلْبُوسَةِ بِالْمَلْبُوسَةِ فِي كَوْنِهَا مُنْكَرًا وَقِيَاسُهُ فِي الْأَوَانِي كَذَلِكَ وَأَوْلَى قَوْلُهُ: (فِرَاشُ حَرِيرٍ) هَذَا لَا يَتَنَاوَلُ نَصْبَهُ عَلَى الْجِدَارِ مَعَ أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (مَنْصُوبَةٌ) أَيْ بِقَرِينَةِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ كَمَا قَيَّدَ الْمِخَدَّةَ بِقَرِينَةِ مَا عُطِفَتْ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ مَا عَلَى أَرْضٍ) أَيْ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِامْتِهَانِهِ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ، وَأَمَّا التَّصْوِيرُ فَحَرَامٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَغَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَلَك أَنْ تَقُولَ قَضِيَّةُ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ مُمْتَهَنِهِ جَوَازُ التَّصْوِيرِ لِهَذَا الْغَرَضِ كَنَسْخِ الْحَرِيرِ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَلَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ يَأْبَاهُ عَلَى أَنَّهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ نَقَلَ عَنْ الزُّهْرِيِّ تَحْرِيمَ الِاسْتِعْمَالِ فِي الْمُمْتَهَنِ أَيْضًا وَقَالَ إنَّهُ مَذْهَبٌ قَوِيٌّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَيُجَابُ عَنْ قَطْعِ السِّتْرِ وِسَادَتَيْنِ بِأَنَّ الْقَطْعَ ذَهَبَ بِهِ صُورَةُ التَّمَاثِيلِ انْتَهَى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 (فَإِنْ شَقَّ عَلَى الدَّاعِي صَوْمُ نَفْلٍ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ) مِنْ إتْمَامِ الصَّوْمِ، وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ، فَإِتْمَامُهُ أَفْضَلُ أَمَّا صَوْمُ الْفَرْضِ، فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ مُضَيِّقًا كَانَ أَوْ مُوَسِّعًا كَالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُفْطِرِ الْأَكْلُ وَقِيلَ يَجِبُ وَأَقَلُّهُ لُقْمَةٌ. (وَيَأْكُلُ الضَّيْفُ مِمَّا قُدِّمَ لَهُ بِلَا لَفْظٍ) ، مِنْ الْمُضِيفِ اكْتِفَاءً بِقَرِينَةِ التَّقْدِيمِ نَعَمْ إنْ كَانَ يَنْتَظِرُ حُضُورَ غَيْرِهِ، فَلَا يَأْكُلُ حَتَّى يَحْضُرَ أَوْ يَأْذَنَ الْمُضِيفُ لَفْظًا (وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إلَّا بِأَكْلٍ) فَلَا يُطْعِمُ مِنْهُ السَّائِلَ وَالْهِرَّةَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُلْقِمَ مِنْهُ غَيْرَهُ مِنْ الْأَضْيَافِ (وَلَهُ أَخْذُ مَا يَعْلَمُ رِضَاهُ بِهِ) فَإِنْ شَكَّ حَرُمَ الْأَخْذُ. (وَيَحِلُّ نَثْرُ سُكَّرٍ وَغَيْرِهِ) ، كَاللَّوْزِ وَالْجَوْزِ وَالتَّمْرِ (فِي الْإِمْلَاكِ) عَلَى الْمَرْأَةِ لِلنِّكَاحِ وَفِي الْخِتَانِ (وَلَا يُكْرَهُ فِي الْأَصَحِّ) لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ لِلدَّنَاءَةِ فِي الْتِقَاطِهِ بِالِانْتِهَابِ، وَقَدْ يَأْخُذُهُ مَنْ غَيْرُهُ أَحَبُّ إلَى صَاحِبِ النِّثَارِ (وَيَحِلُّ الْتِقَاطُهُ وَتَرْكُهُ أَوْلَى) ، كَالنَّثْرِ إلَّا إذَا عُرِفَ أَنَّ النَّاثِرَ لَا يُؤْثِرُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُفْطِرِ الْأَكْلُ) إنْ لَمْ يَكُنْ شُبْهَةً وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَمْرُ فِي الْحَدِيثِ لِلنَّدْبِ. قَوْلُهُ: (وَيَأْكُلُ الضَّيْفُ) أَيْ مُرَاعِيًا الْقَرَائِنَ الْقَوِيَّةَ وَالْعُرْفَ الْمُطَّرِدَ وُجُوبًا فَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى الشِّبَعِ الْعُرْفِيِّ، وَإِنْ لَمْ تَضُرَّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ رِضَاهُ، وَيَضْمَنُهَا كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَحْرُمُ أَكْلُ لُقَمٍ كِبَارٍ وَسُرْعَةُ ابْتِلَاعٍ خُصُوصًا إنْ قَلَّ الطَّعَامُ أَوْ لَزِمَ حِرْمَانُ غَيْرِهِ، وَيَحْرُمُ عَدَمُ النَّصَفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ كَجَمْعِ تَمْرَتَيْنِ أَوْ زِيَادَةٍ عَلَى مَا يَخُصُّهَا، أَوْ مَا يُمَاثِلُهُمْ فِيهِ لَوْ كَانَ أَكُولًا أَوْ مَا لَا يُعْلَمُ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الشِّبَعِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَتَحْرُمُ إنْ حَصَلَ بِهَا ضَرَرٌ وَالْمُرَادُ بِالضَّيْفِ هُنَا مَنْ حَضَرَ طَعَامَ غَيْرِهِ، بِدَعْوَتِهِ وَلَوْ عُمُومًا أَوْ يَعْلَمُ رِضَاهُ وَأَصْلُ الضَّيْفِ النَّازِلُ بِغَيْرِهِ لِطَلَبِ الْإِكْرَامِ سُمِّيَ بِاسْمِ مَلَكٍ، يَأْتِي بِرِزْقِهِ لِأَهْلِ الْمَنْزِلِ قَبْلَ مَجِيئِهِ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيُنَادِي فِيهِمْ هَذَا رِزْقُ فُلَانٍ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ مَأْخُوذٌ مِنْ الضِّيَافَةِ وَهِيَ الْإِكْرَامُ وَضِدُّهُ الطُّفَيْلِيُّ، مَأْخُوذٌ مِنْ التَّطَفُّلِ وَهُوَ حُضُورُ طَعَامِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ، وَبِغَيْرِ عِلْمِ رِضَاهُ، فَهُوَ حَرَامٌ فَلَوْ دَعَا عَالِمًا أَوْ صُوفِيًّا فَحَضَرَ بِجَمَاعَتِهِ حَرُمَ حُضُورُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ رِضَا الْمَالِك بِهِ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (مِمَّا قُدِّمَ لَهُ) فَلَا يَأْكُلُ الْجَمِيعَ إلَّا إنْ جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ أَوْ عُلِمَ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ، وَيُنْدَبُ التَّبَسُّطُ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَكَلُّفٌ وَإِلَّا حَرُمَ مَعَ الْعَجْزِ وَكُرِهَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَلَا يَحْرُمُ الْغُلُوُّ فِي صَنْعَتِهِ مُطْلَقًا وَيَمْلِكُهُ بِوَضْعِهِ فِي الْفَمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيُتِمُّ مِلْكَهُ بِالِازْدِرَادِ. فَلَوْ عَادَ قَبْلَهُ رَجَعَ لِمَالِكِهِ. نَعَمْ مَا يَقَعُ مِنْ تَفْرِقَةِ نَحْوِ لَحْمٍ عَلَى الْأَضْيَافِ يَمْلِكُهُ مِلْكًا تَامًّا بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَكَذَا الضِّيَافَةُ الْمَشْرُوطَةُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ يَمْلِكُهَا بِوَضْعِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَهُ الِارْتِحَالُ بِهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا بِمَا شَاءَ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَالَ شَيْخُنَا وَكَذَا لَوْ فَعَلَ الضَّيْفُ لَهُ فِعْلًا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ. قَوْلُهُ: (يَنْتَظِرُ حُضُورَ غَيْرِهِ) أَوْ تَمَامَ سِمَاطٍ فِيمَا قَدِمَ، أَوْ مَجِيءَ نَوْعٍ مِنْ الْأَطْعِمَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَا يَأْكُلُ إلَّا بِإِذْنِ الْمُضِيفِ وَلَوْ بِنَائِبِهِ فِي ذَلِكَ إمَّا لَفْظًا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَإِشَارَةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَصَرَّفُ) أَيْ لَا يَجُوزُ فَيَحْرُمُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَطْعَمُ إلَخْ) أَيْ إلَّا إنْ عَلِمَ الرِّضَا بِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَنْ يُلْقِمَ مِنْهُ غَيْرَهُ مِنْ الْأَضْيَافِ) إنْ لَمْ يُعْلَمْ تَخْصِيصٌ مِنْ الْمَالِكِ بِنَوْعٍ وَلَوْ سَافِلًا فَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ خُصِّصَ بِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ غَيْرَهُ، مِنْهُ مُطْلَقًا أَوْ قَبْلَ كِفَايَتِهِ مَثَلًا وَمِنْهُ تَنَاقُلُ الْأَوَانِي بِالْأَطْعِمَةِ، وَلَوْ انْكَسَرَتْ ضَمِنُوهَا لِأَنَّهَا عَارِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَخْذُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُ الضَّمَائِرِ لِلضَّيْفِ وَالْمُضِيفِ لَهُ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا الْحُكْمُ بِهِمَا بَلْ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا نَقْدًا أَوْ مَطْعُومًا أَوْ غَيْرَهُمَا مَا يَظُنُّ رِضَاهُ بِهِ وَلَوْ بِقَرِينَةٍ قَوِيَّةٍ فَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالشَّكِّ، وَقَدْ يَظُنُّ الرِّضَا لِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ، وَفِي نَوْعٍ أَوْ وَقْتٍ أَوْ مَكَان دُونَ آخَرَ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَيَتَقَيَّدُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَأْخُوذِ بِمَا يُظَنُّ جَوَازُهُ فِيهِ مِنْ مَالِكِهِ مِنْ أَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ هُنَا مِمَّا يُخَالِفُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مُؤَوَّلٌ عَلَى هَذَا، أَوْ غَيْرُ مُرَادٍ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ. فَرْعٌ: لَا يَضْمَنُ الضَّيْفُ مَا قُدِّمَ لَهُ مِنْ طَعَامٍ وَإِنَائِهِ، وَحَصِيرٍ يَجْلِسُ عَلَيْهِ، وَنَحْوِهِ سَوَاءٌ قَبْلَ الْأَكْلِ وَبَعْدَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ نَحْوِ هِرَّةٍ عَنْهُ، وَيَضْمَنُ إنَاءً حَمَلَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ وَيَبْرَأُ بِعَوْدِهِ مَكَانَهُ. . قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ نَثْرُ سُكَّرٍ) وَالتَّمْرِ بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ الْمُثَلَّثَةِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (فِي الْإِمْلَاكِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهِيَ وَلِيمَةُ عَقْدِ النِّكَاحِ كَمَا تَقَدَّمَ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّهُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ يُسْتَحَبُّ وَقِيلَ يَجِبُ. قَوْلُهُ: (مِمَّا قُدِّمَ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسِّفْلَةِ إذَا قُدِّمَ لَهُمْ نَوْعٌ أَنْ يَتَجَاوَزُوهُ إلَى مَا قُدِّمَ لِغَيْرِهِمْ، مِنْ الْأَمَاثِلِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى الشِّبَعِ وَلَوْ زَادَ لَمْ يَضْمَنْ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى الشِّبَعِ إلَّا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مُؤْذٍ لِمِزَاجِهِ مُضَيِّعٌ لِمَا أَفْسَدَهُ مِنْ الطَّعَامِ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَأْذَنُ الْمُضِيفُ لَفْظًا) . مِثْلُهُ الْإِشَارَةُ فَالْمُرَادُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِقَرِينَةِ التَّقْدِيمِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ بِالرَّاجِحِ مِنْ أَنَّهُ بِالِازْدِرَادِ يَتَبَيَّنُ الْمِلْكُ قَبْلَهُ قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ أَنْ يُلْقِمَ مِنْهُ غَيْرَهُ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مَا إذَا فَاوَتَ بَيْنَهُمْ فِي الطَّعَامِ. قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُهُ) أَيْ بِخِلَافِ طَعَامِ الْوَلِيمَةِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِازْدِرَادِهِ عَلَى مَا رَجَحَ مِنْ الْأَوْجُهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) بِخِلَافِ الْمُتَحَجِّرِ إذَا أَحْيَاهُ غَيْرُهُ وَالْآخِذُ مُتَصَرِّفٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ اهـ يُرِيدُ مِلْكَ النَّاثِرِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَقَطَ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَبْسُطْ حِجْرَهُ لَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 بَعْضَهُمْ بَعْضٍ، وَلَمْ يَقْدَحْ الِالْتِقَاطُ فِي مُرُوءَةِ الْمُلْتَقِطِ فَلَا يَكُونُ التَّرْكُ أَوْلَى، وَلَا يَخْفَى كَرَاهَةُ الِالْتِقَاطِ تَفْرِيعًا عَلَى كَرَاهَةِ النَّثْرِ، وَيُكْرَهُ أَخْذُ النِّثَارِ مِنْ الْهَوَاءِ بِإِزَارٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَخَذَهُ كَذَلِكَ أَوْ الْتَقَطَهُ أَوْ وَقَعَ فِي حِجْرِهِ بَعْدَ بَسْطِهِ لَهُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ وَيَمْلِكُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْسُطْ حِجْرَهُ لَهُ لَا يَمْلِكُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ تَمَلُّكِهِ، وَلَا فِعْلٌ نَعَمْ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَلَوْ سَقَطَ مِنْ حِجْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْصِدَ أَخْذَهُ أَوْ قَامَ، فَسَقَطَ بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ، وَلَوْ نَفَضَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ. . كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ بِفَتْحِ الْقَافِ (يَخْتَصُّ الْقَسْمُ بِزَوْجَاتٍ) ، لَا يَتَجَاوَزُهُنَّ إلَى الْإِمَاءِ فَلَا حَقَّ لَهُنَّ فِيهِ، وَإِنْ كُنَّ مُسْتَوْلَدَاتٍ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] أَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْعَدْلُ الَّذِي هُوَ فَائِدَةُ الْقَسْمِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ، فَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ فِيهِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ كَيْ لَا يَحْقِدَ بَعْضُ الْإِمَاءِ عَلَى بَعْضٍ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْقَسْمِ لِلزَّوْجَاتِ وَالْأَصْلُ فِيهِ اللَّيْلُ كَمَا سَيَأْتِي أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهُنَّ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ حَقُّهُ، فَلَهُ تَرْكُهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ مِمَّا تَضَمَّنَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ (وَمَنْ بَاتَ عِنْدَ بَعْضِ نِسْوَتِهِ لَزِمَهُ) أَنْ يَبِيتَ (عِنْدَ مَنْ بَقِيَ) مِنْهُنَّ فَيَعْصِي بِتَرْكِهِ تَسْوِيَةً بَيْنَهُنَّ سَوَاءٌ بَاتَ عِنْدَ الْبَعْضِ بِقُرْعَةٍ أَمْ لَا، وَسَيَأْتِي وُجُوبُهَا لِذَلِكَ، وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ. (وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهُنَّ أَوْ عَنْ الْوَاحِدَةِ) الَّتِي لَيْسَ تَحْتَهُ غَيْرُهَا، فَلَمْ يَبِتْ عِنْدَهُنَّ وَلَا عِنْدَهَا (لَمْ يَأْثَمْ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا لَوْ أَعْرَضَ عَنْهُنَّ بَعْدَ الْقَسْمِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُنَّ مُدَّةً جَازَ. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَعْضُلَهُنَّ) بِأَنْ يَبِيتَ عِنْدَهُنَّ وَيُحْصِنَهُنَّ، وَكَذَا الْوَاحِدَةُ وَأَدْنَى دَرَجَاتِهَا أَنْ لَا يُخَلِّيَهَا كُلَّ أَرْبَعِ لَيَالٍ عَنْ لَيْلَةٍ اعْتِبَارًا بِمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ. (وَيَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ مَرِيضَةٌ وَرَتْقَاءُ) وَقَرْنَاءُ (وَحَائِضَ وَنُفَسَاءُ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْأُنْسُ لَا الْوَطْءُ (لَا نَاشِزَةٌ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَفِي الْخِتَانِ) وَكَذَا فِي سَائِرِ الْوَلَائِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ) بِشَرْطِهِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (بِالِانْتِهَابِ) وَالنَّثْرُ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ النَّهْبِ فَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى طَعَامِ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَأْخُذُهُ مَنْ غَيْرُهُ أَحَبُّ) مَنْ فَاعِلُ يَأْخُذُ وَغَيْرُ مُبْتَدَأٌ وَأَحَبُّ خَبَرُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَكُونُ التَّرْكُ) أَيْ لِلنَّثْرِ وَالِالْتِقَاطِ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُهُ) أَيْ اللَّاقِطُ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا وَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِسُقُوطِهِ مِنْهُ فَيَجِبُ عَلَى آخِذِهِ رَدُّهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ تَمَلُّكٍ وَلَا فِعْلٍ) وَمِنْهُ مَا لَوْ عَشَّشَ طَائِرٌ فِي مِلْكِهِ أَوْ دَخَلَ سَمَكٌ فِي حَوْضِهِ، أَوْ وَقَعَ ثَلْجٌ فِي أَرْضِهٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَا يَمْلِكُهُ وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهُ، وَيَمْلِكُهُ الْآخِذُ فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّمَلُّكَ لِمَا يُوجَدُ فِيهِ، أَوْ فَعَلَ مَا يَدُلُّ عَلَى قَصْدِ التَّمَلُّكِ كَتَوَحُّلِ الْأَرْضِ لَهُ مَلَكَهُ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ، وَلَا يَمْلِكُهُ الْآخِذُ وَيَجِبُ رَدُّهُ كَمَا يَأْتِي فِي الصَّيْدِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَمْلِكْهُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ) فَلَيْسَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَمَنْ أَخَذَهُ مَلَكَهُ بِلَا خِلَافٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ ذَكَرَ الْقَسْمَ عَقِبَ الْوَلِيمَةِ نَظَرًا إلَى الْمُتَعَارَفِ مِنْ فِعْلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَهُوَ عَقِبَهَا وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرَهَا عَنْهُ كَمَا مَرَّ، وَعَقَّبَهُ بِالنُّشُوزِ لِأَنَّهُ يَقَعُ بَعْدَهُ غَالِبًا وَجَمَعَهُمَا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ أَحَدِهِمَا وُجُودُ الْآخَرِ، وَعَكْسُهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يُنْسَخْ وُجُوبُ الْقَسْمِ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِيهِ وَفِي عَدَدِ الطَّلَاقِ، وَفِي مَنْعِ تَزَوُّجِهِ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ وَتَحْرِيمِ جَمْعِهِ بَيْنَ نَحْوِ الْأُخْتَيْنِ وَفِي مَنْعِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ بَعْدَ مَنْ كَانَ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْقَافِ) أَيْ مَعَ سُكُونِ السِّينِ بِمَعْنَى الْعَدْلِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ أَوْ مُطْلَقًا، وَمَعَ فَتْحِهَا بِمَعْنَى الْيَمِينِ وَبِكَسْرِ الْقَافِ مَعَ سُكُونِ السِّينِ بِمَعْنَى النَّصِيبِ، وَمَعَ فَتْحِهَا جَمْعُ قِسْمَةٍ وَاسْتُغْنِيَ عَنْ ضَبْطِ السِّينِ بِذِكْرِهِ مَعَ النُّشُوزِ الَّذِي هُوَ شَرْعًا الْخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ الزَّوْجِ لَا عَكْسُهُ، وَهُوَ لُغَةً الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ مُطْلَقًا. فَائِدَةٌ: حُقُوقُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا طَاعَتُهُ وَمُلَازَمَةُ الْمَسْكَنِ، وَحُقُوقُهَا عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَالْقَسْمُ وَالنَّفَقَةُ وَنَحْوُهَا، وَأَمَّا الْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوفِ فَهِيَ حَقٌّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (بِزَوْجَاتٍ) دُخُولُ الْبَاءِ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ فِي حَيِّزِ الِاخْتِصَاصِ، وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ عَلَى الْأَصْلِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِالتَّمْيِيزِ، وَنَحْوِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ غَفْلَةٌ عَنْ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ وَدَخَلَ فِي الزَّوْجَاتِ مَا لَوْ كُنَّ إمَاءً أَوْ كِتَابِيَّاتٍ أَوْ بِهِنَّ عَيْبٌ كَرَتَقٍ، وَبَرَصٍ أَوْ حَرُمَ وَطْؤُهُنَّ لِنَحْوِ حَيْضٍ أَوْ إحْرَامٍ. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا تَعْدِلُوا) أَيْ فِي الْوَاجِبِ فَلَا يَتَعَارَضُ مَعَ آيَةِ، وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا لِأَنَّهُ فِي الْمَنْدُوبِ أَوْ الْأَعَمِّ أَوْ الْآيَةُ الْأُولَى فِي الْقَسْمِ الْحِسِّيِّ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَالثَّانِيَةُ فِي الْمَعْنَوِيِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالْقَلْبِ كَالْمَحَبَّةِ وَعَلَيْهِ حَدِيثُ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تُؤَاخِذْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ. قَوْلُهُ: (أَشْعَرَ) إشْعَارَ دَلَالَةٍ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَصَالَةً. قَوْلُهُ: (أَنْ يَبِيتَ) أَيْ يَصِيرَ وَلَوْ نَهَارًا وَلَوْ فِي السَّفَرِ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَالْمُرَادُ وُجُودُهُ فِي الْمَسْكَنِ، وَلَوْ بِلَا مُضَاجَعَةٍ وَلَا نَوْمٍ وَكَذَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) أَيْ فَوْرًا وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ حَتَّى يَتِمَّ الدَّوْرُ.   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ] ِ قَوْلُهُ: (وَالنُّشُوزُ) أَيْ الِارْتِفَاعُ وَالِامْتِنَاعُ عَنْ الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (بِزَوْجَاتٍ) تُسْتَثْنَى الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ. قَوْلُهُ: (إلَى الْإِمَاءِ) أَيْ الْمَمْلُوكَاتِ قَوْلُهُ: (أَشْعَرَ ذَلِكَ إلَخْ) كَانَ مُرَادُهُ بِالْأَشْعَارِ عَدَمَ التَّصْرِيحِ بِالْحُكْمِ، وَإِلَّا فَالْآيَةُ مُفِيدَة لِذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ تَرْكُهُ) أَيْ كَسُكْنَى الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ. قَوْلُهُ: (مَا يَضْمَنُهُ) أَيْ وَهُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْبَيَاتِ إذَا فَعَلَهُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَاتَ) رُبَّمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 أَيْ خَارِجَةٌ عَنْ طَاعَةِ الزَّوْجِ، كَأَنْ خَرَجَتْ مِنْ مَسْكَنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، أَوْ لَمْ تَفْتَحْ لَهُ الْبَابَ لِيَدْخُلَ، أَوْ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْهَا فَإِنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ، وَإِذَا عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ لَا تَسْتَحِقُّ الْقَضَاءَ. وَالْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الْقَسْمُ كُلُّ زَوْجٍ عَاقِلٍ بَالِغًا كَانَ أَوْ مُرَاهِقًا رَشِيدًا أَوْ سَفِيهًا فَإِنْ وَقَعَ جَوْرٌ مِنْ الْمُرَاهِقِ، فَالْإِثْمُ عَلَى وَلِيِّهِ بِخِلَافِ السَّفِيهِ، فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ. (فَإِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِمَسْكَنٍ دَارَ عَلَيْهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ وَإِنْ انْفَرَدَ) بِمَسْكَنٍ (فَالْأَفْضَلُ الْمُضِيُّ إلَيْهِنَّ) صَوْنًا لَهُنَّ عَنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسَاكِنِ (وَلَهُ دُعَاؤُهُنَّ) إلَى مَسْكَنِهِ، وَعَلَيْهِنَّ الْإِجَابَةُ وَمَنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُنَّ فَنَاشِزَةٌ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ ذَهَابِهِ إلَى بَعْضٍ وَدُعَاءِ بَعْضٍ) ، إلَى مَسْكَنِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْضِيلِ بَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ، وَالثَّانِي جَوَازُ ذَلِكَ كَمَا يَجُوزُ لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِبَعْضِهِنَّ دُونَ بَعْضٍ (إلَّا لِغَرَضٍ كَقُرْبِ مَسْكَنِ مَنْ مَضَى إلَيْهَا) ، دُونَ الْأُخْرَى (أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهَا) دُونَ الْأُخْرَى، كَأَنْ تَكُونَ شَابَّةً، وَالْأُخْرَى عَجُوزًا فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَيَلْزَمُ مَنْ دَعَاهَا الْإِجَابَةُ، فَإِنْ أَبَتْ بَطَلَ حَقُّهَا. (وَيَحْرُمُ أَنْ يُقِيمَ بِمَسْكَنِ وَاحِدَةٍ وَيَدْعُوَهُنَّ) أَيْ الْبَاقِيَاتِ (إلَيْهِ) لِمَا فِي إتْيَانِهِنَّ بَيْتَ الضَّرَّةِ مِنْ الْمَشَقَّةِ، عَلَيْهِنَّ وَتَفْضِيلِهَا عَلَيْهِنَّ (وَأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ ضَرَّتَيْنِ) مَثَلًا (فِي مَسْكَنٍ إلَّا بِرِضَاهُمَا) لِأَنَّ جَمْعَهُمَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِتَرْكِهِ) أَيْ تَأْخِيرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُ) كَالتَّبَرُّعَاتِ الْمَالِيَّةِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ تَحْتَهُ غَيْرُهَا) أَيْ مِنْ الزَّوْجَاتِ وَلَهُ تَعْطِيلُهَا وَلَوْ بَدَأَ بِالْإِمَاءِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ) وَكَذَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَنَامَ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ حَيْثُ لَا عُذْرَ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إلَخْ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهَا وَلَعَلَّهُ أَفْرَدَهَا لِاعْتِبَارِ الشَّرْطِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (مُدَّةً) وَكَذَا أَبَدًا وَكَذَا يُسْتَحَبُّ. قَوْلُهُ: (مَرِيضَةٌ) نَعَمْ مَنْ تَخَلَّفَتْ عَنْ السَّفَرِ مَعَهُ لِلْمَرَضِ لَا قَسْمَ لَهَا وَتَجِبُ نَفَقَتُهَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ شَيْخُنَا وَمِثْلُهَا مَجْنُونَةٌ خَافَ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَنُفَسَاءُ) وَمُحَرَّمَةٌ وَمُظَاهِرٌ مِنْهَا وَمُولٍ مِنْهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَا نَاشِزَةٌ) وَإِنْ لَمْ تَأْثَمْ بِهِ نَحْوُ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي وَأُلْحِقَ بِهِ صَغِيرَةٌ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ، وَمُعْتَدَّةٌ عَنْ شُبْهَةٍ وَمَحْبُوسَةٌ وَأَمَةٌ غَيْرُ مُسْلِمَةٍ وَمَنْ ادَّعَتْ طَلَاقًا وَلَوْ كَذِبًا. قَوْلُهُ: (كَأَنْ خَرَجَتْ) أَيْ لَا لِعُذْرٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِيَدْخُلَ) أَوْ لِيَخْرُجَ فِي غَيْرِ حَقِّهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْهَا) وَلَوْ لِغَيْرِ جِمَاعٍ وَلَا تُعْذَرُ بِإِزَالَةِ نَحْوِ رِيحٍ كَرِيهٍ، وَلَا اسْتِحْدَادٍ وَلَيْسَ مِنْ النُّشُوزِ سَبُّهَا لَهُ وَإِنْ أَثِمَتْ بِهِ. قَوْلُهُ: (لَا تَسْتَحِقُّ الْقَضَاءَ) أَيْ لِمَا فَاتَ وَلَا لِيَوْمِ الْعَوْدِ أَوْ لَيْلَتِهِ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ جَمِيعُهُ بِنُشُوزِ جُزْءٍ كَالنَّفَقَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِهِ الرَّمْلِيِّ، وَنَقَلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ مِنْ وَقْتِ الْعَوْدِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ. قَوْلُهُ: (كُلُّ زَوْجٍ) وَإِنْ كَانَ بِهِ عُنَّةٌ أَوْ جَبٌّ أَوْ مَرَضٌ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ وَكَذَا مَحْبُوسٌ صَلَحَ مَحَلُّهُ لِلسُّكْنَى، وَهُوَ كَالْمُنْفَرِدِ بِالْمَسْكَنِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (عَاقِلٌ) خَرَجَ بِالْمَجْنُونِ فَعَلَى وَلِيِّهُ أَنْ يَدُورَ بِهِ زَمَنَ جُنُونِهِ، وَلَوْ غَيْرَ مُطْبَقٍ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً كَتَوَقُّعِ الشِّفَاءِ بِهِ أَوْ مَيْلِهِ لَهُنَّ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ قَسْمٍ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِمَا وَقَعَ مِنْهُ زَمَنَ الْجُنُونِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ الْوَلِيُّ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُرَاهِقًا) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يُطِيقُ الْوَطْءَ. قَوْلُهُ: (فَالْإِثْمُ عَلَى وَلِيِّهِ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءٌ وَلَوْ بَلَغَ كَمَا فِي الْمَجْنُونِ. قَوْلُهُ: (صَوْنًا لَهُنَّ) وَاقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (وَمَنْ امْتَنَعَتْ) أَيْ لَا لِعُذْرٍ كَمَطَرٍ وَمَرَضٍ وَتَخْدِيرٍ وَكَوْنِ مَسْكَنِهِ لَا يَلِيقُ بِهَا، أَوْ خَوْفٍ وَكُلِّ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً. قَوْلُهُ: (أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهَا) أَوْ كَوْنِهَا شَرِيفَةً أَوْ بِقُرْعَةٍ. قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُ مَنْ دَعَاهَا) وَلَيْسَتْ مَعْذُورَةً عَلَيْهَا مُؤْنَةُ الْحُضُورِ، كَأُجْرَةِ مَرْكُوبٍ فَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْحُضُورُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُقِيمَ) أَيْ يَمْكُثَ وَلَوْ قَلِيلًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَّا فِي السَّفَرِ لِلْمَشَقَّةِ. قَوْلُهُ: (بِمَسْكَنِ وَاحِدَةٍ) وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِلزَّوْجِ أَوْ لَمْ   [حاشية عميرة] يَفْهَمُ مَنْ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ اللَّيْلُ. لَوْ أَقَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ نَهَارًا دَائِمًا جَازَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَسْمٍ، وَعَلَيْهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلْيُؤَوَّلْ بَاتَ بِصَارَ ثُمَّ قَوْلُهُ وَمَنْ بَاتَ يُوهِمُ عَدَمَ تَوَقُّفِ الْبُدَاءَةِ عَلَى الْقُرْعَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَأْثَمْ) أَيْ وَلَوْ طَلَبَتْهُ لِذَلِكَ قَبْلُ فَلَوْ قَالَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ الطَّلَبُ كَانَ أَصْوَبَ. قَوْلُهُ: (مَرِيضَةٌ إلَخْ) لَوْ سَافَرَ بِسَائِرِ نِسَائِهِ وَتَخَلَّفَتْ وَاحِدَةٌ لِمَرَضٍ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَلَا قَسْمَ لَهَا، ثُمَّ مِثْلُ الْمَرِيضَةِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهَا الْمَرِيضُ وَالْعِنِّينُ وَالْأَبْرَصُ وَالْمَجْبُوبُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَيَجِبُ الْقَسْمُ عَلَى الْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ) تَنْتَفِي الْحُرْمَةُ أَيْضًا بِمَا لَوْ أَقْرَعَ لِذَلِكَ كَالسَّفَرِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ بِلَفْظِ وَجَبَ أَيْ يَجُوزُ وَالنَّوَوِيُّ بِلَفْظِ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ، وَاسْتَشْكَلَهُ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ السَّفَرُ فِيهِ عُذْرٌ فَإِنْ فُرِضَ هُنَا عُذْرٌ فَذَاكَ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُقِيمَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْإِقَامَةُ أَيَّامًا كَالْإِقَامَةِ دَوَامًا. قَوْلُهُ: (وَيَدْعُوهُنَّ) لَوْ أَجَبْنَهُ لِذَلِكَ فَلِصَاحِبَةِ الْبَيْتِ الْمَنْعُ، وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مِلْكَ الزَّوْجِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ ضَرَّتَيْنِ) مِثْلُهُمَا الزَّوْجَةُ وَالسُّرِّيَّةُ، وَيَجُوزُ أَنْ تَشْمَلَهُمَا الْعِبَارَةُ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ اسْتِثْنَاءَ حَالَةِ السَّفَرِ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لِمَكَانِ الْكُلْفَةِ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ دَائِمٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 تَبَاغُضِهِمَا يُوَلِّدُ كَثْرَةَ الْمُخَاصَمَةِ، وَيُشَوِّشُ الْعِشْرَةَ، فَإِنْ رَضِيَتَا بِهِ جَازَ لَكِنْ يُكْرَهُ وَطْءُ إحْدَاهُمَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى، لِأَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ الْمُرُوءَةِ وَلَا يَلْزَمُهَا الْإِجَابَةُ إلَيْهِ، وَلَوْ اشْتَمَلَتْ دَارٌ عَلَى حُجَرٍ مُفْرَدَةِ الْمَرَافِقِ جَازَ إسْكَانُ الضَّرَّاتِ، فِيهَا مِنْ غَيْرِ رِضَاهُنَّ وَكَذَا إسْكَانُ، وَاحِدَةٍ فِي السُّفْلِ، وَأُخْرَى فِي الْعُلْوِ وَالْمَرَافِقُ مُتَمَيِّزَةٌ، لِأَنَّ كُلًّا مِمَّا ذُكِرَ مَسْكَنٌ. (وَلَهُ أَنْ يُرَتِّبَ الْقَسْمَ عَلَى لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا وَالْأَصْلُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ تَبَعٌ) لِأَنَّ اللَّيْلَ وَقْتُ السُّكُونِ وَالنَّهَارُ، وَقْتُ التَّرَدُّدِ فِي الْحَوَائِجِ قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [يونس: 67] ، وَقَالَ: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} [النبأ: 10] {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: 11] . (فَإِنْ عَمِلَ لَيْلًا وَسَكَنَ نَهَارًا كَحَارِسٍ فَعَكْسُهُ) ، أَيْ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ النَّهَارُ وَاللَّيْلُ تَابِعٌ لَهُ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُقِيمِ. أَمَّا الْمُسَافِرُ الَّذِي مَعَهُ زَوْجَاتُهُ فَعِمَادُ الْقَسْمِ فِي حَقِّهِ وَقْتُ النُّزُولِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا. (وَلِيس لِلْأَوَّلِ) وَهُوَ مِنْ الْأَصْلِ فِي حَقِّهِ اللَّيْلُ (دُخُولٌ فِي نَوْبَةٍ عَلَى أُخْرَى لَيْلًا، إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ) ، وَلَوْ ظَنًّا (وَحِينَئِذٍ إنْ طَالَ مُكْثُهُ قُضِيَ) مِثْلُ مَا مَكَثَ فِي نَوْبَةِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهَا (وَإِلَّا فَلَا) يَقْضِي وَكَذَا لَوْ تَعَدَّى بِالدُّخُولِ يَقْضِي إنْ طَالَ الْمُكْثُ وَإِلَّا فَلَا لَكِنْ يَعْصِي، وَقَدَّرَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ الطَّوِيلَ بِثُلُثِ اللَّيْلِ وَالصَّحِيحُ لَا تَقْدِيرَ. (وَلَهُ الدُّخُولُ نَهَارًا لِوَضْعِ مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ) ، كَأَخْذِ مَتَاعٍ وَتَسْلِيمِ نَفَقَةٍ (وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ) ، فَإِنْ طَوَّلَهُ فَإِنَّ فِي الْمُهَذَّبِ يَجِبُ الْقَضَاءُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي إذَا دَخَلَ لِحَاجَةٍ) كَمَا ذُكِرَ وَالثَّانِي يَقْضِي كَمَا فِي اللَّيْلِ (وَأَنَّ لَهُ مَا سِوَى وَطْءٍ مِنْ اسْتِمْتَاعٍ) . وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ أَمَّا الْوَطْءُ فَيَحْرُمُ جَزْمًا،   [حاشية قليوبي] تَكُنْ هِيَ فِيهِ وَيَجُوزُ الْجَمْعُ فِي سَفِينَةٍ أَوْ خَيْمَةٍ لِلْمُسَافِرِ. قَوْلُهُ: (يُكْرَهُ) مَا لَمْ يَكُنْ إيذَاءً أَوْ نَظَرَ عَوْرَةٍ وَإِلَّا حَرُمَ. قَوْلُهُ: (ضَرَّتَيْنِ) خَرَجَ الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ فَالْعِبْرَةُ بِرِضَا الزَّوْجَةِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِعِلْمِ الْأُخْرَى فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْمَرَافِقِ) مِنْهَا السَّطْحُ لَا الْمُعَلَّقُ وَالدِّهْلِيزُ. قَوْلُهُ: (مَسْكَنٌ) أَيْ حَيْثُ لَاقَ بِهَا. قَوْلُهُ: (لَيْلَةٍ) وَأَوَّلُهَا الْغُرُوبُ وَآخِرُهَا الْفَجْرُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ الْوَجْهُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي آخَرِ اللَّيْلَةِ وَأَوَّلِهَا بِالْغَالِبِ مِنْ عَادَةِ أَهْلِ الْحِرَفِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَهَا) وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ اللَّيْلَ أَوَّلُ الشُّهُورِ وَالْأَعْوَامُ وَالتَّوَارِيخُ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: {مُبْصِرًا} [يونس: 67] أَسْنَدَ الْإِبْصَارَ إلَيْهِ مَجَازًا لِأَنَّهُ مُقْتَضٍ لِلْإِبْصَارِ بِذَاتِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ لِتُبْصِرُوا فِيهِ بِخِلَافِ اللَّيْلِ. قَوْلُهُ: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: 11] وَفِي نُسْخَةٍ وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا وَهِيَ الصَّوَابُ لِأَنَّهَا التِّلَاوَةُ. قَوْلُهُ: (فَعَكْسُهُ) فَإِنْ عَمِلَ لَيْلًا تَارَةً وَنَهَارًا تَارَةً أَوْ عَمِلَ بَعْضَ اللَّيْلِ وَبَعْضَ النَّهَارِ فَالْأَصْلُ فِي حَقِّهِ وَقْتُ عَدَم الْعَمَلِ. نَعَمْ إنْ قَلَّ عَمَلُهُ فِي اللَّيْلِ كَلَيْلَةٍ فِي جُمُعَةٍ لَمْ يَخْرُجْ اللَّيْلُ عَنْ كَوْنِهِ أَصْلًا فِي حَقِّهِ قَالَ شَيْخُنَا وَالْأَصْلُ فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ وَقْتُ إفَاقَتِهِ إنْ كَانَتْ. قَوْلُهُ: (وَقْتَ النُّزُولِ) بَلْ وَقْتَ خَلْوَتِهِ وَلَوْ حَالَ السَّيْرِ وَلَا نَظَرَ لِتَفَاوُتِ الزَّمَنِ فِيهَا. نَعَمْ إنْ أَقَامَ قَدْرًا يَسَعُ الْقَسْمَ كَيَوْمَيْنِ وَمَعَهُ زَوْجَتَانِ فَكَالْحَضَرِ. قَوْلُهُ: (دُخُولٌ) وَلَا خُرُوجَ لِنَحْوِ جَمَاعَةٍ فِي نَوْبَةٍ وَاحِدَةٍ دُونَ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (كَمَرَضِهَا) وَطَلْقِهَا وَنَحْوِ حَرِيقٍ وَنَهْبٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ظَنًّا) أَوْ احْتِمَالًا. قَوْلُهُ: (مِثْلَ مَا مَكَثَ) أَيْ قَدْرَهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ كَآخِرِ اللَّيْلِ عَنْ أَوَّلِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ نَوْبَةِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهَا، أَوْ لَا مِنْ نَوْبَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ بِالْأَوَّلِ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ تَعَدَّى) وَمِنْهُ مَا لَوْ أَطَالَ دُخُولَهُ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ، فَالْمُرَادُ بِالتَّعَدِّي مَا لَيْسَ لِلضَّرُورَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يَعْصِي) أَيْ فِي الدُّخُولِ تَعَدِّيًا سَوَاءٌ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ أَوْ لَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ رُجُوعُهُ لِلثَّانِيَةِ وَعَلَيْهِ فَالْأُولَى بِالْأُولَى. قَوْلُهُ: (لَا تَقْدِيرَ) فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْعُرْفُ فِي قَدْرِ زَمَنِ الضَّرُورَةِ أَوْ الْحَاجَةِ طَالَ أَوْ قَصُرَ. قَوْلُهُ: (لِوَضْعِ مَتَاعٍ إلَخْ) هُوَ الْحَاجَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي) قَالَ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا يُنْدَبُ فَفِعْلُهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ يَجِبُ وَهُوَ الْوَجْهُ لِمَا بَعْدَهُ مِنْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ. قَوْلُهُ: (يَجِبُ الْقَضَاءُ) أَيْ لِمَا طَوَّلَهُ لَمَّا طَالَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَهُوَ الَّذِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالصَّحِيحُ إلَخْ، فَقَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِعَدَمِ ذِكْرِهِ صَرِيحًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِحَاجَةٍ) أَيْ بِقَدْرِهَا وَإِنْ طَالَ. قَوْلُهُ: (وَأَنَّ لَهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا الْجَوَازَ فِي التَّابِعِ، وَأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ يَمْتَنِعُ الِاسْتِمْتَاعُ كَالْوَطْءِ وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَالْخَطِيبُ وَخَالَفَهُمَا الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ نَاقِلًا لَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَهُوَ الْوَجْهُ وَمَا وَقَعَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بِرِضَاهُنَّ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: {النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: 11] نَظْمُ الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ عَمَّ {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} [النبأ: 10] {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: 11] . قَوْلُهُ: (وَلَوْ ظَنًّا) بَلْ لَوْ اُحْتُمِلَ ذَلِكَ وَأَرَادَ الدُّخُولَ لِيَتَبَيَّنَ حَالَ الْمَرَضِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (قُضِيَ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْمَظْلُومِ بِسَبَبِهَا، وَإِنْ انْفَرَدَتْ الزَّوْجَةُ إذْ مَعْنَى الْقَضَاءِ حِينَئِذٍ وُجُوبُ الْمَبِيتِ وَهَذَا وَجْهٌ وَالصَّحِيحُ فَوَاتُ الْقَضَاءِ، وَلَوْ فَارَقَ الْمَظْلُومَةَ ثُمَّ عَادَتْ بَعْدَ طَلَاقِ الْمَظْلُومِ بِسَبَبِهَا فَلَا قَضَاءَ سَوَاءٌ أَنْكَحَ غَيْرَهَا أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ تَعَدَّى بِالدُّخُولِ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ وَحِينَئِذٍ رَاجِعٌ لِحَالَةِ الضَّرُورَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ يَقْضِي إنْ طَالَ الْمُكْثُ وَعَلَى قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عِبَارَتُهُ تُشْعِرُ بِأَنَّ الطُّولَ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي اللَّيْلِ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ مَعَ الطُّولِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اللَّيْلِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخَانِ أَيْ صَرِيحًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 (وَأَنَّهُ يَقْضِي إذَا دَخَلَ بِلَا سَبَبٍ) ، وَالثَّانِي لَا يَقْضِي. (وَلَا تَجِبُ تَسْوِيَةٌ فِي الْإِقَامَةِ نَهَارًا) ، لِتَبَعِيَّتِهِ اللَّيْلَ. (وَأَقَلُّ نُوَبِ الْقَسْمِ لَيْلَةٌ) ، فَلَا يَجُوزُ بِبَعْضِ لَيْلَةٍ، وَلَا بِلَيْلَةٍ وَبَعْضِ أُخْرَى لِمَا فِي التَّبْعِيضِ مِنْ تَشْوِيشِ الْعَيْشِ (وَهُوَ أَفْضَلُ) لِقُرْبِ الْعَهْدِ بِهِ مِنْ كُلِّهِنَّ (وَيَجُوزُ ثَلَاثًا) وَلَيْلَتَيْنِ (وَلَا زِيَادَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ) ، مِنْ غَيْرِ رِضَاهُنَّ لِمَا فِيهِ مِنْ طُولِ الْعَهْدِ بِهِنَّ، وَقِيلَ فِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ يُزَادُ عَلَى الثَّلَاثِ، وَعَلَى هَذَا قِيلَ لَا يُزَادُ عَلَى سَبْعٍ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ تُسْتَحَقُّ لِجَدِيدَةٍ، كَمَا سَيَأْتِي وَقِيلَ يُزَادُ عَلَيْهَا مَا لَمْ تَبْلُغْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، مُدَّةَ تَرَبُّصِ الْمَوْلَى. (وَالصَّحِيحُ وُجُوبُ قُرْعَةٍ) بَيْنَ الزَّوْجَاتِ (لِلِابْتِدَاءِ) بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (وَقِيلَ يُتَخَيَّرُ) ، بَيْنَهُنَّ فِي ذَلِكَ فَيَبْدَأُ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَبْدَأُ بِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا، وَبَعْدَ تَمَامِ نَوْبَتِهَا يُقْرِعُ بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ ثُمَّ بَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ، فَإِذَا تَمَّتْ النُّوَبُ رَاعَى التَّرْتِيبَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْقُرْعَةِ، وَلَوْ بَدَأَ بِوَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ فَقَدْ ظَلَمَ وَيُقْرِعُ بَيْنَ الثَّلَاثِ، فَإِذَا تَمَّتْ النُّوَبُ أَقْرَعَ لِلِابْتِدَاءِ. (وَلَا يَفْضُلُ فِي قَدْرِ نُوَبِهِ) وَإِنْ تَرَجَّحَتْ إحْدَاهُنَّ بِشَرَفٍ، وَغَيْرِهِ فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالْكِتَابِيَّةِ فِي ذَلِكَ (لَكِنْ لِحُرَّةٍ مِثْلَا أَمَةٍ) كَأَنْ   [حاشية قليوبي] وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ مُطْلَقًا فِي الْأَصْلِ، وَالتَّابِعِ وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَانُ وَكَانَ لِضَرُورَةٍ فِيهِمَا قَالَ الْإِمَامُ وَاللَّائِقُ بِالتَّحْقِيقِ أَنَّ الْجِمَاعَ لَا يُوصَفُ بِالتَّحْرِيمِ بَلْ التَّحْرِيمُ فِي إيقَاعِ الْمَعْصِيَةِ لَا فِيمَا وَقَعَتْ بِهِ الْمَعْصِيَةُ اهـ أَيْ أَنَّ تَحْرِيمَ الْجِمَاعِ لَا لِعَيْنِهِ بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِلَا سَبَبٍ) أَيْ إنْ طَالَ الزَّمَنُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا مَرَّ فِي الْأَصْلِ بَلْ أَوْلَى بِعَدَمِ الْقَضَاءِ. تَنْبِيهٌ: حَاصِلُ مَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْوَطْءَ أَوْ الِاسْتِمْتَاعَ لَوْ وَقَعَ لَا يُقْضَى مُطْلَقًا وَإِنْ عَصَى بِهِ وَأَنَّ دُخُولَهُ إذَا لَمْ يَطُلْ لَا يُقْضَى مُطْلَقًا، وَلَوْ مُتَعَدِّيًا بِهِ وَأَنَّ الزَّمَنَ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ تَمْتَدَّ الضَّرُورَةُ أَوْ الْحَاجَةُ لَا يُقْضَى أَيْضًا مُطْلَقًا، وَأَنَّهُ يَقْضِي مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مُطْلَقًا وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ إنَّهُ فِي الْأَصْلِ يَقْضِي الْكُلَّ سَوَاءٌ طَالَ أَوْ أَطَالَهُ وَفِي التَّابِعِ لَا يَقْضِي شَيْئًا إنْ طَالَ وَيَقْضِي الزَّائِدَ إنْ أَطَالَهُ، وَفَسَّرَ الطُّولَ بِاشْتِغَالِهِ بِالْحَاجَةِ زِيَادَةً عَلَى زَمَنِهَا الْعُرْفِيِّ، وَالْإِطَالَةُ بِمُكْثِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا وَالْوَجْهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إطَالَةٌ. فُرُوعٌ: لَوْ احْتَاجَ إلَى الْإِقَامَةِ عِنْدَهَا أَيَّامًا لِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ لِخَوْفٍ عَلَيْهَا فِي مَنْزِلٍ لَا يَأْمَنُ عَلَيْهَا وَحْدَهَا فِيهِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ نَقْلُهَا لِغَيْرِهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَلَوْ نَقَصَ مِنْ نَوْبَتِهَا شَيْئًا كَخُرُوجِهِ مِنْ عِنْدِهَا وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ لِبُعْدِ مَنْزِلِهَا أَوْ لِغَيْرِ ضَرَّاتِهَا وَجَبَ قَضَاؤُهُ كَزَمَنِ الدُّخُولِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا يَقْضِيه مِنْ نَوْبَةِ غَيْرِ الَّتِي خَرَجَ لَهَا، وَبَعْدَ فَرَاغِهِ يَجِبُ خُرُوجُهُ إلَى مَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْإِقَامَةِ) أَيْ أَصْلًا أَوْ قَدْرًا وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ. قَوْلُهُ: (نَهَارًا) وَتَجِبُ فِي اللَّيْلِ كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ بِالنَّهَارِ وَبِاللَّيْلِ الْأَصْلُ كَمَا مَرَّ. . قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّ نُوَبِ الْقَسْمِ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَلَا زِيَادَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِمَنْ لَيْسَتْ فِي بَلَدِ الزَّوْجِ، وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ رِضَاهُنَّ) أَمَّا بِهِ فَيَجُوزُ وَلَوْ مُشَاهَرَةً كَشَهْرٍ وَشَهْرٍ أَوْ مُسَانَهَةً كَسَنَةٍ وَسَنَةٍ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْإِمْلَاءِ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ قُرْعَةٍ) إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُنَّ رِضًا بِدُونِهَا وَبَعْدَ تَمَامِ الدَّوْرِ بِالرِّضَا لَا حَاجَةَ إلَى قُرْعَةٍ إنْ كَانَتْ لَيْلَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِالتَّعْيِينِ وَإِلَّا اُحْتِيجَ إلَيْهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا حَاجَةَ لِلْقُرْعَةِ مُطْلَقًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا ذُكِرَ فِي الْقُرْعَةِ لِلْقَسْمِ بِاللَّيَالِيِ الْكَامِلَةِ أَمَّا دُونَ لَيْلَةٍ أَوْ الطَّوَافُ عَلَيْهِنَّ فِي سَاعَةٍ فَفِي وُجُوبِ الْقُرْعَةِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يُقْرَعُ) أَيْ فَوْرًا كَمَا مَرَّ وَهَذِهِ قُرْعَةٌ ثَانِيَةٌ وَسَيَأْتِي بَعْدَهَا ثَالِثَةٌ وَهَذَا مَحَلُّ نَظَرٍ إذْ كَيْفَ تَتَعَدَّدُ الْقُرْعَةُ، وَهِيَ إمَّا بِكِتَابَةِ الْأَسْمَاءِ وَالْإِخْرَاجِ عَلَى اللَّيَالِي أَوْ عَكْسِهِ وَلَا يُقَالُ بِكِتَابَةِ اسْمِ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيُقْرِعُ بَيْنَ الثَّلَاثِ) وَإِنْ لَمْ يُقْرِعْ فَقَدْ ظَلَمَ أَيْضًا وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (لِلِابْتِدَاءِ) أَيْ لِلْجَمِيعِ كَمَا مَرَّ وَإِذَا تَمَّتْ النُّوَبُ بِالْقُرْعَةِ لَا يَجُوزُ إعَادَتُهَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَخْرُجُ عَلَى خِلَافِ الْأُولَى فَيَلْزَمُ الْمَحْذُورُ. قَوْلُهُ: (لِحُرَّةٍ) وَلَوْ كَانَتْ كَافِرَةً أَوْ كَانَ أَوْلَادُهَا أَرِقَّاءَ. قَوْلُهُ: (مِثْلَا) هُوَ مُبْتَدَأٌ مُثَنَّى مَرْفُوعٌ بِالْأَلِفِ مُضَافٌ إلَى أَمَةٍ وَخَبَرُهُ فِي الظَّرْفِ قَبْلَهُ وَالْمُرَادُ بِهَا مَنْ فِيهَا رِقٌّ وَلَوْ مُبَعَّضَةً.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ) ، لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى الْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ جَزْمًا) هُوَ قَضِيَّةُ الْمَتْنِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَحْرُمُ عَلَى الصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: (إنْ دَخَلَ بِلَا سَبَبٍ) أَيْ وَطَالَ قَوْلُهُ: (فِي الْإِقَامَةِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ فِي قَدْرِهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، وَأَمَّا أَصْلُهَا فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ اهـ. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَوْ كَانَ يَخْرُجُ فِي نَهَارٍ وَاحِدَةً. وَيُلَازِمُ فِي أُخْرَى فَإِنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ لِشَغْلٍ فَلَا قَضَاءَ، وَإِنْ كَانَ عَنْ قَصْدٍ فَفِيهِ احْتِمَالٌ ظَاهِرٌ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ. قُلْت يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الِاحْتِمَالِ إذَا لَمْ يُوجَدْ دَاعٍ مِنْ مَيْلٍ قَلْبِيٍّ وَنَحْوِهِ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ اعْتِبَارِ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْأُخْرَى. قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّ نُوَبِ الْقَسْمِ لَيْلَةٌ) أَيْ وَلَيْلَةٌ لِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالنُّوَبِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ بِبَعْضِ لَيْلَةٍ) لِأَنَّ النَّهَارَ تَبَعٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا بِلَيْلَةٍ وَبَعْضِ أُخْرَى) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ لَا تُفِيدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ. قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا فِي ابْتِدَاءِ مَا هُوَ قَسْمٌ أَمَّا دُونَ لَيْلَةٍ أَوْ الطَّوَافُ عَلَيْهِنَّ فِي سَاعَةٍ فَفِي وُجُوبِ قُرْعَةِ الِابْتِدَاءِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ لَهُ الْإِعْرَاضَ عَنْهُنَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ التَّخْيِيرِ، لَوْ بَاتَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 سَبَقَ نِكَاحُ الْأَمَةِ بِشُرُوطِهِ عَلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ، أَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا فَدَوْرُهُمَا لَيْلَتَانِ لِلْحُرَّةِ، وَلَيْلَةٌ لِلْأَمَةِ وَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ الْأَمَةُ الْقَسْمَ إذَا اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ، بِأَنْ كَانَتْ مُسَلَّمَةً لِلزَّوْجِ لَيْلًا وَنَهَارًا كَالْحُرَّةِ. (وَتُخَصُّ بِكْرٌ جَدِيدَةٌ عِنْدَ زِفَافٍ بِسَبْعٍ بِلَا قَضَاءٍ) ، لِلْأُخْرَيَاتِ (وَثَيِّبٌ بِثَلَاثٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ حِبَّانَ «سَبْعٌ لِلْبِكْرِ وَثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ» (وَيُسَنُّ تَخْيِيرُهَا) أَيْ الثَّيِّبِ (بَيْنَ ثَلَاثٍ بِلَا قَضَاءٍ) لِلْأُخْرَيَاتِ (وَسَبْعٍ بِقَضَاءٍ) لَهُنَّ، كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَالتَّخْصِيصُ الْمَذْكُورُ وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ، لِتَزُولَ الْحِشْمَةُ بَيْنَهُمَا، وَيَجِبُ مُوَالَاةُ مَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْحِشْمَةَ لَا تَزُولُ بِالْمُفَرَّقِ، فَلَوْ فَرَّقَهُ لَمْ تُحْسَبْ وَاسْتَأْنَفَ، وَقُضِيَ الْمُفَرَّقُ لِلْأُخْرَيَاتِ، وَلَوْ كَانَتْ ثُيُوبَتُهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ، فَهِيَ كَالْبِكْرِ فِي الْأَصَحِّ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْجَدِيدَةُ حُرَّةً أَمْ أَمَةً. وَقِيلَ لِلْأَمَةِ نِصْفُ مَا ذُكِرَ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ لِلْكَسْرِ، وَقِيلَ يَجْبُرُهُ فَلِلْبِكْرِ أَرْبَعٌ وَلِلثَّيِّبِ لَيْلَتَانِ. وَلَوْ زَادَ الْبِكْرَ عَلَى السَّبْعِ قَضَى الزَّائِدَ لِلْأُخْرَيَاتِ، وَكَذَا لَوْ زَادَ الثَّيِّبَ عَلَى ثَلَاثٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا يَقْضِي الزَّائِدَ، كَمَا يَقْضِي السَّبْعَ إذَا اخْتَارَتْهَا. . (وَمَنْ سَافَرَتْ وَحْدَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَنَاشِزَةٌ) ، فَلَا قَسْمَ لَهَا سَوَاءٌ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا أَمْ لِحَاجَتِهِ (وَبِإِذْنِهِ لِغَرَضِهِ) ، كَأَنْ أَرْسَلَهَا فِي حَاجَتِهِ (يَقْضِي لَهَا) مَا فَاتَهَا (وَلِغَرَضِهَا) كَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَتِجَارَةٍ (لَا) يَقْضِي لَهَا (فِي الْجَدِيدِ) وَإِذْنُهُ يَرْفَعُ الْإِثْمَ عَنْهَا،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (سَبَقَ) أَوْ كَانَتْ الْحُرَّةُ لَا تُعِفُّهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَيْلَتَانِ لِلْحُرَّةِ وَلَيْلَةٌ لِلْأَمَةِ) وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ هَذَا فَلَوْ عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِ عِبَارَتِهِ جَوَازَ غَيْرِهِ كَثَلَاثِ لَيَالٍ وَلَيْلَةٍ وَنِصْفٍ، أَوْ أَرْبَعِ لَيَالٍ وَلَيْلَتَيْنِ وَقَوْلُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِهِ إنَّ هَذَا مَرْدُودٌ لِعِلْمِهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ، وَلَا زِيَادَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، فَتَأَمَّلْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجْرِي فِي النَّهَارِ لِمَنْ هُوَ أَصْلُهُ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ فِي اللَّيْلِ، وَلَوْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ قَبْلَ تَمَامِ نَوْبَتِهَا صَارَتْ كَالْحُرَّةِ أَوْ بَعْدَهَا بَقِيَ لِلْحُرَّةِ لَيْلَتَاهَا، وَلَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ قَضَاءُ مَا فَاتَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (بِكْرٌ) بِالْمَعْنَى السَّابِق فِي اسْتِئْذَانِهَا كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (جَدِيدَةٌ) وَلَوْ رَقِيقَةً وَلَوْ بِعَقْدٍ ثَانٍ مِنْهُ أَوْ مُسْتَفْرَشَةً أَعْتَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا بِرَجْعَةٍ نَعَمْ إنْ بَقِيَ لَهَا بَعْضٌ مِنْ زِفَافِهَا الْأَوَّلِ وَجَبَ إتْمَامُهُ لَهَا بَعْدَ عَوْدِهَا بِعَقْدٍ أَوْ رَجْعَةٍ مُنْضَمًّا لِمَا لَهَا بِالْعَقْدِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَثَيِّبٌ بِثَلَاثٍ) وَلَوْ بِعَقْدٍ مِنْهُ ثَانٍ كَمَا مَرَّ، وَالْحِكْمَةُ فِي السَّبْعِ وَالثَّلَاثِ أَنَّ السَّبْعَ عَدَدُ أَيَّامِ الدُّنْيَا وَمَا زَادَ عَلَيْهَا تَكْرَارٌ لَهَا، وَأَنَّ الثَّلَاثَ مُغْتَفَرَةٌ فِي الشَّرْعِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الثَّيِّبُ) بِخِلَافِ الْبِكْرِ لَا يَأْتِي فِيهَا تَخْيِيرٌ إذْ لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ حَقِّهَا، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا عِنْدَ الدُّخُولِ لَا عِنْدَ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ) الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسْمُ فِيمَا مَرَّ حُرًّا، أَوْ غَيْرَهُ وَفِي وَلِيِّهِ مَا تَقَدَّمَ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ غَيْرُهَا. أَوْ كَانَ وَلَمْ تَبِتْ عِنْدَهُ فَلَا وُجُوبَ وَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى بَقِيَّةِ دَوْرِ مَنْ عِنْدَهُ، إنْ لَمْ تَرْضَ بِتَأْخِيرِهِ لِأَنَّهُ حَقُّهَا فَلَهَا أَنْ تُسْقِطَهُ، وَإِذَا تَمَّ الدَّوْرُ وَالزِّفَافُ أَقْرَعَ لِلِابْتِدَاءِ لِلْجَمِيعِ، وَلَا يَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ كَالْقَسْمِ فَتَجِبُ الرَّجْعَةُ أَوْ التَّجْدِيدُ لِتَوْفِيَتِهِ، قَالَ شَيْخُنَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيَّامَ الزِّفَافِ الْخُرُوجُ لِجُمُعَةٍ وَجَمَاعَةٍ، أَوْ لِنَحْوِ عِيَادَةِ مَرِيضٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، إلَّا بِرِضَاهَا قَالَ وَإِذَا رَضِيَتْ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا، مَا لَمْ تُصَرِّحْ بِإِسْقَاطِهِ وَإِذَا بَقِيَ فَهَلْ يُقَدِّمُهُ عَلَى بَقِيَّةِ دَوْرِ مَنْ عِنْدَهُ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ يُؤَخِّرُهُ عَنْهُ لِرِضَاهَا بِالتَّأْخِيرِ يَظْهَرُ الْآنَ الثَّانِي، وَلَوْ زُفَّ لَهُ امْرَأَتَانِ قَدَّمَ السَّابِقَةَ فَإِنْ كَانَا مَعًا أَقْرَعَ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ مُوَالَاةُ مَا ذُكِرَ) مَا لَمْ تَرْضَ بِغَيْرِهَا، وَلَا يَجِبُ الْفَوْرُ إلَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَدُورَ بِالْقَسْمِ لِغَيْرِهَا، أَوْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ دَوْرٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَضَى الزَّائِدَ لِلْأُخْرَيَاتِ) سَوَاءٌ اخْتَارَتْ الزِّيَادَةَ كَعَشْرٍ مَثَلًا أَوْ لَا لِأَنَّهَا لَمْ تَطْمَعْ فِي حَقِّ غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا) وَلَوْ لِلسَّبْعِ أَوْ بِاخْتِيَارِهَا لِمَا دُونَ السَّبْعِ لِمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (كَمَا يَقْضِي السَّبْعَ) فَإِذَا قُضِيَ يَقْضِي مُوَزِّعًا عَلَيْهِنَّ وَإِنَّمَا قَضَى السَّبْعَ لَا مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ الَّتِي هِيَ لَهَا أَصَالَةً لِأَنَّهَا طَمِعَتْ فِي حَقِّ غَيْرِهَا، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا خَيَّرَ أُمَّ سَلَمَةَ كَمَا مَرَّ «إنْ شِئْت سَبَّعْت عِنْدَك وَسَبَّعْت عِنْدَهُنَّ إنْ شِئْت ثَلَّثْت عِنْدَك وَدُرْت أَيْ بِالْقَسْمِ فَاخْتَارَتْ الثَّلَاثَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -» . قَوْلُهُ: (وَمَنْ سَافَرَتْ) لِمَا يَجُوزُ فِيهِ النَّقْلُ عَلَى الدَّابَّةِ وَدُونَهُ حَضَرٌ وَخُرُوجُهَا فِيهِ، وَلَوْ لِشُغْلِهَا كَدَابَّةٍ مَثَلًا بِإِذْنِهِ أَوْ عُلِمَ رِضَاهُ لَا يَسْقُطُ الْقَسْمُ وَلَا النَّفَقَةُ. قَوْلُهُ: (وَحْدَهَا) خَرَجَ مَا لَوْ سَافَرَتْ مَعَهُ فَغَيْرُ نَاشِزَةٍ إلَّا إنْ نَهَاهَا عَنْهُ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى رَدِّهَا، أَوْ لَا خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ نَعَمْ إنْ اسْتَمْتَعَ بِهَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا. قَوْلُهُ: (فَلَا قَسْمَ لَهَا) أَيْ بَعْدَ النُّشُوزِ فَلَوْ كَانَ لَهَا قَسْمٌ سَابِقٌ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا. قَوْلُهُ: (وَبِإِذْنِهِ لِغَرَضِهِ يَقْضِي لَهَا) وَلَوْ مَعَ غَرَضِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَغَرَضُ الْأَجْنَبِيِّ بِسُؤَالِ أَحَدِهِمَا كَغَرَضِهِ، وَبِسُؤَالِهِمَا كَغَرَضِهِمَا وَلَوْ   [حاشية عميرة] يَجِبُ الْإِقْرَاعُ بَيْنَ الْبَاقِيَات، لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلُهُ: (فَدَوْرُهُمَا أَثْلَاثٌ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَيْلَتَانِ وَأَرْبَعٌ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ مُجَاوَزَةِ الثَّلَاثِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ زِفَافٍ بِسَبْعٍ) أَيْ وَلَاءٌ وَكَذَا الثَّلَاثُ قَوْلُهُ: (وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ) ، أَيْ إذَا كَانَ فِي نِكَاحِهِ غَيْرُهَا يَبِيتُ عِنْدَهَا. نَعَمْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ جَدِيدَتَيْنِ لَيْسَ فِي نِكَاحِهِ غَيْرُهُمَا، يَجِبُ لَهُمَا حَقُّ الزِّفَافِ وَحُمِلَ عَلَى مَا لَوْ أَرَادَ الْقَسْمَ لَهُمَا. قَوْلُهُ: (وَمَنْ سَافَرَتْ إلَخْ) . أَيْ بِلَا ضَرُورَةٍ كَخَرَابِ الْبَلَدِ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ يَسْتَثْنِي الْأَمَةَ، إذَا سَافَرَ بِهَا السَّيِّدُ بَعْدَ أَنْ بَاتَ عِنْدَ، الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ، فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى حَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ وَرُبَّمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحْدَهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ قَوْلَهُمْ إنَّمَا يَجِبُ لَهَا الْقَسْمُ إذَا سَلَّمْت لَيْلًا وَنَهَارًا لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ حَقَّهَا لَمَّا قَسَمَ لِلْحُرَّةِ، وَقَدْ كَانَتْ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ فَلَمَّا سَافَرَ بِهَا، لَمْ يَسْقُطْ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ بِخِلَافِ النَّاشِزَةِ قَوْلُهُ: (وَلِغَرَضِهَا) لَوْ كَانَ لِغَرَضِهِمَا فَقِيَاسُ الْمُتْعَةِ وَالتَّشْطِيرِ عَدَمُ الْقَضَاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 وَالْقَدِيمُ يَقْضِي لِوُجُودِ الْإِذْنِ. (وَمَنْ سَافَرَ لِنَقْلَةٍ حَرُمَ أَنْ يَسْتَصْحِبَ بَعْضَهُنَّ) ، بِقُرْعَةٍ وَدُونَهَا وَأَنْ يُخَلِّفَهُنَّ حَذَرًا مِنْ الْأَضْرَارِ بَلْ يَنْقُلُهُنَّ أَوْ يُطَلِّقُهُنَّ، فَإِنْ سَافَرَ بِبَعْضِهِنَّ قَضَى لِلْمُتَخَلِّفَاتِ، وَقِيلَ لَا يَقْضِي مُدَّةَ السَّفَرِ إنْ أَقْرَعَ (وَفِي سَائِرِ الْأَسْفَارِ الطَّوِيلَةِ وَكَذَا الْقَصِيرَةُ فِي الْأَصَحِّ يَسْتَصْحِبُ بَعْضَهُنَّ بِقُرْعَةٍ) ، وَقِيلَ لَا يَسْتَصْحِبُ فِي الْقَصِيرَةِ لِأَنَّهَا كَالْإِقَامَةِ (وَلَا يَقْضِي مُدَّةَ سَفَرِهِ فَإِنْ وَصَلَ الْمَقْصِدَ) ، بِكَسْرِ الصَّادِ (وَصَارَ مُقِيمًا قَضَى مُدَّةَ الْإِقَامَةِ لَا الرُّجُوعِ فِي الْأَصَحِّ) ، وَقِيلَ يَقْضِي مُدَّةَ الرُّجُوعِ، لِأَنَّهَا سَفَرٌ جَدِيدٌ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ. (وَمَنْ وَهَبَتْ حَقَّهَا) مِنْ الْقَسْمِ لِغَيْرِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي (لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ الرِّضَا) ، بِذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا حَقُّهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ تَرْكُهُ وَلَهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا (فَإِنْ رَضِيَ) بِالْهِبَةِ، (وَوَهَبَتْ لِمُعَيَّنَةٍ) مِنْهُنَّ (بَاتَ عِنْدَهَا لَيْلَتَيْهِمَا) كُلَّ لَيْلَةٍ فِي وَقْتِهَا مُتَّصِلَتَيْنِ كَانَتَا أَوْ مُنْفَصِلَتَيْنِ   [حاشية قليوبي] سَأَلَتْ، هِيَ الزَّوْجَ لِغَرَضِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِهِ فَكَغَرَضِهَا. قَوْلُهُ: (لِنَقْلَةٍ) وَإِنَّ قَصُرَ جِدًّا وَيُعْتَبَرُ قَصْدُ النَّقْلَةِ فِي الِابْتِدَاءِ وَإِنْ غَيَّرَهُ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ) أَيْ بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ وَلَهُنَّ الرُّجُوعُ قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَخَرَجَ بِاسْتِصْحَابِ بَعْضِهِنَّ تَرْكُهُنَّ فَلَا حُرْمَةَ، وَلَا قَضَاءَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ يُطَلِّقُهُنَّ) هِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَيُطَلِّقُ بَعْضًا، وَيَسْتَصْحِبُ الْبَاقِيَاتِ وَلَيْسَ لَهُ بَعْثُ بَعْضِهِنَّ مَعَ وَكِيلٍ لَهُ مَحْرَمٍ، أَوْ نِسْوَةٍ وَاسْتِصْحَابُ الْبَاقِيَاتِ لِمَا فِيهِ مِنْ رِفْعَةِ مَقَامِ مَنْ مَعَهُ، وَقَضَى لِلْبَاقِيَاتِ سَوَاءٌ خَرَجَ بِقُرْعَةٍ أَمْ لَا كَذَا فِي كَلَامِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ، وَكَلَامُهُمْ فِي ذَلِكَ مُتَدَافِعٌ وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إنْ نَقَلَهُنَّ كُلَّهُنَّ دَفْعَةً، فَلَا حُرْمَةَ وَلَا قَضَاءَ سَوَاءٌ كُنَّ مَعَهُ أَوْ مَعَ وَكِيلِهِ أَوْ بَعْضُهُنَّ مَعَهُ، وَبَعْضُهُنَّ مَعَ وَكِيلِهِ وَإِنْ نَقَلَهُنَّ مُرَتِّبًا وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْمُتَخَلِّفَاتِ، سَوَاءٌ كَانَ هُوَ مَعَ السَّابِقَاتِ، وَوَكِيلُهُ مَعَ الْبَاقِيَاتِ، أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ لَا مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمَا فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. قَوْلُهُ: (وَفِي سَائِرِ الْأَسْفَارِ) أَيْ الَّتِي تَجُوزُ فِيهَا الرُّخَصُ، وَإِلَّا قَضَى مُطْلَقًا بِقُرْعَةٍ أَوْ سَاكَنَ الْمَصْحُوبَةَ أَوْ لَا قَالَهُ شَيْخُنَا كَالْخَطِيبِ وَقَالَ غَيْرُهُ، أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي إنَّهُ لَا يَقْضِي إلَّا مَا يَقْضِيه لَوْ كَانَ السَّفَرُ مُبَاحًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ طَلَبَهَا إجَابَتُهُ، وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا فَإِنْ امْتَنَعَتْ سَقَطَ حَقُّهَا وَلَوْ مَحْجُورَةً، وَقَدْ يُقَالُ وُجُوبُ إطَاعَتِهَا مِنْ حَيْثُ حُكْمُهَا إجَابَتُهُ، وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَعْضَهُنَّ) سَوَاءُ صَاحِبَةُ النَّوْبَةِ أَوْ الزِّفَافِ أَوْ غَيْرُهَا، وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ النَّوْبَةِ أَوْ الزِّفَافِ فَيَقْضِي لَهَا إذَا عَادَ. قَوْلُهُ: (بِقُرْعَةٍ) إنْ لَمْ يَرْتَضِينَ بِوَاحِدَةٍ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِقُرْعَةٍ وَلَا قَضَاءَ وَلَهُنَّ الرُّجُوعُ قَبْلَ السَّفَرِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَكَذَا بَعْدَهُ مَا لَمْ يَقْطَعْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ، فَإِنْ سَافَرَ بِغَيْرِ مَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ قَضَى لَهَا زِيَادَةً عَلَى الْبَقِيَّةِ مَا لَا يَقْضِيهِ لَهُنَّ قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْضِي) أَيْ سَوَاءٌ سَافَرَ بِهَا قُرْعَةً أَوْ لَا، وَإِنْ عَصَى بِأَخْذِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَصَارَ مُقِيمًا) أَيْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّرَخُّصُ، وَسَاكَنَ الْمَصْحُوبَةَ لِأَنَّ الضَّابِطَ أَنَّهُ يَقْضِي مُدَّةَ عَدَمِ التَّرَخُّصِ، إنْ سَاكَنَ الْمَصْحُوبَةَ فِي مَقْصِدِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ لِمَا جَاوَزَ مَقْصِدَهُ بِهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا يَقْضِي مَا جَاوَزَهُ مُطْلَقًا، وَالْأَوَّلُ مَنْقُولٌ عَلَى النَّصِّ لِأَنَّ لَهُ التَّرَخُّصَ فِيهِ، وَلَوْ كَتَبَ يَسْتَحْضِرُ الْمُتَخَلِّفَاتِ قَضَى مِنْ وَقْتِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ إقَامَتِهِ فَإِنْ أَقَامَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ قُضِيَ مِنْ وَقْتِ الْإِقَامَةِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ، أَوْ قَبْلَ إقَامَتِهِ اُعْتُبِرَتْ إقَامَتُهُ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِنْ هُنَا أَنَّ سَفَرَ غَيْرِ النَّقْلَةِ يَنْقَلِبُ إلَيْهَا دُونَ عَكْسِهِ كَمَا مَرَّ، وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ الْقَضَاءَ يَكُونُ مُوَزَّعًا، فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا، وَقَالَ السَّنْبَاطِيُّ هُنَا نَقْضِي لِكُلِّ وَاحِدَةٍ، مُتَوَالِيًا بِقَدْرِ حَقِّهَا وَيَحْتَاجُ إلَى الْقُرْعَةِ فِي تَقْدِيمِ بَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ، وَيُقَدِّمُ مُدَّةَ الزِّفَافِ عَلَى غَيْرِهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ وَهَبَتْ حَقَّهَا) وَلَوْ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّوْرِ بَيْنَهُنَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ الرِّضَا) فَلَهُ الرَّدُّ وَلَيْسَ لَنَا هِبَةٌ تَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا هَذِهِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الْهِبَاتِ، وَلِذَلِكَ كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ لَيْلَتِهَا، وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ الْخُرُوجُ إلَيْهَا حَالًا إنْ عَلِمَ، وَمَا فَاتَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ وَلَوْ لَيَالِيَ، وَفَارَقَ ضَمَانَ مَا أُبِيحَ نَحْوُ ثَمَرِ بُسْتَانٍ بَعْدَ الرُّجُوعِ، وَقَبْلَ الْعِلْمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْغَرَامَاتِ وَالْإِتْلَافَاتِ، وَلَيْسَ لِلْوَاهِبَةِ أَنْ تَأْخُذَ عَنْ حَقِّهَا عِوَضًا، وَيَلْزَمُهَا رَدُّهُ لَوْ أَخَذَتْهُ وَتَسْتَحِقُّ الْقَضَاءَ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا تَبَعًا مَا لَمْ تَعْلَمْ بِالْفَسَادِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَخْلُفَهُنَّ) اقْتَضَى هَذَا الْإِطْلَاقَ، وَلَوْ كَانَ الْبَلَدُ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ قَرِيبًا جِدًّا، وَهُوَ مُحْتَمَلُ قَوْلِهِ: (بِقُرْعَةٍ) لَوْ أَقْرَعَ فَخَرَجَتْ لِوَاحِدَةٍ فَأَخَذَ غَيْرَهَا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقْضِي لِلْمَظْلُومَةِ فَقَطْ لِانْحِصَارِ الْحَقِّ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْضِي مُدَّةَ سَفَرِهِ) أَيْ ذَهَابًا. قَوْلُهُ: (وَصَارَ مُقِيمًا) أَفَادَ هَذَا الْقَيْدُ أَنَّ الرُّجُوعَ الْفَوْرِيَّ لَا قَضَاءَ فِيهِ لِمُدَّةِ الرُّجُوعِ قَطْعًا قَوْلُهُ: (قَضَى مُدَّةَ الْإِقَامَةِ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْتَزِلْهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَضِيَ إلَخْ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَيْسَ لَنَا هِبَةٌ يُقْبَلُ فِيهَا غَيْرُ الْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا هَذِهِ قَوْلُهُ: (كُلُّ لَيْلَةٍ فِي وَقْتِهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ مُنْفَهِمٌ مِنْ قَوْلِهِ لَيْلَتَيْهِمَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 (وَقِيلَ) فِي الْمُنْفَصِلَتَيْنِ (يُوَالِيهِمَا) بِأَنْ يُقَدِّمَ لَيْلَةَ الْوَاهِبَةِ عَلَى وَقْتِهَا، وَيَصِلَهَا بِلَيْلَةِ الْمَوْهُوبَةِ عَلَى وَقْتِهَا، وَيَصِلَهَا بِلَيْلَةِ الْوَاهِبَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْهَلُ عَلَيْهِ، وَالْمِقْدَارُ لَا يَخْتَلِفُ، وَعُورِضَ ذَلِكَ بِأَنَّ فِيهِ تَأْخِيرَ حَقِّ مَنْ بَيْنَ اللَّيْلَتَيْنِ، وَبِأَنَّ الْوَاهِبَةَ قَدْ تَرْجِعُ بَيْنَهُمَا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَالْمُوَالَاةُ تُفَوِّتُ حَقَّ الرُّجُوعِ، وَقَوْلُهُ رَضِيَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَوْهُوبِ لَهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ (أَوْ) وَهَبَتْ (لَهُنَّ سَوَّى) بَيْنَهُنَّ فَيَجْعَلُ الْوَاهِبَةَ كَالْمَعْدُومَةِ (أَوْ) وَهَبَتْ (لَهُ فَلَهُ التَّخْصِيصُ) أَيْ تَخْصِيصُ وَاحِدَةٍ بِنَوْبَةِ الْوَاهِبَةِ لِأَنَّهَا جَعَلَتْ الْحَقَّ لَهُ فَيَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ، وَيَأْتِي فِي الِاتِّصَالِ وَالِانْفِصَالِ مَا سَبَقَ (وَقِيلَ يُسَوِّي) بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ وَلَا يُخَصِّصُ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ يُورِثُ الْوَحْشَةَ وَالْحِقْدَ، فَيَجْعَلُ الْوَاهِبَةَ كَالْمَعْدُومَةِ وَيَقْسِمُ بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ. . فَصْلٌ. ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ نُشُوزِهَا قَوْلًا كَأَنْ تُجِيبَهُ بِكَلَامٍ خَشِنٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ يَلِينُ أَوْ فِعْلًا، كَأَنْ يَجِدَ مِنْهَا إعْرَاضًا وَعَبُوسًا بَعْدَ لُطْفٍ وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ (وَعَظَهَا بِلَا هَجْرٍ) وَلَا ضَرْبٍ فَلَعَلَّهَا تُبْدِي عُذْرًا أَوْ تَتُوبُ عَمَّا جَرَى مِنْهَا، مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَالْوَعْظُ، كَأَنْ يَقُولَ اتَّقِي اللَّهَ فِي الْحَقِّ الْوَاجِبِ لِي عَلَيْك وَاحْذَرِي الْعُقُوبَةَ وَيُبَيِّنَ لَهَا أَنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ وَالْقَسْمَ، (فَإِنْ تَحَقَّقَ نُشُوزٌ وَلَمْ يَتَكَرَّرْ وَعْظٌ وَهَجْرٌ فِي الْمَضْجَعِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَلَا يَضْرِبُ فِي الْأَظْهَرِ قُلْت الْأَظْهَرُ يَضْرِبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، أَيْ يَجُوزُ لَهُ الثَّلَاثَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34]   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُقَدِّمَ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ جَوَازِ التَّأْخِيرِ فِي الصُّورَتَيْنِ، بِأَنْ يُؤَخِّرَ لَيْلَةَ الْوَاهِبَةِ إلَى لَيْلَةِ الْمَوْهُوبَةِ أَوْ عَكْسِهِ، بِرِضَا الْمَوْهُوبَةِ وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُهُ قَالَ شَيْخُنَا، وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُ حَقٍّ مِنْ بَيْنِهِمَا وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ تَأْخِيرٌ حَتَّى إلَخْ) أَيْ بِغَيْرِ رِضًا مِنْهُنَّ وَإِلَّا جَازَ وَفَارَقَ اعْتِبَارَ عَدَمِ الرِّضَا مَعَ التَّقَدُّمِ لِأَنَّ فِيهِ سُرْعَةَ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَحَيْثُ جَازَ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبَةِ الرُّجُوعُ بَعْدَ مَبِيتِ لَيْلَتِهِمَا، لِأَنَّ لَيْلَتَهَا الْأَصْلِيَّةَ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لِغَيْرِهَا، وَقَوْلُهُمْ لِأَنَّ الْوَاهِبَةَ قَدْ تَرْجِعُ تَعْلِيلٌ لِتَرْكِ التَّقْدِيمِ لَا لِجَوَازٍ بَعْدَ وُقُوعِهِ، وَإِلَّا لَزِمَ إحَالَةُ الْخِلَافِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُنَّ) أَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (أَوْ لَهُ فَلَهُ تَخْصِيصُ وَاحِدَةٍ) أَيْ مَنْ أَرَادَ مِنْهُنَّ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فِي كُلِّ دَوْرٍ. تَنْبِيهٌ: بَقِيَ مِنْ أَطْرَافِ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ وَهَبَتْهُ لِمُبْهَمَةٍ، أَوْ لِاثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ أَوْ لَهُ أَوْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَوْ لَهُ، وَلِاثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ أَوْ لِلْجَمِيعِ فَفِي الْأُولَى الْهِبَةُ بَاطِلَةٌ وَمَا عَدَاهَا يُعْلَمُ مِنْ الْأَخِيرَةِ، وَحُكْمُهَا أَنَّهُ فِي كُلِّ دَوْرٍ لَيْلَةٌ فَيُقْرِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ فِي أَوَّلِ دَوْرٍ، فَإِنْ خَرَجَتْ لِوَاحِدَةٍ اخْتَصَّتْ بِهَا أَوَّلَهُ جَعَلَهَا لِمَنْ أَرَادَ مِنْهُنَّ ثُمَّ بَعْدَ دَوْرٍ آخَرَ لَيْلَةٌ أَيْضًا فَيُقْرِعُ لَهَا بَيْنَ مَنْ بَقِيَ لِأَنَّ مَنْ خُصَّ بِلَيْلَةٍ لَا يَدْخُلُ فِي الْقُرْعَةِ بَعْدَهُ، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ خُصَّ بِهَا كَمَا مَرَّ. وَهَكَذَا حَتَّى يَتِمَّ أَرْبَعُ لَيَالٍ بَعْدُ أَوْ أَكْثَرُ وَحَيْثُ تَعَيَّنَتْ كُلُّ لَيْلَةٍ لِمَنْ خُصَّ بِهَا، فَلَا حَاجَةَ إلَى قُرْعَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَدْ انْتَظَمَتْ الْأَدْوَارُ وَاللَّيَالِي وَوُقُوعُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ بَعْدَ تَمَامِ الْأَدْوَارِ لَا يُخِلُّ بِهَا فَتَأَمَّلْ، وَافْهَمْ وَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَلَمْ تَصِحَّ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ، وَهَذَا إذَا وَهَبَتْ لَيْلَتَهَا دَائِمًا فَإِنْ وَهَبَتْ لَيْلَةً فَقَطْ مَثَلًا لَهُ وَلَهُنَّ خَصَّ كُلًّا بِرُبْعٍ وَرُبْعُهُ يَخُصُّ بِهِ مَنْ شَاءَ، وَيُقْرِعُ فِي الِابْتِدَاءِ فِي الْكُلِّ، وَهَذَا يَجْرِي فِي الْأُولَى إذَا جَعَلَ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي دَوْرِهَا، وَلَوْ مَاتَتْ الْوَاهِبَةُ بَطَلَتْ الْهِبَةُ، وَكَذَا لَوْ فَارَقَهَا وَلَوْ أَنْكَرَتْ الْهِبَةَ لَهُ لَمْ يُقْبَلْ عَلَيْهِمَا إلَّا بِرَجُلَيْنِ. فَرْعٌ: يَعْصِي بِطَلَاقِ مَنْ دَخَلَ وَقْتُ حَقِّهَا قَبْلَ وَفَائِهِ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنْ سَأَلَتْهُ فَلَا يَعْصِي وَيَجِبُ الْوَفَاءُ لَهَا بَعْدَ عَوْدِهَا، وَلَوْ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ مِنْ نَوْبَةِ الْمُسْتَوْفِيَةِ إنْ كَانَتْ مَعَهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ فَلَا قَضَاءَ وَلَا يُحْسَبُ مَبِيتُهُ مَعَ الْمَظْلُومَةِ بَعْدَ عَوْدِهَا مِنْ الْقَضَاءِ فَتَأَمَّلْ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ فِي بَابِ الْخُلْعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَصْلٌ فِي حُكْمِ الشِّقَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ قَوْلُهُ: (بَعْدَ أَنْ كَانَ إلَخْ) خَرَجَ بِالْبَعْدِيَّةِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَنْ هِيَ دَائِمًا. كَذَلِكَ فَلَيْسَ نُشُوزًا إلَّا إنْ زَادَ. قَوْلُهُ: (إعْرَاضًا وَعَبُوسًا) لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ كَرَاهَةٍ وَبِذَلِكَ فَارَقَ السَّبَّ وَالشَّتْمَ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِسُوءِ خُلُقٍ لَكِنْ لَهُ تَأْدِيبُهَا عَلَيْهِ وَلَا بِلَا حَاكِمٍ. قَوْلُهُ: (وَعْظُهَا) أَيْ نَدْبًا. قَوْلُهُ: (كَانَ كَأَنْ يَقُولَ إلَخْ) وَيُنْدَبُ أَنْ يَذْكُر لَهَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ «إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيُّمَا امْرَأَةٍ عَبَسَتْ فِي وَجْهِ زَوْجِهَا إلَّا قَامَتْ مِنْ قَبْرِهَا مُسَوَّدَةَ الْوَجْهِ، وَلَا تَنْظُرُ إلَى الْجَنَّةِ، وَمَا فِي التِّرْمِذِيِّ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا رَاضٍ عَنْهَا دَخَلَتْ الْجَنَّةَ» . قَوْلُهُ: (فِي الْمَضْجَعِ بِفَتْحِ الْجِيمِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَهُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ اسْمٌ لِلْوَطْءِ وَالْفِرَاشِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْأَظْهَرُ يَضْرِبُ) أَيْ إنْ أَفَادَ فِي ظَنِّهِ وَإِلَّا امْتَنَعَ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ لَهُ الثَّلَاثَةُ) وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ وَالْخَطِيبِ أَنَّهُ لَا يَرْتَقِي لِمَرْتَبَةٍ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِمَا دُونَهَا كَمَا فِي الصَّائِلِ، وَلَا يَبْلُغُ بِهِ حَدًّا كَالتَّعْزِيرِ بَلْ هُوَ مِنْهُ، وَلِذَلِكَ يَضْمَنُ بِهِ.   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ نُشُوزِهَا قَوْلًا أَوْ فِعْلًا] فَصْلٌ: ظَهَرَتْ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَكَرَّرْ وَعْظٌ إلَخْ) لَوْ صَدَرَ مِنْهَا شَتْمٌ لَهُ وَبَذَاءَةُ لِسَانٍ فَهَلْ لَهُ تَأْدِيبُهَا، أَوْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ، وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا مَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ فِي رَفْعِهَا إلَى الْحَاكِمِ مَشَقَّةً وَعَارًا وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضْرِبُ فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ مَا جَرَى قَدْ يَكُونُ لِعَارِضٍ سَرِيعِ الزَّوَالِ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَى التَّأْدِيبِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 وَالْخَوْفُ هُنَا بِمَعْنَى الْعِلْمِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا} [البقرة: 182] وَالْأَوَّلُ أَبْقَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ. وَقَالَ الْمُرَادُ: {وَاهْجُرُوهُنَّ إنْ نَشَزْنَ وَاضْرِبُوهُنَّ إنْ أَصْرَرْنَ عَلَى النُّشُوزِ} وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ تَكَرَّرَ ضَرْبٌ) وَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى الزِّيَادَةِ وَقَيَّدَ الضَّرْبَ فِيهَا بِعَدَمِ التَّكَرُّرِ، كَأَنْ أَقْعَدَ وَلَا يَأْتِي بِضَرْبٍ مُبَرِّحٍ، وَلَا عَلَى الْوَجْهِ، وَالْمَهَالِكِ وَالْأَوْلَى لَهُ الْعَفْوُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فِي الْمَضْجَعِ أَنَّهُ لَا يَهْجُرُهَا فِي الْكَلَامِ، وَهُوَ صَحِيحٌ فِيمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. وَيَجُوزُ فِي الثَّلَاثَةِ، كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ» . (فَلَوْ مَنَعَهَا حَقًّا كَقَسْمٍ وَنَفَقَةٍ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي تَوْفِيَتَهُ فَإِنْ أَسَاءَ خُلُقَهُ وَآذَاهَا) ، بِضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِلَا سَبَبٍ نَهَاهُ) عَنْ ذَلِكَ (فَإِنْ عَادَ) إلَيْهِ (عَزَّرَهُ) بِمَا يَرَاهُ هَذَا فِيمَا إذَا تَعَدَّى عَلَيْهَا وَمَا قَبْلَهُ فِيمَا إذَا تَعَدَّتْ عَلَيْهِ (وَإِنْ قَالَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (إنَّ صَاحِبَهُ مُتَعَدٍّ) ، عَلَيْهِ (تَعَرَّفَ الْقَاضِي الْحَالَ بِثِقَةٍ) فِي جَوَازِهِمَا (يَخْبُرُهُمَا) ، بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَالِثِهِ (وَمَنَعَ الظَّالِمَ) مِنْهُمَا مِنْ عَوْدِهِ إلَى ظُلْمِهِ اعْتِمَادًا عَلَى خَبَرِ الثِّقَةِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِ عَدْلٍ وَاحِدٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ وَلَا يَخْلُو عَنْ احْتِمَالٍ. (فَإِنْ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ) أَيْ الْخِلَافُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ دَامَا عَلَى التَّسَابِّ وَالتَّضَارُبِ (بَعَثَ) الْقَاضِي (حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا) لِيَنْظُرَا فِي أَمْرِهِمَا بَعْدَ اخْتِلَاءِ حَكَمِهِ بِهِ، وَحَكَمِهَا بِهَا وَمَعْرِفَةِ مَا عِنْدَهُمَا فِي ذَلِكَ، وَيُصْلِحَا بَيْنَهُمَا أَوْ يُفَرِّقَا إنْ عَسُرَ الْإِصْلَاحُ عَلَى مَا سَيَأْتِي قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا} [النساء: 35] إلَخْ وَهَلْ بَعْثُهُ وَاجِبٌ، أَوْ مُسْتَحَبٌّ وَجْهَانِ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ، وُجُوبَهُ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي الْآيَةِ (وَهُمَا وَكِيلَانِ لَهُمَا وَفِي قَوْلٍ) حَاكِمَانِ (مُوَلَّيَانِ مِنْ الْحَاكِمِ) لِأَنَّ اللَّهَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ) الْقَائِلُ بِعَدَمِ الضَّرْبِ أَبْقَاهُ أَيْ الْخَوْفُ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَلَمْ يَجْعَلْهُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ كَالْآخَرِ. قَوْلُهُ: (أَقْعَدَ) لَمْ يَقُلْ أَحْسَنَ أَوْ أَوْضَحَ أَوْ أَقْوَمَ لِاسْتِوَاءِ الْعِبَارَتَيْنِ فِي تَأْدِيَةِ الْمَعْنَى، لَكِنَّ مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ أَدْخَلُ فِي تَرْكِيبِ الْكَلَامِ وَبَلَاغَتِهِ وَمَنْ فَهِمَ عَنْهُ غَيْرَ هَذَا وَاحْتَاجَ إلَى الْجَوَابِ فَهُوَ مِنْ التَّكَلُّفِ الَّذِي هُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ وَتَقَوُّلٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوْلَى لَهُ الْعَفْوُ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ حَظِّ نَفْسِهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ كَوْنَ الْأُولَى لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ عَدَمَ الْعَفْوِ لِأَنَّهُ لِلتَّأْدِيبِ. قَوْلُهُ: (لَا يَهْجُرُهَا فِي الْكَلَامِ) وَلَا فِي غَيْرِهِ مِنْ قَسْمٍ وَنَفَقَةٍ وَنَحْوِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ فِي الثَّلَاثَةِ) وَيَحْرُمُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا إلَّا قَصْدُ رَدِّهَا عَنْ الْمَعْصِيَة أَوْ إصْلَاحُ دِينِهَا إذْ الْهَجْرُ وَلَوْ دَائِمًا وَلَوْ لِغَيْرِ الزَّوْجَيْنِ جَائِزٌ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ كَفِسْقٍ وَابْتِدَاعٍ وَإِيذَاءٍ وَزَجْرٍ وَإِصْلَاحٍ لِلْهَاجِرِ، أَوْ الْمَهْجُورِ كَمَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَجَرَهُمْ وَنَهَى الصَّحَابَةَ عَنْ كَلَامِهِمْ، وَهُمْ مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ وَلِذَلِكَ قِيلَ أَوَائِلُ أَسْمَائِهِمْ مَكَّةُ أَوْ أَوَاخِرُ أَسْمَائِهِمْ عَكَّةُ. تَنْبِيهٌ: قَالَ الْعُلَمَاءُ لَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يُضْرَبُ فِيهِ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ مَنْعِ حَقِّهِ إلَّا هَذَا، وَالْعَبْدُ وَذَلِكَ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ لَهُمَا وَعَدَمِ الِاطِّلَاعِ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ لَوْ ضَرَبَ وَادَّعَى أَنَّهُ بِسَبَبِ النُّشُوزِ، وَأَنْكَرَتْ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ الضَّرْبِ لَا لِسُقُوطِ نَحْوِ النَّفَقَةِ نَعَمْ إنْ عَلِمَتْ جَرَاءَتَهُ عِنْدَ النَّاسِ صُدِّقَتْ هِيَ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. . قَوْلُهُ: (بِلَا سَبَبٍ) وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: (نَهَاهُ) وَلَا يُعَزِّرُهُ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ يُورِثُ وَحْشَةً بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَرُبَّمَا يَلْتَئِمُ الْحَالُ بَيْنَهُمَا، وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ إسْكَانُهُمَا بِجِوَارِ عَدْلٍ، وَيَحُولُ بَيْنَهُمَا لِيَظْهَرَ الصَّادِقُ مِنْهُمَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا فِي الزَّوْجِ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ فَتُعَذَّرُ ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ: (تَعَرَّفَ الْقَاضِي) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ اسْتَخْبَرَ عَنْ حَالِهِمَا مَنْ يَعْرِفُهُمَا وُجُوبًا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَخَرَجَ بِالتَّعَدِّي كَرَاهَةُ الصُّحْبَةِ لِنَحْوِ كِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لَكِنْ يُنْدَبُ اسْتِعْطَافُ الْكَارِهِ بِمَا يُرْضِيه، وَلَوْ بِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهِ. قَوْلُهُ: (بِثِقَةٍ) وَاكْتَفِي بِهِ لِعُسْرِ الْبَيِّنَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْعُ الظَّالِمِ) عَلَى وِزَانِ مَا مَرَّ مِنْ نَهْيٍ أَوْ تَعْزِيرٍ. قَوْلُهُ: (عَدْلٌ) وَلَوْ رِوَايَةً لِأَنَّهُ الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالثِّقَةِ، وَلَوْ لَمْ يَرْتَفِعْ الظُّلْمُ بَيْنَهُمَا أَحَالَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إنَّهُ رَجَعَ عَنْ ظُلْمِهِ إلَّا بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ. قَوْلُهُ: (بَعَثَ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَهْلِهِ) نَدْبًا وَكَذَا مِنْ أَهْلِهَا وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (بَعْدَ اخْتِلَاءٍ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخْفِيَ أَحَدَ الْحُكْمَيْنِ عَنْ الْآخَرِ شَيْئًا إذَا اخْتَلَى بِهِ. قَوْلُهُ: (صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وُجُوبَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَكِيلَانِ) فَلَوْ جُنَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ اسْتِعْلَامِ الْحُكْمَيْنِ حَالَهُمَا انْعَزَلَ حُكْمُهُ لَا إنْ غَابَ.   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: لَوْ ضَرَبَهَا وَادَّعَى أَنَّهُ بِسَبَبِ نُشُوزِهَا، وَادَّعَتْ عَدَمَهُ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ فِي الْمَطْلَبِ، قَالَ وَاَلَّذِي يَقْوَى فِي ظَنِّي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ، لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَهُ وَالِيًا فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْمُرَادُ إلَخْ) قِيلَ يَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رَتَّبَ الْعُقُوبَاتِ عَلَى خَوْفِ النُّشُوزِ، وَلَا خِلَافَ فِي انْتِفَاءِ الضَّرْبِ قَبْلَ إظْهَارِهِ، وَأَيْضًا ذِكْرُهُ الْعُقُوبَاتِ مُتَصَاعِدَةً عَلَى الْوَجْهِ الْمُبِينِ فِي الْآيَةِ فِيهِ تَنْبِيهٌ ظَاهِرٌ عَلَى التَّرْتِيبِ. أَقُولُ الثَّانِي مُسَلَّمُ الدَّلَالَةِ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَجَوَابُهُ أَنَّ الْخَوْفَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ مِنْ الثَّانِي أَيْضًا، بِأَنْ يُجْعَلَ حِكْمَةُ ذِكْرِهَا مُتَصَاعِدَةَ الْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى نَوْعٍ وَهُوَ يَرَى مَا دُونَهُ كَافِيًا، فَإِنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ تَكَرَّرَ ضَرْبٌ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْفَعَ غَيْرُهُ مِنْ الْوَعْظِ وَالْهَجْرِ، وَإِذَا تَلِفَ ضَمِنَ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ إتْلَافٌ لَا إصْلَاحٌ قَوْلُهُ: (أَلْزَمَهُ الْقَاضِي) أَيْ وَلَا تُجْبِرُهُ هِيَ كَمَا يُجْبِرُهَا لِعَجْزِهَا عَنْهُ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] الْآيَةُ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْآيَةِ لَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (هَذَا إلَخْ) تَوْطِئَةٌ لِكَلَامِ الْمَتْنِ الْآتِي قَوْلُهُ: (قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} [النساء: 35] إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الضَّمِيرَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ يُرِيدَا وَقَوْلِهِ بَيْنَهُمَا مَرْجِعُ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا لِلْحَكَمَيْنِ وَالثَّانِي لِلزَّوْجَيْنِ، وَقِيلَ هُمَا لِلْحَكَمَيْنِ وَقِيلَ لِلزَّوْجَيْنِ وَفِي الْآيَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَصْلَحَ نِيَّتَهُ فِيمَا يَتَحَرَّاهُ أَصْلَحَ اللَّهُ مُبْتَغَاهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 تَعَالَى سَمَّاهُمَا حَكَمَيْنِ، وَالْوَكِيلُ مَأْذُونٌ لَيْسَ بِحَكَمٍ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَالَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْفِرَاقِ وَالْبُضْعُ حَقُّ الزَّوْجِ، وَالْمَالُ حَقُّ الزَّوْجَةِ وَهُمَا رَشِيدَانِ، فَلَا يُوَلَّى عَلَيْهِمَا فِي حَقِّهِمَا (فَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا) بِبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ (فَيُوَكِّلُ) هُوَ (حَكَمَهُ بِطَلَاقٍ وَقَبُولِ عِوَضِ خُلْعٍ وَتُوكِلُ) هِيَ (حَكَمَهَا بِبَذْلِ عِوَضٍ وَقَبُولِ طَلَاقٍ بِهِ) ، وَيُفَرِّقُ الْحَكَمَانِ بَيْنَهُمَا إنْ رَأَيَاهُ صَوَابًا وَعَلَى الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا بِبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ، وَإِذَا رَأَى حَكَمُ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ اسْتَقَلَّ بِهِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى طَلْقَةٍ وَإِنْ رَأَى الْخُلْعَ، وَوَافَقَهُ حَكَمُهَا تَخَالَعَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ ثُمَّ الْحَكَمَانِ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا الْحُرِّيَّةُ وَالْعَدَالَةُ وَالِاهْتِدَاءُ إلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ بَعْثِهِمَا دُونَ الِاجْتِهَادِ، وَتُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ عَلَى الثَّانِي وَكَوْنُهُمَا مِنْ أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ أَوْلَى لَا وَاجِبٌ. كِتَابُ الْخُلْعِ (هُوَ فُرْقَةٌ بِعِوَضٍ) مَقْصُودٌ لِجِهَةِ الزَّوْجِ، (بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ) كَقَوْلِهِ طَلَّقْتُك أَوْ خَالَعْتكِ عَلَى كَذَا فَتَقْبَلُ، وَسَيَأْتِي صِحَّتُهُ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِلَفْظِ طَلَاقٍ لَفْظٌ مِنْ أَلْفَاظِهِ، صَرِيحًا كَانَ أَوْ كِنَايَةً وَلَفْظُ الْخُلْعِ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ (شَرْطُهُ زَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا مُخْتَارًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (فَلَوْ خَالَعَ عَبْدٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ صَحَّ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ وَالْوَلِيُّ، (وَوَجَبَ دَفْعُ الْعِوَضِ) دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا (إلَى مَوْلَاهُ وَوَلِيِّهِ) ، لِيَبْرَأَ الدَّافِعُ مِنْهُ،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَيُوَكِّلُ هُوَ حَكَمَهُ بِطَلَاقٍ) وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُخَالِعَ. قَوْلُهُ: (وَقَبُولُ عِوَضِ خُلْعٍ) وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُطَلِّقَ مَجَّانًا وَمِثْلُهُ فِي حُكْمِهَا، وَإِذَا عَجَزَ الْحَكَمَانِ بَعَثَ الْقَاضِي غَيْرَهُمَا، فَإِنْ عَجَزَ أَيْضًا أَدَّبَ الْقَاضِي الظَّالِمَ مِنْهُمَا وَأَخَذَ حَقَّ الْآخَرِ مِنْهُ، وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْ الْحَكَمَيْنِ أَنْ يَحْتَاطَ، فَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِحَكَمِهِ خُذْ مَالِي مِنْهُ وَطَلِّقْ أَوْ خَالِعْ أَوْ عَكْسَهُ تَعَيَّنَ أَخْذُ الْمَالِ أَوَّلًا وَإِنْ قَالَ طَلِّقْ أَوْ خَالِعْ ثُمَّ خُذْ جَازَ تَقْدِيمُ أَخْذِ الْمَالِ وَعَكْسُهُ. كَذَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَذُكِرَ عَنْ شَيْخِنَا مُخَالَفَتُهُ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ فِيهِمَا) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَكَذَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْإِسْلَامُ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ كَافِرَيْنِ وَالتَّكْلِيفُ اللَّازِمُ لِلْعَدَاوَةِ مَانِعًا اُشْتُرِطَ فِيهِمَا ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِمَا، وَكِيلَيْنِ لِتَعَلُّقِ وَكَالَتِهِمَا بِنَظَرِ الْحَاكِمِ، وَيُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ عَلَى الثَّانِي وَتُنْدَبُ عَلَى الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. كِتَابُ الْخُلْعِ بِضَمِّ الْخَاءِ مِنْ الْخَلْعِ بِفَتْحِهَا وَهُوَ لُغَةً النَّزْعُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لِبَاسُ الْآخَرِ، فَكَأَنَّهُ نَزَعَ لِبَاسَهُ وَشَرْعًا مَا سَيَأْتِي وَالْمَعْنَى فِي جَوَازِهِ أَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِالْبُضْعِ جَازَتْ إزَالَتُهُ بِعِوَضٍ كَالْمَبِيعِ وَفِيهِ دَفْعُ ضَرَرٍ عَنْ الْمَرْأَةِ غَالِبًا وَأَصْلُهُ الْكَرَاهَةُ، وَلَوْ مَعَ الشِّقَاقِ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنَّ لَهُ حُكْمَ الطَّلَاقِ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَإِنْ مَنَعَهَا نَحْوَ نَفَقَةٍ لِتَخْتَلِعَ مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَسَيَأْتِي عَنْ شَيْخِنَا خِلَافُهُ وَهُوَ مِنْ الطَّلَاقِ وَقَدَّمَهُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَالِبًا عَنْ الشِّقَاقِ وَأَوَّلُ خُلْعٍ وَقَعَ فِي الْإِسْلَامِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ فِي امْرَأَتِهِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً، كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ مَخْلَصٌ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ الْبَاجِيَّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمْ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَا يَخْلُصُ فِي الْإِثْبَاتِ الْمُقَيَّدِ نَحْوُ لَأَفْعَلَن كَذَا فِي هَذَا الشَّهْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْبِرِّ بِاخْتِيَارِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مَقْصُودٌ) خَرَجَ نَحْوُ الدَّمِ فَهُوَ رَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ. قَوْلُهُ: (لِجِهَةِ الزَّوْجِ) نَفْسِهِ أَوْ سَيِّدِهِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ، كَأَنْ أَبْرَأْتنِي وَزَيْدًا فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَتَصِحُّ الْبَرَاءَةُ لَهُمَا بِخِلَافِ إنْ أَبْرَأْت زَيْدًا فَرَجْعِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا وَالْبَرَاءَةُ صَحِيحَةٌ أَيْضًا وَفِي بَرَاءَةِ زَيْدٍ فِي الصُّورَتَيْنِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ، وَدَخَلَ فِيمَا ذَكَرَ مَا لَوْ قَالَ خَالَعْتكِ عَلَى عَشَرَةٍ مَثَلًا خَمْسَةٌ لِي وَخَمْسَةٌ لِزَيْدٍ فَحَرِّرْهُ وَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) إشَارَةٌ لِإِخْرَاجِ لَفْظِ الطَّلَاقِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَذَكَرَ لَفْظَ الْخُلْعِ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (يَعْنِي إلَخْ) فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ هُوَ وَصْفُ الزَّوْجِ لَا نَفْسِهِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِ الْخَمْسَةِ كَالْعِوَضِ وَالْبُضْعِ وَالْمُلْتَزِمِ وَالصِّيغَةِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ) بَيَانٌ لِذَلِكَ الْوَصْفِ فَيَخْرُجُ بِهِ " الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُكْرَهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الرَّقِيقُ وَالسَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ وَالْمَرِيضُ، وَهُوَ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ فَاحْتَاجَ لِذِكْرِهِمْ.   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الْخُلْعِ] ِ قَالَ الْقَفَّالُ هُوَ ضَرْبٌ مِنْ الْجَعَالَةِ مُشَاكِلٌ لِلْمُعَاوَضَةِ، لِأَنَّ بُضْعَهَا فِي مَعْنَى الْمَمْلُوكِ لِلزَّوْجِ بِالْمَهْرِ، فَإِذَا خَالَعَهَا فَقَدْ رَدَّ بَعْضَهَا وَجَوَّزَهُ الشَّارِعُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ أهـ. قَوْلُهُ: (بِعَرَضٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ خَلْعٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ هُنَا لِلْمَعْنَى الْمُسَمَّى بِالْخُلْعِ لَا لِلَفْظِ الْخُلْعِ. قَوْلُهُ: (يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا دَفْعَ مَحْذُورِ الْإِخْبَارِ بِالذَّاتِ عَنْ الْحَدَثِ وَأَيْضًا الزَّوْجُ رُكْنٌ لَا شَرْطٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ) كَذَا قَطَعُوا بِهِ وَلَمْ يُجْرُوا فِيهِ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا قَبِلَ هِبَةً، أَوْ وَصِيَّةٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ هَلْ يَصِحُّ الْقَبُولُ أَوْ لَا، لِأَنَّهُ جَرَى فِي ضِمْنِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْحَجْرِ قَالَهُ الْإِمَامُ فِي بَابِ نِكَاحِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (وَوَجَبَ دَفْعُ الْعِوَضِ إلَخْ) . لَوْ دَفَعَتْهُ لِلسَّفِيهِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ، فَلَا ضَمَانَ وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ رُشْدِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَتْهُ لِلْعَبْدِ، وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 وَيَمْلِكُهُ السَّيِّدُ كَسَائِرِ أَكْسَابِ الْعَبْدِ وَلَوْ قَالَ السَّفِيهُ إنْ دَفَعْت إلَيَّ كَذَا، فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَتَبْرَأُ بِهِ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَبْدِ وَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ يَصِحُّ خُلْعُ الْمُفْلِسِ، لِتَقَدُّمِهِ فِي بَابِهِ (وَشَرْطُ قَابِلِهِ) أَيْ الْخُلْعِ مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ بِجَوَابٍ أَوْ سُؤَالٍ لِيَصِحَّ خُلْعُهُ، (إطْلَاقُ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَالِ) بِأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (فَإِنْ اخْتَلَعَتْ أَمَةٌ بِلَا إذْنِ سَيِّدِ بِدَيْنٍ) فِي ذِمَّتِهَا (أَوْ عَيَّنَ مَالَهُ بَانَتْ) لِذِكْرِ الْعِوَضِ (وَلِلزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهَا مَهْرُ مِثْلٍ فِي صُورَةِ الْعَيْنِ وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهَا) ، أَوْ مِثْلُهَا لِفَسَادِ الْعِوَضِ بِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ فِيهِ، (وَفِي صُورَةِ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى وَفِي قَوْلٍ مَهْرُ مِثْلٍ) ، وَرَجَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَرَجَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ ثُمَّ مَا ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهَا إنَّمَا تُطَالِبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ (وَإِنْ أَذِنَ) السَّيِّدُ، (وَعَيَّنَ عَيْنًا لَهُ) أَيْ مِنْ مَالِهِ (أَوْ قَدَّرَ دَيْنًا) فِي ذِمَّتِهَا كَأَلْفِ دِرْهَمٍ (فَامْتَثَلَتْ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ) فِي صُورَةِ الْعَيْنِ (وَبِكَسْبِهَا فِي الدَّيْنِ) ،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (إلَى مَوْلَاهُ) فَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ بَرِئَ أَيْضًا إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ، أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُبَعَّضًا وَوَقَعَ الْخُلْعُ فِي نَوْبَتِهِ أَوْ دَفَعَ لَهُ بَعْدَ حُرِّيَّتِهِ، أَوْ أَخَذَهُ السَّيِّدُ مِنْ الْعَبْدِ أَوْ أَذِنَ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ، أَوْ قَصَّرَ فِي أَخْذِهِ مِنْهُ، قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ عَيْنٌ كَالسَّفِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأْ الدَّافِعُ وَيَرْجِعْ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِالْعِوَضِ، وَيَرْجِعْ الدَّافِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَرْطِهِ: قَوْلُهُ: (وَوَلِيِّهِ) أَوَّلَهُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ وَلِيُّهُ مِنْهُ، أَوْ قَصَّرَ فِي أَخْذِهِ وَهُوَ عَيْنٌ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لَهَا، وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ الدَّافِعُ وَيَرْجِعُ الْوَلِيُّ عَلَيْهِ بِالْعِوَضِ، وَيَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَى السَّفِيهِ فِي مَالِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْعِوَضُ عَيْنًا وَتَلِفَتْ رَجَعَ الْوَلِيُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَا بِقِيمَتِهَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الدَّفْعِ إلَى الْوَلِيِّ. قَوْلُهُ: (دَفَعْت) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوْ أَعْطَيْت أَوْ مَلَكْت وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالدَّفْعِ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى صِفَةٍ وَفَارَقَ غَيْرَهُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَى عِوَضٍ فِي الذِّمَّةِ فِيهِ بِخِلَافِ هَذَا. قَوْلُهُ: (وَتَبْرَأُ مِنْهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَمْلِكُهُ قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا اقْتَرَنَ بِالدَّفْعِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ نَحْوُ أَتَصَرَّفُ فِيهِ، أَوْ أَصْرِفُهُ فِي حَوَائِجِي وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا وَلَزِمَهُ رَدُّ الْعِوَضِ إلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا الْمُكْرَهُ وَالْمَرِيضُ فَسَيَأْتِيَانِ. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ قَابِلِهِ) وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا. قَوْلُهُ: (لِيَصِحَّ خُلْعُهُ) أَيْ لِيَقَعَ الْخُلْعُ مَعَهُ صَحِيحًا بِالْمُسَمَّى دَائِمًا. قَوْلُهُ: (غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ) فِيهِ غَنِيَّةٌ عَمَّا قَبْلَهُ وَدَخَلَ فِيهِ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ وَخَرَجَ بِهِ الْمُكْرَهُ، كَأَنْ أَكْرَهَهَا الزَّوْجُ عَلَى الِاخْتِلَاعِ، فَإِنَّهُ بَاطِلٌ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَإِنْ سَمَّى مَالًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِأَنَّهَا مُكْرَهَةٌ عَلَى الْقَبُولِ وَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً بِالْإِكْرَاهِ فَأَقَرَّ بِالْخُلْعِ وَأَنْكَرَ الْإِكْرَاهَ بَانَتْ وَلَا مَالَ وَلَزِمَهُ رَدُّ مَا أَخَذَهُ، وَلَوْ مَنَعَهَا نَفَقَتَهُ مَثَلًا لِتَخْتَلِعَ مِنْهُ فَهُوَ مِنْ الْإِكْرَاهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَنَعَهَا ذَلِكَ، فَافْتَدَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِيمَا مَرَّ وَهَذَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْمُسَمَّى مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (أَمَةٌ) أَيْ رَشِيدَةٌ وَلَوْ حُكْمًا فَغَيْرُهَا، كَالْحُرَّةِ السَّفِيهَةِ وَلَوْ مُكَاتَبَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ الْمُبَعَّضَةِ فِي مَالِهَا كَالْحُرَّةِ، وَبِمَالِ سَيِّدِهَا كَالْأَمَةِ وَبِمَالِهِمَا لِكُلٍّ حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَيْنِ مَالِهِ) أَيْ السَّيِّدِ وَمَالُ غَيْرِهِ أَوْ اخْتِصَاصٌ. قَوْلُهُ: (مَهْرُ مِثْلٍ فِي صُورَةِ الْعَيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَفِي صُورَةِ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ فِي الْمُكَاتَبَةِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا، وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهَا وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ التَّبَرُّعِ وَهُوَ الْوَجْهُ، كَمَا تُفِيدُهُ الْعِلَّةُ إذْ مَحِلُّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْقُصْ الْمُسَمَّى عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَرَاجِعْهُ وَلُزُومُ الْمُسَمَّى يَقْتَضِي صِحَّةَ الْخُلْعِ مِنْهُمَا، وَهُوَ بِخِلَافِ الشَّرْطِ السَّابِقِ فَإِنْ قِيلَ بِفَسَادِهِ فَمَهْرُ مِثْلٍ.   [حاشية عميرة] الْعِتْقِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْعَبْدِ لِحَقِّ السَّيِّدِ فَيَنْتَفِي الضَّمَانُ، مَا دَامَ حَقُّهُ بَاقِيًا وَالْحَجْرُ عَلَى السَّفِيهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ بِسَبَبِ النُّقْصَانِ فَيَنْتَفِي الضَّمَانُ حَالًا وَمَآلًا. قَوْلُهُ: (إلَى مَوْلَاهُ) وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُبَعَّضًا وَلَا مُهَايَأَةَ دُفِعَ لَهُ قِسْطُ حُرِّيَّتِهِ وَالْبَاقِي لِلسَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (لِيَصِحَّ خَلْعُهُ إلَخْ) ، أَيْ مِنْ حَيْثُ الْتِزَامُ الْمَالِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ، لَوْ خَالَعَ سَفِيهَةً وَقَبِلَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَقَدْ يُعْتَذَرُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ خَلْعَهَا الْمَذْكُورَ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِعَدَمِ تَرَتُّبِ أَثَرِهِ مِنْ الْبَيْنُونَةِ وَالْمَالِ لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ الْأَمَةُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ فَكَأَنَّ غَرَضَهُ لِيَصِحَّ خَلْعُهُ مِنْ حَيْثُ الْتِزَامُ الْمَالِ، وَوُجُوبُ دَفْعِهِ حَالًا وَأَيْضًا قَضِيَّةُ قَوْلِهِ يَصِحُّ خَلْعُهُ أَنَّ الْخُلْعَ إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ أَثَرُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي صَدَرَ لَا يَكُونُ صَحِيحًا، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُصُولُ الْبَيْنُونَةِ بِدَلِيلِ مَسَائِلِ الْأَمَةِ، فَإِنَّهَا غَيْرُ مُطْلَقَةِ التَّصَرُّفِ وَالْبَيْنُونَةُ حَاصِلَةٌ بَلْ، وَالْمُسَمَّى لَازِمٌ لَهَا فِي مَسَائِلِ الدِّينِ غَايَةُ الْأَمْرِ. أَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ بِالْحَالِ وَفِي كَوْنِ الْخُلْعِ الَّذِي بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَاسِدًا نَظَرٌ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ) دَخَلَ فِيهِ مِنْ سَفَهٍ بَعْدَ رُشْدِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا أَخْتُلِعَتْ أَمَةٌ) أَيْ وَلَوْ مُكَاتَبَةً كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَلِلزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهَا إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهَا مَأْذُونَةٌ فِي التَّصَرُّفِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (وَرَجَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) هُوَ الْمُوَافِقُ لِشِرَائِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ الشِّرَاءُ لَمْ يُمْكِنْ جَعْلُ الْمَبِيعِ لِلْعَبْدِ وَلَا لِلسَّيِّدِ. لِكَوْنِهِ لِغَيْرِ مَنْ لَزِمَهُ الثَّمَنُ بِخِلَافِ الْخُلْعِ لَا يَجِيءُ فِيهِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَالْبُضْعُ غَيْرُ حَاصِلٍ لَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا وَرَجَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ) مِنْ هُنَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَصْحِيحُ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَقَعْ عَنْ قَصْدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِيَادَتِهِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَا ثَبَتَ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ جَهَالَةُ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ تَأْجِيلٌ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 فَإِنْ زَادَتْ عَلَى مَا قَدَّرَهُ طُولِبَتْ بِالزَّائِدِ بَعْدَ الْعِتْقِ، (وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ اقْتَضَى مَهْرَ مِثْلٍ مِنْ كَسْبِهَا) ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِ طُولِبَتْ بِالزَّائِدِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ قَالَ: اخْتَلِعِي بِمَا شِئْت اخْتَلَعَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَأَكْثَرَ مِنْهُ وَتَعَلَّقَ الْجَمِيعُ بِكَسْبِهَا، ثُمَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهَا يَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِهَا مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ، إنْ كَانَتْ مَأْذُونًا لَهَا فِيهَا وَهَلْ يَكُونُ السَّيِّدُ بِإِذْنِهِ فِي الْخُلْعِ بِالدِّينِ ضَامِنًا لَهُ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي مَهْرِ زَوْجَةِ الْعَبْدِ، (وَإِنْ خَالَعَ سَفِيهَةً) أَيْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا بِسَفَهٍ بِلَفْظِ الْخُلْعِ كَقَوْلِهِ خَالَعْتكِ عَلَى أَلْفٍ (أَوْ قَالَ) لَهَا (طَلَّقْتُك عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا) ، وَلَغَا ذِكْرُ الْمَالِ، وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ فِيهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْتِزَامِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ، لَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ طَلُقَتْ بَائِنًا بِلَا مَالٍ، كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ، (فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لَمْ تَطْلُقْ) ، لِأَنَّ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي الْقَبُولَ فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ عَلَى صِفَةٍ (وَيَصِحُّ اخْتِلَاعُ الْمَرِيضَةِ مَرَضَ الْمَوْتِ) ، إذْ لَهَا التَّصَرُّفُ فِي مَالِهَا (وَلَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا زَائِدٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ) ، بِخِلَافِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَأَقَلُّ مِنْهُ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ إنَّمَا هُوَ بِالزَّائِدِ وَلَيْسَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ لِخُرُوجِ الزَّوْجِ بِالْخُلْعِ عَنْ الْإِرْثِ، وَيَصِحُّ خُلْعُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يَبْقَى لِلْوَارِثِ لَوْ لَمْ يُخَالِعْ، (وَرَجْعِيَّةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الِافْتِدَاءِ الَّذِي هُوَ الْقَصْدُ بِالْخُلْعِ وَعَلَى هَذَا يَقَعُ بِالطَّلَاقِ رَجْعِيًّا إذَا قَبِلَتْ كَالسَّفِيهَةِ (لَا بَائِنٍ) بِخُلْعِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، (وَيَصِحُّ عِوَضُهُ) أَيْ الْخُلْعِ (قَلِيلًا وَكَثِيرًا دَيْنًا وَعَيْنًا وَمَنْفَعَةً) كَالصَّدَاقِ،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَبِكَسْبِهَا) أَيْ الْحَاصِلُ بَعْدَ الْخُلْعِ كَمَا فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ. قَوْله: (فَإِنْ زَادَتْ) هُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ امْتَثَلَتْ وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا رُجُوعُهُ عَنْ الْإِذْنِ فِي الدَّيْنِ إلَى الْعَيْنِ أَوْ عَكْسُهُ، وَهُوَ جَائِزٌ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَيَلْزَمُهُ فِي هَذَا مَهْرُ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَا قَدَّرَهُ) هُوَ رَاجِعٌ لِلدَّيْنِ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِيهِ التَّقْدِيرُ وَسَكَتَ عَمَّا لَوْ زَادَتْ عَلَى الْعَيْنِ فَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ إنَّهَا إنَّمَا تَطْلُبُ بِبَدَلٍ الزَّائِدِ مِنْ مِثْلٍ، أَوْ قِيمَةٍ لَا بِحِصَّتِهِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَفَارَقَ اخْتِلَاعُهَا بِجَمِيعِ الْعَيْنِ بِلَا إذْنٍ، بِأَنَّهُ هُنَا وَقَعَ تَابِعًا. وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنْ زَادَتْ دَيْنًا تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهَا أَوْ عَيْنًا، فَالْوَاجِبُ بَدَلُهَا إنْ كَانَ قِيمَةُ الْعَيْنِ الْمَأْذُونِ فِيهَا تُسَاوِي مَهْرَ الْمِثْلِ، وَإِلَّا فَبِحِصَّتِهَا مِنْهُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ زَادَتْ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْعِتْقِ) فَإِنْ شَرَطَتْ فَسَدَ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. تَنْبِيهٌ: شَمِلَتْ الْعَيْنُ رَقَبَتَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا إنْ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ مُكَاتَبًا لِأَنَّ الْمِلْكَ يُقَارِنُ الْخُلْعَ فَيُبْطِلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِمُورِثِهِ لِمَوْتِهِ لَمْ تَطْلُقْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ اخْتَلِعِي إلَخْ) هَذَا تَعْمِيمٌ وَمَا قَبْلَهُ إطْلَاقٌ. قَوْلُهُ: (بِمَا فِي يَدِهَا) وَلَوْ حَاصِلًا قَبْلَ الِاخْتِلَاعِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ الْخِلَافُ إلَخْ) وَالرَّاجِحُ عَدَمُ اللُّزُومِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (سَفِيهَةً) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالسَّفَهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالسَّفِيهَةُ الْمُهْمَلَةُ كَالرَّشِيدَةِ كَمَا مَرَّ. وَخَرَجَ بِالسَّفِيهَةِ الصَّغِيرَةُ وَالْمَجْنُونَةُ فَالْخُلْعُ مَعَهَا لَاغٍ وَلَا طَلَاقَ. قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ الْخُلْعِ) جَوَابٌ عَنْ اعْتِرَاضٍ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ قَالَ إلَخْ الْمُقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْخُلْعِ لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايِرَةَ وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنَّهُ مِنْهُ لَكِنْ بِغَيْرِ لَفْظٍ. قَوْلُهُ: (طَلُقَتْ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ تَعْلِيقٌ وَإِلَّا فَلَا يَقَعَ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ وَالْإِعْطَاءِ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (رَجْعِيًّا) إنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِلَّا فَبَائِنًا وَلَا مَالَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْتِزَامِهِ) وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ صَرْفُ مَالِهَا لِمِثْلِ ذَلِكَ نَعَمْ إنْ خَشِيَ عَلَى مَالِهَا مِنْ الزَّوْجِ وَلَمْ يَنْدَفِعْ بِالْخُلْعِ صَحَّ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَطْلُقْ) سَوَاءٌ ذَكَرَ مَالًا أَوْ لَا نَعَمْ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ، وَلَمْ يُضْمِرْ الْتِمَاسَ قَبُولِهَا، وَقَعَ الطَّلَاقُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الطَّلَاقِ هُنَا. وَلَوْ بِلَفْظِهِ فَحَرِّرْهُ. فَرْعٌ: لَوْ خَالَعَ رَشِيدَةً وَسَفِيهَةً مَعًا كَقَوْلِهِ طَلَّقَتْكُمَا بِأَلْفٍ فَإِنْ قِبْلَتَا وَقَعَ فِيهِمَا لَكِنْ بَائِنًا بِمَهْرِ مِثْلٍ فِي الرَّشِيدَةِ وَرَجْعِيًّا بِلَا مَالٍ فِي السَّفِيهَةِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ قَبُولٌ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ. قَوْلُهُ: (إلَّا زَائِدٌ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَسَعْهُ الثُّلُثُ فَلَهُ فَسْخُ الْمُسَمَّى، وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (لِخُرُوجِ الزَّوْجِ إلَخْ) فَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْإِرْثِ بِجِهَةٍ أُخْرَى، كَابْنِ عَمٍّ أَوْ عَتَقَ فَهُوَ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ فَيَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ زَادُوا وَلَمْ يَرْضَ بِمَا فَضَلَ رَجَعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ خُلْعُ الْمَرِيضِ إلَخْ) هَذَا فِي الزَّوْجِ فَلَوْ خَالَعَ أَجْنَبِيٌّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مِنْ مَالِهِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ. قَوْلُهُ: (لَا بَائِنٍ) بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَلَوْ مُعَاشَرَةً فَلَا يَصِحُّ خَلْعُهَا، وَإِنْ لَحِقَهَا الطَّلَاقُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (دَيْنًا) أَيْ فِي ذِمَّتِهَا تُنْشِئُهُ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ تُبْرِئُهُ مِنْهُ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ صَدَاقِهَا بِشَرْطِهِ، فَلَوْ قَالَ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ دَيْنِك أَوْ صَدَاقِك قَالَ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (مِنْ كَسْبِهَا) كَنَظِيرِهِ فِي الْإِذْنِ لِلْعَبْدِ فِي النِّكَاحِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَنْبَغِي اخْتِصَاصُ ذَلِكَ، بِقَوْلِنَا إنَّ الْخُلْعَ بِغَيْرِ ذِكْرِ الْمَالِ يَقْتَضِي الْمَالَ وَإِلَّا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْكَسْبِ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ التِّجَارَةُ. قَوْلُهُ: (طَلُقَتْ رَجْعِيًّا) قَيَّدَ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمَ الْوُقُوعِ أَصْلًا بِمَا لَوْ جَهِلَ السَّفَهَ. [اخْتِلَاعُ الْمَرِيضَةِ مَرَضَ الْمَوْتِ] قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَهْرِ الْمِثْلِ) اسْتَشْكَلَ الْقَفَّالُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ نُكِحَتْ امْرَأَةٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنَّ الْعِوَضَ يَفْسُدُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَ فَسَلَكُوا بِالْبُضْعِ عِنْدَ التَّمَلُّكِ مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ، وَلَمْ يَسْلُكُوا بِهِ هَذَا الْمَسْلَكَ عِنْدَ إزَالَةِ الْمِلْكِ. أَقُولُ وَيَجْرِي إشْكَالُهُ هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِالْأُولَى. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَخْ) . كَيْفَ تَنْتَفِي الْحَاجَةُ مَعَ إفَادَتِهِ قَطْعَ سَلْطَنَةِ الرَّجْعَةِ. قَوْلُهُ: (قَلِيلًا وَكَثِيرًا) أَيْ وَلَوْ زَادَ عَلَى الصَّدَاقِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 (وَلَوْ خَالَعَ بِمَجْهُولٍ) كَثَوْبٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مَوْصُوفٍ، (أَوْ غَيْرِ) مَعْلُومَةٍ (بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ فَسَادِ الْعِوَضِ، (وَفِي قَوْلٍ بِبَدَلِ الْخَمْرِ) وَهُوَ قَدْرُهَا مِنْ الْعَصِيرِ كَالْقَوْلَيْنِ فِي إصْدَاقِهَا وَلَوْ خَالَعَ عَلَى مَا لَا يُقْصَدُ كَالدَّمِ وَقَعَ رَجْعِيًّا بِخِلَافِ الْمَيِّتَةِ، لِأَنَّهَا قَدْ تُقْصَدُ لِلْجَوَارِحِ وَلِلضَّرُورَةِ (وَلَهُمَا التَّوْكِيلُ) فِي الْخُلْعِ (فَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ خَالِعْهَا بِمِائَةٍ لَمْ يَنْقُصْ عَنْهَا) ، وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا مِنْ جِنْسِهَا أَوْ غَيْرِهِ، (وَإِنْ أَطْلَقَ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) ، لِأَنَّهُ الْمُرَادُ وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ وَغَيْرِهِ، (فَإِنْ نَقَصَ فِيهِمَا) بِأَنْ خَالَعَ بِدُونِ الْمِائَةِ فِي الْأُولَى وَبِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الثَّانِيَةِ (لَمْ تَطْلُقْ) لِمُخَالَفَتِهِ لِلْمَأْذُونِ فِيهِ وَلِلْمُرَادِ، (وَفِي قَوْلٍ يَقَعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ الْمُسَمَّى بِنَقْصِهِ عَنْ الْمَأْذُونِ، فِيهِ وَالْمُرَادِ وَرَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الْأُولَى لِمُخَالَفَةٍ فِيهَا لِصَرِيحِ الْإِذْنِ (وَلَوْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا اخْتَلِعْ بِأَلْفٍ، فَامْتَثَلَ نَفَذَ) وَكَذَا   [حاشية قليوبي] شَيْخُنَا أَوْ مِنْ مُتْعَتِك وَفِيهِ نَظَرٌ، فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ بِأَنْ عَلِمَا بِهِ وَقْتَ الْجَوَابِ، وَكَانَتْ غَيْرَ مَحْجُورَةٍ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ زَكَاةٌ وَقَعَ بَائِنًا وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ فَإِنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ ظَنَّ صِحَّةَ بَرَاءَتِهَا، وَطَابَقَ الثَّانِي الْأَوَّلَ وَقَصَدَ الْإِخْبَارَ عَمَّا مَضَى لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ الْبَرَاءَةُ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَيْسَ مِنْ التَّعْلِيقِ قَوْلُهَا بِذَلِكَ لَك صَدَاقِي عَلَى طَلَاقِي فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ بَلْ يَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَا بَرَاءَةَ لِأَنَّهُ مِنْ تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَتْ بَذَلْت لَك صَدَاقِي عَلَى طَلَاقِي، فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَا بِهِ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، بِمَنْ جَهِلَ الْفَسَادَ وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا وَلَا بَرَاءَةَ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ قَالَتْ إنْ طَلَّقْتنِي فَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي أَوْ طَلِّقْنِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي فَيَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَا بَرَاءَةَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك فَأَبْرِئِينِي وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَلَا يَلْزَمُهَا إبْرَاؤُهُ. وَلَوْ قَالَ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ مَهْرِك أَوْ مِنْ حَقِّك عَلَيَّ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ، وَقَدْ كَانَتْ أَحَالَتْ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ أَوْ أَقَرَّتْ بِهِ لِغَيْرِهِ، لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ، وَإِنْ عَلِمَ بِالْحَوَالَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ مَثَلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ قَالَ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ مَهْرِك مَثَلًا طَلَّقْتُك، فَقَالَتْ أَبْرَأْتُك فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ بَرِئَ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ، وَيُصَدَّقُ فِي إرَادَتِهِ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ إنْ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً، وَطَالِقٌ ثَانِيَةً وَطَالِقٌ ثَالِثَةً فَإِنْ قَصَدَ بِالْعِوَضِ وَاحِدَةً وَقَعَتْ بَائِنًا وَيَقَعُ مَا قَبْلَهَا لَا مَا بَعْدَهَا. تَنْبِيهٌ: لَا يَصِحُّ جَوَابُهَا بِقَوْلِهَا أَبْرَأك اللَّهُ، وَإِذَا ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِالْمُبْرَإِ مِنْهُ صَدَاقُهَا أَوْ غَيْرُهُ، صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا صُدِّقَ هُوَ بِيَمِينِهِ قَوْلُهُ: (وَمَنْفَعَةٌ) وَمِنْهَا تَعَلُّمُ الْقُرْآنِ وَنَحْوُهُ مِمَّا مَرَّ فِي الصَّدَاقِ، فَإِنْ كَانَ بِنَفْسِهَا فَسَدَ لِتَعَذُّرِهِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَكَذَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ سُكْنَاهَا لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ إخْرَاجِهَا. قَوْلُهُ: (كَالصَّدَاقِ) فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَالًا مُتَمَوِّلًا فَيُقَيَّدُ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَالَعَ بِمَجْهُولٍ وَحْدَهُ) أَوْ مَعَ مَعْلُومٍ وَمِنْهُ عَلَى مَا فِي كَفِّهَا وَإِنْ عَلِمَا بِعَدَمِ شَيْءٍ فِيهِ نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهَا نَحْوُ دَمٍ وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ كَمَا لَوْ خَالَعَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (كَالدَّمِ) وَالْحَشَرَاتِ الَّتِي لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا قَدْ تُقْصَدُ إلَخْ) أَيْ فَكُلُّ مَا يُقْصَدُ كَذَلِكَ كَتَعْزِيرٍ وَحَدِّ قَذْفٍ، وَمُؤَجَّلٍ بِمَجْهُولٍ وَمَغْصُوبٍ وَحُرٍّ، نَعَمْ إنْ وَقَعَ الْخُلْعُ فِي الْكُفْرِ بِخَمْرٍ مَثَلًا، وَأَسْلَمُوا بَعْدَ قَبْضِهِ فَلَا شَيْءَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَهْرِ، وَلَوْ خَالَعَ بِصَحِيحٍ وَفَاسِدٍ وَمَعْلُومٍ وَجَبَ فِي الْفَاسِدِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِالْقِيمَةِ وَصَحَّ فِي الصَّحِيحِ. تَنْبِيهٌ: هَذَا إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ مَعَهَا فَإِنْ كَانَ مَعَ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِوَصْفِهِ، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ وَتَحْمِلُ الدَّرَاهِمَ إذَا خَالَعَ عَلَيْهَا فِي الْخُلْعِ الْمُنَجَّزِ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ الْخَالِصِ، فَإِنْ أَعْطَتْهُ مَغْشُوشًا يَبْلُغُ خَالِصُهُ الْقَدْرَ الْمُخَالَعَ عَلَيْهِ طَلُقَتْ، وَمَلَكَهُ بِغِشِّهِ لِحَقَارَتِهِ وَفِي الْمُعَلَّقِ عَلَى دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ الْخَالِصَةِ الْكَامِلَةِ، فَإِنْ أَعْطَتْهُ مَغْشُوشًا فَكَمَا مَرَّ أَوْ نَاقِصًا لَمْ تَطْلُقْ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ) أَيْ مَا لَمْ تَنْهَهُ عَنْ الزِّيَادَةِ، وَإِلَّا فَكَالنَّقْصِ فَلَا تَطْلُقُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (بِدُونِ الْمِائَةِ) لَمْ تَطْلُقْ وَكَذَا بِغَيْرِ جِنْسِهَا أَوْ صِفَتِهَا أَوْ بِمُؤَجَّلٍ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ لِأَنَّهَا تُحْمَلُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَسَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ قَدْرًا يَتَغَابَنُ بِهِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (وَبِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ) لَمْ تَطْلُقْ عَلَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ مَرْجُوحٌ كَمَا ذَكَرَهُ وَمِثْلُهُ لَوْ خَالَعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ صِفَتِهِ وَمِنْهَا الْحُلُولُ،   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَمَنْفَعَةٌ) قَضِيَّةُ مَا قَالُوهُ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ، فِي تَعَذُّرِ التَّعْلِيمِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى تَعْلِيمِ سُورَةٍ مَثَلًا قَوْلُهُ: (أَوْ خَمْرٌ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْخُلْعُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ مَغْصُوبٍ وَوُصِفَا بِالْخَمْرِيَّةِ وَالْغَصْبِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ أَبَاهَا فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا. قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ بِجَزْمِهِمْ فِي التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ مِنْ مُعَيَّنٍ يَمْنَعُ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا عُيِّنَ، وَعِلَّتُهُ قَصْدُ الْمُحَابَاةِ مِنْهَا وَهِيَ آتِيَةٌ هُنَا ثُمَّ حَاوَلَ الْفَرْقَ بِأَنَّ الزَّوْجَةَ مُتَعَيِّنَةٌ أَبَدًا بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي، فَإِذَا عَيَّنَهُ ظَهَرَ قَصْدُ الْمُحَابَاةِ وَفَرَّقَ الْعِرَاقِيُّ، بِأَنَّ الْخُلْعَ لَيْسَ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْمُغَابَنَةِ تَارَةً وَالْمُحَابَاةِ أُخْرَى، فَلَمْ يَنْظُرْ فِيهِ لِلتَّعْيِينِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَطْلَقَ إلَخْ) إمَّا بِأَنْ يَقُولَ خَالَعَ فَقَطْ، أَوْ يَقُولَ عَلَى مَالٍ قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ مِثْلٍ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ وَكِيلِ الزَّوْجِ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 لَوْ اخْتَلَعَهَا بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ، (وَإِنْ زَادَ فَقَالَ اخْتَلِعْهَا بِأَلْفَيْنِ مِنْ مَالِهَا بِوَكَالَتِهَا بَانَتْ وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ مِثْلٍ) ، لِفَسَادِ الْمُسَمَّى بِزِيَادَتِهِ عَلَى الْمَأْذُونِ فِيهِ، (وَفِي قَوْلٍ الْأَكْثَرُ مِنْهُ وَمِمَّا سَمَّتْهُ) لِرِضَاهَا بِمَا سَمَّتْهُ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، كَذَا حَكَى هَذَا الْقَوْلَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَزَادَ فِي الشَّرْحِ فِي بَيَانِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ زَائِدًا عَلَى مَا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ لَا يَجِبُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ لِرِضَا الزَّوْجِ بِهِ، ثُمَّ قَالَ وَالْعِبَارَةُ الْوَافِيَةُ بِمَقْصُودِ الْقَوْلِ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ عَلَيْهَا أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ، مِمَّا سَمَّتْهُ هِيَ وَمِنْ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَمِمَّا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي حِكَايَتِهِ، (وَإِنْ أَضَافَ الْوَكِيلُ الْخُلْعَ إلَى نَفْسِهِ فَخَلَعَ أَجْنَبِيٌّ) ، وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا سَيَأْتِي، (وَالْمَالُ عَلَيْهِ) دُونَهَا (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْخُلْعَ أَيْ لَمْ يُضِفْهُ إلَيْهَا وَلَا إلَى نَفْسِهِ، (فَالْأَظْهَرُ أَنَّ عَلَيْهَا مَا سَمَّتْ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ) ، فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ أَلْفٌ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي عَلَيْهَا أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا سَمَّتْهُ، وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مُسَمَّى الْوَكِيلِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ التَّكْمِلَةُ إنْ نَقَصَ عَنْ مُسَمَّاهُ، وَلَوْ أَضَافَ الْوَكِيلُ مَا سَمَّتْهُ إلَيْهَا، وَالزِّيَادَةُ إلَى نَفْسِهِ ثَبَتَ الْمَالِكُ كَذَلِكَ، وَحَيْثُ يَلْزَمُهَا الْمَالُ يُطَالِبُهَا الزَّوْجُ بِهِ، وَلَوْ أَطْلَقَتْ التَّوْكِيلَ، بِالِاخْتِلَاعِ لَمْ يَزِدْ الْوَكِيلُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ زَادَ عَلَى الْمُقَدَّرِ، وَلَا يَجِيءُ قَوْلُ وُجُوبِ أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ، (وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ فِي الْخُلْعِ مِنْ مُسْلِمَةٍ (ذِمِّيًّا) لِصِحَّةِ خُلْعِهِ مِمَّنْ أَسْلَمَتْ تَحْتَهُ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ، (وَعَبْدًا وَمَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) ، وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ السَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِوَكِيلِ الزَّوْجِ فِي الْخُلْعِ عُهْدَةً بِخِلَافِ وَكِيلِ الزَّوْجَةِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ لَهُ إلَّا إذَا أَضَافَ الْمَالَ إلَيْهَا فَتَبَيَّنَ وَيَلْزَمُهَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ أَطْلَقَ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا كَاخْتِلَاعِ السَّفِيهَةِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ، وَلَوْ وَكَّلَتْ عَبْدًا فِي الْخُلْعِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ السَّيِّدُ، فَإِنْ أَضَافَ الْمَالَ إلَيْهَا فَهِيَ الْمُطَالِبَةُ بِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ فِي الْوَكَالَةِ، طُولِبَ بِالْمَالِ   [حاشية قليوبي] وَكَوْنُهُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ كَمَا تَقَدَّمَ نَعَمْ يُغْتَفَرُ هُنَا الْقَدْرُ الَّذِي يَتَغَابَنُ بِهِ عَادَةً. قَوْلُهُ: (وَرَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (نَفَذَ) وَلَا يُسَلَّمُ الْوَكِيلُ الْأَلْفَ بِغَيْرِ إذْنٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِأَقَلَّ) إذَا لَمْ تَنْهَهُ عَنْ النَّقْصِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ زَادَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إذْنِهَا فِي الزِّيَادَةِ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ قَالَ بِوَكَالَتِهَا، أَوْ أَطْلَقَ وَذِكْرُ الْوَكَالَةِ إنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ مُطَالَبَةِ الْوَكِيلِ. قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ) بِخِلَافِ الْوَكِيلِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا إنْ ضَمِنَ كَأَنْ قَالَ وَأَنَا ضَامِنٌ فَيُطَالَبُ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانُ، وَمِثْلُ مَهْرِ الْمِثْلِ مَا لَوْ زَادَ عَلَى مَا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ وَلَيْسَ الضَّمِيرُ عَائِدًا لِمَهْرِ الْمِثْلِ هَكَذَا أَفْهَمَ وَلَا اعْتِرَاضَ وَصَحَّ فِي الزِّيَادَةِ مِنْ وَكِيلِهَا هُنَا وَلَمْ يَصِحَّ فِي النَّقْصِ مِنْ وَكِيلِ الزَّوْجِ الَّذِي هُوَ نَظِيرُ الزِّيَادَةِ هُنَا لِأَنَّ الْخُلْعَ جَانِبُ الزَّوْجِ فِيهِ شَائِبَةُ تَعْلِيقٍ، وَلِأَنَّ مُخَالَفَةَ وَكِيلِهَا غَايَتُهَا فَسَادُ الْعِوَضِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْوُقُوعَ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (إلَى نَفْسِهِ) بِأَنْ قَالَ مِنْ مَالِي وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَالَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَوَاهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَطْلَقَ) أَيْ لَمْ يُضِفْهُ أَيْ وَلَمْ يَنْوِهَا وَلَا نَفْسُهُ، وَإِلَّا فَالنِّيَّةُ كَاللَّفْظِ، وَيَصْدُقُ فِي إرَادَتِهَا لِأَنَّهَا لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ فَرَاجِعْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهَا مَا سَمَّتْ) أَيْ حَيْثُ الِاسْتِقْرَارُ وَإِلَّا فَالْوَكِيلُ مُطَالَبٌ بِالْجَمِيعِ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا سَمَّتْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ عَدَمَ الرُّجُوعِ. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) فِي الْعِبَارَةِ الْوَافِيَةِ. قَوْلُهُ: (إنْ نَقَصَ) أَيْ الْأَكْثَرُ. قَوْلُهُ: (وَالزِّيَادَةُ) أَيْ جَمِيعُهَا فَإِنْ أَضَافَ بَعْضَهَا فَكَمَا لَوْ زَادَ جَمِيعَهَا وَنِيَّةُ الزِّيَادَةِ مِثْلُ ذِكْرِهَا كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ زَادَ) عَلَى الْمِقْدَارِ فَيَأْتِي فِيهِ الْإِضَافَةُ وَغَيْرُهَا مِمَّا تَقَدَّمَ. تَنْبِيهٌ: لَوْ خَالَعَ وَكِيلٌ بِفَاسِدٍ بِغَيْرِ إذْنٍ لَغَا الْخُلْعُ أَوْ بِإِذْنِهِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ خَالَعَ وَكِيلُهَا بِذَلِكَ سَوَاءٌ أَذِنَتْ أَوْ لَا بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (ذِمِّيًّا) وَحَرْبِيًّا وَمُرْتَدًّا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يُضِفْ الْمَالَ إلَيْهَا لَفْظًا وَلَا عِبْرَةَ بِالنِّيَّةِ هُنَا أَوْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَكَّلَتْ عَبْدًا فِي الْخُلْعِ جَازَ) . وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنْ أَضَافَ الْمَالَ إلَيْهَا فَهِيَ الْمُطَالَبَةُ بِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ أَوْ أَضَافَ الْمَالَ إلَى نَفْسِهِ طُولِبَ بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْيَسَارِ إنْ لَمْ   [حاشية عميرة] إذَا نَقَصَ عَنْ مُعَيَّنِهِ أَنَّ الزَّوْجَ مَالِكٌ لِلطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ إلَّا كَمَا أَذِنَ وَالزَّوْجَةُ مَالِكَةٌ لِلْعِوَضِ فَمُخَالَفَةُ وَكِيلِهَا لَا تَدْفَعُ طَلَاقًا أَوْقَعَهُ مَالِكُهُ، وَإِنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الْعِوَضِ وَأَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ نَازِعٌ مَنْزَعَ التَّعْلِيقِ، فَكَأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالْمُقَدَّرِ بِخِلَافِ جَانِبِ الْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ وَالْعِبَارَةُ الْوَافِيَةُ إلَخْ) رَجَّحَ بَعْضُهُمْ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ عَلَى هَذِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْغَرَضَ زِيَادَةُ الْوَكِيلِ عَلَى مَا قَدَّرَتْهُ، فَكَيْفَ يُقَالُ الْأَكْثَرُ مِمَّا قَدَّرَتْ وَأَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ، وَالْحَالُ أَنَّ أَحَدَهُمَا تَسْمِيَةُ الْوَكِيلِ فَيَجِبُ مُسَمَّاهُ. قَوْلُهُ: (وَالْقَوْلُ الثَّانِي إلَخْ) لَمْ يَسْلُكْ فِي تَقْدِيرِهِ مَا قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّهُ الْعِبَارَةُ الْوَافِيَةُ لِمَا سَلَفَ لَك فِي الْحَاشِيَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ. قَوْلُهُ: (ذِمِّيًّا) مِثْلُهُ الْحَرْبِيُّ قَوْلُهُ: (إلَّا إذَا أَضَافَ الْمَالَ إلَيْهَا) أَيْ لَفْظًا لِئَلَّا يَكُونَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَطْلَقَ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ فِي هَذَا وَجَبَ الْمَالُ عَلَيْهَا لِمَا سَلَفَ فِي الرَّشِيدِ مِنْ أَنَّ حَالَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُوَكِّلِ مَا عَدَا الزَّائِدَ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ تَتَعَلَّقُ بِهِ الْعُهْدَةُ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ السَّفِيهُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَضَافَ إلَيْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 312 بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِذَا غَرِمَهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ إذَا قَصَدَ الرُّجُوعَ، وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِي الْوَكَالَةِ تَعَلَّقَ الْمَالُ بِكَسْبِ الْعَبْدِ، فَإِذَا أَدَّى مِنْهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهَا فِي الْخُلْعِ ذِمِّيًّا أَيْضًا (وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي قَبْضِ الْعِوَضِ) فِي الْخُلْعِ، فَإِنْ وَكَّلَهُ وَقَبَضَ فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ الْمُخْتَلِعَ يَبْرَأُ وَالْمُوَكِّلَ مُضَيِّعٌ لِمَالِهِ، وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَوْكِيلِهِ امْرَأَةً بِخُلْعِ زَوْجَتِهِ أَوْ طَلَاقِهَا) ، لِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ تَطْلِيقَ نَفْسِهَا بِقَوْلِهِ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك، وَذَلِكَ إمَّا تَمْلِيكٌ لِلطَّلَاقِ أَوْ تَوْكِيلٌ بِهِ إنْ كَانَ تَوْكِيلًا فَذَاكَ أَوْ تَمْلِيكًا فَمَنْ جَازَ تَمْلِيكُهُ الشَّيْءَ جَازَ تَوْكِيلُهُ بِهِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ وَكَّلَتْ الزَّوْجَةُ امْرَأَةً بِاخْتِلَاعِهَا جَازَ بِلَا خِلَافٍ لِاسْتِقْلَالِ الْمَرْأَةِ بِالِاخْتِلَاعِ، (وَلَوْ وَكَّلَا رَجُلًا) فِي الْخُلْعِ (تَوَلَّى طَرَفًا) مِنْهُ مَعَ أَحَد الزَّوْجَيْنِ أَوْ وَكِيلِهِ، وَلَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، (وَقِيلَ) يَتَوَلَّى (الطَّرَفَيْنِ) لِأَنَّ الْخُلْعَ يَكْفِي فِيهِ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، كَمَا لَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ ذَلِكَ يَقَعُ الطَّلَاقُ خُلْعًا وَعَلَى هَذَا، فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِأَحَدِ شِقَّيْ الْخُلْعِ خِلَافٌ كَمَا فِي بَيْعِ الْأَبِ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ وَلَدِهِ. فَصْلٌ: الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ طَلَاقٌ يُنْقِصُ الْعَدَدَ، فَإِذَا خَالَعَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَنْكِحْهَا إلَّا بِمُحَلِّلٍ، (وَفِي قَوْلٍ فَسْخٌ لَا يَنْقُصُ عَدَدًا) وَيَجُوزُ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ، (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَفْظُ الْفَسْخِ) كَأَنْ قَالَ فَسَخْت نِكَاحَك بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ (كِنَايَةٌ) فِي الطَّلَاقِ يَحْتَاجُ فِي وُقُوعِهِ إلَى نِيَّةٍ كَمَا أَنَّهُ قَوْلُ الْفَسْخِ صَرِيحٌ فِيهِ. (وَالْمُفَادَاةُ) كَأَنْ قَالَ فَدَيْتُك بِكَذَا، فَقَالَتْ قَبِلْت أَوْ افْتَدَيْت.   [حاشية قليوبي] يَأْذَنْ السَّيِّدُ لَهُ وَتُطَالَبُ هِيَ حَالًا إنْ قُلْنَا إنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (إذَا قَصَدَ الرُّجُوعَ) كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَالْمَحْفُوظُ عَنْهُ الرُّجُوعُ فِي الْإِطْلَاقِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فَيَرْجِعُ مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرُّعَ. قَوْلُهُ: (بِكَسْبِ الْعَبْدِ) وَمَا فِي يَدِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (رَجَعَ) أَيْ السَّيِّدُ مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرُّعَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (ذِمِّيًّا) وَكَذَا حَرْبِيٌّ وَمُرْتَدٌّ كَمَا مَرَّ فِي الزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَيْ بِالسَّفَهِ فِي الْخُلْعِ، وَلَا فِي قَبْضِ الْعِوَضِ، وَمِثْلُهُ الْعَبْدُ نَعَمْ إنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ، وَالسَّيِّدُ صَحَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ وَكَّلَهُ وَقَبَضَ فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ الْمُخْتَلِعَ يَبْرَأُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ كَانَ الْعِوَضُ عَيْنًا أَوْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى دَفْعِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَمْلِيكًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يَأْتِي لِلنِّكَاحِ وَهِيَ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهَا فِيهِ. فَصْلٌ فِي ذِكْرِ صِيغَةِ الْخُلْعِ وَمَا مَعَهَا قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ فَسْخٌ لَا يُنْقِصُ عَدَدًا) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَأَفْتَى بِهِ كَثِيرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَأَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مُتَكَرِّرًا وَمَحِلُّ كَوْنِهِ لَا يَنْقُصُ عَدَدًا إنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ وَفِي فِيهِ بَعْدَهُ عَائِدٌ إلَى الْفَسْخِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُفَادَاةُ) أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْ لَفْظِهَا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ وَكَذَا مَصْدَرُهَا وَلَفْظُ الْخُلْعِ كَذَلِكَ، وَكَانَتْ الْمَصَادِرُ هُنَا صَرَائِحَ بِشَرْطِهِ بِخِلَافِهَا فِي الطَّلَاقِ وَالسَّرَاحُ، وَالْفِرَاقُ لِوُجُودِ الِاشْتِهَارِ وَالِاسْتِعْمَالِ هُنَا، قَالَ شَيْخُنَا وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ الصَّرَاحَةَ هُنَا مِنْ انْضِمَامِ ذِكْرِ الْمَالِ مَثَلًا كَمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (طُولِبَ بِالْمَالِ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الزَّوْجَةِ الْآنَ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا سَلَفَ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ مِنْ الْحُرِّ الرَّشِيدِ. قَوْلُهُ: (فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ الْمُخْتَلِعَ يَبْرَأُ) خَصَّ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ، قَالَ وَأَمَّا الدَّيْنُ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ طَلَاقَهَا) يُسْتَثْنَى مَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ فِي طَلَاقِ بَعْضِهِمْ لِتَضُمّنِ ذَلِكَ الِاخْتِيَارِ. [فَصْلٌ الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ] فَصْلٌ قَوْلُهُ: (الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ) اُحْتُرِزَ عَنْ الْفُرْقَةِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ عَلَى عِوَضٍ فَإِنَّهُ طَلَاقٌ جَزْمًا قَوْلُهُ: (طَلَاقٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَسْخًا لَمَا جَازَ عَلَى غَيْرِ الصَّدَاقِ لِأَنَّ الْفَسْخَ يُوجِبُ اسْتِرْجَاعَ الْبَدَلِ كَمَا أَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَجُوزُ بِغَيْرِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ الْمُرَادُ هُنَا الْحُكْمُ بِالطَّلَاقِ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَمَّا الصَّرَاحَةُ وَعَدَمُهَا فَسَتَأْتِي قَوْلُهُ: (يَنْقُصُ) خَبَرٌ ثَانٍ أَوْ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلِ فَسْخٍ إلَخْ) هَذَا الْقَائِلُ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: 230] إلَخْ. فَإِنَّ تَعْقِيبَهُ لِلْخَلْعِ بَعْدَ ذِكْرِ الطَّلْقَتَيْنِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ طَلْقَةً رَابِعَةً، لَوْ كَانَ الْخُلْعُ طَلَاقًا وَأُجِيبُ بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: 230] يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ {مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] ، وَتَفْسِيرٌ لِقَوْلِ {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] اعْتَرَضَ بَيْنَهُمَا ذِكْرُ الْخُلْعِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ مَجَّانًا تَارَةً وَبِعِوَضٍ أُخْرَى، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيَّيْنِ مَحِلُّ الْخِلَاف إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِالْخُلْعِ الطَّلَاقَ وَإِلَّا لَكَانَ طَلَاقًا جَزْمًا لَكِنْ حَكَى الْإِمَامُ خِلَافًا فِي انْصِرَافِ الْخُلْعِ إلَى الطَّلَاقِ بِالنِّيَّةِ إنْ جَعَلْنَاهُ فَسْخًا قَالَ وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى الْمَنْعِ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا وَفِي قَوْلِ فَسْخٍ) بِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ كَثِيرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ: (كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ) أَيْ كَمَا لَوْ صَدَرَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ وَلَيْسَ بَصَرٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يَشْتَهِرْ عُرْفًا فِيهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَكُونُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ، لِأَنَّهُ وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْفَسْخِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُفَادَاةُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَفْظُ الْفَسْخِ. قَوْلُهُ: (فَقَالَتْ قَبِلْت إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى دَفْعِ مَا عَسَاهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ اشْتِرَاطِ لَفْظِ الْمُفَادَاةِ فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعًا. أَخْذًا مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمُفَادَاةِ قَوْلُهُ فِي صَرَاحَتِهِ الْآتِيَةِ. عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ أَيْ كَلَفْظِ الْخُلْعِ فَيَجِيءُ الْقَوْلَانِ لِوُرُودِهَا فِي الْقُرْآنِ وَصُورَتُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 (كَخُلْعٍ) فِي صَرَاحَتِهِ الْآتِيَةِ، (فِي الْأَصَحِّ) لِوُرُودِ الْقُرْآنِ بِهِ قَالَ تَعَالَى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] . وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ جَزْمًا لِأَنَّهُ، لَمْ يَتَكَرَّرْ فِي الْقُرْآنِ وَلَا شَاعَ فِي لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ (وَلَفْظُ الْخُلْعِ صَرِيحٌ) فِي الطَّلَاقِ لِشُيُوعِهِ فِي الْعُرْفِ وَالِاسْتِعْمَالِ لِلطَّلَاقِ (وَفِي قَوْلٍ كِنَايَةٌ) فِيهِ، حَطًّا لَهُ عَنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ الْمُتَكَرِّرِ فِي الْقُرْآنِ وَلِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ. (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ جَرَى بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ) ، كَأَنْ قَالَ خَالَعْتكِ فَقَبِلَتْ، (وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ فِي الْأَصَحِّ) ، لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِجَرَيَانِ الْخُلْعِ عَلَى الْمَالِ، فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ رَجَعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، لِأَنَّهُ الْمُرَادُ وَحَصَلَتْ الْبَيْنُونَةُ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ شَيْءٌ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْعِوَضِ، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَمَا ذَكَرَهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَأْتِي عَلَى الثَّانِي، أَيْضًا لَكِنْ مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ. (وَيَصِحُّ) الْخُلْعُ،   [حاشية قليوبي] كَخُلْعٍ) هُوَ خَبَرُ الْمُفَادَاةِ وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَلَفْظُ الْفَسْخِ كِنَايَةٌ، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدِ وَهُوَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (فِي صَرَاحَتِهِ الْأَتِيَّةِ) فَالتَّشْبِيهُ لِمَا يَأْتِي لَا لِمَا مَضَى الْمُقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَنَّهَا طَلَاقٌ، أَوْ فَسْخٌ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ وَمَا سَلَكَهُ فِيهِ الشَّارِحُ أَقْعَدُ بَلْ مُتَعَيِّنٌ لَمْ يَلْزَمْ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ إحَالَةِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (جَزْمًا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ، بِالْأَصَحِّ طَرِيقٌ حَاكِيَةٌ كَمَا يُفِيدُهُ التَّشْبِيهُ، وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ أَيْضًا أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا هُوَ الْقَوْلُ بِالصَّرَاحَةِ الْمُخَالِفِ لِطَرِيقِ الْقَطْعِ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (فِي الْعُرْفِ وَالِاسْتِعْمَالِ) لَعَلَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْعُرْفِ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ) أَيْ وَبِغَيْرِ نِيَّتِهِ لِأَنَّهَا كَذِكْرِهِ وَجَرَيَانُهُ مَعَ أَحَدِهِمَا صَرِيحٌ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ قَالَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ نَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا، وَقَبِلَتْ لِأَنَّهُ مَحِلُّ الصَّرَاحَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ لَمْ تَقْبَلْ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَلَوْ لَمْ يُضْمِرْ الْتِمَاسَ قَبُولِهَا فَهُوَ كِنَايَةٌ فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ قَبِلَتْ فِيهِمَا، أَوْ لَا وَلَوْ نَفَى الْعِوَضَ وَقَعَ رَجْعِيًّا مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ نَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا وَقَبِلَتْ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ) أَيْ إنْ جَرَى الْخُلْعُ مَعَهَا وَهِيَ أَهْلٌ لِلِالْتِزَامِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ لَمْ تَكُنْ أَهْلًا وَقَعَ رَجْعِيًّا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (يَأْتِي عَلَى الثَّانِي) أَيْ إنْ نَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا، وَقَبِلَتْ لِأَنَّهُ مَحِلُّ كَوْنِهِ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ عِنْدَهُ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ وَعَلَيْهِ لَوْ لَمْ يُضْمِرْ، مَا ذَكَرَ كَانَ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ بِلَا خِلَافٍ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ وَالْمُفَادَاةِ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا صَرِيحٌ مَعَ أَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ ذِكْرُ الْمَالِ أَوْ نِيَّتُهُ أَوْ إضْمَارُ قَبُولِهَا، وَيَقَعُ   [حاشية عميرة] فَدَيْتُك بِأَلْفٍ، وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَرَّرْ وَلَمْ يَشْتَهِرْ اهـ. قُلْت مِنْ تَعْلِيلِ هَذَا الثَّانِي وَكَذَا الْأَوَّلُ وَيَتَّضِحُ لَهُ أَنَّ الْمُرَادَ الْقَوْلَانِ الْآتِيَانِ فِي الْمَتْنِ لَا السَّابِقَانِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ جَزْمًا) يُعْلَمُ مِنْ هَذَا، أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ يَجْرِي فِيهِ قَوْلَا الْخُلْعِ الْآتِيَانِ، لَكِنْ رُبَّمَا يَأْبَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ فِي صَرَاحَتِهِ وَيُجَابُ بِمَنْعِ الْمُخَالَفَةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَرَّرْ) أَيْ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ قَوْلُهُ: (وَلَا شَاعَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْخُلْعِ. قَوْلُهُ: (وَلَفْظُ الْخُلْعِ صَرِيحٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَلَفْظُ الْفَسْخِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا ذَكَرَ الْعِوَضَ كَمَا قَيَّدَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُ بَعْدَ فِعْلِي الْأَوَّلِ لَوْ جَرَى بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ، وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صَرَاحَتِهِ ذِكْرُ الْعِوَضِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلِهِ كِنَايَةٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ نَقْلًا وَدَلِيلًا. قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا يُفِيدُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ جَزْمًا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَالِ كِنَايَةٌ اهـ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ الْحَقُّ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ صَرِيحٌ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَالِ، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ جَرَى بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ مَعَ وُجُودِ مُصَحِّحٍ، وَهُوَ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِهِ قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ثُبُوتُ الْمَالِ، وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالرُّويَانِيِّ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ أَثْبَتْنَا الْمَالَ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ فَسْخًا أَوْ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَةً وَنَوَى وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَحَصَلَتْ الْبَيْنُونَةُ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ كِنَايَةً وَلَمْ يَنْوِ لَغَا. اهـ وَفِي الرَّافِعِيِّ اخْتَلَفُوا فِي مَأْخَذِ الْقَوْلَيْنِ يَعْنِي الصَّرَاحَةَ وَالْكِنَايَةَ، فَعَنْ الْأَكْثَرِينَ بِنَاؤُهُمَا عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ إذَا شَاعَ فِي الْعُرْفِ، وَالِاسْتِعْمَالِ لِلطَّلَاقِ هَلْ يَلْحَقُ بِالْمُتَكَرِّرِ فِي الْقُرْآنِ. وَمِنْهُمْ مَنْ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْمَالِ هَلْ يَلْحَقُ بِالصَّرِيحِ فَمَنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ أَثْبَتَ الْخِلَافَ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ ذِكْرُ الْمَالِ وَمَنْ أَخَذَ بِالثَّانِي قَالَ إذَا لَمْ يَجْرِ ذِكْرُ الْمَالِ فَهُوَ كِنَايَةٌ لَا مَحَالَةَ، وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ فِي التَّتِمَّةِ وَفِي الْعُجَالَةِ تَعْلِيلُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ كِنَايَةٌ بِقَوْلِهِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ كِنَايَةً فِيهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَانَ كِنَايَةً فِيهِ مَعَ الْعِوَضِ كَسَائِرِ كِنَايَاتِهِ اهـ. وَفِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لَوْ قَالَ خَالَعْتكِ فَقَطْ، وَلَمْ يَلْتَمِسْ جَوَابًا قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ وَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِمَا. أَنَّهُ صَرِيحٌ، اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْمَحِلَّ الَّذِي حَاوَلَهُ الْعِرَاقِيُّ يَأْبَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَمَا ذَكَرَهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَأْتِي عَلَى الثَّانِي أَيْضًا إلَخْ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ) أَيْ عِوَضٍ قَوْلُهُ: (لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ جَرَى عَلَى خُلُوٍّ أَوْ خِنْزِيرٍ مَثَلًا وَكَمَا فِي النِّكَاحِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 (بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَعَ النِّيَّةِ) لَهُ وَسَيَأْتِي مُعْظَمُهَا فِي بَابِهِ وَعَلَى قَوْلٍ الْفَسْخُ يَصِحُّ بِالْكِنَايَةِ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ بِعْتُك نَفْسَك الْآتِيَةُ (وَ) يَصِحُّ (بِالْعَجَمِيَّةِ) نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَالْمُرَادِ بِهَا مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ، وَلَا يَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي النِّكَاحِ النَّاظِرِ لِمَا وَرَدَ فِيهِ. (وَلَوْ قَالَ بِعْتُك نَفْسَك بِكَذَا فَقَالَتْ اشْتَرَيْت) أَوْ قَبِلْت (فَكِنَايَةُ خُلْعٍ) سَوَاءٌ جَعَلَ بِلَفْظِهِ طَلَاقًا أَمْ فَسْخًا (وَإِذَا بَدَأَ) الزَّوْجُ (بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ) كَطَلَّقْتُكِ أَوْ خَالَعْتكِ بِكَذَا، فَقَبِلَتْ (وَقُلْنَا الْخُلْعُ) فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (طَلَاقٌ) ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ) ، لِتَوَقُّفِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ عَلَى الْقَبُولِ، فَإِنْ قُلْنَا فَسْخٌ فَلَيْسَ فِيهِ شَوْبُ تَعْلِيقٍ، (لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهَا) نَظَرًا لِجِهَةِ الْمُعَاوَضَةِ. (وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا بِلَفْظٍ غَيْرِ مُنْفَصِلٍ) كَمَا فِي الْبَيْعِ (فَلَوْ اخْتَلَفَ إيجَابٌ وَقَبُولٌ كَطَلَّقْتُك بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ وَعَكْسُهُ) ، كَطَلَّقْتُك بِأَلْفَيْنِ فَقَبِلَتْ بِأَلْفٍ، (أَوْ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ أَلْفٍ فَلَغْوٌ) ، فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فِي الشَّامِلِ فِي الْأُولَى أَنَّهُ يَصِحُّ، وَلَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ (وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الثَّلَاثِ وَوُجُوبُ أَلْفٍ) لِأَنَّ الزَّوْجَ يَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ، وَالزَّوْجَةُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهَا بِسَبَبِ الْمَالِ، وَقَدْ وَافَقَتْهُ فِي قَدْرِهِ وَالثَّانِي لَا يَقَعُ طَلَاقٌ لِاخْتِلَافِ الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ. وَالثَّالِثُ يَقَعُ وَاحِدَةً نَظَرًا إلَى قَبُولِهَا فَإِنَّهَا لَوْ لَمْ تَقْبَلْ شَيْئًا لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَعَلَى هَذَا وَوُقُوعُ الثَّلَاثِ قِيلَ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ رَدًّا بِالِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ إلَى التَّأْثِيرِ فِي الْعِوَضِ فَيُفْسِدُهُ (وَإِنْ بَدَأَ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ كَمَتَى أَوْ مَتَى مَا أَعْطَيْتنِي) ، كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَعْلِيقٌ (فَلَا رُجُوعَ لَهُ) قَبْلَ الْإِعْطَاءِ (وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا وَلَا الْإِعْطَاءُ فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ فَمَتَى وُجِدَ الْإِعْطَاءُ بَطَلَتْ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ. (وَإِنْ قَالَ إنْ أَوْ إذَا أَعْطَيْتنِي)   [حاشية قليوبي] فِي الْكُلِّ إنْ قَبِلَتْ بَائِنًا وَيَلْزَمُهُ فِي الْأَوَّلِ الْمُسَمَّى، وَفِي الثَّانِي مَا نَوَيَاهُ إنْ اتَّفَقَتْ نِيَّتُهُمَا أَوْ مَا نَوَاهُ الزَّوْجُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي النِّيَّةِ رَجَعَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِي الثَّالِثِ مَهْرُ الْمِثْلِ مُطْلَقًا وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَمَا فِي حَاشِيَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا إمَّا مُؤَوَّلٌ أَوْ مَرْجُوحٌ وَإِذَا لَمْ تَقْبَلْ فَفِيهِ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ، إنْ نَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا وَإِلَّا فَهُوَ كِنَايَةٌ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَالْهَادِي. قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا) وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَدَفْعًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَطْفِهَا عَلَيْهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (بِعْتُك نَفْسَك) أَوْ بِعْتُك طَلَاقَك، وَكَذَا قَوْلُهَا لَهُ بِعْتُك ثَوْبِي بِطَلَاقِي. قَوْلُهُ: (فَقَالَتْ) أَيْ فَوْرًا. قَوْلُهُ: (فَكِنَايَةُ خَلْعٍ) خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ لِأَنَّهُ مِمَّا لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضِعِهِ. قَوْلُهُ: (بَدَأَ) بِالْهَمْزِ بِمَعْنَى ابْتَدَأَ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَبِتَرْكِهِ بِمَعْنَى ظَهَرَ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (فَهُوَ) أَيْ الْخُلْعُ الْمَذْكُورُ أَوْ مَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (قَبُولِهَا) بِلَفْظٍ أَوْ بِإِعْطَاءٍ أَوْ بِكِنَايَةٍ مَعَ نِيَّةٍ أَوْ بِإِشَارَةٍ مِنْ خَرْسَاءَ. قَوْلُهُ: (بِثُلُثِ الْأَلْفِ) لِأَنَّ الْأَلْفَ مُوَزَّعَةٌ عَلَى الْعَدَدِ مَا لَمْ تُصَرِّحْ بِخِلَافِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الشَّامِلِ فِي الْأُولَى) وَهِيَ إذَا قَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ أَنَّهُ يَصِحُّ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَعْطَتْهُ أَلْفَيْنِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْإِعْطَاءَ لَيْسَ جَوَابًا وَلَا إيجَابًا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ إلَخْ) وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا قَبْلَهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ نَظِيرُهَا فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ مَحْضُ مُعَاوَضَةٍ. قَوْلُهُ: (وَافَقَتْهُ فِي قَدْرِهِ) فَلَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى هَذَا) أَيْ الْوَجْهُ الثَّالِثُ فِي وُقُوعِ الثَّلَاثِ وَهُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ، فَهُوَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَوُجُوبُ الْأَلْفِ الْمَعْطُوفُ عَلَى وُقُوعِ الثَّلَاثِ الْمُفِيدُ لِجَرَيَانِ الْأَصَحِّ فِيهِ. قَوْلُهُ: (مَتَى مَا أَعْطَيْتنِي) وَالْإِبْرَاءُ كَالْإِعْطَاءِ وَكَذَا الْهِبَةُ فَلَا يَشْتَرِي فِيهِمَا الْفَوْرَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَتَعْلِيقٌ) وَفِيهِ شَوْبُ مُعَاوَضَةٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ. قَوْلُهُ: (لَفْظًا) بَلْ وَلَا يَكْفِي اللَّفْظُ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ زَادَتْ) وَفَارَقَ مَا مَرَّ نَظِيرُ الشَّوْبِ الْمُعَاوَضَةَ هُنَاكَ. قَوْلُهُ: (إنْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مُطْلَقًا وَكَذَا بِفَتْحِهَا فِي غَيْرِ نَحْوِيٍّ وَإِلَّا وَقَعَ بَائِنًا وَلَا مَالَ ظَاهِرًا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَلَهُ تَحْلِيفُهَا وَالْإِبْرَاءُ كَالْإِعْطَاءِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْفَوْرِيَّةُ هُنَا وَمِثْلُ إنْ وَإِذَا لَوْ وَلَوْلَا وَلَوْ مَا وَإِذْ مَا.   [حاشية عميرة] [الْخُلْعُ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَعَ النِّيَّةِ] قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ) أَيْ كَمَا يَصِحُّ بِصَرَائِحِهِ. قَوْلُهُ: (لَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ الطَّلَاقُ. قَوْلُهُ: (يَصِحُّ بِالْكِنَايَةِ) أَيْ الْكِنَايَاتِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى قَوْلِ الْفَسْخِ إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ سَائِرَ مَا سَلَفَ فِي الْمَتْنِ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (مِنْهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِالْكِنَايَاتِ قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ جَعَلَ بِلَفْظِهِ طَلَاقًا أَمْ فَسْخًا) ، حَكَى الْقَاضِي وَجْهًا أَنَّهُ صَرِيحٌ إذَا قُلْنَا فَسْخٌ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ لِأَنَّهُ) يَأْخُذُ مَالًا فِي نَظِيرِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (لِتَوَقُّفِ وُقُوعِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمَتْنِ شَوْبُ تَعْلِيقٍ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ فِيهِ شَوْبُ تَعْلِيقٍ) أَيْ بَلْ هُوَ كَابْتِدَاءِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْفُسُوخَ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ الرُّجُوعُ) لَمْ يُعَبِّرْ بِالْفَاءِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ التَّفْرِيعُ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ وَالتَّعْلِيقِ مَعًا قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْبَيْعِ) أَيْ تُشْتَرَطُ الْمُوَافَقَةُ فِي الْمَعْنَى نَحْوُ قَبِلْت أَوْ ضَمِنْت لَا خُصُوصَ اخْتَلَعْت، وَالْفَصْلُ بِالْكَلِمَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ لَا يَضُرُّ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي الْمَتْنِ آخِرَ الْفَصْلِ. قَوْلُهُ: (قِيلَ يَجِبُ إلَخْ) أَيْ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْأَلْفِ عَلَى وُقُوعِ الثَّلَاثِ، كَمَا فِي الْمَتْنِ وَالْأَصَحُّ عَلَى وُقُوعِ الْوَاحِدَةِ أَيْضًا وُجُوبُ الْأَلْفِ خِلَافًا لِهَذَا الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ وَهُوَ مَا يَرْتَبِطُ بِهِ الْقَبُولُ بِالْإِيجَابِ دُونَ مَكَانِ الْعَقْدِ قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ عَلَى الْفَوْرِ إشَارَةٌ لِذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ مَتَى لَمْ تُعْطِنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْإِعْطَاءُ لَمْ تَفْعَلْ طَلُقَتْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ) بِخِلَافِ نَحْوِ خَالَعْتكِ عَلَى أَلْفٍ كَمَا سَبَقَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، (فَكَذَلِكَ) أَيْ تَعْلِيقٌ لَا رُجُوعَ لِلزَّوْجِ فِيهِ قَبْلَ الْإِعْطَاءِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ لَفْظًا (لَكِنْ يُشْتَرَطُ) فِيهِ (إعْطَاءٌ عَلَى الْفَوْرِ) ، لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعِوَضِ فِي الْمُعَاوَضَةِ وَإِنَّمَا تُرِكَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ فِي مَتَى، لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الْأَوْقَاتِ كَأَيِّ وَقْتٍ وَأَنْ لَا تَشْمَلَهَا، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي الْمُهَذَّبِ إلْحَاقَ إذَا بِمَتَى مُحْتَجًّا، بِأَنَّهُ إذَا قِيلَ لَك مَتَى أَلْقَاك جَازَ أَنْ تَقُولَ إذَا شِئْت، كَمَا تَقُولُ مَتَى شِئْت وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ إنْ شِئْت، وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ بَلْ يَكْفِي الْإِعْطَاءُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ، كَمَا فِي الْقَيْضِ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ. (وَإِنْ بَدَأَتْ بِطَلَبِ الطَّلَاقِ) كَأَنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا، (فَأَجَابَ فَمُعَاوَضَةٌ مَعَ شَوْبِ جَعَالَةٍ) لِأَنَّهَا تَبْذُلُ الْمَالَ فِي تَحْصِيلِ مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجُ مِنْ الطَّلَاقِ الْمُحَصِّلِ لِلْغَرَضِ، كَمَا أَنَّ الْجَعَالَةَ بَذْلُ الْجَاعِلِ الْمَالَ فِي تَحْصِيلِ مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْعَامِلُ مِنْ الْفِعْلِ الْمُحَصِّلِ لِلْغَرَضِ، (فَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ جَوَابِهِ) ، لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ لَهَا، (وَيُشْتَرَطُ فَوْرٌ لِجَوَابِهِ) ، لِأَنَّهُ شَأْنُ الْمُعَاوَضَةِ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرَ بَيْنَ أَنْ تَطْلُبَ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ، أَوْ تَعْلِيقٍ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّعْلِيقُ بِأَنْ أَوْ بِمَتَى نَحْوُ إنْ طَلَّقْتنِي أَوْ مَتَى طَلَّقْتنِي فَلَكَ كَذَا وَإِنْ أَجَابَهَا بِأَقَلَّ مِمَّا ذَكَرَتْهُ لَمْ يَضُرَّ. (وَلَوْ طَلَبَتْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ) وَهُوَ يَمْلِكُهَا، (فَطَلَّقَ طَلْقَةً بِثَلَاثَةٍ) أَوْ سَكَتَ عَنْ الْعِوَضِ، (فَوَاحِدَةٌ بِثُلُثِهِ) تَغْلِيبًا لِشَوْبِ الْجَعَالَةِ، وَلَوْ قَالَ فِيهَا رُدَّ عَبِيدِي الثَّلَاثَةَ وَلَك أَلْفٌ فَرَدَّ وَاحِدًا اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِهِ أَنَّهُ لَغْوٌ لِأَنَّهُ صِيغَةُ مُعَاوَضَةٍ اخْتَلَفَ فِيهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَانَ لَا يَمْلِكُ إلَّا طَلْقَةً. .   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (كَذَا) الْمُرَادُ بِهِ مَعْلُومٌ كَأَلْفٍ أَوْ هَذَا الثَّوْبِ، إلَّا كَإِنْ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ ثَوْبًا لَمْ تَطْلُقْ مُطْلَقًا كَإِعْطَاءِ الْحُرَّةِ مَغْصُوبًا، فِيمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ فِي الْحُرَّةِ وَالْمُبَعَّضَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ نَعَمْ إنْ عَلَّقَ بِنَحْوِ خَمْرٍ، فَهِيَ كَالْحُرَّةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْفَوْرِيَّةُ وَيُعْتَبَرُ الْفَوْرُ فِي الْغَائِبَةِ مِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ، وَفِي الْحَاضِرَةِ بِالْمَجْلِسِ، وَإِذَا أَعْطَتْهُ الْأَمَةُ مَا عَلَّقَ بِهِ، وَلَوْ مِنْ كَسْبِهَا أَوْ مَغْصُوبًا طَلُقَتْ وَيَرُدُّهُ وَلَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فِي ذِمَّتِهَا وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَوْ فِي الدَّيْنِ كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا وَكَذَا غَيْرُهُمَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَيَمْلِكُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهُمَا مِمَّا يَمْلِكُ بِالْإِعْطَاءِ. قَوْلُهُ: (فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ) مَعَ كَوْنِ الْمُغَلِّبِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ التَّعْلِيقَ فَلَا يَرُدُّ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَاخْتَارَ الشَّيْخُ إلَخْ) وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الزَّمَنَ فِي مَتَى عَامٌّ وَفِي إذَا مُطْلَقٌ فَلَا يَلْزَمُ الِاشْتِرَاكُ. تَنْبِيهٌ: جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِي التَّعْلِيقِ فِي الْإِثْبَاتِ وَسَيَأْتِي النَّفْيُ وَيُشْتَرَطُ فَوْرٌ لِجَوَابِهِ فَإِنْ أَجَابَ لَا عَلَى الْفَوْرِ، وَقَعَ رَجْعِيًّا فَإِنْ ادَّعَى جَهْلَ الْفَوْرِيَّةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَّا إنْ أَمْكَنَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَضُرَّ) أَيْ وَيَقَعُ بِهِ. قَوْلُهُ: (سَكَتَ عَنْ الْعِوَضِ) قَالَ شَيْخُنَا أَوْ سَكَتَ عَنْ طَلْقَةٍ قَالَ الشَّيْخَانِ وَكَذَا عَنْ النِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (بِثُلُثِهِ) فَلَوْ صَرَّحَ بِغَيْرِ الثُّلُثِ فِي الطَّلْقَةِ لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ وَلَوْ طَلَّقَ طَلْقَتَيْنِ فَلَهُ ثُلُثَانِ وَلَوْ طَلَّقَ نِصْفَ طَلْقَةٍ، فَلَهُ سُدُسُ الْأَلْفِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا أَوْقَعَهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ لَا بِمَا وَقَعَ حَيْثُ لَمْ يَسْتَوْفِ الثَّلَاثَ فَلَوْ طَلَبَتْ عَشْرًا بِأَلْفٍ، فَطَلَّقَ ثِنْتَيْنِ فَلَهُ خُمُسُ الْأَلْفِ أَوْ ثَلَاثًا فَأَكْثَرَ فَلَهُ كُلُّ الْأَلْفِ، وَلَوْ طَلَّقَ يَدَهَا مَثَلًا بَانَتْ بِمَهْرِ مِثْلٍ لِلْجَهْلِ بِمَا يُقَابِلُ الْيَدَ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (فَكَذَلِكَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ) يُرِيدُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لُوحِظَ فِيهَا الْمُعَاوَضَةُ وَالتَّعْلِيقُ مَعًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعِوَضِ) بَسَطَ مَا فِي الرَّافِعِيِّ حَيْثُ قَالَ أَمَّا اشْتِرَاطُ الْإِعْطَاءِ فِي الْمَجْلِسِ فَلِأَنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي التَّعْجِيلَ، لِأَنَّ الْأَعْوَاضَ تَتَعَجَّلُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ وَإِنَّمَا تُرِكَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ فِي مَتَى وَأَخَوَاتِهَا لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، وَإِنْ وَإِذَا لَا تَشْمَلُهَا وَإِنَّمَا تَقْتَضِي التَّعْلِيقَ وَالِاشْتِرَاطَ فَقَطْ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَنْتَظِمُ أَنْ يُقَالَ إنْ وَإِذَا أَعْطَيْتنِي الْآنَ أَوْ سَاعَةَ كَذَا وَلَا يَنْتَظِمُ مَتَى أَوْ أَيَّ وَقْتٍ أَعْطَيْتنِي الْآنَ أَوْ سَاعَةَ كَذَا، فَلَمْ تَصِحَّ إنْ وَإِذَا دَافِعَةً لِلْقَرِينَةِ الْمُتَقَضِّيَةِ لِلتَّعْجِيلِ اهـ. وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ فَقَالَ لَيْسَ ذَلِكَ لِاقْتِضَاءِ إنْ وَإِذَا الْفَوْرِيَّةَ فَإِنَّهُ شَرْطٌ وَالشَّرْطُ يَنْبَسِطُ عَلَى الْأَزْمَانِ بَلْ لِلِاقْتِرَانِ بِالْعِوَضِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّعْجِيلِ بِخِلَافِ مَتَى، فَإِنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي التَّأْخِيرِ، لِأَنَّهَا عَامَّةٌ فِي الْأَزْمَانِ وَمُقْتَضَى النُّصُوصِ لَا تَدْرَؤُهُ الْقَرَائِنُ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ إنْ وَإِذَا فِي جَانِبِ النَّفْيِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ حَيْثُ قَالُوا، لَوْ قَالَ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ تَطْلُقُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ، وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ إلَّا بِالْيَأْسِ، وَفَرَّقُوا بِأَنَّ إنْ حَرْفُ شَرْطٍ لَا إشْعَارَ لَهُ بِالزَّمَانِ بِخِلَافِ إذَا وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْفَوْرِيَّةِ هُنَا بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْ أَعْطَيْتنِي بِالْفَتْحِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (فَمُعَاوَضَةٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهَا تُحَصِّلُ الْمِلْكَ فِي الْبُضْعِ بِمَا تَبْذُلُهُ مِنْ الْعِوَضِ، وَأَمَّا شَوْبُ الْجَعَالَةِ فَلَعَلَّهُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَزَادَ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْحَامِلَ مُلْتَمِسٌ مَا فِيهِ خَطَرٌ قَدْ يَتَأَتَّى وَقَدْ لَا يَتَأَتَّى، وَالْمَرْأَةُ تَلْتَمِسُ مِنْ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ الْقَابِلَ لِلتَّعْلِيقِ، بِالْإِخْطَارِ وَالْإِقْرَارِ اهـ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا تَبْذُلُ الْمَالَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ مَعَ شَوْبِ جَعَالَةٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ شَأْنُ الْمُعَاوَضَةِ) فَإِنْ قِيلَ لَمْ جَوَّزْتُمْ التَّأْخِيرَ نَظَرًا لِشَائِبَةِ الْجَعَالَةِ، كَمَا جَوَّزَ التَّعْلِيقَ لَهَا قُلْت أُجِيبُ بِتَيَسُّرِ التَّعْجِيلِ عَلَيْهِ وَتَعَسُّرِهِ، عَلَى عَامِلِ الْجَعَالَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ صَرَّحَتْ بِالتَّرَاخِي. قَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْمَالَ هُوَ الَّذِي مِنْ جِهَتِهَا وَهُوَ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ مِنْ جَانِبِ الرَّجُلِ، ثُمَّ قَالَ وَقِيَاسُ كَوْنِهِ مُعَاوَضَةً عَدَمُ جَوَازِ التَّعْلِيقِ فِيهِ، كَمَا لَوْ قَالَ إنْ بِعْتنِي فَلَكَ كَذَا لَكِنْ لِمَا هُنَا مِنْ شَائِبَةِ الْجَعَالَةِ احْتَمَلَتْ صِيغَةُ التَّعْلِيقِ قَوْلُهُ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 316 (وَإِذَا خَالَعَ أَوْ طَلَّقَ بِعِوَضٍ فَلَا رَجْعَةَ) سَوَاءٌ جَعَلَ الْخُلْعَ فَسْخًا أَمْ طَلَاقًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ صَحِيحًا أَمْ فَاسِدًا، (فَإِنْ شَرَطَهَا) ، كَأَنْ قَالَ خَالَعْتكِ أَوْ طَلَّقْتُك بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك الرَّجْعَةَ، (فَرَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ) لِأَنَّ شَرْطَ الْمَالِ، وَشَرْطَ الرَّجْعَةِ يَتَنَافَيَانِ فَيَتَسَاقَطَانِ، وَيَبْقَى مُجَرَّدُ الطَّلَاقِ وَقَضِيَّتُهُ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ، (وَفِي قَوْلٍ بَائِنٌ بِمَهْرِ مِثْلٍ) ، لِفَسَادِ الْعِوَضِ بِاشْتِرَاطِ الرَّجْعَةِ، (وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِكَذَا وَارْتَدَّتْ) عَقِبَهُ، (فَأَجَابَ إنْ كَانَ) الِارْتِدَادُ (قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ وَأَصَرَّتْ) عَلَى الرِّدَّةِ، (حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بَانَتْ بِالرِّدَّةِ وَلَا مَالَ) وَلَا طَلَاقَ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِيهَا طَلُقَتْ بِالْمَالِ) ، الْمُسَمَّى حِينَ الْجِرَابِ وَتُحْسَبُ الْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ. (وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ كَلَامٍ يَسِيرٍ بَيْنَ إيجَابٍ وَقَبُولٍ) فِي الْخُلْعِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الِارْتِدَادِ، بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْكَثِيرِ فَيَضُرُّ لِأَنَّ قَائِلَهُ يُعَدُّ بِهِ مُعْرِضًا. فَصْلٌ: قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَعَلَيْك أَوْ وَلِي عَلَيْك كَذَا كَأَلْفٍ (وَلَمْ يَسْبِقْ طَلَبَهَا بِمَالٍ وَقَعَ رَجْعِيًّا قَبِلَتْ أَوْ لَا وَلَا مَالَ) ، لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا وَشَرْطًا بَلْ جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الطَّلَاقِ، فَلَا يَتَأَثَّرُ بِهَا الطَّلَاقُ، وَتَلْغُو فِي نَفْسِهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَتْ طَلِّقْنِي، وَعَلَيَّ أَوْ وَلَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا بِالْأَلْفِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّوْجَةَ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْتِزَامُ الْمَالِ، فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ مِنْهَا عَلَى الِالْتِزَامِ وَالزَّوْجُ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ، فَإِذَا لَمْ يَأْتِي بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ حُمِلَ اللَّفْظُ مِنْهُ عَلَى مَا يَنْفَرِدُ بِهِ. (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت مَا يُرَادُ بِطَلَّقْتُك بِكَذَا، وَصَدَّقَتْهُ فَكَهُوَ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ: فَتَبِينُ مِنْهُ بِالْمُسَمَّى إنْ كَانَتْ قَبِلَتْ وَيَكُونُ الْمَعْنَى، وَعَلَيْك كَذَا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَإِذَا خَالَعَ أَوْ طَلَّقَ) هُوَ عَطْفٌ خَاصٌّ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك الرَّجْعَةَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنِّي مَتَى شِئْت رَدَدْت الْعِوَضَ، وَرَاجَعْت فَيَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا رَجْعَةً لِأَنَّهُ رَضِيَ بِسُقُوطِهَا وَإِذَا سَقَطَتْ لَا تَعُودُ. قَوْلُهُ: (وَارْتَدَّتْ) أَوْ ارْتَدَّ هُوَ أَوْ هُمَا وَأَفَادَ بِالْوَاوِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ قَوْلُهُ: (فَأَجَابَهَا) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ بَعْدَ الرِّدَّةِ أَوْ مَعَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَلَوْ تَرَاخَتْ الرِّدَّةُ أَوْ الْجَوَابُ اخْتَلَتْ الصِّفَةُ. قَوْلُهُ: (فَيَضُرُّ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْمُجِيبِ. فَرْعٌ: خَالَعَ زَوْجَتَهُ وَقَبِلَتْ ثُمَّ أَثْبَتَ وَلِيُّهَا أَنَّهَا سَفِيهَةٌ وَقَعَ رَجْعِيًّا فَإِنْ كَذَّبَهُ الزَّوْجُ وَقَعَ بَائِنًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا عَمَلًا بِدَعْوَاهُ فِي الْبَيْنُونَةِ. فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ قَوْلُهُ: (قَالَ إلَخْ) وَعَكْسُ ذَلِكَ مِثْلُهُ. قَوْلُهُ: (رَجْعِيًّا) نَعَمْ إنْ شَاعَ عُرْفٌ بِذَلِكَ صُدِّقَ فِي إرَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي. قَوْلُهُ: (مَعْطُوفَةٌ) وَلَمْ تُجْعَلْ لِلْحَالِ لِأَنَّ الْعَطْفَ أَظْهَرُ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ) أَيْ فِي حَالِ تَصْدِيقِهَا كَمَا هُوَ الْفَرْضُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَكَذَا لَوْ كَذَّبَتْهُ وَحَلَفَ يَمِينَ الرَّدِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ سَكَتَتْ وَالْوَجْهُ فِيهَا مُطَالَبَتُهَا لِتُصَدِّقَ أَوْ تُكَذِّبَ فَيُرَتَّبَ عَلَى كُلِّ مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (حَلَفَتْ) فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ هُوَ وَثَبَتَ الْمَالُ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ قَبِلَتْ) وَيَقَعُ بَائِنًا وَلَا مَالَ مُؤَاخَذَةً بِإِقْرَارِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا حَلِفَ) وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ يَنْبَغِي أَنْ تَحْلِفَ لِأَنَّهَا رُبَّمَا تَرُدُّ الْيَمِينَ. عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ وَلَا يَقَعُ   [حاشية عميرة] فَلَا رَجْعَةَ) وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَكَرَ الطَّلَاقَ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَشَرَعَ مَعَهُ الرَّجْعَةَ ثُمَّ ذَكَرَ الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَهُ رَجْعَةً وَأَيْضًا جَعَلَهُ فِدْيَةً، وَالْفِدْيَةُ خَلَاصُ النَّفْسِ وَلَا خَلَاصَ مَعَ سَلْطَنَةِ الرَّجْعَةِ وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَا مَالَ) مُسْتَدْرِكٌ أَيْ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ طَلَّقَ حَامِلًا بِشَرْطِ عَدَمِ الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ ارْتَدَّتْ) مِثْلُهُ ارْتِدَادُهُمَا أَوْ ارْتِدَادُهُ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَأَجَابَ) أَشَارَ بِالتَّعْبِيرِ بِالْفَاءِ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَجَابَ قَبْلَ رِدَّتِهِمَا صَحَّ الْخُلْعُ وَوَجَبَ الْمَالُ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَارَنَ الْجَوَابُ الرِّدَّةَ وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَكَذَا سَكَتُوا عَنْهُ وَيَظْهَرُ بَيْنُونَتُهَا بِالرِّدَّةِ اهـ. [فَصْلٌ قَالَ أَنْتَ طَالِقٌ وَعَلَيْك أَوْ وَلِي عَلَيْك كَذَا كَأَلْفٍ] فَصْلٌ: قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ خَالَعْتكِ وَلِي عَلَيْك أَلْفٌ، أَنَّهُ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ لَفْظَ الْخُلْعِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَالًا وَتُلْغَى هَذِهِ الْجُمْلَةُ أهـ. يَعْنِي فَيَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَتْ إلَخْ) لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَأُعْطِيك أَلْفًا أَوْ أُبْرِئُك مِنْ صَدَاقِي فَطَلَّقَ وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) زَادَ الزَّرْكَشِيُّ وَلِأَنَّ الْوَاوَ لِجَوَابِ الْأَمْرِ، وَالْأَمْرُ كَالشَّرْطِ هَكَذَا قَالَهُ الْخَلِيلُ لَمَّا سَأَلَهُ سِيبَوَيْهِ عَلَيْهِ يَخْرُجُ احْمِلْ هَذَا وَلَك دِرْهَمٌ. قَوْلُهُ: (فَكَهُوَ فِي الْأَصَحِّ إلَخْ) عَلَّلَ هَذَا بِأَنَّ اللَّفْظَ هُنَا يَصْلُحُ كِنَايَةً عَنْ الْإِلْزَامِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُشْعِرُ بِالْمَنْعِ إنْ لَمْ نُصَحِّحْ الْخُلْعَ بِالْكِنَايَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ هُنَا فِي الْعِوَضِ لَا فِي صِيغَةِ الْعَقْدِ الَّتِي هِيَ مَحِلُّ الْخِلَافِ هُنَاكَ اهـ. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ الْمَعْنَى إلَخْ) مُحَصِّلُ هَذَا أَنَّ الصِّيغَةَ تَكُونُ كِنَايَةً فِي الْإِلْزَامِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ) أَيْ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ قَوْلُهُ: (فَكَأَنَّهُ لَا إرَادَةَ) أَيْ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا قَبِلَتْ أَوْ لَا قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ قَبِلَتْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَيَقَعُ بَائِنًا وَلَا مَالَ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ وَعَلَى كُلٍّ كَأَنْ لَا إرَادَةَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ فَلَا حَلِفَ) أَيْ وَيَقَعُ رَجْعِيًّا قَبِلَتْ أَمْ لَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَعَلَى كُلٍّ كَأَنْ لَا إرَادَةَ قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا حَلِفَ) أَيْ وَيَقَعُ رَجْعِيًّا قَبِلَتْ أَوْ لَا أَخْذًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 عِوَضًا فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَالثَّانِي لَا أَثَرَ لِلتَّوَافُقِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ، فَكَأَنَّ لَا إرَادَةَ فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ حَلَفَتْ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ قَبِلَتْ، فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ، فَلَا حَلِفَ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا حِلْفَ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلتَّصْدِيقِ عَلَيْهِ، وَعَلَى كُلٍّ كَأَنْ لَا إرَادَةَ. (وَإِنْ سَبَقَ) طَلَبَهَا لِلطَّلَاقِ بِمَالٍ كَأَلْفٍ، (بَانَتْ بِالْمَذْكُورِ) لِتَوَافُقِهِمَا عَلَيْهِ، فَإِنْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الْكَلَامِ لَا الْجَوَابَ وَقَعَ رَجْعِيًّا، كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك كَذَا، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَطَلَّقْتُك بِكَذَا فَإِذَا قَبِلَتْ) عَلَى الْفَوْرِ (بَانَتْ وَوُجُوبُ الْمَالِ) . وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا يَثْبُتُ الْمَالُ، لِأَنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ شَرْطٍ، لَمْ يَكُنْ مِنْ قَضَايَاهُ، كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَلَى أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ بَعْدَك، أَوْ عَلَى أَنَّ لَك عَلَيَّ كَذَا، وَحَكَى وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا فَسَّرَ بِالْإِلْزَامِ هَلْ يُقْبَلُ أَوْ لَا أَيْ مَعَ إنْكَارِ الْمَرْأَةِ إرَادَةُ ذَلِكَ بِخِلَافِ إنْكَارِهَا فِي قَوْلِهِ، وَلِي عَلَيْك كَذَا حَيْثُ لَا يُقْبَلُ عَلَيْهَا قَطْعًا، لِأَنَّ الصِّيغَةَ هُنَا أَقْرَبُ إلَى الْإِلْزَامِ إنْ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةً فِيهِ مِنْ تِلْكَ، وَالْمُصَنِّفُ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ سَاقَ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ طَرِيقَةً لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ حِكَايَةً لِلْمَذْهَبِ. (وَإِنْ قَالَ إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ، فَضَمِنَتْ فِي الْفَوْرِ بَانَتْ وَلَزِمَهَا الْأَلْفُ وَإِنْ قَالَ مَتَى ضَمِنْت) ، لِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَمَتَى ضَمِنْت طَلُقَتْ) ، وَالْفَرْقُ مَا تَقَدَّمَ فِي إنْ أَعْطَيْتنِي وَمَتَى أَعْطَيْتنِي، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ قَبْلَ الضَّمَانِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا كَمَا تَقَدَّمَ هُنَاكَ، (وَإِنْ ضَمِنَتْ دُونَ أَلْفٍ لَمْ تَطْلُقْ) لِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، (وَلَوْ ضَمِنَتْ أَلْفَيْنِ طَلُقَتْ) ، لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعَ مَزِيدٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي طَلَّقْتُك بِأَلْفٍ، فَقَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ أَنَّهُ لَغْوٌ، لِأَنَّهَا صِيغَةٌ يُشْتَرَطُ فِيهَا تَوَافُقُ الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ ثُمَّ الْمَزِيدُ يَلْغُو ضَمَانَهُ، وَلَوْ نَقَصَتْ أَوْ زَادَتْ فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ فَالْحُكْمُ، كَمَا ذُكِرَ هُنَا وَالْمَقْبُوضُ الزَّائِدُ عَلَى مَا عَلَّقَ بِهِ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ. (وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا، فَقَالَتْ طَلُقْتِ وَضَمِنْت أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ ضَمِنْت وَطَلُقْت، (بَانَتْ بِأَلْفٍ فَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَا) بَيْنُونَةَ وَلَا مَالَ لِانْتِفَاءِ الْمُوَافَقَةِ، وَفِي الْمُوَافَقَةِ يُشْتَرَطُ وُجُودُ التَّطْلِيقِ، وَالضَّمَانِ عَلَى   [حاشية قليوبي] شَيْءٌ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى كُلٍّ) أَيْ مِنْ صُورَتَيْ عَدَمِ الْحَلِفِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ إذَا انْتَفَى التَّصْدِيقُ وَالْقَبُولُ مَعًا وَعَلَى الثَّانِي مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (كَأَنَّ لَا إرَادَةَ) فَيَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَبَقَ طَلَبُهَا) أَيْ وَصَدَّقَتْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ أَنْكَرَتْ السَّبْقَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَبَانَتْ بِإِقْرَارِهَا وَلَا مَالَ وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَتْ ذِكْرَ الْمَالِ فَإِنْ وَافَقَهَا عَلَى ذِكْرِ عَدَمِ الْمَالِ، فَكَمَا لَوْ لَمْ يَسْبِقْ طَلَبَهَا كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (كَأَلْفٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَالِ لِقَوْلِهِ بَانَتْ الْمَذْكُورُ، وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَابِهِ ذِكْرُ الْأَلْفِ، أَوْ سُكُوتُهُ عَنْ الْمَالِ فَإِنْ أَبْهَمَ كَأَنْ أَجَابَهَا بِقَوْلِهِ طَلَّقْتُك بِمَالٍ أَوْ بِهِمَا مَعًا، وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ أَبْهَمَتْ وَعَيَّنَ جُعِلَ كَأَنَّهُ ابْتَدَأَ فَإِنْ قَبِلَتْ بِهِ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (قَبِلَتْ) وَلَوْ بِلَفْظِ ضَمِنَتْ قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ الْقَصْدِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ انْتَفَى الْقَصْدُ فَهُوَ جَوَابٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ مَعَ إنْكَارِ الْمَرْأَةِ) تَمْهِيدٌ لِلْفَرْقِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ، وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ جَرَيَانُ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا صَدَّقَتْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُصَنِّفُ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ حَيْثُ لَا طُرُقَ وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنَّ الْغَزَالِيَّ حَكَى الْمُقَابِلَ عَنْ الْأَصْحَابِ، فَهُوَ وَجْهٌ وَأَنْكَرَ مُقَابِلَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ نَقَلَ الْوَجْهَيْنِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ، فِيمَا إذَا فُسِّرَ بِالْإِلْزَامِ فَهُوَ قَاطِعٌ فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ الْمُخَالِفِ لِطَرِيقِ الْقَطْعِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إنْ ضَمِنَتْ إلَخْ) أَوْ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (فَضَمِنَتْ) بِلَفْظِ الضَّمَانِ فَلَا يَكْفِي نَحْوُ قَبِلَتْ وَلَا شِئْت وَلَا الْتَزَمْت خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي هَذِهِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ يَنْظُرُ فِيهِ إلَى اللَّفْظِ الْمَنْطُوقِ بِهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ هُنَاكَ) مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالدَّفْعِ لَهُ فَوْرًا فِي نَحْوِ إنْ وَمُطْلَقًا فِي نَحْوِ مَتَى. قَوْلُهُ: (طَلِّقِي نَفْسَك إلَخْ) أَوْ عَكْسُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَضَمِنَتْ) بِلَفْظٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَا بَيْنُونَةَ) أَيْ وَلَا طَلَاقَ أَصْلًا وَلَمْ يَذْكُرْهُ لِعَدَمِ سَبْقِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْفَوْرِ) لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِأَنْ وَمِثْلُهَا إذَا كَمَا مَرَّ، فَإِنْ كَانَ بِنَحْوِ مَتَى لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالِالْتِزَامُ) أَيْ الَّذِي   [حاشية عميرة] مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (وَعَلَى كُلٍّ كَأَنْ لَا إرَادَةَ) أَيْ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا هَذَا قَضِيَّةُ كَلَامِهِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، وَاسْتَشْكَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ تَحْتَمِلُ الْحَالِيَّةَ فَتَكُونُ مُقَيَّدَةً، وَقَدْ ادَّعَى إرَادَةَ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَقَعُ الطَّلَاقُ مَعَ هَذَا الِاحْتِمَالِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْوُقُوعَ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، وَأَمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَبَقَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (طَلَبُهَا لِلطَّلَاقِ بِمَالٍ كَأَلْفٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهَا سَأَلَتْ بِمُعَيَّنٍ قِيلَ، وَهُوَ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ الْمَذْكُورِ، أَمَّا إذَا كَانَ السُّؤَالُ بِمُبْهَمٍ، فَإِنْ أَجَابَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَهُوَ كَابْتِدَاءٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إيجَابٍ صَحِيحٍ، فَإِنْ قَبِلَتْ بَانَتْ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا طَلَاقَ، وَإِنْ أَجَابَ بِمُبْهَمٍ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَالًا طَلُقَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا قَبِلَتْ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بِلَفْظِ ضَمِنْت كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ. قَوْلُهُ: (شَرْطٌ) أَيْ إلْزَامِيٌّ أَمَّا التَّعْلِيقِيُّ فَلَا كَلَامَ فِي اعْتِبَارِهِ. قَوْلُهُ: (هَلْ يُقْبَلُ أَوْ لَا) أَيْ وَيَقَعُ بَائِنًا بِالْعِوَضِ الْمُسَمَّى. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَذْكُرْهُ اخْتِيَارًا لِنَفْسِهِ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْغَزَالِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَكْفِي الْإِعْطَاءُ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ الضَّمَانِ، وَقَالَ أَيْضًا مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَقُولَ ضَمِنْت، فَلَوْ قَالَتْ شِئْت لَمْ يَقَعْ بِدُونِ قَبِلْت. اهـ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَى شَخْصٍ أَلْفٌ، فَضَمِنَتْهَا فَكُلًّا ضَمَانٌ فِيمَا يَظْهَرُ أَعْنِي أَنَّ الصِّفَةَ لَا تَحْصُلُ بِهِ. قَوْلُهُ: (لَفْظًا إلَخْ) وَأَمَّا ضَمِنْت فَلَا بُدَّ مِنْهَا وَتَكُونُ كَالْإِعْطَاءِ هُنَاكَ. قَوْلُهُ: (بَانَتْ بِأَلْفٍ) عَلَّلَ اشْتِرَاطَ الْإِتْيَانِ بِهِمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا شَرْطٌ فِي الْآخَرِ، يُعْتَبَرُ اتِّصَالُهُ بِهِ فَهُمَا قَبُولٌ وَاحِدٌ فَاسْتَوَى تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا وَتَأْخِيرُهُ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ شَرْطًا فِي الطَّلَاقِ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ قَوِيٌّ إذَا جَعَلْنَا التَّفْوِيضَ إلَيْهَا تَوْكِيلًا كَمَا لَوْ قَالَ لِآخَرَ طَلِّقْهَا إنْ ضَمِنَتْ لِي أَلْفًا اهـ. قَوْلُهُ: (فَوَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ فَوْرًا فِي إنْ وَإِذَا دُونَ مَتَى وَنَحْوِهَا، كَمَا سَلَفَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ عِلْمُهُ بِوَضْعِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حُصُولَ الْمِلْكِ إلَخْ) هُوَ قَوِيٌّ بِالنَّظَرِ إلَى الْقَوَاعِدِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 الْفَوْرِ، وَقِيلَ يَكْفِي وُجُودُهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إعْطَاءُ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ هُنَا الْقَبُولُ، وَالِالْتِزَامُ دُونَ الضَّمَانِ الْمُفْتَقِرِ إلَى الْأَصَالَةِ. (وَإِذَا عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ مَالٍ فَوَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ طَلُقَتْ) ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ لِأَنَّ تَمْكِينَهَا إيَّاهُ مِنْ الْقَبْضِ إعْطَاءٌ مِنْهَا، وَهُوَ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْقَبْضِ مُفَوِّتٌ لِحَقِّهِ، وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ إنَّمَا يَتِمُّ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ (وَالْأَصَحُّ دُخُولُهُ) أَيْ الْمُعْطَى (فِي مُلْكِهِ) لِمُلْكِ الْمَرْأَةِ الْبُضْعَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِوَضَانِ يَتَقَارَنَانِ فِي الْمِلْكِ، وَالثَّانِي لَا يَدْخُلُ فِي مُلْكِهِ لِأَنَّ حُصُولَ الْمِلْكِ لَهُ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ مُمَلِّكٍ مِنْ جِهَتِهَا بَعِيدٌ فَيُرَدُّ الْمُعْطَى وَيُرْجَعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ. (وَإِنْ قَالَ إنْ أَقَبَضْتنِي) ، كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ (فَقِيلَ) هُوَ (كَالْإِعْطَاءِ) فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ فِيهِ، وَمِنْهُ اشْتِرَاطُ الْفَوْرِ وَمِلْكُ الْمَقْبُوضِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ مَا يُقْصَدُ بِالْإِعْطَاءِ، (وَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ (كَسَائِرِ التَّعْلِيقِ) لِأَنَّ الْإِقْبَاضَ لَا يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ بِخِلَافِ الْإِعْطَاءِ أَلَا تَرَى، أَنَّهُ إذَا قِيلَ أَعْطَاهُ عَطِيَّةً فُهِمَ مِنْهُ التَّمْلِيكُ، وَإِذَا قِيلَ أَقْبَضَهُ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ ذَلِكَ (فَلَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الْمَقْبُوضَ وَلَا يَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ. (وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْإِقْبَاضِ مَجْلِسٌ قُلْت وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا وَيُشْتَرَطُ لِتَحَقُّقِ الصِّفَةِ) وَهِيَ الْإِقْبَاضُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْقَبْضِ، (أَخْذُهُ بِيَدِهِ مِنْهَا وَلَوْ مُكْرَهَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، فَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا يَمْنَعُ الْأَخْذُ كَرْهًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِوُجُودِ   [حاشية قليوبي] عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِيَّةِ لَا الْمُبْتَدَأِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِالنَّذْرِ. قَوْلُهُ: (إلَى الْأَصَالَةِ) أَيْ إلَى أَصِيلٍ فَلَوْ أَرَادَهُ فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ كَقَوْلِهِ إنْ ضَمِنْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ. قَوْلُهُ: (فَوَضَعَتْهُ) فَوْرًا فِي نَحْوِ إذَا بِحَيْثُ لَا يَمْضِي زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْوَضْعُ وَلَا يَكْفِي وَضْعُ أَقَلَّ مِنْهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ جَمِيعِهِ أَوْ أَكْثَرِهِ كَمَا مَرَّ، وَهِيَ رَشِيدَةٌ وَلَوْ بِوَكِيلِهَا بِحَضْرَتِهَا وَفِي غَيْبَتِهَا وَقَصَدَتْ دَفْعَهُ عَنْ الْعِوَضِ وَتَصَدَّقَ فِي قَصْدِهَا. قَوْلُهُ: (بَيْنَ يَدَيْهِ) الْمُرَادُ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ بِلَا مَانِعٍ مِنْ نَحْوِ حَبْسٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ مُتَغَلَّبٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَالْإِيتَاءُ كَالْإِعْطَاءِ وَكَذَا الْمَجِيءُ إذَا اقْتَرَنَ بِهِ مَا يُفِيدُ الْمِلْكَ، وَكَلَامُهُمْ هُنَا شَامِلٌ لِلسَّفِيهِ فَرَاجِعْهُ، مَعَ مَا تَقَدَّمَ وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْ وَكِيلِ الزَّوْجِ، وَلَوْ بِحَضْرَتِهِ. قَوْلُهُ: (فِي مِلْكِهِ) إنْ كَانَ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي فَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْت زَيْدًا قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ طَلُقَتْ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا طَلُقَتْ رَجْعِيًّا وَلَا تَمْلِيكَ أَصْلًا لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ وَعِبَارَةُ وَبَعْضِهِمْ بَانَتْ وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ إعْطَاءَ زَيْدٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا تَمْلِكُهُ لَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ تَمْلِيكَ نَفْسِهِ. وَالْمَعْنَى إنْ أَعْطَيْتنِي عَلَى يَدِ زَيْدٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إنْ دَفَعْت لِزَيْدٍ فَلْيُرَاجِعْ ذَلِكَ وَلْيُحَرَّرْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حُصُولَ الْمِلْكِ إلَخْ) دَفَعَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ عَدَمَ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ مُطْلَقًا وَرَدَّ نَحْوَ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ، وَإِنْ أَرَادَ خُصُوصَ هَذِهِ لِأَجْلِ الْعِوَضِيَّةِ فِيهَا وَرَدَّ نَحْوَ الْإِيتَاءِ. قَوْلُهُ: (أَقَبَضْتنِي) وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَالْإِعْطَاءِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (الْمُتَضَمِّنُ لِلْقَبْضِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْإِقْبَاضِ لَا هُوَ لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهِ الْأَخْذُ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِلَا خِلَافٍ، وَلِذَلِكَ جَعَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ سَبْقَ قَلَمٍ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ لَغْوٌ شَرْعًا وَاعْتِمَادُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لِمَا فِي الْمِنْهَاجِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَلَا يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ هُنَا مَعًا لَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَالْإِلْهَامِ. قَوْلُهُ: (أَخْذُهُ بِيَدِهِ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ بِوَكِيلِهِ مِنْهَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوْ مِنْ وَكِيلِهَا بِحَضْرَتِهَا. قَوْلُهُ: (فَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ) سَوَاءٌ فِي التَّعْلِيقِ فِي الْقَبْضِ أَوْ الْإِقْبَاضِ إلَّا إنْ أُلْحِقَ بِالْإِعْطَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِهِ) أَيْ بِخِلَافِ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِكْرَاهِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِمَامُ) هُوَ مَرْجُوحٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِهَا) أَيْ وَصَحَّ بَيْعُهَا لَهُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلَهُ) وَلَوْ بِوَلِيِّهِ أَوْ سَيِّدِهِ. قَوْلُهُ: (رَدَّهُ لِلْعَيْبِ) نَعَمْ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَكَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: لَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْت زَيْدًا أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَهُوَ تَعْلِيقٌ عَلَى مُجَرَّدِ صِفَةٍ فَمَتَى أَعْطَتْهُ طَلُقَتْ. قَوْلُهُ: (فَيُرَدُّ الْمُعْطَى إلَخْ) اُنْظُرْ لِمَاذَا لَمْ يَقَعْ رَجْعِيًّا كَمَا فِي إنْ أَقَبَضْتنِي وَيُجَابُ بِأَنَّهُ نَظِيرُ إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدًا. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ اشْتِرَاطُ الْفَوْرِ) أَيْ فِي إنْ وَإِذَا دُونَ مَتَى وَنَحْوِهَا لَمَا سَلَفَ، قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) اسْتَثْنَى الْمُتَوَلِّي مَا إذَا سَبَقَ مِنْهَا الْتِمَاسُ الْبَدَلِ نَحْوُ طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفٍ، فَقَالَ إنْ أَقَبَضْتنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ، فَإِنَّهُ يَكُونُ كَالتَّعْلِيقِ عَلَى الْإِعْطَاءِ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْفَوْرِيَّةِ فِي إنْ أَعْطَيْتنِي إنَّمَا جَاءَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِعْطَاءَ يُفِيدُ التَّمْلِيكَ. قَوْلُهُ: (أَخَذَهُ بِيَدِهِ) أَنْكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَوْ مُكْرَهَةً فَحَمَلَهُ السُّبْكِيُّ عَلَى الْوَهْمِ. أَقُولُ سَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِ مَنْ يُبَالَى بِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ حَثًّا وَلَا مَنْعًا، أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْفِعْلِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا، وَذَلِكَ مُؤَيِّدٌ لِمَا فِي الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ لَا يَخْتَلِفُ بِالْإِكْرَاهِ وَعَدَمِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ حَثٌّ وَلَا مَنْعٌ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ. قَوْلُهُ: (الْمُقْتَضِي لِلتَّمْلِيكِ) أَيْ وَهُنَا لَمَّا كَانَ الْإِقْبَاضُ لَا يَحْصُلُ بِهِ التَّمْلِيكُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى كَوْنِ الدَّفْعِ اخْتِيَارًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 319 الصِّفَةِ بِخِلَافِهِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ الْمُقْتَضِي لِلتَّمْلِيكِ، لِأَنَّهَا لَمْ تُعْطَ وَقَالَ الْإِمَامُ يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَحَكَى فِي الْأَخْذِ كَرْهًا قَوْلَيْنِ أَرْجَحُهُمَا الْمَنْعُ. (وَلَوْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِإِعْطَاءِ عَبْدٍ وَوَصَفَهُ بِصِفَةٍ سَلَمٍ فَأَعْطَتْهُ) ، عَبْدًا (لَا بِالصِّفَةِ لَمْ تَطْلُقْ) أَوْ بِهَا (سَلِيمًا) طَلُقَتْ وَمَلَكَهُ الزَّوْجُ أَوْ (مَعِيبًا فَلَهُ) مَعَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ، (رَدَّهُ) لِلْعَيْبِ (وَمَهْرُ مِثْلٍ وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ سَلِيمًا) ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِعَبْدٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ سَلِيمٍ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْمُعْطَى بِخِلَافِ، مَا لَوْ قَالَ طَلَّقْتُك عَلَى عَبْدٍ صِفَتُهُ كَذَا فَقَبِلَتْ، وَأَعْطَتْهُ عَبْدًا بِتِلْكَ الصِّفَةِ مَعِيبًا لَهُ رَدُّهُ، الْمُطَالَبَةُ بِعَبْدٍ سَلِيمٍ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ قَبْلَ الْإِعْطَاءِ بِالْقَبُولِ عَلَى عَبْدٍ فِي الذِّمَّةِ، وَفِي وَجْهِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لَا يَرُدُّ الْعَبْدَ بَلْ يَأْخُذُ أَرْشَ الْعَيْبِ. وَ (وَلَوْ قَالَ) فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ (عَبْدًا) وَلَمْ يَصِفْهُ (طَلُقَتْ بِعَبْدٍ) عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ (إلَّا مَغْصُوبًا فِي الْأَصَحِّ) ، لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ، كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُ الْمَغْصُوبِ، وَالثَّانِي تَطْلُقُ بِالْمَغْصُوبِ كَالْمَمْلُوكِ، لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ الْمُعْطَى، وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهَا لِمَا سَيَأْتِي فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ مُلْكِهَا لَهُ (وَلَهُ مَهْرُ مِثْلٍ) بَدَلُ الْمُعْطَى لِتَعَذُّرِ مُلْكِهِ لَهُ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ عِوَضًا، وَهُوَ مَجْهُولٌ عِنْدَ التَّعْلِيقِ وَالْمَجْهُولُ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا، وَلَا يَأْتِي قَوْلٌ بِالرُّجُوعِ إلَى الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْمَجْهُولَ لَا تُعْرَفُ قِيمَتُهُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهَا، وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ اشْتِرَاطُ الْفَوْرِ فِي التَّعْلِيقِ بِأَنْ دُونَ مَتَى وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْمَغْصُوبِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ مِثْلَهُ فِيمَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ مَغْصُوبُ الْبَعْضِ، وَلَوْ وَصَفَهُ بِصِفَةٍ دُونَ صِفَةِ السَّلَمِ فَأَعْطَتْهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ طَلُقَتْ، وَلَهُ مَهْرُ مِثْلٍ بَدَلَهُ لِمَا تَقَدَّمَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَلَوْ مَلَكَ طَلْقَةً فَقَطْ فَقَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ الطَّلْقَةَ فَلَهُ أَلْفٌ) ، لِأَنَّهُ حَصَلَ بِتِلْكَ الطَّلْقَةِ مَقْصُودُ الثَّلَاثِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ الْكُبْرَى (وَقِيلَ ثُلُثُهُ) ، تَوْزِيعًا لِلْمُسَمَّى عَلَى الْعَدَدِ الْمَسْئُولِ، كَمَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ الثَّلَاثَ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً، (وَقِيلَ إنْ عَلِمَتْ الْحَالَ) وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا طَلْقَةً، (فَأَلْفٌ) لِأَنَّ الْمُرَادَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ كَمِّلْ لِي الثَّلَاثَ، (وَإِلَّا فَثُلُثُهُ) لِمَا تَقَدَّمَ وَالْأَوَّلُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَالثَّانِي قَالَهُ الْمُزَنِيّ وَالْمُفَضَّلُ حَمَلَ الْأَوَّلَ عَلَى حَالَةِ الْعِلْمِ، وَالثَّانِي عَلَى حَالَةِ الْجَهْلِ، وَقِيلَ يَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ، كَمَا سَأَلَتْ. (وَلَوْ طَلَبَتْ طَلْقَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ) طَلْقَةً، (بِمِائَةٍ وَقَعَ بِمِائَةٍ) لِرِضَاهُ بِهَا (وَقِيلَ   [حاشية قليوبي] أَوْ فَلَسٍ تَعَيَّنَ عَدَمُ الرَّدِّ، كَمَا يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِلَّا فَلَهُ الرِّضَا بِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الطَّلَاقَ) أَيْ فِي هَذِهِ لِكَوْنِهَا صِيغَةَ مُعَاوَضَةٍ. قَوْلُهُ: (طَلُقَتْ) لِأَنَّ الْمُعْطَى يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ لَهُ وَإِنَّمَا رَجَعَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ لِجَهْلِ صِفَتِهِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِعَبْدٍ) وَلَوْ أَبَاهُ وَهَلْ الْخُنْثَى كَالْعَبْدِ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَيِّ صِفَةٍ) كَأَنَّهُ تَعْمِيمٌ لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ عَامٍّ وَلَفْظُ الْعَبْدِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (إلَّا مَغْصُوبًا) أَيْ فَلَا تُطْلَقُ أَصْلًا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ الْمُقَابِلُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا غَاصِبَةٌ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ مِنْهَا مَعَ غَيْرِهَا. نَعَمْ إنْ وَصَفَ فِي التَّعْلِيقِ الْعَبْدَ بِالْمَغْصُوبِ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ وَقَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ مِنْ الْعِوَضِ الْفَاسِدِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الزَّوْجَ إلَخْ) عَلِمَ رَدَّهُ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْمُشْتَرَكُ) وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا لَهُ نَحْوُ مُكَاتَبٍ وَجَانٍ تَعَلَّقَ بِهِ مَالٌ وَمَرْهُونٌ وَمَوْقُوفٌ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْمُشْتَرَكِ لِإِمْكَانِ شُمُولِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَهُ بَلْ يُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِهِ لِجَمِيعِ مَا ذَكَرَ، لِأَنَّ فِيهِ اسْتِيلَاءً بِغَيْرِ حَقٍّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَصَفَهُ) هَذِهِ مَفْهُومُ ذِكْرِ صِفَاتِ السَّلَمِ فِيمَا مَرَّ، وَبِهَا تَتِمُّ الْأَقْسَامُ. قَوْلُهُ: (بِتِلْكَ الصِّفَةِ) أَيْ فَأَكْثَرَ لَا بِدُونِهَا فَلَا طَلَاقَ أَصْلًا كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (وَلَهُ مَهْرُ مِثْلِ بَدَلِهِ) وَلَهُ الرِّضَا بِهِ إلَّا فِيمَا مَرَّ. تَنْبِيهٌ: جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرَّةِ وَيَتَعَيَّنُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْجَمِيعِ فِي الْأَمَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَلَكَ طَلْقَةً فَقَطْ) وَالطَّلْقَتَانِ كَالطَّلْقَةِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (فَطَلَّقَ الطَّلْقَةَ) أَوْ بَعْضَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ حَصَلَ إلَخْ) فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْقِسْطُ مِمَّا نَطَقَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّلَاثِ، فَلَوْ مَلَكَ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ فَقَالَتْ طَلِّقْنِي خَمْسًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً فَلَهُ خُمُسُ الْأَلْفِ وَهَكَذَا إلَى الثَّلَاثِ فَيَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ، فَلَوْ فَرَّقَ فِي الْجَوَابِ فِي سُؤَالِهَا ثَلَاثًا بِأَلْفٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا كَقَوْلِهِ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَاثْنَتَيْنِ مَجَّانًا وَقَعَ الثَّلَاثِ وَلَزِمَهَا ثُلُثُ الْأَلْفِ فَقَطْ، فَإِنْ قَالَ طَلَّقْتُك وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَثِنْتَيْنِ مَجَّانًا وَقَعَ الثِّنْتَانِ دُونَ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّهُ خَالَفَ فِي ابْتِدَاءِ الصِّيغَةِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا وَإِنْ قَالَ طَلَّقْتُك وَاحِدَةً بِثُلُثِ أَلْفٍ وَاثْنَتَيْنِ مَجَّانًا وَقَعَتْ الْأُولَى فَقَطْ لِبَيْنُونَتِهَا بِهَا وَإِنْ عَكَسَ وَقَعَ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ ثُلُثُهُ) كَمَا فِي الْجِعَالَةِ وَرَدَّ بِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا شَيْءَ) كَمَا فِي اخْتِلَافِ صِيَغِ الْمُعَاوَضَاتِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِرِضَاهُ بِهَا) مَعَ أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْمُعْطَى) أَيْ فَصَارَ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ قَوْلُهُ: (عَبْدًا) لَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي زِقَّ خَمْرٍ فَأَعْطَتْهُ زِقَّ خَمْرٍ مَغْصُوبًا طَلُقَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ) لَوْ كَانَ أَبَا الزَّوْجِ قَالَ الطَّبَرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ اهـ. قُلْت الظَّاهِرُ الْوُقُوعُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ إيَّاهُ وَإِنْ كَانَ يُعْتَقُ عَلَيْهِ ثُمَّ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ إشْكَالٌ، لِأَنَّ إنْ أَعْطَيْتنِي مُحْتَمِلٌ لِلتَّمْلِيكِ وَلِلْإِقْبَاضِ فَإِنْ أُرِيدَ التَّمْلِيكُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمِلْكِ، وَإِنْ أُرِيدَ الْإِقْبَاضُ وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَالْعَبْدُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ قُلْت يُجَابُ بِاخْتِيَارِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَلَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَ مِلْكُهُ لِجَهْلِهِ فَسَدَ الْعِوَضُ، وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، كَمَا لَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الْمَغْصُوبَ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ) ، أَشَارَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، بِهَذَا إلَى تَصْحِيحِ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ عَامٍّ وَالْعَبْدُ مُطْلَقٌ. قَوْلُهُ: (وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ هَذَا أَيْضًا لِمَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ بِإِعْطَاءِ الْمَالِ السَّالِفَةِ بَلْ هُوَ مُرَادُهُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَلَبَتْ طَلْقَةً بِأَلْفٍ) . تَنْبِيهٌ: أَهْمَلَ الْمُصَنِّفُ مَا ذَكَرَهُ لِسُقُوطِهِ مِنْ نُسْخَةٍ مِنْ الْمُحَرَّرِ هُنَا، وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً، بِأَلْفٍ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَعَ الثَّلَاثُ وَاسْتَحَقَّ الْأَلْفَ، وَلَوْ أَعَادَ ذِكْرَ الْأَلْفِ فَكَذَا فِي الْأَظْهَرِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 بِأَلْفٍ) كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الْعِوَضِ، وَيَلْغُو ذِكْرُ الْمِائَةِ مُوَافَقَةً لَهَا، (وَقِيلَ لَا يَقَعُ) لِلْمُخَالَفَةِ، كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِأَلْفٍ، فَقَبِلَتْ بِمِائَةٍ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، (وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي غَدًا بِأَلْفٍ، فَطَلَّقَ غَدًا أَوْ قَبْلَهُ بَانَتْ) لِأَنَّهُ حَصَلَ مَقْصُودُهَا وَزَادَ بِتَعْجِيلِهِ فِي الثَّانِيَةِ، (بِمَهْرِ مِثْلٍ) قَطْعًا (وَقِيلَ فِي قَوْلٍ بِالْمُسَمَّى) . وَفِي الْقَوْلِ الْآخَرِ الظَّاهِرُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَوَجْهُ الْقَطْعِ بِهِ، بِأَنَّ هَذَا الْخُلْعَ دَخَلَهُ شَرْطُ تَأْخِيرِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ فَاسِدٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، فَيَسْقُطُ مِنْ الْعِوَضِ مَا يُقَابِلُهُ وَهُوَ مَجْهُولٌ، فَيَكُونُ الْبَاقِي مَجْهُولًا وَالْمَجْهُولُ يَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَقِيلَ إنْ طَلَّقَهَا عَالِمًا بِبُطْلَانِ مَا جَرَى مِنْهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَلَا يَجِبُ مَالٌ، وَلَوْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الطَّلَاقِ وَقَعَ رَجْعِيًّا فَإِنْ اتَّهَمَتْهُ حَلَفَ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْغَدِ نَفَذَ رَجْعِيًّا لِأَنَّهُ خَالَفَ قَوْلَهَا فَكَانَ مُبْتَدِئًا فَإِنْ ذَكَرَ مَالًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ. (وَإِنْ قَالَ إذَا دَخَلْت) الدَّارَ (فَأَنْت طَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَدَخَلَتْ طَلُقَتْ عَلَى الصَّحِيحِ) ، لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعَ الْقَبُولِ، وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، فَيَمْتَنِعُ مَعَهُ ثُبُوتُ الْمَالِ، فَيَنْتَفِي الطَّلَاقُ الْمَرْبُوطُ بِهِ، وَأَشَارَ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ، فَقَبِلَتْ إلَى اشْتِرَاطِ اتِّصَالِ الْقَبُولِ وَقَالَ الْقَفَّالُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَ أَنْ يَقْبَلَ فِي الْحَالِ، وَبَيْنَ أَنْ يَقْبَلَ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ (بِالْمُسَمَّى) ، كَمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُنْجَزِ. (وَفِي وَجْهٍ أَوْ قَوْلٍ بِمَهْرِ مِثْلٍ) لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، وَإِنْ قَبِلَهُ الطَّلَاقُ فَيُؤَثِّرُ فِي فَسَادِ الْعِوَضِ وَيُرْجَعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَالَ إنَّمَا يَجِبُ بِالطَّلَاقِ، وَهُوَ فِي الْمُسَمَّى وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وُجُوبُ تَسْلِيمِهِ فِي الْحَالِ، وَتَبِعَ الْمُحَرِّرُ فِي التَّرَدُّدِ فِي أَنَّ الْخِلَافَ وَجْهَانِ أَوْ قَوْلَانِ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَجْهَانِ وَيُقَالُ قَوْلَانِ.   [حاشية قليوبي] وَقِيلَ بِأَلْفٍ) كَمَا فِي الْجِعَالَةِ إذَا قِيلَ لَهُ: رُدَّ عَبْدِي بِدِينَارٍ فَقَالَ أَرُدُّهُ بِنِصْفٍ فَإِذَا رَدَّهُ اسْتَحَقَّ الدِّينَارَ وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ الْعَامِلِ وَعْدٌ لِأَنَّهُ قَبْلَ وَقْتِ الِاسْتِحْقَاقِ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الْعِوَضِ) أَيْ هُنَا وَرَدَّ بِصَرِيحِ الْمُخَالَفَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ) لِأَنَّهُ إذَا بَدَأَ كَانَ الْمُغَلِّبُ مِنْ جَانِبِهِ الْمُعَاوَضَةَ، وَالْمُخَالَفَةُ فِيهَا تَضُرّ وَإِذَا بَدَأَتْ هِيَ فَالْمُغَلِّبُ الْجِعَالَةُ وَالْمُخَالَفَةُ فِيهَا لَا تَضُرُّ. قَوْلُهُ: (طَلِّقْنِي غَدًا) أَوْ إنْ طَلَّقْتنِي غَدًا فَلَكَ كَذَا. قَوْلُهُ: (قَطْعًا) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (بِالْمُسَمَّى) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَوْلَى بِبَدَلِ الْمُسَمَّى أَوْ بِمِثْلِهِ لِأَنَّ هَذَا الطَّرِيقَ مَبْنِيٌّ عَلَى فَسَادِ الْخُلْعِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (دَخَلَهُ شَرْطُ تَأْخِيرِ إلَخْ) لِأَنَّهُ سَلَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَتْ إذَا جَاءَ الْغَدُ وَطَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ فَإِذَا طَلَّقَهَا اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ) أُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ. قَوْلُهُ: (اتِّصَالِ الْقَبُولِ) وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَمَّا الدُّخُولُ فَأَشَارَ بِالْوَاوِ فِيهِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوجَدَ قَبْلَهُ الْقَبُولُ، وَلَمْ يَمْنَعْ اتِّصَالَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي وَهَذَا فِي التَّعْلِيقِ بِنَحْوِ إنْ وَأَمَّا نَحْوُ مَتَى فَلَا فَوْرَ فِي الْقَبُولِ وَلَا الدُّخُولِ نَظِيرُ مَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْقَفَّالُ) مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ) مِنْ تَعَلُّقِ الْجَارِّ بِطَلُقَتْ وَيُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِالصَّحِيحِ أَوْ بِنَحْوِ تَبِينُ مُقَدَّرًا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُسَمَّى وَجْهٌ) وَأَمَّا مَهْرُ الْمِثْلِ الشَّامِلُ لَهُ الْمَالَ، فَيُحْتَمَلُ التَّوَقُّفُ فِيهِ قَطْعًا وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ التَّوَقُّفِ قَطْعًا وَفَهِمَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ الثَّانِيَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (تَسْلِيمِهِ) أَيْ الْمَالَ سَوَاءٌ الْمُسَمَّى عَلَى الرَّاجِحِ أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى مُقَابِلِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) وَيَمْلِكُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا يُرِيدُ ثُمَّ إنْ دَخَلَتْ فَوَاضِحٌ وَإِنْ تَعَذَّرَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَتْهُ لَهُ إنْ بَقِيَ وَبِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) لَوْ قَالَ فِي هَذَا الْمِثَالِ فَقَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ لَكَانَ أَنْسَبَ فِي تَوْجِيهِ هَذَا الْقَوْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي إلَخْ) مِثْلُهُ كَمَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ إنْ طَلَّقْتنِي غَدًا فَلَكَ أَلْفٌ فِي اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ. قَوْلُهُ: (وَزَادَ بِتَعْجِيلِهِ) نَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي ذَلِكَ وَقَالَ كَيْفَ تَطْلُقُ قَبْلَ الْغَدِ، وَقَدْ يَكُونُ غَرَضُهَا بَقَاءَ الْعِصْمَةِ إلَيْهِ وَاسْتِمْرَارَ حُقُوقِهَا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِي قَوْلٍ بِالْمُسَمَّى) أَيْ وَيَكُونُ الْخُلْعُ صَحِيحًا، وَهُوَ مَا فِي الْوَجِيزِ وَهُنَاكَ قَوْلٌ آخَرُ بَدَلُ الْمُسَمَّى، وَهُوَ مَعَ قَوْلِ مَهْرِ الْمِثْلِ مُفَرَّعَانِ عَلَى فَسَادِ الْخُلْعِ، وَلِذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الصَّوَابُ تَعْبِيرُ الْمِنْهَاجِ بِبَدَلِ الْمُسَمَّى، لِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ مُفَرَّعَانِ عَلَى فَسَادِ الْخُلْعِ، وَأَمَّا لُزُومُ الْمُسَمَّى فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى صِحَّتِهِ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ الْقَطْعِ إلَخْ) قَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ سَلَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ اتَّهَمَتْهُ حَلَفَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّهَا لَوْ سَأَلَتْهُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ نَاجِزًا بِعُضْوٍ، فَطَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ لَمْ أُرِدْ جَوَابَهَا بَلْ الِابْتِدَاءَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَهُنَا أَوْلَى. قَوْلُهُ: (إلَى اشْتِرَاطِ اتِّصَالِ الْقَبُولِ) لَك أَنْ تَبْحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الَّذِي فِي حَيِّزِ الْفَاءِ الْقَبُولُ، وَالدُّخُولُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ بِالْوَاوِ فَيَكُونُ التَّعْقِيبُ فِي جُمْلَةِ ذَلِكَ لَا فِي الْقَبُولِ فَقَطْ، كَمَا قِيلَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: 6] إلَخْ. رَدًّا عَلَى ضَعِيفٍ زَعَمَ أَنَّ الْفَاءَ تُفِيدُ سَبْقَ غَسْلِ الْوَجْهِ عَلَى غَيْرِهِ وَقِسْ عَلَيْهِ بَاقِيَ الْأَعْضَاءِ. قَوْلُهُ: (بِالْمُسَمَّى) اقْتَضَتْ عِبَارَتُهُ عَدَمَ التَّرَدُّدِ فِي كَوْنِ إيجَابِ الْمُسَمَّى وَجْهًا وَاَلَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْوَاجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، أَوْ الْمُسَمَّى وَفِيهِ وَجْهَانِ أَوْ قَوْلَانِ مِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ الْخُلْعَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْأَجَلُ مَجْهُولًا فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ فِي الْمُسَمَّى وَجْهٌ) أَيْ أَمَّا عَلَى وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَيُسَلَّمُ حَالًا بِلَا خِلَافٍ هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ تَسْلِيمِهِ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ الْأَعْوَاضَ الْمُطْلَقَةَ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا فِي الْحَالِ وَالْمُعَوَّضُ تَأَخَّرَ بِالتَّرَاضِي لِوُقُوعِهِ فِي التَّعْلِيقِ بِخِلَافِ الْمُنْجَزِ يَجِبُ فَبِهِ تَقَارُنُ الْعِوَضَيْنِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَاَلَّذِي فِي الزَّرْكَشِيّ لِأَنَّ الْأَعْوَاضَ الْمُطْلَقَةَ يَجِبُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 321 (وَيَصِحُّ اخْتِلَاعُ أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ كَرِهَتْ الزَّوْجَةُ) ذَلِكَ وَالْتِزَامُهُ الْمَالَ فِدَاءٌ لَهَا كَالْتِزَامِ الْمَالِ لِعِتْقِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَتَخْلِيصِهَا مِمَّنْ يُسِيءُ الْعِشْرَةَ لَهَا، وَيَمْنَعُهَا حُقُوقَهَا وَسَوَاءٌ اخْتَلَعَهَا بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَمْ بِلَفْظِ خُلْعٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ، فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ فَسْخٌ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِلَا سَبَبٍ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ الزَّوْجُ، فَلَا يَصِحُّ طَلَبُهُ مِنْهُ. (وَهُوَ كَاخْتِلَاعِهَا لَفْظًا وَحُكْمًا) فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ ابْتِدَاءُ مُعَاوَضَةٍ، فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ وَمِنْ جَانِبِ الْأَجْنَبِيِّ ابْتِدَاءُ مُعَاوَضَةٍ فِيهَا شَوْبُ جَعَالَةٍ، فَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ لِلْأَجْنَبِيِّ طَلَّقْت امْرَأَتِي عَلَى أَلْفٍ فِي ذِمَّتِك فَقَبِلَ، أَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِلزَّوْجِ طَلِّقْ امْرَأَتَك عَلَى أَلْفٍ فِي ذِمَّتِي، فَأَجَابَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِالْمُسَمَّى وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ قَبُولِ الْأَجْنَبِيِّ نَظَرًا لِشَوْبِ التَّعْلِيقِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ إجَابَةِ الزَّوْجِ نَظَرًا لِشَوْبِ الْجَعَالَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ (وَلِوَكِيلِهَا) فِي الِاخْتِلَاعِ (أَنْ يَخْتَلِعَ لَهُ) ، كَمَا لَهُ أَنْ يَخْتَلِعَ لَهَا بِأَنْ يُصَرِّحَ بِالِاسْتِقْلَالِ أَوْ الْوَكَالَةِ أَوْ يَنْوِيَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ وَلَمْ يَنْوِ قَالَ الْغَزَالِيُّ، وَقَعَ لَهَا لِعَوْدِ مَنْفَعَتِهِ إلَيْهَا. (وَلِأَجْنَبِيٍّ تَوْكِيلُهَا) فِي الِاخْتِلَاعِ (فَتَتَخَيَّرُ هِيَ) أَيْضًا بَيْنَ الِاخْتِلَاعِ لَهَا وَالِاخْتِلَاعِ لَهُ بِأَنْ تُصَرِّحَ أَوْ تَنْوِيَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أَطْلَقَتْ وَقَعَ لَهَا عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَحَيْثُ صَرَّحَ بِالْوَكَالَةِ عَنْهَا أَوْ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ، فَالزَّوْجُ يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ وَإِلَّا طَالَبَ الْمُبَاشِرَ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ حَيْثُ نَوَى الْخُلْعَ لَهُ. (وَلَوْ اخْتَلَعَ رَجُلٌ وَصَرَّحَ بِوَكَالَتِهِ كَاذِبًا) فِيهَا (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَرْبُوطٌ بِالْمَالِ وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (وَأَبُوهَا كَأَجْنَبِيٍّ فَيَخْتَلِعُ بِمَالِهِ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (فَإِنْ اخْتَلَعَ بِمَالِهَا وَصَرَّحَ بِوَكَالَةِ) عَنْهَا كَاذِبًا (أَوْ وِلَايَةٍ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلِيٍّ فِي ذَلِكَ وَلَا وَكِيلٍ فِيهِ، (أَوْ بِاسْتِقْلَالٍ فَخَلَعَ بِمَغْصُوبٍ) ، لِأَنَّهُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَجْنَبِيٍّ) مِنْهُ أُمُّهَا وَوَلِيُّهَا. قَوْلُهُ: (لِعِتْقِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ) بِخِلَافِ غَيْرِ الْعِتْقِ فَلَوْ قَالَ بِعْ عَبْدَك لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ وَعَلَى أَلْفٍ أَوْ بِعْهُ لَهُ بِأَلْفٍ فِي مَالِي لَمْ يَلْزَمْ الْقَائِلَ شَيْءٌ، وَإِنْ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (فَهُوَ مِنْ جَانِبِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلَّفْظِ. قَوْلُهُ: (مُعَاوَضَةٌ) إنْ أَتَى بِصِيغَتِهَا وَإِلَّا فَتَعْلِيقٌ فِيهِ شَوْبُ مُعَاوَضَةٍ وَلَا رُجُوعَ فِيهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ جَانِبِ الْأَجْنَبِيِّ) سَوَاءٌ صِيغَةُ الْمُعَاوَضَةِ وَغَيْرُهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ إلَخْ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ وَحُكْمًا. قَوْلُهُ: (لِشَوْبِ التَّعْلِيقِ) فِي نُسْخَةٍ لِشَوْبِ الْمُعَاوَضَةِ وَهِيَ الصَّوَابُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَحْكَامِ) وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ رَقِيقًا تَعَلَّقَ الْمَالُ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلَوْ كَانَ سَفِيهًا وَقَعَ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ وَلَا بُدَّ مِنْ الْفَوْرِيَّةِ فِي نَحْوِ إنْ وَمِنْ الزَّوْجِ، وَلَوْ فِي نَحْوِ مَتَى وَغَيْرِ ذَلِكَ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّ خَلْعَ الْأَجْنَبِيِّ عَنْهَا فِي الْحَيْضِ حَرَامٌ دُونَهَا وَأَنَّ الْمَالَ مِنْهُ إذَا كَانَ خَلْعُهُ فِي عَرَضِهِ يُحْسَبُ كُلُّهُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَأَنَّ الْخُلْعَ مَعَهُ عَلَى نَحْوٍ مَغْصُوبٍ يَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ وَلَوْ خَالَعَ زَوْجَتَيْهِ عَلَى مَالٍ فِي ذِمَّةِ أَجْنَبِيٍّ وَقَعَ بِهِ عَلَيْهِمَا، وَمَعَهُمَا لَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ إلَّا وَقَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (قَالَ الْغَزَالِيُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَقَعَ لَهَا) أَيْ إنْ لَمْ يُخَالِفْهَا فِيمَا قَدَّرَتْهُ لَهُ وَإِلَّا فَلَا فَهُوَ لَا يُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا. قَوْلُهُ: (عَلَى قِيَاسٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (صُرِّحَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (الْمُوَكِّلَ) وَهُوَ الزَّوْجَةُ فِي الْأُولَى وَالْأَجْنَبِيُّ فِي الثَّانِيَةِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُ الْوَكِيلَ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِقُوَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ بِدَلِيلِ، وُقُوعِ الْعَقْدِ لَهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ. قَوْلُهُ: (حَيْثُ نَوَى الْخُلْعَ لَهُ) أَوْ أَطْلَقَ وَكِيلَهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ تَطْلُقْ) فَإِنْ اعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِالْوَكَالَةِ بَانَتْ وَلَا مَالَ. قَوْلُهُ: (وَأَبُوهَا) وَكَذَا أُمُّهَا كَمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَتْ لَهُ خَالِعْ بِنْتِي عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا فِي ذِمَّتِي فَأَجَابَهَا بَانَتْ مِثْلُ الْمُؤَخَّرِ فِي ذِمَّةِ الْأُمِّ فَإِنْ قَالَتْ وَهُوَ كَذَا لَزِمَهَا مَا سَمَّتْ زَادَ أَوْ نَقَصَ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا فِي حِجْرِهَا فَإِنْ اعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِوَكَالَتِهِ أَوْ وَلَايَتِهِ فِي ذَلِكَ فَكَمَا مَرَّ يَقَعُ بَائِنًا وَلَا مَالَ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِاسْتِقْلَالٍ) أَيْ صَرَّحَ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آنِفًا.   [حاشية عميرة] تَسْلِيمُهَا فِي الْحَالِ وَالْمُعَوَّضُ لَا يَتَأَخَّرُ بِالتَّرَاضِي، وَهَذَا تَحْرِيفٌ فَقَدْ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ قَالَ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْمَالَ لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهَا مَا لَمْ تَتَحَقَّقْ الصِّفَةُ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عِنْدَ وُجُودِهَا وَيَسْتَحِقُّ ثُبُوتَ الْمَالِ مُقَدَّمًا عَلَى حُصُولِ الْفِرَاقِ، قَالَ أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ فَإِنَّ مِلْكَ الْعِوَضَيْنِ وَقْتَ الْحُكْمِ وَقْتٌ وَاحِدٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي مَوَاضِعَ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ اخْتِلَاعُ أَجْنَبِيٍّ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَازُ بَذْلِ الْمَالِ لِإِسْقَاطِ الْحَقِّ مِنْ الْوَظِيفَةِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى تَقْرِيرِ النَّاظِرِ. قَوْلُهُ: (وَحُكْمًا) يُسْتَثْنَى مَا لَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ طَلِّقْهَا عَلَى هَذَا الْمَغْصُوبِ أَوْ الْخَمْرِ أَوْ عَبْدِ زَيْدٍ فَطَلَّقَ، فَإِنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا بِخِلَافِ نَظِيرِ ذَلِكَ فِي الْمَرْأَةِ وَمَا لَوْ سَأَلَ الْأَجْنَبِيُّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ بِخِلَافِ خَلْعِهَا فِيهِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ، وَإِنْ عَلَّقَ الْأَجْنَبِيُّ بِمَتَى وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (لِشَوْبِ التَّعْلِيقِ) فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ لِشَوْبِ الْمُعَاوَضَةِ. قَوْلُهُ: (حَيْثُ نَوَى الْخُلْعَ لَهُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ طَلَّقَ وَكِيلُهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ بِاسْتِقْلَالِ) صُورَتُهُ خَالَعْتكِ عَلَى عَبْدِهَا لِنَفْسِي، أَوْ عَنِّي أَوْ نَحْوِهِ أَوْ خَالَعْتكِ عَلَى ثَوْبِهَا عَنِّي لَكِنْ لَك أَنْ تَقُولَ قَدْ قَالُوا فِي تَصْرِيحِ الْأَجْنَبِيِّ بِالْغَصْبِ، إنَّهُ رَجْعِيٌّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأَجْنَبِيِّ، أَوْ تُصَوَّرَ مَسْأَلَةُ الْأَبِ بِمَا لَوْ قَالَ خَالَعْتكِ عَلَى هَذَا وَلَمْ يَصِفْهُ بِأَنَّهُ لَهَا لَكِنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ، وَالشَّرْحِ أَعَمُّ مِنْهُ خُصُوصًا قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ مُقْتَصَرًا عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعَيِّنُ التَّصْوِيرَ الْأَوَّلَ، وَالْأَحْسَنُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ الْتِزَامُ التَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ وَأَنْ تَقُولَ مَحِلُّ الرَّجْعِيِّ فِي الْأَجْنَبِيِّ، إذَا قَالَ مِنْ مَالِهَا أَوْ بِهَذَا الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي أَوْ لِنَفْسِي، وَإِلَّا فَيَقَعُ بَائِنًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 بِالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ فِي مَالِهَا غَاصِبٌ لَهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ مِثْلٍ، وَفِي قَوْلٍ بَدَلُ الْمَالِ الْمَبْذُولِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ فِي اخْتِلَاعِ الْأَمَةِ بِعَيْنِ مَالِ السَّيِّدِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ كَأَنْ اخْتَلَعَهَا بِعَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ مَالِهَا مُقْتَصِرًا عَلَى ذَلِكَ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي مَالِهَا بِمَا ذَكَرَ، كَمَا فِي خُلْعِ السَّفِيهَةِ، وَخَرَّجَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ مِنْ الْخُلْعِ بِمَغْصُوبٍ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بَائِنًا وَيَعُودُ الْقَوْلَانِ فِي الْوَاجِبِ فَصْلٌ (ادَّعَتْ خُلْعًا فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَإِنْ أَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةَ رَجُلَيْنِ قُضِيَ بِهَا وَلَا مَالَ لِأَنَّهُ يُنْكِرُهُ إلَّا أَنْ يَعُودَ وَيَعْتَرِفَ بِالْخُلْعِ، فَيَسْتَحِقَّهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَإِنْ قَالَ طَلَّقْتُك بِكَذَا فَقَالَتْ) طَلَّقْتنِي (مَجَّانًا بَانَتْ) بِقَوْلِهِ (وَلَا عِوَضَ) عَلَيْهَا إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا فِي نَفْيِهِ، وَلَهَا النَّفَقَةُ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِهِ أَوْ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ ثَبَتَ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَيَانِ، (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ عِوَضِهِ أَوْ قَدَّرَهُ) أَوْ صِفَتَهُ كَأَنْ قَالَ خَالَعْتكِ عَلَى دَنَانِيرَ، فَقَالَتْ بَلْ عَلَى دَرَاهِمَ، أَوْ قَالَ عَلَى مِائَتَيْنِ فَقَالَتْ بَلْ عَلَى مِائَةٍ، أَوْ قَالَ عَلَى صِحَاحٍ فَقَالَتْ بَلْ عَلَى مُكَسَّرَةٍ، (وَلَا بَيِّنَةَ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، (تَحَالَفَا) كَالْمُتَبَايِعِينَ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ ثُمَّ يَفْسَخَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ الْعِوَضَ وَتَبَيَّنَ. (وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ) لِأَنَّهُ الْمُرَادُ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ سَقَطَتَا، وَفِي قَوْلٍ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ كَأَنْ قَالَتْ سَأَلْتُك ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ بِأَلْفٍ فَأَجَبْتنِي وَقَالَ بَلْ سَأَلْت وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَأَجَبْتُك تَحَالُفًا، وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ وَالْقَوْلُ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (وَلَوْ خَالَعَ بِأَلْفٍ وَنَوَيَا نَوْعًا) مِنْ نَوْعَيْنِ مَثَلًا بِالْبَلَدِ لَا غَالِبَ مِنْهُمَا كَدَرَاهِمَ فِضَّةٍ أَوْ فُلُوسًا (لَزِمَ) إلْحَاقًا لِلْمَنْوِيِّ بِالْمَلْفُوظِ (وَقِيلَ) لَزِمَ (مَهْرُ مِثْلٍ) ، لِلْجَهَالَةِ فِي اللَّفْظِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا شَيْئًا لَزِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ جَزْمًا (وَلَوْ قَالَ أَرَدْنَا بِالْأَلْفِ دَنَانِيرَ فَقَالَتْ بَلْ دَرَاهِمَ) فِضَّةً (أَوْ فُلُوسًا) وَيَعْرِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُرَادَ الْآخَرِ بِالْقَرِينَةِ (تَحَالَفَا عَلَى الْأَوَّلِ) الْأَصَحُّ وَهُوَ لُزُومُ الْمَنْوِيِّ كَالْمَلْفُوظِ، لِأَنَّهُ يُرْجَعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِ الْعِوَضِ، (وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ بِلَا تَحَالُفٍ فِي الثَّانِي) لِمَا تَقَدَّمَ فِيهِ، (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . .   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بَائِنًا) أَيْ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَلَا مَالَ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (مِمَّا ذَكَرَ) وَهُوَ الْوَكَالَةُ وَالْوِلَايَةُ الِاسْتِقْلَالُ. قَوْلُهُ: (ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ مَالِهَا) فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ عَلِمَ الزَّوْجُ أَنَّهُ مِنْ مَالِهَا. قَوْلًا: (وَقَعَ رَجْعِيًّا) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ الدَّرَكَ وَإِلَّا وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْخُلْعِ بِمَغْصُوبٍ) أَيْ مَعَهَا. قَوْلُهُ: (فِي الْوَاجِبِ) مِنْ كَوْنِهِ بَدَلَهُ أَوْ مَهْرَ الْمِثْلِ. فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ أَوْ عِوَضِهِ قَوْلُهُ: (فَيَسْتَحِقُّهُ) وَلَا يَحْتَاجُ لِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ لِأَنَّهُ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ. قَوْلُهُ: (بَانَتْ) وَلَا يَرِثُهَا نَعَمْ إنْ أَقَرَّ بِمَا يَتَوَقَّفُ الْوُقُوعُ عَلَيْهِ، كَقَبْضِ مَالٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَهَا النَّفَقَةُ) وَالْكِسْوَةُ وَتَرِثُهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً) أَوْ صَدَّقَتْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْمُتَخَالَعَانِ. قَوْلُهُ: (أَوْ صِفَتِهِ) وَمِنْهَا أَجَلُهُ وَقَدْرُ أَجَلِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى مِائَتَيْنِ) وَفِي عَكْسِ هَذِهِ لَا تَحَالُفَ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ) وَهُوَ الزَّوْجُ هُنَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بَيْنَهُمَا) أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمِينٌ أُخْرَى غَيْرُ يَمِينِ التَّحَالُفِ. قَوْلُهُ: (وَنَوَيَا نَوْعًا) أَيْ اتَّفَقَا عَلَى نِيَّتِهِ وَقَدْرِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ صِفَتِهِ فَلَا تَحَالُفَ وَيُرْجَعُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (لَا غَالِبَ مِنْهُمَا) قِيلَ هُوَ قَيْدٌ لِلْمُقَابِلِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا شَيْئًا لَزِمَ مَهْرُ مِثْلٍ) وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا فَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا شَيْئًا لَزِمَ نَقْدُ الْبَلَدِ الْغَالِبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا غَالِبٌ فَمَهْرُ مِثْلٍ، وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ ذِكْرَ هَذَا لِأَجْلِ مَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ وَلَا غَالِبَ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ الْقَيْدَ أَوَّلًا تَبَعًا لِغَيْرِهِ، وَأَسْقَطَ مَفْهُومَهُ هُنَا لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ قَدْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِوَصْفِهِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (تَحَالَفَا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَذَبَ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ تَصَادَقَا فَلَا طَلَاقَ فَإِنْ كَذَبَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بَانَتْ، وَلَا مَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَصَادُقٌ وَلَا تَكَاذُبٌ بَانَتْ بِمَهْرِ مِثْلٍ، وَلَا تَحَالُفَ عَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحِّ وَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ.   [حاشية عميرة] بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَالْخُلْعِ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ صَدَاقِهَا إذَا صَدَرَ مِنْ أَبُوهَا بِشَرْطِ الضَّمَانِ فَيَكُونُ الْأَبُ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ، وَهَذَا حَسَنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ اخْتَلَعَهَا بِعَبْدٍ إلَخْ) مِثْلُ هَذَا مَا لَوْ اخْتَلَعَهَا الْأَبُ عَلَى صَدَاقِهَا أَوْ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِضَمَانٍ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِمَا لَهَا قَالَ الْإِمَامُ عِلْمُ الزَّوْجِ بِذَلِكَ كَذِكْرِ الْأَبِ لَهُ هَذَا مُحَصِّلُ مَا فِي التَّكْمِلَةِ لَكِنَّ فِي الصَّحِيحِ، لَوْ اخْتَلَعَ أَبُوهَا بِمَالِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ نِيَابَةً وَلَا اسْتِقْلَالًا وَلَا أَنَّهُ مِنْ مَالِهَا فَخَلَعَ بِمَغْصُوبٍ وَإِنْ عَلِمَ الزَّوْجُ أَنَّهُ مِنْ مَالِهَا فِي الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ الْقَاضِي إلَخْ) فَرَّقَ الْأَوَّلَ أَنَّ الزَّوْجَةَ تَبْذُلُ الْمَالَ لِتَصِيرَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ لَهَا، وَالزَّوْجُ لَمْ يَبْذُلْ الْمِلْكَ لَهَا مَجَّانًا فَلَزِمَهَا الْمَالُ، وَالْأَبُ مُتَبَرِّعٌ بِمَا يَبْذُلُهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ فِيهِ فَائِدَةٌ فَإِذَا أَضَافَ إلَى مَالِهَا فَقَدْ صَرَّحَ بِتَرْكِ التَّبَرُّعِ، وَبَنَى الْبَغَوِيّ عَلَى الْفَرْقِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَوْ خَالَعَ عَلَى مَغْصُوبٍ أَوْ غَيْرِ مَالٍ يَقَعُ رَجْعِيًّا. [فَصْلٌ ادَّعَتْ خُلْعًا فَأَنْكَرَ] فَصْلٌ: ادَّعَتْ خَلْعًا إلَخْ قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ طَلَّقْتُك بِكَذَا إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقِرَّ أَنَّ الْمَالَ مِمَّا يَتِمُّ الْخُلْعُ بِدُونِ قَبْضِهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى تَعْجِيلِ شَيْءٍ لَا يَتِمُّ الْخُلْعُ إلَّا بِقَبْضِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، إلَّا بِدَفْعَةِ قَالَهُ الشَّاشِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ اهـ. وَمِثَالُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ طَلَّقْتُك عَلَى إعْطَاءِ أَلْفٍ فَتَقُولُ مَجَّانًا. قَوْلُهُ: (لَزِمَ) أَيْ وَاحْتَمَلَ ذَلِكَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُعَاوَضَةً بِخِلَافِ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (لِلْجَهَالَةِ فِي اللَّفْظِ) كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ بِذَلِكَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 323 كِتَابُ الطَّلَاقِ (يُشْتَرَطُ لِنُفُوذِهِ التَّكْلِيفُ) ، فِي الْمُطَلِّقِ أَيْ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا فَلَا يَنْفُذُ طَلَاقُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةً عَلَى الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، (إلَّا السَّكْرَانَ) أَيْ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ طَلَاقُهُ، كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ قَالَ، وَمُرَادُهُمْ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ حَالَ السُّكْرِ، وَمُرَادُنَا هُنَا أَيْ حَيْثُ لَمْ يُسْتَثْنَ، أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِقَضَاءِ الْعِبَادَاتِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ انْتَهَى، وَانْتِفَاءُ تَكْلِيفِهِ لِانْتِفَاءِ الْفَهْمِ، الَّذِي هُوَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ، فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ الصَّلَاةُ وَنُفُوذُ طَلَاقِهِ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ، بِالْأَسْبَابِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى وَأَجَابَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْجُوَيْنِيُّ، وَغَيْرُهُ فِي تَكْلِيفِ السَّكْرَانِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ هُوَ فِي أَوَائِلِ السُّكْرِ وَهُوَ الْمُنْتَشِي لِبَقَاءِ عَقْلِهِ. (وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِصَرِيحِهِ بِلَا نِيَّةٍ بِكِنَايَةٍ بِنِيَّةٍ) ، وَالْكِنَايَةُ مَا تَحْتَمِلُ مَعْنَى الصَّرِيحِ وَغَيْرِهِ،   [حاشية قليوبي] فَائِدَةٌ: أَخَذَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ صِحَّةِ الْخُلْعِ هُنَا أَنَّهُ يَصِحُّ إسْقَاطُ صَاحِبِ وَظِيفَةٍ حَقَّهُ لِآخَرَ فِيهَا بِعِوَضٍ، وَيَمْلِكُ الْعِوَضَ وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لَكِنْ لَوْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الْوَظِيفَةُ بِأَنْ قَرَّرَ الْحَاكِمُ فِيهَا غَيْرَهُ، لِأَنَّهُ لَهُ ذَلِكَ رَجَعَ عَلَى الْفَارِغِ بِمَا دَفَعَهُ وَإِنْ أَبْرَأهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى ظَنِّ الْحُصُولِ، وَلَمْ تَحْصُلْ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ لِمَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ قَبْلَ التَّقْرِيرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَعَنْ الْعَلَّامَةِ الْعَبَّادِيِّ أَنَّ الْبَاذِلَ لَا يَرْجِعُ بِعِوَضِهِ إلَّا أَنَّ شَرْطَ الرُّجُوعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. كِتَابُ الطَّلَاقِ قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ لَفْظٌ جَاهِلِيٌّ جَاءَ الشَّرْعُ بِتَقْرِيرِهِ، فَهُوَ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ لُغَةً حَلُّ الْقَيْدِ كَالْإِطْلَاقِ وَشَرْعًا حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَعَرَّفَهُ النَّوَوِيُّ بِقَوْلِهِ تَصَرُّفٌ مَمْلُوكٌ لِلزَّوْجِ يُحْدِثُهُ بِلَا سَبَبٍ فَيَقْطَعُ النِّكَاحَ وَتَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ فَوَاجِبٌ كَطَلَاقِ الْمَوْلَى، أَوْ الْحَكَمَيْنِ كَمَا مَرَّ وَحَرَامٌ كَطَلَاقِ الْبِدْعَةِ وَمَنْدُوبٌ كَطَلَاقِ عَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ بِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ، أَوْ مَنْ لَا يَمِيلُ إلَيْهَا بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ بِأَمْرِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ لِغَيْرِ تَعَنُّتٍ، وَمَكْرُوهٌ لِمَا خَلَا عَنْ ذَلِكَ وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى الْمُبَاحِ بِمَنْ لَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِمُؤْنَتِهَا لِعَدَمِ مَيْلِهِ إلَيْهَا مَيْلًا كَامِلًا. تَنْبِيهٌ: مِنْ الْمَنْدُوبِ طَلَاقُ سَيِّئَةِ الْخُلُقِ بِحَيْثُ لَا يَصْبِرُ عَلَى عِشْرَتِهَا، لَا مُطْلَقًا لِأَنَّ عَدَمَ سُوءِ الْخُلُقِ مُحَالٌ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ «الصَّالِحَةُ فِي النِّسَاءِ كَالْغُرَابِ الْأَعْصَمِ» أَيْ الْأَبْيَضِ الْجَنَاحَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ لِنُفُوذِهِ) أَيْ وَلَوْ بِتَعْلِيقِ التَّكْلِيفِ فِي الْمُطْلَقِ فَهُوَ أَحَدُ أَرْكَانِهِ الْخَمْسَةِ وَبَاقِيهَا الزَّوْجَةُ وَالصِّيغَةُ وَالْوِلَايَةُ وَالْقَصْدُ وَسَتَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ) فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَفْهُومِ. قَوْلُهُ: (بِأَمْرٍ جَدِيدٍ) وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ هَذَا تَكْلِيفٌ فِي الْمَآلِ لَا فِي الْحَالِ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ الْمُكَلَّفِ. قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ الْفَهْمِ) لِوُصُولٍ إلَى حَالَةٍ يَخْرُجُ بِهَا عَنْ التَّمْيِيزِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ الَّذِي اخْتَلَّ كَلَامُهُ الْمَنْظُومُ وَانْكَشَفَ سِرُّهُ الْمَكْتُومُ، وَمَرْجِعُهُ فِيهِ الْعُرْفُ وَهَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي غَيْرِ الْمُتَعَدِّي أَوْ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى الْمُسْكِرِ لِأَنَّهُ هُنَا مُؤَاخَذٌ مُطْلَقًا لِتَعَدِّيهِ بِمَا أَزَالَ عَقْلَهُ، مِنْ دَوَاءٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَلَوْ بِإِلْقَاءِ نَفْسِهِ مِنْ نَحْوِ شَاهِقٍ. قَوْلُهُ: (وَنُفُوذُ طَلَاقِهِ) وَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ لَهُ وَعَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحِلِّهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ قَبِيلِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ كَوُقُوعِ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (بِالْأَسْبَابِ) كَالتَّلَفُّظِ بِالطَّلَاقِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا تَمْيِيزٌ وَلَا تَكْلِيفٌ. قَوْلُهُ: (وَأَجَابَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا الْجَوَابِ فَإِنَّ الْخِطَابَ وَاقِعٌ حَالَةَ الصَّحْوِ قَبْلَ وَقْتِ السُّكْرِ لَا فِي حَالَتِهِ فَإِنْ قِيلَ الْمُخَاطَبُ بِشَيْءٍ قَبْلَ فِعْلِهِ مُخَاطَبٌ بِهِ حَالَ فِعْلِهِ قُلْنَا إنْ دَامَتْ أَهْلِيَّتُهُ، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ النَّائِمِ، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بُطْلَانُ الْجَوَابِ مِنْ أَصْلِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْمُنْتَشِي) بِنُونٍ فَوْقِيَّةٍ فَمُعْجَمَةٍ مِنْ النَّشَاةِ أَيْ الطَّرَبِ، وَهَذِهِ أَوَّلُ حَالَاتِهِ الثَّلَاثَةِ، وَالثَّالِثَةُ أَنْ يَسْقُطَ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ، وَالثَّانِيَةُ بَيْنَهُمَا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (بِصَرِيحِهِ) وَهُوَ مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ حَلِّ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَا بُدَّ فِيهِ وَفِي الْكِنَايَةِ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِلَا نِيَّةٍ) أَيْ لِإِيقَاعِهِ وَالْأَوْلَى لِإِرَادَتِهِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ اعْتِبَارِ قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ.   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الطَّلَاقِ] ِ هُوَ تَصَرُّفُ مَمْلُوكٍ لِلزَّوْجِ يُحْدِثُهُ بِلَا سَبَبٍ فَيَقْطَعُ النِّكَاحَ. قَوْلُهُ: (أَيْ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ) هَذَا يُعْلَمُ بِهِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مَفْهُومِ الْمَتْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْتَثْنِ أَنَّهُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَمُرَادُنَا. قَوْلُهُ: (بِلَا نِيَّةٍ) أَيْ بِلَا نِيَّةِ الْإِيقَاعِ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ، أَمَّا قَصْدُ اللَّفْظِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِيَخْرُجَ سَبْقُ اللِّسَانِ، قَالُوا وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ قَصْدِ اللَّفْظِ مَعْنَاهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لِيَخْرُجَ الْعَجَمِيُّ إذَا لُقِّنَ كَلِمَتَهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا اهـ. وَلَك أَنْ تَقُولَ الْهَازِلُ يَقَعُ عَلَيْهِ، وَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ اللَّفْظَ لِمَعْنَاهُ وَيُرَدُّ، بِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي مَعْنَاهُ وَلَكِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْإِيقَاعَ، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الصَّرِيحِ كَمَا سَلَفَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَصَرِيحُ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِي حَقِّ الْمُكْرَهِ إنْ نَوَى وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 (فَصَرِيحُهُ الطَّلَاقُ) لِاشْتِهَارِهِ فِيهِ لُغَةً وَشَرْعًا، (وَكَذَا الْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِوُرُودِهِمَا فِي الْقُرْآنِ، بِمَعْنَاهُ قَالَ تَعَالَى: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا} [الأحزاب: 49] ، وَقَالَ {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] ، وَالثَّانِي أَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْتَهِرَا اشْتِهَارَ الطَّلَاقِ، وَيُسْتَعْمَلَانِ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ وَمِثَالُ لَفْظِ الطَّلَاقِ، (كَطَلَّقْتُك وَأَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقَةٌ) ، بِفَتْحِ الطَّاءِ (وَيَا طَالِقُ لَا أَنْتِ طَلَاقٌ وَالطَّلَاقُ فِي الْأَصَحِّ) ، لِأَنَّ الْمَصَادِرَ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَعْيَانِ تَوَسُّعًا فَيَكُونَانِ كِنَايَتَيْنِ. وَالثَّانِي أَنَّهُمَا صَرِيحَانِ كَقَوْلِهِ يَا طَالِقُ وَيُقَاسُ بِمَا ذَكَرَ فَارَقْتُك وَسَرَّحْتُك فَهُمَا صَرِيحَانِ، وَأَنْتِ مُفَارَقَةٌ وَمُسَرَّحَةٌ وَيَا مُفَارَقَةُ وَيَا مُسَرَّحَةُ، فَهِيَ صَرِيحَةٌ وَقِيلَ كِنَايَةٌ لِأَنَّ الْوَارِدَ فِي الْقُرْآنِ، مِنْ اللَّفْظَيْنِ الْفِعْلُ دُونَ الِاسْمِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، قَالَ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 228] وَأَنْتِ فِرَاقٌ وَالْفِرَاقُ وَسَرَاحٌ وَالسَّرَاحُ فَهِيَ كِنَايَاتٌ فِي الْأَصَحِّ، (وَتَرْجَمَةُ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) ،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَصَرِيحُهُ الطَّلَاقُ) أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَيُضَافُ إلَيْهَا مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ، وَمَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ وَنَحْوُ نَعَمْ فِي جَوَابِ أَطَلَّقْت زَوْجَتَك، وَالْعِبْرَةُ فِي الْكُفَّارِ أَيْ فِي الصَّرِيحِ بِمَا يَعْتَقِدُونَ صَرَاحَتَهُ، وَإِنْ خَالَفَ مَا عِنْدَنَا مَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا. قَوْلُهُ: (لِوُرُودِهِمَا) فَمَأْخَذُ الصَّرَاحَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وُرُودُ اللَّفْظِ فِي الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ اشْتِهَارُهُ مَعَ وُرُودِ مَعْنَاهُ، فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ تَكَرَّرَ أَوْ لَا وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ مِنْ الْكِنَايَةِ، كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَإِنْ اشْتَهَرَ فِي الطَّلَاقِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا. قَوْلُهُ: (أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) التِّلَاوَةُ {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] فَلَعَلَّهُ مِنْ تَحْرِيفِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (كَطَلَّقْتُك) فَلَا بُدَّ مِنْ إسْنَادِ اللَّفْظِ لِلْمُخَاطَبِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا. قَوْلُهُ: (وَأَنْتِ طَالِقٌ) وَالطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ وَيَلْزَمُنِي الطَّلَاقُ، وَيَلْزَمُك الطَّلَاقُ وَعَلَيْك الطَّلَاقُ وَطَلَّقَك اللَّهُ وَأَنْتِ نِصْفُ طَالِقٍ، وَأَنْتِ طَالِقَانِ وَطَوَالِقُ وَيَقَعُ وَاحِدَةً فَقَطْ، وَيَقَعُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى سَائِرِ الْمَذَاهِبِ ثَلَاثٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِمَنْعِ الثَّلَاثِ فِي بَعْضِ الْمَذَاهِبِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا وَقَعَ وَاحِدَةً، فَإِنْ أَرَادَ طَلَاقًا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْمَذَاهِبُ رَجَعَ إلَى ذَلِكَ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ شَيْخِنَا مُخَالَفَةٌ لِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ وَإِبْدَالُ الطَّاءِ مُثَنَّاةً كِنَايَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ لِمَنْ هِيَ لُغَتُهُ، وَكَذَا الطَّلَاقُ فَرْضٌ أَوْ لَزِمَنِي كِنَايَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. تَنْبِيهٌ: الْمُعْتَمَدُ فِي عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُزَنِيّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ عَدَمُ الْوُقُوعِ بِهِ وَإِنْ نَوَى لِأَنَّهَا صِيغَةُ يَمِينٍ أَوْ نَذْرٍ وَمِثْلُهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الطُّوسِيِّ تِلْمِيذِ ابْنِ يَحْيَى صَاحِبِ الْغَزَالِيِّ، وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِئِ وَصَحَّحَهُ فِي رَوْضِهِ، وَعَلَيَّ الْفِرَاقُ وَعَلَيَّ السَّرَاحُ كِنَايَةٌ بِلَا خِلَافٍ، وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ مَا أَفْعَلُ كَذَا مُعَلَّقٌ عَلَى الْفِعْلِ وَأَمَّا نَحْوُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ، مِنْ فَرَسِي مَثَلًا فَهُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَسَيَأْتِي وَأَمَّا الطَّلَاقُ مَا فَعَلْت كَذَا، أَوْ فَعَلْته وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَغْوٌ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الطَّاءِ) أَيْ مَعَ فَتْحِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ أَمَّا مَعَ كَسْرِهَا فَكِنَايَةٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْوَارِدَ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ رَدُّ هَذَا مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي فِيمَا اُشْتُهِرَ وُرُودُ مَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (وَتَرْجَمَةُ الطَّلَاقِ) أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْ لَفْظِهِ صَرِيحٌ لَا مِنْ لَفْظِ السَّرَاحِ وَالْفِرَاقِ بَلْ هُمَا كِنَايَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَبِكِنَايَةٍ) احْتَجُّوا عَلَى ذَلِكَ «بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَائِذَةِ الْحَقِي بِأَهْلِك» وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ عَلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ عِنْدَ فَقْدِ النِّيَّةِ بِقَوْلِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَلْحِقِي بِأَهْلِك وَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا الْأَمْرِ حَيْثُ لَمْ تَطْلُقْ مِنْهُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَلَوْ تَكَلَّمَ سِرًّا بِحَيْثُ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ فَنَقَلَا قَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ عَدَمَ الْوُقُوعِ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مَعْنًى. قَوْلُهُ: (لِاشْتِهَارِهِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ يُفِيدُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْوَضْعُ الْعُرْفِيُّ لَا اللُّغَوِيُّ تَنْبِيهٌ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ كُلُّ مَا كَانَ عِنْدَ الْمُشْرِكِينَ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ يُفِيدُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ حُكْمُ الصَّرِيحِ وَإِنْ كَانَ كِنَايَةً عِنْدَنَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ كِنَايَةً عِنْدَنَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ كِنَايَةً عِنْدَهُمْ يُعْطَى حُكْمُهَا، وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا عِنْدَنَا لِأَنَّ عُقُودَهُمْ تُلْحَقُ بِمُعْتَقِدِهِمْ فَكَذَا طَلَاقُهُمْ. قَوْلُهُ: (وَالسَّرَاحُ) قَالَ الْأَزْهَرِيُّ هُوَ اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ يُقَالُ سَرَّحْت النَّاقَةَ إذَا أَرْسَلْتَهَا. أَقُولُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الطَّلَاقَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] فِيهِ أَنَّ التِّلَاوَةَ {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] . قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي أَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ) قَدْ يُؤَيَّدُ بِمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ ثُمَّ قَالَ لِوَاحِدَةٍ فَارَقْتُك، فَإِنَّهُ فَسْخٌ لِإِطْلَاقٍ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَأَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقَةٌ) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْخَبَرِ أَوْ الْمُبْتَدَأِ أَوْ حَذَفَ حَرْفَ النِّدَاءِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْوُقُوعِ، وَإِنْ نَوَى وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي طَالِقٍ اهـ. وَقَوْلُهُ وَأَنْتِ مُفَارِقَةٌ إلَخْ. يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِالْمَشْهُورِ السَّابِقِ فَهَذِهِ صَرِيحَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ وَأَنْتِ فِرَاقٌ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَارَقْتُك إلَخْ. قَوْلُهُ: (كَقَوْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ لِكَثْرَةِ إيقَاعِ الْمَصْدَرِ مَوْقِعَ اسْمِ الْفَاعِلِ حَتَّى صَارَ ظَاهِرًا فِيهِ. قَوْله: (وَيُقَاسُ بِمَا ذَكَرَ فَارَقْتُك إلَخْ) الْمُرَادُ بِمَا ذَكَرَ قَوْلُهُ طَلَّقْتُك إلَى قَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ الصَّرِيحِ مُنْقَاسٌ عَلَى الصَّرِيحِ، وَالْكِنَايَةُ مُنْقَاسَةٌ عَلَى الْكِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (فَهُمَا صَرِيحَانِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ. قَوْلُهُ: (وَتَرْجَمَةُ الطَّلَاقِ إلَخْ) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الطَّلَاقَ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا خُصُوصُ لَفْظِهِ فَيُوَافِقُ مَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا عِنْدَ أَهْلِهَا شُهْرَةَ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِهَا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا كِنَايَةُ اقْتِصَارٍ فِي الصَّرِيحِ عَلَى الْعَرَبِيِّ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ، وَتَكَرُّرِهِ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ، (وَأَطْلَقْتُك وَأَنْتِ مُطْلَقَةٌ) بِسُكُونِ الطَّاءِ (كِنَايَةٌ) لِعَدَمِ اشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ. (وَلَوْ اشْتَهَرَ لَفْظٌ لِلطَّلَاقِ كَالْحُلَّالِ) بِالضَّمِّ (أَوْ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ) أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، (فَصَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ) عِنْدَ مَنْ اشْتَهَرَ عِنْدَهُمْ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَحُصُولِ التَّفَاهُمِ بِهِ عِنْدَهُمْ، (قُلْت الْأَصَحُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، لِأَنَّ الصَّرِيحَ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ وُرُودِ الْقُرْآنِ بِهِ، وَتَكَرُّرِهِ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ، وَلَيْسَ الْمَذْكُورُ كَذَلِكَ أَمَّا مَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ عِنْدَهُمْ، فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي حَقِّهِمْ قَطْعًا، وَلَوْ قَالَ أَنْت حَرَامٌ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ فَهُوَ كِنَايَةٌ قَطْعًا. (وَكِنَايَتُهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (كَأَنْتِ خَلِيَّةٌ بَرِّيَّةٌ) أَيْ مِنْ الزَّوْجِ (بَتَّةٌ) أَيْ مَقْطُوعَةُ الْوَصْلَةِ (بَتْلَةٌ) أَيْ مَتْرُوكَةُ النِّكَاحِ (بَائِنٌ) أَيْ مُفَارَقَةٌ (اعْتَدِّي اسْتَبْرِئِي رَحِمَك) أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَدْخُولُ بِهَا، وَغَيْرُهَا وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لَغْوًا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحِلًّا لِلْعِدَّةِ، وَاسْتِبْرَاءُ الرَّحِمِ (أَلْحِقِي بِأَهْلِك) أَيْ لِأَنِّي طَلَّقْتُك (حَبْلُك عَلَى غَارِبِك) أَيْ خَلَّيْت سَبِيلَك كَمَا يُخْلَى الْبَعِيرُ فِي الصَّحْرَاءِ وَزِمَامُهُ عَلَى غَارِبِهِ، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الظَّهْرِ وَارْتَفَعَ مِنْ الْعُنُقِ لِيَرْعَى كَيْفَ يَشَاءُ، (لَا أَنْدَهُ سَرْبَك) أَيْ لَا أَهْتَمُّ بِشَأْنِك وَالسَّرَبُ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْإِبِلُ، وَمَا يُرْعَى مِنْ الْمَال وَأَنْدَهُ أَزْجُرُ (اُعْزُبِي) بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ زَايٍ أَيْ مِنْ الزَّوْجِ (اُغْرُبِي) بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ رَاءٍ أَيْ صِيرِي غَرِيبَةً بِلَا زَوْجٍ (دَعِينِي وَدَعِينِي) لِأَنَّك مُطَلَّقَةٌ (أَوْ نَحْوُهَا) كَتَجَرَّدِي أَيْ مِنْ الزَّوْجِ وَتَزَوَّدِي اُخْرُجِي سَافِرِي لِأَنِّي طَلَّقْتُك.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِالْعَجَمِيَّةِ) هِيَ ته يشتبه أَيْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (صَرِيحٌ) وَلَوْ مِمَّنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ. قَوْلُهُ: (بِسُكُونِ الطَّاءِ) شَمِلَ فَتْحَ اللَّامِ وَكَسْرَهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِالضَّمِّ) صَوَابُهُ بِالرَّفْعِ لِأَنَّهَا حَرَكَةٌ وَإِعْرَابُ الْمَحْكِيِّ الْجُمْلَةُ، وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ كَشَيْخِنَا إنَّهَا حَرَكَةُ حِكَايَةٍ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَذَكَرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ أَشْتِهَارَ لَفْظِ الطَّلَاقِ يَكُونُ كَاشْتِهَارِ لَفْظِ الْحِلِّ وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ مِثَالٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ) أَوْ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي أَوْ لَازِمٌ لِي أَوْ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ حَرَّمْتُك أَوْ عَلَيَّ الْحَلَالُ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ الْحَلَالُ يَلْزَمُنِي أَوْ لَازِمٌ لِي أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (قُلْت الْأَصَحُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَتَكَرُّرِهِ) قَدْ مَرَّ أَنَّهُ غَيْرُ قَيْدٍ. قَوْلُهُ: (وَكِنَايَتُهُ) وَهِيَ الْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَأَنْتِ بَائِنٌ لَا بَائِنٌ وَحْدَهُ، وَيَكْفِي اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِجُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بَتْلَةٌ) بِمُوَحَّدَةٍ فَفَوْقِيَّةٍ وَكَذَا مُثْلَةٌ بِمُثَلَّثَةٍ مِنْ مَثَّلَ بِهِ جَدَعَهُ. قَوْلُهُ: (بَائِنٌ) أَوْ بَائِنَةٌ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَصَحِّ وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ بَيْنُونَةٌ لَا تَحِلِّينَ بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَحْمِلْ كَلَامَهُ عَلَى مَا لَا خِلَافَ فِيهِ لِئَلَّا يُخَالِفَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَلْحِقِي) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَعَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ السِّينِ الْإِبِلُ) وَبِكَسْرِهَا الْجَمَاعَةُ مِنْ الظِّبَاءِ وَالْقَطَا وَهُوَ كِنَايَةٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوَهَا) مِنْهَا تَقَنَّعِي تَسَتَّرِي بَرِئْت مِنْك الْزَمِي الطَّرِيقَ، أَوْ الْزَمِي أَهْلَك لَا حَاجَةَ لِي بِك أَوْ فِيك أَنْتِ وَشَأْنُك أَنْتِ وَلِيَّةُ نَفْسِك سَلَامٌ عَلَيْك، أَوْ السَّلَامُ عَلَيْك أَوْ سَلَامِي عَلَيْك كُلِي اشْرَبِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا. بَارَكَ اللَّهُ لَك وَهَبْتُك لِأَهْلِك مَثَلًا، أَوْ أَوْقَعْت الطَّلَاقَ فِي قَمِيصِك أَنْتِ طَلَاقٌ، أَوْ الطَّلَاقُ أَوْ نِصْفُ طَلْقَةٍ أَوْ كُلُّ طَلْقَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ طَلَّقْت نَفْسِي مِنْك، أَنَا طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْك فِيهِمَا أَشْرَكْتُك مَعَ فُلَانَةَ، وَقَدْ طَلُقَتْ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَمِنْهَا مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ أَنَا مُطَلَّقَةٌ فَقَالَ أَلْفَ مَرَّةٍ، فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَدَدِ وَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ هِيَ طَالِقٌ فَقَالَ ثَلَاثًا، وَمَا لَوْ طَلَبَتْ مِنْهُ الطَّلَاقَ فَقَالَ اُكْتُبُوا لَهَا، وَمَا لَوْ قَالَ امْرَأَةُ زَيْدٍ وَاسْمُهُ زَيْدٌ أَوْ امْرَأَةُ مَنْ فِي الطَّرِيقِ، وَهُوَ فِيهَا طَالِقٌ إنْ أَرَادَ نَفْسَهُ وَإِلَّا فَلَغْوٌ وَمِنْهَا أَنْتِ كَالْمَيْتَةِ أَوْ الْكَلْبِ أَوْ الْكَلْبَةِ أَوْ الدَّمِ أَوْ الْخِنْزِيرِ وَلَيْسَ مِنْهَا نَحْوُ نَامِي اُرْقُدِي اُنْظُرِي اسْمَعِي مَا أَنْتِ فِي بَيْتِي قُومِي اُقْعُدِي اغْزِلِي اقْرَبِي اسْقِينِي أَطْعِمِينِي أَحْسَنَ اللَّهُ جَبْرَك وَأَحْسَنَ اللَّهُ عَزَاءَك تَعَالَى، مَا أَحْسَنَ وَجْهَك أَنَا مُعْتَدٌّ مِنْك لَا أَسْتَبْرِئُ   [حاشية عميرة] خُصُوصَ لَفْظِهِ، فَيُوَافِقُ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ تَرْجَمَةَ الْفِرَاقِ، وَالسَّرَاحِ كِنَايَةٌ وَالْفَرْقُ اشْتِهَارُ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي كُلِّ لُغَةٍ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْله: (صَرِيحٌ) وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ قَوْلُهُ: (وَأَنْتِ مُطَلَّقَةٌ) لَوْ قَالَ أَنْت أَطْلَقُ مِنْ امْرَأَةِ فُلَانٍ، وَكَانَتْ مُطَلَّقَةً قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ نَحْوُ أَنْتِ أَزْنَى مِنْ فُلَانٍ. قَوْلُهُ: (عَلَيَّ حَرَامٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَالْحَلَالِ أَوْ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الصَّرِيحَ إلَخْ) زَادَ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْفِرَاقِ، وَالْبَيْنُونَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُ هَذَا عَلَيَّ الْحَرَامُ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي وَأَمَّا عَلَيَّ الطَّلَاقُ فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُزَنِيّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَفِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ لِلصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ صَرِيحٌ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ لِكَوْنِهَا صِيغَةَ يَمِينٍ، وَكَذَا حَكَى فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الطُّوسِيِّ تِلْمِيذِ ابْن يَحْيَى صَاحِبِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِعَدَمِ الْوُقُوعِ، وَإِنْ نَوَى فِي قَوْلِ الْقَائِلِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لِأَنَّهُ الْتِزَامُ مَا لَا يَلْزَمُهُ، وَكَانَ يَقُولُ الطَّلَاقُ وُضِعَ لِحِلِّ النِّكَاحِ لَا لِلْيَمِينِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ ذَلِكَ وَالْحَقُّ الْوُقُوعُ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ لَهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَنَقَلَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَنَّ الرَّافِعِيَّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنَّوَوِيَّ فِي النَّذْرِ جَزَمَا بِالصَّرَاحَةِ فِي الطَّلَاقِ لَازِمٌ لِي. قَوْلُهُ: (كَأَنْتِ خَلِيَّةٌ) فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ. قَوْلُهُ: (بَتْلَةٌ) مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ التَّبَتُّلِ. قَوْلُهُ: (بَائِنٌ) وَلَوْ عَقَّبَ ذَلِكَ بَيْنُونَةَ لَا تَحِلُّ لِي أَبَدًا. قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوَهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الضَّابِطُ أَنْ يَكُونَ لِلَّفْظِ إشْعَارٌ قَرِيبٌ، بِالْفُرْقَةِ وَلَمْ يَشِعْ اسْتِعْمَالَهُ فِيهِ شَرْعًا وَلَا عُرْفًا. اهـ وَمِنْ الْكِنَايَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 (وَالْإِعْتَاقُ كِنَايَةُ طَلَاقٍ وَعَكْسِهِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَعْتَقْتُك أَوْ أَنْت حُرَّةٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ طَلُقَتْ، وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ طَلَّقْتُك وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَ، (وَلَيْسَ الطَّلَاقُ كِنَايَةَ ظِهَارٍ وَعَكْسِهِ) ، وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي إفَادَةِ التَّحْرِيمِ لِأَنَّ تَنْفِيذَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعِهِ مُمْكِنٌ، فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ (وَلَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْت عَلَيَّ حَرِيمٌ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا حَصَلَ) أَيْ الْمَنْوِيُّ لِأَنَّ الظِّهَارَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ إلَى أَنْ يُكَفِّرَ فَجَازَ أَنْ يُكْنِيَ عَنْهُ بِالْحَرَامِ وَالطَّلَاقُ سَبَبُ الْمَحْرَمِ وَهَذَا الطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ. وَإِنْ نَوَى فِيهِ عَدَدًا وَقَعَ مَا نَوَاهُ (أَوْ نَوَاهُمَا) أَيْ الطَّلَاقَ وَالظِّهَارَ مَعًا (تَخَيَّرَ وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ) مِنْهُمَا (وَقِيلَ) الْوَاقِعُ (طَلَاقٌ) لِأَنَّهُ أَقْوَى بِإِزَالَتِهِ الْمِلْكَ (وَقِيلَ ظِهَارٌ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ، وَلَا يَثْبُتَانِ جَمِيعًا لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُزِيلُ النِّكَاحَ، وَالظِّهَارَ يَسْتَدْعِي بَقَاءَهُ (أَوْ تَحْرِيمُ عَيْنِهَا) أَوْ فَرْجِهَا أَوْ وَطِئَهَا (لَمْ تَحْرُمْ) عَلَيْهِ، (وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) كَمَا   [حاشية قليوبي] مِنْك رَحِمِي أَغْنَاك اللَّهُ أَكْثَرَ اللَّهُ خَيْرَك أَكْثَرَ اللَّهُ مَالِكَ بَارَكَ اللَّهُ فِيك، أَوْ عَلَيْك أَوْ فِي جَوَابِ أَلَك زَوْجَةٌ، فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ وَإِنْ نَوَاهُ لِأَنَّهُ قَصَدَ اللَّفْظَ، بِمَا لَا يُفِيدُهُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالْإِعْتَاقُ) أَيْ صَرِيحُهُ وَكِنَايَتُهُ كِنَايَةُ طَلَاقٍ وَعَكْسُهُ أَخْذًا مِنْ قَاعِدَةِ: مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَلَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ كَانَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ، لِأَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ صَرِيحٌ فِي حَلِّ عِصْمَةِ النِّكَاحِ، وَلَا نَفَاذَ لَهُ فِي حَلِّ الْمِلْكِ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْأَمَةِ، فَكَانَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ، فَكَانَ كِنَايَةً فِيهِ وَكَذَا لَفْظُ الْعِتْقِ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ، وَلَا نَفَاذَ لَهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الزَّوْجَةِ، فَكَانَ كِنَايَةً فِيهَا فَالْمُرَادُ بِمَوْضُوعِهِ وَفِي غَيْرِهِ مَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ، وَهَذَا فِي الصَّرِيحِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْلِيلٍ فِي الْكِنَايَةِ لِبَقَائِهَا عَلَى أَصْلِهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كِنَايَةِ الطَّلَاقِ مَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ اعْتَدَّ أَوْ اسْتَبْرِئْ رَحِمَك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَا عِتْقَ وَإِنْ نَوَاهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنَا مِنْك حُرٌّ، أَوْ أَعْتَقْت نَفْسِي مِنْك. قَوْلُهُ: (وَعَكْسُهُ) عَطْفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ أَيْ وَلَيْسَ الظِّهَارُ كِنَايَةَ الطَّلَاقِ وَقِيلَ عَكْسُهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ تَنْفِيذَ كُلٍّ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ، وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ صَرِيحٌ فِي تَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ وَإِذَا اُسْتُعْمِلَ فِيهَا بِمَعْنَى الظِّهَارِ فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا لَهُ فِيهِ نَفَاذٌ، فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً لِئَلَّا يَلْزَمَ عَدَمُ طَلَاقِهَا إذَا لَمْ يَنْوِهِ، وَهُوَ بَاطِلٌ كَمَا مَرَّ وَحَيْثُ خَرَجَ الصَّرِيحُ عَنْ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فَالْكِتَابَةُ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَنَوَى) فَهُوَ كِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ لَفْظِ عَلَيَّ وَقَطْعًا مَعَ عَدَمِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا مَا هُوَ مِثْلُهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْحَرَامِ أَوْ الْحَلَالِ. قَوْلُهُ: (جَمِيعًا) ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ نَوَاهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَهُوَ فِي الْأَوَّلِ وَاضِحٌ وَلَا تَخْيِيرَ فِي الثَّانِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ بَلْ إنْ سَبَقَ الظِّهَارُ وَقَعَا مَعًا، وَهُوَ غَيْرُ عَائِدٍ عَلَى مَا يَأْتِي وَإِنْ سَبَقَ الطَّلَاقُ وَكَانَ بَائِنًا لَغَا الظِّهَارُ، وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى الرَّجْعَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَحْرِيمُ عَيْنِهَا) أَوْ رَأْسِهَا أَوْ يَدِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، لَمْ تَحْرُمْ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ إنْ كَانَتْ حَلَالًا لَهُ، وَإِنْ حَرُمَ وَطْؤُهَا كَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ فَإِنْ كَانَتْ حَرَامًا عَلَيْهِ كَرَجْعِيَّةٍ، أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ، وَمَجُوسِيَّةٍ وَمُعْتَدَّةٍ عَنْ شُبْهَةٍ، فَلَا كَفَّارَةَ قَالَ شَيْخُنَا وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ كَالْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ أَوْ الْخِنْزِيرِ، أَوْ الْخَمْرِ أَوْ الْكَلْبِ ثُمَّ فِي مَرَّةٍ رَجَعَ عَنْ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ، ثُمَّ فِي مَرَّةٍ تَرَدَّدَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ فَرْجِهَا أَوْ وَطْئِهَا) وَهُوَ حَلَالٌ لَهُ، وَإِلَّا كَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَصَائِمَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا كَفَّارَةَ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) أَيْ مِثْلُهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ يَمِينًا وَلَا تَتَعَدَّدُ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الزَّوْجَةُ إلَّا أَنْ تَعَدَّدَ اللَّفْظُ وَلَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ بِالْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ قَالَ إلَخْ) فَهُوَ قِيَاسٌ لِجَامِعِ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ، كَمَا فِي الْآيَةِ. قَوْلُهُ: «قِصَّةِ مَارِيَةَ جَارِيَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقِبْطِيَّةِ حِينَ وَاقَعَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ حَفْصَةَ عَلَى فِرَاشِهَا، وَكَانَتْ غَائِبَةً فَلَمَّا جَاءَتْ وَعَلِمَتْ بِذَلِكَ شَقَّ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي نَوْبَتِي وَفِي بَيْتِي وَعَلَى فِرَاشِي فَقَالَ لَهَا مُسِرًّا إلَيْهَا هِيَ حَرَامٌ عَلَيَّ فَنَزَلَتْ الْآيَةُ» ، وَلَفْظُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى   [حاشية عميرة] أَحْلَلْتُك وَتَقَنَّعِي وَتَسَتَّرِي وَالْزَمِي الطَّرِيقَ وَلَا حَاجَةَ لِي فِيك، وَأَنْتِ وَشَأْنُك وَلَك الطَّلَاقُ وَعَلَيْك الطَّلَاقُ، وَكُلِي وَاشْرَبِي دُونَ أَغْنَاك اللَّهُ وَاقْعُدِي وَاغْزِلِي وَقَرِّي وَمَا أَحْسَنَ وَجْهَك وَتَعَالِي وَاقْرَبِي وَأَسْقِينِي وَأَطْعِمِينِي وَأَحْسَنَ اللَّهُ عَزَاءَك وَزَوِّدِينِي وَنَحْوُ ذَلِكَ، مِمَّا يَحْتَمِلُ الْفُرْقَ بِتَعَسُّفٍ. قَوْلُهُ: (وَعَكْسُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ عَطْفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ وَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ مَضْمُونُ الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ الْمَفْهُومِ، مِنْهَا قَبْلَ النَّفْيِ أَيْ وَعَكْسُ كَوْنِ الطَّلَاقِ كِنَايَةً فِي الظِّهَارِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: (أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ) ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الظِّهَارِ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ مَكْرُوهٌ، ثُمَّ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ رَأْسُك أَوْ فَرْجُك عَلَيَّ حَرَامٌ قَوْلُهُ: (مَعًا) احْتَرَزَ عَمَّا لَوْ نَوَاهُمَا مُرَتَّبًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ إنَّ قَدَّمَ الظِّهَارَ وَقَعَ بَعْدَهُ الطَّلَاقُ، وَإِنْ قَدَّمَ الطَّلَاقَ وَكَانَ بَائِنًا فَلَا يَقَعُ الظِّهَارُ بَعْدَهُ، أَوْ رَجْعِيًّا فَإِنْ رَاجَعَ وَقَعَ وَإِلَّا فَالطَّلَاقُ فَقَطْ، وَجَعَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ مِثْلَ الْمَعِيَّةِ، وَمَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. قُلْت وَكُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْكِنَايَةِ لَا يُعْتَبَرُ اقْتِرَانُهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ مِنْ الشَّرْعِ التَّعْبِيرَ بِجَمِيعِهَا بَدَلَ مَعًا وَعَلَى ذَلِكَ فَالشَّارِحُ مَاشٍ عَلَى كَلَامِ أَبِي عَلِيٍّ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) أَيْ كَفَّارَةٌ مِثْلُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لَا أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَمِينٌ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَلِهَذَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْوَطْءِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ إلَخْ. يَعْنِي أَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي الْأَمَةِ وَقِسْنَا عَلَيْهَا الْحُرَّةَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ أَخْذًا مِنْ «قِصَّةِ مَارِيَةَ لَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَهِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] ، إلَى أَنْ قَالَ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] » أَيْ أَوْجَبَ عَلَيْكُمْ كَفَّارَةَ أَيْمَانِكُمْ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَطْءِ، وَقِيلَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، كَالْيَمِينِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ. (وَكَذَا) عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، (إنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ فِي الْأَظْهَرِ وَالثَّانِي) ذَلِكَ اللَّفْظُ مِنْهُ، (لَغْوٌ) فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَنَحْوَهُ إذَا اشْتَهَرَ عِنْدَ قَوْمٍ لِلطَّلَاقِ كَانَ صَرِيحًا فِيهِ، عِنْدَهُمْ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فَإِذَا نَوَى بِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ لَغَتْ نِيَّتُهُ وَتَعَيَّنَ الطَّلَاقُ. (وَإِنْ قَالَهُ) أَيْ أَنْت عَلَيَّ، حَرَامٌ أَوْ نَحْوُهُ (لِأَمَتِهِ وَنَوَى عِتْقًا ثَبَتَ) أَوْ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا لَغَا إذْ لَا مَجَالَ لَهُ فِي الْأَمَةِ (أَوْ تَحْرِيمُ عَيْنِهَا أَوْ لَا نِيَّةَ) لَهُ (فَكَالزَّوْجَةِ) فِيمَا تَقَدَّمَ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ قَطْعًا فِي الْأُولَى، وَعَلَى الْأَظْهَرِ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيلَ قَطْعًا لِأَنَّ الْأَمَةَ هِيَ الْأَصْلُ فِي وُرُودِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ، (وَلَوْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الطَّعَامُ أَوْ الْعَبْدُ حَرَامٌ عَلَيَّ فَلَغْوٌ) ، لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، وَالْأَمَةِ فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَحْرِيمِهِمَا بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ. (وَشَرْطُ نِيَّةِ الْكِنَايَةِ اقْتِرَانُهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ وَقِيلَ يَكْفِي بِأَوَّلِهِ) ، وَيَنْسَحِبُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَكْفِي بِآخِرِهِ، لِأَنَّهُ وَقَّتَ الْوُقُوعَ، فَلَوْ تَقَدَّمَتْ أَوْ تَأَخَّرَتْ لَغَتْ قَطْعًا وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لَوْ اقْتَرَنَتْ بِأَوَّلِ اللَّفْظِ دُونَ آخِرِهِ أَوْ عَكْسُهُ طَلُقَتْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَرَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فِي اقْتِرَانهَا بِأَوَّلِهِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ، (وَإِشَارَةُ نَاطِقٍ بِطَلَاقٍ) كَأَنْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اذْهَبِي (لَغْوٌ) لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الْعِبَارَةِ إلَى الْإِشَارَةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ غَيْرُ قَاصِدٍ لِلطَّلَاقِ، وَإِنْ قَصَدَهُ بِهَا فِيهِ لَا تُقْصَدُ لِلْإِفْهَامِ إلَّا نَادِرًا. (وَقِيلَ كِنَايَةٌ لِحُصُولِ الْإِفْهَامِ بِهَا) فِي الْجُمْلَةِ (وَيُعْتَدُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ فِي الْعُقُودِ) كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِمَا.   [حاشية قليوبي] جَوَازِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَهَلْ كَفَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مُقَاتِلٌ نَعَمْ يَعْتِقُ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، وَقَالَ الْحَسَنُ لَمْ يُكَفِّرْ لِأَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ وَنَوَى عِتْقًا ثَبَتَ) سَوَاءٌ كَانَتْ حَرَامًا عَلَيْهِ أَوْ حَلَالًا لَهُ حَرُمَ وَطْؤُهَا عَلَيْهِ أَوَّلًا. قَوْلُهُ: (أَوْ تَحْرِيمَ عَيْنِهَا) وَنَحْوُهَا مِمَّا مَرَّ أَيْ وَهِيَ حَلَالٌ لَهُ حَرُمَ وَطْؤُهَا فَيَدْخُلُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْمُحْرِمَةُ وَالصَّائِمَةُ وَخَرَجَ نَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْمُزَوَّجَةُ وَالْمُعْتَدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ مَثَلًا وَالْمُرْتَدَّةُ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِنَّ فَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ وَطْئِهَا، فَلَا كَفَّارَةَ أَيْضًا فِي الْحَائِضِ وَنَحْوِهَا مِمَّا ذَكَرَ لِعَدَمِ حِلِّهِ لَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَكَالزَّوْجَةِ) أَيْ فِي الْخِلَافِ وَالْحُكْمِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ وَقَدْ أَشَارَ أَيْضًا إلَى اعْتِرَاضٍ عَلَيْهِ بِأَنَّ هُنَا طَرِيقًا قَاطِعًا فِي الثَّانِيَةِ، وَأَلْحَقَ فِيهَا التَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى تَحْرِيمِهِ) وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى تَحْرِيمِهِ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ وَقْفٍ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِنَحْوِ عَارِيَّةٍ أَوْ إجَارَةٍ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ) يُفِيدُ أَنَّ مَا عَدَاهُمَا مِنْ الْأَمْوَالِ أَوْ غَيْرِهَا. سَوَاءٌ فَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَوْ لِرَجُلٍ أَنْت حَرَامٌ عَلَيَّ فَلَغْوٌ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِثَالٌ، وَلَا كَفَّارَةَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَرَجَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ الِاكْتِفَاءُ بِجَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ، وَبِغَيْرِهِ فَيَكْفِي اقْتِرَانُهَا بِجُزْءٍ مِنْ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ وَهُمَا أَنْتِ أَوْ زَوْجَتِي أَوْ فُلَانَةُ بَائِنٌ مَثَلًا وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ نِيَّتِهِ، وَكَذَا وَارِثُهُ وَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهَا لِإِمْكَانِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ هِيَ أَوْ وَارِثُهَا لِمَا ذَكَرَ وَلَوْ أَتَى بِكِنَايَةٍ ثُمَّ بَعْدَ الْعِدَّةِ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا. ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى وَقْتَ ذِكْرِ الْكِنَايَةِ لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي رَفْعَ التَّحْلِيلِ اللَّازِمِ بِالثَّلَاثِ وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (بِطَلَاقٍ) خَرَجَ مَحِلُّ الطَّلَاقِ كَالْإِشَارَةِ إلَى إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَخَرَجَ غَيْرُ الطَّلَاقِ كَإِفْتَاءٍ وَأَمَانٍ حَرْبِيٍّ فَيَعْتَدُّ بِهَا فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (فَهِيَ لَا تُقْصَدُ لِلْإِفْهَامِ) أَيْ مِنْ النَّاطِقِ إلَّا نَادِرًا لِقَرِينَةٍ عُرْفِيَّةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيُعْتَدُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْكِتَابَةِ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِمَا) مِنْ الْعُقُودِ فِي الْأَوَّلِ وَمِنْ الْحُلُولِ فِي الثَّانِي أَوْ الْمُرَادُ الْأَعَمُّ كَإِقْرَارٍ وَدَعْوَى وَإِفْتَاءٍ لِأَنَّهُ يَعْتَدُّ بِهَا فِي كُلِّ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي الصَّلَاةِ فَلَا تَبْطُلُ بِهَا وَشَهَادَةٌ، فَلَا تَصِحُّ بِهَا وَحَنِثَ، فَلَا يَحْنَثُ بِهَا إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ مَثَلًا وَتَقَدَّمَ أَنَّ إشَارَتَهُ إلَى الْقُرْآنِ مَعَ الْجَنَابَةِ فِيهَا خِلَافٌ، وَمَالَ شَيْخُنَا كَالْخَطِيبِ إلَى الْحُرْمَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلِذَلِكَ لَمْ يُوجِبُوهَا عَلَيْهِ لِلْعَجْزِ عَنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: {تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] أَيْ تَحْلِيلَهَا وَهُوَ حِلُّ مَا عَقَدْتُهُ بِالْكَفَّارَةِ قَالَهُ الْبَيْضَاوِيُّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةً) أَيْ لِعُمُومِ قِصَّةِ مَارِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَلَا يُشْكِلُ كَوْنُهُ صَرِيحًا فِي الْكَفَّارَةِ بِصِحَّةِ صَرْفِهِ إلَى الطَّلَاقِ أَوْ الظِّهَارِ كَمَا سَلَفَ لِأَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ حُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ وَلَيْسَ مَدْلُولًا لِلَّفْظِ وَإِطْلَاقُ الصَّرَاحَةِ هُنَا تَجُوزُ. قَوْلُهُ: (فَلَا كُفَّارَ عَلَيْهِ) كَلَغْوِ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَقَدَّمَ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَتْنِ هُنَا مَحِلُّهَا، فِيمَا لَمْ يَشْتَهِرْ لِأَنَّهُ كَلَامُ الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (فَكَالزَّوْجَةِ) قِيلَ فِيهِ نَقْدَانِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ يُوهِمُ اتِّحَادَ الْخِلَافِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، الثَّانِي أَنَّهُ يُفْهِمُ أَنَّ الْحُرَّةَ أَصْلٌ فِي الْبَابِ، وَالْأَمَةَ مَقِيسَةٌ عَلَيْهَا وَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ. قَوْلُهُ: (بِكُلِّ اللَّفْظِ) أَيْ لَفْظِ الْكِنَايَةِ وَهُوَ بَائِنٌ مِنْ قَوْلِك أَنْتَ بَائِنٌ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ لِأَنَّ جُزْءَ اللَّفْظِ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِالْإِفَادَةِ. قَوْلُهُ: (بِطَلَاقٍ) كَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْإِشَارَةِ لِلْمَحِلِّ فَفِي التَّكْمِلَةِ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، أَنَّهُ لَوْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَأَشَارَ لِوَاحِدَةٍ مِنْ زَوْجَتَيْهِ الْجَزْمُ، بِالْوُقُوعِ مِنْ الْمُشَارِ إلَيْهَا، وَقَالَ وَلَوْ ادَّعَى مَعَ هَذِهِ الْإِشَارَةِ الْمَرْأَةَ الْأُخْرَى، قِيلَ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 328 (وَالْحُلُولُ) كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهِمَا لِلضَّرُورَةِ، (فَإِنْ فُهِمَ طَلَاقُهُ بِهَا كُلَّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ، وَإِنْ اُخْتُصَّ بِفَهْمِهِ فَطِنُونَ) أَيْ أَهْلُ الْفَطِنَةِ وَالذَّكَاءِ (فَكِنَايَةٌ) تَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِإِشَارَتِهِ الْمُفْهِمَةِ نَوَى، أَوْ لَمْ يَنْوِ وَلَيْسَ فِي الشَّرْحَيْنِ وَلَا فِي الرَّوْضَةِ تَرْجِيحٌ لِوَاحِدَةِ مِنْ الْمَقَالَتَيْنِ وَمَا ذَكَرَ فِي الطَّلَاقِ، يُقَالُ فِي غَيْرِهِ. (وَلَوْ كَتَبَ نَاطِقٌ طَلَاقًا) كَأَنْ كَتَبَ زَوْجَتِي طَالِقٌ، (وَلَمْ يَنْوِهِ فَلَغْوٌ) وَتَكُونُ كِتَابَتُهُ لِتَجْرِبَةِ الْقَلَمِ أَوْ الْمِدَادِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي وَجْهٍ أَنَّ الْكِتَابَةَ صَرِيحَةٌ كَالْعِبَارَةِ يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ، (وَإِنْ نَوَاهُ فَالْأَظْهَرُ وُقُوعُهُ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ طَرِيقٌ فِي إفْهَامِ الْمُرَادِ كَالْعِبَارَةِ، وَقَدْ اقْتَرَنَتْ بِالنِّيَّةِ وَالثَّانِي لَا يَقَعُ لِأَنَّهَا فِعْلٌ وَالْفِعْلُ لَا يَصْلُحُ كِنَايَةً عَنْ الطَّلَاقِ، لَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَيْتِهِ وَنَوَى الطَّلَاقَ، وَقَطَعَ قَاطِعُونَ بِالْأَوَّلِ وَآخَرُونَ بِالثَّانِي. وَهُمَا فِي الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ لِأَنَّ الْحَاضِرَ قَدْ يَكْتُبُ إلَى الْحَاضِرِ، لِاسْتِيحَائِهِ مِنْهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَقِيلَ هُمَا فِي الْغَائِبِ وَكِتَابَةُ الْحَاضِرِ لَغْوٌ قَطْعًا لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ وَقِيلَ هُمَا فِي الْحَاضِرِ وَكِتَابَةُ الْغَائِبِ كِنَايَةٌ قَطْعًا وَيَتَحَصَّلُ مِنْ هَذَا الْخِلَافُ لِلْمُخْتَصَرِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَوْ أَوْجُهٍ ثَالِثُهَا أَنَّهَا كِنَايَةٌ فِي حَقِّ الْغَائِبِ دُونَ الْحَاضِرِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ كَالْإِعْتَاقِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ، وَمَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِيهِ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا فِي غَيْرِ النِّكَاحِ، كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ. وَالْهِبَةِ الِانْعِقَادُ، وَفِي النِّكَاحِ الْمَنْعُ لِأَنَّ الشُّهُودَ شَرْطٌ فِيهِ، وَلَا اطِّلَاعَ لَهُمْ عَلَى النِّيَّةِ وَالْخِلَافُ فِي الْغَائِبِ، وَالْحَاضِرِ كَمَا سَبَقَ، وَكِتَابَةُ الْأَخْرَسِ بِالطَّلَاقِ كِنَايَةٌ، وَقِيلَ صَرِيحٌ وَلَوْ تَلَفَّظَ النَّاطِقُ بِمَا كَتَبَهُ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ قِرَاءَةَ مَا كَتَبَهُ، فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ وَفُرِّعَ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْكِتَابَةِ مَسَائِلُ فِيهَا تَعْلِيقٌ بِشَرْطٍ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ، (فَإِنْ كَتَبَ إذَا بَلَغَك كِتَابِي فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنَّمَا تَطْلُقُ بِبُلُوغِهِ) رِعَايَةً لِلشَّرْطِ، (وَإِنْ كَتَبَ إذَا قَرَأْت كِتَابِي) فَأَنْت طَالِقٌ (وَهِيَ قَارِئَةٌ فَقَرَأَتْهُ طَلُقَتْ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (الْفَطِنَةِ وَالذَّكَاءِ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا إذْ الْفَطِنَةُ حِدَّةُ الذَّكَاءِ الَّتِي هِيَ جَوْدَةُ الْفَهْمِ. قَوْلُهُ: (فَكِنَايَةٌ) وَتُعْرَفُ نِيَّتُهُ بِإِشَارَةٍ أُخْرَى، أَوْ كِتَابَةٍ إنْ لَمْ يَفْهَمْهَا أَحَدٌ فَلَغْوٌ قَطْعًا كَمَا هِيَ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّارِحِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُمْ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (يُقَالُ فِي غَيْرِهِ) أَيْ مِمَّا تَقَدَّمَ مَا عَدَا الثَّلَاثَةَ الْمُسْتَثْنَاةَ فِيمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَوَاهُ فَالْأَظْهَرُ وُقُوعُهُ) وَفَارَقَ إشَارَتُهُ بِاخْتِلَافِهَا بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ وَبِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) هُوَ مَخْرَجٌ مِنْ الرَّجْعَةِ حَيْثُ لَا تَحْصُلُ بِالْفِعْلِ كَالْوَطْءِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نِسْبَةُ الْمَخْرَجِ إلَى الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُعْتَرَضٌ مِنْ وَجْهَيْنِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ) نَظَرًا لِلْأَظْهَرِ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ فِي الْأُمِّ وَالْإِمْلَاءِ وَالْأَوْجَهِ نَظَرًا لِمُقَابِلِهِ الْمُخَرَّجِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالنَّصِّ أَوْ الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (ثَالِثُهَا) هُوَ الطَّرِيقُ الثَّانِي فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (وَكِتَابَةُ الْأَخْرَسِ بِالطَّلَاقِ) وَكَذَا بِغَيْرِهِ مِمَّا يَصِحُّ بِالْكِتَابَةِ مِنْهُ كِنَايَةٌ كَالنَّاطِقِ فَذِكْرُ الْمُصَنِّفِ النَّاطِقَ لَا مَفْهُومَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَلَفَّظَ) هُوَ قَيْدٌ لِمَحِلِّ الْخِلَافِ فِي كَلَامِهِ فَيُقْبَلُ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَتَبَ) نَاطِقٌ أَوْ أَخْرَسُ كَمَا مَرَّ لَا عَلَى مَاءٍ وَهَوَاءٍ. قَوْلُهُ: (إذَا بَلَغَك كِتَابِي) أَوْ كِتَابِي هَذَا أَوْ الْكِتَابُ أَوْ هَذَا الْكِتَابُ أَوْ الْمَكْتُوبُ أَوْ هَذَا الْمَكْتُوبُ أَوْ مَكْتُوبِي أَوْ مَكْتُوبِي هَذَا فَهَذِهِ صُوَرٌ ثَمَانِيَةٌ. قَوْلُهُ: (تَطْلُقُ بِبُلُوغِهِ) أَيْ وُقُوعِهِ فِي يَدِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَرَمْيِهِ فِي حِجْرِهَا أَوْ أَمَامهَا فَلَا يَكْفِي إخْبَارُهَا بِهِ، وَيَكْفِي فِي الْأَوْلَى بُلُوغُ لَفْظِ أَنْتِ طَالِقٌ بِحَيْثُ يُقْرَأُ وَإِنْ مَحَا مَا عَدَاهُ لَا عَكْسُهُ، وَكَذَا يَكْفِي ذَلِكَ فِي الثَّلَاثَةِ بَعْدَهَا عِنْدَ شَيْخِنَا، وَخَالَفَهُ السَّنْبَاطِيُّ تَبَعًا لِلْعَلَامَةِ الْبُرُلُّسِيِّ وَتَرَدَّدَ شَيْخُنَا فِي الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ، وَمَالَ إلَى اعْتِبَارِ بُلُوغِ الْجَمِيعِ فِيهَا نَعَمْ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ الْجَمِيعَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي الْكُلِّ، وَلَوْ قَالَ إذَا بَلَغَك خَطِّي فَأَيُّ شَيْءٍ وَصَلَ إلَيْهَا مِنْ الْكِتَابِ وَقَعَ بِهِ وَلَوْ ادَّعَتْ عَدَمَ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهَا أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ خَطَّهُ لَمْ يَقَعْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (قَرَأْتِ كِتَابِي) اُنْظُرْ الْأَلْفَاظَ السَّابِقَةَ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ قَارِئَةٌ) أَيْ فِي الْوَاقِعِ أَوْ ظَنًّا أَوْ احْتِمَالًا فَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّهَا أُمِّيَّةٌ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالْحُلُولُ) أَيْ وَغَيْرُ ذَلِكَ كَالْأَقَارِيرِ وَالدَّعَاوَى. قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ إلَخْ) أَيْ وَكَمَا فِي الْكِتَابَةِ قَوْلُهُ: (فَالْأَظْهَرُ وُقُوعُهُ) بِخِلَافِ إشَارَتِهِ لِاخْتِلَافِهَا بِاعْتِبَارِ الْأَحْوَالِ، وَالْأَشْخَاصِ وَالِاخْتِلَافُ فِي فَهْمِهَا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ، فَإِنَّهَا حُرُوفٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْهَامِ كَالْعِبَارَةِ، وَقَدْ سَلَفَ قَوْلُ الشَّارِحِ إنَّ الْإِشَارَةَ لَا تُقْصَدُ لِلْإِفْهَامِ إلَّا نَادِرًا. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةٌ أَقْوَالٍ أَوْ أَوْجُهٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ الرَّافِعِيَّ لَمَّا سَاقَ الْأَظْهَرَ السَّابِقَ وَمُقَابِلَهُ قَالَ إنَّ الْأَوَّلَ مَنْصُوصٌ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَالثَّانِيَ يُحْكَى عَنْ الْإِمْلَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَهُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الرَّجْعَةِ حَيْثُ قَالَ إنَّهَا لَا تَحْصُلُ بِالْوَطْءِ، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ نِكَاحٌ وَلَا طَلَاقٌ إلَّا بِكَلَامٍ كَذَلِكَ الرَّجْعَةُ، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْخِلَافِ بِالْوَجْهَيْنِ لِمَكَانِ التَّخْرِيجِ الْحَاضِرِ، وَكِتَابَةُ الْغَالِبِ كِنَايَةٌ قَطْعًا قَدْ نَسَبَ إلَى الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَوْلًا بِالْكِنَايَةِ فِي الْغَائِبِ دُونَ الْحَاضِرِ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ عِنْدَ أَصْحَابِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِيمَنْ قَالَ هُمَا فِي الْغَائِبِ وَكِتَابَةُ الْحَاضِرِ لَغْوٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فَإِنَّمَا تَطْلُقُ بِبُلُوغِهِ) وَلَوْ انْمَحَى مَا عَدَا سَطْرَ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (فَقَرَأَتْهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ قِرَاءَةُ الْجَمِيعِ وَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْمَقَاصِدِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 قَالَ الْإِمَامُ، كَذَلِكَ لَوْ طَالَعَتْهُ وَفَهِمَتْ مَا فِيهِ، وَلَمْ تَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ تَطْلُقُ بِاتِّفَاقِ عُلَمَائِنَا (وَإِنْ قُرِئَ عَلَيْهَا فَلَا) تَطْلُقُ بِذَلِكَ، (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي تَطْلُقُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اطِّلَاعُهَا عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ، وَقَدْ وُجِدَ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَارِئَةً فَقُرِئَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ) لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ وُجِدَ. فَصْلٌ: لَهُ تَفْوِيضُ طَلَاقِهَا إلَيْهَا كَأَنْ يَقُولَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت. وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الْمَقَامِ مَعَهُ وَبَيْنَ مُفَارَقَتِهِ، لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [الأحزاب: 28] إلَى آخِرِهِ، (وَهُوَ تَمْلِيكٌ) لِلطَّلَاقِ (فِي الْجَدِيدِ فَيُشْتَرَطُ لِوُقُوعِهِ تَطْلِيقُهَا عَلَى فَوْرٍ) ، لِأَنَّ تَطْلِيقَهَا نَفْسَهَا مُتَضَمِّنٌ لِلْقَبُولِ، فَلَوْ أَخَّرَتْهُ بِقَدْرِ مَا يَنْقَطِعُ بِهِ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ. (وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي) نَفْسَك، (بِأَلْفٍ فَطَلَّقَتْ بَانَتْ وَلَزِمَهَا أَلْفٌ) وَهُوَ تَمْلِيكٌ بِالْعِوَضِ كَالْبَيْعِ وَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ عِوَضٌ، فَهُوَ كَالْهِبَةِ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَقَرَأَتْهُ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ قَرَأَتْ مَقَاصِدَهُ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ يَكْفِي قِرَاءَةُ لَفْظِ أَنْتِ طَالِقٌ، كَمَا مَرَّ دُونَ بَقِيَّتِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُعْتَبَرُ هُنَا اعْتِبَارُ قِرَاءَةِ مَا يُعْتَبَرُ بُلُوغُهُ، فِيمَا تَقَدَّمَ وَيَتَّجِهُ هُنَا اعْتِبَارُ قِرَاءَةِ جَمِيعِ الْكِتَابِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ وَلِأَنَّ الْعِصْمَةَ مُحَقَّقَةٌ فَرَاجِعْهُ، وَلَا يَكْفِي إعْلَامُهَا بِهِ وَلَا عِلْمُهَا بِمَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ، وَسَيَأْتِي أَنَّ مِنْ الْقِرَاءَةِ الْمُطَالَعَةَ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِمَامُ وَكَذَلِكَ لَوْ طَالَعَتْهُ) كَفَى فِي الْوُقُوعِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا أَنْ قَالَ أَرَدْت التَّلَفُّظَ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَطْلُقُ) وَإِنْ عَمِيَتْ أَوْ نَسِيَتْ الْقِرَاءَةَ، وَلَوْ قَبْلَ وَقْتِ حَالَةِ الْكِتَابَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ يُخَالِفُهُ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُدْرَةِ بِحَسَبِ مَا فِي ذِهْنِهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ، بِأَنَّهَا غَيْرُ قَارِئَةٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَارِئَةً) بِأَنْ عَلِمَ بِذَلِكَ حَالَ الْكِتَابَةِ. قَوْلُهُ: (فَقُرِئَ عَلَيْهَا) وَلَا يَكْفِي إخْبَارُهَا بِمَا فِيهِ وَلَا عِلْمُهَا مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ وَلَوْ تَعَلَّمَتْ الْقِرَاءَةَ وَقَرَأَتْهُ بِنَفْسِهَا فِي هَذِهِ وَقَعَ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ عَنْهُ، وَلَوْ قُرِئَ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْوُقُوعُ أَيْضًا وَخَالَفَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا. فَرْعٌ: أَمَرَ غَيْرَهُ بِالْكِتَابَةِ وَالنِّيَّةِ كَفَى وَوَقَعَ بِهِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا وَفَعَلَ هُوَ الْآخَرَ لَغَا. فَصْلٌ فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ قَوْلُهُ: (لَهُ تَفْوِيضُ طَلَاقِهَا إلَيْهَا) وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُكَلَّفٌ فَإِنْ كَانَ بِمَالٍ اُشْتُرِطَ رُشْدُهَا أَيْضًا وَخَرَجَ بِالطَّلَاقِ تَفْوِيضُ تَعْلِيقِهِ، فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَبِقَوْلِهِ إلَيْهَا مَا لَوْ فَوَّضَهُ إلَى اللَّهِ مَعَهَا أَوْ إلَى زَيْدٍ مَعَهَا، أَوْ إلَى زَيْدٍ مَعَ اللَّهِ فَلَا يَصِحُّ فِيهَا نَعَمْ لَوْ فَوَّضَهُ إلَى زَيْدٍ مَثَلًا وَحْدَهُ صَحَّ وَهُوَ تَوْكِيلٌ وَلَوْ فَوَّضَهُ إلَى اثْنَيْنِ فَطَلَّقَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَقَعْ. قَوْلُهُ: (إنْ شِئْت) لَيْسَ قَيْدًا إنْ أَخَّرَهُ فَإِنْ قَدَّمَهُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ أَصْلًا، لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ مُبْطَلٌ. قَوْلُهُ: (خَيَّرَ نِسَاءَهُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِيَارِهِنَّ أَثَرٌ لَمْ يَكُنْ لِلتَّخْيِيرِ فَائِدَةٌ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِاخْتِيَارِهِنَّ بَلْ لَا بُدَّ لِإِيقَاعِهِ عَلَيْهِنَّ مِنْ إنْشَاءِ طَلَاقٍ مِنْهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، بِقَوْلِهِ فَتَعَالَيْنَ الْآيَةَ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يُفَوِّضَ إلَيْهِنَّ سَبَبَ الْفِرَاقِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الدُّنْيَا جَازَ أَنْ يُفَوِّضَ إلَيْهِنَّ الْمُسَبِّبَ الَّذِي هُوَ الْفِرَاقُ قَالَهُ الْخَطِيبُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ تَمْلِيكٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنَّ فِيهِ شَوْبَ تَعْلِيقٍ نَعَمْ إنْ جَرَى بِلَفْظِ التَّوْكِيلِ فَهُوَ تَوْكِيلٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَيَشْمَلُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ الْآتِي فِي التَّوْكِيلِ. قَوْلُهُ: (عَلَى فَوْرٍ) إلَّا إنْ كَانَ بِنَحْوِ مَتَى وَلَوْ مَعَ مَالٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقَعْ) نَعَمْ يُغْتَفَرُ يَسِيرُ كَلَامٍ كَقَوْلِهَا كَيْفَ أُطَلَّقُ، وَلَوْ مُتَعَنِّتَةً وَيَكْفِي قَبُولُهَا وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِالتَّفْوِيضِ اعْتِبَارًا بِالْوَاقِعِ وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْ زَوْجَتِي إنْ شِئْت فَلَا بُدَّ مِنْ مَشِيئَتِهِ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا وَلَا بُدَّ أَنْ يُخْبِرَ الزَّوْجَ بِمَشِيئَتِهِ، وَلَا يَكْفِي إخْبَارُ غَيْرِهِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ طَلِّقْهَا إنْ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي تَطْلُقُ) أَيْ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْعُرْفَ قَاضٍ فِي الْهِلَالِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ هَذَا. قَوْلُهُ: (فَقُرِئَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ) اسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ عَلَى مُسْتَحِيلٍ نَحْوُ إنْ طَلَعَتْ السَّمَاءُ، فَأَنْت طَالِقٌ قَالَ بَلْ هَذَا أَوْلَى بِعَدَمِ الْوُقُوعِ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ فِي الْجُمْلَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ هُنَا حَالَةً تَصِحُّ أَنْ تُرَادَ وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْمُسْتَحِيلِ. [فَصْلٌ لَهُ تَفْوِيضُ طَلَاقِهَا إلَيْهَا] فَصْلٌ: لَهُ تَفْوِيضُ طَلَاقِهَا أَيْ لَا تَفْوِيضُ تَعْلِيقِهِ لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَلَوْ فِي الْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ زَوْجَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ فُرِضَ أَنَّ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ حِينَ خَيَّرَهَا لَمْ تَطْلُقْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا} [الأحزاب: 28] وَأَيْضًا فَاخْتِيَارُهُنَّ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِ لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ: إنِّي ذَاكِرٌ لَك أَمْرًا فَلَا تُبَادِرِينِي بِالْجَوَابِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك» ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ لَا حُجَّةَ فِي الْحَدِيثِ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُخَيِّرْهُنَّ فِي إيقَاعِ الْفِرَاقِ بِأَنْفُسِهِنَّ، وَإِنَّمَا خَيَّرَهُنَّ حَتَّى إذَا اخْتَرْنَ الْفِرَاقَ طَلَّقَهُنَّ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} [الأحزاب: 28] إلَخْ قَوْلُهُ: (وَهُوَ تَمْلِيكٌ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِلَفْظِ التَّوْكِيلِ، وَإِلَّا فَلَا فَوْرَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (فِي الْجَدِيدِ) إنَّمَا كَانَ تَمْلِيكًا لِأَنَّ فَائِدَتَهُ تَرْجِعُ إلَيْهَا دُونَ الْمُوَكِّلِ وَكَانَ كَالْهِبَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ تَطْلِيقَهَا نَفْسَهَا يَتَضَمَّنُ الْقَبُولَ) هَذَا التَّعْلِيلُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ قِيلَ وَقَضِيَّتُهُ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِهَا قَبِلْت إذَا قَصَدَتْ بِهِ الطَّلَاقَ خِلَافُ مَا يُفْهِمُهُ ظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (مُتَضَمِّنٌ لِلْقَبُولِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمَتْنِ وَهُوَ تَمْلِيكٌ وَقَوْلُهُ وَفِي قَوْلٍ تَوْكِيلٌ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ قَوْلُهُ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 330 (وَفِي قَوْلٍ) نُسِبَ إلَى الْقَدِيمِ (تَوْكِيلٌ) بِالطَّلَاقِ (فَلَا يُشْتَرَطُ) فِي تَطْلِيقِهَا، (فَوْرٌ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا فِي تَوْكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ يَتَضَمَّنُ تَمْلِيكَهَا نَفْسَهَا بِلَفْظٍ تَأَتِّي بِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي جَوَابًا عَاجِلًا. (وَفِي اشْتِرَاطِ قَبُولِهَا) لَفْظًا (خِلَافُ الْوَكِيلِ) الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا لَا يُشْتَرَطُ، وَثَالِثُهَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِتْيَانِ بِصِيغَةِ الْعَقْدِ نَحْوُ وَكَّلْتُك بِطَلَاقِ نَفْسِك دُونَ صِيغَةِ الْأَمْرِ نَحْوُ طَلِّقِي نَفْسَك، (وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَهُ الرُّجُوعُ) عَنْ التَّفْوِيضِ (قَبْلَ تَطْلِيقِهَا) لِأَنَّ التَّمْلِيكَ وَالتَّوْكِيلَ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِمَا قَبْلَ الْقَبُولِ وَالتَّصَرُّفِ، (وَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَطَلِّقِي) نَفْسَك (لَغَا عَلَى التَّمْلِيكِ) كَمَا لَوْ قَالَ مَلَّكْتُك هَذَا الْعَبْدَ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَجَازَ عَلَى قَوْلِ التَّوْكِيلِ، كَمَا لَوْ وَكَّلَ أَجْنَبِيًّا بِتَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ بَعْدَ شَهْرٍ. وَتَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ فِي الْأَصَحِّ وَأَنَّهُ إذَا نَجَزَهَا وَشَرَطَ لِلْمُتَصَرِّفِ شَرْطًا جَازَ فَلْيُتَأَمَّلْ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ، (وَلَوْ قَالَ أَبِينِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَيَا) عِنْدَ قَوْلِهِمَا الطَّلَاقَ (وَقَعَ) ، كَمَا يَقَعُ بِالصَّرِيحِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا (فَلَا) يَقَعُ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يُفَوِّضْ الطَّلَاقَ وَإِذَا لَمْ تَنْوِ هِيَ مَا امْتَثَلَتْ (وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي) نَفْسَك، (فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَتْ أَوْ أَبِينِي) نَفْسَك، (وَنَوَى فَقَالَتْ طَلَّقْت وَقَعَ) الطَّلَاقُ، وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ لَفْظِهِمَا. (وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي) نَفْسَك، (وَنَوَى ثَلَاثًا فَقَالَتْ طَلَّقْت وَنَوَتْهُنَّ) بِأَنْ عَلِمَتْ نِيَّتَهُ (فَثَلَاثٌ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ وَقَدْ نَوَيَاهُ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَنْوِ هِيَ عَدَدًا (فَوَاحِدَةٌ فِي الْأَصَحِّ) وَقِيلَ ثَلَاثٌ حَمْلًا عَلَى مَنْوِيِّهِ، (وَلَوْ قَالَ) طَلِّقِي نَفْسَك (ثَلَاثًا فَوَحَّدَتْ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا (فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا الْمُوقَعُ فِي الْأُولَى، وَالْمَأْذُونُ فِيهِ فِي الثَّانِيَةِ   [حاشية قليوبي] شَاءَتْ اُشْتُرِطَ مَشِيئَتُهَا فَوْرًا عِنْدَ عَرَضِ الْوَكِيلِ عَلَيْهَا ثُمَّ يُطَلِّقُ. قَوْلُهُ: (نُسِبَ إلَى الْقَدِيمِ) هَذَا صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْجَدِيدِ سَابِقًا وَلَعَلَّ عُدُولَ الْمُصَنِّفِ عَنْ لَفْظِ الْقَدِيمِ لِلشَّكِّ فِيهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) أَيْ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ نَحْوِ مَتَى. قَوْلُهُ: (وَفِي اشْتِرَاطِ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ التَّوْكِيلِ. قَوْلُهُ: (فَلْيُتَأَمَّلْ الْجَمْعُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى الْجَمْعِ فَضْلًا عَنْ التَّأَمُّلِ فَإِنَّ مَا هُنَا مِنْ تَعْلِيقِ التَّصَرُّفِ وَالْوَكَالَةِ مُنْجِزَةٌ لِأَنَّهَا ضِمْنِيَّةٌ فَقَوْلُهُ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ، فَطَلِّقِي لَيْسَ فِيهِ إلَّا شَرْطُ تَأْخِيرِ الطَّلَاقِ إلَى رَمَضَانَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ وَكَّلْتُك فِي طَلَاقِك الْآنَ، وَلَا تُطَلِّقِي حَتَّى يَجِيءَ رَمَضَانُ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ، كَمَا لَوْ وَكَّلَ أَجْنَبِيًّا بِتَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ بَعْدَ شَهْرٍ، فَإِنَّ الظَّرْفَ مُتَعَلِّقٌ بِتَطْلِيقٍ لَا بِتَوْكِيلٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ جَلِيٌّ ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ ابْنَ أَبِي شَرِيفٍ التَّصْرِيحَ بِمَا ذَكَرْته فَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَيَلْتَزِمُ الْبُطْلَانُ هُنَا فِيمَا لَوْ قَالَ، إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَقَدْ وَكَّلْتُك فِي نَفْسِك، فَمَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ سَوَاءٌ، فَالْإِشْكَالُ وَالْأَمْرُ بِالتَّأَمُّلِ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ التَّأَمُّلِ، وَمَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مِنْ أَنَّ الْوَكَالَةَ بَاطِلَةٌ، وَأَنَّ التَّصَرُّفَ بِعُمُومِ الْإِذْنِ كَمَا هُنَاكَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ بَلْ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، لِأَنَّ فِيهَا إيهَامَ مَا لَيْسَ مُرَادًا فَانْظُرْ وَتَأَمَّلْ وَافِهِمْ. قَوْلُهُ: (أَبِينِي) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْوِيضِ بِالصَّرِيحِ وَمَا هُنَا مِنْ الْكِنَايَةِ وَمِنْهَا الصَّرِيحُ إذَا أُضِيفَ إلَى غَيْرِ مَحِلِّهِ، كَمَا لَوْ قَالَ طَلِّقِينِي أَوْ أَنَا طَالِقٌ مِنْك فَقَالَتْ طَلَّقْتُك فَإِنْ نَوَى التَّفْوِيضَ وَنَوَتْ هِيَ الطَّلَاقَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (نَفْسَك) وَتَكْفِي نِيَّةُ هَذَا عَنْ التَّلَفُّظِ بِهِ. قَوْلُهُ: (الطَّلَاقَ) هُوَ مَفْعُولُ نَوَيَا وَفِيهِ تَجُوزُ لِأَنَّهُ يَنْوِي تَفْوِيضَ الطَّلَاقِ لَا نَفْسِهِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ كَغَيْرِهِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا بَعْدَهُ، بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ لَمْ يُفَوِّضْ. قَوْلُهُ: (وَنَوَتْ) أَيْ الطَّلَاقَ. قَوْلُهُ: (وَنَوَى) أَيْ التَّفْوِيضَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ عَلِمَتْ نِيَّتَهُ) أَوْ وَقَعَ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ تَنْوِ هِيَ عَدَدًا) صَادِقٌ بِعَدَمِ النِّيَّةِ أَصْلًا وَبِوَاحِدَةٍ وَبَقِيَ مِنْ الْمَفْهُومِ نِيَّةُ اثْنَتَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ لِأَنَّ فِيهِ يَقَعُ اثْنَتَانِ فَلَا يَصِحُّ دُخُولُهُ فِي كَلَامِهِ وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ نَوَى هُوَ الْوَاحِدَةَ أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَنَوَتْ هِيَ الْوَاحِدَةَ أَوْ لَمْ تَنْوِ شَيْئًا فَيَقَعُ وَاحِدَةً أَيْضًا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهَا وَسَكَتَ عَنْهُ الشَّارِحُ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ. قَوْلُهُ: (فَوَاحِدَةً فِي الْأَصَحِّ) وَلَهَا إيقَاعُ الْبَاقِي فَوْرًا. قَوْلُهُ: (فَوَحَّدَتْ) أَيْ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً فَإِنْ لَمْ تَنْوِ شَيْئًا وَقَعَ ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ جَوَابٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا الْمُوقِعُ إلَخْ) إذْ الْحَاصِلُ أَنَّهُ يَقَعُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي نِيَّتِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا شَيْئًا فَوَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا صَحَّ مَعَ الِاخْتِلَافِ مَعَ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ فِيهِ شَائِبَةَ تَوْكِيلٍ أَوْ تَعْلِيقٍ.   [حاشية عميرة] قَبُولُهَا لَفْظًا) أَيْ بِأَنْ تَقُولَ قَبِلْت الْوَكَالَةَ قَوْلُهُ: (وَجَازَ عَلَى قَوْلِ التَّوْكِيلِ) قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ يَنْبَغِي عِنْدَ مَجِيءِ الْمُعَلَّقِ أَنْ يَكُونَ لَهَا الطَّلَاقُ فِي الْمَجْلِسِ خَاصَّةً، وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ قَالَ وَلَيْسَ هُوَ مُنَافِيًا لِلْوَكَالَةِ، بَلْ هُوَ تَمْلِيكٌ مُعَلَّقٌ اهـ. أَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ يُلْزِمُ قَائِلَهُ أَنْ يَقُولَ بِمِلْكِهِ فِي التَّفْوِيضِ الْمُنْجَزِ عَلَى قَوْلِ التَّوْكِيلِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ كَمَا سَلَفَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّوْكِيلَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ صَحِيحٌ وَهُنَا فَاسِدٌ لِتَعْلِيقِهِ. قَوْلُهُ: (فَلْيُتَأَمَّلْ مِنْ الْجَمِيعِ إلَخْ) يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْوَكَالَةَ الْمُعَلَّقَةُ، وَإِنْ فَسَدَتْ يَسُوغُ التَّصَرُّفُ بِعُمُومِ الْإِذْنِ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْجَوَازِ هُنَا لَا الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ. قَوْلُهُ: (وَنَوَيَا) اسْتَشْكَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ التَّوَقُّفَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى نِيَّةِ الْمَرْأَةِ، وَقَالَ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ الرَّجُلِ. أَقُولُ مَا أَدْرِي مَاذَا يَقُولُ هَذَا فِي قَوْلِ الْمَرْأَةِ أَبَنْت عِنْدَ قَوْلِ الرَّجُلِ طَلِّقِي قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ تَنْوِ هِيَ عَدَدًا) أَيْ أَمَّا إذَا نَوَتْ اثْنَتَيْنِ فَلَا يَقَعُ غَيْرُ مَا نَوَتْهُ قَطْعًا وَكَذَا لَوْ نَوَتْ وَاحِدَةً أَوْ لَمْ يَنْوِ الزَّوْجُ شَيْئًا بَلْ أَطْلَقَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا خَصَّ هَذِهِ الْحَالَةَ لِأَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ لَا يَتَّجِهُ فِي غَيْرِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِالْعَدَدِ مَا يَشْمَلُ الْوَاحِدَةَ لِئَلَّا تَقْتَضِيَ عِبَارَتُهُ جَرَيَانَ الْخِلَافِ. فِي صُورَتِهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 فَصْلٌ : مَرَّ بِلِسَانِ نَائِمٍ طَلَاقٌ لَغَا لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ إلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ الِاسْتِيقَاظِ أَجَزْت ذَلِكَ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالنَّائِمِ، (وَلَوْ سَبَقَ لِسَانٌ بِطَلَاقٍ بِلَا قَصْدٍ لَغَا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ) كَأَنْ دَعَاهَا بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ إلَى فِرَاشِهِ، وَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ الْآنَ طَاهِرَةٌ فَسَبَقَ لِسَانُهُ وَقَالَ أَنْتِ الْآنَ طَالِقَةٌ، (وَلَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا فَقَالَ يَا طَالِقُ وَقَصَدَ النِّدَاءَ لَمْ تَطْلُقْ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ) حَمْلًا عَلَى النِّدَاءِ لِقُرْبِهِ وَالثَّانِي تَطْلُقُ احْتِيَاطًا، وَلَوْ قَصَدَ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ. (وَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَارِقًا أَوْ طَالِبًا) أَوْ طَالِعًا، (فَقَالَ يَا طَالِقُ وَقَالَ أَرَدْت النِّدَاءَ) بِاسْمِهَا (فَالْتَفَّ الْحَرْفُ) بِلِسَانِي (صُدِّقَ) لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ، (وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا) كَأَنْ تَقُولَ لَهُ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِهْزَاءِ، أَوْ الدَّلَالِ وَالْمُلَاعَبَةِ طَلِّقْنِي فَيَقُولُ طَلَّقْتُك، (أَوْ وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً بِأَنْ كَانَتْ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ أَنْكَحَهَا لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ) بِذَلِكَ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِقَصْدِهِ إيَّاهُ وَالْهَزْلُ وَاللَّعِبُ وَظَنُّ غَيْرِ الْوَاقِعِ لَا يَدْفَعُهُ، وَفِي الْحَدِيثِ «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا قَدَّمَ التَّفْوِيضَ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ تَعَلُّقَاتِ الْأَلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ، وَالْكِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ) فَهُوَ مُحْتَرِزٌ عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ شَرْطُهُ التَّكْلِيفُ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى فَهْمِ الْخِطَابِ، وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ جَعَلَهُ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ خَارِجًا بِشَرْطِ قَصْدِ لَفْظِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَهُوَ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالنَّائِمِ) ، وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَمَنْ زَالَ تَمْيِيزُهُ بِمَا لَا يَأْثَمُ بِهِ وَالصَّبِيُّ وَلَوْ ادَّعَى الصِّبَا وَالْجُنُونَ أَوْ النَّوْمَ، مَثَلًا حَالَةَ التَّلَفُّظِ بِالطَّلَاقِ صُدِّقَ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا وَعَهِدَ غَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (بِلَا قَصْدٍ) أَيْ لِلَفْظِ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (ظَاهِرًا) وَيُصَدَّقُ بَاطِنًا مُطْلَقًا وَلَهَا تَمْكِينُهُ حَيْثُ ظَنَّتْ صِدْقَهُ، وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ ظَنَّ صِدْقَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (يَا طَالِقُ) بِضَمِّ الْقَافِ أَوْ سُكُونِهَا أَوْ فَتْحِهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ تَطْلُقْ) وَإِنْ هَجَرَ الِاسْمَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِقُرْبِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ هَجَرَ الِاسْمَ وَقَعَ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَصَدَ الطَّلَاقَ) أَيْ وَعَلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ عِلْمِهِ فَلَا طَلَاقَ، قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَرَدْت) خَرَجَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فَيَقَعُ، كَمَا لَوْ قَصَدَ الطَّلَاقَ قَوْلُهُ: (لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ) أَيْ فِي إرَادَتِهِ غَيْرَ مَعْنَى الطَّلَاقِ وَإِنْ بَقِيَتْ الْقَرِينَةُ كَانَ غَيْرَ اسْمِهَا وَقَالَ أَرَدْت الِاسْمَ الْأَوَّلَ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ حَكَى طَلَاقَ غَيْرِهِ. كَأَنْ يَقُولَ قَالَ فُلَانٌ زَوْجَتِي طَالِقٌ، وَمَا لَوْ أَرَادَ تَصْوِيرَ الْمَسَائِلِ لِغَيْرِهِ، وَمَا لَوْ طَلَبَ مِنْ قَوْمٍ شَيْئًا، فَلَمْ يُعْطُوهُ فَقَالَ طَلَّقْتُكُمْ وَفِيهِمْ زَوْجَتُهُ، وَإِنْ عَلِمَ بِهَا وَأَتَى بِضَمِيرِ الْإِنَاثِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَاطَبَهَا) وَلَوْ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ، وَلَمْ تَكُنْ مُحَاوَرَةً، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ مُحَاوَرَةً أَيْ مُنَازَعَةً فِي كَوْنِهَا زَوْجَتَهُ، أَوْ لَا فَهُوَ حَلِفٌ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى مَا فِي ظَنِّهِ، وَإِنْ خَالَفَ الْوَاقِعَ. قَوْلُهُ: (الِاسْتِهْزَاءِ) عَائِدٌ لِلْهَزْلِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُلَاعَبَةُ) تَفْسِيرٌ لِلدَّلَالِ. قَوْله: (بِظَنِّهَا أَجْنَبِيَّةً) وَمِنْهُ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِ امْرَأَةٍ فَبَانَتْ زَوْجَةَ الْوَكِيلِ فَيَقَعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَقَعَ الطَّلَاقُ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. قَوْلُهُ: (لِقَصْدِهِ إيَّاهُ) أَيْ لِقَصْدِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَاسْتِعْمَالِهِ فِي مَعْنَاهُ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لَهُ. قَوْلُهُ: (لَا يَدْفَعُهُ) أَيْ لَا يَدْفَعُ الطَّلَاقَ الَّذِي هُوَ مَعْنَى اللَّفْظِ أَيْ فَقَصْدُ الِاسْتِهْزَاءِ مَثَلًا لَا يُخْرِجُ اللَّفْظَ عَنْ مَعْنَاهُ، وَعَطْفُ اللَّعِبِ عَلَى الْهَزْلِ مُرَادِفٌ وَالْهَزْلُ قَصْدُ عَدَمِ الْمَعْنَى، وَاللَّعِبُ لَيْسَ قَصْدَ وُجُودِ الْمَعْنَى وَلَا قَصْدَ عَدَمِهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَبِذَلِكَ سَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثٌ) وَغَيْرُ الثَّلَاثِ مِثْلُهَا وَإِنَّمَا خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِتَعَلُّقِهَا   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ مَرَّ بِلِسَانِ نَائِمٍ طَلَاقٌ] فَصْلٌ: مَرَّ بِلِسَانِ نَائِمٍ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ اشْتِرَاطُ التَّكْلِيفِ فِيمَا سَبَقَ. قَوْلُهُ: (بِطَلَاقٍ) أَوْ صِفَتِهِ كَالثَّلَاثِ. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) وَكَانَ كَالنَّائِمِ. قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ النِّدَاءَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ بِاسْمِهَا، وَإِلَّا فَالنِّدَاءُ مَوْجُودٌ عِنْدَ إرَادَةِ الطَّلَاقِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) هَذَا مَحِلُّهُ إذَا كَانَ اسْمَهَا حِينَ النِّدَاءِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ اسْمُهَا ذَلِكَ قَبْلَ النِّدَاءِ، ثُمَّ غَيَّرَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. قَوْلُهُ: (هَازِلًا وَلَاعِبًا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ يَقْتَضِي تَرَادُفَهُمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ هُمَا مِنْ وَادِي الِاضْطِرَابِ وَفِي الْكَافِي لِلْخُوَارِزْمِيِّ الْهَازِلُ هُوَ الَّذِي يَأْتِي بِلَفْظِ الطَّلَاقِ لَا لِلْحُكْمِ الْمَقْصُودِ الَّذِي شُرِعَ لَهُ، وَفِي النِّهَايَةِ الْهَازِلُ الَّذِي يَقْصِدُ اللَّفْظَ دُونَ مَعْنَاهُ، وَاللَّاعِبُ هُوَ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْهُ اللَّفْظُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ. قَوْلُهُ: (أَيْضًا هَازِلًا) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَوْجِيهِ الْوُقُوعِ فِيهِ لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِحُكْمِ الطَّلَاقِ ظَنَّتْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُسْتَهْزِئًا غَيْرَ رَاضٍ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَهَذَا الظَّنُّ خَطَأٌ انْتَهَى. أَقُولُ وَهَذَا الْكَلَامُ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ إنَّ الْهَازِلَ لَمْ يَقْصِدْ اللَّفْظَ لِمَعْنَاهُ، وَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ الْحَقُّ وَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّ هُنَا قَصَدَ اللَّفْظَ لِمَعْنَاهُ غَايَةُ الْأَمْرِ. أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِوُقُوعِهِ، وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِأَجْلِ هَزْلِهِ، وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ فِي تَعْلِيلِهِ الْآتِي لِقَصْدِهِ إيَّاهُ. وَافَقَ لِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ كَمَا لَا يَخْفَى. قَوْلُهُ: (وَقَعَ الطَّلَاقُ) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ فِي الْهَازِلِ، فَإِنَّهُ عِنْدَهُ يُدَيَّنُ لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِيمَنْ ظَنَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَالْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ (وَلَوْ لَفَظَ أَعْجَمِيٌّ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ) كَأَنْ لَقَّنَّهُ (لَمْ يَقَعْ) لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ. (وَقِيلَ إنْ نَوَى) بِهِ (مَعْنَاهَا) أَيْ الْعَرَبِيَّةِ (وَقَعَ) لِأَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ وَرَدَ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى الطَّلَاقِ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ وَقَصَدَ بِهِ قَطْعَ النِّكَاحِ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا لَوْ أَرَادَ الطَّلَاقَ بِكَلِمَةٍ لَا مَعْنَى لَهَا (وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ مُكْرَهٍ) لِحَدِيثِ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَفَسَّرَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُ الْإِغْلَاقِ بِالْإِكْرَاهِ، (فَإِنْ ظَهَرَتْ قَرِينَةُ اخْتِيَارٍ بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَى ثَلَاثٍ فَوَحَّدَ أَوْ صَرِيحٍ أَوْ تَعْلِيقٍ فَكَنَى أَوْ نَجَزَ أَوْ عَلَى طَلَّقْت فَسَرَّحَ أَوْ بِالْعُكُوسِ) أَيْ أُكْرِهَ عَلَى وَاحِدَةٍ فَثَلَّثَ أَوْ عَلَى كِنَايَةٍ فَصَرَّحَ أَوْ عَلَى تَنْجِيزٍ فَعَلَّقَ أَوْ عَلَى أَنْ يَقُولَ سَرَّحْت فَقَالَ طَلُقْت، (وَقَعَ) الطَّلَاقُ وَلَوْ وَافَقَ الْمُكْرَهَ وَنَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ لِاخْتِيَارِهِ وَقِيلَ لَا يَقَعُ لِلْإِكْرَاهِ وَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ لَا يُعْمَلُ، (وَشَرْطُ الْإِكْرَاهِ قُدْرَةُ الْمُكْرِهِ عَلَى تَحْقِيقِ مَا هَدَّدَ بِهِ) عَاجِلًا (بِوِلَايَةٍ أَوْ تَغَلُّبٍ وَعَجَزَ الْمُكْرَهُ عَنْ دَفْعِهِ بِهَرَبٍ وَغَيْرِهِ) كَالِاسْتِغَاثَةِ بِغَيْرِهِ، (وَظَنَّهُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ حَقَّقَهُ وَيَحْصُلُ) ، الْإِكْرَاهُ (بِتَخْوِيفٍ بِضَرْبٍ شَدِيدٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ إتْلَافِ مَالٍ وَنَحْوِهَا) ، كَأَخْذِ الْمَالِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ. (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ قَتْلٌ) فَلِلتَّخْوِيفِ بِغَيْرِهِ لَا يَحْصُلُ بِهِ إكْرَاهٌ، (وَقِيلَ) يُشْتَرَطُ (قَتْلٌ) أَوْ قَطْعٌ لِطَرَفٍ مَثَلًا، (أَوْ ضَرْبٌ مَخُوفٌ) ، أَيْ يَخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكَ فَالتَّخْوِيفُ   [حاشية قليوبي] بِالْأَبْضَاعِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَزِيدِ الِاحْتِيَاطِ. قَوْلُهُ: (بِالْعَرَبِيَّةِ س) وَتَقَدَّمَ تَرْجَمَتُهُ بِغَيْرِهَا وَصِيغَتُهَا الْعَجَمِيَّةُ ته يشتبه أَيْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ) وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ إنْ أَمْكَنَ وَمِنْ هَذَا لَوْ شَكَتْ زَوْجَتُهُ بِوَجَعٍ وَطَلَبَتْ مِنْهُ رُقْيَاهَا فَقَالَ لَا أَعْرِفُ رَقْيًا فَقَالَتْ لَهُ أُعَلِّمُك رُقْيَةً تَنْفَعُ فَقَالَ مَا هِيَ فَقَالَتْ قُلْ عَلَى رَأْسِي أَنْت طَالِقٌ فَقَالَ لَهَا فَلَا يَقَعُ حَيْثُ جَهِلَ مَعْنَاهُ، وَإِلَّا فَهُوَ كَاللَّاعِبِ فِيمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (مُكْرَهٍ) أَيْ عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ عَلَى فِعْلِ صِفَةٍ كَأَنْ عَلَّقَ بِهَا كَمَا قَالَهُ وَالِدُ شَيْخِنَا وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ قَالَ وَمِنْ الْإِكْرَاهِ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا قَبْلَ نَوْمِهِ فَغَلَبَهُ النَّوْمُ بِحَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ دَفْعِهِ وَمِنْهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، فَوَجَدَهَا حَائِضًا وَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ فِي الْبَيْتِ شَيْئًا، إلَّا كَسَرَهُ عَلَى رَأْسِهَا فَوَجَدَ هَاوُنًا قَالَهُ الْخَطِيبُ، وَخَلَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمَا لَوْ حَلَفَتْ لَتَصُومَنَّ غَدًا فَحَاضَتْ وَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا فَأَعْسَرَ نَعَمْ إنْ تَضَمَّنَ حَلِفُهُ مَعْصِيَةً حَنِثَ وَيَقَعُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ لَيَعْصِيَنَّ اللَّهَ وَالْكَلَامُ فِي الْمُكْرَهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاخْتُلِفَ فِي تَصْوِيرِ الْمُكْرَهِ بِحَقٍّ، فَقِيلَ كَالْمَوْلَى وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُطَلِّقَ عَنْهُ وَقِيلَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَكَانَ قَدْ طَلَّقَ أُخْتَهَا وَلَهَا حَقُّ قَسَمٍ وَطَلَبَتْهُ. قَوْلُهُ: (إغْلَاقٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُكْرِهَ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابًا لَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا بِالطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (فَوَحَّدَ) أَوْ ثَنَّى وَإِنَّ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَ ذَلِكَ أَوْ زَادَ كَسَبْعِينَ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (عَلَى وَاحِدَةٍ) أَوْ عَلَى مُطْلَقِ الطَّلَاقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَتَقَيَّدُ فِي هَذِهِ بِصِيغَةِ مُعَيَّنَةٍ. قَوْلُهُ: (لَا يُعْمَلُ) وَفِي نُسْخَةٍ لَا يُفِيدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَغَلُّبٍ) كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَصَوْا سَطَوْا بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ بِغَيْرِهِمْ كَتَسْلِيطِ الْحُكَّامِ مِنْ شُيُوخِ الْبِلَادِ وَنَحْوِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَعَجَزَ إلَخْ) هَذَا فِي غَيْرِ إكْرَاهِ الْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا فَأَمْرُ الْحَاكِمِ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا عَلَى كَلَامِهِ إكْرَاهٌ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ بِقَدْرِ مَا أَمَرَهُ مِنْ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ دَائِمًا. قَوْلُهُ: (الْمُكْرَهُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ. قَوْلُهُ: (كَالِاسْتِغَاثَةِ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ أَوْ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ. قَوْلُهُ: (وَظَنَّهُ) فَلَوْ بَانَ خِلَافُ ظَنِّهِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْوُقُوعِ أَيْضًا، وَمِنْهُ تَخْوِيفُ أَخْرَقَ بِمَا يَحْسَبُهُ مُهْلِكًا وَالْأَخْرَقُ بِمُعْجَمَةٍ فَمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَقَافٍ مَنْ لَا يَعْرِفُ النَّافِعَ مِنْ الْمُضِرِّ فَيَحْسَبُهُ بِمَعْنًى يَظُنُّهُ. قَوْلُهُ: (بِتَخْوِيفٍ إلَخْ) الضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا يَسْهُلُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ ارْتِكَابُهُ دُونَ الطَّلَاقِ لَيْسَ إكْرَاهًا وَعَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (بِضَرْبٍ) وَهُوَ وَمَا بَعْدَهُ فِي حَقِّ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ بِخِلَافِ ضَرْبِ وَلَدِهِ أَوْ وَالِدِهِ أَوْ قَتْلِهِمَا فَلَيْسَ إكْرَاهًا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّ الْإِكْرَاهَ بِقَتْلِ بَعْضِهِ الْمَعْصُومِ وَإِنْ عَلَا أَوْ سَفَلَ إكْرَاهٌ هُوَ وَجِيهٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الضَّابِطِ السَّابِقِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ طَلِّقْهَا وَإِلَّا قَتَلْت نَفْسِي، فَهُوَ إكْرَاهٌ وَكَذَا عَكْسُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (إتْلَافِ مَالٍ) أَوْ نَفْسٍ بِالْأَوْلَى وَمِنْهُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي وَإِلَّا أَطْعَمْتُك سُمًّا مَثَلًا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الضَّرْبِ أَوْ غَيْرِهِ فَغَيْرُ الضَّرْبِ الشَّدِيدِ لِذَوِي   [حاشية عميرة] الْأَجْنَبِيَّةَ التَّدْيِينُ. قَوْلُهُ: (الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ) أَيْ وَغَيْرُ هَذِهِ مِثْلُهَا مِنْ بَابٍ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَفَظَ أَعْجَمِيٌّ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ) وَكَذَا عَكْسُهُ. [طَلَاقُ مُكْرَهٍ] قَوْلُهُ: (وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مُكْرَهًا) أَيْ وَلَوْ وَكِيلًا فِيهِ. قَوْلُهُ: (فِي إغْلَاقٍ) قَالَ الْبَغَوِيّ كَأَنَّهُ يُغْلِقُ عَلَيْهِ الْبَابَ وَيَحْبِسُهُ حَتَّى يُطَلِّقَ. قَوْلُهُ: (بِالْإِكْرَاهِ) أَيْ لَا بِالْغَصْبِ. قَوْلُهُ: (وَظَنَّهُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَدْ يُقَالُ الْأَوَّلُ يُغْنِي عَنْ هَذَا انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ خُوِّفَ أَخْرَقُ بِمَا يَحْسِبُهُ مُهْلِكًا فَلِلْإِمَامِ فِيهِ احْتِمَالَانِ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا رَأَوْا سَوَادًا ظَنُّوهُ عَدُوًّا، فَصَلَّوْا فَبَانَ خِلَافُهُ قَالَ فِي الْبَسِيطِ الْوَجْهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ، لِأَنَّهُ سَاقِطُ الِاخْتِيَارِ. قَوْلُهُ: (بِضَرْبٍ شَدِيدٍ) قَالَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّ الضَّرْبَ غَيْرَ الشَّدِيدِ إكْرَاهٌ فِي حَقِّ أَهْلِ الْمُرُوءَاتِ انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَشْمَلُهُ لِأَنَّهُ شَدِيدٌ بِالنَّظَرِ إلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ) فِي التَّخْوِيفِ بِقَتْلِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ أَوْ قَطْعِهِمَا وَجْهَانِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 بِغَيْرِ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِهِ إكْرَاهٌ، وَلَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ بِالْعُقُوبَةِ الْآجِلَةِ كَقَوْلِهِ لَأَضْرِبَنك غَدًا (وَلَا تُشْتَرَطُ) فِي عَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ (التَّوْرِيَةُ بِأَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهَا) ، أَيْ غَيْرَ زَوْجَتِهِ كَأَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ طَلَّقْت فَاطِمَةَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ. (وَقِيلَ إنْ تَرَكَهَا بِلَا عُذْرٍ) مِنْ جَهْلٍ بِهَا أَوْ دَهْشَةٍ أَصَابَتْهُ لِلْإِكْرَاهِ (وَقَعَ) طَلَاقُهُ لِإِشْعَارِ تَرْكِهَا بِالِاخْتِيَارِ وَرُدَّ بِالْمَنْعِ (وَمَنْ أَثِمَ بِمَزِيلِ عَقْلِهِ مِنْ شَرَابٍ، أَوْ دَوَاءٍ نَفَذَ طَلَاقُهُ، وَتَصَرُّفُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ قَوْلًا وَفِعْلًا) كَالنِّكَاحِ وَالْعِتْقِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِسْلَامِ، وَالرِّدَّةِ وَالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ، (عَلَى الْمَذْهَبِ وَفِي قَوْلٍ لَا) يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فَهْمٌ وَقَصْدٌ صَحِيحٌ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْفَهْمِ وَالْقَصْدِ، يَكْفِي فِي نُفُوذِ التَّصَرُّفِ، إذْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْغَزَالِيِّ (وَقِيلَ) يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ (عَلَيْهِ) كَالطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ وَالضَّمَانِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِيَنْزَجِرَ دُونَ تَصَرُّفٍ لَهُ كَالنِّكَاحِ لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَصْلُ الْخِلَافِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَصَّ عَلَى وُقُوعِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ وَنُقِلَ عَنْهُ فِي ظِهَارِهِ قَوْلَانِ عَنْ الْقَدِيمِ طَرْدًا فِي غَيْرِهِ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ، وَفِي تَصَرُّفَاتِ مَنْ شَرِبَ دَوَاءً مُجَنِّنًا لِغَيْرِ تَدَاوٍ وَنَفَى بَعْضُهُمْ قَوْلَ الْمَنْعِ، وَطَرَدَ الْآخَرَ فِي جِنْسِ الْمَنْصُوصِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي عَلَيْهِمَا الْمُصَنِّفُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَثِمَ عَمَّنْ لَمْ يَأْثَمْ بِمَا ذَكَرَ، كَمَنْ أَجَّرَ مُسْكِرًا أَوْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُسْكِرٌ أَوْ تَنَاوَلَ دَوَاءً مُجَنِّنًا بِقَصْدِ التَّدَاوِي، وَيُرْجَعُ فِي حَدِّ السَّكْرَانِ إلَى الْعُرْفِ، فَإِذَا انْتَهَى تَغَيَّرَ الشَّارِبُ إلَى حَالَةٍ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّكْرَانِ عُرْفًا، فَهُوَ مَحِلُّ الْكَلَامِ. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ الَّذِي اخْتَلَّ كَلَامُهُ الْمَنْظُومُ وَانْكَشَفَ سِرُّهُ الْمَكْتُومُ وَحَقَّقَ الْإِمَامُ، فَقَالَ شَارِبُ الْخَمْرِ تَعْتَرِيهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إحْدَاهَا هِزَّةٌ وَنَشَاطٌ إذَا دَبَّتْ الْخَمْرُ فِيهِ، وَلَمْ تَسْتَوْلِ عَلَيْهِ وَالثَّانِيَةُ نِهَايَةُ السُّكْرِ، وَهِيَ أَنْ يَصِيرَ طَافِحًا يَسْقُطُ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَكَادُ يَتَحَرَّكُ، وَالثَّالِثَةُ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَهُمَا وَهِيَ أَنْ تَخْتَلِطَ أَحْوَالُهُ فَلَا تَنْتَظِمُ أَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ وَيَبْقَى تَمْيِيزٌ وَكَلَامٌ وَفَهْمٌ فَهَذِهِ الثَّالِثَةُ مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي طَلَاقِ السَّكْرَانِ، وَأَمَّا الْأُولَى فَيَنْفُذُ الطَّلَاقُ فِيهَا قَطْعًا لِبَقَاءِ الْعَقْلِ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا يَنْفُذُ فِيهَا إذْ لَا قَصْدَ لَهُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ   [حاشية قليوبي] الْمُرُوءَةِ أَوْ بِحَضْرَةِ الْمَلَأِ إكْرَاهٌ وَالتَّخْوِيفُ بِالزِّنَا وَاللِّوَاطِ إكْرَاهٌ وَلَوْ لِذَوِي الْفُجُورِ نَحْوُ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ مِنْ غَنِيٍّ غَيْرُ إكْرَاهٍ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْصُلُ) هُوَ مُحْتَرَزٌ عَاجِلًا فِيمَا تَقَدَّمَ وَنَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَنْ تَحَقَّقَ مِنْهُ فِي الْغَدِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (التَّوْرِيَةُ) إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الصَّرِيحِ لِتَوَقُّفِ الْكِنَايَةِ عَلَى نِيَّةِ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (مِنْ شَرَابٍ أَوْ دَوَاءٍ) وَكَذَا غَيْرُهُمَا كَإِلْقَاءٍ مِنْ شَاهِقٍ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (طَلَاقُهُ) أَيْ بِالصَّرِيحِ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ نِيَّةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيُجَابُ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِلْجَوَابِ مَعَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ إذْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ. قَوْلُهُ: (مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ) الشَّامِلَةِ لَهُ وَعَلَيْهِ فَفِيهِ قِيَاسُ مَا لَهُ عَلَى مَا عَلَيْهِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ تَصَرُّفًا فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ أَحَدُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ الْحَاكِيَةِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ مِنْهَا هُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ، وَفِي قَوْلٍ لَا. قَوْلُهُ: (وَفِي تَصَرُّفَاتٍ) عَطْفٌ عَلَى غَيْرِهِ أَفَادَ بِهِ أَنَّ جَرَيَانَ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْأَصَالَةِ الَّتِي اقْتَضَاهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَنَفَى بَعْضُهُمْ قَوْلَ الْمَنْعِ) الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَفِي قَوْلٍ لَا كَمَا مَرَّ لِعَدَمِ وُجُودِهِ فِي الطَّلَاقِ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ، فَهُوَ قَاطِعٌ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَطَرَدَ الْآخَرُ) وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ عَلَيْهِ وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي حِكَايَتِهِ بِقِيلَ. قَوْلُهُ: (الْمَنْصُوصِ) الَّذِي هُوَ الطَّلَاقُ. قَوْلُهُ: (مِنْ التَّصَرُّفَاتِ) بَيَانٌ لِلْجِنْسِ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهِمَا) أَيْ السَّكْرَانِ وَمَنْ شَرِبَ دَوَاءً. قَوْلُهُ: (أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِهِ) وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَجِبُ اسْتِفْسَارُهُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ. قَوْله: (أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) وَيُصَدَّقُ كَذَلِكَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيَرْجِعُ إلَخْ) هَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمُتَعَدِّي وَيُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي غَيْرِهِ وَلَعَلَّ ذِكْرَهُ عَقِبَهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (السَّكْرَانِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِمَنْ شَرِبَ دَوَاءً.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (لَا يَحْصُلُ بِهِ إكْرَاهٌ) لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ وَرُبَّمَا يُجَامِعُهُ النَّظَرُ وَالِاخْتِيَارُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهَا) أَوْ يَنْوِيَ حِلَّ الْوَثَاقِ أَوْ يَقْصِدَ بِطُلِّقْتِ الْعَزْمَ عَلَى الطَّلَاقِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ الْإِخْبَارَ كَاذِبًا، فَلَوْ عَبَّرَ بِالْكَافِ كَانَ أَوْلَى وَمِثْلُ ذَلِكَ أَنْ يَنْوِيَ بِقَبْلِهِ التَّعْلِيقَ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، بِأَنَّ النَّاوِيَ لِذَلِكَ فِي الِاخْتِيَارِ لَا يُدَيَّنُ إلَّا إنْ تَلَفَّظَ سِرًّا. وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْمُكْرَهَ يَكْفِي فِيهِ الْقَصْدُ الْقَلْبِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ الْأَصْحَابِ انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ التَّوَقُّفَ عَلَى مَشِيئَةِ زَيْدٍ نَفَعَهُ بِلَا إشْكَالٍ لِأَنَّ مَنْ قَصَدَ ذَلِكَ اخْتِيَارًا يُدَيَّنُ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ فَصْلِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ. قَوْلُهُ: (مِنْ شَرَابٍ أَوْ دَوَاءٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ شَاهِقٍ فَزَالَ عَقْلُهُ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (نَفَذَ طَلَاقُهُ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِسُكْرِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُؤَاخَذَ بِمَا يَحْدُثُ مِنْهُ كَالسِّرَايَةِ فِي الْجِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (إذْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ إلَخْ) قُلْت فَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ فَهْمٌ وَقَصْدٌ، إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مِنْ الشَّارِحِ مَيْلٌ إلَى عَدَمِ تَكْلِيفِ الطَّافِحِ الَّذِي لَا فَهْمَ لَهُ وَلَا قَصْدَ أَصْلًا، كَمَا سَيَأْتِي عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فِي هَذَا وَفَرَّقَ فَارِقُونَ بَيْنَ مَالِهِ فَجَعَلُوهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، فَقَطَعُوا بِنُفُوذِهَا عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ صَنِيعِ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) لَوْ كَانَ التَّصَرُّفُ لَهُ وَعَلَيْهِ كَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ قَالَ الرَّافِعِيُّ يَنْفُذُ عَلَى هَذَا تَغْلِيبًا لِلَّذِي عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَيَرْجِعُ فِي حَدِّ السَّكْرَانِ إلَخْ) قَالَ الْغَزَالِيُّ السُّكْرُ عِبَارَةٌ عَنْ حَالَةٍ تَحْصُلُ مِنْ اسْتِيلَاءِ أَبْخِرَةٍ مُتَصَاعِدَةٍ مِنْ الْمَعِدَةِ عَلَى مَعَادِنِ الْفِكْرِ. فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ السَّكْرَانُ بَعْدَمَا طَلَّقَ شَرِبْت الْخَمْرَ مُكْرَهًا أَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ مُسْكِرٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 جَعَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ لِتَعَدِّيهِ بِالتَّسَبُّبِ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَهَذَا أَوْفَقُ لَا طَلَاقُ الْأَكْثَرِينَ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ. (وَلَوْ قَالَ رُبُعُك أَوْ بَعْضُك أَوْ جُزْؤُك أَوْ كَبِدُك أَوْ شَعْرُك أَوْ ظُفُرُك) أَوْ سِنُّك أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك (طَالِقٌ وَقَعَ) الطَّلَاقُ قَطْعًا بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ إلَى الْبَاقِي كَمَا يَسْرِي فِي الْعِتْقِ وَقِيلَ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الطَّلَاقُ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا، فِيمَا إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَيَمِينُك طَالِقٌ، فَقُطِعَتْ يَمِينُهَا ثُمَّ دَخَلَتْ إنْ قُلْنَا بِالثَّانِي طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا، (وَكَذَا دَمُك) طَالِقٌ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ بِهِ قِوَامَ الْبَدَنِ وَفِي وَجْهٍ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ كَفَضْلَةِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ (لَا فَضْلَةَ كَرِيقٍ وَعَرَقٍ) كَأَنْ قَالَ رِيقُك أَوْ عَرَقُك طَالِقٌ فَإِنَّهَا لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ، (وَكَذَا مَنِيٌّ وَلَبَنٌ) كَأَنْ قَالَ مَنِيُّك أَوْ لَبَنُك طَالِقٌ، فَإِنَّهُمَا لَا يَقَعُ بِهِمَا الطَّلَاقُ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَقَعُ بِهِمَا لِأَنَّ أَصْلَ كُلٍّ مِنْهُمَا الدَّمُ وَدُفِعَ بِأَنَّهُمَا تَهَيَّآ لِلْخُرُوجِ بِالِاسْتِحَالَةِ فَأَشْبَهَا الْفَضْلَةَ، (وَلَوْ قَالَ لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ يَمِينُك طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَالثَّانِي فِي وُقُوعِهِ وَجْهَانِ تَخْرِيجًا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ الْوُقُوعَ عِنْدَ وُجُودِ الْمُضَافِ إلَيْهِ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ، أَوْ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ عَنْ الْكُلِّ بِالْجُزْءِ إنْ قُلْنَا بِالثَّانِي وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَدُفِعَ التَّخْرِيجُ بِأَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمُضَافِ إلَيْهِ لِتَنْتَظِمَ الْإِضَافَةُ (وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ وَنَوَى تَطْلِيقهَا طَلُقَتْ) لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا حَيْثُ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا وَيَلْزَمُهُ صَوْنُهَا فَصَحَّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ لِحِلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا أَوْفَقُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَتَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ كَبِدُكِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَعْضَاءَ الْبَاطِنَةَ، كَالظَّاهِرَةِ فَيَقَعُ بِهَا وَمِنْهَا الْخُصْيَةُ. قَوْلُهُ: (شَعْرُك) أَوْ بَعْضُهُ وَلَوْ شَعْرَةً وَاحِدَةً، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ حَاجِبٍ فَيَقَعُ بِهَا. قَوْلُهُ: (يَدُكِ إلَخْ) أَيْ الْمُتَّصِلَةَ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) مُسْتَدْرِكٌ إذْ الْأَصْلُ مِنْ الْمُضَافِ الَّذِي هُوَ الْجُزْءُ الْبَاقِي أَوْ مُؤَوَّلٌ بِأَنْ يُقَالَ مِنْ الْجُزْءِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الطَّلَاقُ وَإِلَى جُمْلَةِ الْبَاقِي فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَخْ) هَذَا مَنْعٌ لِلْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (دَمُكِ) أَوْ بَعْضُ دَمِك وَكَالدَّمِ الرُّوحُ إنْ أَرَادَ بِهَا الدَّمَ، وَالنَّفْسُ بِسُكُونِ الْفَاءِ كَالرُّوحِ وَكَالدَّمِ السَّمْنُ وَرُطُوبَةُ الْبَدَنِ، وَالشَّحْمُ وَالْبَيْضُ الَّذِي لَهَا وَهُوَ الْخُصْيَةُ كَمَا مَرَّ، وَالْحَيَاةُ إنْ أَرَادَ بِهَا الدَّمَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (كَرِيقٍ وَعَرَقٍ) وَمِثْلُهُمَا السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْكَلَامُ وَالْحَرَكَةُ وَالسُّكُونُ وَالْحُسْنُ وَالْقُبْحُ وَالْعَقْلُ وَالذَّكَرُ وَالظِّلُّ وَالصُّحْبَةُ وَالصِّحَّةُ وَالْمَرَضُ وَالطَّرِيقُ وَالْمَلَّاحَةُ وَالدَّمْعُ وَالنَّفَسُ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَالِاسْمُ إنْ لَمْ يُرَدْ الْمُسَمَّى، وَالرُّوحُ وَالْحَيَاةُ إنْ لَمْ يُرَدْ الدَّمُ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ. وَاللِّحْيَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَعْرٌ فَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَقَعُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مَنِيٌّ) وَمِثْلُهُ الْجَنِينُ وَالْحَمْلُ. قَوْلُهُ: (وَلَبَنٌ) قَالَ شَيْخُنَا وَيَلْحَقُ بِهِ الْأَخْلَاطُ كَالْبَلْغَمِ وَمَحِلُّهُ إنْ أَرَادَ بِهَا مَا يَنْفَصِلُ مِنْ الْغِذَاءِ فِي الْمَعِدَةِ قَبْلَ سَرَيَانِهِ فِي الْبَدَنِ وَإِلَّا فَهِيَ أَجْزَاءٌ مِنْ الْبَدَنِ لِتَرَكُّبِهِ مِنْهَا كَالدَّمِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ بِالدَّمِ الْمُنْفَصِلَ عَنْ الْغِذَاءِ أَيْضًا لَمْ يَقَعْ بِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ) بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ وَهِيَ مِنْ الْكَتِفِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقَعْ) أَيْ وَإِنْ أَعَادَتْهَا وَالْتَصَقَتْ وَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ لِأَنَّهَا حَالَةَ الْحَلِفِ مَعْدُومَةٌ فَإِنْ كَانَتْ مُلْتَصِقَةً حَالَةَ الْخِلْفِ فَإِنْ خِيفَ مِنْ إزَالَتِهَا مَحْذُورٌ تَيَمَّمَ وَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَالْأُذُنُ وَالشَّعْرُ كَالْيَدِ كَمَا شَرَحَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ تَعْلِيلَ شَيْخِنَا م ر فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الزَّائِلَ الْعَائِدَ كَاَلَّذِي لَا يُعَدُّ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ لَا مَوْقِعَ لَهُ هُنَا رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) هَذَا مَحِلُّهُ الصِّيغَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَلَوْ قَدَّمَهَا كَانَ أَنْسَبَ وَذَكَرَهُ هُنَا لِمُنَاسَبَةِ الْإِضَافَةِ لِمَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (أَنَا مِنْك) بِلَفْظِهِ أَوْ نِيَّتِهِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ إلَى الْبَاقِي) قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ هَذَا غَلَطٌ، وَإِنَّمَا الْبَعْضُ كَالْكُلِّ فِي مَحِلِّ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (كَمَا يَسْرِي فِي الْعِتْقِ) بِجَامِعٍ أَنَّ كُلَّ إزَالَةِ مِلْكٍ تَحْصُلُ بِالتَّصْرِيحِ وَالْكِنَايَةِ لَكِنْ نَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي الْقِيَاسِ بِأَنَّ الْجُزْءَ يَصِحُّ عِتْقُهُ، وَلَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ نَعَمْ احْتَجُّوا بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ يُشْتَرَطُ فِي الْجُزْءِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا اتِّصَالًا أَوَّلِيًّا، وَعَلَّلَ الرَّافِعِيُّ الْوُقُوعَ بِأَنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الطَّلَاقِ، فَلَا يُمْكِنُ إلْغَاءُ قَوْلِهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي حُكْمِ النِّكَاحِ. فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَعُمَّ حُكْمُهُ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ بِهِ إلَخْ) قِيلَ قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ لِبَعْضِ الدَّمِ لَا تَطْلُقُ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (لَا فَضْلَةَ) مِثْلُهَا الْأَخْلَاطُ بِلَا عَدَمِ صِدْقِ الْمَعْطُوفِ عَلَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (يَمِينٌ) قِيلَ الصَّوَابُ يُمْنَى لِأَنَّ الْيَدَ مُؤَنَّثَةٌ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ قَالَ لِحْيَتُك طَالِقٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْ امْرَأَتِي فَقَالَ لَهُ طَلَّقْتُك وَنَوَى وُقُوعَهُ عَلَيْهَا لَمْ تَطْلُقْ، لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ مَعَ الزَّوْجِ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ عَلَيْهِ إلَخْ) وَقِيلَ لِأَنَّ الزَّوْجَ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ كَالْمَرْأَةِ وَضُعِّفَ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا مَنَافِعَهُ، وَقِيلَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مُقَيَّدَةٌ وَالزَّوْجُ كَالْقَيْدِ قَالَ الْقَاضِي، وَسَوَاءٌ جُعِلَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ أَمْ لَا يَصِحُّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ لَفْظًا، وَإِنْ كَانَتْ مُرَادَةً لِلْعَلَاقَةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 335 لِهَذَا الْحَجْرِ مَعَ النِّيَّةِ، (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَلَا) تَطْلُقُ لِأَنَّ اللَّفْظَ كِنَايَةٌ مِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ إلَى غَيْرِ مَحِلِّهِ، (وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ) مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ (إضَافَتَهُ إلَيْهَا) لَا تَطْلُقُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا مَحِلُّ الطَّلَاقِ وَقَدْ أُضِيفَ إلَى غَيْرِ مَحِلِّهِ، فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ مِنْ صَرْفِهِ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحِلِّهِ، وَالثَّانِي تَطْلُقُ لِوُجُودِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّعَرُّضِ لِلْمَحَلِّ (وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك بَائِنٌ اُشْتُرِطَ نِيَّةُ الطَّلَاقِ وَفِي الْإِضَافَةِ) إلَيْهَا (الْوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا الِاشْتِرَاطُ فَإِذَا نَوَى الطَّلَاقَ مُضَافًا إلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا لِمَا تَقَدَّمَ، (وَلَوْ قَالَ أَسْتَبْرِئُ رَحِمِي مِنْك فَلَغْوٌ) وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لِأَنَّ اللَّفْظَ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ فِي نَفْسِهِ وَالْكِنَايَةُ شَرْطُهَا احْتِمَالُ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى الْمُرَادِ، (وَقِيلَ إنْ نَوَى طَلَاقَهَا وَقَعَ) وَالْمَعْنَى أَسْتَبْرِئ الرَّحِمَ الَّتِي كَانَتْ لِي. فَصْلٌ : خِطَابُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِطَلَاقٍ كَقَوْلِهِ لَهَا أَنْت طَالِقٌ، (وَتَعْلِيقُهُ بِنِكَاحٍ وَغَيْرِهِ) كَقَوْلِهِ إنْ نَكَحْتُك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (لَغْوٌ) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ عَلَى زَوْجِهَا، وَلَا بِنِكَاحِهَا وَلَا بِدُخُولِهَا الدَّارَ بَعْدَ نِكَاحِهَا لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ مِنْ الْقَاتِلِ عَلَى الْمَحِلِّ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ " (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَعْلِيقِ الْعَبْدِ ثَالِثَةً كَقَوْلِهِ إنْ عَتَقْت أَوْ إنْ دَخَلْت) الدَّارَ، (فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَيَقَعْنَ إذَا عَتَقَتْ أَوْ دَخَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَصْلَ النِّكَاحِ وَهُوَ يُفِيدُ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ وَقَدْ وُجِدَ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَنْجِيزَهَا، فَلَا يَمْلِكُ تَعْلِيقَهَا فَيَقَعُ فِيمَا ذَكَرَ طَلْقَتَانِ (وَيَلْحَقُ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيَّةً) لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمُلْكِ الرَّجْعَةِ (لَا مُخْتَلِعَةً) لِانْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا، (وَلَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولٍ) مَثَلًا (فَبَانَتْ) بِطَلَاقٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ (ثُمَّ نَكَحَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ يَقَعْ إنْ) كَانَتْ (دَخَلَتْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ) قَيَّدَ لِجَعْلِهِ كِنَايَةً. قَوْلُهُ: (لَا تَطْلُقُ) وَإِنْ نَوَى طَلَاقَ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ (مَنْ صُرِفَ بِالنِّيَّةِ إلَى مَحِلِّهِ) فَهُمَا نِيَّتَانِ نِيَّةُ الطَّلَاقِ وَنِيَّةُ الْإِضَافَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ أُخْرَى، وَهِيَ كَوْنُ الْإِضَافَةِ إلَيْهَا. قَوْلُهُ: (أَسْتَبْرِئُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هُوَ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ فَانْظُرْهُ مَعَ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ عَلَى هَذَا إلَى نِيَّةِ الْإِضَافَةِ فَرَاجِعْهُ. فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ، وَهِيَ الْوَلَايَةُ عَلَى الْمَحِلِّ قَوْلُهُ: (أَنْتِ طَالِقٌ) أَوْ فُلَانَةُ طَالِقٌ وَالْخِطَابُ لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (وَتَعْلِيقِهِ) عَطْفٌ عَلَى طَلَاقٍ فَهُوَ مَجْرُورٌ. قَوْلُهُ: (إنْ نَكَحْتُك) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) عَطْفٌ عَلَى نِكَاحٍ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَنْكِحُهَا إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِإِمْكَانِ وُقُوعِ طَلَاقٍ. قَوْلُهُ: (لَغْوٌ) فَلَا تَطْلُقُ عَلَى زَوْجِهَا، وَلَا بِنِكَاحِهَا وَلَا بِدُخُولِهَا الدَّارَ بَعْدَ نِكَاحِهَا، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ تَبَعًا لِلْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ وَلِلْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ نَقَصَ حُكْمُ غَيْرِهِ، بِصِحَّتِهِ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ سَوَاءٌ قَبْلَ النِّكَاحِ، وَبَعْدَهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا قَالَ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ لَا حُكْمَ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَرَاجَعَهُ ابْنُ قَاسِمٍ، النِّكَاحُ، لَمْ يَصِحَّ النَّقْضُ أَوْ بَعْدَهُ صَحَّ لِأَنَّهُ مَحِلُّ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ، وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ عِتْقِهِ) أَيْ مَعَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِمِلْكِ الرَّجْعَةِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا تُرَدُّ الْمُعَاشَرَةُ. قَوْلُهُ: (لَا مُخْتَلِعَةٌ) وَلَا بَائِنٌ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إلَّا الْمُعَاشَرَةَ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ بَعْدَهَا وَلَا يَصِحُّ خَلْعُهَا كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (مَثَلًا) فَالْمُرَادُ بِالدُّخُولِ مَا يَعُمُّهُ وَغَيْرُهُ، وَمَا يَعُمُّ فِعْلُهُ أَوْ فِعْلُهَا غَيْرَهُمَا إثْبَاتًا كَانَ أَوْ نَفْيًا مُقَيَّدًا كَانَ أَوْ مُطْلَقًا وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِطَلَاقٍ) أَوْ فَسْخٍ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ إلَخْ) فَدُخُولُهَا بَعْدَ النِّكَاحِ تَكْرَارٌ لِمَا وَقَعَ مِنْهَا قَبْلَهُ، وَهُوَ قَيْدٌ لِمَحِلِّ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (لِحِلِّ السَّبَبِ) وَهُوَ الْعِصْمَةُ الَّتِي يَمْلِكُهَا مِنْهَا. قَوْلُهُ: (مَعَ النِّيَّةِ) أَيْ نِيَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ الْإِضَافَةِ إلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ) أَيْ سَوَاءٌ اقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ نَوَى تَطْلِيقَ نَفْسِهِ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ اسْتَبْرِئِي) اخْتَارَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ فِعْلٌ مُضَارِعٌ لَا أَمْرٌ. [فَصْلٌ خِطَابُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِطَلَاقٍ كَقَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ] فَصْلٌ: خِطَابُ الْأَجْنَبِيَّةِ إلَخْ قَوْلُهُ: (لَغْوٌ) أَيْ بِاتِّفَاقٍ فِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ وَخِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ فِي الثَّانِيَةِ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِي الثَّالِثَةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَدِيثِ «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى وَقْعِ الطَّلَاقِ دُونَ عَقْدِهِ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَعْلُومٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى الْبَيَانِ بَلْ هُوَ عَامٌّ لِلْأَمْرَيْنِ أَيْ لَا طَلَاقَ وَاقِعَ وَلَا مَعْقُودَ، وَنَاظَرَ الْكِسَائِيُّ أَبَا يُوسُفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِمْ السَّيْلُ لَا يَسْبِقُ الْمَطَرَ انْتَهَى وَقَالَ الرَّافِعِيُّ احْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِمَا رُوِيَ عَنْ «عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ دَعَتْنِي أُمِّي إلَى قَرَابَةٍ لَهَا، فَزَوَّدُونِي فِي الْمَهْرِ فَقُلْت إنْ نَكَحْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَسَأَلْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَنْكِحْهَا فَإِنَّهُ لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ» . وَبِأَنَّهُ يَمِينٌ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ، فَيَلْغُو كَالتَّعْلِيقِ الْمُطْلَقِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ يَنْكِحُهَا ثُمَّ تَدْخُلُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ اتِّفَاقًا انْتَهَى. قَوْلُهُ: (رَجْعِيَّةٌ) لَوْ قَالَ زَوْجَاتِي طَوَالِقُ دَخَلَتْ الرَّجْعِيَّةُ فِيهِنَّ. قَوْلُهُ: (لَا مُخْتَلِعَةً) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَالَ يَلْحَقُهَا صَرِيحُ الطَّلَاقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. قَوْلُهُ: (إنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 فِي الْبَيْنُونَةِ) لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالدُّخُولِ فِيهَا (وَكَذَا) لَا يَقَعُ (إنْ لَمْ تَدْخُلْ) فِي الْبَيْنُونَةِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ الَّذِي عَلَّقَ فِيهِ، وَالثَّانِي يَقَعُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُوجَدَ قَبْلَهُ (وَفِي ثَالِثٍ يَقَعُ إنْ بَانَتْ بِدُونِ ثَلَاثٍ) لِأَنَّهَا لِعَوْدِهَا بِبَاقِي الثَّلَاثِ تَعُودُ بِصِفَتِهِ مِنْ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَانَتْ بِثَلَاثٍ فَلَا يَقَعُ لِاسْتِيفَائِهِ بِالثَّلَاثِ مَا عَلَّقَ، (وَلَوْ طَلَّقَ دُونَ ثَلَاثٍ وَرَاجَعَ أَوْ جَدَّدَ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ عَادَتْ بِبَقِيَّةِ الثَّلَاثِ) دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَمْ يَدْخُلْ (وَإِنْ ثَلَّثَ) أَيْ طَلَّقَ ثَلَاثًا وَجَدَّدَ بَعْدَ زَوْجٍ دَخَلَ بِهَا وَفَارَقَهَا، (عَادَتْ بِثَلَاثٍ) كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ نِكَاحَهَا (وَلِلْعَبْدِ طَلْقَتَانِ فَقَطْ وَلِلْحُرِّ ثَلَاثٌ) سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حُرَّةً أَمْ أَمَةً وَالْمُبَعَّضُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ كَالْقِنِّ (وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ، (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) كَمَا يَقَع فِي صِحَّتِهِ (وَيَتَوَارَثَانِ) أَيْ الزَّوْجُ الْمَرِيضُ وَالزَّوْجَةُ (فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ) لِبَقَاءِ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ فِي الرَّجْعِيَّةِ بِلُحُوقِ الطَّلَاقِ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَصِحَّةِ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ مِنْهَا، كَمَا سَيَأْتِي فِي الرَّجْعَةِ وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ (لَا بَائِنٌ) لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ (وَفِي الْقَدِيمِ تَرِثُهُ) لِأَنَّ تَطْلِيقَهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا يَدُلُّ عَلَى قَصْدِهِ حِرْمَانَهَا مِنْ الْإِرْثِ فَيُعَاقَبُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الطَّلَاقَ بِأَنْ سَأَلَتْهُ أَوْ اخْتَلَعَتْ أَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مَشِيئَتِهَا فَشَاءَتْهُ لَمْ تَرِثْ جَزْمًا.   [حاشية قليوبي] الْخِلَافِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْعَطْفَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ دَخَلَتْ عَلَى بَانَتْ وَأَنَّ مَا بَعْدَهُ تَفْصِيلٌ لَهُ فَلَا تَكْرَارَ. تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ مَا ذَكَرَ فِيمَا إذَا أَمْكَنَ التَّخْلِيصُ بِالْخُلْعِ، وَإِلَّا نَحْوُ مَتَى لَمْ تَدْخُلِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ حَالًا فَلَا مَعْنَى لِلْخَلْعِ بَعْدَهُ. فَرْعٌ: حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُخَالِعُ وَلَا يُوَكِّلُ فِيهِ، فَخَالَعَ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ بِهِ، لِأَنَّهَا تَبِينُ بِهِ. قَوْلُهُ: (دُونَ ثَلَاثٍ) أَيْ فِي الْحُرِّ وَدُونَ اثْنَتَيْنِ فِي الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ) الثَّانِي خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا دَخَلَ بِهَا زَوْجٌ آخَرُ عَادَتْ بِالثَّلَاثِ، وَيَهْدِمُ الزَّوْجُ مَا بَقِيَ مِنْ طَلْقَاتِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ اهـ. فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْمَنْهَجِ عَلَى هَذَا. قَوْلُهُ: (عَادَتْ بِثَلَاثٍ) لِأَنَّ دُخُولَهُ الثَّانِيَ بِهَا أَفَادَ حِلَّهَا لِلْأَوَّلِ، وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ الْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْعَبْدِ) أَيْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ حَالَةَ الطَّلَاقِ، وَإِنْ طَرَأَ عِتْقُهُ بَعْدَهُمَا فَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ وَاحِدَةٍ عَادَتْ لَهُ بِبَقِيَّةِ الثَّلَاثِ، لِأَنَّهُ صَارَ حُرًّا قَبْلَ اسْتِيفَائِهِمَا، وَلَوْ تَقَارَنَا كَأَنْ عَلَّقَ سَيِّدٌ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ، وَعَلَّقَ الْعَبْدُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِهَا، فَوَجَدَتْ مِلْكَ الثَّلَاثِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَلَوْ شَكَّ فِي سَبْقِ الْعِتْقِ حَرُمَتْ احْتِيَاطًا، فَإِنْ اخْتَلَفَا فَكَالرَّجْعَةِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْحُرِّ) أَيْ حَالَةَ الطَّلَاقِ وَإِنْ طَرَأَ رِقُّهُ فَلَوْ طَلَّقَ ذِمِّيٌّ حُرٌّ طَلْقَتَيْنِ، ثُمَّ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَسُبِيَ وَاسْتُرِقَّ فَلَهُ نِكَاحُهَا بِلَا مُحَلِّلٍ، لِأَنَّ الرِّقَّ الطَّارِئَ لَا يَهْدِمُ حَلَالًا كَانَ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (حُرَّةً أَمْ أَمَةً) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي اعْتِبَارِهِ الزَّوْجَةَ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا. قَوْلُهُ: (مَرَضَ مَوْتِهِ) وَكَذَا كُلُّ حَالَةٍ يُعْتَبَرُ فِيهَا تَبَرُّعُهُ مِنْ الثُّلُثِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ تَرِثُهُ) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، وَمَحِلُّهُ إنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ بِهِ.   [حاشية عميرة] كَانَتْ دَخَلَتْ) هَذَا الدُّخُولُ غَيْرُ الدُّخُولِ الْمُرَادِ مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ دَخَلَتْ فَلَا تَدَافُعَ فِي كَلَامِهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ. قَوْلُهُ: (لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا النِّكَاحُ الثَّانِي فَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى قِيَامِ النِّكَاحِ فِي حَالَتَيْ التَّعْلِيقِ وَالصِّفَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ) أَيْ وَإِصَابَتُهُ فَإِنَّهُ مَوْضِعُ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَمْ لَا) خَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي حَالَةِ الدُّخُولِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ ذَلِكَ يَهْدِمُ الثَّلَاثَ، فَيَهْدِمُ مَا دُونَهَا بِالْأَوْلَى. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يَهْدِمُ بَلْ يَرْفَعُ التَّحْرِيمَ وَالدَّفْعُ غَيْرُ هَادِمٍ لِأَمْرَيْنِ كَوْنُ الْوَاقِعِ لَا يَرْتَفِعُ. وَلَوْ ارْتَفَعَ لَحَلَّتْ بِغَيْرِ عَقْدٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمَّا كَانَتْ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ تُوجِبُ التَّحْرِيمَ كَانَتْ إصَابَةُ زَوْجٍ غَيْرِهِ تُوجِبُ التَّحْلِيلَ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الطَّلْقَةِ وَالطَّلْقَتَيْنِ مَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ، لَمْ يَكُنْ لِإِصَابَةِ زَوْجٍ غَيْرِهِ مَعْنًى يُوجِبُ التَّحْلِيلَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ ثَلَاثٍ فِي مَجْمُوعِ النِّكَاحَيْنِ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (وَلِلْعَبْدِ طَلْقَتَانِ) قَدْ يُتَصَوَّرُ مِلْكُهُ لِثَالِثَةٍ فِي حَالِ رِقِّهِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ الذِّمِّيُّ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ وَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَاسْتُرِقَّ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ يَمْلِكُ عَلَيْهِ الثَّالِثَةَ لِأَنَّ طَرَيَان الرِّقِّ لَا يَمْنَعُ الْحِلَّ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا وَقِيلَ لَا يَمْلِكُ الثَّالِثَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُمْلَكُ فَاعْتُبِرَ بِمَالِكِهِ، وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَجَعَلَ الِاعْتِبَارَ فِيهِ بِحَالِ النِّسَاءِ كَالْعِدَّةِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ الزَّوْجُ الْمَرِيضُ) إنَّمَا خُصَّ الْأَمْرُ بِهِ لِمَكَانِ السِّيَاقِ، وَلِقَوْلِهِ بَعْدُ وَفِي الْقَدِيمِ تَرِثُهُ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِ الْمَرِيضِ. قَوْلُهُ: (فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ) أَيْ إجْمَاعًا. قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ تَرِثُهُ) بِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ قِيلَ وَيَرُدُّهُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ أَسْبَابَ الْإِرْثِ الْقَرَابَةُ وَالنِّكَاحُ وَالْوَلَاءُ وَالْإِسْلَامُ، ثُمَّ هَلْ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِانْقِضَاءٍ الْعِدَّةِ أَوْ أَبَدًا أَوْ إلَى أَنْ تَنْكِحَ أَقْوَالٌ، وَلَوْ صَحَّ مِنْ الْمَرَضِ ثُمَّ مَاتَ أَوْ مَاتَ فِيهِ، بِعَارِضٍ كَقَتْلٍ وَنَحْوِهِ لَمْ تَرِثْهُ فِي الْقَدِيمِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِعِتْقِهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 فَصْلٌ: قَالَ طَلَّقْتُك أَوْ أَنْت طَالِقٌ وَنَوَى عَدَدًا مِنْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ (وَقَعَ) مَا نَوَاهُ، (وَكَذَا الْكِنَايَةُ) إذَا نَوَى فِيهَا عَدَدًا وَقَعَ مَا نَوَاهُ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا كَمَا زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً) بِالنَّصْبِ، (وَنَوَى عَدَدًا فَوَاحِدَةٌ) عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ (وَقِيلَ الْمَنْوِيُّ) عَمَلًا بِالنِّيَّةِ وَصَحَّحَ الثَّانِي فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَعِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ فِيهِ رَجَّحَ، (قُلْت وَلَوْ قَالَ أَنْتِ وَاحِدَةٌ) بِالرَّفْعِ (وَنَوَى عَدَدًا فَالْمَنْوِيُّ) حَمْلًا لِلتَّوَحُّدِ عَلَى التَّفَرُّدِ عَنْ الزَّوْجِ بِالْعَدَدِ الْمَنْوِيِّ لِقُرْبِهِ مِنْ اللَّفْظِ، (وَقِيلَ وَاحِدَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ السَّابِقَ إلَى الْفَهْمِ مِنْ ذَلِكَ التَّطْلِيقُ بِوَاحِدَةٍ، وَلَوْ ذَكَرَ قَبْلَ وَاحِدَةٍ طَالِقٌ فَفِيهِ الْخِلَافُ، (وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَمَاتَتْ قَبْلَ تَمَامِ طَالِقٍ لَمْ يَقَعْ) لِخُرُوجِهَا عَنْ مَحِلِّ الطَّلَاقِ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِهِ (أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ) لِتَضَمُّنِ إرَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ لِقَصْدِ الثَّلَاثِ وَقَدْ تَمَّ مَعَهُ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي حَيَاتِهَا (وَقِيلَ وَاحِدَةٌ) ، كَمَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّهُ الَّذِي صَادَفَ الْحَيَاةَ (وَقِيلَ لَا شَيْءَ) لِأَنَّ الْكَلَامَ الْوَاحِدَ لَا يُفْصَلُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ فِي الْحُكْمِ وَلَا يُعْطَى بَعْضُهُ حُكْمَ كُلِّهِ وَحَقَّقَ إسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ فَقَالَ إنْ نَوَى الثَّلَاثَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَصَدَ أَنْ يُحَقِّقَهُ بِاللَّفْظِ فَثَلَاثٌ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ وَتَخَلَّلَ فَصْلٌ) ، بَيْنَ هَذِهِ الصِّيَغِ كَأَنْ سَكَتَ بَيْنَهَا فَوْقَ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَنَحْوِهَا   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ وَمَا مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَنَوَى) أَيْ فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّفْظِ. قَوْلُهُ: (وَقَعَ مَا نَوَاهُ) لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ فَمَتَى اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَالنِّيَّةُ عُمِلَ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُمَا فِي الصَّرِيحِ، وَبِالنِّيَّةِ مُطْلَقًا فِي الْكِتَابَةِ. قَوْلُهُ: (بِالنَّصْبِ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الرَّفْعُ وَالْجَرُّ وَالسُّكُونُ كَذَلِكَ فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالنَّصْبِ لِكَوْنِهِ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ الْمَنْوِيُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ فِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَمَاتَتْ) أَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ أَسْلَمَتْ كَذَلِكَ أَوْ أَمْسَكَ عَلَى فِيهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ تَمَامِ طَالِقٌ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ الْقَافِ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الْمَعِيَّةَ، قَالَ شَيْخُنَا وَفِيهِ بَحْثٌ دَقِيقٌ يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ الْحَقِيقِيِّ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ ثَلَاثًا) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ فَيَشْمَلُ الْمَعِيَّةَ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَحُقِّقَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ لَفْظِ أَنْتِ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ وَلَا كَوْنُ أَلْفَاظِهِ كَالصَّرِيحِ وَلَا اتِّحَادُ لَفْظِهِ وَالْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، إلَّا فِي الْإِطْلَاقِ فَيَقَعُ فِي الْمُعَلَّقِ فِيهِ وَاحِدَةً، وَيَقَعُ الثَّلَاثُ فِي غَيْرِهِ بِدُخُولٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ التَّكْرَارَ فِي الْأَيْمَانِ لَا فِي الدُّخُولِ. قَوْلُهُ: (وَتَخَلَّلَ فَصْلٌ) فِيهِ نَظَرٌ إذَا لَمْ يُعِدْ لَفْظَ طَالِقٍ وَحْدَهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ، وَطُولُ الْفَصْلِ يَقْطَعُهُ عَمَّا قَبْلَهُ فَلَعَلَّ التَّعْمِيمَ فِي كَلَامِهِمْ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ، لَا يُقَالُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا قَصَرَ الزَّمَانُ عُرْفًا لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَصِحُّ التَّأْكِيدُ، وَالْفَرْضُ عَدَمُ صِحَّتِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهَا) كَالْعِيِّ.   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ قَالَ طَلَّقْتُك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى عَدَدًا مِنْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ] فَصْلٌ: قَالَ طَلَّقْتُك إلَخْ قَوْلُهُ: (وَقَعَ مَا نَوَاهُ) قَدْ جَزَمُوا بِذَلِكَ هُنَا، وَأَجْرَوْا وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ وَنَوَى أَيَّامًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَانَ الْفَارِقُ دُخُولَ الْغَايَةِ فِي الطَّلَاقِ دُونَ الِاعْتِكَافِ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ) . عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْفِعْلَ وَالِاسْمَ الْمُشْتَقَّيْنِ مِنْ الْمَصْدَرِ يُشْعِرَانِ بِهِ وَيَدُلَّانِ عَلَيْهِ وَهُوَ يَصْلُحُ لِلْوَاحِدَةِ وَلِلْجِنْسِ فَكَانَا مُحْتَمَلَيْنِ لِلْعَدَدِ، وَإِذَا جَازَ الِاحْتِمَالُ وَانْضَمَّتْ النِّيَّةُ وَجَبَ أَنْ يَقَعَ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (بِالنَّصْبِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ هُنَا بِالرَّفْعِ لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَهُمَا إذْ ذَاكَ وُقُوعُ الْمَنْوِيِّ. قَوْلُهُ: (بِظَاهِرِ اللَّفْظِ) أَيْ مِنْ وَاحِدَةٍ صِفَةٌ لِلطَّلْقَةِ الْمُقَدَّرَةِ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ يُنَاقِضُ الْمَنْوِيَّ وَالنِّيَّةَ مَعَ اللَّفْظِ الَّذِي يُحْتَمَلُ لَا تُعْمَلُ. قَوْلُهُ: (عَمَلًا بِالنِّيَّةِ) أَيْ وَالْمَعْنَى حَالَةَ كَوْنِك وَاحِدَةً أَيْ مُتَوَحِّدَةً مِنْ الزَّوْجِ بِسَبَبِ الْعَدَدِ الْمَنْوِيِّ أَيْ يُحْمَلُ عَلَى هَذَا وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ زَعَمَ إرَادَةَ ذَلِكَ قُبِلَ، كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ بِمِثْلِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً مُلَفَّقَةً مِنْ أَجْزَاءٍ ثَلَاثٍ قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) أَيْ وَأَمَّا أَنْتِ وَاحِدَةٌ بِالنِّصْفِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةٌ بِهِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا سَلَفَ لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ بْنِ الْفِرْكَاحِ الظَّاهِرُ صِحَّةُ قِرَاءَةِ الْمُؤَلِّفِ بِالْأَوْجُهِ كُلِّهَا، وَكُلٌّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ السَّابِقَ إلَخْ) . أَيْ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ أَنْتِ ذَاتُ تَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ حُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَتْ صِفَةُ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ. قَوْلُهُ: (فَفِيهِ الْخِلَافُ) أَيْ وَالتَّعْلِيلُ مَا سَبَقَ وَإِنَّمَا كَانَ حُكْمُ النِّصْفِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمِنْهَاجُ فِيمَا سَبَقَ مُخَالِفًا لِحُكْمِ الرَّفْعِ هُنَا، لِأَنَّ النَّصِيبَ يَجْعَلُ وَاحِدَةً بِحَسَبِ الظَّاهِرِ صِفَةً لِلْمُطَلَّقَةِ الْمُعْتَدَّةِ، وَالرَّفْعَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ يَجْعَلُهَا صِفَةً لِلْمَرْأَةِ فَافْتَرَقَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ قَالَ أَنْت وَاحِدَةٍ بِالْجَرِّ أَيْ ذَاتُ وَاحِدَةٍ أَوْ بِالسُّكُونِ عَلَى الْوَقْفِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ مَا نَوَاهُ وَهُوَ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ. قَوْلُهُ: (فَمَاتَتْ قَبْلَهُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ سَدَّ شَخْصٌ فَمَه أَوْ أَسْلَمَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ ثَلَاثًا) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا كَمَا لَوْ اقْتَصَرَ. قُلْت إنْ كَانَ ذَلِكَ مَعَ نِيَّةٍ فَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَ عَدَمِهَا لَمْ يُلَاقِ تَعْلِيلَ الْأَوَّلِ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْحَقَّ تَحْقِيقُ الْبُوشَنْجِيِّ الْآتِي قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْكَلَامَ الْوَاحِدَ لَا يَفْصِلُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَقِيلَ وَاحِدَةٌ قَوْلُهُ: (وَلَا يُعْطَى بَعْضُهُ حُكْمَ كُلِّهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ فَثَلَاثٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 338 (فَثَلَاثٌ) فَإِنْ قَالَ أَرَدْت التَّأْكِيدَ لَمْ يُقْبَلْ وَيَدِينُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ فَصْلٌ (فَإِنْ قَصَدَ تَأْكِيدًا) بِمَا بَعْدَ الْأُولَى لَهَا (فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّ التَّأْكِيدَ فِي الْكَلَامِ مَعْهُودٌ وَالتَّكْرَارُ مِنْ وُجُوهِ التَّأْكِيدِ (أَوْ اسْتِئْنَافًا فَثَلَاثٌ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ) عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَالثَّانِي لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ مُحْتَمِلٌ فَيُؤْخَذُ بِالْيَقِينِ. (وَإِنْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ تَأْكِيدًا وَبِالثَّالِثَةِ اسْتِئْنَافًا أَوْ عَكَسَ) أَيْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ اسْتِئْنَافًا فَلَوْ بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الثَّانِيَةِ، (فَثِنْتَانِ أَوْ بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الْأُولَى) مَعَ الِاسْتِئْنَافِ بِالثَّانِيَةِ (فَثَلَاثٌ فِي الْأَصَحِّ) لِتَخَلُّلِ الْفَاصِلِ، وَالثَّانِي لَا يَقَعُ إلَّا ثِنْتَانِ لِأَنَّ الْفَصْلَ الْيَسِيرَ يَحْتَمِلُ (وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ صَحَّ قَصْدُ تَأْكِيدِ الثَّانِي بِالثَّالِثِ) لِتَسَاوِيهِمَا (لَا الْأَوَّلِ بِالثَّانِي) لِاخْتِصَاصِ الثَّانِي بِوَاوِ الْعَطْفِ الْمُوجِبِ لِلتَّغَايُرِ (وَهَذِهِ الصُّوَرُ فِي مَوْطُوءَةٍ فَلَوْ قَالَهُنَّ لِغَيْرِهَا فَطَلْقَةٌ بِكُلِّ حَالٍ) ، لِأَنَّهَا تَبِينُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ فَلَا يَقَعُ أَيْ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا. (وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ فَدَخَلَتْ فَثِنْتَانِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا مُعَلَّقَتَانِ بِالدُّخُولِ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا وَالثَّانِي لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ نَجَزَ وَلَوْ أَخَرَّ الشَّرْطَ فَقِيلَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَقِيلَ يُقْطَعُ بِوُقُوعِ الثِّنْتَيْنِ لِانْتِفَاءِ احْتِمَالِ الشَّرْطِ بِأَحَدِ اللَّفْظَيْنِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَّلِ (وَلَوْ قَالَ لِمَوْطُوءَةٍ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَ) طَلْقَةٍ (أَوْ مَعَهَا طَلْقَةٌ فَثِنْتَانِ) مَعًا وَقِيلَ مُرَتَّبًا وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا قَوْلُهُ: (وَكَذَا غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ فِي الْأَصَحِّ) فِعْلُ الْمَعِيَّةِ يَقَعُ ثِنْتَانِ وَعَلَى التَّرْتِيبِ وَاحِدَةٌ تَبِينُ بِهَا. (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَةً قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ فَثِنْتَانِ فِي مَوْطُوءَةٍ وَطَلْقَةٌ فِي غَيْرِهَا)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِمَا بَعْدَ الْأُولَى) وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ قَصَدَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ تَأْكِيدَ مَا قَبْلَهَا، كَأَنْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ تَأْكِيدَ الْأُولَى وَبِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الثَّانِيَةِ، وَهَكَذَا فَوَاحِدَةٌ أَيْضًا وَيُمْكِنُ إدْخَالُهَا فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَطْلَقَ) أَيْ عُلِمَ مِنْهُ الْإِطْلَاقُ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ قَصْدُهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَبِالثَّالِثَةِ اسْتِئْنَافًا) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ بِهَا فَالْإِطْلَاقُ كَقَصْدِ الِاسْتِئْنَافِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (بِوَاوِ الْعَطْفِ) خَرَجَ بِالْوَاوِ وَالْفَاءِ وَثُمَّ سَوَاءٌ أَتَى بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ وَفِي الْعُبَابِ خِلَافُهُ، وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا إذَا اتَّحَدَ الْحَرْفُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَرْتِيبَ) فَلَوْ رَتَّبَ كَالْفَاءِ وَثُمَّ سَوَاءٌ أَتَى بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ وَقَعَتْ الْأُولَى فَقَطْ. كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ إحْدَى وَعِشْرِينَ فَإِنَّهُ يَقَعُ الْأُولَى فَقَطْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ وَثَلَاثٍ فَيَقَعُ وَاحِدَةً فَقَطْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا إحْدَى عَشَرَ فَيَقَعُ ثَلَاثًا وَكَذَا لَوْ قَالَ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ فِيهِمَا، وَسَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا فِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثَلَاثًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ إنْ رُحْت إلَى بَيْتِ أَبِيك، فَأَنْت طَالِقٌ وَقَعَ الثَّلَاثُ كَمَا نُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَنُقِلَ عَنْ وَلَدِهِ وُقُوعُ وَاحِدَةٍ فَقَطْ. وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا قَالَ لِأَنَّ أَوَّلَ الصِّيغَةِ حَلِفٌ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ، وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ بَدَلَ أَنْتِ طَالِقٌ أُطَلِّقُك أَوْ طَلَّقْتُك لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ وَعْدٌ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَدَدَ الرَّمَلِ، أَوْ الشَّجَرِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ أَفْرَادٌ، وَقَعَ ثَلَاثٌ أَوْ أَنْت طَالِقٌ مِلْءَ الْبَيْتِ أَوْ الْبَلَدِ أَوْ السَّمَاءِ، أَوْ الْأَرْضِ، أَوْ الْجِبَالِ أَوْ عَدَدَ التُّرَابِ، أَوْ الْمَاءِ أَوْ أَكْبَرَ الطَّلَاقِ بِالْمُوَحَّدَةِ، أَوْ أَعْظَمَهُ أَوْ أَشَدَّهُ، أَوْ كُلَّمَا حَلَلْت حَرُمْت، أَوْ عَدَدَ شَعْرِ إبْلِيسِ، أَوْ أَلْوَانًا مِنْ الطَّلَاقِ، وَأَطْلَقَ أَوْ عَدَدَ سَمَكِ هَذَا الْحَوْضِ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَا فِيهِ أَوْ عَدَدَ مَا لَاحَ بَارِقٌ، أَوْ عَدَدَ مَا مَشَى الْكَلْبُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ حَافِيًا أَوْ حَرَّكَ ذَنَبَهُ، وَلَا هُنَاكَ بَارِقٌ وَلَا كَلْبٌ أَوْ أَنْتِ كَمِائَةِ طَالِقٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَعَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ. فَإِنْ كَانَ ثَمَّ بَارِقٌ، أَوْ كَلْبٌ وَأَرَادَ مَا يَحْدُثُ مِنْ الْبَرْقِ أَوْ الْحَرَكَةِ أَوْ الْمَشْيِ الْآنَ تَقَيَّدَ بِمَا يَقَعُ مِنْ ذَلِكَ، فَيَقَعُ فِي مَرَّتَيْنِ ثِنْتَانِ وَفِي ثَلَاثٍ ثَلَاثٌ فَإِنْ أَرَادَ قَدْرَ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ، وَلَوْ قَالَ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ بِالْمُثَلَّثَةِ أَوْ كُلَّهُ، أَوْ قَالَ يَا مِائَةُ طَالِقٍ، أَوْ أَنْت مِائَةُ طَالِقٍ، أَوْ عَدَدَ شَعْرِ فُلَانٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ عَدَدَ شَعْرٍ بِهِ وَلَوْ مَيِّتًا، أَوْ لَا قَلِيلَ الطَّلَاقِ وَلَا كَثِيرَهُ وَقَعَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الثَّلَاثُ، وَفِي عَكْسِ هَذِهِ الْأَخِيرَةِ يَقَعُ وَاحِدَةً، وَلَوْ قَالَ أَوْسَطَ الطَّلَاقِ وَأَرَادَ فِي الْعَدَدِ، وَقَعَ ثِنْتَانِ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ طَلْقَةٍ) وَتَحْتَ وَفَوْقَ مِثْلُ قَبْلَ وَبَعْدَ. قَوْلُهُ: (الْجَوَازُ إلَخْ) فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ دِينَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (إرَادَةً مَعَ) وَكَذَا لَفْظُهَا. قَوْلُهُ: (وَهِيَ صَوَابٌ) وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ   [حاشية عميرة] مِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ مُسَرَّحَةٌ أَنْتِ مُفَارَقَةٌ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ سَكَتَ إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ هُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الِاتِّصَالِ لَا كَالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَإِنَّهُ كَلَامُ شَخْصٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ قَالَ فِي بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ إنَّ الْكَلَامَ الْيَسِيرَ يَقْطَعُهُ بِخِلَافِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ انْتَهَى. لَكِنْ أَطْلَقَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْبَيْعِ أَنَّ الْكَلَامَ يَضُرُّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِيَسِيرٍ وَلَا كَثِيرٍ ثُمَّ هَذَا فِي الطَّلَاقِ الْمُنْجَزِ، أَمَّا الْمُعَلَّقُ إذَا تَفَاصَلَتْ صِيَغُ التَّعْلِيقِ، فَتُقْبَلُ فِي دَعْوَى التَّأْكِيدِ، كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ، قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فِي مَجَالِسَ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ دَعْوَى التَّأْكِيدِ وَإِرَادَةُ إعَادَةِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ، وَهَذَا إنْشَاءٌ فَإِذَا تَعَدَّدَتْ كَلِمَةُ الْإِيقَاعِ تَعَدَّدَ الْوَاقِعُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَصَدَ تَأْكِيدًا) يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِي هَذَا نَظِيرُ مَا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ اشْتِرَاطِ قَصْدِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُؤَكِّدِ، لَا يُقَالُ هَذِهِ أَلْفَاظٌ صَرِيحَةٌ، فَكَيْفَ قَبِلَتْ الصَّرْفَ بِالنِّيَّةِ مَعَ إمْكَانِ نَفَاذِهَا لِأَنَّا نَقُولُ إرَادَةُ التَّأْكِيدِ مَنَعَتْ مِنْ الصَّرَاحَةِ. قَوْلُهُ: (بِمَا بَعْدَ الْأُولَى لَهَا) ، وَلَوْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ بَلْ هُوَ أَوْلَى كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ) ، لَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ التَّأْكِيدَ إلَخْ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا قَوْلُهُ: (وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا إلَخْ) نَازَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي هَذَا الْبِنَاءِ بِأَنَّ لَنَا وَجْهًا فِي أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ عِنْدَ قَوْلِهِ طَالِقٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَنَا وَجْهٌ أَنَّهُمَا يَقَعَانِ مَعًا عِنْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَ طَلْقَةٍ. قَوْلُهُ: (لِجَوَازِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَجْرِي، فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقَةٌ طَلْقَةً مَعَ طَلْقَةٍ أَوْ مَعَهَا طَلْقَةٌ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهِ حِكَايَةُ الْوَجْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 تَبِينُ بِهَا لِلتَّرْتِيبِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَةً بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ فَكَذَا) أَيْ يَقَعُ ثِنْتَانِ فِي مَوْطُوءَةٍ وَوَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا، (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا وَقِيلَ لَا يَقَعُ فِي مَوْطُوءَةٍ إلَّا وَاحِدَةٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى بَعْدَ طَلْقَةٍ مَمْلُوكَةٍ لِي أَوْ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ مَمْلُوكَةٌ لِي، وَعَلَى الْأَوَّلِ قِيلَ تَقَعُ الْمُنْجَزَةُ أَوَّلًا وَتَعْقُبُهَا الْمُضَمَّنَةُ وَيَلْغُو ذِكْرُ بَعْدُ وَقَبْلُ. وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وُقُوعُ الْمُضَمَّنَةِ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُنْجَزَةُ وَعَلَى هَذَا قِيلَ يَقَعُ فِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ ثِنْتَانِ وَيَلْغُو ذِكْرُ بَعْدُ وَقَبْلُ وَكَأَنَّهُ قِيلَ طَلْقَتَيْنِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي طَلْقَةٍ وَأَرَادَ مَعَ) طَلْقَةٍ (فَطَلْقَتَانِ) وَلَفْظَةُ فِي تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى مَعَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] ، (أَوْ الظَّرْفِ أَوْ الْحِسَابِ أَوْ أَطْلَقَ فَطَلْقَةٌ) لِأَنَّهَا مُقْتَضَى الظَّرْفِ وَمُوجِبُ الْحِسَابِ وَالْمُحَقَّقُ فِي الْإِطْلَاقِ (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ بِكُلِّ حَالٍ) مِمَّا ذَكَرَ مِنْ إرَادَةِ الْمَعِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ الظَّرْفُ أَوْ الْحِسَابُ أَوْ عَدَمُ شَيْءٍ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ، وَلَفْظَةُ نِصْفٍ الثَّانِيَةِ مَكْتُوبَةٌ فِي هَامِشِ نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ بِغَيْرِ خَطِّهِ وَهِيَ صَوَابٌ كَمَا ذَكَرْت فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ، إذْ لَوْ أُسْقِطَتْ وَأُرِيدَ الْمَعِيَّةُ وَقَعَ طَلْقَتَانِ كَمَا فِي الشَّرْحِ. (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ وَقَصَدَ مَعِيَّةً فَثَلَاثٌ أَوْ ظَرْفًا فَوَاحِدَةٌ أَوْ حِسَابًا وَعَرَفَهُ فَثِنْتَانِ) لِأَنَّهُمَا مُوجِبُهُ، (وَإِنْ جَهِلَهُ وَقَصَدَ مَعْنَاهُ) عِنْدَ أَهْلِ الْحِسَابِ، (فَطَلْقَةٌ وَقِيلَ ثِنْتَانِ) لِقَصْدِهِ مَعْنَى الْحِسَابِ وَضُعِّفَ بِأَنَّ مَا لَمْ يُعْلَمْ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ، (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَطَلْقَةٌ) لِأَنَّهَا الْمُحَقَّقُ (وَفِي قَوْلٍ ثِنْتَانِ إنْ عَرَفَ حِسَابًا) حَمْلًا عَلَيْهِ. (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (بَعْضَ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ) فَيَقَعُ طَلْقَتَانِ وَوُقُوعُ الطَّلْقَةِ بِذِكْرِ بَعْضِهَا مُبْهَمًا أَوْ مُعَيَّنًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ) أَنْتِ طَالِقٌ   [حاشية قليوبي] الْوَجِيهُ وَمَا فِيهِ شَرْحُ شَيْخِنَا تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ مِنْ اعْتِمَادِ وُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ مَعَ ذِكْرِ نِصْفِ الثَّانِي عِنْدَ إرَادَةِ الْمَعِيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَمَا تَمَسَّكُوا بِهِ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى نِصْفِ طَلْقَةٍ وَنِصْفِ طَلْقَةٍ أَجَابَ عَنْهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ بِمَا هُوَ وَاضِحٌ جَلِيٌّ. وَقِيَاسُهُ عَلَى مَا فِي الْإِقْرَارِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. نَعَمْ إنْ أَرَادَ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ وَقَعَ طَلْقَتَانِ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (أَبُو حَامِدٍ) فِي نُسْخَةٍ أَبُو مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْجُوَيْنِيُّ وَابْنُهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ: (بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ طَلَبَتْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً وَنِصْفًا فَعَلَى الْأُولَى لَهُ نِصْفُ الْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي ثُلُثَاهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا نِصْفُهُمَا) أَيْ مَعَ تَمَاثُلِهِمَا فَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِنِصْفِ عَبْدَيْنِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِنِصْفِهِمَا وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا مَجْمُوعُ نِصْفِهِمَا فَلَا إيرَادَ وَلَا جَوَابَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى نِصْفِ كُلِّ طَلْقَةٍ) أَيْ عَلَى انْفِرَادِهِ لَا مَجْمُوعًا مَعَ نِصْفِ الْأُخْرَى، فَلَا يُعَارِضُ مَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّ قَوْلَهُ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ وَالْأَصَحُّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْمَتْنِ لِأَنَّ الْخِلَافَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَة أَنْصَافِ طَلْقَةٍ) أَيْ وَلَمْ يُرِدْ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ، وَإِلَّا وَقَعَ الثَّلَاثُ. قَوْلُهُ: (إلَى تَكَرُّرِ إلَخْ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَ التَّكْرَارِ وَالْعَطْفِ.   [حاشية عميرة] الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَيَلْغُو ذِكْرُ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ يَقَعُ فِي الْحَالِ وَيَلْغُو قَوْلُ أَمْسِ قَوْلُهُ: (وُقُوعُ الْمُضَمَّنَةِ إلَخْ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُضَمَّنَةَ تَقَعُ قَبْلَ تَمَامِ اللَّفْظِ، بَلْ يَقَعَانِ بَعْدَ تَمَامِ الْمُضَمَّنَةِ عَقِبَ اللَّفْظِ ثُمَّ الْمُنْجَزَةُ فِي لَحْظَةٍ عَقِبَهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ. فَرْعٌ: إذَا فَرَّعْنَا عَلَى هَذَا فَالطَّلْقَةُ الَّتِي تَقَعُ فِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ هَلْ هِيَ الْمُضَمَّنَةُ أَوْ الْمُنْجَزَةُ. قَوْلُهُ: (فَطَلْقَتَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ صُوَرُهَا الْإِمَامُ فِي الْمَمْسُوسَةِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَيَتَّجِهُ أَنَّهُ كَقَوْلِهِ طَلْقَةٌ مَعَ طَلْقَةٍ انْتَهَى، أَيْ فَيَقَعُ طَلْقَتَانِ أَيْضًا لَكِنْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَفْظَةُ فِي إلَخْ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَالِاحْتِمَالُ الْبَعِيدُ يُقْبَلُ فِي الْإِيقَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ فِي نَفْيِ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا مُقْتَضَى الظَّرْفِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي أَوْقَعَهُ إنَّمَا هُوَ الْمَظْرُوفُ دُونَ الظَّرْفِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالْمَظْرُوفِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالظَّرْفِ، وَعَكْسُهُ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَصْلُحُ ظَرْفًا لِنَفْسِهِ فَيَلْغُو. قَوْلُهُ: (مِنْ إرَادَةِ الْمَعِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ) الَّذِي فِي الزَّرْكَشِيّ أَنَّ غَيْرَ الْمَعِيَّةِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْمَعِيَّةُ فَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى نِصْفَيْ طَلْقَةٍ قَالَ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ نِصْفُ طَلْقَةٍ مَعَ نِصْفِ طَلْقَةٍ، قَالَ ثُمَّ رَأَيْت فِي الِاسْتِقْصَاءِ، وَإِنْ قَالَ نِصْفُ طَلْقَةٍ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ طَلُقَتْ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يُرِيدَ نِصْفَ طَلْقَةٍ أُخْرَى، غَيْرَ الَّتِي بَدَأَ بِنِصْفِهَا انْتَهَى. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ نِصْفُ طَلْقَةٍ وَنِصْفُ طَلْقَةٍ وَقَعَ ثِنْتَانِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ ظَاهِرٌ) مَنَعَ الزَّرْكَشِيُّ ظُهُورَهُ، بِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِالْمَعِيَّةِ وَقَعَ طَلْقَتَانِ، وَهَذَا لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَالْمُتَّجِهُ وُقُوعُ وَاحِدَةٍ فِي مَسْأَلَتِهِ أَيْضًا قَوْلُهُ: (وَهِيَ صَوَابٌ) أَيْ لِأَنَّ عِنْدَ إسْقَاطِهِ وَإِرَادَةِ الْمَعِيَّةِ يَقَعُ طَلْقَتَانِ. قَوْلُهُ: (فَثَلَاثٌ) لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فِيهِ الْوَجْهُ السَّابِقُ، فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ سِوَى وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ طَلْقَتَانِ) أَيْ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِنِصْفِ عَبْدَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَأَنَّ قَوْلَهُ) وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ قَوْلُهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْعَطْفِ فِي الْمَتْنِ لِئَلَّا يَلْزَمَ كَوْنُ الْخِلَافِ فِي الثَّانِيَةِ قَوِيًّا مَعَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةُ أَنْصَافٍ) لَوْ زَادَتْ الْأَجْزَاءُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ نَحْوُ خَمْسَةِ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ كَانَ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ يَقَعُ طَلْقَةٌ أَمْ ثَلَاثٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي الثَّانِيَةِ) قَالَ الْبَيَانِيُّونَ النَّكِرَةُ إذَا أُعِيدَتْ كَانَتْ غَيْرَ الْأُولَى، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ، إذَا قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ، فَطَلَّقَهَا طَلْقَةً وَنِصْفَهَا فَيَسْتَحِقُّ الثُّلُثَيْنِ عَلَى الثَّانِي وَالنِّصْفَ عَلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 (نِصْفَ طَلْقَتَيْنِ) يَقَعُ بِهِ (طَلْقَةٌ) لِأَنَّهَا نِصْفُهُمَا وَقِيلَ طَلْقَتَانِ نَظَرًا إلَى نِصْفِ كُلِّ طَلْقَةٍ (وَ) أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ، (ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ) يَقَعُ بِهِ (طَلْقَتَانِ) نَظَرًا فِي الْأُولَى إلَى زِيَادَةِ النِّصْفِ الثَّالِثِ عَلَى الطَّلْقَةِ فَيُحْسَبُ مِنْ أُخْرَى وَفِي الثَّانِيَةِ إلَى تَكَرُّرِ لَفْظِ طَلْقَةٍ مَعَ الْعَطْفِ وَقِيلَ لَا يَقَعُ فِيهِمَا إلَّا طَلْقَةً إلْغَاءٌ لِلزَّائِدِ فِي الْأُولَى وَنَظَرًا فِي الثَّانِيَةِ إلَى أَنَّ الْمُضَافَيْنِ مِنْ أَجْزَاءِ الطَّلْقَةِ. (وَلَوْ قَالَ) أَنْت طَالِقٌ (نِصْفَ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ) لَا طَلْقَتَانِ لِانْتِفَاءِ تَكَرُّرِ لَفْظِ طَلْقَةٍ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ ثُلُثَ طَلْقَةٍ لَمْ يَقَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ لِانْتِفَاءِ الْعَطْفِ (وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أَوْقَعْت عَلَيْكُنَّ أَوْ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا وَقَعَ عَلَى كُلٍّ طَلْقَةٌ) لِأَنَّ مَا ذَكَرَ إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِنَّ خَصَّ كُلًّا مِنْهُنَّ طَلْقَةً أَوْ بَعْضَهَا فَتَكْمُلُ (فَإِنْ قَصَدَ تَوْزِيعَ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ وَقَعَ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ (فِي ثِنْتَيْنِ ثِنْتَانِ وَفِي ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ ثَلَاثٌ) ، كَمَا يَقَعُ فِي وَاحِدَةٍ، وَاحِدَةٌ وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِبُعْدِهِ عَنْ الْفَهْمِ، (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بَيْنَكُنَّ بَعْضَهُنَّ) أَيْ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ مَثَلًا (لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي شَرِكَتَهُنَّ وَيَدِينُ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ لِاحْتِمَالِ بَيْنَكُنَّ لِمَا أَرَادَ بِخِلَافِ عَلَيْكُنَّ، فَلَا يُقْبَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ بَعْضَهُنَّ جَزْمًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ (وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْت كَهِيَ) أَوْ مِثْلُهَا (فَإِنْ نَوَى) بِذَلِكَ طَلَاقَهَا (طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا) تَطْلُقُ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِغَيْرِ الطَّلَاقِ، (وَكَذَا لَوْ قَالَ آخَرُ ذَلِكَ لِامْرَأَتِهِ) أَيْ قَالَ لَهَا بَعْدَ أَنْ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْت كَهِيَ أَوْ مِثْلُهَا فَإِنْ نَوَى طَلَاقَهَا بِذَلِكَ طَلُقَتْ، وَإِلَّا فَلَا لِمَا ذَكَرَ. فَصْلٌ: يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَاحِدَةً فَيَقَعُ ثِنْتَانِ (بِشَرْطِ اتِّصَالِهِ) بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنْ انْفَصَلَ لَمْ يُؤَثِّرْ (وَلَا يَضُرُّ) فِي الِاتِّصَالِ (سَكْتَةُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (إذَا وَزَّعَ) أَيْ بِاعْتِبَارِ إفْرَادِهِ فَإِنْ قَصَدَ تَوْزِيعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى الْأَرْبَعِ فَسَيَأْتِي، وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْأَرْبَعِ فِيهِ، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ مَا لَوْ زَادَ عَلَيْهِ كَخَمْسٍ أَوْ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ فَيَقَعُ عَلَى كُلٍّ طَلْقَتَانِ، فَإِنْ قَالَ تِسْعًا وَقَعَ عَلَى كُلٍّ ثَلَاثٌ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ عَطَفَ كَقَوْلِهِ أَوْقَعْت عَلَيْكُنَّ طَلْقَةً، وَطَلْقَةً وَطَلْقَةً، أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ، وَرُبُعَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى كُلِّ ثَلَاثٍ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَأَرْبَعٌ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْبَلْ) نَعَمْ إنْ قَالَ أَرَدْت لِفُلَانَةَ ثِنْتَيْنِ مَثَلًا، وَلِفُلَانَةَ وَاحِدَةً وَمَثَلًا وَتَوْزِيعُ الْبَاقِي عَلَى الْبَاقِيَاتِ قُبِلَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَلَّقَهَا) أَيْ مُنَجَّزًا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِدُخُولِ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى، أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَلْيُرَاجَعْ فَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأُولَى لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَدْخُلَ الْأُخْرَى لَمْ يُقْبَلْ وَلَا يَدِينُ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ التَّعْلِيقِ، وَإِنْ قَصَدَ تَعْلِيقَ طَلَاقِ الثَّانِيَةِ عَلَى دُخُولِهَا أَوْ دُخُولِ الْأُولَى، عُمِلَ بِهِ وَإِنْ أَطْلَقَ فَهُوَ كَقَصْدِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (أَشْرَكْتُك مَعَهَا) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ قَسَمْت الطَّلَاقَ بَيْنَكُمَا فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَنْقَسِمُ وَأَشْرَكْتُك مَعَهَا إنْشَاءٌ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا، فِيهِ نَظَرٌ إذْ كَوْنُ الطَّلَاقِ لَا يَنْقَسِمُ بِمَعْنَى لَا يَقَعُ بَعْضُهُ مِنْ غَيْرِ تَكْمِيلٍ صَحِيحٍ، وَأَمَّا وُقُوعُ بَعْضِهِ وَيَكْمُلُ فَلَا خِلَافَ فِيهِ فَرَاجِعْهُ. فَرْعٌ: حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ أَوْقَعَهُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ، وَتَحْتَهُ زَوْجَاتٌ فَلَهُ تَعْيِينُهُ فِي وَاحِدَةٍ وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ أَبَانَهَا أَوْ كَانَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا دُونَ الثَّلَاثِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى، وَكَذَا لَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ وَوُجِدَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْإِبَانَةِ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ زَوْجَاتِي أَوْ نِسَائِي وَقَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ الثَّلَاثُ، وَامْتَنَعَ التَّوْزِيعُ فَإِنْ قَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَلَهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ وَقَعَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَيُرْجَعُ لِتَعْيِينِهِ. فَرْعٌ: سُئِلَ وَالِدُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَكْتُبُ مَعَ فُلَانٍ فِي شَهَادَةٍ، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُرِدْ اجْتِمَاعَ خَطِّهِمَا فِي وَرَقَةٍ لَا يَحْنَثُ إنْ كَتَبَ خَطَّهُ قَبْلَ رَفِيقِهِ، قَالَ: وَلَدُهُ شَيْخُنَا وَمَحِلُّ هَذَا إنْ قُلْنَا إنَّ اسْتِدَامَةَ الْكِتَابَةِ لَيْسَ كَابْتِدَائِهَا، وَإِلَّا فَيَحْنَثُ لِأَنَّ مَا يَكُونُ اسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ كَالْعُقُودِ يَحْنَثُ بِهِ مُطْلَقًا وَيُقَاسُ بِهِ نَظَائِرُهُ. فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ مِنْ الثَّنْيِ بِمَعْنَى الِانْعِطَافِ وَالِالْتِوَاءِ وَاصْطِلَاحًا الْإِخْرَاجُ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا. مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ فِي الْكَلَامِ قَبْلَهُ وَمِنْ الِاسْتِثْنَاءِ   [حاشية عميرة] الْأَوَّلِ، وَالصَّحِيحُ اسْتِحْقَاقُ النِّصْفِ وَوُقُوعُ الطَّلْقَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِي صَرَاحَتِهِ وَكِنَايَتِهِ وَجْهَيْنِ ثُمَّ الْوُقُوعُ بِذَلِكَ الْبَعْضِ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ مُحَلَّلٌ وَمُحَرَّمٌ غَلَبَ الْمُحَرَّمُ. قَوْلُهُ: (وَنَظَرًا فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ تَكَرُّرُ لَفْظَةِ طَلْقَةٍ لِاحْتِمَالِ التَّأْكِيدِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ إلَخْ) لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ بِدُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا ثُمَّ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأُخْرَى، أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّ الْأُولَى لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَدْخُلَ الْأُخْرَى، لَمْ يُقْبَلْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُدَيَّنُ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ تَغْيِيرِ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ بَعْدَ انْبِرَامِهِ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت إذَا دَخَلَتْ الْأُولَى طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ، قُبِلَ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت تَعْلِيقَ طَلَاقِ الثَّانِيَةِ بِدُخُولِهَا نَفْسِهَا كَمَا فِي الْأُولَى، فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ فِي التَّنْجِيزِ فَكَذَا فِي التَّعْلِيقِ. [فَصْلٌ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ] فَصْلٌ: يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ حَدَّهُ عَمْرُونُ مِنْ النُّحَاةِ بِأَنَّهُ يَنْتَفِي عَنْ الثَّانِي مَا يَثْبُتُ لِغَيْرِهِ بِإِلَّا أَوْ كَلِمَةٍ تَقُومُ مَقَامَهَا بِشَرْطِ اتِّصَالِهِ خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ) لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ فَاصِلَا بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْيَسِيرِ الْأَجْنَبِيِّ فَيَضُرُّ عَلَى الصَّحِيحِ، (قُلْت وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِثْنَاءَ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَبْدُوَ لَهُ الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَاعْتَرَضَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَعْدَ وُقُوعِهِ. (وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ) لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَوَقَعَ الثَّلَاثُ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ وَقِيلَ ثَلَاثٌ) الثَّانِي يَجْمَعُ الْمُسْتَثْنَى فَيَكُونُ مُسْتَغْرِقًا وَالْأَوَّلُ لَا يَجْمَعُهُ وَيُلْغَى قَوْلُهُ وَوَاحِدَةً لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهَا (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ، (ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ وَقِيلَ ثِنْتَانِ) الثَّانِي يَجْمَعُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَتَكُونُ الْوَاحِدَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الثَّلَاثِ وَالْأَوَّلُ لَا يَجْمَعُهُ فَتَكُونُ الْوَاحِدَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْوَاحِدِ فَيَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ. (وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ (مِنْ نَفْيٍ إثْبَاتٌ وَعَكْسُهُ) أَيْ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ (فَلَوْ قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً فَثِنْتَانِ) لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى الثَّانِيَ مُسْتَثْنَى   [حاشية قليوبي] هُنَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ التَّعْلِيقُ بِنَحْوِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنَّمَا رَفَعَ الطَّلَاقَ لِوُجُودِ النَّصِّ فِيهِ. قَوْلُهُ: (يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ) سَوَاءٌ قَدَّمَهُ أَوْ أَخَّرَهُ وَيَعُودُ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ مُتَعَاطِفَاتٍ وَإِنْ كَثُرَتْ حَيْثُ لَا تَخَلُّلَ كَذَا. قَالُوا فَانْظُرْهُ مَعَ اعْتِبَارِ قَصْدِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الطَّلَاقِ) وَكَذَا فِي غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ. قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ اتِّصَالِهِ) وَمَعْرِفَتِهِ بِمَعْنَاهُ وَالتَّلَفُّظِ بِهِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ، لَوْ كَانَ مُعْتَدِلَ السَّمْعِ، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ غَيْرَهُ وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا سَمَاعَ غَيْرِهِ لِقَبُولِهِ لِأَنَّهَا تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا فِي نَفْيِهِ، فَإِنْ قَالَتْ لَمْ أَسْمَعْهُ صُدِّقَ هُوَ، وَلَوْ أَنْشَأَ لَهُ غَيْرَهُ لَمْ يَكْفِ إلَّا إنْ اعْتَقَدَ نَفْعَهُ لِجَهْلِهِ مَثَلًا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (سَكْتَةُ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ) وَنَحْوِ سُعَالٍ وَعُطَاسٍ وَانْقِطَاعِ صَوْتٍ وَتَذَكُّرٍ. قَوْلُهُ: (فَيَضُرُّ) إلَّا نَحْوَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِهِ مِمَّا يَقَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ نَحْوُ يَا زَانِيَةُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ فَرَاغِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) وَلَمَّا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ غَالِبًا فِي الْأَيْمَانِ جَرَى عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ لَفْظُ الْيَمِينِ وَمِنْهَا لَفْظُ ثَلَاثٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (بِأَنَّهُ رَفَعَ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ الصِّيغَةُ الْوَاحِدَةُ تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا، بَلْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْفَصِلِ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ وَرَدَّهُ الْأَئِمَّةُ الْأَعْلَامُ، بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ نِسْبَتَهُ إلَيْهِ مِنْ الْخَطَإِ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ لَأَيُّوبَ {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} [ص: 44] . تَنْبِيهٌ: مِنْ أَفْرَادِ مَا ذَكَرَ هُنَا مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ ذِرَاعِي أَوْ مِنْ نَحْوَ رَأْسِي أَوْ مِنْ ظَهْرِ فَرَسِي أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ) أَيْ عَدَمُ اسْتِغْرَاقِ لَفْظِهِ الثَّانِي لِمَا تَلَفَّظَ بِهِ قَبْلَهُ فَهُوَ مِمَّا أَوْقَعَ لَا مِمَّا وَقَعَ، فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً وَنِصْفًا وَقَعَ ثِنْتَانِ وَقَوْلُ شَيْخِنَا يَقَعُ وَاحِدَةً نَظَرًا لِمَا وَقَعَ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَإِنْ قَالَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ مَعَ أَنَّ فِيهِ جَمْعَ الْمُفَرَّقِ فِي الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا وَمِنْ الْمُسْتَغْرَقِ أَيْضًا مَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرَك، أَوْ سِوَاك أَوْ سِوَى الَّتِي فِي الْمَقَابِرِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الْمُخَاطَبَةِ فَإِنْ أَخَّرَ لَفْظَ طَالِقٍ عَنْ أَدَوَاتِ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرَقًا، فَلَا وُقُوعَ وَكَذَا لَوْ قَصَدَ أَنَّ أَدَاةَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأَوَّلِ وَصْفٌ لِلْمَرْأَةِ وَأَعْرَبَهَا بِإِعْرَابِهَا وَكَانَ نَحْوِيًّا فَلَا يَقَعُ فَإِنْ لَمْ يُضِفْ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ النِّسَاءُ طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ طَالِقٌ إلَّا فُلَانَةَ لَمْ يَقَعْ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) أَيْ مَا لَمْ يُلْحِقْهُ بِاسْتِثْنَاءٍ آخَرَ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ لَا يَجْمَعُهُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ الْجَمْعَ عِنْدَ الِاسْتِغْرَاقِ بَاطِلٌ فِي الْمُسْتَثْنَى، وَفِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَمَا مَثَّلَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَفِيهِمَا مَعًا نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً. وَوَاحِدَةً فَيَقَعُ ثَلَاثٌ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ، ثِنْتَيْنِ لَا يَقَعُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَقِيلَ يَقَعُ ثِنْتَيْنِ لِأَنَّهُ كَالْمُسْتَغْرَقِ وَقِيلَ وَاحِدَةً، وَيَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ قَصَدَ عَدَمَ وُقُوعِ وَاحِدَةٍ فَقَطْ، وَقَعَتْ الْأُخْرَى فَقَطْ، وَإِلَّا وَقَعَا مَعًا فَرَاجِعْهُ. وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً فَقَطْ وَقَعَتْ الْأُخْرَى، وَثَانِيَةً لَا تَقَعُ وَقَعَ وَاحِدَةً، وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تَقَع الثَّانِيَةُ، وَلَوْ قَالَ أَنْت لَا طَلُقْتِ أَوْ أَنْت لَا طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا شَيْءَ لَمْ تَطْلُقْ، وَلَوْ قَالَ أَرْبَعَتكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً طُلِّقْنَ جَمِيعًا لِأَنَّ أَرْبَعَ لَيْسَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ. قَالَهُ الْقَاضِي وَاسْتَوْجَهَ الشَّيْخَانِ خِلَافَهُ لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْأَعْدَادِ كَمَا فِي الْإِقْرَارِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَرْبَعَتكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ. تَنْبِيهٌ: لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ حَرْفِ الْعَطْفِ فِيمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (إثْبَاتٍ) لَمْ يَقُولُوا وَاقِعٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِثْبَاتِ الْوُقُوعُ فَقَدْ يَقَعُ كَمَا فِي   [حاشية عميرة] وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْإِخْرَاجِ قَبْلَ فَرَاغِ الْكَلَامِ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْفَارِسِيِّ أَنَّهُ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ تَأْثِيرِهِ إذَا طَرَأَ بَعْدَ تَمَامِ الْكَلَامِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ خِلَافٍ وَمِمَّنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالصَّيْمَرِيُّ وَحَكَاهَا الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَظَاهِرُ النَّصِّ يَقْتَضِيهِ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ أَنْ يُسْتَثْنَى قَبْلَ قَطْعِ الْكَلَامِ، وَلِأَنَّ لَفْظَ الِاسْتِثْنَاءِ أَقْوَى مِنْ نِيَّتِهِ اهـ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى) أَيْ وَلَكِنْ عَلَى الِاتِّصَالِ قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا التَّلَفُّظُ بِهِ فَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ لَا يُؤَثِّرُ شَيْئًا لَا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا أَيْ إذَا كَانَ مُسْتَغْرِقًا، أَوْ مِثْلَ أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِقُ، وَأَرَادَ إلَّا فُلَانَةَ أَوْ تَعْلِيقًا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا تَأَخُّرُهُ عَلَى وَجْهٍ رَجَّحَ الرَّافِعِيُّ خِلَافَهُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ انْتَهَى. وَقَوْلُنَا إنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا يُؤَثِّرُ لَيْسَ فِي كُلِّ التَّعْلِيقَاتِ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِمُرَاجَعَةِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِنْ آخِرِ طَلَاقٍ، وَبِمُرَاجَعَةِ مَا يَأْتِي آخِرَ فَصْلِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الِاسْتِغْرَاقِ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (فَثَلَاثٌ) . قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قِيَاسُ قَوْلِهِمْ الِاسْتِثْنَاءُ يَعُودُ إلَى كُلِّ الْجُمْلَةِ قَبْلَهُ أَنْ يَقَعَ طَلْقَتَانِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ لَا يَجْمَعُهُ) عَلَّلَ عَدَمَ الْجَمْعِ فِي هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ بِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي إفْرَادَ كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاطِفَيْنِ بِحُكْمٍ، وَإِنْ كَانَ بِالْوَاوِ الَّتِي هِيَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ، كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْت وَطَالِقٌ وَطَلَاقٌ لَا يَقَعُ سِوَى وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ نَفْيِ إثْبَاتٍ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ سَأَلْت عَمَّنْ طُلِبَ مِنْهُ الْمَبِيتُ عِنْدَ شَخْصٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 مِنْ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْمُسْتَثْنَى فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدَةً، (أَوْ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَانِ) لِمَا ذَكَرَ (وَقِيلَ ثَلَاثٌ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ مُسْتَغْرِقٌ فَيَلْغُو، وَالثَّانِي مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ فَيَلْغُو أَيْضًا (وَقِيلَ طَلْقَةٌ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ صَحِيحٌ فَيَعُودُ إلَى أَوَّلِ الْكَلَامِ، (أَوْ خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا فَثِنْتَانِ وَقِيلَ ثَلَاثٌ) اعْتِبَارًا لِلِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمَلْفُوظِ لِأَنَّهُ لَفْظِيٌّ وَقِيلَ مِنْ الْمَمْلُوكِ، (أَوْ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَثَلَاثٌ عَلَى الصَّحِيحِ) ، تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ وَقِيلَ ثِنْتَانِ تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الْمُسْتَثْنَى. (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ) أَيْ طَلَاقَك (وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ لَمْ يَقَعْ) أَيْ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ عَدَمِهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلِأَنَّ الْوُقُوعَ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ وَقَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ بِالْوُقُوعِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ رَبَطَ الْوُقُوعَ بِمَا يُضَادُّهُ مِنْ عَدَمِ مَشِيئَةِ اللَّهِ لَهُ، فَهُوَ كَمَا إذَا قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا لَا يَقَعُ عَلَيْك وَاحْتَرَزَ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ عَنْ قَصْدِ التَّبَرُّكِ بِذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ. (وَكَذَا يُمْنَعُ) التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ (انْعِقَادُ تَعْلِيقٍ) نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، (وَعِتْقٌ) نَحْوُ أَنْتَ حُرٌّ   [حاشية قليوبي] الطَّلَاقِ وَقَدْ لَا يَقَعُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ فِي الشَّهْرِ إلَّا مَرَّةً أَوْ لَا يَشْكُو غَرِيمَهُ إلَّا مِنْ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ لَا يَبِيتُ عِنْدَ فُلَانٍ فِي الشَّهْرِ لَيْلَةً، أَوْ اللَّيْلَةَ الْفُلَانِيَّةَ أَوْ لَا يَلْبَسُ إلَّا الْحَرِيرَ، فَلَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِمَا ذَكَرَ) وَهُوَ الْقَاعِدَةُ الْمَذْكُورَةُ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِمَا، وَقِيلَ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (نِصْفَ طَلْقَةٍ) أَوْ قَالَ إلَّا نِصْفًا وَقَعَ ثِنْتَانِ حَمْلًا عَلَى نِصْفِ الثَّلَاثِ إلَّا إنْ أَرَادَ نِصْفَ طَلْقَةٍ، فَيَكُونُ كَمَا لَوْ ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (إنْ شَاءَ اللَّهُ) وَمِثْلُ إنَّ بَقِيَّةَ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ نَحْوُ مَتَى وَلَوْ وَلَوْلَا وَمِثْلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ رَضِيَ اللَّهُ أَوْ أَحَبَّ اللَّهُ أَوْ اخْتَارَ اللَّهُ، أَوْ أَرَادَ اللَّهُ، أَوْ حَكَمَ اللَّهُ أَوْ مَنَّ اللَّهُ بِخِلَافِ، وَعَلِمَ اللَّهُ أَوْ أَمْرُهُ أَوْ قُدْرَتُهُ أَوْ حِكْمَتُهُ فَتُطْلَقُ فِي الْحَال لِأَنَّهُ لَيْسَ تَعْلِيقًا سَوَاءٌ فِي الْجَمِيعِ أَتَى بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، أَوْ فِي نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ بِرِضَا اللَّهِ، أَوْ فِي رِضَاهُ فَهِيَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ أَوْ بِعِلْمِ اللَّهِ أَوْ فِي عِلْمِهِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فَرَاجِعْ ذَلِكَ. فَرْعٌ: لَوْ تَعَدَّدَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ رَجَعَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْجَمِيعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّصَهُ بِمَا قَبْلَهُ، فَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ بِعَطْفٍ أَوْ دُونَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا وَمِثْلُ مَشِيئَةِ اللَّهِ الْمِلْكِ وَالْبَهِيمَةِ وَأَمَّا مَشِيئَةُ زَيْدٍ مَثَلًا فَإِنْ وُجِدَتْ يَقِينًا فِي حَيَاتِهِ وَعُلِمَ بِهَا الْمُعَلَّقُ وَقَعَ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَوْلَا اللَّهُ أَوْ لَوْلَا أَبُوك لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ إنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا إلَّا إنْ سَبَقَهُ الْقَضَاءُ وَالْقَدْرُ ثُمَّ فَعَلَهُ، وَقَالَ قَصَدْت إخْرَاجَ مَا قَدَرَ مِنْهُ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَحْنَثُ. قَوْلُهُ: (عَنْ قَصْدِ التَّبَرُّكِ) وَعَنْ الْإِطْلَاقِ أَيْضًا وَلَوْ شَكَّ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ لَا، أَوْ هَلْ ذَكَرَ الْمَشِيئَةَ أَوْ لَا فَهُوَ مِثْلُ التَّبَرُّكِ وَمِثْلُهُ أَيْضًا قَصْدُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَقَعُ) أَيْ حَالًا كَمَا لَوْ فَتَحَ هَمْزَةَ إنَّ أَوْ أَبْدَلَهَا بِإِذَا أَوْ بِمَا سِوَاهُ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ فَتَطْلُقُ حَالًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ طَلَّقَ فِيهِ، وَقَعَ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ، أَوْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ فَمَضَى الْيَوْمُ. وَلَمْ تَطْلُقْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِعَدَمِهَا، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ هَذَيْنِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ طَلْقَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَشَأْ فَطَلْقَتَيْنِ فَإِنْ طَلَّقَهَا الْيَوْمَ، وَقَعَ ثِنْتَانِ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقَةُ، وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ فِيهِ وَقَعَ الْمُعَلَّقَتَانِ عَلَى عَدَمِ الْمَشِيئَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا يُمْنَعُ) مَعَ قَصْدِ التَّعْلِيقِ فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يُمْنَعُ الْإِطْلَاقُ هُنَا، وَفَارَقَ النِّيَّةَ فِي الْعِبَادَاتِ نَحْوُ الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ لِمُنَافَاتِهِ   [حاشية عميرة] فَحَلَفَ لَا يَبِيتُ سِوَى اللَّيْلَةِ الْفُلَانِيَّةِ، لَيْلَةٍ مُسْتَقْبِلَةٍ هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ مَبِيتِهَا فَأَجَبْت بِأَنَّ مُقْتَضَى قَاعِدَةِ النَّفْيِ، وَالْإِثْبَاتِ الْحِنْثُ لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ بِحُضُورِيٍّ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْكُو غَرِيمَهُ إلَّا مِنْ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ، هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ الشَّكْوَى مُطْلَقًا فَأَجَابَ بِعَدَمِهِ وَيُوَافِقهُ تَصْحِيحُ النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ، فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مُطْلَقًا، وَهُوَ نَاظِرٌ لِلْمَعْنَى مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ اهـ. قَوْلُهُ: (فَثِنْتَانِ) أَيْ تَصْحِيحًا لِلِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ بِسَبَبِ تَعْلِيقِهِ، وَبِالثَّانِي لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا يَتِمُّ بِآخِرِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ مِنْ الْمَمْلُوكِ) قَضِيَّته أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ اثْنَيْنِ مَثَلًا اُعْتُبِرَا. قَوْلُهُ: (أَوْ ثَلَاثًا إلَخْ) لَوْ قَالَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَّا نِصْفًا فَيُرَاجَعُ فَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ مُرَاجَعَتُهُ، أَوْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى نِصْفِ الثَّلَاثِ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ طَلُقَتْ وَاحِدَةً قَطْعًا، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً وَنِصْفًا فَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُ تُفْتَى بِوُقُوعِ طَلْقَةٍ، قَالَ لِأَنَّا نُكْمِلُ النِّصْفَ فِي جَانِبِ الْإِيقَاعِ ثُمَّ نَسْتَثْنِي طَلْقَةً وَنِصْفًا فَيَبْقَى نِصْفُ طَلْقَةٍ. قَوْلُهُ: (تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ) لِأَنَّهُ أَحْوَطُ. قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ قَبْلَ فَرَاغِ اللَّفْظِ كَمَا سَبَقَ نَظِيرُهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ قَالَ وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِالْمَشِيئَةِ بَلْ كُلُّ تَعْلِيقٍ كَذَلِكَ اهـ. ثُمَّ هَذَا التَّفْصِيلُ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ خَصَّهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ إلَخْ) . أَيْ وَكَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِالصِّفَاتِ وَغَيْرِهَا، مِنْ الشُّرُوطِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ عَلَى طَرِيقَةِ الْفُقَهَاءِ، وَأَمَّا طَرِيقُ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّعْلِيقَ عَلَى مَشِيئَةٍ جَدِيدَةٍ، وَمَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى قَدِيمَةٌ، فَلَمَّا تَعَذَّرَ وُقُوعُ الصِّفَةِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَجَوَابُهُ بَيِّنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ رَبَطَ الْوُقُوعَ بِمَا يُضَادُّهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا بِالْمَشِيئَةِ. قَوْلُهُ: (عَنْ قَصْدِ التَّبَرُّكِ إلَخْ) مِثْلُهُ سَبْقُ اللِّسَانِ وَمَا لَوْ قَصَدَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ إلَخْ) عَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إذَا مَنَعَ الْمُنْجَزَ فَالْمُعَلَّقُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 إنْ شَاءَ اللَّهُ، (وَيَمِينٌ) نَحْوُ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَن كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَنَذْرٌ) نَحْوُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمِائَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ، (وَكُلُّ تَصَرُّفٍ) غَيْرُ مَا ذَكَرَ كَبَيْعٍ وَغَيْرِهِ، (وَلَوْ قَالَ يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا لِصُورَةِ النِّدَاءِ الْمُشْعِرِ بِحُصُولِ الطَّلَاقِ حَالَتَهُ وَالْحَاصِلُ لَا يُعَلَّقُ بِالْمَشِيئَةِ. وَالثَّانِي لَا يَقَعُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَعْنَى بِالنِّدَاءِ إنْشَاءُ الطَّلَاقِ وَهُوَ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ، (أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (فَلَا) يَقَعُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمَشِيئَةِ يُوجِبُ حَصْرَ الْوُقُوعِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْمَشِيئَةِ وَذَلِكَ تَعْلِيقٌ بِعَدَمِ الْمَشِيئَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ وَالثَّانِي يَقَعُ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ وَجَعَلَ الْمَخْلَصَ عَنْهُ الْمَشِيئَةَ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَلَا يَحْصُلُ الْخَلَاصُ. فَصْلٌ: شَكَّ فِي طَلَاقٍ مُنْجَزٍ أَوْ مُعَلَّقٍ: أَيْ هَلْ وَقَعَ عَلَيْهِ أَوْ لَا (فَلَا) يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ (أَوْ فِي عَدَدٍ) كَأَنْ شَكَّ هَلْ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ أَوْ وَاحِدَةٌ (فَالْأَقَلُّ) يَأْخُذُ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، (وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ) فِيمَا ذَكَرَ بِأَنْ يُحْتَاطَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ رَاجَعَ لِيَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْحِلِّ أَوْ الْبَائِنِ بِدُونِ ثَلَاثٍ جَدَّدَ النِّكَاحَ أَوْ بِثَلَاثٍ أَمْسَكَ عَنْهَا، وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا وَإِنْ كَانَ   [حاشية قليوبي] لِلْجَزْمِ الْمُعْتَبَرِ فِي صِحَّةِ النِّيَّةِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (لَأَفْعَلَنَّ) هُوَ لِلْمُسْتَقْبِلِ وَيُمْنَعُ فِي الْمَاضِي أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي قَوْلِهِ فِي شَيْءٍ فَعَلَهُ، وَاَللَّهِ مَا فَعَلْته إنْ شَاءَ اللَّهُ. قَوْلُهُ: (لِصُورَةِ النِّدَاءِ) وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقُ لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ النِّدَاءِ وَغَيْرِهِ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ كَقَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ يَا طَالِقُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَقَعُ فِيهِمَا وَاحِدَةً بِالنِّدَاءِ، وَتَقْدِيمُ الْمَشِيئَةِ كَتَأْخِيرِهَا كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَا طَالِقُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَيَقَعُ فِيهِمَا وَاحِدَةً أَيْضًا وَالْعَطْفُ كَغَيْرِهِ أَيْضًا كَقَوْلِهِ هِنْدُ طَالِقٌ، وَزَيْنَبُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَرْجِعُ إلَيْهِمَا حَيْثُ قَصَدَهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَالْحَاصِلُ لَا يُعَلَّقُ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي قَرِيبِ الْحُصُولِ، وَمُتَوَقَّعِهِ كَمَا يُقَالُ لِلْمَرِيضِ أَنْتَ صَحِيحٌ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْفَصْلَ بِقَوْلِهِ يَا طَالِقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالْمُعَلَّقِ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَمِنْهُ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ فَرَاجِعْهُ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ قَصَدْت بِقَوْلِي يَا طَالِقُ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ الَّذِي قَبْلَهُ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَمْ يُقْبَلْ وَيَدِينُ. فَصْلٌ: فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ لِأَنَّهُ إمَّا شَكٌّ فِي أَصْلِهِ، أَوْ فِي عَدَدِهِ أَوْ فِي مَحِلِّهِ أَوْ فِي صِيغَتِهِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ قَبْلَ تَنْجِيزٍ أَوْ تَعْلِيقٍ، وَهَذِهِ لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا وَقِيَاسُ مَا مَرَّ آنِفًا مِنْ الْوُقُوعِ فِيمَا لَوْ شَكَّ، هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ أَوْ لَا أَنْ يَقَعَ هُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ. قَوْلُهُ: (هَلْ وَقَعَ عَلَيْهِ) وَهُوَ فِي الْمُعَلَّقِ شَكَّ فِي وُجُودِ صِفَتِهِ. قَوْلُهُ: (فَالْأَقَلُّ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ. قَوْلُهُ: (الْوَرَعُ) هُوَ فِي الْأَصْلِ الْكَفُّ عَنْ الْحَرَامِ ثُمَّ اُسْتُعِيرَ هُنَا لِلْكَفِّ عَنْ الْحَلَالِ. قَوْلُهُ: (رَاجَعَ) احْتِيَاطًا وَيَعْتَدُّ بِهَذِهِ الرَّجْعَةِ لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهَا.   [حاشية عميرة] أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَيَمِينٌ) يَدْخُلُ فِي عُمُومِ هَذَا نَحْوُ وَاَللَّهِ مَا فَعَلْته إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ فِيهِ بِأَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ الْفِعْلَ عَلَى الْمَشِيئَةِ بَلْ عَلَى الْقَسَمِ، وَاسْتَشْهَدَ بِأَنَّ مَنْ قَالَ فِي حَلِفِهِ عِنْدَ الْقَاضِي وَاَللَّهِ مَا غَصَبْته إنْ شَاءَ اللَّهُ يُجْعَلُ نَاكِلًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ ذَلِكَ، وَهُوَ يَعْنِي قَوْلَ الْبَارِزِيِّ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ، إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي قَوْلُهُ: (إنْ شَاءَ اللَّهُ) أَمَّا لَوْ قَالَ إنْ شَاءَ زَيْدٌ ثُمَّ شَاءَ فَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَاضِي عَدَمَ اللُّزُومِ وَخَطَّأَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ مِثْلُ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا. وَلَهُ: (وَكُلُّ تَصَرُّفٍ) يَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا لَوْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ يَا طَالِقُ إلَخْ) فَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ بِأَنَّ يَا كَذَا يَقْتَضِي حُصُولَ الْوَصْفِ حَالَةَ النِّدَاءِ، وَلَا يُقَالُ لِلْحَاصِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَنْتِ كَذَا قَدْ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْهُ، وَتَوَقُّعِ الْحُصُولِ كَمَا يُقَالُ لِلْقَرِيبِ مِنْ الْوُصُولِ وَاصِلٌ وَلِقَرِيبِ الشِّفَاءِ أَنْتَ صَحِيحٌ فَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَنْتَظِمُ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَقَدَّمَ) أَيْ فَالْعِلَّةُ هُنَاكَ هِيَ الْعِلَّةُ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَلَا يَحْصُلُ الْخَلَاصُ) كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ، وَلَمْ تَعْلَمْ مَشِيئَتَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَيُفَرَّقُ بِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ إنَّ الْوَجْهَ الثَّانِيَ رَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَرَجَّحَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ. فَرْعٌ: طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَا أَنَّك قُلْت عَقِبَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي إنْ كَانَ لَهُ حَالَةُ غَضَبٍ أُخِذَ بِقَوْلِهِمَا، وَإِلَّا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِمَا وَنَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ، بِأَنَّ فِعْلَ الشَّخْصِ لَا يُرْجَعُ فِيهِ لِلْغَيْرِ كَالْمُصَلِّي وَالشَّاهِدِ. [فَصْلٌ شَكَّ فِي طَلَاقٍ مُنْجَزٍ أَوْ مُعَلَّقٍ] فَصْلٌ قَوْلُهُ: (شَكَّ فِي طَلَاقٍ) أَيْ بِاسْتِوَاءٍ أَوْ رُجْحَانٍ كَنَظِيرِهِ فِي الْحَدَثِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ) كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيمُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي النِّكَاحِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ إلَخْ) خِلَافًا لِمَالِكٍ حَيْثُ أَوْقَعَ الْأَكْثَرَ كَنَجَاسَةٍ فِي ثَوْبٍ جَهِلَ مَوْضِعَهَا، وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الثَّوْبِ كَيْ يُسْتَصْحَبُ الْعَدَمُ فِي غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ تَحَقُّقُهَا فِي طَرَفٍ مِنْ الثَّوْبِ مَعَ الشَّكِّ فِي إصَابَةِ غَيْرِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 الشَّكُّ فِي الْعَدَدِ أَخَذَ بِالْأَكْثَرِ فَإِنْ شَكَّ فِي وُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَنْكِحْهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ (وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ ذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَ آخَرُ إنْ لَمْ يُكْنِهِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَجَهِلَ لَمْ يُحْكَمْ بِطَلَاقِ أَحَدٍ) مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ بِمَا قَالَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِوُقُوعِ طَلَاقِهِ فَتَعْلِيقُ الْآخِرِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ (فَإِنْ قَالَهَا رَجُلٌ لِزَوْجَتَيْهِ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا) لِوُجُودِ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ (وَلَزِمَهُ الْبَحْثُ) عَنْ الطَّائِرِ (وَالْبَيَانُ) لِزَوْجَتَيْهِ إنْ اتَّضَحَ لَهُ لِتُعْلَمَ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ غَيْرِهَا، وَعَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ عَنْهُمَا إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ الْحَالُ، (وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا) كَأَنْ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ أَوْ نَوَاهَا عِنْدَ قَوْلِهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، (ثُمَّ جَهِلَهَا) بِأَنْ نَسِيَهَا (وَقَفَ) الْأَمْرُ مِنْ قُرْبَانٍ وَغَيْرِهِ (حَتَّى يَذْكُرَ) الْمُطَلَّقَةَ أَيْ يَتَذَكَّرَهَا (وَلَا يُطَالَبُ بِبَيَانٍ) لِلْمُطَلَّقَةِ (إنْ صَدَّقَتَاهُ فِي الْجَهْلِ) بِهَا فَإِنْ كَذَّبَتَاهُ وَبَادَرَتْ وَاحِدَةٌ وَقَالَتْ أَنَا الْمُطَلَّقَةُ لَمْ يَكْفِهِ فِي الْجَوَابِ، لَا أَدْرِي بَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ بِطَلَاقِهَا (وَلَوْ قَالَ لَهَا وَلِلْأَجْنَبِيَّةِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَقَالَ قَصَدْت الْأَجْنَبِيَّةَ) قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظَ لِذَلِكَ، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ وَتَطْلُقُ زَوْجَتُهُ لِأَنَّهَا مَحِلُّ الطَّلَاقِ، فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهَا إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ بِالْقَصْدِ (وَلَوْ قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ) وَاسْمُ زَوْجَتِهِ زَيْنَبُ (وَقَالَ قَصَدْت أَجْنَبِيَّةً) اسْمُهَا زَيْنَبُ يَعْرِفُهَا، (فَلَا) يُقْبَلُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَيَدِينُ وَالثَّانِي يُقْبَلُ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِذَلِكَ، (وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَقَصَدَ مُعَيَّنَةً) مِنْهُمَا (طَلُقَتْ وَإِلَّا فَإِحْدَاهُمَا وَيَلْزَمُهُ الْبَيَانُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَالتَّعْيِينُ فِي الثَّانِيَةِ) لَتُعْرَفَ الْمُطَلَّقَةُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (جَدَّدَ) وَيَعْتَدُّ بِهَذَا التَّجْدِيدِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ أَيْضًا، وَيَلْزَمُهُ مَا عَقَدَ بِهِ مِنْ الصَّدَاقِ. قَوْلُهُ: (لِتَحِلَّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ طَلِّقْهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ ثَلَاثًا كَالرَّوْضَةِ وَجُلُّ عِلْمِهِ بِمَا تَعُودُ لَهُ بِهِ لَوْ نَكَحَهَا بَعْدُ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا دُونَ ثَلَاثٍ وَعَادَتْ لَهُ لَمْ يَمْلِكْ عَلَيْهَا غَيْرَ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ: (وَجَهِلَ) فَإِنْ عَلِمَ عَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ مَا لَمْ تَكُنْ مُحَاوَرَةً وَإِلَّا فَهُوَ حَلِفٌ فَلَا يَقَعُ وَإِنَّ الْحَالَ لِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ الظَّنِّ فِيهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَزِمَهُ) أَيْ فَوْرًا فِي الْبَائِنِ وَفِي الرَّجْعِيِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَمَحِلُّهُ إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الطَّائِرِ وَطَلَبْنَا مِنْهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَمَحِلُّهُ أَيْضًا إنْ لَمْ تَكُنْ مُحَاوَرَةً كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا وُقُوعَ أَصْلًا. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ عَنْهُمَا) وَهَذَا يُفِيدُ امْتِنَاعَ الْقَسَمِ لِزَوْجَةٍ لَهُ غَيْرُهُمَا. قَوْلُهُ: (إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ الْحَالُ) يُفِيدُ أَنَّ مَعْنَى الْبَيَانِ إظْهَارُ الزَّوْجَةِ الَّتِي صِفَةُ الْوُقُوعِ لَهَا لِتُعْلَمَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ) لَيْسَتْ لِلتَّرْتِيبِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ نَسِيَهَا) الْأَوْلَى كَأَنْ لِيَدْخُلَ مَا لَوْ كَانَتْ فِي ظُلْمَةٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (يَتَذَكَّرُهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنْ يَذَّكَّرَ مُشَدَّدُ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. قَوْلُهُ: (إنْ صَدَّقَتَاهُ) وَلَهُ مُرَاجَعَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا لَا بِقَوْلِهِ رَاجَعْت الْمُطَلَّقَةَ مِنْكُمَا أَوْ إحْدَاكُمَا قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَذَّبَتَاهُ) الْأَوْلَى فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقَاهُ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَحْلِفُ إلَخْ) وَهَلْ تَتَعَيَّنُ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَقَضَى بِطَلَاقِهَا) وَلَيْسَ لَهُ تَمَتُّعٌ بِالْبَاقِيَةِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُكْمِيٌّ هُنَا فَلَوْ ادَّعَتْ أَيْضًا أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ بِطَلَاقِهَا أَيْضًا، وَحَيْثُ حُكِمَ بِطَلَاقِهِمَا بِحَلِفِهِمَا فَهُوَ فِي الظَّاهِرِ فَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ الْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْأُخْرَى زَوْجَتُهُ فَيُدَيَّنُ فِيهَا، وَلَهَا مُطَاوَعَتُهُ إنْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ وَلَهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ إنْ أَمْكَنَ. تَنْبِيهٌ: اسْتَشْكَلَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهِ لَا أَدْرِي مَعَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا عِنْدَهُ وَإِلْزَامُهُ الْبَيَانُ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقٍ مُمْتَنِعٌ، وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا عِنْدَهُ لِاحْتِمَالِ تَدْلِيسِهِ، وَبِأَنَّ ذَلِكَ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَلِأَجْنَبِيَّةٍ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَأَمَةُ نَفْسِهِ كَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَخَرَجَ بِهَا الْأَجْنَبِيُّ وَالْبَهِيمَةُ فَلَا يُقْبَلُ وَتَطْلُقُ زَوْجَتُهُ قَطْعًا نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ مُطَلَّقَةً وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ، لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ إلَّا إنْ قَصَدَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ مَعَ صِدْقِ لَفْظِ إحْدَاهُمَا عَلَيْهِمَا صِدْقًا وَاحِدًا وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ فِيمَا لَوْ قَالَ لِأُمِّ زَوْجَتِهِ بِنْتُك طَالِقٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابًا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (يَعْرِفُهَا) مِثَالُ وَقِيلَ قَيْدٌ لِلْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُقْبَلُ) وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِعَدَمِ صِدْقِ اللَّفْظِ هُنَا بَاطِنًا نَعَمْ إنْ كَانَتْ زَيْنَبُ مُطَلَّقَةً وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَعَرَفَهُ وَادَّعَى قَصْدَهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ وَاحِدَةً لَا بِعَيْنِهَا أَوْ قَصَدَهُمَا مَعًا أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَنْزِلُ كَلَامُ الْإِمَامِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمَنْهَجِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا) كَذَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا) مِنْ فَوَائِدِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا إذَا عَادَتْ لَهُ بَعْدَ الزَّوْجِ تَعُودُ بِالثَّلَاثِ. قَوْلُهُ: (وَلَزِمَهُ الْبَحْثُ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَوَاهَا عِنْدَ قَوْلِهِ إلَخْ) هَذِهِ بِعَيْنِهَا هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ الْآتِي وَقَصَدَ مُعَيَّنَةً، وَلَكِنَّ وَجْهَ الْمُخَالَفَةِ دَعْوَى النِّسْيَانِ هُنَا بِخِلَافِ الْآتِي ثُمَّ إنَّ سَائِرَ الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ جَارِيَةٌ فِي مِثَالِ الشَّارِحِ هَذَا وَالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ قَبِيلَهُ وَكَذَا فِي تَعْلِيقِ الرَّجُلِ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِمُتَنَاقِضَيْنِ السَّابِقَةِ فِي الْمَتْنِ كَمَا صَرَّحَ بِكُلِّ ذَلِكَ فِي الْإِرْشَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ قَصَدْت الْأَجْنَبِيَّةَ) احْتَرَزَ عَمَّا لَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، بِأَنَّ اللَّفْظَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ) فَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ إحْدَاكُمَا مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بِخِلَافِ زَيْنَبَ، فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ بِحُكْمِ الْوَضْعِ إلَّا مَحِلًّا وَاحِدًا، فَلِهَذَا قُبِلَتْ الْإِرَادَةُ فِي ذَاكَ دُونَ هَذَا. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَإِحْدَاهُمَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ يَشْمَلُ مَا لَوْ نَوَى إحْدَاكُمَا بِعَيْنِهَا أَوْ أَطْلَقَ أَوْ نَوَاهُمَا مَعًا وَبِالثَّالِثَةِ صَرَّحَ الْإِمَامُ كَمَا نَقَلَهُ عِنْدَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 مِنْهُمَا، (وَتُعْزَلَانِ عَنْهُ إلَى الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ وَعَلَيْهِ الْبِدَارُ بِهِمَا) أَيْ بِالْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ، وَكَذَا الرَّجْعِيُّ فِي وَجْهٍ فَإِنْ أَخَّرَ عَصَى وَإِنْ امْتَنَعَ عُزِّرَ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّجْعِيِّ لَا بِدَارَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ، (وَنَفَقَتُهُمَا فِي الْحَالِ) إلَى أَنْ يُبَيِّنَ أَوْ يُعَيِّنَ لِحَبْسِهِمَا عِنْدَهُ حَبْسَ الزَّوْجَاتِ إلَى ذَلِكَ وَإِذَا بَيَّنَ أَوْ عَيَّنَ لَا يَسْتَرِدُّ الْمَصْرُوفَ إلَى الْمُطَلَّقَةِ لِمَا ذَكَرَ (وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِاللَّفْظِ) فِي حَالَتَيْ التَّعْيِينِ وَعَدَمِهِ، (وَقِيلَ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ فَعِنْدَ التَّعْيِينِ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَنْزِلُ إلَّا فِي مَحِلٍّ مُعَيَّنٍ، وَدُفِعَ هَذَا بِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُمَا إلَى التَّعْيِينِ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَوْلَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ قَبْلَهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُمَا، (وَالْوَطْءُ) لِإِحْدَاهُمَا (لَيْسَ بَيَانًا) فِي الْحَالَةِ الْأُولَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْأُخْرَى لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطَأَ الْمُطَلَّقَةَ (وَلَا تَعْيِينًا) فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ لِغَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ لِلطَّلَاقِ بَلْ يُطَالَبُ بِالْبَيَانِ وَالتَّعْيِينِ فَإِنْ بَيَّنَ الْمُطَلَّقَةَ بِغَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ قُبِلَ وَكَذَا بِالْمَوْطُوءَةِ لَكِنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَالْمَهْرُ لِجَهْلِهَا بِأَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ، وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَ لِلطَّلَاقِ غَيْرَ الْمَوْطُوءَةِ وَكَذَا الْمَوْطُوءَةُ لَكِنَّ عَلَيْهِ الْمَهْرَ بِنَاءً عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ عِنْدَ اللَّفْظِ، (وَقِيلَ) الْوَطْءُ (تَعْيِينٌ) فَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ أَيَّتِهِمَا شَاءَ، (وَلَوْ قَالَ مُشِيرًا إلَى وَاحِدَةٍ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ فَبَيَانٌ) لَهَا أَوْ هَذِهِ الزَّوْجَةُ فَبَيَانٌ أَنَّ غَيْرَهَا الْمُطَلَّقَةُ (أَوْ) قَالَ مُشِيرًا إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (أَرَدْت هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ) أَوْ هَذِهِ مَعَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ هَذِهِ (حُكِمَ بِطَلَاقِهِمَا) فِي الظَّاهِرِ لِإِقْرَارِهِ بِهِ بِمَا قَالَهُ وَرُجُوعُهُ بِذِكْرٍ بَلْ عَنْ الْإِقْرَارِ بِطَلَاقِ الْأُولَى لَا يُقْبَلُ، أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْمُطَلَّقَةُ مَنْ نَوَاهَا فَقَطْ قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ فَإِنْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ الْبِدَارُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنْ لَمْ يَدَّعِ نِسْيَانًا وَطَلَبَتَاهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّهُ حَقُّهُمَا، وَإِنَّمَا حَقُّ اللَّهِ الِاعْتِزَالُ وَقَدْ وُجِدَ وَهُوَ مُتَّجَهُ الْمُدْرَكِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ وَلَا يُمْهَلُ لَوْ اسْتَمْهَلَ فِي كُلِّ مَا مَرَّ، وَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَنَفَقَتُهُمَا) بِمَعْنَى الْمُؤْنَةِ تَجِبُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) أَيْ فَلَا تُؤَخَّرُ إلَى بَيَانٍ أَوْ تَعْيِينٍ فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِاللَّفْظِ) وَتَجِبُ الْعِدَّةُ مِنْهُ فِي الْبَيَانِ وَمِنْ التَّعْيِينِ فِيهِ وَتَأْخِيرُ حُسْبَانِهَا لَا يَضُرُّ كَمَا فِي طَلَاقِ الْحَائِضِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ بَيَانًا إلَخْ) لِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ لَا يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ ابْتِدَاءً فَلَا يَتَدَارَكُ بِهِ كَالرَّجْعَةِ، وَخَرَجَ بِمِلْكِ النِّكَاحِ مِلْكُ غَيْرِهِ. فَيَحْصُلُ بِالْفِعْلِ كَالسَّبْيِ وَالِاحْتِطَابِ وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ، ثُمَّ وَطِئَ وَاحِدَةً عَتَقَتْ الْأُخْرَى. قَوْلُهُ: (لَكِنَّ عَلَيْهِ الْمَهْرَ) أَيْ لَا الْحَدَّ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِلشُّبْهَةِ. قَوْلُهُ: (فَبَيَانٌ لَهَا) أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ فَإِنْ ادَّعَتْ الْأُخْرَى أَنَّهَا الْمُرَادَةُ بِالطَّلَاقِ فَلَهَا تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حَلَفَتْ وَطَلُقَتْ أَيْضًا، وَلَا يَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي التَّعْيِينِ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَوَاهُمَا جَمِيعًا) أَيْ بِقَوْلِهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَالْوَجْهُ أَنَّهُمَا لَا يُطَلَّقْنَ أَيْ مَعًا بَلْ تَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ، فَيُسَاوِي مَا قَبْلَهُ فَلَوْ دَفَعَ لِتَوَهُّمِ طَلَاقِهِمَا مَعًا إذَا نَوَاهُمَا مَعًا، وَيَخْرُجُ فِي هَذِهِ مِنْ الْبَيَانِ إلَى التَّعْيِينِ كَمَا مَرَّ. وَيُحْكَمُ بِطَلَاقِ الْأُولَى مِنْهُمَا كَمَا يَأْتِي، وَهَذَا هُوَ الَّذِي   [حاشية عميرة] الرَّافِعِيِّ قَالَ وَلَا يَجِيءُ فِيهِ التَّرَدُّدُ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَنَوَى ثَلَاثًا لِأَنَّ حَمْلَ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ عَلَيْهِمَا لَا وَجْهَ لَهُ اهـ. قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُهُ الْبَيَانُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا وَجْهَ لِإِيجَابِ ذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَبِ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ حَقِّ الزَّوْجَيْنِ، وَحَقُّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الِانْعِزَالُ عَنْهُمَا وَقَدْ أَوْجَبْنَاهُ اهـ. وَقَوْلُهُ لِمَحْضِ حَقِّهِمَا كَأَنَّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (وَتُعْزَلَانِ عَنْهُ) أَيْ إنْ لَمْ نَجْعَلْ الْوَطْءَ تَعْيِينًا فَإِنْ جَعَلْنَاهُ فَلَا حَبْسَ فِي مَسْأَلَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ الْبِدَارُ بِهِمَا) اقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَمْهَلَ لَا يُمْهَلُ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُمْهَلُ كَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ، فَإِنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثًا وَهَذَا الْقِيَاسُ صَحِيحٌ، إذَا عَيَّنَ فَنَسِيَ أَوْ أَبْهَمَ فَإِنْ عَيَّنَ وَلَمْ يَدَّعِ النِّسْيَانَ فَلَا وَجْهَ لِلْإِمْهَالِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا نُسَلِّمُ اللُّزُومَ وَلَا الْعِصْيَانَ بِالتَّأْخِيرِ مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ قَائِمَةً اهـ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ فِي الرَّجْعِيِّ لَا بِدَارَ عَلَيْهِ) أَيْ مُدَّةَ الْعِدَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) قِيلَ مُسْتَدْرِكٌ لِأَنَّهُ قَالَ وَنَفَقَتُهُمَا بِالتَّثْنِيَةِ. قَوْلُهُ: (لَا يَسْتَرِدُّ الْمَصْرُوفَ) قَالَ الْإِمَامُ وَهُوَ مِنْ النَّوَادِرِ لِأَنَّهَا نَفَقَةُ بَائِنٍ. [الطَّلَاقُ بِاللَّفْظِ] قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَنْزِلُ إلَخْ) تَتِمَّتُهُ فِي الرَّافِعِيِّ وَلَكِنَّ قَوْلَ الزَّوْجِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ جَزْمٌ مِنْهُ بِالْإِيقَاعِ فَاقْتَضَى إيقَاعَ الْحَيْلُولَةِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ قَدْ صَدَرَ صُدُورًا لَا يُرَدُّ فَلَمْ يَسْتَقِلَّ بِمُسْتَقِلٍّ لِيَقَعَ، وَلَمْ يُعَلَّقْ لِيُنْتَظَرَ وَكَانَ مُقْتَضَاهُ إلْزَامَ الزَّوْجِ إتْمَامَهُ، وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ فَإِذَا أَتَمَّهُ وَقَعَ فَكَأَنَّهُ أَوْجَبَ الطَّلَاقَ وَلَمْ يُوقِعْهُ. قَوْلُهُ: (يُمْنَعُ مِنْهُمَا) وَلِأَنَّ التَّعْيِينَ بَيْنَ الَّتِي اخْتَارَهَا لِلنِّكَاحِ فَيَكُونُ انْدِفَاعُ نِكَاحِ الْأُخْرَى بِاللَّفْظِ السَّابِقِ نَعَمْ الْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ التَّعْيِينِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ بَيَانًا) أَيْ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِالْفِعْلِ فَكَذَا الْإِخْبَارُ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَعْيِينٌ) أَيْ لِأَنَّ التَّعْيِينَ إنْشَاءُ اخْتِيَارٍ وَالْوَطْءَ دَالٌّ عَلَيْهِ كَوَطْءِ الْمَبِيعَةِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَرُدَّ بِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ لَا يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ، فَلَا يَتَأَوَّلُ بِهِ بِخِلَافِ مِلْكِ الْيَمِينِ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَ تَعْيِينًا لَمَا امْتَنَعَ مِنْهُمَا وَرَدَّ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَخِيرَ، بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ تَعْيِينًا أَنْ يَكُونَ حَلَالًا وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَالَ إنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (فَبَيَانٌ) أَيْ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ إرَادَةٍ سَابِقَةٍ. قَوْلُهُ: (أَرَدْت) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ مَحِلَّ كَلَامِهِ هُنَا عِنْدَ سَبْقِ التَّعْيِينِ فَيَكُونُ الْكَلَامُ فِي الْبَيَانِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ السَّابِقُ إبْهَامًا فَلَا إرَادَةَ مَعَهُ، وَأَمَّا حُكْمُ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ عَنْ الْمُطَالَبَةِ بِالتَّعْيِينِ فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (لِإِقْرَارِهِ بِهِ) أَيْ فَالطَّلَاقُ إنَّمَا هُوَ بِإِقْرَارٍ لَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 نَوَاهُمَا جَمِيعًا فَالْوَجْهُ أَنَّهُمَا لَا يُطَلَّقَانِ إذْ لَا وَجْهَ لِحَمْلِ إحْدَاكُمَا عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ أَرَدْت هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَهَذِهِ حُكِمَ بِطَلَاقِ الْأُولَى فَقَطْ، كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَالتَّتِمَّةِ لِفَصْلِ الثَّانِيَةِ بِالتَّرْتِيبِ وَالتَّعْقِيبِ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ فِي ثُمَّ وَاعْتَرَضَهُ بِتَضَمُّنِ الْكَلَامِ الِاعْتِرَافَ بِالطَّلَاقِ فِيهِمَا، فَلْيُحْكَمْ بِوُقُوعِهِ فِيهِمَا، كَمَا فِي الْوَاوِ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْفَاءِ وَهِيَ كَثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَأَلْحَق الِاعْتِرَاضَ لَكِنْ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ وَلَوْ قَالَ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ بِالتَّعْيِينِ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ وَهَذِهِ أَوْ بَلْ هَذِهِ أَوْ ثُمَّ هَذِهِ تَعَيَّنَتْ الْأُولَى وَلَغَا ذِكْرُ غَيْرِهَا لِأَنَّ التَّعْيِينَ إنْشَاءُ اخْتِيَارٍ لَا إخْبَارٌ عَنْ سَابِقٍ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ فَيَلْغُو ذِكْرُ اخْتِيَارِهَا غَيْرَهَا، (وَلَوْ مَاتَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ بَيَانٍ وَتَعْيِينٍ بَقِيَتْ مُطَالَبَتُهُ) ، أَيْ الْمُطَالَبَةُ فَإِذَا بَيَّنَ أَوْ عَيَّنَ لَمْ يَرِثْ مِنْ الْمُطَلَّقَةِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَإِنْ قِيلَ بِوُقُوعِهِ عِنْدَ التَّعْيِينِ لِسَبْقِ الْإِيقَاعِ وَيَرِثُ مِنْ الْأُخْرَى، (وَلَوْ مَاتَ) قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ، (فَالْأَظْهَرُ قَبُولُ بَيَانِ وَارِثِهِ لَا) قَبُولُ (تَعْيِينِهِ) لِأَنَّ الْبَيَانَ إخْبَارٌ يُمْكِنُ وُقُوفُ الْوَارِثِ عَلَيْهِ بِخَبَرٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَالتَّعْيِينُ اخْتِيَارُ شَهْوَةٍ، فَلَا يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِيهِ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ بَيَانُهُ وَتَعْيِينُهُ كَمَا يَخْلُفُهُ فِي حُقُوقِهِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَالثَّالِثُ لَا يُقْبَلُ بَيَانُهُ، وَلَا تَعْيِينُهُ لِأَنَّ حُقُوقَ النِّكَاحِ لَا تُورَثُ (وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ) هَذَا الطَّائِرُ، (غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَإِلَّا فَعَبْدِي حُرٌّ وَجَهِلَ مُنِعَ مِنْهُمَا) لِزَوَالِ مُلْكِهِ عَنْ إحْدَاهُمَا فَلَا يَسْتَمْتِعُ بِالزَّوْجَةِ وَلَا يَسْتَخْدِمُ الْعَبْدَ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ (إلَى الْبَيَانِ) لِتَوَقُّعِهِ وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا إلَيْهِ (فَإِنْ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ بَيَانُ الْوَارِثِ عَلَى الْمَذْهَبِ) ، لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي بَيَانِ أَنَّ الطَّائِرَ غُرَابٌ بِمَنْعِ الْمَرْأَةِ مِنْ الْإِرْثِ وَإِبْقَاءِ الْعَبْدِ فِي الرِّقِّ وَالطَّرِيقِ، وَالثَّانِي فِيهِ قَوْلَا الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ بَيْنَ الزَّوْجَتَيْنِ، (بَلْ يَقْرَعُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَة) فَلَعَلَّ الْقُرْعَةَ تَخْرُجُ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ فِي الْعِتْقِ دُونَ الطَّلَاقِ (فَإِنْ قُرِعَ) أَيْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَيْهِ (عَتَقَ) ، بِأَنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَخَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَتَرِثُ الْمَرْأَةُ إلَّا إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا طَلُقَتْ بِالتَّعْيِينِ، وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا (أَوْ قُرِعَتْ) أَيْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَيْهَا (لَمْ تَطْلُقْ) إذْ لَا أَثَرَ لِلْقُرْعَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالْوَرَعُ أَنْ تَتْرُكَ الْمِيرَاثَ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُرَقُّ) أَيْ لَا يَرْجِعُ إلَى تَمَحَّضَ الرِّقِّ بَلْ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ مِنْ تَعْلِيقِ عِتْقِهِ وَيَسْتَمِرُّ الْإِشْكَالُ بِحَالِهِ وَالثَّانِي يُرَقُّ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ   [حاشية قليوبي] يَجِبُ فَهْمُهُ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ وَمَا قِيلَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (حُكِمَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا سَيَذْكُرُ تَرْجِيحَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (بِالتَّرْتِيبِ) وَمِثْلُهُ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةُ فَلَوْ قَالَ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ أَوْ بَعْدَهَا هَذِهِ حُكِمَ بِطَلَاقِ الْأُولَى فَقَطْ، أَوْ هَذِهِ بَعْدَ هَذِهِ أَوْ قَبْلَهَا هَذِهِ حُكِمَ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ كَمَا فِي الْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَالتَّعْقِيبِ) مُسْتَدْرَكٌ أَوْ هُوَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ جَوَازِ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَاَلَّذِي تُفِيدُهُ ثُمَّ. قَوْلُهُ: (وَاعْتَرَضَهُ إلَخْ) وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِمَا لَا يَحْتَمِلُهُ الْكَلَامُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ يَبْعُدُ كُلَّ الْبَعْدِ قَصْدُ طَلَاقَيْنِ لِامْرَأَتَيْنِ مُرَتَّبَيْنِ بِلَفْظِ إحْدَاكُمَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ ثُمَّ هَذِهِ) أَوْ فَهَذِهِ. فَرْعٌ: قَالَ النَّوَوِيُّ لَوْ جَلَسَ زَوْجَاتُهُ الْأَرْبَعُ صَفًّا، فَقَالَ الْوُسْطَى مِنْكُنَّ طَالِقٌ طَلُقَتْ إحْدَى الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ وَقِيلَ يُطَلَّقَانِ وَقِيلَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمُطَالَبَةُ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ، وَيُعْلَمُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الرَّجْعِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّهَا تَرِثُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ فَوْرِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (وَيَرِثُ مِنْ الْأُخْرَى) فَإِنْ نَازَعَهُ وَرَثَتُهَا فَلَهُمْ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ حَلَفَ طَالَبُوهُ بِكُلِّ الْمَهْرِ إنْ وَطِئَ، وَإِلَّا فَبِنِصْفِهِ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفُوا وَلَا يَرِثُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إرْثٌ بِأَنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً وَالزَّوْجُ مُسْلِمٌ، فَلَا بَيَانَ وَيُوقَفُ مِنْ تَرِكَةِ كُلٍّ عِنْدَ الْإِرْثِ حِصَّةُ زَوْجٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ إلَخْ) وَلَوْ قَبْلَ مَوْتِهِمَا أَوْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَيْنِ وَهُمَا حُكْمُ الزَّوْجَةِ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسْتَخْدَمُ الْعَبْدُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْكَسْبِ لَوْ كَانَ كَسُوبًا. قَوْلُهُ: (إلَى الْبَيَانِ) الْمَسْبُوقِ بِالْبَحْثِ فَلَا يَلْزَمُ أَيْضًا عَلَى الْفَوْرِ كَمَا تَقَدَّمَ لَكِنْ مَعَ الطَّلَبِ عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَإِذَا بَيَّنَ فِي الْعَبْدِ عَتَقَ، وَلِلزَّوْجَةِ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَطَلُقَتْ وَكَذَا عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (لِتَوَقُّعِهِ) فَلَوْ لَمْ يَتَوَقَّعْ فَلَا بَيَانَ وَلَا يَأْتِي هُنَا التَّعْيِينُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكَلَّفَ بِهَا الْعَبْدُ الْكَسُوبُ مِنْ غَيْرِ كَسْبِهِ لِأَنَّهُ إمَّا حُرٌّ، أَوْ هُوَ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ كَالْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَاتَ) أَيْ قَبْلَ الْبَيَانِ فِي صُورَةِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْبَلْ بَيَانُ وَارِثِهِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ وَيُقْبَلُ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَيْنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَإِنْ بَيَّنَ فِي الزَّوْجَةِ قُبِلَ قَطْعًا، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ يُقْرَعُ لَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ نَظَرًا لِحَقِّ الْعَبْدِ فِي الْعِتْقِ وَالْمَيِّتِ فِي الرِّقِّ لِيُوَفَّى دَيْنُهُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فِيهِ قَوْلَانِ إلَخْ) وَمَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمَا الْقَبُولُ. قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ كُلُّهُ فَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ عَتَقَ   [حاشية عميرة] بِقَوْلِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِطَلَاقِهِمَا مَعًا كَمَا أَسْلَفْنَاهُ وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ قَرِيبًا قَوْلُهُ: (فَالْوَجْهُ أَنَّهُمَا لَا يُطَلَّقَانِ) أَيْ بَلْ تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (بِالتَّرْتِيبِ وَالتَّعْقِيبِ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ فَقَدْ أَثْبَتَ فِي الثَّانِيَةِ طَلَاقًا عَلَى مُوجِبِ التَّرْتِيبِ، وَهُوَ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا وَاحِدَةً. قَوْلُهُ: (غَيْرَهَا) سَوَاءٌ قُلْنَا تَطْلُقُ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالتَّعْيِينِ لِأَنَّ التَّعْيِينَ إنْشَاءٌ مُتَمِّمٌ لِلَّفْظِ السَّابِقِ لَا إخْبَارٌ عَمَّا وَقَعَ. قَوْلُهُ: (بَقِيَتْ مُطَالَبَتُهُ) هَذَا فِي الرَّجْعِيِّ لَا وَجْهَ لَهُ، لِأَنَّ الْمِيرَاثَ فِيهِ ثَابِتٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. قَوْلُهُ: (بِمَنْعِ الْمَرْأَةِ مِنْ الْإِرْثِ) فَلَوْ قَالَ حَنِثْت فِي الْعَبْدِ قُبِلَ قَطْعًا قَوْلُهُ: (قَوْلَا الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ) أَيْ وَالْأَصَحُّ مِنْهُمَا الْقَبُولُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْبَيَانِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ ارْتَبَطَ بِمُعَيَّنٍ وَلَكِنْ لَا يَعْرِفُهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ ذَلِكَ لَوْ كَمَا لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِنِكَاحٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْمَالُ دُونَ النِّكَاحِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 الْوَارِثُ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَزُولُ الْإِشْكَالُ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْقُرْعَةَ تُؤَثِّرُ فِي الرِّقِّ كَالْعِتْقِ فَكَمَا يُعْتَقُ إذَا خَرَجَتْ عَلَيْهِ يُرَقُّ إذَا خَرَجَتْ عَلَى عَدِيلِهِ وَدُفِعَ بِأَنَّهَا تُؤَثِّرُ فِي عَدِيلِهِ فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ. فِصَلٌ: الطَّلَاقُ سُنِّيٌّ وَبِدْعِيٌّ وَيَحْرُمُ الْبِدْعِيُّ وَهُوَ ضَرَبَانِ أَحَدُهُمَا (طَلَاقٌ فِي حَيْضِ مَمْسُوسَةٍ) أَيْ مَوْطُوءَةٍ وَحُرْمَةُ هَذَا لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ وَبَقِيَّةُ الْحَيْضِ لَا تُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ وَالْمُعَنَّى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ، (وَقِيلَ إنْ سَأَلَتْهُ) أَيْ سَأَلَتْ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ (لَمْ يَحْرُمْ) لِرِضَاهَا بِطُولِ الْمُدَّةِ، (وَيَجُوزُ خُلْعُهَا فِيهِ) لِحَاجَتِهَا إلَى الْخَلَاصِ بِالْمُفَارَقَةِ حَيْثُ افْتَدَتْ بِالْمَالِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] (لَا أَجْنَبِيٍّ) أَيْ لَا يَجُوزُ خُلْعُهُ فِي الْحَيْضِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فِيهِ وُجُودَ حَاجَتِهَا إلَى الْخَلَاصِ بِالْمُفَارَقَةِ، وَالثَّانِي يَجُوزُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إنَّمَا يَبْذُلُ الْمَالَ لِحَاجَتِهَا إلَى الْخَلَاصِ وَيَحْرُمُ الطَّلَاقُ فِي النِّفَاسِ كَالْحَيْضِ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُحَرَّمَ شَامِلٌ لَهُ، (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقُ مَعَ آخِرِ حَيْضِك فَسُنِّيٌّ فِي الْأَصَحِّ) لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ الطُّهْرُ الْمُحْتَوِشُ بِدَمَيْنِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعِدَّةِ وَالثَّانِي بِدْعِيٌّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ الِانْتِقَالُ مِنْ الطُّهْرِ إلَى الْحَيْضِ فَلَا يَسْتَعْقِبُ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ (أَوْ مَعَ آخِرِ طُهْرٍ) عَيَّنَهُ (لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ فَبِدْعِيُّ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْقِبُ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْءِ وَقِيلَ سُنِّيٌّ بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِهِ فَالْمُرَادُ بِالْمَذْهَبِ هُنَا الْمُعَبَّرُ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا الرَّاجِحُ (وَ) الضَّرْبُ الثَّانِي (طَلَاقٌ فِي طُهْرِ وَطِئَ فِيهِ مَنْ قَدْ تَحْبَلُ) بِأَنْ لَا تَكُونَ صَغِيرَةً وَلَا آيِسَةً، (وَلَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ) وَحُرْمَةٌ هَذَا لِأَدَائِهِ إلَى النَّدَمِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُطَلِّقُ الْحَائِلَ دُونَ الْحَامِلِ وَعِنْدَ النَّدَمِ قَدْ لَا يُمْكِنُ التَّدَارُكُ فَيَتَضَرَّرُ الْوَلَدُ، (فَلَوْ وَطِئَ حَائِضًا وَطَهُرَتْ فَطَلَّقَهَا فَبِدْعِيٌّ) أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) ، فَيَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ الْمُؤَدِّي   [حاشية قليوبي] فَقَطْ مَا لَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ فِي الْكُلِّ. قَوْلُهُ: (وَالْوَرَعُ أَنْ تَتْرُكَ الْمِيرَاثَ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ رُجُوعُهُ لِلثَّانِيَةِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا إرْثٌ فَتَتْرُكَهُ لِبَقَاءِ الْإِشْكَالِ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تُطَالِبُ الْوَرَثَةَ، وَأَمَّا رُجُوعُهُ لِلْأُولَى فَوَاضِحٌ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يَرْجِعُ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ مِنْ حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (وَيَسْتَمِرُّ الْإِشْكَالُ) وَلَا تُعَادُ الْقُرْعَةُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ الْمُرَادُ بِهِمَا. قَوْلُهُ: (الطَّلَاقُ) خَرَجَ الْفَسْخُ وَعِتْقُ الْمُسْتَفْرَشَةِ فَلَا تُوصَفُ بِسُنَّةٍ وَلَا بِدْعَةٍ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ الْبِدْعِيُّ) وَيَنْفُذُ. قَوْلُهُ: (طَلَاقٌ) وَلَوْ مِنْ وَكِيلٍ لَمْ يَنُصَّ لَهُ مُوَكِّلُهُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فِي حَيْضِ) بِوُقُوعِ جَمِيعِ لَفْظِهِ فِيهِ أَيْ لَا مَعَ آخِرِهِ، فَلَوْ ابْتَدَأَهُ فِيهِ وَتَمَّ فِي الْآخِرِ لَمْ يَكُنْ بِدْعِيًّا فَلَا يَحْرُمُ، وَأَمَّا عَكْسُهُ بِأَنْ وَقَعَ لَفْظُ أَنْتِ فِي الطُّهْرِ وَلَفْظُ طَالِقٍ فِي الْحَيْضِ لَمْ يَكُنْ بِدْعِيًّا تَشَوُّفًا لِلْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (مَوْطُوءَةٍ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَيْضًا لَا رَجْعِيَّةً لِأَنَّهَا تُبْنَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ خُلْعُهَا فِيهِ) أَيْ إنْ كَانَ بِمَالِهَا وَسُؤَالِهَا وَإِلَّا فَبِدْعِيٌّ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (إنَّمَا يُبْذَلُ الْمَالُ) فَهُوَ لَيْسَ بِمَالِهَا وَإِلَّا جَازَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَعَ آخِرِ حَيْضِك فَسُنِّيٌّ) أَوْ فِي آخِرِهِ أَوْ عِنْدَ آخِرِهِ، فَسُنِّيٌّ مِنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ بِدْعِيٌّ وَكَذَا يُقَالُ فِي الطُّهْرِ الْمَذْكُورِ بَعْدُ، فَهُوَ سُنِّيٌّ أَيْضًا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (عَيْنُهُ) هُوَ قَيْدٌ لِمَعْرِفَتِهِ لِأَنَّهُ إذَا أَطْلَقَهُ فَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى طُهْرٍ يَلِي التَّعْلِيقَ وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى الطُّهْرِ الَّذِي قَبْلَ مَوْتِهَا كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ. قَوْلُهُ: (فَالْمُرَادُ بِالْمَذْهَبِ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَطِئَ فِيهِ) وَفِي الدُّبُرِ وَاسْتِدْخَالِ الْمَاءِ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَنْ تَكُونَ الْبَقِيَّةُ إلَخْ) فِيهِ إبْهَامٌ أَنَّ مَحِلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْوَطْءُ بَعْدَ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالْوَرَعُ أَنْ تَتْرُكَ الْمِيرَاثَ إلَخْ) هُوَ يُوهِمُ أَنَّ لَهَا الْآنَ سَبِيلًا إلَى الْمِيرَاثِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّ الْإِشْكَالَ مُسْتَمِرٌّ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ. [فِصَلٌ الطَّلَاقُ سُنِّيٌّ وَبِدْعِيٌّ] فَصْلٌ قَوْلُهُ: (طَلَاقٌ سُنِّيٌّ وَبِدْعِيٌّ) خَرَجَ بِالطَّلَاقِ الْفُسُوخُ وَعِتْقُ الْمُسْتَفْرَشَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بِدْعِيًّا وَتَعْلِيلُهُ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ الْبِدْعِيُّ) أَيْ وَيَنْفُذُ لِأَنَّهُ إزَالَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّغْلِيبِ، فَلَا يَمْنَعُهُ تَضَرُّرُ الْمَمْلُوكِ قَوْلُهُ: (مَمْسُوسَةٌ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَمِثْلُ ذَلِكَ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ وَلَيْسَ مِنْ الْبِدْعِيِّ مَا يَقَعُ فِي الْحَيْضِ مِنْ طَلَاقِ الْمَوْلَى وَالْحَكَمَيْنِ، وَكَذَا قَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ مَعَ آخِرِ حَيْضِك، كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُعَلَّقُ يُنْظَرُ فِيهِ إلَى وَقْتٍ لِصِفَةٍ، وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ بِدْعِيًّا اسْتِحْبَابُ الْمُرَاجَعَةِ إذْ لَا إثْمَ نَعَمْ إنْ أَوْقَعَ الصِّفَةَ بِاخْتِيَارِهِ، أَوْ عَلِمَ وُقُوعَهَا فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ، فَالظَّاهِرُ التَّأْثِيمُ قَوْلُهُ: (لِرِضَاهَا بِطُولِ الْمُدَّةِ) رُدَّ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَنْكَرَ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ لَمْ يَسْتَفْصِلْ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُرْءِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَقُولُ هَذَا بِتَحْرِيمِ طَلَاقِ الْمَمْسُوسَةِ فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ الظَّاهِرُ لَا. قَوْلُهُ: (وَحُرْمَةُ هَذَا إلَخْ) اسْتَدَلُّوا لَهُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا. قَوْلُهُ: (فَطَلَّقَهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ كَمَا يُفْهِمُهُ الْفَاءُ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِذَلِكَ لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 إلَى النَّدَمِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِي لَيْسَ بِبِدْعِيٍّ فَلَا يَحْرُمُ لِإِشْعَارِ بَقِيَّةِ الْحَيْضِ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَدُفِعَ بِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْبَقِيَّةُ مِمَّا دَفَعَتْهُ الطَّبِيعَةُ أَوْ لَا وَهَيَّأَتْهُ لِلْخُرُوجِ، (وَيَحِلُّ خُلْعُهَا) أَيْ الْمَوْطُوءَةِ فِي الطُّهْرِ، (وَطَلَاقُ مَنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا) ، لِأَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ وَظُهُورَ الْحَمْلِ يُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ، وَلَوْ كَانَتْ الْحَامِلُ تَرَى الدَّمَ، وَقُلْنَا هُوَ حَيْضٌ لَمْ يَحْرُمْ الطَّلَاقُ فِيهِ لِأَنَّ عِدَّتَهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ. تَنْبِيهٌ: سُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَنْ بَيَانِ مَعْنَى السُّنِّيِّ وَحُكْمِهِ، يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مَا عَدَا الْبِدْعِيَّ وَأَنَّهُ جَائِزٌ وَذَلِكَ مَاشٍ عَلَى أَحَدِ الِاصْطِلَاحَيْنِ أَنَّ السُّنِّيَّ جَائِزٌ، وَالْبِدْعِيَّ الْحَرَامُ وَالِاصْطِلَاحُ الثَّانِي الْمَشْهُورُ أَنَّ السُّنِّيَّ بَعْضُ الْجَائِزِ كَطَلَاقِ مَمْسُوسَةٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ، وَلَيْسَتْ بِحَامِلٍ وَأَنَّ طَلَاقَ الْحَامِلِ وَالْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَغَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ لَيْسَ بِسُنِّيٍّ، وَلَا بِدْعِيٍّ وَهُوَ جَائِزٌ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ يَسِيرٌ وَالْأَوَّلُ لِانْضِبَاطِهِ أَوْلَى (وَمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا سُنَّ لَهُ الرَّجْعَةُ ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَ بَعْدَ طُهْرٍ) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا» أَيْ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا إنْ أَرَادَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِمَا وَيُقَاسُ غَيْرُ هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ الْبِدْعِيِّ عَلَيْهَا، (وَلَوْ قَالَ لِحَائِضٍ) مَمْسُوسَةٍ أَوْ لِنُفَسَاءَ (أَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ أَوْ لِلسُّنَّةِ فَحِينَ تَطْهُرُ) وَلَا يَتَوَقَّفُ الْوُقُوعُ عَلَى الِاغْتِسَالِ (أَوْ) قَالَ (لِمَنْ فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ) وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا (أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَإِنْ مُسَّتْ فِيهِ فَحِينَ تَطْهُرُ بَعْدَ حَيْضٍ أَوْ) قَالَ لِمَنْ طَهُرَتْ أَنْت طَالِقٌ، (لِلْبِدْعَةِ فِي الْحَالِ) يَقَعُ (إنْ مُسَّتْ فِيهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا   [حاشية قليوبي] أَوَّلِ الْحَيْضِ وَلَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ خُلْعُهَا) أَيْ إنْ كَانَ بِمَالِهَا بِسُؤَالِهَا كَمَا مَرَّ وَإِلَّا حَرُمَ وَلَوْ بِسُؤَالِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ نَعَمْ إنْ كَانَ لَهَا بَقِيَّةُ قَسَمٍ حَرُمَ، وَلَوْ بِمَالِهَا لِأَجْلِهِ. قَوْلُهُ: (مَنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا) وَلَيْسَ مِنْ زِنًا وَكَذَا مِنْهُ إنْ كَانَتْ تَعْتَدُّ مَعَهُ بِالْأَقْرَاءِ وَإِلَّا فَيَدَّعِي لِتَوَقُّفِ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ عَلَى وَضْعِهَا وَطُهْرِهَا مِنْ النَّفْسِ وَمِنْ الْبِدْعِيِّ الطَّلَاقُ فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ مُطْلَقًا قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ وَسَيَأْتِي آنِفًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَتْ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ هَذَا طَلَاقٌ فِي حَيْضٍ وَلَيْسَ بِدْعِيًّا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ جَائِزٌ) وَمِنْهُ طَلَاقُ الْحَكَمَيْنِ وَطَلَاقُ الْمَوْلَى، وَطَلَاقُ مَنْ عُلِمَ تَقْصِيرُهُ فِي حَقِّهَا لِأَنَّهُ وَاجِبٌ وَطَلَاقُ مَنْ خَافَ تَقْصِيرَهُ فِي حَقِّهَا لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ وَطَلَاقُ مَنْ لَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِنَفَقَتِهَا لِأَنَّهُ مُبَاحٌ، وَطَلَاقٌ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ بَعْدَ طَلَاقٍ فِي زَمَنِ السُّنَّةِ، لِأَنَّهَا تُبْنَى وَطَلَاقُ الْمُتَحَيِّرَةِ وَالْعِبْرَةُ فِي الطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ بِوَقْتِهِ، وَفِي الْمُعَلَّقِ بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ فَإِنْ جَهِلَتْ فَبِدْعِيٌّ لَا إثْمَ فِيهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِاسْتِدْخَالِهَا مَاءَهُ، وَلَوْ عَلِمَ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي وَقْتِ الْبِدْعَةِ أَوْ وَقَعَتْ بِاخْتِيَارِهِ فِيهَا فَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لَا إثْمَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ بِدْعِيًّا أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا) وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (سُنَّ لَهُ الرَّجْعَةُ) وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا وَيَنْتَهِي زَمَنُ السُّنَّةِ بِانْتِهَاءِ زَمَنِ الْبِدْعَةِ وَهُوَ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ بِفَرَاغِهِ مَعَ زَمَنِ الْحَيْضِ بَعْدَهُ، وَفِي حَيْضٍ خَالٍ عَنْ الْوَطْءِ بِفَرَاغِهِ، وَبِالرَّجْعَةِ يَسْقُطُ الْإِثْمُ مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ لَحِقَهَا وَقَدْ وَفَّاهُ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ وَإِنْ كَانَتْ تَوْبَةً خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ نَظَرًا لِمَا ذَكَرَ، وَلِأَنَّ التَّوْبَةَ لَمْ تَنْحَصِرْ فِي الرَّجْعَةِ لِحُصُولِهَا بِمُسَامَحَتِهَا مَثَلًا. قَوْلُهُ: (مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا) الْأَمْرُ بِالْأَمْرِ لَيْسَ أَمْرًا كَمَا قَرَّرَ فِي مَحِلِّهِ. قَوْلُهُ: (فَحِينَ تَطْهُرُ) أَيْ مَا لَمْ يَطَأْهَا فِي الْحَيْضِ وَإِلَّا فَحِينَ تَطْهُرُ بَعْدَ الْحَيْضِ مَا لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ، وَهَكَذَا وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّ اللَّامَ هُنَا   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ خَلْعُهَا) لَوْ سَأَلَتْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَمْ يَحِلَّ الطَّلَاقُ لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ الْوَالِدِ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ الْخِلَافَ السَّابِقَ فِيمَا إذَا سَأَلَتْهُ فِي الْحَيْضِ. قَوْلُهُ: (وَظُهُورُ الْحَمْلِ إلَخْ) احْتَجُّوا أَيْضًا عَلَى صُورَةِ الْحَمْلِ بِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا» قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بِدْعَةَ فِي طَلَاقِ الْحَامِلِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهِيَ عِنْدَهُ كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَقَالَ الْقَفَّالُ طَلَاقُ الْحَامِلِ سُنِّيٌّ لِلْحَدِيثِ قَالَ: وَكَأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَبْلُغْهُ ذَلِكَ اهـ. وَنَفْسُ كَلَامِ الْقَفَّالِ أَنَّ الْأَصَحَّ الْمَشْهُورَ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ طَلَاقَ الْحَامِلِ لَيْسَ بِسُنِّيٍّ، وَلَا بِدْعِيٍّ وَالْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّهُ سُنِّيٌّ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ. قَوْلُهُ: (وَالِاصْطِلَاحُ الثَّانِي إلَخْ) هَذَا الِاصْطِلَاحُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَهُ الْمُصَنِّفُ لِئَلَّا يَلْزَمَ فِي عِبَارَتِهِ السَّابِقَةِ، الْإِخْبَارُ بِالْأَخَصِّ عَنْ الْأَعَمِّ. قَوْلُهُ: (مَا عَدَا الْبِدْعِيَّ) . رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مَعْنَى السُّنِّيِّ، وَقَوْلُهُ إنَّ جَائِزَ الضَّمِيرِ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَحُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَتْ بِحَامِلٍ) لَمْ يَقُلْ وَلَا صَغِيرَةٍ وَلَا آيِسَةٍ لِقَوْلِهِ فَيَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَ بَعْدَ طُهْرٍ) يَعْنِي بَعْدَ الطُّهْرِ الثَّانِي كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ قِيلَ، وَفِي إفَادَةِ التَّنْكِيرِ الْكَمَالِ إشْعَارٌ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا) احْتَجَّ بِهِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ وُجُوبِ الرَّجْعَةِ، وَأَجَابَ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ، وَإِلَّا لَكَانَ أَمْرُ الشَّخْصِ بِأَنْ يَأْمُرَ فُلَانًا بِضَرْبِ عَبْدِهِ تَعَدِّيًا وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ» لَيْسَ أَمْرًا مِنْهُ لِلْأَوْلَادِ، وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْيُرَاجِعْهَا أَمْرٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فَلْيُرَاجِعْهَا لِأَجْلِ أَمْرِك. اهـ عَلَى أَنَّ مَالِكًا قَائِلٌ بِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي طُهْرِ الْمَمْسُوسَةِ بِدْعِيٌّ حَرَامٌ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ بِوُجُوبِ الرَّجْعَةِ، وَقَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ يَنْبَغِي كَرَاهَةُ التَّرْكِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَلَمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ. اهـ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ سِنَّ الرَّجْعَةِ يَسْتَمِرُّ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَهَلْ يُرْفَعُ الْإِثْمُ إذَا رَجَعَ حَكَى النَّوَوِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْكَمَالِ سَلَّارَ حِكَايَةَ وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا. قَوْلُهُ: (فَحِينَ تَطْهُرُ) يُسْتَثْنَى مَا لَوْ وَطِئَهَا آخِرَ الْحَيْضِ، وَاسْتَمَرَّ إلَى أَوَّلِ الطُّهْرِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ بِدْعِيٌّ، وَلَوْ وَطِئَهَا شَخْصٌ بِشُبْهَةٍ فِي دَوَامِ الزَّوْجِيَّةِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْحَيْضِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 (فَحِينَ تَحِيضُ) أَيْ تَرَى دَمَ الْحَيْضِ فَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَمْ يَعُدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ وَهَذَا كَمَا رَأَيْت خِطَابٌ لِمَنْ يَكُونُ طَلَاقُهَا سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا، فَلَوْ قَالَ لِمَنْ لَا يَتَّصِفُ طَلَاقُهَا بِذَلِكَ كَغَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ مُطْلَقًا وَيَلْغُو ذِكْرُ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ، (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً حَسَنَةً أَوْ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ أَوْ أَجْمَلَهُ فَكَالسُّنَّةِ) فَإِنْ كَانَتْ فِي حَيْضٍ لَمْ يَقَعْ حَتَّى تَطْهُرَ أَوْ فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ وَقَعَ فِي الْحَالِ أَوْ مُسَّتْ فِيهِ وَقَعَ حِينَ تَطْهُرُ بَعْدَ حَيْضٍ، (وَطَلْقَةً قَبِيحَةً أَوْ أَقْبَحَ الطَّلَاقِ أَوْ أَفْحَشَهُ فَكَالْبِدْعَةِ) فَإِنْ كَانَتْ فِي حَيْضٍ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَكَذَا فِي طُهْرٍ مُسَّتْ فِيهِ، وَإِلَّا فَحِينَ تَحِيضُ وَلَوْ خَاطَبَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَنْ لَيْسَ طَلَاقُهَا سُنِّيًّا وَلَا بِدْعِيًّا كَالْحَامِلِ وَالْآيِسَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَعَ فِي الْحَالِ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ قَالَ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ (أَوْ سُنِّيَّةً بِدْعِيَّةً أَوْ حَسَنَةً قَبِيحَةً وَقَعَ فِي الْحَالِ) وَيَلْغُو ذِكْرُ الصِّفَتَيْنِ لِتَضَادِّهِمَا (وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ الطَّلْقَاتِ) أَيْ أَنْ يُطَلِّقَ ثَلَاثًا دَفْعَةً لِانْتِقَاءِ الْمَحْرَمِ لَهُ وَالْأَوْلَى لَهُ تَرْكُهُ بِأَنْ يُفَرِّقَهُنَّ عَلَى الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّجْعَةِ أَوْ التَّجْدِيدِ إنْ نَدِمَ (وَلَوْ قَالَ) لِمَمْسُوسَةٍ (أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَفَسَّرَ بِتَفْرِيقِهِمَا عَلَى أَقْرَاءٍ) أَيْ قَالَ إنَّهُ نَوَى فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً (لَمْ يُقْبَلْ) فِي الظَّاهِرِ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى اللَّفْظِ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ دَفْعَةً فِي الْحَالِ فِي الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ طَاهِرًا وَحِينَ تَطْهُرُ إنْ كَانَتْ حَائِضًا وَلَا سُنَّةَ فِي التَّفْرِيقِ، (إلَّا مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ) لِلثَّلَاثِ دَفْعَةً كَالْمَالِكِيِّ فَيُقْبَلُ (لِمُوَافَقَةِ تَفْسِيرِهِ لِاعْتِقَادِهِ، وَالْأَصَحُّ) عَلَى عَدَمِ الْقَبُولِ (أَنَّهُ يُدَيَّنُ) فِيمَا نَوَاهُ فَيُعْمَلُ بِهِ فِي الْبَاطِنِ إنْ كَانَ صَادِقًا بِأَنْ يُرَاجِعَهَا وَيَطْلُبَهَا وَلَهَا تَمْكِينُهُ إنْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ بِقَرِينَةٍ   [حاشية قليوبي] لِلتَّوْقِيتِ لَا أَنَّهُ شَأْنُهَا فِيمَا يَتَكَرَّرُ، وَيَبْعُدُ انْتِظَارُهُ وَفِي غَيْرِهِ لِلتَّعْلِيلِ. فَلَوْ أَرَادَهُ لَمْ يُقْبَلْ وَيَدِينُ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَمَسَّ فِيهِ) وَلَا فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَسَّ الْأَجْنَبِيِّ بِشُبْهَةٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَسَّتْ) أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ تَمَسَّ فِيهِ) أَيْ الطُّهْرِ قَبْلَ التَّعْلِيقِ وَلَا بَعْدَهُ فَإِنْ مَسَّهَا بَعْدَهُ وَقَعَ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ، وَيَجِبُ النَّزْعُ حَالًا وَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ وَلَوْ عَالِمًا وَكَأَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنًا لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ مُبَاحٌ وَاسْتِدَامَةُ الْوَطْءِ لَيْسَتْ وَطْئًا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ انْقَطَعَ) خَرَجَ مَا لَوْ مَاتَتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُهُ لَوْ عَاشَتْ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ تَوَقُّفُ الطَّلَاقِ عَلَى زَمَنٍ عُلِّقَ بِهِ وَإِنْ نَوَاهُ حَالًّا لِأَنَّ اللَّفْظَ يُنَافِيهِ. قَوْلُهُ: (وَقَعَ فِي الْحَالِ مُطْلَقًا) لِأَنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلتَّعْلِيلِ كَمَا عُلِمَ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وَقْتٍ وَإِنْ صَرَّحَ بِالْوَقْتِ كَقَوْلِهِ لِوَقْتِ السُّنَّةِ، أَوْ لِوَقْتِ الْبِدْعَةِ فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ مَا ذَكَرَ مِمَّا يُمْكِنُ لَمْ يُقْبَلْ وَيَدِينُ. قَوْلُهُ: (سُنِّيَّةً بِدْعِيَّةً) أَوْ لَا سُنِّيَّةٌ وَلَا بِدْعِيَّةٌ وَكَذَا مَا بَعْدُ. قَوْلُهُ: (وَقَعَ فِي الْحَالِ) فَإِنْ قَالَ سُنِّيَّةٌ وَبِدْعِيَّةٌ وَقَعَ حَالًا إنْ لَمْ يَتَّصِفْ طَلَاقُهَا بِهِمَا وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى مَجِيءِ الْأُخْرَى، كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَجِيءِ الْغَدِ، وَلَوْ قَالَ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ أَوْ فِي حَالِ سُنَّةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا طَلَاقَ، وَلَا تَعْلِيقَ فَإِنْ قَالَ لَهَا طَلَاقًا سُنِّيًّا الْآنَ وَقَعَ حَالًا، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ، وَأَنْتِ طَاهِرٌ فَإِنْ قَدِمَ وَهِيَ طَاهِرٌ طَلُقَتْ، وَإِلَّا فَلَا طَلَاقَ وَإِنْ طَهُرَتْ بَعْدُ. فَرْعٌ: قَالَ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ كَالثَّلْجِ أَوْ كَالنَّارِ طَلُقَتْ حَالًا، وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ أَرَادَ كَالثَّلْجِ فِي الْبَيَاضِ وَالنَّارِ فِي الْإِضَاءَةِ طَلُقَتْ فِي حَالِ السُّنَّةِ، وَأَرَادَ كَالثَّلْجِ فِي الْبُرُودَةِ وَالنَّارِ فِي الْإِحْرَاقِ طَلُقَتْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ انْتَهَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي الْوُقُوعُ حَالًا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورُ فَرَاجِعْ وَانْظُرْ وَلَوْ قَالَ طَلْقَةً كَالثَّلْجِ أَوْ كَالنَّارِ وَقَعَ حَالًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَيَلْغُو ذِكْرُ الصِّفَتَيْنِ لِتَضَادِّهِمَا) فَلَوْ فَسَّرَ الْحُسْنَ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ، وَالْقُبْحَ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ قُبِلَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا بَعْضَهَا لِلسُّنَّةِ وَبَعْضَهَا لِلْبِدْعَةِ عُمِلَ بِمَا أَرَادَهُ فَإِنْ أَطْلَقَ شُطِرَتْ فَيَقَعُ ثِنْتَانِ حَالًا وَالْأُخْرَى فِي الْأُخْرَى. قَوْلُهُ: (هِيَ أَوْ يُطَلِّقُ ثَلَاثًا) أَيْ وَلَوْ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا كَسَبْعِينَ وَلَا حُرْمَةَ وَلَا تَعْزِيرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُفَرِّقَهُنَّ) أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ بِاللَّفْظِ كَأَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً. قَوْلُهُ: (طَاهِرًا) وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهَا حَيْضٌ. قَوْلُهُ: (وَيَطْلُبُهَا) هُوَ بِالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَ اللَّامِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْقَافِ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا هِيَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَهَا تَمْكِينُهُ) وَلِلْقَاضِي التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا إذَا اجْتَمَعَا وَهَلْ يَحُدُّهُ حِينَئِذٍ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا) بِأَنْ شَكَّتْ فِي حَالِهِ أَوْ ظَنَّتْ كَذِبَهُ، فَلَا تُمَكِّنُهُ فَيُكْرَهُ تَمْكِينُهُ فِي الْأُولَى، وَيَحْرُمُ فِي الثَّانِيَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِمَامِ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ، وَفِي ذَلِكَ قَالَ   [حاشية عميرة] الْمَذْكُورِ، فَلَا يُطَلِّقُهَا إلَّا فِي الطُّهْرِ الْكَائِنِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ. قَوْلُهُ: (فَحِينَ تَحِيضُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّوَقُّفِ عَلَى الْحَيْضِ إشْكَالٌ لِأَنَّهُ إذَا وَطِئَ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ صَدَقَتْ الصِّفَةُ، فَيَقَعُ الطَّلَاقُ. قَوْلُهُ: (كَالْحَامِلِ وَالْآيِسَةِ) أَبْرَزَهُمَا هُنَا كَمَا أَبْرَزَ فِيمَا سَلَفَ غَيْرَ الْمَمْسُوسَةِ وَالصَّغِيرَةِ، لِيَكُونَ ذَاكِرًا أَوَّلًا مَا أَبْهَمَهُ آخِرًا وَذَاكِرًا آخِرًا مَا أَبْهَمَهُ أَوَّلًا. . قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ الطَّلَقَاتِ) احْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيُّ عَقَّبَ لِعَانَهُ زَوْجَتَهُ قَالَ كَذَبْت عَلَيْهَا إنْ أَمْسَكْتهَا هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّهَا تَبِينُ بِاللِّعَانِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبِأَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ حَكَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا فَبَتَّ طَلَاقَهَا، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تُغْنِي ثَلَاثَةٌ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُفَرِّقَهُنَّ عَلَى الْأَقْرَاءِ) أَيْ يُوقِعَ طَلَاقًا فِي طُهْرِ قُرْءٍ ثُمَّ يَصِيرَ إلَى قُرْءٍ ثُمَّ يُوقِعَ فِيهِ طَلَاقًا إلَى آخَرَ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (أَوْ التَّجْدِيدُ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ بَائِنًا بِدُونِ ثَلَاثٍ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُدَيَّنُ) لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَانْتَظَمَ مَعَ كَلَامِهِ السَّابِقِ، كَمَا فِي أَرَدْت إنْ شَاءَ زَيْدٌ بِخِلَافِ أَرَدْت إنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا سَيَجِيءُ، وَإِنْ انْتَظَمَ مَعَ كَلَامِهِ السَّابِقِ لَكِنْ فِيهِ رَفْعٌ لِأَصْلِ الطَّلَاقِ، وَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ أَرَدْت مِنْ وَثَاقٍ وَلَا قَرِينَةَ فَإِنَّهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 وَإِلَّا فَلَا، وَفِي ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُدَيَّنُ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَحْتَمِلُ الْمُرَادَ وَالنِّيَّةُ إنَّمَا تُعْمَلُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ، (وَيَدِينُ مَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ) بِخِلَافِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّهُ يُرْجِعُ حُكْمَ الطَّلَاقِ وَمُقْبِلُهُ يُخَصِّصُهُ بِحَالٍ دُونَ ذَلِكَ، (وَلَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت بَعْضَهُنَّ) كَفُلَانَةَ وَفُلَانَةَ دُونَ فُلَانَةَ (فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا) لِمُخَالَفَتِهِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ الْمَحْصُورِ أَفْرَادُهُ الْقَلِيلَةُ، (إلَّا لِقَرِينَةٍ بِأَنْ خَاصَمَتْهُ) زَوْجَتُهُ (وَقَالَتْ) لَهُ (تَزَوَّجْت) عَلَيَّ (فَقَالَ) مُنْكِرًا لِذَلِكَ (كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصِمَةِ) فَيُقْبَلُ فِي ذَلِكَ رِعَايَةً لِلْقَرِينَةِ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ مُطْلَقًا لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْعَامِّ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ شَائِعٌ وَالثَّالِثُ لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَالْقَرِينَةُ الْحَالِيَّةُ لَا تَصْرِفُ مِثْلَ هَذَا الْعَامِّ عَنْ عُمُومِهِ، وَإِنَّمَا تَصْرِفُهُ اللَّفْظِيَّةُ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَعَلَى عَدَمِ الْقَبُولِ يُدَيَّنُ. فَصْلٌ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ فِي غُرَّتِهِ أَوْ أَوَّلِهِ) أَوْ رَأْسِهِ، (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ) ، وَهُوَ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْهُ وَوَجَّهَ فِي شَهْرِ كَذَا بِأَنَّ الْمَعْنَى إذَا جَاءَ شَهْرُ كَذَا، وَمَجِيئُهُ يَتَحَقَّقُ بِمَجِيئِهِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ، (أَوْ فِي نَهَارِهِ أَوْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ فَبِفَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ) مِنْهُ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ (أَوْ آخِرَهُ فَبِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ وَقِيلَ بِأَوَّلِ النِّصْفِ الْآخِرِ) إذْ كُلُّهُ الشَّهْرُ فَيَقَعُ بِأَوَّلِهِ وَرُدَّ بِسَبْقِ الْأَوَّلِ إلَى الْفَهْمِ. (وَلَوْ قَالَ لَيْلًا إذَا مَضَى يَوْمٌ) فَأَنْتِ طَالِقٌ، (فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ) تَطْلُقُ   [حاشية قليوبي] الشَّافِعِيُّ إلَخْ. قَوْلُهُ: (لَهُ الطَّلَبُ) شَامِلٌ لِمَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ، مِمَّنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَوْ رَجَعَتْ إلَى تَصْدِيقِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِ الثَّانِي لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ لَا تَتَغَيَّرُ بِالرُّجُوعِ عَنْهَا. وَإِنْ حَكَمَ قَاضٍ بِخِلَافِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَمَا قَبْلَهُ يُخَصِّصُهُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ كَذَلِكَ فَهَذَا حُكْمُهُ نَحْوُ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَتَقَدَّمَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مَا يُطْلَبُ مُرَاجَعَتُهُ. تَنْبِيهٌ: أَشْعَرَ كَلَامُ ذَلِكَ الْبَعْضِ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَهُ غَيْرُ الْمُخَاصَمَةِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ فِي الِاسْتِغْرَاقِ حُكْمُهَا فَرَاجِعْهُ. فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَوْقَاتِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ. قَوْلُهُ (أَوْ رَأْسِهِ) أَوْ مَجِيئِهِ أَوْ ابْتِدَائِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ أَوْ أَوَّلِ أَجْزَائِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ) إنْ عَلَّقَ قَبْلَهُ فَإِنْ عَلَّقَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ الْجُزْءِ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ الْجُزْءُ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ، وَيَثْبُتُ الشَّهْرُ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فِي بَلَدِ التَّعْلِيقِ، وَإِنْ انْتَقَلَ لِغَيْرِهِ أَوْ بِتَمَامِ الْعِدَّةِ ثَلَاثِينَ فِيهِ، أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ فِيهِ أَيْضًا نَعَمْ اعْتِبَارُ بَلَدِ التَّعْلِيقِ هُنَا يُخَالِفُ مَا فِي الصَّوْمِ مِنْ اعْتِبَارِ حُكْمِ الْبَلَدِ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ فِي أَمْرٍ مُسْتَقْبِلٍ وَفِيهِ بُعْدٌ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ لِمَنْ تَأَمَّلَ. قَوْلُهُ: (وَوَجَّهَ فِي شَهْرِ كَذَا) وَمِثْلُهُ يُوَجِّهُ غُرَّةَ كَذَا لِأَنَّهَا اسْمٌ لِلثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ. قَوْلُهُ: (فَبِفَجْرِ أَوَّلِهِ) وَفَارَقَ الِاعْتِكَافُ بِأَنَّهُ مَوْكُولٌ إلَى نِيَّتِهِ وَلِذَلِكَ لَوْ عَيَّنَ أَوَّلَهُ هُنَا كَانَ كَالِاعْتِكَافِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (إذَا مَضَى) لَوْ أَسْقَطَهُ طَلُقَتْ حَالًا مُطْلَقًا سَوَاءٌ نَصَبَ الْيَوْمَ أَوْ رَفَعَهُ أَوْ لَا نَعَمْ لَوْ قَالَهُ لَيْلًا وَقَالَ أَرَدْت الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَهُ قُبِلَ، وَلَوْ قَالَ كُلَّ يَوْمٍ طَلْقَةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً حَالًا وَبِفَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ طَلْقَةً أَوْ بِنِصْفِ يَوْمٍ كَذَا فَبِزَوَالِهِ أَوْ بِنِصْفِ شَهْرِ كَذَا، فَبِغُرُوبِ خَامِسَ عَشَرِهِ أَوْ نِصْفِ الشَّهْرِ فَبِفَجْرِ ثَامِنِهِ، أَوْ بِأَوَّلِ آخِرِهِ فَبِفَجْرِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ أَوْ بِآخِرِ أَوَّلِهِ، فَبِغُرُوبِ شَمْسِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَبِآخِرِ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ عِنْدَ الْعَلَّامَةِ السَّنْبَاطِيِّ، أَوْ بِأَوَّلِ آخِرِ أَوَّلِهِ فَبِزَوَالِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْهُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، أَوْ بِأَوَّلِ نِصْفِ اللَّيْلَةِ الْأُولَى عِنْدَ السَّنْبَاطِيِّ أَوْ بِآخِرِ أَوَّلِ آخِرِهِ فَعِنْدَ زَوَالِ الْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْهُ، وِفَاقًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِخِلَافِهِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْهُ. وَلَوْ قَالَ بِآخِرِ يَوْمِ مَوْتِي لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ كَمَا لَوْ قَالَ بِمَوْتِي فَإِنْ قَالَ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ عُمُرِي فَقَبِيلُ مَوْتِهِ، وَلَوْ قَالَ قَبْلَ مَوْتِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَمَاتَ بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَأَكْثَرَ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ بِقَدْرِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَلَا إرْثَ لَهَا وَلَا يُمْنَعُ مِنْ تَمَتُّعِهِ بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَوْ قَالَ إذَا مَضَتْ أَيَّامٌ أَوْ الْأَيَّامُ فَثَلَاثَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا وَلَوْ قَالَ قَبْلَ مَوْتِي   [حاشية عميرة] يُدَيَّنُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ رَفْعٌ لِأَصْلِ الطَّلَاقِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ يُشْعِرُ بِهِ وَمِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ إذَا وَجَدَ نَفَادًا فِي مَوْضُوعِهِ مَحِلُّهُ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا) لَكِنْ لَوْ شَكَّتْ كُرِهَ التَّمْكِينُ. قَوْلُهُ: (وَيَدِينُ مَنْ قَالَ إلَخْ) بِشَرْطِ أَنْ يَقْصِدَهُ قَبْلَ فَرَاغِ النُّطْقِ بِالطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (مِثْلُ هَذَا الْعَامُّ) أَيْ مِمَّا لَهُ أَفْرَادٌ قَلِيلَةٌ مَحْصُورَةٌ. [فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ فِي غُرَّتِهِ أَوْ أَوَّلِهِ] فَصْلٌ: قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ قَوْلُهُ: (بِأَوَّلِ جُزْءٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بِدُخُولِ الدَّارِ تَحْصُلُ فِيهِ الصِّفَةُ، بِأَوَّلِ الدُّخُولِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ وَسَطُ الدَّارِ وَلَا أَقْصَاهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي نَهَارِهِ) اعْلَمْ أَنَّ لَنَا وَجْهًا أَنَّ النَّهَارَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، بِخِلَافِ الْيَوْمِ، فَإِنَّهُ مِنْ الْفَجْرِ قَطْعًا وَضَمِيرُ نَهَارِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ عَلَى الشَّهْرِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 (أَوْ نَهَارًا فَفِي مِثْلِ وَقْتِهِ مِنْ غَدِهِ) تَطْلُقُ (أَوْ الْيَوْمُ) أَيْ قَالَ إذَا مَضَى الْيَوْمُ فَأَنْت طَالِقٌ (فَإِنْ قَالَهُ نَهَارًا فَبِغُرُوبِ شَمْسِهِ) تَطْلُقُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ نَهَارًا بِأَنْ قَالَهُ لَيْلًا (لَغَا) أَيْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ (وَبِهِ) أَيْ بِمَا ذَكَرَ، (وَيُقَاسُ شَهْرٌ وَسَنَةٌ) وَالشَّهْرُ وَالسَّنَةُ فَإِذَا قَالَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا إذَا مَضَى شَهْرٌ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَمِنْ لَيْلَةِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ أَوْ يَوْمِهِ يُقَدَّرُ مَا سَبَقَ التَّعْلِيقَ مِنْ لَيْلَتِهِ أَوْ يَوْمِهِ. وَإِذَا قَالَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ إذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ مَعَ إكْمَالِ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّالِثَ عَشَرَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَإِذَا قَالَ إذَا مَضَى الشَّهْرُ أَوْ قَالَ السَّنَةُ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ بَقِيَّةِ ذَلِكَ الشَّهْرِ، أَوْ تِلْكَ السَّنَةِ (أَوْ) قَالَ (أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ وَقَصَدَ أَنْ يَقَعَ فِي الْحَالِ مُسْتَنِدًا إلَيْهِ وَقَعَ فِي الْحَالِ) وَلَنَا قَصْدُ الِاسْتِنَادِ إلَى أَمْسِ لِاسْتِحَالَتِهِ، (وَقِيلَ لَغْوٌ) أَيْ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ لِقَصْدِهِ بِهِ مُسْتَحِيلًا (أَوْ قَصَدَ أَنَّهُ طَلَّقَ أَمْسِ وَهِيَ الْآنَ مُعْتَدَّةٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فِي ذَلِكَ وَتَكُونُ عِدَّتُهَا مِنْ أَمْسِ الْمَذْكُورِ إنْ صَدَقَتْهُ وَمِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ إنْ كَذَّبَتْهُ. (أَوْ قَالَ طَلَّقْت فِي نِكَاحٍ آخَرَ) أَيْ غَيْرِ هَذَا النِّكَاحِ (فَإِنْ عُرِفَ) الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ بِنِكَاحِهِ، (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فِي إرَادَتِهِ (وَإِلَّا فَلَا) يُصَدَّقُ وَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي   [حاشية قليوبي] طَلُقَتْ حَالًا وَفِيهِ نَظَرٌ. وَلَوْ قَالَ لَيْلًا أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ وَقَعَ حَالًا وَعَكْسُهُ لِأَنَّهُ يَلْغُو تَسْمِيَةُ الزَّمَانِ بِغَيْرِ اسْمِهِ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُضِيِّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَغَا) وَقِيَاسُهُ لَوْ قَالَ لَيْلًا إذَا مَضَى اللَّيْلَةُ فَمَا بَقِيَ مِنْهَا. وَإِنْ قَالَ أَوْ لَيْلَةً فَمِثْلُ مَا مَضَى مِنْهَا مِنْ اللَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ، أَوْ قَالَ نَهَارًا إذَا مَضَتْ اللَّيْلَةُ لَغَا، وَلَوْ قَالَ إذَا مَضَى اللَّيْلُ فَبِمُضِيِّ ثَلَاثِ لَيَالٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ كَمَا فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِإِفْتَاءِ وَالِدِهِ. قَوْلُهُ: (وَبِهِ يُقَاسُ إلَخْ) لَكِنْ لَا يَأْتِي هُنَا الْإِلْغَاءُ. قَوْلُهُ: (إذَا مَضَى شَهْرٌ) وَكَذَا لَوْ قَالَ إلَى شَهْرٍ مَا لَمْ يُرِدْ التَّنْجِيزَ، فَلَوْ قَالَ شُهُورٌ فَثَلَاثَةٌ وَتُعْتَبَرُ بِمَا فِي أَجَلِ الْبَيْعِ فَلْيُرَاجَعْ، وَلَوْ قَالَ إذَا مَضَتْ الشُّهُورُ فَمَا بَقِيَ مِنْ السُّنَّةِ وَلَوْ دُونَ ثَلَاثَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، أَوْ بِأَوَّلِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فَبِذِي الْقَعْدَةِ لِأَنَّهُ أَوَّلُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيلَ بِالْمُحَرَّمِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ لَا يُقِيمُ بِمَحِلِّ كَذَا شَهْرًا فَأَقَامَهُ مُتَفَرِّقًا لَحَنِثَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُنِيلُ فِي بَلَدِ كَذَا حَنِثَ بِإِقَامَتِهِ فِيهَا أَيَّامَ الزِّيَادَةِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا. وَيَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ فِي نَحْوِ مِصْرَ وَالْقَاهِرَةِ وَإِلَّا كَبَلَدٍ لَا يَدْخُلُهَا النِّيلُ إلَّا بَعْدَ أَيَّامِ الزِّيَادَةِ، فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ أَيَّامِ إقَامَةِ الْمَاءِ فِيهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ) لَيْلًا أَوْ نَهَارًا. قَوْلُهُ: (مَضَتْ سَنَةٌ) فَإِنْ قَالَ سُنُونَ أَوْ السُّنُونَ فَثَلَاثُ سِنِينَ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِالْأَهِلَّةِ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ غَيْرُهَا. كَالرُّومِيَّةِ وَالْقِبْطِيَّةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَّا إنْ كَانَ مِنْهُمْ أَوْ بِبِلَادِهِمْ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ بَلَدِ التَّعْلِيقِ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثِينَ يَوْمًا) وَفِي جُزْءِ اللَّيْلَةِ أَوْ الْيَوْمِ مَا مَرَّ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ سَاعَةً اُعْتُبِرَتْ سَاعَةٌ فَلَكِيَّةٌ أَوْ السَّاعَةَ فَبِتَمَامِهَا أَوْ سَاعَاتٍ فَثَلَاثٌ أَوْ السَّاعَاتِ فَمَا بَقِيَ مِنْ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَوْ فِي أَفْضَلِ سَاعَاتِ النَّهَارِ فَطُلُوعُ الْفَجْرِ وَقِيلَ بِالْغُرُوبِ وَقِيلَ بِفَرَاغِ الصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ نَعَمْ فِي اعْتِبَارِ السَّاعَةِ الْفَلَكِيَّةِ نَظَرٌ خُصُوصًا لِمَنْ لَا يَعْرِفُهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مُسْتَنِدًا إلَيْهِ) هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَقْصُودِ فَالْمَقْصُودُ شَيْئَانِ الْوُقُوعُ حَالًا مَعَ الِاسْتِنَادِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ قَيْدٌ لِمَحِلِّ الْخِلَافِ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ الْوُقُوعَ حَالًا فَقَطْ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ وُقُوعَهُ أَمْسِ فَقَطْ، وَقَعَ حَالًا قَطْعًا وَكَذَا لَوْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ قَصْدِهِ بِأَنْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ خَرِسَ وَلَا إشَارَةَ لَهُ. قَوْلُهُ: (لِقَصْدِهِ بِهِ مُسْتَحِيلًا) قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ عُلِّقَ عَلَى وُجُودِهِ مُسْتَحِيلٌ شَرْعًا كَنَسْخِ صَوْمِ رَمَضَانَ، أَوْ عَادَةً كَصُعُودِ السَّمَاءِ أَوْ عَقْلًا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ كَالصُّعُودِ مَثَلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا، وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَا هُنَا قَصْدُ مُسْتَحِيلٍ لَا تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِالتَّعْلِيلِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ غَدًا أَمْسِ، أَوْ أَمْسِ غَدٍ بِالْإِضَافَةِ وَقَعَ حَالًا إنْ قَالَ ذَلِكَ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا فِي الثَّانِيَةِ وَإِلَّا وَقَعَ فِي الْغَدِ وَلَغَا ذِكْرُ أَمْسِ كَمَا لَوْ لَمْ يُضِفْ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا وَقَعَ وَاحِدَةً حَالًا وَكَذَا فِي الْيَوْمِ وَغَدٍ وَمَا بَعْدَهُ فَإِنْ قَالَ فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ وَقَعَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا طَلْقَةٌ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ) أَيْ بِحَسَبِ عِدَّتِهَا مِنْهُ إنْ كَذَّبَتْهُ فَفَائِدَةُ الْيَمِينِ الْوُقُوعُ فِي الْأَمْسِ فَقَطْ، وَهَذَا فِي حَقِّهَا وَأَمَّا هُوَ فَتُحْتَسَبُ الْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ تَعْيِينِهِ مِنْ الْأَمْسِ مُطْلَقًا فَيُمْنَعُ مِنْ رَجْعَتِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَيُحَدُّ لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَهَا لِأَنَّهُ زَانٍ بِزَعْمِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَمِثْلُ تَكْذِيبِهِ إنْ كَذَّبَتْهُ مَا لَوْ سَكَتَتْ. قَوْلُهُ: (بِنِكَاحِهِ) ضَمِيرُهُ عَائِدٌ إلَى الطَّلَاقِ أَيْ عُرِفَ لَهَا نِكَاحٌ سَابِقٌ وَطَلَاقٌ فِيهِ وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِإِقْرَارِهَا. كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَلَفْظُ طَلُقَتْ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَتَاؤُهُ لِلتَّأْنِيثِ لَا مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَتَاؤُهُ لِلْمُتَكَلِّمِ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِيمَا ذَكَرَهُ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقِي وَأَطْلَقَ طَلُقَتْ حَالًا وَإِنْ أَرَادَ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فَلَا وُقُوعَ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَا وَجْهَ لَهُ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (فَفِي مِثْلِ وَقْتِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْيَوْمَ حَقِيقَةً فِي جَمِيعِهِ مُتَوَاصِلًا كَانَ أَوْ مُتَفَرِّقًا وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِمَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ سَاعَاتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا لَغَا) لَوْ قَالَ لَيْلًا أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ وَقَعَ حَالًا، لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ وَسَمَّى الزَّمَانَ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَلَغَتْ التَّسْمِيَةُ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ لَيْلَةِ الْحَادِيَ إلَخْ) . فِيهِ رَدٌّ لِمَا يَقُولُ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَقِيسِ زِيَادَةٌ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ أَنْ يَقَعَ فِي الْحَالِ) اُحْتُرِزَ عَمَّا لَوْ قَصَدَ إيقَاعَهُ بِالْأَمْسِ فَإِنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَى النَّصِّ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ، كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ أَدْرِ لِمَ كَانَتْ هَذِهِ أَوْلَى بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ الْآنَ مُعْتَدَّةٌ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بَدَلَ وَهِيَ الْآنَ مُعْتَدَّةٌ ثُمَّ رَاجَعْتهَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 الْحَالِ، كَمَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَ فِيهِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ، فِيمَا قَالَهُ لِاحْتِمَالِهِ وَاقْتَصَرَ فِي الْكَبِيرِ عَلَى بَحْثِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ إلَيْهِ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْأَوَّلُ نَقَلَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ. (وَأَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ مَنْ كَمَنْ دَخَلَتْ) فِي الدَّارِ مِنْ زَوْجَاتِي فَهِيَ طَالِقٌ، (وَإِنْ وَإِذَا مَتَى وَمَتَى مَا وَكُلَّمَا) نَحْوُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَإِذَا أَوْ مَتَى أَوْ مَتَى أَوْ كُلَّمَا دَخَلْتهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَأَيُّ كَأَيِّ وَقْتٍ دَخَلْت) الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، (وَلَا يَقْتَضِينَ فَوْرًا) فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (إنْ عَلَّقَ بِإِثْبَاتٍ) أَيْ بِمُثْبِتٍ كَالدُّخُولِ فِيمَا ذَكَرَ (فِي غَيْرِ خُلْعٍ) أَمَّا فِيهِ فَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي بَعْضِهَا لِلْمُعَاوَضَةِ نَحْوُ إنْ ضَمِنْت أَوْ إذَا أَعْطَيْت كَمَا تَقَدَّمَ، (إلَّا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت) فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الْفَوْرَ فِي الْمَشِيئَةِ لِتَضَمُّنِهِ تَمْلِيكَ الطَّلَاقِ كَطَلِّقِي نَفْسَك (وَلَا تَكْرَارًا إلَّا كُلَّمَا) فَإِنَّهَا تَقْتَضِيهِ وَسَيَأْتِي التَّعْلِيقُ بِالنَّفْيِ (وَلَوْ قَالَ إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَ أَوْ عَلَّقَ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ فَطَلْقَتَانِ) وَاحِدَةٌ بِالتَّطْلِيقِ بِالتَّنْجِيزِ أَوْ التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ وُجِدَتْ وَأُخْرَى بِالتَّعْلِيقِ بِهِ، (أَوْ) قَالَ (كُلَّمَا وَقَعَ طَلَاقِي) عَلَيْك فَأَنْت طَالِقٌ (فَطَلَّقَ فَثَلَاثٌ فِي مَمْسُوسَةٍ) وَاحِدَةٌ بِالتَّنْجِيزِ وَثِنْتَانِ بِالتَّعْلِيقِ بِكُلَّمَا وَاحِدَةٌ بِوُقُوعِ الْمُنْجَزَةِ وَأُخْرَى بِوُقُوعِ هَذِهِ الْوَاحِدَةِ (وَفِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ (طَلْقَةٌ) لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالْمُنْجَزَةِ فَلَا يَقَعُ الْمُعَلَّقُ بَعْدَهَا (وَلَوْ قَالَ وَتَحْتَهُ أَرْبَعٌ) وَلَهُ عَبِيدٌ (إنْ طَلَّقْت وَاحِدَةً فَعَبْدٌ حُرٌّ وَإِنْ) طَلَّقْت (ثِنْتَيْنِ فَعَبْدَانِ) حُرَّانِ (وَإِنْ) طَلَّقْت (ثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ) مِنْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ (وَإِنْ) طَلَّقْت (أَرْبَعًا فَأَرْبَعَةٌ) مِنْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ (فَطَلَّقَ أَرْبَعًا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا عَتَقَ عَشْرَةٌ) مِنْ عَبِيدِهِ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَاثْنَانِ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ وَأَرْبَعَةٌ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ عَشْرَةٌ. (وَلَوْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا فَخَمْسَةَ عَشَرَ) عَبْدًا.   [حاشية قليوبي] إذْ لَيْسَ بَيْنَ خَلْقِهَا، وَلَفْظِ الطَّلَاقِ مُنَاسَبَةٌ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ وَإِنْ أَرَادَ قَبْلَ خَلْقِهَا فِي الرَّحِمِ أَوْ قَبْلَ تَمَامِ خَلْقِهَا فِيهِ، فَلَا وُقُوعَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ) أَيْ مِنْهَا مِنْ إلَخْ. وَمِنْهَا مَهْمَا وَمَا وَإِذْ مَا وَأَيَّانَ وَأَيًّا مَا وَكَيْفَ وَحَيْثُ وَحَيْثُمَا وَأَيْنَ وَأَيْنَمَا وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ إلَى بِإِذَا وَلَوْ وَلَوْ مَا وَلَا وَلَوْلَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا دَخَلْت الدَّارَ، أَوْ لَا دَخَلْت الدَّارَ فَإِنْ أَطْلَقَ فَلَا وُقُوعَ، وَإِنْ أَرَادَ امْتِنَاعًا أَوْ تَحْضِيضَهَا عُمِلَ بِهِ قَالَهُ وَالِدُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (بِمُثْبِتٍ) وَمِنْهُ مَتَى خَرَجْت شَكَوْتُك عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِنْ قَصَدَ الْفَوْرِيَّةَ عُمِلَ بِهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْتِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ التَّعْلِيقُ بِأَنْ أَوْ إذَا عَلَى مَشِيئَتِهَا خِطَابًا وَلَوْ فِي غَيْبَتِهَا لَا بِمَشِيئَةِ غَيْرِهَا، وَلَا بِالْغَيْبَةِ وَلَوْ حَاضِرَةً كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنْ عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا وَغَيْرِهَا. فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي التَّعْلِيقُ بِالنَّفْيِ) وَجَمِيعُهَا فِيهِ لِلْفَوْرِ إلَّا إنْ فَقَطْ، وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ حُكْمَ الْأَدَوَاتِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ: أَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ فِي النَّفْيِ لِلْفَوْرِ سِوَى إنْ وَفِي الثُّبُوتِ رَأَوْهَا لِلتَّرَاخِي إلَّا إذَا إنْ مَعَ الْمَالِ وَشِئْت وَلِمَا كَرَّرُوهَا وَشَمِلَ مَا ذَكَرَ مَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَبَدًا إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبِالدُّخُولِ مَرَّةً، تَنْحَلُّ الْيَمِينُ وَلَا حِنْثَ إنْ أَذِنَ. قَوْلُهُ: (طَلَّقْتُك) أَوْ أَوْقَعْت طَلَاقِي عَلَيْك أَوْ وَقَعَ طَلَاقِي عَلَيْك. قَوْلُهُ: (وَقَعَ) خَرَجَ أَوْقَعْت أَوْ طَلَّقْت فَكُلُّهَا كَغَيْرِهَا فِي وُقُوعِ ثِنْتَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَطَلَّقَ) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ أَوْ بِوُجُودِ الصِّفَةِ أَوْ بِالتَّفْوِيضِ إلَيْهَا، وَطَلَّقَتْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْلِيقَ وَحْدَهُ لَا يُوصَفُ بِإِيقَاعٍ، وَلَا بِوُقُوعٍ وَلَا تَطْلِيقَ وَأَنَّ وُجُودَ الصِّفَةِ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا يُوصَفُ بِالْوُقُوعِ فَقَطْ وَمِثْلُهُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَأَنَّ مَجْمُوعَ التَّعْلِيقِ وَالصِّفَةِ يُوصَفُ بِالثَّلَاثَةِ كَطَلَاقِهِ بِنَفْسِهِ. وَتَفْوِيضُ الطَّلَاقِ إلَيْهَا كَالتَّعْلِيقِ وَطَلَاقُهَا كَوُجُودِ الصِّفَةِ وَمَجْمُوعُهُمَا مِثْلُهُمَا. قَوْلُهُ: (عَتَقَ عَشَرَةٌ) وَتَعَيُّنُهُمْ إلَيْهِ وَيَجِبُ تَعْيِينُ مَنْ عَتَقَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ فِي التَّرْتِيبِ لِأَجْلِ نَحْوِ الْكَسْبِ، وَلَوْ عَلَّقَ بِغَيْرِ الْوَاوِ كَثُمَّ وَالْفَاءِ عَتَقَ وَاحِدٌ فِي الْمَعِيَّةِ وَثَلَاثَةٌ فِي التَّرْتِيبِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا) وَلَوْ فِي التَّعْلِيقَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَا تَكْرَارَ بَعْدَهُمَا فِي الْأَرْبَعِ وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَلَا بُدَّ مِنْهَا إلَى نِصْفِ الْمُعَلَّقِ بِهِ فَلَوْ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (فَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي بَعْضِهَا) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ فِي ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الصِّيَغِ، بَلْ فِي إنْ وَإِذَا قَوْلُهُ: (إنْ شِئْت) ، مِثْلُهَا إذَا شِئْت قَوْلُهُ: (وَلَا تَكْرَارًا) ، هُوَ شَامِلٌ لِمِثْلِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَبَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (إلَّا كُلَّمَا) وَجَّهَهُ ابْنُ عَمْرَوِيْهِ بِأَنَّ مَا مِنْ كُلَّمَا مَعَ مَا بَعْدَهَا مَصْدَرٌ، فَمَعْنَى كُلَّمَا دَخَلَتْ كُلَّ دُخُولٍ وَكُلُّ مَعْنَاهُ الْإِحَاطَةُ فَتَتَنَاوَلُ كُلَّ دُخُولٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَلَّقَ إلَخْ) احْتَرَزَ عَنْ مُجَرَّدِ وُجُودِ الصِّفَةِ إنْ كَانَ تَعْلِيقُهَا سَابِقًا عَلَى قَوْلِهِ، إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ. قَوْلُهُ: (فَطَلْقَتَانِ) أَيْ فِي مَمْسُوسَةٍ قَوْلُهُ: (فَثَلَاثٌ فِي مَمْسُوسَةٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إذَا قُلْنَا الْعِلَّةُ تُقَارِنُ الْمَعْلُولَ فِي الزَّمَانِ، فَلَا يُتَّجَهُ إلَّا وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ، لِأَنَّ تَكْرَارَ كُلَّمَا إنَّمَا هُوَ فِي الْأَوْقَاتِ، فَإِذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ، فَيَقَعُ مَعَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أُخْرَى مَشْرُوطَةٌ بِغَيْرِهَا، وَتَقَعُ الثَّالِثَةُ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ وَقْتٌ آخَرُ، وَقَعَ فِيهِ طَلَاقٌ، فَلَمْ يَظْهَرْ لِتَكْرَارِ كُلَّمَا فَائِدَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّدْ وَقْتُ الطَّلَاقِ اهـ. وَلَك أَنْ تَقُولَ سَلَّمْنَا أَنَّ الْعِلَّةَ تُقَارِنُ الْمَعْلُولَ زَمَانًا، وَلَكِنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ مَعَ مُلَاحَظَةِ وُقُوعِ الْعِلَّةِ غَيْرُهُ مَعَ مُلَاحَظَةِ الْمَعْلُولِ، فَهُوَ وَإِنْ اتَّحَدَ ذَاتًا مُخْتَلِفٌ اعْتِبَارًا وَذَلِكَ كَافٍ فِي تَرَتُّبِ مَا قَالُوهُ. قَوْلُهُ: (عَتَّقَ عَشْرَةً) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ قِيلَ فِي الْأُولَى لَا يُعْتَقُ إلَّا أَرْبَعٌ إذْ لَا يَصْدُقُ الْعُرْفَ تَطْلِيقُ الْوَاحِدَةِ، وَالثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ إلَّا مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا، وَفِي الثَّانِي لَا يُعْتَقُ إلَّا وَاحِدٌ حَمْلًا لِقَوْلِهِ طَلَّقْت اثْنَتَيْنِ عَلَى طَلَاقِهِمَا مَعًا وَكَذَا الثَّلَاثُ وَالْأَرْبَعُ لَمْ يَبْعُدْ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353 (عَلَى الصَّحِيحِ) وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى، وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ صَدَقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعَةٌ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ، لِأَنَّهُ صَدَقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ، وَطَلَاقُ ثَلَاثٍ وَسَبْعَةٌ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ لِأَنَّهُ صَدَقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثَنَيْنَ غَيْرَ الْأُولَيَيْنِ وَطَلَاقُ أَرْبَعٍ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعْتَقُ سَبْعَةَ عَشَرَ بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الثِّنْتَيْنِ فِي طَلَاقِ الثَّالِثَةِ وَالثَّالِثُ يُعْتَقُ عِشْرُونَ بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الثَّلَاثِ أَيْضًا فِي طَلَاقِ الرَّابِعَةِ وَالرَّابِعُ يُعْتَقُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بِإِسْقَاطِ صِفَةِ الثِّنْتَيْنِ فِي طَلَاقِ الرَّابِعَةِ. (وَلَوْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِنَفْيِ فِعْلٍ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إنْ عَلَّقَ بِأَنْ كَأَنْ لَمْ تَدْخُلِي) أَيْ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَقَعَ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الدُّخُولِ) كَأَنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبِيلَ الْمَوْتِ (أَوْ بِغَيْرِهَا) كَإِذَا (فَعِنْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ الْفِعْلُ) مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ وَلَمْ تَفْعَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي صُورَتَيْ، إنْ وَإِذَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إنْ حَرْفُ شَرْطٍ لَا إشْعَارَ لَهُ بِالزَّمَانِ، وَإِذَا ظَرْفُ زَمَانٍ كَمَتَى فِي التَّنَاوُلِ لِلْأَوْقَاتِ فَإِذَا قِيلَ مَتَى أَلْقَاك صَحَّ أَنْ تَقُولَ مَتَى شِئْت أَوْ إذَا شِئْت وَلَا يَصِحُّ إنْ شِئْت. فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ مَعْنَاهُ إنْ فَاتَك دُخُولُهَا وَفَوَاتُهُ بِالْمَوْتِ، وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ مَعْنَاهُ أَيُّ وَقْتٍ فَاتَك الدُّخُولُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الدُّخُولُ، وَلَمْ يُؤْتَ بِهِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ قَوْلَانِ بِتَخْرِيجِ قَوْلٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الْأُخْرَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ فِيهِمَا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الْفِعْلِ لَا بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْفِعْلُ، وَلَمْ يُفْعَلْ كَمَا فِي طَرَفِ الْإِثْبَاتِ لَا يَخْتَصُّ التَّعْلِيقُ بِالزَّمَانِ الْأَوَّلِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَقَعُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْفِعْلُ، وَلَمْ يُفْعَلْ لِأَنَّهُ أَوَّلُ وَقْتٍ حَصَلَ فِيهِ عَدَمُ الْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ بِهِ وَالطَّلَاقُ يَقَعُ بِأَوَّلِ حُصُولِ الصِّفَةِ. وَأَلْحَقُوا بِإِذَا غَيْرَهَا مِنْ أَخَوَاتِهَا فِيمَا ذَكَرَ كَمَا شَمِلَتْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ نَحْوُ مَتَى أَوْ أَيْ وَقْتٍ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَتَطْلُقُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الدُّخُولُ، وَلَمْ تَأْتِ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت) الدَّارَ، (أَوْ أَنْ لَمْ تَدْخُلِي بِفَتْحِ أَنْ وَقَعَ فِي   [حاشية قليوبي] عَلَّقَ بِصَلَاةِ عَشْرِ رَكَعَاتٍ كَرَّرَهَا، وَلَوْ فِي الْخَمْسِ الْأُوَلِ وَيُعْتَقُ بِهَا مِنْهُمْ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ وَبِغَيْرِهَا خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ وَلَوْ عَلَّقَ إلَى عِشْرِينَ رَكْعَةٍ كَرَّرَهَا، وَلَوْ فِي التَّعْلِيمَاتِ الْعَشْرِ الْأُوَلِ وَيُعْتَقُ بِهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ، وَبِغَيْرِهَا مِائَتَانِ وَعَشْرَةٌ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ الضَّابِطِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (فَخَمْسَةَ عَشَرَ) وَضَابِطُ هَذَا وَغَيْرِهِ أَنَّ جُمْلَةَ مَجْمُوعِ الْآحَادِ هُوَ الْجَوَابُ فِي غَيْرِ كُلَّمَا، وَيُزَادُ عَلَيْهِ مَجْمُوعُ مَا تَكَرَّرَ مِنْهَا فِيهَا مِثَالُهُ فِي الْأَرْبَعِ أَنْ يُقَالَ مَجْمُوعُ الْآحَادِ وَاحِدٌ وَاثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَجَعَلْتهَا عَشْرَةً وَتَكَرَّرَ فِيهِ الْوَاحِدُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَالِاثْنَانِ مَرَّةً فَقَطْ. وَجُمْلَتُهَا خَمْسَةٌ تُزَادُ عَلَى الْعَشَرَةِ وَهَذَا ضَابِطٌ سَهْلٌ قَرِيبٌ. تَنْبِيهٌ: لَفْظُ كُلَّمَا مَنْصُوبٌ بِإِضَافَتِهِ إلَى مَا الظَّرْفِيَّةِ الْمُفِيدَةِ لِلْعُمُومِ فِي الْأَوْقَاتِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا تُرْسَمُ حِينَئِذٍ مَوْصُولَةً بِمَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ظَرْفِيَّةً فُصِلَتْ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (فَيُعْتَقُ عِشْرُونَ) وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْيَأْسِ) إنْ لَمْ يَقْصِدْ زَمَنًا مُعَيَّنًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا وَإِلَّا رَجَعَ لِقَصْدِ. كَأَنْ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ هُوَ. قَوْلُهُ: (قَبْلَهُ) أَيْ الدُّخُولِ فَإِنْ دَخَلَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ وَلَوْ مَجْنُونَةً بَرَّ لِأَنَّ فِعْلَ الْمَجْنُونِ مُعْتَدٌّ بِهِ فِي الْبِرِّ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِي الْحِنْثِ أَيْضًا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (قَبِيلَ الْمَوْتِ) أَيْ بِزَمَنٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الدُّخُولُ، فَلَوْ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ فَقَبْلَهُ بِزَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ، وَخَرَجَ بِالْمَوْتِ مَا لَوْ أَبَانَهَا قَبْلَهُ فَلَا طَلَاقَ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (كَإِذَا) فَإِنْ أَرَادَ بِهَا مَعْنَى إنْ قُبِلَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَعَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (يُمْكِنُ فِيهِ الدُّخُولُ) أَيْ مَعَ تَمَكُّنِهِمَا مِنْهُ فَإِنْ أُكْرِهَتْ عَلَى تَرْكِهِ لَمْ يَقَعْ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا إلَخْ) وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الرَّاجِحِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. تَنْبِيهٌ: قَالَ شَيْخُنَا يَدْخُلُ فِي النَّفْيِ الْمَذْكُورِ مَا لَوْ كَانَ ضِمْنِيًّا نَحْوُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ تَدْخُلِينَ هَذِهِ الدَّارَ، أَوْ أَمَرَهَا فَامْتَنَعَتْ فَقَالَ لَا عَلَيَّ الطَّلَاقُ تَدْخُلِينَ فَإِنَّ الْمَعْنَى لَوْ لَمْ تَدْخُلِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَ مَتَى اشْتَرَطَ الْفَوْرِيَّةَ أَوْ قَصَدَ إنْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَوْ أَطْلَقَ فَلَا يُشْتَرَطُ، فَلْيُحَرَّرْ وَلَوْ قَالَ لَا عَلَيَّ الطَّلَاقُ مَا تَدْخُلِينَ وَقَعَ بِدُخُولِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ، وَالِدُ شَيْخِنَا وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَالِقٌ، أَوْ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (غَيْرُ الْأُولَيَيْنِ) لَمْ يَقُلْ فِي الْوَاحِدَةِ غَيْرَ الْأُولَى لِأَنَّهُ يَحُوجُ إلَى ذِكْرِ ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْإِمَامُ يَلْزَمُ قَائِلَ هَذَا أَنْ يَقُولَ بِوَجْهِ الْعِشْرِينَ. قَوْلُهُ: (فِي طَلَاقِ الثَّالِثَةِ) اُنْظُرْ هَلَّا اعْتَبَرَ صِفَةَ اثْنَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ أَيْضًا فِي طَلَاقِ الرَّابِعَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ يُعْتَقُ عِشْرُونَ) بِهِ قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَاحْتَجَّ لِلْأَوَّلِ بِأَنَّ مَنْ قَالَ كُلَّمَا أَكَلْت نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ ثُمَّ أَكَلَ رُمَّانَةً يُعْتَقُ عَبْدَانِ، وَلَا يُعْتَقُ ثَالِثٌ بِاعْتِبَارِ الرُّبُعِ الثَّانِي مَعَ الثَّالِثِ لِأَنَّهُمَا اُعْتُبِرَا مَرَّةً فَلَا يُعْتَبَرَانِ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْيَأْسِ) أَبْدَى الْإِمَامُ احْتِمَالًا أَنَّهُ بِالْيَأْسِ يَقَعُ عَقِبَ اللَّفْظِ كَتَعْصِيَةِ مُؤَخِّرِ الْحَجِّ عَلَى وَجْهٍ، قَالَ وَلَمْ أَذْكُرْهُ لِيَكُونَ وَجْهًا فِي الْمَذْهَبِ، فَإِنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى خِلَافِهِ وَالزَّوْجُ مُتَسَلِّطٌ عَلَى الْوَطْءِ بِالْإِجْمَاعِ اهـ. وَمَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ، أَنَّهُ قَالَ لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ مَثَلًا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ، فَالْيَأْسُ يَتَحَقَّقُ قَبِيلَ الْمَوْتِ بِزَمَنٍ لَا يَسَعُ أَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا قُلْنَا بِالْوُقُوعِ فِي أَوَّلِ هَذَا الزَّمَنِ، اقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ زَمَنَ الْوُقُوعِ سَابِقٌ عَلَى وَقْتِ الْمَوْتِ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ مُتَوَسِّطٍ بَيْنَهُمَا، وَلَا مَانِعَ مِنْ الْتِزَامٍ فِيمَا ظَهَرَ، وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ حَصَلَ مَوْتُهَا فِي بَلْدَةٍ نَائِيَةٍ عَنْ الدَّارِ، فَالظَّاهِرُ اسْتِنَادُ الطَّلَاقِ إلَى زَمَنٍ سَابِقٍ عَلَى الْمَوْتِ بِقَدْرٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الدُّخُولُ، كَمَا يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِالْوُقُوعِ قَبِيلَ الْجُنُونِ الَّذِي اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ، فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ جُنَّ. قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا إلَخْ) بِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 الْحَالِ) ، لِأَنَّ الْمَعْنَى لِلدُّخُولِ أَوْ لِعَدَمِهِ بِتَقْدِيرِ لَامِ التَّعْلِيلِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} [القلم: 14] وَسَوَاءٌ كَانَ فِيمَا عَلَّلَ بِهِ صَادِقًا أَمْ كَاذِبًا. (قُلْت إلَّا فِي غَيْرِ نَحْوِيٍّ فَتَعْلِيقٌ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَصْدُهُ لَهُ، وَهُوَ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ أَنْ وَإِنْ، وَالثَّانِي يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ فِي الْحَالِ إلَّا أَنْ يَقُولَ قَصَدْت التَّعْلِيقَ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا أَشْبَهُ أَيْ بِالتَّرْجِيحِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَصَحَّحَ الْأَوَّلَ فِي الرَّوْضَةِ. فَصْلٌ : عَلَّقَ بِحَمْلٍ كَأَنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ، (فَإِنْ كَانَ) بِهَا (حَمْلٌ ظَاهِرٌ وَقَعَ) الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ ظَاهِرٌ نَظَرَ، (فَإِنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ التَّعْلِيقِ بِأَنَّ وُقُوعَهُ) حِينَ التَّعْلِيقِ لِوُجُودِ الْحَمْلِ حِينَئِذٍ إذْ أَقَلُّ مُدَّتِهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ (أَوْ) وَلَدَتْ (لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِنْ التَّعْلِيقِ (أَوْ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْأَرْبَعِ سِنِينَ (وَوُطِئَتْ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ، (وَأَمْكَنَ حُدُوثُهُ بِهِ) أَيْ حُدُوثُ الْحَمْلِ بِالْوَطْءِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ (فَلَا) يَقَعُ بِالتَّعْلِيقِ طَلَاقٌ لِتَبَيُّنِ انْتِفَاءِ الْحَمْلِ مُدَّةَ الْحَمْلِ الْأُولَى، إذْ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ وَلِاحْتِمَالِ حُدُوثِ الْحَمْلِ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ فِي الثَّانِيَةِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ أَوْ وَطِئَهَا بَعْدَهُ وَلَمْ يُمْكِنْ حُدُوثُ الْحَمْلِ بِذَلِكَ الْوَطْءِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَضْعِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (فَالْأَصَحُّ وُقُوعُهُ) لِتَبَيُّنِ وُجُودِ الْحَمْلِ عِنْدَ التَّعْلِيقِ، ظَاهِرًا، وَالثَّانِي لَا يَقَعُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ الْحَمْلِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِاسْتِدْخَالِهَا مَنِيَّهُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ.   [حاشية قليوبي] الدَّارَ طَالِقًا لَمْ تَطْلُقْ فِي الْحَالِ فَإِنْ طَلَّقَ وَقَعَ ثِنْتَانِ فِي الْأُولَى، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ إنْ دَخَلَتْ بَعْدَ طَلَاقِهِ، وَلَوْ قَالَ أَنْت إنْ كَلَّمْتُك طَالِقًا لَمْ يَقَعْ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ إلْغَاءَ الْخَبَرِ وَإِنْ نَصَبَهُ لَحَنَ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ، إنْ أَوْ إنْ لَمْ، وَقَالَ أَرَدْت التَّعْلِيقَ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَانِعٌ صُدِّقَ ظَاهِرًا بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ فَيَقَعُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي الْبَحْرِ أَوْ الظِّلِّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُسْتَقْبَلُ وَقَعَ حَالًا مَا لَمْ يُرِدْ التَّعْلِيقَ أَوْ فِي الشِّتَاءِ، فَتَعْلِيقٌ لِأَنَّهُ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَقْبَلَ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ عَلَّقَ بِشَرْطٍ عَلَى شَرْطٍ نَحْوُ إنْ أَكَلْت إنْ شَرِبْت فَأَنْتِ طَالِقٌ اُشْتُرِطَ لِلْوُقُوعِ تَقْدِيمُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ أَنْ) مِثْلُهَا إذْ وَإِذَا فِي النَّحْوِيِّ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَقَعَ فِي الْحَالِ) فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْلِيقَ قُبِلَ ظَاهِرًا وَلَوْ جُهِلَ حَالُهُ هَلْ هُوَ نَحْوِيٌّ أَوْ لَا لَمْ يَقَعْ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ شَاءَ اللَّهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَقَعَ مُطْلَقًا فِي النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ عَنْ الرَّوْضَةِ. فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْحَمْلِ وَالْحَيْضِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا مِمَّا يَأْتِي قَوْلُهُ: (حَمْلٌ ظَاهِرٌ) هُوَ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَلَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَإِنْ ثَبَتَ بِهِنَّ النَّسَبُ وَالْإِرْثُ وَغَيْرُهُمَا. قَوْلُهُ: (أَيْ بَيْنَ السِّتَّةِ وَالْأَرْبَعِ) لَوْ فُسِّرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِظَاهِرِهِ لَوَافَقَ الْمُعْتَمَدَ، فَإِنَّ السِّتَّةَ مُلْحَقَةٌ بِمَا فَوْقَهَا وَالْأَرْبَعَ مُلْحَقَةٌ بِمَا دُونَهَا، فَكَانَ يَقُولُ دُونَ السِّتَّةِ وَالْأَكْثَرِ مِنْ الْأَرْبَعِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْأَصَحُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ يُنْدَبُ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ كُنْت غَيْرَ حَامِلٍ أَوْ حَائِلًا، فَأَنْت طَالِقٌ فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ يُحْكَمُ بِالطَّلَاقِ، وَتُحْسَبُ مُدَّتُهُ مِنْ الْعِدَّةِ وَيَلْزَمُ الْمَهْرُ إذَا بَانَتْ مُطَلَّقَةً لَا الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ وَلَوْ وَلَدَتْ فَعَلَى الْعَكْسِ مِمَّا مَرَّ فِي إنْ كُنْت حَامِلًا.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (بِتَقْدِيرِ لَامِ التَّعْلِيلِ) أَيْ وَتَعْلِيلُ الْمُنْجَزِ لَا يَرْفَعُهُ بَلْ يُؤَكِّدُهُ بِخِلَافِ اللَّامِ فِي نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ، أَوْ لِلْبِدْعَةِ فَإِنَّهَا لَامُ التَّوْقِيتِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهُ وَإِنْ سَكَتُوا عِنْدَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ جَاءَتْ السُّنَّةُ، أَوْ إنْ جَاءَتْ الْبِدْعَةُ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا وَقْتَ السُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ اهـ. وَضَابِطُ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ لِلتَّوْقِيتِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَصْفُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَجِيءَ وَيَذْهَبَ. قَوْلُهُ (قُلْت) اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ الْوُقُوعِ مُطْلَقًا فِي الْحَالِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ شَاءَ اللَّهُ، بِفَتْحِ أَنْ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا كَانَتْ مُغَيَّبَةً لَمْ يَحْسُنْ جَعْلُ الْمَفْتُوحَةِ هُنَا لِلتَّعْلِيقِ فَتَمَحَّضَ التَّعْلِيلُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ) اعْتِبَارًا بِاللُّغَةِ. [فَصْلٌ عَلَّقَ بِحَمْلٍ كَأَنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ] فَصْلٌ: عَلَّقَ بِحَمْلٍ قَوْلُهُ: (حَمْلٌ ظَاهِرٌ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ الْمُرَادُ بِظُهُورِهِ أَنْ تَدَّعِيَهُ الْمَرْأَةُ وَيُصَدِّقَهَا الزَّوْجُ، أَمَّا لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ بِالنِّسْوَةِ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَقَرَّهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَلِدَ. فَرْعٌ: لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ رَجُلَانِ فَالظَّاهِرُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (أَيْ بَيْنَ السِّتَّةِ وَالْأَرْبَعِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ وَالسِّتَّةُ وَالْأَكْثَرُ لَا السِّتَّةُ وَالْأَرْبَعُ لِأَنَّ حُكْمَ الْأَرْبَعِ مَا دُونَهَا، كَمَا قَالَاهُ وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْكَافِي لَكِنَّ عِبَارَةَ الْوَسِيطِ تَقْتَضِي أَنَّ لَهَا حُكْمَ مَا فَوْقَهَا وَعَلَيْهِ مَشَى ابْنُ الرِّفْعَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّ أَكْثَرَ الْمُدَّةِ أَرْبَعُ سِنِينَ، فَإِذَا أَتَتْ بِهِ لَهَا مِنْ وَقْتِ الْحَلِفِ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَقْتَ الْحَلِفِ وَإِلَّا لَزَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ. قَوْلُهُ: (وَوُطِئَتْ) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِتَبَيُّنِ وُجُودِ الْحَمْلِ) يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا سَلَفَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 تَنْبِيهٌ: التَّعَرُّضُ لِلْوَطْءِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ ظَاهِرٌ يُشْعِرُ بِجَوَازِهِ وَجَوَازِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ وَقِيلَ يَحْرُمُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا فِي مَحِلِّ التَّرَدُّدِ إلَى أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِقُرْءٍ وَقِيلَ بِثَلَاثَةٍ (وَإِنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَطَلْقَةً) أَيْ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً (أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا وَقَعَ ثَلَاثٌ) لِتَبَيُّنِ وُجُودِ الصِّفَتَيْنِ وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ بِالْوِلَادَةِ (أَوْ) قَالَ (إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا فَطَلْقَةً أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ) لِأَنَّ قَضِيَّةَ اللَّفْظِ كَوْنُ جَمِيعِ الْحَمْلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (أَوْ) قَالَ (إنْ وَلَدْت فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ اثْنَيْنِ مُرَتَّبًا طَلُقَتْ بِالْأَوَّلِ) ، لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ حَمْلِ الْأَوَّلِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَ وَضْعَيْهِمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَمْ مِنْ حَمْلٍ آخَرَ، بِأَنْ وَطِئَهَا بَعْدَ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ، وَأَتَتْ بِالثَّانِي لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ (وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَلَدْت) فَأَنْت طَالِقٌ، (فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةً مِنْ حَمْلٍ) ، مُرَتَّبًا (وَقَعَ بِالْأَوَّلَيْنِ طَلْقَتَانِ وَانْقَضَتْ) عِدَّتُهَا (بِالثَّالِثِ وَلَا يَقَعُ بِهِ ثَالِثَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) ،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَيْ فَأَنْتِ إلَخْ) بَيَانٌ لِتَمَامِ صِيغَةِ الْمُعَلَّقِ لِتَكُونَ صَرِيحَةً وَمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كِنَايَةُ وَنِيَّةٌ مَا ذَكَرَ لَا تُلْحِقُهُ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أُنْثَى) عَطْفٌ عَلَى ذَكَرٍ وَهُوَ بَقِيَّةُ صِيغَةِ الْمُعَلَّقِ، وَهُوَ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ إنْ كُنْت حَامِلًا بِأُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَوَلَدَتْهُمَا) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَبَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَأَكْثَرَ فَطَلْقَةٌ أَوْ أُنْثَى فَأَكْثَرَ فَطَلْقَتَانِ، أَوْ خُنْثَى فَطَلْقَةٌ وَوَقَفَتْ أُخْرَى، أَوْ ذَكَرًا أَوْ خُنْثَى أَوْ خُنْثَيَيْنِ فَطَلْقَةٌ وَوَقَفَ ثِنْتَانِ فِيهِمَا أَوْ أُنْثَى، وَخُنْثَى فَطَلْقَتَانِ وَوَقَفَتْ وَاحِدَةٌ. قَوْلُهُ: (لِتَبَيُّنِ وُجُودِ الصِّفَتَيْنِ) يُفِيدُ أَنَّ الْعَلَقَةَ وَالْمُضْغَةَ تُوصَفَانِ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ، وَفِي مُدَّةِ الْوِلَادَةِ هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ. قَوْلُهُ: (وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ بِالْوِلَادَةِ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ مِنْ حِينِ لَفْظِهِ وَالْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْوِلَادَةِ هُوَ عَدَدُهُ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَوْنُ جَمِيعِ الْحَمْلِ ذَكَرًا) وَإِنْ تَعَدَّدَ. قَوْلُهُ: (أَوْ أُنْثَى) كَذَلِكَ فَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَوَقَفَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ ذَكَرًا وَأُنْثَى أَوْ خُنْثَى أَوْ خُنْثَيَيْنِ وَقَفَ الْحَالُ وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ إذَا تَبَيَّنَ الْأَمْرُ. وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالْوِلَادَةِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّارِحِ عَنْهَا هُنَا لِعِلْمِهَا مِمَّا هُنَاكَ. تَنْبِيهٌ: شَمِلَ الذَّكَرَ أَوْ الْأُنْثَى فِيمَا تَقَدَّمَ مَا لَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ أَوْ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ، وَإِنْ كَانَ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَمِثْلُ حَمْلُك مَا فِي بَطْنِك نَعَمْ لَوْ قَالَ إنْ وَضَعْت مَا فِي بَطْنِك لَمْ تَطْلُقْ بِالْوِلَادَةِ، لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْأَحْشَاءَ قَالَهُ فِي الْعُبَابِ وَخَرَجَ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِيمَا مَرَّ، مَا لَوْ قَالَ ابْنٌ أَوْ بِنْتٌ فَإِنَّهُ لِلْمُفْرَدِ فَقَطْ، وَكَذَا صَبِيٌّ وَصَبِيَّةٌ عَلَى مَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا، وَهَلْ يَتَقَيَّدُ هَذَا بِكَوْنِهِ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ يَظْهَرُ نَعَمْ. قَوْلُهُ: (لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ) أَيْ أَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ كَمَا مَرَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَوَقُّفُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى الْحَمْلِ الثَّانِي، وَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَوَلَدَتْ) وَلَا تُسَمَّى وِلَادَةً إلَّا لِمَا تَمَّ تَصْوِيرُهُ وَتَمَّ انْفِصَالُهُ وَلَوْ مَيِّتًا أَوْ سَقْطًا. قَوْلُهُ: (مِنْ حَمْلٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ مِنْ حَمْلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ حَيْثُ لَحِقَ بِالزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (مُرَتَّبًا) بِأَنْ يَتِمَّ انْفِصَالُ الْأَوَّلِ قَبْلَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ الثَّانِي، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْمَعِيَّةِ فَيَقَعُ وَاحِدَةٌ وَتَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ مِنْ حِينِ الْوَضْعِ. وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِالْأَوَّلِ) وَلَوْ نَاقِصًا أَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (بِالثَّانِي) فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَهُمَا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِمُقَارَنَتِهِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إلَّا إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِكُلَّمَا كَمَا يَأْتِي بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مُرَتَّبًا) فَإِنْ وَلَدَتْهُمْ مَعًا وَقَعَ ثَلَاثٌ إنْ نَوَى وَلَدًا وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ وَتَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ مِنْ حِينِ الْوَضْعِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) أَيْ الْحَاصِلَةُ بِالْأَوَّلِ وَأَمَّا الثَّانِي فَيُحْتَمَلُ أَنَّ عِدَّتَهُ دَاخِلَةٌ فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّةُ الْأَوَّلِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ. قَوْلُهُ: (وَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ) أَيْ لِلطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ الْوَاقِعَةِ بِوِلَادَةِ الثَّالِثِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ عِدَّةُ الْأَوَّلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بِقَوْلِهِ وَلَا مَحْذُورَ إلَخْ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الثَّانِيَ لَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّةُ الْأَوَّلِ اتِّفَاقًا وَإِنْ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ وَفِي كَوْنِهِ لَهُ عِدَّةُ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (حَتَّى لَوْ قَالَ إلَخْ) هُوَ مَرْجُوحٌ كَالْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ عَبَّرَ إلَخْ) تَقَدَّمَ صِحَّةُ التَّعْبِيرِ فِي مِثْلِ هَذَا عَلَى إرَادَةِ الصَّحِيحِ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ لِأَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَمُقَابِلُهُ نَصٌّ مُوَافِقٌ لَهُ وَمُخْرِجٌ لَهُ مُخَالِفٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (كَمَا ذَكَرَ) أَيْ مُرَتَّبًا. قَوْلُهُ: (وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالثَّانِي) أَيْ الْعِدَّةُ الَّتِي لِلطَّلَاقِ الْوَاقِعِ   [حاشية عميرة] السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ. وَالْوَطْأَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَلَفَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ قَضِيَّةَ اللَّفْظِ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ الْمُضَافَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ قَوْلُهُ: (فَوَلَدَتْ اثْنَيْنِ مُرَتَّبًا) لَوْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا وَقَعَ الطَّلَاقُ أَيْضًا لَكِنَّ الْعِدَّةَ بِالْأَقْرَاءِ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَمْلٍ) لَوْ كَانُوا مِنْ حَمْلَيْنِ وَكَانَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ لَاحِقَيْنِ بِالزَّوْجِ، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (عَلَى الصَّحِيحِ) رَاجِعْ قَوْلَهُ وَانْقَضَتْ بِالثَّالِثِ وَلَا يَقَعُ بِهِ ثَالِثَةٌ. قَوْلُهُ: (حَتَّى لَوْ قَالَ إلَخْ) . أَيْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ حَتَّى فِي مَسْأَلَةِ الرَّجْعِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَكْثَرُونَ نَفَوْهُ) وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ عَلَى مَا لَوْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةً مَعًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 إذْ بِهِ يَتِمُّ انْفِصَالُ الْحَمْلِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، فَلَا يُقَارِنُهُ طَلَاقٌ، وَالثَّانِي يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ، وَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِالْأَقْرَاءِ وَلَا مَحْذُورَ فِي مُقَارَنَةِ الطَّلَاقِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِلرَّجْعِيَّةِ أَنْت طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك يَقَعُ الطَّلَاقُ مَعَهُ، وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهِ، وَالثَّانِي مَنْقُولٌ عَنْ الْإِمْلَاءِ وَبَعْضُهُمْ أَثْبَتَهُ وَالْأَكْثَرُونَ نَفَوْهُ وَقَطَعُوا بِالْأَوَّلِ، فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ الصَّحِيحِ بِالْمَذْهَبِ لَوْ فِي بِاصْطِلَاحِهِ فِي ذَلِكَ هُنَا، وَلَوْ وَلَدَتْ اثْنَيْنِ كَمَا ذَكَرَ وَقَعَ بِالْأَوَّلِ طَلْقَةٌ، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالثَّانِي وَهَلْ يَقَعُ بِهِ ثَانِيَةٌ وَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَلَوْ وَلَدَتْ أَرْبَعَةً، فَيَقَعُ بِالثَّلَاثَةِ ثَلَاثٌ وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالرَّابِعِ (وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ) حَوَامِلَ (كُلَّمَا وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْكُنَّ (فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَوَلَدْنَ مَعًا طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثَ صَوَاحِبَ، فَيَقَعُ بِوِلَادَتِهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ طَلْقَةٌ، وَلَا يَقَعُ بِهَا عَلَى نَفْسِهَا شَيْءٌ وَيَعْتَدِدْنَ جَمِيعًا بِالْأَقْرَاءِ وَصَوَاحِبُ جَمْعُ صَاحِبَةٍ كَضَارِبَةٍ وَضَوَارِبَ، وَقَوْلُهُ ثَلَاثًا الثَّانِي دَافِعٌ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ طَلَاقِ الْمَجْمُوعِ ثَلَاثًا (أَوْ) وَلَدْنَ (مُرَتَّبًا طَلُقَتْ الرَّابِعَةُ ثَلَاثًا) بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا (وَكَذَا الْأُولَى) طَلُقَتْ ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً (إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا) عِنْدَ وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ (وَ) طَلُقَتْ (الثَّانِيَةُ طَلْقَةً) بِوِلَادَةِ الْأُولَى (وَالثَّانِيَةُ طَلْقَتَيْنِ) بِوِلَادَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا) وَالْأُولَى تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَفِي اسْتِئْنَافهَا الْعِدَّةَ لِلطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ الْخِلَافُ فِي طَلَاقِ الرَّجْعِيَّةِ وَهُوَ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا تَسْتَأْنِفُ فِي قَوْلٍ وَتَبْنِي فِي قَوْلٍ، وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْبِنَاءِ وَالرَّاجِحُ الْبِنَاءُ إنْ أَثْبَتْنَا الْخِلَافَ (وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ الْأُولَى) أَصْلًا (وَتَطْلُقُ الْبَاقِيَاتُ طَلْقَةً طَلْقَةً) بِوِلَادَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُنَّ صَوَاحِبُهَا عِنْدَ وِلَادَتِهَا لَاشْتَرَاك الْجَمِيعِ فِي الزَّوْجِيَّةِ، حِينَئِذٍ وَبِطَلَاقِهِنَّ انْتَفَتْ الصُّحْبَةُ بَيْنَ الْجَمِيعِ، فَلَا تُؤَثِّرُ وِلَادَتُهُنَّ فِي حَقِّ الْأُولَى، وَلَا وِلَادَةُ بَعْضِهِنَّ فِي حَقِّ بَعْضٍ وَدُفِعَ هَذَا بِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يَنْفِي الصُّحْبَةَ وَالزَّوْجِيَّةَ، فَإِنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ نِسَائِهِ دَخَلَتْ الرَّجْعِيَّةُ فِيهِ، (وَإِنْ وَلَدَتْ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَيَانِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) . أَيْ طَلُقَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً (وَقِيلَ طَلْقَةً) فَقَطْ بِوِلَادَةِ رَفِيقَتِهَا وَانْتَفَتْ الصُّحْبَةُ مِنْ حِينَئِذٍ (وَالْأُخْرَيَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) أَيْ طَلُقَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلْقَتَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا بِوِلَادَةِ الْأُخْرَى شَيْءٌ وَتَنْقَضِي عَنْهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا، وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ نَقَلَهُ عَنْ الْإِمْلَاءِ يَقَعُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا طَلْقَةٌ أَيْضًا بِوِلَادَةِ الْأُخْرَى، وَيَعْتَدَّانِ بِالْأَقْرَاءِ (وَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا فِي حَيْضِهَا إذَا عَلَّقَهَا) أَيْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا (بِهِ) وَقَالَتْ حِضْت وَأَنْكَرَهُ   [حاشية قليوبي] بِالْأَوَّلِ تَنْقَضِي بِوِلَادَةِ الثَّانِي هُنَا لِفَرَاغٍ مِنْ الْحَمْلِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّةُ الْأَوَّلِ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ، كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (حَوَامِلَ) قَالَ الْبُرُلُّسِيُّ لَيْسَ قَيْدًا فِيمَا يَظْهَرُ وَهُوَ وَاضِحٌ. قَوْلُهُ: (كُلَّمَا) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَيْسَ غَيْرُ كُلَّمَا مِثْلَهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ هُنَا الْعُمُومُ لَا التَّكْرَارُ، فَمَا يُفِيدُ الْعُمُومَ كَذَلِكَ نَحْوُ أَيُّ مَنْ وَلَدَتْ مِنْكُنَّ أَوْ أَيُّكُنَّ وَلَدَتْ إلَخْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (جَمْعُ صَاحِبَةٍ) فَهُوَ عَلَى الْقِيَاسِ وَيُجْمَعُ بِقِلَّةٍ عَلَى صَاحِبَاتٍ. قَوْلُهُ: (دَافِعٌ لِاحْتِمَالِ إلَخْ) أَيْ بِالتَّوْزِيعِ وَالضَّابِطُ الْجَامِعُ لِأَفْرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقَالَ تَطْلُقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِعَدَدِ مَنْ سَبَقَهَا وَمَنْ لَمْ تُسْبَقْ بِثَلَاثٍ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ) قَيْدٌ لِلتَّشْبِيهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُفِيدِ لِوُقُوعِ الثَّلَاثِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ الرَّابِعَةِ وَقَعَ عَلَيْهَا بَعْدَ مَنْ وَلَدَتْ قَبْلَ انْقِضَائِهَا. قَوْلُهُ: (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا إلَخْ) نَعَمْ مَنْ تَأَخَّرَ يَوْمُهَا مِنْهُمَا إلَى وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا. قَوْلُهُ: (وَالرَّاجِحُ الْبِنَاءُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَثْبَتْنَا الْخِلَافَ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالْبِنَاءِ هُنَا، وَإِنْ قُلْنَا بِجَرَيَانِ الطَّرِيقَيْنِ فِي الرَّجْعِيَّةِ أَيْ فَلَا يَجْرِي هُنَا خِلَافٌ أَصْلًا وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ. تَنْبِيهٌ: إفْرَادُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُمْكِنَةِ عَقْلًا ثَمَانِيَةً ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا أَرْبَعَةً، وَبَقِيَ مَا لَوْ وَلَدَتْ ثَلَاثٌ مَعًا ثُمَّ الرَّابِعَةُ فَيُطَلَّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَفِي عَكْسِهِ تَطْلُقُ الْأُولَى ثَلَاثًا، وَكُلٌّ مِنْ الْبَاقِيَاتِ طَلْقَةً وَلَوْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ وَاحِدَةٌ طَلُقَ كُلٌّ مِنْ الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ ثَلَاثًا وَمِنْ الْأُخْرَيَيْنِ طَلْقَةً وَإِنْ وَلَدَتْ ثِنْتَانِ مَعًا، ثُمَّ ثِنْتَانِ مُرَتَّبًا طَلُقَتْ الثَّلَاثُ طَلْقَتَيْنِ، وَكُلٌّ مِنْ الْبَاقِيَاتِ ثَلَاثًا وَكُلُّ مَنْ وَلَدَتْ بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا، وَكُلُّ مَنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا إلَى وِلَادَةِ مَنْ بَعْدَهَا يَقَعُ عَلَيْهَا بِعَدَدِهِ. قَوْلُهُ: (إذَا عَلَّقَهَا) بِأَنْ قَالَ إنْ حِضْت أَوْ إنْ رَأَيْت الدَّمَ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ، فَإِنْ قَالَ إنْ رَأَيْت دَمًا شَمِلَ دَمَ النِّفَاسِ وَدَمَ الْفَسَادِ، وَلَوْ عَلَّقَ بِالْحَيْضِ فِي أَثْنَائِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَيْضَةٍ أُخْرَى، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ دَمِ الْحَيْضِ، فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ اتِّصَالُهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً تَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُقُوعِ. نَعَمْ إنْ مَاتَتْ حُكِمَ بِالْوُقُوعِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَنُوزِعَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِجَوَازِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُتَعَذِّرَ كَوْنُهُ حَيْضًا لَا كَوْنُهُ دَمًا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي الشَّهَادَاتِ. وَلَوْ قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَلَا بُدَّ مِنْ تَمَامِهَا فَإِنْ انْقَطَعَتْ قَبْلَهُ لَمْ يَقَعْ شَيْخَنَا، وَكَذَا لَوْ مَاتَتْ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَيْضُ، وَقَدْ وُجِدَ فِي هَذِهِ حَيْضَةٌ، وَلَمْ تُوجَدْ وَهَلْ الْمُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ أَوْ عَادَتُهَا يَظْهَرُ الثَّانِي رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إذَا عَلَّقَ إلَخْ) هُوَ قَيْدٌ فِي مَحِلِّ الْخِلَافِ فَلَا تُصَدَّقُ فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ قَطْعًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِهِ أَوْ شَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَوْ عَدْلَيْنِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (حَوَامِلُ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ بِقَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (كُلَّمَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِثْلُهَا أَنَّ أَيَّتَكُنَّ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ، وَالثَّانِيَةُ طَلْقَةً وَالثَّالِثَةُ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُنَّ لَا تَطْلُقُ بِوِلَادَةِ نَفْسِهَا. قَوْلُهُ: (يَمِينُهَا) إنَّمَا حَلَفَتْ لِلتُّهْمَةِ لِأَنَّهَا تَتَخَلَّصُ بِهِ مِنْ النِّكَاحِ. فَرْعٌ: لَوْ ادَّعَتْ الْحَيْضَ وَلَكِنْ فِي زَمَنِ الْيَأْسِ، فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهَا لِقَوْلِهِمْ إنَّهَا لَوْ حَاضَتْ رَجَعَتْ الْعِدَّةُ مِنْ الْأَشْهُرِ إلَى الْأَقْرَاءِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا أَعْرَفُ مِنْهُ) اسْتَدَلَّ عَلَى تَصْدِيقِهَا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] لِأَنَّهُ لَمَّا حَرَّمَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 الزَّوْجُ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ مِنْهُ بِهِ وَيَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ شُوهِدَ الدَّمُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ دَمَ اسْتِحَاضَةٍ (لَا فِي وِلَادَتِهَا) إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهَا فَقَالَتْ وَلَدْت وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ وَقَالَ هَذَا الْوَلَدُ مُسْتَعَارٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا، وَالثَّانِي تُصَدَّقُ فِيهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي رَحِمِهَا حَيْضًا وَطُهْرًا وَوَضْعَ حَمْلٍ فِي الْعِدَّةِ (وَلَا تُصَدَّقُ فِيهِ فِي تَعْلِيقِ غَيْرِهَا) كَأَنْ قَالَ إنْ حِضْت فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَقَالَتْ حِضْت وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ إذْ لَوْ صُدِّقَتْ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهَا لَزِمَ الْحُكْمُ لِلْإِنْسَانِ يَمِينٌ غَيْرُهُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ جَرْيًا عَلَى الْأَصْلِ فِي تَصْدِيقِ الْمُنْكِرِ (وَلَوْ قَالَ) لِامْرَأَتَيْهِ (إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ) وَالْمَعْنَى أَنَّ طَلَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُعَلَّقٌ بِحَيْضِهِمَا جَمِيعًا وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ تَكْذِيبِ إحْدَاهُمَا (فَزَعَمَتَاهُ وَكَذَّبَهُمَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَا يَقَعُ) الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَيْضِ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ، (وَإِنْ كَذَّبَ وَاحِدَةً) فَقَطْ (طَلُقَتْ فَقَطْ) إذْ حَلَفَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ لِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِيَمِينِهَا وَحَيْضِ ضَرَّتِهَا بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ لَهَا وَالْمُصَدَّقَةُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهَا حَيْضُ ضَرَّتِهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُؤَثِّرُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَالِفِ فَلَمْ تَطْلُقْ (وَلَوْ قَالَ إنْ أَوْ إذَا مَتَى طَلَّقْتُك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا وَقَعَ الْمُنْجَزُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُعَلَّقِ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَمْ يَقَعْ الْمُنْجَزُ لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْمَمْلُوكِ، وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنْجَزُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ لِأَنَّهُ مَشْرُوطُ وُقُوعِ الْمُنْجَزِ (وَقِيلَ) وَقَعَ (ثَلَاثٌ) الطَّلْقَةُ الْمُنْجَزَةُ وَثِنْتَانِ مِنْ الْمُعَلَّقِ وَلَغَتْ الثَّالِثَةُ لِأَدَائِهَا إلَى الْمُحَالِ، (وَقِيلَ لَا شَيْءَ) يَقَعُ مِنْ الْمُنْجَزِ وَالْمُعَلَّقِ، لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْمُنْجَزُ لَوَقَعَ الْمُعَلَّقُ قَبْلَهُ بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ وَلَوْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ لَمْ يَقَعْ الْمُنْجَزُ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْمُنْجَزُ، لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ وَهَذَا الْوَجْهُ وَالْأَوَّلُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا، وَالثَّانِي فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إذْ غَيْرُهَا لَا يَتَعَاقَبُ عَلَيْهَا طَلَاقَانِ وَالثَّالِثُ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَبِهِ اشْتَهَرَتْ الْمَسْأَلَةُ بِالسُّرَيْجِيَّةِ وَاخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، كَمَا اخْتَارَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ الْأَوَّلَ (وَلَوْ قَالَ إنْ ظَاهَرْت مِنْك أَوْ آلَيْت أَوْ لَاعَنْت أَوْ فَسَخْت) النِّكَاحَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ) وَمِثْلُ الْوِلَادَةِ كُلُّ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ، وَمِثْلُ الْحَيْضِ كُلُّ مَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَوَضْعَ حَمْلٍ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ فِي انْقِضَائِهَا فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ حَقِّ نَفْسِهَا، فَوَضْعٌ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى حَيْضًا وَفِي الْعِدَّةِ مُتَعَلِّقًا بِمُؤْتَمَنَةٍ أَوْ بِوَضْعٍ. قَوْلُهُ: (غَيْرِهَا) وَلَوْ غَيْرَ صُورَتِهَا وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فَلَوْ رَجَعَ فَكَمَا لَوْ كَذَّبَهَا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُمْتَنِعٌ) فَلَا تَحْلِفُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَوْ حَلَفَتْ. قَوْلُهُ: (إنْ حِضْتُمَا) وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً وَيُلْغِي لَفْظَ حَيْضَةٍ فَإِنْ قَالَ حَيْضَةً وَاحِدَةً فَلَا وُقُوعَ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ نَصٌّ فِيهَا وَلَفْظُ وَلَدِ الْمِثْلِ لَفْظُ حَيْضَةٍ فِيمَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (فَزَعَمَتَاهُ) أَيْ ادَّعَتَا وُجُودَهُ بَعْدَ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ وَاسْتِعْمَالُ الزَّعْمِ فِي الْقَوْلِ الصَّحِيحِ خِلَافُ الْأَصْلِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا الْأَصْلَ تَعْلِيلٌ لِلْأَصْلِ السَّابِقِ، بِقَوْلِهِ جَرْيًا عَلَى الْأَصْلِ فِي تَصْدِيقِ الْمُنْكَرِ فَتَأَمَّلْ وَعِلَّةُ عَدَمِ تَصْدِيقِهِمَا تَقَدَّمَتْ. قَوْلُهُ: (وَاخْتَارَهُ) أَيْ الْوَجْهَ الثَّالِثَ قَوْلُهُ: (كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ) غَيْرَ ابْنِ سُرَيْجٍ الْمَذْكُورِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ مِنْ رَدِّ نِسْبَتِهَا لِابْنِ سُرَيْجٍ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الشَّارِحَ لَا يُقَاوِمُهُ غَيْرُهُ فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ وَلَا فِي تَحْرِيرِ الْخِلَافِ وَلَا فِي نِسْبَةِ الْأَوْجُهِ إلَى أَصْحَابِهَا وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ نَفْيَ الْمَسْأَلَةِ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ لَا يَنْفِي نِسْبَتَهَا إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ كَمَا ذَكَرَهُ، وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّ اسْتِوَاءَ الْقَائِلِينَ بِهِ، وَبِالْأَوَّلِ كَمَا يُفِيدُ كَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ قُوَّتَهُ كَقُوَّةِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقْوَى لِأَنَّ الْإِمَامَ ذَكَرَ أَنَّهُ عَنْ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ وَمِنْهُمْ الْقَفَّالَانِ، وَابْنُ الْحَدَّادِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، وَكَذَا الشِّيرَازِيُّ وَأَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ أَيْضًا، وَأَمَّا رَابِعًا فَلِأَنَّ الْقَوَاعِدَ الْكُلِّيَّةَ وَالْبَرَاهِينَ الْقَوِيَّةَ نَاطِقَةٌ بِقَوْلِهِ وَحَاكِمَةٌ بِحُكْمِهِ، وَأَمَّا خَامِسًا فَلِأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ الْمُحَالِ لَا يُوجِبُ رَدَّهُ بَلْ لَا يَجُوزُ رَدُّهُ كَمَا مَرَّ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ وَنَحْوِهَا وَأَمَّا سَادِسًا فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى فَاعِلِهِ دَائِمًا لَا مَانِعَ   [حاشية عميرة] الْكَتْمَ دَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الْقَوْلِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ الْآتِي تَمَسُّكٌ بِعُمُومِهَا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي تُصَدَّقُ فِيهَا بِيَمِينِهَا) . أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّلَاقِ خَاصَّةً دُونَ لُحُوقِ النَّسَبِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُصَدَّقُ فِيهِ فِي تَعْلِيقِ غَيْرِهَا) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ تَصْدِيقِهَا لَيْسَ لِكَوْنِهَا مُتَّهَمَةً فِي حَقِّ الضَّرَّةِ، بَلْ لِأَنَّا لَا نَقْبَلُ قَوْلَهَا فِي حَقِّ غَيْرِهَا حَتَّى لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى حَيْضِ أَجْنَبِيَّةٍ، فَزَعَمَتْهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ، وَقَالَ لَا خِلَافَ فِيهِ وَأَوْرَدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَقْبَلُ قَوْلَهُ، فِيمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَيُقْضَى بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا فِي التَّعْلِيقِ عَلَى مَشِيئَةِ زَيْدٍ، وَقَالَ وَلَا نَظَرَ إلَى إتْمَامِهَا فِي طَلَاقِ ضَرَّتِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ وَقَدْ عَلَّقَهُ بِمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لَوْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَصَدَّقَ وَاحِدَةً يَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ الْأُخْرَى، إذَا حَلَفَتْ. قَوْلُهُ: (الْمُنْجَزُ فَقَطْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمُنْجَزِ وَالْمُعَلَّقِ مُمْتَنِعٌ وَوُقُوعُ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، وَالْمُنْجَزُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ حَيْثُ افْتِقَارُ الْمُتَعَلَّقِ إلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْجَزَاءَ سَابِقًا عَلَى الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ، وَالْجَزَاءُ لَا يَتَقَدَّمُ فَيَلْغُو وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ، وَالزَّوْجُ أَهْلٌ لَهُ وَهِيَ مَحِلٌّ لَهُ فَيَبْعُدُ النَّبْذُ لَهُ، اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَفْرَدَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بِالتَّصْنِيفِ كَالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ وَالْغَزَالِيِّ وَالشَّاشِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَدِدْت لَوْ مُحِيَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَابْنُ سُرَيْجٍ بَرِئَ مِمَّا نُسِبَ إلَيْهِ فِيهَا، وَقَوْلُهُ: (وَلَغَتْ الثَّالِثَةُ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيُلْغَى قَوْلُهُ قَبْلَهُ لِأَنَّ الِاسْتِحَالَةَ جَاءَتْ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَدْخُولِ بِهَا) لَوْ كَانَ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا سِوَى طَلْقَةٍ فَكَغَيْرِ الْمَدْخُولِ الشِّيرَازِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَنَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَحَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ: (وَبِهِ اشْتَهَرْت) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِابْنِ سُرَيْجٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 (بِعَيْبِك فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ بِهِ) مِنْ الظِّهَارِ أَوْ غَيْرِهِ (فَفِي صِحَّتِهِ الْخِلَافُ) فَعَلَى الْأَوَّلِ الرَّاجِحِ يَصِحُّ وَيَلْغُو تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ لِاسْتِحَالَةِ وُقُوعِهِ، وَعَلَى الثَّالِثِ يَلْغُوَانِ جَمِيعًا وَلَا يَأْتِي الثَّانِي هُنَا (وَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك) وَطْئًا (مُبَاحًا فَأَنْت طَالِقٌ قَبْلَهُ ثُمَّ وَطِئَ لَمْ يَقَعْ) طَلَاقٌ (قَطْعًا) لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَخَرَجَ الْوَطْءُ عَنْ كَوْنِهِ مُبَاحًا، وَخُرُوجُهُ عَنْ ذَلِكَ مُحَالٌ وَسَوَاءٌ ذَكَرَ ثَلَاثًا أَمْ لَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ خِلَافٌ بِالْوُقُوعِ مِنْ الْوَجْهِ الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ بِالطَّلَاقِ السَّابِقَةِ، لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِهِ يُقْصَدُ بِهِ سَدُّ بَابِ الطَّلَاقِ فَعُومِلَ قَائِلُهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ بِأَنْ أَوْقَعَ عَلَيْهِ مَعَ الْمُنْجَزِ بَعْضَ الْمُعَلَّقِ تَغْلِيظًا، وَالتَّعْلِيقُ هُنَا لِكَوْنِهِ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ لَا يَسُدُّ بَابَهُ (وَلَوْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا خِطَابًا) كَأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت (اُشْتُرِطَتْ) أَيْ مَشِيئَتُهَا (عَلَى فَوْرٍ) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ لِتَمْلِيكِهَا الطَّلَاقَ كَطَلِّقِي نَفْسَك كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ غَيْبَةً) كَأَنْ قَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ (أَوْ بِمَشِيئَةِ أَجْنَبِيٍّ) كَأَنْ قَالَ لَهُ إنْ شِئْت فَزَوْجَتِي طَالِقٌ (فَلَا) يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي الْمَشِيئَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ التَّمْلِيكِ فِي الثَّانِي، وَبَعْدَهُ فِي الْأَوَّلِ بِانْتِفَاءِ الْخِطَابِ فِيهِ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ نَظَرًا إلَى تَضَمُّنِ التَّمْلِيكِ فِي الْأَوَّلِ وَإِلَى الْخِطَابِ فِي الثَّانِي، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ زَوْجِي طَالِقٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ فَوْرٌ قَطْعًا لِانْتِفَاءِ التَّمْلِيكِ وَالْخِطَابِ (وَلَوْ قَالَ الْمُعَلِّقُ بِمَشِيئَتِهِ) مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ (شِئْت كَارِهًا بِقَلْبِهِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (وَقِيلَ لَا يَقَعُ بَاطِنًا) لِانْتِفَاءِ الْمَشِيئَةِ فِي الْبَاطِنِ وَدُفِعَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ لِخَفَائِهِ لَا يُقْصَدُ التَّعْلِيقُ   [حاشية قليوبي] مِنْهُ عَقْلًا وَلَا عُرْفًا وَلَا شَرْعًا مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُعْمِلَ بِهَا لِنَفْسِهِ اللَّازِمَ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيرَادَاتِ، وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ قَدْ يَتَخَلَّفُ الْجَزَاءُ عَنْ الشَّرْطِ يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ هَذَا مِنْهُ وَقِيَاسُهُ عَلَى الْعِتْقِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ مِنْ أَنَّ الْعِتْقَ يُرْتَكَبُ فِيهِ مَا لَا يُرْتَكَبُ فِي غَيْرِهِ، لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ وَأَيْضًا لِمَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ إرْقَاقِ حُرٍّ يُجِيزُ الْمَالِكُ حُرِّيَّتَهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَقَامَ وَمَا فِيهِ مِنْ مَوَاقِعِ الْأَفْهَامِ، وَمِنْ تَوَارُدِ وَطْءِ الْأَقْدَامِ وَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِمَّا عَثَرَتْ بِهِ الْأَوْهَامُ وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَالْإِلْهَامِ. قَوْلُهُ: (بِعَيْبِك) قَيْدٌ لِمَحِلِّ الْخِلَافِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ بِعَيْنِي صَحَّ الْفَسْخُ قَطْعًا كَذَا قَالُوا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَأْتِي الثَّانِي هُنَا) لِعَدَمِ الْجِنْسِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّكْمِيلِ فَالْمُرَادُ بِالْخِلَافِ نَوْعُهُ أَوْ فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ وَطِئَ) أَيْ وَلَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ كَعِدَّةِ شُبْهَةٍ طَرَأَتْ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فِي ذَاتِهِ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ، كَالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ أَوْ بِشُبْهَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِهِ إلَخْ) يُرَدُّ بِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الْعَمَلِ بِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (خِطَابًا) وَلَوْ فِي غَيْبَتِهَا أَوْ بِالْكِتَابَةِ إلَيْهَا وَكَذَا فِي الْغَيْبَةِ. قَوْلُهُ: (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت) وَكَذَا إنْ شِئْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِذَا مِثْلُ إنْ بِخِلَافِ مَتَى وَنَحْوِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْفَوْرِيَّةُ، كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ فِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ. قَوْلُهُ: (عَلَى فَوْرٍ) بِمَا فِي صِيغَةِ الْبَيْعِ فَفِي الْغَائِبَةِ وَقْتَ بُلُوغِهَا الْخَبَرُ، وَلَوْ شَاءَتْ اتِّفَاقًا قَبْلَ بُلُوغِهَا اُكْتُفِيَ بِهِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْبَةٍ) وَإِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً. قَوْلُهُ: (زَوْجَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا وَإِلَّا فَإِنْ شَاءَتْ وَاحِدَةٌ طَلُقَتْ أَوْ أَكْثَرُ طُلِّقْنَ وَاحِدَةً وَيَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِهَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَقِيَاسُ مَا مَرَّ، أَنْ تَطْلُقَ كُلُّ مَنْ شَاءَتْ وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ طَلَّقْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا فَشَاءَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْ شَاءَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلَاقَ نَفْسِهَا فَلَا طَلَاقَ وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت أَبَيْت وَقَعَ حَالًا، وَإِنْ لَمْ تَشَأْ وَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَشَاءَتْ أَقَلَّ لَمْ تَطْلُقْ أَوْ وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَشَاءَتْ أَقَلَّ لَمْ تَطْلُقْ أَوْ وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَشَاءَتْ أَكْثَرَ طَلُقَتْ وَاحِدَةً. قَوْلُهُ: (أَجْنَبِيٍّ) أَيْ تُمْكِنُ مَشِيئَتُهُ عُرْفًا بِخِلَافِ بَهِيمَةٍ أَوْ مِلْكٍ فَلَا وُقُوعَ لِأَنَّهُ مُحَالٌ. قَوْلُهُ (وَلَوْ قَالَ) أَيْ بِاللَّفْظِ فِي النَّاطِقِ وَبِالْإِشَارَةِ فِي الْأَخْرَسِ، وَلَوْ طَارِئًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (شِئْت) أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ فَلَا تَعْلِيقَ وَلَا تَأْقِيتَ فَلَا يَكْفِي شِئْت إنْ رَضِيَ أَبِي مَثَلًا وَلَا شِئْت يَوْمًا وَلَا نَحْوُ أَرَدْت كَعَكْسِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَوَابِ بِاللَّفْظِ الَّذِي نَطَقَ بِهِ الْمُعَلِّقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (كَارِهًا) هُوَ مَحِلُّ الْخِلَافِ فَفِي غَيْرِهِ يَقَعُ قَطْعًا وَالسَّكْرَانُ كَالْكَارِهِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَلَا يَأْتِي الثَّانِي هُنَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إذَا قُلْنَا لِوُقُوعِ الْمُنْجَزِ وَيَكْمُلُ فَيَنْبَغِي هُنَا وُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ اهـ وَكَانَ مُرَادُهُ وُقُوعَ الطَّلْقَتَيْنِ وَيَعُودُ اللِّعَانُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ، لِأَنَّهَا تَصِحُّ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ إلَخْ) هَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا بِالْبَحْثِ الزَّرْكَشِيُّ الَّذِي سُقْنَاهُ عَنْهُ عَلَى الْقَوْلِ الشَّارِحِ، وَلَا يَأْتِي هُنَا الثَّانِي قَوْلُهُ: (وَالتَّعْلِيقُ هُنَا إلَخْ) أَقُولُ أَيْضًا فَيَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ خُرُوجُ الْوَطْءِ عَنْ كَوْنِهِ مُبَاحًا لِأَنَّ وَطْءَ الرَّجْعِيَّةِ حَرَامٌ. قَوْلُهُ: (خِطَابًا أَوْ غَيْبَةٌ) قِيلَ لَا تَقَابُلَ بَيْنَهُمَا فَقَدْ يَجْتَمِعَانِ كَمَا إذَا كَتَبَ إلَيْهَا، أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت وَنَوَى فَوَصَلَ إلَيْهَا، وَقَدْ يُفْقَدَانِ كَقَوْلِهِ بِحُضُورِهَا هِيَ طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ فَإِنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ حَقِيقَةً الْخِطَابَ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ خِطَابًا أَوْ غَيْرَ خِطَابٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ الِاسْتِدْعَاءَ فَلْيَقُلْ حُضُورًا أَوْ غَيْبَةً هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الزَّرْكَشِيّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ مِنْ الْخِطَابِ دُونَ الْأُخْرَى، فَالْمُرَادُ بِالْخِطَابِ مَا كَانَ بِصِيغَتِهِ الْمُعْتَادَةِ حَضَرَ الشَّخْصُ أَوْ غَابَ. وَبِالْغَيْبَةِ مَا كَانَ بِصِيغَتِهَا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يَقَعُ) قِيلَ مَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَشِيئَةَ هُنَا هَلْ هِيَ الْقَوْلُ أَمْ إرَادَةُ الْقَلْبِ وَقَدْ سَلَفَ لَك قَوْلُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ التَّعْلِيقُ بِاللَّفْظِ فَالرَّاجِحُ هُوَ الْأَوَّلُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 بِهِ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ التَّعْلِيقُ بِاللَّفْظِ الدَّالِ عَلَيْهِ وَقَدْ وُجِدَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، (وَلَا يَقَعُ بِمَشِيئَةِ صَبِيَّةٍ وَصَبِيٍّ) عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهَا كَأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الصَّبِيَّةِ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ صَبِيٍّ إنْ شِئْت فَزَوْجَتِي طَالِقٌ، فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا شِئْت لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا، لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِقَوْلِ غَيْرِ الْبَالِغِ فِي التَّصَرُّفَاتِ، (وَقِيلَ يَقَعُ بِمُمَيِّزٍ) أَيْ بِمَشِيئَتِهِ فَتُعْتَبَرُ كَمَا اُعْتُبِرَتْ فِي اخْتِيَارِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ وَلَوْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ بَالِغٍ مَجْنُونٍ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، فَقَالَ شِئْت لَمْ يَقَعْ قَطْعًا لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَيْسَ لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ، (وَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ لِلْمُعَلِّقِ (قَبْلَ الْمَشِيئَةِ) مِنْ الْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ تَعْلِيقٌ فِي الظَّاهِرِ، وَإِنْ تَضَمَّنَ تَمْلِيكًا كَمَا لَا يَرْجِعُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ مُعَاوَضَةً (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ طَلْقَةً فَشَاءَ طَلْقَةً لَمْ تَطْلُقْ) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشَاءَهَا فَلَا تَطْلُقُ أَصْلًا كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ زَيْدٌ الدَّارَ فَدَخَلَهَا (وَقِيلَ يَقَعُ طَلْقَةٌ) نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشَاء طَلْقَةً فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا (وَلَوْ عَلَّقَ) الزَّوْجُ الطَّلَاقَ (بِفِعْلِهِ) كَأَنْ عَلَّقَهُ بِدُخُولِ الدَّارِ (فَفَعَلَ) الْمُعَلَّقَ بِهِ (نَاسِيًا لِلتَّعْلِيقِ أَوْ) ذَاكِرًا لَهُ (مُكْرَهًا) عَلَى الْفِعْلِ أَوْ طَائِعًا جَاهِلًا بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، (لَمْ تَطْلُقْ فِي الْأَظْهَرِ) لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ «إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» أَيْ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِذَلِكَ، وَالثَّانِي تَطْلُقُ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ بِهِ وَلَيْسَ النِّسْيَانُ وَنَحْوُهُ دَافِعًا لِلْوُقُوعِ (أَوْ) عَلَّقَ الطَّلَاقَ (بِفِعْلِ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ) فَلَا يُخَالِفُهُ فِيهِ لِصَدَاقَةِ أَوْ نَحْوِهَا، (وَعَلِمَ بِهِ فَكَذَلِكَ) أَيْ إذَا فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ جَاهِلًا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْأَظْهَرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ كَالسُّلْطَانِ، أَوْ كَانَ يُبَالَى بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ، وَلَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ إعْلَامَهُ بِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (فَيَقَعُ) الطَّلَاقُ بِفِعْلِهِ (قَطْعًا) وَإِنْ اتَّفَقَ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ نِسْيَانٌ أَوْ نَحْوُهُ لِأَنَّ الْغَرَضَ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لَا يَقْصِدُ التَّعْلِيقَ بِهِ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِاللَّفْظِ أَمَّا لَوْ عَلَّقَهُ بِمَحَبَّتِهَا لَهُ أَوْ رِضَاهَا عَنْهُ فَقَالَتْ ذَلِكَ كَارِهَةً فَلَا وُقُوعَ. تَنْبِيهٌ: لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا وَغَيْرِهَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقَعُ بِمَشِيئَةِ صَبِيَّةٍ) أَيْ مَا لَمْ يُرِدْ التَّلَفُّظَ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا) وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مَجْنُونٌ) أَيْ وَقْتَ التَّعْلِيقِ أَوْ وَقْتَ الْمَشِيئَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، لَمْ يَقَعْ قَطْعًا مَا لَمْ يُرِدْ اللَّفْظَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (زَيْدٌ) خَرَجَ مَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمَلَائِكَةُ وَالْبَهِيمَةُ لَمْ يَقَعْ قَطْعًا مَا لَمْ يُرِدْ طَلَاقًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَشَاءَ طَلْقَةً) وَلَوْ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا وَلَوْ فِي عَكْسِ الصُّورَةِ فَشَاءَ ثَلَاثًا. قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَخْ) فَلَوْ قَالَ أَرَدْت وُقُوعَ طَلْقَةٍ إذَا شَاءَهَا وَقَعَتْ أَوْ عَدَمَ وُقُوعِهَا إذَا شَاءَهَا وَقَعَ طَلْقَتَانِ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (بِفِعْلِهِ) أَيْ فِعْلِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ لِأَنَّ شَأْنَهُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ إعْلَامَ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ عَالِمٌ. قَوْلُهُ: (نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا) وَلَوْ احْتِمَالًا فِيهِمَا وَلَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ الشَّيْخَيْنِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فَقِيلَ لَهُ إنَّ شَيْخَنَا الرَّمْلِيَّ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ الطَّلَاقِ أَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ بِحَقٍّ كَالْإِخْبَارِ فَرَجَعَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (جَاهِلًا بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ) أَوْ جَاهِلًا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ كَأَنْ فَعَلَهُ نَاسِيًا فَظَنَّ الْوُقُوعَ فَفَعَلَهُ ثَانِيًا أَوْ إفْتَاءَ مَنْ صَدَّقَهُ، وَلَوْ غَيْرَ أَهْلٍ لِلْإِفْتَاءِ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ بِهِ فَفَعَلَهُ أَوْ أَخْبَرَهُ بِمَوْتِ زَوْجَتِهِ فَفَعَلَهُ فَبَانَتْ حَيَاتُهَا، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَيَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَإِنْ ظَنَّ تَنَاقُضَهُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ إنَّ الْأَمْرَ الْفُلَانِيَّ لَمْ يَكُنْ، أَوْ كَانَ أَوْ سَيَكُونُ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلْت أَوْ لَمْ يَكُنْ فَعَلْت أَوْ فُلَانٌ لَمْ يَفْعَلْ، كَذَا أَوْ فَعَلَهُ أَوْ هُوَ فِي الدَّارِ أَوْ لَيْسَ فِيهَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَقَصَدَ حِينَ حَلِفِهِ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي ظَنِّهِ، أَوْ اعْتِقَادِهِ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ، وَبِأَنَّ خِلَافَهُ حَنِثَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ مُحَاوَرَةً فَلَا حِنْثَ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ صِيغَةَ تَعْلِيقٍ كَوَاللَّهِ زَيْدٌ لَيْسَ فِي الدَّارِ مَثَلًا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَطْلُقْ) وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ لِأَنَّ لَهَا جِهَةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ نَحْوِ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي أَوْ لَا أُكَلِّمُهُ إلَّا فِي شَرٍّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِفِعْلِ غَيْرِهِ) أَيْ الْمُمَيِّزِ وَإِلَّا كَطِفْلٍ وَبَهِيمَةٍ فَلَا وُقُوعَ بِدُخُولِهِ مُكْرَهًا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ. قَوْلُهُ: (يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ) أَيْ وَقْتَ تَعْلِيقِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا فِيهِمَا وَلَا نَظَرَ لِمَا قَبْلَهُ، وَلَا لِمَا بَعْدَهُ وَدَخَلَ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا حَاجَةَ فِيهَا إلَى مُبَالَاةٍ لِأَنَّهُ شَأْنُهَا كَمَا فِي نَفْسِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُخَالِفُهُ فِيهِ لِصَدَاقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا) كَحَيَاءٍ وَمُرُوءَةٍ وَحُسْنِ خُلُقٍ وَخَوْفٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا لَا يَسْهُلُ عَلَيْهِ الْوُقُوعُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ. قَوْلُهُ: (وَعَلِمَ بِهِ) أَيْ وَعَلِمَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بِالتَّعْلِيقِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ مَنْعِهِ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَوْ جَاهِلًا بِمَا مَرَّ) أَوْ بِالْيَمِينِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي تَطْلُقُ إلَخْ) بِهَذَا أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَعَ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ، وَصُدُورُ النِّسْيَان حَالَةَ الْفِعْلِ، كَحَالِ التَّلَفُّظِ بِالطَّلَاقِ مَعَ نِسْيَانِ الزَّوْجِيَّةِ وَتَوَقَّفَ جَمْعٌ مِنْ قُدَمَاءِ الْأَصْحَابِ عَنْ الْإِفْتَاءِ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي صُورَةِ النِّسْيَانِ بَيْنَ الْمُسْتَقْبَلِ وَالْمَاضِي كَأَنْ يَنْسَى فَيَحْلِفُ عَلَى مَا لَمْ يَفْعَلْهُ، أَنَّهُ فَعَلَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَخَصَّ الْبَغَوِيّ عَدَمَ الْحِنْثِ بِالنِّسْيَانِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي، وَوَافَقَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ ذَلِكَ، وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ عَمْدًا وَلَا سَهْوًا فَدَخَلَ نَاسِيًا، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ اهـ. فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ وَلَدَهُ أَوْ دَابَّتَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا مَا فَعَلَ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ نَاسِيًا فَالْمُتَّجِهُ عَدَمُ الْحِنْثِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَتَأَمَّلْ. وَلَكِنْ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ النِّسْيَانُ وَنَحْوُهُ دَافِعًا) لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِآدَمِيٍّ. قَوْلُهُ: (وَعَلِمَ بِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَقْصِدَ الزَّوْجُ حَثَّهُ أَوْ مَنْعَهُ كَمَا جَزَمَا بِهِ وِفَاقًا لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ التَّعْلِيقَ بِصُورَةِ الْفِعْلِ اهـ. وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ مِثْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ فِعْلِ نَفْسِهِ السَّابِقَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ قَصْدُ الْمَنْعِ مِنْهُ بِأَنْ قَصَدَ الْإِعْلَامَ بِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِالتَّعْلِيقِ مَنْ يُبَالَى بِفِعْلِهِ فَيَأْتِي فِي الْوُقُوعِ الْخِلَافُ، كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. فَصْلٌ: قَالَ لِزَوْجَتِهِ (أَنْت طَالِقٌ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَقَعْ عَدَدٌ إلَّا بِنِيَّةٍ) لَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ طَالِقٌ وَلَا اعْتِبَارَ بِالْإِشَارَةِ هُنَا، (فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ) الْقَوْلِ وَالْإِشَارَةِ (هَكَذَا طَلَّقْت فِي أُصْبُعَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَفِي ثَلَاثٍ ثَلَاثًا) ، كَمَا تَطْلُقُ فِي أُصْبُعٍ طَلْقَةً (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْإِشَارَةِ) فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (الْمَقْبُوضَتَيْنِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فَلَا يَقَعُ أَكْثَرُ مِنْ طَلْقَتَيْنِ (وَلَوْ قَالَ عَبْدٌ) لِزَوْجَتِهِ (إذَا مَاتَ سَيِّدِي فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَقَالَ سَيِّدُهُ) لَهُ (إذَا مِتُّ فَأَنْت حُرٌّ فَعَتَقَ بِهِ) أَيْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ بِأَنْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ) عَلَيْهِ (بَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ) فِي الْعِدَّةِ (وَتَجْدِيدٌ) بَعْدَ انْقِضَائِهَا (قَبْلَ زَوْجٍ) وَالثَّانِي تَحْرُمُ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ وَقَعَا مَعًا فَالْأَوَّلُ غَلَبَ الْعِتْقَ فَكَأَنَّهُ تَقَدَّمَ وَالثَّانِي فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ بَقِيَ رِقُّ مَا زَادَ عَلَيْهِ وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُبَعَّضَ كَالْقِنِّ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ، (وَلَوْ نَادَى إحْدَى زَوْجَتَيْهِ فَأَجَابَتْهُ الْأُخْرَى فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَهُوَ يَظُنُّهَا الْمُنَادَاةَ لَمْ تَطْلُقْ الْمُنَادَاةُ) لِأَنَّهَا لَمْ تُخَاطَبْ بِالطَّلَاقِ وَظَنُّ خِطَابَهَا بِهِ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَهُ عَلَيْهَا، (وَتَطْلُقُ الْمُجِيبَةُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا خُوطِبَتْ بِالطَّلَاقِ، وَالثَّانِي لَا تَطْلُقُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لَا يَقَعُ) وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ كَمَا مَرَّ سَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ أَوْ مَاضٍ كَمَا تَقَدَّمَ. نَعَمْ إنْ قَالَ إنْ تَدْخُلِي الدَّارَ الْيَوْمَ فَدَخَلَتْ نَاسِيَةً انْحَلَّ الْيَمِينُ، وَلِأَنَّهَا يَمِينٌ لَهَا جِهَتَانِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَالسُّلْطَانِ) أَيْ لِغَيْرِ نَحْوِ أَخِيهِ وَنَظِيرِهِ وَصَدِيقِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَقْصِدْ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَيَقَعُ) أَيْ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ مِمَّنْ يُبَالِي حَالَةَ التَّعْلِيقِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ قَصَدَ الْإِعْلَامَ بِهِ) صَرِيحُهُ أَنَّ قَصْدَ الْمَنْعِ هُوَ قَصْدُ الْإِعْلَامِ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا فَقَصْدُ الْإِعْلَامِ أَعَمُّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةِ لِلطَّلَاقِ بِالْأَصَابِعِ وَنَحْوِهَا قَوْلُهُ: (وَأَشَارَ) أَيْ إشَارَةً يُفْهَمُ مِنْهَا إرَادَةُ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (طَالِقٌ) أَيْ عِنْدَ أَنْتِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الصِّيغَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا اعْتِبَارَ بِالْإِشَارَةِ) وَلَا بِأَنْتِ هَكَذَا وَلَا بِأَنْتِ الثَّلَاثُ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ. قَوْلُهُ: (فِي أُصْبُعٍ طَلْقَةً) فَلَوْ قَالَ أَرَدْت طَلَاقَ الْأُصْبُعِ دُونَ الزَّوْجَةِ لَمْ يُقْبَلْ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَيَدِينُ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا وَمِثْلُ هَذِهِ لَوْ قَالَ أَرَدْت الْإِشَارَةَ بِأُصْبُعٍ فَارْتَفَعَتْ الْأُخْرَى مَعَهَا وَلَوْ أَشَارَ بِجَمْعِ الْكَفِّ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ خَرَجَ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ. قَوْلُهُ: (وَقَعَا مَعًا) فَالْمَدَارُ عَلَى اتِّحَادِ الصِّفَةِ وَلَوْ غَيْرَ مَوْتٍ لِلسَّيِّدِ فَلَوْ قَالَ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ سَيِّدِي مَعَ قَوْلِ سَيِّدِهِ مَا مَرَّ فَلَا بُدَّ مِنْ مُحَلِّلٍ. قَوْلُهُ: (غَلَبَ الْعِتْقُ) لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ فَلَوْ عَلَّقَ الزَّوْجُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ غَيْرِ الْمُدَبَّرَةِ وَلَوْ مُكَاتَبَةً بِمَوْتِ سَيِّدِهَا فَمَاتَ وَهُوَ وَارِثُهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَا طَلَاقَ أَوْ مُدَبَّرَةٍ طَلُقَتْ وَلَا فَسْخَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الْعَبْدُ) وَلَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ تُقْصَدْ بِالطَّلَاقِ) وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْمُنَادَاةُ، كَمَا هُوَ فَرْضُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَصَرِيحُ كَلَامِ الْإِمَامِ الْآتِي فَقَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّهَا تَطْلُقُ أَيْضًا فِي هَذِهِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَلَوْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْمُجِيبَةَ غَيْرُ الْمُنَادَاةِ، فَإِنْ قَصَدَ الْمُجِيبَةَ فَقَطْ طَلُقَتْ فَقَطْ أَوْ الْمُنَادَاةَ وَلَوْ مَعَ الْمُجِيبَةِ طَلُقَتَا مَعًا، وَتَطْلُقُ الْمَقْصُودَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَغَيْرُهَا ظَاهِرًا وَيَدِينُ وَعَلِمَ بِتَعْرِيفِ الْأُخْرَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَيْضًا فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ وَلَوْ أَجْنَبِيَّةً غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُمْ قَصَدَ طَلَاقَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا عُلِمَ وَلَوْ أَجَابَهُ زَوْجَتَانِ وَقَصَدَهُمَا فَفِيهِ مَا مَرَّ وَإِنْ قَصَدَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا طَلُقَتْ وَيُرْجَعُ إلَى التَّعْيِينِ كَمَا مَرَّ فِي إحْدَاكُمَا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ الْوَجْهَانِ إلَخْ) فَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (وَاحْتَمَلَ الْإِمَامُ إلَخْ) إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ ظَاهِرًا مَا قَابَلَ الْبَاطِنَ فَهُوَ الطَّرِيقُ الْمَذْكُورُ، قَبْلَهُ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ سِيَاقَ الْبَحْثِ بِمَعْنَى أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ   [حاشية عميرة] وَإِلَّا فَيَقَعُ) شَامِلٌ لِثَلَاثِ صُوَرٍ أَنْ لَا يُبَالِيَ وَيَعْلَمَ بِالتَّعْلِيقِ أَوْ لَا يُبَالِيَ وَلَا يَعْلَمُ وَالْأُولَتَانِ، لَا إشْكَالَ فِيهِمَا وَأَمَّا الْأَخِيرَةُ فَمَحِلُّهَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ مَنْعَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. فَرْعٌ: قَالَ لَهَا إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ فَنَسِيَتْ الْحَلِفَ وَدَخَلَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ هَلْ يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ، أَوْ لَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَقْرَبُ الِانْحِلَالُ. [فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ] فَصْلٌ: قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَخْ قَوْلُهُ (لَمْ يَقَعْ عَدَدٌ إلَّا بِنِيَّةٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَعَدَّدُ إلَّا بِلَفْظٍ أَوْ إلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَافِهِمْ قَوْلَهُ عَدَدٌ أَنَّ الْوَاحِدَةَ تَقَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ إلَخْ) . وَجَّهَهُ وَخَنَسَ إبْهَامَهُ فِي الثَّالَّةِ وَأَرَادَ وَتِسْعًا وَعِشْرِينَ. قَوْله: (طَلُقَتْ فِي أُصْبُعَيْنِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ. نَادَى إحْدَى زَوْجَتَيْهِ فَأَجَابَتْهُ الْأُخْرَى فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَهُوَ يَظُنُّهَا الْمُنَادَاةَ قَوْلُهُ: (نَفْيُ الْخِلَافِ) أَيْ قَالَ يَقَعُ ظَاهِرًا بِلَا خِلَافٍ لَكِنْ اُنْظُرْ مَا مَذْهَبُهُ فِي الْوُقُوعِ بَاطِنًا عَلَى الْمُخَاطَبَةِ. قَوْلُهُ: (فَطَلْقَتَانِ) اسْتَشْكَلَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 لِأَنَّهَا لَمْ تُقْصَدْ بِالطَّلَاقِ، وَقِيلَ الْوَجْهَانِ فِي الْوُقُوعِ بَاطِنًا وَلَا خِلَافَ فِي الْوُقُوعِ ظَاهِرًا وَاحْتَمَلَ الْإِمَامُ نَفْيَ الْخِلَافِ فِي الْوُقُوعِ ظَاهِرًا وَثُبُوتَهُ فِي طَلَاقِ الْمُنَادَاةِ، لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ بِالطَّلَاقِ وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ جَازِمًا بِهِ (وَلَوْ عَلَّقَ وَأَكَلَ رُمَّانَةً وَعَلَّقَ بِنِصْفٍ) كَأَنْ قَالَ إنْ أَكَلْت رُمَّانَةً فَأَنْت طَالِقٌ، وَإِنْ أَكَلْت نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ، فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً (فَطَلْقَتَانِ) لِحُصُولِ الصِّفَتَيْنِ بِأَكْلِهَا، وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقَانِ بِكُلَّمَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا لِأَنَّهَا أَكَلَتْ رُمَّانَةً مَرَّةً وَنِصْفَ رُمَّانَةٍ مَرَّتَيْنِ (وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ) عَلَى الْفِعْلِ (أَوْ مَنْعٌ) مِنْهُ (أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ) لِيَصْدُقَ فِيهِ، (فَإِذَا قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقٍ فَأَنْت طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ إنْ لَمْ تَخْرُجِي أَوْ إنْ خَرَجْت أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت، فَأَنْت طَالِقٌ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ) لِأَنَّ مَا قَالَهُ حَلِفٌ بِأَقْسَامِهِ السَّابِقَةِ (وَيَقَعُ الْآخَرُ إنْ وُجِدَتْ صِفَتُهُ) مِنْ الْخُرُوجِ أَوْ عَدَمِهِ أَوْ عَدَمِ كَوْنِ الْأَمْرِ، كَمَا قَالَهُ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ (وَلَوْ قَالَ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِالْحَلِفِ (إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ جَاءَ الْحُجَّاجُ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَثٍّ وَلَا مَنْعٍ وَلَا تَحْقِيقِ خَبَرٍ، وَيَقَع الْمُعَلَّق بِالصِّفَةِ إذَا وَجَدَتْ   [حاشية قليوبي] الْمُجِيبَةَ تَطْلُقُ بِلَا خِلَافٍ، فَهُوَ طَرِيقٌ ثَالِثٌ وَيَدُلُّ لِهَذَا إثْبَاتُهُ الْخِلَافَ فِي الْمُنَادَاةِ وَجَزَمَ الْغَزَالِيُّ بِهِ. قَوْلُهُ: (فَطَلْقَتَانِ) فَإِنْ عَلَّقَ بِرُبُعِ رُمَّانَةٍ، أَيْضًا فَثَلَاثٌ لِوُجُودِ الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ بِأَكْلِهَا فَإِنْ أَكَلَتْ نِصْفَهَا فَطَلْقَتَانِ، كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا، وَإِنْ كَلَّمْت رَجُلًا وَإِنْ كَلَّمْت فَقِيهًا فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ فَقِيهٌ، فَإِنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَوْ عَلَّقَ بِأَوْ كَأَنْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ كَلَّمْت رَجُلًا أَوْ كَلَّمْت فَقِيهًا فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ فَقِيهٌ، فَإِنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ. قَوْلُهُ: (التَّعْلِيقَانِ) أَوْ لِلتَّعَلُّقِ الثَّانِي فَقَطْ لِأَنَّهُ لَا تَكْرَارَ فِي الرُّمَّانَةِ، وَلَوْ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ بِكُلَّمَا وَقَعَ الثَّلَاثُ بِأَكْلِهَا لِتَكَرُّرِهِ فِيهَا ثَلَاثًا، وَخَرَجَ بِرُمَّانَةٍ مَا لَوْ أَكَلَتْ نِصْفَيْ رُمَّانَتَيْنِ أَوْ حَبًّا مِنْ رُمَّانَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ رُمَّانَةٍ فَلَا وُقُوعَ. تَنْبِيهٌ: الْعِبْرَةُ فِي النِّصْفِ بِالْعَدَدِ فَلَوْ بَقِيَ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَوْ بَقِيَ مِنْ الرُّمَّانَةِ شَيْءٌ وَقَعَ مَا عُلِّقَ بِالنِّصْفِ وَحْدَهُ. تَنْبِيهٌ آخَرُ: هَذِهِ الْأَحْكَامُ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ فَلَا يُخَالِفُ الْقَاعِدَةَ النَّحْوِيَّةَ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ، فَهِيَ غَيْرُ الْأُولَى عَلَى أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَغْلَبِيَّةٌ كَمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84] . قَوْلُهُ: (وَالْحَلِفُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ مَعَ كَسْرِ اللَّامِ أَوْ سُكُونِهَا وَيُقَالُ فِيهِ مَحْلُوفٌ بِوَزْنِ مَفْعُولٍ بِمَعْنَى الْقَسَمِ لَكِنَّ الْحَلِفَ يَكُونُ بِاَللَّهِ وَبِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْقَسَمِ وَالْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (بِالطَّلَاقِ) أَوْ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (مَا تَعَلَّقَ) أَيْ مَا اقْتَضَتْهُ الصِّيغَةُ وَلَمْ يُقْصَدْ. قَوْلُهُ: (حَثٌّ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (إنْ حَلَفْت إلَخْ) وَلَوْ كَرَّرَهُ وَقَعَ بِقَدْرِ مَا كَرَّرَ فَلَوْ كَرَّرَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ وَيَنْحَلُّ بِكُلِّ مَرَّةٍ مَا قَبْلَهَا، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَصْدُ التَّأْكِيدِ هُنَا، لِأَنَّهَا أَوْصَافٌ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (إنْ خَرَجْت) أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَيْءٍ وَإِلَّا رَجَعَ لِمَا قَيَّدَ بِهِ وَإِنَّمَا أَطْلَقَ هُنَا لِأَنَّهُ فِي بَيَانِ مَا يُسَمَّى حَلِفًا، فَلَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي ثُمَّ إنَّهَا خَرَجَتْ بَعْدَ إذْنِهِ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ أَوْ رَجَعَ عَنْهُ، أَوْ كَانَتْ نَحْوَ صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ لَمْ يَحْنَثْ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَلَوْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا فَلْيَأْذَنْ لَهَا أَوْ بِنَحْوِ مَتَى، وَلَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت لِغَيْرِ الْحَمَّامِ حَنِثَ إنْ خَرَجَتْ بِقَصْدِ غَيْرِهِ فَقَطْ، عِنْدَ الْخُرُوجِ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ قَالَ إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ حَنِثَ مُطْلَقًا، وَلَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت لَابِسَةَ حَرِيرٍ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ، ثُمَّ لَابِسَةً حَنِثَ بِالثَّانِيَةِ وَلَا تَتَحَلَّلُ بِالْأُولَى لِأَنَّ لِلْيَمِينِ جِهَةً وَاحِدَةً كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ) قَيْدٌ لِلْوُقُوعِ وَلَوْ فِي النَّفْيِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُحَاوَرَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ حَلِفٌ فَيَقَعُ بِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (جَاءَ الْحُجَّاجُ) الْمُرَادُ مُعْظَمُهُمْ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَالْخَطِيبِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَمْعِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ الْمُعَبَّرِ بِهِ فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحَيْهِمَا، وَيُعْتَبَرُ مَجِيئُهُمْ إلَى مَحِلٍّ جَرَتْ الْعَادَةُ بِمُلَاقَاتِهِمْ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ وَلَوْ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ.   [حاشية عميرة] الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ تَكُونُ غَيْرَ الْأُولَى، وَلَوْ قَالَ إنْ أَكَلْت رُمَّانَةً فَأَكَلَتْ نِصْفَيْنِ مِنْ رُمَّانَتَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ، وَلَوْ قَالَ إنْ أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ، فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ أَكَلْت نِصْفَهُ، فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ أَكَلْت رُبُعَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَكَلَتْهُ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَإِنْ أَكَلْت نِصْفَهُ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ فَكَذَلِكَ، وَلَمْ يُوَجِّهْهُ وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ: (وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ إلَخْ) . وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ فَرْعُ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ، وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَثُّ وَالْمَنْعُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، أَوَّلَهُمَا وَالْحَلِفُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ، وَبِسُكُونِهَا وَيُقَالُ فِيهِ وَمَحْلُوفٌ مَصْدَرٌ عَلَى وَزْنِ مَفْعُولٍ، وَهُوَ لُغَةً الْقَسَمُ ثُمَّ الْغَرَضُ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ، بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالتَّعْلِيلِ الْمَحْضِ عَلَى صِفَةٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ) أَيْ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ) ظَاهِرُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ وَفِي تَوَقُّفِ الْأَخِيرِ، وَالْأُولَى عَلَى ذَلِكَ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي إذَا حَصَلَ الْيَأْسُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ، ثُمَّ الثَّالِثَةُ مُشْكِلَةٌ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِمْ لَا حِنْثَ فِي الْحَلِفِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ يَقْتَضِي أَنَّ الصِّفَةَ إذَا تَحَقَّقَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا حِنْثَ بِهَا، وَالْمُتَّجِهُ فِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ تَوَقُّفُ الْأَمْرِ عَلَى الْيَأْسِ حَتَّى لَوْ فَرَضَ فِي الْأُولَى مَوْتَهُمَا بَعْدَ الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ، يَقْضِي بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبِيلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، ثُمَّ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَخِيرَةِ مُشْكِلٌ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ. قَوْلُهُ: (إذَا طَلَعْت) عَبَّرَ هُنَا بِإِذَا وَفِيمَا سَلَفَ بِأَنَّ إشَارَةَ إلَّا أَنَّهُ لَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ هُوَ بِأَنْ حَلَفَ فِيهِمَا، وَبِإِذَا تَوْقِيتٌ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَيَقَعُ الْمُعَلَّقُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ أَوْ تَخَلَّفَ لِعَارِضٍ لَا يُؤَثِّرُ، وَأَنَّهُ لَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 (وَلَوْ قِيلَ لَهُ اسْتِخْبَارًا أَطَلَّقْتهَا) أَيْ زَوْجَتَك (فَقَالَ نَعَمْ فَإِقْرَارٌ بِهِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهِيَ زَوْجَتُهُ فِي الْبَاطِنِ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت) طَلَاقًا (مَاضِيًا وَرَاجَعْت صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فِي ذَلِكَ (وَإِنْ قِيلَ) لَهُ (ذَلِكَ الْتِمَاسًا لِإِنْشَاءٍ فَقَالَ نَعَمْ فَصَرِيحٌ) لِأَنَّ نَعَمْ قَائِمٌ مَقَامَ طَلَّقْتهَا الْمُرَادِ بِذِكْرِهِ فِي السُّؤَالِ (وَقِيلَ كِنَايَةٌ) فَتَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ. فَصْلٌ: عَلَّقَ الطَّلَاقَ (بِأَكْلِ رَغِيفٍ أَوْ رُمَّانَةٍ) كَأَنْ قَالَ إنْ أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ أَوْ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ أَوْ رَغِيفًا أَوْ رُمَّانَةً، فَأَنْت طَالِقٌ (فَبَقِيَ) مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَكْلِهَا لَهُ، (لُبَابَةٌ أَوْ حَبَّةٌ لَمْ يَقَعْ) طَلَاقٌ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهَا لَمْ تَأْكُلْ الرَّغِيفَ أَوْ الرُّمَّانَةَ وَإِنْ تَسَامَحَ أَهْلُ الْعُرْفِ فِي إطْلَاقِ أَكْلِ الرَّغِيفِ أَوْ الرُّمَّانَةِ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ الْإِمَامُ فِي فُتَاتٍ يَدِقُّ مُدْرَكُهُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي بِرٍّ وَلَا حِنْثٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ (وَلَوْ أَكَلَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (تَمْرًا وَخَلَطَا نَوَاهُمَا فَقَالَ) لَهَا (إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَاك) عَنْ نَوَايَ (فَأَنْت طَالِقٌ فَجَعَلَتْ كُلَّ نَوَاةٍ وَحْدَهَا لَمْ يَقَعْ) طَلَاقٌ، (إلَّا أَنْ يَقْصِدَ تَعْيِينًا) لِنَوَاهَا عَنْ نَوَاهُ فَلَا يَخْلُصُ مِنْ الْيَمِينِ بِمَا فَعَلَتْ (وَلَوْ كَانَ بِفَمِهَا تَمْرَةٌ فَعَلَّقَ بِبَلْعِهَا ثُمَّ بِرَمْيِهَا ثُمَّ بِإِمْسَاكِهَا) كَأَنْ قَالَ إنْ بَلَعْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ، وَإِنْ رَمَيْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ أَمْسَكْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ، (فَبَادَرَتْ مَعَ فَرَاغِهِ) مِنْ التَّعْلِيقِ (بِأَكْلِ بَعْضٍ) مِنْهَا (وَرَمْيِ بَعْضٍ لَمْ يَقَعْ) طَلَاقٌ فَإِنْ لَمْ تُبَادِرْ بِأَكْلِ الْبَعْضِ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِلْإِمْسَاكِ (وَلَوْ اتَّهَمَهَا بِسَرِقَةٍ فَقَالَ إنْ لَمْ تَصْدُقِينِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ) ،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِالصِّفَةِ إذَا وُجِدَتْ) وَهِيَ فِي الْحُجَّاجِ مَا مَرَّ وَفِي الشَّمْسِ بِطُلُوعِهَا كُلِّهَا مِنْ الْأُفُقِ، وَإِنْ كَانَتْ مَسْتُورَةً بِالْغَيْمِ، وَقِيلَ يَكْفِي طُلُوعُ جُزْءٍ مِنْهَا، وَقِيلَ فِي الْحُجَّاجِ وُصُولُهُمْ إلَى مَحَلٍّ يَمْتَنِعُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَيُعْتَبَرُ كُلُّ حَالِفٍ بِبَلَدِهِ. قَوْلُهُ: (أَطَلَّقْتهَا) خَرَجَ مَا لَوْ قِيلَ أَلَك عُرْسٌ أَوْ زَوْجَةٌ فَقَالَ لَا أَوْ أَنَا عَازِبٌ فَهُوَ كِنَايَةٌ عِنْدَ شَيْخِنَا، وَلَغْوٌ عِنْدَ الْخَطِيبِ لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ) أَوْ جَيْرِ أَوْ أَجَلْ أَوْ بَلَى، أَوْ إي بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَوْ طَلُقَتْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَهِيَ زَوْجَتُهُ) فِي الْبَاطِنِ فَيُدَيَّنُ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ) وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ طَلَاقٌ سَابِقٌ، فَإِنْ قَالَ كَانَ بَائِنًا وَجَدَّدْت لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا إنْ عُرِفَ لَهُ طَلَاقٌ سَابِقٌ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ) وَمِثْلُهَا مُرَادِفُهَا مِمَّا مَرَّ. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ مَا ذَكَرَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقَصْدِ السَّائِلِ وَإِنْ خَالَفَهُ قَصْدُ الزَّوْجِ وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا، وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْعَبَّادِيُّ وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ وَلَوْ جَهِلَ حَالَ السُّؤَالِ حُمِلَ عَلَى الِاسْتِخْبَارِ وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ قَصْدِ الزَّوْجِ فِيهِ إنْ وُجِدَ وَخَرَجَ بِنَحْوِ نَعَمْ مَا لَوْ أَشَارَ وَهُوَ نَاطِقٌ أَوْ قَالَ كَانَ ذَلِكَ، أَوْ بَعْضُ ذَلِكَ أَوْ الْأَمْرُ عَلَى مَا تَقُولُ فَلَغْوٌ وَلَوْ قِيلَ لَهُ هِيَ طَالِقٌ فَقَالَ ثَلَاثًا فَإِنْ قَصَدَ بِنَاءَهُ عَلَى مِقْدَارِ نَظِيرِ مَا فِي السُّؤَالِ، وَنَوَى الثَّلَاثَ وَقَعْنَ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ طَلَّقْتُك يَوْمَ كَذَا، فَظَهَرَ أَنَّهَا كَانَتْ فِيهِ بَائِنًا وَقَعَ عَلَيْهِ وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ غَلِطَ فِي التَّارِيخِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ يَلْزَمُك الطَّلَاقُ مَا فَعَلْت كَذَا فَقَالَ نَعَمْ فَهُوَ صَرِيحٌ بِخِلَافِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَزَوْجَتُك طَالِقٌ، فَقَالَ نَعَمْ فَهُوَ لَغْوٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ قَوْلُهُ: (رَغِيفٍ) هُوَ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ لَا مَا يُجْعَلُ صَغِيرًا لِلْأَوْلِيَاءِ تَبَرُّكًا بِهِمْ وَنَحْوُ خُبْزِ سَيِّدِي أَحْمَدَ الْبَدْوِيِّ. قَوْلُهُ: (فِي فُتَاتٍ يَدُقُّ مُدْرَكُهُ) بِأَنْ لَا يُسَمَّى قِطْعَةَ خُبْزٍ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ الْفُتَاتُ لَوْ جُمِعَ صَارَ كَثِيرًا اُعْتُبِرَ قَالَهُ الْخَطِيبُ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا كَوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَبَعْضُ الْحَبَّةِ فِي الرُّمَّانَةِ كَالْفُتَاتِ وَلَوْ عَلَّقَ بِأَكْلِ الرُّمَّانَةِ وَعَدَمِ أَكْلِهَا لَمْ يَخْلُصْ بِمَا ذَكَرَ وَيَحْنَثُ فِي عَدَمِ الْأَكْلِ بِالْيَأْسِ. قَوْلُهُ: (وَحْدَهَا) بِحَيْثُ لَا تَمَاسُّ غَيْرَهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي التَّمْيِيزِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِأَنْ فِي نَفْيٍ فَإِنْ عَلَّقَ بِنَحْوِ مَتَى اُشْتُرِطَتْ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَخْلُصُ مِنْ الْيَمِينِ بِمَا فَعَلَتْ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ عَادَةً وَمَيَّزَتْ يَقَعُ وَإِلَّا فَتَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ فَيَحْنَثُ حَالًا. وَقَالَ شَيْخُنَا يَقَعُ حَالًا مُطْلَقًا وَفِيهِ نَظَرٌ فِي جَمِيعِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ وُجُودُ الصِّفَةِ خُصُوصًا مَعَ التَّرَاضِي وَلَوْ وَضَعَ شَيْئًا وَنَسِيَهُ وَلَمْ تَعْلَمْ بِهِ فَقَالَ لَهَا إنْ لَمْ تُعْطِنِيهِ فَأَنْت طَالِقٌ فَيَحْنَثُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْإِعْطَاءُ. عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ بِرَمْيِهَا) لَا حَاجَةَ إلَى ثُمَّ هُنَا لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى تَأْخِيرِ الْإِمْسَاكِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ حَنِثَ بِالْإِمْسَاكِ زَمَنَ غَيْرِهِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ فَرَاغِهِ) أَيْ بَعْدَهُ عَلَى الْفَوْرِ عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِأَكْلِ بَعْضٍ) : أَوْ بِبَلْعِهِ كَمَا فِي عَلَّقَ وَفِي عُدُولِهِ إلَى الْأَكْلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اشْتِغَالَهَا بِالْمَضْغِ الْمُعْتَبَرِ فِي مُسَمَّى الْأَكْلِ لَا يَضُرُّ بَلْ لَوْ أَكَلَتْهَا   [حاشية عميرة] جَاءَ الْأَكْثَرُ اُكْتُفِيَ بِهِ، وَلَوْ تَخَلَّفُوا عَنْ وَقْتِ مَجِيئِهِمْ عَادَةً فَمَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ كِنَايَةٌ) لَوْ قَالَ نَعَمْ طَلَّقْت فَهُوَ صَرِيحٌ قَطْعًا [فَصْلٌ عَلَّقَ الطَّلَاقَ] فَصْلٌ: عَلَّقَ بِأَكْلِ رَغِيفٍ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَحْدَهَا) أَيْ بِحَيْثُ يَنْعَدِمُ الْتِمَاسٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْهُ قَوْلُهُ: (فَلَا يَخْلُصُ إلَخْ) هِيَ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَظَاهِرُهَا عَدَمُ الْوُقُوعِ حَالًا، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْوُقُوعُ فِي الْحَالِ. قُلْت وَهُوَ الْحَقُّ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ مَعَ النَّفْيِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَرْمِيهَا) مِثْلُهَا بِالْوَاوِ قَوْلُهُ: (وَرَمْيُ بَعْضٍ) بِمَعْنَى أَوْ أَيْ قَوْلُهُ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 كَلَامَيْنِ أَحَدُهُمَا (سَرَقْت) وَالْآخَرُ (مَا سَرَقْت لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا صَادِقَةٌ فِي أَحَدِ الْكَلَامَيْنِ (وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ قَبْلَ كَسْرِهَا) ، فَأَنْت طَالِقٌ (فَالْخَلَاصُ) مِنْ الْيَمِينِ (أَنْ تَذْكُرَ عَدَدًا يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْقُصُ عَنْهُ) كَمِائَةٍ (ثُمَّ تَزِيدُ وَاحِدًا وَاحِدًا) فَتَقُولُ مِائَةٌ وَوَاحِدٌ مِائَةٌ وَاثْنَانِ وَهَكَذَا (حَتَّى تَبْلُغَ مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ) فَتَكُونُ مُخْبِرَةً بِعَدَدِهَا (وَالصُّورَتَانِ) هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا (فِيمَنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْرِيفًا) فَإِنْ قَصَدَهُ فَلَا يَخْلُصُ مِنْ الْيَمِينِ بِمَا ذَكَرَتْهُ (وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثٍ مَنْ لَمْ تُخْبِرنِي بِعَدَدِ رَكَعَاتِ فَرَائِضِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ سَبْعَ عَشْرَةَ) ، أَيْ فِي الْغَالِبِ (وَأُخْرَى خَمْسَ عَشْرَةَ) أَيْ يَوْمَ جُمُعَةٍ (وَثَالِثَةٌ إحْدَى عَشْرَةَ) أَيْ لِمُسَافِرٍ (لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لِصِدْقِهِنَّ فِيمَا ذَكَرْنَهُ مِنْ الْعَدَدِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ بَعْدَ حِينٍ) أَوْ زَمَانٍ (طَلُقَتْ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ) لِصِدْقِ الْحِينِ وَالزَّمَانِ بِهَا وَإِلَى بِمَعْنَى بَعْدَ (وَلَوْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِرُؤْيَةِ زَيْدٍ أَوْ لَمْسِهِ وَقَذْفِهِ تَنَاوَلَهُ) التَّعَلُّقُ، (حَيًّا وَمَيِّتًا) أَمَّا فِي الرُّؤْيَةِ وَاللَّمْسِ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا فِي   [حاشية قليوبي] كُلَّهَا بِمَضْغٍ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْبَلْعَ غَيْرُ الْمَضْغِ فِي الطَّلَاقِ بِخِلَافِهِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (وَرَمَى) هِيَ بِغَيْرِ أَوْ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا لَا يُشْتَرَطُ. قَوْلُهُ: (بِأَكْلِ الْبَعْضِ) أَوْ رَمْيِهِ وَلَوْ عَلَّقَ بِشُرْبِ مَاءِ كُوزٍ، وَصَبَّهُ ثُمَّ إبْقَائِهِ، فَبَادَرَتْ بِشُرْبِ بَعْضِهِ، أَوْ بَلِّ خِرْقَةٍ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ عَلَّقَ بِخُرُوجِهَا مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ بِمُكْثِهَا فِيهِ فَإِنْ كَانَ جَارِيًا أَوْ حَمَلَتْ مِنْهُ حَالًا لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ كَانَتْ عَلَى سُلَّمٍ فَعَلَّقَ بِصُعُودِهَا وَنُزُولِهَا ثُمَّ مُكْثِهَا فَبَادَرَتْ بِوَثْبَةٍ إلَى الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمٍ آخَرَ أَوْ بِحَمْلِهَا مِمَّنْ صَعِدَ بِهَا أَوْ نَزَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا أَوْ مِمَّنْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَلَا حِنْثَ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ تَصْدُقِينِي) فَإِنْ قَالَ لَمْ تُعْلِمِينِي لَمْ يَخْلُصْ بِمَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (فَقَالَتْ) يُفِيدُ الْفَوْرِيَّةَ فِي الْجَوَابِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ اللَّفْظَيْنِ أَوْ لَا يَضُرُّ التَّرَاخِي فِي الثَّانِي رَاجِعْهُ، وَمَحِلُّ الْفَوْرِيَّةِ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَالتَّعْلِيقُ بِأَنْ مَعَ النَّفْيِ لَا فَوْرِيَّةَ فِيهِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (كَلَامَيْنِ) دَفْعًا لِمَا عَسَاهُ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْ جَعْلِ مَا اسْمًا مَوْصُولًا مَثَلًا مَعْمُولًا لِسَرَقْت الْأُولَى. قَوْلُهُ: (بِعَدَدِ حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ) وَمِثْلُهُ بِعَدَدِ رُمَّانِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ. فَائِدَةٌ: نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ فِي كُلِّ رُمَّانَةٍ حَبَّةً مِنْ رُمَّانِ الْجَنَّةِ وَنَقَلَ الدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ إذَا عُدَّتْ الشُّرَافَاتُ الَّتِي عَلَى حَلْقِ رُمَّانَةٍ فَإِنْ كَانَتْ زَوْجًا فَعَدَدُ حَبِّ الرُّمَّانَةِ زَوْجٌ وَعَدَدُ رُمَّانِ الشَّجَرَةِ زَوْجٌ أَوْ فَرْدًا فَهُمَا فَرْدٌ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ كَسْرِهَا) لَعَلَّهُ أَوْ الْمُتَعَيِّنُ أَنَّهُ مِنْ صِيغَةِ الْمُعَلَّقِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لَا تَنْقُصُ عَنْهُ) دَخَلَ فِيهِ الْمُسَاوِي. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَزِيدُ) وَكَذَا عَكْسُهُ بِأَنْ تَذَكَّرَ عَدَدًا تَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ، ثُمَّ تَنْقُصُ وَاحِدًا فَوَاحِدًا وَهَكَذَا وَكَذَا لَوْ جَمَعَتْ بَيْنَهُمَا بِأَنْ تَذَكَّرَ عَدَدًا مُتَوَسِّطًا ثُمَّ تَزِيدُ وَتَنْقُصُ وَهَكَذَا وَنُقِلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَوَالِي الْأَعْدَادِ وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعَدَدَ الَّذِي تُسْقِطُهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِعَدَدِ حَبِّ الرُّمَّانَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا، فَالْوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَفَارَقَ مَا هُنَا مَا لَوْ قَالَ مَنْ أَخْبَرْتنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ، فَهِيَ طَالِقٌ فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ فَتَطْلُقُ وَلَوْ كَاذِبَةً فِيهِ بِأَنَّهُ فِي الرُّمَّانَةِ إخْبَارٌ عَمَّا وَقَعَ بِخِلَافِ هَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّ لِلرُّمَّانَةِ عَدَدًا خَاصًّا مِنْ أَعْدَادٍ كَثِيرَةٍ، فَهُوَ الْمُرَادُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ وَلَوْ وَقَعَ حَجَرٌ فَقَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِمَنْ رَمَاهُ فَأَنْت طَالِقٌ رَمَاهُ مَخْلُوقٌ لَمْ يَحْنَثْ مَا لَمْ يُرِدْ تَعْيِينًا. قَوْلُهُ: (تَعْرِيفًا) أَيْ تَعْيِينًا لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فِي السَّرِقَةِ وَلِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ فِي الرُّمَّانَةِ أَيْ الْوَاقِعِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَخْلُصُ مِنْ الْيَمِينِ وَفِي الْيَمِينِ وَفِي الْحِنْثِ مَا تَقَدَّمَ فِي تَمَيُّزِ النَّوَى. قَوْلُهُ: (لِثَلَاثٍ) أَيْ مِنْ زَوْجَاتِهِ. قَوْلُهُ: (يَوْمَ جُمُعَةٍ) وَإِنْ لَمْ تَقْصِدْهُ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقَعْ) مَا لَمْ يَقْصِدْ تَعْيِينًا كَمَا مَرَّ وَلَوْ قَالَ إنْ خَالَفْت أَمْرِي فَخَالَفَتْ نَهْيَهُ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ عَكْسُهُ حَنِثَ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مَدْلُولَ النَّهْيِ أَعَمُّ مُطْلَقًا وَمَدْلُولَ الْأَمْرِ أَخَصُّ مُطْلَقًا، فَتَأَمَّلْ وَلَوْ عَلَّقَ بِجَمَاعَةٍ فَعَلَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ بِإِعْطَائِهَا كَذَا بَعْدَ شَهْرٍ اُشْتُرِطَ الْفَوْرُ بَعْدَ الشَّهْرِ، إنْ عَلَّقَ بِغَيْرِ أَنْ أَوْ بِهَا فَبِالْيَأْسِ لِأَنَّهُ مَعْنَى النَّفْيِ أَوْ إنْ قَصَدْتُك بِالْجِمَاعِ فَقَصَدَتْهُ لَمْ يَحْنَثْ، أَوْ إنْ قَصَدْت جِمَاعَك حَنِثَ أَوْ أَنْ جُعْت لَمْ يَحْنَثْ بِصَوْمِهَا، أَوْ إنْ أَكَلْت أَكْثَرَ مِنْ رَغِيفٍ، وَأَكَلَتْهُ مَعَ إدَامٍ حَنِثَ، أَوْ إنْ أَكَلْت إلَّا رَغِيفًا فَأَكَلَتْهُ وَفَاكِهَةً حَنِثَ، أَوْ إنْ لَبِسْت قَمِيصَيْنِ فَلَبِسَتْهُمَا وَلَوْ مُتَوَالِيًا حَنِثَ أَوْ إنْ نِمْت عَلَى ثَوْبِك لَمْ يَحْنَثْ بِوَضْعِ رِجْلِهِ أَوْ يَدِهِ أَوْ تَوَسَّدَ نَحْوَ مِخَدَّتِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ زَمَانٍ) أَوْ دَهْرٍ أَوْ حُقْبٍ وَلَوْ بِضَمِّ الْقَافِ وَقِيلَ الْحُقْبُ سَبْعُونَ سَنَةً وَقِيلَ ثَمَانُونَ سَنَةً فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ دِينَ فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ صُدِّقَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ زَمَانًا حَنِثَ بِالشُّرُوعِ أَوْ لَيَصُومَن أَزْمِنَةً بَرَّ بِيَوْمٍ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي مَكَّةَ أَوْ الْبَحْرِ أَوْ الظِّلِّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُنْتَظَرُ وَقَعَ حَالًا مَا لَمْ يُرِدْ التَّعْلِيقَ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ عَلَّقَ بِدُخُولِهِ فَحَمَلَ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِامْتِنَاعِ لَمْ يَحْنَثْ وَتَقَدَّمَ لَوْ عَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ. قَوْلُهُ: (بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ) وَفَارَقَ لَأَقْضِيَن حَقَّك إلَى حِينٍ لِأَنَّهُ وَعْدٌ فَجَازَ تَأْخِيرُهُ وَالطَّلَاقُ إنْشَاءٌ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْفَوْرِيَّةُ. قَوْلُهُ: (بِرُؤْيَةِ زَيْدٍ) لِغَيْرِ عَمْيَاءَ وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَحِيلٌ نَعَمْ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ تُحْمَلُ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ وَلَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا أَوْ تَمَامِ الشَّهْرِ فَيَكْفِي مِنْ الْعَمْيَاءِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ   [حاشية عميرة] إنْ لَمْ تُصَدِّقِينِي) قَالَ الْبَغَوِيّ بِخِلَافِ إنْ لَمْ تُعْلِمِينِي بِالصِّدْقِ. قَوْلُهُ: (كَلَامَيْنِ) دَفَعَ بِهِ مَا عَسَاهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا وَاحِدًا، بِجَعْلِ مَا اسْمًا مَوْصُولًا مَعْمُولًا لِسَرَقْتِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (فَتَقُولُ مِائَةٌ وَوَاحِدٌ إلَخْ) . ظَاهِرُهُ اشْتِرَاطُ الْوَلَاءِ وَبِهِ عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ حَيْثُ قَالَ عَلَى الْوَلَاءِ اهـ. وَالْوَجْهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَبَرَ أَعَمُّ مِنْ الصِّدْقِ فَكَانَ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِأَيِّ عَدَدٍ ذَكَرَتْهُ صَادِقَةً أَوْ كَاذِبَةً، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْقَرِينَةَ هُنَا تَقْتَضِي الْإِخْبَارَ بِالصِّدْقِ، وَبِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي وَقَعَ لَا بُدَّ فِي الْخَبَرِ عَنْ وُقُوعِهِ مِنْ الصِّدْقِ، بِخِلَافِ مُحْتَمَلِ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَخْلُصُ مِنْ الْيَمِينِ إلَخْ) أَيْ وَلَكِنْ لَا يَقَعُ حَالًا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمِنْهَاجِ هَذَا حَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 الْقَذْفِ فَلِأَنَّ قَذْفَ الْمَيِّتِ كَقَذْفِ الْحَيِّ فِي الْإِثْمِ وَالْحُكْمِ وَيَكْفِي رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْ الْبَدَنِ أَوْ لَمْسُهُ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ، وَلَا يَكْفِي لَمْسُ الشَّعْرِ وَالظُّفُرِ (بِخِلَافِ ضَرْبِهِ) إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ التَّعْلِيقُ مَيِّتًا لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي التَّعْلِيقِ بِالضَّرْبِ التَّشْوِيشُ وَالْمَيِّتُ، لَا يُحِسُّ بِالضَّرْبِ حَتَّى يَتَشَوَّشَ بِهِ (وَلَوْ خَاطَبَتْهُ) زَوْجَتُهُ (بِمَكْرُوهٍ كَيَا سَفِيهُ يَا خَسِيسُ فَقَالَ إنْ كُنْت كَذَاك) أَيْ سَفِيهًا أَوْ خَسِيسًا (فَأَنْت طَالِقٌ إنْ أَرَادَ مُكَافَأَتَهَا بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَفَهٌ) أَوْ خِسَّةٌ (أَوْ التَّعْلِيقُ اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً لَمْ تَطْلُقْ (وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ) شَيْئًا تُعْتَبَرُ الصِّفَةُ (فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا لِوَضْعِ اللَّفْظِ فَلَا تَطْلُقُ عِنْدَ عَدَمِهَا، وَالثَّانِي لَا تُعْتَبَرُ الصِّفَةُ بَلْ يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ نَظَرًا إلَى الْعُرْفِ فِي قَصْدِ الْمُكَافَأَةِ بِمَا ذَكَرَ (وَالسَّفَهُ مُنَافِي إطْلَاقَ التَّصَرُّفِ) أَيْ هُوَ صِفَةٌ لَا يَكُونُ لِلشَّخْصِ مَعَهَا مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ، كَأَنْ يَبْلُغَ مُبَذِّرًا يُضَيِّعُ الْمَالَ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ الْجَائِزِ، (وَالْخَسِيسُ قِيلَ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ) بِأَنْ تَرَكَ دِينَهُ لِاشْتِغَالِهِ بِدُنْيَاهُ (وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَنْ يَتَعَاطَى غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ بُخْلًا) بِمَا يَلِيقُ بِهِ.   [حاشية قليوبي] بِالرُّؤْيَةِ الْمُعَايَنَةَ، فَيُصَدَّقُ فِي غَيْرِ الْعَمْيَاءِ وَيَدِينُ فِيهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ فَيُصَدَّقُ فِيهَا أَيْضًا، وَيُقَالُ لَهُ هِلَالٌ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى وَبَعْدَهَا قَمَرٌ. قَوْلُهُ: (وَيَكْفِي رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْ الْبَدَنِ) وَلَوْ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ أَوْ فِي مَاءٍ صَافٍ أَوْ أَحَدُهُمَا سَكْرَانُ، وَلَا بُدَّ أَنْ تُسَمَّى رُؤْيَةً عُرْفًا وَلَا تَكْفِي الرُّؤْيَةُ فِي مِرْآةٍ لِأَنَّهُ خَيَالٌ إلَّا فِي رُؤْيَةِ وَجْهِهَا وَلَا رُؤْيَةُ بَعْضِ بَدَنِهِ مِنْ كُوَّةِ إلَّا وَجْهَهُ لِشَرَفِهِ، وَلَا رُؤْيَةٌ فِي مَنَامٍ إلَّا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا، بِمَا إذَا أَرَادَ رُؤْيَةَ الْمَنَامِ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ التَّعْلِيقِ بِمُسْتَحِيلٍ. قَوْلُهُ: (وَالظُّفُرِ) وَكَذَا السِّنُّ وَالْمَسُّ كَاللَّمْسِ فِيمَا ذَكَرَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْقَصْدَ إلَخْ) وَفَارَقَ الْأَيْمَانَ لِبِنَائِهَا عَلَى الْعُرْفِ وَلَوْ عَلَّقَ بِكَلَامِهَا زَيْدًا حَنِثَ بِخِطَابِهَا لَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ، وَلَوْ كَانَ هُوَ ثَقِيلَ السَّمْعِ لَا أَصَمَّ وَلَوْ مَعَ جُنُونِ أَحَدِهِمَا أَوْ سُكْرِهِ أَوْ بِكَلَامِهَا رَجُلًا دَخَلَ مُحْرِمُهَا وَزَوْجُهَا فَإِنْ ادَّعَى إرَادَةَ غَيْرِهِمَا صُدِّقَ، أَوْ بِكَلَامِهَا حِمَارًا أَوْ مَيِّتًا أَوْ نَائِمًا أَوْ غَائِبًا فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ أَوْ بِتَقْبِيلِهَا اُخْتُصَّ بِالْحَيَّةِ، أَوْ بِتَقْبِيلِ أَمَةٍ شَمِلَهَا مَيِّتَةً، أَوْ عَلَى فِعْلِهِ مَعْصِيَةً فَتَرَكَ وَاجِبًا لَمْ يَحْنَثْ أَوْ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ فَفَعَلَ حَرَامًا كَذَلِكَ، أَوْ قَالَ لَا رَأَيْت شَيْئًا فِي الْبَيْتِ إلَّا كَسَرْته عَلَى رَأْسِك فَرَأَى هَاوُنًا طَلُقَتْ حَالًا أَوْ قَالَ لَا أَطَأُ أَمَتِي إلَّا بِإِذْنِك فَقَالَتْ طَأْهَا فِي عَيْنِهَا لَمْ يَكُنْ إذْنًا إلَّا إذَا دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ التَّخْصِيصِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَيِّتُ لَا يَحِسُّ) أَيْ بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَلَوْ شَهِيدًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَاطَبَتْهُ بِمَكْرُوهٍ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ إنْ لَمْ يَضْطَرِبْ وَإِلَّا فَعَلَى اللُّغَةِ. قَوْلُهُ: (وَالسَّفَهُ) أَيْ لُغَةً وَأَمَّا عُرْفًا فَهُوَ بَذَاءَةُ اللِّسَانِ وَالنُّطْقُ بِمَا يُسْتَحَى مِنْهُ. قَوْلُهُ: (هُوَ صِفَةٌ إلَخْ) وَظَاهِرُهُ إخْرَاجُ مَنْ بَذَرَ بَعْدَ رُشْدِهِ، وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ أَوْ فَسَقَ بَعْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّ مَنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ فَسَقَ فِي دِينِهِ يُسَمَّى سَفِيهًا، وَفِي عِبَارَةِ الْعُبَابِ وَالسَّفَهُ مَا يُحْجَرُ بِهِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى هَذَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْخَسِيسُ) أَيْ لُغَةً وَأَخَسُّ الْأَخِسَّاءِ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ كَالْمِكَاسِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ) أَيْ عُرْفًا وَالْبَخِيلُ شَرْعًا مَنْ لَا يُؤَدِّي مَا لَزِمَهُ وَعُرْفًا مَنْ لَا يُقْرِي بِالطَّعَامِ، وَالسَّفَلَةُ مَنْ يَعْتَادُ الْأَفْعَالَ الدَّنِيئَةَ، وَالْحَقِيرُ لُغَةً الْفَقِيرُ وَعُرْفًا فَاحِشُ الْقِصَرِ ضَئِيلُ الشَّكْلِ وَلَا عِبْرَةَ بِعُرْفِ النِّسَاءِ أَنَّهُ قَلِيلُ النَّفَقَةِ، وَالْأَحْمَقُ مَنْ يَضَعُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ مَعَ عِلْمِهِ بِقُبْحِهِ وَالْغَوْغَاءُ مَنْ يُخَالِطُ الْأَرَاذِلَ وَيُخَاصِمُ بِلَا مُوجِبٍ وَالْقَلَّاشُ مَنْ يَذُوقُ الْأَطْعِمَةَ فِي نَحْوِ الْأَسْوَاقِ بِغَيْرِ شِرَاءٍ وَالْقَوَّادُ مَنْ يَجْمَعُ الرِّجَالَ مَعَ النِّسَاءِ وَلَوْ غَيْرَ أَهْلِهِ أَوْ الْمُرْدَ حَرَامًا فِيهِمَا وَالْقَرْطَبَانُ مَنْ لَا يَمْنَعُ الزَّانِيَ بِأَهْلِهِ أَوْ مَحَارِمِهِ وَالدَّيُّوثُ مَنْ لَا يَمْنَعُ الدَّاخِلَ عَلَيْهِنَّ وَقَلِيلُ الْحَمِيَّةِ مَنْ لَا يَغَارُ عَلَيْهِنَّ وَالْقَحْبَةُ الْبَغِيُّ وَهَزُّ اللِّحْيَةِ كِنَايَةٌ عَنْ الرُّجُولِيَّةِ فَإِذَا هَزَّ لِحْيَتَهُ فَقَالَتْ لَهُ رَأَيْت مِثْلَهَا كَثِيرًا فَقَالَ إنْ كُنْت رَأَيْت مِثْلهَا فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ أَرَادَ الْمُكَافَأَةَ أَوْ أَطْلَقَ طَلُقَتْ، وَإِلَّا فَتَعْلِيقٌ فَتُعْتَبَرُ الصِّفَةُ. فَرْعٌ: قَالَ لَهَا إنْ لَمْ أَقُلْ كَمَا تَقُولِينَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَالَتْ لَهُ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَخَلَاصُهُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَيَقْصِدُ التَّعْلِيقَ أَوْ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ يَقُولَ أَنْتِ قُلْت أَنْتَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَتْ لَهُ كَيْفَ تَقُولُ إذَا طَلَّقْتنِي فَقَالَ أَقُولُ أَنْتِ طَالِقٌ لَغَا وَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ. فَرْعٌ: لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا نَظَرًا لِظَاهِرِ النُّصُوصِ، فَإِنْ كَانَ كَافِرًا حَنِثَ لِذَلِكَ فَإِنْ مَاتَ الْمُسْلِمُ مُرْتَدًّا أَوْ الْكَافِرُ مُسْلِمًا تَبَيَّنَ الْحِنْثُ فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمُهُ فِي الثَّانِي.   [حاشية عميرة] الزَّرْكَشِيُّ، وَالْوَجْهُ مَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِالْمُسْتَحِيلِ مَعَ النَّفْيِ كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ تَصْعَدِي السَّمَاءَ فَأَنْت طَالِقٌ، قَالَ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ وَالتَّعْلِيقُ بِالْمُسْتَحِيلِ مَعَ النَّفْيِ يَقَعُ فِي الْحَالِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي التَّعْلِيقِ بِالضَّرْبِ التَّشْوِيشُ) فَلَا بُدَّ فِي الضَّرْبِ مِنْ الْإِيلَامِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (نَظَرًا لِوَضْعِ اللَّفْظِ إلَخْ) . اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ مَدْلُولَانِ لُغَوِيٌّ وَعُرْفِيٌّ قُدِّمَ الْأَوَّلُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْعُرْفُ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ وَقُدِّمَ الثَّانِي عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنهَا حَتَّى تَمُوتَ فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِالضَّرْبِ الْمُوجِعِ جِدًّا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 كِتَابُ الرَّجْعَةِ هِيَ الرَّدُّ إلَى النِّكَاحِ مِنْ طَلَاقٍ غَيْرِ بَائِنٍ فِي الْعِدَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي: (شَرْطُ الْمُرْتَجِعِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ بِنَفْسِهِ) بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا، عَاقِلًا، فَلَا يَصِحُّ رَجْعَةُ مُرْتَدٍّ وَلَا صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ (وَلَوْ طَلَّقَ فَجُنَّ فَلِلْوَلِيِّ الرَّجْعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ حَيْثُ لَهُ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ) بِأَنْ يَحْتَاجَ الْمَجْنُونُ إلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي الرَّجْعَةِ فَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ كَالتَّوْكِيلِ فِي ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ يُسْتَبَاحُ بِهِ مُحَرَّمٌ (وَتَحْصُلُ) الرَّجْعَةُ (بِ رَاجَعْتُكِ وَرَجَّعْتُكِ وَارْتَجَعْتُكِ) وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ صَرِيحَةٌ وَيُسْتَحَبُّ الْإِضَافَةُ مَعَهَا كَأَنْ يَقُولَ: رَاجَعْتُكِ إلَيَّ، أَوْ إلَى نِكَاحِي (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الرَّدَّ وَالْإِمْسَاكَ)   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الرَّجْعَةِ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْكَسْرُ أَكْثَرُ، وَأَصْلُهَا الْإِبَاحَةُ، وَتَعْتَرِيهَا أَحْكَامُ النِّكَاحِ، وَهِيَ لُغَةً الْمَرَّةُ مِنْ الرُّجُوعِ، وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَتُؤْخَذُ أَرْكَانُهَا الثَّلَاثَةُ مِمَّا ذَكَرَهُ: وَهِيَ صِيغَةٌ، وَمَحَلٌّ، وَمُرْتَجِعٌ، وَهِيَ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ تَارَةً، وَكَدَوَامِهِ أُخْرَى، وَهَذَا أَكْثَرُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بَالِغًا عَاقِلًا) شَمِلَ الْمُحْرِمَ وَالسَّفِيهَ وَالْعَبْدَ وَمُطَلِّقَ أَمَةٍ تَحْتَهُ حُرَّةٌ وَالسَّكْرَانَ، وَيُشْتَرَطُ الِاخْتِيَارُ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلَا تَصِحُّ رَجْعَةُ مُرْتَدٍّ) وَفَارَقَ الْمُحْرِمَ بِأَنَّ الرِّدَّةَ تُزِيلُ النِّكَاحَ. قَوْلُهُ: (وَلَا صَبِيٍّ) أَيْ فَرْضًا أَوْ بِنَحْوِ وَكَالَةٍ، أَوْ بَعْدَ حُكْمِ حَاكِمٍ بِطَلَاقِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَلَّقَ فَجُنَّ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ وَلِيِّ الصَّبِيِّ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ، فَلَوْ وُجِدَ جَارٍ بِشَرْطِ الْمَصْلَحَةِ كَابْتِدَائِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَحْتَاجَ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا وُجُوبَ الرَّجْعَةِ لَهُ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَجِبُ لِإِمْكَانِ أَنْ يُزَوِّجَهُ غَيْرَهَا، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ فِيهِ غَرَامَةً لِصَدَاقٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ، وَالْوَلِيُّ مَمْنُوعٌ مِنْ مِثْلِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا طَرِيقَانِ: فَلَا يُنَاسِبُ تَعْبِيرُهُ بِالصَّحِيحِ قَوْلُهُ: (بِ رَاجَعْتُكِ) وَلَوْ قَالَ لِلضَّرْبِ مَثَلًا إلَّا إنْ قَصَدَ الضَّرْبَ وَحْدَهُ فَلَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ. قَوْلُهُ: (وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ صَرِيحَةٌ) وَمِثْلُهَا كُلُّ مَا اُشْتُقَّ مِنْ الرَّجْعَةِ كَأَنْتِ مُرَاجَعَةٌ، وَيَقُومُ مَقَامَ الضَّمِيرِ هَذِهِ أَوْ فُلَانَةُ وَلَوْ حَاضِرَةً فَلَا يَكْفِي رَاجَعْتُ فَقَطْ، وَهَلْ تَكْفِي الْإِضَافَةُ إلَى جُزْئِهَا. قَوْلُهُ: (كَقَوْلِهِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُشْتَقُّ مِنْهُمَا فَإِنَّ الْمَصَادِرَ كُلَّهَا كِنَايَاتٌ كَالطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (صَرِيحَانِ أَيْضًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ مَعَ شَرْطِ الرَّدِّ الْآتِي فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (لِوُرُودِهِمَا) ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الصَّرَاحَةِ الْوُرُودُ بِاللَّفْظِ فِي الْكِتَابِ مُطْلَقًا، أَوْ بِالْمَعْنَى مَعَ الشُّهْرَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّكْرَارُ. قَوْلُهُ: (أَحَقُّ) أَيْ مُسْتَحِقُّونَ، إذْ لَا حَقَّ لِغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: (لَا يَكُونُ صَرِيحًا) أَيْ فَهُوَ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ الَّذِي هُوَ الْأَجْنَبِيَّةُ.   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الرَّجْعَةِ] ِ هَلْ هِيَ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ أَوْ كَدَوَامِهِ؟ قَالَ الشَّيْخَانِ: لَا يُطْلَقُ التَّرْجِيحُ بِشَيْءٍ لِاضْطِرَابِ فُرُوعِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَسَكَتُوا عَنْ سُنِّيَّتِهَا لِاخْتِلَافِ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْحَالِ. قَوْلُهُ: (وَلَا صَبِيٍّ) أَيْ بِأَنْ يُوَكَّلَ فِيهِ مَثَلًا أَيْ فَالصَّبِيُّ لَا يُتَصَوَّرُ طَلَاقُهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الصَّحِيحِ) نُوقِشَ مِنْ وَجْهَيْنِ. الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُقَابِلَ بَحْثٌ لِلرَّافِعِيِّ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ غَيْرُ مُسَاعِدٍ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، فَإِنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ أَقْوَى مِنْ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ، لِأَنَّهُ بِالْوِلَايَةِ، فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ، وَإِنْ مَنَعْنَا التَّوْكِيلَ فِي الرَّجْعَةِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: اعْتِبَارُ جَوَازِ الِابْتِدَاءِ، بَحَثَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ إنَّمَا يُتَّجَهُ إذَا قُلْنَا الرَّجْعَةُ كَالِابْتِدَاءِ. فَإِنْ قُلْنَا: كَالدَّوَامِ قَدْ يُقَالُ: يُكْتَفَى بِالْمَصْلَحَةِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الِابْتِدَاءُ عَلَى الْحَاجَةِ، لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ يَلْزَمُ بِلَا خِلَافٍ، فَرُبَّ مَصْلَحَةٍ تَنْهَضُ بِالتَّسْوِيغِ فِي الدَّوَامِ دُونَ الِابْتِدَاءِ. قَوْلُهُ: (صَرِيحَةٌ) أَيْ لِشُيُوعِهَا وَوُرُودِهَا فِي الْأَخْبَارِ. وَأَفْهَمَ الْإِسْنَادُ إلَى الضَّمِيرِ جَوَازَ الظَّاهِرِ بِالْأَوْلَى، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمَصَادِرُ كِنَايَةً كَنَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّ الْخِلَافَ السَّابِقَ فِي صَرَاحَةِ الرَّدِّ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ هَذِهِ الصِّلَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ، لَا يُقَالُ قَدْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْإِمَامِ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ، قُلْنَا لَعَلَّ الْإِمَامَ يَرَى أَنَّهُ صَرِيحٌ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ الصِّلَةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 3 كَقَوْلِهِ: رَدَدْتُكِ، أَوْ مَسَكْتُكِ (صَرِيحَانِ) أَيْضًا لِوُرُودِهِمَا فِي الْقُرْآنِ، قَالَ تَعَالَى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] أَيْ فِي الْعِدَّةِ {إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: 228] أَيْ رَجْعَةً كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَقَالَ تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] . وَالثَّانِي أَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ يُحْتَاجُ مَعَهُمَا إلَى النِّيَّةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَتَكَرَّرْ فِي الْقُرْآنِ، وَالثَّانِيَ يَحْتَمِلُ الْإِمْسَاكَ فِي الْبَيْتِ، أَوْ بِالْيَدِ (وَأَنَّ التَّزْوِيجَ وَالنِّكَاحَ) كَقَوْلِهِ: تَزَوَّجْتُكِ، أَوْ نَكَحْتُكِ (كِنَايَتَانِ) وَالثَّانِي: هُمَا صَرِيحَانِ، لِأَنَّهُمَا صَالِحَانِ لِابْتِدَاءِ الْحِلِّ، فَلَأَنْ يَصْلُحَا لِلتَّدَارُكِ أَوْلَى وَدُفِعَ هَذَا بِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي غَيْرِهِ كَالطَّلَاقِ (وَلْيَقُلْ: رَدَدْتُهَا إلَيَّ، أَوْ إلَى نِكَاحٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ صَرِيحٌ وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِنِيَّةٍ. وَقِيلَ: لَا تُشْتَرَطُ الْإِضَافَةُ الْمَذْكُورَةُ كَمَا فِي لَفْظِ الرَّجْعَةِ. وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لَفْظَ الرَّجْعَةِ مَشْهُورٌ فِي مَعْنَاهَا بِخِلَافِ لَفْظِ الرَّدِّ الْمُطْلَقِ لِإِيهَامِهِ الْمَعْنَى الْمُقَابِلَ لِلْقَبُولِ أَوْ الرَّدِّ إلَى الْأَبَوَيْنِ بِسَبَبِ الْفِرَاقِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ خِلَافُ اشْتِرَاطِ الْإِضَافَةِ فِي لَفْظِ الْإِمْسَاكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ صَرِيحٌ. وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: أَمْسَكْتُكِ عَلَى زَوْجِيَّتِي مَعَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي الِاشْتِرَاطِ فِي لَفْظِ الرَّدِّ وَتَبِعَهُ فِي النِّيَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَأَفْهَمَ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَأْتِي الِاشْتِرَاطُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ لِوُجُودِ النِّيَّةِ (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ الْإِشْهَادُ) فِي الرَّجْعَةِ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ اسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ السَّابِقِ، وَالْقَدِيمُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ أَيْضًا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا لَا لِكَوْنِهَا بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، بَلْ الظَّاهِرُ قَوْله تَعَالَى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] أَيْ عَلَى الْإِمْسَاكِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الرَّجْعَةِ، وَعَلَى الْمُفَارَقَةِ. وَأُجِيبَ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] لِلْأَمْنِ مِنْ الْجُحُودِ (فَتَصِحُّ بِكِنَايَةٍ) بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ، وَلَا تَصِحُّ بِهَا مَعَ النِّيَّةِ بِنَاءً عَلَى الِاشْتِرَاطِ، لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى النِّيَّةِ. فَرْعٌ: تَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَقِيلَ لَا، وَقِيلَ: إنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ لَمْ تَصِحَّ بِغَيْرِهَا، وَإِلَّا صَحَّتْ بِهَا. (وَلَا تُقْبَلُ) الرَّجْعَةُ (تَعْلِيقًا) كَالنِّكَاحِ فَإِذَا قَالَ: رَاجَعْتُكِ إنْ شِئْتِ فَقَالَتْ: شِئْت لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ (وَلَا تَحْصُلُ بِفِعْلٍ كَوَطْءٍ) وَمُقَدِّمَاتِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ حُرِّمَ بِالطَّلَاقِ كَمَا سَيَأْتِي. وَمَقْصُودُ الرَّجْعَةِ حِلُّهُ فَلَا تَحْصُلُ بِهِ (وَتَخْتَصُّ الرَّجْعَةُ بِمَوْطُوءَةٍ طَلُقَتْ بِلَا عِوَضٍ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِهَا بَاقِيَةً فِي الْعِدَّةِ) بِخِلَافِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ) أَيْ فَلَيْسَتْ الْإِضَافَةُ شَرْطًا فِي صَرَاحَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الرَّدِّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ اسْتِدَامَةِ إلَخْ) وَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُرَاجِعُ حَنِثَ بِرَجْعَتِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ وَكِيلِهِ قَوْلُهُ: (عَلَى الِاسْتِحْبَابِ) فَيُسَنُّ الْإِشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ - وَهُوَ وَاضِحٌ - أَوْ كِنَايَةٍ عَلَى اللَّفْظِ الْمَنْطُوقِ بِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَيُسَنُّ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهَا أَيْضًا وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إرْشَادٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَحْضِ الْإِرْشَادِ قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ) وَتَرْجَمَةُ الصَّرِيحِ رَاجَعْتُكِ شَهْرًا مَثَلًا قَوْلُهُ: (إنْ شِئْتِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ فَلَوْ فَتَحَهَا، أَوْ أَبْدَلَهَا بِإِذْ صَحَّتْ مِنْ النَّحْوِيِّ دُونَ غَيْرِهِ، وَتَاءُ شِئْتِ مَسْكُورَةٌ؛ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لَهَا، فَلَوْ ضَمَّهَا فَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِالْمُقْتَضَى، وَفِيهِ بَحْثٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (بِفِعْلٍ) غَيْرِ كِتَابَةٍ، أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ قَوْلُهُ: (كَوَطْءٍ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَلَوْ كَانَتْ شَافِعِيَّةً فَوَطِئَهَا وَهُوَ حَنَفِيٌّ فَلَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ. نَعَمْ لَوْ وُجِدَ مِنْ كَافِرٍ وَاعْتَقَدُوهُ رَجْعَةً أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّرَافُعِ، أَوْ الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَافَعَ حَنَفِيَّانِ فَلَا نُقِرُّهُمْ إلَّا إنْ حَكَمَ لَهُمَا بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ. قَوْلُهُ: (وَتَخْتَصُّ الرَّجْعَةُ إلَخْ) جُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ سِتَّةُ شُرُوطٍ وَهِيَ كَوْنُهَا مَوْطُوءَةً مُطَلَّقَةً مَجَّانًا بَاقِيَةً فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِهَا قَابِلَةً لِلْحِلِّ، وَسَيَأْتِي كَوْنُهَا مُعَيَّنَةً. قَوْلُهُ: (بِمَوْطُوءَةٍ) وَلَوْ لَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا وَلَوْ فِي الدُّبُرِ، وَاسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمُفَارَقَةِ) قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْمُفَارَقَةِ فَكَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً عَلَى عَدَمِهِ فِيمَا قُرِنَ بِهَا، وَلِذَا نَقَلَ الزَّمَخْشَرِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ اسْتِحْبَابَ الْإِشْهَادِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ اهـ. قَوْلُهُ: (عَلَى الِاسْتِحْبَابِ) لَوْ تَرَكَهُ فَهَلْ يُسْتَحَبُّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْإِقْرَارِ؟ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي. قَوْلُهُ: (وَلَا تَصِحُّ بِهَا إلَخْ) هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْفَاءِ فِي الْمَتْنِ. تَنْبِيهٌ: إجْرَاءُ هَذَا الْخِلَافِ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْبَيْعِ: إنَّ الَّذِي يَسْتَقِلُّ بِهِ الشَّخْصُ يَنْفُذُ بِالْكِنَايَةِ قَطْعًا وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْقَرَائِنُ بِالْكِنَايَةِ هُنَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ صَحَّ قَطْعًا كَمَا قَالُوا فِي الْبَيْعِ اهـ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ لِاشْتِرَاطِ الشُّهُودِ عَلَى قَوْلِهِ. [فَرْعٌ تَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ] قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ، لِأَنَّ الْوَطْءَ يُوجِبُ الْعِدَّةَ فَكَيْفَ يَقْطَعُهَا بِخِلَافِ الْوَطْءِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الْخِيَارَ بِحَالٍ، فَجَازَ أَنْ يَقْطَعَهُ، وَلِأَنَّ الْمِلْكَ يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ كَالسَّبْيِ. قَوْلُهُ: (بِمَوْطُوءَةٍ) قِيلَ: هُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ: مُعْتَدَّةٍ لِشُمُولِهِ مَنْ طَلُقَتْ فِي حَيْضٍ فَإِنَّهَا تُرَاجَعُ فِي حَالِ الْحَيْضِ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَدَّةٍ بَلْ فِي حُكْمِهَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 4 مَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ، أَوْ بَعْدَهُ بِعِوَضٍ، أَوْ بِدُونِهِ وَاسْتُوْفِيَ عَدَدُ طَلَاقِهَا، أَوْ لَمْ يُسْتَوْفَ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ فِيمَا ذُكِرَ، وَبِخِلَافِ مَنْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا لِاخْتِصَاصِ الرَّجْعَةِ بِالطَّلَاقِ (مَحَلٌّ لِحِلٍّ لَا مُرْتَدَّةٌ) فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَحَلِّهِ، فَلَوْ ارْتَدَّتْ الرَّجْعِيَّةُ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهَا، لِأَنَّهَا آيِلَةٌ إلَى الْفِرَاقِ بِالرِّدَّةِ حَتَّى لَوْ رَاجَعَهَا، ثُمَّ عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الرَّجْعَةِ. (وَإِذَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّةِ أَشْهُرٍ) كَأَنْ تَكُونَ آيِسَةً (وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِرُجُوعِ ذَلِكَ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِ طَلَاقِهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ (أَوْ وَضْعَ حَمْلٍ لِمُدَّةِ إمْكَانٍ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ لَا آيِسَةٌ فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينٍ) لِأَنَّ النِّسَاءَ مُؤْتَمَنَاتٌ عَلَى أَرْحَامِهِنَّ، وَالثَّانِي لَا وَتُطَالَبُ بِالْبَيِّنَةِ لِإِمْكَانِهَا، فَإِنَّ الْقَوَابِلَ تَشْهَدْنَ الْوِلَادَةَ غَالِبًا أَمَّا الْآيِسَةُ مِنْ الْحَيْضِ فَلَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْوَضْعِ، لِأَنَّهَا لَا تَحْبَلُ. وَأَمَّا مُدَّةُ الْإِمْكَانِ فَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ ادَّعَتْ وِلَادَةَ) وَلَدٍ (تَامٍّ فَإِمْكَانُهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَانِ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ) لَحْظَةٌ لِلْوَطْءِ وَلَحْظَةٌ لِلْوِلَادَةِ (أَوْ) وِلَادَةَ (سَقْطٍ مُصَوَّرٍ ادَّعَتْ الْمُعْتَدَّةُ فَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ (أَوْ) وِلَادَةَ (مُضْغَةٍ بِلَا صُورَةٍ فَثَمَانُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَقْسَامُ الْحَمْلِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ عَلَى خِلَافٍ فِي الثَّالِثِ يَأْتِي فِي بَابِهَا فَإِنْ ادَّعَتْ الْوَضْعَ فِي أَيِّ قِسْمٍ لِأَقَلَّ مِمَّا ذُكِرَ فِيهِ لَمْ تُصَدَّقْ وَكَانَ لِلزَّوْجِ رَجْعَتُهَا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (عُلِّقَتْ) وَلَوْ احْتِمَالًا. قَوْلُهُ: (بَاقِيَةٌ فِي الْعِدَّةِ) خَرَجَ الْمُعَاشَرَةُ فَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ فَرَاغِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ لَحِقَهَا الطَّلَاقُ بَعْدَهَا وَالْمُرَادُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، فَيَدْخُلُ مَا لَوْ طَلُقَتْ فِي الْحَيْضِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تَشْرَعْ فِي الْعِدَّةِ وَمَا لَوْ وُطِئَتْ فِي أَثْنَاءِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الَّتِي بِغَيْرِ الْحَمْلِ بِشُبْهَةٍ، فَحَمَلَتْ فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ انْفِصَالِ تَمَامِ الْوَلَدِ، أَوْ قَبْلَ ثَانِي التَّوْأَمَيْنِ، نَعَمْ لَا رَجْعَةَ لَهُ مَا دَامَتْ فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ، وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ لِلشُّبْهَةِ مِنْهُ رَاجَعَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ فَقَطْ، وَإِنْ تَدَاخَلَتْ الْعِدَّتَانِ إلَّا إنْ حَمَلَتْ فَلَهُ الرَّجْعَةُ إلَى الْوَضْعِ لِوُقُوعِ الْحَمْلِ عَنْ الْعِدَّتَيْنِ مَعًا. قَوْلُهُ: (مَنْ طَلُقَتْ) فَلَوْ شَكَّ فِي طَلَاقِهَا فَرَاجَعَ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ الْحَالُ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَاقِعِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ وَطْءٍ) وَتُصَدَّقُ فِي نَفْيِ الْوَطْءِ وَنَفْيِ اسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) وَلَوْ مُعَاشَرَةً قَوْلُهُ: (فَلَوْ ارْتَدَّتْ) أَوْ ارْتَدَّ هُوَ لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ، وَتَسْتَأْنِفُ لَوْ عَادَ الْمُرْتَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ. تَنْبِيهٌ: بَقِيَ شَرْطٌ سَابِعٌ وَهُوَ كَوْنُهَا مُعَيَّنَةً فَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَيْهِ، ثُمَّ رَاجَعَ إحْدَاهُمَا مُبْهَمَةً لَمْ يَصِحَّ، أَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مُبْهَمَةً، ثُمَّ رَاجَعَ قَبْلَ التَّعْيِينِ، وَلَوْ بِقَوْلِهِ رَاجَعْتُ الْمُطَلَّقَةَ مِنْكُمَا، أَوْ أَحَدًا كَمَا لَمْ يَصِحَّ أَوْ نَسِيَ الْمُطَلَّقَةَ وَرَاجَعَ كَذَلِكَ قَبْلَ الْبَيَانِ لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي هَذِهِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْكَرَ صُدِّقَ) وَفِي عَكْسِ هَذِهِ تُصَدَّقُ هِيَ مِنْ حَيْثُ تَطْوِيلُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ لَهَا النِّكَاحُ وَلَهَا النَّفَقَةُ، وَيُصَدَّقُ هُوَ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ نِكَاحِهِ نَحْوَ أُخْتِهَا وَخَرَجَ بِ أَنْكَرَ مَا لَوْ مَاتَ فَتَعْتَدُّ لِوَفَاةٍ وَلَا تُصَدَّقُ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَا تَرِثُهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا صُدِّقَتْ، وَلَوْ مَاتَتْ فَادَّعَى وَارِثُهَا الِانْقِضَاءَ قَبْلَ مَوْتِهَا صُدِّقَ الْوَارِثُ فِي عِدَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ الْوَقْتِ كَالطَّلَاقِ قَوْلُهُ: (تَصْدِيقُهَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ، وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا وَخَرَجَ بِالْعِدَّةِ غَيْرُهَا كَطَلَاقِهَا، وَطَلَاقِ ضَرَّتِهَا كَمَا مَرَّ، وَثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ فِي الْأَمَةِ وَالنَّسَبِ لِلْوَلَدِ - فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ وَالزَّوْجَ يُنْكِرَانِهَا وَلَهُمَا نَفْيُهُ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ - وَلُحُوقِ الْوَلَدِ لِلزَّوْجِ بِالْفِرَاشِ فِيمَا لَمْ يُنْكِرْ وَضْعَهُ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْآيِسَةُ مِنْ الْحَيْضِ) وَكَذَا الصَّغِيرَةُ وَنَحْوُهَا كَقُرْبِ زَمَنِ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ (فَلَا تُصَدَّقُ) وَيُصَدَّقُ هُوَ بِيَمِينِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا حَاجَةَ لِلْيَمِينِ خُصُوصًا فِيمَا لَا يُمْكِنُ عَقْلًا قَوْلُهُ: (فِي دَعْوَى الْوَضْعِ) وَأَمَّا الْحَيْضُ فَتَقَدَّمَ قَبُولُ الْآيِسَةِ فِيهِ قَوْلُهُ: (بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ: عَدَدِيَّةٌ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَتَيْنِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا: عَدَدِيَّةٌ هِلَالِيَّةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مُصَوَّرٍ) أَيْ فِيهَا صُورَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ بِقَوْلِ الْقَوَابِلِ وَهَذِهِ يَثْبُتُ بِهَا الِاسْتِيلَادُ وَلَا يَجِبُ فِيهَا الْغُرَّةُ. قَوْلُهُ: (بِلَا صُورَةٍ) أَيْ لَا ظَاهِرَةٍ وَلَا خَفِيَّةٍ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْقَوَابِلِ أَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ، وَإِلَّا لَمْ تَنْقَضِ بِهَا الْعِدَّةُ كَالْعَلَقَةِ، وَيَثْبُتُ لَهَا حِينَئِذٍ مِنْ الْأَحْكَامِ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَثُبُوتُ النِّفَاسِ وَفِطْرُ الصَّائِمَةِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (بَاقِيَةٌ فِي الْعِدَّةِ) لَوْ وَطِئَهَا فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ أَسْتَأْنَفَتْ وَدَخَلَ فِيهَا بَقِيَّةُ الْأُولَى وَيُرَاجِعُ فِي تِلْكَ الْبَقِيَّةِ لَا غَيْرُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ، وَلَوْ خَالَطَهَا فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَنْقَضِ وَلَكِنَّ الرَّجْعَةَ فِي زَمَنِ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ خَاصَّةً تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ} [البقرة: 228] الْآيَةَ وَلَهُ الرَّجْعَةُ بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِ الْوَلَدِ، ثُمَّ تَصْدِيقُهَا قَاصِرٌ عَلَى بَاقِي الْوَلَدِ دُونَ النَّسَبِ وَكَذَا فِي اسْتِيلَادِ الْأَمَةِ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (فَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا) ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ يُصَوَّرُ فِي ثَمَانِينَ وَكَذَا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَالْحَاوِي، وَنَقَلَ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَشْهَدُ لَهُ رِوَايَةٌ فِي مُسْلِمٍ، قَوْلُهُ: (أَوْ مُضْغَةٍ بِلَا صُورَةٍ) إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا صُورَةٌ ظَاهِرَةٌ وَلَا خَفِيَّةٌ فَلَا بُدَّ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهَا أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأَ خَلْقِ آدَمِيٍّ بِشَهَادَةِ الْقَوَابِلِ،. قَوْلُهُ: (وَاللَّحْظَةُ الْأُولَى إلَخْ) كَذَلِكَ لَنَا قَوْلُ إنَّ اللَّحْظَةَ الثَّانِيَةَ لَا تَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِ ذَلِكَ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ قَوِيٌّ نَظَرًا لِلِاحْتِيَاطِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 وَقَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ بِنَاءٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ إمْكَانِ اجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ وَقْتَ النِّكَاحِ، وَفِي غَيْرِ الْغَالِبِ كَالْمَشْرِقِيِّ مَعَ الْمَغْرِبِيَّةِ تَكُونُ الْمُدَدُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ حِينِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ، وَدَلِيلُ الْمُدَّةِ الْأُولَى - أَيْ اعْتِبَارِ مُدَّةِ الْحَمْلِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ - قَوْله تَعَالَى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] مَعَ قَوْلِهِ {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14] وَدَلِيلُ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ» إلَى آخِرِهِ. (أَوْ) ادَّعَتْ (انْقِضَاءَ أَقْرَاءٍ فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً وَطَلُقَتْ فِي طُهْرٍ فَأَقَلُّ الْإِمْكَانِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) وَذَلِكَ بِأَنْ تَطْلُقَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَةٌ ثُمَّ تَحِيضَ أَقَلَّ الْحَيْضِ يَوْمًا وَلَيْلَةً، ثُمَّ تَطْهُرَ أَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ تَحِيضَ وَتَطْهُرَ كَذَلِكَ، ثُمَّ تَطْعَنَ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً وَهَذِهِ اللَّحْظَةُ لِاسْتِبَانَةِ الْقَرْءِ الثَّالِثِ، وَلَيْسَتْ مِنْ نَفْسِ الْعِدَّةِ، وَقِيلَ: هِيَ مِنْهَا حَتَّى تَصِحَّ الرَّجْعَةُ فِيهَا، وَاللَّحْظَةُ الْأُولَى قِيلَ: لَا تُعْتَبَرُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ إنَّ الْقَرْءَ الِانْتِقَالُ مِنْ طُهْرٍ إلَى دَمٍ، وَيُصَوَّرُ عَلَى ذَلِكَ بِمَا إذَا عَلَّقَ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ طُهْرِهَا (أَوْ فِي حَيْضٍ فَسَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ) وَذَلِكَ بِأَنْ يُعَلِّقَ الطَّلَاقَ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْحَيْضِ، ثُمَّ تَطْهُرَ أَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ تَحِيضَ أَقَلَّ الْحَيْضِ يَوْمًا، وَلَيْلَةً، ثُمَّ تَطْهُرَ وَتَحِيضَ كَذَلِكَ، ثُمَّ تَطْهُرَ أَقَلَّ الطُّهْرِ، ثُمَّ تَطْعَنَ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً وَهَذِهِ اللَّحْظَةُ لِلِاسْتِبَانَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا حَاجَةَ هُنَا إلَى لَحْظَةٍ فِي الْأَوَّلِ. (أَوْ أَمَةً وَطَلُقَتْ فِي طُهْرٍ فَسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ) وَذَلِكَ بِأَنْ يُطَلِّقَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَةٌ، ثُمَّ تَحِيضَ أَقَلَّ الْحَيْضِ وَتَطْهُرَ أَقَلَّ الطُّهْرِ، ثُمَّ تَطْعَنَ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً لِاسْتِبَانَةِ الْقَرْءِ الثَّانِي، وَهُوَ تَمَامُ عِدَّةِ الْأَمَةِ، وَقِيلَ لَا حَاجَةَ إلَى اللَّحْظَةِ فِي الْأَوَّلِ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ) فِي (حَيْضٍ فَأَحَدٌ وَثَلَاثُونَ) يَوْمًا (وَلَحْظَةٌ) وَذَلِكَ بِأَنْ يُعَلِّقَ الطَّلَاقَ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْحَيْضِ، ثُمَّ تَطْهُرَ أَقَلَّ الطُّهْرِ وَتَحِيضَ أَقَلَّ الْحَيْضِ، ثُمَّ تَطْهُرَ أَقَلَّ الطُّهْرِ، ثُمَّ تَطْعَنَ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي طُهْرِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ مَسْبُوقٌ بِحَيْضٍ، أَمَّا مَنْ ابْتَدَأَهَا الْحَيْضُ بَعْدَ الطَّلَاقِ، فَأَقَلُّ الْإِمْكَانِ فِيهَا - حُرَّةً - ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ - وَأَمَةً - اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ بِنَاءً فِيهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ أَنَّ الْقَرْءَ الطُّهْرُ الْمُحْتَوِشُ بِدَمَيْنِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ، فَالْحُكْمُ كَحُكْمِ مَنْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (مِنْ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ) أَيْ عَادَةً وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِهِ خَرْقًا لِلْعَادَةِ مِنْ نَحْوِ وَلِيٍّ. قَوْلُهُ: (وَفِصَالُهُ) أَيْ رَضَاعُهُ فِي عَامَيْنِ أَيْ مُدَّةَ عَامَيْنِ وَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا، فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ ثَلَاثِينَ شَهْرًا بَقِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ مُدَّةُ الْحَمْلِ، وَاعْتِبَارُ زِيَادَةِ اللَّحْظَتَيْنِ لِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (إنَّ أَحَدَكُمْ) أَيْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، يَا بَنِي آدَمَ يُجْمَعُ: أَيْ يُضَمُّ وَيُحْفَظُ خَلْقُهُ أَيْ مَادَّةُ خَلْقِهِ، وَهُوَ الْمَنِيُّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَيْ فِيهَا بَعْدَ سَبْعَةٍ مِنْهَا، أَوْ فِي آخِرِهَا فَفِي رِوَايَةٍ: إنَّ النُّطْفَةَ إذَا وَقَعَتْ فِي الرَّحِمِ، وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ مِنْهَا بَشَرًا طَارَتْ فِي بَشَرَةِ الْمَرْأَةِ تَحْتَ كُلِّ ظُفُرٍ وَشَعْرٍ وَعِرْقٍ وَعُضْوٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ السَّابِعِ جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا تَمْكُثُ كَذَلِكَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ تَصِيرُ دَمًا فِي الرَّحِمِ فَذَلِكَ جَمْعُهَا، ثُمَّ تَكُونُ عَقِبَ تِلْكَ الْأَرْبَعِينَ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ عَلَقَةً، أَيْ قِطْعَةَ دَمٍ تَجْمُدُ شَيْئًا فَشَيْئًا مِثْلَ ذَلِكَ، أَيْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ عَقِبَ هَذِهِ الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةِ تَكُونُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَيْضًا مُضْغَةً أَيْ قِطْعَةَ لَحْمٍ قَدْرَ مَا يُمْضَغُ وَتَقْوَى شَيْئًا فَشَيْئًا، مِثْلَ ذَلِكَ أَيْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ عَقِبَ هَذِهِ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ يُرْسِلُ اللَّهُ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِالرَّحِمِ، وَمَعْنَى إرْسَالُهُ أَمْرُهُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا لِمَا فِي الْحَدِيثِ «إنَّ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِالرَّحِمِ مِنْ الِابْتِدَاءِ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ نُطْفَةٌ، أَيْ رَبِّ عَلَقَةٌ، أَيْ رَبِّ مُضْغَةٌ، فَيَنْفُخُ فِيهِ بَعْدَ تَشَكُّلِهِ عَلَى هَيْئَةِ الْإِنْسَانِ الرُّوحَ وَهُوَ مَا يَعِيشُ بِهِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى» وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ إرْسَالَ الْمَلَكِ فِي أَوَّلِ الْأَرْبَعِينَ الرَّابِعَةِ وَفِي أُخْرَى فِي الثَّالِثَةِ وَفِي أُخْرَى فِي الثَّانِيَةِ، وَفِي أُخْرَى فِي الْأُولَى، وَقَدْ انْتَشَرَتْ أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ، وَوَقَعَ الْجَمْعُ بَيْنَهَا بِأَقْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْهَا، أَنَّهُ بَعْدَ الْأُولَى لِتَصْوِيرِهِ الْخَفِيِّ، وَالثَّانِيَةِ لِتَصْوِيرِهِ الظَّاهِرِ وَالثَّالِثَةِ لِتَشَكُّلِهِ، وَالرَّابِعَةِ لِنَفْخِ الرُّوحِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ بَعْدَ الْأُولَى لِمَبَادِئِ تَخْطِيطِهِ الْخَفِيِّ، وَبَعْدَ الثَّانِيَةِ لِمَبَادِئِ تَخْطِيطِهِ الظَّاهِرِ، وَبَعْدَ الثَّالِثَةِ لِمَبَادِئِ تَشَكُّلِهِ، وَهَكَذَا، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَاضْطِرَابِ الْأَحْوَالِ فِيهِ، فَإِنَّهُ زُبْدَةُ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَتَعْبِيرُ الْأَحَادِيثِ بِثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرَاخِي مُؤَوَّلٌ فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (لِاسْتِبَانَةِ الْقَرْءِ) أَيْ لِمَعْرِفَةِ تَمَامِهِ فَلَا رَجْعَةَ فِيهَا، وَيَصِحُّ الْعَقْدُ فِيهَا لَوْ وَقَعَ. قَوْلُهُ: (فَسَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَلَحْظَةٌ) وَمِثْلُهَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِوِلَادَتِهَا، وَلَمْ تَرَ نِفَاسًا وَكَانَتْ مُعْتَادَةً فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَأَمَةً) أَيْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ. قَوْلُهُ: (وَلَحْظَةٌ) هِيَ اللَّحْظَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَلَا حَاجَةَ لِاعْتِبَارِ اللَّحْظَةِ الْأُولَى فِيهِمَا، لِاحْتِمَالِ طَلَاقِهَا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْحَيْضِ، نَظَرَ فِيهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ جَهِلَتْ الْمُطَلَّقَةُ أَنَّهَا طَلُقَتْ فِي حَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ حُمِلَ الْأَمْرُ عَلَى الْحَيْضِ احْتِيَاطًا لِلِانْقِضَاءِ، قَالَ شَيْخُنَا وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهَا وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِيهَا فَرَاجِعْهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَيُصَوَّرُ) أَيْ وَيُصَوَّرُ الْإِمْكَانُ عَلَى هَذَا بِهَذَا. قَوْلُهُ: (بِآخِرِ جُزْءٍ) وَهَذَا بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى مِنْ الطُّهْرِ بَعْدَ الطَّلَاقِ لَحْظَةٌ، وَإِنْ أَوْهَمَ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ فِي طُهْرٍ خِلَافَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَيْضٍ إلَخْ) لَوْ شَكَّتْ فَلَمْ تَدْرِ هَلْ هِيَ طَلُقَتْ فِي الْحَيْضِ أَوْ الطُّهْرِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ حُمِلَ أَمْرُهَا، عَلَى الْأَقَلِّ، وَقَالَ شَيْخُهُ الصَّيْمَرِيُّ لَمْ تَخْرُجْ إلَّا بِيَقِينٍ وَهُوَ الْوَجْهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 6 حَاضَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. (وَتُصَدَّقُ) الْمَرْأَةُ فِي ادِّعَاءِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِأَقَلِّ مُدَّةِ الْإِمْكَانِ بِيَمِينِهَا (إنْ لَمْ تُخَالِفْ) فِيمَا ادَّعَتْهُ (عَادَةً) لَهَا (دَائِرَةً وَكَذَا إنْ خَالَفَتْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْعَادَةَ قَدْ تَتَغَيَّرُ، وَالثَّانِي لَا تُصَدَّقُ لِلتُّهْمَةِ. (وَلَوْ وَطِئَ) الزَّوْجُ (رَجْعِيَّةً وَاسْتَأْنَفَتْ الْأَقْرَاءَ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ رَاجَعَ فِيمَا كَانَ بَقِيَ) مِنْ أَقْرَاءِ الطَّلَاقِ دُونَ مَا يُزَادُ عَلَيْهَا لِلْوَطْءِ. (وَيُحَرَّمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا) أَيْ بِالرَّجْعِيَّةِ بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهَا مُفَارَقَةٌ كَالْبَائِنِ (فَإِنْ وَطِئَ فَلَا حَدَّ) وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حِلِّهِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ بِحِلِّهِ لِحُصُولِ الرَّجْعَةِ بِهِ عِنْدَهُ (وَلَا يُعَزَّرُ إلَّا مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ) بِخِلَافِ مُعْتَقِدِ حِلِّهِ وَالْجَاهِلِ بِتَحْرِيمِهِ (وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يُرَاجِعْ وَكَذَا إنْ رَاجَعَ عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ فِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ مِنْ نَصِّهِ، فِيمَا إذَا ارْتَدَّتْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَهْرٌ، وَخُرِّجَ قَوْلٌ بِوُجُوبِهِ مِنْ النَّصِّ فِي وَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ وَالرَّاجِحُ تَقْرِيرُ النَّصِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ أَثَرَ الرِّدَّةِ يَرْتَفِعُ بِالْإِسْلَامِ، وَأَثَرَ الطَّلَاقِ لَا يَرْتَفِعُ بِالرَّجْعَةِ، وَالْحِلُّ بَعْدَهَا كَالْمُسْتَفَادِ بِعَقْدٍ آخَرَ. (وَيَصِحُّ إيلَاءٌ وَظِهَارٌ وَطَلَاقٌ وَلِعَانٌ) مِنْ الرَّجْعِيَّةِ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكِ الرَّجْعَةِ (وَيَتَوَارَثَانِ) أَيْ الزَّوْجُ وَالرَّجْعِيَّةُ لِبَقَاءِ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ فِيهَا بِصِحَّةِ مَا ذُكِرَ، وَتَقَدَّمَ مَسْأَلَتَا التَّوَارُثِ وَالطَّلَاقِ فِي بَابِهِ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَى الْمَسَائِلِ الْبَاقِيَةِ فِي أَبْوَابِهَا وَالْغَرَضُ مِنْ جَمْعِهِمْ الْخَمْسَ هُنَا الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ آيَاتِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ، وَسَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا. (وَإِذَا ادَّعَى وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ رَجْعَةً فِيهَا فَأَنْكَرَتْ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الِانْقِضَاءِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: رَاجَعْت يَوْمَ الْخَمِيسِ فَقَالَتْ: بَلْ السَّبْتِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فِي ادِّعَاءِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) وَكَذَا فِي بَقَائِهَا، وَإِنْ وَصَلَتْ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ وَلَهَا النَّفَقَةُ. قَوْلُهُ: (بِأَقَلِّ مُدَّةِ الْإِمْكَانِ) فَلَا تُصَدَّقُ لَوْ ادَّعَتْهُ قَبْلَهَا فَإِنْ عَادَتْ وَادَّعَتْهُ بَعْدَهُ صُدِّقَتْ. قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُحَلَّفُ، وَإِنْ لَمْ تُتَّهَمْ وَأَنَّهَا لَا يَجِبُ اسْتِفْصَالُهَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا وُجُوبُ اسْتِفْصَالِهَا، وَإِنَّمَا تُحَلَّفُ إذَا اُتُّهِمَتْ. قَوْلُهُ: (رَجْعِيَّةً) وَفِي نُسْخَةٍ بِهَاءِ الضَّمِيرِ بَعْدَ الْفَوْقِيَّةِ، وَنُقِلَ أَنَّهُ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْأَقْرَاءَ) خَرَجَ الْحَمْلُ فَلَهُ الرَّجْعَةُ مَا لَمْ تَضَعْ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ عَنْ الْعِدَّتَيْنِ، وَالْأَشْهَرُ كَالْأَقْرَاءِ. قَوْلُهُ: (مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ) أَيْ فَرَاغِهِ لِتَوَقُّعِ الْعُلُوقِ قَبْلَهُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الصَّوْمَ بَلْ لَا إشْكَالَ وَلَا فَرْقَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (دُونَ مَا زَادَ) فَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ مُضِيِّ قُرْأَيْنِ مِنْ عِدَّةِ النِّكَاحِ، اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ وَالْقَرْءُ الْأَوَّلُ مِنْهَا وَاقِعٌ عَنْ الْعِدَّتَيْنِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ، فِيهِ دُونَ الْقُرْأَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ لِتَمَحُّضِهِمَا لِعِدَّةِ الْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) مِنْهُ النَّظَرُ وَاللَّمْسُ قَوْلُهُ: (فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) وَلَا عَلَيْهَا إنْ تَكَرَّرَ وَعَلِمَا بِالْحُرْمَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُعَزَّرُ) هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ لِلْوَاطِئِ وَمَحَلُّهُ إنْ رُفِعَ لِحَاكِمٍ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ، وَكَذَا يُعَزَّرُ مُعْتَقِدُ الْحِلِّ إذَا رُفِعَ لِمُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ، وَلَوْ قُرِئَ " يُعَزِّرُ " بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لَشَمِلَ الصُّورَتَيْنِ، وَضَمِيرُهُ لِلْحَاكِمِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُخَالِفُهُ فَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) لِبِكْرٍ فِي الْبِكْرِ، وَثَيِّبٍ فِيهَا وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ، وَهُوَ لِلشُّبْهَةِ لَا لِلْعَقْدِ. نَعَمْ إنْ دَفَعَهُ لَهَا تَكَرَّرَ بِقَدْرِ الدَّفْعِ، قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَهْرٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ قَوْلُهُ: (أَنَّ أَثَرَ الرِّدَّةِ) وَهُوَ الْقَتْلُ وَحُرْمَةُ الْوَطْءِ، وَأَثَرَ الطَّلَاقِ وَهُوَ نَقْصُ الْعَدَدِ، فَبِالْإِسْلَامِ يَتَبَيَّنُ حِلُّ الْوَطْءِ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ فَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ فِيهِ بِخِلَافِهَا. قَوْلُهُ (وَإِذَا ادَّعَى وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ) أَيْ وَلَمْ تَنْكِحْ غَيْرَهُ. فَإِنْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ فَلَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهَا، وَعَلَى الزَّوْجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى زَوْجِيَّةِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ ادَّعَى عَلَى الزَّوْجِ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ - ظَاهِرًا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ -، وَعَدَمِ الرَّجْعَةِ فَإِنْ أَقَرَّ أَوْ نَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي بَطَلَ نِكَاحُ الزَّوْجِ، وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ اسْتَحَقَّهَا   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (فَالْحُكْمُ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ لِلْحُرَّةِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَلَحْظَةٌ وَلِلْأَمَةِ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ وَقَوْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْ فِي كَلَامِ الشَّرْحِ قَالَ الْمُحَشِّي هَذِهِ حَاشِيَةٌ صَحِيحَةٌ فَيَنْبَغِي تَأَمُّلُهَا. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ تُخَالِفْ عَادَةً) وَذَلِكَ بِأَنْ لَا تَكُونَ لَهَا عَادَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ، أَوْ عَادَتُهَا أَقَلَّ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهَا عَادَةٌ أَصْلًا، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا تُصَدَّقُ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَالرُّويَانِيُّ: إنَّهُ الِاخْتِيَارُ فِي هَذَا الزَّمَانِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ النَّصِّ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ يُعَضِّدُهُ أَصْلٌ ظَاهِرٌ اهـ. وَلَوْ مَضَتْ الْعَادَةُ فَادَّعَتْ مَزِيدًا، وَأَنَّ الْعَادَةَ تَغَيَّرَتْ فَنَقَلَا فِي الْعِدَدِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ تَصْدِيقُهَا وَجْهًا وَاحِدًا وَعَلَى الزَّوْجِ السُّكْنَى، ثُمَّ أَبْدَى الْإِمَامُ فِيهِ احْتِمَالًا بِأَنَّا لَوْ صَدَّقْنَاهَا لَرُبَّمَا تَمَادَتْ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ، وَفِيهِ إجْحَافٌ بِالزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (لَا يَرْتَفِعُ إلَخْ) أَيْ، لِأَنَّ تِلْكَ الطَّلْقَةَ حُسِبَتْ وَلَمْ تَمْحُهَا الرَّجْعَةُ ثُمَّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمَتْنِ أَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ لَوْ عَلِمَتْ الزَّوْجَةُ التَّحْرِيمَ، وَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَوْجَبَ مَهْرَ الْمِثْلِ فِي وَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ غَيْرَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: وَشُبْهَتُهُ قَوِيَّةٌ، لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ إلَّا بِرَجْعَةٍ. قَوْلُهُ: (لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا) وَلِأَنَّ اللَّهَ سَمَّاهُ بَعْلًا فِي قَوْله تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] فَثَبَتَتْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 أَنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ رَاجَعَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ إلَى يَوْمِ السَّبْتِ (أَوْ عَلَى وَقْتِ الرَّجْعَةِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَالَتْ: انْقَضَتْ الْخَمِيسَ، وَقَالَ: السَّبْتَ؛ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَنَّهَا مَا انْقَضَتْ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِضَائِهَا إلَى يَوْمِ السَّبْتِ (وَإِنْ تَنَازَعَا فِي السَّبْقِ بِلَا اتِّفَاقٍ) بِأَنْ اقْتَصَرَ الزَّوْجُ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ سَابِقَةٌ، وَالزَّوْجَةُ عَلَى أَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ سَابِقٌ (فَالْأَصْلُ تَرْجِيحُ سَبْقِ الدَّعْوَى فَإِنْ ادَّعَتْ الِانْقِضَاءَ، ثُمَّ ادَّعَى رَجْعَةً قَبْلَهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ قَبْلَ الرَّجْعَةِ وَسَقَطَتْ دَعْوَى الزَّوْجِ. (أَوْ ادَّعَاهَا) أَيْ الرَّجْعَةَ (قَبْلَ انْقِضَاءِ) الْعِدَّةِ (فَقَالَتْ: بَعْدَهُ؛ صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ أَنَّهُ رَاجَعَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا (قُلْت: فَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ، وَأَسْقَطَ النَّوَوِيُّ الْعَزْوَ مِنْ الرَّوْضَةِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَصْدِيقُهَا مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ تَصْدِيقُهُ. (وَمَتَى ادَّعَاهَا) أَيْ الرَّجْعَةَ (وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ) وَأَنْكَرَ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهَا وَقِيلَ: هِيَ الْمُصَدَّقَةُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ، فَإِنْ أَرَادَهَا أَنْشَأَهَا (وَمَتَى أَنْكَرَتْهَا وَصُدِّقَتْ) كَمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ اعْتَرَفَتْ) بِهَا (قُبِلَ اعْتِرَافُهَا) كَمَنْ أَنْكَرَ حَقًّا وَحَلَفَ عَلَيْهِ، ثُمَّ اعْتَرَفَ بِهِ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ حَقُّ الزَّوْجِ. (وَإِذَا طَلَّقَ دُونَ ثَلَاثٍ، وَقَالَ: وَطِئْت فَلِي رَجْعَةٌ، وَأَنْكَرَتْ) وَطْأَهُ (صُدِّقَتْ بِيَمِينٍ) أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ (وَهُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِالْمَهْرِ فَإِنْ قَبَضَتْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ) بِشَيْءٍ مِنْهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ (وَإِلَّا فَلَا تُطَالِبُهُ إلَّا بِنِصْفٍ) مِنْهُ عَمَلًا بِإِنْكَارِهَا، وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ ذِكْرَهُ الْيَمِينَ فِي بَعْضِ صُوَرِ التَّصْدِيقِ لِلْعِلْمِ بِوُجُوبِهِ مِنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ.   [حاشية قليوبي] الْمُدَّعِي، وَإِلَّا فَالْمُسَمَّى، أَوْ نِصْفُ أَحَدِهِمَا وَلَا تَرْجِعُ زَوْجَةً لَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ. مِنْهَا، أَوْ حَلِفِهِ بَعْدَ نُكُولِهَا، وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهَا فَإِنْ حَلَفَتْ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ أَقَرَّتْ لَهُ أَوْ نَكَلَتْ فَحَلَفَ غَرِمَتْ لَهُ مَهْرَ الْمِثْلِ لِحَيْلُولَتِهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِإِذْنِهَا فِي نِكَاحِ الْآخَرِ، أَوْ تَمْكِينِهِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهَا لَا يَسْرِي عَلَيْهِ. وَإِذَا مَاتَ أَوْ طَلَّقَ رَجَعَتْ لِلْأَوَّلِ وَيَرُدُّ عَلَيْهَا مَا أَخَذَ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِرَجْعَتِهِ قَبْلَ الِانْقِضَاءِ نُزِعَتْ مِنْ الثَّانِي، وَسُلِّمَتْ لَهُ وَلَهَا عَلَى الثَّانِي مَهْرُ مِثْلٍ إنْ وَطِئَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ. قَوْلُهُ: (عَلَى وَقْتِ الِانْقِضَاءِ) أَيْ عَلَى وَقْتٍ يَحْصُلُ بِهِ الِانْقِضَاءُ كَفَرَاغِ الشَّهْرِ مَثَلًا، فَلَا يُنَافِي مَا قِيلَ: إنَّهُ كَيْفَ يَدَّعِي الزَّوْجِيَّةَ مَعَ مُوَافَقَتِهِ عَلَى الِانْقِضَاءِ. قَوْلُهُ: (إنَّهَا مَا انْقَضَتْ) فَلَا يَكْفِي الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ هُنَا وَمَا بَعْدَهُ وَفَارَقَا مَا قَبْلَهُمَا بِأَنَّهُ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ. قَوْلُهُ: (سَبْقِ الدَّعْوَى) لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ بِقَوْلِ السَّابِقِ، وَلِأَنَّهُ إنْ سَبَقَتْ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الِانْقِضَاءِ، وَإِنْ سَبَقَ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الرَّجْعَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) سَوَاءٌ تَرَاخَى كَلَامُهَا عَنْ كَلَامِهِ، أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيُصَدَّقُ هُوَ أَيْضًا فِيمَا لَوْ عُلِمَ التَّرْتِيبُ فِي الدَّعْوَى، وَجُهِلَ أَيُّهُمَا السَّابِقُ، أَوْ عُلِمَ ثُمَّ نُسِيَ وَلَمْ يُرْجَ بَيَانُهُ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الْوَقْفُ إلَيْهِ. تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ هُنَا لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْعِدَدِ فِيمَا لَوْ وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا وَاخْتَلَفَا فِي الْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ صُدِّقَ الزَّوْجُ، أَوْ الطَّلَاقِ صُدِّقَتْ الزَّوْجَةُ، أَوْ لَمْ يَتَّفِقَا صُدِّقَ، وَإِنْ سَبَقَتْ فَهُوَ عَلَى الْعَكْسِ مِمَّا هُنَا، وَالْوِلَادَةُ كَالِانْقِضَاءِ، وَالطَّلَاقُ كَالرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّهُمَا نَظَرًا لِلْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَانَ الْمُصَدَّقُ فِي أَحَدِهِمَا غَيْرَهُ فِي الْآخَرِ، وَبِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا هُنَا عَلَى انْحِلَالِ الْعِصْمَةِ فِي الثَّانِي، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي سَبْقِ الدَّعْوَى بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ مُحَكَّمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ وَعَطْفُ " مَتَى " عَلَى " تَرْجِيحُ " بَعِيدٌ جِدًّا. قَوْلُهُ: (لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهَا) فَدَعْوَاهُ إقْرَارٌ لَا إنْشَاءٌ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهِ إقْرَارًا عَدَمُ الْجَوَازِ لَهُ بَاطِنًا إذَا كَانَ كَاذِبًا، وَعَلَى كَوْنِهِ إنْشَاءً الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَلَوْ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَادَّعَى سَبْقَ الرَّجْعَةِ عَلَيْهِ صُدِّقَ، وَلَا مَهْرَ وَلَوْ سَأَلَ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجُهَا، أَوْ نَائِبُهُ عَنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَجَبَ عَلَيْهَا إخْبَارُهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لَوْ سَأَلَهَا وَلَوْ رَاجَعَهَا بَعْدَ إخْبَارِهَا لَهُ بِالِانْقِضَاءِ، وَلَمْ يُصَدِّقْهَا ثُمَّ اعْتَرَفَتْ بِكَذِبِهَا صَحَّتْ الرَّجْعَةُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ اعْتِرَافِهَا) وَإِنْ تَزَوَّجَتْ وَتَغْرَمُ لَهُ الْمَهْرَ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا قَبْلَ اعْتِرَافِهَا؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ نَفْيٍ لَا يُنَاقِضُهُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْإِقْرَارَ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَتْ بِيَمِينٍ) وَلَهَا التَّزَوُّجُ حَالًا وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نِكَاحُ أُخْتِهَا لِإِقْرَارِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ) وَفَارَقَ عَدَمُ قَبُولِهَا فِي نَفْيِ وَطْءِ الْمَوْلَى وَالْعِنِّينِ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِيهِمَا ثَابِتٌ، وَهِيَ تُرِيدُ رَفْعَهُ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ. قَوْلُهُ: (عَمَلًا بِإِنْكَارِهَا) وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ وَلَا سُكْنَى وَلَا تَوَارُثَ، وَإِذَا أَخَذَتْ النِّصْفَ، ثُمَّ اعْتَرَفَتْ بِالْوَطْءِ لَمْ تَأْخُذْ النِّصْفَ الْآخَرَ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ. وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ وَفِيهَا لَا حَاجَةَ لِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ فَتَأَمَّلْهُ.   [حاشية عميرة] أَحْكَامُ الْبُعُولِيَّةِ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ كَالْوَطْءِ قَوْلُهُ: (الِانْقِضَاءَ) الْمُرَادُ وُجُودُ مَا بِهِ الِانْقِضَاءُ عَادَةً لَا حَقِيقَةً، لِأَنَّ دَعْوَاهُ الرَّجْعَةَ قَبْلَ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ حَقِيقَةً، قَوْلُهُ: (الْأَصْلُ إلَخْ) عَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّ دَعْوَاهُ الرَّجْعَةَ بَعْدَ فَوَاتِ سُلْطَتِهَا يُشْبِهُ دَعْوَى الْوَكِيلِ بَعْدَ عَزْلِهِ التَّصَرُّفَ قَبْلَهُ، قَوْلُهُ: (إنَّهَا مَا انْقَضَتْ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنْ لَا يَكْفِيَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ انْقِضَاءَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَكَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَلَفَ فِي الْأُولَى - مِنْ أَنَّهَا تَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالرَّجْعَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ - كَوْنُ الِانْقِضَاءِ لَيْسَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْحَاصِلَةِ بِالِاخْتِيَارِ بَلْ لَيْسَ فِعْلًا، وَإِنَّمَا هُوَ أَثَرُ الْفِعْلِ وَحُكْمُهُ، قَوْلُهُ: (أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِحَلِفِهَا عَلَى نَفْيِ عِلْمِهَا بِسَبْقِ الرَّجْعَةِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ) اقْتَضَى إطْلَاقُهُمْ هَذَا أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ وَطْؤُهَا فِي الْعِدَّةِ، ثُمَّ أَسْنَدَ الرَّجْعَةَ لِوَقْتٍ سَابِقٍ عَلَى الْوَطْءِ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُحَاوِلُ رَفْعَ النِّكَاحِ فِيهَا، وَهُوَ ثَابِتٌ وَهُنَا قَدْ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَهُوَ يَدَّعِي إثْبَاتَ الرَّجْعَةِ بِالْوَطْءِ قَبْلَهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ) أَيْ وَإِنْ وَقَعَتْ خَلْوَةٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 كِتَابُ الْإِيلَاءِ (هُوَ حَلِفُ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا (لَيَمْتَنِعَنَّ عَنْ وَطْئِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مُطْلَقًا أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) كَأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ، أَوْ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَيُمْهَلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ يُطَالَبَ بِالْوَطْءِ، أَوْ الطَّلَاقِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] الْآيَةَ وَيَصِحُّ إيلَاءُ الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ وَالْمَرِيضِ كَغَيْرِهِمْ، وَإِيلَاءُ السَّكْرَانِ كَطَلَاقِهِ صَحِيحٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَتَقَدَّمَ صِحَّةُ الْإِيلَاءِ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ، وَسَيَأْتِي ضَرْبُ الْمُدَّةِ مِنْ الرَّجْعَةِ وَيَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْ الْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ وَالْمَرِيضَةِ وَالصَّغِيرَةِ (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ بَلْ لَوْ عَلَّقَ بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ (طَلَاقًا، أَوْ عِتْقًا) كَقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُكِ فَضَرَّتُكِ طَالِقٌ، أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ (أَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُكِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةٌ، أَوْ صَوْمٌ، أَوْ حَجٌّ أَوْ عِتْقٌ كَانَ مُولِيًا) لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْوَطْءِ لِمَا عَلَّقَهُ بِهِ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، أَوْ الْعِتْقِ أَوْ الْتِزَامِ الْقُرْبَةِ، كَمَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْحَاكِمِينَ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ طَلَاقٌ وَقَدْ أَبْطَلَ اللَّهُ الْحُكْمَ دُونَ الصِّفَةِ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّدَاقِ إذَا كَانَ دَيْنًا فَإِنْ كَانَ عَيْنًا امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ نِصْفِهِ رِفْقًا بِهِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ لِيَأْخُذَهُ، أَوْ يُبْرِئَهَا مِنْهُ فَإِنْ صَمَّمَ عَلَى الِامْتِنَاعِ أَعْطَاهَا النِّصْفَ وَوَقَفَ النِّصْفَ الْآخَرَ إلَى الصُّلْحِ، أَوْ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كِتَابُ الْإِيلَاءِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مَصْدَرُ آلَى بِالْمَدِّ يُؤْلِي إذَا حَلَفَ فَهُوَ - لُغَةً - الْحَلِفُ، وَكَانَ طَلَاقًا لَا رَجْعَةَ فِيهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَغَيَّرَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ إلَى مَا سَيَأْتِي - وَشَرْعًا - حَلِفُ زَوْجٍ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ مُدَّةً عَلَى مَا يَأْتِي ، وَهُوَ كَبِيرَةٌ كَالظِّهَارِ وَقَالَ الْخَطِيبُ: إنَّهُ صَغِيرَةٌ. قَوْلُهُ: (يَصِحُّ طَلَاقُهُ) مُمْكِنٌ وَطْؤُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: (مِنْ وَطْئِهَا) أَيْ الْمَشْرُوعِ لَفْظًا، أَوْ تَنْزِيلًا فِي مَسْأَلَةِ لَا أَطَؤُكِ إلَّا فِي الدُّبُرِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فَخَرَجَ الِاسْتِمْتَاعُ بِغَيْرِ الْوَطْءِ وَالْوَطْءُ فِي نَحْوِ حَيْضٍ، أَوْ دُبُرٍ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمُدَّةٍ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) خَرَجَتْ الْأَرْبَعَةُ وَمَا دُونَهَا فَلَيْسَ إيلَاءً، وَإِنْ أَثِمَ بِهِ لِلْإِيذَاءِ وَهُوَ دُونَ إثْمِ الْإِيلَاءِ، وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَهُ لِأَنَّهُ فِي الْإِيلَاءِ يُمْكِنُ زَوَالُ الضَّرَرِ بِطَلَبِهَا بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ بِخِلَافِ هَذَا فَرَاجِعْهُ، وَشَمِلَتْ الزِّيَادَةُ مَا لَوْ لَمْ تَسَعْ الرَّفْعَ إلَى الْقَاضِي، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ انْحَلَّتْ الْإِيلَاءُ بِفَرَاغِهَا. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ إيلَاءُ الْعَبْدِ) وَالذِّمِّيِّ وَالْمَرِيضِ وَالْخَصِيِّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَالْعِنِّينِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَمَةِ) أَيْ مِنْ زَوْجِهَا وَالذِّمِّيَّةِ وَالْمَرِيضَةِ، وَلَوْ مُتَحَيِّرَةً وَلَا تُحْسَبُ الْمُدَّةُ إلَّا مِنْ زَوَالِ الْمَرَضِ، أَوْ الشِّفَاءِ مِنْ الْمُتَحَيَّرِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّغِيرَةِ) وَلَوْ غَيْرَ الْمُحْتَمِلَةِ لِلْوَطْءِ، وَلَا تُحْسَبُ الْمُدَّةُ إلَّا مِنْ إطَاقَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهَا قَدْرُ الْمُدَّةِ فَلَا إيلَاءَ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ) لِأَنَّهُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ كَمَا مَرَّ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْيَمِينِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ أَعَمُّ مِنْ اللُّغَوِيِّ، وَفِي مَعْنَى الْحَلِفِ الظِّهَارُ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي سَنَةً كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَوْ صَوْمٌ) مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُقَيِّدْ الصَّوْمَ بِكَوْنِهِ مِنْ الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَلَا إيلَاءَ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ قَبْلَهَا، وَلَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُكِ فَعَلَيَّ صَوْمُ الشَّهْرِ الَّذِي أَطَأُ فِيهِ، فَهُوَ إيلَاءٌ فَإِذَا وَطِئَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ لَزِمَهُ مُقْتَضَى الْيَمِينِ وَيَجْزِيهِ صَوْمُ بَقِيَّةِ الشَّهْرِ، وَيَقْضِي يَوْمَ الْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ بَلْ بِصِيغَةِ الْتِزَامٍ كَعَلَيَّ طَلَاقُكِ، أَوْ طَلَاقُ ضَرَّتِكِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لَوْ وَطِئَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ، وَهُوَ مُولٍ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الْمَيْلُ إلَى عَدَمِ الْإِيلَاءِ مِنْ أَصْلِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْتِزَامِ الْقُرْبَةِ) نَعَمْ إنْ خَرَجَ إلَى التَّبَرُّرِ كَأَنْ كَانَتْ مَرِيضَةً مَثَلًا، وَقَالَ: إنْ وَطِئْت فَعَلَيَّ صَوْمٌ مَثَلًا، وَقَصَدَ الْمُجَازَاةَ فَلَا إيلَاءَ وَلَا إثْمَ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ.   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الْإِيلَاءِ] ِ هُوَ مَصْدَرُ آلَى يُؤْلِي إيلَاءً أَيْ حَلَفَ، قَوْلُهُ: (زَوْجٌ) خَرَجَ بِهِ السَّيِّدُ وَالْأَجْنَبِيُّ قَوْلُهُ: (مِنْ وَطْئِهَا) أَيْ الْمَشْرُوعِ خَرَجَ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ، قَوْلُهُ: (أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَخْ) الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تُفِيدُ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ فَمَا دُونَهَا لَا إيلَاءَ فِيهَا وَذَلِكَ، لِأَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ لَا مَعْنَى لِأَمْرِهِ فِيهَا بِالتَّرَبُّصِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، لِأَنَّ الْمُدَّةَ تَنْقَضِي قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ مَعَهُ، وَيَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ مُمْتَنِعًا بِغَيْرِ يَمِينٍ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا وَفِي هَذِهِ رَدٌّ عَلَى ابْنِ حَزْمٍ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ الْإِيلَاءَ يَحْصُلُ بِأَيِّ زَمَنٍ، وَإِنَّمَا التَّرَبُّصُ حُكْمٌ مِنْ الشَّارِعِ بَعْدَ ذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فِي مَعْنَى هَذَا تَعْلِيقُهُ بِمُسْتَبْعَدِ الْحُصُولِ فِيهَا فَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى الْحَدِّ. نَعَمْ قِيلَ: هُوَ لَيْسَ بِجَامِعٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ مَا لَوْ عَلَّقَ بِالْوَطْءِ الْتِزَامَ شَيْءٍ وَلَا مَانِعَ لِشُمُولِهِ لِعَاجِزٍ عَنْ الْوَطْءِ بِجَبٍّ، وَنَحْوِهِ قُلْت يُجَابُ عَنْ الشِّقِّ الْأَوَّلِ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ الْمَذْكُورَ حَلِفٌ فَهُوَ دَاخِلٌ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بِقَرِينَةِ ذِكْرِهِ فِي الْمَتْنِ بَعْدَ ذَلِكَ، قَوْلُهُ (يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) ضُمِّنَ مَعْنَى الِامْتِنَاعِ فَعُدِّيَ بِمِنْ وَكَذَا يُقَالُ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَالْجَدِيدُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى حَلِفًا فَشَمِلَتْهُ الْآيَةُ، قَوْلُهُ: (دُونَ الصِّفَةِ) أَيْ الصِّفَةِ الَّتِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 بِقَوْلِهِ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] الْآيَةَ. (وَلَوْ حَلَفَ أَجْنَبِيٌّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَطْءِ كَأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ (فَيَمِينٌ مَحْضَةٌ) أَيْ خَالِيَةٌ عَنْ الْإِيلَاءِ (فَإِنْ نَكَحَهَا فَلَا إيلَاءَ) بِحَلِفِهِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُضْرَبُ لَهُ مُدَّةٌ وَيَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ قَبْلَ النِّكَاحِ، أَوْ بَعْدَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَلَوْ آلَى مِنْ رَتْقَاءَ، أَوْ قَرْنَاءَ، أَوْ آلَى مَجْبُوبٌ) أَيْ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ كُلِّهِ (لَمْ يَصِحَّ) هَذَا الْإِيلَاءُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْغَرَضُ فِي الْإِيلَاءِ مِنْ قَصْدِ إيذَاءِ الزَّوْجَةِ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْئِهَا لِامْتِنَاعِهِ فِي نَفْسِهِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَصِحُّ لِعُمُومِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ، وَبَعْضُهُمْ بِالثَّانِي وَعَلَى الصِّحَّةِ لَا تُضْرَبُ مُدَّةٌ لِلرَّتْقَاءِ. أَوْ الْقَرْنَاءِ، لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ جِهَتِهَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَفَائِدَةُ الصِّحَّةِ التَّأْثِيمُ فَقَطْ، وَمَنْ جُبَّ بَعْضُ ذَكَرِهِ وَبَقِيَ مِنْهُ قَدْرُ الْحَشَفَةِ يَصِحُّ إيلَاؤُهُ وَلَوْ بَقِيَ دُونَ قَدْرِهَا فَكَجَبِّ جَمِيعِهِ وَالْخَصِيُّ يَصِحُّ إيلَاؤُهُ، وَمَنْ جُبَّ ذَكَرُهُ بَعْدَ الْإِيلَاءِ لَا يَبْطُلُ إيلَاؤُهُ عَلَى الرَّاجِحِ. (وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَهَكَذَا مِرَارًا فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ فَائِدَةِ الْإِيلَاءِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِمُوجَبِهِ فِي ذَلِكَ؛ إذْ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا يُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ بِمُوجَبِ الْيَمِينِ الْأُولَى لِانْحِلَالِهَا، وَلَا بِمُوجَبِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْضِ مُدَّةُ الْمُهْلَةِ مِنْ وَقْتِ انْعِقَادِهَا، وَبَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الثَّانِيَةِ يُقَالُ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَهَكَذَا إلَى آخِرِ حَلِفِهِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ مُولٍ بِمَا قَالَهُ لِإِضْرَارِهَا بِهِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ بِهِ عَنْ وَطْئِهَا حَذَرًا مِنْ الْحِنْثِ، وَفَائِدَةُ الْإِيلَاءِ عَلَى هَذَا أَنَّهُ يَأْثَمُ بِهِ إثْمَ الْمُولِي وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يَأْثَمُ إثْمَ الْإِيذَاءِ، أَوْ لَا يَأْثَمُ أَصْلًا لِعَدَمِ الْإِيلَاءِ؟ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الرَّاجِحُ تَأْثِيمُهُ. (وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكِ سَنَةً) ، بِالنُّونِ (فَإِيلَاءَانِ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (حُكْمُهُ) فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ بِمُوجَبِ الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَيْئَةِ، أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ طَالَبَتْهُ فِيهِ وَفَاءً خَرَجَ عَنْ مُوجَبِهِ، وَبِانْقِضَاءِ الشَّهْرِ الْخَامِسِ تَدْخُلُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ الثَّانِي فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْهَا بِمُوجَبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ أَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةَ فِي الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ الْخَامِسُ مِنْهُ. فَلَا تُطَالِبُهُ بِهِ لِانْحِلَالِهِ وَكَذَا إذَا أَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةَ فِي الثَّانِي حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ (وَلَوْ قَيَّدَ) الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ (بِمُسْتَبْعَدِ الْحُصُولِ فِي الْأَرْبَعَةِ) الْأَشْهُرِ (كَنُزُولِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَوْ خُرُوجِ الدَّجَّالِ كَأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أَوْ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّجَّالُ (فَمُولٍ) لِظَنِّ تَأَخُّرِ حُصُولِ الْمُقَيَّدِ بِهِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ (وَإِنْ ظَنَّ حُصُولَهُ قَبْلَهَا) أَيْ حُصُولَ الْمُقَيَّدِ بِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ كَأَنْ قَالَ فِي وَقْتِ غَلَبَةِ الْأَمْطَارِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُكِ حَتَّى تَجِيءَ الْأَمْطَارُ (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ بِمُولٍ لِلظَّنِّ الْمَذْكُورِ وَهُوَ عَاقِدٌ يَمِينًا (وَكَذَا لَوْ شَكَّ) فِي حُصُولِ الْمُقَيَّدِ بِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّهَا لَا يَكُونُ مُولِيًا (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ ظَنِّ التَّأَخُّرِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ حَتَّى لَوْ تَأَخَّرَ عَنْهَا لَا تُطَالِبُهُ لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ قَصْدِ الْإِضْرَارِ أَوَّلًا، وَالثَّانِي هُوَ مُولٍ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (مَجْبُوبٌ لَمْ يَصِحَّ) أَوْ أَشَلُّ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ عَنْ الْإِيلَاءِ لَمْ يَبْطُلْ حُكْمُهُ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِامْتِنَاعِهِ فِي نَفْسِهِ) فَهُوَ مُمْتَنِعٌ شَرْعًا، كَمَا لَوْ قَالَ: لَا أَطَؤُكِ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، أَوْ فِي الدُّبُرِ، أَوْ فِي الْحَيْضِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا أَطَؤُكِ إلَّا فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا تَبَعًا لِشَرْحِ شَيْخِنَا، وَفِي الْخَطِيبِ خِلَافُهُ وَاسْتَوْجَهَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ الْجَائِزِ ضِمْنًا، فَإِنْ أَرَادَ شَيْخُنَا أَنَّ يَمِينَهُ لَا تَنْعَقِدُ فَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّهُ يَبْعُدُ جِدًّا. نَعَمْ لَوْ قَالَ: لَا أَطَؤُكِ إلَّا فِي الدُّبُرِ فَمُولٍ وَاسْتُثْنِيَ هَذَا لِمَنْعِهِ فِي ذَاتِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ جِهَتِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُضْرَبُ لِنَحْوِ الْمَجْبُوبِ، وَفَيْئَتُهُ بِاللِّسَانِ كَمَا لَوْ جُبَّ بَعْدَ الْإِيلَاءِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلَى الرَّاجِحِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَيْ قَالَ ذَلِكَ، بَعْضُهُ مُتَّصِلٌ بِبَعْضٍ، فَإِنْ فَصَلَهُ بِزَائِدٍ عَلَى نَحْوِ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إيلَاءً قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَإِذَا مَضَتْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا حَذَفَهُ تَدَاخَلَتْ الْمُدَّتَانِ وَانْحَلَّا بِوَطْءٍ وَاحِدٍ كَمَا عَلِمْت. قَوْلُهُ: (فَوَاَللَّهِ) وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ اللَّهِ فَهُوَ إيلَاءٌ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (الرَّاجِحُ تَأْثِيمُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، ثُمَّ الْإِيذَاءُ وَهُوَ دُونَ إثْمِ الْإِيلَاءِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِالنُّونِ) لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَفِي الْمُحَرَّرِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ لِذِكْرِ الْمُضَافِ إذْ لَوْ أَسْقَطَهُ احْتَمَلَ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ جُمَعٍ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَلِذَلِكَ حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى سَنَةٍ بِالنُّونِ، وَلَوْ حَمَلَهُ عَلَى مَا فِي الْمُحَرَّرِ لَكَانَ أَقْرَبَ قَوْلُهُ: (بِمُسْتَبْعَدِ الْحُصُولِ) فَمُحَقَّقُ عَدَمِ الْحُصُولِ بِالْأُولَى كَصُعُودِ السَّمَاءِ. قَوْلُهُ: (كَنُزُولِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَوْ حَتَّى أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي، أَوْ يَمُوتَ فُلَانٌ، نَعَمْ إنْ بَقِيَ لِنُزُولِ عِيسَى دُونَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَالْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ الدَّجَّالِ، أَوْ كَانَ فُلَانٌ الْمَذْكُورُ غَائِبًا وَبَقِيَ مِنْ مُدَّةٍ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِمَوْتِهِ فِيهَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ، فَلَا إيلَاءَ فِيهَا لِعَدَمِ الْمُدَّةِ كَمَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] كَانُوا يَفْعَلُونَهَا وَهِيَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (قَوْلُهُ لِلرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ) احْتَرَزَ عَنْ الْمَجْبُوبِ لِأَنَّ الْمُدَّةَ تُضْرَبُ لَهُ وَيُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: فِئْ وَقُلْ لَوْ قَدَرْتُ لَأَصَبْتُكِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ طَرَأَ الْعَجْزُ بَعْدَ الْحَلِفِ لَمْ يَبْطُلْ الْإِيلَاءُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَسَيَأْتِي تَصْرِيحُ الشَّارِحِ، بِذَلِكَ فِي الْجَبِّ الْمُوهِمِ أَنَّ الرَّتْقَ وَالْقَرْنَ بِخِلَافِهِ وَقَدْ يُوَجَّهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِبَقَائِهِ فِيهِمَا، إذْ لَا مُطَالَبَةَ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ وَالْمُتَعَيَّنِ بَقَاؤُهُ فِيهِمَا لِاحْتِمَالِ الزَّوَالِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُطَالَبَةُ مُمْتَنِعَةً مَا دَامَ الْمَانِعُ فِي الزَّوْجَةِ قَائِمًا. قَوْلُهُ: (وَهَكَذَا مِرَارًا) قِيلَ: الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ قَالَهُ مِرَارًا قَوْلُهُ: (كَنُزُولِ عِيسَى) قَدْ يُقَالُ إنَّهُ الْآنَ مُحَقَّقُ الْبُعْدِ نَظَرًا إلَى مَا وَرَدَ مِنْ تَأْخِيرِهِ عَنْ الدَّجَّالِ، قَوْلُهُ: (حَيْثُ تَأَخَّرَ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ هَذَا هُوَ مَحَلُّ الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ لَا مَا تُوهِمُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 حَيْثُ تَأَخَّرَ الْمُقَيَّدُ بِهِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ لِحُصُولِ الضَّرَرِ لِمَا فِي ذَلِكَ. (وَلَفْظُهُ) أَيْ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيلَاءِ لِإِفَادَةِ مَعْنَى الْوَطْءِ (صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ فَمِنْ صَرِيحِهِ تَغْيِيبُ ذَكَرٍ بِفَرْجٍ، وَوَطْءٌ، وَجِمَاعٌ، وَافْتِضَاضُ بِكْرٍ) كَأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا أُغَيِّبُ ذَكَرِي بِفَرْجِكِ، أَوْ لَا أَطَؤُكِ، أَوْ لَا أُجَامِعُكِ، أَوْ لَا أَفْتَضُّكِ وَهِيَ بِكْرٌ لِاشْتِهَارِ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْوَطْءِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِالْوَطْءِ الْوَطْءَ بِالْقَدَمِ، وَبِالْجِمَاعِ الِاجْتِمَاعَ وَبِالِافْتِضَاضِ الِافْتِضَاضَ بِغَيْرِ الذَّكَرِ لَمْ يُقْبَلْ فِي الظَّاهِرِ وَيُدَيَّنُ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَكَذَا فِي الثَّالِثِ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَفِي الْكِفَايَةِ فِي الثَّالِثِ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي الْأَصَحِّ وَتَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ كَتَغْيِيبِ الذَّكَرِ. (وَالْجَدِيدُ أَنَّ مُلَامَسَةً وَمُبَاضَعَةً وَمُبَاشَرَةً وَإِتْيَانًا وَغِشْيَانًا وَقُرْبَانًا وَنَحْوَهَا) كَالْمَسِّ وَالْإِفْضَاءِ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَمَسُّكِ، أَوْ لَا أُفْضِي إلَيْكِ (كِنَايَاتٌ) مُفْتَقِرَةٌ إلَى نِيَّةِ الْوَطْءِ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهَا فِيهِ وَالْقَدِيمُ أَنَّهَا صَرَائِحُ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِيهِ. (وَلَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُكِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ) كَأَنْ مَاتَ أَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ بَاعَهُ، أَوْ وَهَبَهُ (زَالَ الْإِيلَاءُ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ فَلَوْ عَادَ إلَى مِلْكِهِ لَمْ يَعُدْ الْإِيلَاءُ وَفِيهِ قَوْلُ عَوْدِ الْحِنْثِ (وَلَوْ قَالَ:) إنْ وَطِئْتُكِ (فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي وَكَانَ ظَاهَرَ فَمُولٍ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ إلَخْ) لَوْ قَالَ لِانْتِفَاءِ ظَنِّ التَّأَخُّرِ الْمُقْتَضِي لِلْإِضْرَارِ لَوَافَقَ مَا قَبْلَهُ بَلْ هُوَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ. تَنْبِيهٌ: إنَّمَا قُيِّدَتْ الْمُدَّةُ بِالْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهَا الْمُدَّةُ الَّتِي تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ الْجِمَاعِ فِيهَا، وَبَعْدَهَا يَفْنَى صَبْرُهَا أَوْ يَقِلُّ كَمَا نُقِلَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَنَّهُ مَرَّ لَيْلَةً فِي شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ فَسَمِعَ امْرَأَةً تُنْشِدُ: لَقَدْ طَالَ هَذَا اللَّيْلُ وَازْوَرَّ جَانِبُهُ ... وَأَرَّقَنِي أَنْ لَا خَلِيلَ أُلَاعِبُهْ فَوَاَللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ تُخْشَى عَوَاقِبُهْ ... لَحَرَّكَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ مَخَافَةُ رَبِّي وَالْحَيَاءُ يَصُدُّنِي ... مَخَافَةُ بَعْلِي أَنْ تُنَالَ مَرَاتِبُهْ فَسَأَلَ عَنْهَا فَقَالُوا: إنَّ زَوْجَهَا فِي الْغُزَاةِ، فَرَجَعَ إلَى ابْنَتِهِ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَهَا: كَمْ تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ النِّكَاحِ فَقَالَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَبَعْدَهَا يَفْنَى صَبْرُهَا، أَوْ يَقِلُّ فَنَادَى حِينَئِذٍ أَنْ لَا تَزِيدَ غَزْوَةٌ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَفْظُهُ) وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ حَيْثُ عُرِفَ مَعْنَاهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِلَّا فَلَا وَكَاللَّفْظِ الْكِتَابَةُ، وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ. قَوْلُهُ: (ذَكَرِي) وَأَرَادَ الْحَشَفَةَ، أَوْ أَطْلَقَ لِحَمْلِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهَا، فَإِنْ أَرَادَ جَمِيعَ الذَّكَرِ دُيِّنَ، فَإِنْ قَالَ: جَمِيعُ ذَكَرِي، أَوْ كُلُّ ذَكَرِي، فَلَا إيلَاءَ لِدَفْعِ ضَرَرِهَا بِإِدْخَالِ الْحَشَفَةِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (بِفَرْجِكِ) وَلَمْ يَقُلْ أَرَدْت الدُّبُرَ، وَإِلَّا دُيِّنَ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا بَاطِنًا. قَوْلُهُ: (لَا أُجَامِعُكِ) أَوْ لَا أُجَامِعُ فَرْجَكِ أَوْ نِصْفَكِ الْأَسْفَلَ، وَلَا إيلَاءَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْضَاءِ، أَوْ الْأَجْزَاءِ كَيَدِكِ وَرِجْلِكِ وَرُبُعِكِ وَنِصْفِكِ وَلَمْ يُرِدْ الْأَسْفَلَ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ بِكْرٌ) وَإِنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ وَعَلِمَ حَالَهَا، وَلَا تَحْصُلُ الْفَيْئَةُ إلَّا بِزَوَالِ بَكَارَتِهَا كَمَا يَأْتِي قَوْلُهُ: (وَكَذَا فِي الثَّالِثِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَعْنَى التَّدْيِينِ مَا مَرَّ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى مَا أَرَادَهُ، وَإِلَّا قُبِلَ ظَاهِرًا وَلَا تَدْيِينَ فِي النَّيْكِ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ وَالْحَاوِي قَوْلُهُ: (وَتَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ) فَلَوْ قَالَ: أَرَدْت حَشَفَةَ تَمْرٍ مَثَلًا لَمْ يُقْبَلْ وَيُدَيَّنُ، وَلَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُكِ إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ، فَإِنْ أَرَادَ مَا دُونَ الْحَشَفَةِ فَمُولٍ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَعَ هَذِهِ مَا لَا يَنْبَغِي الْقَوْلُ بِهِ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ) أَيْ كُلُّهُ وَانْظُرْ لَوْ زَالَ عَنْ بَعْضِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ بَقَاءُ الْإِيلَاءِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْمَوْتُ وَالْهِبَةُ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ وَنَحْوِهِمَا، وَلَا يَعُودُ الْإِيلَاءُ بِعَوْدِهِ لَهُ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ كَمَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ بَيْعًا لَازِمًا، أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَلَا يَعُودُ الْإِيلَاءُ بِفَسْخِهِ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ فِيهِ. قَوْلُهُ (أَوْ وَهَبَهُ) أَيْ مَعَ قَبْضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا تَمَلُّكَ إلَّا بِهِ.   [حاشية عميرة] الْعِبَارَةُ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ حَالًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ التَّأَخُّرِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ تَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى مُضِيِّ مُدَّةٍ أُخْرَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ. [اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيلَاءِ] قَوْلُهُ: (تَغْيِيبُ ذَكَرٍ) صَوَّرَهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي بِأَنْ يَقُولَ: لَا أُغَيِّبُ ذَكَرِي وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِهِمْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَهُ تَأْوِيلَانِ الْأَوَّلُ أَنْ يُرَادَ لَا أُغَيِّبُ شَيْئًا مِنْهُ، وَالثَّانِي أَنَّهُمْ عَبَّرُوا بِالذَّكَرِ عَنْ الْحَشَفَةِ، لِأَنَّهَا الْعُدَّةُ فِي تَرْتِيبِ الْأَحْكَامِ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (وَافْتِضَاضُ بِكْرٍ) لَوْ كَانَتْ غَوْرَاءَ وَعَلِمَ حَالَهَا قَبْلَ الْحَلِفِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُولِيًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْفَيْئَةُ فِي حَقِّ الْبِكْرِ تُخَالِفُ الْفَيْئَةَ فِي حَقِّ الثَّيِّبِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْوَطْءِ إلَخْ) اقْتَضَى صَنِيعُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَرَدْت بِالتَّغْيِيبِ تَغْيِيبَ جَمِيعِ الذَّكَرِ لَا يُدَيَّنُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُدَيَّنَ وَلَا يَكُونَ مُولِيًا فِي الْبَاطِنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ بَيْعًا لَازِمًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بِخِلَافِهِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَإِنْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ انْتَهَى وَلَك أَنْ تَقُولَ: إذَا زَالَ مِلْكُهُ لِكَوْنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ، ثُمَّ فُسِخَ فَكَيْفَ يَعْتِقُ وَقَدْ تَجَدَّدَ الْمِلْكُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَزِمَهُ عِتْقٌ عَنْ الظِّهَارِ فَعِتْقُ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَتَعْجِيلُ عِتْقِهِ زِيَادَةٌ عَلَى مُوجَبِ الظِّهَارِ الْتَزَمَهَا بِالْوَطْءِ، فَلِلْوَاطِئِ عَلَى مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، أَوْ بَعْدَهَا عِتْقُ الْعَبْدِ عَنْ ظِهَارِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ لَا يُعْتِقُ عَنْهُ، لِأَنَّهُ يَتَأَذَّى بِهِ حَقُّ الْحِنْثِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهَرَ (فَلَا ظِهَارَ وَلَا إيلَاءَ بَاطِنًا وَيُحْكَمُ بِهِمَا ظَاهِرًا) لِإِقْرَارِهِ بِالظِّهَارِ، وَإِذَا وَطِئَ عَتَقَ الْعَبْدُ عَنْ الظِّهَارِ فِي الْأَصَحِّ. (وَلَوْ قَالَ) إنْ وَطِئْتُكِ فَعَبْدِي حُرٌّ (عَنْ ظِهَارِي إنْ ظَاهَرْتُ فَلَيْسَ بِمُولٍ حَتَّى يُظَاهِرَ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الظِّهَارِ لِتَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِالظِّهَارِ مَعَ الْوَطْءِ فَإِذَا ظَاهَرَ صَارَ مُولِيًا، وَإِذَا وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا عَتَقَ الْعَبْدُ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الظِّهَارِ اتِّفَاقًا، لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمُفِيدَ لَهُ سَبَقَ الظِّهَارَ، وَالْعِتْقُ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الظِّهَارِ بِلَفْظٍ يُوجَدُ بَعْدَهُ (أَوْ) لَوْ قَالَ (إنْ وَطِئْتُكِ فَضَرَّتُكِ طَالِقٌ فَمُولٍ) مِنْ الْمُخَاطَبَةِ (فَإِنْ وَطِئَ) فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، أَوْ بَعْدَهَا (طَلُقَتْ الضَّرَّةُ) لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (وَزَالَ الْإِيلَاءُ) لِانْحِلَالِهِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ: وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا أَطَأُ جَمِيعَكُنَّ فَلَا يَحْنَثُ بِوَطْءِ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ (فَإِنْ جَامَعَ ثَلَاثًا) مِنْهُنَّ (فَمُولٍ مِنْ الرَّابِعَةِ) لِحُصُولِ الْحِنْثِ بِوَطْئِهَا (فَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُنَّ قَبْلَ وَطْءٍ زَالَ الْإِيلَاءُ) لِانْحِلَالِهِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ بِوَطْءِ مَنْ بَقِيَ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّهُ مُولٍ مِنْ الْأَرْبَعِ فِي الْحَالِ، لِأَنَّهُ بِوَصْفِ وَاحِدَةٍ يَقْرُبُ مِنْ الْحِنْثِ الْمَحْذُورِ، وَالْقُرْبُ مِنْ الْمَحْذُورِ مَحْذُورٌ فَتُضْرَبُ لَهُنَّ الْمُدَّةُ وَلِكُلٍّ مِنْهُنَّ الْمُطَالَبَةُ بَعْدَهَا. (وَلَوْ قَالَ) لِأَرْبَعٍ وَاَللَّهِ (لَا أُجَامِعُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ فَمُولٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَكَانَ ظَاهَرَ) أَيْ وَعَادَ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ بِمُولٍ حَتَّى يُظَاهِرَ) قَبْلَ الْوَطْءِ هَذَا إنْ قَالَ: أَرَدْت أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ الظِّهَارِ الَّذِي هُوَ الشَّرْطُ الثَّانِي عَلَى الْوَطْءِ الَّذِي هُوَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ، فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ إيلَاءٍ، وَلَا عِتْقٍ إذَا وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يُظَاهِرَ لِفَوَاتِ التَّرْتِيبِ الَّذِي أَرَادَهُ، وَإِنْ ظَاهَرَ بَعْدَهُ، وَمُقَارَنَةُ الشَّرْطِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ كَتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي فَعَكْسُ مَا ذُكِرَ، فَإِذَا تَقَدَّمَ الظِّهَارُ فَلَا شَيْءَ يَلْزَمُهُ لِفَوَاتِ التَّرْتِيبِ الَّذِي أَرَادَهُ، وَإِنْ وَطِئَ بَعْدُ فَإِنْ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يُظَاهِرَ صَارَ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الظِّهَارِ، حِينَئِذٍ خَوْفَ الْعِتْقِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ مَا أَرَدْت شَيْئًا، أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ حَمْلًا عَلَى الْقَاعِدَةِ، فِيمَا إذَا تَوَسَّطَ الْجَزَاءُ بَيْنَ شَرْطَيْنِ بِغَيْرِ عَطْفٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ شَرْطًا لِجُمْلَةِ الشَّرْطِ الثَّانِي، وَجَوَابُهُ كَمَا فُسِّرَ بِهِ آيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا} [الجمعة: 6] ، وَأَمَّا إذَا تَقَدَّمَ الْجَزَاءُ عَلَى الشَّرْطَيْنِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُمَا، اُعْتُبِرَ تَقَدُّمُ الشَّرْطِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ مُطْلَقًا نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ، إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ تَقَدُّمِ الدُّخُولِ عَلَى الْكَلَامِ، وَكَذَا لَوْ أَخَّرَ أَنْتِ طَالِقٌ عَنْهُمَا. قَوْلُهُ: (لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) وَهُوَ الظِّهَارُ، وَالْعِتْقُ جَمِيعًا مَعَ التَّرْتِيبِ الَّذِي أَرَادَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الظِّهَارِ) أَيْ فِي هَذِهِ الْأَخِيرَةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ فِيمَا قَبْلَهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (بِلَفْظٍ يُوجَدُ بَعْدَهُ) حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَضَرَّتُكِ طَالِقٌ) بِخِلَافِ فَعَلَيَّ طَلَاقُ ضَرَّتِكِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَامَعَ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ، أَوْ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ نَعَمْ إنْ وَطِئَ الثَّلَاثَ فِي عِصْمَتِهِ قَبْلَ الْبَائِنِ زَالَ الْإِيلَاءُ، وَكَذَا لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا. قَوْلُهُ: (فَمُولٍ مِنْ الرَّابِعَةِ) وَإِنْ فَارَقَ غَيْرَهَا، أَوْ مَاتَ بَعْدَ وَطْئِهِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّهُ مُولٍ مِنْ الْأَرْبَعِ فِي الْحَالِ) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. قَوْلُهُ: (كُلَّ وَاحِدَةٍ) وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا أُجَامِعُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ إلَّا إنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً أَوْ مُبْهَمَةً اخْتَصَّ بِهَا. وَلِلْبَاقِيَاتِ تَحْلِيفُهُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ غَيْرَهَا، بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ، وَالْمُدَّةُ فِيهِمَا مِنْ وَقْتِ اللَّفْظِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَيُحْكَمُ بِهِمَا ظَاهِرًا) بَحَثَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ ظِهَارِي مَصْدَرٌ مُضَافٌ، وَهُوَ لَا يَقْتَضِي الْوُقُوعَ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ النُّحَاةُ كَصَاحِبِ الْبَسِيطِ مِنْهُمْ حَيْثُ قَالَ إذَا قُلْت: يُعْجِبُنِي انْطِلَاقُك فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْوُقُوعِ بِخِلَافِ، إنَّك مُنْطَلِقٌ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ فِي بَابِ الْمَوْصُولِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ بَعْدَ الظِّهَارِ أَمَّا لَوْ كَانَ قَبْلَهُ، ثُمَّ وُجِدَ فَلَمْ يُصَرِّحْ الشَّارِحُ بِحُكْمِهِ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَيَتَبَيَّنُ سُقُوطُ الْإِيلَاءِ، ثُمَّ سَاقَ أَشْكَالًا لِلرَّافِعِيِّ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (فَضَرَّتُكِ طَالِقٌ) لَوْ قَالَ فَعَلَيَّ طَلَاقُ ضَرَّتِكِ، أَوْ فَعَلَيَّ طَلَاقُكِ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ آخِرَ الْكَلَامِ عَلَى انْعِقَادِ الْإِيلَاءِ بِغَيْرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ جَارٍ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِمِثْلِ هَذِهِ الصِّيغَةِ شَيْءٌ اهـ. أَقُولُ: وَوَجْهُ عَدَمِ اللُّزُومِ أَنَّهُ صِيغَةُ نَذْرٍ وَالطَّلَاقُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُنَافِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهَا ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَخْ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَمَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَعَمْرًا وَبَكْرًا، قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَامَعَ ثَلَاثًا) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِ الثَّلَاثِ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، قَوْلُهُ: (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ) بِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ قَوْلُهُ: (فَمُولٍ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً لَا يَرْتَفِعُ الْإِيلَاءُ فِي الْبَاقِيَاتِ وَهُوَ مُرَجَّحُ الْإِمَامِ، لِأَنَّ الصِّيغَةَ تَتَضَمَّنُ تَخْصِيصَ كُلٍّ مِنْهُنَّ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِصَوَاحِبَاتِهَا، لَكِنْ قَالَ: إنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ الِانْحِلَالُ وَزَوَالُ الْإِيلَاءِ، لِأَنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ وَاحِدَةً وَقَدْ وُجِدَ، وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْمَعْنَى الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ فَالْوَجْهُ بَقَاؤُهُ، وَإِلَّا فَلْيَكُنْ كَمَا لَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُكُنَّ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِوَطْءِ الْجَمِيعِ وَفِي كَوْنِهِ مُولِيًا فِي الْحَالِ الْخِلَافُ السَّابِقُ اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبَقِيَ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ قَالَ لَا أُجَامِعُ وَاحِدَةً فَحُكْمُهُ مَا سَلَفَ أَوْ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً، فَوَاضِحٌ أَوْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى التَّعْمِيمِ، وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إنَّهُ لَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً انْحَلَّتْ الْيَمِينُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 مِنْهُنَّ فِي الْحَالِ لِحُصُولِ الْحِنْثِ بِوَطْءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ. (وَلَوْ قَالَ) وَاَللَّهِ (لَا أُجَامِعُكِ إلَى سَنَةٍ إلَّا مَرَّةً فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْحَالِ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ مَرَّةً شَيْءٌ لِاسْتِثْنَائِهَا (فَإِنْ وَطِئَ وَ) قَدْ (بَقِيَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ السَّنَةِ (أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَمُولٍ) مِنْ يَوْمِئِذٍ لِحُصُولِ الْحِنْثِ بِالْوَطْءِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ بَقِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، أَوْ أَقَلُّ فَهُوَ حَالِفٌ وَلَيْسَ بِمُولٍ، وَالثَّانِي هُوَ مُولٍ فِي الْحَالِ، لِأَنَّهُ بِالْوَطْءِ مَرَّةً يَقْرُبُ مِنْ الْحِنْثِ فَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ وَتُطَالِبُهُ بَعْدَهَا، فَإِنْ وَطِئَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، ثُمَّ تُضْرَبُ الْمُدَّةُ ثَانِيًا إنْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ. فَصْلٌ. يُمْهَلُ الْمُولِي (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) فِي زَوْجَةٍ (مِنْ الْإِيلَاءِ بِلَا قَاضٍ وَفِي رَجْعِيَّةٍ مِنْ الرَّجْعَةِ) لَا مِنْ الْإِيلَاءِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَبِينَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُحْتَجْ فِي الْإِمْهَالِ إلَى قَاضٍ لِثُبُوتِهِ بِالْآيَةِ السَّابِقَةِ، بِخِلَافِ الْعُنَّةِ، لِأَنَّهَا مُجْتَهَدٌ فِيهَا وَقَوْلُهُ مِنْ الْإِيلَاءِ أَيْ فِي الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ أَمَّا غَيْرُهَا، كَصَغِيرَةٍ أَوْ مَرِيضَةٍ فَمِنْ حِينِ إطَاقَةِ الْوَطْءِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي. (وَلَوْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ دُخُولِ الْمُدَّةِ انْقَطَعَتْ) لِأَنَّ النِّكَاحَ يَخْتَلُّ بِالرِّدَّةِ فَلَا يُحْسَبُ زَمَنُهَا مِنْ الْمُدَّةِ إذَا أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ (فَإِذَا أَسْلَمَ اُسْتُؤْنِفَتْ) فَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا مَا مَضَى قَبْلَ الرِّدَّةِ، لِأَنَّ الْإِضْرَارَ إنَّمَا تَحَصَّلَ بِالِامْتِنَاعِ الْمُتَوَالِي فِي نِكَاحٍ سَلِيمٍ (وَمَا مَنَعَ الْوَفَاءَ وَلَمْ يُخِلَّ بِنِكَاحٍ إنْ وُجِدَ فِيهِ) أَيْ فِي الزَّوْجِ (لَمْ يَمْنَعْ الْمُدَّةَ كَصَوْمٍ، وَإِحْرَامٍ وَمَرَضٍ وَجُنُونٍ) أَيْ يُحْسَبُ زَمَنُهُ مِنْ الْمُدَّةِ سَوَاءٌ قَارَنَهَا أَمْ حَدَثَ فِيهَا (أَوْ) وُجِدَ (فِيهَا) أَيْ فِي الزَّوْجَةِ (وَهُوَ حِسِّيٌّ كَصِغَرٍ وَمَرَضٍ مَنَعَ) الْمُدَّةَ فَلَا يُبْتَدَأُ بِهَا حَتَّى يَزُولَ (وَإِنْ حَدَثَ فِي الْمُدَّةِ) كَنُشُوزٍ (قَطَعَهَا) لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ مَعَهُ (فَإِذَا زَالَ) أَيْ الْحَادِثُ (اُسْتُؤْنِفَتْ) ، وَلَا تَبْنِي عَلَى مَا مَضَى لِانْتِفَاءِ التَّوَالِي الْمُعْتَبَرِ فِي حُصُولِ الْإِضْرَارِ (وَقِيلَ: تَبْنِي) عَلَيْهِ (أَوْ شَرْعِيٌّ كَحَيْضٍ وَصَوْمِ نَفْلٍ فَلَا) يَمْنَعُ الْمُدَّةَ أَيْ يُحْسَبُ زَمَنُهُ مِنْهَا، لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ حَيْضٍ غَالِبًا، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ فِي صَوْمِ النَّفْلِ مِنْ تَحْلِيلِهَا وَوَطْئِهَا (وَيَمْنَعُ فَرْضٌ فِي الْأَصَحِّ) لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ مَعَهُ، وَقِيلَ: لَا يَمْنَعُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ لَيْلًا، وَالنِّفَاسُ كَالْحَيْضِ وَقِيلَ لَا لِنُدْرَتِهِ. (فَإِنْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ) فَظَاهِرٌ أَنَّ الْإِيلَاءَ انْحَلَّ وَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فِيهَا، (فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ) بَعْدَهَا (بِأَنْ يَفِيءَ) أَيْ يَرْجِعَ إلَى الْوَطْءِ الَّذِي امْتَنَعَ مِنْهُ بِالْإِيلَاءِ (أَوْ يُطَلِّقَ) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَمُولٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ) فَلَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً انْحَلَّ الْإِيلَاءُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَاحِدَةٌ، وَهَذِهِ مِنْ بَابِ عُمُومِ السَّلْبِ أَيْ النَّفْيِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ بَابِ سَلْبِ الْعُمُومِ. قَوْلُهُ: (إلَى سَنَةٍ) فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ سَنَةٍ فَمَتَى وَطِئَ صَارَ مُولِيًا. قَوْلُهُ: (أَوْ أَقَلُّ) أَوْ لَمْ يَطَأْ أَصْلًا فِي السَّنَةِ فَصْلٌ: فِي أَحْكَامِ الْإِيلَاءِ مَنْ ضَرَبَ مُدَّةً وَغَيْرَهَا. قَوْلُهُ: (يُمْهَلُ) وُجُوبًا وَلَوْ بِلَا قَاضٍ. قَوْلُهُ: (الْمُولِي) وَلَوْ رَقِيقًا خِلَافًا لِمَالِكٍ فِي اكْتِفَائِهِ بِشَهْرَيْنِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فِي زَوْجَةٍ) وَلَوْ رَقِيقَةً خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي اكْتِفَائِهِ فِيهَا بِشَهْرَيْنِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْإِيلَاءِ) أَيْ مِنْ تَلَفُّظِهِ بِهِ وَلَوْ فِي مُبْهَمَةٍ عَيَّنَهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَا مِنْ الْإِيلَاءِ) وَإِنْ وَقَعَ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، وَوَطْءُ الشُّبْهَةِ كَالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا فِي الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ الضَّرْبِ، وَكَذَا بَعْدَهَا كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (اُسْتُؤْنِفَتْ) إنْ بَقِيَ أَكْثَرُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ مِنْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، وَبِهَذَا يُقَالُ رَجُلٌ وَقَعَ مِنْهُ إيلَاءٌ وَضُرِبَ لَهُ مُدَّتَانِ. وَقَوْلُهُ: (وَلَمْ يُخِلَّ) احْتِرَازٌ عَنْ الرِّدَّةِ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (كَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ) هَذَا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ، وَأَمَّا الْمَرَضُ وَالْجُنُونُ فَمَانِعٌ حِسِّيٌّ. قَوْلُهُ: (مَنَعَ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ وَطْءٌ مَعَهُمَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حَدَثَ فِي الْمُدَّةِ) لَا بَعْدَهَا فَلَهَا الطَّلَبُ. قَوْلُهُ: (وَيَمْنَعُ) أَيْ مِنْ حُسْبَانِ الْمُدَّةِ تَلَبُّسُهَا بِمَا هُوَ فَرْضٌ مِنْ صَوْمٍ وَلَوْ نَذْرًا، أَوْ كَفَّارَةً أَوْ قَضَاءً فَوْرِيًّا، وَكَذَا قَضَاءً مُوَسَّعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَالِاعْتِكَافُ الْوَاجِبُ كَذَلِكَ، وَيَمْنَعُ الْإِحْرَامُ وَلَوْ نَفْلًا أَوْ بِلَا إذْنٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يُكَلَّفُ فِي نَحْوِ الصَّوْمِ الْوَطْءَ لَيْلًا. قَوْلُهُ: (وَالنِّفَاسُ كَالْحَيْضِ) لَا يَمْنَعُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَلَهَا) لَا لِوَلِيِّهَا وَلَا لِسَيِّدِهَا مُطَالَبَتُهُ بَعْدَهَا أَيْ الْمُدَّةِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي أَنَّ الطَّلَاقَ إذَا عُلِّقَ بِهِ يَقَعُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بِلَا طَلَبٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ يُطَلِّقَ) أَفَادَ أَنَّهَا تُرَدِّدُ الطَّلَبَ بَيْنَ الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ أَنَّهَا تُرَتِّبُ الطَّلَبَ بِالْفَيْئَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ   [حاشية عميرة] فِي الْبَاقِيَاتِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُكِ إلَخْ) لَوْ تَرَكَ الْوَطْءَ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ لِأَنَّ الْغَرَضَ مَنْعُ الزِّيَادَةِ. [فَصْلٌ يُمْهَلُ الْمُولِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فِي زَوْجَةٍ مِنْ الْإِيلَاءِ] فَصْلٌ يُمْهَلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُخِلَّ بِنِكَاحٍ إلَخْ) احْتَرَزَ عَنْ مَسْأَلَةِ الرِّدَّةِ وَالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ السَّابِقَيْنِ، قَوْلُهُ: (كَصَوْمٍ) مَانِعٍ شَرْعِيٍّ وَمَرَضٍ مَانِعٍ حِسِّيٍّ قَوْلُهُ: (كَصِغَرٍ وَمَرَضٍ) أَيْ مَانِعَيْنِ مِنْ إيلَاجِ الْحَشَفَةِ، قَوْلُهُ: (وَصَوْمِ نَفْلٍ) اقْتَضَى صَنِيعُهُ عَدَّهُ مِنْ الْمَوَانِعِ وَهُوَ لَا يَحْسُنُ، لِأَنَّ الزَّوْجَ مُتَمَكِّنٌ فِيهِ مِنْ الْوَطْءِ. [وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ] قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ إلَخْ) خَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ وَادَّعَوْا أَنَّهَا تَطْلُقُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ، لِأَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 مُطَالَبَتُهُ، لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ حَقُّهَا وَيُنْتَظَرُ بُلُوغُ الْمُرَاهِقَةِ وَلَا يُطَالِبُ لَهَا وَلِيُّهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ تَرَكَتْ حَقَّهَا) بِأَنْ لَمْ تُطَالِبْهُ (فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّرْكِ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ. (وَتَحْصُلُ الْفَيْئَةُ بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ بِقُبُلٍ) وَلَا يَكْفِي فِي الدُّبُرِ لِأَنَّهُ مَعَ حُرْمَتِهِ لَا يَحْصُلُ الْغَرَضُ (وَلَا مُطَالَبَةَ إنْ كَانَ بِهَا مَانِعُ وَطْءٍ كَحَيْضٍ وَمَرَضٍ) لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ الْمَطْلُوبِ حِينَئِذٍ، (وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ فِي الزَّوْجِ (مَانِعٌ طَبِيعِيٌّ) مِنْ الْوَطْءِ (كَمَرَضٍ طُولِبَ بِأَنْ يَقُولَ: إذَا قَدَرَتْ فِئْتُ) لِأَنَّهُ يَخِفُّ بِهِ الْأَذَى (أَوْ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِطَلَاقٍ) لِأَنَّهُ الَّذِي يُمْكِنُهُ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ (فَإِنْ عَصَى بِوَطْءٍ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ) وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ، وَلَكِنْ يُقَالُ لَهُ: إنْ فِئْتَ عَصَيْتَ وَأَفْسَدْتَ عِبَادَتَك، وَإِنْ لَمْ تَفِئْ طَلُقَتَا عَلَيْك كَمَنْ غَصَبَ دَجَاجَةً وَلُؤْلُؤَةً فَابْتَلَعَتْهَا يُقَالُ لَهُ: إنْ ذَبَحْتَهَا غَرِمْتَهَا، وَإِلَّا غَرِمْتَ اللُّؤْلُؤَةَ. (وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ وَالطَّلَاقَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ طَلْقَةً) نِيَابَةً عَنْهُ وَالثَّانِي: لَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْآيَةِ مُضَافٌ إلَيْهِ بَلْ يَحْبِسُهُ، أَوْ يُعَزِّرُهُ لِيَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ (وَأَنَّهُ لَا يُمْهَلُ ثَلَاثَةً) لِيَفِيءَ، أَوْ يُطَلِّقَ فِيهَا لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ بِهَا عَلَى الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَالثَّانِي يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِقُرْبِهَا وَقَدْ يَنْشَطُ فِيهَا لِلْوَطْءِ (وَأَنَّهُ إذَا وَطِئَ بَعْدَ مُطَالَبَةٍ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ)   [حاشية قليوبي] بِالطَّلَاقِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ فَائِدَةَ الْخِلَافِ، أَنَّهُ فِي التَّرْدِيدِ إذَا طَلَّقَ الْحَاكِمُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ نُطَالِبْهُ) هُوَ بَيَانٌ لِمَعْنَى التَّرْكِ وَإِلَّا فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ، وَإِنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا بِاللَّفْظِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ اعْتَرَفَتْ بِالْوَطْءِ سَقَطَ حَقُّهَا، وَلَا تَرْجِعُ إلَى الْمُطَالَبَةِ. قَوْلُهُ: (بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) وَلَوْ كَانَ نَاسِيًا، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ نَائِمًا أَوْ جَاهِلًا، أَوْ مُكْرَهًا، وَكَذَا يُقَالُ فِيهَا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا، وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنَّمَا تَسْقُطُ مُطَالَبَتُهَا لَهُ فَقَطْ فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ كَامِلٌ حَنِثَ وَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ قَوْلُهُ: (بِقُبُلٍ) أَيْ مَعَ زَوَالِ الْبَكَارَةِ وَلَوْ فِي الْغَوْرَاءِ، وَيَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ، وَإِنْ حَرَّمَ الْحَيْضُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلَا يَكْفِي الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ) لَكِنْ يَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ لِحِنْثِهِ إذَا لَمْ يُقَيِّدْ حَلِفَهُ بِغَيْرِهِ، فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (كَإِحْرَامٍ) وَصَوْمِ فَرْضٍ وَظِهَارٍ. قَوْلُهُ: (يُطَالَبُ بِطَلَاقٍ) . نَعَمْ إنْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِ الْإِحْرَامِ، أَوْ الظِّهَارِ دُونَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ فِيهَا أُمْهِلَ، وَكَذَا يُمْهَلُ فِي الصَّوْمِ إلَى اللَّيْلِ. قَوْلُهُ: (وَلَا مُطَالَبَةَ) أَيْ بِوَطْءٍ وَلَا طَلَاقٍ. قَوْلُهُ: (كَحَيْضٍ) . نَعَمْ إنْ وَقَعَ الطَّلَبُ قَبْلَهُ اسْتَمَرَّتْ الْمُطَالَبَةُ فِيهِ بِالطَّلَاقِ، وَهَذَا مَحَلُّ قَوْلِهِمْ طَلَاقُ الْمَوْلَى فِي الْحَيْضِ لَيْسَ بِدْعِيًّا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ) وَتُسَمَّى فَيْئَةَ اللِّسَانِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَصَى بِوَطْءٍ) بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ، أَوْ قَدْرِهَا فِي قُبُلٍ وَهُوَ مُخْتَارٌ عَامِدٌ عَالِمٌ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، أَوْ صَائِمٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ مُحَرِّمَاتِ الْوَطْءِ، أَوْ فِي دُبُرٍ كَذَلِكَ بِقَيْدِهِ السَّابِقِ، أَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَتَعْصِي هِيَ أَيْضًا بِتَمْكِينِهِ فِي ذَلِكَ.؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا مُطَالَبَةَ) وَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْوَطْءَ تَحْصُلُ بِهِ الْفَيْئَةُ فِي غَيْرِ الدُّبُرِ وَتَسْقُطُ بِهِ الْمُطَالَبَةُ مُطْلَقًا، وَلَا يَنْحَلُّ الْيَمِينُ إنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا، أَوْ مُكْرَهًا، أَوْ مَجْنُونًا أَوْ نَائِمًا، وَإِلَّا فَيَنْحَلُّ وَلَا يَأْثَمُ إنْ لَمْ يَعْصِ بِالْوَطْءِ، وَإِنْ وَطِئَ فِي الدُّبُرِ يَنْحَلُّ بِهِ الْإِيلَاءُ وَلَا تَحْصُلُ بِهِ الْفَيْئَةُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمَا فَائِدَةُ عَدَمِ حُصُولِ الْفَيْئَةِ مَعَ سُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ، وَانْحِلَالِ الْيَمِينِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ عَدَمُ حُصُولِ الْفَيْئَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَبَى إلَخْ) أَيْ ثَبَتَ امْتِنَاعُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِحُضُورٍ أَوْ غَيْبَةٍ لِنَحْوِ تَمَرُّدٍ، أَوْ تَوَارٍ أَوْ تَعَزُّزٍ. قَوْلُهُ: (يُطَلِّقُ عَلَيْهِ) بِأَنْ يَقُولَ أَوْقَعْتُ عَلَى فُلَانٍ طَلْقَةً، أَوْ حَكَمْتُ عَلَيْهِ بِطَلْقَةٍ فِي زَوْجَتِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (طَلْقَةً) وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا، فَإِنْ زَادَ لَمْ يَقَعْ الزَّائِدُ عَلَيْهَا، وَلَوْ طَلَّقَ الْمَوْلَى - وَلَوْ جَاهِلًا - بِطَلَاقِ الْقَاضِي مَعَهُ، أَوْ بَعْدَهُ وَمَعَ مَا أَوْقَعَهُ أَيْضًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ بِأَنْ طَلَّقَ الْقَاضِي بَعْدَ طَلَاقِ الْمَوْلَى، وَلَوْ بِالتَّبَيُّنِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُ الْقَاضِي، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ بَعْدَ وَطْئِهِ وَلَوْ طَلَّقَ الْحَاكِمُ مَعَ وَطْئِهِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ وُقُوعِ طَلَاقِهِمَا مَعًا، أَنْ يَقَعَ هُنَا وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ تَبَعًا لِلْخَطِيبِ هُنَا. لِئَلَّا يَلْزَمَ خُرُوجُ الْوَطْءِ عَنْ الْحِلِّ إلَى الْحُرْمَةِ عَلَى أَنَّ فِي وُقُوعِ طَلَاقِهِمَا إذَا طَلَّقَا مَعًا نَظَرًا؛ إذْ طَلَاقُ الْقَاضِي إنَّمَا يَقَعُ مَعَ الِامْتِنَاعِ وَمَعَ طَلَاقِ الْمَوْلَى لَا امْتِنَاعَ، فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا يُمْهَلُ ثَلَاثَةً) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بَلْ دُونَهَا وَلَمْ يُقَيِّدْهُ وَفِي الْمَنْهَجِ يُمْهَلُ يَوْمًا، فَأَقَلَّ كَزَوَالِ نِفَاسٍ، أَوْ فِطْرِ صَائِمٍ، أَوْ شِبَعِ جَائِعٍ أَوْ خِفَّةٍ لِمَرَضٍ وَهَذَا فِي الْفَيْئَةِ بِالْوَطْءِ، وَأَمَّا فَيْئَةُ اللِّسَانِ فَلَا يُمْهَلُ فِيهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (إذَا وَطِئَ) أَيْ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا وَلَوْ بَعْدَ وَطْئِهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) إنْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ. قَوْلُهُ: (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) إنْ كَانَ قَدْ حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَتِهِ فَإِنْ كَانَ بِالْتِزَامِ قُرْبَةٍ لَمْ يَرْغَبْ فِيهَا لَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَنَذْرِ اللَّجَاجِ، فَإِنْ رَغِبَ فِيهَا لَزِمَتْهُ عَيْنًا، وَإِنْ كَانَ بِتَعْلِيقِ عِتْقٍ، أَوْ طَلَاقٍ لَهَا أَوْ لِضَرَّتِهَا وَقَعَ لِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَيَكْفِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا وَطْءٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْإِيلَاءُ قَبْلَهُمَا وَهُوَ يَتَعَدَّدُ إذَا كَرَّرَهُ وَقَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ، أَوْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ، وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ - وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ -، أَوْ أَطْلَقَ - وَاتَّحَدَ الْمَجْلِسُ - فَلَا، وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي قَصْدِ التَّأْكِيدِ كَمَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْإِيلَاءِ، أَوْ فِي مُدَّتِهِ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] الْجَاهِلِيَّةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْمُخَلِّصَ مِنْهُ بِالْمُدَّةِ فَلَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ وَوَقَعَ عِنْدَ انْقِضَائِهَا. قَالَ الْقَاضِي: وَهَذِهِ دَعْوَى عَرِيضَةٌ مِنْ أَيْنَ لَهُمْ أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - جَعَلَ الْمُخَلِّصَ بِالْمُدَّةِ فَلَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ، وَوَقَعَ عِنْدَ انْقِضَائِهَا فَإِنْ عَنَوْا بِهِ الْإِيلَاءَ فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) وَلَوْ بِفِعْلِهَا وَلَوْ مُكْرَهًا، وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: (كَحَيْضٍ) قَالَ فِي الْبَسِيطِ: إنَّ الْعَجَبَ أَنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ الْمُطَالَبَةَ وَلَا يَقْطَعُ الْمُدَّةَ. قَوْلُهُ: (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ وَقِيلَ: لَا يَتَعَيَّنُ طَلَبُ الطَّلَاقِ، وَيُطْلَبُ مِنْهُ الْفَيْئَةُ بِاللِّسَانِ كَالْمَانِعِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يُقَالُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَيْسَ لَنَا حَانِثٌ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ جَزْمًا إلَّا هَذَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 لِحِنْثِهِ وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] أَيْ يَغْفِرُ الْحِنْثَ بِأَنْ لَا يُؤَاخِذَ بِكَفَّارَتِهِ لِدَفْعِهِ ضَرَرَ الزَّوْجَةِ، وَلَوْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ قِيلَ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ قَطْعًا، لِأَنَّهُ حَنِثَ بِاخْتِيَارِهِ وَقِيلَ فِيهِ الْخِلَافُ بِأَنَّهُ بَادَرَ إلَى مَا يُطْلَبُ مِنْهُ. كِتَابُ الظِّهَارِ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الظَّهْرِ وَصُورَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، فَتَلْزَمَهُ كَفَّارَةٌ بِالْعَوْدِ، وَيُحَرَّمُ الْوَطْءُ قَبْلَهَا كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] الْآيَةَ وَهُوَ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِيهِ: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: 2] (يَصِحُّ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ) أَيْ بَالِغٍ عَاقِلٍ فَلَا يَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْأَجْنَبِيِّ حَتَّى إذَا نَكَحَهَا لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا بِمَا قَالَهُ وَتَقَدَّمَ صِحَّتُهُ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الرَّجْعَةَ عَوْدٌ (وَلَوْ ذِمِّيًّا وَخَصِيًّا) فَإِنَّهُ يَصِحُّ الظِّهَارُ مِنْهُمَا وَيَصِحُّ أَيْضًا مِنْ الْعَبْدِ وَالْمَجْبُوبِ (وَظِهَارُ سَكْرَانَ كَطَلَاقِهِ) فَيَصِحُّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَيَصِحُّ مِنْ الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ وَالرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ وَالْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ. (وَصَرِيحُهُ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ، أَوْ مِنِّي أَوْ مَعِي، أَوْ عِنْدِي كَظَهْرِ أُمِّي) أَيْ فِي التَّحْرِيمِ (وَكَذَا أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي صَرِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ يُتَبَادَرُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّ الْمَعْنَى " أَنْتِ عَلَيَّ "، وَالثَّانِي: إنَّهُ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنْتِ عَلَى غَيْرِي (وَقَوْلُهُ: جِسْمُكِ، أَوْ بَدَنُكِ أَوْ نَفْسُكِ كَبَدَنِ أُمِّي، أَوْ جِسْمِهَا أَوْ جُمْلَتِهَا صَرِيحٌ) لِتَضَمُّنِهِ لِلظَّهْرِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ) أَنْتِ عَلَيَّ (كَيَدِهَا أَوْ بَطْنِهَا، أَوْ صَدْرِهَا ظِهَارٌ) كَقَوْلِهِ كَظَهْرِهَا، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صُورَةِ الظِّهَارِ الْمَعْهُودَةِ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْحَاكِمِينَ بِأَنَّهُ طَلَاقٌ، وَقَدْ أَبْطَلَ اللَّهُ الْحُكْمَ دُونَ الصُّورَةِ بِقَوْلِهِ: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ} [المجادلة: 2] الْآيَةَ. (وَكَذَا)   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الظِّهَارِ بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُشَالَةِ وَذُكِرَ عَقِبَ الْإِيلَاءِ لِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِيمَا يَأْتِي وَالْمُغَلَّبُ فِيهِ مَعْنَى الْيَمِينِ، وَقِيلَ: مَعْنَى الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (هُوَ) أَيْ لُغَةً مَأْخُوذٌ مِنْ الظَّهْرِ وَخُصَّ الظَّهْرُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الرُّكُوبِ، وَالْمَرْأَةُ مَرْكُوبُ الزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (وَصُورَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ) كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَأَمَّا شَرْعًا فَهُوَ تَشْبِيهُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ بِمَحْرَمِهِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ حَرَامٌ) أَيْ كَبِيرَةٌ وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَوَّلِ الْإِسْلَامِ طَلَاقًا أَوْ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً كَمَا يَدُلُّ لَهُ السَّبَبُ الْمَذْكُورُ فَغَيَّرَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ بِمَا يَأْتِي. وَسَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ أَنَّ أَوْسَ بْنَ الصَّامِتِ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ فَاشْتَكَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهَا: حُرِّمْتِ عَلَيْهِ فَقَالَتْ: اُنْظُرْ فِي أَمْرِي فَإِنِّي لَا أَصْبِرُ عَنْهُ وَمَعِي أَوْلَادٌ صِغَارٌ إنْ ضَمَمْتهمْ إلَيْهِ ضَاعُوا، وَإِنْ ضَمَمْتهمْ إلَيَّ جَاعُوا فَقَالَ لَهَا: حُرِّمْتِ عَلَيْهِ فَكَرَّرَتْ وَكَرَّرَ فَلَمَّا أَيِسَتْ مِنْهُ اشْتَكَتْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة: 1] الْآيَاتِ. قَوْلُهُ: (كُلِّ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ) وَهُوَ أَحَدُ أَرْكَانِهِ الْأَرْبَعِ وَبَقِيَ مِنْهَا الزَّوْجَةُ وَالْمُشَبَّهُ بِهِ وَالصِّيغَةُ وَسَتَأْتِي فِي كَلَامِهِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ ذِمِّيًّا) أَيْ كَافِرًا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَالْمَجْبُوبِ) وَالْمَمْسُوحِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَمَةِ) مِنْ زَوْجِهَا لَا مِنْ سَيِّدِهَا قَوْلُهُ: (كَيَدِهَا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا يَدٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ وَكَذَا مَا يَأْتِي فِي الْمُشَبَّهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (دُونَ الصُّورَةِ) لَمْ يَقُلْ دُونَ الصِّفَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ حَلِفٌ فَهُوَ وَصْفٌ وَالظِّهَارُ صُورَةٌ مَذْكُورَةٌ. بِقَوْلِهِ أَنْت عَلَيَّ   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الظِّهَارِ] ِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ حَرَامٌ) أَيْ كَبِيرَةٌ قَالَ الْقَفَّالُ: لَا أَنْكَرَ مِنْ أَنْ يَعْمِدَ الْإِنْسَانُ إلَى مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ، فَيُشَبِّهَهُ بِمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَأَقَلُّ مَا فِيهِ الْإِقْدَامُ عَلَى إحَالَةِ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَبْدِيلِهِ اهـ. ثُمَّ الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ نَزَلَتْ فِي زَوْجَةِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ حِينَ ظَاهَرَ مِنْهَا سَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: حُرِّمْتِ عَلَيْهِ فَقَالَتْ: اُنْظُرْ فِي أَمْرِي فَإِنِّي لَا أَصْبِرُ عَنْهُ فَقَالَ حُرِّمْتِ عَلَيْهِ وَكَرَّرَتْ وَكَرَّرَ فَلَمَّا أَيِسَتْ شَكَتْ إلَى مَوْلَاهَا فَنَزَلَتْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ذِمِّيًّا) الْأَحْسَنُ وَلَوْ كَافِرًا، وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لَهُ مَعَ شُمُولِ الْأَوَّلِ لَهُ لِخِلَافِ الْحَنَفِيَّةِ فِيهِ نَاظِرِينَ إلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِتَأْدِيَةِ لَفْظٍ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ كَالطَّلَاقِ، وَالْكَفَّارَةُ فِيهَا شَائِبَةُ الْغَرَامَةِ، وَيُتَصَوَّرُ مِلْكُهُ الْمُسْلِمَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَيُقَالُ لَهُ أَسْلِمْ وَكَفِّرْ إنْ شِئْت، وَإِلَّا فَلَا تَقْرَبْهَا، ظ وَكَذَلِكَ إذَا أَعْسَرَ بِالْعِتْقِ وَقَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ لَا نُمَكِّنُهُ مِنْ الْعُدُولِ إلَى الْإِطْعَامِ بَلْ يُقَالُ لَهُ مَا سَلَفَ. [صَرِيح الظِّهَار] قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ: مِنِّي، قَوْلُهُ: (صَرِيحٌ) اقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ وَنَحْوَهَا، لَكِنَّ الَّذِي فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ وَالْمُحَرَّرِ ذِكْرُ عَلَيَّ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ مَعَ تَرْكِهَا يَحْتَمِلُ التَّشْبِيهَ فِي صُورَةِ الْبَدَنِ بَلْ ذَلِكَ ظَاهِرٌ فِيهِ، قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضُوا هُنَا لِكَوْنِ ذَلِكَ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ، أَوْ السِّرَايَةِ وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ مَجِيئُهُ. اهـ وَوَدِدْتُ لَوْ كَانَ نَبَّهَ عَلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 قَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ (كَعَيْنِهَا إنْ قَصَدَ ظِهَارًا وَإِنْ قَصَدَ كَرَامَةً فَلَا) يَكُونُ ظِهَارًا (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ) حَمْلًا عَلَى الْكَرَامَةِ، وَالثَّانِي يُحْمَلُ عَلَى الظِّهَارِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: رَأْسُكِ، أَوْ ظَهْرُكِ أَوْ يَدُكِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ظِهَارٌ فِي الْأَظْهَرِ) الْمَنْعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صُورَةِ الظِّهَارِ الْمَعْهُودَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (وَالتَّشْبِيهُ بِالْجَدَّةِ) كَقَوْلِهِ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ جَدَّتِي (ظِهَارٌ) سَوَاءٌ أَرَادَ الْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَمْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ. (وَالْمَذْهَبُ طَرْدُهُ) أَيْ الْحُكْمِ بِالظِّهَارِ (فِي كُلِّ مَحْرَمٍ) يُشَبَّهُ بِهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ مُصَاهَرَةٍ (لَمْ يَطْرَأْ تَحْرِيمُهَا) عَلَى الْمُشَبَّهِ كَأُخْتِهِ وَبِنْتِهِ مِنْ النَّسَبِ وَمُرْضِعَةِ أَبِيهِ، أَوْ أُمِّهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ الَّتِي نَكَحَهَا قَبْلَ وِلَادَتِهِ (لَا مُرْضِعَةٍ وَزَوْجَةِ ابْنٍ) لَهُ لِطُرُوِّ تَحْرِيمِهِمَا عَلَيْهِ، وَكَذَا أُمُّ زَوْجَتِهِ وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ فِي مَحْرَمِ النَّسَبِ قَوْلٌ قَدِيمٌ إنَّ التَّشْبِيهَ بِهَا لَيْسَ بِظِهَارٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صُورَتِهِ الْمَعْهُودَةِ، وَفِي مَحْرَمِ الرَّضَاعِ قَوْلٌ وَقِيلَ وَجْهٌ مُفَرَّعٌ مَعَ مُقَابِلِهِ عَلَى الْجَدِيدِ فِي مَحْرَمِ النَّسَبِ أَنَّ التَّشْبِيهَ بِهَا لَيْسَ بِظِهَارٍ، لِأَنَّ الرَّضَاعَ لَا يَقْوَى قُوَّةَ النَّسَبِ لِانْتِفَاءِ بَعْضِ أَحْكَامِ النَّسَبِ عَنْهُ كَالْوِلَايَةِ وَالْإِرْثِ وَالنَّفَقَةِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ، بِأَنَّهُ ظِهَارٌ، وَمَنْ طَرَأَ تَحْرِيمُهَا بِالرَّضَاعِ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِهَا لَيْسَ بِظِهَارٍ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ فِيهِ الْخِلَافَ وَمَحْرَمُ الْمُصَاهَرَةِ كَمَحْرَمِ الرَّضَاعِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِيهَا، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِهَا لَيْسَ بِظِهَارٍ أَصْلًا لِبُعْدِ الْمُصَاهَرَةِ عَنْ النَّسَبِ بِخِلَافِ الرَّضَاعِ لِتَأْثِيرِهِ فِي إنْبَاتِ اللَّحْمِ، وَلِذَلِكَ يَتَعَدَّى التَّحْرِيمُ فِيهَا إلَى الْأُمَّهَاتِ وَالْأَوْلَادِ وَلَا يَتَعَدَّى فِي الْمُصَاهَرَةِ مِنْ حَلِيلَةِ الْأَبِ وَالِابْنِ إلَى أُمَّهَاتِهِمَا وَأَوْلَادِهِمَا. (وَلَوْ شَبَّهَ) زَوْجَتَهُ (بِأَجْنَبِيَّةٍ وَمُطَلَّقَةٍ وَأُخْتِ زَوْجَةٍ وَبِأَبٍ وَمُلَاعِنَةٍ فَلَغْوٌ) لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ لَا يُشْبِهْنَ الْأُمَّ فِي التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ، وَالْأَبُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الرِّجَالِ كَالِابْنِ وَالْغُلَامِ لَيْسَ مَحَلًّا لِلِاسْتِمْتَاعِ، وَالْمُلَاعِنَةُ لَيْسَ تَحْرِيمُهَا الْمُؤَبَّدُ لِلْمَحْرَمِيَّةِ وَالْوَصْلَةِ. (وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ إنْ ظَاهَرْتُ مِنْ زَوْجَتِي الْأُخْرَى فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَظَاهَرَ) مِنْ الْأُخْرَى (صَارَ مُظَاهِرًا مِنْهُمَا) وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَدَخَلَتْهَا صَارَ مُظَاهِرًا مِنْهَا عَمَلًا بِمُوجَبِ التَّعْلِيقِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الطَّلَاقَ لِتَعَلُّقِ الْحُرْمَةِ بِهِ وَالْيَمِينَ لِتَعَلُّقِ الْكَفَّارَةِ بِهِ وَكُلٌّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْيَمِينِ قَابِلٌ لِلتَّعْلِيقِ. (وَلَوْ قَالَ: إنْ ظَاهَرْتُ مِنْ فُلَانَةَ) فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (وَفُلَانَةُ أَجْنَبِيَّةٌ فَخَاطَبَهَا بِظِهَارٍ لَمْ يَصِرْ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ) لِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ شَرْعًا (إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّفْظَ) أَيْ إنْ تَلَفَّظَ بِالظِّهَارِ مِنْهَا فَيَصِيرُ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. (فَلَوْ نَكَحَهَا وَظَاهَرَ مِنْهَا صَارَ مُظَاهِرًا) مِنْ زَوْجَتِهِ تِلْكَ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (وَلَوْ قَالَ:) إنْ ظَاهَرْت (مِنْ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ) فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي (فَكَذَلِكَ) أَيْ إنْ خَاطَبَهَا بِالظِّهَارِ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا لَمْ يَصِرْ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّفْظَ، أَوْ بَعْدَ   [حاشية قليوبي] كَظَهْرِ أُمِّي كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (رَأْسُكِ) وَشَعْرُكِ وَظُفُرُكِ وَفَرْجُكِ وَسَائِرُ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ بِخِلَافِ الْبَاطِنَةِ فِي الْمُشَبَّهِ، وَالْمُشَبَّهِ بِهِ فَلَا ظِهَارَ بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَالرَّأْسِ الْحَيَاةُ وَالرُّوحُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْكَرَامَةَ، وَخَرَجَ بِالْأَعْضَاءِ الْفَضَلَاتُ كَاللَّبَنِ وَالْمَنِيِّ فَلَا ظِهَارَ بِهِمَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (كُلِّ مَحْرَمٍ) وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ أَوْ فُقِدَتْ، أَوْ بَعُدَتْ، قَوْلُهُ: (قَبْلَ وِلَادَتِهِ) وَكَذَا مَعَهَا قَوْلُهُ: (لَا مُرْضِعَتِهِ) وَكَذَا بِنْتُهَا قَبْلَ إرْضَاعِهِ بِخِلَافِ الَّتِي مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ مُقَابِلِهِ) الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ) تَفْرِيعًا عَلَى الْجَدِيدِ. قَوْلُهُ: (بِأَجْنَبِيَّةٍ) وَكَذَا مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (وَأُخْتِ زَوْجَةٍ) وَكَذَا زَوْجَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ لِحُرْمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. [تَعْلِيقُ الظِّهَارَ] قَوْلُهُ: (فَظَاهَرَ) وَلَوْ مُتَرَاخِيًا قَوْلُهُ: (فَدَخَلَتْهَا) أَيْ عَامِدَةً عَالِمَةً مُخْتَارَةً وَلَوْ فِي حَالِ جُنُونِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ لَكِنْ لَا يَصِيرُ عَائِدًا حَتَّى يُمْسِكَهَا بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ زَمَنًا يُمْكِنُ فِيهِ الطَّلَاقُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَدْخُلِيهَا فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي حُكِمَ بِهِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ، وَحِينَئِذٍ لَا يُتَصَوَّرُ الْعَوْدُ. قَوْلُهُ: (وَالْيَمِينَ) كَأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُكِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ. قَوْلُهُ: (قَابِلٌ لِلتَّعْلِيقِ) وَكَذَا يَقْبَلُ التَّأْقِيتَ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، فَلَوْ قَالَ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَظِهَارٌ   [حاشية عميرة] ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ الْآتِي وَقَوْلُهُ وَرَأْسُكِ، أَوْ ظَهْرُكِ، أَوْ يَدُكِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (كَعَيْنِهَا) مِثْلُهُ أَنْتِ كَرُوحِهَا كَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ، قَوْلُهُ: (إنْ قَصَدَ) أَيْ قَصَدَ أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ، قَوْلُهُ: (رَأْسُكِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ التَّخْصِيصُ بِالْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الرَّوْنَقِ وَاللُّبَابِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ، قَوْلُهُ: (كَقَوْلِهِ أَنْتِ) أَيْ وَقِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ قَوْلُهُ: (بِالْجَدَّةِ) وَيَكُونُ مُظَاهِرًا بِالنَّصِّ لَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَحْرَمَ النَّسَبِ فِيهِ قَوْلَانِ وَمَا عَدَاهُ فِيهِ طُرُقٌ، قَوْلُهُ: (مَعَ مُقَابِلِهِ) هَذَا الْمُقَابِلُ هُوَ الْمُرَادُ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ ظِهَارٌ فَالرَّاجِحُ فِيهِ إذًا طَرِيقُ الْقَوْلَيْنِ وَأَمَّا مَنْ طَرَأَ تَحْرِيمُهَا بِالرَّضَاعِ فَظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ الْآتِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَذْهَبِ فِيهَا طَرِيقُ الْقَطْعِ، وَأَمَّا مَحْرَمُ الْمُصَاهَرَةِ فَهِيَ كَمَحْرَمِ الرَّضَاعِ فِي هَذِهِ الْأَمْرِ الَّذِي نَبَّهْنَا عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَطْعُ مُفَرَّعًا عَلَى الْجَدِيدِ أَيْضًا، فَلَا يُقَالُ كَيْفَ قَطَعَ هُنَا وَجَرَى الْخِلَافُ هُنَا، فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الرَّضَاعِ) يَحْتَمِلُ أَنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ يَقْطَعُونَ بِتَأْثِيرِ التَّشْبِيهِ بِالرَّضَاعِ مُطْلَقًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْعَلُوهُ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ لَا يُنَافِيه قَوْلُهُ: (وَظَاهَرَ) لَوْ قَالَ، ثُمَّ ظَاهَرَ كَانَ أَوْلَى قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَ نِكَاحِهَا صَارَ مُظَاهِرًا) يَشْهَدُ لِهَذَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 نِكَاحِهَا صَارَ مُظَاهِرًا (وَقِيلَ: لَا يَصِيرُ مُظَاهِرًا وَإِنْ نَكَحَهَا وَظَاهَرَ) مِنْهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَجْنَبِيَّةٍ حِينَ الظِّهَارِ فَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَدُفِعَ هَذَا بِأَنَّ ذِكْرَ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلِاشْتِرَاطِ (وَلَوْ قَالَ: إنْ ظَاهَرْتُ مِنْهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ) فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَخَاطَبَهَا بِظِهَارٍ قَبْلَ النِّكَاحِ، أَوْ بَعْدَهُ (فَلَغْوٌ) أَيْ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ مَا عَلَّقَ بِهِ ظِهَارَهَا مِنْ ظِهَارِ فُلَانَةَ، حَالَ كَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِلَفْظِ الظِّهَارِ فَيُجَامِعُ الْأَجْنَبِيَّةَ. (وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي وَلَمْ يَنْوِ) بِهِ شَيْئًا (أَوْ نَوَى) بِهِ (الطَّلَاقَ أَوْ الظِّهَارَ، أَوْ هُمَا، أَوْ الظِّهَارَ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَالطَّلَاقَ بِكَظَهْرِ أُمِّي طَلُقَتْ وَلَا ظِهَارَ) أَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ فَلِإِتْيَانِهِ بِصَرِيحِ لَفْظِهِ، وَأَمَّا انْتِفَاءُ الظِّهَارِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَلِعَدَمِ اسْتِقْلَالِ لَفْظِهِ مَعَ عَدَمِ نِيَّتِهِ، وَأَمَّا فِي الْبَاقِي فَلِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ بِلَفْظِهِ، وَلَفْظُ الطَّلَاقِ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الظِّهَارِ وَعَكْسُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ (أَوْ الطَّلَاقَ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَالظِّهَارَ بِالْبَاقِي طَلُقَتْ وَحَصَلَ الظِّهَارُ إنْ كَانَ طَلَاقَ رَجْعَةٍ) وَقَامَتْ نِيَّتُهُ بِالْبَاقِي مَقَامَ أَنْ يَقُولَ فِيهِ: أَنْتِ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَلَا ظِهَارَ.   [حاشية قليوبي] مُؤَقَّتٌ، وَإِيلَاءٌ. قَوْلُهُ (لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلِاشْتِرَاطِ) وَفَارَقَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ ذَا الصَّبِيَّ فَكَلَّمَهُ شَيْخًا أَيْ بَالِغًا حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الشَّرْطِيَّةِ هُنَا، التَّعْلِيقُ بِالْمُحَالِ وَيَبْعُدُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَلَغْوٌ) إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّفْظَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِاسْتِحَالَةِ إلَخْ) وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْمَجَازِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ لِضَعْفِ الظِّهَارِ. قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ جُمْلَةِ الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَضَمِيرُ " بِهِ " الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (الْأُولَيَيْنِ) وَهُمَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِمَجْمُوعِ اللَّفْظَيْنِ شَيْئًا، أَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَيَنْضَمُّ لِلثَّانِيَةِ مَا لَوْ نَوَى مَعَ الطَّلَاقِ غَيْرَهُ نَحْوَ الْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (فَلِعَدَمِ اسْتِقْلَالِ لَفْظِهِ) بِعَدَمِ التَّلَفُّظِ بِالْمُبْتَدَأِ فِيهِ، وَالْمُقَدَّرُ لَيْسَ كَالْمَلْفُوظِ فَهُوَ حِينَئِذٍ كِنَايَةٌ، وَلَمْ يَنْوِهِ، وَنِيَّةُ الطَّلَاقِ بِهِ لَغْوٌ لِمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَيْسَ كِنَايَةً فِيهِ كَعَكْسِهِ، فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّهُ إذَا خَرَجَ كَظَهْرِ أُمِّي عَنْ الصَّرَاحَةِ، وَنَوَى الطَّلَاقَ بِهِ يَقَعُ طَلْقَةٌ أُخْرَى مَرْدُودٌ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَبِهِ يُعْلَمُ أَيْضًا رَدُّ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّهُ صَحِيحٌ إذَا قَصَدَ بِهِ طَلْقَةً أُخْرَى غَيْرَ الَّتِي أَوْقَعَهَا عَلَى أَنَّهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ طَلَاقٍ سَابِقٍ حَتَّى يُقَالَ: إنَّهُ يَقْصِدُ طَلَاقًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي أَوْقَعَهُ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا: إنَّ الْمُرَادَ بِالْقَصْدِ السَّابِقِ اعْتِقَادُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الظِّهَارَ فَلَا يُنَافِي قَصْدَ طَلَاقٍ آخَرَ بِاللَّفْظِ الْآخَرِ تَأْوِيلٌ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ مَعَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِهِ كِنَايَةً وَقَدْ مَرَّ رَدُّهُ. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا فِي الْبَاقِي) وَهُوَ ثَلَاثُ صُوَرٍ الْأُولَى إذَا نَوَى بِمَجْمُوعِ اللَّفْظَيْنِ الظِّهَارَ، وَالثَّانِيَةُ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، وَالظِّهَارَ مَعًا وَيَنْضَمُّ إلَيْهِمَا مَا إذَا انْضَمَّ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُهُمَا كَمَا مَرَّ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ مَعَ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ فَجُمْلَةُ التَّعْلِيقِ بِمَجْمُوعِ اللَّفْظَيْنِ سَبْعُ صُوَرٍ، وَالثَّالِثَةُ مَا إذَا قَصَدَ بِكُلٍّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ مَعْنًى آخَرَ، وَهِيَ تَتَعَلَّقُ بِكُلِّ لَفْظٍ عَلَى انْفِرَادِهِ، وَهِيَ صُورَةٌ مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ صُورَةً لَا يَقَعُ الظِّهَارُ فِيهَا أَيْضًا، كَمَا سَتَعْرِفُهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْوِهِ بِلَفْظِهِ) أَيْ لَمْ يَنْوِ الظِّهَارَ فِي لَفْظِهِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ الطَّلَاقَ وَحْدَهُ) أَوْ مَعَ غَيْرِهِ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَالظِّهَارَ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ بِالْبَاقِي، وَهُوَ لَفْظٌ كَظَهْرِ أُمِّي طَلُقَتْ وَحَصَلَ الظِّهَارُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ مُطْلَقًا، وَأَنَّ الظِّهَارَ لَا يَقَعُ إلَّا إنْ نَوَاهُ مَعَ لَفْظِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ صُورَةٌ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ صُورَةً يَقَعُ فِيهَا الطَّلَاقُ، وَالظِّهَارُ جَمِيعًا بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ اللَّفْظَ الْأَوَّلَ إمَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الطَّلَاقَ وَحْدَهُ، أَوْ الظِّهَارَ وَحْدَهُ، أَوْ هُمَا وَحْدَهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا كَالْعِتْقِ، أَوْ الطَّلَاقَ مَعَ الْغَيْرِ الْمَذْكُورِ، أَوْ الظِّهَارَ مَعَهُ أَوْ هُمَا مَعَهُ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَحْوَالٍ فِي الْأَوَّلِ، وَيَأْتِي مِثْلُهَا فِي الثَّانِي فَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ مِنْ ضَرْبِ ثَمَانِيَةٍ فِي ثَمَانِيَةٍ نِصْفُهَا، وَهُوَ مَا فِيهِ نِيَّةُ الظِّهَارِ بِاللَّفْظِ الثَّانِي يَقَعَانِ فِيهَا جَمِيعًا، وَنِصْفُهَا وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ يَقَعُ الْأَوَّلُ فَقَطْ. فَإِذَا ضَمَّ ذَلِكَ إلَى السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَجْمُوعِ اللَّفْظَيْنِ حَصَلَ أَحَدٌ وَسَبْعُونَ صُورَةً، فَهَذِهِ نُبْذَةٌ يُعَضُّ عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَالْأَنْيَابِ، وَقَلَّ أَنْ يُعْثَرَ عَلَيْهَا فِي كِتَابٍ، وَمَا يَعْقِلُهَا إلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ، وَجَمْعُ أَفْرَادِهَا مِنْ الْعَجَبِ الْعُجَابِ، وَلَوْلَا خَوْفُ التَّطْوِيلِ وَالْإِسْهَابِ، لَكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِ إيرَادِهَا النِّقَابَ، وَاَللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ، وَهُوَ يَهْدِي إلَى الصَّوَابِ، وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ مِنْ بَعْضِ أَفْرَادِ هَذَا الْحِسَابِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ اللَّائِقَةِ بِذَلِكَ الْكِتَابِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ عَكَسَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَنْ قَالَ: أَنْت كَظَهْرِ أُمِّي طَالِقٌ وَقَعَ الْأَوَّلُ مُطْلَقًا لِصَرَاحَتِهِ، وَكَذَا الثَّانِي إنْ نَوَى مَعْنَاهُ عِنْدَ لَفْظِهِ   [حاشية عميرة] النُّحَاةِ إنَّ الصِّفَةَ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلتَّوْضِيحِ نَحْوُ زَيْدٌ الْعَالِمُ وَفِي النَّكِرَةِ لِلتَّخْصِيصِ نَحْوُ مَرَرْت بِرَجُلٍ ظَرِيفٍ. اهـ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِي جَوَابِهِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (طَلُقَتْ وَلَا ظِهَارَ) وَجْهُ انْتِفَاءِ الظِّهَارِ مِنْ الْأُولَى، مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ: لِأَنَّ قَوْلَهُ كَظَهْرِ أُمِّي لَا يُفِيدُ لِانْقِطَاعِهِ عَنْ أَنْتِ بِالْفَاصِلِ. اهـ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ بِمَجْمُوعِ اللَّفْظِ الطَّلَاقَ بِالْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ كَذَلِكَ بِمَعْنَى أَنَّهَا تُحَرَّمُ بِالطَّلَاقِ كَظَهْرِ أُمِّهِ، فَلَمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَكُونُ " كَظَهْرِ أُمِّي " تَأْكِيدًا لِلطَّلَاقِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا يَأْثَمُ فَإِنَّهُ إنَّمَا حُرِّمَ مَحْرَمُهُ لِزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ بِخِلَافِ ظِهَارِهِ مِنْ حَاجَّةٍ أَوْ مُعْتَمِرَةٍ، وَصُورَةُ الثَّالِثَةِ أَنْ يَنْوِيَ بِمَجْمُوعِ كَلَامِهِ الظِّهَارَ وَحْدَهُ، وَالرَّابِعَةِ أَنْ يَنْوِيَهُمَا بِمَجْمُوعِهِ. وَأَمَّا الْخَامِسَةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 فَصْلٌ يَجِبُ (عَلَى الْمُظَاهِرِ كَفَّارَةٌ إذَا عَادَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3] الْآيَةَ (وَهُوَ) أَيْ الْعَوْدُ (أَنْ يُمْسِكَهَا بَعْدَ ظِهَارِهِ زَمَنَ إمْكَانِ فُرْقَةٍ) لِأَنَّ الْعَوْدَ لِلْقَوْلِ مُخَالَفَتُهُ يُقَالُ: قَالَ فُلَانٌ قَوْلًا، ثُمَّ عَادَ لَهُ، وَعَادَ فِيهِ أَيْ خَالَفَهُ وَنَقَضَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِمْ عَادَ فِي هِبَتِهِ وَمَقْصُودُ الظِّهَارِ وَصْفُ الْمَرْأَةِ بِالتَّحْرِيمِ، وَإِمْسَاكُهَا يُخَالِفُهُ وَهَلْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ أَوْ بِالظِّهَارِ، وَالْعَوْدُ شَرْطٌ فِيهِ؟ وَجْهَانِ وَمَنْ قَالَ تَجِبُ بِالْعَوْدِ اقْتَصَرَ عَلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. (فَلَوْ اتَّصَلَتْ بِهِ) أَيْ بِالظِّهَارِ (فُرْقَةٌ   [حاشية قليوبي] لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَإِلَّا فَلَا وَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ سُئِلَ وَالِدُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثَرَّى قُبُورَهُمَا - عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ هَذَا الشَّهْرَ، وَالثَّانِي، وَالثَّالِثُ: مِثْلُ لَبَنِ أُمِّي، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ نَوَى بِأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ الطَّلَاقَ، أَوْ الظِّهَارَ وَقَعَ مَا نَوَاهُ، أَوْ نَوَاهُمَا وَلَوْ مُرَتَّبًا تَخَيَّرَ، أَوْ نَوَى نَحْوَ تَحْرِيمِ عَيْنِهَا، أَوْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَقَطْ، وَلَفْظُ " مِثْلُ لَبَنِ أُمِّي " لَغْوٌ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الظِّهَارَ، وَإِلَّا فَهُوَ ظِهَارٌ، وَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ إنْ وَطِئَ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ حِينَئِذٍ عَائِدٌ انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ التَّخْيِيرَ فِيمَ إذَا نَوَاهُمَا مُرَتَّبًا طَرِيقَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إنْ سَبَقَتْ نِيَّةُ الطَّلَاقِ وَقَعَ، وَلَغَا الظِّهَارُ إلَّا فِي الرَّجْعَةِ أَوْ الظِّهَارِ وَقَعَا مَعًا، وَلَا عَوْدَ فَيُرَاجِعُ مِنْ مَحَلِّهِ، وَمِنْهَا أَنَّ اللَّبَنَ لَيْسَ مِنْ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ بَلْ وَلَا مِنْ الْأَعْضَاءِ مُطْلَقًا، فَلَا يَكُونُ نِيَّةُ التَّحْرِيمِ بِهِ ظِهَارًا، وَمِنْهَا أَنَّ لَبَنَ أُمِّهِ لَيْسَ حَرَامًا عَلَيْهِ فِي ذَاتِهِ بَلْ، وَلَا لِعَارِضٍ إلَّا مِنْ جِهَةِ مَنْعِ الْإِرْضَاعِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِيهِ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ مِمَّا يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ وَالْمُرَاجَعَةِ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الظِّهَارِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى وُجُودِهِ وَصِحَّتِهِ مِنْ قَائِلِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُظَاهِرِ كَفَّارَةٌ إلَخْ) أَيْ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْعَوْدُ عَلَى الْقَوْلِ الْجَدِيدِ مِنْ مَذْهَبِ إمَامِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَلَى الْقَدِيمِ فِيهِ تَأْوِيلَانِ: أَحَدُهُمَا - وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ - أَنَّهُ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ، وَثَانِيهِمَا بِالْوَطْءِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا، وَنَقَلَ الْبَيْضَاوِيُّ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ بِشَهْوَةِ الْوَطْءِ، وَلَوْ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا. قَوْلُهُ: (أَنْ يُمْسِكَهَا) وَلَوْ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا قَوْلُهُ: (بَعْدَ ظِهَارِهِ) الْمُنَجَّزِ وَإِنْ كَرَّرَهُ قَاصِدًا لِلتَّأْكِيدِ، وَإِلَّا فَهُوَ عَائِدٌ بِغَيْرِ الْمُؤَكِّدِ، أَوْ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَعِلْمِهِ بِهَا فِي الْمُعَلَّقِ بِهَا وَلَوْ بِفِعْلِهِ لَهَا نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلًا. قَوْلُهُ: (زَمَنَ إمْكَانِ وُجُودِ لَفْظٍ يَحْصُلُ بِهِ فُرْقَةٌ) أَيْ شَرْعِيَّةٌ فَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَأَمْسَكَهَا إلَى زَمَنِ الطُّهْرِ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا: إلَّا إنْ مَضَى مِنْ زَمَنِ الطُّهْرِ مَا يَسَعُ الْفُرْقَةَ وَلَمْ يُفَارِقْ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) أَيْ أَنَّهَا بِالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ مَعًا، وَهِيَ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا وَإِنْ عَصَى بِالْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (اتَّصَلَتْ) أَيْ عُرْفًا فَلَا يَضُرُّ نَحْوُ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ. وَلَا يَا فُلَانَةُ بِنْتَ فُلَانٍ، وَإِنْ أَطَالَ فِي نَسَبِهَا خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ. قَوْلُهُ: (بِمَوْتٍ) أَيْ لِأَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (أَوْ فَسْخٍ) أَوْ انْفِسَاخٍ بِرِدَّةٍ مِنْ أَحَدِهِمَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَوْ طَلَاقٍ) وَلَوْ بِخُلْعٍ فَلَوْ لَمْ تَقْبَلْ فَبَتَّ طَلَاقَهَا لَمْ يَكُنْ عَائِدًا. قَوْلُهُ: (أَوْ جُنَّ) أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ خَرِسَ وَلَا إشَارَةَ لَهُ.   [حاشية عميرة] فَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا بِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ كَظَهْرِ أُمِّي عَنْ الصَّرَاحَةِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الظِّهَارَ، وَإِنَّمَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ بِهِ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ إلَخْ) قِيلَ مُسْتَدْرَكٌ، لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْحُصُولِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي رَجْعِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَقَامَتْ نِيَّتُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَهُوَ إمَّا عَلَى حَذْفِ الْمُبْتَدَأِ أَوْ عَلَى تَعَدُّدِ الْخَبَرِ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ كَلِمَةُ الْخِطَابِ السَّابِقَةُ تُقَدَّرُ فِي الظِّهَارِ إذَا نَوَى. [فَصْلٌ يَجِبُ عَلَى الْمُظَاهِرِ كَفَّارَةٌ إذَا عَادَ] فَصْلٌ عَلَى الْمُظَاهِرِ كَفَّارَةٌ إلَخْ قَوْلُهُ: (لِمَا قَالُوا الْآيَةَ) أَيْ بِالتَّدَارُكِ وَذَلِكَ بِنَقْضِ مَا يَقْتَضِيه وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِالْإِمْسَاكِ الْمَذْكُورِ إذْ التَّشْبِيهُ يَتَنَاوَلُ حُرْمَتَهُ لِصِحَّةِ اسْتِثْنَائِهَا عَنْهُ فَهُوَ أَقَلُّ مَا يَنْبِضُ بِهِ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ مَعْنَى هَذَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِاشْتِهَائِهِ اسْتِمْتَاعَهَا وَلَوْ بِنَظَرِهِ وَعِنْدَ مَالِكٍ بِالْعَزْمِ عَلَى الْجِمَاعِ، وَعَنْ الْحَسَنِ بِالْجِمَاعِ. اهـ قِيلَ وَلَفْظَةُ " ثُمَّ " مِنْ حَيْثُ اقْتِضَاؤُهَا التَّرَاخِيَ قَدْ يُقْصَدُ بِهَا غَيْرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَنَا أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْكَفَّارَةِ لَمْ يَسْتَفْصِلْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صُدُورِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْهُ، وَإِيجَابُهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ اعْتَبَرَ الْمَسِيسَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَنْ يُمْسِكَهَا إلَخْ) . قِيلَ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ كَرَّرَ أَلْفَاظَ الظِّهَارِ لِلتَّأْكِيدِ قِيلَ أَيْضًا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ زَمَنَ إمْكَانِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَقِبَهُ أَنْتِ طَالِقٌ كَانَ عَائِدًا لِإِمْكَانِ أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ أَنْتِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ أُخِذَ فِي أَسْبَابِ الْفِرَاقِ وَقَدْ صَوَّرَ فِي الْبَسِيطِ عَدَمَ الْعَوْدِ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَاعْتَرَضَهُ، ابْنُ الرِّفْعَةِ بِذَلِكَ وَهُوَ مَرْدُودٌ فَقَدْ قَالُوا لَوْ قَالَ عَقِبَ الظِّهَارِ: يَا فُلَانَةُ بِنْتَ فُلَانٍ أَنْت طَالِقٌ فَلَيْسَ بِعَوْدٍ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 بِمَوْتٍ، أَوْ فَسْخٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا بِمُقْتَضِيهِ (أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ، أَوْ رَجْعِيٍّ لَمْ يُرَاجِعْ أَوْ جُنَّ) الزَّوْجُ عَقِبَهُ (فَلَا عَوْدَ) لِتَعَذُّرِ الْفِرَاقِ فِي الْأَخِيرِ وَفَوَاتِ الْإِمْسَاكِ فِي الْأَوَّلِ وَانْتِفَائِهِ فِي غَيْرِهِمَا (وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا) بِأَنْ كَانَتْ رَقِيقَةً (أَوْ لَاعَنَهَا) عَقِبَ الظِّهَارِ فَلَا عَوْدَ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ بِالْمِلْكِ وَاللِّعَانِ وَقِيلَ هُوَ عَائِدٌ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ نَقَلَهَا مِنْ حِلٍّ إلَى حِلٍّ وَذَلِكَ إمْسَاكٌ لَهَا وَقِيلَ هُوَ عَائِدٌ فِي الثَّانِيَةِ لِتَطْوِيلِهِ بِكَلِمَاتِ اللِّعَانِ مَعَ إمْكَانِ الْفُرْقَةِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ: (بِشَرْطِ سَبْقِ الْقَذْفِ ظِهَارَهُ فِي الْأَصَحِّ) وَكَذَا سَبْقُ الْمُرَافَعَةِ إلَى الْقَاضِي، قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ لِمَا فِي تَأْخِيرِهِ ذَلِكَ عَنْ الظِّهَارِ مِنْ زِيَادَةِ التَّطْوِيلِ، وَالثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ مَا ذُكِرَ حَتَّى لَوْ اتَّصَلَ مَعَ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ بِالظِّهَارِ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا لِاشْتِغَالِهِ بِأَسْبَابِ الْفِرَاقِ. (وَلَوْ رَاجَعَ) مَنْ طَلَّقَهَا عَقِبَ الظِّهَارِ (أَوْ ارْتَدَّ مُتَّصِلًا) بِالظِّهَارِ بَعْدَ الدُّخُولِ (ثُمَّ أَسْلَمَ) فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ (فَالْمَذْهَبُ) بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَوْدِ الظِّهَارِ، وَأَحْكَامُهُ (أَنَّهُ عَائِدٌ بِالرَّجْعَةِ لَا بِالْإِسْلَامِ بَلْ بَعْدَهُ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجْعَةَ إمْسَاكٌ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ، وَالْإِسْلَامُ بَعْدَ الرِّدَّةِ تَبْدِيلٌ لِلدِّينِ الْبَاطِلِ بِالْحَقِّ، فَلَا يَحْصُلُ بِهِ إمْسَاكٌ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بَعْدَهُ وَقِيلَ هُوَ عَائِدٌ بِهِمَا، وَقِيلَ لَيْسَ بِعَائِدٍ بِهِمَا بَلْ بَعْدَهُمَا، وَأَصْلُ الْخِلَافِ قَوْلَانِ فِي الرَّجْعَةِ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهَا عَوْدٌ وَوَجْهَانِ عَلَى هَذَا فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ الرِّدَّةِ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْدٍ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ، ثُمَّ رَاجَعَهَا فَهُوَ عَائِدٌ بِالرَّجْعَةِ أَيْضًا فِي الْأَظْهَرِ. (وَلَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ بَعْدَ الْعَوْدِ بِفُرْقَةٍ) سَوَاءٌ فُرْقَةُ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ وَالْفَسْخِ (وَيُحَرَّمُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَطْءٌ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ التَّكْفِيرَ قَبْلَ الْوَطْءِ حَيْثُ قَالَ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] ، وَقَالَ {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] ، وَيُقَدَّرُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فِي الْإِطْعَامِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِاتِّحَادِ الْوَاقِعَةِ (وَكَذَا الْمَسُّ وَنَحْوُهُ) كَالْقُبْلَةِ (بِشَهْوَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَدْعُو إلَى الْوَطْءِ وَيُفْضِي إلَيْهِ وَالتَّمَاسُّ فِي الْآيَةِ يَشْمَلُهُ. (قُلْت: الْأَظْهَرُ الْجَوَازُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَنَقَلَ فِي الشَّرْحَيْنِ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَالتَّمَاسُّ فِي الْآيَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَطْءِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] وَفِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ خِلَافُ الْحَائِضِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا) أَوْ مَلَكَتْهُ بِإِرْثٍ، أَوْ قَبُولِ وَصِيَّةٍ أَوْ بِبَيْعٍ وَلَا يَضُرُّ الِاشْتِغَالُ بِصِيغَةِ الْبَيْعِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ عَلَى قَبُولِهِ وَلَا يُغْتَفَرُ الْمُسَاوَمَةُ، وَلَا يَكْفِي الْمِلْكُ بِالْهِبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ، وَلَوْ تَقْدِيرًا كَأَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بِشَرْطِ سَبْقِ) الْمُرَافَعَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَاجَعَ مَنْ طَلَّقَهَا إلَخْ) وَهُوَ قَيْدٌ لِنَوْعِ الْخِلَافِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الِاتِّفَاقِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ، وَسَيَذْكُرُ أَصْلَهُ قَوْلُهُ: (تَبْدِيلُ إلَخْ) وَالْحِلُّ تَابِعٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهَانِ عَلَى هَذَا) فَعَلَى مُقَابِلِهِ يُقْطَعُ بِعَدَمِ الْعَوْدِ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ الْقَاطِعُ بِالْعَوْدِ فِي الرَّجْعَةِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ الْفَارِقِ، فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْعَوْدِ) وَلَوْ فِي الظِّهَارِ الْمُوَقَّتِ. قَوْلُهُ: (وَيُحَرَّمُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ) أَيْ مُطْلَقًا فِي الظِّهَارِ الْمُطْلَقِ وَفِي الْمُدَّةِ فِي الظِّهَارِ الْمُوَقَّتِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ - تَعَالَى - أَوْجَبَ التَّكْفِيرَ قَبْلَ الْوَطْءِ) وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ «بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ وَوَاقَعَهَا لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ: (حَمْلًا إلَخْ) وَصَرَّحَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ بِالْقِيَاسِ، وَهُمَا وَجْهَانِ فِي الْأُصُولِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يُحْتَاجُ لِجَامِعٍ، أَوْ لَا؟ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ أَنَّهُ عِنْدَ الشَّارِحِ مِنْ الْقِيَاسِ، فَانْظُرْهُ مَعَ هَذَا إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ إلَخْ) فِيهِ أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّهُ جَعَلَ الْخِلَافَ فِي هَذَا أَوْجُهًا، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي خُرُوجِهِ عَنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُعَبَّرِ بِالْأَقْوَالِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا إلَى تَأْوِيلِهِ أَوْ حَمْلِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَطَالُوا بِهِ الْكَلَامَ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا   [حاشية عميرة] عِوَضٍ فَلَمْ تَقْبَلْ ثَبَتَ طَلَاقُهَا مَجَّانًا [اتَّصَلَتْ بِالظِّهَارِ فُرْقَةٌ بِمَوْتٍ أَوْ فَسْخٍ مِنْ أَحَدِهِمَا بِمُقْتَضِيهِ أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ] قَوْلُهُ: (بِمَوْتٍ) مِنْهُ، أَوْ مِنْهُمَا قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا) هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ وَرِثَهَا وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ عَوْدًا. فَرْعٌ: وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالْمُسَاوَمَةِ وَتَقْرِيرِ الثَّمَنِ فَهُوَ عَائِدٌ فِي الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَاجَعَ) هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَلَمْ يُرَاجِعْ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ مَنْ طَلَّقَهَا إلَخْ. وَإِلَّا فَالْعِبَارَةُ شَامِلَةٌ لِمَا إذَا ظَاهَرَ مِنْ رَجْعِيَّةٍ، ثُمَّ رَاجَعَ وَسَيَذْكُرُهَا الشَّارِحُ بَعْدُ، وَيَحْكِي فِيهَا قَوْلَيْنِ كَمَا هُنَا وَيَحْتَمِلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ لَا طَرَفَ فِيهَا بَلْ فِيهَا قَوْلَانِ فَقَطْ، كَمَا قَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فِيهَا فِي الْأَظْهَرِ دُونَ الْمَذْهَبِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا مَنْ طَلَّقَهَا إلَخْ. لِأَجْلِ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (إمْسَاكٌ) زَادَ الرَّافِعِيُّ وَلِأَنَّهَا اسْتِحْدَاثُ حِلٍّ وَذَلِكَ أَبْلَغُ فِي مُخَالَفَةِ الْوَصْفِ بِالتَّحْرِيمِ مِنْ الْإِمْسَاكِ عَلَى حُكْمِ الْحِلِّ الثَّابِتِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ بِعَائِدٍ بِهِمَا) وَجْهُهُ فِي الرَّجْعَةِ أَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَلَى النِّكَاحِ فَيَسْتَدْعِي تَقَدُّمَ ثُبُوتِ نِكَاحٍ قَوْلُهُ: (وَوَجْهَانِ إلَخْ) مُحَصَّلُ مَا فِي الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا مُرَتَّبٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي الرَّجْعَةِ وَهُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ مِنْ قَوْلِهِ وَوَجْهَانِ عَلَى هَذَا وَقَوْلُهُ وَقَطَعَ بَعْضٌ بِالْأَوَّلِ أَيْ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كُلٍّ طَرِيقَيْنِ وَأَنَّ الْأَصَحَّ طَرِيقُ الْخِلَافِ، وَأَنَّ صَنِيعَ الشَّارِحِ، أَوْ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ بِاخْتِصَارٍ، وَإِعْلَامٍ بِأَنَّ الطُّرُقَ تَرْجِعُ إلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ قَوْلُهُ: (وَلَا تَسْقُطُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِهَا كَالدَّيْنِ لَا يَسْقُطُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ. قَوْلُهُ: (لِاتِّحَادِ الْوَاقِعَةِ) وَلِأَنَّهُ أَوْلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 وَالْأَصَحُّ فِيهِ التَّحْرِيمُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ. (وَيَصِحُّ الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ) كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً (مُؤَقَّتًا) أَيْ يَصِحُّ ظِهَارًا مُؤَقَّتًا عَمَلًا بِالتَّأْقِيتِ (وَفِي قَوْلٍ) يَصِحُّ ظِهَارًا (مُؤَبَّدًا) وَيَلْغُو التَّأْقِيتُ (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ (لَغْوٌ) لِأَنَّهُ بِانْتِفَاءِ التَّأْبِيدِ فِيهِ كَالتَّشْبِيهِ بِمَنْ لَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ مُؤَبَّدًا (فَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحُّ أَنَّ عَوْدَهُ) أَيْ الْعَوْدَ فِيهِ (لَا يَحْصُلُ بِإِمْسَاكٍ بَلْ بِوَطْءٍ فِي الْمُدَّةِ) لِحُصُولِ الْمُخَالَفَةِ لِمَا قَالَهُ بِهِ دُونَ الْإِمْسَاكِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْتَظِرَ بِهِ الْحِلَّ بَعْدَ الْمُدَّةِ. (وَيَجِبُ النَّزْعُ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ) لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ، أَوْ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَاسْتِمْرَارُ الْوَطْءِ وَطْءٌ، وَالْوَطْءُ الْأَوَّلُ جَائِزٌ، فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُكَفِّرْ جَازَ الْوَطْءُ وَبَقِيَتْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَطَأْ أَصْلًا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ الْعَوْدَ فِي الْمُؤَقَّتِ يَحْصُلُ بِالْإِمْسَاكِ كَالْمُطْلَقِ، وَكَذَا إنْ قُلْنَا: الْمُؤَقَّتُ يَتَأَبَّدُ. (وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَمُظَاهِرٌ مِنْهُنَّ فَإِنْ أَمْسَكَهُنَّ فَأَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ) ، كَمَا لَوْ ظَاهَرَ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ (وَفِي الْقَدِيمِ كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ، لِأَنَّهُ ظِهَارٌ وَاحِدٌ (وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ فَعَائِدٌ مِنْ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ) ،   [حاشية قليوبي] أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْأَكْثَرِينَ وَغَيْرِهِمْ لَيْسَ فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَقْتَضِي بُطْلَانَ مَا قَالَهُ فِي الْمَنْهَجِ مِنْ أَنَّ مَنْ حَمَلَ الْآيَةَ عَلَى الْوَطْءِ أَلْحَقَ بِهِ غَيْرَهُ، مِنْ التَّمَتُّعَاتِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَمِنْهَا أَنَّ ذِكْرَ اللَّمْسِ، وَنَحْوِهِ عَقِبَ الْوَطْءِ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي غَيْرِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لَا يُسَمَّى مُبَاشَرَةً، وَمِنْهَا أَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي حُرْمَةَ الْوَطْءِ فِي ذَلِكَ الْغَيْرِ قَطْعًا، وَلَا قَائِلَ بِهِ وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ فِيهِ التَّحْرِيمُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِنْهُ عَدَمُ حُرْمَةِ النَّظَرِ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَنْهَجِ وَإِلْحَاقُ الظِّهَارِ بِالْحَيْضِ لِشَبَهِهِ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ سَنَةً) وَهُوَ فِي هَذَا إيلَاءٌ أَيْضًا فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا وَطِئَ فِي السَّنَةِ وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ مُطْلَقًا وَكَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ كَانَ قَدْ حَلَفَ بِاَللَّهِ كَوَاللَّهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي سَنَةً. قَوْلُهُ: (مُوَقَّتًا) وَالْمَكَانُ كَالزَّمَانِ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي مَكَانِ كَذَا، وَالْعَوْدُ فِيهِ بِالْوَطْءِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ دُونَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لَغْوٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْكَفَّارَةِ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِثْمُ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ) هُوَ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الشَّرْحِ. قَوْلُهُ: (فِي الْمُدَّةِ) لَا مَا بَعْدَهَا كَمَا يَأْتِي، وَلَا مَا قَبْلَهَا إذَا لَمْ تَتَّصِلْ بِظِهَارِهِ. قَوْلُهُ: (الْحَشَفَةِ) أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا قَوْلُهُ: (أَوْ انْقِضَاءِ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ لِاقْتِضَائِهِ حِلَّ الْوَطْءِ بَعْدَ التَّكْفِيرِ مَعَ بَقَاءِ الْمُدَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَسَيَذْكُرُهُ كَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا مُقْتَضَى كَلَامِهِ حُرْمَةُ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ، وَإِنْ انْقَضَتْ بِهِ، أَوْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ كَفَّرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَاسْتِمْرَارُ الْوَطْءِ وَطْءٌ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِوُجُوبِ النَّزْعِ عَدَمُ الِاسْتِمْرَارِ وَاسْتَشْكَلَ هَذَا بِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّ اسْتِمْرَارَ الْوَطْءِ لَا يَحْنَثُ بِهِ لَوْ حَلَفَ لَا يَطَأُ، وَهُوَ مُجَامِعٌ وَاسْتَمَرَّ، وَقَالُوا: اسْتِمْرَارُ الْوَطْءِ لَا يُسَمَّى وَطْئًا وَبِمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ وَطِئْتُكِ وَطْئًا مُبَاحًا حَيْثُ لَمْ يُحَرِّمُوا عَلَيْهِ الِاسْتِدَامَةَ، وَقَالُوا إنَّهَا لَا تُسَمَّى وَطْئًا وَقَدْ يُقَالُ بِسُقُوطِ هَذَا الْإِشْكَالِ مِنْ أَصْلِهِ؛ إذْ مِنْ الْوَاضِحِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَا يُسَمَّى وَطْئًا وَمَا لَهُ حُكْمُ الْوَطْءِ وَالِاسْتِدَامَةِ مِنْ الثَّانِي بِدَلِيلِ تَعْبِيرِهِمْ بِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى وَطْئًا، وَقَوْلُهُمْ اسْتِدَامَةُ الْوَطْءِ وَطْءٌ أَيْ حُكْمًا بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا تُسَمَّى وَطْئًا، وَلَمَّا كَانَ الْمَذْكُورُ فِي لَفْظِ الْحَالِفِ، وَالْمُعَلِّقِ لَفْظَ الْوَطْءِ حُمِلَ عَلَى مَا يَسُمَّاهُ، فَلَا يَشْمَلُ الِاسْتِدَامَةَ، وَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْ الْمُظَاهِرُ حُمِلَ عَلَى الْأَعَمِّ، وَأَيْضًا يُقَالُ هُنَا إنَّ الْمُظَاهِرَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بَعْدَ الْعَوْدِ، وَبِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ حَصَلَ الْعَوْدُ وَالِاسْتِدَامَةُ لَا تَنْقُصُ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ إنْ لَمْ تَكُنْ أَغْلَظَ مِنْهَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَعَضَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مِنْ أَسْرَارِ يَنْبُوعِ الْكَلَامِ وَمِمَّا عَثَرَتْ عَلَيْهِ الْأَفْهَامُ. قَوْلُهُ: (وَالْوَطْءُ الْأَوَّلُ) أَيْ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْعَوْدُ وَكَذَا النَّزْعُ مِنْهُ وَبَقِيَّةُ الْمُبَاشَرَةِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْعَوْدِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَمْسَكَهُنَّ) أَيْ الْأَرْبَعَةَ فَإِنْ أَمْسَكَ بَعْضَهُ فَعَائِدٌ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فَأَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ) وَفَارَقَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ جَمَاعَةً وَكَلَّمَهُمْ حَيْثُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ هُنَا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ: (مُتَوَالِيَةٍ) تَصْوِيرٌ لِلْعَوْدِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ بِظِهَارِ مَنْ بَعْدَهَا لَا أَنَّهُ شَرْطٌ، لِأَنَّ غَيْرَهُ بِالْأَوْلَى مِنْهُ، وَوَهَمَ مَنْ جَعَلَ لَهُ مُحْتَرَزًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] بِذَلِكَ لِطُولِ زَمَنِ الصَّوْمِ [الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ] قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ) أَيْ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْيَمِينِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الظِّهَارِ نَظَرًا لِذَلِكَ أَيْضًا، وَدَلِيلُ هَذَا أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ حَتَّى يَنْسَلِخَ رَمَضَانُ فَوَطِئَهَا فِي الْمُدَّةِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّكْفِيرِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ مُؤَبَّدًا) أَيْ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الطَّلَاقِ وَيَلْغُو التَّأْقِيتُ، قَوْلُهُ: (لَغْوٌ) أَيْ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْإِثْمُ ثَابِتًا قَوْلُهُ: (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْتَظِرَ إلَخْ) أَيْ وَبِالْوَطْءِ انْتَفَى هَذَا الِاحْتِمَالُ قَوْلُهُ: (جَازَ الْوَطْءُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ النَّصِّ يُخَالِفُهُ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَيْضًا، أَقُولُ: وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الظِّهَارَ وَقَعَ مُقَيَّدًا بِالْمُدَّةِ فَلَا يَمْتَنِعُ الْوَطْءُ بَعْدَهَا، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَقَدْ اسْتَقَرَّتْ بِالْعَوْدِ قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ كَفَّارَةٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَلَّدَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ. أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الظِّهَارِ شَائِبَةُ الطَّلَاقِ أَمْ شَائِبَةُ الْيَمِينِ.؟ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 لِإِمْسَاكِ كُلٍّ مِنْهُنَّ زَمَنَ ظِهَارِ مَنْ وَلِيَتْهَا فِيهِ، فَإِنْ أَمْسَكَ الرَّابِعَةَ فَأَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ، وَإِلَّا فَثَلَاثٌ. (وَلَوْ كَرَّرَ) لَفْظَ الظِّهَارِ (فِي امْرَأَةٍ مُتَّصِلًا وَقَصَدَ تَأْكِيدًا فَظِهَارٌ وَاحِدٌ) فَإِنْ أَمْسَكَهَا فَكَفَّارَةٌ، وَإِنْ فَارَقَهَا عَقِبَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ لِأَنَّهُ بِالِاشْتِغَالِ بِالتَّأْكِيدِ عَائِدٌ وَدُفِعَ بِأَنَّ الْكَلِمَاتِ الْمُكَرَّرَةَ لِلتَّأْكِيدِ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ فِي الْحُكْمِ (أَوْ اسْتِئْنَافًا فَالْأَظْهَرُ) التَّعَدُّدُ (لِلظِّهَارِ بَعْدَ) الْمُسْتَأْنَفِ، وَالثَّانِي لَا يَتَعَدَّدُ (وَ) الْأَظْهَرُ عَلَى التَّعَدُّدِ (أَنَّهُ بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ عَائِدٌ فِي) الظِّهَارِ (الْأَوَّلِ) لِلْإِمْسَاكِ زَمَنَهَا، وَالثَّانِي لَا يَكُونُ عَائِدًا بِهَا لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ، فَمَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْجِنْسِ لَا يُجْعَلُ عَائِدًا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِالتَّكْرَارِ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا فَالْأَظْهَرُ اتِّحَادُ الظِّهَارِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِقُوَّتِهِ بِإِزَالَتِهِ الْمِلْكَ، وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مُتَّصِلًا عَنْ الْمُنْفَصِلِ فَإِنَّهُ يَتَعَدَّدُ الظِّهَارُ فِيهِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ يَتَعَدَّدُ فِي قَصْدِ التَّأْكِيدِ أَيْ إعَادَةِ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ. كِتَابُ الْكَفَّارَةِ ذَكَرَ فِيه ِ خِصَالَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَقَطْ، وَصَدَّرَهُ بِمَا يُعْتَبَرُ فِي أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ فَقَالَ، (يُشْتَرَطُ نِيَّتُهَا) أَيْ كَأَنْ يُعْتِقَ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ، فَلَا يَكْفِي بِنِيَّةِ الْعِتْقِ الْوَاجِبِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَنْ نَذْرٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي الصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ (لَا تَعْيِينُهَا) بِأَنْ يُقَيِّدَ بِالظِّهَارِ، أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَا ظِهَارٍ وَقَتْلٍ فَأَعْتَقَ عَبْدًا بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ وَقَعَ مَحْسُوبًا عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْيِينُهَا فِي النِّيَّةِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّهَا فِي مُعْظَمِ خِصَالِهَا نَازِعَةٌ إلَى الْغَرَامَاتِ، فَاكْتُفِيَ فِيهَا بِأَصْلِ النِّيَّةِ فَإِنْ عَيَّنَ فِيهَا وَأَخْطَأَ، كَأَنْ نَوَى كَفَّارَةَ قَتْلٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ   [حاشية قليوبي] لَفْظَ ظِهَارٍ) أَيْ غَيْرَ مُوَقَّتٍ لِعَدَمِ الْعَوْدِ فِيهِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مُتَّصِلًا) وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ. قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ تَأْكِيدًا) وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أَوْ اسْتِئْنَافًا) وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ. قَوْلُهُ: (بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّهُ بِكُلِّ مَرَّةٍ عَائِدٌ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَلَوْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ فِي بَعْضٍ، وَالِاسْتِئْنَافَ فِي بَعْضٍ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (فَالْأَظْهَرُ اتِّحَادُ الظِّهَارِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. فَرْعٌ: لَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَةٍ وَقَالَ سَيِّدُهَا: أَعْتِقْهَا عَنْ كَفَّارَتِي فَفَعَلَ عَتَقَتْ عَنْهَا وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ لِتَضَمُّنِ الْعِتْقِ مِلْكَهُ لَهَا. كِتَابُ الْكَفَّارَةِ مِنْ الْكَفْرِ بِفَتْحِ الْكَافِ، وَهُوَ الْمَحْوُ أَوْ عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ، أَوْ السَّتْرُ، وَمِنْهُ الْكَافِرُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، وَمِنْهُ الزَّارِعُ مَثَلًا لِأَنَّهُ يَسْتُرُ الْحَبَّ بِالتُّرَابِ، وَأَصْلُهَا سَتْرُ جِسْمٍ لِجِسْمٍ، وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُهَا عَلَى غَيْرِهِ مَجَازٌ أَوْ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ. وَهِيَ فِي حَقِّ الْكَافِرِ وَمُسْلِمٍ لَا إثْمَ عَلَيْهِ زَاجِرَةٌ، وَفِي حَقِّ مُسْلِمٍ آثِمٍ جَابِرَةٌ وَزَاجِرَةٌ وَهَذَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ إذْ لَا جَبْرَ وَلَا زَجْرَ فِي نَحْوِ الْمَنْدُوبِ كَمَا يَأْتِي، وَتَقَدَّمَ أَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْكَفَّارَاتِ، وَإِنْ عَصَى بِسَبَبِهَا خِلَافًا لِظَاهِرِ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّ كَفَّارَةَ الْجِمَاعِ فِي الصَّوْمِ عَلَى الْفَوْرِ، وَهِيَ مِنْ الْعِبَادَاتِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ لَكِنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا رِعَايَةُ الرِّفْقِ بِالْفُقَرَاءِ، فَصَحَّتْ النِّيَّةُ فِيهَا مِنْ الْكَافِرِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْ نَحْوَ عَبْدِهِ الْمُسْلِمِ وَزَكَاةِ الْمُرْتَدِّ عَنْ ذَلِكَ وَعَنْ مَالِهِ. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ نِيَّتُهَا) وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهَا أَوْ لَمْ تَقْتَرِنْ بِالْفِعْلِ فَتَكْفِي عِنْدَ عَزْلِ الْمَالِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ، أَوْ عِنْدَ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَكْفِي بِنِيَّةِ الْعِتْقِ الْوَاجِبِ) . نَعَمْ لَوْ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ عِتْقًا وَشَكَّ فِي سَبَبِهِ، هَلْ هُوَ نَذْرٌ، أَوْ كَفَّارَةُ قَتْلٍ كَفَاهُ نِيَّةُ الْعِتْقِ الْوَاجِبِ لِلضَّرُورَةِ. قَوْلُهُ: (نَازِعَةٌ) أَيْ مَائِلَةٌ إلَى تَصَرُّفِ الْمَالِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ فِيهَا لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ إلَّا فَرْضًا، وَنَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا قَالُوهُ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (مُتَوَالِيَةٍ) احْتَرَزَ مِنْ غَيْرِ مُتَوَالِيَةٍ فَإِنَّ الْحُكْمَ ثَابِتٌ فِيهَا مِنْ غَيْرِ خَفَاءٍ [كَرَّرَ لَفْظَ الظِّهَارِ فِي امْرَأَةٍ مُتَّصِلًا وَقَصَدَ تَأْكِيدًا] قَوْلُهُ: (فَظِهَارٌ وَاحِدٌ) أَيْ كَالطَّلَاقِ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَتَعَدَّدُ) أَيْ لِأَنَّ اللَّفْظَ الثَّانِيَ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي التَّحْرِيمِ فَأَشْبَهَ ظِهَارَ الْأَجْنَبِيَّةِ، قَوْلُهُ: (لِقُوَّتِهِ بِإِزَالَتِهِ الْمِلْكَ) وَلِأَنَّ عَدَدَهُ مَحْصُورٌ وَالزَّوْجُ يَمْلِكُهُ فَيُحْمَلُ تَكْرَارُهُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ الْمَمْلُوكِ بِخِلَافِ الظِّهَارِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يَتَعَدَّدُ) مَحَلُّ هَذَا إذَا صَدَرَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ مِنْ الْأَوَّلِ [كِتَابُ الْكَفَّارَةِ] قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَفَّارَةُ الْيَمِينِ فِعْلُ مَا يَجِبُ بِالْحِنْثِ فِيهَا، وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ فِعْلُ مَا يَجِبُ بِالْعَوْدِ فِيهِ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] . اهـ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَلْ الْكَفَّارَةُ زَاجِرَةٌ أَوْ جَابِرَةٌ الظَّاهِرُ الثَّانِي، لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ وَقُرُبَاتٌ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَقَالَ الْإِمَامُ فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ مِنْ حَيْثُ الْإِرْفَاقُ وَسَدُّ الْحَاجَاتِ وَمَعْنَى الْمُؤَاخَذَةِ وَالْعُقُوبَةِ، وَغَرَضُهَا الْأَظْهَرُ الْإِرْفَاقُ اهـ. وَنَبَّهَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ عَلَى أَنَّهَا فِي حَقِّ الْكَافِرِ بِمَعْنَى الزَّجْرِ لَا غَيْرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ نِيَّتُهَا) لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَقِيَاسًا عَلَى الزَّكَاةِ قَوْلُهُ: (وَالْإِطْعَامِ) هَذَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 إلَّا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ لَمْ يُجْزِئْهُ مَا أَتَى بِهِ بِتِلْكَ النِّيَّةِ عَمَّا عَلَيْهِ، وَتُشْتَرَطُ نِيَّةُ الذِّمِّيِّ فِي الْإِعْتَاقِ وَالْإِطْعَامِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِصِحَّتِهَا مِنْهُ وَنِيَّتُهُ لِلتَّمْيِيزِ دُونَ التَّقَرُّبِ، وَيُمْكِنُ مِلْكُهُ لِلرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ كَأَنْ يَعْلَمَ عَبْدَهُ أَوْ عَبْدَ مُوَرِّثِهِ فَيَنْتَقِلَ إلَيْهِ، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ لِتَمَحُّضِهِ قُرْبَةً وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى الْإِطْعَامِ بِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، بِالْإِسْلَامِ فَيُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَتْرُكَ الْوَطْءَ أَوْ تَسْلُكَ طَرِيقَ حِلِّهِ مِنْ الصَّوْمِ بِأَنْ تُسْلِمَ، وَتَأْتِيَ بِهِ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا: حَيْثُ لَمْ تَمْلِكْ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً إمَّا أَنْ تَتْرُكَ الْوَطْءَ، أَوْ تَسْلُكَ طَرِيقَ حِلِّهِ مِنْ إعْتَاقِ الْمُؤْمِنَةِ، بِأَنْ تُسْلِمَ فَتَمْلِكَهَا وَتُعْتِقَهَا. (وَخِصَالُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ) ثَلَاثٌ إحْدَاهَا (عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) قَالَ - تَعَالَى -: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] الْآيَةَ، وَقَالَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْمُطْلَقَ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الثَّانِي قِيَاسًا بِجَامِعِ حُرْمَةِ سَبَبَيْهِمَا مِنْ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ (بِلَا عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ) لِيَقُومَ بِكِفَايَتِهِ فَيَتَفَرَّغَ لِلْعِبَادَاتِ وَوَظَائِفِ الْأَحْرَارِ فَيَأْتِيَ بِهَا تَكْمِيلًا لِحَالِهِ وَهُوَ مَقْصُودُ الْعِتْقِ، وَالْعَاجِزُ عَنْ الْعَمَلِ وَالْكَسْبِ، لَا يَتَأَتَّى لَهُ ذَلِكَ فَلَا يَحْصُلُ بِعِتْقِهِ مَقْصُودُ الْعِتْقِ فَلَا يُجْزِئُ، وَفَرَّعَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مَا بَيَّنَهُ إجْزَاءً وَمَنْعًا بِقَوْلِهِ (فَيُجْزِئُ صَغِيرٌ وَأَقْرَعُ وَأَعْرَجُ يُمْكِنُهُ تِبَاعُ مَشْيٍ) بِأَنْ يَكُونَ عَرَجُهُ غَيْرَ شَدِيدٍ (وَأَعْوَرُ وَأَصَمُّ وَأَخْرَسُ) يَفْهَمُ الْإِشَارَةَ (وَأَخْشَمُ وَفَاقِدُ أَنْفِهِ وَ) فَاقِدُ (أُذُنَيْهِ وَأَصَابِعِ رِجْلَيْهِ) ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ لَا تُخِلُّ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ (لَا زَمِنٌ وَلَا فَاقِدُ رِجْلٍ، أَوْ خِنْصَرٍ وَبِنْصِرٍ مِنْ يَدٍ أَوْ أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ) أُصْبُعٍ.   [حاشية قليوبي] فِي الْحَجِّ مِنْ نَحْوِ التَّصَدُّقِ بِلُقْمَةٍ، كَمَنْ قَتَلَ نَحْوَ قَمْلَةٍ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذِهِ صَدَقَةٌ لَا كَفَّارَةٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَأَخْطَأَ) أَوْ عَيَّنَ عَنْ كَفَّارَةٍ فَبَانَ عَدَمُهَا لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ لِغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُجْزِئْهُ) وَتَقَعُ نَفْلًا لَهُ نَعَمْ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْإِطْعَامِ بِشَرْطِهِ فِي الزَّكَاةِ، وَفَارَقَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ هُنَا صِحَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ فِي مِثْلِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ الْمَانِعِ الشَّامِلِ، لِمَا عَلَيْهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الذِّمِّيِّ) وَمِثْلُهُ الْمُرْتَدُّ وَيَجْزِيهِ إخْرَاجُهَا حَالَ الرِّدَّةِ فَلَهُ الْوَطْءُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (وَيُمْكِنُ مِلْكُهُ لِلرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ إلَخْ) . أَوْصَلَ الْخَطِيبُ كَالتَّحْرِيرِ حُصُولَ مِلْكِ الرَّقَبَةِ الْمُسْلِمَةِ لِلْكَافِرِ إلَى نَحْوِ أَرْبَعِينَ صُورَةً. قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْتَقِلُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ عَجْزٌ حِسِّيٌّ كَمَرَضٍ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تَسَلَّمَ إلَخْ) وَيُمْكِنُ الْإِعْتَاقُ بِالْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ وَفِي الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الْعِتْقِ لَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الْإِطْعَامِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ بِالْإِسْلَامِ، فَيُقَالُ لَهُ اُتْرُكْ الْوَطْءَ، أَوْ أَسْلِمْ وَأَعْتِقْ، أَوْ صُمْ. قَوْلُهُ: (كَفَّارَةُ الظِّهَارِ) خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهِ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَشَمِلَ كَفَّارَةَ الْجِمَاعِ وَكَذَا الْقَتْلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إطْعَامٌ وَلِيَسْلَمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (مُؤْمِنَةٍ) وَلَوْ تَبَعًا، أَوْ بِالدَّارِ وَالْمُرَادُ الْمُسْلِمَةُ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْإِيمَانِ تَبَعًا لِلْقُرْآنِ. قَوْلُهُ: (قِيَاسًا) أَيْ لَا لَفْظًا مِنْ بَابِ التَّقْيِيدِ بِالصِّفَةِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ جَامِعٍ وَهُمَا قَوْلَانِ فِي الْأُصُولِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْقَتْلِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ إذْ الْآيَةُ فِي الْخَطَإِ وَهُوَ لَا حُرْمَةَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالْكَسْبِ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْأَعَمِّ أَوْ الْمُرَادِفِ أَوْ الْمُغَايِرِ لِجَعْلِهِ لِنَقْصِ الْوَصْفِ كَالْجُنُونِ، وَمَا قَبْلَهُ لِنَقْصِ الذَّاتِ كَالْيَدِ، وَاعْتُبِرَ الْعَيْبُ هُنَا بِمَا ذُكِرَ، وَفِي الْأُضْحِيَّةِ بِمَا يَنْقُصُ اللَّحْمَ، وَفِي النِّكَاحِ بِمَا يُخِلُّ بِالْجِمَاعِ، وَفِي الْبَيْعِ وَالزَّكَاةِ بِمَا يُخِلُّ بِالْمَالِ نَظَرًا فِي كُلِّ بَابٍ بِمَا يَلِيقُ بِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ زِيَادَةٌ عَلَى هَذَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِيَقُومَ بِكِفَايَتِهِ) فِيهِ نَظَرٌ بِإِجْزَاءِ الصَّغِيرِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ التَّكْمِيلُ قَوْلُهُ: (صَغِيرٌ) وَلَوْ ابْنَ سَاعَةٍ، أَوْ يَوْمٍ وَالْبَالِغُ أَكْمَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ عَيَّنَهُ، وَلَوْ بَانَ فِيهِ بَعْدَ كِبَرِهِ عَيْبٌ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ. قَوْلُهُ: (وَأَعْوَرُ) عَوَرًا لَا يُخِلُّ وَفَارَقَ عَدَمَ إجْزَاءِ الْعَوْرَاءِ فِي الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّهُ يَنْقُصُ لَحْمَهَا بِتَرْكِ الْمَرْعَى، وَلَا يُجْزِئُ الْأَعْمَى أَيْ مُحَقَّقُ الْعَمَى، وَإِنْ أَبْصَرَ حَالًا؛ لِأَنَّ عَوْدَ الْبَصَرِ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْعَمَى سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (يَفْهَمُ الْإِشَارَةَ) وَتُفْهَمُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَأَخْشَمُ) وَأَكْوَعُ أَيْ أَعْوَجُ الْكُوعِ وَأَوْكَعُ أَيْ لَئِيمٌ أَوْ كَاذِبٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّفَاتِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: وَعَطْفُ هَذِهِ الصِّفَاتِ بِالْوَاوِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَتْ كُلُّهَا، أَوْ بَعْضُهَا لَمْ يَضُرَّ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لَا زَمِنٌ) وَمِنْهُ شَلَلُ الرِّجْلِ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ بِهِ آفَةٌ تَمْنَعُهُ مِنْ الْكَسْبِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ. فَيَكْفِي وَيُجْزِئُ عِتْقُ الْأَجْذَمِ وَالْأَبْرَصِ وَالْمَجْبُوبِ، وَالْعِنِّينِ وَالْفَاسِقِ وَوَلَدِ الزِّنَى وَالْأَحْمَقِ، وَالرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ وَضَعِيفِ الْبَطْشِ، وَالرَّأْيِ وَالْأَخْرَقِ، وَهُوَ مَنْ لَا يُحْسِنُ   [حاشية عميرة] فِي الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ، أَوْ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِمَا سَيَأْتِي، لِأَنَّهُ لَا يُطْعِمُ فِي الظِّهَارِ وَنَحْوِهِ، حَتَّى يُسْلِمَ وَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مُطْلَقِ الْكَفَّارَةِ [خِصَالُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ] قَوْلُهُ: (قِيَاسًا) أَيْ لَا لَفْظًا بِمَعْنَى أَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ اللَّفْظِ الْمُقَيَّدِ مُقْتَضٍ لِاعْتِبَارِ الْقَيْدِ فِي الْمُطْلَقِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى جَامِعٍ كَمَا قِيلَ بِهِ وَمَنَعَ الْحَنَفِيُّ الْحَمْلَ لِلِاخْتِلَافِ فَيَبْقَى الْمُطْلَقُ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَالْأَدِلَّةُ مَبْسُوطَةٌ فِي الْأُصُولِ، وَحَدِيثُ الْجَارِيَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» خِطَابًا لِسَيِّدِهَا الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهُ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ مُؤَيِّدٌ لِمَا يَقُولُهُ إمَامُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (يُخِلُّ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ) قِيلَ الْأَوَّلُ يُغْنِي عَنْ الثَّانِي قَوْلُهُ: (مَشْيٍ) الْأَحْسَنُ تَعْرِيفُهُ قَوْلُهُ: (وَأَخْشَمُ) هُوَ فَاقِدُ الشَّمِّ قَوْلُهُ: (وَلَا فَاقِدُ رِجْلٍ) حِسًّا، أَوْ مَعْنًى قَوْلُهُ: (خِنْصَرٍ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ حَيْثُ ذَكَرَهُ فِي مَادَّةِ خَصَرَ أَنَّ الْوَزْنَ فِنْعَلٌ لَكِنَّ صَاحِبَ الْمُحْكَمِ ذَكَرَهُ فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 (غَيْرِهِمَا قُلْت: أَوْ أُنْمُلَةِ إبْهَامٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِخْلَالِ كُلٍّ مِنْ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجْزِي فَاقِدُ يَدٍ وَلَا فَاقِدُ أَصَابِعِهَا، وَلَا فَاقِدُ أُصْبُعٍ مِنْ الْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ الْوُسْطَى، وَأَنَّهُ يُجْزِئُ فَاقِدُ خِنْصَرٍ مِنْ يَدٍ وَبِنْصِرٍ مِنْ الْأُخْرَى وَفَاقِدُ أُنْمُلَةٍ مِنْ غَيْرِ الْإِبْهَامِ فَلَوْ فُقِدَتْ أَنَامِلُهُ الْعُلْيَا مِنْ الْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ أَجْزَأَ وَتَرَدَّدَ الْإِمَامُ فِيهِ، وَلَا يُجْزِئُ الْجَنِينُ، وَإِنْ انْفَصَلَ لِمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِعْتَاقِ، لِأَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْحَيِّ، وَقِيلَ إنْ انْفَصَلَ كَذَلِكَ تَبَيَّنَ الْإِجْزَاءُ (وَلَا) يُجْزِئُ (هَرِمٌ عَاجِزٌ) عَنْ الْعَمَلِ وَالْكَسْبِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَاجِزِ فَيُجْزِئُ (وَ) لَا (مَنْ أَكْثَرَ وَقْتِهِ مَجْنُونٌ) فِيهِ تَجَوُّزٌ بِالْإِسْنَادِ إلَى الزَّمَانِ، وَالْأَصْلُ وَلَا مَنْ هُوَ فِي أَكْثَرِ أَوْقَاتِهِ مَجْنُونٌ بِخِلَافِ مَنْ هُوَ فِي أَكْثَرِهَا عَاقِلٌ، فَيُجْزِئُ تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ فِي الشِّقَّيْنِ وَمَنْ اسْتَوَى فِيهِ زَمَنُ جُنُونِهِ وَزَمَنُ إفَاقَتِهِ يُجْزِئُ فِي الْأَصَحِّ (وَلَا مَرِيضٌ لَا يُرْجَى) بُرْؤُهُ كَصَاحِبِ السُّلِّ فَإِنَّهُ كَالزَّمِنِ بِخِلَافِ مَنْ يُرْجَى بُرْؤُهُ فَيُجْزِئُ (فَإِنْ بَرِئَ) مَنْ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ بَعْدَ إعْتَاقِهِ (بَانَ الْإِجْزَاءُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ بِنَاءً عَلَى ظَنٍّ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ (وَ) الثَّانِي (لَا) يُجْزِئُ، لِأَنَّ نِيَّةَ الْكَفَّارَةِ بِمَا يُظَنُّ عَدَمُ بُرْئِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَإِنْ مَاتَ مَنْ يُرْجَى بُرْؤُهُ بَعْدَ إعْتَاقِهِ فَقِيلَ لَا يُجْزِئُ لِتَبَيُّنِ خِلَافِ الْمَظْنُونِ وَالْأَصَحُّ إجْزَاؤُهُ، وَمَوْتُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَرَضٍ آخَرَ. وَلَا (يُجْزِئُ شِرَاءُ قَرِيبٍ) يَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ الْأُصُولِ، أَوْ الْفُرُوعِ (بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ) ، لِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحَقٌّ بِجِهَةِ الْقَرَابَةِ فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهَا إلَى الْكَفَّارَةِ (وَلَا) عِتْقُ (أُمِّ وَلَدٍ وَذِي كِتَابَةٍ صَحِيحَةٍ) عَنْ الْكَفَّارَةِ، لِأَنَّ عِتْقَهُمَا مُسْتَحَقٌّ بِالْإِيلَادِ وَالْكِتَابَةِ فَيَقَعُ عَنْهُمَا دُونَ الْكَفَّارَةِ أَمَّا الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَيُجْزِئُ، عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْأَصَحِّ لِكَمَالِ رِقِّهِ (وَيُجْزِئُ مُدَبَّرٌ وَمُعَلَّقٌ بِصِفَةٍ) يُنَجَّزُ عِتْقُهُمَا بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ عَنْهَا لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا وَالْمُدَبَّرُ مَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: إذَا مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ. (فَلَوْ أَرَادَ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ (جَعْلَ عِتْقِ الْمُعَلَّقِ كَفَّارَةً) عِنْدَ حُصُولِ الصِّفَةِ بِأَنْ يُعِيدَ التَّعْلِيقَ وَيَزِيدَ فِيهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ يَقُولَ: إنْ دَخَلْتهَا فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي (لَمْ يَجُزْ) مَا أَرَادَهُ فَلَا يَعْتِقُ الْمُعَلَّقُ بِالصِّفَةِ عِنْدَ حُصُولِ الصِّفَةِ عَنْ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الْعِتْقِ بِالتَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ فَيَقَعُ عَنْهُ. [تَعْلِيقُ عِتْقِ الْكَفَّارَةِ بِصِفَةٍ] (وَلَهُ تَعْلِيقُ عِتْقِ الْكَفَّارَةِ بِصِفَةٍ) كَأَنْ يَقُولَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي فَيَعْتِقُ عَنْهَا بِالدُّخُولِ (وَ) لَهُ (إعْتَاقُ عَبْدَيْهِ عَنْ كَفَّارَتَيْهِ عَنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفَ ذَا) الْعَبْدِ (وَنِصْفَ ذَا) الْعَبْدِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَقَعَ الْعِتْقُ كَذَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ إعْتَاقِ الْعَبْدَيْنِ عَنْ الْكَفَّارَتَيْنِ بِمَا فَعَلَ.   [حاشية قليوبي] صَنْعَةً وَفَاقِدِ أَسْنَانِهِ كُلِّهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ أُصْبُعٍ غَيْرِهِمَا) وَكَذَا مِنْهُمَا قَوْلُهُ: (الْجَنِينُ) وَلَا مَنْ لَمْ يَتِمَّ انْفِصَالُهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ حَيَاتِهِ. قَوْلُهُ: (عَاجِزٌ) قَيْدٌ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَابْنِ حَجَرٍ وَقِيلَ: صِفَةٌ كَاشِفَةٌ. قَوْلُهُ: (مَجْنُونٌ) أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فِي أَكْثَرِهَا عَاقِلٌ) وَالْعِبْرَةُ بِأَوْقَاتِ الْعَمَلِ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا، وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ بِالنَّهَارِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ، وَلَوْ كَانَ فِي أَوْقَاتِ الْإِفَاقَةِ خَلَلٌ لَوْ ضُمَّ إلَى غَيْرِ الْإِفَاقَةِ كَانَ أَكْثَرَ لَمْ يُجْزِئْ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَجْنُونَ لَا يُجْزِئُ وَإِنْ بَرِئَ، أَوْ ظُنَّ بُرْؤُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يُجْزِئُ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (عَلَى ظَنٍّ) وَبِهَذَا فَارَقَ الْعَمَى كَمَا مَرَّ. وَلَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْعَمَى وَأَبْصَرَ أَجْزَأَ فِيهِمَا سَوَاءٌ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي الْجِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ إجْزَاؤُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ مَرَضِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ. فَرْعٌ: لَا يُجْزِئُ مَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ بَعْدَ الرَّفْعِ إلَى الْأَمَامِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ، وَيُجْزِئُ مَنْ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ مَا لَمْ يُقْتَلْ. تَنْبِيهٌ: الْأَعْشَى وَالْأَخْفَشُ وَهُمَا مَنْ يُبْصِرُ نَهَارًا فَقَطْ، أَوْ لَيْلًا فَقَطْ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ كَسْبِهِمَا لَمْ يَكْفِ، وَإِلَّا كَفَى إعْتَاقُهُمَا وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَذِي كِتَابَةٍ صَحِيحَةٍ) أَيْ لَمْ يَسْبِقْهَا تَعْلِيقٌ عَنْ الْكَفَّارَةِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي: ثُمَّ كَاتَبَهُ فَإِذَا دَخَلَهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِ سَيِّدِهِ عَتَقَ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ اعْتِبَارَ الصِّفَاتِ فِي الْعَبْدِ يُكْتَفَى بِوُجُودِهَا حَالَ التَّعْلِيقِ فَلَا يَصِحُّ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ: إذَا أَسْلَمْت فَأَنْت حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي، وَمُقْتَضَاهُ إجْزَاءُ تَعْلِيقِ عِتْقِ الْبَصِيرِ عَنْهَا، أَوْ الصَّحِيحِ كَذَلِكَ، وَيُجْزِئُ، وَإِنْ عَمِيَ بَعْدَهُ، أَوْ مَرِضَ بِمَا لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيَقَعُ عَنْهَا) مُعَامَلَةً لَهُ بِضِدِّ قَصْدِهِ قَوْلُهُ: (وَمُعَلَّقٌ بِصِفَةٍ إلَخْ) وَمِنْهُ ذُو كِتَابَةٍ فَاسِدَةٍ وَيُجْزِئُ مَغْصُوبٌ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَخْلِيصِهِ وَحَامِلٌ وَيَتْبَعُهَا وَلَدُهَا، وَإِنْ اسْتَثْنَاهُ، وَجَانٍ وَمَرْهُونٌ حَيْثُ نَفَذَ عِتْقُهُمَا لَا مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ وَمُؤَجَّرٌ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فَعَلَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُوَ صِيغَةُ الْمُكَفِّرِ، وَأَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ مُشَقَّصًا كَمَا فَعَلَ وَعَلَيْهِ لَوْ ظَهَرَ عَدَمُ   [حاشية عميرة] الرُّبَاعِيِّ فَالْوَزْنُ فَعْلَلٌّ قَوْلُهُ (بِالْإِسْنَادِ) أَيْ إسْنَادِ مَجْنُونٍ إلَى أَكْثَرَ، قَوْلُهُ (وَلَا مَرِيضٌ لَا يُرْجَى) كَالْفَالِجِ فِي مَعْنَى هَذَا إعْتَاقُ مَنْ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ، قَوْلُهُ: (غَيْرُ صَحِيحَةٍ) قَالَ فِي التَّنْقِيحِ وَهُوَ قَوِيٌّ، لِأَنَّهُ غَيْرُ جَازِمٍ بِأَنَّهُ مَرْجُوُّ الزَّوَالِ، وَالتَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ قَادِحٌ قَوْلُهُ: (شِرَاءُ قَرِيبٍ) مِثْلُهُ مِلْكُهُ بِغَيْرِ الشِّرَاءِ كَالْهِبَةِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ عِتْقَهُ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ نَظِيرَ مَا لَوْ اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ الطَّعَامُ فِي النَّفَقَةِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ، بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ، قَوْلُهُ: (وَالْمُدَبَّرُ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ خَاصٌّ فَلَا يَرِدُ أَنَّ مَا قَبْلَهُ يُغْنِي عَنْهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 وَقِيلَ: يَعْتِقُ عَبْدٌ عَنْ كَفَّارَةٍ وَعَبْدٌ عَنْ الْأُخْرَى وَيَلْغُو تَعَرُّضُهُ لِلنِّصْفَيْنِ. (وَلَوْ أَعْتَقَ مُعْسِرٌ نِصْفَيْنِ) لَهُ مِنْ عَبْدَيْنِ (عَنْ كَفَّارَةٍ) عَلَيْهِ (فَالْأَصَحُّ الْإِجْزَاءُ إنْ كَانَ بَاقِيهِمَا حُرًّا) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ رَقِيقًا وَالْفَرْقُ أَنَّهُ حَصَلَ مَقْصُودُ الْعِتْقِ عَنْ التَّخْلِيصِ مِنْ الرِّقِّ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَقِيلَ يُجْزِئُ إعْتَاقُ النِّصْفَيْنِ مُطْلَقًا تَنْزِيلًا لَهُمَا مَنْزِلَةَ الْوَاحِدِ الْكَامِلِ، وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ إعْتَاقُهُمَا مُطْلَقًا، لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ وَلَمْ يُوجَدْ فِي ذَلِكَ. (وَلَوْ أَعْتَقَ) عَبْدًا عَنْ كَفَّارَةٍ (بِعِوَضٍ) عَلَى الْعَبْدِ كَأَنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي عَلَى أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ دِينَارًا (لَمْ يُجْزِئْ) ذَلِكَ الْإِعْتَاقُ (عَنْ كَفَّارَةٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يُجَرِّدْ الْإِعْتَاقَ لَهَا بَلْ ضَمَّ إلَيْهَا قَصْدَ الْعِوَضِ وَقِيلَ يُجْزِئُ عَنْهَا وَيَسْقُطُ الْعِوَضُ وَاسْتَطْرَدَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لَهُمْ بِذِكْرِ مَسَائِلَ فِيمَنْ اسْتَدْعَى الْإِعْتَاقَ بِعِوَضٍ فَقَالَ: (وَالْإِعْتَاقُ بِمَالٍ كَطَلَاقٍ بِهِ) أَيْ فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الْمَالِكِ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَائِبَةُ التَّعْلِيقِ وَمِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدْعِي مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَائِبَةُ الْجَعَالَةِ (فَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْ أُمَّ وَلَدِك عَلَى أَلْفٍ فَأَعْتَقَ نَفَذَ) الْإِعْتَاقُ (وَلَزِمَهُ الْعِوَضُ) الْمَذْكُورُ وَكَانَ ذَلِكَ افْتِدَاءً مِنْ الْمُسْتَدْعِي كَاخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ (وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى كَذَا فَأَعْتَقَ) فَإِنَّهُ كَمَا يَنْفُذُ الْعِتْقُ قَطْعًا يَلْزَمُهُ الْعِوَضُ (فِي الْأَصَحِّ) لِالْتِزَامِهِ إيَّاهُ وَالثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ؛ إذْ لَا افْتِدَاءَ فِي ذَلِكَ لِإِمْكَانِ نَقْلِ الْمِلْكِ فِي الْعَبْدِ بِخِلَافِ أُمِّ وَلَدٍ (وَإِنْ قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى كَذَا فَفَعَلَ عَتَقَ عَنْ الطَّالِبِ وَعَلَيْهِ الْعِوَضُ) .   [حاشية قليوبي] إجْزَاءِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ لَمْ يَصِحَّ التَّكْفِيرُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ، أَيْ ظَاهِرًا فَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا غَيْرَهُ مُشَقَّصًا كَمَا فَعَلَ أَوَّلًا أَجْزَأَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَعْتِقُ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الصِّحَّةِ، وَهُوَ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ لِعِلْمِ غَيْرِهَا. مِنْهَا بِالْأَوْلَى وَلِذَلِكَ قِيلَ فِيهَا: إنَّهُ بِعِتْقِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ يَسْرِي إلَى الْبَاقِي، وَإِنْ رُدَّ بِأَنَّ الصِّيغَةَ وَاحِدَةٌ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي وُقُوعِ الْعِتْقِ مُشَقَّصًا أَوَّلًا، وَعَلَى هَذَا لَوْ ظَهَرَ عَدَمُ إجْزَاءِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَقَعَ الْآخَرُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَعْتَقْت نِصْفَكُمَا عَنْ كَفَّارَةِ قَتْلِي، وَنِصْفَكُمَا عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِي، أَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُكُمَا نِصْفَكُمَا عَنْ كَذَا وَنِصْفَكُمَا عَنْ كَذَا، أَنَّهُ يَقَعُ غَيْرُ مُشَقَّصٍ قَطْعًا لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ بِنِصْفِ كُلٍّ مِنْ الْعَبْدَيْنِ، فَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ هُنَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ. قَوْلُهُ: (مُعْسِرٌ) أَيْ بِقِيمَةِ بَاقِي الْعَبْدَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا فَإِنْ أَيْسَرَ بِذَلِكَ صَحَّ لَكِنْ لَا يَقَعُ مَا سَرَى عَنْ الْكَفَّارَةِ، إلَّا إنْ نَوَاهَا عِنْدَ الْإِعْتَاقِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَاقِيهِمَا) أَيْ بَاقِي أَحَدِهِمَا حُرٌّ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ) أَيْ بَاقِيهِمَا مَعًا رَقِيقًا يُجْزِئُ الْعِتْقُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، أَيْ الْآنَ فَلَوْ مَلَكَ بَعْضَ أَحَدِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَعَتَقَهُ عَنْهَا تَبَيَّنَ الْإِجْزَاءُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ خَرَجَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ بِغَيْرِ صِفَةِ الْإِجْزَاءِ فَفِي بَاقِي الْآخَرِ مَا ذُكِرَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَبْدِ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ، فَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: أَعْتِقْ عَبْدِي عَنْ كَفَّارَتِي بِأَلْفٍ عَلَيْك، أَوْ قَالَ لَهُ أَجْنَبِيٌّ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنْ كَفَّارَتِك بِكَذَا عَلَيَّ فَقَبِلَ، فِيهِمَا صَحَّ الْعِتْقُ لَا عَنْ الْكَفَّارَةِ وَيَلْزَمُ الْمُلْتَزِمَ الْحُرَّ الْعِوَضُ، وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي فَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ كَأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ أَعْطَيْتنِي كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي، أَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: إنْ أَعْطَيْتنِي كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي؛ عَتَقَ عَنْ كَفَّارَةِ الْمَالِكِ وَلَا عِوَضَ عَلَى عَبْدٍ وَلَا غَيْرِهِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ لِوُجُودِ الْعِتْقِ حُصُولُ الصِّفَةِ مِنْ إعْطَاءِ الْعِوَضِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَطْرَدَ) فَهِيَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا لَكِنْ لَهَا مُنَاسَبَةٌ بِمَا هُنَا قَوْلُهُ: (قَالَ: أَعْتِقْ أُمَّ وَلَدِك عَلَى أَلْفٍ) عَلَيَّ لَك فَأَعْتَقَ نَفَذَ الْعِتْقُ، وَلَزِمَهُ الْعِوَضُ إنْ لَمْ يَقُلْ الطَّالِبُ عَنِّي، أَوْ عَنَّا، وَلَا: عَتَقَتْ وَلَا مَالَ. قَوْلُهُ: (فَأَعْتَقَ) أَيْ فَوْرًا، وَإِلَّا عَتَقَتْ وَلَا مَالَ. قَوْلُهُ: (وَلَزِمَهُ الْعِوَضُ الْمَذْكُورُ) أَيْ إنْ كَانَ صَحِيحًا، وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي فِي الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (أَعْتِقْ عَبْدَك) وَلَمْ يَقُلْ الطَّالِبُ: عَنِّي، أَوْ عَنْهُ أَيْ قَالَ أَعْتَقْته عَنْك بِذَلِكَ، أَوْ أَعْتَقْته بِذَلِكَ، فَإِنْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: عَتَقَ عَنْ الطَّالِبِ وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ، فَإِنْ نَوَى الْعِتْقَ لِنَفْسِهِ، أَوْ قَالَ: أَعْتَقْته عَنِّي؛ عَتَقَ عَنْ السَّيِّدِ وَلَا شَيْءَ، فَإِنْ قَالَ عَنْ كَفَّارَتِي وَقَعَ عِتْقُهَا لَا بِهِ. وَذَلِكَ لَازِمُ الطَّالِبِ، وَإِنْ قَالَ أَعْتَقْته عَنْك مَجَّانًا عَتَقَ عَنْ الطَّالِبِ وَلَا شَيْءَ. قَوْلُهُ: (وَلَزِمَهُ الْعِوَضُ) عَلَى مَا مَرَّ. وَلَوْ رَدَّ الْمُعْتِقُ الْعِوَضَ بَعْدَ الْجَوَابِ لِيَقَعَ الْعِتْقُ عَنْهُ وَلَوْ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ يَنْقَلِبْ، فَإِنْ قَالَهُ حَالَ الْجَوَابِ وَقَعَ عَنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ إلَخْ) . أَيْ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْبَاقِي لِغَيْرِهِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ سَرَى وَأَجْزَأَ النِّصْفَانِ، وَفِي الْأُولَى أَعْنِي، إذَا كَانَا لِغَيْرِهِ، لَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ مَلَكَ النِّصْفَ الْآخَرَ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَجْزَأَ هَذَا مُحَصَّلُ مَا فِي الزَّرْكَشِيّ، وَالشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، قَالَ: فَمَا سَلَفَ لَهُ قَصْدُهُ بِهِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ مِمَّا إذَا كَانَ الْبَاقِي رَقِيقًا لِغَيْرِهِ لِيَصِحَّ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَنْ بَاقِيهِ حُرٌّ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَبْدِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ غَيْرِهِ؛ كَ أَعْتَقْتُ عَبْدِي هَذَا عَنْ كَفَّارَتِي بِأَلْفٍ عَلَيْك فَيَقْبَلُ أَوْ يَقُولُ لَهُ غَيْرُهُ: أَعْتِقْ عَنْ كَفَّارَتِك وَعَلَيَّ كَذَا فَيَفْعَلُ، فَإِنَّ الْعِتْقَ يَصِحُّ لَا عَنْ الْكَفَّارَةِ وَيَلْزَمُهُ الْعِوَضُ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا خَصَّ الْمَسْأَلَةَ بِالْعَبْدِ، لِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْعُمُومِ يَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنْ كَفَّارَتِي عَلَى أَلْفٍ قَوْلُهُ: (عَلَى أَلْفٍ) لَوْ زَادَ لَفْظَةَ " عَنِّي " نَفَذَ الْعِتْقُ وَلَا عِوَضَ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ) قَوْلُهُ: عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ " عَنِّي " لِقَرِينَةِ الْعِوَضِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَتَقَ عَنْ الطَّالِبِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّهُ إذَا عَتَقَ عَنْ الْغَيْرِ فِي السِّرَايَةِ بِغَيْرِ رِضَا الْمَالِكِ فَلَأَنْ يَقَعَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 لِتَضَمُّنِ مَا ذُكِرَ لِلْبَيْعِ لِتَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى الْمِلْكِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: بِعْنِيهِ بِكَذَا وَأَعْتِقْهُ عَنِّي وَقَدْ أَجَابَهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ عَقِبَ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ) مِنْ الْمُجِيبِ كَقَوْلِهِ: أَعْتَقْتُهُ عَنْك لِأَنَّهُ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الْمِلْكُ (ثُمَّ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) لِتَأَخُّرِ الْعِتْقِ عَنْ الْمِلْكِ وَقِيلَ: يَحْصُلُ الْمِلْكُ وَالْعِتْقُ مَعًا عِنْدَ تَمَامِ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ لِحُصُولِهِمَا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ الْمُصَنِّفُ فِي بَيَانِ مَنْ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَقَالَ (وَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا، أَوْ ثَمَنَهُ فَاضِلًا عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ نَفَقَةً وَكِسْوَةً وَسُكْنَى وَأَثَاثًا لَا بُدَّ مِنْهُ لَزِمَهُ الْعِتْقُ) أَيْ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَمْلِكْ مَا ذُكِرَ بِوَصْفِهِ كَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى خِدْمَتِهِ لِمَرَضٍ، أَوْ كِبَرٍ، أَوْ ضَخَامَةٍ مَانِعَةٍ مِنْ خِدْمَتِهِ نَفْسَهُ، أَوْ مَنْصِبٍ يَأْبَى أَنْ يَخْدُمَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي حَقِّهِ كَالْمَعْدُومِ بِخِلَافِ مَنْ هُوَ مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ فَيَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ بِصَرْفِ الْعَبْدِ إلَى الْكَفَّارَةِ ضَرَرٌ شَدِيدٌ، وَإِنَّمَا يَفُوتُهُ نَوْعُ رَفَاهِيَةٍ وَسَكَتُوا عَنْ تَقْدِيرِهِ مُدَّةَ النَّفَقَةِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا، وَجَوَّزَ الرَّافِعِيُّ أَنْ تُقَدَّرَ بِالْعُمُرِ الْغَالِبِ، وَأَنْ تُقَدَّرَ بِسَنَةٍ، لِأَنَّ الْمُؤْنَاتِ تَتَكَرَّرُ فِيهَا، وَالصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي. (وَلَا يَجِبُ بَيْعُ ضَيْعَةٍ، وَرَأْسُ مَالٍ لَا يَفْضُلُ دَخْلُهُمَا) مِنْ غَلَّةِ الضَّيْعَةِ وَرِبْحِ مَالِ التِّجَارَةِ (عَنْ كِفَايَتِهِ) لِتَحْصِيلِ عَبْدٍ يُعْتِقُهُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِمَا (وَلَا) بَيْعُ (مَسْكَنٍ وَعَبْدٍ نَفِيسَيْنِ أَلِفَهُمَا فِي الْأَصَحِّ) .   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لِتَضَمُّنِ مَا ذُكِرَ لِلْبَيْعِ) لِقَرِينَةِ ذِكْرِ الْعِوَضِ وَيَقَعُ عَنْ كَفَّارَتِهِ إنْ كَانَتْ وَنَوَاهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْعِوَضَ، فَإِنْ قَالَ عَنْ كَفَّارَتِي وَقَعَ عَنْهَا وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ، وَإِلَّا عَتَقَ عَنْهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْعِوَضِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ وَوُقُوعُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ لَا يُنَافِيهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ) هِيَ لِمُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ. قَوْلُهُ: (يَعْتِقُ عَلَيْهِ) فَإِنْ نَوَاهُ عَنْ كَفَّارَةٍ عَلَيْهِ وَقَعَ عَنْهَا كَمَا مَرَّ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: أَطْعِمْ عَنْ كَفَّارَتِي سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ كَذَا مِنْ جِنْسِ كَذَا صَحَّ، وَكَذَا الْكِسْوَةُ، وَإِنْ نَوَى عِنْدَ الْإِخْرَاجِ الْكَفَّارَةَ، وَلَوْ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ فِيهِمَا فَلَهُ بَدَلُ مَا أَخْرَجَهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرُّعَ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْكَفَّارَةِ) وَلَوْ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ أَوْ الْأَذَى فِي الْحَجِّ عَلَى الرَّاجِحِ وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ بِالْمُرَتَّبَةِ لِكَوْنِهَا مَحَلَّ الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (مَنْ مَلَكَ) وَلَوْ سَفِيهًا وَفَارَقَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِأَنَّ مَا هُنَا نَادِرٌ بِدَوْمِ ضَرَرِهِ. قَوْلُهُ: (فَاضِلًا) حَالٌ مُتَنَازَعٌ فِيهَا، وَفِي جَوَازِهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ خِلَافٌ. قَوْلُهُ: (وَعِيَالِهِ) أَيْ مَمُونِهِ وَعَنْ كُتُبِ فَقِيهٍ: وَخَيْلِ جُنْدِيٍّ وَآلَةِ مُحْتَرِفٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا فِي الْفَلَسِ. قَوْلُهُ: (ضَخَامَةٍ) أَيْ عُلُوِّ مَرْتَبَةٍ بِلَا مَنْصِبٍ أَوْ عَبَالَةِ الْبَدَنِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَمِيلُ إلَى الثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَوْ مَنْصِبٍ) بِحَيْثُ يُلَامُ عَلَى مُخَالَفَةِ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ الضَّخَامَةُ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ هَذَا وَيُقَالُ فِي احْتِيَاجِ مُمَوَّنِهِ كَذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يُرَادُ فِي مُمَوَّنِهِ عَدَمُ الْقُدْرَةِ بِالْفِعْلِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِالْعُمُرِ الْغَالِبِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ بِبَاقِيهِ وَبَعْدَهُ سَنَةً بِسَنَةٍ قَوْلُهُ: (ضَيْعَةٍ) هِيَ مَا يَسْتَغِلُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ، أَوْ أَرْضٍ، أَوْ غَيْرِهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَضِيعُ بِتَرْكِهَا. قَوْلُهُ: (لَا يَفْضُلُ إلَخْ) فَإِنْ فَضَلَ لَزِمَهُ بَيْعُ الْفَاضِلِ إنْ كَفَى بِثَمَنِ رَقَبَةٍ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا وَلَوْ كَفَى الْفَاضِلُ لَكِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِيه وَحْدَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ بَيْعُ جَمِيعِهَا، إلَّا إنْ كَانَ الْفَاضِلُ مِنْ ثَمَنِهَا يَكْفِيه الْعُمُرَ الْغَالِبَ فَرَاجِعْهُ. وَقَوْلُ شَيْخِنَا الْمُرَادُ بِالْفَضْلِ أَنْ يَكُونَ لَوْ أَجَّرَ ذَلِكَ، أَوْ اتَّجَرَ فِيهِ سَنَةً حَصَلَ لَهُ مَا يَكْفِي الْعُمُرَ الْغَالِبَ غَيْرُ وَاضِحٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا بَيْعُ مَسْكَنٍ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ نَعَمْ لَوْ اتَّبَعَ الْمَسْكَنُ جِدًّا بِحَيْثُ يَكْفِيه بَعْضُهُ بِيعَ بَاقِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَأْلُوفِهِ فَهُوَ يُبَاعُ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ لَزِمَ فَوَاتُ الشَّرْطِ فَرَاجِعْهُ.   [حاشية عميرة] عَنْهُ بِرِضَا الْمَالِكِ مِنْ بَابِ أَوْلَى، قَالَ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الطَّالِبِ كَفَّارَةٌ وَنَوَى وَهُوَ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَحْصُلُ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ فِيهِ الْجَمْعَ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ الْمِلْكِ، وَإِزَالَتِهِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَيْسَ فِيهِ سِوَى تَأْخِيرِ الْعِتْقِ عَنْ الْإِعْتَاقِ بِقَدْرِ تَوَسُّطِ الْمِلْكِ، وَلَا يَضُرُّ فِي الْعِتْقِ عَنْ الْغَيْرِ، وَنَبَّهَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ قَطْعًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ مَتَى يَحْصُلُ وَأَنَّ بَعْضَهُمْ اسْتَشْكَلَ تَقْدِيرَ الْمِلْكِ وَقَالَ: مَا الدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَحَدِيثُ السِّرَايَةِ هُوَ الدَّلِيلُ وَهُوَ أَصْلٌ فِي أَنَّ التَّقْدِيرَاتِ الشَّرْعِيَّةَ تُقَدَّمُ عَلَى كَمَالِ أَسْبَابِهَا قَوْلِيَّةً أَوْ فِعْلِيَّةً كَتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَاَلَّذِي اُسْتُبْعِدَ فِي الْأَقْوَالِ قُرْبُ الْأَمْرِ فِي الْأَفْعَالِ، لِأَنَّ مُوجَبَ اللَّفْظِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى اللَّفْظِ، فَإِنْ فُرِّقَ بِأَنَّ الْأَقْوَالَ تَقْبَلُ الْإِلْغَاءَ بِخِلَافِ الْأَفْعَالِ فَلِذَا اُحْتِيجَ إلَى الْخُرُوجِ عَنْ الْأَصْلِ، أُجِيبَ بِأَنَّهُمْ قَدْ صَرَّحُوا بِحُصُولِ الْعِتْقِ وَانْتِقَالِ الْمِلْكِ، وَلَوْ لُوحِظَ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَلَغَا الْعِتْقُ وَلَمْ يَمْلِكْ. قَوْلُهُ: (أَوْ ثَمَنَهُ فَاضِلًا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ حَالٌ مِنْ الثَّمَنِ وَالْعَبْدِ. اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْعَبْدَ نَكِرَةٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ ابْتِدَاءَهُ بِالْمَعْرِفَةِ سَهَّلَ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْهُمَا، قَوْلُهُ: (كَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا إلَخْ) فِي جَعْلِ هَذَا خَارِجًا بِمَا سَلَفَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ. وَلِذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُرَادُ بِالْعَبْدِ فِي عِبَارَتِهِ مَنْ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِخِدْمَةٍ وَنَحْوِهَا اهـ. وَقَدْ يُعْتَذَرُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ مَنْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْخِدْمَةِ مَثَلًا غَيْرُ فَاضِلٍ عَنْ كِفَايَتِهِ مِنْ جِهَةِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَكْفِيٍّ فِي أَمْرِ النَّفَقَةِ إذَا عَدِمَ مَنْ يَخْدُمُهُ فِيهَا قَوْلُهُ: (لَا يَفْضُلُ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ كُلِّفَ بَيْعَ ذَلِكَ عَادَ مِسْكِينًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 لِعُسْرِ مُفَارَقَةِ الْمَأْلُوفِ وَنَفَاسَتِهِمَا بِأَنْ يَجِدَ بِثَمَنِ الْمَسْكَنِ مَسْكَنًا يَكْفِيهِ وَعَبْدًا يُعْتِقُهُ، وَبِثَمَنِ الْعَبْدِ عَبْدًا يَخْدُمُهُ وَآخَرَ يُعْتِقُهُ وَالثَّانِي يَجِبُ بَيْعُهُمَا لِتَحْصِيلِ عَبْدٍ يُعْتِقُهُ، وَلَا الْتِفَاتَ إلَى مُفَارَقَةِ الْمَأْلُوفِ فِي ذَلِكَ أَمَّا إذَا لَمْ يَأْلَفْهُمَا فَيَجِبُ بَيْعُهُمَا لِتَحْصِيلِ عَبْدٍ يُعْتِقُهُ جَزْمًا. (وَلَا) يَجِبُ (شِرَاءٌ بِغَبْنٍ) كَأَنْ وَجَدَ عَبْدًا لَا يَبِيعُهُ مَالِكُهُ إلَّا بِثَمَنٍ غَالٍ (وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ اعْتِبَارُ الْيَسَارِ) الَّذِي يَلْزَمُ بِهِ الْإِعْتَاقُ (بِوَقْتِ الْأَدَاءِ) لِلْكَفَّارَةِ وَالثَّانِي بِوَقْتِ الْوُجُوبِ لَهَا، وَالثَّالِثُ بِأَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ وَقْتَيْ الْوُجُوبِ وَالْأَدَاءِ وَالرَّابِعُ بِأَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ، وَالْأَخِيرَانِ مُخَرَّجَانِ فَالْمُعْسِرُ وَقْتَ الْأَدَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى الثَّانِي، وَفِي الْوَقْتَيْنِ عَلَى الثَّالِثِ فَرْضُهُ الصَّوْمُ فَإِنْ أَعْتَقَ كَأَنْ اقْتَرَضَ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ، وَأَيْسَرَ الثَّانِي أَجْزَأَهُ لِلتَّرَقِّي إلَى الرُّتْبَةِ الْعُلْيَا، وَقِيلَ لَا لِتَعَيُّنِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ، وَالْمُوسِرُ وَقْتَ الْوُجُوبِ فَرْضُهُ عَلَى الثَّانِي، وَمَا بَعْدَهُ الْإِعْتَاقُ، وَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالْعَبْدُ الْمُظَاهِرُ لَا يَتَأَتَّى تَكْفِيرُهُ بِالْإِعْتَاقِ، وَالْإِطْعَامِ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا بِتَمْلِيكِ غَيْرِ السَّيِّدِ وَلَا بِتَمْلِيكِ السَّيِّدِ فِي الْأَظْهَرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ، وَعَلَى الثَّانِي إذَا مَلَّكَهُ طَعَامًا لِيُكَفِّرَ بِهِ فَفَعَلَ جَازَ، أَوْ عَبْدًا لِيُكَفِّرَ بِهِ لَمْ يَجُزْ لِاسْتِعْقَابِ الْإِعْتَاقِ لِلْوَلَاءِ وَلَا وَلَاءَ لِلرَّقِيقِ وَتَكْفِيرُهُ بِالصَّوْمِ: لِلسَّيِّدِ تَحْلِيلُهُ مِنْهُ. إنْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، ثُمَّ أَخَذَ الْمُصَنِّفُ فِي بَيَانِ الْخَصْلَةِ الثَّانِيَةِ. فَقَالَ (فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ الْمُظَاهِرُ (عَنْ عِتْقٍ) حِسًّا وَشَرْعًا كَمَا تَقَدَّمَ (صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ بِالْهِلَالِ بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ) أَيْ لِصَوْمِ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ لَيْلَتِهِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي صَوْمِ الْفَرْضِ (وَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ تَتَابُعٍ فِي الْأَصَحِّ) ، لِأَنَّهُ هَيْئَةٌ فِي الْعِبَادَةِ وَالْهَيْئَةُ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا فِي النِّيَّةِ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كُلَّ لَيْلَةٍ لِيَكُونَ مُتَعَرِّضًا لِخَاصَّةِ هَذَا الصَّوْمِ (فَإِنْ ابْتَدَأَ) بِالصَّوْمِ (فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ حَسَبَ الشَّهْرَ بَعْدَهُ بِالْهِلَالِ وَأَتَمَّ الْأَوَّلَ مِنْ الثَّالِثِ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ فِيهِ إلَى الْهِلَالِ (وَيَزُولُ التَّتَابُعُ بِفَوَاتِ يَوْمٍ بِلَا عُذْرٍ) فَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ وَلَوْ كَانَ الْفَائِتُ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ، أَوْ الْيَوْمَ الَّذِي نُسِيَتْ النِّيَّةُ لَهُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لِعُسْرِ مُقَارَنَةِ الْمَأْلُوفِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ هُنَا لَهُ بَدَلٌ فَلَا يَرِدُ بَيْعُ ذَلِكَ فِي الْحَجْرِ وَالْفَلَسِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ شِرَاءٌ بِغَبْنٍ) وَلَوْ غَيْرَ فَاحِشٍ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الْبَدَلِ فَيَصْبِرُ إلَى أَنْ يَجِدَ مَا يُبَاعُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لِنَفْسِهِ أَصَالَةً وَلِهَذَا فَارَقَ الْمُحْصَرَ، وَكَذَا غَيْبَةُ مَالِهِ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَيَنْتَظِرُهُ، وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ. قَوْلُهُ: (بِثَمَنٍ غَالٍ) أَيْ غَيْرِ لَائِقٍ بِذَلِكَ الرَّقِيقِ، وَإِلَّا فَبَدِيعَةُ الْجَمَالِ ثَمَنُهَا غَالٍ لَكِنَّهُ لَائِقٌ بِهَا فَيَجِبُ شِرَاؤُهَا وَلَا يَجِبُ قَبُولُ هِبَةِ الرَّقِيقِ، أَوْ ثَمَنِهِ، وَلَا قَبُولُ إعْتَاقِهِ عَنْهُ بَلْ يُنْدَبُ. قَوْلُهُ: (بِوَقْتِ الْأَدَاءِ) أَيْ وَقْتِ إرَادَتِهِ أَدَاءَ الْكَفَّارَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَخِيرَانِ مُخَرَّجَانِ) فَنِسْبَتُهُمَا إلَى الْإِمَامِ لَا تَجُوزُ وَلَعَلَّهُ غَلَّبَ الْأَوَّلَيْنِ فَصَحَّ تَعْبِيرُهُ بِأَظْهَرِ الْأَقْوَالِ. قَوْلُهُ: (فَرْضُهُ الصَّوْمُ) فَلَوْ شَرَعَ فِيهِ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْإِعْتَاقِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ لَكِنَّهُ يُنْدَبُ، وَيَقَعُ مَا فَعَلَهُ تَطَوُّعًا كَمَا لَوْ عَدَلَ إلَيْهِ ابْتِدَاءً، الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ أَعْتَقَ إلَخْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْإِطْعَامِ مَعَ الصَّوْمِ، أَوْ الْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (لِلسَّيِّدِ تَحْلِيلُهُ مِنْهُ) هَذَا فِي كَفَّارَةِ غَيْرِ الظِّهَارِ، وَأَمَّا فِيهَا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ مِنْهُ، وَلَا مَنْعُهُ مِنْهُ ابْتِدَاءً لِتَضَرُّرِهِ بِطُولِ الْمُدَّةِ، وَالْمُبَعَّضُ كَالْحُرِّ إلَّا فِي الْإِعْتَاقِ فَلَا يُكَفِّرُ بِهِ وَالسَّفِيهُ كَغَيْرِهِ هُنَا، وَالْمُبَاشِرُ لِلنِّيَّةِ هُوَ وَلِلْإِخْرَاجِ وَلِيُّهُ. قَوْلُهُ (فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ عَنْ جَمِيعِ الرَّقَبَةِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِهَا بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ الْآتِي، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْإِطْعَامَ لَا بَدَلَ لَهُ، وَيُعْتَبَرُ الْعَجْزُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا حَتَّى لَوْ صَامَ فَتَبَيَّنَ يَسَارُهُ بِنَحْوِ إرْثٍ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الصَّوْمِ وَقَعَ نَفْلًا مُطْلَقًا وَلَزِمَهُ الْإِعْتَاقُ. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ) وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ وَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ كَفَاهُ فَلَوْ عَيَّنَ الشَّهْرَ الْأَوَّلَ عَنْ كَفَّارَةٍ، وَالثَّانِيَ عَنْ الْأُخْرَى وَهَكَذَا لَمْ يَكْفِهِ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ التَّتَابُعِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْعَبْدَيْنِ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ النِّيَّةُ قَبْلَ تَحَقُّقِ الْعَجْزِ. قَوْلُهُ: (لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ فِيهِ إلَى الْهِلَالِ) وَعَدَمِ وُجُوبِ الصَّبْرِ عَلَيْهِ إلَى الْهِلَالِ. قَوْلُهُ: (وَيَزُولُ التَّتَابُعُ) وَيُحَرَّمُ قَطْعُهُ بِلَا عُذْرٍ لِأَنَّ   [حاشية عميرة] بِذَلِكَ، لِأَنَّ عَوْدَ الْمَسْكَنَةِ أَشَقُّ مِنْ مُفَارَقَةِ الْعَبْدِ وَالْمَسْكَنِ الْمَأْلُوفَيْنِ، وَلَمْ يُكَلَّفْ بَيْعَهُمَا كَمَا سَيَأْتِي قِيلَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى اعْتِبَارِ كِفَايَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ، وَهُوَ خِلَافُ مُرَجَّحِ النَّوَوِيِّ فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ كَمَا سَلَفَ. فَائِدَةٌ: الضَّيْعَةُ الْعَقَارُ قَوْلُهُ: (بِغَبْنٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِي مَعْنَاهُ إذَا وَجَدَ جَارِيَةً نَفِيسَةً تُبَاعُ بِأُلُوفٍ وَهِيَ قِيمَةُ مِثْلِهَا وَلَكِنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الْعَادَةِ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي بِوَقْتِ الْوُجُوبِ) عَلَّلَ بِأَنَّهُ حَقٌّ يُسْتَوْفَى عَلَى جِهَةِ التَّطْهِيرِ كَالْحَدِّ فِيمَا لَوْ زَنَى وَهُوَ حُرٌّ، ثُمَّ رَقَّ، أَوْ عَكْسُهُ أَوْ وَهُوَ بِكْرٌ، ثُمَّ أُحْصِنَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ مَا مَعْنَاهُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ نَاظِرٌ لِشَائِبَةِ الْعِبَادَةِ، وَالثَّانِي لِشَائِبَةِ الْعُقُوبَةِ اهـ. وَتَوْجِيهُ الثَّالِثِ أَنَّهُ حَقٌّ يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ بِوُجُوبِ الْمَالِ فَاعْتُبِرَ أَغْلَظُ الْأَحْوَالِ كَالْحَجِّ يَجِبُ مَتَى تَحَقَّقَ الْيَسَارُ، قَوْلُهُ: (وَالْأَخِيرَانِ مُخَرَّجَانِ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى نَقْدٍ عَلَى الْمُؤَلِّفِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُخَرَّجَ لَا تُطْلَقُ نِسْبَتُهُ لِلشَّافِعِيِّ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ التَّرَجُّحِ أَقُولُ لَكِنْ سَهَّلَ ذَلِكَ اقْتِرَانُ الْمُخَرَّجِ هُنَا بِالنُّصُوصِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالنِّسْبَةِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَأَيْسَرَ الثَّانِي) لَمْ يَفْرِضْ فِي الْأَوَّلَيْنِ يُسْرًا بِغَيْرِ اقْتِرَاضٍ لِأَنَّهُ - إذْ ذَاكَ - يُفَوِّتُ صَدْرَ الْمَسْأَلَةِ لِوُجُودِ الْيُسْرِ وَقْتَ الْأَدَاءِ فَلَا يَكُونُ مُنْتَقِلًا عَنْ الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا لِلْعُلْيَا قَوْلُهُ: (بِالْهِلَالِ) أَيْ لِأَنَّهَا الْأَشْهُرُ الشَّرْعِيَّةُ لِآيَةِ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ} [البقرة: 189] قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمُكَفَّرِ عَنْهُ نَعَمْ لَوْ حَمَلَ شَهْرًا عَنْ كَفَّارَةٍ، ثُمَّ آخَرَ عَنْ أُخْرَى ثُمَّ آخَرَ عَنْ الْأُولَى، ثُمَّ آخَرَ عَنْ الْأُخْرَى، لَمْ يَجْزِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْعَبْدَيْنِ لِفَوَاتِ الْوَلَاءِ فِي الصَّوْمِ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ هَيْئَةٌ) أَيْ كَالْأَدَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَكَذَا الطَّهَارَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ الشُّرُوطِ، قَوْلُهُ: (لِيَكُونَ مُتَعَرِّضًا إلَخْ) أَيْ كَنِيَّةِ الْجَمْعِ وَالْقَصْرِ فِي الصَّلَاةِ، قَوْلُهُ: (وَيَزُولُ التَّتَابُعُ إلَخْ) لَوْ وَطِئَ الْمُظَاهِرُ لَيْلًا قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرَيْنِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 وَالنِّسْيَانُ لَا يُجْعَلُ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْمَأْمُورَاتِ، وَهَلْ يَبْطُلُ مَاضٍ، أَوْ يَنْقَلِبُ نَفْلًا فِيهِ قَوْلَانِ (وَكَذَا) بِفَوَاتِهِ (بِمَرَضٍ) بِأَنْ أَفْطَرَ فِيهِ (فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّ الْمَرَضَ لَا يُنَافِي الصَّوْمَ، وَإِنَّمَا خَرَجَ مِنْهُ بِفِعْلِهِ وَالْقَدِيمُ لَا يَزُولُ التَّتَابُعُ بِالْفِطْرِ لِلْمَرَضِ لِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهِ (لَا بِحَيْضٍ) فِي كَفَّارَةِ الْمَرْأَةِ عَنْ الْقَتْلِ، لِأَنَّهُ يُنَافِي الصَّوْمَ وَلَا تَخْلُو عَنْهُ ذَاتُ الْأَقْرَاءِ فِي الشَّهْرَيْنِ غَالِبًا، وَالتَّأْخِيرُ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ فِيهِ خَطَرٌ وَالنِّفَاسُ كَالْحَيْضِ وَقِيلَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ لِنُدْرَتِهِ (وَكَذَا جُنُونٌ) فَإِنَّهُ لَا يَزُولُ بِهِ التَّتَابُع (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِمُنَافَاتِهِ لِلصَّوْمِ كَالْحَيْضِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَا الْمَرَضِ. ثُمَّ أَخَذَ الْمُصَنِّفُ فِي بَيَانِ الْخَصْلَةِ الثَّالِثَةِ فَقَالَ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ صَوْمٍ بِهَرَمٍ، أَوْ مَرَضٍ قَالَ الْأَكْثَرُونَ) مِنْ الْأَصْحَابِ (لَا يُرْجَى زَوَالُهُ) وَقَالَ الْأَقَلُّونَ كَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ يَدُومُ شَهْرَيْنِ فِيمَا يُظَنُّ بِالْعَادَةِ، أَوْ بِقَوْلِ الْأَطِبَّاءِ (أَوْ لَحِقَهُ بِالصَّوْمِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ، أَوْ خَافَ زِيَادَةَ مَرَضٍ كَفَّرَ بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا) لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ (أَوْ فَقِيرًا) لِأَنَّهُ أَشَدُّ حَالًا مِنْهُ كَمَا تَبَيَّنَ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ (لَا كَافِرًا وَلَا هَاشِمِيًّا وَلَا مُطَّلِبِيًّا) كَمَا فِي الزَّكَاةِ (سِتِّينَ مُدًّا) لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ (مِمَّا يَكُونُ فِطْرَةً)   [حاشية قليوبي] الشَّهْرَيْنِ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ وَيُحَرَّمُ الْوَطْءُ فِيهِمَا وَلَوْ لَيْلًا لَكِنَّهُ فِيهِ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ خِلَافًا لِمَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَيُعْتَبَرُ الشَّهْرَانِ بِالْهِلَالِ فَإِنْ صَامَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ حَسَبَ مَا بَعْدَهُ بِالْهِلَالِ، وَكَمَّلَ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ الثَّالِثِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا قَوْلُهُ: (بِلَا عُذْرٍ) بِأَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ لَيْلًا، أَوْ عَلِمَ الْحُرْمَةَ، وَإِنْ جَهِلَ الْقَطْعَ نَعَمْ إنْ عُذِرَ فِي الْجَهْلِ لَمْ يَقْطَعْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ الْمَرَضُ، وَإِنْ جَازَ بِهِ الْفِطْرُ بِخِلَافِ نَحْوِ الْجُنُونِ كَإِغْمَاءٍ وَلَوْ غَيْرَ مَسْبُوقٍ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ لَيْلًا. قَوْلُهُ: (وَهَلْ يَبْطُلُ إلَخْ) أَيْ إذَا وَقَعَ صَحِيحًا وَلَوْ شَرَعَ فِي وَقْتٍ يَعْلَمُ أَنَّ فِي الْمُدَّةِ يَوْمًا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ كَالْعِيدِ فَشُرُوعُهُ بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (فِيهِ قَوْلَانِ) أَصَحُّهُمَا عَنْ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وُقُوعُهُ نَفْلًا، وَفِي الْأَنْوَارِ إنْ تَعَمَّدَ الْفِطْرَ بَطَلَ وَإِلَّا وَقَعَ نَفْلًا، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ: (فِي كَفَّارَةِ الْمَرْأَةِ عَنْ الْقَتْلِ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِذِكْرِ هَذَا مَعَ تَخْصِيصِ كَلَامِهِ فِي الْأَوَّلِ بِالظِّهَارِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ إفَادَةُ حُكْمٍ زَائِدٍ، وَهُوَ غَيْرُ مَعِيبٍ وَعَدَلَ الشَّارِحُ عَنْ تَصْوِيرِ الزَّرْكَشِيّ لَهُ بِصَوْمِ الْمَرْأَةِ عَنْ ظِهَارِ قَرِيبِهَا الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَإِنْ تَبِعَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِيهِ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ لِعَدَمِ وُجُوبِ التَّتَابُعِ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَخْلُو عَنْهُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهَا لَوْ كَانَ لَهَا عَادَةٌ تَخْلُو فِيهَا قَدْرَ الْمُدَّةِ وَشَرَعَتْ فِي الصَّوْمِ فِي وَقْتٍ يَطْرَأُ فِيهِ حَيْضٌ لَمْ يَصِحَّ، وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى هَذَا غَالِبًا لَا مَفْهُومَ لَهُ. قَوْلُهُ: (لَا يَزُولُ بِهِ التَّتَابُعُ) مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَادَةٌ بِالْخُلُوِّ مِنْهُ مُدَّةً تَسَعُ الْكَفَّارَةَ كَمَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ، وَالْإِغْمَاءُ كَالْجُنُونِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَجَزَ) فِي وَقْتِ إرَادَتِهِ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ قَدَرَ فِي غَيْرِهِ كَأَنْ أَرَادَ فِي وَقْتِ الصَّيْفِ وَهُوَ قَادِرٌ فِي الشِّتَاءِ. قَوْلُهُ: (عَنْ صَوْمٍ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْإِطْعَامِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ فَاضِلًا عَمَّا مَرَّ فِي اعْتِبَارِ الْعِتْقِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَفِي بِقِيمَةِ رَقِيقٍ يُعْتِقُهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَرَضٍ) عَطْفٌ عَامٌّ قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْأَقَلُّونَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفَارَقَ غَيْبَةَ الْمَالِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمَالِ أَنْ يُقْدَرَ عَلَى إحْضَارِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُقَالُ مَعَهُ: إنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ. قَوْلُهُ: (بِالْعَادَةِ) أَيْ الْغَالِبَةِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ. قَوْلُهُ: (بِقَوْلِ الْأَطِبَّاءِ) أَيْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) بِحَيْثُ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ وَمِنْهَا شِدَّةُ الشَّبَقِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ الْغُلْمَةُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ شِدَّةُ الْحَاجَةِ إلَى الْوَطْءِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ عُذْرًا فِي رَمَضَانَ لِجَوَازِ الْوَطْءِ فِيهِ لَيْلًا، وَلِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ يُنْتَقَلُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِإِطْعَامِ) أَيْ تَمْلِيكِهِمْ وَلَوْ بِلَا لَفْظٍ. قَوْلُهُ: (سِتِّينَ) فَلَا يَكْفِي أَقَلُّ مِنْهُمْ، وَإِنْ دَفَعَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ مُدًّا وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِعْطَاءُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ دَفَعَ الْأَمْدَادَ لِلْإِمَامِ فَتَلِفَتْ قَبْلَ دَفْعِهِمَا لِلْمَسَاكِينِ لَمْ يُجْزِئْهُ إذْ لَا يَدَ لِلْإِمَامِ عَلَى الْكَفَّارَاتِ. وَلَوْ دَفَعَ الْمُكَفِّرُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ مُدًّا ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَدَفَعَهُ لِآخَرَ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَدَفَعَهُ لِآخَرَ، وَهَكَذَا إلَى تَمَامِ السِّتِّينَ كَفَاهُ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا. فَائِدَةٌ: ذَكَرَ بَعْضُهُمْ حِكْمَةً لِكَوْنِهِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَهِيَ مَا قِيلَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنْ سِتِّينَ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْأَرْضِ الْمُخْتَلِفَةِ كَالْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ وَالْأَسْوَدِ وَالسَّهْلِ وَالْوَعْرِ وَالْحُلْوِ وَالْعَذْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَاخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُ أَوْلَادِهِ كَذَلِكَ فَكَأَنَّ الْمُكَفِّرَ عَمَّ جَمِيعَ الْأَنْوَاعِ بِصَدَقَتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ حِكْمَةُ كَوْنِ الصَّوْمِ سِتِّينَ يَوْمًا كَذَلِكَ.   [حاشية عميرة] عَصَى وَالتَّتَابُعُ، بَاقٍ بِحَالِهِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّا لَوْ أَوْجَبْنَا الِاسْتِئْنَافَ لَوَقَعَ صَوْمُ الشَّهْرَيْنِ بَعْدَ الْتِمَاسٍ وَلَوْ لَمْ نُوجِبْهُ لَكَانَ بَعْضُهُمَا قَبْلَهُ وَذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى الْمَأْمُورِ بِهِ مِنْ الْأَوَّلِ وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ جِمَاعٌ لَا يُؤَثِّرُ فِي الصَّوْمِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي صِفَتِهِ كَالْأَكْلِ لَيْلًا وَجِمَاعِ غَيْرِ الْمُظَاهَرِ عَنْهَا. فَرْعٌ: لَوْ أَفْطَرَ نَهَارًا عَمْدًا جَاهِلًا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فَفِي فَتَاوَى ابْنِ الْبَزْرِيِّ تِلْمِيذِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَفِيهِ نَظَرٌ، قَوْلُهُ: (عَنْ الْقَتْلِ) أَمَّا الظِّهَارُ فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (بِهَرَمٍ، أَوْ مَرَضٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَقَدْ اسْتَحْسَنُوا قَوْلَ جَالِينُوسَ الْمَرَضُ هَرَمٌ عَارِضٌ وَالْهَرَمُ مَرَضٌ طَبِيعِيٌّ، قَوْلُهُ: (لَا يُرْجَى زَوَالُهُ) أَيْ بِخِلَافِ الَّذِي يُرْجَى زَوَالُهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْدِلُ بِهِ إلَى الْإِطْعَامِ كَالْمَالِ الْغَائِبِ الْقَادِرِ بِهِ عَلَى الْعِتْقِ، قَوْلُهُ: (كَفَّرَ بِإِطْعَامٍ إلَخْ) . فِيهِ مُوَافَقَةٌ لِنَظْمِ الْقُرْآنِ وَقَدْ جَاءَ أَطْعَمَ بِمَعْنَى مَلَّكَ فِي قَوْلِهِمْ «أَطْعَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجَدَّةَ السُّدُسَ» الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 مِنْ الْحَبِّ الَّذِي هُوَ غَالِبُ قُوتِ بَلَدِ الْمُكَفِّرِ كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ فَلَا يُجْزِئُ الدَّقِيقُ وَالسَّوِيقُ، وَقِيلَ يُجْزِئُ أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ رِطْلَيْ خُبْزٍ وَقَلِيلَ أُدْمٍ وَتَقَدَّمَ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّ الْمَكْفِيَّ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ، أَوْ زَوْجٍ لَيْسَ فَقِيرًا فِي الْأَصَحِّ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُزَادَ عَلَى الْمَنْفِيَّاتِ هُنَا، وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَالزَّوْجَةِ، وَالْقَرِيبِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ الصَّرْفُ إلَيْهِ لِخُرُوجِهِ بِذِكْرِ الْفَقِيرِ، وَ " لَا " هُنَا اسْمٌ بِمَعْنَى " غَيْرَ " ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْمُسْتَثْنَى وَيُزَادُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَالْمُكَاتَبُ فَلَا يُجْزِئُ الصَّرْفُ إلَيْهِمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الْوِقَاعِ وَهِيَ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ الْجَمِيعِ، اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ فِي الْأَظْهَرِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ فَعَلَهَا، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ السُّقُوطُ فَيَأْتِي ذَلِكَ هُنَا. كِتَابُ اللِّعَانِ هُوَ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ - أَرْبَعَ مَرَّاتٍ -: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ هَذِهِ مِنْ الزِّنَى إلَى آخِرِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ (يَسْبِقُهُ قَذْفٌ وَصَرِيحُهُ) أَيْ الْقَذْفِ مُطْلَقًا (الزِّنَى كَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ، أَوْ امْرَأَةٍ: زَنَيْتَ أَوْ زَنَيْتِ، أَوْ يَا زَانِي، أَوْ يَا زَانِيَةُ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الزَّكَاةِ) فَلَا يَكْفِي الدَّفْعُ لِمَوَالِيهِمْ وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (سِتِّينَ مُدًّا) فَلَا يَكْفِي أَقَلُّ مِنْهَا وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَوْلُهُ: (لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ) هَذَا رُبَّمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْجُمْلَةِ لِلْجُمْلَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ الْأَمْدَادَ وَالْمَسَاكِينَ، وَيُمَلِّكَهَا لَهُمْ، وَلَوْ بِوَضْعِهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَلَهُمْ بَعْدَ مِلْكِهَا قِسْمَتُهَا وَلَوْ مُتَفَاضِلًا، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَنْ أَخَذَ زِيَادَةً عَنْ الْمُدِّ شَرِيكًا بِقَدْرِ مَا أَخَذَ لَزِمَ نَقْصُ غَيْرِهِ عَنْهُ. فَلَا يُجْزِئُ أَوْ شَرِيكًا بِقَدْرِ الْمُدِّ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الزَّائِدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَقَّهُ، وَبِهَذَا قَالَ الْخَطِيبُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِنْ حَيْثُ مُسَامَحَةُ غَيْرِهِ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حِصَّتِهِ فَتَأَمَّلْهُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَازُ تَرْكِ بَعْضِهِمْ حِصَّتَهُ لِغَيْرِهِ مِنْهُمْ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُمْ: خُذُوهُ وَلَمْ يَقْبِضُوهُ لَمْ يَجُزْ قِسْمَتُهُ مُتَفَاضِلًا لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَصَحَّ قَبْضُهُمْ بِلَا تَقْدِيرٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مُعَامَلَةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ دَفْعُ ثَوْبٍ وَاحِدٍ لِعَشَرَةِ مَسَاكِينَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى ثِيَابًا وَلَا لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَوْبٌ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ عَشَّاهُمْ، أَوْ غَدَّاهُمْ، وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا يَكْفِي. فَرْعٌ: دَفَعَ سِتِّينَ مُدًّا لِضِعْفِهَا مِسْكِينًا لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّهُ يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ نِصْفُ مُدٍّ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ سِتِّينَ مُدًّا لِأَحَدٍ وَسِتِّينَ مِسْكِينًا لِنَقْصِ كُلِّ وَاحِدٍ عَنْ الْمُدِّ، فَلَوْ دَفَعَ ثَلَاثِينَ مُدًّا أَيْضًا لِسِتِّينَ مِنْهُمْ فِي الْأُولَى كَفَى وَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْبَاقِي بِشَرْطِهِ فِي الزَّكَاةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْحَبِّ) وَمِثْلُهُ اللَّبَنُ وَالْأَقِطُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِهِ كَالْفِطْرَةِ. قَوْلُهُ: (بَلَدِ الْمُكَفِّرِ) أَيْ حَالَ وُجُوبِ التَّكْفِيرِ حِينَ إرَادَةِ التَّكْفِيرِ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُكَفِّرِ مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ لَا نَحْوُ وَلِيٍّ. قَوْلُهُ: (وَيُقَدَّمُ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) أَيْ إنْ كَفَّرَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَإِلَّا جَازَ دَفْعُهَا لَهُ كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ قَوْلُهُ: (اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ) وَحِينَئِذٍ لَا يُحَرَّمُ الْوَطْءُ عَلَى الْمُظَاهِرِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ تَرَكَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى خَصْلَةٍ) وَلَوْ الْأَخِيرَةَ وَلَا عِبْرَةَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى بَعْضِ خَصْلَةٍ مِنْ الْعِتْقِ، أَوْ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ إذَا قَدَرَ عَلَى بَعْضِهِ، وَلَوْ بَعْضَ مُدٍّ لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ، وَيَكُونُ هَذَا مِنْ الشُّرُوعِ فِيهَا فَإِذَا قَدَرَ عَلَى أَعْلَى مِنْهَا لَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ بَلْ يُنْدَبُ كَمَا تَقَدَّمَ كِتَابُ اللِّعَانِ وَمَعَهُ الْقَذْفُ فَهُوَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَهُوَ غَيْرُ مَعِيبٍ وَهُوَ لُغَةً الرَّمْيُ وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَى فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ ، فَخَرَجَ الرَّمْيُ بِغَيْرِ الزِّنَى وَلَوْ مِنْ الْكَبَائِرِ فَفِيهِ التَّعْزِيرُ لَا الْحَدُّ وَخَرَجَ أَيْضًا الشَّهَادَةُ وَالتَّجْرِيحُ فِيهَا نَعَمْ لَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعٍ بِالزِّنَى حُدُّوا، وَاللِّعَانُ مَصْدَرُ " لَاعَنَ "، أَوْ جَمْعُ اللَّعْنِ وَمَعْنَاهُ لُغَةً الْإِبْعَادُ؛ لِأَنَّ الْكَاذِبَ مِنْهُمَا بَعِيدٌ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، أَوْ لِبُعْدِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ فِي الدُّنْيَا اتِّفَاقًا وَفِي الْآخِرَةِ   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ: لَمْ يَذْكُرْ هُنَا فَضْلَ الْإِطْعَامِ عَنْ الْقُوتِ كَمَا فِي الصِّيَامِ وَالظَّاهِرُ مَجِيئُهُ هُنَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ «وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلرَّجُلِ خُذْهُ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ عَمَّنْ قَدَرَ عَلَيْهَا، وَهَذَا رَجُلٌ لَمْ يَقْدِرْ فَلَمَّا أَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا وَمَلَّكَهُ إيَّاهُ قَالَ الرَّجُلُ: مَا أَجِدُ أَفْقَرَ إلَيْهِ مِنَّا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُذْهُ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ الْفَضْلِ عَنْ الْقُوتِ قَالَ - أَعْنِي التِّرْمِذِيَّ -، وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ لِمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَأْكُلَهُ وَتَكُونَ الْكَفَّارَةُ دَيْنًا عَلَيْهِ فَمَتَى مَلَكَ يَوْمًا كَفَّرَ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ مَلَّكَهُمْ وَهُوَ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ اللَّفْظِ، قَوْلُهُ: (سِتِّينَ مُدًّا) أَيْ لِمَا فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ مِنْ أَنَّ الْعِرْقَ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، قَوْلُهُ: (لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدٌّ) الْعِبَارَةُ لَا تَفِي بِهَذَا صَرِيحًا قَوْلُهُ: (وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) نَائِبُ الْفَاعِلِ. قَوْلُهُ: (عَلَى خَصْلَةٍ) أَيْ بِخِلَافِ بَعْضِهَا إلَّا الْإِطْعَامَ [كِتَابُ اللِّعَانِ] قَوْلُهُ (فَلِذَلِكَ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ: التَّرْجَمَةُ قَاصِرَةٌ عَنْ الْوَفَاءِ بِمَا فِي الْبَابِ مِنْ أَحْكَامِ الْقَذْفِ، قَوْلُهُ: (يَسْبِقُهُ قَذْفٌ) لَوْ كَانَ هُنَا وَلَدٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 لِشُهْرَتِهِ فِيهِ وَلَوْ كَسَرَ التَّاءَ فِي خِطَابِ الرَّجُلِ، أَوْ فَتَحَهَا فِي خِطَابِ الْمَرْأَةِ، أَوْ قَالَ لِلرَّجُلِ يَا زَانِيَةُ وَلِلْمَرْأَةِ يَا زَانِي فَكَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّحْنَ فِي ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْفَهْمَ (وَالرَّمْيُ بِإِيلَاجِ حَشَفَةٍ فِي فَرْجٍ مَعَ وَصْفِهِ) أَيْ الْإِيلَاجِ (بِتَحْرِيمٍ، أَوْ) بِإِيلَاجِ حَشَفَةٍ (فِي دُبُرٍ صَرِيحَانِ) فَإِنْ لَمْ يُوصَفْ الْأَوَّلُ بِتَحْرِيمٍ، فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ لِصِدْقِهِ بِالْحَلَالِ بِخِلَافِ الثَّانِي، وَسَوَاءٌ خُوطِبَ بِهِمَا ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى كَأَنْ يُقَالَ لَهُ: أَوْلَجْت فِي فَرْجٍ، أَوْ دُبُرٍ أَوْ أُولِجَ فِي دُبُرِك، وَلَهَا أُولِجَ فِي فَرْجِكِ، أَوْ دُبُرِكِ، وَقَوْلُهُ صَرِيحَانِ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ، وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ الْمُقَدَّرُ بِأَوْ التَّقْسِيمِيَّةِ أَيْ الرَّمْيُ بِكَذَا، أَوْ الرَّمْيُ بِكَذَا صَرِيحَانِ، وَلَوْ قَالَ صَرِيحٌ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (وَزَنَأْت فِي الْجَبَلِ) بِالْهَمْزِ (كِنَايَةٌ) لِأَنَّ الزَّنْءَ فِي الْجَبَلِ هُوَ الصُّعُودُ فِيهِ، (وَكَذَا زَنَأْت فَقَطْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْجَبَلِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي الصُّعُودَ وَالثَّانِي هُوَ صَرِيحٌ، وَالْيَاءُ قَدْ تُبْدَلُ هَمْزَةً كَقَوْلِهِمْ، رَوَيْت وَرَأَوْت وَالثَّالِثُ إنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ وَمَوَاضِعَ الْهَمْزِ وَتَرَكَهُ فَكِنَايَةٌ، وَإِلَّا فَصَرِيحٌ (وَزَنَيْت فِي الْجَبَلِ) بِالْيَاءِ (صَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي هُوَ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ الصُّعُودَ وَلَيَّنَ الْهَمْزَةَ وَالثَّالِثُ إنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ فَصَرِيحٌ مِنْهُ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْتُ الصُّعُودَ وَتَرَكْتُ الْهَمْزَ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا فَكِنَايَةٌ مِنْهُ وَيُقْبَلُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ وَلَوْ قَالَ زَنَأْت فِي الْبَيْتِ بِالْهَمْزَةِ فَصَرِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الصُّعُودِ فِي الْبَيْتِ، وَنَحْوِهِ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ هَذَا كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَأَنَّ غَيْرَهُ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَيْتِ دَرَجٌ يَصْعَدُ إلَيْهِ فِيهَا فَصَرِيحٌ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ فَوَجْهَانِ. (وَقَوْلُهُ) لِلرَّجُلِ (يَا فَاجِرُ يَا فَاسِقُ) يَا خَبِيثُ (وَلَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ (يَا خَبِيثَةُ) يَا فَاجِرَةُ يَا فَاسِقَةُ، (وَأَنْتِ تُحِبِّينَ الْخَلْوَةَ وَلِقُرَشِيٍّ يَا نَبَطِيُّ وَلِزَوْجَتِهِ لَمْ أَجِدْكِ عَذْرَاءَ) أَيْ بِكْرًا (كِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِهِ الْقَذْفَ وَغَيْرَهُ، وَالْقَذْفُ فِي يَا نَبَطِيُّ لِأُمِّ الْمُخَاطَبِ حَيْثُ نَسَبَهُ إلَى غَيْرِ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ   [حاشية قليوبي] عَلَى مَا رَجَّحَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلِذَلِكَ اُخْتِيرَ لَفْظُ اللَّعْنِ عَلَى لَفْظِ الْغَضَبِ وَالشَّهَادَةِ، وَإِنْ اشْتَمَلَ اللِّعَانُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا، وَلِأَنَّ اللَّعْنَ فِي الْآيَةِ، مُقَدَّمٌ عَلَى الْغَضَبِ وَلِأَنَّ لِعَانَهُ قَدْ يَنْفَكُّ عَنْ لِعَانِهَا وَلَا عَكْسَ وَشَرْعًا كَلِمَاتٌ جُعِلَتْ حُجَّةً لِمَنْ اُضْطُرَّ إلَى قَذْفِ مَنْ لَطَّخَ فِرَاشَهُ، وَأَلْحَقَ الْعَارَ بِهِ أَوْ لِنَفْيِ وَلَدٍ، وَكَانَتْ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي ابْتِدَاءً كَالْقَسَامَةِ مَعَ أَنَّهَا أَيْمَانٌ عَلَى الْأَصَحِّ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ إلَخْ. وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُضْطَرِّ لَا مَفْهُومَ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِمَحَلِّ السَّبَبِ الْوَارِدَةِ فِيهِ الْآيَاتُ وَهُوَ «أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ زَوْجَتَهُ مَعَ شَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ: الْبَيِّنَةُ، أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إذَا وَجَدَ أَحَدُنَا رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِهِ يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْبَيِّنَةُ، أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ فَقَالَ: وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي صَادِقٌ وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي» فَنَزَلَتْ الْآيَاتُ وَهُوَ أَوَّلُ لِعَانٍ وَقَعَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَقَعْ بَعْدَهُ لِعَانٌ إلَّا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (قَوْلُ الرَّجُلِ) الْمُكَلَّفِ الْمُخْتَارِ الْمُلْتَزِمِ لِلْأَحْكَامِ الْعَالِمِ بِالتَّحْرِيمِ الْمَحْضِ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ إلَخْ. سَوَاءٌ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ، أَوْ لَا، فَلَا لِعَانَ فِي ضِدِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَلِذَلِكَ) أَيْ لِقَوْلِهِ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ هَذِهِ مِنْ الزِّنَى الَّذِي اقْتَضَى وُجُوبَ وَصْفِهِ بِالزِّنَى قَوْلُهُ: (يَسْبِقُهُ قَذْفٌ) إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ مِنْهُ نَفْيَ نَسَبِ وَلَدٍ، وَإِلَّا نَفَاهُ بِلَا قَذْفٍ قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ فِي غَيْرِ اللِّعَانِ. قَوْلُهُ: (لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ) وَكَذَا خُنْثَى إنْ قَالَ لَهُ: زَنَى فَرْجَاك فَإِنْ ذَكَرَ أَحَدَهُمَا فَكِنَايَةٌ، وَالْمُرَادُ مَنْ يُمْكِنُ وَطْؤُهُ لَا نَحْوُ صَغِيرٍ وَصَغِيرَةٍ فَفِيهِ التَّعْزِيرُ لِلْإِيذَاءِ كَمَا يَأْتِي. قَوْله: (يَا زَانِي إلَخْ) أَوْ يَا قَحْبَةُ، أَوْ يَا عَاهِرُ، أَوْ يَا لَائِطُ بِخِلَافِ " لُوطِيُّ "، وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ اللَّحْنَ) إنْ سَلِمَ وَقَدْ يُوَجَّهُ. قَوْلُهُ: (بِتَحْرِيمٍ) وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى نَحْوِ حَيْضٍ لِنُذُورِهِ، وَلَوْ ادَّعَى إرَادَتَهُ صُدِّقَ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ (كِنَايَةٌ) وَكَذَا بَغَّاءٌ وَمُخَنَّثٌ وَعِلْقٌ وَمَأْبُونٌ وَعَرْصٌ وَكَخَنِّ وَطِنْجِيرٌ وَسُوسٌ وَلُوطِيٌّ وَبَلَّاعٌ لِلزُّبِّ، أَوْ لِلْعَيْرِ وَلَا تَرُدِّي يَدَ لَامِسٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْبَلُ) أَيْ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَيُقْبَلُ بِهَا. قَوْلُهُ: (فَوَجْهَانِ) أَرْجَحُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ أَيْضًا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (يَا نَبَطِيُّ) هُوَ نِسْبَةٌ إلَى الْأَنْبَاطِ قَوْمٍ يَنْزِلُونَ الْبَطَائِحَ بَيْنَ الْعِرَاقَيْنِ أَيْ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ سُمُّوا بِذَلِكَ لِاسْتِنْبَاطِهِمْ أَيْ اسْتِخْرَاجِهِمْ الْمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: (وَلِزَوْجَتِهِ) أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ قَوْلُهُ: (لَمْ أَجِدْكِ عَذْرَاءَ) وَلَمْ يُعْلَمْ لَهَا افْتِضَاضٌ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَيْسَ كِنَايَةً.   [حاشية عميرة] زَعَمَ أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ مِنْ غَيْرِ قَذْفٍ فَإِذًا الشَّرْطُ تَقَدَّمَ الْقَذْفَ، أَوْ نَفْيَ الْوَلَدِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ نَفْيِ الْوَلَدِ قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الرَّجُلِ، أَوْ مِنْ الْمَرْأَةِ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ، أَوْ لَا فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْقَذْفِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَإِلَّا فَالسِّيَاقُ فِي الْمَتْنِ صُورَتُهُ أَنَّهُ صَدَرَ مِنْ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ يَسْبِقُهُ قَذْفٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَسَرَ التَّاءَ إلَخْ) جَعَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ دَاخِلًا فِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ قَالَ: وَنِسْبَةُ الْمُصَنِّفِ إلَى إهْمَالِ ذَلِكَ خَطَأٌ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ بِالزِّنَى فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ لِيَخْرُجَ الشَّاهِدُ وَنَحْوُهُ، وَأَنْ يَكُونَ مُمْكِنَ الْوَطْءِ مِنْهُ، أَوْ فِيهِ. قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهِ) لَوْ تَرَكَ وَلَمْ يَحْلِفْ فَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إظْهَارُ مَا هُنَاكَ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحَدُّ، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُمْ فِي السَّيْرِ وَالْأَخْلَاقِ. (فَإِنْ أَنْكَرَ إرَادَةَ قَذْفٍ) فِي الْكِنَايَةِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ كَاذِبًا دَفْعًا لِلْحَدِّ، أَوْ تَحَرُّزًا مِنْ إتْمَامِ الْإِيذَاءِ (وَقَوْلُهُ) لِآخَرَ (يَا ابْنَ الْحَلَالِ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ بِزَانٍ وَنَحْوَهُ) كَقَوْلِهِ أُمِّي لَيْسَتْ بِزَانِيَةٍ (تَعْرِيضٌ لَيْسَ بِقَذْفٍ، وَإِنْ نَوَاهُ) لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ الْمَنْوِيُّ، وَلَا احْتِمَالَ لَهُ هُنَا وَمَا يُفْهَمُ وَيُتَخَيَّلُ مِنْهُ فَهُوَ أَثَرُ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَقِيلَ: هُوَ قَذْفٌ إنْ نَوَاهُ اعْتِمَادًا عَلَى الْفَهْمِ وَحُصُولِ الْإِيذَاءِ. (وَقَوْلُهُ) لِزَوْجَتِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيَّةٍ (زَنَيْتُ بِكِ إقْرَارٌ بِزِنًى) عَلَى نَفْسِهِ (وَقَذْفٌ) لِلْمُخَاطَبَةِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهَا لِزَوْجِهَا، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ زَنَيْتُ بِكَ فَهِيَ مُقِرَّةٌ بِالزِّنَى، وَقَاذِفَةٌ لِلْمُخَاطَبِ، وَرَأَى الْإِمَامُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْقَذْفِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمُخَاطَبِ مُكْرَهًا، وَانْتِظَامِ الْكَلَامِ مَعَ ذَلِكَ. (وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ: زَنَيْتُ بِكَ، أَوْ أَنْت أَزْنَى مِنِّي فَقَاذِفٌ وَكَانِيَةٌ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تُرِيدَ إثْبَاتَ الزِّنَى فَتَكُونَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مُقِرَّةً بِهِ وَقَاذِفَةً لِلزَّوْجِ، وَيَسْقُطُ بِإِقْرَارِهَا حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ وَيُعَزَّرُ وَتَكُونُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ قَاذِفَةً فَقَطْ، وَالْمَعْنَى أَنْتَ زَانٍ وَزِنَاك أَكْثَرُ مِمَّا نَسَبْتنِي إلَيْهِ وَأَنْ تُرِيدَ نَفْيَ الزِّنَى أَيْ لَمْ يَطَأْنِي غَيْرُكَ وَوَطْؤُكَ بِنِكَاحٍ، فَإِنْ كُنْت زَانِيَةً فَأَنْتَ زَانٍ أَيْضًا، أَوْ أَزْنَى مِنِّي فَلَا تَكُونُ قَاذِفَةً وَتُصَدَّقُ فِي إرَادَةِ ذَلِكَ بِيَمِينِهَا (فَلَوْ قَالَتْ) فِي جَوَابِهِ (زَنَيْتُ، وَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَمُقِرَّةٌ) بِالزِّنَى (وَقَاذِفَةٌ) لَهُ وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: يَا زَانِي فَقَالَ زَنَيْتُ بِكِ، أَوْ أَنْت أَزْنَى مِنِّي فَهِيَ قَاذِفَةٌ صَرِيحًا، وَهُوَ كَانَ عَلَى وِزَانِ مَا تَقَدَّمَ إلَى آخِرِهِ، فَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِهَا: زَنَيْتُ وَأَنْتِ أَزْنَى مِنِّي فَهُوَ مُقِرٌّ بِالزِّنَى وَقَاذِفٌ لَهَا عَلَى وِزَانِ مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ: زَنَيْت مِنْكَ وَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَهُوَ قَاذِفٌ وَهِيَ قَاذِفَةٌ فِي الْأُولَى مَعَ الْإِقْرَارِ فِيهِ بِالزِّنَى، وَكِنَايَةُ الثَّانِي فِي احْتِمَالِ أَنْ تُرِيدَ أَنَّهُ أَهْدَى إلَى الزِّنَى، أَوْ أَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْهَا وَيُقَاسُ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُهَا لِأَجْنَبِيٍّ: يَا زَانِي فَيَقُولُ: زَنَيْتُ بِكِ وَأَنْتِ أَزْنَى مِنِّي، وَلَوْ قَالَتْ ابْتِدَاءً: أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَفِي كَوْنِهِ قَذْفًا وَجْهَانِ يَأْتِيَانِ فِي قَوْلِهِ لَهَا ابْتِدَاءً أَنْتِ أَزْنَى مِنِّي   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَنْكَرَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ يُحْمَلُ مِنْهُ عَلَى الْقَذْفِ، وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ وَاعْتَمَدَ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْرِيَةُ فِيمَا عَلِمَ أَنَّهُ عَلَيْهِ فِيهِ الْحُدُودُ، وَكَانَ صَادِقًا تَحَرُّزًا مِنْ الْإِيذَاءِ. قَوْلُهُ: (دَفْعًا لِلْحَدِّ) فِي قَذْفٍ يُحَدُّ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَحَرُّزًا) فِي قَذْفٍ لَا حَدَّ فِيهِ مِمَّا فِيهِ تَعْزِيرٌ قَوْلُهُ: (مِنْ إتْمَامِ الْإِيذَاءِ) أَيْ بِالْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ الْمَسْبُوقِ بِالتَّحْرِيمِ وَالْإِيذَاءِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ بِقَذْفٍ) قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يُعَزَّرُ أَيْضًا، وَإِنْ نَوَاهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ النِّيَّةَ إلَخْ) عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ اللَّفْظَ إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَ الْقَذْفِ فَصَرِيحٌ، وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ مَعَهُ فَكِنَايَةٌ، وَإِلَّا فَتَعْرِيضٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ) فِيهِ انْتِقَادٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (إقْرَارٌ بِزِنًى) أَيْ إنْ فَصَّلَ فِي إقْرَارِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الزِّنَى فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَقَذْفٌ لِلْمُخَاطَبَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهَا صُدِّقَ، وَلَا حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَرَأَى الْإِمَامُ) أَيْ مَا مَرَّ وَمِثْلُهُ مَا يَأْتِي وَأَجَابَ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ بِأَنَّ إطْلَاقَ هَذَا اللَّفْظِ يَحْصُلُ بِهِ الْإِيذَاءُ التَّامُّ لِتَبَادُرِ الْفَهْمِ مِنْهُ إلَى صُدُورِهِ عَنْ طَوَاعِيَةٍ، وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِزَوْجَتِهِ) أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَقَاذِفَةً لِلزَّوْجِ) . نَعَمْ إنْ أَرَادَتْ زَنَى قَبْلَ نِكَاحِهِ وَهُوَ مَجْنُونٌ مَثَلًا صُدِّقَتْ وَلَيْسَتْ قَاذِفَةً فَتُحَدُّ لِإِقْرَارِهَا وَتُعَزَّرُ لِإِيذَائِهِ، وَإِنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ فَهِيَ قَاذِفَةٌ فَتُحَدُّ لِلْقَذْفِ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ إلَخْ) وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا نَفْيَ الزِّنَى عَنْهُ وَعَنْهَا كَمَا يُقَالُ لِشَخْصٍ أَنْتَ سَرَقْت، فَيَقُولُ سَرَقْت مَعَك مَثَلًا وَمُرَادُهُ نَفْيُ السَّرِقَةِ عَنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَيُقَاسُ بِمَا ذُكِرَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَتْ ابْتِدَاءً فُلَانٌ زَانٍ، وَأَنْتَ أَزَنَى مِنْهُ، أَوْ فِي النَّاسِ زُنَاةٌ وَأَنْتَ أَزَنَى مِنْهُمْ فَصَرِيحٌ بِخِلَافِ النَّاسُ زُنَاةٌ، أَوْ أَهْلُ الْبَلَدِ زُنَاةٌ وَأَنْتَ أَزَنَى مِنْهُمْ، فَلَيْسَ قَذْفًا لِتَحَقُّقِ الْكَذِبِ فِيهِ وَكَذَا عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الصَّرَاحَةِ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُرِيدَهُ) فَيَكُونَ قَذْفًا لَهُمَا فَيُحَدَّ لَهُمَا فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ عَالِمًا بِثُبُوتِ زِنَى فُلَانٍ الْمَذْكُورِ عُزِّرَ لَهُ وَحُدَّ لِلْمُخَاطَبِ قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] أَنْ لَا يَجِبَ لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ الْمَقْذُوفِ كَذَا قَالَاهُ هُنَا وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَى التَّصْرِيحَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، قَوْلُهُ: (لَيْسَ بِقَذْفٍ، وَإِنْ نَوَاهُ) أَيْ كَمَا أَنَّ التَّعْرِيضَ فِي الْخِطْبَةِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْحُرْمَةِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ قَوْلُهُ: (إقْرَارٌ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُفَصَّلٍ وَالتَّفْصِيلُ شَرْطٌ، قَوْلُهُ: (وَرَأَى الْإِمَامُ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مَتِينٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ زَنَيْت مَعَ فُلَانٍ كَانَ قَاذِفًا لَهَا دُونَ فُلَانٍ. اهـ وَأَجَابَ فِي الْوَسِيطِ بِأَنَّ إطْلَاقَ هَذَا اللَّفْظِ يَحْصُلُ بِهِ الْإِيذَاءُ التَّامُّ لِتَبَادُرِ الْفَهْمِ مِنْهُ إلَى صُدُورِهِ عَنْ طَوَاعِيَةٍ، وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ وَلِذَا يُحَدُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزِّنَى، وَإِنْ احْتَمَلَ زِنَى الْعَيْنِ، وَتَابَعَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ وَقَالَ. نَعَمْ لَوْ أَوَّلَ إقْرَارَهُ بِتَأْوِيلٍ بَعِيدٍ لَمْ يَبْعُدْ الْقَبُولُ، إذْ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ إلَخْ) . هَذَا الِاحْتِمَالُ لَيْسَ بِمُتَعَيَّنٍ، إذْ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا هِيَ الزَّانِيَةُ دُونَهُ وَعَكْسُهُ، وَقَدْ خَصَّصَ الشَّارِحُ هَذَا الْعَكْسَ بِالثَّانِيَةِ وَلَيْسَ بِمُتَعَيَّنٍ بَلْ الِاحْتِمَالَاتُ كُلُّهَا جَارِيَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ حَتَّى الْأَوَّلِ يَكُونُ جَارِيًا فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا خِلَافًا لِصَنِيعِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُرِيدَ نَفْيَ الزِّنَى) أَيْ، لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا قَدْ يُقْصَدُ فِي التَّخَاطُبِ لِلنَّفْيِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: أَنْت مِنْ فُلَانٍ فَلَيْسَ بِقَذْفٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَهُ: وَقِيلَ هُوَ قَذْفٌ لَهُمَا، لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي اشْتِرَاكَهُمَا فِي أَصْلِ الزِّنَى وَاخْتِصَاصَ الْمُخَاطَبِ بِمَزِيدٍ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّاجِحَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا عَدَمُ الْقَذْفِ أَيْضًا، وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْقَذْفِ فِيهَا يَكُونُ الْقَائِلُ مُقِرًّا بِالزِّنَى لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَدُفِعَتْ بِأَنَّ النَّاسَ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ فِي الذَّمِّ وَالْمُشَاتَمَةِ لَا يَتَقَيَّدُونَ غَالِبًا بِالْوَضْعِ الْأَصْلِيِّ لِلَّفْظِ، فَلَا يُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى مُقْتَضَاهُ وَقَدْ جَاءَ أَفْعَلُ فِي ذَلِكَ لِغَيْرِ الِاشْتِرَاكِ قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً لِقَوْلِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِإِخْوَتِهِ {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} [يوسف: 77] (وَقَوْلُهُ) لِغَيْرِهِ (زَنَى فَرْجُكَ) بِفَتْحِ الْكَافِ، أَوْ كَسْرِهَا (أَوْ ذَكَرُكَ) أَوْ قُبُلُكَ، أَوْ دُبُرُكَ (قَذْفٌ) لِأَنَّ مَا ذُكِرَ آلَةُ الْوَطْءِ، أَوْ مَحَلُّهُ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ قَوْلَهُ) زَنَى (يَدُكَ وَعَيْنُكَ) وَرِجْلُكَ، (وَلِوَلَدِهِ: لَسْتَ مِنِّي، أَوْ لَسْتَ ابْنِي كِنَايَةٌ وَلِوَلَدِ غَيْرِهِ: لَسْتَ ابْنَ فُلَانٍ صَرِيحٌ إلَّا لِمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ زِنَى الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ اللَّمْسُ وَالْمَشْيُ وَالنَّظَرُ كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ زِنَى الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَقِيلَ: فِيهَا وَجْهَانِ، أَوْ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ إلْحَاقًا لَهُ بِالْفَرْجِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ فَمَا ذُكِرَ فِيهِمَا هُوَ الْمَنْصُوصُ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلًا فِي الْأُخْرَى، فَحَكَى فِيهِمَا قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي قَذْفِ أُمِّ الْمُخَاطَبِ لِسَبْقِهِ إلَى الْفَهْمِ وَأَقْيَسُهُمَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِهِ غَيْرَ الْقَذْفِ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَأَوَّلَ نَصَّ الْكِنَايَةِ وَبَعْضُهُمْ بِالثَّانِي وَحَمَلَ نَصَّ الْقَذْفِ عَلَى مَا إذَا أَرَادَهُ وَالْأَصَحُّ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَبَ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى تَأْدِيبِ وَلَدِهِ وَزَجْرِهِ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِنَسَبِهِ يُحْمَلُ مَا قَالَهُ عَلَى التَّأْدِيبِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَيُسْتَفْسَرُ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهُ مِنْ زِنًى فَهُوَ قَاذِفٌ لِأُمِّهِ، أَوْ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُنِي خَلْقًا، أَوْ خُلُقًا فَيُقْبَلُ بِيَمِينِهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا لِمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ صَرِيحٌ أَيْ لَوْ قَالَ لِلْوَلَدِ الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ: لَسْتَ ابْنَ فُلَانٍ يَعْنِي الْمُلَاعِنَ، فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي قَذْفِ أُمِّهِ فَلْيُسْأَلْ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت تَصْدِيقَ الْمُلَاعِنِ فِي نِسْبَةِ أُمِّهِ إلَى الزِّنَى فَهُوَ قَاذِفٌ لَهَا، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت أَنَّ الْمُلَاعِنَ نَفَاهُ أَوْ انْتِفَاءَ نَسَبِهِ شَرْعًا، أَوْ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ خَلْقًا، أَوْ خُلُقًا قُبِلَ بِيَمِينِهِ وَيُعَزَّرُ عَلَيْهِ لِلْإِيذَاءِ. ثُمَّ أَخَذَ الْمُصَنِّفُ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْقَذْفِ فَقَالَ: (وَيُحَدُّ قَاذِفُ مُحْصَنٍ وَيُعَزَّرُ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ قَاذِفِ الْمُحْصَنِ وَهُوَ قَاذِفُ غَيْرِ مُحْصَنٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَقْذُوفُ الزَّوْجَةَ أَوْ غَيْرَهَا، وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْحَدِّ وَشَرْطُهُ فِي بَابِهِ، وَبَيَانُ التَّعْزِيرِ فِي آخِرِ الْأَشْرِبَةِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4]   [حاشية قليوبي] الرَّاجِحُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَدَمُ الْقَذْفِ) أَيْ صَرِيحًا. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِهِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَلَا بُدَّ فِي الْخُنْثَى أَنْ يَقُولَ زَنَى فَرْجَاك كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ قُبُلُك) نَعَمْ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: زَنَيْت فِي قُبُلِك لَمْ يَكُنْ قَذْفًا. قَوْلُهُ: (لِوَلَدِهِ إلَخْ) وَلِأَخِيهِ لَسْت أَخِي كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (لَسْت ابْنِي) بِخِلَافِ يَا ابْنَ الزِّنَى وَلَدُ الزِّنَى فَصَرِيحٌ فِي قَذْفِ أُمِّهِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَفِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ الْبُرُلُّسِيِّ الْمَيْلُ إلَى عَدَمِ الْقَذْفِ فِيهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ وَجِيهٌ. قَوْلُهُ: (صَرِيحٌ) وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ شُبْهَةٍ فَإِنْ ادَّعَاهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ عَيَّنَ وَاطِئًا وَادَّعَاهُ عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ وَلَوْ نَكَلَ حُلِّفَتْ، وَلَزِمَهُ الْحَدُّ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَأَوَّلَ نَصَّ الْكِنَايَةِ) وَانْظُرْ مَاذَا تَأْوِيلُهُ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِيَاجِهِ إلَى تَأْدِيبٍ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَيُلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَنْ لَهُ التَّأْدِيبُ قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَ إلَخْ) وَإِنْ قَالَ مِنْ شُبْهَةٍ فَقَدْ مَرَّ وَإِنْ قَالَ مِنْ زَوْجٍ قَبْلِي صُدِّقَ، وَلَمْ يَكُنْ قَاذِفًا - وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ -، وَإِنْ قَالَ: إنَّهُ مُسْتَعَارٌ صُدِّقَ فِي نَفْيِ وِلَادَتِهِ وَانْتَفَى عَنْهُمَا مَعًا وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ أُلْحِقَ بِهِ، وَإِنْ نَكَلَتْ انْتَفَى عَنْهُمَا أَيْضًا، وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً بِالْوِلَادَةِ، أَوْ لَحِقَهُ بِقَائِفٍ فَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ وَلَا قَائِفٌ، أَوْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِهِ رَجَعَ إلَى الْحَلِفِ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ قَالَ مَا أَرَدْت شَيْئًا فَلَا حَدَّ قَوْلُهُ: (فَيُقْبَلُ بِيَمِينِهِ) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ، وَلَزِمَهُ الْحَدُّ أَيْضًا وَلَهُ اللِّعَانُ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ. قَوْلُهُ: (بِوَطْءِ مَحْرَمٍ مَمْلُوكَةٍ) وَكَذَا وَطْءُ حَلِيلَتِهِ فِي دُبُرِهَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْعِفَّةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ) أَيْ قَبْلَ اسْتِلْحَاقِهِ، وَإِلَّا فَصَرِيحٌ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت حَالَ نَفْيِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلَا يُحَدُّ وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ. قَوْلُهُ: (فَلْيُسْأَلْ) وَلَا يُحَدُّ قَبْلَ السُّؤَالِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَدُفِعَتْ) أَيْ هَذِهِ الْعِلَّةُ الَّتِي اسْتَنَدَ إلَيْهَا الْوَجْهُ الْمُقَابِلُ بِالْقَذْفِ. قَوْلُهُ: (وَلِوَلَدِهِ لَسْتَ مِنِّي) لَوْ قَالَ لِوَلَدِهِ أَنْتَ وَلَدُ زِنًى كَانَ قَاذِفًا لِأُمِّهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَبِهِ أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ تَفَقُّهًا وَزَادَ أَنَّهُ يُعَزَّرُ لِلْمَشْتُومِ. أَقُولُ كَثِيرًا مَا يُسْتَعْمَلُ هَذَا اللَّفْظُ عِنْدَ عُقُوقِ الْوَلَدِ وَعَدَمِ انْقِيَادِهِ لِأَمْرِ أَبِيهِ وَشُحِّهِ عَلَيْهِ، وَإِيصَالِ بِرِّهِ لِلْأَجَانِبِ دُونَهُ، فَحَيْثُ أَرَادَ الْأَبُ هَذَا الْمَعْنَى فَلَا إشْكَالَ فِي قَبُولِهِ ظَاهِرًا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: أَنْتِ زَانِيَةٌ، ثُمَّ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: وَأَنْتِ أَيْضًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ وَأَنْتِ قَرِيبَةٌ مِنْهَا، قَوْلُهُ: (صَرِيحٌ) اسْتَشْكَلَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. أَقُولُ قَدْ يُقَالُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ عُرْفًا إرَادَةُ الزِّنَى مَعَ الْإِيذَاءِ التَّامِّ لِلْأُمِّ فَلَا تُقْبَلُ إرَادَةُ مِثْلِ هَذَا كَمَا أَسْلَفْنَا نَظِيرَهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي مَسْأَلَةِ زَنَيْتُ بِك. فَرْعٌ: قَالَ لِقُرَشِيٍّ: لَسْتَ مِنْ قُرَيْشٍ فَهُوَ كِنَايَةٌ عِنْدَهُمَا وَنَازَعَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ وَنَسَبَ لِلنَّصِّ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَلَوْ قَالَ لِأَخِيهِ لَسْت أَخِي فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ [حُكْمِ الْقَذْفِ] قَوْلُهُ: (وَيُحَدُّ قَاذِفُ مُحْصَنٍ) لَمْ يَذْكُرْ ضَابِطَ الْقَاذِفِ أَعْنِي كَوْنَهُ مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا مُخْتَارًا، لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُهُ فِي بَابِ حَدِّ الْقَذْفِ وَلِذَا أَهْمَلَ هُنَاكَ شَرْطَ الْمَقْذُوفِ وَأَحَالَهُ عَلَى مَا هُنَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 (وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ) أَيْ (حُرٌّ مُسْلِمٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ) بِأَنْ لَمْ يَطَأْ أَصْلًا، أَوْ وَطِئَ وَطْئًا لَا يُحَدُّ بِهِ بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَ وَطْئًا يُحَدُّ بِهِ بِأَنْ زَنَى فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ. (وَتَبْطُلُ الْعِفَّةُ) الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْإِحْصَانِ (بِوَطْءِ مَحْرَمٍ مَمْلُوكَةٍ) لَهُ كَأُخْتِهِ، أَوْ عَمَّتِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) سَوَاءٌ قِيلَ بِالْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ إنَّهُ يُوجِبُ الْحَدَّ أَمْ لَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى قِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِالزِّنَى، وَهُوَ أَفْحَشُ مِنْ الزِّنَى بِالْأَجْنَبِيَّاتِ وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِهِ عَلَى الثَّانِي لِعَدَمِ الْتِحَاقِهِ بِالزِّنَى وَقَدْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْخِلَافِ الْمُرَتَّبِ بِالْمَذْهَبِ عَلَى خِلَافِ اصْطِلَاحِهِ (لَا) بِوَطْءِ (زَوْجَتِهِ فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ وَأَمَةِ وَلَدِهِ وَمَنْكُوحَتِهِ بِلَا وَلِيٍّ) أَوْ بِلَا شُهُودٍ (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ كَانَ حَرَامًا لِقِيَامِ الْمِلْكِ فِي الْأُولَى وَثُبُوتِ النَّسَبِ فِيمَا بَعْدَهَا حَيْثُ حَصَلَ عُلُوقٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ فِي الْجَمِيعِ وَالثَّانِي تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِهِ لِحُرْمَتِهِ وَوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مِلْكٍ فِي غَيْرِ الْأُولَى، وَوَطْءُ زَوْجَتِهِ، أَوْ أَمَتِهِ فِي حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ، أَوْ صَوْمٍ، أَوْ اعْتِكَافٍ لَا يُبْطِلُ الْعِفَّةَ، وَقِيلَ فِيهِ الْوَجْهَانِ وَمُقَدِّمَاتُ الْوَطْءِ كَالْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ وَغَيْرِهِمَا لَا تُبْطِلُ الْعِفَّةَ بِحَالٍ. (وَلَوْ زَنَى مَقْذُوفٌ سَقَطَ الْحَدُّ) عَنْ قَاذِفِهِ (أَوْ ارْتَدَّ فَلَا) يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ قَاذِفِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الزِّنَى يُكْتَمُ مَا أَمْكَنَ فَظُهُورُهُ يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ مِثْلِهِ غَالِبًا، وَالرِّدَّةُ عَقِيدَةٌ وَالْعَقِيدَةُ لَا تَخْفَى غَالِبًا فَإِظْهَارُهَا لَا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ الْإِخْفَاءِ غَالِبًا، وَفِي الْأُولَى قَوْلٌ قَدِيمٌ بِعَدَمِ السُّقُوطِ لِطُرُوِّ الزِّنَى كَالرِّدَّةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ بِالسُّقُوطِ كَالزِّنَى. (وَمَنْ زَنَى مَرَّةً، ثُمَّ صَلُحَ) بِأَنْ تَابَ وَحَسُنَتْ حَالُهُ (لَمْ يَعُدْ مُحْصَنًا) فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ سَوَاءٌ قَذَفَهُ بِذَلِكَ الزِّنَى أَمْ بِزِنًى بَعْدَهُ أَمْ أَطْلَقَ، لِأَنَّ الْعِرْضَ إذَا انْخَرَمَ بِالزِّنَى لَمْ تَنْسَدَّ ثُلْمَتُهُ بِالْعِفَّةِ الطَّارِئَةِ، وَقَالَ الْإِمَامُ: مَا أَرَى هَذَا يَسْلَمُ مِنْ الْخِلَافِ فَإِنَّ التَّائِبَ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. (وَحَدُّ الْقَذْفِ يُورَثُ وَيَسْقُطُ بِعَفْوٍ) لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ لِتَوَقُّفِ اسْتِيفَائِهِ عَلَى مُطَالَبَةِ الْآدَمِيِّ بِهِ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ شَأْنُهُ مَا ذُكِرَ وَتَعْزِيرُ الْقَذْفِ كَذَلِكَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرِثُهُ كُلُّ الْوَرَثَةِ) حَيْثُ مَاتَ الْمَقْذُوفُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ كَالْمَالِ وَالْقِصَاصِ وَالثَّانِي يَرِثُهُ غَيْرُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ وَانْقِطَاعِ وَاسِطَةِ التَّعْبِيرِ، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ) أَيْ بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْ حَقِّهِ مِنْ الْحَدِّ (فَلِلْبَاقِي) مِنْهُمْ (كُلُّهُ) أَيْ اسْتِيفَاءُ جَمِيعِهِ، لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ إلَخْ) وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تُعْتَبَرُ فِي حَالِ الْقَذْفِ، وَلَوْ بِإِسْنَادِهِ إلَى وَقْتٍ. قَوْلُهُ: (بِوَطْءٍ مُحَرَّمٍ) وَلَوْ فِي دُبُرِهَا قَوْلُهُ: (لِدَلَالَةِ إلَخْ) وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إبْطَالُ الْعِفَّةِ بِإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ قَوْلُهُ: (عَلَى خِلَافِ اصْطِلَاحِهِ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْحَدِّ تَبْطُلُ الْعِفَّةُ قَطْعًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ) أَيْ فِي قُبُلِهَا فَفِي دُبُرِهَا تَبْطُلُ الْعِفَّةُ كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ بِالزَّوْجَةِ الْحَلِيلَةُ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَفْحَشُ) الرَّاجِحُ أَنَّ الزِّنَى أَفْحَشُ. قَوْلُهُ: (وَأَمَةِ وَلَدِهِ) وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ، وَلَا تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِهِ وَكَذَا أَمَتُهُ الْمُشْتَرَكَةُ، أَوْ الْمُزَوَّجَةُ، أَوْ مَنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (أَوْ بِلَا شُهُودٍ) أَوْ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ مَعًا وَلَوْ عَالِمًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ زَنَى مَقْذُوفٌ) أَيْ مَثَلًا فَالْمُرَادُ فِعْلُ مَا يُبْطِلُ الْعِفَّةَ مِمَّا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ قَاذِفِهِ) وَلَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ فَلَوْ كَانَ الْقَاذِفُ زَوْجًا لَمْ يُلَاعِنْ إلَّا لِنَفْيِ وَلَدٍ إنْ كَانَ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْأَوْلَى إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ زَنَى) أَيْ مَثَلًا كَمَا مَرَّ وَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ قَوْلُهُ: (لَمْ يَعُدْ مُحْصَنًا) قَالَ بَعْضُهُمْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ تَبَيَّنَ عَدَمُ إحْصَانِهِ، كَمَا تُشِيرُ إلَيْهِ الْعِلَّةُ وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ صَلَاحَهُ بَعْدَ زِنَاهُ لَا يُجَدِّدُ لَهُ إحْصَانًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ) خُصُوصًا إذَا صَارَ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا مِنْ حَيْثُ الْعِقَابُ فِي الْآخِرَةِ. قَوْلُهُ: (يُورَثُ) وَلَوْ لِلْإِمَامِ فِيمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ كَالْقِصَاصِ فَيَسْتَوْفِيهِ مَنْ يَرِثُ الْمُرْتَدَّ لَوْلَا الرِّدَّةُ. قَوْلُهُ: (وَيَسْقُطُ بِعَفْوٍ) أَيْ يَسْقُطُ حَقُّ الْعَافِي عَنْهُ، أَوْ الْمُرَادُ بِعَفْوٍ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ. قَوْلُهُ: (وَتَعْزِيرُ الْقَذْفِ كَذَلِكَ) أَيْ يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ وَاسْتِيفَاءِ الْإِمَامِ لَهُ نَظَرًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ: (لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُمَا لَا يَرِثَانِ مِنْ قَذْفِ الْمَيِّتِ شَيْئًا قَوْلُهُ: (عَنْ حَقِّهِ) فَلَوْ عَفَا وَاحِدٌ عَنْ بَعْضِ حَقِّهِ لَغَا وَلَهُ اسْتِيفَاءُ الْكُلِّ. قَوْلُهُ: (فَلِلْبَاقِي) وَلَوْ وَاحِدًا وَلَوْ أَقَلَّهُمْ نَصِيبًا.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (مُكَلَّفٌ) أَيْ، لِأَنَّ صُورَةَ الزِّنَى مِنْ غَيْرِهِ لَا تُوجِبُ حَدًّا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَسَبَ الْمُكَلَّفَ إلَى وَطْءٍ لَا يُحَدُّ بِهِ، وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَلِأَنَّ الرِّقَّ لَمَّا مَنَعَ كَمَالَ الْحَدِّ عَلَيْهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَيْهِ بِنِسْبَتِهِ لِلزِّنَا قَاصِرَةٌ عَنْ الْحُرِّيَّةِ عَلَى ذَلِكَ. وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلِحَدِيثِ «مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ» وَإِنَّمَا جُعِلَ مُحْصَنًا فِي حَدِّ الزِّنَى لِأَنَّهُ إهَانَةٌ لَهُ، وَأَمَّا الْعِفَّةُ فَلِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] ، وَلِأَنَّهُ يُقَالُ شَرْطُ حَدِّ الْقَاذِفِ عَدَمُ إثْبَاتِهِ زِنَا الْمَقْذُوفِ. فَرْعٌ: لَوْ أَضَافَ زِنَى الْمُرْتَدِّ وَالْمَجْنُونِ إلَى حَالِ الْإِسْلَامِ وَالْإِفَاقَةِ حُدَّ، قَوْلُهُ: (عَفِيفٌ) أَيْ وَلَا يُبْحَثُ عَنْ ثُبُوتِ الْعِفَّةِ وَغَيْرِهَا تَغْلِيظًا عَلَى الْقَاذِفِ. قَوْلُهُ: (بِلَا وَلِيٍّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، أَوْ جَاهِلًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ، ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَاهِلُ كَالْوَاطِئِ بِالشُّبْهَةِ، قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ حَرَامًا) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ صُورَةَ مَسْأَلَةِ الْمَنْكُوحَةِ بِلَا وَلِيٍّ، أَوْ شُهُودٍ أَنَّ الْوَاطِئَ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ، قَوْلُهُ: (مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ وَلِعَدَمِ فَائِدَةِ الْحُرْمَةِ أَيْضًا وَلِعَدَمِ الْفُحْشِ الَّذِي فِي الْمَحْرَمِ الْمَمْلُوكِ، قَوْلُهُ: (وَوَطْءُ زَوْجَتِهِ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُفْهَمُ حُكْمُهَا مِنْ الْمَتْنِ بِالْأَوْلَى قَوْلُهُ: (وَلَوْ زَنَى مَقْذُوفٌ) مِثْلُ الزِّنَى سَائِرُ الْوَطْءِ الْمُسْقِطِ لِلْعِفَّةِ قَوْلُهُ: (فَإِظْهَارُهَا لَا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ الْإِخْفَاءِ غَالِبًا) وَلِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ مَوْضُوعٌ لِلْحِرَاسَةِ مِنْ الزِّنَى دُونَ الرِّدَّةِ فَجَازَ أَنْ يَسْقُطَ بِحُدُوثِهِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلِأَنَّ الزِّنَى مَعْنًى يُبْطِلُ مَاضِيهِ الْحَصَانَةَ فِي زَانٍ فَيُسْقِطُهَا مُسْتَقْبَلُهُ، وَالْكُفْرُ لَا يُؤَثِّرُ مَاضِيهِ فَكَذَا مُسْتَقْبَلُهُ كَالْجُنُونِ. فَائِدَةٌ: يُمْكِنُ تَصَوُّرُ طُرُوُّ الرِّقِّ بَعْدَ الْقَذْفِ كَأَسِيرٍ قَذَفَهُ شَخْصٌ ثُمَّ اخْتَارَ الْإِمَامُ رِقَّهُ. قَوْلُهُ: (كُلُّ الْوَرَثَةِ) لَوْ قَذَفَهُ شَخْصٌ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ يَرِثُ أَيْضًا وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا وَجْهَانِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 كَوِلَايَةِ التَّزْوِيجِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ، وَالثَّانِي يَسْقُطُ جَمِيعُهُ كَمَا فِي الْقِصَاصِ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ لِلْقِصَاصِ بَدَلًا يُعْدَلُ إلَيْهِ وَهُوَ الدِّيَةُ بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ وَالثَّالِثُ يَسْقُطُ نَصِيبُ الْعَافِي وَيَبْقَى الْبَاقِي، لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّقْسِيطِ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ وَعَلَى هَذَا يَسْقُطُ السَّوْطُ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الشَّرِكَةُ. فَصْلٌ. لَهُ أَيْ لِلزَّوْجِ (قَذْفُ زَوْجَةٍ عَلِمَ زِنَاهَا) بِأَنْ رَآهُ بِعَيْنِهِ (أَوْ ظَنَّهُ ظَنًّا مُؤَكَّدًا كَشِيَاعِ زِنَاهَا يُرِيدُ مَعَ قَرِينَةٍ بِأَنْ رَآهُمَا فِي خَلْوَةٍ) أَوْ رَآهَا تَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ وَلَا يُعْفِي مُجَرَّدُ الشِّيَاعِ، لِأَنَّهُ قَدْ يُشِيعُهُ عَدُوٌّ لَهَا، أَوْ لَهُ، أَوْ مَنْ طَمِعَ فِيهِ فَلَمْ يَظْفَرْ بِشَيْءٍ وَلَا مُجَرَّدُ الْقَرِينَةِ الْمَذْكُورَةِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا لِخَوْفٍ، أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ طَمَعٍ، وَمِنْ صُوَرِ الظَّنِّ الْمُؤَكَّدِ أَنْ تُخْبِرَهُ بِزِنَاهَا، فَيَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهَا، أَوْ يُخْبِرَهُ بِهِ عَنْ عِيَانٍ مَنْ يَثِقُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ حِينَئِذٍ الْقَذْفُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ اللِّعَانُ الَّذِي يَخْلُصُ بِهِ مِنْهَا لِاحْتِيَاجِهِ إلَى الِانْتِقَامِ مِنْهَا لِتَلْطِيخِهَا فِرَاشَهُ، وَلَا يَكَادُ يُسَاعِدُهُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ، أَوْ إقْرَارٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهَا وَيُطَلِّقَهَا إنْ كَرِهَهَا هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا وَلَدَ يَنْفِيهِ. (وَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ) مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ (لَزِمَهُ نَفْيُهُ) لِأَنَّ تَرْكَ النَّفْيِ يَتَضَمَّنُ اسْتِلْحَاقَهُ، وَاسْتِلْحَاقُ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ حَرَامٌ وَطَرِيقُ نَفْيِهِ اللِّعَانُ الْمَسْبُوقُ بِالْقَذْفِ فَيَلْزَمَانِ أَيْضًا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قَذْفُهَا إذَا عَلِمَ زِنَاهَا، أَوْ ظَنَّهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي جَوَازِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَقْذِفُهَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ (وَإِنَّمَا يَعْلَمُ) أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ (إذَا لَمْ يَطَأْ) (أَوْ) وَطِئَ وَ (وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ) الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ (أَوْ فَوْقَ أَرْبَعِ سِنِينَ) الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ (فَلَوْ وَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَهُمَا) .   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: لَا يَصِحُّ عَفْوُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ اسْتِيفَاؤُهُ فَيُنْتَظَرُ كَمَالُهُمَا، وَلَا يَتَوَقَّفُ طَلَبُ غَيْرِهِمَا عَلَى كَمَالِهِمَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْغَيْبَةُ فَلِلْكَامِلِ وَالْحَاضِرِ الطَّلَبُ وَاسْتِيفَاءُ الْجَمِيعِ وَلَا يُعَادُ التَّعْزِيرُ، أَوْ الْحَدُّ لَهُمَا بَعْدَ كَمَالِهِمَا، وَإِنْ طَلَبَاهُ. فُرُوعٌ: لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمَقْذُوفُ فَلِسَيِّدِهِ اسْتِيفَاؤُهُ، وَلَوْ قَذَفَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ فَلِلْعَبْدِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالتَّعْزِيرِ، فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ سَقَطَ عَنْ السَّيِّدِ، لِإِرْثِهِ لَهُ، وَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ لِوَارِثِ الْعَبْدِ لَوْلَا الرِّقُّ كَابْنِهِ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ فَرَاجِعْهُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْبَحْثُ عَنْ حَصَانَةِ الْمَقْذُوفِ، وَلِلْقَاذِفِ تَحْلِيفُ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ مَا زَنَى، أَوْ مَا ارْتَكَبَ مُسْقِطًا لِلْعِفَّةِ وَكَذَا لَهُ تَحْلِيفُ وَارِثِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مُوَرِّثَهُ ارْتَكَبَ ذَلِكَ فَصْلٌ فِي قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ قَوْلُهُ: (لَهُ) أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ فَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِزَيْدٍ) مَثَلًا. قَوْلُهُ: (رَآهُمَا) وَلَوْ مَرَّةً قَوْلُهُ: (وَمِنْ صُوَرِ إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ مَعَ دُخُولِهِ تَحْتَ الْكَافِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ، فَلَا يُفِيدُ الظَّنَّ الْمُؤَكَّدَ، وَلِأَنَّهُ خَبَرُ مَنْ لَا يُقْبَلُ خَبَرًا فَلَيْسَ فِيهِ ظَنٌّ إلَّا بِمُقْتَضَى تَصْدِيقِهِ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوْلَى) وَتَتَأَكَّدُ الْأَوْلَوِيَّةُ عِنْدَ الظَّنِّ. قَوْلُهُ: (مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ) أَيْ وَأُلْحِقَ بِهِ ظَاهِرًا، وَإِلَّا كَأَنْ أَتَتْ بِهِ خِفْيَةً بِحَيْثُ لَا يُلْحَقُ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِنَفْيِهِ. قَوْلُهُ: (فَيَلْزَمَانِ) فَقَوْلُهُ أَوَّلًا لَهُ إلَخْ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ أَيْ فَهُوَ وَاجِبٌ فِي هَذَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ أَفْرَادِ مَا سَبَقَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَقْذِفُهَا) بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى نَفْيِ الْوَلَدِ وُجُوبًا قَوْلُهُ: (أَيْ بَيْنَ سِتَّةٍ إلَخْ) لَوْ أَبْقَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ لَوَافَقَ الْمُعْتَمَدَ مِنْ أَنَّ السِّتَّةَ مُلْحَقَةٌ بِمَا فَوْقَهَا وَالْأَرْبَعَ سِنِينَ مُلْحَقَةٌ بِمَا دُونَهَا.   [حاشية عميرة] تَنْبِيهٌ: لِبَعْضِهِمْ الِاسْتِيفَاءُ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي صَغِيرًا، أَوْ غَائِبًا، أَوْ حَاضِرًا كَامِلًا وَلَمْ يَطْلُبْ، قَوْلُهُ: (وَأَنَّهُ لَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ) قَالَ الْعُلَمَاءُ لَا نَظِيرَ لِذَلِكَ فَإِنَّ نَظَائِرَهَا إمَّا أَنْ تَسْقُطَ حِصَّةُ الْعَافِي كَالشُّفْعَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَسْقُطَ الْجَمِيعُ كَالْقِصَاصِ [فَصْلٌ لَهُ أَيْ لِلزَّوْجِ قَذْفُ زَوْجَةٍ عَلِمَ زِنَاهَا] فَصْلٌ لَهُ قَذْفُ زَوْجِهِ اسْتَدَلَّ عَلَى الْجَوَازِ بِآيَةِ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] وَبِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ أَتَى أَهْلَهُ عِشَاءً فَرَأَى بِعَيْنِهِ وَسَمِعَ بِأُذُنِهِ، فَجَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ فَكَرِهَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَابَهُ فَنَزَلَتْ الْآيَاتُ، وَأَمَّا الْجَوَازُ عِنْدَ الظَّنِّ الْمُؤَكَّدِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى التَّحَقُّقِ، وَكَمَا فِي أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ تُبْنَى عَلَى الْقَرَائِنِ نَعَمْ أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ يُكْتَفَى فِيهَا بِالْإِشَاعَةِ وَقَدْ مَنَعُوا كِفَايَتَهَا هُنَا، وَكَأَنَّ الْفَارِقَ مَا يُطْلَبُ فِي هَذِهِ الْفَاحِشَةِ مِنْ السَّتْرِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ رَآهُمَا فِي خَلْوَةٍ) أَيْ وَلَوْ مَرَّةً. نَعَمْ قَالَ الْإِمَامُ الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لَوْ رَآهُ الزَّوْجُ عَلَى اسْتِخْلَاءٍ مِرَارًا فِي مَوْطِنِ الرِّيبَةِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ الِانْضِمَامِ إلَى الِاسْتِفَاضَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً اهـ. وَهُوَ مَتِينٌ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ صُوَرِ إلَخْ) . قَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِالْكَافِ مِنْ قَوْلِهِ كَشِيَاعِ قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا يَقْذِفُهَا) أَيْ وَلَكِنْ يَلْزَمُهُ النَّفْيُ وَيَقُولُ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ إصَابَةِ غَيْرِي لَهَا عَلَى فِرَاشِي، وَإِنَّ الْوَلَدَ مِنْ تِلْكَ الْإِصَابَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي التَّنْبِيهِ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي فِي الْفَصْلِ الثَّانِي، وَقَوْلُ الشَّارِحِ لَزِمَ قَذْفُهَا لَك أَنْ تَقُولَ لَا يَتَعَيَّنُ خُصُوصُ الْقَذْفِ بَلْ يَكْفِي رَمْيُهَا بِالْعُلُوقِ مِنْ غَيْرِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 أَيْ بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْوَطْءِ (وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ) بَعْدَهُ (بِحَيْضَةٍ حُرِّمَ النَّفْيُ) لِلْوَلَدِ رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ وَلَا عِبْرَةَ بِرِيبَةٍ يَجِدُهَا فِي نَفْسِهِ (وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ حَلَّ لِلنَّفْيِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْفِيَهُ، لِأَنَّ الْحَامِلَ قَدْ تَرَى الدَّمَ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي إنْ رَأَى بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ قَرِينَةَ الزِّنَى الْمُبِيحَةَ لِلْقَذْفِ، أَوْ تَيَقَّنَهُ جَازَ النَّفْيُ، بَلْ وَجَبَ لِحُصُولِ الظَّنِّ حِينَئِذٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَرَ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ، وَرَجَّحَ الثَّانِيَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْأَوَّلَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَلَيْسَ فِي الْكَبِيرِ تَرْجِيحٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ مَا إذَا أَمْكَنَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الزِّنَى بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الزِّنَى فَلَوْ وَلَدَتْهُ لِدُونِهَا مِنْ الزِّنَى وَفَوْقَهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ لَمْ يَجُزْ نَفْيُهُ جَزْمًا كَمَا اسْتَدْرَكَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالِاسْتِبْرَاءُ يَحْصُلُ بِظُهُورِ دَمِ الْحَيْضِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. (وَلَوْ وَطِئَ وَعَزَلَ حُرِّمَ) النَّفْيُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ إلَى الرَّحِمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحُسَّ بِهِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ جَعَلَ الْغَزَالِيُّ الْعَزْلَ مُجَوِّزًا لِلنَّفْيِ وَلَوْ وَطِئَ فِي الدُّبُرِ، أَوْ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَلَهُ النَّفْيُ عَلَى الْأَصَحِّ. (وَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا وَاحْتَمَلَ كَوْنَ الْوَلَدِ مِنْهُ وَمِنْ الزِّنَى) عَلَى السَّوَاءِ بِأَنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا (حُرِّمَ النَّفْيُ) رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَكَذَا) حُرِّمَ (الْقَذْفُ وَاللِّعَانُ عَلَى الصَّحِيحِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ الْقِيَاسُ الْجَوَازُ انْتِقَامًا مِنْهَا كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ، وَعُورِضَ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَتَضَرَّرُ بِنِسْبَةِ أُمِّهِ إلَى الزِّنَى، وَإِثْبَاتِهِ عَلَيْهَا بِاللِّعَانِ؛ إذْ يُعَيَّرُ بِذَلِكَ وَتُطْلَقُ فِيهِ الْأَلْسِنَةُ، فَلَا يَحْتَمِلُ هَذَا الضَّرَرَ لِغَرَضِ الِانْتِقَامِ، وَالْفِرَاقُ مُمْكِنٌ بِالطَّلَاقِ. فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: 6] الْآيَاتِ. (اللِّعَانُ قَوْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (أَرْبَعَ مِرَارٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُ بِهِ هَذِهِ مِنْ الزِّنَى) أَيْ زَوْجَتَهُ إنْ كَانَتْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ) وَفِي الرَّوْضَةِ مِنْ الزِّنَى بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ. قَوْلُهُ: (وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحِلُّ النَّفْيُ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لَكَانَ أَوْلَى، وَكَوْنُ الْأَوَّلِ هُوَ الَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ الْحَمْلِ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ مِنْ حَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ يَعْرِفُهُ نَاظِرُهُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِظُهُورِ دَمِ الْحَيْضِ) فَلَا يَتَوَقَّفُ حُسْبَانُ الْمُدَّةِ عَلَى تَمَامِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ ابْنُ النَّقِيبِ شَيْخُ الشَّارِحِ لَا زَالَتْ سَحَائِبُ الرَّحْمَةِ مُنْصَبَّةً عَلَى مَضْجَعِهِمَا، وَقِيلَ أَرَادَ ابْنَ الْمُلَقِّنِ وَقِيلَ أَرَادَ الزَّرْكَشِيَّ، رَحِمَ اللَّهُ الْجَمِيعَ وَرَضِيَ عَنْهُمْ كَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ. تَنْبِيهٌ: اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ فِيمَا تَقَدَّمَ كَالْوَطْءِ جَوَازًا وَمَنْعًا. قَوْلُهُ: (عَلَى السَّوَاءِ) فَإِنْ ظَنَّهُ مِنْهُ حُرِّمَ النَّفْيُ قَطْعًا أَوْ لَيْسَ مِنْهُ حَلَّ النَّفْيُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْقِيَاسُ) عَلَى مَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ. تَنْبِيهٌ: وَطْءُ الشُّبْهَةِ كَالزِّنَى فِي لُزُومِ النَّفْيِ وَحُرْمَتِهِ كَالْقَذْفِ، وَاللِّعَانِ وَلَيْسَ اخْتِلَافُ اللَّوْنِ مُجَوِّزًا لِلنَّفْيِ كَوَلَدٍ أَسْوَدَ وَكُلٌّ مِنْ أَبَوَيْهِ أَبْيَضُ، أَوْ عَكْسُهُ وَإِنْ أَشْبَهَ مَنْ تُتَّهَمُ بِهِ أُمُّهُ كَمَا قِصَّةُ زَيْدٍ حِبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ] ِ وَشُرُوطِهِ وَثَمَرَتِهِ. وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ: لَفْظٌ وَقَذْفٌ سَابِقٌ عَلَيْهِ وَزَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ رَابِعًا وَهُوَ الْحَلِيلَةُ. قَوْلُهُ: (فِيمَا رَمَيْت إلَخْ) إنْ كَانَ رَمَاهَا أَوْ فِيمَا ادَّعَيْت بِهِ عَلَيْهَا إنْ ادَّعَاهُ عَلَيْهَا وَأَنْكَرَتْ كَمَا يَأْتِي قَوْلُهُ: (غَابَتْ) أَيْ عَنْ مَجْلِسِ اللِّعَانِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (حُرِّمَ النَّفْيُ) أَيْ وَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا وَاحْتَمَلَ كَوْنَهُ مِنْهُ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الْمَتْنِ، وَقَوْلِ الشَّارِحِ إنَّهُ عُلِمَ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ) رَوَى النَّسَائِيّ «أَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ، وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ فِي الْكِفَايَةِ الْمَعْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ أَنَّهُ فِي حَالَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ يَكُونُ أَرَقَّ وَأَشْفَقَ فَإِذَا جَحَدَهُ وَنَفَاهُ كَانَ أَبْلَغَ فِي ارْتِكَابِ الْجَرِيمَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) زَادَ الزَّرْكَشِيُّ وَالثَّالِثُ يَجُوزُ النَّفْيُ سَوَاءٌ وُجِدَتْ مَخْيَلَةٌ أَمْ لَا، وَلَا يَجِبُ بِحَالٍ قَالَ كَذَا ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ وَالْبَغَوِيُّ هَذِهِ الْأَوْجُهَ وَزَعَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الثَّالِثَ هُوَ الْأَوَّلُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَجُوزُ عِنْدَ الْمَخْيَلَةِ وَيُوجِبُ رُؤْيَةَ الزِّنَى بِخِلَافِ الثَّالِثِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا قَالَ وَكَلَامُ النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَنَبَّهَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ تَقْيِيدُ مَا فِي الْمِنْهَاجِ بِمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ تُهْمَةٌ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الِاسْتِبْرَاءِ لَا يَصِحُّ قَطْعًا اهـ. قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ) هَذَا عِنْدَ التَّأَمُّلِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ حَلَّ فِي الْأَصَحِّ مَحَلُّهُ عِنْدَ وُجُودِ مَخْيَلَةِ الزِّنَى فَيُتَأَمَّلُ. قَوْلُهُ: (بِظُهُورِ دَمِ الْحَيْضِ) أَيْ فَتَحْسُبُ الْمُدَّةَ مِنْ وَقْتِ الظُّهُورِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الْأَمْرُ عَلَى تَمَامِ الْحَيْضَةِ فَلَا يَحْصُلُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ الِانْقِطَاعِ. وَكَأَنَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنَى بِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الزَّرْكَشِيَّ فَقَدْ بَحَثَهُ فِي التَّكْمِلَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا بِهِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَطِئَ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ وَطِئَ وَلَمْ يُنْزِلْ فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ قَوْلُهُ (فَإِنْ غَابَتْ) أَيْ بِسَبَبِ حَيْضٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ مَوْتٍ وَنَحْوِهِ، قَوْلُهُ: (فِي الْكَلِمَاتِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهَا وَذِكْرُ الزَّانِي وَاجِبٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 حَاضِرَةً (فَإِنْ غَابَتْ سَمَّاهَا وَرَفَعَ نَسَبَهَا بِمَا يُمَيِّزُهَا) عَنْ غَيْرِهَا (وَالْخَامِسَةَ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَى) وَيُشِيرُ إلَيْهَا فِي الْحُضُورِ وَيُمَيِّزُهَا فِي الْغَيْبَةِ، كَمَا فِي الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ وَيَأْتِي بَدَلَ ضَمَائِرِ الْغَيْبَةِ بِضَمَائِرِ التَّكَلُّمِ، فَيَقُولُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيَّ إنْ كُنْتُ إلَخْ. (وَإِنْ كَانَ وَلَدٌ يَنْفِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْكَلِمَاتِ) الْخَمْسِ لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ (فَقَالَ وَإِنَّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ، أَوْ هَذَا الْوَلَدَ) إنْ كَانَ حَاضِرًا (مِنْ زِنًى لَيْسَ مِنِّي) وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ زِنًى لَمْ يَكْفِ فِي الِانْتِفَاءِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الْوَطْءَ بِالشُّبْهَةِ زِنًى وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَكْفِي حَمْلًا لِلَفْظِ الزِّنَى عَلَى حَقِيقَتِهِ وَجَزَمَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَ مِنِّي لَمْ يَكْفِ عَلَى الصَّحِيحِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ خَلْقًا وَخُلُقًا، وَلَوْ أَغْفَلَ ذِكْرَ الْوَلَدِ فِي بَعْضِ الْكَلِمَاتِ احْتَاجَ لِنَفْيِهِ إلَى إعَادَةِ اللِّعَانِ وَلَا تَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ إلَى إعَادَةِ لِعَانِهَا وَقِيلَ تَحْتَاجُ. (وَتَقُولُ هِيَ) أَرْبَعَ مِرَارٍ (أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَى وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ فِيهِ) وَتُشِيرُ إلَيْهِ فِي الْحُضُورِ وَتُمَيِّزُهُ فِي الْغَيْبَةِ كَمَا فِي جَانِبِهَا فِي الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ وَتَأْتِي فِي الْخَامِسَةِ بِضَمِيرِ التَّكَلُّمِ، فَتَقُولُ: غَضَبُ اللَّهِ عَلَيَّ إلَى آخِرِهِ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْوَلَدِ، لِأَنَّ لِعَانَهَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، وَقِيلَ تَذْكُرُهُ فَتَقُولُ وَهَذَا الْوَلَدُ وَلَدُهُ لِيَسْتَوِيَ اللِّعَانَانِ. تَنْبِيهٌ: تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَقْذِفُهَا إذَا احْتَمَلَ كَوْنَ الْوَلَدِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَحِينَئِذٍ يَقُولُ فِي اللِّعَانِ لِنَفْيِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي مِنْ الصَّادِقِينَ، فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ إصَابَةِ غَيْرِي لَهَا عَلَى فِرَاشِي وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْ تِلْكَ الْإِصَابَةِ مَا هُوَ مِنِّي إلَى آخِرِ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ، وَلَا تُلَاعِنُ الْمَرْأَةُ؛ إذْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا بِهَذَا اللِّعَانِ حَتَّى يَسْقُطَ بِلِعَانِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخَانِ مَا قَالَهُ. (وَلَوْ بُدِّلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (لَفْظُ شَهَادَةٍ بِحَلِفٍ وَنَحْوِهِ) كَأَنْ قِيلَ: أَحْلِفُ، أَوْ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ إلَى آخِرِهِ (أَوْ) لَفْظُ (غَضَبٍ بِلَعْنٍ وَعَكْسُهُ، أَوْ ذُكِرَا قَبْلَ تَمَامِ الشَّهَادَاتِ لَمْ يَصِحَّ) ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) اتِّبَاعًا لِنَظْمِ الْآيَاتِ السَّابِقَةِ وَقِيلَ يَصِحُّ ذَلِكَ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَقِيلَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَأْتِيَ بَدَلَ لَفْظِ الْغَضَبِ بِلَفْظِ اللَّعْنِ، لِأَنَّ الْغَضَبَ أَشَدُّ مِنْ اللَّعْنِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَتُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ عَلَى الْأَصَحِّ فَيُؤَثِّرُ الْفَصْلُ الطَّوِيلُ. (وَيُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي اللِّعَانِ (أَمْرُ الْقَاضِي) بِهِ (وَيُلَقِّنُ كَلِمَاتِهِ) فِي الْجَانِبَيْنِ فَيَقُولُ: قُلْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إلَى آخِرِهِ، لِأَنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ وَالْيَمِينَ لَا يُعْتَدُّ بِهَا قَبْلَ اسْتِحْلَافِ الْقَاضِي وَإِنْ غَلَبَ فِيهِ مَعْنَى الشَّهَادَةِ فَهِيَ لَا تُؤَدَّى إلَّا عِنْدَهُ بِإِذْنِهِ (وَأَنْ يَتَأَخَّرَ لِعَانُهَا عَنْ لِعَانِهِ)   [حاشية قليوبي] وَالْخَامِسَةَ) وَهِيَ مُؤَكِّدَةٌ لِمُفَادِ الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ قَبْلَهَا كَمَا كُرِّرَتْ الشَّهَادَةُ فِي الْأَرْبَعِ لِتَأَكُّدِ الْأَمْرِ، وَلِأَنَّهَا أُقِيمَتْ مِنْ الزَّوْجِ مَقَامَ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ وَهِيَ أَيْمَانٌ فِي الْحَقِيقَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَدٌ) وَحَمْلٌ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (ذَكَرَهُ فِي الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ) كَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهَا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (إنَّ الْوَطْءَ بِالشُّبْهَةِ) أَيْ الْوَطْءَ الْوَاقِعَ مِنْهُ لِزَوْجَتِهِ فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ مِنْ الزِّنَى) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَيْسَ مِنِّي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ لَا يَكْفِي أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى لَفْظِ لَيْسَ مِنِّي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (إعَادَةُ اللِّعَانِ) بِالْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ لِأَجْلِ نَفْيِ الْوَلَدِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى عَادَتِهِ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا) وَخُصَّتْ بِالْغَضَبِ الَّذِي هُوَ الْبُعْدُ مَعَ الِانْتِقَامِ، وَخُصَّ هُوَ بِاللَّعْنِ الَّذِي هُوَ الطَّرْدُ وَالْبُعْدُ لِأَنَّ جَرِيمَةَ الزِّنَى أَشَدُّ مِنْ جَرِيمَةِ الْقَذْفِ. قَوْلُهُ: (بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) لِيَشْمَلَ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ قَوْلُهُ: (لَفْظُ شَهَادَةٍ إلَخْ) أَوْ لَفْظُ اللَّهِ بِغَيْرِهِ كَالرَّحْمَنِ قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْكَلِمَاتِ) أَيْ لَا بَيْنَ اللِّعَانَيْنِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَيُؤَثِّرُ الْفَصْلُ الطَّوِيلُ) وَكَذَا كُلُّ مَا يَضُرُّ فِي قَطْعِ الْفَاتِحَةِ قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَشَيْخُنَا نَقْلًا عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (أَمْرُ الْقَاضِي) وَلَوْ بِنَائِبِهِ وَمِثْلُهُ السَّيِّدُ فِي مُلَاعَنَةِ رَقِيقِهِ، وَالْمُحَكَّمُ كَالْحَاكِمِ إلَّا فِي نَفْيِ الْوَلَدِ، فَلَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهِ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي نَسَبِهِ، فَلَا يَسْقُطُ بِرِضَا غَيْرِهِ إلَّا إنْ كَانَ بَالِغًا وَرَضِيَ. قَوْلُهُ: (كَلِمَاتِهِ) أَيْ الْخَمْسَ. قَوْلُهُ: (فَيَقُولُ قُلْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَلَفُّظِ الْقَاضِي بِهَا وَلَا يَكْفِي الْأَمْرُ مِنْهُ بِهَا وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ خِلَافُهُ حَيْثُ قَاسَهُ عَلَى الْيَمِينِ، وَذَلِكَ كَافٍ فِيهَا وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا تَغْلِيبًا لِمَعْنَى الشَّهَادَةِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ) فَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِتَقْدِيمِهِ نُقِضَ حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (وَيُلَاعِنُ أَخْرَسُ) أَصْلِيُّ الْخَرَسِ، أَوْ طَارِئُهُ وَلَمْ يُرْجَ زَوَالُهُ قَبْلَ   [حاشية عميرة] أَيْضًا إنْ أَرَادَ إسْقَاطَ الْحَدِّ بِسَبَبِهِ، قَوْلُهُ: (إنَّ الْوَطْءَ بِالشُّبْهَةِ) يُرِيدُ وَطْءَ نَفْسِهِ قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ إلَخْ) . أَقُولُ: فَلَوْ قَالَ مِنْ إصَابَةِ غَيْرِي أَوْ مِنْ وَطْءِ غَيْرِي وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَافِيًا وَحْدَهُ لِانْتِفَاءِ هَذَا الِاحْتِمَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ إلَخْ) لَا يُقَالُ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ لِعَانِهِ عَلَى لِعَانِهَا، لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ تَقَدَّمَ وَأَوْجَبَ الْحَدَّ عَلَيْهَا، لَوْلَا لِعَانُهَا، وَإِنَّمَا أُعِيدَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ خَاصَّةً هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، قَوْلُهُ: (وَحِينَئِذٍ إلَخْ) لِإِخْفَاءِ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ نِكَاحٍ لِلْغَيْرِ سَابِقٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ مِنْ إصَابَةِ غَيْرِي اهـ قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ) وَكَذَا ذِكْرُ أَسْمَاءِ غَيْرِ الْجَلَالَةِ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ إلَخْ) . لِهَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ عَبَّرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْمَذْهَبِ لَوَافَقَ اصْطِلَاحَهُ يَعْنِي أَبْدَلَ لَفْظَ الْغَضَبِ بِلَفْظِ اللِّعَانِ فَإِنَّ فِيهِ طَرِيقَيْنِ. [شَرْط اللِّعَان] قَوْلُهُ: (وَيُلَقِّنُ) مُغْنٍ عَمَّيْ قَبْلَهُ ثُمَّ التَّلْقِينُ مُعْتَبَرٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 لِأَنَّ لِعَانَهَا لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهَا بِلِعَانِ الزَّوْجِ، (وَيُلَاعِنُ أَخْرَسُ بِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ، أَوْ كِتَابَةٍ) كَالْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ قَذْفُهُ وَلَا لِعَانُهُ وَلَا غَيْرُهُمَا لِتَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى مَا يُرِيدُهُ. (وَيَصِحُّ) اللِّعَانُ (بِالْعَجَمِيَّةِ) وَإِنْ عَرَفَ الْعَرَبِيَّةَ، لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مَعْنَى الْيَمِينِ، أَوْ الشَّهَادَةِ وَهُمَا بِاللُّغَاتِ سَوَاءٌ، وَتُرَاعَى تَرْجَمَةُ الشَّهَادَةِ وَاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ (وَفِيمَنْ عَرَفَ الْعَرَبِيَّةَ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِعَانُهُ بِالْعَجَمِيَّةِ لِعُدُولِهِ عَمَّا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى الصِّحَّةِ بِهَا إنْ أَحْسَنَهَا الْقَاضِي اُسْتُحِبَّ أَنْ يَحْضُرَهُ أَرْبَعَةٌ مِمَّنْ يُحْسِنُهَا، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا فَلَا بُدَّ مِمَّنْ يُتَرْجِمُ وَيَكْفِي مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ اثْنَانِ لِأَنَّ لِعَانَهَا لِنَفْيِ الزِّنَى وَفِي جَانِبِ الرَّجُلِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى قَوْلِ إنَّ الْإِقْرَارَ بِالزِّنَى يَثْبُتُ بِاثْنَيْنِ، أَوْ يَحْتَاجُ إلَى أَرْبَعَةٍ لِأَنَّ لِعَانَ الزَّوْجِ قَوْلٌ يَثْبُتُ بِهِ الزِّنَى عَلَيْهَا كَمَا أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالزِّنَى قَوْلٌ يَثْبُتُ بِهِ الزِّنَى وَأَصَحُّهُمَا الْقَطْعُ بِالِاكْتِفَاءِ بِاثْنَيْنِ وَالْأَظْهَرُ ثُبُوتُ الْإِقْرَارِ بِاثْنَيْنِ. (وَيُغَلَّظُ) اللِّعَانُ (بِزَمَانٍ وَهُوَ بَعْدَ عَصْرِ جُمُعَةٍ) فَيُؤَخَّرُ إلَيْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ طَلَبٌ أَكِيدٌ فَإِنْ كَانَ فَبَعْدَ عَصْرِ أَيِّ يَوْمٍ كَانَ، لِأَنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَغْلَظُ عُقُوبَةً لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ بِالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِي ذَلِكَ، وَبَعْدَ عَصْرِ الْجُمُعَةِ أَشَدُّ، لِأَنَّهُ سَاعَةُ الْإِجَابَةِ فِيهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَهُمَا يَدْعُوَانِ الْخَامِسَةَ بِاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ (وَمَكَانٍ وَهُوَ أَشْرَفُ بَلَدِهِ) أَيْ بَلَدِ اللِّعَانِ (فَبِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ) الْأَسْوَدِ (وَالْمَقَامِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْحَطِيمِ، وَقِيلَ فِي الْحِجْرِ (وَالْمَدِينَةِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَبَيْتِ الْمُقَدَّسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَغَيْرِهَا عِنْدَ مِنْبَرِ الْجَامِعِ) ، وَهَلْ يَصْعَدَانِ مِنْبَرَ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ نَعَمْ «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَاعَنَ بَيْنَ الْعَجْلَانِيُّ وَامْرَأَتِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ لَكِنْ ضَعَّفَهُ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الصُّعُودَ لَا يَلِيقُ بِحَالِهِمَا، وَالثَّالِثُ إنْ كَثُرَ الْقَوْمُ صَعِدَا لِيَرَوْهُمَا، وَإِلَّا فَلَا. (وَ) تُلَاعِنُ (حَائِضٌ بِبَابِ الْمَسْجِدِ)   [حاشية قليوبي] ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَ، وَقَوْلُهُ بِإِشَارَةٍ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْيَمِينِ الَّذِي هُوَ الْأَصَحُّ غَالِبًا، وَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ لَمْ أُرِدْ الْقَذْفَ بِإِشَارَتِي لَمْ يُصَدَّقْ، أَوْ لَمْ أُرِدْ اللِّعَانَ لَمْ يُصَدَّقْ، فِيمَا عَلَيْهِ كَالتَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ وَالْفُرْقَةِ وَيُقْبَلُ فِيمَا لَهُ كَثُبُوتِ نَسَبِ الْوَلَدِ، وَلُزُومِ الْحَدِّ لَهُ وَلَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِهِمَا حَيْثُ لَمْ يَفُتْ، وَلَوْ نَطَقَ فِي أَثْنَاءِ اللِّعَانِ بَنَى عَلَى مَا أَشَارَ بِهِ، أَوْ كَتَبَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ كِتَابَةِ الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ، وَلَهُ كِتَابَةُ بَعْضِهَا وَالْإِشَارَةُ لِلْبَاقِي فَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ، وَيَكْتُبُ مَعَ الْكِتَابَةِ إنِّي نَوَيْت كَذَا قَوْلُهُ: (تَرْجَمَةُ الشَّهَادَةِ إلَخْ) وَكَذَا لَفْظُ اللَّهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَأَصَحُّهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. تَنْبِيهٌ: مَا ذُكِرَ فِي لِعَانِ الْأَخْرَسِ يَجْرِي فِي قَذْفِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُغَلَّظُ) قَالَ شَيْخُنَا: وَالتَّغْلِيظَاتُ مَنُوطَةٌ بِنَظَرِ الْقَاضِي وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَا الزَّوْجَيْنِ فِيهَا، وَلَا تَغْلِيظَ فِيمَنْ لَا يُعَظِّمُ زَمَانًا وَلَا مَكَانًا كَالدَّهْرِيِّ وَالزِّنْدِيقِ فَيُلَاعِنُ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ كَمَا سَيَأْتِي، وَيَحْسُنُ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَرَزَقَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِزَمَانٍ) وَلَوْ لِكَافِرٍ فِيمَا يُعَظِّمُهُ مِنْ الْأَوْقَاتِ عِنْدَهُمْ، وَمِنْ الْأَوْقَاتِ عِنْدَنَا الشَّرِيفَةِ نَحْوُ رَجَبَ، وَرَمَضَانَ وَالْعِيدِ وَعَاشُورَاءَ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ عَصْرٍ) أَيْ بَعْدَ أَوَّلِ وَقْتِهِ، فَهُوَ فِيهِ وَبَعْدَ فِعْلِهِ أَوْلَى، وَكَوْنُهُ بَعْدَ عَصْرِ الْجُمُعَةِ آكَدُ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ بَعْضِهِمْ) وَهُوَ قَوْلٌ مِنْ أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ قَوْلًا فِيهَا أَرْجَحُهَا أَنَّهَا فِيمَا بَيْنَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ بَلَدِ اللِّعَانِ) وَيُحَرَّمُ الِانْتِقَالُ مِنْ بَلَدِهِ إلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ لِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَاللِّعَانُ فِي الْأَمَاكِنِ الْآتِيَةِ فِي كُلِّ بَلَدٍ إنَّمَا لِمَنْ هُوَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ) وُصِفَ بِوَصْفِ الْحَجَرِ الَّذِي فِيهِ وَالسَّوَادُ طَارِئٌ عَلَيْهِ، لِمَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ نَزَلَ مِنْ الْجَنَّةِ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ. قَوْلُهُ: (وَالْمَقَامِ) أَيْ الْمَعْرُوفِ بِمَقَامِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ حَجَرٌ نَزَلَ لَهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَكَانَ يَقُومُ عَلَيْهِ عِنْدَ بِنَاءِ الْبَيْتِ فَيَرْتَفِعُ بِهِ حَتَّى يَضَعَ حَجَرَ الْبِنَاءِ فَوْقَ الْجِدَارِ ثُمَّ يَهْبِطُ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ مَا بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ: (الْمُسَمَّى بِالْحَطِيمِ) لِمَا قِيلَ: إنَّهُ حُطِمَ أَيْ مَاتَ فِيهِ أُلُوفٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِي الْحِجْرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُصَانُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ غَالِبَهُ مِنْ الْبَيْتِ، وَهُوَ يُصَانُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ حَوْلَهُ، وَلِذَلِكَ قَدَّمَ الْحَطِيمَ وَقِيلَ إنَّ فِي الْحِجْرِ قَبْرَ إسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ هَاجَرَ. قَوْلُهُ: (بَيْتِ الْمَقْدِسِ) وَيُسَمَّى إيلِيَاءِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ مَعَ الْمَدِّ قَوْلُهُ: (عِنْدَ الصَّخْرَةِ) وَهِيَ أَشْرَفُ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهَا قِبْلَةُ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا قِيلَ، وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَلِأَنَّهَا مِنْ الْجَنَّةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِنْ لَمْ يَصْعَدَا فَعِنْدَ الْمِنْبَرِ مِنْ جِهَةِ الْمِحْرَابِ. وَهُوَ فِي الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ مِنْ الرَّوْضَةِ الْمُنِيفَةِ لِأَنَّهَا مَا بَيْنَ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ وَالْمِنْبَرِ وَهِيَ مِنْ الْجَنَّةِ أَوْ سَتَصِيرُ جُزْءًا مِنْ الْجَنَّةِ، كَمَا قِيلَ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الْحَلِفَ فِيهَا يُوجِبُ النَّارَ. قَوْلُهُ: (حَائِضٌ) وَلَوْ مُتَحَيِّرَةً وَكَذَا النُّفَسَاءُ وَيُنْدَبُ إمْهَالُهُمَا لِزَوَالِ الْمَانِعِ. قَوْلُهُ: (بِبَابِ الْمَسْجِدِ) فَيَخْرُجُ إلَيْهَا   [حاشية عميرة] فِي سَائِرِ الْكَلِمَاتِ وَلَا يَكْفِي فِي أَوَّلِهَا فَقَطْ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لِعَانَهَا إلَخْ) اسْتَدَلَّ الزَّرْكَشِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: 8] ، قَوْلُهُ: (وَيُلَاعِنُ أَخْرَسُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ كَوْنُهُ يَمِينًا فَإِنْ قُلْنَا: شَهَادَةٌ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ، قَوْلُهُ: (أَوْ كِتَابَةٍ) أَيْ فَيَكْتُبُ كَلِمَاتِ اللَّعْنِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ الْخَامِسَةَ [اللِّعَانُ بِالْعَجَمِيَّةِ] قَوْلُهُ: (وَهُوَ بَعْدَ عَصْرِ جُمُعَةٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بَعْدَ فِعْلِهَا، قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ) وَفِي هَذَا الْوَقْتِ أَيْضًا تَنْزِلُ الْمَلَائِكَةُ وَتَصْعَدُ بِالْأَعْمَالِ، قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْمِنْبَرِ) رَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ «لَا يَحْلِفُ عِنْدَ هَذَا الْمِنْبَرِ عَبْدٌ وَلَا أَمَةٌ وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ رَطْبٍ إلَّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ» ، ثُمَّ الْمُرَادُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ مِمَّا يَلِي الْحُجْرَةَ الشَّرِيفَةَ، وَهُوَ الرَّوْضَةُ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا بِرُؤْيَةِ ذَلِكَ قَبْلَ الْمَمَاتِ ثُمَّ الْجَنَّةِ مِنْ غَيْرِ سَابِقَةِ عَذَابٍ آمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. قَوْلُهُ: (الصَّخْرَةِ) فِي الْحَدِيث الشَّرِيفِ الصَّخْرَةُ مِنْ الْجَنَّةِ، قَوْلُهُ: (لَا يَلِيقُ) أَيْ، لِأَنَّهُ رِفْعَةٌ وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا قَوْلُهُ: (وَذِمِّيٌّ) الْأَحْسَنُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 لِحُرْمَةِ مُكْثِهَا فِيهِ وَيَخْرُجُ الْقَاضِي إلَيْهَا أَوْ يَبْعَثُ نَائِبًا (وَذِمِّيٌّ فِي بِيعَةٍ) لِلنَّصَارَى (وَكَنِيسَةٍ) لِلْيَهُودِ، لِأَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَهَا كَتَعْظِيمِنَا الْمَسَاجِدَ (وَكَذَا بَيْتُ نَارِ مَجُوسِيٍّ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَهُ فَيَحْضُرُهُ الْقَاضِي رِعَايَةً لِاعْتِقَادِهِمْ لِشُبْهَةِ الْكِتَابِ وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ وَشَرَفٌ، فَيُلَاعِنُ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ (لَا بَيْتُ أَصْنَامِ وَثَنِيٍّ) لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَاعْتِقَادُهُمْ غَيْرُ مَرْعِيٍّ، فَيُلَاعِنُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَدْخُلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ، أَوْ هُدْنَةٍ (وَجَمْعٍ) أَيْ وَيُغَلَّظُ بِحُضُورِ جَمْعٍ مِنْ أَعْيَانِ الْبَلَدِ. (أَقَلُّهُ أَرْبَعَةٌ) فَإِنَّ الزِّنَى يَثْبُتُ بِهَذَا الْعَدَدِ فَيَحْضُرُونَ إثْبَاتَهُ بِاللِّعَانِ (وَالتَّغْلِيظَاتُ سُنَّةٌ لَا فَرْضٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَتَغْلِيظِ الْيَمِينِ بِتَعْدِيدِ أَسْمَاءِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَوَجْهُ الْفَرْضِ الِاتِّبَاعُ، وَهُمَا قَوْلَانِ فِي الْمَكَانِ طُرِدَا فِي الزَّمَانِ وَالْجَمْعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالِاسْتِحْبَابِ فِيهِمَا وَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ بِهِ فِي الْجَمْعِ دُونَ الزَّمَانِ. (وَيُسَنُّ لِلْقَاضِي وَعْظُهُمَا) بِأَنْ يُخَوِّفَهُمَا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَيَقُولَ لَهُمَا: عَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا وَيَقْرَأَ عَلَيْهِمَا: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ} [آل عمران: 77] الْآيَةَ (وَيُبَالِغُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ) مِنْهُمَا فِي الْوَعْظِ فَيَقُولُ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّ قَوْلَك عَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ، تُوجِبُ اللَّعْنَةَ إنْ كُنْت كَاذِبًا، وَيَقُولُ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ بِلَفْظِ الْغَضَبِ لَعَلَّهُمَا يَنْزَجِرَانِ وَيَتْرُكَانِ فَإِنْ أَبَيَا لَقَّنَهُمَا الْخَامِسَةَ. يُسَنُّ أَنْ يَتَلَاعَنَا قَائِمَيْنِ لِيَرَاهُمَا النَّاسُ وَيَشْتَهِرَ أَمْرُهُمَا وَتَجْلِسَ هِيَ وَقْتَ لِعَانِهِ، وَهُوَ وَقْتَ لِعَانِهَا. (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْمُلَاعِنِ (زَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا وَسَوَاءٌ الذِّمِّيُّ وَالرَّقِيقُ وَالْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ وَالسَّكْرَانُ وَغَيْرُهُمْ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَا يَقْتَضِي قَذْفُهُمَا لِعَانًا بَعْدَ كَمَالِهِمَا وَيُعَزَّرُ الْمُمَيِّزُ عَلَى الْقَذْفِ تَأْدِيبًا وَلَا لِعَانَ   [حاشية قليوبي] الْحَاكِمُ بَعْدَ فَرَاغِ لِعَانِ الرَّجُلِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ. قَوْلُهُ: (لِحُرْمَةِ مُكْثِهَا) أَيْ لِاعْتِقَادِهَا الْحُرْمَةَ فَالْجُنُبُ الْمُسْلِمُ كَذَلِكَ وَهَلْ يُلْحَقُ بِهِمَا مَنْ بِهِ نَحْوُ جِرَاحَةٍ نَضَّاحَةٍ، أَوْ عَلَى بَدَنِهِ مَثَلًا نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوَّةٍ، وَخَرَجَ الْمَرْأَةُ الْكَافِرَةُ وَلَوْ تَحْتَ مُسْلِمٍ وَلَوْ حَائِضًا، وَالْكَافِرُ الْجُنُبُ فَيَدْخُلَانِ الْمَسْجِدَ لِعَدَمِ مَا ذُكِرَ فِيهِمَا إلَّا دُخُولَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. قَوْلُهُ: (وَذِمِّيٌّ) وَمِثْلُهُ الْمُعَاهَدُ وَالْمُؤَمَّنُ وَكَذَا الذِّمِّيَّةُ وَلَوْ تَحْتَ مُسْلِمٍ كَمَا مَرَّ. وَلَوْ طَلَبَ الذِّمِّيُّ أُجِيبَ جَوَازًا لَا نَدْبًا. قَوْلُهُ: (بِيعَةٍ لِلنَّصَارَى وَكَنِيسَةٍ لِلْيَهُودِ) وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَالْعُرْفُ الْآنَ بِعَكْسِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَيَحْضُرُهُ الْقَاضِي) وَكَذَا الْجَمْعُ الْمُتَقَدِّمُ. نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهَا صُوَرٌ مُحَرَّمَةٌ حُرِّمَ الْحُضُورُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ) أَيْ لَيْسَ لِأَهْلِهِ احْتِرَامٌ وَأَنَّ دُخُولَهُ مَعْصِيَةٌ. قَوْلُهُ (فَيُلَاعِنُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ) وَمِثْلُهُ نَحْوُ زِنْدِيقٍ وَدَهْرِيٍّ مِمَّنْ لَا يُعَظِّمُ زَمَانًا وَلَا مَكَانًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَصُورَتُهُ أَنْ يَدْخُلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ) قَالَ شَيْخُنَا وَفِي التَّصْوِيرِ نَظَرٌ إذْ لَا يُمْكِنُ مِنْ اتِّخَاذِهِ بَيْنَ نَارٍ عِنْدَنَا وَلَوْ اتَّخَذَهُ هُدِمَ وَلَا تَنْتَقِلُ مَعَهُ إلَى بِلَادِهِ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ مِنْ بَلَدِ الْمُلَاعِنِ إلَى غَيْرِهِ، لَا يَجُوزُ وَلَوْ لِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَحُضُورُ الْأَمَاكِنِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ لِمَنْ هُوَ فِيهَا وَقْتَ اللِّعَانِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ (فَإِنَّ الزِّنَى إلَخْ) يُفِيدُ اعْتِبَارَ كَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَمِمَّنْ يَعْرِفُ لُغَةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَعْظُهُمَا) بَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلٌ مِنْ وَرَائِهِ، وَيَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَامْرَأَةٌ مِنْ وَرَائِهَا كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (وَيُبَالِغُ) أَيْ نَدْبًا فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى وَعْظُ. قَوْلُهُ: (وَيَجْلِسُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَكُونُ بِحَيْثُ يَرَى الْآخَرَ، وَيَسْمَعُ كَلَامَهُ وَهُوَ مَنْدُوبٌ وَخِلَافُهُ مَكْرُوهٌ إلَّا لِعُذْرٍ كَسَائِرِ الْمَنْدُوبَاتِ هُنَا. تَنْبِيهٌ: يَكْفِي لِعَانٌ وَاحِدٌ فِي الزَّوْجَةِ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الزِّنَى وَالزَّانِي سَوَاءٌ طَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا وَلَوْ قَبْلَ الْآخَرِ فَلَهُ اللِّعَانُ لِدَفْعِ الزَّانِي إذَا طَلَبَ قَبْلَهَا. نَعَمْ لَوْ ذَكَرَ بَعْضَ الزُّنَاةِ فِي لِعَانِهِ فَلْيُغَيِّرْهُ مُطَالَبَتُهُ، وَلَهُ اللِّعَانُ أَيْضًا لِدَفْعِهِ وَهَكَذَا وَلَا يَكْفِي لِعَانٌ وَاحِدٌ لِأَكْثَرَ مِنْ زَوْجَةٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ لِعَانٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ اتَّحَدَ الزَّانِي سَوَاءٌ قَذَفَهُنَّ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا وَيُرَتِّبُ اللِّعَانَ نَدْبًا فِي الْمُرَتَّبِ وَفِي الْمَعِيَّةِ يَبْدَأُ بِاجْتِهَادِ قَاضٍ، أَوْ رِضًا مِنْهُنَّ أَوْ بِقُرْعَةٍ إنْ تَنَازَعْنَ. قَوْلُهُ (زَوْجٌ) وَلَوْ فِيمَا مَضَى كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَخَرَجَ بِهِ السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ: (وَيُعَزَّرُ الْمُمَيِّزُ) مِنْهُمَا فَإِنْ كَمُلَا سَقَطَ التَّعْزِيرُ اكْتِفَاءً بِزَاجِرِ التَّكْلِيفِ.   [حاشية عميرة] وَكِتَابِيٌّ لِيَشْمَلَ مَنْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ وَشَرَفٌ) هَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْبِيَعَ وَالْكَنَائِسَ لَهَا حُرْمَةٌ وَشَرَفٌ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا حُرْمَةٌ قَطُّ. تَنْبِيهٌ: الْكَافِرَةُ تَفْعَلُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا مُسْلِمًا لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَغَيْرُهُ إنْ رَضِيَ الزَّوْجُ فَأَفْهَمَ امْتِنَاعَ ذَلِكَ إذَا مَنَعَ مِنْهُ وَعَلَّلَ بِأَنَّ التَّغْلِيظَ عَلَيْهَا حَقُّهُ فَلَهُ تَرْكُهُ هَذَا مُحَصَّلُ مَا فِي التَّكْمِلَةِ وَلَكِنَّ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ التَّغْلِيظَاتِ رَاجِعَةٌ لِنَظَرِ الْقَاضِي لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا الزَّوْجَيْنِ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَكَانِ) فِيهِ أَيْضًا طَرِيقَةٌ بِالْقَطْعِ بِالِاسْتِحْبَابِ تُنْسَبُ لِابْنِ الْقَاصِّ لَكِنَّهَا شَاذَّةٌ فَلِذَا تَرَكَهَا الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (قَائِمَيْنِ) الْأَوْضَحُ مِنْ قِيَامٍ [شَرْطُ الْمُلَاعِنِ] قَوْلُهُ: (زَوْجٌ) مِمَّا خَرَجَ بِهِ السَّيِّدُ فِي الْأَمَةِ، قَوْلُهُ (يَصِحُّ طَلَاقُهُ) وَذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَمِينٌ فَاشْتُرِطَ فِيهِ مَا اُشْتُرِطَ فِي الْحَالِفِ دُونَ الشَّاهِدِ وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ عَلَى كَوْنِهِ يَمِينًا وَلَيْسَ شَهَادَةً بِمَا فِي الْحَدِيثِ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ إنِّي لَصَادِقٌ، وَبِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمَّا أَتَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ، وَبِأَنَّهُ يَصِحُّ مِنْ الْفَاسِقِ وَالْأَعْمَى وَيُؤْتَى بِهِ فِي مَعْرِضِ الْحَضَرِيَّةِ وَيُلَاعِنُ الْمُلَاعِنُ لِنَفْسِهِ، وَالشَّخْصُ لَا يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ، وَبِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُسَاوِي الرَّجُلَ وَبِأَنَّ الْأَيْمَانَ تُكَرَّرُ كَمَا فِي الْقَسَامَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ وَالْمُرَادُ بِالزَّوْجِ مَنْ لَهُ عُلْقَةُ النِّكَاحِ فَلَا يَرِدُ صِحَّةُ لِعَانِ الْأَجْنَبِيِّ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لِنَفْيِ الْوَلَدِ، أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَتَقَدَّمَ صِحَّتُهُ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ، وَسَيَأْتِي صِحَّتُهُ مِنْ الْبَائِنِ حَيْثُ كَانَ وَلَدٌ. (وَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ وَطْءٍ فَقَذَفَ وَأَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ لَاعَنَ) لِبَقَاءِ النِّكَاحِ (وَلَوْ لَاعَنَ) حَالَ الرِّدَّةِ (ثُمَّ أَسْلَمَ فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ (صَحَّ) لِعَانُهُ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ (أَوْ أَصَرَّ) عَلَى الرِّدَّةِ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ، (صَادَفَ لِعَانُهُ بَيْنُونَةً) لِتَبَيُّنِ الْفُرْقَةِ مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ فَهُوَ نَافِذٌ، وَإِلَّا تَبَيَّنَّا فَسَادَهُ، وَلَا يَنْدَفِعُ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى الْأَصَحِّ. (وَيَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِ فُرْقَةٌ) لِحَدِيثِ الْبَيْهَقِيّ «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» ، وَلَوْ لَمْ تَحْصُلْ الْفُرْقَةُ كَانَ الِاجْتِمَاعُ حَاصِلًا وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ كَالرَّضَاعِ لِحُصُولِهَا بِغَيْرِ لَفْظٍ وَتَحْصُلُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ صَادِقَةً لَا تَحْصُلُ بَاطِنًا (وَحُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ - وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ -) لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ (وَسُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ) أَيْ حَدِّ قَذْفِهَا، أَوْ تَعْزِيرِهِ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ (وَوُجُوبُ حَدِّ زِنَاهَا) وَسَيَأْتِي سُقُوطُهُ بِلِعَانِهَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ الْآيَاتُ السَّابِقَةُ، وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ مَسْأَلَتَانِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا فِيهِمَا حَدُّ الزِّنَى، وَالذِّمِّيَّةُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ لَا يَجِبُ حَتَّى تَرْضَى بِحُكْمِنَا فَإِنْ رَضِيَتْ، وَلَمْ تُلَاعِنْ حُدَّتْ. (وَانْتِفَاءُ نَسَبٍ نَفَاهُ بِلِعَانِهِ) أَيْ فِيهِ حَيْثُ كَانَ وَلَدٌ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ (وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى نَفْيِ مُمْكِنٍ مِنْهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ) كَوْنُهُ مِنْهُ (بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ) لِانْتِفَاءِ زَمَنِ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ (أَوْ) لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِزَمَانِ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ وَ (طَلَّقَ فِي مَجْلِسِهِ) أَيْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ لِانْتِفَاءِ إمْكَانِ الْوَطْءِ (أَوْ نَكَحَ وَهُوَ بِالْمَشْرِقِ وَهِيَ بِالْمَغْرِبِ) لِانْتِفَاءِ إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (لَمْ يَلْحَقْهُ) لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ مِنْهُ (وَلَهُ نَفْيُهُ مَيِّتًا) لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ بَلْ يُقَالُ: هَذَا الْمَيِّتُ وَلَدُ فُلَانٍ (وَالنَّفْيُ عَلَى الْفَوْرِ فِي الْجَدِيدِ) كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِجَامِعِ الضَّرَرِ بِالْإِمْسَاكِ، وَالْقَدِيمُ لَا، لِأَنَّ أَمْرَ النَّسَبِ خَطِيرٌ قَدْ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى نَظَرٍ، وَتَأَمُّلٍ فَيُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ لَهُ النَّفْيُ مَتَى شَاءَ وَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِإِسْقَاطِهِ قَوْلَانِ (وَيُعْذَرُ) قَوْلُ الْفَوْرِ (لِعُذْرٍ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (مِنْ أَجْنَبِيٍّ) مِنْهُ السَّيِّدُ فِي وَلَدِ أَمَتِهِ فَنَفْيُهُ بِالِاسْتِبْرَاءِ، وَالْحَلِفِ وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ مِنْ النِّكَاحِ فَقَطْ فَلَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِهِ وَتَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ. قَوْلُهُ: (حَالَ الرِّدَّةِ) كَلَامُهُ فِيمَنْ قَذَفَ حَالَةَ الرِّدَّةِ، وَالْحُكْمُ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ فَلَوْ قَذَفَهَا قَبْلَهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ، أَوْ كَانَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ الصُّورَةُ الَّتِي يَتَبَيَّنُ فِيهَا فَسَادُ اللِّعَانِ حَيْثُ لَا وَلَدَ وَأَصَرَّ، وَاسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ كَالْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (بِلِعَانِهِ) وَلَوْ كَاذِبًا، أَوْ لَمْ تُلَاعِنْ هِيَ، أَوْ لَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَجْتَمِعَانِ) قَالَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ حَتَّى فِي الْجَنَّةِ. قَوْلُهُ: (وَحُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ) وَلَوْ بِمِلْكٍ لَهَا بَعْدَهُ، أَوْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ) لَكِنْ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهَا وَكَذَا عَنْهُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَوَافَقَهُ الْخَطِيبُ. قَوْلُهُ: (حَدِّ قَذْفِهَا) إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً أَوْ تَعْزِيرِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ مُحْصَنَةً، وَالِاعْتِبَارُ فِي ذَلِكَ بِحَالَةِ الْقَذْفِ لَا مَا بَعْدَهُ، أَوْ قَبْلَهُ وَكَذَا حَدُّ قَذْفِ الزَّانِي وَتَعْزِيرُهُ إذَا سَمَّاهُ فِي لِعَانِهِ، فَلَوْ عَمَّمَ الشَّارِحُ لَكَانَ أَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ أَعَادَ اللِّعَانَ لِأَجْلِهِ، وَلَوْ طَلَبَ الزَّانِي حَقَّهُ قَبْلَ طَلَبِهَا فَلَهُ اللِّعَانُ لِدَفْعِهِ، ثُمَّ إذَا طَلَبَتْ لَاعَنَ أَيْضًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَسْأَلَتَانِ) وَهُوَ مَا لَوْ قَذَفَهَا بِزِنًى مُطْلَقٍ، أَوْ مُضَافٍ لِمَا قَبْلَ نِكَاحِهِ بِنَاءً فِي الثَّانِيَةِ عَلَى مَرْجُوحٍ. قَوْلُهُ: (وَانْتِفَاءُ وَلَدٍ) وَتَسْقُطُ حَصَانَتُهَا إنْ لَمْ تُلَاعِنْ، وَكَذَا إنْ لَاعَنَتْ بِذَلِكَ الزِّنَى الَّذِي عَيَّنَهُ وَأَطْلَقَ وَلَا تَسْقُطُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَلَا فِي حَقِّهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ الزِّنَى وَلَا تَسْقُطُ حَصَانَةُ الزَّانِي مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (مُمْكِنٍ مِنْهُ) خَرَجَ الْمَمْسُوحُ وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ وَلَدَتْهُ) وَهُوَ تَامٌّ، وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّجْعَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْعَقْدِ) الْأَوْلَى مِنْ إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا وَلَا نَظَرَ لِنَحْوِ إرْسَالِ مَائِهِ إلَيْهَا، أَوْ وُصُولِهِ بِنَحْوِ وِلَايَةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالنَّفْيُ عَلَى الْفَوْرِ) بِأَنْ يَأْتِيَ إلَى الْقَاضِي وَيَقُولَ لَهُ إنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنِّي بِخِلَافِ اللِّعَانِ.   [حاشية عميرة] الْحَدِّ. وَلَا لِعَانَ مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةِ مَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ، أَوْ أَمَتَهُ، أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ ثُمَّ قَذَفَهَا فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ لِنَفْيِ النَّسَبِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْحَدِّ أَيْ فِيمَا إذَا قَذَفَهَا حَالَ النِّكَاحِ، ثُمَّ أَبَانَهَا فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ، قَوْلُهُ: (حَيْثُ كَانَ وَلَدٌ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَذَفَهَا فِي حَالِ النِّكَاحِ، ثُمَّ أَبَانَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ [ارْتَدَّ بَعْدَ وَطْءٍ فَقَذَفَ وَأَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ] قَوْلُهُ: (وَإِلَّا تَبَيَّنَّا فَسَادَهُ إلَخْ) هَذَا مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْقَذْفُ فِي حَالِ الرِّدَّةِ كَمَا هُوَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فِي الْمِنْهَاجِ فَإِنْ كَانَ فِي حَالِ النِّكَاحِ فَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا لَوْ قَذَفَ زَوْجَةً، ثُمَّ أَبَانَهَا قَوْلُهُ: (فُرْقَةٌ) لَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ عُوَيْمِرٍ لَهَا ثَلَاثًا عَقِبَ اللِّعَانِ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَا وَجَدَ فِي نَفْسِهِ الْعِلْمَ بِصِدْقِهِ، وَكَذِبِهَا وَجُرْأَتِهَا فَطَلَّقَهَا جَاهِلًا بِحُكْمِ اللِّعَانِ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ) أَيْ لَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ عَوْدَ النِّكَاحِ، وَلَا مَنْعَ التَّأْبِيدِ لِأَنَّهُمَا حَقٌّ لَهُ، وَقَدْ بَطَلَا بِاللِّعَانِ بِخِلَافِ الْحَدِّ، وَلُحُوقِ النَّسَبِ فَإِنَّهُمَا يَعُودَانِ، لِأَنَّهُمَا حَقٌّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا حَدُّهَا فَهَلْ يَسْقُطُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ لَمْ أَرَهُ لَكِنَّ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يُفْهِمُ السُّقُوطَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ، فَلَا تُحَدُّ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى اللِّعَانِ أَقُولُ وَفِي ذِكْرِ الْمَتْنِ: وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ هَذَا إشَارَةٌ إلَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَسُقُوطُ الْحَدِّ) لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْله تَعَالَى {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: 6] إلَى آخِرِهِ يُفِيدُ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَوُجُوبُ حَدِّ زِنَاهَا) أَيْ إذَا أَضَافَهُ لِحَالِ الزَّوْجِيَّةِ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي قَوْلُهُ: (أَيْ فِيهِ) أَرَادَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِهَذَا أَنَّ قَوْلَ الشَّخْصِ: وَإِنْ هَذَا الْوَلَدَ لَيْسَ مِنِّي مِنْ جُمْلَةِ اللِّعَانِ، قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ زَمَنِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلتَّعَذُّرِ وَكَذَا الْكَلَامُ فِي الِانْتِفَاءَيْنِ الْآتِيَيْنِ، قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْمُدَّةِ) أَيْ لِأَنَّ مَنْ بِالْمَشْرِقِ لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الَّذِي بِالْمَغْرِبِ وَالْعَكْسُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ سِتَّةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 كَأَنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ لَيْلًا فَأَخَّرَ حَتَّى يُصْبِحَ أَوْ حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ فَقَدَّمَهَا، أَوْ كَانَ جَائِعًا فَأَكَلَ، أَوْ مَرِيضًا، أَوْ مَحْبُوسًا أَوْ لَمْ يَجِدْ الْقَاضِيَ فَأَخَّرَ لَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى النَّفْيِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ النَّفْيِ بِالتَّأْخِيرِ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ. ، (وَلَهُ نَفْيُ حَمْلٍ وَانْتِظَارُ وَضْعِهِ) لِيَتَحَقَّقَ وَيَنْتَفِيَ احْتِمَالُ كَوْنِهِ رِيحًا، فَإِنْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهُ وَلَدٌ وَأَخَّرْت رَجَاءَ الْإِجْهَاضِ مَيِّتًا فَأَكْتَفِي كَشْفَ الْأَمْرِ، وَرَفْعَ السِّتْرِ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ النَّفْيِ فِي الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ لِتَأْخِيرِهِ بِلَا عُذْرٍ مَعَ عِلْمِهِ، وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يُتَيَقَّنُ فَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِ عَلِمْته. (وَمَنْ أَخَّرَ) النَّفْيَ (وَقَالَ جَهِلْت الْوِلَادَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ كَانَ غَائِبًا) قَالَ فِي الشَّامِلِ إلَّا أَنْ تَسْتَفِيضَ وَتَنْتَشِرَ (وَكَذَا الْحَاضِرُ) يُصَدَّقُ (فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ جَهْلُهُ فِيهَا) بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِكَوْنِهِمَا فِي مَحَلَّةٍ أَوْ مَحَلَّتَيْنِ، أَوْ دَارٍ، أَوْ دَارَيْنِ، (وَلَوْ قِيلَ لَهُ: مُتِّعْتَ بِوَلَدِكَ أَوْ جَعَلَهُ اللَّهُ لَك وَلَدًا صَالِحًا فَقَالَ: آمِينَ، أَوْ نَعَمْ تَعَذَّرَ نَفْيُهُ) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ لِلْإِقْرَارِ بِهِ وَالْإِقْرَارُ لَا يَرْتَفِعُ بِالنَّفْيِ (وَإِنْ قَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، أَوْ بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكَ فَلَا) يَتَعَذَّرُ نَفْيُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَصَدَ مُكَافَأَةَ الدُّعَاءِ بِالدُّعَاءِ. (وَلَهُ اللِّعَانُ مَعَ إمْكَانِ بَيِّنَةٍ بِزِنَاهَا) لِأَنَّهُ حُجَّةٌ كَالْبَيِّنَةِ (وَلَهَا) اللِّعَانُ (لِدَفْعِ حَدِّ الزِّنَى عَنْهَا بِلِعَانِهِ) وَلَا يَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهَا غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنْ أَثْبَتَ زِنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُلَاعِنَ لِدَفْعِ الْحَدِّ، لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ فَلَا يُقَاوِمُ الْبَيِّنَةَ. فَصْلٌ (لَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ وَلَدٍ، وَإِنْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ وَزَالَ النِّكَاحُ) بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ بَلْ يَلْزَمُهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ، (وَلِدَفْعِ حَدِّ الْقَذْفِ، وَإِنْ زَالَ النِّكَاحُ وَلَا وَلَدَ وَلِتَعْزِيرِهِ) أَيْ وَلِدَفْعِ تَعْزِيرِ الْقَذْفِ بِأَنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ كَالذِّمِّيَّةِ وَالرَّقِيقَةِ وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي يُوطَأُ مِثْلُهَا. (لَا تَعْزِيرَ تَأْدِيبٍ لِكَذِبٍ) مَعْلُومٍ (كَقَذْفِ طِفْلَةٍ لَا تُوطَأُ) أَوْ صِدْقٍ ظَاهِرٍ كَقَذْفِ كَبِيرَةٍ ثَبَتَ زِنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهَا وَالتَّعْزِيرُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ يُقَالُ فِيهِ تَعْزِيرُ تَكْذِيبٍ، وَلَا يُسْتَوْفَى إلَّا بِطَلَبِهَا وَتَعْزِيرُ التَّأْدِيبِ فِي الطِّفْلَةِ يَسْتَوْفِيهِ الْقَاضِي مَنْعًا لَهُ مِنْ الْإِيذَاءِ وَالْخَوْضِ فِي الْبَاطِلِ، وَفِي الْكَبِيرَةِ الْمَذْكُورَةِ، لَا يُسْتَوْفَى إلَّا بِطَلَبِهَا عَلَى الصَّحِيحِ. (وَلَوْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ، أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا أَوْ صَدَّقَتْهُ) فِيهِ (وَلَا وَلَدَ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (أَوْ سَكَتَتْ عَنْ طَلَبِ الْحَدِّ) وَلَمْ تَعْفُ (أَوْ جُنَّتْ بَعْدَ قَذْفِهِ) وَلَا وَلَدَ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْضًا (فَلَا لِعَانَ فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِسُقُوطِ الْحَدِّ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ وَلِانْتِفَاءِ طَلَبِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، وَالثَّانِي لَهُ اللِّعَانُ لِغَرَضِ الْفُرْقَةِ الْمُؤَبَّدَةِ وَالِانْتِقَامِ مِنْهَا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لِعُذْرٍ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مِنْ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ إلَّا قَلِيلًا مِنْهَا، وَظَاهِرُ قِيَاسِهِ عَلَى الْعَيْبِ كَمَا سَبَقَ كَمَا تُعْتَبَرُ أَعْذَارًا هُنَاكَ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ اعْتِبَارُ الْأَضْيَقِ فِيهِمَا فَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ حَقُّهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (جَهِلْت الْوِلَادَةَ) وَكَذَا لَوْ ادَّعَى جَهْلَ النَّفْيِ، أَوْ الْفَوْرِيَّةِ فِيهِ كَمَنْ أَسْلَمَ وَقَرُبَ عَهْدُهُ، أَوْ قَالَ لَمْ أُصَدِّقْ الْمُخْبِرَ وَهُوَ غَيْرُ عَدْلٍ. قَوْلُهُ: (تَعَذَّرَ نَفْيُهُ) مَا لَمْ يُحْمَلْ عَلَى وَلَدٍ آخَرَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ) أَيْ فِي وَقْتٍ لَا يُنَافِي الْفَوْرَ. قَوْلُهُ: (وَلَهَا) بَلْ يَلْزَمُهَا إنْ صَدَّقَتْ. تَنْبِيهٌ: لَوْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ بَعْدَ نَفْيِ وَلَدٍ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقِسْمَةِ تَرِكَتِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ الْكُفَّارِ تَبِعَهُ، وَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَنُقِضَتْ الْقِسْمَةُ وَرَجَعَ الْإِرْثُ لَهُ وَلَا نَظَرَ لِلتُّهْمَةِ. فَصْلٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى اللِّعَانِ وَحُكْمِهِ. قَوْلُهُ: (وَلِدَفْعِ حَدِّ الْقَذْفِ) إنْ طُولِبَ بِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ مُحْصَنَةٍ) أَوْ مُكْرَهَةً، أَوْ نَائِمَةً، أَوْ جَاهِلَةً بِالْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (طِفْلَةٍ) وَكَذَا مَمْسُوحٌ وَرَتْقَاءُ وَقَرْنَاءُ إنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالدُّبُرِ، وَيُسْتَفْصَلُ لَوْ أَطْلَقَ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِطَلَبِهَا) أَيْ فِي غَيْرِ الصَّغِيرَةِ،   [حاشية عميرة] أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَانِ أَيْ لَمْ يَلْحَقْهُ أَيْ وَلَدٌ اسْتَلْحَقَهُ. قَوْلُهُ (عَلَى قَوْلِ الْفَوْرِ) صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ لِعُذْرٍ عَنْ الثَّلَاثِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مَعَ إمْكَانِ بَيِّنَةٍ) ظَاهِرُ الْقُرْآنِ يُخَالِفُهُ وَلَكِنْ صَدَّ عَنْهُ الْإِجْمَاعُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِنْ أَحْسَنِ الْأَجْوِبَةِ أَنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَلَى سَبَبٍ، وَسَبَبُ الْآيَةِ كَانَ الزَّوْجُ فِيهِ فَاقِدَ الْبَيِّنَةِ، قَوْلُهُ: (وَلَهَا لِدَفْعِ حَدِّ الزِّنَى) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ لَهَا تَرْكَهُ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ كَاذِبًا لَكِنْ صَرَّحَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي الْقَوَاعِدِ بِالْوُجُوبِ لِئَلَّا تُجْلَدَ أَوْ تُرْجَمَ فَتَفْضَحَ أَهْلَهَا [فَصْلٌ لَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَإِنْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ وَزَالَ النِّكَاحُ] فَصْلٌ لَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ وَلَدٍ أَيْ وَلَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ ثَمَرَاتِ اللِّعَانِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا يَضُرُّ تَخَلُّفُ بَعْضِهَا فِي مِثْلِ هَذَا، قَوْلُهُ: (وَلِدَفْعِ حَدٍّ) لَوْ أَضَافَ الزِّنَى إلَى مَا قَبْلَ النِّكَاحِ فَلَا لِعَانَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي، قَوْلُهُ: (وَلِتَعْزِيرِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يُسْقِطُ الْحَدَّ فَالتَّعْزِيرُ أَوْلَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفُرْقَةَ تَثْبُتُ بِهَذَا اللِّعَانِ وَأَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَإِنْ زَالَ النِّكَاحُ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ تُوهِمُ خِلَافَ الثَّانِي قَوْلُهُ: (تَعْزِيرُ تَكْذِيبٍ) كَأَنْ وَجْهَ التَّسْمِيَةِ مَا فِي التَّعْزِيرِ مِنْ إظْهَارِ كَذِبِ الْقَاذِفِ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا وَمَنْ ثَبَتَ زِنَاهَا قَوْلُهُ: (عَنْ الْحَدِّ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 بِإِيجَابِ حَدِّ الزِّنَى عَلَيْهَا، وَيُسْتَوْفَى فِي الْمَجْنُونَةِ بَعْدَ إفَاقَتِهَا إنْ لَمْ تُلَاعِنْ، وَإِذَا كَانَ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ وَلَدٌ فَلَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِهِ قَطْعًا. (وَلَوْ أَبَانَهَا) بِطَلَاقٍ، أَوْ فَسْخٍ (أَوْ مَاتَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًى مُطْلَقٍ، أَوْ مُضَافٍ إلَيْهِ) زَمَنٌ عَلَى (مَا بَعْدَ النِّكَاحِ لَاعَنَ إنْ كَانَ وَلَدٌ يَلْحَقُهُ) يُرِيدُ نَفْيَهُ، وَنَفَاهُ فِي لِعَانِهِ كَمَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ وَيَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ بِلِعَانِهِ، وَيَجِبُ بِهِ عَلَى الْبَائِنِ حَدُّ الزِّنَى الْمُضَافِ إلَى حَالَةِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْمُطْلَقِ، وَيَسْقُطُ بِلِعَانِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ فَلَا يُلَاعِنُ وَيُحَدُّ وَقِيلَ: يُلَاعِنُ إنْ أَضَافَ الزِّنَى إلَى حَالَةِ النِّكَاحِ وَيَدْخُلُ فِي الْوَلَدِ الْحَمْلُ فَيُلَاعِنُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ فِي الْأَظْهَرِ، فَإِنْ لَاعَنَ وَبَانَ أَنْ لَا حَمْلَ بَانَ فَسَادُ اللِّعَانِ (فَإِنْ أَضَافَ) الزِّنَى (إلَى مَا) أَيْ زَمَنٍ (قَبْلَ نِكَاحِهِ فَلَا لِعَانَ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ) وَيُحَدُّ كَقَذْفِ أَجْنَبِيَّةٍ (وَكَذَا إنْ كَانَ) وَلَدٌ (فِي الْأَصَحِّ) . وَالثَّانِي لَهُ اللِّعَانُ، لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ الْوَلَدَ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَى فَيَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ كَانَ حَقُّهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُطْلِقَ الْقَذْفَ وَلَا يُؤَرِّخَهُ (لَكِنْ لَهُ إنْشَاءُ قَذْفٍ) مُطْلَقٍ (وَيُلَاعِنُ) نَافِيًا لِلْوَلَدِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ بِلِعَانِهِ حَدُّ الْقَذْفَيْنِ. فَإِنْ لَمْ يُنْشِئْ حُدَّ وَعَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ، وَرَجَّحَهُ أَكْثَرُهُمْ كَمَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إذَا لَاعَنَ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُ بِلِعَانِهِ، وَلَا يَجِبُ بِهِ عَلَى الْبَائِنِ حَدُّ الزِّنَى فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّهَا لَمْ تُلَطِّخْ فِرَاشَهُ حَتَّى يَنْتَقِمَ مِنْهَا بِاللِّعَانِ، وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا فِي هَذَا، وَفِي الْمُطْلَقِ فَفِي تَأَبُّدِ حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ نَعَمْ وَعَلَى مُقَابِلِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ هَلْ يَفْتَقِرُ إلَى مُحَلِّلٍ كَالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَجْهَانِ الصَّحِيحُ لَا وَأَسْقَطَ مِنْهَا مَسْأَلَةَ الْمَوْتِ. (وَلَا يَصِحُّ نَفْيُ أَحَدِ تَوْأَمَيْنِ) بِأَنْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ أَحَدَهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ، وَبَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَمْ يُجْرِ الْعَادَةَ بِأَنْ يَجْتَمِعَ فِي الرَّحِمِ وَلَدٌ مِنْ مَاءِ رَجُلٍ وَوَلَدٌ مِنْ مَاءِ آخَرَ، فَالتَّوْأَمَانِ مِنْ مَاءِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي حَمْلٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَنْفِيَ أَحَدَهُمَا وَلَوْ نَفَاهُمَا بِاللِّعَانِ، ثُمَّ اسْتَلْحَقَ أَحَدَهُمَا لَحِقَهُ الْآخَرُ، وَلَوْ نَفَى أَوَّلَهُمَا بِاللِّعَانِ، ثُمَّ وَلَدَتْ الثَّانِيَ فَسَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ لَحِقَهُ الْأَوَّلُ مَعَ الثَّانِي أَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَ وَضْعَيْ الْوَلَدَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَهُمَا حَمْلَانِ يَصِحُّ نَفْيُ أَحَدِهِمَا. كِتَابُ الْعِدَدِ جَمْعُ عِدَّةٍ وَهِيَ مُدَّةٌ تَتَرَبَّصُ فِيهَا الْمَرْأَةُ لِتَعْرِفَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ (عِدَّةُ النِّكَاحِ ضَرْبَانِ الْأَوَّلُ مُتَعَلِّقٌ بِفُرْقَةِ حَيٍّ بِطَلَاقٍ وَفَسْخٍ) كَلِعَانٍ وَرَضَاعٍ (وَإِنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ وَطْءٍ) بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ} [الأحزاب: 49]   [حاشية قليوبي] وَيَسْتَوْفِيه الْقَاضِي فِيهَا وَلَا طَلَبَ لَهَا لَوْ بَلَغَتْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مَا بَعْدَ النِّكَاحِ) أَيْ بَعْدَ عَقْدِهِ فَهُوَ فِي حَالِ نِكَاحِهِ قَوْلُهُ: (فَلَا يُلَاعِنُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ كَانَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (مُطْلَقٍ) أَوْ مُضَافٍ لِمَا بَعْدَ نِكَاحِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ نَعَمْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَلَا تَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ. قَوْلُهُ: (الصَّحِيحُ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ أَيْضًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْلِيلٍ. قَوْلُهُ: (يُجْمَعُ) وَفِي نُسْخَةٍ يَجْتَمِعُ وَعَلَى الْأُولَى يُقْرَأُ الْفِعْلُ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ بِدَلِيلِ رَفْعِ " وَلَدٌ " بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (لَحِقَهُ الْآخَرُ) وَيُحَدُّ بِقَذْفِهَا لِمُنَاقَضَةِ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (فَسَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ) أَيْ لَمْ يَنْفَعْهُ فَوْرًا وَمِثْلُهُ لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ انْفِصَالِ الثَّانِي، وَبَعْدَ نَفْيِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (لَحِقَهُ الْأَوَّلُ) وَلَا يُحَدُّ لِقَذْفِهَا فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ بِحُكْمِ الشُّرُوعِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْتِفْ الثَّانِي تَبَعًا لِلْأَوَّلِ لِقُوَّةِ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِغَيْرِ اسْتِلْحَاقٍ مَعَ الْإِمْكَانِ، وَلِأَنَّهُ يَثْبُتُ بَعْدَ نَفْيِهِ وَلَا عَكْسَ. قَوْلُهُ: (سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا) فِيهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ نَظَرٌ إذْ مَا بَيْنَ السِّتَّةِ وَدُونَهَا يَصْدُقُ بِلَحْظَةٍ، وَكَوْنُهُ مَعَهَا لَا يَجْتَمِعُ مَاءُ الرَّجُلَيْنِ وَبِدُونِهَا لَا يُحْتَمَلُ مَاؤُهُمَا تَنَاقُضٌ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ اجْتَمَعَا فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ قَبْلَ تِلْكَ اللَّحْظَةِ اتِّفَاقًا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ فَسَادُ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ مَنِيَّانِ لِلتَّخَلُّقِ، أَوْ أَنَّ فِي الرَّحِمِ ثُقُوبًا مُتَعَدِّدَةً إذَا نَزَلَ الْمَنِيُّ فِي وَاحِدَةٍ انْسَدَّتْ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، وَحَرِّرْهُ وَرَاجِعْهُ مِنْ مَظَانِّهِ. كِتَابُ الْعِدَدِ اسْمٌ مِنْ اعْتَدَّ، أَوْ جَمْعُ عِدَّةٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِيهِمَا، وَهِيَ لُغَةً مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَدَدِ بِفَتْحِهَا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ غَالِبًا وَبِضَمِّهَا لِنَحْوِ أُهْبَةِ الْقِتَالِ، وَجَمْعُ هَذِهِ عُدَدٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ شَرْعًا قَوْلُهُ: (لِتَعْرِفَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا فَإِنَّ أَصْلَ مَشْرُوعِيَّتِهَا لِصِيَانَةِ الْأَنْسَابِ وَصِيَانَةِ اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ، وَقَدْ تَكُونُ لِلتَّعَبُّدِ، أَوْ لِلتَّفَجُّعِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْمُغَلَّبُ فِيهَا التَّعَبُّدُ بِدَلِيلِ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِقَرْءٍ مَعَ حُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِهِ.   [حاشية عميرة] وَمِثْلُهُ التَّعْزِيرُ قَوْلُهُ: (مَا بَعْدَ النِّكَاحِ) أَيْ بَعْدَ عَقْدِهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ) قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَوْلَى، لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ فَإِذَا أَثَّرَتْ مَعَ قِيَامِ الْفِرَاشِ فَبَعْدَ انْقِطَاعِهِ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَضَافَ) مِثْلُ هَذَا مَا لَوْ صَدَرَ مِنْهُ الْقَذْفُ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، وَأَضَافَهُ إلَى مَا قَبْلَ النِّكَاحِ، قَوْلُهُ: (فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) لَعَلَّ سَبَبَ التَّعْرِيفِ أَنَّهُمَا وَجْهَانِ مَذْكُورَانِ فِي لِعَانِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ، ثُمَّ قَذَفَ، وَلَاعَنَ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهَا خِلَافًا، وَأَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ تَلْطِيخِ الْفِرَاشِ قَوْلُهُ: (فَسَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ) جَعَلَ الزَّرْكَشِيُّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ انْفِصَالِ الثَّانِي وَبَعْدَ نَفْيِ الْأَوَّلِ [كِتَابُ الْعِدَدِ] قَوْلُهُ: (النِّكَاحِ) خَرَجَ الْوَطْءُ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ فَلَا عِدَّةَ فِيهِ إلَّا فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَيَقَّنَ) أَيْ لِأَنَّ الْإِنْزَالَ خَفِيٌّ فَأُدِيرَ الْأَمْرُ عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ وَطُرِدَ فِي سَائِرِ الْوَطْئَاتِ لِعُمُومِ مَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب: 49] ، قَوْلُهُ: (مَقَامَ الْوَطْءِ) قَالَ بِذَلِكَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَقَوْلُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 (أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ) لِأَنَّهُ كَالْوَطْءِ (وَإِنْ تَيَقَّنَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ) كَمَا فِي الصَّغِيرِ تَعَبُّدًا (لَا بِخَلْوَةٍ فِي الْجَدِيدِ) وَالْقَدِيمُ تُقَامُ مَقَامَ الْوَطْءِ، لِأَنَّهَا مَظِنَّتُهُ (وَعِدَّةُ حُرَّةٍ ذَاتِ أَقْرَاءٍ) بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ (ثَلَاثَةٌ) قَالَ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] (وَالْقَرْءُ) الَّذِي هُوَ وَاحِدُ الْأَقْرَاءِ الَّتِي يُعْتَدُّ بِهَا. (الطُّهْرُ) أَيْ الْمُرَادُ بِهِ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ فِي زَمَنِهَا وَهُوَ زَمَانُ الطُّهْرِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ حَرَامٌ، كَمَا تَقَدَّمَ وَزَمَنُ الْعِدَّةِ يَعْقُبُ زَمَنَ الطَّلَاقِ وَقَدْ يُرَادُ بِالْقَرْءِ الْحَيْضُ، كَمَا فِي حَدِيثِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ «تَتْرُكُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» وَالْقَرْءُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ، وَقِيلَ: إنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الطُّهْرِ مَجَازٌ فِي الْحَيْضِ وَيُجْمَعُ عَلَى أَقْرَاءٍ وَقُرُوءٍ وَأَقْرُؤٍ. (فَإِنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا) وَقَدْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِ الطُّهْرِ شَيْءٌ (انْقَضَتْ بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ) لِحُصُولِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ فِي ذَلِكَ بِأَنْ يُحْسَبَ مَا بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ، الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ قَرْءًا سَوَاءٌ جَامَعَ فِيهِ أَمْ لَا وَلَا بُعْدَ فِي تَسْمِيَةِ قُرْأَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثِ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ كَمَا فُسِّرَ قَوْله تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] بِشَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَبَعْضِ ذِي الْحِجَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ زَمَنِ الطُّهْرِ شَيْءٌ كَأَنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ آخِرَ طُهْرِكِ، فَإِنَّمَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ. (أَوْ) طَلُقَتْ (حَائِضًا فَفِي رَابِعَةٍ) أَيْ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ لِتَوَقُّفِ حُصُولِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ عَلَى ذَلِكَ، (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ بَعْدَ الطَّعْنِ) فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فِي الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ فِي الثَّانِيَةِ، لِيُعْلَمَ أَنَّهُ حَيْضٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَيْ الِاكْتِفَاءِ بِالطَّعْنِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ، لَوْ انْقَطَعَ لِدُونِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَمْ يَعُدْ حَتَّى مَضَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا تَبَيَّنَّا أَنَّ الْعِدَّةَ لَمْ تَنْقَضِ بِمَا ذُكِرَ، ثُمَّ لَحْظَةُ الطَّعْنِ أَوْ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ لَيْسَتَا مِنْ الْعِدَّةِ بَلْ يَتَبَيَّنُ بِهِمَا انْقِضَاؤُهَا، وَقِيلَ: هُمَا مِنْهَا فَتَصِحُّ فِيهِمَا الرَّجْعَةُ عَلَى هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ. (وَهَلْ يُحْسَبُ طُهْرُ مَنْ لَمْ تَحِضْ) أَصْلًا ثُمَّ حَاضَتْ فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا بِالْأَشْهُرِ (قَرْءًا قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَرْءَ انْتِقَالٌ مِنْ طُهْرٍ إلَى حَيْضٍ أَمْ طُهْرٌ مُحْتَوَشٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ (بِدَمَيْنِ) إنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَيُحْسَبُ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ أَوْ، بِالثَّانِي فَلَا يُحْسَبُ، وَإِنَّمَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ (وَالثَّانِي أَظْهَرُ) فَكَذَا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ اعْتِبَارِ الطُّهْرِ الْمُفَسَّرِ بِهِ الْقَرْءُ هَلْ هُوَ طُهْرٌ بَيْنَ دَمَيْنِ، أَوْ طُهْرٌ يَنْتَقِلُ مِنْهُ إلَى دَمٍ، سَوَاءٌ سَبَقَهُ دَمٌ آخَرُ أَمْ لَا؟ ثُمَّ تَوَسَّعَ عَلَى الثَّانِي وَاعْتَبَرَ نَفْسَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (حُرَّةٍ) وَلَوْ بِظَنِّهِ، أَوْ فِي الْوَاقِعِ فَلَوْ وَطِئَ أَمَةً يَظُنُّهَا حُرَّةً اعْتَدَّتْ كَحُرَّةٍ نَظَرًا لِظَنِّهِ، أَوْ حُرَّةً يَظُنُّهَا أَمَةً فَكَحُرَّةٍ نَظَرًا لِلْوَاقِعِ. قَوْلُهُ: (بِفُرْقَةِ حَيٍّ) وَمِنْهَا مَسْخُهُ حَيَوَانًا قَوْلُهُ: (وَفَسْخٍ) مِنْهُ، أَوْ مِنْهَا بِالْعَيْبِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (كَلِعَانٍ وَرَضَاعٍ) هُمَا انْفِسَاخٌ كَالرِّدَّةِ لَا فَسْخٌ فَإِنْ كَانَا مِثَالَيْنِ لِلْفَسْخِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ الِانْفِسَاخَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ وَطْءٍ) وَلَوْ فِي دُبُرٍ أَوْ بِذَكَرِ خَصِيٍّ، أَوْ صَغِيرٍ يُمْكِنُ وَطْؤُهُ كَمَا يَأْتِي، أَوْ فِي ذَكَرٍ أَشَلَّ أَوْ زَائِدٍ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ فَقَطْ، وَضَبَطَ الزَّرْكَشِيُّ الْوَطْءَ الْمُوجِبَ لِلْعِدَّةِ بِمَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى الْوَاطِئِ، وَإِنْ أَوْجَبَهُ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ، نَعَمْ قَالَ شَيْخُنَا لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ بِوَطْءِ الْمُكْرَهِ. وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الْحَدِّ عَنْهُ لِشُبْهَةِ الْإِكْرَاهِ لَا أَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ بَلْ هُوَ آثِمٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَوْ مِنْ مَجْبُوبٍ، أَوْ خَصِيٍّ، أَوْ غَيْرِ مُسْتَحْكِمٍ لَا مِنْ مَمْسُوحٍ وَالْمُرَادُ الْمَنِيُّ الْمُحْتَرَمُ بِأَنْ لَا يَكُونَ حَالَ خُرُوجِهِ مُحَرَّمًا لِذَاتِهِ فِي ظَنِّهِ أَوْ فِي الْوَاقِعِ فَشَمِلَ الْخَارِجَ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ فِي الْحَيْضِ مَثَلًا، أَوْ بِاسْتِمْنَائِهِ بِيَدِهَا، أَوْ بِوَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ يَظُنُّهَا حَلِيلَتَهُ، أَوْ عَكْسِهِ، أَوْ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ بِوَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ، وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِهَا، فَإِذَا اسْتَدْخَلَتْهُ امْرَأَةٌ وَلَوْ أَجْنَبِيَّةً عَالِمَةً بِحَالِهِ وَجَبَ بِهِ الْعِدَّةُ، وَلَحِقَهُ بِهِ الْوَلَدُ الْحَاصِلُ مِنْهُ كَالْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْحَرَامُ فِي ظَنِّهِ، وَالْوَاقِعُ مَعًا كَالزِّنَى وَالِاسْتِمْنَاءِ بِيَدِ غَيْرِ حَلِيلَتِهِ، وَأَلْحَقَ بِهِ شَيْخُنَا الْخَارِجَ بِالنَّظَرِ، أَوْ الْفِكْرِ الْمُحَرَّمِ، فَلَا عِبْرَةَ بِاسْتِدْخَالِهِ وَلَوْ مِنْ زَوْجَتِهِ، وَإِنْ ظَنَّتْهُ غَيْرَ مُحَرَّمٍ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْوَلَدَ الْحَاصِلَ بِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ لَاحِقٌ بِهِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ الْفِرَاشُ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ إسْقَاطُ الضَّمِيرِ فِي مَنِيِّهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الصَّغِيرَةِ) أَيْ الَّتِي يُمْكِنُ وَطْؤُهَا، وَإِلَّا فَلَا عِدَّةَ بِهِ وَكَذَا الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُتَوَلِّي فِي الْأُولَى وَالزَّرْكَشِيُّ فِي الثَّانِيَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَعِدَّةُ حُرَّةٍ) وَلَوْ فِي ظَنِّهِ، وَإِنْ خَالَفَ الْوَاقِعَ، أَوْ عَكْسُهُ كَمَا مَرَّ، أَوْ الْتَحَقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَاسْتُرِقَّتْ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ. قَوْلُهُ: (ذَاتِ أَقْرَاءٍ) وَلَوْ بِإِقْرَارِهَا وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ) وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زِنًى وَلَوْ احْتِمَالًا فَيَصِحُّ نِكَاحُهَا بَعْدَ الْأَقْرَاءِ، وَيَجُوزُ وَطْؤُهَا وَلَوْ مَعَ الْحَمْلِ، وَإِنْ انْتَفَى الْحَدُّ فِي الْمُحْتَمِلِ لِلشُّبْهَةِ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةٌ) وَلَوْ مُسْتَحَاضَةً غَيْرَ مُتَحَيِّرَةٍ بِأَقْرَائِهَا الْمَرْدُودَةِ إلَيْهَا، وَإِنْ جَلَبَتْ الْحَيْضَ بِدَوَاءٍ. قَوْلُهُ: (وَالْقَرْءُ بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِهَا مُشْتَرَكٌ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَيْهِ أَجْمَعَ أَهْلُ اللُّغَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُجْمَعُ إلَخْ) وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ إنَّ الطُّهْرَ جَمْعُهُ قُرُوءٌ كَمَا فِي الْآيَةِ، وَالْحَيْضُ جَمْعُهُ أَقْرَاءٌ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (فِي حَيْضَةٍ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِالطَّعْنِ فِي النِّفَاسِ فِيمَا هُنَا وَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (ثُمَّ لَحْظَةُ الطَّعْنِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، أَوْ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْوَاوِ) لِأَنَّهُ أَحَاطَ بِهِ غَيْرُهُ وَبِكَسْرِهَا لِلْحَيْطِ بِغَيْرِهِ.   [حاشية عميرة] الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ فِي الْقَدِيمِ، قَوْلُهُ: (وَالْقَرْءُ الطُّهْرُ) قَالَ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَشْهَدُ لِذَلِكَ أَنَّ الْعِدَّةَ وَجَبَتْ تَرَبُّصًا عَنْ النِّكَاحِ وَذَلِكَ جَدِيرٌ بِأَنْ يَكُونَ فِي وَقْتِ الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّكَاحِ، وَهُوَ حَالَةُ الطُّهْرِ دُونَ الْحَيْضِ، قَوْلُهُ: (الَّذِي هُوَ إلَخْ) . يُرِيدُ أَنَّ الَّذِي يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالطُّهْرِ هُوَ هَذَا، وَإِلَّا فَالْقَرْءُ لُغَةً سَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ، قَوْلُهُ: (وَالْقَرْءُ بِالْفَتْحِ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ مَا مَضَى تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَهَذَا تَفْسِيرُهُ اللُّغَوِيُّ قَوْلُهُ: (وَقَدْ بَقِيَ) أَيْ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ صَادِقَةً بِغَيْرِهِ أَيْضًا قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) هَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّقَةِ عَلَى الْحَيْضِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 الِانْتِقَالِ قَرْءًا حَتَّى اكْتَفَى فِي انْقِضَاءِ عِدَّةِ مَنْ قَالَ: لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي آخِرِ طُهْرِكِ، أَوْ مَعَهُ بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ وَعَلَى الْآخَرِ إنَّمَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ، وَيَكُونُ الطَّلَاقُ بِدْعِيًّا عَلَى هَذَا سُنِّيًّا عَلَى ذَاكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ مُحْتَوَشٌ بِدَمَيْنِ يَصْدُقُ بِدَمَيْ الْحَيْضِ وَبِدَمِ النِّفَاسِ وَدَمِ الْحَيْضِ، كَمَا فِي الْقَرْءِ الْأَوَّلِ لِمَنْ طَلُقَتْ فِي طُهْرِهَا مِنْ نِفَاسٍ، ثُمَّ حَاضَتْ. وَلَوْ قَالَ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إلَى دَمٍ لَصَدَقَ بِعَدَمِ النِّفَاسِ أَيْضًا، فِيمَنْ بَلَغَتْ بِالْحَمْلِ دُونَ الْحَيْضِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا - حَالَةَ حَمْلِهَا - أَنْت طَالِقٌ فِي كُلِّ قَرْءٍ طَلْقَةً، فَإِنَّهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَرْءَ الِانْتِقَالُ مِنْ الطُّهْرِ إلَى الدَّمِ تَطْلُقُ طَلْقَةً فِي الْحَالِ، لِأَنَّهُ طُهْرٌ يَنْتَقِلُ مِنْهُ إلَى دَمِ النِّفَاسِ، وَعَلَى أَنَّهُ الطُّهْرُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَضَعَ وَتَطْهُرَ مِنْ النِّفَاسِ كَذَا ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الطَّلَاقِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ. (وَعِدَّةُ مُسْتَحَاضَةٍ) غَيْرِ مُتَحَيِّرَةٍ (بِأَقْرَائِهَا الْمَرْدُودَةِ) هِيَ (إلَيْهَا) حَيْضًا وَطُهْرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ أَنَّ الْمُعْتَادَةَ تُرَدُّ إلَى عَادَتِهَا فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، وَالْمُمَيِّزَةَ إلَى التَّمْيِيزِ الْفَاصِلِ بَيْنَهُمَا وَالْمُبْتَدَأَةَ تُرَدُّ فِي الْحَيْضِ إلَى أَقَلِّهِ، وَفِي قَوْلٍ إلَى غَالِبِهِ، وَفِي الطُّهْرِ إلَى بَاقِي الشَّهْرِ أَيْ الثَّلَاثِينَ يَوْمًا مِنْ حِينِ رَأَتْ الدَّمَ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عَدَدِيَّةٍ (وَمُتَحَيِّرَةٍ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ وَقِيلَ بَعْدَ الْيَأْسِ) لِتَوَقُّعِهَا قَبْلَهُ لِلْحَيْضِ الْمُسْتَقِيمِ، وَعُورِضَ بِتَضَرُّرِهَا بِطُولِ الِانْتِظَارِ وَالتَّعَطُّلِ وَعَلَى الثَّانِي لَا يُزَادُ فِي ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ وَحَقِّ السُّكْنَى عَلَى الثَّلَاثَةِ أَشْهُرٍ بِخِلَافِ حُرْمَةِ نِكَاحِ غَيْرِ الزَّوْجِ لَهَا احْتِيَاطًا، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَشْهُرِ الْهِلَالِيَّةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ انْطَبَقَ الطَّلَاقُ عَلَى أَوَّلِ الْهِلَالِ فَذَاكَ، وَإِنْ وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ الْهِلَالِيِّ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا حُسِبَ ذَلِكَ قَرْءًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى طُهْرٍ لَا مَحَالَةَ وَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ هِلَالِيَّيْنِ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَمَا دُونَهَا فَفِي وَجْهٍ يُحْسَبُ قَرْءًا أَيْضًا، لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ طُهْرٌ، وَأَنَّ الْحَيْضَ فِي أَوَّلِ الْهِلَالِ وَالْأَصَحُّ لَا يُحْسَبُ قَرْءًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا وَعَلَى هَذَا قَالَ أَكْثَرُهُمْ لَا اعْتِبَارَ بِالْبَاقِي وَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ هِلَالِيَّةٍ، لِأَنَّ الْأَشْهُرَ لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي حَقِّهَا حَتَّى تَبْنِيَ عَلَى الْمُنْكَسِرِ، وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى تَأَصُّلِهَا فِي حَقِّهَا كَمَنْ لَمْ تَحِضْ، أَوْ يَئِسَتْ وَعَلَى هَذَا تَمْكُثُ شَهْرَيْنِ هِلَالِيَّيْنِ وَتُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ ثَلَاثِينَ، أَوْ تَمْكُثُ تِسْعِينَ يَوْمًا مِنْ الطَّلَاقِ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي قَرِيبًا فِي الْآيِسَةِ. (وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبَةٍ) وَمُدَبَّرَةٍ (وَمَنْ فِيهَا رِقٌّ) بِأَنْ عَتَقَ بَعْضُهَا (بِقُرْأَيْنِ) كَالْقِنَّةِ (وَإِنْ عَتَقَتْ فِي عِدَّةٍ رَجْعِيَّةٌ كَمَّلَتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ فِي الْأَظْهَرِ أَوْ بَيْنُونَةٌ فَأَمَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) وَيَتَحَصَّلُ مِنْ جَمِيعِ الْمَسْأَلَتَيْنِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِدَمَيْ الْحَيْضِ) وَكَذَا بِدَمَيْ نِفَاسَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى أَنَّهُ إلَخْ) مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَالِاحْتِوَاشُ إنَّمَا اُعْتُبِرَ لِلتَّكَرُّرِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ مَنْ لَمْ تَحِضْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ، وَإِنْ سَبَقَ لَهَا نِفَاسٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَمُتَحَيِّرَةٍ) وَكَذَا مَجْنُونَةٌ لَمْ يُعْرَفْ لَهَا حَيْضٌ وَلَا طُهْرٌ. قَوْلُهُ: (أَكْثَرُ) أَيْ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَأَكْثَرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ) أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا بِأَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (قَالَ أَكْثَرُهُمْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرْ لَحْظَةً مِنْ الشَّهْرِ الرَّابِعِ لِاحْتِمَالِ إلَى آخِرِ مَا قَبْلَهُ طُهْرٌ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ عَتَقَ بَعْضُهَا) دَفَعَ بِهِ التَّكْرَارَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (بِقُرْأَيْنِ) نَعَمْ لَوْ تَزَوَّجَ لَقِيطَةً فَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ اعْتَدَّتْ لِلْحَيَاةِ كَحُرَّةٍ نَظَرًا لِحَقِّهِ، وَلِلْمَوْتِ كَأَمَةٍ نَظَرًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ الْعِدَّةُ فِي الْحُرَّةِ وَالرَّقِيقَةِ مَعَ أَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ الْأُمُورِ الْجِبِلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَقْصِدُ الْأَصْلِيُّ مِنْ الْعِدَّةِ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ وَهِيَ تَحْصُلُ بِقَرْءٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِكَوْنِهَا فِي الْحُرَّةِ ثَلَاثًا احْتِيَاطًا وَكَانَتْ الْأَمَةُ عَلَى النِّصْفِ مِنْهَا اُعْتُبِرَ فِيهَا قُرْءَانِ، وَإِنَّمَا كَمَّلَتْ الْقَرْءَ الثَّانِيَ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ نِصْفِهِ قَبْلَ تَمَامِهِ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ) وَفِي انْفِرَادِ كُلٍّ عَلَى حِدَتِهَا قَوْلَانِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ، وَأَمَّا هِيَ فَإِنْ طَلُقَتْ فِي ابْتِدَاءِ شَهْرٍ فَكَذَلِكَ، أَوْ فِي   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) هَذَا الْبِنَاءُ زَيَّفَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ الْقَائِلَ بِالِانْتِقَالِ يَشْتَرِطُهُ مِنْ الطُّهْرِ إلَى الْحَيْضِ، وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ لِلصَّبِيَّةِ لَمْ يَكُنْ طُهْرًا، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، لِأَنَّهُ مِنْ " طَهُرَتْ " وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ حَقِيقَةً بَعْدَ حَيْضٍ، وَلَمْ يُوجَدْ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ لَا يُعْتَدَّ بِهِ قَرْءًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَقْصُودُ التَّصْحِيحِ فِي الْمِنْهَاجِ الْمَسْأَلَةُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا لِيُعْلَمَ حُكْمُ الْمَبْنِيِّ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي أَظْهَرُ) اسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَكَذَا النَّوَوِيُّ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ عَلَى مَنْ قَالَ لِمَنْ لَمْ تَحِضْ قَطُّ: أَنْت طَالِقٌ فِي كُلِّ قَرْءٍ طَلْقَةً وَأَجَابَ، بِاحْتِمَالِ أَنَّ تَرْجِيحَهُمْ فِيهَا لِمَعْنًى يَخُصُّهَا لَا لِكَوْنِ الْقَرْءِ هُوَ الِانْتِقَالُ وَبَيَّنَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَعْنَى الْفَارِقَ بِأَنَّ الِاحْتِوَاشَ اُشْتُرِطَ فِي مَسْأَلَتِنَا لِأَجْلِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَرَجَّحَ الطَّلَاقَ فِي مَسْأَلَتِهِ لِوُجُودِ الِاسْمِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُشْكِلُ عَلَى مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ الْآتِي نَقْلُهَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي قَوْلُهُ: (إلَى دَمٍ) لَمْ يَقُلْ إلَى حَيْضٍ كَمَا سَبَقَ فِي الْمَتْنِ لِيَشْمَلَ النِّفَاسَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ [عِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَة] قَوْلُهُ: (بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) وَقِيلَ بَعْدَ الْيَأْسِ هَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ عَلَيْهَا، فَإِنْ قُلْنَا كَمُبْتَدَأَةٍ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ جَزْمًا أَيْ هِلَالِيَّةٌ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لِأَنَّهَا إذَا جُعِلَتْ كَمُبْتَدَأَةٍ تَحِيضُ يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ أَوَّلِ الْهِلَالِ، لِأَنَّهُ الْغَالِبُ كَمَا سَلَفَ فِي بَابِ الْحَيْضِ فَتَكُونُ عِدَّتُهَا فِي الْحَقِيقَةِ بِالْأَقْرَاءِ لَكِنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، قَوْلُهُ: (عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي) أَيْ وَالْأَصَحُّ مِنْهُ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: (كَالْقِنَّةِ) رَوَى أَبُو دَاوُد طَلَاقُ الْقِنَّةِ طَلْقَتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ وَفِيهِ رَاوٍ تُكُلِّمَ فِيهِ لَكِنْ اعْتَضَدَ بِرِوَايَةٍ أُخْرَى وَأَيْضًا الْأَمَةُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ، فِي الْحَدِّ وَالْقَسْمِ فَكَذَا هُنَا، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الْأَمَةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ الْوَطْءِ وَاسْتِدْخَالِ الْمَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا سَلَفَ فِي الْحُرَّةِ، نَعَمْ لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةِ مِلْكِ الْيَمِينِ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ بِهِ بِقَرْءٍ فَقَطْ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا تُكْمِلُ عِدَّةَ حُرَّةٍ مُطْلَقًا لِوُجُودِ الْعِتْقِ فِي الْعِدَّةِ، وَالثَّانِي عِدَّةَ أَمَةٍ مُطْلَقًا وَطُرُوُّ الْعِتْقِ لَا يُغَيِّرُ مَا وَجَبَ وَالثَّالِثُ الْأَظْهَرُ تُكْمِلُ الرَّجْعِيَّةُ عِدَّةَ حُرَّةٍ، لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ، فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَالْبَائِنُ عِدَّةَ أَمَةٍ، لِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. (وَحُرَّةٌ لَمْ تَحِضْ) أَصْلًا (أَوْ يَئِسَتْ) مِنْ الْحَيْضِ (بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) قَالَ تَعَالَى {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: 4] وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْأَشْهُرِ الْهِلَالِيَّةُ وَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ إنْ انْطَبَقَ الطَّلَاقُ عَلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ كَأَنْ عَلَّقَهُ بِهِ أَوْ بِانْسِلَاخِ مَا قَبْلَهُ (فَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ فَبَعْدَهُ هِلَالَانِ وَتُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا مِنْ الرَّابِعِ وَقِيلَ بِانْكِسَارِ شَهْرٍ يَنْكَسِرُ مَا بَعْدَهُ، لِأَنَّ الْمُنْكَسِرَ يَتِمُّ بِمَا يَلِيهِ فَيَنْكَسِرُ أَيْضًا فَتَعْتَدُّ بِتِسْعِينَ يَوْمًا مِنْ الطَّلَاقِ (فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَشْهُرِ (وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْعِدَّةِ وَقَدْ قَدَرَتْ عَلَيْهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ بَدَلِهَا فَتَنْتَقِلُ إلَيْهَا كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي خِلَالِ التَّيَمُّمِ. (وَأَمَةٌ) لَمْ تَحِضْ، أَوْ يَئِسَتْ (بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ) عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ (وَفِي قَوْلٍ شَهْرَانِ) لِأَنَّهُمَا بَدَلٌ عَنْ الْقُرْأَيْنِ فِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ (وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةٌ) لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الرَّحِمِ إلَّا بَعْدَهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ يَتَخَلَّقُ فِي ثَمَانِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ الْحِلُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ لَا يَخْتَلِفُ بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ. (وَمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا لِعِلَّةٍ) تُعْرَفُ (كَرَضَاعٍ وَمَرَضٍ تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ) فَتَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ (أَوْ تَيْأَسَ فَبِالْأَشْهُرِ) وَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ الِانْتِظَارِ (أَوْ لَا لِعِلَّةٍ) تُعْرَفُ (فَكَذَا فِي الْجَدِيدِ) تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ فَتَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ، أَوْ تَيْأَسَ فَتَعْتَدَّ بِالْأَشْهُرِ (وَفِي الْقَدِيمِ تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ) مُدَّةَ الْحَمْلِ غَالِبًا (وَفِي قَوْلٍ) مِنْ الْقَدِيمِ (أَرْبَعَ سِنِينَ) أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ عَلَيْهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ   [حاشية قليوبي] أَثْنَائِهِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا اعْتَدَّتْ بَعْدَهُ بِشَهْرٍ هِلَالِيٍّ فَقَطْ. أَوْ دُونَهَا لَغَا وَاعْتَدَّتْ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ هِلَالِيَّيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَحِضْ) وَإِنْ وَلَدَتْ وَرَأَتْ نِفَاسًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ) أَيْ قَبْلَ الْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْهُ، وَإِلَّا فَثَلَاثَةٌ بِالْأَهِلَّةِ كَمَا فِي السَّلَمِ. قَوْلُهُ: (حَاضَتْ فِيهَا) خَرَجَ مَا بَعْدَهَا فَلَا يُؤَثِّرُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَالْخَطِيبِ وَغَيْرِهِمَا، وَهَذَا فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ أَصْلًا قَبْلَ الْفُرْقَةِ، فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ إذَا لَمْ تَحِضْ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَصِلْ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ أَوْ حَاضَتْ بَعْدَهَا كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْآيِسَةُ بَعْدَ الْحَيْضِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهَا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا حَاضَتْ وَلَوْ بَعْدَ الْأَشْهُرِ تَعُودُ إلَى الْحَيْضِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّبْعِ إلَخْ) تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ. . قَوْلُهُ: (وَمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا) حُرَّةً، أَوْ أَمَةً سَوَاءٌ انْقَطَعَ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فِي الْعِدَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) وَعَلَى هَذَا فَيَمْتَدُّ زَمَنُ الرَّجْعَةِ. إلَى الْيَأْسِ قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ وَتُصَدَّقُ فِي بُلُوغِهَا سِنَّ الْيَأْسِ بِيَمِينِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَالُوا وَهَذِهِ امْرَأَةٌ اُبْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ. تَنْبِيهٌ: يَظْهَرُ أَنَّ نَفَقَةَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَنَحْوِهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مَحْسُوبَةٍ مِنْ الْعِدَّةِ لَا تَلْزَمُ الزَّوْجَ عَلَى نَظِيرِ عِدَّةِ شُبْهَةٍ تَخَلَّلَتْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ، وَقَدْ يُفَرَّقُ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ) فَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ قَبْلَ تَمَامِ الْأَقْرَاءِ اسْتَأْنَفَتْ الْأَشْهُرَ الثَّلَاثَةَ وَلَا تُلَفِّقُ الْعِدَّةَ، فَلَوْ عَادَ الدَّمُ أَتَمَّتْ عَلَى الْأَقْرَاءِ الْمَاضِيَةِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (عِدَّةُ حُرَّةٍ مُطْلَقًا) رَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَنُصَّ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، لِأَنَّ مَا اخْتَلَفَ بِهِ الْعِدَّةُ يُنْظَرُ فِيهِ لِلِانْتِهَاءِ دُونَ الِابْتِدَاءِ كَمُعْتَدَّةٍ بِالْأَشْهُرِ، إذَا عَرَضَ الْأَقْرَاءُ فِي أَثْنَائِهَا وَلِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِلْعِدَّةِ أَوْلَى مِنْ الِاحْتِيَاطِ لِلْعَقْدِ قَوْلُهُ: (لَمْ تَحِضْ) هُوَ شَامِلٌ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ الرَّوْضَةِ لِمَنْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ نِفَاسًا وَلَا حَيْضًا سَابِقًا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، قَوْلُهُ: (وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ) وَلَا يُحْسَبُ مَا مَضَى قَرْءًا فِي الْأُولَى، وَكَذَا الثَّانِيَةُ إلَّا إذَا كَانَتْ تَحِيضُ قَبْلَ الْيَأْسِ قَوْلُهُ: (فِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ) أَيْ فِي الْحُرَّةِ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ فَإِنَّهَا عِنْدَ الْيَأْسِ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بَدَلًا عَنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، فَالشَّهْرَانِ بَدَلٌ عَنْ قُرْأَيْنِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَاءَ إلَخْ) أَيْ فَارَقَ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا بِقُرْأَيْنِ، لِأَنَّ الْحَيْضَةَ الْوَاحِدَةَ تَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا تَعَبُّدٌ مَوْضُوعٌ عَلَى التَّفَاضُلِ فَفَارَقَتْ الْحُرَّةُ فِيهِ الْأَمَةَ. قَوْلُهُ: (تَصْبِرُ إلَخْ) قَضَى عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُرْضِعِ بِذَلِكَ بِرَأْيِ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَهُوَ كَالْإِجْمَاعِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ، قَوْلُهُ: (أَوْ تَيْأَسَ) اُنْظُرْ عَلَيْهِ هَلْ يَمْتَدُّ زَمَنُ الرَّجْعَةِ إلَى الْيَأْسِ أَمْ تَنْقَضِي بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَنَظِيرِهِ السَّالِفِ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ، الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: (أَوْ لَا لِعِلَّةٍ فَكَذَا فِي الْجَدِيدِ) أَيْ لِأَنَّ الْأَشْهُرَ لَمْ تُجْعَلْ إلَّا لِمَنْ لَمْ تَحِضْ وَلِلْآيِسَةِ وَأَيْضًا فَلَا بُدَّ لِلِانْقِطَاعِ مِنْ سَبَبٍ، وَإِنْ خَفِيَ قَوْلُهُ: (فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) ظَاهِرُ الْخِلَافِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الِانْقِطَاعِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَقَبْلَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ حَاضَتْ مَرَّتَيْنِ مَثَلًا، ثُمَّ بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ وَانْقَطَعَ الْحَيْضُ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ مَوْضِعُ نَظَرٍ وَالْوَجْهُ أَنْ يُحْسَبَ لَهَا الْقُرْءَانِ ثُمَّ تُكْمِلُ الْعِدَّةَ بِشَهْرٍ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ هَذَا عَلَى مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ، قَوْلُهُ: (تِسْعَةَ أَشْهُرٍ) اسْتَدَلَّ لَهُ فِي الْقَدِيمِ بِمَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ عَابَ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَثَرَ عُمَرَ، وَقَالَ قَضَى بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ قَالَ الْبَارِزِيُّ وَأَفْتَيْت بِهِ لِمَا فِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ لِظُهُورِ أَمَارَتِهِ فِيهَا وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ (ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) إذَا لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ (فَعَلَى الْجَدِيدِ لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْيَأْسِ) فِي الْأَشْهُرِ رُجُوعًا إلَى الْأَصْلِ وَيُحْسَبُ مَا مَضَى مِنْ الطُّهْرِ قَرْءًا (أَوْ بَعْدَهَا فَأَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا إنْ نَكَحَتْ) زَوْجًا آخَرَ (فَلَا شَيْءَ) عَلَيْهَا (وَإِلَّا فَالْأَقْرَاءُ) عَلَيْهَا، وَالثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِي الظَّاهِرِ بِالْأَشْهُرِ، وَالثَّالِثُ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ مُطْلَقًا لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ لَا آيِسَةٌ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ النِّكَاحِ وَالْأَوَّلُ فِي قَوْلِهِ " لَا شَيْءَ عَلَيْهَا إنْ نَكَحَتْ " نَظَرٌ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِي الظَّاهِرِ مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا، وَمَا ذُكِرَ عَلَى الْجَدِيدِ بَعْدَ الْيَأْسِ يَأْتِي مِثْلُهُ عَلَى الْقَدِيمِ بَعْدَ التَّرَبُّصِ، فَلَوْ حَاضَتْ بَعْدَهُ فِي أَشْهُرِ الْعِدَّةِ انْتَقَلَتْ إلَى الْأَقْرَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ انْتَقَلَتْ إلَى الْأَقْرَاءِ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَنُسِبَ إلَى النَّصِّ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا، أَوْ بَعْدَ أَنْ نَكَحَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ، وَقِيلَ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ وَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ. (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي الْيَأْسِ عَلَى الْجَدِيدِ (يَأْسُ عَشِيرَتِهَا) مِنْ الْأَبَوَيْنِ لِتَقَارُبِهِنَّ فِي الطَّبْعِ فَإِذَا بَلَغَتْ السِّنَّ الَّذِي يَنْقَطِعُ فِيهِ حَيْضُهُنَّ فَقَدْ بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ (وَفِي قَوْلٍ) يَأْسُ (كُلِّ النِّسَاءِ) بِحَسَبِ مَا يَبْلُغُ مِنْ خَبَرِهِ وَيُعْرَفُ وَأَقْصَاهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً وَقِيلَ سِتُّونَ وَقِيلَ خَمْسُونَ (قُلْت: ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَنُقِلَ تَرْجِيحُهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَقَالَ فِي الْكَبِيرِ: إيرَادُ أَكْثَرِهِمْ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ، وَفِي الْمُحَرَّرِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إلَى التَّرْجِيحِ. فَصْلٌ عِدَّةُ الْحَامِلِ بِوَضْعِهِ أَيْ الْحَمْلِ قَالَ تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] (بِشَرْطِ نِسْبَتِهِ إلَى ذِي الْعِدَّةِ وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ) فَإِذَا لَاعَنَ الْحَامِلَ وَنَفَى الْحَمْلَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ، وَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ فِي الظَّاهِرِ لِإِمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ، وَالْمَرْأَةُ مُصَدَّقَةٌ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نِسْبَةُ الْحَمْلِ إلَى صَاحِبِ الْعِدَّةِ فَلَا تَنْقَضِي بِوَضْعِهِ كَأَنْ مَاتَ صَبِيٌّ لَا يَنْزِلُ، وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ، فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ لَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ لِانْتِفَائِهِ عَنْهُ، وَكَذَا مَنْ مَاتَ، أَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ النِّكَاحِ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ لِانْتِفَائِهِ عَنْ الزَّوْجِ (وَانْفِصَالِ كُلِّهِ حَتَّى ثَانِي تَوْأَمَيْنِ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ (وَمَتَى تَخَلَّلَ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) بَيْنَ الْوَضْعَيْنِ (فَتَوْأَمَانِ) بِخِلَافِ مَا إذَا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (حَقِّ الزَّوْجِ) خَرَجَ بِهِ السَّيِّدُ فَلَا يُعْتَبَرُ حَقُّهُ فَتَعُودُ إلَى الْأَقْرَاءِ، وَلَوْ فَارَقَهَا الزَّوْجُ هَلْ تَعُودُ إلَى كَمَالِ الْعِدَّةِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ أُلْغِيَ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَبَوَيْنِ) الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ. قَوْلُهُ: (مِنْ خَبَرِهِ) عَائِدٌ إلَى " كُلُّ " فَالْمُرَادُ مَا يَعُمُّ غَيْرَ أَهْلِ زَمَانِهَا كَمَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَخَرَجَ بِمَنْ يَبْلُغُنَا خَبَرُهُ طَوْفُ نِسَاءِ الْعَالَمِ، فَلَا يُشْتَرَطُ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ انْتِقَالُهَا إلَى الْأَقْرَاءِ، وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَةَ النِّسَاءِ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ فِيهِ أَتَمُّ مِنْهُ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَأَقْصَاهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَصْلٌ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْحَمْلِ وَمَا مَعَهُ. قَوْلُهُ: (بِوَضْعِهِ) وَإِنْ مَاتَتْ عَقِبَهُ، أَوْ كَانَ وُجُودُهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ، أَوْ طَالَتْ مُدَّتُهُ، وَيَتَبَيَّنُ بِهِ وُجُوبُ النَّفَقَةِ وَغَيْرِهِمَا فِيمَا مَضَى قَوْلُهُ: (ذِي الْعِدَّةِ) زَوْجًا كَانَ، أَوْ ذَا شُبْهَةٍ وَلَوْ بِدَعْوَاهَا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ مُصَدَّقَةٌ إلَخْ) وَلِذَلِكَ لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ وَقُلْنَا لَا تَنْقَضِي بِهِ وَادَّعَتْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا، أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا، أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ، وَأَمْكَنَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ، وَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ إلَّا بِنَحْوِ بَيِّنَةٍ فَقَوْلُهُ كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ مِثَالٌ لَا اسْتِقْصَاءٌ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نِسْبَتُهُ) أَيْ لَمْ يُعْلَمْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ بِأَنْ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ زِنًى، أَوْ جُهِلَ حَالُهُ فَلَا تَنْقَضِي بِهِ. قَوْلُهُ: (صَبِيٌّ لَا يُنْزِلُ) أَوْ مَمْسُوحٌ وَكَذَا مَجْبُوبٌ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْخَالُ مَنِيِّهِ، وَإِلَّا انْقَضَتْ بِهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ التَّنَاقُضُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَا يُنْزِلُ مَا لَوْ أَمْكَنَ إنْزَالُهُ فَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ مَا   [حاشية عميرة] مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ النِّسَاءِ لَا سِيَّمَا فِي الشَّوَابِّ وَكَمَا فِي الْمُتَحَيِّرَةِ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ مُحَصَّلَ أَقْوَالِ الْقَدِيمِ الْمَذْكُورَةِ اعْتِبَارُ مُدَّةِ الْحَمْلِ الْغَالِبَ، أَوْ الْأَكْثَرَ، أَوْ الْأَقَلَّ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) أَيْ تَعَبُّدًا، أَوْ اسْتِظْهَارًا قَوْلُهُ: (وَيُحْسَبُ مَا مَضَى) هَذَا إنْ كَانَتْ رَأَتْ الدَّمَ فِيمَا مَضَى، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثٍ كَذَا اسْتَدْرَكَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَصُورَتُهُ فِيمَنْ شَرَعَتْ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ أَوْ قَبْلَهُ، ثُمَّ حَاضَتْ قَبْلَ فَرَاغِهَا لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ هُنَا فِيمَنْ كَانَتْ تَحِيضُ، وَأَمَّا هَذِهِ الصُّورَةُ فَهِيَ السَّالِفَةُ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَهَلْ يُحْسَبُ طُهْرُ مَنْ لَا تَحِيضُ قَرْءًا قَوْلَانِ إلَخْ، وَفِي قَوْلِهِ: وَحُرَّةٌ لَمْ تَحِضْ مَعَ قَوْلِهِ فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَبَوَيْنِ) الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ بِخِلَافِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ نِسَاءُ الْعَصَبَاتِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُنَّ فَيَنْبَغِي مُرَاعَاةُ الْأَكْثَرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرُ فَيُحْتَمَلُ أَقَلُّهُنَّ عَادَةً وَيُحْتَمَلُ أَقْصَاهُنَّ [فَصْلٌ عِدَّةُ الْحَامِلِ] ِ بِوَضْعِهِ قَوْلُهُ: (إلَى ذِي الْعِدَّةِ) زَوْجًا، أَوْ غَيْرَهُ، قَوْلُهُ: (بِلِعَانٍ) كَذَلِكَ الْمَنْفِيُّ عَنْهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ وَادَّعَتْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا، أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ وَأَنْكَرَ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَإِلَى هَذَا وَنَحْوِهِ. أَشَارَ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَمَنْفِيٍّ، قَوْلُهُ: (وَانْفِصَالِ كُلِّهِ) قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ لَوْ فَصَلَ بَيْنَ مَا يَنْفَصِلُ غَالِبُهُ وَغَيْرِهِ لَكَانَ مُتَّجَهًا وَاعْلَمْ أَنَّ سَائِرَ أَحْكَامِ الْجَنِينِ بَاقِيَةٌ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ كَنَفْيِ تَوْرِيثِهِ وَسِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَيْهِ، وَتَبَعِيَّتِهِ لِلْأُمِّ فِي الْبَيْعِ وَعَدَمِ الْإِجْزَاءِ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَإِيجَابِ الْغُرَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَكِنْ ذَكَرَ فِي بَابِ الْغُرَّةِ مَا يُخَالِفُهُ، قَوْلُهُ: (دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 تَخَلَّلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَالثَّانِي حَمْلٌ آخَرُ، (وَتَنْقَضِي بِمَيِّتٍ) كَالْحَيِّ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ (لَا عَلَقَةٍ) لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى حَمْلًا وَلَا يُتَيَقَّنُ كَوْنُهَا أَصْلَ الْوَلَدِ (وَبِمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ خَفِيَّةٌ أَخْبَرَ بِهَا الْقَوَابِلُ) لِظُهُورِهَا عِنْدَهُنَّ كَمَا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً عِنْدَ غَيْرِهِنَّ أَيْضًا بِظُهُورِ يَدٍ، أَوْ أُصْبُعٍ، أَوْ ظُفُرٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ صُورَةً) أَصْلًا لَا ظَاهِرَةً وَلَا خَفِيَّةً تَعْرِفُهَا الْقَوَابِلُ (وَقُلْنَ: هِيَ أَصْلُ آدَمِيٍّ) لَوْ بَقِيَتْ لَتَصَوَّرَتْ (انْقَضَتْ) بِوَضْعِهَا (عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ لِحُصُولِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَفِي قَوْلٍ لَا تَنْقَضِي بِهِ خُرِّجَ مِنْ نَصِّهِ عَلَى أَنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ لَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ لِانْتِفَاءِ اسْمِ الْوَلَدِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ، وَلَوْ شَكَّتْ الْقَوَابِلُ فِي أَنَّهَا لَحْمُ آدَمِيٍّ لَمْ تَنْقَضِ بِوَضْعِهَا قَطْعًا. (وَلَوْ ظَهَرَ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ، أَوْ أَشْهُرٍ حَمْلٌ لِلزَّوْجِ اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ) وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا مَضَى مِنْ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ لِوُجُودِ الْحَمْلِ (وَلَوْ ارْتَابَتْ فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِثِقَلٍ وَحَرَكَةٍ تَجِدُهُمَا، (لَمْ تَنْكِحْ) آخَرَ بَعْدَ تَمَامِهَا (حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ) فَإِنْ نَكَحَتْ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ لِلتَّرَدُّدِ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (أَوْ بَعْدَهَا) أَيْ ارْتَابَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ (وَبَعْدَ نِكَاحِ) الْآخَرِ (اسْتَمَرَّ) النِّكَاحُ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِي الظَّاهِرِ وَتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ الثَّانِي (إلَّا أَنْ تَلِدَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عَقْدِهِ) فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ، وَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي (أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ نِكَاحِ) الْآخَرِ (فَلْتَصْبِرْ) عَنْ النِّكَاحِ نَدْبًا (لِتَزُولَ الرِّيبَةُ فَإِنْ نَكَحَتْ) قَبْلَ زَوَالِهَا (فَالْمَذْهَبُ) الْمَنْصُوصُ (عَدَمُ إبْطَالِهِ فِي الْحَالِ) لِأَنَّا حَكَمْنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِي الظَّاهِرِ، وَلَا نَنْقُضُ الْحُكْمَ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ بَلْ نَقِفُ (فَإِنْ عُلِمَ مُقْتَضِيهِ) أَيْ مُقْتَضِي إبْطَالِهِ بِأَنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ (أَبْطَلْنَاهُ) وَإِلَّا فَلَا نُبْطِلُهُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي إبْطَالِهِ قَوْلَانِ لِلتَّرَدُّدِ فِي انْتِفَاءِ الْمَانِعِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ بَانَ انْتِفَاؤُهُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ عَلَى ظَنِّ حَيَاتِهِ، فَبَانَ مَيِّتًا وَأَظْهَرُهُمَا الصِّحَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ. (وَلَوْ أَبَانَهَا) بِخُلْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ (فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ) فَمَا دُونَهَا مِنْ وَقْتِ الْإِبَانَةِ (لَحِقَهُ) الْوَلَدُ (أَوْ الْأَكْثَرِ) مِنْهَا (فَلَا) يَلْحَقُهُ، لِأَنَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ قَدْ تَبْلُغُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَهِيَ أَكْثَرُ مُدَّتِهِ كَمَا اُسْتُقْرِئَ وَأَطْلَقَ أَكْثَرُهُمْ الْأَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الْإِبَانَةِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفِيهِ تَسَاهُلٌ، وَالْقَوِيمُ مَا قَالَهُ أَبُو مَنْصُورٍ التَّمِيمِيُّ مُعْتَرِضًا عَلَيْهِمْ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْإِبَانَةِ، وَإِلَّا لَزَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ. (وَلَوْ طَلَّقَ رَجْعِيًّا) وَالْحَالُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْإِتْيَانِ بِوَلَدٍ لِأَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ لَا كَمَا (حُسِبَتْ   [حاشية قليوبي] لَمْ يُقِرَّ بِالْإِنْزَالِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَانْفِصَالِ كُلِّهِ) وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِ انْفِصَالِ بَعْضِهِ كَغَالِبِ الْأَحْكَامِ. قَوْلُهُ: (ثَانِي تَوْأَمَيْنِ) وَكَذَا ثَالِثٌ حَيْثُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَإِلَّا فَلَا تَتَوَقَّفُ الْعِدَّةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ اتَّبَعَ التَّوْأَمَ الثَّانِيَ. قَوْلُهُ: (وَتَنْقَضِي بِمَيِّتٍ) بَعْدَ انْفِصَالِهِ، وَإِنْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا وَمَكَثَ أَعْوَامًا كَثِيرَةً وَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا أَسْقَطَتْ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَضَاعَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يُتَيَقَّنُ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ مِنْ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِهَا وَإِيجَابِ النِّفَاسِ عَقِبَهَا. قَوْلُهُ: (أَخْبَرَ بِهَا) وَلَوْ بِغَيْرِ لَفْظِ شَهَادَةٍ إلَّا عِنْدَ حَاكِمٍ. قَوْلُهُ: (الْقَوَابِلُ) الْمُرَادُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ وَلَوْ ذُكُورًا وَأَقَلُّهُمْ فِي النِّسَاءِ أَرْبَعٌ وَيَكْفِي إخْبَارُ وَاحِدَةٍ فِي الْجَوَازِ بَاطِنًا. قَوْلُهُ: (مِنْ نَصِّهِ عَلَى أَنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ لَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ) وَمِنْ نَصِّهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْغُرَّةِ فِيهَا، وَلِذَلِكَ تُسَمَّى هَذِهِ مَسْأَلَةَ النُّصُوصِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَأَصْلُ الْآدَمِيِّ أَوْلَى مِنْ الْحَيْضِ، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ لِوُجُودِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْعَلَقَةِ مَعَ عَدَمِ الِانْقِضَاءِ بِهَا كَمَا مَرَّ، وَتَعْلِيلُهَا بِعَدَمِ تَيَقُّنِ أَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ يَجْرِي هُنَا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَوَابِلِ إنَّ الْمُضْغَةَ أَصْلُ آدَمِيٍّ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتَبِرُوهُ فِي الْعَلَقَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَمْ تَنْكِحْ) فَيُحَرَّمُ عَلَيْهَا ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بَاطِلٌ) أَيْ ظَاهِرًا فَلَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُهَا صَحَّ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ، أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ) إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ دُونَ الثَّانِي قَوْلُهُ: (فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي) إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِقِيَامِ فِرَاشِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالصَّحِيحُ لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَكَالثَّانِي وَطْءُ الشُّبْهَةِ. قَوْلُهُ: (نَدْبًا) فَيُكْرَهُ نِكَاحُهَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (أَبْطَلْنَاهُ) إنْ أَمْكَنَ إلْحَاقُ الْوَلَدِ بِالْأَوَّلِ أَخْذًا بِقَوْلِهِ عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مُقْتَضَى الْبُطْلَانِ بِأَنْ لَمْ تَلِدْ أَصْلًا، أَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا لَا يُلْحَقُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ فَوْقَ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَبَيْنَ الثَّانِي دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَلَا نُبْطِلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (لَحِقَهُ) وَإِنْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَبْلَهُ، وَلَوْ بِالْأَقْرَاءِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَلَدِ فِي النَّسَبِ لَا يُلْغَى بِإِقْرَارِهَا. قَوْلُهُ: (سِيَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) بِقَوْلِهِ أَبَانَهَا فَلِذَلِكَ حَمَلَهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ تَسَاهُلٌ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّسَاهُلِ كَمَا يَقْتَضِيه النَّظَرُ الْقَوِيمُ، وَالْفَهْمُ الْمُسْتَقِيمُ أَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ قَبْلَ وَقْتِ الْإِبَانَةِ   [حاشية عميرة] جَعَلَ فِي الْوَسِيطِ لِلسِّتَّةِ حُكْمَ مَا دُونَهَا وَغَلَّطَهُ الرَّافِعِيُّ وَرَدَّ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَا قَالَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقَطْ لَا يَكُونُ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ حَاصِلًا لِعَدَمِ وُجُودِ لَحْظَةِ الْوَطْءِ، وَإِذَا سَقَطَ مِنْهَا لَحْظَةُ الْوَطْءِ خَرَجَتْ عَنْ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَكَلَامُ الْوَسِيطِ صَحِيحٌ، قَوْلُهُ: (أَخْبَرَ بِهَا الْقَوَابِلُ) حُكِيَ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي زَمَنِ الْإِصْطَخْرِيِّ فَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِنَّ فَغَسَلْنَهَا فَظَهَرَ التَّخْطِيطُ، قَوْلُهُ: (وَقُلْنَ: هِيَ إلَخْ) قَالَ الرُّويَانِيُّ كَأَنَّ طَرِيقَ عِلْمِهِنَّ بِذَلِكَ أَنْ يُشَاهِدْنَ شَيْئًا فِي الْعُرُوقِ وَالْأَعْصَابِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهَا لَحْمَةُ وَلَدٍ قَوْلُهُ: (فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ) أَيْ وَلَوْ انْكَشَفَ بَعْدَ ذَلِكَ عَدَمُ الْحَمْلِ، قَوْلُهُ: (فَلْتَصْبِرْ نَدْبًا إلَخْ) . أَيْ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَكَحَتْ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ رَاجَعَهَا، قَوْلُهُ: (نَقِفُ) قَالَ الْقَاضِي لَيْسَ هَذَا كَالْوَقْفِ عَلَى الْقَدِيمِ، لِأَنَّا نَقْضِي هُنَا بِالصِّحَّةِ، ثُمَّ يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ لِمَعْنًى يَظْهَرُ قَوْلُهُ: (لِأَرْبَعِ سِنِينَ) اسْتَشْكَلَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ مِنْ حَيْثُ كَثْرَةُ الْفَسَادِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، قَوْلُهُ: (فَلَا يَلْحَقُهُ) وَلَكِنْ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ إنْ ادَّعَتْ وَطْءَ الزَّوْجِ لَهَا بِشُبْهَةٍ، وَإِنْ أَنْكَرَ وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَادَّعَتْ رَجْعَةً، وَإِنْ أَنْكَرَ، قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْإِبَانَةِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ قُبَيْلَ الْإِبَانَةِ قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) عَلَى هَذَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 الْعِدَّةُ مِنْ الطَّلَاقِ) لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالْبَائِنِ فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ فَكَذَا فِي أَمْرِ الْوَلَدِ الَّذِي هُوَ نَتِيجَتُهُ (وَفِي قَوْلٍ: مِنْ انْصِرَامِ الْعِدَّةِ) لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ كَالْمَنْكُوحَةِ فِي مُعْظَمِ الْأَحْكَامِ، وَفِي إطْلَاقِ الْقَوْلَيْنِ التَّسَاهُلُ الَّذِي تَبَيَّنَ لَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَعَلَى الثَّانِي إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ لَا يَلْحَقُهُ لِأَنَّا نَتَحَقَّقُ انْقِضَاءَ الْحَمْلِ فِي الْأَقْرَاءِ، فَتَبَيَّنَ بِانْقِضَائِهَا هَذَا إنْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَائِهَا، وَإِلَّا فَالْوَلَدُ يَلْحَقُهُ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ لِأَنَّ الطُّهْرَ قَدْ يَتَبَاعَدُ سِنِينَ فَتَمْتَدُّ الْعِدَّةُ لِطُولِهِ وَحَيْثُ حَكَمْنَا بِثُبُوتِ النَّسَبِ تَكُونُ الْمَرْأَةُ مُعْتَدَّةً إلَى الْوَضْعِ، فَيَثْبُتُ لِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ إنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً وَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ. (وَلَوْ نَكَحَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ النِّكَاحِ (فَكَأَنَّهَا لَمْ تَنْكِحْ) وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِتْيَانِ بِالْوَلَدِ لِأَرْبَعِ سِنِينَ، أَوْ أَكْثَرَ إلَى آخِرِهِ (وَإِنْ كَانَ لِسِتَّةٍ) فَأَكْثَرَ (فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي) لِقِيَامِ فِرَاشِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ. (وَلَوْ نَكَحَتْ فِي الْعِدَّةِ فَاسِدًا فَوَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْ الْأَوَّلِ) دُونَ الثَّانِي (لَحِقَهُ وَانْقَضَتْ) عِدَّتُهُ (بِوَضْعِهِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلثَّانِي، أَوْ لِلْإِمْكَانِ مِنْ الثَّانِي) دُونَ الْأَوَّلِ (لَحِقَهُ) كَأَنْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ (أَوْ) لِلْإِمْكَانِ (مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى قَائِفٍ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا فَكَالْإِمْكَانِ مِنْهُ فَقَطْ) وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ، وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا، أَوْ اشْتَبَهَ الْحَالُ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ وَانْتِسَابُهُ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِزَمَانٍ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ فِيهِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ نِكَاحِ الثَّانِي وَلِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ الْبَائِنِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ وَاحِدًا مِنْهُمَا.   [حاشية قليوبي] زَمَنٌ كَأَيَّامٍ أَوْ شُهُورٍ مَثَلًا لَا يُمْكِنُ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ، وَإِذَا انْضَمَّ ذَلِكَ إلَى الْأَرْبَعَةِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ الْإِبَانَةِ لَزِمَ زِيَادَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ عَلَيْهَا، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ نَقَلَ هَذَا عَنْ التَّدْرِيبِ، وَمَا سَلَكَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ فِي مَعْنَى التَّسَاهُلِ غَيْرُ مُوفٍ بِالْمُرَادِ إنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ مُنَاسِبٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَفِي إطْلَاقِ الْقَوْلَيْنِ) وَهُمَا اعْتِبَارُ الطَّلَاقِ عَلَى الْأَوَّلِ وَانْصِرَامُ الْعِدَّةِ عَلَى الثَّانِي. قَوْلُهُ: (التَّسَاهُلُ) فَالْحَقُّ اعْتِبَارُ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ رُبَّمَا يَلْزَمُ إحَالَةُ الْخِلَافِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (هَذَا) أَيْ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَحَيْثُ حَكَمْنَا) أَيْ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ السَّابِقَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ) وَغَيْرُهُمَا مِمَّا تَقْتَضِيه أَحْكَامُ الزَّوْجِيَّةِ. قَوْلُهُ: (فَكَأَنَّهَا لَمْ تَنْكِحْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ لُحُوقُ الْوَلَدِ وَعَدَمُهُ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ، أَوْ يَكُونُ إلَخْ وَأَمَّا النِّكَاحُ فَصَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ فَرَاجِعْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (فَاسِدًا) أَيْ فِي الْوَاقِعِ لَا فِي ظَنِّ الْوَاطِئِ، وَإِلَّا فَهُوَ زَانٍ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَعَلَيْهَا إنْ عَلِمَتْ أَيْضًا، وَخَرَجَ بِهِ نِكَاحُ الْكُفَّارِ إذَا اعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ، فَهُوَ كَالصَّحِيحِ عِنْدَنَا فِيمَا مَرَّ وَلَا يُحْتَاجُ لِقَائِفٍ. قَوْلُهُ: (بِوَضْعِهِ) أَيْ إنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (لَحِقَهُ) وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُ بِوَضْعِهِ بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (الْبَائِنِ) وَكَذَا الرَّجْعِيُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ) وَمِنْهُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِوَضْعِهِ بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ) أَيْ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. قَوْلُهُ: (اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ وَانْتِسَابُهُ) وَلَا تَتَوَقَّفُ الْعِدَّةُ عَلَى ذَلِكَ بَلْ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ وَضْعِهِ، وَلَمْ يَنْتِفْ عَنْهُمَا اعْتَدَّتْ بِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْآخَرِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَإِنْ انْتَفَى عَنْهُمَا اعْتَدَّتْ لِكُلٍّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَتَقَدَّمَ عِدَّةُ الْأَوَّلِ. فَرْعٌ: الْحَمْلُ الْمَجْهُولُ لَا تُحَدُّ الْمَرْأَةُ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ وَلَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَمْنَعُ الزَّوْجَ مِنْ الْوَطْءِ كَمَا مَرَّ. لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ الزِّنَى وَيَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ شَكَّتْ هَلْ الْوَاطِئُ زَوْجٌ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِشُبْهَةٍ، أَوْ زَانٍ، أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءً وَشَكَّتْ هَلْ هُوَ مُحْتَرَمٌ، أَوْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ. قَوْلُهُ: (الْبَائِنِ) وَكَذَا الرَّجْعِيُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (لَا يَلْحَقُ وَاحِدًا مِنْهُمَا) وَلَا يَبْطُلُ بِهِ النِّكَاحُ كَمَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] الْقَوْلِ تَكُونُ فِرَاشًا فِي عِدَّةِ الرَّجْعَةِ، قَوْلُهُ: (وَعَلَى الثَّانِي إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنْ قُلْنَا مِنْ وَجْهِ الِانْصِرَامِ فَقَدْ أَطْلَقَ الشَّيْخُ أَيُّوبُ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا حِكَايَةَ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يَلْحَقُهُ مَتَى أَتَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، لِأَنَّ الْفِرَاشَ عَلَى هَذَا إنَّمَا يَزُولُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ إذَا مَضَتْ الْعِدَّةُ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ انْقِضَائِهَا لَمْ يَلْحَقْهُ، لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا، فِي الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ فَتَبِينُ بِانْقِضَائِهَا وَتَصِيرُ كَمَا لَوْ بَانَتْ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَحَكَوْهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذَا وَإِنْ اسْتَمَرَّ فِي الْأَقْرَاءِ لَا يَسْتَمِرُّ فِي الْأَشْهُرِ، فَإِنَّ الَّتِي لَا تَحْمِلُ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ فَإِذَا حَمَلَتْ بَانَ أَنَّ عِدَّتَهَا لَا تَنْقَضِي بِالْأَشْهُرِ قَوْلُهُ: (أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ فَإِذَا كَانَ لِأَكْثَرَ هَلْ يَبْطُلُ النِّكَاحُ الثَّانِي حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ مِنْ غَيْرِهِ أَمْ يَصِحُّ حَمْلًا عَلَى الزِّنَى، أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ مِنْهُ؟ مُحَصَّلُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (لَحِقَهُ) أَيْ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهُ بِوَضْعِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْأَوَّلِ بَعْدَ النِّفَاسِ، قَوْلُهُ: (أَيْضًا لَحِقَهُ) أَيْ إذَا أَلْحَقَهُ بِالثَّانِي قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فَلَا تَنْقَضِي عِدَّةُ الْمُطَلَّقِ بِهَذَا الْوَضْعِ، وَإِنْ احْتَمَلَ كَوْنُهُ مِنْهُ، لِأَنَّ الْإِلْحَاقَ بِغَيْرِهِ مَانِعٌ، قَوْلُهُ: (اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ إلَخْ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَعَلَيْهَا بَعْدَ وَضْعِهِ أَنْ تَسْتَأْنِفَ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ احْتِيَاطًا، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ الثَّانِي فَقَدْ احْتَاطَتْ بِالزِّيَادَةِ، أَوْ مِنْ الْأَوَّلِ فَقَدْ أَوْفَتْ عِدَّتَهَا مِنْ الثَّانِي وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَبْقَى الْعِدَّةَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ لِلضَّرَرِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِذَا وَضَعَتْ وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ قَالَ: وَإِذَا نَفَيْنَاهُ عَنْهُمَا فَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ تُكْمِلُ الْعِدَّةَ عَنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلثَّانِي، قَوْلُهُ فِي الْحَاشِيَةِ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ احْتِيَاطًا حَتَّى لَوْ سَبَقَ قَبْلَ الْحَمْلِ قُرْءَانِ مَثَلًا فَلَا عِبْرَةَ بِهِمَا وَتَسْتَأْنِفُ ثَلَاثًا احْتِيَاطًا وَلَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ وَضْعٍ لَا بَعْدَهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْهُ فَتَكُونُ عِدَّتُهُ قَدْ انْقَضَتْ بِهِ. قَوْلُهُ: (فَظَاهِرٌ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَإِذَا نَفَيْنَاهُ عَنْهُمَا فَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ بَعْدَ الْوَضْعِ تُكْمِلُ الْعِدَّةَ عَنْ الْأَوَّلِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ عَنْ الثَّانِي اهـ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 فَصْلٌ إذَا (لَزِمَهَا عِدَّتَا شَخْصٍ مِنْ جِنْسٍ) وَاحِدٍ (بِأَنْ طَلَّقَ، ثُمَّ وَطِئَ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ، أَوْ أَشْهُرٍ جَاهِلًا) فِي بَائِنٍ، أَوْ رَجْعِيَّةٍ بِأَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ (أَوْ عَالِمًا فِي رَجْعِيَّةٍ) بِذَلِكَ أَيْضًا بِخِلَافِ الْبَائِنِ فَإِنَّ وَطْءَ الْعَالِمِ لَهَا وَطْءُ زِنًى لَا حُرْمَةَ لَهُ (تَدَاخَلَتَا فَتَبْتَدِئُ عِدَّةً) بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ (مِنْ الْوَطْءِ وَيَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ) وَتِلْكَ الْبَقِيَّةُ وَاقِعَةٌ عَنْ الْجِهَتَيْنِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهَا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ دُونَ مَا بَعْدَهَا وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ: لَا تَنْقَطِعُ عِدَّةُ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ، وَتَسْقُطُ بَقِيَّتُهَا قَالَ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ لَا يُرَاجِعَ فِي الْبَقِيَّةِ لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ صَدَّ عَنْهُ وَقَدْ يَنْقَطِعُ أَثَرُ النِّكَاحِ فِي حُكْمٍ دُونَ حُكْمٍ. (فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا حَمْلًا وَالْأُخْرَى أَقْرَاءً) بِأَنْ طَلَّقَهَا حَائِلًا، ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْأَقْرَاءِ وَأَحْبَلَهَا، أَوْ طَلَّقَهَا حَامِلًا، ثُمَّ وَطِئَهَا قَبْلَ الْوَضْعِ وَهِيَ تَرَى الدَّمَ مَعَ الْحَمْلِ وَقُلْنَا بِالرَّاجِحِ: إنَّهُ حَيْضٌ وَبِالْمَرْجُوحِ إنَّ الْعِدَّةَ لَا تَنْقَضِي بِالْأَقْرَاءِ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ، لِأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ. (تَدَاخَلَتَا) أَيْ دَخَلَتْ الْأَقْرَاءُ فِي الْحَمْلِ (فِي الْأَصَحِّ) لِاتِّحَادِ صَاحِبِهِمَا (فَتَنْقَضِيَانِ بِوَضْعِهِ) وَهُوَ وَاقِعٌ عَنْ الْجِهَتَيْنِ (وَيُرَاجِعُ قَبْلَهُ) فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ سَوَاءٌ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْوَطْءِ أَمْ لَا. (وَقِيلَ إنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْوَطْءِ فَلَا) يُرَاجِعُ زَمَانَهُ بِنَاءً عَلَى انْقِطَاعِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَسُقُوطِهَا بِالْوَطْءِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُمَا لَا تَتَدَاخَلَانِ، لِاخْتِلَافِ جِنْسِهِمَا، وَعَلَى هَذَا إنْ كَانَ الْحَمْلُ لِعِدَّةِ الطَّلَاقِ اعْتَدَّتْ بَعْدَ وَضْعِهِ بِالْأَقْرَاءِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَهُ، أَوْ لِعِدَّةِ الْوَطْءِ أَتَمَّتْ بَعْدَ وَضْعِهِ بَقِيَّةَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي تِلْكَ الْبَقِيَّةِ، وَكَذَا قَبْلَ الْوَضْعِ، لِأَنَّهَا لَمْ تُكْمِلْ عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَقِيلَ لَا، لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ وَهُوَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ مَعَ وُجُودِ الْحَمْلِ، فَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ لِعِدَّةِ الْوَطْءِ وَمَضَتْ الْأَقْرَاءُ قَبْلَ الْوَضْعِ فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ وَضَعَتْ الْحَمْلَ قَبْلَ تَمَامِ الْأَقْرَاءِ فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْوَطْءِ وَعَلَيْهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَلِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ قَبْلَ الْوَضْعِ، وَبَعْدَهُ إلَى تَمَامِ الْأَقْرَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ لِعِدَّةِ الطَّلَاقِ وَمَضَتْ الْأَقْرَاءُ قَبْلَ الْوَضْعِ فَذَاكَ، أَوْ لَمْ تَمْضِ أَكْمَلَتْ مَا بَقِيَ مِنْهَا بَعْدَ الْوَضْعِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ إلَى الْوَضْعِ. (أَوْ) لَزِمَهَا عِدَّتَانِ (لِشَخْصَيْنِ بِأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ، أَوْ شُبْهَةٍ فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ كَانَتْ زَوْجَةً مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ فَطَلُقَتْ فَلَا تَدَاخُلَ) لِتَعَدُّدِ الْمُسْتَحِقِّ بَلْ تَعْتَدُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عِدَّةً   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ وَعَدَمِهِ قَوْلُهُ: (جَاهِلًا بِأَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ) أَوْ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ وَقُرْبِ عَهْدِهِ، أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَإِلَّا فَهُوَ زَانٍ فَيُحَدُّ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ) مَرْجُوحٌ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ أَقْوَى فَلَا يَرْفَعُهَا الْأَضْعَفُ. قَوْلُهُ: (قَالَ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْحَلِيمِيِّ وَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ الْعَبَّادِيُّ وَرَدَّ عَلَيْهِ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ. قَوْلُهُ: (وَبِالْمَرْجُوحِ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ اغْتَرَّ بِتَرْجِيحِ الشَّيْخَيْنِ الْمَبْنِيَّ عَلَى الضَّعِيفِ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِلْبِنَاءِ. قَوْلُهُ: (بِالْأَصَحِّ) هُوَ مَرْجُوحٌ وَبِنَاؤُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِشَخْصَيْنِ) أَيْ مُحْتَرَمَيْنِ أَمَّا الْحَرْبِيَّانِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ مَعَ أَحَدِهِمَا، أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا اعْتَدَّتْ لِلثَّانِي فَقَطْ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَلَغَتْ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الْأَوَّلِ إلَّا إنْ كَانَتْ حَامِلًا فَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ لِلثَّانِي.   [حاشية عميرة] فَائِدَةٌ: الْحَمْلُ الْمَجْهُولُ كَمَا هُنَا يُحْمَلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِدَّةِ عَلَى الزِّنَى كَمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ وَأَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ، وَحَمْلُ الْأَمَةِ الْمَجْهُولُ مَمْلُوكٌ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ اسْتِبْرَاءٌ فَإِنْ حَاضَتْ وَقُلْنَا الْحَامِلُ تَحِيضُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ حَلَّ لِلسَّيِّدِ الْوَطْءُ، وَإِلَّا، فَلَا بُدَّ مِنْ حَيْضَةٍ بَعْدَ الْوَضْعِ وَالطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ هَكَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِوَضْعِ حَمْلِ زِنًى فِي الْأَصَحِّ لَا إشْكَالَ، لِأَنَّ الْمَجْهُولَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ شُبْهَةٍ فَيَكُونَ الِاسْتِبْرَاءُ بَعْدَ الْوَضْعِ فَهَذَا هُوَ الِاحْتِيَاطُ وَحَمْلُهُ عَلَى الزِّنَى فِي مَسْأَلَةِ الْعِدَّةِ هُوَ الِاحْتِيَاطُ أَيْضًا. [فَصْلٌ إذَا لَزِمَهَا عِدَّتَا شَخْصٍ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ] فَصْلٌ لَزِمَهَا إلَى آخِرِهِ قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ) مَقَالَةُ الْحَلِيمِيِّ زَيَّفَهَا الْإِمَامُ بِأَنَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ أَقْوَى فَكَيْفَ تَسْقُطُ بِالْأَضْعَفِ وَقِيلَ الْبَقِيَّةُ تَتَمَحَّضُ لِلْأُولَى، ثُمَّ تَبْتَدِئُ عِدَّةً لِلْوَطْءِ وَأَفْسَدَهُ فِي الْبَسِيطِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْقَ إلَّا نِصْفُ قَرْءٍ فَهُوَ الْوَاجِبُ وَلَا عِدَّةَ بِوُجُوبِ نِصْفِ الْقَرْءِ. قَوْلُهُ: (لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ إلَى آخِرِهِ) سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ فِي الْعِدَّةِ فَحَمَلَتْ حِكَايَةُ وَجْهٍ بِعَدَمِ الرَّجْعَةِ بِنَاءً عَلَى سُقُوطِ بَقِيَّةِ الْأُولَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى الْعَبَّادِيِّ فِي حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ هُنَا قَوْلُهُ: (وَالْأُخْرَى أَقْرَاءٌ) زَادَ فِي الْأَنْوَارِ: وَأَشْهُرٌ، قَوْلُهُ: (وَهِيَ تَرَى الدَّمَ إلَخْ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. فَإِنْ قُلْت: مَا الْحَامِلُ لَهُ عَلَى هَذَا الْقَيْدِ اللَّازِمِ لَهُ جَعْلُ التَّدَاخُلِ فِي الْمَتْنِ مُفَرَّعًا عَلَى مَرْجُوحٍ؟ . قُلْت " قَوْلُ الْمَتْنِ تَدَاخَلَتَا قَوْلُهُ: (أَوْ لِشَخْصَيْنِ) اُنْظُرْ هَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ شَخْصَيْنِ؟ قَوْلُهُ: (فَلَا تَدَاخُلَ) قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّ الْعِدَّةَ نَوْعُ حَبْسٍ اسْتَحَقَّهُ الرَّجُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَحْبُوسَةً لِلِاثْنَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَالنِّكَاحِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 كَامِلَةً (فَإِنْ كَانَ حَمْلٌ قَدَّمَتْ عِدَّتَهُ) سَابِقًا كَانَ أَمْ لَاحِقًا، لِأَنَّ عِدَّةَ الْحَمْلِ لَا تَقْبَلُ التَّأْخِيرَ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُطَلِّقِ ثُمَّ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَإِذَا وَضَعَتْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ لِلشُّبْهَةِ بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ النِّفَاسِ وَلِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ قَبْلَ الْوَضْعِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: إلَّا وَقْتَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ لِخُرُوجِهَا حِينَئِذٍ عَنْ عِدَّتِهِ بِكَوْنِهَا فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ، وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَإِذَا وَضَعَتْ انْقَضَتْ عِدَّتُهُ، ثُمَّ تَأْتِي بِعِدَّةِ الْمُطَلِّقِ، أَوْ بَقِيَّتِهَا بَعْدَ الطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الْبَقِيَّةِ، وَفِي وَقْتِ النِّفَاسِ لِأَنَّهُ مِنْ الْعِدَّةِ كَالْحَيْضِ، الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ (فَإِنْ سَبَقَ الطَّلَاقُ) وَطْءَ الشُّبْهَةِ (أَتَمَّتْ عِدَّتَهُ) لِقُوَّتِهَا بِاسْتِنَادِهَا إلَى عَقْدٍ جَائِزٍ (ثُمَّ اسْتَأْنَفَتْ الْأُخْرَى) أَيْ عِدَّةَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ عَقِبَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ. (وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي عِدَّتِهِ) وَيَأْتِي فِي وَقْتِ الْوَطْءِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الرُّويَانِيِّ (فَإِذَا رَاجَعَ انْقَطَعَتْ وَشَرَعَتْ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ وَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا حَتَّى تَقْضِيَهَا) رِعَايَةً لِلْعِدَّةِ (وَإِنْ سَبَقَتْ الشُّبْهَةُ) الطَّلَاقَ (قَدَّمَتْ عِدَّةَ الطَّلَاقِ) لِقُوَّتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ (وَقِيلَ) عِدَّةَ (الشُّبْهَةِ) لِسَبْقِهَا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ انْقَطَعَتْ بِهِ عِدَّةُ الطَّلَاقِ أَيْ إلَى أَنْ يُفَرِّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا. فَصْلٌ عَاشَرَهَا أَيْ مُطَلَّقَتَهُ (كَزَوْجٍ بِلَا وَطْءٍ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ: فَأَوْجُهٌ أَصَحُّهَا إنْ كَانَتْ بَائِنًا انْقَضَتْ، وَإِلَّا فَلَا) ، وَالثَّانِي تَنْقَضِي مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ لَا تَنْقَضِي مُطْلَقًا، لِأَنَّهَا بِالْمُعَاشَرَةِ تُشْبِهُ الزَّوْجَاتِ دُونَ الْمُطَلَّقَاتِ، وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعِدَّةِ مُضِيُّ الْمُدَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ مَعَ الْمُعَاشَرَةِ، وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى قِيَامِ شُبْهَةِ الْفِرَاشِ فِي الرَّجْعِيَّةِ دُونَ الْبَائِنِ (وَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ الْأَقْرَاءِ، أَوْ الْأَشْهُرِ) فَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) عَطْفٌ خَاصٌّ. قَوْلُهُ: (وَلِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ) لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةٌ وَلَيْسَ لَهُ التَّجْدِيدُ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءٌ قَوْلُهُ: (إلَّا وَقْتَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ) فَلَيْسَ لَهُ الرَّجْعَةُ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا دَامَتْ الشُّبْهَةُ قَائِمَةً، وَلَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْوَطْءِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَمِمَّا سَيَذْكُرُهُ بَعْدُ، وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مِنْ الْعِدَّةِ إلَخْ) فِيهِ تَسَاهُلٌ وَالْأَوْلَى قَوْلُ غَيْرِهِ: لِأَنَّ عِدَّةَ الْحَمْلِ لَمْ تَنْقَضِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي عِدَّتِهِ) وَلَهُ التَّجْدِيدُ فِي الْبَائِنِ بِدُونِ ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِذَا رَاجَعَ) أَوْ جَدَّدَ انْقَطَعَتْ وَلَا يَسْقُطُ بَاقِيهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَلَوْ اشْتَبَهَ الْحَمْلُ جَدَّدَ مَرَّتَيْنِ قَبْلَ وَضْعِهِ وَبَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَشَرَعَتْ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ) مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا مِنْ الزَّوْجِ، وَإِلَّا فَلَا تَشْرَعُ إلَّا بَعْدَ النِّفَاسِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْتَمْتِعُ) شَمِلَ النَّظَرَ وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) فَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، فِي عِدَّتَيْنِ وَهَذِهِ عِدَّةٌ وَفِرَاشٌ لَا عِدَّةَ فِيهِ، وَهَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (إلَى أَنْ يُفَرِّقَ الْقَاضِي) خَرَجَ بِهِ غَيْبَتُهُ عَنْهَا مَثَلًا إلَّا إنْ عَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ فَهُوَ كَالتَّفْرِيقِ وَمِثْلُهُ أَيْضًا اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْفُرْقَةِ، وَمَوْتُهُ، وَطَلَاقُهُ عَلَى ظَنِّ الصِّحَّةِ، وَإِذَا وُجِدَ التَّفْرِيقُ الْمَذْكُورُ كَمَّلَتْ عِدَّةَ الطَّلَاقِ ثُمَّ تَشْرَعُ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ. تَنْبِيهٌ: يُقَدَّمُ فِي عِدَّتَيْ الشُّبْهَةِ الْحَمْلُ عَلَى غَيْرِهِ مُطْلَقًا، وَالْأَسْبَقُ إنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ وَهَلْ فِرَاشُ إحْدَى الشُّبْهَتَيْنِ يَقْطَعُ الْأُخْرَى إلَى التَّفْرِيقِ؟ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ الْقَطْعُ بِالْأُولَى هُنَا فَرَاجِعْ وَحَرِّرْ [فَصْلٌ عَاشَرَهَا أَيْ مُطَلَّقَتَهُ كَزَوْجٍ بِلَا وَطْءٍ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ] فَصْلٌ فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُعْتَدَّةِ قَوْلُهُ: (عَاشَرَهَا) أَيْ الرَّجْعِيَّةَ كَمَا يَأْتِي وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ، أَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ وَلَيْسَ زَانِيًا بِوَطْئِهَا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا، وَحَاصِلُ الْحُكْمِ فِيهَا أَنَّ مُعَاشَرَتَهُ لَهَا تَمْنَعُ مِنْ حُسْبَانِ عِدَّتِهَا، لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُدَّتُهَا؛ لِأَنَّهَا فِي فِرَاشِ أَجْنَبِيٍّ بِوُجُودِ طَلَاقِهَا لَكِنَّهَا كَالْمُعْتَدَّةِ لِتَأَخُّرِ عِدَّتِهَا إلَى فَرَاغِ الْمُعَاشَرَةِ، بِالتَّفَرُّقِ بَيْنَهُمَا وَلَهَا فِي مِقْدَارِ عِدَّتِهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ حُكْمُ الرَّجْعِيَّةِ، وَفِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ حُكْمُ الْبَائِنِ إلَّا فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَإِذَا انْقَطَعَتْ الْمُعَاشَرَةُ تَشْرَعُ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ كُلِّهَا إنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى الْمُعَاشَرَةِ وَإِلَّا فَتُكَمِّلُهَا وَلَهَا فِي حُكْمِ الْبَائِنِ، فَلَا يَصِحُّ رَجْعَتُهَا فِيهَا، وَتَنْقَضِي بِهَا عِدَّةُ وَطْءٍ قَبْلَهَا، وَإِنْ تَكَرَّرَ لِدُخُولِهَا فِيهَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (كَزَوْجٍ) أَيْ كَمُعَاشَرَتِهِ لَهَا قَبْلَ طَلَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ زَوْجُهَا، وَلَوْ أَسْقَطَ الْكَافَ لَكَانَ أَنْسَبَ فَالْمُرَادُ بِالْمُعَاشَرَةِ أَنْ يَدُومَ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ مَعَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ مِنْ النَّوْمِ مَعَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَالْخَلْوَةِ بِهَا كَذَلِكَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِلَا وَطْءٍ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ اسْتِمْرَارِ الْعِدَّةِ مَعَ الْمُعَاشَرَةِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ شُبْهَةٌ فَيُوجِبُ عِدَّةً أُخْرَى، وَيَتَدَاخَلَانِ فَلَا تَكُونُ عِدَّةُ طَلَاقٍ فَقَطْ. وَمِثْلُ عَدَمِ الْوَطْءِ مَا لَوْ وَطِئَ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَا رَجْعَةَ)   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (بِكَوْنِهَا فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ لَا يَرْجِعُ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ قَوْلُهُ: (وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الْبَقِيَّةِ إلَخْ) وَكَذَا لَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ الْوَضْعِ دُونَ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ فِي الْبَائِنِ قَوْلُهُ: (عِدَّةُ طَلَاقٍ) أَيْ إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ حَمْلٍ. فَصْلٌ عَاشَرَهَا إلَخْ قَوْلُهُ: (أَيْ مُطَلَّقَتَهُ) أَيْ وَلَوْ مَعَ عِلْمِ التَّحْرِيمِ. قَوْلُهُ: (وَلَا رَجْعَةَ) لَوْ مَاتَ عَنْهَا انْتَقَلَتْ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَهَلْ يَثْبُتُ التَّوَارُثُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: سَكَتُوا عَنْهُ وَالْقِيَاسُ عِنْدَ نَبْوَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ إلَخْ) أَخَذَ ابْنُ الرِّفْعَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ ذَلِكَ عَدَمَ جَوَازِ الْخُلْعِ كَمَا لَا تُسْتَحَقُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 بِهِمَا الْعِدَّةُ احْتِيَاطًا (قُلْت: وَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ إنَّهُ مُقْتَضَى الِاحْتِيَاطِ. (وَلَوْ عَاشَرَهَا أَجْنَبِيٌّ) بِلَا وَطْءٍ، أَوْ مَعَهُ (انْقَضَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَلَوْ وَطِئَ الزَّوْجُ - مَعَ الْمُعَاشَرَةِ - الْبَائِنُ عَالِمًا انْقَضَتْ لِأَنَّهُ وَطْءُ زِنًى لَا حُرْمَةَ لَهُ أَوْ جَاهِلًا، أَوْ الرَّجْعِيَّةَ مُطْلَقًا فَقَطْ. تَقَدَّمَ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ أَنَّ الْوَطْءَ يَجِبُ بِهِ عِدَّةٌ تُبْتَدَأُ مِنْهُ وَتَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ الْأُولَى لَكِنْ لَا تَشْرَعُ الرَّجْعِيَّةُ فِيهَا. مَا دَامَ الزَّوْجُ يَطَؤُهَا كَمَا قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ وَلَوْ كَانَتْ الْمُعَاشَرَةُ فِي عِدَّةِ حَمْلٍ انْقَضَتْ بِوَضْعِهِ بِلَا شَكٍّ مُطْلَقًا. (وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً بِظَنِّ الصِّحَّةِ وَوَطِئَ انْقَطَعَتْ) عِدَّتُهَا (مِنْ حِينِ وَطِئَ) لِحُصُولِ الْفِرَاشِ بِالْوَطْءِ (وَفِي قَوْلٍ، أَوْ وَجْهٍ مِنْ الْعَقْدِ) لِأَنَّهَا بِهِ مُعْرِضَةٌ عَنْ الْعِدَّةِ وَتَعُودُ إلَيْهَا مِنْ حِينِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ مِنْ آخِرِ الْوَطَآتِ الْوَاقِعَةِ فِي النِّكَاحِ، وَإِذَا لَمْ يَطَأْ لَمْ تَنْقَطِعْ الْعِدَّةُ لِانْتِفَاءِ الْفِرَاشِ، وَقِيلَ تَنْقَطِعُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْإِعْرَاضِ عَنْهَا بِالْعَقْدِ. (وَلَوْ رَاجَعَ حَائِلًا ثُمَّ طَلَّقَ اسْتَأْنَفَتْ) سَوَاءٌ وَطِئَهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ أَمْ لَا لِعَوْدِهَا بِالرَّجْعَةِ إلَى النِّكَاحِ الَّذِي وُطِئَتْ فِيهِ (وَفِي الْقَدِيمِ تَبْنِي) عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْعِدَّةِ قَبْلَ الرَّجْعَةِ (إنْ لَمْ يَطَأْ) بَعْدَهَا (أَوْ) رَاجَعَ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا سَوَاءٌ وَطِئَهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ أَمْ لَا فَلَوْ وَضَعَتْ بَعْدَ الرَّجْعَةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا (حَامِلًا) ثُمَّ طَلَّقَهَا (فَبِالْوَضْعِ فَلَوْ وَضَعَتْ ثُمَّ طَلَّقَ اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً بِالْأَقْرَاءِ سَوَاءٌ وَطِئَهَا بَعْدَ الْوَضْعِ أَمْ لَا لِعَوْدِهَا بِالرَّجْعَةِ إلَى النِّكَاحِ الَّذِي وُطِئَتْ فِيهِ (وَقِيلَ إنْ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ الْوَضْعِ فَلَا عِدَّةَ) عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ تَبْنِي لِعُذْرِ بِنَاءِ الْأَقْرَاءِ عَلَى الْحَمْلِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ إنْ وَطِئَ قَبْلَ الْوَضْعِ أَوْ بَعْدَهُ اسْتَأْنَفَتْ، فَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فَكَذَلِكَ، وَقِيلَ: لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فَنَفْيُ الْوَطْءِ شَامِلٌ لِمَا قَبْلَ الْوَضْعِ وَبَعْدَهُ فِي حِكَايَةِ هَذَا الْوَجْهِ فَلَوْ زَادَ عَلَى قَوْلِهِ هُنَا بَعْدَ الْوَضْعِ أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ حَذَفَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لَوَفَّى بِمَا ذَكَرَ. (وَلَوْ خَالَعَ مَوْطُوءَةً، ثُمَّ نَكَحَهَا) فِي الْعِدَّةِ. (ثُمَّ وَطِئَ، ثُمَّ طَلَّقَ اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً لِأَجْلِ الْوَطْءِ (وَدَخَلَ فِيهَا الْبَقِيَّةُ) مِنْ الْعِدَّةِ السَّابِقَةِ، لِأَنَّهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَقَالَ الْفَارِقِيُّ لَمْ   [حاشية قليوبي] هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ نَعَمْ تَجِبُ لَهَا السُّكْنَى، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا لِعَانٌ وَلَا ظِهَارٌ وَلَا إيلَاءٌ وَلَا تُورَثُ وَلَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ وَفَاةٍ، لَوْ مَاتَ عَنْهَا وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ نَحْوِ أُخْتِهَا، وَلَا أَرْبَعٍ سِوَاهَا وَلَا يَصِحُّ عَقْدُهُ عَلَيْهَا وَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا، وَلَيْسَ لَنَا امْرَأَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ، وَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا إلَّا هَذِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِوَطْئِهَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ بِهِمَا الْعِدَّةُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ لُحُوقُ الطَّلَاقِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ) أَيْ بِلَا عِوَضٍ كَمَا مَرَّ. وَلَا عِبْرَةَ بِذِكْرِهِ فِيهِ، وَلَا رَجْعَةَ فِي هَذَا الطَّلَاقِ أَيْضًا لِأَنَّهُ تَغْلِيظٌ وَيَلْزَمُهَا عِدَّةٌ لِهَذَا الطَّلَاقِ، قَالَهُ شَيْخُنَا م ر وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ هَذِهِ الْعِدَّةِ. قَوْلُهُ: (إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) أَيْ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا وَيَلْزَمُهَا بَعْدَ ذَلِكَ التَّفْرِيقِ عِدَّةٌ كَامِلَةٌ سَوَاءٌ اتَّصَلَتْ الْمُعَاشَرَةُ بِالْفُرْقَةِ الْأُولَى، أَوْ لَمْ تَتَّصِلْ كَمَا مَرَّ، وَيَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ طَلَاقٍ قَبْلَهُ مِنْ الْفُرْقَةِ الْأُولَى أَوْ بَعْدَهَا، إنْ وُجِدَ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فِيهَا كَمَا قَبْلَهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا سُكْنَى لَهَا فِيهَا، وَأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوُ أُخْتِهَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَاشَرَهَا أَجْنَبِيٌّ انْقَضَتْ) وَلَيْسَ مِنْهُ السَّيِّدُ فَمُعَاشَرَتُهُ لِأَمَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ زَوْجِهَا كَمُعَاشَرَةِ الزَّوْجِ سَوَاءٌ بِوَطْءٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ فِي مُعَاشَرَةِ السَّيِّدِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَالْبَائِنِ، وَلَمْ يُوَافِقْهُ شَيْخُنَا فِي الْبَائِنِ لِأَنَّهُ بِالْأَوْلَى مِنْ الزَّوْجِ بَلْ إنَّهُ تَوَقَّفَ فِي إلْحَاقِ السَّيِّدِ بِالزَّوْجِ إذْ لَا عَلَاقَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفَارِقِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَعَهُ) أَيْ بِلَا شُبْهَةٍ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (جَاهِلًا) أَوْ بِشُبْهَةٍ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَا دَامَ الزَّوْجُ يَطَؤُهَا) أَيْ مَا دَامَ مُعَاشِرًا لَهَا وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ لَكِنْ بَعْدَ وُجُودِ وَطْءٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا وَمِمَّا مَرَّ آنِفًا. قَوْلُهُ: (فِي عِدَّةِ حَمْلٍ انْقَضَتْ مُطْلَقًا) وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ وَطْئِهِ لَهَا بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ لِاتِّحَادِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَتَعُودُ إلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ إلَى التَّفْرِيقِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا لَمْ يَطَأْ) أَيْ وَلَوْ مَعَ الْمُعَاشَرَةِ لَمْ تَنْقَطِعْ الْعِدَّةُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَاجَعَ حَائِلًا) خَرَجَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا بِلَا رَجْعَةٍ فَيَكْفِيهَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ عَنْهُمَا، وَكَأَنَّهُمَا وَقَعَا مَعًا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي بِعِوَضٍ قَوْلُهُ: (فَلَا عِدَّةَ) وَعَلَى هَذَا يُقَالُ لَنَا عِدَّةٌ مِنْ زَوْجٍ انْقَضَتْ وَالزَّوْجَةُ فِي عِصْمَتِهِ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَأَنَّهَا عَلَى الرَّاجِحِ تَسْتَأْنِفُ هُنَا قَطْعًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِتَعَذُّرِ إلَخْ) هُوَ عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْقَوْلِ بِالْبِنَاءِ هُنَا الْمُنْطَوِي تَحْتَ عَدَمِ الْعِدَّةِ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْوَضْعِ) مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ " زَادَ ". قَوْلُهُ: (أَوْ قَبْلَهُ) مَفْعُولٌ لِزَادَ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَذَفَهُ) عَطْفٌ عَلَى زَادَ. قَوْلُهُ (مَوْطُوءَةً) أَيْ لَهُ وَشَمِلَ وَطْءَ الشُّبْهَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةً) مِنْ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (وَدَخَلَ فِيهَا الْبَقِيَّةُ مِنْ الْعِدَّةِ) لِأَنَّهَا انْقَطَعَتْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَوْ قَبْلَ الْوَطْءِ، وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ لَا تَنْقَطِعُ قَبْلَ الْوَطْءِ،   [حاشية عميرة] الرَّجْعَةُ قَوْلُهُ: (ثُمَّ طَلَّقَ) خَرَجَ مَا لَوْ طَلَّقَ الرَّجْعِيَّةَ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةٍ، فَإِنَّ الْعِدَّةَ كَافِيَةٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافٍ، قَوْلُهُ: (فَلَا عِدَّةَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ وَيُحْكَمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِأَنَّ قَضَاءَ عِدَّتِهَا بِالْوَضْعِ تَحْتَ الزَّوْجِ اهـ. قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي تَوْجِيهِهِ: وَيَجُوزُ أَنْ تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ بِالْوَضْعِ تَحْتَ الزَّوْجِ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ فَقَوْلُهُ وَيُحْكَمُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أَيْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ امْتَنَعَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ بَعْدَ الرَّجْعَةِ وَقَبْلَ الطَّلَاقِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّافِعِيِّ: وَإِذَا قُلْنَا بِالْبِنَاءِ فَرَاجَعَهَا فِي خِلَالِ الْقَرْءِ الثَّالِثِ مَثَلًا فَهَلْ يُحْسَبُ مَا مَضَى مِنْهُ قَرْءًا حَكَى الْمُؤَلِّفُ - يَعْنِي الْغَزَالِيَّ - فِيهِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا. نَعَمْ، لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْقَرْءِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ جَمْعِهِ فَعَلَى هَذَا إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا عَلَى قَوْلِ الْبِنَاءِ لِتَمَامِ الْأَقْرَاءِ لِمَا مَضَى، وَالثَّانِي لَا وَعَلَيْهَا قَرْءٌ ثَالِثٌ فَإِنَّ بَعْدَ الطُّهْرِ الْأَوَّلِ لَا مَعْنَى لِجَعْلِهِ قَرْءًا، وَالظَّاهِرُ هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ غَرَضَ الشَّارِحِ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ هَذَا الَّذِي فِي الْمَتْنِ وَجْهٌ مَرْجُوحٌ مُفَرَّعٌ، عَلَى قَوْلِ الْبِنَاءِ، وَأَنَّ الْأَصَحَّ عَلَى الْبِنَاءِ وُجُوبُ الِاسْتِئْنَافِ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ فَإِنْ لَمْ يَمَسَّهَا وَقُلْنَا: الْحَامِلُ تَسْتَأْنِفُ فَكَذَا هُنَا، وَإِنْ قُلْنَا بِالْبِنَاءِ يُقَدَّرُ بِنَاءُ الْأَقْرَاءِ عَلَى الْحَمْلِ وَفِيهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 يَبْقَ بَعْدَ النِّكَاحِ وَالْوَطْءِ عِدَّةٌ حَتَّى يُقَالَ: تَدْخُلُ فِي غَيْرِهَا، وَلَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الْوَطْءِ بَنَتْ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْعِدَّةِ، وَأَكْمَلَتْهَا وَلَا عِدَّةَ لِهَذَا الطَّلَاقِ، لِأَنَّهُ فِي نِكَاحٍ جَدِيدٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّجْعِيَّةِ. فَصْلٌ عِدَّةُ حُرَّةٍ حَائِلٍ لِوَفَاةٍ، وَإِنْ لَمْ تُوطَأْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] أَيْ عَشْرَ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا وَتَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ وَالْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا، وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ وَغَيْرُهَا وَزَوْجَةُ الصَّبِيِّ وَغَيْرِهِ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ الْمَحْمُولَةِ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْحَرَائِرِ الْحَائِلَاتِ، وَتَعْتَبِرُ الْأَشْهُرَ بِالْأَهِلَّةِ مَا أَمْكَنَ فَإِنْ مَاتَ أَوَّلَ الْهِلَالِ: فَوَاضِحٌ، أَوْ فِي خِلَافِ شَهْرٍ بَقِيَ مِنْهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، أَوْ أَقَلُّ: ضَمَّتْ إلَى ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بِالْأَهِلَّةِ وَأَكْمَلَتْ بَقِيَّةَ الْعَشْرِ مِمَّا بَعْدَهَا، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ: ضَمَّتْ إلَى ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ بِالْأَهِلَّةِ، وَأَكْمَلَتْ عَلَيْهِ مِمَّا بَعْدَهَا بَقِيَّةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقِيلَ: إذَا انْكَسَرَ شَهْرٌ اعْتَبَرَتْ الْأَشْهُرَ كُلَّهَا بِالْعَدَدِ ثَلَاثِينَ ثَلَاثِينَ (وَأَمَةٍ) حَائِلٍ (نِصْفُهَا) وَهُوَ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا وَيُقَاسُ الِانْكِسَارُ بِمَا تَقَدَّمَ. (وَإِنْ مَاتَ عَنْ رَجْعِيَّةٍ انْتَقَلَتْ إلَى) عِدَّةِ (وَفَاةٍ) وَسَقَطَتْ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ (أَوْ بَائِنٍ فَلَا)   [حاشية قليوبي] كَمَا فِي الْأَجْنَبِيِّ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُعْتَدَّةً عِنْدَهُ مِنْهُ أَيْ لِعَقْدٍ صَحِيحٍ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَالْوَطْءِ) ذِكْرُهُ مُضِرٌّ، أَوْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ اُعْتُبِرَ وُجُودُهُ فِي نَفْيِ الْعِدَّةِ اقْتَضَى بَقَاءَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ إلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ رَدُّهُ، وَإِنْ اكْتَفَى بِالْعَقْدِ فِي نَفْيِهَا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَنَتْ) أَيْ بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (عَلَى مَا سَبَقَ) قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ الثَّانِي مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَأَكْمَلَتْهَا) أَيْ عِدَّةَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (فِي نِكَاحٍ جَدِيدٍ) أَيْ وَطَلَّقَ فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّجْعِيَّةِ) بِقَوْلِهِ بِعَوْدِهَا بِالرَّجْعَةِ إلَى النِّكَاحِ الَّذِي وُطِئَتْ فِيهِ فَتَأَمَّلْ، وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا بَعْدَ التَّجْدِيدِ انْقَضَتْ بِوَضْعِهِ وَتَسْتَأْنِفُ بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّانِي عِدَّةً فَصْلٌ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْمَفْقُودِ وَفِي الْإِحْدَادِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (حُرَّةٍ) أَيْ وَلَوْ فِي ظَنِّهِ، وَإِنْ خَالَفَ الْوَاقِعَ كَمَا فِي عِدَّةِ الْحَيَاةِ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ) وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَمْلَ يَظْهَرُ فِي الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَلَوْ كَانَ ثَمَّ حَمْلٌ لَظَهَرَ وَجُعِلَتْ الْعَشَرَةُ اسْتِظْهَارًا. قَوْلُهُ: (أَيْ عَشْرَ لَيَالٍ) فَسَّرَ الْعَشْرَ بِذَلِكَ لِتَأْنِيثِهَا وَالْمُرَادُ أَيَّامُهَا، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ اللَّيَالِيَ؛ لِأَنَّهَا غُرَرُ الشُّهُورِ، وَالْأَيَّامِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِأَيَّامِهَا إلَى دَفْعِ إيهَامِ إخْرَاجِ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنْ الْعِدَّةِ فَتَأَمَّلْ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ مَاتَ، بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا إرْثَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ لَا إحْدَادَ عَلَيْهَا أَيْضًا، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ مُعَاشَرَتِهَا وَلَا مِنْ وَطْئِهَا حَالَ حَيَاتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، قَوْلُهُ: (وَأَمَةٍ) أَيْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ وَلَوْ مُبَعَّضَةً وَفِيمَا لَوْ ظَنَّهَا حُرَّةً مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَنْ رَجْعِيَّةٍ) أَيْ فِي الْعِدَّةِ فَخَرَجَتْ الْمُعَاشَرَةُ بَعْدَهَا فَلَا تَنْتَقِلُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَسَقَطَتْ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ إلَخْ) وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا أَيْضًا، وَلَوْ حَامِلًا وَعِدَّةُ الْفَسْخِ كَالطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَنْتَقِلُ) فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا، وَلَا يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ، وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُفَارَقَةُ عَنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَالْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، وَالْإِحْدَادِ مِنْ خَوَاصِّ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَدَخَلَ فِي الْبَائِنِ مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمَوْتِهِ فَتَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ، وَلَا   [حاشية عميرة] وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا الِاسْتِئْنَافُ، وَوُجِّهَ، وَالثَّانِي لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْوَضْعِ تَحْتَ الزَّوْجِ بِالْحَمْلِ دُونَ نَظِيرِهِ مِنْ الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ اهـ مُلَخَّصًا قَوْلُهُ: (بَنَتْ عَلَى مَا سَبَقَ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا نَكَحَ الَّتِي خَالَعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَعَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ لَا تَنْقَطِعُ الْعِدَّةُ مَا لَمْ يَطَأْ كَنِكَاحِ الْأَجْنَبِيِّ فِيهَا جَاهِلًا وَالصَّحِيحُ الِانْقِطَاعُ بِنَفْسِ النِّكَاحِ، وَإِذَا صَارَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَةً لَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ مُعْتَدَّةً مِنْهُ فَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ التَّجْدِيدِ فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا انْقَضَتْ بِوَضْعِهِ، وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا بَنَتْ عَلَى الْعِدَّةِ السَّابِقَةِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الطَّلَاقِ عِدَّةٌ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فِي الرَّجْعِيَّةِ اهـ. أَقُولُ فَلَوْ وَضَعَتْ الْحَمْلَ، أَوْ انْقَضَتْ الْأَقْرَاءُ وَالْأَشْهُرُ بَعْدَ التَّجْدِيدِ وَقَبْلَ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ وَمِنْ الِاسْتِئْنَافِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَمْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهَا وَجْهٌ بِسُقُوطِ الْعِدَّةِ كَنَظِيرِهَا مِنْ الرَّجْعِيَّةِ. وَهَذَا كُلُّهُ أَخَذْته مِنْ نَظِيرِهِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجْعِيَّةِ السَّابِقَةِ عَنْ الرَّافِعِيِّ عَلَى قَوْلِهِ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ إلَخْ [فَصْلٌ عِدَّةُ حُرَّةٍ حَائِلٍ لِوَفَاةٍ] فَصْلٌ عِدَّةُ حُرَّةٍ إلَخْ قَوْلُهُ: (أَيْ عَشْرَ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا) ذَهَبَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى عَشْرِ لَيَالٍ وَتِسْعَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّ الْعَشْرَ تُسْتَعْمَلُ فِي اللَّيَالِي دُونَ الْأَيَّامِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْعَرَبَ تُغَلِّبُ التَّأْنِيثَ فِي اسْمِ الْعَدَدِ إذَا أُرِيدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامُ، وَتَقُولُ سِرْت عَشْرًا وَقَوْلُهُ تَسْتَوِي فِي ذَلِكَ إلَخْ أَيْ بِخِلَافِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، لِأَنَّ مَقْصُودَ هَذِهِ الْعِدَّةِ رِعَايَةُ حَقِّ الزَّوْجِ بِإِظْهَارِ التَّفَجُّعِ، لِأَنَّهَا غَيْرُ مَجْفُوَّةٍ بِالطَّلَاقِ وَلِذَا وَجَبَ الْإِحْدَادُ وَلِئَلَّا يُتَّخَذَ إنْكَارُ الْإِصَابَةِ ذَرِيعَةً وَلَا مُنَازِعَ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ يُقَرِّرُ الْمَهْرَ كَالدُّخُولِ وَخَالَفَ مَالِكٌ عِنْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ فِي الْأَشْهُرِ. قَوْلُهُ: (انْتَقَلَتْ إلَخْ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ وَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ وَيَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَائِنٍ) فَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ الْبَائِنَ بِالْمَوْتِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَعْتَدَّ لِلْوَفَاةِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَرِثُ احْتِيَاطًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَوْلُهُ: (بَلْ تُكْمِلُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ بَلْ تُكْمِلُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ. (وَحَامِلٍ بِوَضْعِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] فَهُوَ مُقَيَّدٌ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ. (بِشَرْطِهِ السَّابِقِ) مِنْ انْفِصَالِ كُلِّهِ وَنِسْبَتِهِ إلَى ذِي الْعِدَّةِ وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ (فَلَوْ مَاتَ صَبِيٌّ عَنْ حَامِلٍ فَبِالْأَشْهُرِ) لَا بِالْوَضْعِ، لِأَنَّ الْحَمْلَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ لِعَدَمِ إنْزَالِهِ (وَكَذَا مَمْسُوحٌ) أَيْ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ عَنْ حَامِلٍ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ لَا بِالْوَضْعِ (إذْ لَا يَلْحَقُهُ) الْوَلَدُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ، لِأَنَّهُ لَا يَنْزِلُ، وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَنْ يُخْلَقَ لَهُ وَلَدٌ وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَغَيْرُهُ: يَلْحَقُهُ لِأَنَّ مَعْدِنَ الْمَاءِ الصُّلْبُ وَهُوَ يَنْفُذُ مِنْ ثُقْبَةٍ إلَى الظَّاهِرِ وَهُمَا بَاقِيَانِ، وَيُحْكَى ذَلِكَ قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْوَضْعِ عَلَى هَذَا (وَيَلْحَقُ مَجْبُوبًا بَقِيَ أُنْثَيَاهُ) لِبَقَاءِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ وَقَدْ يَصِلُ إلَى الرَّحِمِ بِغَيْرِ إيلَاجٍ (فَتَعْتَدُّ) زَوْجَتُهُ الْحَامِلُ (بِهِ) أَيْ بِالْوَضْعِ لِوَفَاتِهِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا لِطَلَاقِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْوَطْءُ. (وَكَذَا مَسْلُولٌ) خُصْيَتَاهُ (بَقِيَ ذَكَرُهُ) يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ: لَا يَلْحَقُهُ، لِأَنَّهُ لَا مَاءَ لَهُ وَدُفِعَ بِأَنَّهُ قَدْ يُبَالِغُ فِي الْإِيلَاجِ فَيَلْتَذُّ وَيُنْزِلُ مَاءً رَقِيقًا، وَإِدَارَةُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَطْءِ وَهُوَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ أَوْلَى مِنْ إدَارَتِهِ عَلَى الْإِنْزَالِ الْخَفِيِّ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ الْحَامِلُ بِالْوَضْعِ لِوَفَاتِهِ وَطَلَاقِهِ عَلَى اللُّحُوقِ، وَبِالْأَشْهُرِ لِلْوَفَاةِ وَبِالْأَقْرَاءِ لِلطَّلَاقِ عَلَى عَدَمِ اللُّحُوقِ. (وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ) مُعَيَّنَةً، أَوْ مُبْهَمَةً كَأَنْ قَالَ لَهُمَا: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَنَوَى مُعَيَّنَةً أَوْ لَا (وَمَاتَ قَبْلَ بَيَانٍ) لِلْمُعَيَّنَةِ (أَوْ تَعْيِينٍ) لِلْمُبْهَمَةِ (فَإِنْ كَانَ لَمْ يَطَأْ) وَاحِدَةً مِنْهُمَا (اعْتَدَّتَا لِوَفَاةٍ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَمَا تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مُفَارَقَةً بِالطَّلَاقِ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مُفَارَقَةً بِالْمَوْتِ فَأَخَذْنَا بِهِ احْتِيَاطًا. (وَكَذَا إنْ وَطِئَ) كُلًّا مِنْهُمَا (وَهُمَا ذَوَاتَا أَشْهُرٍ) سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَمْ رَجْعِيًّا (أَوْ أَقْرَاءٍ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ) فَإِنَّهُمَا يَعْتَدَّانِ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُمَا إلَّا عِدَّةُ الطَّلَاقِ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ فِي ذَاتِ الْأَشْهُرِ وَكَذَا ذَاتُ الْأَقْرَاءِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ كُلَّ شَهْرٍ لَا يَخْلُو عَنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَيْضًا (فَإِنْ كَانَ) الطَّلَاقُ فِي ذَوَاتَيْ الْأَقْرَاءِ. (بَائِنًا اعْتَدَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ وَثَلَاثَةٍ مِنْ أَقْرَائِهَا) احْتِيَاطًا أَيْضًا. (وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ مِنْ الْمَوْتِ، وَالْأَقْرَاءُ مِنْ الطَّلَاقِ) فَلَوْ   [حاشية قليوبي] تَرِثُ احْتِيَاطًا قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ. قَوْلُهُ: (وَحَامِلٍ) حُرَّةً أَوْ غَيْرَهَا. قَوْلُهُ: (بِوَضْعِهِ) وَلَا ثَانِي تَوْأَمَيْنِ انْفَصَلَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ وَدَخَلَ فِي وَضْعِهِ مَا لَوْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ انْفِصَالِهِ، وَإِنْ مَكَثَ سِنِينَ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (فَهُوَ مُقَيَّدٌ) وَلَا يُنَاسِبُ اعْتِبَارَ الْغَالِبِ كَمَا تَقَدَّمَ مَعَ أَنَّ الصَّوَابَ التَّعْبِيرُ بِأَنَّهُ مُخَصَّصٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ) هُوَ تَتْمِيمٌ لِمُفَادِ الشَّرْطِ السَّابِقِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ هُنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ تَنْظِيرٌ وَلَيْسَ بِسَدِيدٍ وَصَوَّرَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ هُنَا بِمَا لَوْ لَاعَنَ حَامِلًا لِنَفْيِ وَلَدٍ وَلَهُ زَوْجَةٌ أُخْرَى حَامِلٌ، ثُمَّ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا وَمَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَصَوَّرَهَا غَيْرُهُ بِمَا لَوْ رَمَاهَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَلَاعَنَهَا لِنَفْيِهِ، فَإِنَّهَا لَا تَبِينُ مِنْهُ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ مَاتَ صَبِيٌّ) لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الِاحْتِلَامِ، قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُ) مِنْهُ الْقَاضِيَانِ، وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ قَاضِي مِصْرَ، فَإِنَّهُ قَدْ أُلْحِقَ وَلَدٌ بِخَصِيٍّ فَحَمَلَهُ عَلَى كَتِفِهِ، وَخَرَجَ يُنَادِي بَيْنَ النَّاسِ يَقُولُ: إنَّ الْقَاضِيَ جَالِسٌ يُفَرِّقُ أَوْلَادَ الزِّنَى عَلَى الْخُصْيَانِ، قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَصِلُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ اسْتِدْخَالَ مَائِهِ، أَوْ لَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا تَقْيِيدُهُ، بِمَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يَلْحَقُهُ وَلَا تَعْتَدُّ بِهِ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا لِطَلَاقِهِ) أَيْ مَا لَمْ تَسْتَدْخِلْ مَاءَهُ وَتَحْمِلْ مِنْهُ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ لَهُ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُنْزِلُ مَاءً رَقِيقًا) وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْخُصْيَةَ الْيُمْنَى لِلْمَنِيِّ، وَالْيُسْرَى لِلشَّعْرِ، وَلِذَلِكَ لَا لِحْيَةَ لِخَصِيٍّ لَعَلَّهُ لِلْأَغْلَبِ إذْ قَدْ شُوهِدَ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ وَطِئَ كُلًّا مِنْهُمَا) أَوْ إحْدَاهُمَا وَهِيَ ذَاتُ أَشْهُرٍ مُطْلَقًا، أَوْ ذَاتُ أَقْرَاءٍ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، وَيُمْكِنُ إدْخَالُ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ، قَوْلُهُ: (أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ) هَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا مَضَى قَبْلَ الْمَوْتِ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ، وَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَتَقَدَّمَ إلَخْ. إنَّمَا يَأْتِي إذَا لَمْ يَمْضِ قَبْلَ الْمَوْتِ قَدْرُ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مِنْ الطَّلَاقِ) وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ لَا أَقْرَاءَ مِنْ الطَّلَاقِ فِي الْمُبْهَمَةِ مَعَ أَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ مِنْ التَّعْيِينِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَيِسَ مِنْهُ اعْتَبَرَ سَبَبَهُ، وَهُوَ الطَّلَاقُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ وَابْنِ الصَّبَّاغِ: يُجْعَلُ الْمَوْتُ كَالتَّعْيِينِ. قَوْلُهُ: (بِالْأَكْثَرِ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَرْجِعْ إلَى بَيَانِ الْوَارِثِ كَمَا مَرَّ. وَقَدْ يُقَالُ احْتِيَاطًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْعِدَّةِ، وَأَمَّا لِأَجْلِ الْإِرْثِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي قَدْ مَرَّ.   [حاشية عميرة] عِدَّةَ الطَّلَاقِ) قَالَا هُنَا: وَلَهَا النَّفَقَةُ إنْ كَانَتْ حَامِلًا وَذَكَرَ فِي النَّفَقَاتِ خِلَافَهُ وَقَوْلُهُ: الطَّلَاقَ مِثْلُهُ الْفَسْخُ قَوْلُهُ: (فَهُوَ مُقَيَّدٌ إلَخْ) . هَذَا قَدْ يُخَالِفُهُ جَعْلُهَا فِيمَا سَبَقَ مَحْمُولَةً عَلَى الْغَالِبِ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُغْنِي عَنْ التَّقْيِيدِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُنْزِلُ) زَادَ غَيْرُهُ، لِأَنَّ الْأُنْثَيَيْنِ مَحَلُّ الْمَنِيِّ يَتَدَفَّقُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ الظَّهْرِ، قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُ) أَيْ كَالْقَاضِيَيْنِ وَالصَّيْدَلَانِيِّ وَالصَّيْرَفِيِّ وَأَبِي عُبَيْدَةَ حَرْبَوَيْهِ. حَكَى أَنَّهُ وَلِيَ قَضَاءَ مِصْرَ فَقَضَى بِاللُّحُوقِ فَحَمَلَهُ الْخَصِيُّ عَلَى كَتِفِهِ وَخَرَجَ يَقُولُ: الْقَاضِي جَالِسٌ يُفَرِّقُ أَوْلَادَ الزِّنَى عَلَى الْخُصْيَانِ، قَوْلُهُ: (لِبَقَاءِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ) زَادَ غَيْرُهُ وَمَا فِيهَا مِنْ الْقُوَّةِ الْمُحِيلَةِ لِلدَّمِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ احْتَمَلَ إلَخْ) هَذَا الِاحْتِمَالُ مَحَلُّ فَرْضِهِ فِي الرَّجْعِيَّةِ إذَا كَانَ الْمَوْتُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَشْهُرِ وَالْأَقْرَاءِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ فَرْضُهُ لِانْتِقَالِهَا إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ، قَوْلُهُ: (بِالْأَكْثَرِ) ، لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُطَلَّقَةَ فَهِيَ عِدَّتُهَا، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الزَّوْجَةَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 مَضَى قُرْءٌ أَوْ قُرْءَانِ قَبْلَ الْمَوْتِ اعْتَدَّتْ بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ، وَمِنْ قُرْأَيْنِ، أَوْ قُرْءٍ. (وَمَنْ غَابَ) بِسَفَرٍ، أَوْ غَيْرِهِ (وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ لَيْسَ لِزَوْجَتِهِ نِكَاحٌ) ، لِغَيْرِهِ (حَتَّى يُتَيَقَّنَ مَوْتُهُ، أَوْ طَلَاقُهُ) لِأَنَّ النِّكَاحَ مَعْلُومٌ بِيَقِينٍ فَلَا يَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ وَعَنْ الْقَفَّالِ لَوْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ بِوَفَاتِهِ حَلَّ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى (وَفِي الْقَدِيمِ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ لِوَفَاةٍ وَتَنْكِحُ) غَيْرَهُ قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَاهُ مَالِكٌ وَتَحْسُبُ الْمُدَّةَ مِنْ وَقْتِ انْقِطَاعِ الْخَبَرِ، لَكِنْ تَفْتَقِرُ إلَى ضَرْبِ الْقَاضِي لَهَا فِي الْأَصَحِّ فَلَا يَحْسُبُ مَا مَضَى قَبْلَهُ وَإِذَا ضَرَبَهَا بَعْدَ ظُهُورِ الْحَالِ عِنْدَهُ فَمَضَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِوَفَاتِهِ وَحُصُولِ الْفُرْقَةِ فِي الْأَصَحِّ. وَهَلْ يَنْفُذُ الْحُكْمُ بِالْفُرْقَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَالْفَسْخِ بِالْعُنَّةِ، أَوْ ظَاهِرًا فَقَطْ وَجْهَانِ مُسْتَنَدُ الثَّانِي أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا عَادَ الْمَفْقُودُ مَكَّنَهُ مِنْ أَخْذِ زَوْجَتِهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (فَلَوْ حَكَمَ بِالْقَدِيمِ) أَيْ بِمَا قِيلَ فِيهِ مِنْ الْوَفَاةِ وَحُصُولِ الْفُرْقَةِ بَعْدَ الْمُدَّةِ. (قَاضٍ نُقِضَ) حُكْمُهُ (عَلَى الْجَدِيدِ فِي الْأَصَحِّ) لِمُخَالَفَتِهِ لِلْقِيَاسِ الْجَلِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِوَفَاتِهِ فِي قِسْمَةِ مِيرَاثِهِ وَعِتْقِ أُمِّ وَلَدِهِ قَطْعًا وَلَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ فُرْقَةِ النِّكَاحِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ بِمَا ذُكِرَ لِاخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ فِيهِ. (وَلَوْ نَكَحَتْ بَعْدَ التَّرَبُّصِ وَالْعِدَّةِ فَبَانَ) الزَّوْجُ (مَيِّتًا) وَقْتَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ (صَحَّ) النِّكَاحُ (عَلَى الْجَدِيدِ) أَيْضًا. (فِي الْأَصَحِّ) لِخُلُوِّهِ مِنْ الْمَانِعِ فِي الْوَاقِعِ وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِانْتِفَاءِ الْجَزْمِ بِخُلُوِّهِ مِنْ الْمَانِعِ وَقْتَ عَقْدِهِ وَلَوْ بَانَ الزَّوْجُ حَيًّا بَعْدَ أَنْ نَكَحَتْ، فَهُوَ عَلَى الْقَدِيمِ عَلَى زَوْجِيَّتِهِ كَالْجَدِيدِ لِتَبَيُّنِ الْخَطَإِ فِي الْحُكْمِ لَكِنْ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَعْتَدَّ لِلثَّانِي، وَقِيلَ هِيَ زَوْجَةُ الثَّانِي لِارْتِفَاعِ نِكَاحِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى نُفُوذِ الْحُكْمِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَقِيلَ: الْأَوَّلُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْ الثَّانِي وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهَا وَيَأْخُذَ مِنْهُ مَهْرَ مِثْلٍ لِقَضَاءِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَمَنْ غَابَ) كَلَامُهُ فِي الزَّوْجِ وَمِثْلُهُ الزَّوْجَةُ، قَوْلُهُ: (لَيْسَ لِزَوْجَتِهِ نِكَاحٌ) وَلَا لِمُسْتَوْلَدَتِهِ قَوْلُهُ: (يُتَيَقَّنُ) بِمَعْنَى مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ لِشُمُولِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ، وَإِخْبَارَ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ، قَوْلُهُ: (وَعَنْ الْقَفَّالِ لَوْ أَخْبَرَهَا إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، قَوْلُهُ: (عَدْلٌ) وَلَوْ رِوَايَةً كَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَهَلْ يَلْحَقُ بِذَلِكَ غَيْرُ عَدْلٍ؟ اعْتَقَدْتُ صِدْقَهُ رَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (حَلَّ لَهَا) لَكِنْ لَا تُقَرُّ عَلَيْهِ ظَاهِرًا فَيُفَرِّقُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا إذَا عَلِمَ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ) وَنَقَلَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجَعَ عَنْهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ قَضَاءِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مِثْلَهُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ ضَرْبِ الْقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ قَوْلُهُ: (مَكَّنَهُ مِنْ أَخْذِ زَوْجَتِهِ) وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْفَسْخَ يَنْفُذُ ظَاهِرًا فَقَطْ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَلَكِنْ لَا يَسْتَمْتِعُ الْمَفْقُودُ بِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ وَطْءِ النَّاكِحِ بِهَا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِهِ وَلَا عَلَيْهَا كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (لِلْقِيَاسِ الْجَلِيِّ) مَعَ الِاحْتِيَاطِ لِلْإِبْضَاعِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّرَبُّصِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ تَصْوِيرٌ، وَإِنَّمَا الْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْعِدَّةِ. سَوَاءٌ قَبْلَ ضَرْبِ الْقَاضِي أَوْ بَعْدَهُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَدِيمِ، وَلَا يُقَالُ عَطْفُ الْعِدَّةِ عَلَى التَّرَبُّصِ تَفْسِيرٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَيِّتًا) قَبْلَ النِّكَاحِ بِمِقْدَارِ الْعِدَّةِ، وَخَرَجَ مَا لَوْ بَانَ حَيًّا فَهُوَ لَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، قَوْلُهُ: (وَقْتَ الْحُكْمِ) أَيْضًا يُفِيدُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَدِيمِ، وَالْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْجَدِيدِ، وَصَحَّ هُنَا لِخَفَاءِ أَثَرِ الشَّكِّ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي الْمُرْتَابَةِ، قَوْلُهُ: (فِي الْوَاقِعِ) أَيْ مَعَ الِاسْتِنَادِ إلَى سَبَبٍ خَفِيٍّ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي الْمُرْتَابَةِ لِاسْتِنَادِهِ إلَى سَبَبٍ ظَاهِرٍ، قَوْلُهُ: (لَا يَطَؤُهَا) وَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا كَمَا مَرَّ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ بَاطِنًا فِي الثَّانِي وَلِنُشُوزِهَا عَلَى الْأَوَّلِ بِنِكَاحِ الثَّانِي نَعَمْ إنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَعَادَتْ لِمَنْزِلِ الْمَفْقُودِ وَعَلِمَ بِهَا وَجَبَتْ مِنْ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (الْإِحْدَادُ مِنْ) أَحَدَّ وَيُقَالُ الْحِدَادُ مِنْ حَدَّ وَيُقَالُ بِالْجِيمِ بَدَلَ الْحَاءِ، وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ وَشَرْعًا مَنْعٌ مَخْصُوصٌ مِنْ التَّزَيُّنِ وَالْخِضَابِ وَنَحْوِهِمَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ اتَّفَقَ فِيهِ اللُّغَتَانِ.   [حاشية عميرة] فَقَدْ حَصَلَتْ الْأَشْهُرُ فِي ضِمْنِهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْأَشْهُرُ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُطَلَّقَةَ فَقَدْ حَصَلَتْ الْأَقْرَاءُ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الزَّوْجَةَ فَعِدَّتُهَا الْأَشْهُرُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا هُنَا لِبِنَاءِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَنَّ الْوَارِثَ، هَلْ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فِي الْبَيَانِ وَكَانَ يَنْبَغِي بِنَاؤُهَا عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (حَتَّى يُتَيَقَّنَ مَوْتُهُ إلَخْ) رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ وَلِلْقِيَاسِ الْجَلِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إذْ كَيْفَ يَقُولُ لَا تَرِثُ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (نُقِضَ) قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ عَنْ الْقَدِيمِ إذْ بَانَ لَهُ أَنْ تَقْلِيدَ الصَّحَابِيِّ لَا يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّرَبُّصِ وَالْعِدَّةِ) أَيْ وَبَعْدَ مَا سَلَفَ مِنْ ضَرْبِ الْقَاضِي وَحُكْمِهِ هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، هَذِهِ الْحَاشِيَةُ سَطَّرْتُهَا بَحْثًا قَبْلَ اطِّلَاعِي عَلَى تَصْرِيحِ الشَّارِحِ بِمَعْنَاهَا فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَقْتَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. قَوْلُهُ: (صَحَّ النِّكَاحُ إلَخْ) نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا سَلَفَ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ نِكَاحِ الْمُرْتَابَةِ إذَا حَصَلَتْ الرِّيبَةُ، وَإِنْ بَانَ أَنَّ النِّكَاحَ صَادَفَ الْبَيْنُونَةَ قَالَ: وَقَدْ جَعَلُوا مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ الشَّكَّ فِي حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ، كَمَا لَوْ نَكَحَ مَنْ لَا يَدْرِي أَمُعْتَدَّةٌ أَمْ لَا وَهَلْ هِيَ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ أَمْ لَا اهـ. أَقُولُ لَا إشْكَالَ، لِأَنَّ الْأَمْرَ هُنَا مُتَأَكِّدٌ بِضَرْبِ الْقَاضِي وَحُكْمِهِ فَأَقَلُّ مَرَاتِبِهِ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ حَدَثَتْ الرِّيبَةُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ كَمَا سَلَفَ قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الْإِحْدَادُ) مِنْ أَحَدَّ وَهُوَ الْمَنْعُ، لِأَنَّهَا تَمْنَعُ نَفْسَهَا التَّزَيُّنَ وَتَمْنَعُ الْخِضَابَ قَوْلُهُ أَيْضًا، وَيَجِبُ الْإِحْدَادُ اُنْظُرْ لَوْ كَانَتْ حَامِلًا وَمَكَثَتْ أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ هَلْ تُحِدُّ مُدَّتَهَا، أَوْ وَلَدَتْ عَقِبَ الْمَوْتِ هَلْ يَزُولُ الْوُجُوبُ وَالْجَوَازُ أَمْ الْوُجُوبُ فَقَطْ. أَمَّا مَنْ تَعْتَدُّ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ لَوْ فُرِضَ زِيَادَةُ الْأَقْرَاءِ فَالْوَجْهُ سُقُوطُهُ فِي الزَّائِدِ، لِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ مِنْ حَيْثُ الطَّلَاقُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 (وَيَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ، فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» أَيْ فَإِنَّهَا يَحِلُّ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ أَيْ يَجِبُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ (لَا رَجْعِيَّةٍ) أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا لِتَوَقُّعِ الرَّجْعَةِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْأَوْلَى أَنْ تَتَزَيَّنَ بِمَا يَدْعُو الزَّوْجَ إلَى رَجْعَتِهَا، وَرَوَى أَبُو ثَوْرٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا الْإِحْدَادُ (وَيُسْتَحَبُّ لِبَائِنٍ) بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) كَمُتَوَفًّى عَنْهَا زَوْجُهَا بِجَامِعِ الِاعْتِدَادِ عَنْ نِكَاحٍ، وَفُرِّقَ بِأَنَّهَا مَجْفُوَّةٌ بِالطَّلَاقِ، فَلَا يَلِيقُ بِهَا إيجَابُ الْإِحْدَادِ بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا. (وَهُوَ تَرْكُ لُبْسِ مَصْبُوغٍ لِزِينَةٍ، وَإِنْ خَشُنَ) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ «كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَأَنْ نَكْتَحِلَ وَأَنْ نَتَطَيَّبَ وَأَنْ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا» (وَقِيلَ: يَحِلُّ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ) كَالْبُرُودِ لِانْتِفَاءِ الزِّينَةِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا صُبِغَ بَعْدَ النَّسْجِ كَالْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ (وَيُبَاحُ غَيْرُ مَصْبُوغٍ مِنْ قُطْنٍ وَصُوفٍ وَكَتَّانٍ وَكَذَا إبْرَيْسَمٌ) أَيْ حَرِيرٌ (فِي الْأَصَحِّ) كَالْكَتَّانِ، إذَا لَمْ تُحْدِثْ فِيهِ زِينَةً، كَنَقْشٍ، وَالثَّانِي يُحَرَّمُ، لِأَنَّ لُبْسَهُ تَزْيِينٌ، فَعَلَى هَذَا يُحَرَّمُ الْعَتَّابِيُّ الَّذِي غَلَبَ فِيهِ الْإِبْرَيْسَمُ وَيُبَاحُ الْخَزُّ قَطْعًا لِاسْتِتَارِ الْإِبْرَيْسَمِ فِيهِ بِالصُّوفِ الَّذِي هُوَ سِدَادُهُ (وَ) يُبَاحُ (مَصْبُوغٌ لَا يُقْصَدُ لِزِينَةٍ) بَلْ لِمُصِيبَةٍ، أَوْ احْتِمَالِ وَسَخٍ كَالْأَسْوَدِ وَالْكُحْلِيِّ لِانْتِفَاءِ الزِّينَةِ، وَإِنْ تَرَدَّدَ الْمَصْبُوغُ بَيْنَ الزِّينَةِ وَغَيْرِهَا كَالْأَخْضَرِ وَالْأَزْرَقِ فَإِنْ كَانَ بَرَّاقًا صَافِيَ اللَّوْنِ حُرِّمَ، لِأَنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ يُتَزَيَّنُ بِهِ، أَوْ كَدِرًا، مُشَبَّعًا فَلَا لِأَنَّ الْمُشَبَّعَ مِنْ الْأَخْضَرِ، يُقَارِبُ الْأَسْوَدَ وَمِنْ الْأَزْرَقِ يُقَارِبُ الْكُحْلِيَّ. (وَيُحَرَّمُ حُلِيُّ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) لِحَدِيثِ «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ، الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثِّيَابِ وَلَا الْمُمَشَّقَةَ وَالْحُلِيَّ وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَالْمُمَشَّقَةُ الْمَصْبُوغَةُ بِالْمِشْقَةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهِيَ الْمَغْرَةُ، بِفَتْحِهَا، وَيُقَالُ طِينٌ أَحْمَرُ يُشْبِهُهَا، وَيَسْتَوِي فِي الْحُلِيِّ الْخَلْخَالُ وَالسِّوَارُ وَالْخَاتَمُ وَغَيْرُهَا لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: يَجُوزُ لَهَا التَّخَتُّمُ بِخَاتَمِ الْفِضَّةِ كَالرَّجُلِ، وَإِنَّمَا يُحَرَّمُ عَلَيْهَا مَا تَخْتَصُّ النِّسَاءُ بِحِلِّهِ (وَكَذَا) يُحَرَّمُ (لُؤْلُؤٌ فِي الْأَصَحِّ) مِنْ تَرَدُّدٍ لِلْإِمَامِ وَجَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ لِظُهُورِ الزِّينَةِ فِيهِ، وَالثَّانِي لَا يُحَرَّمُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ كَالذَّهَبِ وَلَا يُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَوْ تَحَلَّتْ بِنُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ مُمَوَّهٍ بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ أَوْ مُشَابِهٍ لَهُمَا بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ التَّأَمُّلِ لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) وَلَوْ صَغِيرَةً وَمَجْنُونَةً بِإِلْزَامِ وَلِيِّهِمَا وَرَقِيقَةً وَذِمِّيَّةً وَلَوْ عَلَى ذِمِّيٍّ وَالْمُعَاهَدُ وَالْمُؤَمَّنُ كَذَلِكَ فِي الشِّقَّيْنِ وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ، بِمَا إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا، وَإِلَّا فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ وَخَرَجَ بِمُعْتَدَّةِ الْوَفَاةِ مَا زَادَ عَلَى الْأَشْهُرِ فِيمَنْ تَعْتَدُّ بِالْأَكْثَرِ مِنْهَا وَمِنْ الْأَقْرَاءِ فِيمَا مَرَّ وَمَا لَوْ وَلَدَتْ عَقِبَ الْمَوْتِ، وَنَازَعَ فِيهَا بَعْضُهُمْ، وَمَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ شُبْهَةٍ عِنْدَ الْمَوْتِ فَلَا تُحِدُّ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْحَمْلُ عَنْ الشُّبْهَةِ وَالْوَفَاةِ وَجَبَ الْإِحْدَادُ، وَلَا تُمْنَعُ مِنْهُ لِلشُّبْهَةِ وَظَاهِرُهُ دَوَامُ الْإِحْدَادِ، وَإِنْ طَالَ الْحَمْلُ إلَى الْوَضْعِ وَلَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تُؤْمِنُ إلَخْ) هُوَ لِلْغَالِبِ، كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِلْإِجْمَاعِ) وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَى مُخَالَفَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (قَالَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الْأَصْحَابِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوْلَى أَنْ تَتَزَيَّنَ إلَخْ) حُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ تَرْجُو رَجْعَتَهُ، وَلَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ فِي فَرَحِهَا بِطَلَاقِهِ قَوْلُهُ: (يُسْتَحَبُّ لَهَا الْإِحْدَادُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ إذَا لَمْ تَرْجُ رَجْعَةً كَالْبَائِنِ وَخَرَجَ بِهِمَا الْمُعْتَدَّةُ عَنْ شُبْهَةٍ، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَلَوْ بِالْمَوْتِ فِيهِمَا وَأُمُّ الْوَلَدِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُنَّ الْإِحْدَادُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لُبْسِ مَصْبُوغٍ) وَلَوْ لَيْلًا وَمَسْتُورًا نَعَمْ يَكْفِي سَتْرُهُ إذَا لَبِسَتْهُ لِحَاجَةٍ. قَوْلُهُ: (لِزِينَةٍ) أَيْ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُتَزَيَّنَ بِهِ لِتَشَوُّفِ الرِّجَالِ إلَيْهِ، وَلَوْ بِحَسَبِ عَادَةِ قَوْمِهَا أَوْ جِنْسِهَا، قَوْلُهُ: (كَالْبُرُودِ) وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ بِالطُّرَحِ، أَوْ نَحْوِ الْقُلَيْعَةِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ، قَوْلُهُ: (وَكَتَّانٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا، قَوْلُهُ: (أَيْ حَرِيرٌ) فَسَّرَ بِهِ الْإِبْرَيْسَمَ إشَارَةً لِلْقَزِّ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ مَا يُفِيدُ الزِّينَةَ مِنْ صَبْغٍ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ: (كَالْأَسْوَدِ) إذَا لَمْ تَكُنْ عَادَتُهُمْ التَّزَيُّنَ بِهِ، وَإِلَّا كَالْأَعْرَابِ فَيُحَرَّمُ. قَوْلُهُ: (مُسْتَحْسَنٌ يُتَزَيَّنُ بِهِ) أَيْ إنْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَالطِّرَازُ كَالنُّسُجِ وَحَوَاشِي الْعَتَّابِيِّ كَالنُّسُجِ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (وَيُحَرَّمُ حُلِيٌّ إلَخْ) أَيْ نَهَارًا وَيُكْرَهُ لَيْلًا بِلَا حَاجَةٍ وَلَا كَرَاهَةَ مَعَهَا. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهَا) كَالْقُرْطِ وَهُوَ حَلْقَةُ الْأُذُنِ وَالدُّمْلُجُ وَهُوَ سِوَارُ الْعَضُدِ وَالتَّحَلِّي بِنَحْوِ النُّحَاسِ إنْ كَانَ لِلزِّينَةِ، أَوْ اشْتَبَهَ بِالذَّهَبِ حُرِّمَ، قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) هُوَ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (وَيُحَرَّمُ لُؤْلُؤٌ) أَيْ نَهَارًا كَمَا مَرَّ وَكَذَا بَقِيَّةُ التَّحَلِّي نَعَمْ إنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى لُبْسِهِ نَهَارًا كَإِحْرَازِهِ جَازَ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ مَسْأَلَةً حَسَنَةً وَهِيَ مَعْلُومَاتٌ عَنْهَا وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ بِحَمْلٍ عَنْ شُبْهَةٍ فَلَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ حَتَّى تَشْرَعَ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ بَعْدَ الْوَضْعِ. قَوْلُهُ: (بِالْإِجْمَاعِ) نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ خَالَفَ اهـ. وَمِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى الْوُجُوبِ أَنَّ الْإِحْدَادَ كَانَ مُمْتَنِعًا فَإِذَا جَازَ وَجَبَ كَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ قَوْلُهُ: (وَأَنْ نَكْتَحِلَ) كَأَنَّ هَذَا مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَالْمَعْنَى وَنُنْهَى أَنْ نَفْعَلَ كَذَا عَلَى الزَّوْجِ، قَوْلُهُ: (وَكَتَّانٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 قَوْمٍ يَتَزَيَّنُونَ بِمِثْلِهِ، لَمْ يَجُزْ أَيْضًا أَوْ يَسْتَعْمِلُونَهُ لِمَنْفَعَةٍ يَتَوَهَّمُونَهَا فِيهِ جَازَ. (وَ) يُحَرَّمُ (طِيبٌ فِي بَدَنٍ وَثَوْبٍ) لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ السَّابِقِ وَأَنْ نَتَطَيَّبَ (وَطَعَامٌ وَكُحْلٌ) غَيْرُ مُحَرَّمٍ قِيَاسًا عَلَى الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ. (وَ) يُحَرَّمُ (اكْتِحَالٌ بِإِثْمِدٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ، السَّابِقِ: وَأَنْ نَكْتَحِلَ (إلَّا لِحَاجَةٍ كَرَمَدٍ) فَتَكْتَحِلُ بِهِ لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا، فَإِنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي النَّهَارِ جَازَ فِيهِ، وَالْكُحْلُ الْأَصْفَرُ - وَهُوَ الصَّبِرُ - بِكَسْرِ الْبَاءِ، كَالْإِثْمِدِ فِي الْحُرْمَةِ، لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ، وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى عَيْنَيْهَا صَبِرًا، فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ: هُوَ صَبِرٌ لَا طِيبَ فِيهِ فَقَالَ: اجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ» أَمَّا الْكُحْلُ الْأَبْيَضُ كَالتُّوتْيَا فَلَا يُحَرَّمُ، لِأَنَّهُ لَا زِينَةَ فِيهِ وَقِيلَ، يُحَرَّمُ عَلَى الْبَيْضَاءِ حَيْثُ تَتَزَيَّنُ بِهِ، وَقِيلَ لَا يُحَرَّمُ الْأَصْفَرُ عَلَى الْبَيْضَاءِ وَقِيلَ لَا يُحَرَّمُ الْإِثْمِدُ عَلَى السَّوْدَاءِ، لِأَنَّهُ بِسَوَادِهِ لَا يُفِيدُهَا جَمَالًا. (وَ) يَحْرُمُ (إسْفِيذَاجُ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (وَدِمَامٌ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا. وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْحُمْرَةِ، لِأَنَّهُمَا يُتَزَيَّنُ بِهِمَا الْوَجْهُ وَكَذَا يُحَرَّمُ الْإِثْمِدُ فِي الْحَاجِبِ، لِأَنَّهُ يُتَزَيَّنُ بِهِ (وَخِضَابُ حِنَّاءٍ) وَنَحْوُهُ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْبَدَنِ كَالْوَجْهِ، وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَلَا يُحَرَّمُ فِيمَا تَحْتَ الثِّيَابِ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ (أَوْ يَحِلُّ تَجْمِيلُ فِرَاشٍ وَأَثَاثٍ) بِأَنْ تُزَيِّنَ بَيْتَهَا بِالْفِرَاشِ وَالسُّتُورِ، وَغَيْرِهِمَا، لِأَنَّ الْحِدَادَ فِي الْبَدَنِ لَا فِي الْفِرَاشِ وَالْمَكَانِ. (وَ) يَحِلُّ (تَنَظُّفٌ بِغَسْلِ رَأْسٍ وَقَلْمٍ) لِأَظْفَارٍ (وَإِزَالَةِ وَسَخٍ قُلْت: وَيَحِلُّ امْتِشَاطٌ وَحَمَّامٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ) وَاسْتِحْدَادٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَيْسَ مِنْ الزِّينَةِ، كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ، وَسَكَتَ عَنْ التَّقْيِيدِ فِي الْحَمَّامِ. (وَلَوْ تَرَكَتْ الْإِحْدَادَ) الْوَاجِبَ عَلَيْهَا كُلَّ الْمُدَّةِ، أَوْ بَعْضَهَا (عَصَتْ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ كَمَا لَوْ فَارَقَتْ الْمَسْكَنَ) الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهَا مُلَازَمَتُهُ، كَمَا سَيَأْتِي فَإِنَّهَا تَعْصِي وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا، بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ (وَلَوْ بَلَغَتْهَا الْوَفَاةُ بَعْدَ الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ (كَانَتْ مُنْقَضِيَةً) لِمُضِيِّ مُدَّتِهَا. (وَلَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (إحْدَادٌ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ) مِنْ الْمَوْتَى (ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ) فَمَا دُونَهَا (وَتُحَرَّمُ الزِّيَادَةُ) عَلَيْهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثَيْ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِحُرْمَةِ الزِّيَادَةِ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَالتَّمْوِيهُ لَيْسَ قَيْدًا وَنَحْوُ الصَّدَفِ وَالْعَاجِ وَالْوَدَعِ كَذَلِكَ لِمَنْ يَتَزَيَّنُ بِهَا قَوْلُهُ: (وَيُحَرَّمُ طِيبٌ إلَخْ) أَيْ لَيْلًا وَنَهَارًا وَالْمُرَادُ بِالطِّيبِ مَا يُحَرَّمُ عَلَى الْمُحْرِمِ نَعَمْ يَجُوزُ نَحْوُ قِسْطٍ إثْرَ حَيْضٍ وَشَمِلَتْ الْحُرْمَةُ الِابْتِدَاءَ وَالدَّوَامَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ فَهُوَ كَالْحَاجَةِ لِلِاكْتِحَالِ الْآتِي وَالْمُحْرِمَةُ كَالْمُحِدَّةِ فِي اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ ابْتِدَاءً لَا دَوَامًا كَمَا يَأْتِي. فَرْعٌ: يَحْرُمُ دَهْنُ شَعْرِ رَأْسِهَا وَلِحْيَتِهَا وَبَقِيَّةِ شُعُورِ الْوَجْهِ لِأَنَّهُ زِينَةٌ وَدَهْنُ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ. قَوْلُهُ: (لِحَاجَةٍ) قَالَ شَيْخُنَا وَهِيَ مَا تُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَفِيهِ بُعْدٌ وَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً قَوْلُهُ: (دَعَتْ الْحَاجَةُ) قَالَ شَيْخُنَا: الْمُرَادُ بِهَا هُنَا الضَّرُورَةُ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (الْأَصْفَرُ) وَلَوْ لِلْبَيْضَاءِ، وَالْأَسْوَدُ وَلَوْ لِلسَّوْدَاءِ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْبَاءِ) أَيْ مَعَ فَتْحِ الصَّادِ وَبِإِسْكَانِ الْبَاءِ مَعَ فَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا قَوْلُهُ: (فَقَالَ اجْعَلِيهِ) وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالَ لَا فَإِنَّهُ يُشِبُّ الْوَجْهَ أَيْ يُوقِدُهُ وَيُحَسِّنُهُ، قَوْلُهُ: (فَلَا يُحَرَّمُ) وَلَوْ نَهَارًا. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ إسْفِيذَاجُ) لَفْظَةٌ مُوَلَّدَةٌ، قَوْلُهُ: (وَدِمَامٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِمِيمَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ وَفِي الشَّرْحِ جَوَازُ الضَّمِّ أَيْضًا قَوْلُهُ: (الْمُسَمَّى بِالْحُمْرَةِ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَضْمُومَةِ. قَوْلُهُ: (الْوَجْهُ) شَمِلَ اللِّثَةَ وَالشَّفَةَ وَالْخَدَّيْنِ وَالذَّقَنَ وَغَيْرَ الدِّمَامِ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يُحَرَّمُ الْإِثْمِدُ فِي الْحَاجِبِ) وَغَيْرُ الْإِثْمِدِ مِثْلُهُ وَيُحَرَّمُ تَصْفِيرُ الْحَاجِبِ أَيْضًا بِالْفَاءِ خِضَابُهُ بِالصُّفْرَةِ لَا تَصْغِيرُهُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَقِيلَ يُحَرَّمُ أَيْضًا وَقَالَ شَيْخُنَا كَالْخَطِيبِ، وَأَمَّا إزَالَةُ شَعْرِ الْإِبِطِ وَالْعَانَةِ وَالرَّأْسِ وَغَيْرِهَا، فَلَا حُرْمَةَ كَإِزَالَةِ الْأَوْسَاخِ وَالِاسْتِحْمَامِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (حِنَّاءٍ) هُوَ مُذَكَّرٌ مَهْمُوزٌ مَمْدُودٌ وَاحِدُهُ حِنَّاءَةٌ بِالْهَمْزَةِ وَالْمَدِّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهُ) مِنْهُ النَّقْشُ وَالتَّطْرِيفُ فِي الْأَصَابِعِ وَتَصْفِيفُ الشَّعْرِ وَتَجْعِيدُهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ تُزَيِّنَ بَيْتَهَا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ نِسْبَةَ التَّجَمُّلِ إلَى الْفِرَاشِ مَجَازِيَّةٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَتَجَمَّلُ بِالْفِرَاشِ وَمِنْهُ الْوَسَائِدُ وَالْأَنْطَاعُ فَلَا يُحَرَّمُ، قَوْلُهُ: (أَثَاثٍ) بِمُثَلَّثَتَيْنِ أَمْتِعَةُ الْبَيْتِ، وَسَكَتَ عَنْ مَعْنَى التَّجَمُّلِ فِيهِ، وَفِي دُخُولِهِ فِيمَا قَبْلَهُ بُعْدٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْبَدَنِ) يُفِيدُ أَنَّ الْغِطَاءَ بِنَحْوِ اللِّحَافِ كَالثِّيَابِ وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ فَيُحَرَّمُ وَلَوْ لَيْلًا قَوْلُهُ: (لَيْسَ مِنْ الزِّينَةِ) أَيْ الْمَقْصُودَةِ لِلزَّوْجِ فَلَا يُنَافِي إطْلَاقَ الزِّينَةِ عَلَى ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (عَصَتْ) إنْ عَلِمَتْ وَهِيَ مُكَلَّفَةٌ وَالْإِثْمُ فِي غَيْرِ الْمُكَلَّفَةِ عَلَى وَلِيِّهَا إنْ عَلِمَ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَرْأَةِ) لَا لِلرَّجُلِ فَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ عَلَى نَحْوِ زَوْجَتِهِ لِفَقْدِ قُوَّةِ الصَّبْرِ فِي حَقِّهِ الَّتِي طُلِبَ الْإِحْدَادُ لَهَا فِي النِّسَاءِ، وَجَوَّزَهُ الْإِمَامُ لَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يُوَافِقُوهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (إحْدَادٌ) أَيْ تَحَزُّنٌ بِغَيْرِ تَغَيُّرِ مَلْبُوسٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا بَلْ يُحَرَّمُ، قَوْلُهُ: (عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ) مِمَّنْ يُطْلَبُ الْحُزْنُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا بِلَا رِيبَةٍ كَصَدِيقٍ وَعَالِمٍ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَيُحَرَّمُ طِيبٌ) لَوْ كَانَتْ تَحْتَرِفُ فِيهِ فَمَحَلُّ نَظَرٍ قَوْلُهُ: (وإسفيذاج) هُوَ يُؤْخَذُ مِنْ الرَّصَاصِ وَهِيَ لَفْظَةٌ مُوَلَّدَةٌ. قَوْلُهُ: (حِنَّاءٍ) هُوَ مُذَكَّرٌ مَمْدُودٌ مَهْمُوزٌ وَاحِدُهُ حِنَّاءَةٌ. قَوْلُهُ: (فِرَاشٍ) هُوَ مَا تَرْقُدُ عَلَيْهِ مِنْ مَرْتَبَةٍ وَنِطَعٍ وَوِسَادَةٍ، فَأَمَّا مَا تَتَغَطَّى بِهِ فَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَالثِّيَابِ لِأَنَّهُ لِبَاسٌ قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَوْتَى) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ الْأَقَارِبِ. قَوْلُهُ: (وَتُحَرَّمُ الزِّيَادَةُ) قَالَ الْإِمَامُ: لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إظْهَارَ عَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالْأَلْيَقُ التَّلَفُّعُ بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ وَرُخِّصَ فِي الثَّلَاثِ، لِأَنَّ النُّفُوسَ قَدْ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فِيهَا وَلِذَا شُرِعَتْ التَّعْرِيَةُ فِيهَا، لِأَنَّ أَعْلَامَ الْحُزْنِ تَنْكَسِرُ بَعْدَهَا، اهـ. وَقَدْ سَلَفَ أَنَّ مُدَّةَ التَّعْزِيَةِ مِنْ الْمَوْتِ - وَقِيلَ مِنْ الدَّفْنِ - فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ مِثْلُهُ هُنَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 فَصْلٌ تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ طَلَاقٍ وَلَوْ بَائِنٌ بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ حَامِلًا كَانَتْ أَوْ حَائِلًا ، قَالَ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] (إلَّا نَاشِزَةً) بِأَنْ طَلُقَتْ حَالَ نُشُوزِهَا، فَإِنَّهَا لَا سُكْنَى لَهَا فِي الْعِدَّةِ، كَمَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ، وَلَوْ نَشَزَتْ فِي الْعِدَّةِ، سَقَطَتْ سُكْنَاهَا فَإِنْ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ، عَادَ حَقُّ السُّكْنَى وَقِيلَ إنْ نَشَزَتْ عَلَى الزَّوْجِ، وَهِيَ فِي بَيْتِهِ، فَلَهَا السُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ خَرَجَتْ وَاسْتَعْصَتْ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَلَا سُكْنَى لَهَا، وَتُسْتَثْنَى الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ فَإِنَّهَا لَا سُكْنَى لَهَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ حَالَةَ النِّكَاحِ، وَكَذَا تُسْتَثْنَى الْأَمَةُ حَيْثُ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ نِكَاحِ الْعَبْدِ. (وَلِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِحَدِيثِ، «فُرَيْعَةَ بِضَمِّ الْفَاءِ بِنْتِ مَالِكٍ أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ زَوْجَهَا قُتِلَ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا، وَقَالَتْ إنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ. قَالَتْ فَانْصَرَفْتُ حَتَّى إذَا كُنْت فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي فَقَالَ: اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، قَالَتْ: فَاعْتَدَدْت فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ. وَالثَّانِي لَا سُكْنَى لَهَا، كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إذْنِ النَّبِيِّ لِفُرَيْعَةَ أَوَّلًا، وَقَوْلُهُ لَهَا ثَانِيًا، اُمْكُثِي فِي بَيْتِك مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ جَمْعًا بَيْنَهُمَا وَيُجَابُ بِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْوُجُوبِ أَرْجَحُ (وَفَسْخٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَالطَّلَاقِ بِجَامِعِ فُرْقَةِ النِّكَاحِ، وَفِي الْحَيَاةِ وَسَوَاءٌ الْفَسْخُ بِرِدَّةٍ وَإِسْلَامٍ وَرَضَاعٍ وَعَيْبٍ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا تَجِبُ لِأَنَّ وُجُوبَهَا بَعْدَ زَوَالِ النِّكَاحِ مُسْتَبْعَدٌ، وَالنَّصُّ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْمُطَلَّقَةِ فَيَبْقَى غَيْرُهَا عَلَى الْأَصْلِ وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ لَهَا مَدْخَلٌ فِي ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ، كَأَنْ فَسَخَتْ بِخِيَارِ، الْعِتْقِ أَوْ بِعَيْبِ الزَّوْجِ أَوْ   [حاشية قليوبي] وَصَالِحٍ وَصِهْرٍ وَسَيِّدٍ وَمَمْلُوكٍ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ وَقَدْ مَرَّ التَّعْزِيَةُ اعْتِبَارُ الثَّلَاثِ مِنْ الْمَوْتِ، أَوْ الدَّفْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ هُنَا رَاجِعْهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي هُنَا اعْتِبَارُهَا مِنْ وَقْتِ الْعِلْمِ عَلَى قِيَاسِ الْغَائِبِ فِي الْمَوْتِ قَوْلُهُ: (وَتُحَرَّمُ الزِّيَادَةُ) أَيْ بِقَصْدِ الْإِحْدَادِ، وَإِلَّا فَلَا فَصْلٌ فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَزَمَانِهَا وَمَكَانِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (تَجِبُ) وَإِنْ أَسْقَطَتْهَا عَنْ الزَّوْجِ لِمَا فِيهَا مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِمَا لَمْ يَجِبْ لِوُجُوبِهَا يَوْمًا فَيَوْمًا. قَوْلُهُ: (لِمُعْتَدَّةِ) خَرَجَ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمَفْسُوخَةُ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ كَرِدَّةٍ قَوْلُهُ: (طَلَاقٍ) خَرَجَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ وَلَوْ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهَا مُلَازَمَةُ الْمَسْكَنِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَعَلَيْهَا أُجْرَتُهُ وَلِلزَّوْجِ إسْكَانُهَا. قَوْلُهُ: (بَائِنٌ) مَرْفُوعٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَلَمْ يُقَدِّرْهُ الشَّارِحِ كَعَادَتِهِ لِمَا قِيلَ إنَّهُ وَجَدَهُ مَجْرُورًا بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ بِالْقَلَمِ وَعَلَيْهِ فَهُوَ صِفَةٌ لِطَلَاقٍ مَحْذُوفٍ وَقَوْلُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنَّهُ نَعْتٌ لِطَلَاقٍ الْمَذْكُورِ فِيهِ نَظَرٌ مَعَ الْفَصْلِ بِلَوْ تَأَمَّلْ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَادَتْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِنُشُوزِهَا فِي الْعِدَّةِ، وَيَجُوزُ رُجُوعُهُ لِلْأُولَى أَيْضًا وَيُصَرِّحُ بِهِ ذِكْرُ الْخِلَافِ بَعْدَهُ قَوْلُهُ: (عَادَ حَقُّ السُّكْنَى) وَلَوْ لِلْيَوْمِ الَّذِي عَادَتْ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا فِيهِ إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي مُعْتَدَّةِ الْوَفَاةِ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ فِي مُدَّةِ النُّشُوزِ وَإِنْ كَانَ لِزَوْجِهَا وَلَهُ إخْرَاجُهَا إذَا أَنْشَزَتْ وَيَجِبُ عَوْدُهَا إذَا عَادَتْ. قَوْلُهُ: (قِيلَ إنْ نَشَزَتْ إلَخْ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَلَا يَكُونُ مَا ذَكَرَ إلَّا إذَا نَشَزَتْ حَالَ الطَّلَاقِ قَوْلُهُ: (وَتُسْتَثْنَى الصَّغِيرَةُ) وَيُتَصَوَّرُ وُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا بِاسْتِدْخَالِ مَائِهِ قَوْلُهُ: (وَكَذَا تُسْتَثْنَى الْأَمَةُ) نَعَمْ لِلزَّوْجِ إسْكَانُهَا بَعْدَ فَرَاغِ خِدْمَةِ السَّيِّدِ صَوْنًا لِمَائِهِ، قَوْلُهُ: (لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) أَيْ غَيْرِ نَاشِزَةٍ أَيْضًا وَكَذَا مُعْتَدَّةُ الْفَسْخِ الْآتِيَةُ. قَوْلُهُ: (فِي الْحُجْرَةِ) أَيْ صَحْنِ دَارِهِ وَالْمَسْجِدُ بِجِوَارِهَا، وَهِيَ مَحَلُّ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ الْآنَ قَوْلُهُ: (أَرْجَحُ) لِأَنَّهُ الْأَصْلَ فِيهِ مَا لَمْ يُعَارَضْ، قَوْلُهُ: (وَفَسْخٍ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلِانْفِسَاخِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَرَضَاعٍ) وَلِعَانٍ قَوْلُهُ: (فِي ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ لَهَا مَدْخَلٌ فِي الْعِدَّةِ كَأَنْ طَلَّقَهَا وَادَّعَتْ الْإِصَابَةَ وَأَنْكَرَهَا فَهِيَ كَالنَّاشِزَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. تَنْبِيهٌ: إنَّمَا وَجَبَتْ سُكْنَى مُعْتَدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْبَائِنِ الْحَامِلِ لِأَنَّهَا لِصِيَانَةِ الْمَاءِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ وُجُودِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا لِلسَّلْطَنَةِ الْمُنْتَفِيَةِ فِيهِمَا.   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ طَلَاقٍ وَلَوْ بَائِنٍ] فَصْلٌ تَجِبُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَائِنٍ) بِالْجَرِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْوَجْهُ نَصْبُهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا تُسْتَثْنَى الْأَمَةُ) لَكِنْ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا مُلَازَمَةُ الْمَسْكَنِ لَوْ أَرَادَهُ الزَّوْجُ حَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ إنْ بَيَّنَّا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ أَنْ تَكُونَ فِي الْمَسْكَنِ الَّذِي يُعَيِّنُهُ الزَّوْجُ وَجَبَتْ الْمُلَازَمَةُ، وَإِنْ قُلْنَا يُجَابُ السَّيِّدُ فَوَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ الْبِنَاءِ تَرْجِيحُ وُجُوبِ الْمُلَازَمَةِ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، قَوْلُهُ: (وَلِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْمَوْتِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ وَجَبَ لَهَا السُّكْنَى قَطْعِيًّا. قَوْلُهُ: (الْحُجْرَةِ) أَيْ صَحْنِ الدَّارِ. قَوْلُهُ: (وَعَيْبٍ) لَمْ يَذْكُرْ فُرْقَةَ اللِّعَانِ لِأَنَّ الْبَغَوِيّ جَزَمَ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلَيْسَتْ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ. فَائِدَةٌ: حَيْثُ قُلْنَا لَا تَسْتَحِقُّ فَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ الْإِسْكَانَ وَجَبَ عَلَيْهَا الْإِجَابَةُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ ذَلِكَ إرَادَةَ الْوَارِثِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 فَسَخَ هُوَ بِعَيْبِهَا فَلَا سُكْنَى لَهَا قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَدْخَلٌ فِي ارْتِفَاعِهِ كَأَنْ انْفَسَخَ بِإِسْلَامِ الزَّوْجِ أَوْ رِدَّتِهِ وَالرَّضَاعِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، فَفِي وُجُوبِ السُّكْنَى لَهَا الْقَوْلَانِ وَالرَّابِعُ كَالثَّالِثِ فِي شِقِّهِ الْأَوَّلِ، وَيَجِبُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي قَطْعًا. (وَتَسْكُنُ فِي مَسْكَنٍ كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ وَلَيْسَ لِزَوْجٍ وَغَيْرِهِ إخْرَاجُهَا وَلَا لَهَا خُرُوجٌ) مِنْهُ فَلَوْ اتَّفَقَتْ مَعَ الزَّوْجِ عَلَى الِانْتِقَالِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لَمْ يَجُزْ وَعَلَى الْحَاكِمِ الْمَنْعُ مِنْهُ، لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ وَجَبَ فِي ذَلِكَ الْمَسْكَنُ قَالَ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1] وَإِضَافَةُ الْبُيُوتِ إلَيْهِنَّ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَسْكَنُهُنَّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالرَّجْعِيَّةُ كَغَيْرِهَا فِي ذَلِكَ، قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. وَفِي الْحَاوِي وَالْمُهَذَّبِ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ شَاءَ كَالزَّوْجَةِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ، (قُلْت وَلَهَا الْخُرُوجُ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ وَكَذَا بَائِنٌ فِي النَّهَارِ لِشِرَاءِ طَعَامٍ وَغَزْلٍ وَنَحْوِهِ) لِحَاجَتِهَا إلَى ذَلِكَ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِشِرَاءِ طَعَامٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ بَيْعِ غَزْلٍ، (وَكَذَا لَيْلًا إلَى دَارِ جَارَةٍ لِغَزْلٍ وَحَدِيثٍ وَنَحْوِهِمَا) لِلتَّأَنُّسِ فِيهَا لَكِنْ (بِشَرْطِ أَنْ تَرْجِعَ وَتَبِيتَ فِي بَيْتِهَا) وَفِي الْبَائِنِ قَوْلٌ قَدِيمٌ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ لِمَا ذَكَرَ، بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِمَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ «أَنَّ رِجَالًا اُسْتُشْهِدُوا بِأُحُدٍ فَقَالَتْ نِسَاؤُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَسْتَوْحِشُ فِي بُيُوتِنَا، فَنَبِيتُ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ، فَأَذِنَ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَحَدَّثْنَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ، فَإِذَا كَانَ وَقْتُ النَّوْمِ تَأْوِي كُلُّ امْرَأَةٍ إلَى بَيْتِهَا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ. أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا تَخْرُجُ، لِمَا ذَكَرَ إلَّا بِإِذْنِهِ كَالزَّوْجَةِ إذْ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهَا (وَتَنْتَقِلُ مِنْ الْمَسْكَنِ لِخَوْفٍ مِنْ هَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ) عَلَى نَفْسِهَا أَوْ مَالِهَا (أَوْ عَلَى نَفْسِهَا) مِنْ فُسَّاقٍ مُجَاوِرِينَ لَهَا (أَوْ تَأَذَّتْ بِالْجِيرَانِ أَوْ هَمَّ بِهَا أَذًى شَدِيدًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ وَمِمَّا يُصَدَّقُ بِهِ الْجِيرَانُ الْأَحْمَاءُ وَقَدْ فَسَّرَ تَعَالَى: {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] بِالْبَذَاءِ بِاللِّسَانِ عَلَى الْأَحْمَاءِ (وَلَوْ انْتَقَلَتْ إلَى مَسْكَنٍ بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ اعْتَدَّتْ فِيهِ عَلَى النَّصِّ) لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالْمُقَامِ فِيهِ، وَقِيلَ تَعْتَدُّ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا لَمْ تَحْصُلْ وَقْتَ الْفِرَاقِ فِي الثَّانِي،   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ: حَيْثُ لَمْ تَجِبْ السُّكْنَى نُدِبَ لِلْإِمَامِ إسْكَانُهَا، وَلِلزَّوْجِ إسْكَانُهَا أَيْضًا وَلِأَجْنَبِيٍّ أَيْضًا حَيْثُ لَا رِيبَةَ، وَتَجِبُ عَلَيْهَا الْإِجَابَةُ إذَا طُلِبَتْ مِنْهَا خُصُوصًا إذَا كَانَتْ فِي مَسْكَنٍ، فُورِقَتْ فِيهِ. قَوْلُهُ: (قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالرَّجْعِيَّةُ كَغَيْرِهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةِ حَيْثُ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهَا قَوْلُهُ: (لِحَاجَتِهَا إلَى ذَلِكَ) فَلَوْ احْتَاجَتْ لَيْلًا جَازَ كَالنَّهَارِ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَإِذَا لَمْ تَحْتَجْ لَمْ تَخْرُجْ أَصْلًا وَلَوْ لِعِيَادَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ تَنْمِيَةِ مَالٍ قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ الشِّرَاءُ فِي كَلَامِهِ بِمَا يَشْمَلُ الْبَيْعَ كَذَا قِيلَ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ بَلْ يُجْعَلُ وَنَحْوُهُ عَقْدًا إلَى الشِّرَاءِ، أَوْ لِمَا ذَكَرَ مِنْ الشِّرَاءِ وَغَيْرِهِ، نَعَمْ كَوْنُ الْعَزْلِ لِلْبَيْعِ أَقْرَبَ مِنْ كَوْنِهِ لِلشِّرَاءِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إلَى دَارِ جَارَةٍ) وَالْمُرَادُ بِهَا الْمُلَاصِقَةُ وَمُلَاصَقَتُهَا لَا مَا فِي الْوَصِيَّةِ قَوْلُهُ: (لِلتَّأَنُّسِ) أَيْ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَفِي الْبَائِنِ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَيْهِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (بِأُحُدٍ) اسْمُ الْجَبَلِ الَّذِي كَانَتْ عِنْدَهُ الْوَقْعَةُ قَوْلُهُ: (أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ) وَمِثْلُهَا الْبَائِنُ الْحَامِلُ، قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّفَقَةِ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ أَمَّا غَيْرُهَا فَلَهَا الْخُرُوجُ لِمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ، كَالتَّأَنُّسِ مَعَ الْجَارَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَتَنْتَقِلُ مِنْ الْمَسْكَنِ) أَيْ إلَى أَقْرَبِ الْمَسَاكِنِ إلَيْهِ حَيْثُ أَمْكَنَ وُجُوبًا قَوْلُهُ: (وَمَالِهَا) وَإِنْ قَلَّ وَاخْتِصَاصُ قَوْلِهِ: (أَذًى) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مُنَوَّنًا أَيْ إيذَاءً شَدِيدًا بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ عَادَةً. نَعَمْ إنْ تَعَدَّتْ عَلَيْهِمْ مَنَعَهَا الْحَاكِمُ مِنْهُ وَمِنْ الْخُرُوجِ. قَوْلُهُ: (لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ) أَيْ الْخُرُوجِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ تَأْمَنْ مَعَ الْإِقَامَةِ أَوْ لَزِمَهَا حَدٌّ أَوْ دَعْوَى أَوْ يَمِينٌ، وَلَيْسَتْ مُخَدَّرَةً أَوْ لَزِمَهَا تَغْرِيبٌ فِي زِنًا. قَوْلُهُ: (الْأَحْمَاءُ) أَيْ غَيْرَ أَبَوَيْهَا نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهَا أَوْ ضَاقَتْ الدَّارُ عَنْهَا، وَعَنْهُمْ وَطَالَ التَّأَذِّي مِنْهَا لَهُمْ أَوْ عَكْسُهُ نُقِلُوا عَنْهَا وُجُوبًا، وَأَمَّا الْأَبَوَانِ فَلَا يَجِبُ نَقْلُهَا عَنْهُمَا لِأَنَّ الْمُشَاحَنَةَ بَيْنَهُمْ لَا تَطُولُ بَلْ يَنْدُبُ نَقْلُهَا فَقَطْ. وَقَوْلُهُمْ وَضَاقَتْ الدَّارُ عَنْهُمْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا إذَا اتَّسَعَتْ لَا يَجِبُ النَّقْلُ وَفِيهِ بَحْثٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إلَى مَسْكَنٍ) أَيْ فِي الْبَلَدِ قَوْلُهُ: (قَبْلَ وُصُولِهَا) أَيْ وَبَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ الْبَيْتِ وَإِلَّا وَجَبَ بَقَاؤُهَا فِيهِ وَسَيَأْتِي، قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ   [حاشية عميرة] عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ) قَالَ الْعُلَمَاءُ لَمَّا كَانَتْ الْعِدَّةُ لَا تَسْقُطُ بِالتَّرَاضِي فَكَذَا تَوَابِعُهَا مِمَّا فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، قَوْلُهُ: (مَسْكَنُهُنَّ) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُنَّ وَإِلَّا لَمَا اخْتَصَّ الْحُكْمُ بِالْمُطَلَّقَاتِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بَائِنٌ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ «جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ طَلُقَتْ خَالَتِي سُلَيْمَى فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُذَّ نَخْلَهَا فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ، فَجَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ بَلَى تَجُذِّي نَخْلَك فَإِنَّك عَسَى أَنْ تَتَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي خَيْرًا» قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَنَخِيلُ الْأَنْصَارِ قَرِيبَةٌ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالْجَذُّ لَا يَكُونُ إلَّا نَهَارًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 وَقِيلَ تَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَالَةَ الْفِرَاقِ وَلَهَا تَعَلُّقٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَقِيلَ تَعْتَدُّ فِي أَقْرَبِهِمَا إلَيْهَا عِنْدَ الْفِرَاقِ، وَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَتْ، أَمَّا إذَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بَعْدَ وُصُولِهَا إلَى الثَّانِي فَتَعْتَدُّ فِيهِ جَزْمًا، وَإِنْ لَمْ تَنْقُلْ الْأَمْتِعَةَ مِنْ الْأَوَّلِ (أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ فَفِي الْأَوَّلِ) تَعْتَدُّ (وَكَذَا لَوْ أَذِنَ ثُمَّ وَجَبَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ) مِنْهُ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ فِيهِ (وَلَوْ أَذِنَ فِي الِانْتِقَالِ إلَى بَلَدٍ فَكَمَسْكَنٍ) فِيمَا ذَكَرَ فَإِنْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَلَدِ أَيْ قَبْلَ فِرَاقِ عُمْرَانِهِ اعْتَدَّتْ فِي مَسْكَنِهَا مِنْهُ أَوْ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ وَقَبْلَ الْوُصُولِ إلَى الثَّانِي، فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، أَوْ بَعْدَ الْوُصُولِ إلَيْهِ، اعْتَدَّتْ فِيهِ جَزْمًا (أَوْ) أَذِنَ (فِي سَفَرِ حَجٍّ أَوْ تِجَارَةٍ ثُمَّ وَجَبَتْ فِي الطَّرِيقِ فَلَهَا الرُّجُوعُ وَالْمُضِيُّ) وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ فِي سَيْرِهَا (فَإِنْ مَضَتْ) وَبَلَغَتْ الْمَقْصِدَ (أَقَامَتْ) فِيهِ (لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا ثُمَّ يَجِبُ الرُّجُوعُ) فِي الْحَالِ، (لِتَعْتَدَّ الْبَقِيَّةَ فِي الْمَسْكَنِ) فَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ تَنْقَضِي فِي الطَّرِيقِ وَجَبَ الرُّجُوعُ أَيْضًا، فِي الْأَصَحِّ، لِلْقُرْبِ مِنْ مَوْضِعِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ لَمْ تَمْضِ اعْتَدَّتْ الْبَقِيَّةَ فِي مَسْكَنِهَا، وَلَوْ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ مَسْكَنِهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ أَوْ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ لِلسَّفَرِ، وَلَمْ تُفَارِقْ عُمْرَانَ الْبَلَدِ لَزِمَهَا الْعَوْدُ إلَيْهِ، لِأَنَّهَا لَمْ تَشْرَعْ فِي السَّفَرِ، وَقِيلَ تَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالْمُضِيِّ لِتَضَرُّرِهَا بِتَرْكِهِ الْمُفَوِّتِ لِغَرَضِهَا، وَقِيلَ فِي سَفَرِ الْحَجِّ، تَتَخَيَّرُ وَفِي سَفَرِ التِّجَارَةِ، يَلْزَمُهَا الْعَوْدُ وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ، فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ (وَلَوْ خَرَجَتْ إلَى غَيْرِ الدَّارِ الْمَأْلُوفَةِ) لِسُكْنَاهَا (فَطَلَّقَ وَقَالَ مَا أَذِنْت فِي الْخُرُوجِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ، فَيَجِبُ رُجُوعُهَا فِي الْحَالِ إلَى دَارِ الْمَأْلُوفَةِ، وَلَوْ وَافَقَهَا عَلَى الْإِذْنِ فِي الْخُرُوجِ، لَا يَجِبُ الرُّجُوعُ فِي الْحَالِ (وَلَوْ قَالَتْ نَقَلْتنِي) أَيْ أَذِنْت فِي النُّقْلَةِ إلَى هَذِهِ الدَّارِ فَأَعْتَدُّ فِيهَا (فَقَالَ بَلْ أَذِنْت) فِي الْخُرُوجِ إلَيْهَا (لِحَاجَةٍ) ذَكَرَهَا فَاعْتَدِّي فِي الْأُولَى (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِي النُّقْلَةِ، وَمُقَابِلُهُ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا، بِكَوْنِهَا فِي الثَّالِثَةِ، وَهُمَا قَوْلَانِ مَحْكِيَّانِ، فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ الزَّوْجَةُ، وَوَارِثُ الزَّوْجِ وَالْمَذْهَبُ تَصْدِيقُهَا، لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِمَا جَرَى مِنْ الْوَارِثِ، بِخِلَافِ الزَّوْجِ. (وَمَنْزِلُ بَدْوِيَّةٍ وَبَيْتُهَا مِنْ شَعْرٍ كَمَنْزِلِ حَضَرِيَّةٍ) فَعَلَيْهَا مُلَازَمَتُهُ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَإِنْ ارْتَحَلَ فِي أَثْنَائِهَا قَوْمُهَا، ارْتَحَلَتْ مَعَهُمْ لِلضَّرُورَةِ أَوْ أَهْلُهَا فَقَطْ، وَفِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ وَعَدَدٌ، فَقِيلَ تَعْتَدُّ بَيْنَهُمْ لِتَيَسُّرِهِ، وَالْأَصَحُّ تَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالِارْتِحَالِ، لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِ عَسِرَةٌ مُوحِشَةٌ (وَإِذَا كَانَ الْمَسْكَنُ) مَمْلُوكًا (لَهُ وَيَلِيقُ بِهَا تَعَيَّنَ) لَأَنْ تَعْتَدَّ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إلَّا فِي عِدَّةٍ ذَاتِ أَشْهُرٍ فَكَمُسْتَأْجِرٍ)   [حاشية قليوبي] تَنْقُلْ الْأَمْتِعَةَ) وَكَذَا لَوْ عَادَتْ إلَى نَقْلِهَا قَوْلُهُ: (فَفِي الْأَوَّلِ) مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي الْإِقَامَةِ فِي الثَّانِي قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْهُ) وَإِنْ بَعَثَتْ أَمْتِعَتَهَا قَوْلُهُ: (فِي انْتِقَالٍ) أَوْ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (قَبْلَ فِرَاقِ عِمْرَانِهِ) أَوْ سُورِهِ إلَى مَحَلٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، قَوْلُهُ: (فِي الطَّرِيقِ) أَيْ بَعْدَمَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ (فَلَهَا الرُّجُوعُ) وَهُوَ أَوْلَى، قَوْلُهُ: (أَقَامَتْ فِيهِ) أَيْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ مِنْ تَمَامِ الْحَجِّ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ بِقَدْرِ مُدَّةِ قَدَّرَهَا لَهَا، وَيُغْتَفَرُ لَهُمَا مِمَّا بَعْدَهُمَا إلَى مَا دُونَ الثَّلَاثِ أَوْ إلَى وُجُودِ رِفْقَةٍ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِمْ وَنَحْوَ أَمْنِ طَرِيقٍ قَوْلُهُ: (لَزِمَهَا الْعَوْدُ) وَفِي هَذِهِ، وَاَلَّتِي قَبْلَهَا لَوْ كَانَتْ أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ أَتَمَّتْهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا تَحَلَّلَتْ وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ وَدَمُ الْفَوَاتِ هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَوْلُهُ: (وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ إلَخْ) نَعَمْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا الْفَوَاتُ وَغَيْرُ سَفَرِ الْحَجِّ وَالتِّجَارَةِ مِثْلُهُمَا، وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ لِنُزْهَةٍ وَلَوْ سَافَرَتْ مَعَهُ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ فِي مَقْصِدِ الزَّوْجِ لَزِمَهَا الْعَوْدُ حَالًا بِالشَّرْطِ السَّابِقِ لِانْقِطَاعِ تَبَعِيَّتِهَا لَهُ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ، وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مِنْ اغْتِفَارِ مُدَّةِ الْمُسَافِرِ غَيْرُ مُرَادٍ. فَرْعٌ: لَوْ جَهِلَ حَالَ السَّفَرِ وَالْإِذْنِ فِيهِ حُمِلَ عَلَى النُّقْلَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ) أَيْ الزَّوْجُ وَمِثْلُهُ فِي هَذِهِ وَارِثُهُ، قَوْلُهُ: (وَهُمَا قَوْلَانِ إلَخْ) لَعَلَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَذْهَبِ الرَّاجِحُ بِدَلِيلِ تَعْبِيرِهِ بِهِ كَالْمُصَنِّفِ لَا بِمَعْنَى أَنَّ الْخِلَافَ طُرُقٌ، وَقِيلَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَحَدَ الْخِلَافَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْآخَرِ فَأَشْبَهَ الطُّرُقَ فَتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا أَعْرَفُ) أَيْ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْإِذْنِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا وَهَلْ تَسْقُطُ سُكْنَاهَا إذَا لَمْ تَصْدُقْ هِيَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ رَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (وَبَيْتُهَا مِنْ شَعْرٍ) تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ وَالشَّعْرُ مِثَالٌ، وَبُيُوتُ الْحِلَّةِ كَبُيُوتِ الْقَرْيَةِ، وَالْحَالَتَانِ كَالْقَرْيَتَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا بُيُوتُ الْخَانِ وَالسَّفِينَةِ فَإِنْ عَدِمَتْ بُيُوتَ السَّفِينَةِ، وَلَهَا مَحْرَمٌ فِيهَا مَثَلًا أَخْرَجَ الزَّوْجَ مِنْهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ أُخْرِجَتْ هِيَ إلَى أَقْرَبِ شَطٍّ تَأْمَنُ فِيهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ اعْتَدَّتْ فِيهَا مَعَ الِاحْتِيَاطِ مِنْ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ مَثَلًا قَوْلُهُ: (قَوْمُهَا) أَيْ أَهْلُهَا وَغَيْرُهُمْ قَوْلُهُ: (لِلضَّرُورَةِ) فَيَتَعَيَّنُ أَقْرَبُ مَحَلٍّ تَأْمَنُ فِيهِ قَوْلُهُ: (أَوْ أَهْلُهَا) أَيْ ارْتَحَلُوا لَا مَعَ رَجَاءِ عَوْدِهِمْ وَإِلَّا كَأَنْ هَرَبُوا مِنْ عَدُوٍّ مَثَلًا، وَيَعُودُونَ وَجَبَ عَلَيْهَا الْإِقَامَةُ حَيْثُ أَمِنَتْ، وَكَذَا لَوْ ارْتَحَلَ بَعْضُ أَهْلِهَا قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ تَتَخَيَّرُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ رَجْعِيَّةً خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، قَوْلُهُ: (مَمْلُوكًا) وَلَوْ مِنْ حَيْثُ الْمَنْفَعَةُ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَعْتَدُّ إلَخْ) قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ الْأَقْيَسُ وَيَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ الرَّجُلِ الَّذِي خَرَجَ تَائِبًا فَمَاتَ، وَاخْتَصَمَتْ فِيهِ الْمَلَائِكَةُ. قَوْلُهُ: (فَفِيهِ الْخِلَافُ) قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ أَرَادَتْ الْإِقَامَةَ فِي بَلَدٍ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ لِتَقْضِيَ عِدَّتَهَا فِيهِ لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (أَوْ تِجَارَةٍ) مِثْلُهُ النُّزْهَةُ قَوْلُهُ: (لَمْ يَجِبْ الرُّجُوعُ) أَيْ وَلَوْ انْقَضَتْ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) أَيْ وَكَمَا لَوْ خَاطَبَهَا بِكِنَايَةِ الطَّلَاقِ وَاخْتَلَفَا فِي النِّيَّةِ وَلِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ فَكَذَا فِي صِفَتِهِ، قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ تَتَخَيَّرُ) ، خُولِفَ ذَلِكَ فِي الْحَضَرِيَّةِ فَتَلْزَمُهَا الْإِقَامَةُ وَتُخَالِفُ الْحَضَرِيَّةَ أَيْضًا، فِيمَا لَوْ أَذِنَ الزَّوْجُ لِلْبَدَوِيَّةِ فِي النُّقْلَةِ مِنْ حِلَّةٍ إلَى حِلَّةٍ ثُمَّ طَلَّقَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، فَلَهَا الْإِقَامَةُ فِي قَرْيَةٍ أَوْ حِلَّةٍ بَيْنَهُمَا وَلَا كَذَلِكَ الْحَضَرِيَّةُ. قَوْلُهُ: (وَيَلِيقُ بِهَا) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ إنَّهُ يَعْتَبِرُ هُنَا فِي مُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ أَنْ يَكُونَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 فَيَصِحُّ، فِي الْأَظْهَرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ، (وَقِيلَ بَاطِلٌ) قَطْعًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ وَالْمُعْتَدَّةُ لَا تَمْلِكُهَا، فَكَأَنَّ الْمُطَلِّقَ بَاعَهُ وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهُ لِنَفْسِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَذَلِكَ بَاطِلٌ (أَوْ مُسْتَعَارًا لَزِمَتْهَا فِيهِ فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ وَلَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةٍ نُقِلَتْ) بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ بِهَا فَتَلْزَمُ الْمُطَلِّقَ، وَلَا تُنْقَلُ (وَكَذَا مُسْتَأْجِرًا نَقَضَتْ مُدَّتُهُ) فَإِذَا إذَا لَمْ يَرْضَ مَالِكُهُ بِتَحْدِيدِ إجَارَةِ تُنْقَلُ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ بِذَلِكَ (أَوْ) مَمْلُوكًا (لَهَا اسْتَمَرَّتْ) فِيهِ لُزُومًا (وَطَلَبَتْ الْأُجْرَةَ) مِنْ الْمُطَلِّقِ، قَالَهُ صَاحِبَا الْمُذْهَبِ وَالتَّهْذِيبِ، وَقَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، تَتَخَيَّرُ بَيْنَ الِاسْتِمْرَارِ فِيهِ، بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ وَهُوَ أَوْلَى وَبَيْنَ طَلَبِ النَّقْلِ إلَى غَيْرِهِ، (فَإِنْ كَانَ مَسْكَنُ النِّكَاحِ نَفِيسًا فَلَهُ النَّقْلُ إلَى لَائِقٍ بِهَا أَوْ خَسِيسًا فَلَهَا الِامْتِنَاعُ) مِنْ الِاسْتِمْرَارِ فِيهِ، وَطَلَبُ النَّقْلِ إلَى لَائِقٍ بِهَا، وَحَيْثُ تُنْقَلُ يَنْبَغِي أَنْ تُنْقَلَ إلَى قَرِيبٍ مِنْ الْمَنْقُولِ عَنْهُ، بِحَسَبِ مَا يُمْكِنُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ وَاسْتَبْعَدَ الْغَزَالِيُّ الْوُجُوبَ وَتَرَدَّدَ فِي الِاسْتِحْبَابِ (وَلَيْسَ لَهُ مُسَاكَنَتُهَا وَمُدَاخَلَتُهَا) حَيْثُ فَضَّلَتْ الدَّارَ عَلَى سُكْنَى مِثْلِهَا لِمَا يَقَعُ فِيهِمَا مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا، وَهِيَ حَرَامٌ كَالْخَلْوَةِ بِأَجْنَبِيَّةٍ (فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ مَحْرَمٌ لَهَا مُمَيِّزٌ ذَكَرٌ أَوْ) مَحْرَمٌ (لَهُ) مُمَيِّزٌ (أُنْثَى أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى) كَذَلِكَ (أَوْ أَمَةٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ جَازَ) مَا ذَكَرَ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ فِيهِ لَكِنْ يُكْرَهُ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ النَّظَرُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ (وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَةٌ فَسَكَنَهَا أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ الْأُخْرَى فَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ كَمَطْبَخٍ وَمُسْتَرَاحٍ) وَمِصْعَدًا إلَى السَّطْحِ (اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ) حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ فِيمَا ذَكَرَ، (وَإِلَّا فَلَا) يُشْتَرَطُ (وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْلَقَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ بَابٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَمَرُّ إحْدَاهُمَا) يَمُرُّ فِيهِ (عَلَى الْأُخْرَى) كَمَا اشْتَرَطَهُمَا صَاحِبَا التَّهْذِيبِ وَالتَّتِمَّةِ وَغَيْرُهُمَا، حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ فِي ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الثَّانِيَ كَمَا فِي الْبَيْتَيْنِ مِنْ الْخَانِ، (وَسُفْلٌ وَعُلْوٌ كَدَارٍ وَحُجْرَةٍ) فِيمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ إنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ لِغَيْرِهَا نَعَمْ لَوْ سَبَقَ الْعِدَّةَ رَهْنٌ وَتَعَذَّرَ الْوَفَاءُ مِنْ غَيْرِهِ بِيعَ فِيهِ، أَوْ سَبَقَ حَجْرٌ فَلَيْسَ فَهِيَ كَالْغُرَمَاءِ، وَتُقَدَّمُ هِيَ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَيَصِحُّ بَيْعُهُ لَهَا مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (فَيَصِحُّ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ تَوَقَّعَتْ الْحَيْضَ فِيهَا بِنَحْوِ بُلُوغِ تِسْعِ سِنِينَ مَثَلًا، وَإِذَا طَرَأَ الْحَيْضُ فِيهَا تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (قَطْعًا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ بِقِيلَ طَرِيقٌ قَاطِعٌ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ التَّشْبِيهِ قَبْلَهُ، وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِهِ قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ قَوْلُهُ: (مُسْتَعَارًا) وَلَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ، قَوْلُهُ: (رَجَعَ الْمُعِيرُ) أَوْ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ بِنَحْوِ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (نُقِلَتْ) وَلَا يَلْزَمُهَا الْعَوْدُ لَهُ لَوْ رَضِيَ بَعْدَهَا قَوْلُهُ: (فَتَلْزَمُ الْمُطْلِقَ) فَهِيَ عَارِيَّةٌ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَتِهِ بِإِلْزَامِ الشَّارِعِ، قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ) فَيَلْزَمُ الْمُطْلِقَ الْأُجْرَةُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ نَقْلُهَا، قَوْلُهُ: (وَطَلَبَتْ الْأُجْرَةَ) أَيْ أُجْرَةً قَدْرَ مَا يَلِيقُ بِهَا مِنْهُ، وَسَوَاءٌ طَلَبَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ وَلِيِّهَا، فَلَوْ لَمْ تَطْلُبْهَا فَلَا أُجْرَةَ حَيْثُ كَانَتْ رَشِيدَةً، كَمَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي بَيْتِهَا بِإِذْنِهَا مُدَّةً وَلَمْ تَطْلُبْهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَمْتِعَتُهُ فِي مَحَلٍّ وَحْدَهَا، فَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) أَيْ صَحَّحَ أَنَّهَا تُخَيَّرُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ أَمْكَنَ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْجَوَازِ دُونَ الْوُجُوبِ، بِأَنْ يُقَالَ اسْتَمَرَّتْ إنْ شَاءَتْ قَوْلُهُ: (وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ) أَيْ نَقْلُهَا إلَى الْقَرِيبِ أَيْ تَعَيَّنَ الْقَرِيبُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ) وَلَوْ فِي رَجْعِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَمُدَاخَلَتُهَا) أَيْ وَلَا مُدَاخَلَتُهَا وَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ ذِكْرُهَا قَوْلُهُ: (حَيْثُ فُضِّلَتْ) قَيْدٌ لِلْجَوَازِ الْآتِي فَغَيْرُهَا يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (ذَكَرٌ) لَيْسَ قَيْدًا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَلَا بُدَّ فِي الْمَحْرَمِ وَغَيْرِهِ، مِمَّنْ يَأْتِي أَنْ يَكُونَ ثِقَةً، وَقَالَ شَيْخُنَا فِي مَحْرَمِهَا يَكْفِي أَنْ يَكُونَ لَهُ غَيْرَةٌ، وَلَوْ غَيْرَ ثِقَةٍ وَلَا بُدَّ فِيمَنْ ذَكَرَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا، وَقَالَ شَيْخُنَا يَكْفِي أَعْمَى قَوِيُّ الْإِدْرَاكِ قَوْلُهُ: (أَوْ امْرَأَةٌ) أَوْ مَمْسُوحٌ أَوْ عَبْدُهَا قَوْلُهُ: (اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ) أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي) أَيْ يَجِبُ قَوْلُهُ: (أَنْ يُغْلَقَ) وَأَوْلَى مِنْهُ أَنْ يُسَمَّرَ وَأَوْلَى مِنْهُ أَنْ يُبْنَى، قَوْلُهُ: (كَمَا اشْتَرَطَهُمَا) أَيْ الْغَلْقَ وَعَدَمَ الْمُرُورِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفِي كَلَامِهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ، قَوْلُهُ: (وَعُلْوٌ) وَالْأَوْلَى إسْكَانُهَا فِيهِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا. فَرْعٌ: يَحْرُمُ خَلْوَةُ أَمْرَدَ بِأَمْرَدَ، وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ رَجُلٍ بِأَمْرَدَ وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ بِنِسْوَةٍ غَيْرِ ثِقَاتٍ كَذَلِكَ، نَعَمْ إنْ لَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ كَشَارِعٍ وَمَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ فَلَا تَحْرُمُ.   [حاشية عميرة] لَائِقًا بِهَا قَالَ وَيُخَالِفُ سَكَنَ النِّكَاحِ الَّذِي يُرَاعَى فِيهِ حَالُ الزَّوْجِ دُونَهَا لِمَا تَوَجَّهَ فِي هَذِهِ الْمَسْكَنِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ سَوْقِهِ فِي النَّفَقَاتِ مَا يُخَالِفُهُ. قَوْلُهُ: (وَطَلَبَتْ الْأُجْرَةَ) أَيْ أُجْرَةَ الْمَكَانِ الَّذِي يَكْفِيهَا مِنْهُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فَلَا أُجْرَةَ كَالسُّكْنَى فِي صُلْبِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ فَضَلَتْ عَنْ سُكَّانِهَا ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الدَّارَ مَعَ كَوْنِهَا فَاضِلَةً لَيْسَ فِيهَا بَيْتٌ وَاحِدٌ وَإِلَّا لَاتَّحَدَتْ مَعَ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ إلَّا أَنَّ مِثْلَ هَذَا التَّصْوِيرِ لَمْ يَكْتَفُوا فِيهَا بِالْمَحْرَمِ إلَّا مَعَ بِنَاءِ حَائِلٍ. قَوْلُهُ: (ذَكَرٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَكْفِي الْأُنْثَى بِالْأَوْلَى وَلَوْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً فَكَذَلِكَ تَكْفِي عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ) اسْتَشْكَلَ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الشِّقَّيْنِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمَحْرَمَ قَدْ لَا يَكُونُ مَعَهَا عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَلَا يُلَازِمُهَا عَلَى الدَّوَامِ وَأَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ عِنْدَ التَّعَدُّدِ فَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ ثَمَّ سُكَّانٌ وَالْمَحْذُورُ مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ كَبِيرَةً ذَاتَ مَرَافِقَ وَلَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ، فَالْمُتَّجَهُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى غَيْرِهَا. تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَتْ الْمَرَافِقُ عِنْدَ التَّعَدُّدِ خَارِجَ الْحُجْرَةِ فِي الدَّارِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّ الْخَلْوَةَ لَا تَمْنَعُ مَعَ ذَلِكَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ هُوَ التَّرَبُّصُ بِالْمَرْأَةِ مُدَّةً بِسَبَبِ مِلْكِ الْيَمِينِ، حُدُوثًا أَوْ زَوَالًا لِتُعْرَفَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا مِنْ الْحَمْلِ أَوْ تَعَبُّدًا (يَجِبُ بِسَبَبَيْنِ أَحَدُهُمَا مِلْكُ أَمَةٍ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ سَبْيٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ تَحَالُفٍ أَوْ إقَالَةٍ) أَوْ قَبُولِ وَصِيَّةٍ (سَوَاءٌ بِكْرٌ وَمَنْ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَمُنْتَقِلَةٌ مِنْ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٌ وَغَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْمَذْكُورَاتِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الصَّغِيرَةُ وَالْآيِسَةُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ، وَلَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقَاسَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، غَيْرَ الْمَسْبِيَّةِ عَلَيْهَا بِجَامِعِ حُدُوثِ الْمِلْكِ وَأَخَذَ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي الْمَسْبِيَّةِ، أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبِكْرِ وَغَيْرِهَا، وَأَلْحَقَ مَنْ لَا تَحِيضُ مِنْ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ، بِمَنْ تَحِيضُ فِي اعْتِبَارِ قَدْرِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ غَالِبًا، وَهُوَ شَهْرٌ كَمَا سَيَأْتِي. (وَيَجِبُ) الِاسْتِبْرَاءُ (فِي مُكَاتَبَةٍ عُجِّزَتْ) أَيْ عَجَّزَهَا السَّيِّدُ لِعَوْدِ مِلْكِ الِاسْتِمْتَاعِ بَعْدَ زَوَالِهِ بِالْكِتَابَةِ وَكَذَا لَوْ فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ، يَجِبُ (وَكَذَا مُرْتَدَّةٌ) عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا، (فِي الْأَصَحِّ) لِعَوْدِ مِلْكِ الِاسْتِمْتَاعِ بَعْدَ زَوَالِهِ بِالرِّدَّةِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُنَافِي الْمِلْكَ بِخِلَافِ، الْكِتَابَةِ. (لَا مَنْ خَلَتْ مِنْ صَوْمٍ أَوْ اعْتِكَافٍ أَوْ إحْرَامٍ) بَعْدَ حُرْمَتِهَا عَلَى السَّيِّدِ بِذَلِكَ لِإِذْنِهِ فِيهِ. فَإِنَّهَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا لِأَنَّ حُرْمَتَهَا بِذَلِكَ لَا تُخِلُّ بِالْمِلْكِ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ (وَفِي الْإِحْرَامِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بَعْدَ الْحِلِّ مِنْهُ كَالرِّدَّةِ لِتَأَكُّدِ الْحُرْمَةِ بِهِ   [حاشية قليوبي] بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ هُوَ بِالْمَدِّ لُغَةً طَلَبُ الْبَرَاءَةِ وَشَرْعًا مَا سَيَذْكُرُهُ وَهُوَ فِي الْأَمَةِ كَالْعِدَّةِ فِي الزَّوْجَةِ، وَلِذَلِكَ عَقِبَهَا وَخُصَّ بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ أَقَلَّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ، قَوْلُهُ: (التَّرَبُّصُ بِالْمَرْأَةِ) الْأَوْلَى تَرَبُّصُ الْمَرْأَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْأَمَةُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَكَانَ أَنْسَبُ قَوْلُهُ: (بِسَبَبِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَالْمُرَادُ حِلُّ الِاسْتِمْتَاعُ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ بِلَا حُدُوثٍ أَوْ زَوَالٍ أَوْ إرَادَةِ تَزْوِيجٍ كَمَا فِي الْمُكَاتَبَةِ وَنَحْوِهَا وَتَزْوِيجِ مَوْطُوءَتِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَعَبُّدًا) عَطْفٌ عَلَى تَعَرُّفٍ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (بِسَبَبَيْنِ) أَيْ بِأَحَدِ سَبَبَيْنِ أَصَالَةً كَمَا مَرَّ فَلَا يَرِدُ وَطْءُ أَمَةِ غَيْرِهِ بِظَنِّهَا أَمَتَهُ قَوْلُهُ: (أَمَةٍ) وَلَوْ احْتِمَالًا فَشَمَلَ الْخُنْثَى وَهَلْ يَكْفِي اسْتِبْرَاؤُهُ قَبْلَ اتِّضَاحِهِ رَاجِعْهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ مَا فِي الْمَجُوسِيَّةِ الْآتِيَةِ قَوْلُهُ: (أَوْ هِبَةٍ) أَيْ مَعَ قَبْضٍ أَوْ إرْثٍ وَلَوْ قَبْلَ قَبْضٍ أَوْ بَيْعٍ بَعْدَ لُزُومِهِ لَا قَبْلَهُ، قَوْلُهُ: (أَوْ سَبْيٍ) أَيْ بَعْدَ قِسْمَةٍ أَوْ اخْتِيَارِ تَمَلُّكٍ كَمَا فِي الْجِهَادِ. تَنْبِيهٌ: قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ يَجُوزُ وَطْءُ السَّرَارِي الْمَجْلُوبَةِ الْآنَ مِنْ الرُّومِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَنْ جَلَبَهَا لَا تَخْمِيسَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ذَكَرْنَاهُ فِي مَحَلِّهِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ، قَوْلُهُ: (أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ) خَرَجَ بِذَلِكَ أَمَةٌ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهَا وَرَدَّهَا الْمُسَلِّمُ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ فِيهَا، فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ قَوْلُهُ: (أَوْ قَبُولِ وَصِيَّةٍ) أَوْ رُجُوعِ مُقْرِضٍ أَوْ بَائِعٍ مُفْلِسٍ أَوْ وَالِدٍ فِي هِبَةِ فَرْعِهِ، أَوْ أَمَةِ قِرَاضٍ بَعْدَ فَسْخِهِ لَا أَمَةِ تِجَارَةٍ بَعْدَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَتَوَقَّفَ فِيهَا شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَالتَّوَقُّفُ ظَاهِرٌ خُصُوصًا مَعَ بَقَائِهَا عَلَى التِّجَارَةِ فَرَاجِعْ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ) وَيَجُوزُ فِي هَذِهِ تَزْوِيجِهَا مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي وَمِنْهُ إنْ أَعْتَقَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَمِثْلُهَا الْمَمْلُوكَةُ مِنْ سَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ قَوْلُهُ: (فِيهَا) الْأَوْلَى فِيهِ لِأَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الْغَيْرِ، وَيَحْتَمِلُ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِجَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ قَوْلُهُ: (أَوْطَاسٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا اسْمُ وَادٍ مِنْ هَوَازِنَ عِنْدَ حُنَيْنٍ قَوْلُهُ: (وَأَلْحَقَ) أَيْ الشَّافِعِيُّ أَيْ قَاسَ كَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُ وَالْمُغَايَرَةُ تَفَنُّنٌ ، قَوْلُهُ: (فِي مُكَاتَبَةٍ) أَيْ كِتَابَةٍ صَحِيحَةٍ وَكَذَا أَمَةُ مُكَاتَبٍ عَجَزَ، قَوْلُهُ: (عُجِّزَتْ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ بِدَلِيلِ تَفْسِيرِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا مُرْتَدَّةٌ) وَكَذَا رِدَّةُ السَّيِّدِ أَوْ هُمَا مَعًا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ أَسْلَمَتْ أَمَةُ كَافِرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَهَا وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ، قَوْلُهُ: (لِعَوْدِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِحُدُوثِ الْمِلْكِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِلْكُ الِاسْتِمْتَاعِ لَا مِلْكُ الْيَمِينِ فَتَأَمَّلْهُ قَالَ شَيْخُنَا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ حَيْثُ حِلُّ التَّمَتُّعِ وَأَمَّا التَّزْوِيجُ فَإِنْ كَانَ قَدْ وَطِئَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ أَوْ الرِّدَّةِ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ وَإِلَّا فَلَا فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (بِذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْإِحْرَامِ وَلَوْ أَشْتَرَاهَا كَذَلِكَ كَفَى الِاسْتِبْرَاءُ فِي زَمَنِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى زَوَالِهِ. قَوْلُهُ: (لِإِذْنِهِ) قَيْدٌ لِلْحُرْمَةِ فَلَوْ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ   [حاشية عميرة] [بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ] ِ قَوْلُهُ: (أَوْ سَبْيٍ) أَيْ مَعَ الْقِسْمَةِ ثُمَّ مَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِالِاسْتِبْرَاءِ إذَا كَانَ الْحِلِّ يُعْقِبُهُ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْمَجُوسِيَّةِ، وَنَحْوُهُ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى مُحْرِمَةً وَجَعَلَ الِاسْتِبْرَاءَ زَمَنَ الْإِحْرَامِ لَمْ يَكْفِ وَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهِ، قَوْلُهُ: (وَمَنْ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ) أَيْ لَكِنْ هَذِهِ يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَلَهُ إنْ أَعْتَقَهَا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ اسْتِبْرَاءٍ، وَكَذَا الْمَمْلُوكَةُ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَوْلَدَةِ إذَا اسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا لَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا لِغَيْرِهِ، إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِشَبَهِهَا بِالْحَرَائِرِ كَمَا سَيَأْتِي. ، قَوْلُهُ: (لِعَوْدِ مِلْكِ الِاسْتِمْتَاعِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا بِالْكِتَابَةِ كَالْخَارِجَةِ عَنْ مِلْكِهِ فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ وَإِيجَابِ الْمَهْرِ بِوَطْئِهَا، قَوْلُهُ: (وَكَذَا مُرْتَدَّةٌ) لَوْ أَسْلَمَتْ جَارِيَةُ الْكَافِرِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْبُلْقِينِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَلَوْ زَوَّجَ الشَّخْصُ أَمَتَهُ فَطَلُقَتْ وَاعْتَدَّتْ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ إنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوْلَدَةً وَإِلَّا فَلَا لِشَبَهِهَا بِالْحَرَائِرِ. ، قَوْلُهُ: (بَعْدَ حُرْمَتِهَا عَلَى السَّيِّدِ بِذَلِكَ) ، اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الَّتِي اشْتَرَاهَا مُحْرِمَةً وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي الِاسْتِبْرَاءُ قَبْلَ زَوَالِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُصَدِّقُ أَنَّ تَحْرِيمَهَا عَلَى السَّيِّدِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 وَقَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ. (وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ) بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً فَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا (اُسْتُحِبَّ) الِاسْتِبْرَاءُ وَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ بِالشِّرَاءِ حِلٌّ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ لِيَتَمَيَّزَ وَلَدُ النِّكَاحِ عَنْ وَلَدِ مِلْكِ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ فِي النِّكَاحِ يَنْعَقِدُ مَمْلُوكًا ثُمَّ يَعْتِقُ فِي الْمِلْكِ وَفِي مِلْكِ الْيَمِينِ يَنْعَقِدُ حُرًّا وَتَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ، (وَقِيلَ يَجِبُ) الِاسْتِبْرَاءُ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ (وَلَوْ مَلَكَ مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً) عَنْ زَوْجٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْحَالِ أَوْ جَاهِلٌ بِهِ وَأَمْضَى الْبَيْعَ (لَمْ يَجِبْ) فِي الْحَالِ اسْتِبْرَاءٌ لِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِحَقِّ غَيْرِهِ. (فَإِنْ زَالَا) أَيْ الْمَذْكُورَانِ، مِنْ الزَّوْجِيَّةِ وَالْعِدَّةِ بِأَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ، أَوْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ (وَجَبَ) الِاسْتِبْرَاءُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِحُدُوثِ الْمِلْكِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّ حُدُوثَ الْمِلْكِ يَخْلُفُ عَنْهُ حِلُّهَا فَيَسْقُطُ أَثَرُهُ. (الثَّانِي زَوَالُ فِرَاشٍ عَنْ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ) غَيْرِ مُسْتَوْلَدَةٍ (أَوْ مُسْتَوْلَدَةٍ بِعِتْقٍ أَوْ مَوْتِ السَّيِّدِ) فَيَجِبُ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ، كَمَا تَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَى الْمُفَارَقَةِ عَنْ نِكَاحٍ. (وَلَوْ مَضَتْ مُدَّةُ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى مُسْتَوْلَدَةٍ ثُمَّ أَعْتَقَهَا) سَيِّدُهَا (أَوْ مَاتَ) عَنْهَا (وَجَبَ) عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ وَيُكْتَفَى بِمَا مَضَى (قُلْت وَلَوْ اسْتَبْرَأَ أَمَةً مَوْطُوءَةً) غَيْرَ مُسْتَوْلَدَةٍ (فَأَعْتَقَهَا لَمْ يَجِبْ) عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ (وَتَتَزَوَّجُ فِي الْحَالِ إذْ لَا تُشْبِهُ مَنْكُوحَةً) بِخِلَافِ الْمُسْتَوْلَدَةِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . (وَيَحْرُمُ تَزَوُّجُ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ) غَيْرِ مُسْتَوْلَدَةٍ (وَمُسْتَوْلَدَةٍ   [حاشية قليوبي] لِعَدَمِ إذْنِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ الْجُمْهُورُ) فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ اشْتَرَى) أَيْ الْحُرُّ الْكَامِلُ زَوْجَتَهُ اُسْتُحِبَّ الِاسْتِبْرَاءُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَمِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ. قَوْلُهُ: (فَانْفَسَخَ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْخِيَارِ لَهُ فَقَطْ، وَإِلَّا فَلَهُ الْوَطْءُ فِي خِيَارِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ، وَيَمْتَنِعُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا لِجَهْلِ الْمَبِيعِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ إلَخْ) فَلَوْ تَجَدَّدَ كَأَنْ مَلَكَ مُعْتَدَّةً مِنْهُ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَلَوْ رَجْعِيَّةً قَوْلُهُ: (لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ) وَلَعَلَّ عَدَمَ النَّظَرِ إلَيْهِ لِسَبْقِ الْحِلِّ الْمُسْتَمِرِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَلَكَ) وَسَيَأْتِي لَوْ أَعْتَقَ قَوْلُهُ: (أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) وَإِنْ تَعَدَّدَتْ فَلَوْ وَطِئَ شَرِيكَانِ أَمَةً مُشْرِكَةً بَيْنَهُمَا، وَلَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ أَوْ وَطِئَ اثْنَانِ أَمَةَ رَجُلٍ ظَنَّهَا كُلٌّ مِنْهَا أَمَتَهُ ثُمَّ اسْتَبْرَأَهَا فِي الصُّورَتَيْنِ، أَوْ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا وَجَبَ اسْتِبْرَاءَانِ كَعِدَّتَيْنِ لِاثْنَيْنِ وَيُقَدَّمُ الْأَسْبَقُ إنْ كَانَ، وَيَجِبُ اسْتِبْرَاءُ ثَالِثٍ لِمَنْ مَلَكَهَا، وَلَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ شَرِيكَيْنِ لَمْ يَطَأْهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ نِسَاءٍ أَوْ صِبْيَانٍ هَلْ يَتَعَدَّدُ الِاسْتِبْرَاءُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ، أَوْ يَكْفِيهِ اسْتِبْرَاءٌ وَاحِدٌ فِيهِ نَظَرٌ. تَنْبِيهٌ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ اسْتِبْرَاءُ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ غَيْرِ مُسْتَوْلَدَتِهِ حَالًا، إذَا طَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إذَا طَلُقَتْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَتَهُ لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاءٌ مُطْلَقًا، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّ الْوَطْءِ أَمَّا لَوْ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا، فَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أُمُّ الْوَلَدِ وَغَيْرُهَا كَمَا مَرَّ فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرْتَدَّةِ قِيَاسًا عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (عَنْ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ) أَيْ لَهُ أَوْ مُسْتَوْلَدَتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ لِتَزْوِيجِهَا وَكَذَا الْمَوْطُوءَةُ لِغَيْرِهِ إذَا زَوَّجَهَا مِنْ الْوَاطِئِ الَّذِي الْمَاءُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَالْمَاءُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ، أَوْ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا مَنْ انْتَقَلَتْ مِنْهُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (بِعِتْقٍ) أَيْ فِيهِمَا قَوْلُهُ: (أَوْ مَوْتِ) أَيْ فِيهِمَا أَيْضًا، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا تَبَعًا لِلْبُرُلِّسِيِّ إنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمُسْتَوْلَدَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَهُوَ مِنْ حُدُوثِ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ، وَلَا اسْتِبْرَاءٌ مِنْ حَيْثُ الْمَوْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: يَلْحَقُ بِمَا ذَكَرَ زَوَالُ الْفِرَاشِ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، أَوْ بِزَوَالِ الْوَطْءِ عَنْ نَحْوِ جَارِيَةِ ابْنٍ قَوْلُهُ: (وَلَوْ اسْتَبْرَأَ أَمَةً مَوْطُوءَةً) أَيْ لَهُ وَإِلَّا فَكَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) بِقَوْلِهِ كَمَا يَجِبُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (فَأَعْتَقَهَا) أَيْ لَمْ يَجِبْ الِاسْتِبْرَاءُ وَخَرَجَ مَا لَوْ مَاتَ عَنْهَا لِأَنَّهَا تَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ، فَلَوْ لَمْ تَنْتَقِلْ لَهُ كَمُدَبَّرَةٍ فَكَالْمُسْتَوْلَدَةِ فَيَجِبُ   [حاشية عميرة] لِأَجْلِ الِاسْتِبْرَاءِ لَا لِأَجْلِ الْمَذْكُورَاتِ وَأَيْضًا فَمَحَلُّ الْوَجْهِ الْآتِي فِي الْمُحْرِمَةِ إذَا كَانَ الْإِحْرَامُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ) بِشَرْطِ الْخِيَارِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَلَيْسَ لَهُ الْوَطْءُ لِضَعْفِ الْمِلْكِ. قَوْلُهُ: (لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْمُوجِبَ وُجِدَ وَلَمْ يُمْكِنْ تَرَتُّبُ حُكْمٍ عَلَيْهِ حَالًا، فَإِذَا أَمْكَنَ رُتِّبَ وَلَا بُعْدَ فِي تَرَاخِي الْحُكْمِ عَنْ السَّبَبِ كَمَا فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ نِكَاحٍ، إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ تَعْتَدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عِدَّةِ النِّكَاحِ عَنْ الشُّبْهَةِ. قَوْلُهُ: (مَوْطُوءَةٍ) خَرَجَ غَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ إذَا أَعْتَقَهَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ قَدْ وَطِئَهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا مَا لَمْ يُرِدْ تَزْوِيجَهَا مِنْ الْبَائِعِ، الْمَذْكُورِ وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِزَوَالِ الْفِرَاشِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ، بِزَوَالِ الْمِلْكِ ثُمَّ قَوْلُهُ بِعِتْقٍ أَوْ مَوْتِ السَّيِّدِ فِيهِ نَوْعُ قُصُورٍ إذْ لَوْ زَالَ الْفِرَاشُ عَنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ بِالْفِرَاقِ، أَوْ زَالَ فِرَاشُ الْأَبِ عَنْ وَطْءِ جَارِيَةِ الِابْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَوْتِ السَّيِّدِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْمُسْتَوْلَدَةِ فَإِنْ فِي غَيْرِهَا يَنْتَقِلُ الْوَارِثُ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ لِلسَّيِّدِ وَيَكُونُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُدَبَّرَةَ وَالْمُسْتَوْلَدَةَ . قَوْلُهُ: (فَأَعْتَقَهَا) لَمْ يَقُلْ أَوْ مَاتَ عَنْهَا لِأَنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ وَيَكُونُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَلَا يَدْفَعُهُ حُصُولُ الِاسْتِبْرَاءِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الْمَوْتِ نَعَمْ لِلْوَارِثِ تَزْوِيجُهَا مِنْ الْغَيْرِ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ وَكَذَا مِنْ نَفْسِهِ إذَا أَعْتَقَهَا وَقَوْلُنَا لِأَنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ يُسْتَثْنَى الْمُدَبَّرَةُ فَإِنَّهَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ، وَيُكْتَفَى فِيهَا بِالِاسْتِبْرَاءِ السَّابِقِ كَاَلَّتِي أَعْتَقَهَا فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ) وَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَلْحَقْهُ لَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ. اللُّحُوقِ أَنْ يَنْفِيَهُ أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ حَذَرًا مِنْ اخْتِلَاطِ الْمَاءَيْنِ وَلَوْ أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ فَلَهُ نِكَاحُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَنْكِحُ الْمُعْتَدَّةَ مِنْهُ، وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يَقْتَضِي الِاسْتِبْرَاءَ، فَيَتَوَقَّفُ نِكَاحُهُ عَلَيْهِ، كَتَزْوِيجِهَا لِغَيْرِهِ (وَلَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ) عَنْهَا (وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (فَلَا اسْتِبْرَاءَ) عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ. (وَهُوَ) أَيْ وَالِاسْتِبْرَاءُ فِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ (بِقُرْءٍ وَهُوَ حَيْضَةٌ كَامِلَةٌ فِي الْجَدِيدِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَالْقَدِيمِ أَنَّهُ طُهْرٌ كَمَا فِي الْعِدَّةِ، وَفَرَّقَ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْعِدَّةَ تَتَكَرَّرُ فِيهَا الْأَقْرَاءُ، فَتُعْرَفُ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ بِالْحَيْضِ الْمُتَخَلَّلِ بَيْنَهُمَا، وَهُنَا لَا تَتَكَرَّرُ فَيَعْتَمِدُ الْحَيْضُ الدَّالُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ كَامِلَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ سَبَبُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي أَثْنَاءِ الْحَيْضَةِ، لَا يَكْفِي فِيهِ بَقِيَّتُهَا، فَلَا يَنْقَضِي الِاسْتِبْرَاءُ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْهَا ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، وَعَلَى الْقَدِيمِ لَوْ وُجِدَ السَّبَبُ فِي أَثْنَاءِ الطُّهْرِ اكْتَفَى بِبَاقِيهِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا فِي الْعِدَّةِ، وَرَجَّحَهُ فِي الْبَسِيطِ، وَجَزَمَ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي، وَلَا يَنْقَضِي الِاسْتِبْرَاءُ حَتَّى تَحِيضَ بَعْدَهُ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ، وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. وَفَارَقَ الْعِدَّةَ بِأَنَّ فِيهَا عَدَدًا، فَجَازَ أَنْ يُعَبِّرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ عَنْ اثْنَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثِ (وَذَاتُ أَشْهُرٍ) وَهِيَ الصَّغِيرَةُ وَالْآيِسَةُ، (بِشَهْرٍ) لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْقُرْءِ حَيْضًا وَطُهْرًا فِي الْغَالِبِ (وَفِي قَوْلِ بِثَلَاثَةٍ) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَاءَ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الرَّحِمِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَهِيَ أَقَلُّ مَا يَدُلُّ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالرَّقِيقَةِ (وَحَامِلٌ مَسْبِيَّةٌ أَوْ زَالَ عَنْهَا فِرَاشُ سَيِّدٍ بِوَضْعِهِ) أَيْ الْحَمْلِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ. (وَإِنْ مُلِكَتْ بِشِرَاءٍ) وَهِيَ فِي نِكَاحٍ أَوْ عِدَّةٍ (فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ فِي الْحَالِ) وَأَنَّهُ يَجِبُ بَعْدَ زَوَالِهِمَا فِي الْأَظْهَرِ فَلَا يَكُونُ الِاسْتِبْرَاءُ هُنَا بِالْوَضْعِ لِأَنَّهُ إمَّا غَيْرُ وَاجِبٍ أَوْ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْوَضْعِ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (يَحْصُلُ الِاسْتِبْرَاءُ بِوَضْعِ حَمْلِ زِنًى فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِهِ وَالثَّانِي لَا يَحْصُلُ الِاسْتِبْرَاءُ بِهِ كَمَا لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَدُفِعَ هَذَا بِاخْتِصَاصِ الْعِدَّةِ بِالتَّأْكِيدِ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ التَّكْرَارِ فِيهَا دُونَ الِاسْتِبْرَاءِ. (وَلَوْ مَضَى زَمَنُ اسْتِبْرَاءٍ بَعْدَ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ حُسِبَ إنْ مَلَكَ بِإِرْثٍ) لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ بِهِ لِتَأَكُّدِ الْمِلْكِ فِيهِ نَازِلٌ مَنْزِلَةً الْمَقْبُوضِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ بَيْعِهِ (وَكَذَا شِرَاءٌ فِي الْأَصَحِّ) لِتَمَامِ الْمِلْكِ وَلُزُومِهِ وَالثَّانِي لَا يُحْسَبُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ (لَا هِبَةٌ) فَإِنَّهُ إذَا مَضَى زَمَنُ الِاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ عَقْدِهَا وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا يُحْسَبُ لِتَوَقُّفِ الْمِلْكِ فِيهَا عَلَى الْقَبْضِ فِي الْأَظْهَرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا وَتَسْمَحُ هُنَا فِي التَّعْبِيرِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا بِالْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِدَاعِي الِاخْتِصَارِ. ، (وَلَوْ اشْتَرَى مَجُوسِيَّةً) أَوْ مُرْتَدَّةً (فَحَاضَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَمْ يَكْفِ) حَيْضُهَا الْمَذْكُورُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْقِبُ حِلَّ الِاسْتِمْتَاعِ الَّذِي هُوَ الْقَصْدُ   [حاشية قليوبي] الِاسْتِبْرَاءُ قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ تَزْوِيجُ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ) لَهُ وَفِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ لَهُ مَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ) وَكَذَا مَوْطُوءَتُهُ فَلَهُ نِكَاحُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ، قَوْلُهُ: (يَقْتَضِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ، وَأَنَّ النَّدْبَ لَا خِلَافَ فِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَعْتَقَهَا) أَوْ مَاتَ وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ أَوْ مُعْتَدَّةٌ عَنْ نِكَاحٍ لَا عَنْ شُبْهَةٍ، قَوْلُهُ: (فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا) أَيْ لَا حَالًا وَلَا مَالًا كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. فُرُوعٌ: لَوْ مَاتَ سَيِّدُ أَمَةٍ مُسْتَوْلَدَةٍ وَزَوْجُهَا فَإِنْ سَبَقَ مَوْتُ الزَّوْجِ اعْتَدَّتْ لَهُ وَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا إلَّا إنْ مَاتَ السَّيِّدُ بَعْدَ فَرَاغِ عِدَّتِهَا فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ، وَإِنْ سَبَقَ مَوْتُ السَّيِّدِ أَوْ مَاتَا مَعًا فَكَحُرَّةٍ وَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا أَيْضًا، وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ مِنْ وَقْتِ مَوْتِ آخِرِهِمَا، إلَّا أَنْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ يَقِينًا فَعَلَيْهَا حَيْضَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِي الْعِدَّةِ وَلَا تَرِثُ وَلَهَا تَحْلِيفُ الْوَرَثَةِ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ حُرِّيَّتَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَحِيضُ ثُمَّ تَطْهُرُ) فَأَقَلُّ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا وُجِدَ سَبَبُهُ فِي آخِرِ الطُّهْرِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَلَحْظَتَانِ وَفِي الْحَيْضِ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَحْظَتَانِ وَلَا يَقْطَعُ الِاسْتِبْرَاءَ وَطْءُ السَّيِّدِ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (وَهِيَ الصَّغِيرَةُ) وَكَذَا الْمُتَحَيِّرَةُ وَمَنْ لَمْ تَحِضْ أَيْضًا، لَكِنْ لَوْ حَاضَتْ هَذِهِ ثُمَّ انْقَطَعَ فَلْتَصْبِرْ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ كَمَا فِي الْعِدَّةِ، قَوْلُهُ: (بِوَضْعِ حَمْلِ زِنًى) أَيْ أَنْ لَمْ يَمْضِ قَبْلَ وَضْعِهِ حَيْضَةٌ فِيمَنْ تَحِيضُ أَوْ شَهْرٌ فِي غَيْرِهَا، وَإِلَّا اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْعِدَّةِ ، قَوْلُهُ: (بِدَلِيلِ صِحَّةِ بَيْعِهِ) فَكُلُّ مَا صَحَّ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَذَلِكَ كَوَصِيَّةٍ بَعْدَ الْقَبُولِ وَهِبَةِ فَرْعٍ بَعْدَ الرُّجُوعِ، قَوْلُهُ: (لِتَمَامِ الْمِلْكِ وَلُزُومِهِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ خِيَارٌ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، قَوْلُهُ: (وَتَسْمَحُ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِحُصُولِ الْمِلْكِ فِيهَا بِالْعَقْدِ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ مُقَابِلُهُ بِالْأَوْلَى أَوْ يُقَالُ لَا هِبَةَ، وَإِنْ قُلْنَا تُمْلَكُ بِمَا ذَكَرَ فَتَأَمَّلْهُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ اشْتَرَى مَجُوسِيَّةً أَوْ مُرْتَدَّةً) وَكَذَا مُعْتَدَّةٌ عَنْ زَوْجٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ أَمَةُ مَأْذُونٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَبْلَ سُقُوطِهِ لَمْ يَكْفِ الِاسْتِبْرَاءُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَيَجِبُ بَعْدَهُ، وَبَعْدَ فَرَاغِ الْمُعَدَّةِ وَبَعْدَ سُقُوطِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَرْهُونَةٍ وَأَمَةِ مُفْلِسٍ فَتَعْتَدُّ فِيهِمَا بِالِاسْتِبْرَاءِ قَبْلَ فَكِّ   [حاشية عميرة] يَكْفِيَ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ الظَّاهِرُ الثَّانِي قَوْلُهُ: (وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ) مِثْلُهَا الْمُعْتَدَّةُ. قَوْلُهُ: (حَمْلِ زِنًى) سَوَاءٌ كَانَ مُقَارَنًا أَمْ حَدَثَ وَلَوْ حَاضَتْ فِي زَمَنِهِ أَوْ مُضِيِّ شَهْرٍ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ، فَهَلْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ مَعَ وُجُودِهِ قَضِيَّةُ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ كِفَايَةِ وَضْعِ حَمْلِ الزِّنَى. نَعَمْ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الزَّرْكَشِيّ، إنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ ثُمَّ طَرَأَ حَمْلُ زِنًى لَا يُوجِبُ مَنْعًا فَالْفَرَاغُ مِنْهُ لَا يُوجِبُ حِلًّا وَبِهِ أَفْتَى الْقَفَّالُ. قَوْلُهُ: (بِإِرْثٍ) أَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَسُوغُ التَّصَرُّفُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْقَبْضِ كَرُجُوعِ الْوَالِدِ فِي هِبَتِهِ وَقَبُولِ الْوَصِيَّةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ قَوْلُهُ أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ مُحْرِمَةً أَوْ اشْتَرَى مُكَاتَبٌ أَمَةً بَلْ جَعَلَ الْجُرْجَانِيُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ اشْتَرَى صَغِيرَةً لَا تَحْتَمِلُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَقِيلَ يَكْفِي لِوُقُوعِهِ فِي الْمِلْكِ الْمُسْتَقَرِّ. (وَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُسْتَبْرَأَةِ) قَبْلَ انْقِضَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ (بِوَطْءٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَغَيْرِهِ) كَقُبْلَةٍ وَلَمْسٍ وَنَظَرٍ بِشَهْوَةٍ قِيَاسًا عَلَيْهِ (إلَّا مَسْبِيَّةً فَيَحِلُّ غَيْرُ وَطْءٍ وَقِيلَ لَا) يَحِلُّ فِيهَا أَيْضًا كَغَيْرِهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ فَارَقَ الْوَطْءُ غَيْرَهُ صِيَانَةً لِمَائِهِ عَنْ الِاخْتِلَاطِ بِمَاءِ الْحَرْبِيِّ لَا لِحُرْمَةِ مَاءِ الْحَرْبِيِّ. (وَإِذَا قَالَتْ) مَمْلُوكَةٌ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ، (حِضْت صُدِّقَتْ) فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا وَلَا تَحْلِفُ فَإِنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ لَمْ يَقْدِرْ السَّيِّدُ عَلَى الْحَلِفِ (وَلَوْ مَنَعَتْ السَّيِّدَ فَقَالَ) لَهَا، (أَخْبَرْتنِي بِتَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ صُدِّقَ) فِي تَمَامِهِ عَلَيْهَا حَتَّى يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ الْغُسْلِ، لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مُفَوَّضٌ إلَى أَمَانَتِهِ وَلِهَذَا لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِخِلَافِ مَنْ وُطِئَتْ زَوْجَتُهُ بِشُبْهَةٍ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، وَهَلْ لَهَا تَحْلِيفُهُ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ، نَعَمْ قَالَ وَعَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّمَكُّنِ إذَا تَحَقَّقَتْ بَقَاءُ شَيْءٍ مِنْ زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ وَإِنْ أَبَحْنَاهَا لَهُ فِي الظَّاهِرِ، (وَلَا تَصِيرُ أَمَةٌ فِرَاشًا إلَّا بِوَطْءٍ) وَيُعْلَمُ الْوَطْءُ بِإِقْرَارِهِ بِهِ وَالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، (فَإِذَا وَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْ وَطْئِهِ لَحِقَهُ) وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ وَهَذَا فَائِدَةُ كَوْنِهَا فِرَاشًا بِالْوَطْءِ وَقَبْلَهُ لَا فِرَاشَ فِيهَا، وَإِنْ خَلَا بِهَا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ فِرَاشًا بِمُجَرَّدِ الْخَلْوَةِ بِهَا حَتَّى إذَا وَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا لَحِقَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِالْوَطْءِ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الِاسْتِمْتَاعُ وَالْوَلَدُ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالْإِمْكَانِ مِنْ الْخَلْوَةِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ وَقَدْ يُقْصَدُ بِهِ التِّجَارَةُ وَالِاسْتِخْدَامُ فَلَا يُكْتَفَى فِيهِ إلَّا بِالْإِمْكَانِ مِنْ الْوَطْءِ. (وَلَوْ أَقَرَّ بِوَطْءٍ وَنَفَى الْوَلَدَ وَادَّعَى اسْتِبْرَاءً) بَعْدَ الْوَطْءِ بِحَيْضَةٍ وَأَتَى الْوَلَدُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، (لَمْ يَلْحَقْهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ وَفِي قَوْلٍ يَلْحَقُهُ تَخْرِيجًا مِنْ نَصِّهِ فِيمَا إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ، ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ فِرَاشِ التَّسَرِّي بِدَلِيلِ ثُبُوتِ النَّسَبِ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِهِ فِي التَّسَرِّي إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ وَقَدْ عَارَضَ الْوَطْءُ هُنَا الِاسْتِبْرَاءَ، فَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ اللُّحُوقُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ مِنْ نَصِّ الْأُمِّ قَوْلًا بِعَدَمِ اللُّحُوقِ. (فَإِنْ أَنْكَرَتْ الِاسْتِبْرَاءَ حَلَفَ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ) ، وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلِاسْتِبْرَاءِ (وَقِيلَ يَجِبُ تَعَرُّضُهُ لِلِاسْتِبْرَاءِ) أَيْضًا، وَقِيلَ يَكْفِي الْحَلِفُ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ   [حاشية قليوبي] الرَّهْنِ أَوْ الْحَجْرِ قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُسْتَبْرَأَةِ) خَرَجَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ بَعْدَهُ لَا مَعَهُ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ أَكَابِرِ الْفُضَلَاءِ، وَمِنْ الِاسْتِمْتَاعِ النَّظَرُ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِوَطْءٍ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الِاسْتِبْرَاءَ وَإِنْ حُرِّمَ، نَعَمْ إنْ حَلَبَتْ مِنْهُ قَبْلَ تَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِوَضْعِهِ قَوْلُهُ: (قِيَاسًا عَلَيْهِ) فِيهِ نَظَرٌ مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَةَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا قِيَاسَ حِينَئِذٍ، وَلَا إجْمَاعَ فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (إلَّا مَسْبِيَّةً فَيَحِلُّ غَيْرُ وَطْءٍ) وَكَذَا الْمُشْتَرَاةُ مِنْ حَرْبِيٍّ قَوْلُهُ: (صِيَانَةً لِمَائِهِ) أَيْ أَصَالَةً فَلَا يَرِدُ الْبِكْرُ وَمَا نُقِلَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ حُرْمَةِ التَّمَتُّعِ فِيهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ كَغَيْرِهَا. أُجِيبَ عَنْهُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ فِي قِصَّةِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَأَيْضًا قَدْ صَحَّ الْحَدِيثُ الدَّالُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى جَوَازِهِ، وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ الْحَدِيثُ إذَا صَحَّ كَمَا ذَكَرَهُ، بِقَوْلِهِ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي. قَوْلُهُ: (صُدِّقَتْ) وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ إنْ كَذَّبَهَا وَتُصَدَّقُ هِيَ أَيْضًا فِي عَكْسِ هَذِهِ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهَا حَاضَتْ، وَأَنْكَرَتْ، قَوْلُهُ: (صُدِّقَ) كَمَا يُصَدَّقُ فِيمَا لَوْ وَرِثَ أَمَةً وَادَّعَتْ إنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ بِوَطْءِ مُوَرِّثِهِ، وَأَنْكَرَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ قَوْلُهُ: (لَا يُحَالُ بَيْنَهُمَا) وَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَةً جِدًّا وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالزِّنَا وَعَدَمِ الْمَسْكَةِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَوْلُهُ صُدِّقَ بِالْيَمِينِ قَوْلُهُ: (إلَّا بِوَطْءٍ) أَيْ فِي الْقُبُلِ وَمِثْلُهُ إدْخَالُ الْمَنِيِّ فَلَا لُحُوقَ بِالدُّبُرِ فِيهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (أَوْ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَطْءِ وَقِيلَ رَاجِعٌ لِلْإِقْرَارِ وَالْأَوَّلُ صَرِيحُ كَلَامِ الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: (وَنَفَى الْوَلَدَ) قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ، وَكَذَا الِاسْتِبْرَاءُ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا تَصْوِيرٌ وَأَحَدُهُمَا كَافٍ فِي النَّفْيِ، قَوْلُهُ: (لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) خَرَجَ دُونَهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَيَلْحَقُهُ وَيَلْغُو الِاسْتِبْرَاءُ. قَوْلُهُ: (الْمَنْصُوصِ) فَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِالنَّصِّ قَوْلُهُ: (وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ إلَخْ) فَصَارَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَانِ بِالنَّصِّ وَالتَّخْرِيجِ   [حاشية عميرة] الْوَطْءَ فَاسْتَبْرَأَهَا بِشَهْرٍ ثُمَّ أَطَاقَتْ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (لَا يَسْتَعْقِبُ حِلَّ الِاسْتِمْتَاعِ) عَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ لَوْ عُرِضَ فِي دَوَامِ الْمِلْكِ وَزَالَ أَوْجَبَ الِاسْتِبْرَاءَ فَكَيْفَ إذَا اقْتَرَنَ وَدَامَ [الِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُسْتَبْرَأَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الِاسْتِبْرَاءِ] قَوْلُهُ: (وَغَيْرِهِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ أُمُّ وَلَدٍ لِبَائِعِهَا أَوْ حَامِلٌ بِحُرٍّ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، وَلِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الْوَطْءِ بِخِلَافِ وَلَدِ الْحَرْبِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الرِّقَّ وَلَا حُرْمَةَ لِمَائِهِ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ الْوَطْءِ) قَضِيَّةُ هَذَا الْإِطْلَاقِ الْحِلُّ فِيمَا تَحْتَ الْإِزَارِ وَقَدْ تَرَدَّدَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ وَإِيرَادُ الْبَنْدَنِيجِيِّ الْحِلَّ. قَوْلُهُ: (صِيَانَةً لِمَائِهِ) هَذَا لَا يَأْتِي فِي الْبِكْرِ مَعَ أَنَّ حُكْمَهَا كَغَيْرِهَا قَوْلُهُ: (وَنَفَى الْوَلَدَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْ النَّفْيِ وَالِاسْتِلْحَاقِ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) خَرَجَ مَا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِهَا فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ وَلَا يَصِحُّ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا. قَوْلُهُ: (الْمَنْصُوصِ وَفِي قَوْلٍ يَلْحَقُهُ تَخْرِيجًا إلَخْ) . بِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ يَقُولُ عَلَى النَّصِّ قَوْلُهُ: (وَقَدْ عَارَضَ الْوَطْءُ) أَيْ فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ الْمُعَارِضَةِ سِوَى مُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ وَهُوَ غَيْرُ كَافٍ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَقِيلَ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ وَإِذَا حَلَفَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فَهَلْ يَقُولُ اسْتَبْرَأْتهَا قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وِلَادَتِهَا هَذَا الْوَلَدَ، أَوْ يَقُولُ وَلَدَتْهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِي فِيهِ وَجْهَانِ. (وَلَوْ ادَّعَتْ اسْتِيلَادًا فَأَنْكَرَ أَصْلِ الْوَطْءِ وَهُنَاكَ وَلَدٌ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الصَّحِيحِ) لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ الْوَطْءِ، وَالثَّانِي يَحْلِفُ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ لَثَبَتَ النَّسَبُ، فَإِذَا أَنْكَرَ حَلَفَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ لَا يَحْلِفُ قَطْعًا (وَلَوْ قَالَ وَطِئْت وَعَزَلْت لَحِقَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ إلَى الرَّحِمِ وَهُوَ لَا يَحُسُّ بِهِ وَالثَّانِي لَا يَلْحَقُهُ كَدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ. كِتَابُ الرَّضَاعِ تَقَدَّمَ الْحُرْمَةُ كَالنَّسَبِ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي بَيَانِ مَا يَحْصُلُ بِهِ وَحُكْمُ عُرُوضِهِ بَعْدَ النِّكَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي. (إنَّمَا يَثْبُتُ بِلَبَنِ امْرَأَةٍ حَيَّةٍ بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ) فَلَا يَثْبُتُ بِلَبَنِ رَجُلٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ وَلَا بِلَبَنِ خُنْثَى مَا لَمْ تَظْهَرْ أُنُوثَتُهُ وَلَا بِلَبَنِ بَهِيمَةٍ حَتَّى إذَا شَرِبَ مِنْهُ صَغِيرَانِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى لَمْ يَثْبُتْ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةٌ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الطِّفْلِ صَلَاحِيَّةَ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ، وَلَا بِلَبَنِ مَيِّتَةٍ كَأَنْ ارْتَضَعَ مِنْهَا طِفْلٌ أَوْ حُلِبَ وَأَوْجَرَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُثَّةٍ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ، كَالْبَهِيمَةِ وَلَا بِلَبَنِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْوِلَادَةَ وَاللَّبَنُ الْمُحَرِّمُ فَرْعُهَا بِخِلَافِ مَنْ بَلَغَتْهَا لِوُصُولِهَا لِسِنِّ الْحَيْضِ وَسَوَاءٌ فِيهَا الْبِكْرُ وَالْخَلِيَّةُ وَغَيْرُهُمَا. (وَلَوْ حَلَبَتْ) لَبَنَهَا وَمَاتَتْ (فَأَوْجَرَ بَعْدَ مَوْتِهَا حَرَّمَ) بِالتَّشْدِيدِ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْفِصَالِهِ مِنْهَا وَهُوَ حَلَالٌ مُحْتَرَمٌ وَالثَّانِي لَا يُحَرِّمُ لِبُعْدِ إثْبَاتِ الْأُمُومَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، (وَلَوْ جُبِّنَ أَوْ نُزِعَ مِنْهُ زُبْدٌ) وَأُطْعِمَ الطِّفْلُ   [حاشية قليوبي] وَالْمُعْتَمَدُ النَّصُّ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (حَلَفَ) فَإِنْ نَكَلَ تَوَقَّفَ لُحُوقُ الْوَلَدِ عَلَى يَمِينِهَا عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، فَإِنْ نَكَلَتْ أَيْضًا رَجَعَ إلَى يَمِينِ الْوَلَدِ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ لُحُوقُ الْوَلَدِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ السَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ الِاكْتِفَاءُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُرَادُ إثْبَاتَ النَّسَبِ فَإِنْ أُرِيدَ نَفْيُ الِاسْتِيلَادِ حَلَفَ قَطْعًا. كِتَابُ الرَّضَاعِ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا، وَيَجُوزُ إلْحَاقُهُ تَاءَ تَأْنِيثٍ فَيُقَالُ الرَّضَاعَةُ. وَيَجُوزُ إبْدَالُ ضَادِهِ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ أَيْضًا، وَهُوَ لُغَةً اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وَشُرْبِ لَبَنِهِ، وَشَرْعًا حُصُولُ لَبَنِ امْرَأَةٍ أَوْ مَا حَصَلَ مِنْهُ فِي مَعِدَةِ طِفْلٍ أَوْ دِمَاغِهِ فَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ: رَضِيعٌ وَلَبَنٌ وَمُرْضِعٌ، وَلَهُ شُرُوطٌ تَأْتِي قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ أَخَصُّ مِنْ الشَّرْعِيِّ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ فِيهِمَا فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (تَقَدَّمَ الْحُرْمَةُ بِهِ) وَالْمَحْرَمِيَّةُ الْمُفِيدَةُ لِجَوَازِ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَعَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِاللَّمْسِ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ غَيْرُهُمَا، فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَلَا نَفَقَةَ بِهِ وَلَا عِتْقَ بِمِلْكِهِ وَلَا لِعَانَ لِنَفْيِهِ وَلَا سُقُوطَ قَوَدٍ وَلَا رَدَّ شَهَادَةٍ، قَوْلُهُ: (امْرَأَةٍ) اسْمٌ خَاصٌّ بِالْآدَمِيَّةِ كَالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا لَفْظُ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فَعَامٌّ فِي الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَغَيْرِهِمَا وَحُكْمُ الْجِنِّيَّةِ هُنَا كَالْآدَمِيَّةِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ نِكَاحِهِمْ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَأَتْبَاعِهِ حَيْثُ عُلِمَتْ أُنُوثَتُهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَدْيُهَا أَوْ فَرْجُهَا فِي مَحَلِّهِ الْمَعْهُودِ أَوْ لَمْ تَكُنْ هِيَ عَلَى الصُّورَةِ الْمَعْهُودَةِ لِلْآدَمِيِّ وَخَالَفَهُ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ فِي الْجِنِّ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (حَيَّةٍ) أَيْ حَالَ انْفِصَالِ اللَّبَنِ مِنْهَا بِشُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَإِنْ وَصَلَتْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ، فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ عَنْ مَرَضٍ فَإِنْ كَانَ عَنْ جِرَاحَةٍ لَمْ يَحْرُمْ كَالْمَيِّتَةِ فَإِنْ شُفِيَتْ حُرِّمَ، قَوْلُهُ: (بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ) قَمَرِيَّةً تَقْرِيبِيَّةً كَمَا فِي الْحَيْضِ، قَوْلُهُ: (وَلَا بِلَبَنِ خُنْثَى مَا لَمْ تَظْهَرْ أُنُوثَتُهُ) وَلَوْ بَعْدَ الْإِرْضَاعِ بِاتِّضَاحِهِ بِهَا نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُ كَالرَّجُلِ نِكَاحُ مَنْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِهِمَا، قَوْلُهُ: (مَيِّتَةٍ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَيُكْرَهُ عِنْدَنَا كَرَاهَةً شَدِيدَةً، قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَلَبَتْ لَبَنَهَا) أَيْ مِنْ مَحَلِّهِ الْمَعْهُودِ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هُنَا مَا فِي الْمَنِيِّ فِي الْغُسْلِ وَرَجَّحَهُ الْعَبَّادِيُّ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ صُورَةِ الثَّدْيِ الْمَعْهُودِ وَمِنْ مَحَلٍّ يُمْكِنُ فِيهِ خُرُوجُ اللَّبَنِ مِنْهُ أُعْطِيَ حُكْمَهُ، وَإِلَّا فَلَا فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ، قَوْلُهُ: (وَهُوَ حَلَالٌ مُحْتَرَمٌ) رُبَّمَا يُفِيدُ هَذَا أَنَّ لَبَنَ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (حَلَفَ) قَالَ الْقَاضِي إنَّمَا سَمِعْنَا يَمِينَهُ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي تَارِيخِ الْوَطْءِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْوَطْءِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلِاسْتِبْرَاءِ أَيْ كَمَا فِي نَفْيِ وَلَدِ الْحُرَّةِ، وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ مِنْ حَيْثُ إنَّ يَمِينَهُ لَيْسَتْ مُنْطَبِقَةً عَلَى دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ الَّذِي هُوَ مُتَعَلِّقُ النَّفْيِ قَالَ، وَلِذَا قَالُوا إذَا أَجَابَ بِنَفْيِ الْمُدَّعِي لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى مَا أَجَابَ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَخْلُفَ عَلَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَوَابُهُ، وَفَارَقَ الْوَلَدُ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّ نَفْيَهُ لَمْ يَعْتَمِدْ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ فِيهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّعَرُّضَ فِي نَفْيِهِ إلَى ذِكْرِهِ قَوْلُهُ: (وَهُنَاكَ وَلَدٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ فَلَا يَحْلِفُ بِلَا خِلَافٍ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَلْ يَحْلِفُ بِلَا خِلَافٍ إذَا عُرِضَتْ عَلَى الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ دَعْوَاهَا تَنْصَرِفُ إلَى حُرِّيَّتِهَا دُونَ وَلَدِهَا، قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْلِفْ) وَجَّهَهُ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهَا عَلَى الْوَلَدِ حَتَّى تَنُوبَ عَنْهُ فِي الدَّعْوَى وَلَمْ يَثْبُتْ سَبَبٌ يَقْتَضِي نَسَبًا فَلَا مَعْنَى لِلتَّحْلِيفِ. [كِتَابُ الرَّضَاعِ] قَوْلُهُ: (بِلَبَنِ امْرَأَةٍ) لَوْ انْفَتِحْ لَهَا مَوْضِعٌ مِنْ غَيْرِ الثَّدْيِ وَنَزَلَ مِنْهُ لَبَنٌ قَالَ بَعْضُهُمْ اتَّجَهَ قِيَاسُهُ بِالْآلَةِ الْمُنْفَتِحَةِ فِي نَقْصِ الْخَارِجِ مِنْهَا وَعَدَمِهِ، قَوْلُهُ: (وَأُطْعِمَ الطِّفْلُ) أَيْ ذَلِكَ الْجُبْنَ وَالزُّبْدَ أَوْ الْجُبْنَ وَاللَّبَنَ الْمَنْزُوعَ مِنْهُ الزُّبْدُ فَإِنَّ الْعِبَارَةَ صَادِقَةٌ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 (حَرَّمَ) بِالتَّشْدِيدِ لِحُصُولِ التَّغَذِّي بِهِ، (وَلَوْ خُلِطَ بِمَائِعٍ حُرِّمَ إنْ غَلَبَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ عَلَى الْمَائِعِ، (فَإِنْ غُلِبَ) بِضَمِّ الْغَيْنِ بِأَنْ زَالَتْ أَوْصَافُهُ الطَّعْمُ وَاللَّوْنُ وَالرِّيحُ، (وَشَرِبَ الْكُلَّ قِيلَ أَوْ الْبَعْضَ حَرُمَ فِي الْأَظْهَرِ) لِوُصُولِ اللَّبَنِ إلَى الْجَوْفِ وَالثَّانِي لَا يُحَرِّمُ لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ الْمُسْتَهْلَكَ كَالْمَعْدُومِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ شُرْبَ الْبَعْضِ لَا يُحَرِّمُ لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ وُصُولِ اللَّبَنِ مِنْهُ إلَى الْجَوْفِ. فَإِنْ تَحَقَّقَ كَأَنْ بَقِيَ مِنْ الْمَخْلُوطِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ اللَّبَنِ حَرَّمَ جَزْمًا عَلَى الْأَظْهَرِ ، (وَيُحَرِّمُ) بِالتَّشْدِيدِ (إيجَارٌ) وَهُوَ صَبُّ اللَّبَنِ فِي الْحَلْقِ لِيَصِلَ إلَى الْجَوْفِ لِحُصُولِ التَّغَذِّي بِذَلِكَ. (وَكَذَا إسْعَاطٌ) وَهُوَ صَبُّ اللَّبَنِ فِي الْأَنْفِ لِيَصِلَ إلَى الدِّمَاغِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الدِّمَاغَ جَوْفٌ لِلتَّغَذِّي كَالْمَعِدَةِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُحَرِّمُ لِانْتِفَاءِ التَّغَذِّي بِهِ (لَا حُقْنَةٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ التَّغَذِّي بِهَا لِأَنَّهَا لِإِسْهَالِ مَا انْعَقَدَ فِي الْأَمْعَاءِ وَالثَّانِي تُحَرِّمُ كَمَا يَحْصُلُ بِهَا الْفِطْرُ (وَشَرْطُهُ رَضِيعٌ حَيٌّ) يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الرَّضِيعُ حَيًّا فَلَا أَثَرَ لِوُصُولِ اللَّبَنِ إلَى مَعِدَةِ الْمَيِّتِ لِخُرُوجِهِ عَنْ التَّغَذِّي، (لَمْ يَبْلُغْ سَنَتَيْنِ) فَإِنْ بَلَغَهُمَا لَمْ يُحَرِّمْ ارْتِضَاعُهُ لِحَدِيثِ الْإِرْضَاعِ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَتَعْتَبِرُ السَّنَتَانِ بِالْأَهِلَّةِ فَإِنْ انْكَسَرَ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ كَمُلَ بِالْعَدَدِ مِنْ الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ وَابْتِدَاؤُهُمَا مِنْ وَقْتِ انْفِصَالِ الْوَلَدِ بِتَمَامِهِ، (وَخَمْسُ رَضَعَاتٍ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ» . (وَضَبْطُهُنَّ بِالْعُرْفِ فَلَوْ قَطَعَ إعْرَاضًا تَعَدَّدَ أَوْ لِلَّهْوِ وَعَادَ فِي الْحَالِ أَوْ تَحَوَّلَ مِنْ ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ فَلَا) تَعَدُّدَ   [حاشية قليوبي] الْمَيِّتَةِ نَجِسٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ مِنْ لَا حَيْثُ الطَّهَارَةُ وَالنَّجَاسَةُ، قَوْلُهُ: (وَأُطْعِمَ) أَيْ الْجُبْنَ أَوْ الْمَنْزُوعَ زَبَدُهُ وَهُوَ الْمَخِيضُ، وَكَذَا الزَّبَدُ لِبَقَاءِ اللَّبَنِ فِيهِ وَالْقِشْدَةِ بِالْأَوْلَى بِخِلَافِ السَّمْنِ الْخَالِي عَنْ اللَّبَنِ، وَالْمَصْلُ كَذَلِكَ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ خُلِطَ) أَيْ اللَّبَنُ الْمَحْلُوبُ فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ ظَاهِرٌ لَا مَحِيصَ عَنْهُ، وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى فَهْمِ خِلَافِهِ وَشُرْبُهُ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ صِحَّةِ نِسْبَةِ التَّحْرِيمِ إلَيْهِ الْمَعْلُومِ مِمَّا يَأْتِي وَحَمْلِهِ عَلَى الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ مَا أَطَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ هُنَا مِنْ الْإِشْكَالِ مِنْ بَابِ التَّحْرِيفِ وَالِاسْتِشْكَالِ وَمَا قِيلَ إنَّ كَلَامَ ابْنِ حَجَرٍ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ أَوْ لِبَعْضِهِ مَرْدُودٌ بِالْفَهْمِ السَّلِيمِ فَرَاجِعْ. وَافْهَمْ وَحَرِّرْ وَيَكْفِي فِي كُلِّ مَرَّةٍ قَدْرَ مَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ انْفِصَالًا وَوُصُولًا قَوْلُهُ: (بِمَائِعٍ) شَمَلَ لَبَنَ امْرَأَةٍ أُخْرَى وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَيَحْصُلُ التَّحْرِيمُ بِهِمَا مَعًا وَالْجَامِدُ كَالْمَائِعِ، قَوْلُهُ: (حُرِّمَ إنْ غَلَبَ) اللَّبَنُ بِأَنْ بَقِيَ وَصْفٌ مِنْ أَوْصَافِهِ الْآتِيَةِ فَإِنْ زَالَتْ أَوْصَافُهُ كُلُّهَا حِسًّا أَوْ تَقْدِيرًا فَبِالْأَشَدِّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَشُرْبُ الْكُلِّ إلَخْ) أَيْ إنْ شَرِبَهُ فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا الْبَعْضُ عَلَى الْمَرْجُوحِ قَوْلُهُ: (أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ اللَّبَنِ) بِمَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (فِي الْحَلْقِ) قَيْدٌ لِتَسْمِيَتِهِ إيجَارًا وَإِلَّا فَيَكْفِي وُصُولُهُ يَقِينًا إلَى الْجَوْفِ مِنْ مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ وَلَوْ مِنْ جَائِفَةٍ مَثَلًا، وَهَذَا يَشْمَلُ وُصُولَهُ مِنْ ثُقْبَةٍ فِي الْبَطْنِ أَوْ الرَّأْسِ قَائِمَةٍ مَقَامَ فَرْجٍ مُنْسَدٍّ أَوْ غَيْرِ قَائِمَةٍ مَقَامَهُ، فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ رَاجِعْهُ لِأَنَّ وُصُولَهُ مِنْ الْفَرْجِ لَا يَحْرُمُ وَلَوْ قُبُلًا قَوْلُهُ: (لِيَصِلَ إلَى الْجَوْفِ) فَإِنْ عَادَ بِالْقَيْءِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ لَمْ يَحْرُمْ، قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ التَّغَذِّي) أَيْ بِحَسَبِ الشَّأْنِ، وَالْغَالِبُ فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ قَلِيلًا، قَوْلُهُ: (فِي الْأَنْفِ) خَرَجَ بِهِ الْأُذُنُ وَالْعَيْنُ وَالْمَسَامُّ نَعَمْ إنْ وَصَلَ مِنْ الْأُذُنِ إلَى مَحَلٍّ يَفْطُرُ بِهِ الصَّائِمُ حُرِّمَ، قَوْلُهُ: (لَا حُقْنَةٌ) وَلَوْ مِنْ الْقُبُلِ وَيُمْكِنُ جَرَيَانُ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ قَوْلُهُ: (كَمَا يَحْصُلُ بِهِ الْفِطْرُ) وَفِي تَعْلِيلِ الْأَوَّلِ بِالتَّغَذِّي الْمُعْتَبَرِ هُنَا الْجَوَابُ عَنْ هَذَا. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمَعِدَةَ وَالدِّمَاغَ هُمَا الْمُرَادُ بِالْجَوْفِ وَأَنَّهُ يَحْصُلُ التَّغَذِّي بِالْوَاصِلِ إلَيْهِمَا فَاعْلَمْ ذَلِكَ. [شَرْط الرَّضَاع] قَوْلُهُ: (يَعْنِي إلَخْ) تَأْوِيلٌ لِفَسَادِ الْحَمْلِ إذْ الرَّضِيعُ رُكْنٌ كَمَا مَرَّ، وَالشَّرْطُ حَيَاتُهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْمَيِّتِ) وَلَوْ حُكْمًا كَمَنْ فِي حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَبْلُغْ) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ الرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ فَيَحْرُمُ الْمُقَارِنُ لِتَمَامِهَا وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُهُ مَنْسُوخٌ أَوْ خُصُوصِيَّةٌ، وَيُعْتَبَرُ الْحَوْلَانِ بِالْأَهِلَّةِ وَيُتَمِّمُ الْأَوَّلَ إنْ انْكَسَرَ مِمَّا بَعْدَهُمَا مِنْ الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ. قَوْلُهُ: (بِتَمَامِهِ) أَيْ الْوَلِيدِ أَيْ انْفِصَالِ جَمِيعِهِ كَمَا مَرَّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَخَمْسُ رَضَعَاتٍ) وَحِكْمَتُهُنَّ أَنَّ الْحَوَاسَّ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْإِدْرَاكِ خَمْسٌ وَالرَّضَعَاتُ جَمْعُ رَضْعَةٍ فَاعْتُبِرَ فِيهَا التَّفَرُّقُ، وَاكْتَفَى أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ، قَوْلُهُ: (فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ) وَتَمَامُ الْحَدِيثِ «فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ» . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. وَضَمِيرُ وَهُنَّ عَائِدٌ إلَى الْخَمْسِ بِمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ لِتَأَخُّرِهِ أَوْ قُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ يَقْرَأُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ يَحْرُمْنَ، فَلَمَّا بَلَغَهُ النَّسْخُ رَجَعَ عَنْ تِلَاوَتِهَا، وَهَذَا لَا يُوَافِقُ جَوَابَهُ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ يُتْلَى حُكْمُهُنَّ وَفِيهَا نَظَرٌ إذْ الْخَمْسُ لَيْسَ فِيهَا تِلَاوَتُهَا مُطْلَقًا،   [حاشية عميرة] التَّغَذِّي بِهِ) قَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ هُوَ أَبْلَغُ فِي حُصُولِ التَّغَذِّي مِنْ مَائِعِ اللَّبَنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَنْظُرْ إلَى اسْمِ اللَّبَنِ وَاعْتَبَرَ اسْمَ الرَّضَاعِ، وَإِنَّمَا عَوَّلَ حُصُولَ عَيْنِ اللَّبَنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ فِي الْجَوْفِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ الْمُسْتَهْلَكَ كَالْمَعْدُومِ) أَيْ كَمَا فِي الْخَمْرِ إذَا اُسْتُهْلِكَتْ فِي مَاءٍ لِأَحَدٍ فِيهَا، وَكَذَا النَّجَاسَةُ الْمُسْتَهْلَكَةُ لَا أَثَرَ لَهَا وَكَذَا الطِّيبُ الْمُسْتَهْلَكُ فِي طَعَامٍ لَا فِدْيَةَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَحَقَّقَ إلَخْ) أَيْ فَتَكُونُ هَذِهِ الْحَالَةُ كَمَا لَوْ شَرِبَ الْكُلَّ قَوْلُهُ: (يَعْنِي أَنْ يَكُونَ) تَصْحِيحٌ لِلْعِبَارَةِ وَدَفْعٌ لِمَا يُقَالُ الرَّضِيعُ رُكْنٌ لَا شَرْطٌ، قَوْلُهُ: (رَضَعَاتٍ) لَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّفَرُّقِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ جَمْعُ الرَّضْعَةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 (وَلَوْ حَلَبَ مِنْهَا دَفْعَةً وَأَوْجَرَهُ خَمْسًا أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ حَلَبَ مِنْهَا فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ وَأَوْجَرَهُ فِي مَرَّةٍ (فَرَضْعَةٌ) نَظَرًا إلَى انْفِصَالِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَإِيجَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ (وَفِي قَوْلٍ خَمْسٌ) نَظَرًا إلَى إيجَارِهِ فِي الْأُولَى وَانْفِصَالِهِ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَوْ شَكَّ هَلْ) رَضَعَ (خَمْسًا أَمْ أَقَلَّ أَوْ هَلْ رَضَعَ فِي الْحَوْلَيْنِ أَمْ بَعْدُ فَلَا تَحْرِيمَ) لِلشَّكِّ فِي سَبَبِهِ (وَفِي الثَّانِيَةِ قَوْلٌ أَوْ وَجْهٌ بِالتَّحْرِيمِ) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمُدَّةِ، (وَتَصِيرُ الْمُرْضِعَةُ أُمَّهُ وَاَلَّذِي مِنْهُ اللَّبَنُ أَبَاهُ وَتَسْرِي الْحُرْمَةُ إلَى أَوْلَادِهِ) فَهُمْ إخْوَةُ الرَّضِيعِ وَأَخَوَاتُهُ (وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسٌ مُسْتَوْلَدَاتٍ أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَأُمُّ وَلَدٍ فَرَضَعَ طِفْلٌ مِنْ كُلِّ رَضْعَةٍ صَارَ ابْنَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ. (فَيَحْرُمْنَ عَلَى الطِّفْلِ لِأَنَّهُنَّ مَوْطُوءَاتُ أَبِيهِ) ، وَلَا أُمُومَةَ لَهُنَّ مِنْ جِهَةِ الرَّضَاعِ، وَالثَّانِي لَا يَصِيرُ ابْنَهُ لِأَنَّ الْأُبُوَّةَ تَابِعَةٌ لِلْأُمُومَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ انْفِصَالَ اللَّبَنِ عَنْهَا مُشَاهَدٌ وَلَا أُمُومَةَ فَلَا أُبُوَّةَ فَلَا يَحْرُمْنَ عَلَيْهِ (وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الْمُسْتَوْلَدَاتِ بَنَاتٍ أَوْ أَخَوَاتٍ) فَرَضَعَ طِفْلٌ مِنْ كُلٍّ رَضْعَةً، (فَلَا حُرْمَةَ) بَيْنَ الرَّجُلِ وَالطِّفْلِ، (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْجَدَّ لِلْأُمِّ أَوْ الْخُؤُولَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِتَوَسُّطِ الْأُمُومَةِ وَلَا أُمُومَةَ هُنَا، وَالثَّانِي تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ تَنْزِيلًا لِلْبَنَاتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ مَنْزِلَةَ الْوَاحِدَةِ، كَمَا فِي الْمُسْتَوْلَدَاتِ وَعَلَى هَذَا قَالَ الْبَغَوِيّ تَحْرُمُ الْمُرْضِعَاتُ لِكَوْنِهِنَّ أَخَوَاتِ الطِّفْلِ أَوْ عَمَّاتِهِ وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ الرَّجُلُ أَبًا وَلَيْسَ بِأَبٍ وَهُوَ إمَّا جَدٌّ لِأُمٍّ، أَوْ خَالٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ يَحْرُمْنَ لِكَوْنِهِنَّ كَالْخَالَاتِ لِأَنَّ بِنْتَ الْجَدِّ لِلْأُمِّ إذَا لَمْ تَكُنْ أُمًّا تَكُونُ خَالَةً. وَكَذَا أُخْتُ الْخَالِ (وَآبَاءُ الْمُرْضِعَةِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَجْدَادٌ لِلرَّضِيعِ) فَإِنْ كَانَ أُنْثَى حُرِّمَ عَلَيْهِمْ نِكَاحُهَا، (وَأُمَّهَاتُهَا) مِنْ نَسَبٍ وَرَضَاعٍ (جَدَّاتُهُ) فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا حُرِّمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهُنَّ، (وَأَوْلَادُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ إخْوَتُهُ وَإِخْوَتُهَا وَأَخَوَاتُهَا) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ) فَيَحْرُمُ التَّنَاكُحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَكَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بِخِلَافِ أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ أَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ (وَأَبُو ذِي اللَّبَنِ) أَيْ أَبُو الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ اللَّبَنُ (جَدُّهُ وَأَخُوهُ عَمُّهُ وَكَذَا الْبَاقِي) فَأُمُّهُ جَدَّتُهُ.   [حاشية قليوبي] وَلِذَلِكَ رَجَّحَ الْعَبَّادِيُّ عَوْدَ الضَّمِيرِ لِلْعَشْرِ وَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مَفْهُومِ حَدِيثِ مُسْلِمٍ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ لِاعْتِضَادِ هَذَا بِأَصْلِ عَدَمِ التَّحْرِيمِ، قَوْلُهُ: (إعْرَاضًا) أَوْ نَوْمًا قَوْلُهُ: (تَعَدُّدَ) إنْ لَمْ يَبْقَ الثَّدْيُ فِي فَمِهِ وَإِنْ عَادَ فَوْرًا كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَإِلَّا فَلَا يَتَعَدَّدُ، قَوْلُهُ: (أَوْ تَحَوَّلَ) أَوْ حَوَّلَتْهُ أَوْ قَطَعَتْهُ لِشُغْلٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَتَعَدَّدُ إنْ قَصُرَ زَمَنُ ذَلِكَ وَإِلَّا تَعَدَّدَ قَوْلُهُ: (مِنْ ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ) شَمَلَ مَا لَوْ تَعَدَّدَتْ الْمُرْضِعَةُ وَعَبَّرَ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ إلَى ثَدْيِهَا وَقَالَ هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِثَدْيٍ أَيْ لِأَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَتْ الْمُرْضِعَةُ تَعَدَّدَ قَطْعًا فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (مِنْهَا) قَيْدٌ لِلْخِلَافِ فَلَوْ حَلَبَ مِنْ خَمْسِ نِسْوَةٍ وَأَوْجَرَهُ دَفْعَةً أَوْ خَمْسًا حُسِبَ مِنْ كُلِّ رَضْعَةٍ قَطْعًا بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي الثَّانِيَةِ بِحُصُولِ خَمْسِ رَضَعَاتٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُنَّ وَهُوَ وَجِيهٌ حَيْثُ امْتَزَجَ لَبَنُهُنَّ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى انْفِصَالِهِ إلَخْ) فَتُعْتَبَرُ الْخَمْسُ انْفِصَالًا وَوُصُولًا عَلَى الرَّاجِحِ فِي الْمَذْهَبِ وَمِنْ تَعَدُّدِ الِانْفِصَالِ مَا لَوْ خَرَجَ مِنْ الثَّدْيِ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ خَمْسَ قَطَرَاتٍ فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَظَاهِرُهُ يَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَتْ الْقَطَرَاتُ الْخَمْسُ مِنْ قَبْضَةٍ وَاحِدَةٍ لِتَقَطُّعِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِنَحْوِ جُمُودٍ أَوْ بَرْدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَكَّ) مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَخْلُوطِ إذَا بَقِيَ قَدْرُ اللَّبَنِ فَأَكْثَرُ. قَوْلُهُ: (هَلْ رَضَعَ إلَخْ) أَوْ هَلْ حَلَبَ فِي خَمْسٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ هَلْ قَطَعَ إعْرَاضًا مَثَلًا أَوْ لَا، أَوْ هَلْ طَالَ الزَّمَنُ أَوْ لَا وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِذَلِكَ، قَوْلُهُ: (فَهُمْ إخْوَةُ الرَّضِيعِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ ضَمِيرَ أَوْلَادِهِ عَائِدٌ إلَى ذِي اللَّبَنِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الرَّضِيعِ، قَالَ وَهُوَ أَوْلَى أَيْ لِاتِّحَادِ الضَّمَائِرِ وَلِاقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوْلَادِ دُونَ الْأُصُولِ وَالْحَوَاشِي وَلِعَدَمِ ذِكْرِهِ أَوْلَادَ الرَّضِيعِ فِيمَا بَعْدُ كَذَا قَالُوا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ) فَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَارْتَضَعَتْ طِفْلَةٌ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ وَثُبُوتُ الْأُبُوَّةِ دُونَ الْأُمُومَةِ مُشْكِلٌ فَقَدْ قَالُوا لَوْ ارْتَضَعَ صَغِيرَانِ عَلَى بَهِيمَةٍ لَمْ تَثْبُتْ الْأُخُوَّةُ لِأَنَّهَا فَرْعُ الْأُمُومَةِ. وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْأَصْلُ لَمْ يَثْبُتْ الْفَرْعُ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْأُبُوَّةَ أَصْلٌ كَالْأُمُومَةِ.   [حاشية عميرة] فَائِدَةٌ: فِعْلَةٌ إذَا كَانَ اسْمًا أَوْ مَصْدَرًا فُتِحَتْ عَيْنُهُ فِي الْجَمْعِ كَعَرَفَاتٍ وَصَخَرَاتٍ وَرَكَعَاتٍ، وَإِذَا كَانَ وَصْفًا سُكِّنَتْ نَحْوَ ضَخْمَاتٍ قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَلَبَ مِنْهَا) خَرَجَ مَا لَوْ حَلَبَهُ مِنْ خَمْسٍ وَأَوْجَرَهُ فَرَضَعَهُ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ كُلِّ رَضْعَةٍ. قَوْلُهُ: (فَرَضْعَةٌ وَفِي قَوْلٍ خَمْسٌ) اعْلَمْ أَنَّ فِي صُورَةِ الْأُولَى طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِأَنَّ ذَلِكَ رَضْعَةٌ وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ لَكِنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الْأُولَى طَرِيقَةُ الْخِلَافِ وَفِي الثَّانِيَةِ طَرِيقَةُ الْقَطْعِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي اسْتِوَاءَهُمَا فِي تَرْجِيحِ طَرِيقِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) . بِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الشَّكَّ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ تَعَارُضِ الْأَصْلَيْنِ، وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ دُونَ الْأَصْلِ عَدَمِ الْمَحْرَمِيَّةِ وَالْأَصْلِ فِي الْإِرْضَاعِ وَالتَّحْرِيمِ. قَوْلُهُ: (وَاَلَّذِي مِنْهُ اللَّبَنُ أَبَاهُ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ثَارَ لَهَا لَبَنٌ بَعْدَ بُلُوغِ التِّسْعِ وَقَبْلَ الْوِلَادَةِ ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ بِالنَّظَرِ لَهَا دُونَ الزَّوْجِ ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ) بِهِ تَعْلَمُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النِّسْوَةَ مَدْخُولٌ بِهِنَّ فَمَتَى تَخَلَّفَ الدُّخُولُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَلَا تَحْرِيمَ، قَوْلُهُ: (مَنْزِلَةَ الْوَاحِدَةِ) أَيْ الْبِنْتِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 وَوَلَدُهُ أَخُوهُ أَوْ أُخْتُهُ وَأَخُوهُ وَأُخْتُهُ عَمُّهُ أَوْ عَمَّتُهُ وَأَوْلَادُ الرَّضِيعِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَحْفَادُ الْمُرْضِعَةِ وَالْفَحْلِ (وَاللَّبَنُ لِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ وَلَدٌ نَزَلَ بِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ لَا زِنًى) ، لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِلَبَنِ الزِّنَى فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الزَّانِي أَنْ يَنْكِحَ الصَّغِيرَةَ الْمُرْتَضِعَةَ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ لَكِنْ يُكْرَهُ، (وَلَوْ نَفَاهُ) أَيْ نَفَى الزَّوْجُ الْوَلَدَ، (بِلِعَانٍ انْتَفَى اللَّبَنُ النَّازِلُ بِهِ) حَتَّى لَوْ اُرْتُضِعَتْ بِهِ صَغِيرَةٌ حَلَّتْ لِلنَّافِي فَلَوْ اُسْتُلْحِقَ الْوَلَدُ لِحَقِّ الرَّضِيعِ أَيْضًا، (وَلَوْ وُطِئَتْ مَنْكُوحَةٌ) أَيْ وَطِئَهَا وَاحِدٌ، (بِشُبْهَةٍ أَوْ وَطِئَ اثْنَانِ) امْرَأَةً (بِشُبْهَةٍ فَوَلَدَتْ) بَعْدَ ذَلِكَ الْوَطْءِ وَلَدًا (فَاللَّبَنُ) النَّازِلُ بِهِ (لِمَنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ) فِيمَا ذَكَرَ (بِقَائِفٍ أَوْ غَيْرِهِ) بِأَنْ انْحَصَرَ الْإِمْكَانُ فِيهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَكَذَا الثَّانِيَةُ وَالْقَائِفُ حَيْثُ لَا يَنْحَصِرُ الْإِمْكَانُ فِي وَاحِدٍ، فَالْمُرْتَضَعُ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ وَلَدُ رَضَاعٍ لِمَنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ. ، (وَلَا تَنْقَطِعُ نِسْبَةُ اللَّبَنِ عَنْ زَوْجٍ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ) وَلَهُ لَبَنٌ، (وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ) كَعَشْرِ سِنِينَ بِأَنْ ارْتَضَعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مُتَرَتِّبُونَ (أَوْ انْقَطَعَ) اللَّبَنُ (وَعَادَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ إذْ الْكَلَامُ فِي الْخَلِيَّةِ، وَقِيلَ إنْ عَادَ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ كَمَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَهَا. (فَإِنْ نَكَحَتْ آخَرَ وَوَلَدَتْ مِنْهُ فَاللَّبَنُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَهُ، وَقَبْلَهَا لِلْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ ظُهُورِ لَبَنِ حَمْلِ الثَّانِي) وَيُقَالُ إنَّ أَقَلَّ مُدَّةٍ يَحْدُثُ فِيهَا اللَّبَنُ لِلْحَمْلِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، (وَكَذَا إنْ دَخَلَ) وَقْتُهُ يَكُونُ اللَّبَنُ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لِأَنَّ اللَّبَنَ غِذَاءٌ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ فَيَتْبَعُ الْمُنْفَصِلَ وَسَوَاءٌ زَادَ اللَّبَنُ عَلَى مَا كَانَ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ انْقَطَعَ وَعَادَ لِلْحَمْلِ أَمْ لَا (وَفِي قَوْلِ الثَّانِي) فِيمَا إذَا انْقَطَعَ ثُمَّ عَادَ لِلْحَمْلِ، (وَفِي قَوْلٍ لَهُمَا) وَفِي قَوْلٍ إنْ زَادَ فَلَهُمَا وَإِلَّا فَلِلْأَوَّلِ. .   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَأَخُوهُ وَأُخْتُهُ عَمُّهُ وَعَمَّتُهُ) ذِكْرُ الْأَخِ مُكَرَّرٌ لِتَقَدُّمِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ يُقَالُ ذَكَرَهُ لِانْضِمَامِهِ لِلْعَمَّةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَخُو الْجَدِّ وَأُخْتُهُ عَمِّهِ وَعَمَّتِهِ بِوَاسِطَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَأَوْلَادُ الرَّضِيعِ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ أُصُولُهُ وَحَوَاشِيهِ فَلَا حُرْمَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُرْضِعَةِ وَذِي اللَّبَنِ وَفَارَقَ أُصُولَهُمَا وَحَوَاشِيَهُمَا بِأَنَّ اللَّبَنَ جُزْءٌ مِنْهُمَا وَهُمَا وَحَوَاشِيهِمَا جُزْءٌ مِنْ أُصُولِهِمَا، فَسَرَتْ الْحُرْمَةُ إلَى الْجَمِيعِ وَلَيْسَ لِلرَّضِيعِ جُزْءٌ إلَّا فُرُوعَهُ فَسَرَتْ الْحُرْمَةُ إلَيْهِمْ فَقَطْ، وَقَدْ نَظَّمَ الْإِمَامُ جَمَالُ الدِّينِ الْقُونَوِيُّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَيَنْتَشِرُ التَّحْرِيمُ مِنْ مُرْضِعٍ إلَى ... أُصُولِ فُصُولٍ وَالْحَوَاشِي مِنْ الْوَسَطْ وَمِمَّنْ لَهُ دَرٌّ إلَى هَذِهِ وَمِنْ ... رَضِيعٍ إلَى مَا كَانَ مِنْ فَرْعِهِ فَقَطْ قَوْلُهُ: (نُسِبَ إلَيْهِ وَلَدٌ) أَيْ أُلْحِقَ بِهِ وَلَوْ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إقْرَارٌ بِوَطْءٍ أَوْ اسْتِدْخَالُ مَنِيٍّ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (بِنِكَاحٍ) وَلَوْ فَاسِدًا بِالْأَوْلَى مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ بَلْ هُوَ مِنْهُ وَاسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ كَالْوَطْءِ كَمَا مَرَّ وَمِثْلُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ مِلْكُ الْيَمِينِ، قَوْلُهُ: (عَلَى الزَّانِي) فَلَا تَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ وَلَا أُخُوَّتُهَا وَخَرَجَ الْأُمُّ فَتَثْبُتُ أُمُومَتُهَا وَأُخُوَّةُ الْأُمِّ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (حُلَّتْ لِلنَّافِي) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَقَعَ مِنْهُ وَطْءٌ لِلْمُرْضِعَةِ بِأَنْ لَحِقَهُ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ. قَوْلُهُ: (مَنْكُوحَةٌ) أَيْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ لِأَنَّ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ مَتَى أَمْكَنَ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْقَائِفِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ انْحَصَرَ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْغَيْرِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْكَافِ كَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ مَا لَوْ تَوَقَّفَ الْقَائِفُ أَوْ أَلْحَقهُ بِهِمَا، أَوْ لَمْ يُوجَدْ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ الْوَلَدُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وُجُوبًا بِالِانْتِسَابِ، وَيُحْبَسُ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِسَابُ بِالتَّشَهِّي وَيُحْبَسُ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِسَابُ بِالتَّشَهِّي بَلْ يَمِيلُ الطَّبْعُ، وَيَلْحَقُ اللَّبَنُ مَنْ انْتَسَبَ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَسِبْ بَقِيَ الْإِشْكَالُ، كَمَا لَوْ تَعَدَّدَ الْوَلَدُ وَانْتَسَبَ بَعْضُهُمْ لِوَاحِدٍ وَبَعْضُهُمْ لِلْآخَرِ وَلِأَوْلَادِ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِهِ حُكْمُهُ فِيمَا ذُكِرَ، وَلَا يَجِبُ الْأَمْرُ بِالِانْتِسَابِ فِي وَلَدِ الرَّضَاعِ وَلَوْ بِقَائِفٍ لِأَنَّهُ لَا دَخْلَ لَهُ فِيهِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَكَحَتْ) مِثَالٌ فَالْمُرَادُ وُطِئَتْ وَلَوْ بِشُبْهَةٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ أَوْ زِنًا فَاللَّبَنُ لِلْوَاطِئِ، وَإِنْ انْقَطَعَ وَعَادَ أَوْ طَالَتْ مُدَّتُهُ حَتَّى تَلِدَ قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْوِلَادَةِ) أَيْ تَمَامِ انْفِصَالِ الْوَلَدِ قَوْلُهُ: (لَهُ) أَيْ لِلْوَاطِئِ أَوْ لِلْوَلَدِ وَلَوْ مِنْ زِنًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ إنَّ أَقَلَّ مُدَّةٍ يَحْدُثُ فِيهَا اللَّبَنُ لِلْحَمْلِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا) وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَوَّلَ حُدُوثِهِ عِنْدَ اسْتِكْمَالِ خَلْقِ الْحَمْلِ، وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الْقَوَابِلِ، وَانْظُرْ هَلْ الْأَرْبَعُونَ يَوْمًا مِنْ أَوَّلِ الْحَمْلِ أَوْ قَبْلَ الْوِلَادَةِ رَاجِعْهُ، وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْمُتَقَدِّمُ يُعَضِّدُ الثَّانِيَ.   [حاشية عميرة] الْوَاحِدَةِ أَوْ الْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ، قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْمُسْتَوْلَدَاتِ) فَإِنَّهُنَّ يَنْزِلْنَ مَنْزِلَةَ الْمُسْتَوْلَدَةِ الْوَاحِدَةِ إذَا أُرْضِعَتْ خَمْسَ رَضَعَاتٍ. قَوْلُهُ: (وَوَلَدُهُ أَخُوهُ أَوْ أُخْتُهُ) هَذِهِ تَقَدَّمَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ، وَتَسْرِي الْحُرْمَةُ إلَى أَوْلَادِهِ لَكِنْ ذَكَرَهَا هُنَا اسْتِيفَاءً لِلْأَقْسَامِ كُلِّهَا ، قَوْلُهُ: (لِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ وَلَدٌ) يَقْتَضِي أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ نِسْبَةُ الْوَلَدِ إلَيْهِ بِالْإِمْكَانِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَثْبُتَ وَطْءٌ كَمَا فِي وَلَدِ النِّكَاحِ، لَكِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَعَلَّهُ بَنَى مُخَالَفَتَهُ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ لَا يَسْتَقِرُّ بِذَلِكَ أَمَّا إذَا قُلْنَا يَسْتَقِرُّ فَيَنْبَغِي أَنَّهَا تَثْبُتُ أُبُوَّةُ الرَّضَاعِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَثْبُتُ وَيَسْتَقِرُّ بَعْدَ الْيَمِينِ لِأَجْلِ الْمَهْرِ، وَعَيْنِ الرَّضَاعِ لَا مَدْخَلَ لِيَمِينِ الْمَرْأَةِ فِي إثْبَاتِهَا وَأَفَادَتْ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ أَيْضًا، أَنَّ اللَّبَنَ لَوْ ثَارَ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الْحَمْلِ لَا يُثْبِتُ الْأُبُوَّةَ وَهُوَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَكَحَتْ آخَرَ إلَخْ) مِثْلُهُ وَطْءُ الشُّبْهَةِ إذَا حَمَلَتْ مِنْهُ وَوَلَدَتْ، وَأَمَّا لَوْ حَمَلَتْ مِنْ الزِّنَى وَوَلَدَتْ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ اللَّبَنُ لِلزَّوْجِ، قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْ الزَّوْجِ كَالشُّبْهَةِ قَالَ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ لَبَنَ الزِّنَى لَا حُرْمَةَ لَهُ، قَالَ وَهَذَا ضَعِيفٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الزَّانِيَةَ لَوْ ارْتَضَعَ صَغِيرٌ بِلَبَنِهَا ثَبَتَتْ الْأُخُوَّةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهَا مِنْ الزِّنَى. قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ إنَّ أَقَلَّ إلَخْ) وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ يُرْجَعُ إلَى قَوْلِ الْقَوَابِلِ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْدُثُ إلَّا عِنْدَ اسْتِكْمَالِ خَلْقِ الْحَمْلِ وَجَوَّزَ دَلَالَتَهُ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ لَهُمَا) أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبَوَانِ مِنْ الرَّضَاعِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ مِثْلُهُ فِي النَّسَبِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 66 فَصْلٌ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى) لَهُ (انْفَسَخَ نِكَاحُهُ) مِنْ الصَّغِيرَةِ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَهُ أَوْ بِنْتَ أُخْتِهِ أَوْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ مِنْ الْكَبِيرَةِ، لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ، (وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ مَهْرِهَا) الْمُسَمَّى إنْ كَانَ صَحِيحًا وَإِلَّا فَنِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا، (وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلٍ وَفِي قَوْلٍ كُلُّهُ) لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ الْبُضْعَ وَهُوَ مُتَقَوَّمٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالْأَوَّلُ اُعْتُبِرَ مَا يَجِبُ لَهُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ (وَلَوْ رَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا ، (وَلَا مَهْرَ لِلْمُرْتَضِعَةِ) لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ حَصَلَ بِفِعْلِهَا وَذَلِكَ يَسْقُطُ الْمَهْرُ قَبْلَ الدُّخُولِ ، (وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ) زَوْجَتَانِ (كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْ أُمُّ الْكَبِيرَةِ الصَّغِيرَةَ انْفَسَخَتْ الصَّغِيرَةُ وَكَذَا الْكَبِيرَةُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ أُخْتَيْنِ وَالثَّانِي يَخْتَصُّ الِانْفِسَاخُ بِالصَّغِيرَةِ لِأَنَّ الْجَمْعَ حَصَلَ بِإِرْضَاعِهَا، (وَلَهُ) عَلَى الْأَظْهَرِ، (نِكَاحُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ جَمْعُهُمَا، (وَحُكْمُ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ) عَلَى الزَّوْجِ (وَتَغْرِيمُهُ الْمُرْضِعَةِ مَا سَبَقَ) فَعَلَيْهِ لِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِي قَوْلٍ كُلُّهُ، (وَكَذَا الْكَبِيرَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً) لَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَلَهُ عَلَى أُمِّهَا الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَفِي قَوْلٍ كُلُّهُ. (فَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً فَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ مَهْرُ مِثْلٍ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِبِنْتِهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ بِكَمَالِهِ.   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي طُرُوِّ الرَّضَاعِ عَلَى النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (أُمُّهُ إلَخْ) لَوْ قَالَ فَأَرْضَعَتْهَا مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا بِنْتُهَا لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى، فَيَشْمَلُ زَوْجَةَ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ أَوْ أَخِيهِ بِلَبَنِهِمْ. تَنْبِيهٌ: تَقَدَّمَ فِي الْعَدَدِ أَنَّ اسْتِدْخَالَ الْمَنِيِّ كَالْوَطْءِ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَمَا مَرَّ بِمَنْ بَلَغَتْ حَدَّ الْوَطْءِ وَلَمْ يُوَافِقْهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ مَهْرِهَا) عَلَى الزَّوْجِ الْحُرِّ فِي مَالِهِ وَالرَّقِيقِ فِي كَسْبِهِ، وَلَهُ كَذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ الْمُرْضِعَةُ مَمْلُوكَةً لَهُ، وَالْمَغْرُومُ لِلْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ، قَوْلُهُ: (وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرٍ) وَلَوْ مُكْرَهَةً أَوْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ أَوْ مَمْلُوكَةً لِغَيْرِهِ، وَلَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُبَعَّضَةً وَالْغُرْمُ عَلَى الْمَمْلُوكَةِ فِي رَقَبَتِهَا، وَفِي الْمُبَعَّضَةِ بِالْقِسْطِ وَقَرَارُ الضَّمَانِ فِي الْمُكْرَهَةِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهَا، وَلَوْ حَلَبَتْ لَبَنَهَا وَأَمَرَتْ غَيْرَهَا بِإِيجَارِهِ، فَإِنْ اعْتَقَدَ وُجُوبُ الطَّاعَةِ فَعَلَيْهَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ كُلُّهُ) كَمَا لَوْ رَجَعَ شُهُودُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفَرَّقَ بِتَحَقُّقِ الْفُرْقَةِ هُنَا. قَوْلُهُ: (اعْتَبَرَ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْجُزْئِيَّةُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمِقْدَارُ وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْكَبِيرَةِ بِمَهْرِهَا، لِئَلَّا يَخْلُوَ النِّكَاحُ عَنْ مَهْرٍ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ: (مِنْ نَائِمَةٍ) وَكَذَا مُسْتَيْقِظَةٌ سَاكِتَةٌ وَقَوْلُهُمْ التَّمْكِينُ مِنْ الرَّضَاعِ كَفِعْلِهِ هُوَ مِنْ حَيْثُ التَّحْرِيمُ بِهِ، وَفَارَقَ ضَمَانُ الْمُحْرِمِ شَعْرَهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِ حَالِقِهِ بِأَنَّهُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ قَوْلُهُ: (وَلَا مَهْرَ لِلْمُرْتَضِعَةِ) بَلْ عَلَيْهَا فِي مَهْرِهَا مِثْلُ الْكَبِيرَةِ أَوْ نِصْفُهُ وَلَوْ حَمَلَتْ الرِّيحُ اللَّبَنَ فَلَا غُرْمَ عَلَى أَحَدٍ. تَنْبِيهٌ: الْعِبْرَةُ فِي الْغُرْمِ بِالرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ فَلَوْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ فِي غَيْرِ الْخَامِسَةِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهَا، أَوْ تَعَدَّدَتْ الْمُرْضِعَاتُ فَلَا شَيْءَ عَلَى غَيْرِ الْأَخِيرَةِ إذَا حَصَلَتْ الْحُرْمَةُ بِمَجْمُوعِهِنَّ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِيمَا لَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَتَانِ فَأَرْضَعَتْهَا إحْدَاهُمَا رَضْعَتَيْنِ وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا أَنَّ الْغُرْمَ عَلَيْهِمَا سَوِيَّةٌ كَإِتْلَافِ الْعِتْقِ وَقِيلَ بِعَدَدِ الرَّضَعَاتِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا وَرُدَّ بِأَنَّ نِكَاحَ الثَّانِيَةِ بَاطِلٌ فَلَمْ يَجْتَمِعْ مَعَ الْأُولَى بِخِلَافِهِ هُنَا قَوْلُهُ: (أُمَّ زَوْجَتِهِ) أَيْ بِوَاسِطَةٍ. قَوْلُهُ: (بِنْتَ زَوْجَتِهِ) أَيْ بِوَاسِطَةٍ فَهِيَ رَبِيبَةٌ بِوَاسِطَةٍ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ، قَوْلُهُ: (بِلَبَنِهِ) خَرَجَ لَبَنُ غَيْرِهِ فَلَا   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى لَهُ] فَصْلٌ تَحْتَهُ اعْلَمْ أَنَّ الرَّضَاعَ الطَّارِئَ يَقْطَعُ النِّكَاحَ سَوَاءٌ أَقْتَضَى حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً أَوْ تَحْرِيمَ جَمْعٍ وَسَيَأْتِي أَمْثِلَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ فَأَرْضَعَتْهُمَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ لَوْ قَالَ فَأَرْضَعَتْهَا مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ بِنْتِهَا أَوْ زَوْجَةُ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ ابْنَتِهِ لَكَانَ أَعَمَّ لِشُمُولِهِ الْجَدَّةِ وَالْبِنْتِ وَنَحْوِهِمَا وَلِيَشْمَلَ أَيْضًا زَوْجَةَ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ إذَا ارْتَضَعَتْ بِلِبَانِهِمْ، قَوْلُهُ: (أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى) هَذِهِ الزَّوْجَةُ تَحْرُمُ أَبَدًا سَوَاءٌ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِهِ أَوْ بِلَبَنِ مَوْطُوءَةٍ غَيْرِهِ، لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَإِنْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ مَوْطُوءَةً حُرِّمَتْ أَيْضًا أَبَدًا لِأَنَّهَا بِنْتُ مَوْطُوءَتِهِ سَوَاءٌ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِهِ أَوْ لَبَنِ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً فَالتَّحْرِيمُ تَحْرِيمُ جَمْعٍ فَقَطْ لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمَتْنِ ثُمَّ الْكَبِيرَةُ إذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ وَإِلَّا فَلَا، قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْكَبِيرَةِ) هَذِهِ الْكَبِيرَةُ إذَا كَانَتْ مَوْطُوءَةً فَلَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ لَكِنَّهَا أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ بِضْعَ نَفْسِهَا، وَفَوَّتَتْهُ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِهَا لِئَلَّا يَصِيرَ النِّكَاحُ خَالِيًا مِنْ الْمَهْرِ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ أُمَّ الْكَبِيرَةِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ تَعْيِينُ الْإِرْضَاعِ عَلَيْهَا عِنْدَ خَوْفِ تَلَفِ الصَّغِيرَةِ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ شُهُودِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا رَجَعُوا وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْفُرْقَةَ هُنَا حَقِيقِيَّةٌ بِخِلَافِ تِلْكَ فَإِنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ بِزَعْمِهِمْ وَقَدْ حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجِ قَوْلُهُ: (فَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ إلَخْ) . فَرْعٌ: تَحْتَهُ كَبِيرَتَانِ وَصَغِيرَةٌ فَارْتَضَعَتْ مِنْ وَاحِدَةٍ رَضْعَتَيْنِ وَمِنْ أُخْرَى ثَلَاثًا فَهَلْ الْغُرْمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ أَمْ عَلَى عَدَدِ الرَّضَعَاتِ، فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ نَظِيرِهِ مِنْ الْعِتْقِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ، قَوْلُهُ: (أُمَّ زَوْجَتِهِ) أَيْ جَدَّةُ زَوْجَتِهِ قَوْلُهُ: (فَلَا تَحْرُمُ) أَيْ لِأَنَّ الرَّبِيبَةَ لَا تَحْرُمُ إلَّا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 وَالثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْبُضْعَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَتَقَوَّمُ لِلزَّوْجِ، (وَلَوْ أَرْضَعَتْ بِنْتُ الْكَبِيرَةِ الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا) ، لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ (وَكَذَا الصَّغِيرَةُ) حُرِّمَتْ أَبَدًا (إنْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ مَوْطُوءَةً) لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ الْمَوْطُوءَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً فَلَا تَحْرُمُ هِيَ، (وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فَطَلَّقَهَا امْرَأَةً صَارَتْ أُمَّ امْرَأَتِهِ) فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا. (وَلَوْ نَكَحَتْ مُطَلَّقَتُهُ صَغِيرًا وَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ حُرِّمَتْ عَلَى الْمُطَلِّقِ وَالصَّغِيرِ أَبَدًا) لِأَنَّهَا صَارَتْ زَوْجَةَ ابْنِ الْمُطَلِّقِ وَأَمَّ الصَّغِيرِ وَزَوْجَةَ أَبِيهِ، (وَلَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ) بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ يُزَوِّجُهُ، (فَأَرْضَعَتْهُ لَبَنَ السَّيِّدِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ) لِأَنَّهَا أُمُّهُ وَمَوْطُوءَةُ أَبِيهِ، (وَعَلَى السَّيِّدِ) لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ (وَلَوْ أَرْضَعَتْ مَوْطُوءَتُهُ الْأَمَةُ صَغِيرَةً تَحْتَهُ بِلَبَنِهِ أَوْ لَبَنِ غَيْرِهِ) ، بِأَنْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ (حُرِّمَتَا عَلَيْهِ) أَبَدًا لِصَيْرُورَةِ الْأَمَةِ أُمَّ زَوْجَتِهِ وَالصَّغِيرَةِ بِنْتَه أَوْ بِنْتَ مَوْطُوءَتِهِ (وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا انْفَسَخَتَا) لِصَيْرُورَةِ الصَّغِيرَةِ بِنْتًا لِلْكَبِيرَةِ وَاجْتِمَاعُ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ فِي النِّكَاحِ مُمْتَنِعٌ (وَحُرِّمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا) لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ، (وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَ الْإِرْضَاعُ بِلَبَنِهِ) لِأَنَّهَا بِنْتُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْإِرْضَاعُ بِلَبَنِ غَيْرِهِ، (فَرَبِيبَةٌ) لَهُ فَإِنْ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ وَإِلَّا فَلَا، (وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ كَبِيرَةٌ وَثَلَاثُ صَغَائِرَ فَأَرْضَعَتْهُنَّ حُرِّمَتْ أَبَدًا) لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَاتِهِ، (وَكَذَا الصَّغَائِرُ إنْ أَرْضَعَتْهُنَّ بِلَبَنِهِ أَوْ لَبَنِ غَيْرِهِ وَهِيَ مَوْطُوءَةٌ) لِأَنَّهُنَّ بَنَاتُهُ أَوْ بَنَاتُ مَدْخُولَتِهِ وَسَوَاءٌ أَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا (وَإِلَّا) أَيْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً، (فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا بِإِيجَارِهِنَّ) الرَّضْعَةَ، (الْخَامِسَةَ انْفَسَخْنَ) لِصَيْرُورَتِهِنَّ أَخَوَاتٍ وَلِاجْتِمَاعِهِنَّ مَعَ الْأُمِّ فِي النِّكَاحِ (وَلَا يَحْرُمْنَ مُؤَبَّدًا) لِانْتِفَاءِ الدُّخُولِ بِأُمِّهِنَّ فَلَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِ كُلٍّ مِنْهُنَّ مِنْ غَيْرِ جَمْعٍ بَيْنَ بَعْضِهِنَّ، (أَوْ) أَرْضَعَتْهُنَّ (مُرَتَّبًا لَمْ يَحْرُمْنَ) مُؤَيِّدًا لِمَا ذَكَرَ. (وَتَنْفَسِخُ الْأُولَى) بِإِرْضَاعِهَا لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الْأُمِّ فِي النِّكَاحِ (وَالثَّالِثَةُ) بِإِرْضَاعِهَا لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ أُخْتِهَا الثَّانِيَةُ فِي النِّكَاحِ (وَتَنْفَسِخُ الثَّانِيَةُ) بِإِرْضَاعِ الثَّالِثَةِ لِمَا ذَكَرَ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِي النِّكَاحِ (وَفِي قَوْلٍ لَا يَنْفَسِخُ) لِأَنَّ اجْتِمَاعَ الْأُخْتَيْنِ إنَّمَا حَصَلَ بِالثَّالِثَةِ، فَيَخْتَصُّ الِانْفِسَاخُ بِهَا كَمَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا، (وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَنْ تَحْتَهُ صَغِيرَتَانِ أَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ مُرَتَّبًا أَتَنْفَسِخَانِ أَمْ الثَّانِيَةُ) فَقَطْ الْأَظْهَرُ انْفِسَاخُهُمَا لِمَا ذَكَرَ وَلَوْ أَرْضَعَتْهُمَا مَعًا بِالطَّرِيقِ السَّابِقِ انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا جَزْمًا لِمَا تَقَدَّمَ. وَالْمُرْضِعَةُ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتَيْهِ. فَصْلٌ (قَالَ هِنْدٌ بِنْتِي أَوْ أُخْتِي بِرَضَاعٍ أَوْ قَالَتْ هُوَ أَخِي) أَوْ ابْنِي بِرَضَاعٍ (حُرِّمَ تَنَاكُحُهُمَا) مُؤَاخَذَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِإِقْرَارٍ بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ فَلَوْ   [حاشية قليوبي] تَحْرُمُ عَلَى الْمُطَلِّقِ، قَوْلُهُ: (بِلَبَنِ السَّيِّدِ) خَرَجَ لَبَنُ غَيْرِهِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَإِنْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ إلَخْ) هَذِهِ تَقَدَّمَتْ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا هُنَا لِأَجْلِ مَا بَعْدَهَا ، قَوْلُهُ: (أَرْضَعَتْهُنَّ مُرَتَّبًا إلَخْ) وَلَوْ أَرْضَعَتْ اثْنَتَيْنِ مَعًا ثُمَّ الثَّالِثَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُ مَنْ عَدَاهَا لِانْفِرَادِهَا، أَوْ أَرْضَعَتْ وَاحِدَةً ثُمَّ اثْنَتَيْنِ انْفَسَخَ لِكُلٍّ كَمَا عُلِمَ، قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا) وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ آنِفًا. تَنْبِيهٌ: حَيْثُ لَمْ يَحْرُمْ مَا مَرَّ فَلَهُ نِكَاحُ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ مِنْ غَيْرِ جَمْعٍ، كَمَا قَالَهُ فِيمَا مَرَّ وَتَبِعَهُ فِي الْمَنْهَجِ وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَرَاجِعْهُ فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَمَا مَعَهُ. قَوْلُهُ: (حُرِّمَ تَنَاكُحُهُمَا) خَرَجَ بِهِ الْمَحْرَمِيَّةُ بَيْنَهُمَا فَلَا تَثْبُتُ وَتَحْرِيمُ أُصُولِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَفُرُوعِهِ عَلَى الْآخَرِ، فَلَا يَثْبُتُ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَالَ بِصِحَّةِ الرُّجُوعِ، وَانْفِسَاخِ النِّكَاحِ وَفَارَقَ الرَّجْعَةَ بِدَوَامِ الْحُرْمَةِ هُنَا. نَعَمْ   [حاشية عميرة] بِالدُّخُولِ، قَوْلُهُ: (فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا) أَيْ وَلَا نَظَرَ إلَى طُرُوُّ الْأُمُومَةِ بَعْدَ النِّكَاحِ إلْحَاقًا لِلطَّارِئِ بِالْمُقَارَنِ كَمَا هُوَ شَأْنُ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ قَوْلُهُ: (فَأَرْضَعَتْهُ لَبَنَ السَّيِّدِ إلَخْ) . احْتَرَزَ عَنْ غَيْرِ لَبَنِهِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَنْفَسِخُ وَلَكِنْ لَا تَحْرُمُ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةَ ابْنِهِ قَوْلُهُ: (انْفَسَخَتَا) هَذِهِ الصُّورَةُ تَقَدَّمَتْ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَذُكِرَتْ هُنَا لِبَيَانِ تَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ وَعَدَمِهِ وَهُنَاكَ لِبَيَانِ الْغُرْمِ. [فَصْلٌ قَالَ هِنْدٌ بِنْتِي أَوْ أُخْتِي بِرَضَاعٍ أَوْ قَالَتْ هُوَ أَخِي] فَصْلٌ قَالَ هِنْدٌ إلَخْ فَرْعٌ: قَالَ الْأَبُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَاطِبِ رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ ثُمَّ رَجَعَ قَالَ الْبَغَوِيّ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ لَهُ التَّزْوِيجُ مِنْهُ فَلَوْ أَصَرَّ وَجَبَ أَنْ يُجْبَرَ، فَإِنْ امْتَنَعَ فَعَاضِلٌ وَأَجَابَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بِنَحْوِهِ، قَوْلُهُ: (حُرِّمَ تَنَاكُحُهُمَا) لَوْ رَجَعَ هُوَ أَوْ هِيَ عَنْ الْإِقْرَارِ لَمْ يَفْدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَنْكَرَتْ الرَّجْعَةَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 قَالَ فُلَانَةُ بِنْتِي وَهِيَ أَكْبَرُ سِنًّا مِنْهُ فَلَغْوٌ ، (وَلَوْ قَالَ: زَوْجَانِ بَيْنَنَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) عَمَلًا بِقَوْلِهِمَا (وَسَقَطَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ وَطِئَ) وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ (وَإِنْ ادَّعَى رَضَاعًا فَأَنْكَرَتْ انْفَسَخَ) النِّكَاحُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ، (وَلَهَا الْمُسَمَّى إنْ وَطِئَ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ) وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهَا وَلَهُ تَحْلِيفُهَا قَبْلَ الْوَطْءِ، وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى، فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ هُوَ وَلَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْوَطْءِ وَلَا شَيْءَ قَبْلَهُ، (وَإِنْ ادَّعَتْهُ) أَيْ الرَّضَاعَ (فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ زُوِّجَتْ بِرِضَاهَا) . مِنْهُ لِتَضَمُّنِ رِضَاهَا الْإِقْرَارَ بِحِلِّهِ لَهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ زَوَّجَهَا الْمُجْبِرُ (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُهَا) بِيَمِينِهَا وَالثَّانِي يُصَدَّقُ هُوَ بِيَمِينِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تُمَكِّنْهُ فَإِنْ مَكَّنَتْهُ فَكَمَا لَوْ رَضِيَتْ، (وَلَهَا) فِي الصُّورَتَيْنِ (مَهْرُ مِثْلٍ إنْ وَطِئَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا) عَمَلًا بِقَوْلِهَا فِيمَا لَا تَسْتَحِقُّهُ وَالْوَرَعُ لِلزَّوْجِ، فِيمَا إذَا ادَّعَتْ الرَّضَاعَ أَنْ يَدَعَ نِكَاحَهَا بِطَلْقَةٍ لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً، (وَيَحْلِفُ مُنْكِرُ رَضَاعٍ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ وَمُدَّعِيهِ عَلَى بَتٍّ) رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً لِأَنَّ الْإِرْضَاعَ فِعْلُ الْغَيْرِ وَفِعْلُ الْغَيْرِ يَحْلِفُ مُدَّعِيهِ عَلَى الْبَتِّ وَمُنْكِرُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، وَلَوْ نَكَلَ الْمُنْكِرُ أَوْ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ وَرُدَّتْ عَلَى الْآخَرِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ (وَيَثْبُتُ) الرَّضَاعُ (بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ) لِاخْتِصَاصِ النِّسَاءِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا كَالْوِلَادَةِ وَكُلُّ ثِنْتَيْنِ بِرَجُلٍ وَمَا يُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ يَقْبَلُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنَّوْعَانِ، (وَالْإِقْرَارُ بِهِ شَرْطُهُ رَجُلَانِ) لِأَنَّهُ مِمَّا يَطْلُعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا   [حاشية قليوبي] لَوْ أَقَرَّ الْوَلِيُّ بِرَضَاعِ مَحْرَمٍ بَيْنَ مُوَلِّيَتِهِ وَالْخَاطِبِ ثُمَّ رَجَعَ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْهُ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ وَيَصِيرُ عَاضِلًا إنْ امْتَنَعَ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْقَاضِي الْحُسَيْنُ. قَوْلُهُ: (بِإِقْرَارِهِ) وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ صَدَّقَهُ الْآخَرُ وَإِلَّا فَظَاهِرًا فَقَطْ، قَوْلُهُ: (بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ) أَيْ حِسًّا وَشَرْعًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُحْتَرَزَ الشَّرْعِيَّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ لَعَلَّهُ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ هُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (زَوْجَانِ) وَإِنْ قَضَتْ الْعَادَةُ بِجَهْلِهِمَا لِشُرُوطِ الرَّضَاعِ، قَوْلُهُ: (وَسَقَطَ الْمُسَمَّى) إنْ لَمْ يَكُنْ الرَّضَاعُ مُضَافًا لِمَا بَعْدَ الْوَطْءِ وَإِلَّا وَجَبَ، قَوْلُهُ: (وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ) إنْ لَمْ تَكُنْ عَالِمَةً وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا قَوْلُهُ: (انْفَسَخَ) وَإِنْ كَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ الْمَنْسُوبُ إلَيْهَا الرَّضَاعُ. قَوْلُهُ: (وَلَهَا الْمُسَمَّى إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً، قَوْلُهُ: (وَلَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ) إنْ لَمْ تَكُنْ مُفَوِّضَةً وَإِلَّا فَالْمُتْعَةُ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فَدَعْوَاهَا مَسْمُوعَةٌ وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ عُذْرًا خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَتَبْقَى الزَّوْجِيَّةُ وَعَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ إنْ كَانَتْ صَادِقَةً، وَعَلَيْهِ مُؤْنَتُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا. نَعَمْ إنْ امْتَنَعَتْ مِنْ الذَّهَابِ إلَى مَحَلِّ طَاعَتِهِ فَلَا نَفَقَةَ أَيْ مَا لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، قَوْلُهُ: (بِرِضَاهَا) وَلَوْ بِسُكُوتِهَا فِي الْبِكْرِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ وَالصُّورَتَانِ هُمَا رِضَاهَا وَعَدَمُهُ، قَوْلُهُ: (مِنْهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ إذْنُهَا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ رِضَاهَا، قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَكَّنَتْهُ) أَيْ عَالِمَةً لَا لِنَحْوِ ظُلْمَةٍ، قَوْلُهُ: (مَهْرُ مِثْلٍ) إنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْ الْمُسَمَّى وَإِلَّا فَلَا يُسْتَرَدُّ وَلَوْ زَادَ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسَمَّى لَمْ تُطَالِبْ بِالزَّائِدِ فِي حَلِفِهِ، قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ لَهَا) نَعَمْ إنْ كَانَتْ قَبَضَتْ الْمُسَمَّى لَمْ يُسْتَرَدَّ مِنْهَا، قَوْلُهُ: (عَمَلًا بِقَوْلِهِمَا فِيمَا تَسْتَحِقُّهُ هَكَذَا) فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ بِمَعْنَى أَنَّهُ عَمَلٌ بِإِقْرَارِهَا فَسَقَطَ الْمُسَمَّى الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ، وَفِي نُسْخَةٍ فِيمَا لَا تَسْتَحِقُّهُ بِزِيَادَةٍ لَا وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الرَّضَاعَ لَا يَصِحُّ مَعَهُ النِّكَاحُ، فَلَا يَسْتَحِقُّ مَعَهُ الْمَهْرُ وَقَدْ أَقَرَّتْ بِذَلِكَ. فَرْعٌ: لَوْ أَقَرَّتْ رَقِيقَةٌ بِأُخُوَّةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَيِّدِهَا وَلَوْ قَبْلَ مِلْكِهِ لَهَا لَمْ تُقْبَلْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ بِمُصَاهَرَةٍ، كَأَنْ كَانَتْ زَوْجَةَ أَبِيهِ، وَلَوْ قَبْلَ مِلْكِهِ أَيْضًا قُبِلَتْ كَالرَّضَاعِ مَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا تَمْكِينٌ لَهُ بِلَا عُذْرٍ، قَوْلُهُ: (رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً) رَاجِعَانِ لِمُنْكِرِهِ وَمُدَّعِيهِ وَلَا يَضُرُّ فِي الْعُمُومِ عَدَمُ تَصَوُّرِ الْحَلِفِ مِنْ الزَّوْجِ الْمُدَّعِي لَهُ أَوْ عَدَمُ الرَّدِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي مُؤَاخَذَتِهِ بِإِقْرَارٍ وَالْمُرَادُ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا تَرِدُ أَيْضًا وَتَصْوِيرُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لَهُ فِي الدَّعْوَى بِمَا لَوْ ادَّعَى حِسْبَةً عَلَى غَائِبٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ رَضَاعٌ مُحَرَّمٌ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ عَلَى الْبَتِّ وَفِي الرَّدِّ بِمَا لَوْ زُوِّجَتْ بِالْإِجْبَارِ وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا مُنَافٍ ثُمَّ ادَّعَتْ رَضَاعًا مُحَرِّمًا وَرَدَتْ الْيَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ تَكَلُّفٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ حِسْبَةً لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِعْلُ الْغَيْرِ) وَلَا نَظَرَ لِلِارْتِضَاعِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي الصِّغَرِ قَوْلُهُ: (لِاخْتِصَاصِ النِّسَاءِ إلَخْ) مِنْهُ الشَّهَادَةُ أَنَّ هَذَا مِنْ لَبَنِ فُلَانَةَ نَعَمْ لَا   [حاشية عميرة] حَيْثُ تُصَدَّقُ ثُمَّ رَجَعَتْ وَاعْتَرَفَتْ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ، وَالْفَرْقُ تَأَبُّدُ الْحُرْمَةِ فَكَانَ كَالْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ: يَصِحُّ الرُّجُوعُ وَالنِّكَاحُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ لَا تَثْبُتُ عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ، قَالَ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا قَوْلُهُ: (وَسَقَطَ الْمُسَمَّى) لَوْ كَانَ الرَّضَاعُ مُضَافًا لِمَا بَعْدَ الْوَطْءِ وَجَبَ الْمُسَمَّى، قَوْلُهُ: (وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ إذَا كَانَتْ جَاهِلَةً عِنْدَ الْوَطْءِ قَوْلُهُ: (انْفَسَخَ) أَيْ وَلَوْ كَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ الَّتِي نَسَبَ الْإِرْضَاعَ إلَيْهَا، قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهَا لِتَحْلِيفِهِ لَكِنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ قَبِيلَ الصِّدْقِ قَيَّدَهُ بِمَا لَوْ أَبْدَتْ عُذْرًا مِنْ نِسْيَانٍ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عِنْدَهُ لِحَقِّهِ، قَوْلُهُ: (بِرِضَاهُ) اُنْظُرْ هَلْ مِنْهُ مَا لَوْ اُسْتُؤْذِنَتْ الْبِكْرُ فَسَكَتَتْ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَالنُّطْقِ فِي الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُهَا) لِأَنَّهَا ادَّعَتْ أَمْرًا مُحْتَمَلًا وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا مَا يُنَاقِضُهُ فَكَانَ كَمَا لَوْ ذَكَرَتْ ذَلِكَ قَبْلَ النِّكَاحِ، قَوْلُهُ: (فِي الصُّورَتَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْأُمِّ وَلَوْ كَانَ الْمُسَمَّى أَنْقَصَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَهُوَ بَعِيدٌ وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ، فَقَالَ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ مِثْلِهِ أَمَّا إذَا كَانَ زَائِدًا فَلَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالزَّائِدِ، قَوْلُهُ: (حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ) أَيْ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ قَوْلُهُ: (وَبِأَرْبَعٍ) خَالَفَ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَثْبَتَهُ بِالْمُرْضِعَةِ وَحْدَهَا لِظَاهِرِ حَدِيثٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَحَمَلَهُ أَصْحَابُنَا عَلَى الْوَرَعِ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ الشُّرْبُ مِنْ ظَرْفٍ لَمْ يَكْفِ النِّسَاءَ الْمُتَمَحِّضَاتِ كَذَا نَقَلَ فِي التَّتِمَّةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاَلَّذِي فِيهَا أَنْ لَا يُقْبَلَ إلَّا الرِّجَالُ، قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ تَسْتَحِقُّهَا ثُمَّ الْقَبُولُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مَا يَثْبُتُ لَهَا بِذَلِكَ مِنْ جَوَازِ الْخَلْوَةِ وَالْمُسَافَرَةِ، كَمَا أَنَّ الشُّهُودَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ إنْ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً) عَنْ الرَّضَاعِ (وَلَا ذَكَرَتْ فِعْلَهَا) كَأَنْ شَهِدَتْ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا بِوَصْفِهِ الْآتِي، (وَكَذَا إنْ ذَكَرَتْهُ فَقَالَتْ أَرْضَعْته) أَوْ أَرْضَعْتهَا بِالْوَصْفِ الْآتِي (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّهَمَةٍ فِي ذَلِكَ، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ ذِكْرُهَا فِعْلَ نَفْسِهَا كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بِوِلَادَتِهَا وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِاتِّهَامِهَا فِي الْوِلَادَةِ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهَا النَّفَقَةُ وَالْمِيرَاثُ وَسُقُوطُ الْقِصَاصِ، أَمَّا إذَا طَلَبَتْ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ فَلَا تُقْبَلُ لِاتِّهَامِهَا بِذَلِكَ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي) فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يُقَالَ (بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ) لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي شُرُوطِ التَّحْرِيمِ (بَلْ يَجِبُ ذِكْرُ وَقْتٍ) لِلرَّضَاعِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ (وَعَدَدٍ) لِلرَّضَعَاتِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا دُونَ خَمْسٍ، (وَوُصُولُ اللَّبَنِ جَوْفَهُ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِمُشَاهَدَةِ حَلَبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ، (وَإِيجَارٌ وَازْدِرَادٍ أَوْ قَرَائِنَ كَالْتِقَامِ ثَدْيٍ وَمَصِّهِ وَحَرَكَةِ حَلْقِهِ بِتَجَرُّعٍ وَازْدِرَادٍ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهَا لَبُونٌ) فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اللَّبَنِ وَقِيلَ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ أَخْذًا بِظَاهِرِ الْحَالِ، وَلَا يَكْفِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ الْقَرَائِنِ بَلْ يَعْتَمِدُهَا، وَيَجْزِمُ بِالشَّهَادَةِ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَكْفِي بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ يَكْفِي ذَلِكَ مِنْ الْفَقِيهِ الْعَارِفِ أَيْ بِالرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ، وَلَا يَكْفِي مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْأَخْبَارِ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ، وَالْإِقْرَارُ بِالرَّضَاعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَرُّضُ لِلشُّرُوطِ مِنْ الْفَقِيهِ، وَيُشْتَرَطُ مِنْ غَيْرِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِهِ فِي الشَّهَادَةِ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَا يَحْتَاجُ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ وَفِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الْمُطْلَقَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ وَجْهَانِ تَبَعًا لَهُ. كِتَابُ النَّفَقَاتِ جَمْعُ نَفَقَةٍ وَأَسْبَابُ وُجُوبِهَا ثَلَاثَةٌ مِلْكُ النِّكَاحِ وَمِلْكُ الْيَمِينِ وَقَرَابَةُ الْبَعْضِيَّةِ وَسَتَأْتِي وَبَدَأَ بِأَوَّلِهَا فَقَالَ (عَلَى مُوسِرٍ لِزَوْجَتِهِ كُلَّ يَوْمِ مُدُّ   [حاشية قليوبي] تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الشُّرْبِ لَهُ مِنْ ظَرْفٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الرِّجَالِ. قَوْلُهُ: (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ) بِأَنْ كَانَتْ تَمَامَ النِّصَابِ وَلَا تَكْفِي شَهَادَتُهَا وَحْدَهَا خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ، قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ تَطْلُبْ) أَيْ إنْ لَمْ تَذْكُرْ حَالَ شَهَادَتِهَا اسْتِحْقَاقَ الْأُجْرَةِ لَوْ كَانَتْ مُسْتَأْجَرَةً بِأَنْ سَكَتَتْ عَنْهَا، وَلَا يَضُرُّ طَلَبُهَا لَهَا بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَلَا قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: (بِوَصْفِهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِهَا فِي الشَّهَادَةِ كَغَيْرِهَا، قَوْلُهُ: (طَلَبَتْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ) وَهَلْ مِنْ الطَّلَبِ مَا لَوْ قَالَتْ وَمَا أَخَذْته مِنْ الْأُجْرَةِ حَقِّي أَوْ لَا تُطَالِبُونِي بِهِ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِاتِّهَامِهَا) لِعَوْدِ نَفْعِهِ عَلَيْهَا، قَوْلُهُ: (بَلْ يَجِبُ إلَخْ) وَلَوْ مَاتَ الشَّاهِدُ مَثَلًا قَبْلَ تَفْصِيلِهِ وَجَبَ التَّوَقُّفُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَعَدَدِ الرَّضَعَاتِ) وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ التَّفْرِيقِ مَعَ الْعَدَدِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ اعْتِقَادِ تَعَدُّدِهَا بِاعْتِبَارِ الْمَصَّاتِ، أَوْ التَّحَوُّلِ مِنْ ثَدْيٍ إلَى آخَرَ مَثَلًا، وَيُمْكِنُ أَنْ تَدْخُلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ فِي الْمُحْتَرَزِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (جَوْفَهُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِدِمَاغِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيُعْرَفُ ذَلِكَ) أَيْ الْوُصُولُ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ اللَّامِ) كَمَا فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا بِمَعْنَى الْفِعْلِ، قَوْلُهُ: (وَإِيجَارٍ) قَيْدٌ فِي الْحَلَبِ قَوْلُهُ: (أَوْ قَرَائِنَ) لِأَنَّهَا تُفِيدُ الظَّنَّ أَوْ الْعِلْمَ. قَوْلُهُ: (عَدَمُ اللَّبَنِ) مَعَ احْتِمَالِ نَحْوِ تَعَلُّلٍ، قَوْلُهُ: (وَيَجْزِمُ) وَلَا يَضُرُّ ذِكْرَ الْقَرَائِنِ بَعْدَ الْجَزْمِ عَلَى أَنَّهَا مُسْتَنِدَةٌ لَا عَلَى وَجْهِ الرِّيبَةِ، قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَحْسُنُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، قَوْلُهُ: (الْعَارِفِ) عِنْدَ الْقَاضِي الْمُوَافِقُ لَهُ مَذْهَبُهُ، وَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ تَرْجِيحٍ وَشَرَطَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَوْنَهُمَا مُقَلِّدَيْنِ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ قَدْ يَتَغَيَّرُ وَهُوَ وَاضِحٌ. قَوْلُهُ: (وَالْإِقْرَارُ بِالرَّضَاعِ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَهُوَ كَالشَّهَادَةِ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَقِيهِ وَغَيْرِهِ، قَوْلُهُ: (تَبَعًا لَهُ) فَالْمُعْتَمَدُ الْقَبُولُ مَعَ الْإِطْلَاقِ كَمَا فِي قَبُولِ الْإِقْرَارِ كَذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْإِطْلَاقَ إنَّمَا يُقْبَلُ مِنْ الْعَارِفِ وَحِينَئِذٍ فَالشَّهَادَةُ عَلَى الرَّضَاعِ وَعَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ كَالْإِقْرَارِ بِهِ فَتَأَمَّلْهُ. كِتَابُ النَّفَقَاتِ مِنْ الْإِنْفَاقِ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ وَلَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الْخَيْرِ وَعَلَى صَرْفِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِهِ، أَوْ فَرَاغِهِ نَحْوَ أَنْفَقَ عُمُرَهُ فِي كَذَا وَنَفَقَتْ بِضَاعَتُهُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَالِ الْمَصْرُوفِ فِي النَّفَقَةِ، وَلَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الرَّضَاعِ لِلْإِشَارَةِ إلَى عَدَمِ كَوْنِهِ مِنْ أَسْبَابِهَا لَكَانَ أَنْسَبَ، وَقَدْ يُقَالُ أَخَّرَهَا عَنْهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهَا تَجِبُ فِيهِ لِزَوْجَةٍ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا بِهِ لِمُقْتَضٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَأَسْبَابُهَا) إشَارَةٌ لِوَجْهِ جَمْعِهَا قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةٌ) وَمَا زِيدَ عَلَيْهَا إمَّا   [حاشية عميرة] بِالطَّلَاقِ يَسْتَفِيدُونَ جَوَازَ النِّكَاحِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّهَمَةٍ) أَيْ وَلِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ وَلِأَنَّهَا تَشْهَدُ عَلَى الْوَضْعِ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْغَيْرِ، قَوْلُهُ: (بَلْ يَجِبُ إلَخْ) صَنِيعُهُ يُوهَمُ إيجَابَ ذَلِكَ مَعَ الْوَصْفِ بِالتَّحْرِيمِ وَلَيْسَ بِالتَّحْرِيمِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّ الْوَصْفَ بِالتَّحْرِيمِ حُكْمٌ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ قَوْلُهُ: (أَوْ قَرَائِنَ) لِأَنَّهَا تُفِيدُ الظَّنَّ الْغَالِبَ وَذَلِكَ كَافٍ فِي الشَّهَادَةِ، بَلْ قَالَ الْإِمَامُ إنَّ الْقَرَائِنَ قَدْ تُفِيدُ الْيَقِينَ، قَوْلُهُ: (بَعْدَ عِلْمِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ يَلْتَقِمُ ثَدْيَهَا لَيُعَلِّلَ بِهِ كَمَا يُفْعَلُ بِالْمَفْطُومِ وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ غَيْرَ ذَاتِ لَبَنٍ قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَحْسُنُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَكَوْنُهُ فَقِيهًا لَا يَكْفِي بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى مَذْهَبِ الْقَاضِي وَكِلَاهُمَا مُقَلِّدٌ فَلَوْ كَانَا مُجْتَهِدَيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الشَّهَادَةِ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ إلَخْ) الْمُرَجَّحُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالزِّنَى الِاشْتِرَاطُ وَقَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا الْمُتَوَلِّي فِي الْخِلَافِ. [كِتَابُ النَّفَقَاتِ] ِ جَمَعَهَا لِأَنَّهَا أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ، قَوْلُهُ: (وَبَدَأَ بِأَوَّلِهَا) أَيْ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَلَا يَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بِخِلَافِ الْأَخِيرَيْنِ، قَوْلُهُ: (كُلَّ يَوْمٍ) أَيْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 طَعَامٍ وَمُعْسِرٍ مُدٌّ وَمُتَوَسِّطٍ مُدٌّ وَنِصْفُ) وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ لِأَصْلِ التَّفَاوُتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] الْآيَةَ وَاعْتَبَرُوا النَّفَقَةَ بِالْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَالٌ يَجِبُ بِالشَّرْعِ وَيَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ، وَأَكْثَرُ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَةِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْأَذَى فِي الْحَجِّ وَأَقَلُّ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ وَوِقَاعِ رَمَضَانَ فَأَوْجَبُوا عَلَى الْمُوسِرِ الْأَكْثَرُ وَعَلَى الْمُعْسِرِ الْأَقَلَّ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الزَّوْجَةُ الْمُسْلِمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَلَا يُعْتَبَرُ حَالُ الْمَرْأَةِ فِي شَرَفِهَا وَغَيْرِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ كِفَايَتُهَا كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّهَا أَيَّامَ مَرَضِهَا وَشِبَعِهَا، (وَالْمُدُّ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ) لِأَنَّهُ رَطْلٌ وَثُلُثٌ بَغْدَادِيٌّ وَرَطْلُ بَغْدَادَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ. (قُلْت الْأَصَحُّ مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) بِنَاءً عَلَى مَا رَجَّحَهُ هُنَاكَ مِنْ أَنَّ الرَّطْلَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، (وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّهُ مَنْ قَدَرَ عَلَى مَالٍ أَوْ كَسْبٍ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ وَلَا يَكْفِيهِ، (مُعْسِرٌ وَمَنْ فَوْقَهُ إنْ كَانَ لَوْ كُلِّفَ مُدَّيْنِ رَجَعَ مِسْكَيْنَا فَمُتَوَسِّطٌ وَإِلَّا فَمُوسِرٌ) وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ وَقِيلَ الْمُوسِرُ مَنْ يَزِيدُ دَخْلُهُ عَلَى خَرْجِهِ، وَالْمُعْسِرُ عَكْسُهُ وَالْمُتَوَسِّطُ مَنْ اسْتَوَى دَخْلُهُ وَخَرْجُهُ وَقِيلَ يُرْجَعُ فِي الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَادَةِ وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْبِلَادِ. (فَرْعٌ) الْعَبْدُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ وَكَذَا الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ، وَإِنْ كَثُرَ مَالُهَا وَلِضِعْفِ مِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَنَقْصِ حَالِ الْآخَرِ، (وَالْوَاجِبُ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ) مِنْ الْحِنْطَةِ وَغَيْرِهَا، (قُلْت فَإِنْ اخْتَلَفَ) غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ أَوْ قُوتِهَا مِنْ غَيْرِ غَالِبٍ، (وَجَبَ لَائِقٌ بِهِ) أَيْ بِالزَّوْجِ (وَيُعْتَبَرُ الْيَسَارُ وَغَيْرُهُ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)   [حاشية قليوبي] خَاصٌّ لِأَسْبَابٍ خَاصَّةٍ، أَوْ عَلَى مَرْجُوحٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ السِّيَرِ، قَوْلُهُ: (وَبَدَأَ بِأَوَّلِهَا) وَهُوَ مِلْكُ النِّكَاحِ لِكَوْنِهِ الْأَغْلَبَ وَالْأَكْثَرَ وَلَا يَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، قَوْلُهُ: (كُلَّ يَوْمٍ) بِلَيْلَتِهِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي قَوْلُهُ: (وَاعْتَبَرُوا) أَيْ قَاسُوا قَوْلُهُ: (مَا بَيْنَهُمَا) وَهُوَ نِصْفُ مَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، قَوْلُهُ: (وَلَا تُعْتَبَرُ كِفَايَتُهَا) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. وَإِنْ قِيلَ قَدِيمٌ عِنْدَنَا وَجَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، قَوْلُهُ: (وَالْمُدُّ مِائَةٌ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ اعْتِبَارُ الْكَيْلِ، فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا، وَقَدْ حَرَّرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمُدَّ الشَّرْعِيَّ بِمَا يَسَعُ رَطْلًا وَثُلُثًا مِنْ حَبِّ الشَّعِيرِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ نِصْفُ قَدَحٍ بِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ فَوْقَهُ) مِنْهُ مَنْ يَمْلِكُ أَوْ يَكْسِبُ قَدْرَ كِفَايَتِهِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ الْمُعْسِرِ هُنَا. فَالْمُرَادُ بِمَنْ فَوْقَهُ مَا فَوْقَ هَذَا، قَوْلُهُ: (بِالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ) وَقِلَّةِ الْعِيَالِ وَكَثْرَتِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَالْمُبَعَّضُ) وَجَعَلَهُ مُوسِرًا فِي الْكَفَّارَةِ وَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِأَنَّ الْإِعْسَارَ يُسْقِطُهُمَا، قَوْلُهُ: (الْبَلَدِ) أَيْ مَحَلِّ الزَّوْجَةِ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَإِنْ لَمْ يَلْقَ بِهِ، وَاعْتَبَرَ ابْنُ سُرَيْجٍ قُوتَ الزَّوْجِ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ لَائِقٌ بِهِ) يَسَارًا وَعَدَمُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِإِسْرَافِهِ وَتَقْتِيرِهِ، قَوْلُهُ: (طُلُوعَ الْفَجْرِ) أَيْ فَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْظُرُ فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ وَيُوَزِّعُ عَلَى مُؤْنَةِ مُمَوِّنِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ بَقِيَّةِ عُمُرِهِ الْغَالِبِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ شَيْءٌ أَوْ فَضَلَ دُونَ مُدٍّ وَنِصْفٍ فَمُعْسِرٌ أَوْ مُدٍّ وَنِصْفٍ   [حاشية عميرة] بِلَيْلَتِهِ أَعْنِي الْمُتَأَخِّرَةَ صَرَّحَ بِذَلِكَ الرَّافِعِيُّ فِي الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ، فَقَالَ وَالْيَوْمُ الثَّالِثُ إلَى انْقِضَاءِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بَعْدَهُ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَهُمَا وَبِمُضِيِّهِمَا تَسْتَقِرُّ اهـ. أَقُولُ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهَا لَوْ نَشَزَتْ اللَّيْلَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ سَقَطَتْ نَفَقَةُ الْيَوْمِ قَبْلَهَا، قَوْلُهُ: (وَاعْتَبَرُوا النَّفَقَةَ إلَخْ) وَأَيْضًا فَقَدْ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ جِنْسَ طَعَامِ الْكَفَّارَةِ بِنَفَقَةِ الْأَهْلِ فَقَالَ {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الْمُقَارَنَةِ وَالْمُشَابَهَةِ بَيْنَهُمَا، قَالَ الْإِمَامُ وَلِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ لَيْسَتْ عَلَى الْكِفَايَةِ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ بَلْ تَسْتَحِقُّهَا فِي أَيَّامِ مَرَضِهَا وَشِبَعِهَا، فَإِذَا بَطَلَتْ الْكِفَايَةُ حَسُنَ تَقْرِيبُهَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ، قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْأَذَى) أَيْ الْحَلْقِ قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ وَهُوَ نِصْفُ مَا عَلَى هَذَا وَنِصْفُ مَا عَلَى هَذَا، قَوْلُهُ: (وَلَا تُعْتَبَرُ كِفَايَتُهَا إلَخْ) هَذَا الْمَنْفِيُّ قَوْلٌ عِنْدَنَا يُنْسَبُ لِلْقَدِيمِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْقَوِيُّ فِي الدَّلِيلِ وَحَدِيثُ هِنْدٍ يَشْهَدُ لِذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَجَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ قَالَ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْكَفَّارَةِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْكَفَّارَةَ فَرْعًا لِنَفَقَةِ الْأَهْلِ، فَقَالَ {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] وَقِيلَ الِاعْتِمَادُ عَلَى فَرْضِ الْقَاضِي وَعَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ وَيُقَدِّرَ. قَوْلُهُ: (وَالْمُدُّ مِائَةٌ إلَخْ) قَدْ سَبَقَ فِي الزَّكَاةِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْكَيْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ وَقَدْ حَرَّرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمُدَّ الشَّرْعِيَّ بِمَا يَسَعُ رَطْلًا وَثُلُثًا مِنْ حَبِّ الشَّعِيرِ. قَوْلُهُ: (وَمِسْكِينٌ الزَّكَاةِ مُعْسِرٌ) قِيلَ الْعِبَارَةُ مَقْلُوبَةٌ وَالْأَصْلُ وَالْمُعْسِرُ مِسْكِينُ الزَّكَاةِ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَرْجِعُ إلَى الْعَادَةِ) بِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي، وَاقْتَضَى كَلَامُ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلضَّبْطِ اتِّكَالًا عَلَى الْعُرْفِ انْتَهَى، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّ الْأَوَّلَ مِنْ تَفَقُّهِ الْإِمَامِ وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ سَاكِتٌ عَنْهُ ثُمَّ اعْتَرَضَ صَنِيعَ الشَّيْخَيْنِ، بِأَنَّ الْإِمَامَ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَسْبِ الْوَاسِعِ لَا تَخْرُجُ عَنْ الْإِعْسَارِ هُنَا، وَإِنْ أَخْرَجَتْ عَنْ اسْتِحْقَاقٍ سَهْمَ الْمَسَاكِينِ [فَرْعٌ الْعَبْدُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ] ، قَوْلُهُ: (غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ) أَيْ لَا مَا خَرَّجَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِقُوتِ الزَّوْجِ كَمَا اُعْتُبِرَ بِحَالِهِ فِي الْقَدْرِ إلْحَاقًا لِجِنْسِهَا بِقَدْرِهَا، قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ تَمْلِيكُهَا) أَيْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ التَّسْلِيمُ، فَالْمُوسِرُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْيَسَارِ، وَإِنْ أَعْسَرَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ وَالْمُعْسِرُ بِعَكْسِهِ. ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَعَلَيْهِ تَمْلِيكُهَا حَبًّا) كَالْكَفَّارَةِ (وَكَذَا) عَلَيْهِ (طَحْنُهُ وَخَبْزُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا وَالثَّانِي لَا كَالْكَفَّارَةِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا فِي حَبْسِهِ وَالثَّالِثُ إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الَّذِينَ عَادَتُهُمْ الطَّحْنُ وَالْخَبْزُ بِأَنْفُسِهِمْ، فَلَا وَإِلَّا فَنَعَمْ (وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا بَدَلَ الْحَبِّ) مِنْ خُبْزٍ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ طَلَبَتْهُ هِيَ أَوْ بَذَلَهُ هُوَ بِالْمُعْجَمَةِ، (لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ) مِنْهُمَا (فَإِنْ اعْتَاضَتْ) عَنْهُ شَيْئًا (جَازَ فِي الْأَصَحِّ إلَّا خُبْزًا وَدَقِيقًا) ، فَلَا يَجُوزُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) أَمَّا الْجَوَازُ فِي غَيْرِهِمَا كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالثِّيَابِ فَلِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ طَعَامٍ مُسْتَقِرٍّ فِي الذِّمَّةِ لِمُعَيَّنٍ، كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ الطَّعَامِ الْمَغْصُوبِ الْمُتْلَفِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ الْقِيَاسُ عَلَى الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَالْكَفَّارَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِمَا وَانْفَصَلَ الْأَوَّلُ فِي قِيَاسِهِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَطَعَامُ الْكَفَّارَةِ. لَا يَسْتَقِرُّ لِمُعَيَّنٍ وَأَمَّا الْجَوَازُ فِي الْخُبْزِ وَالدَّقِيقِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ، فَلِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْحَبَّ وَالْإِصْلَاحَ وَقَدْ فَعَلَهُ، فَإِذَا أَخَذَتْ مَا ذَكَرَ فَقَدْ أَخَذَتْ حَقَّهَا لَا عِوَضَهُ، وَرَجَّحَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ، مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي ذَلِكَ الْمَنْعَ لِأَنَّهُ رِبًا، هَذَا كُلُّهُ فِي الِاعْتِيَاضِ عَنْ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ الْحَالِيَّةِ، وَأَمَّا الْمُسْتَقْبَلَةُ فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا قَطْعًا وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ قَطْعًا، (وَلَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ كَالْعَادَةِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا فِي الْأَصَحِّ) لِاكْتِفَاءِ الزَّوْجَاتِ بِهِ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، وَجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ   [حاشية قليوبي] وَلَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ فَمُتَوَسِّطٌ أَوْ بَلَغَهُمَا فَأَكْثَرَ، فَمُوسِرٌ وَيُعْتَبَرُ الْفَاضِلُ مِنْ كَسْبِهِ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مُؤْنَةِ مُمَوِّنِهِ فِيهِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْوَقْتَ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ التَّسْلِيمُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهَا حَبْسُهُ وَلَا لِلْحَاكِمِ إجْبَارُهُ، لِأَنَّهُ وَاجِبٌ مُوَسَّعٌ وَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهُ بِنَفَقَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَلَوْ وَقَعَ التَّمْكِينُ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ أَوْ اللَّيْلَةِ وَجَبَ لَهَا بِقِسْطِهِ عَنْ الْبَاقِي بِخِلَافِ مَا لَوْ نَشَزَتْ، وَعَادَتْ لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهَا فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا. قَوْلُهُ: (تَمْلِيكُهَا) أَيْ الدَّفْعُ إلَيْهَا وَلَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ إلَى وَلِيِّهَا أَوْ سَيِّدِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ وَلَوْ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَدْفُوعِ لَهُ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا عَلَيْهِ طَحْنُهُ إلَخْ) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ فَإِنْ اعْتَادَتْ أَكْلَهُ حَبًّا أَوْ بَاعَتْهُ أَوْ طَحَنَتْهُ بِنَفْسِهَا مَثَلًا فَلَهَا مُؤْنَتُهُ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ اعْتَاضَتْ عَنْهُ) أَيْ الْحَبِّ وَكَذَا عَنْ مُؤْنَتِهِ وَكَذَا عَنْ الْكِسْوَةِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (جَازَ) بِشَرْطِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ خُرُوجًا مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ هُنَا بَيْعُ دَيْنٍ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (إلَّا خُبْزًا إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ لَزِمَ وُجُودُ رِبًا قَوْلُهُ: (مُسْتَقِرٍّ) وَلَوْ بِحَسَبِ الْمَآلِ فَيَدْخُلُ نَفَقَةَ الْيَوْمِ الْحَالُ، كَمَا يَأْتِي فَهُوَ كَالثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ. قَوْلُهُ: (الْمَنْعِ لِأَنَّهُ رِبًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (الْمَاضِيَةِ أَوْ الْحَالِيَّةِ) وَلَهَا فِي الْمَاضِيَةِ مُطَالَبَتُهُ بِالْحَاكِمِ، وَإِلْزَامُهُ بِهَا بِخِلَافِ الْحَالِيَّةِ كَمَا مَرَّ، وَمَا يَقَعُ مِنْ تَقْرِيرِ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ عَلَيْهِ فِي الْوَثَائِقِ كُلَّ يَوْمٍ فَبَاطِلٌ إلَّا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ. وَكَذَا فِي الْكِسْوَةِ إلَّا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا) أَيْ مِنْ الزَّوْجِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ كَلَامِهِ، وَلَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ) مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ قَطْعًا أَيْ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ الِاعْتِيَاضُ مِنْ الزَّوْجِ فَيَدْخُلُ الْمَاضِيَةُ، وَالْحَالِيَّةُ وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْمَاضِيَةُ فَيَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَنْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالِاعْتِيَاضُ عَنْ الْكِسْوَةِ كَهُوَ عَنْ النَّفَقَةِ. فَرْعٌ: مِنْ النَّفَقَةِ مَاءُ الشُّرْبِ لِأَنَّهُ مِنْ الطَّعَامِ فَهُوَ تَمْلِيكٌ وَهُوَ مُقَدَّرٌ بِالْكِفَايَةِ، وَجِنْسُهُ مِنْ مَالِحٍ أَوْ عَذْبٍ مَا يَلِيقُ بِهِ بِعَادَةِ أَمْثَالِهِ. قَوْلُهُ: (أَكَلَتْ) خَرَجَ مَا لَوْ تَلِفَتْ أَوْ أَعْطَتْ غَيْرَهَا، فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَعَلَيْهَا الضَّمَانُ. قَوْلُهُ: (مَعَهُ) أَيْ عِنْدَهُ وَكَذَا لَوْ أَضَافَهَا أَحَدٌ إكْرَامًا لَهُ وَلَوْ أَيَّامًا فَإِنْ قَصَدَ إكْرَامَهَا فَبِالْقِسْطِ. قَوْلُهُ: (سَقَطَتْ) فَمَا أَكَلَتْهُ بَدَلٌ عَنْ الْوَاجِبِ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ، وَمَحَلُّ السُّقُوطِ إنْ أَكَلَتْ قَدْرَ الْوَاجِبِ فَأَكْثَرَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الْوَاجِبِ وَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا فِي قَدْرِهِ قَوْلُهُ: (وَتَطَوَّعَ بِغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الدَّفْعُ وَإِلَّا فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهَا كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ رَشِيدَةٍ) أَيْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا وَالْمُهْمَلَةُ كَالرَّشِيدَةِ. قَوْلُهُ: (لَا تَسْقُطُ عَنْهُ جَزْمًا) وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ إنْ كَانَ رَشِيدًا وَلَمْ يَقْصِدْ أَنَّهُ عَنْ النَّفَقَةِ وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهِ الرُّجُوعُ فِي الْأُولَى، وَيَحْسِبُ عَلَيْهَا مِنْ   [حاشية عميرة] الْوَاجِبُ الدَّفْعُ وَيَكْفِي الْوَضْعُ عَلَى قِيَاسِ الْخُلْعِ وَأَمَّا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّ هَذَا وَفَاءٌ عَمَّا وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ، قَوْلُهُ: (جَازَ فِي الْأَصَحِّ) شَمَلَ إطْلَاقُهُ الِاعْتِيَاضَ عَنْ الْمُؤَنِ فَإِنْ قُلْنَا بِاسْتِحْقَاقِهَا عِنْدَ بَيْعِ الطَّعَامِ فَلَا إشْكَالَ فِي صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ، وَإِلَّا ثَارَ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ هُنَا بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَذَا فِي الْمَطْلَبِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا مَعْنَاهُ أَنْ يَعْتَاضَ عَنْ الْجَمِيعِ وَبِتَمَامِ الِاعْتِيَاضِ يَسْقُطُ مَا يُقَابِلُ الْمُؤَنَ لِأَنَّ مَنْعَهَا مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا يَتِمُّ بِالْبَيْعِ فَيَجِيءُ خِلَافَ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ. قَوْلُهُ: (سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) قُلْت هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ هَلْ الْوَاجِبُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ التَّقْدِيرُ أَوْ الْأَكْلُ أَوْ الْوَاجِبُ الْمُقَدَّرُ وَهَذَا بَدَلُهُ اُغْتُفِرَ رِفْقًا وَمُسَامَحَةً احْتِمَالَانِ فِي الْمَطْلَبِ وَلَوْ ضَافَهَا إنْسَانٌ أَيَّامًا، فَالظَّاهِرُ السُّقُوطُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَتْ قَصَدْت التَّبَرُّعَ وَقَالَ بَلْ عَلَى النَّفَقَةِ صُدِّقَ الزَّوْجُ بِلَا يَمِينٍ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهَا شَيْئًا وَادَّعَتْ أَنَّهُ هَدِيَّةٌ، وَقَالَ بَلْ عَنْ الْمَهْرِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 فِيهَا وَالثَّانِي لَا تَسْقُطُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ الْوَاجِبَ، وَتَطَوَّعَ بِغَيْرِهِ (قُلْت إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ رَشِيدَةٍ وَلَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فِي أَكْلِهَا مَعَهُ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ جَزْمًا، كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ فَفِيهِ الْخِلَافُ. قَالَ: وَلْيَكُنْ السُّقُوطُ مُفَرَّعًا عَلَى جَوَازِ اعْتِيَاضِ الْخُبْزِ، وَأَنْ يُجْعَلَ مَا جَرَى قَائِمًا مَقَامَ الِاعْتِيَاضِ يَعْنِي إنْ لَمْ يُلَاحَظْ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْأَعْصَارِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَيَجِبُ أُدْمُ غَالِبِ الْبَلَدِ كَزَيْتٍ وَسَمْنٍ وَجُبْنٍ وَتَمْرٍ) وَخَلٍّ (وَيَخْتَلِفُ بِالْفُصُولِ) ، فَيَجِبُ فِي كُلِّ فَصْلٍ مَا يُنَاسِبُهُ (وَيُقَدِّرُهُ قَاضٍ بِاجْتِهَادٍ وَيُفَاوِتُ) فِي قَدْرِهِ (بَيْنَ مُوسِرٍ وَغَيْرِهِ) ، فَيَنْظُرُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَدُّ فَيَفْرِضُهُ عَلَى الْمُعْسِرِ، وَضِعْفُهُ عَلَى الْمُوسِرِ وَمَا بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُتَوَسِّطِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ مَكِيلَةِ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ أَيْ: أُوقِيَّةٍ فَتَقْرِيبٌ (وَ) يَجِبُ (لَحْمٌ يَلِيقُ بِيَسَارِهِ، وَإِعْسَارِهِ كَعَادَةِ الْبَلَدِ) . وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ رَطْلِ لَحْمٍ فِي الْأُسْبُوعِ الَّذِي حُمِلَ عَلَى الْمُعْسِرِ، وَجُعِلَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ عَلَى الْمُوسِرِ رَطْلَانِ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رِطْلٌ وَنِصْفٌ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالتَّوَسُّعِ فِيهِ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ عَلَى مَا كَانَ أَيَّامُهُ بِمِصْرَ مِنْ قِلَّةِ اللَّحْمِ فِيهَا، وَيُزَادُ بَعْدَهَا بِحَسَبِ عَادَةِ الْبَلَدِ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ يَجِبُ فِي وَقْتِ الرُّخْصِ رَطْلٌ عَلَى الْمُوسِرِ كُلَّ يَوْمٍ وَعَلَى الْمُعْسِرِ كُلَّ أُسْبُوعٍ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ كُلَّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَفِي وَقْتِ الْغَلَاءِ فِي أَيَّامٍ مَرَّةً عَلَى مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ. لَا مَزِيدَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ لِأَنَّ فِيهِ كِفَايَةً لِمَنْ قَنَعَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ لَا يَجِبُ الْأُدْمُ فِي يَوْمِ اللَّحْمِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ كُلَّ يَوْمٍ يَلْزَمُهُ الْأُدْمُ أَيْضًا لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً وَالْآخَرُ عَشَاءً عَلَى الْعَادَةِ (وَلَوْ كَانَتْ تَأْكُلُ الْخُبْزَ وَحْدَهُ وَجَبَ الْأُدْمُ) وَلَا نَظَرَ إلَى عَادَتِهَا وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ قَوْله تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] وَلَيْسَ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ تَكْلِيفُهَا الصَّبْرَ عَلَى الْخُبْزِ وَحْدَهُ (وَكِسْوَةٌ) أَيْ وَعَلَى الزَّوْجِ كِسْوَةُ الزَّوْجَةِ. قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] (تَكْفِيهَا) أَيْ عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهَا، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِطُولِهَا وَقِصَرِهَا وَهُزَالِهَا وَسِمَنِهَا وَبِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَلَا يَخْتَلِفُ عَدَدُ الْكِسْوَةِ بِيَسَارِ الزَّوْجِ   [حاشية قليوبي] النَّفَقَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَيُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ فِي قَصْدِهِ ذَلِكَ إنْ أَنْكَرَتْهُ، وَادَّعَتْ نَحْوَ الْهَدِيَّةِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَهْرِ. قَوْلُهُ: (أَذِنَ الْوَلِيُّ) أَيْ صَرِيحًا بِاللَّفْظِ وَلَا يَكْفِي عِلْمُهُ أَوْ الْإِذْنُ رُؤْيَتُهُ وَسَيِّدُ الْأَمَةِ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ، أَوْ وَلِيُّهُ كَالْوَلِيِّ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَصْلَحَةِ فِي أَكْلِهَا مَعَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْإِذْنُ، وَيَأْتِي مَا مَرَّ وَتَرَدَّدَ الْعَلَّامَةُ وَالِدُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي الْمُرَادِ بِالْوَلِيِّ، وَمَالَ شَيْخُنَا إلَى أَنَّهُ وَلِيُّ الْمَالِ، وَهَلْ يَنْقَطِعُ الْإِذْنُ بِمَوْتِهِ تَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَفِيهِ الْخِلَافُ) وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ السُّقُوطُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (يَعْنِي إنْ لَمْ إلَخْ) قَيْدٌ لِلتَّفْرِيعِ أَيْ فَإِنْ لَاحَظَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُفَرِّعًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (أُدْمُ غَالِبِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الزَّوْجَةِ أَيْ مَحَلِّهَا كَمَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أُدْمٌ غَالِبٌ فَمَا يَلِيقُ بِهِ لَا بِهَا، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْأُدْمُ وَجَبَ الْجَمِيعُ كَخِيَارٍ وَجُبْنٍ، وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ الْوَاجِبُ إلَى أُدْمٍ لَمْ يَجِبْ أُدْمُ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُقَدِّرُهُ قَاضٍ) أَيْ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا وَلَوْ تَبَرَّمَتْ مِنْ الْأُدْمِ فَلَهَا إبْدَالُهُ إنْ شَاءَتْ، وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إبْدَالُهُ إلَّا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ أَوْ سَفِيهَةً، وَلَيْسَ لَهَا مَنْ يَقُومُ بِأُمُورِهَا، فَاللَّائِقُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ إبْدَالُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَقَرُّوهُ. قَوْلُهُ: (أُوقِيَّةٍ) وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ لَحْمٌ) يُفِيدُ بِعَطْفِهِ عَلَى الْأُدْمِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَقَدْ يُطْلَقُ اسْمُ الْأُدْمِ عَلَيْهِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْحَبِّ لُزُومُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ نَحْوِ مَاءٍ وَحَطَبٍ، وَمَا يُطْبَخُ مَعَهُ مِنْ نَحْوِ قَرْعٍ وَكُرُنْبٍ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْأُدْمِ لُزُومُهُ عَلَيْهِ لَهَا. وَإِنْ لَمْ تَأْكُلْهُ وَأَنَّهُ يُقَدِّرُهُ الْقَاضِي عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا فِيهِ، وَأَنَّهُ يُفَاوِتُ فِي قَدْرِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) حَمَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا كَفَى اللَّحْمُ لِلْغَدَاءِ أَوْ الْعَشَاءِ وَالثَّانِيَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكْفِ لَهُمَا وَلَمْ يَخْلُفْهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَكِسْوَةٌ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَضَمِّهَا قَوْلُهُ: (تَكْفِيهَا) لِأَنَّ التَّمَتُّعَ بِجَمِيعِ بَدَنِهَا فَوَجَبَ كِفَايَتُهُ، وَلَا يُجَابُ لِمَا دُونَهُ وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ بَلْ لَوْ طَلَبَتْ التَّطْوِيلَ وَلَوْ لِنَحْوِ ذِرَاعٍ أُجِيبَتْ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ الْوَاجِبَ وَتَطَوَّعَ بِغَيْرِهِ) ظَاهِرُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَذْهَبُ مَجَّانًا وَنَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ الضَّمَانَ، قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ تَكُونَ إلَخْ) قِيلَ هَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ التَّعْلِيلِ بِجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ جَرَوْا عَلَى ذَلِكَ فِي الرَّشِيدَةِ وَغَيْرِهَا، فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارٍ فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ، قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهَا) اُنْظُرْ كَيْفَ الْأُذُنُ فِي الصَّغِيرَةِ وَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الزَّوْجَ كَالْوَكِيلِ عَنْ الْوَلِيِّ، قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ) لَوْ أَذِنَ ثُمَّ مَاتَ هَلْ يَنْقَطِعُ الْإِذْنُ وَمَا الْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ ، قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ أُدْمٌ) نَبَّهَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى وُجُوبِ الْمَشْرُوبِ قَالَ وَهُوَ إمْتَاعٌ وَعَلَى الْكِفَايَةِ أَقُولُ فِي كَوْنِهِ إمْتَاعًا نَظَرٌ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ تَغْلِبُ الْفَوَاكِهُ فِي وَقْتِهَا فَتَجِبُ قَالَ الْقَاضِي الرُّطَبُ فِي وَقْتِهِ وَالْيَابِسُ فِي وَقْتِهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُرَادُهُمَا إذَا غَلَبَ التَّأَذُّمُ بِهَا وَإِلَّا فَتُسْتَحَبُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ. اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ قَوْلُهُ: (أَيْ أُوقِيَّةٍ) حَكَى الْجِيلِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمُرَادَ الْأُوقِيَّةُ الْحِجَازِيَّةُ، وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْعِرَاقِيَّةَ لَا تُغْنِي شَيْئًا، قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْأُدْمُ) كَذَا قَطَعُوا بِهِ وَلَوْ قِيلَ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْكِفَايَةِ لَكَانَ مُتَّجَهًا ، قَوْلُهُ: (تَكْفِيهَا) أَيْ فَلَا يَكْفِي مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 وَإِعْسَارِهِ وَلَكِنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ (فَيَجِبُ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَخِمَارٌ) لِلرَّأْسِ (وَمِكْعَبٌ) أَوْ نَحْوُهُ يُدَاسُ فِيهِ هَذَا فِي كُلٍّ مِنْ فَصْلِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهَا تُعْطَى الْكِسْوَةَ أَوَّلَ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ (وَتُزَادُ فِي الشِّتَاءِ) عَلَى ذَلِكَ (جُبَّةً) مَحْشُوَّةً أَوْ نَحْوَهَا لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ تَكْفِ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ زِيدَ عَلَيْهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ السَّرَاوِيلُ فِي الصَّيْفِ وَفِي الْحَاوِي أَنَّ نِسَاءَ أَهْلِ الْقُرَى إذَا لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُنَّ أَنْ يَلْبَسْنَ فِي أَرْجُلِهِنَّ شَيْئًا فِي الْبُيُوتِ لَمْ يَجِبْ لِأَرْجُلِهِنَّ شَيْءٌ. (وَجِنْسُهَا) أَيْ الْكِسْوَةِ (قُطْنٌ) فَتَكُونُ لِامْرَأَةِ الْمُوسِرِ مِنْ لَيِّنِهِ وَلِامْرَأَةِ الْمُعْسِرِ مِنْ غَلِيظِهِ وَلِامْرَأَةِ الْمُتَوَسِّطِ مِمَّا بَيْنَهُمَا. (فَإِنْ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ لِمِثْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (بِكَتَّانٍ أَوْ حَرِيرٍ وَجَبَ فِي الْأَصَحِّ) ، وَيُفَاوَتُ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ فِي مَرَاتِبِ ذَلِكَ الْجِنْسِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ بَلْ يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقُطْنِ لِأَنَّ غَيْرَهُ رُعُونَةٌ (وَيَجِبُ مَا تَقْعُدُ عَلَيْهِ كَزِلِّيَّةٍ) بِكَسْرِ الزَّايِ أَيْ لِامْرَأَةِ الْمُتَوَسِّطِ (أَوْ لِبْدٌ) فِي الشِّتَاءِ (أَوْ حَصِيرٍ) فِي الصَّيْفِ كِلَاهُمَا لِامْرَأَةِ الْمُعْسِرِ، وَلِلْمُوسِرِ طَنْفَسَةٌ فِي الشِّتَاءِ وَنَطْعٌ فِي الصَّيْفِ (وَكَذَا فِرَاشٌ لِلنَّوْمِ فِي الْأَصَحِّ) فَيَجِبُ مَضْرَبَةٌ وَثِيرَةٌ أَوْ قَطِيفَةٌ. وَالثَّانِي لَا بَلْ تَنَامُ عَلَى مَا تَقْعُدُ عَلَيْهِ نَهَارًا، (وَمِخَدَّةٌ وَلِحَافٌ) أَوْ نَحْوُهُ (فِي الشِّتَاءِ) فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ. وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ الْمِلْحَفَةَ أَيْ فِي الصَّيْفِ وَسَكَتَ غَيْرُهُ عَنْهَا، وَفِي الْبَحْرِ لَوْ كَانُوا لَا يَعْتَادُونَ فِي الصَّيْفِ لِنَوْمِهِمْ غِطَاءً غَيْرَ لِبَاسِهِمْ لَمْ يَلْزَمْ شَيْءٌ آخَرُ وَلْيَكُنْ مَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ لِامْرَأَةِ الْمُعْسِرِ مِنْ الْمُرْتَفِعِ، وَلِامْرَأَةِ الْمُعْسِرِ مِنْ النَّازِلِ وَلِامْرَأَةِ الْمُتَوَسِّطِ مِمَّا بَيْنَهُمَا. (وَ) عَلَيْهِ (آلَةٌ تُنَظِّفُ كَمُشْطٍ وَدُهْنٌ) مِنْ زَيْتٍ أَوْ نَحْوِهِ، (وَمَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ) مِنْ سِدْرٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَمَرْتَكٌ وَنَحْوُهُ لِدَفْعِ صُنَانٍ) إذَا لَمْ يَنْقَطِعُ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ (لَا كُحْلٌ وَخِضَابٌ وَمَا يَزِينُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فَإِنْ أَرَادَ الزِّينَةَ بِهِ هَيَّأَهُ لَهَا تَتَزَيَّنُ بِهِ (وَدَوَاءُ مَرَضٍ وَأُجْرَةُ طَبِيبٍ وَحَاجِمٌ) ، وَفَاصِدٌ فَلَا يَجِبُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لِحِفْظِ الْبَدَنِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (عَدَدُ الْكِسْوَةِ) بِخِلَافِ جِنْسِهَا وَنَوْعِهَا كَمَا يَأْتِي، وَالْعِبْرَةُ فِي التَّعَدُّدِ بِأَمْثَالِهَا وَلَوْ انْتَقَلَتْ إلَى بَلَدٍ اُعْتُبِرَ أَهْلُهُ. قَوْلُهُ: (قَمِيصٌ) وَيَتْبَعُهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ خَيْطٍ وَنَحْوِهِ كَأَزْرَارٍ فَيَلْزَمُهُ، وَإِنْ لَمْ تَخِطْ بِهِ كَمَا مَرَّ فِي الطَّحْنِ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ دَفَعَهُ لَهَا مِخْيَطًا لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ، وَيَكْفِي لَبِيسٌ لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ وَأَوْلَى مِنْهُ الْجَدِيدُ. قَوْلُهُ: (وَسَرَاوِيلُ) هُوَ اللِّبَاسُ الْمَعْرُوفُ وَيَتْبَعُهُ تِكَّتُهُ وَمَا يَخِيطُ بِهِ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْأَزْرَارُ وَالرِّدَاءُ. قَوْلُهُ: (وَخِمَارٌ لِلرَّأْسِ) هُوَ مَا تُغَطَّى بِهِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْكُوفِيَّةُ وَنَحْوُهَا. قَوْلُهُ: (وَمُكَعَّبٌ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ مُثَقَّلًا وَبِكَسْرٍ فَسُكُونٍ مُخَفَّفًا هُوَ الْمَدَاسُ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوُهُ) كَالنَّعْلِ وَالْخُفِّ وَالْقَبْقَابِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ وَجَمِيعُ مَا ذَكَرَ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، وَكَذَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي وَلَا يُحْتَاجُ لِذِكْرِهَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) فَلَوْ جَرَتْ بِخَطْبٍ أَوْ فَحْمٍ أَوْ سِرْجِينٍ وَجَبَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجِبْ لِأَرْجُلِهِنَّ شَيْءٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (عَادَةُ الْبَلَدِ) أَيْ مَحَلِّ الزَّوْجَةِ. قَوْلُهُ: (لِمِثْلِهِ) أَيْ مَعَ مِثْلِهَا فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُرَاعٍ هُنَا، قَوْلُهُ: (بِكَتَّانٍ) أَوْ حَرِيرٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ أُدْمٍ. نَعَمْ لَوْ اعْتَادُوا رَقِيقًا لَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَجَبَ صَفِيقٌ يَسْتُرُ. قَوْلُهُ: (رُعُونَةٌ) أَيْ نَقْصُ عَقْلٍ وَهِيَ بِضَمِّ أَوَّلِيهِ الْمُهْمَلَيْنِ. قَوْلُهُ: (زِلِّيَّةٍ بِكَسْرِ الزَّايِ) وَبِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَالتَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْضًا مَضْرَبَةٌ وَقِيلَ بِسَاطٌ صَغِيرٌ. قَوْلُهُ: (طِنْفِسَةٌ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ وَفَتْحِهِمَا وَضَمِّهِمَا وَكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَهِيَ بِسَاطٌ صَغِيرٌ وَيَجِبُ مَا يُفْرَشُ تَحْتَهُ مِنْ نَحْوِ حَصِيرٍ. قَوْلُهُ: (نَطْعٌ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الطَّاءِ وَفَتْحِهَا. قَوْلُهُ: (وَثِيرَةٌ) بِالْمُثَلَّثَةِ لَيِّنَةُ الْحَشْوِ. قَوْلُهُ: (قَطِيفَةٌ) هِيَ الدُّبِّيَّةُ قَوْلُهُ: (وَمِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمُلَاصَقَتِهَا لِلْخَدِّ وَلَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْأَكْثَرِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي اللِّحَافِ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ) وَقْتَ الْبَرْدِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَيَلْحَقُ بِهِ زَيْتُ سِرَاجٍ وَمَنَارَتُهُ وَآنِيَتُهُ وَنَحْوُ فَتِيلَتِهِ. قَوْلُهُ: (الْمِلْحَفَةُ) وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِالْمِلَايَةِ الْآنَ فَتَجِبُ لَهَا إنْ احْتَاجَتْ لِلْخُرُوجِ لِنَحْوِ حَمَّامٍ مَثَلًا وَيُغْنِي عَنْهَا الْإِزَارُ الْمَعْرُوفُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْ شَيْءٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (كَمُشْطٍ) وَخِلَالٍ وَسِوَاكٍ قَوْلُهُ: (وَدُهْنٍ) وَلَوْ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ أَوْ مُطَيِّبًا قَوْلُهُ: (وَمَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ) وَكَذَا مَا يُغْسَلُ بِهِ الثِّيَابُ وَالْأَيْدِي وَالْأَوَانِي مِنْ نَحْوِ صَابُونٍ أَوْ أُشْنَانٍ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) كَإِسْفِيذَاجَ وَتُوتْيَا وراسخت.   [حاشية عميرة] بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ، وَوَجَّهَهُ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ يَسْتَمْتِعُ بِجَمِيعِ بَدَنِهَا فَعَلَيْهِ كِفَايَتُهَا، قَوْلُهُ: (وَسَرَاوِيلُ) مِثْلُهُ الْمِئْزَرُ فِي حَقِّ مَنْ اعْتَادَهُ، قَوْلُهُ: (لِمِثْلِهِ) قَضِيَّتُهُ النَّظَرُ إلَى الزَّوْجِ دُونَهَا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرُهُ مُصَرَّحٌ بِأَنَّ اللُّزُومَ عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ وَالْمُرَادُ بِهِ لِمِثْلِهَا مِنْ مِثْلِهِ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى اعْتِبَارِ كِسْوَةِ بَلَدِهَا بِمِثْلِهَا. قَوْلُهُ: (وَثِيرَةٌ) هُوَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَهِيَ الرَّطِيبَةُ مِنْ كَثْرَةِ حَشْوِهَا، قَوْلُهُ: (عَلَى مَا تَقْعُدُ عَلَيْهِ نَهَارًا) أَيْ مِنْ الَّذِي سَلَفَ قَرِيبًا قَوْلُهُ: (وَمِخَدَّةٌ وَلِحَافٌ) لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِمَا الْخِلَافُ فِي الَّتِي قَبْلَهُمَا لِأَنَّهُ لَا غُنْيَةً عَنْهُمَا بِخِلَافِ فِرَاشِ النَّوْمِ، فَقَدْ تَسْتَغْنِي عَنْهُ بِمَا تَجْلِسُ عَلَيْهِ نَهَارًا، قَوْلُهُ: (وَدُهْنٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ لِلسِّرَاجِ عَلَى الْعَادَةِ وَأَمَّا الصَّابُونُ وَالْأُشْنَانُ فَقَدْ صَرَّحَ الْقَفَّالُ بِوُجُوبِهِ، قَالَ حَتَّى لَوْ احْتَاجَتْ إلَى خَلَّالٍ وَجَبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَمَرْتَكٌ) هُوَ مُعَرَّبٌ، قَوْلُهُ: (هَيَّأَهُ لَهَا) فَإِذَا هَيَّأَهُ وَجَبَ عَلَيْهَا اسْتِعْمَالُهُ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لِحِفْظِ الْبَدَنِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ كَمَا لَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 (وَلَهَا طَعَامُ أَيَّامِ الْمَرَضِ وَأُدْمُهَا) وَصُرِفَ ذَلِكَ إلَى الدَّوَاءِ وَنَحْوِهِ، (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ أُجْرَةِ حَمَّامٍ بِحَسَبِ الْعَادَةِ) فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَعْتَادُ دُخُولَهُ فَلَا تَجِبُ، وَالثَّانِي لَا تَجِبُ إلَّا إذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ، وَعَسِرَ الْغُسْلُ إلَّا فِي الْحَمَّامِ، وَعَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ وَحَيْثُ وَجَبَتْ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا تَجِبُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً (وَ) الْأَصَحُّ وُجُوبُ (ثَمَنِ مَاءِ غُسْلِ جِمَاعٍ وَنِفَاسٍ) إذَا احْتَاجَتْ إلَى شِرَائِهِ (لَا حَيْضٍ وَاحْتِلَامٍ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ بِخِلَافِهَا فِي الثَّانِي وَيُقَاسُ بِذَلِكَ مَاءُ الْوُضُوءِ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَنْ لَمْسِهِ وَغَيْرِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْأَوَّلِ يَنْظُرُ إلَى وُجُوبِ التَّمْكِينِ عَلَيْهَا، وَفِي الثَّانِي يَنْظُرُ إلَى حَاجَتِهَا عَلَى أَنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الِاحْتِلَامِ قَالَ لَا يَلْزَمُ قَطْعًا أَخْذًا مِنْ سِيَاقِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، كَمَا أَخَذَ هُنَا مِنْ الْمُحَرَّرِ الْخِلَافَ وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنَّ الْوُجُوبَ مَنْقُولٌ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ (وَلَهَا) عَلَيْهِ (آلَاتُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَطَبْخٍ كَقِدْرٍ وَقَصْعَةٍ وَكُوزٍ وَجَرَّةٍ وَنَحْوِهَا) كَمِغْرَفَةٍ (وَمَسْكَنٌ) أَيْ وَلَهَا عَلَيْهِ تَهْيِئَةُ مَسْكَنٍ (يَلِيقُ بِهَا) عَادَةً مِنْ دَارٍ أَوْ حُجْرَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. (وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِلْكَهُ) بَلْ يَجُوزُ كَوْنُهُ مُسْتَأْجَرًا وَمُسْتَعَارًا. (وَعَلَيْهِ لِمَنْ يَلِيقُ بِهَا خِدْمَةُ نَفْسِهَا إخْدَامُهَا) ، لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَالْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ بِحَالِهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا مَثَلًا دُونَ أَنْ تَرْتَفِعَ بِالِانْتِقَالِ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا (بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مَنْ صَحِبَتْهَا مِنْ حُرَّةٍ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَأُدْمُهَا) وَكِسْوَتُهَا وَآلَةُ تَنْظِيفِهَا وَدُهْنُهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً) وَالْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُ الْعَادَةِ فِيهِ وَلَوْ بِإِخْلَائِهِ لَهَا. تَنْبِيهٌ: دُخُولُ الْحَمَّامِ جَائِزٌ لَهُنَّ بِلَا كَرَاهَةٍ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَلَا مَعْصِيَةَ. فَرْعٌ: لَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ اغْتِسَالِهَا لِصَلَاةِ الصُّبْحِ مَثَلًا، وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (مَاءِ غُسْلِ جِمَاعٍ وَنِفَاسٍ) أَيْ لِزَوْجَتِهِ لَا مِنْ زِنًا وَشُبْهَةٍ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَاءِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِثَمَنِ الْمَاءِ، لِأَنَّ الْمَاءَ هُوَ الْوَاجِبُ أَصَالَةً وَلَهُ إجْبَارُهَا عَلَى قَبُولِهِ، وَلَهُ دَفْعُ ثَمَنِهِ بِرِضَاهُ وَكَذَا كُلُّ مَا وَجَبَ لَهَا مِمَّا ذَكَرَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (لَا حَيْضٍ وَاحْتِلَامٍ) فَلَا يَجِبُ مَاؤُهُمَا وَمِثْلُهَا إدْخَالُ ذَكَرِهِ فِي نَحْوِ نَوْمٍ. قَوْلُهُ: (مَاءُ الْوُضُوءِ) وَإِبْرِيقُهُ وَيَلْحَقُ بِهِ مَاءُ غُسْلِ نَجَاسَةٍ وَلَوْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَلَا يَجِبُ مَاءُ طَهَارَةٍ مَنْدُوبَةٍ. قَوْلُهُ: (بِلَمْسِهِ) وَلَوْ مَعَهَا بِأَنْ تَلَامَسَا. قَوْلُهُ: (لَا غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ لَمْسِهِ بِأَنْ يَكُونَ بِلَمْسِهَا وَحْدَهَا أَوْ بِغَيْرِ لَمْسٍ قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ آلَاتُ أَكْلٍ) وَيُعْتَبَرُ فِيهَا عِدَّةُ أَمْثَالِهَا كَخَزَفٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ صِينِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَيَلْحَقُ بِهِ إجَّانَاتُ الْغَسِيلِ وَنَحْوُهَا. قَوْلُهُ: (وَشُرْبٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ زَادَ ابْنُ حَجَرٍ وَكَسْرِهِ وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ، أَوْ لُبْسِهِ مَثَلًا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ خَالَفَتْ نَشَزَتْ. قَوْلُهُ: (وَقَصْعَةٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهَا. تَنْبِيهٌ: جَمِيعُ مَا وَجَبَ لَهَا مِمَّا مَرَّ إذَا دَفَعَهُ لَهَا يَجُوزُ أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ وَلَوْ فِي نَحْوِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِهِ، وَلَوْ بِالْحَاكِمِ وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِهَا وَلَا يَسْقُطُ لَوْ تَبَرَّعَتْ بِهِ مِنْ مَالِهَا وَلَوْ انْكَسَرَ شَيْءٌ مَثَلًا لَمْ يَجِبْ إبْدَالُهُ إلَّا فِي وَقْتٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِبْدَالِهِ. فَرْعٌ: لَوْ مُكِّنَتْ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ فَلَهَا مِمَّا يُنَاسِبُهُ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ مِنْهُ إنْ أَمْكَنَ التَّقْسِيطُ، وَإِلَّا سَلَّمَهُ لَهَا وَيُحَاسِبُهَا بِمَا زَادَ عَمَّا يَلْزَمُهُ فِي الْفَصْلِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَهَذَا قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي النَّفَقَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ قَاسِمٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْهُ مِنْ قِيمَةِ مَا كَانَ يَلْزَمُهُ فِيهِ، وَهُوَ أَوْضَحُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَأَوْلَى إلَّا أَنْ تَرَاضَيَا بِالْأَوَّلِ وَمَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ مِمَّا يُخَالِفُ هَذَا الْمُقْتَضَى لِلِاعْتِرَاضِ وَالْإِشْكَالِ لَا يَنْبَغِي الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَلَا التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ، وَلَوْ نَشَزَتْ فِي بَعْضِ فَصْلٍ سَقَطَ وَاجِبُهُ، وَإِنْ عَادَتْ فِيهِ وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ كَمَا مَرَّ فِي النَّفَقَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَسْكَنٌ) حَضَرِيَّةً كَانَتْ أَوْ بَدْوِيَّةً. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِمَا) كَشَعْرٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ قَصَبٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ لَا يُعْتَادُونَ السُّكْنَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (يَلِيقُ بِهَا) وَفَارَقَ اعْتِبَارُ غَيْرِهِ بِالزَّوْجِ لِأَنَّهُ إمْتَاعٌ وَغَيْرُهُ تَمْلِيكٌ، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهَا إبْدَالُهُ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ لَهُ نَقْلَهَا مِنْ بَلَدٍ لِبَادِيَةٍ حَيْثُ لَاقَتْ بِهَا، وَإِنْ خَشِنَ عَيْشُهَا وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ نَحْوِ غَزْلٍ إلَّا فِي وَقْتِ اسْتِمْتَاعِهِ، وَلَا سَدُّ طَاقَاتِ الْمَسْكَنِ إلَّا لِرِيبَةٍ أَوْ نَظَرِ أَجْنَبِيٍّ فَيَجِبُ سَدُّهَا، وَلَهُ مَنْعُ نَحْوِ أَبَوَيْهَا وَوَلَدِهَا مِنْ دُخُولِهِ لَا خَادِمِهَا، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَلَوْ لِمَرَضِ أَبَوَيْهَا أَوْ وَلَدِهَا أَوْ لِمَوْتِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَمُسْتَعَارًا) وَمِنْهُ مَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي مِلْكُهَا أَوْ مِلْكِ نَحْوِ أَبِيهَا نَعَمْ إنْ سَكَنَ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَا مَنْعٍ مِنْ خُرُوجِهِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ) أَيْ لِحُرَّةٍ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي كَوْنِهَا مِمَّنْ يَلِيقُ بِهَا أَوْ تَخْدُمُ نَفْسَهَا. قَوْلُهُ: (فِي بَيْتِ أَبِيهَا) أَيْ كَوْنُ مِثْلِهَا يَخْدُمُ عَادَةً فِي بَيْتِ أَبِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَخْدُمُ بِالْفِعْلِ لِبُخْلٍ مِنْ أَبِيهَا مَثَلًا قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ، وَكَذَا لَوْ اعْتَادَتْ أَنْ تَخْدُمَ فِي بَيْتِ زَوْجٍ قَبْلَهُ، وَمِنْهُ بِالْأَوْلَى يُعْلَمُ أَنَّ بَيْتَ أُمِّهَا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ) كَذَا ذَكَرَ يَحِلُّ نَظَرُهُ كَصَغِيرٍ لَا يُمَيِّزُ، وَمَمْسُوحٍ وَمَحْرَمٍ وَشَمِلَ مَا ذَكَرَ الْمُسْلِمَ الذِّمِّيَّ فِي مُسْلِمَةٍ أَوْ ذِمِّيَّةٍ،   [حاشية عميرة] تَجِبُ عِمَارَةُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَأَمَّا آلَةُ التَّنْظِيفِ فَإِنَّهَا نَظِيرُ غَسْلِ الدَّارِ وَكَنْسِهَا، قَوْلُهُ: (وَلَهَا طَعَامٌ) مِثْلُهُ آلَةُ التَّنْظِيفِ وَالْكِسْوَةُ قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ الْعَادَةِ) ، قَضِيَّةُ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُرَادَ الْعَادَةُ فِي أَصْلِ الدُّخُولِ، وَأَمَّا قَدْرُهُ فَسَيَأْتِي عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا تَجِبُ) أَيْ إلْحَاقًا لَهُ بِالطَّبِيبِ وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ مَا تُزِيلُ بِهِ الْوَسَخَ مِنْ الْمَاءِ ، قَوْلُهُ: (وَشُرْبٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَالْقَصْعَةُ بِالْفَتْحِ، قَالَ وَقَدْ قِيلَ الشَّرْبُ بِالْفَتْحِ فِي حَدِيثِ «أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» ، قَوْلُهُ: (وَالْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ بِحَالِهَا) لَوْ اعْتَادَتْ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ دُونَ الزَّوْجِ دُونَ أَبَوَيْهَا ثُمَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 أَوْ أَمَةٍ لِخِدْمَةٍ) إنْ رَضِيَ بِهَا (وَسَوَاءٌ فِي هَذَا مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ وَعَبْدٌ) وَمُكَاتَبٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْدُمَهَا بِنَفْسِهِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا تَسْتَحِيُ مِنْهُ، وَتَتَغَيَّرُ بِذَلِكَ كَصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا وَحَمْلِهِ إلَيْهَا لِلْمُسْتَحَمِّ أَوْ لِلشُّرْبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا لَا تَسْتَحِيُ مِنْهُ قَطْعًا كَالْكَنْسِ وَالطَّبْخِ وَالْغَسْلِ، (فَإِنْ أَخْدَمَهَا بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ بِأُجْرَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْأُجْرَةِ (أَوْ بِأَمَتِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِالْمِلْكِ أَوْ بِمَنْ صَحِبَتْهَا لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا) وَلُزُومُ نَفَقَتِهَا تَقَدَّمَ فَهُوَ مُكَرَّرٌ (وَجِنْسُ طَعَامِهَا) أَيْ الْمَصْحُوبَةِ (جِنْسُ طَعَامِ الزَّوْجَةِ) ، وَقَدْ سَبَقَ (وَهُوَ) فِي الْقَدْرِ (مُدٌّ عَلَى مُعْسِرٍ) كَالْمَخْدُومَةِ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَقُومُ بِدُونِهِ غَالِبًا (وَكَذَا مُتَوَسِّطٌ) عَلَيْهِ مُدٌّ (فِي الصَّحِيحِ وَمُوسِرٌ مُدٌّ وَثُلُثٌ) اعْتِبَارًا، بِثُلُثَيْ نَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ فِيهِمَا وَقِيلَ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ مُدٌّ وَثُلُثٌ كَالْمُوسِرِ، وَقِيلَ وَسُدُسٌ لِيَحْصُلَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمَرَاتِبِ فِي الْخَادِمَةِ كَالْمَخْدُومَةِ وَقِيلَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مُدٌّ فَقَطْ (وَلَهَا) أَيْضًا (كِسْوَةٌ تَلِيقُ بِحَالِهَا) مِنْ قَمِيصٍ وَمِقْنَعَةٍ وَخُفٍّ وَمِلْحَفَةٍ لِحَاجَتِهَا إلَى الْخُرُوجِ وَجُبَّةٍ فِي الشِّتَاءِ لَا سَرَاوِيلَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَيَجِبُ لَهَا مَا تَفْرِشُهُ وَمَا تَتَغَطَّى بِهِ كَقِطْعَةِ لِبْدٍ وَكِسَاءٍ فِي الشِّتَاءِ وَبَارِيَة فِي الصَّيْفِ وَمِخَدَّةٍ، وَيَكُونُ ذَلِكَ دُونَ مَا يَجِبُ لِلْمَخْدُومَةِ جِنْسًا وَنَوْعًا. (وَكَذَا) لَهَا (أُدْمٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْعَيْشَ لَا يَتِمُّ بِدُونِهِ، وَيَكُونُ مِنْ جِنْسِ أُدْمِ الْمَخْدُومَةِ وَدُونَهُ نَوْعًا وَقَدْرُهُ بِحَسَبِ الطَّعَامِ، وَالثَّانِي لَا أُدْمَ لَهَا وَيُكْتَفَى بِمَا يَفْضُلُ عَنْ الْمَخْدُومَةِ (لَا آلَةَ تَنْظِيفٍ) لِأَنَّ اللَّائِقَ بِهَا أَنْ تَكُونَ شَعِثَةً لِئَلَّا تَمْتَدَّ إلَيْهَا الْأَعْيُنُ (فَإِنْ كَثُرَ وَسَخٌ وَتَأَذَّتْ بِقَمْلٍ وَجَبَ أَنْ تَرِفَّهُ) بِمَا يُزِيلُ ذَلِكَ مِنْ مُشْطٍ وَدُهْنٍ وَغَيْرِهِمَا، (وَمَنْ تَخْدُمُ نَفْسَهَا فِي الْعَادَةِ إنْ احْتَاجَتْ إلَى خِدْمَةٍ لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ وَجَبَ إخْدَامُهَا) كَمَا ذَكَرَ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً (وَلَا إخْدَامَ لِرَقِيقَةٍ) حَيْثُ لَا حَاجَةَ لِنَقْصِهَا جَمِيلَةً كَانَتْ أَمْ لَا، (وَفِي الْجَمِيلَةِ وَجْهٌ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِإِخْدَامِهَا (وَيَجِبُ فِي الْمَسْكَنِ إمْتَاعٌ) لَا   [حاشية قليوبي] وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا الْأَكْثَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا لِنَحْوِ مَرَضٍ لَا يَكْفِي فِيهِ وَاحِدَةٌ مَثَلًا، وَتَعْيِينُ الْخَادِمِ ابْتِدَاءً إلَيْهِ وَفِي الِانْتِهَاءِ إلَيْهَا كَأَنْ أَلِفَتْهُ مَا لَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ إلَخْ) أَيْ لَا يُجْبِرُهَا عَلَى أَنْ يَخْدُمَهَا بِنَفْسِهِ، وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْهَا فَتَجُوزُ بِالرِّضَا، وَمِثْلُهُ أُصُولُهُ وَأُصُولُهَا وَلَيْسَ لَهَا إجْبَارُهُ عَلَى دَفْعِ أُجْرَةِ الْخَادِمِ لَهَا، وَتَخْدُمُ نَفْسَهَا وَلَا تُجْبَرُ عَلَى الرِّضَا بِخِدْمَةِ مُتَبَرِّعَةٍ عَنْ الزَّوْجِ لِلْمِنَّةِ. وَكَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا مَرَّ فِي دَفْعِ الْأَجْنَبِيِّ النَّفَقَةَ عَنْهُ، وَلِأَنَّ الْمِنَّةَ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بِرِضَاهُ، وَلَا تُجْبِرُهُ عَلَيْهِ وَلَا تَمْنَعُهُ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهَا فِعْلُهُ، لِأَنَّهُ مِمَّا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا عَلَيْهَا. وَبِمَا ذَكَرَ مِنْ التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ مُكَرَّرٌ) كَذَا قَالَهُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَهَذَا اسْتِرْوَاحٌ أَيْ أَخْذُ الشَّيْءِ عَلَى الرَّاحَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ بِفِكْرٍ وَتَأَمُّلٍ بَلْ ذَاكَ لِبَيَانِ أَقْسَامِ الْخَادِمَةِ، وَهَذَا الْبَيَانُ مَا يَلْزَمُهُ لَهَا إذَا رَضِيَ بِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ وَفِيهِ تَسْلِيمٌ لِلِاعْتِرَاضِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ النَّفْسَ إلَخْ) دَفْعٌ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ النِّسْبَةِ الْآتِيَةِ فِي الْمُعْسِرِ كَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (اعْتِبَارًا إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ لِلْخَادِمَةِ وَالْمَخْدُومَةِ فِي النَّفَقَةِ حَالَةَ كَمَالٍ، وَحَالَةَ نَقْصٍ وَهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي الثَّانِيَةِ وَيُزَادُ فِي الْأُولَى لِلْمَفْضُولَةِ ثُلُثَ مَا يُزَادُ لِلْفَاضِلَةِ كَالْأَبَوَيْنِ فِي الْإِرْثِ لَهُمَا حَالَةُ نَقْصٍ يَسْتَوِيَانِ فِيهَا، وَهُوَ السُّدُسُ عِنْدَ وُجُودِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ الذَّكَرِ، وَحَالَةُ كَمَالٍ عِنْدَ فَقْدِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ لِلْأَبِ فِيهَا ثُلُثَانِ، وَلِلْأُمِّ ثُلُثٌ فَقَطْ. زِيدَ لِلْأَبِ ثُلُثُ مَا لِلْأُمِّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَمِقْنَعَةٍ) وَهِيَ الْخِمَارُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْمَخْدُومَةِ وَقِيلَ إنَّهَا فَوْقَ الْخِمَارِ. قَوْلُهُ: (لَا سَرَاوِيلَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ) اعْتِبَارًا بِمَا كَانَ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ الْآنَ بِهِ فَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهُ. قَوْلُهُ: (وَبَارِيَة) بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ كَمَا فِي الدَّقَائِقِ وَحُكِيَ تَخْفِيفُهَا نَوْعٌ يُنْسَجُ مِنْ قَصَبٍ كَالْحَصِيرِ. قَوْلُهُ: (ذَلِكَ) أَيْ مَا يَجِبُ لَهَا مِنْ الْكِسْوَةِ. قَوْلُهُ: (أُدْمٌ) وَمِنْهُ اللَّحْمُ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَقَدْرُهُ بِحَسَبِ الطَّعَامِ) فَيَكُونُ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ مَا يَجِبُ لِلْمَخْدُومَةِ كَمَا فِي النَّفَقَةِ. تَنْبِيهٌ: كُلُّ مَا وَجَبَ لَهَا مِمَّا ذَكَرَ يَجِبُ مَا يَتْبَعُهُ كَزِرِّ الْقَمِيصِ وَخَيْطِهِ وَتِكَّةِ السَّرَاوِيلِ وَظُرُوفِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالطَّبْخِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَائِدَةٌ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرُوهُ أَنَّ نَفَقَةَ الْخَادِمَةِ مُسَاوِيَةٌ لِنَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَنَاقِصَةٌ فِي الْقَدْرِ، وَأَنَّ الْأُدْمَ مُسَاوٍ لَهَا فِي الْجِنْسِ، وَنَاقِصٌ فِي الْقَدْرِ وَالنَّوْعِ وَأَنَّ الْكِسْوَةَ لَهَا مُسَاوِيَةٌ فِي الْقَدْرِ لِكَوْنِهَا بِالْكِفَايَةِ، وَنَاقِصَةٌ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ تَوَابِعُهَا مِثْلَهَا، وَكَذَا تَوَابِعُ غَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ مِنْ الظُّرُوفِ وَغَيْرِهَا. فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَتَأَذَّتْ) أَيْ الْخَادِمَةُ الْأُنْثَى وَمِثْلُهَا الذَّكَرُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ تَخْدُمُ نَفْسَهَا) أَيْ مَنْ لَا يَجِبُ إخْدَامُهَا. قَوْلُهُ: (وَجَبَ إخْدَامُهَا) أَيْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ خَادِمَةٍ. قَوْلُهُ: (لِرَقِيقَةِ) أَيْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ وَإِنْ جَرَتْ عَادَةُ   [حاشية عميرة] طَلُقَتْ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ، فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْإِخْدَامِ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَقَعُ فِي الْجَوَارِي الْبِيضِ كَثِيرًا، قَوْلُهُ: (أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ) قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَزِيدَ الْأُجْرَةُ عَلَى نَفَقَةِ الْخَادِمِ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ الِاسْتِئْجَارُ، قَوْلُهُ: (فِي الْقَدْرِ) تَصْحِيحٌ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ فَإِنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْجِنْسِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا مُتَوَسِّطٌ) اُسْتُشْكِلَ إلْحَاقُ الْمُتَوَسِّطِ بِالْمُعْسِرِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي نَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ ، قَوْلُهُ: (لَا سَرَاوِيلَ) أَيْ لِأَنَّهَا لِكَمَالِ السَّتْرِ دُونَ أَصْلِهِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا أُدْمٌ عَلَى الصَّحِيحِ) سَكَتَ عَنْ اللَّحْمِ وَبَنَاهُ الرَّافِعِيُّ عَلَى الْخِلَافِ فِي مُسَاوَاةِ أُدْمِهَا لِأُدْمِ الْمَخْدُومَةِ يَعْنِي جِنْسًا وَنَوْعًا وَقَضِيَّتُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 تَمْلِيكٌ، كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِلْكَهُ (وَ) فِي (مَا يُسْتَهْلَكُ كَطَعَامٍ تَمْلِيكٌ) كَالْكَفَّارَةِ وَأُلْحِقَ بِهِ نَحْوُهُ كَأُدْمٍ وَدُهْنٍ (وَتَتَصَرَّفُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا يُسْتَهْلَكُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ لِمِلْكِهَا لَهُ، (فَلَوْ قَتَرَتْ بِمَا يَضُرُّهَا مَنَعَهَا) مِنْ ذَلِكَ وَيُمَلِّكُهَا أَيْضًا نَفَقَةَ مَصْحُوبَتِهَا الْمَمْلُوكَةِ لَهَا أَوْ الْحُرَّةِ وَلَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ، وَتَكْفِيهَا مِنْ مَالِهَا (وَمَا دَامَ نَفْعُهُ كَكِسْوَةٍ وَظُرُوفِ طَعَامٍ وَمُشْطٍ تَمْلِيكٌ) كَالنَّفَقَةِ. (وَقِيلَ إمْتَاعٌ) لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَالْمِسْكَيْنِ وَالْخَادِمِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ مُسْتَأْجَرًا وَمُسْتَعَارًا عَلَى هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ (وَتُعْطَى الْكِسْوَةَ أَوَّلَ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ) مِنْ كُلِّ سَنَةٍ.   [حاشية قليوبي] بِإِخْدَامِهَا. قَوْلُهُ: (حَيْثُ لَا حَاجَةَ) فَإِنْ احْتَاجَتْ فَهِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: (لِنَقْصِهَا) أَيْ عَنْ الْحُرَّةِ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ فِي الْمَسْكَنِ إمْتَاعٌ) وَكَذَا الْخَادِمُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يُسْتَهْلَكُ إلَخْ) لَوْ قَالَ وَفِي غَيْرِ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ وَأَعَمَّ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَيْهِ وَمَا قِيلَ مِنْ الِاعْتِذَارِ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِذِكْرِ الْخِلَافِ مَرْدُودٌ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوَفَاءِ بِأَخْصَرِ مِمَّا ذَكَرَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (تَمْلِيكٍ) وَإِنْ كَانَ ذَاكَ عَنْ زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ كَالزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ، لِأَنَّ الْعَقْدَ سَبَبٌ أَوَّلٌ وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إذَا عَرَضَ مَانِعٌ، وَلَا يُحْتَاجُ فِي تَمْلِيكِهَا إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ لِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِدَفْعِهِ لَهَا بِشَرْطِهِ الْآتِي، وَتَمْلِكُهُ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ كَحَرِيرٍ بَدَلًا عَنْ قُطْنٍ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلَةِ كَإِنَاءَيْنِ لَزِمَهُ أَحَدُهُمَا، فَلَا تَمْلِكُ الْآخَرَ إلَّا بِلَفْظٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ هَدِيَّةٍ مِنْهُ لَهَا، قَوْلُهُ: (كَالْكَفَّارَةِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدٍ دَفَعَهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ عَنْهُ وَيَبْقَى الْوَاجِبُ دَيْنًا عَلَيْهِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَفِيهِ بَعْدُ فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِقَصْدِهَا، وَبِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْهَا فَرَاجِعْهُ. نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِهِ التَّصَدُّقَ عَلَيْهَا فَظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَتَرَتْ) أَيْ ضَيَّقَتْ. قَوْلُهُ: (بِمَا يَضُرُّهَا) أَوْ يَضُرُّ الزَّوْجَ أَوْ يَضُرُّهُمَا أَوْ الْخَادِمَ. قَوْلُهُ: (الْمَمْلُوكَةِ لَهَا) أُنْثَى كَانَتْ أَوْ ذَكَرًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْحُرَّةِ) خَالَفَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ وَاعْتَمَدَ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا لِلْخَادِمَةِ وَالْمِلْكُ فِيهَا لَهَا لَكِنَّ لِلْمَخْدُومَةِ مُطَالَبَةَ الزَّوْجِ بِدَفْعِهَا لِلْخَادِمَةِ، وَلَا تُطَالِبُهُ بِنَفَقَةِ مَمْلُوكَتِهِ وَلَا أُجْرَةِ مُسْتَأْجَرَةٍ، قَوْلُهُ: (وَلَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمَخْدُومَةِ. قَوْلُهُ: (تَمْلِيكٌ كَالنَّفَقَةِ) فَيَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ آنِفًا، وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِجَمِيعِ مَا تَمْلِكُهُ مِنْ الْفِرَاشِ وَالْأَوَانِي وَغَيْرِهِمَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (شِتَاءٍ) وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَهِيَ فَصْلٌ بِاعْتِبَارِ وُجُوبِ الْكِسْوَةِ، فَالسَّنَةُ بِاعْتِبَارِهَا فَصْلَانِ وَكُلُّ فَصْلٍ مِنْهُمَا فَصْلَانِ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ الْأَرْبَعَةِ، وَهِيَ الشِّتَاءُ وَالرَّبِيعُ وَالصَّيْفُ وَالْخَرِيفُ، فَالشِّتَاءُ هُنَا هُوَ الْفَصْلَانِ الْأَوَّلَانِ، وَالصَّيْفُ هُنَا هُوَ الْفَصْلَانِ الْبَاقِيَانِ، وَلَوْ وَقَعَ التَّمْكِينُ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ مِنْ الْفَصْلَيْنِ، وَهُنَا اُعْتُبِرَ قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْهُ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَيُبْتَدَأُ بَعْدَ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ فُصُولٌ كَوَامِلُ دَائِمًا، وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ أَنَّ مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ غَيْرِهِ، بِقَوْلِهِ وَتُعْطَى الْكِسْوَةُ أَوَّلَ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ التَّمْكِينِ الَّذِي رَدَّ بَعْضُهُمْ بِهِ عَلَى قَائِلِ الْأَوَّلِ، بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ تَمْكِينٍ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ إذْ كُلُّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ التَّمْكِينِ تُحْسَبُ فَصْلًا. وَهَكَذَا وَلَمْ يَدْرِ هَذَا الرَّادُّ مَا لَزِمَ عَلَى كَلَامِهِ هَذَا مِنْ الْفَسَادِ إذْ يُقَالُ عَلَيْهِ إذَا وَقَعَ التَّمْكِينُ فِي نِصْفِ فَصْلِ الشِّتَاءِ، مَثَلًا لَزِمَ أَنَّهُ لَا تَتِمُّ السِّتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا فِي نِصْفِ فَصْلِ الصَّيْفِ، وَعَكْسُهُ فَإِنْ قَالَ إنَّهُ يَغْلِبُ أَحَدُ النِّصْفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَهُوَ تَحَكُّمٌ وَتَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَأَيْضًا قَدْ عُلِمَ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ الْكِسْوَةِ فِي الشِّتَاءِ غَيْرُ مَا يَلْزَمُ مِنْهَا فِي الصَّيْفِ، وَيَلْزَمُ عَلَى تَغْلِيبِ نِصْفِ الشِّتَاءِ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي نِصْفِ الصَّيْفِ مَا لَيْسَ لَازِمًا فِيهِ، أَوْ يَسْقُطُ فِيهِ مَا كَانَ لَازِمًا فِيهِ وَعَلَى تَغْلِيبِ نِصْفِ الصَّيْفِ أَنَّهُ يَسْقُطُ فِي نِصْفِ الشِّتَاءِ مَا كَانَ لَازِمًا فِيهِ، أَوْ يَلْزَمُ فِيهِ مَا لَيْسَ لَازِمًا فِيهِ، وَكُلٌّ بَاطِلٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالتَّغْلِيبِ وَأُلْحِقَ كُلُّ نِصْفٍ بِبَاقِي فَصْلِهِ مَا قَالَهُ، وَرَجَعَ إلَى قَائِلِ الْأَوَّلِ فَلَعَمْرِي أَنَّ هَذَا الرَّادَّ إمَّا جَاهِلٌ أَوْ غَافِلٌ أَوْ ذَاهِلٌ، حَيْثُ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الْكَلَامِ الصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَبْقَى إلَخْ) وَأَمَّا مَا لَا يَبْقَى سَنَةً فَيُجَدَّدُ عَلَى الْعَادَةِ فِيهِ كَالدُّهْنِ وَمَاءِ الْعَسَلِ. قَوْلُهُ: (كَالْفُرُشِ) وَآلَةِ الطَّبْخِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ. قَوْلُهُ: (تَلِفَتْ) أَوْ أُتْلِفَتْ كَذَلِكَ وَيَلْزَمُ الْمُتْلِفُ الضَّمَانَ. قَوْلُهُ: (بِلَا تَقْصِيرٍ) قَيْدٌ لِلْخِلَافِ فَلَا تُبَدَّلُ فِي التَّقْصِيرِ قَطْعًا. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] عَدَمُ لُزُومِهِ لِأَنَّ الْأُدْمَ دُونَ الْمَخْدُومَةِ نَوْعًا، قَوْلُهُ: (وَفِي الْجَمِيلَةِ وَجْهٌ) بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ جَرَيَانَهُ فِي الْحُرَّةِ الْجَمِيلَةِ الَّتِي لَا يَجِبُ إخْدَامُهَا بِالْأَوْلَى، قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَفْهُومٌ مِمَّا سَبَقَ، قَوْلُهُ: (بِمَا يَضُرُّهَا) مِثْلُهُ مَا يَضُرُّهُ دُونَهَا كَأَنْ تَبِيعَ آلَةَ التَّنْظِيفِ وَتَجْلِسُ شَعِثَةً، قَوْلُهُ: (تَمْلِيكٌ) هَذَا قَدْ يُدْعَى فَهْمُهُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا سَلَفَ إنَّ عَلَيْهِ تَمْلِيكَهَا حَبًّا، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَاكَ بَيَانُ الْجِنْسِ وَهُنَا بَيَانُ صِفَةِ الْإِعْطَاءِ، قَوْلُهُ: (تَمْلِيكٌ) وَجْهٌ فِي الْكِسْوَةِ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَ كِسْوَةَ الْأَهْلِ أَصْلًا لِلْكِسْوَةِ فِي الْكَفَّارَةِ كَالطَّعَامِ، وَالطَّعَامُ تَمْلِيكٌ فِيهَا بِالِاتِّفَاقِ وَكَذَا الْكِسْوَةُ فَوَجَبَ هُنَا مِثْلُهُ، ثُمَّ الْخِلَافُ مِنْ فَوَائِدِهِ جَوَازُ كَوْنِهِ مُسْتَعَارًا وَعَدَمُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَنَازَعَ الزَّرْكَشِيُّ فِي ظُرُوفِ الطَّعَامِ وَالْفَرْشِ فَذَكَرَ أَنَّ الْوَجْهَ أَنْ يَكُونَ إمْتَاعًا وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (كَالْفُرُشِ) مِثْلُ ذَلِكَ آلَةُ الطَّبْخِ وَالشُّرْبِ وَالْأَكْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ قُلْنَا إمْتَاعٌ أَبْدَلَتْ) وَأَمَّا إذَا كَانَ بِتَقْصِيرٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 وَمَا يَبْقَى سَنَةً فَأَكْثَرَ كَالْفُرُشِ وَجُبَّةِ الْحَرِيرِ يُجَدَّدُ وَقْتَ تَجْدِيدِهِ عَلَى الْعَادَةِ، (فَإِنْ تَلِفَتْ فِيهِ) أَيْ فِي الشِّتَاءِ أَوْ الصَّيْفِ أَيْ قَبْلَ مُضِيِّهِ، (بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ تُبَدَّلْ إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ) فَإِنْ قُلْنَا إمْتَاعٌ أُبْدِلَتْ (فَإِنْ مَاتَتْ فِيهِ لَمْ تَرِدْ) عَلَى التَّمْلِيكِ، وَتَرِدُ عَلَى الْإِمْتَاعِ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُدَّةٌ فَدَيْنٌ) عَلَى التَّمْلِيكِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْإِمْتَاعِ. فَصْلٌ (الْجَدِيدُ أَنَّهَا) أَيْ النَّفَقَةَ (تَجِبُ) يَوْمًا فَيَوْمًا (بِالتَّمْكِينِ لَا الْعَقْدِ) وَالْقَدِيمُ تَجِبُ بِالْعَقْدِ وَتَسْتَقِرُّ بِالتَّمْكِينِ فَلَوْ امْتَنَعَتْ مِنْهُ سَقَطَتْ (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ) أَيْ فِي التَّمْكِينِ (صُدِّقَ) عَلَى الْجَدِيدِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَصُدِّقَتْ عَلَى الْقَدِيمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا وَجَبَ. (فَإِنْ لَمْ تَعْرِضْ عَلَيْهِ مُدَّةً) ، وَهُوَ سَاكِتٌ عَنْ الطَّلَبِ أَيْضًا (فَلَا نَفَقَةَ فِيهَا) عَلَى الْجَدِيدِ (لِانْتِفَاءِ التَّمْكِينِ) ، وَتَجِبُ نَفَقَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ عَلَى الْقَدِيمِ إذْ لَا مُسْقِطَ، (وَإِنْ عَرَضَتْ) عَلَيْهِ كَأَنْ بَعَثَتْ إلَيْهِ أَنِّي مُسْلِمَةٌ نَفْسِي إلَيْك وَالتَّفْرِيعُ عَلَى الْجَدِيدِ، وَهِيَ عَاقِلَةٌ بَالِغَةٌ، (وَجَبَتْ) نَفَقَتُهَا (مِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ) لَهُ (فَإِنْ غَابَ) أَيْ كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلَدِهَا وَرَفَعَتْ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ مُظَهِّرَةً لَهُ التَّسْلِيمَ. (كَتَبَ الْحَاكِمُ لِحَاكِمِ بَلَدِهِ لِيُعْلِمَهُ) الْحَالَ (فَيَجِيءُ) لَهَا يَتَسَلَّمُهَا (أَوْ يُوَكِّلُ) مَنْ يَجِيءُ لَهَا يَتَسَلَّمُهَا، وَتَجِبُ النَّفَقَةُ مِنْ وَقْتِ التَّسْلِيمِ وَيَكُونُ الْمَجِيءُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ حِينَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ، (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) مَا ذَكَرَ (وَمَضَى زَمَنُ وُصُولِهِ) إلَيْهَا (فَرَضَهَا الْقَاضِي) فِي مَالِهِ وَجُعِلَ كَالْمُتَسَلِّمِ لَهَا لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ، لِلرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ وَكَتْبِهِ بَلْ قَالُوا تَجِبُ النَّفَقَةُ مِنْ حِينِ يَصِلُ الْخَبَرُ إلَيْهِ، وَيَمْضِي زَمَانُ إمْكَانِ الْقُدُومِ عَلَيْهَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلشَّرْحِ (وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَجْنُونَةٍ وَمُرَاهِقَةٍ عَرْضُ وَلِيٍّ)   [حاشية قليوبي] مَاتَتْ فِيهِ) أَوْ مَاتَ هُوَ أَوْ طَلَّقَ أَوْ وَلَدَتْ الْحَامِلُ الْبَائِنُ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ نَشَزَتْ فَيَسْتَرِدُّ مَا أَخَذَتْهُ وَإِنْ أَطَاعَتْ فِي أَثْنَاءِ الْفَصْلِ كَمَا مَرَّ، كَالنَّفَقَةِ فَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ فِي أَثْنَاءِ بَعْضِ الْفَصْلِ الَّذِي مَكَّنَتْ فِي أَثْنَائِهِ رَجَعَ بِالْقِسْطِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهَا عَنْهُ. تَنْبِيهٌ: سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَيِّنَاتِ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ أَوْ وَارِثُهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُ الْآخَرِ فِي أَمْتِعَةِ دَارٍ فَإِنْ صَلَحَتْ لِأَحَدِهِمْ فَقَطْ فَلَهُ وَإِلَّا فَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَلَا اخْتِصَاصَ بِيَدٍ فَإِنْ حَلَفَا جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا حَلَفَ الْآخَرُ، وَقُضِيَ لَهُ بِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَكْسُ) وَكَالْكِسْوَةِ جَمِيعُ مَا مَرَّ غَيْرَ الْإِسْكَانِ وَالْإِخْدَامِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ تَصَرَّفَتْ فِيمَا أَخَذَتْهُ ثُمَّ ثَبَتَ اسْتِرْدَادٌ رَجَعَ فِي بَدَلِهِ، وَلَا يَبْطُلُ التَّصَرُّفُ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا هُنَا وَسَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْهُ وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ فِي النَّفَقَةِ فَرَاجِعْهُ. فَصْلٌ فِي مُوجِبِ الْمُؤَنِ وَمُسْقِطَاتِهَا قَوْلُهُ: (أَيْ النَّفَقَةِ) لَوْ قَالَ أَيْ الْمُؤَنِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْأُدْمَ وَالْكِسْوَةَ وَغَيْرَهُمَا، وَعُذْرُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فَلَا نَفَقَةَ. قَوْلُهُ: (يَوْمًا فَيَوْمًا) وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا وَلَوْ طَوِيلًا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، قَوْلُهُ: (بِالتَّمْكِينِ) أَيْ النَّاشِئِ عَنْ الْعَقْدِ فَلَا يَرِدُ نَحْوُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَمِنْهُ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْفَسَادِ لَا قَبْلَهُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَصُدِّقَتْ عَلَى الْقَدِيمِ) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي النُّشُوزِ وَالنَّفَقَةِ وَفَرَّقَ بِالنَّظَرِ إلَى الْأَصْلِ فِي الْجَمِيعِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تَعْرِضْ عَلَيْهِ) أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (مِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ) إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ ثِقَةً أَوْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ تَصْدِيقِهِ لِلْمُخْبِرِ. قَوْلُهُ: (كَتَبَ الْحَاكِمُ) وُجُوبًا إنْ عَرَفَ مَحَلَّهُ وَإِلَّا كَتَبَ لِحَاكِمِ الْبِلَادِ مَعَ الْقَوَافِلِ وَيُنَادِي بِاسْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ فَرَضَهَا قَاضٍ مِنْ مَالِهِ إنْ وُجِدَ لَهُ مَالٌ وَيُسَلِّمُهَا لَهَا بِكَفِيلٍ لِاحْتِمَالِ طَلَاقِهِ أَوْ مَوْتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ اقْتَرَضَ لَهَا أَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِاقْتِرَاضِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الِاقْتِرَاضِ لِلْأَصْلِ وَيَفْرِضُهَا نَفَقَةَ مُوسِرٍ إنْ عَلِمَ يَسَارَهُ، وَإِلَّا فَمُعْسِرٍ وَلَوْ مَنَعَهُ عُذْرٌ عَنْ الْحُضُورِ لَمْ يَفْرِضْ الْقَاضِي عَلَيْهِ شَيْئًا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ. قَوْلُهُ: (حِينَ عِلْمِهِ) بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْخَبَرِ. قَوْلُهُ: (بَلْ قَالُوا تَجِبُ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ   [حاشية عميرة] فَلَا إبْدَالَ عَلَى الْأَوَّلِ بِالْأَوْلَى، وَيُبْدَلُ عَلَى الثَّانِي وَعَلَيْهَا غُرْمُ الْقِيمَةِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَاتَتْ فِيهِ لَمْ تُرَدَّ) مِثْلُهُ مَوْتُهُ وَطَلَاقُهُ وَوِلَادَةُ الْحَامِلِ الْبَائِنِ صُورَةً وَالْمَسْأَلَةُ فِيمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَأَمَّا لَوْ عَرَضَ مِثْلُ ذَلِكَ قَبْلَ الْإِعْطَاءِ، فَالْأَقْيَسُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَاسْتَبْعَدَ فِي الْمَطْلَبِ أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِ كِسْوَةً، فَصْلٌ إذَا طَلَّقَ مَثَلًا فِي يَوْمِ النِّكَاحِ وَنَحْوِهِ قَالَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَجِبَ لَهَا مِنْ قِيمَةِ الْكِسْوَةِ مَا يُقَابِلُ زَمَنَ الْعِصْمَةِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ قُضَاةُ زَمَانِنَا. اهـ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ. [فَصْلٌ النَّفَقَةَ تَجِبُ يَوْمًا فَيَوْمًا بِالتَّمْكِينِ لَا الْعَقْدِ] فَصْلُ الْجَدِيدِ قَوْلُهُ: (بِالتَّمْكِينِ) دَلِيلُهُ «عَدَمُ دَفْعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ النَّفَقَةَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا» ، وَلِأَنَّ الْعَقْدَ يُوجِبُ الْمَهْرَ فَلَا يُوجِبُ عِوَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لَكِنَّ جَعْلَ الثَّانِي قَدِيمًا فِيهِ نَظَرٌ فَفِي مُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ آخِرُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ يَوْمِ عَقْدِ النِّكَاحِ. وَهُوَ أَحَبُّ الْقَوْلَيْنِ إلَيَّ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ عَنْ الرِّجَالِ بِحَسَبِهِ اهـ. وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ صِحَّةُ الضَّمَانِ وَأَخْذُ الرَّهْنِ عَلَى قَدْرٍ مِنْهَا وَالْحَوَالَةُ بِهَا وَعَلَيْهَا، قَوْلُهُ: (لَا الْعَقْدِ) الَّذِي حَاوَلَ تَرْجِيحَهُ فِي الْمَطْلَبِ الْوُجُوبُ بِهِمَا، قَالَ إذْ لَوْ وَجَبَتْ بِالتَّمْكِينِ الْمُجَرَّدِ لَوَجَبَتْ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ اهـ. وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَمَّنْ جَعَلَ التَّمْكِينَ أَصْلًا أَنَّهَا تَجِبُ بِالتَّمْكِينِ وَالْعَقْدُ شَرْطٌ، قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ تَجِبُ) حُجَّتُهُ وُجُوبُهَا لِلْمَرِيضَةِ وَإِقَامَةُ عَدَمِ النُّشُوزِ مَقَامَ عَدَمِ التَّمْكِينِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 لَهُمَا وَلَا عِبْرَةَ بِعَرْضِهِمَا أَنْفُسَهُمَا عَلَى الزَّوْجِ. نَعَمْ لَوْ سَلَّمَتْ الْمُرَاهِقَةُ نَفْسَهَا فَتَسَلَّمَهَا الزَّوْجُ وَنَقَلَهَا إلَى دَارِهِ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ (وَتَسْقُطُ) النَّفَقَةُ (بِنُشُوزٍ) أَيْ خُرُوجٍ عَنْ طَاعَةِ الزَّوْجِ. (وَلَوْ بِمَنْعِ لَمْسٍ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ تَسْقُطُ نَفَقَةُ كُلَّ يَوْمٍ بِالنُّشُوزِ بِلَا عُذْرٍ فِي كُلِّهِ، وَكَذَا فِي بَعْضِهِ فِي الْأَصَحِّ وَنُشُوزُ الْمَجْنُونَةِ وَالْمُرَاهِقَةِ كَالْعَاقِلَةِ الْبَالِغَةِ، (وَعَبَالَةِ زَوْجٍ) أَيْ كِبَرِ آلَتِهِ بِحَيْثُ لَا تَحْمِلُهَا الزَّوْجَةُ، (أَوْ مَرَضٍ) بِهَا (يَضُرُّ مَعَهُ الْوَطْءُ عُذْرٌ) فِي النُّشُوزِ عَنْ الْوَطْءِ (وَالْخُرُوجُ مِنْ بَيْتِهِ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (نُشُوزٌ) لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهَا حَقَّ الْحَبْسِ فِي مُقَابِلَةِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ، (إلَّا أَنْ يُشْرِفَ عَلَى انْهِدَامٍ) فَتَخْرُجُ خَوْفًا مِنْ الضَّرَرِ (وَسَفَرُهَا بِإِذْنِهِ مَعَهُ) لِحَاجَتِهِ أَوْ لِحَاجَتِهَا، (أَوْ) وَحْدَهَا (لِحَاجَتِهِ لَا يُسْقِطُ) النَّفَقَةَ (وَلِحَاجَتِهَا يُسْقِطُ فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ التَّمْكِينِ وَالثَّانِي لَا تَسْقُطُ لِإِذْنِهِ فِي السَّفَرِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجْرَى الْقَوْلَيْنِ فِي سَفَرِهَا لِحَاجَتِهَا مَعَهُ. (وَلَوْ نَشَزَتْ فَغَابَ فَأَطَاعَتْهُ) كَأَنْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ عَادَتْ بَعْدَ غَيْبَتِهِ، (لَمْ تَجِبُ) نَفَقَتُهَا زَمَنَ الطَّاعَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ، وَالثَّانِي تَجِبُ لِعَوْدِهَا إلَى الطَّاعَةِ (وَطَرِيقُهَا) عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْوُجُوبِ، (أَنْ يَكْتُبَ الْحَاكِمُ) بَعْدَ رَفْعِهَا الْأَمْرَ إلَيْهِ (كَمَا سَبَقَ) أَيْ لِحَاكِمِ بَلَدِهِ لِيُعْلِمَهُ بِالْحَالِ فَإِنْ عَادَ أَوْ وَكِيلُهُ وَاسْتَأْنَفَ تَسْلِيمَهَا عَادَتْ النَّفَقَةُ وَإِنْ مَضَى زَمَنُ إمْكَانِ الْعَوْدِ   [حاشية قليوبي] تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مَا فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ اعْتِبَارِ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي قَوْلُهُ: (وَمُرَاهِقَةٍ) الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَمُعْصِرٍ لِأَنَّهُ وَصْفُ الْإِنَاثِ وَالْأَوَّلُ وَصْفُ الذُّكُورِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ. قَوْلُهُ: (فَتَسَلَّمَهَا الزَّوْجُ) وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ تَسَلَّمَهَا مُكْرَهَةً وَالْمَجْنُونَةُ مِثْلُهَا. قَوْلُهُ: (وَنَقَلَهَا) لَيْسَ شَرْطًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا عُلِمَ قَوْلُهُ: (وَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ) وَبَقِيَّةُ الْمُؤَنِ قَوْلُهُ: (بِنُشُوزٍ) مِنْهُ مَا لَوْ حَبَسَتْهُ وَلَوْ بِحَقٍّ أَوْ حَبَسَهَا هُوَ وَلَوْ ظُلْمًا، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمِنْهُ كَوْنُهَا مُعْتَدَّةً عَنْ غَيْرِهِ كَوَطْءِ شُبْهَةٍ وَمِنْهُ دَعْوَاهَا طَلَاقًا مَثَلًا، وَهَلْ مِنْهُ مَا لَوْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةٍ قَبْلَ عِدَّتِهِ نَحْوَ مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا وَأُمِرَتْ بِالصَّبْرِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ لِتَعْتَدَّ بَعْدَهُ بِطُهْرٍ. نَعَمْ فَرَاجِعْهُ. وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا كَذَلِكَ لَا تَلْزَمُ الزَّوْجَ وَلَوْ صَرَفَ لَهَا الْمُؤَنَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالنُّشُوزِ، ثُمَّ عَلِمَ فَلَهُ الِاسْتِرْدَادُ وَلَوْ تَصَرَّفَتْ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ اسْتَمْتَعَ بِهَا فِي حَالَةِ النُّشُوزِ لَحْظَةً مِنْ نَهَارٍ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ أَوْ مِنْ لَيْلَةٍ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ صُوَرِ نُشُوزِهَا وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (خُرُوجٍ عَنْ طَاعَةِ الزَّوْجِ) وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ أَوْ قَدَرَ عَلَى تَسَلُّمِهَا. نَعَمْ لَوْ اسْتَمْتَعَ بِهَا حَالَةَ النُّشُوزِ لَمْ تَسْقُطْ مُؤْنَتُهَا، فَيَجِبُ مُؤْنَةُ زَمَانٍ اسْتَمْتَعَ بِهَا فِيهِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ كَمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ ابْنِ حَجَرٍ وَشَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (بِمَنْعِ لَمْسٍ) أَوْ نَظَرٍ بِنَحْوِ تَغْطِيَةِ وَجْهٍ لَا لِدَلَالٍ قَوْلُهُ: (كُلَّ يَوْمٍ) وَهُوَ النَّهَارُ وَلَيْلَتُهُ قَوْلُهُ: (وَكَذَا فِي بَعْضِهِ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكِسْوَةُ الْفَصْلِ كَنَفَقَةِ الْيَوْمِ، وَيَرْجِعُ فِيمَا دَفَعَهُ لَهَا عَنْ ذَلِكَ وَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ، وَلَوْ تَصَرَّفَتْ فِيهِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا تَعُودُ بِعَوْدِهَا لِلطَّاعَةِ فِي بَقِيَّةِ اللَّيْلَةِ أَوْ الْيَوْمِ أَوْ الْفَصْلِ، مَا لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَنُشُوزُ الْمَجْنُونَةِ إلَخْ) وَإِنْ كَانَ لَا إثْمَ عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (وَعَبَالَةُ الزَّوْجِ) عُذْرٌ لَا تَسْقُطُ بِهِ نَفَقَتُهَا وَتَثْبُتُ بِإِقْرَارٍ أَوْ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ يَنْظُرْنَهُ مُنْتَشِرًا وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ لِأَجْلِ الشَّهَادَةِ وَلَا يَمْنَعُهُنَّ مِنْ نَظَرِهِ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْوَطْءِ) لَا عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ قَوْلُهُ: (وَالْخُرُوجُ) طَائِعَةً أَوْ مُكْرَهَةً بِحَقٍّ وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ مُؤَنُهَا لِلْعُذْرِ. قَوْلُهُ: (بِلَا إذْنٍ) وَلَا عُلِمَ رِضًا مِنْهُ وَلَا لِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ كَحَمَّامٍ وَلَا خُرُوجَ لِتَعَلُّمٍ أَوْ اسْتِفْتَاءٍ لَمْ يُغْنِهَا عَنْهُ وَلَا لِعِيَادَةِ أَبَوَيْهَا مَثَلًا قَبْلَ مَنْعِهِ مِنْهَا وَلَا لِطَلَبِ حَقٍّ عِنْدَ قَاضٍ. قَوْلُهُ: (خَوْفًا مِنْ الضَّرَرِ) وَيَلْحَقُ بِهِ خَوْفُهَا مِنْ سَارِقٍ أَوْ فَاسِقٍ أَوْ مِنْ ضَرْبِهِ الْمُبَرِّحِ قَوْلُهُ: (وَسَفَرُهَا إلَخْ) هَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ الْقَسَمِ وَالنُّشُوزِ بِأَوْلَى مِمَّا هُنَا. قَوْلُهُ: (بِإِذْنِهِ مَعَهُ) لَا حَاجَةَ لِإِذْنِهِ فِي سَفَرِهَا مَعَهُ. نَعَمْ إنْ نَهَاهَا عَنْ السَّفَرِ مَعَهُ وَلَمْ تَرْجِعْ فَهِيَ نَاشِزَةٌ وَإِنْ قَدْرَ عَلَى رَدِّهَا مَا لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِحَاجَتِهِ) وَلَوْ مَعَ حَاجَتِهَا. قَوْلُهُ: (لِحَاجَتِهَا) أَيْ فَقَطْ وَحَاجَةُ الْأَجْنَبِيِّ بِسُؤَالِ أَحَدِهِمَا كَحَاجَةِ الْمَسْئُولِ وَخَرَجَ بِالسَّفَرِ خُرُوجُهَا فِي الْبَلَدِ وَلَوْ لِصِنَاعَةٍ بِإِذْنِهِ أَوْ عُلِمَ رِضَاهُ فَلَيْسَ مَسْقَطًا. قَوْلُهُ: (كَأَنْ خَرَجَتْ) فَلَوْ لَمْ تَخْرُجْ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ بِمُجَرَّدِ إطَاعَتِهَا كَمُرْتَدَّةٍ أَسْلَمَتْ. قَوْلُهُ: (وَطَرِيقُهَا إلَخْ) بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ اعْتِبَارِ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَمُرَاهِقَةٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ خَلَلٌ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ وَصْفِ الذُّكُورِ، وَأَمَّا الْأُنْثَى فَيُقَالُ فِيهَا مُعْصِرٌ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْخَلِيلُ يُقَالُ امْرَأَةٌ مُعْصِرٌ إذَا بَلَغَتْ عَصْرَ الشَّبَابِ ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِمَنْعِ لَمْسٍ) أَيْ كَقُبْلَةٍ وَنَحْوِهَا قَالَ الْإِمَامُ إلَّا أَنْ يَكُونَ امْتِنَاعُ دَلَالٍ وَلَوْ مَنَعَتْهُ مِنْ نَظْرَةٍ لِوَجْهِهَا أَوْ غَيْرِهِ، بِلَا عُذْرٍ فَنَاشِزَةٌ، قَوْلُهُ: (بِلَا إذْنٍ) لَوْ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ لِزِيَارَةِ أَبَوَيْهَا أَوْ عِيَادَتِهِمَا فَلَيْسَ بِنُشُوزٍ كَمَا سَيَأْتِي، قَوْلُهُ: (أَوْ لِحَاجَتِهِ) لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِبَغْدَادَ وَهِيَ بِالْكُوفَةِ ثُمَّ ذَهَبَ إلَى الْمُوصِلِ وَطَلَبَهَا فَسَفَرُهَا مِنْ الْكُوفَةِ إلَى بَغْدَادَ لَا نَفَقَةَ فِيهِ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ لَمْ يَحْصُلْ، وَمِنْ بَغْدَادَ إلَى الْمُوصِلِ لَهَا النَّفَقَةُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي التَّسْلِيمِ بِبَلَدِ بَغْدَادَ، وَهِيَ بَعْدَهَا مُسَافِرَةٌ بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهِ وَقَبْلَهَا كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ الِاعْتِبَارَ بِالتَّسْلِيمِ بِبَلَدِ الْعَقْدِ وَلَمْ يُوجَدْ قَبْلَ وُصُولِ بَغْدَادَ، قَوْلُهُ: (فَغَابَ) مِثْلُهُ لَوْ حَصَلَتْ الْغَيْبَةُ قَبْلَ النُّشُوزِ ثُمَّ عِبَارَتُهُ تُفْهِمُ أَنَّهَا لَوْ نَشَزَتْ فِي الْبَيْتِ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ، فَغَابَ ثُمَّ أَطَاعَتْ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ، قَوْلُهُ: (قَالَهُ الْبَغَوِيّ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ نَهَاهَا عَنْ الْخُرُوجِ وَلَوْ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخُرُوجُ مَعَ ذَلِكَ مُسْقِطًا ، قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) يَجْرِيَانِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 وَلَمْ يُوجَدْ عَادَتْ أَيْضًا (وَلَوْ خَرَجَتْ فِي غَيْبَتِهِ لِزِيَارَةٍ) لِأَهْلِهَا (وَنَحْوِهَا) ، كَعِيَادَةٍ لَهُمْ (لَمْ تَسْقُطْ) نَفَقَتُهَا مُدَّةَ ذَلِكَ قَالَهُ الْبَغَوِيّ (وَالْأَظْهَرُ أَنْ لَا نَفَقَةَ لِصَغِيرَةٍ) لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ لِتَعَذُّرِهِ لِمَعْنَى فِيهَا كَالنَّاشِزَةِ، وَالثَّانِي تَسْتَحِقُّهَا وَهِيَ مَعْذُورَةٌ فِي فَوَاتِ وَطْئِهَا كَالْمَرِيضَةِ، وَالرَّتْقَاءِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمَرَضَ يَطْرَأُ وَيَزُولُ وَالرَّتْق مَانِعٌ دَائِمٌ قَدْ رَضِيَ بِهِ، وَالْخِلَافُ حَيْثُ عُرِضَتْ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ سُلِّمَتْ لَهُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ مَا سَبَقَ فِي الْكَبِيرَةِ، وَشَمَلَتْ الْعِبَارَةُ مَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَيْضًا وَهُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ مِنْ الْكَبِيرِ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهَا تَجِبُ لِكَبِيرَةٍ عَلَى صَغِيرٍ) لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْجِمَاعُ، وَقَدْ عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى وَلِيِّهِ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ جِهَتِهَا، وَالْمَانِعُ مِنْ جِهَتِهِ وَالثَّانِي لَا تَجِبُ وَهُوَ مَعْذُورٌ فِي فَوَاتِ الْجِمَاعِ عَلَيْهِ ، (وَإِحْرَامُهَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الزَّوْجِ (نُشُوزٌ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهَا) بِأَنْ كَانَ مَا أَحْرَمَتْ بِهِ فَرْضًا عَلَى قَوْلٍ (وَإِنْ مَلَكَ) تَحْلِيلَهَا بِأَنْ كَانَ مَا أَحْرَمَتْ بِهِ تَطَوُّعًا أَوْ فَرْضًا عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ إحْرَامُهَا بِنُشُوزٍ، (حَتَّى تَخْرُجَ فَمُسَافِرَةٌ لِحَاجَتِهَا) ، فَإِنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا فِي الْأَظْهَرِ كَمَا تَقَدَّمَ. أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَنَاشِزَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ خُرُوجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ نُشُوزٌ (أَوْ) أَحْرَمَتْ بِمَا ذَكَرَ. (بِإِذْنٍ فَفِي الْأَصَحِّ لَهَا نَفَقَةٌ مَا لَمْ تَخْرُجْ) لِأَنَّهَا فِي قَبْضَتِهِ وَالثَّانِي لَا نَفَقَةَ لِفَوَاتِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَدُفِعَ أَنَّ فَوَاتَهُ لِسَبَبٍ أَذِنَ هُوَ فِيهِ، فَإِذَا خَرَجَتْ فَمُسَافِرَةٌ لِحَاجَتِهَا، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مَعَهَا لَمْ تَسْقُطْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِلَّا فَتَسْقُطُ عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَسَوَاءٌ خَرَجَتْ بِإِذْنِهِ أَمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي الْإِحْرَامِ ، (وَيَمْنَعُهَا) الزَّوْجُ (صَوْمَ نَفْلٍ) مُطْلَقٍ وَلَهُ قَطْعُهُ إنْ شَرَعَتْ فِيهِ (فَإِنْ أَبَتْ) بِأَنْ فَعَلَتْهُ عَلَى خِلَافِ مَنْعِهِ. (فَنَاشِزَةٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِامْتِنَاعِهَا مِنْ التَّمْكِينِ بِمَا فَعَلَتْهُ. وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهَا فِي قَبْضَتِهِ وَلَهُ إخْرَاجُهَا مِنْهُ مَتَى شَاءَ وَتَبِعَ الْمُحَرَّرُ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ وَهُوَ فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ وَجْهَانِ وَصَوَّبَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَضَاءَهُ لَا يَتَضَيَّقُ) كَأَنْ لَمْ يَعْتَدَّ بِالْفِطْرِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ أَكْثَرُ مِنْ الْفَائِتِ، (كَنَفْلٍ فَيَمْنَعُهَا) مِنْهُ إلَى أَنْ يَتَضَيَّقَ وَلَهُ إلْزَامُهَا الْفِطْرَ إنْ شَرَعَتْ فِيهِ قَبْلَ التَّضَيُّقِ، فَإِنْ أَبَتْ فَكَمَا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَرَجَتْ فِي غَيْبَتِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ أَوْ مَنَعَ قَبْلَ غَيْبَتِهِ وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ فِي الْأَوَّلِ مُطْلَقًا، وَتَسْقُطُ فِي الثَّانِي كَذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ قَرِيبًا، وَالرَّادُّ خُرُوجٌ لِغَيْرِ سَفَرٍ وَغَيْبَةٌ عَنْ الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (لِأَهْلِهَا) وَلَوْ غَيْرَ مَحَارِمَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَخَرَجَ بِهِمْ الْأَجَانِبُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (كَعِيَادَةٍ لَهُمْ لَمْ تَسْقُطْ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَكَذَا تَشْيِيعُ جِنَازَتِهِمْ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَلَوْ فِي نَحْوِ أَبِيهَا فَالْكَافُ عِنْدَهُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَ خُرُوجُهَا لِزِيَارَةِ قُبُورِهِمْ فَلَا تَجُوزُ كَغَيْرِهِمْ. فَرْعٌ: لَوْ الْتَمَسَتْ زَوْجَةُ غَائِبٍ مِنْ حَاكِمٍ لِيَفْرِضَ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ لَمْ يَفْرِضْ لَهَا شَيْئًا إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ، وَإِلَّا فَرَضَ لَهَا نَفَقَةَ مُعْسِرٍ بِشَرْطِ إثْبَاتِهَا نِكَاحَهُ، وَإِقَامَتِهَا فِي مَنْزِلِهِ وَحَلِفِهَا عَلَى أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ، وَإِنَّهَا لَمْ تَأْخُذْ مِنْهُ قَبْلَ غَيْبَتِهِ نَفَقَةً مُسْتَقْبَلَةً. قَوْلُهُ: (وَشَمِلَتْ الْعِبَارَةُ) فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِإِطْلَاقِهَا فِي الزَّوْجِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَوْلَى) قَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ بِالْعَكْسِ أَوْلَى إذْ فِي الْكَبِيرِ مَنْفَعَةٌ مُمْكِنَةٌ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِكَبِيرَةٍ) أَيْ مَنْ تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ. قَوْلُهُ: (عَلَى صَغِيرٍ) وَمَجْنُونٍ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِحْرَامُهَا) وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ عَلَى هَذَا مِنْ الْبَيْتِ نُشُوزٌ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مُطْلَقًا وَلَا إثْمَ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَنْهَهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ الْآتِي فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى قَوْلٍ) هُوَ مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ كَمَا يَأْتِي قَوْلُهُ: (بِإِذْنِهِ) وَمِثْلُهُ عُلِمَ رِضَاهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِسَبَبٍ) هُوَ مُنَوَّنٌ وَأَذِنَ بَعْدَهُ فِعْلٌ مَاضٍ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ تَسْقُطْ) مَا لَمْ يَنْهَهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (صَوْمَ) مِثَالٌ فَكُلُّ نَفْلٍ مُطْلَقٍ مِنْ غَيْرِهِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (لِامْتِنَاعِهَا إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي تَمْكِينٍ مُمْكِنٍ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْهُ وَأَرَادَ فِعْلَهُ فَيَخْرُجُ بِالْأَوَّلِ صَوْمُ نَحْوِ رَتْقَاءَ، وَبِالثَّانِي مَنْ هُوَ فِي اعْتِكَافٍ وَاجِبٍ. وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِيهِمَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي تَعْمِيمِهِ لِجَوَازِ تَحْلِيلِهَا مُطْلَقًا، وَبِالثَّالِثِ مَا لَوْ يَرِدُ التَّمَتُّعُ بِهَا، فَلَا تُمْنَعُ مِنْهُ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَالرَّمْلِيُّ وَقَالَا لِأَنَّهُ قَدْ يَطْرَأُ لَهُ إرَادَتُهُ فَيَمْتَنِعُ   [حاشية عميرة] فِي تَسْلِيمِ الْمَهْرِ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (مَا سَبَقَ فِي الْكَبِيرَةِ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْلِيمِ مِنْ مَجِيءِ الْقَوْلَيْنِ وَعَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ عَلَى الْجَدِيدِ ، قَوْلُهُ: (نُشُوزٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي ذَلِكَ مِنْ النُّشُوزِ بِالْفِعْلِ أَعْنِي فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَكُونُ الِاشْتِغَالُ بِهِ نُشُوزًا، ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ حَلَالًا أَوْ مُحْرِمًا أَيْضًا، قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي الْأَظْهَرِ وَكَذَا الْمَذْهَبُ. فَإِنْ قُلْت لَمْ يَتَقَدَّمْ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ فِي سَفَرِهَا مَعَهُ. قُلْت بَلَى لَمَّا قَالَ الشَّارِحُ فِيمَا سَلَفَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجْرَى الْقَوْلَيْنِ فِي سَفَرِهَا مَعَهُ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ فِي سَفَرِهَا مَعَهُ طَرِيقَيْنِ أَرْجَحُهُمَا الْقَطْعُ بِعَدَمِ السُّقُوطِ هَذَا مُرَادُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إلَى مَسْأَلَةِ الْأَظْهَرِ يَعْنِي أَنَّ الْخِلَافَ ثَابِتٌ سَوَاءٌ خَرَجَتْ إلَخْ. وَيَجُوزُ رُجُوعُهُ أَيْضًا إلَى مَسْأَلَةِ الْمَذْهَبِ، لَكِنَّهُ حِينَئِذٍ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ كَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّ سَفَرَ الْمَرْأَةِ مَعَ الزَّوْجِ بِغَيْرِ إذْنٍ فِي الْخُرُوجِ وَالْإِحْرَامُ الْأَوَّلُ مُسْقَطٌ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَبَتْ فَنَاشِزَةٌ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ هَذَا قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ قَوْلُهُ: (مَكْتُوبَةٍ أَوَّلَ وَقْتٍ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 تَقَدَّمَ. وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ كَالنَّفْلِ فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ وَعَلَى هَذَا فِي سُقُوطِ النَّفَقَةِ بِفِعْلِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ السُّقُوطُ أَمَّا الْأَدَاءُ، وَالْقَضَاءُ الَّذِي يُضَيِّقُ فَلَا تُمْنَعُ مِنْهُ وَتَجِبُ نَفَقَةُ زَمَانِهِ وَفِي وَجْهٍ جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي لَا تَجِبُ نَفَقَةُ قَضَاءِ مَا تَعَدَّدَتْ فِيهِ بِالْفِطْرِ لِتَعَدِّيهَا، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْ تَعْجِيلِ مَكْتُوبَةٍ أَوَّلَ وَقْتٍ) لِتَحُوزَ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ (وَسُنَنٍ رَاتِبَةٍ) لِتَأَكُّدِهَا بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ الْأَصَحُّ يُنْظَرُ إلَى أَنَّهُ نَفْلٌ. فَرْعٌ: صَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ كَالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ فَيَمْنَعُهَا مِنْهُ قَطْعًا وَصَوْمُ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ كَالرَّوَاتِبِ فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ وَصَوْمُ النَّذْرِ الْمُنْشَأُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَصَوْمِ النَّفْلِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِيهِ. (وَيَجِبُ لِلرَّجْعِيَّةِ الْمُؤَنُ) مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا لِبَقَاءِ حَبْسِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَسَلْطَنَتِهِ، (إلَّا مُؤْنَةَ تَنَظُّفٍ) فَلَا تَجِبُ لَهَا لِامْتِنَاعِ الزَّوْجِ عَنْهَا وَسَوَاءٌ فِي الْوُجُوبِ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَالْحَائِلُ وَالْحَامِلُ، (فَلَوْ ظُنَّتْ حَامِلًا فَأَنْفَقَ فَبَانَتْ حَائِلًا اسْتَرْجَعَ مَا دَفَعَ بَعْدَ عِدَّتِهَا) وَتُصَدَّقُ فِي قَدْرِ أَقْرَائِهَا بِالْيَمِينِ إنْ كَذَّبَهَا وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ، (وَالْحَائِلُ الْبَائِنُ بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ لَا نَفَقَةَ وَلَا كِسْوَةَ) ، لَهَا لِانْتِفَاءِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا، (وَتَجِبَانِ لِحَامِلٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] (لَهَا) أَيْ لِنَفْسِهَا بِسَبَبِ الْحَمْلِ (وَفِي قَوْلِهِ لِلْحَمْلِ) نَفْسِهِ وَهِيَ طَرِيقٌ فِي الْوُصُولِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَغَذَّى بِغِذَائِهَا.   [حاشية قليوبي] مِنْهُ حَيَاءً وَمُرُوءَةً، قَالَ شَيْخُنَا وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَنْعُهَا مِنْ تَعْلِيمِ صَغَائِرَ لِأَنَّهُ يَحْتَشِمُ عَنْ أَخْذِهَا مِنْ عِنْدِهِنَّ لِقَضَاءِ وَطَرِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ خِيَاطَةٍ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْأَدَاءُ) أَيْ الْمُؤَقَّتُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي النَّذْرِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ) هُوَ مَرْجُوحٌ قَوْلُهُ: (لِتَحُوزَ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ) رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ أَفْضَلَ كَإِبْرَادٍ أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالتَّأْخِيرُ الْمَذْكُورُ لَا يُفَوِّتُ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ لِمَنْ عَجَّلَ فَافْهَمْ، وَلَوْ صَلَّتْ ثُمَّ قَالَتْ كُنْت مُحْدِثَةً مُكِّنَتْ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَلَا يَسْقُطُ مِنْ نَفَقَتِهَا شَيْءٌ وَفَارَقَ سُقُوطُ مَا يُقَابِلُ الثَّانِيَةَ مِنْ أُجْرَةِ الْأَجِيرِ فِي نَظِيرِهِ مَعَ وُجُوبِ الْإِذْنِ لَهُ، بِأَنَّ مَا هُنَا مُسْتَدْرَكٌ بِخِلَافِ الْأَجِيرِ. قَوْلُهُ: (وَسُنَنٍ) عَطْفٌ عَلَى مَكْتُوبَةٍ أَيْ لَا تُمْنَعُ مِنْ تَعْجِيلِهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْمَنْعِ مِنْ فِعْلِهَا بِالْأَوْلَى، وَقِيلَ عَطْفٌ عَلَى تَعْجِيلِ وَتَقْتَصِرُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا يُطْلَبُ لِإِمَامِ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ، قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَلَعَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَهَا فِي الدَّارِ وَلَيْسَ مُشْتَغِلًا بِغَيْرِهَا بِحَيْثُ لَا يُبَالِي بِبُعْدِهَا عَنْهُ وَهُوَ أَصَحُّ. قَوْلُهُ: (رَاتِبَةٍ) وَلَوْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّاتِبَةِ مَا عَدَاهُ فَيَشْمَلُ الْعِيدَ وَالضُّحَى وَالْكُسُوفَ وَغَيْرَهَا. قَوْلُهُ: (فَيَمْنَعُهَا مِنْهُ) لِتَكَرُّرِهِ فَالْأَيَّامُ الْبِيضُ مَثَلًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ فَالْأَيَّامُ الْبِيضُ مِنْ شَوَّالٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَصَوْمُ النَّذْرِ) وَكَذَا اعْتِكَافُهُ وَصَلَاتُهُ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُطْلَقًا أَوْ مُعَيَّنًا بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ. نَعَمْ إنْ شَرَعَتْ فِيهِ بِإِذْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ قَطْعُهُ أَمَّا النَّذْرُ فَلَهُ مَنْعُهَا مَا لَمْ تَشْرَعْ فِيهِ أَيْضًا. نَعَمْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ أَذِنَ لَهَا فِيهِ وَفِي تَعْيِينِهِ. تَنْبِيهٌ: لَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ بَيْنَ الْبَالِغَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَوْ ادَّعَتْ فَسَادَ شَيْءٍ مِمَّا لَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ أَذِنَ لَهَا فِي قَضَائِهِ أَوْ إعَادَتِهِ كَمَا مَرَّ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ النَّذْرُ قَبْلَ النِّكَاحِ مُعَيَّنًا فَكَالْفَرْضِ الْمُؤَقَّتِ فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ، وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِهِ، وَلَا خِيَارَ لَهُ لَوْ جَهِلَهُ، وَلَوْ نَكَحَ مُسْتَأْجَرَةَ الْعَيْنِ لَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ الْإِجَارَةِ وَلَا مُؤْنَةَ لَهَا مُدَّتَهَا، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِتَمْكِينِهِ لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي نَذْرِ الصَّوْمِ بِأَنَّ هُنَا يَدًا حَائِلَةً. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ لِلرَّجْعِيَّةِ الْمُؤَنُ) نَعَمْ إنْ ادَّعَتْ طَلَاقًا بَائِنًا، أَوْ وِلَادَةً وَادَّعَى الرَّجْعَةَ قَبْلَهَا صُدِّقَ وَلَا مُؤَنَ لَهَا، وَإِنْ رَاجَعَهَا مَا لَمْ تُصَدِّقْهُ وَدَخَلَ فِي الرَّجْعِيَّةِ الْمُطَلَّقَةُ عَنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ لَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ ظَنَّتْ حَامِلًا) وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً وَظَنَّهَا مُطِيقَةً فَأَنْفَقَ فَبَانَ خِلَافُهُ فَيَرْجِعُ أَيْضًا. بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَالْمَنْكُوحَةُ نِكَاحًا فَاسِدًا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْإِنْفَاقِ لِوُجُودِ حَبْسِهَا لَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي قَدْرِ أَقْرَائِهَا) إنْ عَرَفَتْهَا وَإِلَّا فِيمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ عَادَتِهَا إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ، وَإِلَّا فَبِمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ أَقَلِّهَا فَإِنْ نَسِيَتْهَا فَبِمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ) أَوْ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ وَلَوْ بِعَارِضٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَرِدَّةٍ وَرَضَاعٍ. قَوْلُهُ: (وَتَجِبَانِ) أَيْ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَكَذَا الْأُدْمُ   [حاشية عميرة] - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ صَلَّى الْأَجِيرُ ثُمَّ قَالَ كُنْت مُحْدِثًا مُكِّنَ مِنْ الْإِعَادَةِ وَسَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَجِيءَ هُنَا اهـ. أَقُولُ أَمَّا مَجِيءُ وُجُوبِ الْإِذْنِ فِي الثَّانِيَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا سُقُوطُ مَا يُقَابِلُهَا مِنْ النَّفَقَةِ فَمَحَلُّ نَظَرٍ، قَوْلُهُ: (رَاتِبَةٍ) اُنْظُرْ هَلْ يَشْمَلُ الرَّوَاتِبَ الزَّائِدَةَ عَلَى الْعَشْرِ. نَعَمْ يَشْمَلُهَا بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، قَوْلُهُ: (إلَى أَنَّهُ) أَيْ الْمَذْكُورَ مِنْ التَّعْجِيلِ وَالسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ قَوْلُهُ: (وَتَجِبَانِ لِحَامِلٍ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ الْمَعْنِيُّ فِيهِ أَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِمَائِهِ فَهُوَ مُسْتَمْتِعٌ بِرَحِمِهَا، فَكَانَ كَالِاسْتِمْتَاعِ فِي حَالَةِ النِّكَاحِ إذْ النَّسْلُ مَقْصُودٌ بِهِ كَالْوَطْءِ وَلَوْ نَشَزَتْ الْحَامِلُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا، قَوْلُهُ: (لَا تَجِبُ لِحَامِلٍ عَنْ شُبْهَةٍ) أَيْ لَا تَجِبُ عَلَى الْوَاطِئِ وَكَذَا الزَّوْجُ مُدَّةَ الْعِدَّةِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَجِبُ الْكِفَايَةُ) أَيْ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا نَفَقَةُ قَرِيبٍ بِسَبَبِ الْحَمْلِ. نَعَمْ تُسْتَثْنَى الرَّجْعِيَّةُ الْحَامِلُ فَلَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ لِحَامِلٍ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) وَتَجِبُ عَلَى الثَّانِي لَهَا عَلَى الْوَاطِئِ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَهُ، (قُلْت لَا نَفَقَةَ لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ لِأَنَّهَا بَانَتْ، وَالْحَمْلُ الْقَرِيبُ يَسْقُطُ نَفَقَتُهُ بِالْمَوْتِ (وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ مُقَدَّرَةٌ كَزَمَنِ النِّكَاحِ وَقِيلَ تَجِبُ الْكِفَايَةُ) فَيُزَادُ وَيُنْقَصُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالرَّاجِحُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِالْأَوَّلِ، (وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا قَبْلَ ظُهُورِ حَمْلٍ) سَوَاءٌ جُعِلَتْ لَهَا أَمْ لَهُ، (فَإِذَا ظَهَرَ وَجَبَ) دَفْعُهَا (يَوْمًا بِيَوْمٍ وَقِيلَ) إنَّمَا يَجِبُ دَفْعُهَا (حِينَ تَضَعُ) فَتُدْفَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْرَفُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَالثَّانِي عَلَى مُقَابِلِهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا حِكَايَةُ خِلَافِ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَيْنِ (وَلَا تَسْقُطُ) نَفَقَةُ الْعِدَّةِ (بِمُضِيِّ الزَّمَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ فِي الْحَامِلِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا أَوْ لِلْحَمْلِ إنْ قُلْنَا بِالثَّانِي سَقَطَتْ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ. فَصْلٌ (أَعْسَرَ بِهَا) أَيْ بِالنَّفَقَةِ كَأَنْ تَلِفَ مَالُهُ أَوْ غُصِبَ. (فَإِنْ صَبَرَتْ) بِهَا بِأَنْ أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا أَوْ مِمَّا اقْتَرَضَتْهُ، (صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ عَلَى الْأَظْهَرِ) كَمَا تَفْسَخُ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الصَّبْرَ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ أَسْهَلُ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى النَّفَقَةِ، وَالثَّانِي لَا فَسْخَ لَهَا لِأَنَّ   [حاشية قليوبي] وَالْخَادِمُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (لِحَامِلٍ) بَائِنٍ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ فِيهَا بِفَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ بِمُقَارَنٍ لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (لَهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلِذَلِكَ تَلْزَمُ الْمُعْسِرَ وَتَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ كَامْتِنَاعِهَا مِنْ مَسْكَنٍ لَائِقٍ بِهَا، وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَلَا بِمَوْتِهِ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ لِلْحَمْلِ) فَعَلَيْهِ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ لِحَامِلٍ بِحَمْلٍ نَفَاهُ فَلَوْ اسْتَلْحَقَهُ وَلَوْ بَعْدَ الرَّضَاعِ رَجَعَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهَا بَعْدَهُ بِأُجْرَةِ الْإِرْضَاعِ، وَبِمَا أَنْفَقَتْهُ إلَى وَقْتِ الِاسْتِلْحَاقِ كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ لِظَنِّهِ مُعْسِرًا فَبَانَ مُوسِرًا. قَوْلُهُ: (لِحَامِلٍ عَنْ شُبْهَةٍ) أَيْ لَا تَجِبُ عَلَى الْوَاطِئِ وَلَا عَلَى الزَّوْجِ مُدَّةَ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ لَوْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً. قَوْلُهُ: (لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) وَإِنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهَا كَرَجْعِيَّةٍ بِخِلَافِ بَائِنٍ حَامِلٍ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَلَا تَسْقُطُ لِأَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ فَلَيْسَتْ مُعْتَدَّةَ وَفَاةٍ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (وَالرَّاجِحُ إلَخْ) . هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (ظَهَرَ) أَيْ بِاعْتِرَافِ الزَّوْجِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ. قَوْلُهُ: (يَوْمًا بِيَوْمٍ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الظُّهُورِ، وَيَجِبُ دَفْعُ مَا قَبْلَهُ مِنْ حِينِ الْعُلُوقِ دَفْعَةً وَاحِدَةً. قَوْلُهُ: (يُعْرَفُ) أَيْ يُعْطَى حُكْمُ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ الرَّاجِحُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ. فَرْعٌ: لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ الْحَامِلَ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا حَتَّى يَضَعَ، أَوْ أَعْتَقَ مَمْلُوكَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَهَا. فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ. قَوْلُهُ: (أَعْسَرَ) أَيْ الزَّوْجُ وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا. نَعَمْ إنْ كَانَ لِلزَّوْجِ ضَامِنٌ بِالْإِذْنِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا فَسْخَ أَوْ ضَمِنَهَا أَبٌ عَنْ مَحْجُورِهِ، وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا فَسْخَ أَيْضًا وَيَثْبُتُ إعْسَارُ الصَّغِيرِ بِالْبَيِّنَةِ كَغَيْرِهِ وَإِعْسَارُ غَيْرِهِ بِهَا إنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا كَفَى الْيَمِينُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِالنَّفَقَةِ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَوْ بِمَا يَتْبَعُهَا كَأُجْرَةِ الطَّحْنِ وَغَيْرِهِ لَا بِنَحْوِ ظُرُوفٍ، وَلَا بِالْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الْخَادِمِ وَتَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ عِنْدَ وُجُودِهِ لَا مَعَ عَدَمِهِ، وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَا فَسْخَ بِالْعَجْزِ عَنْ الْخَادِمِ مِنْ أَصْلِهِ. قَوْلُهُ: (صَارَتْ دَيْنًا) إنْ لَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا مِنْهُ زَمَنَ الْإِعْسَارِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَهَا) وَلَوْ رَجْعِيَّةً. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا فَسْخَ لَهَا بِمَنْعِ مُوسِرٍ) وَلَا مُتَوَسِّطَ سَوَاءٌ حَضَرَ أَوْ غَابَ، وَإِنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ بِأَنْ تَوَاصَلَتْ الْقَوَافِلُ إلَى الْأَمَاكِنِ الَّتِي يُظَنُّ وُصُولُهُ إلَيْهَا، وَلَمْ تُخْبِرْ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْعُمُرَ الْغَالِبَ سَوَاءٌ غَابَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا أَوْ جُهِلَ حَالُهُ، وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنْ غَابَ مُعْسِرًا وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ، وَمَا نُقِلَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَرْدُودٌ. نَعَمْ لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ الْآنَ اعْتِمَادًا عَلَى إعْسَارِهِ السَّابِقِ عَلَى غَيْبَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُصَرِّحَ بِذَلِكَ قُبِلَتْ، وَلَهَا   [حاشية عميرة] تُزَادُ بِلَا خِلَافٍ قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا النَّفَقَةُ لَهَا أَمْ لِلْحَمْلِ لِأَنَّهَا الَّتِي تَنْتَفِعُ بِهَا وَتَسْقُطُ بِبَرَاءَتِهَا فَلَمْ تَجْرِ مَجْرَى نَفَقَةِ الْقَرِيبِ. [فَصْلٌ أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِهَا أَيْ بِالنَّفَقَةِ كَأَنْ تَلِفَ مَالُهُ أَوْ غُصِبَ] فَصْلٌ أَعْسَرَ بِهَا قَوْلُهُ: (صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ زَمَنَ الْإِعْسَارِ، قَوْلُهُ: (فَلَهَا الْفَسْخُ) أَيْ وَلَوْ رَجْعِيَّةً قَوْلُهُ: (كَمَا تَفْسَخُ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ) اسْتَدَلَّ أَيْضًا بِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ «فِي الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا» وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ يَأْمُرُهُمْ بِأَخْذِ النَّفَقَةِ إنْ وَجَدُوهَا وَالطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَجِدُوهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ خَالَفَهُ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُعْسِرَ إلَخْ) أَيْ وَكَمَا لَا يَفْسَخُ بِنُشُوزِهَا فَلَا تَفْسَخُ بِعَجْزِهِ. قَوْلُهُ: (لَا فَسْخَ لَهَا بِمَنْعِ مُوسِرٍ) لَكِنْ قَالُوا: لَهَا مَتَاعٌ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَلْ تَثْبُتُ نَفَقَتُهَا مَعَ الِامْتِنَاعِ فِي ذِمَّتِهِ قِيَاسُ مَا قَالُوا فِي الْمُعْسِرِ عَدَمُ الثُّبُوتِ، وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. أَقُولُ قِيَاسُ قَوْلِهِمْ بِالِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ الْمَنْعِ لِأَجْلِ عَدَمِ إقْبَاضِ الْمَهْرِ الِاسْتِحْقَاقَ هُنَا مَعَ الِامْتِنَاعِ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 الْمُعْسِرَ مُنْظَرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] . (وَالْأَصَحُّ أَنْ لَا فَسْخَ) لَهَا (بِمَنْعِ مُوسِرٍ حَضَرَ أَوْ غَابَ) بِأَنْ لَمْ يُوَفِّهَا حَقَّهَا لِانْتِفَاءِ الْإِعْسَارِ الْمُثْبِتِ لِلْفَسْخِ وَهِيَ مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ تَحْصِيلِ حَقِّهَا بِالْحَاكِمِ، وَالثَّانِي لَهَا الْفَسْخُ لِتَضَرُّرِهَا بِالْمَنْعِ (وَلَوْ حَضَرَ وَغَابَ مَالُهُ فَإِنْ كَانَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ) فَمَا فَوْقَهَا (فَلَهَا الْفَسْخُ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ دُونَهَا (فَلَا يُؤْمَرُ بِالْإِحْضَارِ) عَاجِلًا (وَلَوْ تَبَرَّعَ رَجُلٌ بِهَا لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُولُ) ، لِمَا فِيهِ مِنْ مِنَّةِ التَّبَرُّعِ، (وَقُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ كَالْمَالِ) ، فَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ النَّفَقَةِ فَلَا خِيَارَ لَهَا، فَإِنَّ النَّفَقَةَ هَكَذَا تَجِبُ وَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِي لِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ لَا يَكْسِبُ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِي لِلْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ، فَلَا خِيَارَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُعْسِرٍ وَلَا تَشُقُّ الِاسْتِدَانَةُ لِمِثْلِ هَذَا التَّأْخِيرِ الْيَسِيرِ. (وَإِنَّمَا تَفْسَخُ بِعَجْزٍ عَنْ نَفَقَةِ مُعْسِرٍ) فَلَوْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ الْمُوسِرِ أَوْ الْمُتَوَسِّطِ فَلَا خِيَارَ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْآنَ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ (وَالْإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ كَهُوَ بِالنَّفَقَةِ) لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَبْقَى بِدُونِهِ، (وَكَذَا بِالْأُدْمِ وَالْمَسْكَنِ فِي الْأَصَحِّ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا وَالتَّضَرُّرِ بِعَدَمِهِمَا، (قُلْت الْأَصَحُّ الْمَنْعُ فِي الْأُدْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِقِيَاسِ النَّفْسِ بِدُونِهِ وَوُجِّهَ الْمَنْعُ فِي الْمَسْكَنِ بِذَلِكَ أَيْضًا، وَهُوَ بَعِيدٌ (وَفِي إعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ   [حاشية قليوبي] الْفَسْخُ بِذَلِكَ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ وَتَبِعَهُ الْعَلَّامَةُ الطَّبَلَاوِيُّ وَغَالِبُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ بِانْقِطَاعِ خَبَرِهِ، وَعُزِيَ أَيْضًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي الْحَوَاشِي وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ لَهُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ حَضَرَ بَعْدَ الْفَسْخِ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ مَالًا بِالْبَلَدِ خَفِيَ عَلَى بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَذْكُرَ عِلْمَهَا بِهِ، وَلَا الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْفَسْخِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَانْظُرْ عَلَى قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ لَوْ حَضَرَ، وَادَّعَى أَنَّ لَهُ مَالًا بِالْبَلَدِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ الْفَسْخُ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (وَغَابَ مَالُهُ إلَخْ) وَمِثْلُ غَيْبَتِهِ مَا لَوْ كَانَ دَيْنًا غَيْرَ مُتَيَسِّرِ الْحُصُولِ بِأَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مُوسِرٍ مُقِرٍّ بَاذِلٍ، وَغَيْبَةُ مَالِ مَدِينِهِ كَغَيْبَةِ مَالِهِ، وَتَعَذَّرَ بَيْعُ مَالِهِ كَأَنْ كَانَ عُرُوضًا كَغَيْبَتِهِ أَيْضًا. وَلَوْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ لِإِحْضَارِ مَالِهِ الَّذِي فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا، فَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ أُمْهِلَ ثَلَاثًا أُخْرَى الَّتِي هِيَ مُدَّةُ الْفَسْخِ ثُمَّ تَفْسَخُ. قَوْلُهُ: (بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ) وَهِيَ مَرْحَلَتَانِ فَأَكْثَرُ وَهَذِهِ لَيْسَ لَهَا فَوْقُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَمَا فَوْقَهَا يَقْتَضِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَلَهَا الْفَسْخُ) وَفَارَقَ عَدَمُ الْفَسْخِ بِغَيْبَتِهِ هُوَ بِأَنَّ الْعُذْرَ فِي غَيْبَةِ مَالِهِ مِنْ جِهَتِهِ وَفِي غَيْبَتِهِ مِنْ جِهَتِهَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ دُونَهَا) أَيْ مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَلَا فَسْخَ وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا بِقَدْرِ مَسَافَةِ الْإِمْهَالِ فَأَقَلَّ أَوْ كَانَ عَلَى مُوسِرٍ مُقِرٍّ بَاذِلٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، أَوْ تَعَذَّرَ إحْضَارُ مَالِهِ لِنَحْوِ خَوْفٍ. قَوْلُهُ: (رَجُلٌ) لَيْسَ وَلَدًا عَلَى وَالِدٍ لَزِمَهُ إعْفَافُهُ وَلَا وَالِدًا عَنْ وَلَدٍ فِي حِجْرِهِ، وَلَا سَيِّدًا لِأَمَتِهِ أَوْ عَنْ عَبْدِهِ، فَيَلْزَمُهَا الْقَبُولُ فِي ذَلِكَ، وَلَا تَفْسَخُ وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ بِلُزُومِ الْقَبُولِ أَيْضًا فِي وَلَدٍ عَنْ وَالِدٍ لَا يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَإِنْ تَبِعَهُ وَالِدُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي بَعْضِ حَوَاشِيهِ. قَوْلُهُ: (عَنْهُ) خَرَجَ مَا لَوْ دَفَعَهَا لَهُ فَيَلْزَمُهَا الْقَبُولُ لِأَنَّ الْمِنَّةَ عَلَى الزَّوْجِ لَا عَلَيْهَا لِأَنَّهُ مَلَكهَا بِأَخْذِهَا. قَوْلُهُ: (عَلَى الْكَسْبِ) أَيْ الْحَلَالِ اللَّائِقِ بِهِ فَخَرَجَ بِالْأَوَّلِ الْكَسْبُ بِالْخُمُورِ وَآلَاتِ الْمَلَاهِي وَبِصِنَاعَتِهَا وَبِالْكِهَانَةِ، وَالتَّنْجِيمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَهَا الْفَسْخُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَبِالثَّانِي غَيْرُ اللَّائِقِ كَفِعَالَةٍ لِذِي هَيْئَةٍ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَا عِبْرَةَ بِكَوْنِهِ لَائِقًا بِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ مِنْهُ الْكَسْبُ بِالْفِعْلِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ) لَوْ قَالَ فَلَوْ كَانَ يَقْدِرُ إلَخْ. لَكَانَ أَنْسَبَ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلِأَنَّ الْقَادِرَ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْكَسْبِ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْفَسْخُ، لِأَنَّهُ كَالْمُوسِرِ الْمُمْتَنِعِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (أَوْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ لِنَحْوِ أُسْبُوعٍ، قَوْلُهُ: (الْيَسِيرِ) لَوْ سَكَتَ عَنْهُ كَانَ أَوْلَى لِمَا عُلِمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُ كَسْبِهِ يَفِي بِمَا مَضَى، وَلَوْ لَمْ يَكْتَسِبْ بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِعَارِضٍ ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ، أَوْ لِامْتِنَاعٍ فَلَا كَمَا عُلِمَ، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ لِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ فِي نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَلَا فَسْخَ وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ، وَلَوْ عَجَزَ عَنْهُ لِعَدَمِ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ، فَإِنْ كَانَ نَادِرًا فَلَا خِيَارَ وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ قَوْلُهُ: (وَالْإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ) أَيْ بِأَقَلِّهَا وَهُوَ مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ كَالْقَمِيصِ بِخِلَافِ نَحْوِ السَّرَاوِيلِ وَالْفُرُشِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ، وَيُقَالُ فِي الْمَسْكَنِ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَلْقَ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ. قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهَا تَفْسَخُ) سَوَاءٌ كَانَ الْإِعْسَارُ بِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ قَبَضَتْ بَعْضَهُ الْآخَرَ. قَوْلُهُ: (وَلَا فَسْخَ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَبَرَّعَ إلَخْ) مِثْلُهُ أَدَاؤُهَا بِضَمَانِ التَّبَرُّعِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: (كَالْمَالِ) فَعَلَى هَذَا لَوْ امْتَنَعَ كُلِّفَ الْكَسْبُ كَمَا يُكَلَّفُ الْمُوسِرُ إعْطَاءَ الْمَالِ وَإِلَّا فَسَخَ. فَرْعٌ: الْكَسْبُ الْحَرَامُ كَالْعَدَمِ لَكِنْ لَوْ كَانَ يَكْسِبُ بِصَنْعَةِ الْمَلَاهِي مَثَلًا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُسَمَّى وَلَكِنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ عَلَى تَفْوِيتِ عَمَلِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ اهـ. قَالَا أَعْنِي الْمَاوَرْدِيَّ وَالرُّويَانِيَّ وَكَسْبُ الْمُنَجِّمِ وَالْكَاهِنِ قَدْ بُذِلَ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ فَلْيُلْتَحَقْ بِالْهِبَةِ قَوْلُهُ: (حَتَّى يَثْبُتَ) لَوْ عَلِمُوا إعْسَارَهُ قَبْلَ سَفَرِهِ لَمْ يَكْفِ أَنْ يَشْهَدُوا بِذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدُوا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا تَفْسَخُ قَبْلَ وَطْءٍ لَا بَعْدَهُ) ، لِبَقَاءِ الْمُعَوَّضِ قَبْلَ الْوَطْءِ وَتَلَفِهِ بَعْدَهُ كَبَقَاءِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُفْلِسِ وَتَلَفِهِ، وَالثَّانِي تَفْسَخُ فِي الْحَالَتَيْنِ بِنَاءً فِي الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ جَمِيعِ الْوَطْئَاتِ، وَلَمْ تَسْتَوْفِ كَبَقَاءِ بَعْضِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُفْلِسِ وَالثَّالِثُ لَا تَفْسَخُ فِي الْحَالَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَيْسَ عَلَى الْأَعْوَاضِ حَتَّى تَفْسَخَ الْعَقْدَ بِتَعَذُّرِهِ. (وَلَا فَسْخَ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَ قَاضٍ إعْسَارُهُ) بِإِقْرَارِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي، (فَيَفْسَخُهُ) بَعْدَ الثُّبُوتِ (أَوْ يَأْذَنُ لَهَا فِيهِ) وَلَيْسَ لَهَا مَعَ عِلْمِهَا بِالْعَجْزِ الْفَسْخُ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي وَلَا بَعْدَهُ قَبْلَ إذْنٍ فِيهِ، (ثُمَّ فِي قَوْلٍ يُنَجَّزُ الْفَسْخُ) لِلْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَقْتَ وُجُوبِ تَسْلِيمِهَا وَهُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَلَا يَلْزَمُ الْإِمْهَالُ بِالْفَسْخِ، (وَالْأَظْهَرُ إمْهَالُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) ، لِيَتَحَقَّقَ عَجْزُهُ وَهِيَ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ يُتَوَقَّعُ فِيهَا الْقُدْرَةُ بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَلَهَا الْفَسْخُ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ) بِنَفَقَتِهِ (إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ نَفَقَتَهُ) وَلَا فَسْخَ بِمَا مَضَى، (وَلَوْ مَضَى يَوْمَانِ بِلَا نَفَقَةٍ وَأَنْفَقَ الثَّالِثَ وَعَجَزَ الرَّابِعَ بَنَتْ) عَلَى الْيَوْمَيْنِ وَفَسَخَتْ صَبِيحَةَ الْخَامِسِ، (وَقِيلَ تَسْتَأْنِفُ) الثَّلَاثَةَ فَلَا تَفْسَخُ إلَّا صَبِيحَةَ السَّابِعِ، (وَلَهَا الْخُرُوجُ زَمَنَ الْمُهْلَةِ لِتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ) ، بِكَسْبٍ أَوْ سُؤَالٍ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْإِنْفَاقِ الْمُقَابِلِ لِحَبْسِهَا، (وَعَلَيْهَا الرُّجُوعُ لَيْلًا) لِأَنَّهُ وَقْتُ الدَّعَةِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَقَالَ الْبَغَوِيّ لَهَا مَنْعُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَقْرَبُ (وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ) الْعَارِضِ (أَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَهُ) لِأَنَّ الضَّرَرَ يَتَجَدَّدُ وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهَا رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ أَبَدًا، فَإِنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، (وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ بِذَلِكَ بَعْدَ الرِّضَا بِهِ، لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يَتَجَدَّدُ وَكَذَا لَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ لَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ بِذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ (وَلَا فَسْخَ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ بِإِعْسَارٍ بِمَهْرٍ وَنَفَقَةٍ) لِأَنَّ الْفَسْخَ بِذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِالشَّهْوَةِ وَالطَّبْعِ وَهُوَ لِلْمَرْأَةِ لَا مَدْخَلَ لِلْوَلِيِّ   [حاشية قليوبي] تَقَدَّمَ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالْمَسْكَنِ وَالْمَهْرِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَ قَاضٍ، أَوْ مُحَكَّمٍ إعْسَارُهُ فَتَفْسَخُ بَعْدَ الثُّبُوتِ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي، وَيَفْسَخُ وَيَأْذَنُ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَيَجُوزُ النَّصْبُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهَا إلَخْ) نَعَمْ إنْ فُقِدَ الْقَاضِي وَالْمُحَكَّمُ، أَوْ كَانَ يَغْرَمُهَا مَالًا فَلَهَا الِاسْتِقْلَالُ بِالْفَسْخِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّفْعَ لِلْقَاضِي سَبَقَ إذْ لَا عِبْرَةَ بِمُهْلَةٍ بِلَا قَاضٍ وَفَسْخُهَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا قَالَهُ شَيْخُنَا، قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْقِيَاسُ لُزُومُ الْإِشْهَادِ لَهَا. قَوْلُهُ: (لِلْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ) قَيَّدَهُ بِهَذَا مَعَ شُمُولِ كَلَامِهِ لِغَيْرِ النَّفَقَةِ مِنْ الْكِسْوَةِ، وَالْمَسْكَنُ كَمَا يَأْتِي لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْفَصْلِ، قَوْلُهُ: (إمْهَالُهُ) أَيْ فِي النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ الْمَهْرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَتْنِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُسَلِّمَ) أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (نَفَقَتَهُ) أَيْ الرَّابِعِ وَلَوْ أَرَادَ جَعْلَهَا عَنْ غَيْرِ الرَّابِعِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِرِضَاهَا وَمَا بَعْدَهُ كَالْخَامِسِ وَالسَّادِسِ مِثْلُهُ. قَوْلُهُ: (بِمَا مَضَى) مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ أَوْ غَيْرِهَا إلَّا مَعَ الْبِنَاءِ الْآتِي وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى جَعْلِ النَّفَقَةِ الْمَذْكُورَةِ عَمَّا قَبْلَ مُدَّةِ الْإِمْهَالِ، فَلَهَا الْفَسْخُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْخَامِسِ وَكَذَا لَوْ جَعَلُوهَا عَنْ بَعْضِ مُدَّةِ الْإِمْهَالِ لِأَنَّهَا تُبْنَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَعَجَزَ عَنْ الرَّابِعِ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ أَنْفَقَ الثَّالِثَ وَالرَّابِعَ وَعَجَزَ عَنْ الْخَامِسِ إذْ الضَّابِطُ إنَّهُ مَتَى أَنْفَقَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ، اسْتَأْنَفَتْ وَإِلَّا فَتُبْنَى قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَلَوْ فَسَخَتْ فَقَدْرٌ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ عَلَى نَفَقَتِهِ لَمْ يُبْطِلْ الْفَسْخَ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَلَهَا الْخُرُوجُ) وَإِنْ أَمْكَنَهَا الْكَسْبُ فِي بَيْتِهَا. قَوْلُهُ: (النَّفَقَةِ) وَغَيْرِهَا مِمَّا لَهَا الْفَسْخُ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ إلَخْ) حَمَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الْأَوَّلَ عَلَى غَيْرِ زَمَنِ التَّحْصِيلِ، فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِمَنْعِهِ فِيهِ، وَالثَّانِي عَلَى وَقْتِ التَّحْصِيلِ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِمَنْعِهِ فِيهِ قَوْلُهُ: (الْعَارِضِ) دَفْعٌ لِتَكْرَارِ مَا بَعْدَهُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الرِّضَا أَيْ إنْ أَعْسَرَ ثَلَاثَةً بَعْدَ يَوْمِ الرِّضَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ فَلَا) فَسْخَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَإِنْ كَانَ الرِّضَا قَبْلَ الْعَقْدِ فِيمَنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا فِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إلَخْ) إيرَادٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِيُنَاسِبَ مَا قَبْلَهُ أَوْ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ قَوْلُهُ: (بِمَهْرٍ وَنَفَقَةٍ) وَكَذَا غَيْرُهُمَا، وَيَصِيرُ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الزَّوْجِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِمَا الْأَبُ لِيَرْجِعَ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (زَوْجُ أَمَةٍ) وَلَوْ مُكَاتَبَةً لَكِنْ لَا يُلْجِئُهَا أَوْ مُبَعَّضَةً فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ وَلَهُ إلْجَاؤُهَا فِيهَا. قَوْلُهُ: (بِالنَّفَقَةِ) خَرَجَ الْمَهْرُ فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ بِهِ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ، وَلِلْمُبَعَّضَةِ الْفَسْخُ بِالْمَهْرِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْفَسْخِ بِبَعْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَهَا الْفَسْخُ) وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ السَّيِّدُ مَا لَمْ يُسَلِّمْهَا النَّفَقَةَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ حَقُّهَا) الْأَنْسَبُ لِأَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى النَّفَقَةِ وَلَهَا مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ بِهَا وَإِبْرَاؤُهُ مِنْهَا وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِهَا لَهَا، وَلَا تَدْخُلُ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِهَا، فَلَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ مِنْهَا قَبْلَهُ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا بَعْدَهُ إلَّا إنْ أَبْدَلَهَا بِغَيْرِهَا، وَهَذَا فِي غَيْرِ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ أَمَّا هِيَ فَالْحَقُّ فِيهَا لِلسَّيِّدِ فَلَهُ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ.   [حاشية عميرة] بِالْإِعْسَارِ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ لِذَلِكَ الزَّمَنِ وَيَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ، قَوْلُهُ: (بِنَفَقَتِهِ) أَيْ لَا بِالْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ لِأَنَّ الْمَاضِيَ لَا يُفْسَخُ بِهِ وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ، قَوْلُهُ: (وَلَا فَسْخَ بِمَا مَضَى) أَيْ فِي حَالَةِ التَّسْلِيمِ وَعَدَمِهِ وَلِذَا عَبَّرَ بِالْوَاوِ دُونَ الْفَاءِ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَسْتَأْنِفُ) ، أَيْ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ الْكَائِنَةَ بِهِ قَطَعَتْ مَا قَبْلَهَا وَزَيَّفَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى أَنْ يُنْفِقَ يَوْمًا وَيَتْرُكَ ثَلَاثًا وَهَكَذَا فَيَتَّخِذُهُ عَادَةً، قَالَ وَمَا عِنْدِي أَنَّ صَاحِبَ هَذَا الْقَوْلِ يَسْمَحُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا يَقُولُ بِهِ إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ ذَلِكَ وَيَنْتَهِ إلَى الِاعْتِيَادِ، قَوْلُهُ: (زَمَنَ الْمُهْلَةِ) وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِيمَا لَمْ رَضِيَتْ بِالْمَقَامِ مَعَهُ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْمُهْلَةِ، قَوْلُهُ (لَهَا مَنْعُهُ) أَيْ وَلَا نَفَقَةَ عِنْدَ الْمَنْعِ ، قَوْلُهُ: (وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهَا رَضِيت) يُسْتَثْنَى يَوْمُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ فِيهِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَضِيَتْ إلَخْ) قَدْ يَسْتَشْكِلُ بِمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ وَرَضِيَ الْمُسَلِّمُ بِذِمَّةِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَالِيَّةَ هُنَا لَمَّا كَانَتْ ثَابِتَةً اُغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 فِيهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَالٌ فَنَفَقَتُهُمَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا قَبْلَ النِّكَاحِ ، (وَلَوْ أَعْسَرَ زَوْجُ أَمَةٍ بِالنَّفَقَةِ فَلَهَا الْفَسْخُ) لِأَنَّهُ حَقُّهَا (فَإِنْ رَضِيَتْ) بِإِعْسَارِهِ (فَلَا فَسْخَ لِلسَّيِّدِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَهُ الْفَسْخُ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي النَّفَقَةِ لَهُ وَضَرَرُ فَوَاتِهَا يَعُودُ إلَيْهِ وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ لَهَا وَيَتَلَقَّاهَا السَّيِّدُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا تُمْلَكُ، (وَلَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ بِنَاءً عَلَى الْفَسْخِ (أَنْ يُلْجِئَهَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْفَسْخِ، (بِأَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا وَيَقُولُ) لَهَا (افْسَخِي أَوْ جُوعِي) فَإِذَا فَسَخَتْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَاسْتَمْتَعَ بِهَا أَوْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَكَفَى نَفْسَهُ مُؤْنَتَهَا. فَصْلٌ (يَلْزَمُهُ) أَيْ الشَّخْصَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (نَفَقَةُ الْوَالِدِ وَإِنْ عَلَا) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (وَالْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] وَقِيسَ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ بِجَامِعِ الْبَعْضِيَّةِ بَلْ هُوَ أَوْلَى لِأَنَّ حُرْمَةَ الْوَالِدِ أَعْظَمُ، وَالْوَالِدُ بِالتَّعَهُّدِ وَالْخِدْمَةِ أَلْيَقُ، (وَإِنْ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا) فَتَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ نَفَقَةُ الْكَافِرِ وَالْعَكْسُ لِوُجُودِ الْبَعْضِيَّةِ، (بِشَرْطِ يَسَارِ الْمُنْفِقِ بِفَاضِلٍ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ فِي يَوْمِهِ) . وَلَيْلَتِهِ مَا يَصْرِفُهُ إلَى مَنْ ذَكَرَ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ، (وَيُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ) مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ لِشَبَهِهَا بِهِ، وَفِي كَيْفِيَّةِ بَيْعِ الْعَقَارِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُبَاعُ كُلُّ يَوْمٍ جُزْءٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَالثَّانِي لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَشُقُّ وَلَكِنْ يَقْتَرِضُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ مَا يَسْهُلُ بَيْعُ الْعَقَارِ لَهُ، (وَيَلْزَمُ كَسُوبًا كَسْبُهَا فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ، وَالثَّانِي لَا كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، (وَلَا تَجِبُ لِمَالِكٍ كِفَايَتُهُ وَلَا مُكْتَسِبِهَا) لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِ إلَى غَيْرِهِ (وَتَجِبُ لِفَقِيرٍ غَيْرِ مُكْتَسِبٍ إنْ كَانَ زَمِنًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) لِعَجْزِهِ عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ بِالزَّمِنِ الْمَرِيضَ وَالْأَعْمَى، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: تُصَدَّقُ الْأَمَةُ فِي عَدَمِ قَبْضِهَا مِنْ الزَّوْجِ إذَا ادَّعَاهُ وَفِي قَبْضِهَا مِنْهُ إذَا أَنْكَرَهُ السَّيِّدُ، وَالْكِسْوَةُ وَغَيْرُهَا فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ كَالنَّفَقَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَضِيَتْ) أَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً. قَوْلُهُ: (أَنْ يُلْجِئَهَا) مَا لَمْ تَكُنْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ مُكَاتَبَةً كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ) . فَرْعٌ: لَا يَلْزَمُهُ تَزْوِيجُ مُسْتَوْلَدَةٍ وَلَا عِتْقُهَا وَلَا بَيْعُهَا مِنْ نَفْسِهَا، وَيُجْبَرُ إنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا عَلَى تَخْلِيَتِهَا لِلْكَسْبِ أَوْ إيجَارِهَا فَإِنْ تَعَذَّرَا فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ نَفَقَتُهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ كُلُّ ذَلِكَ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي تَرْجِعُ إلَى تَزْوِيجِهَا، وَلَوْ مَعَ غَيْبَةِ سَيِّدِهَا، وَأَقَرَّ ذَلِكَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ. [فَصْلٌ يَلْزَمُهُ أَيْ الشَّخْصَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى نَفَقَةُ الْوَالِدِ وَإِنْ عَلَا] فَصْلٌ فِي مُؤْنَةِ الْقَرِيبِ أَيْ فِي لُزُومِهَا وَقَدْرِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يَلْزَمُهُ أَيْ الشَّخْصَ) دَفَعَ بِهِ إرَادَةَ الذَّكَرِ فَقَطْ، أَوْ الْفَرْعِ فَقَطْ أَوْ الْأَصْلِ فَقَطْ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْحُرُّ أَوْ الْمُبَعَّضُ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ، لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ كَمَا لَا نَفَقَةَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ. نَعَمْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ مِنْ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِسَيِّدِهِ وَلَيْسَتْ مُكَاتَبَةً لَهُ. قَوْلُهُ: (نَفَقَةُ) وَكَذَا كِسْوَةٌ وَأُدْمٌ وَسُكْنَى وَغَيْرُهَا، وَلَوْ نَحْوَ دَوَاءٍ وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ وَخَادِمٍ احْتَاجَهُ، وَلَوْ لِمَنْصِبٍ وَمُؤْنَتِهِ وَزَوْجَةٍ لَزِمَ إعْفَافُهُ بِهَا فَلَوْ عَبَّرَ بِالْمُؤْنَةِ لَكَانَ أَوْلَى، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ وُجُوبِ آلَةِ تَنْظِيفٍ وَنَحْوِ مَاءِ غُسْلٍ أَوْ وُضُوءٍ وَتَفَكُّهٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْوَالِدِ) أَيْ الْمَعْصُومِ الْحُرِّ وَلَوْ مُبَعَّضًا وَكَذَا الْوَلَدُ فَخَرَجَ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَالزَّانِي الْمُحْصِنُ وَالْمُرْتَدُّ وَنَحْوُهُمْ، وَخَرَجَ الْحَوَاشِي فَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى بَعْضِهِمْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِي إلَخْ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَذَا اسْتَدَلُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ وَالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال بِآيَةِ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ إرْضَاعِهِ، فَنَفَقَتُهُ أَلْزَمُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا تَلْزَمُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْمُنْفِقِ) مِنْ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ قَوْلُهُ: عَنْ (قُوتِهِ) أَيْ الْمُنْفِقِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْقُوتِ الْمُؤْنَةُ الشَّامِلَةُ لِلْكِسْوَةِ وَالسُّكْنَى وَالْأُدْمِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ لَا عَنْ دَيْنِهِ، قَوْلُهُ: (عِيَالِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُمْ زَوْجَتُهُ وَخَادِمُهَا وَأَمُّ وَلَدِهِ، قَوْلُهُ: (يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ) الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ كَمَا فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْيَسَارُ عِنْدَ فَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ ذَلِكَ فَاضِلًا عَمَّا يَكْفِي لِلْعُمُرِ الْغَالِبِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الزَّوْجَةِ نَظَرًا لِحُرْمَةِ الْبَعْضِيَّةِ وَلِعَدَمِ الدِّينِيَّةِ بِفَوَاتِهَا كَمَا يَأْتِي فَكُلُّ مُوسِرٍ فِي الزَّوْجَةِ مُوسِرٌ هُنَا وَلَا عَكْسَ. قَوْلُهُ: (مَا يَصْرِفُهُ) سَوَاءٌ كَفَاهُ أَوْ لَا وَمَا بَدَلَ مِنْ فَاضِلٍ أَوْ مَعْمُولٍ لَهُ بِتَأْوِيلِ أَنْ يَفْضُلَ، قَوْلُهُ: (مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ) كَالْخَادِمِ أَيْ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ كَمَا فِي بَابِ الْمُفْلِسِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الثَّانِي فِي كَلَامِهِ قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُ إلَخْ) هُوَ فِي النَّفَقَةِ الْحَالَّةِ إذَا طُلِبَتْ كَالدَّيْنِ وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ حَلِيلَةُ   [حاشية عميرة] فَصْلٌ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْوَالِدِ وَكَذَا عَبْدُهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ وَزَوْجَتُهُ وَغَيْرُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ لَا وُجُوبَ عَلَيْهِمْ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْمُرَادَ فِي أَمْرِ الْمُضَارَّةِ، قَالَ كَذَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَهُوَ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، قَوْلُهُ: (وَالْوَلَدِ) خَرَجَ بِهِ الْحَمْلُ قَوْلُهُ: (لِوُجُودِ الْبَعْضِيَّةِ) أَيْ وَأَحْكَامِهَا كَالْعِتْقِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ وَلِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، قَوْلُهُ: (عِيَالِهِ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْقَرِيبِ إلَّا الزَّوْجَةُ وَلَفْظُ الْعِيَالِ يُوهِمُ خِلَافَهُ اهـ. أَقُولُ مِثْلُهَا خَادِمُهَا فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ الدَّلِيلُ مَا رَوَى مُسْلِمٌ «ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِك فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِك شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِك» ثُمَّ الَّذِي بَحَثَهُ رَأَيْته فِي الْخَادِمِ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْقُولًا وَالْمُسْتَوْلَدَةُ كَالزَّوْجَةِ اهـ. قَوْلُهُ: (مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ) كَالْخَادِمِ قَوْلُهُ: (وَلَا مُكْتَسِبِهَا) إنْ أُرِيدَ مَنْ حَصَّلَهَا بِالْكَسْبِ رَجَعَ إلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ أُرِيدَ الْقَادِرُ وَهُوَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 يَكُنْ كَمَا ذَكَرَ. (فَأَقْوَالٌ أَحْسَنُهَا تَجِبُ) لِأَنَّهُ يَقْبُحُ أَنْ يُكَلِّفَ بَعْضَهُ الْكَسْبَ مَعَ اتِّسَاعِ مَالِهِ، وَالثَّانِي لَا تَجِبُ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ، (وَالثَّالِثُ) تَجِبُ (لِأَصْلٍ لَا فَرْعٍ) لِعِظَمِ حُرْمَةِ الْأَصْلِ (قُلْت الثَّالِثُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَإِيرَادُ الرَّافِعِيِّ فِي شَرْحَيْهِ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهِ (وَهِيَ الْكِفَايَةُ وَتَسْقُطُ بِفَوَاتِهَا وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ) ، لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ لَا يَجِبُ فِيهَا التَّمْلِيكُ (إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ) بِالْفَاءِ (أَوْ إذْنِهِ فِي اقْتِرَاضٍ) بِالْقَافِ (لِغَيْبَةٍ أَوْ مَنْعٍ) فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَصَيْرُورَتُهَا دَيْنًا بِفَرْضِ الْقَاضِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي التَّذْكِرَةِ   [حاشية قليوبي] أَصْلِهِ، وَخَادِمُ أَصْلِهِ وَغَيْرُهُمَا مِمَّا مَرَّ وَغَيْرُ النَّفَقَةِ مِنْ الْمُؤَنِ مِثْلُهَا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْمُؤَنِ الْحَالَّةِ، وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (مُكْتَسِبِهَا) أَيْ قَادِرٍ عَلَى كَسْبِهَا إلَّا مَنْ اكْتَسَبَ بِالْفِعْلِ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَبْلَهُ، وَالْكَلَامُ فِي كَسْبٍ حَلَالٍ لَائِقٍ بِهِ كَمَا مَرَّ فِي الزَّوْجَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ. تَنْبِيهٌ: قُدْرَةُ الْأُمِّ أَوْ الْبِنْتِ عَلَى التَّزْوِيجِ لَا تُسْقِطُ الْمُؤْنَةَ إلَّا إذَا تَزَوَّجَتْ وَمَكَّنَتْ لِوُجُوبِ مُؤْنَتِهَا حِينَئِذٍ عَلَى الزَّوْجِ وَلَوْ مُعْسِرًا. قَوْلُهُ: (غَيْرِ مُكْتَسِبٍ) أَيْ بِالْفِعْلِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ. قَوْلُهُ: (زَمِنًا) أَيْ بِهِ آفَةٌ تَمْنَعُهُ مِنْ الْكَسْبِ فَصَحَّ عَطْفُ الصَّغِيرِ عَلَيْهِ، أَوْ مَنْ هُوَ عَاجِزٌ عَنْ الْكَسْبِ فَعَطْفُ الصَّغِيرِ عَلَيْهِ خَاصٌّ، وَالْإِلْحَاقُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ، قَوْلُهُ: (الْمَرِيضَ وَالْأَعْمَى) وَكَذَا الْمُتَصَرِّفَ فِي مَالِ وَلَدِهِ وَالْمُشْتَغِلَ بِعِلْمٍ شَرْعِيٍّ وَالْكَسْبُ يَمْنَعُهُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (لَا فَرْعٍ) بَلْ يُكَلَّفُ الْفَرْعُ الْكَسْبَ لِأَجْلِ أَصْلِهِ وَلَوْ بِأَمْرِ وَلِيِّهِ، قَوْلُهُ: (الْكِفَايَةُ) بِأَنْ يُطْعِمَهُ وَلَوْ بِأَكْلِهِ مَعَهُ، أَوْ بِوَكِيلِهِ مَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى التَّرَدُّدِ عَادَةً لَا نِهَايَةَ الشِّبَعِ وَلَوْ دَفَعَهَا لَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِغَيْرِ الْأَكْلِ، فَإِنْ أَيْسَرَ قَبْلَ أَكْلِهَا لَمْ تُرَدَّ، وَلَوْ دَفَعَهَا لِلْفَرْعِ ثُمَّ تَلِفَتْ وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ لَزِمَ الدَّافِعَ بَدَلُهَا لِسَفِيهٍ، وَنَحْوِهِ لَا لِرَشِيدٍ وَيَضْمَنُ الْفَرْعُ مَا دُفِعَ لَهُ إنْ كَانَ رَشِيدًا أَيْضًا، وَمَا ذَكَرَ فِي نَفَقَةِ الْبَعْضِ، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْحَمْلِ فَمِثْلُ أُمِّهِ، وَأَمَّا نَفَقَةُ زَوْجَةِ الْأَبِ فَمُقَدَّرَةٌ بِنَفَقَةِ الْمُعْسِرِ كَمَا مَرَّ. وَكَذَا نَفَقَةُ خَادِمِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خَادِمُ الْبَعْضِ مِثْلَهُ مُقَدَّرًا بِالْكِفَايَةِ. وَأَمَّا غَيْرُ النَّفَقَةِ فَبِقَدْرِ الْحَاجَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَصِيرُ) أَيْ النَّفَقَةُ وَكَذَا غَيْرُهَا مِنْ الْمُؤَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ دَيْنًا، وَإِنْ تَعَدَّى بِمَنْعِهَا نَعَمْ تَقَدَّمَ أَنَّ نَفَقَةَ الْحَمْلِ وَالْمَنْفِيِّ إذَا اسْتَلْحَقَهُ وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ تَصِيرُ دَيْنًا وَتَرْجِعُ بِهَا الْأُمُّ إنْ كَانَتْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ أَشْهَدَتْ عِنْدَ فَقْدِهِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (بِفَرْضِ قَاضٍ) بِالْفَاءِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي فَرَضْت لَهُ فِي مَالِهِ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا لِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا بِذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْتَرِضُ مِنْ شَخْصٍ مَالًا ثُمَّ يَأْذَنُ لِذَلِكَ الشَّخْصَ بَعْدَ عَوْدِهِ إلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ لِلْأَبِ مَثَلًا كُلَّ يَوْمٍ كَذَا، وَلَوْ حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ وَجَعَلَهُ بِالْقَافِ لَوَافَقَ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي هُوَ الْمَنْقُولُ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ بَحْثٌ لِلْغَزَالِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوْ إذْنِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَأْذَنُ لِلْأَبِ مَثَلًا أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْ شَخْصٍ مَالًا، وَيَأْذَنَ لَهُ بَعْدَ الْقَرْضِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا، فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الْقَرْضِ أَيْضًا قَبْلَ الْإِذْنِ وَإِلَّا فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا هَكَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مُوَافَقَتُهُ، وَكَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَالشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَاعْتَرَضَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِمَا، عَلَى النَّوَوِيِّ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْفَاءِ. نَعَمْ سَيَأْتِي أَنَّ إذْنَ الْقَاضِي لِأَجْنَبِيٍّ فِي الْإِنْفَاقِ تَصِيرُ بِهِ دَيْنًا وَهَذِهِ غَيْرُ مَا هُنَا فَتَأَمَّلْ. فَرْعٌ: لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ قَرِيبِهِ قَدْرَ نَفَقَةِ كُلِّ يَوْمٍ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ، وَلَا يَجُوزُ مَعَ الِامْتِنَاعِ إلَّا بِإِذْنِ حَاكِمٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَلْزُومُ   [حاشية عميرة] الَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ مُطْلَقًا عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْأُصُولِ عَلَى طَرِيقِ النَّوَوِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَأَقْوَالٌ إلَخْ فَإِنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ تَعْلِيلِ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَيُجَابُ بِاخْتِيَارِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَيَمْتَنِعُ رُجُوعُهُ إلَى مَا قَبْلَهُ وَبِاخْتِيَارِ الثَّانِي وَيُرِيدُ بِالْمُكْتَسِبِ مَنْ هُوَ شَأْنُهُ وَعَادَتُهُ بِخِلَافِهِ فِيمَا يَأْتِي لَكِنَّ هَذَا الثَّانِيَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْوَالِدَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْوَلَدَ نَفَقَتُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، قَوْلُهُ: (أَوْ صَغِيرًا) لَوْ بَلَغَ مَبْلَغًا يَحْسُنُ فِيهِ الِاكْتِسَابُ كَأَوْلَادِ الْمُحْتَرِفَةِ فَحُكْمُهُ كَالْكَبِيرِ. نَعَمْ لَوْ هَرَبَ وَتَرَكَ الْحِرْفَةَ لَزِمَ الْوَلِيَّ النَّفَقَةُ قَوْلُهُ: (أَحْسَنُهَا تَجِبُ) . تَنْبِيهٌ: قُدْرَةُ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ عَلَى النِّكَاحِ لَيْسَتْ كَالْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ لِأَنَّ حَبْسَ النِّكَاحِ أَمَدُهُ طَوِيلٌ فَلَوْ تَزَوَّجَتَا سَقَطَتْ الْوُجُوبُ بِالْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا. أَقُولُ فَلَوْ كَانَ غَائِبًا فَقَدْ سَلَف أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِرْسَالِ لَهُ لِيَحْضُرَ فَتَجِبَ مِنْ وَقْتِ حُضُورِهِ، وَالْمُتَّجِهُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْمُدَّةُ عَلَى مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ النِّكَاحِ أَقْوَى عَلَى هَذَا تَعْلِيلُ مَا سَلَفَ بِقَوْلِهِمْ لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ مُنْفِقَيْنِ، وَكَمَا فِي الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ إذَا أَعْسَرَ زَوْجُهَا، قَوْلُهُ: (وَهِيَ الْكِفَايَةُ) أَيْ لِقِصَّةِ هِنْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَعَ خُلُوِّهَا عَنْ شَائِبَةِ الْمُعَاوَضَةِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ لِلتَّصَرُّفِ، وَالتَّرَدُّدِ لَا الشِّبَعِ وَلَا دَفْعِ أَلَمِ الْجُوعِ وَدَخَلَ فِيهَا الْقُوتُ وَالْأُدْمُ وَخَالَفَ الْبَغَوِيّ فِي الْأُدْمِ وَيَجِبُ أَيْضًا الْخَادِمُ وَنَفَقَتُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَكَذَا الْأَدْوِيَةُ وَالْمَسْكَنُ وَالْفِرَاشُ لَكِنَّ مَسْكَنَ الْمُنْفِقِ يُقَدَّمُ بِهِ بِلَا رَيْبٍ عَلَى مَسْكَنِ قَرِيبِهِ، فَقَوْلُهُمْ يُبَاعُ فِيهَا الْمَسْكَنُ وَالْخَادِمُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْكِفَايَةِ فِي الْقُوتِ وَنَحْوِهِ، قَوْلُهُ: (لَا يَجِبُ فِيهَا التَّمْلِيكُ) فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ كُلْ مَعِي كَفَى وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ أَعْطَاهُ نَفَقَةً أَوْ كِسْوَةً لَمْ يَجُزْ أَنْ يُمَلِّكَهَا لِغَيْرِهِ، فَلَوْ لَمْ يَأْكُلْهَا حَتَّى عَرَضَ الْيَسَارُ لَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَلَوْ نَفَى الْوَلَدَ ثُمَّ رَجَعَ رَجَعَتْ الْأُمُّ عَلَيْهِ، بِنَفَقَتِهِ وَكَذَا يُسْتَثْنَى نَفَقَةُ الْحَمْلِ إذَا قُلْنَا لَهُ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، قَوْلُهُ: (أَوْ إذْنِهِ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ لَا أَنَّهَا تَسْتَقِرُّ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْعِبَارَةِ ثُمَّ الْحَصْرُ يَرِدُ عَلَيْهِ، مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ فَإِنَّ الْأُمَّ تُنْفِقُ مِنْ مَالِهَا أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَغَيْرُهُمْ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِذَلِكَ. (وَعَلَيْهَا) أَيْ الْأُمِّ (إرْضَاعُ وَلَدِهَا اللِّبَأَ) بِالْهَمْزِ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ غَالِبًا إلَّا بِهِ، وَهُوَ اللَّبَنُ أَوَّلَ الْوِلَادَةِ وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ (ثُمَّ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ إرْضَاعِ اللِّبَأِ، (إنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا هِيَ أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ وَجَبَ إرْضَاعُهُ) عَلَى مَنْ وُجِدَ مِنْهُمَا إبْقَاءً لَهُ، (وَإِنْ وُجِدَتَا لَمْ تُجْبَرْ الْأُمُّ) عَلَى الْإِرْضَاعِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي نِكَاحِ أَبِيهِ أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] (فَإِنْ رَغِبَتْ) فِي إرْضَاعِهِ (وَهِيَ مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ فَلَهُ مَنْعُهَا) مِنْ إرْضَاعِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا وَقْتَ الْإِرْضَاعِ لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ الْمَنْعُ. (قُلْت الْأَصَحُّ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَصَحَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَبَنُهَا لَهُ أَصْلَحُ وَأَوْفَقُ (فَإِنْ اتَّفَقَا) عَلَى إرْضَاعِهِ (وَطَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلٍ) لَهُ (أُجِيبَتْ أَوْ فَوْقَهَا فَلَا) تُجَابُ إلَى ذَلِكَ، (وَكَذَا إنْ تَبَرَّعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ رَضِيَتْ بِأَقَلَّ) مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا تُجَابُ الْأُمُّ إلَى طَلَبِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، (فِي الْأَظْهَرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 233] وَالثَّانِي تُجَابُ الْأُمُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] مَعَ فَوْرِ شَفَقَتِهَا وَأَوْفَقِيَّةِ لَبَنِهَا (وَمَنْ اسْتَوَى فَرَعَاهُ) فِي الْقُرْبِ وَالْإِرْثِ أَوْ عَدَمِهِمَا (أَنْفَقَا) بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا   [حاشية قليوبي] مَجْنُونًا نَعَمْ لِلْأَبِ وَإِنْ عَلَا الْوَلِيُّ عَلَى مَالِ طِفْلِهِ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ نَفَقَتِهِ بِلَا حَاكِمٍ، كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ وَلَوْ فُقِدَ الْحَاكِمُ فَأَنْفَقَ الْقَرِيبُ عَلَى نَفْسِهِ. بِاقْتِرَاضٍ رَجَعَ إنْ قَصَدَ الرُّجُوعَ وَأَشْهَدَ وَإِلَّا فَلَا، وَاكْتَفَى شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ فَرَاجِعْهُ، وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ إيجَارُ فَرْعِهِ لِنَفَقَتِهِمَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِذَلِكَ) أَيْ الِاقْتِرَاضِ وَالْإِذْنِ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَصْوِيرُهُ. تَنْبِيهٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ عُلِمَ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ أَنَّ فِي النَّفَقَةِ الْمَذْكُورَةِ شَائِبَةَ امْتِنَاعٍ مِنْ حَيْثُ سُقُوطُهَا بِمُضِيِّ الزَّمَنِ وَشَائِبَةَ إبَاحَةٍ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ تَصَرُّفِهِ فِيهَا بِغَيْرِ أَكْلِهِ، وَشَائِبَةَ تَمْلِيكٍ مِنْ حَيْثُ مِلْكُهُ لَهَا بِالدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ صِيغَةٍ وَعَدَمُ اسْتِرْدَادِهَا مِنْهُ لَوْ أَيْسَرَ فَيَأْكُلُهَا. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهَا إرْضَاعُ إلَخْ) . وَلَهَا أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَنْهُ وَطَلَبُهَا لِأَنَّهُ الَّذِي مَلَكَهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَخْ) فَلَوْ امْتَنَعَتْ فَمَاتَ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فَعَلَيْهَا الضَّمَانُ قَالَ وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ أَبِي شَرِيفٍ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ هَذِهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا بِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ أَيْضًا، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ شَمَّتَ رَائِحَةً فَأَجْهَضَتْ حَيْثُ تَضْمَنُ جَنِينَهَا بِأَنَّ سَبَبَ الْمَوْتِ هُنَا تَرْكٌ، وَهُنَاكَ فِعْلٌ لِمَا بِهِ الرَّائِحَةُ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ ثُمَّ عَادَ وَمَالَ إلَى الْأَوَّلِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ) وَيَرْجِعُ فِي قَدْرِهَا إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ مِنْ كَوْنِهِ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَنٍ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَتَعْبِيرُهُ بِالْمُدَّةِ الْمُطْلَقَةِ فِيهِ تَجَوُّزٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ إرْضَاعُهُ) أَيْ مَعَ الْأُجْرَةِ كَمَا مَرَّ بِالْأُولَى وَفِي هَذِهِ لَوْ امْتَنَعَتْ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا اتِّفَاقًا، قَوْلُهُ: (مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ) خَرَجَ مَنْكُوحَةُ غَيْرِهِ فَلَهُ مَنْعُهَا مَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَأْجَرَةً لِإِرْضَاعِهِ قَبْلَ نِكَاحِهِ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا) وَلَوْ بِطَلَبِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَكِنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا إنْ نَقَصَ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَطَلَبَتْ) خَرَجَ مَا لَوْ سَكَنَتْ فَلَا أُجْرَةَ لَهَا. قَوْلُهُ: (أُجِيبَتْ) أَيْ الْأُمُّ وَلَوْ خَلِيَّةً وَفَرَضَهُ فِي الزَّوْجَةِ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ تَبَرَّعَتْ إلَخْ) وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي وُجُودِ الْمُتَبَرِّعَةِ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (لَا تُجَابُ الْأُمُّ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ تَضَرَّرَ الرَّضِيعُ بِغَيْرِ لَبَنِ أُمِّهِ أُجِيبَتْ الْأُمُّ بِالْأُجْرَةِ بِلَا خِلَافٍ. تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِيمَا ذَكَرَ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأُمِّ وَتَجِبُ فِي مَالِ الرَّضِيعِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَالْكَلَامُ فِي وَلَدٍ وَأُمٍّ بِلَا زَوْجٍ أَحْرَارًا، وَإِلَّا فَلِزَوْجِ الْحُرَّةِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَالْمُجَابُ السَّيِّدُ فِي الْأَمَةِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَمَنْ اسْتَوَى فَرْعَاهُ) أَيْ فِي الْقُرْبِ وَالْإِرْثِ أَوْ عَدَمِهِ أَنْفَقَا مَعًا وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ الْقُرْبُ ثُمَّ الْإِرْثُ ثُمَّ يُوَزَّعُ بِحَسَبِهِ وَمِثْلُهُ الْأُصُولُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْيَسَارِ) أَوْ كَانَ يَسَارُ أَحَدِهِمَا بِمَالٍ، وَالْآخَرُ بِكَسْبٍ وَلَوْ غَابَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ الْحَاكِمُ قِسْطَهُ مِنْ مَالِهِ إنْ وَجَدَ وَإِلَّا اقْتَرَضَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ أَذِنَ الْحَاكِمُ فَلِلْحَاضِرِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ أَنْ يُنْفِقَ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ أَوْ عَلَى مَالِهِ إنْ وَجَدَ، وَاعْتِبَارُ قَصْدِ الرُّجُوعِ مَعَ إذْنِ الْحَاكِمِ تَأْكِيدٌ. نَعَمْ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْحَاضِرُ مُؤْتَمَنًا دَفَعَ الْحَاكِمُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لِعَدْلٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] تَسْتَقْرِضُ ثُمَّ تَرْجِعُ بِشَرْطِ الْإِشْهَادِ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى إرَادَةِ الرُّجُوعِ وَمِثْلُ الْأُمِّ غَيْرُهَا مِنْ مُسْتَحِقِّي الْإِنْفَاقِ، قَوْلُهُ: (أَوْ فَوْقَهَا فَلَا) هُوَ صَادِقٌ بِمَا لَوْ طَلَبَتْ خَمْسَةً وَأُجْرَةُ مِثْلِهَا أَرْبَعَةٌ، وَكَانَ غَيْرُهَا الْمَوْجُودُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ وَلَمْ يَرْضَ بِدُونِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ أُجْرَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ لِمَصْلَحَةٍ هُنَاكَ مِنْ جَوْدَةِ اللَّبَنِ أَوْ غَيْرِهِ، قَوْلُهُ: (بِأَقَلَّ) لَوْ كَانَتْ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَجْنَبِيَّةِ خَمْسَةً وَأُجْرَةُ مِثْلٍ عَشَرَةً فَفِي إجَابَةِ الْأُمِّ وَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ إجَابَتُهَا أَعْنِي الْأُمَّ إذَا لَمْ تَرْضَ الْأَجْنَبِيَّةُ بِدُونِ أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَالْمُتَّجِهُ عَدَمُ لُزُومِ إجَابَةَ الْأُمِّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْكُلْفَةِ عَلَيْهِ، وَالْفَرْضُ كِفَايَتُهُ بِالْإِرْضَاعِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِمَا ذَكَرَ، قَوْلُهُ: (مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأُمِّ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي تُجَابُ الْأُمُّ) لَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْيَسَارِ كَابْنَيْنِ أَوْ بِنْتَيْنِ وَكَابْنَيْ ابْنٍ أَوْ بِنْتٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَا ذَكَرَ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ وَالْآخَرُ وَارِثًا. (فَالْأَصَحُّ أَقْرَبُهُمَا) لِأَنَّ الْقُرْبَ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الْإِرْثِ، (فَإِنْ اسْتَوَى قُرْبُهُمَا فَبِالْإِرْثِ فِي الْأَصَحِّ) ، لِقُوَّةِ قَرَابَتِهِ وَقِيلَ لَا أَثَرَ لِلْإِرْثِ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ، (وَالثَّانِي بِالْإِرْثِ ثُمَّ الْقُرْبِ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ فَالْأَصَحُّ أَقْرَبُهُمَا فَيُقَدَّمُ عَلَى هَذَا الْوِرْثُ الْبَعِيدُ عَلَى غَيْرِهِ، الْقَرِيبِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْإِرْثِ قُدِّمَ أَقْرَبُهُمَا (وَالْوَارِثَانِ) عَلَى الْوَجْهَيْنِ (يَسْتَوِيَانِ أَمْ تُوَزَّعُ بِحَسَبِهِ) أَيْ بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَجْهَانِ وَجْهُ الِاسْتِوَاءِ اشْتِرَاكُهُمَا فِي الْإِرْثِ، وَوَجْهُ التَّوْزِيعِ إشْعَارُ زِيَادَةِ الْإِرْثِ بِزِيَادَةِ قُوَّةِ الْقَرَابَةِ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ هَذِهِ. (وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فَعَلَى الْأَبِ) نَفَقَتُهُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ بَالِغًا أَمَّا الصَّغِيرُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَأَمَّا الْبَالِغُ فَبِالِاسْتِصْحَابِ، (وَقِيلَ عَلَيْهِمَا لِبَالِغٍ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُرْبِ وَهَلْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا أَوْ يُجْعَلُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَجْهَانِ رَجَحَ مِنْهُمَا الثَّانِي (أَوْ أَجْدَادٌ وَجَدَّاتٌ إنْ أَدْلَى بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَالْأَقْرَبُ) مِنْهُمْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ (وَإِلَّا فَبِالْقُرْبِ وَقِيلَ الْإِرْثِ) كَالْخِلَافِ فِي طَرَفِ الْفُرُوعِ (وَقِيلَ بِوِلَايَةِ الْمَالِ) فَإِنَّهَا تُشْعِرُ بِتَفْوِيضِ التَّرْبِيَةِ إلَيْهِ. (وَمَنْ لَهُ أَصْلٌ وَفَرْعٌ فَفِي الْأَصَحِّ عَلَى الْفَرْعِ وَإِنْ بَعُدَ) . -   [حاشية قليوبي] هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ فَالْأَصَحُّ أَقْرَبُهُمَا) أَيْ وَصَرَّحَ بِهِ لِقُوَّتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ الْأَصَحُّ الْمَذْكُورُ وَأَمَّا الْمُقَابِلُ لِقَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ فَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَقِبَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْإِرْثِ) أَيْ فِي وُجُودِهِ لَا فِي قَدْرِهِ كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْوَارِثَانِ) وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الْإِرْثِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (عَلَى الْوَجْهَيْنِ) يُعْلَمُ أَنَّهُمَا اسْتَوَيَا قُرْبًا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَطْلَقَهُمَا هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فَإِنَّ الْمُرَجَّحَ فِيهَا عَلَى الْمَرْجُوحِ هُوَ الْمُرَجَّحُ فِي هَذِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَهُوَ كَوْنُهَا تُوَزَّعُ بِحَسَبِ الْإِرْثِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَقَعْ لِلْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ فِي الْمِنْهَاجِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ ثَلَاثَةٍ هَذَا وَاحِدٌ مِنْهَا. وَالثَّانِي فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ، وَالثَّالِثُ فِي بَابِ الدَّعَاوَى بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ، وَتَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ مَا فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ التَّوْزِيعِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ فِيهَا كَمَا عُلِمَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أَبَوَانِ) أَيْ أَبٌ وَإِنْ عَلَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَوْ الْأَبُ وَأُمٌّ وَإِنْ عَلَتْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ، قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْأَبِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (لِبَالِغٍ) أَيْ عَاقِلٍ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّغِيرِ. قَوْلُهُ: (رُجِّحَ مِنْهُمَا الثَّانِي) وَهُوَ كَوْنُهُ عَلَيْهَا بِحَسَبِ الْإِرْثِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (أَجْدَادٍ وَجَدَّاتٍ) الْمُرَادُ أَجْدَادٌ فَقَطْ أَوْ جَدَّاتٌ فَقَطْ، فَإِنْ اجْتَمَعَا فَعَلَى مَا مَرَّ فِي الْأَبَوَيْنِ فَيُقَدَّمُ الْأَجْدَادُ عَلَى الْجَدَّاتِ، وَإِنْ كُنْ أَقْرَبَ مِنْهُمْ وَعَلَى كُلٍّ إذْ تَسَاوَوْا أَوْ تَسَاوَيْنَ فِي الْقُرْبِ وَالْإِرْثِ أَوْ عَدَمِهِ اتَّفَقُوا أَوْ اتَّفَقْنَ مَعًا، وَالْأَقْدَمُ الْأَقْرَبُ ثُمَّ الْوَارِثُ ثُمَّ يُوَزَّعُ كَمَا مَرَّ وَفِي الرَّوْضَةِ اسْتِوَاءُ الْكُلِّ وَضُعِّفَ. قَوْلُهُ: (كَالْخِلَافِ فِي طَرَفِ الْفُرُوعِ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي الْقُرْبِ وَالْإِرْثِ مَعًا بِأَنْ اجْتَمَعَ وَارِثٌ بَعِيدٌ مَعَ غَيْرِ وَارِثٍ قَرِيبٍ كَأَبِي الْجَدِّ مَعَ أَبِي الْأُمِّ فَبِالْقُرْبِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي وُجُودِ الْإِرْثِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقُرْبِ كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ، وَأَمِّ الْأَبِ، فَعَلَى الْأَقْرَبِ قَطْعًا أَوْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِرْثِ وَعَدَمِهِ كَأَبِي الْأَبِ وَأَبِي الْأُمِّ فَعَلَى الْوَارِثِ عَلَى الْمُرَجَّحِ.   [حاشية عميرة] كَانَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ وَهُنَاكَ مُتَبَرِّعَةٌ فَلَا وَجْهَ لِجَرَيَانِ هَذَا قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا أَثَرَ إلَخْ) رُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ مُرَاعَاةِ الشَّيْءِ مُنْفَرِدًا أَنْ لَا يُعْتَبَرَ مُرَجَّحًا لِغَيْرِهِ ثُمَّ قَوْلُهُ لَا أَثَرَ إلَخْ. مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْفَعُك فِي فَهْمِ الْحَاشِيَةِ الْآتِيَةِ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَبِالْقُرْبِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْإِرْثِ) مِثَالُهُ بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْأَبِ) أَيْ وَإِنْ عَلَا قَوْلُهُ: (لِبَالِغٍ) أَيْ غَيْرِ مَجْنُونٍ قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَبِالْقُرْبِ) قَدْ سَلَفَ أَنَّ الْجَدَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأُمِّ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ فَلْيَكُنْ مُقَدَّمًا عَلَى أُمَّهَاتِهَا بِالْأَوْلَى، فَلْيَخْرُجْ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ نَعَمْ لَوْ اجْتَمَعَ أَبُو الْأَبِ وَالْأُمِّ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ اكْتَفَيْنَا سَوَّيْنَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ اعْتَبَرْنَا الْإِرْثَ أَوْ الْوِلَايَةَ فَالنَّفَقَةُ عَلَى أَبِي الْأَبِ اهـ. أَقُولُ إذَا قُدِّمَ أَبُو الْأَبِ عَلَى الْأُمِّ فَهَلَّا قُدِّمَ عَلَى أَبِيهَا ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَاعْتَرَضَهُ بِعَيْنِ مَا قُلْت وَنَقَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ، إنَّمَا هِيَ تَقْدِيمُ الْأَبِ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا قُرْبًا وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقُرْبِ يُرَاعَى الْإِرْثُ كَمَا أَرْشَدَ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّالِفِ كَالْخِلَافِ فِي طَرَفِ الْفُرُوعِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ إذَا اكْتَفَيْنَا بِالْقُرْبِ يَعْنِي عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْقَائِلِ، بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْإِرْثِ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقُرْبِ أَيْ بَلْ يَسْتَوِيَانِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بِوِلَايَةِ الْمَالِ) قَالَ فِي الْبَسِيطِ مُسْتَنَدُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَطَعَ بِأَنَّ الْأَبَ أَوْلَى فِي حَالَةِ الضَّعْفِ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي الْبَالِغِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْوِلَايَةِ الْجِهَةُ الَّتِي يَعْتَدُّ بِهَا لَا نَفْسُ الْوِلَايَةِ الَّتِي قَدْ يَمْنَعُ مِنْهَا مَانِعٌ مَعَ قِيَامِ الْجِهَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلْيَكُنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْقِيَامِ بِشَأْنِ أَصْلِهِ لِعِظَمِ حُرْمَتِهِ، وَالثَّانِي أَنَّهَا عَلَى الْأَصْلِ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ فِي الصِّغَرِ، وَالثَّالِثُ أَنَّهَا عَلَيْهِمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْبَعْضِيَّةِ مِثَالُهُ أَبٌ وَابْنُ جَدٍّ وَابْنُ أَبٍ وَابْنُ ابْنِ أُمٍّ وَابْنٌ، (أَوْ) لَهُ (مُحْتَاجُونَ) وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى كِفَايَتِهِمْ. (يُقَدِّمُ زَوْجَتَهُ) لِأَنَّ نَفَقَتَهَا آكَدُ (ثُمَّ الْأَقْرَبَ وَقِيلَ الْوَارِثَ) عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي طَرَفَيْ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ كَمَا تَقَدَّمَ. فَصْلٌ (الْحَضَانَةُ حِفْظُ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ) بِأُمُورِهِ (وَتَرْبِيَتُهُ) بِمَا يُصْلِحُهُ (وَالْإِنَاثُ أَلْيَقُ بِهَا) لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقُ وَأَهْدَى إلَى التَّرْبِيَةِ وَأَصْبَرُ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا (وَأُولَاهُنَّ أُمٌّ) لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا (ثُمَّ أُمَّهَاتٌ) لَهَا (يُدْلِينَ بِإِنَاثٍ) لِأَنَّهُنَّ يُشَارِكْنَهَا فِي الْإِرْثِ وَالْوِلَادَةِ (يُقَدَّمُ أَقْرَبُهُنَّ) فَأَقْرَبُهُنَّ (وَالْجَدِيدُ يُقَدَّمُ بَعْدَهُنَّ أُمُّ أَبٍ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ ثُمَّ أُمُّ أَبِي أَبٍ كَذَلِكَ) . أَيْ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ (ثُمَّ أُمُّ أَبِي جَدٍّ كَذَلِكَ) أَيْ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ يُقَدَّمُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأُمَّهَاتِ الْمَذْكُورَةِ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى وَقُدِّمَتْ أُمَّهَاتُ الْأُمِّ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَبِ لِقُوَّتِهِنَّ فِي الْإِرْثِ لِأَنَّهُنَّ لَا يَسْقُطْنَ بِالْأَبِ بِخِلَافِ أُمَّهَاتِهِ (وَالْقَدِيمُ) تُقَدَّمُ (الْأَخَوَاتُ وَالْخَالَاتُ عَلَيْهِنَّ) ، أَيْ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَبِ وَالْجَدِّ الْمَذْكُورَاتِ وَجْهُ الْجَدِيدِ أَنَّهُنَّ أَقْوَى قَرَابَةً لِأَنَّهُنَّ يَعْتِقْنَ عَلَى الْوَلَدِ وَوَجْهُ الْقَدِيمِ أَنَّ الْأَخَوَاتِ وَالْخَالَاتِ، يُدْلِينَ بِالْأُمِّ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَبِ فَكَذَا يُقَدَّمُ مَنْ يُدْلِي بِهَا عَلَى مَنْ يُدْلِي بِهِ (وَتُقَدَّمُ) جَزْمًا (أُخْتٌ عَلَى خَالَةٍ) لِأَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْهَا (وَخَالَةٌ عَلَى بِنْتِ أَخٍ و) بِنْتِ (أُخْتٍ) لِأَنَّهَا تُدْلِي بِالْأُمِّ بِخِلَافِهِمَا (وَبِنْتُ أَخٍ وَ) بِنْتُ (أُخْتٍ عَلَى عَمَّةٍ) كَمَا يُقَدَّمُ ابْنُ الْأَخِ فِي الْمِيرَاثِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَصْلٌ وَفَرْعٌ) سَوَاءٌ بَعْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ، أَمْ لَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْثِلَةِ الشَّارِحِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (مِثَالُهُ) أَيْ اجْتِمَاعُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ. قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْفَرْعِ) وَفِي تَعَدُّدِهِ مَا تَقَدَّمَ وَكَذَا الْأَصْلُ. قَوْلُهُ: (مُحْتَاجُونَ) مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَذِكْرُ الزَّوْجَةِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ مُضِرٌّ لِاقْتِضَائِهِ تَقْدِيمِهَا عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْأَقْرَبُ) مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَلَا يُقَدَّمُ أَصْلٌ عَلَى فَرْعٍ اسْتَوَيَا قُرْبًا، وَحِينَئِذٍ يُوَزَّعُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمَا إنْ سَدَّ مَسَدًا، وَإِلَّا أَقْرَعَ وَالْكَلَامُ فِي الْمُسْتَوَيْنِ فِي الْكَمَالِ أَوْ عَدَمِهِ، وَإِلَّا فَيُقَدَّمُ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ أَوْ الْمَجْنُونُ ثُمَّ الْأُمُّ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْوَلَدُ الْكَبِيرُ، وَالْأَوْجُهُ اسْتِوَاءُ أَبٍ مَجْنُونٍ مَعَ وَلَدٍ صَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ، وَيُقَدَّمُ فِي الْمُسْتَوَيْنِ أَبُو أَبٍ عَلَى أَبِي أُمٍّ وَذُو صِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ ضَعْفٍ عَلَى غَيْرِهِ، كَذَا قَالَ ذَلِكَ كُلَّهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ. فَصْلٌ: فِي الْحَضَانَةِ هِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ لُغَةً مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحِضْنِ بِكَسْرِهَا وَهُوَ الْجَنْبُ لِضَمِّ الْحَاضِنَةِ الْمَحْضُونَ إلَيْهِ وَيَنْتَهِي بِالْبُلُوغِ وَبَعْدَ التَّمْيِيزِ تُسَمَّى كَفَالَةً أَيْضًا. قَوْلُهُ: (الْحَضَانَةُ) أَيْ شَرْعًا قَوْلُهُ: (حِفْظُ إلَخْ) عَبَّرَ بِالْمَصَادِرِ فَأُجْرَةُ الْحَاضِنَةِ وَالْأَعْيَانِ اللَّازِمَةِ خَارِجَةٌ عَنْهَا فَهِيَ فِي مَالِ الْمَحْضُونِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَلِذَلِكَ ذُكِرَتْ عَقِبَ النَّفَقَاتِ. قَوْلُهُ: (مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ) شَمَلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرَ وَالْبَالِغَ وَالْمَجْنُونَ وَالْحُرَّ وَالرَّقِيقَ نَعَمْ حَضَانَةُ الْمُزَوَّجَةِ لِزَوْجِهَا إنْ أَمْكَنَ وَطْءٌ كَعَكْسِهِ، وَبِنْتُ الْمَجْنُونِ تُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهَا، وَحَضَانَةُ الرَّقِيقِ لِسَيِّدِهِ وَحَضَانَةُ الْمُبَعَّضِ لِسَيِّدِهِ وَقَرِيبِهِ عَلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ مِنْ مُهَايَأَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ غَيْرِهِمَا، فَإِنْ تَنَازَعَا أَخَذَهُ الْحَاكِمُ مِنْهَا وَأَعْطَاهُ لِحَاضِنَةٍ وَأَلْزَمَهُمَا أُجْرَتَهَا، وَلِلرَّجُلِ حَضَانَةُ وَلَدِ أَمَتِهِ وَلَهُ نَزْعُهُ مِنْ أَبَوَيْهِ الْحُرَّيْنِ وَتَسْلِيمُهُ لِغَيْرِهِمَا لِجَوَازِ التَّفْرِيقِ. قَوْلُهُ: (بِمَا يُصْلِحُهُ) وَيَدْفَعُ عَنْهُ الضَّرَرَ بِغَسْلِ جَسَدِهِ وَثِيَابِهِ وَدُهْنِهِ وَكُحْلِهِ وَرَبْطِهِ فِي الْمَهْدِ وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ وَهَذِهِ الْحَضَانَةُ الْكُبْرَى كَمَا سَيَأْتِي، قَوْلُهُ: (وَالْإِنَاثُ بِهَا أَلْيَقُ) أَيْ مِنْ الذُّكُورِ وَالْمُرَادُ الْإِنَاثُ وَالذُّكُورُ مِنْ النَّسَبِ إذْ لَا حَقَّ فِيهَا لِمُحَرَّمِ رَضَاعٍ وَلَا مُصَاهَرَةٍ. قَوْلُهُ: (أَشْفَقُ) وَلَا نَظَرَ لِنَحْوِ عَطِيَّةٍ وَقُوَّةِ سَلْطَنَةٍ. قَوْلُهُ: (يُدْلِينَ بِالْأُمِّ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ الْخَالَاتُ وَالْأَخَوَاتُ مِنْ جِهَتِهِمَا فَقَطْ. قَوْلُهُ: (عَلَى عَمَّةٍ) وَتُقَدَّمُ بِنْتُ أُنْثَى كُلِّ جِهَةٍ عَلَى بِنْتِ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمِنْهَاجِ بِوِلَايَةِ الْمَالِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بِجِهَةِ وِلَايَةِ الْمَالِ، قَوْلُهُ: (اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ إلَخْ) رُجِّحَ أَيْضًا بِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْآبَاءِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي قِصَّةِ هِنْدٍ وَغَيْرِهَا. [فَصْلٌ الْحَضَانَةُ] فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقُ) أَيْ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ كَوْنُهَا نَوْعَ وِلَايَةٍ وَسَلْطَنَةً وَمُؤَنُهَا عَلَى الْأَبِ كَالنَّفَقَةِ، وَلِهَذَا ذُكِرَتْ ذَيْلًا لِلنَّفَقَاتِ وَقِيلَ لَا أُجْرَةَ لَهَا بَعْدَ الْفِطَامِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ سَلَفَ أَنَّ الْأُمَّ الَّتِي تَحْتَ وَالِدِ الْمَحْضُونِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الرَّضَاعِ، لَكِنْ إذَا نَقَصَ الِاسْتِمْتَاعُ بِذَلِكَ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا مَعَ الْأُجْرَةِ فَهَلْ الْحَضَانَةُ كَالرَّضَاعِ فِيمَا ذَكَرَ هُوَ مُحْتَمَلٌ، قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ الْقَدِيمِ إلَخْ) وُجِّهَ أَيْضًا بِأَنَّ الْأَخَوَاتِ اجْتَمَعْنَ مَعَ الْوَلَدِ فِي الصُّلْبِ وَالْبَطْنِ بِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ» ، قَوْلُهُ: (يُدْلِينَ بِالْأُمِّ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأُمٍّ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْهَا) أَيْ وَوِرَاثَةً قَوْلُهُ: (وَبِنْتُ أَخٍ وَأُخْتٍ) خَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَدَّمَ الْعَمَّةَ، وَكَذَا الرُّويَانِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَظَاهِرُ النَّصِّ يَقْتَضِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 عَلَى الْعَمِّ (وَأُخْتٌ مِنْ أَبَوَيْنِ عَلَى أُخْتٍ مِنْ أَحَدِهِمَا) بِقُوَّةِ قَرَابَتِهَا. (وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ أُخْتٍ مِنْ أَبٍ عَلَى أُخْتٍ مِنْ أُمٍّ) لِقُوَّةِ إرْثِهَا وَالثَّانِي عَكْسُهُ لِلْإِدْلَاءِ بِالْأُمِّ. (وَخَالَةٌ وَعَمَّةٌ لِأَبٍ عَلَيْهِمَا لِأُمٍّ) لِقُوَّةِ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ وَالثَّانِي عَكْسُهُ رِعَايَةً لِجِهَةِ الْأُمُومَةِ (وَسُقُوطُ كُلِّ جَدَّةٍ لَا تَرِثُ) وَهِيَ الَّتِي تُدْلِي بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ لِإِدْلَائِهَا بِمَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالثَّانِي لَا تَسْقُطُ لِوِلَادَتِهَا وَشُمُولِ أَحْكَامِ الْأُصُولِ لَهَا فِي الْعِتْقِ وَلُزُومِ النَّفَقَةِ وَغَيْرِهِمَا. لَكِنْ تَتَأَخَّرُ عَنْ جَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ لِضَعْفِهَا وَفِي مَعْنَى الْجَدَّةِ السَّاقِطَةِ كُلُّ مَحْرَمٍ تُدْلِي بِذَكَرٍ لَا يَرِثُ كَبِنْتِ ابْنِ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الْعَمِّ لِلْأُمِّ، (دُونَ أُنْثَى غَيْرِ مَحْرَمٍ كَبِنْتِ خَالَةٍ) وَبِنْتِ عَمَّةٍ وَبِنْتَيْ الْخَالِ وَالْعَمِّ أَيْ الْأَصَحُّ لَا تَسْقُطُ بِكَوْنِهَا غَيْرَ مَحْرَمٍ لِشَفَقَتِهَا بِالْقَرَابَةِ وَهِدَايَتِهَا إلَى التَّرْبِيَةِ بِالْأُنُوثَةِ، وَالثَّانِي تَسْقُطُ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ تَخْرُجُ إلَى مَعْرِفَةِ بَوَاطِنِ الْأُمُورِ وَيَقَعُ فِيهَا الِاخْتِلَاطُ التَّامُّ فَالِاحْتِيَاطُ تَخْصِيصُهَا بِالْمَحَارِمِ (وَتَثْبُتُ) الْحَضَانَةُ (لِكُلِّ ذَكَرٍ مَحْرَمٍ وَارِثٍ) كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْأَخِ وَابْنِ الْأَخِ وَالْعَمِّ لِقُوَّةِ قَرَابَتِهِمْ بِالْمَحْرَمِيَّةِ وَالْإِرْثِ وَالْوِلَايَةِ، (عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ) حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ كَيْفِيَّتُهُ فِي بَابِهِ (وَكَذَا غَيْرُ مَحْرَمٍ) وَهُوَ وَارِثٌ (كَابْنِ عَمٍّ) فَإِنَّ لَهُ الْحَضَانَةَ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ بِالْوِلَايَةِ. (وَلَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ مُشْتَهَاةً بَلْ) تُسَلَّمُ (إلَى ثِقَةٍ يُعِينُهَا) هُوَ كَبِنْتِهِ وَغَيْرِهَا، وَالثَّانِي لَا حَضَانَةَ لَهُ لِانْتِفَاءِ الْمَحْرَمِيَّةِ (فَإِنْ فُقِدَ) فِي الذَّكَرِ (الْإِرْثُ وَالْمَحْرَمِيَّةُ) كَابْنِ الْخَالِ وَابْنِ الْعَمِّ (أَوْ الْإِرْثُ) دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ كَالْخَالِ وَالْعَمِّ لِلْأُمِّ وَأَبِي الْأُمِّ (فَلَا) حَضَانَةَ لَهُ. (فِي الْأَصَحِّ) لِضَعْفِ قَرَابَتِهِ وَالثَّانِي لَهُ الْحَضَانَةُ لِشَفَقَتِهِ بِالْقَرَابَةِ (وَإِنْ اُجْتُمِعَ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ فَالْأُمُّ) تُقَدَّمُ (ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا) لِمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ الْأَبُ وَقِيلَ تُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْخَالَةُ وَالْأُخْتُ مِنْ الْأُمِّ) لِإِدْلَائِهِمَا بِالْأُمِّ بِخِلَافِ الْأُخْتِ لِلْأَبِ لِإِدْلَائِهَا بِهِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى أُمَّهَاتِهِ وَبَعْدَهُنَّ الْجَدُّ أَبُوهُ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى أُمَّهَاتِهِ وَبَعْدَهُنَّ أَبُو الْجَدِّ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى أُمَّهَاتِهِ، (وَيُقَدَّمُ الْأَصْلُ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى   [حاشية قليوبي] ذَكَرِهَا. قَوْلُهُ: (وَأُخْتٌ مِنْ أَبَوَيْنِ) وَكَذَا عَمَّةٌ وَخَالَةٌ. قَوْلُهُ: (لِقُوَّةِ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ) أَيْ بَعْدَ جِهَةِ الْأُمُومَةِ أَوْ غَالِبًا قَوْلُهُ: (كُلِّ جَدَّةٍ) وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ. قَوْلُهُ: (عَنْ جَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ) أَيْ مِنْ الْأُصُولِ وَإِلَّا فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ. قَوْلُهُ: (بِنْتِ الْعَمِّ لِلْأُمِّ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ هُوَ عَطْفٌ عَلَى كُلِّ مَحْرَمٍ، إذْ لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهَا وَخَرَجَ بِهَا بِنْتُ الْخَالِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَنْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ غَيْرِ وَارِثٍ لَا حَقَّ لَهَا إنْ كَانَتْ مَحْرَمًا أَوْ كَانَتْ بِنْتَ عَمٍّ لِلْأُمِّ وَإِلَّا فَلَهَا حَقٌّ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ لَا تَسْقُطُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ الْمَحْضُونُ ذَكَرًا فَإِنْ بَلَغَ حَدًّا يُشْتَهَى فَفِيهِ مَا سَيَأْتِي وَفَارَقَتْ بِنْتُ الْعَمِّ لِلْأُمِّ كَمَا مَرَّ. بِقُرْبِ الْخَالِ لِلْأُمِّ مَعَ إدْلَائِهَا بِجِهَتَيْنِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَتَثْبُتُ) أَيْ عِنْدَ فَقْدِ الْإِنَاثِ. قَوْلُهُ: (حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ) . نَعَمْ يُقَدَّمُ الْجَدُّ عَلَى الْأَخِ مُطْلَقًا، وَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأَبِ عَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ فَلَوْ قَالَ عَلَى تَرْتِيبِ النِّكَاحِ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (غَيْرِ مَحْرَمٍ) أَيْ مِنْ الْقَرَابَةِ لَا مِنْ الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِالْوِلَايَةِ) وَبِهَذَا فَارَقَ بِنْتَ الْعَمِّ لِلْأُمِّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَبِنْتِهِ وَغَيْرِهَا) بِشَرْطِ كَوْنِهَا ثِقَةً وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَسْلِيمُ الذَّكَرِ لَهُ، وَلَوْ كَانَ مُشْتَهًى وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَبِهَذَا يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْإِرْثُ دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ) أَوْ عَكْسُهُ كَالْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (وَأَبِي الْأُمِّ) أَيْ أَوْ ابْنِ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا قَوْلُهُ: (عَلَى مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ التَّرْتِيبِ قَطْعًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ) وَمِنْهُ تَقْدِيمُ الْخَالَةٍ عَلَى بِنْتِ الْأَخِ وَبِنْتِ الْأُخْتِ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (لِلْإِدْلَاءِ بِالْأُمِّ) أَيْ كَمَا تُقَدَّمُ أُمُّ الْأُمِّ عَلَى أُمِّ الْأَبِ وَرَدَ بِأَنَّ الْجَدَّةَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ مُسَاوِيَةٌ لِلْجَدَّةِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ فِي الْمِيرَاثِ بَلْ أَقْوَى لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِالْأَبِ بِخِلَافِ أُمَّهَاتِهَا، وَامْتَازَتْ بِالْإِدْلَاءِ بِالْأُمِّ الَّتِي هِيَ أَهْلٌ لِلْحَضَانَةِ وَفِي الْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ زِيَادَةٌ فِي الْمِيرَاثِ وَقَدْ تَصِيرُ عَصَبَةً وَأَيْضًا الْجَدَّةُ فِيهَا صِفَةُ نَفْسِهَا وَهُوَ الْمِيرَاثُ فَكَانَتْ أَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ مِنْ اعْتِبَارِ صِفَةٍ فِي غَيْرِهَا. أَقُولُ وَهَذَا التَّوْجِيهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ تَقْدِيمِ الْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ لِأَبٍ عَلَيْهِمَا لِأُمٍّ، قَوْلُهُ: (لِقُوَّةِ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ) رُبَّمَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا تَقْدِيمُ أُمِّ الْأُمِّ عَلَى أُمِّ الْأَبِ، قَوْلُهُ: (رِعَايَةً لِجِهَةِ الْأُمُومَةِ) أَيْ وَلَيْسَ هُنَا مِيرَاثٌ مُرَجَّحٌ كَمَا فِي الْأُخْتِ لِلْأَبِ مَعَ الْأُخْتِ لِلْأُمِّ، قَوْلُهُ: (كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَشْمَلُ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَاَلَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأَبُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (لَكِنْ تَتَأَخَّرُ) أَيْ عَنْ الْأُصُولِ وَإِلَّا فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَخَوَاتِ وَالْخَالَاتِ عَلَى هَذَا، قَوْلُهُ: (وَبِنْتِ الْعَمِّ لِلْأُمِّ) كَذَا فِي عِدَّةِ نُسَخٍ وَلَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ فَإِنَّهَا غَيْرُ مَحْرَمٍ، قَوْلُهُ: (وَبِنْتَيْ الْخَالِ وَالْعَمِّ) تَبِعَ فِي بِنْتِ الْخَالِ الرَّافِعِيَّ فِي الشَّرْحِ وَخَالَفَهُ وَغَيْرَهُ لِإِدْلَائِهَا بِذَكَرٍ غَيْرِ وَارِثٍ ، قَوْلُهُ: (وَتَثْبُتُ) لَمَّا انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى اجْتِمَاعِ مَحْضِ الْإِنَاثِ شَرَعَ فِي اجْتِمَاعِ مَحْضِ الذَّكَرِ وَلَهُ أَحْوَالٌ أَرْبَعٌ اجْتِمَاعُ الْإِرْثِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ كَالْأَبِ وَالْإِرْثُ دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ، كَابْنِ الْعَمِّ فَقَدَهُمَا كَابْنِ الْخَالِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا غَيْرُ مَحْرَمٍ) يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُعْتَقُ قَوْلُهُ: (لِضَعْفِ قَرَابَتِهِ) أَيْ بِدَلِيلِ سَلْبِ الْإِرْثِ وَالْوِلَايَةِ وَتَحَمُّلِ الْعَقْلِ أَيْ الدِّيَةِ كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ هَذَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ مُتَمَاسِكٌ لِمَكَانِ الْمَحْرَمِيَّةِ وَالْمُرَجَّحُ فِي الْأُولَى طَرِيقُ الْقَطْعِ ، قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْأَبُ) يُقَدَّمُ عَلَى أُمَّهَاتِهِ لِإِدْلَائِهِنَّ بِهِ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تُقَدَّمُ عَلَيْهِ إلَخْ) . الْخِلَافُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْجَدِيدِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ وَالْجَدِيدُ يُقَدَّمُ بَعْدَهُنَّ إلَخْ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 عَلَى مَا تَقَدَّمَ (عَلَى الْحَاشِيَةِ) كَالْأَخِ وَإِنْ تَقَدَّمَ خِلَافٌ بِتَقْدِيمِ الْأُخْتِ. (فَإِنْ فُقِدَ) الْأَصْلُ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَهُنَاكَ حَوَاشٍ (فَالْأَصَحُّ الْأَقْرَبُ) ، فَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَتُقَدَّمُ الْأُخُوَّةُ وَالْأَخَوَاتُ عَلَى غَيْرِهِمْ كَالْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَقْرَبُ بِأَنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ (فَالْأُنْثَى) فَتُقَدَّمُ الْأُخْتُ عَلَى الْأَخِ وَبِنْتُ الْأَخِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أُنْثَى كَأَخَوَيْنِ وَابْنَيْ أَخٍ. (فَيُقْرَعُ) فَيُقَدَّمُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا تُقَدَّمُ الْإِنَاثُ مُطْلَقًا فَتُقَدَّمُ الْعَمَّةُ وَالْخَالَةُ عَلَى الْأَخِ وَالْعَمِّ وَالثَّانِي تُقَدَّمُ الْعَصِبَاتُ عَلَى غَيْرِهِمْ، لِقِيَامِهِمْ بِالتَّأْدِيبِ وَالتَّعْلِيمِ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَالْعَمُّ عَلَى الْأُخْتِ وَالْخَالَةِ (وَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ وَمَجْنُونٍ وَفَاسِقٍ) ، لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا (وَكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ) لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَرَقِيقُ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ وَذُو الْجُنُونِ الدَّائِمِ وَالْمُتَقَطِّعِ إلَّا إذَا كَانَ يَسِيرًا كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ. (وَنَاكِحَةِ غَيْرِ أَبِي الطِّفْلِ) لِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ عَنْهُ بِحَقِّ الزَّوْجِ وَإِنْ رَضِيَ (إلَّا عَمَّهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَابْنَ أَخِيهِ) حَيْثُ رَضُوا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حَقًّا فِي الْحَضَانَةِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالثَّانِي لَا حَضَانَةَ لَهَا فِي ذَلِكَ كَالْأَجْنَبِيِّ. (فَإِنْ كَانَ) الطِّفْلُ (رَضِيعًا اُشْتُرِطَ) فِي ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ لِأُمِّهِ، (أَنْ تُرْضِعَهُ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ وَعَلَى الْأَبِ اسْتِئْجَارُ مُرْضِعَةٍ عِنْدَ أُمِّهِ وَالْأَوَّلُ قَالَ فِي تَكْلِيفِ الْأَبِ ذَلِكَ عُسْرٌ عَلَيْهِ حَيْثُ تَنْتَقِلُ الْمُرْضِعَةُ إلَى مَسْكَنِ الْأُمِّ (فَإِنْ كَمُلَتْ نَاقِصَةٌ) بِأَنْ عَتَقَتْ أَوْ أَفَاقَتْ أَوْ تَابَتْ أَوْ أَسْلَمَتْ، (أَوْ طَلُقَتْ مَنْكُوحَةٌ حَضَنَتْ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ (فَإِنْ غَابَتْ الْأُمُّ أَوْ امْتَنَعَتْ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَالْأُنْثَى) أَيْ يَقِينًا إذْ الْخُنْثَى هُنَا كَالذَّكَرِ فَإِنْ ادَّعَى الْأُنُوثَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَخِ) وَلَوْ شَقِيقًا قَوْلُهُ: (وَبِنْتِ الْأَخِ) وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (عَلَى ابْنِ الْأَخِ) وَلَوْ لِأَبَوَيْنِ قَوْلُهُ: (وَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ) . نَعَمْ لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدٍ كَافِرٍ تَبِعَهَا وَلَدُهَا وَحَضَانَتُهُ لَهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لِفَرَاغِهَا بِمَنْعِ السَّيِّدِ مِنْ قُرْبَانِهَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، فَإِنْ نُكِحَتْ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ لِأَهْلِهَا الْمُسْتَحَقِّينَ لَهَا لَا لِلْأَبِ لِكُفْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَجْنُونٍ) وَمِثْلُهُ الْأَبْرَصُ وَالْأَجْذَمُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَذُو مَرَضٍ دَائِمٍ يَشْغَلُهُ عَنْ أَحْوَالِ الْمَحْضُونِ وَالسَّفِيهُ وَالصَّغِيرُ وَالْمُغَفَّلُ سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى مُسْلِمٍ) وَلَوْ بِاللَّفْظِ فَمِنْ وَصْفِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ اُنْتُزِعَ وُجُوبًا مِنْهُمْ احْتِرَامًا لِلْكَلِمَةِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. قَوْلُهُ: (الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى) وَالْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْعَمَى لَكِنْ يَسْتَنِيبُ الْحَاكِمَ عَنْهُ، وَأَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْعَدَالَةِ وَلَوْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَيُصَدَّقُ فِي بَقَائِهَا بَعْدَهُ فَإِنْ نُوزِعَ فِيهَا قَبْلَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ كَالشَّهَادَةِ بِالْجَرْحِ. قَوْلُهُ: (وَنَاكِحَةِ إلَخْ) . نَعَمْ لَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى حَضَانَةِ الطِّفْلِ وَلَوْ مَعَ مَالٍ آخَرَ لَمْ تَسْقُطْ حَضَانَتُهَا بِالنِّكَاحِ لِأَنَّهُ عَقْدُ إجَارَةٍ وَهُوَ لَازِمٌ. قَوْلُهُ: (أَبِي الطِّفْلِ) أَيْ جَدِّهِ وَإِنْ عَلَا قَوْلُهُ: (وَإِنْ رَضِيَ) أَيْ وَلَمْ يَرْضَ الْأَبُ الْمَذْكُورُ وَإِلَّا اسْتَمَرَّتْ لَهَا، وَلَا حَقَّ لِنَاكِحَةِ أَبِي الْأُمِّ كَمَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا عَمَّهُ إلَخْ) الْمُرَادُ مَنْ لَهُ حَقُّ الْحَضَانَةِ وَلَوْ غَيْرَ مَنْ ذَكَرَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَيْ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَلَوْ فَسَقَ الْعَمُّ مَثَلًا انْقَطَعَتْ حَضَانَةُ الْأُمِّ وَخَالَفَ شَيْخُنَا لِأَنَّ الْحَضَانَةَ لِغَيْرِهِ حَقِيقَةٌ. قَوْلُهُ: (وَابْنَ أَخِيهِ) صَوَّرَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ غَيْرَ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا كَأَنْ تَتَزَوَّجَ أُخْتُ الطِّفْلِ لِأُمِّهِ بِابْنِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ فِي الْأَصَحِّ اِ هـ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ تُرْضِعَهُ) وَلَوْ بِالْأُجْرَةِ فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ إرْضَاعِهِ سَقَطَ حَقُّهَا. قَوْلُهُ: (عَسِرَ عَلَيْهِ) أَيْ مَعَ تَقْصِيرِهَا فَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ لَبُونٍ لَزِمَ الْأَبُ ذَلِكَ، وَإِنْ عَسِرَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (طَلُقَتْ) وَلَوْ رَجْعِيًّا أَوْ رَضِيَ الْمُطَلِّقُ بِدُخُولِهِ بَيْتَهُ. قَوْلُهُ: (حَضَنَتْ) أَيْ حَالًا بِلَا تَوْلِيَةَ حَاكِمٍ وَتَأْنِيثُ الضَّمَائِرِ نَظَرًا لِلْإِنَاثِ الْأَغْلَبُ، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ مَنْ لَهُ حَقُّ الْحَضَانَةِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ امْتَنَعَتْ) وَلَا تُجْبَرُ إلَّا إذَا لَزِمَهَا نَفَقَةُ الْمَحْضُونِ وَمِثْلُ الْأُمِّ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَهُ حَقُّ الْحَضَانَةِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (بِتَقْدِيمِ الْأُخْتِ) اُنْظُرْ لَمْ لَمْ يَقُلْ وَالْخَالَةِ قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ) يَرُدُّ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ مِنْ تَقْدِيمِ الْخَالَةِ عَلَى بِنْتِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ فَكَيْفَ يَكُونُ أَصَحَّ فِي مُخَالَفَةِ الْجَدِيدِ وَلِذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا يُقَالُ بِنْتُ الْأَخِ وَالْأُخْتِ لَيْسَتَا أَقْرَبَ مِنْ الْخَالَةِ، لِأَنَّا نَقُولُ مُعَارَضٌ بِالْمِثْلِ فَتَأْتِي الْقُرْعَةُ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَسْأَلَةُ الْخَالَةِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (فَتُقَدَّمُ الْأُخْتُ عَلَى الْأَخِ) قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ كَمَا تَرَى أَنَّ الْأُخْتَ وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ تُقَدَّمُ عَلَى الْأَخِ وَلَوْ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي وَنَقَلَهُ عَنْ الشَّامِلِ وَقِسْ عَلَيْهِ مَا يُشَابِهُهُ كَبِنْتِ الْأَخِ وَغَيْرِهَا ، قَوْلُهُ: (وَلَا حَضَانَةَ إلَخْ) عَدَّ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي مِنْ الْمَوَانِعِ السَّفَهَ وَأَمَّا الْعَمَى فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقْدَحُ بِخِلَافِ الْجُزَامِ وَالْبَرَصِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا قَادِحَانِ، قَوْلُهُ: (وَفَاسِقٍ) ظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ فَلَا يُكَلَّفُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْقَاضِي لَكِنْ عَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْعَدَالَةِ وَالْمَذْكُورُ فِي الْحَاوِي وَتَهْذِيبِ الشَّيْخِ نَصْرٍ الِاكْتِفَاءُ بِالسَّتْرِ، لَكِنْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِأَنَّهَا إذَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ الْحَضَانَةَ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا بِنِيَّةٍ وَبَحَثَ فِي بَابِ الْحَجْرِ الِاكْتِفَاءَ فِي التَّصَرُّفِ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَفِي الْحَضَانَةِ أَوْلَى، قَوْلُهُ: (وَنَاكِحَةِ غَيْرِ أَبِي الطِّفْلِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا، قَوْلُهُ: (أَبِي الطِّفْلِ) أَيْ وَإِنْ عَلَا كَمَا فِي زَوْجَةِ الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ وَصُورَتُهُ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَهُ بِنْتَ زَوْجَتِهِ مِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 مِنْ الْحَضَانَةِ (فَلِلْجَدَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَا لَوْ مَاتَتْ أَوْ جَنَتْ وَالثَّانِي لَا بَلْ تَكُونُ لِلسُّلْطَانِ كَمَا لَوْ غَابَ الْوَلِيُّ لِلنِّكَاحِ أَوْ عَضَلَ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلسُّلْطَانِ لَا لِلْأَبْعَدِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَرِيبَ أَشْفَقُ وَأَكْثَرُ فَرَاغًا مِنْ السُّلْطَانِ. (هَذَا) الَّذِي تَقَدَّمَ (كُلُّهُ فِي) طِفْلٍ (غَيْرِ مُمَيِّزٍ) (وَالْمُمَيِّزُ إنْ افْتَرَقَ أَبَوَاهُ) مِنْ النِّكَاحِ (كَانَ عِنْدَ مَنْ اخْتَارَ مِنْهُمَا) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، (فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا جُنُونٌ أَوْ كُفْرٌ أَوْ رِقٍّ أَوْ فِسْقٍ أَوْ نَكَحَتْ) أَجْنَبِيًّا (فَالْحَقُّ لِلْآخَرِ) فَقَطْ وَلَا تَخْيِيرَ (وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أُمٍّ وَجَدٍّ) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ (وَكَذَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ) مَعَ الْأُمِّ (أَوْ أَبٌ مَعَ أُخْتٍ أَوْ خَالَةٍ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُقَدَّمُ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ الْأُمُّ وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ الْأَبُ (وَإِنْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ مَنْ لَحِقَ بِهِمَا كَمَا ذَكَرَ (ثُمَّ الْآخَرُ حُوِّلَ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لَهُ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ يَتَغَيَّرُ حَالُ مَنْ اخْتَارَهُ أَوَّلًا، وَلَوْ رَجَعَ عَنْ اخْتِيَارِ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ أُعِيدَ إلَيْهِ كَمَا تَصْدُقُ بِهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ، (فَإِنْ اخْتَارَ الْأَبَ ذَكَرَ لَمْ يَمْنَعْهُ زِيَارَةَ أُمِّهِ) وَلَا يُكَلِّفُهَا الْخُرُوجَ لِزِيَارَتِهِ. (وَيَمْنَعُ أُنْثَى) مِنْ زِيَارَةِ أُمِّهَا التَّأَلُّفُ وَالصِّيَانَةُ وَعَدَمُ الْبُرُوزِ وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْهَا بِالْخُرُوجِ لِزِيَارَتِهَا، (وَلَا يَمْنَعُهَا) أَيْ الْأُمَّ (دُخُولًا عَلَيْهِمَا زَائِرَةً وَالزِّيَارَةُ مَرَّةً فِي أَيَّامٍ) عَلَى الْعَادَةِ لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَإِذَا زَارَتْ لَا تُطِيلُ الْمُكْثَ (فَإِنْ مَرَضَا فَالْأُمُّ أَوْلَى بِتَمْرِيضِهِمَا) لِأَنَّهَا أَهْدَى إلَيْهِ مِنْ الْأَبِ وَنَحْوِهِ، (فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فِي بَيْتِهِ) ، فَذَاكَ (وَإِلَّا فَفِي بَيْتِهَا) وَيَعُودُهُمَا وَيَحْتَرِزُ فِي الشِّقَّيْنِ عَنْ الْخَلْوَةِ بِهَا. (وَإِنْ اخْتَارَهَا) أَيْ الْأُمَّ (ذَكَرَ فَعِنْدَهَا لَيْلًا وَعِنْدَ الْأَبِ نَهَارًا يُؤَدِّبُهُ) بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ (وَيُسَلِّمُهُ لِمَكْتَبٍ أَوْ) ذِي (حِرْفَةٍ) يَتَعَلَّمُ مِنْهَا الْكِتَابَةَ وَالْحِرْفَةَ (أَوْ أُنْثَى فَعِنْدَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا يُزَوَّرُهَا الْأَبُ عَلَى   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ: لَوْ قَامَ بِهِمْ كُلِّهِمْ مَانِعٌ عَيَّنَ الْحَاكِمُ وُجُوبًا مَنْ تَصْلُحُ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: (غَيْرِ مُمَيِّزٍ) وَمِثْلُهُ مَنْ بَلَغَ سَفِيهًا قَوْلُهُ: (وَالْمُمَيِّزُ) وَهُوَ مَنْ وَصَلَ إلَى حَالَةٍ بِحَيْثُ يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَيَشْرَبُ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِي وَحْدَهُ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِسَبْعِ سِنِينَ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ مَنْ اخْتَارَ) وَإِنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَبْلَ كَفَالَتِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَإِنْ اخْتَارَهُ إلَّا إذَا لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ، وَلَوْ امْتَنَعَا مَعًا مِنْهَا انْتَقَلَ الِاخْتِيَارُ لِمَنْ بَعْدَهُمَا إنْ كَانَ وَإِلَّا أَجْبَرَ الْحَاكِمُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهَا، وَلَوْ عَادَ الْمُمْتَنِعُ مِنْهَا عَادَ لَهُ التَّخْيِيرُ، قَوْلُهُ: (مَعَ الْأُمِّ) وَكَذَا يُخَيَّرُ بَيْنَ مُسْتَوِيَيْنِ كَأَخَوَيْنِ أَوْ أُخْتَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَوْلُهُ: (أَوْ أَبٌ) وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْعَصَبَةِ وَمِثْلُهُ الْعَمَّةُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مَعَ أُخْتٍ) أَيْ لِغَيْرِ أَبٍ فَقَطْ. تَنْبِيهٌ: دَخَلَ فِي الْعَصَبَةِ ابْنُ الْعَمِّ لَكِنْ لَا تُسَلَّمُ لَهُ كَمَا مَرَّ. بَلْ تُوضَعُ فِي مَوْضِعٍ يُرَاقِبُهَا فِيهِ أَوْ يَكُونُ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ. قَوْلُهُ: (حُوِّلَ إلَيْهِ) وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ قَوْلُهُ: (أُعِيدَ إلَيْهِ) . نَعَمْ لَوْ ظَهَرَ أَنَّ تَكَرُّرَهُ لِقِلَّةِ عَقْلِهِ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَيُوضَعُ عِنْدَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ قَبْلَهُ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّ مَنْ بَلَغَ رَشِيدًا وَلَوْ أُنْثَى لَا يُمْنَعُ مِنْ اعْتِزَالِ أَبَوَيْهِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ فِي نَوْمٍ وَغَيْرِهِ مَا لَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ، وَيُصَدَّقُ مُدَّعِيهَا مِمَّنْ ذَكَرَ بِيَمِينِهِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (كَمَا تَصْدُقُ بِهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ) بِأَنْ يُقَالَ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا وَلَوْ ثَانِيًا وَأَكْثَرَ وَحِينَئِذٍ فَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ لَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَمْنَعْهُ) أَيْ يَحْرُمُ مَنْعُهُ. قَوْلُهُ: (أُنْثَى) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى هُنَا وَفِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مِنْ زِيَارَةِ أُمِّهَا) خَرَجَ بِهِ التَّمْرِيضُ فَيَجِبُ تَمْكِينُ أُنْثَى مِنْ تَمْرِيضِ أُمِّهَا حَيْثُ أَحْسَنَتْهُ، وَلَا يَجِبُ تَمْكِينُ ذَكَرٍ وَإِنْ أَحْسَنَهُ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهَا مِنْ عِيَادَتِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَمْنَعُهَا إلَخْ) قِيلَ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَنْعُ الزَّوْجِ أُمَّ زَوْجَتِهِ مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي هَذَا مَظِنَّةَ الْإِفْسَادِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ) أَيْ أَنْ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ وَإِلَّا جَازَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَرِضَا) فَلَوْ مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلْأَبِ مَنْعُ الْأُمِّ مِنْ حُضُورِ تَجْهِيزٍ فِي بَيْتِهِ وَلَهُ مَنْعُهَا زِيَارَةِ قَبْرٍ فِي مِلْكِهِ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي مَحَلِّ دَفْنِهِ أُجِيبَ الْأَبُ. قَوْلُهُ: (فِي الشِّقَّيْنِ) وَهُمَا زِيَارَةُ الْأُمِّ فِي الصِّحَّةِ، وَعِيَادَةُ الْأَبِ لَهُمَا فِي الْمَرَضِ، أَوَّلُهُمَا التَّمْرِيضُ فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي بَيْتِهَا، وَهَذَا أَقْرَبُ لِكَلَامِهِ وَإِنْ كَانَ حُكْمُ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَعِنْدَ الْأَبِ) وَإِنْ عَلَا وَمِثْلُهُ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ وَالْمُرَادُ بِاللَّيْلِ عَدَمُ وَقْتِ الْحِرْفَةِ وَلَوْ نَهَارًا وَعَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (وَيُسَلِّمُهُ) وُجُوبًا قَوْلُهُ: (لِمَكْتَبٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْكَافِ، وَتَخْفِيفِ الْفَوْقِيَّةِ، وَأَنَّهُ اسْمٌ لِلْمُعَلِّمِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْفَوْقِيَّةِ اسْمٌ لِلْمُعَلِّمِ أَيْضًا، هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ اسْمٌ لِمَحَلِّ التَّعْلِيمِ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ بِدَلِيلِ عَطْفِ حِرْفَةٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ لِيُسَاوِيَ الْآخَرَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُقَالُ لَهُ كُتَّابٌ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مُثَقَّلًا. قَوْلُهُ: (حِرْفَةٍ) أَيْ غَيْرِ دَنِيئَةٍ إنْ لَمْ تَكُنْ حِرْفَةَ أَبِيهِ. وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ تُرَاعَى مَصْلَحَةُ الْوَلَدِ فَلَوْ كَانَ أَبُوهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ أُمِّهِ، وَلَزِمَ عَلَى إقَامَتِهِ مَعَهَا ضَيَاعُهُ فَالْحَضَانَةُ لِأَبِيهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ.   [حاشية عميرة] غَيْرِهِ فَتَلِدُ مِنْهُ وَيَمُوتُ أَبُو الطِّفْلِ وَأُمُّهُ فَتَحْضِنُهُ زَوْجَةُ جَدِّهِ ، قَوْلُهُ: (أَوْ امْتَنَعَتْ) مِنْهُ تَعْلَمُ عَدَمَ الْإِجْبَارِ وَهُوَ كَذَلِكَ. نَعَمْ لَوْ وَجَبَتْ الْمُؤَنُ عَلَيْهَا لِفَقْدِ الْأَبِ فَلَا إشْكَالَ فِي التَّعَيُّنِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، قَوْلُهُ: (بِأَنَّ الْقَرِيبَ) أُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُمْتَنِعَةَ صَالِحَةٌ لِلْحَضَانَةِ فِي حَالِ الِامْتِنَاعِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ الْغَائِبِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (أَوْ عَمٌّ) مِثْلُهُ ابْنُ الْعَمِّ لَكِنْ إنْ كَانَ الْمُمَيِّزُ أُنْثَى فَالْأُمُّ أَحَقُّ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (حُوِّلَ) أَيْ بِخِلَافِ اخْتِيَارِ مَجْهُولِ النَّسَبِ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ، قَوْلُهُ: (فَالْأَبُ أَوْلَى) أَيْ وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ إلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 الْعَادَةِ) وَلَا يَطْلُبُ إحْضَارَهَا عِنْدَهُ (وَإِنْ اخْتَارَهُمَا أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ عِنْدَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ مِنْهُمَا، (وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) وَاحِدًا مِنْهُمَا (فَالْأُمُّ أَوْلَى) لِأَنَّ الْحَضَانَةَ لَهَا وَلَمْ يَخْتَرْ غَيْرَهَا. (وَقِيلَ يُقْرَعُ) بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْحَضَانَةَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُقِيمِينَ (وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا سَفَرَ حَاجَةٍ) كَحَجٍّ وَتِجَارَةٍ، (كَانَ الْوَلَدُ الْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ مَعَ الْمُقِيمِ حَتَّى يَعُودَ) الْمُسَافِرُ لِخَطَرِ السَّفَرِ وَسَوَاءٌ طَالَتْ مُدَّتُهُ أَمْ لَا (أَوْ سَفَرَ نُقْلَةٍ فَالْأَبُ أَوْلَى) مِنْ الْأُمِّ بِالْحَضَانَةِ حِفْظًا لِلنَّسَبِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرِيدُ لِلسَّفَرِ لَكِنْ، (بِشَرْطِ أَمْنِ طَرِيقِهِ وَالْبَلَدِ الْمَقْصُودِ) لَهُ (قِيلَ وَمَسَافَةُ قَصْرٍ) بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ بِخِلَافِ مَا دُونَهُمَا فَكَالْمُقِيمِينَ وَالْأَصَحُّ لَا فَرْقَ وَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا أَوْ الْبَلَدُ الْمَقْصُودُ غَيْرَ مَأْمُونٍ لِغَارَةٍ وَنَحْوِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ انْتِزَاعُ الْوَلَدِ وَاسْتِصْحَابُهُ (وَمَحَارِمُ الْعَصَبَةِ) كَالْجَدِّ وَالْعَمِّ وَالْأَخِ (فِي هَذَا) الْمَذْكُورِ فِي سَفَرِ النُّقْلَةِ (كَالْأَبِ) فَهُمْ فِي ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ بِالْحَضَانَةِ حِفْظًا لِلنَّسَبِ. (وَكَذَا ابْنُ عَمٍّ لِذَكَرٍ) كَذَلِكَ أَيْضًا (وَلَا يُعْطِي أُنْثَى) حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا لِانْتِفَاءِ الْمَحْرَمِيَّةَ بَيْنَهُمَا (فَإِنْ رَافَقَتْهُ بِنْتُهُ سَلَّمَ) الْوَلَدَ الْأُنْثَى (إلَيْهَا) وَبِذَلِكَ تُؤْمَنُ الْخَلْوَةُ. فَصْلٌ (عَلَيْهِ كِفَايَةُ رَقِيقِهِ نَفَقَةً وَكِسْوَةً وَإِنْ كَانَ أَعْمَى وَزَمِنًا وَمُدَبَّرًا وَمُسْتَوْلَدَةً) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ» وَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ لِلْمُكَاتَبِ لِاسْتِقْلَالِهِ، (مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقِ الْبَلَدِ وَأُدْمِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ) مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّيْتِ وَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالصُّوفِ وَغَيْرِهَا وَيُرَاعَى حَالُ السَّيِّدِ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فَيَجِبُ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مِنْ رَفِيعِ الْجِنْسِ الْغَالِبِ وَخَسِيسِهِ، (وَلَا يَكْفِي) الِاقْتِصَارُ عَلَى (سَتْرِ الْعَوْرَةِ) قَالَ الْغَزَالِيُّ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَيَزُورُهَا الْأَبُ) وَيُحْتَرَزُ فِي زِيَارَتِهَا كَمَا مَرَّ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً وَمَنَعَهُ الزَّوْجُ مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ خَرَجَتْ إلَى الْبَابِ لِيَرَاهَا وَيَتَفَقَّدَهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ اخْتَارَهُمَا) وَهُوَ مُمَيِّزٌ قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا) فَلَوْ أَرَادَا مَعًا سَفَرًا وَاخْتَلَفَا طَرِيقًا وَمَقْصِدًا فَالْأُمُّ أَوْلَى وَإِنْ طَالَ السَّفَرُ. نَعَمْ إنْ كَانَ طَرِيقُ الْأُمِّ مَثَلًا غَيْرَ مَأْمُونٍ فِيهِ إضَاعَةً لِلْوَلَدِ قُدِّمَ الْأَبُ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (مَعَ الْمُقِيمِ) يَنْبَغِي إنْ خَلَتْ الْإِقَامَةُ عَنْ مِثْلِ مَا تَقَدَّمَ وَكَانَ فِيهَا مَصْلَحَةٌ لِلْوَلَدِ وَإِلَّا كَانَ مَعَ الْمُسَافِرِ. قَوْلُهُ: (نُقْلَةٍ) وَيُصَدَّقُ فِي صِدْقِهَا فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهَا الْيَمِينَ حَلَفَتْ وَأَمْسَكَتْهُ قَوْلُهُ: (أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ) ، نَعَمْ إنْ سَافَرَتْ مَعَهْ اسْتَمَرَّ حَقُّهَا كَمَا يَعُودُ لَهَا إذَا عَادَ مِنْ سَفَرِهِ قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) كَعَدَمِ صَلَاحِيَّةِ الْبَلَدِ بِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ ضَرَرٍ بِغَيْرِ الطَّاعُونِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَمْثَالِهِ فَلَيْسَ عُذْرًا لِإِمْكَانِ تَخَلُّفِهِ. فَائِدَةٌ: يَحْرُمُ دُخُولُ بَلَدِ الطَّاعُونِ وَالْخُرُوجُ مِنْهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ مَاسَّةٍ. قَوْلُهُ: (فَهُمْ فِي ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ) . نَعَمْ إنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مُقِيمًا فِي بَلَدٍ لَمْ يَنْزِعْ مِنْهَا إلَّا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ لِأَنَّهُمَا أَصْلُ النَّسَبِ فَيُنْقَلُ مَعَ الْأَبِ، وَإِنْ بَقِيَ الْجَدُّ وَمَعَ الْجَدِّ وَإِنْ بَقِيَ الْأَخُ وَلَوْ جَعَلَ الشَّارِحُ الْأَبَ شَامِلًا لِلْجَدِّ هُنَا وَفِيمَا قَبْلَهُ لَكَانَ أَنْسَبَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِنْتُهُ) أَيْ الثِّقَةُ كَمَا مَرَّ وَغَيْرُ الْبِنْتِ مِنْ الْمَحَارِمِ مِثْلُهَا. قَوْلُهُ: (إلَيْهَا) أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي رَحْلِهِ وَإِلَّا سُلِّمَتْ إلَيْهِ. فَصْلٌ فِي مُؤْنَةِ الْمَمْلُوكِ وَمَا مَعَهَا قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ كِفَايَةُ) يُفِيدُ اعْتِبَارَ نَفْسِ الْعَبْدِ زَهَادَةً، وَرَغْبَةً وَإِنْ زَادَ عَلَى كِفَايَةِ أَمْثَالِهِ. قَوْلُهُ: (نَفَقَةً وَكِسْوَةً) لَوْ سَكَتَ عَنْهُمَا لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ غَيْرَهُمَا كَمَاءِ طَهَارَةٍ وَتُرَابِ تَيَمُّمٍ وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ وَثَمَنِ دَوَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ اقْتِصَارُهُ عَلَيْهِمَا تَبَعًا لِلْحَدِيثِ وَلِأَنَّهُمَا أَهَمُّ وَأَدْوَمُ وَنَصْبُهُمَا فِي كَلَامِهِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، الْخَافِضُ الْبَاءُ أَوْ مِنْ أَوْ عَلَى التَّمْيِيزِ بِجَعْلِ كِفَايَةٍ بِمَعْنَى كَافٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ أَعْمَى) أَوْ زَمِنًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُعَلَّقًا أَوْ مُسْتَوْلَدَةً أَوْ مَرْهُونًا أَوْ مُؤَجَّرًا أَوْ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ أَوْ صَغِيرًا أَوْ مُعَارًا أَوْ آبِقًا أَوْ جَانِيًا، وَلَوْ عَلَى مُكَافِئَةٍ أَوْ مُرْتَدًّا أَوْ كَسُوبًا، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْكَسْبِ، أَوْ مُبَعَّضًا بِقِسْطِهِ أَوْ فِي نَوْبَتِهِ أَوْ مُزَوَّجًا وَكَذَا مُزَوَّجَةٌ لَمْ تُسَلَّمْ لِزَوْجِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الْمِلْكِ الْمُتَمَكِّنِ مِنْ إزَالَتِهِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ النَّاشِزَةِ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ السَّلْطَنَةِ وَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الْعِصْمَةُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَةِ الْقَرَابَةِ. قَوْلُهُ: (لِلْمُكَاتَبِ) مَا لَمْ يُعْجِزْ نَفْسَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْجِزْهُ السَّيِّدُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ وَشَمِلَ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْكَسْبِ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ فِيهَا لِأَنَّهَا فِي مُقَابِلَةِ أَكْسَابِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقِ الْبَلَدِ) قَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ عِبَارَةٌ مَقْلُوبَةٌ وَالْمُرَادُ مِنْ قُوتِ غَالِبِ أَرِقَّاءِ الْبَلَدِ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَالْمُرَادُ بَلَدُ إقَامَةِ الْعَبْدِ عَادَةً. قَوْلُهُ: (مِنْ الْحِنْطَةِ إلَخْ) وَيَدْفَعُ لَهُ جَمِيعَ ذَلِكَ   [حاشية عميرة] بَادِيَةٍ وَالْأُمُّ فِي مَدِينَةٍ وَلَا فَرْقَ أَيْضًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ فِي الْبَلَدِ الَّتِي فِيهَا الْأُمُّ أَمْ لَا، قَوْلُهُ: (قِيلَ وَمَسَافَةُ قَصْرٍ) قَالَ الرَّافِعِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْشَأُ الْخِلَافِ النَّظَرَ إلَى حِفْظِ النَّسَبِ أَوْ التَّأْدِيبِ وَالتَّعْلِيمِ فَمَنْ نَظَرَ إلَى الثَّانِي لَمْ يَشْتَرِطْ وَمَنْ نَظَرَ إلَى الْأَوَّلِ اشْتَرَطَ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ الْأَحْوَالِ بِوُرُودِ الْقَوَافِلِ وَالْإِخْبَارِ عِنْدَ الْقُرْبِ. اهـ وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ فَاخْتَلَفَا فِي مَحَلِّ دَفْنِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَبَ يُجَابُ. [فَصْلٌ عَلَيْهِ كِفَايَةُ رَقِيقِهِ نَفَقَةً وَكِسْوَةً] فَصْلٌ عَلَيْهِ كِفَايَةُ رَقِيقِهِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ فَضَلَ عَنْهُ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْهُ أَوْ مِلْكَهُ وَإِلَّا فَلَهُ إرْضَاعُهَا الْغَيْرَ ، قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ) الدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 بِبِلَادِنَا احْتِرَازًا عَنْ بِلَادِ السُّودَانِ (وَيُسَنُّ أَنْ يُنَاوِلَهُ مِمَّا يَتَنَعَّمُ بِهِ مِنْ طَعَامٍ وَأُدْمٍ وَكِسْوَةٍ) ، لِلْأَمْرِ بِذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ الْمَحْمُولِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ يَأْكُلُ وَيَلْبَسُ دُونَ اللَّائِقِ بِهِ الْمُعْتَادِ غَالِبًا بُخْلًا أَوْ رِيَاضَةً قِيلَ لَهُ الِاقْتِصَارُ فِي رَقِيقِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَالصَّحِيحُ لَا بَلْ يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ الْغَالِبِ، (وَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَيَبِيعُ الْقَاضِي فِيهَا مَالَهُ) إنْ امْتَنَعَ مِنْهَا كَمَا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، (فَإِنْ فُقِدَ الْمَالُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ) أَوْ إجَارَتِهِ أَوْ (إعْتَاقِهِ) فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَاعَهُ الْقَاضِي أَوْ أَجَرَهُ، وَهَلْ يَبِيعُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا أَوْ يَسْتَدِينُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ شَيْءٌ صَالِحٌ يَبِيعُ مَا يَفِي بِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي (وَيُجْبِرُ أَمَتَهُ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ، (وَكَذَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ وَلَدِهَا (إنْ فَضَلَ عَنْهُ) لَبَنُهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَ) عَلَى (فَطْمِهِ قَبْلَ حَوْلَيْنِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ وَ) عَلَى (إرْضَاعِهِ بَعْدَهُمَا إنْ لَمْ يَضُرَّهَا) وَلَيْسَ لَهَا اسْتِقْلَالٌ بِفِطَامٍ وَلَا إرْضَاعٍ (وَلِلْحُرَّةِ حَقٌّ فِي التَّرْبِيَةِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ الْحُرَّيْنِ (فَطْمُهُ قَبْلَ حَوْلَيْنِ) مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ (وَلَهُمَا) ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَضُرَّهُ وَلِأَحَدِهِمَا) فَطْمُهُ (بَعْدَ حَوْلَيْنِ) مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ لِأَنَّهُمَا مُدَّةٌ لِلرَّضَاعِ التَّامِّ، (وَلَهُمَا الزِّيَادَةُ) عَلَى الْحَوْلَيْنِ (وَلَا يُكَلِّفُ رَقِيقَهُ إلَّا عَمَلًا يُطِيقُهُ) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ (وَيَجُوزُ مُخَارَجَتُهُ بِشَرْطِ رِضَاهُمَا وَهِيَ خِرَاجٌ)   [حاشية قليوبي] مُهَيَّئًا وَفَارَقَ الزَّوْجَةَ بِاشْتِغَالِهِ بِخِدْمَةِ السَّيِّدِ وَلِلسَّيِّدِ إبْدَالُ طَعَامِهِ، وَلَوْ بَعْدَ دَفْعِهِ لَهُ إلَّا إنْ حَصَلَ لَهُ مَشَقَّةٌ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ وَقْتِ حَاجَةِ الْأَكْلِ مَثَلًا أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ) لَا فِي الزَّهَادَةِ وَالْبُخْلِ وَالْإِسْرَافِ كَمَا يَأْتِي وَيُرَاعِي أَيْضًا أَمْثَالَ ذَلِكَ السَّيِّدِ وَإِنْ تَعَدَّدَ وَيُرَاعِي كُلَّ سَيِّدٍ بِحَسَبِ حَالِهِ، وَيُرَاعِي أَمْثَالَ ذَلِكَ الرَّقِيقِ جَمَالًا وَغَيْرَهُ فَيَفْضُلُ الْجَمِيلَ وَنَحْوَ الْمَأْذُونِ فِي التِّجَارَةِ وَالنَّفِيسِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى عَلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِبِلَادِنَا) أَفَادَ اعْتِبَارَ كُلِّ بَلَدٍ بِمَا يُنَاسِبُ أَهْلَهَا. قَوْلُهُ: (بِلَادِ السُّودَانِ) أَيْ وَنَحْوِهِمْ فَيُكْتَفَى بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ عِنْدَهُمْ حَيْثُ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَالْمُرَادُ بِالْعَوْرَةِ مَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ فَفِي الْأَمَةِ الْبَرْزَةِ جَمِيعُ الْبَدَنِ نَعَمْ يَجِبُ سَتْرُ عَوْرَةٍ لَا تَتَقَيَّدُ بِالنَّظَرِ مُطْلَقًا نَظَرًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (يُنَاوِلُهُ) أَيْ قَدْرًا يَسُدُّ مَسَدًا، وَيُسَنُّ أَنْ يُجْلِسَهُ لِيَأْكُلَ مَعَهُ خُصُوصًا فِي مُعَالَجِ الطَّعَامِ مَا لَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى الِاسْتِحْبَابِ) أَوْ عَلَى قَوْمٍ أَقْوَاتُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ أَوْ عَلَى جَوَابِ سَائِلٍ عَلِمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَابَهُ بِمُقْتَضَاهُ. قَوْلُهُ: (دُونَ اللَّائِقِ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ يَأْكُلُ وَيَلْبَسُ فَوْقَ اللَّائِقِ بِهِ فَلَهُ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَهُ أَيْضًا إلَّا لِرِيبَةٍ وَلَهُ اعْتِبَارُ الْغَالِبِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَبِيعُ الْقَاضِي فِيهَا) أَوْ يُؤَجَّرُ مَالُهُ وَيُقَدِّمُ الْإِجَارَةَ عَلَى الْبَيْعِ، وَيَقْصُرُ عَلَى بَيْعِ قَدْرِ الْكِفَايَةِ أَوْ إجَارَتِهِ فَإِنْ عَسِرَ أَخَّرَهُ حَتَّى يَجْتَمِعَ قَدْرٌ يَسْهُلُ بِهِ ذَلِكَ، فَإِنْ عَسِرَ بَاعَ الْكُلُّ قَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ الْوَجْهُ بَيْعُ كُلِّهِ ابْتِدَاءً لِئَلَّا يَأْكُلَ نَفْسَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ فَيُفِيدُ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِاقْتِرَاضِ الْقَاضِي لِغَيْبَةِ السَّيِّدِ مَثَلًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِنْهُ أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي لِلرَّقِيقِ اسْتَدِنْ وَأَنْفِقْ عَلَى نَفْسِك. قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْمُرَ الرَّقِيقَ بِالِاكْتِسَابِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ مُقَدَّمًا عَلَى اقْتِرَاضِهِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فَقَدَ الْمَالَ) أَيْ مِنْ سَلْطَنَةِ الْحَاكِمِ. قَوْلُهُ: (أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ) فِي غَيْرِ أُمِّ الْوَلَدِ قَوْلُهُ: (أَوْ إجَارَتِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ) وَلَوْ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، نَعَمْ قَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ فِيهَا عَلَى الْعِتْقِ وَلَا التَّزْوِيجِ بَلْ عَلَيْهِ تَخْلِيَتُهَا لِتَكْتَسِبَ وَتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا فَإِنْ تَعَذَّرَ كَسْبُهَا فَنَفَقَتُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بَاعَهُ الْقَاضِي أَوْ آجَرَهُ) لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُقَدِّمَ إجَارَتَهُ عَلَى بَيْعِهِ كَمَا مَرَّ، وَيَفْعَلُ فِي مَحْجُورٍ الْأَحَظَّ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ قَالَ شَيْخُنَا أَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فَكِفَايَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَجَّانًا إنْ كَانَ السَّيِّدُ فَقِيرًا وَإِلَّا فَقَرْضًا عَلَى السَّيِّدِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ فَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَيُجْبِرُ أَمَتَهُ) أَيْ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا لِأَنَّ اللَّبَنَ مِلْكُهُ، فَإِنْ تَعَيَّنَتْ وَجَبَ إلَّا فِي وَقْتِ اسْتِمْتَاعِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) وَلَوْ حُرًّا أَوْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا غَيْرُهُ أَيْ غَيْرُ وَلَدِهَا) وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) أَوْ يَضُرَّهَا أَوْ يَضُرَّهُمَا، فَإِنْ تَعَارَضَ ضَرَرُهُمَا رُوعِيَتْ هِيَ قَالَهُ الشَّمْسُ الْخَطِيبُ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَضُرَّهَا) أَوْ يَضُرَّهُ أَوْ يَضُرَّهُمَا. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهَا إلَخْ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَبِإِذْنِ حَاكِمٍ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَلَهَا الِاسْتِقْلَالُ مَعَ الْمَصْلَحَةِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْحُرَّةِ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَوْ قَالَ وَلِلزَّوْجَةِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْأَمَةَ فَرَاجِعْهُ مَعَ كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ إلَخْ) . مُقْتَضَاهُ الْحُرْمَةُ قَوْلُهُ: (أَيْ الْأَبَوَيْنِ) وَكَذَا كُلُّ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ. قَوْلُهُ: (فَطَمَهُ) أَيْ مَنَعَهُ مَنْ بِالْأَبْيَضِ الْإِرْضَاعَ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ أَمَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ فِيهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ) فَإِنْ تَنَازَعَا عُمِلَ بِالْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) وَلَمْ يَضُرَّهَا قَوْلُهُ: (وَلِأَحَدِهِمَا فَطَمَهُ) أَيْ نَدْبًا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَإِلَّا أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَهُمَا) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ إلَّا لِحَاجَةٍ قَوْلُهُ: (وَلَا يُكَلِّفُ رَقِيقَهُ) لَوْ قَالَ مَمْلُوكَهُ لَكَانَ أَوْلَى فَإِنَّ غَيْرَ الْآدَمِيِّ مِثْلُهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا عَمَلًا يُطِيقُهُ) بِأَنْ لَا يَحْصُلَ لَهُ بِهِ ضَرَرٌ لَا يَحْتَمِلُ عَادَةً، وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَهُوَ يَقْتَضِي تَخْصِيصُهُ بِالْآدَمِيِّ، وَيَلْزَمُ عَدَمُ مَعْرِفَةِ مِثْلِهِ فِي غَيْرِهِ فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَرَاجِعْهُ، أَمَّا مَا لَا يُطِيقُهُ فَيَحْرُمُ تَكْلِيفُهُ   [حاشية عميرة] {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: 233] قَالَ الْإِمَامُ وَظَاهِرُ الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تُرِيدَ الْأُمُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 مَعْلُومٌ (يُؤَدِّيهِ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ) مِمَّا يَكْتَسِبُهُ حَسْبَمَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ، (وَعَلَيْهِ عَلْفُ دَوَابِّهِ) بِسُكُونِ اللَّامِ كَمَا ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ مَصْدَرًا (وَسَقْيُهَا) لِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَيَقُومُ مَقَامَهُمَا تَخْلِيَتُهَا لِتَرْعَى وَتَرِدَ الْمَاءَ إنْ أَلِفَتْ ذَلِكَ، (فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ فِي الْمَأْكُولِ عَلَى بَيْعٍ أَوْ عَلْفٍ أَوْ ذَبْحٍ وَفِي غَيْرِهِ عَلَى بَيْعٍ أَوْ عَلْفٍ) ، صَوْنًا لَهَا عَنْ التَّلَفِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ نَابَ الْحَاكِمُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا يَرَاهُ وَيَقْتَضِيهِ الْحَالُ. (وَلَا يَحْلِبُ) مِنْ لَبَنِهَا (مَا ضَرَّ وَلَدَهَا) وَإِنَّمَا يَحْلِبُ مَا يَفْضُلُ عَنْهُ (وَمَا لَا رُوحَ لَهُ كَقَنَاةٍ وَدَارٍ لَا تَجِبُ عِمَارَتُهَا) وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا إلَّا إذَا أَدَّى إلَى الْخَرَابِ وَيُكْرَهُ تَرْكُ سَقْيِ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ حَذَرًا مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية قليوبي] بِهِ، وَإِنْ رَضِيَ الْمَمْلُوكُ بِهِ وَالْمُرَادُ عَلَى الدَّوَامِ كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ ثُمَّ يَعْجَزُ بَعْدَ ذَلِكَ مُطْلَقًا أَوْ يَوْمًا مَثَلًا وَلَهُ تَكْلِيفُهُ عَمَلًا شَاقًّا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَيَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ بَذْلُ جَهْدِهِ فِي خِدْمَةِ سَيِّدِهِ، وَتَرْكُ الْكُلِّ فِيهَا، وَلَا يَمْنَعُهُ سَيِّدُهُ مِنْ فِعْلِ رَاتِبَةٍ، وَلَوْ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا كَالْفَرْضِ إلَّا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَاحْتَاجَ إلَيْهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرَاحَتُهُ فِي وَقْتٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِرَاحَةِ كَإِرْكَابِهِ فِي سَفَرٍ عِنْدَ تَعَبِهِ، وَلَوْ حَمَلَهُ سَيِّدُهُ عَلَى الْفَسَادِ أَوْ كَلَّفَهُ مَا مَرَّ، أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقٌ. قَوْلُهُ: (مُخَارَجَتُهُ بِشَرْطِ رِضَاهُمَا) لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الصِّيغَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَهْلِيَّتِهِمَا لِلتَّصَرُّفِ وَهِيَ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَلِكُلٍّ فَسْخُهَا مَتَى شَاءَ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ خَرَاجٌ) أَيْ ضَرْبُ خَرَاجٍ قَوْلُهُ: (كُلَّ يَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ) أَيْ مَثَلًا قَوْلُهُ: (مِمَّا يَكْتَسِبُهُ) أَيْ مِنْ كَسْبٍ حَلَالٍ وَإِلَّا مُنِعَ كَمَا مَرَّ. وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ فَاضِلًا عَنْ مُؤْنَتِهِ إنْ جُعِلَتْ مِنْ كَسْبِهِ وَلَهُ التَّبَسُّطُ بِمَا زَادَ عَنْ مَالِ مُخَارَجَتِهِ لَا التَّصَدُّقُ بِهِ، وَنَحْوُهُ وَيُجْبَرُ النَّقْصُ فِي الْأَيَّامِ بِالزِّيَادَةِ فِي بَعْضِهَا وَمِنْ الْكَسْبِ مَا يَحْصُلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْعُقُودِ فَلَهُ ذَلِكَ كَالْمَأْذُونِ، وَلِلْوَلِيِّ مُخَارَجَةُ رَقِيقِ مَحْجُورِهِ إنْ كَانَتْ مَصْلَحَةٌ. فَرْعٌ: يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ عَبْدِي وَأَمَتِي بَلْ يَقُولُ غُلَامِي وَفَتَايَ وَجَارِيَتِي وَفَتَاتِي وَيُكْرَهُ لِلْمُلُوكِ أَنْ يَقُولَ رَبِّي يَقُولُ سَيِّدِي وَمَوْلَايَ وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ رَبُّ الدَّارِ وَرَبُّ الدَّابَّةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لِمُتَّهَمٍ فِي دِينِهِ سَيِّدٌ وَسَيِّدَةٌ وَيُكْرَهُ الدُّعَاءُ عَلَى النَّفْسِ وَالرَّقِيقِ وَالْمَالِ وَالْخَادِمِ وَالْوَلَدِ، وَيَحْرُمُ الْأَذَى لَهُمْ بِلَا سَبَبٍ، وَأَمَّا حَدِيثُ «إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ دُعَاءَ حَبِيبٍ عَلَى حَبِيبِهِ» فَضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «دَخَلَ أَوْسُ بْنُ سَاعِدَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لِي بَنَاتٍ وَأَنَا أَدْعُو عَلَيْهِنَّ بِالْمَوْتِ فَقَالَ لَهُ لَا تَدْعُو عَلَيْهِنَّ بِالْمَوْتِ، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ فِي الْبَنَاتِ هُنَّ الْمُجَمِّلَاتُ عِنْدَ النِّعْمَةِ، وَالْمُنْعِيَاتُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَالْمُمَرِّضَاتُ عِنْدَ الشِّدَّةِ ثِقَلُهُنَّ عَلَى الْأَرْضِ وَرِزْقُهُنَّ عَلَى اللَّهِ» اهـ. قَوْلُهُ: (دَوَابِّهِ) أَيْ الْمُحْتَرَمَةِ وَلَوْ عُمْيًا زَمْنَى مُغَلَّظَةً كَكَلْبٍ وَيُقَدَّمُ عَلَى الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَيُنْدَبُ قَتْلُ غَيْرِهَا لَا بِنَحْوِ جُوعٍ وَعَطَشٍ. قَوْلُهُ: (بِسُكُونِ اللَّامِ إلَخْ) لَعَلَّهُ لِيُنَاسَبَ مَا بَعْدَهُ وَبِفَتْحَتِهَا مَا تُعْلَفُ بِهِ، وَيُعْتَبَرُ بِقَدْرِ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ ضَرَرُهَا، وَيُغْنِي عَنْهُ تَخْلِيَتُهَا لِلرَّعْيِ فَإِنْ لَمْ يَكْفِهَا وَجَبَ إتْمَامُهُ وَيُقَالُ فِي السَّقْيِ كَذَلِكَ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِيهِمَا وَكَالْعَلَفِ مَا يَدْفَعُ الْحَرَّ أَوْ الْبَرْدَ عَنْهَا، وَيُقَدَّمُ الْمَأْكُولُ عَلَى غَيْرِهِ، وَيَجِبُ ذَبْحُ الْمَأْكُولِ إذَا عَجَزَ عَنْ نَفَقَتِهِ مَعَ غَيْرِهِ، وَلَهُ اسْتِعْمَالُهَا وَلَوْ فِي غَيْرِ مَا هِيَ لَهُ عُرْفًا كَفَرَسٍ لِحَمْلِ وَبَقَرٍ لِرُكُوبٍ. فَرْعٌ: لَهُ حَبْسُ حَيَوَانٍ وَلَوْ لِسَمَاعِ صَوْتِهِ، أَوْ التَّفَرُّجِ عَلَيْهِ، أَوْ نَحْوَ كَلْبٍ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ مَعَ إطْعَامِهِ. قَوْلُهُ: (إنْ أَلْفَتْ ذَلِكَ) ، فَإِنْ لَمْ تَأْلَفْهُ فَعَلَ بِهَا مَا تَأْلَفُهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى بَيْعٍ) أَوْ إجَارَةٍ قَوْلُهُ: (أَوْ ذَبْحٍ) وَيَتَعَيَّنُ عِنْدَ تَعَذُّرِ غَيْرِهِ، قَوْلُهُ: (وَفِي غَيْرِهِ عَلَى بَيْعٍ) أَوْ إجَارَةً كَمَا تَقَدَّمَ وَلَهُ الْبَيْعُ هُنَا ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الرَّقِيقِ صَوْنًا لِلْآدَمِيِّ عَنْ شُبْهَةِ السِّلَعِ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يَرَاهُ) وَيُقَدَّمُ غَيْرُ الْمَأْكُولِ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَكِفَايَتُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَجَّانًا أَوْ قَرْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الرَّقِيقِ. فَرْعٌ: يُذْبَحُ الْمَأْكُولُ لِأَكْلِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ إلَّا إنْ احْتَاجَ لِلْمَأْكُولِ كَبَعِيرٍ فِي بَرِّيَّةٍ يَحْتَاجُ لِرُكُوبِهِ. تَنْبِيهٌ: لَهُ غَصْبُ الْعَلَفِ وَالْمَاءِ وَالْخَيْطِ لِأَكْلِهَا وَشُرْبِهَا وَجُرْحِهَا لَكِنْ بِبَدَلِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْلِبُ) أَيْ يَحْرُمُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَوْ احْتَاجَ لِغَيْرِ اللَّبَنِ وَيَجِبُ أَيْضًا وَيَجِبُ فِي النَّحْلِ مَا يَدْفَعُ ضَرَرَهَا كَبَقَاءِ عَسَلٍ أَوْ نَحْوِ دَجَاجَةٍ مَشْوِيَّةٍ يُعَلِّقُهَا بِبَابِ الْكِوَارَةِ وَفِي دُودِ الْقَزِّ كَذَلِكَ مِنْ وَرَقِ تُوتٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيُبَاعُ مَالُهُ لِذَلِكَ وَيَجُوزُ تَرْبِيَتُهُ لِأَخْذِ الْحَرِيرِ عَنْهُ وَإِنْ مَاتَ فِيهِ لِأَنَّهُ كَذَبْحِ الْمَأْكُولِ. فَرْعٌ: قَالُوا يَحْرُمُ ذَبْحُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ وَلَوْ لِتَسْهِيلِ خُرُوجِ رُوحِهِ كَاَلَّذِي فِي حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مَا يَفْضُلُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ كِفَايَتِهِ بِمَا لَا يَحْصُلُ لَهُ بِهِ ضَرَرٌ لَا يَحْتَمِلُ عَادَةً، وَيَجِبُ حَلْبُ مَا يَضُرُّ بَقَاؤُهُ وَيَنْدُبُ أَنْ لَا يَسْتَقْصِيَ الْحَالِبُ بَلْ يُبْقِيَ فِي الضَّرْعِ شَيْئًا وَأَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ دَفْعًا لِلْأَذَى عَنْ الْمَحْلُوبِ. فَرْعٌ: يَحْرُمُ ضَرْبُ الدَّابَّةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ مَقَاتِلِهَا مُطْلَقًا، وَعَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَيَحْرُمُ جَزُّ نَحْوَ الصُّوفِ مِنْ أَصْلِ الظَّهْرِ كَحَلْقِهِ لِأَنَّهُ يُؤْذِي وَالْكَرَاهَةُ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَحْمُولَةٌ عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ. -   [حاشية عميرة] اسْتِكْمَالَ إرْضَاعِ الْحَوْلَيْنِ بِنَفْسِهَا أَوْ بِغَيْرِهَا، لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ عَلَى الْأَبِ فِي الْحَالَيْنِ اهـ. أَيْ إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ الْفِطَامِ قَبْلَهُمَا شُرِطَ رِضَاهَا، أَيْ وَأَنْ يَكُونَ الْكَسْبُ يَفِي بِذَلِكَ عَادَةً بَعْدَ إخْرَاجِ كِفَايَتِهِ مِنْهَا وَحَلَالًا اهـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 كِتَابُ الْجِرَاحِ جَمْعُ جِرَاحَةٍ وَهِيَ إمَّا مُزْهِقَةٌ لِلرُّوحِ أَوْ مُبَيِّنَةٌ لِلْعُضْوِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، وَيَأْتِي مَعَهَا غَيْرُهَا كَالْقَتْلِ بِمُثَقَّلٍ وَمَسْمُومٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالتَّرْجَمَةُ لِلْأَغْلَبِ (الْفِعْلُ الْمُزْهِقُ) لِلرُّوحِ (ثَلَاثَةٌ عَمْدٌ وَخَطَأٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ) ،   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ: يَحْرُمُ التَّهَرُّشُ بَيْنَهُمَا وَإِنْزَاءُ خَيْلٍ عَلَى بَقَرٍ وَيُكْرَهُ إنْزَاءُ حُمُرٍ عَلَى خَيْلٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَيُطْلَبُ الْإِنْزَاءُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَا تَجِبُ عِمَارَتُهَا) أَيْ بَلْ تُنْدَبُ وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا إذَا أَدَّى إلَى الْخَرَابِ وَالْمُرَادُ مِنْ حَيْثُ الْمِلْكُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمَالُ لَا تَجِبُ تَنْمِيَتُهُ وَخَرَجَ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى حَقُّ الْآدَمِيِّ، فَيَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ عِمَارَةَ الْمَوْقُوفِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ، أَوْ مِنْ جِهَةٍ شَرَطَهَا الْوَاقِفُ وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ عِمَارَةُ مَالِ مُوَلِّيهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ لَهُ. وَيَجِبُ عَلَى الرَّاهِنِ عِمَارَةُ الْمَرْهُونِ إنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى التَّرْكِ كَمَا يَأْتِي وَتَجِبُ الْعِمَارَةُ عَلَى النَّاظِرِ فِي الْمُشْتَرَكِ بِطَلَبِ شَرِيكِهِ سَوَاءٌ الْمَوْقُوفُ وَالْمَمْلُوكُ لِنَحْوِ مَسْجِدٍ لَا عَكْسَ ذَلِكَ، وَكَذَا عَلَى وَلِيِّ الْمَحْجُورِ وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ فِي مَالِ غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ تَرْكُ سَقْيِ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ) أَيْ إنْ كَانَ عَلَيْهِ، أَوْ فِيهِ ثَمَرٌ يَفِي بِمُؤْنَةِ السَّقْيِ، وَلَمْ يَحْتَجْ لِتَجْفِيفِهِ لِنَحْوِ وَقُودٍ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَيَجِبُ السَّقْيُ فِي مَرْهُونٍ حِفْظًا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ مَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى تَرْكِهِ كَمَا مَرَّ خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ. قَوْلُهُ: (حَذَرًا مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ) أَيْ بِغَيْرِ الْفِعْلِ أَمَّا إضَاعَتُهُ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا كَإِلْقَاءِ مَتَاعٍ فِي الْبَحْرِ بِلَا خَوْفٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ. فَرْعٌ: لَا تُكْرَهُ الْعِمَارَةُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى سَبْعَةِ أَذْرُعٍ وَالنَّهْيُ عَنْهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا لِنَحْوِ تَفَاخُرٍ أَوْ تَعَاظُمٍ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ فَخِلَافُ الْأَوْلَى وَقِيلَ مَكْرُوهَةٌ. تَنْبِيهٌ: وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْحَسَنِ أَوْ الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ «إذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ شَرًّا خَضَّرَ لَهُ فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ حَتَّى يَبْنِيَ وَفِيهِ أَيْضًا كُلُّ بِنَاءٍ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهَا إلَّا هَا وَهَا» . وَهَذَا يَعْنِي إلَّا فِي نَحْوِ الْمَسَاجِدِ مِمَّا يُطْلَبُ وَفِيهِ أَيْضًا الْعَبْدُ إذَا تَطَاوَلَ فِي الْبُنْيَانِ نَادَاهُ الْمَلَكُ إلَى أَيْنَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ وَفِيهِ أَيْضًا إنَّ التَّطَاوُلَ فِي الْبُنْيَانِ مِنْ عَلَامَةِ السَّاعَةِ، وَرُوِيَ أَيْضًا مَنْ جَمَعَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حَقِّهِ سَلَّطَهُ اللَّهُ عَلَى الْمَاءِ وَالطِّينِ. [كِتَابُ الْجِرَاحِ] ِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَأَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهِ حِفْظُ النُّفُوسِ لِأَنَّ الْقَاتِلَ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ انْكَفَّ عَلَى الْقَتْلِ، وَهُوَ مَعْنَى آيَةِ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ، وَهُوَ أَحَدُ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ كَمَا يَأْتِي، وَالْقَتْلُ ظُلْمًا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ، وَهُوَ يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مِنْ حَيْثُ حَقُّ الْآدَمِيِّ، وَفِي الْآخِرَةِ مِنْ حَيْثُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَتَحَتَّمُ بِهِ لِغَيْرِ مُسْتَحِلِّهِ خُلُودٌ فِي النَّارِ وَلَا دُخُولُهَا وَلَا عُقُوبَةٌ لِإِمْكَانِ الْعَفْوِ وَيَسْقُطُ حَقُّ الْآدَمِيِّ بِالْعَفْوِ أَوْ بِالْقَوَدِ أَوْ بِأَخْذِ الدِّيَةِ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَيَسْقُطُ حَقُّ اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ مِنْهُ عَلَى الرَّاجِحِ الْمُعْتَمَدِ أَوْ بِالْحَجِّ عَلَى الصَّحِيحِ أَيْضًا لَا بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ لِلْقَتْلِ. فَائِدَةٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ يَنْقَسِمُ الْقَتْلِ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَاجِبٌ كَقَتْلِ الْمُرْتَدِّ، وَحَرَامٌ كَقَتْلِ الْمَعْصُومِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمَكْرُوهٌ كَقَتْلِ الْغَازِي قَرِيبَهُ إذَا لَمْ يَسْمَعْهُ يَسُبُّ اللَّهَ مَثَلًا، وَمَنْدُوبٌ كَقَتْلِ الْغَازِي الْمَذْكُورَ إذَا سَمِعَهُ يَسُبُّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ وَمُبَاحٌ كَقَتْلِ الْإِمَامِ الْأَسِيرَ عَنْ اسْتِوَاءِ الْخِصَالِ فِي الْأَحَظِّيَّةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (جَمْعُ جِرَاحَةٍ) وَهُوَ جَمْعُ كَثْرَةٍ وَجَمْعُ الْقِلَّةِ جِرَاحَاتٌ، وَأَمَّا جُرُوحٌ فَجَمْعُ جُرْحٍ لِلْكَثْرَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ) كَالْمُوضِحَةِ وَمَا مَعَهَا قَوْلُهُ: (مَعَهَا) أَيْ الْجِرَاحَةُ أَوْ الْجِرَاحُ لِأَنَّهُ جَمَاعَةٌ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ ذَلِكَ) كَالتَّجْوِيعِ وَالسِّحْرِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْجِنَايَةِ لَشَمِلَ كُلَّ ذَلِكَ بَعْدَ تَخْصِيصِهَا بِالْأَبْدَانِ، فَلَا تَرِدُ الْجِنَايَةُ عَلَى الْأَمْوَالِ مَثَلًا وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمَنْهَجِ بِالْجِنَايَةِ مُعْتَرَضٌ أَيْضًا فَدَعْوَاهُ الْأَوْلَوِيَّةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا فَكُلٌّ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى مِنْ وَجْهٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْفِعْلُ) أَيْ بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ الشَّامِلِ لِلْقَوْلِ لِأَنَّهُ فِعْلُ اللِّسَانِ كَالْإِقْرَارِ وَالسِّحْرِ لَكِنْ قِيلَ وَصْفُ الْقَوْلِ بِالْمُزْهِقِ بَعِيدٌ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْقَتْلُ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالْحَالِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْمُزْهِقُ) أَيْ الْمُسْرِعُ لِلْمَوْتِ قَوْلُهُ: (إلَّا فِي الْعَمْدِ) وَمِنْهُ قَصْدٌ أَيْ وَاحِدٍ مِنْ جَمَاعَةٍ. -   [حاشية عميرة] كِتَابُ الْجِرَاحِ جَمَعَهَا بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهَا أَوْ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِهَا قِيلَ التَّعْبِيرُ بِالْجِنَايَاتِ أَوْلَى لِعُمُومِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّرْجَمَةَ بِهَا بِاعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ، وَبِأَنَّ الْجِنَايَاتِ تُطْلَقُ عَلَى نَحْوِ الْقَذْفِ وَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ، قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ) كَالسِّحْرِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ، قَوْلُهُ: (الْفِعْلُ الْمُزْهِقُ) هُوَ شَامِلٌ لِلْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ وَمُخْرِجٌ لِغَيْرِ الْمُزْهِقِ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ جِنْسُ الْفِعْلِ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ غَيْرَ الْمُزْهِقِ يَنْقَسِمُ إلَى الثَّلَاثَةِ أَيْضًا وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْبِيرِ بِالْفِعْلِ الْقَوْلَ كَشَهَادَةِ الزُّورِ، فَلَوْ عَبَّرَ بِالْجِنَايَةِ وَحَذَفَ وَصْفَ الْإِزْهَاقِ لَتَنَاوَلَ ذَلِكَ مَعَ الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ، قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةٌ) الْحَصْرُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 وَسَيَأْتِي التَّمْيِيزُ بَيْنَهَا وَصَحَّ الْإِخْبَارُ بِهَا عَنْ الْفِعْلِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجِنْسُ، (وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ وَهُوَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا) عُدْوَانًا فَقَتَلَهُ، (جَارِحٍ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ مَا كَسَيْفٍ، (أَوْ مُثَقَّلٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ ثَقِيلٍ كَأَنْ رَضَّ رَأْسَهُ بِحَجَرٍ كَبِيرٍ. (فَإِنْ فُقِدَ قَصْدُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْفِعْلِ أَوْ الشَّخْصِ (بِأَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ فَمَاتَ أَوْ رَمَى شَجَرَةً فَأَصَابَهُ) ، فَمَاتَ أَوْ رَمَى شَخْصًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ فَمَاتَ (فَخَطَأٌ) ، وَظَاهِرٌ أَنَّ فَقْدَ قَصْدِ الْفِعْلِ يَلْزَمُهُ فَقْدُ قَصْدِ الشَّخْصِ وَأَنَّ الْوُقُوعَ مَنْسُوبٌ لِلْوَاقِعِ فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الْمُقَسَّمُ، (وَإِنْ قَصَدَهُمَا) أَيْ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ (بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا) عُدْوَانًا فَمَاتَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ وَمِنْهُ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا) وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ أَنَّ فِيهِ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةَ وَدَلِيلُهَا آيَةُ {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ} [النساء: 92] وَحَدِيثُ «قَتِيلُ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا فِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ بِشُرُوطِهِ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْفِعْلَ غَيْرُ الْمُزْهِقِ يَنْقَسِمُ إلَى الثَّلَاثَةِ أَيْضًا (فَلَوْ غَرَزَ إبْرَةً بِمَقْتَلٍ) كَالدِّمَاغِ وَالْعَيْنِ وَالْحَلْقِ وَالْخَاصِرَةِ فَمَاتَ (فَعَمْدٌ) لِخَطَرِ الْمَوْضِعِ وَشِدَّةِ تَأَثُّرِهِ، (وَكَذَا) لَوْ غَرَزَهَا (بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَقْتَلٍ كَالْأَلْيَةِ وَالْفَخِذِ (إنْ تَوَرَّمَ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (قَصْدُ الْفِعْلِ) أَيْ مَعَ وُجُودِهِ أَيْضًا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَصْدِهِ وُجُودِهِ. قَوْلُهُ: (وَالشَّخْصِ) أَيْ الْإِنْسَانِ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ ضِمْنًا. قَوْلُهُ: (عُدْوَانًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَتْلُ لَا مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا أَيْضًا غَيْرَ كَبِيرَةٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَيْ الْفِعْلِ أَوْ الشَّخْصِ) بَيَانٌ لِلْأَحَدِ وَهُوَ صَادِقٌ بِفَقْدِهِمَا مَعًا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ وَقَعَ إلَخْ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي مُعَارِضَةٌ لَهُ كَمَا سَتَعْرِفُهُ، وَمَثَّلَ لِفَقْدِ الشَّخْصِ وَحْدَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ رَمَى شَجَرَةً إلَخْ وَبِقَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ رَمَى شَخْصًا إلَخْ. وَزَادَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ الشَّجَرَةَ غَيْرُ قَيْدٍ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرٌ إلَخْ إلَى عَدَمِ تَصَوُّرِ وُجُودِ الْقَتْلِ مَعَ فَقْدِ قَصْدِ الْفِعْلِ أَيْ عَدَمِ وُجُودِ الْفِعْلِ مَعَ قَصْدِ الشَّخْصِ الشَّامِلِ لَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، فَهُوَ مَعْلُومُ الِانْتِفَاءِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَأَنَّ الْوُقُوعَ إلَخْ إلَى أَنَّ تِلْكَ الصُّورَةِ مِنْ أَفْرَادِ الْفِعْلِ الْمُتَقَدِّمِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِيَصِحَّ التَّقْسِيمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْقَصْدِ فِيهَا، إذْ لَيْسَ فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا تَدَافُعَ وَلَا تَعَارُضَ، وَلَا اعْتِرَاضَ فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ قَوْلُهُ: (أَوْ عَصًا) أَيْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا مَا يَقْتَضِي الْقَتْلَ غَالِبًا كَحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ تَوَالٍ. قَوْلُهُ: (وَدَلِيلُهَا) أَيْ الدِّيَةِ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فَدَلِيلٌ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِأَنَّ دَلِيلَ الْخَطَأِ الْآيَةُ، وَدَلِيلُ شِبْهِ الْعَمْدِ الْحَدِيثُ وَأَخَّرَ دَلِيلَهُ مَعَ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِ فِيمَا مَرَّ. مُرَاعَاةً لِشَرَفِ الْآيَةِ وَلِلِاخْتِصَارِ. قَوْلُهُ: (وَأَجْمَعُوا إلَخْ) هُوَ مَفْهُومُ مَا فِي الدَّلِيلَيْنِ السَّابِقَيْنِ قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ إلَخْ) هُوَ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ وَفِيهِ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى تَعْبِيرِهِ بِالْمُزْهِقِ فِيمَا قَبْلَهُ فَكَانَ الْوَجْهُ إسْقَاطَهُ. قَوْلُهُ: (إبْرَةً) الْمُرَادُ إبْرَةُ الْخَيَّاطِ لَا نَحْوُ إبْرَةِ خِيَاطَةِ الظُّرُوفِ كَالْمِسَلَّةِ لِأَنَّهَا تَقْتُلُ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (بِمَقْتَلٍ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمِيمِ قَوْلُهُ: (وَالْخَاصِرَةِ) وَالْإِحْلِيلِ وَالْمَثَانَةِ قَوْلُهُ: (إنْ تَوَرَّمَ) مُسْتَدْرَكٌ إذْ الْمَدَارُ عَلَى التَّأَلُّمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ) أَيْ قَوِيٌّ إذْ لَا يَخْلُو عَنْ أَلَمٍ أَصْلًا. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) أَيْ بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَلَوْ بَعْدَ زَمَنٍ يَسِيرٍ. قَوْلُهُ: (فَشِبْهُ عَمْدٍ) وَيُقَالُ خَطَأُ عَمْدٍ، وَعَمْدُ خَطَأٍ وَخَطَأُ شِبْهِ عَمْدٍ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ إلَخْ) . فَلَوْ كَانَ يَقْتُلُ مِثْلَهُ غَالِبًا كَصَغِيرٍ فَعَمْدٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ. قَوْلُهُ: (حَبَسَهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ أَوْ احْتِرَازُهُمْ بِهِ عَمَّا لَوْ أَخَذَ طَعَامَهُ فِي مَفَازَةٍ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ حَبْسَهُ مَعَ عَدَمِ مَنْعِهِ مِنْ الطَّلَبِ غَيْرُ مُضَمَّنٍ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ خَارِجٌ بِمَنْعِهِ. قَوْلُهُ: (الطَّعَامَ) وَمِثْلُهُ مَنْعُ اسْتِظْلَالٍ فِي حَرٍّ وَلُبْسُ عَارٍ فِي بَرْدٍ وَشَدُّ مَحَلِّ فَصْدٍ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] فِيهَا ظَاهِرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَقْصِدَ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ أَوْ لَا الثَّانِي الْخَطَأُ وَالْأَوَّلُ إنْ كَانَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَمْدٌ وَإِلَّا فَشِبْهُ عَمْدٍ، قَوْلُهُ: (وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ) ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ سَوَاءٌ مَاتَ فِي الْحَالِ أَمْ بِالسِّرَايَةِ وَسَوَاءٌ النَّفْسُ وَالطَّرَفُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُقَسَّمَ الْفِعْلُ الْمُزْهِقُ، قَوْلُهُ: (عُدْوَانًا) أَيْ وَيَكُونُ الْعُدْوَانُ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ الْقَتْلُ، قَوْلُهُ: (فَقَتَلَهُ) عَطْفٌ عَلَى قَصْدِ الْفِعْلِ أَيْ وَهُوَ أَنَّ قَصْدَ الْفِعْلِ إلَخْ. فَقَتَلَهُ وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِهَذَا وَكَذَا قَوْلُهُ جَارِحٍ أَوْ مُثَقَّلٍ وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَا شَمَلَتْهُ الْعِبَارَةُ لِيُشِيرَ إلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُثَقَّلِ. لَنَا حَدِيثُ الْجَارِيَةِ الَّتِي رُضَّ رَأْسُهَا بَيْنَ حَجَرَيْنِ ثُمَّ إنَّ عِبَارَتَهُ كَالْمَتْنِ اقْتَضَتْ أَنَّ الْغَلَبَةَ وَصْفٌ لِلْآلَةِ وَلَوْ جُعِلَتْ وَصْفًا لِلْفِعْلِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ قَتْلَ الْإِبْرَةِ فِي الْمَقْتَلِ وَإِنْ أَمْكَنَ شُمُولُ عِبَارَتِهِمَا لِذَلِكَ، قَوْلُهُ: (بِالْجَرِّ) وَيَجُوزُ الرَّفْعُ قَوْلُهُ: (فَمَاتَ) فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ الْآتِيَيْنِ لِأَنَّ الْمُقَسَّمَ هُوَ الْفِعْلُ الْمُزْهِقُ، قَوْلُهُ: (أَوْ رَمَى شَخْصًا إلَخْ) . فِيهِ رَدٌّ عَلَى الزَّرْكَشِيّ حَيْثُ قَالَ إنَّ هَذَا وَارِدٌ عَلَى تَعْرِيفِ الْعَمْدِ السَّابِقِ، قَوْلُهُ: (أَوْ رَمَى شَخْصًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ) لَوْ رَمَى شَخْصًا ظَنَّهُ زَيْدًا فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو وَجَبَ الْقِصَاصُ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ أَنَّ فَقْدَ إلَخْ) . لَيْسَ الْغَرَضُ مِنْ هَذَا إيرَادَهُ عَلَى الْعِبَارَةِ فَإِنَّ الْعِبَارَةَ صَادِقَةٌ بِذَلِكَ لِأَنَّ فَقْدَ قَصْدِ أَحَدِهِمَا صَادِقٌ بِفَقْدِهِمَا، وَإِنَّمَا غَرَضُهُ إيضَاحُ الْكَلَامِ وَتَحْقِيقُ الْمَرَامِ، قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا) خَفِيفَةٍ وَلَوْ يُوَالِي بَيْنَ الضَّرَبَاتِ وَكَانَتْ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ وَالْمَضْرُوبُ غَيْرُ صَغِيرٍ وَلَا ضَعِيفٍ ثُمَّ حِكْمَةُ التَّنْصِيصِ عَلَى السَّوْطِ وَالْعَصَا ذِكْرُهُمَا فِي الْحَدِيثِ الْآتِي، قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ نَفْيِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 فَعَمْدٌ لِظُهُورِ أَثَرِ الْجِنَايَةِ وَسِرَايَتِهَا إلَى الْهَلَاكِ. (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ وَمَاتَ فِي الْحَالِ فَشِبْهُ عَمْدٍ) لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ، غَالِبًا، (وَقِيلَ عَمْدٌ) لِأَنَّ فِي الْبَدَنِ مَقَاتِلَ خَفِيَّةً وَمَوْتُهُ فِي الْحَالِ يُشْعِرُ بِإِصَابَةِ بَعْضِهَا، (وَقِيلَ لَا شَيْءَ) فِيهِ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ فَالْمَوْتُ بِسَبَبٍ آخَرَ، (وَلَوْ غَرَزَهَا فِيمَا لَا يُؤْلِمُ كَجِلْدَةِ عَقِبٍ) وَلَمْ يَتَأَلَّمْ بِهِ فَمَاتَ، (فَلَا شَيْءَ) فِيهِ (بِحَالٍ) مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ بِهِ وَالْمَوْتُ عَقِبَهُ مُوَافَقَةُ قَدَرٍ (وَلَوْ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالطَّلَبَ) لِذَلِكَ (حَتَّى مَاتَ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا جُوعًا أَوْ عَطَشًا فَعَمْدٌ) وَتَخْتَلِفُ الْمُدَّةُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَحْبُوسِ قُوَّةً وَضَعْفًا وَالزَّمَانِ حَرًّا وَبَرْدًا فَفَقْدُ الْمَاءِ فِي الْحَرِّ لَيْسَ كَهُوَ فِي الْبَرْدِ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ سَابِقٌ) عَلَى الْحَبْسِ (فَشِبْهُ عَمْدٍ وَإِنْ كَانَ) بِهِ (بَعْضُ جُوعٍ وَعَطَشٍ وَعَلِمَ الْحَابِسُ الْحَالَ فَعَمْدٌ) ، لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالَ (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ بِعَمْدٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إهْلَاكَهُ وَإِلَّا أَتَى بِمُهْلِكٍ وَالثَّانِي هُوَ عَمْدٌ لِحُصُولِ الْهَلَاكِ بِهِ وَالْأَوَّلُ قَالَ حَصَلَ بِهِ وَبِمَا قَبْلَهُ فَيَجِبُ فِيهِ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ ، (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ بِالسَّبَبِ) كَالْمُبَاشَرَةِ   [حاشية قليوبي] وَالشَّرَابَ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي فِي الْجُوعِ وَالْعَطَشِ. قَوْلُهُ: (وَالطَّلَبَ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إنْ أُرِيدَ مَنْعُ التَّنَاوُلِ وَإِلَّا بِأَنْ أُرِيدَ مَنْعُ إحْضَارِ طَعَامٍ لَهُ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لَكِنْ يَخْرُجُ عَنْ الْمَقْصُودِ لِأَنَّ الْمَمْنُوعَ حِينَئِذٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ لَا الْمَحْبُوسُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ الطَّلَبِ عَدَمُ الْحُضُورِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ) قَدَّرَهَا الْأَطِبَّاءُ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ سَاعَةً، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا وَلَيْسَ مُرَادًا إذْ الْمَدَارُ عَلَى مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ مُهْلِكًا لِمِثْلِ ذَلِكَ الشَّخْصِ غَالِبًا، وَلِذَلِكَ لَوْ اعْتَادَ الْجُوعَ مَثَلًا أَيَّامًا كَثِيرَةً لَمْ يُعْتَبَرْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَاوَ فِي هَذَا عَلَى بَابِهَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَبِمَعْنَى أَوْ مِنْ حَيْثُ الْوَصْفُ بِسَابِقٍ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ أَوْ يُجْعَلُ فَاعِلٌ سَابِقُ كُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (فَشِبْهُ عَمْدٍ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مِمَّا لَمْ يُمْكِنْ إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهَا، وَإِلَّا كَسَاعَةٍ فَهَدَرٌ لِأَنَّهُ مُوَافَقَةُ قَدْرٍ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ بِهِ بَعْضُ جُوعٍ وَعَطَشٍ) سَوَاءٌ كَانَ بِحَبْسٍ أَوْ لَا وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَعَمْدٌ) فَعَلَى الْحَابِسِ الْقِصَاصُ فَإِنْ عَفَا فِدْيَةٌ كَامِلَةٌ إنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ السَّابِقَةُ قَصِيرَةً كَسَاعَةٍ، وَإِلَّا فَنِصْفُ دِيَةٍ وَيُهْدَرُ النِّصْفُ الْآخَرُ الْمُقَابِلُ لِلْجُوعِ وَالْعَطَشِ السَّابِقِ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ حَابِسٌ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ أَيْضًا، كَمَا يَأْتِي تَوْزِيعًا عَلَى الْمُدَّتَيْنِ، وَلَا نَظَرَ لِطُولِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى كَذَا قَالُوا وَهُوَ بِظَاهِرِهِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَتْ مُدَّةُ الْحَبْسِ قَصِيرَةً كَسَاعَةٍ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ وَفِيهِ بَعْدُ، وَالْوَجْهُ إنْ تَقَيَّدَ بِمَا يَنْسِبُ إلَيْهَا الْهَلَاكَ مَعَ انْضِمَامِهَا لِمَا قَبْلَهَا، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّانِي عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْمَوْتِ بِالْمُدَّتَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ كَالثَّانِي كَالْمُشْتَرَكِينَ فِي الْقَتْلِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَابِسُ الْحَالَ) وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ بِعَمْدٍ بَلْ هُوَ شِبْهُ عَمْدٍ فَعَلَى الْحَابِسِ نِصْفُ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ مُطْلَقًا بِشُرْطَةِ السَّابِقِ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) خَصَّهُ بِمَا بَعْدَ إلَّا وَفِي الرَّوْضَةِ رُجُوعُهُ لِمَا قَبْلَهَا أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَ مِنْ الْحَبْسِ وَمَا بَعْدَهُ فِي الْحُرِّ لِأَنَّ الرَّقِيقَ يَضْمَنُ بِوَضْعٍ إلَيْهِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (بِالسَّبَبِ) وَهُوَ مَا يُؤْثِرُ فِي الْقَتْلِ وَلَا يُحَصِّلُهُ وَهُوَ إمَّا شَرْعِيٌّ كَالشَّهَادَةِ أَوْ عَادِيٌّ، وَيُقَالُ عُرْفِيٌّ كَالضِّيَافَةِ وَتَرْكِ عِلَاجِ الْجُرْحِ أَوْ حِسِّيٌّ كَالْإِكْرَاهِ وَالْإِلْقَاءِ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ فِي مَاءٍ. قَوْلُهُ: (كَالْمُبَاشَرَةِ) وَهِيَ مَا تُؤَثِّرُ فِي الْقَتْلِ وَتُحَصِّلُهُ وَمِنْهَا تَرَدِّيهِ فِي نَحْوِ الْبِئْرِ، وَأَمَّا الشَّرْطُ فَهُوَ مَا لَا وَلَا وَلَكِنْ يَحْصُلُ التَّلَفُ عِنْدَهُ   [حاشية عميرة] الظُّهُورِ دُونَ الْوُجُودِ يُفِيدُك أَنَّ أَصْلَ الْأَثَرِ لَا عِبْرَةَ بِهِ، قَوْلُهُ: (وَمَاتَ فِي الْحَالِ) أَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ الْمَوْتُ زَمَنًا طَوِيلًا فَلَا شَيْءَ قَطْعًا قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَرَزَهَا فِيمَا لَا يُؤْلِمُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ تَتَجَاوَزْ الْقُوَى ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ) خَرَجَ مَا لَوْ مَنَعَهُ فَقَطْ بِأَنْ كَانَ فِي مَفَازَةٍ مَثَلًا فَأَخَذَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ حَتَّى مَاتَ فَلَا ضَمَانَ، قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَظْهَرِ) الْمُلَائِمُ لِعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ جَعْلُ هَذَا الْخِلَافِ رَاجِعًا لِهَذِهِ الْحَالَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا، قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ الْهَلَاكِ بِهِ) أَيْ فَكَانَ كَمَا لَوْ ضَرَبَ مَرِيضًا ضَرْبًا يَقْتُلُهُ دُونَ الصَّحِيحِ وَإِنْ جَهِلَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَرَضَ يَظْهَرُ حَالُهُ بِخِلَافِ الْجُوعِ. تَنْبِيهٌ: عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنْ كَانَ بِهِ بَعْضُ جُوعٍ وَعَطَشٍ فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا إنْ عَلِمَ الْحَابِسُ الْحَالَ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ وَإِلَّا فَلَا وَالثَّانِي يَجِبُ فِي الْحَالَيْنِ وَالثَّالِثُ عَكْسُهُ ثُمَّ إنْ أَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ وَآلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ وَجَبَ فِي حَالَةِ الْعَمْدِ دِيَةُ عَمْدٍ كَامِلَةٌ، وَفِي حَالَةِ الْجَهْلِ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ، وَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ فَالْأَظْهَرُ نِصْفُ دِيَةِ الْعَمْدِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ بِالسَّبَبِ) مِنْهُ مَسْأَلَةُ الْحَبْسِ السَّابِقَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهَا عَنْ هَذَا، قَوْلُهُ: (فَلَوْ شَهِدَا بِقِصَاصٍ إلَخْ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَمَّا لَوْ تَوَقَّفَ الْحَاكِمُ فِي الْحَادِثَةِ فَرَوَى لَهُ فِيهَا عَدْلٌ خَبَرًا فَقَتَلَهُ ثُمَّ رَجَعَ الرَّاوِي وَقَالَ تَعَمَّدْت الْكَذِبَ فَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98 (فَلَوْ شَهِدَا) عَلَى رَجُلٍ (بِقِصَاصٍ) أَيْ بِمُوجِبِهِ (فَقُتِلَ) بِأَنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا (ثُمَّ رَجَعَا) عَنْهَا (وَقَالَا تَعَمَّدْنَا الْكَذِبَ) فِيهَا (لَزِمَهُمَا الْقِصَاصُ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْوَلِيُّ بِعِلْمِهِ بِكَذِبِهِمَا) فِيهَا أَيْ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا وَعَلَى الْوَلِيِّ الْقِصَاصُ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بَعْدُ تَعَمَّدْنَا وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِنَا، فَإِنْ قَالَا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهَا فَإِنْ كَانَا مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمَا أَوْ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ فَشِبْهُ عَمْدٍ، (وَلَوْ ضَيَّفَ بِمَسْمُومٍ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) فَأَكَلَهُ (فَمَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مَسْمُومٌ وَلَوْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ، وَلَا نَظَرُوا إلَى أَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ وَلِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِمْ، تَقْيِيدُ الصَّبِيِّ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ   [حاشية قليوبي] كَالْحَفْرِ وَالْإِمْسَاكِ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ رَاوِي الْحَدِيثِ وَالْمُفْتِي وَتُقَدَّمُ الْمُبَاشَرَةُ ثُمَّ السَّبَبُ ثُمَّ الشَّرْطُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ غَالِبًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَغْنَى عَنْ الضَّمَانِ بِالشَّرْطِ مَعَ ذِكْرِهِ لَهُ لِجَعْلِهِ مِنْ السَّبَبِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلَى رَجُلٍ) وَهُوَ أَوْلَى مِنْ شَخْصٍ لِإِطْلَاقِ الْقِصَاصِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِقِصَاصٍ) وَيُسَمَّى قَوَدًا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُودُونَ الْجَانِيَ بِحَبْلٍ وَنَحْوِهِ لِمَحَلِّ قَتْلِهِ، وَالْقِصَاصُ مِنْ الْقَصِّ وَهُوَ الْقَطْعُ وَمِنْهُ الْمِقَصُّ أَوْ مِنْ قَصَّ الْأَثَرَ. قَوْلُهُ: (وَقَالَا تَعَمَّدْنَا) فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَخْطَأَ صَاحِبِي، أَوْ أَخْطَأْت أَوْ أَخْطَأْنَا أَوْ قَالَا أَخْطَأْنَا، فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا اُقْتُصَّ مِنْهُ قَالَ تَعَمَّدْت وَتَعَمَّدَ صَاحِبِي وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (بِعِلْمِهِ) أَيْ حَالَةَ الْقَتْلِ. قَوْلُهُ: (وَعَلِمْنَا إلَخْ) جَعَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ قَيْدًا وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يُخَصَّ بِمَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَا) وَكَذَا لَوْ سَكَتَا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ بِالْأَوْلَى خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. نَعَمْ لَوْ قَالَا ظَهَرَ لَنَا مَا يَقْتَضِي رَدَّ الشَّهَادَةِ فَالْقَاضِي هُوَ الْمُقَصِّرُ وَعَلَيْهِمَا دِيَةُ الْعَمْدِ. تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا لِأَجْلِ بَيَانِ السَّبَبِ وَإِلَّا فَسَتَأْتِي فِي رُجُوعِ الشَّاهِدِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى، وَمَعَهَا رُجُوعُ الْمُزَكِّي وَرُجُوعُ الْقَاضِي اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ضَيَّفَ) الضِّيَافَةُ قَيْدٌ وَسَيَأْتِي مُحْتَرِزُهَا وَهِيَ مِنْ السَّبَبِ الْعُرْفِيِّ كَمَا مَرَّ. وَهَلْ مِنْهَا مُنَاوَلَتُهُ لَهُ بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَامِ أَوْ بَعَثَهُ لَهُ إلَى مَحَلِّهِ مَثَلًا رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِمَسْمُومٍ) أَيْ بِسُمٍّ مُنْفَرِدًا أَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَلَوْ فِي أَطْعِمَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ لَكِنَّ شَرْطَهُ فِي التَّعَدُّدِ أَنْ يُقَدِّمَ لَهُ الْمَسْمُومَ مِنْهَا، وَلَيْسَ أَدَوْنَ مِنْ غَيْرِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا: وَفِيهِ بَحْثٌ وَاضِحٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) مُرَادُهُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَيُقَابِلُهُ مَا بَعْدَهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْقِصَاصُ) إنْ كَانَ السُّمُّ يَقْتُلُ غَالِبًا وَعَالِمٌ بِهِ وَإِلَّا فَشِبْهُ عَمْدٍ فِي الْأَوَّلِ وَخَطَأٌ فِي الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مَسْمُومٌ) قِيلَ الصَّوَابُ عَكْسُ هَذِهِ الْغَايَةِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ أَوْلَى مِنْهُ مَعَ السُّكُوتِ مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ فِي الْقَوْلِ تَنْفِيرًا وَإِعْلَامًا بِالْقَاتِلِ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ وَهُوَ الْوَجْهُ إنَّ الضِّيَافَةَ إحْسَانٌ، وَالْقَوْلُ الْمَذْكُورُ يُنَافِيهَا فَهُوَ أَوْلَى بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُسِيءٌ بِخِلَافِ السُّكُوتِ الْمُوهِمِ بَقَاءَ الضِّيَافَةِ فَهُوَ مُحْسِنٌ وَقِيلَ إنَّ السُّكُوتَ يُقَرِّبُهُ مِنْ شَرِيكِ الْمُخْطِئِ، وَقِيلَ إنَّهُ يُقَرِّبُهُ مِنْ أَخْذِ الطَّعَامِ فِي الْمَفَازَةِ، وَقِيلَ لِعَدَمِ الْإِغْرَاءِ فِيهِ الَّذِي يُوجَدُ مَعَ الْقَوْلِ وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَةِ التَّعْمِيمُ لَا الْغَايَةُ، وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنْهَا نَفْيُ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ جَرَيَانِ الْخِلَافِ مَعَ السُّكُوتِ وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنْهَا عَدَمُ الْأَمْرِ بِالْأَكْلِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ كُلْ مِنْ هَذِهِ الطَّعَامِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُفَرَّقُوا) هُوَ مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ تَقْيِيدُ الصَّبِيِّ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ، وَكَذَا أَعْجَمِيٌّ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بَالِغًا عَاقِلًا) أَعْنِي مُمَيِّزًا وَلَوْ غَيْرَ بَالِغٍ لِأَنَّهُ الَّذِي يُقَالُ فِي عَمْدِهِ عَمْدٌ، وَلِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ قَبْلَهُ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى   [حاشية عميرة] وُجُوبُ الْقَوَدِ كَالشَّاهِدِ، وَقَالَ الْقَفَّالُ وَالْإِمَامُ بِالْمَنْعِ فَإِنَّ الْخَبَرَ لَا يَخْتَصُّ بِالْوَاقِعَةِ حَكَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ الدِّيَاتِ، قَوْلُهُ: (لَزِمَهُمَا الْقِصَاصُ) قَالَ الْإِمَامُ هُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ الْإِكْرَاهِ فَإِنَّ الْمُكْرَهَ قَدْ يَحْتَرِزُ وَيُؤَثِّرُ هَلَاكَ نَفْسِهِ، وَلَيْسَ لِلْقَاضِي مَحِيصٌ عَنْ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ رُجُوعُهُمَا مَعَ الِاعْتِرَافِ بِالتَّعَمُّدِ لَا كَذِبُهُمَا حَتَّى لَوْ شَاهَدْنَا الْمَشْهُودَ بِقَتْلِهِ حَيًّا، فَلَا قِصَاصَ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ التَّعَمُّدِ قَوْلُهُ: (أَيْ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّهُمَا لَمْ يُلْجِئَا الْوَلِيَّ لِذَلِكَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حِسًّا وَلَا شَرْعًا فَصَارَ قَوْلُهُمَا شَرْطًا مَحْضًا كَالْإِمْسَاكِ مَعَ الْقَتْلِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ ضَيَّفَ بِمَسْمُومٍ صَبِيًّا) مِثْلُهُ الْأَعْجَمِيُّ الَّذِي يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ فَتَكُونُ هَذِهِ الصُّورَةُ وَارِدَةً عَلَى كَلَامِهِ الْآتِي، قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مَسْمُومٌ) وَجْهُ هَذِهِ الْغَايَةِ أَنَّ حَالَةَ عَدَمِ الْقَوْلِ قَوِيَّةُ الشَّبَهِ بِشَرِيكِ الْمُخْطِئِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 (أَوْ بَالِغًا عَاقِلًا وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَ الطَّعَامِ) فَأَكَلَهُ فَمَاتَ (فَدِيَةٌ وَفِي قَوْلٍ قِصَاصٌ وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ) ، لِتَنَاوُلِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَالثَّانِي قَالَ لِتَغْرِيرِهِ وَالْأَوَّلُ قَالَ يَكْفِي فِي التَّغْرِيرِ الدِّيَةُ (وَلَوْ دَسَّ سُمًّا) بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ (فِي طَعَامِ شَخْصٍ الْغَالِبُ أَكْلُهُ مِنْهُ فَأَكَلَهُ جَاهِلًا) بِالْحَالِ فَمَاتَ (فَعَلَى الْأَقْوَالِ) وَجْهُ الثَّانِي التَّسَبُّبُ وَالْأَوَّلُ قَالَ تَكْفِي فِيهِ الدِّيَةُ. (وَلَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلَاجَ جُرْحٍ مُهْلِكٍ فَمَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ) وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ تَرْكُ الْعِلَاجِ لِأَنَّ الْبُرْءَ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ لَوْ عَالَجَ، (وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ لَا يُعَدُّ مُغْرِقًا) بِسُكُونِ الْغَيْنِ (كَمُبَسَّطٍ فَمَكَثَ فِيهِ مُضْطَجِعًا) أَوْ مُسْتَلْقِيًا (حَتَّى هَلَكَ فَهَدَرٌ) لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ (أَوْ) مَاءٍ (مُغْرِقٍ لَا يَخْلُصُ مِنْهُ إلَّا بِسِبَاحَةٍ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ عَوْمٍ، (فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا أَوْ كَانَ) مَعَ إحْسَانِهَا (مَكْتُوفًا أَوْ زَمِنًا) فَهَلَكَ (فَعَمْدٌ وَإِنْ مَنَعَ مِنْهَا عَارِضٌ كَرِيحٍ وَمَوْجٍ) فَهَلَكَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَفِيهِ الدِّيَةُ (وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ فَتَرَكَهَا) .   [حاشية قليوبي] صَبِيًّا. فَضِيفَ مُقَدَّرٌ فِيهِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ لِبَالِغٍ عَاقِلٍ كُلْ هَذَا فَأَكَلَهُ، فَهُوَ هَدَرٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مَسْمُومٌ، فَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَكْلِهِ وَجَبَ الْقَوَدُ إنْ جَهِلَ الْآكِلُ كَوْنَهُ مَسْمُومًا وَإِلَّا فَهَدَرٌ، وَإِنْ جَهِلَ كَوْنَهُ قَاتِلًا وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى جَهْلِ، كَوْنِهِ سُمًّا إنْ خَفِيَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَ الطَّعَامِ) هُوَ قَيْدٌ لِجَرَيَانِ الْأَقْوَالِ وَإِلَّا فَهَدَرٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فَدِيَةٌ) أَيْ لِشِبْهِ الْعَمْدِ. قَوْلُهُ: (بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ) وَبِالْكَسْرِ أَيْضًا قَوْلُهُ: (فِي طَعَامِ شَخْصٍ) أَيْ مُمَيِّزٍ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ دَسَّهُ فِي طَعَامِ نَفْسِهِ فَأَكَلَهُ مَنْ يَعْتَادُ الدُّخُولَ إلَيْهِ مَثَلًا فَمَاتَ فَهُوَ هَدَرٌ. قَوْلُهُ: (الْغَالِبِ أَكْلُهُ مِنْهُ) قَيَّدَ لِلْخِلَافِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ أَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ مُطْلَقًا فَذِكْرُ الْمَنْهَجِ لَهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ مُطْلَقًا. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ فِي دِهْلِيزِهِ مَثَلًا بِئْرٌ وَدَعَا أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا جَاهِلًا بِهَا، وَهِيَ مُغَطَّاةٌ فَوَقَعَ فِيهَا ضَمِنَهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا، وَلَيْسَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْمُرُورِ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَإِذَا ضَمِنَ فَهُوَ بِالْقَوَدِ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَبِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فِيهِ وَمِثْلُ الْبِئْرِ رَبْطُ كَلْبٍ عَقُورٍ بِبَابِهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا لَا يَضْمَنُ هُنَا غَيْرَ الْأَعْمَى لِأَنَّ الْبَصِيرَ مُقَصِّرٌ. فَرْعٌ: لَوْ أَنْهَشَهُ حَيَّةً ضَمِنَهُ أَوْ أَلْقَاهَا عَلَيْهِ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا وَلَوْ فِي مَضِيقٍ وَلَوْ أَنْهَشَهُ سَبُعًا أَوْ أَلْقَاهُ عَلَيْهِ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ أَغْرَاهُ عَلَيْهِ فِي مَضِيقٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْخُلُوصُ ضَمِنَهُ، وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ شَأْنَ الْحَيَّةِ النُّفُورُ مِنْ الْآدَمِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَرَكَ إلَخْ) هُوَ مِنْ السَّبَبِ الْعَادِيِّ وَيُقَالُ لَهُ الْعُرْفِيُّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْبُرْءَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ فِي نَحْوِ الْفَصْدِ لَا ضَمَانَ قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَلْقَاهُ) هُوَ مِنْ السَّبَبِ الْحِسِّيِّ قَالَ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا إنَّهُ غَيْرُ قَيْدٍ فَلَوْ أَخَذَ نَحْوَ جِرَابٍ مِنْ عَائِمٍ عَلَيْهِ فَغَرَق ضَمِنَهُ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ قَالَ لِأَنَّهُ كَمَنْ أَخَذَ طَعَامَهُ فِي مَفَازَةٍ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَقَدْ يُقَرَّقُ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ قَادِرٌ فِي الْمَفَازَةِ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى مَحَلٍّ يَجِدُ فِيهِ مَا يَقِيهِ مِنْ الْجُوعِ وَلَيْسَ قَادِرًا فِي الْمَاءِ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى مَحَلٍّ يَقِيهِ مِنْ الْغَرَقِ، وَلِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمَاءِ الْإِغْرَاقَ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمَفَازَةِ الْإِهْلَاكُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِي مَاءٍ) هُوَ مَمْدُودٌ مُفْرَدُ الْمِيَاهِ وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَهُ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سِبَاحَةٌ أَيْضًا. وَقِيلَ إنَّ مَا مَوْصُولٌ أَوْ نَكِرَةٌ بِمَعْنَى شَيْءٍ فَيَشْمَلُ نَحْوَ بَحْرٍ مِنْ زِئْبَقٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (بِسُكُونِ الْغَيْنِ) وَنُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ بِفَتْحِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ خَلَاصِ نَفْسِهِ وَإِلَّا كَمَكْتُوفٍ فَهُوَ عَمْدٌ. فَرْعٌ: مِثْلُ مَا لَوْ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا فِي مَحَلٍّ لَا مَاءَ فِيهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَطَرَأَ فِيهِ الْمَاءُ فَغَرَق بِهِ فَإِنْ غَلَبَ وُجُودُ الْمَاءِ فِيهِ فَعَمْدٌ أَوْ نَدَرَ، فَشِبْهٌ عَمْدٍ أَوْ عَرَضَ نَحْوُ سَيْلٍ فَخَطَأٌ. قَوْلُهُ: (عَوْمٍ) هُوَ عِلْمٌ لَا يَنْسَى. قَوْلُهُ: (عَارِضٌ فَشِبْهُ عَمْدٍ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ الْإِلْقَاءِ فَهُوَ عَمْدٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ) وَيُصَدَّقُ الْوَارِثُ إذَا ادَّعَى عَدَمَ الْإِمْكَانِ أَوْ وُجُودَ الْعَارِضِ الْمُتَقَدِّمِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (أَوْ بَالِغًا عَاقِلًا وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَ الطَّعَامِ فَدِيَةٌ) أَيْ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ قِصَاصٌ) احْتَجَّ لَهُ بِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد فِي قِصَّةِ الْيَهُودِيَّةِ الَّتِي سَمَّتْ مِنْ أَنَّهَا لَمَّا قُتِلَتْ مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ وَالْمَحْفُوظُ مَا خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ عَدَمِ قَتْلِهَا لَكِنْ جَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهَا أَوَّلًا، فَلَمَّا مَاتَ بِشْرٌ قَتَلَهَا قَالَ فِي الْبَحْرِ الِاسْتِدْلَال بِهِ ضَعِيفٌ فَإِنَّهَا إنَّمَا قَدَّمَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَضَافَ أَصْحَابَهُ، وَمَا هَذَا سَبِيلُهُ لَا يَلْزَمُ فِيهِ قِصَاصٌ اهـ. نَعَمْ الْقَوْلُ بِالْقِصَاصِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَرَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ. قَوْلُهُ: (لِتَنَاوُلِهِ بِاخْتِيَارِهِ) فَتَغْلِبُ الْمُبَاشَرَةُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ دَسَّ سُمًّا) وَجَمْعُهُ سِمَامٌ وَسَمُومٌ قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْأَقْوَالِ) لَكِنَّ هُنَا طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِعَدَمِ الضَّمَانِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلَاجَ جُرْحٍ مُهْلِكٍ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَصَدَ عِرْقَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَتَرَكَ عَصَبَ نَفْسِهِ حَتَّى مَاتَ وَأَيْضًا السَّلَامَةُ مَوْثُوقٌ بِهَا عِنْدَ الرَّبْطِ، قَوْلُهُ: (فَمَكَثَ فِيهِ مُضْطَجِعًا) أَيْ وَالْفَرْضُ إمْكَانُ الْحَرَكَةِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَنَعَ مِنْهَا عَارِضٌ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ أَلْقَاهُ مَعَ قِيَامِ الرِّيَاحِ وَهَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ وَجَبَ الْقَوَدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ فَتَرَكَهَا) أَيْ لِغَضَبٍ مَثَلًا اسْتَشْكَلَ هَذَا بِإِيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100 فَهَلَكَ (فَلَا دِيَةَ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ بِإِعْرَاضِهِ عَمَّا يُنْجِيهِ، وَالثَّانِي يَقُولُ قَدْ يَمْنَعُهُ مِنْهَا دَهْشَةٌ وَعَارِضُ بَاطِنٍ، (أَوْ فِي نَارٍ يُمْكِنُ الْخَلَاصُ مِنْهَا فَمَكَثَ فِيهَا) حَتَّى هَلَكَ، (فَفِي الدِّيَةِ الْقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا عَدَمُ وُجُوبِهَا، (وَلَا قِصَاصَ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ الْمَاءِ وَالنَّارِ (وَفِي النَّارِ وَجْهٌ) بِوُجُوبِهِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الدِّيَةِ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّارَ تُؤَثِّرُ بِأَوَّلِ الْمَسِّ جِرَاحَةً يَخَافُ مِنْهَا بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَقِيلَ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهِ أَيْضًا وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ يُمْكِنُ الْخَلَاصُ مِنْهَا عَمَّا لَا يُمْكِنُ لِعَظَمِهَا أَوْ كَوْنِهَا فِي وَهْدَةٍ أَوْ كَوْنِهِ مَكْتُوفًا أَوْ زَمِنًا فَمَاتَ بِهَا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ. (وَلَوْ أَمْسَكَهُ فَقَتَلَهُ آخَرُ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَرَدَّاهُ فِيهَا آخَرُ أَوْ أَلْقَاهُ مِنْ شَاهِقٍ) ، أَيْ مَكَان عَالٍ (فَتَلَقَّاهُ آخَرُ فَقَدَّهُ) أَيْ قَطَعَهُ بِالسَّيْفِ نِصْفَيْنِ (فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْمُرْدِي وَالْقَادِّ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُمْسِكِ وَالْحَافِرِ وَالْمُلْقِي (وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ وَجَبَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (يُمْكِنُ الْخَلَاصُ إلَخْ) . فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْخَلَاصُ فَهُوَ عَمْدٌ وَفِيهِ الْقِصَاصُ. قَوْلُهُ: (فَمَكَثَ فِيهَا) أَيْ بِلَا عَارِضٍ وَإِلَّا فَشِبْهُ عَمْدٍ كَمَا مَرَّ قَبْلَهُ فِي الْمَاءِ. قَوْلُهُ: (الْأَظْهَرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَاحْتَرَزَ إلَخْ) لَوْ جَعَلَ هَذَا الْمُحْتَرَزُ رَاجِعًا لِلْمَاءِ أَيْضًا لَكَانَ أَوْلَى كَذَا قِيلَ وَهُوَ مَرْدُودٌ لِمَا فِيهِ مِنْ لُزُومِ التَّكْرَارِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَمْسَكَهُ) وَلَوْ لِغَيْرِ الْقَتْلِ وَهَذَا مِنْ الشَّرْطِ كَالْحَفْرِ بَعْدَهُ. فَرْعٌ: لَوْ قَدَّمَ صَبِيًّا لِهَدَفٍ فَأَصَابَهُ سَهْمُ رَامٍ فَعَلَى الرَّامِي الضَّمَانُ بِالْقَوَدِ إنْ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ رَمْيِهِ وَإِلَّا فَخَطَأٌ فَإِنْ قَدَّمَهُ أَحَدٌ بَعْدَ ابْتِدَاءِ رَمْيِ الرَّامِي فَالضَّمَانُ بِالْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةُ عَلَى الْمُقَدَّمِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ تَقْدِيمُ الشَّرْطِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ فَرَاجِعْهُ وَالْوَجْهُ فِيهِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُقَدَّمِ وَوُجُوبُ نِصْفِ دِيَةِ خَطَأٍ عَلَى الرَّامِي. قَوْلُهُ: (فَرَادَّهُ) هُوَ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بَعْدَ الشَّرْطِ فَإِنْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْمُرَدِّي فَهُوَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُرَدِّي سَبَبٌ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ يَكُونُ مُبَاشَرَةً تَارَةً وَسَبَبًا أُخْرَى وَلَا مَانِعَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَلْقَاهُ) هُوَ مِنْ السَّبَبِ الْحِسِّيِّ وَتَلَقِّيه مِنْ الْمُبَاشَرَةِ. قَوْلُهُ: (فَتَلَقَّاهُ آخَرُ) أَيْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُلْقَى حَالَ إلْقَائِهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِمَا الْقَوَدُ كَمَا لَوْ دَفَعَهُ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَتَلَقَّاهُ بِهَا لِأَنَّهُ قَتْلٌ تَعَاوَنَ عَلَيْهِ اثْنَانِ وَفِيهِ مُسَاوَاةُ السَّبَبِ لِلْمُبَاشَرَةِ كَالْإِكْرَاهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ قَطَعَهُ نِصْفَيْنِ) أَصْلُ الْقَدِّ لُغَةً الشَّقُّ طُولًا وَالْقَطُّ الْقَطْعُ عَرْضًا وَالْقَطْعُ يَعُمُّهُمَا وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا فَلِذَلِكَ حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بَلْ الْمُرَادُ الْأَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ حُصُولُ قَتْلِهِ بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ نِصْفَيْنِ لَيْسَ قَيْدًا وَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ نَحْوِ قَطْعِ أُصْبُعٍ مَثَلًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ إلَخْ) هُوَ لَفٌّ مُرَتَّبٌ وَهَذَا إنْ كَانُوا أَهْلًا لِلضَّمَانِ فَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَرْبِيًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى شَرِيكِهِ لِقَطْعِ أَثَرِ فِعْلِهِ بِمَنْ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَنْ يَضْمَنُ وَلَا عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ، وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا أَوْ نَحْوَ سَبُعٍ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُمْسِكِ وَالْحَافِرِ وَالْمُلْقِي وَهُوَ بِالدِّيَةِ فِي الْكُلِّ أَوْ بِالْقِصَاصِ فِي غَيْرِ الْحَافِرِ، أَوْ بِالْقِصَاصِ فِي الْكُلِّ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَصَرِيحُ مَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الثَّالِثُ فَرَاجِعْهُ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْإِمْسَاكُ وَالْإِلْقَاءُ لِنَحْوِ دَفْعِ صِيَالٍ فَلَا ضَمَانَ أَصْلًا.   [حاشية عميرة] الصَّائِلِ إذَا أَمْكَنَ الْمَصُولَ عَلَيْهِ الدَّفْعُ فَتَرَكَهُ وَحَاوَلَ بَعْضُهُمْ الْفَرْقَ بِأَنَّ السَّبَبَ فِي مَسْأَلَةِ الصِّيَالِ لَمْ يَتَّصِلْ بِالْبَدَنِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ اتَّصَلَ فِعْلُ الصَّائِلِ بِالْبَدَنِ وَقَدَرَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ عَلَى الدَّفْعِ فَتَرَكَهُ فَلَا قَوَدَ. قُلْت وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الصَّائِلَ مَعَهُ رَادِعٌ وَهُوَ التَّكْلِيفُ، وَاَلَّذِي أَلْقَى صَارَ لَا يُمْكِنُهُ الْكَفُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الصَّائِلَ لَوْ رَمَى بِسَهْمٍ فَثَبَتَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ مَعَ إمْكَانِ التَّحَرُّكِ لَا ضَمَانَ وَقَدْ يَلْتَزِمُ، قَوْلُهُ: (وَلَا قِصَاصَ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ وَلَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الدِّيَةِ قَوْلُهُ: (وَفِي النَّارِ وَجْهٌ) أَيْ كَمَا لَوْ تَرَكَ الشَّخْصُ مُدَاوَاةَ جُرْحِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّلَامَةَ هُنَا مُحَقَّقَةٌ لَوْ خَرَجَ مِنْ النَّارِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُدَوَّاةُ. تَنْبِيهٌ: إذَا لَمْ نُوجِبْ الدِّيَةَ فِي النَّارِ وَجَبَ عَلَى الْمُلْقِي أَرْشُ مَا عَلَّقَ فِيهِ النَّارَ إلَى وَقْتِ إمْكَانِ الْخُلُوصِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ فَلَا شَيْءَ سِوَى التَّعْزِيرِ، قَوْلُهُ: (فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ إلَخْ) . دَلِيلُ الْأَوَّلِ حَدِيثٌ وَرَدَ بِمَعْنَى ذَلِكَ وَقِيَامًا عَلَى الْمَرْأَةِ تُمْسَكُ لِزِنَى الْغَيْرِ وَسَوَاءٌ أَمْسَكَهُ لِلْقَتْلِ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ عَبْدًا جَازَ مُطَالَبَةُ الْمُمْسِكِ وَالْقَرَارُ عَلَى الْقَاتِلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمْسَكَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فَقَتَلَهُ حَلَالٌ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ضَمَانُ يَدٍ لَا ضَمَانُ إتْلَافٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَلْغُوا فِعْلَ الْمُمْسِكِ فِي السَّلَبِ بَلْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مُكَلَّفًا أَمَّا لَوْ أَمْسَكَهُ وَعَرَّضَهُ لِمَجْنُونٍ أَوْ سَبُعٍ ضَارٍ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْمُمْسِكِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَتَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ إذْ لَا أَثَرَ لِلشَّرْطِ مَعَهَا، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَتَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ عَلَى السَّبَبِ وَلِأَنَّ الْإِلْقَاءَ إذَا طَرَأَتْ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ انْقَلَبَتْ شَرْطًا مَحْضًا ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الشَّاهِقُ يَمُوتُ مِنْهُ غَالِبًا قَالَ الْإِمَامُ فِي بَابِ وَضْعِ الْحِجْرِ وَلَوْ أَلْقَى إنْسَانًا عَلَى سِكِّينٍ بِيَدِ إنْسَانٍ فَتَلَقَّاهُ صَاحِبُ السِّكِّينِ بِهَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ التَّلَفَ فِيهَا حَصَلَ بِنَوْعٍ وَاحِدٍ تَعَاوَنَا عَلَيْهِ، وَهُنَاكَ قَصَدَ الْمُلْقِي الْإِهْلَاكَ بِالصَّدْمَةِ وَالْقَادُّ بِالسَّيْفِ فَتَعَارَضَا وَبَقِيَ النَّظَرُ فِي تَقْدِيمِ الْأَقْوَى وَلَوْ كَانَ الْقَادُّ مَجْنُونًا فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُلْقِي بِالْقِصَاصِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ سَبَبٌ لِلْهَلَاكِ، وَالثَّانِي تَجِبُ الدِّيَةُ لِأَنَّ الْهَلَاكَ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي قَصَدَ (أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ. (فَلَا) يَجِبُ قِصَاصٌ قَطْعًا وَتَجِبُ دِيَةُ شَبَهِ الْعَمْدِ (وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلٍ) فَأَتَى بِهِ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ (الْقِصَاصُ وَكَذَا عَلَى الْمُكْرَهِ) بِفَتْحِهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ بِقَوْلِهِ مَثَلًا اُقْتُلْ هَذَا وَإِلَّا قَتَلْتُك يُوَلِّدُ دَاعِيَةَ الْقَتْلِ فِي الْمُكْرَهِ غَالِبًا لِيَدْفَعَ الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَدْ آثَرَهَا بِالْبَقَاءِ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْقَتْلِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ وُجِّهَ بِأَنَّ الْمُكْرَهَ آلَةٌ لِلْمُكْرِهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ آثِمٌ بِالْقَتْلِ قَطْعًا، (فَإِنْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ) بِأَنْ عُفِيَ عَنْ الْقِصَاصِ إلَيْهَا (وُزِّعَتْ) عَلَيْهِمَا. (فَإِنْ كَافَأَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِ) دُونَ الْآخَرِ فَإِذَا أَكْرَهَ حُرٌّ عَبْدًا أَوْ عَكْسُهُ عَلَى قَتْلِ عَبْدٍ فَقَتَلَهُ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْعَبْدِ (وَلَوْ أَكْرَهَ بَالِغٌ مُرَاهِقًا) عَلَى الْقَتْلِ فَفَعَلَهُ (فَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ إنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ) فَإِنْ قُلْنَا خَطَأٌ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْبَالِغِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ وَلَا قِصَاصَ عَلَى الصَّبِيِّ بِحَالٍ وَلَوْ أَكْرَهَ -   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (مُغْرِقٍ فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ) أَيْ حَيَوَانٌ قَاتِلٌ وَلَوْ غَيْرَ حُوتٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَوَابِعِ مَسْأَلَةِ الْمَاءِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ، فَكَانَ ذِكْرُهَا مَعَهَا أَنْسَبَ، وَلَعَلَّ عُذْرَهُ ضَمُّ مَسْأَلَةِ النَّارِ إلَى الْأُولَى لِتَنَاسُبِهِمَا فِي الْخِلَافِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْقِصَاصُ) سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْحُوتِ أَوْ لَا أَذِنَ لَهُ فِي الْإِلْقَاءِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ) فَلَا يَجِبُ قِصَاصٌ وَتَجِبُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحُوتِ وَإِلَّا وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا عُلِمَ. تَنْبِيهٌ: لَوْ قَذَفَهُ الْحُوتُ سَالِمًا قَبْلَ الْقِصَاصِ امْتَنَعَ أَوْ بَعْدَهُ وَجَبَ عَلَى مَنْ اقْتَصَّ دِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِهِ لِوَرَثَةِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ وَلَا قِصَاصَ لِلشُّبْهَةِ. قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْقِصَاصُ) وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ كَانَ بِوَاسِطَةٍ قَوْلُهُ: (مَثَلًا) رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ الْمُفَسَّرِ بِالْجُمْلَةِ بَعْدَهُ فَيَشْمَلُ أَمْرَ مَنْ تُخْشَى سَطْوَتُهُمْ، فَإِنَّهُ إكْرَاهٌ وَإِشَارَةَ نَحْوِ أَخْرَسَ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (اُقْتُلْ هَذَا) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ اقْطَعْ يَدَهُ فَقَتَلَهُ فَلَيْسَ مِنْ الْإِكْرَاهِ بَلْ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ عُدُولٌ عَنْ الْمَأْمُورِ بِهِ إلَى أَغْلَظَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْقَتْلِ فَقَطَعَ يَدَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ، فَهُوَ مُكْرَهٌ سَوَاءٌ مَاتَ مِنْهُ أَمْ لَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لَيْسَ مِنْ الْإِكْرَاهِ لِعُدُولِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: (قَتَلْتُك) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ أَتْلَفْت مَالِكَ أَوْ قَتَلْت وَلَدَك مَثَلًا، فَلَيْسَ إكْرَاهًا وَلَوْ ذَكَرَ لَهُ مَا يَتَضَمَّنُ تَعْذِيبًا نَحْوَ قَطَّعْتُك إرْبًا إرْبًا أَيْ قِطَعًا مُتَعَدِّدَةً فَهُوَ إكْرَاهٌ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِأَنَّهُ آثِمٌ بِالْقَتْلِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ آلَةٌ لَمْ يَأْثَمْ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْقَتْلَ لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ وَمِثْلُهُ الزِّنَى لَكِنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ عَفَا) الْأَوْلَى كَأَنْ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ لِأَنَّ مَنْ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي الْحُرِّ، وَنِصْفُ قِيمَةٍ فِي الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا) إنْ عَفَا عَنْهُمَا مَعًا وَكَانَا اثْنَيْنِ، فَإِنْ عَفَا عَنْ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ حِصَّتُهُ أَوْ زَادُوا عَلَى اثْنَيْنِ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ: (مُرَاهِقًا) الْمُرَادُ بِهِ، وَبِالصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ غَيْرُ الْبَالِغِ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ إنْ عَمَدَ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ مِنْهُمَا كَالْخَطَأِ وَهُوَ كَذَلِكَ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَكِنْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي مَالِهِ. قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ) وَعَلَى الْآخَرِ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي مَالِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (شَرِيكٌ مُخْطِئٌ) أَيْ شَرِيكُ مَنْ نَزَلَ فِعْلُهُ مَنْزِلَةَ فِعْلِ الْمُخْطِئِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْخَطَأِ فِي الظَّنِّ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلِمَ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَنَّهُ رَجُلٌ) فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ إنْ كَافَأَهُ وَإِلَّا فَنِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ وَعَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ نِصْفُ دِيَةِ خَطَأٍ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْهَلَاكَ إلَخْ) أَيْ فَصَارَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقِصَاصِ ثُمَّ هَذَا الثَّانِي خَرَّجَهُ الرَّبِيعُ مِنْ الْإِلْقَاءِ مِنْ شَاهِقٍ وَالْأَصْحَابُ بَيْنَ رَادٍّ لِهَذَا التَّخْرِيجِ وَمُضَعِّفٍ لَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُلْقِيَ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلَا دِيَةَ وَهَا هُنَا تَجِبُ الدِّيَةُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْقِصَاصِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ الْإِرْسَالَ فِي الْهَوَاءِ لَا يَقْتُلُ مَا لَمْ يَصْدِمْ فَلَمَّا اعْتَرَضَهُ مُعْتَرِضٌ نُسِبَ إلَيْهِ، وَهَا هُنَا حُصُولُهُ فِي الْمَاءِ مُهْلِكٌ لَا مَحَالَةَ قَالَ ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَلْتَقِمَهُ الْحُوتُ قَبْلَ وُصُولِ الْمَاءِ أَوْ بَعْدَهُ اهـ. وَقَوْلُهُ ثُمَّ لَا فَرْقَ إلَخْ. يُشْكِلُ عَلَى الْفَرْقِ فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت هَذَا الَّذِي ظَهَرَ لِي مَسْطُورًا فِي الرَّافِعِيِّ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحُوتَ ضَارٌّ بِطَبْعِهِ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ فَكَانَ كَالْآلَةِ، قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ) ، أَيْ وَلَوْ يَعْلَمُ بِهِ الْمُلْقِي وَإِلَّا وَجَبَ الْقَوَدُ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا عَلَى الْمُكْرَهِ فِي الْأَظْهَرِ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ عَلَى قَتْلِهِ غَيْرَ نَبِيٍّ وَإِلَّا فَيَجِبُ الْقِصَاصُ قَطْعًا قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ وُجِّهَ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ وَاحْتُجَّ لَهُ أَيْضًا بِحَدِيثِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ» إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَكْرَهَ بَالِغٌ مُرَاهِقًا) أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ) أَيْ وَعَلَى الصَّبِيِّ نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ، قَوْلُهُ: (إنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ) أَيْ الَّذِي لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ قَالَ الْإِمَامُ طَرِيقَةُ الْخِلَافِ تَرْجِعُ إلَى أَنَّا نَنْقُلُ فِعْلَ الْمُكْرَهِ إلَى الْمُكْرِهِ عَلَى صِفَتِهِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُكْرَهَ الْمُبَاشِرَ لِلْقَتْلِ، وَنَنْظُرُ إلَى صِفَةِ فِعْلِ الْمُكْرَهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا يَقْدَحُ فِي مَعْنَى الشَّرِكَةِ اهـ. يُرِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ كَوْنُ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ شَرِيكًا وَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ آلَةٌ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ قُلْنَا خَطَأٌ) عِبَارَةُ. الزَّرْكَشِيّ فَإِنْ قُلْنَا عَمْدُهُ كَخَطَأِ الْبَالِغِ، قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْبَالِغِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 مُرَاهِقٌ بَالِغًا عَلَى قَتْلٍ فَأَتَى بِهِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْمُرَاهِقِ وَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ إنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ فَإِنْ قُلْنَا خَطَأٌ فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا. (وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى رَمْيِ شَاخِصٍ عَلَى الْمُكْرِهِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (أَنَّهُ رَجُلٌ وَظَنَّهُ الْمُكْرَهُ صَيْدًا) فَرَمَاهُ فَمَاتَ، (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرِهِ) بِالْكَسْرِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ (أَوْ عَلَى رَمْيِ صَيْدٍ فَأَصَابَ رَجُلًا) فَمَاتَ (فَلَا قِصَاصَ عَلَى أَحَدٍ) مِنْهُمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ، (أَوْ عَلَى صُعُودِ شَجَرَةٍ فَزَلَقَ وَمَاتَ فَشِبْهُ عَمْدٍ) لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا. (وَقِيلَ) هُوَ (عَمْدٌ) فَيَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ (أَوْ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ) بِأَنْ قَالَ اُقْتُلْ نَفْسَك وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَ نَفْسَهُ، (فَلَا قِصَاصَ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ مَا جَرَى لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ حَقِيقَةً لِاتِّحَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمَخُوفِ بِهِ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَهُ وَالثَّانِي يُمْنَعُ ذَلِكَ. (وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهُ) الْمَقْتُولُ لَهُ (فَالْمَذْهَبُ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ لِلْإِذْنِ لَهُ فِي الْقَتْلِ وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً، (وَالْأَظْهَرُ) عَلَى عَدَمِ الْقِصَاصِ   [حاشية قليوبي] شَرِيكٌ مُخْطِئٌ) وَرُدَّ بِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الظَّنِّ لَا يُعْتَبَرُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَمَّدَا) فَهُوَ خَطَأٌ فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْخَطَأِ. قَوْلُهُ: (عَلَى صُعُودِ شَجَرَةٍ) وَمِثْلُهُ نُزُولُ نَحْوِ بِئْرٍ. قَوْلُهُ: (فَزَلَقَ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَيْهَا غَالِبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالتَّقْيِيدُ بِهِ عِنْدَ مَنْ ذَكَرَهُ لِتَحْرِيرِ مَكَانِ الْخِلَافِ وَذِكْرُهُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَنْهَجِ لَا مَحَلَّ لَهُ. قَوْلُهُ: (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ دِيَةُ شَبَهِ الْعَمْدِ كَامِلَةٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ هُوَ عَمْدٌ) هَذَا رَأْيُ الْغَزَالِيِّ إنْ كَافَأَهُ أَوْ الدِّيَةُ أَوْ الْقِيمَةُ. قَوْلُهُ: (فَقَتَلَ نَفْسَهُ) أَيْ وَهُوَ غَيْرُ حُرٍّ وَإِلَّا فَالْقَوَدُ عَلَى مُكْرِهِهِ قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ) وَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ وَكَفَّارَةٌ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (لِاتِّحَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمُخَوَّفِ بِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ طَرَفَ نَفْسِهِ، لَمْ يَكُنْ إكْرَاهًا أَيْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهَذِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ) هَلْ الْمُرَادُ يَمْنَعَ الِاخْتِيَار أَوْ يَمْنَعُ عَدَمَ الْإِكْرَاهِ أَوْ يَمْنَعُهُمَا رَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: لِكُلٍّ مِنْ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَالْمُكْرِهِ عَلَى قَتْلِهِ دَفْعُ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ لَوْ قَتَلَاهُ قَوْلُهُ: (فَقَتَلَهُ) وَكَذَا لَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْجُمْلَةِ الْمَأْذُونِ فِي إتْلَافِهَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِضَمَانِ الْعُضْوِ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُمَا قَرِيبًا عَكْسُ هَذَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَا قِصَاصَ) سَوَاءٌ اتَّحَدَا رِقًّا وَحُرِّيَّةً أَوْ اخْتَلَفَا لِشُبْهَةِ الْإِذْنِ. قَوْلُهُ: (لَا دِيَةَ) يُفِيدُ أَنَّهُ فِي الْحُرِّ وَيَجِبُ فِي الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ فِي الْمَالِ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ الْإِثْمِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ آثِمٌ وَإِنْ عَلِمَ هُوَ أَوْ الْمَأْمُورُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ فَرَاجِعْهُ.   [حاشية عميرة] الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ) هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ السَّابِقُ حِكَايَتُهُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ، قَوْلُهُ: (قَطْعًا) صَرَّحَ هُنَا بِالْقَطْعِ لِأَنَّهُ رُتْبَةُ الْمُكْرَهِ فِي الْمُؤَاخَذَةِ دُونَ رُتْبَةِ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ بِدَلِيلِ مَا سَلَفَ فِي الْمَتْنِ، قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرَهِ) أَيْ وَعَلَى عَاقِلَةِ الظَّانِّ نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ الْمَنْعِ إلَخْ) . كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُكْرَهَ هُنَا لَمَّا جَهِلَ الْحَالَ وَظَنَّ حِلُّ الْفِعْلِ، كَانَ كَالْآلَةِ لِلْجَاهِلِ وَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَمَرَ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ ثُمَّ الْوُجُوبُ مَنْسُوبٌ لِلتَّنْبِيهِ وَالتَّهْذِيبِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ وَهُوَ كَوْنُ الْمُكْرَهِ كَالْآلَةِ. قَالُوا وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْفَتْوَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ ثُمَّ حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَتَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَالنِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ صِحَّةَ تَفْرِيعِهِ عَلَى الْمَرْجُوحِ، قَالَ فَإِنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ بَيْنَ الرَّاجِحِ وَالْمَرْجُوحِ يُصَوَّرُ بِمَا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ وَالْمُكْرِهُ عَالِمَيْنِ فَرَجَّحُوا فِيهِ كَوْنَ الْمُكْرَهِ شَرِيكًا لَا آلَةَ لِظُهُورِ إيثَارِ نَفْسِهِ أَمَّا مَعَ الْجَهْلِ فَلَا إيثَارَ فَهُوَ بِالْآلَةِ أَشْبَهُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ تَعْلَمُ أَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ هُنَا لَا يُشْكِلُ بِمَا سَلَفَ مِنْ أَنَّ الْبَالِغَ لَوْ أَكْرَهَ صَبِيًّا، وَقُلْنَا إنَّ عَمْدَهُ خَطَأٌ لَا قِصَاصٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ جَهْلَ الْحَالِ هُنَا الْمُقْتَضِي لِإِلْحَاقِ الْمُكْرَهِ بِالْآلَةِ مَفْقُودٌ فِي صُورَةِ الصَّبِيِّ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِالْحَالِ. قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ عَلَى أَحَدٍ) أَيْ وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَأَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي أَنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالرَّامِي وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرَهِ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ هُوَ عَمْدٌ) أَيْ كَمَا فِي جَهْلِ الْمُكْرَهِ السَّابِقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا مُرَادُهُ وَلَيْسَ بِوَجْهٍ، قَوْلُهُ: (أَوْ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ) خَرَجَ الطَّرَفُ وَكَذَا الْوَلَدُ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ) عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ بِإِلْجَائِهِ وَحَمْلِهِ قَاتِلٌ لَهُ، قَوْلُهُ: (فَالْمَذْهَبُ) نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ مَحَلَّ الطَّرِيقَيْنِ الْإِذْنُ الْمُجَرَّدُ وَمَعَ الْإِكْرَاهِ فِيهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الْإِذْنِ الْمُجَرَّدِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ جَزْمًا لِأَنَّهُ دَفْعُ صَائِلٍ وَلَوْ عَدَلَ عَنْ قَتْلِهِ إلَى قَطْعِ طَرَفِهِ فَمَاتَ، قَالَ الْقَاضِي سَأَلْت عَنْهَا الْقَفَّالَ فَخَرَّجَهَا عَلَى مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ بِأَلْفٍ فَزَادَهُ هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا وَنَازَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ الْإِذْنُ فِي إتْلَافِ الْكُلِّ إذْنٌ فِي إتْلَافِ الْبَعْضِ فَلَا ضَمَانَ خِلَافًا لِتَخْرِيجِ الْقَفَّالِ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) عَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يُبَاحُ بِالْإِذْنِ فَكَانَ كَإِذْنِ الْمَرْأَةِ فِي الزِّنَى لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ. أَقُولُ فِي التَّشْبِيهِ بِالْمَرْأَةِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا حَقُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 (لَا دِيَةَ) أَيْضًا وَالثَّانِي تَجِبُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً (وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا) وَإِلَّا قَتَلْتُك (فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ) فَمَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمَا فَهُوَ مُخْتَارٌ لِقَتْلِهِ فَيَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ غَيْرُ الْإِثْمِ. فَصْلٌ إذَا (وُجِدَ مِنْ شَخْصَيْنِ مَعًا فِعْلَانِ مُزْهِقَانِ) لِلرُّوحِ، (مُذَفِّفَانِ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ أَيْ مُسْرِعَانِ لِلْقَتْلِ (كَحَزٍّ) لِلرَّقَبَةِ (وَقَدٍّ) لِلْجُثَّةِ (أَوْ لَا) أَيْ غَيْرُ مُذَفِّفَيْنِ (كَقَطْعِ عُضْوَيْنِ) مَاتَ مِنْهُمَا (فَقَاتِلَانِ) فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُذَفِّفًا دُونَ الْآخَرِ فَقِيَاسُ مَا سَيَأْتِي أَنَّ الْمُذَفِّفَ هُوَ الْقَاتِلُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. (وَإِنْ أَنْهَاهُ رَجُلٌ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ إبْصَارٌ وَنُطْقٌ وَحَرَكَةُ اخْتِيَارٍ ثُمَّ جَنَى آخَرُ فَالْأَوَّلُ قَاتِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ صَيَّرَهُ إلَى حَالَةِ الْمَوْتِ (وَيُعَزَّرُ الثَّانِي) لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ مَيِّتٍ، (وَإِنْ جَنَى الثَّانِي قَبْلَ الْإِنْهَاءِ إلَيْهَا فَإِنْ ذَفَّفَ كَحَزٍّ بَعْدَ جُرْحٍ فَالثَّانِي قَاتِلٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ قِصَاصُ الْعُضْوِ أَوْ مَالٌ بِحَسَبِ الْحَالِ) وَلَا نَظَرَ إلَى سِرَايَةِ الْجُرْحِ لَوْلَا الْحَزُّ لِاسْتِقْرَارِ الْحَيَاةِ عِنْدَهُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُذَفِّفْ الثَّانِي أَيْضًا وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْجِنَايَتَيْنِ كَانَ أَجَفَاهُ أَوْ قَطَعَ الْأَوَّلُ يَدَهُ مِنْ الْكُوعِ وَالثَّانِي مِنْ الْمِرْفَقِ. (فَقَاتِلَانِ) بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ (وَلَوْ قَتَلَ مَرِيضًا فِي النَّزْعِ وَعَيْشُهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ وَجَبَ) بِقَتْلِهِ (الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ قَدْ يَعِيشُ بِخِلَافِ مَنْ وَصَلَ بِالْجِنَايَةِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ) .   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ مِنْ اثْنَيْنِ وَمَا مَعَهَا قَوْلُهُ: (مَعًا) أَيْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. قَوْلُهُ: (فِعْلَانِ) هُوَ لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ فِعْلًا وَاحِدًا مِنْهُمَا كَأَنْ رَمَيَا عَلَيْهِ صَخْرَةً، وَيَشْمَلُ مَا زَادَ عَلَى الْفِعْلَيْنِ مِنْ الْمُتَعَدِّدِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (مُزْهِقَانِ) أَيْ يَقِينًا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُزْهِقَ أَعَمُّ مِنْ الْمُذَفِّفِ. قَوْلُهُ: (مَا سَيَأْتِي) بِقَوْلِهِ وَإِنْ جَنَى الثَّانِي إلَخْ. قَوْلُهُ: (هُوَ الْقَاتِلُ) وَعَلَى الْآخَرِ ضَمَانُ جُرْحِهِ قَوَدًا أَوْ دِيَةً أَوْ حُكُومَةً. قَوْلُهُ: (رَجُلٌ) أَيْ مَثَلًا فَالْمَرْأَةُ وَغَيْرُ الْبَالِغِ وَغَيْرُ الْعَاقِلِ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لَكَانَ أَعَمَّ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ إثْبَاتَ الْحُكْمِ فِي غَيْرِ الرَّجُلِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ مِنْ الْبُرْهَانِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ) أَيْ يَقِينًا وَلَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلَيْنِ وَكَذَا لَوْ شَكَّ عَلَى مَا هُوَ الْوَجْهُ لِأَنَّ شَغْلَ ذِمَّةِ الثَّانِي مَعَ الشَّكِّ بَعِيدٌ مَعَ تَحَقُّقِ جِنَايَةِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (إبْصَارُ وَنُطْقُ) هُمَا غَيْرُ مُنَوَّنَيْنِ عَلَى نِيَّةِ الْإِضَافَةِ لِمَا بَعْدَ الثَّالِثِ وَلِذَلِكَ عَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِاخْتِيَارِيَّاتٍ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قُطِعَ رَأْسُهُ أَوْ قُطِعَ نِصْفَيْنِ مَثَلًا، وَصَارَ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَكَلَّمُ فَلَا نَظَرَ لِكَلَامِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ وَإِنْ انْتَظَمَ لِأَنَّهُ اتِّفَاقِيٌّ وَمِنْهُ مَا حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا قُدَّ نِصْفَيْنِ، وَصَارَ يَتَكَلَّمُ وَطَلَبَ الِاسْتِقَاءَ وَسُقِيَ وَمَا حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا قُطِعَ رَأْسُهُ وَوَقَعَ مِنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لُصِقَ رَأْسُهُ بِبَدَنِهِ فَالْتَصَقَ وَحَلَّتْ فِيهِ الْحَرَارَةُ فَعَاشَ زَمَنًا طَوِيلًا، فَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْ قَاطِعِهِ وَيُورَثُ مَالُهُ وَلَا يَعُودُ إلَيْهِ وَتَخْرُجُ زَوْجَاتُهُ عَنْ عِصْمَتِهِ، وَلَا يَعُدْنَ إلَيْهِ كَمَا هُوَ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَطَعَ الْأَوَّلُ يَدَهُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْقَطْعَانِ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يُقَالُ: إنَّ فِعْلَ الثَّانِي قَطَعَ أَثَرَ فِعْلِ الْأَوَّلِ كَالْحَزِّ بَعْدَ الْقَطْعِ لِانْتِشَارِ الْأَلَمِ إلَى الْأَعْضَاءِ الرَّئِيسِيَّةِ بِالْقَطْعِ الْأَوَّلِ مِنْ الْقَطْعَيْنِ أَيْ مَعَ نِسْبَةِ الْمَوْتِ إلَيْهِمَا مَعًا فَلَا يُرَدُّ الْمُشَبَّهُ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَتَلَ مَرِيضًا) وَلَوْ بِضَرْبٍ يَقْتُلُهُ دُونَ الصَّحِيحِ وَإِنْ جَهِلَ مَرَضَهُ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ جَهْلَهُ لَا يُبِيحُ لَهُ الضَّرِّ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ، وَلَوْ عَفَا عَنْهُ وَجَبَتْ دِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِهِ وَفَارَقَ عَدَمَ لُزُومِ الْقَوَدِ، فِيمَا لَوْ كَانَ بِهِ جُوعٌ سَابِقٌ وَجَهِلَهُ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمَرَضِ، وَلِذَلِكَ لَوْ ضَرَبَ مَنْ بِهِ جُوعٌ ضَرْبًا يَقْتُلُ مِثْلَهُ وَجَبَ الْقَوَدُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَوْ أُبِيحَ لَهُ الضَّرْبُ لِنَحْوِ مُؤَدَّبٍ لَمْ يَجِبْ الْقَوَدُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيَلْزَمُهُ دِيَةُ عَمْدٍ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَنْ وَصَلَ بِالْجِنَايَةِ إلَخْ) وَهُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أَنْهَاهُ إلَخْ، وَذَلِكَ لِوُجُودِ السَّبَبِ فِيهِ دُونَ الْمَرِيضِ وَلَوْ انْدَمَلَتْ جُرُوحُ جِنَايَتِهِ وَاسْتَمَرَّ مَحْمُومًا حَتَّى مَاتَ فَإِنْ قَالَ عَدْلَانِ: إنَّ مَوْتَهُ مِنْ الْجِنَايَةِ وَجَبَ الْقَوَدُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ. تَنْبِيهٌ: مَنْ وَصَلَ إلَى الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ إسْلَامٌ وَلَا رِدَّةٌ وَلَا وَصِيَّةٌ وَلَا لِعَانٌ وَلَا قَذْفٌ، وَلَا عَقْدٌ كَبَيْعٍ، وَلَا حَلٌّ كَعِتْقٍ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ لَا تَشْرَعُ زَوْجَتُهُ فِي الْعِدَّةِ، وَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا لَوْ وَلَدَتْ حِينَئِذٍ، وَلَا تَجِبُ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ وَلَا يَجُوزُ تَجْهِيزُهُ، فَلَا يَكْفِي غُسْلُهُ، وَلَا   [حاشية عميرة] الْآذِنِ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْقَاضِيَ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَلَمْ يَرَ الْإِبْهَامَ مُسْقِطًا لِآلَةِ الْإِكْرَاهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ قَصْدِ الْعَيْنِ [فَصْلٌ وُجِدَ مِنْ شَخْصَيْنِ مَعًا فِعْلَانِ مُزْهِقَانِ لِلرُّوحِ مُذَفِّفَانِ مَاتَ مِنْهُمَا] فَصْلٌ هُوَ مَعْقُودٌ لِطَرَيَانِ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ عَلَى السَّبَبِ، وَالْحُكْمُ فِيهِمَا تَقْدِيمُ الْأَقْوَى وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُتَعَادِلَيْنِ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. أَقُولُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَى مَا فِي صَدْرِ الْفَصْلِ لِأَنَّهُ مُقَدِّمَةٌ لِمَا بَعْدَهُ قَوْلُهُ: (إذَا) قَدَّرَهَا لِمَكَانِ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَقَاتِلَانِ، (قَوْلُهُ: مُذَفِّفَانِ) هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَلَيْسَ صِفَةً لِلْفِعْلَيْنِ لِأَنَّهُمَا يَنْقَسِمَانِ إلَى الْمُذَفِّفِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَنْقَسِمَا هُنَا إلَى الْمُذَفِّفِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَفْسُدُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِلَّا فَقَاتِلَانِ، قَوْلُهُ: (فَقَاتِلَانِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إضَافَتُهُ إلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَلَا إسْقَاطُهُ قَوْلُهُ: (عَيْشُ مَذْبُوحٍ) عِبَارَةُ الْإِمَامِ لَوْ انْتَهَى إلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَبَدَتْ أَمَارَاتُهُ وَتَغَيَّرَتْ أَنْفَاسُهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِالْمَوْتِ بَلْ يَلْزَمُ قَاتِلَهُ الْقِصَاصُ وَإِنْ كَانَ يَظُنُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 فَصْلٌ إذَا (قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ) بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ (بِدَارَ الْحَرْبِ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ (وَكَذَا لَا دِيَةَ فِي الْأَظْهَرِ) لِلْعُذْرِ وَالثَّانِي عَلَيْهِ الدِّيَةُ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ، (أَوْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَجَبَا) أَيْ الْقِصَاصُ ابْتِدَاءً وَالدِّيَةُ بَدَلًا عَنْهُ. (وَفِي الْقِصَاصِ قَوْلٌ) أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ (أَوْ) قَتَلَ (مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ فَبَانَ خِلَافُهُ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ) عَلَيْهِ، وَفِيمَا عَدَا الْأُولَى قَوْلٌ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ طَرْدٌ فِي الْأُولَى وَفِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِالْوُجُوبِ بَحَثَ الرَّافِعِيُّ مَجِيئَهُ فِي الْأَخِيرَةِ (وَلَوْ ضَرَبَ مَرِيضًا جَهِلَ مَرَضَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ الْمَرِيضَ) ، دُونَ الصَّحِيحِ (وَجَبَ الْقِصَاصُ) لِأَنَّ جَهْلَهُ لَا يُبِيحُ الضَّرْبَ.   [حاشية قليوبي] تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ دَفْنُهُ. نَعَمْ تُعْتَبَرُ أَفْعَالُ الْمَرِيضِ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانُ مَثَلًا، وَلَا يَنْتَقِلُ مَالُهُ لِلْوَارِثِ بِخِلَافِ الْجَرِيحِ فِيهِمَا فَرَاجِعْهُ. فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ حَالِ الْمَقْتُولِ وَفِي اعْتِبَارِ الْكَفَاءَةِ فِي الْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي قَوْلُهُ: (قَتَلَ) أَيْ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ اسْتَعَنَّا بِهِ وَإِلَّا وَجَبَ الْقَوَدُ. قَوْلُهُ: (مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ) أَيْ حِرَابَتِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي حِرَابَتِهِ وَعَدَمِهَا كَإِسْلَامِهِ أَوْ ذِمِّيَّتِهِ فَالْمُرَادُ بِالظَّنِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إنْ ادَّعَاهُ. قَوْلُهُ: (زِيُّ الْكُفَّارِ) بِكَسْرِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ عَلَيْهِ هَيْئَةُ الْحَرْبِيِّينَ لِأَنَّهُمْ الْمُرَادُ وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِرِدَّةٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ بِدَارِنَا وَمِثْلُهُ تَعْظِيمُ آلِهَتِهِمْ بِدَارِهِمْ. قَوْلُهُ: (بِدَارِ الْحَرْبِ) وَمِثْلُهُ صَفُّهُمْ فِي دَارِنَا لِوُجُودِ الْمَعْنَى فِيهِ فَهُوَ هَدَرٌ أَيْضًا قَوْلُهُ: (لِلْعُذْرِ) أَيْ بِالتَّرَدُّدِ الْمَذْكُورِ وَخَرَجَ مَا لَوْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا فَبَانَ مُسْلِمًا فَإِنْ قَتَلَهُ بِدَارِهِمْ فَهُوَ هَدَرٌ بِالْأَوْلَى مِنْ الظَّنِّ أَوْ بِدَارِنَا وَجَبَتْ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ لَا قِصَاصٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَذَا قَالُوهُ، وَالْوَجْهُ فِي هَذِهِ الْقَطْعُ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَجَبَا) أَيْ وَجَبَ الْقِصَاصُ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُهُ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْقِصَاصِ قَوْلٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ مَحَلُّ هَذَا فِيمَا لَوْ عَهِدَ حِرَابَتَهُ، فَإِنْ ظَنَّهَا وَجَبَ الْقِصَاصُ قَطْعًا وَصَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْوَجْهُ وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا) أَوْ ظَنَّهُ بِالْأَوْلَى قَوْلُهُ: (أَوْ ذِمِّيًّا) الْمُرَادُ غَيْرُ حَرْبِيٍّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ) وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ خَلْفُ الْعَهْدِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ ظَنَّ أَوْ عَهِدَ إسْلَامَهُ فَقَتَلَهُ، وَلَوْ بِدَارِهِمْ فَفِيهِ الْقَوَدُ قَطْعًا، فَإِنْ شَكَّ فِيهِ وَقَتَلَهُ بِدَارِنَا مُطْلَقًا أَوْ بِدَارِهِمْ وَعَلِمَ مَكَانَهُ، فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَهَدَرٌ وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ عُمُومِ التَّرَدُّدِ السَّابِقِ فَتَأَمَّلْهُ. فَإِنَّهُ فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسْلِمِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا عَدَا الْأَوَّلَ قَوْلُ إلَخْ) فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الْمُوَافِقُ لِطَرِيقِ الْقَطْعِ فِي الْجَمِيعِ أَصْلًا وَطَرْدًا. قَوْلُهُ: (بَحَثَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) فَإِجْرَاءُ الْمُصَنِّفِ الطُّرُقَ فِيهَا نَظَرًا لِذَلِكَ الْبَحْثِ أَوْ تَغْلِيبًا وَهُوَ الْوَجْهُ إذْ الرَّافِعِيُّ لَيْسَ مِنْ أَصْحَابِ الْوُجُوهِ. تَنْبِيهٌ: شَمِلَ مَا ذَكَرَ مَا لَوْ كَانَ قَاتِلُ الْمُرْتَدِّ هُوَ الْإِمَامَ وَبِهِ قَالَ الْخَطِيبُ وَهُوَ الْوَجْهُ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ. فَرْعٌ: لَوْ تَتَرَّسَ الْحَرْبِيُّونَ بِمُسْلِمٍ فَإِنْ قَتَلَهُ مَنْ عَلِمَ إسْلَامَهُ بِدَارِهِمْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ.   [حاشية عميرة] أَنَّهُ فِي مِثْلِ حَالَةِ الْمَقْدُودِ اهـ. هَذَا وَلَكِنْ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْوَصَايَا قَدْ يُخَالِفُ هَذَا وَصَرَّحَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَلَوْ شَرِبَ سُمًّا انْتَهَى بِهِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْجَرِيحِ. [فَصْلٌ قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ بِدَارِ الْحَرْبِ] فَصْلٌ قَتَلَ مُسْلِمًا قَوْلُهُ: (لَا قِصَاصَ وَكَذَا دِيَةٌ فِي الْأَظْهَرِ) إطْلَاقُهُ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْخِلَافِ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ فِي دَارِ الْحَرْبِ مُسْلِمًا أَمْ لَا، وَلَكِنَّ طَرِيقَةَ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ الْجَزْمُ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّ فِيهَا مُسْلِمًا، أَوْ قَصَدَ عَيْنَ شَخْصٍ يَظُنُّهُ كَافِرًا أَوْ إنْ انْتَفَى الْأَمْرَانِ فَلَا دِيَةَ جَزْمًا وَإِنْ وَجَدَ أَحَدَهُمَا فَلَا دِيَةَ عَلَى الْأَظْهَرِ وَنَفَى الدِّيَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ بِمَعْنَى فِي أَيْ فِي عَدُوٍّ لَكُمْ وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهِ سِوَى الْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّهُ أَسْقَطَ حُرْمَتَهُ بِإِقَامَتِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَوُجُوبِهَا لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِ مَنْ فِي الدَّارِ الْعِصْمَةُ، قَوْلُهُ: (وَفِي الْقِصَاصِ قَوْلٌ) هَذَا الْقَوْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ الْأَقْيَسُ لِأَنَّ مَنْ خَرَجَ فِي دَارِنَا عَلَى زِيِّ الْكُفَّارِ لَا نَرْتَابُ فِي كَوْنِهِمْ مِنْهُمْ. أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْحَرْبِيِّينَ وَاَلَّذِي فِي دَارِنَا يَغْلِبُ أَنْ يَكُونَ بِأَمَانٍ فَاتُّجِهَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عِنْدَ تَبَيُّنِ الْإِسْلَامِ، قَوْلُهُ: (مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا أَوْ ذِمِّيًّا) لَوْ كَانَ بَدَلُ الْعَهْدِ فِيهِمَا الظَّنَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَالْمُتَّجَهُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ظَنِّ قَاتِلِ أَبِيهِ فِي الْقَطْعِ أَوْ إثْبَاتِ الْقَوْلَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ضَرَبَ مَرِيضًا إلَخْ) مِنْ نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا أَمَتَهُ الْمُشْتَرَكَةَ أَوْ سَرَقَ نِصَابًا يَظُنُّهُ دُونَهُ بَلْ قَالُوا فِي هَذِهِ الْأَخِيرَةِ، يَقْطَعُ قَطْعًا وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ خِلَافِ الْقِصَاصِ فِيهَا وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُؤَدَّبِ وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا) أَيْ كَمَا لَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 (وَقِيلَ لَا) يَجِبُ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ لَيْسَ بِمُهْلِكٍ عِنْدَهُ وَلَوْ عَلِمَ مَرَضَهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ قَطْعًا. (وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتِيلِ إسْلَامٌ أَوْ أَمَانٌ) كَمَا فِي الذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ (فَيُهْدَرُ الْحَرْبِيُّ) لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ (وَالْمُرْتَدُّ) فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ لِذَلِكَ وَسَيَذْكُرُ فِي حَقِّ ذِمِّيٍّ وَمُرْتَدٍّ، (وَمَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ كَغَيْرِهِ) فَيَلْزَمُ قَاتِلَهُ الْقِصَاصُ (وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ إنْ قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ قُتِلَ بِهِ) لَأَنْ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ، (أَوْ مُسْلِمٌ فَلَا) يُقْتَلُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا إلَى اسْتِيفَائِهِ حَدًّا لِلَّهِ. وَالثَّانِي قَالَ اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ لِلْإِمَامِ دُونَ الْآحَادِ وَفِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الْخِلَافُ إذَا قُتِلَ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ، فَإِنْ قُتِلَ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِقَتْلِهِ فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا. (وَ) يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهِ (فِي الْقَاتِلِ بُلُوغٌ وَعَقْلٌ) فَلَا قِصَاصَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ. (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ عَلَى السَّكْرَانِ) لِتَعَدِّيهِ وَأَلْحَقَ بِهِ مَنْ تَعَدَّى بِشُرْبِ دَوَاءٍ مُزِيلٍ لِلْعَقْلِ وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ شَرْطِ الْعَقْلِ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ وَفِي قَوْلٍ لَا وُجُوبَ عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي تَصَرُّفِهِ (وَلَوْ قَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا صَدَقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا) فِيهِ (وَعَهِدَ الْجُنُونَ) قَبْلَهُ (وَلَوْ قَالَ أَنَا صَبِيٌّ) الْآنَ (فَلَا قِصَاصَ وَلَا يَحْلِفُ) أَنَّهُ صَبِيٌّ (وَلَا قِصَاصَ عَلَى حَرْبِيٍّ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ (وَيَجِبُ) الْقِصَاصُ (عَلَى الْمَعْصُومِ) بِعَهْدٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَالْمُرْتَدِّ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ) وَمِثْلُهُ الدِّيَةُ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِعَطْفِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (فَيُهْدَرُ الْحَرْبِيُّ) أَيْ مُطْلَقًا وَالْقَيْدُ بَعْدَهُ فِي الْمُرْتَدِّ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ عَلَيْهِ إلَخْ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ قَوْلُهُ: (وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ إنْ قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ قُتِلَ بِهِ) وَكَذَا إنْ قَتَلَهُ مُرْتَدٌّ أَوْ زَانٍ مُحْصَنٌ مِثْلُهُ وَالْعِلَّةُ قَاصِرَةٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُسْلِمٌ فَلَا) أَيْ لَا يُقْتَلُ بِهِ مُسْلِمٌ غَيْرُ مُحْصَنٍ، وَلَوْ زَانِيًا وَلَا مُحْصَنَ غَيْرُ زَانٍ وَأَخَذَ الْبُلْقِينِيُّ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ كَافِرٌ غَيْرُ مُحْصَنٍ بِقَتْلِهِ كَافِرًا مُحْصَنًا. تَنْبِيهٌ: شَمِلَ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ مَا لَوْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ رَجَعَ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّةِ رُجُوعِهِ، وَعَلِمَ الْقَاتِلُ بِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ لِسُقُوطِ حُرْمَتِهِ. قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى اسْتِيفَائِهِ حَدَّ اللَّهِ) أَيْ فِي الْوَاقِع وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ بَلْ، وَإِنْ قَصَدَ خِلَافَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ شَأْنَ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ اسْتِيفَائِهِ، وَلِذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ اسْتِيفَائِهِ كَذِمِّيٍّ قُتِلَ بِهِ قَوْلُهُ: (وَمَجْنُونٌ) نَعَمْ إنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ وَجَنَى حَالَ إفَاقَتِهِ وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَيْهِ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ حَالَ جُنُونِهِ، وَسَكَتَ كَغَيْرِهِ عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ، وَالْقِيَاسُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا، وَوُجُوبُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي مَالِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَالْمَذْهَبُ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِالْأَظْهَرِ أَوْ الْمَشْهُورِ لِعَدَمِ الطُّرُقِ كَمَا أَشَارَ الشَّارِحُ قَوْلُهُ: (لِتَعَدِّيهِ) فَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ سَكِرَ تَعَدِّيًا أَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَنْ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَثْنَى) وَلَيْسَ مُسْتَثْنًى حَقِيقَةً لِعَدَمِ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ. قَوْلُهُ: (كَالْمَجْنُونِ) يُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا وَصَلَ إلَى حَالَةِ الْجُنُونِ وَإِلَّا فَيَجِبُ الْقَوَدُ قَطْعًا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ جُنُونٌ أَوْ سُكْرٌ صُدِّقَ الْقَاتِلُ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْقَتْلِ) أَيْ وَقْتَهُ. قَوْلُهُ: (وَعَهِدَ الْجُنُونَ) وَلَوْ مَرَّةً وَإِنْ طَالَ عَهْدُهَا وَلَوْ تَعَارَضَا بَيِّنَتَانِ بِجُنُونِهِ وَعَقْلِهِ تَسَاقَطَا وَوَجَبَ الْقَوَدُ نَظَرًا لِحَالَةِ التَّكْلِيفِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (أَنَا صَبِيٌّ الْآنَ) أَيْ وَأَمْكَنَ فَلَا قِصَاصَ وَلَا يَحْلِفُ وَحَيْثُ سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَجَبَ دِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَلَا قِصَاصَ) أَيْ وَلَا دِيَةَ قَوْلُهُ: (عَلَى حَرْبِيٍّ) أَيْ بِلَا أَمَانٍ وَإِنْ   [حاشية عميرة] جَوَّعَهُ جُوعًا لَا يَقْتُلُهُ وَكَانَ هُنَاكَ جُوعٌ سَابِقٌ جَهِلَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمَرَضِ بِخِلَافِ الْجُوعِ فَإِنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْجُوعِ السَّابِقِ، وَأَيْضًا الْجُوعُ يَخْفَى بِخِلَافِ الْمَرَضِ السَّابِقِ قَوْلُهُ: (لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ) ، لَوْ قَالَ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ كَانَ أَوْلَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَهَدَرٌ وَلَكِنْ الْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ، قَوْلُهُ بَعْدُ وَفِي الْقَاتِلِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَمُكَافَأَةٌ وَقَوْلُهُ إسْلَامٌ أَوْ أَمَانٌ مُرَادُهُ أَنَّ الْعِصْمَةَ مَحْصُورَةٌ فِي هَذَيْنِ وَيَرِدُ ضَرْبُ الرِّقِّ عَلَى الْأَسِيرِ الْوَثَنِيِّ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الثَّانِي. قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) أَيْ سَوَاءٌ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ خِلَافًا لِمَا فِي التَّنْبِيهِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ مِنْ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ، بِالْأَوَّلِ ثُمَّ حَاصِلُ مَا فِي الزَّرْكَشِيّ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِيمَا لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ إذَا قَتَلَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ وَجَبَ الْقِصَاصُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (بُلُوغٌ وَعَقْلٌ) أَيْ لِيَدْخُلَ فِي أَدِلَّةِ الْقِصَاصِ ثُمَّ إذَا وَجَبَ وَطَرَأَ الْجُنُونُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَوْفَى مِنْهُ حَالَ الْجُنُونِ وَلَوْ كَانَ ثُبُوتُهُ بِإِقْرَارِهِ. تَنْبِيهٌ: يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَعِصْمَةٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْحَرْبِيِّ قَوْلُهُ: (أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ وَهُوَ انْتِفَاءُ الْفَهْمِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ وَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَأَنَّ مُرَادَهُمْ بِذَلِكَ عَدَمُ خِطَابِهِ فِي حَالِ السُّكْرِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْلِفُ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَلَا يُمْكِنُ تَحْلِيفُهُ قِيلَ وَهِيَ أَحْسَنُ لِإِشْعَارِهَا بِالْعِلَّةِ قَوْلُهُ: (عَلَى حَرْبِيٍّ) أَيْ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ عَقَدَ لَهُ ذِمَّةً وَلَوْ كَانَ إسْلَامُهُ بَيْنَ جُرْحِهِ وَمَوْتِ الْمَجْرُوحِ قَوْلُهُ: (يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْمَعْصُومِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِ وَأَمَّا فِي حَقِّ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ فَسَيَأْتِي قَالَ وَالدَّلِيلُ حَدِيثُ «مَنْ اعْتَقَلَ مُسْلِمًا وَقَتَلَهُ فَهُوَ بِهِ قَوَدٌ» . قَوْلُهُ: (وَالْمُرْتَدُّ) هَذَا الْعَطْفُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 لِالْتِزَامِ الْأَوَّلِ وَبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّانِي (وَمُكَافَأَةً) بِالْهَمْزِ مِنْ الْمَقْتُولِ لِلْقَاتِلِ (فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيٍّ) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» (وَيُقْتَلُ ذِمِّيٌّ بِهِ) أَيْ بِمُسْلِمٍ (وَبِذِمِّيٍّ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا) كَيَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ (فَلَوْ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ وَلَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا، وَأَسْلَمَ الْجَارِحُ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ فَكَذَا) أَيْ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْمُكَافَأَةِ وَقْتَ الْجُرْحِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى الْمُكَافَأَةِ وَقْتَ الزُّهُوقِ (وَفِي الصُّورَتَيْنِ إنَّمَا يَقْتَصُّ الْإِمَامُ بِطَلَبِ الْوَارِثِ) ، وَلَا يُفَوِّضُهُ إلَيْهِ حَذَرًا مِنْ تَسْلِيطِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ (وَالْأَظْهَرُ قَتْلُ مُرْتَدٍّ بِذِمِّيٍّ) وَالثَّانِي لَا لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُرْتَدِّ، وَعُورِضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَرَّرٍ بِالْجِزْيَةِ (وَبِمُرْتَدٍّ) ، وَالثَّانِي لَا إذْ الْمَقْتُولُ مُبَاحُ الدَّمِ (لَا ذِمِّيٌّ بِمُرْتَدٍّ) ، وَالثَّانِي يُقْتَلُ بِهِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِ وَعُورِضَ بِمَا تَقَدَّمَ. (وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ) لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ (وَيُقْتَلُ قِنٌّ وَمُدَبَّرٌ وَمُكَاتَبٌ وَأُمُّ وَلَدٍ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) لِتَكَافُئِهِمْ بِتَشَارُكِهِمْ فِي الْمَمْلُوكِيَّةِ (وَلَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ عَتَقَ الْقَاتِلُ أَوْ) جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ (عَتَقَ) الْجَارِحُ (بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ فَكَحُدُوثِ الْإِسْلَامِ) لِلذِّمِّيِّ الْقَاتِلِ أَوْ الْجَارِحِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ عَدَمُ سُقُوطِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ وَكَذَا فِي الْجُرْحِ فِي الْأَصَحِّ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَوْ قَتَلَ مِثْلَهُ لَا قِصَاصَ وَقِيلَ إنْ لَمْ تَزِدْ حُرِّيَّةُ الْقَاتِلِ) عَلَى حُرِّيَّةِ الْمَقْتُولِ بِأَنْ كَانَتْ قَدْرَهَا أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا (وَجَبَ) الْقِصَاصُ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ حِينَئِذٍ مُسَاوٍ أَوْ فَاضِلٌ وَعَارَضَ نَافِيَ الْقِصَاصِ بِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِجُزْءِ الْحُرِّيَّةِ جُزْءُ الْحُرِّيَّةِ، وَبِجُزْءِ الرِّقِّ جُزْءُ الرِّقِّ بَلْ يُقْتَلُ جَمِيعُهُ بِجَمِيعِهِ حُرِّيَّةً، وَرِقًا شَائِعًا فَيَلْزَمُ قَتْلُ جُزْءِ حُرِّيَّةٍ بِجُزْءِ رِقٍّ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ   [حاشية قليوبي] أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ كَانَتْ عَانَتُهُ نَابِتَةً بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ لِأَنَّ الْقَتْلَ فِيهِ مُعَلَّقٌ بِالْبُلُوغِ، قَوْلُهُ: (وَبَقَاءُ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ) فَهُوَ مُلْتَزِمٌ لِلْأَحْكَامِ حُكْمًا، وَلَيْسَ لَهُ تَأْوِيلٌ وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ قَتَلَ بَاغٍ عَادِلًا فِي الْقِتَالِ حَيْثُ يُهْدَرُ. قَوْلُهُ: (وَمُكَافَأَةٌ) وَأَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ الْمُسَاوَاةُ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا أَنْ لَا يَزِيدَ الْقَاتِلُ عَلَى الْمَقْتُولِ بِإِيمَانٍ. أَوْ أَمَانٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ أَوْ أَصْلِيَّةٍ أَوْ سِيَادَةٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ) وَلَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا أَوْ رَقِيقًا. قَوْلُهُ: (بِذِمِّيٍّ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ بِالْأَوْلَى، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لِلرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ. نَعَمْ إنْ حَكَمَ بِهِ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (وَبِذِمِّيٍّ) وَبِمُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَأَسْلَمَ الْجَارِحُ) خَرَجَ مَا لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْجُرْحِ وَلَوْ بِدَعْوَاهُ لِأَنَّهُ الْمُصَدَّقُ فِيهَا، فَلَا قِصَاصَ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الرَّمْيِ لَمْ يَجِبْ قِصَاصٌ أَيْضًا، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُكَافَأَةَ تُعْتَبَرُ مِنْ أَوَّلِ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ إلَى الزُّهُوقِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ قَتْلُ مُرْتَدٍّ بِذِمِّيٍّ) وَبِمُعَاهَدٍ كَمَا مَرَّ، وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ قِصَاصًا عَلَى قَتْلِهِ بِالرِّدَّةِ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ، فَإِنْ عَفَا عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ قُتِلَ بِالرِّدَّةِ، وَلَا أَرْشَ وَلَا دِيَةَ لِلْعَافِي لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْهُمَا فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ عَلَى الرَّاجِحِ الْمُعْتَمَدِ إلَّا إنْ عَفَا بَعْدَ إسْلَامِهِ. قَوْلُهُ: (وَعُورِضَ إلَخْ) بَلْ هُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ بَقَاءَ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِ تُوجِبُ زِيَادَةً فِي إهْدَارِهِ بِدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ مُرْتَدَّةٍ، وَعَدَمِ صِحَّةِ تَزْوِيجِهَا مِنْ كَافِرٍ، وَشَمِلَ مَا لَوْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ بَعْدَ جِنَايَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ. قولهُ: (وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ) وَلَوْ ذِمِّيًّا بِرَقِيقٍ وَلَوْ مُسْلِمًا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. نَعَمْ إنْ حَكَمَ بِهِ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ كَمَا مَرَّ، وَدَلِيلُ عَدَمِ الْقَتْلِ حَدِيثُ «لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ» وَمَا وَرَدَ بِخِلَافِهِ لَمْ يَثْبُتْ أَوْ مَنْسُوخٌ أَوْ مُقَيَّدٌ. قَوْلُهُ: (بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ) وَلَوْ بِالشَّكِّ فَلَوْ قَتَلَ حُرٌّ عَبْدًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ عَتَقَ أَحَدُهُمْ مُبْهَمًا وَخَرَجَتْ الْحُرِّيَّةُ لِلْمَقْتُولِ لَمْ يَجِبْ قِصَاصٌ، وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ رَقِيقٌ نَعَمْ إنْ قَتَلَهُ بِدَارِنَا وَجَبَ الْقَوَدُ وَكَذَلِكَ اللَّقِيطُ. قَوْلُهُ: (وَمُكَاتَبٌ) نَعَمْ لَا يُقْتَلُ مُكَاتَبٌ بِقَتْلِهِ عَبْدَهُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَظَرًا لِلسِّيَادَةِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَلَوْ قَتَلَ مِثْلُهُ لَا قِصَاصَ) وَالْمِثْلِيَّةُ مِنْ حَيْثُ التَّبْعِيضُ لَا الْمِقْدَارُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَفِي التَّسَاوِي، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ يَتَعَلَّقُ رُبُعُ الدِّيَةِ، وَرُبُعُ الْقِيمَةِ بِمَالِهِ وَرُبُعُهُمَا بِرَقَبَتِهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ   [حاشية عميرة] الْمَعْصُومِ، قَوْلُهُ: (فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيٍّ) نَصَّ عَلَيْهِ لِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى، وَكَذَا حُكْمُ الْمُسْلِمِ إذَا قَتَلَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لَا يُقْتَلُ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) أَيْ هُوَ كَمَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَمَاتَ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا خَرَجَ عَنْ الْعِصْمَةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، قَوْلُهُ: (قَتْلُ مُرْتَدٍّ بِذِمِّيٍّ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) قَدْ يُؤَيَّدُ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ لِلذِّمِّيِّ قَوْلُهُ: (وَبِمُرْتَدٍّ) فَتَكُونُ عِصْمَتُهُ بِالنَّظَرِ إلَى إسْلَامِهِ السَّابِقِ وَقَدْ يَقْدَحُ فِي قَصْرِ الْعِصْمَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْأَمَانِ، قَوْلُهُ: (لَا ذِمِّيٌّ بِمُرْتَدٍّ) الْخِلَافُ فِي هَذِهِ بَنَاهُ الْقَفَّالُ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَكْسِهَا وَمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ لَا يَضْمَنُهَا، قَوْلُهُ: (يُقْتَلُ بِهِ) أَيْ وَطَلَبُهُ لِلْإِمَامِ قَوْلُهُ: (وَعُورِضَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ مُهْدَرٌ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَعْصُومٌ عَنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ قَتْلَهُ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَعَارَضَ نَافِي الْقِصَاصِ إلَخْ) ، مِمَّا يَدُلُّ لَهُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ وَكَانَا نِصْفَيْنِ تَعَلَّقَ رُبُعُ الدِّيَةِ وَرُبُعُ الْقِيمَةِ بِمَالِهِ وَمِثْلُهُمَا بِرَقَبَتِهِ. فَرْعٌ: شَخْصٌ لَهُ عَبِيدٌ ثَلَاثَةُ أَعْتَقَ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَمَاتَ وَاحِدٌ وَقُتِلَ وَاحِدٌ قَبْلَ مَوْتِهِ يَقْرَعُ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لِأَحَدِ الْحَيَّيْنِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ خَرَجَ عَلَى الْمَقْتُولِ بَانَ أَنَّهُ قُتِلَ حُرًّا وَكَانَتْ الدِّيَةُ لِوَرَثَتِهِ قَالَ الْقَاضِي وَلَا قِصَاصَ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَقْتَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنْت حُرٌّ قَبْلَ جُرْحِ فُلَانٍ لَك بِيَوْمٍ فَإِذَا جُرِحَ وَمَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 (وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ وَحُرٍّ وَذِمِّيٍّ) بِأَنْ قَتَلَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ أَوْ عَكْسَهُ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ وَالْحُرُّ لَا يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ وَلَا تَجْبُرُ الْفَضِيلَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَقِيصَتَهُ (وَلَا) قِصَاصَ (بِقَتْلِ وَلَدٍ) لِلْقَاتِلِ (وَإِنْ سَفَلَ) لِحَدِيثِ «لَا يُقَادُ لِلِابْنِ مِنْ أَبِيهِ» صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْبِنْتُ كَالِابْنِ وَالْأُمُّ كَالْأَبِ قِيَاسًا وَكَذَا الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ وَإِنْ عَلَوْا مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْوَالِدَ كَانَ سَبَبًا فِي وُجُودِ الْوَلَدِ، فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ (وَلَا) قِصَاصَ (لَهُ) أَيْ لِلْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ كَأَنْ قَتَلَ عَتِيقَهُ أَوْ زَوْجَةَ نَفْسِهِ، وَلَهُ مِنْهَا ابْنٌ (وَيُقْتَلُ بِوَالِدِيهِ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمْ كَغَيْرِهِمْ. (وَلَوْ تَدَاعَيَا مَجْهُولًا فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالْآخَرِ اخْتَصَّ) أَيْ الْآخَرُ لِثُبُوتِ أُبُوَّتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ بِهِ (فَلَا) يَقْتَصُّ لِعَدَمِ ثُبُوتِ أُبُوَّتِهِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: إنْ أَلْحَقَهُ بِالْقَاتِلِ فَلَا قِصَاصَ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَوْ أَلْحَقَهُ بِغَيْرِهِمَا. اقْتَصَّ أَيْ إنْ ادَّعَاهُ (وَلَوْ قَتَلَ أَحَدُ أَخَوَيْنِ) شَقِيقَيْنِ (الْأَبَ وَالْآخَرُ الْأُمَّ مَعًا) ، وَالْمَعِيَّةُ وَالتَّرْتِيبُ الْآتِي بِزُهُوقِ الرُّوحِ (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (قِصَاصٌ) عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ (وَيُقَدَّمُ) لِلْقِصَاصِ (بِقُرْعَةِ) أَحَدِهِمَا (فَإِنْ اقْتَصَّ) الْآخَرُ (بِهَا أَوْ مُبَادِرًا) أَيْ قَبْلَهَا (فَلِوَارِثِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ قَتْلُ الْمُقْتَصِّ إنْ لَمْ تُوَرِّثْ قَاتِلًا بِحَقٍّ) ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (وَكَذَا إنْ قَتَلَا مُرَتَّبًا وَلَا زَوْجِيَّةَ) بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ أَيْ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ عَلَى الْآخَرِ، وَيُقَدِّمُ لَهُ بِالْقُرْعَةِ أَوْ مَنْ ابْتَدَأَ بِالْقَتْلِ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي وَلَوْ بَادَرَ مَنْ أُرِيدَ الِاقْتِصَاصُ مِنْهُ بِالْقُرْعَةِ أَوْ لِابْتِدَائِهِ بِالْقَتْلِ فَقَتَلَ   [حاشية قليوبي] الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ يَدَ نَفْسِهِ لَزِمَهُ ثَمَنُ قِيمَتِهِ لِسَيِّدِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ وَحُرٍّ ذِمِّيٍّ) وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ عُمُومِ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا بِقَتْلِ وَلَدٍ) أَيْ لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ وَإِنْ عَلَا بِقَتْلِ وَلَدِهِ وَلَوْ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ بِقَتْلِهِ إلَّا إنْ أَضْجَعَهُ وَذَبَحَهُ كَالْبَهِيمَةِ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ بِهِ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا قِصَاصَ لَهُ) أَيْ لَوْ وَرِثَ الْوَلَدُ قِصَاصًا عَلَى وَالِدِهِ لَمْ يَقْتَصَّ مِنْهُ بَلْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا يَرِثُ الْقِصَاصَ أَيْضًا لِمُقَارَنَةِ الْمُسْقِطِ لِلسَّبَبِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَدَاعَيَا) هِيَ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَبْلَهَا لِإِفَادَةِ أَنَّ الْأَصَالَةَ تُسْقِطُ الْقَوَدَ وَإِنْ ثَبَتَتْ بَعْدَهُ بِالِاجْتِهَادِ، وَتُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْقَائِفِ، وَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ وَعَلَى الِانْتِسَابِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ بِهِ) سَوَاءٌ أَلْحَقَهُ بِالْقَاتِلِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِأَحَدٍ أَوْ تَحَيَّرَ فَلَا قِصَاصَ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ، وَشَامِلَةٌ أَيْضًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَلَوْ مَعَ الشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَتِهِمَا جَمِيعًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (شَقِيقَيْنِ) زَادَ فِي الْمَنْهَجِ حَائِزَيْنِ وَهُوَ لَا بُدَّ مِنْهُ لِدَفْعِ احْتِمَالِ أَنَّ لِلْأَبِ زَوْجَةً أُخْرَى غَيْرَ أُمِّهِمَا أَوْ احْتِمَالِ شَقِيقٍ ثَالِثٍ، لَمْ يُقْتَلْ مَعَ أَخَوَيْهِ فَقَوْلُ الْبُرُلُّسِيِّ لَمْ أَفْهَمْ لِلتَّقْيِيدِ بِهِ مَعْنًى غَيْرَ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (مَعًا) أَيْ يَقِينًا عَلَى الْأَوْجَهِ وَقَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ شَكَّ فِي الْمَعِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ السَّبْقِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَلَوْ عَلِمَ السَّبْقَ وَرَجَا وَقْفَ الْأَمْرِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَالصُّلْحُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَلِكُلٍّ قِصَاصٌ) فَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا اُقْتُصَّ مِنْهُ دُونَ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (بِقُرْعَةٍ) أَيْ وُجُوبًا فِي فِعْلِهَا وَالتَّقْدِيمِ بِهَا، قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمَا) هُوَ نَائِبُ فَاعِلِ يُقَدَّمُ وَهُوَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ، وَلَا يُنَافِيهِ الْمُبَادَرَةُ الْمَذْكُورَةُ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْقُرْعَةِ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَرْجَحُهُمَا فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي) أَيْ تَقْدِيمُ الْبَادِي بِالْقَتْلِ لِلِاقْتِصَاصِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ لِبُطْلَانِهِ بِالْمَوْتِ، وَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُمَا   [حاشية عميرة] الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ: (وَلَا قِصَاصَ بِقَتْلِ وَلَدٍ) نَقَلَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ذَلِكَ الْإِجْمَاعَ وَمُرَادُهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ خَالَفَ مَالِكٌ فِيمَا لَوْ ذَبَحَهُ كَالشَّاةِ، وَلَوْ قَتَلَهُ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ فَفِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ كَانَ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ فَلَا قِصَاصَ بِقَتْلِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يُلْحِقَهُ بِالِاسْتِيلَادِ، قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَفَلَ) لِأَنَّهُ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْوِلَادَةِ فَاسْتَوَى فِيهِ السَّافِلُ وَالْعَالِي كَالْإِرْثِ وَغَيْرِهِ كَالنَّفَقَةِ، قَوْلُهُ: (وَيُقْتَلُ بِوَالِدَيْهِ) لِأَنَّ أَخْذَ الْأَنْقَصِ بِالْأَكْمَلِ اقْتِصَارٌ عَلَى بَعْضِ الْحَقِّ وَعَكْسُهُ اسْتِفْضَالٌ عَنْ الْحَقِّ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَوْلُهُ: (فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ لِجَوَازِ الْعَرْضِ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَا مَفْهُومَ لَهُ إذْ لَوْ قَتَلَاهُ فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ لِأَنَّ شَرِيكَ الْأَبِ يُقْتَصُّ مِنْهُ، قَوْلُهُ: (اقْتَصَّ) أَيْ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ كَوْنُ الْقَتْلِ صَادِرًا قَبْلَ انْكِشَافِ الْحَالِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَقَوْلُهُ أَيْ الْآخَرِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اقْتَصَّ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْآتِي فَلَا نَفْيَ لِاقْتِصَاصِ الْآخَرِ فَقَطْ لَا لِمُطْلَقِ الْقِصَاصِ، فَلَا يَرُدُّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْفِرْكَاحِ مِنْ أَنَّ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَلْحَقَهُ بِغَيْرِهِمَا، لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ إذَا كَانَ اقْتَصَّ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ، قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ ثُبُوتِ إلَخْ) . مِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ الْقَاتِلُ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ اقْتَصَّ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُلْحِقْهُ الْقَائِفُ بِأَحَدٍ نَعَمْ لَوْ تَزَوَّجَتْ امْرَأَةٌ فِي الْعِدَّةِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنَّهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا إلَّا فِي شَيْءٍ وَهُوَ أَنَّ الْجُحُودَ لَا يُفِيدُ النَّفْيَ لِثُبُوتِ النَّسَبِ بِالْفِرَاشِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْجُحُودِ، قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ) . تَتِمَّةٌ: عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِالْآخَرِ اقْتَصَّ، شَقِيقَيْنِ. شَرْطُ الصِّحَّةِ قَوْلُهُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ عَلَى الْآخَرِ، وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْحِيَازَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِي، قَوْلُهُ: (الْآخَرُ) جَعَلَ الْفَاعِلَ فِيمَا مَرَّ ضَمِيرَ أَحَدِهِمَا، وَجَعَلَهُ فِيمَا هُنَا ضَمِيرَ الْآخَرِ وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ بَدَلَ الْآخَرِ مِنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَقْدِيرُ الْآخَرِ مَعَ قَوْلِهِ بِهَا، فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ لِلْقِصَاصِ مَعْنَاهُ، وَيُقَدَّمُ لِاسْتِيفَاءِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 الْآخَرُ وَوَارِثُهُ قَتَلَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ زَوْجِيَّةٌ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ (فَعَلَى الثَّانِي فَقَطْ) الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ إذَا سَبَقَ قَتْلَ الْأَبِ لَمْ يَرِثْ مِنْهُ قَاتِلُهُ، وَيَرِثُهُ أَخُوهُ وَالْأُمُّ وَإِذَا قَتَلَ الْآخَرُ الْأُمَّ وَرِثَهَا الْأَوَّلُ فَتَنْتَقِلُ إلَيْهِ حِصَّتُهَا مِنْ الْقِصَاصِ، وَيَسْقُطُ بَاقِيهِ وَيَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ عَلَى أَخِيهِ، وَلَوْ سَبَقَ قَتْلُ الْأُمِّ سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْ قَاتِلِهَا وَاسْتَحَقَّ قَتْلَ أَخِيهِ (وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ) ، كَأَنْ أَلْقَوْهُ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ فِي بَحْرٍ أَوْ جَرَحُوهُ جِرَاحَاتٍ مُجْتَمِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً (وَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضِهِمْ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ بِاعْتِبَارِ الرُّءُوسِ) ، وَعَنْ جَمِيعِهِمْ عَلَى الدِّيَةِ فَتُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِهِمْ فَعَلَى الْوَاحِدِ مِنْ الْعَشَرَةِ عُشْرُهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ جِرَاحَةُ بَعْضِهِمْ أَفْحَشَ أَوْ عَدَدُ جِرَاحَاتِ بَعْضِهِمْ أَكْثَرَ أَمْ لَا، وَلَوْ كَانَتْ جِرَاحَةُ بَعْضِهِمْ ضَعِيفَةً لَا تُؤَثِّرُ فِي الزُّهُوقِ كَالْخَدْشَةِ الْخَفِيفَةِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهَا. (وَلَا يُقْتَلُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ وَ) شَرِيكٌ (شِبْهُ عَمْدٍ وَيُقْتَلُ شَرِيكُ الْأَبِ) فِي قَتْلِ الْوَلَدِ (وَعَبْدٌ شَارَكَ حُرًّا فِي عَبْدٍ وَذِمِّيٌّ شَارَكَ مُسْلِمًا فِي ذِمِّيٍّ وَكَذَا شَرِيكٌ حَرْبِيٌّ) فِي مُسْلِمٍ (وَ) شَرِيكٌ (قَاطِعٌ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا) بِأَنْ جَرَحَ الْمَقْطُوعَ بَعْدَ الْقَطْعِ فَمَاتَ مِنْهُمَا (وَشَرِيكُ النَّفْسِ) بِأَنْ جَرَحَ الشَّخْصُ نَفْسَهُ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ فَمَاتَ مِنْهُمَا. (وَ) شَرِيكُ (دَافِعِ الصَّائِلِ) بِأَنْ جَرَحَهُ بَعْدَ جُرْحِ الدَّافِعِ، فَمَاتَ مِنْهُمَا (فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا يُقْتَلُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ لَا يَضْمَنُ كَشَرِيكِ الْمُخْطِئِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْخَطَأَ شُبْهَةٌ فِي الْفِعْلِ أَوْرَثَ فِي فِعْلِ الشَّرِيكِ. فِيهِ شُبْهَةٌ   [حاشية قليوبي] مَعًا. قَوْلُهُ: (فَعَلَى الثَّانِي فَقَطْ) نَعَمْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ وُجِدَ مَانِعٌ مِنْ تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا مَعَ الزَّوْجِيَّةِ كَعَدَمِ إرْثِهَا أَوْ بِغَيْرِهِ كَالدُّورِ، فَعَلَى كُلٍّ الْقِصَاصُ مِنْهُ كَأَنْ كَانَ الْوَلَدَانِ مِنْ أَمَتِهِ الَّتِي أَعْتَقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَتَزَوَّجَ فِيهِ بِهَا. قَوْلُهُ: (حِصَّتُهَا) وَهِيَ الثَّمَنُ وَيَلْزَمُهُ لِوَرَثَةِ أَخِيهِ الْبَاقِي وَهُوَ سَبْعَةُ أَثْمَانِ الدِّيَةِ. ، كَأَنْ قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ) أَيْ فِي الْقَتْلِ وَتَوْزِيعِ الدِّيَةِ كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْتَلُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ) خَرَجَ بِالْقَتْلِ الْقَطْعُ وَسَيَأْتِي وَالْمُرَادُ بِالْمُشَارَكَةِ نِسْبَةُ الْمَوْتِ إلَى فِعْلَيْهِمَا مَعًا لَا حَقِيقَةُ الْمُشَارَكَةِ مِنْ وُجُودٍ، فَعَلَيْهِمَا مَعًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ وَشَمِلَ الْمُخْطِئُ نَحْوَ الْأَبِ فِي قَتْلِ وَلَدِهِ خَطَأً فَيَغْلِبُ جَانِبُ الْفِعْلِ، وَمِنْهُ شَرِيكُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لَا تَمْيِيزَ لَهُمَا لِأَنَّ غَيْرَهُمَا عَمْدُهُ عَمْدٌ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهُ شَرِيكُ سَبُعٍ أَوْ حَيَّةٍ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا مِنْهُمَا، وَاعْتَمَدَهُ مُخَالِفًا لِمَا فِي حَاشِيَتِهِ وَإِلَّا فَيُقْتَلُ شَرِيكُهُمَا وَالْوَجْهُ التَّعْمِيمُ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ لِأَنَّهُ لَا تَمْيِيزَ لَهُمَا، فَلَا يُقَالُ عَمْدُهُمَا عَمْدٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْقَطْعِ) هُوَ قَيْدٌ لِتَسْمِيَتِهِ شَرِيكَ قَاطِعٍ لَا لِلْحُكْمِ بَلْ هُوَ عَامٌّ شَامِلٌ لِلْمَعِيَّةِ وَالْقَبْلِيَّةِ، وَيُمْكِنُ دُخُولُ الْمَعِيَّةِ فِي كَلَامِهِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْقَطْعِ فَيَشْمَلُهُمَا، وَيُعْلَمُ وُجُودُ الْقَوَدِ فِي الْقَبْلِيَّةَ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (بَعْدَ جُرْحِ الدَّافِعِ) فِيهِ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ، لَوْ كَانَ الثَّانِي دَافِعًا أَيْضًا لَمْ يَضْمَنْ كَالْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَفَرْقٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِفَارِقٍ لِعَدَمِ الْجَامِعِ إذْ لَا يُشْبِهُ مَنْ لَا يَضْمَنُ أَصْلًا بِمَنْ هُوَ ضَامِنٌ بِالْمَالِ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَ الْفَرْقَ لِإِفَادَةِ الْقَاعِدَةِ، وَهِيَ أَنَّ مَنْ امْتَنَعَ قَتْلُهُ لِمَعْنًى فِي فِعْلِهِ لَا يُقْتَلُ شَرِيكُهُ، وَمَنْ امْتَنَعَ قَتْلُهُ لَا لِمَعْنًى فِي فِعْلِهِ، أَوْ لِمَعْنًى فِي ذَاتِهِ يُقْتَلُ شَرِيكُهُ وَمِنْهُ مَا لَوْ رَمَيَا مُسْلِمًا فِي صَفِّ كُفَّارٍ وَأَحَدُهُمَا عَالِمٌ بِهِ دُونَ الْآخَرِ فَيُقْتَلُ الْعَالِمُ لَا الْجَاهِلُ لِعُذْرِهِ بِالْجَهْلِ، وَهُوَ مَعْنًى فِي ذَاتِهِ أَوْ لَيْسَ فِي فِعْلِهِ، وَمِنْهُ مَا أَكْرَهَهُ عَلَى رَمْيِ شَخْصٍ ظَنَّهُ الْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ صَيْدًا، فَيُقْتَلُ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ دُونَ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِهَا لِعُذْرِهِ كَمَا مَرَّ، وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى فِي الْقَاعِدَةِ أَنْ يُقَالَ: يُقْتَلُ شَرِيكُ مَنْ امْتَنَعَ قَتْلُهُ لَا لِمَعْنًى فِي فِعْلِهِ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْرَثَ إلَخْ) أَيْ فَالزُّهُوقُ حَصَلَ بِمَا يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ، وَمَا لَا يَجُوزُ فِيهِ الْقَوَدُ فَهُوَ مِنْ قَاعِدَةِ اجْتِمَاعِ مُقْتَضٍ وَمَانِعٍ فَغُلِّبَ الثَّانِي وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ فِيهَا أَمْرٌ خَارِجٌ عَمَّا حَصَلَ بِهِ الزُّهُوقُ فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ اللَّازِمُ لِلْمُخْطِئِ حِصَّتُهُ مِنْ دِيَةِ الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَاللَّازِمُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ حِصَّتُهُ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَاللَّازِمُ لِشَرِيكِهِمَا حِصَّتُهُ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ فِي مَالِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الدِّيَةَ مُوَزَّعَةٌ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ اسْتَوَيَا فِي الْجِنَايَةِ كَأَنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا يَدَهُ وَالْآخَرُ الْيَدَ الْأُخْرَى، وَإِلَّا كَأَنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا يَدَهُ وَالْآخَرُ أُصْبُعَهُ مَثَلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ جِنَايَتِهِ، وَقِيلَ لَوْ أَوْجَبَتْ جِنَايَةُ أَحَدِهِمَا قَوَدًا كَأَنْ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا وَآخَرُ يَدَهُ الْأُخْرَى خَطَأً   [حاشية عميرة] الْقِصَاصِ مِنْهُ فَيَكُونُ وَاقِعًا عَلَى الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا عَلَى الْمُسْتَوْفِي، قُلْنَا لَكِنْ يُنْقَلُ الْإِشْكَالُ إلَى قَوْلِهِ أَوْ مُبَادِرًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَلِوَارِثِهِ) أَيْ الْآخَرِ قَوْلُهُ: (وَرِثَهَا) أَيْ فَيَرِثُ ثَمَنَ الْقِصَاصِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ لِأَخِيهِ الَّذِي قَتَلَ الْأُمَّ سَبْعَةُ أَثْمَانِ الدِّيَةِ، قَوْلُهُ: (وَاسْتَحَقَّ قَتْلَ أَخِيهِ) أَيْ وَيَلْزَمُ هَذَا الْمُسْتَحِقَّ لِأَخِيهِ الْمَذْكُورِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِعْلٌ وَاحِدٌ لَوْ انْفَرَدَ لَقَتَلَ اهـ. وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَوَاطَئُوا عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ السِّيَاطِ الْآتِيَةِ اشْتِرَاطُ التَّوَاطُؤِ مَعَ أَنَّ صُورَتَهَا أَنَّ فِعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ إلَخْ، قَالَ فِيهَا الزَّرْكَشِيُّ وَفَارَقَ الْجِرَاحَ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْجُرْحَ يُقْصَدُ بِهِ الْهَلَاكُ بِخِلَافِ هَذَا، فَانْظُرْ كَيْفَ يَجْتَمِعُ كَلَامُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَدْخَلٌ فِي التَّلَفِ، قَوْلُهُ: (وَعَنْ جَمِيعِهِمْ) هَذَا يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى قَوْلُهُ: (وَيُقْتَلُ شَرِيكُ الْأَبِ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَنَا مَا لَوْ عَفَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَمَا لَوْ رَمَيَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الرَّامِيَيْنِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْقَطْعِ) أَفْهَمَ عَدَمَ الْقِصَاصِ فِي الْمَعِيَّةِ وَالسَّبْقِ وَلَيْسَ مُرَادًا فِيمَا يَظْهَرُ، قَوْلُهُ: (بَعْدَ جُرْحِ الدَّافِعِ) فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ شَرِيكُ مَنْ لَا يَضْمَنُ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّ مَنْ لَا يَضْمَنُ أَخَفُّ حَالًا مِنْ تَضْمِينِ الْخَاطِئِ وَفَارَقَ شَرِيكَ الْأَبِ بِأَنَّ فِعْلَ الْأَبِ مَضْمُومٌ، قَوْلُهُ: (بِأَنَّ الْخَطَأَ شُبْهَةٌ فِي الْفِعْلِ) أَيْ فَكَانَ كَمَا لَوْ صَدَرَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 فِي الْقِصَاصِ، وَلَا شُبْهَةَ فِي الْعَمْدِ. (وَلَوْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ عَمْدًا وَخَطَأً وَمَاتَ بِهِمَا، أَوْ جَرَحَ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ وَجَرَحَهُ ثَانِيًا فَمَاتَ) بِهِمَا (لَمْ يُقْتَلْ) لِشَرِكَةِ الْخَطَأِ فِي الْأُولَى وَغَيْرِ الْمَضْمُونِ، فِيمَا بَعْدَهَا (وَلَوْ دَاوَى جُرْحَهُ بِسُمٍّ مُذَفِّفٍ) أَيْ قَاتِلٍ سَرِيعًا (فَلَا قِصَاصَ عَلَى جَارِحِهِ) وَهُوَ قَاتِلُ نَفْسِهِ، (وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَعَلَهُ فَلَا قِصَاصَ عَلَى جَارِحِهِ (وَإِنْ قَتَلَ غَالِبًا وَعَلِمَ فَشَرِيكُ) أَيْ فَالْجَارِحُ شَرِيكُ (جَارِحِ نَفْسِهِ) فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ، (وَقِيلَ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ) لِقَصْدِ التَّدَاوِي فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَجْرُوحُ حَالَ السُّمِّ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَقْتُلْ غَالِبًا (وَلَوْ ضَرَبُوهُ بِسِيَاطٍ) أَوْ عَصًا خَفِيفَةٍ (فَقَتَلُوهُ، وَضَرْبُ كُلِّ وَاحِدٍ غَيْرُ قَاتِلٍ فَفِي الْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا يَجِبُ أَنْ تَوَاطَئُوا) عَلَى ضَرْبِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ اتِّفَاقًا. وَالثَّانِي يَجِبُ مُطْلَقًا لِئَلَّا يَصِيرَ ذَرِيعَةً إلَى الْقَتْلِ. وَالثَّالِثُ لَا قِصَاصَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ غَيْرُ قَاتِلٍ عَنْ الْقَاتِلِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الْقِصَاصُ. (وَمَنْ قَتَلَ جَمْعًا مُرَتَّبًا قُتِلَ بِأَوَّلِهِمْ أَوْ مَعًا) بِأَنْ مَاتُوا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ أَشْكَلَ الْحَالُ بَيْنَ التَّرْتِيبِ وَالْمَعِيَّةِ، (فَبِالْقُرْعَةِ) بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ قُتِلَ بِهِ (وَلِلْبَاقِينَ) فِي الْمَسَائِلِ (الدِّيَاتُ قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي   [حاشية قليوبي] وَمَاتَ بِهِمَا فَلَا قَوَدَ فِي النَّفْسِ وَعَلَى الْمُخْطِئِ نِصْفُ دِيَةِ الْخَطَأِ وَيُقَادُ مِنْ الْعَامِدِ فِي الْيَدِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ فَإِنْ كَانَ الْمَقْطُوعُ عَمْدًا أُصْبُعًا اقْتَصَّ مِنْهُ فِيهِ وَلَزِمَهُ أَرْبَعَةُ أَعْشَارِ الدِّيَةِ كَذَا نَقَلُوهُ فَرَاجِعْهُ، وَحَرِّرْهُ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ جَرَحَهُ إلَخْ) هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَا تَقَدَّمَ وَذَكَرَهَا؛ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الشَّخْصَ لَا يُسَمَّى شَرِيكَ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَوْلَى) وَعَلَيْهِ فِيهَا نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَنِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ فِي مَالِهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: مَعَ قَوَدِ الْجُرْحِ إنْ كَانَ كَمَا قَالُوا، وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ آنِفًا بَلْ هُوَ سَهْوٌ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَضَاعُفِ الْغُرْمِ فَرَاجِعْهُ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ مَعَ قَوَدِ الْجُرْحِ إنْ قُتِلَ بِهِ لَا غُرْمَ فِيهِ، كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا فَرَاجِعْ. وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِيمَا بَعْدَهَا) وَعَلَيْهِ فِيهِ ضَمَانُ جُرْحِهِ حَالَةَ الْعِصْمَةِ قَوَدًا أَوْ مَالًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ دَاوَى) هُوَ مِثَالٌ فَالْخِيَاطَةُ وَالْكَيُّ وَنَحْوُهُمَا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (جُرْحَهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ دَاوَى جُرْحَ غَيْرِهِ فَفِي الْمُذَفِّفِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ وَحْدَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ ضَمَانُ جُرْحِهِ مِنْ الْمَالِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَظَاهِرُهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَوَدِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا وَأَمْكَنَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ، وَفِيمَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَعَلِمَهُ يَجِبُ الْقَوَدُ عَلَيْهِمَا وَإِلَّا فَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَيْهِمَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ أَنَّ عَلَى الْأَوَّلِ ضَمَانَ جُرْحِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ، وَعَلَى الثَّانِي حِصَّتُهُ مِنْ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ، إنْ لَمْ يَقْتُلْ غَالِبًا وَعَلِمَهُ وَإِلَّا فَمِنْ دِيَةِ الْخَطَأِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مُذَفِّفٍ) وَلَوْ جَاهِلًا بِحَالِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ عَلَى جَارِحِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ النَّفْسُ وَلَا دِيَةَ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ النَّفْسُ وَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ جُرْحِهِ فَقَطْ، قَوَدًا إنْ عَلِمَ الْمَجْرُوحُ الْحَالَ، وَإِلَّا فَمِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ فَقَوْلُ شَيْخِنَا عَلَى جَارِحِهِ نِصْفُ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَشَرِيكُ جَارِحِ نَفْسَهُ) أَيْ فَجَارِحُهُ شَرِيكُ جَارِحِ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهَا) أَيْ الْأَوْجَهُ يَجِبُ أَيْ الْقِصَاصُ عَلَى الْكُلِّ إنْ تَوَاطَئُوا، فَإِنْ حَصَلَ عَفْوٌ عَنْهُمْ وُزِّعَتْ دِيَةُ الْعَمْدِ عَلَيْهِمْ عَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ لَا عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ، وَفَارَقَ الْجِرَاحَاتِ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّ الضَّرْبَ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْإِهْلَاكُ غَالِبًا، وَلَا يَعْظُمُ تَأْثِيرُهُ لِكَوْنِهِ فِي ظَاهِرِ الْبَدَنِ، وَلَوْ حَصَلَ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضِهِمْ فَعَلَيْهِ مَا يَخُصُّهُ بِعَدَدِ ضَرَبَاتِهِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يَتَوَاطَئُوا لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى كُلٍّ حِصَّتُهُ مِنْ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ بِعَدَدِ الضَّرَبَاتِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (عَنْ الْقَاتِلِ) أَيْ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ وَضَرْبُ كُلِّ وَاحِدٍ غَيْرَ قَاتِلٍ عَمَّا لَوْ كَانَ ضَرْبُ كُلِّ وَاحِدٍ قَاتِلًا لَوْ انْفَرَدَ فَعَلَيْهِمْ الْقِصَاصُ، فَإِنْ وُجِدَ عَفْوٌ فَكَمَا مَرَّ وَلَوْ اخْتَلَفَ ضَرْبُهُمْ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ وَقَيَّدَ شَيْخُنَا وُجُوبَ الْقِصَاصِ فِي هَذِهِ بِمَنْ عَلِمَ بِضَرْبِ غَيْرِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَشْكَلَ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى مُرَتَّبًا بِدَلِيلِ جَمْعِ الْمَسَائِلِ بَعْدَهُ، وَلَوْ عُطِفَ عَلَى مَاتُوا وَأُرِيدَ بِالْمَعِيَّةِ مَا يَشْمَلُ الْمُحْتَمِلَةَ لَكَانَ   [حاشية عميرة] الْخَطَأُ وَالْعَمْدُ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي الْفِعْلِ فَالضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ شُبْهَةٌ فِي الْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (عَمْدًا وَخَطَأً) هُوَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ جُرْحَيْنِ قَوْلُهُ: (هُوَ قَاتِلُ نَفْسِهِ) سَوَاءٌ أَعَلِمَ بِحَالِ السُّمِّ أَمْ لَا وَكَمَا يَنْتَفِي الْقِصَاصُ لَا دِيَةَ أَيْضًا، وَلَكِنْ عَلَيْهِ قِصَاصُ الْجُرْحِ أَوْ أَرْشُهُ، قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْتَلْ) أَيْ جَزْمًا قَوْلُهُ: (لِقَصْدِ التَّدَاوِي) هَذَا الْوَجْهُ زَيَّفَهُ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَصْدُ الْفَاعِلِ بَلْ كَوْنُ الْفِعْلِ مَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا ثُمَّ مِنْ تَعْلِيلِ هَذَا الْوَجْهِ يُسْتَفَادُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا قَصَدَ الْإِصْلَاحَ فَلَوْ اسْتَعْجَلَ لِإِرَاحَةِ نَفْسِهِ مَثَلًا فَهُوَ شَرِيكُ قَاتِلِ نَفْسِهِ قَطْعًا. فَائِدَةٌ: قَالَ الْإِمَامُ السُّمُّ شَيْءٌ يُضَادُّ الْقُوَّةَ الْحَيَوَانِيَّةَ، قَوْلُهُ: (حَالَ السُّمِّ) أَيْ فِي غَلَبَةِ الْقَتْلِ بِهِ وَعَدَمِهِ قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ إلَخْ) قَيَّدَهُ الْمُتَوَلِّي بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُتَأَخِّرُ تَقَدُّمَ ضَرْبِ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا لَوْ حَبَسَهُ فِي بَيْتٍ وَجَوَّعَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِجُوعِهِ السَّابِقِ، وَشَرَطَ الْإِمَامُ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ السِّيَاطِ بِحَيْثُ يَقْصِدُ بِهَا الْهَلَاكَ غَالِبًا وَوَجْهُ اشْتِرَاطِ التَّوَاطُؤِ أَنَّ الْهَلَاكَ لَا يُقْصَدُ بِمِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ إلَّا مَعَ التَّوَاطُؤِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 الشَّرْحِ (فَلَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ) فِي الْأُولَى (عَصَى وَوَقَعَ) قَتْلُهُ (قِصَاصًا وَلِلْأَوَّلِ دِيَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، وَلَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ. فَصْلٌ إذَا (جَرَحَ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا أَوْ عَبْدَ نَفْسِهِ فَأَسْلَمَ) الْحَرْبِيُّ أَوْ الْمُرْتَدُّ (وَعَتَقَ) الْعَبْدُ (ثُمَّ مَاتَ بِالْجُرْحِ فَلَا ضَمَانَ) مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْجِنَايَةِ، (وَقِيلَ تَجِبُ دِيَةٌ) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ اسْتِقْرَارِ الْجِنَايَةِ، (وَلَوْ رَمَاهُمَا) أَيْ الْحَرْبِيُّ أَوْ الْمُرْتَدُّ وَالْعَبْدُ (فَأَسْلَمَ وَعَتَقَ) قَبْلَ إصَابَةِ السَّهْمِ ثُمَّ مَاتَ بِهَا، (فَلَا قِصَاصَ) لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ فِي أَوَّلِ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ دِيَةِ مُسْلِمٍ مُخَفَّفَةٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ) اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ وَقِيلَ لَا تَجِبُ اعْتِبَارًا بِحَالِ الرَّمْيِ وَالْخِلَافُ مُرَتَّبٌ فِي الشَّرْحِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ وَعَتَقَ بَعْدَ الْجُرْحِ وَأَوْلَى مِنْهُ بِالْوُجُوبِ، وَكَانَ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ مُخَفَّفَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ هُوَ أَرْجَحُ الْأَوْجُهِ أَنَّهَا دِيَةُ خَطَأٍ وَقِيلَ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ وَقِيلَ دِيَةُ عَمْدٍ وَقَطَعَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بِالْأَوَّلِ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ   [حاشية قليوبي] جَائِزًا لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ. قَوْلُهُ: (فَبِالْقُرْعَةِ) وَهِيَ وَاجِبَةٌ لِقَطْعِ النِّزَاعِ. قَوْلُهُ: (كَذَلِكَ) أَيْ يَقَعُ قَتْلُهُ قِصَاصًا لَهُ وَإِنْ أَسَاءَ فِي هَذِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَلِغَيْرِهِ الدِّيَةُ وَلَوْ قَتَلَهُ أَوْلِيَاءُ الْقَتْلَى أَوْ بَعْضُهُمْ أَسَاءُوا وَحَصَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ عَدَدِهِمْ، وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِمَا بَقِيَ فَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُ دِيَةِ مَقْتُولِهِ مِنْ قَدْرِهَا وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ قَتْلَهُمْ بِحَقٍّ. تَنْبِيهٌ: الدِّيَةُ الْوَاجِبَةُ يُعَبَّرُ فِي قَدْرِهَا عَنْ نَفْسِ الْمَقْتُولِ لَا الْقَاتِلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعَفْوِ، وَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَةِ الْحُرِّ إنْ كَانَتْ وَإِلَّا فَفِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُطَالِبَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِهَا فِي الْآخِرَةِ، وَفِي رَقَبَةِ الرَّقِيقِ فَإِنْ مَاتَ فَالْمُطَالَبَةُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ أَيْضًا. فَصْلٌ فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْرُوحِ وَمَا مَعَهُ وَمَسَائِلُهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ثَلَاثِ قَوَاعِدَ: أَوَّلُهَا كُلُّ جُرْحٍ وَقَعَ غَيْرَ مَضْمُونٍ لَا يَنْقَلِبُ مَضْمُونًا بِتَغَيُّرِ الْحَالِ فِي الِانْتِهَاءِ. ثَانِيهَا: كُلُّ جُرْحٍ مَضْمُونٌ فِي الْحَالَيْنِ، فَالْعِبْرَةُ فِي قَدْرِ الضَّمَانِ بِالِانْتِهَاءِ. ثَالِثُهَا: أَنْ يَعْتَبِرَ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ الْمُكَافَأَةَ مِنْ أَوَّلِ أَجْزَاءِ الْفِعْلِ إلَى الِانْتِهَاءِ. وَبَقِيَ حَالٌ رَابِعٌ وَهُوَ عَكْسُ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى أَيْ أَنَّ كُلَّ جُرْحٍ مَضْمُونٍ لَا يَنْقَلِبُ غَيْرَ مَضْمُونٍ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ كَالرِّدَّةِ بَعْدَ الْجُرْحِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (جَرَحَ) أَيْ مَعْصُومٌ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا وَفِي عَكْسِهِ بِأَنْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ مَعْصُومًا عَلَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ وَأَسْلَمَ الْجَارِحُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَرْبِيِّ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْتَدِّ الْقَوَدُ فَإِنْ عَفَا عَنْهُ فَالدِّيَةُ قَوْلُهُ: (هُوَ أَرْجَحُ الْأَوْجُهِ أَنَّهَا دِيَةُ خَطَأٍ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ الرَّاجِحِ هُنَا الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ قَوْلُهُ: (بِالْأَوَّلِ) وَهُوَ أَنَّهَا دِيَةُ خَطَأٍ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ الْمَرْجُوحِ الْمُتَقَدِّمِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ: تَجِبُ دِيَةٌ أَيْ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَنَقْطَعُ بِأَنَّهَا دِيَةُ خَطَأٍ وَلَعَلَّ هَذَا تَوْجِيهٌ آخَرُ لِتَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْمَذْهَبِ وَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ الشَّارِحُ أَيْ إذَا قُلْنَا بِأَنَّ الدِّيَةَ مُخَفَّفَةٌ عَلَى   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَمَنْ قَتَلَ جَمْعًا مُرَتَّبًا) قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْوَاحِدَ يَكْفِي قَتْلُهُ عَنْ الْجَمَاعَةِ. فَرْعٌ: لَوْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمَا خَمْسِينَ سَوْطًا ثُمَّ ضَرَبَهُ الثَّانِي ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ مَثَلًا، وَهُوَ عَالِمٌ بِالْأَوَّلِ فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَلَا قِصَاصَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ انْعَكَسَ الْأَمْرُ فَلَا قِصَاصَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ شَرِيكُ شِبْهِ الْعَمْدِ لَكِنْ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّوَاطُؤِ شَرْحُ الرَّوْضِ، قَوْلُهُ: (بَيْنَ التَّرْتِيبِ وَالْمَعِيَّةِ) هُمَا مُعْتَبَرَانِ بِالزُّهُوقِ لَا بِالْفِعْلِ، قَوْلُهُ: (عَصَى) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْقُرْعَةَ وَاجِبَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَلِلْأَوَّلِ دِيَةٌ) أَيْ دِيَةُ قَتِيلِهِ لَا دِيَةُ الْقَاتِلِ. [فَصْلٌ جَرَحَ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا أَوْ عَبْدَ نَفْسِهِ فَأَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ وَعَتَقَ الْعَبْدُ ثُمَّ مَاتَ بِالْجُرْحِ] فَصْلٌ إذَا جَرَحَ إلَخْ مُحَصَّلُ مَا فِيهِ بَيَانُ تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْمَوْتِ، قَوْلُهُ: (أَوْ مُرْتَدًّا) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْجَارِحُ مُرْتَدًّا مِثْلَهُ قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) أَيْ كَمَا فِي قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ إذَا مَاتَ مِنْهُ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَجِبُ) اعْتَرَضَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ طَرِيقَيْنِ أَصَحُّهُمَا فِي الْأَوَّلَيْنِ وَجْهَانِ وَفِي الثَّانِيَةِ الْقَطْعُ بِنَفْيِ الدِّيَةِ وَفِي الثَّالِثَةِ الْقَطْعُ بِالنَّفْيِ الثَّانِيَةِ فِيهَا قَوْلَانِ، قَوْلُهُ: (تَجِبُ دِيَةٌ) أَيْ مُخَفَّفَةٌ قَوْلُهُ: (أَيْ الْحَرْبِيُّ أَوْ الْمُرْتَدُّ وَالْعَبْدُ) مَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ جُزْءُ الْمُثَنَّى وَالْعَبْدُ هُوَ الْجُزْءُ الْآخَرُ، وَلِهَذَا عَطَفَهُ بِالْوَاوِ فَإِنَّك إذَا أَرَدْت تَفْسِيرَ الْمُثَنَّى مِنْ قَوْلِك إذَا جَاءَ زَيْدٌ وَعُمَرُ فَأَكْرِمْهُمَا، تَقُولُ أَيْ زَيْدًا وَعَمْرًا وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَقُولَ أَيْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قَوْلُهُ: (وَالْمَذْهَبُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ اسْتِوَاءُ الْمَسَائِلِ فِي الْخِلَافِ مَعَ أَنَّ إيجَابَ الدِّيَةِ فِي عَبْدِ نَفْسِهِ أَوْلَى لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ بِالْكَفَّارَةِ كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ الْحَاشِيَةِ الَّتِي عَلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ تَجِبُ، قَوْلُهُ: (دِيَةُ مُسْلِمٍ) أَيْ حُرٍّ قَوْلُهُ: (بِحَالِ الْإِصَابَةِ) وَالرَّمْيِ كَالْمُقَدِّمَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَخْرُجُ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ بِالْوُجُوبِ قَوْلُهُ: (مُخَفَّفَةٌ) يُرِيدُ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمَتْنِ يُفِيدُ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي صِفَةِ التَّخْفِيفِ كَمَا يُفِيدُهُ أَصْلُ الْوُجُوبِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 فِي مَسَائِلِ الْجُرْحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. (وَلَوْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَالنَّفْسُ هَدَرٌ) أَيْ لَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ (وَيَجِبُ قِصَاصُ الْجُرْحِ) كَالْمُوضِحَةِ، وَقَطْعِ الْيَدِ (فِي الْأَظْهَرِ) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْجِنَايَةِ، وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ حَالَةُ اسْتِقْرَارِهَا (يَسْتَوْفِيهِ قَرِيبُهُ الْمُسْلِمُ) لِلتَّشَفِّي (وَقِيلَ الْإِمَامُ) لِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لِلْمُرْتَدِّ (فَإِنْ اقْتَضَى الْجُرْحُ مَالًا وَجَبَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِهِ وَدِيَةٍ) لِلنَّفْسِ (وَقِيلَ) الْوَاجِبُ (أَرْشُهُ) بَالِغًا مَا بَلَغَ فَفِي قَطْعِ الْيَدِ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَيْهِمَا، وَفِي قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ دِيَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَدِيَتَانِ عَلَى الثَّانِي (وَقِيلَ) هُوَ (هَدَرٌ) تَبَعًا لِلنَّفْسِ لَا يَجِبُ بِهِ شَيْءٌ، وَعَلَى الْوُجُوبِ فَالْوَاجِبُ فَيْءٌ لَا يَأْخُذُ الْقَرِيبُ مِنْهُ شَيْئًا (وَلَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَلَا قِصَاصَ) لِتَخَلُّلِ حَالَةِ الْإِهْدَارِ (وَقِيلَ: إنْ قَصُرَتْ الرِّدَّةُ وَجَبَ) الْقِصَاصُ، وَلَا يَضُرُّ فِيهِ تَخَلُّلُهَا (وَتَجِبُ الدِّيَةُ) عَلَى الْأَوَّلِ لِوُقُوعِ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ حَالَةَ الْعِصْمَةِ (وَفِي قَوْلٍ نِصْفُهَا) تَوْزِيعًا عَلَى حَالَتَيْ الْعِصْمَةِ وَالْإِهْدَارِ، وَفِي ثَالِثٍ ثُلُثَاهَا تَوْزِيعًا عَلَى حَالَتَيْ الْعِصْمَةِ وَحَالَةِ الْإِهْدَارِ وَالْأَقْوَالُ فِيمَا إذَا طَالَتْ الرِّدَّةُ، فَإِنْ قَصُرَتْ وَجَبَ كُلُّ الدِّيَةِ قَطْعًا، وَقِيلَ هِيَ فِي الْحَالَيْنِ. (وَلَوْ جَرَحَ) مُسْلِمٌ (ذِمِّيًّا، فَأَسْلَمَ أَوْ حُرٌّ عَبْدًا، فَعَتَقَ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَلَا قِصَاصَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِالْجِنَايَةِ مَنْ يُكَافِئُهُ، (وَتَجِبُ دِيَةُ مُسْلِمٍ) لِأَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ مَضْمُونٌ وَفِي الِانْتِهَاءِ حُرٌّ مُسْلِمٌ (وَهِيَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ) سَاوَتْ قِيمَتَهُ أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا (فَإِنْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِ فَالزِّيَادَةُ لِوَرَثَتِهِ) لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِسَبَبِ الْحُرِّيَّةِ (وَلَوْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ بِسِرَايَةٍ فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ) أَرْشُ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ فِي مِلْكِهِ لَوْ انْدَمَلَ الْقَطْعُ (وَفِي قَوْلٍ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَقِيمَتُهُ) لِأَنَّ السِّرَايَةَ حَصَلَتْ بِمَضْمُونٍ لِلسَّيِّدِ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَيْهَا فِي حَقِّهِ بِأَنْ يُقَدِّرَ مَوْتَ الْمَقْطُوعِ رَقِيقًا   [حاشية قليوبي] وَجْهِ الْوُجُوبِ الرَّاجِحِ فِي مَسَائِلِ الرَّمْيِ هُنَا، فَنَقْطَعُ بِأَنَّهَا كَذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ الْمَرْجُوحِ فِي مَسَائِلِ الْجُرْحِ السَّابِقَةِ، فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ وَعَدَمِهِ وَعُذْرُهُ فِي التَّعْبِيرِ بِهِ تَرَتُّبُ الْخِلَافِ وَأَحَدِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ فِي كَوْنِهَا مُخَفَّفَةً أَوَّلًا، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ الشَّارِحُ عُذْرًا فِي التَّعْبِيرِ بِهِ فِيهَا إمَّا اكْتِفَاءً بِالْعُذْرِ الْأَوَّلِ، أَوْ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ هُنَا لِعَدَمِ قَطْعِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ لَا فِي هَذِهِ لِأَنَّ تَرْتِيبَ الْخِلَافِ فِيهِمَا بِعَكْسِ الْأَوَّلِ، وَيُمْكِنُ كَوْنُهُ تَوْجِيهًا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ) فَإِنْ انْدَمَلَ جُرْحُهُ وَلَمْ يَمُتْ فَلَهُ الِاسْتِيفَاءُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَلِوَارِثِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ قِصَاصُ الْجُرْحِ) فَإِنْ وَجَبَ مَالُ وَقْفٍ كَبَقِيَّةِ أَمْوَالِهِ. قَوْلُهُ: (يَسْتَوْفِيهِ قَرِيبُهُ الْمُسْلِمُ) وَهُوَ وَارِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ وَلَهُ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ كَمَا يَأْتِي وَيَنْتَظِرُ كَمَالَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ فَلِلْإِمَامِ الْقَوَدُ وَالْعَفْوُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْوُجُوبِ) أَيْ وُجُوبِ الْمَالِ ابْتِدَاءً أَوْ بِعَفْوٍ يَكُونُ فَيْئًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ارْتَدَّ) أَيْ الْمَجْرُوحُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْجَارِحِ مَعًا وَإِنْ عَادَا إلَى الْإِسْلَامِ مَعًا فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْوَجْهِ الْوَجِيهِ وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِبَقَاءِ الْقَوَدِ فِي الثَّانِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعِلَّةِ وَلِلْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ إذْ لَيْسَ مَعْنَى الْمُكَافَأَةِ الْمُسَاوَاةَ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَلْ عَدَمُ نَقْصِ الْمَقْتُولِ عَنْ الْقَاتِلِ بِوَاحِدٍ مِمَّا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ الدِّيَةُ) ، وَهِيَ دِيَةُ عَمْدٍ حَالَّةٌ فِي مَالِهِ قَوْلُهُ: (وَالْأَقْوَالُ) أَيْ الثَّلَاثَةُ مِنْ وُجُوبِ كُلِّ الدِّيَةِ أَوْ ثُلُثَيْهَا أَوْ نِصْفِهَا قَوْلُهُ: (وَقِيلَ هِيَ إلَخْ) أَيْ الْأَقْوَالُ الْمَذْكُورَةُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ وَإِنْ قَصُرَ زَمَنُ الرِّدَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ لَكَانَ أَنْسَبَ قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ دِيَةُ مُسْلِمٍ) أَيْ مُغَلَّظَةٌ حَالَّةٌ فِي مَالِهِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ) فَهُوَ يُطَالِبُ الْجَانِيَ بِهَا لَا بِقِيمَتِهِ لَكِنْ لَوْ دَفَعَ الْجَانِي الْقِيمَةَ وَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ قَبُولُهَا وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ عِنْدَ الْجَانِي. قَوْلُهُ: (فَالزِّيَادَةُ) أَيْ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ الدِّيَةِ لِوَرَثَتِهِ بِالْقَرَابَةِ الْخَاصَّةِ، وَهَذِهِ عَلَى الْعَكْسِ فِيمَا لَوْ جَرَحَ ذِمِّيًّا ثُمَّ اُسْتُرِقَّ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ قَوْلُهُ (وَلَوْ قَطَعَ إلَخْ) أَيْ فَاَلَّذِي مَرَّ فِي جُرْحٍ لَا مُقَدِّرَ لَهُ. قَوْلُهُ: (الْوَاجِبَةِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ كَالزَّرْكَشِيِّ لَا مَعْنَى لَهُ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ) هُوَ قَوْلُ الْمَتْنِ وَقِيلَ تَجِبُ دِيَةٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ارْتَدَّ) هَذَا عَكْسُهُ مَا تَقَدَّمَ، قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ) كَمَا لَوْ قُتِلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَوْلَى، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَعْتَبِرُ حَالَةَ اسْتِقْرَارِهَا) ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ صَارَتْ نَفْسًا فَكَمَا لَا شَيْءَ فِي النَّفْسِ بِتِلْكَ الْجِرَاحَةِ وَالنَّفْسُ هُنَا مُهْدَرَةٌ فَلَوْ أَدْرَجْنَا لَأَهْدَرْنَا فَجُعِلَتْ الرِّدَّةُ قَاطِعَةً قَائِمَةً مَقَامَ الِانْدِمَالِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ارْتَدَّ) هَذِهِ الْحَالَةُ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ مَا سَلَفَ، قَوْلُهُ: (تَخَلَّلَهَا) لِأَنَّهُ إذَا قَصُرَ زَمَنُهَا لَا يَظْهَرُ أَثَرُ السِّرَايَةِ وَرُدَّ بِأَنَّ السِّرَايَةَ حَاصِلَةٌ فِي زَمَنِهَا وَلَا بُدَّ وَهِيَ حَالَةٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ فَانْتَهَضَتْ الشُّبْهَةُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ جَرَحَ إلَخْ) هَذِهِ فِي الْحَقِيقَةِ نَظِيرُ الَّتِي ابْتَدَأَ الْفَصْلَ بِهَا لَكِنَّهَا تُفَارِقُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَجْرُوحَ مَضْمُونٌ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ. قَوْلُهُ: (فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ إلَخْ) فَإِنَّهُ إنْ كَانَ نِصْفُ الْقِيمَةِ أَقَلَّ فَهُوَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى مِلْكِهِ، وَمَا زَادَ فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ عَنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ نَقَصَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ، وَهُوَ الْإِعْتَاقُ قَوْلُهُ: (الْوَاجِبَةُ) مُسْتَدْرَكَةٌ قَوْلُهُ: (وَنِصْفُ قِيمَتِهِ) احْتَرَزَ عَنْ قِيمَةِ النِّصْفِ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) . الَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ قِيَاسًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ وَلَا يَصِحُّ التَّعْوِيلُ فِي الْفَرْقِ عَلَى كَوْنِ الْأَرْشِ هُنَا مُقَدَّرًا وَفِي الْأُولَى غَيْرُ مُقَدَّرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُقَدِّرَ مَوْتَ الْمَقْطُوعِ) أَيْ بِقَدْرِ مَوْتِهِ حُرًّا وَمَوْتِهِ رَقِيقًا وَتُوجِبُ لِلسَّيِّدِ أَقَلَّ الْعِوَضَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ) أَيْ الْقِصَاصُ قَطْعًا وَكَذَا النَّفْسُ عَلَى الْأَصَحِّ، قَوْلُهُ: (لِوُجُودِهَا) وَلَا يَضُرُّهَا شَرِكَةُ الْأَوَّلِ كَمَا فِي شَرِكَةِ الْأَوَّلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 وَدَفَعَ بِأَنَّ السِّرَايَةَ لَمْ تَحْصُلْ فِي الرِّقِّ حَتَّى تُعْتَبَرَ فِي حَقِّ السَّيِّدِ فَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ مِنْ نِصْفِهَا، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي غَيْرُهَا، وَمِنْ إعْتَاقِ السَّيِّدِ جَاءَ النُّقْصَانُ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَالزِّيَادَةُ لِوَرَثَةِ الْمَقْطُوعِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لَهُ فَظَاهِرٌ. (وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ فَعَتَقَ فَجَرَحَهُ آخَرَانِ) كَأَنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا يَدَهُ الْأُخْرَى، وَالْآخَرُ رِجْلَهُ (وَمَاتَ بِسِرَايَتِهِمْ) أَيْ بِسِرَايَةِ قَطْعِهِمْ (فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَ حُرًّا) لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ (وَيَجِبُ عَلَى الْآخَرَيْنِ) لِوُجُودِهَا، وَلِلسَّيِّدِ عَلَى الْأَوَّلِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَأَرْشُ الْقَطْعِ فِي مِلْكِهِ، وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَفِي قَوْلٍ الْأَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَثُلُثِ الْقِيمَةِ. فَصْلٌ (يُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ الطَّرَفِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ كَالْيَدِ (وَالْجُرْحِ) بِضَمِّ الْجِيمِ (مَا شُرِطَ لِلنَّفْسِ) مِنْ كَوْنِ الْجِنَايَةِ عَمْدًا عُدْوَانًا وَالْجَانِي مُكَلَّفًا مُلْتَزَمًا، وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَعْصُومًا (وَلَوْ وَضَعُوا سَيْفًا عَلَى يَدِهِ وَتَحَامَلُوا عَلَيْهِ دَفْعَةً فَأَبَانُوهَا قُطِعُوا) بِشَرْطِهِ (وَشِجَاجُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ) بِكَسْرِ الشِّينِ جَمْعُ شَجَّةٍ بِفَتْحِهَا (عَشْرٌ حَارِصَةٌ) بِمُهْمَلَاتٍ (وَهِيَ مَا شَقَّ الْجِلْدَ قَلِيلًا) نَحْوُ الْخَدْشِ (وَدَامِيَةٌ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ (تُدْمِيهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ تُدْمِي الشَّقَّ مِنْ غَيْرِ سَيَلَانِ الدَّمِ، وَقِيلَ مَعَهُ (وَبَاضِعَةٌ) بِمُوَحَّدَةٍ وَمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ. (تَقْطَعُ اللَّحْمَ) بَعْدَ الْجِلْدِ، (وَمُتَلَاحِمَةٌ) بِالْمُهْمَلَةِ (تَغُوصُ فِيهِ) أَيْ اللَّحْمِ، وَلَا تَبْلُغُ الْجِلْدَةَ بَعْدَهُ (وَسِمْحَاقٌ) بِكَسْرِ السِّينِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ (تَبْلُغُ الْجِلْدَةَ الَّتِي بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ) ، وَتُسَمَّى الْجِلْدَةُ بِهِ أَيْضًا (وَمُوضِحَةٌ تُوَضِّحُ الْعَظْمَ) بَعْدَ خَرْقِ الْجِلْدَةِ أَيْ تُظْهِرُهُ. (وَهَاشِمَةٌ تُهَشِّمُهُ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ) أَيْ الْقَوَدُ عَلَى الْآخَرَيْنِ فَإِنْ وُجِدَ عَفْوٌ وُزِّعَتْ الدِّيَةُ أَثْلَاثًا فَعَلَيْهِمَا ثُلُثَاهَا لِلْوَرَثَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ ثُلُثُهَا يَأْخُذُ السَّيِّدُ مِنْهُ الْأَقَلَّ مِنْهُ وَمِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَمَا زَادَ لِلْوَرَثَةِ أَيْضًا وَلَوْ جَرَحَهُ الْأَوَّلُ أَيْضًا بَعْدَ الْعِتْقِ فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ سُدُسِ الدِّيَةِ، وَنِصْفِ الْقِيمَةِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ لَمْ يُمْكِنْ وَارِثٌ أَخَذَ السَّيِّدُ الزَّائِدَ أَيْضًا بِالْوَلَاءِ لِأَنَّهُ الْوَارِثُ الْآنَ. فَصْلٌ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي وَمَا مَعَهَا قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ الطَّرَفِ) ، وَلَوْ طَرَفَ عَبْدِ الْمُكَاتِبِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ نَعَمْ قَدْ يُوجَدُ قِصَاصُ النَّفْسِ حَيْثُ لَا يُوجَدُ قِصَاصُ الطَّرَفِ كَمَا لَوْ قَطَعَ حُرٌّ يَدَ عَبْدٍ ثُمَّ عَتَقَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ مَاتَ سِرَايَةً، وَكَمَا فِي شَلَلِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ السَّلِيمُ بِالْأَشَلِّ، وَلَا يُقْطَعُ بِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَتْلِ الِانْضِبَاطُ بِخِلَافِ الطَّرَفِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الرَّاءِ) وَهُوَ بِسُكُونِهَا لِلْبَصَرِ قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْجِيمِ) ، وَهُوَ بِفَتْحِهَا نَفْسُ الْفِعْلِ أَوْ مَحَلُّهُ وَالْمَعَانِي كَالْجُرْحِ قَوْلُهُ: (مَعْصُومًا) وَمُكَافِئًا أَيْضًا قَوْلُهُ: (وَضَعُوا) أَيْ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ أَوْ غَيْرُهُمْ. قَوْلُهُ: (سَيْفًا) مِثْلُهُ كُلُّ مُحَدِّدٍ يَقْطَعُ وَمِنْهُ مِنْشَارٌ تَجَاذَبُوهُ، فَإِنْ أَمْسَكَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْجَذْبِ عِنْدَ جَذْبِ غَيْرِهِ، فَلَا قَوَدَ وَبِهَذَا يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ. قَوْلُهُ: (وَتَحَامَلُوا) أَيْ كُلُّهُمْ فَقَطْ قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) أَيْ السَّيْفِ قَوْلُهُ: (دَفْعَةً) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمَرَّةُ وَبِضَمِّهَا مَا يَنْصَبُّ مِنْ مَطَرٍ أَوْ إنَاءٍ مَرَّةً، وَكُلٌّ صَحِيحٌ هُنَا وَخَرَجَ بِهَا مَا لَوْ تَمَيَّزَ فِعْلُ بَعْضِهِمْ فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ حُكُومَةٌ تَلِيقُ بِفِعْلِهِ، وَيَجِبُ بُلُوغُ مَجْمُوعِ الْحُكُومَاتِ دِيَةَ الْيَدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَفَارَقَ وُجُوبَ الْقِصَاصِ فِي الْجِرَاحَاتِ بِأَنَّهُ لَا يُقَالُ هُنَا: إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَطَعَ يَدًا. قَوْلُهُ: (وَشِجَاجُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ) إضَافَتُهُمَا لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِهِمَا. يُسَمَّى جُرْحًا لَا شَجَّةً وَأَمَّا الْأَسْمَاءُ الْآتِيَةُ مِنْ الْحَارِصَةِ، وَمَا بَعْدَهَا مِنْ الْعَشْرِ فَلَا يَخْتَصُّ بِالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ قَوْلُهُ: (عَشْرٌ) أَيْ بِالِاسْتِقْرَاءِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهَا وَسَيَأْتِي أَنَّ أَسْمَاءَهَا أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ قَوْلُهُ: (حَارِصَةٌ) مِنْ حَرَصَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ شَقَّهُ وَتُسَمَّى قَاشِرَةً أَيْضًا قَوْلُهُ: (وَقِيلَ مَعَهُ) وَتُسَمَّى حِينَئِذٍ دَامِعَةً بِمُهْمَلَاتٍ وَبِهِ مَعَ الْقَاشِرَةِ تَكُونُ الْأَسْمَاءُ اثْنَيْ عَشَرَ اسْمًا. قَوْلُهُ: (وَمُتَلَاحِمَةٌ) تَفَاؤُلًا بِالْتِحَامِهَا قَوْلُهُ: (وَسِمْحَاقٌ بِكَسْرِ السِّينِ) مَأْخُوذٌ مِنْ سَمَاحِقِ الْبَطْنِ، وَهُوَ الشَّحْمُ الرَّقِيقُ فِيهَا، وَيُقَالُ لَهَا لَاطِيَةٌ وَمِلْطَاةٌ وَمُلْطَةٌ، وَبِذَلِكَ تَكُونُ الْأَسْمَاءُ خَمْسَةَ عَشَرَ قَوْلُهُ: (وَتُسَمَّى الْجِلْدَةُ بِهِ) وَكَذَا كُلُّ جِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ قَوْلُهُ: (تُظْهِرُهُ)   [حاشية عميرة] فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ الطَّرَفِ دَلِيلُ الْقِصَاصِ فِيهَا قَوْله تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} [المائدة: 45] الْآيَةَ وَأَمَّا اشْتِرَاطُ مَا شَرَطَ لِلنَّفْسِ مِنْ كَوْنِ الْجِنَايَةِ عَمْدًا إلَخْ. فَلِأَنَّ الشَّرْعَ مُعْتَنٍ بِصِيَانَةِ النُّفُوسِ أَعْنِي فَإِذَا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ لِلنَّفْسِ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ فَفِيمَا دُونَهَا أَوْلَى، وَلَوْ قَالَ يُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ مَا دُونَ النَّفْسِ لَشَمِلَ الْمَعَانِيَ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَا يَرِدُ كَوْنُ السَّلِيمَةِ لَا تُقْطَعُ بِالشَّلَّاءِ وَالْكَامِلَةِ الْأَصَابِعُ لَا تُقْطَعُ بِنَاقِصَتِهَا وَلَوْ قَتَلَهُ لَقُتِلَ بِهِ لِأَنَّ قِصَاصَ النَّفْسِ لِصِيَانَةِ الرُّوحِ وَقَدْ اسْتَوَيَا فِيهَا وَالشَّلَلُ وَالنُّقْصَانُ لَا يَحِلَّانِهَا، وَقِصَاصُ الطَّرَفِ لِصِيَانَتِهِ وَقَدْ تَفَاوَتَا فِيهِ اهـ. الْغَزَالِيُّ هُوَ يُفَارِقُ النَّفْسَ فِي شَيْئَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ قِصَاصَ النَّفْسِ يَجِبُ بِسِرَايَةِ الْجُرْحِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي جِنَايَتِهَا الِانْضِبَاطُ بِخِلَافِ مَا دُونَ النَّفْسِ. فَرْعٌ: لَوْ قَتَلَ السَّيِّدُ مُكَاتَبَهُ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ ضَمِنَهُ وَهَذَا يُلْغَزُ بِهِ. [فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ الطَّرَفِ وَالْجُرْحِ مَا شُرِطَ لِلنَّفْسِ مِنْ الْعَمْد وَالتَّكْلِيف] قَوْلُهُ: (قُطِعُوا) كَالنَّفْسِ قَوْلُهُ: (عُشْرُ) الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِقْرَاءُ قَوْلُهُ: (أَيْ تُظْهِرُهُ) أَيْ بِحَيْثُ يَصِلُ إلَيْهَا مَا يُوضَعُ فِي الْجُرْحِ وَإِنْ لَمْ يَرَ الْعَظْمَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 أَيْ بِكَسْرِهِ (وَمُنَقِّلَةٌ) بِالتَّشْدِيدِ، (تَنْقُلُهُ) بِالتَّخْفِيفِ، وَالتَّشْدِيدِ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ (وَمَأْمُومَةٌ) بِالْهَمْزِ (تَبْلُغُ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ) الْمُحِيطَةَ بِهِ الْمُسَمَّاةَ أُمَّ الرَّأْسِ، (وَدَامِغَةٌ تَخْرِقُهَا) وَتَصِلُ الدِّمَاغَ وَهِيَ مُذَفِّفَةٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَالْعَشْرُ تُتَصَوَّرُ فِي الْجَبْهَةِ كَالرَّأْسِ وَيُتَصَوَّرُ مَا عَدَا الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْهَا فِي الْخَدِّ وَفِي قَصَبَةِ الْأَنْفِ وَاللِّحَى الْأَسْفَلِ (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْمُوضِحَةِ فَقَطْ) ، لِتَيَسُّرِ ضَبْطِهَا وَاسْتِيفَاءِ مِثْلِهَا (وَقِيلَ وَفِيمَا قَبْلَهَا سِوَى الْحَارِصَةِ) لِإِمْكَانِ ضَبْطِهِ بِخِلَافِ الْحَارِصَةِ وَمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ وَاسْتِثْنَاءُ الْحَارِصَةِ مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ أَخْذًا مِنْ الشَّرْحِ (وَلَوْ أَوْضَحَ فِي بَاقِي الْبَدَنِ) ، كَالصَّدْرِ وَالسَّاعِدِ (أَوْ قَطَعَ بَعْضَ مَارِنٍ أَوْ أُذُنٍ وَلَمْ يَبْنِهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَصَحِّ) ، أَمَّا فِي الْإِيضَاحِ فَلِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُوضِحَةِ وَقَوْلُ الثَّانِي لَيْسَ فِيمَا هُنَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ بِخِلَافِ الْمُوضِحَةِ لَا يَضُرُّ، وَأَمَّا فِي الْقَطْعِ بِأَنْ يُقَدِّرَ الْمَقْطُوعَ بِالْجُزْئِيَّةِ كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، وَيَسْتَوْفِيَ مِنْ الْجَانِي مِثْلَهُ فَلِتَيَسُّرِ ذَلِكَ وَالثَّانِي يَمْنَعُهُ، وَالْمَارِنُ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ. (وَيَجِبُ) الْقِصَاصُ (فِي الْقَطْعِ مِنْ مَفْصِلٍ) لِانْضِبَاطِهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ (حَتَّى فِي أَصْلِ فَخِذِ وَمَنْكِبٍ إنْ أَمْكَنَ بِلَا إجَافَةٍ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِهَا (فَلَا) يَجِبُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْجَوَائِفَ لَا تَنْضَبِطُ، وَالثَّانِي قَالَ: إنْ أَجَافَ الْجَانِي، وَقَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ يُمْكِنُ أَنْ يُقْطَعَ وَيُجَافَ مِثْلَ تِلْكَ الْجَائِفَةِ، وَجَبَ لِأَنَّ الْجَائِفَةَ هُنَا تَابِعَةٌ لَا مَقْصُودَةٌ (وَيَجِبُ) الْقِصَاصُ (فِي فَقْءِ عَيْنٍ) أَيْ تَعْوِيرِهَا بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ (وَقَطْعِ أُذُنٍ وَجَفْنٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَمَارِنٍ وَشَفَةٍ وَلِسَانٍ وَذَكَرٍ وَأُنْثَيَيْنِ)   [حاشية قليوبي] بِمَعْنَى تَصِلُ إلَيْهِ وَيُعْلَمُ وُصُولُهَا إلَيْهِ بِنَحْوِ غَرْزِ إبْرَةٍ مَثَلًا قَوْلُهُ: (تَكْسِرُهُ) وَلَوْ بِلَا انْفِصَالٍ وَبِلَا إيضَاحٍ قَوْلُهُ: (تُنْقِلُهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْقَافِ الْمُثْقَلَةِ وَقِيلَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الْقَافِ الْمُخَفَّفَةِ، وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ اسْمَهَا الْمَذْكُورَ وَإِنَّمَا يُنَاسِبُهُ لَوْ قِيلَ لَهَا نَاقِلَةٌ وَالْمُرَادُ بِنَقْلِهِ إزَالَتُهُ عَنْ مَحَلِّهِ وَلَوْ بِلَا هَشْمٍ وَلَا إيضَاحٍ. قَوْلُهُ: (الدِّمَاغِ) وَهُوَ الدُّهْنُ الْمُجْتَمِعُ فِي دَاخِلِ تِلْكَ الْخَرِيطَةِ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي الرَّأْسِ اثْنَا عَشَرَ اسْمًا الْمُسَمَّيَاتُ سِتَّةٌ مُتَلَاصِقَةٌ مَعَ بَعْضِهَا فَالْجِلْدُ اسْمٌ لِمَا نَبَتَ فِيهِ الشَّعْرُ الْمَحْلُوقُ وَاللَّحْمُ اسْمٌ لِمَا تَحْتَهُ وَالسِّمْحَاقُ وَاللَّاطِيَةُ وَالْمِلْطَاةُ وَالْمُلْطَةُ اسْمٌ لِلْجِلْدَةِ الَّتِي تَحْتَهُ وَالْقِحْفُ وَالْعَظْمُ اسْمٌ لِمَا تَحْتَهَا وَأُمُّ الرَّأْسِ وَالْخَرِيطَةُ وَالْآمَّةُ بِالْمَدَاسِمِ لِلْجِلْدَةِ الَّتِي تَحْتَهُ وَالدِّمَاغُ اسْمٌ لِلدُّهْنِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (عِنْدَ بَعْضِهِمْ) ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ مَرْدُودٌ قَوْلُهُ: (وَفِي الْخَدِّ) وَكَذَا فِي سَائِرِ الْبَدَنِ. قَوْلُهُ: (لِإِمْكَانٍ إلَخْ) وَرَدَّ بِأَنَّ الْإِمْكَانَ لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّيَسُّرِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ قَوْلُهُ: (أَوْ أُذُنٍ) ، وَكَذَا حَشَفَةٌ وَلِسَانٌ وَشَفَةٌ وَإِطَارُهَا وَهُوَ الْمُحِيطُ بِهَا لَا إطَارُ الدُّبُرِ لِعَدَمِ ضَبْطِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ إذْ الْإِطَارُ مَا أَحَاطَ بِغَيْرِهِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَبْنِهِ) بِأَنْ بَقِيَ زِيَادَةً عَلَى الْجِلْدِ وَلَمْ يَلْتَصِقْ بِحَرَارَةِ الدَّمِ بَعْدُ فَإِنْ الْتَصَقَ بِهَا وَجَبَ حُكُومَةٌ فَقَطْ وَإِنْ بَقِيَ الْجِلْدُ فَقَطْ أَوْ فَصَلَهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ قَطْعًا وَإِنْ عَادَ وَالْتَصَقَ. قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ إلَخْ) هُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالْقِصَاصِ فَإِنَّ الْأُصْبُعَ الزَّائِدَةَ فِيهَا الْقِصَاصُ فَإِنْ لَمْ يَجِبْ فَحُكُومَةٌ لَا أَرْشٌ، وَالْجَائِفَةُ فِيهَا الْأَرْشُ دُونَ الْقِصَاصِ قَوْلُهُ: (بِالْجُزْئِيَّةِ) لَا بِالْمِسَاحَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَخْذُ عُضْوٍ كَامِلٍ بِبَعْضِ عُضْوٍ، وَسَيَأْتِي فِيهِ كَلَامٌ. قَوْلُهُ: (مِثْلُهُ) أَيْ إلَى قَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الْجِلْدَةِ الْمُعَلَّقَةِ، ثُمَّ يَفْعَلُ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ لِنَفْسِهِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ مِنْ إبْقَائِهَا أَوْ عَدَمِهِ وَيَجِبُ إزَالَةُ الْمُلْتَحِمِ بَعْدَ إبَانَتِهِ لَا قَبْلَهَا وَلَا قَوَدَ بِقَطْعِ ذَلِكَ الْمُلْتَحِمِ. قَوْلُهُ: (أَصْلِ فَخِذٍ) وَهُوَ مَا فَوْقَ الْوَرِكِ قَوْلُهُ: (وَمَنْكِبٍ) هُوَ مَجْمَعُ مَا بَيْنَ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ قَوْلُهُ: (فَلَا يَجِبُ) إنْ لَمْ يَمُتْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَإِلَّا أُجِيفَ لِأَنَّ النَّفْسَ مُسْتَوْفَاةٌ نَعَمْ إنْ قَالَ: إنْ لَمْ يَمُتْ لَمْ أَقْتُلْهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ) أَيْ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ تَخْمِينٌ وَالْجِرَاحَاتُ لَا تَكَادُ تَنْضَبِطُ قُوَّةً وَضَعْفًا قَوْلُهُ: (تَعْوِيرِهَا بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ) أَيْ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فَقْئِهَا بِالْفِعْلِ قَوْلُهُ: (وَقَطْعِ أُذُنٍ إلَخْ) هَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْبَعْضِ وَالْكُلِّ. قَوْلُهُ: (أَيْ جِلْدَتَيْ الْبَيْضَتَيْنِ) فَسَّرَ الْأُنْثَيَيْنِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْنَاهُمَا لُغَةً وَلِيُنَاسِبَ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ الشَّامِلَ لَهُمَا وَلِأَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْمُوضِحَةِ) أَيْ وَلَا نَظَرَ إلَى غِلَظِ مَا فَوْقَهَا مِنْ اللَّحْمِ وَرِقَّتِهِ كَالْعُضْوِ الْكَبِيرِ بِالصَّغِيرِ، قَوْلُهُ: (لِإِمْكَانِ ضَبْطِهِ) هَذَا مَرْدُودٌ فَأَنَّا نَعْتَبِرُ الْمُمَاثَلَةَ بِالْجُزْئِيَّةِ لَا بِالْمِسَاحَةِ وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى أَخْذِ مُوضِحَةٍ بِمُتَلَاحِمَةٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَنْتَهِي إلَى غَايَةِ الْعَظْمِ لِتَنْضَبِطَ بِالْجُزْئِيَّةِ، قَوْلُهُ: (وَمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الَّذِي بَعْدَهَا إيضَاحُ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يُوضِحَ وَيَأْخُذَ بَاقِيَ الْأَرْشِ كَمَا سَيَأْتِي، قَوْلُهُ: (أَوْ قَطَعَ) قِيلَ الْأَحْسَنُ شَقٌّ قَوْلُهُ: (لَا يَضُرُّ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْيَدَ الشَّلَّاءَ وَالْأُصْبُعَ الزَّائِدَةَ فِيهِمَا الْقِصَاصُ بِمِثْلِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، قَوْلُهُ: (بِالْجُزْئِيَّةِ) أَيْ لَا بِالْمِسَاحَةِ كَمَا فِي الْمُوضِحَةِ تُقَدَّرُ بِالْمِسَاحَةِ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَمْنَعُهُ) أَيْ وَيَجْعَلُهُ قَدْرَ الْمُتَلَاحِمَةِ مَثَلًا قَوْلُهُ: (فَلَا يَجِبُ عَلَى الصَّحِيحِ) . نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ الْقَطْعُ مِنْ مَفْصِلٍ دُونَ ذَلِكَ مَعَ أَخْذِ الْأَرْشِ كَمَا سَيَأْتِي، قَوْلُهُ: (أَهْلُ الْبَصَرِ) أَيْ عَدْلَانِ مِنْهُمْ [الْقِصَاصُ فِي فَقْءِ الْعَيْنِ] قَوْلُهُ: (وَقَطْعُ أُذُنٍ) وَلَوْ رَدَّهَا فِي حَرَارَةِ الدَّمِ فَالْتَصَقَتْ، قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْجِيمِ) وَحُكِيَ كَسْرُهَا أَيْضًا وَهُوَ غِطَاءُ الْعَيْنِ مِنْ فَوْقٍ وَأَسْفَلَ قَوْلُهُ: (أَيْ جِلْدَتَيْ الْبَيْضَتَيْنِ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ هُمَا الْبَيْضَتَانِ وَجَعَلَ الْخُصْيَتَيْنِ تَفْسِيرًا لَلْجِلْدَتَيْنِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 أَيْ جِلْدَتَيْ الْبَيْضَتَيْنِ لِأَنَّ لَهَا نِهَايَاتٍ مَضْبُوطَةً (وَكَذَا أَلْيَانِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مُثَنَّى أَلْيَةٍ، وَهُوَ مِنْ النَّوَادِرِ وَهُمَا مَوْضِعُ الْقُعُودِ (وَشُفرَانِ) بِضَمِّ الشِّينِ حَرْفَا الْفَرْجِ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ فَالثَّانِي قَالَ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا إلَّا بِقَطْعِ غَيْرِهَا، وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي الشَّفَةِ وَاللِّسَانِ بِضَعْفٍ. (وَلَا قِصَاصَ فِي كَسْرِ الْعِظَامِ) لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَطْعُ أَقْرَبِ مَفْصِلٍ إلَى مَوْضِعِ الْكَسْرِ وَحُكُومَةُ الْبَاقِي) وَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ وَيَعْدِلَ إلَى الْمَالِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَظَاهِرٌ مِنْ ذِكْرِ الْقَطْعِ أَنَّ مَعَ الْكَسْرِ قَطْعًا وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدُ وَلَوْ كَسَرَ عَضُدَهُ وَأَبَانَهُ إلَى آخِرِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى زِيَادَةٍ (وَلَوْ أَوْضَحَهُ وَهَشَمَ أَوْضَحَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (وَأَخَذَ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ) أَرْشَ الْهَشِمِ (وَلَوْ أَوْضَحَ وَنَقَلَ أَوْضَحَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (وَلَهُ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ) أَرْشُ التَّنْقِيلِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْهَشْمِ (وَلَوْ قَطَعَهُ مِنْ الْكُوعِ فَلَيْسَ لَهُ الْتِقَاطُ أَصَابِعِهِ فَإِنْ فَعَلَهُ عُزِّرَ وَإِلَّا غَرِمَ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ إتْلَافَ الْجُمْلَةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ قَطْعَ الْكَفِّ بَعْدَهُ)   [حاشية قليوبي] الْقِصَاصِ فِي الْبَيْضَتَيْنِ قَطْعُ جِلْدَتَيْهِمَا سَوَاءٌ قَطَعَهُمَا مَعَهُمَا أَوْ وَقَعَتَا بِأَنْفُسِهِمَا بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَفِيهِمَا دِيَةٌ لَا قِصَاصٌ، وَكَذَا لَوْ دَقَّهُمَا. كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ أَنَّ إطْلَاقَ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى الْبَيْضَتَيْنِ مَجَازٌ لِلْمُجَاوَرَةِ أَوْ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ وَصَرِيحُ كَلَامِهِ الْآتِي يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ مُثَنَّاهُمَا مَعَ حَذْفِ الْفَوْقِيَّةِ الْمُخَالِفِ لِلْقِيَاسِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَفْصَحَ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَوْلُهُ: (مَوْضِعُ الْقُعُودِ) بَيْنَ الظَّهْرِ وَالْفَخِذِ قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الشِّينِ) أَيْ هُوَ الْفَصِيحُ وَبِفَتْحِهَا اسْمٌ لِشَفْرَيْ الْعَيْنِ قَوْلُهُ: (بِضَعْفٍ) أَيْ فَهُوَ كَالْعَدَمِ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْوُثُوقِ إلَخْ) فَإِنْ أَمْكَنَ وَجَبَ كَمَا فِي السِّنِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِأَنْ تُنْشَرَ بِمِنْشَارٍ مَثَلًا وَهُوَ بِنُونٍ بَعْدَ الْمِيمِ أَوْ تَحْتِيَّةٍ أَوْ هَمْزَةٍ قَوْلُهُ: (أَقْرَبِ مَفْصِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَإِنْ تَعَدَّدَ كَأَنْ كَسَرَ عَظْمَ الْكُوعِ، فَلَهُ لَقْطُ الْأَصَابِعِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ إلَخْ) هُوَ جَوَابٌ عَنْ اعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْكَسْرَ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَيْسَ فِيهِ إبَانَةٌ وَلَا يَجُوزُ قَطْعُ عُضْوِ الْجَانِي بِدُونِهَا، وَبِأَنَّ مَا هُنَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا سَيَأْتِي وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَطْعَ الْجَانِي يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْكَسْرَ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْإِبَانَةِ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّصْرِيحِ بِهَا وَأَنَّ مَا سَيَأْتِي فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا هُنَا مُشْتَمِلٌ عَلَى زِيَادَةٍ كَقَطْعِ الْمَفْصِلِ الْأَبْعَدِ فَلَا تَكْرَارَ، فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْهَشْمِ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ غَالِبًا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَيْهِ لَزِمَهُ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ فَقَطْ أَرْشُ التَّنْقِيلِ وَحْدَهُ وَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ أَوْ مُؤَوَّلٍ وَلَوْ أَوْضَحَ وَأَمَّ أَوْضَحَ وَأَخَذَ مَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ الْمَأْمُومَةِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا وَثُلُثُ بَعِيرٍ لِأَنَّ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ. كَمَا يَأْتِي وَمَعْنَى أَوْضَحَ فِيمَا ذُكِرَ اسْتَحَقَّ الْإِيضَاحَ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي أَنَّهُ يُوَكَّلُ فِيهِ وَأَنَّ لَهُ الْعَفْوَ عَنْهُ قَوْلُهُ: (مِنْ الْكُوعِ) أَيْ مَفْصِلِهِ وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ إلَى الْمَفْصِلِ وَيُسَمَّى الْكَاعَ أَيْضًا، وَمَا يَلِي الْخِنْصَرَ يُسَمَّى الْكُرْسُوعَ وَمَا بَيْنَهُمَا يُسَمَّى الرُّسْغَ بِالْمُعْجَمَةِ آخِرُهُ، وَمَا يَلِي إبْهَامَ الرِّجْلِ يُسَمَّى الْبُوعَ وَأَمَّا الْبَاعُ فَهُوَ مَدُّ الْيَدَيْنِ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لِلْغَبِيِّ لَا يَعْرِفُ كُوعَهُ مِنْ بُوعِهِ وَنَظَّمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَعَظْمٌ يَلِي الْإِبْهَامَ كُوعٌ وَمَا يَلِي ... لِخِنْصَرِهِ الْكُرْسُوعُ وَالرُّسْغُ مَا وَسَطَ وَعَظْمٌ يَلِي إبْهَامَ رِجْلٍ مُلَقَّبٌ ... بِبُوعٍ فَخُذْ بِالْعِلْمِ وَاحْذَرْ مِنْ الْغَلَطْ وَالْأَرْبَعَةُ مَضْمُومَةُ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لَهُ الْتِقَاطُ أَصَابِعِهِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الْتِقَاطُ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَوْ أُنْمُلَةً فَهُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ اللَّقْطَ وَلَوْ لِأُصْبُعٍ عُزِّرَ وَإِنْ عَفَا عَنْ الْبَاقِي وَلَوْ قَبْلَ اللَّقْطِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ قَطْعَ بَقِيَّةِ الْكَفِّ بَعْدَهُ) أَيْ لَا طَلَبَ حُكُومَةٍ لِدُخُولِهَا فِي قَطْعِ الْأَصَابِعِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ فَقَطَعَ رِجْلَيْهِ أَوْ يَدَيْهِ ثُمَّ أَرَادَ الْعَفْوَ عَنْ النَّفْسِ عَلَى الدِّيَةِ لَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ بِالْعَفْوِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى قَدْرَهَا، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ حُكُومَةَ الْكَفِّ تَدْخُلُ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ لَا فِي لَقْطِهَا، وَالْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الزِّيَادَةُ فِي الْقَتْلِ عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (مَضْبُوطَةٌ) أَيْ وَكَانَتْ مَنْزِلَةُ الْأَعْضَاءِ الَّتِي لَهُمْ فَاصِلٌ، قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الشِّينِ) أَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ حَسَبُ الْعَيْنِ. نَعَمْ حَكَى الْفَتْحَ هُنَا أَيْضًا، قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ جَارٍ) يُرِيدُ لَيْسَ الْخِلَافُ مُخْتَصًّا بِمَا بَعْدَ كَذَا كَمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ. نَعَمْ هُوَ خِلَافٌ غَيْرُ هَذَا الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ قَطْعُ أَقْرَبِ مَفْصِلٍ إلَى مَوْضِعِ الْكَسْرِ وَحُكُومَةُ الْبَاقِي) خَالَفَ فِي ذَاكَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالْمَالِ وَنَظَرَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى الْمُمَاثَلَةِ وَأَيْضًا، وَلَوْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لَاتَّخَذَهُ النَّاسُ ذَرِيعَةً إلَى الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ، قَوْلُهُ: (وَمِنْ ذَلِكَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ هَذَا يُغْنِي عَمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مِنْ الْكُوعِ) هُوَ الْعَظْمُ الَّذِي فِي مَفْصِلِ الْكَفِّ مِمَّا يَلِي الْإِبْهَامَ وَمِمَّا يَلِي الْخِنْصَرَ، كُرْسُوعٌ وَالْبُوعُ هُوَ الَّذِي عِنْدَ أَصْلِ الْإِبْهَامِ مِنْ كُلِّ رَجْلٍ وَقَالَ صَاحِبُ تَثْقِيفِ السِّنَانِ الْكُوعُ رَأْسُ الزَّنْدِ، مِمَّا يَلِي الْإِبْهَامَ وَالْبَاعُ مَا بَيْنَ طَرَفَيْ يَدَيْ الْإِنْسَانِ أَوْ أَحَدِهِمَا يَمِينًا وَشِمَالًا، قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ هَذَا بِمَا قَالَاهُ فِيمَا لَوْ قَطَعَ مِنْ نِصْفِ السَّاعَةِ وَثَرَاءِ اللَّقْطِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَلَوْ قَطَعَ ثُمَّ أَرَادَ الْكُوعَ لَمْ يُمْكِنْ أَيْضًا، أَقُولُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْكُوعِ اسْتَوْفَى كُلَّ حَقِّهِ وَهُوَ مَوْضِعُ الْجِنَايَةِ فَلَا يُقَاسُ بِغَيْرِهِ لَا يُسْتَشْكَلُ، بِمَا لَوْ قَطَعَ مِنْ الْمِرْفَقِ فَاقْتَصَّ مِنْ الْكُوعِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمِرْفَقِ لِأَنَّهُ بِالْقَطْعِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 لِأَنَّهُ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ، وَالثَّانِي يَجْعَلُ الِالْتِقَاطَ بَدَلَ الْقَطْعِ الْمُسْتَحَقِّ. (وَلَوْ كَسَرَ عَضُدَهُ وَأَبَانَهُ) أَيْ الْمَكْسُورَ مِنْ الْيَدِ (قَطَعَ مِنْ الْمِرْفَقِ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَفْصِلٌ إلَيْهِ، (وَلَهُ حُكُومَةُ الْبَاقِي فَلَوْ طَلَبَ الْكُوعَ) لِلْقَطْعِ (مُكِّنَ) مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَجْزِهِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ، وَمِسَاحَتِهِ، وَالثَّانِي لَا لِعُدُولِهِ عَمَّا هُوَ أَقْرَبُ إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَلَوْ قَطَعَ مِنْ الْكُوعِ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَهُ حُكُومَةُ السَّاعِدِ مَعَ حُكُومَةِ الْمَقْطُوعِ مِنْ الْعَضُدِ (وَلَوْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُهُ أَوْضَحَهُ فَإِنْ ذَهَبَ الضَّوْءُ) ، فَظَاهِرٌ (وَإِلَّا أَذْهَبَهُ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ كَتَقْرِيبِ حَدِيدَةٍ مُحْمَاةٍ مِنْ حَدَقَتِهِ) أَوْ وَضْعِ كَافُورٍ فِيهَا، (وَلَوْ لَطَمَهُ لَطْمَةً تُذْهِبُ ضَوْءَهُ غَالِبًا فَذَهَبَ لَطَمَهُ مِثْلَهَا، فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ أَذْهَبَ) بِالْمُعَالَجَةِ كَمَا ذُكِرَ (وَالسَّمْعُ كَالْبَصَرِ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهِ بِالسِّرَايَةِ) فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ لَهُ مَحَلًّا مَضْبُوطًا (وَكَذَا الْبَطْشُ وَالذَّوْقُ وَالشَّمُّ) يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهَا بِالسِّرَايَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لَهَا مَحَلًّا مَضْبُوطَةً، وَلِأَهْلِ الْخِبْرَةِ طُرُقٌ فِي إبْطَالِهَا. وَالثَّانِي يَقُولُ: لَا يُمْكِنُ الْقِصَاصُ فِيهَا (وَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَتَآكَلَ غَيْرُهَا) كَأُصْبُعٍ أَوْ كَفٍّ (فَلَا قِصَاصَ فِي الْمُتَآكِلِ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ) أَيْ مَعَ وُصُولِهِ بِهِ إلَى تَمَامِ حَقِّهِ فَلَا يُرَدُّ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مُكِّنَ مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَخَرَجَ بِالْكُوعِ وَالْمِرْفَقِ مَا لَوْ طَلَبَ لَقْطَ الْأَصَابِعِ فَلَا يُمْكِنُ إلَّا مِنْ لَقْطِ أُصْبُعٍ فَقَطْ لِتَعَدُّدِ الْجِرَاحَةِ فَإِنْ لَقَطَ أَكْثَرَ مِنْهَا عُزِّرَ كَمَا مَرَّ وَفَارَقَ مَا ذَكَرَ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ بِتَعَذُّرِ مَفْصِلٍ أَقْرَبَ هُنَاكَ بِخِلَافِهِ هُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ حُكُومَةُ السَّاعِدِ) أَيْ مَعَ حُكُومَةِ الْبَاقِي مِنْ الْعَضُدِ السَّابِقَةِ، فَلَوْ طَلَبَ حِينَئِذٍ الْقَطْعَ مِنْ الْمِرْفَقِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ لِتَعَدُّدِ الْقَطْعِ مَعَ عَدَمِ وُصُولِهِ إلَى تَمَامِ حَقِّهِ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَالضَّابِطُ لِذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَخَذَ مُسَمًّى الْيَدِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ وَإِلَّا فَإِنْ وَصَلَ بِالْقَيْدِ إلَى تَمَامِ حَقِّهِ مُكِّنَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا. تَنْبِيهٌ: لَوْ جَنَى عَلَيْهِ بِقَطْعِهِ مِنْ الْمِرْفَقِ فَطَلَبَ الْقَطْعَ مِنْ الْكُوعِ أَوْ لَقْطَ الْأَصَابِعِ وَلَوْ أُصْبُعًا وَاحِدَةً لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِيفَاءِ تَمَامِ حَقِّهِ فَلَوْ قَطَعَ مِنْهُ أَوْ لَقَطَ الْأَصَابِعَ عُزِّرَ، وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْبَاقِي وَلَا حُكُومَةَ لَهُ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُسَمَّى يَدًا مَعَ تَقْصِيرِهِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ضَوْءُهُ) هُوَ بِفَتْحِ الضَّادِ وَضَمِّهَا وَهَذَا شُرُوعٌ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ فِي الْمَعَانِي وَمِنْهَا الْكَلَامُ وَسَيَأْتِي اللَّمْسُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ لِدُخُولِهِ فِي الْبَطْشِ فَإِنْ أَمْكَنَ زَوَالُهُ وَحْدَهُ وَجَبَ فِيهِ الْقَوَدُ خِلَافًا لِلطَّاوُسِيِّ وَمِنْهَا الْعَقْلُ وَسَيَأْتِي وَلَا وُصُولَ إلَى الْقَوَدِ فِيهِ لِلِاخْتِلَافِ فِي مَحَلِّهِ وَلَا وُصُولَ إلَى إزَالَتِهِ بِالسِّرَايَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْضَحَهُ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي اللَّطْمَةِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لَطَمَهُ مِثْلَهَا) أَيْ إنْ زَالَ الضَّوْءُ مِنْ عَيْنَيْهِ جَمِيعًا أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا، وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّ اللَّطْمَةَ تُذْهِبُ ضَوْءَهَا فَقَطْ وَإِلَّا امْتَنَعَ اللَّطْمُ، وَوَجَبَتْ الْمُعَالَجَةُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَيْضًا فَالدِّيَةُ، كَمَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ إذْهَابُ الضَّوْءِ إلَّا بِإِذْهَابِ الْحَدَقَةِ، وَخَرَجَ بِاللَّطْمَةِ الْمُوضِحَةُ فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهَا مُطْلَقًا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ تَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَخَرَجَ بِهِمَا نَحْوُ الْهَاشِمَةِ فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا، وَيَرْجِعُ لِلْمُعَالَجَةِ كَمَا مَرَّ. فَائِدَةٌ: الْحَدَقَةُ اسْمٌ لِسَوَادِ الْعَيْنِ كُلِّهِ، وَالنَّاظِرُ اسْمٌ لِلسَّوَادِ الْأَصْغَرِ فِي وَسَطِهِ وَالْمُقْلَةُ اسْمٌ لِلسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ جَمِيعًا قَوْلُهُ: (وَالسَّمْعُ كَالْبَصَرِ) صَرِيحُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهِ كَالْبَصَرِ. لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِ قَالَ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَضَعَّفَهُ. قَوْلُهُ: (فَتَآكَلَ) أَوْ شُلَّ قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ فِي الْمُتَآكِلِ) بَلْ فِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ، وَلَوْ اقْتَصَّ فِي الْأُصْبُعِ فَتَآكَلَ غَيْرُهَا مِنْ الْجَانِي، لَمْ يَقَعْ قِصَاصًا وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ فِي مُقَابَلَتِهِ بَلْ لَوْ عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ الْأُصْبُعِ لَزِمَ الْجَانِيَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دِيَةِ الْكَفِّ إنْ تَآكَلَتْ الْأَصَابِعُ الْأَرْبَعُ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.   [حاشية عميرة] مِنْ الْكُوعِ أَخَذَ صُورَةَ يَدٍ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الزِّيَادَةِ بَلْ لَهُ الْحُكُومَةُ. قَوْلُهُ: (مُكِّنَ) فَلَوْ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقَطْعَ مِنْ الْمِرْفَقِ لَمْ يُمَكَّنْ قِيلَ وَيَشْكُلُ تَمْكِينُهُ مِنْ قَطْعِ الْكَفِّ بَعْدَ لَقْطِ الْأَصَابِعِ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِنْ الْحَاشِيَةِ الَّتِي عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْضَحَهُ) غَيْرَ الْمُوضِحَةِ مِثْلَهَا وَإِنَّمَا خَصَّهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ انْدِرَاجُهُ فِيهَا كَذَا فِي الزَّرْكَشِيّ وَمُرَادُهُ مِثْلُهَا فِي الضَّوْءِ الذَّاهِبِ بِهَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَإِلَّا فَلَوْ زَالَ بِالْهَشِمِ لَا يُهَشَّمُ، وَالثَّانِي لَا وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَوْلُهُ: (أَوْضَحَهُ) إنَّمَا شُرِعَ الْقِصَاصُ فِي الْمَعَانِي لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَحَلِّهَا فَكَانَتْ كَالرُّوحِ، قَوْلُهُ: (الْحَدَقَةُ) هِيَ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ الَّذِي فِي الْعَيْنِ وَالْأَصْغَرُ النَّاظِرُ وَالْمُقْلَةُ شَحْمُ الْعَيْنِ الَّذِي يَجْمَعُ السَّوَادَ وَالْبَيَاضَ ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَوْلُهُ: (لَطَمَهُ مِثْلَهَا) لَا يَشْكُلُ هَذَا بِمَا لَوْ هَشَّمَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُهُ فَإِنَّهُ لَا يُهَشَّمُ بَلْ يُعَالَجُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْفَرْقَ لَائِحٌ وَإِنْ كَانَ هَذَا وَجْهًا اسْتَحْسَنَهُ الشَّيْخَانِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْبَطْشُ) هُوَ يَزُولُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ وَالذَّوْقُ بِهَا عَلَى الْفَمِ وَالشَّمُّ بِهَا عَلَى الرَّأْسِ، قَوْلُهُ: (بِهَا) أَيْ بِالسِّرَايَةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 بِالسِّرَايَةِ، وَخَرَجَ فِيهِ الْقِصَاصُ مِنْ ذَهَابِ الضَّوْءِ بِهَا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الضَّوْءَ وَنَحْوَهُ مِنْ الْمَعَانِي لَا يُبَاشَرُ بِالْجِنَايَةِ بِخِلَافِ الْأُصْبُعِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَجْسَامِ فَيَقْصِدُهُ بِمَحَلِّ الضَّوْءِ مَثَلًا نَفْسَهُ وَلَا يَقْصِدُ بِالْأُصْبُعِ مَثَلًا غَيْرَهَا. بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْجَمِيعِ (لَا تُقْطَعُ يَسَارٌ بِيَمِينٍ) مِنْ يَدَيْنِ أَوْ رِجْلَيْنِ مَثَلًا (وَلَا شَفَةٌ سُفْلَى بِعُلْيَا وَعَكْسُهُ) أَيْ يَمِينٌ بِيَسَارٍ وَشَفَةٌ عُلْيَا بِسُفْلَى (وَلَا أُنْمُلَةٌ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ فِي الْأَفْصَحِ (بِأُخْرَى) وَلَا أُصْبُعٌ بِأُخْرَى (وَلَا زَائِدٌ بِزَائِدٍ فِي مَحَلٍّ آخَرَ) كَزَائِدٍ بِجَنْبِ الْخِنْصَرِ وَزَائِدٍ بِجَنْبِ الْإِبْهَامِ لِانْتِفَاءِ الْمُسَاوَاةِ فِي الْجَمِيعِ فِي الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ فِي الْقِصَاصِ (وَلَا يَضُرُّ) فِيهِ حَيْثُ اتَّحَدَ الْجِنْسُ (تَفَاوُتُ كِبَرٍ) وَصِغَرٍ (وَطُولٍ) وَقِصَرٍ (وَقُوَّةُ بَطْشٍ) وَضَعْفُهُ (فِي) عُضْوٍ (أَصْلِيٍّ وَكَذَا زَائِدٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِيمَا ذُكِرَ لَا تَكَادُ تَتَّفِقُ. وَالثَّانِي فِي الزَّائِدِ قَالَ إنْ كَانَ أَكْبَرُهُ فِي الْجَانِي لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ اقْتَصَّ مِنْهُ وَأَخَذَ حُكُومَةَ قَدْرِ النُّقْصَانِ (وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الْمُوضِحَةِ) فِي قِصَاصِهَا (طُولًا وَعَرْضًا) فَيُقَاسُ مِثْلُهُ مِنْ رَأْسِ الشَّاجِّ، وَيَخُطُّ عَلَيْهِ بِسَوَادٍ أَوْ حُمْرَةٍ وَيُوَضِّحُ بِالْمُوسَى (وَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتُ غِلَظِ لَحْمٍ وَجِلْدٍ) فِي قِصَاصِهَا (وَلَوْ أَوْضَحَ كُلَّ رَأْسِهِ، وَرَأْسُ الشَّاجِّ أَصْغَرُ اسْتَوْعَبْنَاهُ) إيضَاحًا (وَلَا نُتَمِّمُهُ مِنْ الْوَجْهِ وَالْقَفَا بَلْ نَأْخُذُ قِسْطَ الْبَاقِي مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِهَا) ، فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرَ الثُّلُثِ فَالْمَأْخُوذُ ثُلُثُ أَرْشِهَا (وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَكْبَرَ أَخَذَ) مِنْهُ (قَدْرَ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ فَقَطْ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الِاخْتِيَارَ فِي مَوْضِعِهِ إلَى الْجَانِي)   [حاشية قليوبي] [بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ] ِ، وَالْقِصَاصُ مِنْ قَصَّ بِمَعْنَى قَطَعَ وَاقْتَصَّ بِمَعْنَى تَبِعَ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْقَوَدِ كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ بِالْكَيْفِيَّةِ مَا يَعُمُّ الْمُمَاثَلَةَ وَالِاسْتِيفَاءَ، وَقَدَّمَ الْمُسْتَوْفِيَ هُنَا لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ مَعَ قَصْرِ لَفْظِهِ وَأَخَّرَهُ فِيمَا يَأْتِي لِأَنَّهُ مَعَ الِاخْتِلَافِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَهُ مَعَ طُولِ الْكَلَامِ وَوُقُوعِهِ بَعْدَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَالْعَفْوِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَسُكُوتِهِ عَنْهُ هُنَا لَيْسَ مَعِيبًا قَوْلُهُ: (لَا تُقْطَعُ) الْأَوْلَى لَا تُؤْخَذُ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ لِيَشْمَلَ الْمَعَانِيَ، وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَا الْجَانِي أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَتَجِبُ فِي الثَّانِي دِيَتُهُ، وَكَذَا الْأَوَّلُ وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ فِيهِ لِأَنَّ الرِّضَا بِغَيْرِهِ يَتَضَمَّنُ الْعَفْوَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (بِيَمِينٍ) وَإِنْ فُقِدَتْ يَمِينُ الْجَانِي بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَوْ لَمْ تَكُنْ، وَكَذَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي وَدَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَانِبَا الرَّأْسِ فَلَا يُؤْخَذُ الْجَانِبُ الْأَيْمَنُ عَنْ الْأَيْسَرِ وَلَا عَكْسُهُ وَكَذَا مُقَدَّمُهُ وَمُؤَخَّرُهُ، وَظَهْرُ عُضْوٍ وَبَاطِنُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَالْقَاعِدَةُ الْمَنْعُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الِاسْمِ أَوْ الْمَحَلِّ قَوْلُهُ: (وَلَا زَائِدٌ إلَخْ) وَلَا أَصْلِيٌّ بِزَائِدٍ، وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ وَلَا حَادِثٌ بَعْدَ الْجِنَايَةِ بِمَا قَبْلَهَا وَلَا زَائِدٌ بِزَائِدٍ أَوْ أَصْلِيٌّ دُونَهُ، كَأَنْ يَكُونَ لِزَائِدَةِ الْجَانِي ثَلَاثَةُ مَفَاصِلَ وَلِزَائِدَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ أَصْلِيَّتِهِ مَفْصِلَانِ وَلَا يَدَ مُسْتَوِيَةُ الْأَصَابِعِ، وَالْكَفُّ بِيَدٍ أَقْصَرَ مِنْ أُخْتهَا وَلَوْ خِلْقَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَوْلُهُ: (فِي مَحَلٍّ آخَرَ) فَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّهِ أُخِذَ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ دُونَهُ كَمَا مَرَّ وَيُؤْخَذُ زَائِدٌ بِأَصْلِيٍّ لَيْسَ دُونَهُ إنْ اتَّحَدَا مَحَلًّا كَأَنْ تَقَعَ أُصْبُعُهُ وَيَنْبُتَ لَهُ غَيْرُهَا فِي مَحَلِّهَا ثُمَّ يَقْطَعُ نَظِيرَتَهَا الْأَصْلِيَّةَ مِنْ غَيْرِهِ وَصَوَّرَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنْ يُخْلَقَ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ ثُمَّ يَنْبُتَ لَهُ أُصْبُعٌ فِي مَحَلِّ الْمَفْتُوحَةِ ثُمَّ يَجْنِيَ عَلَى نَظِيرَتِهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ هَذِهِ أَصْلِيَّةٌ تَأَخَّرَ وُجُودُهَا فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (وَطُولٍ وَقِصَرٍ) أَيْ فِي الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَيْثُ سَاوَتْ كُلُّ يَدٍ أُخْتَهَا كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ وَتَجِبُ دِيَةٌ نَاقِصَةٌ حُكُومَةٌ إنْ كَانَ الْقَصْرُ بِجِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ وَإِلَّا فِدْيَةٌ كَامِلَةٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الضَّعْفِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ قَوْلُهُ: (بِالْمُوسَى) أَيْ لَا بِسَيْفٍ وَحَجَرٍ وَإِنْ أَوْضَحَ بِهِمَا لِاحْتِمَالِ الْحَيْفِ قَالَ الْخَطِيبُ فَإِنْ أَمِنَ الْحَيْفَ جَازَ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْمِسَاحَةُ هُنَا لِأَنَّهُ فِي وَصْفٍ لِلْعُضْوِ وَإِنْ لَزِمَ اسْتِيعَابُ عُضْوٍ بِبَعْضٍ آخَرَ فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْجُزْئِيَّةِ فِي الْأَعْضَاءِ، وَالْجَوَابُ بِغَيْرِ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ إنْ لَمْ يُؤَوَّلْ بِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتٌ إلَخْ) وَكَذَا لَا يَضُرُّ وُجُودُ شَعْرٍ وَعَدَمُهُ وَيَجِبُ إزَالَةُ شَعْرٍ يُخْشَى مَعَ بَقَائِهِ حَيْفٌ عِنْدَ الْإِيضَاحِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ مَنْبَتُ رَأْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَاسِدًا امْتَنَعَ الْقَوَدُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَوْلُهُ: (وَلَا نُتَمِّمُهُ مِنْ الْوَجْهِ وَالْقَفَا) وَكَذَا عَكْسُهُ فَلَا نُتَمِّمُ الْجَبْهَةَ مِنْ الرَّأْسِ قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ مِنْ الْقَصِّ وَهُوَ الْقَطْعُ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَلَمَّا كَانَ الْقِصَاصُ تَارَةً يُسْتَوْفَى وَتَارَةً يُعْفَى عَنْهُ بَدَأَ الْآنَ بِكَيْفِيَّةِ اسْتِيفَائِهِ ثُمَّ يَذْكُرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَصْلًا لِحُكْمِ الْعَفْوِ عَنْهُ، قَوْلُهُ: (وَمُسْتَوْفِيهِ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى كَيْفِيَّةٍ وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الِاخْتِلَافِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ فَصْلَ الِاخْتِلَافِ الْآتِي سَابِقٌ عَلَى فَصْلِ الْمُسْتَوْفِي، قَوْلُهُ: (لَا تُقْطَعُ يَسَارٌ بِيَمِينٍ إلَخْ) . هَذِهِ الْأُمُورُ فِي الْأَطْرَافِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَاءَةِ فِي النُّفُوسِ وَلَوْ قَالَ لَا تُؤْخَذُ لِيَشْمَلَ فَقْءَ الْعَيْنِ وَنَحْوَهُ كَانَ أَوْلَى قَوْلُهُ: (وَلَا زَائِدٌ بِزَائِدٍ) كَالْأَصْلِيِّ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ إلَخْ) . أَيْ وَلَا طَلَاقَ آيَةُ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} [المائدة: 45] الْآيَةَ، وَلِأَنَّ فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ إبْطَالَ مَقْصُودِ الْقِصَاصِ وَلِذَا قُتِلَ وَقُطِعَ الْعَالِمُ بِالْجَاهِلِ وَالصَّانِعُ بِالْأَخْرَقِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) . عَلَّلَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّائِدِ اسْمٌ مَخْصُوصٌ يُوجِبُ النَّظَرَ إلَى الْقَدْرِ وَمَرَّ إعَادَةُ الصُّورَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا نُتَمِّمُهُ مِنْ الْوَجْهِ وَالْقَفَا) أَيْ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمَا قَوْلُهُ: (لَوْ وُزِّعَ) أَيْ الْأَرْشُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 وَالثَّانِي إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. (وَلَوْ أَوْضَحَ نَاصِيَةً وَنَاصِيَتُهُ أَصْغَرُ تَمَّمَ) عَلَيْهَا (مِنْ بَاقِي الرَّأْسِ) مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ (وَلَوْ زَادَ الْمُقْتَصُّ فِي مُوضِحَةٍ عَلَى حَقِّهِ) عَمْدًا (لَزِمَهُ قِصَاصُ الزِّيَادَةِ) ، وَيُقْتَصُّ مِنْهُ (بَعْدَ انْدِمَالِ) مُوضِحَتِهِ (فَإِنْ كَانَ) الزَّائِدُ (خَطَأً أَوْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ) لَهُ (أَرْشٌ كَامِلٌ وَقِيلَ قَسَّطَهُ) مِنْهُ بِأَنْ يُوَزِّعَ عَلَيْهِمَا (وَلَوْ أَوْضَحَهُ جَمْعٌ) بِأَنْ تَحَامَلُوا عَلَى الْآلَةِ وَجَرُّوهَا مَعًا (أَوْضَحَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِثْلَهَا) أَيْ مِثْلَ مُوضِحَتِهِ (وَقِيلَ قَسَّطَهُ) مِنْهَا لِإِمْكَانِ التَّجْزِئَةِ (وَلَا تُقْطَعُ صَحِيحَةٌ) مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (بِشَلَّاءَ) بِالْمَدِّ (وَإِنْ رَضِيَ) بِهِ (الْجَانِي فَلَوْ فَعَلَ) مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ (لَمْ يَقَعْ قِصَاصًا بَلْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا) وَلَهُ حُكُومَةٌ، (فَلَوْ سَرَى فَعَلَيْهِ قِصَاصُ النَّفْسِ) ، فَإِنْ كَانَ قَطَعَ بِإِذْنِ الْجَانِي، فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ وَلَا دِيَةَ فِي الطَّرَفِ إنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ وَيُجْعَلُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ، وَإِنْ قَالَ اقْطَعْهَا قِصَاصًا فَفَعَلَ فَقِيلَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُسْتَوْفٍ لِحَقِّهِ، وَقِيلَ عَلَيْهِ دِيَتُهَا، وَلَهُ حُكُومَةٌ، وَقَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. (وَتُقْطَعُ الشَّلَّاءُ)   [حاشية قليوبي] إنَّ الِاخْتِيَارَ فِي مَوْضِعِهِ إلَى الْجَانِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَزِمَهُ وَجَمِيعُ رَأْسِهِ مَحَلٌّ لِجَوَازِ أَدَائِهِ فَلَهُ قَضَاؤُهُ مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ أَرَادَ وَهَذَا فِي حَالَةِ الِاسْتِيعَابِ وَسَيَأْتِي الْبَعْضُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْضَحَ نَاصِيَةً إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ قَدْرِ النَّاصِيَةِ مِنْ غَيْرِهَا. كَمُؤَخَّرِ الرَّأْسِ أَوْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَجُوزُ أَخْذُ جَانِبِ يَسَارٍ عَنْ يَمِينٍ وَعَكْسُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ قَوْلُهُ: (مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ) أَيْ مَعَ الِاتِّصَالِ، وَإِلَّا امْتَنَعَ وَلَوْ بِالرِّضَا قَوْلُهُ: (الْمُقْتَصُّ) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِأَنْ فَعَلَ قَهْرًا أَوْ بِرِضَا الْجَانِي فَلَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ وُجُوبِ التَّوْكِيلِ مِنْ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (خَطَأً) أَيْ بِعُذْرٍ وَلَوْ بِاضْطِرَابٍ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ بِاضْطِرَابِهِمَا مَعًا هَدَرٌ وَنِصْفُهَا. إنْ وَجَبَ قِصَاصٌ فَيَقْتَصُّ بِقَدْرِ نِصْفِهَا بِالْمِسَاحَةِ، فَإِنْ وَجَبَ مَالٌ وَجَبَ أَرْشٌ كَامِلٌ لِأَنَّ نِصْفَهَا مُوضِحَةٌ كَامِلَةٌ لَوْ انْفَرَدَ. كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي بِذَلِكَ صَرَّحَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا مَعْنَى لِإِسْقَاطِ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْهُ، وَلَوْ كَانَ الزَّائِدُ بِاضْطِرَابِ الْجَانِي وَحْدَهُ فَهَدَرٌ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ بِغَيْرِ اضْطِرَابِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اضْطِرَابِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْضَحَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِثْلَهَا) كَمَا مَرَّ فِي قَطْعِ عُضْوٍ مِنْهُ وَإِذَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْشُ مُوضِحَةٍ كَامِلٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ لَوْ انْفَرَدَ بِهِ كَانَ مُوضِحَةً كَامِلَةً، وَلِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُوضِحَةٌ كَامِلَةٌ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ تَوْزِيعَ الدِّيَةِ نَعَمْ يَشْكُلُ عَلَى مَا هُنَا مَا مَرَّ فِي أَخْذِ الْقِسْطِ إذَا نَقَصَتْ رَأْسُ الشَّاجِّ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِيمَا مَرَّ اسْتِيفَاءُ عُضْوٍ كَامِلٍ كَانَ فِي إيجَابِ الْأَرْشِ الْكَامِلِ يُشْبِهُ تَضَاعُفَ الْغُرْمِ، فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُقْطَعُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ شَلَّتْ) بِفَتْحِ الشِّينِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْقِصَاصِ بِهَا ابْتِدَاءً، وَلَا عِبْرَةَ بِحُدُوثِ الْجِنَايَةِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ قَطَعَ نَاقِصُ الْأَصَابِعِ كَامِلَةً ثُمَّ نَقَصَتْ الْأُصْبُعُ الْمُمَاثِلَةُ لِلنَّاقِصِ حَيْثُ تُقْطَعُ الْآنَ لِأَنَّ الْقِصَاصَ تَعَلَّقَ بِالْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ وَإِنَّمَا كَانَ عَدَمُ الْقَطْعِ لِمَانِعٍ وَهُوَ الْأُصْبُعُ الْخَامِسُ، وَقَدْ زَالَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ) قَيَّدَ بِذَلِكَ لِمُنَاسَبَةِ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ وَإِلَّا فَغَيْرُهُمَا كَذَلِكَ إلَّا فِي أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَكَذَا لَوْ سَرَى الْقَطْعُ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ بِالْقَطْعِ قَوْلُهُ: (بَلْ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دِيَةُ الصَّحِيحَةِ الَّتِي قَطَعَهَا مِنْ الْجَانِي، وَلَهُ عَلَى الْجَانِي حُكُومَةُ يَدِهِ الشَّلَّاءِ الَّتِي قَطَعَهَا الْجَانِي وَلَا قِصَاصَ هُنَا لِعَدَمِ وُجُودِ مُمَاثِلٍ. قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قِصَاصُ النَّفْسِ أَيْ نَفْسِ الْجَانِي وَتَسْقُطُ بِهِ دِيَةُ الصَّحِيحَةِ لِدُخُولِهَا فِي النَّفْسِ، فَيُقْتَلُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي الْجَانِي فَإِنْ عَفَا وَجَبَ دِيَةً كَامِلَةً عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْجَانِي أَوْ فِي تَرِكَتِهِ حُكُومَةُ الشَّلَّاءِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ إنْ قَتَلَ وَلَا تَسْقُطُ لِتَقَدُّمِ الْمُثْبِتِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قِصَاصُ النَّفْسِ، فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ) اقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِهِ لِأَنَّهُ الْمُثْبَتُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَلَا دِيَةَ فِيهَا أَيْضًا. كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ جَعْلُهُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ قَوْلُهُ: (وَلَا دِيَةَ فِي الطَّرَفِ) وَمَعْلُومٌ عَدَمُ الْقِصَاصِ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (إنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ) رَاجِعٌ لِلْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ إلَخْ) هُوَ مُقَابِلٌ لِلْإِطْلَاقِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ عَلَيْهِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دِيَةُ الصَّحِيحَةِ لِلْجَانِي، وَلَهُ عَلَى الْجَانِي حُكُومَةُ الشَّلَّاءِ، وَلَوْ سَرَى إلَى نَفْسِ الْجَانِي هُدِرَتْ لِلْإِذْنِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْإِذْنِ يُسْقِطُ دِيَةَ الصَّحِيحَةِ أَيْضًا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَالْإِذْنُ أَسْقَطَ الْقِصَاصَ فَقَطْ وَلَعَلَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا وُجُوبُ نِصْفِ دِيَةٍ عَلَى دِيَةِ الصَّحِيحَةِ أَوْ وُجُوبُ دِيَةٍ وَتَسْقُطُ دِيَةُ   [حاشية عميرة] عَلَى جَمِيعِهَا أَيْ الْمُوضِحَةِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ إلَخْ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ جَمِيعَ رَأْسِهِ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ وَمَنَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا، قَالَ: لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِ فَيُؤَدِّيهِ مِنْ حَيْثُ شَاءَ كَالْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ أَقُولُ هَذَا التَّوْجِيهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْجَانِي لِأَنَّهُ نَظِيرُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ ثُمَّ صَوَّبَ أَنَّ الْخِيرَةَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِذَلِكَ، وَنَقَلَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ قَالَ فَكَيْفَ يُرَجِّحُ الْأَوَّلَ وَيُعَبِّرُ بِالصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ قِصَاصُ الزِّيَادَةِ) أَيْ لِأَنَّ قَدْرَهَا لَوْ انْفَرَدَ كَانَ مُوضِحَةً وَلَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ وَهَذَا فِعْلٌ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ قَسَّطَ) لِاتِّحَادِ الْجِرَاحَةِ وَالْجَارِحِ ثَمَّ هَذَا يُنْسَبُ لِلْقَفَّالِ وَقِيلَ إنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ، قَوْلُهُ: (مِثْلُ مُوضِحَتِهِ) أَيْ كَمَا يُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ قَسَّطَهُ) كَإِتْلَافِ الْمَالِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (بِالصَّحِيحَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَنْقَطِعُ الدَّمُ) لَوْ قُطِعَتْ بِأَنْ لَمْ يَنْسَدَّ فَمُ الْعُرُوقِ بِالْحَسْمِ، فَلَا تُقْطَعُ حَذَرًا مِنْ اسْتِيفَاءِ النَّفْسِ بِالطَّرَفِ وَتَجِبُ دِيَةُ الصَّحِيحَةِ (وَيَقَعُ بِهَا) لَوْ قُطِعَتْ (مُسْتَوْفِيهَا) وَلَا يَطْلُبُ أَرْشًا لِلشَّلَلِ وَتُقْطَعُ شَلَّاءُ بِشَلَّاءَ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ شَلَلًا إنْ لَمْ يَخَفْ نَزْفَ الدَّمِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالشَّلَلُ بُطْلَانُ الْعَمَلِ قَالَهُ الْإِمَامُ (وَيُقْطَعُ سَلِيمٌ) يَدًا وَرِجْلًا (بِأَعْسَمَ وَأَعْرَجَ) وَالْعَسَمُ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ تَشَنُّجٌ فِي الْمِرْفَقِ أَوْ قِصَرٌ فِي السَّاعِدِ أَوْ الْعَضُدِ (وَلَا أَثَرَ لِخُضْرَةِ أَظْفَارٍ وَسَوَادِهَا) الْمُزِيلِينَ لِنَضَارَتِهَا، فَيَقْطَعُ بِطَرَفِهَا الطَّرَفَ السَّلِيمَ أَظْفَارَهُ مِنْهُمَا. (وَالصَّحِيحُ قَطْعُ ذَاهِبَةِ الْأَظْفَارِ بِسَلِيمَتِهَا دُونَ عَكْسِهِ) أَيْ لَا تُقْطَعُ سَلِيمَةُ الْأَظْفَارِ بِذَاهِبَتِهَا لِأَنَّهَا أَعْلَى مِنْهَا وَلَا قَائِلَ فِي الْأُولَى بِعَدَمِ الْقَطْعِ لِانْتِفَاءِ وَجْهِهِ وَلِلْإِمَامِ احْتِمَالٌ فِي الثَّانِيَةِ بِالْقَطْعِ لِأَنَّ الْأَظْفَارَ زَوَائِدُ تَتِمُّ الدِّيَةُ بِدُونِهَا، وَالْبَغَوِيُّ قَالَ يُنْقَصُ مِنْهَا شَيْءٌ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ مُقَابِلُ الصَّحِيحِ وَهُوَ الْقَطْعُ فِي الثَّانِيَةِ، كَالْأُولَى (وَالذَّكَرُ صِحَّةً وَشَلَلًا كَالْيَدِ) . كَذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ فَلَا يُقْطَعُ الصَّحِيحُ بِالْأَشَلِّ وَيُقْطَعُ الْأَشَلُّ بِالصَّحِيحِ وَبِالْأَشَلِّ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ (وَالْأَشَلُّ مُنْقَبِضٌ لَا يَنْبَسِطُ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ مُنْبَسِطٌ لَا يَنْقَبِضُ (وَلَا أَثَرَ لِلِانْتِشَارِ وَعَدَمِهِ فَيُقْطَعُ فَحْلٌ بِخَصِيٍّ وَعِنِّينٍ) أَيْ ذَكَرُ الْأَوَّلِ بِذَكَرِ كُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي الْعُضْوِ، وَتَعَذُّرُ الِانْتِشَارِ لِضَعْفٍ فِي الْقَلْبِ أَوْ الدِّمَاغِ. وَالْخَصِيُّ مَنْ قُطِعَ خَصَيَاهُ أَيْ جِلْدَتَا الْبَيْضَتَيْنِ كَالْأُنْثَيَيْنِ مُثَنَّى خُصْيَةٍ وَهُوَ مِنْ النَّوَادِرِ وَالْخُصْيَتَانِ الْبَيْضَتَانِ وَالْعِنِّينُ الْعَاجِزُ عَنْ الْوَطْءِ. (وَ)   [حاشية قليوبي] الصَّحِيحَةِ لِدُخُولِهَا فِيهَا، فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (أَهْلُ الْخِبْرَةِ) أَيْ اثْنَانِ مِنْهُمْ قَوْلُهُ: (بِشَلَّاءَ) نَعَمْ لَوْ صَحَّتْ لَمْ يَمْتَنِعْ الْقَطْعُ لِتَبَيُّنِ أَنْ لَا شَلَلَ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ صِحَّتَهَا بَعْدَ قَطْعِهَا لَا تُتَصَوَّرُ وَإِنْ صَحَّتْ قَبْلَ قَطْعِهَا فَهِيَ مِنْ قَطْعِ صَحِيحَةٍ بِصَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِمَّا ثُلُثُهَا وَقْتَ الْجِنَايَةِ فَتَأَمَّلْهُ فَلَعَلَّهُ مِنْ سَبْقِ قَلَمٍ نَشَأَ مِنْ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمَقْطُوعَةَ هِيَ الصَّحِيحَةُ. قَوْلُهُ: (وَالشَّلَلُ بُطْلَانُ الْعَمَلِ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَزُلْ الْحِسُّ وَالْحَرَكَةُ، وَمِنْهُ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ: (تَشَنُّجٌ) بِمُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُعْجَمَةٍ كَذَلِكَ فَنُونٌ مُشَدَّدَةٌ مَضْمُومَةٌ فَجِيمٌ أَيْ يُبْسٌ وَقِيلَ الْعَسَمُ مَيْلٌ وَاعْوِجَاجٌ فِي الرُّسْغِ وَالْأَعْسَمُ مَنْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَقِيلَ مَنْ عَمَلُهُ بِيَسَارِهِ أَكْثَرُ، وَيُقَالُ لَهُ الْأَعْسَرُ. قَوْلُهُ: (أَوْ قِصَرٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا تُؤْخَذُ بِهِ مُسْتَوِيَةً بِيَدٍ أَقْصَرَ مِنْ أُخْتِهَا إلَّا أَنْ يَحْمِلَ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعَسَمُ فِي يَدَيْهِ جَمِيعًا وَهُوَ خِلْقِيٌّ أَيْضًا أَوْ أَنَّ هَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَاهُ لُغَةً، وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَلَا أَثَرَ إلَخْ) مَا لَمْ يَكُنْ بِجِنَايَةٍ أَوْ قَوِيَ اسْتِحْشَافُهَا، وَإِلَّا فَلَا يُؤْخَذُ السَّلِيمَةُ مِنْهُ بِهَا قَوْلُهُ: (ذَاهِبَةُ الْأَظْفَارِ) وَلَوْ غَيْرَ خِلْقَةٍ وَلَهُ حُكُومَةُ الْأَظْفَارِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْقَطْعُ إلَخْ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ كَانَ الصَّوَابُ عَدَمَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي الْأُولَى وَالتَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ فِي الثَّانِيَةِ قَوْلُهُ: (وَالذَّكَرُ صِحَّةً وَشَلَلًا كَالْيَدِ) وَنَصَبَهُمَا عَلَى الْحَالِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى صَاحِبِهَا الَّذِي هُوَ ضَمِيرُ الْخَبَرِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَوْ مِنْ الْمُبْتَدَأِ عَلَى رَأْيِ سِيبَوَيْهِ، وَخَرَجَ بِهِ تَغَيُّرُ الْأَظْفَارِ فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي التَّشْبِيهِ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومُ الِانْتِفَاءِ هُنَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْأَشَلُّ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ عَائِدٌ لِلذَّكَرِ فَقَطْ، وَالْأَوْلَى عُمُومُهُ لِكُلِّ مَا فِيهِ انْقِبَاضٌ وَانْبِسَاطٌ وَعَلَى كُلٍّ هُوَ مِنْ انْفِرَادِ الشَّلَلِ الْمُتَقَدِّمِ تَعْرِيفُهُ قَوْلُهُ: (مُنْقَبِضٌ) أَيْ مُنْكَمِشٌ، وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ يُبْسٍ أَوْ اسْتِحْشَافٍ كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ. قَوْلُهُ: (أَيْ جِلْدَتَا إلَخْ) الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ: أَنَّ الْخُصْيَةَ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْبَيْضَتَيْنِ وَالْجِلْدَتَيْنِ وَأَنَّ الْأُنْثَيَيْنِ اسْمٌ لِلْجِلْدَتَيْنِ فَقَطْ، كَمَا مَرَّ وَأَنَّ مُثَنَّى خُصْيَةٍ إنْ كَانَ مَعَ التَّاءِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْبَيْضَتَيْنِ أَوْ بِدُونِهَا الَّذِي هُوَ مِنْ النَّوَادِرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْجِلْدَتَيْنِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (شَمًّا) خَرَجَ بِهِ نَحْوُ اسْتِحْشَافٍ فَهُوَ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ فِيمَا مَرَّ، وَكَذَا الْأُذُنُ. قَوْلُهُ: (وَأُذُنُ سَمِيعٍ بِأَصَمَّ) وَلَا يَمْنَعُ الْقَوَدَ ثَقْبٌ لِأُذُنٍ وَإِنْ الْتَحَمَتْ وَلَا خَرْمُهَا إنْ لَمْ يَذْهَبْ بِهِ بَعْضُهَا، وَلَا قَوَدَ بِقَطْعِ الْأُذُنِ   [حاشية عميرة] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا احْتِمَالُ الْإِمَامِ وَالْمَنْقُولُ هُوَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَطْلُبُ أَرْشًا إلَخْ) ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْعُضْوِ، وَمُجَرَّدُ الِاخْتِلَافِ فِي الصِّفَةِ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ كَأَخْذِ الصَّاعِ الرَّدِيءِ بَدَلَ الْجَيِّدِ، قَوْلُهُ: (بُطْلَانُ الْعَمَلِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ الْحِسُّ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ زَوَالُ الْحِسِّ وَلَمْ يُرَجِّحْ الشَّيْخَانِ شَيْئًا مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَوَّلَ. قَوْلُهُ: (تَشَنَّجَ) أَيْ يَبِسَ قَوْلُهُ: (وَلَا أَثَرَ إلَخْ) . عَلَّلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْيَدِ الظَّاهِرَةِ الْبَطْشُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهَا وَعَلَّلَهُ فِي الْأُمِّ بِأَنَّ ذَلِكَ عِلَّةٌ وَمَرَضٌ فِي الظُّفْرِ. أَقُولُ قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْأُولَى أَنَّ الَّتِي لَا ظُفْرَ لَهَا تُؤْخَذُ بِهَا ذَاتُ الظُّفْرِ وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مِنْهَا شَيْءٌ) أَيْ مِنْ الدِّيَةِ قَوْلُهُ: (صِحَّةً وَشَلَلًا) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْخَبَرِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْإِمَامِ احْتِمَالٌ فِي الثَّانِيَةِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا الِاحْتِمَالُ إنَّمَا فَرَضَهُ الْإِمَامُ فِي ذَاهِبَةِ الْأَظْفَارِ خِلْقَةً وَقَوْلُ الْمَتْنِ ذَاهِبَةُ الْأَظْفَارِ تَصْوِيرٌ آخَرُ، قَوْلُهُ: (كَالْيَدِ) اعْتَرَضَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْأَكْثَرَ شَلَلًا مِنْ الْيَدِ لَا يُؤْخَذُ بِالْأَقَلِّ مِنْهُ، وَهُنَا يُؤْخَذُ مُطْلَقًا نَسَبَ ذَلِكَ لِلْمَاوَرْدِيِّ حَيْثُ أَطْلَقَ وَقَالَ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ اخْتِلَافُ النَّوْعِ. أَقُولُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بِالشَّرْطِ السَّابِقِ إذَا نَظَرْت لِعُمُومِهِ وَجَدْته مُخَالِفًا لِمَقَالَةِ الْمَاوَرْدِيِّ الْمَذْكُورَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قَوْلُهُ: (لَا يَنْبَسِطُ) أَيْ وَلَا حَرَكَةَ هُنَاكَ أَصْلًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي الْعُضْوِ) فَكَانَ كَأُذُنِ الْأَصَمِّ وَأَنْفِ الْأَخْشَمِ بِخِلَافِ الْيَدِ الشَّلَّاءِ وَقَوْلُهُ لِضَعْفٍ إلَخْ. ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَقَدْ جَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُهُ رَاجِعًا لِلْعِنِّينِ خَاصَّةً، قَوْلُهُ: (كَالْأُنْثَيَيْنِ) أَيْ فَإِنَّهُمَا جِلْدَتَا الْبَيْضَتَيْنِ أَيْضًا، كَمَا فَسَّرَهُمَا بِذَلِكَ فِيمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 يُقْطَعُ (أَنْفٌ صَحِيحٌ) شَمًّا (بِأَخْشَمَ) أَيْ غَيْرِ شَامٍّ لِأَنَّ الشَّمَّ لَيْسَ فِي جِرْمِ الْأَنْفِ (وَأُذُنُ سَمِيعٍ بِأَصَمَّ) لِأَنَّ السَّمْعَ لَا يَحُلُّ جِرْمَ الْأُذُنِ (وَلَا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بِحَدَقَةٍ عَمْيَاءَ) مَعَ قِيَامِ صُورَتِهَا. (وَلَا لِسَانٌ نَاطِقٌ بِأَخْرَسَ) لِأَنَّ النُّطْقَ فِي جِرْمِ اللِّسَانِ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ بِرِضَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (وَفِي قَلْعِ السِّنِّ قِصَاصٌ لَا فِي كَسْرِهَا) لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِ (وَلَوْ قُلِعَ سِنٌّ صَغِيرٌ لَمْ يُثْغَرْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ الْمُثَلَّثِ، وَفَتْحِ ثَالِثِهِ الْمُعْجَمِ أَيْ تَسْقُطُ أَسْنَانُهُ الرَّوَاضِعُ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا السُّقُوطُ وَمِنْهَا الْمَقْلُوعَةُ (فَلَا ضَمَانَ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهَا تَعُودُ فِي جُمْلَةِ الرَّوَاضِعِ غَالِبًا (فَإِنْ جَاءَ وَقْتُ نَبَاتِهَا بِأَنْ سَقَطَتْ الْبَوَاقِي وَعُدْنَ دُونَهَا، وَقَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ فَسَدَ الْمَنْبَتُ وَجَبَ الْقِصَاصُ وَلَا يُسْتَوْفَى لَهُ فِي صِغَرِهِ) فَيُؤَخَّرُ حَتَّى يَبْلُغَ، فَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ بُلُوغِهِ اقْتَصَّ وَارِثُهُ فِي الْحَالِ أَوْ أَخَذَ الْأَرْشَ. (وَلَوْ قُلِعَ سِنٌّ مَثْغُورٌ فَنَبَتَتْ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْعَوْدَ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ، وَالثَّانِي قَالَ الْعَادَةُ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْأُولَى وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ فِي الْحَالِ وَلَا يَنْتَظِرَ الْعَوْدَ (وَلَوْ نَقَصَتْ يَدُهُ أُصْبُعًا فَقَطَعَ كَامِلَةً قُطِعَ وَعَلَيْهِ أَرْشُ أُصْبُعٍ)   [حاشية قليوبي] الْمُلْتَصِقَةِ. قَوْلُهُ: (بِحَدَقَةٍ) لَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَخْصَرَ، وَأَوْلَى لِأَنَّ الْحَدَقَةَ اسْمٌ لِسَوَادِهَا فَقَطْ. كَمَا مَرَّ وَلِأَنَّ نِسْبَةَ الْعَمَى إلَى الْحَدَقَةِ دُونَ جَمِيعِ الْعَيْنِ تَحَكُّمٌ لِأَنَّهُ عَدَمُ الْإِبْصَارِ مِنْ النَّاظِرِ الَّذِي هُوَ السَّوَادُ الْأَصْغَرُ فِي دَاخِلِ الْحَدَقَةِ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (مَعَ قِيَامِ صُورَتِهَا) لَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ فَقْدِ بَعْضِ الْأَجْفَانِ أَوْ فَقْدِ الْهُدْبِ فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الْقَوَدِ وَلَوْ مَعَ الْإِبْصَارِ. قَوْلُهُ: (وَلَا لِسَانٌ نَاطِقٌ) وَلَوْ حُكْمًا كَالصِّغَرِ قَوْلُهُ: (بِأَخْرَسَ) يَقِينًا بِأَنْ بَلَغَ أَوَانَ النُّطْقِ وَلَمْ يَنْطِقْ قَوْلُهُ: (فِيهِمَا) أَيْ الْعَيْنِ وَاللِّسَانِ قَوْلُهُ: (بِرِضَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) وَيَقْنَعُ بِهِ لَا يَطْلُبُ أَرْشًا. قَوْلُهُ: (وَفِي قَلْعِ السِّنِّ قِصَاصٌ) وَمِثْلُهُ تَزَلْزُلُهَا. قَوْلُهُ: (لَا فِي كَسْرِهَا) نَعَمْ قَدْ مَرَّ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِيهِ إنْ أَمْكَنَ بِنَحْوِ نَشْرٍ قَوْلُهُ: (وَلَوْ قُلِعَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْقَالِعَ وَالْمَقْلُوعَ إمَّا مَثْغُورَانِ أَوْ غَيْرُ مَثْغُورَيْنِ أَوْ الْقَالِعُ غَيْرُ مَثْغُورٍ فَقَطْ أَوْ عَكْسُهُ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَا صَغِيرَيْنِ أَوْ كَبِيرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ دُونُ الْآخَرِ، فَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ صُورَةً وَحُكْمُهَا أَنَّ غَيْرَ الْمَثْغُورِ يُنْتَظَرُ فِيهِ الْقَوَدُ، وَأَنَّ الْمَثْغُورَ لَا يُنْتَظَرُ فِيهِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ إلَخْ) فَهُوَ مَثَلٌ يُضْرَبُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِهِ. قَوْلُهُ: (الرَّوَاضِعُ) الْمُرَادُ جَمِيعُ أَسْنَانِهِ، وَالرَّوَاضِعُ حَقِيقَةً الْأَرْبَعُ الَّتِي تَنْبُتُ أَوَّلًا مِنْ أَعْلَى وَأَسْفَلَ الْمُسَمَّاةُ بِالثَّنَايَا، وَتَسْمِيَةُ غَيْرِهَا بِذَلِكَ مَجَازٌ لِلْمُجَاوَرَةِ قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ فِي الْحَالِ) لَكِنْ يُعَزَّرُ. قَوْلُهُ: (دُونَهَا) فَإِنْ عَادَتْ سَلِيمَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ مَعِيبَةً وَجَبَ قِسْطٌ أَوْ أَرْشٌ بِحَسَبِ الْحَالِ قَوْلُهُ: (أَهْلُ الْبَصَرِ) أَيْ الْخِبْرَةِ وَالْمُرَادُ اثْنَانِ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْقِصَاصُ) فَلَوْ اقْتَصَّ ثُمَّ عَادَتْ وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَقْلُوعَةِ قِصَاصًا قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ) أَيْ وَبَعْدَ الْحُكْمِ بِالْيَأْسِ مِنْ عَوْدِهَا، كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا وَلَا دِيَةَ عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ تَجِبُ حُكُومَةٌ فَقَطْ قَالَهُ شَيْخُنَا، فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ كَانَ بَالِغًا وَإِلَّا انْتَظَرَ بُلُوغَهُ فَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ مَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ فِي الْحَالِ) فَلَوْ عَادَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَى الْأَظْهَرِ هِيَ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِدِيَةٍ، وَلَا بِمَا أَخَذَ مِنْ الدِّيَةِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِدِيَةِ الْمَقْلُوعَةِ قِصَاصًا أَوْ بِالدِّيَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهُ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ عَادَتْ سِنُّ الْجَانِي بَعْدَ قَلْعِهَا قُلِعَتْ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ عَلَى مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِمَرَّةٍ فَقَطْ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْجَانِي غَيْرَ مَثْغُورٍ وَرَضِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْمَثْغُورُ بِقَلْعِ سِنِّهِ، فَقَدَّمَهَا ثُمَّ عَادَتْ لَمْ تُقْلَعْ ثَانِيًا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِدُونِ حَقِّهِ مَعَ جَوَازِ عُدُولِهِ إلَى الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ.   [حاشية عميرة] سَلَفَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ جِلْدَتَيْ الْبَيْضَتَيْنِ لَهُمَا اسْمَانِ الْخُصْيَتَانِ وَالْأُنْثَيَانِ هَذَا مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَيُقْطَعُ إلَخْ) قِيلَ إنْ كَانَ الشَّمُّ وَالدَّمْعُ لَا يَثْبُتَانِ عِنْدَ نَقْلِ الْآفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يُتَّجَهُ الْقَطْعُ، قَوْلُهُ: (لَا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ إلَخْ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْبَصَرَ فِي الْعَيْنِ قَالَ الْإِمَامُ وَهُوَ يُخَالِفُ قَوْلَ الْأَطِبَّاءِ، ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ الْأَمْرَ الشَّرْعِيَّ لَا يُدَارُ عَلَى الْأُمُورِ الْخَفِيَّةِ ثُمَّ قَوْلُهُ لَا عَيْنُ تَقْدِيرِهِ لَا تُؤْخَذُ عَيْنٌ إذْ تَقْدِيرُ الْقَطْعِ غَيْرُ صَالِحٍ فِي الْعَيْنِ، قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ الْعَكْسُ فِيهِمَا) أَيْ وَهُوَ أَخْذُ الْعَمْيَاءِ بِالصَّحِيحَةِ وَالْأَخْرَسِ بِالنَّاطِقِ بِرِضَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهُوَ ذُو الْعَيْنِ الصَّحِيحَةِ، وَاللِّسَانِ النَّاطِقِ قَوْلُهُ: (وَفِي قَلْعِ السِّنِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: 45] قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا تَعُودُ) خُولِفَ هَذَا فِي الْمُوضِحَةِ حَيْثُ يُقْتَصُّ حَالًا وَإِنْ غَلَبَ الِالْتِحَامُ لِئَلَّا يَنْتَفِيَ الضَّمَانُ فِي غَالِبِ الْمُوضِحَاتِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا تَعُودُ إلَخْ) قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ إنَّمَا وَجَبَ فِي السِّنِّ لِفَسَادِ الْمَنْبَتِ فَكَانَتْ كَالشَّعْرِ، قَوْلُهُ: (وَعُدْنَ دُونَهَا) قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي وَعَادَتْ لِأَنَّ جَمْعَ الْكَثْرَةِ لِغَيْرِ الْعَاقِلِ يَخْتَارُ فِيهِ فَعَلَتْ عَلَى فَعَلْنَ قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْتَوْفِي لَهُ إلَخْ) قِيلَ هَذَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيُنْتَظَرُ غَائِبُهُمْ وَكَمَالُ صَبِيِّهِمْ وَرَدَّ بِأَنَّ ذَاكَ فِي الْوَارِثِ وَهَذَا فِي الْمُسْتَحِقِّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ لَا الْأَظْهَرُ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا نَبَتَتْ قَبْلَ الْقِصَاصِ أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْعَوْدَ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ كَانْدِمَالِ الْمُوضِحَةِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يُنْتَظَرُ الْعَوْدُ) لَكِنْ لَوْ فَعَلَ ثُمَّ عَادَتْ قُلْنَا بِالثَّانِي فَلَيْسَ لِلْجَانِي قَلْعُ الْعَائِدَةِ وَهَلْ يَسْتَحِقُّ أَرْشَ سِنِّهِ وَيَسْتَرِدُّهُ إذَا كَانَ دَفَعَهُ؛ فِيهِ الْقَوْلَانِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ دِيَةَ الْيَدِ، وَلَا يَقْطَعَ (وَلَوْ قَطَعَ كَامِلٌ نَاقِصَةً فَإِنْ شَاءَ الْمَقْطُوعُ أَخَذَ دِيَةَ أَصَابِعِهِ الْأَرْبَعِ وَإِنْ شَاءَ لَقَطَهَا) وَلَيْسَ لَهُ قَطْعُ الْيَدِ الْكَامِلَةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ حُكُومَةَ مَنَابِتِهِنَّ تَجِبُ إنْ لَقَطَ لَا إنْ أَخَذَ دِيَتَهُنَّ) لِأَنَّ الْحُكُومَةَ مِنْ جِنْسِ الدِّيَةِ دُونَ الْقِصَاصِ فَدَخَلَتْ فِيهَا دُونَهُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي اللَّقْطِ قَاسَ عَلَى الدِّيَةِ وَفِي الدِّيَةِ قَالَ تَخْتَصُّ قُوَّةُ الِاسْتِتْبَاعِ بِالْكُلِّ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْحَالَيْنِ حُكُومَةُ خُمُسِ الْكَفِّ) الْبَاقِي وَالثَّانِي قَالَ كُلُّ أُصْبُعٍ تَسْتَتْبِعُ الْكَفَّ كَمَا تَسْتَبْعِهَا كُلُّ الْأَصَابِعِ أَيْ فَلَا حُكُومَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَصْلًا. (وَلَوْ قَطَعَ كَفًّا بِلَا أَصَابِعَ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ تَكُونَ كَفُّهُ مِثْلَهَا) ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِيهَا (وَلَوْ قَطَعَ فَاقِدُ الْأَصَابِعِ كَامِلَهَا قَطَعَ كَفَّهُ وَأَخَذَ دِيَةَ الْأَصَابِعِ) نَصَّ عَلَيْهِ (وَلَوْ شَلَّتْ) بِفَتْحِ الشِّينِ (أُصْبُعَاهُ فَقَطَعَ يَدًا كَامِلَةً فَإِنْ شَاءَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (لَقَطَ) الْأَصَابِعَ (الثَّلَاثَ السَّلِيمَةَ وَأَخَذَ دِيَةَ أُصْبُعَيْنِ وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَهُ وَقَنَعَ بِهَا) ، وَفِي اسْتِتْبَاعِ الثَّلَاثِ حُكُومَةُ مَنَابِتِهَا وَاسْتِتْبَاعُ دِيَةِ الْأُصْبُعَيْنِ حُكُومَةَ مَنْبَتِهِمَا الْخِلَافَانِ السَّابِقَانِ الْمُخْتَلِفَا التَّرْجِيحِ. فَصْلٌ إذَا (قُدَّ مَلْفُوفًا) فِي ثَوْبٍ (وَزَعَمَ مَوْتَهُ) حِينَ الْقَدِّ وَادَّعَى الْوَلِيُّ حَيَاتَهُ (صُدِّقَ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَلْفُوفًا عَلَى هَيْئَةِ التَّكْفِينِ أَوْ فِي ثِيَابِ الْأَحْيَاءِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا لَا أَصْلَ لَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَإِذَا صَدَّقْنَا الْوَلِيَّ بِلَا بَيِّنَةٍ فَالْوَاجِبُ الدِّيَةُ دُونَ الْقِصَاصِ (وَلَوْ قَطَعَ طَرَفًا وَزَعَمَ نَقْصَهُ) كَشَلَلٍ أَوْ فَقْدِ أُصْبُعٍ (فَالْمَذْهَبُ تَصْدِيقُهُ إنْ أَنْكَرَ أَصْلَ السَّلَامَةِ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ) كَالْيَدِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اعْتَرَفَ بِهِ فِيهِ أَوْ أَنْكَرَهُ فِي عُضْوٍ بَاطِنٍ كَالذَّكَرِ، (فَلَا) يُصَدَّقُ وَيُصَدَّقُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ أَرْشُ أُصْبُعٍ) أَيْ نَاقِصَةٍ حُكُومَةُ خُمُسِ الْكَفِّ الَّذِي اسْتَوْفَاهُ بِالْقَطْعِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ شَاءَ إلَخْ) عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَطْعُ الْكَفِّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ، فَلَوْ سَقَطَتْ تِلْكَ الْأُصْبُعُ قَبْلَ أَخْذِ الْأَرْشِ جَازَ لَهُ قَطْعُ الْكَفِّ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (مِثْلُهَا) وَلَوْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ بِأَنْ سَقَطَتْ أَصَابِعُهُ مَثَلًا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَتَقَدَّمَ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (قَطَعَ) أَيْ الْكَامِلُ كَفَّهُ أَيْ النَّاقِصَ وَأَخَذَ أَيْ الْكَامِلُ دِيَةَ الْأَصَابِعِ لَكِنْ نَاقِصَةً حُكُومَةُ الْكَفِّ الَّذِي قَطَعَهُ قَوْلُهُ: (الْمُخْتَلِفَا التَّرْجِيحَ) مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَصَحَّ الِاسْتِتْبَاعُ فِي الدِّيَةِ دُونَ اللَّقْطِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ عَكَسَ مَا ذَكَرَهُ بِأَنْ قَطَعَ كَامِلُ الْأَصَابِعِ يَدًا مَشْلُولَةً أُصْبُعَيْنِ فَلَهُ لَقْطُ الثَّلَاثَةِ الصَّحِيحَةِ، وَحُكُومَةُ الْمَشْلُولَتَيْنِ وَلَهُ مَعَ ذَلِكَ حُكُومَةُ جَمِيعِ الْكَفِّ لِأَنَّ الْحُكُومَةَ لَا تَسْتَتْبِعُ مِثْلَهَا لِضَعْفِهَا بِخِلَافِ الدِّيَةِ كَمَا مَرَّ. فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ وَالْجَانِي قَوْلُهُ: (قُدَّ) أَيْ قُتِلَ إذْ الْقَدُّ الشَّقُّ طُولًا وَالْقَطُّ عَرْضًا وَالْقَطْعُ يَعُمُّهُمَا كَمَا مَرَّ وَلَيْسَ خُصُوصُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُرَادًا. قَوْلُهُ: (مَلْفُوفًا) وَلَوْ عَلَى هَيْئَةِ الْأَمْوَاتِ وَاللَّفُّ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَإِنَّمَا هُوَ لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ فِي غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْوَلِيُّ) وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمٌ أَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّهُ دَمُ الْمَوْتَى قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهِ) وَهِيَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ هُنَا، وَفِيمَا يَأْتِي خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِحَيَاتِهِ وَلَوْ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُمْ رَأَوْهُ يَتَلَفَّفُ وَلَا تَصِحُّ بِأَنَّهُمْ رَأَوْهُ يَتَلَفَّفُ لِأَنَّهُ لَازِمٌ بَعِيدٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ عُلِمَتْ لَهُ الْحَيَاةُ وَإِلَّا كَسِقْطٍ صُدِّقَ الْجَانِي قَطْعًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَهَذَا لَا أَصْلَ لَهُ) هُوَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (فَالْوَاجِبُ الدِّيَةُ) أَيْ دِيَةُ عَمْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. تَنْبِيهٌ: دَعْوَى حُرِّيَّتِهِ وَرُقْيَتِهِ كَدَعْوَى حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ بِالْأَصْلِ فِيهِ أَيْ الْعُضْوِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى حُدُوثَهُ بَعْدَ جِنَايَتِهِ قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا قِصَاصَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (مَا يُعْتَادُ سَتْرُهُ مُرُوءَةً) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ أَرْشُ أُصْبُعٍ) بِخِلَافِ الشَّلَّاءِ يَقْنَعُ بِهَا فِي الْكَامِلَةِ إذَا رَضِيَ الْجَانِي بِأَخْذِهَا؛ نَظِيرُ ذَلِكَ مَنْ أَتْلَفَ صَاعَيْ بُرٍّ فَوَجَدَ لِلْمُتْلِفِ صَاعًا أَخَذَهُ، وَيُطَالِبُ بِبَدَلِ الْبَاقِي وَإِنْ أَتْلَفَ لَهُ صَاعًا جَيِّدًا فَوَجَدَ لَهُ صَاعًا رَدِيئًا فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مَعَ الْأَرْشِ، قَوْلُهُ: (أَصْلًا) أَيْ لَا حُكُومَةُ خُمُسِ الْكَفِّ وَلَا حُكُومَةُ مَنَابِتِ الْأَصَابِعِ إذَا لَقَطَهَا. قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ) لَوْ سَقَطَتْ الْأَصَابِعُ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ كَنَظِيرِهِ فِي الْأَنَامِلِ، وَيَتَأَكَّدُ هَذَا الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْأَصَابِعُ حَالَ الْجِنَايَةِ مُسْتَحِقَّةَ الْقَطْعِ بِجِنَايَةٍ أُخْرَى، قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَطَعَ فَاقِدُ الْأَصَابِعِ إلَخْ) هَذِهِ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ وَلَوْ نَقَصَتْ يَدُهُ أُصْبُعًا فَقَطَعَ كَامِلَةً قُطِعَ وَعَلَيْهِ أَرْشُ أُصْبُعٍ. قَوْلُهُ: (فَقَطَعَ يَدًا إلَخْ) ، لَوْ كَانَ شَلَلُ الْأُصْبُعَيْنِ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْقَطْعِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى، قَوْلُهُ: (وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَهُ) بِقِيَاسِ الْأَوْلَى عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْيَدِ الشَّلَّاءِ عَنْ قَطْعِ الصَّحِيحَةِ. [فَصْلٌ إذَا قُدَّ مَلْفُوفًا فِي ثَوْبٍ وَزَعَمَ مَوْتَهُ حِينَ الْقَدِّ وَادَّعَى الْوَلِيُّ حَيَاتَهُ] فَصْلٌ قَدَّ مَلْفُوفًا قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) أَيْ وَرَجَحَ هَذَا عَلَى الْأَصْلِ الْآتِي لِاعْتِضَادِهِ بِوُجُودِ الْجِنَايَةِ وَهَذَا الْمَعْنَى تَجِدُهُ مَلْحُوظًا فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ، وَهُوَ النَّافِعُ فِي دَفْعِ اشْتِبَاهِهَا قَوْلُهُ: (فَالْوَاجِبُ الدِّيَةُ) لِأَنَّ الْيَمِينَ مِنْ الْمُدَّعِي لَا تُثْبِتُ الْقِصَاصَ قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَطَعَ طَرَفًا) أَعَمُّ مِنْ هَذَا وَلَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ عُسْرُ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ، وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُهُ عَلَى السَّلَامَةِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُصَدَّقُ الْجَانِي مُطْلَقًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَالثَّالِثُ يُصَدَّقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُخْتَصَرَةٌ مِنْ طُرُقٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّصْدِيقَ بِالْيَمِينِ وَأَنْ لَا قِصَاصَ وَالْمُرَادُ بِالْعُضْوِ الْبَاطِنِ مَا يُعْتَادُ سَتْرُهُ مُرُوءَةً، وَقِيلَ مَا يَجِبُ وَهُوَ الْعَوْرَةُ وَبِالظَّاهِرِ مَا سِوَاهُ. (أَوْ) قَطَعَ (يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ وَزَعَمَ) الْقَاطِعُ (سِرَايَةً وَالْوَلِيُّ انْدِمَالًا مُمْكِنًا) قَبْلَ الْمَوْتِ (أَوْ سَبَبًا) آخَرَ لِلْمَوْتِ عَيَّنَهُ أَمْ لَا (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السِّرَايَةِ، فَتَجِبُ دِيَتَانِ وَالثَّانِي تَصْدِيقُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ فَتَجِبُ دِيَةً وَاحْتَرَزَ بِالْمُمْكِنِ عَنْ غَيْرِهِ لِقِصَرِ زَمَنِهِ كَيَوْمٍ وَيَوْمَيْنِ، فَيُصَدَّقُ الْجَانِي فِي قَوْلِهِ بِلَا يَمِينٍ (وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ) وَمَاتَ (وَزَعَمَ سَبَبًا) لِلْمَوْتِ غَيْرَ الْقَطْعِ (وَالْوَلِيُّ سِرَايَةً) مِنْ الْقَطْعِ فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ، وَوَجْهُ الثَّانِي احْتِمَالُ وُجُودِهِ، فَيَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ دِيَةٌ وَعَلَى الثَّانِي نِصْفُهَا. (وَلَوْ أَوْضَحَ مُوضِحَتَيْنِ وَرَفَعَ الْحَاجِزَ) بَيْنَهُمَا (وَزَعَمَهُ قَبْلَ انْدِمَالِهِ) أَيْ الْإِيضَاحِ لِيَقْتَصِرَ عَلَى أَرْشٍ وَاحِدٍ (صَدَقَ إنْ أَمْكَنَ) بِأَنْ قَصُرَ الزَّمَانُ بِيَمِينِهِ (وَإِلَّا حَلَفَ الْجَرِيحُ) أَنَّهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ (وَثَبَتَ) لَهُ (أَرْشَانِ قِيلَ وَثَالِثٌ) لِرَفْعِ الْحَاجِزِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ قِيلَ الرَّفْعُ بِيَمِينِهِ وَدَفَعَ بِأَنَّهَا دَافِعَةٌ لِلنَّقْصِ عَنْ أَرْشَيْنِ فَلَا تُوجِبُ زِيَادَةً.   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: دَعْوَى عَدَمِ الْعُضْوِ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ كَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَزَالَ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ فَأَنْكَرَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ قَوْلُهُ: (وَزَعَمَ سِرَايَةً) أَوْ قَتْلًا قَبْلَ الِانْدِمَالِ. قَوْلُهُ: (مُمْكِنًا) وَيَصْدُقُ مُدَّعِي عَدَمِ الِانْدِمَالِ أَوْ عَدَمِ الْإِمْكَانِ مِنْهُمَا قَوْلُهُ: (أَمْ لَا) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا بُدَّ مِنْ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ هُنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ إيهَامَ السَّبَبِ أَضْعَفَ الِاسْتِنَادَ إلَيْهِ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (بِلَا يَمِينٍ) نَعَمْ إنْ أَبْهَمَ الْوَلِيُّ السَّبَبَ وَادَّعَى الْجَانِي أَنَّهُ قَتَلَهُ عَقِبَ قَطْعِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ قَوْلُهُ: (سَبَبًا لِلْمَوْتِ) عَيَّنَهُ أَوَّلًا قَوْلُهُ: (تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ وَالْإِصْدَاقُ لِلْجَانِي. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) وَلَمْ يَنْظُرْ لِهَذَا الْأَصْلِ فِي جَانِبِ الْوَلِيِّ فِيمَا مَرَّ لِاشْتِغَالِ ذِمَّةِ الْجَانِي ظَاهِرًا بِدِيَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ قَصُرَ الزَّمَانُ) هُوَ إصْلَاحٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُقْتَضِي ظَاهِرًا أَنْ يُقَالَ: صَدَقَ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَإِلَّا يُمْكِنُ ذَلِكَ صَدَقَ الْجَرِيحُ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مَا بَعْدَ إلَّا فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهِ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ الِانْدِمَالُ وَإِلَّا صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ وَيَجِبُ أَرْشٌ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (لِرَفْعِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْأَرْشَ الثَّالِثَ وَجَبَ لِأَجْلِ الرَّفْعِ الَّذِي ثَبَتَ بِيَمِينِ الْجَرِيحِ أَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ الَّذِي وُجِدَ قَبْلَ ذَلِكَ الرَّفْعِ، فَلِرَفْعِ مُتَعَلِّقٌ بِثَالِثٍ وَبَعْدُ مُتَعَلِّقٌ بِرَفْعٍ وَقَبْلُ مُتَعَلِّقٌ بِانْدِمَالٍ وَبِيَمِينِهِ مُتَعَلِّقٌ بِالثُّبُوتِ الْوَاقِعِ صِفَةً لِلرَّفْعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْوُجُوبِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَافْهَمْهُ فَإِنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى دِقَّةِ فَهْمٍ. تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا اتَّفَقَ الرَّفْعُ وَالْجِنَايَةُ فِي الْعَمْدِ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا وَجَبَ الثَّالِثُ قَطْعًا   [حاشية عميرة] جَنَى عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ. قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ طَوِيلَةً يُمْكِنُ فِيهَا الِانْدِمَالُ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَصْدِيقُ الْجَانِي وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهِ) أَيْ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ جِدًّا بِحَيْثُ لَا تَتَخَلَّفُ عَادَةً عَنْ الِانْدِمَالِ فَلَا تَسْقُطُ الْيَمِينُ الْمَذْكُورَةُ، ثُمَّ اُنْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الْمُوضِحَتَيْنِ الْآتِيَةِ، قَوْلُهُ: (سَبَبًا) عَيَّنَهُ أَوْ أَبْهَمَ كَمَا سَبَقَ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ الثَّانِي) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ قَالَ فَالْمَسْأَلَةُ إذًا مِنْ تَعَارُضِ الْأَصْلَيْنِ، فَلِمَ قَدَّمَ الْأَوَّلَ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ أَقْوَى مِنْ أَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَا تَشْكُلُ عَلَى قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ السَّابِقَةِ لِأَنَّ مَا زَعَمَهُ فِيهَا مُعْتَمَدٌ أَيْضًا بِالْجِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (صَدَقَ إنْ أَمْكَنَ) اسْتَشْكَلَ هَذَا بِمَا لَوْ قَطَعَ أَطْرَافَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ وَقَالَ قَتَلْته قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيَّ دِيَةٌ وَقَالَ الْوَلِيُّ بَلْ بَعْدُ فَعَلَيْك دِيَاتٌ، وَالزَّمَانُ يَحْتَمِلُ الِانْدِمَالَ فَإِنَّ الْوَلِيَّ يَصْدُقُ فِي بَقَاءِ الدِّيَاتِ، أَقُولُ: لَعَلَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا طَالَ الزَّمَانُ نَعَمْ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ قَدْ تَشْكُلُ بِمَسْأَلَةِ قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ السَّابِقَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) لَمْ يَقُلْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ لِأَنَّهُ مُشْكِلٌ إذْ عِنْدَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ يَجِبُ ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ بِلَا شَكٍّ قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّمَانُ طَوِيلًا مَعَ إمْكَانِ فَرْضِ الِانْدِمَالِ قَوْلُهُ: (لِرَفْعِ الْحَاجِزِ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ لِأَنَّهُ ثَبَتَ رَفْعُ الْحَاجِزِ بِاعْتِرَافِهِ وَثَبَتَ الِانْدِمَالُ بِيَمِينِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَقَدْ حَصَلَ مُوضِحَةٌ ثَالِثَةٌ. وَجْهُ الْأَصَحِّ بِأَنَّ الْجَانِيَ يَقُولُ رَفَعْت الْحَاجِزَ قَبْلَ الِانْدِمَالِ حَتَّى لَا يَلْزَمَنِي إلَّا أَرْشٌ فَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الِاتِّحَادِ وَجَبَ أَنْ لَا يُقْبَلَ فِي الثَّالِثَةِ وَلَعَلَّ لَا زَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الِانْدِمَالِ قَبْلَ الرَّفْعِ بِيَمِينِهِ) يُرِيدُ أَنَّ الِانْدِمَالَ كَائِنٌ قَبْلَ الرَّفْعِ بِالْيَمِينِ فَقَوْلُهُ بِالْيَمِينِ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 فَصْلٌ (الصَّحِيحُ ثُبُوتُهُ) أَيْ بِالْقِصَاصِ (لِكُلِّ وَارِثٍ) مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَةِ كَالدِّيَةِ وَقِيلَ لِلْعَصَبَةِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الْعَارِ فَيَخْتَصُّ بِهِمْ وَقِيلَ لِلْوَارِثِ بِالنَّسَبِ دُونَ السَّبَبِ لِأَنَّهُ لِلتَّشَفِّي، وَالسَّبَبُ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّشَفِّي (وَيُنْتَظَرُ غَائِبُهُمْ) إلَى أَنْ يَحْضُرَ (وَكَمَالُ صَبِيِّهِمْ) بِالْبُلُوغِ (وَمَجْنُونِهِمْ) بِالْإِفَاقَةِ. (وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ ضَبْطًا لِحَقِّ الْقَتِيلِ (وَلَا يُخْلَى بِكَفِيلٍ) لِأَنَّهُ قَدْ يَهْرُبُ وَيَفُوتُ الْحَقُّ (وَلْيَتَّفِقُوا) أَيْ مُسْتَحِقُّو الْقِصَاصِ (عَلَى مُسْتَوْفٍ) لَهُ أَحَدُهُمْ أَوْ غَيْرُهُ بِالتَّوْكِيلِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى مُبَاشَرَةِ اسْتِيفَائِهِ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا لِلْمُقْتَصِّ مِنْهُ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى مُسْتَوْفٍ بِأَنْ أَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ بِنَفْسِهِ (فَقُرْعَةٌ) بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ تَوَلَّاهُ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ (يَدْخُلُهَا الْعَاجِزُ) عَنْ الْمُبَاشَرَةِ (وَيَسْتَنِيبُ) إذَا خَرَجَتْ لَهُ (وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ) لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجْرِي بَيْنَ الْمُسْتَوِينَ فِي الْأَهْلِيَّةِ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ أَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَالرَّافِعِيُّ نَقَلَ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَجَمَاعَةٍ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَهُوَ أَوْجَهُ (وَلَوْ بَدَرَ أَحَدُهُمْ فَقَتَلَهُ فَالْأَظْهَرُ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي قَتْلِهِ (وَلِلْبَاقِينَ قِسْطُ الدِّيَةِ مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ الْمَقْتُولِ وَلَهُ مِثْلُهُ عَلَى الْمُبَادِرِ (وَفِي قَوْلٍ مِنْ الْمُبَادِرِ) لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا يَسْتَحِقُّهُ هُوَ وَغَيْرُهُ، فَلَزِمَهُ ضَمَانُ حَقِّ غَيْرِهِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ وَمَحَلُّهُ إذَا عَلِمَ تَحْرِيمَ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَمُسْتَوْفِيهِ. قَوْلُهُ: (الصَّحِيحُ ثُبُوتُهُ) أَيْ تَلَقِّيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا آخِرًا وَالدِّيَةُ مِثْلُهُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَثَابِتٌ لِلْوَرَثَةِ تَلَقِّيًا بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَصِحُّ الْعَفْوُ فِيهِ عَلَى مَالٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ. قَوْلُهُ: (لِكُلِّ وَارِثٍ) بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَدَخَلَ فِي الْوَارِثِ وَارِثُ مَنْ ارْتَدَّ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ الْإِرْثِ، وَدَخَلَ فِيهِ أَيْضًا ذَوُو الْأَرْحَامِ لِأَنَّ أَخْذَهُمْ الْمَالَ بِالْإِرْثِ عَلَى الرَّاجِحِ فَتَخْصِيصُ الشَّارِحِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لِلْعَصَبَةِ) أَيْ مُطْلَقًا أَوْ الذُّكُورِ خَاصَّةً، وَمِنْ الْعَصَبَةِ ذَوُو الْأَرْحَامِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا فَيَسْتَوْفِيهِ مَعَ الْوَارِثِ قَوْلُهُ: (وَيُنْتَظَرُ) وُجُوبًا غَائِبُهُمْ حَتَّى يَحْضُرَ أَوْ يَأْذَنَ قَوْلُهُ: (وَكَمَالُ صَبِيِّهِمْ بِالْبُلُوغِ) وَلَوْ سَفِيهًا لِأَنَّ عَفْوَهُ عَنْ الْقِصَاصِ صَحِيحٌ وَكَمَالُ مَجْنُونِهِمْ بِالْعَقْلِ نَعَمْ لِوَلِيِّهِ الْأَبَ أَوْ الْجَدَّ فَقَطْ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الدِّيَةِ عِنْدَ حَاجَتِهِ بِخِلَافِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ، وَيُرَاعَى الْجُنُونُ إذَا اجْتَمَعَ مَعَ الصِّبَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ وَالْوَجْهُ انْتِظَارُ بُلُوغِهِ، فَإِذَا لَمْ يُفِقْ عَمِلَ بِمُقْتَضَى الْجُنُونِ فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (وَيُحْبَسُ) ، وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ إلَّا فِي حَامِلٍ كَمَا يَأْتِي وَإِلَّا فِي غَائِبٍ قُتِلَ عَبْدُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَإِلَّا فِي قَاطِعِ طَرِيقٍ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فَلِلْإِمَامِ الِاسْتِيفَاءُ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (الْقَاتِلُ) أَيْ الْجَانِي وَلَوْ فِي طَرَفٍ أَوْ مَعْنَى قَوْلُهُ: (لِحَقِّ الْقَتِيلِ) يُفِيدُ أَنَّ الْحَابِسَ الْحَاكِمُ، وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَبٍ كَمَا مَرَّ فَلَا حَاجَةَ لِمَا اُسْتُشْكِلَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْحَاكِمِ عَلَى أَمْوَالِ الْغَائِبِينَ. قَوْلُهُ: (عَلَى مُسْتَوْفٍ) أَيْ غَيْرِ كَافِرٍ فِي مُسْلِمٍ قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمْ أَوْ غَيْرُهُ بِالتَّوْكِيلِ) مِنْ بَاقِيهِمْ أَوْ مِنْهُمْ، وَهَذَا فِي قِصَاصِ النَّفْسِ أَمَّا فِي غَيْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ بِتَوْكِيلِهِمْ لِغَيْرِهِمْ كَمَا يَأْتِي قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ الِاجْتِمَاعِ فِي نَحْوِ غَرَقٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (فَقُرْعَةٌ) أَيْ وُجُوبًا لِقَطْعِ النِّزَاعِ قَوْلُهُ: (بِإِذْنِ الْبَاقِينَ) لِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ وِلَايَةَ النِّكَاحِ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ لِقَادِرٍ فَعَجَزَ أُعِيدَتْ بَيْنَ الْبَاقِينَ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ اعْتِبَارُ إذْنِهِ لِمَا مَرَّ، وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَالْأَظْهَرُ لَا قِصَاصَ) نَعَمْ إنْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الْمُبَادَرَةِ فَلَا قِصَاصَ جَزْمًا وَسَيَأْتِي أَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَنْعِهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ جَزْمًا أَيْضًا قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ لِوَرَثَتِهِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَهِلَهُ) أَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ لَهُ بِاسْتِقْلَالِهِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّ الْجَهْلَ كَالْخَطَأِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ لَزِمَهُ قِصَاصٌ أَوْ دِيَةٌ لِوَرَثَتِهِ وَحَقُّ الْآخَرِينَ فِي تَرِكَتِهِ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُمْ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) وَأَمَّا حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ فَلِوَرَثَتِهِ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي كَذَا بَقِيَّةُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَمِنْهُمْ الْعَافِي إنْ عَفَا عَلَى الدِّيَةِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ بَعْدَ عَفْوِ نَفْسِهِ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ الصَّحِيحُ ثُبُوتُهُ أَيْ بِالْقِصَاصِ لِكُلِّ وَارِثٍ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَةِ] فَصْلٌ الصَّحِيحُ قَوْلُهُ: (ثُبُوتُهُ) أَيْ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ لَكِنْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ بِخِلَافِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْقِصَاصَ يَثْبُتُ لِجُمْلَتِهِمْ، لَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَثْبُتُ لَهُ كُلُّ الْقِصَاصِ، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ بَيْتَ الْمَالِ فَقِيلَ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ ثُبُوتُهُ لِكُلِّ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِمْ الْقَاصِرُ وَالصَّحِيحُ الثُّبُوتُ لِأَنَّهُ لِلْجِهَةِ، قَوْلُهُ: (كَالدِّيَةِ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا حَقٌّ مَوْرُوثٌ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا، وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الدِّيَةَ» . وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ خَيَّرَهُمْ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالدِّيَةِ، وَالدِّيَةُ تَثْبُتُ لِجُمْلَتِهِمْ اتِّفَاقًا فَكَذَا الْقِصَاصُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لِلْعَصَبَةِ) أَيْ الذُّكُورِ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ أَصْحَابَ الْوَلَاءِ يَدْخُلُونَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. قَوْلُهُ: (وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ) أَيْ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْحَاكِمُ مَالَ مَيِّتٍ مَغْصُوبًا وَالْوَارِثُ غَائِبٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ حِفْظًا لِحَقِّ الْغَائِبِ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ الْعَاجِزُ إلَخْ) ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَدَرَ) أَيْ أَسْرَعَ قَوْلُهُ: (فِي قَتْلِهِ) أَيْ فَكَانَ كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ لِأَحَدٍ فِيهِ وَلِأَنَّ مَالِكًا جَوَّزَ لِكُلٍّ الِانْفِرَادَ، قَوْلُهُ: (فَلَزِمَهُ ضَمَانُ حَقِّ غَيْرِهِ) أَيْ كَمَا فِي إتْلَافِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمُتْلِفِ وَغَيْرِهِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ) أَيْ فَكَانَ كَمَنْ اسْتَوْفَى النَّفْسَ وَهُوَ يَسْتَحِقُّ الطَّرَفَ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ قِسْطُهُ) حَاصِلُ هَذَا أَنَّا إذَا قُلْنَا يَجِبُ الْقِصَاصُ تَعَلَّقَتْ الدِّيَةُ بِتَرِكَةِ الْجَانِي دُونَ الْمُبَادِرِ قَطْعًا قَوْلُهُ: (وَهَذَا صَادِقٌ بِنَفْيِ الْعِلْمِ) فِي صِدْقِ الْعِبَارَةِ عَلَى هَذَا وَاَلَّذِي يَلِيهِ خَفَاءٌ فَإِنْ جَعَلْت الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ تَصِحُّ وَلَوْلَا فِي تَصْرِيحِ الشَّارِحِ بِلَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 الْقَتْلِ فَإِنْ جَهِلَهُ فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا وَعَلَى وُجُوبِهِ إنْ اقْتَصَّ مِنْهُ فَلَهُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي كَالْبَاقِينَ (وَإِنْ بَادَرَ بَعْدَ عَفْوِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ) إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْقَتْلِ (وَقِيلَ لَا) قِصَاصَ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) بِالْعَفْوِ (وَ) لَمْ (يَحْكُمْ قَاضٍ بِهِ) أَيْ بِنَفْيِ الْقِصَاصِ وَهَذَا صَادِقٌ بِنَفْيِ الْعِلْمِ وَالْحُكْمِ، وَبِنَفْيِ الْعِلْمِ دُونَ الْحُكْمِ وَالْعَكْسِ وَوَجْهُهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ عَدَمُ الْعِلْمِ وَفِي الثَّالِثِ شُبْهَةُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ الِانْفِرَادَ بِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ حَتَّى لَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ عَنْهُ كَانَ لِمَنْ لَمْ يَعْفُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ (وَلَا يُسْتَوْفَى قِصَاصٌ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ لِخَطَرِهِ وَاحْتِيَاجِهِ إلَى النَّظَرِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي شُرُوطِهِ سَوَاءٌ فِيهِ النَّفْسُ وَالطَّرَفُ (فَإِنْ اسْتَقَلَّ) بِهِ مُسْتَحِقُّهُ (عُزِّرَ) وَاعْتَدَّ بِهِ (وَيَأْذَنُ لِأَهْلٍ) لِاسْتِيفَائِهِ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ (فِي نَفْسٍ لَا طَرَفٍ فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يَأْذَنُ لِغَيْرِ أَهْلٍ كَالشَّيْخِ وَالزَّمَنِ وَالْمَرْأَةِ وَيَأْذَنُ لَهُ فِي الِاسْتِنَابَةِ وَعَدَمُ الْإِذْنِ فِي الطَّرَفِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَزِيدَ الْإِيلَامُ بِتَرْدِيدِ الْآلَةِ فَيَسْرِي وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُنْظَرُ لِذَلِكَ. (فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (فِي ضَرْبِ رَقَبَةٍ فَأَصَابَ غَيْرَهَا عَمْدًا) بِقَوْلِهِ (عُزِّرَ وَلَمْ يَعْزِلْهُ) لِأَهْلِيَّتِهِ (وَلَوْ قَالَ أَخْطَأْت وَأَمْكَنَ) بِأَنْ ضَرَبَ كَتِفَهُ أَوْ رَأْسَهُ بِمَا يَلِي الرَّقَبَةَ (عَزَلَهُ) لِأَنَّ يُشْعِرُ بِعَجْزِهِ وَيَحْلِفُ (وَلَمْ يُعَزَّرْ) إذَا حَلَفَ (وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ) وَهُوَ الْمَنْصُوبُ لِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقُصَاصَاتِ وُصِفَ بِأَغْلَبِ أَوْصَافِهِ (عَلَى الْجَانِي) فِي الْقِصَاصِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ حَقٍّ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ، وَالثَّانِي عَلَى الْمُقْتَصِّ وَالْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ (وَيَقْتَصُّ عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ (وَفِي الْحَرَمِ) إنْ الْتَجَأَ إلَيْهِ سَوَاءٌ قِصَاصُ النَّفْسِ وَالطَّرَفِ، وَلَوْ الْتَجَأَ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. قَالَ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ أُخْرِجَ مِنْهُ وَقُتِلَ صِيَانَةً لِلْمَسْجِدِ، وَقِيلَ تُبْسَطُ الْإِنْطَاعُ وَيُقْتَلُ فِيهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ الْتَجَأَ إلَى الْكَعْبَةِ أَوْ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ أُخْرِجَ قَطْعًا (وَ) فِي (الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ)   [حاشية قليوبي] لَزِمَهُ الْقِصَاصُ بِالْأَوْلَى وَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ قَدْ عَفَا مَجَّانًا وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (وَهَذَا صَادِقٌ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ جَعَلَ الضَّمِيرَ فِي بِهِ عَائِدًا لِنَفْيِ الْقِصَاصِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحُكْمَ بِعَدَمِهِ لَمْ يُوجَدْ مَعْلُومًا، فَالْقَوْلُ بِالْقِصَاصِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا وُجِدَ الْعِلْمُ بِالْعَفْوِ، وَوُجِدَ الْحُكْمُ بِعَدَمِ الْقِصَاصِ مَعًا وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا مِنْ دَقَائِقِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ اعْتَرَضَ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلِلَّهِ دَرُّهُ مَا أَدْرَاهُ بِأَسَالِيبِ التَّرَاكِيبِ وَانْتِزَاعِ مُخَبَّآتِ الْأَسَالِيبِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) نَعَمْ لَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِهِ فِي سَيِّدٍ فِي قَتْلِ عَبْدِهِ، وَفِي قَاتِلٍ فِي الْحِرَابَةِ وَفِي مُسْتَحِقٍّ مُضْطَرٍّ أَوْ مُنْفَرِدٍ بِحَيْثُ لَا يَرَى سَوَاءٌ عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ أَوْ لَا بَعُدَ عَنْ الْإِمَامِ أَوْ لَا قَوْلُهُ: (عُزِّرَ) إنْ عَلِمَ. قَوْلُهُ: (وَاعْتَدَّ بِهِ) أَيْ بِالْقِصَاصِ وَخَرَجَ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَالتَّعْزِيرِ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِمَا، وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِمَا بِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ مَعَ إمْكَانِ التَّدَارُكِ فِيهِمَا قَوْلُهُ: (لِأَهْلٍ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ حَيْثُ جَازَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ سَوَاءٌ وُجِدَتْ قُرْعَةٌ أَوْ لَا قَوْلُهُ: (وَيَأْذَنُ لَهُ) أَيْ لِغَيْرِ الْأَهْلِ فِي الِاسْتِنَابَةِ سَوَاءٌ قُلْنَا يَدْخُلُ فِي الْقُرْعَةِ عَلَى الْمَرْجُوحِ أَوْ لَا إذْ لَا بُدَّ مِنْ أَنَّهُ يُوَكَّلُ لِتَوَقُّفِ الِاسْتِيفَاءِ عَلَى إذْنِهِ فَمَا أَطَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ هُنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: لَا يَأْذَنُ الْإِمَامُ لِكَافِرٍ فِي مُسْلِمٍ كَمَا مَرَّ وَلَا لِعَدُوٍّ فِي عَدُوِّهِ، وَالْإِيضَاحُ وَالْمَعَانِي كَالطَّرَفِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَأْذَنُ لِلْمُسْتَحِقِّ فِيهِمَا. فَرْعٌ: يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِلشَّخْصِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ نَفْسِهِ فِي قَتْلٍ وَقَطْعٍ وَلَوْ فِي سَرِقَةٍ لَا فِي جِلْدٍ وَنَحْوِهِ لِإِيهَامِ عَدَمِ إيلَامِ نَفْسِهِ وَظَاهِرٌ مِنْ الْجَوَازِ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِقَتْلِ نَفْسِهِ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِقَوْلِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إلَّا مِنْهُ قَوْلُهُ: (وَأَمْكَنَ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَكَالْعَمْدِ فَيُعَزِّرُهُ وَلَا يَعْزِلُهُ قَوْلُهُ: (عَزَلَهُ) مَا لَمْ يَكُنْ مَاهِرًا قَوْلُهُ: (عَلَى الْجَانِي) إنْ لَمْ يُرْزَقْ الْجَلَّادُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ عَلَى الْجَانِي بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مُوسِرٍ بِمَا فِي الْفِطْرَةِ وَتَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ فَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ: (فِي الْقِصَاصِ) شَمِلَ النَّفْسَ وَالطَّرَفَ، وَالتَّقْيِيدُ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْجَانِي فَغَيْرُ الْقِصَاصِ كَذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الْمَنْصُوبُ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَيَقْتَصُّ عَلَى الْفَوْرِ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ ذَلِكَ إنْ شَاءَ بِخِلَافِ الْمَالِ كَالْأَرْشِ أَوْ الْحُكُومَةِ فَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ إلَّا بَعْدَ الِانْدِمَالِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ فِي الْجُرْحِ عَلَى مَالٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ الْتَجَأَ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أُخْرِجَ) أَيْ وُجُوبًا فَيَحْرُمُ الِاسْتِيفَاءُ فِيهِ إنْ خِيفَ تَلْوِيثُهُ بِالدَّمِ وَإِلَّا كُرِهَ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ) أَيْ فَفِيهِ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَالْمَقَابِرُ كَالْمَسَاجِدِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تُبْسَطُ الْأَنْطَاعُ وَيُقْتَلُ فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَيُجَابُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] بِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْجَانِي كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ إنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ فَارًّا أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَمْنُ فِي الْآخِرَةِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ الْتَجَأَ إلَى الْكَعْبَةِ أَوْ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ أُخْرِجَ قَطْعًا) أَيْ فَيَحْرُمُ الِاسْتِيفَاءُ فِيهِمَا بِلَا خِلَافٍ ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمِنَ التَّلْوِيثَ، وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ لِشَرَفِ الْكَعْبَةِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجْرِ فِيهَا خِلَافُ الْمَسْجِدِ وَلِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ اسْتِعْمَالٌ لَهُ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَجْرِ فِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] لَأَمْكَنَ أَنَّ النَّفْيَ فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ صُرِفَ إلَى الْمَجْمُوعِ فَيُصَدَّقُ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَعْتَذِرَ بِأَنَّ تَقْدِيرَ لَمْ لِبَيَانِ الْإِعْرَابِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ وَهَذَا رَاجِعٌ لِعِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّصْرِيحِ بِلَمْ فِي الْمَعْطُوفِ. قَوْلُهُ: (وَيَأْذَنُ لَهُ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ الْإِذْنُ لِعَدُوِّ الْجَانِي. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْزِلْهُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الَّذِي فَعَلَهُ فِعْلًا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الِاسْتِيفَاءُ. قَوْلُهُ: (وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ) ، وَلَمْ يَقُلْ: الْمُسْتَوْفِي لِلْقِصَاصِ، وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَيْسَ خَاصًّا بِهَذَا الْبَابِ، قَوْلُهُ: (فِي الْقِصَاصِ) اُنْظُرْ مَا حِكْمَةُ تَقْيِيدِهِ بِالْقِصَاصِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ حَقٍّ) أَيْ فَكَانَ ذَلِكَ كَالْحَلْقِ وَالْخِتَانِ، قَوْلُهُ: (وَالْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ) وَالْأَوَّلُ يَقُولُ لَا يَحْصُلُ التَّمْكِينُ إلَّا بِإِبَانَةِ الْعُضْوِ عَنْ الْجُثَّةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ ذَلِكَ) وَلَا يُقَالُ يُؤَخِّرُ قَدْرَ مُدَّةِ سِرَايَةِ الْجُرْحِ إلَى نَفْسِ الْمَقْتُولِ وَلَا يُؤَخِّرُ فِي الْأَطْرَافِ إلَى الِانْدِمَالِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْحُرُمِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْجَانِي فَعَلَ ذَلِكَ، فِي وَقْتِ الِاعْتِدَالِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 وَفِي نَصٍّ يُؤَخَّرُ قِصَاصُ الطَّرَفِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ. (وَتُحْبَسُ الْحَامِلُ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ حَتَّى تُرْضِعَهُ اللِّبَأَ) بِهَمْزٍ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ وَهُوَ اللَّبَنُ أَوَّلُ النِّتَاجِ لَا يَعِيشُ الْوَلَدُ بِدُونِهِ غَالِبًا. (وَيَسْتَغْنِي بِغَيْرِهَا) صِيَانَةً لَهُ (أَوْ فِطَامٍ) لَهُ (لِحَوْلَيْنِ) إنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ أُمِّهِ مِنْ مُرْضِعَةٍ أَوْ لَبَنِ بَهِيمَةٍ يَحِلُّ شُرْبُهُ (وَالصَّحِيحُ تَصْدِيقُهَا فِي حَمْلِهَا بِغَيْرِ مَخِيلَةٍ) لِأَنَّ لَهُ أَمَارَاتٍ تَخْفَى تَجِدُهَا مِنْ نَفْسِهَا فَتَنْتَظِرُ الْمَخِيلَةَ، وَالثَّانِي قَالَ الْأَصْلُ عَدَمُ الْحَمْلِ (وَمَنْ قَتَلَ بِمُحَدِّدٍ) كَسَيْفٍ أَوْ مُثْقَلٍ (أَوْ خَنِقٍ) بِكَسْرِ النُّونِ مَصْدَرًا (أَوْ تَجْوِيعٍ وَنَحْوِهِ) كَإِغْرَاقٍ وَإِلْقَاءٍ مِنْ شَاهِقٍ (اقْتَصَّ بِهِ) رِعَايَةً لِلْمُمَاثَلَةِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ لَهُ الْعُدُولَ عَنْ غَيْرِ السَّيْفِ إلَيْهِ (أَوْ بِسِحْرٍ فَبِسَيْفٍ) لِأَنَّ عَمَلَ السِّحْرِ حَرَامٌ وَلَا يَنْضَبِطُ (وَكَذَا خَمْرٌ) بِأَنْ أَوْجَرَهَا (وَلِوَاطٍ) بِأَنْ لَاطَ بِصَغِيرٍ (فِي الْأَصَحِّ) . وَالثَّانِي فِي الْخَمْرِ يُؤَجَّرُ مَائِعًا كَخَلٍّ أَوْ مَاءٍ وَفِي اللِّوَاطِ يَدُسُّ فِي دُبُرِهِ خَشَبَةً قَرِيبَةً مِنْ آلَتِهِ وَيُقْتَلُ بِهَا (وَلَوْ جَوَّعَ كَتَجْوِيعِهِ فَلَمْ يَمُتْ) زِيدَ تَجْوِيعُهُ حَتَّى يَمُوتَ، (وَفِي قَوْلٍ السَّيْفُ) يُقْتَلُ بِهِ (وَمَنْ عَدَلَ إلَى سَيْفٍ عَنْ غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ) كَخَنِقٍ وَتَجْوِيعٍ (فَلَهُ) ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ وَأَسْرَعُ. قَالَ الْبَغَوِيّ وَهُوَ الْأَوْلَى (وَلَوْ قَطَعَ فَسَرَى) الْقَطْعُ إلَى النَّفْسِ (فَلِلْوَلِيِّ حَزُّ رَقَبَتِهِ) تَسْهِيلًا عَلَيْهِ (وَلَهُ الْقَطْعُ) لِلْمُمَاثَلَةِ (ثُمَّ الْحَزُّ) لِلسِّرَايَةِ (وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ) بَعْدَ الْقَطْعِ (لِلسِّرَايَةِ) لِتَكْمُلَ الْمُمَاثَلَةُ (وَلَوْ مَاتَ بِجَائِفَةٍ أَوْ كَسْرِ عُضْوٍ فَالْحَزُّ) فَقَطْ لِلْوَلِيِّ   [حاشية قليوبي] وَفِي نَصٍّ يُؤَخَّرُ قِصَاصُ الطَّرَفِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ) أَيْ الْحَرَمِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ، وَحُمِلَ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ كَالْجَلْدِ فِي الزِّنَى أَوْ الرَّجْمِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَأْخِيرُهَا لِذَلِكَ لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ. تَنْبِيهٌ: قَتْلُ النَّفْسِ كَالْقِصَاصِ وَقَطْعُ السَّرِقَةِ وَجَلْدُ الْقَذْفِ كَقِصَاصِ الطَّرَفِ هُنَا قَوْلُهُ: (وَتُحْبَسُ) وُجُوبًا إنْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ وَلَوْ بِوَلِيِّهِ وَمِنْهُ الْحَاكِمُ فِيمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ. وَإِلَّا فَلَا رِعَايَةً لِلْحَمْلِ، وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تُحْبَسُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ: (الْحَامِلُ) وَلَوْ مِنْ زِنَى أَوْ مُرْتَدَّةٍ أَوْ حَدَثَ الْحَمْلُ بَعْدَ وُجُوبِ الْقَوَدِ، وَعَبَّرَ فِي الْمَنْهَجِ بِذَاتِ حَمْلٍ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِ لَفْظِ الْحَامِلِ مُذَكَّرًا لِعَدَمِ هَاءِ التَّأْنِيثِ أَوْ لِشُمُولِ الْحَمْلِ لِغَيْرِ الْجَنِينِ كَشَيْءٍ عَلَى رَأْسِهَا مَثَلًا أَوْ لِكَوْنِ الْحَامِلِ تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الْعَاقِلَةِ كَالْبَهِيمَةِ أَوْ لِأَنَّ وَصْفَهَا بِالْحَامِلِ فِي دَعْوَاهُ، كَمَا يَأْتِي لَيْسَ حَقِيقَةً فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِحَوْلَيْنِ) لَيْسَ قَيْدًا فَيَجُوزُ قَبْلَهُمَا إنْ لَمْ يَضُرَّ، وَيُؤَخَّرُ عَنْهُمَا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالتَّوَافُقِ عَلَى النَّقْصِ أَوْ الزِّيَادَةِ قَوْلُهُ: (مِنْ مُرْضِعَةٍ) تَعَيَّنَتْ أَوْ لَا يَجْبُرُ الْحَاكِمُ الْمُتَعَيِّنَةَ أَوْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ عِنْدَ امْتِنَاعِهِنَّ لَكِنْ بِأُجْرَةٍ فِيهِمَا، وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا زَانِيَةٌ مُحْصَنَةٌ قُتِلَتْ وَأُخِّرَتْ الْجَانِيَةُ لِنَدْبِ الْعَفْوِ فِي الْجِنَايَةِ قَوْلُهُ: (أَوْ بَهِيمَةٍ) نَعَمْ يُنْدَبُ صَبْرُ الْوَلِيِّ حَتَّى تُوجَدَ امْرَأَةٌ قَوْلُهُ: (تَصْدِيقُهَا) إنْ أَمْكَنَ الْحَمْلُ وَإِلَّا كَآيِسَةٍ فَلَا تُصَدَّقُ قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ مَخِيلَةٍ) أَيْ أَمَارَةٍ عَلَى الْحَمْلِ وَمَعَهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى يَمِينٍ وَإِذَا صَدَقَتْ لَزِمَ الْمُسْتَحِقَّ الصَّبْرُ إلَى ظُهُورِ الْحَمْلِ لَا إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. تَنْبِيهٌ: لَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْ وَطْئِهَا وَإِنْ أَدَّى إلَى عَدَمِ الْقَوَدِ. فَرْعٌ: لَوْ قَتَلَهَا الْمُسْتَحِقُّ أَوْ غَيْرُهُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَعَلَيْهِ غُرَّةٌ إنْ انْفَصَلَ الْحَمْلُ مَيِّتًا أَوْ دِيَةٌ إنْ انْفَصَلَ حَيًّا مُتَأَلِّمًا وَمَاتَ وَإِنْ انْفَصَلَ سَالِمًا أَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ، فَلَا شَيْءَ وَعَلَى قَاتِلِهَا غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ الْقِصَاصُ بِشَرْطِهِ وَإِنْ قُتِلَتْ بَعْدَ انْفِصَالٍ وَقَبْلَ اسْتِغْنَاءِ الْوَلَدِ فَمَاتَ وَجَبَ فِيهِ قِصَاصٌ وَلَوْ عَلَى جَلَّادٍ فَإِنْ أَكْرَهَهُ الْإِمَامُ فَعَلَيْهِمَا مَعًا. قَوْلُهُ: (خَنِقٍ بِكَسْرِ النُّونِ مَصْدَرٌ) قَالَ الْمُصَنِّفُ وَبِسُكُونِهَا وَفِي الْمُضَارِعِ مَضْمُومَةٌ فَقَطْ قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) مِنْهُ إلْقَاؤُهُ فِي نَارٍ وَعَكْسُهُ وَسُمٍّ إلَّا مُهْرِيًّا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ وَسَهْمٌ مَسْمُومٌ وَذَبْحٌ كَالْبَهِيمَةِ وَكَسْرُ عَضُدٍ وَرَجْمٌ فِي شُهُودٍ رَجَعُوا وَإِنْهَاشُهُ حَيَّةً قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي هَذِهِ. قَوْلُهُ: (اقْتَصَّ بِهِ) إنْ عَلِمَ تَأْثِيرَهُ فِي الْجَانِي وَإِلَّا كَضَرْبٍ يَقْتُلُ مَرِيضًا تَعَيَّنَ السَّيْفُ قَوْلُهُ: (أَوْ بِسِحْرٍ) وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي فِعْلِ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْقَوَدُ وَالْمَالُ قَوْلُهُ: (وَكَذَا خَمْرٌ) يَتَعَيَّنُ فِيهِ السَّيْفُ وَمِثْلُهُ بَوْلٌ وَمَاءٌ مُتَنَجِّسٌ لَكِنْ عَلَى جَوَازِهِ يُبَدَّلُ بِطَاهِرٍ وَلَهُ الْعُدُولُ عَنْ الْمِلْحِ لِلْعَذْبِ لَا عَكْسُهُ قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ السَّيْفُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (إلَى سَيْفٍ) أَيْ قَطْعِ رَأْسٍ لَا ذَبْحٍ قَوْلُهُ: (لِلْمُمَاثَلَةِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ يَسَارٌ عَنْ يَمِينٍ وَعَكْسُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ إتْلَافَ الْجُمْلَةِ وَالنَّفْسُ مُسْتَوْفَاةٌ وَالْمُمَاثَلَةُ مِنْ حَيْثُ سِرَايَةٌ لَا مُقَابَلَةُ سِرَايَةٍ فَرَاجِعْهُ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَفِي نَصٍّ يُؤَخِّرُ قِصَاصَ الطَّرَفِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ) نَصَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ صَاحِبِ الْبَحْرِ وَغَيْرُهُ أَيَّدَهُ بِقَوْلِهِمْ، فِيمَا لَوْ قَطَعَ الْيَسَارَ وَبَقِيَ قِصَاصُ الْيَمِينِ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهُ حَتَّى يَنْدَمِلَ قَطْعُ الْيَسَارِ. قَوْلُهُ: (وَتُحْبَسُ الْحَامِلُ) وَلَوْ مِنْ زِنًى قَوْلُهُ: (فِي قِصَاصِ النَّفْسِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] وَقَتْلُهَا إسْرَافٌ لِأَنَّ فِيهِ هَلَاكَ نَفْسَيْنِ وَخَرَجَ بِهَذَا حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا تُحْبَسُ فِيهَا بَلْ وَلَا تَسْتَوْفِي مَعَ وُجُودِ مُرْضِعَةٍ لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ فَتُرْضِعُهُ هِيَ، ثُمَّ يُسَلَّمُ لِلْكَافِلِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ امْتَنَعَ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ تَصْدِيقُهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] ، وَمَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْكِتْمَانُ وَجَبَ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي الْإِظْهَارِ كَالشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا تَصْدِيقُهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْيَمِينِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْفَرَائِضِ: وَظُهُورُ مَخَايِلِ الْحَامِلِ كَافٍ فِي الصَّبْرِ وَإِنْ لَمْ تَدْعُهُ الْمَرْأَةُ فَتَنْتَظِرُ الْمَخِيلَةَ إلَى مُدَّةِ الْحَمْلِ وَهِيَ أَرْبَعُ سِنِينَ. قَوْلُهُ: (مَصْدَرٌ) أَيْ لِخَنَقَ يَخْنُقُ بِضَمِّهَا فِي الْمُضَارِعِ جَوَّزَ الْمُصَنِّفُ فَتْحَ النُّونِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ الْقَطْعُ ثُمَّ الْحَزُّ) لَا يَلْزَمُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ مُمَكَّنًا مِنْ مُبَاشَرَةِ الطَّرَفِ فَيُخَالِفُ مَا مَرَّ. نَعَمْ لَنَا وَجْهٌ قَائِلٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 (وَفِي قَوْلٍ) لَهُ (كَفِعْلِهِ) أَيْ الْجَانِي فَيُجِيفُهُ أَوْ يَكْسِرُ عَضُدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَائِفَةِ وَالْكَسْرِ لَوْ لَمْ يَسْرِيَا قِصَاصٌ، وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى عَدَمِهِ فِيهِمَا (فَإِنْ لَمْ يَمُتْ) بِالْجَائِفَةِ (لَمْ تَزِدْ الْجَوَائِفُ فِي الْأَظْهَرِ) بَلْ تُحَزُّ رَقَبَتُهُ، وَالثَّانِي تُزَادُ حَتَّى يَمُوتَ وَالْأَوَّلُ مِنْ الْخِلَافِ الْأَوَّلِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ أَظْهَرُ عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَالثَّانِي قَالَ أَظْهَرُ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بَدَلَهُمْ بِالْأَكْثَرِينَ. وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَيَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَوْ بِالسَّيْفِ فِيهِ قَوْلَانِ رَجَّحَ كَثِيرُونَ الثَّانِيَ، وَكَأَنَّهُ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي الشَّرْحِ سَبْقُ قَلَمٍ مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الرَّوْضَةِ تَرْجِيحَهُ عَنْ أَحَدٍ (وَلَوْ اقْتَصَّ مَقْطُوعٌ ثُمَّ مَاتَ سِرَايَةً فَلِوَلِيِّهِ حَزٌّ وَلَهُ عَفْوٌ بِنِصْفِ دِيَةٍ) وَالْيَدُ الْمُسْتَوْفَاةُ مُقَابَلَةٌ بِالنِّصْفِ، (وَلَوْ قُطِعَتْ يَدَاهُ فَاقْتَصَّ ثُمَّ مَاتَ) سِرَايَةً (فَلِوَلِيِّهِ الْحَزُّ فَإِنْ عُفِيَ فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ. (وَلَوْ مَاتَ جَانٍ مِنْ قَطْعِ قِصَاصٍ فَهَدَرٌ) لِأَنَّهُ قُطِعَ بِحَقٍّ (وَإِنْ مَاتَا) أَيْ الْجَانِي الْقَاطِعُ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْمُقْتَصُّ (سِرَايَةً مَعًا أَوْ سَبَقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَقَدْ اقْتَصَّ) بِالْقَطْعِ وَالسِّرَايَةِ (وَإِنْ تَأَخَّرَ فَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ) فِي تَرِكَةِ الْجَانِي (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ الْجَانِيَ مَاتَ مِنْ سِرَايَةٍ بِفِعْلِهِ وَحَصَلَتْ الْمُقَابَلَةُ، وَدُفِعَ بِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَسْبِقُ الْجِنَايَةَ وَفِي سَبْقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَجْهٌ أَنَّ لَهُ نِصْفَ الدِّيَةِ لِأَنَّ سِرَايَةَ الْجَانِي مُهْدَرَةٌ (وَلَوْ قَالَ مُسْتَحِقُّ بِيَمِينٍ أَخْرِجْهَا فَأَخْرَجَ يَسَارًا وَقَصَدَ إبَاحَتَهَا) فَقَطَعَهَا الْمُسْتَحِقُّ (فَمُهْدَرَةٌ) أَيْ لَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَا دِيَةَ سَوَاءٌ تَلَفَّظَ بِالْإِذْنِ فِي الْقَطْعِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْقَاطِعُ أَنَّهَا الْيَسَارُ أَمْ لَا وَيُعَزَّرُ فِي الْعِلْمِ (وَإِنْ قَالَ) الْمُخْرِجُ بَعْدَ قَطْعِهَا (جَعَلْتُهَا) حَالَةَ الْإِخْرَاجِ (عَنْ الْيَمِينِ وَظَنَنْت إجْزَاءَهَا) عَنْهَا (فَكَذَّبَهُ) الْمُسْتَحِقُّ فِي الظَّنِّ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ الْجُعْلُ الْمَذْكُورُ (فَالْأَصَحُّ لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ) لِتَسْلِيطِ مُخْرِجِهَا بِجَعْلِهَا عِوَضًا (وَتَجِبُ دِيَةٌ) فِيهَا بِالْجُعْلِ الْمَذْكُورِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهَا الْقِصَاصُ لِأَنَّ قَطْعَهَا بِلَا اسْتِحْقَاقٍ (وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا (وَكَذَا لَوْ قَالَ) الْمُخْرِجُ (دَهِشْت) بِفَتْحِ وَضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ (فَظَنَنْتهَا الْيَمِينَ وَقَالَ الْقَاطِعُ) الْمُسْتَحِقُّ أَيْضًا (ظَنَنْتهَا الْيَمِينَ) أَيْ فَلَا قِصَاصَ فِي الْأَصَحِّ وَتَجِبُ دِيَتُهَا، وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ لَهُ كَفِعْلِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. إلَّا إنْ قَالَ: إذَا لَمْ يَمُتْ لَمْ أَقْتُلْهُ فَيُمْنَعُ وَيَتَعَيَّنُ السَّيْفُ قَوْلُهُ: (لَمْ تَزِدْ الْجَوَائِفُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (بَلْ تُحَزُّ رَقَبَتُهُ) وَإِنْ امْتَنَعَ عُزِّرَ قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ) الَّذِي هُوَ الْحَزُّ قَوْلُهُ: (مِنْ الْخِلَافِ الْأَوَّلِ) الَّذِي هُوَ الْحَزُّ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُهُ: (سَبْقُ قَلَمٍ) فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ رَجَّحَ كَثِيرُونَ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الَّذِي هُوَ الثَّانِي فِي الْمِنْهَاجِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ، وَفِي قَوْلٍ كَفِعْلِهِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَسَبْقُ الْقَلَمِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ أَيْضًا، وَزَادَ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ لَمْ يَذْكُرْ فِي الرَّوْضَةِ تَرْجِيحَهُ عَنْ أَحَدٍ فَهُوَ أَقْوَى بِالِاعْتِرَاضِ مِنْ الرَّافِعِيِّ قَوْلُهُ: (وَلَوْ اقْتَصَّ إلَخْ) مَحَلُّ هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا فِيمَا لَوْ تَسَاوَيَا فِي الدِّيَةِ وَإِلَّا كَامْرَأَةٍ قَطَعَتْ يَدَ رَجُلٍ فَقَطَعَ يَدَهَا ثُمَّ مَاتَ فَالْعَفْوُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ لِأَنَّ يَدَ الْمَرْأَةِ بِقَدْرِ رُبُعِ دِيَةِ الرَّجُلِ وَفِي عَكْسِهِ لَا شَيْءَ فِي الْعَفْوِ قَوْلُهُ: (لَا يَسْبِقُ الْجِنَايَةَ) فَلَوْ اعْتَدَّ بِهِ كَانَ كَالسَّلَمِ فِي الْقِصَاصِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ قَوْلُهُ: (وَفِي سَبْقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَجْهٌ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ ذِكْرِ الْخِلَافِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا بَالِغٌ عَاقِلٌ حُرٌّ فَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مَجْنُونًا أُهْدِرَتْ الْيَسَارُ، أَوْ الْمُخْرِجُ مَجْنُونًا فَكَالدَّهِشَةِ أَوْ رَقِيقًا لَمْ تُهْدَرْ الْيَسَارُ وَإِنْ قَصَدَ إبَاحَتَهَا قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ إبَاحَتَهَا) أَيْ عَلِمَ أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ وَتَبَرَّعَ بِتَسْلِيمِهَا لِلْقَطْعِ قَوْلُهُ: (فَمُهْدَرَةٌ) وَكَذَا نَفْسُهُ لَوْ سَرَى إلَيْهَا قَوْلُهُ: (فَكَذَّبَهُ) لَيْسَ قَيْدًا فَالتَّصْدِيقُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (فِي الظَّنِّ الْمُرَتَّبِ إلَخْ) أَيْ فَلَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الظَّنِّ وَالْجَعْلِ وَلَا عِبْرَةَ بِالتَّكْذِيبِ فِي الْجَعْلِ قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ) أَيْ مُطْلَقًا وَإِنْ عَلِمَ الْقَاطِعُ أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ دِيَةٌ فِيهَا) أَيْ الْيَسَارِ بِلَا يَمِينٍ إلَّا إذَا ادَّعَى الْقَاطِعُ أَنَّ الْمُخْرِجَ أَبَاحَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يُبِحْهَا فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْقَاطِعِ حَلَفَ وَأُهْدِرَتْ قَوْلُهُ: (وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ) وَيَلْزَمُهُ الصَّبْرُ بِهِ إلَى انْدِمَالِ الْيَسَارِ لِئَلَّا يَهْلَكَ بِالْمُوَالَاةِ، نَعَمْ إنْ ظَنَّ الْقَاطِعُ إجْزَاءَ الْيَسَارِ أَوْ أَخَذَهَا عِوَضًا سَقَطَ قِصَاصُ الْيَمِينِ وَتَجِبُ دِيَتُهَا قَوْلُهُ: (دُهِشْت) وَكَذَا لَوْ قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ: أَخْرِجْ يَمِينَك قَوْلُهُ: (ظَنَنْتهَا الْيَمِينَ) أَوْ ظَنَنْت أَنَّهَا تُجْزِئُ، فَإِنْ قَالَ فِي حَالِ دَهْشَةِ الْمُخْرِجِ ظَنَنْت أَنَّهُ أَبَاحَهَا أَوْ عَلِمْت عَدَمَ إجْزَائِهَا أَوْ دُهِشْت لَزِمَهُ قَوَدُهَا.   [حاشية عميرة] بِذَلِكَ فِي مِثْلِ هَذَا، قَوْلُهُ: (لَمْ تَزِدْ الْجَوَائِفُ الْأَظْهَرُ) لِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ الْجَوَائِفِ بِاخْتِلَافِ مَحَلِّهَا، وَالثَّانِي تُزَادُ أَيْ طَلَبًا لِلْمُمَاثَلَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ مِنْ الْخِلَافِ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ فَالْحَزُّ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَفِي قَوْلٍ لَهُ كَفِعْلِهِ لِأَنَّهُ قَطْعٌ بِحَقٍّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَمْرٍو وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَنْ مَاتَ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ فَلَا دِيَةَ لَهُ لِأَنَّ الْحَقَّ قَتْلُهُ اهـ. وَأَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيهِ كَمَالَ الدِّيَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ إبَاحَتَهَا) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا الْيَسَارُ، قَوْلُهُ: (فَمُهْدَرَةٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ قَطْعَهَا لَوْ سَرَى إلَى النَّفْسِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَكَذَّبَهُ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ إلَّا إذَا أَخَذَهَا عِوَضًا، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ عَامٌّ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ أَخْذِهَا عِوَضًا، أَنْ يَظُنَّ أَنَّهَا الْيَمِينُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ الْقَاطِعُ ظَنَنْت أَنَّهُ أَبَاحَهَا أَوْ عَلِمْت أَنَّهَا الْيَسَارُ، وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ أَمْ ظَنَنْت أَنَّهَا الْيَمِينُ أَمْ أَخَذْتهَا عِوَضًا وَفِي الْأَخِيرَةِ يَسْقُطُ قِصَاصُ الْيَمِينِ، قَوْلُهُ: (ظَنَنْتهَا إلَخْ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 فَصْلٌ (مُوجَبُ الْعَمْدِ) فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ (الْقَوَدُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيْ الْقِصَاصُ وَسُمِّيَ قَوَدًا لِأَنَّهُمْ يَقُودُونَ الْجَانِيَ بِحَبْلٍ وَغَيْرِهِ، قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ (وَالدِّيَةُ بَدَلٌ) عَنْهُ (عِنْدَ سُقُوطِهِ) بِغَيْرِ عَفْوٍ أَوْ بِعَفْوٍ عَنْهُ عَلَيْهَا (وَفِي قَوْلٍ) مُوجَبُهُ (أَحَدُهُمْ مُبْهَمًا) وَفِي الْمُحَرَّرِ لَا بِعَيْنِهِ أَيْ وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا فِي ضِمْنٍ أَيْ مُعَيَّنٍ مِنْهُمَا (وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لِلْوَلِيِّ عَفْوٌ) عَنْ الْقَوَدِ (عَلَى الدِّيَةِ بِغَيْرِ رِضَا الْجَانِي) لِأَنَّهَا بَدَلُ الْقِصَاصِ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَحَدُ مَا صَدَقَ مُوجَبُهُ عَلَى الثَّانِي (وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ) عَنْ الْقَوَدِ بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلدِّيَةِ (فَالْمَذْهَبُ لَا دِيَةَ) وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ مِنْ طَرِيقٍ تَجِبُ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: مَتَى وَجَبَتْ الدِّيَةُ فَهِيَ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ الدَّهْشَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْيَمِينَ فِيهَا الْقَوَدُ إلَّا إنْ ظَنَّ الْقَاطِعُ إجْزَاءَ الْيَسَارِ عَنْهَا أَوْ قَصَدَ أَنَّهَا عِوَضٌ عَنْهَا وَأَنَّ الْيَسَارَ مُهْدَرَةٌ فِي قَصْدِ الْمُخْرِجِ الْإِبَاحَةَ مُطْلَقًا وَفِيهَا الْقَوَدُ إنْ دَهِشَا مَعًا أَوْ عَلِمَ الْقَاطِعُ أَنَّهَا الْيَسَارُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ أَوْ ظَنَّ إبَاحَتَهَا وَإِلَّا فَالدِّيَةُ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْمُخْرِجَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: قَصْدُ الْإِبَاحَةِ، قَصْدُ الْعِوَضِيَّةِ، الدَّهْشَةُ، عَدَمُ السَّمَاعِ، وَأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْيَسَارِ إهْدَارُهَا فِي الْأَوَّلِ وَوُجُوبُ دِيَتِهَا فِي الثَّانِي مُطْلَقًا، وَكَذَا فِي الْآخَرَيْنِ إنْ ظَنَّ الْقَاطِعُ أَنَّهَا الْيَمِينُ أَوْ ظَنَّ أَنَّهَا تُجْزِئُ وَإِلَّا فَفِيهَا الْقَوَدُ وَفِي الْيَمِينِ مَا مَرَّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. فَصْلٌ: فِي مُوجَبِ الْعَمْدِ أَيْ فِيمَا يَلْزَمُ الْجَانِيَ فِي جِنَايَةِ الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ عَمْدًا وَفِي الْعَفْوِ عَنْهَا قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْجِيمِ) أَيْ وَاجِبُهُ أَمَّا بِكَسْرِهَا فَهُوَ الْفِعْلُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ، وَيُقَالُ لَهُ السَّبَبُ وَلِلْآخَرِ الْمُسَبَّبُ. فَائِدَةٌ: رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ قَالَ كَانَ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحَتَّمَ الْقَوَدُ وَفِي شَرِيعَةِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحَتَّمَ الدِّيَةُ فَخَفَّفَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِتَخْيِيرِهَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ لِمَا فِي إلْزَامِ أَحَدِهِمَا مِنْ الْمَشَقَّةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بَدَلٌ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْقَوَدِ الَّذِي هُوَ بَدَلُ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَهُوَ الْوَاجِبُ وَبَدَلُ الْبَدَلِ يُسَمَّى بَدَلًا، فَيَجِبُ عَلَى امْرَأَةٍ قَتَلَتْ رَجُلًا دِيَةُ رَجُلٍ وَعَلَى رَجُلٍ قَتَلَ امْرَأَةً دِيَةُ امْرَأَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ عَفْوٍ) بِأَنْ مَاتَ الْجَانِي أَمَّا فِي نَحْوِ الْأَبِ فَالْوَاجِبُ الدِّيَةُ ابْتِدَاءً، وَقَدْ يُقَالُ وُجُوبُهَا ابْتِدَاءً لِعَارِضٍ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهَا بَدَلًا كَمَا فِي التَّيَمُّمِ لِلْعَاجِزِ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَكَمَا فِي الْفِدْيَةِ لِلْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ الْوَجْهُ قَوْلُهُ: (لَا بِعَيْنِهِ) فَهُوَ الْمُرَادُ وَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ اتِّحَادَ مَعْنَاهُ مَعَ إبْهَامٍ فَعَبَّرَ بِهِ عَنْهُ مُرَاعِيًا لِلِاخْتِصَارِ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ أَحَدَ الْمُبْهَمَيْنِ قَدْ لَا يَكُونُ مُغَايِرًا لِحَقِيقَةِ الْآخَرِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ أَيْ الْحِصَّةُ الَّتِي مَتَى نُسِبَتْ إلَى أَحَدِهِمَا كَانَتْ هِيَ الْمَقْصُودَ. قَوْلُهُ: (لِلْوَلِيِّ عَفْوٌ) وَمَعْنَاهُ عَلَى الثَّانِي الْعُدُولُ إلَيْهَا وَغَلَبَ عَلَيْهِ مَعْنَى الْأَوَّلِ فَعَدَّى الْعَفْوَ بِعَلَى بِقَوْلِهِ عَلَى الدِّيَةِ أَيْ عَلَى كُلِّ الدِّيَةِ أَوْ بَعْضِهَا قَوْلُهُ: (إنْ قَبِلَ الْجَانِي) أَيْ بِاللَّفْظِ لِأَنَّهُ صُلْحٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ صِيغَةٍ قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلدِّيَةِ) بِأَنْ سَكَتَ بَعْدَ أَنْ قَالَ عَفَوْت لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ لِلْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ مَعًا أَوْ بَعْدَ أَنْ قَالَ: عَفَوْت عَنْ الْقِصَاصِ زَمَنًا يَقْطَعُ الْقَبُولَ عَنْ الْإِيجَابِ   [حاشية عميرة] خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا الْيَسَارُ، وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ أَوْ ظَنَنْت الْإِبَاحَةَ أَوْ دَهَشْت فَإِنَّ قِصَاصَ الْيَسَارِ وَاجِبٌ وَبَقِيَ حَالَةٌ رَابِعَةٌ، وَهِيَ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ إلَّا أَخْرِجْ يَسَارَك فَأَخْرَجْتهَا قَالَ الشَّيْخَانِ فَفِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ كَحَالَةِ الدَّهْشَةِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْفِعْلَ الْمُطَابِقَ لِلسُّؤَالِ كَالْإِذْنِ يَلْتَحِقُ بِصُورَةِ الْإِبَاحَةِ. اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْرِجَ إنْ قَصَدَ الْإِبَاحَةَ هُدِرَتْ يَدُهُ، وَإِلَّا فَهِيَ مَضْمُونَةٌ بِالدِّيَةِ إلَّا فِي حَالَةِ الدَّهْشَةِ عَلَى مَا سَلَفَ فَبِالْقِصَاصِ، وَالْيَمِينُ قِصَاصُهَا بَاقٍ إلَّا إذَا أَخَذَ الْيَسَارَ عِوَضًا. [فَصْلٌ مُوجَبُ الْعَمْدِ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ الْقَوَدُ] فَصْلٌ مُوجِبُ الْعَمْدِ الْقَوَدُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] فَأَوْجَبَ الْقِصَاصَ وَلَمْ يَذْكُرْ الدِّيَةَ بَلْ جَعَلَ وُجُوبَهَا مَشْرُوطًا، بِالْعَفْوِ وَاسْتَدَلَّ الثَّانِي بِحَدِيثِ «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إمَّا أَنْ يُودِيَ وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ لَهُ» وَرَدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَصْلًا، كَمَا أَنَّ مَاسِحَ الْخُفِّ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغُسْلِ، وَالْغُسْلُ هُوَ الْأَصْلُ قَالَ الْإِمَامُ، وَلَوْ قُلْنَا بِالثَّانِي فَلَسْنَا نُنْكِرُ كَوْنَ الْقِصَاصِ مَقْصُودًا لِغَرَضِ الزَّجْرِ، قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ عَفْوٍ) كَأَنْ مَاتَ الْجَانِي قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ) يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ وَاحِدًا مُعَيَّنًا مِنْهُمَا وَلَكِنَّهُ مُبْهَمٌ عَلَيْنَا بَلْ هُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ هُوَ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ الَّذِي يَتَحَقَّقُ فِي ضِمْنِ أَيِّ مُعَيَّنٍ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ) قَالَ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا كُنَّا نُخَيِّرُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَنَرْجِعُ لِلدِّيَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَفِي الْعِبَارَةِ الْمَشْهُورَةِ لِتَرْجَمَةِ الْقَوْلَيْنِ تَكَلُّفٌ وَالْعِبَارَةُ النَّاصَّةُ عَلَى الْمَقْصُودِ أَنْ يُقَالَ: الْعَمْدُ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْمَالِ لَا مَحَالَةَ وَلَكِنَّهُ مُعَارِضٌ وَمُوَازٍ لِلْقِصَاصِ فَهَلْ يَثْبُتُ تَبَعًا وَبَدَلًا لَا أَصْلًا وَمُعَارِضًا قَوْلَانِ. قَوْلُهُ: (لِلْوَلِيِّ عَفْوٌ) لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ السُّلْطَانَ فَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ الدِّيَةِ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) سَكَتَ عَنْ التَّفْرِيعِ عَلَى الْمَرْجُوحِ لِأَنَّهُ طَوِيلٌ وَلَا عَمَلَ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (فَالْمَذْهَبُ لَا دِيَةَ) لَكِنْ لَهُ اخْتِيَارُهَا عَقِبَ ذَلِكَ وَلَوْ فَرَّعْنَا عَلَى الثَّانِي تَعَيَّنَتْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ الْبَدَلِيَّةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، (وَلَوْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ لَغَا) هَذَا الْعَفْوُ (وَلَهُ الْعَفْوُ بَعْدَهُ عَلَيْهَا) لِأَنَّ اللَّاغِيَ كَالْمَعْدُومِ. (وَلَوْ عَفَا) عَنْ الْقَوَدِ (عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الدِّيَةِ ثَبَتَ) الْغَيْرُ الْمَعْفُوُّ عَلَيْهِ (إنْ قَبِلَ الْجَانِي) ذَلِكَ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ (وَإِلَّا فَلَا) يَثْبُتُ (وَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْعِوَضَ لَمْ يَحْصُلْ، وَالثَّانِي يَسْقُطُ لِرِضَاهُ بِالصُّلْحِ عَنْهُ وَعَلَى هَذَا قَالَ الْبَغَوِيّ هُوَ كَمَا لَوْ عَفَا مُطْلَقًا أَيْ فَيَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ (وَلَيْسَ لِمَحْجُورٍ فَلَيْسَ عَفْوٌ عَنْ مَالٍ إنْ أَوْجَبْنَا أَحَدَهُمَا) لِلتَّفْوِيتِ عَلَى الْغُرَمَاءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَوْجَبْنَا الْقَوَدَ بِعَيْنِهِ (فَإِنْ عَفَا) عَنْهُ (عَلَى الدِّيَةِ ثَبَتَتْ وَإِنْ أَطْلَقَ) الْعَفْوَ (فَكَمَا سَبَقَ) أَيْ أَنَّ الْمَذْهَبَ لَا دِيَةَ (وَإِنْ عَفَا عَلَى أَنْ لَا مَالَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ) وَقِيلَ تَجِبُ الدِّيَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْعَفْوِ يُوجِبُهَا فَلَيْسَ لَهُ تَفْوِيتُهَا وَدَفَعَ بِأَنَّ الْمُفْلِسَ لَا يُكَلَّفُ الِاكْتِسَابُ (وَالْمُنْذَرُ) بِالْمُعْجَمَةِ (فِي الدِّيَةِ كَمُفْلِسٍ) فَلَا تَجِبُ فِي صُورَتَيْ الْعَفْوِ (وَقِيلَ كَصَبِيٍّ) فَتَجِبُ. (وَلَوْ تَصَالَحَا عَنْ الْقَوَدِ عَلَى مِائَتَيْ بَعِيرٍ لَغَا إنْ أَوْجَبْنَا أَحَدَهُمَا) لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْوَاجِبِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَوْجَبْنَا الْقَوَدَ بِعَيْنِهِ (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ) لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْوَاجِبِ بِالِاخْتِيَارِ، وَالثَّانِي يَقُولُ الدِّيَةُ خَلْفُهُ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا، وَلَوْ قَالَ رَشِيدٌ لِآخَرَ (اقْطَعْنِي فَفَعَلَ فَهَدَرٌ) أَيْ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ (فَإِنْ سَرَى) الْقَطْعُ (أَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي) فَقَتَلَهُ (فَهَدَرٌ) لِلْإِذْنِ (وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ دِيَةٌ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً (وَلَوْ قُطِعَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ عُضْوُهُ (فَعَفَا عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ فَإِنْ لَمْ يَسِرْ) الْقَطْعُ (فَلَا شَيْءَ)   [حاشية قليوبي] فِي الْبَيْعِ وَإِلَّا وَجَبَتْ. قَوْلُهُ: (يَمْنَعُ الْبَدَلِيَّةَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ يَمْنَعُ إيجَابَهَا قَوْلُهُ: (بَعْدَهُ) وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَفَا) عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَوْلُهُ: (الْمَحْجُورُ فَلَّسَ) وَمِثْلُهُ الْمَرِيضُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ قَوْلُهُ: (فَكَمَا سَبَقَ) أَيْ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ لَا يُكَلَّفُ الْكَسْبَ، وَالْعَفْوُ إسْقَاطٌ لِلْقَوَدِ الثَّابِتِ، وَالدِّيَةُ تَابِعَةٌ لَهُ فِيهِ لَا إثْبَاتٌ لِلدِّيَةِ الْمَعْدُومَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِنَاءً إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَجِبُ إلَخْ) قَالَ: بَعْضُهُمْ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ، فَلَا يُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى الطُّرُقِ بِالْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ فَعَلَى أَنَّ الْعَفْوَ يُوجِبُهَا يَجْرِي وَجْهَانِ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَقْطَعُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ إمَّا طَرِيقُ الْقَطْعِ الْمُوَافِقُ لِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ مِنْ الْحِكَايَةِ أَوْ عَكْسُهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَا يُكَلَّفُ إلَخْ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَصِحُّ عَفْوُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَصَى بِسَبَبِهِ وَإِنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاكْتِسَابُ لَهُ قَوْلُهُ: (فِي الدِّيَةِ) أَيْ فِي إيجَابِهَا بِالْعَفْوِ الْمَذْكُورِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ) أَيْ مُتَعَيِّنَةٌ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ قَوْلُهُ: (رَشِيدٌ) الْمُرَادُ بِهِ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْحُرُّ وَلَوْ سَكْرَانَ أَوْ سَفِيهًا فَإِذْنُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَالْعَدَمِ، وَإِذْنُ الرَّقِيقِ يُسْقِطُ الْقِصَاصَ لَا الْمَالَ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ الدِّيَةُ) أَيْ كَامِلَةً فِي الْقَتْلِ وَنِصْفُهَا فِي الْقَطْعِ وَإِنْ سَرَى وَقِيلَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فِيهِمَا قَوْلُهُ: (عَنْ قَوَدِهِ) وَالْعَفْوُ مُطْلَقًا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ كَمَا فِي الْأُمِّ لَا لِلْأَرْشِ أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لِكَوْنِهِ قَبْلَ السِّرَايَةِ فَإِنْ أَطْلَقَ فِي الْعَفْوِ بَعْدَهَا انْصَرَفَ لِلْقَوَدِ أَيْضًا وَتَبِعَهُ الْأَرْشُ فَكَأَنَّهُ عَفَا عَنْ الْقَوَدِ وَالْأَرْشِ مَعًا كَمَا مَرَّ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الْعَفْوَ صَادِرٌ مِنْ الْمَقْطُوعِ، وَلِذَلِكَ كَانَ تَارَةً بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ وَتَارَةً بِلَفْظِ غَيْرِهَا. كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُ شَيْخِنَا صُورَةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: عَفَوْت عَنْ قَوَدِهِ عَلَى الدِّيَةِ أَوْ عَلَى الْأَرْشِ ثُمَّ يَقُولَ عَفَوْت عَلَى أَرْشِهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْ شَيْخِهِ الطَّنْدَتَائِيِّ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي فَرَاجِعْهُ، وَحَرِّرْهُ وَخَرَجَ بِالْقَوَدِ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ كَجَائِفَةٍ، وَإِنْ عَفَا عَنْ أَرْشِهَا صَحَّ الْعَفْوُ، وَإِنْ عَفَا عَنْ قَوَدِهَا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهَا، وَإِنْ عَفَا عَنْ قَوَدِهَا لَوْ سَرَتْ فَسَرَتْ إلَى النَّفْسِ فَلِلْوَلِيِّ الْقَوَدُ لِأَنَّهُ عَفَا عَنْهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ أَيْضًا. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ صِيغَةَ عَفْوِهِ لَهَا أَنْوَاعٌ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَقُولَ: عَفَوْت عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ أَوْ يَقُولَ: عَفَوْت عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ وَأَرْشِ مَا يَحْدُثُ عَنْهُ أَوْ عَفَوْت عَنْ قَوَدِهِ وَأَوْصَيْت لَهُ بِأَرْشِهِ أَوْ عَفَوْت عَنْ قَوَدِهِ وَأَوْصَيْت لَهُ بِأَرْشِهِ وَأَرْشِ مَا يَحْدُثُ عَنْهُ أَوْ عَفَوْت عَنْ قَوَدِهِ وَأَبْرَأْتُهُ مَثَلًا مِنْ أَرْشِهِ أَوْ مِنْ   [حاشية عميرة] الدِّيَةُ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا بَدَلُهُ) أَيْ وَلِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: 178] الْآيَةَ وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ، قَوْلُهُ: (لَغَا) لَوْ فَرَّعْنَا عَلَى الثَّانِي تَعَيَّنَ الْقِصَاصُ ثُمَّ لَوْ فَرَضَ بَعْدَ ذَلِكَ مَوْتَ الْجَانِي وَجَبَتْ أَوْ عَفْوَهُ عَلَيْهَا فَلَا قَوَدَ وَلَوْ تَرَاخَى الزَّمَنُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَفَا إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ خِلَافُ مَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ أَقُولُ: لَكِنَّ الشَّارِحَ حَمَلَ الْعِبَارَةَ عَلَى التَّفْرِيعِ عَلَى الْأَوَّلِ خَاصَّةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَيَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ فَتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ ذَكَرَ آخِرًا مِثْلَ هَذَا. قَوْلُهُ: (لِرِضَاهُ بِالصُّلْحِ) فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ صَالَحَ عَنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ. عَلَى مَالٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ التَّنْظِيرِ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ مَعَ الْعِلْمِ بِفَسَادِهِ سَقَطَ الْقَوَدُ قَطْعًا، قَالَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ قَوْلُهُ: (فَالْمَذْهَبُ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ قُلْنَا: مُطْلَقُ عَفْوِهِ لَا يُوجِبُ الْمَالَ فَالْمُقَيَّدُ بِالنَّفْيِ أَوْلَى وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ بِهِ فَهُنَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ إذْ لَوْ كَلَّفَهُ الْمُفْلِسُ أَنْ يُطَلِّقَ لِيُثْبِتَ الْمَالَ، لَكَانَ تَكْلِيفًا لِلِاكْتِسَابِ اهـ. فَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِالْمَذْهَبِ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَجِبُ) لِأَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ لَوَجَبَتْ نَظَرًا لِلْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ فَيَكُونُ النَّفْيُ كَالْإِسْقَاطِ بِمَا لَهُ حُكْمُ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ: (فِي الدِّيَةِ) أَيْ بِخِلَافِ الْقَوَدِ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ كَصَبِيٍّ) أَيْ لِأَنَّ حَجْرَهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ فَتَلْغُو عِبَارَتُهُ كَالصَّبِيِّ، قَالَ الْإِمَامُ وَلَا وَجْهَ لِغَيْرِ هَذَا لِأَنَّهُ لَوْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ أَوْ وَصَّى لَهُ بِهِ لَمْ يَصِحَّ رَدُّهُ قَالَ غَيْرُهُ كَمَا لَا يَصِحُّ إعْرَاضُهُ عَنْ الْغَنِيمَةِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ فِي كُلِّ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى مِائَتَيْ بَعِيرٍ) أَيْ بِالصِّفَةِ الْوَاجِبَةِ، قَوْلُهُ (لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ كَالصُّلْحِ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى مِائَتَيْنِ عَنْ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْقَوَدُ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ دِيَةٌ) أَيْ كَامِلَةٌ فِي الثَّانِيَةِ وَنِصْفُهَا فِي الْأَوَّلِ أَمَّا الْقَوَدُ فَلَا يَجِبُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 مِنْ قِصَاصٍ أَوْ أَرْشٍ فِيهِ، (وَإِنْ سَرَى) إلَى النَّفْسِ (فَلَا قِصَاصَ) فِيهِ فِي طَرَفٍ، وَلَا نَفْسٍ لِأَنَّ السِّرَايَةَ مِنْ مَعْفُوٍّ عَنْهُ (وَأَمَّا أَرْشُ الْعُضْوِ فَإِنْ جَرَى) فِي لَفْظِ الْعَفْوِ عَنْهُ (لَفْظُ وَصِيَّةٍ كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِأَرْشِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ فَوَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ) الْأَظْهَرُ صِحَّتُهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا فَإِنْ أُبْطِلَتْ لَزِمَ أَرْشُ الْعُضْوِ وَإِنْ صُحِّحَتْ سَقَطَ أَرْشُهُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا سَقَطَ مِنْهُ قَدْرُ الثُّلُثِ (أَوْ) جَرَى (لَفْظُ إبْرَاءٍ أَوْ إسْقَاطٍ أَوْ عَفْوٍ سَقَطَ) قَطْعًا (وَقِيلَ) هُوَ (وَصِيَّةٌ) لِاعْتِبَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ اتِّفَاقًا وَدُفِعَ بِأَنَّهُ إسْقَاطٌ نَاجِزٌ، وَالْوَصِيَّةُ (مَا تَعَلَّقَ بِالْمَوْتِ وَتَجِبُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَرْشِ (إلَى تَمَامِ الدِّيَةِ) لِلسِّرَايَةِ. (وَفِي قَوْلٍ إنْ تَعَرَّضَ فِي عَفْوِهِ) عَنْ الْجِنَايَةِ (لِمَا يَحْدُثُ مِنْهَا سَقَطَتْ) أَيْ الزِّيَادَةُ وَهَذَا وَمُقَابِلُهُ الرَّاجِحُ الْقَوْلَانِ فِي إسْقَاطِ الشَّيْءِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ، وَلَوْ كَانَ الْعَفْوُ عَمَّيْ يَحْدُثُ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ كَقَوْلِهِ أَوْصَيْت لَهُ بِأَرْشِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ وَأَرْشِ مَا يَحْدُثُ مِنْهَا أَوْ تَسْرِي إلَيْهِ بَنَى عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ وَيَجِيءُ فِي جَمِيعِ الدِّيَةِ مَا تَقَدَّمَ فِي أَرْشِ الْعُضْوِ فِي الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ قُطِعَتْ يَدَاهُ فَعَفَا عَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ نُصَحِّحْ الْوَصِيَّةَ وَجَبَتْ الدِّيَةُ بِكَمَالِهَا، وَإِنْ صُحِّحَتْ سَقَطَتْ بِكَمَالِهَا إنْ وَفَّى بِهَا الثُّلُثَ سَوَاءٌ صَحَّحْنَا الْإِبْرَاءَ عَمَّا لَمْ يَجِبْ أَمْ لَمْ نُصَحِّحْهُ لِأَنَّ أَرْشَ الْيَدَيْنِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَلَا يَزِيدُ بِالسِّرَايَةِ شَيْءٌ. (فَلَوْ سَرَى) قَطْعُ الْعُضْوِ الْمَعْفُوِّ عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ (إلَى عُضْوٍ آخَرَ) كَأَنْ قَطَعَ أُصْبُعَهُ، فَتَآكَلَ بَاقِي الْكَفِّ (وَانْدَمَلَ) الْقَطْعُ السَّارِي إلَى مَا ذَكَرَ (ضَمِنَ دِيَةَ السِّرَايَةِ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى أَنَّهَا مِنْ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَيَضْمَنُهَا أَيْضًا فِي التَّعَرُّضِ فِي الْعَفْوِ لِمَا يَحْدُثُ مِنْ الْجِنَايَةِ فِي الْأَظْهَرِ السَّابِقِ (وَمَنْ لَهُ قِصَاصُ نَفْسٍ بِسِرَايَةِ طَرَفٍ) قَطَعَ (أَوْ   [حاشية قليوبي] أَرْشِهِ وَأَرْشِ مَا يَحْدُثُ عَنْهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْ قَوَدِ ذَلِكَ الْجُرْحِ مُطْلَقًا وَعَنْ أَرْشِهِ كَذَلِكَ، وَيَسْقُطُ حَالًا إنْ لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ وَصِيَّةٍ وَإِلَّا فَلَهُ حُكْمُهَا وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ عَمَّا يَسْرِي إلَيْهِ ذَلِكَ الْجُرْحُ مِنْ قَوَدٍ أَوْ أَرْشٍ إلَّا إنْ كَانَ بِلَفْظِ وَصِيَّةٍ وَلَهُ حُكْمُهَا فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَأَرْشِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوَدِهِ أَيْ فَهُوَ مِنْ الْعَفْوِ عَنْهُ لَكِنْ بِغَيْرِ لَفْظِ وَصِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَرَى إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ حِينَ عَفَا عَنْ أَرْشِ الْعُضْوِ بَعْدَ الْعَفْوِ عَنْ قَوَدِهِ أَتَى بِلَفْظِ وَصِيَّةٍ، فَلَهُ حُكْمُهَا وَإِلَّا سَقَطَ حَالًا قَوْلُهُ: (سَقَطَ قَطْعًا) أَيْ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَجَازَ الْوَارِثُ الزَّائِدَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فَهِيَ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ وَمُقَابِلُهَا الْحَاكِيَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَقِيلَ إلَخْ. فَالْخِلَافُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إسْقَاطٌ نَاجِزٌ أَوْ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ وَإِلَّا فَالْأَرْشُ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ كَإِبْرَاءِ الْمَرِيضِ غُرَمَاءَهُ مِنْ دَيْنِهِ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (لِلسِّرَايَةِ) أَيْ فِي مُقَابَلَتِهَا أَوْ لِأَجْلِهَا سَوَاءٌ تَعَرَّضَ فِي عَفْوِهِ لِمَا يَحْدُثُ أَوْ لَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قُطِعَتْ يَدَاهُ إلَخْ) هُوَ مَفْهُومُ مَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ: وَتَجِبُ الزِّيَادَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ. قَوْلُهُ: (فَعَفَا) وَلَوْ بِلَفْظِ غَيْرِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ حُكْمًا فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (بِكَمَالِهِمَا إلَخْ) مَحَلُّهُ إنْ تَسَاوَتْ الدِّيَتَانِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ فِي النَّفْسِ يَضْمَنُ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (بِسِرَايَةٍ) قَيْدٌ خَرَجَ بِهِ الْمُبَاشَرَةُ فَلَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ فَعَفْوُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا لَا يُسْقِطُ الْآخَرَ، فَلَوْ قَطَعَ طَرَفَ عَبْدٍ فَعَتَقَ فَحَزَّ رَقَبَتَهُ فَقِصَاصُ الطَّرَفِ لِلسَّيِّدِ وَالنَّفْسِ لِلْوَرَثَةِ قَوْلُهُ: (أَوْ عَفَا) أَيْ وَارِثُهُ أَوْ أَنَّ مِنْ وَاقِعَةٌ عَلَى الْوَارِثِ قَوْلُهُ: (فَلَا قَطْعَ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ.   [حاشية عميرة] قَطْعًا. قَوْلُهُ: (إلَى النَّفْسِ) أَمَّا السِّرَايَةُ إلَى الْعُضْوِ فَسَتَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَا نَفْسَ) شَرْطُ هَذَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعُضْوُ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ، فَلَوْ أَجَافَهُ فَعَفَا عَنْ قَوَدِهَا ثُمَّ سَرَتْ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ لِأَنَّهُ عَفَا عَنْ قَوَدِ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ قَوْلُهُ: (اتِّفَاقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَمْ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ الزِّيَادَةُ) أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا بِالْعَفْوِ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا لَوْ تَعَرَّضَ فَكَمَا سَيَأْتِي، قَوْلُهُ: (فِي عَفْوِهِ) أَيْ إذَا كَانَ بِلَفْظِ إبْرَاءٍ أَوْ إسْقَاطٍ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي عَنْ الشَّارِحِ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ كَانَ الْعَفْوُ عَمَّا يَحْدُثُ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ تُصَحَّحْ الْوَصِيَّةُ إلَخْ) . كَذَا هُوَ فِي الرَّافِعِيِّ وَسَكَتُوا عَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ لِوُضُوحِ حُكْمِهِ وَهُوَ سُقُوطُ الدِّيَةِ بِكَمَالِهَا إنْ وَفَّى بِهَا الثُّلُثَ سَوَاءٌ صَحَّحْنَا الْإِبْرَاءَ عَمَّا لَمْ يَجِبْ أَمْ لَا هَذَا مَا تَبَيَّنَ لِي وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ إلَخْ) اُنْظُرْ كَيْفَ وَجَّهَ هَذَا مَعَ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) وَجْهُهُ أَنَّهُ عَفَا عَنْ الْجِنَايَةِ فِي الْحَالِ فَيَقْصُرُ أَثَرُهُ عَلَيْهِ وَهَذَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مَا سَلَفَ فِي سِرَايَةِ النَّفْسِ، فَإِنَّهُ تَجِبُ دِيَةُ السِّرَايَةِ قَطْعًا، وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِضَعْفِ الْعَفْوِ هُنَا بِوَاسِطَةِ عَدَمِ الِانْدِمَالِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ السَّابِقِ) مُرَادُهُ بِذَلِكَ الْقَوْلَانِ فِي إسْقَاطِ الشَّيْءِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَهُ قِصَاصٌ) ، مَا تَقَدَّمَ فِي عَفْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَفْسَهُ قَبْلَ السِّرَايَةِ وَهَذَا فِي عَفْوِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (بِسِرَايَةٍ) احْتَرَزَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ كَأَنْ قَطَعَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ فَإِنَّهُ إذَا عَفَا عَنْ أَحَدِهِمَا لَا يَسْقُطُ الْآخَرُ. قَوْلُهُ: (مَجَّانًا) كَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ كَانَ عَلَى عِوَضٍ. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ دِيَةٍ) اسْتَثْنَى ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ مَا إذَا كَانَ الْعَفْوُ فِي وَقْتٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 عَفَا عَنْ النَّفْسِ فَلَا قَطْعَ لَهُ) لِأَنَّ مُسْتَحَقَّهُ الْقَتْلُ وَقَدْ عَفَا عَنْهُ (أَوْ) عَفَا (عَنْ الطَّرَفِ فَلَهُ حَزُّ الرَّقَبَةِ فِي الْأَصَحِّ) لِاسْتِحْقَاقِهِ وَالثَّانِي يَقُولُ اسْتَحَقَّهُ بِالْقَطْعِ السَّارِي وَقَدْ عَفَا عَنْهُ (وَلَوْ قَطَعَهُ ثُمَّ عَفَا عَنْ النَّفْسِ مَجَّانًا فَإِنْ سَرَى الْقَطْعُ بَانَ بُطْلَانُ الْعَفْوِ) وَوَقَعَتْ السِّرَايَةُ قِصَاصًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ وَقَفَ (فَيَصِحُّ) الْعَفْوُ. (وَلَوْ وَكَّلَ) بِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ (ثُمَّ عَفَا فَاقْتَصَّ الْوَكِيلُ جَاهِلًا) عَفْوَهُ (فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ) لِعُذْرِهِ (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ دِيَةٍ وَأَنَّهَا عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ فَتَكُونُ حَالَّةً فِي الْأَصَحِّ مُغَلَّظَةً فِي الْمَشْهُورِ وَهِيَ لِوَرَثَةِ الْجَانِي (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْعَافِي) لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ، وَالثَّانِي يَقُولُ نَشَأَ عَنْهُ الْغُرْمُ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَقُولُ عَفْوُهُ بَعْدَ خُرُوجِ الْأَمْرِ مِنْ يَدِهِ لَغْوٌ، وَالْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّهَا وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَلَوْ وَجَبَ) لِرَجُلٍ (قِصَاصٌ عَلَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ (فَنَكَحَهَا عَلَيْهِ جَازَ وَسَقَطَ) الْقِصَاصُ (فَإِنْ فَارَقَ قَبْلَ الْوَطْءِ رَجَعَ بِنِصْفِ الْأَرْشِ وَفِي قَوْلٍ بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلٍ) جَزَمَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِتَرْجِيحِ الْأَوَّلِ أَيْضًا وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ عَزَا تَرْجِيحَهُ لِلْبَغَوِيِّ وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ رَجَحَ الْأَوَّلُ. كِتَابُ الدِّيَاتِ جَمْعُ دِيَةٍ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ وَاوٍ فَاءِ الْكَلِمَةِ يُقَالُ وَدَيْت الْقَتِيلَ أَعْطَيْت دِيَتَهُ وَبَيَانُهَا يَأْتِي (فِي قَتْلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِائَةُ بَعِيرٍ مُثَلَّثَةٌ فِي الْعَمْدِ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً أَيْ حَامِلًا) لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ (وَسَوَاءٌ أَوْجَبَ) الْقِصَاصَ فَعَفَا عَنْ الدِّيَةِ أَمْ لَمْ يُوجِبْهُ كَقَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ، وَالْبَعِيرُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْخَلِفَةُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ (وَمُخَمَّسَةٌ فِي الْخَطَأِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَطَعَهُ ثُمَّ عَفَا إلَخْ) أَيْ لَوْ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِقَطْعِ طَرَفِهِ سِرَايَةً فَقَطَعَ وَلِيُّهُ طَرَفَهُ الْجَانِي وَعَفَا عَنْ نَفْسِهِ، فَسَرَى هَذَا الْقَطْعُ إلَى نَفْسِ الْجَانِي وَمَاتَ بِهِ تَبَيَّنَ بُطْلَانَ الْعَفْوِ عَنْ نَفْسِ الْجَانِي وَيَقَعُ مَوْتُهُ بِالسِّرَايَةِ قِصَاصًا عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (مَجَّانًا) . لَيْسَ قَيْدًا وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الْعَفْوُ بِعِوَضٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ وَيَلْزَمُ رَدُّهُ إنْ كَانَ قَبَضَ قَوْلُهُ: (وَوَقَعَتْ السِّرَايَةُ قِصَاصًا) لِأَنَّ السَّبَبَ وُجِدَ قَبْلَهُ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الْعَفْوُ قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْعَفْوُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْرِ قَطْعُ طَرَفِ الْجَانِي إلَى نَفْسِهِ بَلْ اسْتَمَرَّ حَيًّا صَحَّ الْعَفْوُ عَنْهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي مُقَابَلَةِ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيمَا بَقِيَ لَا فِيمَا اسْتَوْفَى قَوْلُهُ: (لِعُذْرِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُقَصِّرٍ فِيهِ فَلَا يَرِدُ قَتْلُ الْمُبَادِرِ مِنْ الْوَرَثَةِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْإِذْنِ وَلَا قَتْلُ مَنْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا لِعَدَمِ التَّثَبُّتِ فَهُمَا مُقَصِّرَانِ وَلِذَلِكَ لَوْ قَصَّرَ الْوَكِيلُ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِالْعَفْوِ مَنْ وَثِقَ بِهِ وَلَوْ نَحْوَ فَاسِقٍ لَزِمَهُ الْقَوَدُ قَطْعًا لِعَدَمِ جَهْلِهِ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ: (فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ دِيَةٍ) وَإِنْ تَمَكَّنَ الْمُوَكِّلُ مِنْ إعْلَامِهِ بِالْعَفْوِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَوْلُهُ: (مُغَلَّظَةً) فَهِيَ دِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِهِ قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) فَالتَّعْبِيرُ بِالْأَظْهَرِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لَكِنَّهُ تَغْلِيبٌ قَوْلُهُ: (قِصَاصٌ عَلَيْهَا) أَيْ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ غَيْرِهِمَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الزَّوْجِ بِغَيْرِ الْقَتْلِ أَوْ عَلَى مُوَرِّثِهِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ صَحَّ النِّكَاحُ وَالصَّدَاقُ وَخَرَجَ بِالْقِصَاصِ مَا لَوْ لَزِمَهَا لَهُ دِيَةٌ فَنَكَحَهَا عَلَيْهَا فَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَفْسُدُ الصَّدَاقُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا وَسَوَاءٌ فِي الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ وَالرَّقِيقَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الزَّوْجِ، فَسَرَى إلَيْهِ وَمَاتَ فَمَا زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (رَجَعَ بِنِصْفِ الْأَرْشِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. كِتَابُ الدِّيَاتِ أَخَّرَهَا عَنْ الْقِصَاصِ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ كَمَا مَرَّ وَجَمَعَهَا بِاعْتِبَارِ الْأَشْخَاصِ أَوْ بِاعْتِبَارِ النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُكُومَةَ أَوْ الْأَرْشَ تُسَمَّى دِيَةً وَهُوَ الْأَصَحُّ فَهِيَ شَرْعًا الْمَالُ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى حُرٍّ فِي نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَغَلَبَهَا عَلَى الْقِيمَةِ فِي غَيْرِ الْحُرِّ لِشَرَفِهَا قَوْلُهُ: (وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ وَاوٍ فَاءِ الْكَلِمَةِ) فَأَصْلُهَا وِدْيِ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ كَوَعْدٍ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدْيِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ دَفْعُ الدِّيَةِ قَوْلُهُ: (فِي قَتْلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) أَيْ الْمَعْصُومِ لَا الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْأَمْرِ لِأَنَّهُمَا مُهْدَرَانِ وَإِنْ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِيهِمَا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مِثْلَهُمَا كَمَا فِي الْمُرْتَدِّ لِمِثْلِهِ. قَوْلُهُ: (خَلِفَةً) جَمْعُهَا خِلَفٌ بِكَسْرٍ ثُمَّ فَتْحٍ أَوْ خَلَفَاتٌ مِنْ لَفْظِهَا أَوْ حَوَامِلَ مِنْ   [حاشية عميرة] لَا يُمْكِنُ مَعَهُ إعْلَامُ الْوَكِيلِ قَبْلَ صُدُورِ الْقَتْلِ قَالَ فَالْعَفْوُ لَغْوٌ وَلَا ضَمَانَ لَكِنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا الْقَوْلَيْنِ، قَوْلُهُ: (وُجُوبُ الدِّيَةِ) لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، قَوْلُهُ: (وَهِيَ لِوَرَثَةِ الْجَانِي) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعَافِيَ لَوْ عَفَا عَنْ مَالٍ لِمَ لَمْ يَسْتَحِقَّ الَّذِي عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِوَرَثَةِ الْجَانِي، قَوْلُهُ: (لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ) لِأَنَّهُ عَامِدٌ فِي فِعْلِهِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْقِصَاصَ سَقَطَ لِلشُّبْهَةِ وَعِلَّةُ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ فَعَلَ مُعْتَقِدًا الْإِبَاحَةَ قَوْلُهُ: (جَازَ) أَمَّا النِّكَاحُ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَلِأَنَّ مَا جَازَ الصُّلْحُ عَنْهُ صَحَّ جَعْلُهُ صَدَاقًا. [كِتَابُ الدِّيَاتِ] ِ أَخَّرَهَا عَنْ الْقِصَاصِ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ، قَوْلُهُ: (فِي قَتْلِ الْحُرِّ) خَرَجَ الرَّقِيقُ فَإِنَّهُ غَلَبَ فِيهِ الْمَالِيَّةُ فَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ، قَوْلُهُ: (خِلْفَةً) فِي الْحَدِيثِ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ تَأْكِيدٌ وَقِيلَ اسْمُ الْخِلْفَةِ يَقَعُ أَيْضًا عَلَى الَّتِي وَلَدَتْ وَمَعَهَا أَوْلَادُهَا اهـ. ثُمَّ قِيلَ جَمْعُهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 عِشْرُونَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَكَذَا بَنَاتُ لَبُونٍ وَبَنُونَ لَبُونٍ وَحِقَاقٌ وَجِذَاعٌ) جَمْعُ حِقَّةٍ وَجَذَعَةٍ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ بِذَلِكَ (فَإِنْ قَتَلَ خَطَأً فِي حَرَمِ مَكَّةَ أَوْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا (وَالْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ أَوْ مَحْرَمًا ذَا رَحِمٍ) كَالْأُمِّ وَالْأُخْتِ (فَمُثَلَّثَةٌ) لِعِظَمِ حُرْمَةِ الثَّلَاثَةِ لِمَا وَرَدَ فِيهَا، وَلَا يُلْحَقُ بِحَرَمِ مَكَّةَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ وَلَا الْإِحْرَامُ وَلَا بِالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ رَمَضَانُ وَلَا أَثَرَ لِمَحْرَمِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَلَا لِقَرِيبٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ كَوَلَدِ الْعَمِّ (وَالْخَطَأُ وَإِنْ تَثَلَّثَ) دِيَةٌ بِمَا ذُكِرَ (فَعَلَى الْعَاقِلَةِ) دِيَتُهُ (مُؤَجَّلَةٌ) لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا (وَالْعَمْدُ) فِي دِيَتِهِ (عَلَى الْجَانِي مُعَجَّلَةٌ) عَلَى قِيَاسِ إبْدَالِ الْمُتْلَفَاتِ (وَشِبْهُ الْعَمْدِ) أَيْ دِيَتُهُ (مُثَلَّثَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُؤَجَّلَةٌ) التَّثْلِيثُ لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ، وَالْبَاقِي لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا. (وَلَا يُقْبَلُ مَعِيبٌ) بِمُثْبَتِ الرَّدِّ فِي الرَّدِّ فِي الْبَيْعِ (وَمَرِيضٌ إلَّا بِرِضَاهُ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ   [حاشية قليوبي] غَيْرِ لَفْظِهَا وَمِنْ كَلَامِهِ يُعْلَمُ اعْتِبَارُ كَوْنِ الْمِائَةِ إنَاثًا قَوْلُهُ: (جَمْعُ حِقَّةٍ وَجَذَعَةٍ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُمَا جَمْعَانِ لِمُؤَنَّثٍ، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا نَصُّهُ أَنَّ الْأَوَّلَ جَمْعٌ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَأَنَّ الثَّانِيَ جَمْعٌ لِلْمُذَكَّرِ فَقَطْ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى اعْتِبَارِ كَوْنِهَا إنَاثًا فَلَا تُجْزِئُ الذُّكُورُ إلَّا ابْنُ اللَّبُونِ فِي الْمُخَمَّسَةِ انْتَهَى، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ النَّظَرِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ كَوْنِهَا الدِّيَةَ إنَاثًا لَا يَقْتَضِي خُرُوجَ الشَّارِحِ عَنْ نَهْجِ اللُّغَةِ إلَى الْخَطَأِ الْمُحْصَنِ فِيهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قُتِلَ) أَوْ قُطِعَ أَوْ جُرِحَ لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَحْرَارِ كَمَا يَأْتِي وَكَذَا فِي الْمَعَانِي. قَوْلُهُ: (فِي حَرَمِ مَكَّةَ) وَلَوْ بِقَطْعِ هَوَائِهِ بِالسَّهْمِ وَإِنْ مَاتَ خَارِجَهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا يُغَلِّظُ مُطْلَقًا، وَالتَّغْلِيظُ فِي هَذَا خَاصٌّ بِكَوْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُسْلِمًا. قَوْلُهُ: (أَوْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ) وَلَوْ بِقَطْعِ السَّهْمِ لِبَعْضِهَا عَلَى مَا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (ذِي الْقَعْدَةِ) وَهُوَ أَوَّلُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَهِيَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَيُغَلِّظُ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ، وَلَا تَغْلِيظَ فِي الْعَبْدِ قَتْلًا أَوْ جُرْحًا وَلَا فِي قَتْلِ الْجَنِينِ بِالْحَرَمِ وَلَا تَغْلِيظَ فِي الْحُكُومَاتِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُحَرَّمِ) خُصَّ بِوَصْفِ التَّحْرِيمِ لِمَا قِيلَ: إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ فِيهِ الْجَنَّةَ عَلَى إبْلِيسَ وَقِيلَ: لِأَنَّ أَوَّلَ تَحْرِيمِ الْقِتَالِ وَقَعَ فِيهِ وَأَلْ فِيهِ لِلَمْحِ الصِّفَةِ وَخُصَّتْ بِهِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ كَأَنَّهُ قِيلَ: الشَّهْرُ الْمَعْرُوفُ نُسُكُهُ إلَخْ، وَأُضِيفَ إلَى اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا يُقَالُ: شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ لِمَا ذَكَرَ وَلِأَنَّهُ اسْمٌ إسْلَامِيٌّ وَكَانَ يُسَمَّى قَبْلَ ذَلِكَ صَفَرًا. الْأَوَّلُ قَالَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ. قَوْلُهُ: (مَحْرَمًا ذَا رَحِمٍ) لَوْ قَالَ مَحْرَمَ رَحِمٍ بِالْإِضَافَةِ كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى لِيَخْرُجَ بِهِ نَحْوُ بِنْتِ عَمٍّ هِيَ أُمُّ زَوْجَتِهِ أَوْ مُرْضِعَتُهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا أَثَرَ لِمَحْرَمِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ) وَلَوْ مَعَ الْقَرَابَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مُؤَجَّلَةً) بِالنَّصْبِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ الظَّرْفِ وَقِيلَ بِالرَّفْعِ خَبَرٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ دِيَتُهُ) لَمْ يَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْخَطَأِ مَعَ أَنَّهُ الْمُرَادُ لِمَكَانِ الشَّرْطِ عَقَّبَهُ الْمَانِعَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (لِمَا سَيَأْتِي) وَهُوَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ اقْتَتَلَتَا فَخَذَفَتْ بِالْخَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ أَيْ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا أَخْذًا مِنْ لَفْظِ الْخَذْفِ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» أَيْ الْقَاتِلَةِ، وَقَتْلُهَا شِبْهُ عَمْدٍ كَمَا عُلِمَ فَفِي الْخَطَأِ أَوْلَى وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الْقَبَائِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقُومُونَ بِنُصْرَةِ الْجَانِي مِنْهُمْ وَيَمْنَعُونَ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ مِنْ أَخْذِ حَقِّهِمْ فَأَبْدَلَ الشَّرْعُ تِلْكَ النُّصْرَةَ بِبَذْلِ الْمَالِ وَخَصَّ تَحْمِيلَهُمْ بِغَيْرِ الْعَمْدِ لِكَثْرَتِهِ خُصُوصًا مِمَّنْ يَتَعَاطَى الْأَسْلِحَةَ فَحَسُنَتْ إعَانَتُهُ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِمَا هُوَ مَعْذُورٌ فِيهِ وَأُجِّلَتْ عَلَيْهِمْ رِفْقًا بِهِمْ.   [حاشية عميرة] خِلَفٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَقِيلَ مَخَاضٌ عَلَى غَيْرِ لَفْظِهِ كَالْمَرْأَةِ تُجْمَعُ عَلَى نِسَاءٍ. قَوْلُهُ: (فِي الْخَطَأِ) وَلَوْ بِفِعْلِ صَبِيٍّ عَمْدًا إذَا جَعَلْنَا عَمْدَهُ خَطَأً وَجَوَّزَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ يُغَلَّظَ بِالتَّثْلِيثِ قَالَ غَلَّظَ بِهِ الْخَطَأَ الْحَقِيقِيَّ عِنْدَ حُصُولِهِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ مَثَلًا، قَوْلُهُ: (جَمْعُ حَقَّةٍ وَجَذَعَةٍ) يُرِيدُ أَنَّ الذَّكَرَ مِنْهُمَا لَا يُجْزِئُ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ قِيلَ خَطَأٌ) خَرَجَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ تَغْلِيظُهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُكَبَّرَ لَا يُكَبَّرُ كَمَا فِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ لَا يُطْلَبُ فِيهَا تَثْلِيثٌ، قَوْلُهُ: (فِي حَرَمِ مَكَّةَ) سَبَبُ التَّغْلِيظِ فِيهِ تَأْمِينُهُ لِدَاخِلِهِ فَإِذَا غَلَّظَ عَلَى الْأُمَّةِ فِي شَأْنِ طَيْرِهِ وَصَيْدِهِ، فَالضَّمَانُ بِالْآدَمِيِّ أَوْلَى بِالتَّغْلِيظِ قَوْلُهُ: (ذِي الْقَعْدَةِ إلَخْ) . قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْأَخْبَارُ تَظَافَرَتْ بَعْدَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافُ مَنْ بَدَأَ بِالْمُحَرَّمِ لِتَكُونَ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ. وَاخْتَصَّ الْمُحَرَّمَ بِالتَّعْرِيفِ لِكَوْنِهِ أَوَّلَ السَّنَةِ فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا هَذَا الَّذِي يَكُونُ دَائِمًا أَوَّلَ الْعَامِ. قَوْلُهُ: (الْمَدِينَةُ) قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إلَّا إنْ قُلْنَا بِضَمَانِ صَيْدِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ ضَمِنَا لِاخْتِصَاصِ مَكَّةَ بِالنُّسُكِ، قَوْلُهُ: (لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا) مِنْهُ إنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ مُرَدَّدٌ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، فَأَعْطَى حُكْمَ هَذَا مِنْ جَانِبٍ وَحُكْمَ الْآخَرِ مِنْ جَانِبٍ وَحَدِيثُ الْحَامِلِ الَّتِي مَاتَتْ بِرَمْيَةِ الْحَجَرِ. قَوْلُهُ: (بِمُثْبِتِ الرَّدِّ) إنَّمَا أُلْحِقَتْ بِهِ لِأَنَّهَا تُشْبِهُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا عِوَضًا عَنْ شَيْءٍ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةَ مَثَلًا، قَوْلُهُ: (وَمَرِيضٌ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ نَبَّهَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ صِحَّةُ أَخْذِهِ مِنْ الْإِبِلِ الْمِرَاضِ كَالزَّكَاةِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَعِيبَ بِغَيْرِ الْمَرَضِ كَذَلِكَ يُؤْخَذُ فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 بِذَلِكَ بَدَلًا عَنْ حَقِّهِ فِي الذِّمَّةِ السَّالِمِ مِنْ الْعَيْبِ وَالْمَرَضِ (وَيَثْبُتُ حَمْلُ الْخَلِفَةِ بِأَهْلِ خِبْرَةٍ) أَيْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ (وَالْأَصَحُّ إجْزَاؤُهَا قَبْلَ خَمْسِ سِنِينَ) وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ أَنَّ النَّاقَةَ لَا تَحْمِلُ قَبْلَهَا، وَالثَّانِي اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةً لِخِلَافِ قَوْلَيْنِ (وَمَنْ لَزِمَتْهُ) الدِّيَةُ مِنْ الْعَامِلَةِ أَوْ الْجَانِي (وَلَهُ إبِلٌ فِيهَا) تُؤْخَذُ (وَقِيلَ مِنْ غَالِبِ إبِلِ بَلَدِهِ) إنْ كَانَتْ إبِلُهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَمِثْلُ الْبَلَدِ الْقَبِيلَةُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إبِلٌ (فَغَالِبِ) بِالْجَرِّ إبِلِ (بَلْدَةِ بَلَدِيٍّ أَوْ قَبِيلَةِ بَدَوِيٍّ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلْدَةِ أَوْ الْقَبِيلَةِ إبِلٌ (فَأَقْرَبِ) بِالْجَرِّ (بِلَادٍ) أَيْ فَمِنْ غَالِبِ إبِلِ الْأَقْرَبِ وَيَلْزَمُهُ النَّقْلُ إنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ فَإِنْ بَعُدَتْ بِأَنْ كَانَتْ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَعَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ وَالْمَشَقَّةُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَسَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ بِالْإِبِلِ (وَلَا يَعْدِلُ إلَى نَوْعٍ وَقِيمَةٍ إلَّا بِتَرَاضٍ) فَيَجُوزُ الْعُدُولُ بِهِ قَالَ فِي الْبَيَانِ هَكَذَا أَطْلَقَهُ وَلْيَكُنْ مَبْنِيًّا عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ إبِلِ الدِّيَةِ أَيْ وَالْأَصَحُّ مَنْعُهُ لِجَهَالَةِ صِفَتِهَا. (وَلَوْ عُدِمَتْ) الْإِبِلُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِبُ تَحْصِيلُهَا مِنْهُ أَوْ وُجِدَتْ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ (فَالْقَدِيمُ) الْوَاجِبُ (أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ) فِضَّةً. لِحَدِيثٍ بِذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ (وَالْجَدِيدُ) الْوَاجِبُ (قِيمَتُهَا) بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ يَوْمَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ (بِنَقْدِ بَلَدِهِ) الْغَالِبِ (وَإِنْ وَجَبَ بَعْضٌ) مِنْهَا (أَخَذَ قِيمَةَ الْبَاقِي   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ الْأَهْلُ وَعَطْفُ الْمَرِيضِ خَاصٌّ قَوْلُهُ: (بِأَهْلِ خِبْرَةٍ) أَيْ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَيَكْفِي تَصْدِيقُ الْمُسْتَحِقِّ بِأَنَّهَا حَوَامِلُ، فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْحَمْلِ رَدَّهَا وَأَخَذَ بَدَلَهَا، وَلَوْ مَاتَتْ وَتَنَازَعَا فِي أَنَّهَا حَوَامِلُ شُقَّ جَوْفُهَا فَإِنْ ظَهَرَ عَدَمُ الْحَمْلِ فَكَمَا مَرَّ، فَإِنْ ادَّعَى الدَّافِعُ إسْقَاطَهَا عِنْدَ الْأَخْذِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَخَذَتْ بِتَصْدِيقِ الْآخِذِ فِي حَمْلِهَا أَوْ بِعَدْلَيْنِ بِهِ وَأَمْكَنَ وَإِلَّا صَدَقَ بِلَا يَمِينٍ قَوْلُهُ: (بَلْ خَمْسُ سِنِينَ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ الْخَامِسَةِ مِنْهَا قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ) أَيْ الْكَامِلَةُ الْمُنْصَرِفُ إلَيْهَا الِاسْمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَبِهَا يَخْرُجُ مَنْ لَزِمَهُ الْأَرْشُ أَوْ الْقِيمَةُ أَوْ الْحُكُومَةُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ النَّقْدِ وَالْإِبِلِ قَوْلُهُ: (فَمِنْهَا) أَيْ مِنْ إبِلِهِ أَيْ مِنْ نَوْعِهَا وَلَا تَتَعَيَّنُ عَيْنُهَا بَلْ يَتَعَيَّنُ غَيْرُهَا لَوْ كَانَتْ مَعِيبَةً، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى إبِلِ بَلَدِهِ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ إبِلِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا. قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (بَلَدِهِ) أَيْ بَلَدِ إقَامَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَلَدٌ وَلَا قَبِيلَةٌ اُعْتُبِرَ غَالِبُ إبِلِ النَّاسِ، وَكَذَا لَوْ وَجَبَتْ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ جِهَةَ الْإِسْلَامِ لَا تَخْتَصُّ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ بِوُجُوبِ الْقِيمَةِ فِي هَذِهِ مَرْدُودٌ. قَوْلُهُ: (فَأَقْرَبُ بِلَادٍ) فَلَا يُعْتَبَرُ قُرْبُ الْقَبِيلَةِ فِي الْبَلَدِ وَعَكْسُهُ وَلَوْ اسْتَوَى إلَيْهِ بُلْدَانٌ وَلَمْ يَخْتَلِفْ نَوْعُ الْغَالِبِ فِيهِمَا تَخَيَّرَا كَذَا قَالَ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مَعَ اتِّحَادِ نَوْعِ الْغَالِبِ فِي إبِلِ الْبَلَدَيْنِ لَا يُتَصَوَّرُ التَّخْيِيرُ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُخْرِجُهُ مُسَاوٍ لِكُلٍّ مِنْ النَّوْعَيْنِ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ التَّخْيِيرُ إذَا اخْتَلَفَ نَوْعُ الْغَالِبِ فِي الْبَلَدَيْنِ وَالتَّخْيِيرُ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَعَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ وَالْمَشَقَّةُ) قَالَ شَيْخُنَا هُمَا عَطْفٌ عَلَى بَعُدَتْ وَبِهِ يَعْلَمُ اجْتِمَاعَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ أَحَدُهَا كَافٍ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ بِهَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَجْعَلُ عَظَمَةَ الْمُؤْنَةِ أَوْ الْمَشَقَّةِ ضَابِطًا لِلْبُعْدِ ثُمَّ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْنَةِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قِيمَتِهَا وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ بَذْلُهُ عَادَةً فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَبِالْمَشَقَّةِ مَا لَا يُحْتَمَلُ تَكَلُّفُهُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَلَا يَعْدِلُ إلَى نَوْعٍ) وَلَوْ أَعْلَى قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ مَنْعُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأُخِذَ مِنْ التَّعْلِيلِ بِجَهَالَةِ صِفَتِهَا جَوَازُ الصُّلْحِ عَنْهَا إذَا عَلِمَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ وَعِلْمُهَا بِمَا يَأْتِي فِي أَخْذِ قِيمَتِهَا عَلَى الْجَدِيدِ. قَوْلُهُ: (بِأَكْثَرَ إلَخْ) لَعَلَّهُ بِقَدْرٍ لَا يُتَغَابَنُ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ اثْنَا عَشَرَ) هِيَ لِلتَّنْوِيعِ فَالذَّهَبُ مِنْ أَهْلِهَا وَالْفِضَّةُ مِنْ أَهْلِهِ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْأَهْلِ فِيهِمَا قَوْلُهُ: (وَالْجَدِيدُ قِيمَتُهَا) أَيْ إنْ لَمْ يَصْبِرْ الْمُسْتَحِقُّ إلَى وُجُودِهَا. قَوْلُهُ: (بِنَقْدِ بَلَدِهِ الْغَالِبِ) اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى بَلَدِهِ لِأَنَّهُ الْمُتَصَوَّرُ إذْ اعْتِبَارُ غَيْرِهِ إنَّمَا يُوجَدُ عِنْدَ وُجُودِ الْإِبِلِ فِيهِ، فَقَوْلُ شَيْخِنَا الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِنَقْدِ مَحَلِّ الْوُجُوبِ لِيَشْمَلَ غَيْرَ بَلَدِهِ كَمَا فَعَلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيمَةُ الْبَاقِي) سَوَاءٌ كَانَ الْبَعْضُ الْمَوْجُودُ مِنْ إبِلِهِ أَوْ إبِلِ بَلَدِهِ أَوْ إبِلِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ، فَإِنْ وُجِدَ بَعْضٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا فَإِنْ اتَّحَدَ نَوْعُهَا فَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُ الْإِتْمَامُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ إنْ   [حاشية عميرة] الزَّكَاةِ مِنْ مِثْلِهِ، قَوْلُهُ: (فِي الذِّمَّةِ) كَالْمُسْلَمِ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الزَّكَاةِ فِي أَخْذِ الْمَرِيضِ مِنْ الْمِرَاضِ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ، قَوْلُهُ: (بِأَهْلِ خِبْرَةٍ) إلْحَاقًا لِذَلِكَ بِالتَّقْوِيمِ، قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ إجْزَاؤُهَا إلَخْ) أَيْ لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهَا: قَوْلُهُ: (فَمِنْهَا) أَيْ تَيْسِيرًا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَالِبِ إبِلِ بَلَدِهِ) أَيْ لِأَنَّهَا عِوَضُ مُتْلِفٍ فَاعْتُبِرَ الْغَالِبُ لَا بَلَدُ الْمُتْلِفِ. قَوْلُهُ: (فَأَقْرَبَ) كَمَا فِي الْفِطْرَةِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَعْدِلُ إلَى نَوْعٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ أَعْلَى وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَكِنْ نَقَلَ النَّصَّ عَنْ الْأَجْزَاءِ فِيهِ وَنَسَبَ لِجَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَوْلُهُ: (هَكَذَا أَطْلَقُوهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ فَيَجُوزُ. قَوْلُهُ: (فَالْقَدِيمُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ أَيْ الدَّنَانِيرُ عَلَى أَهْلِهَا وَالْوَرِقُ عَلَى أَهْلِهِ فَأَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّنْوِيعِ، قَوْلُهُ: (أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ) ، قَضِيَّتُهُ أَنَّ الدِّينَارَ يُقَابِلُهُ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ) لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ، قَوْلُهُ: (بِنَقْدِ بَلَدِهِ) أَيْ كَمَا فِي الْمُتْلَفَاتِ قَوْلُهُ: (أُخِذَ) لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ. قَوْلُهُ: (وَقِيمَةُ) أَيْ عَلَى الْجَدِيدِ وَعَلَى الْقَدِيمِ قِسْطُهُ مِنْ النَّقْدِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى) فِي الدِّيَةِ (كَنِصْفِ) دِيَةِ (رَجُلٍ نَفْسًا وَجُرْحًا) بِضَمِّ الْجِيمِ. رَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ: «دِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ» وَأَلْحَقَ بِنَفْسِهَا جُرْحَهَا وَبِهَا الْخُنْثَى نَفْسًا وَجُرْحًا؛ لِأَنَّ زِيَادَتَهُ عَلَيْهَا مَشْكُوكٌ فِيهَا. (وَ) دِيَةُ (يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ ثُلُثُ) دِيَةِ (مُسْلِمٍ) أَخْذًا عَنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَرَضَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ» . رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ وَقَالَ بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (وَ) دِيَةُ (مَجُوسِيٍّ ثُلُثُ عُشْرِ) دِيَةِ (مُسْلِمٍ) كَمَا قَالَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِخُمُسِ دِيَةِ الذِّمِّيِّ وَهُوَ مَنْ لَهُ كِتَابٌ وَدِينٌ كَانَ حَقًّا وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَمُنَاكَحَتُهُ، وَيُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِيِّ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ إلَّا الْخَامِسُ، فَكَانَتْ دِيَتُهُ خُمُسَ دِيَتِهِ (وَكَذَا وَثَنِيٌّ) أَيْ عَابِدُ وَثَنٍ بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ صَنَمٍ (لَهُ أَمَانٌ) بِأَنْ دَخَلَ لَنَا رَسُولًا فَقُتِلَ وَمِثْلُهُ عَابِدُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَيْ دِيَتُهُ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ، وَالْمَرْأَةُ فِي الْأَرْبَعَةِ عَلَى النِّصْفِ مِمَّا ذُكِرَ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْإِسْلَامُ) وَقُتِلَ (إنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ فَدِيَةُ دِينِهِ) دِيَتُهُ، وَقِيلَ دِيَةُ مُسْلِمٍ لِعُذْرِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ بُدِّلَ (فَكَمَجُوسِيٍّ) دِيَتُهُ، وَقِيلَ دِيَةُ ذَلِكَ الدِّينِ.   [حاشية قليوبي] كَانَ أَعْلَى، وَإِلَّا رَجَعَ إلَى الْقِيمَةِ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْجَدِيدِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَدِيمِ فَيُؤْخَذُ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّقْدِ الْمَذْكُورِ وَهَلْ الْقِسْطُ بِاعْتِبَارِ عَدَدِ الْمِائَةِ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ وَالْمَعْدُومِ لَوْ جُمِعَتْ، أَوْ بِاعْتِبَارِ نَقْصِ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ عَنْ الْأَلْفِ حَتَّى لَوْ سَاوَاهُ، فَلَا شَيْءَ رَاجِعْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ) أَيْ الْأُنْثَى وَهِيَ مُبْتَدَأٌ وَالظَّرْفُ بَعْدَهَا الْخَبَرُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَالْخُنْثَى عَطْفٌ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (نَفْسًا وَجُرْحًا) وَطَرَفًا وَمَعْنًى. نَعَمْ فِي حَلَمَةِ الْخُنْثَى وَمَذَاكِيرِهِ وَشَفْرَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ دِيَةِ امْرَأَةٍ وَحُكُومَةِ كُلٍّ مِنْهَا قَوْلُهُ: (وَدِيَةُ يَهُودِيٍّ إلَخْ) أَيْ لَهُ كِتَابٌ وَدِينٌ يُقِرُّ عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ وَيَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَمَانٌ، وَأَنْ تَحِلَّ مُنَاكَحَتُهُ وَإِلَّا هَدَرٌ فِي الْأَوَّلِ وَوَجَبَ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ فِي الثَّانِي وَيُقَاسُ بِالدِّيَةِ غَيْرُهَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِي الثَّانِي نَظَرٌ لِأَنَّ الدِّيَةَ مُعْتَبَرَةٌ بِأَغْلَظِ الْأَصْلِ كَمَا يَأْتِي، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لَفْظَ يَهُودِيٍّ وَمَا بَعْدَهُ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى الْمَرْأَةِ وَأَخْرَجَهُ الشَّارِحُ عَنْ إعْرَابِهِ بِتَقْدِيرِ لَفْظِ دِيَةٍ قَبْلَهُ، وَهُوَ مَعِيبٌ وَقِيلَ عُذْرُهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ عَنْهُ بِمَا بَعْدَهُ، وَأَوْجَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي نَحْوِ الْيَهُودِيِّ نِصْفَ دِيَةِ مُسْلِمٍ، وَأَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيهِ دِيَةَ مُسْلِمٍ كَامِلَةً، وَأَوْجَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ دِيَةَ الْمُسْلِمِ فِي الْعَمْدِ وَنِصْفَهَا فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ. قَوْلُهُ: (ثُلُثُ عُشْرِ) الْأَخْصَرُ ثُلُثُ خُمُسِ مُسْلِمٍ قَالَ الْخَطِيبُ لِعَدَمِ تَكْرَارِ الثُّلُثِ وَتَصْوِيبِ الْحِسَابِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الذِّمِّيُّ قَوْلُهُ: (أَيْ صَنَمٌ) وَقِيلَ الْوَثَنُ مَا يَكُونُ مِنْ نَحْوِ نُحَاسٍ وَالصَّنَمُ مَا يَكُونُ مِنْ حَجَرٍ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَالْكَوَاكِبُ لَا تُسَمَّى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ اتَّحَدَ حُكْمُ الدِّيَةِ فِي الْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (لَهُ أَمَانٌ) لَمَّا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ رُجُوعَهُ لِلْوَثَنِيِّ وَحْدَهُ، قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى كَمَا مَرَّ فِي الْمُسْلِمِ. قَوْلُهُ: (إنْ تَمَسَّكَ) أَيْ يَقِينًا فَإِنْ شَكَّ هَلْ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ أَوْ لَا فَهَدَرٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (بِدَيْنٍ لَمْ يُبَدَّلْ) أَيْ عِنْدَ أَهْلِهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ اعْتِقَادِهِ بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ نَاسِخٌ لَهُ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ دِيَةِ مُسْلِمٍ) فَالتَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ دِيَةُ ذَلِكَ الدَّيْنِ) وَفِيهِ طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِالْأَوَّلِ، وَلَعَلَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِالْمَذْهَبِ لِأَجْلِهَا وَجَمَعَ الْأُولَى مَعَهَا تَغْلِيبًا، وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى ذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: يَجْرِي فِي هَذِهِ الدِّيَاتِ التَّغْلِيظُ فِي الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ وَفِي الْخَطَأِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَفِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ لَا فِي الْحُرُمِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، فَفِي قَتْلِ كِتَابِيٍّ مَثَلًا عَمْدًا أَوْ ذَا رَحِمٍ أَوْ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْحِقَّاتِ وَالْجَذَعَاتِ عَشْرٌ، وَمِنْ الْخَلَفَاتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلِفَةً وَثُلُثُ خَلِفَةٍ، وَفِي قَتْلِ نَحْوِ مَجُوسِيٍّ كَذَلِكَ جَذَعَتَانِ وَحِقَّتَانِ وَخَلِفَتَانِ وَثُلُثَا خَلِفَةٍ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُتَوَلِّدِ أَكْثَرُ أُصُولِهِ دِيَةً أَبًا كَانَ أَوْ أُمًّا سَوَاءٌ حَلَّتْ مُنَاكَحَتُهُ أَوْ لَا كَمَا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ نَظَرًا لِلْمَنْعِ ابْتِدَاءً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ مُغَلِّظَاتِ الدِّيَةِ شَرَعَ فِي مُنْقِصَاتِهَا فَمِنْهَا الْأُنُوثَةُ ثُمَّ الْكُفْرُ إلَى آخِرِ مَا قَرَّرَهُ، قَوْلُهُ (نَفْسًا) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ قَوْلُهُ: (وَجُرْحًا) أَيْ بِالْقِيَاسِ [دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ] قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةُ آلَافٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَاعْتُبِرَ الثُّلُثُ فِي الدَّرَاهِمِ فَقِسْنَا عَلَيْهِ الْإِبِلَ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى إيجَابِ دِيَةِ مُسْلِمٍ وَمَالِكٌ إلَى إيجَابِ النِّصْفِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الثُّلُثَ فَأَخَذَ بِهِ الشَّافِعِيُّ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ دَلِيلَ إيجَابِ الْإِبِلِ فِيهِ الْإِجْمَاعُ، قَوْلُهُ: (أَيْضًا أَرْبَعَةُ آلَافٍ) وَأَمَّا إيجَابُ الْإِبِلِ فِيهِ فَدَلِيلُهُ الْإِجْمَاعُ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِمَّا قِيلَ، قَوْلُهُ: (وَيُعَبِّرُ عَنْ ذَلِكَ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى الْقِيَاسِ الَّذِي ثَبَتَ بِهِ الْحُكْمُ الْمُعْتَضَدُ بِقَوْلِ الصَّحَابَةِ، قَوْلُهُ: (أَيْ عَابِدُ وَثَنٍ) . تَنْبِيهٌ: الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ مُخْتَلِفِي الدِّيَةِ يُلْحَقُ بِأَغْلَظِهِمَا قِيلَ وَيَشْكُلُ بِالْخُنْثَى حَيْثُ أُلْحِقَ بِالْمَرْأَةِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَلَا يُقَالُ وَثَنٌ إلَّا لِمَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ صَخْرَةٍ كَالنُّحَاسِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لَهُ أَمَانٌ) ظَاهِرُهُ عَوْدُهُ إلَى الْوَثَنِيِّ فَقَطْ، وَيَنْبَغِي عَوْدُهُ إلَى الْكُلِّ، قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَكَمَجُوسِيٍّ) اعْلَمْ أَنَّ عُمُومَ هَذَا الْكَلَامِ كَمَا يَشْمَلُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ يَشْمَلُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ أَصْلًا وَفِيهِ طَرِيقَانِ إحْدَاهُمَا قَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا وُجُوبُ الْأَخَسِّ وَالثَّانِي دِيَةُ مُسْلِمٍ وَالثَّانِيَةُ الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمَذْهَبِ صَحِيحٌ بِالنَّظَرِ لِهَذَا فَيَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي غَيْرِهِ أَوْجَهُ وَيَقِي مِنْ الْمُنَقِّصَاتِ الرِّقُّ وَالِاجْتِنَانُ وَسَيَأْتِيَانِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 فَصْلٌ (فِي مُوضِحَةِ الرَّأْسِ أَوْ الْوَجْهِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ) أَيْ مِنْهُ (خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) لِحَدِيثِ «فِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالثَّلَاثَةُ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَالْبَعِيرُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (وَ) فِي (هَاشِمَةٍ مَعَ إيضَاحِ عَشَرَةٍ) ، لِمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَ فِي الْهَاشِمَةِ عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ» وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى زَيْدٍ (وَدُونَهُ) أَيْ وَفِي هَاشِمَةٍ مِنْ غَيْرِ إيضَاحٍ (خَمْسَةٌ) أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ قَبْلُ (وَقِيلَ حُكُومَةٌ) كَكَسْرِ سَائِرِ الْعِظَامِ. (وَ) فِي (مُنَقِّلَةٍ) وَهِيَ مَسْبُوقَةٌ بِهَشِمٍ وَإِيضَاحٍ (خَمْسَةَ عَشَرَ) بَعِيرًا لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَبِذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَرَوَوْا مِنْ حَدِيثِهِ مَا سَبَقَ فِي الْمُوضِحَةِ (وَ) فِي (مَأْمُومَةٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ) لِحَدِيثِ عَمْرٍو بِذَلِكَ أَيْضًا وَقِيسَ بِهَا الدَّامِغَةُ، وَقِيلَ تُزَادُ حُكُومَةٌ لِخَرْقِ الْخَرِيطَةِ وَقِيلَ فِيهَا الدِّيَةُ لِأَنَّهَا تُذَفِّفُ وَمَنَعَ ذَلِكَ (وَلَوْ أَوْضَحَ) وَاحِدٌ (فَهَشَمَ آخَرُ وَنَقَلَ ثَالِثٌ وَأَمَّ رَابِعٌ فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ خَمْسَةٌ وَالرَّابِعُ تَمَامُ الثُّلُثِ) وَهُوَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَثُلُثُ بَعِيرٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُسْلِمِ الذَّكَرِ فَالْخَمْسَةُ فِي الْمُوضِحَةِ مَثَلًا نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ، فَتُرَاعَى هَذِهِ النِّسْبَةُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَفِي مُوضِحَةِ الْمَرْأَةِ بَعِيرَانِ وَنِصْفٌ وَالذِّمِّيِّ بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ وَالْمَجُوسِيِّ ثُلُثُ بَعِيرٍ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ. (وَالشِّجَاجُ قَبْلَ الْمُوضِحَةِ) مِنْ الْحَارِصَةِ وَغَيْرِهَا الْمُتَقَدِّمِ (إنْ عُرِفَتْ نِسْبَتُهَا مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمُوضِحَةِ بِأَنْ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ مُوضِحَةٌ إذَا قِيسَ بِهَا الْبَاضِعَةُ مَثَلًا عَرَفَ أَنَّ الْمَقْطُوعَ ثُلُثٌ أَوْ نِصْفٌ فِي عُمْقِ اللَّحْمِ (وَجَبَ قِسْطٌ مِنْ أَرْشِهَا) أَيْ الْمُوضِحَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ نِسْبَتُهَا مِنْهَا، (فَحُكُومَةٌ كَجُرْحٍ فِي سَائِرِ الْبَدَنِ) أَيْ بَاقِيَةٌ كَالْإِيضَاحِ وَالْهَشْمِ وَالتَّنْقِيلِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ (وَفِي جَائِفَةٍ ثُلُثُ دِيَةٍ) حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِذَلِكَ رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي حُكْمِ وَاجِبِ مَا دُونَ النَّفْسِ فِي الْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَالْحُرِّ وَالرَّقِيقِ قَوْلُهُ: (فِي مُوضِحَةِ الرَّأْسِ) وَمِنْهُ الْبَيَاضُ خَلْفَ الْأُذُنِ هُنَا دُونَ الْوُضُوءِ لِتَعَلُّقِهِ فِيهِ بِالشَّعْرِ. قَوْلُهُ: (أَيْ مِنْهُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى مِنْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لَهَا بِالْجِنَايَةِ عَلَى غَيْرِهِ، وَلِإِفَادَةِ أَنَّ الظَّرْفَ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) لَوْ قَالَ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ صَاحِبِهَا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْخَمْسَةَ مُثَلَّثَةٌ أَوْ مُخَمَّسَةٌ كَمَا يَأْتِي، وَلَكَانَ أَعَمَّ لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ: (وَالثَّلَاثَةُ) هُمْ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ قَوْلُهُ: (وَالْبَعِيرُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى) وَهَذَا الْإِطْلَاقُ لُغَةً وَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا الْإِنَاثُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الدِّيَةِ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مَعَ إيضَاحٍ) وَلَوْ لِحَاجَةٍ إلَيْهِ لِإِخْرَاجِ الْعَظْمِ الْمَهْشُومِ، وَلَوْ وَصَلَتْ الْهَاشِمَةُ إلَى وَجْنَةٍ أَوْ فَمٍ، أَوْ الْمُوضِحَةُ إلَى أَنْفِهِ وَجَبَ مَعَ الْأَرْشِ حُكُومَةٌ أَيْضًا مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي رَأْسٍ أَوْ وَجْهٍ غَيْرُ زَائِدٍ يَقِينًا وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ حُكُومَةٌ لَا أَرْشٌ قَوْلُهُ: (أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ قَبْلُ) مِنْ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْعَشَرَةِ اجْتِمَاعُهُمَا، وَالْوَاجِبُ فِي شَيْئَيْنِ يَقْتَضِي التَّوْزِيعَ عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (فَهَشَمَ) الْوَاوُ أَوْلَى قَوْلُهُ: (وَأَمَّ رَابِعٌ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ فِعْلٌ مَاضٍ، فَلَوْ دَمَغَ خَامِسٌ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ: إنَّ الدَّامِغَةَ مُذَفِّفَةٌ فَهُوَ الْقَاتِلُ، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَعَلَى كُلٍّ مِمَّنْ قَبْلَهُ ضَمَانُ جُرْحِهِ، وَإِلَّا فَإِنْ مَاتَ بِجِرَاحَاتِهِمْ وُزِّعَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْخَمْسِ وَسَقَطَ مُقَدَّرُ الْجُرُوحِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْخَامِسِ حُكُومَةٌ فَقَطْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا كُلُّهُ إلَخْ) أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا وَتُؤْخَذُ الذُّكُورَةُ مِنْ تَذْكِيرِ لَفْظِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَسُكُوتِ الشَّارِحِ عَنْ الْحُرِّ هُنَا مَعَ ذِكْرِ الْمُسْلِمِ لَا وَجْهَ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَتُرَاعَى هَذِهِ النِّسْبَةُ إلَخْ) هُوَ صَرِيحٌ فِي اعْتِبَارِ التَّثْلِيثِ وَالتَّخْمِيسِ فَفِي الْمُوضِحَةِ عَمْدًا خَمْسُ أَبْعِرَةٍ إنَاثٍ مُثَلَّثَةٍ حِقَّةٍ، وَنِصْفٌ وَجَذَعَةٌ وَنِصْفٌ، وَخَلِفَتَانِ وَفِيهَا خَطَأٌ خَمْسٌ مُخَمَّسَةٌ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَابْنُ لَبُونٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ وَجَذَعَةٌ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَالذِّمِّيِّ) أَيْ الذَّكَرِ مَا ذَكَرَهُ وَفِي الذِّمِّيَّةِ نِصْفٌ وَثُلُثُ بَعِيرٍ، وَفِي الْمَجُوسِيَّةِ سُدُسُ بَعِيرٍ، وَانْظُرْ كَيْفَ التَّثْلِيثُ وَالتَّخْمِيسُ فِيهَا وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ) أَيْ قِيَاسُ غَيْرِ الْمُوضِحَةِ مِنْ الْهَاشِمَةِ وَغَيْرِهَا عَلَيْهَا فِي تِلْكَ النِّسْبَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إنْ عُرِفَتْ) يَقِينًا قَوْلُهُ: (وَجَبَ قِسْطٌ) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ الْحُكُومَةُ لَوْ اُعْتُبِرَتْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَإِلَّا وَجَبَتْ فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ. قَوْلُهُ: (وَفِي جَائِفَةٍ ثُلُثُ دِيَةٍ) وَكَذَا فِي دَامِغَةٍ بَلْ هِيَ مِنْهَا   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ فِي مُوضِحَةِ الرَّأْسِ أَوْ الْوَجْهِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ] فَصْلٌ فِي مُوضِحَةِ الرَّأْسِ قَوْلُهُ: (أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي شَيْئَيْنِ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ حُكُومَةٌ) عَلَى هَذَا هَلْ تَبْلُغُ أَرْشَ مُوضِحَةٍ تَرَدَّدَ فِيهِ جَوَابُ الْقَاضِي ثُمَّ قَالَ لَا يَبْلُغُ بِهَا. قَوْلُهُ: (خَمْسَةَ عَشَرَ) لَوْ نَقَلَ مِنْ غَيْرِ إيضَاحٍ فَهَلْ يَجِبُ عَشْرَةُ أَبْعِرَةٍ أَمْ حُكُومَةٌ قَالَ الرَّافِعِيّ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ يَعْنِي فِي الْهَشِمِ الْمُنْفَرِدِ عَنْ الْإِيضَاحِ. قَوْلُهُ: (فَهَشَمَ) الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (فَحُكُومَةٌ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ بِهَا أَرْشَ الْمُوضِحَةِ قَوْلُهُ: (فَفِيهِ حُكُومَةٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّيْنَ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ أَعْظَمُ لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى الْمَحَاسِنِ وَالْحَوَاسِّ وَلِئَلَّا يَلْزَمَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 (وَهِيَ جُرْحٌ يَنْفُذُ) بِالْمُعْجَمَةِ (إلَى جَوْفٍ كَبَطْنٍ وَصَدْرٍ وَثُغْرَةِ نَحْرٍ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ (وَجَبِينٍ وَخَاصِرَةٍ) أَيْ كَدَاخِلِ الْمَذْكُورَاتِ وَصَوَّرَ فِي الْجَنِينِ بِمَا نَقَلَ عَنْهُمْ مِنْ أَنَّ الْجُرْحَ النَّافِذَ مِنْهُ إلَى جَوْفِ الدِّمَاغِ جَائِفَةٌ وَوَجَّهَ بِهِ الْعُدُولَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ إلَى الْجَنْبَيْنِ الْمَفْهُومِ مِمَّا ذَكَرَ مَعَهُ وَمِنْهُ الْوَرِكُ وَلَيْسَ مِنْ الْجَوْفِ دَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ (وَلَا يَخْتَلِفُ أَرْشُ مُوضِحَةٍ بِكَبَرِهَا) فَالْكَبِيرَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ فِي أَرْشِهَا الْمُتَقَدِّمِ. (وَلَوْ أَوْضَحَ مَوْضِعَيْنِ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ وَجِلْدٌ قِيلَ أَوْ أَحَدَهُمَا فَمُوضِحَتَانِ) وَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ وُجُودُ حَاجِزٍ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ وَالْأَصَحُّ فِيهَا وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ أَتَتْ عَلَى الْمَوْضِعِ كُلِّهِ كَاسْتِيعَابِهِ بِالْإِيضَاحِ، وَلَوْ عَادَ الْجَانِي فَرَفَعَ الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَزِمَهُ أَرْشٌ وَاحِدٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا لَوْ تَآكَلَ الْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِسِرَايَةِ فِعْلِهِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ (وَلَوْ انْقَسَمَتْ مُوضِحَتُهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ شَمِلَتْ رَأْسًا وَوَجْهًا فَمُوضِحَتَانِ وَقِيلَ مُوضِحَةٌ) نَظَرًا لِلصُّورَةِ، وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى اخْتِلَافِ الْحُكْمِ أَوْ الْمَحَلِّ (وَلَوْ وَسَّعَ مُوضِحَةً فَوَاحِدَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَا لَوْ أَتَى بِهِ ابْتِدَاءً كَذَلِكَ؛ وَالثَّانِي ثِنْتَانِ (أَوْ) مُوضِحَةُ (غَيْرِهِ فَثِنْتَانِ) لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُبْنَى عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ (وَالْجَائِفَةُ كَمُوضِحَةٍ فِي التَّعَدُّدِ) وَعَدَمِهِ فَلَوْ أَجَافَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ وَجِلْدٌ قِيلَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَجَائِفَتَانِ وَلَوْ رَفَعَ الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا أَوْ تَآكَلَ فَوَاحِدَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَكَذَا لَوْ انْقَسَمَتْ عَمْدًا وَخَطَأً (وَلَوْ نَفَذَتْ) بِالْمُعْجَمَةِ (فِي بَطْنٍ وَخَرَجَتْ مِنْ ظَهْرٍ فَجَائِفَتَانِ فِي الْأَصَحِّ)   [حاشية قليوبي] كَمَا يَأْتِي وَفِي مَأْمُومَةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَثْنَى) لِعَدَمِ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِيهِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ خَرَجَ سَائِرُ الْبَدَنِ. قَوْلُهُ: (وَخَاصِرَةٍ) وَمَثَانَةٍ وَعِجَّانٍ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ الْمُهْمَلِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْخُصْيَةِ وَالدُّبُرِ. قَوْلُهُ: (جَائِفَةٌ) وَهِيَ الدَّامِغَةُ السَّابِقَةُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ لِدُخُولِهَا فِيمَا هُنَا. قَوْلُهُ: (الْجَنْبَيْنِ) بِنُونٍ بَعْدَ الْجِيمِ مُثَنَّى جَنْبٍ قَوْلُهُ: (مِمَّا ذُكِرَ مَعَهُ) وَهُوَ الْخَاصِرَةُ بَعْدَهُ وَالْبَطْنُ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ قَوْلُهُ: (دَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ) وَكَذَا الْعَيْنُ وَالْفَخِذُ وَالذَّكَرُ، فَالْمُرَادُ بِالْجَوْفِ مَا فِيهِ إحَالَةٌ لِلْغِذَاءِ، أَوْ الدَّوَاءِ، أَوْ مَا هُوَ طَرِيقٌ لَهُ غَيْرُ الْمَذْكُورَاتِ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ أَرْشٌ وَاحِدٌ) إنْ اتَّفَقَتْ الْجِنَايَتَانِ عَمْدًا وَغَيْرُهُ وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ كَمَا يَأْتِي وَلَوْ رَفَعَهُ غَيْرُ الْجَانِي لَزِمَهُ أَرْشٌ، وَلَزِمَ الْأَوَّلَ أَرَشَانِ، وَلَوْ رَفَعَهُ مَعَ غَيْرِهِ، فَكَذَلِكَ كَذَا قَالُوا: وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَوْضَحَهُ جَمَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْجَانِيَ ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ، وَيَلْزَمُ مَنْ شَارَكَهُ فِي رَفْعِ الْحَاجِزِ أَرْشٌ وَاحِدٌ وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي الْمُوضِحَتَيْنِ وَرَفَعَ أَحَدُهُمَا الْحَاجِزَ لَزِمَ الرَّافِعَ أَرَشَانِ، وَالْآخَرَ أَرْشٌ وَاحِدٌ، كَذَا قَالُوهُ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَوْضَحَهُ جَمَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الرَّافِعَ ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ، وَيَلْزَمُ الشَّرِيكَ فِي الْمُوضِحَتَيْنِ أَرَشَانِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ انْقَسَمَتْ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُوضِحَةَ كَالْجَائِفَةِ تَتَعَدَّدُ صُورَةً وَمَحَلًّا وَحُكْمًا وَفَاعِلًا قَوْلُهُ: (شَمِلَتْ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ مُوضِحَةُ غَيْرِهِ) فَغَيْرُ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى ضَمِيرِ مُوضِحَةٍ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْجَارِّ، وَهُوَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ ابْنِ مَالِكٍ وَلَمْ يَجْعَلْهُ عَطْفًا عَلَى ضَمِيرِ وَسِعَ مَعَ صِحَّتِهِ لِمَنْعِ الْعَطْفِ عَلَيْهِ، مِنْ غَيْرِ تَأْكِيدٍ اتِّفَاقًا مَعَ أَنَّ غَيْرَ وُجِدَتْ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ مَجْرُورَةً. قَوْلُهُ: (فِي التَّعَدُّدِ) نَعَمْ لَوْ وَسِعَ جَائِفَةَ غَيْرِهِ مِنْ دَاخِلٍ فَقَطْ، أَوْ مِنْ خَارِجٍ فَقَطْ فَحُكُومَةٌ فَقَطْ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا إلَخْ) أَيْ هُمَا جَائِفَتَانِ فَالتَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَوْ أَجَافَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ فَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ هُنَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ.   [حاشية عميرة] أَنْ يَجِبَ فِي جُرْحِ الْعُضْوِ أَكْثَرُ مِمَّا يَجِبَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَثْنَى) وَذَلِكَ لِأَنَّ جُرُوحَ بَاقِي الْبَدَنِ لَيْسَ فِيهَا مُقَدَّرٌ إلَّا الْجَائِفَةُ، قَوْلُهُ: (مِمَّا قَبْلَهُ) الَّذِي قَبْلَهُ قَوْلُ الْمَتْنِ كَجُرْحِ قَوْلُهُ: (وَهِيَ جُرْحٌ يَنْفُذُ إلَى جَوْفِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِإِبْرَةٍ وَنَحْوِهَا، قَوْلُهُ: (وَثُغْرَةُ نَحْرٍ) كَأَنَّهَا الثُّغْرَةُ الَّتِي فِي أَعْلَى الصَّدْرِ بَيْنَ التَّرْقُوَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَصَوَّرَ فِي الْجَبِينِ) لَكَ أَنْ تَقُولَ هَذَا التَّصْوِيرُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ ذَلِكَ مَأْمُومَةٌ فَأَلْحَقَ مَا فِي الْمُحَرَّرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا بُدَّ فِي الْجَائِفَةِ مِنْ خَرْقِ الْجِلْدَةِ أَعْنِي خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ، فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ تَكُونُ دَامِغَةً قُلْنَا: نَعَمْ وَلَكِنَّ الدَّامِغَةَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا دِيَةٌ فِي الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (الْمَفْهُومُ مِمَّا ذُكِرَ) الَّذِي ذُكِرَ قَوْلُ الْمَتْنِ كَبَطْنٍ إلَى قَوْلِهِ وَخَاصِرَةٍ إلَّا قَوْلَهُ وَجَبِينٌ فَلَيْسَ مِمَّا ذَكَرَ، قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ مِمَّا ذَكَرَ، قَوْلُهُ: (مُوضِحَةٌ) غَيْرَهَا مِمَّا لَهُ مُقَدَّرٌ كَذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ النَّظَرُ إلَى الِاسْمِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْجِنَايَةَ) عِبَارَةُ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ بِإِزَالَةِ أَحَدِهِمَا أَثْبَتَ الْجِنَايَةَ عَلَى الْمَوْضِعِ كُلِّهِ، وَلَوْ أَوْضَحَ جَمِيعَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ أَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ فَأَوْلَى. قَوْلُهُ: (عَمْدًا وَخَطَأً) نُصِبَ إمَّا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَوْ صِفَةِ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، قَوْلُهُ: (أَوْ شَمِلَتْ رَأْسًا وَوَجْهًا) خَرَجَ مَا لَوْ شَمِلَتْ رَأْسًا وَقَفًا فَلَا خِلَافَ فِي إيجَابِ مُوضِحَةِ الرَّأْسِ وَحُكُومَةِ الْقَفَا وَخَرَجَ أَيْضًا مَا لَوْ عَمَّتْ الْجَبْهَةَ وَالْخَدَّ فَمُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ شَمِلَتْ بِكَسْرِ الْمِيمِ عَلَى الْأَفْصَحِ، قَوْلُهُ: (أَوْ مُوضِحَةُ غَيْرِهِ) أَيْ فَغَيْرُهُ مَجْرُورٌ وَيَجُوزُ أَيْضًا رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى فَاعِلِ وَسَّعَ وَيَجُوزُ أَيْضًا نَصْبُهُ إقَامَةً لَهُ مَقَامَ الْمُضَافِ إلَيْهِ، قَوْلُهُ: (كَمُوضِحَةٍ) مِنْ جُمْلَةِ مَا دَخَلَ فِي التَّشْبِيهِ عَدَمُ التَّعَدُّدِ عِنْدَ تَوْسِيعِهِ هُوَ وَكَذَا التَّعَدُّدُ عِنْدَ تَوْسِيعِ الْغَيْرِ لَهَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الشَّارِحُ وَقَدْ تَعَرَّضَ لَهَا الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ لَوْ وَسَّعَ غَيْرُهُ الْجَائِفَةَ مِنْ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ تَعَدَّدَتْ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ عَلَى الْمُوَسِّعِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ انْقَسَمَتْ عَمْدًا وَخَطَأً) ظَاهِرُهُ اتِّحَادُ الْجَائِفَةِ بِذَلِكَ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا حَيْثُ قَالَا وَيَجِيءُ فِي اخْتِلَافِ حُكْمِ الْجَائِفَةِ وَانْقِسَامِهَا إلَى عَمْدٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 اعْتِبَارًا لِلْخَارِجَةِ بِالدَّاخِلَةِ، وَالثَّانِي فِي الْخَارِجَةِ حُكُومَةٌ. (وَلَوْ أَوْصَلَ جَوْفَهُ سِنَانًا لَهُ طَرَفَانِ فَثِنْتَانِ) حَيْثُ الْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا سَلِيمٌ [وَلَا يَسْقُطُ الْأَرْشُ بِالْتِحَامِ مُوضِحَةٍ وَجَائِفَةٍ] (وَلَا يَسْقُطُ الْأَرْشُ بِالْتِحَامِ مُوضِحَةٍ وَجَائِفَةٍ) لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الذَّاهِبِ وَالْأَلَمِ الْحَاصِلِ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ فِي الْأُذُنَيْنِ دِيَةً لَا حُكُومَةً) وَهُوَ قَوْلٌ أَوْ وَجْهٌ مُخَرَّجٌ وُجِّهَ بِأَنَّ السَّمْعَ لَا يُحَلِّهِمَا وَلَيْسَ فِيهِمَا مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَاسْتَدَلَّ الْأَوَّلُ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَسَوَاءٌ فِيهِمَا الْقَطْعُ وَالْقَلْعُ وَالسَّمْعُ وَالْأَصَمُّ (وَبَعْضٌ) مِنْهُمَا (بِقِسْطِهِ) مِنْ الدِّيَةِ وَهُوَ صَادِقٌ بِوَاحِدَةٍ فَفِيهَا النِّصْفُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ وَبِبَعْضِهَا وَيُقَدَّرُ بِالْمِسَاحَةِ (وَلَوْ أَيْبَسَهُمَا) بِالْجِنَايَةِ (فَدِيَةٌ وَفِي قَوْلٍ حُكُومَةٌ) لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُمَا لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ، وَهِيَ جَمْعُ الصَّوْتِ لِيَصِلَ إلَى الصِّمَاخِ وَمَحَلِّ السَّمَاعِ، وَعُورِضَ بِبُطْلَانِ الْمَنْفَعَةِ الْأُخْرَى، وَهِيَ دَفْعُ الْهَوَامِّ بِالْإِحْسَاسِ (وَلَوْ قَطَعَ يَابِسَتَيْنِ فَحُكُومَةٌ وَفِي قَوْلٍ دِيَةٌ) الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي عَلَى الثَّانِي كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ. (وَفِي كُلِّ عَيْنٍ نِصْفُ دِيَةٍ) . لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «فِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَحَدِيثُهُ أَيْضًا «وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ (وَلَوْ) هِيَ (عَيْنَ أَحْوَلَ وَأَعْمَشَ وَأَعْوَرَ) أَيْ ذِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ فَفِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بَاقِيَةٌ فِي أَعْيُنِهِمْ وَمِقْدَارُهَا لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ (وَكَذَا مَنْ بِعَيْنِهِ بَيَاضٌ لَا يُنْقِصُ الضَّوْءَ) فِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ (فَإِنْ نَقَصَ فَقِسْطٌ) مِنْهُ فِيهَا إنْ انْضَبَطَ النَّقْصُ بِالِاعْتِبَارِ بِالصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا بَيَاضَ فِيهَا (فَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ) النَّقْصُ (حُكُومَةٌ) فِيهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيَاضُ عَلَى الْبَيَاضِ أَمْ عَلَى السَّوَادِ أَمْ النَّاظِرِ (وَفِي كُلِّ جَفْنٍ رُبُعُ دِيَةٍ وَلَوْ) كَانَ (لِأَعْمَى) فَفِي الْأَرْبَعَةِ الدِّيَةُ عَلَى قِيَاسِ أَنَّ فِي الْمُتَعَدِّدِ مِنْ جِنْسِ الدِّيَةِ تُقْسَمُ عَلَى أَفْرَادِهِ كَالْعَيْنَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ (وَ) فِي (مَارِنٍ) وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ مُشْتَمِلٌ عَلَى طَرَفَيْنِ، وَحَاجِزٍ (دِيَةٌ) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الْأَنْفِ إذَا اُسْتُؤْصِلَ الْمَارِنُ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ» وَحَدِيثُ طَاوُسٍ عِنْدَنَا فِي كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَفِي الْأَنْفِ إذَا قُطِعَ مَارِنُهُ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ، وَلَا يُزَادُ فِي قَطْعِ الْقَصَبَةِ مَعَهُ شَيْءٌ وَتَنْدَرِجُ حُكُومَتُهَا فِي دِيَتِهِ فِي الْأَصَحِّ (وَفِي كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْهِ وَالْحَاجِزِ ثُلُثٌ) مِنْ الدِّيَةِ (وَقِيلَ فِي الْحَاجِزِ حُكُومَةٌ وَفِيهِمَا) أَيْ فِي الطَّرَفَيْنِ (دِيَةٌ) لِأَنَّ الْجَمَالَ وَالْمَنْفَعَةَ فِيهِمَا وَقَالَ الْأَوَّلُ وَفِي الْحَاجِزِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: أَنَّ فِي الْأُذُنَيْنِ دِيَةً) وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْآذَانُ فَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا أَصْلِيَّةً، أَوْ اشْتَبَهَتْ تَعَدَّدَتْ الدِّيَةُ، فَإِنْ عَلِمَ زِيَادَةَ بَعْضِهَا فَفِيهِ حُكُومَةٌ، وَكَذَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْقَاتِلُ بِالْحُكُومَةِ قَوْلٌ أَوْ وَجْهٌ مُخَرَّجٌ، وَمُقَابِلُهُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ نَصٌّ فَالتَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ فِيهِمَا مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ) هُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ دَفْعَ الْهَوَامِّ وَجَمْعَ الصَّوْتِ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ خُصُوصًا مَعَ الْجَمَالِ الْمُعْتَبَرِ مَعَهُمَا. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) وَلَوْ حَصَلَ مَعَ ذَلِكَ إيضَاحٌ وَجَبَ أَرْشُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: (وَبَعْضٌ إلَخْ) يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ لِوَصْفِهِ الْمُقَدَّرِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَالْجَرُّ عَطْفًا عَلَى الْأُذُنَيْنِ وَلَكِنْ يُبْعِدُهُ حَرْفُ الْجَرِّ بَعْدَهُ، وَلُزُومُ جَرَيَانِ الْخِلَافِ السَّابِقِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الدِّيَةِ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الرَّاجِحُ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَزِيدَ أَوْ مِنْ الْحُكُومَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيُقَدَّرُ) أَيْ الْبَعْضُ بِالْمِسَاحَةِ لِمَعْرِفَةِ الْجُزْئِيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي أَجْزَاءِ الْأَطْرَافِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْكُلِّ لِاعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ، وَفِي اعْتِبَارِ الْمِسَاحَةِ مَا مَرَّ فِي الْمُوضِحَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَعُورِضَ إلَخْ) مُرَادُهُ رَدُّ الْقَوْلِ بِبَقَاءِ مَنْفَعَتِهِمَا لَا أَنَّ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ تُوجِبُ الدِّيَةَ وَحْدَهَا كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الْأُخْرَى لَكَانَ وَاضِحًا لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ وَاحِدَةٌ لَهَا جِهَتَانِ: جَمْعُ الصَّوْتِ وَدَفْعُ الْهَوَامِّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ) لِنَقْصِ الْمَنْفَعَةِ عِنْدَهُ وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى الثَّانِي لِزَوَالِ جَمِيعِ الْمَنْفَعَةِ عِنْدَهُ كَذَا قَالُوا، وَفِيهِ عَلَى الثَّانِي بَحْثٌ دَقِيقٌ فَتَأَمَّلْهُ، وَمَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ فِي قَطْعٍ غَيْرِ عَمْدٍ أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ، وَإِلَّا وَجَبَ الْقَوَدُ كَمَا مَرَّ لَا يُقَالُ الْعَفْوُ عَنْ الْقَوَدِ يَقْتَضِي وُجُوبَ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ قَتَلَ مُرْتَدٌّ مِثْلَهُ، فَيَجِبُ الْقَوَدُ وَلَا شَيْءَ لَوْ عَفَا وَكَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ فَسَرَى كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ هِيَ) قَدَّرَ الْمُبْتَدَأَ دُونَ كَانَ إمَّا لِأَنَّهُ وَجَدَ عَيْنًا مَرْفُوعَةً فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ. قَوْلُهُ: (فَفِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (بَاقِيَةٌ فِي أَعْيُنِهِمْ) نَعَمْ لَوْ كَانَ نَحْوُ الْعَمَشِ بِجِنَايَةٍ نَقَصَ لِأَجْلِهِ حُكُومَةً. قَوْلُهُ: (أَمْ النَّاظِرِ) وَهُوَ السَّوَادُ الْأَصْغَرُ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْإِبْصَارِ فِي وَسَطِ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ قَوْلُهُ: (وَفِي كُلِّ جَفْنٍ) وَلَوْ بِإِيبَاسِهِ وَفِي هُدْبِهِ حُكُومَةٌ إنْ فَسَدَ الْمَنْبَتُ وَإِلَّا فَالتَّعْزِيرُ فَقَطْ قَوْلُهُ: (عَلَى قِيَاسِ إلَخْ) إذْ لَا نَصَّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَيَنْدَرِجُ فِي الدِّيَةِ حُكُومَةُ الْأَهْدَابِ. قَوْلُهُ: (وَفِي مَارِنٍ) وَلَوْ بِإِشْلَالِهِ وَفِي اعْوِجَاجِهِ حُكُومَةٌ كَاعْوِجَاجِ الرَّقَبَةِ وَتَسْوِيدِ الْوَجْهِ.   [حاشية عميرة] وَخَطَأٍ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُوضِحَةِ وَالْجَوَابُ عَنْ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ قَوْلَهُ وَكَذَا إلَخْ. عَطْفٌ عَلَى صَدْرِ الْكَلَامِ أَيْ فَهُمَا جَائِفَتَانِ. قَوْلُهُ: (اعْتِبَارًا إلَخْ) أَيْ كَمَا أَنَّ الدَّاخِلَةَ جَائِفَةٌ كَذَلِكَ الْخَارِجَةُ تُقَاسُ عَلَيْهَا وَتُعْتَبَرُ بِهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ إلَخْ) . وَفَارَقَ ذَلِكَ سِنَّ غَيْرِ الْمَثْغُورِ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الْمُوضِحَةِ الِالْتِحَامَ لِئَلَّا يَلْزَمَ إهْدَارُ الْمُوضِحَاتِ دَائِمًا بِخِلَافِ السِّنِّ، فَإِنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ يَنْتَقِلُ إلَى حَالَةٍ أُخْرَى يَضْمَنُ فِيهَا، قَوْلُهُ: (بِقِسْطِهِ) وَقِيلَ حُكُومَةٌ فَلَوْ أَخَّرَ الْمَاتِنُ قَوْلَهُ لَا حُكُومَةَ إلَى هُنَا لَأَفَادَ ثُبُوتَ الْخِلَافِ فِي الْبَعْضِ. قَوْلُهُ: (فَحُكُومَةٌ) هَذَا يَشْكُلُ عَلَى قَطْعِ الصَّحِيحَةِ بِهَا [دِيَة الْعَيْن] قَوْلُهُ: (وَفِي كُلِّ جَفْنٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُدْبٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى قِيَاسِ إلَخْ) . يُرِيدُ أَنَّهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 [دِيَة الْجَفْن] (وَ) فِي (كُلِّ شَفَةٍ نِصْفٌ) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ [دِيَة الشَّفَة] (وَ) فِي (لِسَانِ) لِنَاطِقٍ، (وَلَوْ لَاكِنٍ وَأَرَتَّ) بِالْمُثَنَّاةِ (وَأَلْثَغَ) بِالْمُثَلَّثَةِ (وَطِفْلٍ دِيَةٌ) ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ» رَوَاهُ مَنْ ذُكِرَ قَبْلُ وَأَبُو دَاوُد (وَقِيلَ شَرْطُ الطِّفْلِ ظُهُورُ أَثَرِ نُطْقٍ بِتَحْرِيكِهِ لِبُكَاءٍ وَمَصٍّ) فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَحُكُومَةٌ (وَلِأَخْرَسَ حُكُومَةٌ) فَإِنْ ذَهَبَ ذَوْقُهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ (وَ) فِي (كُلِّ سِنٍّ لِذَكَرٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) ، لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ (سَوَاءٌ كَسَرَ الظَّاهِرَ مِنْهَا دُونَ السِّنْخِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَإِعْجَامِ الْخَاءِ، وَهُوَ أَصْلُهَا الْمُسْتَتِرُ بِاللَّحْمِ (أَوْ قَلَعَهَا بِهِ وَفِي سِنٍّ زَائِدَةٍ حُكُومَةٌ وَحَرَكَةُ السِّنِّ إنْ قَلَّتْ) بِحَيْثُ لَا تَنْقُصُ الْمَنَافِعُ (فَكَصَحِيحَةٍ) تِلْكَ السِّنُّ (وَإِنْ بَطَلَتْ الْمَنْفَعَةُ) بِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ (فَحُكُومَةٌ) فِي سِنِّهَا (أَوْ نَقَصَتْ) الْمَنْفَعَةُ بِالْحَرَكَةِ (فَالْأَصَحُّ) سِنُّهَا (كَصَحِيحَةٍ) فَفِيهَا الْأَرْشُ، وَالثَّانِي فِيهَا الْحُكُومَةُ لِلنَّقْصِ. (وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ صَبِيٍّ لَمْ يُثْغَرْ) بِضَبْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ أَيْ مِنْ أَسْنَانِهِ الَّتِي تَسْقُطُ وَتَعُودُ غَالِبًا (فَلَمْ تَعُدْ) وَقْتَ الْعَوْدِ (وَبَانَ فَسَادُ الْمَنْبَتِ وَجَبَ الْأَرْشُ) السَّابِقُ (وَإِلَّا ظَهَرَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ) لِلْحَالِ (فَلَا شَيْءَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَالظَّاهِرُ الْعَوْدُ لَوْ عَاشَ وَالثَّانِي يَجِبُ الْأَرْشُ لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْعَوْدِ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَعَادَتْ لَا يَسْقُطُ الْأَرْشُ) لِأَنَّ الْعَوْدَ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ. وَالثَّانِي قَالَ الْعَائِدَةُ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْأُولَى (وَلَوْ قُلِعَتْ الْأَسْنَانُ) كُلُّهَا وَهِيَ ثِنْتَانِ وَثَلَاثُونَ (فَبِحِسَابِهِ) فَفِيهَا مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا (وَفِي قَوْلٍ لَا تَزِيدُ عَلَى دِيَةٍ إنْ اتَّحَدَ جَانٍ وَجِنَايَةٌ) كَأَنْ يُسْقِطَهَا بِضَرْبَةٍ، وَلَوْ أَسْقَطَهَا بِضَرَبَاتٍ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ انْدِمَالٍ فَفِيهَا الْقَوْلَانِ وَقِيلَ تُزَادُ قَطْعًا كَمَا لَوْ تَخَلَّلَ الِانْدِمَالُ بَيْنَ كُلِّ سِنٍّ وَأُخْرَى أَوْ تَعَدَّدَ الْجَانِي. (وَ) فِي (كُلِّ لَحْيٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ (نِصْفُ دِيَةٍ) كَالْأُذُنِ وَاللِّحْيَانِ مَنْبَتُ الْأَسْنَانِ السُّفْلَى (وَلَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْأَسْنَانِ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَفِي كُلِّ شَفَةٍ) وَلَوْ بِإِشْلَالٍ وَهِيَ مَا بَيْنَ الشَّدْقَيْنِ مِمَّا يَسْتُرُ الْأَسْنَانَ وَاللِّثَةَ وَيَنْدَرِجُ فِيهِ حُكُومَةُ الشَّارِبِ وَنَحْوُهُ، قَوْلُهُ: (نِصْفٌ) نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مَشْقُوقَةً نَقَصَتْ حُكُومَةٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ) أَيْ مَعَ الْقِيَاسِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْمُتَعَدِّدِ، وَقَالَ مَالِكٌ بِوُجُوبِ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ فِي الشَّفَةِ السُّفْلَى. قَوْلُهُ: (وَفِي لِسَانٍ دِيَةٌ) وَإِنْ كَانَ لَهُ طَرَفَانِ أَصْلِيَّانِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا، فَفِي الْأَصْلِيِّ الدِّيَةُ وَفِي الْآخَرِ حُكُومَةٌ تَنْقُصُ عَنْ قِسْطِ قَدْرِهِ مِنْ الْأَصْلِيِّ. قَوْلُهُ: (لِنَاطِقٍ) وَلَا عِبْرَةَ بِالذَّوْقِ مَعَهُ كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَفِي الْعُبَابِ خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُهُ. قَوْلُهُ: (وَأَلْثَغَ) فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ نَقْصُ بَعْضِ الْحُرُوفِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِجِنَايَةٍ. قَوْلُهُ: (مَنْ ذُكِرَ قَبْلُ) وَهُمْ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ. قَوْلُهُ: (وَطِفْلٍ) نَعَمْ إنْ بَلَغَ أَوَانَ النُّطْقِ، وَلَمْ يَظْهَرْ فَحُكُومَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَفِي لِسَانِ أَصَمَّ لَا يُحْسِنُ الْكَلَامَ دِيَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْأَنْوَارِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ ذَهَبَ ذَوْقُهُ) أَيْ الْأَخْرَسِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَيَدْخُلُ فِيهَا حُكُومَةٌ لِلِّسَانِ وَلَوْ ذَهَبَ ذَوْقُ النَّاطِقِ مَعَ كَلَامِهِ فَدِيَتَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا حُكُومَةَ لِلِّسَانِ. فَرْعٌ: لَوْ عَادَ اللِّسَانُ بَعْدَ قَطْعِهِ لَمْ يَسْقُطْ الدِّيَةُ وَلَا الْأَرْشُ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَجْرَامِ إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ: سِنِّ غَيْرِ الثُّغُورِ، وَسَلْخِ الْجِلْدِ، وَالْبَكَارَةِ، وَأَمَّا الْمَعَانِي فَيَسْقُطُ الْأَرْشُ بِعَوْدِهَا مُطْلَقًا لِأَنَّ ذَهَابَهَا مَظْنُونٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي كُلِّ سِنٍّ) أَصْلِيَّةٍ تَامَّةٍ مَثْغُورَةٍ مُتَمَيِّزَةٍ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ، لَوْ قَالَ: نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ صَاحِبِهَا لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى، وَلَوْ كَانَتْ أَسْنَانُهُ صَفِيحَةً وَاحِدَةً وَجَبَ دِيَةُ صَاحِبِهَا فَقَطْ، عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفِي إبْطَالِ مَنْفَعَةِ السِّنِّ أَرْشٌ كَامِلٌ كَقَلْعِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَإِعْجَامِ الْخَاءِ) وَيُقَالُ بِالْجِيمِ قَوْلُهُ: (أَوْ قَلْعُهَا بِهِ) أَيْ مَعًا فَلَوْ قَلَعَهُ وَحْدَهُ بَعْدَهَا وَجَبَ فِيهِ حُكُومَةٌ كَمَا لَوْ قَلَعَهُ غَيْرُهُ، وَفِي جَعْلِ إزَالَةِ السِّنِّ دُونَ سِنْخِهَا قَلْعًا تَجُوزُ لِأَنَّهُ كَسْرٌ لَا قَلْعٌ فَتَأَمَّلْ، قَوْلُهُ: (وَفِي سِنٍّ زَائِدَةٍ) أَيْ خَارِجَةٍ عَنْ سَمْتِ الْأَسْنَانِ وَإِلَّا فَفِيهَا أَرْشٌ كَامِلٌ كَمَا فِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ، وَلَوْ قُلِعَ مَعَ السِّنِّ شَيْءٌ مِنْ عَظْمِ الرَّأْسِ وَجَبَ لَهُ حُكُومَةٌ، وَلَوْ طَالَتْ السِّنُّ بِحَيْثُ لَا تَصْلُحُ لِلْمَضْغِ فَفِيهَا حُكُومَةٌ فَقَطْ، كَمَا لَوْ كَانَتْ نَاقِصَةً عَنْ أُخْتِهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ بَطَلَتْ الْمَنْفَعَةُ) أَيْ كُلُّهَا إذَا قَلَعَهَا وَهِيَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَقَصَتْ) أَيْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ وَإِلَّا فَفِيهَا أَرْشٌ نَاقِصٌ حُكُومَةً.   [حاشية عميرة] لَمْ تَرِدْ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَلِهَذَا قَالُوا أَغْرَبَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ وَرَدَ فِي كِتَابِ عَمْرٍو، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِي الْحَاجِزِ إلَخْ) عَلَى هَذَا لَوْ قَطَعَ طَبَقَةً مَعَ الْحَاجِزِ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ مَعَ حُكُومَةٍ، كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الثَّالِثُ يَعْنِي مِنْ التَّنْبِيهَاتِ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَفْرَدَ الْحَاجِزَ بِالْجِنَايَةِ لَكِنْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي حِكَايَةِ الْوَجْهِ تَتَنَاوَلُ مَا لَوْ قَطَعَ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ مَعَ الْحَاجِزِ وَوَاجِبُهُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَحُكُومَةٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي كُلِّ شَفَةٍ) خَالَفَ مَالِكٌ فَقَالَ فِي السُّفْلَى الثُّلُثَانِ أَيْ لِحَرَكَتِهَا وَفِي الْعُلْيَا الثُّلُثُ. [دِيَة اللِّسَان] قَوْلُهُ: (وَفِي اللِّسَانِ) نَقَلَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَكَذَا ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ. [دِيَة سن الذَّكَرَ الحر] قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ إلَخْ) لَوْ أَبْطَلَ نَفْعَهَا بِالْكُلِّيَّةِ فَكَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (أَوْ نَقَصَتْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِجِنَايَةٍ قَوْلُهُ: (فَفِيهَا الْأَرْشُ) لِنَقْصِ الْبَطْشِ [دِيَة سن الصَّبِيّ] قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ) يَعْنِي لَا دِيَةَ وَإِلَّا فَالْحُكُومَةُ وَاجِبَةٌ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجِبُ) أَيْ لَوْ عَادَ بَعْضُهَا ثُمَّ مَاتَ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ مَجِيءِ هَذَا الْقَوْلِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ ثِنْتَانِ وَثَلَاثُونَ) أَرْبَعُ ثَنَايَا وَأَرْبَعُ رُبَاعِيَّاتٍ وَأَرْبَعُ ضَوَاحِكَ، لَعَلَّهُ وَأَرْبَعُ أَنْيَابٍ وَاثْنَا عَشَرَ رَحًى وَأَرْبَعُ نَوَاجِذَ وَهِيَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 وَهِيَ سِتَّ عَشْرَةَ (فِي دِيَةِ اللَّحْيَيْنِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَدْخُلُ اتِّبَاعًا لِلْأَقَلِّ الْأَكْثَرُ فَفِيهِمَا بِأَسْنَانِهِمَا عَلَى الْأَوَّلِ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ بَعِيرًا وَعَلَى الثَّانِي مِائَةٌ وَقَدْ لَا يَكُونُ عَلَيْهِمَا أَسْنَانٌ كَلَحْيِ طِفْلٍ لَمْ تَنْبُتْ أَسْنَانُهُ أَوْ شَيْخٍ تَنَاثَرَتْ أَسْنَانُهُ (وَفِي كُلِّ يَدٍ نِصْفُ دِيَةٍ إنْ قُطِعَ مِنْ كَفٍّ فَإِنْ قُطِعَ مِنْ فَوْقِهِ فَحُكُومَةٌ أَيْضًا وَ) فِي (كُلِّ أُصْبُعٍ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ وَ) فِي (كُلِّ أُنْمُلَةٍ) مِنْ غَيْرِ إبْهَامٍ (ثُلُثُ الْعَشَرَةِ وَ) فِي (أُنْمُلَةِ إبْهَامٍ نِصْفُهَا وَالرِّجْلَانِ كَالْيَدَيْنِ) فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فَفِي قَطْعِ كُلِّ رِجْلٍ مِنْ الْقَدَمِ نِصْفُ دِيَةٍ، وَمِنْ فَوْقِهِ حُكُومَةٌ أَيْضًا وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْهُمَا عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ، وَأَنَامِلُ أَصَابِعِ الرِّجْلِ كَأَنَامِل أَصَابِعِ الْيَدِ كَذَا قَالُوا رَوَى النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «فِي الْيَدِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ» . (وَفِي حَلَمَتَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (دِيَتُهَا) ، فَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ وَهِيَ رَأْسُ الثَّدْيِ النِّصْفُ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْإِرْضَاعِ بِهَا كَمَنْفَعَةِ الْيَدِ بِالْأَصَابِعِ وَلَا يُزَادُ بِقَطْعِ الثَّدْيِ مَعَهَا شَيْءٌ وَتَدْخُلُ حُكُومَتُهُ فِي دِيَتِهَا فِي الْأَصَحِّ (وَ) فِي (حَلَمَتَيْهِ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَلَعَ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ، قَوْلُهُ: (أَيْ مِنْ أَسْنَانِهِ) بَيَانٌ لِلْمَقْلُوعَةِ قَوْلُهُ: (الْأَرْشُ السَّابِقُ) وَإِنْ عَادَتْ نَاقِصَةً، وَجَبَتْ حُكُومَةٌ لِلنَّقْصِ، وَكَذَا لَوْ عَادَتْ كَامِلَةً تَجِبُ حُكُومَةٌ لِأَجْلِ الْأَلَمِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ ثِنْتَانِ وَثَلَاثُونَ) غَالِبًا فِي الْآدَمِيِّ نِصْفُهَا فِي الْفَكِّ الْأَعْلَى، وَنِصْفُهَا فِي الْفَكِّ الْأَسْفَلِ، وَلِكُلِّ أَرْبَعٍ مِنْهَا اسْمٌ يَخُصُّهَا فَالْأَرْبَعَةُ الَّتِي فِي مُقَدَّمِ الْفَمِ تُسَمَّى الثَّنَايَا، وَاَلَّتِي تَلِيهَا تُسَمَّى الرُّبَاعِيَّاتُ، وَاَلَّتِي تَلِيهَا تُسَمَّى الضَّوَاحِكُ، وَهِيَ الْمُرَادَةُ بِالنَّوَاجِذِ فِي ضَحِكِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ ضَحِكَهُ تَبَسُّمٌ وَاَلَّتِي تَلِيهَا تُسَمَّى الْأَنْيَابُ، وَبَعْدَهَا اثْنَا عَشَرَ ضِرْسًا وَيَلِيهَا أَرْبَعَةٌ تُسَمَّى النَّوَاجِذُ، وَهِيَ مِنْ الْأَضْرَاسِ، يُقَالُ لَهَا أَضْرَاسُ الْعَقْلِ وَلَا مَانِعَ مِنْ إرَادَتِهَا فِي ضَحِكِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مَفْقُودَةٌ فِي الْخَصِيِّ، وَالْكَوْسَجِ فَأَسْنَانُهُمَا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ سِنًّا، قَالُوا: وَأَسْنَانُ الْمَرْأَةِ ثَلَاثُونَ سِنًّا، وَخَرَجَ بِالْآدَمِيِّ غَيْرُهُ فَأَسْنَانُ الْبَقَرِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سِنًّا، وَأَسْنَانُ الشَّاةِ إحْدَى وَعِشْرُونَ سِنًّا، وَأَسْنَانُ التَّيْسِ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ سِنًّا، وَأَسْنَانُ الْعَنْزِ تِسْعَةَ عَشَرَ سِنًّا. قَوْلُهُ: (وَهِيَ سِتَّ عَشْرَةَ) أَيْ فَفِي كُلٍّ لَحْيٍ ثَمَانِيَةٌ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ ذَكَرَ جَمِيعَ الْأَسْنَانِ لَكَانَ أَنْسَبَ لَكِنَّهُ لَمَّا خَصَّ الْكَلَامَ بِاللَّحْيَيْنِ الْأَسْفَلَيْنِ اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ، وَلَا يُقَالُ لِمَا عَلَيْهِ الْأَسْنَانُ الْعُلْيَا لَحْيٌ. [دِيَة الْيَد] قَوْلُهُ: (وَكُلُّ يَدٍ) وَإِنْ تَعَدَّدَتْ سَوَاءٌ عُلِمَتْ الْأَصَالَةُ فِي الْكُلِّ أَوْ اشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِغَيْرِهِ، فَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ الْقَوَدُ أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ عُلِمَتْ زِيَادَتُهَا بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ لِنَحْوِ قِصَرٍ فَاحِشٍ أَوْ قِلَّةِ بَطْشٍ فَفِيهَا حُكُومَةٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ كَفٍّ) أَيْ كُوعٍ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَلَوْ قَطَعَ أَصَابِعَهُ قَبْلَ كَفِّهِ لَزِمَهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِلْأَصَابِعِ، وَحُكُومَةٌ لِلْكَفِّ وَلَوْ سَلَخَهُ غَيْرُهُ، أَوْ هُوَ قَبْلَ قَطْعِهِ نَقَصَ مِنْهُ حُكُومَةُ الْجِلْدِ، وَلَوْ قَطَعَ رِجْلَيْهِ وَإِحْدَى يَدَيْهِ لِصِيَالٍ مَعًا، قَالَهُ شَيْخُنَا وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ قَطَعَ الْيَدَ الْأُخْرَى تَعَدِّيًا وَمَاتَ بِذَلِكَ لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ لِلْيَدِ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ وَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ) وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْعَدَدِ الْأَصْلِيِّ حَيْثُ كَانَ الْكُلُّ أَصْلِيًّا أَوْ اشْتَبَهَ، فَإِنْ عَلِمَ زِيَادَتَهَا كَمَا مَرَّ فِي الْيَدِ فَفِيهَا حُكُومَةٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي كُلِّ أُنْمُلَةٍ ثُلُثُ الْعَشَرَةِ) فَإِنْ زَادَتْ الْأَنَامِلُ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا، وَزَّعَ عَلَيْهَا وَاجِبَ الْإِصْبَعِ، فَلَوْ كَانَتْ أَرْبَعَ أَنَامِلَ لِلْإِصْبَعِ وَجَبَ فِي كُلِّ أُنْمُلَةٍ رُبْعُ الْعَشَرَةِ إلَّا إنْ عُلِمَتْ زِيَادَتُهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ زَادَتْ الْأَصَابِعُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِلْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ حَيْثُ لَمْ تَتَمَيَّزْ زِيَادَتُهَا بِقِصَرٍ فَاحِشٍ، أَوْ انْحِرَافٍ مَثَلًا وَإِلَّا فَفِيهَا حُكُومَةٌ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ كَانَ لَهُ سِتَّةُ أَصَابِعَ فِي يَدٍ، وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ كُلُّهَا أَصْلِيَّةٌ أَوْ اشْتَبَهَتْ وَجَبَ فِيهَا سِتُّونَ بَعِيرًا وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مَرْجُوحٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِعَوْدِ الضَّمِيرِ فِيهِ عَلَى الْأَنَامِلِ دُونَ الْأَصَابِعِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَأَنَامِلُ أَصَابِعِ الرِّجْلِ إلَخْ) فَفِي كُلِّ أُنْمُلَةٍ مِنْ غَيْرِ الْإِبْهَامِ ثُلُثُ الْعَشَرَةِ وَفِي أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ نِصْفُهَا. قَوْلُهُ: (كَذَا قَالُوا) تَبَرَّأَ مِنْهُ لِمَا قِيلَ: إنَّ فِي خِنْصَرِ الرِّجْلِ أُنْمُلَتَيْنِ فَقَطْ، وَالْوَاقِعُ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ فِي الْحِسِّ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ رَأْسُ الثَّدْيِ) فَهِيَ مِنْهُ وَلَوْنُهَا لِلَوْنِهِ وَحَوْلَهَا دَائِرَةٌ كَذَلِكَ، وَلَا يُزَادُ بِقَطْعِ الثَّدْيِ مَعَهَا شَيْءٌ كَالذَّكَرِ مَعَ الْحَشَفَةِ وَلَوْ أَيْبَسَ الثَّدْيَيْنِ فَدِيَةٌ أَوْ قَطَعَ لَبَنَهُمَا أَوْ أَرْخَاهُمَا فَحُكُومَةٌ.   [حاشية عميرة] أَقْصَاهَا وَآخِرُهَا نَبَاتًا وَيُسَمَّى ضِرْسُ الْحُلُمِ وَفِي الْغَالِبِ لَا تَنْبُتُ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ لَا يَخْرُجُ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا تَكُونُ أَسْنَانُهُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْرُجُ لَهُ اثْنَانِ فَتَكُونُ ثَلَاثِينَ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَفِي الْحَدِيثِ «حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ» يُرِيدُ هُنَا بِهَا الضَّوَاحِكَ وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي زَائِدٍ هُنَا بِجِنَايَةٍ لِأَنَّ نَبَاتَهَا مُخْتَلِفٌ، وَيَتَقَدَّمُ وَيَتَأَخَّرُ بِخِلَافِ الْأَصَابِعِ مَثَلًا. [دِيَة لَحْيٍ] قَوْلُهُ: (وَفِي كُلِّ يَدٍ) نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ قَوْلُهُ: (إنْ قَطَعَ) ذَكَرَهُ عَلَى إرَادَةِ الْعُضْوِ ثُمَّ هَذَا الْقَيْدُ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قَطَعَ فَوْقَهُ وَإِلَّا فَلَوْ لَقَطَ الْأَصَابِعَ وَجَبَتْ دِيَةُ الْيَدِ، قَوْلُهُ: (فَحُكُومَةٌ) هَذَا يَشْكُلُ بِمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ الْقَصَبَةَ تَتْبَعُ الْأَنْفَ قَوْلُهُ: (وَفِي أُصْبُعٍ) فِيهَا وَكَذَا الْأُنْمُلَةُ تِسْعُ لُغَاتٍ شَهِيرَةٍ وَتَزِيدُ الْأُصْبُعُ عَاشِرَةً وَهِيَ أُصْبُوعٌ. قَوْلُهُ: (ثُلُثُ الْعَشَرَةِ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ قَوْلُهُ: (وَمِنْ فَوْقِهِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ الْفَخِذِ، قَوْلُهُ: (وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ) أَيْ وَكَمَا قُسِمَتْ دِيَةُ الْيَدِ عَلَى الْأَصَابِعِ كَذَلِكَ تُقْسَمُ دِيَةُ الْأَصَابِعِ عَلَى أَنَامِلِهَا وَتَرَكَهُ الشَّارِحُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ هَذَا. [دِيَة حَلَمَة الْمَرْأَة] قَوْلُهُ: (وَهِيَ رَأْسُ الثَّدْيِ) هَذَا التَّعْرِيفُ يَشْمَلُ حَلَمَةَ الرَّجُلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 أَيْ الرَّجُلِ (حُكُومَةٌ وَفِي قَوْلٍ دِيَةٌ) كَالْمَرْأَةِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِانْتِفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ (وَفِي أُنْثَيَيْنِ) أَيْ جِلْدَتَيْ الْبَيْضَتَيْنِ (دِيَةٌ وَكَذَا ذَكَرَ) ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «فِي الذَّكَرِ وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ (وَلَوْ) كَانَ الذَّكَرُ (لِصَغِيرٍ وَشَيْخٍ وَعِنِّينٍ) فَفِيهِ دِيَةٌ (وَحَشَفَةٌ كَذَكَرٍ) ، فَفِيهَا دِيَةٌ لِأَنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِ الذَّكَرِ وَهِيَ لَذَّةُ الْمُبَاشَرَةِ تَتَعَلَّقُ بِهَا، (وَبَعْضُهَا بِقِسْطِهِ مِنْهَا وَقِيلَ مِنْ الذَّكَرِ) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِكَمَالِ الدِّيَةِ (وَكَذَا حُكْمُ بَعْضِ مَارِنٍ وَحَلَمَةٍ) أَيْ يَكُونُ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمَارِنِ وَالْحَلَمَةِ وَقِيلَ بِقِسْطِهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْفِ وَالثَّدْيِ بِنَاءً عَلَى انْدِرَاجِ حُكُومَةِ قَصَبَةِ الْأَنْفِ وَحُكُومَةِ الثَّدْيِ فِي دِيَةِ الْمَارِنِ وَدِيَةِ الْحَلَمَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. (وَفِي الْأَلْيَيْنِ) وَهُمَا مَوْضِعُ الْقُعُودِ (الدِّيَةُ) كَالْأُنْثَيَيْنِ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فَفِي أَلْيَيْهَا دِيَتُهَا وَفِي الْوَاحِدَةِ النِّصْفُ وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ إحْدَاهُمَا وَجَبَ قِسْطُهُ إنْ عَرَفَ قَدْرَهُ وَإِلَّا فَالْحُكُومَةُ (وَكَذَا شَفْرَاهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ وَهُمَا حَرْفَا الْفَرْجِ فِيهِمَا دِيَتُهَا كَالْأَلْيَيْنِ (وَكَذَا حُكْمُ سَلْخِ جِلْدٍ) فِيهِ دِيَةُ الْمَسْلُوخِ مِنْهُ (إنْ بَقِيَ) فِيهِ (حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَحَزَّ غَيْرُ السَّالِخِ رَقَبَتَهُ) بَعْدَ السَّلْخِ أَيْ إنْ فُرِضَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالسَّلْخُ قَاتِلٌ لَهُ وَجُعِلَ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ كَوَاحِدٍ وَجَبَتْ فِيهِ مِنْ الْبَدَنِ كَاللِّسَانِ وَالذَّكَرِ. فَرْعٌ: فِي إزَالَةِ الْمَنَافِعِ (فِي الْعَقْلِ) أَيْ إزَالَتِهِ (دِيَةٌ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ «فِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ» ، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا إنْ زَالَ بِجِنَايَةٍ لَا أَرْشَ لَهَا، وَلَا حُكُومَةَ كَأَنْ ضَرَبَ رَأْسَهُ أَوْ لَطَمَهُ (فَإِنْ زَالَ بِجُرْحٍ لَهُ أَرْشٌ أَوْ حُكُومَةٌ وَجَبَا) أَيْ الدِّيَةُ وَالْأَرْشُ أَوْ الْحُكُومَةُ (وَفِي قَوْلٍ يَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَيْ الرَّجُلِ) وَلَوْ احْتِمَالًا فَشَمِلَ الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (أَيْ جِلْدَتَيْ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَمَحَلُّ وُجُوبِ الدِّيَةِ إنْ سَقَطَ الْبَيْضَتَانِ، وَإِلَّا فَفِي الْجِلْدَتَيْنِ حُكُومَةٌ وَلَوْ سَلَّ الْبَيْضَتَيْنِ فَدِيَةٌ نَاقِصَةٌ حُكُومَةُ الْجِلْدَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا ذَكَرَ) بِقَطْعِهِ أَوْ إعْلَالِهِ وَفِي تَعَذُّرِ الْجِمَاعِ بِهِ حُكُومَةٌ، فَلَوْ قَطَعَهُ شَخْصٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَهُ دِيَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَفِيهَا دِيَةٌ) وَلَا يُزَادُ بِقَطْعِ الذَّكَرِ مَعَهَا شَيْءٌ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (بِقِسْطِهِ مِنْهَا) فَلَوْ اخْتَلَّ مَعَهُ مَجْرَى الْبَوْلِ وَجَبَ الْأَكْثَرُ مِنْ قِسْطِ الدِّيَةِ وَحُكُومَةِ فَسَادِ الْمَجْرَى، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْأَلْيَيْنِ) وَمِثْلُهُمَا اللَّحْمَتَانِ النَّاتِئَانِ بِجَنْبِ سِلْسِلَةِ الظَّهْرِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ. قَوْلُهُ: (وَخَرَّ غَيْرُ السَّالِخِ رَقَبَتَهُ) أَوْ خَرَّهَا السَّالِخُ وَاخْتَلَفَ الْجِنَايَةُ عَمْدًا وَغَيْرُهُ، وَلَوْ نَبَتَ الْجِلْدُ اُسْتُرِدَّتْ الدِّيَةُ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا قَوْلُهُ: (فَرْعٌ) التَّعْبِيرُ بِهِ أَنْسَبُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْفَصْلِ، كَمَا لَا يَخْفَى وَزَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ لِطُولِ الْكَلَامِ قَبْلَهُ، وَهُوَ فِي إزَالَةِ الْمَعَانِي الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِالْمَنَافِعِ قَوْلُهُ: (الْمَنَافِعِ) ذَكَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَمَحَلُّ الْوُجُوبِ فِيهَا إنْ لَمْ يَرْجُ عَوْدَهَا بِقَوْلِ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ لَمْ تَعُدْ أَوْ مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ قَدَّرُوهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (فِي الْعَقْلِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُعَقِّلُ صَاحِبَهُ أَيْ يَمْنَعُهُ عَنْ ارْتِكَابِ مَا لَا يَلِيقُ وَالْكَلَامُ فِي الْعَقْلِ الْغَرِيزِيِّ إذَا زَالَ كُلُّهُ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ التَّكْلِيفُ وَقَدْ مَرَّ أَوَّلَ الْكِتَابِ أَنَّهُ غَرِيزَةٌ يَتْبَعُهَا الْعِلْمُ بِالضَّرُورِيَّاتِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْآلَاتِ أَيْ الْحَوَاسِّ، وَمَحَلُّهُ الْقَلْبُ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَهُ شُعَاعٌ مُتَّصِلٌ بِالدِّمَاغِ وَقِيلَ مَحَلُّهُ الدِّمَاغُ، وَعَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ وَقِيلَ مَحَلُّهُ هُمَا مَعًا، وَقِيلَ لَا مَحَلَّ لَهُ قَالَهُ الْإِمَامُ فَإِنْ زَالَ بَعْضُهُ وَعَلِمَ كَأَنْ صَارَ يُجَنُّ يَوْمًا، وَيُفِيقُ يَوْمًا وَجَبَ قِسْطُهُ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ كَمَا فِي الْعَقْلِ الْمُكْتَسِبِ، وَهُوَ مَا بِهِ حُسْنُ التَّصَرُّفِ. قَوْلُهُ: (أَيْ إزَالَتُهُ) كَذَا عَبَّرَ بِهِ هُنَا، وَفِي الشَّمِّ وَعَبَّرَ فِي الْبَصَرِ بِالْإِذْهَابِ مَعًا وَالْإِزَالَةِ وَفِي السَّمْعِ وَغَيْرِهِ بِالْإِبْطَالِ فَقِيلَ هُوَ تَفَنُّنٌ فِي التَّعْبِيرِ بِدَلِيلِ تَعْبِيرِهِ أَوَّلًا فِي الْجَمِيعِ بِإِزَالَةِ الْمَنَافِعِ وَبِدَلِيلِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْإِبْطَالِ، وَلَا بِالْمَذْهَبِ وَقِيلَ هُوَ الْأَقْعَدُ إنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ قَدْ يَصِحُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي شَيْءٍ لَا يَصِحُّ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْهَا، كَمَا يُقَالُ لِمَنْ صَرَفَ مَالَهُ فِي شَيْءٍ أَذْهَبَ مَالَهُ فِي كَذَا وَلَا يُقَالُ أَبْطَلَهُ، وَلَا أَزَالَهُ وَيُقَالُ لِمَنْ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ أَبْطَلَهَا، وَلَا يُقَالُ أَذْهَبَهُ وَلَا أَزَالَهَا وَيُقَالُ لِمَنْ نَقَلَ شَيْئًا مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ أَزَالَهُ، وَلَا يُقَالُ أَبْطَلَهُ وَلَا أَذْهَبَهُ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ وَالشَّارِحَ نَظَرَا إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ ضَرَبَ رَأْسَهُ أَوْ لَطَمَهُ) أَيْ وَأَمْكَنَ زَوَالُهُ بِذَلِكَ وَإِلَّا كَضَرْبِهِ بِقَلَمٍ فَزَوَالُهُ بِهَا مُوَافَقَةُ قَدْرٍ لَا ضَمَانَ مَعَهَا فَتَأَمَّلْهُ قَوْلُهُ: (فِي   [حاشية عميرة] فَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ بَعْدَ هَذَا الَّذِي يَلْتَقِمُهُ الْمُرْضِعُ اهـ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْنُهَا فِي الْغَالِبِ يُخَالِفُ لَوْنَ الثَّدْيِ وَحَوْلُهَا دَائِرَةٌ عَلَى لَوْنِهَا وَهِيَ مِنْ الثَّدْيِ لَا مِنْ الْحَلَمَةِ. [دِيَة حَلَمَة الرَّجُل] قَوْلُهُ: (وَعِنِّينٍ) أَيْ لِأَنَّ الْعُنَّةَ ضَعْفٌ فِي الْقَلْبِ لَا فِي نَفْسِ الذَّكَرِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِ الذَّكَرِ) أَيْ فَهِيَ كَالْأَصَابِعِ مَعَ الْكَفِّ قَوْلُهُ: (مِنْهَا) أَيْ كَالسِّنِّ [دِيَة الْأَلْيَيْنِ] قَوْلُهُ: (وَهُمَا حَرْفَا الْفَرْجِ) ، هُوَ تَابِعٌ لِلْأَزْهَرِيِّ حَيْثُ قَالَ الإسكتان نَاحِيَتَا الْفَرْجِ وَالشَّفْرَانِ أَطْرَافُهُمَا كَمَا أَنَّ أَشْفَارَ الْعَيْنِ أَهْدَابُهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ الشَّفْرَانِ هُمَا اللَّحْمَانِ الْمُحِيطَانِ بِالْفَرْجِ إحَاطَةَ الشَّفَةِ بِالْفَمِ. [دِيَة الْعَقْلِ] فَرْعٌ فِي الْعَقْلِ دِيَةٌ: قَدْ مَرَّ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَعَانِي قَوْلُهُ: (وَجَبَا) أَيْ لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ ثُمَّ الْعَقْلُ مَحَلُّهُ الْقَلْبُ وَقِيلَ الرَّأْسُ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا مَحَلَّ لَهُ مُعَيَّنٌ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يَدْخُلُ) وَجْهُ هَذَا بِأَنَّ الْعَقْلَ يُشْبِهُ الرُّوحَ مِنْ حَيْثُ زَوَالُ التَّكْلِيفِ بِزَوَالِهِ وَيُشْبِهُ ضَوْءَ الْبَصَرِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُبْقِي الْجَمَالَ فِي الْأَعْضَاءِ مَعَ زَوَالِهِ كَمَا يَبْقَى الْجَمَالُ فِي الْحَدَقَةِ بَعْدَ ذَهَابِ الضَّوْءِ فَتَشْبِيهُهُ بِالرُّوحِ يُدْخِلُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فِي دِيَتِهِ إذَا كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ وَلِشَبَهِهِ بِالضَّوْءِ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ بَدَلِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْجُرْمِ، كَمَا لَا يَجْمَعُ بَيْنَ دِيَةِ الضَّوْءِ وَأَرْشِ الْعَيْنِ الْقَاتِمَةِ وَإِنْ كَانَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 فَفِي زَوَالِهِ بِالْإِيضَاحِ يَدْخُلُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي دِيَتِهِ وَفِي زَوَالِهِ بِقَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ تَدْخُلُ دِيَتُهُ فِي دِيَتِهِمَا. (وَلَوْ ادَّعَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (زَوَالَهُ) أَيْ الْعَقْلِ بِالْجِنَايَةِ وَأَنْكَرَ الْجَانِي (فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ قَوْلُهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (وَفِعْلُهُ فِي خَلَوَاتِهِ) بِأَنْ رُوقِبَ فِيهَا (فَلَهُ دِيَةٌ بِلَا يَمِينٍ) لِأَنَّ يَمِينَهُ تُثْبِتُ جُنُونَهُ وَالْمَجْنُونُ لَا يَحْلِفُ، وَإِنْ انْتَظَمَ قَوْلُهُ وَفِعْلُهُ فِي خَلَوَاتِهِ صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ صُدُورِ الْمُنْتَظِمِ اتِّفَاقًا أَوْ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ، وَفِي قَوْلِهِ ادَّعَى الْمَعْدُولُ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَنْكَرَ الْجَانِي تَصْرِيحٌ بِالدَّعْوَى الْأَصْلُ لِلْإِنْكَارِ وَفُهِمَ مِنْ السِّيَاقِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَاسْتَشْكَلَ سَمَاعَ دَعْوَاهُ الْمُتَضَمِّنَةِ لِزَوَالِ عَقْلِهِ وَأُوِّلَ بِأَنَّ الْمُرَادَ ادَّعَى وَلِيُّهُ وَمِنْهُ مَنْصُوبُ الْحَاكِمِ (وَفِي السَّمْعِ) أَيْ إبْطَالِهِ (دِيَةٌ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ «فِي السَّمْعِ الدِّيَةُ» وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ. (وَ) فِي إبْطَالِهِ (مِنْ أُذُنٍ نِصْفٌ) مِنْ الدِّيَةِ، (وَقِيلَ قِسْطُ النَّقْصِ) مِنْهُ مِنْ الدِّيَةِ (وَلَوْ أَزَالَ أُذُنَيْهِ وَسَمْعَهُ فَدِيَتَانِ) لِأَنَّ السَّمْعَ لَيْسَ فِي الْأُذُنَيْنِ (وَلَوْ ادَّعَى زَوَالَهُ وَانْزَعَجَ لِلصِّيَاحِ فِي نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ فَكَاذِبٌ) لَكِنْ يَحْلِفُ الْجَانِي لِاحْتِمَالِ أَنَّ الِانْزِعَاجَ بِسَبَبٍ آخَرَ اتِّفَاقِيٌّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْزَعِجْ (حَلَفَ) لِاحْتِمَالِ تَجَلُّدِهِ (وَأَخَذَ دِيَةً وَإِنْ نَقَصَ) السَّمْعُ (فَقِسْطُهُ) أَيْ النَّقْصِ مِنْ الدِّيَةِ (وَإِنْ عَرَفَ) قَدْرَهُ بِأَنْ عَرَفَ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا، فَصَارَ يَسْمَعُ مِنْ قَدْرِ نِصْفِهِ مَثَلًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ بِالنِّسْبَةِ (فَحُكُومَةٌ) فِيهَا (بِاجْتِهَادِ قَاضٍ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ سَمْعُ قَرْنِهِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ مَنْ لَهُ مِثْلُ سِنِّهِ (فِي صِحَّتِهِ وَيَضْبِطُ التَّفَاوُتَ بَيْنَ سَمْعَيْهِمَا) وَذَلِكَ بِأَنْ يُجْلِسَ قَرْنَهُ بِجَنْبِهِ وَيُنَادِيَهُمَا مَنْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ لَا يَسْمَعُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ثُمَّ يَقْرُبُ الْمُنَادِي شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ يَقُولَ الْقَرْنُ: سَمِعْت فَيَعْرِفُ الْمَوْضِعَ، ثُمَّ يُدِيمُ الْمُنَادِي ذَلِكَ الْحَدَّ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ، وَيَقْرُبُ إلَى أَنْ يَقُولَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ: سَمِعْت فَيَضْبِطُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ أَيْ وَيُؤْخَذُ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ (وَإِنْ نَقَصَ) السَّمْعُ (مِنْ أُذُنٍ سُدَّتْ وَضَبَطَ مُنْتَهَى سَمَاعِ الْأُخْرَى ثُمَّ عَكَسَ) أَيْ سُدَّتْ الصَّحِيحَةُ، وَضَبَطَ مُنْتَهَى سَمَاعِ الْعَلِيلَةِ (وَوَجَبَ قِسْطُ التَّفَاوُتِ) مِنْ الدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَ النِّصْفُ وَجَبَ رُبُعُ الدِّيَةِ. (وَفِي ضَوْءِ كُلِّ عَيْنٍ)   [حاشية قليوبي] الْأَكْثَرِ) وَكَذَا لَوْ تَسَاوَيَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. . قَوْلُهُ: (لِأَنَّ يَمِينَهُ تُثْبِتُ جُنُونَهُ) وَلَا يُقَالُ بِيَمِينِهِ ثَبَتَ عَقْلُهُ لَا مَكَانُ صُدُورِهِ اتِّفَاقًا قَوْلُهُ: (وَالْمَجْنُونُ لَا يَحْلِفُ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي زَوَالِ كُلِّ الْعَقْلِ، وَإِلَّا حَلَفَ زَمَنَ إفَاقَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلِهِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ عُدُولِ الْمُصَنِّفِ الْمُقْتَضِي لِلْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ الْمُحْوِجِ لِلتَّأْوِيلِ وَلَوْ بَنَى ادَّعَى فِي كَلَامِهِ لِلْمَجْهُولِ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْمُتَضَمِّنَةِ لِزَوَالِ عَقْلِهِ) صَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ الْمُتَضَمِّنَةِ لِبَقَاءِ عَقْلِهِ أَوْ الْمُتَضَمِّنَةِ لِعَدَمِ زَوَالِ عَقْلِهِ، أَوْ الْمُنَافِيَةِ لِزَوَالِ عَقْلِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي السَّمْعِ) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْبَصَرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْحَوَاسِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ وَلِذَلِكَ قُدِّمَ عَلَى الْبَصَرِ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ غَالِبًا، وَلِأَنَّهُ يُدْرِكُ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ. قَوْلُهُ: (أَيْ إبْطَالِهِ) خَرَجَ مَا لَوْ ارْتَتَقَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ فَإِنْ رَجَا عَوْدَهُ فَلَا شَيْءَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (يَحْلِفُ الْجَانِي) أَنَّ سَمْعَهُ بَاقٍ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. قَوْلُهُ (حَلَفَ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ زَالَ مِنْ جِنَايَةِ هَذَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَقَصَ) أَيْ مِنْ الْأُذُنَيْنِ أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا، وَسَيَأْتِي الثَّانِي فِي كَلَامِهِ وَمَا ذَكَرَهُ يَصْدُقُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الْأُذُنَيْنِ، وَفِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَلَا يَتَعَدَّدُ السَّمْعُ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ تَعَدَّدَ مَنْفَذُهُ بِخِلَافِ الْبَصَرِ فَإِنَّهُ تَعَدَّدَ وَمَحَلُّهُ الْحَدَقَةُ كَذَا قَالَهُ الْخَطِيبُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إنْ عَرَفَ) وَلَوْ بِقَوْلِهِ وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ دَعْوَاهُ مِنْ تَعْيِينِ قَدْرٍ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْقَافِ) وَحُكِيَ كَسْرُهَا وَيُسَمَّى تِرْبًا بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ قَبْلَ الْمُوَحَّدَةِ قَوْلُهُ: (كُلِّ عَيْنٍ) وَلَوْ عَيْنَ أَحْوَلَ أَوْ أَعْشَى وَهُوَ مَنْ لَا يُبْصِرُ لَيْلًا وَأَخْفَشَ، وَهُوَ مَنْ لَا يُبْصِرُ نَهَارًا وَلَوْ أَعْشَاهُ فَنِصْفُ دِيَةٍ أَوْ أَخْفَشَهُ أَوْ أَعْمَشَهُ أَوْ أَجْهَرَهُ أَوْ أَشْخَصَ   [حاشية عميرة] بِفَوَاتِ الْعَيْنِ الْقَاتِمَةِ تَجِبُ الْحُكُومَةُ بَلْ يَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ، قَوْلُهُ: (تَدْخُلُ دِيَتُهُ) أَيْ وَعَلَى الْأَوَّلِ تَجِبُ ثَلَاثُ دِيَاتٍ. قَوْلُهُ: (الْأَصْلُ لِلْإِنْكَارِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ إلَّا بَعْدَهَا، قَوْلُهُ: (وَأَوَّلَ إلَخْ) لِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ادَّعَى فِي كَلَامِ الْمَتْنِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ، أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلٍ [ديةالسمع] قَوْلُهُ: (وَفِي السَّمْعِ) جَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ طُرُقِ إبْطَالِهِ الصَّوْتَ الْهَائِلَ الْخَارِقَ لِلْعَادَةِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ أُذُنِ نِصْفٌ إلَخْ) قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمُتَعَدِّدِ فِي الْبَدَنِ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ يَجِبُ فِيهِ أَيْ فِي الذَّاهِبِ مِنْ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ الْحُكُومَةُ فَإِنَّ السَّمْعَ وَاحِدٌ، وَرُبَّمَا كَانَ الذَّاهِبُ بِانْسِدَادِ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ دُونَ النِّصْفِ أَوْ أَزْيَدَ وَلَكِنْ لَمَّا عَسُرَ ضَبْطُ نَقْصِهِ جَعَلَ الْمَنْفَذَ ضَابِطًا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ بِخِلَافِ ضَوْءِ الْبَصَرِ فَإِنَّ تِلْكَ اللَّطِيفَةَ مُتَعَدِّدَةٌ وَمَحَلُّهَا الْحَدَقَةُ اهـ. وَلَوْ ارْتَقَتْ الْأُذُنُ فَتَعَطَّلَ السَّمْعُ بِعَدَمِ وُصُولِ الْهَوَاءِ أَوَّلَ طَبَقَةٍ نَاقِيَةٍ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَالْحُكُومَةُ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ قَسَّطَ النَّقْصَ) أَيْ لِأَنَّ السَّمْعَ وَاحِدٌ، قَوْلُهُ: (السَّمْعُ) أَيْ مِنْ أُذُنَيْهِ قَوْلُهُ: (إنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ إلَخْ) أَيْ عَرَفَ مِنْهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَقِسْ عَلَى نَظِيرِهِ الْآتِي، قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْقَافِ إلَخْ) . أَمَّا بِكَسْرِهَا فَهُوَ الْمُكَافِئُ ثُمَّ طَرِيقُ الِاعْتِبَارِ بِالْقَرَنِ أَنْ يَجْلِسَا مَعًا وَيُؤْمَرُ مَنْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ وَيُنَادِيهِمَا مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ لَا يَسْمَعُ فِيهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا، ثُمَّ يَقْرُبُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ يَقُولَ السَّلِيمُ سَمِعْت فَيَعْلَمُ الْمَوْضِعَ ثُمَّ يُدِيمُ النِّدَاءَ، وَهُوَ يَقْرُبُ إلَى أَنْ يَسْمَعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَيُخْتَبَرُ مِنْ نَظِيرِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ مِنْ جِهَاتٍ أُخَرَ لِئَلَّا يَكْذِبَ تَكْثِيرًا لِلْأَرْشِ، هَذَا كَتَبْته قَبْلَ رُؤْيَتِهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (سُدَّتْ إلَخْ) ، بَقِيَ مَا لَوْ ادَّعَى زَوَالَهُ مِنْ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ إنْ كَانَتْ الصَّحِيحَةُ إذَا سُدَّتْ بِشَيْءٍ عُرِفَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 أَيْ إذْهَابِهِ (نِصْفُ دِيَةٍ) ذَكَرُوا فِيهِ حَدِيثَ مُعَاذٍ: «فِي الْبَصَرِ الدِّيَةُ» وَهُوَ غَرِيبٌ (فَلَوْ فَقَأَهَا لَمْ يَزِدْ) عَلَى النِّصْفِ بِخِلَافِ إزَالَةِ الْأُذُنِ وَإِبْطَالِ السَّمْعِ مِنْهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ ادَّعَى زَوَالَهُ) أَيْ الضَّوْءِ وَأَنْكَرَ الْجَانِي (سَأَلَ أَهْلَ الْخِبْرَةِ) فَإِنَّهُمْ إذَا أَوْقَفُوا الشَّخْصَ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِ الشَّمْسِ وَنَظَرُوا فِي عَيْنِهِ عَرَفُوا أَنَّ الضَّوْءَ ذَاهِبٌ أَوْ قَائِمٌ بِخِلَافِ السَّمْعِ لَا يُرَاجَعُونَ فِيهِ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى مَعْرِفَتِهِ (أَوْ يُمْتَحَنُ بِتَقْرِيبِ عَقْرَبٍ أَوْ حَدِيدَةٍ مِنْ عَيْنِهِ بَغْتَةً وَنَظَرَ هَلْ يَنْزَعِجُ) أَوْ لَا فَإِنْ انْزَعَجَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْزَعِجْ فَقَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا: نَقَلَ السُّؤَالَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَجَمَاعَةٍ، وَالِامْتِحَانَ عَنْ جَمَاعَةٍ وَرَدَّ الْأَمْرَ إلَى خِبْرَةِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا عَنْ الْمُتَوَلِّي (وَإِنْ نَقَصَ) الضَّوْءُ (فَكَالسَّمْعِ) فِي نَقْصِهِ، فَإِنْ عَرَفَ قَدْرَ النَّقْصِ بِأَنْ كَانَ يَرَى الشَّخْصَ مِنْ مَسَافَةٍ فَصَارَ لَا يَرَاهُ إلَّا مِنْ نِصْفِهَا مَثَلًا فَقِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ نَقَصَ ضَوْءُ عَيْنٍ عُصِبَتْ وَوَقَفَ شَخْصٌ فِي مَوْضِعٍ يَرَاهُ وَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَبَاعَدَ حَتَّى يَقُولَ لَا أَرَاهُ فَتُعْرَفُ الْمَسَافَةُ ثُمَّ تُعْصَبُ الصَّحِيحَةُ، وَتُطْلَقُ الْعَلِيلَةُ وَيُؤْمَرُ الشَّخْصُ بِأَنْ يَقْرُبَ رَاجِعًا إلَى أَنْ يَرَاهُ فَيَضْبِطَ مَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ وَيَجِبُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ. (وَفِي الشَّمِّ) أَيْ إزَالَتِهِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ، (دِيَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) ذَكَرُوا فِيهِ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «فِي الشَّمِّ الدِّيَةُ» وَهُوَ غَرِيبٌ. وَالثَّانِي فِيهِ حُكُومَةٌ لِأَنَّهُ ضَعِيفُ النَّفْعِ وَدُفِعَ بِأَنَّهُ مِنْ الْحَوَاسِّ الَّتِي هِيَ طَلَائِعُ الْبَدَنِ فَكَانَ كَغَيْرِهِ مِنْهَا وَفِي إزَالَتِهِ مِنْ أَحَدِ الْمَنْخِرَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ نَقَصَ وَعَلِمَ قَدْرَ الذَّاهِبِ وَجَبَ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَحُكُومَةٌ (وَفِي الْكَلَامِ) أَيْ إبْطَالِهِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى اللِّسَانِ (دِيَةٌ) . رَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ: «فِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ» إنْ مَنَعَ الْكَلَامَ وَنَقَلَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِيهِ الْإِجْمَاعَ (وَفِي) إبْطَالِ (بَعْضِ الْحُرُوفِ قِسْطُهُ وَالْمُوَزَّعُ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ) أَوَّلُهَا فِي الذِّكْرِ عَادَةً أَلْفٌ أَيْ هَمْزَةٌ فَفِي ذَهَابِ نِصْفِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي كُلِّ حَرْفٍ رُبُعُ سُبُعِ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَتَرَكَّبُ مِنْ جَمِيعِهَا (وَقِيلَ لَا يُوَزَّعُ عَلَى الشَّفَهِيَّةِ وَالْحَلْقِيَّةِ) وَالْأُولَى الْبَاءُ وَالْفَاءُ وَالْمِيمُ وَالْوَاوُ وَالثَّانِيَةُ الْهَاءُ وَالْهَمْزَةُ وَالْعَيْنُ وَالْحَاءُ الْمُهْمَلَتَانِ وَالْغَيْنُ وَالْخَاءُ الْمُعْجَمَتَانِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى اللِّسَانِ فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى الْحُرُوفِ الْخَارِجَةِ مِنْهُ، وَهِيَ مَا عَدَا الْمَذْكُورَاتِ، وَالْأَوَّلُ قَالَ الْحُرُوفُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَخَارِجُهَا الِاعْتِمَادُ فِي جَمِيعِهَا عَلَى اللِّسَانِ وَبِهِ يَسْتَقِيمُ النُّطْقُ، وَالْحَلْقِيَّةُ مَنْسُوبَةٌ إلَى الْحَلْقِ، وَالشَّفَهِيَّةُ إلَى الشَّفَةِ وَأَصْلُهَا شَفَهَةٌ، وَقِيلَ شَفْوَةٌ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْمُحَرَّرِ الشَّفَوِيَّةُ وَقَوْلُهُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ تَعَلَّقَ بِالْمُوَزَّعِ. وَقَوْلُهُ قِسْطُهُ أَيْ   [حاشية قليوبي] بَصَرَهُ، فَحُكُومَةٌ، وَالْفَرْقُ احْتِمَالُ عَدَمِ قُوَّةِ الْإِبْصَارِ لِضَوْءِ النَّهَارِ. قَوْلُهُ: (أَهْلَ الْخِبْرَةِ) وَيَكْفِي اثْنَانِ مِنْهُمْ، وَإِذَا شَهِدُوا بِذَهَابِهِ أُخِذَتْ الدِّيَةُ بِلَا تَحْلِيفٍ بِخِلَافِ الِامْتِحَانِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ أَنَّ لَهُمْ مَعْرِفَةً بِتَوَقُّعِ عَوْدِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ بِبَقَائِهِ لِنَوْعٍ مِنْ الْإِدْرَاكِ مَعْرِفَتُهُمْ بِزَوَالِهِ لِعَدَمِ عَلَامَةٍ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (أَوْ يَمْتَحِنُ) أَيْ بَعْدَ السُّؤَالِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَهُوَ رَدُّ الْأَمْرِ إلَى خِبْرَةِ الْحَاكِمِ فَهُوَ مُؤَخَّرٌ عَنْهُمَا عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّهُ أَضْعَفُهَا. قَوْلُهُ: (وَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَبَاعَدَ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي السَّمْعِ عَكْسُ هَذَا بِتَقْدِيمِ التَّبَاعُدِ عَلَى الْقُرْبِ، وَلَعَلَّهُ تَفَنَّنَ لِإِفَادَةِ جَوَازِ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَالَتَيْنِ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ ذِكْرِهِ لِذَلِكَ حِكْمَةً فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: مَتَى اُتُّهِمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ اُمْتُحِنَ بِتَخَالُفِ الْمَسَافَةِ فِي الْجِهَةِ، أَوْ بِتَغَيُّرِ نَحْوِ مَلْبُوسٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ صِدْقُهُ وَكَذَا مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَعَلِمَ قَدْرَ الذَّاهِبِ إلَخْ) أَيْ بِمَا مَرَّ فِي السَّمْعِ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ وَلَا دَخْلَ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ فِيهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَفِي الْكَلَامِ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ امْتِحَانِهِ وَحَلِفِهِ قَوْلُهُ: (ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ) وَلَامٌ أَلِفٌ مُكَرَّرَةٌ فَلَا شَيْءَ فِيهَا اسْتِقْلَالًا، وَفِي غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ يُوَزِّعُ عَلَيْهَا قَلَّتْ، أَوْ كَثُرَتْ وَيُوَزِّعُ عَلَى أَكْثَرِ اللُّغَتَيْنِ لِمَنْ عَرَفَهُمَا إنْ كَانَ الْحَرْفُ الَّذِي أُزِيلَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا فَعَلَى لُغَةٍ هُوَ مِنْهَا وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ الْعَرَبِيَّةَ مُطْلَقًا مَتَى اجْتَمَعَتْ مَعَ غَيْرِهَا.   [حاشية عميرة] ذَهَابُ سَمْعِ الْأُخْرَى سُدَّتْ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَيَجِبُ لَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ اهـ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّجْرِبَةِ لَا يَكْفِي مَرَّةً بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَرَّاتٍ يَزُولُ بِهَا التَّصَنُّعُ وَيَتَّفِقُ فِيهَا النِّدَاءُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ حُمِلَ عَلَى أَقَلِّ الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَزِدْ) هُوَ كَذَلِكَ وَإِذَا قَلَعَ الْحَدَقَةَ مَعَ ذَلِكَ وَجَبَ لَهَا حُكُومَةٌ، قَوْلُهُ: (سُئِلَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ) أَيْ وَلَا تَحْلِيفَ قَوْلُهُ: (وَرَدَّ الْأَمْرَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَتْنِ قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ فِي الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ يُعْتَبَرُ بِقَرْنِهِ قَوْلُهُ: (عُصِبَتْ إلَخْ) أَيْ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّاتٍ وَيَنْظُرُ قَدْرَ الْمَسَافَاتِ هَلْ اتَّحَدَتْ أَمْ اخْتَلَفَتْ كَمَا سَلَفَ نَظِيرُهُ فِي السَّمْعِ. [دِيَة الشَّمّ] قَوْلُهُ: (وَعَلِمَ قَدْرَ الذَّاهِبِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُمْتَحَنُ عِنْدَ التَّنَازُعِ بِسَدِّ أَحَدِ الْمَنْخِرَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّمْعِ اهـ. وَلَوْ كَانَ النَّقْصُ مِنْهُمَا فَإِنْ عَرَفَ قَدْرَهُ بِأَنْ عَلِمْنَا أَنَّهُ كَانَ يَشُمُّ مِنْ مَسَافَةِ كَذَا وَصَارَ يَشُمُّ مِنْ نِصْفِهَا وَجَبَ الْقِسْطُ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مُرَادِ الشَّارِحِ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (رُبُعُ سَبْعٍ) لِأَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ رُبُعُ سَبْعٍ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يُوَزَّعُ) قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَفْسَدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُهُمَا ضَمَانُ الْحُرُوفِ الشَّفَهِيَّةِ، فَإِنْ الْتَزَمَا ذَلِكَ وَإِلَّا فَسَدَ التَّعْلِيلُ، قَوْلُهُ: (فِي لُغَةِ الْعَرَبِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُوَزَّعِ) أَيْ فَتُفِيدُ الْعِبَارَةُ أَنَّ غَيْرَ لُغَةِ الْعَرَبِ لَا يُوَزَّعُ عَلَى هَذِهِ الْحُرُوفِ، بَلْ تُعْتَبَرُ حُرُوفُ تِلْكَ اللُّغَةِ وَإِنْ كَثُرَتْ كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ الْآتِي، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا خِلْقَةً وَلَوْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ وَغَيْرَهَا، وَزَّعَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 إنْ كَانَ فِي الْبَعْضِ الْبَاقِي كَلَامٌ مَفْهُومٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ذَلِكَ فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وُجُوبُ كَمَالِ الدِّيَةِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْكَلَامِ قَدْ فَاتَتْ، وَجَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَالثَّانِي وُجُوبُ الْقِسْطِ وَمَا تَعَطَّلَ بِهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ لَا يَجِبُ بِهِ شَيْءٌ كَمَا لَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَتَعَطَّلَ مَشْيُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَنَصُّهُ فِي الْأُمِّ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (لَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا) أَيْ الْحُرُوفِ (خِلْقَةً) كَالْأَرَتِّ وَالْأَلْثَغِ (أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَدِيَةٌ) فِي إبْطَالِ كَلَامِهِ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ، (وَقِيلَ قِسْطٌ) مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى جَمِيعِ الْحُرُوفِ (أَوْ بِجِنَايَةٍ فَالْمَذْهَبُ لَا تَكْمُلُ دِيَةً) فِي إبْطَالِ كَلَامِهِ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي أَبْطَلَهُ الْجَانِي الْأَوَّلُ، وَقِيلَ تَكْمُلُ وَالْخِلَافُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا قَبْلَهُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْ فَإِنْ قُلْنَا بِالْقِسْطِ هُنَاكَ فَهُنَا أَوْلَى أَوْ بِالْكَمَالِ هُنَاكَ فَهُنَا فِيهِ وَجْهَانِ وَحَاصِلُهُ طَرِيقَانِ قَاطِعَةٌ، وَحَاكِيَةٌ الْخِلَافَ وَلَوْ أَبْطَلَ بَعْضَ مَا يُحْسِنُهُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَجَبَ قِسْطُهُ مِمَّا ذَكَرَ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ. (وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبُعُ كَلَامِهِ أَوْ عَكَسَ) أَيْ قَطَعَ رُبُعُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ (فَنِصْفُ دِيَةٍ) اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ الْمَضْمُونِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ، وَلَوْ قَطَعَ النِّصْفَ فَذَهَبَ النِّصْفُ فَنِصْفُ دِيَةٍ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَفِي الصَّوْتِ) أَيْ إبْطَالِهِ مَعَ بَقَاءِ اللِّسَانِ عَلَى اعْتِدَالِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ (دِيَةٌ فَإِنْ بَطَلَ مَعَهُ حَرَكَةُ لِسَانٍ فَعَجَزَ عَنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ فَدِيَتَانِ) لِأَنَّهُمَا مَنْفَعَتَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا دِيَةٌ (وَقِيلَ دِيَةٌ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْكَلَامُ، وَيَفُوتُ بِطَرِيقَيْنِ: انْقِطَاعِ الصَّوْتِ، وَعَجْزِ اللِّسَانِ عَنْ الْحَرَكَةِ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ، رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ «مَضَتْ السُّنَّةُ فِي الصَّوْتِ إذَا انْقَطَعَ بِالدِّيَةِ» وَهَذَا مِنْ الصَّحَابِيِّ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ (وَفِي الذَّوْقِ) أَيْ إبْطَالِهِ (دِيَةٌ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْحَوَاسِّ، وَيَبْطُلُ بِجِنَايَةٍ عَلَى اللِّسَانِ أَوْ الرَّقَبَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (أَوْ بِجِنَايَةٍ) أَيْ مِنْ جِنْسِ مَنْ يَضْمَنُ كَالْحَرْبِيِّ وَإِلَّا كَجِنَايَةِ سَبُعٍ فَكَالْآفَةِ فَقَوْلُهُ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ أَيْ فِي نَفْسِهِ مِمَّنْ شَأْنُهُ الْغُرْمُ سَوَاءٌ ضَمِنَ أَمْ لَا كَعَبْدٍ إذَا جَنَى عَلَيْهِ سَيِّدُهُ وَسَوَاءٌ أُخِذَ أَوْ لَا قَوْلُهُ: (وَجَبَ قِسْطُهُ) وَيُوَزَّعُ فِي الْعَجْزِ الْخِلْقِيِّ وَالْآفَةِ عَلَى مَنْ يُحْسِنُهُ إنْ أَخَلَّ كَلَامُهُ بِالْمَقْصُودِ وَإِلَّا وَجَبَ جَمِيعُ الدِّيَةِ وَتُوَزَّعُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَمِيعِ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَا يُجْبَرُ حَرْفٌ حَدَثَ أَوْ أَكْثَرُ أَرْشِ حَرْفٍ ذَهَبَ بِالْجِنَايَةِ، وَيُوَزَّعُ عَلَى مَا كَانَ وَقْتَ الْجِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (مِمَّا ذُكِرَ) وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا أَوْ غَيْرَ الشَّفَهِيَّةِ، وَالْحَلْقِيَّةُ مَا عَجَزَ عَنْهُ أَوْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ أَوْ بِهَا. قَوْلُهُ: (الْمَضْمُونِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ) أَيْ الْكَلَامِ وَاللِّسَانِ بِوَصْفِ النُّطْقِ فِيهِ فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةٌ، وَلِذَلِكَ لَوْ ذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ بِجِنَايَةٍ عَلَى اللِّسَانِ بِلَا قَطْعٍ ثُمَّ قَطَعَهُ آخَرُ، وَجَبَ عَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ فَاقْتَصَّ بِقَطْعِ نِصْفِهِ، فَذَهَبَ رُبُعُ كَلَامِهِ وَجَبَ رُبُعُ الدِّيَةِ، وَلَوْ ذَهَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَلَامِهِ فَلَا شَيْءَ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ الْقِصَاصِ هَدَرٌ، قَوْلُهُ: (مَعَ بَقَاءِ اللِّسَانِ إلَخْ) وَمَعَ بَقَاءِ مَبْلَغِ الطَّعَامِ صَحِيحًا أَيْضًا، فَلَوْ ضَاقَ بِاعْوِجَاجِ عُنُقٍ مَثَلًا وَجَبَتْ حُكُومَةٌ وَلَوْ انْسَدَّ فَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَإِمَامُهُ وَجَبَتْ دِيَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ أَوْ مَاتَ بِغَيْرِ عَدَمِ الطَّعَامِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا مِنْ الصَّحَابِيِّ إلَخْ) هُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ زَيْدًا الْمَذْكُورَ تَابِعِيٌّ لَا صَحَابِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُهُ أَنَّ هَذَا لَفْظُ الصَّحَابِيِّ حَكَاهُ التَّابِعِيُّ عَنْهُ فَالْمَعْنَى وَهَذَا اللَّفْظُ الَّذِي ذَكَرَهُ التَّابِعِيُّ هُوَ لَفْظُ الصَّحَابِيِّ النَّاقِلِ لَهُ عَنْهُ وَهُوَ مِنْ الصَّحَابِيِّ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الذَّوْقِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْحَوَاسِّ الظَّاهِرَةِ وَمَحَلُّهُ اللِّسَانُ لِأَنَّهُ مَفْرُوشٌ فِي سَطْحِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ فِي طَرَفِ الْحَنْجَرَةِ. قَوْلُهُ: (وَتُدْرَكُ بِهِ حَلَاوَةٌ إلَخْ) فَالْحَلَاوَةُ كَالْعَسَلِ، وَالْحُمُوضَةُ كَالْخَلِّ، وَالْمَرَارَةُ كَالصَّبْرِ، وَالْمُلُوحَةُ كَالْمِلْحِ، وَالْعُذُوبَةُ كَالْمَاءِ، وَيَصْدُقُ فِي زَوَالِ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ فَإِنْ اُتُّهِمَ اُمْتُحِنَ بِالْمَطْعُومَاتِ.   [حاشية عميرة] عَلَى الْعَرَبِيَّةِ وَقِيلَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا حُرُوفًا وَقِيلَ عَلَى أَقَلِّهِمَا. قَوْلُهُ: (خِلْقَةً) دَخَلَ فِي هَذَا مَنْ كَانَتْ لُغَتُهُ كَذَلِكَ كَالْفَارِسِيِّ فَإِنَّ الْفَارِسِيَّةَ لَيْسَ فِيهَا ضَادٌ وَلَا حَاءٌ وَلَا طَاءٌ وَلَا ظَاءٌ وَلَا عَيْنٌ فَقَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ ثُبُوتُ الْخِلَافِ وَالْمَعْرُوفُ الْقَطْعُ بِكَمَالِ الدِّيَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مُفْهِمٌ) وَلِأَنَّ ضَعْفَ مَنْفَعَةِ الضَّوْءِ لَا يَقْدِرُ فِي كَمَالِهِ كَضَعْفِ الْبَصَرِ وَسَائِرِ الْمَعَانِي، قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ جِنَايَةَ الْحَرْبِيِّ كَالْآفَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْخِلَافِ وَفِيهِ) أَيْ فَعَلَى الرَّاجِحِ يُنْسَبُ فِي مَسْأَلَةِ الْجِنَايَةِ إلَى جَمِيعِ الْحُرُوفِ، وَفِيمَا قَبْلَهَا إلَى مَا يُحْسِنُهُ وَقِيلَ الْعَكْسُ، قَوْلُهُ: (فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ مِمَّا ذَكَرَ. [دِيَة نصف اللِّسَان] قَوْلُهُ: (فَذَهَبَ رُبُعُ كَلَامِهِ) يُرِيدُ رُبُعَ الْحُرُوفِ. قَوْلُهُ: (اعْتِبَارًا بِالْأَكْثَرِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَوْ لَمْ تُؤَثِّرْ إلَّا فِي أَحَدِهِمَا لَكَانَ مَضْمُونًا بِالدِّيَةِ فَإِذَا أَثَّرَتْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَجَبَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْأَكْثَرِ وَغَيْرِهِ، وَكَمَا لَوْ أَبْطَلَ الْبَطْشَ بِقَطْعِ بَعْضِ الْأَصَابِعِ تَجِبُ دِيَةٌ وَلَوْ جَاءَ آخَرُ، وَقَطَعَ بَاقِيَ اللِّسَانِ وَجَبَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ أَخْذًا بِالْأَغْلَظِ أَيْضًا وَلَوْ ذَهَبَ نِصْفُ الْكَلَامِ بِجِنَايَةٍ عَلَى اللِّسَانِ بِلَا قَطْعٍ ثُمَّ قَطَعَهُ آخَرُ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ إبْطَالُهُ مَعَ بَقَاءِ اللِّسَانِ عَلَى اعْتِدَالِهِ إلَخْ) . كَذَا صَوَّرَ فِي الْمَطْلَبِ قَالَ وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ مُرَادَ الْأَصْحَابِ بِزَوَالِ النُّطْقِ زَوَالُ الْكَلَامِ وَإِنْ وُجِدَ مَعَهُ صَوْتٌ لَا يُفْهَمُ وَإِلَّا لَكَانَ مَعْنَى الْأَمْرَيْنِ وَاحِدًا. قَوْلُهُ: (فَعَجَزَ) الْمُرَادُ بِهَذَا عَدَمُ النُّطْقِ [دِيَة الذَّوْق] قَوْلُهُ: (كَالْبَصَرِ إلَخْ) أَيْ وَكَالشَّلَلِ مَعَ الْيَدِ قَوْلُهُ: (صُلْبٍ) هُوَ بِضَمِّهِمَا وَفَتْحِهِمَا وَضَمِّ الْأَوَّلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 (وَتُدْرَكُ بِهِ حَلَاوَةٌ وَحُمُوضَةٌ وَمَرَارَةٌ وَمُلُوحَةٌ وَعُذُوبَةٌ وَتُوَزَّعُ) الدِّيَةُ (عَلَيْهِنَّ) فَإِذَا أَبْطَلَ إدْرَاكَ وَاحِدَةٍ وَجَبَ خُمُسُ الدِّيَةِ (فَإِنْ نَقَصَ) الْإِدْرَاكُ فَلَمْ يُدْرِكْ الطُّعُومَ عَنْ إكْمَالِهَا (فَحُكُومَةٌ) فِي النَّقْصِ (وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْمَضْغِ) أَيْ إبْطَالِهِ لِأَنَّهُ الْمَنْفَعَةُ الْعُظْمَى لِلْأَسْنَانِ وَفِيهَا الدِّيَةُ فَكَذَا مَنْفَعَتُهَا كَالْبَصَرِ مَعَ الْعَيْنَيْنِ (وَ) تَجِبُ (فِي قُوَّةِ إمْنَاءٍ) أَيْ إبْطَالِهَا (بِكَسْرِ صُلْبٍ) لِفَوَاتِ الْمَاءِ الْمَقْصُودِ لِلنَّسْلِ (وَ) فِي (قُوَّةِ حَبَلٍ) أَيْ إبْطَالِهَا مِنْ الْمَرْأَةِ لِفَوَاتِ النَّسْلِ وَهِيَ دِيَةُ الْمَرْأَةِ (وَ) فِي (ذَهَابِ جِمَاعٍ) بِجِنَايَةٍ عَلَى صُلْبٍ مَعَ بَقَاءِ الْمَاءِ، وَسَلَامَةِ الذَّكَرِ كَمَا صَوَّرَهُ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بُطْلَانَ الِالْتِذَاذِ بِالْجِمَاعِ وَعَبَّرَ الْإِمَامُ بِشَهْوَةِ الْجِمَاعِ وَاسْتَبْعَدَ ذَهَابَهَا مَعَ بَقَاءِ الْمَنِيِّ وَعُلِّلَتْ الْمَسْأَلَةُ بِأَنَّ الْمُجَامَعَةَ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ وَلَوْ أَنْكَرَ الْجَانِي ذَهَابَ الْجِمَاعِ صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ. (وَفِي إفْضَائِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (مِنْ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ أَيٍّ مِنْهُمَا (دِيَةٌ) أَيْ دِيَتُهَا (وَهُوَ رَفْعُ مَا بَيْنَ مَدْخَلِ ذَكَرٍ وَدُبُرٍ وَقِيلَ) مَدْخَلُ (ذَكَرٍ وَ) مَخْرَجُ (بَوْلٍ) وَهُوَ فَوْقَهُ وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى الثَّانِي فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي مَسْأَلَةٍ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِكَوْنِهَا مُفْضَاةً. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ الدِّيَةُ الْأَوَّلُ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَعَلَى الْأَوَّلِ تَجِبُ فِي الثَّانِي حُكُومَةٌ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي الصَّحِيحُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إفْضَاءٌ مُوجَبٌ لِلدِّيَةِ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ يَخْتَلُّ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَلَوْ أَزَالَ الْحَاجِزَيْنِ لَزِمَهُ دِيَتَانِ وَسَكَتَ عَلَى مَقَالَتِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بَعْدَ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَسَوَاءٌ الْإِفْضَاءُ بِالْوَطْءِ وَغَيْرِهِ، كَأُصْبُعٍ وَخَشَبَةٍ وَالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ وَبِزِنًى (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَطْءُ) لِلزَّوْجَةِ الَّذِي هُوَ حَقُّ الزَّوْجِ (إلَّا بِإِفْضَاءٍ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ) الْوَطْءُ وَلَا يَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ. (وَمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ افْتِضَاضَهَا) أَيْ الْبِكْرِ (فَأَزَالَ الْبَكَارَةَ بِغَيْرِ ذَكَرٍ) كَأُصْبُعٍ وَخَشَبَةٍ (فَأَرْشُهَا) يَلْزَمُهُ وَهُوَ الْحُكُومَةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ تَقْدِيرِ الرِّقِّ كَمَا سَيَأْتِي (أَوْ بِذَكَرٍ لِشُبْهَةٍ) كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ (أَوْ مُكْرَهَةً فَمَهْرُ مِثْلٍ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ) الْبَكَارَةِ (وَقِيلَ مَهْرُ بِكْرٍ) وَلَا أَرْشَ وَإِنْ طَاوَعَتْهُ فَلَا مَهْرَ وَلَا أَرْشَ (وَمُسْتَحِقُّهُ) أَيْ الِافْتِضَاضِ وَهُوَ الزَّوْجُ (لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي إزَالَةِ الْبَكَارَةِ بِذَكَرٍ) أَوْ غَيْرِهِ، (وَقِيلَ إنْ أَزَالَ بِغَيْرِ ذَكَرٍ فَأَرْشٌ) عَلَيْهِ لِعُدُولِهِ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ اقْتِضَاءَ الْعُدُولِ أَرْشًا (وَفِي الْبَطْشِ) أَيْ إبْطَالِهِ بِأَنْ ضَرَبَ يَدَيْهِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَقَصَ) أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ النَّقْصِ وَإِلَّا وَجَبَ الْقِسْطُ. قَوْلُهُ: (عَنْ إكْمَالِهَا) أَيْ مَعَ إدْرَاكِهِ لَذَّتَهَا، فَإِنْ ذَهَبَتْ لَذَّتُهَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ. [دِيَة الْمَضْغ] قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْمَضْغِ إلَخْ) قَدْ خَالَفَ فِي تَعْبِيرِهِ بِهَذَا أُسْلُوبَهُ السَّابِقَ، وَلَعَلَّهُ لِلِاخْتِصَارِ بِإِسْقَاطِ لَفْظِ الدِّيَةِ فِي جَمِيعِ مَا بَعْدَهُ، وَيَصْدُقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ بِيَمِينِهِ وَسَيُصَرِّحُ الشَّارِحُ بِبَعْضِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ إبْطَالِهِ) بِنَحْوِ تَخْدِيرِ الْأَسْنَانِ، أَوْ تَصَلُّبِ مُغْرِسِ اللَّحْيَيْنِ بِمَنْعِ حَرَكَتِهِمَا، وَفِي نَقْصِ ذَلِكَ حُكُومَةٌ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْبَصَرِ مَعَ الْعَيْنَيْنِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ الْمَنْفَعَةُ الْعُظْمَى فِيهَا لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (أَيْ إبْطَالِهَا) بِأَنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَنِيٌّ يَخْرُجُ أَصْلًا، وَكَذَا مَنْعُ إحْبَالِهِ مَعَ خُرُوجِهِ فَفِيهِ دِيَةٌ أَيْضًا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْأَطِبَّاءِ أَنَّهُ عَقِيمٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ. قَوْلُهُ: (صُلْبٌ) فِيهِ لُغَاتٌ ثَلَاثٌ ضَمُّ أَوَّلَيْهِ وَفَتْحُهُمَا وَضَمٌّ فَسُكُونٌ وَيُقَالُ صَالِبٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَفِي قُوَّةِ حَبَلٍ) أَيْ مَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْأَطِبَّاءِ أَنَّهَا عَاقِرٌ. قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ الْإِمَامُ بِشَهْوَةِ الْجِمَاعِ) وَهِيَ الْمُرَادَةُ سَوَاءٌ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَذِكْرُ الشَّارِحِ لِلْأَوَّلِ تَصْوِيرٌ. تَنْبِيهٌ: فِي إبْطَالِ اللَّبَنِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الثَّدْيَيْنِ مَثَلًا حُكُومَةٌ كَمَا مَرَّ، وَفَارَقَ الْمَنِيَّ بِأَنَّهُ وَصْفٌ ذَاتِيٌّ، وَاللَّبَنُ يَطْرَأُ وَيَزُول. قَوْلُهُ: (وَفِي إفْضَائِهَا) أَيْ إنْ لَمْ يَلْتَحِمْ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ كَإِفْضَاءِ الْخُنْثَى وَزَوَالِ بَكَارَتِهِ لِأَنَّهُ جِرَاحَةٌ. قَوْلُهُ: (دِيَتُهَا) وَيَنْدَرِجُ فِيهَا أَرْشُ الْبَكَارَةِ لَا الْمَهْرُ إنْ أَزَالَهَا بِوَطْءٍ لِاخْتِلَافِ جِهَةِ الْوُجُوبِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ الْغَائِطُ وَجَبَ حُكُومَةٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ رَفْعُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَزَالَ) أَيْ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي الْمَرْجُوحُ وَسُكُوتُهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا عَلَى مَقَالَةِ الْمُتَوَلِّي هَذِهِ بِوُجُوبِ دِيَتَيْنِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ وَجْهٌ ثَالِثٌ لَا لِاعْتِمَادِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سَكَتَ عَنْهُ بِمَعْنَى أَسْقَطَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُهَا) بَلْ وَلَا يَجُوزُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (افْتِضَاضُهَا) بِالْفَاءِ وَالْقَافِ. قَوْلُهُ: (فَأَرْشُهَا وَهُوَ الْحُكُومَةُ) نَعَمْ لَوْ أَزَالَتْهَا بِكْرٌ وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ) الْمُعْتَمَدُ فِيهِ وُجُوبُ مَهْرِ بِكْرٍ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (فَلَا مَهْرَ) وَلَوْ رَقِيقَةً قَوْلُهُ: (وَلَا أَرْشَ) أَيْ فِي الْحُرَّةِ وَيَجِبُ فِي الرَّقِيقَةِ قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) وَيَحْرُمُ إنْ تَضَرَّرَتْ بِهِ.   [حاشية عميرة] مَعَ سُكُونِ الثَّانِي وَصَالِبٌ [دِيَة إفْضَاء الْمَرْأَةِ مِنْ الزَّوْجِ] قَوْلُهُ: (وَفِي إفْضَائِهَا) عَلَّلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ يَقْطَعُ التَّنَاسُلَ لِأَنَّ النُّطْفَةَ لَا تَسْتَقِرُّ فِي مَحَلِّ الْعُلُوقِ فَكَانَ كَقَطْعِ الذَّكَرِ وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ثُمَّ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَضَاءِ بِمَعْنَى السَّعَةِ وَلَوْ الْتَحَمَ سَقَطَ الدِّيَةُ بِخِلَافِ الْجَائِفَةِ. قَوْلُهُ: (دِيَةٌ) أَيْ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَرْشُ الْبَكَارَةِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ مَدْخَلُ ذَكَرٍ) أَيْ لِأَنَّ إفْضَاءَ مَا بَيْنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ عَسُرَ عَلَى الْآلَةِ فَكَانَ مُرَادُهُمْ بِالْإِفْضَاءِ هَذَا، قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِفْضَاءٍ) أَيْ سَوَاءٌ التَّفْسِيرُ الْأَوَّلُ، وَالثَّانِي [دِيَة فض بَكَارَة مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ افْتِضَاضَهَا] قَوْلُهُ: (فَأَرْشُهَا) يُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَ هَذَا الْمُزِيلُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا الْقِصَاصَ فِي نَفْسِهَا، قَوْلُهُ: (أَوْ بِذَكَرٍ) وَلَوْ بِحَائِلٍ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ، قَوْلُهُ: (لِشُبْهَةٍ أَوْ مُكْرَهَةٍ) يَجِبُ أَيْضًا أَرْشُ الْبَكَارَةِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ إذَا كَانَتْ رَقِيقَةً وَقُلْنَا بِعَدَمِ انْدِرَاجِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ فِي الْمَهْرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، قَوْلُهُ: (فَمَهْرُ مِثْلٍ) وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ الْأَوَّلِ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَالثَّانِي لِزَوَالِ الْبَكَارَةِ وَوَجْهُ الْوَجْهِ الثَّانِي أَنَّ الْغَرَضَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 فَشُلَّتَا (دِيَةٌ وَكَذَا الْمَشْيُ) أَيْ إبْطَالُهُ بِأَنْ ضَرَبَ صُلْبَهُ فَبَطَلَ مَشْيُهُ لِأَنَّ الْبَطْشَ وَالْمَشْيَ مِنْ الْمَنَافِعِ الْخَطِيرَةِ (وَ) فِي (نَقْصِهِمَا حُكُومَةٌ) وَمِنْ نَقْصِ الْمَشْيِ أَنْ يَحْتَاجَ فِيهِ إلَى عَصًا (وَلَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَذَهَبَ مَشْيُهُ وَجِمَاعُهُ أَوْ) مَشْيُهُ (وَمَنِيُّهُ فَدِيَتَانِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَضْمُونٌ بِدِيَةٍ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ (وَقِيلَ دِيَةٌ) لِأَنَّ الصُّلْبَ مَحَلُّ الْمَنِيِّ، وَمِنْهُ يُبْتَدَأُ الْمَشْيُ أَيْ وَيَنْشَأُ الْجِمَاعُ وَاتِّحَادُ الْمَحَلِّ يَقْتَضِي اتِّحَادَ الدِّيَةِ وَمَنَعَ الْأَوَّلُ مَحَلِّيَّةَ الصُّلْبِ لِمَا ذُكِرَ. فَرْعٌ: إذَا (أَزَالَ أَطْرَافًا وَلِطَائِفٍ تَقْتَضِي دِيَاتٍ) كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ الْأَوَّلِ وَالْعَقْلِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنْ الثَّانِي (فَمَاتَ) مِنْهَا (سِرَايَةً فَدِيَةٌ) وَاحِدَةٌ لِلنَّفْسِ وَتَسْقُطُ دِيَاتُ مَا تَقَدَّمَهَا لِدُخُولِهِ فِي النَّفْسِ (وَكَذَا لَوْ حَزَّهُ الْجَانِي قَبْلَ انْدِمَالِهِ) أَيْ حَزَّ رَقَبَتَهُ قَبْلَ انْدِمَالِ جُرُوحِهِ تَجِبُ دِيَةٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِلنَّفْسِ وَيَدْخُلُ فِيهَا مَا تَقَدَّمَهَا وَالثَّانِي تَجِبُ دِيَاتُ مَا تَقَدَّمَهَا أَيْضًا وَلَوْ حَزَّ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَجَبَ مَعَ دِيَةِ النَّفْسِ دِيَاتُ مَا تَقَدَّمَهَا لِاسْتِقْرَارِهَا بِالِانْدِمَالِ (فَإِنْ حَزَّ عَمْدًا وَالْجِنَايَاتُ خَطَأٌ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا تَدَاخُلَ) أَيْ لَا يَدْخُلُ مَا دُونَ النَّفْسِ فِيهَا (فِي الْأَصَحِّ) الْمَبْنِيِّ مَعَ مُقَابِلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ مِنْ الدُّخُولِ عِنْدَ اتِّفَاقِ الْحَزِّ وَمَا تَقَدَّمَهُ فِي الْعَمْدِ أَوْ الْخَطَأِ فَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ خَطَأً ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ عَمْدًا أَوْ قَطَعَهُنَّ عَمْدًا ثُمَّ حَزَّ خَطَأً وَعَفَا فِي الْعَمْدِ فِيهِمَا عَلَى دِيَتِهِ وَجَبَ فِي الْأَوَّلِ دِيَتَا خَطَأٍ وَدِيَةُ عَمْدٍ، وَفِي الثَّانِي دِيَتَا عَمْدٍ وَدِيَةُ خَطَأٍ وَعَلَى التَّدَاخُلِ تَسْقُطُ الدِّيَتَانِ فِيهِمَا. (وَلَوْ حَزَّ) الرَّقَبَةَ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْجَانِي الْمُتَقَدِّمِ (تَعَدَّدَتْ) أَيْ الدِّيَةُ وَلَا يَدْخُلُ فِعْلُ إنْسَانٍ فِي فِعْلِ آخَرَ. فَصْلٌ (تَجِبُ الْحُكُومَةُ فِيمَا لَا مُقَدِّرَ فِي) مِنْ الدِّيَةِ (وَهِيَ جُزْءُ نِسْبَتِهِ إلَى دِيَةِ النَّفْسِ وَقِيلَ إلَى عُضْوِ الْجِنَايَةِ نِسْبَةُ نَقْصِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ (مِنْ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ رَقِيقًا بِصِفَاتِهِ) الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِدُونِ الْجِنَايَةِ عَشَرَةً، وَبَعْدَ الْجِنَايَةِ تِسْعَةً فَالنَّقْصُ الْعُشْرُ فَيَجِبُ عُشْرُ دِيَةِ النَّفْسِ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَتْ يُفْضِيهَا كُلُّ أَحَدٍ فَلِلزَّوْجِ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الرَّتْقِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، قَالَ شَيْخُنَا وَقِيَاسُهُ ثُبُوتُهُ لَهَا إذَا كَانَ هُوَ يُفْضِي كُلَّ امْرَأَةٍ فَرَاجِعْهُ، فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا ظَاهِرًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ ضَرَبَ يَدَيْهِ فَشُلَّتَا دِيَةٌ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ بَطْشَ كُلِّ عُضْوٍ مَضْمُونٌ بِمَا يُضْمَنُ بِهِ ذَلِكَ الْعُضْوُ مِنْ مُقَدَّرٍ أَوْ حُكُومَةٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ ضَرَبَ صُلْبَهُ) أَيْ وَلَمْ يَكْسِرْهُ، وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ إلَّا بَعْدَ الِانْدِمَالِ لِاحْتِمَالِ عَوْدِ السَّلَامَةِ فَلَوْ عَادَ وَحَصَلَ شَيْنٌ فَحُكُومَةٌ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَفِي نَقْصِهِمَا حُكُومَةٌ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْرِفْ وَإِلَّا فَقِسْطُهُ. قَوْلُهُ: (وَجِمَاعُهُ) أَيْ لَذَّتُهُ كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (فَدِيَتَانِ) فَإِنْ أَزَالَ ذَكَرَهُ مَعَ ذَلِكَ فَدِيَةٌ ثَالِثَةٌ، فَإِنْ شُلَّتْ رِجْلَاهُ فَدِيَةٌ رَابِعَةٌ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (فَرْعٌ) هَذِهِ تَرْجَمَةٌ ذَكَرَ فِيهَا اجْتِمَاعَ جِنَايَاتٍ مِمَّا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (إذَا) قَدَّرَهَا الشَّارِحُ لِأَجْلِ الْجَوَابِ بَعْدَهَا، وَيُقَالُ لِلْفَاءِ إنَّهَا الْفَاءُ الْفَصِيحَةُ. قَوْلُهُ: (أَزَالَ أَطْرَافًا وَلَطَائِفَ) أَيْ أَعْضَاءً وَمَعَانِيَ مِنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ حَقِيقَةً وَلَوْ رَقِيقًا، وَيَجِبُ فِي الْبَهِيمَةِ قِيمَتُهَا وَقْتَ الْمَوْتِ مَعَ أَرْشِ أَطْرَافِهَا، وَلَا يَنْدَرِجُ الْأَرْشُ فِي الْقِيمَةِ وَفَارَقَتْ الْآدَمِيَّ بِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ تَعَبُّدٍ. قَوْلُهُ: (دِيَاتٌ) فِيهِ تَغْلِيبٌ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (فَمَاتَ مِنْهَا) أَيْ مَجْمُوعِهَا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ اللَّطَائِفِ سِرَايَةٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الِانْدِمَالِ) أَيْ لِجَمِيعِهَا وَكَذَا لِبَعْضِهَا فَتَجِبُ دِيَةُ مَا انْدَمَلَ زِيَادَةً عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يَدْخُلُ مَا دُونَ النَّفْسِ فِيهَا) أَيْ وَلَا يَدْخُلُ بَعْضُ مَا دُونَ النَّفْسِ فِي بَعْضٍ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنَايَةِ عَمْدًا وَغَيْرُهُ أَيْضًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْمُوضِحَةِ. قَوْلُهُ: (تَسْقُطُ الدِّيَتَانِ) أَيْ دِيَةُ الْخَطَأِ فِي الْأُولَى وَدِيَةُ الْعَمْدِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُمَا دِيَتَا غَيْرُ النَّفْسِ فِيهِمَا. فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا يَتَقَدَّرُ أَرْشُهَا وَفِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ. قَوْلُهُ: (تَجِبُ الْحُكُومَةُ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى حَاكِمٍ أَوْ مُحَكِّمٍ حَتَّى لَوْ وَقَعَتْ   [حاشية عميرة] الِاسْتِمْتَاعُ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُهُ) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ قَدْ يُطَلِّقُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَصِيرُ مَهْرُهَا مَهْرَ ثَيِّبٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ مَهْرَ بِكْرٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ دِيَةٌ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ الرِّجْلُ وَالذَّكَرُ مَعَ ذَلِكَ سَلِيمَيْنِ لَا شَلَلَ فِيهِمَا وَإِلَّا فَيَجِبُ فِيهِمَا دِيَتَانِ قَطْعًا وَتَجِبُ هُنَا لِلصُّلْبِ حُكُومَةٌ مَعَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي الدِّيَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ فَوَاتَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الشَّلَلِ يُضَافُ وَفِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ يُضَافُ إلَى كَسْرِ الصُّلْبِ. [فَرْعٌ أَزَالَ أَطْرَافًا وَلَطَائِفَ تَقْتَضِي دِيَاتٍ فَمَاتَ مِنْهَا سِرَايَةً] قَوْلُهُ: (فَرْعٌ أَزَالَ أَطْرَافًا وَلَطَائِفَ إلَخْ) . أَيْ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَدُخُولُهَا بِالْأَوْلَى قَوْلُهُ: (مِنْهَا) خَرَجَ مَا لَوْ مَاتَ مِنْ بَعْضِهَا بَعْدَ انْدِمَالِ الْبَعْضِ وَكَذَا قَبْلَ انْدِمَالِهِ بِأَنْ كَانَ خَفِيفًا فَإِنَّ أَرْشَهُ لَا يَدْخُلُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَكِنَّ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الثَّانِيَةِ يَقْتَضِي الِانْدِرَاجَ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ حَزَّهُ إلَخْ) . أَيْ لِأَنَّ دِيَةَ النَّفْسِ وَجَبَتْ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ بَدَلِ الْأَطْرَافِ فَدَخَلَ فِيهَا بَدَلُ الْأَطْرَافِ كَمَا لَوْ سَرَتْ، قَوْلُهُ: (فَلَا تَدَاخُلَ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلِيقُ بِالْمُتَّفِقَاتِ دُونَ الْمُخْتَلِفَاتِ وَهَذَا عَكْسُ الرَّاجِحِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْعَدَدِ وَمُقَابِلُهُ جَعَلَهُمَا كَالْعَمْدَيْنِ وَالْخَطَأَيْنِ. قَوْلُهُ: (تَسْقُطُ الدِّيَتَانِ فِيهِمَا) الْمُرَادُ بِهِمَا دِيَةُ الْخَطَأِ وَدِيَةُ الْعَمْدِ. [فَصْلٌ تَجِبُ الْحُكُومَةُ فِيمَا لَا مُقَدِّرَ فِي مِنْ الدِّيَةِ] فَصْلٌ تَجِبُ الْحُكُومَةُ لَمَّا انْتَهَى مِنْ الْوَاجِبِ الْمُقَدَّرِ شَرَعَ فِي الْوَاجِبِ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ، قَوْلُهُ: (لَا مُقَدَّرَ فِيهِ) وَلَوْ بَكَارَةً قَوْلُهُ: (مِنْ الدِّيَةِ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ تَجِبُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 وَقِيلَ عُشْرُ دِيَةِ الْعُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَالْيَدِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْحُكُومَةُ (لِطَرَفٍ) أَيْ لِأَجْلِهِ (لَهُ) أَرْشٌ (مُقَدَّرٌ اشْتَرَطَ أَنْ لَا تَبْلُغَ) الْحُكُومَةُ (مُقَدَّرَهُ فَإِنْ بَلَغَتْهُ نَقَصَ الْقَاضِي شَيْئًا) مِنْهُ (بِاجْتِهَادِهِ) قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يَكْفِي حَطُّ أَقَلَّ مَا يُتَمَوَّلُ (أَوْ) كَانَتْ لِطَرَفٍ (لَا تَقْدِيرَ فِيهِ كَفَخِذٍ) وَظَهْرٍ (فَإِنْ) أَيْ فَالشَّرْطُ أَنْ (لَا تَبْلُغَ) الْحُكُومَةُ (دِيَةَ نَفْسٍ) وَيَجُوزُ أَنْ تَبْلُغَ دِيَةَ طَرَفٍ مُقَدَّرِ الْأَرْشِ كَالْيَدِ وَأَنْ يُزَادَ عَلَى دِيَتِهِ (وَيُقَوَّمَ) لِمَعْرِفَةِ الْحُكُومَةِ (بَعْدَ انْدِمَالِهِ) أَيْ انْدِمَالِ جُرْحِهِ (فَإِنْ لَمْ يَبْقَ) بَعْدَ الِانْدِمَالِ (نَقْصٌ) لَا فِيهِ، وَلَا فِي الْقِيمَةِ (اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ نَقْصٍ) فِيهِ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ (إلَى الِانْدِمَالِ وَقِيلَ بِقَدْرِهِ) أَيْ النَّقْصِ الْمَذْكُورِ (قَاضٍ بِاجْتِهَادِهِ) لِئَلَّا تَخْلُوَ الْجِنَايَةُ عَنْ غُرْمٍ (وَقِيلَ لَا غُرْمَ) وَحِينَئِذٍ يَجِبُ التَّعْزِيرُ. (وَالْجُرْحُ الْمُقَدَّرُ) أَرْشُهُ (كَمُوضِحَةٍ يَتْبَعُهُ الشَّيْنُ حَوَالَيْهِ) وَلَا يُفْرَدُ بِالْحُكُومَةِ (وَمَا لَا يَتَقَدَّرُ) أَرْشُهُ (يُفْرَدُ) الشَّيْنُ حَوَالَيْهِ (بِحُكُومَةٍ فِي الْأَصَحِّ) ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالثَّانِي الْمَذْكُورُ فِي الْوَجِيزِ أَنَّهُ يَتْبَعُ الْجُرْحَ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كَلَامٌ آخَرُ فِي الْمَسْأَلَةِ يُوَافِقُهُ الثَّانِي (وَ) تَجِبُ فِي (نَفْسِ الرَّقِيقِ) الْمُتْلَفِ (قِيمَتُهُ) بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ لِيَسْتَوِيَ فِيهِ الْقِنُّ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ (وَفِي غَيْرِهَا) أَيْ النَّفْسِ مِنْ الْأَطْرَافِ وَاللَّطَائِفِ (مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّرْ) ذَلِكَ الْغَيْرِ (فِي الْحُرِّ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَدَّرَ فِيهِ كَالْمُوضِحَةِ وَقَطْعِ الطَّرَفِ وَغَيْرِهِمَا، (فَنِسْبَتُهُ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ فَيَجِبُ مِثْلُ نِسْبَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَفِي قَطْعِ يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ.   [حاشية قليوبي] بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِمَا، لَمْ تُعْتَبَرْ كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ وُقُوعِهَا الْمَوْقِعَ لَوْ دَفَعَهَا الْجَانِي، أَوْ أَخَذَهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْهُ بِلَا حَاكِمٍ عَلَى أَنَّ فِي دُخُولِ الْحَاكِمِ فِيهَا نَظَرًا لِأَنَّهَا الْمُعْتَبَرُ فِيهَا النِّسْبَةُ الَّتِي مَرْجِعُهَا إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ لَا إلَى الْحَاكِمِ. نَعَمْ تَوَقُّفُ مَا لَا نِسْبَةَ فِيهِ عَلَى الْحَاكِمِ ظَاهِرٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي نَحْوِ أُنْمُلَةٍ لَهَا طَرَفَانِ أَوْ إذَا لَمْ يُوجَدْ نَقْصٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِيمَا لَا مُقَدَّرَ فِيهِ) أَيْ مِنْ الْأَطْرَافِ وَاللَّطَائِفِ وَالْجِرَاحَاتِ وَلَمْ يَقَعْ فِيهِ قَوَدٌ، وَأَمَّا الشُّعُورُ فَلَا قَوَدَ فِيهَا مُطْلَقًا وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ، فِيمَا شَأْنُهُ بِالزِّينَةِ مِنْهَا كَلِحْيَةٍ، وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَتُعْتَبَرُ فِيهَا بِلِحْيَةِ رَجُلٍ كَبِيرٍ وَفِي غَيْرِهِ التَّعْزِيرُ فَقَطْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ جُزْءُ نِسْبَتِهِ إلَى دِيَةِ النَّفْسِ) أَيْ فِي الْحُرِّ وَنِسْبَتُهُ إلَى الْقِيمَةِ فِي الرَّقِيقِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الرَّقِيقِ الْقِيمَةُ وَلَا يُقَوَّمُ إلَّا بِالنَّقْدِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْحُرِّ الدِّيَةُ وَلَا يُقَوَّمُ إلَّا بِالْإِبِلِ أَصَالَةً وَيَجُوزُ اعْتِبَارُ النَّقْدِ فِيهِ أَيْضًا نَعَمْ لَوْ قَطَعَ أُنْمُلَةً لَهَا طَرَفَانِ وَجَبَ مَعَ دِيَتِهَا حُكُومَةٌ بِاجْتِهَادِ قَاضٍ لَا بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ إمْكَانِهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ لِأَجْلِهِ) أَيْ الطَّرَفِ أَيْ لِجِرَاحَةٍ عَلَيْهِ، وَدَفَعَ بِذَلِكَ كَوْنَ الْجِنَايَةِ بِإِزَالَةِ الطَّرَفِ، وَالْحُكُومَةِ لِإِزَالَتِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (اشْتَرَطَ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَلَا يَبْلُغُ جُرْحُ رَأْسٍ أَرْشَ مُوضِحَةٍ، وَلَا جُرْحُ بَطْنٍ أَرْشَ جَائِفَةٍ، وَلَا حَارِصَةٍ أَرْشَ مُتَلَاحِمَةٍ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِمَامُ) مُعْتَمَدٌ قَوْلُهُ: (فَأَنْ لَا تَبْلُغَ دِيَةَ نَفْسٍ) وَهَذَا مُحَالٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اعْتِبَارِ النِّسْبَةِ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ بُلُوغُهَا أَرْشَ عُضْوٍ مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَهَذَا فِي الْحُكُومَةِ الْوَاحِدَةِ، فَلَوْ تَعَدَّدَتْ وَلَوْ لِجُرْحٍ وَاحِدٍ جَازَ بُلُوغُهَا دِيَةَ النَّفْسِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيُقَوَّمُ بَعْدَ انْدِمَالِهِ) إلَّا إنْ مَاتَ الْمَجْرُوحُ بِغَيْرِ السِّرَايَةِ أَوْ دَوَامَ الْجُرْحُ بِلَا بُرْءٍ، فَيُقَوَّمُ قَبْلَ انْدِمَالٍ. قَوْلُهُ: (أَقْرَبُ نَقْصٍ) أَيْ أَقْرَبُ وَقْتٍ يُوجَدُ فِيهِ نَقْصٌ قَبْلَ وَقْتِ الِانْدِمَالِ إلَيْهِ، وَهَكَذَا إلَى حَالِ سَيَلَانِ الْجِرَاحَةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نَقْصٌ أَصْلًا فَرَضَ الْقَاضِي حُكُومَةً بِاجْتِهَادِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. تَنْبِيهٌ: إذَا فَرَضَ الْقَاضِي حُكُومَةً فِي شَخْصٍ لَمْ تَصِرْ حُكْمًا لَازِمًا فِي كُلِّ شَخْصٍ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْجِرَاحَاتِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَظِيرَهُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ. قَوْلُهُ: (يَتْبَعُهُ الشَّيْنُ) وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُفْرِدُ إلَخْ) أَيْ إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ، وَإِلَّا كَمُوضِحَةِ رَأْسٍ تَعَدَّى شَيْنُهَا إلَى الْقَفَا فَلَا يَتْبَعُ وَيُفْرَدُ بِحُكُومَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ أَوْضَحَ جَبِينَهُ فَأَزَالَ حَاجِبَهُ وَجَبَ الْأَكْثَرُ مِنْ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: أَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَحُكُومَةِ الشَّيْنِ، وَحُكُومَةِ الْحَاجِبِ قِيلَ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (يُفْرَدُ إلَخْ) أَيْ فَيُقَوَّمُ غَيْرَ مَجْرُوحٍ ثُمَّ مَجْرُوحًا بِلَا شَيْنٍ، فَمَا نَقَصَ فَهُوَ حُكُومَةُ الْجُرْحِ ثُمَّ مَجْرُوحًا مَعَ شَيْنٍ فَمَا نَقَصَ بَعْدَ النَّقْصِ الْأَوَّلِ فَهُوَ حُكُومَةُ الشَّيْنِ، وَيَجُوزُ بُلُوغُ ذَلِكَ دِيَةَ النَّفْسِ وَلَهُ الْعَفْوُ عَنْ إحْدَاهُمَا فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ. قَوْلُهُ: (كَمَا صَرَّحَ بِهِ) أَيْ بِالْأَصَحِّ الْمَذْكُورِ فِي الْمُحَرَّرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي ذَلِكَ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ لَفْظَ فِي الْأَصَحِّ لَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ اعْتِرَاضًا عَلَيْهِ وَنِسْبَتُهُ إلَى الْمُحَرَّرِ زِيَادَةٌ فِي الِاعْتِرَاضِ فَتَأَمَّلْهُ [دِيَة نَفْسِ الرَّقِيقِ الْمُتْلَفِ قِيمَتُهُ] قَوْلُهُ: (وَفِي غَيْرِهَا) أَيْ نَفْسِ الرَّقِيقِ مِمَّا لَا يَتَقَدَّرُ مِنْ الْحُرِّ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْجُرْحُ عَلَى مَالِهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ اشْتَرَطَ أَنْ   [حاشية عميرة] الْحُكُومَةُ قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ عُشْرُ دِيَةِ النَّفْسِ) أَيْ لِأَنَّ جُمْلَتَهُ مَضْمُونَةٌ بِالدِّيَةِ فَكَذَا أَجْزَاؤُهُ يُعْتَبَرُ بِهَا كَالْمَبِيعِ لَمَّا ضَمِنَ بِالثَّمَنِ كَانَ أَرْشُهُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ عُشْرُ دِيَةِ الْعُضْوِ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى يَدِهِ وَجَبَ عُشْرُ دِيَتِهَا أَوْ عَلَى أُصْبُعِهِ وَجَبَ عُشْرُ دِيَتِهَا وَأَفْسَدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ حَيْثُ إنَّ التَّقْوِيمَ لَمَّا كَانَ لِلنَّفْسِ وَجَبَ أَنْ يَعْتَبِرَ النَّصَّ بِهَا أَيْضًا، فَجِنَايَةُ الْحُكُومَةِ قَدْ تُقَارِبُ جِنَايَةَ الْمُقَدَّرِ كَالسِّمْحَاقِ مَعَ الْمُوضِحَةِ فَلَوْ اعْتَبَرَ النَّقْصَ لَبَعُدَ مَا بَيْنَ الْأَرْشَيْنِ مَعَ قُرْبِ مَا بَيْنَ الْجِنَايَتَيْنِ قَالَ الْأَصْحَابُ وَقُوِّمَ الْحُرُّ عَبْدًا، كَمَا أَلْحَقْنَا الْعَبْدَ بِالْحُرِّ فِي تَقْدِيرِ أَطْرَافِهِ مِنْ قِيمَتِهِ وَقَدْ يَسْتَأْنِسُ أَيْضًا بِتَقْوِيمِ مَا عَتَقَ بِالسِّرَايَةِ. قَوْلُهُ: (كَالْيَدِ) أَمَّا الَّذِي لَا مُقَدَّرَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ انْدِمَالِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ قَدْ تَسْرِي إلَى النَّفْسِ أَوْ إلَى عُضْوٍ مُقَدَّرٍ فَلَا يَكُونُ فِي وَاجِبَةٍ الْحُكُومَةُ، قَوْلُهُ (لَا غُرْمَ) أَيْ لِعَدَمِ النَّقْصِ (قَوْلُهُ: فَنِسْبَتُهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ: ذَلِكَ الْغَيْرُ. قَوْلُهُ: (فَنِسْبَتُهُ مِنْ قِيمَتِهِ) لَوْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَتَرَاجَعَ إلَى ثَمَانِمِائَةٍ غَرَّمْنَاهُ خَمْسَمِائَةٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 (وَفِي قَوْلٍ) يَجِبُ (مَا نَقَصَ) مِنْهَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مَالٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ قَدِيمٌ. (وَلَوْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ فَفِي الْأَظْهَرِ) يَجِبُ (قِيمَتَانِ وَالثَّانِي) يَجِبُ (مَا نَقَصَ) مِنْ قِيمَتِهِ (فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ) عَنْهَا (فَلَا شَيْءَ) فِيهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ أَيْ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابَيْنِ (وَالْعَاقِلَةِ) عَطْفٌ عَلَى مُوجِبَاتِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمْ (وَالْكَفَّارَةِ) لِلْقَتْلِ وَذَكَر فِيهِ قَبْلَهَا الْغُرَّةَ وَجِنَايَةَ الْعَبْدِ إذَا (صَاحَ عَلَى صَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ) كَائِنٌ (عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ) أَوْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ (فَوَقَعَ بِذَلِكَ) الصِّيَاحِ بِأَنْ ارْتَعَدَ بِهِ (فَمَاتَ) بَعْدَ الْوَقْعِ (فَدِيَةٌ) أَيْ فَفِيهِ دِيَةٌ (مُغَلَّظَةٌ) بِالتَّثْلِيثِ (عَلَى الْعَاقِلَةِ وَفِي قَوْلٍ) فِيهِ (قِصَاصٌ) لِأَنَّ التَّأَثُّرَ بِهِ غَالِبٌ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ غَلَبَتَهُ وَيَجْعَلُ مُؤَثِّرَهُ شِبْهَ عَمْدٍ، وَقَوْلُهُ   [حاشية قليوبي] لَا يَبْلُغَ أَرْشُهُ أَرْشَ الْمُقَدَّرِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ، فَإِنْ بَلَغَهُ نَقَصَ مِنْهُ الْقَاضِي كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرِّ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَفِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ، وَفَرَّقَ تَبَعًا لَهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي الرَّقِيقِ أَصَالَةً نَقْصُ الْقِيمَةِ حَتَّى الْمُقَدَّرِ أَرْشُهُ عَلَى قَوْلٍ بِخِلَافِ الْحُرِّ. تَنْبِيهٌ: يُعْتَبَرُ الْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ مِنْ الدِّيَةِ، وَبِقَدْرِ الرِّقِّ مِنْ الْقِيمَةِ فَفِي قَطْعِ يَدٍ مِمَّنْ نِصْفُهُ حُرٌّ رُبُعُ الدِّيَةِ وَرُبُعُ الْقِيمَةِ، وَفِيمَا لَا مُقَدِّرَ لَهُ يُقَوَّمُ كُلُّهُ رَقِيقًا سَلِيمًا بِلَا جُرْحٍ ثُمَّ رَقِيقًا بِهِ، وَيُوَزَّعُ النَّقْصُ نِصْفَيْنِ فَيَجِبُ نِصْفُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَنِصْفُهُ مِنْ الْقِيمَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَدَّرَ حُرًّا كُلُّهُ ثُمَّ رَقِيقًا كُلُّهُ، وَيَنْظُرُ الْوَاجِبَ لِذَلِكَ الْجُرْحِ ثُمَّ يُقَدِّرُ نِصْفَهُ الْحُرَّ رَقِيقًا وَيَنْظُرُ مَا نَقَصَهُ الْجُرْحُ مِنْ الْقِيمَةِ ثُمَّ يُوَزَّعُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَلَوْ وَجَبَ بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ عُشْرُ الدِّيَةِ، وَبِالثَّانِي رُبُعُ الْقِيمَةِ وَجَبَ فِيمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ، كَمَا مَرَّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَنِصْفُ رُبُعِ الْقِيمَةِ اهـ. كَلَامُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَفَسَادٌ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (يَجِبُ قِيمَتَانِ) نَعَمْ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ اثْنَانِ فَقَطَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَهُ مَثَلًا مُرَتَّبًا قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَمْ يَمُتْ مِنْهُمَا لَزِمَ الثَّانِي نِصْفُ مَا وَجَبَ عَلَى الْأَوَّلِ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا فَصَارَتْ بِالْأَوَّلِ ثَمَانَمِائَةٍ لَزِمَ الْأَوَّلَ خَمْسُمِائَةٍ وَلَزِمَ الثَّانِيَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ لَا أَرْبَعُمِائَةٍ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَسْتَقِرَّ جِنَايَتُهُ، وَقَدْ أَوْجَبْنَا عَلَى الثَّانِي نِصْفَ الْقِيمَةِ فَكَانَ الْأَوَّلُ انْتَقَصَ نِصْفَهَا فَلَوْ انْدَمَلَتْ قَبْلَ جِنَايَةِ الثَّانِي لَزِمَهُ أَرْبَعُمِائَةٍ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَفَسَادٌ وَاضِحٌ. بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لِإِيجَابِهَا. قَوْلُهُ: (فِي الْبَابَيْنِ) غَلَبَ الْبَابُ لِسَبْقِهِ عَلَى الْكِتَابِ وَلِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَوْدِهِ لِكِتَابِ الْجِرَاحِ. قَوْلُهُ: (وَالْكَفَّارَةِ) عَطْفٌ عَلَى الدِّيَةِ وَلِذَلِكَ سَكَتَ الشَّارِحُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقَلَاقَةِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَذَكَرَ فِيهِ إلَخْ. إلَى أَنَّهُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى التَّرْجَمَةِ وَلَيْسَ بِمَعِيبٍ. قَوْلُهُ: (صَاحَ) وَلَوْ بِلَا آلَةٍ أَوْ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ، قَوْلُهُ: (عَلَى طَرَفٍ) لَا عَلَى غَيْرِهِ كَوَسَطِهِ إلَّا إنْ كَانَ نَحْوَ جَمَلُونٍ مُدَحْرَجٍ. قَوْلُهُ: (سَطْحٍ) أَيْ عَالٍ بِحَيْثُ يُنْسَبُ لِلْوُقُوعِ مِنْهُ الْهَلَاكُ، قَوْلُهُ: (بِأَنْ ارْتَعَدَ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ قَيْدٌ لِوُجُوبِ الدِّيَةِ وَفِي ابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ نِسْبَةِ الْوُقُوعِ إلَى الصِّيَاحِ سَوَاءٌ ارْتَعَدَ أَوْ لَا، وَيُصَدَّقُ الصَّائِحُ فِي عَدَمِ الِارْتِعَادِ أَيْ عَدَمُ نِسْبَةِ الْوُقُوعِ لِصِيَاحِهِ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْوُقُوعِ) قَيْدٌ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَاتَ مَكَانَهُ فَهَدَرٌ، فَالْمُرَادُ بَعْدَ ابْتِدَاءِ الْوُقُوعِ وَكَالْمَوْتِ تَلَفُ بَعْضِ أَطْرَافِهِ أَوْ لَطَائِفِهِ كَزَوَالِ عَقْلِهِ فَفِيهِ الدِّيَةُ أَيْضًا، وَيَجْرِي هَذَا فِي الْمُمَيِّزِ الْآتِي وَلَوْ بَالِغًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَيَجْعَلُ مُؤَثَّرَهُ) هُوَ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ بِمَعْنَى التَّأْثِيرِ. قَوْلُهُ: (وَقَوْلُهُ لَا يُمَيِّزُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ غَيْرُ قَوِيِّ التَّمْيِيزِ، لِأَنَّ   [حاشية عميرة] فَلَوْ قَطَعَ آخَرُ يَدَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ ثُمَّ انْدَمَلَتَا لَمْ نُغَرِّمْهُ أَرْبَعَمِائَةٍ بَلْ نِصْفُ مَا وَجَبَ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى لَمْ تَسْتَقِرَّ كَيْ يُمْكِنَ اعْتِبَارُ النَّقْصِ وَقَدْ أَوْجَبْنَا نِصْفَ الْقِيمَةِ فَكَأَنَّ الْأَوَّلَ انْتَقَصَ نِصْفَ الْقِيمَةِ. قَوْلُهُ: (يَجِبُ) هَذَا الْفِعْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ قِيمَتِهِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ جُزْءٌ مِنْ الْقِيمَةِ نِسْبَتُهُ إلَيْهَا نِسْبَةُ الْوَاجِبِ فِي الْحُرِّ إلَى الدِّيَةِ، قَوْلُهُ: (مِنْهَا) أَيْ كَمَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْجُمْلَةِ الْقِيمَةُ. [دِيَة قطع الذَّكَرَ وأنثياه] قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَالَفَ فِيهَا الْحُرَّ لِمَا سَلَفَ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ فِي مِثْلِ هَذَا حُكُومَةٌ بِاعْتِبَارِ إحْدَى الْحَالَاتِ إلَى الِانْدِمَالِ وَيُخَالِفُ أَيْضًا فِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَاعْتِبَارُ نُقْصَانِ أَوْصَافِهِ مِنْ ضَمَانِ نَفْسِهِ وَعَدَمُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَوُجُوبُ نَقْدِ الْبَلَدِ دُونَ الْإِبِلِ وَلَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ وَهَذَا الْأَخِيرُ كَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ بَعْدَ انْدِمَالِ الْيَدَيْنِ. [بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ] ِ إلَخْ قَوْلُهُ: (عَلَى صَبِيٍّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِ الصَّائِحِ قَوْلُهُ: (بِأَنْ ارْتَعَدَ بِهِ) صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (فَمَاتَ) فِي تَعْبِيرِهِ بِالْفَاءِ مَا يَقْتَضِي الْفَوْرِيَّةَ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَالشَّرْطُ أَنْ يَمُوتَ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ زَالَ عَقْلُهُ لَزِمَهُ دِيَتُهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 لَا يُمَيِّزُ مُقَابِلُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقِّظٌ. (وَلَوْ كَانَ) الصَّبِيُّ الْمُصَيَّحُ عَلَيْهِ (بِأَرْضٍ) فَمَاتَ (أَوْ صَاحَ عَلَى بَالِغٍ بِطَرَفِ سَطْحٍ) وَنَحْوِهِ فَسَقَطَ وَمَاتَ (فَلَا دِيَةَ) فِيهِمَا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ لِأَنَّ الصِّيَاحَ حَصَلَ بِهِ فِي الصَّبِيِّ الْمَوْتُ وَفِي الْبَالِغِ عَدَمُ التَّمَاسُكِ الْمُفْضِي إلَيْهِ، وَدَفَعَ بِأَنَّ مَوْتَ الصَّبِيِّ بِمُجَرَّدِ الصِّيَاحِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ، وَعَدَمُ تَمَاسُكِ الْبَالِغِ بِهِ خِلَافُ الْغَالِبِ مِنْ حَالِهِ، فَيَكُونُ مَوْتُهُمَا مُوَافَقَةَ قَدَرٍ (وَشَهْرُ سِلَاحٍ كَصِيَاحٍ) ، فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ (وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقِّظٌ كَبَالِغٍ) فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ. (وَلَوْ صَاحَ عَلَى صَيْدٍ فَاضْطَرَبَ صَبِيٌّ) لَا يُمَيِّزُ عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ (وَسَقَطَ) وَمَاتَ (فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) فِيهِ لِتَأْثِيرِهِ خَطَأً (وَلَوْ طَلَبَ سُلْطَانٌ مَنْ ذُكِرَتْ) عِنْدَهُ (بِسُوءٍ فَأَجْهَضَتْ) أَيْ أَلْقَتْ جَنِينًا فَزَعًا مِنْهُ (ضُمِنَ الْجَنِينُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ وَجَبَ ضَمَانُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّ فِيهِ الْغُرَّةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ. (وَلَوْ وَضَعَ صَبِيًّا فِي مَسْبَعَةٍ) أَيْ مَوْضِعِ السِّبَاعِ (فَأَكَلَهُ سَبُعٌ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ لَهُ أَمْكَنَهُ انْتِقَالٌ أَوْ لَا (وَقِيلَ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ انْتِقَالٌ) عَنْ مَوْضِعِ الْهَلَاكِ (ضَمِنَ) لِأَنَّ الْوَضْعَ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ يُعَدُّ إهْلَاكًا عُرْفًا، وَالْأَوَّلُ قَالَ لَيْسَ بِإِهْلَاكٍ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُلْجِئُ السَّبُعُ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْمَوْضُوعُ بَالِغًا فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا (وَلَوْ تَبِعَ بِسَيْفٍ هَارِبًا مِنْهُ فَرَمَى نَفْسَهُ بِمَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ مِنْ سَطْحٍ) فَهَلَكَ (فَلَا ضَمَانَ) لَهُ عَلَى التَّابِعِ لِأَنَّهُ بَاشَرَ إهْلَاكَ نَفْسِهِ قَصْدًا (فَلَوْ وَقَعَ) فِيمَا ذُكِرَ (جَاهِلًا) بِهِ (لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ ضَمِنَ) التَّابِعُ لَهُ لِإِلْجَائِهِ إلَى الْهَرَبِ الْمُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ. (وَكَذَا لَوْ انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ فِي هَرَبِهِ) فَهَلَكَ أَيْ ضَمِنَهُ التَّابِعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ، وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ شُعُورِهِ بِالْمُهْلِكِ   [حاشية قليوبي] الْمُتَيَقِّظَ هُوَ قَوِيُّ التَّمْيِيزِ، وَمَا فِي الْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ الْمُخَالِفِ لِهَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (بَالِغٍ) أَيْ قَوِيِّ التَّمْيِيزِ فَالْمَجْنُونُ وَالْمُبَرْسَمُ وَالْمَعْتُوهُ، وَالنَّائِمُ الْمُوَسْوِسُ كَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ. قَوْلُهُ: (فَلَا دِيَةَ وَلَا قِصَاصَ) بِلَا خِلَافٍ وَسَوَاءٌ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ الْوَاقِفُ وَالْجَالِسُ وَالْمُضْطَجِعُ وَغَيْرُهُمْ. قَوْلُهُ: (وَشَهْرُ سِلَاحٍ) أَيْ عَلَى بَصِيرٍ يَرَاهُ وَالتَّهْدِيدُ كَشَهْرِ السِّلَاحِ وَلَوْ عَلَى أَعْمَى. قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَاحَ) حَلَالٌ أَوْ مُحْرِمٌ عَلَى صَيْدٍ أَيْ مَثَلًا فَاضْطَرَبَ صَبِيٌّ وَمَاتَ فَدِيَةُ خَطَأٍ قَوْلُهُ: (لَا يُمَيِّزُ) بِالْمَعْنَى السَّابِقِ وَالصَّبِيُّ مِثَالٌ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَلَبَ سُلْطَانٌ) أَوْ غَيْرُهُ عَلَى لِسَانِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ كَاذِبًا وَالْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ مَنْ تُخْشَى سَطْوَتُهُ. قَوْلُهُ: (مَنْ ذَكَرْت إلَخْ) فَغَيْرُهَا بِالْأَوْلَى قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَمِثْلُ الطَّلَبِ الْمَذْكُورِ مَا لَوْ أَخْبَرَهَا بِمَوْتِ نَحْوَ وَلَدِهَا، أَوْ قَذَفَهَا فَأَجْهَضَتْ فَيَضْمَنُ الْجَنِينَ فَقَطْ لَا أُمَّهُ فِيهِمَا اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ فَيَضْمَنُهَا أَيْضًا لِأَنَّ الْإِجْهَاضَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ لِلْهَلَاكِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (ضَمِنَ الْجَنِينَ) وَكَذَا أُمُّهُ إنْ مَاتَتْ بِالْإِجْهَاضِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَاقِلَةِ) أَيْ عَاقِلَةِ السُّلْطَانِ إنْ كَانَ بِأَمْرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الطَّالِبُ بِظُلْمِهِ، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ الطَّالِبِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا مَعًا كَمَا فِي الْجَلَّادِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَضَعَ صَبِيًّا) أَيْ حُرًّا إذْ الرَّقِيقُ يُضْمَنُ بِوَضْعِ الْيَدِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (فِي مَسْبَعَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ التَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ، وَقِيلَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ. قَوْلُهُ: (مَوْضِعُ السِّبَاعِ) جَمْعُ سَبُعٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحَيَوَانُ الضَّارِي فَيَشْمَلُ نَحْوَ كَلْبٍ عَقُورٍ. قَوْلُهُ: (أَمْ لَا) أَيْ أَمْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّخَلُّصُ بِذَاتِهِ لِصِغَرٍ أَوْ هَرَمٍ، فَإِنْ كَتَّفَهُ مَثَلًا ضَمِنَهُ وَكَذَا لَوْ أَلْقَى أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَهُمَا فِي مَضِيقٍ لَا فِي مُتَّسَعٍ لِأَنَّ السَّبُعَ يَنْفِرُ مِنْ الْإِنْسَانِ بِطَبْعِهِ فِي الْمُتَّسَعِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ أَغْرَى نَحْوَ أَعْجَمِيٍّ وَلَوْ أَنْهَشَهُ حَيَّةً لَا إنْ أَلْقَى أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَوْ فِي مَضِيقٍ لِأَنَّهَا تَنْفِرُ مُطْلَقًا، وَالضَّمَانُ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ بِالْقَوَدِ وَقَالَ شَيْخُنَا فِي السَّبُعِ شِبْهُ عَمْدٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُلْجِئُ السَّبُعَ إلَخْ) لَعَلَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ إلْقَاءِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ، قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ غَيْرَ مَسْبَعَةٍ، وَإِنْ أَكَلَهُ سَبُعٌ قَطْعًا. تَنْبِيهٌ: لَوْ تَلِفَ الصَّبِيُّ بِغَيْرِ السَّبُعِ كَحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ جُوعٍ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ يَضْمَنُهُ كَالْغَرَقِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَ) أَيْ بِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى هَذَا الْمَرْجُوحِ. [تَبِعَ بِسَيْفٍ هَارِبًا مِنْهُ فَرَمَى نَفْسَهُ بِمَاءٍ أَوْ نَارٍ فَهَلَكَ] قَوْلُهُ: (الْمُفْضِي إلَخْ) أَيْ مَعَ عَدَمِ قَصْدِهِ لِهَلَاكِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ) لَا بِفِعْلِ الْهَارِبِ وَإِلَّا كَأَنْ أَلْقَى نَفْسَهُ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ التَّابِعُ لَهُ) أَيْ بِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ. قَوْلُهُ: (لِمَا ذُكِرَ) وَهُوَ إلْجَاؤُهُ إلَى الْهَرَبِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ شُعُورِهِ) أَيْ التَّابِعِ فَلَوْ شَعَرَ بِهِ كَأَنْ عَلِمَ سَخَافَةَ السَّقْفِ أَوْ ثِقَلَ الْهَارِبِ ضَمِنَهُ قَطْعًا.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (لَا يُمَيِّزُ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ التَّمْيِيزِ مَنْ لَيْسَ مُرَاهِقًا مُسْتَيْقِظًا حَاوَلَ بِذَلِكَ دَفْعَ مَا قِيلَ مَفْهُومُ عِبَارَتِهِ فِي الْمُمَيِّزِ غَيْرِ الْمُرَاهِقِ مُتَدَافِعٌ. تَنْبِيهٌ: فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ صَاحَ بِدَابَّةِ الْغَيْرِ أَوْ هَيَّجَهَا بِوَثْبَةٍ وَنَحْوِهَا، فَسَقَطَتْ فِي مَاءٍ أَوْ وَهْدَةٍ وَجَبَ الضَّمَانُ كَالصَّبِيِّ. كَانَ الصَّبِيُّ الْمُصَيَّحُ عَلَيْهِ بِأَرْضٍ فَمَاتَ قَوْلُهُ: (فَلَا دِيَةَ) اقْتِصَارُهُ عَلَى الدِّيَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا قَائِلَ هُنَا بِالْقِصَاصِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَاحَ) أَيْ وَلَوْ مُحْرِمًا عَلَى صَيْدٍ غَيْرِ الصَّيْدِ مِنْ الْآدَمِيِّ مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ [طَلَبَ سُلْطَانٌ مَنْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ بِسُوءٍ فَأَجْهَضَتْ فَزَعًا مِنْهُ] قَوْلُهُ: (ضَمِنَ الْجَنِينَ) أَيْ لِأَنَّ عَلِيًّا أَشَارَ بِهِ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَدَفَعُوا إلَيْهِ فَكَانَ إجْمَاعًا وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ فَلَا شَيْءَ فِيهَا إلَّا إذَا مَاتَتْ بِالْإِجْهَاضِ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهَا وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ إذَا طَلَبَتْ امْرَأَةٌ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ حَمْلِهَا وَيَكْشِفَ الْحَالَ. [وَضَعَ صَبِيًّا فِي مَسْبَعَةٍ فَأَكَلَهُ سَبُعٌ] قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ بَاشَرَ) أَيْ وَالْمُبَاشَرَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ. قَوْلُهُ (وَكَذَا لَوْ انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ) قَيَّدَ الْإِمَامُ هَذَا بِمَا إذَا كَانَ الِانْخِسَافُ بِسَبَبِ ضَعْفِ السَّقْفِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْقَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 وَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَوْ كَانَ الرَّامِي نَفْسُهُ صَبِيًّا وَقُلْنَا عَمْدُهُ خَطَأٌ ضَمِنَهُ التَّابِعُ لَهُ (وَلَوْ سُلِّمَ صَبِيٌّ إلَى سَبَّاحٍ لِيُعَلِّمَهُ) السِّبَاحَةَ أَيْ الْعَوْمَ (فَغَرِقَ وَجَبَتْ دِيَتُهُ) لِأَنَّ غَرَقَهُ بِإِهْمَالِ السَّبَّاحِ وَهِيَ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَأَنَّ الْمُسَلِّمَ الْوَلِيُّ (وَيَضْمَنُ بِحَفْرِ بِئْرٍ عُدْوَانٍ) أَيْ الْحَفْرِ مَا يَتْلَفُ فِيهَا مِنْ الْمَالِ بِخِلَافِ الْحُرِّ فَتَضْمَنُهُ الْعَاقِلَةُ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الضَّمَانِ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ (لَا) حَفْرٍ (فِي مِلْكِهِ وَمَوَاتٍ) لِلتَّمَلُّكِ أَوْ الِارْتِفَاقِ فَإِنَّهُ غَيْرُ عُدْوَانٍ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ. (وَلَوْ حَفَرَ بِدِهْلِيزِهِ بِئْرًا وَدَعَا رَجُلًا) فَدَخَلَهُ (فَسَقَطَ) فِيهَا فَهَلَكَ، (فَالْأَظْهَرُ ضَمَانُهُ) لِأَنَّهُ غَرَّهُ، وَالثَّانِي لَا ضَمَانَ فِيهِ لِأَنَّ الْمَدْعُوَّ غَيْرُ مُلْجَأٍ (أَوْ) حَفَرَ (بِمِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ مُشْتَرَكٍ بِلَا إذْنٍ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (فَمَضْمُونٌ) أَيْ حَفْرُهُ فِيهِمَا (أَوْ حَفَرَ بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ يَضُرُّ الْمَارَّةَ فَكَذَا) ، أَيْ هُوَ مَضْمُونٌ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ وَلَيْسَ لَهُ الْإِذْنُ فِيمَا يَضُرُّ وَالثَّلَاثُ مِنْ الْعُدْوَانِ (أَوْ لَا يَضُرُّ) الْمَارَّةَ (وَأَذِنَ الْإِمَامُ) فِيهِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَقُلْنَا عَمْدُهُ خَطَأٌ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ فَلَا يَضْمَنُهُ التَّابِعُ وَمِنْ ذَلِكَ يَعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي صَبِيٍّ لَهُ قَصْدٌ وَإِلَّا ضَمِنَهُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَلَّمَ صَبِيٌّ) فَبِغَيْرِ تَسْلِيمٍ يَكُونُ مَضْمُونًا بِالْأَوْلَى وَخَرَجَ الصَّبِيُّ الْبَالِغُ فَغَيْرُ مَضْمُونٍ إلَّا إنْ دَخَلَ بِهِ السَّبَّاحُ إلَى مَحَلِّ الْغَرَقِ وَتَرَكَهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِهِ مَثَلًا فَيَضْمَنُهُ بِالْقَوَدِ إلَّا لِعُذْرٍ، كَغَلَبَةٍ فَلَا ضَمَانَ، قَالَ شَيْخُنَا وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَا ضَمَانَ بِالْقَوَدِ، وَيَنْبَغِي ضَمَانُهُ بِالدِّيَةِ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِإِدْخَالِهِ لِمَا ذُكِرَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْعَوْمَ) وَهُوَ عِلْمٌ لَا يُنْسَى قَوْلُهُ: (بِإِهْمَالِ السَّبَّاحِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ أَمَرَ شَخْصٌ الصَّبِيَّ بِدُخُولِ الْمَاءِ، فَدَخَلَهُ مُخْتَارًا فَغَرِقَ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْآمِرِ، قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَمَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى مَنْ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ الْآمِرِ، أَوْ عَلَى غَيْرِ مُمَيِّزٍ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَاقِلَةِ) أَيْ عَلَى عَاقِلَةِ السَّبَّاحِ فَقَطْ، لَا عَاقِلَةِ الْوَلِيِّ وَلَوْ مُتَعَدِّيًا بِتَسْلِيمِهِ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ لِأَنَّ السَّبَّاحَ مُبَاشِرٌ. قَوْلُهُ: (وَأَنَّ الْمُسَلِّمَ الْوَلِيُّ) هُوَ قَيْدٌ لَا مَفْهُومَ لَهُ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانُ كَمَا عُلِمَ بَلْ مِنْ حَيْثُ الْجَوَازُ إذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْحَفْرُ) أَفَادَ أَنَّ لَفْظَ عُدْوَانٍ صِفَةٌ لِلْحَفْرِ قَبْلَهُ لَا مُضَافٌ لِلْبِئْرِ وَلَا صِفَةٌ لَهَا لِعَدَمِ صِحَّتِهِمَا، لَكِنْ مُقْتَضَاهُ تَضْمِينُ الْمُتَآمِرِ وَسَيَأْتِي خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ لِإِصْلَاحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَالِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ الضَّمَانَ لِإِسْنَادِهِ إلَى الْحَافِرِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَالْمُرَادُ بِالْمَالِ غَيْرُ الرَّقِيقِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَالْحُرِّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْقَوْلُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الضَّمَانَ فِي الْمَالِ عَلَى الْحَافِرِ وَنَحْوَهُ، وَبِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ. قَوْلُهُ: (لَا فِي مِلْكِهِ) أَيْ فِيمَا يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ أَوْ مَنْفَعَتَهُ فَيَشْمَلُ الْمُؤَجِّرَ وَالْمُسْتَأْجَرَ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَالْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ، نَعَمْ لَوْ حَفَرَ فِي مِلْكِهِ فِي الْحَرَمِ وَوَقَعَ فِيهِ صَيْدٌ ضَمِنَهُ. قَوْلُهُ: (وَدَعَا إلَخْ) خَرَجَ الْمُتَعَدِّي بِالدُّخُولِ فَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَلَوْ رَقِيقًا. قَوْلُهُ: (رَجُلًا) هُوَ مِثَالٌ فَالْأُنْثَى وَالصَّبِيُّ وَالْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ أَوْ لِإِفَادَةِ أَنَّ غَيْرَهُ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ غَيْرَهُ) فَهُوَ جَاهِلٌ بِهَا مَعْذُورٌ فَلَوْ رَآهَا أَوْ أَعْلَمَهُ بِهَا، أَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً أَوْ فِي مُنْعَطَفٍ وَانْحَرَفَ إلَيْهَا فَلَا ضَمَانَ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ بِكَلْبٍ عَقُورٍ مَرْبُوطٍ بِدِهْلِيزِهِ، أَوْ سِقَايَةٍ فِيهِ أَوْ عَلَى بَابِهِ فِيهِمَا وَلَا بِتَعْلِيقِ قِنْدِيلٍ كَذَلِكَ، وَلَا بِفَرْشِ حَصِيرٍ أَوْ حَشِيشٍ كَذَلِكَ، وَلَا بِنَصْبِ عَمُودٍ أَوْ سَقْفٍ كَذَلِكَ، وَلَا بِتَطْيِينِ جِدَارٍ تَلِفَ بِهِ مَلْبُوسٌ مُلَاصَقَةً. قَوْلُهُ: (وَالثَّلَاثَةُ مِنْ الْعُدْوَانِ) فَهِيَ أَمْثِلَةٌ لَهُ وَالْأَنْسَبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْحَفْرِ فِي مِلْكِهِ وَيَزُولُ التَّعَدِّي فِي الْأُولَى بِمَنْعِ الْمَالِكِ مِنْ طَمِّهَا أَوْ بِرِضَاهُ بِبَقَائِهَا، أَوْ بِمِلْكِ الْحَافِرِ لِمَحَلِّهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَتَصْدِيقُ الْمَالِكِ عَلَى الْإِذْنِ بَعْدَ التَّرَدِّي لَا يَدْفَعُ الضَّمَانَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ، قَوْلُهُ: (وَأَذِنَ الْإِمَامُ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ وَمِثْلُهُ الْقَاضِي كَمَا قَالَهُ الْهَرَوِيُّ وَتَقْرِيرُهُ كَإِذْنِهِ، فَإِنْ نَهَى ضَمِنَ الْحَافِرُ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ إلَخْ) لَعَلَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَسُكُوتُ الشَّارِحِ عَنْهُ فِي الْأُولَى يُرْشِدُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَان) أَيْ إنْ أَحْكَمَ رَأْسَهَا، وَإِلَّا فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَلَوْ فَتَحَهَا غَيْرُهُ بَعْدَ سَدِّهَا أَوْ حَفَرَهَا بَعْدَ طَمِّهَا، فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَحْدَهُ وَلَوْ زَادَ فِي حَفْرِ غَيْرِهِ فَطَيُّهُمَا مَعًا سَوِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَ حَفْرُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ.   [حاشية عميرة] نَفْسَهُ فِي بِئْرٍ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (وَأَنَّ الْمُسَلِّمَ الْوَلِيُّ) فِي الزَّرْكَشِيّ لَوْ سَلَّمَهَا أَجْنَبِيٌّ فَهُمَا شَرِيكَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (عُدْوَانٌ) أَيْ لَوْ كَانَ التَّرَدِّي بَعْدَ مَوْتِ الْحَافِرِ وَلَوْ تَرَدَّى فَلَمْ يَمُتْ ثُمَّ مَاتَ جُوعًا، فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ زَالَ التَّعَدِّي كَأَنْ اشْتَرَى الْبِئْرَ مِنْ مَالِكِهَا أَوْ رَضِيَ بِإِبْقَائِهَا قَالَ الْمُتَوَلِّي أَوْ مَنَعَهُ مِنْ الطَّمِّ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ حَفَرَهَا فِي أَرْضِهِ الْمُؤَجَّرَةِ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ تَعَدَّى بِالْحَفْرِ، قَوْلُهُ: (لِلتَّمَلُّكِ أَوْ الِارْتِفَاقِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَفَرَهَا لَا لِهَذَيْنِ الْغَرَضَيْنِ يَضْمَنُ وَقَدْ تَبِعَ فِي هَذَا التَّقْيِيدِ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّيَ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَفَرَهَا فِي الْمَوَاتِ لَا لِغَرَضٍ. قَوْلُهُ: (وَدَعَا رَجُلًا) خَرَجَ بِهِ الصَّبِيُّ فَإِنَّ الظَّاهِرَ ضَمَانُهُ قَطْعًا وَيَحْتَمِلُ جَرَيَانَ خِلَافٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ أَوْ خَطَأٌ، قَوْلُهُ: (فَالْأَظْهَرُ ضَمَانُهُ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ وَاسِعًا بِحَيْثُ لَا يَغْلِبُ الْمُرُورُ عَلَى الْبِئْرِ لَكِنْ فِي كَلَامِهِمَا عَلَى مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ الْمَسْمُومِ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا كَانَ الْغَالِبُ مُرُورَهُ عَلَيْهَا وَكَانَتْ مُغَطَّاةً وَلَمْ يُعْلِمْهُ، قَوْلُهُ: (وَأَذِنَ الْإِمَامُ) تَقْدِيرُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ كَإِذْنِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 (فَلَا ضَمَانَ) فِيهِ. قَالَ فِي التَّتِمَّةِ سَوَاءٌ حَفَرَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً أَوْ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ (فَإِنْ حَفَرَ لِمَصْلَحَتِهِ فَقَطْ) فَالضَّمَانُ فِيهِ (أَوْ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ) كَالْحَفْرِ لِلِاسْتِقَاءِ أَوْ لِجَمْعِ مَاءِ الْمَطَرِ (فَلَا) ضَمَانَ فِيهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِجَوَازِهِ وَالثَّانِي قَالَ الْجَوَازُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. (وَمَسْجِدٌ كَطَرِيقٍ) فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ الْحَفْرِ بِتَفْصِيلِهِ وَمِنْهُ مَا فِي التَّتِمَّةِ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَسْجِدٍ لِيَجْتَمِعَ فِيهَا مَاءُ الْمَطَرِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ (وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ جُنَاحٍ) أَيْ خَشَبٍ خَارِجٍ (إلَى شَارِعٍ فَمَضْمُونٌ) وَإِنْ كَانَ إشْرَاعُهُ جَائِزًا بِأَنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي الضَّمَانِ بَيْنَ أَنْ يَأْذَنَ الْإِمَامُ فِي الْإِشْرَاعِ أَوْ لَا وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ جُنَاحٍ إلَى دَرْبٍ مُنْسَدٍّ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ فِيهِ الضَّمَانُ وَبِإِذْنِهِمْ لَا ضَمَانَ فِيهِ (وَيَحِلُّ إخْرَاجُ الْمَيَازِيبِ إلَى شَارِعٍ) لِلْحَاجَةِ الظَّاهِرَةِ فِيهِ (وَالتَّالِفُ بِهَا مَضْمُونٌ فِي الْجَدِيدِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْجُنَاحِ وَالْقَدِيمُ لَا ضَمَانَ فِيهِ لِضَرُورَةِ تَصْرِيفِ الْمِيَاهِ وَمَنَعَ الْأَوَّلَ الضَّرُورَةُ (فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْجِدَارِ فَسَقَطَ الْخَارِجُ) مِنْهُ فَإِنْ تَلِفَ شَيْءٌ (فَكُلُّ الضَّمَانِ) بِهِ (وَإِنْ سَقَطَ كُلُّهُ) فَإِنْ تَلِفَ (فَنِصْفُهُ) أَيْ الضَّمَانُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ التَّلَفَ بِالدَّاخِلِ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَوَزَّعَ عَلَى الْخَارِجِ النِّصْفَ، وَالثَّانِي الْقِسْطَ قِيلَ بِالْوَزْنِ وَقِيلَ بِالْمِسَاحَةِ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَرْجِيحُ الْوَزْنِ فَهُمَا مِنْ الشَّرْحِ. (وَإِنْ بَنَى جِدَارَهُ مَائِلًا إلَى شَارِعٍ فَكَجَنَاحٍ) أَيْ فَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ مَضْمُونٌ (أَوْ) بَنَاهُ (مُتَسَوِّيًا فَمَالَ) إلَى شَارِعٍ (وَسَقَطَ) وَأَتْلَفَ شَيْئًا (فَلَا ضَمَانَ) بِهِ لِأَنَّ الْمَيْلَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ (وَقِيلَ: إنْ أَمْكَنَهُ هَدْمُهُ أَوْ إصْلَاحُهُ ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ النَّقْضِ وَالْإِصْلَاحِ (وَلَوْ سَقَطَ) بَعْدَ مَيْلِهِ (بِالطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ شَخْصٌ) فَهَلَكَ (أَوْ تَلِفَ) بِهِ (مَالٌ فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ السُّقُوطَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ، وَالثَّانِي الضَّمَانُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ رَفْعِ مَا سَقَطَ الْمُمْكِنِ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لِجَوَازِهِ) فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ وَبِهِ يَرِدُ تَعْلِيلُ الثَّانِي كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي. . قَوْلُهُ: (وَمَسْجِدٌ كَطَرِيقٍ) بِتَفْصِيلِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَفْرَ فِيهِ مُضَمَّنٌ إلَّا إذَا لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى الْمُصَلِّينَ، وَقَدْ حَفَرَ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، أَوْ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ بِإِذْنِهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي هَذِهِ. تَنْبِيهٌ: الْحَفْرُ لَا لِمَصْلَحَةٍ كَالْحَفْرِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ فِيمَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ مَا فِي التَّتِمَّةِ إلَخْ) فَهَذَا الْمَذْكُورُ فِيهَا هُنَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْهَا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ. قَوْلُهُ: (فَمَضْمُونٌ) أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْمِيزَابِ وَإِنْ جَاوَزَ فِي إخْرَاجِهِ الْعَادَةَ، قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُفَرِّقُوا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. قَوْلُهُ: (إلَى دَرْبٍ مُنْسَدٍّ إلَخْ) وَكَذَا إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَبِإِذْنِهِ لَا ضَمَانَ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ وَمَحَلُّهُ فِي الدَّرْبِ إذَا خَلَا عَنْ نَحْوِ مَسْجِدٍ كَبِئْرٍ مُسَبَّلَةٍ وَإِلَّا فَكَالشَّارِعِ الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ) أَيْ لِغَيْرِ كَافِرٍ فِي شَوَارِعِ الْمُسْلِمِينَ. قَوْلُهُ: (الْمَيَازِيبِ) جَمْعُ مِيزَابٍ مِنْ وَزَبَ يَزِبُ إذَا مَالَ وَهُوَ بِتَحْتِيَّةٍ بَعْدَ الْمِيمِ أَوْ بِهَمْزَةٍ بَدَلَهَا وَكَذَا بِرَاءٍ مُهْمَلَةٍ قَبْلَ الزَّايِ وَعَكْسِهِ، فَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ وَالْأَخِيرَةُ ذَكَرَهَا ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ. قَوْلُهُ: (وَالتَّالِفُ بِهَا مَضْمُونٌ) وَلِلنَّازِلِ مِنْهَا وَلَوْ بَعْدَ وُقُوعِهِ عَلَى الْأَرْضِ حُكْمُهَا وَالضَّمَانُ عَلَى مَالِكِهَا كَالْجُنَاحِ لَا عَلَى نَاصِبِهَا. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَنَاحِ) وَهُوَ شَرْطُ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَنَعَ الْأَوَّلُ الضَّرُورَةَ) أَيْ فَجَعَلَهَا حَاجَةً ظَاهِرَةً كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَأَتْلَفَ) أَيْ الْخَارِجَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَلَوْ بَعْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ الدَّاخِلِ مِنْ الْهَوَاءِ بَعْدَ سُقُوطِهِ كُلِّهِ. قَوْلُهُ: (بِالدَّاخِلِ غَيْرَ مَضْمُونٍ) وَلَوْ بَعْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ الْخَارِجِ فِي الْهَوَاءِ بَعْدَ سُقُوطِ جَمِيعِهِ قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي بَابِ الْحَدَثِ. قَوْلُهُ: (تَرْجِيحُ الْوَزْنِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهِ الْمُقَابِلِ لِلْأَصَحِّ، قَوْلُهُ: (إلَى شَارِعٍ) وَكَذَا الْمَسْجِدُ أَوْ لِمِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا بِإِذْنِهِ فِيهِ وَلَوْ مُسْتَأْجَرًا، قَوْلُهُ: (مَضْمُونٌ) لِتَعَدِّيهِ بِفِعْلِهِ مَائِلًا، وَبِذَلِكَ يَجْبُرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى نَقْضِهِ، وَإِصْلَاحِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلِلْعَامَّةِ نَقْضُهُ حِينَئِذٍ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ. قَوْلُهُ (فَمَالَ إلَى شَارِعٍ) وَكَذَا الْمِلْكُ غَيْرُهُ لَكِنْ لِلْمَالِكِ مُطَالَبَتُهُ بِنَقْضِهِ، وَإِصْلَاحِهِ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ أَغْصَانُ شَجَرَةٍ مَالَتْ فِي هَوَاءِ مِلْكِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ السُّقُوطَ إلَخْ) وَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ رَفْعُهُ مِنْ الشَّارِعِ وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ الْإِمَامُ وَمَنَعَ الطُّرُوقَ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ فِي الطُّولِ. نَعَمْ لَوْ دَقَّ عَلَى الْجِدَارِ لِإِصْلَاحِهِ فَسَقَطَ فَمَضْمُونٌ.   [حاشية عميرة] وَمِثْلُهُ، الْقَاضِي قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ) أَيْ وَلَمْ يَنْهَ وَإِلَّا ضَمِنَ مُطْلَقًا، قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُفَرِّقُوا إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْجَنَاحِ أَغْلَبُ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى الْبِئْرِ وَأَكْثَرُ، وَإِذَا كَبُرَ الْجَنَاحُ تَوَلَّدَ الْهَلَاكُ فَلَا يَحْتَمِلُ إهْدَارَهُ. اهـ وَأَسْقَطَ الْفَرْقَ مِنْ الرَّوْضَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَضَمَانُ الْجَنَاحِ هُنَا كَضَمَانِ الْمِيزَابِ فَإِنْ كَانَ بِالْخَارِجِ فَالْكُلُّ أَوْ بِالْجَمِيعِ فَالنِّصْفُ، قَالَ وَلَوْ تَوَلَّدَ التَّلَفُ مِنْهُ بِصَدْمَةِ رَاكِبٍ مِنْ غَيْرِ سُقُوطٍ فَلَا ضَمَانَ كَالْقَاعِدِ فِي الطَّرِيقِ إذَا تَعَثَّرَ بِهِ مَاشٍ اهـ. أَقُولُ يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِالْجُنَاحِ الَّذِي فِيهِ الْمُصَادَمَةُ، قَوْلُهُ: (الْمَيَازِيبِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فَلَا يُقَالُ مِزْرَابٌ وَرَدَ بِأَنَّهَا لُغَةٌ حَكَاهَا ابْنُ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ، قَوْلُهُ: (مَضْمُونٌ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ وَلَوْ بَعْدَ اجْتِمَاعِ الْمَاءِ النَّازِلِ مِنْهَا فِي الْأَرْضِ، قَوْلُهُ: (وَمَنَعَ الْأَوَّلُ الضَّرُورَةَ) أَيْ لِإِمْكَانِ تَصْرِيفِ الْمَاءِ فِي مِلْكِهِ فِي خَدٍّ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (إلَى شَارِعٍ) مِثْلُهُ مِلْكُ الْغَيْرِ وَكَذَا السِّكَّةُ الْمُنْسَدَّةُ وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ الْمَائِلِ كَالطَّرَفِ الْبَارِزِ مِنْ الْمِيزَابِ وَالْجَنَاحِ، وَحُكْمُ غَيْرِ الْمَائِلِ كَالطَّرَفِ الدَّاخِلِ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) بِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْقَفَّالُ وَأَبُو الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَقَطَ بَعْدَ مَيْلِهِ) أَمَّا لَوْ بَنَاهُ مَائِلًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 لَهُ فَالْخِلَافُ هُنَا هُوَ الْخِلَافُ فِيمَا قَبْلَهُ (وَلَوْ طَرَحَ قُمَامَاتٍ) بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ كُنَاسَاتٍ (وَقُشُورَ بِطِّيخٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (بِطَرِيقٍ) فَحَصَلَ بِهَا تَلَفٌ لِشَيْءٍ (فَمَضْمُونٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالطَّرِيقِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَالثَّانِي غَيْرُ مَضْمُونٍ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي طَرْحِ مَا ذُكِرَ وَلَوْ طَرَحَ فِي مَوَاتٍ فَلَا ضَمَانَ. (وَلَوْ تَعَاقَبَ سَبَبَا هَلَاكٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ) الْحَوَالَةُ وَذَلِكَ (بِأَنْ حَفَرَ) وَاحِدٌ بِئْرًا (وَوَضَعَ آخَرُ حَجَرًا عُدْوَانًا فَعُثِرَ بِهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (وَوَقَعَ) الْعَاثِرُ (بِهَا فَعَلَى الْوَاضِعِ) الضَّمَانُ لِأَنَّ الْعُثُورَ بِمَا وَضَعَهُ هُوَ الَّذِي أَلْجَأَهُ إلَى الْوُقُوعِ فِي الْمُهْلِكِ، فَوَضْعُ الْحَجَرِ سَبَبٌ أَوَّلٌ لِلْهَلَاكِ وَحَفْرُ الْبِئْرِ سَبَبٌ ثَانٍ لَهُ (فَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ الْوَاضِعُ) بِأَنْ وَضَعَ حَجَرًا فِي مِلْكِهِ وَحَفَرَ آخَرُ بِئْرًا عُدْوَانًا فَعَثَرَ ثَالِثٌ بِالْحَجَرِ وَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ فَهَلَكَ (فَالْمَنْقُولُ تَضْمِينُ الْحَافِرِ) لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانٌ كَمَا قَالُوا فِيمَا لَوْ كَانَ حُصُولُ الْحَجَرِ عَلَى طَرَفِ الْبِئْرِ بِالسَّيْلِ (وَلَوْ وَضَعَ) وَاحِدٌ (حَجَرًا) فِي طَرِيقٍ (وَآخَرَانِ حَجَرًا) بِجَنْبِهِ (فَعَثَرَ بِهِمَا) آخَرُ فَمَاتَ (فَالضَّمَانُ) لَهُ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: مَتَى قِيلَ بِالضَّمَانِ فِيمَا مَرَّ الْجِدَارُ أَوْ الْمِيزَابُ، أَوْ الْجَنَاحُ لَمْ يَبْرَأْ بِبَيْعِهِ مَثَلًا إلَّا إنْ مَلَكَهُ مِنْ مَالٍ إلَى مِلْكِهِ وَرَضِيَ بِهِ. فَرْعٌ: لَوْ سَقَطَ مِنْ سَطْحِ شَيْءٍ أَوْ إنْسَانٌ فِي شَارِعٍ مَثَلًا فَأَتْلَفَ شَيْئًا لَمْ يَضْمَنْهُ إنْ كَانَ سُقُوطُهُ بِانْهِيَارِ الْجِدَارِ تَحْتَهُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ. قَوْلُهُ: (فَالْخِلَافُ إلَخْ) أَيْ فَتَعْلَمُ مَرْتَبَةَ الْخِلَافِ الْأَوَّلِ مِنْ الْخِلَافِ الثَّانِي لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ فِيهِمَا، وَلِذَلِكَ فَرَّعَهُ بِالْفَاءِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَرَحَ) خَرَجَ مَا لَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ قَصَّرَ فِي رَفْعِهَا، قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ كَالطَّرْحِ. قَوْلُهُ: (كَسْرِ الْبَاءِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَيُقَالُ فِيهِ طَبِيخٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِطَرِيقٍ) خَرَجَ طَرْحُهَا فِي مِلْكِهِ أَوْ عَلَى بَابِهِ فَفِيهَا مَا مَرَّ فِي وَضْعِ السِّقَايَةِ مَثَلًا، وَخَرَجَ بِالْقُمَامَاتِ الرَّشُّ فَغَيْرُ مَضْمُونٍ إنْ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، وَلَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ، وَإِلَّا فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الرَّاشِّ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ، وَهُوَ غَيْرُ مَضْبُوطٍ وَبِذَلِكَ فَارَقَ بَاقِيَ نَحْوِ الْجَنَاحِ فِيمَا تَقَدَّمَ. فَرْعٌ: مَا تَلِفَ بِوَضْعِ الطِّينِ وَالتُّرَابِ فِي الشَّارِعِ مَضْمُونٌ إنْ خَالَفَ الْعَادَةَ، وَإِلَّا فَلَا، وَتَكْسِيرُ الْحَطَبِ فَمَضْمُونٌ إنْ ضَاقَ الشَّارِعُ وَإِلَّا فَلَا وَوَضْعُ الْمَتَاعِ بِبَابِ الْحَانُوتِ مُضَمَّنٌ، وَكَذَا مَشْيُ أَعْمَى بِلَا قَائِدٍ. قَوْلُهُ: (فَمَضْمُونٌ) أَيْ عَلَى الرُّءُوسِ لَوْ تَعَدَّدَ الطَّارِحُ كَمَا فِي وَضْعِ الْحَجَرِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (فِي مَوَاتٍ فَلَا ضَمَانَ) وَكَذَا لَوْ تَعَمَّدَ الْمَاشِي الْمَشْيَ عَلَى الْقُمَامَةِ أَوْ كَانَتْ فِي مُنْعَطَفٍ مِنْ الطَّرِيقِ وَتَقَدَّمَ مَا فِي مِلْكِهِ. فَرْعٌ: مَا تَوَلَّدَ مِنْ نَحْوِ سِدْرٍ أَوْ نُخَامَةٍ فِي حَمَّامٍ فَعَلَى الْفَاعِلِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْحَمَّامِيِّ فِيمَا بَعْدَهُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِغَسْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ. نَعَمْ إنْ مَنَعَهُ الْفَاعِلُ مِنْ إزَالَتِهِ اسْتَمَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (سَبَبَا هَلَاكٍ) خَرَجَ سَبَبٌ اشْتَرَكَ فِيهِ جَمْعٌ فَكَمَا مَرَّ، فِيمَا لَوْ زَادَ فِي حَفْرِ غَيْرِهِ وَمَا زَادَ بِالسَّبَبِ هُنَا مَا لَهُ مَدْخَلٌ فِي الْهَلَاكِ لِأَنَّ الْحَفْرَ شَرْطٌ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ حَفَرَ وَاحِدٌ بِئْرًا) وَلَوْ عُدْوَانًا. قَوْلُهُ: (وَوَضَعَ آخَرُ) أَيْ أَهْلٌ لِلضَّمَانِ وَإِلَّا كَحَرْبِيٍّ وَسَيْلٍ وَسَبُعٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (عُدْوَانًا) قَيْدٌ فِي وَضَعَ وَكَذَا فِي حَفَرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَنْهَجِ لَكِنَّهُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي ضَمَانِ الْوَاضِعِ الْمُتَعَدِّي وَبِهِ فِي عَدَمِ تَعَدِّي الْوَاضِعِ هُنَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَوَضْعُ الْحَجَرِ سَبَبٌ أَوَّلٌ لِلْهَلَاكِ) أَيْ لَا فِي الْوُجُودِ بَلْ هُوَ بِالْعَكْسِ وَفِيهِ إشَارَةٌ أَيْضًا إلَى أَنَّ التَّعَاقُبَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ قَيْدًا فِي الْوَضْعِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ كَالْمُبَاشِرِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ غَيْرُهُ سِكِّينًا فِي الْبِئْرِ تَعَدِّيًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الْحَافِرِ، وَلَوْ لَمْ يَتَعَدَّ الْحَافِرُ هُنَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ هَوَى أَحَدُ اثْنَيْنِ فِي بِئْرٍ فَجَذَبَ الْآخَرَ فَهَوَيَا مَعًا فَمَاتَا، فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ مَضْمُونٌ كَمَا لَوْ تَجَاذَبَا حَبْلًا مَثَلًا، فَانْقَطَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي، نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْهَاوِي بِجَذْبِهِ لِلْآخَرِ خَلَاصَ نَفْسِهِ فَهُوَ مَضْمُونٌ لَا ضَامِنٌ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ أُلْقِيَ شَخْصٌ عَلَى سِكِّينٍ بِيَدِ غَيْرِهِ ضَمِنَهُ الْمُلْقِي إلَّا إنْ تَلَقَّاهُ الْآخَرُ بِهَا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ السَّيْلَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ أَهْلِ الضَّمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِجَنْبِهِ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَمَامَ الْآخَرِ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الثَّانِي الَّذِي تَلِيهِ الْبِئْرُ لَا الْأَوَّلِ لِقَطْعِ أَثَرِهِ بِالثَّانِي قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا لَكِنْ قِيَاسُ مَا مَرَّ تَضْمِينُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَسْبَابٌ لِلْهَلَاكِ مُتَعَاقِبَةٌ فَرَاجِعْهُ.   [حاشية عميرة] تَعَثَّرَ بِالسَّاقِطِ كَمَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِالسُّقُوطِ، قَوْلُهُ: (فَالْخِلَافُ هُنَا) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ الْمُمْكِنِ قَوْلُهُ: (فَحَصَلَ) لَوْ تَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهَا فَزَلَقَ بِهَا فَلَا ضَمَانَ قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْأُولَى) لَوْ تَعَادَلَ السَّبَبَانِ كَأَنْ حَفَرَ وَاحِدٌ وَأَعْمَقَ آخَرُ فَعَلَيْهِمَا الضَّمَانُ، وَلَوْ رَفَعَ عَبْدًا مِنْ بِئْرٍ بِحَبْلٍ فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ وَمَاتَ ضَمِنَ قَالَهُ الْبَغَوِيّ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْعُثُورَ) أَيْ فَكَأَنَّ الْعُثُورَ بِهِ بِمَنْزِلَةِ الدَّفْعِ مِنْ وَاضِعِهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا قَالُوا) أَقْوَى مِنْ هَذَا فِي الْإِشْكَالِ عَلَيْهِ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَوْ حَفَرَ فِي مِلْكٍ وَنَصَبَ شَخْصٌ فِي الْبِئْرِ حَدِيدَةً وَمَاتَ الْمُتَرَدِّي بِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَمَّا الْحَافِرُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْوَاضِعُ فَلِأَنَّ التَّرَدِّي هُوَ الْمُفْضِي إلَى الْحَدِيدَةِ، وَلِهَذَا يُقَالُ كَيْفَ يَقُولُ الشَّيْخَانِ: الْمَنْقُولُ مَعَ وُجُودِ مَسْأَلَةِ الْمُتَوَلِّي هَذِهِ قَوْلُهُ: (بِجَنْبِهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْحَجَرَيْنِ أَمَامَ الْآخَرِ فَعَثَرَ بِالْأَوَّلِ ثُمَّ بِالثَّانِي فَالْمَدَارُ عَلَى الثَّانِي، قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ الْمُدَحْرِجُ) لَوْ مَاتَ هَذَا الْمُدَحْرِجُ مِنْ تِلْكَ الْعَثْرَةِ فَلَا خَفَاءَ فِي ضَمَانِ الْوَاضِعِ لَهُ وَذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 (أَثْلَاثًا) نَظَرًا إلَى عَدَدِ الْوَاضِعِ (وَقِيلَ نِصْفَانِ) عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفٌ وَعَلَى الْآخَرَيْنِ نِصْفٌ نَظَرًا إلَى عَدَدِ الْمَوْضُوعِ (وَلَوْ وَضَعَ حَجَرًا) فِي طَرِيقٍ (فَعَثَرَ بِهِ رَجُلٌ فَدَحْرَجَهُ فَعَثَرَ بِهِ آخَرُ) فَهَلَكَ (ضَمِنَهُ الْمُدَحْرِجُ) لِأَنَّ الْحَجَرَ إنَّمَا حَصَلَ هُنَا بِفِعْلِهِ. (وَلَوْ عَثَرَ) مَاشٍ (بِقَاعِدٍ أَوْ نَائِمٍ أَوْ وَاقِفٍ بِالطَّرِيقِ وَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا ضَمَانَ إنْ اتَّسَعَ الطَّرِيقُ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَوَجْهُهُ الِاشْتِرَاكُ فِي عَدَمِ التَّعَدِّي وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ إهْدَارُ الْعَاثِرِ وَضَمَانُ عَاقِلَتِهِ الْمَعْثُورِ بِهِ أَيْ لِنِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ ضَاقَ الطَّرِيقُ (فَالْمَذْهَبُ إهْدَارُ قَاعِدٍ وَنَائِمٍ) لِتَقْصِيرِهِمَا (لَا عَاثِرٌ بِهِمَا وَضَمَانُ وَاقِفٍ) لِأَنَّ الْوُقُوفَ مِنْ مَرَافِقِ الطَّرِيقِ (لَا عَاثِرٌ بِهِ) لِتَقْصِيرِهِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي ضَمَانُ كُلٍّ مِنْهُمْ وَالثَّالِثُ ضَمَانُ الْعَاثِرِ وَإِهْدَارُ الْمَعْثُورِ بِهِ وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ. تَنْبِيهٌ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَضْمِينِ الْوَاضِعِ وَالْحَافِرِ وَالْمُدَحْرِجِ وَغَيْرِهِمْ النَّفْسَ مِنْ الْإِسْنَادِ إلَى السَّبَبِ، وَالْمُرَادُ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ بِالدِّيَةِ بِدَلَالَةِ التَّرْجَمَةِ وَغَيْرِهَا. فَصْلٌ إذَا (اصْطَدَمَا) أَيْ كَامِلَانِ مَاشِيَانِ أَوْ رَاكِبَانِ (بِلَا قَصْدٍ) لِلِاصْطِدَامِ فَوَقَعَا وَمَاتَا (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ) لِوَارِثِ الْآخَرِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَاتَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ صَاحِبِهِ فَفِعْلُهُ هَدَرٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَضْمُونٌ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ ضَمَانَ خَطَأٍ، (وَإِنْ قَصَدَا) الِاصْطِدَامَ (فَنِصْفُهَا مُغَلَّظَةً) لِأَنَّ الْقَتْلَ حِينَئِذٍ شِبْهُ عَمْدٍ (أَوْ) قَصَدَهُ (أَحَدُهُمَا) وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْآخَرُ، (فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) مِنْ التَّخْفِيفِ وَالتَّغْلِيظِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (كَفَّارَتَيْنِ) وَاحِدَةً لِقَتْلِ نَفْسِهِ وَأُخْرَى لِقَتْلِ صَاحِبِهِ، وَالثَّانِي كَفَّارَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَتَجَزَّأُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ فَوَاحِدَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَنِصْفُهَا عَلَى الثَّانِي (وَإِنْ مَاتَ مَعَ مَرْكُوبَيْهِمَا فَكَذَلِكَ) دِيَةٌ وَكَفَّارَةٌ (وَفِي تَرِكَةِ كُلٍّ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى عَدَدِ الْوَاضِعِ) وَرَدَّ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ الْمُدَحْرِجُ) سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا أَوْ قَصَدَ إزَالَتَهُ مِنْ الطَّرِيقِ لِمُنْعَطَفٍ فَعَادَ إلَيْهَا، قَوْلُهُ: (بِالطَّرِيقِ) أَيْ لَا فِي مُنْعَطَفٍ مِنْهَا وَلَا لِنَفْعٍ عَامٍّ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ كَذَلِكَ وَبِالطَّرِيقِ مُتَعَلِّقٌ بِقَاعِدٍ وَنَائِمٍ وَوَاقِفٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) أَيْ عَلَى الْمَعْثُورِ بِهِ بَلْ هُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْعَاثِرِ كَمَا يَأْتِي لِتَقْصِيرِهِ، وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِيُوَافِقَ أَصْلَهُ الَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ، وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ حَمْلَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا بَعْدَهُ الْمَذْكُورِ فِي الرَّوْضَةِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (إهْدَارُ الْعَاثِرِ) وَلَوْ أَعْمَى أَوْ فِي ظُلْمَةٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ ضَاقَ الطَّرِيقُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ اتَّسَعَ وَوَقَفَ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ، قَوْلُهُ: (لَا عَاثِرَ بِهِمَا) فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (وَضَمَانُ وَاقِفٍ) عَلَى الْعَاثِرِ بِهِ نَعَمْ إنْ انْحَرَفَ إلَيْهِ الْوَاقِفُ فَكَمَاشِيَيْنِ اصْطَدَمَا وَسَيَأْتِي. تَنْبِيهٌ: الْجَالِسُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ النَّائِمُ فِيهِ إنْ كَانَ لِمَا لَا يُنَزَّهُ عَنْهُ كَاعْتِكَافٍ وَصَلَاةٍ فَمَضْمُونٌ عَلَى الْعَاثِرِ بِهِ أَوْ لِمَا يُنَزَّهُ عَنْهُ كَنَائِمٍ غَيْرِ مُعْتَكِفٍ فَفِيهِ تَفْصِيلُ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (عَلَى عَاقِلَتِهِمْ) بِالدِّيَةِ الشَّامِلَةِ لِقِيمَةِ الرَّقِيقِ تَغْلِيبًا قَالَ فِي الْمَنْهَجِ فِي نَصْبِ الْجَنَاحِ وَمِثْلُهُ وَضْعُ الْمِيزَابِ وَبِنَاءُ الْجِدَارِ لَوْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ النَّصْبِ غَيْرَهَا يَوْمَ التَّلَفِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ وَاضِحٌ وَخَصَّ مَا ذَكَرَ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ مِثْلِهِ فِي غَيْرِهَا فَتَأَمَّلْهُ. فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ فِي الضَّمَانِ وَمَا يَتْبَعُهُ قَوْلُهُ: (كَامِلَانِ) بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَحُرِّيَّةٍ وَقَيَّدَ بِهِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَا بَعْدَهُ، وَإِنْ اتَّحَدَا فِي الْحُكْمِ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُقَيِّدَ بِغَيْرِ الْحَامِلَيْنِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مَاشِيَانِ أَوْ رَاكِبَانِ) وَكَذَا رَاكِبٌ وَمَاشٍ، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ لِأَنَّهُ أَخْفَى مِمَّا قَبْلَهُ لَا يُقَالُ إنَّهُ رَاعَى ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي؛ لِأَنَّ مُرَاعَاتَهُ تُخْرِجُ الْمَاشِيَيْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِلَا قَصْدٍ) لِعَمًى أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أَوْ عَدَمِ قُدْرَةٍ عَلَى ضَبْطِ الدَّابَّةِ أَوْ قَطْعِهَا عَنَانَهَا الْوَثِيقَ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَوَقَعَا وَمَاتَا) أَشَارَ بِالْفَاءِ إلَى تَرَتُّبِ الْمَوْتِ عَلَى الِاصْطِدَامِ فَوْرًا. أَوْ مَعَ بَقَاءِ الْأَلَمِ وَإِلَّا فَلَا وَالْوُقُوعُ مِثَالٌ. قَوْلُهُ: (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةٍ) خَطَأٍ فِي عَدَمِ الْقَصْدِ وَنِصْفُ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي الْقَصْدِ نَعَمْ هِيَ مِثَالُهُ فِي الْعَمْدِ كَمَا يَأْتِي فَإِنْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ حَرَكَةُ أَحَدِهِمَا ضَعِيفَةً بِحَيْثُ يَقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهَا مَعَ حَرَكَةِ الْآخَرِ، وَإِلَّا فَالْقَوِيُّ هَدَرٌ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ   [حاشية عميرة] التَّدَحْرُجُ مَنْسُوبًا إلَى الْوَاضِعِ مَعْنًى، فَهَلَّا كَانَ ضَمَانُ الثَّانِي عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِ) أَيْ وَلِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِحَرَكَتِهِ فَلَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ كَوْنُ الْمَشْيِ مِنْ مَرَافِقِ الطَّرِيقِ كَالْوُقُوفِ، قَوْلُهُ: (ضَمَانُ الْعَاثِرِ) عِلَّتُهُ أَنَّ الطَّرِيقَ لِلطُّرُوقِ وَهُمْ بِالْقُعُودِ وَنَحْوِهِ مُقَصِّرُونَ، قَوْلُهُ: (وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ) عِلَّتُهُ أَنَّ الْقَتْلَ بِحَرَكَتِهِ وَالْمَشْيَ ارْتِفَاقٌ، قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهَا) مِنْهُ قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِمَامِ الطَّالِبِ لِلْمَرْأَةِ: ضُمِنَ الْجَنِينُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَمِنْ ذَلِكَ إطْلَاقُ الضَّمَانِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَلِّقَهُ بِالْفَاعِلِ. [فَصْلٌ اصْطَدَمَا أَيْ كَامِلَانِ مَاشِيَانِ أَوْ رَاكِبَانِ بِلَا قَصْدٍ لِلِاصْطِدَامِ فَوَقَعَا وَمَاتَا] فَصْلٌ اصْطَدَمَا قَوْلُهُ: (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُمَا حُرَّانِ قَوْلُهُ: (فَنِصْفُهَا) عَلَى الْعَاقِلَةِ قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) أَيْ فَتَكُونُ الْكَفَّارَةُ الَّتِي عَلَى كُلِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 مِنْهُمَا (نِصْفُ قِيمَةِ دَابَّةِ الْآخَرِ) أَيْ مَرْكُوبِهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إتْلَافِ الدَّابَّتَيْنِ (وَصَبِيَّانِ أَوْ مَجْنُونَانِ) اصْطَدَمَا (كَكَامِلَيْنِ) ، فِيمَا ذُكِرَ فِيهِمَا وَمِنْهُ التَّغْلِيظُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ وَسَوَاءٌ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا أَمْ أَرْكَبَهُمَا وَلِيُّهُمَا (وَقِيلَ إنْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ) لِأَنَّ فِي الْإِرْكَابِ خَطَرًا وَالْأَوَّلُ قَالَ لَا تَقْصِيرَ فِيهِ (وَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ ضَمِنَهُمَا وَدَابَّتَيْهِمَا) لِتَعَدِّيهِ فِي ذَلِكَ، وَالضَّمَانُ الْأَوَّلُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِمَا. (أَوْ) اصْطَدَمَ (حَامِلَانِ وَأَسْقَطَتَا) وَمَاتَتَا (فَالدِّيَةُ كَمَا سَبَقَ) مِنْ أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفًا إلَخْ. (وَعَلَى كُلٍّ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ عَلَى الصَّحِيحِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إهْلَاكِ أَرْبَعَةِ أَشْخَاصٍ نَفْسَيْهِمَا وَجَنِينَيْهِمَا. وَالثَّانِي كَفَّارَتَانِ بِنَاءً عَلَى التَّجَزُّؤِ وَإِنْ قُلْنَا: لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ فَثَلَاثٌ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَثَلَاثَةُ أَنْصَافٍ عَلَى الثَّانِي (وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ غُرَّتَيْ جَنِينَيْهِمَا) لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَلْقَتْ جَنِينَهَا بِجِنَايَتِهَا وَجَبَ عَلَى عَاقِلَتِهَا الْغُرَّةُ كَمَا لَوْ جَنَتْ عَلَى حَامِلٍ أُخْرَى (أَوْ) اصْطَدَمَ (عَبْدَانِ) وَمَاتَا (فَهَدَرٌ) لِأَنَّ ضَمَانَ جِنَايَةِ الْعَبْدِ تَتَعَلَّقُ بِرِقِّهِ، وَقَدْ فَاتَتْ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ الْقِيمَتَانِ أَمْ اخْتَلَفَتَا وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَجَبَ نِصْفُ قِيمَتِهِ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْحَيِّ (أَوْ) اصْطَدَمَ (سَفِينَتَانِ فَكَدَابَّتَيْنِ وَالْمَلَّاحَانِ) فِيهِمَا الْمُجْرِيَانِ لَهُمَا (كَرَاكِبَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَتَا لَهُمَا)   [حاشية قليوبي] الْآخَرِ وَهَذَا يَجْرِي فِيمَا يَأْتِي مِنْ الدَّابَّتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (لِوَارِثِ الْآخَرِ) أَيْ وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ إنْ وَجَبَتْ قِيمَةُ الْإِبِلِ، وَاتَّحَدَتْ وَكَانَ عَاقِلُهُ كُلَّ وَرَثَةِ الْآخَرِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ قِيمَةِ إلَخْ) لَا قِيمَةُ النِّصْفِ كَمَا قِيلَ. قَوْلُهُ: (أَيْ مَرْكُوبِهِ) هُوَ لِمُنَاسَبَةِ كَلَامِ الْمُصَنِّف قَبْلَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ لَا وَتُهْدَرُ حِصَّةُ كُلٍّ فِي الْأَوَّلِ، وَيَجِبُ فِي الثَّانِي نِصْفُ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْ الْمَرْكُوبَيْنِ فِي تَرِكَةِ كُلًّا مِنْ الرَّاكِبَيْنِ وَسَكَتَ عَمَّا لَوْ مَاتَ الْمَرْكُوبَانِ، أَوْ أَحَدُ الرَّاكِبَيْنِ أَوْ الْمَرْكُوبَيْنِ لِظُهُورِ حُكْمِهِ مِمَّا ذَكَرَ. قَوْلُهُ: (إنَّ عَمْدَهُمَا) أَيْ الصَّبِيَّيْنِ أَوْ الْمَجْنُونَيْنِ عَمْدٌ لَكِنْ بِشَرْطِ وُجُودِ نَوْعِ تَمْيِيزٍ لَهُمْ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ) وَالْمُرَادُ بِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلِيُّ التَّأْدِيبِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَلِيُّ الْإِرْكَابِ فَيَدْخُلُ مَنْ لَقِيَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فِي مَفَازَةٍ وَأَرْكَبَهُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ، قَوْلُهُ: (لَا تَقْصِيرَ فِيهِ) يُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْوَجْهِ الثَّانِي فِيمَا إذَا لَمْ يَرْكَبْهَا تَعَدِّيًا وَإِلَّا كَانَ أَرْكَبَهُمَا جُمُوحًا لَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَى ضَبْطِهَا مَثَلًا، فَعَلَى الْوَلِيِّ الضَّمَانُ لَهُمَا وَلِدَابَّتَيْهِمَا قَطْعًا كَالْأَجْنَبِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ) وَلَوْ لِمَصْلَحَتِهِمَا لَكِنْ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ لِمَصْلَحَةٍ كَمَا عُلِمَ ضَمِنَهُمَا وَدَابَّتَيْهِمَا فَإِنْ أَرْكَبَهُمَا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ لِمَصْلَحَةٍ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ وَعَدَمُهُ بِالْوَلِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِمَا) وَإِنْ قَصَدَا الِاصْطِدَامَ وَقُلْنَا عَمْدُهُمَا عَمْدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. فَرْعٌ: لَوْ تَجَاذَبَا حَبْلًا وَلَوْ لِغَيْرِهِمَا فَانْقَطَعَ فَسَقَطَا وَمَاتَا، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ظَالِمًا هَدَرٌ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، فَإِنْ قَطَعَهُ غَيْرُهُمَا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُمَا، وَإِنْ أَرْخَاهُ أَحَدُهُمَا هَدَرٌ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ وُجُوبُ دِيَتِهِ كُلِّهَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الثَّانِي كَفَّارَتَانِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا سَيَأْتِي أَنْ يَقُولَ: أَرْبَعَةُ أَنْصَافٍ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ غُرَّتَيْ جَنِينَيْهِمَا) وَهُوَ غُرَّةٌ كَامِلَةٌ فَلِلدَّافِعِ أَنْ يُسَلِّمَ لِكُلٍّ رَقِيقًا كَامِلًا يَخْتَصُّ بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ لِكُلٍّ رَقِيقًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا نِصْفُهُ لِهَذَا وَنِصْفُهُ لِذَاكَ. قَوْلُهُ: (عَبْدَانِ) وَكَذَا أَمَتَانِ حَامِلَتَانِ أَوْ لَا أَوْ يُرَادُ بِالْعَبْدِ مَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ حَزْمٍ. قَوْلُهُ: (فَهَدَرٌ) إنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا غَصْبٌ وَإِلَّا لَزِمَ الْغَاصِبَ وَلَوْ مُتَعَدِّدًا فِدَاءُ الْمَغْصُوبِ بِالْأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ جِنَايَتِهِ، وَقِيلَ مِنْ كُلِّ قِيمَتِهِ الْأَرْشُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ شَيْخُنَا وَالِاسْتِيلَادُ كَالْغَصْبِ فَيَلْزَمُ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِمَّا ذُكِرَ وَضَمَانُ الْجَنِينِ الرَّقِيقِ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ قَوْلُهُ: (بِرَقَبَةِ الْحَيِّ) إلَّا فِي نَحْوِ الْمُسْتَوْلَدَةِ كَمَا مَرَّ. تَنْبِيهٌ: لَوْ اصْطَدَمَ حُرٌّ وَرَقِيقٌ فَإِنْ مَاتَ الرَّقِيقُ فَنِصْفُ قِيمَتِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ، وَيُهْدَرُ بَاقِيهِ أَوْ مَاتَ الْحُرُّ فَنِصْفُ دِيَتِهِ فِي رَقَبَةِ الرَّقِيقِ، وَيُهْدَرُ بَاقِيهِ أَيْضًا. أَوْ مَاتَا مَعًا فَنِصْفُ قِيمَةِ الرَّقِيقِ الَّذِي عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ لِلسَّيِّدِ، لَكِنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ وَلِوَرَثَتِهِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ لِلتَّوَثُّقِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَلَّاحَانِ فِيهِمَا الْمُجْرِيَانِ لَهُمَا) أَيْ الْمُتَعَلِّقُ بِهِمَا إجْرَاؤُهُمَا بِنَفْسِهِمَا أَوْ بِغَيْرِهِمَا كَالرِّيحِ سَوَاءٌ تَعَدَّدَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ انْفَرَدَ وَوَصَفَهُ بِالْمَلَّاحِ مِنْ الْمَلَاحَةِ لِإِصْلَاحِهِ شَأْنَ السَّفِينَةِ، وَقِيلَ: إنَّهُ وَصْفٌ لِلرِّيحِ سُمِّيَ السَّمِيرُ لَهُ لِلْمُلَابَسَةِ وَقِيلَ: إنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ مُعَالَجَةِ الْمَاءِ الْمِلْحِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ دَخْلٌ فِي سَيْرِهَا إلَّا إنْ تَعَيَّنَ كَالْمَاسِكِ لِلدَّفَّةِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ.   [حاشية عميرة] وَاحِدٍ نِصْفُهَا عَنْهُ وَنِصْفُهَا عَنْ رَقِيقِهِ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي قَتْلِ زَيْدٍ فَكَفَّارَتُهُ عَلَيْهَا مُوَزَّعَةً وَفِي قَتْلِ عَمْرٍو ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (نِصْفُ قِيمَةِ إلَخْ) أَيْ لَا قِيمَةُ النِّصْفِ. فَرْعٌ: لَوْ دَاسَ بِمُقَدَّمِ مَدَاسِهِ عَلَى مُؤَخَّرِ مَدَاسِ سَابِقِهِ فَتَمَزَّقَ لَزِمَهُ نِصْفُ الضَّمَانِ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُمَا) أَيْ وَلَوْ تَعَمُّدًا قَوْلُهُ: (نِصْفُ غُرَّتَيْ إلَخْ) قِيلَ هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَبْدٌ نِصْفُهُ لِهَذَا وَنِصْفُهُ لِهَذَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ فَرَّقَ النِّصْفَيْنِ أَجْزَأَ، قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) فَلَوْ أَثَّرَ الْحَيُّ فِي الْمَيِّتِ عَيْبًا تَعَلَّقَ أَرْشُهُ بِنِصْفِ هَذِهِ الْقِيمَةِ وَيَحْصُلُ التَّقَاصُّ فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ، قَوْلُهُ: (وَالْمَلَّاحَانِ) هُوَ الْمُصْلِحُ لِشَأْنِ السَّفِينَةِ فَهُوَ مِنْ الْمَلَاحَةِ وَقِيلَ هُوَ اسْمٌ لِلرِّيحِ سُمِّيَ بِهِ الْمَلَّاحُ وَقِيلَ لِمُعَالَجَتِهِ الْمَاءَ الْمِلْحَ، قَوْلُهُ: (كَرَاكِبَيْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا صَبِيَّيْنِ وَضَعَهُمَا أَجْنَبِيٌّ يَكُونُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ لِأَنَّ الْعَمْدَ مِنْ الصَّبِيَّيْنِ هُوَ الَّذِي اقْتَضَى الْهَلَاكَ، وَالْوَضْعُ فِي السَّفِينَةِ لَيْسَ كَإِرْكَابِ الدَّابَّةِ لِأَنَّ الْإِرْكَابَ يَحْمِلُهَا عَلَى السَّيْرِ وَالْإِتْلَافِ. قَوْلُهُ: (فَلَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 فَإِذَا تَلِفَتْ السَّفِينَتَانِ بِمَا فِيهِمَا الْمَمْلُوكَتَانِ لِلْمَلَّاحَيْنِ الْمُجْرِيَيْنِ وَهَلَكَا أَيْضًا بِالِاصْطِدَامِ فَفِي تَرِكَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ سَفِينَةِ الْآخَرِ بِمَا فِيهَا وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَفِي مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَفَّارَتَانِ عَلَى الصَّحِيحِ السَّابِقِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا مَالُ أَجْنَبِيٍّ لَزِمَ كُلًّا) مِنْهُمَا (نِصْفُ ضَمَانِهِ وَإِنْ كَانَتَا لِأَجْنَبِيٍّ لَزِمَ كُلًّا) مِنْهُمَا (نِصْفُ قِيمَتِهِمَا) وَوَجْهُ الضَّمَانِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الِاصْطِدَامَ نَشَأَ عَنْ الْأُجَرَاءِ، فَإِنْ حَصَلَ بِغَلَبَةِ الرِّيَاحِ وَهَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَظْهَرِ، وَمُقَابِلُهُ قِيسَ عَلَى غَلَبَةِ الدَّابَّةِ الرَّاكِبِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ رَدَّهَا بِاللِّجَامِ مُمْكِنٌ. (وَلَوْ أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ) فِيهَا مَتَاعٌ وَرَاكِبٌ مَثَلًا (عَلَى غَرَقٍ جَازَ طَرْحُ مَتَاعِهَا) فِي الْبَحْرِ لِرَجَاءِ سَلَامَتِهَا، (وَيَجِبُ) طَرْحُهُ (لِرَجَاءِ نَجَاةِ الرَّاكِبِ إذَا خِيفَ هَلَاكُهُ) وَيَجِبُ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ مَا لَا رُوحَ فِيهِ لِتَخْلِيصِ ذِي الرُّوحِ وَتُلْقَى الدَّوَابُّ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فِيمَا تَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ) مِنْهُ ضَمَانُ الْوَلِيِّ إذَا أَرْكَبَ صَبِيَّيْنِ أَوْ مَجْنُونَيْنِ أَوْ الْأَجْنَبِيَّ كَذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ وَمِنْهُ تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِرَقَبَتِهِمَا لَوْ كَانَا رَقِيقَيْنِ وَغَيْرَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ قِيمَةِ الْحُرِّ) أَيْ اسْتِقْرَارًا وَإِلَّا فَالْمُطَالَبَةُ بِكُلِّ الْقِيمَةِ وَيَرْجِعُ الْغَارِمُ. قَوْلُهُ: (بِمَا فِيهَا) أَيْ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ مَا فِيهَا مِنْ مَالِهِ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ) مُخَفَّفَةٌ فِي الْخَطَأِ وَمُغَلَّظَةٌ فِي غَيْرِهِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ وَعَلَيْهِ فِيهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ إنْ أَمْكَنَ بِعَدَمِ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ ضَمَانِهِ) بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَبِالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَلَوْ كَانَ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا أَرِقَّاءُ فَهُمْ مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ أَوْ أَحْرَارٌ، فَعَلَى عَاقِلَةِ الضَّامِنِ لَهُمْ نِصْفُ دِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي غَيْرِ قَصْدِ الِاصْطِدَامِ وَإِلَّا فَالْقَوَدُ وَيُقَادُ مِنْهُ لِوَاحِدٍ بِالْقُرْعَةِ أَوْ السَّبْقِ فِيهِمْ وَلِلْبَقِيَّةِ الدِّيَاتُ فِي مَالِهِ أَوْ فِي تَرِكَتِهِ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ قِيمَتِهِمَا) أَيْ اسْتِقْرَارًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ. فَرْعٌ: خَرْقُ السَّفِينَةِ لِلْإِصْلَاحِ شِبْهُ عَمْدٍ، وَلِعَدَمِهِ يُوجِبُ الْقَوَدَ وَإِصَابَةُ غَيْرِ مَحَلِّ الْخِرَقِ خَطَأٌ، وَالضَّمَانُ بِالْقِسْطِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَلَوْ كَانَ فِيهَا تِسْعَةُ أَعْدَالٍ فَوَضَعَ عِدْلًا عَاشِرًا فَغَرِقَ فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (سَفِينَةٌ فِيهَا مَتَاعٌ وَرَاكِبٌ مَثَلًا) أَوْ مَتَاعٌ وَحْدَهُ أَوْ رَاكِبٌ وَحْدَهُ، قَوْلُهُ: (عَلَى غَرَقٍ) أَيْ لَهَا أَوْ لِمَتَاعِهَا أَوْ لِرَاكِبِهَا أَوْ لِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ لِلْكُلِّ. قَوْلُهُ: (جَازَ طَرْحُ مَتَاعِهَا) أَيْ إنْ أَذِنَ مَنْ لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ الْمَتَاعِ مِنْ مَالِكٍ أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ سَيِّدِ رَقِيقٍ مَعَ مُرْتَهِنٍ فِي مَرْهُونٍ أَوْ غَرِيمٍ فِي مُفْلِسٍ وَعِلْمُ الرِّضَا كَالْإِذْنِ وَلَا يَطْرَحُ مِنْ مَتَاعِهَا إلَّا مَا يَحْتَاجُ إلَى طَرْحِهِ مِنْهُ بِحَسَبِ الْحَالِ، قَوْلُهُ: (لِرَجَاءِ سَلَامَتِهَا) هُوَ بَيَانٌ لِمَحَلِّ الْجَوَازِ وَهُوَ مِمَّا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْكَلَامِ عَلَى تَقْدِيرِهِ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِرَجَاءِ نَجَاةِ الرَّاكِبِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَجِبُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ مُخَالَفَةُ الْأُسْلُوبِ، وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِ جَازَ أَيْضًا وَلَا بِجَازِ وَحْدَهُ وَبِذَلِكَ سَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا مِمَّا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ لِرَجَاءِ نَجَاةِ الرَّاكِبِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمَالِكُ وَلَا غَيْرُهُ وَصَرِيحُ كَلَامِهِ الْآتِي دُخُولُ الْمَتَاعِ فِي الرَّاكِبِ وَفِي وَصْفِهِ بِالرَّاكِبِ تَجَوُّزٌ نَظَرًا لِلتَّغْلِيبِ مَثَلًا فَعَطْفُهُ عَلَى الْمَتَاعِ عَطْفٌ عَامٌّ، أَوْ مِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ بِالْإِلْقَاءِ وَعَدَمِهِ وَمِنْهُ يَعْلَمُ وُجُوبَ إلْقَاءِ بَعْضِ الْمَتَاعِ لِسَلَامَةِ بَعْضِهِ، وَإِلْقَاءُ بَعْضِ غَيْرِ الْمَتَاعِ كَذَلِكَ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: يَجِبُ إلْقَاءُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ لِسَلَامَتِهِ، وَإِلْقَاءُ غَيْرِ الْمَعْصُومِ مِنْهُ لِسَلَامَةِ الْمَعْصُومِ مِنْهُمَا، وَإِلْقَاءُ بَعْضِ كُلٍّ لِسَلَامَةِ بَعْضِهِ وَلَا يَجُوزُ إلْقَاءُ الْحَيَوَانِ الْمَعْصُومِ لِسَلَامَةِ غَيْرِهِ، وَيَجُوزُ إلْقَاءُ بَعْضِ الْمَتَاعِ الْمَعْصُومِ لِسَلَامَةِ بَعْضِهِ كَمَا فِي إلْقَائِهِ لِسَلَامَةِ السَّفِينَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (إذَا خِيفَ هَلَاكُهُ) أَيْ وَظُنَّتْ سَلَامَتُهُ فَإِنْ انْتَفَى الْخَوْفُ امْتَنَعَ الْإِلْقَاءُ وَلَوْ لِمَالٍ لِنَفْسِهِ أَوْ لَمْ تُرْجَ السَّلَامَةُ امْتَنَعَ الْوُجُوبُ. قَوْلُهُ: (مَا لَا رُوحَ فِيهِ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ نَحْوَ مُصْحَفٍ. قَوْلُهُ: (ذِي الرُّوحِ) أَيْ الْمَعْصُومِ وَلَوْ كَلْبًا بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَيُلْقَى كُلٌّ مِنْهُمْ لِنَجَاةِ غَيْرِهِ وَلَوْ مَالًا أَوْ كَافِرًا مَعْصُومًا وَيُقَدَّمُ فِي الْإِلْقَاءِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَخَسُّ أَخْذًا مِنْ الْقَاعِدَةِ هُنَا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ يُقَدَّمُ لِلْإِلْقَاءِ الْأَخَسُّ، فَالْأَخَسُّ فِي الْأَمْوَالِ وَالْآدَمِيِّينَ نَعَمْ لَا يُلْقَى رَقِيقٌ لِحُرٍّ، وَلَا كَافِرٌ لِمُسْلِمٍ، وَيُلْقَى أَسِيرٌ كَافِرٌ لِنَجَاةِ غَيْرِهِ، وَلَوْ مَتَاعًا إنْ رَآهُ الْأَمِيرُ مَصْلَحَةً. لَطِيفَةٌ: حُكِيَ أَنَّ بَعْضَ الْمَلَّاحِينَ الْحُذَّاقِ أَشْرَفَتْ سَفِينَتُهُ عَلَى الْغَرَقِ وَفِيهَا مُسْلِمُونَ وَكُفَّارٌ فَتَحَيَّرَ فِي أَمْرِهِ، ثُمَّ اتَّفَقَ مَعَهُمْ عَلَى أَنْ يَمْزُجَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ وَيَجْعَلَهُمْ حَلَقَةً وَيَدُورَ فِيهِمْ بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ، وَكُلُّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ آخِرُ الْعَدَدِ يُلْقِيهِ فِي الْبَحْرِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ فَوَقَعَ الْعَدَدُ عَلَى جَمِيعِ الْكُفَّارِ فَأَلْقَاهُمْ وَنَجَا الْمُسْلِمُونَ، وَصُورَةُ الْمَزْجِ تُعْلَمُ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ: اللَّهُ يَقْضِي بِكُلِّ يُسْرٍ وَيَرْزُقُ الضَّيْفَ حَيْثُ كَانَ   [حاشية عميرة] ضَمَانَ) أَيْ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْغَلَبَةِ قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، قَوْلُهُ: (جَازَ طَرْحٌ إلَخْ) أَيْ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي هَذَا وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ قَوْلُهُ: (إذَا خِيفَ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي تَنْزِيلُ هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ الْهَلَاكُ وَالْأَوْلَى عَلَى مَا إذَا غَلَبَتْ السَّلَامَةُ اهـ. أَقُولُ: مِثْلُ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ اسْتِوَاءُ الْأَمْرَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْمَالِكِ وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ أَيْ فِي حَالِ الثَّانِي، قَوْلُهُ: (لِإِبْقَاءِ الْآدَمِيِّينَ) وَلَا يَجُوزُ إلْقَاءُ الْكَافِرِ الْمَعْصُومِ لِخَلَاصِ الْمُسْلِمِ، كَمَا لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ فِي الْمَخْمَصَةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 لِإِبْقَاءِ الْآدَمِيِّينَ (فَإِنْ طَرَحَ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ ضَمِنَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ طَرَحَهُ بِإِذْنِهِ رَجَاءَ السَّلَامَةِ (فَلَا) ضَمَانَ (وَلَوْ قَالَ) لِغَيْرِهِ (أَلْقِ مَتَاعَك) فِي الْبَحْرِ (وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ) فَأَلْقَاهُ فِيهِ (ضَمِنَ) الْمُلْقِي (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) قَوْلِهِ (أَلْقِ) مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ فَأَلْقَاهُ (فَلَا) ضَمَانَ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي فِيهِ الضَّمَانُ كَقَوْلِهِ أَدِّ دَيْنِي فَأَدَّاهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ أَدَاءَ الدَّيْنِ يَنْفَعُهُ قَطْعًا وَالْإِلْقَاءَ قَدْ لَا يَنْفَعُهُ (وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مُلْتَمِسٌ لِخَوْفِ غَرَقٍ وَلَمْ يَخْتَصَّ نَفْعُ الْإِلْقَاءِ بِالْمُلْقِي) ، فَفِي غَيْرِ الْخَوْفِ لَا ضَمَانَ وَكَذَا فِي الِاخْتِصَاصِ بِأَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ عَلَى الشَّطِّ أَوْ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى، وَفِي الْأُولَى الْمَتَاعُ وَصَاحِبُهُ فَقَطْ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ الْمُلْتَمِسُ أَوْ غَيْرُهُ قِيلَ يَسْقُطُ قِسْطُ الْمَالِكِ وَهُوَ فِي وَاحِدٍ مَعَهُ مَثَلًا النِّصْفُ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ. (وَلَوْ عَادَ حَجَرٌ مَنْجَنِيقٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ (فَقَتَلَ أَحَدَ رُمَاتِهِ هَدَرٌ قِسْطُهُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَاقِينَ الْبَاقِي) مِنْ دِيَتِهِ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلُهُمْ خَطَأٌ فَإِنْ كَانَ أَحَدَ عَشَرَةٍ سَقَطَ عُشْرُ دِيَتِهِ وَوَجَبَ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْ التِّسْعَةِ عُشْرُهَا (أَوْ) قَتَلَ (غَيْرَهُمْ وَلَمْ يَقْصِدُوهُ فَخَطَأٌ) قَتْلُهُ (أَوْ قَصَدُوهُ فَعَمْدٌ) قَتْلُهُ (فِي الْأَصَحِّ إنْ غَلَبَتْ الْإِصَابَةُ) ، وَالثَّانِي شِبْهُ عَمْدٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ قَصْدٌ مُعَيَّنٌ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ هَذَا إنْ غَلَبَ عَدَمُ الْإِصَابَةِ فَشِبْهُ عَمْدِهِ جَزْمًا.   [حاشية قليوبي] فَكُلُّ حَرْفٍ مُهْمَلٍ مَكَانَ مُسْلِمٍ، وَكُلُّ حَرْفٍ مُعْجَمٍ مَكَانَ كَافِرٍ، وَالْعَدَدُ بِتِسْعَةٍ بَعْدَ تِسْعَةٍ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ طَرَحَ) وَلَوْ فِي حَالَةِ الْوُجُوبِ مَالَ غَيْرِهِ الْمَعْصُومَ بِلَا إذْنٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَ اعْتِبَارُ إذْنِهِ ضَمِنَهُ بِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (أَلْقِ مَتَاعَك) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا وَلَا بِحَضْرَتِهِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا تَقْيِيدُهُ بِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا أَوْ مُشَارًا إلَيْهِ، وَبِأَنْ لَا يَرْجِعَ الْقَائِلُ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ وَمَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ إلَى الْأَوَّلِ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَلَوْ قَالَ لِزَيْدٍ أَلْفٌ مَتَاعُ عَمْرٍو فَالضَّمَانُ عَلَى مُبَاشِرِ الْإِلْقَاءِ، قَوْلُهُ: (عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ) وَلَا بُدَّ مِنْ ضَمِيرٍ مَثَلًا يَعُودُ إلَى الْمَتَاعِ أَيْ ضَامِنٌ لَهُ أَوْ ضَامِنُهُ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَلَوْ قَالَ أَنَا وَأَهْلُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ لَزِمَهُ الْكُلُّ إلَّا إنْ أَرَادَ إخْبَارًا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَوْ كُلِّهِمْ وَصَدَّقَهُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ صَدَّقَهُ، وَيُصَدَّقُ مُنْكِرُ الْأَخْبَارِ عَنْهُ بِيَمِينِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الضَّمَانَ فِيهِ بِعَدَدِ رُءُوسٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَ الْمُلْقَى) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ ضَمِنَ الْقَائِلُ الْمَتَاعَ الَّذِي أَلْقَاهُ الْمَقُولُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلْقَائِلِ فِيهَا شَيْءٌ أَوْ لَمْ تَحْصُلْ النَّجَاةُ بِالْإِلْقَاءِ، وَالضَّمَانُ بِمَا سَمَّاهُ إنْ كَانَ سَمَّى شَيْئًا كَقَوْلِهِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ بِكَذَا، وَإِلَّا ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ أَيْ بِمَا يُسَاوِيهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي ذَاتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ سَوَاءٌ الْمِثْلِيُّ، وَالْمُتَقَوَّمُ لِأَنَّهَا لِلْحَيْلُولَةِ وَلِذَلِكَ لَوْ لَفَظَهُ الْبَحْرُ وَجَبَ رَدُّهُ، وَيَرْجِعُ بِمَا دَفَعَهُ وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا مُخَالِفًا فِيهِ لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ كَوَالِدِهِ، فِي قَوْلِهِمَا يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ مَعَ مُوَافَقَتِهِمَا عَلَى الرُّجُوعِ إذَا رَدَّهُ. تَنْبِيهٌ: أَلْحَقُوا بِهَذَا مَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اُعْفُ عَنْ هَذَا الْأَسِيرِ وَلَك عَلَيَّ كَذَا أَوْ اُعْفُ عَنْ قِصَاصِ هَذَا وَلَك عَلَيَّ كَذَا، أَوْ أَطْعِمْ هَذَا وَلَك عَلَيَّ كَذَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ لِغَرَضٍ بِعِوَضٍ صَحِيحٍ، وَانْظُرْ لَوْ قَالَ فِي ذَلِكَ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مُلْتَمِسٌ) أَيْ بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا وُجُودِيٌّ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِخَوْفِ غَرَقٍ، وَالْآخَرُ عَدَمِيٌّ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَخْتَصَّ إلَخْ. وَتَقَدَّمَ شَرْطَانِ آخَرَانِ الْمُشَارُ إلَى أَحَدِهِمَا بِقَوْلِهِ: أَلْقِ مَتَاعَك وَإِلَى الْآخَرِ بِقَوْلِهِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ قَوْلُهُ: (لِخَوْفِ غَرَقٍ) أَيْ لِلْمُلْتَمِسِ لِنَفْسِهِ فَقَطْ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ لِمَالِهِ فَقَطْ أَوْ مَعَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ مَعَ مَالِ غَيْرِهِ وَلِرَجُلٍ فِيهِ خَوْفُ غَرَقِ غَيْرِهِ فَقَطْ لِأَجْلِ الشَّرْطِ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ لَوْ قَالَ لِرَفِيقِهِ فِي سَفَرٍ مَثَلًا خَوْفًا مِنْ اللُّصُوصِ عِنْدَ طَلَبِهِمْ لَهُمَا أَلْقِ مَتَاعَك وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ ضَمِنَهُ كَمَا هُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَمِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ الشُّرُوطِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَخْتَصَّ إلَخْ) بِأَنْ اخْتَصَّ بِالْمُلْتَمِسِ أَوْ بِهِ أَوْ بِالْمُلْقِي أَوْ بِأَجْنَبِيٍّ فَقَطْ، أَوْ بِهِ وَبِأَحَدِهِمَا أَوْ عَمَّ الثَّلَاثَةَ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ ذَكَرَهَا شَيْخُنَا وَفِي دُخُولِ الثَّالِثَةِ نَظَرٌ مَعَ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي خَوْفِ الْمُلْتَمِسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ مِنْ حَيْثُ عُمُومُ الْعِبَارَةِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَضْمَنُ الْمُلْتَمِسُ الْكُلَّ كَمَا عُلِمَ وَذَكَرَهَا لِمَحَلِّ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (مَنْجَنِيقٌ) هُوَ آلَةٌ لِرَمْيِ الْحِجَارَةِ وَلَفْظُهُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَيُقَالُ مَنْجَلِيقٌ بِاللَّامِ وَمَنْجَنُوقٌ بِالْوَاوِ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. قَوْلُهُ: (أَحَدُ رُمَاتِهِ) وَهُمْ مَنْ مَسَكَ الْحَبْلَ وَرَمَى الْحَجَرَ لَا مَنْ مَسَكَ الْخَشَبَةَ أَوْ وَضَعَ فِيهِ الْحَجَرَ إلَّا إنْ كَانَ لَهُمْ دَخْلٌ فِي الْقَتْلِ. قَوْلُهُ: (خَطَأً) بِالنَّصْبِ حَالٌ فَالْوَاجِبُ دِيَةُ خَطَأٍ مُوَزَّعَةٌ عَلَيْهِمْ. نَعَمْ إنْ قَصَدُوا مُعَيَّنًا مِنْهُمْ وَغَلَبَتْ الْإِصَابَةُ فَهُوَ عَمْدٌ فَتَجِبُ دِيَةُ عَمْدٍ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ قِصَاصٌ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ مُخْطِئٍ وَسَكَتُوا عَنْ ذِكْرِ هَذَا الشَّرْطِ هُنَا لِتَحَقُّقِ الْغَلَبَةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَعَمَدَ قَتْلَهُ) أَيْ فَعَلَيْهِمْ الْقَوَدُ فَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ غَلَبَ عَدَمُ الْإِصَابَةِ) أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَشِبْهُ عَمْدٍ أَيْضًا.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ) أَيْ لَهُ قَوْلُهُ: (ضَمِنَ) إنْ سُمِّيَ قَدْرًا لَزِمَهُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا، وَأَنْ تُعْتَبَرَ قَبْلَ الْهَيَجَانِ وَلَا بُدَّ أَنَّهُ يَقُولُ أَلْقِ هَذَا أَوْ يَكُونُ الْمَتَاعُ مُعَيَّنًا مَعْلُومًا لِلْقَائِلِ أَوْ غَيْرَ مَعْلُومٍ، وَلَكِنْ أَلْقَاهُ بِحُضُورِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَةِ الضَّمَانِ بَلْ افْتِدَاءً، كَقَوْلِهِ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا وَلَوْ لَفَظَهُ الْبَحْرُ رُدَّ لِصَاحِبِهِ وَأَخَذَ الضَّامِنُ مَا غَرِمَهُ، قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَخْتَصَّ إلَخْ) . تَحْتَهُ سِتُّ صُوَرٍ. فَرْعٌ: قَالَ لِرَفِيقِهِ فِي الطَّرِيقِ خَوْفًا مِنْ اللُّصُوصِ عِنْدَ طَلَبِهِمْ لَهُمَا أَلْقِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (لَا ضَمَانَ إلَخْ) . وَالْحَالُ أَنَّهُ قَالَ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ. قَوْلُهُ: (مَنْجَنِيقٌ) هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا مَنْجَنُوقٌ بِالْوَاوِ وَمَنْجَلِيقٌ بِاللَّامِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمَقْتُولُ قَوْلُهُ: (أَوْ قَصَدُوهُ) نَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا بِأَنْ قَصَدَهُ مَعَ فَرْضِ الْغَلَبَةِ كَيْفَ، يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ. نَعَمْ بَعْضُ الْأَصْحَابِ يَقُولُ: لَا يُتَصَوَّرُ قَصْدُ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ بِالْمَنْجَنِيقِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 فَصْلٌ (دِيَةُ الْخَطَإِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ) مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ كِتَابِ الدِّيَاتِ وَذُكِرَ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ اقْتَتَلَتَا فَخَذَفَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» أَيْ الْقَاتِلَةِ وَقَتْلُهَا مِنْ صُوَرِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الدِّيَةَ فِيهِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَفِي الْخَطَإِ أَوْلَى (وَهُمْ عَصَبَتُهُ) أَيْ الْجَانِي مِنْ النَّسَبِ (إلَّا الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ) أَيْ الْأَبَ وَإِنْ عَلَا وَالِابْنَ وَإِنْ سَفَلَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي رِوَايَةٍ «وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا» وَفِي رِوَايَةٍ فِيهِ لِأَبِي دَاوُد «وَبَرَّأَ الْوَلَدَ» أَيْ مِنْ الْعَقْلِ وَيُقَالُ عَلَيْهِ الْأَصْلُ، وَرَوَى النَّسَائِيّ حَدِيثَ «لَا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ ابْنِهِ» (وَقِيلَ يَعْقِلُ) فِي الْمَرْأَةِ (ابْنٌ هُوَ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا) كَمَا يَلِي نِكَاحَهَا وَالْأَوَّلُ يَجْعَلُ الْبُنُوَّةَ مَانِعَةً هُنَا (وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ) ، فَالْأَقْرَبُ بِأَنْ يُنْظَرَ فِي عَدَدِهِ وَالْوَاجِبُ آخِرَ الْحَوْلِ وَيُوَزَّعُ عَلَى الْعَدَدِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ (فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ) مِنْ الْوَاجِبِ (فَمَنْ يَلِيهِ) أَيْ الْأَقْرَبَ يُوَزَّعُ الْبَاقِي عَلَيْهِ، وَهَكَذَا وَالْأَقْرَبُ الْإِخْوَةُ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا ثُمَّ الْأَعْمَامُ ثُمَّ بَنُوهُمْ كَالْإِرْثِ (وَ) يُقَدَّمُ (مُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ) عَلَى مُدْلٍ بِأَبٍ (وَالْقَدِيمُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَعْقِلُ (ثُمَّ) بَعْدَ عَصَبَةِ النَّسَبِ (مُعْتِقٌ ثُمَّ عَصَبَتُهُ) مِنْ النَّسَبِ إلَّا أَصْلَهُ وَفَرْعَهُ فِي الْأَصَحِّ (ثُمَّ مُعْتِقُهُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ) إلَّا أَصْلُهُ وَفَرْعُهُ عَلَى الْخِلَافِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَحَمُّلِهِمْ وَسُمُّوا بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ الْعَقْلِ بِمَعْنَى الْمَنْعِ لِمَنْعِهِمْ عَنْهُ، أَوْ بِمَعْنَى الدِّيَةِ لِتَحَمُّلِهِمْ لَهَا، أَوْ بِمَعْنَى الْحَبْسِ أَوْ الْعِقَالِ لِحَبْسِهِمْ الْإِبِلَ بِفِنَاءِ دَارِ الْمُسْتَحِقِّ بِعَقْلِهَا. قَوْلُهُ: (فَخَذَفَتْ) بِالْخَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ كَمَا ضَبَطَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ بِمَعْنَى الرَّمْيِ لَكِنْ مَعَ اعْتِبَارِ كَوْنِ الْمَرْمِيِّ بِهِ مِنْ الْحَصَى الصَّغِيرِ أَيْ مَعَ نِسْبَةِ الْقَتْلِ إلَيْهِ، وَسَكَتَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ كَوْنِ الْغُرَّةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ عَمْدٌ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَفِي الْخَطَإِ أَوْلَى) لِوُجُودِ الْمَعْنَى السَّابِقِ فِيهِ بِعُذْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَهُمْ عَصَبَتُهُ) وَالْمُرَادُ بِهِمْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْمُتَعَصِّبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ أَصَالَةً وَالْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُجْمَعِ عَلَى إرْثِهِمْ إلَخْ. لِلْأَغْلَبِ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ كَقَوْلِهِ الْمُجْمَعُ عَلَى إرْثِهِمْ الصَّالِحُونَ لِوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ لِيَدْخُلَ الْفَاسِقُ مِنْ حِينِ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ، فَلَوْ ارْتَدَّ الْجَارِحُ بَعْدَ جَرْحِهِ وَقَبْلَ مَوْتِ الْجَرِيحِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ أَرْشُ الْجُرْحِ، وَالزَّائِدُ فِي مَالِهِ، فَلَوْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ مَوْتِ الْجَرِيحِ فَكُلُّ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ اعْتِبَارًا بِالطَّرَفَيْنِ، وَلَوْ ارْتَدَّ الْجَرِيحُ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْجُرْحِ وَالدِّيَةُ وَالْبَاقِي فِي مَالِهِ، كَذَا قَالُوا فَرَاجِعْهُ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا مِنْ وُجُوهٍ. وَقَوْلُنَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِدَفْعِ إيرَادِ الْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ وَذَوِي الْأَرْحَامِ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَيْ الْجَانِي) رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ يَعْقِلُ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ عَصَبَةً لِلْجَانِي، وَأَنَّ الْجَانِيَ لَا يَعْقِلُ وَإِنْ كَانَ عَصَبَةً لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ النَّسَبِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ وَلَا يُعَارِضُهُ الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي ضَبْطِ الْعَاقِلَةِ لَا فِي تَقْدِيمِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَدِيثِ إلَخْ) أَشَارَ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ إلَى الدَّلِيلِ عَلَى تَحَمُّلِ الْعَصَبَةِ وَبِالْحَدِيثِ الثَّانِي إلَى إخْرَاجِ الْفَرْعِ مِنْهُمْ وَبِالْحَدِيثِ الثَّالِثِ إلَى إخْرَاجِ الْأَصْلِ وَقَدَّمَ الْقِيَاسَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ صِيغَةِ التَّمْرِيضِ. قَوْلُهُ: (هُنَا) بِخِلَافِهَا فِي النِّكَاحِ فَهِيَ غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ، وَلَعَلَّ الْفَارِقَ بَيْنَهُمَا وُجُودُ النَّصِّ هُنَا عَلَى الْوَلَدِ لَا يَعْقِلُ، أَوْ لِأَنَّ الْأُمَّ أَقْوَى شَفَقَةً عَلَى الْوَلَدِ، فَهِيَ أَشَدُّ اعْتِنَاءً بِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى أَنَّ إلَخْ) وَرُدَّ بِأَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ تَمَحَّضَتْ لِلتَّرْجِيحِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ مُعْتِقٌ) أَيْ يُوَزَّعُ عَلَيْهِ وَإِنْ تَعَدَّدَ مَا بَقِيَ بَعْدَ عَصَبَةِ النَّسَبِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَصَبَتُهُ) أَيْ الْمُعْتِقِ فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ مَا بَقِيَ بَعْدَهُ، وَيُقَدَّمُونَ كَمَا فِي النَّسَبِ فَيُقَدَّمُ إخْوَتُهُ ثُمَّ بَنُوهُمْ ثُمَّ أَعْمَامُهُ ثُمَّ بَنُوهُمْ، وَيَعْقِلُونَ وَلَوْ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ مُعْتِقُهُ) أَيْ الْمُعْتِقِ عَلَى مَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ دِيَةُ الْخَطَإِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ] فَصْلٌ دِيَةُ الْخَطَإِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ أَيْ أَمَّا الْعَمْدُ وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ فَعَلَى الْجَانِي عَلَى قِيَاسِ الْمُتْلَفَاتِ، وَلِمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا ثُمَّ مَحَلُّ اللُّزُومِ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَوْ يَعْتَرِفَ بِالْقَتْلِ وَيُصَدِّقُوهُ. قَوْلُهُ: (وَهُمْ عَصَبَتُهُ) أَيْ الَّذِينَ هُمْ بِصِفَةِ الْكَمَالِ أَعْنِي مَنْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَلِيَّ نِكَاحٍ بِفَرْضِ الْجَانِي أُنْثَى مِنْ الْفِعْلِ إلَى الْمَوْتِ فَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ يَجْعَلُ الْبُنُوَّةَ مَانِعَةً هُنَا) لِعُمُومِ الْحَدِيثِ، قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَصَبَتُهُ) تَوَقَّفَ الْإِمَامُ فِي الضَّرْبِ عَلَيْهِمْ مَعَ وُجُودِ الْمُعْتِقِ عِنْدَ بَقَاءِ شَيْءٍ، لِأَنَّهُ لَا سَبَبَ وَلَا نَسَبَ وَقَالَ أَيْضًا إنَّ الْأَصَحَّ عُمُومُ الضَّرْبِ عَلَى عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ، هَكَذَا فِي شَرْحِ الزَّرْكَشِيّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 يُوجَدْ مُعْتِقٌ وَلَا عَصَبَتُهُ (فَمُعْتِقُ أَبِي الْجَانِي ثُمَّ عَصَبَتُهُ) مِنْ النَّسَبِ (ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتُهُ) ، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ بَدَّلَ الْوَاوَ (وَكَذَا أَبَدًا) أَيْ بَعْدَ مُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتِهِ مُعْتِقُ الْجَدِّ وَعَصَبَتُهُ إلَى حَيْثُ يَنْتَهِي، وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ اسْتِثْنَاءُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ مِنْ عَصَبَةِ مُعْتِقِ الْأَبِ وَمُعْتِقِ الْجَدِّ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ (وَعَتِيقُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (يَعْقِلُهُ عَاقِلَتُهَا) دُونَهَا (وَمُعْتِقُونَ كَمُعْتِقٍ) فِيمَا عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِجَمِيعِهِمْ لَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (وَكُلُّ شَخْصٍ مِنْ عَصَبَةِ كُلِّ مُعْتِقٍ يَحْمِلُ مَا كَانَ يَحْمِلُهُ ذَلِكَ الْمُعْتِقُ) قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَا يُقَالُ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَتَوَزَّعُ عَلَيْهِمْ تَوَزُّعَهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ بَلْ يَنْتَقِلُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ، وَسَيَأْتِي أَنَّ عَلَى الْغَنِيِّ مِنْ الْعَاقِلَةِ كُلَّ سَنَةٍ نِصْفُ دِينَارٍ وَالْمُتَوَسِّطُ رُبْعُ دِينَارٍ (وَلَا يَعْقِلُ عَتِيقٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ إرْثِهِ، وَالثَّانِي نُظِرَ إلَى أَنَّ الْعَقْلَ نُصْرَةٌ وَالْعَتِيقُ أَوْلَى بِنُصْرَةِ مُعْتِقِهِ (فَإِنْ فُقِدَ الْعَاقِلُ) مِمَّنْ ذُكِرَ (أَوْ لَمْ يَفِ) مَا عَلَيْهِ بِالْوَاجِبِ فِي الْجِنَايَةِ (عَقَلَ بَيْتُ الْمَالِ عَنْ الْمُسْلِمِ) الْكُلَّ أَوْ الْبَاقِيَ لِأَنَّهُ يَرِثُهُ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَمَالُهُ فَيْءٌ فَالْوَاجِبُ فِي مَالِهِ (فَإِنْ فُقِدَ) بَيْتُ الْمَالِ (فَكُلُّهُ) أَيْ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ (عَلَى الْجَانِي فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءً عَلَيْهِ ثُمَّ تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءً عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ دَيْنًا فِي بَيْتِ الْمَالِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ وَحَيْثُ وَجَبَ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَى الْجَانِي   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَمُعْتِقُ أَبِي الْجَانِي) وَيَعْمَلُ مُعْتِقُ الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا عَلَى التَّرْتِيبِ فِي مُعْتِقِ الْآبَاءِ لَكِنْ يُقَدَّمُ مُعْتِقُ الذَّكَرِ عَلَى مُعْتِقِ الْأُنْثَى فِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ تَسَاوَيَا فِيهَا، وَيُسْتَثْنَى فِيهِمْ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ وَعَصَبَةُ مُعْتِقِ الْأُمَّهَاتِ كَعَصَبَةِ مُعْتِقِ الْآبَاءِ أَيْضًا، مَا دَامَ الْوَلَاءُ لَهُمْ فَإِنْ انْتَقَلَ عَنْهُمْ سَقَطَ الْعَقْلُ عَنْهُمْ بِمَعْنَى انْتِقَالِهِ إلَى عَصَبَةِ الْأَبِ إنْ اكْتَفَى بِهِمْ، فَلَوْ تَزَوَّجَ رَقِيقٌ بِعَتِيقَةٍ فَالْوَلَاءُ عَلَى أَوْلَادِهِ لِمُعْتِقِهَا وَعَصَبَتِهِ فَيَعْقِلُونَ عَنْ الْوَلَدِ فَإِنْ عَتَقَ الْأَبُ انْجَرَّ الْوَلَاءُ عَنْهُ، لِمُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتِهِ، فَيَسْقُطُ التَّحَمُّلُ عَنْهُمْ عَلَى مَا مَرَّ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (وَمُعْتِقُونَ كَمُعْتِقٍ فِيمَا عَلَيْهِ) أَيْ فَعَلَيْهِمْ كُلُّهُمْ نِصْفُ دِينَارٍ إنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، أَوْ رُبْعُهُ إنْ كَانُوا مُتَوَسِّطِينَ، وَيُوَزَّعُ ذَلِكَ النِّصْفُ أَوْ الرُّبْعُ عَلَيْهِمْ بِحَسَبِ الْمِلْكِ لَا الرُّءُوسِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا غَنِيٌّ وَغَيْرُهُ، فَعَلَى الْغَنِيِّ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ لَوْ كَانَ الْكُلُّ أَغْنِيَاءَ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ حِصَّتُهُ لَوْ كَانَ الْكُلُّ مُتَوَسِّطِينَ. قَوْلُهُ: (وَكُلُّ شَخْصٍ مِنْ عَصَبَةِ كُلِّ مُعْتِقٍ يَحْمِلُ مَا كَانَ يَحْمِلُهُ ذَلِكَ الْمُعْتِقُ) لَكِنْ بِحَسَبِ حَالِ كُلٍّ مِنْهُمْ، فَلَوْ كَانَ الشَّخْصُ مِنْ الْعَصَبَةِ غَنِيًّا فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُعْتِقِ لَوْ كَانَ غَنِيًّا وَعَكْسُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُتَوَسِّطًا فِي الْأُولَى أَوْ غَنِيًّا فِي الثَّانِيَةِ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مُعْتِقَانِ بِالسَّوِيَّةِ أَحَدُهُمَا غَنِيٌّ، وَالْآخَرُ مُتَوَسِّطٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ النِّصْفِ مِنْ الدِّينَارِ، وَعَلَى الثَّانِي نِصْفُ الرُّبْعِ مِنْهُ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْ عَصَبَةِ الْأَوَّلِ مِثْلُهُ إنْ كَانَ غَنِيًّا، وَإِلَّا فَنِصْفُ الرُّبْعِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ عَصَبَةِ الثَّانِي نِصْفُ الرُّبْعِ، إنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا مِثْلُهُ، وَإِلَّا فَنِصْفٌ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) . تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ الْفَاضِلُ بَعْدَ التَّوْزِيعِ عَلَى الْأَقْرَبِ أَقَلَّ مِمَّا يَلْزَمُ الْأَبْعَدَ كَأَنْ فَضَلَ عَنْ الْإِخْوَةِ مَثَلًا ثُلُثُ دِينَارٍ أَوْ رُبْعُهُ، وَهُنَاكَ عَمٌّ غَنِيٌّ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ إلَّا بِهِ فَقَطْ، وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ أَقَلَّ مِمَّا يَقْتَضِيهِ التَّوْزِيعُ فَالْوَجْهُ أَنْ يُنْقَصَ مِنْ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ النِّسْبَةِ، فَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ دِينَارًا بِالْجِنَايَةِ، وَلَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْعَصَبَةِ أَغْنِيَاءُ فِي دَرَجَةٍ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمْ رُبْعُ دِينَارٍ إذْ لَوْ أَوْجَبْنَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ نِصْفُ دِينَارٍ لَزَادَ عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ، وَلَوْ أَوْجَبْنَا عَلَى أَحَدِهِمْ مَثَلًا نِصْفًا وَعَلَى أَحَدِهِمْ رُبْعًا كَذَلِكَ لَكَانَ مِنْ التَّحَكُّمِ، وَهَكَذَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَعْقِلُ عَتِيقٌ) وَإِنْ سَفَلَ وَلَا عَصَبَتُهُ قَوْلُهُ: (مِمَّنْ ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْعَصَبَةِ مِنْ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ، وَلَوْ سَكَتَ عَنْ هَذَا لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ بَعْدَ الْعَصَبَةِ الْمَذْكُورِينَ، وَيُقَدَّمُونَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفُ دِينَارٍ أَوْ رُبْعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَقْلُ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ قَوْلُهُ: (عَنْ الْمُسْلِمِ) أَيْ غَيْرِ اللَّقِيطِ لِأَنَّ وَارِثَهُ بَيْتُ الْمَالِ فَلَا فَائِدَةَ فِي أَخْذِهَا مِنْهُ وَعَوْدِهَا إلَيْهِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ وَرِثَهُ بَيْتُ الْمَالِ لِعَوْدِهَا الْمَذْكُورِ مَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَارِثٌ فَتَرْجِعُ الدِّيَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ) وَمِثْلُهُ الْمُؤْمِنُ وَكَذَا الْمُرْتَدُّ لِأَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ، وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ فَالْوَاجِبُ بِقَتْلِهِ خَطَأً فِي مَالِهِ مُؤَجَّلًا فَإِنْ مَاتَ سَقَطَ الْأَجَلُ. قَوْلُهُ: (فَكُلُّهُ) أَوْ الْبَاقِي مِنْهُ بَعْدَ التَّوْزِيعِ عَلَى الْجَانِي مَا لَمْ يَكُنْ ذَوُو أَرْحَامٍ مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ أَوْ غَيْرِهِمْ وَإِلَّا فَهُمْ مُقَدَّمُونَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ تَوْرِيثِهِمْ وَيُقَدَّمُونَ أَيْضًا، عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ كَمَا فِي الْإِرْثِ وَالْكَلَامُ فِي الذُّكُورِ مِنْهُمْ غَيْرُ الْأُصُولِ، وَالْفُرُوعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءً عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَجْهَانِ وَلَمْ يُنَبِّهْ الشَّارِحُ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَحَيْثُ إلَخْ) فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَيْسَ قَيْدًا فَلَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ نَعَمْ يُخَالِفُ الْجَانِي الْعَاقِلَةَ بِأَنَّهَا يَسْقُطُ الْوَاجِبُ عَنْهَا بِمَوْتِهَا بِخِلَافِهِ، وَبِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ ثُلُثُ الْوَاجِبِ بِخِلَافِ الْوَاحِدِ مِنْهَا.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) عَلَى هَذَا يُتَّجَهُ تَأَخُّرُهُ عَنْ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَاتِهِ وَأَمَّا عَصَبَاتُ الْعَتِيقِ فَلَا يَتَحَمَّلُونَ قَطْعًا، وَكَذَا عَتِيقُ الْعَتِيقِ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ كَانَ الْجَانِي تَحَمَّلَ عَنْهُ وَيُمْكِنُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ نَظَرًا لِذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: قَطَعَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ الْعَتِيقَ لَا يَرِثُ وَتَرَدَّدَ فِي تَحَمُّلِهِ الْعَقْلَ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ مَدَارُهُ عَلَى النِّعْمَةِ وَلَا نِعْمَةَ لَهُ عَلَى الْمُعْتِقِ، وَالْعَقْلُ عَلَى الْمُنَاصَرَةِ وَهِيَ لَائِقَةٌ بِهِ. قَوْلُهُ: (عَقَلَ بَيْتُ الْمَالِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ» ، قَوْلُهُ: (فَكُلُّهُ) أَيْ وَالْفَاضِلُ عَنْ الْعَاقِلَةِ مِنْ قِسْطِ الْعَامِ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ، قَوْلُهُ: (وَحَيْثُ وَجَبَ) دَفْعٌ لِمَا عَسَاهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي وَتُؤَجَّلُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 فَيَتَأَجَّلُ تَأَجُّلُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُهُ (وَتُؤَجَّلُ عَلَى الْعَاقِلَةِ دِيَةُ نَفْسٍ كَامِلَةٍ) بِالْإِسْلَامِ وَالذُّكُورَةِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ (ثَلَاثَ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ) آخِرُهَا (ثُلُثٌ) التَّأْجِيلُ بِالثَّلَاثِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ قَضَاءِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَعَزَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ إلَى قَضَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالظَّاهِرُ تَسَاوِي الثَّلَاثِ فِي الْقِسْمَةِ وَأَنَّ كُلَّ ثُلُثٍ آخِرُ سَنَتِهِ وَتَأْجِيلُهَا بِالثَّلَاثِ لِكَثْرَتِهَا، وَقِيلَ لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ (وَ) تُؤَجَّلُ دِيَةُ (ذِمِّيٍّ سَنَةً) لِأَنَّهَا قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ (وَقِيلَ ثَلَاثًا) لِأَنَّهَا دِيَةُ نَفْسٍ (وَ) تُؤَجَّلُ دِيَةُ (امْرَأَةٍ) مُسْلِمَةٍ (سَنَتَيْنِ فِي الْأُولَى) مِنْهُمَا (ثُلُثٌ) مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ، وَالْبَاقِي فِي الثَّانِيَةِ (وَقِيلَ) تُؤَجَّلُ (أَثْلَاثًا) لِأَنَّهَا دِيَةُ نَفْسٍ (وَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْعَبْدَ) بِالْقِيمَةِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ، وَالثَّانِي هِيَ فِي مَالِ الْجَانِي حَالَّةٌ كَبَدَلِ الْبَهِيمَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا كَانَتْ قَدْرَ دِيَةٍ أَوْ دِيَتَيْنِ (فَفِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ وَقِيلَ) كُلُّهَا (فِي ثَلَاثٍ) لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ (وَلَوْ قَتَلَ رَجُلَيْنِ فَفِي ثَلَاثٍ وَقِيلَ سِتٌّ) تُؤْخَذُ دِيَتُهُمَا فِي كُلِّ سِتَّةٍ لِكُلِّ ثُلُثٍ دِيَةٌ عَلَى الثَّانِي (وَالْأَطْرَافُ) وَالْأُرُوشُ وَالْحُكُومَاتُ (فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ وَقِيلَ كُلُّهَا فِي سَنَةٍ) قُلْت أَوْ كَثُرَتْ (وَأَجَلُ النَّفْسِ مِنْ الزُّهُوقِ) لِلرُّوحِ (وَغَيْرِهَا مِنْ الْجِنَايَةِ) ، وَقِيلَ مِنْ الِانْدِمَالِ (وَمَنْ مَاتَ) مِنْ الْعَاقِلَةِ (بِبَعْضِ سَنَةٍ سَقَطَ) مِنْ وَاجِبِهَا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَنْ مَاتَ بَعْدَهَا (وَلَا يَعْقِلُ فَقِيرٌ) لِأَنَّ الْعَقْلَ مُوَاسَاةٌ وَالْفَقِيرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَنْ لَا يَمْلِكُ مَا يَفْضُلُ عَنْ كِفَايَتِهِ عَلَى الدَّوَامِ لَا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَى الْجَانِي) وَكَذَا عَلَى الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ أَوْ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَتُؤَجَّلُ) أَيْ تَثْبُتُ مُؤَجَّلَةً. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ) الْمَعْلُومَةِ مِنْ لَفْظِ الدِّيَةِ. قَوْلُهُ: (وَعَزَاهُ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) أَفَادَ بِهَذَا أَنَّ قَضَاءَ عُمَرَ وَعَلِيٍّ بِهِ لَيْسَ عَنْ اجْتِهَادٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَسْتَدِلُّ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطَهُمَا أَوْ تَأْخِيرَهُمَا لِيَقَعَا تَقْوِيَةً لِعَزْوِ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالظَّاهِرُ إلَخْ) هُوَ حِكَايَةٌ عَنْ قَوْلِ الْأَصْحَابِ لَا بَحْثٌ مِنْ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِكَثْرَتِهَا إلَخْ) سَيَأْتِي مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا ثُلُثٌ إلَخْ) وَالذِّمِّيَّةُ وَالْمُعَاهَدُ وَالْمُؤَمَّنُ وَالْمَجُوسِيُّ ذُكُورًا، وَإِنَاثًا كَذَلِكَ لِأَنَّهَا ثُلُثٌ أَوْ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ. قَوْلُهُ: (امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ) وَخُنْثَى كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْعَبْدَ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْأَمَةِ أَوْ هِيَ مِثْلُهُ وَالْمُرَادُ قِيمَتُهُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ مِنْ الْحُرِّ، وَأَمَّا الْجِنَايَةُ مِنْهُ فَهِيَ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَلَا يَحْمِلُهَا سَيِّدُهُ وَلَا عَاقِلَتُهُ وَلَا عَاقِلَةُ سَيِّدِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَبْدًا، كَمَا لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا قَوْلُهُ: (قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ) أَيْ دِيَةِ نَفْسٍ كَامِلَةٍ فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ نِصْفِ دِيَةٍ فَفِي السَّنَةِ الْأُولَى قَدْرُ الثُّلُثِ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْبَاقِي وَهَكَذَا فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ دِيَتَيْنِ فَفِي سِتٍّ مِنْ السِّنِينَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي فِي الْأَطْرَافِ وَمَا مَعَهَا. قَوْلُهُ: (رَجُلَيْنِ) أَيْ مُسْلِمَيْنِ قَوْلُهُ: (فَفِي ثَلَاثٍ) مِنْ السِّنِينَ وَكَذَا ثَلَاثَةُ رِجَالٍ وَأَكْثَرُ وَلَوْ قَتَلَ ثَلَاثَةٌ رَجُلًا وَاحِدًا، فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ تُسْعُ دِيَةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الزُّهُوقِ) بِمُزْهِقٍ أَوْ بِسِرَايَةِ جُرْحٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْجِنَايَةِ) لَكِنْ لَا مُطَالَبَةَ إلَّا بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَإِنْ حَصَلَ قَبْلَ تَمَامِ سَنَةٍ مِنْ الْجِنَايَةِ طُولِبَتْ الْعَاقِلَةُ بِوَاجِبِهَا. وَإِنْ مَضَتْ السَّنَةُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ سَقَطَ الطَّلَبُ بِوَاجِبِهَا عَنْ الْعَاقِلَةِ وَيُطَالَبُ بِهِ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ الْجَانِي فَلَوْ مَضَى جَمِيعُ السِّنِينَ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ فَلَا مُطَالَبَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِشَيْءٍ هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، نَعَمْ لَوْ جَنَى عَلَى أُصْبُعٍ فَسَرَى إلَى الْكَفِّ فَأَجَلُ الْكَفِّ مِنْ سُقُوطِهَا لَا مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْعَاقِلَةِ) خَرَجَ الْجَانِي وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُؤْخَذُ الْجَمِيعُ دَفْعَةً مِنْ تَرِكَتِهِ إذَا مَاتَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُؤْخَذُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّقُوطِ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَعْقِلُ فَقِيرٌ) وَلَوْ كَسُوبًا، قَوْلُهُ: (مَنْ لَا يَمْلِكُ) أَيْ مَنْ لَيْسَ فِي مِلْكِهِ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى رُبْعِ دِينَارٍ فَوْقَ الْكِفَايَةِ، الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْكَفَّارَةِ عَلَى دَوَامِ بَقِيَّةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ فَمَنْ فِي مِلْكِهِ زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ، فَلَيْسَ فَقِيرًا ثُمَّ إنْ كَانَ الزَّائِدُ قَدْرَ عِشْرِينَ دِينَارًا، فَأَكْثَرُ فَغَنِيٌّ أَوْ دُونَهَا وَأَكْثَرُ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ فَمُتَوَسِّطٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَفَقِيرٌ، كَمَا عُلِمَ لِأَنَّهُ بِدَفْعِ الرُّبْعِ يَعُودُ إلَى وَصْفِ الْفَقِيرِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ زِيَادَةً عَلَى كِفَايَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ، وَقَدْ اعْتَبَرُوا أَنْ يَبْقَى مَعَهُ زِيَادَةٌ عَلَى كِفَايَةِ الْعُمْرِ وَلَوْ دُونَ الرُّبْعِ لِيَخْرُجَ بِهَا عَنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ وَبِذَلِكَ سَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا.   [حاشية عميرة] عَلَى الْعَاقِلَةِ. قَوْلُهُ: (وَتُؤَجَّلُ) يُوهِمُ تَوَقُّفَ ذَلِكَ عَلَى ضَرْبِ الْقَاضِي وَلَيْسَ مُرَادًا قَوْلُهُ: (لِكَثْرَتِهَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَامِلَةً) إشَارَةً لِذَلِكَ، قَوْلُهُ: (فَفِي ثَلَاثٍ) أَيْ لِأَنَّ كُلَّ نَفْسٍ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ غَيْرِهَا وَقِيلَ سِتٌّ نَظَرًا إلَى أَنَّ النَّفْسَ الْوَاحِدَةَ تُؤَجَّلُ عَلَى ثَلَاثٍ فَيُزَادُ بِسَبَبِ الْأُخْرَى ثَلَاثٌ، قَوْلُهُ: (مِنْ الزُّهُوقِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ وُجُوبِ بَدَلِهَا كَمَا أَنَّ مَا دُونَهَا مِنْ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَإِنْ تَوَقَّفَ الطَّلَبُ عَلَى الِانْدِمَالِ،. قَوْلُهُ: (مِنْ الْعَاقِلَةِ) خَرَجَ بِهِ الْجَانِي فَإِنَّهُ يَحِلُّ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (سَقَطَ) أَيْ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَقَدْ شَبَّهَ ذَلِكَ بِتَلَفِ النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ ثُمَّ التَّعْبِيرُ بِالسُّقُوطِ يَقْتَضِي سَبْقَ الْوُجُوبِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَا هُنَا مُبَاحَثَةٌ لِلْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ حِصَّةُ الْحَوْلِ مِنْ الدِّيَةِ لَا تَجِبُ إلَّا فِي آخِرِهِ، لِأَنَّ مُوجِبَ الدِّيَةِ الْقَتْلُ وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَكَانَ ضَرْبُ الْأَجَلِ لِلتَّخْفِيفِ وَجَبَ أَنْ لَا يَسْقُطَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 مَنْ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا أَصْلًا، (وَرَقِيقٌ) لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَاتَبِ لَا مِلْكَ لَهُ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ (وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) ، وَامْرَأَةٌ لِأَنَّ مَبْنَى الْعَقْلِ عَلَى النُّصْرَةِ وَلَا نُصْرَةَ بِهِمْ (وَمُسْلِمٌ عَنْ كَافِرٍ وَعَكْسُهُ) إذْ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا فَلَا مُنَاصَرَةَ (وَيَعْقِلُ يَهُودِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسُهُ فِي الْأَظْهَرِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْكُفْرِ الْمُقَرِّ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي نُظِرَ إلَى انْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا (وَعَلَى الْغَنِيِّ) مِنْ الْعَاقِلَةِ (نِصْفُ دِينَارٍ وَالْمُتَوَسِّطِ رُبْعٌ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ وَقِيلَ هُوَ) أَيْ الْمَذْكُورُ (وَاجِبُ الثَّلَاثِ) وَالتَّقْدِيرُ بِالنِّصْفِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ دَرَجَةِ الْمُوَاسَاةِ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَبِالرُّبْعِ لِحُصُولِ الْمُوَاسَاةِ بِهِ مِنْ مُتَوَسِّطٍ بَيْنَ مَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ عَلَيْهِ النِّصْفُ (وَيُعْتَبَرَانِ) أَيْ الْغَنِيُّ وَالْمُتَوَسِّطُ (آخِرَ الْحَوْلِ) فَقَطْ (وَمَنْ أَعْسَرَ فِيهِ) أَيْ فِي آخِرِ الْحَوْلِ (سَقَطَ) مِنْ وَاجِبِ ذَلِكَ الْحَوْلِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا مِنْ قَبْلُ أَوْ أَيْسَرَ بَعْدُ وَمَنْ أَعْسَرَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُوسِرًا آخِرَ الْحَوْلِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ وَاجِبِهِ. فَرْعٌ: مَنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ كَافِرًا وَصَارَ فِي الْآخِرَةِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ لَا يَدْخُلُ فِي التَّوْزِيعِ فِي هَذَا الْحَوْلِ وَمَا بَعْدَهُ، وَقِيلَ يَدْخُلُ فِيمَا بَعْدَهُ وَقِيلَ فِيهِمَا. فَصْلٌ (مَالُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ) بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا وَعُفِيَ عَلَى مَالٍ (يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَلِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ لَهَا) أَيْ لِأَجْلِهَا أَوْ تَسْلِيمُهُ لِيُبَاعَ فِيهَا (وَفِدَاؤُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشُهَا وَفِي الْقَدِيمِ) يَفْدِيهِ (بِأَرْشِهَا)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَرَقِيقٌ) وَكَذَا مُبَعَّضٌ لَكِنْ يَعْقِلُ عَنْهُ بِعِتْقِ بَعْضِهِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَمَجْنُونٌ) وَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ وَكَانَ قَلِيلًا. قَوْلُهُ: (وَامْرَأَةٌ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا لَا تَعْقِلُ عَتِيقَهَا وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ لَكِنْ إذَا بَانَتْ ذُكُورَتُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا كَانَ يَلْزَمُهُ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَيَدْفَعُ مِنْهُ لِلْمُسْتَحِقِّ لَا لِلْعَاقِلَةِ وَتَرْجِعُ الْعَاقِلَةُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِقَدْرِهِ مِمَّا دَفَعُوهُ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَعْقِلُ يَهُودِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسُهُ) وَالْمُرَادُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُ الْحَرْبِيِّ فَيَشْمَلُ الْمُعَاهَدَ وَالْمُؤَمَّنَ، وَيُشْتَرَطُ فِي غَيْرِهِمَا إقَامَةُ جَمِيعِ السَّنَةِ الَّتِي يَعْقِلُ فِيهَا فِي دَارِنَا وَفِيهِمَا إقَامَةُ تِلْكَ السَّنَةِ مَعَ جُزْءٍ مِمَّا بَعْدَهَا كَذَلِكَ، فَمَنْ أَقَامَ مِنْهُمَا سَنَةً، فَأَقَلَّ وَمِنْ غَيْرِهِمَا دُونَ سَنَةٍ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْغَنِيِّ مِنْ الْعَاقِلَةِ) أَيْ مِمَّنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعَقْلُ مِنْ الْوَرَثَةِ لِيَدْخُلَ ذَوُو الْأَرْحَامِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ دِينَارٍ) أَيْ مِقْدَارُهُ إذْ الْوَاجِبُ الْإِبِلُ فَلَوْ أُخِذَ مِنْهُمْ دَرَاهِمُ صُرِفَتْ فِي الْإِبِلِ. قَوْلُهُ: (فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ) لِأَنَّهُ نِصْفُ مِثْقَالٍ مِنْ عِشْرِينَ مِثْقَالًا. قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ الْمُوَاسَاةِ) لِأَنَّهُ نِصْفُ مَا بَيْنَ النِّصْفِ وَالْعَدَمِ وَلِأَنَّ دُونَ الرُّبْعِ لَا نَفْعَ فِيهِ بِدَلِيلِ عَدَمِ الْقَطْعِ بِهِ فِي السَّرِقَةِ، وَعَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ، وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ إنَّهُ لَا تَقْدِيرَ بَلْ يَرْجِعُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَعْسَرَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ) وَكَذَا مَنْ رَقَّ أَوْ جُنَّ فِيهِ سَقَطَ عَنْهُ التَّحَمُّلُ فِي ذَلِكَ، الْحَوْلِ سَوَاءٌ الْحَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ، وَكَذَا مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي أَثْنَائِهِ وَلَوْ أَعَادَ الشَّارِحُ ضَمِيرَ فِيهِ إلَى الْحَوْلِ الْمُضَافِ إلَيْهِ لَشَمِلَهُ. قَوْلُهُ: (مَنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ رَقِيقًا إلَخْ) وَكَذَا مَنْ كَانَ كَذَلِكَ قَبْلَ أَوَّلِهِ مِنْ حِينِ الْفِعْلِ فَلَوْ رَمَى ذِمِّيٌّ صَيْدًا فَأَسْلَمَ فَأَصَابَ السَّهْمُ إنْسَانًا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ مُسْلِمٌ، وَلَا ذِمِّيٌّ وَلَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ إنْسَانًا خَطَأً ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ سِرَايَةً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الذِّمِّيِّينَ، أَرْشُ الْجُرْحِ وَعَلَيْهِ الْبَاقِي فَإِنْ جَرَحَهُ ثَانِيًا بَعْدَ إسْلَامِهِ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ سِرَايَةً، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ نِصْفُ الدِّيَةِ مِنْ الْبَاقِي فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ فَعَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْفَصْلِ لَوْ ارْتَدَّ فَارْجِعْ إلَيْهِ إنْ شِئْت. قَوْلُهُ: (رَقِيقًا) وَلَوْ مُبَعَّضًا أَوْ صَبِيًّا وَلَوْ مُرَاهِقًا أَوْ مَجْنُونًا، وَلَوْ كَانَ جُنُونُهُ مُتَقَطِّعًا، أَوْ كَافِرًا وَلَوْ مُرْتَدًّا، قَوْلُهُ: (لَا يَدْخُلُ فِي التَّوْزِيعِ فِي هَذَا الْحَوْلِ وَمَا بَعْدَهُ) كَمَا مَرَّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. تَنْبِيهٌ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الدَّعْوَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي وَأَنَّ الْعَاقِلَةَ يَدْفَعُونَهَا وَلَا يَدَّعِي عَلَيْهِمْ بِهَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ هُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ أَيْ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ. قَوْلُهُ: (مَالُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْأَمَةِ وَلَوْ أَعْجَمِيًّا، أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَكِنْ فِي هَذَيْنِ بِأَمْرِ غَيْرِهِمَا يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِالْآمِرِ، وَلَوْ قَطْعًا فِي سَرِقَةٍ وَيَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ بِالْأَرْشِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَالْمُبَعَّضُ فِي جُزْئِهِ الْحُرِّ كَالْحُرِّ وَفِي الرَّقِيقِ كَالرَّقِيقِ، وَلَا نَظَرَ لِمُهَايَأَةٍ وَيَفْدِيهِ السَّيِّدُ بِالْأَقَلِّ مِنْ حِصَّتِهِ وَمَا يُقَابِلُهَا مِنْ الْأَرْشِ. قَوْلُهُ: (أَوْ   [حاشية عميرة] بِالْمَوْتِ وَأَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ الدِّيَةُ وَاجِبَةٌ فِي الْمَالِ وَلَكِنْ لَا يُضَافُ وُجُوبُهَا إلَى الْعَاقِلَةِ عَنْ التَّعْيِينِ بَلْ يُنْظَرُ آخِرَ الْحَوْلِ فَإِنْ كَانُوا بِصِفَةِ التَّحَمُّلِ تَعَيَّنَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِمْ، وَإِلَّا تَبَيَّنَ تَعَلُّقُ الْوُجُوبِ بِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْجَانِي إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْتُ الْمَالِ اهـ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ دِينَارٍ) أَوْ قِيمَةُ نِصْفِ دِينَارٍ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَوْ سِتَّةُ دَرَاهِمَ أَيْ عَلَى أَهْلِ الْفِضَّةِ. تَنْبِيهٌ: الدَّعْوَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي وَالْعَاقِلَةِ يَدْفَعُونَ وَلَا يُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ كُلَّ سَنَةٍ وَجْهُهُ أَنَّهُ تَعَلَّقَ بِالْحَوْلِ فَيَتَكَرَّرُ كَالزَّكَاةِ كَذَا عَلَّلُوا بِهِ وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِثَلَاثٍ، قَوْلُهُ: (وَاجِبُ الثَّلَاثِ) فَعَلَى هَذَا يَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ فِي كُلِّ سَنَةٍ سُدُسٌ وَالْمُتَوَسِّطُ نِصْفُ سُدُسٍ، قَوْلُهُ: (آخِرَ الْحَوْلِ) يُفِيدُك عَدَمُ اعْتِبَارِ غَيْرِهِمَا مِنْ الشُّرُوطِ بِآخِرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوَّلَ الْحَوْلِ بَلْ عِنْدَ صُدُورِ أَوَّلِ فِعْلِ الْجَانِي كَافِرًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ كَمَّلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بِالْفَرْعِ الْآتِي. [فَصْلٌ مَالُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ] فَصْلُ مَالِ جِنَايَةِ الْعَبْدِ قَوْلُهُ: (وَلِسَيِّدِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقُ الْحَقِّ كَالْمَرْهُونِ فَيَتَخَيَّرُ فِيمَا ذُكِرَ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ بِهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالرَّقَبَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 بَالِغًا مَا بَلَغَ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ رُبَّمَا بِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْجَدِيدُ مَا يَعْتَبِرُ هَذَا الِاحْتِمَالَ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَقِيلَ يَوْمَ الْفِدَاءِ (وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ مَعَ رَقَبَتِهِ فِي الْأَظْهَرِ) ، وَالثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَالرَّقَبَةُ مَرْهُونَةٌ بِمَا فِي الذِّمَّةِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوفِ الثَّمَنُ بِهِ طُولِبَ الْعَبْدُ بِالْبَاقِي بَعْدَ الْعِتْقِ (وَلَوْ فَدَاهُ ثُمَّ جَنَى سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ) أَيْ لِيُبَاعَ أَوْ بَاعَهُ (أَوْ فَدَاهُ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ جَنَى ثَانِيًا قَبْلَ الْفِدَاءِ بَاعَهُ فِيهِمَا) أَوْ سَلَّمَهُ لِيُبَاعَ فِيهِمَا (أَوْ فَدَاهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشَيْنِ) فِي الْجَدِيدِ (وَفِي الْقَدِيمِ) يَفْدِيهِ (بِالْأَرْشَيْنِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ وَصَحَّحْنَاهُمَا) أَيْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِمَا وَهُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ فِي إعْتَاقِ الْمُوسِرِ وَالْمَرْجُوحُ فِي بَيْعِهِ (أَوْ قَتَلَهُ فَدَاهُ) لُزُومًا (بِالْأَقَلِّ) مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ قَطْعًا لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ بِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ (وَقِيلَ) فِيهِ (الْقَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا يَفْدِيهِ بِالْأَرْشِ (فَلَوْ هَرَبَ) الْعَبْدُ (أَوْ مَاتَ بَرِئَ سَيِّدُهُ) مِنْ عَلَقَتِهِ (إلَّا إذَا طَلَبَ) مَنْعَهُ (فَمَنَعَهُ) فَيَصِيرُ مُخْتَارًا لِفِدَائِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ صَادِقٌ بِأَنْ لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ أَوْ طَلَبَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ (وَلَوْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ وَتَسْلِيمَهُ) لِيُبَاعَ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ (وَيَفْدِي أُمَّ وَلَدِهِ) الْجَانِيَةَ لُزُومًا لِامْتِنَاعِ بَيْعِهَا (بِالْأَقَلِّ) مِنْ قِيمَتِهَا وَالْأَرْشِ قَطْعًا (وَقِيلَ) فِيهَا (الْقَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا يَفْدِيهَا بِالْأَرْشِ أَبَدًا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ   [حاشية قليوبي] عَمْدًا وَعَفَا عَلَى مَالٍ) وَلَا يُقَالُ إنَّ الْمَالَ فِي الْعَفْوِ ثَبَتَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ فَيَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ نَظَرًا لِأَصْلِ سَبَبِهِ وَلِذَلِكَ جَعَلَهُ فِي الْمَنْهَجِ غَايَةً وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَارِثِهِ الْعَفْوُ لَوْ سَبَقَهُ غَيْرُهُ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُ سِوَاهُ لِتَقَدُّمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْعُقَلَاءِ فَجِنَايَتُهُ مُضَافَةٌ إلَيْهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْبَهِيمَةَ وَعُلِمَ مِنْ إضَافَةِ التَّعَلُّقِ إلَى رَقَبَتِهِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِجُزْءٍ مِنْهَا، وَلَوْ مِثْلُ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَلِذَلِكَ لَوْ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ عَنْ بَعْضِ حَقِّهِ مَجَّانًا انْفَكَّ مِنْ الرَّقَبَةِ بِقِسْطِهِ فَلَيْسَ كَالْمَرْهُونِ لِكَوْنِ التَّعَلُّقِ هُنَا قَهْرِيًّا. قَوْلُهُ: (وَلِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ) أَيْ إنْ أَذِنَ الْمُسْتَحِقُّ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ كَالْمَرْهُونِ، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ إنْ أَمْكَنَ، وَوُجِدَ رَاغِبٌ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُوَفِّي جَمِيعَ الْأَرْشِ حَالًا وَلَوْ فِي غَيْرِ جِنَايَةِ الْعَمْدِ وَهُوَ الرَّاجِحُ الْمُعْتَمَدُ، وَقِيلَ إنَّهُ يُؤَجَّلُ كَالدِّيَةِ فِي الْحُرِّ فَيُبَاعُ مِنْهُ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ قَدْرُ ثُلُثِ الْأَرْشِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا أَجَلَ فِي الْقِيَمِ. قَوْلُهُ: (لَهَا) أَيْ لِلْجِنَايَةِ أَيْ لِأَجْلِهَا وَلَوْ قَالَ لَهُ أَيْ الْمَالِ لَكَانَ أَنْسَبَ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَسْلِيمَهُ لِيُبَاعَ) أَيْ وَلِلسَّيِّدِ تَسْلِيمُهُ لِمَنْ شَاءَ لِيَبِيعَهُ لِأَجْلِ الْأَرْشِ وَلَوْ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَفِدَاؤُهُ) أَيْ وَلِلسَّيِّدِ فِدَاؤُهُ وَلَوْ قَهْرًا عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (رُبَّمَا يَبِيعُ بِأَكْثَرَ إلَخْ) فَلَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرَى بِذَلِكَ اُعْتُبِرَ قَطْعًا، قَوْلُهُ: (الْقِيمَةُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ) وَالْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ مُنِعَ السَّيِّدُ مِنْ بَيْعِهِ وَقْتَهَا أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ مَعَ رَقَبَتِهِ) فَلَوْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْأَرْشِ زَائِدًا عَلَى قِيمَتِهِ لَا يَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ لِإِضْرَارِ الْمُسْتَحِقِّ بِفَوْتِ حَقِّهِ، أَوْ تَأْخِيرِهِ إلَى مَجْهُولٍ مَعَ عُذْرِهِ بِعَدَمِ رِضَاهُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَحْوَ الْقَرْضِ وَلَا بِكَسْبِهِ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ ذِمَّتِهِ أَوْ رَقَبَتِهِ أَوْ هُمَا مَعًا، وَلَا بِذِمَّةِ السَّيِّدِ وَلَا بِأَمْوَالِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ إذْنُهُ لِمَا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ كَالْمُعَامَلَاتِ. نَعَمْ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَلَوْ بَالِغًا إذَا جَنَى بِأَمْرِ غَيْرِهِ، وَلَوْ سَيِّدُهُ يَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ بِالْأَمْرِ لَهُ كَمَا مَرَّ آنِفًا. وَلَوْ أَقَرَّ الرَّقِيقُ بِجِنَايَةٍ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ سَيِّدُهُ وَلَا بَيِّنَةَ تَعَلَّقَ أَرْشُهَا بِذِمَّةِ الرَّقِيقِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ، وَلَوْ أَقَرَّهُ السَّيِّدُ عَلَى لُقَطَةٍ فِي يَدِهِ فَتَلِفَتْ وَهُوَ غَيْرُ أَمِينٍ أَوْ أَتْلَفَهَا مُطْلَقًا تَعَلَّقَ الْمَالُ بِرَقَبَتِهِ وَأَمْوَالُ السَّيِّدِ كَمَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ فَإِنْ لَمْ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ تَعَلُّقَهُ بِالرَّقَبَةِ لَيْسَ عَلَى مَعْنَى الْوُجُوبِ الَّذِي فِي الْمَرْهُونِ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ الْعِتْقُ قَبْلَ الْوَفَاءِ، أَوْ أَلْزَمَ السَّيِّدَ بِالْوَفَاءِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (سَلَّمَهُ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ مَنْعِهِ، أَوْ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ وَلَوْ فِي الْجِنَايَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ وَعْدٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ لِيُبَاعَ) دَفْعٌ لِتَوَهُّمِ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ وَهَذَا تَسْلِيمٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ وَقْتَ الْجِنَايَةِ كَمَا مَرَّ لَكِنْ اُنْظُرْ هَلْ يُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْجِنَايَةِ الْأُولَى، أَوْ الثَّانِيَةِ لَوْ اخْتَلَفَا وَيَظْهَرُ اعْتِبَارُ الْأَكْثَرِ مِنْهُمَا إنْ كَانَ الْأَرْشُ أَكْثَرَ مِنْهُمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْجُوحِ فِي بَيْعِهِ) أَيْ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ وَإِلَّا فَالرَّاجِحُ صِحَّةُ الْبَيْعِ أَيْضًا. وَحَمَلَ عَلَيْهَا بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَرْشِ) لَامُهُ لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ صُورَةَ الْأَرْشَيْنِ الْمَذْكُورَةِ وَتُوَزَّعُ قِيمَتُهُ، أَوْ الْوَاجِبُ مِنْهَا أَوْ مَالُ الْفِدَاءِ عَلَيْهِمَا بِالنِّسْبَةِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ بَاعَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ ثُمَّ تَعَذَّرَ الْفِدَاءُ نَحْوَ غَيْبَةٍ أَوْ إفْلَاسٍ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَانْظُرْ هَلْ يُنْسَخُ الْعِتْقُ أَيْضًا، لَوْ كَانَ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ وَالْقِيَاسُ نَعَمْ لِسَبْقِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ.   [حاشية عميرة] كَسَائِرِ دُيُونِ الْمُعَامَلَاتِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُوفِ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْغَزَالِيُّ لِأَنَّ أَرْشَ الْخَطَإِ لَا يَجِبُ عَلَى الْجَانِي وَلَا عَلَى عَاقِلَةِ الرَّقِيقِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ جَنَى ثَانِيًا إلَخْ) . قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ لَوْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ قَتْلًا عَمْدًا وَلَمْ يَعْفُ بَيْعٌ فِي الْخَطَإِ وَحْدَهُ ثُمَّ يُقْتَلُ كَمَا لَوْ جَنَى خَطَأً، ثُمَّ ارْتَدَّ قَالَ الْمُعَلِّقُ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ لِمَكَانِ الْقَوَدِ فَعِنْدِي أَنَّ الْقَوَدَ يَسْقُطُ لِأَنَّا نَقُولُ لِصَاحِبِهِ إنَّ صَاحِبَ الْخَطَإِ قَدْ سَبَقَك فَلَوْ قَدَّمْنَاك لَأَبْطَلْنَا حَقَّهُ، فَأَعْدَلُ الْأُمُورِ أَنْ تَشْتَرِكَا وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ إلَّا تَرْكُ الْقَوَدِ وَالْعَفْوُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 الْجِنَايَةِ وَقِيلَ يَوْمَ الِاسْتِيلَادِ (وَجِنَايَاتُهَا كَوَاحِدَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) فَيَفْدِيهَا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا، وَالْأَرْشِ فَتَشْتَرِكُ أَصْحَابُ الْأُرُوشِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْقِيمَةِ فِيهَا بِالْمُحَاصَّةِ كَأَنْ تَكُونَ أَلْفَيْنِ وَالْقِيمَةُ أَلْفًا، وَالثَّانِي يَفْدِيهَا فِي كُلِّ جِنَايَةٍ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَأَرْشُ تِلْكَ الْجِنَايَةِ، وَالثَّالِثُ كَالثَّانِي إنْ وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ فِدَاءِ الْأُولَى وَكَالْأَوَّلِ إنْ أَخَّرَ الْفِدَاءَ عَنْ الْجِنَايَاتِ. فَصْلٌ (فِي الْجَنِينِ) الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (غُرَّةٌ إنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ) عَلَى أُمِّهِ مُؤَثِّرَةٍ فِيهِ كَضَرْبَةٍ قَوِيَّةٍ لَا لَطْمَةٍ خَفِيفَةٍ (فِي حَيَاتِهَا) أَوْ مَوْتِهَا مُتَعَلِّقٌ بِانْفَصَلَ (وَكَذَا إنْ ظَهَرَ بِلَا انْفِصَالٍ) بِخُرُوجِ رَأْسِهِ مَثَلًا مَيِّتًا فَفِيهِ الْغُرَّةُ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ، وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ فِيهَا انْفِصَالُهُ (وَإِلَّا) أَيْ   [حاشية قليوبي] فَائِدَةٌ: يُقَالُ فَدَى لِمَنْ دَفَعَ مَالًا، وَأَخَذَ رَجُلًا وَأَفْدَى لِعَكْسِهِ، وَفَادَى لِمَنْ دَفَعَ رَجُلًا وَأَخَذَ رَجُلًا. قَوْلُهُ: (فَلَوْ هَرَبَ الْعَبْدُ) وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ عَوْدُهُ إذَا عَرَفَ مَحَلَّهُ وَلَا مَشَقَّةَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَاتَ) أَيْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ، وَإِلَّا تَعَلَّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِبَدَلِهِ فَيَلْزَمُ السَّيِّدَ تَسْلِيمُ الْأَرْشِ مِنْهُ أَوْ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ قَوَدًا فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَقْتَصَّ وَيَفُوتَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفِي الرَّوْضِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْفِدَاءُ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، قَوْلُهُ: (صَادِقٌ إلَخْ) . وَلَوْ قَالَ مُخْرِجٌ لِكَذَا أَوْ مُفْهِمٌ لِكَذَا لَكَانَ أَوْلَى إذْ الصِّدْقُ عَلَى شَيْءٍ لَا يَمْنَعُ مِنْ الصِّدْقِ عَلَى غَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ) وَلَا يَكُونُ إلَّا بِاللَّفْظِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ وَلَا يَكُونُ بِالْفِعْلِ كَالْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (الرُّجُوعَ) أَيْ مَا دَامَ الْعَبْدُ بَاقِيًا بِحَالِهِ، وَإِلَّا كَانَ أَبَقَ أَوْ هَرَبَ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ تَفِ بِالْأَرْشِ، وَلَمْ يَغْرَمْ السَّيِّدُ قَدْرَ النَّقْصِ، أَوْ لَزِمَ ضَرَرٌ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِتَأْخِيرِ الْبَيْعِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ بِإِذْنِ الْمُسْتَحِقِّ بِشَرْطِ الْفِدَاءِ. قَوْلُهُ: (لِامْتِنَاعِ بَيْعِهَا) أَيْ وَقْتَ إرَادَتِهِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ حَدَثَ الِاسْتِيلَادُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَمِثْلُهَا مَنْذُورُ الْعِتْقِ وَالْمَوْقُوفُ وَفِدَاؤُهُمَا عَلَى النَّاذِرِ، وَالْوَاقِفُ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمَا مِنْ تَرِكَتِهِمَا، وَيُخْرَجُ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُسْتَوْلَدَةُ مَرْهُونَةً مِنْ مُعْسِرٍ، وَيُقَدَّمُ بَيْعُهَا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَيَفْدِيهَا فِي كُلِّ جِنَايَةٍ كَغَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ. تَنْبِيهٌ: لَا تَعَلُّقَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِحَمْلِ غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ بَلْ هُوَ لِلسَّيِّدِ فَإِنْ لَمْ يَفْدِهَا بِيعَا مَعًا، وَلِلسَّيِّدِ حِصَّةُ الْحَمْلِ مِنْ الثَّمَنِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَظْهَرُ فِي تَقْوِيمِهِمَا مَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (فَيَشْتَرِكُ أَصْحَابُ الْأُرُوشِ) وَإِنْ تَرَتَّبَتْ أَوْ سَبَقَ فِدَاءُ بَعْضِهَا، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَجَبَتْ وَكَانَتْ جِنَايَتَيْنِ مُرَتَّبًا، وَأَرْشُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَلِكُلٍّ خَمْسُمِائَةٍ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَبَضَ الْأَلْفَ رَجَعَ عَلَيْهِ الثَّانِي بِنِصْفِهِ وَإِنْ كَانَ أَرْشُ الثَّانِيَةِ خَمْسَمِائَةٍ رَجَعَ بِثُلُثِهِ، وَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْأُولَى خَمْسَمِائَةٍ وَالثَّانِيَةِ أَلْفًا وَقَبَضَ الْأَوَّلُ الْخَمْسَمِائَةِ رَجَعَ عَلَيْهِ الثَّانِي بِثُلُثِهَا، وَعَلَى السَّيِّدِ بِخَمْسِمِائَةٍ تَمَامُ الْقِيمَةِ لِيَكْمُلَ لَهُ ثُلُثَا الْأَلْفِ وَمَعَ الْأَوَّلِ ثُلُثُهُ. فَصْلٌ فِي الْغُرَّةِ وَهِيَ لُغَةً اسْمٌ لِلْخِيَارِ مِنْ الشَّيْءِ كَمَا هُنَا، وَأَصْلُهَا الْبَيَاضُ فِي وَجْهِ نَحْوِ الْفَرَسِ أَوْ بَيَاضُ الْوَجْهِ كُلِّهِ وَمِنْهُ حَدِيثُ «تُحْشَرُ أُمَّتِي غُرًّا» ، أَوْ مُطْلَقُ الْبَيَاضِ وَذَكَرَ التَّحْجِيلَ عَلَى هَذَا لِبَيَانِ التَّخْصِيصِ، وَعَلَى كُلٍّ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ أَبْيَضَ، وَلَا الْأُمَّةُ بَيْضَاءَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ أَخْذًا بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ كَمَا مَرَّ، وَالرَّقِيقُ خِيَارُ مَا يَمْلِكُ الْإِنْسَانُ أَوْ لِاعْتِبَارِ سَلَامَتِهِ هُنَا. قَوْلُهُ: (فِي الْجَنِينِ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى وَهُوَ اسْمٌ لِلْوَلَدِ مَا دَامَ فِي الْبَطْنِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْأَجْنَتَانِ وَهُوَ الْخَفَاءُ وَمِنْهُ الْجِنُّ لِخَفَائِهِمْ عَنَّا. قَوْلُهُ: (الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) قُيِّدَ بِهِمَا لِأَجْلِ مَا يَأْتِي وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مَعْصُومًا لِيَخْرُجَ جَنِينُ حَرْبِيَّةٍ مِنْ حَرْبِيٍّ وَجَنِينُ مُرْتَدَّةٍ مَمْلُوكٍ حَمَلَتْ بِهِ حَالَ رِدَّتِهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أُجْهِضَتْ، قَوْلُهُ: (بِجِنَايَةٍ عَلَى أُمِّهِ) وَلَوْ غَيْرَ مَعْصُومَةٍ أَوْ أَمَةً قَوْلُهُ: (كَضَرْبَةٍ) أَوْ صَوْمٍ أَوْ جُوعٍ أَوْ صَلَاةٍ حَيْثُ اقْتَضَى ذَلِكَ الْإِجْهَاضَ أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ كَذَلِكَ. نَعَمْ يَجُوزُ إلْقَاؤُهُ وَلَوْ بِدَوَاءٍ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (بَرِئَ) لَوْ عَلِمَ مَكَانَ الْهَارِبِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَذَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُؤْنَةٌ، قَوْلُهُ: (أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا أَثَرَ لَهُ نَعَمْ لَوْ قُتِلَ أَوْ هَرَبَ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُوسِرُ إذْ الْمُعْسِرُ لَا أَثَرَ لِاخْتِيَارِهِ قَطْعًا، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ اخْتَرْت الْفِدَاءَ أَوْ قَالَ أَنَا أَفْدِيهِ وَلَا يُشْتَرَطُ صِيغَةُ الْتِزَامٍ فَلَوْ أَتَى بِصَرِيحِ الِالْتِزَامِ وَفَرَّعْنَا عَلَى تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ مَعَ الرَّقَبَةِ، فَاَلَّذِي مَالَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الصِّحَّةُ، قَوْلُهُ: (قَطْعًا) اسْتَشْكَلَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ، فَكَيْفَ يُجْعَلُ بِسَبَبِهِ ضَامِنًا اهـ. ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الضَّمَانُ وَلَوْ مَاتَ عَقِبَ الْجِنَايَةِ وَأَمَّا مَعَهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُهُ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ الْقَوْلَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَعَلَّ مَأْخَذَهُمَا جَوَازُ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ، قَوْلُهُ: (فَيَفْدِيهَا بِالْأَقَلِّ) أَيْ وَلَا تَأْتِي الطَّرِيقَانِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْعِبَارَةِ قَوْلُهُ: (وَأَرْشُ تِلْكَ الْجِنَايَةِ) لِأَنَّ الِاسْتِرْدَادَ بَعِيدٌ. [فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ غُرَّةٌ] فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ غُرَّةٌ أَصْلُهَا الْبَيَاضُ وَلِذَا ذَهَبَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ بَيْضَاءَ قَوْلُهُ: (كَضَرْبَةٍ) أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ أَوْ طَلَبِ سُلْطَانٍ أَوْ تَخْوِيفٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ وَلَا ظَهَرَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ (فَلَا) شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ وُجُودَهُ (أَوْ) انْفَصَلَ (حَيًّا) بِجِنَايَةٍ عَلَى أُمِّهِ (وَبَقِيَ زَمَانًا بِلَا أَلَمٍ ثُمَّ مَاتَ فَلَا ضَمَانَ) فِيهِ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ مَوْتَهُ بِالْجِنَايَةِ، (وَإِنْ مَاتَ حِينَ خَرَجَ أَوْ دَامَ أَلَمُهُ وَمَاتَ فَدِيَةُ نَفْسٍ) لِأَنَّا تَيَقَّنَّا حَيَاتَهُ وَقَدْ مَاتَ بِالْجِنَايَةِ (وَلَوْ أَلْقَتْ) أَيْ الْمَرْأَةُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا (جَنِينَيْنِ فَغُرَّتَانِ) فِيهِمَا (أَوْ يَدًا فَغُرَّةٌ) فِيهَا لِظَنِّ أَنَّهَا بِالْجِنَايَةِ بَانَتْ مِنْ الْجَنِينِ الَّذِي تَحَقَّقَ بِهَا. (وَكَذَا لَحْمٌ قَالَ الْقَوَابِلُ فِيهِ صُورَةٌ خَفِيَّةٌ) أَيْ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ (قِيلَ أَوْ قُلْنَ لَوْ بَقِيَ لِتَصَوُّرِ) أَيْ فَفِيهِ غُرَّةٌ وَإِنْ شَكَكْنَ فِي تَصَوُّرِهِ لَوْ بَقِيَ فَلَا غُرَّةَ فِيهِ قَطْعًا (وَهِيَ) أَيْ الْغُرَّةُ (عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ مُمَيِّزٌ سَلِيمٌ مِنْ عَيْبِ مَبِيعٍ) ، وَلَوْ رَضِيَ بِقَبُولِ الْمَعِيبِ جَازَ (وَالْأَصَحُّ قَبُولُ كَبِيرٍ لَمْ يَعْجِزْ بِهَرَمٍ) ، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً وَالثَّالِثُ لَا يُقْبَلُ بَعْدَهَا فِي الْأَمَةِ وَبَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي الْعَبْدِ (وَيُشْتَرَطُ بُلُوغُهَا) قِيمَةَ (نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ) وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ (فَإِنْ فُقِدَتْ فَخَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) بَدَلَهَا (وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ) بُلُوغُهَا مَا ذُكِرَ (فَلِلْفَقْدِ قِيمَتُهَا) عَلَى هَذَا (وَهِيَ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ) بِتَقْدِيرِ انْفِصَالِهِ حَيًّا ثُمَّ مَوْتِهِ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (مُتَعَلِّقٌ بِانْفَصَلَ) أَيْ لَا بِجِنَايَةٍ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي جَنِينٍ انْفَصَلَ بِجِنَايَةٍ عَلَى أُمِّهِ بَعْدَ مَوْتِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِخُرُوجِ رَأْسِهِ مَثَلًا مَيِّتًا) أَيْ وَإِنْ عَادَ أَوْ مَاتَتْ أُمُّهُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ، فَإِنْ انْفَصَلَتْ بَقِيَّتُهُ وَجَبَتْ الْغُرَّةُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (لِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ) فَلَوْ خَرَّ شَخْصٌ رَأْسَهُ حَيًّا لَزِمَهُ الْقَوَدُ إلَّا إنْ كَانَ فِي حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ بِالْجِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ) وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ نَتَيَقَّنْ وَهِيَ الْمُنَاسِبَةُ لِمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَاتَ حِينَ خَرَجَ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ وَلَوْ فِي حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ لَا نَحْوِ اخْتِلَاجٍ. قَوْلُهُ: (فَدِيَةُ نَفْسٍ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (جَنِينَيْنِ) أَيْ مَثَلًا فَمَا زَادَ كَذَلِكَ، وَكَذَا بَدَنَيْنِ وَلَوْ بِرَأْسٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ بَدَنٍ، وَلَمْ نَتَحَقَّقْ اتِّحَادَ الرَّأْسِ أَيْ فَتَجِبُ غُرَّتَانِ قَوْلُهُ: (أَوْ يَدٌ فَغُرَّةٌ) أَيْ إنْ مَاتَتْ عَقِبَهَا أَوْ أَلْقَتْ بَاقِيهِ، وَإِلَّا فَنِصْفُ غُرَّةٍ وَفِي يَدَيْنِ وَرِجْلَيْنِ أَوْ يَدَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ رِجْلَيْنِ، فَأَكْثَرَ غُرَّةٌ وَلَا يُزَادُ حُكُومَةً لِلزَّائِدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فِيهَا) أَيْ الْيَدِ وَكَذَا ضَمِيرُ إنَّهَا وَبِهَا الْمَذْكُورَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا تَجِبُ الْغُرَّةُ فِي لَحْمٍ قَالَ الْقَوَابِلُ) أَيْ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلَانِ فِيهِ صُورَةً، وَلَوْ لِنَحْوِ يَدٍ خَفِيَّةٍ أَيْ عَلَى غَيْرِ الْقَوَابِلِ فَفِيهِ الْغُرَّةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالُوا لَوْ بَقِيَ لِتَصَوُّرٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ. [قَدْرَ الغرة] قَوْلُهُ: (وَهِيَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ) وَالْخِيَرَةُ لِلدَّافِعِ. قَوْلُهُ: (مُمَيِّزٌ) وَلَوْ دُونَ سَبْعٍ وَاشْتَرَطَ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ بُلُوغَهُ سَبْعًا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (سَلِيمٌ إلَخْ) فَلَا يُقْبَلُ كَافِرٌ وَخُنْثَى وَحَامِلٌ وَخَصِيٌّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَعْجِزْ بِهَرَمٍ) فَلَا يُجْزِئُ الْهَرَمُ هُنَا، كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ قَالَ شَيْخُنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهَا خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ وَالتَّعْبِيرُ بِعَدَمِ الْقَبُولِ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِ السَّلِيمِ، وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي الْهَرَمِ يُفِيدُ الْإِجْزَاءَ فِي الْأَوَّلَيْنِ مَعَ الْقَبُولِ بِخِلَافِ هَذَا فَرَاجِعْهُ. وَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ فِي الْهَرَمِ بَعْدَ لُزُومِ الْقَبُولِ أَيْضًا. فَيَجْرِي فِيهِ مَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ مُفَادُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) عُلِّلَ بِأَخْذِهِ فِي النَّقْصِ وَالثَّانِي فِي الْأَمَةِ كَذَلِكَ وَفِي الْعَبْدِ بَعْدَ دُخُولِهِ عَلَى النِّسَاءِ. قَوْلُهُ: (قِيمَةَ) هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِصْفَ بَعْدَهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ، وَالْأَصْلُ قِيمَةَ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا تَمْيِيزَ هُنَا، وَأَنَّ قِيمَةَ مَفْعُولٌ مُضَافٌ إلَى نِصْفٍ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) رَاجِعٌ إلَى نِصْفِ الْعُشْرِ الْمُذَكَّرِ وَأَنَّثَهُ لِأَجْلِ الْخَبَرِ كَمَا هُوَ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ الْأَبِ الْمُسَاوِي لِعُشْرِ دِيَةِ الْأُمِّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ لِأَنَّهُ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) فَفِي غَيْرِ الْخَطَإِ حِقَّةٌ وَنِصْفٌ وَجَذَعَةٌ وَنِصْفٌ وَخِلْقَتَانِ، وَفِي الْخَطَإِ وَاحِدٌ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فُقِدَتْ) أَيْ الْغُرَّةُ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ قَوْلُهُ: (فَخَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) عَلَى الْوَجْهِ الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (قِيمَتُهَا) أَيْ الْغُرَّةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ) وَفَارَقَتْ حِصَّتَهُ مِنْ مُوَرِّثِهِ الْمَوْقُوفَةِ لَهُ حَيْثُ تَعُودُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ إذَا انْفَصَلَ هُوَ مَيِّتًا بِالتَّغْلِيظِ عَلَى   [حاشية عميرة] أَوْ تَهْدِيدٍ أَوْ صَوْمٍ يُخْشَى مِنْهُ وَلَوْ فَرْضًا، قَوْلُهُ: (مُتَعَلِّقٌ بِانْفَصَلَ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِجِنَايَةٍ لِقَوْلِهِ أَوْ مَوْتِهَا، قَوْلُهُ: (انْفِصَالُهُ) أَيْ وُقُوفًا مَعَ الْوَارِدِ قَوْلُهُ: (لَمْ يُتَيَقَّنْ وُجُودُهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَبْلُ حَرَكَةٌ، قَوْلُهُ: (فَدِيَةُ نَفْسٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ حَرَكَتُهُ حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ قَوْلُهُ: (عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ سِنُّهُ سَبْعَ سِنِينَ فَلَوْ مَيَّزَ قَبْلَهَا، فَلَا يَكْفِي فِي الْغُرَّةِ أَيْ وَالْخِيَرَةُ لِلْغَارِمِ، قَوْلُهُ: (عَيْبِ مَبِيعٍ) أَيْ كَمَا فِي إبِلِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ لُوحِظَ فِيهِ مُقَابِلُ مَا فَاتَ مِنْ حَقِّهِ فَغَلَبَ عَلَيْهِ شَائِبَةُ الْمَالِيَّةِ، ثُمَّ ضَابِطُهُ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحَامِلَ لَا تُجْزِئُ وَيَقْتَضِي إجْزَاءُ الْكَافِرِ لَكِنْ جَزَمَ الشَّيْخَانِ بِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى قَبُولِ الْكَافِرِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ قَبُولُ كَبِيرٍ) لِوُجُودِ الْمَنْفَعَةِ قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ) رُدَّ بِأَنَّ السِّنَّ كَمَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِي الِابْتِدَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْتَلِفَ بَيْنَهُمَا فِي الِانْتِهَاءِ، قَوْلُهُ: (وَبَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ) مَنْ اعْتَبَرَ الْعِشْرِينَ عَلَّلَ بِالنَّقْصِ بَعْدَهَا وَمَنْ اعْتَبَرَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ عَلَّلَ بِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ عَلَى النِّسَاءِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ فُقِدَتْ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى الِاشْتِرَاطِ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ) أَيْ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ، قَوْلُهُ: (فَلِلْفَقْدِ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا يُشْتَرَطُ، قَوْلُهُ: (وَهِيَ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ) قَالَ الْأَصْحَابُ لَوْ كَانَ قَدْ مَاتَ مُوَرِّثُ الْجَنِينِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 (وَعَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي) خَطَأً كَانَتْ جِنَايَتُهُ أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا بِأَنْ قَصَدَ غَيْرَ الْحَامِلِ فَأَصَابَهَا أَوْ قَصَدَهَا بِمَا لَا يُؤَدِّي إلَى الْإِجْهَاضِ غَالِبًا أَوْ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ (وَقِيلَ إنْ تَعَمَّدَ فَعَلَيْهِ) ، وَالْأَوَّلُ يَنْفِي الْعَمْدَ فِي الْجَنِينِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ أَوْ عَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ بِالْجِنَايَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ الْغُرَّةِ مَعَ الدِّيَةِ فِي فَصْلِ لُزُومِهَا الْعَاقِلَةَ (وَالْجَنِينُ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ قِيلَ كَمُسْلِمٍ وَقِيلَ هَدَرٌ وَالْأَصَحُّ) فِيهِ (غُرَّةٌ كَثُلُثِ غُرَّةِ مُسْلِمٍ) كَمَا فِي دِيَتِهِ. (وَ) الْجَنِينُ (الرَّقِيقُ) فِيهِ (عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ) عَلَى وِزَانِ اعْتِبَارِ الْغُرَّةِ فِي الْحُرِّ بِعُشْرِ دِيَةِ أُمِّهِ الْمُسَاوِي لِنِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ الْمُتَقَدِّمِ (يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَقِيلَ) يَوْمَ (الْإِجْهَاضِ) ، وَالْقِيمَةُ فِي الْأَوَّلِ أَكْمَلُ غَالِبًا فَإِنْ فَرَضَ زِيَادَتَهَا بَعْدَهُ اُعْتُبِرَتْ الزِّيَادَةُ فَيُعْتَبَرُ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ الْجِنَايَةِ إلَى الْإِجْهَاضِ (لِسَيِّدِهَا) لِمِلْكِهِ الْجَنِينَ (فَإِنْ كَانَتْ مَقْطُوعَةً) أَيْ مَقْطُوعَةَ الْأَطْرَافِ (وَالْجَنِينُ سَلِيمٌ قُوِّمَتْ سَلِيمَةً فِي الْأَصَحِّ) بِأَنْ تُقَدَّرَ كَذَلِكَ لِسَلَامَتِهِ، وَالثَّانِي لَا تُقَدَّرُ سَلِيمَةً لِنَقْصِهَا لِأَنَّ الْأَعْضَاءَ أَمْرٌ خِلْقِيٌّ وَفِي تَقْدِيرِ خِلَافِهِ بُعْدٌ وَلَوْ كَانَ الْجَنِينُ مَقْطُوعَ الْأَطْرَافِ وَالْأُمُّ سَلِيمَةٌ لَمْ تُقَدَّرْ مَقْطُوعَةً فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْجَنِينِ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ وَاللَّائِقُ الِاحْتِيَاطُ وَالتَّغْلِيظُ (وَتَحْمِلُهُ) أَيْ الْعُشْرَ فِي الْجَنِينِ الرَّقِيقِ (الْعَاقِلَةُ فِي الْأَظْهَرِ) هُمَا الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ فِي حَمْلِ الْعَاقِلَةِ الْعَبْدَ. ثَانِيهِمَا أَنَّهُ فِي مَالِ الْجَانِي. .   [حاشية قليوبي] الْجَانِي هُنَا. قَوْلُهُ: (جِنَايَتُهُ) أَيْ الْجَنِينِ أَيْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي دِيَتِهِ) وَقِيَاسُهُ فِي الْجَنِينِ نَحْوِ الْمَجُوسِيِّ كَثُلُثَيْ عُشْرِ غُرَّةِ مُسْلِمٍ كَمَا مَرَّ فِي دِيَتِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَالْجَنِينُ الرَّقِيقُ) هُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْجُمْلَةُ بَعْدَهُ الْمَحْذُوفَةُ الْخَبَرُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ فِيهِ، وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى الْيَهُودِيِّ مَعَ التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَنِينِ أَوَّلَ فَصْلٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) وَلَوْ أُنْثَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ) وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبَةً وَقَدْ عَبَّرَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا بِالشَّرْطِ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ إجْزَاءِ مَا دُونَهُ فَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ ذَلِكَ أَوْ الْمُرَادُ عَدَمُ لُزُومِ الْقَبُولِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى وِزَانِ اعْتِبَارِ إلَخْ) فَهَذَا هُوَ الضَّابِطُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَيُعْتَبَرُ أَقْصَى الْقِيَمِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ لَوْ انْفَصَلَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَتْ بِالْجِنَايَةِ اُعْتُبِرَ يَوْمُ انْفِصَالِهِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (لِسَيِّدِهَا) فَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْجَانِيَةُ أَوْ سَيِّدُهَا فَلَا شَيْءَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِمِلْكِهِ الْجَنِينَ) فَالْمُعْتَبَرُ الْمَالِكُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ سَيِّدَهَا. قَوْلُهُ: (أَمْرٌ خِلْقِيٌّ) يُفِيدُ أَنَّ النَّقْصَ الطَّارِئَ بِجِنَايَةٍ يُفْرَضُ عَدَمُهُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَعُلِمَ أَنَّ الْأُمَّ تُقَوَّمُ سَلِيمَةً مُطْلَقًا، وَكَذَا تُفْرَضُ كَالْأَبِ دَيْنًا إنْ فَضَّلَهَا فِيهِ. فُرُوعٌ: لَوْ كَانَ الْجَنِينُ مُبَعَّضًا وُزِّعَتْ الْغُرَّةُ عَلَى قَدْرِ الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةُ عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ مُبَعَّضَةً فَهَلْ الْمُعْتَبَرُ عُشْرُ قِيمَتِهَا أَوْ عُشْرُ دِيَتِهَا أَوْ عُشْرُهُمَا مَعًا رَاجِعْهُ. وَلَوْ كَانَتْ كَافِرَةً وَالْجَنِينُ مُسْلِمٌ قُدِّرَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كَانَتْ حُرَّةً وَالْجَنِينُ رَقِيقٌ قُدِّرَتْ رَقِيقَةً، وَلَوْ أَنْكَرَ الْجَانِي أَصْلِ الْجِنَايَةِ أَوْ أَقَرَّ بِهَا وَأَنْكَرَ الْإِجْهَاضَ أَوْ أَقَرَّ بِهِمَا، وَادَّعَى نُزُولَهُ مَيِّتًا أَوْ ادَّعَى مَوْتَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَأَمْكَنَ لِطُولِ زَمَنٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ وَلَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ مُطْلَقًا، وَكَذَا مَحْضُ النِّسَاءِ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْوِلَادَةِ وَتَشْهَدُ فِي الْأَخِيرَةِ بِدَوَامِ الْأَلَمِ إلَى الْمَوْتِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا ذُكِرَ صُدِّقَ الْوَارِثُ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ وَلَوْ أَلْقَتْ جَنِينَيْنِ عُرِفَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَجَبَ الْيَقِينُ وَهُوَ غُرَّةٌ وَدِيَةُ أُنْثَى. وَلَوْ أَلْقَتْ حَيًّا وَمَيِّتًا وَمَاتَتْ هِيَ وَالْحَيُّ، وَادَّعَى الْوَارِثُ الْجَنِينَ سَبَقَ مَوْتُهَا وَوَارِثُهَا عَكْسُهُ فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا فَلَا تَوَارُثَ وَإِلَّا قُضِيَ لِلْحَالِفِ.   [حاشية عميرة] وَأَوْقَفْنَا شَيْئًا فَلَا يُجْعَلُ هَذَا الْمَوْقُوفُ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ بَلْ يَرْجِعُ لِوَرَثَةِ ذَلِكَ الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْغُرَّةِ يُقَدَّرُ فِيهَا حَيَاتُهُ تَغْلِيظًا عَلَى الْجَانِي، وَإِنَّمَا نَصَّ الشَّيْخُ عَلَى أَنَّهَا لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ لِخُرُوجِ ذَلِكَ عَنْ الْقَوَاعِدِ مِنْ التَّضْمِينِ مَعَ الشَّكِّ فِي الْحَيَاةِ وَلِأَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ يُصْرَفُ لِلْإِمَامِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عُضْوٍ مِنْهَا وَعَنْ عَلِيٍّ لِلْعَصَبَةِ وَعَنْ رَبِيعَةَ لِلْأَبَوَيْنِ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَيُقَدَّرُ مِلْكُ الْجَنِينِ لَهَا ثُمَّ يُورَثُ كَمَا فِي الدِّيَةِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إنْ تَعَمَّدَ إلَخْ) قِيلَ قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْبِيرِ تَصَوُّرُ الْعَمْدِ فِيهِ وَأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ يَقُولُ عَلَى الْعَاقِلَةِ يَمْنَعُ تَصَوُّرَ الْعَمْدِ. أَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَمَّدَ وُجُودُ حَقِيقَةِ الْعَمْدِ الْمَانِعِ مِنْ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (قِيلَ كَمُسْلِمٍ) أَيْ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَقِيلَ هَدَرٌ أَيْ لِأَنَّ التَّسْوِيَةَ غَيْرُ لَائِقَةٍ، وَالْبَابُ بَابُ تَعَبُّدٍ فَلَا يُصَارُ إلَى التَّجْزِئَةِ فَيَكُونُ هَدَرًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالتَّحْرِيرُ فِي حِكَايَةِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنْ يُقَالَ تَجِبُ غُرَّةٌ نِسْبَةُ قِيمَتِهَا إلَى دِيَةِ النَّصْرَانِيَّةِ كَنِسْبَةِ الْخَمْسِ مِنْ الْإِبِلِ إلَى دِيَةِ الْمُسْلِمِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَوْمَ الْإِجْهَاضِ) لَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْإِجْهَاضِ عَلَى هَذَا فَهَلْ يَرْجِعُ إلَى يَوْمِ الْجِنَايَةِ أَوْ تُقَدَّرُ حَيَاتُهَا يَوْمَ الْإِلْقَاءِ، أَوْ نَعْتَبِرُهَا قُبَيْلَ الْمَوْتِ احْتِمَالَاتٌ الْأَوَّلَانِ لِلْإِمَامِ وَالْأَخِيرُ لِابْنِ الرِّفْعَةِ. قَوْلُهُ: (لِسَيِّدِهَا) أَيْ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِلْجَنِينِ غَالِبًا فَلَوْ كَانَ لِغَيْرِهِ فَهُوَ لِمَالِكِ الْجَنِينِ، قَوْلُهُ: (أَمْرٌ خِلْقِيٌّ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ بِهَذَا إلَى مَا قَالَ غَيْرُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْوَجْهَيْنِ النَّقْصَ الْخِلْقِيَّ وَالنَّقْصُ بِغَيْرِهِ تُقَدَّرُ فِيهِ السَّلَامَةُ قَطْعًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 فَصْلٌ (تَجِبُ بِالْقَتْلِ) عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ خَطَأً (كَفَّارَةٌ) قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] الْآيَةَ وَغَيْرُ الْخَطَإِ أَوْلَى مِنْهُ (وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا) ، فَتَجِبُ فِي مَالِهِمَا فَيُعْتَقُ الْوَلِيُّ مِنْهُ (وَعَبْدًا) فَيُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ (وَذِمِّيًّا) وَتَكْفِيرُهُ بِالْعِتْقِ بِأَنْ يُسْلِمَ عَبْدُهُ فَيُعْتِقَهُ (وَعَامِدًا وَمُخْطِئًا) كَمُتَوَسِّطٍ بِجِنَايَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ (وَمُتَسَبِّبًا) كَمُبَاشِرٍ (بِقَتْلِ مُسْلِمٍ) وَلَوْ كَانَ (بِدَارِ حَرْبٍ) بِأَنْ ظَنَّ كُفْرَهُ لِكَوْنِهِ عَلَى زِيِّ الْكُفَّارِ (وَذِمِّيٍّ وَجَنِينٍ) لِضَمَانِهِمَا (وَعَبْدِ نَفْسِهِ وَنَفْسِهِ) لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَفِي نَفْسِهِ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا تَجِبُ لَهَا كَفَّارَةَ كَمَا لَا يَجِبُ ضَمَانُهُ (لِامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ حَرْبِيَّيْنِ وَبَاغٍ وَصَائِلٍ وَمُقْتَصٍّ مِنْهُ) أَيْ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِقَتْلِ وَاحِدٍ مِنْ الْخَمْسَةِ، لِعَدَمِ ضَمَانِ الْأَوَّلَيْنِ وَلِلْحَاجَةِ إلَى دَفْعِ الِاثْنَيْنِ بَعْدَهُمَا، وَلِاسْتِحْقَاقِ الْقِصَاصِ فِي الْأَخِيرِ. (وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ) فِي الْقَتْلِ (كَفَّارَةٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ قَاتِلٌ، وَالثَّانِي عَلَى الْجَمِيعِ كَفَّارَةٌ (وَهِيَ كَظِهَارٍ) أَيْ كَكَفَّارَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي بَابِهِ (لَكِنْ لَا إطْعَامَ) فِيهَا (فِي الْأَظْهَرِ) اقْتِصَارًا عَلَى الْوَارِدِ فِيهَا مِنْ إعْتَاقِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَالثَّانِي فِيهَا الْإِطْعَامُ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ الْوَارِدِ فِيهَا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ.   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهَا فِي بَابِهَا وَالْمُرَادُ هُنَا مَنْ تَلْزَمُهُ وَهُوَ غَيْرُ حَرْبِيٍّ لَا أَمَانَ لَهُ بِقَتْلِهِ مَعْصُومًا عَلَيْهِ.: قَوْلُهُ: (تَجِبُ) أَيْ فَوْرًا فِي الْعَمْدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِالْقَتْلِ) خَرَجَ بِهِ الْأَطْرَافُ وَالْمَعَانِي وَالْجُرُوحُ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (صَبِيًّا وَمَجْنُونًا) أَيْ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ مُطْلَقًا أَوْ لَا بِأَمْرِ غَيْرِهِمَا، وَإِلَّا فَعَلَى الْآمِرِ لَهُمَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَيُعْتِقُ الْوَلِيُّ) وَلَوْ غَيْرَ أَبٍ وَجَدٍّ وَمَنْعُ الْوَلِيِّ مِنْ الْعِتْقِ مَحْمُولٌ عَلَى عِتْقِ التَّبَرُّعِ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ مَالِهِمَا وَلِلْأَبِ أَوْ الْجَدِّ أَنْ يُكَفِّرَ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَالٌ بَقِيَتْ فِي ذِمَّتِهِمَا وَلَوْ صَامَ الصَّبِيُّ أَجْزَأَهُ وَالسَّفِيهُ كَالصَّبِيِّ فِيمَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (وَعَبْدًا) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْأَمَةِ وَيُكَفِّرَانِ بِالصَّوْمِ. قَوْلُهُ: (وَذِمِّيًّا) وَمُعَاهَدًا وَمُؤَمَّنًا لَا حَرْبِيًّا قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُسَلِّمَ إلَخْ) أَوْ بِبَيْعٍ ضِمْنِيٍّ. قَوْلُهُ: (وَعَامِدًا) وَمِنْهُ جَلَّادٌ عَلِمَ ظُلْمَ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَمُتَسَبِّبًا) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلشَّرْطِ كَحَافِرِ بِئْرٍ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَشَهَادَةِ زُورٍ، وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ مَعَ الْمُبَاشِرِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ، مِمَّا يَأْتِي فِي الشُّرَكَاءِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِدَارِ حَرْبٍ) وَإِنْ هَدَرٌ قَوْلُهُ: (وَذِمِّيٍّ) وَمُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ وَفِي مُرْتَدٍّ بِقَتْلِهِ مُرْتَدًّا آخَرَ. قَوْلُهُ: (وَجَنِينٍ) وَلَوْ بِقَتْلِ أُمِّهِ لَهُ فِي اصْطِدَامٍ. قَوْلُهُ: (وَنَفْسِهِ) إنْ كَانَتْ مَعْصُومَةً أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ بِخِلَافِ قَتْلِ مُرْتَدٍّ نَفْسَهُ، أَوْ زَانٍ مُحْصَنٍ كَذَلِكَ أَوْ تَارِكِ صَلَاةٍ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ قَتْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِلْآخَرِ كَمَا يُعْلَمُ، مِمَّا مَرَّ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْمَذْكُورُ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَأَتْبَاعُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَذْكُورَيْنِ مَعْصُومٌ عَلَى نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (لِامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ) وَمَجْنُونٍ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُهْدَرٌ. قَوْلُهُ: (وَبَاغٍ) قَتَلَهُ عَادِلٌ أَوْ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ (وَمُقْتَصٍّ مِنْهُ) وَلَوْ بِوَكَالَةٍ أَوْ جَلَّادٍ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ أَوْ مُنْفَرِدٍ بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ. فَرْعٌ: لَا كَفَّارَةَ عَلَى عَائِنٍ يَقْتُلُ بِعَيْنِهِ كَمَا لَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَتْلَ عِنْدَهَا لَا بِهَا لِأَنَّهُ يَنْفَصِلُ عَنْهَا جَوَاهِرُ لَطِيفَةٌ غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ تَتَخَلَّلُ الْمَسَامَّ، وَيُنْدَبُ لِلْحَاكِمِ حَبْسُهُ وَلَوْ أَبَدًا وَلَهُ تَعْوِيرُ عَيْنِهِ. وَيُنْدَبُ لِلْعَائِنِ أَنْ يَدْعُوَ لِلْمُعَيَّنِ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ، وَلَا تَضُرُّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ حَصَّنْتُك بِالْحَيِّ الْقَيُّومِ الَّذِي لَا يَمُوتُ أَبَدًا. وَدَفَعْت عَنْك السُّوءَ بِلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَلِوُرُودِهِ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ. قَوْلُهُ: (لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِقَتْلِ وَاحِدٍ مِنْ الْخَمْسَةِ) وَهُمْ الْمَرْأَةُ الْحَرْبِيَّةُ وَالصَّبِيُّ الْحَرْبِيُّ وَالْبَاغِي وَالصَّائِلُ وَالْمُقْتَصُّ مِنْهُ، وَبَقِيَ الْمَجْنُونُ الْحَرْبِيُّ وَعَادِلٌ قَتَلَهُ بَاغٍ كَمَا مَرَّ، وَنَفْيُ الْوُجُوبِ الْمُنَاسِبِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُرَادُ بِهِ عَدَمُ الطَّلَبِ وَلَوْ نَدْبًا أَوْ جَوَازًا. قَوْلُهُ: (وَلِاسْتِحْقَاقِ الْقِصَاصِ) أَيْ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ قَوْلُهُ: (وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ كَفَّارَةٌ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ قَاتِلٌ) أَيْ مَعَ عَدَمِ الْبَدَلِ هُنَا وَبِذَلِكَ فَارَقَ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ تَجِبُ بِالْقَتْلِ عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ خَطَأً كَفَّارَةٌ] فَصْلٌ تَجِبُ بِالْقَتْلِ إلَخْ قَوْلُهُ: (أَوْلَى مِنْهُ) ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ فَلَا يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ، قَوْلُهُ: (وَمَجْنُونًا) وَكَذَا مُكْرَهٌ قَوْلُهُ: (مِنْهُ) كَذَا يُعْتَقُ مِنْ مَالِهِ عَنْهُمَا إنْ شَاءَ إذَا كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا، وَلَوْ صَامَ الصَّبِيُّ أَجْزَأَ فِي الْأَصَحِّ وَسَكَتَا عَنْ السَّفِيهِ وَقَدْ ذَكَرُوا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنَّهُ يُكَفَّرُ فِيهِ بِالصَّوْمِ لَكِنْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ فِي بَابِ الْحَجْرِ بِأَنَّ كَفَّارَةَ الْقَتْلِ تَلْزَمُهُ فِي مَالِهِ. قَوْلُهُ: (وَمُتَسَبِّبًا) أَيْ وَلَوْ شَرْطًا كَالْحَفْرِ وَالْبَهِيمَةِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ بِدَارِ حَرْبٍ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ، قَوْلُهُ: (وَذِمِّيٍّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [النساء: 92] الْآيَةَ قَوْلُهُ: (كَمَا لَا يَجِبُ ضَمَانُهَا) وَلِأَنَّ فِي الْكَفَّارَةِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ فَيَبْعُدُ أَنْ تَثْبُتَ عَلَى الْمَيِّتِ، قَوْلُهُ: (وَبَاغٍ) كَذَا لَوْ قَتَلَ الْبَاغِي الْعَادِلَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَضْمَنُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، [الشُّرَكَاء فِي الْقَتْل] قَوْلُهُ: (وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ) أَمَّا فِي الْعَمْدِ فَكَالْقَوَدِ وَلِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَهِيَ لَا تَتَوَزَّعُ بِخِلَافِ الدِّيَةِ وَفَارَقَ جَزَاءَ الصَّيْدِ، لِأَنَّهَا لِهَتْكِ الْحُرْمَةِ لَا بَدَلَ بِخِلَافِ الصَّيْدِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ حَرْبِيًّا مَثَلًا، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ التَّجَزُّؤِ قَطْعًا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الصَّيْدِ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) عَلَيْهِ يُتَّجَهُ أَنْ يَجِبَ عَلَى الْجَمِيعِ تَحْصِيلُ رَقَبَةٍ وَلَا يَتَجَزَّأُ إعْتَاقُهُمْ ثُمَّ تَعْبِيرُهُ بِالْأَصَحِّ يُخَالِفُ تَعْبِيرَهُ فِي اصْطِدَامِ الْحَامِلِينَ بِالصَّحِيحِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي عَلَى الْجَمِيعِ كَفَّارَةٌ) أَيْ كَمَا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ. . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَهِيَ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الدَّمِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَعَبَّرَ عَنْ الْقَتْلِ بِالدَّمِ لِلُزُومِهِ لَهُ غَالِبًا وَالدَّعْوَى بِهِ تَسْتَتْبِعُ الشَّهَادَةَ بِهِ الْآتِيَةَ فِي الْبَابِ (يُشْتَرَطُ أَنْ يُفَصِّلَ) مُدَّعِي الْقَتْلِ (مَا يَدَّعِيهِ مِنْ عَمْدٍ وَخَطَإٍ) وَشِبْهِ عَمْدٍ (وَانْفِرَادٍ وَشَرِكَةٍ) فَإِنَّ الْأَحْكَامَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ. (فَإِنْ أَطْلَقَ اسْتَفْصَلَهُ الْقَاضِي) بِمَا ذُكِرَ لِتَصِحَّ بِتَفْصِيلِهِ الدَّعْوَى (وَقِيلَ يُعْرِضُ عَنْهُ) لِئَلَّا يُنْسَبَ إلَى تَلْقِينٍ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ مَا يُشْعِرُ بِوُجُوبِ الِاسْتِفْصَالِ وَقَالَ الْمَاسَرْجِسِيُّ لَا يَلْزَمُ الْحَاكِمَ أَنْ يُصَحِّحَ دَعْوَاهُ وَهَذَا أَصَحُّ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِفْصَالُ، فَيَكُونُ أَوْلَى (وَأَنْ يُعَيِّنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ) فِي دَعْوَاهُ فِي جَمَاعَةٍ حَاضِرِينَ (قَتَلَهُ أَحَدُهُمْ) فَأَنْكَرُوا وَطَلَبَ تَحْلِيفَهُمْ (لَمْ يُحَلِّفْهُمْ الْقَاضِي فِي الْأَصَحِّ) أَيْ لَا تَحْلِيفَ لِإِبْهَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالثَّانِي يُحَلِّفُهُمْ أَيْ يَأْمُرُ بِحَلِفِهِمْ لِلتَّوَسُّلِ إلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمْ بِالْقَتْلِ وَاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِمْ فِي يَمِينٍ صَادِقَةٍ (وَيَجْرِيَانِ فِي دَعْوَى غَصْبٍ وَسَرِقَةٍ وَإِتْلَافٍ) عَلَى أَحَدِ حَاضِرِينَ بِخِلَافِ دَعْوَى الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ وَسَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ لِأَنَّهَا تَنْشَأُ بِاخْتِيَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَشَأْنُهَا أَنْ يَضْبِطَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ. (وَإِنَّمَا تُسْمَعُ) الدَّعْوَى (مِنْ مُكَلَّفٍ) أَيْ بَالِغٍ عَاقِلٍ   [حاشية قليوبي] جَزَاءَ الصَّيْدِ حَيْثُ وُزِّعَ جَزَاؤُهُ عَلَى قَاتِلِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي عَلَى الْجَمِيعِ كَفَّارَةٌ) قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ وَيَظْهَرُ لُزُومُ رَقَبَةٍ كَامِلَةٍ عَلَى الْجَمِيعِ وَلَا يَتَجَزَّأُ إعْتَاقُهُمْ. قَوْلُهُ: (لَا إطْعَامَ فِيهَا) أَيْ مِنْ الْمُكَفِّرِ فَلِوَلِيِّهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ بِالْإِطْعَامِ لَكِنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الصَّوْمِ. قَوْلُهُ: (عَلَى ذَلِكَ) وَمِنْهُ أَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَقَعُ فِي الْأُصُولِ وَإِنَّمَا يَقَعُ فِي الْأَوْصَافِ كَالْأَيْمَانِ لِلرَّقَبَةِ. كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ أَيْ دَعْوَى الْقَتْلِ وَالْأَيْمَانِ عَلَيْهِ، وَعَبَّرَ بِالدَّمِ لِلُزُومِهِ الْقَتْلَ غَالِبًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَبِالْقَسَامَةِ لِأَنَّهَا صَارَتْ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً عَلَى الْخَمْسِينَ يَمِينًا مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعِي ابْتِدَاءً كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا وَقِيلَ لُغَةً اسْمٌ لِلْأَوْلِيَاءِ. قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ عَنْ الْقَتْلِ بِالدَّمِ) لِأَنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي. قَوْلُهُ: (تَسْتَتْبِعُ) فَسُكُوتُهُ عَنْهَا فِي التَّرْجَمَةِ غَيْرُ مَعِيبٍ. قَوْلُهُ: (فِي الْبَابِ) قَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِهِ كَانَ أَنْسَبَ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْكِتَابِ الَّذِي سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) الْحَاصِلُ مِنْ الشُّرُوطِ سِتَّةٌ تُعْتَبَرُ فِي كُلِّ دَعْوَى، وَلَوْ بِغَيْرِ الْقَتْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي، وَهِيَ كَوْنُهَا مُفَصَّلَةً مُلْزَمَةً مَعْلُومَةً غَيْرَ مُتَنَاقِضَةٍ مِنْ مُعَيَّنٍ مُلْتَزِمٍ عَلَى مِثْلِهِ، وَمَا خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَفْصِلَ) أَيْ فِي غَيْرِ الْقَتْلِ بِالسِّحْرِ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ فَيَعْمَلُ بِتَغْيِيرِ السَّاحِرِ. قَوْلُهُ: (مِنْ عَمْدٍ إلَخْ) أَيْ مَعَ وَصْفِهِ إلَّا مِنْ فَقِيهٍ مُوَافِقٍ لِلْقَاضِي فِي مَذْهَبِهِ. قَوْلُهُ: (وَشَرِكَةٍ) أَيْ وَذَكَرَ عَدَدَ الشُّرَكَاءِ، وَلَوْ بِغَايَةٍ كَقَوْلِهِ لَا يَزِيدُونَ عَلَى عَشَرَةٍ وَيُطَالَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ كَالْعُشْرِ مِنْ الْعَشَرَةِ نَعَمْ إنْ أَوْجَبَ الْقَتْلُ قَوَدًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى عَدَدٍ لِوُجُوبِهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ. قَوْلُهُ: (الْمَاسَرْجِسِيُّ) بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَةٌ فَسَاكِنَةُ فَجِيمٌ مَكْسُورَةٌ عِنْدَ الْإِسْنَوِيِّ، أَوْ مَفْتُوحَةٌ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ ثُمَّ سِينٌ مُهْمَلَةٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِفْصَالُ) فَهُوَ مَنْدُوبٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَيَكُونُ أَوْلَى نَعَمْ إنْ كَانَ الَّذِي أَغْفَلَهُ مِنْ الشُّرُوطِ امْتَنَعَ اسْتِفْصَالُهُ. فَرْعٌ: كَتَبَ وَرَقَةً وَقَالَ أَدَّعِي بِمَا فِي هَذِهِ الْوَرَقَةِ كَفَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ قُرِئَتْ بِحَضْرَةِ خَصْمِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا تَحْلِيفَ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يُحَلِّفُ وَاحِدًا مِنْهُمْ لِعَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ يُحَلِّفُهُمْ إذَا كَانَ لَوْثٌ فَإِذَا امْتَنَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مَثَلًا أَقْسَمَ الْوَلِيُّ عَلَيْهِ وَاسْتَحَقَّ الدِّيَةَ وَكَذَا لَوْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ، وَظَهَرَ لِلْوَلِيِّ تَعْيِينُ وَاحِدٍ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَأْمُرُ بِتَحْلِيفِهِمْ) لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ بَلْ فِيهِ إيهَامٌ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُحَلِّفُهُمْ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِلتَّوَسُّلِ إلَخْ) فَلَوْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ عَلَى هَذَا فَفِيهِ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَسَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ) خَرَجَ بِهَا الْوَصِيَّةُ وَالْإِقْرَارُ وَالْمُتْعَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالنَّفَقَةُ وَنَحْوُهَا،   [حاشية عميرة] [كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ] كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ إلَخْ شَطْرُ بَيْتٍ مَوْزُونٍ قَوْلُهُ: (تَسْتَتْبِعُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُعْتَرَضُ بِعَدَمِ التَّرْجَمَةِ عَنْهَا، قَوْلُهُ: (مِنْ عَمْدٍ إلَخْ) لَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِ حَقِيقَةِ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (فِي جَمَاعَةٍ حَاضِرِينَ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا انْحَصَرُوا وَإِلَّا فَلَا يُبَالِي بِقَوْلِهِ، وَلَا يُشْكَلُ بِقِصَّةِ خَيْبَرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ مِنْهُمْ. تَنْبِيهٌ: إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ هَذَا لِيَعُودَ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ الْآتِي وَلِأَنَّ الْقَسَامَةَ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِينَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ سَمَاعَهَا، قَوْلُهُ: (لَمْ يُحَلِّفْهُمْ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى، قَوْلُهُ: (أَيْ لَا تَحْلِيفَ) لَمْ يَقُلْ أَيْ لَمْ يَأْمُرْ بِحَلِفِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ لِئَلَّا يُوهِمُ أَنَّ لَهُمْ الْحَلِفَ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ بَعْدَ طَلَبِ الْخَصْمِ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُحَلِّفُهُمْ) هَذَا يُؤَيَّدُ بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ مُبْهَمَةٌ، قَوْلُهُ: (وَلَا ضَرَرَ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُدَّعِي فَعَلَيْهِ الضَّرَرُ بِعَدَمِ التَّحْلِيفِ فَلَوْ نَكَلُوا جَمِيعًا قَالَ فِي الْوَسِيطِ اُسْتُشْكِلَتْ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ عَلَى الدَّعْوَى الْمُبْهَمَةِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ إلَخْ) وَلَوْ نَشَأَتْ تِلْكَ الْمُعَامَلَةُ عَنْ وَكِيلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ مُوَرِّثِهِ، أَوْ عَبْدِهِ وَمَاتَ الْمُعَامِلُ فَهَلْ يَجْرِي الْخِلَافُ أَوْ لَا لِكَوْنِ أَصْلِهَا مَعْلُومًا مَحَلُّ نَظَرٍ، [شُرُوط الْمُدَّعَى وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْقَسَامَة] قَوْلُهُ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 (مُلْتَزِمٍ) كَالذِّمِّيِّ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ (عَلَى مِثْلِهِ) أَيْ مُكَلَّفٍ مُلْتَزِمٍ وَمِنْهُ فِي الشِّقَّيْنِ مَحْجُورٌ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ (وَلَوْ ادَّعَى) عَلَى شَخْصٍ (انْفِرَادَهُ بِالْقَتْلِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى آخَرَ) الشَّرِكَةَ أَوْ الِانْفِرَادَ (لَمْ تُسْمَعْ الثَّانِيَةُ) لِأَنَّ الْأُولَى تُكَذِّبُهَا وَلَا يُمَكَّنُ عَنْ الْعَوْدِ إلَى الْأُولَى لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تُكَذِّبُهَا (أَوْ) ادَّعَى (عَمْدًا وَوَصَفَهُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَبْطُلْ أَصْلُ الدَّعْوَى فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِعَمْدٍ عَمْدًا فَيُعْتَمَدُ وَصْفُهُ، وَالثَّانِي يَبْطُلُ لِأَنَّ فِي دَعْوَى الْعَمْدِ اعْتِرَافًا بِبَرَاءَةِ الْعَاقِلَةِ. (وَتَثْبُتُ الْقَسَامَةُ فِي الْقَتْلِ بِمَحَلِّ لَوْثٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ (وَهُوَ) أَيْ اللَّوْثُ (قَرِينَةٌ لِصِدْقِ الْمُدَّعِي بِأَنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ أَوْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لِأَعْدَائِهِ أَوْ تَفَرَّقَ عَنْهُ جَمْعٌ) وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا أَعْدَاءَهُ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَصَفَ مَحَلَّةً بِمُنْفَصِلَةٍ عَنْ بَلَدٍ كَبِيرٍ (وَلَوْ تَقَابَلَ صَفَّانِ لِقِتَالٍ) وَاقْتَتَلُوا (وَانْكَشَفُوا عَنْ قَتِيلٍ) مِنْ أَحَدِ الصَّفَّيْنِ (فَإِنْ الْتَحَمَ قِتَالٌ) بَيْنَهُمَا أَوْ وَصَلَ سِلَاحُ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (فَلَوْثٌ فِي حَقِّ الصَّفِّ الْآخَرِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ قِتَالٌ وَلَا وَصَلَ سِلَاحٌ (فَ) لَوْثٌ (فِي حَقِّ صَفِّهِ) أَيْ الْقَتِيلِ (وَشَهَادَةُ الْعَدْلِ) الْوَاحِدِ بِأَنْ شَهِدَ أَنَّ زَيْدًا قَتَلَ فُلَانًا (لَوْثٌ وَكَذَا عَبِيدٌ أَوْ نِسَاءٌ) أَيْ شَهَادَتُهُمْ لَوْثٌ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ تَفَرُّقُهُمْ) لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ وَهَذَا أَشْهَرُ وَمُقَابِلُهُ أَقْوَى قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى التَّعْبِيرِ بِالْأَصَحِّ بَدَلَ الْأَقْوَى (وَقَوْلُ فَسَقَةٍ وَصِبْيَانٍ وَكُفَّارٍ لَوْثٌ فِي الْأَصَحِّ)   [حاشية قليوبي] فَتُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ. قَوْلُهُ: (مُلْتَزِمٍ) فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ لِشُمُولِهِ لِلسَّكْرَانِ، وَفِي الْأَوَّلِ شُمُولٌ لِلْمُعَاهَدِ وَالْمُؤَمَّنِ وَالْمُرَادُ الْتِزَامُهُ حَالَةَ الدَّعْوَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُلْتَزِمًا قَبْلَهَا حَالَ الْجِنَايَةِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ مَحْجُورٌ بِسَفَهٍ) أَوْ رِقٍّ أَوْ فَلَسٍ فَتُسْمَعُ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ مِنْهُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ. نَعَمْ تُسْمَعُ عَلَيْهِمَا لِمَنْ مَعَهُ بَيِّنَةٌ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ: (لَمْ تُسْمَعْ الثَّانِيَةُ) نَعَمْ إنْ صَدَّقَهُ الثَّانِي، وَكَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْأُولَى سُمِعَتْ الثَّانِيَةُ لِلْإِقْرَارِ وَبَطَلَتْ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى الْأُولَى) أَيْ إنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا، وَإِلَّا عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا وَلَا تُسْمَعُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: (أَوْ ادَّعَى عَمْدًا وَوَصَفَهُ بِغَيْرِهِ) هُوَ مِثَالٌ وَالْمُرَادُ مُخَالَفَةُ وَصْفِهِ لِدَعْوَاهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَبْطُلْ أَصْلُ الدَّعْوَى) وَهُوَ دَعْوَى الْقَتْلِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَيَعْتَمِدُ وَصَفّه) وَتَتِمُّ بِهِ الدَّعْوَى مَعَ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجَدُّدِ دَعْوَى. تَتِمَّةٌ: تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مُلْزِمَةً، فَلَا تَصِحُّ دَعْوَى إقْرَارٍ بِشَيْءٍ أَوْ هِبَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ حَتَّى يَقُولَ فِي الْهِبَةِ، وَقَبَضْتهَا بِإِذْنِ الْوَاهِبِ وَفِي غَيْرِهَا، يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَيَّ نَعَمْ يَقُولُ السَّفِيهُ فِي دَعْوَى الْمَالِ وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَى وَلِيٍّ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي الْأَمْوَالِ. قَوْلُهُ: (بِمَحَلِّ لَوْثٍ) فَلَا يَكُونُ الْقَاتِلُ مَعْلُومًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ شَرْعًا وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ الضَّعْفُ وَقِيلَ الْقُوَّةُ أَوْ هُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ. قَوْلُهُ: (قَرِينَةُ) وَلَوْ حَالِيَّةً أَوْ مَقَالِيَّةً كَالْحِسِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (قَتِيلٍ) وَكَذَا بَعْضُهُ إنْ عُلِمَ مَوْتُهُ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَوْثًا فَلَيْسَ مِنْ اللَّوْثِ عَدَمُ وُجُودِ شَخْصٍ دَخَلَ دَارَ غَيْرِهِ، مَثَلًا، وَلَوْ وُجِدَ بَعْضُهُ فِي مَحَلٍّ وَبَعْضُهُ فِي آخَرَ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْسِمَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا، قَوْلُهُ: (لِأَعْدَائِهِ) أَيْ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَرْيَةٍ وَمَحَلَّةٍ لَكِنْ يُشْتَرَطُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنْ لَا يُسَاكِنَهُمْ غَيْرُهُمْ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَصْدِقَائِهِ وَأَهْلِهِ. قَوْلُهُ: (جَمْعٌ) أَيْ مَحْصُورُونَ وَلَوْ بِإِرَادَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِمُنْفَصِلَةٍ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِلَّا فَكَالْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا. قَوْلُهُ: (تَقَابَلَ) بِالْمُوَحَّدَةِ لِلْمُنَاسَبَةِ لِقَوْلِهِ لِقِتَالٍ. قَوْلُهُ: (وَاقْتَتَلُوا) ذَكَرَهُ لِقَوْلِهِ وَانْكَشَفُوا وَفِيهِ حَزَازَةٌ مَعَ مَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَصَلَ سِلَاحٌ) وَلَوْ مِنْ نَحْوِ قَبْلِ قَوْلِهِ: (فَلَوْثٌ فِي حَقِّ الصَّفِّ الْآخَرِ) أَيْ إنْ ضَمِنُوا وَإِلَّا كَأَهْلِ عَدْلٍ مَعَ بُغَاةٍ فَلَا، قَوْلُهُ: (وَشَهَادَةُ الْعَدْلِ) أَيْ إخْبَارُهُ بِغَيْرِ لَفْظِ شَهَادَةٍ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فَلَا يَكُونُ لَوْثًا مَعَ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ بَعْدَ الدَّعْوَى بَلْ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ قَوْلُهُ: (بِأَنْ شَهِدَ) وَلَوْ قَبْلَ الدَّعْوَى. قَوْلُهُ: (أَنَّ زَيْدًا) أَوْ أَحَدَ هَذَيْنِ قَوْلُهُ: (وَكَذَا عَبِيدٌ أَوْ نِسَاءٌ) وَيَكْفِي عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعَدْلَ فِيمَا قَبْلَهُ هُوَ عَدْلُ الشَّهَادَةِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ فَسَقَةٍ وَصِبْيَانٍ وَكُفَّارٍ) قَالَ شَيْخُنَا فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِوَاحِدٍ كَمَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] مُلْتَزِمٌ) هَذَا يُغْنِي عَنْ التَّكْلِيفِ وَيَكُونُ شَامِلًا لِلسَّكْرَانِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَانَ أَوْلَى ثُمَّ هَذَا الشَّرْطُ وَغَيْرُهُ، إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ الدَّعْوَى وَلَوْ كَانَ قَانِتًا عِنْدَ الْجِنَايَةِ، قَوْلُهُ: (أَوْ عَمْدًا وَوَصَفَهُ بِغَيْرِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، مِثْلُهُ عَكْسُهُ وَفِيهِ الْخِلَافُ أَيْضًا قَوْلُهُ: (أَصْلُ الدَّعْوَى) وَهُوَ مُطْلَقُ الْقَتْلِ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَبْطُلُ) أَيْ فَلَا يُعْتَمَدُ وَصْفُهُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ لِلْعَمْدِ. [ثُبُوت الْقَسَامَة فِي الْقَتْل] قَوْلُهُ: (قَرِينَةٌ) حَالِيَّةٌ أَوْ مَقَالِيَّةٌ، قَوْلُهُ: (لِأَعْدَائِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ مَحَلَّةٍ أَوْ قَرْيَةٍ، قَوْلُهُ: (لِأَعْدَائِهِ) مَحَلُّ هَذَا إذَا كَانَ يَدْخُلُهَا غَيْرُ أَهْلِهَا وَإِلَّا فَلَيْسَ بِشَرْطٍ صَرَّحَ بِهِ فِي الزَّوَائِدِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّهَا تَكُونُ حِينَئِذٍ شَبِيهَةً بِالدَّارِ الَّتِي تَفَرَّقَ أَهْلُهَا عَنْ قَتِيلٍ، قَوْلُهُ: (وَاقْتَتَلُوا) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِلَّا، قَوْلُهُ: (قَتَلَ فُلَانًا) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الدَّعْوَى قَوْلُهُ: (لَوْثٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ فِي قَتْلٍ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ لَمْ يَكُنْ لَوْثًا بَلْ يَحْلِفُ مَعَهَا وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ، قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ) رُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ كَاحْتِمَالِ الْكَذِبِ فِي شَهَادَةِ الْعَدْلِ، قَوْلُهُ: (وَكُفَّارٍ) هَذَا الْقِسْمُ لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُمْ بِخِلَافِ الْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 لِأَنَّ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ الشَّيْءِ يَكُونُ غَالِبًا عَنْ حَقِيقَةٍ، وَالثَّانِي قَالَ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمْ فِي الشَّرْعِ وَالثَّالِثُ قَوْلُ الْكُفَّارِ لَيْسَ بِلَوْثٍ. (وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ) فِي قَتِيلٍ (فَقَالَ أَحَدُ ابْنَيْهِ قَتَلَهُ فُلَانٌ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ بَطَلَ اللَّوْثُ وَفِي قَوْلٍ لَا) يَبْطُلُ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ (وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ) اللَّوْثُ (بِتَكْذِيبِ فَاسِقٍ) لِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الشَّرْعِ وَهَذَا يَخُصُّ الْقَوْلَيْنِ بِالْعَدْلِ، وَالْأَصَحُّ لَا فَرْقَ (وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ زَيْدٌ وَمَجْهُولٌ وَقَالَ الْآخَرُ) قَتَلَهُ (عَمْرٌو وَمَجْهُولٌ حَلَفَ كُلٌّ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ وَلَهُ رُبْعُ الدِّيَةِ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ نِصْفُ الدِّيَةِ وَحِصَّتُهُ مِنْهُ نِصْفُهُ (وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اللَّوْثَ فِي حَقِّهِ فَقَالَ لَمْ أَكُنْ مَعَ الْمُتَفَرِّقِينَ عَنْهُ) أَيْ الْقَتِيلِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ. (وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ بِأَصْلٍ قُتِلَ دُونَ عَمْدٍ وَخَطَإٍ) وَشِبْهِ عَمْدٍ (فَلَا قَسَامَةَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ مُطَالَبَةُ الْقَاتِلِ وَلَا الْعَاقِلَةِ، وَالثَّانِي قَالَ بِظُهُورِهِ خَرَجَ الدَّمُ عَنْ كَوْنِهِ مُهْدَرًا (وَلَا يُقْسَمُ فِي طَرَفٍ) وَجُرْحٍ (وَإِتْلَافِ مَالٍ إلَّا فِي عَبْدٍ فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ السَّابِقِ أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُهُ وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَحْمِلُهُ وَعَدَمُ الْقَسَامَةِ، فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّهَا خِلَافُ الْقِيَاسِ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ وَهُوَ النَّفْسُ فَفِي غَيْرِهِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ مَعَ اللَّوْثِ وَعَدَمِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْقَسَامَةُ (أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي عَلَى قَتْلٍ ادَّعَاهُ خَمْسِينَ يَمِينًا) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ بِذَلِكَ الْمُخَصِّصِ لِحَدِيثِ الْبَيْهَقِيّ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» (وَلَا يُشْتَرَطُ مُوَالَاتُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّ لَهَا   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: مِنْ اللَّوَثِ الشُّيُوعُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ، بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ وَنَحْوُ أَمْرَضْته بِسِحْرِي، وَنَحْوُ تَلَطَّخَ ثَوْبُهُ أَوْ نَحْوُ سَيْفِهِ بِدَمٍ وَتَحَرَّكَ يَدُهُ بِنَحْوِ سَيْفٍ، وَلَيْسَ هُنَاكَ نَحْوُ سَبُعٍ وَوُجُودِ عَدُوٍّ وَلَيْسَ ثَمَّ رَجُلٌ آخَرُ، لَا وُجُودَ رَجُلٌ عِنْدَهُ بِلَا سِلَاحٍ، وَلَا تُلَطَّخُ يَدٌ وَلَوْ لِعَدُوٍّ وَلَا قَالُوا قَالَ: قَتَلَنِي فُلَانٌ أَوْ جَرَحَنِي أَوْ دَمِي عِنْدَهُ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ ضَرَرِهِ لِعَدَاوَةٍ مَعَ خَطَرِ الْقَتْلِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ صِحَّةَ إقْرَارِهِ بِالْمَالِ وَنَحْوِهِ وَلَوْ لِوَارِثٍ. قَوْلُهُ: (وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ) أَيْ صَرِيحًا وَإِلَّا فَلَا يَبْطُلُ وَمَا هُنَا فِي الْحَاضِرِ وَسَيَأْتِي الْغَائِبُ قَوْلُهُ: (بَطَلَ اللَّوْثُ) نَعَمْ بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَدْلٌ بِخَطَإٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ بَعْدَ دَعْوَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَبْطُلْ اللَّوْثُ بِتَكْذِيبِ الْآخَرِ، قَطْعًا فَلِمَنْ لَمْ يُكَذَّبْ أَنْ يُحَلِّفَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ رُبْعُ الدِّيَةِ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْمَجْهُولُ غَيْرُ مَنْ عَيَّنَهُ أَخِي رُدَّ كُلُّ مَا أَخَذَهُ لِتَكَاذُبِهِمَا، وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ مَنْ عَيَّنَهُ وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْمَجْهُولُ مَنْ عَيَّنَهُ أَخِي حَلَفَ كُلٌّ خَمْسِينَ يَمِينًا أُخْرَى عَلَيْهِ، وَلَهُ كَمَالُ نِصْفِ الدِّيَةِ وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ دُونَ الْآخَرِ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَهِيَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَقَالَ شَيْخُنَا خَمْسُونَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا لِدَفْعِ اللَّوْثِ، قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ) بِأَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا قَتْلَهُ فَإِنْ أَقَامَهَا وَأَقَامَ هُوَ بَيِّنَةً بِغَيْبَتِهِ قُدِّمَتْ هَذِهِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى سَبْقِ حُضُورِهِ عَلَى غَيْبَتِهِ، وَإِلَّا سَقَطَتَا وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ بَيِّنَةً بِغَيْبَتِهِ سُمِعَتْ، وَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى قَوْلِهَا كَانَ غَائِبًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ) بِشَهَادَةِ عَدْلٍ مَثَلًا وَلَوْ بَعْدَ دَعْوَى مُفَصَّلَةٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا قَسَامَةَ) وَلَا يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدٍ لَوْ كَانَ لِعَدَمِ مُطَابَقَتِهِ لِلدَّعْوَى. قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهِ) وَهِيَ خَمْسُونَ يَمِينًا فِي الطَّرَفِ وَالْجُرْحِ وَيَمِينٌ وَاحِدَةٌ فِي الْمَالِ، قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الْقَسَامَةُ أَيْ حَقِيقَتُهَا عُرْفًا قَوْلُهُ: (أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي) أَيْ ابْتِدَاءً خَمْسِينَ يَمِينًا وَإِلَّا فَلَا تُسَمَّى قَسَامَةً، قَوْلُهُ: (عَلَى قَتْلٍ) وَلَوْ لِكَافِرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ جَنِينٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (خَمْسِينَ يَمِينًا) وَحِكْمَةُ كَوْنِهَا خَمْسِينَ أَنَّ الدِّيَةَ تَقُومُ بِأَلْفِ دِينَارٍ أَوْ أَنَّهَا أَلْفُ دِينَارٍ عَلَى الْقَدِيمِ السَّابِقِ، وَقَدْ طُلِبَ التَّغْلِيظُ فِي عِشْرِينَ دِينَارًا، فَجَعَلُوا لِكُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا يَمِينًا قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي هَذِهِ الْحِكْمَةِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ لِأَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّ دِيَةَ الْكَافِرِ عَلَى الثُّلُثِ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ وَأَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ الْكَافِرَةِ عَلَى قَدْرِ السُّدُسِ مِنْهُ، أَوْ أَقَلَّ وَأَنَّ الْغُرَّةَ عَلَى نِصْفِ الْعُشْرِ مِنْهُ، وَأَنَّ قِيمَةَ الرَّقِيقِ   [حاشية عميرة] فَلِذَلِكَ أَفْرَدَ كُلًّا عَنْ الْآخَرِ،. قَوْلُهُ: (بَطَلَ اللَّوْثُ) فَتَتَحَوَّلُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ لَا) أَيْ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي قَالَ بِظُهُورِهِ إلَخْ) رَجَّحَهُ فِي الطَّلَبِ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ لَا سِيَّمَا إذَا قُلْنَا الْوُجُوبُ يُلَاقِيهِ ابْتِدَاءً، وَعَضَّدَ ذَلِكَ بِكَلَامٍ نَقَلَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ مُحَصَّلُهُ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْكَذِبُ فِي حَقِّ جَمَاعَةٍ جَازَ تَعْيِينُ بَعْضِهِمْ، فَكَمَا لَا يُعْتَبَرُ ظُهُورُهُ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الِانْفِرَادِ وَالشَّرِكَةِ كَذَلِكَ صِفَةُ الْقَتْلِ مِنْ عَمْدٍ وَغَيْرِهِ، قَالَ وَعَلَيْهِ يُحْكَمُ بِالْأَخَفِّ وَهُوَ الْخَطَأُ لَكِنْ تَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ التَّهْذِيبِ مِثْلَهُ ثُمَّ قَالَ فَظَهَرَ بِهَذَا فَسَادُ عِبَارَةِ الْمَتْنِ بَلْ مَتَى ظَهَرَ اللَّوْثُ وَفَصَّلَ الْوَلِيُّ سُمِعَتْ الدَّعْوَى، وَأَقْسَمَ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ يُفَصِّلْ لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا يُقْسِمُ وَالثَّانِي تُسْمَعُ وَتَثْبُتُ الْقَسَامَةُ فَيُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، حَتَّى يُبَيِّنَ صِفَةَ الْقَتْلِ فَإِنْ قَالَ مَا قَتَلَهُ عَمْدًا لَزِمَ دِيَةُ الْخَطَإِ فِي مَالِهِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَجُرْحٍ) أَيْ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: (لِأَنَّهَا إلَخْ) . وَأَيْضًا فَالنَّفْسُ أَعْظَمُ حُرْمَةً بِدَلِيلِ الْكَفَّارَةِ، [كَيْفِيَّة أَدَاء الشَّهَادَة] قَوْلُهُ: (أَنْ يَحْلِفَ) أَيْ ابْتِدَاءً فَخَرَجَ حَلِفُهُ بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُ لَا لَوْثَ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ الْمُدَّعِي حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُ لَا لَوْثَ أَوْ بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعِي فِي الْيَمِينِ فِي كُلِّ ذَلِكَ خَمْسُونَ وَلَا يُسَمَّى قَسَامَةً، قَوْلُهُ: (عَلَى قَتْلٍ ادَّعَاهُ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ فِي الْيَمِينِ لِمَا فَصَّلَهُ فِي الدَّعْوَى، وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ مَثَلًا لِقَتْلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 أَثَرًا فِي الزَّجْرِ وَالرَّدْعِ، وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى أَنَّهَا حُجَّةٌ كَالشَّهَادَةِ فَجَوَّزَ تَفْرِيقَهَا فِي خَمْسِينَ يَوْمًا. (وَلَوْ تَخَلَّلَهَا جُنُونٌ أَوْ إغْمَاءٌ بَنَى) بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَإِنْ اُشْتُرِطَتْ الْمُوَالَاةُ لِقِيَامِ الْعُذْرِ (وَلَوْ مَاتَ) قَبْلَ تَمَامِهِ (لَمْ يَبْنِ وَارِثُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) ، وَالثَّانِي صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ (وَلَوْ كَانَ لِلْقَتِيلِ وَرَثَةٌ وُزِّعَتْ) الْخَمْسُونَ (بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَجُبِرَ الْكَسْرُ وَفِي قَوْلٍ يَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمْ (خَمْسِينَ) لِأَنَّهَا كَيَمِينٍ وَاحِدَةٍ فِي غَيْرِ الْقَسَامَةِ مِنْ جَمَاعَةٍ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَاحِدَةَ لَا تَتَبَعَّضُ ظَاهِرٌ (وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْوَارِثَيْنِ (حَلَفَ الْآخَرُ خَمْسِينَ) وَأَخَذَ حِصَّتَهُ (وَلَوْ غَابَ) أَحَدُهُمَا (حَلَفَ الْآخَرُ خَمْسِينَ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ) لِأَنَّ الْخَمْسِينَ الْحُجَّةُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْحَاضِرُ (صَبَرَ لِلْغَائِبِ) حَتَّى يَحْضُرَ فَيَحْلِفَ مَعَهُ مَا يَخُصُّهُ، وَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ بَعْدَ حَلِفِهِ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ غَيْرَ حَائِزٍ حَلَفَ خَمْسِينَ فَفِي زَوْجَةٍ وَبِنْتٍ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ عَشْرًا وَالْبِنْتُ أَرْبَعِينَ   [حاشية قليوبي] قَدْ لَا تَفِي بِهِ أَوْ أَنَّهَا تَزِيدُ عَلَى الدِّيَةِ، وَأَنَّ الْأَيْمَانَ هُنَا وَاجِبَةٌ، وَأَنَّ التَّغْلِيظَ لَا يَكُونُ بِأَيْمَانٍ مُسْتَقِلَّةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحِكْمَةَ بِالنِّسْبَةِ لِدِيَةِ الْكَامِلِ، وَلَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا وَكَوْنُهَا بِأَيْمَانٍ مُسْتَقِلَّةٍ لِغِلَظِ أَمْرِ الْقَتْلِ فَتَأَمَّلْ. تَنْبِيهٌ: يَجِبُ فِي كُلِّ يَمِينٍ أَنْ تُفْصَلَ كَمَا ادَّعَى مِنْ عَمْدٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ خَطَإٍ أَوْ إفْرَادٍ أَوْ شَرِكَةٍ وَقَالَ الْخَطِيبُ إنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ لِأَنَّ يَمِينَهُ مُنَزَّلَةٌ عَلَى دَعْوَاهُ، فَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ إنَّ فُلَانًا أَوْ هَذَا قَتَلَ فُلَانًا أَوْ هَذَا وَلَا يَكْفِي أَنْ يُكَرِّرَ لَفْظَ وَاَللَّهِ وَحْدَهُ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَخَلَّلَهَا جُنُونٌ أَوْ إغْمَاءٌ بَنَى) وَكَذَا عَزْلُ قَاضٍ وَعَوْدُهُ فَإِنْ عَادَ غَيْرُهُ اُسْتُؤْنِفَتْ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَبْنِ وَارِثُهُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ إتْمَامِ أَيْمَانٍ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ، فَإِنَّ وَارِثَهُ يَبْنِي لِأَنَّهَا أَيْمَانُ نَفْيٍ فَتُفِيدُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَبْنِي إلَخْ) قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَقَامَ شَاهِدٌ ثُمَّ مَاتَ، فَأَقَامَ الْوَارِثُ شَاهِدًا بَعْدَ مَوْتِهِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ الْإِرْثِ) وَلَوْ عَائِلًا فَفِي زَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ يَحْلِفُ الزَّوْجُ ثَلَاثَةَ أَتْسَاعِ الْخَمْسِينَ يَعْنِي ثُلُثَهَا سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا، وَكُلٌّ مِنْ الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ اثْنَيْ عَشَرَ يَمِينًا لِأَنَّ لَهَا تِسْعِينَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَتْسَاعِهَا، وَالْأُخْتَانِ لِلْأُمِّ اثْنَيْ عَشَرَ يَمِينًا كُلُّ وَاحِدَةٍ سِتَّةُ أَيْمَانٍ لِأَنَّ لَهُمَا قَدْرَ تُسْعَيْهِمَا وَيَكْمُلُ الْمُنْكَسِرُ فِي الْجَمِيعِ وَهَذَا فِي الْإِرْثِ الْمُتَيَقَّنِ أَمَّا فِي الشَّكِّ فَيَحْلِفُ الْأَكْثَرَ، وَيَأْخُذُ الْأَقَلَّ فَفِي ابْنُ وَاضِحٍ وَوَلَدُ خُنْثَى يَحْلِفُ الْوَاضِحُ ثُلُثَيْ الْخَمْسِينَ، أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ يَمِينًا وَيَأْخُذُ نِصْفَ الْمَالِ، وَيَحْلِفُ الْخُنْثَى نِصْفَ الْأَيْمَانِ وَيَأْخُذُ ثُلُثَ الْمَالِ، وَيُوَقَّفُ الْبَاقِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى الْبَيَانِ أَوْ الصُّلْحِ وَلَا تُعَادُ الْقِسْمَةُ بَعْدَ الْبَيَانِ فَيُعْطَى الْبَاقِي لِمَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَلَوْ كَانَ خُنْثَيَيْنِ حَلَفَ كُلٌّ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ يَمِينًا ثُلُثَيْ الْخَمْسِينَ مَعَ الْجَبْرِ، وَيَأْخُذُ ثُلُثَ الْمَالِ وَفِي الْبَاقِي مَا مَرَّ. فَرْعٌ: لِوَرَثَتِهِ بَنُونَ ثَلَاثَةٌ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثُلُثَ الْخَمْسِينَ سَبْعَةَ عَشَرَ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا وَاحِدٌ وَلَمْ يَنْظُرْ حُضُورَ الِاثْنَيْنِ حَلَفَ خَمْسِينَ، وَأَخَذَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَإِنْ حَضَرَ آخَرُ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَأَخَذَ الثُّلُثَ أَيْضًا، فَإِنْ حَضَرَ الْآخَرُ حَلَفَ سَبْعَةَ عَشَرَ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَحْلِفُ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا مَعَ مَنْ قَبْلَهُ، قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُ الْحَاضِرِينَ أَنْ يَحْلِفَ الْخَمْسِينَ مُكِّنَ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَكَلَ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ الْقَسَامَةُ لِأَنَّ نُكُولَهُ لَيْسَ تَكْذِيبًا، وَإِنَّمَا يُبْطِلُهَا التَّكْذِيبُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَابَ أَحَدُهُمَا) أَوْ جُنَّ أَوْ كَانَ صَغِيرًا قَوْلُهُ: (حَلَفَ الْآخَرُ) أَيْ الْحَاضِرُ خَمْسِينَ فَلَوْ تَبَيَّنَ مَوْتُ الْغَائِبِ قَبْل حَلَفَهُ، وَكَانَ وَارِثًا لِلْغَائِبِ أَخَذَ الْبَاقِي بِلَا إعَادَةِ حَلِفٍ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ حَلِفِ الْحَاضِرِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَحْلِفَ قَدْرَ حِصَّةِ الْغَائِبِ، وَيَأْخُذُهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْحَاضِرُ) وَلَوْ مَعَ امْتِنَاعِهِ بِأَنْ قَالَ لَا أَحْلِفُ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِي لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ لَيْسَ تَكْذِيبًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (صَبَرَ لِلْغَائِبِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِالْأَيْمَانِ فِي غَيْبَتِهِ بِخِلَافِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ عَامَّةٌ. قَوْلُهُ: (تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ عَشْرًا وَالْبِنْتُ أَرْبَعِينَ) لِأَنَّ لَهُمَا خَمْسَةً مِنْ الثَّمَانِيَةِ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ رَدٌّ لِانْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا حَلَفَتْ الزَّوْجَةُ سَبْعَةَ أَيْمَانٍ بِجَبْرِ الْمُنْكَسِرِ لِأَنَّ لَهَا ثَمَنُ الْخَمْسِينَ لِعَدَمِ الرَّدِّ عَلَيْهَا وَهُوَ سِتَّةٌ وَرُبْعٌ، وَحَلَفَتْ الْبِنْتُ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ بِالْجَبْرِ لِأَنَّ لَهَا الْبَاقِي فَرْضًا وَرَدًّا، وَفِي زَوْجَةٍ مَعَ بَيْتِ الْمَالِ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ خَمْسِينَ وَتَأْخُذُ الرُّبْعَ وَلَا يَثْبُتُ حَقُّ بَيْتِ الْمَالِ بِحَلِفِهَا بَلْ يَنْصِبُ الْإِمَامُ مُسَخَّرًا يَدَّعِي عَلَى الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ الْقَتْلُ، وَيَلْحَقُهُ خَمْسِينَ يَمِينًا فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يُطَالَبْ بِغَيْرِ حِصَّةِ الزَّوْجَةِ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ حُبِسَ إلَى أَنْ يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ لِأَنَّ الْمُسَخَّرَ لَا يَحْلِفُ. قَوْلُهُ: (أَنَّ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَإِنْ تَعَدَّدَ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسِينَ يَمِينًا قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ كَمَا مَرَّ،   [حاشية عميرة] الْمُدَّعَى بِهِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَهَا أَثَرًا إلَخْ) . وَأَيْضًا كَاللِّعَانِ وَفُرِّقَ بِتَعَلُّقِ الِاحْتِيَاطِ فِي اللِّعَانِ مِنْ حَيْثُ الْأَنْسَبِ وَالْعُقُوبَةِ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ) وَجِهَةُ الْقِيَاسِ عَلَى تَوْزِيعِ الْأَيْمَانِ عَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ يُنَافِي الْحَقِيقَةَ فَالْبِنَاءُ عَلَى يَمِينِ الْمُوَرِّثِ أَوْلَى، قَوْلُهُ: (وَجُبِرَ الْكَسْرُ) فَلَوْ خَلَّفَ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ ابْنًا حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينَيْنِ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّا لَوْ أَسْقَطْنَاهُ نَقَصَ نِصَابُ الْقَسَامَةِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يَحْلِفُ) هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ تَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً أَوَّلًا، قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَكَلَ إلَخْ) . يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ التَّوْزِيعَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ نُكُولِ بَعْضِهِمْ وَعَدَمِ غَيْبَتِهِ. قَوْلُهُ: (الْمَرْدُودَةَ عَلَى الْمُدَّعِي) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ الْقَسَامَةِ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ، فَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِلَا لَوْثٍ وَ) الْيَمِينُ (الْمَرْدُودَةُ) مِنْهُ (عَلَى الْمُدَّعِي أَوْ) الْمَرْدُودَةُ بِنُكُولِ الْمُدَّعِي (عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ لَوْثٍ وَالْيَمِينُ مَعَ شَاهِدٍ خَمْسُونَ) لِأَنَّهَا يَمِينُ دَمٍ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فِي الْأَرْبَعِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ بِالْخَمْسِينَ، وَفِي الْأُولَى طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ بِالْأَوَّلِ أَسْقَطَهَا مِنْ الرَّوْضَةِ، وَفِي الثَّالِثَةِ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ بِالْأَوَّلِ هِيَ الرَّاجِحَةُ فَقَوْلُهُ الْمَذْهَبُ لِلْمَجْمُوعِ (وَيَجِبُ بِالْقَسَامَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ دِيَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) مُخَفَّفَةٌ فِي الْأَوَّلِ وَمُغَلَّظَةٌ فِي الثَّانِي كَمَا تَقَدَّمَ (وَفِي الْعَمْدِ عَلَى الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ) ، وَلَا قِصَاصَ فِيهِ فِي الْجَدِيدِ (وَفِي الْقَدِيمِ) فِيهِ (قِصَاصٌ) كَمَا فِي غَيْرِ الْقَسَامَةِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِضَعْفِهَا. (وَلَوْ ادَّعَى عَمْدًا بِلَوْثٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ حَضَرَ أَحَدُهُمْ أَقْسَمَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ، وَأَخَذَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَإِنْ حَضَرَ آخَرُ أَقْسَمَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ) كَالْأَوَّلِ (وَفِي قَوْلٍ خَمْسًا وَعِشْرِينَ) كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا يَحْلِفُ عَلَيْهِمَا خَمْسِينَ، قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ بَحَثَا هَذَا الْخِلَافَ (إنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرَهُ) أَيْ الثَّانِي (فِي الْأَيْمَانِ) السَّابِقَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ ذِكْرُهُ فِيهَا (فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهَا بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْقَسَامَةِ فِي غَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ) كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَمُقَابِلُهُ وُجِّهَ بِضَعْفِ الْقَسَامَةِ وَالثَّالِثُ إذَا حَضَرَ يُقَاسُ بِالثَّانِي فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ (وَمَنْ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الدَّمِ أَقْسَمَ) مِنْ وَارِثٍ أَوْ سَيِّدٍ (وَلَوْ) هُوَ (مُكَاتَبٌ يُقْتَلُ عَبْدُهُ) وَلَا يُقْسِمُ سَيِّدُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَ عَبْدَ الْمَأْذُونِ لَهُ فَإِنَّ السَّيِّدَ يُقْسِمُ دُونَ الْمَأْذُونِ لَهُ. (وَمَنْ ارْتَدَّ) قَبْلَ أَنْ يُقْسِمَ   [حاشية قليوبي] وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي رُدَّ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَلَهُ رَدُّهَا عَلَى الْمُدَّعِي النَّاكِلِ لِأَنَّهَا غَيْرُ الْأُولَى الْأَصْلِيَّةِ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ لِمَا ذُكِرَ وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ الْقَسَامَةُ غَيْرَهَا. قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ بِالْقَسَامَةِ دِيَةٌ) عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ فِي غَيْرِهِ، وَخَرَجَ بِهَا الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ فَيَجِبُ بِهَا الْقِصَاصُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ أَوْ كَالْبَيِّنَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا قِصَاصَ فِيهِ فِي الْجَدِيدِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ أَوْ تُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ» وَأَمَّا خَبَرُ «تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» فَالْمُرَادُ بَدَلُ دَمِهِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ وَقُدِّمَ الْأَوَّلُ لِصَرَاحَتِهِ، وَأَخْذُ الدِّيَةِ وَالدَّمِ يُطْلَقُ عَلَيْهَا وَعَلَى الْقَوَدِ قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الْقَسَامَةِ) اسْتَدَلَّ بِالْقِيَاسِ دُونَ الْحَدِيثِ لِمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (كَالْأَوَّلِ) لَكِنْ بِلَا تَجَدُّدِ دَعْوَى وَإِنَّمَا حَلَّفَهُ خَمْسِينَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّدْ بَلْ هُوَ مُدَّعٍ وَاحِدٌ، وَحَلَّفَهُ عَلَى الْحَاضِرِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لَا يُفِيدُ وُجُوبَ اسْتِحْقَاقِهِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ، فَهُوَ تَجَدُّدُ اسْتِحْقَاقٍ وَإِذَا حَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الثَّالِثُ مِنْ الثَّلَاثِ حَلَفَ عَلَيْهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ خَمْسِينَ أَيْضًا. لِمَا ذُكِرَ وَلِذَلِكَ لَوْ ذَكَرَ الِاثْنَيْنِ الْغَائِبَيْنِ فِي حَلِفِهِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ ذَكَرَ الثَّالِثَ فِي حَلِفِهِ عَلَى الثَّانِي لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَةِ الْحَلِفِ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ، كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) هُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ سَاقَهُ مَسَاقَ الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْأَصَحُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (يُقَاسُ إلَخْ) فَيَحْلِفُ خَمْسِينَ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ إنْ ذَكَرَهُ وَعَلَى الْأَصَحِّ إنْ لَمْ يَذْكُرْهُ، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ اسْتَحَقَّ إلَخْ) ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا مَرَّ فِي حَلِفِ الْمُدَّعِي وَخَرَجَ بِهِ مَنْ ارْتَدَّ بَعْدَ أَنْ جَرَحَ غَيْرَهُ وَمَاتَ مُرْتَدًّا فَلَا يَقْسِمُ وَلِيُّهُ لِأَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ وَارِثٍ) وَلَوْ كَافِرًا وَمَحْجُورًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْسِمُ سَيِّدُهُ) نَعَمْ إنْ عَجَزَ نَفْسُهُ قَبْلَ الْحَلِفِ حَلَفَ سَيِّدُهُ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ الْآنَ وَلَوْ أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ مَثَلًا بِقِيمَةِ عَبْدِهِ إنْ قُتِلَ فَالْحَلِفُ الْوَارِثُ بَعْدَ دَعْوَاهُ أَوْ دَعْوَى الْمُوصَى لَهُ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ فَعُلِمَ أَنَّ الْحَالِفَ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُدَّعٍ أَوْ غَيْر مُسْتَحَقٍّ نَعَمْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ   [حاشية عميرة] الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَنَكَلَ أَنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي مَرَّةً ثَانِيَةً، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الرَّافِعِيِّ مَعْنَى ذَلِكَ وَأَنَّ السَّبَبَ الْمُمَكِّنَ لِلْمُدَّعِي مِنْ الْحَلِفِ أَوَّلًا اللَّوْثُ وَالسَّبَبُ الْمُمْكِنُ هُنَا النُّكُولُ فَصَارَ تَعْدَادُ السَّبَبِ كَتَعْدَادِ الْخُصُومَةِ، قَوْلُهُ: (مَعَ لَوْثٍ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَرْدُودَةَ، قَوْلُهُ: (هِيَ الرَّاجِحَةُ) أَيْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا» قَالَ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ يَعْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ تَجْدِيدِ الدَّعْوَى هَذَا إذَا كَانَ وَاحِدًا فَلَوْ كَانُوا جَمَاعَةً حَلَفَ كُلٌّ خَمْسِينَ بِخِلَافِ تَعَدُّدِ الْمُدَّعِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ يَنْفِي عَنْ نَفْسِهِ الْقَتْلَ الْمُدَّعَى كَمَا يَنْفِيهِ الْعَدَدُ وَإِذَا تَعَدَّدَ الْمُدَّعِي لَا يُثْبِتُ كُلُّ وَاحِدٍ لِنَفْسِهِ مَا يُثْبِتُهُ الْوَاحِدُ لَوْ انْفَرَدَ، [مَا تجب بِهِ الْقَسَامَة] قَوْلُهُ: (قِصَاصٌ) أَيْ شَرْطُهُ قَوْلُهُ: (كَمَا فِي غَيْرِ الْقَسَامَةِ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانُوا جَمَاعَةً قُتِلُوا فِي الْقَدِيمِ، ثُمَّ قَوْلُهُ أَوَّلًا بِالْقَسَامَةِ يَخْرُجُ بِهِ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنَّ الْقِصَاصَ يَثْبُتُ بِهَا لِأَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَضَرَ آخَرُ أَقْسَمَ عَلَيْهِ) ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ادَّعَى وَأَقْسَمَ عَلَيْهِ. أَقُولُ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ ادَّعَى عَلَى ثَلَاثَةٍ وَمِنْ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ الْآتِي، قَوْلُهُ: (بَحْثًا) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ مُوهِمٌ، قَوْلُهُ: (وُجِّهَ بِضَعْفِ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّ اللَّوْثَ ضَعِيفٌ فَلَا يَنْهَضُ قَرِينَةً حَتَّى يَسْلَمَ مِنْ قَدْحِ الْخَصْمِ، قَوْلُهُ: (وَمَنْ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الدَّمِ أَقْسَمَ) خَرَجَ مَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 (فَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ إقْسَامِهِ لِيُسَلِّمَ) فَإِنَّهُ لَا يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ (فَإِنْ أَقْسَمَ فِي الرِّدَّةِ صَحَّ) إقْسَامُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِهِ نَوْعُ اكْتِسَابٍ لِلْمَالِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ الرِّدَّةُ كَالِاحْتِطَابِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَنْ الْمُزَنِيّ وَحَكَى قَوْلًا مُخَرَّجًا وَمَنْصُوصًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ) خَاصًّا (لَا قَسَامَةَ فِيهِ) لِأَنَّ تَحْلِيفَ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَلَكِنْ يَنْصِبُ الْقَاضِي مَنْ يَدَّعِي عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَتْلُ وَيُحَلِّفُهُ. . فَصْلٌ (إنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ الْقِصَاصِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ (بِإِقْرَارٍ) بِهِ (أَوْ) شَهَادَةِ (عَدْلَيْنِ) بِهِ (وَ) إنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ (الْمَالِ) مِنْ قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ (بِذَلِكَ) أَيْ بِإِقْرَارٍ بِهِ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ بِهِ (أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ) بِرَجُلٍ (وَيَمِينٍ) وَلَا يَثْبُتُ الْأَوَّلُ بِالْأَخِيرَيْنِ، وَلَا الثَّانِي بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْتِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ ذُكِرَتْ هُنَا تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَلَوْ عَفَا) عَنْ الْقِصَاصِ (لِيُقْبَلَ لِلْمَالِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ (لَمْ يُقْبَلْ) فِي ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ ثُبُوتِ مُوجِبِ الْقِصَاصِ وَلَا يَثْبُتُ بِمَنْ ذُكِرَ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْمَالُ (وَلَوْ شَهِدَ هُوَ وَهُمَا) أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ (بِهَاشِمَةٍ قَبْلَهَا إيضَاحٌ لَمْ يَجِبْ أَرْشُهَا) أَيْ الْهَاشِمَةِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الْإِيضَاحَ قَبْلَهَا الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ لَا يَثْبُتُ بِمَنْ ذُكِرَ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقَةٍ وَهُوَ مُخَرَّجٌ يَجِبُ أَرْشُهَا لِأَنَّهُ مَالٌ وَمِثْلُ الْمَرْأَتَيْنِ   [حاشية قليوبي] لَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ فِي يَدِ الْمُوصَى لَهُ فَهُوَ الْحَالِفُ جَزْمًا فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (قَبْلَ أَنْ يَقْسِمَ) فَهُوَ إنَّمَا ارْتَدَّ بَعْدَ مَوْتِ الْجَرِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَوْ نَصًّا وَمُخَرَّجًا فَلَا يُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ، وَفِي الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْخِلَافَ طُرُقٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَحَدَ طَرِيقَيْنِ، وَهِيَ عَامَّةٌ أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ أَوْ لَا، وَالثَّانِيَةُ إنْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ لَمْ يَحْلِفْ أَوْ بِعَدَمِ زَوَالِهِ حَلَفَ، وَعَلَى هَذَا فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمَذْهَبِ صَحِيحٌ، وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَنْصِبُ) أَيْ وُجُوبًا قَوْلُهُ: (وَيُحَلِّفُهُ) فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حُبِسَ إلَى أَنْ يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ كَمَا مَرَّ وَلَا يَحْلِفُ الْمَنْصُوبُ. فَصْلٌ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ أَوْ الْمَالِ قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْجِيمِ) لِأَنَّهُ بِمَعْنَى السَّبَبِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَهَذَا التَّرْتِيبُ يُقَالُ لَهُ الْمُوجَبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِيجَابِ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فَيَجُوزُ الْعَفْوُ أَوْ يُنْدَبُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْقِصَاصِ) أَيْ فِي النَّفْسِ أَوْ عُضْوٍ أَوْ جُرْحٍ كَالْمُوضِحَةِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يَقْبَلُ غَيْرَ الرِّجَالِ فِي الْمُوضِحَةِ وَإِنْ أَوْجَبَتْ مَالًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِإِقْرَارٍ) وَلَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ) وَمِثْلُهَا عِلْمُ الْحَاكِمِ. قَوْلُهُ: (مِنْ قَتْلٍ) أَيْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا لَا قَوَدَ فِيهِ كَقَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ. قَوْلُهُ: (مُوجِبُ الْمَالَ) إنْ ادَّعَاهُ وَهُوَ مَا عَدَا الْقَتْلَ الْعَمْدَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَثْبُتُ الْأَوَّلُ بِالْأَخِيرَيْنِ) وَلَوْ تَبَعًا فَلَوْ ادَّعَى بِمَالٍ أَوْ قِصَاصٍ وَأَقَامَ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ ثَبَتَ لَهُ الْمَالُ دُونَ الْقِصَاصِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَفَا إلَخْ) سَوَاءٌ قَبْلَ الدَّعْوَى أَوْ بَعْدَهَا وَالْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يُقْبَلُ فِي الْأُولَى قَطْعًا وَفِي ابْنِ حَجَرٍ عَكْسُ ذَلِكَ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَلَعَلَّهُ سَهْوًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْبَلْ) نَعَمْ يَثْبُتُ بِذَلِكَ لَوْثٌ فَلَهُ الْحَلِفُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْعَفْوَ إلَخْ) وَبِهَذَا فَارَقَ السَّرِقَةَ فَإِنَّهُمَا يَثْبُتَانِ فِيهَا مَعًا وَلَوْ أَقَامَ بَعْدَ هَذَا الْعَفْوِ رَجُلَيْنِ قُبِلَا. قَوْلُهُ: (بِهَاشِمَةٍ قَبْلَهَا إيضَاحٌ) أَيْ شَهِدَ بِهِمَا مَعًا وَهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَا مِنْ شَخْصَيْنِ أَوْ فِي مَرَّتَيْنِ مِنْ شَخْصٍ ثَبَتَ أَرْشُ الْهَاشِمَةِ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُخَرَّجٌ) أَيْ مِنْ نَصِّهِ فِيمَا لَوْ نَفَذَ السَّهْمُ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ حَيْثُ عُدَّتْ جَائِفَةً ثَانِيَةً وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا خَطَأٌ فَتَأَمَّلْهُ.   [حاشية عميرة] وَمَاتَ فَلَا يُقْسِمُ وَلِيُّهُ لِأَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ، قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَذْهَبِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ اخْتَلَفُوا عَلَى طَرِيقَيْنِ إحْدَاهُمَا تَنْزِيلُ قَسَامَتِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي مِلْكِهِ إنْ قُلْنَا لَمْ يَزُلْ اعْتَدَّ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا وَالثَّانِيَةُ الِاعْتِدَادُ بِهَا مُطْلَقًا وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الِاكْتِسَابَ، ثُمَّ قَالَ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَرْتَدَّ بَعْدَ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ وَإِلَّا فَلَا قَسَامَةَ لِعَدَمِ الْإِرْثِ وَلَوْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ اعْتَبَرْنَا مَا صَدَرَ فِي الرِّدَّةِ مِنْ الْقَسَامَةِ. [فَصْلٌ يَثْبُتُ مُوجِبُ الْقِصَاصِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ بِإِقْرَارٍ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ] فَصْلٌ إنَّمَا يَثْبُتُ إلَخْ قَوْلُهُ: (بِإِقْرَارٍ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ الْحَلِفَ بَعْدَ النُّكُولِ. نَعَمْ قَدْ يُرَدُّ حُكْمُ الْقَاضِي قَوْلُهُ: (عَدْلَيْنِ) خَرَجَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ أَوْ وَالْيَمِينُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُثْبِتُ الْقِصَاصَ بَلْ وَعِنْدَ الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ لَا يُثْبِتُ الْمَالَ أَيْضًا، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ السَّرِقَةِ فَإِنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ وَإِنْ تَخَلَّفَ الْقَطْعُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ الْمُعْتَبَرَةَ هُنَاكَ كَمَا تُثْبِتُ الْقَطْعَ تُثْبِتُ الْمَالَ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا أَوْ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ شَهَادَةَ الْمَرْأَتَيْنِ وَالرَّجُلِ وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ تُثْبِتُ لَوْثًا، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْعَفْوَ إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا أَمَّا لَوْ قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ فَبِالْعَفْوِ يَكُونُ الْوَاجِبُ الْمَالَ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَلِذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّ الثَّانِي مُفَرَّعٌ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُخَرَّجٌ إلَخْ) إيضَاحٌ ذَلِكَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا نَصَّ هُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ نَصَّ فِيمَا لَوْ مَرَقَ السَّهْمُ مِنْ زَيْدٍ إلَى عَمْرٍو أَنَّهُ يَثْبُتُ الْخَطَأُ فِي عَمْرٍو بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَقِيلَ قَوْلَانِ بِالنَّقْلِ، وَالتَّخْرِيجِ وَالْمَذْهَبُ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجِنَايَةَ هُنَا مُتَّحِدَةٌ فَاحْتِيطَا لَهَا، قَوْلُهُ: (أَرْشُهَا) أَيْ الْهَاشِمَةِ وَأَمَّا الْمُوضِحَةُ فَلَا يَثْبُتُ قَوَدُهَا وَلَا أَرْشُهَا وَقِيلَ يَثْبُتُ أَرْشُهَا. فَرْعٌ: لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ قِصَاصًا وَمَالًا فَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ قُبِلَتْ فِي الْحَالِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ فِي الْقِصَاصِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 الْيَمِينُ. (وَلْيُصَرِّحْ الشَّاهِدُ بِالْمُدَّعَى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ كَالْقَتْلِ (فَلَوْ قَالَ ضَرَبَهُ بِسَيْفٍ فَجَرَحَهُ فَمَاتَ لَمْ يَثْبُتْ) قَتْلُهُ (حَتَّى يَقُولَ فَمَاتَ مِنْهُ أَوْ فَقَتَلَهُ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ إنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بِسَبَبِ غَيْرِ الْجُرْحِ (وَلَوْ قَالَ ضَرَبَ رَأْسَهُ فَأَدْمَاهُ أَوْ فَسَالَ دَمُهُ ثَبَتَتْ دَامِيَةٌ) بِذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ فَسَالَ دَمُهُ لَمْ يَثْبُتْ لِاحْتِمَالِ سَيَلَانِهِ بِغَيْرِ الضَّرْبِ (وَيُشْتَرَطُ لِمُوضِحَةٍ ضَرْبُهُ فَأَوْضَحَ عَظْمَ رَأْسِهِ وَقِيلَ يَكْفِي فَأَوْضَحَ رَأْسَهُ) لِفَهْمِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَهَذَا جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ثُمَّ ذَكَرَا مَا قَبْلَهُ عَنْ حِكَايَةِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَعَبَّرَ فِيهِ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَقْوَى (وَيَجِبُ بَيَانُ مَحَلِّهَا وَقَدْرِهَا) أَيْ الْمُوضِحَةِ (لِيُمْكِنَ قِصَاصٌ) فِيهَا (وَيَثْبُتُ الْقَتْلُ بِالسِّحْرِ بِإِقْرَارٍ لَا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَعْلَمُ قَصْدَ السَّاحِرِ، وَلَا يُشَاهِدُ تَأْثِيرَ السِّحْرِ وَالْإِقْرَارُ أَنْ يَقُولَ قَتَلْته بِسِحْرِي فَإِنْ قَالَ وَسِحْرِي يَقْتُلُ غَالِبًا، فَإِقْرَارٌ بِالْعَمْدِ أَوْ يَقْتُلُ نَادِرًا فَإِقْرَارٌ بِشِبْهِ الْعَمْدِ أَوْ قَالَ أَخْطَأْت مِنْ اسْمِ غَيْرِهِ إلَى اسْمِهِ فَإِقْرَارٌ بِالْخَطَإِ وَفِي الْأَوَّلِ الْقِصَاصُ وَفِي الْأَخِيرَيْنِ الدِّيَةُ فِي مَالِ السَّاحِرِ لَا الْعَاقِلَةِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقُوهُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَيْهِمْ لَا يُقْبَلُ. (وَلَوْ شَهِدَ لِمُوَرِّثِهِ) غَيْرِ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ (بِجُرْحٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَمْ يُقْبَلْ) لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ كَانَ الْأَرْشُ لَهُ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ (وَبَعْدَهُ يُقْبَلُ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (وَكَذَا) لَوْ شَهِدَ لَهُ (بِمَالٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) يُقْبَلُ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ كَالْجُرْحِ لِلتُّهْمَةِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْجُرْحَ سَبَبُ الْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ يَحْمِلُونَهُ) مِنْ خَطَإٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ لِأَنَّهُمْ مُتَّهَمُونَ بِدَفْعِ التَّحَمُّلِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ بَيِّنَةِ إقْرَارٍ بِذَلِكَ أَوْ بَيِّنَةِ عَمْدٍ (وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلِهِ فَشَهِدَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ بِقَتْلِهِ) فِي الْمَجْلِسِ مُبَادَرَةً (فَإِنْ صَدَّقَ الْوَلِيُّ) الْمُدَّعِي (الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَى تَصْدِيقِهِمَا (حُكِمَ بِهِمَا) ، وَسَقَطَتْ شَهَادَةُ الْآخَرَيْنِ لِأَنَّ الْوَلِيَّ كَذَّبَهُمَا (أَوْ) صَدَّقَ (الْآخَرَيْنِ أَوْ الْجَمِيعَ أَوْ كَذَّبَ الْجَمِيعَ بَطَلَتَا)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَلْيُصَرِّحْ) أَيْ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَثْبُتْ قَتْلُهُ) لَكِنَّهُ لَوْثٌ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (فَمَاتَ مِنْهُ) أَوْ فَمَاتَ مَكَانَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ أَنْهَرَ دَمَهُ فَلَوْ قَالَ ابْتِدَاءً أَشْهَدُ أَنَّهُ قَتَلَهُ كَفَى أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَكْفِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي عَامِّيٍّ لَا يَعْرِفُ مَدْلُولَ الْإِيضَاحِ الشَّرْعِيِّ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ لَكِنْ يَلْزَمُهُ إحَالَةُ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (لِيُمْكِنَ قِصَاصٌ فِيهَا) فَإِنْ أَوْجَبَتْ مَالًا وَجَبَ بَيَانُ مَحَلِّهَا مِنْ كَوْنِهِ مِنْ الْوَجْهِ أَوْ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ الْقَدْرِ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَرْشَ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ، وَيَجِبُ فِي الثَّانِي لِاخْتِلَافِ الْحُكُومَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِالسِّحْرِ) وَهُوَ لُغَةً صَرْفُ الشَّيْءِ عَنْ وَجْهِهِ وَشَرْعًا مُزَاوَلَةُ النُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ بِأَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ لِيَنْشَأَ عَنْهَا أُمُورٌ خَارِقَةٌ لِلْعَادَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُ حَقٌّ وَلَهُ حَقِيقَةٌ وَأَنَّهُ يُؤْلِمُ وَيُمْرِضُ وَيَقْتُلُ وَيُفَرِّقُ وَيَجْمَعُ وَتَعْلِيمُهُ حَرَامٌ، إلَّا لِتَحْصِيلِ نَفْعٍ أَوْ لِدَفْعِ ضَرَرٍ أَوْ لِلْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ فِيهِ قَلْبُ أَعْيَانٍ وَالْأَرْجَحُ لَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَرَامَةِ وَالْمُعْجِزَةِ تَوَقُّفُهُ عَلَى الْمُزَاوَلَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَتَوَقُّفُ الْمُعْجِزَةِ عَلَى التَّحَدِّي وَعَدَمُ تَوَقُّفِ الْكَرَامَةِ عَلَى شَيْءٍ نَعَمْ قَالُوا إنَّ السِّحْرَ وَالْكَرَامَةَ لَا يَظْهَرَانِ إلَّا عَلَى يَدِ الْفُسَّاقِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ كُتُبَ الْقَوْمِ مَشْحُونَةٌ بِذِكْرِ الْكَرَامَاتِ عَنْهُمْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ قَالَ قَتَلْته بِالنَّوْعِ الْفُلَانِيِّ وَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا فَإِنْ قَالَ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَلَوْ قَالَ أَمْرَضْته بِسِحْرِي فَلَمْ يَمُتْ بِهِ فَهُوَ لَوْثٌ فَيَقْسِمُ الْوَلِيُّ وَيَأْخُذُ الدِّيَةَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى قَتَلْته بِسِحْرِي وَجَبَ عَلَيْهِ دِيَةُ خَطَإٍ حَمْلًا عَلَى الْيَقِينِ، وَخَرَجَ بِالسِّحْرِ الْقَتْلُ بِالْحَالِ أَوْ بِالْعَيْنِ فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا، وَقَدْ مَرَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فِي فَصْلِ الْكَفَّارَةِ أَيْضًا وَيُلْحَقُ بِهَذَيْنِ الْقَتْلُ بِنَحْوِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَهِدَ) أَيْ الْوَارِثُ وَقْتَ شَهَادَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، قَوْلُهُ: (كَانَ الْأَرْشُ لَهُ) أَيْ أَصَالَةً فَلَا يُرَدُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ مَعَ دَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ. قَوْلُهُ: (وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْجُرْحَ إلَخْ) وَكَذَا يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَالَ يَجِبُ حَالًا. قَوْلُهُ: (الْعَاقِلَةِ) أَيْ الَّذِينَ هُمْ فِي مَحَلِّ التَّحَمُّلِ وَلَوْ فُقَرَاءَ لِأَنَّ الْغِنَى مُتَوَقَّعٌ كُلَّ وَقْتٍ كَالْوِلَايَةِ بِخِلَافِ الْأَبْعَدِ إذَا وَفَّى الْأَقْرَبُ لِبُعْدِ تَوَقُّعِ الْمَوْتِ كَذَا قَالُوا هُنَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالُوهُ فِي عَدَمِ صِحَّةِ رَهْنِ الْمُدَبَّرِ وَعَلَّلُوهُ بِقُرْبِ الْمَوْتِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَجْلِسِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوْ بَعْدَهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ مُبَادَرَةً إلَى أَنَّهَا أَخْبَارٌ لَا شَهَادَةَ وَفَائِدَتُهَا تَوَقُّفُ الْحَاكِمِ عَنْ الْحُكْمِ نَدْبًا فَلَهُ الْحُكْمُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ حَيْثُ عَلِمَ بِاسْتِمْرَارِ الْوَلِيِّ عَلَى تَصْدِيقِ الْأَوَّلَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ صَدَّقَ الْوَلِيُّ الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ دَامَ عَلَى تَصْدِيقِهِمَا حَكَمَ بِهِمَا وَكَذَا لَوْ لَمْ يُكَذِّبْهُمَا.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (قَتَلَهُ) خَرَجَ الْجُرْحُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَلِوَلِيٍّ إذَا زَعَمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْهُ أَنْ يَحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَتَثْبُتَ الدِّيَةُ وَلَوْ أَنْكَرَ الْجَانِي كَوْنَ الْمَوْتِ مِنْ الْجُرْحِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الْمُصَدَّقُ، قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ الْمُوضِحَةُ إلَخْ) أَيْ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ مَا قَالَهُ الثَّانِي مَا فِي قَوْلِهِ وَيَجِبُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (لِيُمْكِنَ قِصَاصٌ) قَضِيَّتُهُ ثُبُوتُ الْأَرْشِ عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْأَرْشَ لَا يَخْتَلِفُ بِمَوْضِعِ الْمُوضِحَةِ مِنْ الرَّأْسِ، وَمِسَاحَتِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُ هَذَا أَنْ يَثْبُتَ الْأَرْشُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاسْتَنْكَرَهُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الثُّبُوتِ اهـ. [الْقَتْلُ بِالسِّحْرِ] قَوْلُهُ: (بِإِقْرَارٍ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا وَلَوْ قَتَلَهُ بِالْعَيْنِ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَتْلِ بِهَا اخْتِيَارًا، قَالَ الْإِمَامُ وَإِلَّا لَقَضَيْنَا بِنَظَرِ مَنْ نَظَرَ إلَى مَنْ تَتُوقُ نَفْسُهُ إلَيْهِ أَوْ بِالْحَالِ فَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ السِّحْرِ، قَوْلُهُ: (وَالْإِقْرَارِ إلَخْ) لَوْ قَالَ مَرِضَ بِسِحْرِي وَلَمْ يَمُتْ فَهُوَ لَوْثٌ، قَوْلُهُ: (بَطَلَتَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ أَصْلَ الدَّعْوَى بَاقٍ عَلَى حَالِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي تَكْذِيبِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 أَيْ الشَّهَادَتَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّالِثِ وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِي أَنَّ فِي تَصْدِيقِ أَيِّ فَرِيقٍ تَكْذِيبُ الْآخَرِ، وَفِي الْأَوَّلِ أَنَّ فِيهِ تَكْذِيبَ الْأَوَّلَيْنِ وَعَدَاوَةَ الْآخَرَيْنِ لَهُمَا. (وَلَوْ أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِعَفْوِ بَعْضٍ) مِنْهُمْ عَنْ الْقِصَاصِ وَعَيَّنَهُ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ (سَقَطَ الْقِصَاصُ) لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ وَبِالْإِقْرَارِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهُ فَيَسْقُطُ حَقُّ الْبَاقِي وَلِغَيْرِ الْعَافِي، وَالْعَافِي عَلَى الدِّيَةِ حَقُّهُمَا مِنْهَا بِخِلَافِ مَنْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ فِي الْأَظْهَرِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَافِي أَوْ عَيَّنَ فَأَنْكَرَ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فَهِيَ لِلْكُلِّ (وَلَوْ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ أَوْ آلَةٍ أَوْ هَيْئَةٍ) لِلْقَتْلِ كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بُكْرَةً وَالْآخَرُ عَشِيَّةً أَوْ قَتَلَهُ فِي الْبَيْتِ، وَالْآخَرُ فِي السُّوقِ أَوْ قَتَلَهُ بِسَيْفٍ وَالْآخَرُ بِرُمْحٍ أَوْ قَتَلَهُ بِالْحَزِّ، وَالْآخَرُ بِالْقَدِّ (لَغَتْ) شَهَادَتُهُمَا لِلتَّنَاقُضِ فِيهَا (وَقِيلَ) هِيَ (لَوْثٌ) لِلِاتِّفَاقِ فِيهَا عَلَى الْقَتْلِ وَالِاخْتِلَافُ فِي الصِّفَةِ غَلَطٌ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ نِسْيَانٌ فَيُقْسِمُ الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ قِيلَ مَأْخُوذٌ مِنْ طَرِيقَةٍ حَاكِيَةٍ لِقَوْلَيْنِ فِي اللَّوْثِ كَقَاطِعَةٍ بِهِ وَقَاطِعَةٍ بِانْتِفَائِهِ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ. . كِتَابُ الْبُغَاةِ جَمْعُ بَاغٍ (هُمْ مُخَالِفُو الْإِمَامِ بِخُرُوجٍ عَلَيْهِ وَتَرْكِ الِانْقِيَادِ) لَهُ (أَوْ مَنْعِ حَقٍّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِمْ) كَالزَّكَاةِ (بِشَرْطِ شَوْكَةٍ لَهُمْ وَتَأْوِيلٍ) لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ مَنْعِهِمْ الْحَقَّ (وَمُطَاعٍ فِيهِمْ) تَحْصُلُ بِهِ قُوَّةٌ لِلشَّوْكَةِ (قِيلَ وَإِمَامٌ مَنْصُوبٌ) لَهُمْ حَتَّى لَا تَتَعَطَّلَ الْأَحْكَامُ بَيْنَهُمْ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ وَلَا تَعَطُّلَ لَهَا (وَلَوْ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ كَتَرْكِ الْجَمَاعَاتِ وَتَكْفِيرِ ذِي كَبِيرَةٍ وَلَمْ يُقَاتِلُوا تُرِكُوا) فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بَطَلَتَا) أَيْ وَبَطَلَ حَقُّهُ أَيْضًا كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْجُمْهُورُ. قَوْلُهُ: (لِلْقَتْلِ) خَرَجَ بِهِ الِاخْتِلَافُ فِي الْإِقْرَارِ فَلَا يُبْطِلُ الشَّهَادَةَ بِهِ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ، كَأَنْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّهُ أَقَرَّ بِمَكَّةَ يَوْمَ كَذَا، وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِمِصْرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَتَبْطُلُ شَهَادَتُهُمَا وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْقَتْلِ، وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فَهُوَ لَوْثٌ وَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ أَيِّهِمَا شَاءَ، فَإِنْ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْإِقْرَارِ فَالدِّيَةُ عَلَى الْجَانِي أَوْ مَعَ شَاهِدِ الْقَتْلِ فَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ قَوْلُهُ: (فَيَقْسِمُ الْمُدَّعِي) أَيْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ مَعَ أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ، وَيَأْخُذُ الْبَدَلَ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْقَسَامَةَ قَدْ غُلِّظَ فِيهَا بِدَلِيلِ تَكْرَارِ الْأَيْمَانِ. قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ) أَيْ وَهُوَ الصَّوَابُ الْجَارِي عَلَى اصْطِلَاحِهِ السَّابِقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. كِتَابُ الْبُغَاةِ مِنْ الْبَغْيِ وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ لُغَةً وَلِذَلِكَ سُمُّوا بِهِ فَهُمْ لُغَةً قَوْمٌ مُتَجَاوِزُونَ الْحُدُودَ وَأَوَّلُ مَنْ قَاتَلَ الْبُغَاةَ أَيْ الْمُرْتَدِّينَ مِنْهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَوَّلُ مَنْ قَاتَلَ غَيْرَ الْمُرْتَدِّينَ مِنْهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَيْسَ الْبَغْيُ وَصْفًا مَذْمُومًا لِأَنَّهُ بِتَأْوِيلٍ وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا فَقَدَ شَرْطًا مِمَّا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (هُمْ) أَيْ شَرْعًا مُسْلِمُونَ وَلَوْ فِيمَا مَضَى فَيَشْمَلُ الْمُرْتَدِّينَ كَمَا مَرَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مُخَالِفُو الْإِمَامِ) وَلَوْ جَائِرًا أَوْ فَاسِقًا. قَوْلُهُ: (وَتَرْكِ الِانْقِيَادِ إلَخْ) هُوَ مُفَادُ مَا قَبْلَهُ قَوْلُهُ: (أَوْ مَنْعِ) عَطْفٌ عَلَى تَرْكِ لِأَنَّهُ مِنْ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِح مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْخُرُوجِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ. قَوْلُهُ: (كَالزَّكَاةِ) هُوَ حَقُّ اللَّهِ وَمِثْلُهُ حَقُّ الْآدَمِيِّ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَشَوْكَةٍ) بِحَيْثُ يَحْتَاجُ الْإِمَامُ إلَى احْتِمَالِ كُلْفَةٍ مَعَهُمْ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِرِجَالِهِ أَوْ صَرْفِ أَمْوَالٍ أَوْ نَصْبِ قِتَالٍ، وَإِلَّا كَأَفْرَادٍ قَلِيلَةٍ يَسْهُلُ الظُّفْرُ بِهِمْ فَلَيْسُوا بُغَاةً، وَلِذَلِكَ اُقْتُصَّ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجِمٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْجِيمِ قَاتِلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَطْعِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَرَأْسِهِ وَحَرْقِهِ مَعَ تَأْوِيلِهِ بِكَوْنِهِ نَائِبًا، عَنْ امْرَأَةٍ قَتَلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَدَهَا وَمِنْ قَاتِلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهُوَ لُؤْلُؤَةُ عَبْدُ الْمُغِيرَةِ بْنُ شُعْبَةَ وَاسْمُهُ فَيْرُوزُ الْفَارِسِيُّ وَكَانَ مَجُوسِيًّا. وَقِيلَ نَصْرَانِيًّا وَكَذَا لَوْ اسْتَوْلَوْا عَلَى حِصْنٍ وَتَحَصَّنُوا بِهِ، فَإِنْ اسْتَوْلَوْا عَلَى مَا وَرَاءَهُ أَيْضًا فَبُغَاةٌ. قَوْلُهُ: (تَحْصُلُ بِهِ قُوَّةُ الشَّوْكَةِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُطَاعَ شَرْطٌ فِي الشَّوْكَةِ لَا شَرْطٌ مُسْتَقِلٌّ. قَوْلُهُ: (مَنْصُوبٌ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ) أَيْ اعْتِقَادَهُمْ وَإِظْهَارُهُ إمَّا بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِتَرْكِ الْجَمَاعَاتِ وَلِلثَّانِي بِالتَّكْفِيرِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَتَكْفِيرِ ذِي كَبِيرَةٍ) فَيَحْكُمُونَ بِإِحْبَاطِ عَمَلِهِ وَخُلُودِهِ فِي النَّارِ وَلَا يُفَسَّقُونَ بِذَلِكَ سَوَاءٌ قَاتَلُوا أَوْ لَا فِي قَبْضَتِنَا أَوْ لَا لِتَأْوِيلِهِمْ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ) أَيْ بِالْقَتْلِ إنْ كَانُوا فِي قَبْضَتِنَا وَلَنَا التَّعَرُّضُ لَهُمْ بِالدَّفْعِ إنْ تَضَرَّرْنَا بِهِمْ كَإِظْهَارِ بِدْعَتِهِمْ، قَوْلُهُ: (وَإِلَّا   [حاشية عميرة] بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَيَحْلِفُ الْخَصْمُ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْجُمْهُورِ بَدَلُ حَقِّهِ، مِنْهُمْ عَنْ الْقِصَاصِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَقَرَّ) خَرَجَ مَا لَوْ شَهِدَ فَلَا يَخْفَى حُكْمُهُ، قَوْلُهُ: (لِلْقَتْلِ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ الْإِقْرَارَ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ الِاخْتِلَافُ فِي الزَّمَانِ وَلَا الْمَكَانِ وَكَذَا الْإِقْرَارُ بِالْآلَةِ وَالْهَيْئَةِ فِيمَا يَظْهَرُ. [كِتَابُ الْبُغَاةِ] ِ قَوْلُهُ: (حَقٌّ) لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الضَّابِطِ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ مَا لَوْ تَقَاتَلَ فِئَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَأَصْلَحَ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِمْ، عَدَمُ الْمُقَاتَلَةِ وَالرَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ فَتَرَكَ ذَلِكَ، وَالِافْتِيَاتُ عَلَيْهِ مَنْعٌ لِحَقٍّ مُتَوَجِّهٍ عَلَيْهِمْ، قَوْلُهُ: (حَتَّى لَا تَتَعَطَّلَ إلَخْ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ مَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْخِلَافُ فِي الْإِمَامِ لِأَجْلِ تَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ لَا لِعَدَمِ الضَّمَانِ، قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ) أَيْ بِدَلِيلِ أَنَّ أَهْلَ صَفِّينَ وَأَهْلَ الْجَمَلِ لَمْ يَنْصِبُوا لَهُمَا إمَامًا قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ. قَوْلُهُ: (تُرِكُوا) وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا كُفَّارًا، وَقَدْ قَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَاتَلُوا (فَقُطَّاعُ طَرِيقٍ) أَيْ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُهُمْ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيّ بَعْدَ قَوْلِهِمَا عَنْ الْجُمْهُورِ وَلَوْ بَعَثَ الْإِمَامُ إلَيْهِمْ وَالِيًا فَقَتَلُوهُ فَعَلَيْهِمْ الْقِصَاصُ، وَهَلْ يَتَحَتَّمُ قَتْلُ قَاتِلِهِ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ شَهْرُ السِّلَاحِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إخَافَةَ الطَّرِيقِ وَجْهَانِ زَادَ الْمُصَنِّفُ أَصَحُّهُمَا لَا يَتَحَتَّمُ. (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبُغَاةِ) لِتَأْوِيلِهِمْ (وَقَضَاءُ قَاضِيهمْ فِيمَا يُقْبَلُ) فِيهِ (قَضَاءُ قَاضِينَا إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّ دِمَاءَنَا) ، فَلَا يُقْبَلُ قَضَاؤُهُ لِانْتِفَاءِ الْعَدَالَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الْقَاضِي، وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ إذَا كَانَ يَسْتَحِلُّ دِمَاءَنَا لَا نَقْبَلُ شَهَادَتَهُ وَالْمَالُ كَالدَّمِ فِي ذَلِكَ (وَيُنَفَّذُ) بِالتَّشْدِيدِ (كِتَابُهُ بِالْحُكْمِ) جِوَازًا (وَيُحْكَمُ بِكِتَابِهِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ فِي الْأَصَحِّ) كَتَنْفِيذِ كِتَابِهِ بِالْحُكْمِ، وَالثَّانِي لَا لِمَا فِيهِ مِنْ إقَامَةِ مَنْصِبِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ (وَلَوْ أَقَامُوا حَدًّا وَأَخَذُوا زَكَاةً وَجِزْيَةً وَخَرَاجًا وَفَرَّقُوا سَهْمَ الْمُرْتَزِقَةِ عَلَى جُنْدِهِمْ صَحَّ) مَا فَعَلُوهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ فَإِذَا عَادَ إلَيْنَا لَا يُلْغَى فِعْلُهُمْ (وَفِي الْأَخِيرِ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ لِأَنَّهُ تَمْهِيدٌ لِسَبَبِ الْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَامِ. (وَمَا أَتْلَفَهُ بَاغٍ عَلَى عَادِلٍ وَعَكْسُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِتَالٍ ضُمِنَ) أَيْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُتْلَفَهُ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي قِتَالٍ بِسَبَبِهِ (فَلَا) ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَفِي قَوْلٍ يَضْمَنُ الْبَاغِي) مَا أَتْلَفَهُ عَلَى الْعَادِلِ لِأَنَّهُ مُبْطَلٌ وَدُفِعَ بِشُبْهَةِ تَأْوِيلِهِ وَلَوْ كَانَ الْإِتْلَافُ لَا بِسَبَبِ الْقِتَالِ وَجَبَ ضَمَانُهُ قَطْعًا (وَالْمُتَأَوِّلُ بِلَا شَوْكَةٍ يَضْمَنُ) مَا أَتْلَفَهُ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ، وَإِنْ كَانَ فِي قِتَالٍ (وَعَكْسُهُ كَبَاغٍ) فَلَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ فِي قِتَالٍ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ (وَلَا يُقَاتِلُ) الْإِمَامُ (الْبُغَاةَ حَتَّى يَبْعَثَ إلَيْهِمْ أَمِينًا فَطِنًا نَاصِحًا يَسْأَلُهُمْ مَا يَنْقِمُونَ فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلِمَةً) بِكَسْرِ اللَّامِ (أَوْ شُبْهَةً أَزَالَهَا فَإِنْ أَصَرُّوا) بَعْدَ الْإِزَالَةِ (نَصَحَهُمْ) بِأَنْ يَعِظَهُمْ وَيَأْمُرَهُمْ بِالْعَوْدِ إلَى الطَّاعَةِ (ثُمَّ) أَيْ إنْ لَمْ يَرْجِعُوا (آذَنَهُمْ) بِالْمَدِّ أَيْ أَعْلَمَهُمْ (بِالْقِتَالِ فَإِنْ   [حاشية قليوبي] أَيْ وَإِنْ قَاتَلُوا فَقُطَّاعٌ) أَيْ إنْ أَشْهَرُوا السِّلَاحَ وَأَخَافُوا الطَّرِيقَ، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ التَّنَاقُضُ الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا لَا يَتَحَتَّمُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ سَبُّوا الْأَئِمَّةَ عُزِّرُوا قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّ) وَلَوْ احْتِمَالًا وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ وَإِلَّا فَيُقْبَلُ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامِ الْمُتَخَالِفِ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَالرَّافِعِيِّ. قَوْلُهُ: (دِمَاءَنَا) أَوْ أَمْوَالَنَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ. تَنْبِيهٌ: قَاضِينَا وَشَاهِدُنَا فِي هَذَا الِاسْتِحْلَالِ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ الْعَدَالَةِ) لَمْ يَقُلْ لِكُفْرِهِ لِمَكَانِ التَّأْوِيلِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ) أَوْرَدَهُ مَعَ شُمُولِ كَلَامِهِ لَهُ بِجَعْلِ الِاسْتِثْنَاءِ عَائِدًا إلَيْهِ أَيْضًا، كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ مِنْ كَلَامِهِ وَلِعَدَمِ التَّثْنِيَةِ بَعْدَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَلَوْ أَوَّلَهُ بِكُلَّ لَكَانَ أَقْرَبَ. قَوْلُهُ: (وَالْمَالُ كَالدَّمِ) وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمُفَسِّقَاتِ كَالْفُرُوجِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (وَيُنَفَّذُ بِالتَّشْدِيدِ) ضَبَطَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي عَمَلِنَا بِهِ لَا فِي نُفُوذِهِ فِي نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (جَوَازًا) فَهُوَ خِلَافُ الْأَوَّلِ نَعَمْ يَجِبُ إنْ كَانَ لِوَاحِدٍ مِنَّا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَكَذَا كِتَابُهُ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَقَامُوا حَدًّا) أَوْ تَعْزِيرًا قَوْلُهُ: (وَأَخَذُوا زَكَاةً) وَلَوْ مُعَجَّلَةً وَإِنْ زَالَتْ شَوْكَتُهُمْ قَبْلَ وَقْتِهَا. قَوْلُهُ: (صَحَّ مَا فَعَلُوهُ) إنْ كَانَ مِنْ مُطَاعِهِمْ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (فِي الْبَلَدِ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (وَمَا أَتْلَفَهُ بَاغٍ) وَلَا يُوصَفُ إتْلَافُهُمْ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ لِأَنَّهُ خَطَأٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لِتَأْوِيلِهِمْ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ حُرْمَةَ إتْلَافِ الْحَرْبِيِّ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ أَيْضًا وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَجَبَ ضَمَانُهُ قَطْعًا) لِعَدَمِ الْمُبِيحِ لَهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا مَرَّ، حَتَّى لَوْ وَطِئَ أَحَدُهُمَا أَمَةَ الْآخَرِ بِلَا شُبْهَةٍ حُدَّ وَلَزِمَهُ الْمَهْرُ إنْ لَمْ تُطَاوِعْهُ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ. قَوْلُهُ: (وَالْمُتَأَوِّلُ بِلَا شَوْكَةٍ) أَوْ بِتَأْوِيلٍ يُقْطَعُ بِبُطْلَانِهِ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبُغَاةِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَضْمَنُ إلَخْ) قَصَرَ التَّشْبِيهَ عَلَى هَذَا لِيَخْرُجَ قَضَاءُ الْقَاضِي وَشَهَادَةُ الشَّاهِدِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ فَلَيْسُوا كَالْبُغَاةِ فِيهِ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ. فَرْعٌ: الْمُرْتَدُّونَ وَلَهُمْ شَوْكَةٌ لَهُمْ حُكْمُ الْبُغَاةِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُقَاتِلُ الْإِمَامُ) أَيْ لَا يَجُوزُ فَيَحْرُمُ حَتَّى يَبْعَثَ إلَيْهِمْ فَيَجُوزُ أَيْ يَجِبُ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَنْعٍ فَعُلِمَ أَنَّ قِتَالَهُمْ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ وَكَذَا الْبَعْثُ وَيَجِبُ فِي قِتَالِهِمْ مَا فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ مِنْ صَبْرٍ وَاحِدٍ مِنَّا لِاثْنَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَمِينًا إلَخْ) أَيْ نَدْبًا فِي الْجَمِيعِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَعْثُ لِلْمُنَاظَرَةِ وَجَبَ كَوْنُهُ فَطِنًا. قَوْلُهُ: (مَظْلِمَةً بِكَسْرِ اللَّامِ) اسْمٌ لِمَا يُظْلَمُ بِهِ فَإِنْ كَانَتْ مَصْدَرًا جَازَ الْكَسْرُ وَالْفَتْحُ قَوْلُهُ: (أَزَالَهَا) أَيْ الْإِمَامُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ الْمَبْعُوثِ. قَوْلُهُ: (نَصَحَهُمْ) أَيْ نَدْبًا فَلَهُ   [حاشية عميرة] لَكُمْ عَلَيْنَا ثَلَاثٌ لَا نَمْنَعُكُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ تَذْكُرُوا فِيهَا اسْمَهُ، وَلَا نَمْنَعُكُمْ الْفَيْءَ مَا دَامَتْ أَيْدِينَا فِي أَيْدِيكُمْ وَلَا نَبْدَأُ لَكُمْ بِقِتَالٍ، [شَهَادَةُ الْبُغَاةِ] قَوْلُهُ: (وَتُقْبَلُ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ الْخَطَإِ مَا لَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى مُوَافِقِيهِ أَوْ صَرَّحَ بِالسَّبَبِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ، قَوْلُهُ: (لِتَأْوِيلِهِمْ) أَيْ فَلَيْسُوا فَسَقَةً. قَوْلُهُ: (فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ) أَيْ فَلَا يَمْضِي إذَا خَالَفَ نَصًّا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا، وَلَا مِنْ جَاهِلٍ وَفَاسِقٍ أَوْ مَنْ تَخَلَّفَ فِيهِ شَرْطٌ مَعَ إمْكَانِهِ، قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّ) يَرْجِعُ إلَى كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبُغَاةِ وَقَضَاءِ قَاضِيهِمْ، قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّ) أَيْ بِأَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ أَوْ يَشُكَّ فِيهِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ) حَاوَلَ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يُدْخِلَهُ فِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ بِجَعْلِ الِاسْتِثْنَاءِ رَاجِعًا لِلصِّنْفَيْنِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَقَامُوا إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُقِيمُ لِذَلِكَ وُلَاةَ أُمُورِهِمْ، قَوْلُهُ: (ضَمِنَ) يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا لَوْ أُرِيدَ إضْعَافُهُمْ وَهَزِيمَتُهُمْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، قَوْلُهُ: (وَدُفِعَ بِشُبْهَةِ تَأْوِيلِهِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 اسْتَمْهَلُوا) فِيهِ (اجْتَهَدَ) فِي الْإِمْهَالِ وَعَدَمِهِ (وَفَعَلَ مَا رَآهُ صَوَابًا) مِنْهُمَا فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ اسْتِمْهَالَهُمْ لِلتَّأَمُّلِ فِي إزَالَةِ الشُّبْهَةِ أَمْهَلَهُمْ أَوْ لِاسْتِلْحَاقِ مَدَدٍ لَهُمْ لَمْ يُمْهِلْهُمْ. (وَلَا يُقَاتِلُ) إذَا وَقَعَ قِتَالٌ (مُدْبِرَهُمْ وَلَا) يَقْتُلُ (مُثْخَنَهُمْ) مِنْ أَثْخَنَتْهُ الْجِرَاحَةُ أَضْعَفَتْهُ (وَأَسِيرَهُمْ وَلَا يُطْلَقُ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا وَامْرَأَةً حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَيَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ إلَّا أَنْ يُطِيعَ بِاخْتِيَارِهِ) فَيُطْلَقُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا فِي الرَّجُلِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ فَيُطْلَقَانِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَذِكْرُ الْمُحَرَّرِ لَهُمَا بَعْدَ الرَّجُلِ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ (وَيَرُدُّ سِلَاحَهُمْ وَخَيْلَهُمْ إلَيْهِمْ إذَا انْقَضَتْ الْحَرْبُ وَأُمِنَتْ غَائِلَتُهُمْ) بِعَوْدِهِمْ إلَى الطَّاعَةِ أَوْ تَفَرُّقِهِمْ كَمَا يَرُدُّ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ (وَلَا يَسْتَعْمِلُ) سِلَاحَهُمْ وَخَيْلَهُمْ (فِي قِتَالٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُنَا مَا يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ إلَّا سِلَاحَهُمْ أَوْ مَا يَرْكَبُهُ وَقَدْ وَقَعَتْ هَزِيمَةٌ إلَّا خَيْلَهُمْ. (وَلَا يُقَاتَلُونَ بِعَظِيمٍ كَنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ آلَةُ رَمْيِ الْحِجَارَةِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنْ قَاتَلُوا بِهِ) فَاحْتِيجَ إلَى الْمُقَاتَلَةِ بِمِثْلِهِ دَفْعًا كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ (أَوْ أَحَاطُوا بِنَا) وَاحْتَجْنَا فِي دَفْعِهِمْ إلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَلَا يُسْتَعَانُ عَلَيْهِمْ بِكَافِرٍ) لِأَنَّهُ يَحْرُمُ تَسْلِيطُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ (وَلَا بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ) كَالْحَنَفِيِّ إبْقَاءً عَلَيْهِمْ (وَلَوْ اسْتَعَانُوا عَلَيْنَا بِأَهْلِ حَرْبٍ وَآمَنُوهُمْ) بِالْمَدِّ أَيْ عَقَدُوا لَهُمْ أَمَانًا، لِيُقَاتِلُوا مَعَهُمْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (لَمْ يُنَفَّذْ) بِالْمُعْجَمَةِ (أَمَانُهُمْ عَلَيْنَا وَنَفَذَ عَلَيْهِمْ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهُ أَمَانٌ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى الثَّانِي قَالَ الْبَغَوِيّ لَهُمْ أَنْ يَكُرُّوا عَلَيْهِمْ بِالْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَقَالَ الْإِمَامُ لَيْسَ لَهُمْ اغْتِيَالُهُمْ بَلْ يُبَلِّغُونَهُمْ الْمَأْمَنَ. (وَلَوْ أَعَانَهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَالِمِينَ بِتَحْرِيمِ قِتَالِنَا) مُخْتَارِينَ فِيهِ (انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ أَوْ مُكْرَهِينَ فَلَا) يُنْتَقَضُ، (وَكَذَا إنْ قَالُوا ظَنَنَّا جَوَازَهُ) أَيْ الْقِتَالَ إعَانَةً (أَوْ أَنَّهُمْ مُحِقُّونَ) فَلَا يُنْتَقَضُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ يُنْتَقَضُ لِفَسَادِ ظَنِّهِمْ (وَيُقَاتَلُونَ) أَيْ مَنْ قُلْنَا لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (كَبُغَاةٍ) لِانْضِمَامِهِمْ إلَيْهِمْ. .   [حاشية قليوبي] الْمُبَادَرَةُ إلَى قِتَالِهِمْ إنْ كَانَ فِي عَسْكَرِهِ قُوَّةٌ، وَإِلَّا انْتَظَرَهَا وَلَا يَتَقَيَّدُ وُجُوبُ قِتَالِهِمْ حِينَئِذٍ بِمَنْعِهِمْ حَقًّا وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (آذَنَهُمْ بِالْقِتَالِ) أَيْ بَعْدَ إعْلَامِهِمْ بِالْمُنَاظَرَةِ أَوْ بَعْدَ وُجُودِهَا، قَوْلُهُ: (أَمْهَلَهُمْ) وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمُدَّةٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُمْهِلْهُمْ) وَإِنْ بَذَلُوا مَالًا وَرَهَنُوا ذَرَارِيّهمْ وَيُقَاتِلُهُمْ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ لِأَنَّهُمْ كَالصَّائِلِ. ، قَوْلُهُ: (وَلَا يُقَاتِلُ) أَيْ يَقْتُلُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (مُدْبِرَهُمْ) غَيْرَ مُتَحَيِّزٍ وَلَا مُتَحَرِّفٍ وَلَا يَقْتُلُ مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ، أَوْ أَغْلَقَ بَابَهُ أَوْ تَرَكَ الْقِتَالَ وَلَا قَوَدَ لَوْ وَقَعَ قَتْلٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ دِيَةٌ وَكَفَّارَةٌ، قَوْلُهُ: (وَلَا يُطْلِقُ) أَيْ أَسِيرُهُمْ إنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ رَقِيقًا مِنْ جِنْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَفَرَّقُ جَمْعُهُمْ) تَفَرُّقًا لَا عَوْدَ بَعْدَهُ قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ) أَيْ غَيْرُ الْمُقَاتِلِينَ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَيَرُدُّ) وُجُوبًا قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْتَعْمِلُ سِلَاحَهُمْ وَخَيْلَهُمْ) فَيَحْرُمُ وَيَضْمَنُ وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ وَلَوْ فِي الضَّرُورَةِ. قَوْلُهُ: (كَمَا يَرُدُّ غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرَ السِّلَاحِ وَالْخَيْلِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ. . قَوْلُهُ: (كَنَارٍ) وَتَغْرِيقٍ وَإِلْقَاءِ حَيَّاتٍ وَلَا بِمَنْعِ طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ. قَوْلُهُ: (وَاحْتِيجَ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّرُورَةِ الْحَاجَةُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسْتَعَانُ إلَخْ) فَيَحْرُمُ إلَّا لِضَرُورَةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا بِمَنْ يَرَى إلَخْ) فَيَحْرُمُ إنْ لَمْ يَرَهُ الْإِمَامُ كَحَنَفِيٍّ. قَوْلُهُ: (إبْقَاءً عَلَيْهِمْ) وَفِي نُسْخَةٍ إبْقَاءٌ لَهُمْ وَفِي أُخْرَى إشْفَاقًا عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (وَآمَنُوهُمْ بِالْمَدِّ) وَالْقَصْرِ مَعَ تَشْدِيدِ الْمِيمِ مِنْ لَحْنِ الْعَوَامّ. قَوْلُهُ: (أَيْ عَقَدُوا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ فِي طَلَبِ عَقْدِ الْأَمَانِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الظَّرْفِ عَلَى مَظْرُوفِهِ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي صُلْبِهِ نَفَذَ الْأَمَانُ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ وَإِذَا قَاتَلُوا انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ فِي حَقِّنَا وَحَقِّهِمْ، قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (أَهْلُ الذِّمَّةِ) خَرَجَ أَهْلُ الْعَهْدِ وَالْأَمَانِ فَيُنْقَضُ عَهْدُهُمْ إلَّا إنْ ثَبَتَ بِحُجَّةٍ أَنَّهُمْ مُكْرَهُونَ. قَوْلُهُ: (مُكْرَهِينَ) وَلَوْ بِقَوْلِهِمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَنَّهُمْ مُحِقُّونَ) أَوْ ظَنَنَّا أَنَّهُمْ اسْتَعَانُوا بِنَا عَلَى كُفَّارٍ وَأَمْكَنَ. قَوْلُهُ: (وَيُقَاتَلُونَ إلَخْ) خَرَجَ بِالْقِتَالِ غَيْرُهُ مِنْ ضَمَانٍ مَا أَتْلَفُوهُ نَفْسًا وَمَالًا فَيَلْزَمُهُمْ وَلَوْ قَوَدًا عَلَى الرَّاجِحِ.   [حاشية عميرة] اسْتَدَلَّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ تِبَاعًا بِدَمٍ وَلَا مَالٍ وَكَمَا فِي حُرُوبِ صِفِّينَ وَالْجَمَلِ. وَغَيْرِهِمَا. . قَوْلُهُ: (وَلَا يُطْلَقُ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ حَبْسُهُ وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَيُحْبَسُ بِهِ كَالدَّيْنِ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا لِأَنَّهُ يُضْعِفُ الْبُغَاةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُمْ لَوْ حُبِسُوا لِوُجُوبِ الْبَيْعَةِ لَمَا جَازَ إطْلَاقُهُمْ، إلَّا بِهَا فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْحَبْسُ وَاجِبًا، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مَوْكُولًا إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، قَوْلُهُ: (بِعَوْدِهِمْ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ ذِكْرَ أَمْنِ الْغَائِلَةِ هُنَا لَا يُنَافِي إهْمَالَهُ فِي الْأَسِيرِ لِأَنَّهُمْ إذَا تَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ فَقَدْ أُمِنَتْ غَائِلَتَهُمْ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْتَعْمِلُ إلَخْ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» ، قَوْلُهُ: (وَلَا يُقَاتَلُونَ إلَخْ) لِأَنَّهُمْ قَدْ يَرْجِعُونَ فَلَا يَجِدُونَ إلَى النَّجَاةِ سَبِيلًا، قَوْلُهُ: (فَاحْتِيجَ) قَدْ يُقَالُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالضَّرُورَةِ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ التَّقْيِيدُ بِعَدَمِ الضَّرُورَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُهُ فِي الْمَعْطُوفِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (كَمَا أَفْصَحَ بِهِ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ فَاحْتِيجَ وَقَوْلُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَاحْتَجْنَا، قَوْلُهُ: (وَآمَنُوهُمْ) فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الِاسْتِعَانَةَ تُغْنِي عَنْ التَّصْرِيحِ بِعَقْدِ الْأَمَانِ فَيَكُونُ فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ تَصْرِيحٌ بِاللَّازِمِ ثُمَّ ضَبَطَ آمَنُوهُمْ بِالْمَدِّ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] وَحَكَى مَكِّيٌّ مِنْ اللَّحْنِ قَصْرُ الْهَمْزَةِ وَالتَّشْدِيدِ، قَوْلُهُ: (أَوْ مُكْرَهِينَ فَلَا) قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الِاكْتِفَاءُ بِدَعْوَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى بَيِّنَةٍ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَشَرَطَهُ الْمُزَنِيّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 فَصْلٌ (شَرْطُ الْإِمَامِ كَوْنُهُ مُسْلِمًا) لِيُرَاعِيَ مَصْلَحَةَ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ (مُكَلَّفًا) لِيَلِيَ أَمْرَ النَّاسِ (حُرًّا ذَكَرًا) لِيَكْمُلَ وَيُهَابَ وَيَتَفَرَّغَ وَيَتَمَكَّنَ مِنْ مُخَالَطَةِ الرِّجَالِ (قُرَشِيًّا) ، لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» عَدْلًا لِيُوثَقَ بِهِ عَالِمًا (مُجْتَهِدًا) لِيَعْرِفَ الْأَحْكَامَ وَيُعَلِّمَ النَّاسَ وَلَا يَفُوتُ الْأَمْرُ عَلَيْهِ بِاسْتِكْثَارِ الْمُرَاجَعَةِ (شُجَاعًا) يَغْزُو بِنَفْسِهِ وَيُعَالِجُ الْجُيُوشَ وَيَقْوَى عَلَى فَتْحِ الْبِلَادِ، وَيَحْمِي الْبَيْضَةَ (إذَا رَأَى وَسَمِعَ وَبَصُرَ وَنَطَقَ) لِيَرْجِعَ إلَيْهِ وَيَتَأَتَّى لَهُ فَصْلُ الْأُمُورِ وَمَا اشْتَرَطَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ سَلَامَتِهِ مِنْ نَقْصٍ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْحَرَكَةِ وَسُرْعَةِ النُّهُوضِ دَاخِلُ فِي الشُّجَاعَةِ كَمَا دَخَلَ فِي الِاجْتِهَادِ الْعِلْمُ وَالْعَدَالَةُ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِهَا فِيهِ. (وَتَنْعَقِدُ الْإِمَامَةُ بِالْبَيْعَةِ) كَمَا بَايَعَ الصَّحَابَةُ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (وَالْأَصَحُّ بَيْعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَوُجُوهِ النَّاسِ الَّذِينَ يَتَيَسَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ) ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ عَدَدٌ وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ كَوْنُهُمْ أَرْبَعِينَ كَالْعَدَدِ فِي الْجُمُعَةِ، وَالثَّالِثُ يَكْفِي أَرْبَعَةٌ أَكْثَرُ نَصْبِ الشَّهَادَةِ وَالرَّابِعُ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا جَمَاعَةٌ لَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُمْ، وَالْخَامِسُ اثْنَانِ لِأَنَّهُمَا أَقَلُّ الْجَمْعِ وَالسَّادِسُ وَاحِدٌ لِأَنَّ عُمَرَ بَايَعَ أَبَا بَكْرٍ أَوَّلًا، ثُمَّ وَافَقَهُ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَاحِدِ أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا (وَشَرْطُهُمْ صِفَةُ الشُّهُودِ) أَيْ الْعَدَالَةُ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَأَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مُجْتَهِدٌ لِيَنْظُرَ فِي الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ هَلْ هِيَ حَاصِلَةٌ فِيمَنْ يُوَلُّونَهُ (وَ) تَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ) مَنْ عَيَّنَهُ أَيْ جُعِلَهُ خَلِيفَةً بَعْدَهُ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِعَهْدِهِ إلَيْهِ كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (فَلَوْ جَعَلَ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ جَمْعٍ فَكَاسْتِخْلَافٍ) إلَّا أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ (فَيَرْتَضُونَ أَحَدَهُمْ) كَمَا جَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ فَاتَّفَقُوا عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَ) تَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِاسْتِيلَاءِ جَامِعِ الشُّرُوطِ) بَعْدَ مَوْتِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ عَهْدٍ وَلَا بَيْعَةٍ بِأَنْ قَهَرَ النَّاسَ بِشَوْكَتِهِ وَجُنُودِهِ لِيَنْتَظِمَ شَمْلُ الْمُسْلِمِينَ، (وَكَذَا فَاسِقٌ وَجَاهِلٌ) أَيْ تَنْعَقِدُ بِاسْتِيلَائِهِمَا الْمَوْجُودِ فِيهِ بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا بِفِعْلِهِ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمَا مَعَهُ وَالْإِمَامَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالْقَضَاءِ فَيَجْرِي فِيهَا مَا فِيهِ مِنْ جَوَازِ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ. قَوْلُهُ: (حُرًّا) وَأَمَّا حَدِيثُ «أَطِيعُوا وَإِنْ وُلِّيَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ» فَمَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الرَّقِيقِ أَوْ عَلَى الْحَثِّ فِي بَذْلِ الطَّاعَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ شَرْطِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (ذَكَرًا) يَقِينًا فَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا قَوْلُهُ: (قُرَشِيًّا) فَإِنْ فُقِدَ فَكِنَانِيٌّ فَمِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ أَوْ جُرْهُمِيٌّ فَمِنْ بَنِي إِسْحَاقَ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا يَبْعُدُ التَّقْدِيمُ بِمَا فِي إثْبَاتِ الِاسْمِ فِي الدِّيوَانِ. قَوْلُهُ: (مُجْتَهِدًا) وَيُقَدَّمُ الْمُجْتَهِدُ الْعَدْلُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ الْفَاسِقِ فَإِنْ فُقِدَ الْمُجْتَهِدُ مُطْلَقًا فَعَدْلٌ جَاهِلٌ أَوْلَى مِنْ عَالِمٍ فَاسِقٍ، وَيُقَدَّمُ الْأَقَلُّ فِسْقًا عِنْدَ عَدَمِ الْعَدْلِ. قَوْلُهُ: (الْبَيْضَةَ) أَيْ جَمَاعَةَ الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ: (وَسَمِعَ) وَلَوْ بِأُذُنٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِهِ ثِقَلٌ. قَوْلُهُ: (وَبَصُرَ) وَلَوْ بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ أَوْ هُوَ أَعْشَى. قَوْلُهُ: (وَنَطَقَ) وَلَوْ مَعَ تَمْتَمَةٍ وَلَا يَضُرُّ فَقْدُ الشَّمِّ وَالذَّوْقِ. قَوْلُهُ: (دَاخِلٌ فِي الشُّجَاعَةِ) فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّصْرِيحِ بِهِ، وَهَذَا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ ذَلِكَ كَمَا لَا يَضُرُّ طُرُوُّ فِسْقٍ أَوْ قَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ جُنُونٍ قَلِيلٍ أَوْ إغْمَاءٍ وَيَضُرُّ طُرُوُّ قَطْعِ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) هُوَ مَرْجُوحٌ مِنْ حَيْثُ ذَلِكَ الِاعْتِبَارِ وَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا هُنَا . قَوْلُهُ: (بِالْبَيْعَةِ) وَالْمُعْتَبَرُ عَدَمُ الرَّدِّ لَا الْقَبُولُ وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ فِي تَوْلِيَةِ الْوَاحِدِ لَا الْجَمْعِ، قَوْلُهُ: (يَتَيَسَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ) بِلَا كُلْفَةٍ وَالْمُرَادُ حَلُّ الْأُمُورِ وَعَقْدُهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ عَدَدٌ) فَيَكْفِي وَاحِدٌ وَلَوْ غَيْرَ مُجْتَهِدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ السَّادِسِ الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ. قَوْلُهُ: (مِنْ عَيْنِهِ) وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَهْلٌ وَلَوْ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ أَوْ جَمَاعَةٌ مُتَرَتِّبِينَ. قَوْلُهُ: (أَيْ جَعَلَهُ إلَخْ) أَيْ أَنْ يَعْقِدَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ لِيَكُونَ خَلِيفَةً بَعْدَهُ، وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ الرَّدِّ قَبْلَ مَوْتِ مَنْ عَهِدَ لَهُ، وَلَوْ غَابَ الْمَعْهُودُ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَضَرَّرُوا بِغَيْبَتِهِ فَلَهُمْ إقَامَةُ نَائِبٍ عَنْهُ مَكَانَهُ يَنْعَزِلُ بِقُدُومِهِ، وَيُعْتَبَرُ تَرْتِيبُهُ وَلَوْ مَاتَ مُقَدَّمٌ تَوَلَّى مَنْ بَعْدَهُ وَلِمَنْ صَارَ الْأَمْرُ إلَيْهِ تَوْلِيَةُ غَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: (فَيَرْتَضُونَ) إنْ أَرَادُوا وَلَوْ فِي حَيَاتِهِ.   [حاشية عميرة] [فَصَلِّ شَرْطُ الْإِمَامِ الْأَعْظَم] فَصْلٌ لَمَّا كَانَ الْبَغْيُ الْخُرُوجَ عَلَى الْإِمَامِ نَاسَبَ ذِكْرُهُ عَقِبَهُ، قَوْلُهُ: (مُكَلَّفًا) لَمَّا وُلِّيَ الْمُقْتَدِرُ الْخِلَافَةَ كَانَ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ فَأَلَّفَ الصُّوفِيُّ كِتَابًا احْتَجَّ فِيهِ عَلَى وِلَايَةِ الصَّغِيرِ، بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَبَّأَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ صَبِيٌّ «وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعْمَلَ الصِّبْيَانَ فِي أُمُورٍ» ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَأَظُنُّهُ خَرْقًا لِلْإِجْمَاعِ وَمَا تَمَسَّكَ بِهِ لَا حُجَّةَ فِيهِ، قَوْلُهُ: (مِنْ مُخَالَطَةِ الرِّجَالِ) فَفِي الصَّحِيحِ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» ، وَلَوْ وُلِّيَ الْخُنْثَى ثُمَّ بَانَ ذَكَرًا لَمْ يَصِحَّ، قَوْلُهُ: (قُرَشِيًّا) وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَلَوْ وُلِّيَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ» فَمَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى، قَوْلُهُ: (مُجْتَهِدًا) أَيْ وَلَوْ فَاسِقًا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُجْتَهِدِ الْعَدْلِ أَيْ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَدْلِ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ خِلَافًا لِقَضِيَّةِ كَلَامِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ قَوْلُهُ: (وَسَمْعٍ وَبَصَرٍ وَنُطْقٍ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَاقِدَ الشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَعْوَرَ بِخِلَافِ الْقَاضِي. [مَا تَنْعَقِد بِهِ الْإِمَامَة] قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَاحِدِ) أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ السَّادِسُ، قَوْلُهُ: (وَبِاسْتِخْلَافٍ) أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْأَهْلِيَّةُ وَقْتَ الِاسْتِخْلَافِ لَا وَقْتَ الْمَوْتِ فَقَطْ وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ أَيْضًا، وَوَقْتُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُسْتَخْلِفِ عَلَى وَجْهٍ وَالصَّحِيحُ مَا بَيْنَ الِاسْتِخْلَافِ وَالْمَوْتِ، قَوْلُهُ: (فَيَرْتَضُونَ) ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنْ تُرِكُوا فَكَأَنْ لَا عَهْدَ، قَوْلُهُ: (وَجَاهِلٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَإِنَّ الْخِلَافَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى عِصْيَانِهِ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِيمَا لَوْ عَادَ الْبَلَدُ مِنْ الْبُغَاةِ إلَيْنَا (لَوْ ادَّعَى) بَعْضُ أَهْلِهِ (دَفْعَ زَكَاةٍ إلَى الْبُغَاةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي أُمُورِ الدِّينِ (أَوْ جِزْيَةٍ فَلَا) يُصَدَّقُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الذِّمِّيَّ غَيْرُ مُؤْتَمَنٍ فِيمَا يَدَّعِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِلْعَدَاوَةِ الظَّاهِرَةِ (وَكَذَا خَرَاجٌ) أَيْ لَا يُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ فِي دَفْعِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ (وَيُصَدَّقُ فِي حَدٍّ) أَنَّهُ أُقِيمَ عَلَيْهِ (لَا أَنْ يَثْبُتَ بِبَيِّنَةٍ وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي الْبَدَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ وَيُصَدَّقُ فِيمَا أَثَّرَ بِالْبَدَنِ وَفِي غَيْرِ الْأَثَرِ إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فَيُجْعَلُ إنْكَارُهُ بَقَاءَ الْحَدِّ عَلَيْهِ كَالرُّجُوعِ، وَذِكْرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُنَا أَنْسَبُ مِنْ ذِكْرِ الرَّافِعِيِّ لَهَا عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْبُغَاةِ وَلَوْ أَقَامُوا حَدًّا إلَى آخِرِهِ لِتَعَلُّقِ الْحُقُوقِ فِيهَا بِالْإِمَامِ. . كِتَابُ الرِّدَّةِ (هِيَ قَطْعُ الْإِسْلَامِ بِنِيَّةِ) كُفْرٍ (أَوْ قَوْلِ كُفْرٍ أَوْ فِعْلِ) مُكَفِّرٍ (سَوَاءٌ) فِي الْقَوْلِ (قَالَهُ اسْتِهْزَاءً أَوْ عِنَادًا أَوْ اعْتِقَادًا) وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ سَوَاءٌ عَلَيَّ قُمْت أَوْ قَعَدْت فَانْدَفَعَ تَصْوِيبُ ذِكْرِ الْهَمْزَةِ بَعْدَ سَوَاءٌ وَمُقَابِلَتُهَا بِأُمٍّ. (فَمَنْ نَفَى الصَّانِعَ أَوْ الرُّسُلَ أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا أَوْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بَيْنَ سِتَّةٍ) وَهُمْ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَعَنْ بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا فَاسِقٌ وَجَاهِلٌ) وَكَذَا غَيْرُهُمَا مَا عَدَا الْكَافِرَ. تَنْبِيهٌ: لَيْسَ لِغَيْرِ الْإِمَامِ خَلْعُهُ وَلَوْ مِمَّنْ وَلَّاهُ وَلَا أَنْ يَخْلَعَ نَفْسَهُ، وَلَا يَنْفُذَ خَلْعُهُ وَإِنْ رَضِيَ وَلَا خَلْعُ نَفْسِهِ إلَّا بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِأُمُورِ الْخِلَافَةِ انْخَلَعَ. . قَوْلُهُ: (وَلَوْ ادَّعَى دَفْعَ زَكَاةٍ إلَى الْبُغَاةِ) أَيْ مُطَاعِهِمْ وَلَوْ بِنَائِبِهِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ وَإِلَّا صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ. قَوْلُهُ: (الْمُسْلِمُ) خَرَجَ الْكَافِرُ فَلَا يُصَدَّقُ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (وَيُصَدَّقُ) أَيْ بِلَا يَمِينٍ قَوْلُهُ: (فِي حَدٍّ) أَوْ تَعْزِيرٍ. قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ هَذِهِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ اعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ: (مِنْ ذِكْرِ الرَّافِعِيِّ لَهَا) أَيْ فِي الشَّرْحِ. كِتَابُ الرِّدَّةِ أَعَاذَنَا اللَّهُ وَسَائِرَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا بِمَنِّهِ وَجَزِيلِ كَرَمِهِ وَهِيَ لُغَةً الْمَرَّةُ مِنْ الرُّجُوعِ وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَكَانَ حَدُّهَا الْقَتْلُ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِي قَطْعِ آلَتِهَا لِأَنَّهَا اعْتِقَادٌ يُخْشَى دَوَامُهُ، وَهِيَ أَفْحَشُ أَنْوَاعِ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الشِّرْكِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ هِيَ مِنْهُ وَهِيَ أَفْحَشُ مِنْهُ، وَيَلِيهَا الْقَتْلُ ظُلْمًا ثُمَّ الزِّنَى ثُمَّ الْقَذْفُ ثُمَّ السَّرِقَةُ وَهَذِهِ الْكُلِّيَّاتُ الْخَمْسُ الْمَشْرُوعَةُ حُدُودُهَا لِحِفْظِ الدِّينِ، وَالنَّفْسُ وَالنَّسَبُ وَالْعَرْضُ وَالْمَالُ وَأَخَّرَ الرِّدَّةَ عَنْ الْقَتْلِ مَعَ أَنَّهَا أَفْحَشُ مِنْهُ كَمَا مَرَّ. لِعُمُومِهِ وَكَثْرَتِهِ وَحُصُولِهِ مِمَّنْ لَا تُوجَدُ الرِّدَّةُ مِنْهُ، وَاعْلَمْ أَنَّهَا تُحْبِطُ ثَوَابَ الْأَعْمَالِ مُطْلَقًا وَكَذَا الْعَمَلُ إنْ اتَّصَلَتْ بِالْمَوْتِ إجْمَاعًا فِيهِمَا وَإِلَّا فَلَا تُحْبِطُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ نَحْوِ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ كَانَ فَعَلَهُ قَبْلَهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ تُحْبِطُ الْعَمَلَ أَيْضًا، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَمَلَ الَّذِي تُحْبِطُهُ الرِّدَّةُ بِمَا وَقَعَ حَالَ التَّكْلِيفِ لَا مَا قَبْلَهُ فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (هِيَ قَطْعُ الْإِسْلَامِ) أَيْ بَعْدَ وُجُودِهِ حَقِيقَةً فَخَرَجَ الْمُنْتَقِلُ لِأَنَّهُ يَبْلُغُ الْمَأْمَنَ وَالزِّنْدِيقُ وَالْمُنَافِقُ لِعَدَمِ سَبْقِ الْإِسْلَامِ لَهُمَا وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ لَهُمْ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ فِيمَا سَيَأْتِي وَيُعْتَبَرُ فِي الْقَطْعِ الْمَذْكُورِ كَوْنُهُ عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ كَمَا يَأْتِي، فَيَخْرُجُ مَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ أَوْ وَقَعَ مِنْهُ عَنْ اجْتِهَادٍ أَوْ ذَكَرَهُ حَاكِيًا لَهُ وَإِنْ حَرُمَتْ حِكَايَتُهُ عَنْهُ غَيْرُ الْقَاضِي وَلِغَيْرِ نَحْوِ تَعْلِيمٍ. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ كُفْرٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّ لَفْظَ نِيَّةِ غَيْرُ مُنَوَّنٍ لِقَصْدِ إضَافَةِ مَا بَعْدَهُ إلَيْهِ وَلَفْظُ فِعْلٍ مُنَوَّنٌ وَإِنْ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْقَيْدُ لِعَدَمِ صِحَّةِ إضَافَةِ مَا سَبَقَهُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْقَوْلِ) قُيِّدَ بِهِ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَالنِّيَّةُ وَالْفِعْلُ كَذَلِكَ، فَلَوْ عَمَّمَهُ وَأَرَادَ بِالْقَوْلِ مَا يَعُمُّ النِّيَّةَ وَالْفِعْلَ لَصَحَّ ذَلِكَ كَقَوْلِ الْعَرَبِ قَالَ سَيِّدُهُ مَثَلًا وَلَكَانَ أَكْثَرَ فَائِدَةً، وَأَدْفَعَ لِلِاعْتِرَاضِ نَعَمْ قَدْ يَكُونُ قَصْدُ الشَّارِحِ بِالْقَيْدِ الْفِرَارَ مِنْ رَكَاكَةِ نِسْبَةِ النِّيَّةِ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الْقَوْلِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ إلَى الِاعْتِقَادِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى النِّيَّةِ إذْ يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ سَوَاءٌ نَوَى النِّيَّةَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (اسْتِهْزَاءً إلَخْ) فَخَرَجَ مَنْ يُرِيدُ تَبْعِيدَ نَفْسِهِ أَوْ أُطْلِقَ كَقَوْلِ مَنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ   [حاشية عميرة] جَارٍ فِي أَحَدِهِمَا قَالَ وَسَائِرُ الشُّرُوطِ كَذَلِكَ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْمِنْهَاجِ يَشْمَلُ الْمُتَغَلِّبَ فِي حَيَاةِ الْإِمَامِ، قَالَ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ إنْ كَانَ الْإِمَامُ مُتَغَلِّبًا وَإِلَّا فَلَا يَنْعَقِدُ لِلثَّانِي،. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ اسْتِحْبَابًا وَقِيلَ وُجُوبًا فَلَوْ نَكَلَ أُخِذَتْ مِنْهُ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، قَوْلُهُ: (الْمُسْلِمُ) خَرَجَ بِهِ الْكَافِرُ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَفْعِهِ جَزْمًا [كِتَابُ الرِّدَّةِ] ِ قَالَ الْأَصْحَابُ الرِّدَّةُ إنَّمَا تُحْبَطُ الْأَعْمَالُ بِالْمَوْتِ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة: 217] فَعَلَيْهِ لَا يَجِبُ إعَادَةُ الْحَجِّ الَّذِي فَعَلَهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ ثَوَابَ الْأَعْمَالِ يُحْبَطُ بِمُجَرَّدِهَا وَهِيَ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ، قَوْلُهُ: (الرِّدَّةُ) هِيَ لُغَةً الرُّجُوعُ عَنْ الشَّيْءِ وَشَرْعًا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، قَوْلُهُ: (هِيَ قَطْعُ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَيْهِ مَنْ تَرَدَّدَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ قَطْعُ الْجَزْمِ بِهِ ثُمَّ فِيهِ دُورٌ لِأَنَّ الرِّدَّةَ أَحَدُ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ فَلْيُحْمَلْ الْكُفْرُ فِيهِ عَلَى الْأَصْلِيِّ، وَقَوْلُهُ قَطْعُ الْإِسْلَامِ وَلَوْ كَانَ مُسْلِمًا تَبَعًا لِأَبِيهِ فَحِينَ بَلَغَ وَصْفَ الْكُفْرِ، وَكَذَا مَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فَلَمَّا بَلَغَ وَصْفَ الْكُفْرِ أَيْ أَعْرَبَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، قَوْلُهُ: (وَهَذَا مِثْلُ إلَخْ) أَيْ فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ اللُّغَةِ فَلَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 حَلَّلَ مُحَرَّمًا بِالْإِجْمَاعِ كَالزِّنَى وَعَكْسُهُ) أَيْ حَرَّمَ حَلَالًا بِالْإِجْمَاعِ كَالنِّكَاحِ، (أَوْ نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) كَرَكْعَةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ بِالْإِجْمَاعِ كَصَلَاةٍ سَادِسَةٍ (أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ غَدًا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ كَفَرَ) وَمَسْأَلَةُ الْعَزْمِ حُمِلَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ بِنِيَّةِ كُفْرٍ الْمَزِيدُ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَعَمُّ (وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ مَا تَعَمَّدَهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا بِالدِّينِ أَوْ جُحُودًا لَهُ كَإِلْقَاءِ   [حاشية قليوبي] لَمْ يُرِدْهُ وَلَوْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ أَوْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَبِلْته، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّوْرِيَةَ هُنَا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ لَا تُفِيدُ فَيَكْفُرُ بَاطِنًا أَيْضًا وَفَارَقَ الطَّلَاقَ بِوُجُودِ التَّهَاوُنِ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَانْدَفَعَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ لَا تَتَعَيَّنُ الْهَمْزَةُ إلَّا مَعَ وُجُودِ أَمْ وَعَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (فَمَنْ نَفَى الصَّانِعَ) هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَيْسَ هَذَا مِنْ أَسْمَائِهِ لِأَنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (أَوْ الرُّسُلَ) لَامُهُ لِلْجِنْسِ وَالنَّبِيُّ كَالرَّسُولِ. قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا) خَرَجَ مَا لَوْ كَذَبَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ تَكْذِيبِهِ لَوْ قَصَدَ تَحْقِيرَهُ، وَلَوْ بِتَصْغِيرِ اسْمِهِ أَوْ سَبَّهُ أَوْ سَبَّ الْمَلَائِكَةَ أَوْ صَدَّقَ مُدَّعِي النُّبُوَّةَ أَوْ ضَلَّلَ الْأُمَّةَ، أَوْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ أَوْ أَنْكَرَ غَيْرَ جَاهِلٍ مَعْذُورٍ الْبَعْثَ أَوْ مَكَّةَ أَوْ الْكَعْبَةَ، أَوْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ الْجَنَّةَ أَوْ النَّارَ أَوْ الْحِسَابَ أَوْ الثَّوَابَ أَوْ الْعِقَابَ، وَالْوَجْهُ فِيمَنْ قَالَ عَلِمَ اللَّهُ، أَوْ فِيمَا يَعْلَمُ اللَّهُ كَذَا وَكَانَ كَاذِبًا عَدَمُ الْكُفْرِ بِمُجَرَّدِهِ، لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَذِبٌ فَإِنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ عِلْمِ اللَّهِ بِهِ أَوْ أَنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ، أَوْ جَوَّزَ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ. فَرْعٌ: مَنْ صَلَّى خَوْفًا مِنْ الْعَذَابِ وَأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ عَصَى بِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَا يُكَفَّرُ فَإِنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ الِاسْتِحْقَاقِ كَفَرَ. قَوْلُهُ: (بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ فَخَرَجَ إنْكَارٌ أَنَّ لِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ فَلَا يَكْفُرُ بِهِ، وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ بِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (كَالزِّنَى) وَالْمَكْسِ وَالرِّبَا قَوْلُهُ: (كَالنِّكَاحِ) وَالْبَيْعِ قَوْلُهُ: (أَوْ نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) ، وَكَذَا لَوْ نَفَى مَشْرُوعِيَّةَ نَفْلٍ رَاتِبٍ كَالْعِيدِ، قَوْلُهُ: (كَرَكْعَةٍ) أَوْ سَجْدَةٍ. قَوْلُهُ: (كَصَلَاةٍ سَادِسَةٍ) أَوْ زِيَادَةِ رَكْعَةٍ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ) أَيْ الْكُفْرِ أَيْ هَلْ يَكْفُرُ أَوْ لَا وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ شَامِلًا لِلتَّرَدُّدِ فِي إيجَادِ فِعْلٍ مُكَفِّرٍ أَيْضًا، كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي إلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (كَفَرَ) أَيْ حَالًا وَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ جَوَابُ مَنْ نَفَى وَكُفْرُهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ تَكْذِيبًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْهُ يُعْلَمُ التَّكْفِيرُ بِتَكْذِيبِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْأَوْلَى كَأَنْ يَنْفِيَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْ يَنْفِيَ رَمْيَ بِنْتِهِ عَائِشَةَ مِمَّا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَنْ سَبَّهُ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ كَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَوْ نَفَى وُجُودَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ نَفْيُ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ لِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ فَلَا يَكْفُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَعَمُّ) أَيْ الْقَوْلُ الْمَزِيدُ الَّذِي هُوَ النِّيَّةُ لُغَةً أَعَمُّ لِشُمُولِهَا الْحَالَ كَالْمُسْتَقْبَلِ، وَخُصُوصُ الْعَزْمِ بِالثَّانِي فَحَمْلُ بَعْضِهِمْ النِّيَّةَ عَلَى الْعَزْمِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، فَفِي كَلَامِهِ رَدٌّ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ ذِكْرَ النِّيَّةِ مُسْتَدْرَكٌ وَقِيلَ الضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى الْعَزْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ كَالْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ النِّيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِأَنَّ الْعَزْمَ مُغَايِرٌ لِلنِّيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، كَقَوْلِهِمْ النِّيَّةُ قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ فَإِنْ تَرَاخَى عَنْهُ سُمِّيَ عَزْمًا، فَإِنْ قَالُوا هَذَا الْعَزْمُ الشَّرْعِيُّ. وَأَمَّا اللُّغَوِيُّ فَهُوَ شَامِلٌ فَيُقَالُ لَهُمْ النِّيَّةُ لُغَةٌ شَامِلَةٌ فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لَهُ، وَحَمْلُهَا عَلَى الشَّرْعِيَّةِ دُونَهُ وَدَعْوَى الْأَعَمِّيَّةِ فِيهِ تَحَكُّمٌ فَتَأَمَّلْ.   [حاشية عميرة] يُعْتَرَضُ. قَوْلُهُ: (الصَّانِعَ) هَذَا شَمِلَ إطْلَاقَهُ الِاشْتِقَاقَ مِنْ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ وَإِلَّا فَلَيْسَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى. قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا) أَوْ نَفَى رِسَالَةَ رَسُولٍ بِخِلَافِ مَنْ كَذَّبَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْجُوَيْنِيِّ، قَوْلُهُ: (أَوْ حَلَّلَ إلَخْ) لِحَدِيثِ «مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ أَبَاهُ إلَى رَجُلٍ عَرَّسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، وَاصْطَفَى مَالَهُ» وَحُمِلَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ اسْتَشْكَلَ تَكْفِيرَ مُخَالِفِ الْإِجْمَاعِ، بِأَنَّ مَنْ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ وَرَدَّ أَصْلَهُ لَا نُكَفِّرُهُ وَحَمْلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا صَدَّقَ الْمُجْمِعِينَ ثُمَّ خَالَفَ وَأَجَابَ الزَّنْجَانِيُّ بِأَنَّا نُكَفِّرُهُ مِنْ حَيْثُ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ الْحَقُّ أَنَّ الْمَسَائِلَ الْإِجْمَاعِيَّةَ إنْ صَحِبَهَا تَوَاتُرٌ كَفَرَ جَاحِدُهَا لِمُخَالَفَةِ التَّوَاتُرِ لَا لِمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنْ لَا يُعَوَّلَ عَلَى حُكْمِ الْإِجْمَاعِ فِي هَذَا الشَّأْنِ وَيُجَابُ بِأَنَّ وَجْهَ اخْتِصَاصِهِ بِالذِّكْرِ كَوْنُ الْغَالِبِ عَلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ التَّوَاتُرَ وَعَلِمَهُ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الْقَوْلِ مِنْ قَوْلِهِ حُمِلَ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَعَمُّ) وَجْهُ الْأَعَمِّيَّةِ شُمُولُهُ مَنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ كَافِرًا حَالًا مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ وَلَا فِعْلِ جَوَارِحَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ) بِإِعْجَامِ الذَّال (وَسُجُودٍ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ) فَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ نَاشِئٌ عَنْ اسْتِهْزَاءٍ بِالدِّينِ أَوْ جُحُودٍ لَهُ وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ وَمَثَّلَ بِهَا. (وَلَا تَصِحُّ رِدَّةُ صَبِيٍّ وَ) لَا (مَجْنُونٍ وَ) لَا (مُكْرَهٍ) أَيْ لَا اعْتِبَارَ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ مِمَّا هُوَ رِدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِمْ (وَلَوْ ارْتَدَّ فَجُنَّ لَمْ يُقْتَلْ فِي جُنُونِهِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَعْقِلُ وَيَعُودُ إلَى الْإِسْلَامِ (وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ رِدَّةِ السَّكْرَانِ وَإِسْلَامِهِ) عَنْ رِدَّتِهِ وَفِي قَوْلٍ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِصِحَّتِهَا وَفِي قَوْلٍ لَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ وَإِنْ صَحَّتْ رِدَّتُهُ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهِ. (وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ مُطْلَقًا) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ (وَقِيلَ يَجِبُ التَّفْصِيلُ) لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا يُوجِبُهَا، وَالْأَوَّلُ قَالَ لِخَطَرِهَا لَا يُقَدَّمُ الشَّاهِدُ بِهَا إلَّا عَنْ بَصِيرَةٍ (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ شَهِدُوا بِرِدَّةٍ فَأَنْكَرَ حُكِمَ بِالشَّهَادَةِ) فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَصِيرُ بِهِ الْكَافِرُ مُسْلِمًا وَعَلَى الثَّانِي لَا يَحْكُمُ بِهَا (فَلَوْ قَالَ كُنْت مُكْرَهًا وَاقْتَضَتْهُ قَرِينَةٌ كَأَسْرِ كُفَّارٍ) لَهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَحَلَفَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُخْتَارًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْتَضِهِ قَرِينَةٌ (فَلَا) يُصَدَّقُ وَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ (وَلَوْ قَالَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (لَفْظَ كُفْرٍ فَادَّعَى إكْرَاهًا صُدِّقَ مُطْلَقًا) بِقَرِينَةٍ أَوْ دُونَهَا وَالْحَزْمُ أَنْ يُجَدِّدَ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ. (وَلَوْ مَاتَ مَعْرُوفٌ بِالْإِسْلَامِ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا ارْتَدَّ فَمَاتَ كَافِرًا فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ كُفْرِهِ) كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ (لَمْ يَرِثْهُ وَنَصِيبُهُ فَيْءٌ) لِبَيْتِ الْمَالِ،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ مَا تَعَمَّدَهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا) خَرَجَ بِالْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ وَنَحْوِ النَّوْمِ، وَبِالِاسْتِهْزَاءِ نَحْوُ إكْرَاهٍ أَوْ خَوْفٍ كَسُجُودِ أَسِيرٍ لِصَنَمٍ بِحَضْرَةِ كَافِرٍ وَإِلْقَاءِ نَحْوِ مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ خَوْفًا مِنْ وُقُوعِهِ فِي يَدِ كَافِرٍ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا لَمْ يَظُنَّ إهَانَتَهُ لَهُ، وَبِالصَّرِيحِ مَا كَانَ مَعَهُ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ عَنْهُ كَالْبُصَاقِ عَلَى اللَّوْحِ لِأَجْلِ مَسْحِ مَا فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ. قَوْلُهُ: (كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ) بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْعَزْمِ وَالتَّرَدُّدُ فِيهِ وَمَسُّهُ بِهَا كَإِلْقَائِهِ فِيهَا وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِهِ وَضْعَ رِجْلِهِ عَلَيْهِ، وَنُوزِعَ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِالْمُصْحَفِ مَا فِيهِ قُرْآنٌ، وَمِثْلُهُ الْحَدِيثُ وَكُلُّ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ مَا عَلَيْهِ اسْمٌ مُعَظَّمٌ، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَا بُدَّ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْإِهَانَةِ وَإِلَّا فَلَا وَشَمَلَتْ الْقَاذُورَةَ الطَّاهِرَةَ كَبُصَاقٍ وَمُخَاطٍ وَمَنِيٍّ. قَوْلُهُ: (أَوْ شَمْسٍ) وَكَذَا كُلُّ مَخْلُوقٍ وَلَوْ حَيًّا وَالرُّكُوعُ كَالسُّجُودِ وَمِنْهُ الِانْحِنَاءُ عِنْدَ مُلَاقَاةِ الْعُظَمَاءِ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِمَا إذَا قَصَدَ بِذَلِكَ تَعْظِيمَ الرَّاكِعِ لَهُ، أَوْ السَّاجِدُ لَهُ كَتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ فَهُوَ كَافٍ عَنْ الْجُحُودِ فَذِكْرُهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُسْتَدْرَكٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا اعْتِبَارَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ وَصْفَ مَا ذُكِرَ بِالصِّحَّةِ وَتَسْمِيَتُهُ رِدَّةً مَجَازٌ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (فَجُنَّ) أَفَادَ بِالْفَاءِ أَنَّ الْجُنُونَ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ الرِّدَّةِ، وَإِلَّا بِأَنْ طُولِبَ وَامْتَنَعَ قَبْلَ جُنُونِهِ فَيُقْتَلُ فِيهِ حَتْمًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْتَلْ) أَيْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى قَاتِلِهِ وَإِنْ أَثِمَ. قَوْلُهُ: (صِحَّةُ رِدَّةِ السَّكْرَانِ) أَيْ الْمُتَعَدِّي لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ اسْتِتَابَتِهِ إلَى إفَاقَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِسْلَامُهُ عَنْ رِدَّتِهِ) وَلَا بُدَّ مِنْ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ فَإِنْ وَصَفَ الْكُفْرَ فَمُرْتَدٌّ. قَوْلُهُ: (وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) وَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الْحَاكِيَةِ الْمُوَافِقِ لِطَرِيقِ الْقَطْعِ فِي الرِّدَّةِ، وَالْمُخَالِفُ لَهَا فِي الْإِسْلَامِ فَتَأَمَّلْهُ. [الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ] قَوْلُهُ: (وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ مُطْلَقًا) أَيْ بِلَا تَفْصِيلٍ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَيْ عَلَى وَجْهٍ إلَخْ) أَيْ فَمُطْلَقًا لَيْسَ مِنْ صِيغَةِ الشَّهَادَةِ كَمَا يُتَوَهَّمُ بَلْ الْمُرَادُ عَدَمُ تَفْصِيلِ الشَّاهِدِ فِي شَهَادَتِهِ فَيَكْفِي كَفَرَ بِاَللَّهِ أَوْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِيمَانِ وَكَذَا كَفَرَ أَوْ ارْتَدَّ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ وَلَوْ طَلَبُوا مِنْ حَاكِمٍ عِصْمَةَ دَمِهِ خَوْفًا مِنْ رَفْعِهِ لِحَاكِمٍ لَا يَقْبَلُ النَّوْبَةَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ، أَجَابَهُمْ وَيَمْتَنِعُ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى التَّوْبَةَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجِبُ التَّفْصِيلُ) وَمَشَى عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَتَبِعَهُ الْخَطِيبُ. قَوْلُهُ: (فَيَلْزَمُهُ إلَخْ) فَإِنْ أَبَى قُتِلَ فَلَوْ قَالَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ كُنْت مُكْرَهًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ عُمِلَ بِالشَّهَادَةِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى قَاتِلِهِ. قَوْلُهُ: (لَفَظَ لَفْظَ كُفْرٍ) أَوْ فَعَلَ فِعْلَ كُفْرٍ وَادَّعَى إكْرَاهًا صُدِّقَ أَيْ بِيَمِينِهِ مُطْلَقًا بِقَرِينَةٍ أَوْ دُونَهَا وَفَارَقَ الطَّلَاقَ فِي عَدَمِ الْقَرِينَةِ، وَبِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ وَبِحَقْنِ الدُّعَاءِ هُنَا.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالْفِعْلُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَأْتِي فِي قِسْمِ الِاعْتِقَادِ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (مَا تَعَمَّدَهُ) خَرَجَ غَيْرُ الْعَمْدِ كَالسَّهْوِ، قَوْلُهُ: (صَرِيحًا) خَرَجَ الْفِعْلُ الْمُتَرَدِّدُ كَشَدِّ الزُّنَّارِ لِمَنْ دَخَلَ دَارَ الْكُفْرِ مَثَلًا فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى صَرِيحِ الْكُفْرِ إلَّا بِقَرِينَةٍ، قَوْلُهُ: (بِالدِّينِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ اسْتِهْزَاءً. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا اعْتِبَارَ) يُرِيدُ أَنَّ الرِّدَّةَ مَعْصِيَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَكَيْفَ تُوصَفُ بِالصِّحَّةِ نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا ثُمَّ دَلِيلُ الْإِكْرَاهِ قَوْله تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْكِتَابِ عَدَمَ اعْتِبَارِ رِدَّةِ الصَّبِيِّ، وَلَوْ قُلْنَا بِصِحَّةِ إسْلَامِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَإِذَا أَوْجَبُوا قَضَاءَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ إذَا عَرَضَ لَهُ الْجُنُونُ، فَهَلَّا اعْتَبَرُوا لَفْظَهُ بِالْكُفْرِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (بِهَا) أَيْ لِعَدَمِ التَّفْصِيلِ لَا إنْكَارَ كَمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ، [رِدَّة الصَّبِيّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُكْرَهِ] قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا) بَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الشَّهَادَةَ إنْ كَانَتْ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْكُفْرِ فَأَنْكَرَ أَنَّهُ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالزِّنَى، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ كُفْرِهِ فَنَصِيبُهُ فَيْءٌ (فِي الْأَظْهَرِ) لِإِقْرَارِهِ بِكُفْرِ أَبِيهِ، وَالثَّانِي يُصْرَفُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَقِدُ مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ كُفْرًا وَالثَّالِثُ الْأَظْهَرُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ كَالْوَجِيزِ يَسْتَفْصِلُ فَإِنْ ذَكَرَ مَا هُوَ كُفْرٌ كَانَ فَيْئًا أَوْ غَيْرُ كُفْرٍ صُرِفَ إلَيْهِ وَاقْتَصَرَ فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ، وَرُجِّحَ فِيهِ الثَّالِثُ. (وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ وَفِي قَوْلٍ تُسْتَحَبُّ وَهِيَ) عَلَى الْقَوْلَيْنِ (فِي الْحَالِ وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ أَصَرَّا قُتِلَا) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَاسْتُتِيبَ قَبْلَ الْقَتْلِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ شُبْهَةٌ فَتُزَالُ (وَإِنْ أَسْلَمَ) الْمُرْتَدُّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (صَحَّ) إسْلَامُهُ (وَتُرِكَ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُهُ إنْ ارْتَدَّ إلَى كُفْرٍ خَفِيٍّ كَزَنْدَقَةٍ وَبَاطِنِيَّةٍ) هَذَا الْمَقُولُ وَجْهَانِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُ الزَّنْدَقَةِ الَّذِينَ يُبْطِنُونَ الْكُفْرَ، وَيُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُ الْبَاطِنِيَّةِ أَيْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ لِلْقُرْآنِ بَاطِنًا وَأَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْهُ دُونَ ظَاهِرِهِ. (وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا) أَيْ الرِّدَّةِ (أَوْ بَعْدَهَا وَأَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ فَمُسْلِمٌ) بِالتَّبَعِيَّةِ (أَوْ) أَبَوَاهُ (مُرْتَدَّانِ فَمُسْلِمٌ) لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِمَا (وَفِي قَوْلٍ مُرْتَدٌّ) بِالتَّبَعِيَّةِ (وَفِي قَوْلٍ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ قُلْت الْأَظْهَرُ مُرْتَدٌّ) زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا (وَنَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ الِاتِّفَاقَ عَلَى كُفْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَبِهِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ أُطْلِقَ) مَرْجُوحٌ قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ الْأَظْهَرُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرُ كُفْرٍ) كَشُرْبِ خَمْرٍ أَوْ زِنًى أَوْ أَكْلِ لَحْمِ خِنْزِيرٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْصَالُهُ وَلَوْ بِإِصْرَارِهِ عَلَى عَدَمِ التَّفْصِيلِ لَمْ يَحْرُمْ مِنْ الْإِرْثِ عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ كَذَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (وَاقْتَصَرَ فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ تَابِعٌ لَهُ، وَهُمَا غَافِلَانِ عَمَّا ذَكَرَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. [اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ] قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا كَوْنُهَا فِي الْحَالِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَصَرَّا قُتِلَا) وَدُفِنَا بِمَقَابِرِ الْكُفَّارِ وَيَتَوَلَّى الْقَتْلَ الْإِمَامُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ لَا غَيْرِهِ إلَّا السَّيِّدُ فِي رَقِيقِهِ وَيُعَزَّرُ غَيْرُهُمَا، وَإِنْ اعْتَدَّ بِهِ وَلَوْ ذَكَرَ عِنْدَ إرَادَةِ قَتْلِهِ شُبْهَةً نَاظَرْنَاهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ لَا قَبْلَهُ أَوْ جُوعًا أُطْعِمَ لِأَجْلِ الْمُنَاظَرَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَسْلَمَ) بِأَنْ أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ مُرَتَّبَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ وَقَالَ شَيْخُنَا لَا تُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِرَافِهِ بِالرِّسَالَةِ إنْ كَانَ يُنْكِرُهَا أَوْ الْبَرَاءَةَ مِمَّا يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ وَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِهِ عَنْ اعْتِقَادٍ ارْتَدَّ بِسَبَبِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ لَفْظِ أَشْهَدُ قَالَ شَيْخُنَا أَوْ إتْيَانِهِ بِالْوَاوِ بَدَلَهَا كَمَا فِي تَشْهَدُ الصَّلَاةَ وَبِهِ يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ وَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ هَذِهِ الصِّيغَةِ، فَلَا يُبْدَلُ لَفْظٌ مِنْهَا وَلَوْ بِمُرَادِفِهِ فَلَا يَكْفِي لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلَّا اللَّهُ أَوْ لَا رَحْمَنَ إلَّا اللَّهُ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا الرَّحْمَنُ: أَوْ أَعْلَمُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَوْ أَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَوْ أَشْهَدُ أَنَّ أَحْمَدَ مَثَلًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ أَوْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الرَّحْمَنِ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ ضَمِيرَ أَسْلَمَ الرَّاجِعُ إلَى الْمُثَنَّى إمَّا بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ أَوْ كُلٍّ أَوْ عُمُومِ لَفْظِ الْمُرْتَدِّ لِلْأُنْثَى تَغْلِيبًا. فَرْعٌ: لَا يُعَزَّرُ مُرْتَدٌّ أَوَّلَ مَرَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَتُرِكَ) نَعَمْ كَانَتْ رِدَّتُهُ بِقَذْفٍ حُدَّ بَعْدَ إسْلَامِهِ. قَوْلُهُ: (هَذَا الْمَقُولُ) هُوَ بِالْمِيمِ وَفِي نُسْخَةٍ بِدُونِهَا وَلَيْسَ صَحِيحًا وَعَلَيْهِ فَيُرَادُ الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ: (الَّذِينَ يُبْطِنُونَ إلَخْ) . هَذَا مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا وَفِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَفِي الْفَرَائِضِ وَقَالَ فِي اللِّعَانِ الزِّنْدِيقُ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ. قَوْلُهُ: (وَأَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْهُ) أَيْ وَأَنَّ الْبَاطِنَ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ: (وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ) أَيْ مِنْ غَيْرِ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ وَإِلَّا فَكَافِرٌ أَصْلِيٌّ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ أَبَوَيْهِ. قَوْلُهُ: (إنْ انْعَقَدَ) أَيْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ قَوْلُهُ: (وَأَحَدُ أَبَوَيْهِ) وَلَوْ أُنْثَى أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَوْ كَانَ مَيِّتًا فَالْمُرَادُ بِالْأَبَوَيْنِ الْأَصْلَانِ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ حَيْثُ نُسِبَ إلَيْهِ وَلَوْ نِسْبَةً لُغَوِيَّةً. قَوْلُهُ: (أَوْ أَبَوَاهُ مُرْتَدَّانِ) أَيْ وَلَيْسَ فِي أُصُولِهِ الْمَنْسُوبُ إلَيْهِمْ مُسْلِمٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُسْلِمٌ. قَوْلُهُ: (الْأَظْهَرُ مُرْتَدٌّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِي أُصُولِهِ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ آنِفًا. وَالْوَجْهُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَنَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ الِاتِّفَاقَ عَلَى كُفْرِهِ) إنْ أَرَادَ بِالْكُفْرِ الرِّدَّةَ أَوْ الْأَعَمَّ فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ بِإِسْلَامِهِ، وَتَقْوِيَةً لِمَا رَجَّحَهُ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْكُفْرَ الْأَصْلِيَّ فَقَطْ، فَهُوَ مَرْجُوحٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مُبَالَغَةً فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الرَّافِعِيِّ فِي حُكْمِهِ بِالْإِسْلَامِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ) لِأَنَّهُ كَانَ مَعْصُومًا بِالْإِسْلَامِ وَالثَّانِي أَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ عُرُوضُ شُبْهَةٍ، قَوْلُهُ: (وَالْمُرْتَدَّةِ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِعَدَمِ قَتْلِهَا وَإِنَّمَا تُحْبَسُ وَتُضْرَبُ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يُسْتَحَبُّ) أَيْ لِحَدِيثِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَلَمْ يَذْكُرْ تَوْبَةً، قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) لِظَاهِرِ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ، وَلِأَنَّهُ حَدٌّ فَلَمْ يُؤَجَّلْ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةٌ) لِأَنَّهُ وَرَدَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنْ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُ الْبَاطِنِيَّةِ) كَأَنْ وَجَّهَ دُخُولَ هَذَا فِي الْخَفِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ خَفِيَ فِي ذَاتِهِ وَإِنْ أَظْهَرَهُ صَاحِبُهُ،. قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْدَهَا) لَوْ شَكَّ فِي الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَادِثَ يُقَدَّرُ بِأَقْرَب زَمَنٍ كَذَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَبَحَثَ أَيْضًا اسْتِثْنَاءَ أَوْلَادِ الْمُبْتَدِعَةِ إذَا كَفَّرْنَا آبَاءَهُمْ فَلَا يَسْرِي لِأَوْلَادِهِمْ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ: (عَلَى كُفْرِهِ) هُوَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 أَيْ بِأَنَّهُ كَافِرٌ قَطَعَ جَمِيعُ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِهِ الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ. (وَفِي زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ مَالِهِ بِهَا) أَيْ الرِّدَّةِ (أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا إنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا بِأَنَّ زَوَالَهُ بِهَا وَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ) ، وَالْأَوْلَى زَوَالُهُ بِهَا وَالثَّانِي عَدَمُ زَوَالِهِ بِهَا (وَعَلَى الْأَقْوَالِ يُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ قَبْلَهَا، وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ) مُدَّةَ الِاسْتِتَابَةِ (وَالْأَصَحُّ يَلْزَمُهُ غُرْمُ إتْلَافِهِ) مَالَ غَيْرِهِ (فِيهَا وَنَفَقَةُ زَوْجَاتٍ وَقَفَ نِكَاحَهُنَّ وَقَرِيبٍ) ، وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ زَوَالِ مِلْكِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (وَإِذَا وَقَفْنَا مِلْكَهُ فَتَصَرُّفُهُ إنْ احْتَمَلَ الْوَقْفَ كَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةِ مَوْقُوفٍ إنْ أَسْلَمَ نَفْسَهُ) بِالْمُعْجَمَةِ (وَإِلَّا فَلَا وَبَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَرَهْنُهُ وَكِتَابَتُهُ بَاطِلَةٌ) فِي الْجَدِيدِ (وَفِي الْقَدِيمِ مَوْقُوفَةٌ) إنْ أَسْلَمَ حُكِمَ بِصِحَّتِهَا وَإِلَّا فَلَا (وَعَلَى الْأَقْوَالِ يُجْعَلُ مَالُهُ مَعَ عَدْلٍ وَأَمَتُهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ بِهِ وَإِنْ قُلْنَا بِبَقَاءِ مِلْكِهِ (وَيُؤَجَّرُ مَالُهُ) كَعَقَارِهِ وَرَقِيقِهِ (وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ النُّجُومَ إلَى الْقَاضِي) حِفْظًا لَهَا.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَبُو الطَّيِّبِ) هُوَ إمَامُ الْعِرَاقِيِّينَ فَصَحَّ نِسْبَةُ النَّقْلِ إلَيْهِمْ. تَنْبِيهٌ: لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ الدُّنْيَا أَمَّا الْآخِرَةُ فَمَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِّينَ قَبْلَ بُلُوغِهِ، فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ خَادِمٌ لِأَهْلِهَا. قَوْلُهُ: (عَنْ مَالِهِ) أَيْ الْمَالِ الْمُعَرَّضِ لِلزَّوَالِ الْمَوْجُودِ قَبْلَ الرِّدَّةِ لَا نَحْوُ أُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٌ وَلَا مَا مَلَكَهُ حَالَ الرِّدَّةِ بِنَحْوِ اصْطِيَادٍ لِأَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ هَلْ يَمْلِكُهُ أَوْ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ. فَرْعٌ: لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْحَجَرِ عَلَى الْمُرْتَدِّ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ لِأَجْلِ أَهْلِ الْفَيْءِ وَلَا يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ. قَوْلُهُ: (يَقْضِي إلَخْ) وَلَوْ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَيَقْضِيهِ الْحَاكِمُ وَإِلَّا قُلْنَا بِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ فَهُوَ كَالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ انْتِقَالَهَا لِلْوَارِثِ قَضَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْهَا فَلَا إشْكَالَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالْأَظْهَرِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَهَا) وَلَوْ بِغَيْرِ إتْلَافٍ. قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُهُ غُرْمُ إتْلَافِهِ فِيهَا) أَيْ الرِّدَّةِ نَفْسًا وَمَالًا وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ لَهُ بِالْمَنَالِ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَنَفَقَةُ زَوْجَاتِهِ إلَخْ) أَيْ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ قَوْلُهُ: (وَقَرِيبٍ) وَإِنْ تَعَدَّدَ وَتَجَدَّدَ وَكَذَا أُمُّ وَلَدٍ وَرَقِيقٌ. قَوْلُهُ: (وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ قُلْنَا بِبَقَاءِ مِلْكِهِ لَزِمَهُ مَا ذُكِرَ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَتَدْبِيرٍ) وَإِيلَادٍ قَوْلُهُ: (الْأَقْوَالِ) كُلِّهَا الْمُتَقَدِّمَةِ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ أَوْ نَحْوِ مَحْرَمٍ. قَوْلُهُ: (إلَى الْقَاضِي) لَا لَهُ لِفَسَادِ قَبْضِهِ وَيُعْتَقُ إذَا أَدَّى وَلَوْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ حَالَ رِدَّتِهِ اعْتَدَّ بِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ وَنِيَّتُهُ لِلتَّمْيِيزِ.   [حاشية عميرة] صَادِقٌ بِمَا رَجَّحَهُ وَبِالْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلُّهُ. إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ مِنْ أُصُولِهِ مُسْلِمٌ، قَوْلُهُ: (عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ) وَجْهُ سِيَاقِهَا أَنَّ الَّذِي نَقَلَ الِاتِّفَاقَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَنْسُوبُ لِلْعِرَاقِيِّينَ الْقَطْعُ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَظْهَر إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ الْقِيَاسِ عَلَى بُضْعِ امْرَأَتِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْعِصْمَةَ تَزُولُ بِالرِّدَّةِ فَكَذَا الْمَالُ وَوَجْهُ الثَّالِثِ أَنَّ الْكُفْرَ لَا يُنَافِي الْمِلْكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الثَّانِي رَجَّحَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَنُسِبَ لِلْمُصَنِّفِ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ لِأَنَّ حُرْمَةَ النَّفْسِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَالِ، وَقَدْ زَالَتْ لِكُفْرِهِ فَكَذَا حُرْمَةُ مِثْلِهِ بِالْأَوْلَى ثُمَّ إنَّ الْأَصْحَابَ جَعَلُوا مَعْنَى الزَّوَالِ مُمَاثِلًا لِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالرِّدَّةِ إلَّا الْمَاوَرْدِيُّ فَنُقِلَ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ مَعْنَاهُ زَوَالُ التَّصَرُّفِ لِأَنَّهُ زَالَ فِي نَفْسِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُعَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا لَكِنَّهُ غَرِيبٌ ثُمَّ الظَّاهِرُ جَرَيَانُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِيمَا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ، بِاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهِ وَحِينَئِذٍ فَعَلَى قَوْلِ الزَّوَالِ هَلْ يَنْتَقِلُ صَيْدُهُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ، أَمْ نَقُولُ الصَّيْدُ بَاقٍ عَلَى إبَاحَتِهِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْمِلْكِ ذَهَبَ الْمُتَوَلِّي إلَى الثَّانِي، وَيُحْتَمَلُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْعَبْدِ يُكْتَسَبُ لِسَيِّدِهِ لَكِنْ يَلُوحُ فَارِقٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَقْصِدُ بِالْكَسْبِ أَهْلَ الْفَيْءِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ إلَخْ) كَأَنَّ وَجْهَ التَّعْبِيرِ بِالْأَوَّلِ أَنَّهَا مَحْكِيَّةٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى وَجْهٍ جُعِلَ هَذَا أَوَّلًا وَمَا فِي الْمَتْنِ ثَالِثًا فَلْيُرَاجَعْ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَقْوَالِ) أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْوَقْفِ وَالْبَقَاءِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الزَّوَالِ فَلِأَنَّ غَايَةَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَدُّ كَالْمَيِّتِ تُقْضَى دُيُونُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَإِذَا مَاتَ وَهُنَاكَ دَيْنٌ هَلْ نَقُولُ انْتَقَلَ الْكُلُّ لِأَهْلِ الْفَيْءِ، وَالدَّيْنُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَمْ الْمُنْتَقِلُ مَا عَدَا قَدْرَ الدَّيْنِ الْقِيَاسُ الْأَوَّلُ، قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ عَلَى الْأَقْوَالِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْحَابُ إلَّا عَلَى قَوْلِ الزَّوَالِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا وَقَفَا إلَخْ) أَيْ أَمَّا لَوْ أَزَلْنَاهُ فَوَاضِحٌ وَإِنْ أَبْقَيْنَاهُ مَنَعْنَا تَصَرُّفَهُ نَظَرًا لِأَهْلِ الْفَيْءِ فَيَضْرِبُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ الْحَجْرَ، وَلَكِنْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ إلَى أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْجَدِيدِ) هُمَا الْقَوْلُ فِي وَقْفِ الْعُقُودِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ قُلْنَا بِبَقَائِهِ) وَلَا يَكْفِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِالْجَعْلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْقَاضِي الْحَجْرَ عَلَيْهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 كِتَابُ الزِّنَى بِالْقَصْرِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (إيلَاجُ الذَّكَرِ بِفَرْجٍ مُحَرَّمٍ لِعَيْنِهِ خَالٍ عَنْ الشُّبْهَةِ مُشْتَهًى) يَعْنِي هُوَ مُسَمَّى الزِّنَى (يُوجِبُ الْحَدَّ) أَيْ وَهُوَ الرَّجْمُ الْقَاتِلُ فِي الْمُحْصَنِ وَالْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ فِي غَيْرِهِ، كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُعْتَبَرُ إيلَاجُ قَدْرِ الْحَشَفَةِ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْجِ الْقُبُلُ (وَدُبُرُ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) أَجْنَبِيَّةٍ (كَقُبُلٍ) فَيُوجِبُ الْإِيلَاجَ فِيهِ وَهُوَ اللِّوَاطُ الْحَدَّ (عَلَى الْمَذْهَبِ) كَالزِّنَى فَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ غَيْرُهُ، وَفِي قَوْلٍ يُقْتَلُ فَاعِلُهُ بِالسَّيْفِ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَفِي طَرِيقٍ أَنَّ الْإِيلَاجَ فِي دُبُرِ الْمَرْأَةِ زِنًى (وَلَا حَدَّ بِمُفَاخَذَةٍ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ وَنَحْوِهَا مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ (وَوَطْءِ زَوْجِهِ) بِهَاءِ الضَّمِيرِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْجِيمِ وَبِالتَّاءِ الْفَوْقَانِيَّةِ الْمُنَوَّنَةِ (وَأَمَتِهِ فِي حَيْضٍ وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ) لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِعَارِضٍ (وَكَذَا أَمَتُهُ الْمُزَوَّجَةُ وَالْمُعْتَدَّةُ) قَطْعًا وَقِيلَ فِي الْأَظْهَرِ. (وَكَذَا مَمْلُوكَتُهُ الْمَحْرَمِ بِرَضَاعٍ) أَوْ نَسَبٍ كَأُخْتِهِ مِنْهُمَا وَبِنْتِهِ وَأُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ مُصَاهَرَةٍ كَمَوْطُوءَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ (وَمُكْرَهٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَالْإِكْرَاهِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْمَحْرَمِيَّةِ الَّتِي لَا يُسْتَبَاحُ الْوَطْءُ مَعَهَا بِحَالٍ وَيَقُولُ   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الزِّنَى أَخَّرَهُ عَنْ الْقَتْلِ وَالرِّدَّةِ لِأَنَّهُ دُونَهُمَا وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَمِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ وَمِنْ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا لَمْ تُقْطَعْ آلَتُهُ كَالسَّرِقَةِ حِفْظًا لِبَقَاءِ النَّسْلِ مَعَ أَمْنِ تَمَادِيهِ لِظُهُورِهِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ، فِي قَتْلِ الْمُرْتَدِّ. قَوْلُهُ: (بِالْقَصْرِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ وَهِيَ لُغَةٌ حِجَازِيَّةٌ، وَبِالْمَدِّ لُغَةٌ تَمِيمِيَّةٌ وَهُوَ لُغَةً مُطْلَقُ الْإِيلَاجِ فِي مُطْلَقِ الْفَرْجِ، أَوْ فِي قُبُلِ الْآدَمِيِّ خَاصَّةً وَكَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي هَذَا وَلِذَلِكَ يُقَالُ فِي الدُّبُرِ لِوَاطٌ وَفِي الْبَهِيمَةِ إتْيَانٌ وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ قَالَهُ ابْن حَجَرٍ وَكَلَامٌ الشَّارِحِ يُوَافِقُهُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ أَيْ شَرْعًا مَا ذَكَرَهُ إلَخْ. وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. قَوْلُهُ: (الذَّكَرِ) مِنْ الْآدَمِيِّ الْأَصْلِيِّ الْمُتَّصِلِ فِي فَرْجٍ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ آدَمِيٍّ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يَشْمَلُ الْإِيلَاجَ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ، وَمِنْ غَيْرِهِ فِيهِ وَمِنْهُ فِيهِ كَأَنْ أَوْلَجَ ذَكَرَ نَفْسِهِ فِي دُبُرِ نَفْسِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَزَادَ أَنَّ جَمِيعَ الْأَحْكَامِ تَتَعَلَّقُ بِهِ، كَفِطْرِ صَائِمٍ وَفَسَادِ نُسُكٍ وَوُجُوبِ كَفَّارَةٍ فِيهِمَا مَعَ الْحَدِّ وَوُجُوبِ غُسْلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَهُوَ صَرِيحٌ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (مُشْتَهًى) أَيْ جِنْسُهُ لِيَدْخُلَ الصَّغِيرَةُ. قَوْلُهُ: (يَعْنِي إلَخْ) هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي فَسَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ اسْمَهُ مَعْلُومٌ مِنْ كَوْنِهِ الْمُبَوِّبَ لَهُ وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا مَرَّ، بِقَوْلِهِ وَهُوَ مَا ذُكِرَ مَعَ أَنَّ وُجُوبَ الْحَدِّ مُعَلَّقٌ بِهِ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُعَلِّلَهُ بِهِ، وَقَدْ يُقَالُ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى إخْرَاجِ اللِّوَاطِ الشَّامِلِ لَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ التَّسْمِيَةِ لُغَةً بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِ الْفَرْجَ بِالْقُبُلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي الدُّبُرِ طَرِيقَيْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (قَدْرِ الْحَشَفَةِ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظِ قَدْرِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِهَا مَعَ وُجُودِهَا، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الِاعْتِدَالِ وَكَذَا يُعْتَبَرُ قَدْرُهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا وَيُعْتَبَرُ قَدْرُهَا مُعْتَدِلَةً مِنْ أَقْرَانِ فَاقِدِهَا خِلْقَةً فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ إلَخْ) خَصَّهُ لِلتَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ وَلِأَجْلِ التَّسْمِيَةِ السَّابِقَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْحَدِّ الْمَذْكُورِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ غَيْرِ حَلِيلَتِهِ أَمَّا هِيَ فَدُبُرُهَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ مُطْلَقًا وَلَكِنَّهُ يَحْرُمُ مُطْلَقًا وَيُعَزَّرُ بِهِ فِي غَيْرِ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَلَيْسَ كَبِيرَةً فِي تِلْكَ الْمَرَّةِ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ جَوَازَهُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ كَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ النَّقْلِ وَتَبَرَّأَ شَيْخُنَا مِنْ تِلْكَ النِّسْبَةِ وَشَمِلَ الذِّكْرُ عَبْدَهُ فَيُحَدُّ بِوَطْئِهِ فِي دُبُرِهِ. قَوْلُهُ: (كَالزِّنَى) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى زِنًى وَيَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ، وَهَذَا مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ فَهُوَ زِنًى شَرْعًا، وَلِذَلِكَ يَحْنَثُ فِيهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَزْنِي. قَوْلُهُ: (فَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ) أَيْ الْفَاعِلُ وَأَمَّا الْمَفْعُولُ فَيُجْلَدُ مُطْلَقًا، وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ ذِكْرَ الْخِلَافِ وَالتَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ وُجُوبَ الْحَدِّ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّ كَوْنَهُ لَا يُسَمَّى زِنًى لُغَةً لَا خِلَافَ فِيهِ أَيْضًا، إلَّا فِي دُبُرِ الْأُنْثَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَبِالتَّاءِ الْفَوْقَانِيَّةِ) أَيْ بَدَلًا مِنْ الْهَاءِ لَا مَعَهَا، وَكَانَ حَقُّهُ ذِكْرَ الْبَدَلِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ التَّعْبِيرَ بِأَوْ فَتَأَمَّلْ وَسَوَاءٌ فِي الْوَطْءِ الْمَذْكُورِ فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ. تَنْبِيهٌ: أَحْكَامُ الْجِنِّ تُبْنَى عَلَى حِلِّ مُنَاكَحَتِهِمْ وَعَدَمِهَا فَلْيُرَاجَعْ مِنْ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِي الْأَظْهَرِ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ الَّذِي هُوَ طُرُقٌ وَلَيْسَ فِي الْفَصْلِ بِكَذَا إشَارَةٌ إلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مَمْلُوكَةُ الْمَحْرَمِ) وَكَذَا الْمُشْتَرَكَةُ وَلَوْ فِي دُبُرِهِمَا بِخِلَافِ أَمَةِ بَيْتِ الْمَالِ فَيُحَدُّ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ فِيهَا، وَمَنْ ظَنَّهَا مُشْتَرَكَةً فَبَانَتْ أَجْنَبِيَّةً فَيُحَدُّ بِهَا لِأَنَّ حَقَّهُ الْمَنْعُ. قَوْلُهُ: (لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ) رَاجِعٌ لِأَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَالْمَمْلُوكِ الْمَحْرَمِ وَالْخِلَافُ فِي الْمَحْرَمِ فَقَطْ، بِدَلِيلِ الْمُقَابِلِ وَلَوْ رَجَعَ الْمَسْأَلَةَ لِلزَّوْجَةِ أَيْضًا، وَيُرَادُ بِالْمِلْكِ مَا يَعُمُّ الرَّقَبَةَ وَالِانْتِفَاعَ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا وَلَا يُنَافِيهِ تَعْلِيلُ الزَّوْجَةِ السَّابِقُ وَهَذِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْمَحَلِّ وَخَرَجَ بِهَا شُبْهَةُ الظَّنِّ، كَأَنْ ظَنَّهَا حَلِيلَتَهُ فَلَا تُسْقِطُ الْحَدَّ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَالْإِكْرَاهِ) أَيْ   [حاشية عميرة] [كِتَاب الزِّنَى] قَوْلُهُ: (خَالٍ عَنْ الشُّبْهَةِ) قَيْدٌ مُسْتَدْرَكٌ لِأَنَّ مُحَرَّمٍ يُغْنِي عَنْهُ إذَا وَطِئَ الشُّبْهَةَ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا تَحْرِيمٍ، قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ) لِحَدِيثِ «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوهُ» . قَوْلُهُ: (وَفِي طَرِيقٍ إلَخْ) أَيْ فَيَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الزِّنَى بِلَا خِلَافٍ ثُمَّ مِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ مَسْأَلَةَ دُبُرِ الذَّكَرِ لَيْسَ فِيهَا طُرُقٌ، قَوْلُهُ: (وَوَطْءِ زَوْجَةٍ) شُبْهَةِ مَحَلٍّ قَوْلُهُ: (وَمُكْرَهٍ) شُبْهَةُ فَاعِلٍ قَوْلُهُ: (وَيَقُولُ الِانْتِشَارُ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ عِنْدَ الِانْتِشَارِ وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا عَدَمُ الْخِلَافِ فِي الْمَرَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ. فَائِدَةٌ: الزِّنَى لَا يَحِلُّ بِالْإِكْرَاهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ سَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ نَفْيَ الْإِثْمِ عَنْ الْمَرْأَةِ وَنَسَبَهُ لِلْقُضَاةِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 الِانْتِشَارُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْوَطْءُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ شَهْوَةٍ وَاخْتِيَارٍ (وَكَذَا كُلُّ جِهَةٍ أَبَاحَ بِهَا عَالِمٌ كَنِكَاحٍ بِلَا شُهُودٍ) كَمَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ (أَوْ بِلَا وَلِيٍّ) كَمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا حَدَّ بِالْوَطْءِ فِيهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ، وَالثَّانِي يُحَدُّ مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ (وَلَا) حَدَّ (بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مِمَّا يَنْفِرُ الطَّبْعُ مِنْهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ، وَالثَّانِي يُحَدُّ بِهِ كَوَطْءِ الْحَيَّةِ (وَلَا) بِوَطْءِ (بَهِيمَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا تَقَدَّمَ لَكِنْ يُعَزَّرُ فِيهِمَا وَمُقَابِلُهُ قِيسَ عَلَى الْمَرْأَةِ. وَالثَّالِثُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَتُذْبَحُ الْمَأْكُولَةُ وَتُؤْكَلُ وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ الْفَاعِلِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهَا حَيَّةً وَمَذْبُوحَةً وَلَا تُقْتَلُ غَيْرُ الْمَأْكُولَةِ (وَيُحَدُّ فِي مُسْتَأْجَرَةٍ) لِلزِّنَى (وَمُبِيحَةٍ) لِلْوَطْءِ (وَمَحْرَمٍ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ (وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا) وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ شُبْهَةً دَافِعَةً لِلْحَدِّ. . (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْحَدِّ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (التَّكْلِيفُ إلَّا السَّكْرَانُ وَعَلِمَ تَحْرِيمَهُ) فَلَا يُحَدُّ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَمَنْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الزِّنَى لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ وَزَادَ عَلَى غَيْرِ اسْتِثْنَاءِ السَّكْرَانِ أَيْ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ لِانْتِفَاءِ فَهْمِهِ وَحَدُّهُ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي طَلَاقِهِ. (وَحَدُّ الْمُحْصَنِ) رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (الرَّجْمُ) «لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ» فِي أَحَادِيثِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ (وَهُوَ مُكَلَّفٌ حُرٌّ وَلَوْ) هُوَ (ذِمِّيٌّ غَيَّبَ حَشَفَتَهُ بِقُبُلٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَا فَاسِدٍ) فَإِنَّهُ فِيهِ غَيْرُ مُحْصَنٍ (فِي الْأَظْهَرِ) نَظَرًا إلَى الْفَسَادِ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى النِّكَاحِ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ التَّغْيِيبِ حَالَ حُرِّيَّتِهِ وَتَكْلِيفِهِ) ،   [حاشية قليوبي] وَلِشُبْهَةِ الْإِكْرَاهِ فِي الْمُكْرَهِ وَهَذَا مِنْ شُبْهَةِ الْفَاعِلِ، وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَفِي كَوْنِ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ طَرِيقَانِ فِي ضَمَانِ الْمَهْرِ وَجْهَانِ. قَوْلُهُ: (لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ) وَهَذِهِ مِنْ شُبْهَةِ الطَّرِيقِ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا عَدَمُ الْحَدِّ فِي النِّكَاحِ الْمُوَقَّتِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِجَوَازِهِ وَفِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ مَعًا لِقَوْلِ دَاوُد الظَّاهِرِيِّ بِهِ، قَوْلُهُ: (لَا حَدَّ بِالْوَطْءِ فِيهِ) أَيْ فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ فَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَى الِاعْتِرَاضِ، عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْمِيمِ الْخِلَافِ لِغَيْرِهِ وَهَذَا مِنْ أَسْرَارِ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَلَا بِوَطْءِ بَهِيمَةٍ) فَاعِلَةً كَانَتْ أَوْ مَفْعُولَةً قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُعَزَّرُ) أَيْ الْآدَمِيُّ قَوْلُهُ: (فِيهِمَا) أَيْ الْمَيْتَةِ وَالْبَهِيمَةِ. قَوْلُهُ: (وَتُذْبَحُ إلَخْ) بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِقَتْلِ الْفَاعِلِ قَوْلُهُ: (وَمُبِيحَةٍ) وَالْقَوْلُ بِحِلِّهِ عَنْ عَطَاءٍ كَذِبٌ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ) مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْعَقْدِ فِي الْمَحْرَمِ شُبْهَةٌ وَالرَّاهِنُ فِي مَحْرَمِهِ الْمَمْلُوكَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، فَذِكْرُ الْغَايَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُوَ مَحَلُّ التَّوَهُّمِ بِعَدَمِ إيجَابِ الْحَدِّ، وَيَجِبُ الْحَدُّ بِوَطْءِ مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا وَمُلَاعَنَتِهِ وَزَوْجَةِ غَيْرِهِ، وَمُعْتَدَّةٍ وَخَامِسَةٍ وَأُخْتِ زَوْجَةٍ وَمُرْتَدَّةٍ وَوَثَنِيَّةٍ قَالَ الْبَغَوِيّ، وَكَذَا مَجُوسِيَّةٌ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ لِمَا قِيلَ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ ادَّعَى مُسْقِطًا لِلْحَدِّ كَجَهْلِ تَحْرِيمٍ أَوْ نَسَبٍ صُدِّقَ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ) بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ مَعَ الْتِزَامٍ لِلْأَحْكَامِ فَيُحَدُّ ذِمِّيٌّ وَمُرْتَدٌّ لَا حَرْبِيٌّ وَنَحْوُ مُعَاهَدٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُحَدُّ الصَّبِيُّ) وَإِنْ بَلَغَ فِي أَثْنَاءِ الْوَطْءِ وَاسْتِدَامَةً لِلشُّبْهَةِ فِي الِابْتِدَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ظُنَّ أَنَّهُ صَبِيٌّ فَبَانَ بَالِغًا فَيُحَدُّ. تَنْبِيهٌ: حُكْمُ الْخُنْثَى هُنَا مَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ. قَوْلُهُ: (وَحَدُّ الْمُحْصَنِ) أَيْ وَقْتُ وَطْءِ الزِّنَى وَإِنْ تَغَيَّرَ بَعْدَهُ فَيُرْجَمُ حُرٌّ اُسْتُرِقَّ لَا عَكْسُهُ وَيُرْجَمُ ذِمِّيٌّ أَسْلَمَ فَلَا يَسْقُطُ حَدُّهُ بِإِسْلَامِهِ، وَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْعِبْرَةُ فِي صِفَةِ الْحَدِّ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ فَيُحَدُّ نَحِيفٌ سَمِنَ بِالسِّيَاطِ وَسَمِينٌ نَحِفَ بِالْعُثْكَالِ. فَائِدَةٌ: الْإِحْصَانُ لُغَةً الْمَنْعُ وَشَرْعًا يُطْلَقُ عَلَى نَحْوِ سَبْعَةِ مَعَانٍ الْإِسْلَامِ وَالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ، وَبِكُلٍّ مِنْهَا فُسِّرَتْ آيَةُ فَإِذَا أُحْصِنَّ وَالْحُرِّيَّةِ وَبِهَا فَسَّرَ آيَةَ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 24] ، وَالْعِفَّةِ عَنْ الزِّنَى وَبِهَا فَسَّرَ آيَةَ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] وَالْإِصَابَةِ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَبِهَا فَسَّرَ آيَةَ {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: 24] وَهَذِهِ الْمُرَادَةُ هُنَا. قَوْلُهُ: (الرَّجْمُ) وَاسْتَغْنَى بِهِ عَنْ قَطْعِ آلَتِهِ لِدُخُولِهَا فِي جُمْلَةِ بَدَنِهِ الْهَالِكِ كَمَا دَخَلَ فِيهِ الْجَلْدُ لَوْ سَبَقَهُ كَأَنْ زَنَى بِكْرًا ثُمَّ مُحْصَنًا فَيُرْجَمُ فَقَطْ، وَلَا يُجْلَدُ وَلَا يَغْرُبُ عَلَى قَاعِدَةِ مَا أَوْجَبَ أَعْظَمَ الْأَمْرَيْنِ بِخُصُوصِهِ لَا يُوجِبُ أَدْوَنَهُمَا بِعُمُومِهِ كَمَا فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ مَعَ الْأَكْبَرِ كَذَا قَالُوا هُنَا وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْمُحْصَنُ هُنَا مُكَلَّفٌ بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ كَمَا مَرَّ، وَحُرِّيَّةٍ كَامِلَةٍ وَوَطْءٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (حُرٌّ) أَيْ كَامِلُ الْحُرِّيَّةِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ هُوَ ذِمِّيٌّ) هُوَ قَيْدٌ لِوُجُوبِ الْحَدِّ وَإِلَّا فَالْحَرْبِيُّ مُحْصَنٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لِوُجُودِ مَا يَأْتِي فِيهِ فَلَوْ زَنَى بَعْدَ إسْلَامِهِ رُجِمَ، قَوْلُهُ: (حَالَ حُرِّيَّتِهِ) وَلَوْ حَرْبِيًّا لِأَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهَا، قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] كُلُّ إلَخْ) شُبْهَةُ طَرِيقٍ. قَوْلُهُ: (أَبَاحَ بِهَا) أَيْ الْوَطْءَ ثُمَّ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِالصِّحَّةِ أَوْ الْفَسَادِ فَلَا يَكُونُ مِنْ هَذَا، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) إلَى قَوْلِهِ بِلَا وَلِيٍّ يُفِيدُك أَنَّ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُؤَاخَذَةً فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي النِّكَاحِ بِلَا شُهُودٍ، قَوْلُهُ: (وَيُحَدُّ فِي مُسْتَأْجَرَةٍ) نُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ ذَلِكَ شُبْهَةً. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَنَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ شُبْهَةً لَثَبَتَ النَّسَبُ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِاتِّفَاقٍ أَوْ يَقُولُ يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا أَسْلَفَهُ مِنْ أَنَّ الْإِكْرَاهَ شُبْهَةٌ، وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ عَلَى مَا بَحَثَهُ وَنَقَلَهُ عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْجُرْجَانِيَّ اسْتَثْنَى مَا لَوْ اعْتَقَدَ الْإِبَاحَةَ وَأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْفَرْقِ، قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا) خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ جَعَلُوا الْعَقْدَ شُبْهَةً [شُرُوطُ حَدّ الزِّنَا فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ] قَوْلُهُ: (وَمَنْ جَهِلَ تَحْرِيمَ إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ، [وَحَدُّ الْمُحْصَنِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً فِي الزِّنَا] قَوْلُهُ: (مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ يُجْلَدُ وَيُرْجَمُ أَيْ لِحَدِيثٍ وَرَدَ بِذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُكَلَّفٌ) هَذَا الْوَصْفُ شَرْطٌ فِي أَصْلِ الْحَدِّ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْإِحْصَانِ، قَوْلُهُ: (غَيَّبَ حَشَفَتَهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُكْرَهًا وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ وَمِثْلُهُ التَّحْلِيلُ فِيمَا يَظْهَرُ كَذَا حَاوَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) عِبَارَةُ غَيْرِهِ. لِأَنَّ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ فِي الْعِدَّةِ وَالنَّسَبِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 وَالثَّانِي يُكْتَفَى بِهِ فِي غَيْرِ الْحَالَيْنِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْكَامِلَ الزَّانِي بِنَاقِصٍ) مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (مُحْصَنٌ) نُظِرَ إلَى حَالِهِ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَمَالُ الْآخَرِ. (وَ) حَدُّ (الْبِكْرِ) مِنْ الْمُكَلَّفِ (الْحُرِّ) رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (مِائَةُ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ) لِأَحَادِيثِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ بِذَلِكَ الْمَزِيدُ فِيهَا التَّغْرِيبُ عَلَى الْآيَةِ (إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا فَوْقَهَا) إذَا رَآهُ الْإِمَامُ. (وَإِذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ جِهَةً فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ غَيْرِهَا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ فَيُجَابُ إلَيْهِ (وَيُغَرَّبُ غَرِيبٌ مِنْ بَلَدِ الزِّنَى إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ) هُوَ (فَإِنْ عَادَ إلَى بَلَدِهِ مُنِعَ) مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ (وَلَا تُغَرَّبُ امْرَأَةٌ وَحْدَهَا فِي الْأَصَحِّ بَلْ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ) لَهُ عَلَيْهَا (فَإِنْ امْتَنَعَ بِأُجْرَةٍ لَمْ يُجْبَرْ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يُجْبَرُ لِإِقَامَةِ الْوَاجِبِ وَبِهَذَا وُجِّهَ تَغْرِيبُهَا وَحْدَهَا. (وَ) حَدُّ (الْعَبْدِ خَمْسُونَ وَيُغَرَّبُ نِصْفَ سَنَةٍ) عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ (وَفِي قَوْلٍ سَنَةً وَ) فِي (قَوْلٍ لَا يُغَرَّبُ) وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَمِنْهُ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُبَعَّضُ (وَيَثْبُتُ) الزِّنَى (بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مَرَّةً وَلَوْ أَقَرَّ ثُمَّ رَجَعَ سَقَطَ)   [حاشية قليوبي] وَتَكْلِيفِهِ) أَيْ يُشْتَرَطُ فِي التَّغْيِيبِ الَّذِي لَا يَصِيرُ بِهِ مُحْصَنًا أَنْ يُوجَدَ فِي حَالِ حُرِّيَّتِهِ وَتَكْلِيفِهِ وَإِنْ وَقَعَ عَقْدُ النِّكَاحِ قَبْلَهُمَا. قَوْلُهُ: (بِنَاقِصٍ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْكَامِلِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّارِحِ لَا بِالزَّانِي كَمَا يُتَوَهَّمُ فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا مِمَّا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. . قَوْلُهُ: (مِائَةُ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ) بِأَمْرِ الْإِمَامِ فَلَوْ فَعَلَهُمَا بِنَفْسِهِ أَوْ فَعَلَهُمَا غَيْرُهُ بِهِ وَلَيْسَ نَائِبًا عَنْ الْإِمَامِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِمَا، وَيُصَدَّقُ فِي مُضِيِّ الْعَامِ وَيُنْدَبُ تَحْلِيفُهُ إنْ اُتُّهِمَ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَابْتِدَاءُ الْعَامِ مِنْ ابْتِدَاءِ سَفَرِهِ فَيَكْفِي وَلَوْ ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَلَا يَحْتَاجُ فِي عَوْدِهِ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ وَيَكْفِي حَدٌّ وَاحِدٌ لِمَنْ زَنَى مِرَارًا قَبْلَهُ، قَوْلُهُ: (إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ) بِشَرْطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَالْمَقْصِدِ وَعَدَمِ طَاعُونٍ لِحُرْمَةِ دُخُولِ بَلَدِهِ، وَعَدَمِ إجَارَةٍ عَلَى عَيْنِهِ لِعَمَلٍ يَتَعَذَّرُ مَعَ التَّغْرِيبِ فَيُؤَخَّرُ التَّغْرِيبُ إلَى زَوَالِ مَا ذُكِرَ وَلَهُ اسْتِصْحَابُ أَمَةٍ يَتَسَرَّى بِهَا أَوْ زَوْجَةٍ فَقَطْ، وَمَالٍ لِلنَّفَقَةِ لَا غَيْرِهِمَا كَأَهْلٍ وَمَالٍ يَزِيدُ عَلَى النَّفَقَةِ نَعَمْ لَوْ خَرَجَ أَهْلُهُ مَعَهُ لَمْ يُمْنَعُوا بَلْ لَهُ اسْتِصْحَابُ مَنْ يَخَافُ عَلَيْهِمْ بَعْدَهُ، وَيُقَيَّدُ إنْ خِيفَ هَرَبُهُ أَوْ عَوْدُهُ، وَيُحْبَسُ إنْ خِيفَ إفْسَادُهُ لِلنِّسَاءِ، أَوْ الْغِلْمَانِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَكَذَا كُلُّ مَنْ خِيفَ مِنْهُ هَذَا الْأَمْرُ وَلَوْ غَيْرَ زَانٍ قَالَ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ. قَوْلُهُ: (جِهَةً) خَرَجَ الْبَلَدُ فَلَهُ الِانْتِقَالُ إلَى أُخْرَى بِقُرْبِهَا أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (إلَى غَيْرِ بَلَدٍ) وُجُوبًا قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَادَ) أَيْ إلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مُطْلَقًا أَوْ إلَى بَلَدِهِ، أَيْ بَلَدِ وَطَنِهِ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ إلَى بَلَدٍ غُرِّبَ مِنْهُ، قَوْلُهُ: (مُنِعَ مِنْهُ) أَيْ مَنَعَهُ الْإِمَامُ وَأَعَادَهُ إلَى مَا كَانَ فِيهِ أَوْ إلَى مِثْلِهِ، وَاسْتَأْنَفَ الْمُدَّةَ وَمَنْ لَا وَطَنَ لَهُ يُتْرَكُ حَتَّى يَتَوَطَّنَ وَإِنْ لَزِمَ فَوَاتُ الْحَدِّ لِأَنَّهُ بَعِيدٌ وَيُغَرَّبُ مُسَافِرٌ وَلَوْ لِحَجٍّ إلَى غَيْرِ مَقْصِدِهِ، وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَلَوْ زَنَى فِيمَا غُرِّبَ إلَيْهِ نُقِلَ إلَى غَيْرِهِ فِي غَيْرِ جِهَةِ وَطَنِهِ، وَلَا تُسْتَأْنَفُ الْمُدَّةُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُغَرَّبُ امْرَأَةٌ) وَخُنْثَى وَأَمْرَدُ جَمِيلٌ قَوْلُهُ: (بَلْ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ) أَوْ مَمْسُوحٍ أَوْ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ وَالْمُرَادُ صُحْبَةُ مَنْ ذُكِرَ لَهَا ذَهَابًا وَإِيَابًا لَا إقَامَةً قَالَهُ شَيْخُنَا وَنُوزِعَ فِيهِ قَوْلُهُ: (بِأُجْرَةٍ لَهُ عَلَيْهَا) إنْ قَدَرَتْ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، قَوْلُهُ: (لَمْ يُجْبَرْ) وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا يَتَأَخَّرُ التَّغْرِيبُ إلَى وُجُودِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْعَبْدِ الْجِنْسُ وَلَوْ قَالَ وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّقِيقُ وَالْمَمْلُوكُ أَوْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ أَوْ مَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ لَكَانَ وَاضِحًا إذْ فِي الصِّدْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ تَأَمُّلٌ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (الصَّادِقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى) وَبِالْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَيَأْتِي فِيمَنْ يَصْحَبُ الْأَمْرَدَ أَوْ الْأُنْثَى مَا مَرَّ فِي الْحُرَّةِ وَالْحُرِّ الْأَمْرَدِ، وَلَا نَظَرَ لِضَرَرِ السَّيِّدِ بِغَيْبَتِهِ أَوْ بِقَتْلِهِ كَمَا فِي قَتْلِهِ بِالرِّدَّةِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَحُدَّ عَبْدَهُ، وَلَوْ كَافِرًا لِكَافِرٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ إقْرَارٍ) أَيْ حَقِيقِيٍّ فَخَرَجَ مَا لَوْ طَلَبَ الْقَاذِفُ يَمِينَ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ مَا زَنَى فَرَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، وَحَلَفَ فَلَا يَثْبُتُ الزِّنَى وَلَا الْحَدُّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا بُدَّ فِي الْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ بِذِكْرِ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَكَيْفِيَّةِ الْإِدْخَالِ وَزَمَانِهِ وَمَكَانِهِ وَكَوْنِهِ عَلَى وَجْهِ الزِّنَى مِنْهُ بِهَا. قَوْلُهُ: (سَقَطَ الْحَدُّ) أَيْ جَمِيعُهُ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ إنْ رَجَعَ فِي أَثْنَائِهِ وَإِنْ شَهِدَ حَالُهُ بِكَذِبِهِ وَالرُّجُوعُ مَنْدُوبٌ بَلْ وَالسَّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ ابْتِدَاءً مُطْلَقًا وَيُنْدَبُ لِلشَّاهِدِ عَدَمُ الشَّهَادَةِ وَمَا قِيلَ إنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ لِلْإِمَامِ وَيَطْلُبَ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَى نَفْسِهِ، كَمَا فِي الشَّهَادَاتِ حَمَلَهُ شَيْخُنَا عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَسْلِيمُ نَفْسِهِ لَهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (بِنَاقِصٍ) مُتَعَلِّقٌ بِكَامِلٍ فَيَكُونُ ذِكْرُ الزَّانِي لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ بَلْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ، وَأَمَّا تَعَلُّقُهُ بِالزَّانِي كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ فَقَدْ أَفْسَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ وُجُوهٍ فَلْيُرَاجَعْ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ الصَّوَابُ الثَّانِي بِنَاقِصٍ. [حَدُّ الْبِكْرِ مِنْ الْمُكَلَّفِ الْحُرِّ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً] قَوْلُهُ: (مِنْ الْمُكَلَّفِ) مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ قَوْلُهُ: (جَلْدَةٍ) قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ سُمِّيَ الْجَلْدُ جَلْدًا لِوُصُولِهِ إلَى الْجِلْدِ، قَوْلُهُ: (لِأَحَادِيث مُسْلِمٍ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ فِيهِ نَسْخٌ لِلْآيَةِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ ثُمَّ فِي عَطْفِهِ التَّرْتِيبُ بِالْوَاوِ إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ التَّرْتِيبِ، وَلَفْظَةُ التَّغْرِيبِ قَدْ تُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ غَرَّبَ نَفْسَهُ لَا يُكْتَفَى بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (فَمَا فَوْقَهَا) أَيْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِبْعَادُ، قَوْلُهُ: (لَمْ يُجْبَرْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا إثْمَ ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا تَعَيَّنَ، قَوْلُهُ: (وَالْعَبْدِ خَمْسُونَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] وَالْمُرَادُ، الْجَلْدُ لِأَنَّ الرَّجْمَ لَا يَتَبَعَّضُ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ سَنَةٌ) أَيْ كَمَا أَنَّ مُدَّةَ الْعُنَّةِ وَالْإِيلَاءِ لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهَا بَيْنَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 الْحَدُّ (وَلَوْ قَالَ لَا تَحُدُّونِي أَوْ هَرَبَ) مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ (فَلَا) سُقُوطَ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي قَالَ ذَلِكَ مُشْعِرٌ بِالرُّجُوعِ. (وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنَاهَا وَأَرْبَعٌ أَنَّهَا عَذْرَاءُ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ (لَمْ تُحَدَّ هِيَ) لِشُبْهَةِ الْعُذْرَةِ (وَلَا قَاذِفُهَا) لِلشَّهَادَةِ بِزِنَاهَا وَاحْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ (وَلَوْ عَيَّنَ شَاهِدٌ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ (زَانِيَةً لِزِنْيَةٍ وَالْبَاقُونَ غَيْرَهَا لَمْ يَثْبُتْ) لِعَدَمِ تَمَامِ الْعَدَدِ فِي زَانِيَةٍ (وَيَسْتَوْفِيهِ) أَيْ الْحَدَّ (الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) فِيهِ (مِنْ حُرٍّ وَمُبَعَّضٍ) لِجُزْئِهِ الْحُرَّ (وَيُسْتَحَبُّ حُضُورُ الْإِمَامِ وَشُهُودُهُ) أَيْ الزِّنَى اسْتِيفَاءَهُ وَحُضُورُ الْإِمَامِ شَامِلٌ لِلْإِقْرَارِ (وَيَحُدُّ الرَّقِيقَ سَيِّدُهُ) رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (أَوْ الْإِمَامُ) وَقِيلَ فِي الْمَرْأَةِ يَتَعَيَّنُ الْإِمَامُ (فَإِنْ تَنَازَعَا) فِيمَنْ يَحُدُّهُ (فَالْأَصَحُّ الْإِمَامُ) لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ حَدِيثُ «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ السَّيِّدَ يُغَرِّبُهُ) لِأَنَّ التَّغْرِيبَ بَعْضُ الْحَدِّ، وَالثَّانِي يُحَطُّ رُتْبَةُ السَّيِّدِ عَنْ ذَلِكَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُكَاتَبَ) فِي حَدِّهِ (كَحُرٍّ) لِخُرُوجِهِ عَنْ قَبْضَةِ السَّيِّدِ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْفَاسِقَ وَالْكَافِرَ وَالْمُكَاتَبَ يَحُدُّونَ عَبِيدَهُمْ) وَالثَّانِي لَا نَظَرًا إلَى أَنَّ فِي الْحَدِّ وِلَايَةً وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ السَّيِّدَ يُعَزِّرُ) عَبْدَهُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يُؤَدِّبُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ (وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ بِالْعُقُوبَةِ) أَيْ بِمُوجِبِهَا وَالثَّانِي قَالَ التَّعْزِيرُ غَيْرُ مَضْبُوطٍ فَيَفْتَقِرُ إلَى اجْتِهَادٍ وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ مِنْ مَنْصِبِ الْقَاضِي وَيَعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ جَزْمًا وَبِمُشَاهَدَتِهِ لَهُ وَقِيلَ لَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ فِي الْحُدُودِ وَيُقِيمُ السَّيِّدُ مَعَهَا   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ: يُقْبَلُ الرُّجُوعُ فِي غَيْرِ الزِّنَى مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ كَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ مِنْ حَيْثُ سُقُوطُ الْحَدِّ وَالْقَطْعِ وَلَا يُقْبَلُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالْبُلُوغِ أَوْ الْإِحْصَانِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ بِسُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُ وَبِإِقَامَتِهِ عَلَيْهِ لَا يَعُودُ مُحْصَنًا أَبَدًا فَلَوْ قَذَفَهُ شَخْصٌ لَمْ يُحَدَّ أَوْ قَتَلَهُ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ بَلْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ أَقَرَّ وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهَا وَإِنْ تَأَخَّرَتْ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بَعْدَهُمَا فَإِنْ أَسْنَدَ حُكْمَهُ لِلْبَيِّنَةِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ، قَوْلُهُ: (لَا تَحُدُّونِي) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ قَدْ حَدَّنِي إمَامٌ فَيُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يُرَ لَهُ أَثَرٌ بِبَدَنِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ هَرَبَ) فَلَا سُقُوطَ لَكِنْ يَكُفُّ عَنْهُ وُجُوبًا إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ هَرَبُهُ لِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِ، قَوْلُهُ: (عَذْرَاءُ) وُصِفَتْ بِذَلِكَ لِتَعَذُّرِ وَطْئِهَا وَكَذَا لَوْ كَانَتْ قَرْنَاءَ أَوْ رَتْقَاءَ، قَوْلُهُ: (لَمْ تُحَدَّ) إنْ لَمْ تَكُنْ غَوْرَاءَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَإِلَّا حُدَّتْ، قَوْلُهُ: (وَلَا قَاذِفُهَا) وَلَا الشُّهُودُ أَيْضًا وَلَهَا طَلَبُ الْمَهْرِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ أَكْرَهَهَا مَعَ عَدَمِ الْحَدِّ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (وَاحْتِمَالَ عَوْدِ الْبَكَارَةِ) هُوَ مَفْعُولٌ مَعَهُ وَالْوَاوُ لِلْمَعِيَّةِ وَلَوْ لَمْ يُحْتَمَلْ عَوْدُهَا حُدَّ قَاذِفُهَا وَمِنْهُ الشُّهُودُ فَيُحَدُّونَ، قَوْلُهُ: (لَمْ يَثْبُتْ زِنَاهَا) خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَيُحَدُّ قَاذِفُهَا وَالشُّهُودُ أَيْضًا قَوْلُهُ: (مِنْ حُرٍّ) وَإِنْ رَقَّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، قَوْلُهُ: (وَمُبَعَّضٍ) وَمَوْقُوفٍ وَمَحْجُورٍ بِلَا وَلِيٍّ وَمُوصًى بِعِتْقِهِ زَنَى بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ عِتْقِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْإِجَازَةِ وَإِنْ أَجَازَ الْوَارِثُ بَعْدُ وَقِنُّ بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ مُسْلِمًا عَلَى كَافِرٍ وَيَسْتَوْفِيهِ مِنْ الْإِمَامِ بَعْضُ نُوَّابِهِ أَوْ إمَامٌ آخَرُ. قَوْلُهُ: (وَيَحُدُّ الرَّقِيقَ) وَإِنْ عَتَقَ وَسَوَاءٌ حَدُّ زِنًى وَغَيْرِهِ وَلَوْ قِصَاصًا أَوْ قَطْعًا فِي سَرِقَةٍ قَوْلُهُ: (سَيِّدُهُ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ وَإِنْ كَاتَبَهُ بَعْدَ الزِّنَى أَوْ أَعْتَقَهُ كَمَا مَرَّ، وَالْوَلِيُّ وَلَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا فِي مَحْجُورِهِ كَالسَّيِّدِ فِي عَبْدِهِ وَدَخَلَ فِي السَّيِّدِ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ الْحَدِّ وَمُوصًى لَهُ بِهِ كَذَلِكَ لِبَقَاءِ الْمِلْكِيَّةِ فِيهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْحُرَّ إذَا رَقَّ قَوْلُهُ: (أَنَّ السَّيِّدَ يُغَرِّبُهُ) وَمُؤْنَةُ التَّغْرِيبِ عَلَى السَّيِّدِ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مُؤْنَةِ الْحُرِّ، فَإِنْ غَرَّبَهُ الْإِمَامُ فَالْمُؤْنَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ قَالَهُ شَيْخُنَا، قَوْلُهُ: (وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً وَقْتَ زِنَاهُ وَإِنْ عَجَزَ نَفْسُهُ بَعْدَهُ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ، قَوْلُهُ: (كَحُرٍّ) وَيُقَدَّمُ مَا أُلْحِقَ بِهِ فِي حَقِّهِ أَيْ مِنْ حَيْثُ اسْتِيفَاءُ الْإِمَامِ الْحَدَّ مِنْهُ، قَوْلُهُ: (وَالْكَافِرَ) فِي عَبْدٍ كَافِرٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمُكَاتَبَ) وَالْمُبَعَّضَ وَالْمَرْأَةَ، قَوْلُهُ: (وِلَايَةً) عُلِمَ بِهَذَا رَدُّ هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّ لِاسْتِيفَاءِ فِي هَؤُلَاءِ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ، وَلِذَلِكَ يَحُدُّ الْعَبْدَ سَيِّدُهُ بِعِلْمِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (وَأَنَّ السَّيِّدَ يُعَزِّرُ عَبْدَهُ) بِأَوْصَافِهِمَا السَّابِقَةِ قَوْلُهُ: (وَيَسْمَعُ) أَيْ السَّيِّدُ بِأَفْرَادِهِ السَّابِقَةِ، قَوْلُهُ: (وَيُقِيمُ السَّيِّدُ مَعَهَا) أَيْ الْحُدُودِ قَوْلُهُ: (قِيلَ وَالْقَطْعُ وَالْقَتْلُ قِصَاصًا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ جَمِيعَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ.   [حاشية عميرة] الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَوَجْهُ الثَّالِثِ مَا فِي التَّغْرِيبِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّ السَّيِّدِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمَةَ يُعْتَبَرُ مَعَهَا مَحْرَمٌ كَالْحُرَّةِ. [بِمَا يَثْبُت حَدّ الزِّنَا] قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ مُسْقِطِ الْإِقْرَارِ شَرَعَ فِي مُسْقِطِ الْبَيِّنَةِ، قَوْلُهُ: (لَمْ تُحَدَّ هِيَ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ غَوْرَاءَ وَإِلَّا حُدَّتْ، قَوْلُهُ: (لَمْ يَثْبُتْ) خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ لِإِمْكَانِ الْوَطْءِ فِي زَوَايَا لَنَا أَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ ثُمَّ اقْتِصَارُهُ هُنَا عَلَى نَفْيِ الثُّبُوتِ يُفِيدُ أَنَّ حَقَّ الْقَذْفِ وَاجِبٌ عَلَى الْقَاذِفِ، وَالشُّهُودِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ: (وَيُحَدُّ الرَّقِيقُ) أَيْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ حَدُّ الزِّنَى وَالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ وَكَذَا قَطْعُهُ فِي السَّرِقَةِ وَالْحِرَابَةُ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ التَّغْرِيبَ إلَخْ) ، لَكِنْ مُؤْنَةُ تَغْرِيبِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى السَّيِّدِ وَأَمَّا النَّفَقَةُ زَمَنَ التَّغْرِيبِ فَعَلَى السَّيِّدِ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) اسْتَدَلَّ لَهُ بِاقْتِصَارِهِ فِي حَدِيثِ الْجَارِيَةِ عَلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ: (فِي حُقُوقِ اللَّهِ) يُرِيدُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ تَعْزِيرَ الْعَبْدِ لِحَقِّ السَّيِّدِ مَقْطُوعٌ بِهِ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَأَمَّا حُقُوقُ غَيْرِهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ فَسَكَتَ عَنْهَا وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى إلْحَاقُهَا بِحُقُوقِ السَّيِّدِ، قَوْلُهُ: (وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ) كَمَا يُقِيمُ الْعُقُوبَةَ يَسْمَعُ بَيِّنَتَهَا ثُمَّ قَضِيَّةُ هَذَا سَمَاعُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَحَدُّ الْقَذْفِ وَقَطْعُ السَّرِقَةِ وَالْمُحَارَبَةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي قَالَ إلَخْ) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ نَازَعَهُ فَلَا إشْكَالَ فِي تَقَدُّمِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَيُقِيمُ السَّيِّدُ مَعَهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ فِي الْحُدُودِ. [كَيْفِيَّة الرَّجْمُ] قَوْلُهُ: (وَالرَّجْمُ إلَخْ) قَالَ الْأَصْحَابُ جَمِيعُ بَدَنِهِ مَحَلٌّ لِلرَّجْمِ وَالِاخْتِيَارُ، أَنَّهُ يُتَوَقَّى الْوَجْهُ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 قَتْلَ الرِّدَّةِ قِيلَ وَالْقَطْعَ وَالْقَتْلَ قِصَاصًا. (وَالرَّجْمُ) حَتَّى يَمُوتَ (بِمَدَرٍ وَحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ) لَا بِحَصَيَاتٍ خَفِيفَةٍ وَلَا بِصَخْرَةٍ مُذَفَّفَةٍ (وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ) إذَا ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ (وَالْأَصَحُّ اسْتِحْبَابُهُ لِلْمَرْأَةِ إنْ ثَبَتَ) زِنَاهَا (بِبَيِّنَةٍ) فَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ فَلَا يُسْتَحَبُّ لِيُمْكِنَهَا الْهَرَبُ إنْ رَجَعَتْ وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا إلَى صَدْرِهَا وَالثَّالِثُ لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ هُوَ إلَى خِيَرَةِ الْإِمَامِ (وَلَا يُؤَخَّرُ لِمَرَضٍ وَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ) لِأَنَّ النَّفْسَ مُسْتَوْفَاةٌ فِيهِ (وَقِيلَ يُؤَخَّرُ إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَخَّرْ رُبَّمَا رَجَعَ فِي أَثْنَاءِ الرَّمْيِ فَيُعَيَّنُ مَا وُجِدَ مِنْهُ عَلَى قَتْلِهِ (وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ لِلْمَرَضِ) الْمَرْجُوِّ الْبُرْءُ مِنْهُ (فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ) مِنْهُ (جُلِدَ لَا بِسَوْطٍ بَلْ بِعِثْكَالٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ (عَلَيْهِ مِائَةُ غُصْنٍ فَإِنْ كَانَ) عَلَيْهِ (خَمْسُونَ) غُصْنًا (ضُرِبَ بِهِ مَرَّتَيْنِ وَتَمَسُّهُ الْأَغْصَانُ أَوْ يَنْكَبِسُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ لِيَنَالَهُ بَعْضُ الْأَلَمِ) فَإِنْ انْتَفَى الْمَسُّ وَالِانْكِبَاسُ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ (فَإِنْ بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَ الضَّرْبِ بِالْعُثْكَالِ (أَجْزَأَهُ) الضَّرْبُ بِهِ. (وَلَا جَلْدَ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ) بَلْ يُؤَخَّرُ إلَى اعْتِدَالِ الْوَقْتِ (وَإِذَا جَلَدَ الْإِمَامُ فِي مَرَضٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) فَهَلَكَ الْمَجْلُودُ (فَلَا ضَمَانَ عَلَى النَّصِّ فَيَقْتَضِي أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ) وَمُقَابِلُ النَّصِّ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ وَهُوَ لِجَمِيعِهِ أَوْ نِصْفِهِ وَجْهَانِ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ قَوْلَانِ وَعَلَى الضَّمَانِ يَجِبُ التَّأْخِيرُ أَوْ يَجُوزُ التَّعْجِيلُ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ وَجْهَانِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْمَذْهَبُ وُجُوبُ التَّأْخِيرِ مُطْلَقًا. .   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: يُشْتَرَطُ فِي الْحَدِّ بِالْجَلْدِ نِيَّتُهُ وَإِنْ أَخْطَأَ فِيهِ كَأَنْ جَلَدَهُ عَنْ زِنًى فَبَانَ عَنْ شُرْبٍ وَفِي الِاكْتِفَاءِ فِي الْخَطَإِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِنْ قَاعِدَةِ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً أَوْ تَفْصِيلًا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ فَتَأَمَّلْ، وَلَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ وَلَا نِيَّةُ غَيْرِ الْحَدِّ كَمُصَادَرَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْقَتْلِ نِيَّةٌ وَلَا يَضُرُّ نِيَّةُ غَيْرِهِ، فَلَوْ قَتَلَهُ بِقَصْدِ الظُّلْمِ فَبَانَ أَنَّهُ قَاتِلُ أَبِيهِ اُعْتُدَّ بِهِ، قَوْلُهُ: (وَالرَّجْمُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ بِالرَّمْيِ بِالْأَحْجَارِ وَلَوْ قُتِلَ بِسَيْفٍ اُعْتُدَّ بِهِ وَإِنْ فَاتَ الْوَاجِبُ قَوْلُهُ: (بِمَدَرٍ) أَيْ طِينٍ مُسْتَحْجِرٍ. قَوْلُهُ: (وَحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَالْمُخْتَارُ أَنْ تَكُونَ مِلْءَ الْكَفِّ قَوْلُهُ: (وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ) أَيْ لَا يُنْدَبُ فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِيهِ وَلَا يُرْبَطُ وَلَا يُقَيَّدُ، قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ اسْتِحْبَابُهُ) أَيْ الْحَفْرِ لِلْمَرْأَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمِثْلُهَا الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ قَوْلُهُ: (بِبَيِّنَةٍ) أَوْ لِعَانٍ قَوْلُهُ: (فَلَا يُسْتَحَبُّ) وَالْحَفْرُ فِي قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ مَعَ أَنَّهَا مُقِرَّةٌ بَيَانٌ لِلْجَوَازِ. تَنْبِيهٌ: يَجِبُ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ سَتْرُ عَوْرَةٍ وَأَمْرٌ بِصَلَاةٍ دَخَلَ وَقْتُهَا وَتَوَقِّي ضَرْبِ وَجْهٍ، وَيُنْدَبُ فِيهَا سَتْرُ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ وَعَرْضُ تَوْبَةٍ أَوْ إجَابَةٌ لِشُرْبٍ لَا أَكْلٍ وَلِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَبْعُدُ الضَّارِبُ عَنْهُمَا، وَلَا يَدْنُو مِنْهُمَا قَوْلُهُ: (وَلَا يُؤَخَّرُ) أَيْ الرَّجْمُ أَيْ لَا يَجِبُ تَأْخِيرُهُ لِمَرَضٍ أَوْ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ. نَعَمْ يُنْدَبُ التَّأْخِيرُ لِمَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَيَجِبُ لِحَمْلٍ وَلَوْ مِنْ زِنًى وَفِطَامٍ وَغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقِصَاصِ وَكَذَا سَائِرُ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، قَوْلُهُ: (وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ) وُجُوبًا لِلْمَرِيضِ وَغَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي وَلَا يُحْبَسُ وَإِنْ ثَبَتَ الزِّنَى بِالْبَيِّنَةِ وَخِيفَ هَرَبُهُ، قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْعَيْنِ) أَيْ عَلَى الْأَشْهَرِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْعُرْجُونِ وَعَلَيْهِ الشَّمَارِيخُ الَّتِي بِهَا يَحْصُلُ اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ الْمَذْكُورِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ انْتَفَى إلَخْ) وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَفَارَقَ الْأَيْمَانَ بِاعْتِبَارِ الزَّجْرِ هُنَا، قَوْلُهُ: (بَرَأَ بِفَتْحِ الرَّاءِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الضَّرْبِ) أَيْ بَعْدَ جَمِيعِهِ فَإِنْ بَرَأَ بَعْدَ بَعْضِهِ اُعْتُدَّ بِمَا مَضَى وَجُلِدَ الْبَاقِي كَالْأَصِحَّاءِ، قَوْلُهُ: (وَلَا حَدَّ) أَيْ جَائِزٌ لِأَنَّ الْأَصَحَّ وُجُوبُ التَّأْخِيرِ، كَمَا يَأْتِي وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ لِأَجْلِ الْخِلَافِ الْآتِي، قَوْلُهُ: (يُؤَخَّرُ إلَى اعْتِدَالِ الْوَقْتِ) وَلَوْ لَيْلًا وَهَذَا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَلَا يُؤَخَّرُ، وَلَا يُنْقَلُ إلَى بَلَدٍ مُعْتَدِلٍ وَلَا يُحْبَسُ لَوْ أُخِّرَ كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (فَيَقْتَضِي إلَخْ) هُوَ مَرْجُوحٌ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ النَّصِّ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ) أَيْ مِنْ التَّعْزِيرِ وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَهُوَ هُنَا مَرْجُوحٌ أَيْضًا وَالرَّاجِحُ بِنَاءً عَلَيْهِ مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ الْأَوَّلُ فِي الْجَمِيعِ، قَوْلُهُ: (الْمَذْهَبُ وُجُوبُ التَّأْخِيرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا ضَمَانَ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْضًا، فَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالضَّمَانِ أَوْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَطِيبُ وَالدَّمِيرِيُّ وَفَارَقَ وُجُوبَ الضَّمَانِ فِي التَّعْزِيرِ وَالْخَتْنِ بِأَنَّهُمَا بِالِاجْتِهَادِ، وَهُوَ قَدْ يُخْطِئُ، وَلَا كَذَلِكَ الْحُدُودُ لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِالنَّصِّ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ امْتِنَاعُ الْحَفْرِ لَكِنْ مَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَى التَّخْيِيرِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ مَا لَوْ ثَبَتَ بِلِعَانٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ تُلَاعِنَ فَيَسْقُطُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ نَظَرًا، إلَى أَنَّ الرُّجُوعَ عَلَى الْإِقْرَارِ مَطْلُوبٌ بِخِلَافِ هَذَا فَقَدْ يَكُونُ الزَّوْجُ مُحِقًّا وَبِهَذَا جَزَمَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يُؤَخَّرُ لِمَرَضٍ إلَخْ) . نَعَمْ تُؤَخَّرُ الْحَامِلُ وَلَوْ مِنْ زِنًى حَتَّى تَفْطِمَ الْوَلَدَ وَيُوجَدُ مَنْ يَكْفُلُهُ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُؤَخَّرُ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ جَرَيَانُ هَذَا الْوَجْهِ وَلَوْ كَانَ الْمَرَضُ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَحِكَايَةُ هَذَا الْوَجْهِ تَقْتَضِي وُجُوبَ التَّأْخِيرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَائِلُهُ يَجْعَلُ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا كَمَا فِي الْجَلْدِ الْآتِي. أَقُولُ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ وُجُوبُ تَأْخِيرِهِ عَنْ الرَّجْمِ،. قَوْلُهُ: (وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ) هَلْ يُحْبَسُ مُدَّةَ التَّأْخِيرِ هُوَ مُتَّجَهٌ فِي الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ جُلِدَ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا اشْتَكَى حَتَّى أَضْنَى فَصَارَ جِلْدُهُ عَلَى عَظْمِهِ فَوَقَعَ عَلَى جَارِيَةٍ لِبَعْضِهِمْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَأْخُذُوا لَهُ مِائَةَ شِمْرَاخٍ فَيَضْرِبُوهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً» ، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَيْئَةُ الصَّلَاةِ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمُصَلِّي فَهَذَا أَوْلَى، قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَتَنَهُ الْإِمَامُ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِالدِّيَةِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْخَتْنَ ثَبَتَ بِالِاجْتِهَادِ فَأَشْبَهَ التَّعْزِيرَ، فَشُرِطَ فِيهِ سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ بِخِلَافِ الْحَدِّ ثُمَّ تَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الْمَرَضَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ يُفِيدُك أَنَّ نِضْوَ الْخَلْقِ أَيْ ضَعِيفَهُ لَوْ جُلِدَ بِغَيْرِ الْمَشْرُوعِ كَانَ مَضْمُونًا، قَوْلُهُ: (وُجُوبُ التَّأْخِيرِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالضَّمَانِ أَمْ بِعَدَمِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ الرَّمْيِ بِالزِّنَى (شَرْطُ حَدِّ الْقَاذِفِ التَّكْلِيفُ إلَّا السَّكْرَانُ) زَادَ اسْتِثْنَاءَهُ وَالْكَلَامُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا (وَالِاخْتِيَارُ) فَلَا يُحَدُّ الْمُكْرَهُ عَلَى الْقَذْفِ كَمَا لَا يُحَدُّ عَلَيْهِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ (وَيُعَزَّرُ الْمُمَيِّزُ) مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ (وَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ) ذَكَرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ أُنْثَى كَمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ (فَالْحُرُّ) حَدُّهُ (ثَمَانُونَ) جَلْدَةً لِآيَةِ: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] وَالْمُرَادُ فِيهَا الْأَحْرَارُ لِقَوْلِهِ فِيهَا: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] فَالْعَبْدُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْذِفْ (وَالرَّقِيقُ) حَدُّهُ (أَرْبَعُونَ) جَلْدَةً عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ وَمِنْهُ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُبَعَّضُ. (وَ) شَرْطُ (الْمَقْذُوفِ) الَّذِي يُحَدُّ قَاذِفُهُ (الْإِحْصَانُ وَسَبَقَ فِي) كِتَابِ (اللِّعَانِ) بِقَوْلِهِ وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ (وَلَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ بِزِنًى حُدُّوا فِي الْأَظْهَرِ)   [حاشية قليوبي] كِتَابُ بَيَانِ حَدِّ الْقَذْفِ أَخَّرَهُ عَنْ الزِّنَى لِأَنَّهُ دُونَهُ رُتْبَةً وَقَدْرًا وَالْحَدُّ مِنْ حَيْثُ هُوَ لُغَةً: نِهَايَةُ الشَّيْءِ أَوْ طَرَفُهُ، وَشَرْعًا: عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ تَجِبُ عَلَى مَعْصِيَةٍ مَخْصُوصَةٍ حَقًّا لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ أَوْ لَهُمَا كَالشُّرْبِ وَالْقِصَاصِ وَالْقَذْفِ، فَإِنَّهُ لَهُمَا وَالْمُغَلَّبُ فِيهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ لِمُضَايَقَتِهِ وَالْقَذْفُ لُغَةً الرَّمْيُ مُطْلَقًا وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَى فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ لِتَخْرُجَ الشَّهَادَةُ بِهِ فَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ لَهُ بِالرَّمْيِ بِالزِّنَى لَا يُنَاسِبُ وَاحِدًا مِنْ التَّعْرِيفَيْنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ مِنْ التَّعْرِيفِ بِالْأَعَمِّ وَسَكَتَ عَنْهُ هُنَا لِذِكْرِهِ فِي اللِّعَانِ وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَمِنْ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ وَمِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ، وَفَاعِلُهُ فَاسِقٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالنِّسَاءُ كَالرِّجَالِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُنَّ أَحْرَصُ عَلَى الزِّنَى لِنَقْصِهِنَّ، نَعَمْ مَنْ قَذَفَ غَيْرَهُ فِي خَلْوَةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ إلَّا اللَّهُ وَالْحَفَظَةُ فَلَيْسَ بِكَبِيرَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْحَدِّ وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ إلَّا عِقَابَ كَذِبٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ كَمَا مَرَّ، وَكَانَ حَدُّ الْقَاذِفِ دُونَ حَدِّ الزَّانِي لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَدُونَ حَدِّ الْمُرْتَدِّ لِإِمْكَانِ الْمُرْتَدِّ مِنْ دَفْعِ الْحَدِّ عَنْ نَفْسِهِ بِإِسْلَامِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُقْطَعْ آلَتُهُ كَالسَّرِقَةِ حِفْظًا لِلْعِبَادَةِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَإِبْقَاءً لِأَشْرَفِ نَوْعٍ فُضِّلَ بِهِ الْإِنْسَانُ، كَمَا لَمْ تُقْطَعْ آلَةُ الزَّانِي إبْقَاءً لِلنَّسْلِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (شَرْطُ حَدِّ الْقَاذِفِ) أَيْ شَرْطُ الْقَاذِفِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَهُوَ أَحَدُ أَرْكَانِهِ الثَّلَاثَةِ وَتَقَدَّمَ شَرْطُ الْقَذْفِ وَأَحَالَ شَرْطَ الْمَقْذُوفِ عَلَى مَا فِي اللِّعَانِ مِنْ كَوْنِهِ مُكَلَّفًا حُرًّا مُسْلِمًا عَفِيفًا، قَوْلُهُ: (التَّكْلِيفُ) أَيْ مَعَ الْتِزَامِ الْأَحْكَامِ وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ الْمُرْتَدُّ وَعَبْدُ الذِّمِّيِّ وَيَخْرُجَ الْحَرْبِيُّ وَالْمُعَاهَدُ وَالْمُؤَمَّنُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُحَدُّ الْمُكْرَهُ) أَيْ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَذَا الْمُكْرِهُ بِكَسْرِهَا لَكِنْ يُعَزَّرُ الثَّانِي، قَوْلُهُ: (لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ) قَالَ شَيْخُنَا فَيَسْقُطُ بِالْكَمَالِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِ الْوَلَدِ) لَكِنْ يُعَزَّرُ وَكَذَا مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْقَذْفِ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِذْنِ، وَإِنَّمَا سَقَطَ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ وَمَحَلُّهُ فِي إذْنٍ خَالٍ عَنْ نَحْوِ قَرِينَةِ اسْتِهْزَاءٍ. قَوْلُهُ: (ذَكَرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ أُنْثَى) لَوْ قَالَ ذَكَرًا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أُنْثَى لَشَمِلَ الْوَالِدَ أَيْضًا وَكَانَ أَفْيَدَ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ) يُفِيدُ أَنَّ مُوَرِّثَ الْوَلَدِ مِثْلُهُ إنْ انْحَصَرَ الْإِرْثُ فِيهِ وَإِلَّا فَلِغَيْرِهِ اسْتِيفَاءُ الْجَمِيعِ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ يُورَثُ كَالتَّعْزِيرِ لَكِنْ غَيْرُ مُوَزَّعٍ عَلَى مِقْدَارِ الْإِرْثِ، وَلِذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ مُرْتَدًّا، فَلِوَارِثِهِ لَوْلَا الرِّدَّةُ اسْتِيفَاؤُهُ لِأَنَّهُ لِلتَّشَفِّي وَلَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِهِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ عَفَا وَارِثٌ عَلَى مَالٍ سَقَطَ حَقُّهُ، وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ وَلَوْ عَفَا عَنْ قَاذِفِهِ لِمَنْ يُحَدُّ بِقَذْفِهِ بَعْدَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَالْحُرُّ) أَيْ كَامِلُ الْحُرِّيَّةِ حَالَةَ الْقَذْفِ ثَمَانُونَ وَإِنْ رَقَّ بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَالْعَبْدُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَابِلَةِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ عَدَمُ صِحَّةِ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَوَهُّمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ فَإِخْرَاجُ الْأَمَةِ بِالْفَحْوَى أَوْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُهَا. قَوْلُهُ: (وَالرَّقِيقُ) أَيْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ حَالَةَ الْقَذْفِ أَرْبَعُونَ، وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ . قَوْلُهُ: (الْإِحْصَانُ) وَلَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ إحْصَانِهِ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ أَصَالَةٍ أَوْ إذْنٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ مَقُولُ الْقَوْلِ وَالْقَوْلُ مَعَ مَقُولِهِ بَيَانٌ لِمَا سَبَقَ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ   [حاشية عميرة] [كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ] كِتَابُ الْقَذْفِ قَوْلُهُ: (فَلَا يُحَدُّ الْمُكْرَهُ) أَيْ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَلَا الْمُكْرِهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَعِيرَ لِسَانَ غَيْرِهِ لِيَقْذِفَ بِهِ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَضْرِبَ بِيَدِ غَيْرِهِ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى وُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ كَالْقِصَاصِ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ) أَيْ بِقِيَاسِ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَجِبُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْكَافِرِ، وَلِلْعَبْدِ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا كَذَلِكَ الْقَذْفُ ثُمَّ الْأُمُّ وَالْجَدَّاتُ، كَالْأَبِ زَادَ الْخَفَّافُ سَوَاءٌ كَانَ الْأُصُولُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ ثُمَّ قَضِيَّةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى نَفْيِ الْحَدِّ ثُبُوتُ التَّعْزِيرِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 حَذَرًا مِنْ الْوُقُوعِ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَيْهَا (وَكَذَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَعَبِيدٍ وَكَفَرَةٍ) مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ يُحَدُّونَ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي حَدِّهِمْ الْقَوْلَانِ تَنْزِيلًا لِنَقْصِ الصِّفَةِ مَنْزِلَةَ نَقْصِ الْعَدَدِ. (وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ فَلَا) حَدَّ عَلَيْهِ (وَلَوْ تَقَاذَفَا فَلْيُحَدَّ تَقَاصًّا) لِأَنَّ التَّقَاصَّ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ اتِّفَاقِ الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَالْحَدَّانِ لَا يَتَّفِقَانِ فِي الصِّفَةِ لِاخْتِلَافِ الْقَاذِفِ وَالْمَقْذُوفِ فِي الْخِلْقَةِ وَفِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ غَالِبًا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ (وَلَوْ اسْتَقَلَّ الْمَقْذُوفُ بِالِاسْتِيفَاءِ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ) لِأَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ مِنْ مَنْصِبِ الْإِمَامِ. . كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهِ فِي الْمَسْرُوقِ أُمُورٌ) الْأَوَّلُ (كَوْنُهُ رُبْعَ دِينَارٍ خَالِصًا أَوْ قِيمَتَهُ)   [حاشية قليوبي] شَهِدَ) أَيْ عِنْدَ قَاضٍ أَوَّلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (دُونَ أَرْبَعَةٍ بِزِنًى حُدُّوا) وَكَذَا أَرْبَعَةٌ فِيهِمْ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ وَيُنْدَبُ لِلشَّاهِدِ مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَعَلَيْهِ مِنْ سَتْرٍ أَوْ عَدَمِهِ، وَلَا يُحَدُّ بِشَهَادَتِهِ إذَا صَرَّحَ بِالزِّنَى فِيهَا، قَوْلُهُ: (حُدُّوا) نَعَمْ لَهُمْ تَحْلِيفُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَا زَنَى فَإِنْ حَلَفَ حُدُّوا وَإِلَّا حَلَفُوا أَنَّهُ زَنَى وَسَقَطَ عَنْهُمْ الْحَدُّ كَذَا، قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْحَدِّ عَلَيْهِمْ إذَا لَمْ يَحْلِفُوا، وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ سُقُوطُهُ عَنْهُمْ بِامْتِنَاعِهِ مِنْ الْحَلِفِ لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (أَرْبَعُ نِسْوَةٍ) لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ أَرْبَعُ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ إذْ الْأَقَلُّ وَالْأَكْثَرُ كَذَلِكَ، وَكَذَا الْجَمْعُ فِي عَبِيدٍ وَكَفَرَةٍ، قَوْلُهُ: (مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ) قُيِّدَ لِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِمْ فَلَا حَدَّ عَلَى حَرْبِيٍّ وَلَوْ مُعَاهَدًا أَوْ مُؤَمَّنًا كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (يُحَدُّونَ) هُوَ بَيَانٌ لِلتَّشْبِيهِ وَفِيهِ تَغْلِيبُ الذُّكُورِ وَلَوْ أَعَادَ الْعَبِيدُ وَالْكَفَرَةُ الذُّكُورُ الشَّهَادَةَ بَعْدَ الْكَمَالِ بِالْعِتْقِ وَالْإِسْلَامِ قُبِلَتْ مِنْهُمْ، قَوْلُهُ: (لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ) أَيْ مِنْ أَصْلِهَا فَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْفَسَقَةِ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِمْ وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ لَوْ أَعَادُوهَا بَعْدَ الْكَمَالِ لِإِيهَامِ تَرْوِيجِ شَهَادَتِهِمْ الْأُولَى وَبِذَلِكَ فَارَقُوا مَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ تَقَاصًّا) فَيُعَزَّرُ كُلٌّ مِنْهُمَا، قَوْلُهُ: (وَالْحَدَّانِ لَا يَتَّفِقَانِ فِي الصِّفَةِ) سَكَتَ عَنْ الْجِنْسِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ وَهُوَ يَقْتَضِي اتِّفَاقَهُمَا مَا فِيهِ وَقَدْ يُقَالُ عَدَمُ الِاتِّفَاقِ فِيهِ مَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى مِنْ عَدَمِ الِاتِّفَاقِ فِي الصِّفَةِ وَكَذَا النَّوْعُ إنْ لَمْ تَشْمَلْهُ الصِّفَةُ، قَوْلُهُ: (الْمَرْوَرُوذِيُّ) بِمُهْمَلَةٍ بَعْدَ الْمِيمِ سَاكِنَةٍ فَوَاوٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُهْمَلَةٍ ثَقِيلَةٍ مَضْمُومَةٍ فَوَاوٍ سَاكِنَةٍ، فَذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ، فَتَحْتِيَّةٍ قِيلَ هُوَ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي النِّسْبَةِ إلَى مَرْوَ. [اسْتَقَلَّ الْمَقْذُوفُ بِالِاسْتِيفَاءِ] قَوْلُهُ: (لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ) وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْقَاذِفُ وَيَضْمَنُهُ الْمَقْذُوفُ فِي غَيْرِ الْإِذْنِ لَوْ مَاتَ نَعَمْ لِمَنْ بَعُدَ عَنْ السُّلْطَانِ أَوْ عَجَزَ عَنْ بَيِّنَةِ الْقَذْفِ الِاسْتِقْلَالُ، وَلَوْ فِي الْبَلَدِ حَيْثُ أَمِنَ وَكَذَا السَّيِّدُ الْعَبْدُ الْقَاذِفُ لَهُ وَكَذَا لِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ الْقَاذِفِ لَهُ، قَوْلُهُ: (مِنْ مَنْصِبِ الْإِمَامِ) لَكِنْ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ الِاسْتِيفَاءُ إلَّا إنْ طَلَبَ صَاحِبُ الْحَقِّ. تَنْبِيهٌ: خَرَجَ بِالْقَذْفِ السَّبُّ فَلِمَنْ سَبَّهُ شَخْصٌ أَنْ يَسُبَّهُ بِمِثْلِ مَا سَبَّهُ بِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمَنْهَجِ بِقَدْرِ مَا سَبَّهُ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ كَذِبًا وَلَا قَذْفًا نَحْوُ ظَالِمٍ وَأَحْمَقَ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَحَدٌ عَنْهُمَا، وَلَا يَجُوزُ سَبُّ أَصْلِهِ وَلَا فَرْعِهِ وَإِذَا انْتَصَرَ بِسَبِّهِ فَقَدْ اسْتَوْفَى ظِلَامَتَهُ وَبَرِئَ الْآخَرُ مِنْ حَقِّهِ، وَلَا تَعْزِيرَ عَلَيْهِمَا لِكَثْرَةِ وُقُوعِ ذَلِكَ وَعَلَى الْأَوَّلِ إثْمُ الِابْتِدَاءِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. [كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ] ِ أَخَّرَهَا عَنْ الْقَذْفِ لِأَنَّهَا دُونَهُ إذْ الِاعْتِنَاءُ بِحِفْظِ الْعِرْضِ أَشَدُّ عَلَى أَنَّ الْمَالَ وِقَايَتُهُ لَهُ وَسَيَأْتِي وَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ قَطْعِ لَكَانَ أَوْلَى وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ الْقَطْعَ هُوَ الْمَقْصُودُ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْقَصْدَ لَا يُنَافِي الْأَوْلَوِيَّةَ فَتَأَمَّلْهُ وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ ذَكَرَهُ لِصِحَّةِ عَوْدِ ضَمِيرِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَالتَّصْرِيحِ بِوُجُوبِهِ فَرَاجِعْهُ، وَهِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْ الْغَصْبِ وَشُرِعَ الْقَطْعُ فِيهَا لِحِفْظِ الْمَالِ لِأَنَّهَا أَحَدُ الْكُلِّيَّاتِ   [حاشية عميرة] وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ) دَلِيلُ هَذَا أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَلَدَ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ بِالزِّنَى رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَمْ يُخَالَفْ فَكَانَ إجْمَاعًا، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَيْهَا) وَجْهُهُ أَنَّهُمْ جَاءُوا شَاهِدِينَ لَا هَاتِكِينَ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَهُوَ الْأَقْيَسُ ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَمَحَلِّهِ أَيْضًا، إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ الْقَذْفِ كَمَا لَوْ شَهِدَ بِجُرْحِهِ، فَاسْتَفْسَرَهُ الْقَاضِي فَأَخْبَرَهُ بِزِنْيَةٍ فَلَا حَدَّ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ أَمْ لَا، قَوْلُهُ: (وَكَذَا أَرْبَعٌ إلَخْ) هَذَا فِي نَقْصِ الصِّفَةِ وَالْأَوْلَى فِي نَقْصِ الْعَدَدِ قَالَ الْإِمَامُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا شَهِدُوا ثُمَّ انْكَشَفَ نَقْصُ صِفَتِهِمْ وَإِلَّا فَهُمْ قَاذِفُونَ. كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ هِيَ تَتَعَدَّى بِاللَّامِ وَبِمِنْ وَبِالضَّمِيرِ كَالْهِبَةِ وَالْحِكْمَةُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ هَذَا الْحَدِّ لَهَا صَوْنُ الْأَمْوَالِ عَنْ أَخْذِهَا خُفْيَةً مِنْ حِرْزِهَا لِتَعَسُّرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَلِذَا لَمْ يُقْطَعْ فِي الْغَصْبِ لِظُهُورِهِ وَلِمَا قَالَ الْمُلْحِدُ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 أَيْ مُقَوَّمًا بِهِ وَالدِّينَارُ وَزْنُ مِثْقَالٍ. رَوَى مُسْلِمٌ حَدِيثَ «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» وَالْبُخَارِيُّ حَدِيثَ «تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا أَوْ فِيمَا قِيمَتُهُ رُبْعُ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» وَاحْتُرِزَ بِالْخَالِصِ عَنْ الْمَغْشُوشِ فَإِنْ بَلَغَ خَالِصُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ قُطِعَ بِهِ وَكَذَا خَالِصُ التِّبْرِ وَيُقْطَعُ بِرُبْعِ دِينَارٍ قِرَاضَةً، وَالتَّقْوِيمُ يُعْتَبَرُ بِالْمَضْرُوبِ فَلَوْ سَرَقَ شَيْئًا يُسَاوِي رُبْعَ مِثْقَالٍ مِنْ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ كَالسَّبِيكَةِ وَالْحُلِيِّ وَلَا يَبْلُغُ رُبْعًا مَضْرُوبًا فَلَا قَطْعَ بِهِ (وَلَوْ سَرَقَ رُبْعًا سَبِيكَةً) أَوْ حُلِيًّا (لَا يُسَاوِي رُبْعًا مَضْرُوبًا فَلَا قَطْعَ) بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا إلَى الْقِيمَةِ فِيمَا هُوَ كَالسِّلْعَةِ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْوَزْنِ وَلَوْ سَرَقَ خَاتَمًا وَزْنُهُ دُونَ رُبْعٍ وَقِيمَتُهُ بِالصَّنْعَةِ رُبْعٌ فَلَا قَطْعَ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ نَظَرًا إلَى الْوَزْنِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْقِيمَةِ (وَلَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا لَا تُسَاوِي رُبْعًا قُطِعَ) وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهِ (وَكَذَا ثَوْبٌ رَثٌّ) بِالْمُثَلَّثَةِ فِيهِمَا (فِي جَيْبِهِ تَمَامُ رُبْعٍ جَهِلَهُ) السَّارِقُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَلَا نَظَرَ إلَى جَهْلِهِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَيْهِ. (وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ مَرَّتَيْنِ) بِأَنْ تَمَّ بِالثَّانِيَةِ (فَإِنْ تَخَلَّلَ) بَيْنَهُمَا (عِلْمُ الْمَالِكِ وَإِعَادَةُ الْحِرْزِ) بِإِصْلَاحِ النَّقْبِ أَوْ إغْلَاقِ الْبَابِ مَثَلًا (فَالْإِخْرَاجُ الثَّانِي سَرِقَةٌ أُخْرَى) فَلَا قَطْعَ فِي ذَلِكَ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَإِعَادَتِهِ الْحِرْزَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ   [حاشية قليوبي] الْخَمْسِ، وَلِذَلِكَ ذُكِرَتْ آخِرَهَا، وَكَانَ الْحَدُّ فِيهَا بِقَطْعِ آلَتِهَا لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، وَلِعَدَمِ تَعْطِيلِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِهَا، قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ) وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَيَجُوزُ إسْكَانُ الرَّاءِ مَعَ فَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا وَهِيَ لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ خُفْيَةً وَشَرْعًا أَخْذُ الشَّيْءِ أَوْ الْمَالِ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ بِلَا شُبْهَةٍ وَيُعْتَبَرُ فِي الْإِثْمِ كَوْنُهُ عَمْدًا ظُلْمًا وَفِي الضَّمَانِ كَوْنُهُ مَالًا مُتَمَوَّلًا. وَفِي الْقَطْعِ كَوْنُ الْمَالِ نِصَابًا كَمَا يَأْتِي وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ أَرْكَانَهَا ثَلَاثَةٌ سَرِقَةٌ وَسَارِقٌ وَمَسْرُوقٌ وَقَدْ يُعْتَبَرُ الْحِرْزُ فَيَكُونُ رَابِعًا. قَوْلُهُ: (كَوْنُهُ رُبْعَ دِينَارٍ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِيهِ وَلَوْ بِاخْتِلَافِ الْمَوَازِينِ أَوْ الْمُقَوِّمِينَ أَوْ الشَّاهِدَيْنِ فَلَا قَطْعَ مُطْلَقًا وَلِصَاحِبِهِ الْحَلِفُ عَلَى الْأَكْثَرِ لِلتَّغْرِيمِ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْآخِذُ عَلَى الْأَقَلِّ، قَوْلُهُ: (عَنْ الْمَغْشُوشِ) أَيْ بِمَا لَيْسَ مُتَقَوِّمًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ وَتُضَمُّ إلَيْهِ فِي النِّصَابِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَلَغَ خَالِصُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ) أَيْ وَزْنًا وَقِيمَةً وَكَذَا التِّبْرُ وَالْقِرَاضَةُ وَالسَّبِيكَةُ وَالْحُلِيُّ الْمَذْكُورَاتُ، قَوْلُهُ: (وَالتَّقْوِيمُ) أَيْ لِغَيْرِ الذَّهَبِ مُطْلَقًا وَلِلذَّهَبِ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِالْمَضْرُوبِ، قَوْلُهُ: (شَيْئًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ قَوْلُهُ: (يُسَاوِي) أَيْ فِي الْوَزْنِ أَوْ الْقِيمَةِ أَوْ هُمَا، قَوْلُهُ: (وَلَا يَبْلُغُ) أَيْ فِي الْقِيمَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَرَقَ رُبْعًا) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ وَزْنًا قَوْلُهُ: (وَلَا يُسَاوِي رُبْعًا) أَيْ فِي الْقِيمَةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا عُلِّلَ بِهِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَرَقَ خَاتَمًا) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ، قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى الْوَزْنِ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ وَزْنُهُ رُبْعًا قُطِعَ بِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ قِيمَةِ الصَّنْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الذَّهَبِ بُلُوغُهُ رُبْعًا وَزْنًا وَقِيمَةً مَعًا، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لَكِنْ لَمَّا كَانَ لَا يُتَصَوَّرُ نَقْصُ الْقِيمَةِ فِي الْمَضْرُوبِ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْوَزْنُ فَقَطْ، وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي غَيْرِ الذَّهَبِ وَلَوْ مِنْ الْفِضَّةِ الْمَضْرُوبَةِ أَوْ مِنْ كُتُبِ حَدِيثٍ أَوْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ مُصْحَفٍ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ تُرَابٍ أَوْ فَاكِهَةٍ، أَوْ بُقُولٍ أَوْ حَشِيشٍ، أَوْ طَعَامٍ وَلَوْ مِمَّا يَسْرُعُ فَسَادُهُ، أَوْ مَعْدِنٍ بُلُوغُهُ قِيمَةَ رُبْعِ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ مِنْ الذَّهَبِ، وَقَوْلُهُمْ الْعِبْرَةُ فِي التَّقْوِيمِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ الْغَالِبِ إلَى آخِرِهِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا إنْ كَانَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ قِيمَتِهِ بِالذَّهَبِ الْمَضْرُوبِ فَتَأَمَّلْ وَحَرِّرْ. قَوْلُهُ: (وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهِ) أَيْ لَا عِبْرَةَ بِهِ مَعَ وُجُودِ قَصْدِ السَّرِقَةِ وَلِذَلِكَ لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَهُ فَبَانَ لِغَيْرِهِ لَمْ يُقْطَعْ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ) أَيْ بِنَقْبِ الْحِرْزِ أَوْ نَحْوِهِ لَا بِهَدْمِ جِدَارِهِ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ هَذَا مِنْ إزَالَةِ الْحِرْزِ لَا مِنْ هَتْكِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ إعَادَةَ الْحِرْزِ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ كَالْعَدَمِ وَهُوَ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ إلَخْ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ تَخَلُّلَ أَحَدِهِمَا لَا يَمْنَعُ الْقَطْعَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَإِنْ اشْتَهَرَ خَرَابُ الْحِرْزِ عِنْدَ الطَّارِقِينَ أَوْ   [حاشية عميرة] يَدٌ بِخَمْسٍ مِئِينَ عَسْجَدٌ وُدِيَتْ ... مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارِ أَجَابَهُ السُّنِّيُّ عِزُّ الْأَمَانَةِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصُهَا ... ذُلُّ الْخِيَانَةِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي قَوْلُهُ: (الْأَوَّلُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَوْنُهُ، قَوْلُهُ: (أَيْ مُقَوَّمًا بِهِ) أَيْ حَالَ السَّرِقَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْبُخَارِيُّ حَدِيثَ) وَفِي مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ سَارِقًا فِي مِجَنٍّ أَيْ تُرْسٍ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» ، قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فَإِنَّ الدِّينَارَ كَانَ إذْ ذَاكَ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَلِذَا قُوِّمَتْ الدِّيَةُ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ الْوَرِقِ أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ، وَلِهَذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ عِنْدَنَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْأَمَانِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ) ، مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ، قَوْلُهُ: (لَا يُسَاوِي) هُوَ أَفْصَحُ مِنْ يُسَوِّي، قَوْلُهُ: (قُطِعَ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْخَبَرِ لَفْظُ الدِّينَارِ وَهُوَ مُنْصَرِفٌ إلَى الْمَضْرُوبِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْوَزْنِ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ لِبُلُوغِ الْعَيْنِ فِي ذَلِكَ النِّصَابِ كَمَا فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَخَلَّلَ) أَيْ وَأَمْكَنَ الذَّهَابُ إلَيْهِ قَبْلَ السَّرِقَةِ الثَّانِيَةِ كَذَا ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 عِلْمُ الْمَالِكِ أَوْ تَخَلَّلَ وَلَمْ يُعِدْ الْحِرْزَ (قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ) إبْقَاءً لِلْحِرْزِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَالثَّانِي مَا يُبْقِيهِ وَرَأَى الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الْقَطْعَ بِعَدَمِ الْقَطْعِ لِأَنَّ الْمَالِكَ مُضَيِّعٌ وَأَسْقَطَ ذَلِكَ مِنْ الرَّوْضَةِ وَفِي وَجْهٍ إنْ اشْتَهَرَ خَرَابُ الْحِرْزِ بَيْنَ الْمَرَّتَيْنِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا قُطِعَ وَفِي رَابِعٍ إنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ فِي لَيْلَةِ الْأُولَى قُطِعَ أَوْ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى فَلَا. (وَلَوْ نَقَبَ وِعَاءَ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهَا فَانْصَبَّ نِصَابٌ) أَيْ مُقَوَّمٌ بِهِ وَهُوَ رُبْعُ مِثْقَالٍ كَمَا تَقَدَّمَ (قُطِعَ) بِذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِهَتْكِهِ الْحِرْزَ الْخَارِجَ بِهِ نِصَابٌ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى عَدَمِ إخْرَاجِهِ (وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي إخْرَاجِ نِصَابَيْنِ) مِنْ حِرْزٍ (قُطِعَا وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْمُخْرَجُ أَقَلَّ مِنْ نِصَابَيْنِ (فَلَا) يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَوْزِيعًا لِلْمَسْرُوقِ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ فِي الشِّقَّيْنِ (وَلَوْ سَرَقَ خَمْرًا وَخِنْزِيرًا وَكَلْبًا وَجِلْدَ مَيْتَةٍ بِلَا دَبْغٍ فَلَا قَطْعَ) بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَسَوَاءٌ سَرَقَهُ مُسْلِمٌ أَمْ ذِمِّيٌّ (فَإِنْ بَلَغَ إنَاءُ الْخَمْرِ نِصَابًا قُطِعَ) بِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) نَظَرًا إلَى أَخْذِهِ مِنْ حِرْزِهِ وَالثَّانِي نُظِرَ إلَى أَنَّ مَا فِيهِ مُسْتَحَقُّ الْإِرَاقَةِ فَجَعَلَهُ شُبْهَةً فِي دَفْعِ الْقَطْعِ. (وَلَا قَطْعَ فِي) سَرِقَةِ (طُنْبُورٍ وَنَحْوِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمَلَاهِي كَالْخَمْرِ (وَقِيلَ إنْ بَلَغَ مُكَسَّرُهُ نِصَابًا قُطِعَ قُلْت الثَّانِي أَصَحُّ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ الْإِمَامُ (الثَّانِي) مِنْ الشُّرُوطِ (كَوْنُهُ) أَيْ الْمَسْرُوقِ (مِلْكًا لِغَيْرِهِ) أَيْ السَّارِقِ فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ كَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ (فَلَوْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ (وَغَيْرِهِ) كَشِرَاءٍ (قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ أَوْ نَقَصَ فِيهِ عَنْ نِصَابٍ بِأَكْلٍ وَغَيْرِهِ) كَإِحْرَاقٍ ثُمَّ   [حاشية قليوبي] اخْتَلَفَتْ اللَّيْلَةُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ، قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُعِدْ الْحِرْزَ) هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَالْحِرْزُ مَفْعُولُهُ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ أَوْ الْمَفْعُولِ وَالْحِرْزُ نَائِبُ فَاعِلِهِ عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَرَأَى الْإِمَامُ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى التَّعْبِيرِ بِالْأَصَحِّ فِي الثَّانِيَةِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِإِسْقَاطِهِ مِنْ الرَّوْضَةِ، قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ) لَمْ يَقُلْ وَالثَّالِثُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رُجُوعُهُ لِلصُّورَتَيْنِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الثَّالِثَ يُعْتَبَرُ اشْتِهَارُ الْحِرْزِ عِنْدَ النَّاسِ الطَّارِقِينَ وَعَدَمِهِ، وَالرَّابِعُ يُعْتَبَرُ اخْتِلَافُ اللَّيْلَةِ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ وُجِدَ فِيهِمَا عِلْمُ الْمَالِكِ وَإِعَادَةُ الْحِرْزِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ كَذَا مَا بَعْدَهُ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَخْ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ خَرَجَ دَفْعَةً أَوْ شَيْئًا فَشَيْئًا فَقَوْلُ شَيْخِ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ إنَّ الْأُولَى لَيْسَتْ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (قُطِعَا) إنْ كَانَا أَهْلًا وَإِنْ لَمْ يُطِقْ كُلٌّ مِنْهُمَا حَمْلَ النِّصَابَيْنِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا أَوْ أَعْجَمِيًّا بِأَمْرِ الْآخَرِ قُطِعَ الْكَامِلُ وَحْدَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَلَوْ تَمَيَّزَا فِي الْإِخْرَاجِ قُطِعَ مَنْ أَخْرَجَ نِصَابًا دُونَ الْآخَرِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْعِلَّةُ، قَوْلُهُ: (فِي الشِّقَّيْنِ) وَهُمَا مَا قَبْلُ إلَّا وَمَا بَعْدَهَا قَوْلُهُ: (خَمْرًا وَخِنْزِيرًا إلَخْ) فِي تَعْبِيرِهِ بِالْوَاوِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ سَرِقَةِ الْجَمِيعِ أَوْ بَعْضِهَا وَقَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ أَيْ الْمَذْكُورَ، قَوْلُهُ: (وَجِلْدَ مَيْتَةٍ) وَكَذَا جُزْءٌ مِنْ حَيٍّ كَأَلْيَةِ شَاةٍ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ، نَعَمْ إنْ دُبِغَ الْجِلْدُ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ قُطِعَ بِهِ وَمِثْلُهُ خَمْرٌ تَخَلَّلَتْ وَلَوْ بَلَغَ إنَاءُ الْخَمْرِ نِصَابًا قُطِعَ بِهِ. قَوْلُهُ: (نُظِرَ إلَى أَنَّ مَا فِيهِ مُسْتَحِقُّ الْإِرَاقَةِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ دَخَلَ الْحِرْزُ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ فَإِنْ دَخَلَ بِقَصْدِ الْإِرَاقَةِ لَمْ يُقْطَعْ قَطْعًا لِجَوَازِ دُخُولِهِ لِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ. فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي نَحْوِ فُوَطِ الْحَمَّامِ، وَطَاسَاتِهِ لِجَوَازِ دُخُولِهِ فَلَا قَطْعَ بِهَا إلَّا عَلَى مَنْ دَخَلَ بِقَصْدِ سَرِقَتِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا قَطْعَ بِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحَرَّزَةٍ فَتَأَمَّلْهُ، وَلَوْ كَسَرَ آلَةَ اللَّهْوِ أَوْ إنَاءَ النَّقْدِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ، وَبَلَغَ نِصَابًا قُطِعَ بِهِ قَالَهُ الْخَطِيبُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَلَاهِي) وَمِثْلُهَا كُلُّ مُحَرَّمٍ نَحْوُ صَلِيبٍ وَكُتُبٍ مُحَرَّمَةٍ، قَوْلُهُ: (الثَّانِي أَصَحُّ) بِشَرْطِهِ السَّابِقِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَاصِدًا لِلسَّرِقَةِ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ إزَالَةَ الْمُنْكَرِ فَلَا قَطْعَ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ فِي تَصْحِيحِهِ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ الْمُعْظَمُ، قَوْلُهُ: (مِلْكًا لِغَيْرِهِ) أَيْ كُلِّهِ يَقِينًا قَوْلُهُ: (فَلَوْ مَلَكَهُ) كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (كَشِرَاءٍ) وَلَوْ قَبْلَ تَسْلِيمِ ثَمَنِهِ وَكَذَا هِبَةٌ وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهَا وُجُودُ الْقَبُولِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ، مُوصًى بِهِ قَبْلَ قَبُولِهِ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَيُقْطَعُ بِهِ الْمُوصَى لَهُ كَغَيْرِهِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ عِلْمُ الْمَالِكِ) هَذَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ إعَادَةِ الْمَالِكِ لِلْحِرْزِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُمْكِنَةٍ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَقَبَ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِخْرَاجُ بِالْيَدِ وَنَحْوِهَا بَلْ مَا هُوَ فِيهِ مَعْنَى ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (فَانْصَبَّ إلَخْ) الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ إنْ حَصَلَ الِانْصِبَابُ دَفْعَةً قُطِعَ أَوْ عَلَى التَّدْرِيجِ فَكَذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ وَجْهَانِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ عَلَى الْمِنْهَاجِ نَقْدًا مِنْ وَجْهَيْنِ، قَوْلُهُ: (وَهُوَ رُبْعُ) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ نِصَابٍ، قَوْلُهُ: (الْخَارِجَ بِهِ) يَرْجِعُ لِهَتْكِهِ، قَوْلُهُ: (فَلَا يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) أَيْ هَذَا مُرَادُهُ فَلَا يُرَدُّ مَا قِيلَ الْعِبَارَةُ تَصْدُقُ بِقَطْعِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ عَلَى أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ اعْتَرَضَ هَذَا الْإِيرَادَ، بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ فِي مُطْلَقِ النَّفْيِ لَا فِي النَّفْيِ الْمُنْحَطِّ عَلَى إثْبَاتِ شَيْءٍ سَابِقٍ كَمَا هُنَا، قَوْلُهُ: (فَلَا يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) وَلَا يُشْكَلُ بِنَظِيرِهِ مِنْ الْقِصَاصِ لِأَنَّ الْفَرْقَ ظَاهِرٌ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَهُوَ كَالْآلَةِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَرَقَ إلَخْ) ، قِيلَ الْأَحْسَنُ وَلَوْ أَخْرَجَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَارِقٍ، قَوْلُهُ: (بِلَا دَبْغٍ) أَيْ وَلَوْ دَخَلَ حِرْزًا قَطَعَ أَلْيَةَ شَاةٍ وَأَخْرَجَهَا فَلَا قَطْعَ لِأَنَّهَا مَيْتَةٌ، [شُرُوط الْمَسْرُوق] قَوْلُهُ: (وَلَا قَطْعَ) كَأَنَّهُ يَقُولُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَسْرُوقِ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا، قَوْلُهُ: (طُنْبُورٍ) هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، قَوْلُهُ: (كَوْنُهُ مِلْكًا لِغَيْرِهِ) وَلَوْ سَرَقَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ فَلَا قَطْعَ وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ وَكَذَا الْمَوْهُوبُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ، قَوْلُهُ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 أَخْرَجَهُ (لَمْ يُقْطَعْ) بِالْمُخْرَجِ الْمَذْكُورِ لِمِلْكِهِ أَوْ نَقْصِهِ (وَكَذَا إنْ ادَّعَى) السَّارِقُ (مِلْكَهُ) أَيْ الْمَسْرُوقِ لَمْ يُقْطَعْ (عَلَى النَّصِّ) لِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ مُحْتَمَلٌ فَيَكُونُ شُبْهَةً فِي دَفْعِ الْقَطْعِ وَفِي وَجْهٍ أَوْ قَوْلٍ مُخَرَّجٍ يُقْطَعُ وَحَمْلُ النَّصِّ عَلَى إقَامَتِهِ بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَاهُ. (وَلَوْ سَرَقَا وَادَّعَاهُ) أَيْ الْمَسْرُوقَ (أَحَدُهُمَا لَهُ أَوْ لَهُمَا فَكَذَّبَهُ الْآخَرُ لَمْ يُقْطَعْ الْمُدَّعِي) لِمَا تَقَدَّمَ (وَقُطِعَ الْآخَرُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مُقِرٌّ وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ الْمُكَذِّبُ لِدَعْوَى رَفِيقِهِ الْمِلْكَ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ إنَّهُ مِلْكُهُ يَسْقُطُ الْقَطْعُ (وَإِنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزِ شَرِيكِهِ مُشْتَرَكًا) بَيْنَهُمَا (فَلَا قَطْعَ) عَلَيْهِ (فِي الْأَظْهَرِ وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ) مِنْهُ لِأَنَّ لَهُ فِي كُلِّ جُزْءٍ حَقًّا وَذَلِكَ شُبْهَةٌ وَالثَّانِي قَالَ لَا حَقَّ لَهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَإِذَا سَرَقَ نِصْفَ دِينَارٍ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ كَانَ سَارِقًا لِنِصَابٍ مِنْ مَالِ شَرِيكِهِ فَيُقْطَعُ بِهِ عَلَى الثَّانِي. (الثَّالِثُ) مِنْ الشُّرُوطِ (عَدَمُ شُبْهَتِهِ فِيهِ فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَالِ أَصْلٍ وَفَرْعٍ) لِلسَّارِقِ لِمَا بَيْنَهُمْ مِنْ الِاتِّحَادِ (وَ) مَالِ (سَيِّدٍ) لِلسَّارِقِ لِشُبْهَةِ اسْتِحْقَاقٍ لِلنَّفَقَةِ عَلَيْهِ (وَالْأَظْهَرُ قَطْعُ أَحَدِ زَوْجَيْنِ بِالْآخَرِ) أَيْ بِسَرِقَةِ مَالِهِ فِيمَا هُوَ مُحَرَّزٌ عَنْهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِلشُّبْهَةِ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِأَكْلِ) وَمِنْهُ بَلَعَ نَحْوَ جَوْهَرَةٍ أَوْ دِينَارٍ إذَا لَمْ يَخْرُجْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ خَرَجَ وَلَوْ نَاقِصًا وَجَبَ الْقَطْعُ، قَوْلُهُ: (كَإِحْرَاقٍ) وَمِثْلُهُ تَضَمُّخٌ بِنَحْوِ مِسْكٍ لِأَنَّهُ يُعَدُّ تَلَفًا لَهُ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ ادَّعَى إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ فِي هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا أَنَّهَا مِنْ مُحْتَرَزَاتِ الشَّرْطِ الثَّالِثِ الْآتِي لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ وَلَعَلَّ ذِكْرَهَا هُنَا لِأَجْلِ الْمِلْكِيَّةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (ادَّعَى مِلْكَهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ كَأَصْلِهِ وَسَيِّدِهِ قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَسْرُوقِ) وَكَذَا لَوْ ادَّعَى مِلْكَ الْحِرْزِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَإِنْ عَلِمَ مَالِكُهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَانْظُرْهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ مَالِكُ الْمَسْرُوقِ أَوْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلسَّارِقِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ مُحْتَمَلٌ) أَيْ فِي ذَاتِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ الْحِسُّ أَوْ الشَّرْعُ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ أَوْ كَذَّبَهُ الْمُقِرُّ أَوْ الْمُقَرُّ لَهُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أُخِذَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ أَوْ أَنَّهُ دُونَ نِصَابٍ، أَوْ أَنَّ الْمَالِكَ أَذِنَ لَهُ فِي الْأَخْذِ وَلَا يَسْتَفْصِلُ فِي دَعْوَاهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إنْ عَلِمَ كَذِبَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْحُدُودَ تُدْفَعُ بِالشُّبُهَاتِ قَالَ أَبُو حَامِدٍ وَدَعْوَى الْمِلْكِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ وَيُسَمَّى مُدَّعِيهَا بِالسَّارِقِ الظَّرِيفِ قَالَهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ، وَأَمَّا دَعْوَى زَوْجِيَّةِ الْمَزْنِيِّ بِهَا فَهُوَ مِنْ الْحِيَلِ الْمُبَاحَةِ، وَفَارَقَتْ الْأُولَى بِأَنَّ فِيهَا دَعْوَى مِلْكِ مَا هُوَ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ شُمُولُهُ لِمَنْ هِيَ زَوْجَةٌ لِغَيْرِهِ، وَظَاهِرُ الْعِلَّةِ يُخَالِفُهُ فَرَاجِعْهُ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْقَطْعِ بِدَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي أَمَّا بَعْدَهُ وَلَوْ قَبْلَ الثُّبُوتِ فَلَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ، قَوْلُهُ: (وَحَمَلَ النَّصَّ) هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَالنَّصُّ مَفْعُولُهُ وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ لِلْوَجْهِ أَوْ الْقَوْلُ الْمُخَرَّجُ وَبِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ بَعِيدٌ جِدًّا فَتَأَمَّلْهُ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِتَكْذِيبِ رَفِيقِهِ) فَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ بِأَنْ صَدَّقَهُ أَوْ سَكَتَ أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (أَنَّهُ مِلْكُهُ) أَيْ قَالَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ إنَّ الْمَسْرُوقَ مِلْكٌ لِلسَّارِقِ فَلَا قَطْعَ وَإِنْ كَذَّبَهُ السَّارِقُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْحِرْزُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَهُ فِي كُلِّ جُزْءٍ حَقًّا) هُوَ يَقْتَضِي قَطْعَهُ بِمَالِ شَرِيكِهِ غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ سَرَقَهُ مِنْ حِرْزٍ لَيْسَ فِيهِ مَالٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، أَوْ فِيهِ وَدَخَلَهُ بِقَصْدِ سَرِقَةِ مَالِ شَرِيكِهِ وَإِلَّا فَلَا وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (سَرَقَ نِصْفَ دِينَارٍ) أَوْ مَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ لِلْمُتَأَمِّلِ، قَوْلُهُ: (لِمَا بَيْنَهُمْ مِنْ الِاتِّحَادِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا، أَوْ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُ عَلَى الْآخَرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَنْ عَبَّرَ بِوُجُوبِهَا يُرَادُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ نَعَمْ لَوْ نَذَرَ عِتْقَ رَقِيقٍ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لِصِغَرٍ فَسَرَقَهُ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ قُطِعَ لِعَدَمِ جَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَمَالِ سَيِّدٍ) أَيْ لَا يُقْطَعُ مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا بِسَرِقَتِهِ مَالَ سَيِّدِهِ، وَلَا بِمَالِ أَصْلِ سَيِّدِهِ أَوْ فَرْعِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا يُقْطَعُ السَّيِّدُ بِسَرِقَتِهِ مَالَهُ، وَلَوْ سَرَقَ السَّيِّدُ مَالَ الْمُكَاتَبِ أَوْ مَا مَلَكَهُ الْمُبَعَّضُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ لَمْ يُقْطَعْ عَلَى الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (أَحَدُ زَوْجَيْنِ إلَخْ) وَفَارَقَتْ الزَّوْجَةُ الْعَبْدَ بِأَنَّ نَفَقَتَهَا دَيْنٌ عَلَى الزَّوْجِ وَالدَّائِنُ يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِ مَدِينِهِ، نَعَمْ إنْ أَخَذَتْ مَالَ الزَّوْجِ عَنْ نَفَقَةٍ لَهَا مَاضِيَةٍ وَلَوْ بِدَعْوَاهَا فَلَا قَطْعَ أَوْ أَخَذَ الدَّائِنُ مَالَ مَدِينِهِ يَقْصِدُ دَيْنَهُ، فَلَا قَطْعَ وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى جَحْدِ مَدِينِهِ أَوْ مُمَاطَلَتِهِ. قَوْلُهُ: (فِيمَا هُوَ مُحَرَّزٌ عَنْهُ) كَكَوْنِهِ فِي مَحَلٍّ لَا يَجُوزُ لَهُ دُخُولُهُ أَوْ فِي نَحْوِ صُنْدُوقٍ مَقْفُولٍ أَوْ خِزَانَةٍ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ قَوْلُهُ: (لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ) لَمْ يَقُلْ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، فَاقْتَضَى أَنَّهُ يَقُولُ بِوُجُودِهَا كَالْقَوْلِ الثَّانِي لَكِنَّهَا لَمَّا ضَعُفَتْ هُنَا كَمَا عُلِمَ مِنْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعَبْدِ لَمْ تُعْتَبَرْ وَكَأَنَّ الْوَجْهَ ذُكِرَ هَذَا فِي التَّعْلِيلِ فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ.   [حاشية عميرة] عَنْ نِصَابٍ بِأَكْلٍ وَغَيْرِهِ) هَذَا عَدَّهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ مِنْ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ وَعَلَى دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ عِنْدَ ثُبُوتِ الزِّنَى مِنْ الْحِيَلِ الْمُبَاحَةِ، قَوْلُهُ: (كَإِحْرَاقٍ ثُمَّ أَخْرَجَهُ) بِخِلَافِ مَا نَقَصَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ كَعَصِيرٍ تَخَمَّرَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهَا فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ، قَوْلُهُ: (إنْ ادَّعَى) وَمِثْلُهُ لَوْ زَعَمَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ أَنَّهُ مِلْكُ السَّارِقِ وَإِنْ كَذَّبَهُ لَكِنْ لَا قَطْعَ فِي هَذِهِ بِلَا خِلَافٍ. أَحَدُهُمَا لَهُ أَوْ لَهُمَا فَكَذَّبَهُ الْآخَرُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ) الْإِتْيَانُ بِالْفَاءِ أَحْسَنُ. قَوْلُهُ: (وَمَالِ سَيِّدٍ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (لِلسَّارِقِ) وَكَذَا لَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ بَعْضَ مَالِ سَيِّدِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 وَهُوَ يَمْلِكُ الْحَجْرَ عَلَيْهَا (وَمَنْ سَرَقَ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ إنْ فُرِزَ) بِالْفَاءِ وَالزَّايِ آخِرُهُ (لِطَائِفَةٍ لَيْسَ هُوَ مِنْهُمْ قُطِعَ) إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُفْرَزْ لِطَائِفَةٍ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي الْمَسْرُوقِ كَمَالِ مَصَالِحَ وَكَصَدَقَةٍ وَهُوَ فَقِيرٌ فَلَا) يُقْطَعُ لِلشُّبْهَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ (قُطِعَ) لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ. (وَالْمَذْهَبُ قَطْعُهُ بِبَابِ مَسْجِدٍ وَجِذْعِهِ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (لَا حُصْرٍ وَقَنَادِيلَ تُسْرَجُ) فِيهِ لِأَنَّ لِلْمُسْلِمِ الِانْتِفَاعَ بِهَا بِالْفُرُشِ وَالِاسْتِضَاءَةِ بِخِلَافِ بَابِهِ وَجِذْعِهِ فِي سَقْفٍ مَثَلًا فَإِنَّهُمَا لِتَحْصِينِهِ وَعِمَارَتِهِ، وَرَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَ وَجْهٍ فِيهِمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ وَالْمَسْجِدُ مُشْتَرَكٌ وَذَكَرَ فِي الْحُصْرِ وَالْقَنَادِيلِ وَجْهَيْنِ، وَثَالِثًا فِي الْقَنَادِيلِ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُقْصَدُ لِلِاسْتِضَاءَةِ وَمَا يُقْصَدُ لِلزِّينَةِ أَيْ فَيُقْطَعُ فِي الثَّانِي كَمَا يُقْطَعُ فِيهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى الْجَازِمَةِ الْمُقَابِلِ لَهَا مَا رَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخِلَافِ وَالذِّمِّيُّ يُقْطَعُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ بِلَا خِلَافٍ. (وَالْأَصَحُّ قَطْعُهُ بِمَوْقُوفٍ سَرَقَهُ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (إنْ فُرِزَ) أَيْ أَفْرَزَهُ الْإِمَامُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ وَهَذَا الْقَيْدُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ، قَوْلُهُ: (لِطَائِفَةٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ خِلَافًا لِلْإِمَامِ قَوْلُهُ: (كَمَالِ مَصَالِحَ) وَلَوْ غَنِيًّا. قَوْلُهُ: (وَكَصَدَقَةٍ) نَحْوِ زَكَاةٍ سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْهَا أَوْ مِنْ مَالٍ وَجَبَتْ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهَا كَمَالِ تِجَارَةٍ وَذِكْرُ الْفَقِيرِ لَيْسَ قَيْدًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ لِيَدْخُلَ نَحْوُ غَارِمٍ وَغَازٍ وَمُؤَلَّفَةٍ فَالْمُرَادُ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهَا ، قَوْلُهُ: (وَالْمَذْهَبُ قَطْعُهُ بِبَابِ مَسْجِدٍ) أَيْ عَامٍّ فَإِنْ خُصَّ بِطَائِفَةٍ فَلَهُمْ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَيُقْطَعُ غَيْرُهُمْ مُطْلَقًا قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ لِلْمُسْلِمِ الِانْتِفَاعَ إلَخْ) وَكُلُّ مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ لَا قَطْعَ بِهِ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا وَمِنْهُ الْمَسْجِدُ نَفْسُهُ وَالْبُسُطُ الَّتِي تُفْرَشُ فِيهِ وَالْمِنْبَرُ وَالْمَنَارَةُ وَكُرْسِيُّ مُصْحَفٍ، وَمُصْحَفُهُ وَدِكَّةُ الْمُؤَذِّنِ وَسُلَّمُهَا وَدَلْوُ بِئْرٍ وَرِشَاؤُهَا وَبَلَاطُهُ وَرُخَامُهُ فِي أَرْضِهِ، وَكَذَا بَكَرَةٌ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا عَدَمُ الْقَطْعِ فِي الْبَكَرَةِ فِي الذِّمِّيِّ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَطْعِ عَلَى الذِّمِّيِّ إنَّمَا هُوَ فِي الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ كَمَا يَأْتِي، فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ شَيْخِنَا عَلَى ذَلِكَ فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا. قَوْلُهُ: (لِتَحْصِينِهِ وَعِمَارَتِهِ) وَكُلُّ مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ بِهِ كَسِوَارَيْهِ وَجُدْرَانِهِ وَجُذُوعِهِ وَبَابِ سَطْحِهِ وَسَطْحِهِ وَشَبَابِيكِهِ، وَالْوَجْهُ أَنَّ رُخَامَ جُدْرَانِهِ مِثْلُهَا وَكَذَا يُقْطَعُ بِسَتْرِ الْكَعْبَةِ الْمُخَاطِ عَلَيْهَا وَنَحْوِهِ إنْ شُدَّ عَلَيْهَا لِيَكُونَ مُحَرَّزًا، قَالَ الْخَطِيبُ وَمِثْلُهُ سَتْرُ الْمِنْبَرِ وَفِيهِ نَظَرٌ، قَوْلُهُ: (وَرَأَى الْإِمَامُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ خَرَجَ مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ فِي نَحْوِ الْحُصْرِ وَجْهًا وَنَقَلَهُ إلَى الْبَابِ وَالْجِذْعِ بِعَدَمِ الْقَطْعِ فِيهِمَا، فَصَارَ فِيهِمَا وَجْهَانِ فَالتَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ فِيهِمَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَغْلِيبِ مَا بَعْدَهُمَا عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ) أَيْ الْإِمَامُ قَوْلُهُ: (فِي الْحُصْرِ وَالْقَنَادِيلِ وَجْهَيْنِ) أَيْ فَهُمَا طَرِيقَةٌ حَاكِيَةٌ مُقَابِلَةٌ لِلْمَذْهَبِ الَّذِي هُوَ الطَّرِيقُ الْجَازِمُ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (وَثَالِثًا) أَيْ وَحَكَى الْإِمَامُ وَجْهًا ثَالِثًا مُفَصَّلًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافِ لِأَنَّ قَنَادِيلَ الزِّينَةِ لَيْسَتْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلتَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ تُسَرَّجُ فَلَا يَصِحُّ دُخُولُهَا فِي الْقَاطِعَةِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِالْمَذْهَبِ، وَلَا فِي الْحَاكِيَةِ الْمُقَابِلَةِ لَهَا وَقَنَادِيلُ الِاسْتِضَاءَةِ دَاخِلَةٌ فِيهِمَا فَلَا يَصِحُّ كَوْنُ هَذَا الْوَجْهِ مُقَابِلًا لَهُمَا. فَإِنْ قِيلَ الطَّرِيقَةُ الْحَاكِيَةُ شَامِلَةٌ لِلْقِسْمَيْنِ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ فِيهَا قُلْنَا هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الثَّالِثُ هُوَ عَيْنُ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ، لِأَنَّ ذِكْرَ الْقَيْدِ فِيهِ صَرِيحٌ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ، وَيَلْزَمُ عَدَمُ صِحَّةِ قَوْلِ الشَّارِحِ فَيُقْطَعُ فِي الثَّانِي كَمَا يُقْطَعُ فِيهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى الْجَازِمَةِ، ثُمَّ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ كَمَا يُقْطَعُ إلَخْ، أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الطَّرِيقَةِ الْجَازِمَةِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا عَلِمْت مِنْ ذِكْرِ الْقَيْدِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْقَطْعَ فِيهِ مَفْهُومٌ مِنْ ذَلِكَ الْقَيْدِ فَمُسْلِمٌ فَتَأَمَّلْ، قَوْلُهُ: (الْمُقَابِلُ لَهَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَمُسْلِمٌ، وَقَدْ عَلِمْته فِيمَا مَرَّ وَإِنْ أَرَادَ الْجَوَابَ عَنْهُ فَغَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَجْهُ الْوَاحِدُ مُقَابِلًا لِطَرِيقَةٍ قَاطِعَةٍ وَلَا حَاكِيَةٍ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ تَعْبِيرَ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى الْجَازِمَةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْمَذْهَبِ فَتَأَمَّلْهُ. تَنْبِيهٌ: قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقْطَعُ بَوَّابُ الْمَسْجِدِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّزٍ عَنْهُ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (وَالذِّمِّيُّ يُقْطَعُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ) وَهِيَ مَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَسْجِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ تَقْيِيدِهِ السَّابِقِ بِالْمُسْلِمِ، وَالْأَوْلَى عُمُومُهَا لِمَا قَبْلَهَا فَيَدْخُلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِ بَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا وَلَا نَظَرَ لِانْتِفَاعِ الذِّمِّيِّ بِنَحْوِ الرِّبَاطَاتِ وَالْقَنَاطِرِ لِأَنَّهُ بِالتَّبَعِيَّةِ لَنَا لِضَرُورَةِ إقَامَتِهِ بِدَارِنَا لَا لِحَقٍّ لَهُ فِيهِ، وَلَا نَظَرَ أَيْضًا لِنَفَقَةِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَمْلِكُ الْحَجْرَ عَلَيْهَا) زَادَ الزَّرْكَشِيُّ بِرَفْعِهَا لِمَذْهَبِ مَالِكٍ. [سَرَقَ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ] قَوْلُهُ: (وَمَنْ سَرَقَ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ إلَخْ) ، مَا لَيْسَ فِيهِ سِهَامٌ مُقَدَّرَةٌ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِفْرَازُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ، فَلَوْ أَفْرَزَ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَثَلًا فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ غَيْرِهِمْ لَهُ، قَوْلُهُ: (وَهُوَ فَقِيرٌ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَكَصَدَقَةٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَخْ) مِثَالُهُ الْغَنِيُّ يَسْرِقُ مَالَ الصَّدَقَاتِ. قَوْلُهُ: (وَالْقَنَادِيلِ) وَجْهُ الْقَطْعِ فِيهَا بِأَنَّهُ أَثْبَتُ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ فَحَقُّ اللَّهِ أَوْلَى، قَوْلُهُ: (كَمَا يُقْطَعُ فِيهِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأُولَى) أَيْ أَخْذًا مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْحِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى) وَهِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَذْهَبُ قَطْعُهُ، قَوْلُهُ: (مَا رَأَى الْإِمَامُ) الَّذِي رَآهُ الْإِمَامُ قَوْلُهُ وَرَأْيُ الْإِمَامِ تَخْرِيجُ وَجْهٍ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَمَا ذَكَرَهُ إلَخْ) الَّذِي ذَكَرَهُ قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْحُصْرِ قَوْلُهُ: (بِمَوْقُوفٍ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَيُقْطَعُ بِهَا بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ كَانَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 لِأَنَّهُ مَالٌ مُحَرَّزٌ (وَأُمُّ وَلَدٍ سَرَقَهَا نَائِمَةً أَوْ مَجْنُونَةً) لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةً مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ وَالثَّانِي قَالَ الْمِلْكُ فِيهَا ضَعِيفٌ وَكَذَا فِي الْمَوْقُوفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى فَهُوَ كَالْمُبَاحَاتِ (الرَّابِعُ) مِنْ الشُّرُوطِ (كَوْنُهُ مُحَرَّزًا بِمُلَاحَظَةٍ أَوْ حَصَانَةِ مَوْضِعِهِ فَإِنْ كَانَ بِصَحْرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ) أَوْ شَارِعٍ وَكُلٌّ مِنْهَا لَا حَصَانَةَ لَهُ (اُشْتُرِطَ) فِي كَوْنِهِ مُحَرَّزًا (دَوَامُ لِحَاظٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ لَهُ (وَإِنْ كَانَ بِحِصْنٍ) كَدَارٍ وَحَانُوتٍ (كَفَى لِحَاظٌ مُعْتَادٌ) وَلَمْ يُشْتَرَطْ دَوَامُهُ وَمِنْ الْحِصْنِ حِرْزٌ لِمَالٍ دُونَ مَالٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ (وَإِصْطَبْلٌ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (حِرْزُ دَوَابَّ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ نَفِيسَةً (لَا آنِيَةٍ وَثِيَابٍ) وَإِنْ كَانَتْ خَسِيسَةً (وَعَرْصَةُ دَارٍ وَصِفَتُهَا حِرْزُ آنِيَةٍ وَثِيَابٍ بِذْلَةٍ) بِالْمُعْجَمَةِ (لَا حُلِيٍّ وَنَقْدٍ) وَثِيَابٍ نَفِيسَةٍ (وَلَوْ نَامَ بِصَحْرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ) أَوْ شَارِعٍ (عَلَى ثَوْبٍ أَوْ تَوَسَّدَ مَتَاعًا فَمُحَرَّزٌ فَلَوْ انْقَلَبَ فَزَالَ عَنْهُ فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ حِينَئِذٍ مُحَرَّزًا (وَثَوْبٍ وَمَتَاعٍ وَضَعَهُ بِقُرْبِهِ بِصَحْرَاءَ) أَوْ مَسْجِدٍ (إنْ لَاحَظَهُ) كَمَا تَقَدَّمَ (مُحَرَّزٌ وَإِلَّا فَلَا) وَلَوْ كَثُرَ   [حاشية قليوبي] الْإِمَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ عَجْزِهِ لِأَنَّهَا لِلضَّرُورَةِ بِشَرْطِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ أَيْ إنْ كَانَ بَالِغًا فَلَا يُرَدُّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ فِي نَفَقَةِ الْإِمَامِ عَلَى اللَّقِيطِ الذِّمِّيِّ. فَرْعٌ: لَوْ سَرَقَ مِنْ مَالِ مُرْتَدٍّ لَمْ يُقْطَعْ إنْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ وَلِلسَّارِقِ حَقٌّ فِي الْفَيْءِ وَإِلَّا قُطِعَ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ لَا قَطْعَ مُطْلَقًا نَظَرًا لِلْقَوْلِ بِزَوَالِ مِلْكِهِ بِالرِّدَّةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (قَطْعُهُ بِمَوْقُوفٍ) أَيْ عَلَى مَنْ يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ فَلَا يُقْطَعُ بِمَوْقُوفٍ عَلَى نَحْوِ أَصْلِهِ وَسَيِّدِهِ وَلَا بِسَرِقَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَهُ وَظَاهِرُ الْعِلَّةِ قَطْعُ الْوَاقِفِ بِمَا وَقَفَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ نَظَرًا لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ، قَوْلُهُ: (وَأُمِّ وَلَدٍ) أَيْ وَيُقْطَعُ بِأُمِّ وَلَدٍ قَوْلُهُ: (سَرَقَهَا نَائِمَةً أَوْ مَجْنُونَةً) أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ سَكْرَى أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ عَمْيَاءَ أَوْ أَعْجَمِيَّةً تَعْتَقِدُ الطَّاعَةَ، قَوْلُهُ: (مَضْمُونَةٌ بِالْقِيمَةِ) أَيْ وَغَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ بِالتَّصَرُّفِ لِيَخْرُجَ الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهِمَا، قَوْلُهُ: (وَكَذَا فِي الْمَوْقُوفِ) أَيْ الْمِلْكُ فِيهِ ضَعِيفٌ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ الْقَائِلَيْنِ بِالْمِلْكِ فِيهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ بِعَدَمِ الْمِلْكِ، فَهُوَ مِنْ الْمُبَاحَاتِ فَقَوْلُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ إلَخْ، مِنْ تَتِمَّةِ الْوَجْهِ الثَّانِي فَتَأَمَّلْهُ. فَرْعٌ: لَا قَطْعَ عَلَى مُسْلِمٍ وَلَا عَلَى ذِمِّيٍّ بِمَوْقُوفٍ عَلَى الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ، أَوْ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ نَحْوِ بَكَرَةِ بِئْرٍ مُسَنْبَلَةٍ وَآلَاتِ. رَحًا كَذَلِكَ وَفَارَقَ الذِّمِّيُّ هُنَا مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الْقَنَاطِرِ بِأَنَّهُ هُنَا دَاخِلٌ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ قَصْدًا مِنْ حَيْثُ الْعُمُومِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَصَانَةٍ) بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ هِيَ الْقُوَّةُ وَالْمَنَعَةُ، قَوْلُهُ: (وَكُلٌّ مِنْهَا) أَيْ الصَّحْرَاءِ وَالْمَسْجِدِ وَالشَّارِعِ، قَوْلُهُ: (لَا حَصَانَةَ لَهُ) أَيْ فِي نَفْسِهِ وَلِذَلِكَ لَوْ دَفَنَ مَالَهُ بِصَحْرَاءَ فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ، لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لَهُ، وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْحِرْزُ مَا لَا يُعَدُّ الْمَالِكُ أَنَّهُ مُضَيِّعٌ لِمَالِهِ فِيهِ وَمَرْجِعُهُ الْعُرْفُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ضَابِطٌ لُغَةً، وَلَا شَرْعًا كَالْقَبْضِ فِي الْمَبِيعِ وَالْإِحْيَاءِ فِي الْمَوَاتِ. قَوْلُهُ: (دَوَامُ لِحَاظٍ) أَيْ مِمَّنْ اسْتَحْفَظَهُ صَاحِبُ الْمَتَاعِ وَإِلَّا فَلَيْسَ مُحَرَّزًا، قَالَهُ شَيْخُنَا أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَمَّامِ فَرَاجِعْهُ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ أَوْ لَا يَضُرُّ فِي الدَّوَامِ الْفَتَرَاتُ الْعَارِضَةُ عَادَةً، وَلَوْ تَغَفَّلَهُ السَّارِقُ فِيهَا قُطِعَ وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ رُؤْيَةِ الْمُلَاحِظِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ اللَّامِ) اسْمٌ لِمُؤْخِرِ الْعَيْنِ وَيُقَابِلُهُ الْمُوقُ وَهُوَ مُقَدِّمُهَا الْمُلَاصِقُ لِلْأَنْفِ وَالْمُرَادُ هُنَا مُطْلَقُ النَّظَرِ مِنْهَا، قَوْلُهُ: (وَإِصْطَبْلُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ هَمْزَةُ قَطْعٍ أَصْلِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ: (حِرْزُ دَوَابَّ) إنْ اتَّصَلَ بِالدُّورِ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ غَلْقِ الْبَابِ وَمُلَاحِظٍ كَمَا سَيَأْتِي، قَوْلُهُ: (خَسِيسَةً) أَيْ وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِوَضْعِهَا فِيهِ وَإِلَّا كَعَبَاءَةٍ وَبَرْذعَةٍ وَنَحْوِ سَطْلٍ وَسَرْجٍ غَيْرِ نَفِيسٍ فَهُوَ حِرْزٌ لَهَا، قَوْلُهُ: (حِرْزُ آنِيَةٍ) يُتَّجَهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُنَوَّنٍ لِنِيَّةِ إضَافَةِ بِذْلَةٍ إلَيْهِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ لِتَخْرُجَ الْآنِيَةُ النَّفِيسَةُ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْحُلِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ: (لَا حُلِيٌّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ حِرْزَهَا بُيُوتُ الدُّورِ وَالْخَانَاتُ وَالْأَسْوَاقُ الْمَنِيعَةُ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَوَسَّدَ) أَيْ مَثَلًا فَمِنْهُ الْخَاتَمُ فِي الْأُصْبُعِ مُخَلْخَلًا. وَلَوْ بِفَصٍّ ثَمِينٍ وَالسِّوَارُ فِي الْيَدِ وَنَحْوُ الْخَلْخَالِ فِي السَّاقِ وَالْعِمَامَةُ عَلَى الرَّأْسِ، وَالْمَدَاسُ فِي الرِّجْلِ وَالْمِئْزَرُ مُتَّزِرًا بِهِ، وَالرِّدَاءُ مُتَوَحِّشًا بِهِ، قَوْلُهُ: (مَتَاعًا) أَيْ مِمَّا يُعَدُّ التَّوَسُّدُ حِرْزًا لَهُ لَا نَحْوُ كِيسِ جَوْهَرٍ، أَوْ نَقْدٍ فَحِرْزُهُ شَدُّهُ بِوَسَطِهِ لَا نَوْمُهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ انْقَلَبَ) وَلَوْ بِقَلْبِ السَّارِقِ وَمِثْلُهُ رَمْيُهُ عَنْ دَابَّةٍ وَهَدْمِ حَائِطِ دَارِ وَإِسْكَارِهِ حَتَّى غَابَ عَقْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ زَوَالِ، الْحِرْزِ لَا مِنْ هَتْكِهِ.   [حاشية عميرة] وَقْفًا عَلَى الْقُمَامَةِ لِئَلَّا قُطِعَ وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا، قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْقَوْلِ) هُوَ أَيْضًا مِنْ تَفَارِيعِ الضَّعِيفِ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَصَانَةِ) أَيْ مَعَ لِحَاظٍ مُعْتَادٍ أَوْ بِدُونِهِ وَقَدْ يُمَثَّلُ لَهُ بِالْمَقَابِرِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْعِمَارَةِ، وَكَذَا الدُّورُ عِنْدَ إغْلَاقِهَا وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا لَمْ يَخْلُ عَنْ أَصْلِ الْمُلَاحَظَةِ. نَعَمْ قَدْ يُمَثَّلُ لَهُ بِالرَّاقِدِ عَلَى الْمَتَاعِ، قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ) لِي قَوْلُهُ مُعْتَادٍ يُفِيدُك أَنَّ الدَّفْنَ لِلْمَالِ فِي الصَّحْرَاءِ لَيْسَ بِحِرْزٍ، قَوْلُهُ: (وَإِصْطَبْلٌ إلَخْ) . أَيْ وَاللِّحَاظُ الْمُعْتَادُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَوْ لَحْظُ الْجِيرَانِ مَعَ الْإِغْلَاقِ فِي الْمُتَّصِلِ بِالْعِمَارَةِ نَهَارًا كَذَا يَنْبَغِي، قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ) وَهِيَ هَمْزَةُ قَطْعٍ أَصْلِيَّةٍ قَالَ أَبُو عَمْرٍو وَلَيْسَ هُوَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، قَوْلُهُ: (حِرْزُ دَوَابَّ) أَيْ لِأَنَّهُ فِي الْحَدِيثِ جَعَلَ الْمُرَاحَ حِرْزًا لِلْمَاشِيَةِ، قَوْلُهُ: (بِذْلَةٍ) يَرْجِعُ إلَى كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ آنِيَةٍ وَثِيَابٍ، قَوْلُهُ (مُحَرَّزٌ وَإِلَّا فَلَا) ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الصَّحْرَاءِ بَيْنَ الْمَوَاتِ وَالْمِلْكِ كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 الطَّارِقُونَ مَعَ اللِّحَاظِ خَرَجَ بِزَحْمَتِهِمْ عَنْ كَوْنِهِ مُحَرَّزًا فِي الْأَصَحِّ. (وَشَرْطُ الْمُلَاحِظِ قُدْرَتُهُ عَلَى مَنْعِ سَارِقٍ بِقُوَّةٍ أَوْ اسْتِغَاثَةٍ) فَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَا يُبَالِي بِهِ السَّارِقُ وَالْمَوْضِعُ بَعِيدٌ عَنْ الْغَوْثِ فَلَيْسَ بِحِرْزٍ (وَدَارٌ مُنْفَصِلَةُ عَنْ الْعِمَارَةِ إنْ كَانَ بِهَا قَوِيٌّ يَقْظَانُ حِرْزٌ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ وَإِغْلَاقِهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَدٌ أَوْ كَانَ بِهَا ضَعِيفٌ وَهِيَ بَعِيدَةٌ عَنْ الْغَوْثِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ قَوِيٌّ نَائِمٌ (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَتْ حِرْزًا مَعَ فَتْحِ الْبَابِ وَإِغْلَاقِهِ وَفِي وَجْهٍ أَنَّهَا فِي إغْلَاقِهِ مَعَ النَّوْمِ حِرْزٌ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَفِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَقْوَى وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ بِمُقَابِلِهِ انْتَهَى وَلَا تَرْجِيحَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (وَمُتَّصِلَةٌ) بِالْعِمَارَةِ أَيْ بِدُورٍ آهِلَةٍ (حِرْزٌ مَعَ إغْلَاقِهِ) أَيْ الْبَابِ (وَحَافِظٌ وَلَوْ) هُوَ (نَائِمٌ) لَيْلًا وَنَهَارًا (وَمَعَ فَتْحِهِ وَنَوْمِهِ غَيْر حِرْزٍ لَيْلًا وَكَذَا نَهَارًا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي هِيَ حِرْزٌ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ اعْتِمَادًا عَلَى نَظَرِ الْجِيرَانِ وَمُرَاقَبَتِهِمْ (وَكَذَا يَقْظَانُ تَغَفَّلَهُ سَارِقٌ) فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ غَيْرُ حِرْزٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَقْصِيرِهِ فِي الْمُرَاقَبَةِ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ وَالثَّانِي يَنْفِي التَّقْصِيرَ عَنْهُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ دَوَامِ الْمُرَاقَبَةِ وَلَوْ بَالَغَ فِيهَا فَانْتَهَزَ السَّارِقُ فُرْصَتَهُ قُطِعَ بِلَا خِلَافٍ. (فَإِنْ خَلَتْ) أَيْ الدَّارُ الْمُتَّصِلَةُ مِنْ حَافِظٍ فِيهَا (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا حِرْزٌ نَهَارًا زَمَنَ أَمْنٍ وَإِغْلَاقِهِ) أَيْ الْبَابِ (فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ) مِمَّا ذُكِرَ بِأَنْ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا أَوْ الزَّمَنُ زَمَنَ خَوْفٍ أَوْ الْوَقْتُ لَيْلًا (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَتْ حِرْزًا وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ أَيْضًا وَفِي الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ بِالظَّاهِرِ وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ مُقَابِلٌ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ لِحَاظًا دَائِمًا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هِيَ السَّابِقَةُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ بِصَحْرَاءَ إلَخْ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْقُرْبِ هُنَا مَعْلُومٌ مِنْ الْمُلَاحَظَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنَّ ذِكْرَهَا إيضَاحٌ. تَنْبِيهٌ: مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ ثِيَابَ الْقَصَّارِينَ وَالصَّبَّاغِينَ وَنَحْوَ ثِيَابِ أَيَّامِ الزِّينَةِ وَلَوْ نَفِيسَةً، وَنَحْوُ خَشَبٍ أَوْ جُذُوعٍ خَفِيفَةٍ مَرْمِيَّةٍ فِي الْأَزِقَّةِ، وَلَوْ عَلَى بَابِ دَارِ مَالِكِهَا غَيْرُ مُحَرَّزَةٍ بِلَا حَافِظٍ، وَأَمَّا الثَّقِيلَةُ فَمُحَرَّزَةٌ فِي الْأَزِقَّةِ وَلَوْ بِلَا حَافِظٍ لَا فِي الصَّحَارِي إلَّا بِحَافِظٍ، قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْهُ فَلَيْسَ بِمُحَرَّزٍ فَلَا قَطْعَ، وَإِنْ أَغْلَقَ بَابَ الْمَسْجِدِ وَدَخَلَهُ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ لِإِبَاحَةِ دُخُولِهِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَثُرَ الطَّارِقُونَ) وَكَذَا الْوَاقِفُونَ كَزَحْمَةِ نَحْوِ خَبَّازٍ أَخَذًا بِقَوْلِهِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُحَرَّزًا بِزَحْمَتِهِمْ، قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ الْمُلَاحِظِ قُدْرَتُهُ عَلَى مَنْعِ سَارِقٍ) أَيْ عَلَى مَنْعِ السَّارِقِ بِالْفِعْلِ وَإِنْ ضَعُفَ عَنْ غَيْرِهِ، فَلَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ بِمَوْضِعٍ فَتَغَفَّلَهُ سَارِقٌ أَضْعَفُ مِنْهُ قُطِعَ، أَوْ أَقْوَى مِنْهُ فَلَا قَطْعَ، قَوْلُهُ: (أَوْ اسْتِغَاثَةٍ) بِمُعْجَمَةٍ فَمُثَلَّثَةٍ أَوْ مُهْمَلَةٍ فَنُونٍ. تَنْبِيهٌ: لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُلَاحِظِ أَنْ يَرَاهُ السَّارِقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ يَقْظَانَ، قَوْلُهُ: (وَدَارٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْعِمَارَةِ إنْ كَانَ بِهَا قَوِيٌّ يَقْظَانُ حِرْزٌ إلَخْ) سَوَاءٌ زَمَنَ أَمْنٍ أَوْ خَوْفٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَلَوْ قَالَ مُحَرَّزَةٌ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَهَا وَمَا فِيهَا، نَعَمْ هِيَ مُحَرَّزَةٌ دُونَ مَا فِيهَا زَمَنَ أَمْنٍ بِلَا حَافِظٍ، قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهٍ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي ذِكْرِهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَتَأَمَّلْهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِهَا مَا لَوْ كَانَ خَارِجًا عَنْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ يَقِظَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَيْ بِدُورٍ آهِلَةٍ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ، أَيْ فِيهَا أَهْلُهَا، قَوْلُهُ: (حِرْزٌ مَعَ إغْلَاقِهِ) وَمِثْلُ إغْلَاقِهِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ صَرِيرٌ يُوقِظُ النَّائِمَ أَوْ كَانَ نَائِمًا خَلْفَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ فَتْحُهُ إلَّا بِإِيقَاظِهِ قَوْلُهُ: (وَحَافِظٌ وَلَوْ هُوَ نَائِمٌ) وَكَذَا ضَعِيفٌ قَوْلُهُ: (فِي زَمَنِ الْأَمْنِ) هُوَ قَيْدٌ لِجَرَيَانِ الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ فَزَمَنُ الْخَوْفِ غَيْرُ حِرْزٍ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (اعْتِمَادًا إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ عِلَّةِ هَذَا الْوَجْهِ ضَعْفُهُ لِعَدَمِ نَظَرِ الْجِيرَانِ مَا فِي الدَّارِ وَأَمَّا نَفْسُ الدَّارِ فَمُحَرَّزَةٌ بِذَلِكَ، وَكَذَا أَبْوَابُهَا الْمُرَكَّبَةُ عَلَيْهَا الْمَنْصُوبَةُ وَمَسَامِيرُهَا الْمُثَبَّتَةُ وَسُقُوفُهَا كَذَلِكَ اتِّفَاقًا، قَوْلُهُ: (وَكَذَا يَقْظَانُ تَغَفَّلَهُ سَارِقٌ) أَيْ بِغَيْرِ الْفَتَرَاتِ الْقَلِيلَةِ الْمُغْتَفِرَةِ فِيمَا مَرَّ فَالْمُرَادُ أَنَّ الْغَفْلَةَ فِي نَفْسِ الْحَافِظِ الْيَقْظَانِ تُزِيلُ الْحِرْزَ، وَخَرَجَ بِهَا مَا لَوْ انْتَهَزَ فُرْصَتَهُ فَيُقْطَعُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ غَيْرُ حِرْزٍ فِي الْأَصَحِّ) لَعَلَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ عَائِدٌ لِمُدَّةِ زَمَانِ الْحَافِظِ الَّذِي تُوجَدُ مِنْهُ الْغَفْلَةُ، وَالتَّشْبِيهُ مِنْ حَيْثُ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ فَلَا يُقَالُ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ، إنَّهَا غَيْرُ حِرْزٍ لَيْلًا قَطْعًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَنْفِي إلَخْ) صَرِيحُ كَلَامِهِ أَنَّ الثَّانِيَ لَا يُشْتَرَطُ دَوَامُ الْمُرَاقَبَةِ فَلَا يَجْعَلُهُ مَعَ الْغَفْلَةِ مُقَصِّرًا، وَالْأَوَّلُ يَشْتَرِطُهَا فَيَعُدُّهُ مُقَصِّرًا وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ تَوَارُدِ الْخِلَافِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ، قَوْلُهُ: (نَهَارًا) وَيُلْحَقُ بِهِ مَا قَبْلَ الشَّمْسِ مِنْ الْإِسْفَارِ وَمَا بَعْدَ الْغُرُوبِ إلَى انْقِطَاعِ الطَّارِقِينَ، قَوْلُهُ: (وَإِغْلَاقِهِ) وَلَيْسَ مِفْتَاحُهُ مَوْضُوعًا بِقُرْبِهِ وَيُلْحَقُ بِإِغْلَاقِهِ مَا مَرَّ آنِفًا مِنْ صَرِيرِهِ وَنَحْوِهِ، قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِكَوْنِهِ عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ مَعَ عَدَمِ الطَّرْقِ، بَلْ عَدَمُ الْخِلَافِ مِنْ أَصْلِهِ وَيَجْعَلُهُ مَنْقُولَ الْأَصْحَابِ مَعَ أَنَّهُ بَحْثٌ   [حاشية عميرة] [شَرْطُ الْمُلَاحِظِ فِي السَّرِقَةِ] قَوْلُهُ: (سَارِقٍ) قِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ التَّنْكِيرِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ضَعِيفًا، وَلَكِنَّ السَّارِقَ أَيْضًا ضَعِيفٌ يَجِبُ الْقَطْعُ، وَإِنْ كَانَ لَوْ سَرَقَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَوِيٌّ لَا قَطْعَ ثُمَّ اُنْظُرْ مَا ضَابِطُ الْمُفَارَقَةِ الَّتِي بِهَا يُقْطَعُ هَلْ تَحْصُلُ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ أَوْ يُشْتَرَطُ مُفَارَقَتُهُ لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ عُرْفًا، أَوْ يَكْفِي دَفْنُهُ بِالْأَرْضِ وَأَنْ يُفَارِقَ الْمَوْضِعَ الظَّاهِرَ الْأَخِيرَ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي اللِّحَاظِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّارِقِ حَتَّى لَوْ اعْتَرَفَ بِأَصْلِهِ وَلَكِنْ قَالَ كُنْت غَافِلًا صُدِّقَ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (مَعَ فَتْحِ الْبَابِ) قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَائِمًا عَلَى الْبَابِ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي هُوَ حِرْزٌ إلَخْ) مَحَلُّ ضَعْفِ هَذَا الْوَجْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَتَاعُ فِي بَيْتٍ مِنْ الدَّارِ مُغْلَقٍ وَإِلَّا وَجَبَ الْقَطْعُ، قَوْلُهُ: (وَبِعَدَمِ اشْتِرَاطِ دَوَامِ الْمُرَاقَبَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا هُنَا وَحِينَئِذٍ فَيُشْكَلُ، قَوْلُهُ: (أَوْ الْوَقْتِ لَيْلًا) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ مَا يُسْرَقُ مِنْ الْأَسْوَاقِ الْمُحْكَمَةِ لَيْلًا لَا قَطْعَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهَا حَارِسٌ، قَوْلُهُ: (وَمَاشِيَةٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 (وَخَيْمَةٍ بِصَحْرَاءَ إنْ لَمْ تُشَدَّ أَطْنَابُهَا وَتُرْخَى أَذْيَالُهَا) بِالْمُعْجَمَةِ (فَهِيَ وَمَا فِيهَا كَمَتَاعٍ بِصَحْرَاءَ) فَيُشْتَرَطُ فِي كَوْنِ ذَلِكَ مُحَرَّزًا دَوَامُ لِحَاظِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ شُدَّتْ أَطْنَابُهَا وَأُرْخِيَتْ أَذْيَالُهَا (فَحِرْزٌ بِشَرْطِ حَافِظٍ قَوِيٍّ فِيهَا وَلَوْ) هُوَ (نَائِمٌ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَوْ نَامَ بِقُرْبِهَا وَقَوْلُهُ وَتُرْخَى بِالرَّفْعِ مِنْ عَطْفِ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ أَيْ إنْ انْتَفَى الشَّدُّ وَالْإِرْخَاءُ وَلَوْ صَرَّحَ بِالنَّافِي فِي الْمَعْطُوفِ كَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ كَانَ وَاضِحًا. (وَمَاشِيَةٍ بِأَبْنِيَةٍ مُغْلَقَةٍ) أَبْوَابُهَا (مُتَّصِلَةٍ بِالْعِمَارَةِ مُحَرَّزَةٍ بِلَا حَافِظٍ وَبِبَرِيَّةٍ يُشْتَرَطُ) فِي إحْرَازِهَا (حَافِظٌ وَلَوْ) هُوَ (نَائِمٌ) وَلَوْ كَانَتْ الْأَبْوَابُ مَفْتُوحَةً اُشْتُرِطَ حَافِظٌ مُسْتَيْقِظٌ (وَإِبِلٍ بِصَحْرَاءَ) تَرْعَى مَثَلًا (مُحَرَّزَةٌ بِحَافِظٍ يَرَاهَا) فَإِنْ لَمْ يَرَ بَعْضَهَا لِكَوْنِهِ فِي وَهْدَةٍ مَثَلًا فَذَلِكَ الْبَعْضُ غَيْرُ مُحَرَّزٍ وَلَوْ نَامَ عَنْهَا أَوْ تَشَاغَلَ لَمْ تَكُنْ مُحَرَّزَةً لَهُ وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ صَوْتُهُ بَعْضَهَا إذَا زَجَرَهَا فَفِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ غَيْرُ مُحَرَّزٍ وَسَكَتَ آخَرُونَ عَنْ اعْتِبَارِ بُلُوغِ الصَّوْتِ لِإِمْكَانِ الْعَدْوِ إلَى مَا لَمْ يَبْلُغْهُ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. (وَمَقْطُورَةٍ) سَائِرَةٌ تُقَادُ (يُشْتَرَطُ) فِي إحْرَازِهَا (الْتِفَاتُ قَائِدِهَا إلَيْهَا كُلَّ سَاعَةٍ بِحَيْثُ يَرَاهَا) وَرَاكِبُ أَوَّلِهَا كَقَائِدِهَا، فَإِنْ لَمْ يَرَ بَعْضَهَا لِحَائِلٍ فَهُوَ غَيْرُ مُحَرَّزٍ (وَأَنْ لَا يَزِيدَ قِطَارٌ عَلَى تِسْعَةٍ) لِلْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فَإِنْ زَادَ فَكَغَيْرِ الْمَقْطُورَةِ أَيْ فَالزَّائِدُ غَيْرُ مُحَرَّزٍ (وَغَيْرِ مَقْطُورَةٍ) بِأَنْ تُسَاقَ (لَيْسَتْ مُحَرَّزَةً فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ   [حاشية قليوبي] لِلرَّافِعِيِّ، قَوْلُهُ: (وَخَيْمَةٍ بِصَحْرَاءَ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَتْ بِالْعُمْرَانِ وَلَوْ فِي مَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ فَهِيَ مُحَرَّزَةٌ وَالصَّحْرَاءُ هُنَا قَيْدٌ فَلَا بُدَّ فِي كَوْنِهَا وَمَا فِيهَا مُحَرَّزَيْنِ مِنْ دَوَامِ لِحَاظٍ لِعَدَمِ هَيْبَةِ الْمُرُورِ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ كَوْنَ الْحَافِظِ، فِيهَا لَيْسَ قَيْدًا وَهُوَ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَتُرْخَى بِالرَّفْعِ) لَعَلَّ الْمُلْجِئَ لَهُ إلَى ذَلِكَ رَسْمُهُ بِالْيَاءِ الَّتِي يَجِبُ حَذْفُهَا مَعَ الْجَزْمِ، وَلَوْ جَعَلَهُ مَجْزُومًا عَلَى لُغَةِ مَنْ يَجْزِمُهُ بِحَذْفِ الْحَرَكَاتِ، أَوْ عَلَى خَطَإِ الْكَاتِبِ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لَسَلِمَ مِمَّا يَأْتِي مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ هُوَ مِنْ عَطْفِ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ تَوْجِيهًا لِصِحَّةِ الرَّفْعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ الْجَازِمَ وَمَدْخُولَهُ لَمْ يَصِحَّ كَوْنُهُ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهَا الْفِعْلَ وَنَائِبَهُ لَمْ يَصِحَّ الرَّفْعُ لِقَوْلِ النُّحَاةِ بِوُجُوبِ جَزْمِهِ، لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُضَارِعٌ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ جَازِمٌ، وَاخْتِيَارُ بَعْضِهِمْ الثَّانِي، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّافِي مَعْنَاهُ غَيْرُ سَدِيدٍ، وَتَصْرِيحُهُ بِانْتِفَاءِ الشَّدِّ وَالْإِرْخَاءِ مَعًا فِيمَا قَبْلَ أَلَّا يُوجِبَ شُمُولَ مَا بَعْدَهَا لِوُجُودِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، أَيْضًا، وَهُوَ فَاسِدٌ إذْ مَعَ انْتِفَاءِ الشَّدِّ وَحْدَهُ تَكُونُ، كَمَا لَوْ انْتَفَيَا مَعًا فَهِيَ كَمَتَاعٍ بِصَحْرَاءَ فَلَا بُدَّ مِنْ دَوَامِ اللِّحَاظِ وَمَعَ انْتِفَاءِ الْإِرْخَاءِ وَحْدَهُ يَكُونُ مَا فِيهَا، كَذَلِكَ وَتَكُونُ هِيَ مُحَرَّزَةٌ بِحَافِظٍ وَلَوْ نَائِمًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَرَّحَ إلَخْ) هُوَ مُسْلِمٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ يَصِيرُ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدِ لَا مِنْ عَطْفِ الْجُمْلَةِ فَيَسْلَمُ مِنْ حَيْثُ الِاعْتِرَاضِ فِي الْإِعْرَابِ، وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ فَبَاقٍ فَتَأَمَّلْهُ. تَنْبِيهٌ: اكْتَفَى هُنَا بِالنَّائِمِ بِقُرْبِ الْخَيْمَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَمَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ الدَّارِ، وَلَعَلَّهُ لِأَنَّ الْخَيْمَةَ أَهْيَبُ وَالنُّفُوسُ مِنْهَا أَرْهَبُ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (بِأَبْنِيَةٍ) وَلَوْ مِنْ نَحْوِ حَشِيشٍ أَوْ قَصَبٍ وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا أَحَاطَتْ الْأَبْنِيَةُ بِجَمِيعِ جِهَاتِ مَحَلِّ الْمَاشِيَةِ مِنْ سَائِرِ جَوَانِبِهِ، فَلَوْ اتَّصَلَ جَانِبٌ مِنْهُ بِالْبَرِيَّةِ فَفِيهِ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مُحَرَّزَةٍ بِلَا حَافِظٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَيْلًا مَعَ عَدَمِ الْأَمْنِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا تَقْيِيدُهُ بِالنَّهَارِ وَالْأَمْنِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَتْ الْأَبْوَابُ مَفْتُوحَةً) هُوَ مَفْهُومُ مُغْلَقَةٍ اُشْتُرِطَ حَافِظٌ مُسْتَيْقِظٌ وَيَكْفِي عَنْهُ قُرْبُ غَوْثٍ أَوْ نَوْمُهُ فِي الْبَابِ، قَوْلُهُ: (مَثَلًا) يُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لَا بَلْ وَتَرْعَى فَيَشْمَلُ بَقِيَّةَ الْمَاشِيَةِ، كَمَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَيَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَتْ فِي مُرَاحٍ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا كَوْنُهَا مَعْقُولَةً أَيْضًا، قَوْلُهُ: (لَمْ تَكُنْ مُحَرَّزَةً) نَعَمْ يَكْفِي فِي كَوْنِهَا مُحَرَّزَةً وُجُودُ الطَّارِقِينَ لِلرَّعْيِ مَثَلًا، قَوْلُهُ: (فَفِي الْمُهَذَّبِ إلَخْ) مَرْجُوحٌ قَوْلُهُ: (وَمَقْطُورَةٍ) أَيْ وَإِبِلٍ مَقْطُورَةٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِ، وَلَيْسَ هُوَ قَيْدًا بَلْ غَيْرُ الْإِبِلِ وَغَيْرُ الْمَقْطُورَةِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْقِطَارُ، وَلَا عَدَدُ الْقِطَارِ إلَّا فِي الْإِبِلِ وَالْبِغَالِ حَالَةَ كَوْنِهِمَا فِي الْعُمْرَانِ. قَوْلُهُ: (تُقَادُ) إنَّمَا قُيِّدَ بِهِ لِأَجْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَالسَّائِقُ كَالْقَائِدِ قَوْلُهُ: (الْتِفَاتُ) وَيَكْفِي عَنْ الْتِفَاتِهِ مُرُورُهَا بَيْنَ النَّاسِ فِي نَحْوِ الْأَسْوَاقِ قَوْلُهُ: (قَائِدِهَا) وَسَائِقِهَا وَرَاكِبِ آخِرِهَا كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (تِسْعَةٍ) اعْتَمَدَهُ الْخَطِيبُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَفِي الْمَنْهَجِ اعْتِبَارُ سَبْعَةٍ بِتَقْدِيمِ السِّينِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَفِي شَرْحِهِ مُوَافَقَةُ السَّرَخْسِيِّ فِي التَّفْصِيلِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) مَرْجُوحٌ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي مُحَرَّزَةٌ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.   [حاشية عميرة] بِأَبْنِيَةٍ إلَخْ) سَكَتَ هُنَا عَنْ اشْتِرَاطِ النَّهَارِ زَمَنَ الْأَمْنِ فَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ هُنَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الدَّارِ الْمُتَّصِلَةِ، وَيُحْتَمَلُ اغْتِفَارُ ذَلِكَ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَاشِيَةَ لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا وَالْوَجْهُ الِاعْتِبَارُ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ هُوَ نَائِمٌ) لَوْ خَلَتْ الْإِبِلُ عَنْ الْأَبْنِيَةِ وَكَانَتْ مَعْقُولَةً اكْتَفَى بِالنَّائِمِ أَيْضًا قَوْلُهُ: (وَإِبِلٍ بِصَحْرَاءَ) إلَى آخِرِ أَحْكَامِهَا لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْإِبِلِ إذَا أُحْرِزَتْ فِي الْبِنَاءِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَبْلُغْ صَوْتُهُ) أَيْ مَعَ النَّظَرِ. قَوْلُهُ: (وَمَقْطُورَةٍ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ الْعُمْرَانِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي عَنْ أَبِي الْفَرَجِ ثُمَّ هَذَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّائِرَةِ، وَاَلَّذِي سَلَفَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَارَّةِ فِي الْأَبْنِيَةِ أَوْ الصَّحْرَاءِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَزِيدَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْتِفَاتُ قَائِدِهَا، قَوْلُهُ: (فَكَغَيْرِ الْمَقْطُورَةِ) أَيْ الْآتِيَةِ لَا الَّتِي سَلَفَتْ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي السَّائِرَةِ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 الْإِبِلَ لَا تَسِيرُ هَكَذَا غَالِبًا، وَالثَّانِي مُحَرَّزَةٌ بِسَائِقِهَا الْمُنْتَهِي نَظَرُهُ إلَيْهَا كَالْمَقْطُورَةِ الْمَسُوقَةِ وَهُوَ أَوْلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَعَبَّرَ فِي الْأَوَّلِ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَشْبَهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْمَقْطُورَةَ بِعَدَدٍ وَتَوَسَّطَ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ فَقَالَ فِي الصَّحْرَاءِ لَا يَتَقَيَّدُ الْقِطَارُ بِعَدَدٍ وَفِي الْعُمْرَانِ يُعْتَبَرُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِيهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ سَبْعَةٍ إلَى عَشْرَةٍ فَإِنْ زَادَ لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مُحَرَّزَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ الْأَحْسَنُ وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِالْأَصَحِّ. (وَكَفَنٍ فِي قَبْرٍ بِبَيْتٍ مُحَرَّزٍ) ذَلِكَ الْبَيْتِ (مُحَرَّزٌ) ذَلِكَ الْكَفَنُ (وَكَذَا) كَفَنٌ فِي قَبْرٍ (بِمَقْبَرَةٍ بِطَرَفِ الْعِمَارَةِ) أَيْ مُحَرَّزٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْعَادَةِ وَالثَّانِي إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَارِسٌ فَهُوَ غَيْرُ مُحَرَّزٍ كَمَتَاعٍ وُضِعَ فِيهِ (لَا بِمَضِيعَةٍ) بِكَسْرِ الضَّادِ وَبِسُكُونِهَا وَفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ بُقْعَةٍ ضَائِعَةٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّزٍ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا خَطَرَ وَلَا انْتِهَازَ فُرْصَةٍ فِي أَخْذِهِ وَالثَّانِي قَالَ الْقَبْرُ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ حَيْثُ كَانَ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَهَابُ الْمَوْتَى وَلَوْ كَانَ بِمَقْبَرَةٍ مَحْفُوفَةٍ بِالْعِمَارَةِ يَنْدُرُ تَخَلُّفُ الطَّارِقِينَ عَنْهَا فِي زَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ النَّبْشُ أَوْ كَانَ عَلَيْهَا حُرَّاسٌ مُرَتَّبُونَ فَهُوَ مُحَرَّزٌ جَزْمًا. . فَصْلٌ (يُقْطَعُ مُؤَجِّرُ الْحِرْزِ) الْمَالِكُ لَهُ بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ مَالَ الْمُسْتَأْجِرِ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِمَنَافِعِهِ وَمِنْهَا الْإِحْرَازُ فَخَرَجَ بِهَذَا التَّوْجِيهُ مَنْ اسْتَأْجَرَ مَحُوطًا لِلزِّرَاعَةِ فَآوَى فِيهِ مَاشِيَتَهُ مَثَلًا فَلَا يُقْطَعُ مُؤَجِّرُهُ بِسَرِقَتِهَا (وَكَذَا مُعِيرُهُ) أَيْ الْحِرْزِ يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ مَالَ الْمُسْتَعِيرِ (فِي الْأَصَحِّ) لِاسْتِحْقَاقِهِ مَنْفَعَتَهُ وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْ الْعَارِيَّةِ مَتَى شَاءَ وَالثَّالِثُ إنْ دَخَلَ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ عَنْ الْعَارِيَّةِ لَمْ يُقْطَعْ أَوْ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ قُطِعَ (وَلَوْ غَصَبَ حِرْزًا لَمْ يُقْطَعْ مَالِكُهُ) بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ لِأَنَّ لَهُ الدُّخُولَ فِيهِ (وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ) أَيْ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِسَائِقِهَا) وَمِثْلُهُ رَاكِبُ آخِرِهَا، قَوْلُهُ: (وَتَوَسَّطَ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ) بِأَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ الْقِطَارُ فِي الصَّحْرَاءِ بِعَدَدٍ، وَفِي الْعُمْرَانِ يَتَقَيَّدُ بِمَا بَيْنَ سَبْعَةٍ إلَى عَشَرَةٍ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَهُوَ لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْهُ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: لِصُوفِ الدَّوَابِّ وَشَعْرِهَا وَوَبَرِهَا وَلَبَنِهَا، وَالْأَمْتِعَةُ عَلَيْهَا حُكْمُهَا فِي الْأَحْرَازِ وَعَدَمِهِ، فَلَوْ حَلَبَ مِنْ لَبَنِهَا نِصَابًا قُطِعَ لَكِنْ قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا اتَّحَدَ مَالِكُ مَا حَلَبَ مِنْهُ، أَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا وَإِلَّا كَشَاتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ فَلَا قَطْعَ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (وَكَفَنٍ) وَلَوْ غَيْرَ مَشْرُوعٍ قَوْلُهُ: (وَكَذَا كَفَنٌ) أَيْ مَشْرُوعٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَالِ الْمَيِّتِ، أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَيْسَ مِنْ نَحْوِ غَصْبٍ، قَوْلُهُ: (فِي قَبْرٍ) أَيْ مَشْرُوعٍ لَا نَحْوِ مَغْصُوبٍ وَلَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَنَصْبِ أَحْجَارٍ عَلَيْهِ. نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ الْحَفْرُ قُطِعَ سَارِقُهُ، قَوْلُهُ: (مُحَرَّزٌ فِي الْأَصَحِّ) فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ إنْ أَخْرَجَهُ مِنْ جَمِيعِ الْقَبْرِ لَا مِنْ اللَّحْدِ فِي هَوَاءِ الْقَبْرِ، قَوْلُهُ: (لَا بِمَضِيعَةٍ) وَلَا بِإِلْقَائِهِ فِي بَحْرٍ وَإِنْ غَاصَ فِيهِ، قَوْلُهُ: (عَلَيْهَا حُرَّاسٌ) وَإِنْ زَادَ الْكَفَنُ عَلَى الْمَشْرُوعِ. تَنْبِيهٌ: لَا قَطْعَ عَلَى حَافِظِ الْقَبْرِ بِسَرِقَةِ الْكَفَنِ مِنْهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّزٍ عَنْهُ وَلَا سَرِقَةُ مَالِ مَنْ ادَّعَاهُ لِدُخُولِ دَارِهِ أَوْ حَانُوتِهِ وَلَوْ لِنَحْوِ شِرَاءٍ. فَرْعٌ: الْمِلْكُ فِي الْكَفَنِ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ الْمُخَاصِمُ بِهِ لَوْ سَرَقَ وَلَوْ أَكَلَ الْمَيِّتُ نَحْوَ سَبْعٍ عَادَ لِمَالِكِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ بَيْتَ الْمَالِ أَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْ مَالِهِ أَوْ وَارِثًا مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ مِنْ مَالِهِ. فَصْلٌ فِيمَا يَمْنَعُ الْقَطْعَ وَمَا لَا يَمْنَعُهُ وَمَا يَكُونُ حِرْزَ الشَّخْصِ دُونَ آخَرَ، أَوْ لِمَالٍ دُونَ آخَرَ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (يُقْطَعُ مُؤَجِّرُ الْحِرْزِ) إجَارَةً صَحِيحَةً قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، قَوْلُهُ: (الْمَالِكُ لَهُ) أَيْ لِمَنْفَعَتِهِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِمَنَافِعِهِ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ حَدِّ السَّيِّدِ بِوَطْءِ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ قَوْلُهُ: (فَلَا يُقْطَعُ مُؤَجِّرُهُ) وَلَا غَيْرُهُ أَيْضًا وَكَذَا بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ قَوْلُهُ: (لِاسْتِحْقَاقِهِ مَنْفَعَتَهُ) يُفِيدُ أَنَّ الْعَارِيَّةَ صَحِيحَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ، وَأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِمَّا يَسْتَحِقُّ وَضْعَهُ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنْ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ كَأَنْ أَحْدَثَ وَضْعَ الْأَمْتِعَةِ فَلَا قَطْعَ، وَإِلَّا قُطِعَ إنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِالرَّدِّ رَاجِعْ ذَلِكَ. فَرْعٌ: لَوْ أَعَارَ عَبْدَهُ لِحِفْظِ مَالِ غَيْرِهِ، أَوْ رَعْيِ دَوَابِّهِ ثُمَّ سَرَقَ السَّيِّدُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا أَوْ أَعَارَ ثَوْبًا لِشَخْصٍ، ثُمَّ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ جَيْبِهِ أَوْ سَرَقَ مِنْ دَارٍ اشْتَرَاهَا قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ قَبْضِهَا قُطِعَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، فَإِنْ اسْتَحَقَّ الْقَبْضَ بِأَنْ وَفَّى الثَّمَنَ، أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَتَوَسَّطَ إلَخْ) يَدُلُّك عَلَى أَنَّ قَوْلَك وَمَقْطُورَةٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّحْرَاءِ وَالْعُمْرَانِ، قَوْلُهُ: (وَكَفَنٍ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَظَرًا إلَى أَنَّ لِلنَّابِشِ إنَّمَا يَخُصُّهُ. لَنَا حَدِيثُ «مَنْ يَنْبِشُ قَطَعْنَاهُ» وَسَوَاءٌ قُلْنَا مِلْكُ الْكَفَنِ لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِلْمُكَفِّنِ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْوَقْفِ بَلْ لَوْ كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ثَبَتَ الْقَطْعُ أَيْضًا، نَظَرًا إلَى أَنَّ تَعْيِينَهُ لِلْمَيِّتِ وَاخْتِصَاصَهُ بِهِ مُعْتَبَرٌ، وَالْقَطْعُ فِي هَذِهِ خَاصٌّ بِالْكَفَنِ الشَّرْعِيِّ دُونَ الَّذِي دُفِنَ مَعَهُ، أَوْ كَانَ زَائِدًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بِالْقِيَاسِ الْآتِي، قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الضَّادِ) أَيْ وَالْأَصْلُ مَضْيَعَةٌ بِسُكُونِ الضَّادِ وَكَسْرِ الْيَاءِ ثُمَّ نُقِلَتْ الْكَسْرَةُ إلَى الضَّادِ. [فَصْلٌ يُقْطَعُ مُؤَجِّرُ الْحِرْزِ الْمَالِكُ لَهُ بِسَرِقَتِهِ مِنْهُ مَالَ الْمُسْتَأْجِرِ] فَصْلٌ يُقْطَعُ مُؤَجِّرُ الْحِرْزِ لَا يُشْكَلُ عَلَى هَذَا عَدَمُ حَدِّ مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ الْمُتَزَوِّجَةَ وَقَوْلُهُ مُؤَجِّرُ أَيْ إجَارَةً صَحِيحَةً، قَوْلُهُ: (فَخَرَجَ بِهَذَا التَّوْجِيهِ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُشْكَلُ بِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْحِرْزِ وَلَا حَقَّ لِلْمُؤَجِّرِ فِي مَنَافِعِهِ تِلْكَ الْمُدَّةَ وَلَيْسَ كَغَاصِبِ الْحِرْزِ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا مُعِيرُهُ) لَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 لِلْغَاصِبِ وَالثَّانِي قَالَ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ الدُّخُولُ فِيهِ. (وَلَوْ غَصَبَ مَالًا وَأَحْرَزَهُ بِحِرْزِهِ فَسَرَقَ الْمَالِكُ مِنْهُ مَالَ الْغَصْبِ أَوْ) سَرَقَ (أَجْنَبِيٌّ) مِنْهُ الْمَالَ (الْمَغْصُوبَ فَلَا قَطْعَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا الْمَالِكُ فَلِأَنَّ لَهُ دُخُولَ الْحِرْزِ لِأَخْذِ مَالِهِ وَالثَّانِي نَظَرًا إلَى أَنَّهُ أَخَذَ غَيْرَ مَالِهِ وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَلِأَنَّ الْحِرْزَ لَيْسَ بِرِضَا الْمَالِكِ وَالثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ إلَى أَنَّهُ حِرْزٌ فِي نَفْسِهِ وَالْخَصْمُ عَلَيْهِ الْمَالِكُ وَمِثْلُ غَصْبِ الْمَالِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ سَرِقَتُهُ (وَلَا يُقْطَعُ مُخْتَلِسٌ وَمُنْتَهِبٌ وَجَاحِدُ وَدِيعَةٍ) وَفُهِمَ حَدِيثُ «لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ وَالْمُنْتَهِبِ وَالْخَائِنِ قَطْعٌ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْأَوَّلَانِ يَأْخُذَانِ الْمَالَ عِيَانًا، وَيَعْتَمِدُ الْأَوَّلُ عَلَى الْهَرَبِ وَالثَّانِي عَلَى الْقُوَّةِ وَالْغَلَبَةِ وَيَدْفَعَانِ بِالسُّلْطَانِ غَيْرَهُ بِخِلَافِ السَّارِقِ لِأَخْذِهِ خُفْيَةً فَشُرِعَ قَطْعُهُ زَجْرًا (وَلَوْ نَقَبَ) فِي لَيْلَةٍ (وَعَادَ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى فَسَرَقَ قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَالِكُ النَّقْبَ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلطَّارِقِينَ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ عَلِمَهُ الْمَالِكُ أَوْ ظَهَرَ لِلطَّارِقِينَ (فَلَا يُقْطَعُ قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِانْتِهَاكِ الْحِرْزِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ وُجِّهَ بِأَنَّهُ عَادَ بَعْدَ انْتِهَاكِ الْحِرْزِ وَالْأَصَحُّ أَبْقَى الْحِرْزَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَلَوْ نَقَبَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَأَخَذَ فِي آخِرِهِ قُطِعَ أَيْضًا وَيَأْتِي فِيهِ خِلَافٌ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي إخْرَاجِ النِّصَابِ فِي مَرَّتَيْنِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنَّهُ هُنَاكَ تَمَّمَ السَّرِقَةَ وَهُنَا ابْتَدَأَهَا. (وَلَوْ نَقَبَ) وَاحِدٌ (وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ فَلَا قَطْعَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَسْرِقْ وَالثَّانِي أَخَذَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ (وَلَوْ تَعَاوَنَا فِي النَّقْبِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِخْرَاجِ أَوْ وَضَعَهُ نَاقِبٌ بِقُرْبِ النَّقْبِ فَأَخْرَجَهُ آخَرُ قُطِعَ الْمُخْرِجُ) وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ شَرِيكٌ فِي النَّقْبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَلَوْ وَضَعَهُ بِوَسَطِ نَقْبِهِ فَأَخَذَهُ خَارِجٌ وَهُوَ يُسَاوِي نِصَابَيْنِ لَمْ يُقْطَعَا فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُمَا لَمْ يُخْرِجَاهُ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ وَالثَّانِي يُقْطَعَانِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي النَّقْبِ وَالْإِخْرَاجِ كَذَا وَجَّهَهُ الرَّافِعِيُّ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي النَّقْبِ (وَلَوْ رَمَاهُ إلَى خَارِجِ حِرْزٍ أَوْ وَضَعَهُ بِمَاءٍ جَارٍ)   [حاشية قليوبي] مَالَ الْبَائِعِ مِنْهَا، وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا بِأَنْ دَخَلَ لَا بِقَصْدِ السَّرِقَةِ وَإِلَّا قُطِعَ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَصَبَ مَالًا) أَيْ وَإِنْ قَلَّ وَكَذَا اخْتِصَاصًا وَخَرَجَ بِالْغَصْبِ مِنْ عِنْدِهِ مَالُ قِرَاضٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ رَهْنٍ فَسَرَقَ مَالِكُهُ مَعَهُ مَالَ الْعَامِلِ أَوْ الْوَدِيعِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ إنْ دَخَلَ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (الْمَالَ الْمَغْصُوبَ فَلَا قَطْعَ) أَيْ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ أَخَذَ مَالَ الْغَاصِبِ وَلَوْ مَعَ الْمَغْصُوبِ قُطِعَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ لِلْمَغْصُوبِ، وَإِنْ دَخَلَ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي فِيهِ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ. قَوْلُهُ: (وَجَاحِدُ وَدِيعَةٍ) وَمِثْلُهَا الْعَارِيَّةُ وَالْأَمَانَةُ، قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلَانِ إلَخْ) وَسَكَتَ عَنْ الثَّالِثِ وَهُوَ الْخَائِنُ الْمُفَسَّرُ بِجَاحِدِ نَحْوِ الْوَدِيعَةِ لِعَدَمِ أَخْذِهِ الْمَالَ مِنْ مَالِكِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ، فَلَا يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّارِقِ كَمَا ذَكَرَهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلَيْنِ فَتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ) إنْ لَمْ يُعِدْ الْحِرْزَ وَإِلَّا بِأَنْ أُعِيدَ الْحِرْزُ وَنَقَبَهُ ثَانِيًا وَأَخَذَ الْمَالَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (لِانْتِهَاكِ الْحِرْزِ) أَيْ بِظُهُورِهِ لِلْمَالِكِ أَوْ لِلطَّارِقِينَ، وَاكْتَفَى بِذَلِكَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ هُنَا لِعَدَمِ الشُّرُوعِ فِي السَّرِقَةِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ، فَاعْتُبِرَ مَانِعٌ قَوِيٌّ بِإِعَادَةِ الْحِرْزِ فِيهِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ فِي تَوْجِيهِ الْأَوْلَوِيَّةِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، قَوْلُهُ: (وَأَخْرَجَ غَيْرَهُ) وَلَوْ جَنِيًّا بِالْقَسَمِ عَلَيْهِ أَوْ مُكْرَهًا أَوْ حَيَوَانًا مُعَلَّمًا، كَقِرْدٍ أَوْ أَعْجَمِيًّا لَا يَعْتَقِدُ الطَّاعَةَ فَإِنْ اعْتَقَدَ الطَّاعَةَ أَوْ كَانَ آدَمِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ قُطِعَ الْآمِرُ، وَفَارَقَ مَا هُنَا وُجُوبَ الْقَوَدِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَعَلَى مَنْ أَمَرَ نَحْوَ قِرْدٍ بِالْقَتْلِ لِأَنَّ الْقَوَدَ يَجِبُ بِالسَّبَبِ، وَالْقَطْعُ هُنَا إنَّمَا يَجِبُ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ. فَرْعٌ: لَا يُقْطَعُ أَعْمَى حَمَلَ بَصِيرًا مَعَهُ مَالٌ مَسْرُوقٌ حَامِلٌ لَهُ، قَوْلُهُ: (فَلَا قَطْعَ) أَيْ بِالْمَالِ الْمُخْرَجِ عَلَى أَحَدٍ فَلَوْ بَلَغَ قِيمَةُ نَحْوِ الْآجُرِّ الَّذِي أُخْرِجَ مِنْ الْجِدَارِ نِصَابًا قُطِعَ النَّاقِبُ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ بِنَقْضِهِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ أَوْ لَمْ يَمْنَعْ الْمَالِكُ مِنْهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (تَعَاوَنَا فِي النَّقْبِ) أَيْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، فَلَوْ نَقَبَا مِنْ مَوْضِعَيْنِ مَعًا قُطِعَ مَنْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ مُرَتَّبًا فَلَا قَطْعَ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُبْ حِرْزًا وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ نَقَبَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ عَرْضِ الْجِدَارِ مَثَلًا، وَالْآخَرُ بَاقِيَهُ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (نَاقِبٌ) لَوْ أَسْقَطَهُ لَاسْتَغْنَى عَنْ الْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلُهَا قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَضَعَهُ) أَيْ أَحَدُ النَّاقِبِينَ بِوَسَطِ نَقْبِهِ أَيْ فِي أَجْزَائِهِ وَأَخَذَهُ الْآخَرُ لَمْ يُقْطَعَا وَكَذَا لَوْ نَاوَلَهُ فِيهِ لِصَاحِبِهِ، فَإِنْ نَاوَلَهُ لَهُ أَوْ وَضَعَهُ خَارِجَ النَّقْبِ فِيهِمَا وَأَخَذَهُ الْآخَرُ قُطِعَ الدَّاخِلُ، أَوْ دَاخِلَ النَّقْبِ قُطِعَ الْآخِذُ الْخَارِجُ، وَلَوْ قَالَ أَوْ بَدَّلَ لَوْ لَاسْتَغْنَى عَنْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَمَاهُ إلَى خَارِجِ حِرْزٍ) أَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ قُطِعَ وَإِنْ أَعَادَهَا بِهِ أَوْ تَلِفَ بِالرَّمْيِ كَإِحْرَاقِ نَارٍ وَإِنْ عَلِمَهَا أَوْ أَعَادَهُ إلَى حِرْزِهِ بَعْدَ الرَّمْيِ، أَوْ أَخَذَهُ غَيْرُ الرَّامِي وَلَوْ مَالِكُهُ أَوْ وَقَعَ فِي حِرْزٍ آخَرَ   [حاشية عميرة] أَعَارَهُ قَمِيصًا فَطَوَى الْمُعِيرُ جَيْبَهُ، وَسَرَقَ مِنْهُ قُطِعَ بِلَا خِلَافٍ، قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْطَعُ مُخْتَلِسٌ إلَخْ) لَمَّا انْتَهَى الْكَلَامُ فِي شَأْنِ الْمَسْرُوقِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ فِي شَأْنِ السَّرِقَةِ مُشِيرًا إلَى تَعْرِيفِهَا، قَوْلُهُ: (وَجَاحِدُ وَدِيعَةٍ) لَوْ قَالَ وَجَاحِدُ عَارِيَّةٍ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ خَالَفَنَا فِيهَا، وَقَالَ بِالْقَطْعِ مُسْتَمْسِكًا بِحَدِيثِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَقُطِعَتْ وَسَلَفَ لَنَا جَوَابُهُ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَقَبَ وَاحِدٌ وَأَخْرَجَ إلَخْ) ، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْ بَلَغَتْ قِيمَةَ الْآجُرِّ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ النَّقْبِ مِقْدَارًا يَجِبُ بِهِ الْقَطْعُ قُطِعَ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَعَاوَنَا) أَيْ بِأَنْ يَتَحَامَلَا عَلَى الْآلَةِ مَعًا وَيُخْرِجُ هَذَا لَبِنَةً وَهَذَا لَبِنَةً عَلَى الْأَصَحِّ قَوْلُهُ: (وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) . لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ الْآخَرُ بِالتَّعْرِيفِ لَوُفِّيَ بِهَذَا الْغَرَضِ وَبَعْضُهُمْ لِأَجْلِ تَنَاوُلِ هَذَا الْقَيْدِ جُعِلَ قَوْلُهُ، وَضَعَهُ مَعْطُوفًا عَلَى انْفِرَادٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، قَوْلُهُ: (حِرْزٌ) الْأَحْسَنُ الْحِرْزُ مُعَرَّفًا. قَوْلُهُ: (فَمَشَتْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 فَخَرَجَ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ (أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ سَائِرَةٍ) فَخَرَجَتْ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ (أَوْ عَرَّضَهُ لِرِيحٍ هَابَّةٍ فَأَخْرَجَتْهُ) مِنْ الْحِرْزِ (قُطِعَ) لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ بِمَا فُعِلَ مِمَّا ذُكِرَ (أَوْ) وَضَعَهُ بِظَهْرِ دَابَّةٍ (وَاقِفَةٍ فَمَشَتْ بِوَضْعِهِ) حَتَّى خَرَجَتْ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ (فَلَا) يُقْطَعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لَهَا اخْتِيَارًا فِي السَّيْرِ وَالثَّانِي يُقْطَعُ لِأَنَّ الْخُرُوجَ حَصَلَ بِفِعْلِهِ وَلَا يَتَأَتَّى الْخُرُوجُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ إلَّا بِتَحْرِيكِهِ فَإِنْ حَرَّكَهُ، فَخَرَجَ قُطِعَ. (وَلَا يَضْمَنُ حُرٌّ بِيَدٍ وَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ (وَلَوْ سَرَقَ صَغِيرًا بِقِلَادَةٍ) نِصَاب (فَكَذَا) أَيْ لَا يُقْطَعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا فِي يَدِ الصَّبِيِّ مُحَرَّزَةٌ بِهِ وَالثَّانِي جَعَلَ سَرِقَتَهُ سَرِقَةً لَهَا (وَلَوْ نَامَ عَبْدٌ عَلَى بَعِيرٍ فَقَادَهُ وَأَخْرَجَهُ عَنْ الْقَافِلَةِ قُطِعَ) لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ (أَوْ حُرٌّ فَلَا) يُقْطَعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْبَعِيرَ فِي يَدِ الْحُرِّ مُحَرَّزٌ وَالثَّانِي قَالَ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ (وَلَوْ نُقِلَ مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ إلَى صَحْنِ دَارٍ بَابُهَا مَفْتُوحٌ قُطِعَ) لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ إلَى مَحَلِّ الضَّيَاعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَفْتُوحًا وَالثَّانِي مُغْلَقًا أَوْ كَانَا مَفْتُوحَيْنِ أَوْ مُغْلَقَيْنِ (فَلَا) يُقْطَعُ وَوَجْهُهُ فِي الْمَفْتُوحِ أَنَّهُ غَيْرُ حِرْزٍ (وَقِيلَ إنْ كَانَا مُغْلَقَيْنِ قُطِعَ) لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ وَالْأَوَّلُ قَالَ مِنْ بَعْضِ حِرْزِهِ فَإِنَّ الْبَابَ الثَّانِيَ مِنْهُ (وَبَيْتِ خَانٍ وَصَحْنِهِ كَبَيْتٍ وَ) صَحْنِ (دَارٍ فِي الْأَصَحِّ) فَيُقْطَعُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ دُونَ الْبَاقِي عَلَى خِلَافٍ فِي الرَّابِعِ وَالثَّانِي يُقْطَعُ فِيهِ قَطْعًا لِأَنَّ صَحْنَ الْخَانِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ السُّكَّانِ. .   [حاشية قليوبي] لِلْمَالِكِ وَقَوْلُ شَيْخِ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ لَا قَطْعَ لَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ، لِتَوَقُّفِ الْقَطْعِ عَلَى الطَّلَبِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِعَدَمِ الْقَطْعِ فِي وُقُوعِهِ فِي حِرْزِ الْمَالِكِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ، وَلَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا غَيْرُ حِرْزٍ كَمَا لَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ صُنْدُوقٍ فِي بَيْتٍ هُوَ حِرْزٌ لَهُ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَضَعَهُ بِمَاءٍ جَارٍ) وَلَوْ حُكْمًا كَمَا لَوْ رَمَى شَجَرَةً فَسَقَطَ ثَمَرُهَا فِي الْمَاءِ الْمَذْكُورِ فَيُقْطَعُ بِشَرْطِ كَوْنِ الرَّامِي دَاخِلًا فِي حِرْزِ الثَّمَرَةِ، قَوْلُهُ: (سَائِرَةٍ) أَيْ لِجِهَةِ مَحَلِّ الْخُرُوجِ وَإِلَّا فَكَالْوَاقِفَةِ، قَوْلُهُ: (لِرِيحٍ هَابَّةٍ) أَيْ بِالْفِعْلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ هُبُوبُهَا، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ) وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ أَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُقْطَعُ) وَإِنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا بَعْدَ خُرُوجِهَا أَوْ فَتَحَ لَهَا بَابًا مُغْلَقًا فَخَرَجَتْ مِنْهُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَهَا اخْتِيَارًا فِي السَّيْرِ) شَمِلَ مَا لَوْ أَشَارَ إلَيْهَا بِنَحْوِ حَشِيشٍ أَوْ سَارَتْ مُثَقَّلَةً، أَيْ فَلَا قَطْعَ وَخَرَجَ مَا لَوْ سَاقَهَا أَوْ قَادَهَا فَيُقْطَعُ وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ شَاةً لَا تُسَاوِي نِصَابًا فَتَبِعَهَا مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ مِنْ وَلَدِهَا أَوْ غَيْرِهِ فَلَا قَطْعَ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَرَّكَهُ فَخَرَجَ) بِالْمَسْرُوقِ قُطِعَ وَإِنْ حَرَّكَهُ غَيْرُهُ قُطِعَ الْمُحَرَّكُ إنْ كَانَ مُشَارِكًا لِلْآخَرِ فِي النَّقْبِ مَعًا، وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ حَرَّكَهُ نَحْوُ سَيْلٍ أَوْ رِيحٍ فَلَا قَطْعَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضْمَنُ حُرٌّ بِيَدٍ) وَمِثْلُهُ مُبَعَّضٌ وَمُكَاتَبٌ كِتَابَةً صَحِيحَةً، قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَرَقَ صَغِيرًا) وَلَوْ نَائِمًا. قَوْلُهُ: (بِقِلَادَةٍ) أَيْ مَثَلًا فَثِيَابُهُ وَنَحْوُ دَابَّةٍ هُوَ رَاكِبُهَا كَذَلِكَ فَلَا قَطْعَ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا فِي يَدِ الصَّبِيِّ مُحَرَّزَةٌ) فَإِنْ نَزَعَهَا مِنْهُ قُطِعَ وَالْكَلَامُ فِي قِلَادَةٍ لَائِقَةٍ بِهِ وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ إلَّا إنْ أَخَذَهَا مَعَهُ مِنْ حِرْزِهَا فَيُقْطَعُ وَمِثْلُهُ مَنْ أَخَذَ قِلَادَةَ نَحْوِ كَلْبٍ مِنْ حِرْزِهَا وَلَوْ مَعَهُ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ حِرْزَ الْقِلَادَةِ هُوَ نَفْسُ الصَّبِيِّ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّهُ لَوْ نَزَعَهَا بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا غَيْرَ مُسْتَقِيمٍ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَامَ عَبْدٌ) وَلَوْ قَوِيًّا وَمِثْلُهُ عَبْدٌ مُتَيَقِّظٌ غَيْرُ مُمَيِّزٍ أَوْ مُمَيِّزٌ وَأَكْرَهَهُ وَإِلَّا فَالْبَعِيرُ مُحَرَّزٌ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (قُطِعَ) أَيْ بِالْعَبْدِ أَوْ الْبَعِيرِ أَوْ بِهِمَا مَعًا، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ) أَيْ الْمَذْكُورَ مِنْ الْحِرْزِ إلَى غَيْرِ حِرْزٍ وَإِنْ أَدْخَلَهُ بَعْدُ فِي حِرْزٍ آخَرَ كَقَافِلَةٍ أُخْرَى نَعَمْ إنْ اتَّصَلَتْ الْقَافِلَتَانِ فَلَا قَطْعَ حَتَّى يُخْرِجَهُ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ حُرٌّ) أَيْ لَوْ أَخْرَجَ مِنْ الْقَافِلَةِ حُرًّا نَائِمًا عَلَى بَعِيرٍ فَلَا يُقْطَعُ، وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَمِثْلُهُ مُبَعَّضٌ وَمُكَاتَبٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْبَعِيرَ فِي يَدِ الْحُرِّ مُحَرَّزٌ) وَلَوْ رَمَاهُ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْقَافِلَةِ قُطِعَ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا، قَوْلُهُ: (وَبَابُهَا مَفْتُوحٌ) أَيْ لَهَا بِفَتْحِهِ وَإِلَّا لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى يُخْرِجَهُ مِنْ الْبَابِ، قَوْلُهُ: (قُطِعَ) إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْبَوَّابُ أَوْ أَحَدُ السُّكَّانِ وَلَيْسَ الْمَالُ مُحَرَّزًا عَنْهُ، وَلِذَلِكَ لَوْ دَخَلَ دَارًا فَحَدَثَ بِهَا مَالٌ وَهُوَ فِيهَا فَأَخَذَهُ، وَخَرَجَ بِهِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ الْآنَ، قَوْلُهُ: (مِنْ بَعْضِ حِرْزِهِ) وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مَالٍ يَكُونُ صَحْنُ الدَّارِ حِرْزًا لَهُ وَإِلَّا قُطِعَ بِلَا خِلَافٍ، قَوْلُهُ: (وَبَيْتُ خَانٍ) وَمِثْلُهُ نَحْوُ مَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ وَحَوْشٍ فِيهِ مَسَاكِنُ مُتَعَدِّدَةٌ، قَوْلُهُ: (فَيُقْطَعُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.   [حاشية عميرة] بِوَضْعِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَقِبَ الْوَضْعِ خِلَافًا لِلْمُصَحِّحِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ فَتْحِ قَفَصِ الطَّائِرِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَضْمَنُ حُرٌّ بِيَدٍ) خَرَجَ الرَّقِيقُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَلَوْ مَجْنُونًا فَأَخَذَهُ مِنْ حِرْزٍ وَلَوْ مِنْ فِنَاءِ دَارِ سَيِّدِهِ وَلَوْ خَدَعَهُ قُطِعَ بِخِلَافِ، مَا لَوْ كَانَ خَارِجَ الْفِنَاءِ وَأَمَّا الْمُمَيِّزُ فَإِنْ كَانَ نَائِمًا أَوْ سَكْرَانَ أَوْ حَمَلَهُ مَرْبُوطًا قُطِعَ، وَكَذَا قَوِيٌّ عَلَى الِامْتِنَاعِ أَخْرَجَ مِنْ الْحِرْزِ بِالسِّلَاحِ وَنَحْوِهِ أَوْ نَامَ عَلَى بَعِيرٍ بِقَافِلَةٍ كَمَا سَيَأْتِي، هَذَا مُحَصَّلُ مَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَمَتْنِهِ وَفِي الزَّرْكَشِيّ لَوْ حَمَلَ الْعَبْدَ فَلَا قَطْعَ فِي الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَرَقَ صَغِيرًا) مِثْلُهُ لَوْ سَرَقَ الْأَمْتِعَةَ مِنْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْقَطْعُ حِرْزًا لِتِلْكَ الْأَمْتِعَةِ، قَوْلُهُ: (وَأَخْرَجَهُ عَنْ الْقَافِلَةِ قُطِعَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ كَانَ الْعَبْدُ قَوِيًّا فَلَا وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَمَتْنِهِ خِلَافُهُ، قَوْلُهُ: (أَوْ حُرٌّ فَلَا) أَيْ وَلَوْ أَنْزَلَهُ مِنْ عَلَى الْبَعِيرِ وَهُوَ نَائِمٌ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْقَافِلَةِ فَلَا قَطْعَ لِأَنَّهُ رَفَعَ الْحِرْزَ، وَلَمْ يَهْتِكْهُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُغْلَقَيْنِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ صَحْنُ الدَّارِ لَا يَصْلُحُ حِرْزًا لِذَلِكَ الْمَتَاعِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 فَصْلٌ (لَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا (وَمُكْرَهٌ) بِفَتْحِ الرَّاءِ لِشُبْهَةِ الْإِكْرَاهِ الدَّافِعَةِ لِلْحَدِّ وَقَطْعُ السَّكْرَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ (وَيُقْطَعُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بِمَالِ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِالْتِزَامِ الذِّمِّيِّ الْأَحْكَامَ كَالْمُسْلِمِ (وَفِي مُعَاهَدٍ أَقْوَالٌ أَحْسَنُهَا إنْ شُرِطَ قَطْعُهُ بِسَرِقَةٍ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا) يُقْطَعُ وَالْأَوَّلُ يُقْطَعُ مُطْلَقًا وَالثَّانِي عَكْسُهُ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا قَطْعَ) مُطْلَقًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ فِيهِ وَالتَّفْصِيلُ حَسَنٌ وَفِي الْمُحَرَّرِ أَحْسَنُهَا. (وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةِ فِي الْأَصَحِّ) فَيُقْطَعُ بِهَا لِأَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُقْطَعُ بِهِ، وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ بِهَا لِأَنَّ الْقَطْعَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَفِيهِمَا فِي الدَّعَاوَى الْجَزْمُ بِالثَّانِي (وَبِإِقْرَارِ السَّارِقِ) وَلَا يُشْتَرَطُ تَكْرِيرُهُ (وَالْمَذْهَبُ قَبُولُ رُجُوعِهِ) كَالزِّنَى وَفِي قَوْلٍ لَا كَالْمَالِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِقَبُولِ رُجُوعِهِ فَلَا يُقْطَعُ وَفِي الْغُرْمِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُهُ وَفِي طَرِيقٍ ثَالِثٍ الْقَطْعُ بِوُجُوبِ الْغُرْمِ أَيْضًا (وَمَنْ أَقَرَّ بِعُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) أَيْ بِمُوجِبِهَا بِكَسْرِ الْجِيمِ كَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَى ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ دَعْوَى (فَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَرِّضَ لَهُ بِالرُّجُوعِ) عَنْ الْإِقْرَارِ (وَلَا يَقُولُ) لَهُ (ارْجِعْ) عَنْهُ وَالثَّانِي لَا يُعَرِّضُ لَهُ بِالرُّجُوعِ وَالثَّالِثُ يُعَرِّضُ لَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ وَإِنْ عَلِمَ فَلَا وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَاعِزٍ الْمُقِرِّ بِالزِّنَى لَعَلَّك قَبَّلْت أَوْ غَمَزْت» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِمَنْ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِالسَّرِقَةِ مَا إخَالُكَ سَرَقْت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ،   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ وَمَنْ يُقْطَعُ بِهَا وَمَا يُقْطَعُ بِهِ وَغَيْرِهَا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ شَرْطَ الْمَقْطُوعِ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا مُلْتَزِمًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، وَلَوْ حُكْمًا لَا شُبْهَةَ لَهُ وَلَيْسَ أَصْلًا وَلَا مَأْذُونًا لَهُ وَيُعَزَّرَانِ، قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا) وَيُعَزَّرُ مَنْ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ مِنْهُمَا، قَوْلُهُ: (وَمُكْرَهٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ) وَلَا يُعَزَّرُ أَيْضًا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَيُعَزَّرُ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا أَمَرَ مَنْ يَعْتَقِدُ الطَّاعَةَ عَلَى مَا سَيَأْتِي، قَوْلُهُ: (عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُ وُجُوبُ قَطْعِهِ قَوْلُهُ: (كُلٌّ مِنْهُمَا) عَائِدٌ إلَى كُلٍّ مِنْ السَّارِقِ وَالْمَسْرُوقِ مِنْهُ دُفِعَ بِهِ تَوَهُّمُ الِاجْتِمَاعِ، وَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِأَوْفَيْهِمَا، قَوْلُهُ: (وَفِي مُعَاهَدٍ) وَمُؤَمَّنٍ قَوْلُهُ: (لَا قَطْعَ) أَيْ عَلَى الْمُعَاهَدِ أَوْ عَلَى الْمُؤَمَّنِ بِسَرِقَتِهِ، وَلَوْ لِمَالِ مِثْلِهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ بِسَرِقَتِهِ مَالَهُ وَلَوْ مُسْلِمًا، قَوْلُهُ: (قَالَ فِيهِ) أَيْ الشَّرْحِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى مُخَالَفَةِ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ لَهُ، وَالْمِنْهَاجُ كَالْمُحَرَّرِ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ أَقْوَى. قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ شَرَطَ عَلَيْهِ الْقَطْعَ أَوْ لَا نَعَمْ يُنْتَقَضُ عَهْدُ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ وَيُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ. قَوْلُهُ: (وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ) أَيْ الْمُرَتِّبُ عَلَيْهَا الْقَطْعُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَسُكُوتُهُ عَنْهُ هَذَا لِعَدَمِ الْقَطْعِ فِي الْبَعْضِ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (فَيُقْطَعُ بِهَا) أَيْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ بِهَا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ مُطْلَقًا، قَوْلُهُ: (وَبِإِقْرَارِ السَّارِقِ) أَيْ تَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِهِ لَكِنْ لَا بُدَّ فِي الْقَطْعِ وَمِنْ وُقُوعِ الْإِقْرَارِ بَعْدَ دَعْوَى لِتَوَقُّفِهِ عَلَى طَلَبِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي، وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ التَّفْصِيلُ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ الْآتِيَةِ، قَوْلُهُ: (وَالْمَذْهَبُ قَبُولُ رُجُوعِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْقَطْعِ وَيَجِبُ الْمَالُ قَطْعًا فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ كَمَا فِي الطَّرِيقِ الثَّالِثِ، لِأَنَّهَا قَاطِعَةٌ بِقَبُولِ الرُّجُوعِ وَيَغْرَمُ الْمَالَ أَخْذًا مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ أَيْضًا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي عَكْسُ الْأُولَى فَقَوْلُهُ وَفِي الْغُرْمِ قَوْلَانِ أَيْ عَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (كَالزِّنَى) يُفِيدُ صِحَّةَ الرُّجُوعِ فِي أَثْنَاءِ الْقَطْعِ فَلَوْ بَقِيَ مَا يَضُرُّ بَقَاؤُهُ قَطَعَهُ هُوَ وَلَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ قَطْعُهُ وَلَا يُقْبَلُ عَوْدُهُ إلَى الْإِفْرَازِ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنْهُ، وَلَوْ أَقَرَّ وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَحَكَمَ حَاكِمٌ عَلَيْهِ فَفِيهِ مَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ فِي الزِّنَى فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَقَرَّ بِعُقُوبَةٍ لِلَّهِ إلَخْ) خَرَجَ بِالْإِقْرَارِ الْبَيِّنَةُ وَبِالْعُقُوبَةِ الْمَالُ وَبِاَللَّهِ الْآدَمِيُّ فَلَا يَحِلُّ التَّعْرِيضُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، قَوْلُهُ: (إنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَرِّضَ لَهُ بِالرُّجُوعِ) جَوَازًا بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَنَدْبًا قَبْلَهُ لِيَمْتَنِعَ مِنْهُ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ فَوَاتِ الْمَالِ بِعَدَمِ إقْرَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَرَاجِعْهُ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عَدَمِ إقْرَارِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي، وَكَذَا لَهُ أَنْ يُعَرِّضَ لِلشُّهُودِ لِيَمْتَنِعُوا مِنْ الشَّهَادَةِ أَوْ يَرْجِعُوا عَنْهَا، وَالْمُرَادُ بِالرُّجُوعِ فِيهِ مَا يَعُمُّ مَا بَعْدَ الْإِنْكَارِ، وَكَذَا فِي قَيْدِ الْإِنْكَارِ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ إنْ خِيفَ إنْكَارُ الْمَالِ لَمْ يَحِلَّ التَّعْرِيضُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يُعَرِّضُ) قَالَ شَيْخُنَا فَيَحْرُمُ كَمَا يَحْرُمُ التَّصْرِيحُ عَلَى جَمِيعِ الْأَوْجُهِ، قَوْلُهُ: (مَا إخَالُكَ سَرَقْت) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبَنُو أَسَد   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ لَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَمُكْرَهٌ] فَصْلٌ لَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ قَوْلُهُ: (وَمُكْرَهٌ) كَمَا فِي الزِّنَى قَوْلُهُ: (إنْ شَرَطَ قَطَعَهُ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِشَرْطِ عَدَمِ السَّرِقَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْقَطْعِ، قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) كَذَلِكَ لَا يُقْطَعُ الْمُسْلِمُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ قَالَ الْإِمَامُ مِنْ الْمُسْتَحِيلِ أَنْ لَا يُقْطَعَ الْمُعَاهَدُ بِسَرِقَةِ مَالِ الْمُسْلِمِ وَيُقْطَعُ الْمُسْلِمُ بِسَرِقَةِ مَالِ الْمُعَاهَدِ. [بِمَا تَثْبُت السَّرِقَة] قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْقَطْعَ حَقٌّ لِلَّهِ) كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ زَنَى بِأَمَتِهِ مُكْرَهَةً وَحَلَفَ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ، قَوْلُهُ: (الْقَطْعُ بِوُجُوبِ الْغُرْمِ أَيْضًا) يُرِيدُ أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ مُرَادُ الْمَتْنِ وَأَنَّ الْإِمَامَ نَسَبَهَا لِلْمُحَقِّقِينَ لَكِنَّهُ نَبَّهَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الرَّافِعِيِّ، طَرِيقُ الْخِلَافِ وَقَدْ رَاجَعْت الرَّافِعِيَّ فَوَجَدْت الْأَمْرَ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (فَالصَّحِيحُ إلَخْ) أَمَّا التَّعْرِيضُ بِالْإِنْكَارِ قَبْلَ الِاعْتِرَافِ فَهُوَ جَائِزٌ بَلْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 (وَلَوْ أَقَرَّ بِلَا دَعْوَى أَنَّهُ سَرَقَ مَالَ زَيْدٍ الْغَائِبِ لَمْ يُقْطَعْ فِي الْحَالِ بَلْ يُنْتَظَرُ حُضُورُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ كَانَ أَبَاحَهُ لَهُ وَالثَّانِي يُقْطَعُ فِي الْحَالِ لِظُهُورِ مُوجِبِهِ (أَوْ) أَقَرَّ (أَنَّهُ أَكْرَهَ أَمَةَ غَائِبٍ عَلَى زِنًى حُدَّ فِي الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُنْتَظَرُ حُضُورُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ كَانَ وَقَفَهَا عَلَيْهِ. (وَتَثْبُتُ) السَّرِقَةُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهَا الْقَطْعُ (بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ فَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) بِسَرِقَةٍ (ثَبَتَ الْمَالُ وَلَا قَطْعَ) وَكَذَا شَاهِدٌ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي بِهَا (وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ الشَّاهِدِ شُرُوطَ السَّرِقَةِ) الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ بِبَيَانِ السَّارِقِ وَالْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَالْمَسْرُوقِ وَكَوْنِهِ مِنْ حِرْزٍ بِتَعْيِينِهِ أَوْ صِفَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَاتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ بِهَا (وَلَوْ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ كَقَوْلِهِ) أَيْ أَحَدِهِمَا (سَرَقَ بُكْرَةً وَالْآخَرُ عَشِيَّةً فَبَاطِلَةٌ) أَيْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا قَطْعٌ وَلَا غُرْمٌ وَلِلْمَشْهُودِ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا فَيَغْرَمُهُ   [حاشية قليوبي] تَفْتَحُهَا وَهُوَ الْقِيَاسُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَصَرِيحُ الْحَدِيثِ أَنَّ التَّعْرِيضَ لِإِنْكَارِ الْمَالِ، وَلَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَعَلَّك غَصَبْت، أَوْ أَخَذْت بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَوْ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. تَنْبِيهٌ: لَا يَجُوزُ الْقَطْعُ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ مَالَهُ بِمَعْنَى الدَّعْوَى بِهِ وَإِثْبَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَى الطَّلَبِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَالِكَ يُقِرُّ بِإِبَاحَتِهِ لِلسَّارِقِ بِمِلْكٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَيَسْقُطُ الْقَطْعُ، وَلَا يَكْفِي الْعِلْمُ بِعَدَمِ عَفْوِ الْمَالِكِ بِمَا مَرَّ قَبْلَ الدَّعْوَى لِاحْتِمَالِ عَفْوِهِ عِنْدَ إرَادَتِهَا، قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَقَرَّ بِلَا دَعْوَى) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (إنَّهُ سَرَقَ مَالَ زَيْدٍ الْغَائِبِ لَمْ يُقْطَعْ) وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَكَذَا السَّفِيهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيُنْتَظَرُ كَمَا لَهُمْ كَحُضُورِ الْغَائِبِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمْلِكُوا الْمَالَ لِلسَّارِقِ قَبْلَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي فَيَسْقُطُ الْقَطْعُ عَنْهُ، قَوْلُهُ: (بَلْ يَنْتَظِرُ حُضُورَهُ) لَكِنْ يُحْبَسُ الْمُقِرُّ إلَى حُضُورِهِ وَكَذَا إلَى كَمَالِ مَنْ أُلْحِقَ بِهِ مِمَّنْ مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَكْرَهَ أَمَةَ غَائِبٍ عَلَى زِنًى) هُوَ قَيْدٌ لِوُجُوبِ الْمَهْرِ لَهَا، وَعَدَمُ الْحَدِّ عَلَيْهَا لَا لِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ فَلَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَنْسَبَ بِقَوْلِهِ حُدَّ فِي الْحَالِ وَيَتَوَقَّفُ الْمَهْرُ إلَى حُضُورِهِ، قَوْلُهُ: (وَقَفَهَا عَلَيْهِ) بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ مِنْ عَدَمِ الْحَدِّ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِوَطْءِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ، وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ الشَّاهِدِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَالِمًا بِشُرُوطِهَا فَرَاجِعْهُ، وَلَا مَدْخَلَ لِشَهَادَةِ الْحِسْبَةِ فِي الْمَالِ فَلَوْ شَهِدَتْ بِالسَّرِقَةِ ثَبَتَ الْقَطْعُ دُونَ الْمَالِ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَانْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اعْتِبَارِ طَلَبِ الْمَالِ وَتَوَقَّفَ الْقَطْعُ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (الْمَسْرُوقِ مِنْهُ) أَيْ هَلْ هُوَ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو مَثَلًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرِ ذَلِكَ) مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى السَّارِقِ لِإِفَادَةِ ذِكْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ كَبَيَانِ السَّرِقَةِ، وَكَوْنُهُ لَا شُبْهَةَ لِلسَّارِقِ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَالْكَافُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَاتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ قِيَاسِيَّةٌ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ غَيْرَ ذَلِكَ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ذِكْرُ، وَهُوَ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ فَافْهَمْهُ، قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ كَوْنِ الْمَالِ نِصَابًا، لِأَنَّهُ لِنَظَرِ الْحَاكِمِ وَلَا لِكَوْنِهِ لِغَيْرِ الْمَالِكِ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَثْبُتُ مَالُهُ بِغَيْرِ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ. تَنْبِيهٌ: لَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى الْغَائِبِ فِي ذَلِكَ إلَّا إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ غَيْبَتِهِ لِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى، لَا تَثْبُتُ بِالدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ وَمِثْلُ الْغَيْبَةِ التَّحَرُّزُ وَالتَّوَارِي قَوْلُهُ: (أَيْ أَحَدُهُمَا) خَرَجَ مَا لَوْ شَهِدَا مَعًا أَنَّهُ سَرَقَ بُكْرَةً وَآخَرَانِ أَنَّهُ سَرَقَ عَشِيَّةً فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى عَيْنٍ وَاحِدَةٍ تَسَاقَطَا، وَلَا حُكْمَ وَإِلَّا ثَبَتَ مَا شَهِدَ بِهِ كُلٌّ وَثَبَتَ الْقَطْعُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ وَافَقَ دَعْوَاهُ وَيُغَرِّمُهُ مَا شَهِدَا بِهِ مَعًا، كَأَنْ ادَّعَى بِدِينَارٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالدِّينَارِ وَالْآخَرُ بِالدَّرَاهِمِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْحِرْزِ أَوْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ فَبَاطِلَةٌ أَيْضًا، فَإِنْ وَافَقَ أَحَدُهُمَا الدَّعْوَى حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَهُ وَغَرِمَهُ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِكَبْشٍ مَثَلًا وَالْآخَرُ بِكَبْشَيْنِ ثَبَتَ وَاحِدٌ وَقُطِعَ بِهِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا، وَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ الْآخَرِ وَأَخَذَ الثَّانِي.   [حاشية عميرة] وَغَيْرُهُمَا بِالِاسْتِحْبَابِ كَذَا فِي التَّكْمِلَةِ لِلزَّرْكَشِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْطَعْ فِي الْحَالِ) أَيْ وَلَكِنْ يُحْبَسُ إلَى حُضُورِهِ، قَوْلُهُ: (أَوْ أَنَّهُ أُكْرِهَ) لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْإِكْرَاهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ لَكِنَّ فَائِدَةَ ذِكْرِ الْإِكْرَاهِ ثُبُوتُ الْمَهْرِ، قَوْلُهُ: (ثَبَتَ) وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ حِسْبَةً مِنْ غَيْرِ دَعْوَى يَثْبُتُ الْقَطْعُ دُونَ الْمَالِ أَيْ وَلَكِنْ لَا قَطْعَ حَتَّى يَطْلُبَ صَاحِبُ الْمَالِ بِدَلِيلِ مَا سَلَفَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ، بِسَرِقَةِ مَالِ الْغَائِبِ بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ نَقُولَ هُنَا لَا قَطْعَ حَتَّى يَثْبُتَ الْمَالُ وَلَوْ بِإِقْرَارٍ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (شُرُوطُ السَّرِقَةِ) لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ مَا لَيْسَ سَرِقَةً سَرِقَةٌ وَلِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي الْمُوجِبِ لِلْقَطْعِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا سَاقَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا أَنَّهُ يُشِيرُ إلَى السَّارِقِ إنْ كَانَ حَاضِرًا، وَيُرْفَعُ نَسَبُهُ إنْ كَانَ غَائِبًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُقْضَى فِيهَا عَلَى غَائِبٍ أَقُولُ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَلَى شَخْصٍ ادَّعَى عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ، فَأَنْكَرَ ثُمَّ غَابَ فِي الْبَلَدِ مَثَلًا فَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَإِنَّ الظَّاهِرَ قَبُولُهَا فِي مِثْلِ هَذَا وَلَا يُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ بُلُوغِهِ النِّصَابَ، وَلَا عَدَمُ مِلْكِ السَّارِقِ وَلَا عَدَمُ الشُّبْهَةِ كَذَا فِي الزَّرْكَشِيّ وَفِي التَّصْحِيحِ فِي اشْتِرَاطِ الْأَخِيرِ خِلَافٌ فَلْيُرَاجَعْ، قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ ذَلِكَ) كَأَنَّهُ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى ذِكْرٍ قَالَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا) يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبُطْلَانِ عَدَمَ الِاعْتِبَارِ أَصْلًا وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ لَمْ يَثْبُتْ بِشَهَادَتِهِمَا شَيْءٌ، قَوْلُهُ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 (وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سَرَقَ فَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَهُ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (وَتُقْطَعُ يَمِينُهُ) أَوَّلًا. (فَإِنْ سَرَقَ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِهَا فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى وَثَالِثًا يَدُهُ الْيُسْرَى وَرَابِعًا رِجْلُهُ الْيُمْنَى وَبَعْدَ ذَلِكَ يُعَزَّرُ وَيُغْمَسُ مَحَلُّ قَطْعِهِ بِزَيْتٍ أَوْ دُهْنٍ مَغْلِيٍّ) لِتَنْسَدَّ أَفْوَاهُ الْعُرُوقِ وَيَنْقَطِعَ الدَّمُ (قِيلَ هُوَ تَتِمَّةٌ لِلْحَدِّ) لِأَنَّ فِيهِ مَزِيدَ إيلَامٍ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَقْطُوعِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ الْمُعَالَجَةُ وَدَفْعُ الْهَلَاكِ عَنْهُ بِنَزْفِ الدَّمِ (فَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ وَلِلْإِمَامِ إهْمَالُهُ) وَعَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ إهْمَالُهُ وَمُؤْنَتُهُ مُؤْنَةِ الْجَلَّادِ. (وَتُقْطَعُ الْيَدُ مِنْ كُوعٍ وَالرِّجْلُ مِنْ مَفْصِلِ الْقَدَمِ) مِنْ السَّاقِ (وَمَنْ سَرَقَ مِرَارًا بِلَا قَطْعٍ كَفَتْ يَمِينُهُ) لِاتِّحَادِ السَّبَبِ (وَإِنْ نَقَصَتْ أَرْبَعُ أَصَابِعَ قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَكَذَا لَوْ ذَهَبَتْ الْخَمْسُ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَالثَّانِي يُعْدَلُ إلَى الرِّجْلِ (وَتُقْطَعُ يَدٌ زَائِدَةٌ أُصْبُعًا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا بَلْ يُعْدَلُ إلَى الرِّجْلِ (وَلَوْ سَرَقَ فَسَقَطَتْ يَمِينُهُ بِآفَةٍ) أَوْ جِنَايَةٍ (سَقَطَ الْقَطْعُ) وَمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ تُقْطَعُ رِجْلُهُ (أَوْ) سَقَطَتْ (يَسَارُهُ) بِآفَةٍ (فَلَا) يَسْقُطُ قَطْعُ يَمِينِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ يَسْقُطُ فِي قَوْلٍ. .   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سُرِقَ) غَنِيًّا كَانَ أَوْ لَا قَطْعَ أَوْ لَا وَقَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ غَنِيًّا غَرِمَ وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ قُطِعَ لَمْ يَغْرَمْ وَإِنْ غَرِمَ لَمْ يُقْطَعْ، قَوْلُهُ: (وَتُقْطَعُ) بَعْدَ جُلُوسِ الْمَقْطُوعِ وَضَبْطِهِ لِئَلَّا يَتَحَرَّكَ أَيْ يَقْطَعُ الْإِمَامُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ أَوْ نَحْوِ السَّيِّدِ مِنْ عَبْدِهِ، وَلَوْ قَطَعَ السَّارِقُ يَدَ نَفْسِهِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ كَفَى أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يُقْطَعْ حَدًّا، وَيُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهُ إنْ قَطَعَهَا بَعْدَ ثُبُوتِ الْمَالِ سَقَطَ الْقَطْعُ عَنْهُ أَوْ قَبْلَهُ عَدَلَ إلَى الرِّجْلِ. قَوْلُهُ: (يَمِينُهُ) أَيْ إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً حَالَ السَّرِقَةِ وَلَوْ شَلَّاءَ إنْ أَمِنَ نَزْفَ الدَّمِ، أَوْ نَاقِصَةً بَعْضَ الْأَصَابِعِ أَوْ زَائِدَتَهَا خِلْقَةً أَوْ عَرْضًا، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ قُطِعَتْ الْأَصْلِيَّةُ إنْ تَمَيَّزَتْ وَإِلَّا كَفَتْ وَلَا يُقْطَعَانِ مَعًا، وَلَوْ سَرَقَ بَعْدَ ذَلِكَ قُطِعَتْ الْأُخْرَى وَلَا يُعْدَلُ إلَى الرِّجْلِ وَلَوْ تَعَذَّرَ قَطْعُ إحْدَاهُمَا عُدِلَ إلَى الرِّجْلِ، وَلَوْ زَادَتْ عَلَى اثْنَتَيْنِ فَعَلَ مَا ذُكِرَ، وَلَوْ قَطَعَ الْإِمَامُ يَدَهُ الْيُسْرَى أَوَّلًا فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّهُ حَدٌّ تَامٌّ، وَإِنْ أَسَاءَ، قَوْلُهُ: (فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) أَيْ بَعْدَ انْدِمَالِ يَدِهِ وُجُوبًا وَفَارَقَ الْحِرَابَةِ بِأَنَّ الْيَدَ وَالرِّجْلَ فِيهَا حَدٌّ وَاحِدٌ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ تَقْدِيمُ قَطْعِ الرِّجْلِ عَلَى الْيَدِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ فَقْدِ الْأَرْبَعِ وَلَوْ بِغَيْرِ قَطْعٍ، أَوْ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ السَّرِقَةِ وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِ الْقَطْعِ بِالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِأَنَّهَا آلَاتُ السَّرِقَةِ بِالْأَخْذِ وَالْمَشْيِ، وَقُدِّمَتْ الْيَدُ لِقُوَّةِ بَطْشِهَا وَقُطِعَ مِنْ خِلَافٍ لِإِبْقَاءِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ ذَكَرُ الزَّانِي إبْقَاءً لِلنَّسْلِ وَلَا لِسَانُ الْقَاذِفِ إبْقَاءً لِلْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا مَرَّ، وَالْأَمْرُ بِقَتْلِ السَّارِقِ مَنْسُوخٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِمَنْ اسْتَحَلَّ أَوْ ضَعِيفٌ بَلْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ، قَوْلُهُ: (وَيُغْمَسُ) أَيْ نَدْبًا عَلَى مَا يَأْتِي وَهَذَا فِي الْحَضَرِيِّ وَيُحْسَمُ الْبَدْوِيُّ بِالنَّارِ نَظَرًا لِلْعَادَةِ فِيهِمَا، قَوْلُهُ: (مُغْلًى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَالْقَصْرُ مِنْ أَغْلَيْت وَفَتْحُ الْمِيمِ بِكَسْرِ اللَّامِ لَحْنٌ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ غَلَيْت. قَوْلُهُ: (إنَّهُ حَقٌّ) أَيْ مَصْلَحَةٌ قَوْلُهُ: (فَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ فِي مُؤْنَةِ الْجَلَّادِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، قَوْلُهُ: (وَلِلْإِمَامِ إهْمَالُهُ) نَعَمْ إنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ بِلَا كَافِلٍ وَخِيفَ هَلَاكُهُ وَجَبَ الْحَسْمُ عَلَى الْإِمَامِ، وَكَذَا عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ عَلِمَ وَقَدَرَ كَذَا اسْتَدْرَكَهُ بَعْضُهُمْ فَحَرِّرْهُ، قَوْلُهُ: (كَفَتْ يَمِينُهُ) وَكَذَا غَيْرُهَا. قَوْلُهُ: (لِاتِّحَادِ السَّبَبِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُرَدُّ تَعَدُّدُ الْفِدْيَةِ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهَا حَقُّ الْفُقَرَاءِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ ذَهَبَتْ الْخَمْسُ) وَلَوْ مَعَ بَعْضِ الرَّاحَةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) مَبْنِيٌّ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْقِيَاسِ عَلَى الْقَوَدِ وَرُدَّ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ مُمَاثِلِهِ هُنَا، قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَرَقَ فَسَقَطَتْ يَمِينُهُ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِ وَثُبُوتِهِ وَالتَّقْيِيدِ بِيَمِينِهِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا بَعْدَهَا قَوْلُهُ: (سَقَطَ الْقَطْعُ) لِأَنَّ الْحَقَّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا وَقَدْ زَالَتْ، قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ) أَيْ حَالَ اسْتِحْقَاقِ الْقَطْعِ كَمَا عُلِمَ أَوْ تَعَذَّرَ قَطْعُهَا كَمَا مَرَّ، أَوْ شُلَّتْ وَلَمْ يُؤْمَنْ نَزْفُ الدَّمِ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِمَا بَعْدَهَا وَكَذَا مَا بَعْدَهَا. فَرْعٌ: لَوْ أَخْرَجَ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ الْيُسْرَى لِلْجَلَّادِ فَقَطَعَهَا فَإِنْ قَالَ أَخْرَجْتهَا لِظَنِّي أَنَّهَا الْيَمِينُ أَوْ أَنَّهَا تُجْزِئُ أَجْزَأَتْهُ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالْوَجْهُ ضَمَانُهَا بِمَا فِي الْقَوَدِ فِي مَسْأَلَةِ الدَّهْشَةِ.   [حاشية عميرة] وَعَلَى السَّارِقِ) خَالَفَ الْحَنَفِيَّةَ فَقَالُوا إنْ قُطِعَ لَمْ يَغْرَمْ وَإِنْ غَرِمَ لَمْ يُقْطَعْ وَقَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ غَنِيًّا ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا. لَنَا أَنَّ الْقَطْعَ لِلَّهِ وَالْغُرْمَ لِلْآدَمِيِّ قَوْلُهُ: (وَتُقْطَعُ يَمِينُهُ) أَيْ وَلَوْ شَلَّاءَ قَوْلُهُ: (بَعْدَ قَطْعِهَا) خَرَجَ مَا لَوْ تَكَرَّرَتْ السَّرِقَةُ قَبْلَ قَطْعِهَا كَمَا سَيَأْتِي، [مَحِلّ الْقطْع فِي السَّرِقَة] قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَعْدِلُ إلَى الرِّجْلِ) أَيْ لِفَقْدِ مَا بِهِ الْبَطْشُ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا) كَالْقِصَاصِ قَوْلُهُ: (سَقَطَ الْقَطْعُ) أَيْ لِفَقْدِ الْيَدِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ (هُوَ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ لَهُ شَوْكَةٌ) بِجَمَاعَةٍ يَتَرَصَّدُونَ فِي الْمَكَامِنِ لِلرُّفْقَةِ فَإِذَا رَأَوْهُمْ بَرَزُوا قَاصِدِينَ لِلْأَمْوَالِ مُعْتَمِدِينَ فِي ذَلِكَ عَلَى قُوَّةٍ وَقُدْرَةٍ يَتَغَلَّبُونَ بِهَا حَيْثُ لَا غَوْثَ كَمَا سَيَأْتِي (لَا مُخْتَلِسُونَ يَتَعَرَّضُونَ لِآخِرِ قَافِلَةٍ) يَسْلُبُونَ شَيْئًا (يَعْتَمِدُونَ الْهَرَبَ) بِرَكْضِ الْخَيْلِ أَوْ الْعَدْوِ عَلَى الْأَقْدَامِ فَلَيْسُوا قُطَّاعًا لِانْتِفَاءِ الشَّوْكَةِ (وَاَلَّذِينَ يَغْلِبُونَ شِرْذِمَةً) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (بِقُوَّتِهِمْ قُطَّاعٌ فِي حَقِّهِمْ لَا) قُطَّاعٌ (لِقَافِلَةٍ عَظِيمَةٍ) سَلَبُوا مِنْهُمْ شَيْئًا بَلْ مُخْتَلِسُونَ (وَحَيْثُ يَلْحَقُ غَوْثٌ) بِالْمُثَلَّثَةِ (لَيْسَ) ذَوُو الشَّوْكَةِ بِمَا ذُكِرَ (بِقُطَّاعٍ) بَلْ مُنْتَهِبُونَ (وَفَقْدُ الْغَوْثِ يَكُونُ لِلْبُعْدِ) عَنْ الْعِمَارَةِ (أَوْ لِضَعْفٍ) فِي أَهْلِهَا مَعَ الْقُرْبِ عَنْ الْإِغَاثَةِ (وَقَدْ يَغْلِبُونَ) أَيْ ذَوُو الشَّوْكَةِ (وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ الضَّعْفُ (فِي بَلَدٍ فَهُمْ قُطَّاعٌ) وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَلَهُمْ حُكْمُ الْقُطَّاعِ وَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِمْ الذُّكُورَةُ فَالنِّسْوَةُ قَاطِعَاتُ طَرِيقٍ وَالْوَاحِدُ إذَا كَانَ لَهُ فَضْلُ قُوَّةٍ يَغْلِبُ بِهَا الْجَمَاعَةَ وَتَعْرِضُ لِلنُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ مُجَاهِرًا فَهُوَ قَاطِعُ طَرِيقٍ وَالْكُفَّارُ لَيْسَ لَهُمْ حُكْمُ الْقُطَّاعِ وَإِنْ أَخَافُوا السَّبِيلَ وَقَتَلُوا وَالْمُرَاهِقُونَ لَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِمْ. (وَلَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ قَوْمًا يُخِيفُونَ الطَّرِيقَ وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا وَلَا) قَتَلُوا (نَفْسًا عَزَّرَهُمْ بِحَبْسٍ وَغَيْرِهِ) وَالْحَبْسُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِمْ أَوْلَى (وَإِذَا أَخَذَ الْقَاطِعُ نِصَابَ السَّرِقَةِ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى فَإِنْ عَادَ فَيُسْرَاهُ وَيُمْنَاهُ وَإِنْ قَتَلَ قُتِلَ حَتْمًا)   [حاشية قليوبي] بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ مِنْ الْقَطْعِ بِمَعْنَى الْمَنْعِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ مَنْعِ سُلُوكِ الْمَارَّةِ فَهُوَ الْبُرُوزُ لِأَخْذِ مَالٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ إرْعَابٍ عَلَى مَا يَأْتِي وَفِيهِ قَطْعُ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ وَقَدْرُ النِّصَابِ فِي السَّرِقَةِ فَذُكِرَ مَعَهَا وَأُخِّرَ عَنْهَا لِأَنَّهَا كَجُزْئِهِ وَعَبَّرَ بِالْقَاطِعِ دُونَ الْقَطْعِ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ. وَالْمُرَادُ بِالطَّرِيقِ مَحَلُّ الْمُرُورِ وَلَوْ فِي دَاخِلِ الْأَبْنِيَةِ وَالدُّورِ وَلَهُمْ بِاعْتِبَارِ فِعْلِهِمْ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ مِنْ أَصْلِ تِسْعَةٍ، لِأَنَّهَا مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ الْقَتْلِ، وَأَخْذِ الْمَالِ وَالْإِخَافَةِ فِي مِثْلِهَا يَسْقُطُ مِنْهَا خَمْسَةٌ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ نَفْسِهِ وَالْإِخَافَةُ مَعَ الْقَتْلِ أَوْ مَعَ أَخْذِ الْمَالِ وَيَبْقَى أَرْبَعَةٌ كُلُّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدٌ أَوْ جَمْعُ الْقَتْلِ مَعَ أَخْذِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ. وَيَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ لَا بِرَجُلٍ وَاحِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ يَمِينٍ، قَوْلُهُ: (مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ) وَلَوْ رَقِيقًا وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُمَا قَوْلُهُ: (بِجَمَاعَةٍ) قُيِّدَ لِمُنَاسَبَةِ مَا بَعْدَهُ وَسَيُذْكَرُ مُحْتَرَزُهُ، قَوْلُهُ: (لِلْأَمْوَالِ) قُيِّدَ لِلْغَالِبِ كَمَا عُلِمَ قَوْلُهُ: (شِرْذِمَةً) وَلَوْ مُسَاوِيَةً لَهُمْ قَوْلُهُ: (بِالْمُثَلَّثَةِ) وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَقِيلَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ قَوْلُهُ: (ذَوُو) بِوَاوَيْنِ جَمْعًا وَفِي نُسْخَةٍ بِوَاوٍ مُفْرَدًا فِي مَعْنَى الْجَمْعِ وَفِي نُسْخَةٍ لَيْسُوا وَهِيَ أَوْضَحُ لِمُنَاسَبَةِ الْخَبَرِ وَلَا حَاجَةَ لِلتَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَعَهَا، وَأَرَادَ بِمَا ذُكِرَ الْقُوَّةُ وَلَوْ جَعَلَ ضَمِيرَ لَيْسَ عَائِدًا لِلَّذِينَ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ لَكَانَ أَقْرَبَ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِضَعْفٍ فِي أَهْلِهَا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْقُطَّاعِ وَإِنْ كَانُوا أَقْوِيَاءَ فِي ذَاتِهِمْ وَلِذَلِكَ لَوْ دَخَلُوا دَارًا وَمَنَعُوا أَهْلَهَا مِنْ الِاسْتِغَاثَةِ وَلَوْ بِالسُّلْطَانِ، وَلَوْ مَعَ قُرْبِهِ وَقُوَّتِهِ فَهُمْ قُطَّاعٌ فِي حَقِّهِمْ كَمَا عُلِمَ قَوْلُهُ: (أَيْ الضَّعْفُ) وَسَكَتَ عَنْ الْبُعْدِ عَنْ الْغَوْثِ وَكَانَ الْوَجْهُ ذِكْرَهُ، وَمَا قِيلَ إنَّهُ سَكَتَ عَنْهُ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ مَمْنُوعٌ إذْ لَا يَبْعُدُ اسْتِغَاثَةُ أَهْلِ بَلَدٍ بِأَهْلِ بَلَدٍ أُخْرَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ قَوْلُهُ: (وَالْوَاحِدُ) وَلَوْ أُنْثَى وَهَذَا مَفْهُومُ مَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ بِجَمَاعَةٍ، قَوْلُهُ: (وَالْكُفَّارُ) وَلَوْ وَاحِدًا وَهَذَا مَفْهُومٌ مُسْلِمٌ فِيمَا مَرَّ وَكَوْنُهُمْ لَيْسَ لَهُمْ حُكْمُ الْقُطَّاعِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَنْ لَهُمْ ذِمَّةٌ، وَإِلَّا فَلَهُمْ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا ذُكِرَ، قَوْلُهُ: (وَالْمُرَاهِقُونَ) وَلَوْ وَاحِدًا وَهَذَا مَفْهُومُ مُكَلَّفٌ فِيمَا مَرَّ، وَاسْتِثْنَاؤُهُمْ مِنْ الْقَطْعِ فَقَطْ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ حُكْمُ الْقُطَّاعِ مِنْ حَيْثُ غَرَامَةِ الْمَالِ وَبَذْلِ النَّفْسِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَلِمَ إلَخْ) فَلَهُ الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ قَوْلُهُ: (قَوْمًا) وَلَوْ وَاحِدًا. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا) أَيْ نِصَابًا قَوْلُهُ: (عَزَّرَهُمْ) وُجُوبًا إنْ لَمْ يَرَ الْمَصْلَحَةَ فِي عَدَمِهِ قَوْلُهُ: (بِحَبْسٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِمْ) كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْأَوْلَى اسْتِدَامَتُهُ إلَى ظُهُورِ تَوْبَتِهِمْ، قَوْلُهُ: (نِصَابَ السَّرِقَةِ) فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ بِالذَّهَبِ الْمَضْرُوبِ وَإِنْ كَانَ النِّصَابُ مِنْ جَمْعٍ مُشْتَرَكِينَ فِيهِ وَكَوْنُ أَخْذِ الْمَالِ مِنْ حِرْزِ مُسْلِمٍ وَعَدَمِ الشُّبْهَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَوَقُّفُ الْقَطْعِ عَلَى طَلَبِ الْمَالِ وَسُقُوطِهِ بِمَا يَسْقُطُ بِهِ الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ، وَثُبُوتُهُ بِمَا تَثْبُتُ بِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (يَدُهُ الْيُمْنَى) أَيْ لِلْمَالِ كَالسَّرِقَةِ وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى لِلْمُحَارَبَةِ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْيَدُ أَوْ الرِّجْلُ فَكَمَا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ وَلَوْ فُقِدَتْ إحْدَاهُمَا اكْتَفَى بِالْبَاقِيَةِ وَلَوْ فُقِدَتَا مَعًا تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِمَا بَعْدَهُمَا،   [حاشية عميرة] [بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ] ِ قَوْلُهُ: (هُوَ مُسْلِمٌ) خَرَجَ الْكَافِرُ وُقُوفًا مَعَ مَوْرِدِ الْآيَةِ لَكِنْ اعْتَمَدَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ اعْتِبَارَ الِالْتِزَامِ لِلْأَحْكَامِ لِيَدْخُلَ الذِّمِّيُّ، قَوْلُهُ: (فَلَيْسُوا قُطَّاعًا) أَيْ بَلْ حُكْمُهُمْ فِي الْقِصَاصِ وَالضَّمَانِ كَغَيْرِهِمْ، قَوْلُهُ: (وَاَلَّذِينَ يَغْلِبُونَ) بَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ شَرْطَ الشَّوْكَةِ بِالنَّظَرِ لِمَنْ يَخْرُجُونَ عَلَيْهِمْ لَا مُطْلَقًا، قَوْلُهُ: (بِمَا ذُكِرَ) رَاجِعْ لِقَوْلِهِ الشَّوْكَةِ، قَوْلُهُ: (لَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِمْ) أَيْ وَلَكِنْ يَضْمَنُ النَّفْسَ وَالْمَالَ وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الْمُعْتَمَدُ الْقُوَّةُ بِالتَّغْلِيظِ لِغِلَظِ جِنَايَتِهِ حَيْثُ اعْتَمَدَ قُوَّتَهُ بِخِلَافِ مَنْ يَعْتَمِدُ الْهَرَبَ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَلِمَ) يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِالْعِلْمِ هُنَا وَقَدْ يُقَالُ مَا فِيهِ مِنْ حَقِّ الْآدَمِيّ سَوَّغَ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (قَوْمًا يُخِيفُونَ) الْأَوَّلُ مَفْعُولٌ أَوَّلٌ وَالثَّانِي مَفْعُولٌ ثَانٍ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَوْمًا نَكِرَةٌ فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ مَفْعُولًا أَوَّلُ لِعَلِمَ، قَوْلُهُ: (وَلَا قُتِلُوا) يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَضْمَنَ يَأْخُذُوا مَعْنَى يُتْلِفُوا فَيُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا، قَوْلُهُ: (بِحَبْسٍ وَغَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ ذَلِكَ كَقَتْلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 لَا يَسْقُطُ بِوَجْهٍ (وَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ مَالًا) رُبْعَ دِينَارٍ (قُتِلَ ثُمَّ صُلِبَ) بَعْدَ غَسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ (ثَلَاثًا ثُمَّ يَنْزِلُ وَقِيلَ يَبْقَى حَتَّى يَسِيلَ صَدِيدُهُ وَفِي قَوْلٍ يُصْلَبُ قَلِيلًا، ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُقْتَلُ) وَيُغْسَلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ (وَمَنْ أَعَانَهُمْ وَكَثَّرَ جَمْعَهُمْ) وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا وَلَا قَتَلَ نَفْسًا، (عُزِّرَ بِحَبْسٍ وَتَغْرِيبٍ وَغَيْرِهِمَا) أَيْ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ بِرَأْيِ الْإِمَامِ. (وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ التَّغْرِيبُ إلَى حَيْثُ يَرَاهُ) وَإِذَا عَيَّنَ صَوْبًا مَنَعَهُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ وَهَلْ يُعَزَّرُ فِي الْبَلَدِ الْمُنْتَفَى إلَيْهِ بِضَرْبٍ وَحَبْسٍ وَغَيْرِهِمَا وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَمَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ (وَقَتْلُ الْقَاطِعِ يَغْلِبُ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ وَفِي قَوْلٍ) مَعْنَى (الْحَدِّ) حَيْثُ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْهُ وَيَسْتَوْفِيهِ السُّلْطَانُ (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ وَذِمِّيٌّ) وَعَبْدٌ (لَوْ مَاتَ) مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ (فَدِيَةٌ) فِي الْحُرِّ وَقِيمَةٌ فِي الْعَبْدِ مِنْ تَرِكَتِهِ. (وَلَوْ قَتَلَ جَمْعًا قُتِلَ بِوَاحِدٍ وَلِلْبَاقِينَ دِيَاتٌ) فَإِنْ قَتَلَهُمْ مُرَتَّبًا قُتِلَ بِالْأَوَّلِ وَلَوْ عَفَا وَلِيُّهُ لَمْ يَسْقُطْ قَتْلُهُ لِتَحَتُّمِهِ (وَلَوْ عَفَا وَلِيُّهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ (بِمَالٍ وَجَبَ) الْمَالُ (وَسَقَطَ الْقِصَاصُ وَيُقْتَلُ حَدًّا) لِتَحَتُّمِ قَتْلِهِ (وَلَوْ قَتَلَ بِمُثْقَلٍ أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ فُعِلَ بِهِ مِثْلُهُ) وَعَلَى الثَّانِي يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ فِي هَذِهِ الْخَامِسَةِ وَلَغَا الْعَفْوُ فِي الرَّابِعَةِ وَلَا دِيَةَ فِي الثَّالِثَةِ وَالثَّانِيَةِ، وَلَا قِيمَةَ فِيهَا، وَيُقْتَلُ فِي الْأَوَّلِ (وَلَوْ جَرَحَ فَانْدَمَلَ لَمْ يَتَحَتَّمْ قِصَاصٌ فِي الْأَظْهَرِ) فَالْقَاطِعُ فِيهِ كَغَيْرِهِ وَالثَّانِي يَتَحَتَّمُ كَالْقَتْلِ وَالثَّالِثُ يَتَحَتَّمُ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْمَشْرُوعُ فِيهِمَا الْقَطْعُ حَدًّا دُونَ غَيْرِهِمَا كَالْأَنْفِ وَالْأُذُنِ وَالْعَيْنِ وَالْقِصَاصِ عَلَى الْأَقْوَالِ الْمُقَابَلَةِ بِالْمِثْلِ   [حاشية قليوبي] وَلَوْ عَكَسَ مَا ذُكِرَ كَأَنْ قَطَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى أَوَّلًا أَجْزَأَ لِأَنَّهَا حَدٌّ تَامٌّ وَإِنْ أَسَاءَ وَأَجْزَأَ وَلَا ضَمَانَ وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى أَوَّلًا لَمْ يُعْتَدَّ بِقَطْعِ رِجْلِهِ وَفِيهَا الضَّمَانُ بِمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الدَّهْشَةِ، وَلَا يَسْقُطُ قَطْعُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ فِيهِ تَبْعِيضَ خَصْلَةٍ لَمْ تُعْهَدْ مُرَكَّبَةً مِنْ خَصْلَتَيْنِ. تَنْبِيهٌ: يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ أَنَّهُ لَوْ سَقَطَ الْعُضْوُ الْمُسْتَحَقُّ قَطْعُهُ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِ وَإِثْبَاتِهِ سَقَطَ الْقَطْعُ، أَوْ قَبْلَهُ لَمْ يَسْقُطْ وَيَنْتَقِلُ لِمَا بَعْدَهُ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (قُتِلَ) لِأَجْلِ الْقَتْلِ احْتِمَالًا لِأَجْلِ الْمَالِ إنْ كَانَ حَالَ قَتْلِهِ مُلَاحِظًا لِأَخْذِهِ سَوَاءٌ أَخَذَهُ أَمْ لَا وَإِلَّا فَلَا يَتَحَتَّمُ قَتْلُهُ، وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْمُلَاحَظَةِ قَبْلَ أَخْذِهِ وَفِيمَا بَعْدَ أَخْذِهِ نَظَرٌ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، قَوْلُهُ: (ثُمَّ صُلِبَ) أَيْ حَتْمًا قَوْلُهُ: (بَعْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ) وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّ مُحَارَبَتِهِ إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ مُرُورِ النَّاسِ، وَإِلَّا فَفِي أَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِ مِمَّا هُوَ مِنْ مَحَالِّ مُرُورِهِمْ نَدْبًا وَلَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ قَبْلَ صَلْبِهِ لَمْ يُصْلَبْ، قَوْلُهُ: (ثَلَاثًا) أَيْ مِنْ الْأَيَّامِ بِلَيَالِيِهَا وُجُوبًا وَلَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَلَوْ خِيفَ انْفِجَارُهُ قَبْلَ إتْمَامِهَا أُنْزِلَ وُجُوبًا أَيْضًا،. قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَعَانَهُمْ) وَلَوْ بِدَفْعِ السِّلَاحِ أَوْ مَرْكُوبٍ أَوْ تَبْيِيتٍ وَلَوْ إضَافَةٍ وَلَيْسَ مَعْذُورًا بِخَوْفِهِ مِنْهُمْ مَثَلًا قَوْلُهُ: (عُزِّرَ) أَيْ عَزَّرَهُ الْإِمَامُ وُجُوبًا بِمَا ذُكِرَ مِمَّا يَرَاهُ، قَوْلُهُ: (بِتَغْرِيبٍ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ دُونَ عَامٍ فِي الْحُرِّ وَدُونَ نِصْفِهِ فِي الرَّقِيقِ، قَوْلُهُ: (وَهَلْ يُعَزَّرُ فِي الْبَلَدِ إلَخْ) هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ الْمُعَيَّنِ لِلتَّغْرِيبِ، وَالْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَتْلُ الْقَاطِعِ يُغَلَّبُ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ اجْتَمَعَ مَعَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَوْلُهُ: (لَا يُقْتَلُ الْأَبُ بِوَلَدِهِ) وَلَا بِغَيْرِ كُفْءٍ وَهَلْ يَتَحَتَّمُ قَتْلُهُ كَمَا فِي الْعَفْوِ الْآتِي رَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَفَا) أَيْ وَلَوْ بِلَا مَالٍ لَمْ يَسْقُطْ قَتْلُهُ أَيْ عَنْ الْمُحَارَبَةِ وَيَسْقُطُ قَتْلُهُ عَنْ الْقِصَاصِ، قَوْلُهُ: (لِتَحَتُّمِ قَتْلِهِ) وَلِذَلِكَ لَا يَسْقُطُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهِ لَوْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ وَلَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ بَعْدَ الْعَفْوِ وَتَجِبُ دِيَتُهُ قَبْلَهُ لِوَرَثَتِهِ وَدِيَةُ الْمَقْتُولِ فِي تَرِكَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الثَّانِي) وَهُوَ كَوْنُ الْمُغَلَّبِ مَعْنَى الْحَدِّ وَالْخَامِسَةُ فِيهِ الْقَتْلُ بِمُثْقَلٍ أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ، وَالرَّابِعَةُ الْعَفْوُ مِنْ الْوَلِيِّ وَالثَّالِثَةُ قَتْلُ الْجَمْعِ وَالثَّانِيَةُ الْمَوْتُ، وَالْأُولَى فِي قَتْلِ نَحْوِ وَلَدِهِ وَذَكَرَهَا عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ غَيْرِ الْمُرَتَّبِ لِأَنَّهُ الْأَوْلَى، قَوْلُهُ: (وَلَا قِيمَةَ فِيهَا) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ فِي قَتْلِ الْعَبْدِ قَوْلُهُ: (كَالْجَائِفَةِ وَاجِبُهُ الْمَالُ) أَيْ جَزْمًا وَلَا قَتْلَ فِيهِ مُطْلَقًا، قَوْلُهُ: (وَالسَّارِي) أَيْ مِنْ الْجُرُوحِ قَتْلٌ لِشُمُولِ الْقَتْلِ لَهَا بِالسِّرَايَةِ، قَوْلُهُ: (لَا بَعْدَهَا) مَا لَمْ يَثْبُتْ تَوْبَتُهُ قَبْلَهَا بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ دَعْوَاهُ بِهَا قَوْلُهُ: (فِي الشِّقَّيْنِ) وَهُمَا قَبْلَ التَّوْبَةِ وَبَعْدَهَا وَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ فِيهِمَا طَرِيقُ الْقَطْعِ. قَوْلُهُ: (وَدَلِيلُ السُّقُوطِ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّ قَبْلَهَا غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهَا بِخِلَافِهِ بَعْدَهَا، قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَالْمُرَادُ بِمَا قَبْلَ الْقُدْرَةِ أَنْ لَا يَمْتَدَّ إلَيْهِمْ يَدُ الْإِمَامِ بِهَرَبٍ أَوْ اسْتِخْفَافٍ أَوْ امْتِنَاعٍ، وَقَالَ الْخَطِيبُ قَبْلَ الظُّفْرِ بِهِمْ وَهُوَ الْأَقْرَبُ فَرَاجِعْهُ   [حاشية عميرة] غَيْرِهِ وَقَطْعِهِ وَالْوَاوُ فِي عِبَارَتِهِ بِمَعْنَى أَوْ [إذَا أحذ الْقَاطِع نصاب السَّرِقَة] قَوْلُهُ: (ثُمَّ صُلِبَ) أَيْ حَتْمًا قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُنْزَلُ) هَذَا وَالْوَجْهُ عَقِبَهُ مَفْرُوضَانِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الثَّلَاثِ لَكِنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ قَبْلَهَا أُنْزِلَ وَكَذَا لَوْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ) وَجْهُهُ أَنَّ الصَّلْبَ فِي الْحَيَاةِ فِيهِ تَعْذِيبٌ فَلَوْ قَدَّمَ الْقَتْلَ لَفَاتَ فَكَانَ كَجَلْدِ الْخَمْرِ يُقَدَّمُ عَلَى الْقِصَاصِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ آخِرَ الْبَابِ، قَوْلُهُ: (وَهَلْ يُعَزَّرُ فِي الْبَلَدِ) أَيْ هَلْ يُعَزِّرُهُ أَوْ يُكْتَفَى بِالنَّفْيِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَفَا وَلِيُّهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ بِالْأَوَّلِ، قَوْلُهُ: (وَيُقْتَلُ فِي الْأُولَى) لَوْ قَتَلَ عَبْدَ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرَ مَعْصُومٍ كَزَانٍ مُحْصَنٍ لَمْ يُقْتَلْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (وَالسَّارِي قُتِلَ) هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فَانْدَمَلَ، [سُقُوط الْحَدّ عَنْ الْقَاطِع] قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلَانِ) وَجْهُ السُّقُوطِ بَعْدَ الْقُدْرَةِ أَنَّهُ تَعَالَى خَصَّصَ هُنَا، وَأَطْلَقَ فِي آيَةِ السَّرِقَةِ بِقَوْلِهِ {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ} [المائدة: 39] وَرُدَّ بِأَنَّهُ فِي هَذَا حَمْلُ الْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ عَكْسُ الْقَاعِدَةِ. قَوْلُهُ: (مَنْ قَطَعَ الْيَدَ) اُعْتُرِضَ الْمِنْهَاجُ بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ عَدَمُ سُقُوطِ قَطْعِ الْيَدِ لِأَنَّهُ لَا يَخُصُّ الْقَاطِعَ وَاعْتَذَرَ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّ قَطْعَهَا لَيْسَ عُقُوبَةً الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 وَمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَالْجَائِفَةِ وَاجِبَةُ الْمَالِ وَالسَّارِي قُتِلَ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ. (وَتَسْقُطُ عُقُوبَاتٌ تَخُصُّ الْقَاطِعَ بِتَوْبَتِهِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَا بَعْدَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ) فِي الشِّقَّيْنِ وَقِيلَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلَانِ وَدَلِيلُ السُّقُوطِ قَوْله تَعَالَى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: 34] الْآيَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ قَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَتَحَتُّمِ الْقَتْلِ وَالصَّلْبِ (وَلَا يُسْقِطُهُ سَائِرُ الْحُدُودِ) أَيْ بَاقِيهَا وَهُوَ حُدُودُ الزِّنَى وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَالْقَذْفِ (بِهَا) أَيْ بِالتَّوْبَةِ (فِي الْأَظْهَرِ) فِي حَقِّ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ، وَالثَّانِي يَسْقُطُ بِهَا قِيَاسًا عَلَى حَدِّ قَاطِعِ الطَّرِيقِ. فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى غَيْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ (مَنْ لَزِمَهُ) لِآدَمِيِّينَ (قِصَاصٌ) فِي النَّفْسِ (وَقَطْعٌ) لِطَرَفٍ (وَحَدُّ قَذْفٍ وَطَالَبُوهُ جُلِدَ ثُمَّ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ وَيُبَادَرُ بِقَتْلِهِ بَعْدَ قَطْعِهِ لَا قَطْعِهِ بَعْدَ جَلْدِهِ إنْ غَابَ مُسْتَحِقُّ قَتْلِهِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلَكُ بِالْمُوَالَاةِ فَيَفُوتُ قِصَاصُ النَّفْسِ (وَكَذَا إنْ حَضَرَ وَقَالَ عَجَّلُوا الْقَطْعَ) فَإِنَّا لَا نُعَجِّلُهُ (فِي الْأَصَحِّ) خَوْفًا مِنْ الْهَلَاكِ بِالْمُوَالَاةِ، وَالثَّانِي قَالَ التَّأْخِيرُ كَانَ لِحَقِّهِ وَقَدْ رَضِيَ بِالتَّقْدِيمِ (وَإِذَا أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ النَّفْسِ حَقَّهُ جَلْدًا فَإِنْ بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (قُطِعَ) وَلَا يُقْطَعُ قَبْلَ الْبُرْءِ خَوْفَ الْهَلَاكِ بِهِ (وَلَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ طَرَفٍ) حَقَّهُ (جُلِدَ وَعَلَى مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ الصَّبْرُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الطَّرَفَ) حَذَرًا مِنْ فَوَاتِهِ (فَإِنْ بَادَرَ فَقَتَلَ فَلِمُسْتَحِقِّ الطَّرَفِ دِيَتُهُ) لِفَوَاتِ اسْتِيفَائِهِ (وَلَوْ أَخَّرَ مُسْتَحِقُّ الْجَلْدِ) حَقَّهُ. (فَالْقِيَاسُ) مِمَّا سَبَقَ (صَبْرُ الْآخَرِينَ) ، فَلَا يُقْتَلُ وَلَا يُقْطَعُ قَبْلَ الْجَلْدِ (وَلَوْ اجْتَمَعَ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى) عَلَى وَاحِدٍ بِأَنْ شَرِبَ وَزَنَى بِكْرًا وَسَرَقَ وَارْتَدَّ (قُدِّمَ الْأَخَفُّ) مِنْهَا (فَالْأَخَفُّ) وُجُوبًا وَأَخَفُّهَا حَدُّ الشُّرْبِ، فَيُقَامُ ثُمَّ يُمْهَلُ وُجُوبًا حَتَّى يَبْرَأَ ثُمَّ يُجْلَدُ لِلزِّنَى وَيُمْهَلُ ثُمَّ يُقْطَعُ ثُمَّ يُقْتَلُ (أَوْ) اجْتَمَعَ (عُقُوبَاتٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِآدَمِيِّينَ) بِأَنْ انْضَمَّ إلَى مَا ذُكِرَ قَذْفٌ (قُدِّمَ حَدُّ قَذْفٍ عَلَى) حَدِّ (زِنًى)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَابُوا) اعْلَمْ أَنَّ التِّلَاوَةَ {إِلا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: 5] فَلَعَلَّهُ سَهْوٌ مِنْ الشَّارِحِ أَوْ تَحْرِيفٌ مِنْ النَّاسِخِ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّوْبَةَ لُغَةً الرُّجُوعُ مُطْلَقًا وَشَرْعًا الرُّجُوعُ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُعْوَجِّ إلَى الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ، قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ وَلَا يَسْتَدْعِي سَبْقَ ذَنْبٍ وَشُرُوطُهَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى النَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ وَالْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ وَيُزَادُ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ رَدُّ الْمَظَالِمِ اهـ. فَرَاجِعْهُ لِأَنَّ رَدَّ الْمَظَالِمِ شَرْطٌ لِلتَّوْبَةِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (مِنْ قَطْعِ الْيَدِ) فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالرِّجْلِ أَيْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَأْخُوذُ لِلْمُحَارَبَةِ وَهُوَ جَزَاءٌ وَعُقُوبَةٌ وَقَعَ تَابِعًا لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْقُطُ سَائِرُ الْحُدُودِ أَيْ بَاقِيهَا) وَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ بِإِسْلَامِهِ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ بِفِعْلِهَا وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ حُدُودٌ ثَلَاثَةٌ، قَوْلُهُ: (وَهُوَ حُدُودُ الزِّنَى) وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ أَسْلَمَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيُحَدُّ بَعْدَ إسْلَامِهِ جَلْدًا وَرَجْمًا وَقَتْلًا وَقَطْعًا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَدَّ يَتَعَدَّدُ إنْ حُدَّ عَقِبَ كُلِّ مَرَّةٍ، وَإِلَّا كَفَى حَدٌّ وَاحِدٌ وَيَدْخُلُ الْجَلْدُ فِي الرَّجْمِ لِمَنْ زَنَى بِكْرًا، ثُمَّ مُحْصَنًا لَا لِمَنْ زَنَى مُحْصَنًا كَافِرًا، ثُمَّ رَقَّ ثُمَّ زَنَى فَلَا يَدْخُلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (أَيْ بِالتَّوْبَةِ) وَالتَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ بِالنِّسْبَةِ لِلظَّاهِرِ وَإِلَّا فَهِيَ تُسْقِطُ الْعُقُوبَةَ مُطْلَقًا فِي الْآخِرَةِ، كَمَا لَوْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْحُدُودُ فِي الدُّنْيَا نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ التَّوْبَةِ عَنْ الْعَزْمِ وَالْإِقْدَامِ. فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ الْآدَمِيِّ أَوَّلُهُمَا فَهِيَ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ سَوَاءٌ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ، وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ عَلَى غَيْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ وَلَعَلَّهُ نَاظِرٌ إلَى الْخِلَافِ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (قِصَاصٌ إلَخْ) وَكَذَا تَعْزِيرٌ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَيُقَدَّمُ التَّعْزِيرُ عَلَى الْجَلْدِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ. قَوْلُهُ: (وَيُبَادِرُ بِقَتْلِهِ) وُجُوبًا قَوْلُهُ: (لَا قَطْعُهُ بَعْدَ جَلْدِهِ) فَيُمْهَلُ وُجُوبًا إلَى أَنْ يَبْرَأَ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَهْلَكُ) فَلَوْ عَلِمَ عَدَمَ هَلَاكِهِ عَجَّلَ قَالَ الْعَلْقَمِيُّ. نَعَمْ إنْ خِيفَ بِالْإِمْهَالِ فَوْتُ مَا بَعْدَهُ نَحْوُ مَنْ بِهِ مَرَضٌ مَخُوفٌ طُلِبَ التَّعْجِيلُ قَالَ شَيْخُنَا وُجُوبًا قَوْلُهُ: (خَوْفًا إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يُخَفْ مَوْتُهُ عَجَّلَ جَزْمًا قَوْلُهُ: (وَعَلَى مُسْتَحِقِّ النَّفْسِ الصَّبْرُ) لِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَرُبَّمَا يَئُولُ إلَيْهِ الْأَمْرُ فَسَقَطَ مَا لِلْإِمَامِ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَادَرَ فَقَتَلَ) جُعِلَ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ. قَوْلُهُ: (صَبْرُ الْآخَرِينَ) وُجُوبًا قَوْلُهُ: (وَيُمْهَلُ) أَيْ وُجُوبًا وَالتَّغْرِيبُ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالْقَطْعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ انْضَمَّ إلَى مَا ذُكِرَ) وَهُوَ الشُّرْبُ وَزِنَى الْبِكْرِ وَالسَّرِقَةُ وَالرِّدَّةُ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ الْقَذْفُ دُونَ غَيْرِهِ لِذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُقْتَلُ) أَيْ بِلَا مُهْلَةٍ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ)   [حاشية عميرة] كَامِلَةً، بَلْ بَعْضُهَا فَإِنَّ الْمَجْمُوعَ هُنَا عُقُوبَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا سَقَطَ بَعْضُهَا كَالرِّجْلِ سَقَطَ كُلُّهَا قَالَ وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ هِيَ الَّتِي غَرَتْ ابْنَ الرِّفْعَةِ حَتَّى نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ النَّوَوِيِّ اخْتِيَارَ عَدَمِ سُقُوطِ الْيَدِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْقُطُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ بِالْإِقْرَارِ، قَوْلُهُ: (وَالْقَذْفِ) نَازَعَ الزَّرْكَشِيُّ فِي ثُبُوتِ الْخِلَافِ فِيهِ وَخَصَّهُ بِحُدُودِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، قَوْلُهُ: (الثَّانِي يَسْقُطُ بِهَا) ظَاهِرُهُ عَدَمُ التَّوَقُّفِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهِ. [فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى غَيْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ] فَصْلُ مَنْ لَزِمَهُ قِصَاصٌ قَوْلُهُ: (جُلِدَ فَإِذَا بَرَأَ قُطِعَ) هَذَا قَدْ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ لَا قَطْعُهُ بَعْدَ جَلْدِهِ إلَخْ إلَّا أَنَّ ذِكْرَهُ هُنَا اسْتِيفَاءٌ لِلتَّقْسِيمِ قَوْلُهُ: (دِيَتُهُ) أَيْ فِي تَرِكَةِ الْمَقْتُولِ [اجْتَمَعَ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَاحِدٍ] قَوْلُهُ: (عَلَى حَدِّ زِنًى) أَيْ زِنَى الْبِكْرِ، قَوْلُهُ: (تَقْدِيمًا لِلْأَخَفِّ) هَذَا قَاصِرٌ عَلَى جَلْدِ الزِّنَى وَكَأَنَّهُ فَرَّ بِهَذَا عَنْ قَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ إنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ وَقِيلَ لِأَنَّهُ أَخَفُّ (وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُهُ عَلَى حَدِّ الشُّرْبِ وَأَنَّ الْقِصَاصَ قَتْلًا وَقَطْعًا يُقَدَّمُ عَلَى) حَدِّ (الزِّنَى) تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْآدَمِيِّ وَالثَّانِي الْعَكْسُ تَقْدِيمًا لِلْأَخَفِّ. . كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ جَمْعُ شَرَابٍ (كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ حَرُمَ قَلِيلُهُ) وَكَثِيرُهُ، (وَحَدُّ شَارِبِهِ) قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا مِنْ عِنَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (إلَّا صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَحَرْبِيًّا وَذِمِّيًّا وَمُوجَرًا) أَيْ مَصْبُوبًا فِي حَلْقِهِ قَهْرًا، (وَكَذَا مُكْرَهٌ عَلَى شُرْبِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ) فَلَا يُحَدُّونَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِ الْأَوَّلَيْنِ وَالْآخَرَيْنِ وَعَدَمِ الْتِزَامِ الْمُتَوَسِّطَيْنِ حُرْمَةَ الشُّرْبِ وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ طَرِيقٌ حَاكٍ لِوَجْهَيْنِ، (وَمَنْ جَهِلَ كَوْنَهَا) أَيْ الْخَمْرِ   [حاشية قليوبي] وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مُقَدَّمٌ مُطْلَقًا إنْ لَمْ يُفَوِّتْ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ كَانَا قُتِلَا أَوْ قُطِعَا، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَلَعَلَّهُ لِلْأَغْلَبِ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فَلَوْ اجْتَمَعَ قَطْعُ الْقِصَاصِ وَقَتْلُ رِدَّةٍ قُدِّمَ الْقَطْعُ، أَوْ اجْتَمَعَ قَطْعُ سَرِقَةٍ وَقَطْعُ مُحَارَبَةٍ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى لَهُمَا لِاسْتِوَاءِ الْحَقَّيْنِ قَطْعًا إذْ الْمُغَلَّبُ فِي الْمُحَارَبَةِ الْقَوَدُ وَرِجْلُهُ لِلْمُحَارَبَةِ، أَوْ قَتْلُ زِنًى وَقَتْلُ رِدَّةٍ عَمِلَ الْإِمَامُ بِالْمَصْلَحَةِ فِي أَيِّهِمَا يُقَدَّمُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي كَوْنِهِمَا حَقَّيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ قَطْعُ سَرِقَةٍ وَقَتْلُ مُحَارَبَةٍ قُطِعَ، ثُمَّ قُتِلَ وَصُلِبَ لِلْمُحَارَبَةِ وَقُدِّمَ حَقُّ اللَّه هُنَا لِعَدَمِ فَوَاتِ حَقِّ الْآدَمِيِّ بِهِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ قِصَاصٌ بِلَا مُحَارَبَةٍ وَقَتْلُ مُحَارَبَةٍ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي كَوْنِهِمَا حَقًّا لِلْآدَمِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبْقٌ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ اجْتَمَعَ قَتْلُ قِصَاصٍ وَقَتْلُ رِدَّةٍ قُدِّمَ الْقَتْلُ عَلَى الْقِصَاصِ وَإِنْ سَبَقَتْ الرِّدَّةُ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَلَا نَظَرَ إلَى مَصْلَحَةٍ أَخْذًا مِمَّا سَبَقَ فِي الْقَاعِدَةِ، وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِمَا مَرَّ فِي قَطْعِ الْيَدِ الْيُمْنَى عَنْ السَّرِقَةِ وَالْمُحَارَبَةِ مَعًا، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي قَطْعِ الْيَدِ سَبْقٌ لِتَوَقُّفِهِمَا مَعًا عَلَى طَلَبِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَأَنَّ الْقِصَاصَ إلَخْ) تَقَدَّمَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ عَنْ شَيْخِنَا. كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ أَيْ بَيَانُ حَقِيقَتِهَا وَحُدُودِهَا وَمُسْتَحِقِّيهَا، وَفِيهِ بَيَانُ التَّعْزِيرِ وَمُسْتَحِقِّهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَلَى مَشْرُوبٍ، أَوْ لِتَغْلِيبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ عُقُوبَةً أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (جَمْعُ شَرَابٍ بِمَعْنَى مَشْرُوبٍ) وَحَقِيقَتُهُ الْمُتَّخَذُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ وَأُلْحِقَ غَيْرُهُ بِهِ وَقِيلَ الْخَمْرُ حَقِيقَةٌ فِي الْجَمِيعِ، وَلِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا جَمَعَهَا كَالتَّعَازِيرِ وَالْمُرَادُ بِالْمَشْرُوبِ مَا يَعُمُّ الْمَأْكُولَ. قَوْلُهُ: (أَسْكَرَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ فِي ذَاتِهِ لَا مَا فِيهِ تَخْدِيرٌ كَالْبَنْجِ وَالْحَشِيشِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (حَرُمَ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ الْوَاقِعِ آخِرًا فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ لَا تَحْرِيمِهِ فِي ثَالِثِ سِنِي الْهِجْرَةِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ حَلَالًا قَبْلَهَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أُحِلَّ بَعْدَهُ، ثُمَّ حَرُمَ ثُمَّ أُحِلَّ ثُمَّ حَرُمَ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، فَهُوَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ النَّسْخُ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ وَشُرْبُهُ كَبِيرَةٌ، وَإِنْ مَزَجَهُ بِمِثْلِهِ مِنْ الْمَاءِ وَيُكَفَّرُ مُسْتَحِلُّهُ إلَّا قَدْرًا لَا يُسْكِرُ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِحِلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَحُدَّ شَارِبُهُ) وَإِنْ لَمْ يَسْكَرْ حَيْثُ كَانَ مُكَلَّفًا مُسْلِمًا مُخْتَارًا عَامِدًا عَالِمًا بِهِ، وَبِتَحْرِيمِهِ وَتَعَاطَاهُ شُرْبًا بِلَا شُبْهَةٍ وَلَا يَرِدُ حَدُّ الْحَنَفِيِّ لِمَا يَأْتِي وَيَتَعَدَّدُ الْحَدُّ لِمَنْ حُدَّ عَقِبَ كُلِّ مَرَّةٍ وَإِلَّا كَفَى حَدٌّ وَاحِدٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَحَرْبِيًّا) وَلَوْ مُعَاهَدًا كَالذِّمِّيِّ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَعَدَمُ الْتِزَامِ إلَخْ) أَيْ بِسَبَبِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ فَلَا يَرُدُّ عِقَابَهُمَا فِي الْآخِرَةِ، وَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَقَيَّأَهَا، وَكَذَا كُلُّ مُكَلَّفٍ وَلَوْ مُكْرَهًا كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَنُدِبَ لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَوْ بَعْدَ إفَاقَتِهِ وَيُصَدَّقُ الْمُكْرَهُ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (لِوَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا وُجُوبُ الْحَدِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ.   [حاشية عميرة] كَانَ حَدُّ الزِّنَى رَجْمًا فَلَا خِلَافَ فِي تَقْدِيمِ الْقَطْعِ عَلَيْهِ. اهـ وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ حَدُّ الْقَذْفِ مُقَدَّمٌ عَلَى الرَّجْمِ قَطْعًا ثُمَّ قَوْلُهُ وَالثَّانِي يَرْجِعُ لِحَدِّ الشُّرْبِ أَيْضًا فَيُقَدَّمُ عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ لَكِنَّ صَنِيعَ الشَّارِحِ اقْتَضَى أَنَّ الْقِصَاصَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَدِّ الزِّنَى وَهُوَ مَمْنُوعٌ. [كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ] ِ قَوْلُهُ: (وَحَدُّ شَارِبِهِ) وَلَوْ كَانَ يُرَى حَالَ تَنَاوُلِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ عَدَمُ سُكْرِهِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ. قَوْلُهُ: (إلَّا صَبِيًّا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْحَدِّ خَاصَّةً ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ ذَكَرَهُ بَعْدُ، لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا مُكْرَهٌ إلَخْ) . نُقِلَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَيَّأَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَعْذُورًا بِشُرْبِهِ أَمْ لَا، قَالَ وَكَذَا سَائِرُ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَاَلَّذِي فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ الِاسْتِحْبَابُ. قَوْلُهُ: (لِوَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا يُحَدُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ شُرْبَهَا لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 وَهِيَ الْمُشْتَدَّةُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ (خَمْرًا) (لَمْ يُحَدَّ) لِعُذْرِهِ (وَلَوْ قَرُبَ إسْلَامُهُ فَقَالَ جَهِلْت تَحْرِيمَهَا لَمْ يُحَدَّ) لِجَهْلِهِ (أَوْ) قَالَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِهَا (جَهِلْت الْحَدَّ حُدَّ) لِأَنَّ حَقَّهُ أَنْ يَمْتَنِعَ. (وَيُحَدُّ بِدُرْدِيِّ خَمْرٍ) وَهُوَ مَا يَبْقَى فِي أَسْفَلِ إنَائِهَا ثَخِينًا (لَا بِخُبْزِ عُجِنَ دَقِيقُهُ بِهَا وَمَعْجُونٌ هِيَ فِيهِ) لِاسْتِهْلَاكِهَا (وَكَذَا حُقْنَةٌ وَسَعُوطٌ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ لَا يُحَدُّ بِهِمَا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْحَدَّ لِلزَّجْرِ وَلَا حَاجَةَ فِيهِمَا إلَى زَجْرٍ، وَالثَّانِي يُحَدُّ بِهِمَا لِلطَّرِبِ بِهِمَا كَالشُّرْبِ وَالثَّالِثُ يُحَدُّ فِي السَّعُوطِ دُونَ الْحُقْنَةِ (وَمَنْ غَصَّ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ (بِلُقْمَةٍ أَسَاغَهَا بِخَمْرٍ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا) وُجُوبًا وَلَا حَدَّ (وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُهَا لِدَوَاءٍ وَعَطَشٍ) إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْهَا وَالثَّانِي جَوَازُهَا لِذَلِكَ وَالثَّالِثُ جَوَازُهَا لِلتَّدَاوِي دُونَ الْعَطَشِ وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ وَالْجَوَازُ فِي التَّدَاوِي مَخْصُوصٌ بِالْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُسْكِرُ وَبِقَوْلِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ وَيَرْتَفِعُ الْجَوَازُ فِي الْعَطَشِ إلَى الْوُجُوبِ كَتَنَاوُلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَعَلَى التَّحْرِيمِ وَقِيلَ يُحَدُّ وَقِيلَ لَا وَعَلَى الْجَوَازِ لَا حَدَّ. (وَحَدُّ الْحُرِّ أَرْبَعُونَ وَرَقِيقٍ عِشْرُونَ) عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ (بِسَوْطٍ أَوْ أَيْدٍ أَوْ نِعَالٍ أَوْ أَطْرَافِ ثِيَابٍ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ سَوْطٌ) لِاقْتِصَارِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِنَّهُ أُتِيَ بِشَارِبٍ فَقَالَ اضْرِبُوهُ بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ نَحْوُهُ وَفِيهِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَضْرِبُ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ» وَقُدِّرَ ذَلِكَ الضَّرْبُ لِلشَّارِبِ بِأَرْبَعِينَ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنْ سَأَلَ مَنْ حَضَرَهُ فَضَرَبَ أَرْبَعِينَ حَيَاتَهُ ثُمَّ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَهِيَ الْمُشْتَدَّةُ إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِحَقِيقَةِ الْخَمْرَةِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمُسْكِرُ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ، وَيُصَدَّقُ فِي جَهْلِهِ بِيَمِينِهِ. نَعَمْ إنْ نَشَأَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَيُحَدُّ قَوْلُهُ: (إنَائِهَا) أَضَافَهُ نَظَرًا لِمَا الْكَلَامُ فِيهِ، وَإِلَّا فَالدُّرْدِيُّ اسْمٌ لِمَا يُرَسَّبُ فِي أَسْفَلِ إنَاءِ كُلِّ مَائِعٍ. قَوْلُهُ: (ثَخِينًا) فَهِيَ خَمْرَةٌ مَعْقُودَةٌ وَحَدَّهُ بِهَا نَظَرًا لِأَصْلِهَا، كَمَا لَا يُحَدُّ بِالْحَشِيشِ وَالْبَنْجِ وَنَحْوِهِمَا، وَلَوْ مُذَابَةً نَظَرًا لِأَصْلِهَا مَا لَمْ تَصِلْ إلَى الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ قَوْلُهُ: (لِاسْتِهْلَاكِهَا) رَاجِعٌ لِلْخُبْزِ وَالْمَعْجُونِ وَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِهِمَا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ فَالْمَاءُ وَنَحْوُهُ كَالْعَسَلِ كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِاسْتِهْلَاكِهَا عَدَمُ ظُهُورِ عَيْنِهَا بِالرُّؤْيَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُحَدُّ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْحَدِّ، وَأَمَّا الْحُرْمَةُ فَهِيَ بَاقِيَةٌ اتِّفَاقًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي هَذَا وَكَذَا مَا قَبْلَهُ أَيْضًا إلَّا لِنَحْوِ تَدَاوٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فِي السَّعُوطِ) نَظَرًا لِكَوْنِهِ فِي الدِّمَاغِ فَلَا يُسَمَّى شُرْبًا. قَوْلُهُ: (وَمَنْ غَصَّ بِفَتْحِ الْغَيْنِ) أَيْ الْمُعْجَمَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا وَبَعْدَهَا صَادٌ مُهْمَلَةٌ ثَقِيلَةٌ بِمَعْنَى شَرِقَ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا) مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهَا وَلَوْ مِنْ بَوْلِ نَحْوِ كَلْبٍ فَهُوَ قَيْدٌ لِلْوُجُوبِ وَيَلْزَمُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَعَدَمُ الْحَدِّ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ بَلْ تَحْرُمُ وَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ. قَوْلُهُ: (تَحْرِيمُهَا لِدَوَاءٍ) أَيْ وَهِيَ صِرْفَةٌ وَإِلَّا فَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِمَا هِيَ فِيهِ كَصَرْفِ بَقِيَّةِ النَّجَاسَاتِ قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا) أَيْ بِمَا يُغْنِي عَنْهَا وَلَوْ مِنْ مُغَلَّطٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا قَيْدٌ لِلْخِلَافِ، فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا حَرُمَتْ قَطْعًا وَلَكِنْ لَا حَدَّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْجَوَازُ فِي التَّدَاوِي إلَخْ) هُوَ قَيْدٌ لِلْجَوَازِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (وَيَرْتَفِعُ الْجَوَازُ فِي الْعَطَشِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَالرَّابِعِ وَكَذَا عَلَى الْأَوَّلِ الرَّاجِحِ وَالثَّانِي لِأَنَّ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ لَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ فِيهَا، فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الْجَوَازِ مِنْ عِبَارَتِهِ لَكَانَ صَوَابًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إلَى الْوُجُوبِ) وَحِينَئِذٍ لَا حُرْمَةَ فِيهَا كَمَا مَرَّ وَمِثْلُ الْعَطَشِ غَيْرُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا) أَيْ لَا يَجِدُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْجَوَازِ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ لَا حَدَّ بِلَا خِلَافٍ نَعَمْ يُحَدُّ حَنَفِيٌّ بِشُرْبِهِ مَا يَقُولُ بِجَوَازِهِ زَجْرًا لِمَيْلِ الطَّبْعِ إلَيْهَا لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ دَرْءِ الْمَفَاسِدِ. وَلِذَلِكَ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ. فَرْعٌ: يَجُوزُ إزَالَةُ عَقْلٍ لِنَحْوِ قَطْعِ سِلْعَةٍ بِنَحْوِ بَنْجٍ لَا بِمُسْكِرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَوْلُهُ: (وَحَدُّ الْحُرِّ أَرْبَعُونَ) وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ ثَمَانُونَ. قَوْلُهُ: (وَرَقِيقٍ) وَلَوْ مُبَعَّضًا عِشْرُونَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ عَنْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ حَدَّهُ أَرْبَعُونَ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْحُرِّ وَعَدَمُ تَعْرِيفِهِ الْمُنَاسِبِ رِعَايَةً لِلِاخْتِصَارِ وَهُوَ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (لِاقْتِصَارِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى السَّوْطِ بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ) أَيْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (كَانَ يَضْرِبُ) أَيْ يَأْمُرُ بِالضَّرْبِ كَمَا مَرَّ فَالْأَحَادِيثُ كُلُّهَا بَيَانٌ لِمُطْلَقِ الضَّرْبِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ سَأَلَ) أَيْ أَبُو بَكْرٍ مَنْ حَضَرَهُ فِي مَجْلِسِهِ أَوْ مَنْ حَضَرَ الْجَلْدَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ الْمَسْئُولَ أَجَابَ بِالْأَرْبَعِينَ أَخَذًا مِمَّا   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَرُبَ إسْلَامُهُ) يُسْتَثْنَى الْمُخَالِطُ لِلْعُلَمَاءِ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ بِمِصْرَ، قَوْلُهُ: (إنَائِهَا) أَضَافَهُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ دُرْدِيِّ خَمْرٍ وَإِلَّا فَالدُّرْدِيُّ مَا يُرَسَّبُ فِي أَسْفَلِ الْمَائِعِ مُطْلَقًا، قَوْلُهُ: (وَلَا حَاجَةَ) أَيْ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَدْعُو إلَى ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَالثُّلُثُ يُحَدُّ) كَمَا يَحْرُمُ فِي الرَّضَاعِ السَّعُوطُ دُونَ الْحُقْنَةِ، قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْغَيْنِ) أَيْ وَفِيهِ الضَّمُّ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (وَعَطَشٍ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ جَوَازَ أَكْلِ النَّبَاتِ الْمُحَرَّمِ عِنْدَ الْجُوعِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَمِثْلُهُ بِالْحَشِيشِ قَالَ لِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ الْجُوعَ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ بِالنَّظَرِ فِي حَالِ أَصْلِهَا عِنْدَ أَكْلِهَا، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي جَوَازُهَا لِذَلِكَ) كَغَيْرِهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُ بِأَنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَهَا سَلَبَ نَفْعَهَا وَبِأَنَّ شُرْبَهَا يُثِيرُ الْعَطَشَ بَعْدَ ذَلِكَ، [حَدُّ الْحُرِّ أَرْبَعُونَ وَرَقِيقٍ عِشْرُونَ فِي الشُّرْب] قَوْلُهُ: (أَرْبَعُونَ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ قَالُوا إنَّهُ ثَمَانُونَ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ سَوْطٌ) فَلَا يَجْزِي الْأَيْدِي وَالنِّعَالُ وَمُرَادُهُ بِالسَّوْطِ مَا يَشْمَلُ الْعَصَا لَا خُصُوصَ الْمُتَّخَذِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 عُمَرُ أَرْبَعِينَ إلَى أَنْ تَتَابَعَ النَّاسُ فِي الشُّرْبِ فَاسْتَشَارَ فَجَلَدَهُ ثَمَانِينَ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّهُ إذَا شَرِبَ سَكِرَ وَإِذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى (وَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ بُلُوغَهُ ثَمَانِينَ جَازَ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فَكَانَ يَجْلِدُ فِي خِلَافَتِهِ أَرْبَعِينَ (وَالزِّيَادَةُ) عَلَيْهَا (تَعْزِيرَاتٌ وَقِيلَ حَدٌّ) بِالرَّأْيِ. (وَيُحَدُّ بِإِقْرَارِهِ أَوْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ لَا بِرِيحِ خَمْرٍ وَسُكْرٍ وَقَيْءٍ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ غَالِطًا أَوْ مُكْرَهًا (وَيَكْفِي فِي إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ شَرِبَ خَمْرًا وَقِيلَ يُشْتَرَطُ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ مُخْتَارٌ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ مُكْرَهًا عَلَيْهِ وَدُفِعَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْجَهْلِ وَالْإِكْرَاهِ (وَلَا يُحَدُّ حَالَ سُكْرِهِ) بَلْ يُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يُفِيقَ لِيَرْتَدِعَ (وَسَوْطُ الْحُدُودِ) فِي الشُّرْبِ وَالزِّنَى وَالْقَذْفِ (بَيْنَ قَضِيبٍ وَعَصًا وَرَطْبٍ وَيَابِسٍ) لِلِاتِّبَاعِ (وَيُفَرِّقُهُ) أَيْ السَّوْطَ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ (عَلَى الْأَعْضَاءِ) وَلَا يَجْمَعُ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ (إلَّا الْمُقَاتِلُ) كَثُغْرَةِ النَّحْرِ وَالْفَرْجِ وَنَحْوِهِمَا (وَالْوَجْهُ قِيلَ وَالرَّأْسُ) لِشَرَفِهِ كَالْوَجْهِ وَالْأَصَحُّ لَا وَالْفَرْقُ أَنَّهُ مُغَطًّى غَالِبًا فَلَا يُخَافُ   [حاشية قليوبي] بَعْدَهُ، أَيْ أَجَابَهُ بِذَلِكَ اجْتِهَادًا وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ الْحَاضِرُونَ فَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقِيلَ أَجَابَهُ بِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَضْرِبُ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ أَرْبَعِينَ» وَعَلَى هَذَا فَلَعَلَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ حِينَ سَأَلَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ لَمْ تَثْبُتْ، وَإِنْ كَانَتْ فِي مُسْلِمٍ وَلَا مَا سَيَأْتِي عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَقَدْرُ ذَلِكَ إلَخْ. إذْ لَوْ ثَبَتَ لَكَانَ عَدَمُ بُلُوغِهَا لِلْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَلِمَنْ حَضَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ أَبَا بَكْرٍ حِينَ سُؤَالِهِ عَنْ ذَلِكَ مِنْ أَبْعَدِ الْبَعِيدِ، وَلَمَا اسْتَشَارَ الْإِمَامُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ حَضَرَهُ فِي كَمْ يَضْرِبُ، وَلَمَا وَسِعَهُ الِاجْتِهَادُ بِمُخَالَفَتِهَا بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا، وَلَمَا وَسِعَ الْإِمَامَ عَلِيًّا أَنْ يَقُولَ كُلٌّ سُنَّةٌ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ وَرَاجِعْ، وَالْحَقُّ أَحَقُّ مِنْ الْمِرَاءِ. قَوْلُهُ: (تَتَابَعَ النَّاسُ) أَيْ كَثُرَ مِنْهُمْ الشُّرْبُ. قَوْلُهُ: (فَاسْتَشَارَ) أَيْ عُمَرُ كَمَا هُوَ فِي الظَّاهِرِ أَيْ شَاوَرَ مَنْ حَوْلَهُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ إلَى الثَّمَانِينَ فَقِيلَ لَمْ يُشِيرُوا عَلَيْهِ فَفَعَلَهَا بِاجْتِهَادٍ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا سَيَأْتِي وَقِيلَ أَشَارُوا عَلَيْهِ بِهَا فَوَافَقَهُمْ وَلِذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَلَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَيْ الْأَرْبَعُونَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إلَيَّ تَبَعًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِمُسْتَنَدِ الْإِمَامِ عُمَرَ فِي ضَرْبِهِ ثَمَانِينَ لَا أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ. قَوْلُهُ: (هَذَى) مِنْ الْهَذَيَانِ وَهُوَ التَّكَلُّمُ بِغَيْرِ رَوِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (افْتَرَى) أَيْ قَذَفَ وَحَدُّ الْقَذْفِ ثَمَانُونَ. قَوْلُهُ: (كَمَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) بِاجْتِهَادِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ الصَّحَابَةِ مُوَافِقَتُهُ عَلَيْهِ، فَدَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ مَدْخُولَةٌ، فَلِذَلِكَ رَجَعَ عَنْهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ. قَوْلُهُ: (وَالزِّيَادَةُ إلَخْ) هُوَ جَوَابٌ عَنْ الْوَاقِعِ مِنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِاجْتِهَادِهِ أَوْ مَعَ مُوَافَقَةِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ أَوْ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ بِخِلَافِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ كَمَا قِيلَ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهَا) أَيْ الْأَرْبَعِينَ إلَى الثَّمَانِينَ فَقَطْ وَلَا يَجُوزُ بَعْدَهَا لِقِيَامِ الْإِجْمَاعِ عَلَى مَنْعِ الزِّيَادَةِ عَنْهَا. قَوْلُهُ: (تَعْزِيرَاتٌ) أَيْ أَكْثَرُ مِنْ تَعْزِيرٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ فَلِذَلِكَ بَلَغَتْ قَدْرَ الْحَدِّ وَامْتَنَعَتْ الزِّيَادَةُ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ حَدٌّ بِالرَّأْيِ) أَيْ وَقِيلَ الزِّيَادَةُ حَدٌّ بِرَأْيِ الْإِمَامِ الَّذِي يَأْمُرُ بِالْحَدِّ لَا بِالنَّصِّ عَلَيْهَا لِعَدَمِ الِاتِّفَاقِ عَلَى ثُبُوتِهِ كَمَا مَرَّ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِبَقِيَّةِ الْحُدُودِ لِجَوَازِ تَرْكِ بَعْضِهِ وَعَدَمِ تَحَقُّقِ مُقْتَضِيهِ. قَوْلُهُ: (وَيُحَدُّ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الْحَقِيقِيِّ وَمِثْلُهُ عِلْمُ السَّيِّدِ فِي عَبْدِهِ لَا غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُحَدُّ حَالَ سُكْرِهِ) فَيَحْرُمُ وَلَكِنْ يُجْزِئُ وَلَوْ وَقَعَ مَا لَمْ يَصِرْ مُلْقًى كَالْخَشَبَةِ، وَيُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَيَحْرُمُ إنْ لَوَّثَهُ بِنَجِسٍ. قَوْلُهُ: (وَسَوْطُ) وَهُوَ فِي الْأَصْلِ سُيُورٌ تُلَفُّ وَتُلَوَّى سُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ يُسَوِّطُ الْجِلْدَ أَيْ يَشُقُّهُ وَكَوْنُ السَّوْطِ بَيْنَ مَا ذُكِرَ وَاجِبٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ مَنْدُوبٌ. قَوْلُهُ: (الْحُدُودِ) لَوْ قَالَ الْعُقُوبَةِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ التَّعْزِيرَ. قَوْلُهُ: (فِي الشُّرْبِ وَالزِّنَى وَالْقَذْفِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يُوجَدُ تَعَيُّنُ الْجَلْدِ فِي غَيْرِهَا، فَالْمُرَادُ بِالزِّنَى فِي الْبِكْرِ. قَوْلُهُ: (قَضِيبٌ) هُوَ عَصًا رَقِيقٌ جِدًّا. قَوْلُهُ: (وَيُفَرِّقُهُ) وُجُوبًا قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ) لَا مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ أَوْ الْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ قَوْلُهُ: (إلَّا الْمُقَاتِلُ) فَيَحْرُمُ وَلَا ضَمَانَ لَوْ مَاتَ قَوْلُهُ: (وَالْوَجْهُ) فَيَحْرُمُ قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ لَا) قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِغَيْرِ نَحْوِ مَلْحُوقٍ، وَأَقْرَعَ وَإِلَّا فَيُجْتَنَبُ قَطْعًا، وَمَتَى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَحَلٍّ لَمْ يُعِدْ عَلَيْهِ الضَّرْبَ، وَلَا يُلْطَمُ وَجْهُهُ فَيَحْرُمُ إنْ تَأَذَّى بِهِ وَيُجْلَدُ الرَّجُلُ قَائِمًا نَدْبًا وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةً كَذَلِكَ، وَيُلَفُّ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا وُجُوبًا وَيَلُفُّهَا نَحْوُ امْرَأَةٍ وَمَحْرَمٍ وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ، وَلَا يُلَفُّ ثِيَابُهُ إلَّا مَحْرَمٌ.   [حاشية عميرة] مِنْ سُيُورٍ، فَفِي الْحَدِيثِ «أُتِيَ بِسَوْطٍ مَكْسُورٍ فَقَالَ فَوْقَ هَذَا فَأُتِيَ بِسَوْطٍ جَدِيدٍ لَمْ تُقْطَعْ ثَمَرَتُهُ، فَقَالَ بَيْنَ هَذَيْنِ فَأُتِيَ بِسَوْطٍ قَدْ رُكِّبَ بِهِ وَلَانَ فَأَمَرَ بِهِ وَجُلِدَ» ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ) لَك أَنْ تَقُولَ إنْ كَانَ الَّذِي صَدَرَ مِنْ عُمَرَ إجْمَاعًا فَكَيْفَ سَاغَ لِعَلِيٍّ الْمُخَالَفَةُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ إجْمَاعٍ فَكَيْفَ احْتَجَّ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إجْمَاعٌ عَلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ لَا عَلَى تَعَيُّنِهَا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهَا تَعْزِيرَاتٌ، قَوْلُهُ: (تَعْزِيرَاتٌ) أَيْ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَدًّا مَا جَازَ تَرْكُهَا، وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ التَّعْزِيرَ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ وَأَيْضًا لَوْ كَانَ تَعْزِيرًا لَمَا جَازَ بُلُوغُهُ أَرْبَعِينَ وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ تَعْزِيرَاتٌ وَاعْتَرَضَ الرَّافِعِيُّ، بِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ مِنْهُ لَا تَنْحَصِرُ فَجَائِزٌ مُجَاوَزَةَ الثَّمَانِينَ، قَوْلُهُ: (وَيُحَدُّ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الْحَقِيقِيِّ، [الْحَدّ حَال السُّكْر] قَوْلُهُ: (قَضِيبٌ) وَهُوَ الْغُصْنُ أَيْ فَيَكُونُ ضَعِيفًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 تَشْوِيهُهُ بِالضَّرْبِ بِخِلَافِ الْوَجْهِ (وَلَا تُشَدُّ يَدُهُ) بَلْ تُتْرَكُ يَدَاهُ مُطْلَقَتَيْنِ حَتَّى يَتَّقِيَ بِهِمَا (وَلَا تُجَرَّدُ ثِيَابُهُ) بَلْ يُتْرَكُ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَوْ قَمِيصَانِ دُونَ جُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ أَوْ فَرْوَةٍ (وَيُوَالِي الضَّرْبَ) عَلَيْهِ (بِحَيْثُ يَحْصُلُ زَجْرٌ وَتَنْكِيلٌ) فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَضْرِبَ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَوْطًا أَوْ سَوْطَيْنِ. . فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ (يُعَزَّرُ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ لَهَا وَلَا كَفَّارَةَ) كَمُبَاشَرَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَسَرِقَةِ مَا دُونَ النِّصَابِ وَالسَّبِّ بِمَا لَيْسَ بِقَذْفٍ وَالتَّزْوِيرِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ وَالضَّرْبِ بِغَيْرِ حَقٍّ (بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ صَفْعٍ أَوْ تَوْبِيخٍ) بِالْكَلَامِ (وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ وَقِيلَ إنْ تَعَلَّقَ بِآدَمِيٍّ لَمْ يَكْفِ تَوْبِيخٌ) فِيهِ بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْحَبْسِ وَغَيْرِهِ وَلَهُ فِي الْمُتَعَلِّقِ بِحَقِّ اللَّهِ خَاصَّةً الْعَفْوُ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ (فَإِنْ جَلَدَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَلَا تُشَدُّ يَدُهُ) أَيْ الْمَحْدُودِ وَلَوْ أُنْثَى وَالْيَدُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَشْمَلُ الْيَدَيْنِ مَعًا فَيَحْرُمُ شَدُّهُمَا عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَيُكْرَهُ فَقَطْ عِنْدَ الْخَطِيبِ وَالْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ مِنْ تَمَكُّنِهِ مِنْ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى مَا يُؤْلِمُهُ، وَلَا يَتَوَلَّى الْجَلْدَ إلَّا الرِّجَالُ وَلَوْ مِنْ أُنْثَى وَخُنْثَى، وَيَجْلِدُ ذُو الْهَيْئَةِ فِي مَحَلٍّ خَالٍ وَاسْتَحْسَنَ الْمَاوَرْدِيُّ مَا أَحْدَثَهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ جَلْدِ الْمَرْأَةِ فِي نَحْوِ غِرَارَةٍ لِأَنَّهَا أَسْتَرُهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا تُجَرَّدُ) فَيُكْرَهُ قَوْلُهُ: (دُونَ نَحْوِ جُبَّةٍ) فَيَجِبُ نَزْعُهَا. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ) أَيْ عَدَمُ تَوَالِيهِ فَيَحْرُمُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ، نَعَمْ إنْ بَقِيَ أَلَمُ الْأَوَّلِ عِنْدَ الضَّرْبِ الثَّانِي كَفَى قَالَهُ الْإِمَامُ وَرَجَّحُوهُ. فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ الْعَزْرِ وَهُوَ مُفْرَدُ التَّعَازِيرِ كَمَا مَرَّ، وَيُطْلَقُ لُغَةً عَلَى التَّعْظِيمِ وَالتَّفْخِيمِ وَالتَّأْدِيبِ وَالْإِجْلَالِ وَالرَّدِّ وَالْمَنْعِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَدُونَ الْحَدِّ وَشَرْعًا تَأْدِيبٌ عَلَى ذَنْبٍ لَا حَدَّ فِيهِ، وَلَا كَفَّارَةَ غَالِبًا وَهُوَ لِلَّهِ وَلِآدَمِيٍّ، وَلَا يَسْتَوْفِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالْآدَمِيِّ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ ذَلِكَ الْآدَمِيِّ كَمَا فِي حَدِّ السَّرِقَةِ وَغَيْرِهِ وَيَلْزَمُ الْإِمَامَ إجَابَتُهُ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ إلَخْ) هَذَا الضَّابِطُ لِلْغَالِبِ فَقَدْ يُشْرَعُ التَّعْزِيرُ وَلَا مَعْصِيَةَ كَتَأْدِيبِ طِفْلٍ وَكَافِرٍ، وَكَمَنْ يَكْتَسِبُ بِآلَةِ لَهْوٍ لَا مَعْصِيَةٍ فِيهَا وَقَدْ يَنْتَفِي مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ وَالْكَفَّارَةِ كَقَطْعِ شَخْصٍ أَطْرَافَ نَفْسِهِ، وَكَصَغِيرَةٍ صَدَرَتْ مِنْ ذِي هَيْئَةٍ قَبْلَ نَهْيِ الْحَاكِمِ لَهُ، وَإِنْ تَكَرَّرَتْ وَمِثْلُهُ وَطْءُ حَلِيلَتِهِ فِي دُبُرِهَا إذَا تَكَرَّرَ وَتَكْلِيفُ الْمَالِكِ مَمْلُوكَهُ مَا لَا يُطِيقُ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْحَدِّ كَمَا فِيمَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الرِّدَّةُ لِأَنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الرِّدَّةِ رِدَّةٌ، وَيُعَزَّرُ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَقَدْ تَجْتَمِعُ مَعَ الْكَفَّارَةِ كَمَا فِي الظِّهَارِ وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ، وَإِفْسَادُ صَوْمِهِ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانِ بِجِمَاعٍ مِنْهُ لِحَلِيلَتِهِ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ الثَّلَاثَةُ نَحْوُ مَنْ زَنَى بِأُمِّهِ فِي رَمَضَانَ زَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ صَائِمٌ مُعْتَكِفٌ مُحْرِمٌ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ قَالَ فَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ وَالْفِدْيَةُ، وَيُحَدُّ لِلزِّنَى وَيُعَزَّرُ لِقَطْعِ رَحِمِهِ وَانْتِهَاكِ الْكَعْبَةِ. فَرْعٌ: يُعَزَّرُ مَنْ وَافَقَ الْكُفَّارَ فِي أَعْيَادِهِمْ وَمَنْ يُمْسِكُ الْحَيَّاتِ، وَمَنْ يَدْخُلُ النَّارَ، وَمَنْ يَقُولُ لِذِمِّيٍّ يَا حَاجُّ، وَمَنْ سَمَّى زَائِرَ قُبُورِ الصَّالِحِينَ حَاجًّا. قَوْلُهُ: (كَمُبَاشَرَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ) مِنْ رَجُلٍ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ غَيْرُ حَلِيلَتِهِ، وَلَوْ مَحْرَمًا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَالتَّزْوِيرُ) هُوَ مُحَاكَاةُ خَطِّ الْغَيْرِ. قَوْلُهُ: (بِحَبْسٍ) وَلَهُ إدَامَةُ حَبْسِ مَنْ يَكْثُرُ أَذَاهُ لِلنَّاسِ، وَلَا يَكْفِهِ التَّعْزِيرُ حَتَّى يَمُوتَ، قَوْلُهُ: (صَفْعٍ) هُوَ الضَّرْبُ بِجَمْعِ الْكَفِّ أَوْ بِبَطْنِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ تَوْبِيخٍ بِالْكَلَامِ) وَبِالْقِيَامِ مِنْ مَجْلِسٍ وَخَلْعِ مَلْبُوسٍ، وَيَجُوزُ بِإِرْكَابِ دَابَّةٍ نَحْوِ حِمَارٍ مَقْلُوبًا وَدَوَرَانِهِ بَيْنَ النَّاسِ، وَبِكَشْفِ رَأْسٍ وَحَلْقِ رَأْسٍ لِمَنْ يَكْرَهُهُ، وَيُصْلَبُ دُونَ ثَلَاثٍ وَتَغْرِيبٍ دُونَ عَامٍ فِي الْحُرِّ، وَدُونَ نِصْفِهِ فِي الرَّقِيقِ وَلَا يَجُوزُ مَنْعُ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ حَلْقِ لِحْيَةٍ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ يُكْرَهُ حَلْقُهَا لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ، وَحَلْقُ رَأْسِ الْمَرْأَةِ كَاللِّحْيَةِ، وَلَوْ عُزِّرَ بِهِ فِيهِمَا كَفَى وَمَنَعَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ الضَّرْبَ بِالدُّرَّةِ الْمَعْرُوفَةِ الْآنَ لِذَوِي الْهَيْئَاتِ لِأَنَّهُ صَارَ عَارًا فِي ذُرِّيَّتِهِمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ التَّعْزِيرُ مِنْ نَحْوِ كَافِلِ صَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ وَسَيِّدٍ فِي رَقِيقِهِ وَمُعَلِّمٍ لِمُتَعَلِّمٍ مِنْهُ لَكِنْ بِإِذْنِ وَلِيٍّ مَحْجُورٍ وَزَوْجٍ لِحَقِّ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ إلَخْ) هُوَ دَفْعٌ لِمَا تُوُهِّمَ مِنْ أَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الْأَشْيَاءِ، فَيُفِيدُ أَنَّهَا لِلْإِبَاحَةِ فَلَهُ جَمْعُ نَوْعَيْنِ، فَأَكْثَرَ وَتَجِبُ مُرَاعَاةُ الْأَخَفِّ، فَالْأَخَفُّ كَالصِّيَالِ قَوْلُهُ: (وَلَهُ فِي الْمُتَعَلِّقِ بِحَقِّ اللَّهِ خَاصَّةً الْعَفْوُ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ) بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْآدَمِيِّ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ جُلِدَ) وَغَيْرُ الْجَلْدِ مِثْلُهُ كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ حَدٍّ عَنْهُ فَلَا تَعْزِيرَ) وَلَا تَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِي تَرْكِ الْحُدُودِ إنْ بَلَغَتْ الْإِمَامَ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ] فَصْلٌ يُعَزَّرُ بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ إلَخْ وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ نَوْعَيْنِ مِنْهَا كَالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ الضَّرْبُ حِينَئِذٍ عَنْ أَدْنَى الْحُدُودِ نُقْصَانًا لَا يَبْلُغُ مَعَ الَّذِي ضُمَّ إلَيْهِ مِنْ أَلَمِ الْحَبْسِ، مَثَلًا أَدْنَى الْحُدُودِ ثُمَّ مِنْ الْأَنْوَاعِ الَّتِي يُعَزَّرُ بِهَا النَّفْيُ أَيْضًا، وَلَا يَجُوزُ حَلْقُ لِحْيَتِهِ وَفِي تَسْوِيدِ وَجْهٍ وَجْهَانِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْجَوَازِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْجَدِيدِ بِأَخْذِ الْمَالِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 206 وَجَبَ أَنْ يَنْقُصَ فِي عَبْدٍ عَنْ عِشْرِينَ جَلْدَةً وَ) فِي (حُرٍّ عَنْ أَرْبَعِينَ) جَلْدَةً أَدْنَى حُدُودِهِمَا، (وَقَبْلَ عِشْرِينَ) أَدْنَى الْحُدُودِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (وَيَسْتَوِي فِي هَذَا جَمِيعُ الْمَعَاصِي) السَّابِقَةِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا بَلْ يُعْتَبَرُ كُلُّ مَعْصِيَةٍ مِنْهَا بِمَا يُنَاسِبُهَا مِمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ فَتَعْزِيرُ مُقَدِّمَاتِ الزِّنَى، أَوْ الْوَطْءِ الْحَرَامِ الَّذِي لَا يُوجِبُ الْحَدَّ يَنْقُصُ عَنْ حَدِّ الزِّنَى لَا عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ، وَتَعْزِيرُ السَّبِّ بِمَا لَيْسَ بِقَذْفٍ يَنْقُصُ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ لَا عَنْ حَدِّ الشُّرْبِ، وَتَعْزِيرُ سَرِقَةِ مَا دُونَ النِّصَابِ يُعْتَبَرُ بِأَغْلَبِ حُدُودِ الْجَلْدِ وَهُوَ مِائَةُ جَلْدَةٍ لِأَنَّ الْقَطْعَ أَبْلَغُ مِنْهَا. (وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ حَدٍّ) عَنْهُ كَحَدِّ الْقَذْفِ (فَلَا تَعْزِيرَ لِلْإِمَامِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَهُ التَّعْزِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ. (أَوْ) مُسْتَحِقُّ (تَعْزِيرٍ فَلَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ التَّعْزِيرُ (فِي الْأَصَحِّ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَصَحَّيْنِ أَنَّ الْحَدَّ مُقَدَّرٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الْإِمَامِ فَلَا سَبِيلَ إلَى الْعُدُولِ إلَى غَيْرِهِ، بَعْدَ سُقُوطِهِ وَالتَّعْزِيرُ يَتَعَلَّقُ أَصْلُهُ بِنَظَرِ الْإِمَامِ فَجَازَ أَنْ لَا يُؤَثِّرَ فِيهِ إسْقَاطُ غَيْرِهِ. كِتَابُ الصِّيَالِ وَضَمَانُ الْوُلَاةِ (لَهُ) أَيْ الشَّخْصِ (دَفْعُ كُلِّ صَائِلٍ) مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ (عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرْفٍ أَوْ بُضْعٍ أَوْ مَالٍ) وَإِنْ قَلَّ إذَا كَانَتْ الْمَذْكُورَاتُ مَعْصُومَةً، (فَإِنْ قَتَلَهُ فَلَا ضَمَانَ) فِيهِ بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا قِيمَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ، (وَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ مَالٍ) لَا رُوحَ فِيهِ (وَيَجِبُ عَنْ بُضْعٍ) قَالَ الْبَغَوِيّ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ، (وَكَذَا نَفْسٌ قَصَدَهَا كَافِرٌ أَوْ بَهِيمَةٌ) أَيْ يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهَا (لَا مُسْلِمٌ فِي الْأَظْهَرِ) فَيَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ.   [حاشية قليوبي] أَوْ كَانَ الْمَحْدُودُ صَاحِبَ شَرٍّ، وَإِلَّا جَازَتْ وَتَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِي التَّعْزِيرِ مُطْلَقًا إلَّا لِذِي شَرٍّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَلَهُ إلَخْ) أَيْ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَزِّرَ مَنْ لَزِمَهُ التَّعْزِيرُ بَعْدَ عَفْوِ مُسْتَحِقِّهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِصْلَاحِ وَقَدْ فَرَّقَ الشَّارِحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَدِّ. كِتَابُ الصِّيَالِ وَضَمَانُ الْوُلَاةِ وَكَذَا ضَمَانُ غَيْرِهِمْ، وَحُكْمُ الْخَتْنِ وَسُكُوتُهُ عَنْهُمَا غَيْرُ مَعِيبٍ، وَالصِّيَالُ لُغَةً الِاسْتِطَالَةُ وَالْوُثُوبُ وَشَرْعًا اسْتِطَالَةٌ مَخْصُوصَةٌ. قَوْلُهُ: (لَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْوُلَاةِ وَإِلَّا وَجَبَ الدَّفْعُ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ عَنْ الْمَالِ وَفِي غَيْرِ الصِّيَالِ وَلَهُمْ وَكَذَا لِغَيْرِهِمْ، عِنْدَ الْأَمْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْهَجْمُ عَلَى فَاعِلِ الْمَعْصِيَةِ كَشُرْبِ خَمْرٍ فِي بَيْتِهِ، كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَفْسِيرُ الضَّمِيرِ بِالشَّخْصِ يَشْمَلُ دَفْعَ ذِمِّيٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ مُسْلِمٍ صَالَ عَلَى كَافِرٍ، وَلَوْ حَرْبِيًّا أَوْ عَلَى مُسْلِمٍ وَلَوْ غَيْرَ مَعْصُومٍ، أَوْ عَلَى بُضْعٍ أَوْ مَالٍ وَلَوْ لِحَرْبِيَّةٍ أَوْ حَرْبِيٍّ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمَعْصُومِ نَحْوُ الْقَتْلِ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مُسْلِمٍ إلَخْ) سَوَاءٌ الذَّكَرُ أَوْ الْأُنْثَى وَلَوْ آدَمِيَّةً حَامِلًا وَالْأَصْلُ وَالْفَرْعُ نَعَمْ لَا يَدْفَعُ مُضْطَرٌّ، وَلَا مُكْرَهٌ عَلَى إتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ، وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِمَا إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ بِالْقَتْلِ، أَوْ الْقَطْعِ فَإِنْ كَانَ بِإِتْلَافِ مَالٍ لَهُ جَازَ لِلْمَالِكِ دَفْعُهُ، وَلِكُلٍّ مِنْ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمَصُولِ عَلَيْهِ دَفْعُ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَلَا ضَمَانَ وَإِنْ ظَهَرَ الْإِكْرَاهُ بَعْدَ الْقَتْلِ مَثَلًا. تَنْبِيهٌ: لَا يَخْفَى أَنَّ الِاخْتِصَاصَ كَالْمَالِ فِيمَا ذَكَرَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى نَفْسٍ) وَلَوْ مَمْلُوكَةً لِلصَّائِلِ وَكَذَا مَا بَعْدَهَا وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا، فَمَنْ رَأَى شَخْصًا يُحْرِقُ مَالَهُ نَفْسَهُ جَازَ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْهُ أَوْ رَآهُ يُرِيدُ قَتْلَ مَمْلُوكِهِ، أَوْ رَآهُ يَزْنِي بِمَمْلُوكِهِ وَجَبَ دَفْعُهُ عَنْهُ، قَوْلُهُ: (أَوْ بُضْعٍ) وَكَذَا مُقَدِّمَاتُهُ قَوْلُهُ: (إذَا كَانَتْ إلَخْ) هُوَ قَيْدٌ لِوُجُوبِ الدَّفْعِ وَعَدَمِ الضَّمَانِ وَيَجُوزُ الدَّفْعُ عَنْ غَيْرِ الْمَعْصُومِ، إلَّا بِنَحْوِ قَطْعٍ أَوْ تَلَفِ مَنْفَعَةِ عُضْوٍ. نَعَمْ قَالَ شَيْخُنَا: يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ بُضْعِ الْحَرْبِيَّةِ، وَلَوْ بِالْقَتْلِ قَالَ: وَدَخَلَ فِي الْمَعْصُومِ الْكَلْبُ الْمُحْتَرَمُ فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الصَّائِلُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا مَعْصُومًا وَأَدَّى إلَى قَتْلِهِ وَنَقَلَ عَنْ الْخَادِمِ مَا يُخَالِفُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَتَلَهُ) أَيْ قَتَلَ الدَّافِعُ الصَّائِلَ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَعَكْسُهُ بِأَنْ قَتَلَ الصَّائِلُ الدَّافِعَ فَيَضْمَنُهُ، وَلَوْ بِالْقَوَدِ وَإِنْ لَمْ نُوجِبْ الدَّفْعَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) وَفَارَقَ قَلِيلُ الْمَالِ هُنَا مَا فِي السَّرِقَةِ لِوُجُودِ الْمُبِيحِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ) أَيْ عَلَى غَيْرِ الْوُلَاةِ كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (الدَّفْعُ عَنْ مَالٍ) إلَّا لِمُقْتَصِّ كَوَلِيٍّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ وَوَدِيعٍ وَكَمَالٍ مَرْهُونٍ، وَلَوْ عَلَى غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَكَمَا لَوْ لَزِمَ عَلَى عَدَمِ الدَّفْعِ نَقْصُ جَاهٍ أَوْ مَنْصِبٍ أَوْ خَسَارَةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ وُجُوبَ الدَّفْعِ عَنْ الْمَالِ مُطْلَقًا، كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَالِاخْتِصَاصُ كَالْمَالِ، وَيُشْتَرَطُ الْأَمْنُ كَمَا يَأْتِي فِي نَحْوِ النَّفْسِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا نَفْسٌ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ مَنْفَعَةً وَلَوْ لِذِمِّيٍّ. قَوْلُهُ: (كَافِرٌ) وَمِثْلُهُ مُسْلِمٌ غَيْرُ مَعْصُومٍ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أَوْ بَهِيمَةٌ) أَيْ صَائِلَةٌ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَفِي حُرٍّ عَنْ أَرْبَعِينَ) لَا يُرَدُّ عَلَى هَذَا مَا سَلَفَ مِنْ بُلُوغِ حَدِّ الْخَمْرِ ثَمَانِينَ لِأَنَّهَا تَعْزِيرَاتٌ لَا تَعْزِيرٌ وَاحِدٌ. [كِتَابُ الصِّيَالِ وَضَمَانُ الْوُلَاةِ لَهُ] كِتَابُ الصِّيَالِ قَوْلُهُ: (كُلِّ صَائِلٍ) دَخَّلَ الْمَرْأَةَ الْحَامِلَ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ تَخْرِيجَهَا عَلَى تَتَرُّسِ الْكُفَّارِ بِالْمُسْلِمِينَ وَكَذَا يَأْتِي مِثْلُ هَذَا فِي دَفْعِ الْهِرَّةِ الْحَامِلِ، وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: يَحْرُمُ ذَبْحُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ الْحَامِلِ بِغَيْرِ مَأْكُولٍ قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) أَيْ جَوَازُ الْقَتْلِ يُنَافِي ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ أَبْطَلَ حُرْمَةَ دَمِهِ بِصِيَالِهِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا نَفْسٌ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ اسْتِثْنَاءَ النَّفْسِ الْكَافِرَةِ فَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمُوجِبِ هُنَا، قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ) مِنْهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 وَالثَّانِي يَجِبُ دَفْعُهُ (وَالدَّفْعُ عَنْ غَيْرِهِ فَهُوَ عَنْ نَفْسِهِ) فَيَجِبُ تَارَةً وَلَا يَجِبُ أُخْرَى عَلَى خِلَافٍ فِيهَا (وَقِيلَ: يَجِبُ) فِيهَا (قَطْعًا) لِأَنَّ لَهُ الْإِيثَارَ بِحَقِّ نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَالْوُجُوبُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَذَلِكَ قَيَّدَهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَرُوذِيُّ وَغَيْرُهُ وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْعُزُوِّ (وَلَوْ سَقَطَتْ جَرَّةٌ) مِنْ عُلُوٍّ عَلَى إنْسَانٍ، (وَلَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِكَسْرِهَا) فَكَسَرَهَا (ضَمِنَهَا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ الْبَهِيمَةِ الصَّائِلَةِ وَدُفِعَ بِأَنَّ لِلْبَهِيمَةِ اخْتِيَارًا. (وَيُدْفَعُ الصَّائِلُ بِالْأَخَفِّ) فَالْأَخَفِّ (فَإِنْ أَمْكَنَ بِكَلَامٍ أَوْ اسْتِغَاثَةٍ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ (حَرُمَ الضَّرْبُ أَوْ بِضَرْبٍ بِيَدٍ حَرُمَ سَوْطٌ أَوْ بِسَوْطٍ حَرُمَ عَصًا أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ حَرُمَ قَتْلٌ، فَإِنْ أَمْكَنَ هَرَبَ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ وَتَحْرِيمُ قِتَالٍ) ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يَجِبُ   [حاشية قليوبي] حَالَتْ بَهِيمَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ، فَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا وَيَضْمَنُهَا إنْ تَلِفَتْ بِدَفْعِهِ قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ هَرَبٌ أَوْ نَحْوُ اسْتِغَاثَةٍ وَإِلَّا وَجَبَ ذَلِكَ فَإِنْ قَاتَلَ مَعَ ذَلِكَ صَارَ ضَامِنًا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا نَعَمْ لَا يَجُوزُ اسْتِسْلَامُ مَنْ بِهِ نَفْعٌ عَامٌ كَعَالِمٍ أَوْ شُجَاعٍ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَالدَّفْعُ عَنْ غَيْرِهِ كَهُوَ عَنْ نَفْسِهِ إلَخْ) أَيْ ذَاتِهَا أَوْ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ، مِمَّا تَقَدَّمَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فَيَجِبُ تَارَةً إلَى الْأَوَّلِ وَبِقَوْلِهِ وَلَا يَجِبُ أُخْرَى إلَى الثَّانِي، لَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ، أَوْ صَرِيحٌ فِي إرَادَةِ الْأَوَّلِ وَعَلَى كُلٍّ فَهَذَا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ، وَلَعَلَّ ذِكْرَهُ لِأَجْلِ مُخَالَفَةِ الْخِلَافِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ الْمَالِ بِشَرْطٍ) وَفَارَقَ حُرْمَةَ كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ الْمُؤَدِّي لِلضَّيَاعِ بِوُجُودِ الصِّيَالِ هُنَا. قَوْلُهُ: (فِيهَا) ضَمِيرُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَائِدٌ إلَى أُخْرَى لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ فِي الدَّفْعِ عَنْ الْمَالِ طَرِيقَيْنِ، وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الدَّفْعِ عَنْ النَّفْسِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَهَا) إنْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً بِحَقٍّ عَلَى هَيْئَةٍ لَا يَخْشَى سُقُوطَهَا وَإِلَّا كَمَغْصُوبٍ أَوْ نَحْوِ مَيْلٍ، فَلَا ضَمَانَ لَهَا بَلْ يَضْمَنُ وَاضِعُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ. قَوْلُهُ: (وَيُدْفَعُ الصَّائِلُ) وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ عَدَمَ الصِّيَالِ وَفِي مُرَاعَاتِهِ الْمُمْكِنِ بِيَمِينِهِ فِيهِمَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى صِيَالِهِ كَهُجُومٍ بِنَحْوِ سَيْفٍ، وَضَعْفِ الْمَصُولِ عَلَيْهِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (بِكَلَامٍ أَوْ اسْتِغَاثَةٍ) فَهُمَا سَوَاءٌ إلَّا أَنْ لَزِمَ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ ضَرَرٌ مِنْ نَحْوِ ظَالِمٍ فَيَجِبُ تَأْخِيرُهَا عَنْ الزَّجْرِ. قَوْلُهُ: (بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ) لَا بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِشُمُولِهِ الِاسْتِغَاثَةَ بِمَنْ يَقْتُلُهُ أَوْ يَضْرِبُهُ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَتَحْرِيمُ قِتَالٍ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ نَحْوِ ضَرْبٍ أَوْ قَطْعٍ، فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ وَلَوْ بِالْقِصَاصِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْ حَيْثُ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْقِصَاصِ بِأَنْ دَفَعَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ شَرْحُ شَيْخِنَا، وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ وُجُوبَ تَقْدِيمِ الزَّجْرِ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ مِنْ حَيْثُ الْحُرْمَةُ إذْ لَا ضَمَانَ فِيهِمَا، وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِمَّا فِيهِ التَّرْتِيبُ وَخَالَفَهُ فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا مِنْ الِاعْتِرَاضِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ أَمْكَنَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ خَلَاصَ نَفْسِهِ بِهَرَبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ الْمُقَاتَلَةُ. تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ عِنْدَ إمْكَانِهِ فَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا سِكِّينًا أَوْ سَيْفًا ابْتِدَاءً فَلَهُ الدَّفْعُ بِهِ أَوْ الْتَحَمَ قِتَالٌ، وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ سَقَطَ التَّرْتِيبُ أَوْ كَانَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَعْصُومٍ كَحَرْبِيٍّ فَكَذَلِكَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَكَذَا فِي الْفَاحِشَةِ كَأَنْ رَآهُ قَدْ أَوْلَجَ فِي أَجْنَبِيَّةٍ، فَلَهُ أَنْ يَبْدَأَهُ بِالْقَتْلِ، وَإِنْ انْدَفَعَ بِدُونِهِ وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ حَمْلُ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْمُحْصَنِ. قَوْلُهُ: (عَضَّتْ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْعَضُّ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ إنْ كَانَ بِالْجَارِحَةِ، وَإِلَّا فَبِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ نَحْوَ عَظُّ الزَّمَانِ.   [حاشية عميرة] مَا وَقَعَ لِعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجِبُ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] وَكَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إحْيَاءُ نَفْسِهِ بِالطَّعَامِ، قَوْلُهُ: (وَالدَّفْعُ عَنْ غَيْرِهِ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا الْكَلَامُ أَوَّلًا وَآخِرًا أَنَّ مَنْ رَأَى إنْسَانًا يُتْلِفُ مَالَ الْغَيْرِ أَوْ مَالَ الرَّائِي وَتَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ، وَاسْتُشْكِلَ بِتَحْرِيمِ كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ بَلْ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ بِالْوُجُوبِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ إزَالَةَ الْمُنْكَرِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ فَلَعَلَّ الْمَنْفِيَّ هُنَا الْوُجُوبُ الْعَيْنِيُّ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ وُجُوبَ الدَّفْعِ عَنْ الْبُضْعِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي إزَالَةِ الْمُنْكَرِ بِالْفِعْلِ مَثَلًا بِمَعْنَى أَنَّهُ يُحَصِّلُهُ بِيَدِهِ مَثَلًا فَإِنْ تَوَقَّفَ التَّخْلِيصُ عَلَى دَفْعٍ وَقِتَالٍ كَانَ ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ وَنَحْوِهَا جَائِزًا لَا وَاجِبًا كَمَا بَيَّنَ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِهَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى يَزُولُ الْإِشْكَالُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَمْكَنَ هَرَبٌ) أَيْ إذَا كَانَ الصِّيَالُ عَلَى النَّفْسِ أَوْ غَيْرِهَا وَأَمْكَنَ الْهَرَبُ بِهِ. قَوْلُهُ: (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ) إذَا تَأَمَّلْت هَذِهِ الْعِبَارَةَ اسْتَفَدْت مِنْهَا أَنَّ مَعْنَى جَوَازِ الِاسْتِسْلَامِ السَّابِقِ أَنَّهُ إذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ الْقِتَالِ وَبَيْنَ الِاسْتِسْلَامِ جَازَ الِاسْتِسْلَامُ، وَأَمَّا إذَا أَمْكَنَ الْهَرَبُ فَإِنَّهُ يَجِبُ وَيَحْرُمُ الثَّبَاتُ، وَإِلَّا لَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى تَحْرِيمِ الْقِتَالِ، وَلَا يَذْكُرُ وُجُوبَ الْهَرَبِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَكِنْ بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الْهَرَبِ فَلَمْ يَفْعَلْ، هَلْ يَكُونُ مَضْمُونًا الظَّاهِرُ نَعَمْ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ فَتَرَكَ السِّبَاحَةَ وَهُوَ يُحْسِنُهَا. لِأَنَّ الْفِعْلَ وَهُوَ الْإِلْقَاءُ قَدْ انْقَطَعَ بِخِلَافِ الصِّيَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 208 وَالطَّرِيقُ الثَّانِي حَمْلُ نَصِّ الْهَرَبِ عَلَى مَنْ تَيَقَّنَ النَّجَاةَ بِهِ وَنَصِّ عَدَمِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ (وَلَوْ عُضَّتْ يَدُهُ) (خَلَّصَهَا بِالْأَسْهَلِ مِنْ ذَلِكَ لَحْيَيْهِ وَضَرْبِ شِدْقَيْهِ) بِكَسْرِ الشِّينِ (فَإِنْ عَجَزَ فَسَلَّهَا فَنَدَرَتْ أَسْنَانُهُ) بِالنُّونِ أَيْ سَقَطَتْ (فَهَدَرٌ) لِأَنَّ الْعَضَّ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ (وَمَنْ نَظَرَ) بِضَمِّ الْحَاء وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْهَاءِ (فِي دَارِهِ مِنْ كُوَّةٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ طَاقَةٌ (أَوْ ثَقْبٌ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ (عَمْدًا فَرَمَاهُ) ، أَيْ النَّاظِرَ صَاحِبُ الدَّارِ (بِخَفِيفٍ كَحَصَاةٍ فَأَعْمَاهُ أَوْ أَصَابَ قُرْبَ عَيْنِهِ فَجَرَحَهُ فَمَاتَ فَهَدَرٌ بِشَرْطِ عَدَمِ مَحْرَمٍ وَزَوْجَةٍ لِلنَّاظِرِ) ، لِأَنَّ لَهُ مَعَهُمَا شُبْهَةً فِي النَّظَرِ (قِيلَ وَ) عَدَمُ (اسْتِتَارِ الْجِرْمِ) بِالثِّيَابِ لِأَنَّهُ مَعَ اسْتِتَارِهِنَّ لَا يَطَّلِعُ عَلَى شَيْءٍ، فَلَا يُرْمَى وَدُفِعَ بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى يَسْتَتِرْنَ وَيَتَكَشَّفْنَ فَيَحْسِمُ بَابَ النَّظَرِ. (قِيلَ وَ) شُرِطَ (إنْذَارٌ) بِالْمُعْجَمَةِ (قَبْلَ رَمْيِهِ) عَلَى قِيَاسِ دَفْعِ الصَّائِلِ أَوَّلًا بِالْأَخَفِّ وَعُورِضَ، بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ ابْتِدَاؤُهُ بِالْقَوْلِ بَلْ يَجُوزُ بِالْفِعْلِ. (وَلَوْ عَزَّرَ وَلِيٌّ) وَلَدَهُ (وَوَالٍ) مَنْ رُفِعَ إلَيْهِ (وَزَوْجٌ) زَوْجَتَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ نُشُوزٍ وَغَيْرِهِ، (وَمُعَلِّمٌ) حَبِيَّةُ وَيُسَمَّى فِي غَيْرِ الْوَالِي تَأْدِيبًا أَيْضًا (فَمَضْمُونُ) تَعْزِيرِهِمْ عَلَى الْعَاقِلَةِ إذَا حَصَلَ بِهِ هَلَاكٌ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (وَلَوْ حَدَّ مُقَدَّرًا) بِالنَّصِّ كَحَدِّ الْقَذْفِ دُونَ الشُّرْبِ فَهَلَكَ، (فَلَا ضَمَانَ) فِيهِ وَالْحَقُّ قَتْلُهُ (وَلَوْ ضُرِبَ شَارِبٌ بِنِعَالٍ وَثِيَابٍ) فَهَلَكَ (فَلَا ضَمَانَ) فِيهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) ، وَالثَّانِي فِيهِ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُضْرَبَ هَكَذَا بِأَنْ يَتَعَيَّنَ السَّوْطُ، (وَكَذَا أَرْبَعُونَ سَوْطًا)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِالْأَسْهَلِ) فَيُقَدَّمُ الْإِنْذَارُ ثُمَّ الزَّجْرُ ثُمَّ الْفَكُّ ثُمَّ نَحْوُ بَعْجِ بَطْنِهِ، أَوْ عَصْرِ خُصْيَتِهِ ثُمَّ ضَرْبِ شِدْقَيْهِ، ثُمَّ فَقْءِ عَيْنِهِ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى الْفَاءِ. قَوْلُهُ: (فَهُدِرَ) أَيْ إنْ كَانَ الْمَعْضُوضُ مَعْصُومًا أَوْ حَرْبِيًّا وَإِنْ كَانَ الْعَاضُّ مَظْلُومًا، وَإِلَّا كَتَارِكِ صَلَاةٍ بَعْدَ الْأَمْرِ بِهَا وَزَانٍ مُحْصَنٍ وَمُرْتَدٍّ فَلَا يُهْدَرُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْعَضَّ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ التَّخَلُّصُ بِغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ حَقُّهُ فَلَهُ فِعْلُهُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ نُظِرَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) لِأَنَّ بِنَاءَهُ لِلْفَاعِلِ فَاسِدٌ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ النَّظَرِ لَا لِغَرَضٍ كَخِطْبَةٍ، وَلَيْسَ النَّظَرُ أَصْلًا وَلَا فَرْعًا لِلْمَنْظُورِ إلَيْهِ، وَيُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى غَرَضًا مُمْكِنًا، قَوْلُهُ: (إلَى حُرَمِهِ) جَمْعُ حُرْمَةٍ مِنْ الِاحْتِرَامِ وَلَوْ خُنْثَى أَوْ أَمْرَدَ وَلَوْ مَسْتُورَةً. قَوْلُهُ: (فِي دَارِهِ) وَلَوْ مُعَارَةً أَوْ مُؤَجَّرَةً وَمِثْلُهَا الْخَيْمَةُ فِي الصَّحْرَاءِ، وَخَرَجَ بِهِمَا غَيْرُهُمَا كَالْمَسْجِدِ وَالشَّارِعِ وَنَحْوِهِمَا. قَوْلُهُ: (مِنْ كُوَّةٍ) أَيْ غَيْرِ وَاسِعَةٍ وَكَذَا مِنْ نَحْوِ مَنَارَةٍ مِمَّا لَا يُعَدُّ صَاحِبُ الدَّارِ مُقَصِّرًا بِفَتْحِهِ بِخِلَافِ بَابٍ مَفْتُوحٍ أَيْ بِغَيْرِ فَتْحِ النَّاظِرِ، قَوْلُهُ: (عَمْدًا) خَرَجَ مَا لَوْ وَقَعَ اتِّفَاقًا أَوْ خَطَأً، وَيُصَدَّقُ الرَّامِي فِي ذَلِكَ لَوْ خَالَفَهُ النَّاظِرُ وَخَرَجَ مَا لَوْ كَانَ النَّاظِرُ مَجْنُونًا، أَوْ أَعْمَى أَوْ فِي ظُلْمَةٍ فَهُوَ مَضْمُونٌ وَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الرَّمْيِ. قَوْلُهُ: (أَيْ النَّاظِرِ) وَلَوْ مُؤَجَّرًا وَمُعِيرًا وَامْرَأَةً وَصَبِيًّا قَوْلُهُ: (بِخَفِيفٍ) لَا بِثَقِيلٍ إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَلَهُ رَمْيُهُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ بِهِ اسْتَغَاثَ عَلَيْهِ بِنَحْوِ سُلْطَانٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ ضَرْبُهُ بِسِلَاحٍ وَرَمْيُهُ بِنَبْلٍ، قَوْلُهُ: (وَزَوْجَةٌ) أَيْ حَلِيلَةٌ وَلَوْ أَمَةً أَوْ مَتَاعًا. قَوْلُهُ: (قِيلَ وَعَدَمُ اسْتِتَارِ إلَخْ) هُوَ مَرْجُوحٌ فَيُرْمَى وَلَوْ مَسْتُورَةً كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (قِيلَ وَشُرِطَ إنْذَارٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُفِيدُ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ وَهُوَ جَمْعٌ لِلتَّنَاقُضِ. تَنْبِيهٌ: مَتَى قَصَّرَ الرَّامِي فَهُوَ ضَامِنٌ مَالًا أَوْ قَوَدًا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَزَّرَ وَلِيٌّ وَلَدَهُ) أَيْ مُوَلِّيهِ قَوْلُهُ: (وَزَوْجٌ زَوْجَتَهُ) أَيْ الْحُرَّةَ وَكَذَا الْأَمَةُ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهَا قَوْلُهُ: (وَمُعَلِّمٌ صَبِيَّةً) الْأَوْلَى مُتَعَلِّمًا مِنْهُ وَلَوْ غَيْرَ صَبِيٍّ وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ أَوْ لَا إذْ لَهُ التَّأْدِيبُ، وَلَوْ بِالضَّرْبِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فَمَضْمُونٌ) نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَى سَيِّدٍ أَوْ مَأْذُونِهِ فِي عَبْدِهِ بِالضَّرْبِ أَوْ بِنَوْعٍ مَخْصُوصٍ مِنْهُ، فَإِنْ قَالَ: عَزَّرَهُ وَأَطْلَقَ فَهُوَ مَضْمُونٌ، وَلَا عَلَى مَنْ عَزَّرَ غَيْرَهُ، بِإِذْنِهِ مُطْلَقًا أَوْ بِنَوْعٍ مَخْصُوصٍ وَلَا عَلَى مَنْ عَزَّرَ مُمْتَنِعًا مِنْ أَدَاءِ حَقٍّ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَلَا عَلَى مُكْتِرٍ دَابَّةً بِضَرْبِهَا الْمُعْتَادِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَاقِلَةِ) فَهُوَ ضَمَانٌ شِبْهُ عَمْدٍ، نَعَمْ إنْ ضَرَبَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ قَصَدَ قَتْلَهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ، أَوْ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (إذَا حَصَلَ بِهِ هَلَاكٌ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ بِنَحْوِ تَوْبِيخٍ بِكَلَامٍ وَصَفْعٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَدَّ مُقَدَّرًا فَلَا ضَمَانَ) وَلَوْ فِي حُرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ قَوْلُهُ: (بِالنَّصِّ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْمُقَدَّرِ فَيَخْرُجُ بِهِ مَا بِالِاجْتِهَادِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (دُونَ الشُّرْبِ) قُيِّدَ لِعَدَمِ الْخِلَافِ لَا لِلْإِخْرَاجِ مِنْ الْحُكْمِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (ضُرِبَ) مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَكَذَا ضَرْبُهَا الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَتَعَيَّنَ السَّوْطُ) إذَا تَأَمَّلْت مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي تَقْرِيرِ الْخِلَافِ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ بِالصَّحِيحِ، طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِعَدَمِ الضَّمَانِ   [حاشية عميرة] لَا يَجِبُ) لِأَنَّ إقَامَتَهُ بِذَلِكَ الْمَكَانِ جَائِزَةٌ، فَلَا تُوجِبُ مُفَارَقَتَهُ وَقَوْلُهُ: (فَأَعْمَاهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ التَّخْيِيرُ وَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ يَقْصِدُ الْعَيْنَ، ثُمَّ لَا يَضُرُّ إصَابَتُهُ مَا بِقُرْبِهَا خَطَأً، قَوْلُهُ: (فَهَدَرٌ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ قَوْلُهُ: (وَاسْتِتَارِ الْجِرْمِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَحْرَمٍ، قَوْلُهُ: (وَإِنْذَارٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَدَمِ قَوْلُهُ: (فَمَضْمُونُ تَعْزِيرِهِمْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ كَانَ الضَّرْبُ يَقْتُلُ غَالِبًا وَجَبَ الْقِصَاصُ [حَدَّ مُقَدَّرًا بِالنَّصِّ كَحَدِّ الْقَذْفِ دُونَ الشُّرْبِ فَهَلَكَ] قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَدَّ) أَيْ الْإِمَامُ وَلَوْ جَلَدَ الْمَقْذُوفُ الْقَاذِفَ بِإِذْنِهِ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا وَجَبَ الضَّمَانُ بِالْقَوَدِ، قَوْلُهُ: (مُقَدَّرًا) هُوَ تَأْكِيدٌ فَإِنَّ الْحَدَّ لَا يَكُونُ إلَّا مُقَدَّرًا لَكِنْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ بِالنَّصِّ، قَوْلُهُ: (بِالنَّصِّ) دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ ذِكْرُ التَّقْدِيرِ فِي الْمَتْنِ مُسْتَدْرَكٌ، قَوْلُهُ (فَمَاتَ) أَيْ بِالْجَمِيعِ قَوْلُهُ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 209 ضَرَبَهَا فَمَاتَ لَا ضَمَانَ فِيهِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) . وَالثَّانِي عَلَى الضَّمَانِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِهَا اجْتِهَادِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ، (أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ أَرْبَعِينَ فَمَاتَ (وَجَبَ قِسْطُهُ بِالْعَدَدِ) فَفِي أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا (وَفِي قَوْلٍ نِصْفُ دِيَةٍ) لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِ مَضْمُونٍ، (وَيَجْرِيَانِ فِي قَاذِفٍ جُلِدَ أَحَدًا وَثَمَانِينَ) فَفِي قَوْلٍ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَالْأَظْهَرُ جُزْءٌ مِنْ أَحَدٍ وَثَمَانِينَ جُزْءًا مِنْهَا (وَلِمُسْتَقِلٍّ) بِأَمْرِ نَفْسِهِ (قَطْعُ سِلْعَةٍ) ، مِنْهُ وَهِيَ بِكَسْرِ السِّينِ غُدَّةٌ تَخْرُجُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ إزَالَةً لِلشَّيْنِ بِهَا، (إلَّا مَخُوفَةً) مِنْ حَيْثُ قَطْعِهَا (لَا خَطَرَ فِي تَرْكِهَا أَوْ الْخَطَرُ فِي قَطْعِهَا أَكْثَرُ) مِنْهُ فِي تَرْكِهَا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهَا بِخِلَافِ مَا الْخَطَرُ فِي تَرْكِهَا أَكْثَرُ أَوْ فِي الْقَطْعِ وَالتَّرْكِ مُتَسَاوٍ، فَيَجُوزُ لَهُ قَطْعُهَا كَغَيْرِ الْمَخُوفَةِ، (وَلِأَبٍ وَجَدٍّ قَطْعُهَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ مَعَ الْخَطَرِ) فِيهِ (إنْ زَادَ خَطَرُ التَّرْكِ) عَلَيْهِ (لَا لِسُلْطَانٍ) بِعَدَمِ فَرَاغِهِ لِلنَّظَرِ الدَّقِيقِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ الْقَطْعُ وَلَوْ زَادَ خَطَرُهُ عَلَى خَطَرِ التَّرْكِ أَوْ تَسَاوَيَا امْتَنَعَ الْقَطْعُ. (وَلَهُ) أَيْ لِلْوَلِيِّ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ (وَلِسُلْطَانٍ قَطْعُهَا بِلَا خَطَرٍ) فِيهِ (وَفَصْدٌ وَحِجَامَةٌ فَلَوْ مَاتَ) الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ (بِجَائِزٍ مِنْ هَذَا) الْمَذْكُورِ (فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَقُولُ هُوَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ كَالتَّعْزِيرِ (وَلَوْ فَعَلَ سُلْطَانٌ بِصَبِيٍّ مَا مُنِعَ) مِنْهُ فَمَاتَ بِهِ (فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ) لِتَعَدِّيهِ.   [حاشية قليوبي] فِي الضَّرْبِ بِالسَّوْطِ، وَأَنَّ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَشْهُورِ وَمُقَابِلِهِ طَرِيقٌ حَاكِيَةٌ مُقَابِلَةٌ لَهُ، وَأَنَّ مُقَابِلَ الْمَشْهُورِ طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِالضَّمَانِ فِي غَيْرِ السَّوْطِ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ وَمُقَابِلَهُ طَرِيقٌ حَاكِيَةٌ مُقَابِلَةٌ لَهُ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ قَوْلُهُ: (أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ) لَمْ يَقُلْ سَوْطًا عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لِيُفِيدَ أَنَّ هَذَا لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ، بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِ السَّوْطِ مِمَّا تَقَدَّمَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ قَسْطُهُ) أَيْ إنْ بَقِيَ أَلَمُ الضَّرْبِ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَكُلُّ الضَّمَانِ بِهِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَفِي أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ) أَيْ فِي الْحُرِّ وَفِي أَحَدٍ وَعِشْرِينَ فِي غَيْرِهِ جُزْءٌ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا، مِنْ قِيمَتِهِ وَهُوَ ثُلُثُ سُبْعِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ أَلَمَ السَّوْطِ الْأَخِيرَ لَا يُسَاوِي أَلَمَ السَّوْطِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ هَذَا لَاقَى الْبَدَنَ صَحِيحًا فَيَجِبُ أَنْ يَسْقُطَ فَإِنْ جُهِلَ وَجَبَ النِّصْفُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَلَمِ الْمَعْنَوِيُّ، وَهُوَ وَاحِدٌ فِي كُلِّ ضَرْبَةٍ وَأَمَّا أَلَمُ الْجِسْمِ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَإِنْ كَانَ وَاسِطَةً فِي التَّأَلُّمِ الْأَوَّلِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُوجِبُوا كَوْنَ الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا عَلَى مَحِلِّ الضَّرْبَةِ الْأُولَى فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلِمُسْتَقِلٍّ) وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْحُرُّ وَلَوْ سَفِيهًا وَمِثْلُهُ الْمُكَاتَبُ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَوْ قَبْلَ إعْتَاقِهِ. قَوْلُهُ: (قَطْعُ سِلْعَةٍ مِنْهُ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ السِّينِ) عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا مَعَ سُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا، وَهُوَ الْأَفْصَحُ فِي الْأَمْتِعَةِ. قَوْلُهُ: (غُدَّةٌ) أَقَلُّهَا كَالْحِمَّصَةِ وَأَعْلَاهَا كَالْبِطِّيخَةِ. قَوْلُهُ: (لَا خَطَرَ فِي تَرْكِهَا) أَيْ وَالْخَطَرُ فِي قَطْعِهَا فَقَطْ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا الْخَطَرُ فِي تَرْكِهَا أَكْثَرُ) أَوْ كَانَ فِيهِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (كَغَيْرِ الْمَخُوفَةِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خَوْفٌ فِي تَرْكِهَا، وَلَا فِي قَطْعِهَا فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ سِتَّةٌ يَمْتَنِعُ الْقَطْعُ فِي اثْنَتَيْنِ مِنْهَا، بِأَنْ يَخْتَصَّ الْخَطَرُ بِالْقَطْعِ، أَوْ يَكُونَ فِيهِ أَكْثَرَ، وَيَجِبُ فِي اثْنَتَيْنِ أَيْضًا أَنْ يَخْتَصَّ الْخَطَرُ بِالتَّرْكِ أَوْ يَكُونَ فِيهِ أَكْثَرَ. كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَقَرَّ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ، وَيَجُوزُ فِي الْبَاقِيَتَيْنِ فَقَوْلُهُ فَيَجُوزُ هُوَ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ، فَيُصَدَّقُ بِالْوَاجِبِ فَتَأَمَّلْ وَبَقِيَ مَا لَوْ جَهِلَ خَطَرَ التَّرْكِ أَوْ الْقَطْعِ أَوْ هُمَا مَعًا وَفِي ابْنِ حَجَرٍ جَوَازُ الْقَطْعِ فِي الْأُولَى دُونَ الْبَقِيَّةِ، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ بَحْثٌ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ إذَا جَهِلَ خَطَرَ التَّرْكِ فَإِمَّا أَنْ يَعْلَمَ خَطَرَ الْقَطْعِ أَوْ لَا، وَالْقَطْعُ فِي الْأَوَّلِ مُمْتَنِعٌ وَالثَّانِي هُوَ جَهْلُهُمَا مَعًا وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّ مَا عَدَا جَهْلِهِمَا مَعًا، وَإِذَا جَهِلَ خَطَرَ الْقَطْعِ فَإِمَّا أَنْ يَعْلَمَ خَطَرَ التَّرْكِ أَوْ لَا، وَالْقَطْعُ فِي الْأَوَّلِ مُمْتَنِعٌ، وَالثَّانِي هُوَ جَهْلُهُمَا مَعًا، وَإِذَا جُهِلَ خَطَرٌ جَهْلُهُمَا مَعًا دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِمْ السَّابِقِ، لِأَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ الْخَطَرَ يَخْتَصُّ بِالتَّرْكِ شَامِلٌ لِمَا إذَا عُلِمَ عَدَمُ خَطَرِ الْقَطْعِ أَوْ جُهِلَ، وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْخَطَرَ يَخْتَصُّ بِالْقَطْعِ شَامِلٌ، لِمَا إذَا عُلِمَ عَدَمُ خَطَرِ التَّرْكِ أَوْ جُهِلَ، فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَلَامِهِمْ إلَّا مَسْأَلَةُ جَهْلِ خَطَرِهِمَا مَعًا وَالظَّاهِرُ فِيهَا عَدَمُ الْقَطْعِ لِاجْتِمَاعِ الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعِ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ. وَيُعْلَمُ الْخَطَرُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَلَوْ وَاحِدًا أَوْ بِمَعْرِفَةِ الْقَاطِعِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِمَعْرِفَةِ الْوَلِيِّ إذَا كَانَ عَارِفًا بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلِأَبٍ وَجَدٍّ) وَمِثْلُهُمَا أُمٌّ لَهَا وِصَايَةٌ وَقَيِّمٌ وَوَصِيٌّ، وَالْجَوَازُ هُنَا بِمَعْنَى الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَنْعٍ كَمَا مَرَّ، فَيَجِبُ بِالْأَوْلَى عِنْدَ اخْتِصَاصِ الْخَطَرِ بِالتَّرْكِ وَحْدَهُ. قَوْله: (لَا لِسُلْطَانٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اخْتَصَّ الْخَطَرُ بِالتَّرْكِ فَرَاجِعْهُ مَعَ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَوْ تَسَاوَيَا امْتَنَعَ الْقَطْعُ) بِخِلَافِ الْمُسْتَقِلِّ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ) وَكَذَا مَنْ أُلْحِقَ بِهِمَا كَمَا مَرَّ وَلِسُلْطَانٍ عِلَاجٌ لَا خَطَرَ فِيهِ أَيْ الْعِلَاجِ وَمِنْهُ سِلْعَةٌ لَا خَطَرَ فِي تَرْكِهَا وَلَا فِي قَطْعِهَا، كَمَا فِي الْمُسْتَقِلِّ كَمَا مَرَّ وَمِنْهُ ثَقْبُ الْآذَان وَإِنْ كُرِهَ فِي الذَّكَرِ وَخَرَجَ بِالْوَلِيِّ وَالسُّلْطَانِ غَيْرُهُمَا كَالْأَجْنَبِيِّ. وَمِنْهُ أَبٌ رَقِيقٌ أَوْ سَفِيهٌ وَمِنْهُ سَيِّدٌ فِي رَقِيقِهِ، فَلَيْسَ لَهُمْ عِلَاجٌ مُطْلَقًا وَيَضْمَنُونَ قَوَدًا أَوْ مَالًا. قَوْلُهُ: (كَالتَّعْزِيرِ) وَفَرَّقَ بِخَوْفِ الْهَلَاكِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ فَعَلَ سُلْطَانٌ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّنْ مَرَّ بِصَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ مَا مُنِعَ مِنْهُ فِدْيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي   [حاشية عميرة] أَحَدًا وَثَمَانِينَ) ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ السَّوْطِ قَوْلُهُ: (وَلِمُسْتَقِلٍّ بِأَمْرِ نَفْسِهِ) أَيْ وَهُوَ الْحُرُّ الْمُكَلَّفُ وَلَوْ سَفِيهًا قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) أَيْ فَتَجِبُ الدِّيَةُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَتَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ قَوْلُهُ: (فَدِيَةٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْخَطَرُ فِي الْقَطْعِ أَكْثَرَ أَوْ لَا خَطَرَ فِي التَّرْكِ لَكِنْ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ هُنَا بِوُجُوبِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 وَلَا قِصَاصَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِفِعْلِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ فَدِيَةٌ فِي مَالِهِ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ (وَمَا وَجَبَ بِخَطَأِ إمَامٍ فِي حَدٍّ وَحُكْمٍ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَفِي قَوْلٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ) مِثَالُ الْحَدِّ ضُرِبَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ فَمَاتَ، فَفِي مَحِلِّ ضَمَانِهِ الْقَوْلَانِ (وَلَوْ حَدَّهُ بِشَاهِدَيْنِ فَبَانَا عَبْدَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَوْ مُرَاهِقَيْنِ) فَمَاتَ. (فَإِنْ قَصَّرَ فِي اخْتِبَارِهِمَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْقَوْلَانِ) وَفِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ قَالَ الْإِمَامُ يَتَرَدَّدُ نَظَرُ الْفَقِيهِ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجِبَ لِلِاسْتِنَادِ إلَى صُورَةِ الْبَيِّنَةِ وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ لِهُجُومِهِ، (فَإِنْ ضَمِنَا عَاقِلَةً أَوْ بَيْتَ مَالٍ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الذِّمِّيَّيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ صَادِقُونَ وَالثَّانِي نَعَمْ لِأَنَّهُمْ غَرُّوا الْقَاضِي وَالثَّالِثُ لِلْعَاقِلَةِ الرُّجُوعُ دُونَ بَيْتِ الْمَالِ، وَعَلَى الرُّجُوعِ عَلَى الْعَبْدَيْنِ يَتَعَلَّقُ الْغُرْمُ بِذِمَّتِهِمَا وَقِيلَ بِرَقَبَتِهِمَا وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا رُجُوعَ عَلَى الْمُرَاهِقَيْنِ، لِأَنَّ قَوْلَ الصَّبِيِّ لَا يَصْلُحُ لِلِالْتِزَامِ وَعَلَى الثَّانِي يَنْزِلُ مَا وُجِدَ مِنْهُمَا مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ (وَمَنْ حَجَّمَ أَوْ فَصَدَ بِإِذْنٍ) مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فَأَفْضَى إلَى تَلَفٍ، (لَمْ يَضْمَنْ) وَإِلَّا لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ (وَقَتْلُ جَلَّادٍ وَضَرْبُهُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ كَمُبَاشَرَةِ الْإِمَامِ إنْ جَهِلَ ظُلْمَهُ وَخَطَأَهُ) فَالْقِصَاصُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ دُونَ الْجَلَّادِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ ظُلْمَهُ وَخَطَأَهُ (فَالْقِصَاصُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْجَلَّادِ إنْ لَمْ يَكُنْ إكْرَاهٌ) مِنْ الْإِمَامِ وَإِنْ أَكْرَهَهُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا وَالْقِصَاصُ عَلَى الْإِمَامِ وَكَذَا الْجَلَّادُ فِي الْأَظْهَرِ (وَيَجِبُ خِتَانُ الْمَرْأَةِ بِجُزْءٍ) أَيْ بِقَطْعِ جُزْءٍ (مِنْ اللَّحْمَةِ بِأَعْلَى الْفَرْجِ وَالرَّجُلِ بِقَطْعِ مَا يُغَطِّي حَشَفَتَهُ) حَتَّى يَنْكَشِفَ جَمِيعُهَا (بَعْدَ الْبُلُوغِ) الَّذِي هُوَ مَنَاطُ التَّكْلِيفِ   [حاشية قليوبي] مَالِهِ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ بَعْضَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا قِصَاصَ) نَعَمْ لَوْ عَالَجَ بِقَطْعِ سِلْعَةٍ الْخَطَرُ فِي قَطْعِهَا فَقَطْ. أَوْ فِيهِ أَكْثَرُ وَجَبَ الْقِصَاصُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَخَالَفَهُ الْخَطِيبُ. قَوْلُهُ: (وَمَا وَجَبَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْكَفَّارَةِ قَوْلُهُ: (بِخَطَأِ إمَامٍ فِي حَدٍّ وَحُكْمٍ) وَمِنْهُ التَّعْزِيرُ. قَوْلُهُ: (فَعَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ الْإِمَامِ قَوْلُهُ: (فَبَانَا) أَوْ أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَصَّرَ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِأَنْ لَمْ يَبْحَثْ أَصْلًا قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ إذَا لَمْ يَبْحَثْ أَصْلًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَا رُجُوعَ عَلَى الذِّمِّيَّيْنِ) وَكَذَا لَا رُجُوعَ عَلَى الْمُرَاهِقَيْنِ وَكَذَا لَا رُجُوعَ عَلَى الْفَاسِقَيْنِ، إلَّا إنْ كَانَا مُتَجَاهَرَيْنِ بِفِسْقِهِمَا بِغَيْرِ الْكُفْرِ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ تَدْلِيسَهُمَا الظَّاهِرَ، أَلْغَى تَقْصِيرَ الْإِمَامِ فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ أَوْ الْمَالُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ حَجَّمَ أَوْ فَصَّدَ) أَيْ مَثَلًا فَكُلُّ عِلَاجٍ كَذَلِكَ بِجِرَاحَةٍ أَوْ دَوَاءٍ. قَوْلُهُ: (بِإِذْنٍ) بِحَيْثُ يُنْسَبُ الْفِعْلُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ) وَمِنْهُ الْوَلِيُّ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ قَوْلُهُ: (لَمْ يَضْمَنْ) إنْ كَانَ عَالِمًا وَلَمْ يُخْطِئْ أَوْ قَالَ لَهُ الْمَرِيضُ: دَاوِنِي بِهَذَا الدَّوَاءِ مَثَلًا فَإِنْ أَخْطَأَ أَوْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالطِّبِّ ضَمِنَ مُطْلَقًا، وَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ: افْصِدْنِي مَثَلًا إنْ رَأَيْت مَصْلَحَةً وَكَانَ غَيْرَ حَاذِقٍ بِقَوْلِ أَهْلِ فَنِّهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. تَنْبِيهٌ: يَحْرُمُ عَلَى الْمُتَأَلِّمِ قَتْلُ نَفْسِهِ، وَإِنْ زَادَ أَلَمُهُ وَلَمْ يُطِقْهُ لِأَنَّ بُرْأَهُ مَرْجُوٌّ. نَعَمْ لَهُ مُرَاعَاةُ أَهْوَنِ مُهْلِكَيْنِ كَأَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ مِنْ نَارٍ فِي مَاءٍ أَوْ يَعْدِلَ إلَى السَّيْفِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ عُلِمَ ظُلْمُهُ وَخَطَؤُهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَمِنْهُ مُخَالَفَةُ الِاعْتِقَادِ كَأَنْ أَمَرَ إمَامٌ حَنَفِيٌّ جَلَّادًا شَافِعِيًّا بِقَتْلِ مُسْلِمٍ فِي ذِمِّيٍّ، فَإِنْ أَكْرَهَهُ الْإِمَامُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِلَّا فَعَلَى الْجَلَّادِ وَحْدَهُ وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْجَلَّادِ وَإِنْ لَمْ يُكْرِهْهُ الْإِمَامُ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ خِتَانٌ) الْأَوْلَى خَتْنٌ لِأَنَّ الْخِتَانَ مَحِلُّ الْقَطْعِ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَيُنْدَبُ إظْهَارُ خَتْنِ الذُّكُورِ وَإِخْفَاءُ خَتْنِ الْإِنَاثِ وَأَوَّلُ مَنْ اُخْتُتِنَ مِنْ الرِّجَالِ إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ، بِالْقَدُومِ وَمِنْ النِّسَاءِ حَلِيلَتُهُ هَاجَرُ أُمُّ وَلَدِهِ إسْمَاعِيلَ وَالْقَدُومُ مُخَفَّفًا اسْمُ آلَةِ النَّجَّارِ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَقِيلَ اسْمُ مَكَان وَكَانَ عُمْرُهُ ثَمَانِينَ سَنَةً وَقِيلَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ عَلَى مَا بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَالثَّانِي عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (اللَّحْمَةِ) الْمُسَمَّاةُ بِالْبَظْرِ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الظَّاءِ الْمُشَالَةِ وَهِيَ فَوْقَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ الَّذِي هُوَ فَوْقَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ، وَخَرَجَ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْخُنْثَى فَيَحْرُمُ خَتْنُهُ لِأَنَّ الْجُرْحَ مَعَ الْإِشْكَالِ مَمْنُوعٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ لَهُ ذَكَرَانِ مَثَلًا لَا يَجُوزُ خَتْنُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا اشْتَبَهَا فَإِنْ عُلِمَ الْأَصْلِيُّ خُتِنَ وَحْدَهُ أَوْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ خُتِنَا مَعًا، وَلَوْ خُلِقَ مَخْتُونًا سَقَطَ الْوُجُوبُ وَقَدْ وُلِدَ مَخْتُونًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَقَالَ السُّيُوطِيّ سَبْعَةَ عَشَرَ وَهُمْ آدَم وَشِيثٌ وَإِدْرِيسُ وَنُوحٌ وَسَامٌ وَهُودٌ وَصَالِحٌ وَلُوطٌ وَشُعَيْبٌ وَيُوسُفُ وَمُوسَى وَسُلَيْمَانُ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَحَنْظَلَةُ وَعِيسَى وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَدْ نَظَّمَهُمْ الْجَلَالُ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ: وَسَبْعَةٌ قَدْ رُوُوا مَعَ عَشَرَةٍ خُلِقُوا ... وَهُمْ خِتَانُ فَخْذٍ لَا زِلْت مَأْنُوسًا   [حاشية عميرة] الْقِصَاصِ قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّ الْوَقَائِعَ تَكْثُرُ وَالْعِصْمَةُ لَا تَطَّرِدُ فَإِيجَابُهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ إجْحَافٌ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ) أَيْ وَلِأَنَّهُ أَيْضًا مَأْمُورٌ بِالْبَحْثِ، قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ بِذِمَّتِهَا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) . هَذَا يُشْبِهُ قَوْلَ الْأَصْحَابِ لَوْ أَتْلَفَ الْعَبْدُ الْوَدِيعَةَ فَإِنْ قُلْنَا الصَّبِيُّ يَضْمَنُهَا لَوْ أَتْلَفَهَا تَعَلَّقَ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَضْمَنُ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ، قَوْلُهُ: (مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ) شَمِلَ إذْنَ الْوَلِيِّ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ خِتَانٌ) قِيلَ: الصَّوَابُ الْخَتْنُ مَصْدَرًا لِأَنَّ الْخِتَانَ مَوْضِعُ الْخَتْنِ وَمِنْهُ «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ» قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْبُلُوغِ) أَيْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211 لِلْأَمْرِ بِهِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، (وَيُنْدَبُ تَعْجِيلُهُ فِي سَابِعِهِ) أَيْ سَابِعِ يَوْمٍ مِنْ الْوِلَادَةِ (فَإِنْ ضَعُفَ عَنْ احْتِمَالِهِ) فِي السَّابِعِ (أُخِّرَ) حَتَّى يَحْتَمِلَهُ (وَمَنْ خَتَنَهُ فِي سِنٍّ لَا يَحْتَمِلُهُ) ، مِنْ وَلِيٍّ وَغَيْرِهِ فَمَاتَ (لَزِمَهُ قِصَاصٌ إلَّا وَلَدًا) فَلَا وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ. (فَإِنْ احْتَمَلَهُ وَخَتَنَهُ وَلِيٌّ) أَيْ أَبٌ أَوْ جَدٌّ أَوْ إمَامٌ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ غَيْرُهُ فَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَصَحِّ) ، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ فِي الصِّغَرِ أَسْهَلُ وَالثَّانِي نَظَرٌ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الْحَالِ، وَإِنْ خَتَنَهُ أَجْنَبِيٌّ فَمَاتَ ضَمِنَهُ فِي الْأَصَحِّ، (وَأُجْرَتُهُ فِي مَالِ الْمَخْتُونِ) لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَتِهِ. فَصْلٌ (مَنْ كَانَ مَعَهُ دَابَّةٌ أَوْ دَوَابُّ ضَمِنَ إتْلَافَهَا نَفْسًا وَمَالًا لَيْلًا وَنَهَارًا) سَوَاءٌ أَكَانَ مَالِكًا أَمْ أَجِيرَهُ أَمْ مُسْتَأْجِرًا أَمْ مُسْتَعِيرًا أَمْ غَاصِبًا وَسَوَاءٌ أَكَانَ سَائِقَهَا أَمْ رَاكِبَهَا أَمْ قَائِدَهَا لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ تَعَهُّدُهَا وَحِفْظُهَا، (وَلَوْ بَالَتْ أَوْ رَاثَتْ) بِالْمُثَلَّثَةِ   [حاشية قليوبي] مُحَمَّدٌ آدَم إدْرِيسُ شِيثُ وَنُوحٌ ... سَامٌ هُودٌ شُعَيْبٌ يُوسُفُ مُوسَى لُوطٌ سُلَيْمَانُ يَحْيَى صَالِحٌ زَكَرِيَّا ... حَنْظَلَةُ مُرْسَلٌ لِلرُّسُلِ مَعَ عِيسَى نَعَمْ فِي ذِكْرِ سَامَ مَعَهُمْ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَبِيًّا إلَّا إنْ كَانَ مُرَادُهُ مُطْلَقَ مَنْ وُلِدَ مَخْتُونًا وَغَلَبَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ. فَرْعٌ: يَجِبُ قَطْعُ السُّرِّ مِنْ الْمَوْلُودِ نَظَرٌ بِالْأَوْلَى مِنْ الْخَتْنِ لِتَوَقُّفِ الْحَيَاةِ عَلَيْهِ غَالِبًا، وَهُوَ بِضَمِّ السِّينِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ وَيُقَالُ لِمَحِلِّهِ السُّرَّةُ. قَوْلُهُ: (الَّذِي هُوَ مَنَاطُ التَّكْلِيفِ) أَيْ فَاسْتَغْنَى بِذِكْرِهِ عَنْ التَّكْلِيفِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِطَاقَةِ أَيْضًا وَالسَّكْرَانُ كَالْمُكَلَّفِ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَمَنْ لَا يُطِيقُهُ فَلَا يَجِبُ خَتْنُهُمْ، وَقَالَ شَيْخُنَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْمَجْنُونِ خَتْنُهُ وَلَا يَجُوزُ خَتْنُ الْمَيِّتِ، وَإِنْ تَعَدَّى بِتَرْكِهِ لِسُقُوطِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ وَعُلِمَ مِنْ وُجُوبِهِ، أَنَّهُ يُجْبِرُهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ لَوْ امْتَنَعَ وَأَنَّهُ لَا ضَمَانَ لَوْ مَاتَ بِهِ إلَّا إنْ كَانَ فِي نَحْوِ حُرٍّ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الضَّمَانِ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (لِلْأَمْرِ بِهِ) عِلَّةٌ لِلْوُجُوبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: 123] وَمِنْهَا الْخَتْنُ كَمَا مَرَّ وَأُمِرْنَا بِاتِّبَاعِهِ أَمْرٌ لَنَا بِفِعْلِ تِلْكَ الْأُمُورِ، فَهُوَ مِنْ شَرْعِنَا وَلَيْسَ أَمْرُنَا بِهَا صَيَّرَهَا شَرْعًا لَنَا. قَوْلُهُ: (وَعَدَمِ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِ الْمِلَّةِ الْوُجُوبُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا قَطْعُ جُزْءٍ، وَلَا يَخْلُفُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لَمَا جَازَ كَمَا فِي قَطْعِ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ فِي السَّرِقَةِ. قَوْلُهُ: (فِي سَابِعِهِ) وَيُكْرَهُ قَبْلَهُ وَالْكَلَامُ فِي الْمُطِيقِ. قَوْلُهُ: (سَابِعِ يَوْمٍ مِنْ الْوِلَادَةِ) أَيْ بَعْدَهُ فَلَا يُحْسَبُ مِنْ السَّبْعِ يَوْمُ الْوِلَادَةِ بِخِلَافِ الْعَقِيقَةِ، وَالْفَرْقُ لَائِحٌ فَإِنْ أُخِّرَ فَإِلَى الْأَرْبَعِينَ ثُمَّ إلَى السَّنَةِ السَّابِعَةِ. قَوْلُهُ: (أُخِّرَ) وُجُوبًا قَوْلُهُ: (حَتَّى يَحْتَمِلَهُ) بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ) مُغَلَّظَةً فِي مَالِهِ لِأَنَّهَا دِيَةُ عَمْدٍ قَوْلُهُ: (أَيْ أَبٌ أَوْ جَدٌّ) وَكَذَا وَصِيٌّ وَقَيِّمٌ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهُمَا. قَوْلُهُ: (أَجْنَبِيٌّ) أَيْ غَيْرُ مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ بِإِذْنِهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِعَدَمِ إطَاقَتِهِ فَإِنْ جَهِلَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ، وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى جَهْلِهِ بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ) أَيْ بِالْقَوَدِ وَإِنْ قَصَدَ إقَامَةَ الشِّعَارِ. نَعَمْ إنْ ظَنَّ الْجَوَازَ فَلَا قَوَدَ وَتَجِبُ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ. قَوْلُهُ: (وَأُجْرَتُهُ) وَبَقِيَّةُ مُؤَنِهِ. قَوْلُهُ: (فِي مَالِ الْمَخْتُونِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ بَيْتِ مَالٍ أَوْ سَيِّدٍ فِي رَقِيقِهِ. فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ مَا تُتْلِفُهُ الدَّوَابُّ قَوْلُهُ: (مَعَ دَابَّةٌ) الْأَوْلَى مَعَهُ دَابَّةٌ وَوَلَدُهَا السَّائِبُ مَعَهَا مِثْلُهَا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (ضَمِنَ) وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ قِنًّا فِي رَقَبَةٍ وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. قَوْلُهُ: (إتْلَافَهَا) أَيْ مَا تَلِفَ بِهَا أَوْ بِمَا عَلَيْهَا لَوْ وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ أَوْ بِسَبَبِهَا كَأَنْ انْزَعَجَ بِهَا فَتَلِفَتْ وَضَمَانُ النَّفْسِ عَلَى الْعَاقِلَةِ. قَوْلُهُ: (أَمْ غَاصِبًا) قَالَ شَيْخُنَا وَكَذَا الْمُكْرَهُ، لَكِنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) وَسَوَاءٌ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى أَيْضًا وَهَذَا إذَا انْفَرَدَ مَنْ ذُكِرَ فَلَوْ اجْتَمَعُوا أَوْ اثْنَانِ مِنْهُمْ اسْتَوَى السَّائِقُ، وَالْقَائِدُ وَيُقَدَّمُ الرَّاكِبُ عَلَيْهِمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إلَّا إنْ كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ لَا عَلَى الرَّاكِبِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الرَّاكِبُ فَعَلَى الْمُقَدَّمِ إنْ نُسِبَ إلَيْهِ فِعْلٌ لَا نَحْوِ مَرِيضٍ، وَلَوْ رَكِبَ ثَلَاثَةٌ فِي الْجَانِبَيْنِ وَالْوَسَطِ فَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَالْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ كَالطَّبَلَاوِيِّ ضَمِنُوا سَوَاءً وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. كَوَالِدِهِ بِتَضْمِينِ الَّذِي فِي الْوَسَطِ وَحْدَهُ، وَلَوْ تَعَدَّدَ   [حاشية عميرة] عَلَى الْفَوْرِ إلَّا لِعُذْرٍ وَلَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا فَلَا وُجُوبَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ الَّذِي هُوَ مَنَاطُ التَّكْلِيفِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَيُنْدَبُ تَعْجِيلُهُ) أَيْ وَلَوْ لِأُنْثَى قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَصَحِّ) . تَتِمَّةٌ: كَمَا يَجِبُ الْخِتَانُ يَجِبُ قَطْعُ السُّرَّةِ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يَسْتَقِرُّ بِدُونِ ذَلِكَ، قَالَ الْغَزَالِيُّ وَتَثْقِيبُ أُذُنِ الصَّغِيرَةِ لِتَعْلِيقِ الْحَلَقِ حَرَامٌ لِأَنَّهُ جُرْحٌ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا ذَلِكَ وَاعْتَرَضَ بِحَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُنْت لَك كَأَبِي زَرْعٍ إلَخْ. وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِهِ لِلصَّبِيَّةِ لِأَجْلِ الزِّينَةِ، وَكَرَاهَتُهُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) هَذَا يُرْشِدُك إلَى شُمُولِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ لِمَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا وَإِنْ أَبَاهُ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقِ وَهُوَ فِي الصَّغِيرِ أَسْهَلُ. [فَصْلٌ مَنْ كَانَ مَعَهُ دَابَّةٌ أَوْ دَوَابُّ ضَمِنَ إتْلَافَهَا] فَصْلٌ مَنْ كَانَ مَعَهُ دَابَّةٌ أَوْ دَوَابُّ أَيْ وَلَوْ مَقْطُورَةً، قَوْلُهُ: (بِطَرِيقٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ مِلْكِهِ قَوْلُهُ: (ضَمِنَ ذَلِكَ) أَيْ مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْأَعْمَى وَالْمُسْتَدِيرِ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 212 (بِطَرِيقٍ فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ) لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَا تَخْلُو عَنْهُ وَالْمَنْعُ مِنْ الطُّرُوقِ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ. (وَيُحْتَرَزُ عَمَّا لَا يُعْتَادُ كَرَكْضٍ شَدِيدٍ فِي وَحْلٍ فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ) لِمُخَالَفَتِهِ لِلْمُعْتَادِ. (وَمَنْ حَمَلَ حَطَبًا عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ بَهِيمَةً فَحَكَّ بِنَاءً فَسَقَطَ ضَمِنَهُ) ، لِأَنَّ سُقُوطَهُ بِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ دَابَّتِهِ الْمَغْصُوبِ إلَيْهِ (وَإِنْ دَخَلَ سُوقًا فَتَلِفَ بِهِ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ ضَمِنَ) ذَلِكَ (إنْ كَانَ زِحَامٌ) بِكَسْرِ الزَّايِ، (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَتَمَزَّقَ) بِهِ (ثَوْبٌ فَلَا) يَضْمَنُهُ (إلَّا ثَوْبُ أَعْمَى وَمُسْتَدْبَرُ الْبَهِيمَةِ فَيَجِبُ تَنْبِيهُهُ) ، أَيْ كُلٍّ مِنْ الْأَعْمَى وَالْمُسْتَدْبِرِ فَإِنْ لَمْ يُنَبِّهْهُ ضَمِنَهُ، (وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ (إذَا لَمْ يُقَصِّرْ صَاحِبُ الْمَالِ فَإِنْ قَصَّرَ بِأَنْ وَضَعَهُ بِطَرِيقٍ أَوْ عَرَّضَهُ لِلدَّابَّةِ فَلَا) يَضْمَنُهُ (فَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ وَحْدَهَا فَأَتْلَفَتْ زَرْعًا أَوْ غَيْرَهُ نَهَارًا لَمْ يَضْمَنْ صَاحِبُهَا أَوْ لَيْلًا ضَمِنَ) لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَهُوَ عَلَى وَفْقِ الْعَادَةِ فِي حِفْظِ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ نَهَارًا وَالدَّابَّةِ لَيْلًا (إلَّا أَنْ لَا يُفَرِّطَ فِي رَبْطِهَا) بِأَنْ أَحْكَمَهُ وَعَرَّضَ حَلَّهَا، (أَوْ حَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ وَتَهَاوَنَ فِي دَفْعِهَا)   [حاشية قليوبي] أَحَدُ الثَّلَاثَةِ مَثَلًا وُزِّعَ الضَّمَانُ عَلَى الرُّءُوسِ نَعَمْ لَوْ سَقَطَتْ الدَّابَّةُ بِمَرَضٍ أَوْ مَوْتٍ، أَوْ الرَّاكِبُ كَذَلِكَ فَتَلِفَ بِهِمَا شَيْءٌ فَلَا ضَمَانَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَكَالْمَرَضِ الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ وَخَالَفَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَلَوْ غَلَبَتْ رَاكِبَهَا، وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا ضَمِنَهُ لِتَقْصِيرِهِ بِرُكُوبِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى ضَبْطِهِ، وَشَأْنُهُ أَنْ يُضْبَطَ وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ السَّفِينَةُ وَخَرَجَ بِغَلَبَتِهَا لَهُ مَا لَوْ انْفَلَتَتْ قَهْرًا عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ. تَنْبِيهٌ: لَوْ أَرْكَبَ أَجْنَبِيٌّ أَوْ وَلِيٌّ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا دَابَّةً ضَمِنَ الْمَرْكَبَ، وَإِنْ أَمْكَنَهُمَا ضَبْطُهَا عَلَى الْمُعْتَدِّ وَلَوْ نَخَسَهَا إنْسَانٌ بِغَيْرِ إذْنِ مَنْ صَحِبَهَا ضَمِنَ النَّاخِسُ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا وَلَوْ غَلَبَتْ رَاكِبَهَا فَرَدَّهَا إنْسَانٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَ الرَّادُّ حَيْثُ نُسِبَ رَدُّهَا إلَيْهِ، وَلَوْ بِإِشَارَةٍ فَإِنْ رَجَعَتْ فَزَعًا مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. تَنْبِيهٌ: ضَمَانُ النَّفْسِ وَنَحْوِهَا فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى الْعَاقِلَةِ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ خَلْفُ الدَّابَّةِ تَبَعًا لَهَا كَوَلَدِهَا ضَمِنَ مَا يُتْلِفُهُ إنْ كَانَ لَهُ يَدٌ عَلَيْهِ بِمِلْكٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ اسْتِحْفَاظٍ، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَضْمَنُهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَتَلِفَ بِهِ) أَيْ بِالْبَوْلِ أَوْ الرَّوْثِ حَالَ وُجُودِهِ أَوْ بَعْدَهُ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (فِي وَحْلٍ) أَوْ فِي زَحْمَةٍ لِلنَّاسِ فَيَضْمَنُ وَمِثْلُهُ فِي الضَّمَانِ سَوْقُ نَحْوِ غَنَمٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ إبِلٍ غَيْرِ مَقْطُورَةٍ فِي الْأَسْوَاقِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (لِمُخَالَفَتِهِ لِلْمُعْتَادِ) فَمَا يُعْتَادُ مِنْ الرَّكْضِ وَغَيْرِهِ لَا ضَمَانَ فِيهِ نَظَرًا لِلْعَادَةِ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ) أَيْ بِمِثْلِهِ لِأَنَّ اللَّبِنَاتِ مِثْلِيَّةٌ لِصِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا وَضَرْبُهَا عَنْ اخْتِيَارٍ، وَمَا قِيلَ مِنْ ضَمَانِهِ بِالْقِيمَةِ يُحْمَلُ عَلَى مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بِنَاؤُهُ بِلَبِنَاتٍ. نَعَمْ لَا يُضْمَنُ جِدَارٌ بُنِيَ مَائِلًا. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ زِحَامٌ) أَيْ حَالَ دُخُولِهِ فَإِنْ طَرَأَ الزِّحَامُ فَلَا ضَمَانَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَوْ طَرَأَ كَمَا عُلِمَ قَوْلُهُ: (الْأَثْوَابُ) أَيْ مَثَلًا وَالْمُرَادُ جَامِعُهُمَا وَكَذَا أَنْفُسُهُمَا. قَوْلُهُ: (أَعْمَى) وَكَذَا مَعْصُوبُ الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَمُسْتَدْبِرُ إلَخْ) أَيْ مُطْلَقًا وَكَذَا مُقْبِلٌ غَيْرُ مُمَيِّزٍ صِبًا أَوْ جُنُونًا وَغَافِلٌ، وَمُفَكِّرٌ مُطْرِقٌ وَمُلْتَفِتٌ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَجِدْ مُنْحَرَفًا يَنْحَرِفُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ الْمَذْكُورَيْنِ وَمَا مَعَهُ وَلَوْ نَحْوَ مَدَاسٍ وَيَجِبُ كُلُّ الضَّمَانِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ صَاحِبِ الْمَتَاعِ جَذْبٌ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الضَّمَانِ، وَلَوْ شَكَّ فِي فِعْلِ أَحَدِهِمَا رَجَعَ إلَى الْقَرِينَةِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ وَضَعَهُ بِطَرِيقٍ) وَلَوْ وَاسِعًا وَبِإِذْنِ الْإِمَامِ وَمِنْهُ رَبْعًا دَابَّةً بِبَابِ دَارِهِ أَوْ عَلَى حَانُوتِهِ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا أَيْضًا، وَمِنْ التَّقْصِيرِ فِي الْمَارِّ مَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَسْبِقَ دَابَّةً عَلَيْهَا حَطَبٌ فَتَمَزَّقَ بِهِ ثَوْبُهُ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (صَاحِبُهَا) أَيْ مَنْ صَحِبَهَا وَلَوْ غَاصِبًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَلَى وَفْقِ الْعَادَةِ إلَخْ) فَلَوْ جَرَتْ بِالْحِفْظِ نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ فَعَلَيْهِ، أَوْ بِالْحِفْظِ فِيهَا ضَمِنَ فِيهِمَا أَوْ بِعَدَمِهِ فِيهِمَا لَمْ يَضْمَنْ فِيهِمَا سَوَاءٌ الْبُنْيَانُ وَالصَّحْرَاءُ قَالَهُ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، إنَّهُ يَضْمَنُ فِي الْبُنْيَانِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (أَوْ حَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ) أَيْ حَافِظُهُ وَلَوْ غَيْرَ مَالِكِهِ وَتَهَاوَنَ فِي حِفْظِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الدَّفْعِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِلَّا ضَمِنَ صَاحِبُهَا وَلَوْ أَرْسَلَهَا فِي مَكَان مَغْصُوبٍ، فَانْتَشَرَتْ لِغَيْرِهِ وَأَفْسَدَتْهُ ضَمِنَهُ الْمُرْسِلُ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَلَوْ وَجَدَهَا فِي زَرْعِهِ، فَإِنْ لَمْ يَلْزَم عَلَى إخْرَاجِهَا دُخُولُهَا فِي زَرْعِ غَيْرِهِ، فَلَهُ إخْرَاجُهَا إلَى حَدٍّ يَأْمَنُ فِيهِ عَوْدَهَا إلَى زَرْعِهِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ ضَمِنَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا سَيَّبَهَا وَلَوْ أَمْكَنَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْأَكْلِ بِنَحْوِ رَبْطِ فَمِهَا، وَأَمِنَ تَلَفَ شَيْءٍ بِبَقَائِهَا لَزِمَهُ بَقَاؤُهَا، فَإِنْ أَخْرَجَهَا ضَمِنَهَا بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ لَزِمَهُ عَلَى إخْرَاجِهَا دُخُولُهَا فِي زَرْعِ غَيْرِهِ، وَلَوْ زَرْعَ   [حاشية عميرة] يُقَصِّرْ إلَخْ) أَلْحَقَ الْقَفَّالُ بِالتَّقْصِيرِ مَا لَوْ كَانَ يَمْشِي مِنْ جِهَةٍ وَحِمَارُ حَطَبٍ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، فَمَرَّ عَلَى جَنْبِ الْحِمَارِ وَأَرَادَ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ فَتَمَزَّقَ ثَوْبُهُ بِالْحَطَبِ، فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ جَانٍ بِمُرُورِهِ وَجَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْحَطَبُ مَوْضُوعًا بِالطَّرِيقِ الْوَاسِعِ فَمَرَّ بِهِ إنْسَانٌ وَتَعَلَّقَ بِهِ، قَوْلُهُ: (لَمْ يَضْمَنْ صَاحِبُهَا) مَحِلُّهُ إذَا أَرْسَلَهَا فِي الصَّحْرَاءِ دُونَ الْعَبْدِ وَالْمُرَادُ بِصَاحِبِهَا ذُو الْيَدِ لَكِنْ قَالَ الْبَغَوِيّ: إنَّ الْمُودِعَ وَالْمُسْتَأْجِرَ يَضْمَنَانِ نَهَارًا وَتَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخَانِ، قَوْلُهُ: (رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) وَهُوَ حَدِيثُ الْبَرَاءِ السَّابِقُ وَعَلَى النَّهَارِ حُمِلَ حَدِيثُ: «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» أَيْ هَدَرٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 فَلَا يَضْمَنُ. (وَكَذَا إنْ كَانَ الزَّرْعُ فِي مَحُوطٍ لَهُ بَابٌ تَرَكَهُ مَفْتُوحًا) فَلَا يَضْمَنُ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَضْمَنُ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعَادَةِ فِي رَبْطِهَا لَيْلًا (وَهِرَّةٌ تُتْلِفُ طَيْرًا أَوْ طَعَامًا إنْ عُهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا ضَمِنَ مَالِكُهَا فِي الْأَصَحِّ لَيْلًا وَنَهَارًا) ، لِأَنَّ هَذِهِ يَنْبَغِي أَنْ تُرْبَطَ وَيُكَفَّ شَرُّهَا، وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْهِرَّةَ لَا تُرْبَطُ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ مِنْهَا (فَلَا) يَضْمَنُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُ الطَّعَامِ عَنْهَا لَا رَبْطُهَا، وَالثَّانِي يَضْمَنُ فِي اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ كَالدَّابَّةِ. . كِتَابُ السِّيَرِ بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْيَاءِ هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْجِهَادِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمُتَلَقِّي مِنْ سِيَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزَوَاتِهِ فَتُرْجِمَ بِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ تَرْجَمَ بِالْجِهَادِ. (كَانَ الْجِهَادُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بَعْدَ الْهِجْرَةِ (فَرْضَ كِفَايَةٍ وَقِيلَ) فَرْضَ (عَيْنٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39] وَمَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَدِينَةِ كَانَ يَحْرُسُهَا، وَحِرَاسَتُهَا نَوْعٌ مِنْ الْجِهَادِ وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ حِرَاسَةَ الْجَمِيعِ، (وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلِلْكُفَّارِ حَالَانِ: أَحَدُهُمَا يَكُونُونَ بِبِلَادِهِمْ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ) يَجِبُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً (إذَا فَعَلَهُ مَنْ فِيهِمْ كِفَايَةً سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ)   [حاشية قليوبي] مَالِكِهَا لَزِمَهُ بَقَاؤُهَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ مَالِكَهَا، وَمَا أَتْلَفَتْهُ إلَّا مَا أَمْكَنَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ بِنَحْوِ مَا مَرَّ لِتَفْرِيطِهِ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا ضَمِنَهَا إنْ ضَاعَتْ وَضَمِنَ مَا تُتْلِفُهُ مِنْ زَرْعِ غَيْرِ مَالِكِهَا لِتَعَدِّيهِ وَلَوْ نَدَّ بَعِيرٌ وَأَتْلَفَ شَيْئًا، كَزَرْعٍ فَلَا ضَمَانَ وَكَذَا لَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ مِنْ يَدِهِ، أَوْ نَفَرَتْ الدَّوَابُّ عَلَى الرَّاعِي لِهَيَجَانِ رِيحٍ أَوْ ظُلْمَةٍ فِي النَّهَارِ فَلَا ضَمَانَ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَفَرَّقَتْ الدَّوَابُّ لِنَوْمِهِ أَوْ غَفْلَتِهِ أَوْ لِاشْتِغَالِهِ لِتَعَدِّيهِ. تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ الدَّابَّةِ الطُّيُورُ كَحَمَامٍ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ مَالِكُهُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا أَوْ الْتَقَطَ حَبًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ وَإِنْ جَازَ حَبْسُهُ مَعَ تَعَهُّدِهِ بِمَا يَحْتَاجُهُ، نَعَمْ إنْ أَرْسَلَهُ لِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ ضَمِنَهُ. فَرْعٌ: لَوْ حَمَلَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا وَأَشْرَفَ أَنْ يَقَعَ فِي مِلْكِهِ فَدَفَعَهُ مِنْ الْهَوَاءِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَهِرَّةٌ) وَمِثْلُهَا كُلُّ حَيَوَانٍ عَادٍ إلَّا الطُّيُورَ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهَا النَّحْلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ، فَلَا ضَمَانَ فِيمَا أَتْلَفَهُ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الْبُلْقِينِيِّ وَنَقَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ خِلَافَهُ. قَوْلُهُ: (عُهِدَ) وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً. قَوْلُهُ: (ضَمِنَ مَالِكُهَا) مَا لَمْ يُفَرِّطْ مَالِكُهُ وَالْمُرَادُ بِمَالِكِهَا ذُو الْيَدِ عَلَيْهَا وَلَوْ بِإِيوَاءٍ أَوْ لِنَحْوِ تَأْدِيبٍ. نَعَمْ إنْ انْفَلَتَتْ قَهْرًا فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ فِيهِ كَمَا مَرَّ. تَنْبِيهٌ: يُدْفَعُ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ وُجُوبًا وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ كَالصَّائِلِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ كَانَ يَنْدَفِعُ بِالزَّجْرِ، لَكِنَّهُ يَعُودُ وَيُتْلِفُ مَا دُفِعَ عَنْهُ مَعَ التَّغَافُلِ عَنْهُ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ جَازَ قَتْلُهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ حَالِ صِيَالِهِ لِأَنَّهُ لَا يُكَفُّ شَرُّهُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَرَاجِعْهُ. [كِتَابُ السِّيَرِ] ِ أَيْ الْجِهَادُ بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْيَاءِ جَمْعُ سِيرَةٍ بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، وَهِيَ لُغَةً الطَّرِيقَةُ أَوْ السُّنَّةُ أَوْ التَّتَبُّعُ أَوْ الذِّكْرُ الْحَسَنُ عِنْدَ النَّاسِ وَاصْطِلَاحًا مَا يُؤْخَذُ، بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَوْجِيهًا لِلتَّعْبِيرِ بِالسِّيَرِ الَّتِي لَيْسَ هَذَا مَحِلُّهَا وَإِنَّمَا الْمُنَاسِبُ هُنَا التَّعْبِيرُ بِالْجِهَادِ، وَالْكِتَابُ شَامِلٌ لِلْغَزَوَاتِ هِيَ مَا خَرَجَ فِيهَا بِنَفْسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ سِتًّا وَعِشْرِينَ وَقِيلَ سَبْعًا وَعِشْرِينَ وَرَجَحَ وَلَمْ يُقَاتِلْ بِنَفْسِهِ إلَّا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَهِيَ غَزْوَةُ أُحُدٍ وَقِيلَ: إنَّهُ قَاتَلَ فِي تِسْعٍ أَوْ أَكْثَرَ وَحُمِلَ عَلَى مَعْنَى عَزْمِهِ عَلَى الْقِتَالِ أَوْ عَلَى مَا لَوْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لَقَاتَلَ، وَلَمْ يَقْتُلْ بِنَفْسِهِ إلَّا وَاحِدًا وَهُوَ أُبَيّ بْنُ خَلَفٍ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ وَشَامِلٌ لِلْبُعُوثِ وَالسَّرَايَا، وَهِيَ مَا لَمْ يَخْرُجْ فِيهَا بِنَفْسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْهِجْرَةِ) أَمَّا قَبْلَهَا فَكَانَ مَمْنُوعًا مُطْلَقًا، وَلَهُ بَعْدَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُ أُبِيحَ لَهُ أَوَّلًا قِتَالُ مَنْ قَاتَلَهُ لَا الِابْتِدَاءُ بِهِ ثُمَّ أُبِيحَ لَهُ الِابْتِدَاءُ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، ثُمَّ أُبِيحَ لَهُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ إلَّا فِي الثَّالِثَةِ، فَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ إنَّهُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَيْهَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَبَعْدَ إبَاحَتِهِ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (فَرْضَ كِفَايَةٍ) وَقِيلَ: فَرْضَ عَيْنٍ. فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقِيَامَ بِفَرْضِ الْعَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْقِيَامِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ إلَخْ) أَوْ يَقُولُ فَرْضُ الْعَيْنِ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْخُرُوجِ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا عَيَّنَ شَخْصًا لِلْقِيَامِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ إنَابَةُ غَيْرِهِ فِيهِ وَلَا أَخْذُ أُجْرَةٍ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا بَعْدَهُ) لَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَصْوَبَ أَوْ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْحَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي عَهْدِهِ أَيْضًا.   [حاشية عميرة] كِتَابُ السِّيَرِ جَمْعُ سِيرَةٍ وَهِيَ الطَّرِيقَةُ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا الْبَابُ مَعَ قَسْمِ الْغَنَائِمِ تَتَدَاخَلُ فُصُولُهَا فَمَا نَقَصَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَلْيُطْلَبْ مِنْ الْآخَرِ، وَفِي الْحَدِيثِ «لَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» ، قَوْلُهُ: (فَرْضَ كِفَايَةٍ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَرْضُ كِفَايَةٍ فِيمَا لَمْ يَغْزُ فِيهِ بِنَفْسِهِ، وَفَرْضُ عَيْنٍ فِيمَا غَزَا فِيهِ بِنَفْسِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْأَنْصَارِ دُونَ غَيْرِهِمْ، قَوْلُهُ: (وَأَمَّا بَعْدَهُ إلَخْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 214 كَمَا هُوَ شَأْنُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ إنَّهُ عَلَى الْجَمِيعِ (وَمِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ الْقِيَامُ بِإِقَامَةِ الْحُجَجِ) الْعِلْمِيَّةِ (وَحَلُّ الْمُشْكِلَاتِ فِي الدِّينِ) وَدَفْعُ الشُّبَهِ (وَ) الْقِيَامُ، (بِعُلُومِ الشَّرْعِ كَتَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ) بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا (وَالْفُرُوعِ) الْفَقِيهُ (بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ) وَالْإِفْتَاءُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا وَعَرَّفَ الْفُرُوعَ دُونَ مَا قَبْلَهُ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ، وَأَسْقَطَ مِنْ الْمُحَرَّرِ الْفَتْوَى. (وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ) أَيْ الْأَمْرُ بِوَاجِبَاتِ الشَّرْعِ وَالنَّهْيُ عَنْ مُحَرَّمَاتِهِ، (وَإِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ كُلَّ سَنَةٍ بِالزِّيَارَةِ) بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ وَالِاعْتِمَارِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بَدَلُ الزِّيَارَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ (وَدَفْعُ ضَرَرِ الْمُسْلِمِينَ، كَكِسْوَةِ عَارٍ وَإِطْعَامِ جَائِعٍ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ بِزَكَاةٍ وَبَيْتِ مَالٍ) مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (يَجِبُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً) وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَيَقَعُ الزَّائِدُ فَرْضَ كِفَايَةٍ، كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ السُّبْكِيّ، وَكَمَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَيَجُوزُ تَرْكُ الْمَرَّةِ لِعُذْرٍ كَضَعْفٍ بِنَا أَوْ رَجَاءَ إسْلَامِهِمْ. قَوْلُهُ: (إذَا فَعَلَهُ إلَخْ) وَيُغْنِي عَنْ ذَلِكَ أَنْ يُشْحِنَ الْإِمَامُ الثُّغُورَ بِمُكَافِئِينَ مَعَ إحْكَامِ الْحُصُونِ، أَيْ الثُّغُورِ وَتَقْلِيدِ الْأُمَرَاءِ ذَلِكَ أَوْ بِأَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ دَارَ الْكُفَّارِ بِالْجُيُوشِ لِقِتَالِهِمْ فَأَحَدُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ كَافٍ عَنْ الْفِعْلِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مَنْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ) وَلَوْ مِنْ صِبْيَانٍ وَأَرِقَّاءٍ وَنِسَاءٍ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ نِكَايَةً لِلْكُفَّارِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ فِي إحْيَاءِ الْكَعْبَةِ فِي الْحَجِّ وَرَدِّ السَّلَامِ وَنَحْوِهِمَا. قَوْلُهُ: (سَقَطَ الْحَرَجُ) أَيْ الْإِثْمُ عَنْ الْبَاقِينَ، فَيَأْثَمُ الْجَمِيعُ بِتَرْكِهِ حَيْثُ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (الْحُجَجِ الْعِلْمِيَّةِ) وَهِيَ الْبَرَاهِينُ عَلَى إثْبَاتِ الصَّانِعِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ الصِّفَاتِ وَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ مِنْهَا، وَعَلَى إثْبَاتِ النُّبُوَّاتِ لِلْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَعَلَى إثْبَاتِ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مِنْ الْمَعَادِ وَالْحِسَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَحَلُّ الْمُشْكِلَاتِ) أَيْ الْأُمُورِ الْخَفِيَّةِ الْمُدْرِكُ لِقُوَّتِهِ. قَوْلُهُ: (وَدَفْعُ الشُّبَهِ) وَهِيَ أُمُورٌ بَاطِلَةٌ تَشْتَبِهُ بِالْحَقِّ. قَوْلُهُ: (بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا) أَيْ مِنْ عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَالْعَرَبِيَّةُ تَنْقَسِمُ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ عِلْمًا: اللُّغَةُ وَالصَّرْفُ وَالِاشْتِقَاقُ وَالنَّحْوُ وَالْمَعَانِي، وَالْبَيَانُ وَالْعَرُوضُ وَالْقَافِيَةُ وَالْخَطُّ وَقَرْضُ الشِّعْرِ، وَإِنْشَاءُ الرَّسَائِلِ، وَالْخُطَبُ وَالْمُحَاضَرَاتُ، وَمِنْهُ التَّوَارِيخُ وَأَمَّا الْبَدِيعُ فَهُوَ ذَيْلُ الْبَلَاغَةِ. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَالْإِفْتَاءِ) بِأَنْ يَكُونَ مَعَهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّرْجِيحِ دُونَ الِاسْتِنْبَاطِ فَهُوَ مُجْتَهِدُ الْفَتْوَى، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ مِنْ قَوَاعِدِ إمَامِهِ وَضَوَابِطِهِ، فَهُوَ مُجْتَهِدُ الْمَذْهَبِ أَوْ عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَهُوَ الْمُجْتَهِدُ الْمُطْلَقُ وَهَذَا قَدْ انْقَطَعَ مِنْ نَحْوِ الثَّلَاثِمِائَةِ لِغَلَبَةِ الْبَلَادَةِ عَلَى النَّاسِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُجْتَهِدِ حُرِّيَّةٌ، وَلَا ذُكُورَةٌ وَلَا عَدَالَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ، وَيَجِبُ تَعَدُّدُ الْمُفْتِي بِحَيْثُ يَكُونُ فِي كُلِّ مَسَافَةِ قَصْرٍ وَاحِدٌ، وَتَعَدُّدُ الْقَاضِي بِحَيْثُ يَكُونُ فِي كُلِّ مَسَافَةِ عَدْوَى وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (لَمَّا ذَكَرَهُ بَعْدُ) وَهُوَ بِحَيْثُ إلَخْ وَهِيَ عَطْفٌ عَلَى تَفْسِيرٍ وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى عُلُومٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ لِمَا لَا يَخْفَى. قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ الْفَتْوَى، وَلَعَلَّهُ اسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْقَضَاءِ عَنْهَا. فَائِدَةٌ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَالْجِهَادِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَمْرُ إلَخْ) وَلَا يُنْكَرُ إلَّا عَلَى فَاعِلٍ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ، وَلَا عُذْرَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ الْمُنْكِرُ التَّحْرِيمَ، وَيَعْمَلُ الْحَاكِمُ بِعَقِيدَتِهِ فَيُعَزِّرُ شَافِعِيٌّ حَنَفِيًّا رُفِعَ إلَيْهِ فِي شُرْبِ نَبِيذٍ مُسْكِرٍ وَشَرْطُ وُجُوبِ الْأَمْرِ سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ، وَلَوْ فِي الْعِرْضِ وَعَدَمِ جَرَاءَةِ الْفَاعِلِ، وَارْتِكَابُهُ أَقْوَى مِمَّا أَنْكَرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَلِلْمُحْتَسِبِ الْإِنْكَارُ عَلَى فَاعِلِ الْمَكْرُوهِ، وَتَارِكُ الْمَنْدُوبِ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ) أَيْ بِجَمْعٍ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ مِمَّنْ هُمْ أَهْلٌ لِلْفَرْضِ لَا غَيْرُهُمْ، وَاكْتَفَى الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيِّ بِوَاحِدٍ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَائِدَةٌ: عَدَدُ الْحُجَّاجِ فِي كُلِّ عَامٍ سِتُّونَ أَلْفًا فَإِنْ نَقَصُوا كُمِّلُوا مِنْ الْمَلَائِكَةِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُؤْتَى بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ الزِّيَارَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَكْفِي نَحْوُ صَلَاةٍ وَاعْتِكَافٍ وَلَا حَجٍّ مِنْ غَيْرِ اعْتِمَارٍ أَوْ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (وَدَفْعُ ضَرَرِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ كُلِّ مُسْلِمٍ مِنْ الْمَعْصُومِينَ وَكَذَا كَافِرٌ مَعْصُومٌ.   [حاشية عميرة] الْحَالَ الثَّانِي، كَانَتْ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ) اُحْتُرِزَ عَنْ الْقَدْرِ الضَّرُورِيِّ فَإِنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ، قَوْلُهُ: (وَالْإِفْتَاءِ) يُرِيدُ أَنَّ الْقَاضِي يَرْجِعُ إلَيْهِ النَّاسُ فِي فَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَالْمُفْتِي يُرَادُ لِغَرَضٍ آخَرَ، فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِأَحَدِهِمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَاَلَّذِي فَهِمْتُهُ مِنْ كَلَامِهِمْ عَدَمُ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْمُجْتَهِدِ الْمُقَيَّدِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ بِذَلِكَ الْفَرْضِ الْفَتْوَى وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ فِي إحْيَاءِ تِلْكَ الْعُلُومِ الَّتِي يَسْتَمِدُّ مِنْهَا الْمُفْتِي. قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَ مِنْ الْمُحَرَّرِ) فَاعِلُهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَعَرَّفَ، قَوْلُهُ: (أَيْ الْأَمْرُ بِوَاجِبَاتِ الشَّرْعِ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا سَلَفَ مِنْ أَنَّ دَفْعَ الصَّائِلِ عَنْ غَيْرِ النَّفْسِ وَالْبُضْعِ جَائِزٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَقَدْ تَعَرَّضْنَا لِلْجَوَابِ فِي الْوَرَقَةِ السَّابِقَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالدَّفْعُ عَنْ غَيْرِهِ كَهُوَ عَنْ نَفْسِهِ، قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ ظُهُورَ الشِّعَارِ بِذَلِكَ فَلَا يَكْفِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 مِنْهُ، وَهَذَا فِي حَقِّ أَهْلِ الثَّرْوَةِ، (وَتَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا (وَالْحِرَفُ وَالصَّنَائِعُ وَمَا تَتِمُّ بِهِ الْمَعَايِشُ) كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْحِرَاثَةِ، (وَجَوَابُ سَلَامٍ عَلَى جَمَاعَةٍ) فَيَكْفِي مِنْ أَحَدِهِمْ (وَسُنَّ ابْتِدَاؤُهُ) . أَيْ السَّلَامِ عَلَى مُسْلِمٍ (لَا عَلَى قَاضِي حَاجَةٍ وَآكِلٍ و) كَائِنٍ (فِي حَمَّامٍ) ،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (كَكُسْوَةِ عَارٍ) بِمَا يَقِي بَدَنَهُ عَمَّا يَضُرُّهُ مِنْ نَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ. قَوْلُهُ: (وَإِطْعَامِ جَائِعٍ) بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ. قَوْلُهُ: (بِزَكَاةٍ) أَوْ بِنَذْرٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ قَوْلُهُ: (أَهْلِ الثَّرْوَةِ) أَيْ الْمَالِ بِأَنْ يَمْلِكُ مَا يَبْذُلُهُ زِيَادَةً عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ فَقَطْ لَا الْعُمْرَ الْغَالِبُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ. وَيُقَدِّمُ حَاجَةَ مُسْلِمٍ عَلَى كَافِرٍ وَكَالْكُسْوَةِ وَالْإِطْعَامِ أُجْرَةُ طَبِيبٍ وَثَمَنُ دَوَاءٍ لِمَرِيضٍ وَخَادِمٌ لِمُنْقَطِعٍ وَحَمْلُ عَاجِزٍ عَنْ الْمَشْيِ، وَحَمْلُ مَتَاعِ عَاجِزٍ عَنْ حَمْلِهِ وَيَحْرُمُ الْمَنْعُ عَلَى مَنْ سُئِلَ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ دَفْعًا لِلتَّوَاكُلِ. قَوْلُهُ: (وَتَحَمُّلُ شَهَادَةٍ) أَيْ إذَا حَضَرَ مَحِلُّ التَّحَمُّلِ أَوْ دَعَاهُ مَعْذُورُ جُمُعَةٍ أَوْ امْرَأَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالصَّنَائِعِ) عَطْفٌ خَاصٌّ عَلَى الْحِرَفِ لِأَنَّ الصِّنَاعَةَ مَا كَانَتْ بِآلَةٍ وَالْحِرْفَةُ أَعَمُّ مِنْهَا، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْحِرَافِ الشَّخْصِ إلَيْهَا لِأَجْلِ الْكَسْبِ غَالِبًا كَمَا مَرَّ فِي الْكَفَّارَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَا تَتِمُّ بِهِ الْمَعَايِشُ) أَيْ مَا بِهِ قَوَامُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُرَادِفٌ، قَوْلُهُ: (وَجَوَابِ سَلَامٍ) أَيْ مَطْلُوبُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِصِيغَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَلَوْ مِنْ مُصَلٍّ عُلِمَ قَصْدُهُ بِهِ أَوْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لِقَادِرٍ عَلَيْهَا، فَخَرَجَ جَوَابُ أُنْثَى مُشْتَهَاةٍ لِرَجُلٍ لَيْسَ بَيْنَهُمَا، نَحْوُ مَحْرَمِيَّةٍ فَلَا يَجِبُ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الرَّدُّ كَالِابْتِدَاءِ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ لَهُ الرَّدُّ وَالِابْتِدَاءُ عَلَيْهَا وَيَجُوزُ فِي نَحْوِ الْعَجُوزِ بِلَا كَرَاهَةٍ وَيُنْدَبُ فِي نَحْوِ الْمُحْرِمِ، وَيَحْرُمُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْخُنْثَيَيْنِ مَعَ الْآخَرِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا وَالْخُنْثَى مَعَ الرَّجُلِ كَالْأُنْثَى، وَمَعَ الْأُنْثَى كَالرَّجُلِ وَخَرَجَ جَوَابُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاؤُهُ بِهِ حَتَّى لَوْ عُلِمَ كُفْرُهُ بَعْدَ سَلَامِهِ عَلَيْهِ وَجَبَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَنُدِبَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي، وَلَوْ بِالسَّعْيِ خَلْفَهُ وَأَمَّا عَكْسُهُ بِأَنْ سَلَّمَ الْكَافِرُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَوْ بِصِيغَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَيَجِبُ الرَّدُّ لَكِنْ بِصِيغَةِ، وَعَلَيْكُمْ فَقَطْ بِالْوَاوِ أَوْ بِدُونِهَا وَبِالْمِيمِ وَدُونِهَا وَخَرَجَ نَحْوُ: سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَوْ السَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا أَوْ مَوْلَانَا أَوْ السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَوْ السَّلَامُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ لِعَدَمِ الصِّيغَةِ الشَّرْعِيَّةِ. وَكَذَا وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ لَا يَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ لِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ صِيغَتَهُ الْمَطْلُوبَةَ ابْتِدَاءً السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامِي عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَصِيغَتُهُ كَذَلِكَ رَدًّا، وَعَلَيْهِمْ السَّلَامُ أَوْ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ تَكْفِي فِي الِابْتِدَاءِ أَيْضًا، فَلَوْ ذَكَرَهَا شَخْصَانِ مَعًا تَلَاقَيَا وَجَبَ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْصِدْ الرَّدَّ مِنْهُمَا أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْآخَرِ، وَيُنْدَبُ ذِكْرُ الْمِيمِ فِي الْوَاحِدِ وَزِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ابْتِدَاءً وَرَدًّا، وَخَرَجَ نَحْوُ الْآكِلِ مِمَّنْ يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلَى جَمَاعَةٍ) وَهُوَ قَيْدٌ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِمْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَلَا يَكْفِي رَدُّ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ مِنْهُمْ وَلَا رَدُّ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ عَنْهُمْ، وَلَوْ مُكَلَّفًا وَجَوَابُ الْوَاحِدِ فَرْضُ عَيْنٍ، وَيَكْفِي جَوَابُ وَاحِدٍ لِجَمَاعَةٍ سَلَّمُوا وَلَوْ مُرَتَّبًا إذَا لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ سَوَاءٌ قَصَدَهُمْ أَوْ أَطْلَقَ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ ابْتِدَاؤُهُ) وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ إجَابَتِهِ لَا إنْ عَلِمَهُ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الرَّدِّ الْوَاجِبِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ فِيهِمَا، وَمِثْلُهُ إبْرَاءُ الْمُعْسِرِ وَإِنْظَارُهُ وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لَهُمَا ثَالِثًا فِي الصَّلَاةِ بِالسِّوَاكِ فِي جَوَابٍ إشْكَالٌ فِيهِ وَالْأَوْلَى فِيهِ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَارِّ عَلَى غَيْرِهِ وَمِنْ رَاكِبِ الْبَعِيرِ عَلَى رَاكِبِ الْفَرَسِ، وَمِنْهُ عَلَى رَاكِبِ الْحِمَارِ وَمِنْهُ عَلَى الْمَاشِي وَمِنْهُ عَلَى الْجَالِسِ، وَنَحْوِهِ. وَشَمِلَ الِابْتِدَاءُ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالْكِتَابَةِ لِنَحْوِ غَائِبٍ أَوْ بِإِشَارَةٍ حَتَّى لِلْأَخْرَسِ، وَيَجِبُ اتِّصَالُ الْجَوَابِ بِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَيَجِبُ مَعَهُ الْإِشَارَةُ لِنَحْوِ أَصَمَّ وَلَا عِبْرَةَ بِإِشَارَةِ نَاطِقٍ ابْتِدَاءً، وَلَا رَدًّا وَلَا بِلَفْظِ السَّلَامِ وَحْدَهُ أَوْ لَفْظِ عَلَيْكُمْ وَحْدَهُ، كَذَلِكَ وَلَا يُقَدِّمُ الْخِطَابَ فِيهِمَا إلَّا فِي تَبْلِيغِ رِسَالَةٍ، بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَبَلِّغْهُ لَهُ فَإِذَا قَالَ لَهُ فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنْ قَالَ لَهُ: سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ حَمَّلْتُك السَّلَامَ عَلَى فُلَانٍ وَجَبَ عَلَى الرَّسُولِ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْك مِنْ فُلَانٍ، وَلَا يَكْفِي فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك، وَيَجِبُ الرَّدُّ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْك السَّلَامُ أَوْ عَلَيْك وَعَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمَا السَّلَامُ، وَلَا يَكْفِي غَيْرُ ذَلِكَ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ.   [حاشية عميرة] وَاحِدٌ وَاثْنَانِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (كَكُسْوَةِ عَارٍ) أَيْ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يَكْفِي سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَيَخْتَلِفُ الْحَالُ شِتَاءً وَصَيْفًا، ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الِاكْتِفَاءُ بِسَدِّ الضَّرُورَةِ دُونَ الِارْتِقَاءِ إلَى كِفَايَةِ الْحَاجَةِ. فَرْعٌ: يَجِبُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فَكُّ الْأَسْرَى وَلَا يَجِبُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (وَبَيْتِ الْمَالِ) لَوْ كَانَ فِيهِ وَلَكِنْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ كَانَ كَالْعَدَمِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ، حِينَئِذٍ فَرْضًا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إذَا اسْتَأْذَنَ الْإِمَامُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ. قَوْلُهُ: (وَتَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ) أَيْ إذَا حَضَرَ الْمُتَحَمَّلُ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ الطَّالِبُ قَاضِيًا أَوْ مَعْذُورًا. قَوْلُهُ: (وَأَدَاؤُهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْمُتَحَمِّلَيْنِ فَقَطْ بِخِلَافِ التَّحَمُّلِ. قَوْلُهُ: (وَجَوَابِ سَلَامٍ) هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ: (وَنَفَقَة) ذَهَابًا وَإِيَابًا وَكَذَا إقَامَةٌ وَيَكْفِي فِي تَقْدِيرِهَا غَلَبَةُ الظَّنِّ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ قُلْتُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 216 يَتَنَظَّفُ لِأَنَّ أَحْوَالَهُمْ لَا تُنَاسِبُهُ، (وَلَا جَوَابَ عَلَيْهِمْ) لَوْ أَتَى بِهِ لِعَدَمِ سَنِّهِ،. (وَلَا جِهَادَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا، (وَامْرَأَةٍ) لِضَعْفِهَا عَنْ الْقِتَالِ (وَمَرِيضٍ) يَتَعَذَّرُ قِتَالُهُ أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً وَلَا عِبْرَةَ بِالصُّدَاعِ وَالْحُمَّى الْخَفِيفَةِ، (وَذِي عَرَجٍ بَيِّنٍ) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوبِ وَلَا عِبْرَة بِيَسِيرٍ لَا يَمْنَعُ الْمَشْيَ، (وَأَقْطَعَ وَأَشَلَّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الضَّرْبِ (وَعَبْدٍ) ، وَإِنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ (وَعَادِمِ أُهْبَةِ قِتَالٍ) مِنْ سِلَاحٍ وَنَفَقَةٍ وَرَاحِلَةٍ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ فَاضِلُ جَمِيعِ ذَلِكَ عَنْ نَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا فِي الْحَجِّ (وَكُلُّ عُذْرٍ مَنَعَ وُجُوبَ الْحَجِّ مَنَعَ الْجِهَادَ) ، أَيْ وُجُوبَهُ (وَإِلَّا خَوْفَ طَرِيقٍ مِنْ كُفَّارٍ وَكَذَا مِنْ لُصُوصِ مُسْلِمِينَ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ فَإِنَّ الْخَوْفَ الْمَذْكُورَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِهَادِ لِبِنَائِهِ عَلَى مُصَادَمَةِ الْمَخَاوِفِ وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ يُقَيِّدُهَا بِالْكُفَّارِ. (وَالدَّيْنُ الْحَالُّ) عَلَى مُوسِرٍ (يَحْرُمُ سَفَرُ جِهَادٍ وَغَيْرِهِ) بِالْجَرِّ (إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا وَلَهُ مَنْعُهُ السَّفَرَ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ، وَقِيلَ لَهُ مَنْعُهُ لِأَنَّهُ يَرْجُو أَنْ يُوسِرَ فَيُؤَدِّي وَفِي الْجِهَادِ خَطَرُ الْهَلَاكِ، وَلَوْ اسْتَنَابَ الْمُوسِرُ مَنْ يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ جَازَ لَهُ السَّفَرُ، (وَالْمُؤَجَّلُ لَا) يُحْرَمُ السَّفَرَ فَلَا يَمْنَعُهُ رَبُّ الدَّيْنِ (وَقِيلَ: يُمْنَعُ سَفَرًا مَخُوفًا) كَسَفَرِ الْجِهَادِ وَرُكُوبِ الْبَحْرِ، (وَيَحْرُمُ) عَلَى الرَّجُلِ (جِهَادٌ إلَّا بِإِذْنِ أَبَوَيْهِ إنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ) ، وَلَوْ كَانَ الْحَيُّ أَحَدَهُمَا فَقَطْ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهِ أَيْضًا (لَا سَفَرَ تَعَلُّمِ فَرْضِ عَيْنٍ) فَإِنَّهُ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِمَا. (وَكَذَا كِفَايَةٍ فِي الْأَصَحِّ) كَطَلَبِ دَرَجَةِ الْفَتْوَى، وَالثَّانِي يَقِيسُهُ عَلَى الْجِهَادِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِخَطَرِ الْهَلَاكِ فِي الْجِهَادِ (فَإِنْ أَذِنَ أَبَوَاهُ وَالْغَرِيمُ) فِي الْجِهَادِ (ثُمَّ رَجَعُوا) بَعْدَ خُرُوجِهِ وَعَلِمَ بِهِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الرُّجُوعُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ الصَّفَّ) إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (عَلَى مُسْلِمٍ) تَقَدَّمَ مَفْهُومُهُ قَوْلُهُ: (وَآكِلٍ) بِالْمَدِّ أَيْ مُتَلَبِّسٌ بِالْأَكْلِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ حَالَةَ بَلْعِهِ أَوْ مَضْغِهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ بَلْعِ لُقْمَةٍ وَقَبْلَ وَضْعِ أُخْرَى. قَوْلُهُ: (يَتَنَظَّفُ) خَرَجَ غَيْرُ الْمُتَنَظِّفِ وَمَنْ بِمَسْلَخَةٍ قَوْلُهُ: (وَلَا جَوَابَ عَلَيْهِمْ) بَلْ يُكْرَهُ لِقَاضِي الْحَاجَةِ وَمِثْلُهُ الْمُجَامِعُ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ سِنِّهِ) قَضِيَّةُ هَذَا عَدَمُ وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَى فَاسِقٍ لِعَدَمِ نَدْبِهِ عَلَيْهِ، وَعَلَى مُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ لِكَرَاهَتِهِ عَلَيْهِ وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا وُجُوبُ الرَّدِّ فَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ أَوْ الْأَصْلِ قَوْلُهُ:. (وَلَا جِهَادَ) أَيْ وَاجِبٌ أَوْ جَائِزٌ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَامْرَأَةٍ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى وَالْكَافِرُ، قَوْلُهُ: (وَأَقْطَعَ) يَدًا أَوْ رِجْلًا قَوْلُهُ: (وَأَشَلَّ) يَدًا أَوْ رِجْلًا وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى الْأَعْمَى وَفَاقِدِ الْأَصَابِعِ مِنْ إحْدَى الْيَدَيْنِ قَالَ فِي الْعُبَابِ وَكَذَا فَاقِدُ أَكْثَرِ أَنَامِلِ يَدِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَبْدٍ) أَيْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا وَيَحْرُمُ أَيْضًا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، قَوْلُهُ: (وَعَادِمِ أُهْبَةِ) وَلَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ فَرَاغِهَا وَلَوْ مِنْ الصَّفِّ مَا لَمْ يَلْزَمْ فَشَلُ الْمُسْلِمِينَ، وَسَوَاءٌ سَفَرُ الْقَصْرِ وَدُونَهُ فِيمَا ذُكِرَ إلَّا فِي عَدَمِ الْمَرْكُوبِ فَيُعْتَبَرُ كَوْنُ السَّفَرِ سَفَرَ قَصْرٍ. قَوْلُهُ: (وَالدَّيْنُ الْحَالُّ) وَإِنْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ أَوْ كَانَ قَلِيلًا كَدِرْهَمٍ. قَوْلُهُ: (يَحْرُمُ سَفَرُ جِهَادٍ) وَكَذَا الْجِهَادُ أَيْضًا وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ لِعِلْمِهِ بِالْأُولَى، لِأَنَّهُ أَشَدُّ خَوْفًا مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالسَّفَرِ هُنَا مَا يَجُوزُ فِيهِ النَّفَلُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ فَلَعَلَّهُ بَعِيدٌ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ) أَوْ بِعِلْمِ رِضَاهُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ مَنْعُهُ) وَإِنْ حَدَثَ الدَّيْنُ فِي السَّفَرِ نَعَمْ لَا يَحْرُمُ دَوَامُهُ بِغَيْرِ مَنْعٍ بَعْدَ الْحُدُوثِ فِيهِ، وَكَالدَّيْنِ الْحَالِّ مُؤْنَةُ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ وَاجِبَةٌ، وَإِنْ سَلَّمَ مُؤْنَةَ يَوْمِ سَفَرِهِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَا يَحْرُمُ فِي يَوْمِ سَلَّمَ مُؤْنَتَهُ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَالْمُؤَجَّلُ لَا يُحْرَمُ السَّفَرَ) وَإِنْ قَصُرَ الْأَجَلُ وَلَهُ الْمَنْعُ بَعْدَ حُلُولِهِ فِي أَثْنَاءِ السَّفَرِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ مَحِلُّ الْوُجُوبِ وَبِهِ يُعْلَمُ الْحُرْمَةُ عَلَى غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (جِهَادٍ) أَيْ نَفْسِهِ وَسَفَرِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ فَلَيْسَ سَاكِتًا عَنْهُ، كَمَا قِيلَ وَسَوَاءٌ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ السَّفَرُ الطَّوِيلُ وَالْقَصِيرُ حَيْثُ كَانَ مَخُوفًا، وَيُعْتَبَرُ فِي الطَّوِيلِ الْإِذْنِ وَلَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ أَيْضًا وَالْقَصِيرُ أَقَلُّ مَا يَحِلُّ فِيهِ التَّنَفُّلُ عَلَى الدَّابَّةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِ أَبَوَيْهِ) وَكَذَا بَقِيَّةُ أُصُولِهِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ) خَرَجَ الْكَافِرُ مِنْ أُصُولِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِهَادِ فَهُوَ فِي غَيْرِهِ كَالْمُسْلِمِ، وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ سَفَرِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَحُدُوثِ الدَّيْنِ فَيُمْنَعُ كَمَا تَقَدَّمَ وَشَمِلَ الْأَصْلُ الْحُرَّ وَالرَّقِيقَ وَالْمُرَادُ بِالْوَلَدِ الْحُرُّ وَالْمُبَعَّضُ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُبَعَّضِ إذْنُ سَيِّدِهِ أَيْضًا، وَيُعْتَبَرُ فِي الرَّقِيقِ إذْنُ سَيِّدِهِ فَقَطْ. فَلَهُ: (لَا سَفَرُ تَعَلُّمِ فَرْضِ عَيْنٍ) وَكَذَا كِفَايَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَا يَحْرُمُ السَّفَرُ لَهُمَا وَلَوْ نَحْوَ صَنْعَةٍ وَمِثْلُهُمَا آلَتُهُمَا. قَوْلُهُ: (جَائِزٌ) أَيْ إنْ أَمِنَ الطَّرِيقَ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَلَيْسَ فِي بَلَدِهِ مِنْ يُغْنِيهِ، وَيُعْتَبَرُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا وَلَيْسَ أَمْرَدَ جَمِيلًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَذِنَ أَبَوَاهُ) أَيْ جَمِيعُ أُصُولِهِ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (وَالْغَرِيمُ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ خُرُوجِهِ) قَيَّدَهُ بِهِ لِمُنَاسَبَةِ مَا بَعْدَهُ فَقَبْلَهُ يَمْتَنِعُ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا ذَاتًا وَمَنْفَعَةً وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْإِقَامَةُ فِي طَرِيقِهِ فِي مَحِلٍّ إلَى رُجُوعِ مَنْ يَأْمَنُ مَعَهُ لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ الْمُضِيُّ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَالِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ حَضَرَ) قَيَّدَ بِهِ لِمُنَاسَبَةِ الْمَقَامِ وَإِلَّا فَالشُّرُوعُ وَلَوْ بِلَا سَفَرٍ كَذَلِكَ.   [حاشية عميرة] بَحْثًا وَهُوَ ظَاهِرٌ قَوْلُهُ: (مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) أَيْ حِينَ يَحْضُرُ قَوْلُهُ: (سَفَرُ جِهَادٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُمْنَعُ الْجِهَادَ كَمَا يُمْنَعُ السَّفَرَ لِلْجِهَادِ لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِي فَرْقٌ بَيْنَ لَفْظِ السَّفَرِ هُنَا وَإِسْقَاطِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْأُصُولِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (قِيلَ: وَإِنْ كَفَوْا) قَالَ الْإِمَامُ هَذَا يَلْزَمُهُ الْإِيجَادُ عَلَى كُلِّ الْأُمَّةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 أَوْ مَالِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ (فَإِنْ) حَضَرَ وَ (شَرَعَ فِي قِتَالٍ) ثُمَّ عَلِمَ الرُّجُوعَ، (حَرُمَ الِانْصِرَافُ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ بَلْ يَجِبُ وَالثَّالِثُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الِانْصِرَافِ وَالْمُصَابَرَةِ وَالْخِلَافُ فِي الرَّوْضَةِ أَوْجُهٌ وَفِي أَصْلِهَا أَقْوَالٌ أَوْ أَوْجُهٌ، (الثَّانِي) مِنْ حَالِ الْكُفَّارِ (يَدْخُلُونَ بَلْدَةً لَنَا فَيَلْزَمُ) أَهْلَهَا الدَّفْعُ بِالْمُمْكِنِ فَإِنْ أَمْكَنَ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ وَجَبَ الْمُمْكِنُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ (حَتَّى عَلَى فَقِيرٍ وَوَلَدٍ وَمَدِينٍ وَعَبْدٍ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَرَبِّ الدَّيْنِ وَالسَّيِّدِ، (وَقِيلَ: إنْ حَصَلَتْ مُقَاوَمَةٌ بِأَحْرَارٍ اُشْتُرِطَ) فِي الْعَبْدِ (إذْنُ سَيِّدِهِ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَالنِّسْوَةُ إنْ كَانَ فِيهِنَّ قُوَّةُ دِفَاعٍ كَالْعَبِيدِ، وَإِلَّا فَلَا يَحْضُرْنَ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ، (فَمَنْ قَصَدَ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمُمْكِنِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ أُخِذَ قُتِلَ) يَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْأَعْمَى وَالْأَعْرَجُ وَالْمَرِيضُ، (وَإِنْ جُوِّزَ الْأَسْرُ) وَالْقَتْلُ (فَلَهُ أَنْ يَسْتَسْلِمَ) وَأَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ (وَمَنْ هُوَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْبَلْدَةِ كَأَهْلِهَا) ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَجِيءَ إلَيْهِمْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ، وَكَذَا إنْ كَانَ فِي الْأَصَحِّ مُسَاعَدَةٌ لَهُمْ (وَمَنْ) هُمْ (عَلَى الْمَسَافَةِ يَلْزَمُهُمْ الْمُوَافَقَةُ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ إنْ لَمْ يَكْفِ أَهْلُهَا وَمَنْ يَلِيهِمْ قِيلَ وَإِنْ كُفُوا) يَلْزَمُهُمْ الْمُوَافَقَةُ مُسَاعَدَةً لَهُمْ (وَلَوْ أَسَرُوا مُسْلِمًا فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ النُّهُوضِ إلَيْهِمْ لِخَلَاصِهِ إنْ تَوَقَّعْنَاهُ) كَمَا يُنْهَضُ إلَيْهِمْ فِي دُخُولِهِمْ دَارَ الْإِسْلَامِ لِدَفْعِهِمْ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الدَّارِ، وَالثَّانِي قَالَ إزْعَاجُ الْجُنُودِ لِخَلَاصِ أَسِيرٍ بَعِيدٌ. . فَصْلٌ (يُكْرَهُ غَزْوٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ) . الْأَمِيرِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ (وَيُسَنُّ إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ وَيَأْخُذَ الْبَيْعَةَ) ، عَلَيْهِمْ (بِالثَّبَاتِ) وَيَأْمُرَهُمْ بِطَاعَةِ الْأَمِيرِ وَيُوصِيهِ بِهِمْ لِلِاتِّبَاعِ (وَلَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِكُفَّارٍ تُؤْمَنُ خِيَانَتُهُمْ) أَهْلِ ذِمَّةٍ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: هَذَا الْخِلَافُ وَالتَّفْصِيلُ خَاصٌّ بِالْفَرْعِ وَالْمَدِينِ، كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَغَيْرُهُمَا لَهُ الرُّجُوعُ وَالِانْصِرَافُ مُطْلَقًا إلَّا مَعَ الْفَشَلِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ آنِفًا. قَوْلُهُ: (بَلْدَةً لَنَا) هُمَا مِثَالٌ إذْ غَيْرُ الْبَلَدِ كَالْجَبَلِ وَالْخَرَابُ الْقَرِيبُ مِنْهَا كَذَلِكَ، وَبِلَادُ الذِّمِّيِّينَ كَبِلَادِنَا لِأَنَّهُ يَلْزَمُنَا الذَّبُّ عَنْهُمْ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (إنْ عُلِمَ إلَخْ) أَوْ لَمْ تَأْمَنْ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْأَمْرَدِ فَاحِشَةً لَوْ أَخْذًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ جَوَّزَ إلَخْ) أَوْ أَمِنَ مِنْ ذِكْرِ الْفَاحِشَةِ وَلَوْ حَالَ الْقِتَالِ، وَلَهُ الدَّفْعُ إذَا أُرِيدَتْ مِنْهُ بَعْدَ الْأَسْرِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ أَنْ يَسْتَسْلِمَ) لِأَنَّهُ قَدْ أَمِنَ الْمَحْذُورَ الْآنَ وَقَدْ يَسْتَمِرُّ وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ صَالَ عَلَيْهِ كَافِرٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْكَلَامُ فِيمَنْ يَلْزَمُهُ الْجِهَادُ ابْتِدَاءً وَلَيْسَ لِمَنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ تَأْخِيرٌ لِتَرَقُّبِ خُرُوجِ غَيْرِهِ بِلَا خِلَافٍ، قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ) فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي حَقِّهِمْ وَفِيمَنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ بِمَا عَلِمْت،. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَسَرُوا مُسْلِمًا فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ النُّهُوضِ إلَيْهِمْ) وَلَوْ عَلَى رَقِيقٍ وَنَحْوِهِ بِلَا إذْنٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَوَقَّعْنَاهُ) أَيْ خَلَاصَهُ وَإِلَّا كَأَنْ تَوَغَّلُوا فِي بِلَادِهِمْ تَرَكْنَاهُ لِلضَّرُورَةِ. [فَصْلٌ الْغَزْو بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ] فَصْلٌ فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ وَمَنْ يُكْرَهُ لَهُ وَمَا يَجُوزُ أَوْ يُسَنُّ فِعْلُهُ بِهِمْ، وَمَنْ يَحْرُمُ قَتْلُهُ مِنْهُمْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ وَالْغَزْوُ لُغَةً الطَّلَبُ، لِأَنَّ الْغَازِي يَطْلُبُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَاصْطِلَاحًا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (يُكْرَهُ) أَيْ فِي الْمُتَطَوِّعَةِ وَيَحْرُمُ فِي الْمُرْتَزِقَةِ بِلَا إذْنٍ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْغَزْوِ لَكِنْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ وَجُنْدُهُ بِإِقْبَالِهِمْ عَلَى الدُّنْيَا أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ فِيهِ أَوْ كَانَ انْتِظَارُ الْإِذْنِ يُفَوِّتُ مَقْصُودًا لَمْ يُكْرَهْ بِغَيْرِ إذْنِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ أَنْ يُؤْمَرَ إلَخْ) نَعَمْ إنْ لَزِمَ عَلَى عَدَمِ الْإِمَارَةِ خَلَلٌ فِي الْقِتَالِ وَجَبَتْ وَيُسَنُّ مَنْعُ مُخَذِّلٍ أَوْ مُرْجِفٍ مِنْ الْخُرُوجِ وَمِنْ الْجِهَادِ بَلْ يَجِبُ إنْ لَزِمَ عَلَى خُرُوجِهِ فَسَادٌ فِي الْقِتَالِ أَوْ طَمَعٌ فِي الْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ: (إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ سِرًّا أَوْ لَيْلًا غَالِبًا، وَتَعُودُ إلَى الْجَيْشِ وَأَقَلُّهَا مِائَةٌ وَأَكْثَرُهَا أَرْبَعُمِائَةٍ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مُطْلَقُ الْجَمَاعَةِ الشَّامِلَةِ لِلْبَعْثِ وَالْكَتِيبَةِ وَالْفِئَةِ، وَهِيَ مَا دُونَهَا إلَى الْوَاحِدِ وَلِمَا فَوْقَهَا وَيُسَمَّى بِالْمَنْسَرِ إلَى ثَمَانمِائَةٍ ثُمَّ بِالْجَيْشِ وَالْخَمِيسِ إلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ ثُمَّ بِالْجَحْفَلِ لِمَا زَادَ بِلَا نِهَايَةٍ. قَوْلُهُ: (الْبَيْعَةَ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ. قَوْلُهُ: (بِطَاعَةِ الْأَمِيرِ) وَيَحْرُمُ كَوْنُهُ مُبْتَدِعًا نَحْوَ فَاسِقٍ. تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ بَلْ يُنْدَبُ لِكُلِّ جَمَاعَةٍ أَرَادُوا سَفَرًا وَلَوْ قَصِيرًا أَنْ يُؤَمِّرُوا عَلَيْهِمْ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِكُفَّارٍ) وَإِنْ لَمْ يُخَالِفُوا مُعْتَقَدِ الْعَدُوِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسَوَاءٌ اُحْتِيجَ إلَيْهِمْ أَوْ لَا وَيُرَادُ بِالْمُقَاوَمَةِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ وَشَمِلَ الْكُفَّارَ مَا لَوْ كَانُوا نِسَاءً بِإِذْنِ أَزْوَاجِهِنَّ.   [حاشية عميرة] لَكِنَّ قَائِلَهُ يُوجِبُهُ عَلَى الْأَقْرَبِينَ، فَالْأَقْرَبِينَ بِلَا ضَبْطٍ حَتَّى يَصِلَ الْخَبَرُ بِأَنَّهُمْ قَدْ كَفَوْا وَأُخْرِجُوا. قَوْلُهُ: (يَلْزَمُهُمْ الْمُوَافَقَةُ) لَمْ يَقُلْ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لِئَلَّا يَتَدَافَعَ. فَصْلٌ يُكْرَهُ غَزْوٌ قَوْلُهُ: (بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ) قِيلَ: مَحِلُّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُرْتَزِقَةِ وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ بِصَدَدِ مُهِمَّاتِ الدِّينِ الَّتِي تَعْرِضُ فَلَا يَغْزُونَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (الْبَيْعَةَ) هِيَ الْيَمِينُ وَالْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَسُمِّيَتْ السَّرِيَّةُ سَرِيَّةً لِأَنَّهَا تَسْرِي لَيْلًا وَقِيلَ مِنْ الشَّيْءِ السَّرِيِّ، أَيْ النَّفِيسِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 أَوْ مُشْرِكِينَ (وَيَكُونُونَ بِحَيْثُ لَوْ انْضَمَّتْ فِرْقَتَا الْكُفْرِ قَاوَمْنَاهُمْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ: وَيُفْعَلُ بِالْمُسْتَعَانِ بِهِمْ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً مِنْ إفْرَادِهِمْ فِي جَانِبِ الْجَيْشِ أَوْ اخْتِلَاطِهِمْ بِهِ بِأَنْ يُفَرِّقَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، (وَ) لَهُ الِاسْتِعَانَةُ (بِعَبِيدٍ بِإِذْنِ السَّادَةِ وَمُرَاهِقِينَ أَقْوِيَاءَ) فِي الْقِتَالِ وَيَنْتَفِعُ بِهِمْ فِي سَقْيِ الْمَاءِ وَمُدَاوَاةِ الْجَرْحَى، (وَلَهُ بَذْلُ الْأُهْبَةِ وَالسِّلَاحِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَمِنْ مَالِهِ) فَيَنَالُ ثَوَابَ الْإِعَانَةِ وَكَذَا إذَا بَذَلَ وَاحِدٌ مِنْ الرَّعِيَّةِ. (وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ) لِأَحَدٍ لِأَنَّهُ بِحُضُورِ الصَّفِّ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ (وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ ذِمِّيٍّ) لِجِهَادٍ (لِلْإِمَامِ قِيلَ وَلِغَيْرِهِ) مِنْ الْآحَادِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ لَا يَتَوَلَّاهَا الْآحَادُ وَيُغْتَفَرُ جَهَالَةُ الْعُمْرِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْقِتَالُ عَلَى مَا يُتَّفَقُ (وَيُكْرَهُ لِغَازٍ قَتْلُ قَرِيبٍ) لَهُ مِنْ الْكُفَّارِ (وَ) قَتْلُ (مُحْرِمٍ أَشَدُّ) كَرَاهَةً (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ، (إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ يَسُبَّ اللَّهَ) تَعَالَى (أَوْ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ. (وَيَحْرُمُ قَتْلُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ وَخُنْثَى مُشْكِلٍ) لِلنَّهْيِ فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَإِلْحَاقِ الْمَجْنُونِ بِالصَّبِيِّ وَالْخُنْثَى بِالْمَرْأَةِ فَإِنْ قَاتَلُوا جَازَ قَتْلُهُمْ (وَيَحِلُّ قَتْلُ رَاهِبٍ) شَيْخٍ أَوْ شَابٍّ (وَأَجِيرٍ وَشَيْخٍ) ضَعِيفٍ (وَأَعْمَى وَزَمِنٍ لَا قِتَالَ فِيهِمْ وَلَا رَأْيَ فِي الْأَظْهَرِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] وَالثَّانِي لَا يَحِلُّ قَتْلُهُمْ لِأَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَ فَمَنْ قَاتَلَ مِنْهُمْ أَوْ كَانَ لَهُ رَأْيٌ فِي الْقِتَالِ وَتَدْبِيرِ أَمْرِ الْحَرْبِ جَازَ قَتْلُهُ قَطْعًا وَتَفَرَّعَ عَلَى الْجَوَازِ قَوْلُهُ (فَيُسْتَرَقُّونَ وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ) وَصِبْيَانُهُمْ (وَ) تُغْنَمُ (أَمْوَالُهُمْ) وَعَلَى الْمَنْعِ يُرَقُّونَ بِنَفْسِ الْأَسْرِ وَقِيلَ: يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ وَقِيلَ: يُتْرَكُونَ وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ، وَيَجُوزُ سَبْيُ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ وَاغْتِنَامُ أَمْوَالِهِمْ فِي الْأَصَحِّ. (وَيَجُوز ُ حِصَارُ الْكُفَّارِ فِي الْبِلَادِ وَالْقِلَاعِ وَإِرْسَالُ الْمَاءِ عَلَيْهِمْ وَرَمْيُهُمْ بِنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ وَتَبْيِيتُهُمْ فِي غَفْلَةٍ) أَيْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ لَيْلًا، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ قَالَ تَعَالَى {وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ} [التوبة: 5] «وَحَاصَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ الطَّائِفِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «وَنَصَبَ عَلَيْهِمْ الْمَنْجَنِيقَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقِيسَ عَلَيْهِ رَمْيُ النَّارِ وَإِرْسَالُ الْمَاءِ «وَأَغَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَسَأَلَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ يَبِيتُونَ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَوْ مُشْرِكِينَ) أَيْ أَهْلَ حَرْبٍ وَلَوْ عَبِيدًا وَمُرَاهِقِينَ بِالْإِذْنِ كَمَا مَرَّ وَيُمْكِنُ شُمُولُ مَا بَعْدَهُ لَهُمْ. قَوْلُهُ: (وَبِعَبِيدٍ) وَلَوْ مُكَاتَبِينَ وَمُوصًى بِمَنْفَعَتِهِمْ وَلَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا وَكَذَا مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُرَاهِقِينَ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ فِي الْجَمِيعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فِي الْقِتَالِ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالسِّلَاحُ) عَطْفٌ خَاصٌّ قَوْلُهُ: (فَيَنَالُ إلَخْ) يُمْكِنُ رُجُوعُهُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ) وَلَوْ صَغِيرًا وَرَقِيقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ أَوْ الْأَصْلِ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ ذِمِّيٍّ) أَيْ كَافِرٍ مُطْلَقًا خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَتَصِحُّ بِلَفْظِ الْمُصَالَحَةِ وَتَنْفَسِخُ بِإِسْلَامِهِ وَبِالصُّلْحِ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا عَدَمُ الْفَسْخِ وَلَا تَتَوَقَّفُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْحَاجَةِ وَإِذَا لَمْ يَخْرُجْ الْكَافِرُ، أَوْ انْفَسَخَتْ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ كُلَّهُ فِي الْأُولَى، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ يَمْضِ مِنْ زَمَنِ الْإِجَارَةِ شَيْءٌ وَإِلَّا فَبِالْقِسْطِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ صِحَّةِ إجَارَةِ الْكَافِرِ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ مِنْ نَحْوِ قُضَاةِ الْعَسَاكِرِ حَيْثُ لَا نِيَابَةَ لَهُمْ فِيهَا. وَقَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ) وَلِذَلِكَ صَحَّ الِاسْتِئْجَارُ لِلْأَذَانِ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ وَلِأَنَّ الْأَجِيرَ فِي الْأَذَانِ مُسْلِمٌ فَهُوَ مَأْمُونٌ. قَوْلُهُ: (وَيُغْتَفَرُ إلَخْ) وَأَيْضًا يُغْتَفَرُ فِي مُعَاقَدَةِ الْكُفَّارِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي. . قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ لِغَازٍ قَتْلُ قَرِيبٍ) وَكَذَا مَحْرَمٌ لَا قَرَابَةَ لَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَقَتْلُ مُحْرِمٍ) أَيْ قَرِيبٍ أَيْضًا وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ ذِكْرَهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ يَسُبُّ اللَّهَ) أَيْ يَعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (أَوْ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَلَوْ قَالَ رَسُولًا لَكَانَ أَعَمَّ وَالنَّبِيُّ كَالرَّسُولِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى، وَكَذَا مَنْ سَبَّ الْإِسْلَامَ أَوْ الْمُسْلِمِينَ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ قَتْلُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ وَخُنْثَى) وَمَنْ بِهِ رِقٌّ قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَاتَلُوا جَازَ قَتْلُهُمْ) وَكَذَا مَنْ سَبَّ مِنْهُمْ الْإِسْلَامَ أَوْ الْمُسْلِمِينَ، نَعَمْ لَا عِبْرَةَ بِسَبِّ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ قَتْلُ رَاهِبٍ) هُوَ عَابِدُ النَّصَارَى قَوْلُهُ: (وَأَجِيرٍ) أَيْ مَنْ اسْتَأْجَرُوهُ عَلَى قِتَالِنَا أَوْ اسْتَأْجَرْنَاهُ لِقِتَالِهِمْ ثُمَّ انْضَمَّ إلَيْهِمْ، نَعَمْ يَحْرُمُ قَتْلُ الرُّسُلِ مِنْهُمْ إلَيْنَا. قَوْلُهُ: (وَتَفَرَّعَ إلَخْ) أَيْ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ) وَلَوْ مُتَرَهِّبَاتٍ وَكَذَا خَنَاثَاهُمْ وَأَرِقَّاؤُهُمْ وَمَجَانِينُهُمْ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ إلَخْ) أَيْ عَلَى قَوْلِ التَّرْكِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ رَمْيُهُمْ بِنَارٍ إلَخْ) وَإِنْ أَمْكَنَ قَتْلُهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ. نَعَمْ يَجِبُ عَرْضُ   [حاشية عميرة] وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ يُخْفُونَ سَيْرَهُمْ مِنْ السِّرِّ وَرُدَّ بِأَنَّ اللَّامَ فِي السِّرِّ رَاءٌ قَوْلُهُ: (بِعَبِيدٍ وَمُرَاهِقِينَ) نَبَّهَ بِالْأَوَّلِ عَلَى مَا فِي مَعْنَاهُ كَالْمَدْيُونِ وَالْوَلَدِ وَبِالثَّانِي عَلَى مَا فِي مَعْنَاهُ كَالنِّسَاءِ. [اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ] قَوْلُهُ: (مُسْلِمٍ) أَيْ وَلَوْ رَقِيقًا لِأَنَّ الْأَرِقَّاءَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ إذَا قَصَدَ الْكُفَّارُ دَارَ الْإِسْلَامِ بِمِثْلِ ذَلِكَ حُضُورُ الصَّفِّ [اسْتِئْجَارُ ذِمِّيٍّ لِجِهَادٍ] قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ هُنَا مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِعَانَةِ بِالْكُفَّارِ كَمَا سَلَفَ، وَلَوْ حَصَلَ صُلْحٌ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ قَبْلَ وُصُولِ دَارِ الْحَرْبِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَقَضِيَّةُ نَظِيرِهِ مِنْ الْحَجِّ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ مُطْلَقًا، قَوْلُهُ: (مِنْ الْآحَادِ) كَالْأَذَانِ قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يُتَّفَقُ) أَيْ يَقَعُ قَوْلُهُ: (وَمُحْرِمٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ بِدَلِيلِ تَقَدُّمِ الْأَقَارِبِ مُطْلَقًا فِي التَّصَدُّقِ عَلَى مَحَارِمِ الرَّضَاعِ قَوْلُهُ: (ضَعِيفٍ) هُوَ صِفَةٌ لِشَيْخِ، قَوْلُهُ: (لَا قِتَالَ فِيهِمْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ لِلشَّيْخِ وَمَا بَعْدَهُ فَإِنَّ الْأَجِيرَ وَالرَّاهِبَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّابِّ وَالشَّيْخِ. أَقُولُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ فَقَالَ: هُمْ مِنْهُمْ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ أَسِيرٌ أَوْ تَاجِرٌ جَازَ ذَلِكَ) أَيْ الرَّمْيُ بِمَا ذُكِرَ وَغَيْرُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ قَوْلٌ بِحُرْمَتِهِ هَذِهِ طَرِيقَةٌ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ إنْ عَلِمَ هَلَاكَ الْمُسْلِمِ بِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ. (وَلَوْ الْتَحَمَ حَرْبٌ فَتَتَرَّسُوا بِنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ) مِنْهُمْ وَلَوْ تُرِكُوا لَغَلَبُوا الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (جَازَ رَمْيُهُمْ) فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (وَإِنْ دَفَعُوا بِهِمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ فَالْأَظْهَرُ تَرْكُهُمْ) فَلَا يُرْمَوْنَ وَالثَّانِي جَوَازُ رَمْيِهِمْ وَرَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمِينَ فَإِنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ تَرَكْنَاهُمْ) فَلَا نَرْمِيهِمْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ دَعَتْ إلَى رَمْيِهِمْ بِأَنْ يَظْفَرُوا بِنَا لَوْ تَرَكْنَاهُمْ (جَازَ رَمْيُهُمْ) فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (فِي الْأَصَحِّ) عَلَى قَصْدِ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَنَتَوَقَّى الْمُسْلِمِينَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ رَمْيُ الْكُفَّارِ إلَّا بِرَمْيِ مُسْلِمٍ (وَيَحْرُمُ الِانْصِرَافُ عَنْ الصَّفِّ إذَا لَمْ يَزِدْ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى مِثْلَيْنَا) بِأَنْ كَانُوا مِثْلَيْنَا أَوْ أَقَلَّ قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 66] هُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ (إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ) كَمَنْ يَنْصَرِفُ لِيَكْمُنَ فِي مَوْضِعٍ وَيَهْجُمَ أَوْ يَنْصَرِفَ مِنْ مَضِيقٍ لِيَتْبَعَهُ الْعَدُوُّ إلَى مُتَّسَعِ سَهْلٍ لِلْقِتَالِ (أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ يَسْتَنْجِدُ بِهَا) قَلِيلَةٍ أَوْ كَثِيرَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ انْصِرَافُهُ قَالَ تَعَالَى إلَّا مُتَحَرِّفًا إلَى آخِرِهِ. (وَيَجُوزُ إلَى فِئَةٍ بَعِيدَةٍ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ قُرْبُهَا وَمَنْ عَجَزَ بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ لَهُ الِانْصِرَافُ بِكُلِّ حَالٍ (وَلَا يُشَارِكُ مُتَحَيِّزٌ إلَى بَعِيدَةِ الْجَيْشَ فِيمَا غَنِمَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ) وَيُشَارِكُهُ فِيمَا غَنِمَ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ (وَيُشَارِكُ مُتَحَيِّزٌ إلَى قَرِيبَةِ) الْجَيْشَ فِيمَا غَنِمَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يُشَارِكُهُ لِمُفَارَقَتِهِ وَيُشَارِكُهُ فِيمَا غَنِمَ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ قَطْعًا وَالْمُتَحَرِّفُ يُشَارِكُهُ فِيمَا غَنِمَ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ وَلَا يُشَارِكُهُ فِيمَا غَنِمَ بَعْدَهَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ يُشَارِكُ وَلَعَلَّهُ فِيمَنْ لَمْ يَبْعُدْ وَلَمْ يَغِبْ وَنَصَّ فِيمَا إذَا انْحَرَفَ وَانْقَطَعَ عَنْ الْقَوْمِ قَبْلَ أَنْ يَغْنَمُوا أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُمْ (فَإِنْ زَادَ) الْعَدَدُ (عَلَى مِثْلَيْنَا جَازَ الِانْصِرَافُ إلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ انْصِرَافُ مِائَةِ بَطَلٍ عَنْ مِائَتَيْنِ وَوَاحِدٍ ضُعَفَاءَ فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَالثَّانِي يَقِفُ مَعَ الْعَدَدِ.   [حاشية قليوبي] الْإِسْلَامِ عَلَى مَنْ تَبْلُغُهُ الدَّعْوَةُ قَبْلَ قِتَالِهِ، وَيَحْرُمُ ذَلِكَ إنْ الْتَجَئُوا لِنَحْوِ الْحُرُمِ بِلَا ضَرُورَةٍ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ إلَخْ) وَلَوْ ظَنًّا أَوْ يَقِينًا. قَوْلُهُ: (جَازَ ذَلِكَ) أَيْ وَلَا ضَمَانَ فِي الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ لَمْ تُعْلَمْ عَيْنُهُ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ: (قَوْلٌ بِحُرْمَتِهِ) الْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي جَوَازُ رَمْيِهِمْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ حَيْثُ كَانَتْ حَاجَةٌ وَلَوْ بِلَا ضَرُورَةٍ. قَوْلُهُ: (بِمُسْلِمِينَ) أَوْ ذِمِّيِّينَ. قَوْلُهُ: (تَرَكْنَاهُمْ) وُجُوبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْحَاجَةِ هُنَا، وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْمُسْلِمِ لِلَّهِ وَفِي نَحْوَ النِّسَاءِ لِلْغَانِمِينَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ دَعَتْ) أَيْ الضَّرُورَةُ جَازَ رَمْيُهُمْ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ الِانْصِرَافُ) أَيْ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ حُرٍّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِتَالُ كَمَا مَرَّ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ بَعْضُ مَفْهُومِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَنْ الصَّفِّ) خَرَجَ غَيْرُ الصَّفِّ فَيَجُوزُ فِرَارُ مُسْلِمٍ مِنْ كَافِرَيْنِ وَإِنْ طَلَبَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَطْلُبَاهُ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَزِدْ إلَخْ) وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْقُوَّةِ أَيْضًا فَيَجُوزُ انْصِرَافُ مِائَةٍ مِنَّا ضُعَفَاءَ عَنْ مِائَتَيْنِ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ أَقْوِيَاءَ. قَوْلُهُ: (لِيَكْمُنَ) مُضَارِعُ كَمَنَ كَنَصَرَ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَضِيقٍ) أَوْ نَحْوِ شَمْسٍ أَوْ رِيحٍ. قَوْلُهُ: (مُتَحَيِّزًا) ذَاهِبًا قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَجُوزُ) وَيُصَدَّقُ فِي قَصْدِهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ. قَوْلُهُ: (بَعِيدَةِ) بِحَيْثُ لَوْ اسْتَغَاثَ بِهَا لَمْ تَسْمَعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَعَلَّهُ إلَخْ) أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى جَاسُوسٍ أَرْسَلَهُ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يُشَارِكُ مُطْلَقًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَحَرِّفِ وَالْمُتَحَيِّزِ يُشَارِكُ فِيمَا غَنِمَ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ وَحَالَ مُفَارَقَتِهِ وَبَعْدَ عَوْدِهِ إلَّا إنْ بَعُدَ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَغِبْ) هُوَ بَيَانٌ لِمَا قَبْلَهُ أَوْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَنَصَّ إلَخْ) ظَاهِرٌ سَوَاءٌ بَعُدَ أَوْ لَا وَمِثْلُهُ الْمُتَحَيِّزُ. قَوْلُهُ: (وَوَاحِدٍ) وَكَذَا اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ لَا أَكْثَرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَتَجُوزُ الْمُبَارَزَةُ) نَعَمْ تَحْرُمُ عَلَى فَرْعٍ وَمَدِينٍ وَرَقِيقٍ، لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِي خُصُوصِهَا وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْبُرُوزِ وَهُوَ الظُّهُورُ بِأَنْ   [حاشية عميرة] لَعَلَّ مُرَادَهُ لَا قِتَالَ بِالْفِعْلِ فَيَعُودُ لِلْكُلِّ وَيَتَبَيَّنُ بِهِ مَحِلُّ الْخِلَافِ، [حِصَارُ الْكُفَّارِ فِي الْبِلَادِ وَالْقِلَاعِ وَإِرْسَالُ الْمَاءِ عَلَيْهِمْ وَرَمْيُهُمْ بِنَارٍ] قَوْلُهُ: (وَفِيمَا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَيَجُوزُ قَطْعًا، قَوْلُهُ: (وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ ثَمَّ ضَرُورَةٌ وَيَنْبَغِي اخْتِصَاصُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ بِحَالَةِ عَدَمِ الضَّرُورَةِ، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ صَرَّحَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ حَالَةَ الضَّرُورَةِ لَا خِلَافَ فِيهَا، قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَقَوْلَانِ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ نَقْلًا عَنْ الرَّوْضَةِ فَالْقَوْلَانِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ دَفَعُوا بِهِمْ) عِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَإِنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ بِأَنْ دَفَعُوا بِهِمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ اهـ. لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ يَعْنِي الْمِنْهَاجَ احْتَرَزَ بِهَذَا عَمَّا لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ مَكْرًا وَخَدِيعَةً لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ شَرْعَنَا لَا يَقْتُلُهُمْ فَإِنَّهُمْ يُرْمَوْنَ قَطْعًا، ثُمَّ قَالَ: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ وَلَكِنْ لَمْ يَقْصِدُوا الدَّفْعَ لَا يُتْرَكُونَ غَيْرُ صَحِيحٍ. أَقُولُ: تَأَمَّلْ الْجَمْعَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ الْمَذْكُورَيْنِ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَيْ كَمَا يُنْصَبُ الْمَنْجَنِيقُ وَغَيْرُهُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ ذُرِّيَّةٌ، قَوْلُهُ: (تَرَكْنَاهُمْ) أَيْ قَطْعًا قَوْلُهُ: {إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ} [الأنفال: 16] إلَخْ) لَوْ ادَّعَى التَّحَرُّفَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَشَرَطَ فِيهِ الْبَغَوِيّ أَنْ يَعُودَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقَتْلِ، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ، قَوْلُهُ: (نَصَّ عَلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ يُشَارِكُهُ وَلَا يُشَارِكُهُ، قَوْلُهُ: (وَنَصَّ إلَخْ) هَذَا سَاقَهُ لِأَنَّهُ كَالدَّلِيلِ عَلَى مَا تُرْجَاهُ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقِفُ مَعَ الْعَدَدِ) أَيْ وَيَقُولُ: تَتَبُّعُ الْأَوْصَافِ عَسِرٌ وَالْأَوَّلُ قَالَ: يَسْتَنْبِطُ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ. [حُكْم الْمُبَارِزَة] قَوْلُهُ: (الْمُبَارَزَةُ) مَأْخُوذٌ مِنْ الْبُرُوزِ وَهُوَ الظُّهُورُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220 (وَتَجُوزُ الْمُبَارَزَةُ) . وَلَا يُسْتَحَبُّ ابْتِدَاؤُهَا وَلَا يُكْرَهُ (فَإِنْ طَلَبَهَا كَافِرٌ اُسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ إلَيْهِ) لَهَا (وَإِنَّمَا تَحْسُنُ مِمَّنْ جَرَّبَ نَفْسَهُ) وَعَرَفَ قُوَّتَهُ وَجُرْأَتَهُ فَالضَّعِيفُ الَّذِي لَا يَثِقُ بِنَفْسِهِ يُكْرَهُ لَهُ ابْتِدَاءً وَإِجَابَةً (وَ) إنَّمَا تَحْسُنُ (بِإِذْنِ الْإِمَامِ) فَلَوْ بَارَزَ بِغَيْرِ إذْنِهِ جَازَ، وَمِثْلُهُ الْأَمِيرُ الْمُعَبَّرُ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَيَجُوزُ إتْلَافُ بِنَائِهِمْ وَشَجَرِهِمْ لِحَاجَةِ الْقِتَالِ وَالظَّفَرِ بِهِمْ وَكَذَا) يَجُوزُ إتْلَافُهَا (إنْ لَمْ يُرْجَ حُصُولُهَا لَنَا فَإِنْ رُجِيَ نُدِبَ التَّرْكُ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَحَرَّقَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر: 5] » الْآيَةُ. (وَيَحْرُمُ إتْلَافُ الْحَيَوَانِ إلَّا مَا يُقَاتِلُونَ عَلَيْهِ) كَالْخَيْلِ فَيَجُوزُ إتْلَافُهُ (لَدَفَعَهُمْ أَوْ ظَفِرَ بِهِمْ أَوْ غَنِمْنَاهُ وَخِفْنَا رُجُوعَهُ إلَيْهِمْ وَضَرَرَهُ) لَنَا فَيَجُوزُ إتْلَافُهُ دَفْعًا لِضَرَرِهِ. فَصْلٌ (نِسَاءُ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانُهُمْ إذَا أُسِرُوا رُقُّوا) وَكَذَا الْعَبِيدُ (يَصِيرُونَ بِالْأَسْرِ أَرِقَّاءَ لَنَا) فَيَكُونُ الثَّلَاثَةُ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ الْخُمُسُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ وَالْبَاقِي لِلْغَانِمِينَ (وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي الْأَحْرَارِ الْكَامِلِينَ) إذَا أَسَرُوا (وَيَفْعَلُ) فِيهِمْ (الْأَحَظَّ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ قَتْلٍ) بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ (وَمِنْ) بِتَخْلِيَةِ سَبِيلِهِمْ (وَفِدَاءٍ بِأَسْرَى) مُسْلِمِينَ (أَوْ مَالٍ وَاسْتِرْقَاقٍ) لِلِاتِّبَاعِ وَيَكُونُ مَالُ الْفِدَاءِ وَرِقَابُهُمْ إذَا اُسْتُرِقُّوا كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ وَيَجُوزُ فِدَاءُ مُشْرِكٍ بِمُسْلِمٍ أَوْ مُسْلِمِينَ أَوْ مُشْرِكِينَ بِمُسْلِمٍ (فَإِنْ خَفِيَ) عَلَى الْإِمَامِ (الْأَحَظُّ) فِي الْحَالِ (حَبَسَهُمْ حَتَّى يَظْهَرَ) لَهُ فَيَفْعَلُهُ وَسَوَاءٌ فِي الِاسْتِرْقَاقِ الْكِتَابِيُّ وَالْوَثَنِيُّ وَالْعَرَبِيُّ وَغَيْرُهُ (وَقِيلَ: لَا يُسْتَرَقُّ وَثَنِيٌّ) لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِالْحُرِّيَّةِ (وَكَذَا عَرَبِيٌّ فِي قَوْلٍ) لِحَدِيثٍ فِيهِ لَكِنَّهُ وَاهٍ (وَلَوْ أَسْلَمَ أَسِيرٌ عُصِمَ دَمُهُ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ» (وَبَقِيَ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي وَفِي قَوْلٍ يَتَعَيَّنُ الرِّقُّ)   [حاشية قليوبي] يَظْهَرَ اثْنَانِ مَثَلًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَفٍّ لِلْقِتَالِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا تَحْسُنُ) أَيْ تَجُوزُ أَوْ تُسْتَحَبُّ قَوْلُهُ: (تُكْرَهُ لَهُ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ وَطَلَبَهَا الْكَافِرُ. قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ طَلَبَهَا الْكَافِرُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تُبَاحُ لِقَوِيٍّ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ إنْ لَمْ يَطْلُبْهَا الْكَافِرُ مِنْهُ، وَتُسَنُّ لَهُ إنْ طَلَبهَا وَتُكْرَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ مَا تَحْرُمُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَمِثْلُهُ الْأَمِيرُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَبْلَهُ وَلَعَلَّ ذِكْرَهُ مِنْ الشَّارِحِ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى الرَّوْضَةِ بِذِكْرِهِ بَعْدَ مَا قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (نَدْبُ التَّرْكِ) فَيُكْرَهُ الْإِتْلَافُ نَعَمْ إنْ فَتَحْنَا بِلَادَهُمْ صُلْحًا عَلَى أَنَّهَا لَنَا أَوْ لَهُمْ أَوْ قَهْرًا وَلَمْ نَحْتَجْ إلَيْهَا حَرُمَ إتْلَافُهَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِوَاحِدٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ حَاجَةُ الْقِتَالِ وَالظَّفَرِ بِهِمْ وَعَدَمِ حُصُولِهَا لَنَا فَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ إتْلَافُ الْحَيَوَانِ) أَيْ الْمُحْتَرَمِ فَنَحْوُ خِنْزِيرٍ يَجُوزُ إتْلَافُهُ مُطْلَقًا بَلْ يُنْدَبُ. [فَصْلٌ نِسَاءُ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانُهُمْ إذَا أُسِرُوا] فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ قَوْلُهُ: (نِسَاءُ الْكُفَّارِ) وَإِنْ كُنَّ حَامِلَاتٍ بِمُسْلِمٍ أَوْ غَيْرَ كِتَابِيَّاتٍ وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمُرْتَدَّاتِ وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ. قَوْلُهُ: (يَصِيرُونَ إلَخْ) فَمَعْنَى الرِّقِّ فِيهِمْ انْتِقَالُهُ لَنَا لِأَنَّهُ مُسْتَمِرٌّ وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ وَلَا يَسْرِي فِي الْمُبَعَّضِ رِقُّهُ بَلْ لِجُزْئِهِ الْحُرِّ حُكْمُ الْحُرِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمَجَانِينُ كَالصِّبْيَانِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا. قَوْلُهُ: (الْكَامِلِينَ) بِذُكُورَةٍ يَقِينًا وَبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَحُرِّيَّةٍ وَلَوْ لِبَعْضِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَفْعَلُ) وُجُوبًا بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَسْرَى مُسْلِمِينَ) وَكَذَا بِكُفَّارٍ وَلَهُ فِدَاءُ أَسْرَانَا بِسِلَاحِهِمْ، لِأَنَّهُ دَوَامٌ وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمُ بَيْعِهِ لَهُمْ وَلَوْ اخْتَارَ خَصْلَةً ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ غَيْرُهَا جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا، إلَّا إنْ كَانَتْ الْخَصْلَةُ الَّتِي اخْتَارَهَا أَوَّلًا قَتْلًا وَإِلَّا فَلَا تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُبَعَّضَ لَا يُقْتَلُ وَلَهُ ضَرْبُ الرِّقِّ عَلَى جُزْءِ الْوَاحِدِ، وَلَا يَسْرِي لِبَاقِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ مَالُ الْفِدَاءِ) وَلَوْ سِلَاحًا لِأَنَّهُ لَا يُرَدُّ إلَيْهِمْ إذَا أُخِذَ كَالْفَيْءِ فَيُخَمَّسُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَسْلَمَ أَسِيرٌ) كَامِلٌ أَوْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ بِالْتِزَامِهَا عُصِمَ دَمُهُ، كَذَا وَلَدُهُ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ أَخْذًا مِمَّا   [حاشية عميرة] فَصْلُ نِسَاءِ الْكُفَّارِ إلَخْ لَنَا قَوْلٌ: إنَّ الْعَرَبِيَّ الْكَامِلَ لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهُ فَيَنْبَغِي جَرَيَانُ نَظِيرِهِ هُنَا وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَخَرَّجَ بِإِضَافَةِ النِّسَاءِ إلَى الْكُفَّارِ نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ الْكَافِرَاتِ، فَلَا تُرَقُّ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ خِلَافٌ فِي سَبْيِ الرَّاهِبَةِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ: (مِنْ قَتْلٍ) قَدْ فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَالنَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ بِبَدْرٍ وَجَعَلَ الْمَنَّ بِثُمَامَةَ بْنِ أَثَالٍ، وَأَبِي عَزَّةَ وَالْفِدَاءُ كَثِيرٌ قَالَ تَعَالَى {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] وَالِاسْتِرْقَاقُ وَقَعَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَفِي بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَحَكَى بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ) أَيْ وَفِي الِاسْتِرْقَاقِ تَقْرِيرٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ الْمَنُّ عَلَيْهِ جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا عَرَبِيٌّ فِي قَوْلٍ) ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْأُمِّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنَّا نَأْثَمُ بِالتَّمَنِّي لَتَمَنَّيْنَا أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَهَذَا، انْتَهَى. وَلِلتَّأْثِيمِ بِالتَّمَنِّي فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ ثُمَّ دَلِيلُ الْمَذْهَبِ سَبْيُ هَوَازِنَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ كَبَنِي الْمُصْطَلِقِ قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّهُ أَسِيرٌ مُحَرَّمُ الْقَتْلِ فَكَانَ كَالصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221 أَيْ يَصِيرُ رَقِيقًا بِنَفْسِ الْإِسْلَامِ. ، (وَإِسْلَامُ كَافِرٍ قَبْلَ ظَفَرٍ بِهِ يَعْصِمُ دَمَهُ وَمَالَهُ) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ فَفِيهِ وَأَمْوَالَهُمْ (وَصِغَارَ وَلَدِهِ) عَنْ السَّبْيِ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِمْ تَبَعًا لَهُ (لَا زَوْجَتَهُ) عَنْ الِاسْتِرْقَاقِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ يَعْصِمُهَا لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّهُ مِنْ النِّكَاحِ (فَإِنْ اُسْتُرِقَّتْ انْقَطَعَ نِكَاحُهُ فِي الْحَالِ) قَبْلَ دُخُولٍ وَبَعْدَهُ لِامْتِنَاعِ إمْسَاكِ الْأَمَةِ الْكَافِرَةِ لِلنِّكَاحِ (وَقِيلَ: إنْ كَانَ بَعْدَ دُخُولٍ انْتَظَرَتْ الْعِدَّةَ فَلَعَلَّهَا تُعْتَقُ فِيهَا) فَإِنْ أُعْتِقَتْ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ تَسْلَمْ لِأَنَّ إمْسَاكَ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ جَائِزٌ (وَيَجُوزُ إرْقَاقُ زَوْجَةِ ذِمِّيٍّ) إذَا كَانَتْ حَرْبِيَّةً وَيَنْقَطِعُ بِهِ نِكَاحُهُ (وَكَذَا عَتِيقُهُ) الْحَرْبِيُّ يَجُوزُ إرْقَاقُهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّهُ مِنْ الْوَلَاءِ (لَا عَتِيقٍ مُسْلِمٍ وَزَوْجَتِهِ الْحَرْبِيَّيْنِ) أَيْ لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهُمَا (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ يَجُوزُ. (وَإِذَا سُبِيَ زَوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ) بَيْنَهُمَا (إنْ كَانَا حُرَّيْنِ) صَغِيرَيْنِ كَانَا أَوْ كَبِيرَيْنِ وَاسْتُرِقَّ الزَّوْجُ لِحُدُوثِ الرِّقِّ (قَبْلُ أَوْ رَقِيقَيْنِ) أَيْضًا لِحُدُوثِ السَّبْيِ.   [حاشية قليوبي] يَأْتِي وَمِنْ التَّعْلِيلِ بِالْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْلِمًا تَبَعًا، وَكَذَا مَالُهُ إنْ لَمْ يَخْتَرْ الْإِمَامُ رِقَّهُ لَا زَوْجَتَهُ فَلَا يَعْصِمُهُ بِالْأَوْلَى مِنْ زَوْجَةِ مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ عَلَى مَا يَأْتِي. تَنْبِيهٌ: مَنْ قَتَلَ أَسِيرًا بَعْدَ اخْتِيَارِ قَتْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ قَبْلَهُ عُزِّرَ فَقَطْ، أَوْ بَعْدَ اخْتِيَارِ رِقِّهِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ غَنِيمَةً، أَوْ بَعْدَ الْمَنِّ عَلَيْهِ لَزِمَهُ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ إنْ قَتَلَهُ قَبْلَ بُلُوغِ مَأْمَنِهِ، وَإِلَّا فَهَدْرٌ أَوْ بَعْدَ الْفِدَاءِ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ غَنِيمَةً إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ الْإِمَامُ فِدَاءَهُ، وَإِلَّا لَزِمَهُ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ مَأْمَنَهُ وَإِلَّا فَهَدْرٌ. قَوْلُهُ: (وَإِسْلَامُ كَافِرٍ قَبْلَ ظَفَرٍ بِهِ) أَيْ قَبْلَ أَسْرِهِ كَمَا مَرَّ يُعْصَمُ دَمُهُ وَمَالُهُ وَإِنْ كَانَ بِدَرَاهِمَ وَلَيْسَ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَصِغَارُ وَلَدِهِ) وَكَذَا حَمْلُهُ وَالْكَبِيرُ الْمَجْنُونُ مِنْ وَلَدِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَالْكَلَامُ فِي الْأَوْلَادِ الْأَحْرَارِ. قَوْلُهُ: (لَا زَوْجَتُهُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ الْمَوْجُودَةُ حَالَ إسْلَامِهِ وَلَوْ حَامِلًا مِنْهُ كَمَا مَرَّ، وَقَالَ شَيْحُنَا الرَّمْلِيُّ: إنَّهُ يَعْصِمُهَا لِأَنَّهَا الْآنَ زَوْجَةُ مُسْلِمٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يُوجِدَ زَوْجَةٌ لِمُسْلِمٍ غَيْرُ مَعْصُومَةٍ، فَإِنْ قِيلَ يُتَصَوَّرُ فِي زَوْجَةٍ أُسِرَتْ قَبْلَ إسْلَامِهِ لِأَنَّ إسْلَامَهُ بَعْدَ أَسْرِهَا لَا يَعْصِمُهَا عَنْ الِاسْتِرْقَاقِ، الَّذِي حُكِمَ بِهِ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَيُؤَوَّلُ قَوْلُ الشَّارِحِ عَنْ الِاسْتِرْقَاقِ بِالسَّابِقِ عَلَى إسْلَامِهِ وَيَرُدُّهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ اُسْتُرِقَّتْ إلَخْ. صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ فَالْوَجْهُ الَّذِي لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ أَنْ يُرَادَ بِزَوْجَتِهِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا الَّتِي لَا يَعْصِمُهَا أَنَّهَا هِيَ الَّتِي عَصَمَتْهُ حِينَ أَسْلَمَ وَبِزَوْجَتِهِ الَّتِي يَعْصِمُهَا كَمَا يَأْتِي هِيَ الَّتِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ أَوْ هُوَ مُسْلِمٌ أَصْلِيٌّ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَى كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَضْعِيفُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. وَافْهَمْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اُسْتُرِقَّتْ) الْأَوْلَى رُقَّتْ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ضَرْبِ رِقٍّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَغَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (انْقَطَعَ نِكَاحُهُ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الرَّقِيقَةِ الْكَافِرَةِ مُطْلَقًا، وَلَا الْمُسْلِمَةِ إلَّا بِشُرُوطٍ هِيَ مَعْدُومَةٌ هُنَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أُعْتِقَتْ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ إرْقَاقُ زَوْجَةِ ذِمِّيٍّ) أَيْ الْحُكْمُ بِالرِّقِّ لَا ضَرْبُ الرِّقِّ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي النِّسَاءِ كَمَا مَرَّ، قَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ: لَعَلَّ هَذَا فِي زَوْجَةٍ لَيْسَتْ تَحْتَ قُدْرَتِنَا، أَوْ فِي زَوْجَةٍ طَرَأَتْ بَعْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ لَهُ فَلَا يُنَافِي مَا قَالُوهُ أَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ لِكَافِرٍ يَعْصِمُ زَوْجَتَهُ تَبَعًا فَرَاجِعْهُ مِنْ مَحِلِّهِ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَنْقَطِعُ بِهِ نِكَاحُهُ) أَيْ الذِّمِّيِّ لِأَنَّ حُدُوثَ الرِّقِّ نَقْصٌ يَمْنَعُ ابْتِدَاءً نِكَاحَهُ لَهُ وَهَذَا شَامِلٌ وَلَمَّا وَكَانَتْ كِتَابِيَّةً، وَقَدْ مَرَّ جَوَازُ نِكَاحِ الْكِتَابِيِّ الْحُرِّ لَهَا فَرَاجِعْهُ نَعَمْ سَيَأْتِي أَنَّ حُدُوثَ الرِّقِّ كَالْمَوْتِ فَلَا فَرْقَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا عَتِيقُهُ) أَيْ الذِّمِّيِّ يَجُوزُ إرْقَاقُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ بَعْدُ أَوْ كَانَ الْعَتِيقُ عَاقِلًا كَبِيرًا، يَرِقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ كَالرَّقِيقِ الْأَصْلِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، (يَجُوزُ إرْقَاقُهُ) بَعْدُ أَوْ كَانَ الْعَتِيقُ عَاقِلًا كَبِيرًا، وَيَرِقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ كَالرَّقِيقِ الْأَصْلِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، يَجُوزُ إرْقَاقُهُ مَرْجُوحٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِمُرَاعَاةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي الْمَنْعُ) وَرُدَّ بِأَنَّ سَيِّدَهُ لَوْ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ جَازَ رِقُّهُ فَعَتِيقُهُ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (لَا عَتِيقُ مُسْلِمٍ وَزَوْجَتِهِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: أَيْ الْمَوْجُودِينَ حَالَ إسْلَامِهِ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا قَبْلُ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِعَتِيقِهِ مَنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ، أَوْ وَهُوَ مُسْلِمٌ أَصَالَةً وَبِزَوْجَتِهِ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا تَغْفُلْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَا حُرِّيَّيْنِ) وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا وَرُقَّ بِسَبْيٍ أَوْ إرْقَاقٍ. قَوْلُهُ: (وَاسْتَرَقَّ الزَّوْجُ) عَائِدٌ لِقَوْلِهِ كَبِيرَيْنِ فَقَطْ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ سُبِيَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَسَوَاءٌ سَبَقَ سَبْيُ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ قَوْلُهُ: (لِحُدُوثِ الرِّقِّ) أَيْ وَحُدُوثُهُ كَالْمَوْتِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَوَازُ نِكَاحِ رَقِيقٍ لِرَقِيقَةٍ أَوْ لِحُرَّةٍ ابْتِدَاءً.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (ظَفَرٍ بِهِ) وَهُوَ أَسْرُهُ قَوْلُهُ: (عَنْ السَّبْيِ) وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ هِيَ الَّتِي أَسْلَمَتْ قَبْلَ الظَّفَرِ، قَوْلُهُ: (لَا زَوْجَتِهِ) لِاسْتِقْلَالِهَا قَوْلُهُ: (حَقُّهُ) أَيْ كَمَا فِي الْوَلَاءِ، قَوْلُهُ: (إمْسَاكِ الْأَمَةِ) وَلِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَزَوَالُ مِلْكِ الْغَيْرِ عَنْهَا أَوْلَى، قَوْلُهُ: (فَإِنْ أُعْتِقَتْ إلَى آخِرِهِ) هُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْوَجْهِ. قَوْلُهُ: (زَوْجَةِ ذِمِّيٍّ) أَيْ بِخِلَافِ زَوْجَةِ الْمُسْلِمِ الْآتِيَةِ لِأَنَّ نِكَاحَ الْمُسْلِمِ يُتَخَيَّلُ فِيهِ التَّأْمِينُ، قَوْلُهُ: (لَا عَتِيقِ مُسْلِمٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ حِينَ الْإِعْتَاقِ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ الْأَسْرِ قَوْلُهُ: (انْفَسَخَ النِّكَاحُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّبْيَ إذَا أَبْطَلَ مِلْكَ الْمَالِ أَبْطَلَ مِلْكَ النِّكَاحِ، قَوْلُهُ: (لِحُدُوثِ السَّبْيِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّ السَّبْيَ يَقْتَضِي فِي الْحُرَّةِ مِلْكًا لَمْ يَكُنْ فَوَجَبَ مِثْلُهُ فِي الْأَمَةِ وَاجْتِمَاعُ رِقَّيْنِ مُحَالٌ فَقُدِّمَ الْأَقْوَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222 وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ أَسْلَمَا أَوْ لَا إذَا لَمْ يَحْدُثْ رِقٌّ وَإِنَّمَا انْتَقَلَ مِنْ مَالِكٍ إلَى آخَرَ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ وَغَيْرَهُ (وَإِذَا أُرِقَّ) حَرْبِيٌّ (وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَسْقُطْ فَيَقْضِي مِنْ مَالِهِ إنْ غَنِمَ مِنْ إرْقَاقِهِ) وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالرِّقِّ فَإِنْ غَنِمَ قَبْلَ إرْقَاقِهِ أَوْ مَعَهُ لَمْ يَقْضِ مِنْهُ وَفِي الْمَعِيَّةِ وَجْهٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَوْ لَمْ يَقْضِ مِنْهُ بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يُعْتَقَ فَيُطَالِبُ بِهِ هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ لِمُسْلِمٍ وَبِمِثْلِهِ أَجَابَ الْإِمَامُ إنْ كَانَ لِذِمِّيٍّ وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِيهِ وَجْهَيْنِ وَإِنْ كَانَ لِحَرْبِيٍّ فَعَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ سُقُوطُ الدَّيْنِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ وَفِي التَّهْذِيبِ سُقُوطُ الدَّيْنِ فِي عَكْسِ هَذِهِ أَيْضًا وَهُوَ إرْقَاقُ الدَّائِنِ، وَقَالَ الْإِمَامُ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى مُسْلِمٍ دَيْنُ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنٍ لِحَرْبِيٍّ اُسْتُرِقَّ لَا يَسْقُطُ وَفِي الْوَسِيطِ نَحْوُهُ فَيُطَالِبُ بِهِ. (وَلَوْ اقْتَرَضَ حَرْبِيٌّ مِنْ حَرْبِيٍّ أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ قَبِلَا جِزْيَةً دَامَ الْحَقُّ) لِالْتِزَامِهِ بِعَقْدٍ (وَلَوْ أُتْلِفَ عَلَيْهِ فَأَسْلَمَا) أَوْ أَسْلَمَ الْمُتْلِفُ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ وَالثَّانِي قَالَ هُوَ لَازِمٌ عِنْدَهُمْ (وَالْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ قَهْرًا غَنِيمَةً) كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ قَسْمِهَا وَذُكِرَ هُنَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَكَذَا مَا أَخَذَهُ وَاحِدٌ أَوْ جَمْعٌ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ سَرِقَةً أَوْ وُجِدَ كَهَيْئَةِ اللُّقَطَةِ) مِمَّا يَعْلَمُ أَنَّهُ لِلْكُفَّارِ فَأَخَذَ فَإِنَّهُ فِي الْقِسْمَيْنِ غَنِيمَةٌ (عَلَى الْأَصَحِّ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يُقْسَمُ قِسْمُهَا خَمْسَةٌ لِأَهْلِ الْخُمُسِ وَالْبَاقِي لِمَنْ أَخَذَهَا وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِهِ مَنْ أَخَذَهُ وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ (فَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطِ (لِمُسْلِمٍ) بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ مُسْلِمٌ (وَجَبَ تَعْرِيفُهُ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَفِي الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ سَنَةً وَبَعْدَ التَّعْرِيفِ يَعُودُ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. (وَلِلْغَانِمِينَ التَّبَسُّطُ فِي الْغَنِيمَةِ) قَبْلَ الْقِسْمَةِ (بِأَخْذِ الْقُوتِ وَمَا يَصْلُحُ بِهِ لَحْمٌ وَشَحْمٌ وَكُلُّ طَعَامٍ يُعْتَادُ أَكْلُهُ عُمُومًا) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْعُمُومِ (وَعَلْفُ الدَّوَابِّ) بِسُكُونِ اللَّامِ (تِبْنًا وَشَعِيرًا وَنَحْوَهُمَا وَذَبْحُ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ لِلَحْمِهِ وَالصَّحِيحُ جَوَازُ الْفَاكِهَةِ) وَهِيَ مِمَّا يُؤْكَلُ غَالِبًا وَالثَّانِي قَالَ: لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَاجَةُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ سُبِيَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا لِعَدَمِ حُدُوثِ الرِّقِّ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ لِذِمِّيٍّ) وَكَذَا الْمُعَاهِدُ أَوْ مُؤَمَّنٌ وَالْمُطَالَبَةُ فِيهِمَا بِهِ وَبِوَدَائِعِهَا وَنَحْوِهَا لِلْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الظَّاهِرُ) أَيْ سُقُوطُ الدَّيْنِ إنْ كَانَ الْحَرْبِيُّ هُوَ الظَّاهِرُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا عَكْسُهُ الَّذِي فِي التَّهْذِيبِ وَهُوَ إرْقَاقُ الدَّائِنِ أَيْ وَالْمَدِينُ حَرْبِيٌّ لِأَنَّهُ الْعَكْسُ. قَوْلُهُ: (لَا يَسْقُطُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ إلَّا دَيْنُ حَرْبِيٍّ عَلَى مِثْلِهِ بِإِرْقَاقِ أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (فَيُطَالِبُ) بِكَسْرِ اللَّامِ سَوَاءٌ عَتَقَ أَوْ لَا فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ عِتْقِهِ فَالْمُطَالِبُ الْإِمَامُ. . قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَسْلَمَا) أَوْ أَحَدُهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا. قَوْلُهُ: (أَوْ قَبِلَا) أَوْ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ جِزْيَةً أَوْ أَمَانًا أَوْ عَهْدًا كَذَلِكَ دَامَ الْحَقُّ. قَوْلُهُ: (فَأَسْلَمَا) أَوْ قَبِلَا جِزْيَةً أَوْ عَهْدًا أَوْ أَمَانًا وَكَذَا الْمُتْلِفُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَكَالْحَرْبِيِّ. مَعَ مِثْلِهِ إذَا عُصِمَ وَعَدَمُ الضَّمَانِ فِي الثَّانِي كَمَا عُلِمَ،. قَوْلُهُ: (وَكَذَا يُحْكَمُ بِالْغَنِيمَةِ عَلَى مَا أَخَذَهُ) أَيْ قَهْرًا أَوْ بِرِضًا فِي حَالِ الْحَرْبِ فَدَارُ الْحَرْبِ غَيْرُ قَيْدٍ. قَوْلُهُ: (وَاحِدٌ أَوْ جَمْعٌ) أَيْ مُسْلِمُونَ أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ. فَائِدَةٌ: قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَأَتْبَاعُهُ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ: إنَّ السَّرَارِيَ الْمَجْلُوبَةَ مِنْ نَحْوَ الْهِنْدِ وَالتُّرْكِ يَجُوزُ وَطْؤُهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ السَّابِيَ لَهَا، أَوَّلًا ذِمِّيٌّ لَكِنَّ الْأَحْوَطَ شِرَاؤُهَا مِنْ أَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ عَلِمَ إسْلَامَ السَّابِي امْتَنَعَ ذَلِكَ حَتَّى تُخَمَّسَ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْأَبْضَاعَ يُحْتَاطُ لَهَا فَلَا يَكْفِي احْتِمَالُ الْحِلِّ فِيهَا، وَلِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِكَافِرٍ سَبَاهَا فَلَا وِلَايَةَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ عَلَيْهَا، أَوْ لِمُسْلِمٍ وَجَبَ تَخْمِيسُهَا وَلَا وِلَايَةَ لِلْأَمِينِ عَلَى أَهْلِ الْخُمُسِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَلَكَهَا كَافِرٌ ثُمَّ مَلَكَهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ ثُمَّ رَجَعَ أَمْرُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ، بِنَحْوِ مَوْتِهِ بِلَا وَارِثٍ وَفِيهِ مِنْ الْبُعْدِ مَا لَا يَخْفَى وَدُونَهُ خَرْطُ الْقَتَادِ وَقَدْ مَرَّ. قَوْلُهُ: (غَنِيمَةٌ) فَيُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِي الْكَامِلِ مِنْهَا بِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِمُسْلِمٍ) أَوْ ذِمِّيٍّ قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ سَنَةً) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (يَعُودُ فِي الْخِلَافِ) الْأَصَحُّ مِنْهُ أَنَّهُ غَنِيمَةٌ. قَوْلُهُ: (وَلِلْغَانِمِينَ) وَلَوْ أَغْنِيَاءَ أَوْ ذِمِّيِّينَ لَوْ أُجَرَاءَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ لَمْ يَرْضَخْ لَهُمْ. قَوْلُهُ: (التَّبَسُّطُ) أَيْ التَّوَسُّعُ قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْقِسْمَةِ) أَيْ قَبْلَ اخْتِيَارِ تِلْكَ الْغَنِيمَةِ قَوْلُهُ: (بِأَخْذِ الْقُوتِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ الْفَوْتِ لِنَفْسِهِ وَمُمَوَّنِهِ لَا لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (يُعْتَادُ أَكْلُهُ) لَا التَّدَهُّنُ بِنَحْوِ دُهْنٍ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَسْقَطَهُ لِصِحَّةِ جَعْلِهِ مَعْمُولًا لِلْمَصْدَرِ أَوْ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ. قَوْلُهُ: (وَعَلَفُ الدَّوَابِّ) الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الْحَرْبِ لَا لِنَحْوِ الزِّينَةِ. قَوْلُهُ: (بِسُكُونِ اللَّامِ) مَصْدَرٌ عَطْفًا عَلَى أَخَذَ فَمَا بَعْدَهُ مَعْمُولٌ لَهُ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا عَطْفًا عَلَى الْقُوتِ وَمَا بَعْدَهُ حَالٌ أَوْ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ أَوْ بَدَلٌ عَلَى الْمَحِلِّ وَاخْتِيَارُ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَلَفُ بِالْفِعْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (لِلَحْمِهِ) وَكَذَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ لِأَكْلِ غَيْرِ لَحْمِهِ كَجِلْدِهِ، وَيَجِبُ رَدُّ جِلْدٍ لَا يُؤْكَلُ وَلَا يَجُوزُ جَعْلُهُ سِقَاءً أَوْ خُفًّا، كَمَا لَا يَجُوزُ.   [حاشية عميرة] الْمُسْتَنِدُ إلَى السَّبْيِ لِتَعَذُّرِ إسْقَاطِهِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَسْلَمَا إلَخْ) مِثْلُهُ لَوْ عَرَضَ ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا قَوْلُهُ: (أَوْ أَسْلَمَ الْمُتْلِفُ) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ الْخِلَافِ،. [الْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ قَهْرًا] قَوْلُهُ: (مِنْ دَارِ الْحَرْبِ) مِثْلُهُ دَارُنَا إذَا دَخَلُوهَا بِأَمَانٍ، قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ) بَلْ ادَّعَى الْإِمَامُ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَذَبْحِ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ) اسْتَدَلَّ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ ذَبَحَ شَاةً لِإِهَابِهَا لَمْ يَرْجِعْ كَفَافًا، قَوْلُهُ: (لَا تَجِبُ قِيمَةُ الْمَذْبُوحِ) وَإِلَّا لَمَا جَازَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 223 حَالَةٍ وَلَا يَجُوزُ الْفَانِيدُ وَالسُّكَّرُ وَمَا تَنْدُرُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّهُ لَا تَجِبُ قِيمَةُ الْمَذْبُوحِ) وَالثَّانِي تَجِبُ لِنُدُورِ الْحَاجَةِ إلَى ذَبْحِهِ وَمَنْعِ الْأَوَّلِ إلَى نُدُورِهِمَا (وَأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ الْجَوَازُ بِمُحْتَاجٍ إلَى طَعَامٍ وَعَلَفٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِهِ فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَحَدُهُمَا لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ أَخْذِ حَقِّ الْغَيْرِ وَالْأَوَّلُ قَالَ: لَيْسَ فِيمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَخْبَارِ تَقْيِيدٌ بِالْحَاجَةِ نَعَمْ لَيْسَ لَهُ صَرْفُ الطَّعَامِ مَثَلًا إلَى حَاجَةٍ أُخْرَى بَدَلًا عَنْ طَعَامِهِ (وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ لَحِقَ الْجَيْشَ بَعْدَ الْحَرْبِ وَالْحِيَازَةِ وَوَجْهُ الْجَوَازِ مَظِنَّةُ الْحَاجَةِ) وَعِزَّةُ الطَّعَامِ هُنَاكَ (وَأَنَّ مَنْ رَجَعَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَمَعَهُ بَقِيَّةٌ) مِمَّا تَبَسَّطَهُ (لَزِمَهُ رَدُّهَا إلَى الْمَغْنَمِ) أَيْ الْغَنِيمَةِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مُبَاحٌ وَالْأَوَّلُ قَالَ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ وَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَوْلَانِ وَلَا يُمْلَكُ بِالْأَخْذِ (وَمَوْضِعُ التَّبَسُّطِ دَارُهُمْ) أَيْ الْكُفَّارِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ دَارُ الْحَرْبِ (وَكَذَا) مَحِلُّ الرُّجُوعِ (مَا لَمْ يَصِلْ عُمْرَانُ الْإِسْلَامِ فِي الْأَصَحِّ) فَإِنْ وَصَلَهُ انْتَهَى التَّبَسُّطُ وَالثَّانِي قَصْرُهُ عَلَى دَارِ الْحَرْبِ. (وَلِغَانِمٍ رَشِيدٍ وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسِ الْإِعْرَاضِ عَنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ قِسْمَةٍ) وَبِهِ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهَا وَلَا يَصِحُّ إعْرَاضُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ (وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ) لِرَشِيدٍ (بَعْدَ فَرْزِ الْخُمُسِ) لِأَنَّ حَقَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ مِنْهُ وَالثَّانِي لِيَتَمَيَّزَ حَقُّ الْغَانِمِينَ (وَجَوَازُهُ لِجَمِيعِهِمْ) أَيْ الْغَانِمِينَ وَيُصْرَفُ حَقُّهُمْ مَصْرِفَ الْخُمُسِ وَالثَّانِي مَنْعُ ذَلِكَ (وَبُطْلَانُهُ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى وَسَالِبٍ) أَيْ مُسْتَحِقِّ سَلَبٍ وَالثَّانِي صِحَّتُهُ مِنْهُمَا كَالْغَانِمِينَ وَحْدَهُمْ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِتَعَيُّنِ حَقِّ السَّالِبِ وَبِأَنَّ حَقَّ ذَوِي الْقُرْبَى بِلَا عَمَلٍ وَحَقَّ الْغَانِمِينَ بِعَمَلٍ حَصَلَ بِهِ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ الْجِهَادِ وَهُوَ إعْلَاءُ كَلِمَةِ الدِّينِ وَالْغَنِيمَةُ تَابِعَةٌ   [حاشية قليوبي] الذَّبْحُ لِذَلِكَ وَيَضْمَنُهُ ذَابِحُهُ بِقِيمَةِ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ. قَوْلُهُ: (حَاقَّةٍ) بِمُهْمَلَةِ فَقَافٍ مُشَدَّدَةٍ أَيْ قَوِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ الْفَانِيدُ وَالسُّكَّرُ) فَمَنْ احْتَاجَ إلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا فَلَهُ أَخْذُهُ، وَيُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ قَسْمِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَلْبُوسِ وَالْمَرْكُوبِ، فَيَلْزَمُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ أُجْرَتُهُ إلَّا إنْ كَانَ لِضَرُورَةِ الْقِتَالِ فَلَا وَالْفَانِيدُ الْمُرَادُ هُنَا، هُوَ الْعَسَلُ الْأَسْوَدُ وَخَرَجَ بِهِ عَسَلُ النَّحْلِ، فَيَجُوزُ التَّبَسُّطُ بِهِ لِنَصِّ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا تَنْدُرُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ كَدَوَاءٍ وَسِقَاءٍ وَخُفٍّ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (نَعَمْ لَيْسَ لَهُ إلَخْ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَخَذَ الطَّعَامَ إلَّا أَكْلُهُ فَقَطْ، لِأَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِبَاحَةِ لَا التَّمْلِيكِ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَهُ التَّزَوُّدُ لِذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ إلَى مَا يَأْتِي قَوْلُهُ: (وَالْحِيَازَةِ) فَقَبْلَ الْحِيَازَةِ لَهُ التَّبَسُّطُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْمَغْنَمِ كَمَا مَرَّ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَنْعُهُ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ) أَيْ دَارٍ فِي قَبْضَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُسْلِمٌ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ رَدُّهَا) أَيْ الْبَقِيَّةِ إلَى الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، أَوْ إلَى الْإِمَامِ بَعْدَهَا وَيَقْسِمُهَا الْإِمَامُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا أَخْرَجَ لِأَهْلِ الْخُمُسِ حِصَّتَهُمْ مِنْهَا وَجَعَلَ الْبَاقِي لِلْمَصَالِحِ، وَكَأَنَّ الْغَانِمِينَ أَعْرَضُوا عَنْهُ، وَكَانَ عَدَمُ لُزُومِ حِفْظِهِ لَهُ حَتَّى يُضَمَّ لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ تَافِهٌ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ عَوْدِ الضَّمِيرِ إلَى الْمُسْلِمِينَ الْمَفْهُومُ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَصِلْ عُمْرَانَ الْإِسْلَامِ) بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِيهَا مَرَّ، نَعَمْ لَوْ وَقَعَ الْقِتَالُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَعَزَّ فِيهَا مَا تَقَدَّمَ فَلَهُمْ التَّبَسُّطُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (رَشِيدٍ) أَيْ حَالَ إعْرَاضِهِ وَلَوْ بِعِتْقٍ أَوْ بُلُوغٍ أَوْ عَقْلٍ طَرَأَ بَعْدَ الْقِتَالِ، فَيَخْرُجُ ضِدُّهُمْ. نَعَمْ يَصِحُّ إعْرَاضُ الْمُكَاتَبِ وَإِعْرَاضُ الْمُبَعَّضِ فِي جُزْءِ الْحُرِّيَّةِ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مُهَايَأَةً وَفِي الْكُلِّ فِي نَوْبَتِهِ إنْ كَانَتْ صَحِيحَةً، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَصِحُّ إعْرَاضُهُ لِأَنَّ الْحَقَّ لِسَيِّدِهِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْقِسْمَةِ) أَيْ وَاخْتِيَارُ التَّمَلُّكِ، قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْمَحْجُورُ مَمْنُوعٌ مِنْهَا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ صِحَّةُ إسْقَاطِهِ الْقِصَاصَ، وَإِنَّمَا صَحَّ إعْرَاضُ الْمُفْلِسِ، لِأَنَّهُ مِنْ الِاكْتِسَابِ وَهُوَ لَا يَلْزَمُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ لَزِمَهُ لِوَفَاءِ دَيْنٍ عَصَى بِهِ لَمْ يَصِحَّ إعْرَاضُهُ انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا قَالَهُ فِي بَابِ الْمُفْلِسِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّكَسُّبُ لِأَجْلِ الدَّيْنِ وَإِنْ عَصَى بِهِ، وَإِنَّمَا اللُّزُومُ مِنْ حَيْثُ الْخُرُوجُ مِنْ الْعِصْيَانِ فَرَاجِعْهُ. مِنْ مَحِلِّهِ وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ كَالسَّفِيهِ إلَّا إنْ كَمُلَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حَقَّهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْأَخْمَاسَ الْأَرْبَعَةَ بَاقِيَةٌ عَلَى الشُّيُوعِ قَوْلُهُ: (لِجَمِيعِهِمْ) أَيْ حَيْثُ كَانُوا كَامِلِينَ وَصِيغَةُ الْإِعْرَاضِ أَنْ يَقُولَ: أَعْرَضْت عَنْ حَقِّي أَوْ أَسْقَطْتُهُ أَوْ سَامَحْت مِنْهُ، أَوْ وَهَبْتُهُ لَهُمْ وَأَرَادَ الْإِسْقَاطَ فَإِنْ أَرَادَ الْهِبَةَ لَمْ يَصِحَّ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِعْرَاضِ قَبْلَ اخْتِيَارِ تَمَلُّكِ الْغَانِمِينَ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَدَمُ صِحَّةِ الرُّجُوعِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمُعْرَضَ عَنْهُ حَقُّ تَمَلُّكٍ لَا عَيْنٍ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَوَازُ الْعَوْدِ بَعْدَ الْإِعْرَاضِ عَنْ نَحْوِ كَسْرِ الْخُبْزِ وَالسَّنَابِلِ قَبْلَ أَخْذِ غَيْرِهِ لَهُمَا.   [حاشية عميرة] الذَّبْحُ. قَوْلُهُ: (وَأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ) تَشْبِيهًا لَهُ بِطَعَامِ الْوَلَائِمِ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مُبَاحٌ كَالصَّيْدِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ) اسْتَشْكَلَ بِصِحَّةِ عَفْوِهِ عَنْ الْقِصَاصِ مَجَّانًا وَقَدْ اعْتَمَدَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ صِحَّةَ عَفْوِهِ وَنُسِبَ لِقَضِيَّةِ كَلَامِ الْجُمْهُورِ كَالْمُفْلِسِ. فَرْعٌ: لَوْ أَعْرَضَ الشَّخْصُ ثُمَّ رَجَعَ فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ قَبْلَ تَمَلُّكِ الْغَانِمِينَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ التَّمَلُّكَ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ كَمَا لَوْ أَعْرَضَ عَنْ كِسْرَةٍ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي مَنْعُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَعَطُّلُ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ قَوْلُهُ: (بِلَا عَمَلٍ) أَيْ فَكَانَ كَالْإِرْثِ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: يَمْلِكُونَ قَبْلَهَا إلَخْ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 224 وَغَيْرُ ذَوِي الْقُرْبَى مِنْ أَصْحَابِ الْخُمُسِ جِهَاتٌ عَامَّةٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا إعْرَاضٌ (وَالْمُعْرِضُ كَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ) فَيُضَمُّ نَصِيبُهُ إلَى الْمَغْنَمِ (وَمَنْ مَاتَ) وَلَمْ يُعْرِضْ (فَحَقُّهُ لِوَارِثِهِ) فَلَهُ طَلَبُهُ وَالْإِعْرَاضُ عَنْهُ. (وَلَا تُمْلَكُ) الْغَنِيمَةُ (إلَّا بِقِسْمَةٍ وَلَهُمْ) أَيْ لِلْغَانِمِينَ (التَّمَلُّكُ) قَبْلَهَا (وَقِيلَ يَمْلِكُونَ) قَبْلَهَا بِالِاسْتِيلَاءِ مِلْكًا ضَعِيفًا يَسْقُطُ بِالْإِعْرَاضِ (وَقِيلَ: إنْ سَلِمَتْ إلَى الْقِسْمَةِ بِأَنْ مَلَكَهُمْ) بِالِاسْتِيلَاءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَلِفَتْ أَوْ أَعْرَضُوا (فَلَا) مِلْكَ لَهُمْ وَالتَّمَلُّكُ فِي الْأَوَّلِ بِأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمْ: اخْتَرْت مِلْكَ نَصِيبِي طَرِيقٌ ثَانٍ لِمِلْكِهِمْ (وَيُمْلَكُ الْعَقَارُ بِالِاسْتِيلَاءِ كَالْمَنْقُولِ) الَّذِي الْكَلَامُ السَّابِقُ فِيهِ فِي أَحَدِ أَوْجُهِهِ وَالتَّشْبِيهُ مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ مَذْكُورٌ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَرُبَ بِهِ مِلْكُ الْعَقَارِ وَالِاكْتِفَاءُ فِي مِلْكِهِ بِالِاسْتِيلَاءِ. (وَلَوْ كَانَ فِيهَا) أَيْ الْغَنِيمَةِ (كَلْبٌ أَوْ كِلَابٌ تَنْفَعُ) لِصَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ (وَأَرَادَهُ بَعْضُهُمْ) مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ أَوْ الْخُمُسِ (وَلَمْ يُنَازَعْ أُعْطِيهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ نَازَعَهُ غَيْرُهُ (قُسِمَتْ إنْ أَمْكَنَ) قَسْمُهَا عَدَدًا (وَإِلَّا أَقُرِعَ) بَيْنَهُمْ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ سَوَادَ الْعِرَاقِ) مِنْ الْبِلَادِ (فُتِحَ) فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (عَنْوَةً) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (وَقُسِمَ) بَيْنَ الْغَانِمِينَ (ثُمَّ بَذَلُوهُ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ أَعْطَوْهُ (وَوُقِفَ) دُونَ مَسَاكِنِهِ لِمَا سَيَأْتِي فِيهَا (عَلَى الْمُسْلِمِينَ) وَقَفَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَآجَرَهُ لِأَهْلِهِ (وَخَرَاجُهُ) بِزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ (أُجْرَةٌ تُؤَدَّى كُلَّ سَنَةٍ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ) وَالْوَجْهُ الثَّانِي فُتِحَ صُلْحًا   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ ذَوِي الْقُرْبَى إلَخْ) هُوَ جَوَابٌ عَنْ سُكُوتِ الْمُصَنِّفِ عَنْهُمْ الْمُوهِمِ لِصِحَّةِ الْإِعْرَاضِ مِنْهُمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِقِسْمَةٍ) أَيْ إنْ قَبِلَ مَا أُفْرِزَ لَهُ أَوْ رَضِيَ بِهِ لَا بِمُجَرَّدِ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا، هُوَ اخْتِيَارُ التَّمَلُّكِ. قَوْلُهُ: (وَالتَّمَلُّكُ فِي الْأَوَّلِ) الْمُتَقَدِّمُ بِقَوْلِهِ وَلَهُمْ التَّمَلُّكُ وَلَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمْ: اخْتَرْت مِلْكَ نَصِيبِي، وَلَا يَمْلِكُ بِالِاسْتِيلَاءِ قَوْلُهُ: (طَرِيقٌ ثَانٍ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَمُنْفَرِدٌ عَلَى الْأَوَّلِ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فِي أَحَدِ أَوْجُهِهِ) وَهُوَ مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ سَوَاءٌ قَسَمَ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (قَرُبَ) يَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْمَجْهُولِ وَالْمَعْلُومِ. قَوْلُهُ: (تَنْفَعُ) رَاجِعٌ لِكَلْبٍ وَغَلَبَ الثَّانِي وَخَرَجَ مَا لَا يَنْفَعُ فَكَالْعَدَمِ. قَوْلُهُ: (عَدَدًا) أَيْ لَا قِيمَةَ لِضَعْفِ الْمِلَلِ هُنَا، بِتَوَقُّفِهِ عَلَى اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ بِذَلِكَ فَارَقَ اعْتِبَارُ قِيمَتِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا فِي الْإِرْثِ. قَوْلُهُ: (سَوَادَ الْعِرَاقِ) سُمِّيَ سَوَادًا لِكَثْرَةِ خُضْرَتِهِ بِالْأَشْجَارِ وَالْخُضْرَةِ تُرَى مِنْ الْبُعْدِ سَوَادًا، وَعِرَاقًا لِاسْتِوَاءِ أَرْضِهِ بِخُلُوِّهَا عَنْ الْجِبَالِ وَالْأَوْدِيَةِ وَأَصْلُ الْعِرَاقِ الِاسْتِوَاءُ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْجِنْسِ إلَى بَعْضِهِ لِأَنَّ طُولَ السَّوَادِ وَالْعِرَاقِ وَاحِدٌ وَهُوَ مِائَتَا فَرْسَخٍ وَعَرْضُ السَّوَادِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ فَرْسَخًا، وَعَرْضُ الْعِرَاقِ مِنْهُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا، فَالسَّوَادُ يَزِيدُ عَلَيْهِ فِي الْعَرْضِ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ فَرْسَخًا، وَعَرْضُ الْعِرَاقِ مِنْهُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا، فَالسَّوَادُ يَزِيدُ عَلَيْهِ فِي الْعَرْضِ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ فَرْسَخًا، وَجُمْلَةُ السَّوَادِ بِالتَّكْسِيرِ عَشَرَةُ آلَافِ فَرْسَخٍ هَذَا مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْعَيْنِ) أَيْ قَهْرًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ صُلْحًا لَمْ يُقْسَمْ وَتَفْسِيرُ عَنْوَةٍ قَهْرًا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِلَّا فَهُوَ يُقَالُ عَلَى الصُّلْحِ فَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْغَانِمِينَ) وَأَهْلِ الْخُمُسِ وَلَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ عَلَى الْغَانِمِينَ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ بَذَلُوهُ بَعْدَ قِسْمَتِهِ) وَاخْتِيَارُ تَمَلُّكِهِ وَالْبَذْلُ إنَّمَا يَكُونُ مِمَّنْ يُمْكِنُ بَذْلُهُ وَهُمْ الْغَانِمُونَ وَذَوُو الْقُرْبَى، إنْ انْحَصَرُوا بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ، مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِ الْخُمُسِ فَلَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ فِي وَقْفِ حَقِّهِمْ إلَى بَذْلِهِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ بِالْمَصْلَحَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَفَهُ عُمَرُ) بْنُ الْخَطَّابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ أَوَّلُ وَقْفٍ صَدَرَ فِي الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (وَآجَرَهُ لِأَهْلِهِ) إجَارَةً مُؤَبَّدَةً لِلْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَخَرَاجُهُ) الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِمْ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ لِكُلِّ جَرِيبٍ وَهُوَ ثَلَاثَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَسِتُّمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَلَعَلَّ هَذَا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَصَبَةَ سِتَّةُ أَذْرُعٍ فَقَطْ وَفِي شَرْحِ التَّوْضِيحِ لِلشَّيْخِ خَالِدٍ، أَنَّ الْقَصَبَةَ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَثُلُثَا ذِرَاعٍ وَضَرْبُهَا فِي عَشْرَةِ أَقْصَابٍ وَهُوَ عُشْرُ الْجَرِيبِ فَيَكُونُ الْجَرِيبُ عَلَى هَذَا أَرْبَعَةَ آلَافِ ذِرَاعٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا وَأَرْبَعَةَ أَتْسَاعٍ مِنْ ذِرَاعٍ فَرَاجِعْ، وَتَأَمَّلْ وَالْخَرَاجَ   [حاشية عميرة] وَجْهُهُ أَنَّ مِلْكَ الْكُفَّارِ قَدْ زَالَ وَيَبْعُدُ بَقَاؤُهُ بِلَا مَالِكٍ، قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمْ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْقِسْمَةِ فَإِنَّهَا إذَا حَصَلَتْ مَعَ الرِّضَا كَانَتْ طَرِيقًا أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا هَذَا اللَّفْظُ وَنَحْوُهُ، قَوْلُهُ: (وَيُمْلَكُ الْعَقَارُ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ خَيَّرَ الْإِمَامُ بَيْنَ قِسْمَتِهِ أَوْ وَقْفِهِ أَوْ رَدِّهِ عَلَى الْكُفَّارِ. لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْمَنْقُولِ وقَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 41] الْآيَةُ وَقِسْمَةُ خَيْبَرَ عَلَى الْغَانِمِينَ وَلَوْ اسْتَوْلَيْنَا عَلَى الْبَلَدِ وَالْعَقَارِ ثُمَّ أَزَالُونَا عَنْهُ بَعْدَ أَيَّامٍ مَثَلًا فَالْوَجْهُ عَدَمُ انْقِطَاعِ حَقِّنَا مِنْهُ حَتَّى لَوْ فُرِضَ اسْتِيلَاءُ غَيْرِنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، لَا يَخْرُجُ عَنْ حَقِّ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ أَنَّ الِاسْتِيلَاءَ يَثْبُتُ بِهِ حَقُّ التَّمَلُّكِ كَمَا فِي الْمَنْقُولِ وَجَعَلَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلَهُ كَالْمَنْقُولِ إشَارَةً لِلْقِيَاسِ. قَوْلُهُ: (قَرُبَ بِهِ مِلْكُ الْعَقَارِ) وَجْهُ التَّقْرِيبِ فِي الِاسْتِيلَاءِ أَنَّ الِاسْتِيلَاءَ فِي الْمَنْقُولِ أَكْمَلُ قَوْلُهُ: (فُتِحَ صُلْحًا) أَيْ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ بِخَرَاجٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 225 (وَهُوَ مِنْ عَبَّادَانَ) بِالْمُوَحَّدَةِ الْمُشَدَّدَةِ (إلَى حَدِيثَةِ الْمَوْصِلِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْمِيمِ (طُولًا وَمِنْ الْقَادِسِيَّةِ إلَى حُلْوَانَ) بِضَمِّ الْحَاءِ (عَرْضًا قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (: الصَّحِيحُ أَنَّ الْبَصْرَةَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ فِي الْأَشْهَرِ (وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي حَدِّ السَّوَادِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُهُ إلَّا فِي مَوْضِعِ غَرْبَيْ دِجْلَتِهَا) يُسَمَّى الْفُرَاتَ (وَمَوْضِعِ شَرْقِيِّهَا) أَيْ لِدِجْلَةَ يُسَمَّى نَهْرَ الصَّرَاةِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْهَا كَانَ مَوَاتًا أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ بَعْدُ وَمَنْ أَدْخَلَهُ فِي الْحُكْمِ مَشَى عَلَى التَّحْدِيدِ الْمَذْكُورِ (وَ) الصَّحِيحُ (أَنَّ مَا فِي السَّوَادِ مِنْ الدُّورِ وَالْمَسَاكِنِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَمَنْ مَنَعَهُ مَشَى عَلَى أَنَّهُ وَقْفٌ (وَفُتِحَتْ مَكَّةُ صُلْحًا فَدُورُهَا وَأَرْضُهَا الْمُحْيَاةُ مِلْكٌ يُبَاعُ) وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَهَا. . فَصْلٌ (يَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارًا أَمَانُ حَرْبِيٍّ) وَاحِدٍ (وَعَدَدٍ مَحْصُورٍ) مِنْهُمْ كَعَشَرَةٍ وَمِائَةٍ (فَقَطْ) أَيْ بِخِلَافِ أَهْلِ نَاحِيَةٍ وَبَلْدَةٍ   [حاشية قليوبي] الْمَضْرُوبُ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ قَدْرٌ مَعْلُومٌ فَعَلَى جَرِيبِ الشَّعِيرِ دِرْهَمَانِ وَالْبُرِّ أَرْبَعَةٌ وَالشَّجَرِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ سِتَّةٌ، وَالنَّخْلِ ثَمَانِيَةٌ وَالْعِنَبِ عَشَرَةٌ وَالزَّيْتُونِ اثْنَا عَشَرَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ السَّوَادُ وَالْمَبْدَأُ وَالْغَايَةُ دَاخِلَانِ فِي الْحُدُودِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (الْمَوْصِلِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ نُوحًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا وَصَلَ بِسَفِينَتِهِ إلَى الْجُودِيِّ أَدْلَى حَجَرًا فِي حَبْلٍ لِيَعْلَمَ بِهِ قَدْرَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَاءِ، فَوَصَلَ إلَى الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ قَوْلُهُ: (الْقَادِسِيَّةِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا لَهَا بِالتَّقْدِيسِ. قَوْلُهُ: (الْبَصْرَةَ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا بَصْرِيٌّ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ لَا بِالضَّمِّ وَتُسَمَّى قُبَّةَ الْإِسْلَامِ، وَخِزَانَةَ الْعَرَبِ وَخِزَانَةَ الْعِلْمِ بَنَاهَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانٍ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قِيلَ كَانَ بِهَا سَبْعَةُ آلَافِ مَسْجِدًا وَعَشَرَةُ آلَافِ نَهْرًا لِكُلِّ نَهْرٍ اسْمٌ مَخْصُوصٌ وَبَنَى بَعْدَهَا الْكُوفَةَ بِسَنَتَيْنِ عَلَى الْأَشْهَرِ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (يُسَمَّى الْفُرَاتَ) الصَّوَابُ أَنَّ هَذَا هُوَ نَهْرُ الصَّرَاةِ، وَمَا بَعْدَهُ هُوَ نَهْرُ الْفُرَاتِ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِيهَا خِلَافُ الصَّوَابِ، وَالْفُرَاتُ اسْمُ مَكَان بِهَا لَا أَنَّهُ النَّهْرُ الْمَشْهُورُ. قَوْلُهُ: (أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ) وَهُمْ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانٍ، وَمَنْ مَعَهُمْ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ، فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (بَعْدَ) أَيْ بَعْدَ فَتْحِ الْعِرَاقِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الدُّورِ وَالْمَسَاكِنِ) إلَّا الْخَانَاتِ فَإِنَّهَا مِنْ الْوَقْفِ قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا الْأَشْجَارُ فَهِيَ وَقْفٌ لِدُخُولِهَا فِي وَقْفِ الْأَرْضِ فَيَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ فِيمَا كَانَ مَوْجُودًا مِنْهَا حَالَةَ الْوَقْفِ وَكَذَا يُقَالُ فِي بِنَاءِ الْخَانَاتِ. قَوْلُهُ: (وَفُتِحَتْ مَكَّةُ صُلْحًا) أَعْلَاهَا عَلَى يَدِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَأَسْفَلُهَا عَلَى يَدِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَكِنْ بَعْدَ وُجُودِ صُورَةِ قِتَالٍ ابْتِدَاءً مِنْ جِهَةِ خَالِدٍ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَهُ ثُمَّ سَلَّمُوا فَكَفَّ عَنْهُمْ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ فِي الْأَخْبَارِ وَالْأَقْوَالِ، وَفُتِحَتْ مِصْرُ عَنْوَةً وَقَدْ فُتِحَتْ قُرَاهَا صُلْحًا وَضَعَّفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَفُتِحَتْ مُدُنُ الشَّامِ صُلْحًا وَقُرَاهَا عَنْوَةً وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ أَنَّ دِمَشْقَ فُتِحَتْ عَنْوَةً، وَسَيَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ زِيَادَةٌ عَلَى الْمَذْكُورِ هُنَا فَرَاجِعْهُ. . فَصْلٌ فِي الْأَمَانِ مَعَ الْكُفَّارِ وَهُوَ أَحَدُ الْعُقُودِ الَّتِي تُفِيدُهُمْ الْأَمْنَ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: أَمَانٌ، وَجِزْيَةٌ، وَهُدْنَةٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنْ تَعَلَّقَ بِمَحْصُورٍ أَصَالَةً فَهُوَ الْأَمَانُ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ إلَى غَايَةٍ فَالْهُدْنَةُ وَإِلَّا فَالْجِزْيَةُ وَهَذَانِ يَخْتَصَّانِ بِالْإِمَامِ وَنَائِبِهِ وَبِوَالِي الْإِقْلِيمِ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ. قَوْلُهُ: (يَصِحُّ) أَيْ يُعْتَبَرُ الْأَمَانُ وَيُعْمَلُ بِهِ إنْ وُجِدَ مِنْ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ وَلَفْظُهُ كُلُّ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنْ أَمِنَهُ غَيْرُ مَنْ ذُكِرَ بَلَغَ الْمَأْمَنَ إنْ ظَنَّ صِحَّتَهُ. قَوْلُهُ: (أَمَانُ حَرْبِيٍّ) وَهَذَا مِنْ مُقَابَلَةِ الْفَرْدِ بِالْفَرْدِ سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَعَدَدٌ مَحْصُورٌ) وَهَذَا مِنْ مُقَابَلَةِ الْمُفْرَدِ بِالْجَمْعِ وَعَكْسُهُ أَوْلَى وَأَمَّا مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ كَأَنْ أَمِنَ مِائَةُ أَلْفٍ مِنَّا مِائَةَ أَلْفٍ مِنْهُمْ، فَقَالَ الْإِمَامُ: فَكُلُّ وَاحِدٍ لَمْ يُؤَمِّنْ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ لَكِنَّ مَحِلَّ الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يَنْسَدَّ بَابُ الْجِهَادِ، وَإِلَّا بَطَلَ الْكُلُّ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ دَفْعَةً، وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ إلَى ظُهُورِ الْخَلَلِ فَيَبْطُلُ مَا زَادَ.   [حاشية عميرة] يُؤَدُّونَهُ كُلَّ عَامٍ وَقِيلَ بَعْضُهُ صُلْحًا وَبَعْضُهُ عَنْوَةً، وَقِيلَ بِالْوَقْفِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ مِنْ عَبَّادَانَ) ابْتِدَاءُ الْغَايَةِ دَاخِلٌ فِي الْكُلِّ وَكَذَا انْتِهَاؤُهَا قَوْلُهُ: (وَهُوَ مِنْ عَبَّادَانَ إلَى حَدِيثَةِ الْمُوصِلِ إلَخْ) هُوَ بِالْفَرَاسِخِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ طُولًا وَثَمَانُونَ عَرْضًا قَوْلُهُ: (أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ) ابْتِدَاءُ ذَلِكَ عَلَى يَدِ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بَعْدَ فَتْحِ الْعِرَاقِ، وَكَانَ الْبِنَاءُ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَلَمْ يُعْبَدْ بِهَا صَنَمٌ قَطُّ، ثُمَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْبَصْرَةِ بَلْ كُلُّ مَوَاتٍ كَانَ فِي أَرْضِ الْعِرَاقِ لَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْحُكْمِ، قَوْلُهُ: (الصَّحِيحُ) مَوْضِعُ الْخِلَافِ الْأَبْنِيَةُ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً حِينَ وَقَفَهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَأَمَّا الْحَادِثُ فَمِلْكٌ قَطْعًا. نَعَمْ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَنْ الْأَبْنِيَةِ الَّتِي كَانَتْ الْخَانَاتِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُسْتَغَلُّ فَجَعَلَهُ وَقْفًا، كَالْأَرَاضِيِ وَالشَّجَرِ وَلَوْ اُتُّخِذَ مِنْ طِينِ الْأَرْضِ لَبِنٌ وَبُنِيَ بِهِ فَمَوْقُوفٌ وَالشَّجَرُ الَّذِي غُرِسَ بَعْدَ مِلْكِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَبْنِيَ مِنْ طِينِهَا الْمَسَاجِدَ وَالرُّبُطَ. قَوْلُهُ: (وَأَرْضُهَا الْمُحْيَاةُ) يَنْبَغِي أَنْ يُرِيدَ الَّتِي كَانَتْ مُحْيَاةً وَقْتَ الْفَتْحِ لِيَكُونَ لِلْفَاءِ مَعْنًى، وَإِلَّا فَالْمَوَاتُ وَقْتَ الْفَتْحِ مِلْكُ مَنْ أَحْيَاهُ بَعْدَهُ سَوَاءٌ فُتِحَتْ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا. فَصْلٌ يَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ إلَخْ لَوْ دَخَلَ دَارَنَا وَزَعَمَ رِسَالَةً لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ وَكَذَا مَنْ قَالَ أَرَدْت سَمَاعَ الْقُرْآنِ أَوْ طَلَبَ مَالِي الَّذِي عِنْدَكُمْ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْجِزْيَةِ. [فَصْلٌ يَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارًا أَمَانُ حَرْبِيٍّ] قَوْلُهُ: (لِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ) هُوَ مُسْتَدْرَكٌ فَغَيْرُهُمْ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) خَصَّ الْإِمَامُ الْخِلَافَ بِتَأْمِينِ غَيْرِ مَنْ أَسَرَهُ وَإِلَّا فَيَبْطُلُ قَطْعًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 226 وَدَخَلَ فِي الضَّابِطِ الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَغَيْرُهُمْ وَخَرَجَ الْمُكْرَهُ وَالصَّبِيُّ وَالْكَافِرُ (وَلَا يَصِحُّ أَمَانُ أَسِيرٍ لِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ لِدُخُولِهِ فِي الضَّابِطِ وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى أَنَّهُ مَقْهُورٌ فِي أَيْدِيهِمْ (وَيَصِحُّ) الْأَمَانُ (بِكُلِّ لَفْظٍ يُفِيدُ مَقْصُودَهُ) صَرِيحًا نَحْوَ أَمَّنْتُك أَوْ أَجَّرْتُك أَوْ أَنْتَ فِي أَمَانِي أَوْ كِنَايَةً نَحْوَ أَنْتَ عَلَى مَا تُحِبُّ أَوْ كُنْ كَيْفَ شِئْت (وَبِكِتَابَةٍ) بِالْفَوْقَانِيَّةِ (وَرِسَالَةٍ) وَلَوْ كَانَ الرَّسُولُ كَافِرًا. (وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْكَافِرِ بِالْأَمَانِ) بِأَنْ يُبَلِّغَهُ فَإِنْ لَمْ يُبَلِّغْهُ فَلَا أَمَانَ فَلَوْ بَدَرَ مُسْلِمٌ فَقَتَلَهُ جَازَ وَإِذَا عَلِمَهُ (فَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْبَلْ) بِأَنْ سَكَتَ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ (وَتَكْفِي إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ لِلْقَبُولِ) مِنْ قَادِرٍ عَلَى النُّطْقِ وَكَذَا فِي الْإِيجَابِ (وَيَجِبُ أَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَفِي قَوْلٍ يَجُوزُ) الْأَمَانُ (مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً) كَالْهُدْنَةِ فَلَوْ زَادَ عَلَى الْجَائِزِ بَطَلَ الزَّائِدُ فَقَطْ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ وَإِذَا أُطْلِقَ حُمِلَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَيَبْلُغُ بَعْدَهَا الْمَأْمَنَ (وَلَا يَجُوزُ أَمَانٌ يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ كَجَاسُوسٍ) وَطَلِيعَةٍ فَلَا يَنْعَقِدُ قَالَ الْإِمَامُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ تَبْلِيغَ الْمَأْمَنِ (وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ نَبْذُ الْأَمَانِ إنْ لَمْ يَخَفْ خِيَانَةً) فَإِنْ خَافَهَا نَبَذَهُ كَالْهُدْنَةِ وَهُوَ جَائِزٌ مِنْ جِهَةِ الْكَافِرِ يَنْبِذُهُ مَتَى شَاءَ (وَلَا يَدْخُلُ فِي الْأَمَانِ مَالُهُ وَأَهْلُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَكَذَا مَا مَعَهُ مِنْهُمَا فِي الْأَصَحِّ إلَّا بِشَرْطٍ) وَالثَّانِي لَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطٍ. (وَالْمُسْلِمُ بِدَارِ كُفْرٍ إنْ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ) بِأَنْ كَانَ مُطَاعًا فِي قَوْمِهِ أَوْ لَهُ عَشِيرَةٌ يَحْمُونَهُ وَلَمْ يَخَفْ فِتْنَةً فِي دِينِهِ (اُسْتُحِبَّ لَهُ الْهِجْرَةُ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (أَهْلِ نَاحِيَةٍ وَبَلْدَةٍ) أَيْ لَمْ يُعْلَمْ عَدَدُهُمْ فَلَا يَصِحُّ إنْ انْسَدَّ بَابُ الْجِهَادِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ) وَلَا لِغَيْرِهِمْ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ أَمَانِ الْأَسِيرِ الْمُطْلَقِ بِدَارِهِمْ الْمَمْنُوعِ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْهَا، وَلَا يَصِحُّ أَسِيرٌ مَعَنَا إلَّا مِنْ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ وَكَذَا مِمَّنْ أَسَرَهُ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْإِمَامُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. . قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الرَّسُولُ كَافِرًا) وَلَوْ صَبِيًّا مَأْمُونًا تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدِّمَاءِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا) أَيْ لَا يَحْصُلُ الْأَمَانُ لِلْكَافِرِ إنْ لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَصَحِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْقَبُولَ عَلَى الْفَوْرِ قَوْلُهُ: (مِنْ قَادِرٍ عَلَى النُّطْقِ) وَهِيَ كِنَايَةٌ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَمِنْ الْأَخْرَسِ فِيهَا التَّفْصِيلُ الْمَعْرُوفُ وَيَصِحُّ بِالْعَجَمِيَّةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَزِيدَ) أَيْ فِي أَمَانِ الرِّجَالِ أَمَّا النِّسَاءُ وَالْخَنَاثَى فَلَا يَتَقَيَّدُ الْأَمَانُ لَهُنَّ بِزَمَانٍ لِعَدَمِ انْسِدَادِ بَابِ الْجِهَادِ فِيهِنَّ. قَوْلُهُ: (بَطَلَ فِي الزَّائِدِ) إنْ لَمْ يَكُنْ بِنَا ضَعْفٌ وَإِلَّا فَيَصِحُّ فِي الزَّائِدِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ إلَى عَشْرِ سِنِينَ، كَمَا فِي الْهُدْنَةِ فَإِنْ اُحْتِيجَ لِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا زِيدَ بِعَقْدٍ آخَرَ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا يَزِيدُ فِي كُلِّ عَقْدٍ عَلَى عَشْرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ أَمَانٌ يَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ) وَلَوْ مِنْ الْإِمَامِ لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أَيْ لَا يَضُرُّ أَحَدٌ نَفْسَهُ، وَلَا يَضُرُّ غَيْرَهُ أَوْ لَا يَضُرُّ أَحَدٌ غَيْرَهُ وَلَا يَتَضَارَّ اثْنَانِ مَثَلًا وَقَدْ مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَطَلِيعَةٌ) هِيَ مَا يُقَدَّمُ عَلَى الْجَيْشِ لِيَطَّلِعَ عَلَى أَحْوَالِ عَدُوِّهِمْ ثُمَّ يُخْبِرُهُمْ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ نَبْذُ الْأَمَانِ) وَلَا لِغَيْرِهِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (فَإِنْ خَافَهَا نَبَذَهُ) أَيْ الْإِمَامُ وَكَذَا مَنْ أَمِنَهُ لَا غَيْرُهُمَا، قَوْلُهُ: (وَلَا يَدْخُلُ إلَخْ) أَيْ إنْ أَمِنَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ هُوَ بِدَارِنَا. قَوْلُهُ: (مَالُهُ) أَيْ مَا مَعَهُ مِنْ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَأَهْلُهُ) أَيْ وَلَا يَدْخُلُ وَلَدُهُ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ وَلَا زَوْجَتُهُ، وَلَوْ بِالنَّصِّ عَلَيْهَا وَكَانَتْ بِدَارِنَا. قَوْلُهُ: (بِدَارٍ وَأَهْلُهُ) أَيْ وَلَا يَدْخُلُ وَلَدُهُ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ وَلَا تَدْخُلُ زَوْجَتُهُ، وَلَوْ بِالنَّصِّ عَلَيْهَا وَكَانَتْ بِدَارِنَا. قَوْلُهُ: (بِدَارِ الْحَرْبِ) وَإِنْ شُرِطَ دُخُولُهُمَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مَا مَعَهُ) أَيْ مَا بِدَارِنَا مِنْ مَالِهِ وَوَلَدِهِ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِشَرْطِ دُخُولِهِ إلَّا زَوْجَتَهُ كَمَا مَرَّ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قِسْمٌ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَقْسَامٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُ بِدَارِنَا أَوْ بِدَارِهِمْ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَالُهُ وَأَهْلُهُ مَعَهُ، أَوْ لَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يُؤَمِّنَهُ الْإِمَامُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَحَاصِلُ الْحُكْمِ فِيهَا أَنَّهُ إنْ أَمَّنَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ دَخَلَ مَا مَعَهُ مِنْ مَالِهِ، وَأَهْلِهِ كَذَا زَوْجَتُهُ هُنَا وَلَوْ بِلَا شَرْطٍ سَوَاءٌ أَمَّنَهُ بِدَارِنَا أَوْ بِدَارِهِمْ، وَيَدْخُلُ مَا لَيْسَ مَعَهُ مِنْهَا إنْ شَرَطَ دُخُولَهُ، وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ أَمَّنَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ لَمْ يَدْخُلْ مَا لَيْسَ مَعَهُ مُطْلَقًا، وَيَدْخُلُ مَا مَعَهُ إنْ شَرَطَ دُخُولَهُ، وَإِلَّا فَلَا نَعَمْ لَا تَدْخُلُ زَوْجَتُهُ هُنَا وَلَوْ بِالشَّرْطِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَالْمُسْلِمُ بِدَارِ كُفْرٍ) أَوْ بِدَارِ إسْلَامٍ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْكُفَّارُ وَلَا تُسَمَّى دَارَ كُفْرٍ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو. قَوْلُهُ: (اُسْتُحِبَّ لَهُ الْهِجْرَةُ) أَيْ إنْ لَمْ يُرْجَ نُصْرَةُ الْمُسْلِمِينَ بِمَقَامِهِ وَلَمْ يُقِرَّ عَلَى الِاعْتِزَالِ فَإِنْ رُجِيَ مَا ذُكِرَ فَمَقَامُهُ أَفْضَلُ، أَوْ قَدَرَ عَلَى الِاعْتِزَالِ حَرُمَتْ الْهِجْرَةُ، لِئَلَّا يَسْتَوْلِيَ الْكُفَّارُ عَلَى مَحِلِّهِ فَيُشْبِهُ دَارَ الْكُفْرِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا وَجَبَتْ) عَلَى امْرَأَةٍ بِلَا مَحْرَمٍ.   [حاشية عميرة] ثُمَّ الْأَمَانُ مِنْ الْأَسِيرِ غَيْرُ نَافِذٍ حَتَّى فِي حَقِّ نَفْسِهِ قَوْلُهُ: (أَوْ كِنَايَةٍ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ قَوْلُهُ: (بِكِتَابَةٍ) أَيْ مَعَ النِّيَّةِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ الرَّسُولُ كَافِرًا) تَوْسِعَةً فِي حَقْنِ الدِّمَاءِ، وَلَوْ كَانَ الرَّسُولُ صَبِيًّا فَمَحِلُّ نَظَرٍ قَوْلُهُ: (فَلَوْ بَدَرَ مُسْلِمٌ إلَى آخِرِهِ) وَلَوْ كَانَ الْمُؤْمِنَ وَنَازَعَ الزَّرْكَشِيُّ فِي هَذَا الشَّرْطِ وَاسْتَنَدَ إلَى ظَاهِرِ قِصَّةِ أُمِّ هَانِئٍ عَامَ الْفَتْحِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ لَمْ يُقْبَلْ) لَوْ سَبَقَ اسْتِيجَابٌ أَعْنِي عَنْ الْقَبُولِ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ) لِبِنَاءِ الْبَابِ عَلَى التَّوْسِعَةِ كَالْهُدْنَةِ عِنْدَ قُوَّتِنَا، مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً لِأَنَّ الْجِزْيَةَ تَرْتَبِطُ بِالسَّنَةِ فَفِي اسْتِيفَائِهَا مَنْعٌ لِلْجِزْيَةِ، قَوْلُهُ: (كَالْهُدْنَةِ) أَيْ عَلَى قَوْلٍ قَوْلُهُ: (وَلَا يَدْخُلُ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ حُكْمِ النَّفْسِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْمَالِ وَالْأَهْلِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مَا مَعَهُ) أَيْ لِأَنَّ اللَّفْظَ قَاصِرٌ عَنْ إفَادَةِ ذَلِكَ ثُمَّ عِبَارَةُ الْكِتَابِ تَشْمَلُ مِثْلَ ثِيَابِ بَدَنِهِ، قَوْلُهُ: (إلَّا بِشَرْطٍ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ كَذَا فَقَطْ. قَوْلُهُ: (أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 227 إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لِئَلَّا يَكِيدُوا لَهُ (وَإِلَّا وَجَبَتْ إنْ أَطَاقَهَا) فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا فَمَعْذُورٌ إلَى أَنْ يَقْدِرَ (وَلَوْ قَدَرَ أَسِيرٌ عَلَى هَرَبٍ لَزِمَهُ) لِخُلُوصِهِ بِهِ مِنْ قَهْرِ الْأَسْرِ (وَلَوْ أَطْلَقُوهُ بِلَا شَرْطٍ فَلَهُ اغْتِيَالُهُمْ) قَتْلًا وَسَبْيًا وَأَخْذُ الْمَالِ (أَوْ عَلَى أَنَّهُمْ فِي أَمَانِهِ حَرُمَ) عَلَيْهِ اغْتِيَالُهُمْ (فَإِنْ تَبِعَهُ قَوْمٌ فَلْيَدْفَعْهُمْ وَلَوْ بِقَتْلِهِمْ) كَالصَّائِلِ (وَلَوْ شَرَطُوا) عَلَيْهِ (أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ دَارِهِمْ لَمْ يَجُزْ) لَهُ (الْوَفَاءُ) بِالشَّرْطِ. (وَلَوْ عَاقَدَ الْإِمَامُ عِلْجًا) وَهُوَ الْكَافِرُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ (يَدُلُّ عَلَى قَلْعَةٍ) تُفْتَحُ عَنْوَةً (وَلَهُ مِنْهَا جَارِيَةٌ جَازَ) ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ مُعَيَّنَةً كَانَتْ أَوْ مُبْهَمَةً رَقِيقَةً أَوْ حُرَّةً لِأَنَّهَا تَصِيرُ رَقِيقَةً بِالْأَسْرِ وَالْمُبْهَمَةُ يُعَيِّنُهَا الْإِمَامُ (فَإِنْ فُتِحَتْ بِدَلَالَتِهِ) وَفِيهَا الْجَارِيَةُ (أُعْطِيهَا أَوْ بِغَيْرِهَا فَلَا) شَيْءَ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْقَصْدَ الدَّلَالَةُ الْمُوَصِّلَةُ إلَى الْفَتْحِ وَالثَّانِي يَسْتَحِقُّهَا بِالدَّلَالَةِ (فَإِنْ لَمْ تُفْتَحْ فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِقَوْلِهِ مِنْهَا (وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُعَلِّقْ الْجَعْلَ بِالْفَتْحِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلٍ) لِدَلَالَتِهِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَارِيَةٌ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ) لَهُ (أَوْ بَعْدَ الظَّفَرِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَجَبَ بَدَلٌ) جَزْمًا (أَوْ قَبْلَ ظَفَرٍ فَلَا) بَدَلَ (فِي الْأَظْهَرِ) لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَالثَّانِي تَجِبُ لِأَنَّهَا حَاصِلَةٌ وَتَعَذَّرَ تَسْلِيمُهَا (وَإِنْ أَسْلَمَتْ) بَعْدَ الظَّفَرِ أَوْ قَبْلَهُ (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ بَدَلٍ) وَقِيلَ فِي كُلٍّ قَوْلَانِ (وَهُوَ) أَيْ الْبَدَلُ حَيْثُ وَجَبَ فِي الْمُعَيَّنَةِ (أُجْرَةُ مِثْلٍ وَقِيلَ قِيمَتُهَا) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَيْهِ فَضَمَانُهَا ضَمَانُ يَدٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ ضَمَانُ عَقْدٍ وَتَرْجِيحُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَرْجِيحِ قَوْلِ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي تَلَفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَتَقَدَّمَ تَرْجِيحُهُ فِي بَابِهِ. .   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: كَانَتْ الْهِجْرَةُ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ بَلَدِهِ إلَيْهِ، وَبَعْدَهُ مِنْ بِلَادِ الْكُفْرِ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الْهِجْرَةُ مِنْ بَلَدٍ يُعْمَلُ فِيهَا الْمَعَاصِي، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إزَالَتِهَا فَقَالَ شَيْخُنَا: لَا تَجِبُ بَلْ تُنْدَبُ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ كَغَيْرِهِ تَجِبُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) وَإِنْ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ. قَوْلُهُ: (اغْتِيَالُهُمْ) وَالْغِيلَةُ أَنْ يَخْدَعَهُ فَيَذْهَبُ بِهِ إلَى مَكَان فَيَقْتُلُهُ فِيهِ، قَوْلُهُ: (وَعَلَى أَنَّهُمْ فِي أَمَانِهِ) وَكَذَا عَكْسُهُ نَعَمْ إنْ قَالُوا: أَمَّنَّاك وَلَا أَمَانَ لَنَا عَلَيْك فَلَهُ اغْتِيَالُهُمْ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَلْيَدْفَعْهُمْ) أَيْ نَدْبًا قَوْلُهُ: (كَالصِّيَالِ) فَيَدْفَعهُمْ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ مَا لَمْ يُحَارِبُوهُ وَإِلَّا اُنْتُقِضَ عَهْدُهُمْ وَلَهُ قَتْلُهُمْ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ لَهُ الْوَفَاءُ) إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إظْهَارُ دِينِهِ، وَإِلَّا فَلَهُ الْوَفَاءُ وَلَوْ حَلَّفُوهُ مُكْرَهًا لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وَمِنْهُ مَنْعُهُمْ مِنْ إطْلَاقِهِمْ مِنْ الْحَبْسِ إلَّا بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ فَلَا كَفَّارَةَ وَلَا وُقُوعَ. قَوْلُهُ: (عِلْجًا) مِنْ الْعِلَاجِ لِقُوَّتِهِ فِي نَفْسِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْكَافِرِ قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا الْمُسْلِمُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَكِنْ تُعْطَى لَهُ الْجَارِيَةُ إذَا أَسْلَمَتْ. قَوْلُهُ: (قَلْعَةٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ مَعَ فَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا، وَأَصْلُهَا الْحِصْنُ الْمَنِيعُ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ مُبْهَمَةً فِي قِلَاعٍ مَحْصُورَةٍ. قَوْلُهُ: (مِنْهَا) لَا مِمَّا عِنْدَ إلَّا إنْ عُلِمَتْ. قَوْلُهُ: (جَازَ) إنْ كَانَ فِي دَلَالَتِهِ كُلْفَةٌ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَوْلُهُ: (فَإِنْ فُتِحَتْ) عَلَى يَدِ مَنْ عَاقَدَهُ عَنْوَةً بِدَلَالَتِهَا أُعْطِيهَا، وَإِنْ فُتِحَتْ صُلْحًا أُعْطَى بَدَلَهَا الْآتِي إنْ رَضِيَ بِهِ وَإِلَّا فَإِنْ رَضُوا بِدَفْعِهَا مَجَّانًا أَوْ بِبَدَلِهَا وَهُوَ مِنْ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضْخُ أُعْطِيهَا، وَإِلَّا نُبِذَ الصُّلْحُ وَبَلَغُوا الْمَأْمَنَ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَاتَتْ) أَوْ هَرَبَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ قَوْلُهُ: (أَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ) أَيْ الظَّفَرِ وَبَعْدَ الْعَقْدِ لَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ أَيْضًا، أَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ وَجَبَ الْبَدَلُ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَسْلَمَتْ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ سَوَاءٌ قَبْلَ الظَّفَرِ أَوْ بَعْدَهُ وَجَبَتْ قِيمَتُهَا. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ بَدَلٍ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَهُوَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (فِي الْمُعَيَّنَةِ) وَكَذَا فِي الْمُبْهَمَةِ بِأَنْ مَاتَ كُلُّ جَارِيَةٍ فِيهَا وَعَيَّنَهَا الْإِمَامُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ قِيمَتُهَا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ فُتِحَتْ الْقَلْعَةُ قَهْرًا بِدَلَالَتِهِ وَفِيهَا الْأَمَةُ بَعْدَ الظَّفَرِ حَيَّةٌ، أُعْطِيهَا إنْ لَمْ تُسْلِمْ أَوْ قِيمَتَهَا إنْ أَسْلَمَتْ أَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. فَرْعٌ: لَوْ حَاصَرْنَا قَلْعَةً فَصَالَحَ زَعِيمُهَا عَلَى نَفْيِ الْقَتْلِ عَنْ مِائَةِ شَخْصٍ مِنْهَا مَثَلًا جَازَ فَإِنْ عَدَّ مِائَةً غَيْرَ نَفْسِهِ فَلَنَا قَتْلُهُ.   [حاشية عميرة] عَلَى أَنَّهُمْ فِي أَمَانِهِ) مِثْلُهُ عَكْسُهُ قَوْلُهُ: (فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلٍ) قَالَ ابْنُ دَاوُد مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ قَوْلُهُ: (بِدَلَالَتِهِ) يُرَدُّ هَذَا بِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْهَا فِي مَعْنَى التَّعْلِيقِ عَلَى الْفَتْحِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بِهِ لَفْظًا، قَوْلُهُ: (أَوْ مَاتَتْ إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ لِمَوْتِهَا ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ وَقَدْ أَخْطَأَ ظَنُّهُ وَقِيلَ يَرْضَخُ لَهُ لِأَنَّهُ أَعَانَنَا. قَوْلُهُ: (وَجَبَ بَدَلٌ) لِأَنَّهَا حَصَلَتْ فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ فَكَانَتْ مِنْ ضَمَانِهِ، قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ) هَذَا الْخِلَافُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِنَا بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا لَمْ يُفْتَحْ، قَوْلُهُ: (وَتَعَذَّرَ) أَيْ بِالْمَوْتِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ) لَوْ أَسْلَمَ هُوَ أَيْضًا، فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَقَطْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ إنْ تَأَخَّرَ إسْلَامُهُ عَنْ إسْلَامِهَا لَمْ تُسَلَّمْ إلَيْهِ وَإِلَّا سُلِّمَتْ، قَوْلُهُ: (أَوْ قَبْلَهُ) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْمَوْتِ لِأَنَّهَا هُنَا مَوْجُودَةٌ حِسًّا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْإِسْلَامَ مَنَعَ. تَنْبِيهٌ: هَلْ إسْلَامُهَا قَبْلَ الْعَقْدِ كَذَلِكَ أَمْ يَلْحَقُ بِالْمَوْتِ الظَّاهِرُ الثَّانِي ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ الظَّفَرِ يُشْكِلُ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْمَوْتِ قَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ الْجَزْمُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ ظَاهِرٌ خُصُوصًا، وَقَدْ قَالُوا بِأَنَّ الْبَدَلَ يَجِبُ فِي الْإِسْلَامِ السَّابِقِ عَلَى الظَّفَرِ وَلَا يَجِبُ فِي الْمَوْتِ السَّابِقِ فَالْإِسْلَامُ الْمُتَأَخِّرُ أَوْلَى بِالْجَزْمِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 228 كِتَابُ الْجِزْيَةِ هِيَ مَالٌ يَلْتَزِمُهُ الْكُفَّارُ بِعَقْدٍ عَلَى وَجْهٍ يَأْتِي (صُورَةُ عَقْدِهَا) الْأَصْلِيُّ مِنْ الْمُوجِبِ (أُقِرُّكُمْ) وَسَيَأْتِي وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَقْرَرْتُكُمْ (بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ أَذِنْت فِي إقَامَتِكُمْ بِهَا عَلَى أَنْ تَبْذُلُوا) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ تُعْطُوا (جِزْيَةً وَتَنْقَادُوا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَحْكَامٌ وَمِنْهَا الْمُتَعَلِّقُ بِالْمُعَامَلَاتِ وَالْغَرَامَاتِ كَمَا ذَكَرَهَا صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَالْبَيَانِ وَحَدُّ السَّرِقَةِ وَالزِّنَى دُونَ الشُّرْبِ لِاعْتِقَادِهِمْ حِلَّهُ كَمَا ذُكِرَتْ فِي أَبْوَابِهَا (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ ذِكْرِ قَدْرِهَا) أَيْ الْجِزْيَةِ كَالْأُجْرَةِ وَسَيَأْتِي أَنَّ أَقَلَّهَا دِينَارٌ لِكُلِّ سَنَةٍ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ وَيُنَزَّلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْأَقَلِّ (لَا كَفِّ اللِّسَانِ) مِنْهُمْ (عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدِينِهِ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ لِأَنَّ فِي ذِكْرِ الِانْقِيَادِ غَنِيَّةً عَنْهُ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ لِيُؤْمَنَ دَعْوَى عَدَمِ إرَادَتِهِ. (وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ مُؤَقَّتًا عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ يَصِحُّ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ وَلَوْ قَالَ: أُقِرُّكُمْ مَا شِئْتُمْ جَازَ لِأَنَّ لَهُمْ نَبْذَ الْعَقْدِ مَتَى شَاءُوا بِخِلَافِنَا وَسَيَأْتِي إقْرَارُهُمْ بِالْجِزْيَةِ فِي دَارِ الْكُفْرِ (وَيُشْتَرَطُ لَفْظُ قَبُولٍ) مِنْهُمْ لِمَا أَوْجَبَ (وَلَوْ وُجِدَ كَافِرٌ بِدَارِنَا فَقَالَ: دَخَلْت لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ أَوْ رَسُولِهِ أَوْ بِأَمَانِ مُسْلِمٍ صُدِّقَ) فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ (وَفِي دَعْوَى الْأَمَانِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يُطَالَبُ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ لِإِمْكَانِهَا غَالِبًا (وَيَشْتَرِطُ لِعَقْدِهَا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) فِي عَقْدِهَا (وَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ إذَا طَلَبُوا إلَّا جَاسُوسًا نَخَافُهُ) الْمُرَادُ بِهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الْجِزْيَةِ مِنْ الْمُجَازَاةِ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ إقَامَتِهِمْ بِدَارِنَا وَكَفِّ أَذَانَا عَنْهُمْ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَقَامِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ وَقِيلَ: مِنْ الْجَزَاءِ بِمَعْنَى الْقَضَاءِ، وَذُكِرَتْ عَقِبَ الْجِهَادِ لِأَنَّهُ مَغْيًا بِهَا وَالْمَعْنَى فِي أَخْذِهَا أَنَّهُ مَعُونَةٌ لَنَا، وَإِهَانَةٌ لَهُمْ وَرُبَّمَا حَمَلَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَغَايَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا إلَى نُزُولِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِزَوَالِ شُبْهَتِهِمْ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ وَهَذَا مِنْ شَرْعِنَا لِأَنَّهُ يَحْكُمُ بِهِ مُتَلَقِّيًا لَهُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَبِالِاجْتِهَادِ الْمُسْتَمَدِّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ لَا يُخْطِئُ فِيهِ وَلَيْسَ لِلْمَذَاهِبِ عِنْدَهُ اعْتِبَارٌ، إذْ لَا عِبْرَةَ بِالِاجْتِهَادِ مَعَ النَّصِّ، وَالْمُجْتَهِدُ لَا يُقَلِّدُ مِثْلَهُ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (هِيَ مَالٌ إلَخْ) أَيْ تُطْلَقُ عَلَى الْمَالِ وَكَذَا عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَيْهِمَا مَعًا، وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ لِمُنَاسَبَةِ مَا يَأْتِي فَأَرْكَانُهَا خَمْسَةٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ عَاقِدٌ وَمَعْقُودٌ لَهُ وَمَالٌ وَصِيغَةٌ وَمَكَانٌ. قَوْلُهُ: (صُورَةُ عَقْدِهَا الْأَصْلِيِّ) فَلَا يَرُدُّ صِحَّتَهَا مَعَ إقَامَتِهِمْ بِدَارِ الْكُفْرِ وَسَيَذْكُرُهُ وَلَا ابْتِدَاءِ الْكُفَّارِ بِعَقْدِهَا، وَلَا عَقْدِهَا لِلنِّسَاءِ لِأَنَّهُ يُكْتَفَى فِيهِ بِالْتِزَامِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمُوجِبِ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ الْإِمَامُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ فَقَطْ لَا الْآحَادُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) فَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ أَوْلَى لِإِفَادَتِهَا الصِّحَّةَ مَعَ الْمُضَارِعِ الَّذِي لَا يَصِحُّ مَعَهُ غَيْرُهَا مِنْ الْعُقُودِ. قَوْلُهُ: (بِدَارِ الْإِسْلَامِ) أَيْ غَيْرِ الْحِجَازِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيُسَاوِي مَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِاعْتِقَادِهِمْ حِلَّهُ) فَالْعَقْدُ مُنَزَّلٌ عَلَى مَا يَعْتَقِدُونَ حُرْمَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) هُوَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ التَّأْقِيتِ الْمُبْطِلِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِنَا) أَيْ بِخِلَافِ الْمَشِيئَةِ مِنْ جِهَتِنَا، بِأَنْ يَقُولَ: أَقْرَرْتُكُمْ مَا شِئْت أَنَا أَوْ مَا شَاءَ الْمُسْلِمُونَ أَوْ مَا شِئْنَا، وَكَذَا مَا شَاءَ اللَّهُ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ لَفْظُ قَبُولٍ) أَيْ بِشُرُوطِهِ فِي الْبَيْعِ مِنْ اتِّصَالِهِ بِالْإِيجَابِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْإِشَارَةِ وَالْكِتَابَةِ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ، وَإِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ لَزِمَ الْكَافِرَ أَقَلُّهَا لِمُدَّةِ إقَامَتِهِ بِدَارِنَا، وَخَرَجَ الْإِشَارَةُ وَالْكِتَابَةُ بِمَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ، وَإِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ لَزِمَ الْكَافِرَ أَقَلُّهَا لِمُدَّةِ إقَامَتِهِ بِدَارِنَا، وَخَرَجَ بِفَسَادِ الْعَقْدِ مَا إذَا بَطَلَ بِأَنْ عَقَدَ الْآحَادَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَقَالَ) أَيْ قَبْلَ أَسْرِهِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ) وَيُنْدَبُ إنْ اُتُّهِمَ وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ عَقْدِهَا لَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَائِبُهُ فِي عَقْدِهَا) وَلَوْ عُمُومًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (الْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْجَاسُوسِ مَا   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الْجِزْيَةِ] ِ قَوْلُهُ: (الْأَصْلِيُّ) قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ: (دُونَ الشُّرْبِ) أَيْ وَدُونَ الْعِبَادَاتِ وَنِكَاحُ الْمَحْرَمِ مِنْ الْمَحَارِمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ [اشْتِرَاطُ ذِكْرِ قَدْرِ الْجِزْيَةِ] قَوْله: (لَا كَفِّ اللِّسَانِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا التَّعَرُّضُ لِعَدَمِ قِتَالِنَا، وَنَحْوُهُ مِمَّا يُنْتَقَضُ بِهِ عَهْدُهُمْ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لَهُ جَزْمًا، قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ مُؤَقَّتًا) أَيْ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَحْقِنُ الدُّنْيَا ` مَ كَالْإِسْلَامِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ الْإِسْلَامُ مُؤَقَّتًا كَذَلِكَ هَذَا ثُمَّ إذَا عُقِدَ مُؤَقَّتًا بَلَغُوا الْمَأْمَنَ وَمَهْمَا نَكَثُوا بِدَارِنَا أَخَذْنَا مِنْهُمْ أَقَلَّ الْجِزْيَةِ عَنْ كُلِّ سَنَةٍ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ ضَرَرِ التَّأْقِيتِ كَمَا يُسْتَثْنَى مِنْ مَحِلِّ الْخِلَافِ مَا شِئْنَا أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ جَزْمًا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِمِقْدَارِ الْأَجَلِ نَعَمْ هَذَا الَّذِي اُغْتُفِرَ هُنَا مِنْ التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَتِهِمْ لَمْ يَغْتَفِرُوا مِثْلَهُ فِي الْهُدْنَةِ، قَوْلُهُ: (لَفْظُ قَبُولٍ) مِثْلُهُ الْإِشَارَةُ فِي الْأَخْرَسِ، وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْعَقِدَ بِالْكِتَابَةِ بِالْفَوْقَانِيَّةِ كَالْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يُطَالِبُ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُ الْحَرْبِيِّ لَا يَدْخُلُ دَارَنَا إلَّا بِأَمَانٍ، قَوْلُهُ: (فِي عَقْدِهَا) خَرَجَ نَائِبُهُ الْعَامُّ فَلَا يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ بِالْإِمَامِ لِاحْتِيَاجِهَا إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ، وَتَعْلِيقُهَا بِالْمَحْصُورِينَ وَغَيْرِهِمْ، قَوْلُهُ: (جَاسُوسًا) هُوَ صَاحِبُ سِرِّ الشَّرِّ وَالنَّامُوسُ صَاحِبُ الْخَيْرِ، قَوْلُهُ: (الْمُرَادُ إلَخْ) يُرِيدُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 229 عَقِبَ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ فَلَوْ خَافَ غَائِلَتَهُمْ وَأَنَّ ذَلِكَ مَكِيدَةٌ مِنْهُمْ. لَمْ يُجِبْهُمْ وَفِيهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ قَرْعُ الْجَاسُوسِ الَّذِي يُخَافُ شَرُّهُ لَا يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ. (وَلَا تُعْقَدُ إلَّا لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ وَأَوْلَادِ مَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ قَبْلَ النَّسْخِ) لِدِينِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ التَّبْدِيلِ فِيهِ (أَوْ شَكَكْنَا فِي وَقْتِهِ بَعْد) أَيْ التَّهَوُّدِ أَوْ التَّنَصُّرِ أَكَانَ قَبْلَ النَّسْخِ أَمْ بَعْدَهُ (وَكَذَا زَاعِمُ التَّمَسُّكِ بِصُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَزَبُورِ دَاوُد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ - وَمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيٌّ وَالْآخَرُ وَثَنِيٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ فِي الْأَوَّلِ أَصَحُّ وَجْهَيْنِ قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَفِي الثَّانِيَةِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَصَحُّ الطُّرُقِ وَقَوْلٌ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِمُقَابِلِهِ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْمَذْكُورِينَ بِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ وَلَا يُقِرُّ بِهَا أَوْلَادُ مَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ بَعْدَ النَّسْخِ فِي ذَلِكَ الدِّينِ وَلَا عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ وَالشَّمْسِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالسَّامِرَةِ وَالصَّابِئُونَ إنْ خَالَفُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فِي أُصُولِ دِينِهِمْ فَلَيْسُوا مِنْهُمْ فَلَا يُقِرُّونَ وَإِلَّا فَمِنْهُمْ وَالْأَصْلُ فِي إقْرَارِ الْمَذْكُورِينَ بِالْجِزْيَةِ قَوْله تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [التوبة: 29]- إلَى قَوْلِهِ - {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] إلَى آخِرِهِ أَيْ يَلْتَزِمُوهَا مُنْقَادِينَ لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَغَلَبَ مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيٌّ وَأَدْرَجَهُ فِيهِمْ الْمُتَمَسِّكُ بِالصُّحُفِ وَالزَّبُورِ وَمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ» . (وَلَا جِزْيَةَ عَلَى امْرَأَةٍ وَخُنْثَى) لِأَنَّ آيَتَهَا السَّابِقَةَ لِلذُّكُورِ (وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ) وَقِيلَ: تَجِبُ بِقِسْطِ حُرِّيَّتِهِ (وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا (فَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ قَلِيلًا كَسَاعَةٍ مِنْ شَهْرٍ لَزِمَتْهُ أَوْ كَثِيرًا كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ) أَوْ يَوْمَيْنِ (فَالْأَصَحُّ بِلَفْقِ   [حاشية قليوبي] فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الَّذِي هُوَ الْأَعَمُّ مِنْهُ بِدَلِيلِ وَصْفِهِ، بِقَوْلِهِ نَخَافُهُ الْمُشْعِرِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا مَنَعَهُ الْخَوْفُ وَذِكْرُهُ فِيهِمَا مُنْفَرِدًا خَاصٌّ، بَعْدَ عَامٍّ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إرَادَةِ الْجَمْعِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ، هَكَذَا فُهِمَ وَالْجَاسُوسُ صَاحِبُ سِرِّ الشَّرِّ النَّامُوسُ صَاحِبُ سِرِّ الْخَيْرِ وَلَا تُعْقَدُ لِأَسِيرٍ طَلَبَهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يُجِبْهُمْ) فَيَحْرُمُ عَقْدُهَا لَهُمْ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا طَلَبُوا مَعَ الْأَمْنِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ النَّسْخِ) وَكَذَا مَعَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ وَالْمُرَادُ مَنْ تَهَوَّدَ قَبْلَ نَسْخِ شَرِيعَةِ مُوسَى، بِبَعْثَةِ عِيسَى أَوْ مَنْ تَنَصَّرَ قَبْلَ نَسْخِ شَرِيعَةِ عِيسَى بِبَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْقَبَلِيَّةَ بِلَا يَمِينٍ، فَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ النَّسْخُ وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ التَّبْدِيلُ وَلَا عَدَمُ اجْتِنَابِهِ وَكَذَا التَّحْرِيفُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا زَعَمَ إلَخْ) وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ نِكَاحِ الْمُتَمَسِّكَةِ بِذَلِكَ بِطَلَبِ حَقْنِ الدِّمَاءِ هُنَا، وَأَفَادَ بِذِكْرِ الزَّعْمِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ صِدْقُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي التَّمَسُّكِ الْمَذْكُورِ كَوْنُهُ قَبْلَ بَعْثَةٍ تَنْسَخُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِصُحُفِ إبْرَاهِيمَ) وَهِيَ عَشْرَةُ صَحَائِفَ وَمِثْلُهَا التَّمَسُّكُ بِصُحُفِ شِيثٍ وَهِيَ خَمْسُونَ صَحِيفَةً، أَوْ بِصُحُفِ إدْرِيسَ وَهِيَ ثَلَاثُونَ صَحِيفَةً تَنْعَقِدُ الْجِزْيَةُ لِجَمِيعِ هَؤُلَاءِ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ كَمَا مَرَّ، وَسَكَتَ عَنْ صُحُفِ مُوسَى وَهِيَ عَشْرَةٌ قَبْلَ التَّوْرَاةِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِالتَّوْرَاةِ. قَوْلُهُ: (أَحَدُ أَبَوَيْهِ) الذَّكَرُ أَوْ الْأُنْثَى وَالْمُعْتَبَرُ مَنْ نُسِبَ إلَيْهِ وَغَلَبَ فِيهِ حَقْنُ الدَّمِ، نَعَمْ إنْ اخْتَارَ دِينَ الْوَثَنِيِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ تُعْقَدُ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ، وَمَا فِي الْمَنْهَجِ مُؤَوَّلٌ فَرَاجِعْهُ وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِيِّ هُنَا مَنْ لَهُ كِتَابٌ مِمَّا ذُكِرَ. تَنْبِيهٌ: لَوْ انْتَسَبَ إلَى أَبَوَيْنِ مِنْ الْيَهُودِ أَحَدُهُمَا تَمَسَّكَ قَبْلَ النَّسْخِ وَالْآخَرُ بَعْدَهُ فَقِيَاسُ، مَا ذُكِرَ أَنْ تُعْقَدَ لَهُ الْجِزْيَةُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ النَّسْخِ) أَيْ يَقِينًا كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (إنْ خَالَفُوا إلَخْ) فَلَهُمْ هُنَا حُكْمُ مَا فِي النِّكَاحِ وَأَصْلُ كُلِّ دِينٍ نَبِيُّهُ، وَكِتَابُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَأُدْرِجَ إلَخْ) لَوْ جُعِلَ هَذَا مِنْ مَدْخُولِ الثَّانِي أَوْ مَقِيسًا عَلَى مَا فِيهِ لَكَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَمَا رَوَى) عَطْفٌ عَلَى الدَّلِيلِ الْقُرْآنِيِّ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ) وَقَالَ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَخَذَهَا أَيْضًا مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ. قَوْلُهُ: (وَلَا جِزْيَةَ عَلَى امْرَأَةٍ وَخُنْثَى) فَإِنْ طَلَبَا عَقْدَهَا لَهُمَا أَعْلَمَهُمَا الْإِمَامُ بِأَنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمَا فَإِنْ رَغِبَا فِي بَذْلِهَا عَقَدَهَا لَهُمَا وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمَا هِبَةٌ وَلَوْ تَبَيَّنَ ذُكُورَةُ الْخُنْثَى طُولِبَ بِهَا مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ لَهُ وَلَا يُغْنِي عَنْهَا مَا دَفَعَهُ أَوَّلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ لَمْ تُعْقَدْ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ) وَلَا تُعْقَدُ لَهُ لَوْ طَلَبَهَا، نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُبَعَّضُ كَالْمَرْأَةِ لِمِلْكِهِ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ، وَلَوْ عَتَقَ الرَّقِيقُ عُقِدَتْ لَهُ إنْ كَانَ مِمَّنْ تُعْقَدُ لَهُ وَطَلَبَهَا، وَإِلَّا بَلَغَ الْمَأْمَنَ سَوَاءٌ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ أَمْ كَافِرٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (وَمَجْنُونٍ) لَا يَصِحُّ عَقْدُ وَلِيِّهِ عَنْهُ كَالصَّبِيِّ، وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ السَّفِيهِ وَلَا عَقْدُ وَلِيِّهِ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ، وَلَا عِبْرَةَ بِالسَّفَهِ الطَّارِئِ بَعْدَ الرُّشْدِ حَالَ الْعَقْدِ وَسَيَأْتِي. فَرْعٌ: لَوْ عُقِدَ عَلَى الرِّجَالِ عَلَى أَنْ يَبْذُلُوا عَنْ ذَرَارِيِّهِمْ شَيْئًا، غَيْرَ مَا عَلَيْهِمْ جَازَ وَلَزِمَهُمْ إنْ كَانَ مِنْ مَالِهِمْ لَا مِنْ مَالِ الذَّرَارِيِّ. قَوْلُهُ: (كَسَاعَةٍ مِنْ شَهْرٍ) أَيْ مَثَلًا لَزِمَتْهُ وَالضَّابِطُ أَوْ تَكُونُ أَوْقَاتُهُ لَوْ لُفِّقَتْ لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.   [حاشية عميرة] أَنَّ عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ لَا تُفِيدُ تَحْرِيمَ إجَابَةِ الْجَاسُوسِ وَلَكِنَّهُ مُرَادُهُ قَوْلُهُ: (وَأَوْلَادِ إلَخْ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: يُرَدُّ عَلَى عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَالتَّنْبِيهِ وَالْحَاوِي إذَا تَهَوَّدَ الْأَصْلُ أَوْ تَنَصَّرَ قَبْلَ النَّسْخِ، لَكِنْ انْتَقَلَتْ ذُرِّيَّتُهُ عَنْ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْدَ نُزُولِ الْقُرْآنِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (أَوْ شَكَكْنَا) هُوَ عُمْدَةُ الصَّحَابَةِ فِي تَقْرِيرُ نَصَارَى الْعَرَبِ، قَوْلُهُ: (بِصُحُفِ إبْرَاهِيمَ) لِشُمُولِ الْكِتَابِ فِي الْآيَةِ لَهَا، قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) كَانَ يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ الْأَحْسَنَ إسْقَاطُ الْحَصْرِ الَّذِي فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَلْتَزِمُوهَا مُنْقَادِينَ) الِالْتِزَامُ تَفْسِيرُ الْإِعْطَاءِ وَالِانْقِيَادُ تَفْسِيرُ الصَّغَارِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ آيَتَهَا السَّابِقَةَ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْجِزْيَةَ لِحَقْنِ الدَّمِ وَسُكْنَى الدَّارِ وَالْمَرْأَةُ مَحْقُونَةٌ وَتَابِعَةٌ لِغَيْرِهَا وَكَذَا الصِّبْيَانُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 230 الْإِفَاقَةِ فَإِذَا بَلَغَتْ سَنَةً وَجَبَتْ) وَالثَّانِي لَا تَجِبُ وَالثَّالِثُ تَجِبُ كَالْعَاقِلِ وَالرَّابِعُ يُحْكَمُ بِمُوجِبِ الْأَغْلَبِ فَإِنْ اسْتَوَى الزَّمَانُ وَجَبَتْ (وَلَوْ بَلَغَ ابْنُ ذِمِّيٍّ وَلَمْ يَبْذُلْ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ يُعْطِ (جِزْيَةً أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ لِأَنَّ بَذْلَهَا عَقْدٌ لَهُ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ إعْطَاءَهَا بِمَعْنَى الْتِزَامِهَا (وَقِيلَ عَلَيْهِ كَجِزْيَةِ أَبِيهِ) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى عَقْدٍ اكْتِفَاءً بِعَقْدِ أَبِيهِ. (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهَا عَلَى زَمِنٍ وَشَيْخٍ هَرِمٍ وَأَعْمَى وَرَاهِبٍ وَأَجِيرٍ) لِأَنَّهَا كَأُجْرَةِ الدَّارِ (وَفَقِيرٍ عَجَزَ عَنْ كَسْبٍ فَإِذَا تَمَّتْ سَنَةٌ) لِلْفَقِيرِ (وَهُوَ مُعْسِرٌ فَفِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُوسِرَ) وَكَذَا حُكْمُ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ فِي غَيْرِ الْفَقِيرِ أَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ إنْ قُلْنَا لَا يُقْتَلُونَ كَالنِّسَاءِ، وَفِي الْفَقِيرِ قَوْلٌ وَغَيْرُهُ مَشْهُورٌ أَنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا تُعْقَدُ لَهُ عَلَى أَنْ يَبْذُلَهَا عِنْدَ الْقُدْرَةِ فَإِذَا أَيْسَرَ فَهُوَ أَوَّلُ حَوْلِهِ (وَيُمْنَعُ كُلُّ كَافِرٍ مِنْ اسْتِيطَانِ الْحِجَازِ) وَفِي الشَّرْحِ وَمِنْ الْإِقَامَةِ بِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي الرَّوْضَةِ (وَهُوَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَقُرَاهَا) كَالطَّائِفِ لِمَكَّةَ وَخَيْبَرَ لِلْمَدِينَةِ (وَقِيلَ: لَهُ الْإِقَامَةُ فِي طُرُقِهِ الْمُمْتَدَّةِ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْضِعَ إقَامَةِ النَّاسِ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ «آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنْ الْحِجَازِ» ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ حَدِيثَ «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» وَمُسْلِمٌ حَدِيثَ «لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» وَالْقَصْدُ مِنْهَا الْحِجَازُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَيْهِ. (وَلَوْ دَخَلَهُ) الْكَافِرُ (بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَخْرَجَهُ وَعَزَّرَهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ) مِنْهُ (فَإِنْ اسْتَأْذَنَ أُذِنَ لَهُ إنْ كَانَ) دُخُولُهُ (مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ كَرِسَالَةٍ وَحَمْلِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لِتِجَارَةٍ لَيْسَ فِيهَا كِبَرُ حَاجَةٍ لَمْ يَأْذَنْ إلَّا بِشَرْطِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا)   [حاشية قليوبي] قَوْله: (تُلَفَّقُ الْإِفَاقَةُ) إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا انْسَحَبَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْجُنُونِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ) فَإِنْ ضُمَّتْ مُدَّةٌ قَبْلَهُ لَزِمَهُ لَهَا أَقَلُّ جِزْيَةً. قَوْلُهُ: (وَتَقَدَّمَ إلَخْ) هُوَ إصْلَاحٌ لِتَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْبَذْلِ الَّذِي فَسَّرَهُ بِالْإِعْطَاءِ أَيْ فَالْمُرَادُ مِنْهُمَا عَقْدُهَا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَفَقِيرٍ) أَيْ تَلْزَمُهُ الْجِزْيَةُ لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ وَالْمُرَادُ بِهِ فَقِيرُ الزَّكَاةِ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَقِيلَ: الْفِطْرَةُ. تَنْبِيهٌ: يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ لِلذِّمِّيِّ أَمْوَالُهُ وَعَبِيدُهُ وَزَوْجَاتُهُ وَصِغَارُ أَوْلَادِهِ وَمَجَانِينُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ دُخُولُهُمْ وَكَذَا مَنْ لَهُ بِهِ عَلَقَةٌ بِقَرَابَةٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ مِنْ النِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَالْأَرِقَّاءِ إنْ شُرِطَ دُخُولُهُمْ، قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى التَّعْبِيرِ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُمْنَعُ كُلُّ كَافِرٍ مِنْ اسْتِيطَانِ الْحِجَازِ) وَالْإِقَامَةِ بِهِ مُعَاقَبَةً لَهُ بِإِخْرَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ كَذَا قِيلَ فَرَاجِعْهُ وَسُمِّيَ بِالْحِجَازِ كَمَا مَرَّ لِحَجْزِهِ بِالْجِبَالِ، وَالْحِجَارَةِ أَوْ لِأَنَّهُ حَاجِزٌ بَيْنَ نَجْدٍ وَتِهَامَةَ أَوْ بَيْنَ الشَّامِ وَالْيَمَنِ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ بِمَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ مِنْ الْيَمَنِ، إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى مُجَاوَرَتِهِ لَهُ وَهُوَ مُقَابِلٌ لِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنْ شَرْقِهَا وَقَدْرُهُ مَسِيرَةُ نَحْوِ شَهْرٍ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَسَدُومَ، وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَفِي الشَّرْحِ وَمِنْ الْإِقَامَةِ بِهِ) وَهِيَ أَوْلَى كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي الرَّوْضَةِ، وَيُمْنَعُ أَيْضًا مِنْ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ يَتَّخِذَهُ، وَلَوْ لِسُكْنَى مُسْلِمٍ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَمِنْ الْإِقَامَةِ بِجَزَائِرِهِ وَلَوْ خَرَابًا، وَمِنْ الْإِقَامَةِ فِي بَحْرٍ فِيهِ وَلَوْ فِي سَفِينَةٍ. نَعَمْ لَهُ رُكُوبُهَا خَارِجَ الْحَرَمِ لَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالْيَمَامَةُ) اسْمٌ لِأَرْضٍ وَاسِعَةٍ يُنْسَبُ إلَيْهَا مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ وَأَصْلُهَا اسْمٌ لِجَارِيَةٍ زَرْقَاءَ كَانَتْ تَرَى مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلِإِقَامَتِهَا بِتِلْكَ الْأَرْضِ سُمِّيَتْ بِهَا وَهِيَ حِجَازٌ كَمَا ذُكِرَ، وَقِيلَ يَمَنٌ وَقِيلَ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (كَالطَّائِفِ بِمَكَّةَ) وَمِثْلُهُ وَجٌّ وَجُدَّةُ. قَوْلُهُ: (وَخَيْبَرَ لِلْمَدِينَةِ) عَلَى ثَمَانِيَةِ بُرُدٍ مِنْهَا وَمِثْلُهَا النَّبْعُ وَسَكَتَ عَنْ قُرَى الْيَمَامَةِ لِعَدَمِ وُجُودِهَا فَفِي الضَّمِيرِ الْعَائِدِ إلَيْهَا تَغْلِيبٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ فِي شَأْنِ الْكُفَّارِ أَوْ فِي شَأْنِ الْحِجَازِ أَوْ الْمُرَادُ آخِرُ مَا سَمِعَهُ الرَّاوِي الْمَذْكُورُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْمُشْتَمِلَةُ هِيَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهَا مِنْ أَقْصَى عَدَنَ إلَى رِيفِ الْعِرَاقِ طُولًا وَمِنْ جُدَّةَ وَمَا وَالَاهَا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ إلَى الشَّامِ عَرْضًا، وَسُمِّيَتْ جَزِيرَةً لِأَنَّهُ أَحَاطَ بِهِ أَرْبَعَةُ أَبْحُرٍ دِجْلَةُ وَالْفُرَاتُ وَبَحْرُ فَارِسٍ وَبَحْرُ الْحَبَشَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَذِنَ لَهُ) قَالَ شَيْخُنَا وُجُوبًا وَسَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ) هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ أَيْ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُونَ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَأْذَنْ) فَيَحْرُمُ وَلَوْ مَعَ مُسْلِمٍ لِتِجَارَةٍ مَعَهُمَا أَوْ لِطَلَبٍ أَوْ صِيَاغَةِ نَصٍّ عَلَيْهِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (فَإِذَا بَلَغَتْ سَنَةً) أَيْ هِلَالِيَّةً فَلَوْ كَانَ جُنُونُهُ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ نَوَاقِصَ أَخَذْنَا قَدْرَ النَّاقِصِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ زَمَنِ الْإِفَاقَةِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَلَغَ ابْنُ ذِمِّيٍّ) وَلَوْ بِنَبَاتِ الْعَانَةِ قَوْلُهُ: (إنَّ إعْطَاءَهَا) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ أَيْ فَيَكُونُ الْبَذْلُ هُنَا بِمَعْنَى الِالْتِزَامِ، قَوْلُهُ: (كَجِزْيَةِ أَبِيهِ) لَوْ كَانَ آبَاؤُهُ مَفْقُودِينَ فَالظَّاهِرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُرَاعَاةُ جِزْيَةِ قَوْمِهِ، أَوْ أَقَارِبِهِ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إنَّهُ ابْنُ ذِمِّيٍّ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِأَبِيهِ جِزْيَةٌ وَلَوْ فُقِدَ. قَوْلُهُ: (وَشَيْخٍ) إذَا لَمْ يَكُنْ ذَا رَأْيٍ وَإِلَّا فَيُقِرُّ جَزْمًا، قَوْلُهُ: (وَفَقِيرٍ) وَجْهُهُ أَنَّهَا لِحَقْنِ الدَّمِ وَالْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ، قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ فِي حِكَايَةِ هَذَا وَقِيلَ: يُبْنَى عَلَى قِلَّتِهِمْ وَبِالتَّأَمُّلِ، يَظْهَرُ لَك أَنَّهُ مُرَادُ الشَّارِحِ وَأَمَّا الْفَقِيرُ فَلَيْسَ فِيهِ قَوْلَانِ قَوْلُهُ: (وَقُرَاهَا) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِمَكَّةَ وَمَا بَعْدَهَا فَقَطْ، قَوْلُهُ: (وَخَيْبَرَ) مِنْهَا أَيْضًا فَدَكُ وَقُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ وَيَنْبُعُ مِنْ الْحِجَازِ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ) هُوَ خَاصٌّ بِغَيْرِ الْحَرَمِ، قَوْلُهُ: (آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ الْكُفَّارِ، قَوْلُهُ: (لَمْ يَأْذَنْ إلَّا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 231 وَقَدْرُهُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ (وَلَا يُقِيمُ إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا يَوْمُ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ (وَيُمْنَعُ دُخُولَ حَرَمِ مَكَّةَ فَإِنْ كَانَ رَسُولًا) وَالْإِمَامُ فِي الْحَرَمِ (خَرَجَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ يَسْمَعُهُ) وَيُخْبِرُ الْإِمَامَ (وَإِنْ) دَخَلَهُ وَ (مَرِضَ فِيهِ نُقِلَ وَإِنْ خِيفَ مَوْتُهُ) مِنْ نَقْلِهِ (فَإِنْ مَاتَ) فِيهِ (لَمْ يُدْفَنْ فِيهِ فَإِنْ دُفِنَ نُبِشَ وَأُخْرِجَ) مِنْهُ (وَإِنْ مَرِضَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْحِجَازِ وَعَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ فِي نَقْلِهِ تُرِكَ وَإِلَّا نُقِلَ فَإِنْ مَاتَ) فِيهِ (وَتَعَذَّرَ نَقْلُهُ دُفِنَ هُنَاكَ) وَلَيْسَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ كَحَرَمِ مَكَّةَ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالنُّسُكِ وَفِيهِ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ «لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ» وَغَيْرُ الْحِجَازِ لِكُلِّ كَافِرٍ دُخُولُهُ بِالْأَمَانِ. فَصْلٌ (أَقَلُّ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ لِكُلِّ سَنَةٍ) عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ أَيْ مُحْتَلِمٍ دِينَارًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ (وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ مُمَاكَسَةٌ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْ مُتَوَسِّطٍ دِينَارَيْنِ وَغَنِيٍّ أَرْبَعَةً) وَلَوْ شُرِطَ ذَلِكَ فِي   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (إلَّا بِشَرْطِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا) مَرَّةً فِي السَّنَةِ فَقَطْ كَالْجِزْيَةِ نَعَمْ إنْ بَاعَ مَا دَخَلَ بِهِ ثُمَّ رَجَعَ وَاشْتَرَى غَيْرَهُ. أَوْ مِثْلَهُ بِثَمَنِهِ ثُمَّ دَخَلَ بِهِ أَيْضًا، أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ آخَرُ ثَانِيًا، وَكَذَا ثَالِثًا وَهَكَذَا بِخِلَافِ مَا لَمْ يَبِعْهُ، وَرَجَعَ بِهِ ثُمَّ عَادَ بِهِ وَدَخَلَ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ ثَانِيًا. قَوْلُهُ: (وَقَدْرُهُ) أَيْ الْمَأْخُوذِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ ظَاهِرُهُ قَدْرُ الْعَشْرِ وَفَوْقَهُ وَدُونَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُقِيمُ) أَيْ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَإِنْ تَعَدَّدَ فَلَهُ الْإِقَامَةُ إنْ كَانَ بَيْنَ كُلِّ مَوْضِعَيْنِ مَسَافَةُ قَصْرٍ وَإِلَّا فَلَا قَوْلُهُ: (وَيُمْنَعُ دُخُولَ الْحَرَمِ) وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ أَوْ بَذْلِ مَالٍ. قَوْلُهُ: (وَيُخَيِّرُ الْإِمَامُ) فَإِنْ امْتَنَعَ إلَّا مِنْ أَدَائِهَا مُشَافَهَةً تَعَيَّنَ خُرُوجُ الْإِمَامِ لَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ رُدَّ بِهَا أَوْ أَسْمَعَهَا مَنْ يُخْبِرُ الْإِمَامَ بِهَا، وَلَوْ كَانَ طَبِيبًا وَجَبَ إخْرَاجُ الْمَرِيضِ إلَيْهِ مَحْمُولًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ رُدَّ أَوْ وَصَفَ لَهُ مَرَضَهُ وَهُوَ خَارِجٌ وَلَا تَجُوزُ إجَابَتُهُ وَإِنْ بَذَلَ مَالًا كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (نُبِشَ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ تَهَرَّى. قَوْلُهُ: (وَعَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ) أَوْ خِيفَ مَوْتُهُ مِنْ نَقْلِهِ أَوْ زِيَادَةُ مَرَضِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ يَجِبُ نَقْلُهُ مُطْلَقًا وَقِيلَ: لَا يُنْقَلُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ كَحَرَمِ مَكَّةَ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْوُجُوبُ وَلَكِنَّهُ يُنْدَبُ وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْحِجَازِ دُخُولُ كُلِّ كَافِرٍ لَهُ بِأَمَانٍ وَلَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا ذَكَرَهُ. فَصْلٌ فِي مِقْدَارِ مَالِ الْجِزْيَةِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِمَّا يَأْتِي قَوْلُهُ: (أَقَلُّ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ) أَيْ عِنْدَ قُوَّتِنَا، وَإِلَّا فَيَجُوزُ الْعَقْدُ مَعَهُمْ بِدُونِهِ، وَالدِّينَارُ هُوَ الْمَضْرُوبُ مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ، فَلَا يَجُوزُ لَنَا الْعَقْدُ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ سَاوَاهُ وَيَجُوزُ بَعْدَ الْعَقْدِ أَخْذُ غَيْرِهِ عَنْهُ عِوَضًا بِقِيمَتِهِ، وَلَوْ مَغْشُوشًا غَيْرَ رَائِجٍ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زِيَادَةٍ مِنْهُمْ عَلَى مَا عَقَدَ عَلَيْهِ إلَّا بِنَحْوِ عَقْدٍ كَهِبَةٍ، قَوْلُهُ: (مُمَاكَسَةٌ) أَيْ مُشَاحَّةٌ وَلَا يَجُوزُ عَقْدُهَا بِدُونِهَا حَيْثُ أَمْكَنَ، وَلَا يَجُوزُ عَقْدُهَا لِسَفِيهٍ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ احْتِيَاطًا وَلَوْ بِوَلِيِّهِ لِوُجُودِ حَقْنِ الدَّمِ بِهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ صُلْحُهُ عَلَى الْقِصَاصِ بِأَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِأَكْثَرَ لَزِمَ مَا عَقَدَ بِهِ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (حَتَّى يَأْخُذَ مِنْ مُتَوَسِّطٍ دِينَارَيْنِ) وَضَبَطَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ الْمُتَوَسِّطَ وَالْغَنِيَّ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي النَّفَقَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُتَوَسِّطَ مَنْ يَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى مَا يَفِي بِبَقِيَّةِ عُمْرِهِ الْغَالِبُ أَكْثَرُ مِنْ مُدٍّ وَنِصْفٍ إلَى مُدَّيْنِ، فَإِنْ مَلَكَهُمَا أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ غَنِيٌّ وَخَالَفَهُمَا شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَ ضَبْطَهُمَا بِالْعَاقِلَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُتَوَسِّطَ مَنْ يَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى مَا يَفِي بِبَقِيَّةِ الْعُمْرِ الْغَالِبُ أَكْثَرُ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ إلَى عِشْرِينَ دِينَارًا، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا فَهُوَ غَنِيٌّ، قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ إلَخْ) هَذَا إنْ عَقَدَ عَلَى الْأَوْصَافِ كَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ مِنْكُمْ كَذَا وَعَلَى الْغَنِيِّ مِنْكُمْ كَذَا فَإِنْ عَقَدَ عَلَى الْأَشْخَاصِ بِالْمُمَاكَسَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ فَقَطْ، فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زِيَادَةٍ عَلَى مَا عَقَدَ بِهِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِمَّا عَقَدَ بِهِ فَدَيْنٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ بَقَاءُ   [حاشية عميرة] بِشَرْطِ إلَخْ) . قَالَ الْغَزَالِيُّ مَحِلُّ ذَلِكَ فِي الذِّمِّيِّ وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ دُخُولِ الْحِجَازِ لِلتِّجَارَةِ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. [فَصْلٌ أَقَلُّ الْجِزْيَةِ] ِ دِينَارٌ أَيْ فَلَا يَجُوزُ عَقْدُهَا بِغَيْرِهِ وَلَوْ فِضَّةً تَعْدِلُهُ، وَإِنْ جَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِفِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَوْلُهُ: (عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ) أَيْ وَلَوْ فَقِيرًا أَوْ سَفِيهًا، قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرَطَ إلَخْ) اُنْظُرْ كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ مَحِلُّ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا بَعْدَ صُدُورِهِ فَلَا مُمَاكَسَةَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا يُعْلَمُ مِنْ الْحَاشِيَةِ عَلَى قَوْلِهِ أَيْضًا، وَلَوْ شَرَطَ إلَخْ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ غَرَضَ الشَّارِحِ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ، أَنَّ مَعْنَى الْمَتْنِ تُسْتَحَبُّ الْمُمَاكَسَةُ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْإِمَامِ إجَابَةُ الْكَافِرِ إلَى طَلَبِ الْعَقْدِ بِدِينَارٍ بَلْ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُخَالِفَهُ، وَيُمَاكِسَهُ حَتَّى يَعْقِدَ لَهُ بِأَرْبَعَةٍ مَثَلًا فَيَكُونُ الْعَقْدُ صَادِرًا مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ جَازَ) مَعْنَاهُ أَنْ يَعْقِدَ لَهُ بِدِينَارٍ مَثَلًا وَيَشْرِطَ فِي الْعَقْدِ إنْ كَانَ غَنِيًّا آخِرَ الْحَوْلِ أَخَذَ مِنْهُ أَرْبَعَةً أَوْ يَقُولُ مَثَلًا عَاقَدْتُكُمْ عَلَى أَنَّ عَلَى الْغَنِيِّ كَذَا وَالْمُتَوَسِّطِ كَذَا وَالْفَقِيرِ دِينَارًا ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضَةِ مَا يَدُلُّ لِهَذَا، قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ جَازَ. قَوْلُهُ: (نَاقِضُونَ) فَعَلَيْهِ لَوْ طَلَبُوا الْعَقْدَ بِدِينَارٍ بَعْدَ النَّقْضِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 232 الْعَقْدِ جَازَ وَيَعْتَبِرُ الْغَنِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَخْذَ وَلَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَنَا مُتَوَسِّطٌ أَوْ فَقِيرٌ قُبِلَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ (وَلَوْ عُقِدَتْ بِأَكْثَرَ) مِنْ دِينَارٍ (ثُمَّ عَلِمُوا جَوَازَ دِينَارٍ لَزِمَهُمْ مَا الْتَزَمُوهُ فَإِنْ أَبَوْا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُمْ نَاقِضُونَ) لِلْعَهْدِ وَالثَّانِي لَا وَيَقْنَعُ مِنْهُمْ بِالدِّينَارِ. (وَلَوْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ أَوْ مَاتَ بَعْدَ سِنِينَ أُخِذَتْ جِزْيَتُهُنَّ) فِي الْإِسْلَامِ مِنْهُ وَفِي الْمَوْتِ (مِنْ تَرِكَتِهِ مُقَدَّمَةً عَلَى الْوَصَايَا وَيُسَوَّى بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ دَيْنِ آدَمِيٍّ عَلَى الْمَذْهَبِ) ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي تُقَدَّمُ هِيَ فِي قَوْلٍ وَدَيْنُ الْآدَمِيِّ فِي قَوْلٍ وَيُسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي قَوْلٍ (أَوْ فِي خِلَالِ سَنَةٍ فَقِسْطٌ) لِمَا مَضَى كَالْأُجْرَةِ (وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْحَوْلِ كَالزَّكَاةِ (وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ بِإِهَانَةٍ فَيَجْلِسُ الْآخِذُ وَيَقُومُ الذِّمِّيُّ وَيُطَأْطِئُ رَأْسَهُ وَيَحْنِي ظَهْرَهُ وَيَضَعُهَا فِي الْمِيزَانِ وَيَقْبِضُ الْآخِذُ لِحْيَتَهُ وَيَضْرِبُ لِهْزِمَتَيْهِ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَالزَّاي وَهُمَا مُجْتَمَعُ اللَّحْمِ بَيْنَ الْمَاضِغِ وَالْأُذُنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (وَكُلُّهُ مُسْتَحَبٌّ وَقِيلَ وَاجِبٌ) وَهُوَ مَعْنَى الصَّغَارِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] عِنْدَ بَعْضِهِمْ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الِاسْتِحْبَابِ (لَهُ تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ بِالْأَدَاءِ) لِلْجِزْيَةِ (وَحَوَالَةٌ) بِهَا (عَلَيْهِ وَأَنْ يَضْمَنَهَا) بِخِلَافِ الثَّانِي (قُلْت: هَذِهِ الْهَيْئَةُ بَاطِلَةٌ وَدَعْوَى اسْتِحْبَابِهَا أَشَدُّ خَطَأً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَا نَعْلَمُ أَصْلًا مُعْتَمَدًا وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَحَدًا مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ وَقَالَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ: تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ بِرِفْقٍ كَأَخْذِ الدُّيُونِ انْتَهَى وَفِيهِ تُحْمَلُ عَلَى الذَّاكِرِينَ لَهَا وَلِلْخِلَافِ فِيهَا الْمُسْتَنِدِ إلَى تَفْسِيرِ الصَّغَارِ فِي الْآيَةِ بِهَا الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ. (وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِمْ إذَا صُولِحُوا   [حاشية قليوبي] شَيْءٍ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْأَوْصَافِ، قَوْلُهُ: (قِيلَ قَوْلُهُ) أَيْ فِي أَنَّهُ مُتَوَسِّطٌ أَوْ فَقِيرٌ لَكِنْ بِيَمِينِهِ،. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ أَوْ مَاتَ بَعْدَ سِنِينَ) أُخِذَتْ الْجِزْيَةُ لَهُنَّ مِنْهُ أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ أَخَذَ جِزْيَتَهُنَّ، أَيْ السِّنِينَ الْمَاضِيَةَ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي الْمَوْتِ وَمِنْ مَالِهِ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْجِزْيَةَ تَجِبُ فِي الْعَقْدِ لَا بِآخِرِ الْحَوْلِ، وَمَحِلُّهُ فِي الْمَوْتِ إنْ خَلَفَ وَارِثًا مُسْتَغْرِقًا، فَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ وَارِثًا أَصْلًا سَقَطَتْ أَوْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ أُخِذَ جَمِيعُ مَا مَضَى قَبْلَ مَوْتِهِ مِنْ السِّنِينَ، مُقَدَّمًا عَلَى الْإِرْثِ وَأُخِذَ لِسَنَةِ الْمَوْتِ مِنْ الْوَارِثِ مِنْ تَرِكَتِهِ بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُ حِصَّتَهُ كَمَا يَأْتِي، وَسَقَطَ الْبَاقِي سَوَاءٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي خِلَالِ) أَيْ لَوْ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ فِي أَثْنَاءِ سَنَةٍ فَقِسْطٌ مِنْ الْجِزْيَةِ بِقَدْرِ الْمَاضِي مِنْهَا كَذَا فِي الْمَنْهَجِ، وَيَأْتِي فِي الْمَيِّتِ مَا مَرَّ وَأَخْذُ الْقِسْطِ فِيهِ ظَاهِرٌ وَكَذَا فِي الْمَجْنُونِ إنْ أُطْبِقَ جُنُونُهُ، وَأَمَّا مَحْجُورُ السَّفَهِ وَالْفَلَسِ فَفِيهِمَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ سُقُوطَ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ عَنْهُمَا فَلَا قَائِلَ بِهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمَا فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ قِسْطُ السَّفِيهِ، وَالْمُفْلِسِ فَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمَا مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِهِ مُطْلَقًا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَا لَوْ عَقَدَ عَلَى الْأَوْصَافِ، وَكَانَ الْمَحْجُورُ قَبْلَ حَجْرِهِ غَنِيًّا أَوْ مُتَوَسِّطًا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِسْطُ بِذَلِكَ الْوَصْفِ قَبْلَ الْحَجْرِ، وَقِسْطُ الْفَقِيرِ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ، قَوْلُهُ: (كَالزَّكَاةِ) وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْجِزْيَةَ مُعَاوَضَةٌ. قَوْلُهُ: (وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ بِإِهَانَةٍ) مَا لَمْ تُؤْخَذْ بِاسْمِ الزَّكَاةِ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (وَيَضْرِبُ) بِكَفِّهِ مَفْتُوحَةً ضَرْبَتَيْنِ وَقِيلَ: وَاحِدَةً وَيَقُولُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَدِّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (وَدَعْوَى اسْتِحْبَابِهَا إلَخْ) فَدَعْوَى وُجُوبِهَا أَشَدُّ وَأَعْظَمُ خَطَأً بَلْ هِيَ حَرَامٌ إنْ حَصَلَ بِهَا إيذَاءٌ وَإِلَّا كُرِهَتْ، قَوْلُهُ: (الْمُسْتَنِدُ إلَى تَفْسِيرِ الصِّغَارِ فِي الْآيَةِ) وَالصَّوَابُ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ بِالْتِزَامِ أَحْكَامِنَا.   [حاشية عميرة] بِمَا ذُكِرَ هَلْ تَجِبُ إجَابَتُهُمْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُمْ إنْ دُعُوا إلَى ذَلِكَ قَبْلَ ظُهُورِ الْإِمَامِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الِامْتِنَاعُ قَوْلُهُ: (بَعْدَ) مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ، قَوْلُهُ: (مِنْهُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أُخِذَتْ، قَوْلُهُ: (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) مُحَصِّلُهَا تَخْرِيجُهُ عَلَى الْأَقْوَالِ فِي امْتِنَاعِ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْآدَمِيِّ لَكِنَّ الْأَصَحَّ هُنَا اسْتِوَاؤُهُمَا نَظَرًا لِجَانِبِ الْأُجْرَةِ وَالْأَصَحُّ فِي الزَّكَاةِ وَدَيْنِ الْآدَمِيِّ تَقْدِيمُ الزَّكَاةِ. فَرْعٌ: أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ وَجِزْيَةٌ قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ فِيمَا يَظْهَرُ، قَوْلُهُ: (بِالْحَوْلِ) وَالْأَوَّلُ يَقُولُ تَجِبُ بِالْعَقْدِ وَتَسْتَقِرُّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ كَالْأُجْرَةِ. [كَيْفِيَّة أَخَذَ الْجِزْيَةَ] قَوْلُهُ: (وَيَقْبِضُ الْآخِذُ لِحْيَتَهُ) لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ لِحْيَةٌ فَهَلْ يَأْخُذُ بِمَوْضِعِهَا هُوَ مُحْتَمَلٌ، قَوْلُهُ: (مِنْ الْجَانِبَيْنِ) وَهَلْ يَضْرِبُهَا فِي الْجَانِبَيْنِ أَوْ يَكْتَفِي بِجَانِبٍ ظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ الْأَوَّلُ وَبَحْثُ الرَّافِعِيِّ الثَّانِي، قَوْلُهُ: (وَكُلُّهُ مُسْتَحَبٌّ) لِأَنَّ الْغَرَضَ أَخْذُ الْمَالِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِدُونِ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: وَاجِبٌ) تَحْصِيلًا لِمَعْنَى الصَّغَارِ، قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الثَّانِي) فَلَا يُوَكِّلُ مُسْلِمًا وَلَا كَافِرًا. فَرْعٌ: لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ شَخْصًا فِي أَمْرِ الدَّعْوَى وَجَلَسَ مَعَ الْقَاضِي مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الزَّبِيلِيُّ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ، قَوْلُهُ: (قُلْت إلَخْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْأُمِّ: وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ أَخَذَهَا بِإِجْمَالٍ وَلَمْ يَضُرَّ أَحَدًا مِنْهُمْ وَلَمْ يَنَلْهُ بِقَوْلِهِ قَبِيحٌ، وَالصَّغَارُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ الْحُكْمُ لَا أَنْ يُضْرَبُوا وَلَا أَنْ يُؤْذُوا انْتَهَى. قِيلَ: وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَاسْتَشْهَدَ بِهِ، قَوْلُهُ: (وَدَعْوِي اسْتِحْبَابِهَا) لَا شَكَّ أَنَّ الْوُجُوبَ أَوْلَى بِالْإِنْكَارِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَضْلًا عَنْ وُجُوبِهَا ثُمَّ وَصْفُهَا بِالْبُطْلَانِ يَقْتَضِي أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عِنْدَهُ، قَوْلُهُ: (عَلَيْهَا) فِي نُسْخَةٍ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ الضَّمِيرُ عَلَى الْخِلَافِ وَأَمَّا تَأْنِيثُهُ فَيَعُودُ لِلْهَيْئَةِ أَوْ الْآيَةِ. قَوْلُهُ: (الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ) أَيْ فِي الْمَتْنِ وَهِيَ التَّوْكِيلُ وَالْحَوَالَةُ وَالتَّضْمِينُ قَوْلُهُ: (أَنْ يَشْرِطَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُسْتَحَبُّ، قَوْلُهُ: (فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 233 فِي بَلَدِهِمْ ضِيَافَةُ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ زَائِدًا عَلَى أَقَلِّ جِزْيَةٍ وَقِيلَ: يَجُوزُ مِنْهَا وَيَجْعَلُ) عَلَى الْأَوَّلِ (عَلَى غَنِيٍّ وَمُتَوَسِّطٍ لَا فَقِيرٍ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي عَلَيْهِ أَيْضًا كَالْجِزْيَةِ (وَيَذْكُرُ عَدَدَ الضِّيفَانِ رِجَالًا وَفُرْسَانًا وَجِنْسَ الطَّعَامِ وَالْأُدُمِ وَقَدْرَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ كَذَا وَعَلَفَ الدَّوَابِّ وَمَنْزِلَ الضِّيفَانِ مِنْ كَنِيسَةٍ وَفَاضِلِ مَسْكَنٍ وَمُقَامِهِمْ وَلَا يُجَاوِزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَالَحَ أَهْلَ أَيْلَةَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ وَكَانُوا ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ وَعَلَى ضِيَافَةِ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ حَدِيثَ الضِّيَافَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالطَّعَامُ وَالْأُدْمُ كَالْخُبْزِ وَالسَّمْنِ وَالْعَلَفُ كَالتِّبْنِ وَالْحَشِيشِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ قَدْرِهِ وَإِنْ ذَكَرَ الشَّعِيرَ بَيَّنَ قَدْرَهُ وَلْيَكُنْ الْمَنْزِلُ بِحَيْثُ يَدْفَعُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَلَا يُخْرِجُونَ أَهْلَ الْمَنَازِلِ مِنْهَا وَمُقَامُهُمْ بِضَمِّ الْمِيمِ أَوَّلَهُ اسْمُ زَمَانٍ أَيْ مُدَّةَ إقَامَتِهِمْ. (وَلَوْ قَالَ قَوْمٌ: نُؤَدِّي الْجِزْيَةَ بِاسْمِ صَدَقَةٍ لَا جِزْيَةٍ فَلِلْإِمَامِ إجَابَتُهُمْ إذَا رَأَى) ذَلِكَ فَتَسْقُطُ عَنْهُمْ الْإِهَانَةُ (وَيُضَعِّفُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةَ) كَمَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (فَمِنْ خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ شَاتَانِ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بِنْتَا مَخَاضٍ) وَأَرْبَعِينَ شَاةً شَاتَانِ (وَعِشْرِينَ دِينَارًا دِينَارٌ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ عَشَرَةٌ وَخُمُسُ الْمُعَشِّرَاتِ وَلَوْ وَجَبَ بِنْتَا مَخَاضٍ مَعَ جُبْرَانَ) بَدَلَ بِنْتَيْ لَبُونٍ عِنْدَ فَقْدِهِمَا (لَمْ يُضَعِّفْ الْجُبْرَانَ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُضَعِّفُهُ فَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ بِنْتِ مَخَاضٍ أَرْبَعَ شِيَاهٍ أَوْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، (وَلَوْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ) بِحَيْثُ يُسَمَّى مُسَافِرًا وَلَيْسَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ، قَوْلُهُ: (مِنْ الْمُسْلِمِينَ) قُيِّدَ لِلنَّدْبِ لَا لِلْجَوَازِ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَارِّ عَلَى الْمُسْلِمِ سَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا لِدِيَارِهِمْ أَوْ عَكْسُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ بِدَارِنَا أَوْ دَارِهِمْ، قَوْلُهُ: (زَائِدًا عَلَى أَقَلِّ جِزْيَةٍ) وَهُوَ الدِّينَارُ فَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ مِنْهُ إذَا أَمْكَنَتْ مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَذْكُرُ) وُجُوبًا عَدَدَ الضِّيفَانِ وَعَدَدَ أَيَّامِ الضِّيَافَةِ، كَمِائَةِ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ مَثَلًا وَقَدْرَ الْإِقَامَةِ، قَوْلُهُ: (وَجِنْسَ الطَّعَامِ) وَمِنْهُ الْفَاكِهَةُ وَالْحَلْوَى وَنَحْوُهُمَا فِي كُلِّ زَمَانٍ عَلَى الْعَادَةِ، وَيُلْزِمُهُمْ أُجْرَةُ طَبِيبٍ وَثَمَنُ دَوَاءٍ، قَوْلُهُ: (وَعَلَفَ الدَّوَابِّ) أَيْ جُمْلَتَهَا أَوْ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ مَثَلًا، وَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهَا وَهُمْ فِي الْجُمْلَةِ يُوَزَّعُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَوْ يَتَحَمَّلُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَلَهُ أَنْ يُقَارِبَ بَيْنَهُمْ فِي الْقَدْرِ كَأَنْ يَجْعَلَ عَلَى وَاحِدٍ عَشَرَةً وَعَلَى آخَرَ دُونَهَا، قَوْلُهُ: (وَمَنْزِلَ الضِّيفَانِ) وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ رَفْعَ بَابِهِ لِيَدْخُلَهُ الْفَارِسُ رَاكِبًا مَثَلًا، قَوْلُهُ: (وَلَا يُجَاوِزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) نَدْبًا وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُعْطُوا الضَّيْفَ عِنْدَ رَحِيلِهِ كِفَايَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِهِمْ ضِيفَانٌ لَمْ يَلْزَمْهُمْ بَدَلُ الضِّيَافَةِ إلَّا إنْ شُرِطَ عَدَدٌ مَثَلًا فِي يَوْمٍ وَفَاتَ ذَلِكَ الْيَوْمُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْعَدَدِ. قَوْلُهُ: (أَيْلَةَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ وَبَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ وَآخِرُهُ هَاءٌ هُوَ اسْمٌ لِلْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ بِالْعَقَبَةِ مِنْ مَنَازِلِ الْحَجِّ الْمِصْرِيِّ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ الْقَرْيَةِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف: 163] الْآيَةُ، وَأَمَّا إيلِيَاءُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ وَبَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ وَآخِرُهُ يَاءٌ مَفْتُوحَةٌ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَمْدُودَةٌ فَهُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ. قَوْلُهُ: (كَالْخُبْزِ وَالسَّمْنِ) وَالزَّيْتِ وَنَحْوِهَا لَا ذَبْحِ دَجَاجٍ وَنَحْوِهِ، قَوْلُهُ: (وَالْعَلَفِ كَالتِّبْنِ وَالْحَشِيشِ) وَالْقَتِّ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْتَاجُ) أَيْ إذَا ذَكَرَ جِنْسَ الْعَلَفِ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ قَدْرِهِ، قَوْلُهُ: (وَإِنْ ذَكَرَ الشَّعِيرَ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ ذِكْرِ الْقَدْرِ أَيْ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْقَدْرِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَلَفِ إلَّا فِي الشَّعِيرِ، إذَا ذَكَرَهُ قَالَ شَيْخُنَا لِكَوْنِهِ مِنْ الْحُبُوبِ الْمَكِيلَةِ وَيَنْبَغِي أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الْفُولَ وَنَحْوَهُ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَلَا يُخْرِجُونَ أَهْلَ الْمَنَازِلِ مِنْهَا) فَيَحْرُمُ وَمَتَى امْتَنَعُوا مِنْ شَيْءٍ مِمَّا شَرَطَهُ عَلَيْهِمْ مِمَّا ذُكِرَ انْتَقَضَ عَهْدُ الْمُمْتَنِعِ مِنْهُمْ إلَّا إذَا أَمْكَنَ الْأَخْذُ مِنْهُ بِالْإِجْبَارِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَامَهُمْ بِضَمِّ الْمِيمِ أَوَّلُهُ اسْمُ زَمَانٍ أَيْ مُدَّةَ إقَامَتِهِمْ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ فَإِنَّهُ اسْمُ مَكَانِ الْإِقَامَةِ وَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَمَنْزِلَ الضِّيفَان إلَخْ، قَوْلُهُ: (بِاسْمِ صَدَقَةٍ) أَيْ بِاسْمِ زَكَاةٍ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ فَلِلْإِمَامِ إجَابَتُهُمْ جَوَازًا قَوْلُهُ: (فَتَسْقُطُ عَنْهُمْ الْإِهَانَةُ) أَيْ لَا يَطْلُبُ فَيَمْتَنِعُ فِعْلُهَا عَلَى الْقَوْلِ بِهَا السَّابِقِ قَوْلُهُ: (وَيُضَعِّفُ عَلَيْهِمْ) مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ وَأَكْثَرَ بِقَدْرِ إمْكَانِهِ نَعَمْ لَا يُضَعِّفُ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَسَيَأْتِي وُجُوبُ التَّضْعِيفِ إذَا لَمْ يَفِ الْأَصْلُ بِالدِّينَارِ، قَوْلُهُ: (كَمَا فَعَلَ) أَيْ أَخَذَ كَذَلِكَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ فَصَارَ إجْمَاعًا، قَوْلُهُ: (وَخُمُسُ الْمُعْشِرَاتِ) فِيمَا يَكُونُ وَاجِبُهُ الْعُشْرَ وَعُشْرُهَا فِيمَا وَاجِبُهُ نِصْفُ الْعُشْرِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُضَعِّفْ الْجُبْرَانَ) لِأَنَّهُ خِلَافُ قِيَاسٍ وَلِئَلَّا يَكْثُرَ التَّضْعِيفُ وَلِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنَّا وَمِنْهُمْ، فَلَوْ مَلَكَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا لَيْسَ فِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ أَعْطَى لَنَا بِنْتَيْ مَخَاضٍ وَمَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، أَوْ أَعْطَى حِقَّتَيْنِ لَنَا وَأَخَذَ مِنَّا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مَا ذُكِرَ وَهَذَا يَقْتَضِي.   [حاشية عميرة] بَلَدِهِمْ) خَرَجَ بَلَدُنَا قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ كَوْنِهَا مِنْ الْجِزْيَةِ وَعَدَمِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، فَإِذًا لَا خِلَافَ، قَوْلُهُ: (وَلِكُلِّ) قِيلَ: الْوَاوُ مُسْتَدْرَكَةٌ، قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ) هُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَصْلِ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَعَلَى كَوْنِ ذَلِكَ خَارِجًا عَنْ الْجِزْيَةِ قَوْلُهُ: (وَخُمُسُ الْمُعَشَّرَاتِ) أَيْ فِي الْمَسْقِيِّ بِلَا مُؤْنَةٍ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَجَبَ إلَخْ) إنَّمَا خَصَّ الْخِلَافَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ حِقَّتَيْنِ عَنْ سِتٍّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 234 كَانَ بَعْضُ نِصَابٍ لَمْ يَجِبْ قِسْطُهُ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يَجِبُ فَفِي عِشْرِينَ شَاةٍ شَاةٌ وَفِي مِائَةِ دِرْهَمٍ خَمْسَةٌ (ثُمَّ الْمَأْخُوذُ جِزْيَةٌ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ) كَالْمَرْأَةِ، وَالصَّبِيِّ وَيُزَادُ عَلَى الضِّعْفِ إنْ لَمْ يَفِ بِدِينَارٍ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ إلَى أَنْ يَفِيَ بِهِ وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَدْرِ الزَّكَاةِ وَنِصْفِهَا إذَا وَفَّى بِالدِّينَارِ. . فَصْلٌ (يَلْزَمُنَا الْكَفُّ عَنْهُمْ) بِأَنْ لَا نَتَعَرَّضَ لَهُمْ نَفْسًا وَمَالًا (وَضَمَانُ مَا نُتْلِفُهُ عَلَيْهِمْ نَفْسًا وَمَالًا) أَيْ يَضْمَنُهُ الْمُتْلِفُ مِنَّا (وَدَفْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ) كَائِنِينَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ مُنْفَرِدِينَ بِبَلَدٍ (وَقِيلَ: إنْ انْفَرَدُوا بِبَلَدٍ لَمْ يَلْزَمْنَا الدَّفْعُ) عَنْهُمْ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَقْيِيدُ الْبَلَدِ بِجِوَارِ الدَّارِ أَيْ دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْتَوْطِنُونَ دَارَ الْحَرْبِ وَبَذَلُوا الْجِزْيَةَ لَا يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ جَزْمًا (وَنَمْنَعُهُمْ إحْدَاثَ كَنِيسَةٍ) وَبَيْعَةٍ (فِي بَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ) كَبَغْدَادَ   [حاشية قليوبي] أَنَّ الْجُبْرَانَ يُؤْخَذُ عَنْ الْأَصْلِ وَعَنْ التَّضْعِيفِ، وَبِهِ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ فَالْمُرَادُ بِمَنْعِ تَضْعِيفِ الْجُبْرَانِ مَنْعُ تَكْرَارِهِ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. تَنْبِيهٌ: الْخِيرَةُ فِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ هُنَا لِلْإِمَامِ، وَلَوْ بِنَائِبِهِ لَا لِلْمَالِكِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَوْلُهُ (لَمْ يَجِبْ قِسْطُهُ) أَيْ قَدْرُ قِسْطِهِ وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ فِي الْوَقْصِ وَلَا فِي مَالٍ غَيْرِ زَكَوِيٍّ كَالْعَوَامِلِ وَالْمَعْلُوفَةِ، وَيُعْتَبَرُ النِّصَابُ جَمِيعَ الْحَوْلِ. نَعَمْ لَوْ تَمَّ الْحَوْلُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَالٌ بِزَكِيٍّ أُخِذَتْ الْجِزْيَةُ مِنْ بَقِيَّةِ أَمْوَالِهِ، قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْمَأْخُوذُ جِزْيَةٌ) فَيُصْرَفُ كُلُّهُ مَصْرِفَهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ حَمْقَى أَبَوْا الِاسْمَ وَرَضَوْا بِالْمَعْنَى، قَوْلُهُ: (كَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ) فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِمَا خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ فِي الْأَخْذِ مِنْهُمَا، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِي الْأَخْذِ مِنْ الْمَرْأَةِ فَقَطْ. فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ أَحْكَامِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ مِمَّا يُطْلَبُ مِنَّا لَهُمْ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ يَمْتَنِعُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: (يَلْزَمُنَا) بِعَقْدِ الْجِزْيَةِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ، قَوْلُهُ: (الْكَفُّ عَنْهُمْ) سَوَاءٌ كَانُوا بِدَارِنَا أَمْ لَا، قَوْلُهُ: (نَفْسًا وَمَالًا) وَعِرْضًا وَسَائِرَ مَا يُقِرُّونَ عَلَيْهِ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ لَمْ يُظْهِرُوهُمَا. قَوْلُهُ: (وَضَمَانُ مَا نُتْلِفُهُ عَلَيْهِمْ) رَوَى أَبُو دَاوُد حَدِيثًا حَسَّنَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلَفْظُهُ «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهَدًا أَوْ انْتَقَصَهُ حَقَّهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . اهـ قَالُوا وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلزَّجْرِ عَنْ التَّعَرُّضِ لَهُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَيَكُونُ حِكْمَتُهُ صَوْنَ أُمَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَوَهُّمِ نَقْصِ مَقَامِهِمْ النَّاشِئِ عَنْ مُسَاوَاتِهِمْ لِلْكُفَّارِ فِي قِيَامِهِمْ مَعَهُمْ فِي مَوْقِفِ الْمُخَاصَمَةِ، وَهَذَا مَعْلُومُ الِانْتِفَاءِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقَالُ مُخَاصَمَتُهُ عَنْ الْكَافِرِ إنْ لَمْ تَكُنْ بِإِذْنِهِ فَهُوَ فُضُولِيٌّ أَوْ كَانَتْ بِإِذْنِهِ فَهُوَ وَكِيلٌ عَنْهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يُنَاسِبُ مَقَامَهُ الشَّرِيفَ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ ذَلِكَ مِنْ الْخَيَالِ الْفَاسِدِ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ نَائِبُ الْغَائِبِينَ فِي حُقُوقِهِمْ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ فُضُولِيٌّ وَلِأَنَّ فِي مُخَاصَمَتِهِ الْمَذْكُورَةِ أَوْضَحُ دَلِيلٍ وَأَقْوَى شَاهِدٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاعِي أُمَّتَهُ فِي أَخْذِ حَقِّ عَدَدِهِمْ مِنْهُمْ، وَلَوْ بِغَيْرِ سُؤَالِهِ وَلِأَنَّ فِيهِ تَنْبِيهًا لِلْكَافِرِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَاشَى عَنْ طَلَبِ حَقِّهِ خَشْيَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَاعِي أُمَّتَهُ عَدَمَ أَخْذِهِ مِنْهُمْ، وَنَحْوُ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي وَكَالَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْكَافِرِ تَوَهُّمُ نَقْصٍ فِي مَقَامِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَدَفْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ) وَكَذَا غَيْرُهُمْ مِنْ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَلَوْ أَطْلَقَ الدَّفْعَ كَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ الدَّفْعِ فَسَدَ الْعَقْدَانِ كَانُوا بِدَارِنَا أَوْ بِمَحِلٍّ لَوْ قَصَدَهُمْ عَدُوُّهُمْ مَرَّ عَلَيْنَا وَإِلَّا فَلَا وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ مُدَّةَ عَدَمِ الدَّفْعِ حَيْثُ وَجَبَ، قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (لَا يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مُسْلِمٌ وَلَوْ أَسِيرًا إلَّا وَجَبَ الدَّفْعُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ لِأَجْلِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُنْسَبُ إقَامَتُهُ فِيهِ عُرْفًا وَهَذَا الْمُرَادُ بِجِوَارِ بَلَدِهِمْ لَنَا. قَوْلُهُ: (فِي بَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ) أَيْ وُجِدَتْ عِمَارَتُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ اسْتِيلَائِهِمْ عَلَى مَحِلِّهِ، قَوْلُهُ: (كَبَغْدَادَ) وَالْقَاهِرَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ لِأَنَّ بَغْدَادَ بَنَاهَا أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، وَالْقَاهِرَةُ بَنَاهَا الْمُعِزُّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ أَوْ ثَمَانِ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَالْبَصْرَةُ بَنَاهَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَالْكُوفَةُ بَنَاهَا عُتْبَةُ الْمَذْكُورُ بَعْدَهَا بِسَنَتَيْنِ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهُدِمَ   [حاشية عميرة] وَثَلَاثِينَ بَدَلًا عَنْ بِنْتَيْ اللَّبُونِ لَمْ يُضَعِّفْ لَهُ الْجُبْرَانَ قَطْعًا وَقَوْلُ الشَّارِحِ بَدَلٌ إلَخْ. دَفْعٌ لِمَا عَسَاهُ يُقَالُ عِبَارَتُهُ تَقْتَضِي أَنَّ بِنْتَيْ الْمَخَاضِ تَجِبَانِ عَيْنًا مَعَ الْجُبْرَانِ وَهُوَ لَا يَكُونُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ بَعْضَ نِصَابٍ إلَخْ) . أَيْ لِأَنَّ الْأَثَرَ عَنْ عُمَرَ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) . لَوْ كَانَ مَالِكًا لِمَا دُونَ النِّصَابِ فَهَلْ يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ تَرَدَّدَ فِيهِ ابْنُ أَبِي الدَّمِ، وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ شَاةٍ بِالْخُلْطَةِ أُضْعِفَتْ بِلَا خِلَافٍ. [فَصْلٌ يَلْزَمُ الْمُسْلِمُونَ الْكَفُّ عَنْ أَهْلُ الْجِزْيَةِ وعدم التَّعَرُّض لَهُمْ] فَصْلٌ يَلْزَمُنَا الْكَفُّ عَنْهُمْ نَفْسًا وَمَالًا فِيهِ الْحَذْفُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي وَهُوَ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ: (وَنَمْنَعُهُمْ إحْدَاثَ كَنِيسَةٍ) وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ قَوْلُهُ: (وَلَهُمْ إلَخْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَكْبَرَ مِنْ الشِّرْكِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 235 (أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ) كَالْيَمَنِ وَمَا يُوجَدُ فِي الْأَوَّلِ لَا يُنْقَضُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ فِي قَرْيَةٍ أَوْ بَرِّيَّةٍ فَاتَّصَلَ بِهِ عِمَارَةُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ عُرِفَ إحْدَاثُ شَيْءٍ نُقِضَ (وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً لَا يُحْدِثُونَهَا فِيهِ وَلَا يُقِرُّونَ عَلَى كَنِيسَةٍ كَانَتْ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَقْرَءُونَ بِالْمَصْلَحَةِ (أَوْ) فُتِحَ (صُلْحًا بِشَرْطِ الْأَرْضِ لَنَا وَشَرْطِ إسْكَانِهِمْ) بِخَرَاجٍ (وَإِبْقَاءِ الْكَنَائِسِ) وَالْبِيَعِ (جَازَ) وَإِنْ ذَكَرُوا إحْدَاثَهَا جَازَ أَيْضًا (وَإِنْ أُطْلِقَ) أَيْ لَمْ يُشْرَطْ إبْقَاؤُهَا (فَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) مِنْهُ وَالثَّانِي لَا وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ بِقَرِينَةِ الْحَالِ لِحَاجَتِهِمْ إلَيْهَا فِي عِبَادَتِهِمْ (أَوْ) بِشَرْطِ الْأَرْضِ (لَهُمْ) وَيُؤَدُّونَ الْخَرَاجَ (قُرِّرَتْ وَلَهُمْ الْإِحْدَاثُ) أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ الْبَلَدَ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ. (وَيُمْنَعُونَ وُجُوبًا وَقِيلَ: نَدْبًا مِنْ رَفْعِ بِنَاءً عَلَى بِنَاءِ جَارٍ مُسْلِمٍ) وَإِنْ رَضِيَ لِحَقِّ الْإِسْلَامِ (وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ مِنْ الْمُسَاوَاةِ) أَيْضًا لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا بِمَحَلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ) عَنْ الْعِمَارَةِ (لَمْ يُمْنَعُوا) مِنْ رَفْعِ الْبِنَاءِ وَالثَّانِي يُمْنَعُونَ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّجَمُّلِ وَالشَّرَفِ (وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ رُكُوبَ خَيْلٍ) لِأَنَّ فِيهِ عِزًّا وَاسْتَثْنَى الْجُوَيْنِيُّ الْبَرَاذِينَ الْخَسِيسَةَ (لَا حَمِيرَ وَبِغَالَ نَفِيسَةً) وَقِيلَ: يُمْنَعُ رُكُوبَ الْبِغَالِ النَّفِيسَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّجَمُّلِ (وَيَرْكَبُ بِإِكَافٍ وَرِكَابٍ خَشَبٍ لَا حَدِيدٍ وَلَا سَرْجٍ) تَمْيِيزًا لَهُ عَنْ الْمُسْلِمِ وَالْإِكَافُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ يُطْلَقُ عَلَى الْبَرْذعَةِ وَنَحْوِهَا (وَيُلْجَأُ إلَى أَضْيَقِ الطُّرُقِ) عِنْدَ زَحْمَةِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَقَعُ فِي وَهْدَةٍ وَلَا يَصْدِمُهُ جِدَارٌ. رَوَى الشَّيْخَانِ حَدِيثَ «إذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ أَيْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إلَى أَضْيَقِهِ» . (وَلَا يُوَقَّرُ وَلَا يُصَدَّرُ فِي مَجْلِسٍ) فِيهِ مُسْلِمُونَ (وَيُؤْمَرُ بِالْغِيَارِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ (وَالزُّنَّارِ) بِضَمِّ الزَّايِ (فَوْقَ الثِّيَابِ) ، وَالْأَوَّلُ مَا يُخَالِفُ لَوْنُهُ   [حاشية قليوبي] ذَلِكَ الْبِنَاءُ قَبْلَ نَقْضِهِمْ الْعَهْدَ كَمَا فِي الْعُبَابِ، وَيُبْنَى وَلَوْ قَبْلَ بُلُوغِهِمْ مَأْمَنُهُمْ وَالصُّلْحُ عَلَى إحْدَاثِ ذَلِكَ بَاطِلٌ، وَالْكَنِيسَةُ مَعْبَدُ الْيَهُودِ وَالْبِيعَةُ مَعْبَدُ النَّصَارَى، وَقَدْ انْعَكَسَ الْعُرْفُ فِيهِمَا وَالْكَلَامُ هُنَا، وَمَا يَأْتِي فِيمَا لَيْسَ لِنَحْوِ نُزُولِ الْمَارَّةِ، قَوْلُهُ: (أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ) كُلُّهُمْ أَوْ الْمُعْتَبَرُ مِنْهُمْ، قَوْلُهُ: (كَالْيَمَنِ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمَدِينَةِ وَهُوَ مِثَالٌ لِمَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْإِسْلَامُ وَإِلَّا فَهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ الْحِجَازِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (وَمَا يُوجَدُ فِي الْأَوَّلِ) وَفِي الثَّانِي بِالْأَوْلَى لَا يُنْقَضُ إلَّا إنْ عُرِفَ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً) كَمِصْرِ وَأَصْبَهَانَ وَالْمَغْرِبِ وَمِثْلُهُ مَا فُتِحَ صُلْحًا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ كَوْنِ الْأَرْضِ لَنَا أَوْ لَهُمْ أَوْ بِشَرْطِ كَوْنِ الْأَرْضِ لَنَا مَعَ السُّكُوتِ عَنْ إحْدَاثٍ، وَإِبْقَاءٍ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْإِحْدَاثُ وَلَا يُقَرُّ عَلَى الْمَوْجُودِ، قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ الْإِحْدَاثُ وَالْإِبْقَاءُ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِشَرْطِ وُجُودِ ضَرُورَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، قَوْلُهُ: (أَيْ لَمْ يُشْتَرَطْ إبْقَاؤُهَا) وَكَذَا إحْدَاثُهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ لِمُرَاعَاةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ) أَيْ مِنْ الْإِبْقَاءِ وَمِنْ الْإِحْدَاثِ بِالْأَوْلَى كَمَا مَرَّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِبْقَاءُ وَلَا الْإِحْدَاثُ إلَّا فِيمَا فُتِحَ صُلْحًا بِشَرْطِ كَوْنِ الْأَرْضِ لَهُمْ مُطْلَقًا، أَوْ لَنَا مَعَ شَرْطِ ذَلِكَ. فَرْعٌ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَإِذَا حَرُمَ إبْقَاؤُهَا أَوْ إحْدَاثُهَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْنَا دُخُولُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِمْ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْبِنَاءَ مِلْكٌ لَهُمْ، وَاسْتِعْمَالُهُ حَرَامٌ فَإِنَّ حَمْلَ عَدَمِ الْحُرْمَةِ عَلَى جَوَازِ اشْتِغَالِ الْأَرْضِ الَّتِي لَيْسَ عَلَيْهَا نَحْوُ بَلَاطٍ لَهُمْ فَوَاضِحٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (قُرِّرَتْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَوَازِ الْمَذْكُورِ إقْرَارُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْمَعَاصِي وَلَوْ تَعَدَّدَ الْفَتْحُ وَاخْتَلَفَ الشَّرْطُ كَبَيْتِ الْمَقْدِسِ اُعْتُبِرَ الْأَوَّلُ،. قَوْلُهُ: (وَيُمْنَعُونَ) أَيْ ابْتِدَاءً أَخْذًا مِنْ ذِكْرِ الْبِنَاءِ وَكَذَا الْإِعَادَةُ بَعْدَ الْهَدْمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَخَرَجَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ جَازَ لَهُ الرَّفْعُ لِأَنَّهُ دَوَامٌ وَالرَّوْشَنُ كَالْبِنَاءِ، لَكِنْ يُمْنَعُ فِيهِمَا مِنْ إشْرَافِهِ وَأَوْلَادُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَجْعَلَ مَانِعًا، وَلَوْ نَحْوَ بِنَاءِ حَاجِزٍ مُرْتَفِعٍ فَوْقَ الْبِنَاءِ وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ هُنَا لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَتِنَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ رَفْعِ بِنَاءٍ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِ وَإِلَّا جَازَ لَهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، قَوْلُهُ: (جَازَ) الْمُرَادُ بِهِ أَهْلُ مَحَلَّتِهِ وَمُلَاصِقِهِ، قَوْلُهُ: (وَإِنْ رَضِيَ) لِأَنَّهُ لِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَلِذَلِكَ لَا يَسْقُطُ هَدْمُهُ بِوَقْفِهِ وَلَا يَبِيعُهُ لِكَافِرٍ مُطْلَقًا وَلَا لِمُسْلِمٍ وَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَنْعِ هَدْمِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. نَعَمْ يَسْقُطُ الْهَدْمُ بِإِسْلَامِهِ وَيَرْفَعُ بِنَاءَ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِ بَعْدَهُ، قَوْلُهُ: (بِمَحَلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنْ الْعِمَارَةِ) أَيْ عِمَارَةِ الْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ مِنْهُمْ إشْرَافٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَا مُجَاوَرَةٌ عُرْفًا. قَوْلُهُ: (وَيُمْنَعُ) وُجُوبًا الذِّمِّيُّ أَيْ الْكَافِرُ وَلَوْ مُعَاهَدًا هَذَا وَمُؤْمِنًا الذَّكَرُ الْمُكَلَّفُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ رُكُوبِ خَيْلٍ، وَلَوْ فِي مَحِلِّهِ انْفَرَدُوا بِهَا وَيُمْنَعُونَ وُجُوبًا مُطْلَقًا مِنْ الرُّكُوبِ فِي زَحْمَتِنَا وَمِنْ حَمْلِ السِّلَاحِ وَمِنْ التَّخَتُّمِ وَلَوْ بِفِضَّةٍ وَمِنْ اسْتِخْدَامِ الْمَمَالِيكِ وَمِنْ اسْتِخْدَامِ الْمُسْلِمِ وَمِنْ خِدْمَتِهِمْ لِلْأُمَرَاءِ وَلَوْ بِالرِّضَا، قَوْلُهُ: (وَيَرْكَبُ) أَيْ وَيُؤْمَرُ وُجُوبًا بِرُكُوبِهِ بِإِكَافٍ إلَخْ، وَبِرُكُوبِهِ عَرْضًا سَوَاءٌ فِي طَوِيلِ السَّفَرِ وَقَصِيرِهِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ جَوَازُ الرُّكُوبِ بِغَيْرِ الْعَرْضِ فِي الطَّوِيلِ، قَوْلُهُ: (لَا حَدِيدٍ إلَخْ) فَيَحْرُمُ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. قَوْلُهُ: (وَيَلْجَأُ) وُجُوبًا فَيَحْرُمُ إيثَارُهُ بِهِ لِمَنْ قَصَدَ تَعْظِيمَهُ وَإِلَّا فَلَا،. قَوْلُهُ: (وَلَا يُوَقَّرُ وَلَا يُصَدَّرُ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ مُسْلِمُونَ) وَلَوْ وَاحِدًا وَلَوْ طَارِئًا وُجُوبًا فَيَحْرُمُ ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَيَحْرُمُ الْمَيْلُ إلَيْهِمْ بِالْقَلْبِ مِنْ حَيْثُ الْكُفْرُ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِ، وَتُكْرَهُ مُهَادَاتُهُمْ إلَّا لِنَحْوِ رَحِمٍ أَوْ رَجَاءَ إسْلَامٍ أَوْ جِوَارٍ، قَوْلُهُ: (وَيُؤْمَرُ) وَلَوْ أُنْثَى بِالْغِيَارِ وَيُغْنِي عَنْهُ الْعِمَامَةُ وَنَحْوُهَا الْمَعْرُوفُ الْآنَ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِ نَحْوِ دِيبَاجٍ أَوْ طَيْلَسَانٍ، قَوْلُهُ: (وَالزُّنَّارِ) وَيُغْنِي عَنْهُ نَحْوُ مِنْدِيلٍ عَلَى الْكَتِفِ مَثَلًا، (فَوْقَ الثِّيَابِ) لِلذَّكَرِ وَتَحْتَ الْإِزَارِ لِلْأُنْثَى وَالْخُنْثَى بِحَيْثُ يَظْهَرُ بَعْضُهُ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: لَا يَجُوزُ لَنَا دُخُولُهَا إلَّا بِإِذْنِهِمْ وَإِنْ كَانَ فِيهَا تَصْوِيرٌ حَرُمَ مُطْلَقًا، وَكَذَا كُلُّ بَيْتٍ فِيهِ صُورَةٌ. قَوْلُهُ: (وُجُوبًا) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَصْلِ الْمَنْعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (لِلتَّمْيِيزِ) أَيْ كَمَا يُمَيِّزُونَ فِي اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 236 لَوْنَهَا بِخَيْطٍ عَلَى الْكَتِفِ وَنَحْوِهِ وَالْأَوْلَى بِالْيَهُودِيِّ الْأَصْفَرُ وَبِالنَّصْرَانِيِّ الْأَزْرَقُ، وَالثَّانِي خَيْطٌ غَلِيظٌ يَشُدُّ بِهِ وَسَطَهُ وَهُمَا لِلتَّمْيِيزِ وَجَمْعُهُمَا الْمَنْقُولُ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَأْكِيدٌ وَالْغِيَارُ وَاجِبٌ وَقِيلَ: مُسْتَحَبٌّ (وَإِذَا دَخَلَ حَمَّامًا فِيهِ مُسْلِمُونَ) مُتَجَرِّدًا (أَوْ تَجَرَّدَ عَنْ ثِيَابِهِ) فِي غَيْرِ حَمَّامٍ بَيْنَ مُسْلِمِينَ (جُعِلَ فِي عُنُقِهِ خَاتَمُ حَدِيدٍ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا (أَوْ رَصَاصٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ الْخَاتَمِ كَالْجُلْجُلِ وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ يُجْعَلُ عَلَيْهِ جُلْجُلٌ (وَيُمْنَعُ مِنْ إسْمَاعِهِ الْمُسْلِمِينَ شِرْكًا) كَقَوْلِهِ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ (وَقَوْلَهُمْ) بِالنَّصْبِ (فِي عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ -: (وَمِنْ إظْهَارِ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَاقُوسٍ وَعِيدٍ) فَإِنْ أَظْهَرَ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ عُزِّرَ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ فِي الْعَقْدِ (وَلَوْ شُرِطَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ) فِي الْعَقْدِ أَيْ شُرِطَ نَفْيُهَا (فَخَالَفُوا) بِأَنْ أَظْهَرُوهَا (لَمْ يُنْتَقَضْ الْعَهْدُ) لِأَنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِهَا. (وَلَوْ قَاتَلُونَا أَوْ امْتَنَعُوا مِنْ) إعْطَاءِ (الْجِزْيَةِ أَوْ مِنْ إجْرَاءِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ) عَلَيْهِنَّ (اُنْتُقِضَ) عَهْدُهُمْ بِذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ مَوْضُوعَ الْعَقْدِ وَمُقْتَضَاهُ (وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ بِمُسْلِمَةٍ أَوْ أَصَابَهَا بِنِكَاحٍ) أَيْ بِاسْمِهِ (أَوْ دَلَّ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى عَوْرَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ فَتَنَ مُسْلِمًا عَنْ دِينِهِ) وَدَعَاهُ إلَى دِينِهِمْ (أَوْ طَعَنَ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ الْقُرْآنِ أَوْ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسُوءٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ شُرِطَ انْتِقَاضُ الْعَهْدِ بِهَا انْتَقَضَ وَإِلَّا فَلَا) يُنْتَقَضُ وَالثَّانِي يُنْتَقَضُ مُطْلَقًا لِتَضَرُّرِ الْمُسْلِمِينَ بِهَا وَالثَّالِثُ لَا يُنْتَقَضُ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا لَا تُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (وَمَنْ اُنْتُقِضَ عَهْدُهُ بِقِتَالٍ جَازَ دَفْعُهُ وَقِتَالُهُ أَوْ بِغَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ إبْلَاغُهُ مَأْمَنَهُ فِي الْأَظْهَرِ بَلْ يَخْتَارُ الْإِمَامُ فِيهِ قَتْلًا وَرِقًا وَمَنًّا وَفَدَاهُ فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ امْتَنَعَ الرِّقُّ) فِيهِ الْجَائِزُ فِي الْأَسِيرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ يَدُ الْإِمَامِ بِالْقَهْرِ فَيَمْتَنِعُ فِدَاؤُهُ أَيْضًا وَمَعْلُومٌ امْتِنَاعُ قَتْلِهِ. (وَإِذَا بَطَلَ أَمَانُ رِجَالٍ لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُ نِسَائِهِمْ وَلَا صِبْيَانِهِمْ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَبْطُلُ تَبَعًا لَهُمْ كَمَا تَبِعُوهُمْ فِي   [حاشية قليوبي] لِيُرَى، قَوْلُهُ: (وَبِالنَّصْرَانِيِّ الْأَزْرَقِ) أَوْ الْأَكْهَبِ وَهُوَ الرَّمَادِيُّ وَبِالْمَجُوسِيِّ الْأَسْوَدِ، وَبِالسَّامِرِيِّ الْأَحْمَرِ وَقَدْ وَقَعَ الْأَمْرُ بِذَلِكَ فِي زَمَنِ الْمُتَوَكِّلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعْتَضِدِ بِاَللَّهِ بْنِ الْمُكْتَفِي بِاَللَّهِ سَنَةَ سَبْعِمِائَةٍ، وَاسْتَمَرَّ إلَى الْآنَ وَخَصَّ الْيَهُودِيَّ بِالْأَصْفَرِ لِصُفْرَةِ أَلْوَانِهِمْ مِنْ الْغِشِّ فِيهَا، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ كَانَ شِعَارًا لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ كَمَا قِيلَ لِلْعِلْمِ بِكَمَالِهِمْ، وَبُعْدِ زَمَنِهِمْ عَنْ الْبِدَعِ وَيُمْنَعُونَ مِنْ الْعُدُولِ لِغَيْرِ مَا أُمِرُوا بِهِ مِمَّا ذُكِرَ، قَوْلُهُ: (وَجَمْعُهُمَا إلَخْ) فَأَحَدُهُمَا كَافٍ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، قَوْلُهُ: (وَالْغِيَارُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلزُّنَّارِ وَاجِبٌ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ فِي حَقِّ الْبَالِغِينَ الْعُقَلَاءِ مِنْهُمْ،. قَوْلُهُ: (فِيهِ مُسْلِمُونَ) وَلَوْ وَاحِدًا قَوْلُهُ: (جُعِلَ) وُجُوبًا وَكَوْنُهُ فِي عُنُقِهِ مَثَلًا أَوْلَى مِنْ نَحْوِ يَدِهِ، قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الرَّاءِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَكَسْرُهَا مِنْ لَحْنِ الْعَوَامّ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (أَيْ الْخَاتَمُ) يُفِيدُ أَنَّ نَحْوَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى خَاتَمٍ وَهُوَ مَرْفُوعٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ، بِكَوْنِ جُعِلَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ أَوْ مَنْصُوبًا بِكَوْنِهِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى حَدِيدٍ أَوْ رَصَاصٍ، قَوْلُهُ: (وَقَوْلُهُمْ بِالنَّصْبِ) أَيْ عَطْفًا عَلَى شِرْكًا وَعَوْدُ ضَمِيرِ الْجَمْعِ بَعْدَ الْإِفْرَادِ سَائِغٌ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْجَرُّ عَطْفًا عَلَى إسْمَاعٍ لِأَنَّ الْقَوْلَ مِنْ غَيْرِ إسْمَاعٍ لَا يُمْنَعُونَ مِنْهُ. نَعَمْ لَوْ جَرَّ عَطْفًا عَلَى ضَمِيرِ إسْمَاعِ الْمُضَافِ جَازَ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ إعَادَةِ الْجَارِّ الَّذِي أَوْجَبَهُ الْجُمْهُورُ، لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَا يُوجِبُهُ كَشَيْخِهِ ابْنِ مَالِكٍ. قَوْلُهُ: (فِي عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ) أَيْ بِأَنَّهُمَا ابْنَانِ لِلَّهِ مَثَلًا وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرُ بْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ بْنُ اللَّهِ، قَوْلُهُ: (وَنَاقُوسٍ) مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى خَمْرٍ أَيْ مِنْ إظْهَارِهِ وَهُوَ آلَةٌ مِنْ نَحْوِ خَشَبٍ تَضْرِبُ بِهَا النَّصَارَى لِإِعْلَامِ وَقْتِ صَلَاتِهِمْ مَثَلًا، قَوْلُهُ: (وَعِيدٍ) مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى خَمْرٍ أَيْ مِنْ إظْهَارِهِ وَكَذَا نَحْوُ لَطْمٍ، وَنَوْحٍ وَقِرَاءَةِ نَحْوِ تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ وَلَوْ بِكَنَائِسِهِمْ وَلَا يُمْنَعُونَ مِمَّا يَتَدَيَّنُونَ بِهِ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ، كَفِطْرٍ فِي رَمَضَانَ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ تَكْلِيفُهُمْ بِالْفُرُوعِ، وَبِذَلِكَ حَرُمَ بَيْعُ الْمُفْطِرَاتِ لَهُمْ فِيهِ لِمَنْ عَلِمَ وَلَوْ بِالظَّنِّ أَنَّهُمْ يَتَعَاطَوْنَهَا نَهَارًا لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ قَوِيَّةٍ عَلَى الدَّلَالَةِ بِالتَّهَاوُنِ بِالدِّينِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ دُخُولَهُمْ الْمَسَاجِدَ، قَوْلُهُ: (أَظْهَرُوهَا) بِأَنْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ مِنْ غَيْرِ تَجَسُّسٍ، قَوْلُهُ: (لَمْ يُنْتَقَضْ الْعَهْدُ) فَفَائِدَةُ الشَّرْطِ الْإِرْهَابُ وَالتَّخْوِيفُ،. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَاتَلُونَا) أَيْ بِلَا شُبْهَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْبُغَاةِ قَوْلُهُ: (اُنْتُقِضَ عَهْدُهُمْ) أَيْ عَهْدُ مَنْ قَاتَلَ مِنْهُمْ وَكَذَا مَنْ امْتَنَعَ مِنْ إجْرَاءِ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ، أَوْ مَنْ امْتَنَعَ مِنْهُمْ عَنْ الْجِزْيَةِ، نَعَمْ مَنْ أَمْكَنَ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُ بِالْإِجْبَارِ لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ فِي الرَّوْضَةِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ بِمُسْلِمَةٍ) أَوْ لَاطَ بِمُسْلِمٍ قَوْلُهُ: (أَيْ بِاسْمِهِ) أَيْ النِّكَاحِ أَيْ بِلَفْظِهِ مِنْ إنْكَاحٍ أَوْ تَزْوِيجٍ، وَالتَّأْوِيلُ بِاسْمِهِ لِدَفْعِ إيهَامِ صِحَّتِهِ، وَمَحِلُّ النَّقْضِ فِيهِ لِمَنْ كَانَ عَالِمًا بِامْتِنَاعِهِ، قَوْلُهُ: (وَدَعَا إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، قَوْلُهُ: (أَوْ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ) أَيْ وَاحِدًا مِنْ الرُّسُلِ أَوْ نَبِيًّا أَيْضًا أَوْ الْقُرْآنَ أَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا عَمْدًا أَوْ قَذَفَهُ، قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (إنَّهُ إنْ شَرَطَ إلَخْ) أَيْ وَعَلِمَا وُجُودَ الشَّرْطِ يَقِينًا فَإِنْ شَكَّ فَلَا نَقْضَ وَسَوَاءٌ قُلْنَا بِنَقْضِ عَهْدِهِ، أَوْ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ مُوجِبُ مَا فَعَلَهُ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ،. قَوْلُهُ: (جَازَ دَفْعُهُ وَقِتَالُهُ) هُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَهُوَ جَوَازٌ بَعْدَ الْمَنْعِ فَهُوَ وَاجِبٌ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ وُجُوبُ قَتْلِهِ، وَلَا يَبْلُغُ الْمَأْمَنَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُجَابُ لَوْ طَلَبَ تَجْدِيدَ عَهْدِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجِبْ إلَخْ) وَفَارَقَ الْهُدْنَةَ بِأَنَّهَا مَحْضُ أَمَانٍ وَفَارَقَ بُلُوغَ مَنْ أَمَّنَهُ صَبِيٌّ إلَى مَأْمَنِهِ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ لِنَفْسِهِ أَمَانًا، قَوْلُهُ: (بَلْ يَخْتَارُ إلَخْ) مَا لَمْ يَطْلُبْ تَجْدِيدَ عَهْدِهِ وَإِلَّا وَجَبَتْ إجَابَتُهُ، قَوْلُهُ: (وَمَعْلُومٌ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ الْمَنُّ عَلَيْهِ فَقَطْ،. قَوْلُهُ: (وَإِذَا بَطَلَ أَمَانُ رِجَالٍ لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُ نِسَائِهِمْ وَلَا صِبْيَانِهِمْ) لَوْ قَالَ ذَرَارِيِّهِمْ كَانَ أَعَمَّ لِيُدْخِلَ الْخَنَاثَى وَالْمَجَانِينِ وَلَوْ طَلَبَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ بُلُوغَ الْمَأْمَنِ أُجِيبَ النِّسَاءُ وَالْخَنَاثَى، وَكَذَا الصِّبْيَانُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْمَجَانِينُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَقَبْلَ ذَلِكَ، لَا.   [حاشية عميرة] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 237 الْأَمَانِ وَدَفَعَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ نَاقِضٌ (وَإِذَا اخْتَارَ ذِمِّيٌّ نَبْذَ الْعَهْدِ وَاللُّحُوقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَلَغَ الْمَأْمَنَ) أَيْ مَا يَأْمَنُ فِيهِ لِيَكُونَ مَعَ النَّبْذِ الْجَائِزِ لَهُ خُرُوجُهُ بِأَمَانٍ كَدُخُولِهِ. بَابُ الْهُدْنَةِ (هِيَ الصُّلْحُ مِنْ الْكُفَّارِ) عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ أَوْ مَعَهُ كَمَا سَيَأْتِي (عَقَدَهَا لِكُفَّارِ إقْلِيمٍ) كَالرُّومِ وَالْهِنْدِ (يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ وَنَائِبِهِ فِيهَا) فَيَجُوزُ لَهُمَا (وَ) عَقَدَهَا (لِبَلْدَةٍ) أَيْ لِكُفَّارِهَا (يَجُوزُ لِوَالِي الْإِقْلِيمِ) لِتِلْكَ الْبَلْدَةِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (أَيْضًا) أَيْ مَعَهُمَا (وَإِنَّمَا تُعْقَدُ لِمَصْلَحَةٍ كَضَعْفِنَا بِقِلَّةِ عَدَدٍ وَأُهْبَةٍ أَوْ رَجَاءَ إسْلَامِهِمْ أَوْ بَذْلِ جِزْيَةٍ) ، مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ بِنَا فِي الرَّجَاءِ وَالْبَذْلِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ ضَعْفٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (جَازَتْ) بِلَا عِوَضٍ. (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) لِآيَةِ {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2] (لَا سَنَةً وَكَذَا دُونَهَا) فَوْقَ الْأَرْبَعَةِ لَا تَجُوزُ (فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي تَجُوزُ لِنَقْصِهَا عَنْ مُدَّةِ الْجِزْيَةِ وَالْأَوَّلُ نَظَرٌ إلَى مَفْهُومِ الْآيَةِ (وَلِضَعْفٍ تَجُوزُ عَشْرَ سِنِينَ فَقَطْ) ، رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَادَنَ قُرَيْشًا فِي الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ» وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّ الْعَشْرَ وَمَا دُونَهَا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (وَمَتَى زَادَ عَلَى الْجَائِزِ) بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (فَقَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) فِي عَقْدِ أَحَدِهِمَا يَبْطُلُ فِي الْمَزِيدِ وَغَيْرِهِ، وَأَظْهَرُهُمَا فِي الْمَزِيدِ فَقَطْ (وَإِطْلَاقُ الْعَقْدِ) عَنْ ذِكْرِ الْمُدَّةِ (يُفْسِدُهُ وَكَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ) يُفْسِدُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ بِأَنْ شُرِطَ مَنْعُ فَكِّ أَسْرَانَا) مِنْهُمْ (أَوْ تَرْكُ مَالَنَا) أَيْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَيْدِيهِمْ (لَهُمْ أَوْ لِتُعْقَدَ لَهُمْ ذِمَّةٌ بِدُونِ دِينَارٍ) لِكُلِّ وَاحِدٍ   [حاشية قليوبي] يُجَابُونَ إلَّا إنْ طَلَبَهُمْ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ، قَوْلُهُ: (كَمَا تَبَعُوهُمْ) أَيْ مَنْ شَأْنُهُمْ التَّبَعِيَّةُ وَإِنْ احْتَاجُوا فِي التَّبَعِيَّةِ إلَى شَرْطٍ،. قَوْلُهُ: (بَلَغَ الْمَأْمَنَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ نَاقِضٌ وَلَا خِيَانَةٌ وَمَأْمَنُهُ دَارُ الْحَرْبِ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ مَا يَأْمَنُ فِيهِ أَيْ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَغَيْرِهِمَا، وَمَنْ لَهُ مَأْمَنَانِ اُعْتُبِرَ مَسْكَنُهُ مِنْهُمَا فَإِنْ سَكَنَهُمَا تَخَيَّرَ الْإِمَامُ. [بَابُ الْهُدْنَةِ] ِ مِنْ الْهُدُونِ وَهُوَ السُّكُونُ بِسُكُونِ الْقِتَالِ بِسَبَبِهَا فَفِيهَا شَبَهٌ بِالْجِزْيَةِ وَالْأَمَانِ كَمَا مَرَّ، وَتُسَمَّى مُهَادَنَةً وَمُسَالَمَةً وَمُعَاهَدَةً وَمُوَادَعَةً وَأَصْلُهَا الْجَوَازُ وَقَدْ تَجِبُ، قَوْلُهُ: (هِيَ) أَيْ شَرْعًا وَأَمَّا لُغَةً فَمَا مَرَّ أَوْ مُطْلَقُ الْمُصَالَحَةِ، قَوْلُهُ: (إمَامٍ) أَيْ لِأَهْلِ الْعَدْلِ فَلَا يَعْقِدُهَا إمَامُ الْبُغَاةِ فَلَوْ عَقَدَهَا لِمَنْ ظَنُّوا صِحَّتَهَا مِنْهُ بَلَغُوا الْمَأْمَنَ كَمَا لَوْ عَقَدَهَا الْآحَادُ، قَوْلُهُ: (وَنَائِبِهِ فِيهَا) أَيْ فِي عَقْدِهَا وَلَوْ بِالْعُمُومِ قَوْلُهُ: (وَلِبَلْدَةٍ) أَيْ يَجُوزُ لِوَالِي الْإِقْلِيمِ أَنْ يَعْقِدَهَا لِأَهْلِ بَلَدٍ وَكَذَا الْإِقْلِيمُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (فِي الرَّجَاءِ وَالْبَذْلِ) وَكَذَا فِي إعَانَتِهِمْ لَنَا أَوْ عَدَمِ إعَانَتِهِمْ عَلَيْنَا أَوْ بُعْدِ دَارِهِمْ، قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) دُفِعَ بِهِ تَوَهُّمُ عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلرَّجَاءِ وَالْبَذْلِ، قَوْلُهُ: (بِلَا عِوَضٍ) أَوْ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ إلَخْ) هَذَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَأَمَّا النِّسَاءُ وَنَحْوُهُنَّ وَالْأَمْوَالُ فَيَجُوزُ عَقْدُهَا لَهُمَا مُؤَبَّدًا، قَوْلُهُ: (فَقَطْ) فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ الْعُشْرِ وَلَوْ فِي عُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَإِنْ اُحْتِيجَ بَعْدَ فَرَاغِ عَقْدٍ جُدِّدَ عَقْدٌ آخَرُ، قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَأَظْهَرُهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ دَخَلَ إلَيْنَا كَافِرٌ بِأَمَانٍ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتَمَعَ فِي مَجَالِسَ لَمْ يُمْهَلْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِحُصُولِ غَرَضِهِ بِدُونِهَا،. قَوْلُهُ: (وَإِطْلَاقُ الْعَقْدِ يُفْسِدُهُ) لِأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَيْسَ لَهُ مُدَّةٌ مُحَقَّقَةٌ يُحْمَلُ عَلَيْهَا لِاخْتِلَافِهَا بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْأَمَانَ، قَوْلُهُ: (بِأَنْ شَرَطَ إلَخْ) وَمِنْ الْمُفْسِدِ شَرْطُ إقَامَتِهِمْ بِالْحِجَازِ أَوْ دُخُولِهِمْ الْحَرَمَ، قَوْلُهُ: (مَالِ الْمُسْلِمِينَ) فَصْلُ اللَّامِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ الْمَالُ الْمُضَافُ لِلْمُسْلِمِينَ   [حاشية عميرة] بَابُ الْهُدْنَةِ قَوْلُهُ: (مَعَ الْكُفَّارِ) أَيْ سَوَاءٌ مِنْهُمْ مَنْ يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ وَمَنْ لَا يُقَرُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَعْنَاهَا فِي اللُّغَةِ الْمُصَالَحَةُ أَيْ وَأَصْلُهَا السُّكُونُ، قَوْلُهُ: (أَوْ مَعَهُ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ الْمَسْأَلَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ الْآتِي، أَوْ بَذْلِ جِزْيَةٍ فَإِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى رَجَاءِ لَا عَلَى إسْلَامِهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ عَقِبَهُ مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ بِنَا فِي الرَّجَاءِ وَالْبَذْلِ اهـ وَإِلَّا لَقَالَ فِي الرَّجَاءِ وَأَسْقَطَ قَوْلَهُ وَالْبَذْلِ هَذَا مَا ظَهَرَ فِي كَلَامِ الشَّرْحِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قَوْلُهُ: (لِتِلْكَ الْبَلْدَةِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ الْإِقْلِيمِ، قَوْلُهُ: (أَيْ مَعَهُمَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ، قَوْلُهُ: (كَضَعْفِنَا) هَذَا مِثَالُ حَاجَةٍ وَهِيَ أَخَصُّ مِنْ الْمَصْلَحَةِ، قَوْلُهُ: (أَوْ رَجَاءِ) عَطْفٌ عَلَى ضَعْفِنَا هَذَا مِثَالٌ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ مِثَالٌ لِعَشْرِ سِنِينَ، قَوْلُهُ: (أَوْ بَذْلِ جِزْيَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ رَجَاءِ إسْلَامِهِمْ، قَوْلُهُ: (أَيْ ضَعْفٍ) خِلَافُ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ مِنْ انْتِفَاءِ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ. [مُدَّة الْهُدْنَة] قَوْلُهُ: (لَا سَنَةً إلَخْ) قَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ عَدَمُ الْخِلَافِ فِي السَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. نَعَمْ لَا خِلَافَ فِيمَا فَوْقَهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَا يَجُوزُ فَوْقَ السَّنَةِ قَطْعًا وَلَا سَنَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْبَعَةِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ، قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمَتْنِ الْجَائِزِ قَوْلُهُ: (عَلَى الصَّحِيحِ) مُقَابِلُهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ حَتَّى تَفْسُدَ بِفَسَادِ الشَّرْطِ، قَوْلُهُ: (أَوْ لِتُعْقَدَ) أَيْ أَوْ صَالَحَ لِتُعْقَدَ إلَخْ. قَوْلُهُ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 238 (أَوْ بِدَفْعِ مَالٍ إلَيْهِمْ) مَعْطُوفٌ عَلَى بِدُونِ وَسَيَأْتِي رَدُّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا مِنْهُمْ وَالتَّعْبِيرُ فِي الْعَقْدِ فِيهِ بِالْأَصَحِّ. (وَتَصِحُّ الْهُدْنَةُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا الْإِمَامُ مَتَى شَاءَ) فَقَامَ هَذَا الْقَيْدُ مَقَامَ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ فِي الصِّحَّةِ (وَمَتَى صَحَّتْ) أَيْ الْهُدْنَةُ (وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ) مُدَّتُهَا (أَوْ يَنْقُضُوهَا بِتَصْرِيحٍ) مِنْهُمْ (أَوْ قِتَالٍ لَنَا أَوْ مُكَاتَبَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِعَوْرَةٍ لَنَا أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ) وَمِمَّا تَنْقَضِي بِهِ الْمُدَّةُ نَقْدُ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةِ التَّقْيِيدِ بِمَشِيئَةِ (وَإِذَا انْتَقَضَتْ) أَيْ الْهُدْنَةُ (جَازَتْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ وَبَيَاتُهُمْ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فِي بِلَادِهِمْ فَلَوْ كَانُوا بِدَارِنَا بَلَغُوا مَأْمَنَهُمْ (وَلَوْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ) الْعَهْدَ (وَلَمْ يُنْكِرْ الْبَاقُونَ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ) بِأَنْ سَاكَنُوهُمْ وَسَكَتُوا (اُنْتُقِضَ فِيهِمْ أَيْضًا) لِإِشْعَارِ سُكُوتِهِمْ بِالرِّضَا بِالنَّقْضِ (وَإِنْ أَنْكَرُوا بِاعْتِزَالِهِمْ أَوْ إعْلَامِ الْإِمَامِ بِبَقَائِهِمْ عَلَى الْعَهْدِ فَلَا) يُنْتَقَضُ فِيهِمْ. (وَلَوْ خَافَ) الْإِمَامُ (خِيَانَتَهُمْ) بِظُهُورِ أَمَارَةٍ لَا بِمُجَرَّدِ الْوَهْمِ (فَلَهُ نَبْذُ عَهْدِهِمْ إلَيْهِمْ وَيُبَلِّغُهُمْ الْمَأْمَنَ) أَيْ مَا يَأْمَنُونَ فِيهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ عَهْدِهِمْ (وَلَا يَنْبِذُ عَقْدَ الذِّمَّةِ بِتُهْمَةٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مُؤَبَّدٌ (وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا مِنْهُمْ) لِامْتِنَاعِ رَدِّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] وَسَوَاءٌ الْحُرَّةُ أَوْ الْأَمَةُ (فَإِنْ شُرِطَ فَسَدَ الشَّرْطُ وَكَذَا الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) أَشَارَ بِهِ إلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَعَبَّرَ فِي صُورَةٍ تَقَدَّمَتْ بِالصَّحِيحِ إشَارَةً إلَى ضَعْفِ الْخِلَافِ فِيهَا فَلَا تَكْرَارَ وَلَا تَخَالُفَ (وَإِنْ شَرَطَ) الْإِمَامُ لَهُمْ (رَدَّ مَنْ جَاءَ) مِنْهُمْ مُسْلِمًا إلَيْنَا (أَوْ لَمْ يَذْكُرْ رَدًّا فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ) مُسْلِمَةٌ (لَمْ يَجِبْ) بِارْتِفَاعِ نِكَاحِهَا بِإِسْلَامِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (دَفْعُ مَهْرٍ إلَى زَوْجِهَا فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إذَا طَلَبَ الزَّوْجُ الْمَرْأَةَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا بَذَلَهُ مِنْ كُلِّ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، فَإِنْ لَمْ يَبْذُلْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَرْأَةَ لَا يُعْطَى شَيْئًا قَالَ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ} أَيْ الْأَزْوَاجَ {مَا أَنْفَقُوا} أَيْ مِنْ الْمُهُورِ الْأَمْرُ فِيهِ مُحْتَمِلٌ لِلْوُجُوبِ وَلِلنَّدْبِ الصَّادِقِ بِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ.   [حاشية قليوبي] وَوَصْلُهَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ مَالُنَا، وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّ مَا اسْمُ مَوْصُولٍ أَيْ الَّذِي لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ مُسْلِمٍ وَمَالٍ وَغَيْرِهِمَا، كَرَدِّ مُسْلِمٍ أَفْلَتَ مِنْهُمْ فَاللَّامُ فِي مَالِنَا عَلَى الْأَوَّلِ جُزْءُ كَلِمَةٍ، وَعَلَى الثَّانِي حَرْفُ جَرٍّ وَهُوَ الْأَنْسَبُ لِعُمُومِهِ لِمَا تَقَدَّمَ فَتَأَمَّلْهُ، قَوْلُهُ: (أَوْ بِدَفْعِ مَالٍ إلَيْهِمْ) نَعَمْ إنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ كَفَكِّ أَسْرَى يُعَذِّبُونَهُمْ أَوْ خَوْفِ اسْتِئْصَالِهِمْ لَنَا جَازَ بَلْ وَجَبَ دَفْعُهُ إلَيْهِمْ، لَكِنْ لَا يَمْلِكُونَهُ وَالْعَقْدُ فَاسِدٌ وَمَحِلُّ نَدْبِ فَكِّ الْأَسْرَى فِي غَيْرِ الْمُعَذَّبِينَ، وَإِلَّا فَوَاجِبٌ وَحَمْلُ بَعْضِهِمْ الْوُجُوبَ عَلَى الْإِمَامِ وَالنَّدْبَ عَلَى غَيْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ، قَوْلُهُ: (مَعْطُوفٌ عَلَى بِدُونِ) لَا عَلَى دِينَارٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ حِينَئِذٍ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا هُنَا وَالْجَوَابُ عَنْ إيرَادِهِ لِأَجْلِ نَوْعِ الْخِلَافِ وَعَنْ تَأْخِيرِهِ لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ مَعَهُ،. قَوْلُهُ: (أَنْ يَنْقُضَهَا الْإِمَامُ) وَكَذَا ذُكِرَ عَدْلٌ ذُو رَأْيٍ فِي الْحُرُوبِ وَلِإِمَامٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ نَقْضُهَا إنْ فَسَدَتْ بِنَصٍّ، أَوْ إجْمَاعٍ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تُنْقَضُ بِمَوْتِ الْإِمَامِ وَلَا بِعَزْلِهِ، قَوْلُهُ: (مَتَى شَاءَ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشَاءَ أَكْثَرَ مِمَّا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِهِ ابْتِدَاءً، وَلَا تَصِحُّ مَعَ مَتَى شَاءَ اللَّهُ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا مَا تَقَدَّمَ،. قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْكَفُّ) أَيْ كَفُّ أَذَانَا وَأَذَى أَهْلِ الْعَهْدِ لَا الْحَرْبِيِّينَ وَلَا بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، قَوْلُهُ: (أَوْ مُكَاتَبَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ) أَوْ إيوَائِهِمْ وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ فِي الْعَقْدِ، قَوْلُهُ: (قُتِلَ مُسْلِمٌ) أَوْ ذِمِّيُّ بِدَارِنَا أَوْ سُبَّ اللَّهُ أَوْ نَبِيٌّ لَهُ مِنْ أَنْبِيَائِهِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَوْلُهُ: (وَمِمَّا تَنْقَضِي إلَخْ) فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَالْإِمَامِ الْمُعَيَّنِ السَّابِقِ ، قَوْلُهُ: (انْتَقَضَتْ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِالنَّاقِضِ، قَوْلُهُ: (بَعْضُهُمْ) سَوَاءٌ أَمِيرُهُمْ أَوْ غَيْرُهُ، قَوْلُهُ: (لِإِشْعَارِ إلَخْ) وَفَارَقَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْجِزْيَةِ لِقُوَّتِهَا وَكَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا،. قَوْلُهُ: (الْمَأْمَنَ) وَمَنْ لَهُ مَأْمَنٌ أَنْ يُعْتَبَرَ مَسْكَنُهُ مِنْهُمَا، فَإِنْ سَكَنَهُمَا تَخَيَّرَ الْإِمَامُ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ) خَرَجَ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمٍ سَوَاءٌ قَيَّدَهُ بِذِكْرِهِ، أَوْ أَطْلَقَهُ فَلَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَخَرَجَ شَرْطُ رَدِّ كَافِرٍ أَوْ كَافِرَةٍ فَلَا يُفْسِدُ بِالْأَوْلَى، قَوْلُهُ: (تَأْتِينَا) وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَتْ عِنْدَنَا بَعْدَ مَجِيئِهَا مِنْ عِنْدِهِمْ، قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ) وَالْوَاضِحَةُ وَالْخُنْثَى، قَوْلُهُ: (فَلَا تَكْرَارَ) أَيْ عَلَى مَا هُنَا وَفِي الرَّوْضَةِ التَّعْبِيرُ فِي هَذِهِ بِالصَّحِيحِ أَيْضًا فَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ، وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةٍ تَأْتِينَا، أَوْ أَسْلَمَتْ عِنْدَنَا كَمَا مَرَّ. وَلَا يَجُوزُ رَدُّهَا إلَيْهِمْ وَإِنْ جُنَّتْ بَعْدَ إسْلَامِهَا أَوْ شَكَكْنَا فِي جُنُونِهَا هَلْ هُوَ بَعْدَ إسْلَامِهَا أَوْ قَبْلَهُ، وَلَوْ كَانَتْ كَافِرَةً وَجُنَّتْ وَوَصَفَتْ الْكُفْرَ ثُمَّ أَفَاقَتْ رُدَّتْ إلَيْهِمْ،. قَوْلُهُ: (الصَّادِق إلَخْ) أَيْ الْأَمْرُ مُحْتَمِلٌ لِلْوُجُوبِ وَلِعَدَمِهِ وَهَذَا الْعَدَمُ مُوَافِقٌ لِلْأَصْلِ الَّذِي هُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِالنَّدْبِ وَرَجَّحُوا هَذَا النَّدْبَ، لِمَا ذَكَرَهُ فَالصَّادِقُ نَعْتٌ سَبَبِيٌّ لِلنَّدْبِ، وَضَمِيرُ بِهِ عَائِدٌ إلَيْهِ، وَعَدَمُ فَاعِلُ بِصَادِقٍ وَالْمُوَافِقُ نَعْتٌ لِعَدَمِ وَالضَّمِيرُ فِي رَجَّحُوهُ عَائِدٌ لِلنَّدْبِ فَتَأَمَّلْ.   [حاشية عميرة] وَمِمَّا تَنْقَضِي إلَخْ) يُرَدُّ أَنَّ هَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَبَيَاتُهُمْ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، قَوْلُهُ: (لِإِشْعَارِ إلَخْ) وَلِمَا أَنَّ هُدْنَةَ الْبَعْضِ هُدْنَةٌ لِلْكُلِّ قَوْلُهُ: (وَيُبَلِّغُهُمْ) التَّبْلِيغُ وَاجِبٌ خِلَافًا فَالظَّاهِرُ الْعِبَارَةُ. نَعَمْ فِي نُسْخَةٍ وَيُبَلِّغُهُمْ الْمَأْمَنَ قَوْلُهُ: (تَأْتِينَا) مُسْتَدْرَكٌ، قَوْلُهُ: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَمَا وَقَعَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ الشَّرْطِ الْعَامِّ فَهِيَ نَاسِخَةٌ أَوْ مُخَصَّصَةٌ هَذَا إنْ صَحَّ رِوَايَةُ التَّعْمِيمِ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ الَّذِي وَقَعَ فِيهَا خَاصًّا بِالرِّجَالِ كَمَا رُوِيَ فَلَا إشْكَالَ، قَوْلُهُ: (فَسَدَ) أَيْ لِأَنَّهُ شَرْطٌ أَحَلَّ حَرَامًا قَوْلُهُ: (وَلِلنَّدْبِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ، قَوْلُهُ: (الصَّادِقِ بِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ) الَّذِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ لَمْ يَجِبْ دَفْعٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 239 وَرَجَّحُوهُ عَلَى الْوُجُوبِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ. (وَلَا يُرَدُّ) مِمَّنْ جَاءَنَا آتِيًا بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَطَلَبَ رَدَّهُ (صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) وَأُنْثَاهُمَا (وَكَذَا عَبْدٌ) بَالِغٌ عَاقِلٌ (وَحُرٌّ) كَذَلِكَ (لَا عَشِيرَةَ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِضَعْفِهِمَا وَقِيلَ: يُرَدُّ الْأَخِيرَانِ لِقُوَّتِهِمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِمَا، وَقَطَعَ الْبَعْضُ بِالرَّدِّ فِي الْحُرِّ وَالْجُمْهُورُ بِعَدَمِهِ فِي الْعَبْدِ (وَيُرَدُّ مَنْ لَهُ عَشِيرَةٌ طَلَبَتْهُ إلَيْهَا لَا إلَى غَيْرِهَا) أَيْ لَا يُرَدُّ إلَى غَيْرِ عَشِيرَتِهِ الطَّالِبُ لَهُ (إلَّا أَنْ يَقْدِرَ الْمَطْلُوبُ عَلَى قَهْرِ الطَّالِبِ وَالْهَرَبِ مِنْهُ) فَيُرَدُّ إلَيْهِ (وَمَعْنَى الرَّدِّ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبِهِ) كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ (وَلَا يُجْبَرُ) الْمَطْلُوبُ (عَلَى الرُّجُوعِ) إلَى طَالِبِهِ (وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ) إلَيْهِ (وَلَهُ قَتْلُ الطَّالِبِ وَلَنَا التَّعْرِيضُ لَهُ بِهِ لَا التَّصْرِيحُ) بِهِ، رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ أَبَا جَنْدَلٍ عَلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَأَبَا بَصِيرٍ وَقَدْ جَاءَ فِي طَلَبِهِ رَجُلَانِ فَرَدَّهُ إلَيْهِمَا فَقَتَلَ أَحَدَهُمَا فِي الطَّرِيق وَأَفْلَتَ الْآخَرُ» ، وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي جَنْدَلٍ حِين رُدَّ إلَى أَبِيهِ إنَّ دَمَ الْكَافِرِ عِنْدَ اللَّهِ كَدَمِ الْكَلْبِ يُعَرِّضُ لَهُ بِقَتْلِ أَبِيهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ طَلَبٌ فَلَا رَدَّ. (وَلَوْ شَرَطَ) عَلَيْهِمْ فِي الْهُدْنَةِ (أَنْ يَرُدُّوا مَنْ جَاءَهُمْ مُرْتَدًّا مِنَّا لَزِمَهُمْ الْوَفَاءُ) بِذَلِكَ (فَإِنْ أَبَوْا فَقَدْ نَقَضُوا) الْعَهْدَ (وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ شَرْطِ أَنْ لَا يَرُدُّوا) الْمُرْتَدَّ وَالثَّانِي الْمَنْعُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِرْدَادِهِ لِإِقَامَةِ حُكْمِ الْمُرْتَدِّينَ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِمْ التَّمْكِينُ مِنْهُ وَالتَّخْلِيَةُ دُونَ التَّسْلِيمِ كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ جَمْعُ ذَبِيحَةٍ (ذَكَاةُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ) الْبَرِّيِّ الْمَطْلُوبَةُ شَرْعًا لِحِلِّ أَكْلِهِ تَحْصُلُ (بِذَبْحِهِ فِي حَلْقٍ) هُوَ أَعْلَى الْعُنُقِ (أَوْ لَبَّةٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (لِمَا قَامَ إلَخْ) وَهُوَ عَدَمُ شَغْلِ الذِّمَّةِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ كَمَا مَرَّ،. قَوْلُهُ: (وَلَا يُرَدُّ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَأُنْثَاهُمَا) وَحُرُّهُمَا وَرَقِيقُهُمَا فَإِنْ كَمُلَا جَازَ رَدُّهُمَا حِينَئِذٍ وَإِنْ وَصَفَا كُفْرًا، قَوْلُهُ: (وَكَذَا عَبْدٌ) وَيُعْتَقُ إنْ جَاءَ قَهْرًا عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ قَبْلَ عَقْدِ الْهُدْنَةِ، قَوْلُهُ: (عَشِيرَةٌ طَلَبَتْهُ) كُلُّهَا أَوْ مَنْ يَحْمِيهِ مِنْهَا وَلَوْ وَاحِدًا بِرَسُولٍ، قَوْلُهُ: (وَالْهَرَبِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْبَرُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُجْبَرْ الْمُسْلِمُ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَبِلَادُ الْكُفْرِ أَوْلَى، فَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْإِمَامِ بَعْثَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) بَلْ عَلَيْهِ الْهَرَبُ مِنْ الْبَلَدِ إذَا عَلِمَ بِمَجِيءِ مَنْ يَطْلُبُهُ خُصُوصًا إنْ خَشِيَ فِتْنَةً، قَوْلُهُ: (وَلَهُ قَتْلُ الطَّالِبِ) قَالَ شَيْخُنَا: إنْ عَجَزَ عَنْ غَيْرِ الْقَتْلِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَدَفْعِ الصَّائِلِ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (وَلَنَا التَّعْرِيضُ لَهُ بِهِ) بِقَتْلٍ طَالِبِهِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ طَالِبِهِ، قَوْلُهُ: (لَا التَّصْرِيحُ) فَيَمْتَنِعُ نَعَمْ لَنَا التَّصْرِيحُ لِمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ عَقْدِ الْهُدْنَةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ، قَوْلُهُ: (وَأَفْلَتَ) أَيْ هَرَبَ. قَوْلُهُ: (أَنَّ عُمَرَ قَالَ) وَلَعَلَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَهُ وَأَقَرَّهُ أَوْ عَلِمَ بِهِ كَذَلِكَ،. قَوْلُهُ: (مَنْ جَاءَهُمْ مُرْتَدًّا) حُرًّا أَوْ رَقِيقًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى قَوْلُهُ: (لَزِمَهُمْ الْوَفَاءُ) وَهُوَ الرَّدُّ فِيمَا يَظْهَرُ وَهَلْ يَكْفِي التَّخْلِيَةُ وَالتَّمْكِينُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ شَرْطِ أَنْ لَا يَرُدُّوا الْمُرْتَدَّ) لَكِنْ يَغْرَمُونَ مَهْرَ الْمَرْأَةِ وَقِيمَةَ الرَّقِيقِ فَإِنْ عَادَ إلَيْنَا رَدَدْنَا عَلَيْهِمْ الْقِيمَةَ دُونَ الْمَهْرِ لِأَنَّ الرَّقِيقَ يَصِيرُ مِلْكًا لَهُمْ، وَالْمَرْأَةُ لَا تَصِيرُ زَوْجَةً لَهُمْ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الرِّدَّةَ تَقْتَضِي انْفِسَاخَ النِّكَاحِ أَوْ تَوَقُّفَهُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا وَجْهَ لِلْغُرْمِ، وَبِأَنَّ صَيْرُورَةَ الرَّقِيقِ مِلْكًا لَهُمْ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُرْتَدِّ لِلْكَافِرِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ اسْتِيلَاءَهُمْ عَلَى الْمَرْأَةِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الشَّهَادَةِ بِمَا يَفْسَخُ النِّكَاحَ مِنْ نَحْوِ رَضَاعٍ بِجَامِعِ الْحَيْلُولَةِ، وَبِأَنَّ اسْتِيلَاءَهُمْ عَلَى الرَّقِيقِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْمِلْكِ لَا أَنَّهُ مِلْكٌ حَقِيقِيٌّ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ شِرَاءُ وَلَدِ الْمُعَاهَدِ مِنْ مُعَاهَدٍ آخَرَ غَيْرِ أَبِيهِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالْقَهْرِ لِغَيْرِ الْمُعَاهَدِ لَا مِنْ أَبِيهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْمُعْتَمَدِ إنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالْقَهْرِ وَلَا يَجُوزُ سَبْيُهُمْ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَرَاجِعْهُ. [كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ] ِ ذَكَرَهُ هُنَا عَقِبَ الْجِهَادِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاكْتِسَابِ بِالِاصْطِيَادِ الْمُشَابِهِ لِلِاكْتِسَابِ بِالْغَزْوِ وَذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَغَيْرِهَا عَقِبَ رُبُعِ الْعِبَادَاتِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ ذَكَرَهُ هُنَا وَهُنَاكَ نَظَرًا لِكَوْنِهِ فَرْضًا فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ، قَوْلُهُ: (جَمْعُ ذَبِيحَةٍ) بِمَعْنَى مَذْبُوحَةٍ وَجَمَعَهَا لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا إمَّا بِذَاتِهَا كَغَنَمٍ وَبَقَرٍ وَصَيْدٍ وَطَيْرٍ أَوْ بِهَيْئَةِ ذَبْحِهَا كَكَوْنِهِ فِي حَلْقٍ أَوْ لَبَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَرَمْيٍ بِسَهْمٍ، أَوْ بِمَحِلِّ ذَبْحِهَا كَالْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَوْ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَرَجَّحُوهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إلَى النَّدْبِ فَتَأَمَّلْ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا عَبْدٌ إلَخْ) . صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مَعَ الشَّرْطِ السَّابِقِ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ جَزْمًا، قَوْلُهُ: (وَمَعْنَى الرَّدِّ إلَخْ) عُلِّلَ بِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَجْرِ مَعَهُمْ وَتَقَدَّمَ إنْكَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَبِي بَصِيرٍ فِي امْتِنَاعِهِ وَقَتْلِهِ مَنْ قَتَلَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْهَرَبُ وَالتَّخَلُّصُ مِنْ الطَّلَبِ إنْ أَمْكَنَهُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُمْ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَجْرِ مَعَهُمْ قَدْ رَأَيْتُهُ مُتَكَرِّرًا فِي كَلَامِهِمْ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ عَدَمُ تَعَدِّي الْحُكْمِ لِمَنْ وُلِدَ هُنَا بَعْدَ الْعَقْدِ. كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ قَوْلُهُ: (ذَكَاةُ) التَّذْكِيَةُ لُغَةً التَّطْيِيبُ وَمِنْهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ أَيْ طَيِّبَةٌ وَالذَّكَاةُ تَطْيِيبُ الْحَيَوَانِ. فَإِنَّهُ لَوْ خَرَجَتْ رُوحُهُ بِغَيْرِهَا كَالْخَنْقِ لَتَغَيَّرَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 240 هِيَ أَسْفَلُهُ (إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) وَسَيَأْتِي أَنَّ ذَكَاتَهُ بِقَطْعِ كُلِّ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ فَهُوَ مَعْنَى الذَّبْحِ وَذَالُهُمَا مُعْجَمَةٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ (فَبِعَقْرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (مُزْهِقٍ) لِلرُّوحِ (حَيْثُ) أَيْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ (كَانَ) ذَكَاتُهُ. (وَشَرْطُ ذَابِحٍ) وَعَاقِرٍ (وَصَائِدٍ) لِيَحِلَّ مَذْبُوحُهُ وَمَعْقُورُهُ وَمَصِيدُهُ (حِلُّ مُنَاكَحَتُهُ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ قَالَ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] (وَتَحِلُّ ذَكَاةُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ) وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ مُنَاكَحَتُهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الرِّقَّ مَانِعٌ فِي النِّكَاحِ دُونَ الذَّبْحِ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَخَرَجَ بِهِ الْمَجُوسِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلَوْ شَارَكَ مَجُوسِيٌّ مُسْلِمًا فِي ذَبْحٍ أَوْ اصْطِيَادٍ) قَاتِلٍ كَأَنْ أَمَرَّا سِكِّينًا عَلَى حَلْقِ شَاةٍ أَوْ قَتَلَا صَيْدًا بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ (حَرُمَ) الْمَذْبُوحُ وَالْمُصْطَادُ تَغْلِيبًا لِلْحَرَامِ (وَلَوْ أَرْسَلَا كَلْبَيْنِ أَوْ سَهْمَيْنِ فَإِنْ سَبَقَ آلَةُ الْمُسْلِمِ فَقَتَلَ) الصَّيْدَ (أَوْ أَنْهَاهُ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ حَلَّ وَلَوْ انْعَكَسَ) مَا ذُكِرَ (أَوْ جَرَحَاهُ مَعًا أَوْ جَهِلَ) ذَلِكَ (أَوْ مُرَتَّبًا وَلَمْ يَقْذِفْ أَحَدُهُمَا) بِإِعْجَامٍ وَإِهْمَالٍ أَيْ لَمْ يَقْتُلْ سَرِيعًا فَهَلَكَ بِهِمَا (حَرُمَ) تَغْلِيبًا لِلْحَرَامِ وَمَسْأَلَةُ الْجَهْلِ مَزِيدَةٌ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بَدَلُهَا وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّهمَا قَتَلَهُ فَحَرَامٌ. (وَيَحِلُّ ذَبْحُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ وَكَذَا غَيْرُ مُمَيِّزٍ مَجْنُونٌ وَسَكْرَانٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ لَهُمْ قَصْدًا وَإِرَادَةً فِي الْجُمْلَةِ وَالثَّانِي لَا يَحِلُّ لِفَسَادِ قَصْدِهِمْ (وَتُكْرَهُ ذَكَاةُ أَعْمَى) لِأَنَّهُ قَدْ يُخْطِئُ الْمَذْبَحَ (وَيَحْرُمُ صَيْدُهُ بِرَمْيٍ وَكَلْبٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ وَالثَّانِي يَحِلُّ كَذَبْحِهِ أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ   [حاشية قليوبي] بِآلَةِ ذَبْحِهَا كَسِكِّينٍ وَسَهْمٍ وَكَلْبٍ وَجَارِحَةٍ، وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِمْ وَإِفْرَادُ الصَّيْدِ لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ وَهُوَ هُنَا بِمَعْنَى الْمَصِيدِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ وَفِعْلٍ وَآلَةٍ فَهِيَ أَرْكَانٌ أَرْبَعَةٌ، قَوْلُهُ: (ذَكَاةُ الْحَيَوَانِ) هُوَ لُغَةً التَّطْهِيرُ وَالتَّطْيِيبُ وَالتَّحْلِيلُ وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ وَالْمُرَادُ الذَّكَاةُ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْآلَةِ، أَوْ بِالتَّبَعِيَّةِ فَلَا يُرَدُّ الْجَنِينُ، قَوْلُهُ: (الْمَطْلُوبَةُ شَرْعًا) دَفْعُ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ الْمَأْخُوذِ مِمَّا ذُكِرَ، بِأَنَّ مَعْنَى الذَّكَاةِ وَالذَّبْحِ وَاحِدٌ، وَقَدْ يُدْفَعُ ذَلِكَ بِتَقْيِيدِ الذَّبْحِ بِكَوْنِهِ فِي الْحَلْقِ أَوْ اللَّبَّةِ وَالْمُقَيَّدُ غَيْرُ الْمُطْلَقِ، وَحِكْمَةُ الذَّبْحِ تَمْيِيزُ حَلَالِ اللَّحْمِ مِنْ حَرَامِهِ، قَوْلُهُ: (إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) أَيْ حَالَةَ إصَابَةِ الْآلَةِ لَهُ، وَلَا نَظَرَ لِمَا قَبْلَهَا فَلَوْ رَمَى سَهْمًا عَلَى صَيْدٍ يَعْدُو فَوَقَعَ فِي حُفْرَةٍ مَثَلًا وَصَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَأَصَابَهُ السَّهْمُ حِينَئِذٍ فِي غَيْرِ مَذْبَحِهِ لَمْ يَحِلَّ وَلَوْ عَكْسَ ذَلِكَ لَمْ يَحْرُمْ، وَفَارَقَ حِلَّ الْمُنَاكَحَةِ كَمَا يَأْتِي بِأَنَّ الْقُدْرَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ، قَوْلُهُ: (يُقْطَعُ إلَخْ) سَوَاءٌ فِي مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ بِحَيْثُ يَكُونُ بِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، قَوْلُهُ: (فِي أَيِّ مَوْضِعٍ) لَعَلَّهُ مِمَّا يُنْسَبُ إلَيْهِ الزُّهُوقُ لَا نَحْوُ حَافِرٍ وَخُفٍّ. . قَوْلُهُ: (حِلُّ مُنَاكَحَتِهِ) مِنْ أَوَّلِ إجْرَاءِ الْفِعْلِ وَلَوْ بِإِرْسَالِ جَارِحَةٍ إلَى الزُّهُوقِ فَلَوْ تَخَلَّلَ أَوْ اقْتَرَنَ بِجُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ لَمْ يَحِلَّ، وَالْمُرَادُ حِلُّ الْمُنَاكَحَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ فِي ذَاتِ الْمَنْكُوحِ فَلَا يَرُدُّ الْحُرْمَةَ لِعَارِضٍ خَاصٍّ كَأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْوِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَالْمُلَاعَنَةِ وَالْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لِأَهْلِ مِلَّتِهِ لِتَدْخُلَ الْأَمَةُ الْمَذْكُورَةُ مُعْتَرَضٌ بِدُخُولِ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتَبِرْهُ الْمُصَنِّفِ، قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ فَرْقٌ بِصُورَةِ الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَارَكَ مَجُوسِيٌّ) وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْفِعْلِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا فِيمَا لَوْ وَقَعَ الْفِعْلُ مِنْهُمَا جَمِيعًا، فَلَوْ أَكْرَهَ الْمَجُوسِيُّ مُسْلِمًا أَوْ الْمُحْرِمُ حَلَالًا عَلَى الرَّمْيِ أَوْ الذَّبْحِ كَانَ حَلَالًا كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَانْظُرْ حُكْمَ عَكْسِهِ، قَوْلُهُ: (حَرُمَ) وَيَضْمَنُهُ الْمَجُوسِيُّ إنْ أَزْمَنَهُ الْمُسْلِمُ أَوَّلًا. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَهِيَ أَوْلَى لِشُمُولِهَا لِلْمَعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ كَذَا قِيلَ: وَالْوَجْهُ تَسَاوِيهِمَا لِقَوْلِ الشَّارِحِ ذَلِكَ. فَذِكْرُهُ لِعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ اسْتِشْهَادٌ لِكَلَامِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ ذَبْحُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) هُوَ مِنْ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ إلَى فَاعِلِهِ وَرَمْيُهُ وَإِرْسَالُهُ جَارِحَةً كَذَبْحِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ وَكَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْأَخْرَسُ وَالْأَقْلَفُ وَالْمُكْرَهُ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا غَيْرُ مُمَيِّزٍ) أَيْ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُمَيِّزٍ قَبْلَهُ فَهُوَ فِي الصَّبِيِّ وَيَدُلُّ لَهُ عَطْفُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ وَرُجُوعُ الْخِلَافِ لِلْجَمِيعِ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَا لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَقِيلَ: عَطْفٌ عَلَى صَبِيٍّ فَعَطْفُ مَا بَعْدَهُ خَاصٌّ بَعْدَ عَامٍّ، وَعَلَيْهِ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ نَحْوُ النَّائِمِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَعَلَى كُلٍّ فَلَفْظٌ غَيْرُ مَرْفُوعٍ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ، كَذَا، وَمَجْنُونٍ وَسَكْرَانٍ عَطْفٌ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُمَا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَهُمْ) أَيْ حَالَةُ الْفِعْلِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ صِحَّةِ ذَبْحِ مَنْ صَارَ كَالْخَشَبَةِ الْمُلْقَاةِ مِنْ السَّكْرَانِ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَسْوَأُ مِنْ النَّائِمِ وَهُوَ وَاضِحٌ لَكِنَّ تَعْبِيرَهُ بِقَوْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ رُبَّمَا يُنَافِيهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَحْرُمُ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الصَّيْدَ فَلَا يُمْكِنُ قَصْدُهُ   [حاشية عميرة] لَحْمُهُ لَوْنًا وَطَعْمًا، قَوْلُهُ: (بِذَبْحِهِ إلَخْ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ قِيلَ: الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّهُ أَسْرَعُ إلَى خُرُوجِ الرُّوحِ وَأَخَفُّ، ثُمَّ مُرَادُهُ بِالذَّبْحِ هُنَا مُطْلَقُ الْقَطْعِ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ مِنْ نَحْرِ إبِلٍ وَذَبْحِ بَقَرٍ وَغَنَمٍ، قَوْلُهُ: (فَبِعَقْرٍ) أَيْ وَلَكِنْ يُسْتَثْنَى عَقْرُ الْكَلْبِ لِلتَّرَدِّي كَمَا سَيَأْتِي وَهُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّارِحِ ذَكَاتُهُ [شُرُوطُ الذَّابِحِ وَالْعَاقِرِ وَالصَّائِدِ] قَوْلُهُ: (حِلُّ مُنَاكَحَتِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ يَرَى عَدَمَ حِلِّ ذَلِكَ الْمَذْبُوحِ كَالْإِبِلِ خِلَافًا لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ قَالَ: نِكَاحُنَا لَهُ بَدَلَ صِيغَةِ الْمُفَاعَلَةِ لَكَانَ أَوْضَحَ وَلَوْ أُكْرِهَ الشَّخْصُ عَلَى الذَّبْحِ. صَحَّ وَحَلَّ أَكْلُهُ. قَوْلُهُ: (أُوتُوا الْكِتَابَ) الْمُرَادُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْمَجُوسِ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ وَلَا نَاكِحِي نِسَائِهِمْ قَوْلُهُ: (قَاتِلٍ) خَرَجَ الِاشْتِرَاكُ فِي مُجَرَّدِ الِاصْطِيَادِ أَيْ الِاصْطِيَادُ غَيْرُ الْقَاتِلِ قَوْلُهُ: (صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ) أَيْ وَلَوْ كِتَابِيًّا قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَذَبْحُهُ وَكَذَا ذَبْحُ الْحَائِضِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ ذَبْحِ الْكِتَابِيِّ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَصْدٌ) أَيْ فَصَارَ كَمَا لَوْ اسْتَرْسَلَ الْكَلْبَ بِنَفْسِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 241 وَقَيَّدَهُ الْبَغَوِيّ بِمَا إذَا أَخْبَرَهُ بَصِيرٌ فَأَرْسَلَ السَّهْمَ أَوْ الْكَلْبَ وَهُوَ أَشْبَهُ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي صَيْدِ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ بِالْكَلْبِ وَالسَّهْمِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْمَذْهَبُ هُنَا الْحِلُّ قَالَ: وَصَيْدُ الْمُمَيِّزِ بِهِمَا كَذَبْحِهِ (وَتَحِلُّ مَيْتَةُ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ) إجْمَاعًا (وَلَوْ صَادَهُمَا مَجُوسِيٌّ) فَتَحِلُّ وَلَا اعْتِبَارَ بِفِعْلِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ ذَبَحَ سَمَكَةً حَلَّتْ (وَكَذَا الدُّودُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ طَعَامٍ كَخَلٍّ وَفَاكِهَةٍ إذَا أَكَلَ مَعَهُ) مَيْتًا يَحِلُّ (فِي الْأَصَحِّ) لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ بِخِلَافِ أَكْلِهِ مُنْفَرِدًا فَيَحْرُمُ وَالثَّانِي يَحِلُّ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ طَبْعًا وَطَعْمًا، وَالثَّالِثُ يَحْرُمُ مُطْلَقًا لِاسْتِقْذَارِهِ وَإِنْ قِيلَ بِطَهَارَتِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ أَشَارَ إلَيْهَا الْمُحَرَّرُ بِقَوْلِهِ مَا حَلَّتْ مَيْتَتُهُ كَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ (وَلَا يَقْطَعُ) الشَّخْصُ (بَعْضَ سَمَكَةٍ) حَيَّةٍ (فَإِنْ فَعَلَ) ذَلِكَ (أَوْ بَلِعَ) بِكَسْرِ اللَّامِ (سَمَكَةً حَيَّةً حَلَّ) مَا ذُكِرَ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَحِلُّ الْمَقْطُوعُ كَمَا فِي غَيْرِ السَّمَكِ وَلَا الْبُلُوغُ لِمَا فِي جَوْفِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَطَرَدُوا الْوَجْهَيْنِ فِي الْجَرَادِ. (وَإِذَا رَمَى صَيْدًا مُتَوَحِّشًا أَوْ بَعِيرًا نَدَّ أَوْ شَاةً شَرَدَتْ بِسَهْمٍ أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ جَارِحَةً فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ وَمَاتَ فِي الْحَالِ حَلَّ) لِلْإِجْمَاعِ فِي الْأَوَّلِ بِالسَّهْمِ وَالْجَارِحَةِ وَلِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْبَعِيرِ بِالسَّهْمِ وَقِيسَ بِهِ الشَّاةُ وَعَلَى السَّهْمِ الْجَارِحَةُ وَفِي الْكَلْبِ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي دَاوُد فِي الصَّيْدِ الصَّادِقِ بِالْمُتَوَحِّشِ وَنَدَّ وَشَرَدَ بِمَعْنَى نَفَرَ كَالْمُتَوَحِّشِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ:   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَقَيَّدَهُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يُخْبِرْهُ أَحَدٌ لَمْ يَحِلَّ جَزْمًا، قَوْلُهُ: (وَالْمَجْنُونِ) وَالسَّكْرَانِ أَيْضًا عَلَى الْمَرْجُوحِ، قَوْلُهُ: (وَالْمَذْهَبُ هُنَا الْحِلُّ) أَيْ لِمَا صَادَهُ الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَالْمَجْنُونُ كَذَلِكَ وَالسَّكْرَانُ كَذَلِكَ سَوَاءٌ بِالسَّهْمِ أَوْ بِالْجَارِحَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. فَرْعٌ: لَوْ أَخْبَرَ بَصِيرٌ بِصَيْدٍ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ شَجَرَةٍ فَرَمَاهُ حَلَّ جَزْمًا، وَلَوْ أَخْبَرَ فَاسِقٌ أَوْ كِتَابِيٌّ أَنَّهُ ذَبَحَ هَذِهِ الشَّاةَ مَثَلًا قَبِلْنَاهُ وَحَلَّتْ وَلَوْ رَأَيْنَا شَاةً مَذْبُوحَةً وَلَمْ نَدْرِ مَنْ ذَبَحَهَا فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَحْوُ مَجُوسِيٍّ لَمْ تَحِلَّ وَإِلَّا حَلَّتْ، وَهَذَا بِظَاهِرِهِ شَامِلٌ لِمَا لَوْ قَلَّ الْمَجُوسُ كَوَاحِدٍ فِي بَلَدٍ أَوْ إقْلِيمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ خُصُوصًا فِي نَحْوِ مِصْرَ، وَإِقْلِيمِهَا فَالْوَجْهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ مَنْ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا بِجَرْيِ الْعَادَةِ فِيهَا بِذَبْحِ نَحْوِ الْمَجُوسِيِّ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَتَحِلُّ مَيْتَةُ السَّمَكِ) وَالْمُرَادُ بِهِ حَيَوَانُ الْبَحْرِ الَّذِي عَيْشُهُ فِي الْبَرِّ عَيْشُ مَذْبُوحٍ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الدُّودُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ طَعَامٍ) وَمِثْلُهُ النَّحْلُ الصَّغِيرُ فِي شَمْعِهِ وَنَحْوُ سُوسِ بَاقِلَّا أَوْ تَمْرٍ فِيهِ فَهُوَ حَلَالٌ مَعَهُ، وَلَوْ بِطَبْخٍ وَأَمَّا الْمُتَوَلِّدُ مِنْ غَيْرِ الشَّيْءِ كَنَمْلٍ فِي خَلٍّ أَوْ عَسَلٍ فَلَا يَحِلُّ إلَّا إنْ تَهَرَّى، وَلَوْ بِطَبْخِهِ مَعَهُ أَيْ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الطَّهَارَةِ، وَيَحِلُّ مَا تَهَرَّى مِنْ جَرَادٍ وَقَعَ فِي قِدْرٍ، وَيُعْفَى عَمَّا فِي بَاطِنِهِ لِلْمَشَقَّةِ كَمَا يَأْتِي فِي السَّمَكِ. قَوْلُهُ: (مَيِّتًا) أَوْ حَيًّا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (أَشَارَ إلَيْهَا الْمُحَرَّرُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَا حَلَّتْ مَيْتَتُهُ لَا حَاجَةَ لِذَبْحِهِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْطَعُ الشَّخْصُ بَعْضَ سَمَكَةٍ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ نَعَمْ يُسَنُّ ذَبْحُ سَمَكَةٍ كَبِيرَةٍ وَالْقَلْيُ كَالْقَطْعِ قَوْلُهُ: (أَوْ بَلِعَ سَمَكَةً حَيَّةً) أَيْ فَهُوَ حَلَالٌ وَخَرَّجَ الْمَيِّتَةَ فَتَحْرُمُ الْكَبِيرَةُ قَطْعًا، وَتَحِلُّ الصَّغِيرَةُ عَلَى أَقْرَبِ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ شَيْخِ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِي جَوْفِهِ) وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَهَذَا فِي الصَّغِيرِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَتَنَجَّسُ بِهِ دُهْنٌ قُلِيَ فِيهِ مَثَلًا وَلَا يَحْرُمُ قَلْيُهُ حَيًّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَعَمْ مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ تَفْقِيعِ الصَّغِيرِ وَجَعْلِهِ بِسَارِيَةٍ قَبْلَ اسْتِقْصَاءِ غَسْلِهِ فَالْوَجْهُ نَجَاسَتُهُ وَدُهْنُهُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ فَرَاجِعْهُ. فَرْعٌ: أَوْ وُجِدَتْ سَمَكَةٌ فِي جَوْفِ أُخْرَى حَلَّتْ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ. قَوْلُهُ: (وَطَرَدُوا الْوَجْهَيْنِ فِي الْجَرَادِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كَالسَّمَكِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (مَيْتَةُ السَّمَكِ) أَيْ سَوَاءٌ مَاتَ طَافِيًا أَوْ رَاسِبًا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. لَنَا قَضِيَّةُ الْعَنْبَرِ. تَنْبِيهٌ: خَالَفَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَيْدِ الْمَجُوسِ لِلْجَرَادِ وَيُكْرَهُ ذَبْحُ السَّمَكِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَبِيرًا يَطُولُ بَقَاؤُهُ فَيُسْتَحَبُّ إرَاحَةً لَهُ، قَوْلُهُ: (وَلَا اعْتِبَارَ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الْحِلُّ فِيمَا لَوْ صَادَهُمَا مُحْرِمٌ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ التَّحْرِيمُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا الدُّودُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَوَلِّدِ يَحْرُمُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمِنْهُ النَّمْلُ فِي الْعَسَلِ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: إلَّا إذَا وَقَعَتْ نَمْلَةٌ أَوْ ذُبَابَةٌ وَتَهَرَّتْ أَجْزَاؤُهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ انْتَهَى. وَلَوْ أَخْرَجَ الدُّودَ وَأَكَلَهُ مَعَ طَعَامٍ آخَرَ حَرُمَ وَلَا فَرْقَ فِي الْجَوَازِ بَيْنَ الَّذِي يَعْسُرُ تَمْيِيزُهُ أَوْ يَسْهُلُ وَلَا بَيْنَ الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ، قَوْلُهُ: (وَإِنْ قِيلَ بِطَهَارَتِهِ) هُوَ رَأْيُ الْقَفَّالِ، قَوْلُهُ: (وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) مُرَادُهُ الَّتِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَكَذَا الدُّودُ. قَوْلُهُ: (كَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ) تَتِمَّةُ الْعِبَارَةِ لَا حَاجَةَ إلَى ذَبْحِهِ ثُمَّ الْإِشَارَةُ فِي الْكَافِ الدَّاخِلَةِ عَلَى السَّمَكِ وَالْجَرَادِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْطَعُ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْقَطْعَ حَرَامٌ لِلتَّعْذِيبِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي حِلِّ التَّنَاوُلِ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ إنَّهُ وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مَا يُخَالِفُهُ فَلَا تَغْتَرَّ بِهِ، وَأَنَّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ حِلَّ يُرِيدُ بِهِ حِلَّ التَّنَاوُلِ اهـ. الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مَا يُخَالِفُهُ فَلَا تَغْتَرَّ بِهِ، وَأَنَّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ حِلَّ يُرِيدُ بِهِ حِلَّ التَّنَاوُلِ اهـ. أَقُولُ: وَقَوْلُ الشَّارِحِ مَا ذُكِرَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَالثَّانِي إلَخْ يُرْشِدُ إلَى مُوَافَقَتِهِ فَتَأَمَّلْ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضِ التَّصْرِيحُ بِالْحِلِّ، قَوْلُهُ: (حَلَّ فِي الْأَصَحِّ) لَوْ قَطَعَ بَعْضَ سَمَكَةٍ فَمَاتَتْ بِذَلِكَ حَلَّ الْمَقْطُوعُ، قَوْلُهُ: (كَمَا فِي غَيْرِ السَّمَكِ) أَيْ لِعُمُومِ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ، قَوْلُهُ: (لِمَا فِي جَوْفِهِ إلَخْ) هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْحَيَّةِ وَعَلَّلَهُ بِحَدِيثِ أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ لِأَنَّهُ يُخْرِجُ هَذَا ثُمَّ الْخِلَافُ جَارٍ فِي إلْقَائِهِ فِي الزَّيْتِ الْمَغْلِيِّ، وَهُوَ حَيٌّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ بَلَعَ سَمَكَةً كَبِيرَةً مَيِّتَةً حَرُمَ لِنَجَاسَةِ جَوْفِهَا، قَالَ وَفِي الصَّغِيرَةِ كَذَلِكَ وَجْهَانِ وَمَيْلُهُمْ إلَى الْجَوَازِ. . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 242 كَأَصْلِهِ الْمَزِيدِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَمَاتَ فِي الْحَالِ عَمَّا إذَا أَدْرَكَهُ، وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَأَمْكَنَهُ ذَبْحُهُ وَلَمْ يُذْبَحْ وَمَاتَ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ وَنَحْوُهُ فِي بِئْرٍ وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ حُلْقُومِهِ فَكَنَادٍّ) فِي حِلِّهِ بِالرَّمْيِ وَكَذَا بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ فِي وَجْهٍ اخْتَارَهُ الْبَصْرِيُّونَ، (قُلْت: الْأَصَحُّ لَا يَحِلُّ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، وَفَرَّقَ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّ الْحَدِيدَ يُسْتَبَاحُ بِهِ الذَّبْحُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَعَقْرُ الْكَلْبِ بِخِلَافِهِ، (وَمَتَى تَيَسَّرَ لُحُوقُهُ) أَيْ النَّادِّ (بِعَدْوٍ أَوْ اسْتِعَانَةٍ) بِنُونٍ وَمُهْمَلَةٍ، (بِمَنْ يَسْتَقْبِلُهُ فَمَقْدُورٌ عَلَيْهِ) فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّبْحِ فِي الْمَذْبَحِ. (وَيَكْفِي فِي النَّادِّ وَالْمُتَرَدِّي جُرْحٌ يُفْضِي إلَى الزَّهُوقِ وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ مُذَفِّفٌ) أَيْ مُسْرِعٌ لِلْقَتْلِ لِيَتَنَزَّلَ مَنْزِلَةَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ. (وَإِذَا أَرْسَلَ سَهْمًا أَوْ كَلْبًا أَوْ طَائِرًا عَلَى صَيْدٍ فَأَصَابَهُ وَمَاتَ، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً أَوْ أَدْرَكَهَا وَتَعَذَّرَ ذَبْحُهُ بِلَا تَقْصِيرٍ بِأَنْ سَلَّ السِّكِّينَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانٍ) لِذَبْحِهِ (أَوْ امْتَنَعَ) مِنْهُ، (بِقُوَّتِهِ وَمَاتَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهِ (حَلَّ) فِيمَا ذُكِرَ، (وَإِنْ مَاتَ لِتَقْصِيرِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ سِكِّينٌ أَوْ غُصِبَتْ) مِنْهُ (أَوْ نَشِبَتْ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ (فِي الْغِمْدِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ الْخِلَافُ أَيْ عَلِقَتْ فِيهِ فَعَسُرَ إخْرَاجُهَا وَفِيهَا التَّذْكِيرُ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي (حَرُمَ) فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَوْ رَمَاهُ فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ حَلَّا) تَسَاوَيَا أَوْ تَفَاوَتَا (وَلَوْ أَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا) كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ (بِجُرْحٍ مُذَفِّفٍ) أَيْ مُسْرِعٍ لِلْقَتْلِ فَمَاتَ فِي الْحَالِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (حَلَّ الْعُضْوُ وَالْبَدَنُ) ، أَيْ بَاقِيهِ (أَوْ بِغَيْرِ مُذَفِّفٍ ثُمَّ ذَبَحَهُ أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا آخَرَ مُذَفِّفًا) فَمَاتَ (حَرُمَ الْعُضْوُ) لِأَنَّهُ أَبْيَنُ مِنْ حَيٍّ (وَحَلَّ الْبَاقِي) وَحِلُّهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. فِيمَا إذَا لَمْ يُثْبِتْهُ بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَثْبَتَهُ بِهِ تَعَيَّنَ ذَبْحُهُ وَلَا يُجْزِئُ الْجُرْحُ لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. (فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ وَمَاتَ بِالْجُرْحِ حَلَّ الْجَمِيعُ) كَمَا لَوْ كَانَ مُذَفِّفًا (وَقِيلَ: يَحْرُمُ الْعُضْوُ) لِأَنَّهُ أَبْيَنُ مِنْ حَيٍّ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَذَكَاةُ كُلِّ حَيَوَانٍ) بَرِّيٍّ (قَدَرَ عَلَيْهِ بِقَطْعِ كُلِّ الْحُلْقُومِ) بِضَمِّ الْحَاءِ (وَهُوَ مَخْرَجُ النَّفَسِ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مَجْرَاهُ خُرُوجًا وَدُخُولًا، (وَ) كُلُّ (الْمَرِيءِ وَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ) وَالشَّرَابِ وَهُوَ تَحْتَ الْحُلْقُومِ (وَيُسْتَحَبُّ قَطْعُ الْوَدَجَيْنِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالدَّالِ، (وَهُمَا عِرْقَانِ فِي صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ) يُحِيطَانِ بِالْحُلْقُومِ، وَقِيلَ بِالْمَرِيءِ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَنَدَّ وَشَرَدَ بِمَعْنَى نَفَرَ إلَخْ) لَكِنْ لَا يُسْتَعْمَلُ نَدَّ إلَّا فِي الْإِبِلِ خَاصَّةً قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُمْكِنْ) أَيْ لَمْ يَسْهُلْ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَإِنْ سَهُلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا بُدَّ مِنْ التَّعَذُّرِ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ لَا يَحِلُّ) أَيْ الْمُتَرَدِّي بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَمَتَى تَيَسَّرَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِ الطَّالِبِ قُوَّةً وَضَعْفًا، وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا التَّعَذُّرَ فِيهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ اسْتِعَانَةٌ) بِمُهْمَلَةٍ فَنُونٍ أَوْ بِمُعْجَمَةٍ فَمُثَلَّثَةٍ. قَوْلُهُ: (جُرْحٌ يُفْضِي إلَخْ) فَإِنْ نَفَذَ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَلَوْ وَصَلَ بَعْدَ نُفُوذِهِ إلَى صَيْدٍ آخَرَ وَأَثَّرَ فِيهِ كَذَلِكَ حَلَّ حَيْثُ لَا يُحَالُ مَوْتُهُ عَلَى سَبَبٍ آخَرَ. فَرْعٌ: لَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ إنْ مَثَلًا فَوْقَ بَعْضِهِمَا فِي نَحْوَ بِئْرٍ فَإِنْ مَاتَ الْأَسْفَلُ بِثِقَلِ الْأَعْلَى مَثَلًا لَمْ يَحِلَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ طُعِنَ الْأَعْلَى بِنَحْوِ سَهْمٍ أَوْ رُمْحٍ، فَوَصَلَ إلَى الْأَسْفَلِ وَأَثَّرَ فِيهِ يَقِينًا فَهُمَا حَلَالَانِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِالْأَسْفَلِ. . قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً) أَيْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ إدْرَاكُهُ بِهَا فَلَا تَحِلُّ إذَا شَكَّ فِي وُجُودِهَا فِيهِ، وَالْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ مَا يَكُونُ مَعَهَا حَرَكَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ، وَتُعْرَفُ بِالْحَرَكَةِ الْقَوِيَّةِ أَوْ تَفَجُّرِ الدَّمِ أَوْ الْقِيَامِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَكْفِي وُجُودُهَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ آخِرِ مَرَّةٍ لَوْ تَعَدَّدَ الْقَطْعُ، وَهَذِهِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ أَوْ كَانَ بِسَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ كَجُرْحٍ وَأَكْلِ نَبَاتٍ سُمَيٌّ، وَأَكْلِ مَا يَحْصُلُ بِهِ نَفْخٌ أَمَّا مَرِيضٌ وَصَلَ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِالْمَرَضِ فَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ تِلْكَ الْحَيَاةُ، قَوْلُهُ: (بِلَا تَقْصِيرٍ) يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِي تَقْصِيرِهِ حَلَّ وَلَيْسَ مِنْ التَّقْصِيرِ حَيْلُولَةُ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ اشْتِغَالِهِ بِنَحْوِ تَوْجِيهِهِ لِلْقِبْلَةِ، أَوْ طَلَبَ مَذْبَحَهُ أَوْ قَلَّبَهُ وَلَوْ وَقَعَ مُنَكَّسًا فَلَا يَحْرُمُ فِي ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ) وَلَا يُكَلَّفُ الْعَدُوُّ خَلْفَهُ مَثَلًا، قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِ) وَمِنْهُ الذَّبْحُ بِظَهْرِ السِّكِّينِ وَسُمِّيَتْ سِكِّينًا لِأَنَّهَا تُسْكِنُ الْحَيَاةَ وَالْحَرَارَةَ النَّاشِئَةَ عَنْهَا وَتُسَمَّى مُدْيَةً لِقَطْعِهَا مُدَّةَ الْحَيَاةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (غُصِبَتْ) أَيْ قَبْلَ الرَّمْيِ فَإِنْ غُصِبَتْ بَعْدَهُ فَلَا تَقْصِيرَ فِيهِ، قَوْلُهُ: (أَيْ عَلِقَتْ فِيهِ) أَيْ لَا لِعَارِضٍ وَإِلَّا فَتَحِلُّ قَوْلُهُ: (وَفِيهَا التَّذْكِيرُ) وَهُوَ الْغَالِبُ قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنْ تَرَكَهُ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَحِلَّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: يَحْرُمُ الْعُضْوُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَخْذًا مِنْ تَصْحِيحِهِ فِي الرَّوْضَةِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَنَدَّ وَشَرَدَ) أَيْ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَهَّمَ مُغَايَرَتُهُمَا مِنْ ظَاهِرِ الْمَتْنِ قَوْلُهُ: (تَيَسَّرَ) يُرِيدُ أَمْكَنَ قَوْلُهُ: (وَيَكْفِي إلَخْ) دَلِيلُهُ حَدِيثُ لَوْ طُعِنَتْ فِي فَخِذِهَا لَأَجْزَأَ، وَجُرْحُ الْفَخِذِ لَيْسَ مُذَفِّفًا غَالِبًا ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّيْدَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ قَطْعًا، ثُمَّ مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي الرَّمْيِ أَمَّا الْجَارِحَةُ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِيهَا قَطْعًا قَوْلُهُ: (وَمَاتَ) وَلَوْ مَآلًا فَلَا يُنَافِي جَعْلَهُ مِنْ أَقْسَامِ مَا فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، قَوْلُهُ: (السِّكِّينَ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ، لِأَنَّهَا تُسْكِنُ حَرَكَةَ الْمَذْبُوحِ قَوْلُهُ: (قَدَرَ عَلَيْهِ) يُرِيدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَخْرَجَ الْجَنِينُ رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِذَكَاةِ أُمِّهِ، وَإِنْ كَانَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 243 وَأَشَارَ بِكُلٍّ إلَى أَنَّهُ يَضُرُّ بَقَاءُ يَسِيرٍ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْحِلِّ. . (وَلَوْ ذَبَحَهُ مِنْ قَفَاهُ عَصَى فَإِنْ أَسْرَعَ) فِي ذَلِكَ (فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا) يَحِلُّ (وَكَذَا إدْخَالُ سِكِّينٍ بِأُذُنِ ثَعْلَبٍ) لِيَذْبَحَهُ إنْ أَسْرَعَ فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ دَاخِلَ الْجِلْدِ، وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ (وَيُسَنُّ نَحْرُ إبِلٍ) فِي اللَّبَّةِ (وَذَبْحُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ) فِي الْحَلْقِ لِلِاتِّبَاعِ فِي أَحَادِيثِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. (وَيَجُوزُ عَكْسُهُ) أَيْ ذَبْحُ إبِلٍ وَنَحْرُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ، (وَأَنْ يَكُونَ الْبَعِيرُ قَائِمًا مَعْقُولٌ رَقَبَتُهُ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْمَعْقُولَةُ الْيُسْرَى وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرٍ «فَإِنْ لَمْ يُنْحَرْ قَائِمًا فَبَارِكًا» . (وَالْبَقَرَةُ وَالشَّاةُ مُضْجَعَةً لِجَنْبِهَا الْأَيْسَرِ) الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِهِ السِّكِّينَ بِالْيَمِينِ، وَإِمْسَاكِهِ الرَّأْسَ بِالْيَسَارِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. (وَتُتْرَكُ رِجْلُهَا الْيُمْنَى) بِلَا شَدٍّ لِتَسْتَرِيحَ بِتَحْرِيكِهَا (وَتُشَدُّ بَاقِي الْقَوَائِمِ) لِئَلَّا تَضْطَرِبَ حَالَةَ الذَّبْحِ فَيَزِلُّ الذَّابِحُ (وَأَنْ يُحِدَّ شَفْرَتَهُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الشِّينِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ» ، وَهِيَ السِّكِّينُ الْعَظِيمَةُ (وَيُوَجِّهُ لِلْقِبْلَةِ ذَبِيحَتَهُ) بِأَنْ يُوَجِّهَ مَذْبَحَهَا وَقِيلَ جَمِيعَهَا وَيَتَوَجَّهُ هُوَ لَهَا أَيْضًا. (وَأَنْ يَقُولَ) عِنْدَ الذَّبْحِ (بِاسْمِ اللَّهِ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ) ، أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِإِيهَامِهِ التَّشْرِيكَ وَدَلِيلُ الْإِضْجَاعِ وَالتَّوْجِيهِ وَالتَّسْمِيَةِ الْإِتْبَاعُ فِي أَحَادِيثِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، فِي الْأُضْحِيَّةِ بِالضَّأْنِ وَإِلْحَاقِ غَيْرِ ذَلِكَ بِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ تَوْجِيهِ الذَّبِيحَةِ لِلْقِبْلَةِ تَوَجُّهُ الذَّابِحِ لَهَا وَسَنُّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ فِي حَالَةِ الذَّبْحِ كَغَيْرِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. .   [حاشية قليوبي] كَأَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (بِقَطْعِ) يُفِيدُ أَنَّهُ بِمُحَدَّدٍ مِنْ آلَاتِ الذَّبْحِ فَخَرَجَ نَحْوُ خَنْقٍ وَبُنْدُقَةٍ وَنَزْعِ رَأْسِ نَحْوَ عُصْفُورٍ بِيَدِهِ. قَوْلُهُ: (مَخْرَجَ) أَيْ مَحِلُّ الْخُرُوجِ وَيَلْزَمُهُ الدُّخُولُ فَهُوَ مُسَاوٍ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ إلَخْ) وَلَا يَحْرُمُ قَطْعُ مَا زَادَ وَلَوْ بِانْفِصَالِ رَأْسِهِ وَقَالَ مَالِكٌ بِوُجُوبِ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ وَيُسَمَّيَانِ الْوَرِيدَيْنِ دُونَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيء، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِوُجُوبِ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ أَيْضًا، وَلَوْ ذَبَحَهُ بِآلَتَيْنِ مِنْ خَلْفٍ وَأَمَامٍ فَالْتَقَيَا لَمْ يَحِلَّ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ شَخْصٌ حَشْوَتَهُ أَوْ نَخَسَهُ فِي خَاصِرَتِهِ حَالَةَ ذَبْحِهِ. قَوْلُهُ: (حَلَّ) أَيْ مَعَ الْعِصْيَانِ وَالثَّعْلَبُ مِثَالٌ. قَوْلُهُ: (نَحْرُ إبِلٍ) وَكُلِّ مَا عُنُقُهُ كَذَلِكَ كَالنَّعَامِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِمُفَارَقَةِ الْحَيَاةِ. قَوْلُهُ: (وَذَبْحُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ) وَكُلِّ مَا قَصُرَ عُنُقُهُ كَالْخَيْلِ. قَوْلُهُ: (لِجَنْبِهَا الْأَيْسَرِ) لَا الْأَيْمَنِ وَإِنْ عَسُرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِ عَمَلِهِ بِيَدِهِ الْيُسْرَى بَلْ يَسْتَنِيبُ غَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ) الْمُرَادُ بَيَانُ عَادَةِ النَّاسِ لَا أَنَّهُ دَلِيلٌ قَوْلُهُ: (وَهِيَ السِّكِّينُ الْعَظِيمَةُ) بَيَانٌ لِلشَّفْرَةِ لُغَةً وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ وَيُنْدَبُ إمْرَارُ الْآلَةِ بِرِفْقٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَأَنْ لَا يَحِدَّهَا وَالذَّبِيحَةُ تَنْظُرُهُ وَأَنْ لَا يَذْبَحَ وَاحِدَةً بِحَضْرَةِ أُخْرَى، بِحَيْثُ تَنْظُرُ إلَيْهَا وَأَنْ لَا يُبَيِّنَ رَأْسَهَا وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الْقَطْعِ الْمَطْلُوبِ، وَأَنْ لَا يَكْسِرَ عُنُقَهَا وَأَنْ لَا يَقْطَعَ عُضْوًا مِنْهَا قَبْلَ مَوْتِهَا وَأَنْ يَنْقُلَهَا عَنْ مَحِلِّهَا قَبْلَ مَوْتِهَا، وَأَنْ يَسُوقَهَا لِلْمَذْبَحِ بِرِفْقٍ وَأَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهَا مَاءً لِلشُّرْبِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ) عِنْدَ الذَّبْحِ أَوْ إرْسَالِ الْجَارِحَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقُلْ) هُوَ نَهْيٌ مُحْتَمِلٌ لِلْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ، وَيَحْتَمِلُهَا تَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنْ يُقَالَ: تَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ وَالْقَوْلُ عِنْدَ قَصْدِ التَّشْرِيكِ، وَإِلَّا فَلَا تَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ مُطْلَقًا وَلَكِنْ يُكْرَهُ الْقَوْلُ إنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ، وَيَحْرُمُ إنْ أَطْلَقَ وَلَوْ ذَبَحَ عَلَى اسْمِ الْكَعْبَةِ أَوْ التَّقَرُّبِ لِلْجِنِّ حَرُمَ الْمَذْبُوحُ فِيهِمَا، أَوْ عَلَى قَصْدِ صَرْفِ الْجِنِّ عَنْهُ لَمْ يَحْرُمْ الْمَذْبُوحُ لِعَدَمِ قَصْدِ التَّشْرِيكِ.   [حاشية عميرة] وَالْمَرِيءُ) جَمْعُهُ مُرُؤٌ كَسَرِيرٍ وَسُرُر، قَوْلُهُ: (وَهُمَا عِرْقَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُمَا الْوَرِيدَانِ فِي الْآدَمِيِّ وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ، لَكِنْ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ لِأَنَّهَا جُرْحٌ بَعْدَ تَمَامِ الذَّبْحِ، قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ عَكْسُهُ) أَيْ خِلَافًا لِمَالِكٍ حَيْثُ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَبْحُ الْإِبِلِ وَلَا نَحْرُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا حَرَّمَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَرِهَهُ مَالِكٌ فَقَطْ، قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَكُونَ الْبَعِيرُ) أَيْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قِيَامًا عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ، قَوْلُهُ: (مَعْقُولٌ) هُوَ نُصِبَ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ ثَانٍ لَا عَلَى الْحَالِ لِإِضَافَتِهِ إلَى مَعْرِفَةٍ. قَوْلُهُ: (مُضْجَعَةً) ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الشَّاةِ وَقِيسَ بِهِ الْبَقَرَةُ وَحَكَى فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْإِجْمَاعَ فِي ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَقُولَ إلَخْ) خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: إنْ تَرَكَهَا عَمْدًا لَمْ تَحِلَّ لَنَا إنَّهُ يُقَالُ أَبَاحَ لَنَا ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُمْ لَا يَذْكُرُونَهَا وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا «أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْأَعْرَابِ يَأْتُونَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمُّوا وَكُلُوا» وَأَمَّا الْآيَةُ فَمُؤَوَّلَةٌ وَكَفَاك دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ التَّأْوِيلِ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَكَلَ ذَبِيحَةً لَمْ يُسَمِّ عَلَيْهَا لَا يَفْسُقُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَأَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ أَنْ يُرَادَ بِهَا مَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ، بِمُلَاحَظَةِ كَوْنِ الْوَاوِ لِلْحَالِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْمَيْتَةُ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام: 121] ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: تَأْكُلُونَ مَا قَتَلْتُمْ، وَلَا تَأْكُلُونَ مَا قَتَلَ اللَّهُ يَعْنِي الْمَيْتَةَ. قَوْلُهُ: (مِنْ تَوْجِيهِ الذَّبِيحَةِ) أَيْ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي الْأَحَادِيثِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 244 فَصْلٌ يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ بِكُلِّ مُحَدَّدٍ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ أَيُّ شَيْءٍ لَهُ حَدٌّ (يُجْرَحُ كَحَدِيدٍ) أَيْ كَمُحَدَّدِ حَدِيدٍ (وَنُحَاسٍ وَذَهَبٍ وَخَشَبٍ وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ وَزُجَاجٍ) وَفِضَّةٍ وَرَصَاصٍ، (إلَّا ظُفُرًا وَسِنًّا وَسَائِرِ الْعِظَامِ) لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ» وَأَلْحَقَ بِهِمَا بَاقِي الْعِظَامِ وَمَعْلُومٌ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّ مَا قَتَلَهُ الْكَلْبُ بِظُفُرِهِ أَوْ نَابَهُ حَلَالٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَائِهِ، (فَلَوْ قَتَلَ بِمُثْقَلِ أَوْ ثَقْلٍ مُحَدَّدٍ كَبُنْدُقَةٍ وَسَوْطٍ وَسَهْمٍ بِلَا نَصْلٍ وَلَا حَدٍّ) ، هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِلْأَوَّلِ وَالسَّهْمُ بِنَصْلٍ أَوْ حَدٍّ قَتَلَ بِثَقْلِهِ مِنْ أَمْثِلَةِ الثَّانِي، (أَوْ) قَتَلَ (بِسَهْمٍ وَبُنْدُقَةٍ أَوْ جَرَحَهُ نَصْلٌ وَأَثَّرَ فِيهِ عَرْضُ السَّهْمِ فِي مُرُورِهِ وَمَاتَ بِهِمَا) ، أَيْ بِالْجُرْحِ وَالتَّأْثِيرِ (أَوْ انْخَنَقَ بِأُحْبُولَةٍ) وَهِيَ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْحِبَالِ لِلِاصْطِيَادِ وَمَاتَ (أَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ فَوَقَعَ بِأَرْضٍ) عَالِيَةٍ (أَوْ جَبَلٍ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَمَاتَ (حَرُمَ) فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، (وَلَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ بِالْهَوَاءِ فَسَقَطَ بِأَرْضٍ وَمَاتَ حُمِلَ) وَفِي السَّقُوطَيْنِ لَا يَدْرِي الْمَوْتَ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي. وَكَذَا فِي مَسْأَلَتَيْ سَهْمٍ وَبُنْدُقَةٍ وَجُرْحٍ وَتَأْثِيرٍ فَغَلَبَ الثَّانِي الْمُحَرَّمَ فِي الثَّلَاثِ، وَحُرْمَةُ الْمُنْخَنِقِ وَالْمَقْتُولِ بِالْمُثْقَلِ أَوْ ثَقْلِ الْمُحَدَّدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ} [المائدة: 3] أَيْ الْمَقْتُولَةُ وَلَوْ كَانَتْ إصَابَةُ السَّهْمِ فِي الْهَوَاءِ بِغَيْرِ جُرْحٍ كَكَسْرِ جَنَاحِهِ حَرُمَ وَالْمُثَقَّلُ بِفَتْحِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ الثَّقِيلُ (وَيَحِلُّ الِاصْطِيَادُ بِجَوَارِحِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ كَكَلْبٍ وَفَهْدٍ وَبَازٍ وَشَاهِينَ) وَالْمُرَادُ يَحِلُّ الْمُصْطَادُ بِهَا الْمُدْرَك مَيِّتًا، أَوْ فِي حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ قَالَ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4] . أَيْ صَيْدِهِ (بِشَرْطِ كَوْنِهَا مُعَلَّمَةً بِأَنْ تَنْزَجِرَ جَارِحَةُ السِّبَاعِ بِزَجْرِ صَاحِبِهِ) فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ بَعْدَ شِدَّةِ عَدْوِهِ، (وَيَسْتَرْسِلُ بِإِرْسَالِهِ) أَيْ يَهِيجُ بِإِغْرَائِهِ (وَيَمْسِكُ الصَّيْدَ) لِيَأْخُذَهُ الصَّائِدُ (وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ) وَفِيمَا ذُكِرَ تَذْكِيرًا لِجَارِحَةٍ وَسَيَأْتِي تَأْنِيثُهَا نَظَرًا إلَى   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ مِنْ أَرْكَانِ الذَّبْحِ وَهُوَ آلَةُ الذَّبْحِ وَمَا مَعَهَا. قَوْلُهُ: (يَحِلُّ ذَبْحُ إلَخْ) هُوَ مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ إذْ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَذْبُوحَ مِنْ الْحَيَوَانِ تَحْصُلُ ذَكَاتُهُ الْمُحَلِّلَةُ لَهُ بِالْفِعْلِ أَصَالَةً أَوْ تَبَعًا كَمَا فِي الْجَنِينِ الْآتِي فِي الْأَطْعِمَةِ بِكُلِّ آلَةٍ تَجْرَحُ بِجُرْحِهِ بِهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْهُ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا أَوْ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِيءِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، وَإِنْ حَرُمَ الْفِعْلُ أَوْ الْآلَةُ أَوْ كَانَتْ نَجِسَةً أَوْ مُتَنَجِّسَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمِنْهَا خَيْطٌ قُطِعَ بِجَرِّهِ لَا بِخَنْقٍ. قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ) هُوَ قَيْدٌ لِلْأَكْمَلِ وَضَمِيرُ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ لِلْمَنْهُورِ أَيْ الْمَذْبُوحِ الْمَأْخُوذِ مِنْ أَنْهَرَ وَحِكْمَةُ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ فِي الظُّفُرِ، لِأَنَّهُ مُدَى الْمَجُوسِ وَأُلْحِقَ بِهِ السِّنُّ وَحِكْمَةُ الْمَنْعِ فِي الْعَظْمِ لِأَنَّهُ زَادُ الْجِنِّ غَالِبًا، فَلَا يُنَجَّسُ عَلَيْهِمْ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُمْ لَا يَأْكُلُونَ لَحْمَ الْمَيْتَةِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَنْعُ فِي عَظْمِهَا حَسْمًا لِلْبَابِ، قَوْلُهُ: (فَلَا حَاجَةَ إلَخْ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ عَائِدٌ إلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَدِيثِ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ بِعَظْمٍ مُعَلَّقٍ فِي قِلَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ فَرَاجِعْهُ وَالْوَجْهُ حُرْمَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَبُنْدُقَةٍ) وَيَجُوزُ الِاصْطِيَادُ بِالْبُنْدُقِ فِي صَيْدٍ لَا يَمُوتُ بِهِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ كَالْعَصَافِيرِ وَالْبُنْدُقُ شَامِلٌ لِمَا كَانَ بِوَاسِطَةِ نَارٍ أَوْ لَا وَهُوَ مِثَالٌ فَكُلُّ مُثْقَلٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عُرْضُ السَّهْمِ) هُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ بِمَعْنَى الْجَانِبِ وَبِفَتْحِهَا مُقَابِلُ الطُّولِ وَبِكَسْرِهَا مَوْضِعُ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ مِنْ النَّاسِ. قَوْلُهُ: (بِأَرْضٍ عَالِيَةٍ) الْمُرَادُ بِهَا مَا يُنْسَبُ مَوْتُهُ إلَى الْوُقُوعِ مِنْهَا عَلَى غَيْرِهَا، فَدَخَلَ مَا لَوْ وَقَعَ عَنْ غُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى آخَرَ، أَوْ أَصَابَهُ جُدْرَانُ حَائِطٍ فِي نَحْوِ بِئْرٍ وَقَعَ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ بِهَا مَاءٌ أَوْ لَا، وَمَا لَوْ انْغَمَسَ فِي الْمَاءِ بِوُقُوعِهِ فِيهِ أَوْ بِالسَّهْمِ، سَوَاءٌ كَانَ هُوَ أَوْ الرَّامِي فِي هَوَاءِ الْمَاءِ أَوْ فِي الْمَاءِ أَوْ خَارِجًا عَنْهُ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا) نَعَمْ إنْ كَانَ الْجُرْحُ مُذَفِّفًا فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، أَوْ كَانَتْ الْأُحْبُولَةُ فِي عُنُقِ الْجَارِحَةِ، وَإِنْ عُلِّمَتْ عَلَى الصَّيْدِ بِهَا أَوْ مَاتَ بِثِقَلِ الْجَارِحَةِ، كَمَا يَأْتِي لَمْ يَحْرُمْ وَخَرَجَ بِسَقَطَ مَا لَوْ تَدَحْرَجَ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ الْجَبَلِ، فَلَا يَحْرُمُ كَمَا لَوْ كَانَ السُّقُوطُ قَرِيبًا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَوْتِ وَلَوْ مَاتَ بِشِدَّةِ عَدْوِهِ أَوْ فَزَعًا مِنْ الْجَارِحَةِ حَرُمَ. قَوْلُهُ: (فِي الْهَوَاءِ) وَلَوْ بِإِعَانَةِ الْهَوَاءِ لِلسَّهْمِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِأَرْضٍ) فَإِنْ سَقَطَ بِنَارٍ حَرُمَ أَوْ بِمَاءٍ فَقَدْ مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَكَسْرِ جَنَاحٍ) وَمِثْلُهُ جُرْحٌ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِإِصَابَةِ السَّهْمِ فِي كَلَامِهِ، قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ الِاصْطِيَادُ) لِغَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ حَالَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِجَوَارِحِ) أَيْ كَوَاسِبَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ} [الأنعام: 60] أَيْ كَسَبْتُمْ. قَوْلُهُ: (كَكَلْبٍ) أَوْ خِنْزِيرٍ وَإِنْ حَرُمَ اقْتِنَاؤُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ إلَخْ) فَأَطْلَقَ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجُرْحُ غَيْرِهِ بِكُلِّ مُحَدَّدٍ] فَصْلٌ يَحِلُّ ذَبْحٌ إلَى آخِرِهِ قِيلَ: الْأَحْسَنُ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّبْحِ بِكُلِّ مُحَدَّدٍ إلَخْ. قَوْلُهُ: (أَوْ انْخَنَقَ) كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهَا مَعَ مَسَائِلِ الْمَقْتُولِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ، قَوْلُهُ: (عَالِيَةٍ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ تَعْبِيرُهُ بِالْوُقُوعِ بِالْأَرْضِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، قَوْلُهُ: (لَا يَدْرِي) أَقُولُ بَلْ لَوْ عَلِمْنَا أَنَّ الْمَوْتَ بِهِمَا حَرُمَ تَغْلِيبًا لِلْمُحْرِمِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَكَذَا قَدْ يُخَالِفُ قَوْلَ الْمَتْنِ أَوَّلًا وَمَاتَ بِهِمَا. قَوْلُهُ: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى) اسْتَدَلَّ أَيْضًا بِمَفْهُومِ حَدِيثِ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى الزَّرْكَشِيّ حَيْثُ قَالَ بِالْكَسْرِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ إلَخْ) يَعْنِي أَمَّا وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الصَّيْدِ وَمِلْكُهُ بِغَيْرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 245 الْمَعْنَى تَارَةً وَإِلَى اللَّفْظِ أُخْرَى، (وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الْأَكْلِ فِي جَارِحَةِ الطَّيْرِ فِي الْأَظْهَرِ) كَجَارِحَةِ السِّبَاعِ وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الضَّرْبَ لِتَعْلَمَ تَرْكَ الْأَكْلِ بِخِلَافِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَيُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَهِيجَ عِنْدَ الْإِغْرَاءِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا مَطْمَعَ فِي انْزِجَارِهَا بَعْدَ الطَّيَرَانِ وَيَبْعُدُ اشْتِرَاطُ انْكِفَافِهَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ انْتَهَى. (وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ هَذِهِ الْأُمُورِ بِحَيْثُ يُظَنُّ تَأَدُّبُ الْجَارِحَةِ) ، وَالرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْجَوَارِحِ وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (وَلَوْ ظَهَرَ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا ثُمَّ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الْأَظْهَرِ فَيُشْتَرَطُ تَعْلِيمٌ جَدِيدٌ) وَالثَّانِي: يَحِلُّ وَأَكْلُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ لِغَيْظٍ عَلَى الصَّيْدِ، إذَا أَتْعَبَهُ وَلَوْ تَكَرَّرَ أَكْلُهُ حَرُمَ الْمَأْكُولُ مِنْهُ آخِرًا وَفِيمَا قَبْلَهُ وَجْهَانِ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: الْأَقْوَى التَّحْرِيمُ، (وَلَا أَثَرَ لِلَعْقِ الدَّمِ) فِي كَوْنِهِ مُعَلَّمًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ مَا هُوَ مَقْصُودُ الصَّائِدِ. (وَمَعَضُّ الْكَلْبِ مِنْ الصَّيْدِ نَجِسٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ) وَالثَّانِي يُعْفَى عَنْهُ لِلْحَاجَةِ، (وَ) الْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّهُ يَكْفِي غَسْلُهُ بِمَاءٍ وَتُرَابٍ) أَيْ سَبْعًا إحْدَاهَا بِتُرَابٍ، (وَلَا يَجِبُ أَنْ يُقَوَّرَ وَيُطْرَحَ) ، وَالثَّانِي يَجِبُ ذَلِكَ وَلَا يَكْفِي الْغَسْلُ لِأَنَّهُ تَشَرَّبَ لُعَابُهُ فَلَا يَتَخَلَّلُهُ الْمَاءُ (وَلَوْ تَحَامَلَتْ الْجَارِحَةُ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَتْهُ بِثِقَلِهَا حَلَّ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَوْ قَتَلَتْهُ بِجُرْحِهَا، وَالثَّانِي يَحْرُمُ كَالْقَتْلِ بِثِقَلِ السَّيْفِ وَالسَّهْمِ (وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَسَقَطَ وَانْجَرَحَ بِهِ صَيْدٌ) وَمَاتَ، (أَوْ احْتَكَّتْ بِهِ شَاةٌ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَانْقَطَعَ حُلْقُومُهَا وَمَرِيئُهَا أَوْ اُسْتُرْسِلَ كَلْبٌ بِمَسِّهِ فَقُتِلَ لَمْ يَحِلَّ) ، وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِانْتِفَاءِ الذَّبْحِ وَقَصْدِهِ وَالْإِرْسَالِ. (وَكَذَا لَوْ اُسْتُرْسِلَ كَلْبٌ فَأَغْرَاهُ صَاحِبُهُ فَزَادَ عَدْوُهُ) لَمْ يَحِلَّ الصَّيْدُ (فِي   [حاشية قليوبي] الْمَصْدَرَ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ. قَوْلُهُ: (فِي حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ) فَإِنْ كَانَتْ حَرَكَتُهُ أَقْوَى مِنْهَا فَإِنْ ذُكِّيَ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ) وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْكَلَبِ بِفَتْحِ اللَّامِ بِمَعْنَى الْإِغْرَاءِ وَقِيلَ: مِنْ التَّضْرِيَةِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَى الِاعْتِيَادِ. قَوْلُهُ: (مُعَلَّمَةً) وَلَوْ بِتَعْلِيمِ نَحْوِ مَجُوسِيٍّ أَوْ وَثَنِيٍّ. قَوْلُهُ: (صَاحِبُهُ) لَيْسَ قَيْدًا فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ) عَقِبَ إمْسَاكِهِ أَوْ قَتْلِهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ صَاحِبِهِ لَهُ، أَمَّا بَعْدَهُ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ أَوْ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَلَا يَضُرُّ وَشَمِلَ الْأَكْلَ مِنْ لَحْمِهِ وَكَرِشِهِ مِنْ لَحْمِهِ وَكَرِشِهِ وَعَظْمِهِ وَأُذُنِهِ وَغَيْرِهَا، لَا شَعْرِهِ وَرِيشِهِ وَوَبَرِهِ وَلَعْقِ دَمِهِ كَمَا يَأْتِي، لِأَنَّهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ لِلصَّائِدِ قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى) فِي التَّذْكِيرِ بِكَوْنِهَا كَلْبًا أَوْ بَازًا أَوْ اللَّفْظُ فِي التَّأْنِيثِ بِكَوْنِهَا جَارِحَةً. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ أُرِيدَ غَيْرُ الْإِغْرَاءِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا أَمْرٌ إنْ تَرَكَ الْأَكْلَ وَإِنْ تَهَيَّجَ فِي الِابْتِدَاءِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَكَلَ) أَيْ مِمَّا أَرْسَلَ إلَيْهِ حَالَ صَيْدِهِ أَوْ عَقِبَهُ كَمَا مَرَّ لَا مِنْ غَيْرِ مَا أَرْسَلَ إلَيْهِ، وَلَا مِنْهُ بَعْدَ زَمَنٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ كُلٍّ وَإِنْ أَكَلَ مَعَ أَنَّهُ قِيلَ بِضَعْفِهِ وَاللَّحْمُ لَيْسَ قَيْدًا كَمَا سَبَقَ آنِفًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ) أَيْ الَّذِي أَكَلَ مِنْهُ لَا مَا قَبْلَهُ فَهُوَ حَلَالٌ وَلَوْ حَالَتْ الْجَارِحَةُ بَيْنَ الصَّيْدِ وَالصَّائِدِ بِمَنْعِ تَسْلِيمِهِ لَهُ بَطَلَ تَعْلِيمُهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَمَعَضُّ إلَخْ) ذِكْرُهُ اسْتِطْرَادِيٌّ وَمَحِلُّهُ بَابُ النَّجَاسَةِ. . قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ إلَخْ)   [حاشية عميرة] الْمَذْكُورَاتِ أَيْضًا حَتَّى بِالْبُنْدُقِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ، قَوْلُهُ: (لِيَأْخُذَهُ الصَّائِدُ) يَعْنِي يُشْتَرَطُ فِي التَّعْلِيمِ أَنْ تَمْسِكَ الْجَارِحَةُ الصَّيْدَ وَلَا تُرْسِلَهُ حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُهَا فَيَأْخُذُهُ، قَوْلُهُ: (وَفِيمَا ذُكِرَ تَذْكِيرُ الْجَارِحَةِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ بِزَجْرِ صَاحِبِهِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَكَلَ) لَوْ اخْتَلَّ غَيْرُ ذَلِكَ كَالِانْزِجَارِ مَثَلًا، قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْأَكْلِ، وَلَوْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ وَأَكَلَ لَمْ يَحِلَّ وَلَمْ يَقْدَحْ فِي التَّعْلِيمِ قَوْلُهُ: (حَرُمَ الْمَأْكُولُ مِنْهُ آخِرًا) أَيْ جَزْمًا وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْكِتَابِ وَقَوْلُهُ وَفِيمَا قَبْلَهُ أَيْ مِمَّا أَكَلَ مِنْهُ كَمَا رَأَيْت فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ مَنْقُولًا، عَنْ عِبَارَةِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَحِينَئِذٍ فَانْظُرْ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْقَوْلَيْنِ هَلْ اخْتِلَافُهُمَا فِي أَيِّ صُورَةٍ وَلَوْ سَلَّمَ كَوْنُ الْوَجْهَيْنِ فِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ مِنْهُ الْمَاضِيَيْنِ لَاسْتَقَامَ ثُمَّ رَأَيْت الْقُونَوِيَّ فَرَضَهَا، فِيمَا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهُ وَعِبَارَتُهُ وَلَا يَنْعَطِفُ التَّحْرِيمُ عَلَى مَا اصْطَادَهُ مِنْ قَبْلُ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهُ الْأَكْلُ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَا يَحِلُّ مَا قَبْلَ ذَلِكَ الَّذِي أَكَلَ مِنْهُ إنْ اعْتَادَ الْأَكْلَ لِأَنَّ اعْتِيَادَهُ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا، ثُمَّ رَأَيْت الْكَمَالَ الْمَقْدِسِيَّ اعْتَرَضَ مَا فِي الْحَاوِي الَّذِي مَشَى الْقُونَوِيَّ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَصَوَّبَ أَنَّ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْهُ مِنْهُ حَلَالٌ سَوَاءٌ اعْتَادَ الْأَكْلَ أَمْ لَا، وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا ثُمَّ رَاجَعْت الرَّوْضَةَ فَوَجَدْت فِيهَا مَا يَقْطَعُ الْإِشْكَالَ مِنْ أَصْلِهِ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ تَكَرَّرَ إلَخْ. مُفَرَّعٌ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ، قَوْلُهُ: (وَفِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ مَا أَكَلَ مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَنْعَطِفُ عَلَيْهِ بِالتَّحْرِيمِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ الصَّيْدِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجِبُ) قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا الْقَائِلُ يَطَّرِدُ هَذَا فِي كُلِّ لَحْمٍ وَمَا فِي مَعْنَاهُ بِعَضَّةِ الْكَلْبِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ مُلَاقَاةِ اللُّعَابِ مِنْ غَيْرِ عَضٍّ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ وُجُوهٌ سِتَّةٌ يُغْسَلُ بِمَاءٍ وَتُرَابٍ يُغْسَل فَقَطْ، يُعْفَى عَنْهُ مَعَ نَجَاسَتِهِ طَاهِرٌ إنْ أَصَابَ عِرْقًا نَضَّاحًا إنْ سَرَتْ النَّجَاسَةُ إلَى كُلِّ الصَّيْدِ لَمْ يَحِلَّ وَالْأَحَلُّ يَجِبُ التَّقْوِيرُ قَوْلُهُ: (حَلَّ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] ، فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا قَتَلَهُ بِنَابِهِ أَوْ ظُفُرِهِ أَوْ ثِقْلِهِ وَلِأَنَّهُ يَبْعُدُ تَعْلِيمُ الْجَوَارِحِ، أَنْ لَا تَقْتُلَ إلَّا جُرْحًا انْتَهَى وَلَوْ مَاتَ فَزَعًا أَوْ مِنْ شِدَّةِ الْعَدْوِ لَمْ يَحِلَّ قَطْعًا قَوْلُهُ: (كَالْقَتْلِ بِثِقَلِ السَّيْفِ) رَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الصِّفَاتِ أَعْنِي قَوْله تَعَالَى {مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4] هَلْ هِيَ لِلتَّخْصِيصِ أَوْ لِلتَّفْرِيقِ أَقُولُ: وَفِي هَذَا أَنَّ الْجَوَارِحَ لَيْسَتْ بِمَعْنَى الْكَوَاسِبِ، وَهَذَا الْبِنَاءُ يَنْتَسِبُ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمِنْ أَدِلَّةِ الثَّانِي أَيْضًا حَدِيثُ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَلَوْ مَاتَ بِالْجُرْحِ وَالثِّقَلِ حَلَّ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ الذَّبْحِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَانْجَرَحَ وَقَوْلُهُ وَقَصَدَهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ احْتَكَّتْ بِهِ وَقَوْلُهُ وَالْإِرْسَالُ رَاجِعٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 246 الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى الْإِغْرَاءِ الْمَزِيدِ بِهِ الْعَدْوُ وَيُجَابُ بِتَغَيُّبِ الْمُحَرَّمِ (وَلَوْ أَصَابَهُ) أَيْ الصَّيْدَ (سَهْمٌ بِإِعَانَةِ رِيحٍ حَلَّ) إذْ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ هُبُوبِهَا (وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا لِاخْتِبَارِ قُوَّتِهِ أَوْ إلَى غَرَضٍ فَاعْتَرَضَ صَيْدًا فَقَتَلَهُ) السَّهْمُ (حَرُمَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الصَّيْدَ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى قَصْدِ الْفِعْلِ دُونَ مَوْرِدِهِ (وَلَوْ رَمَى صَيْدًا ظَنَّهُ حَجَرًا) ، حَلَّ وَلَا اعْتِبَارَ بِظَنِّهِ (أَوْ سِرْبَ ظِبَاءٍ فَأَصَابَ وَاحِدَةً حَلَّتْ وَلَوْ قَصَدَ وَاحِدَةً فَأَصَابَ غَيْرَهَا حَلَّتْ فِي الْأَصَحِّ) ، لِوُجُودِ قَصْدِ الصَّيْدِ الثَّانِي يَنْظُرُ إلَى أَنَّهَا غَيْرَ الْمَقْصُودَةِ. (وَلَوْ غَابَ عَنْهُ الْكَلْبُ وَالصَّيْدُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا حَرُمَ) ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ (وَإِنْ جَرَحَهُ وَغَابَ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا حَرُمَ فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا ذُكِرَ وَالثَّانِي يَحِلُّ حَمْلًا عَلَى أَنَّ مَوْتَهُ بِالْجُرْحِ وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ . فَصْلٌ (يُمْلَكُ الصَّيْدُ بِضَبْطِهِ بِيَدِهِ) وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهُ (وَبِجُرْحٍ مُذَفِّفٍ) أَيْ مُسْرِعٍ لِلْهَلَاكِ (وَبِإِزْمَانٍ) ، بِرَمْيٍ (وَكَسْرِ جَنَاحٍ) وَيَكْفِي فِيهِ إبْطَالُ شِدَّةِ الْعَدْوِ وَصَيْرُورَتُهُ بِحَيْثُ يَسْهُلُ لُحُوقُهُ، (وَبِوُقُوعِهِ فِي شَبَكَةٍ نَصَبَهَا) فَهُوَ لَهُ وَإِنْ طَرَدَهُ طَارِدٌ فَوَقَعَ فِيهَا، (وَبِإِلْجَائِهِ إلَى مَضِيقٍ لَا يُفْلِتُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ يَنْقَلِبُ (مِنْهُ) ، بِأَنْ يُدْخِلَهُ بَيْتًا وَنَحْوَهُ. (وَلَوْ وَقَعَ صَيْدٌ فِي مِلْكِهِ) كَمَزْرَعَةٍ (وَصَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بِتَوَحُّلٍ وَغَيْرِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَمْلِكُهُ كَوُقُوعِهِ فِي شَبَكَتِهِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ سَقْيَ الْأَرْضِ النَّاشِئَ عَنْهُ التَّوَحُّلُ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الِاصْطِيَادُ فَإِنْ   [حاشية قليوبي] شُرُوعٌ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الذَّبْحِ الْفِعْلُ أَوْ الْقَصْدُ كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ بِالْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (بِإِعَانَةِ رِيحٍ) خَرَجَ مَا لَوْ نُسِبَتْ الْإِصَابَةُ إلَى الرِّيحِ وَحْدَهُ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا لِاخْتِبَارِ قُوَّتِهِ) ، أَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا عَبَثًا أَوْ إلَى حَجَرٍ أَوْ إلَى مَا لَا يَحِلُّ يَقِينًا أَيْ فَأَصَابَ صَيْدًا لَمْ يَحِلَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَمَا يَأْتِي، وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا وَكَلْبًا عَلَى صَيْدٍ فَإِنْ أَزْمَنَهُ الْكَلْبُ ثُمَّ ذَبَحَهُ السَّهْمُ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا قَوْلُهُ: (ظَنَّهُ حَجَرًا) أَوْ ظَنَّهُ لَا يَحِلُّ كَذِئْبٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَلَا اعْتِبَارَ بِظَنِّهِ أَيْ لِإِلْغَائِهِ بِالْإِصَابَةِ، فَلَوْ أَصَابَ غَيْرَهُ لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّهُ أَخْطَأَ فِي الظَّنِّ وَالْإِصَابَةِ مَعًا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَهُ حَجَرًا أَوْ ذِئْبًا وَأَصَابَ غَيْرَهُ لَمْ يَحِلَّ بِالْأَوْلَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (سِرْبَ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ قَطِيعٌ وَأَصْلُهُ جَمَاعَةٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَصَدَ وَاحِدَةً) أَيْ بِرَمْيِهِ أَوْ بِإِرْسَالِهِ الْجَارِحَةَ. قَوْلُهُ: (فَأَصَابَ غَيْرَهَا) وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَمْسَكَتْ الْجَارِحَةُ كَذَلِكَ أَوْ أَمْسَكَتْ وَاحِدَةً بَعْدَ إرْسَالِ أُخْرَى، نَعَمْ إنْ أَمْسَكَتْ غَيْرَ الْأُولَى قَبْلَهَا مَعَ اسْتِدْبَارِهَا حَرُمَتْ الْمَمْسُوكَةُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ جَرَحَهُ) أَيْ جُرْحًا غَيْرَ مُذَفَّفٍ وَإِلَّا حَلَّ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (حَرُمَ فِي الْأَظْهَرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ إيمَاءٌ إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى التَّعْبِيرِ بِالْأَظْهَرِ فَصْلٌ فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ قَوْلُهُ: (يُمْلَكُ الصَّيْدُ) الَّذِي لَيْسَ بِحَرَمِيٍّ وَلَا بِهِ أَثَرُ مِلْكٍ وَنَحْوِهِ كَخَصْبٍ وَقَصِّ جَنَاحٍ فَإِنْ وُجِدَ بِهِ ذَلِكَ فُضَالَةٌ أَوْ لُقَطَةٌ أَوْ هَدْيٌ. قَوْلُهُ: (بِضَبْطِهِ بِيَدِهِ) أَيْ بِأَخْذِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ الْيَدِ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ وَلَا مُرْتَدٍّ، وَلَوْ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَلَوْ بِأَمْرِ غَيْرِهِ، نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْمُمَيِّزُ وَلَوْ صَبِيًّا غَيْرَهُ كَانَ لِلْمَقْصُودِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قَصْدُ الصَّبِيِّ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ مَنْظُورٌ فِيهِ وَعَلَيْهِ، فَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَصْدُ مُقَارَنًا لِأَوَّلِ الْفِعْلِ، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فَتَأَمَّلْ، قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهُ) بَلْ وَإِنْ قَصَدَ عَدَمَ التَّمَلُّكِ. قَوْلُهُ: (وَكَسْرِ جَنَاحٍ) وَكَذَا قَصُّ رِيشِهِ، قَوْلُهُ: (وَيَكْفِي فِيهِ) أَيْ فِي الْإِزْمَانِ الْمُوجِبِ لِلْمِلْكِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ فِي الْمَلْكِ النَّاشِئِ عَنْ الْإِزْمَانِ وَخَرَجَ بِشِدَّةِ الْعَدْوِ، وَمَا لَوْ وَقَفَ إعْيَاءً أَوْ عَطَشًا لَا عَجْزًا فَلَا يَمْلِكُ بِهِ. قَوْلُهُ: (فِي شَبَكَةٍ) أَيْ لَمْ يَنْفَلِتْ مِنْهَا وَلَمْ يَذْهَبْ بِهَا أَوْ ذَهَبَ بِهَا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِامْتِنَاعِ بِهَا وَإِلَّا فَلَا يَمْلِكُهُ. قَوْلُهُ: (نَصَبَهَا) وَلَوْ غَاصِبًا لَهَا أَيْ وَكَانَ نَصْبُهَا لِأَجْلِ الِاصْطِيَادِ أَوَّلًا بِقَصْدِ شَيْءٍ فَإِنْ قَصَدَ غَيْرَ الِاصْطِيَادِ لَمْ يَمْلِكْ مَا يَقَعُ فِيهَا، وَكَذَا لَوْ قَصَدَ صَيْدَ نَوْعٍ فَوَقَعَ غَيْرُهُ لَا يَمْلِكُهُ وَعَلَى مَا ذُكِرَ يُحْمَلُ مَا فِي   [حاشية عميرة] لِقَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ اُسْتُرْسِلَ كَلْبٌ، قَوْلُهُ: (صَاحِبُهُ) مِثْلُهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (فَزَادَ) خَرَجَ بِهِ مُجَرَّدُ الْإِغْرَاءِ وَلَوْ أَغْرَى شَخْصٌ كَلْبًا مَثَلًا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ حَلَّ الصَّيْدُ كَالسِّكِّينِ الْمَغْصُوبَةِ، قَوْلُهُ: (لَمْ يَحِلَّ الصَّيْدُ فِي الْأَصَحِّ) لِاجْتِمَاعِ الِاسْتِرْسَالِ الْمُحَرَّمِ وَالْإِغْرَاءِ فَغَلَبَ الْمُحَرَّمُ وَلِأَنَّ الْعَدْوَ نَاشِئٌ عَنْ الِاسْتِرْسَالِ الْمُحَرَّمِ وَزِيَادَتُهُ بِالْإِغْرَاءِ لَا تُنَافِيهِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا) قَالَ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ: لَوْ كَانَ بَدَلُ السَّهْمِ جَارِحَةً لَمْ يَحِلَّ وَجْهًا وَاحِدًا. أَقُولُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (أَوْ سِرْبَ) هُوَ الْقَطِيعُ مِنْ الْمُتَوَحِّشِ وَمِنْ غَيْرِهِ السَّرْبُ بِالْفَتْحِ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَحِلُّ) يَعْضُدُ هَذَا مَسْأَلَةُ الظَّبْيَةِ وَتَصْدِيقُ الْوَلِيِّ فِي قَدِّ الْمَلْفُوفِ وَيَعْضُدُ الْأَوَّلَ امْتِشَاطُ الْمُحْرِمِ إذَا حَصَلَ انْتِتَافٌ وَشَكَّ هَلْ هُوَ مِنْهُ أَوْ مِنْ أَمْرٍ سَابِقٍ فَإِنَّهُ لَا فِدْيَةَ. [فَصْلٌ يُمْلَكُ الصَّيْدُ بِضَبْطِهِ بِيَدِهِ] ِ أَيْ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ يَدِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ، قَوْلُهُ: (وَكَسْرِ جَنَاحٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِرَمْيٍ قَوْلُهُ: (وَكَسْرِ جَنَاحٍ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ مَنْفَعَتُهُ بِهِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (فِي شَبَكَةٍ) وَلَوْ مَغْصُوبَةً. قَوْلُهُ: (فِي مِلْكِهِ) حُكْمُ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُعَارِ كَذَلِكَ. قَوْلُ (لَمْ يَزُلْ إلَخْ) فَهُوَ كَإِبَاقِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 247 قُصِدَ بِهِ فَهُوَ كَنَصْبِ الشَّبَكَةِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَحَكَاهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْإِمَامِ، (وَمَتَى مَلَكَهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ بِانْفِلَاتِهِ) وَمَنْ أَخَذَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ إلَيْهِ، (وَكَذَا) لَا يَزُولُ (بِإِرْسَالِ الْمَالِكِ لَهُ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُصِيبَهُ إذَا عَرَفَهُ، وَالثَّانِي يَزُولُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ لَكِنْ مَنْ صَادَهُ مَلَكَهُ، وَالثَّالِثُ إنْ قَصَدَ بِإِرْسَالِهِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى زَالَ مِلْكُهُ، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى التَّقَرُّبِ قِيلَ: لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ كَالْعَبْدِ الْمُعْتَقِ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ، حِلُّهُ لِئَلَّا يَصِيرَ فِي مَعْنَى سَوَائِبِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ إرْسَالُهُ لِهَذَا الْمَعْنَى وَلَوْ قَالَ عِنْدَ إرْسَالِهِ: أَبَحْتُهُ مَنْ يَأْخُذُهُ حَلَّ لِآخِذِهِ أَكْلُهُ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ. ، (وَلَوْ تَحَوَّلَ حَمَامُهُ) مِنْ بُرْجِهِ (إلَى بُرْجِ غَيْرِهِ) الْمُشْتَمِلِ عَلَى حَمَامِهِ (لَزِمَهُ رَدُّهُ) إنْ تَمَيَّزَ عَنْ حَمَامِهِ وَإِنْ حَصَلَ بَيْنَهُمَا بَيْضٌ أَوْ فَرْخٌ فَهُوَ تَبَعٌ لِلْأُنْثَى فَيَكُونُ لِمَالِكِهَا، (فَإِنْ اخْتَلَطَا وَعَسُرَ التَّمْيِيزُ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ أَحَدِهِمَا وَهِبَتُهُ شَيْئًا مِنْهُ لِثَالِثٍ) لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْمِلْكُ فِيهِ (وَيَجُوزُ) بَيْعُ أَحَدِهِمَا، وَهِبَتُهُ مَا لَهُ مِنْهُ (لِصَاحِبِهِ فِي الْأَصَحِّ) وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ لِلضَّرُورَةِ وَالثَّانِي مَا يَغْتَفِرُهُ (فَإِنْ بَاعَهُمَا) أَيْ الْحَمَامَيْنِ لِثَالِثٍ (وَالْعَدَدُ مَعْلُومٌ وَالْقِيمَةُ سَوَاءٌ صَحَّ) ، الْبَيْعُ وَوُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَى الْعَدَدِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَالْآخَرُ مِائَتَيْنِ كَانَ الثَّمَنُ أَثْلَاثًا، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ جُهِلَ الْعَدَدُ كَمَا فِي   [حاشية قليوبي] الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ، وَخَرَجَ بِالنَّصْبِ مَا لَوْ وَقَعَتْ مِنْهُ فَتَعَثَّرَ بِهَا صَيْدٌ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ لَهُ) أَيْ فَالصَّيْدُ مَمْلُوكٌ لِلنَّاصِبِ وَإِنْ كَانَ الْوُقُوعُ فِيهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَكُونُ تَرِكَةً لَهُ. قَوْلُهُ: (إلَى مَضِيقٍ) بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَخْذُهُ بِسُهُولَةٍ. قَوْلُهُ (وَنَحْوِهِ) أَيْ الْبَيْتِ وَمِنْهُ نَحْوُ بِرْكَةٍ لِأَجْلِ صَيْدِ سَمَكٍ وَحُفْرَةٍ لِوُقُوعِ وَحْشٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَقَعَ صَيْدٌ) أَوْ عَشَّشَ فِي مِلْكِهِ أَيْ مَا يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ وَلَوْ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَمْلِكْهُ) وَلَا مَا حَصَلَ مِنْهُ كَبَيْضٍ وَفَرْخٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَصَدَ بِهِ) أَيْ قَصَدَ بِالتَّوَحُّلِ الِاصْطِيَادَ وَمِثْلُهُ الْبِنَاءُ لِذَلِكَ وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، مَا ذُكِرَ بِمَا يُعْتَادُ تَوَحُّلُهُ أَوْ بِنَاؤُهُ لِلصَّيْدِ كَالْأَبْرَاجِ وَإِلَّا فَلَا يَمْلِكُهُ، وَإِنْ قَصَدَهُ بِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا سَهُلَ انْفِلَاتُهُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ إلْجَائِهِ إلَى الْمُضَيَّقِ فَرَاجِعْهُ. وَحَيْثُ قُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَكِنْ إذَا أَخَذَهُ مَلَكَهُ وَمِنْ هَذَا مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ سَفِينَةً فَنَزَلَ فِيهَا سَمَكٌ. فَرْعٌ: لَوْ اصْطَادَ سَمَكَةً فَوَجَدَ فِي جَوْفِهَا جَوْهَرَةً، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ بَحْرِ الْجَوْهَرِ أَوْ كَانَ بِهَا أَثَرُ مِلْكٍ فَهِيَ لُقَطَةٌ، وَإِلَّا فَيَمْلِكُهَا وَلَوْ بَاعَ السَّمَكَةَ بِهَا صَارَتْ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي تَبَعًا كَمَا فِي الْمَعْدِنِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي مَلَكَهَا جَاهِلًا بِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ حَالَ شِرَائِهَا بِالْجَوْهَرَةِ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْجَوْهَرَةَ فِيهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (بِانْفِلَاتِهِ) إلَّا بِنَحْوِ قَطْعِ الشَّبَكَةِ كَمَا مَرَّ أَوْ بِكَسْرِ بَابٍ حُبِسَ فِيهِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ ضَبْطٍ بِيَدٍ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ مَنْعِ الْإِرْسَالِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ) أَيْ فَيَحْرُمُ نَعَمْ إنْ خِيفَ مِنْ حَبْسِهِ هَلَاكٌ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ كَإِرْضَاعٍ لَهُ أَوْ مِنْهُ وَجَبَ إرْسَالُهُ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ الْغَزَالَةِ، وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِإِرْسَالِهِ نَعَمْ لَا يَجِبُ إرْسَالُهُ إنْ كَانَ وَلَدًا مَأْكُولًا فَلَهُ ذَبْحُهُ. قَوْلُهُ: (حَلَّ لِآخِذِهِ أَكْلُهُ) أَيْ الْعَالِمِ بِإِبَاحَتِهِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ) لِغَيْرِهِ وَلَوْ بِالْأَكْلِ قَالَهُ شَيْخُنَا كَوَالِدِهِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ جَوَازُ إطْعَامِ غَيْرِهِ مِنْهُ وَاسْتَوْجَهَهُ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ وَهُوَ وَجِيهٌ فَلِي بِهِ أُسْوَةٌ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ رَدُّهُ) أَيْ إنْ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَاللَّازِمُ لَهُ التَّخْلِيَةُ وَالتَّمْكِينُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ إلَخْ) نَعَمْ إنْ عَلِمَا الْقَدْرَ وَالْقِيمَةَ صَحَّ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَابْنِ الْمُلَقَّنِ وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا بَاعَ مِنْهُ شَيْئًا بِالشِّقْصِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ مِلْكُهُ فَإِنْ بَاعَ جُزْءًا مَعْلُومًا مِمَّا يَمْلِكُهُ، أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا بَاعَهُ فَلَا مَانِعَ مِنْ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا: بِعْتُك الْحَمَامَ الَّذِي لِي فِيهِ بِكَذَا. قَوْلُهُ: (أَيْ الْحَمَامَيْنِ لِثَالِثٍ) فِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ كَانَ الْأَنْسَبَ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ بَاعَاهُ أَيْ الْحَمَامَ يَعْنِي لِثَالِثٍ. قَوْلُهُ: (وَالْعَدَدُ مَعْلُومٌ) أَيْ عَدَدُ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْهُ مَعْلُومٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِالْمِثَالِ. قَوْلُهُ: (وَالْقِيمَةُ سَوَاءٌ) أَيْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ أَحَدِ الْحَمَامَيْنِ مُسَاوِيَةٌ لِقِيمَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْحَمَامِ الْآخَرَ أَوْ قِيمَةُ أَفْرَادِ الْحَمَامَيْنِ مُسَاوِيَةٌ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ عَلِمَ أَنَّ جُمْلَةَ قِيمَةِ حَمَامِ أَحَدِهِمَا قَدْرُ نِصْفِ قِيمَةِ جُمْلَةِ حَمَامِ الْآخَرِ، مَثَلًا فَالثَّمَنُ أَثْلَاثٌ بَيْنَهُمْ وَكَذَا لَوْ عَلِمَ مُسَاوَاةَ جُزْءٍ مُتَسَاوِي الِاسْمِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، كَأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ كُلِّ وَارِدَةٍ مِنْ ثُلُثِ حَمَامِ أَحَدِهِمَا مُسَاوِيَةً لِقِيمَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ ثُلُثِ حَمَامِ الْآخَرِ. وَقِيمَةُ الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا كَذَلِكَ، كَمَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا تِسْعُونَ حَمَامَةً مِنْهَا ثَلَاثُونَ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ دِرْهَمَانِ وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَاقِي دِرْهَمٌ، وَلِلْآخَرِ سِتُّونَ حَمَامَةً مِنْهَا عِشْرُونَ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا دِرْهَمَانِ، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَاقِي دِرْهَمٌ، فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسٌ لِلْأَوَّلِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ، وَلِلثَّانِي خُمُسَاهُ وَهَكَذَا فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ يُؤْتِي فَضْلَهُ مَنْ يَشَاءُ. قَوْلُهُ: (أَيْ وَإِنْ جَهِلَ الْعَدَدَ إلَخْ) قَصَرَ كَلَامَهُ عَلَى هَذِهِ مُرَاعَاةً لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ عُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَمَّا فِيهِمَا لِلْعُمُومِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ كَلَامَهُ هُنَا مَا لَوْ عُلِمَ الْعَدَدُ وَجُهِلَتْ الْقِيمَةُ وَمَا لَوْ جُهِلَا مَعًا،   [حاشية عميرة] الْعَبْدِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَوْ كَانَ هَرَبُ الْوَحْشِيِّ يُخْرِجُهُ عَنْ الْمِلْكِ لَكَانَ هَرَبُ الْإِنْسِيِّ كَذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَأَمَّا فِي إرْسَالِهِ فَكَمَا لَوْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ بَلْ لَا يَجُوزُ، قَوْلُهُ: (لَكِنْ مَنْ صَادَهُ مَلَكَهُ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ، قَوْلُهُ: (وَعَلَى التَّقَرُّبِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ الثَّالِثِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُ الْمَتْنِ فِي الْأَصَحِّ، قَوْلُهُ: (لِهَذَا الْمَعْنَى) أَيْ لِأَجْلِ هَذَا الْمَعْنَى يَحْرُمُ إرْسَالُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفْهِمُ الْجَوَازَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْجُهِ وَفِيهِ نَظَرٌ قَوْلُهُ: (بِعَيْنِ الْمَبِيعِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ عَلِمَا الْقِيمَةَ وَالْعَدَدَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَنْبَغِي الصِّحَّةُ قَطْعًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: ثُمَّ مَا صَحَّحَاهُ هُنَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَطَ عَبْدُهُ بِعَبِيدِ الْغَيْرِ، فَقَالَ: بِعْتُك عَبْدِي مِنْ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي. قَوْلُهُ: (بَاعَهُمَا) قِيلَ: الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ بَاعَاهُ بِالْإِفْرَادِ لِيَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى الثَّالِثِ الْمُتَقَدِّمِ، قَوْلُهُ: (وَلَمْ تَسْتَوِ الْقِيمَةُ) كَأَنَّ الْمُرَادَ قِيمَةُ الْإِفْرَادِ، قَوْلُهُ: (أَوْ أُزْمِنَ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا تَحَقَّقَ الْإِزْمَانُ بِالثَّانِي، بِأَنْ كَانَ الْإِزْمَانُ حَاصِلًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 248 الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَيْ وَلَمْ تَسْتَوِ الْقِيمَةُ أَوْ اسْتَوَتْ، (فَلَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ كُلِّ بَائِعٍ مِنْ الثَّمَنِ. (وَلَوْ جَرَحَ الصَّيْدَ اثْنَانِ مُتَعَاقِبَانِ فَإِنْ ذَفَّفَ الثَّانِي) أَيْ قَتَلَ (أَوْ أَزْمَنَ دُونَ الْأَوَّلِ فَهُوَ لِلثَّانِي) وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَوَّلِ بِجُرْحِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا حِينَئِذٍ (وَإِنْ ذَفَّفَ الْأَوَّلُ فَلَهُ) الصَّيْدُ وَعَلَى الثَّانِي أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ إنْ كَانَ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ، (وَإِنْ أَزْمَنَ) الْأَوَّلُ (فَلَهُ) الصَّيْدُ (ثُمَّ إنْ ذَفَّفَ الثَّانِي بِقَطْعِ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ فَهُوَ حَلَالٌ وَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ) عَنْ قِيمَتِهِ مُزْمِنًا (وَإِنْ ذَفَّفَ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ فَحَرَامٌ) لِاجْتِمَاعِ الْمُبِيحِ وَالْمُحَرَّمِ الْمُغَلَّبِ، (وَيَضْمَنُهُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ) فِي التَّذْفِيفِ بِقِيمَتِهِ مُزْمِنًا وَفِي الْجُرْحِ بِنِصْفِهَا وَقِيلَ بِكُلِّهَا   [حاشية قليوبي] وَنَحْوُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ) نَعَمْ لَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي بَيْعِ حَمَامِهِ صَحَّ، وَلَهُمَا قِسْمَةُ الثَّمَنِ بِالْمُصَالَحَةِ وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ بِوَكَالَتِهِ وَلَوْ مَعَ اخْتِلَاطِهَا لِلضَّرُورَةِ هُنَا، وَلِكَثْرَةِ الِاخْتِلَاطِ فِي الْحَمَامِ وَلَوْ تَوَافَقَا عَلَى قِيمَةِ الْحَمَامِ ابْتِدَاءً صَحَّ وَلِكُلٍّ التَّصَرُّفُ فِيمَا يَخُصُّهُ. فُرُوعٌ: لَوْ شَكَّ فِي أَنَّ الْحَمَامَ الْمُخْتَلِطَ بِحَمَامِهِ مُبَاحٌ أَوْ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ هِيَ الْأَصْلُ فَلَوْ ادَّعَاهُ غَيْرُهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَالْوَرَعُ تَصْدِيقُهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ كَذِبُهُ، وَلَوْ اخْتَلَطَ حَمَامٌ مُبَاحٌ غَيْرُ مَحْصُورٍ بِحَمَامِ بَلَدٍ وَلَوْ غَيْرَ مَحْصُورٍ جَازَ الِاصْطِيَادُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْمُبَاحُ مَحْصُورًا حَرُمَ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ حَمَامَةٌ أَوْ ثَمَرَةٌ مَمْلُوكَةٌ لِغَيْرِهِ بِحَمَامٍ أَوْ بِثَمَرٍ لَهُ فَلَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ بِالِاجْتِهَادِ إلَّا وَاحِدَةً وَلَوْ اخْتَلَطَ حَمَامٌ أَوْ دُهْنٌ أَوْ دَرَاهِمُ أَوْ نَحْوُهَا، حَرَامٌ بِمِلْكِهِ فَمَيَّزَ قَدْرَ الْحَرَامِ وَصَرَفَهُ فِي مَصَارِفِهِ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْبَاقِي وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ وَلِذَلِكَ كَرِهَ بَعْضُهُمْ اصْطِيَادَ الْحَمَامِ وَالْأَكْلَ مِنْهُ وَبِنَاءَ الْأَبْرَاجِ وَالْأَكْلَ مِنْ حَمَامِهَا بَلْ الْوَاقِعُ الْآنَ اخْتِلَاطُ حَمَامِ الْأَبْرَاجِ يَقِينًا وَأَنَّ مَا يُصَادُ مِنْ حَمَامِ الْأَبْرَاجِ الْمَمْلُوكِ يَقِينًا لَكِنَّ مَالِكَهُ مَجْهُولٌ، فَلَا يَجُوزُ صَيْدُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ وَلَا الْأَكْلُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ أُزْمِنَ) أَيْ الثَّانِي فَلَهُ الصَّيْدُ وَإِنْ كَانَ الْإِزْمَانُ بِانْضِمَامِ جُرْحِهِ إلَى الْأَوَّلِ كَمَا شَمَلَتْهُ الْعِبَارَةُ قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ وَكَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ كَمَا سَيَأْتِي، فِيمَا لَوْ أُزْمِنَ أَحَدُهُمَا وَذُفِّفَ الْآخَرُ وَغَيْرُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أُزْمِنَ الْأَوَّلُ فَهُوَ لَهُ) وَهُوَ حِينَئِذٍ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ ذُفِّفَ الثَّانِي) أَيْ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بِقَطْعِ مَا ذُكِرَ حَلَّ لِوُجُودِ تَذْكِيَتِهِ وَإِنْ ذُفِّفَ لَا بِقَطْعِهِمَا أَوْ وَصَلَ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ حَالَ جُرْحِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَحِلَّ. قَوْلُهُ: (بِقِيمَتِهِ مُزْمِنًا) إنْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَالَ تَذْفِيفِهِ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي أَصْلًا. قَوْلُهُ: (وَفِي الْجُرْحِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا عَلَى الْمَرْجُوحِ وَالْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ إنْ ذَبَحَهُ الْأَوَّلُ الْمُزْمِنُ بَعْدَ جُرْحِ الثَّانِي لَزِمَ الثَّانِي مَا نَقَصَ مِنْ أَرْشِ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ فَقَطْ، وَإِنْ لَمْ يَذْبَحْهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ فَقَدْ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَا يَلْزَمُ الثَّانِي جَمِيعُ الْقِيمَةِ بَلْ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَرْشِ الْمُتَقَدِّمِ بِمَا يَأْتِي، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ لَزِمَ الثَّانِي جَمِيعُ الْقِيمَةِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَلِيمًا عَشَرَةً وَمَجْرُوحًا بِجُرْحِ الْأَوَّلِ تِسْعَةً، وَجُرْحُهُ الثَّانِي وَصَارَتْ قِيمَتُهُ مَذْبُوحًا ثَمَانِيَةً لَزِمَ الثَّانِي فِي عَدَمِ تَمَكُّنِ الْأَوَّلِ ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ، لِأَنَّ الدِّرْهَمَ التَّاسِعَ فَانٍ بِفِعْلَيْهِمَا فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا وَالثَّمَانِيَةُ فَاتَتْ بِفِعْلِ الثَّانِي وَحْدَهُ وَفِي التَّفْوِيتِ تُجْمَعُ قِيمَتُهُ قَبْلَ الْجُرْحَيْنِ، وَهُوَ عَشَرَةٌ مَعَ قِيمَتِهِ بَعْدَ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ وَهِيَ تِسْعَةٌ فَهُمَا تِسْعَةَ عَشَرَ وَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا مَا فَوَّتَاهُ وَهُوَ الْعَشَرَةُ فَيَلْزَمُ الثَّانِي تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَشَرَةِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ، وَيَلْزَمُ الْأَوَّلَ لَوْ كَانَ ضَامِنًا عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ذَلِكَ فَتُهْدَرُ وَهِيَ خَمْسُ دَرَاهِمَ وَخَمْسَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ كَصَاحِبِ التَّقْرِيبِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ جُرِحَا مَعًا) وَالِاعْتِبَارُ بِالْإِصَابَةِ.   [حاشية عميرة] بِمَجْمُوعِ الْجُرْحَيْنِ وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّهُ لِلثَّانِي كَمَا اقْتَضَتْهُ الْعِبَارَةُ، قَوْلُهُ: (دُونَ الْأَوَّلِ) الْعِبَارَةُ صَادِقَةٌ بِمَا لَوْ ذُفِّفَ الثَّانِي وَأُزْمِنَ الْأَوَّلُ وَلَيْسَ مُرَادًا. وَفِي الْجُرْحِ بِنِصْفِهَا اعْلَمْ أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ، يَلْزَمُهُ تَمَامُ الْقِيمَةِ مُزْمِنًا، وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِمْ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ سَلِيمًا عَشَرَةً وَمُزْمِنًا تِسْعَةً وَمَذْبُوحًا ثَمَانِيَةً يَلْزَمُ الثَّانِي ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ، وَهَذَا الِاسْتِدْرَاكُ هُوَ الْأَصَحُّ، وَأَمَّا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَتَرَكَ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا شَيْءَ سِوَى الْأَرْشِ لِتَقْصِيرِ الْأَوَّلِ وَالْأَصَحُّ يَضْمَنُ زِيَادَةً عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا قِيلَ: كَمَالُ الْقِيمَةِ مُزْمِنًا، وَالْأَعَمُّ أَنَّهُ كَمَا لَوْ جَرَحَ عَبْدٌ نَفْسَهُ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ وَمَاتَ بِهِمَا وَكَانَتْ الْقِيمَةُ كَمَا ذُكِرَ مَثَلًا وَفِيهِ أَوْجُهٌ سِتَّةٌ: أَحَدُهَا يَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ خَمْسَةٌ أَيْ فَيَسْقُطُ مِنْ هَذَا الْمِثَالِ لِكَوْنِهِ مَالِكًا، وَعَلَى الثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ وَضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّ فِيهِ ضَيَاعَ نِصْفِ دِينَارٍ عَلَى الْمَالِكِ وَالسَّادِسُ، قَالَهُ ابْنُ خَيْرَانِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْإِيضَاحِ وَأَطْبَقَ الْعِرَاقِيُّونَ عَلَى تَرْجِيحِهِ أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْقِيمَةِ فَتَكُونُ تِسْعَةَ عَشَرَ فَيَقْسِمُ عَلَيْهَا مَا فَوَّتَاهُ وَهُوَ عَشَرَةٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْعَشَرَةِ وَعَلَى الثَّانِي تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ مِنْ الْعَشَرَةِ وَهَذَا مُحَصَّلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ. وَالْأَوْجُهُ السِّتَّةُ مَبْسُوطَةٌ فِيهَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ نِصْفُهَا إنَّمَا يَتَخَرَّجُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ الَّذِي ضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ تَأَمَّلْت الْوُجُوهَ السِّتَّةَ الَّتِي فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ فَرَأَيْت فِيهَا أَيْضًا، وَجْهًا خَامِسًا ذَهَبَ إلَيْهِ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ هُوَ أَنَّ عَلَى الْجَارِحِ الْأَوَّلِ خَمْسَةً وَنِصْفًا، وَالثَّانِي أَرْبَعَةً وَنِصْفًا فَلَعَلَّ الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْتَمَدَ هَذَا الْوَجْهَ وَبَنَى كَلَامَهُ عَلَيْهِ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 249 (وَإِنْ جُرِحَا مَعًا وَذُفِّفَا) بِجُرْحَيْهِمَا (أَوْ أُزْمِنَا) بِهِ (فَلَهُمَا) الصَّيْدُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي سَبَبِ الْمِلْكِ، (وَإِنْ ذَفَّفَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَزْمَنَ) فِي جُرْحِهِمَا مَعًا (دُونَ الْآخَرِ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُذَفِّفِ أَوْ الْمُزْمِنِ الصَّيْدُ لِانْفِرَادِهِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ بِجُرْحِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرَحْ مِلْكَ الْغَيْرِ وَمَعْلُومٌ حِلُّ الْمُذَفِّفِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالتَّذْفِيفُ فِي الْمَذْبَحِ أَوْ فِي غَيْرِهِ. (وَإِنْ ذَفَّفَ وَاحِدٌ) فِي غَيْرِ الْمَذْبَحِ (وَأَزْمَنَ آخَرُ) مُرَتَّبًا (وَجَهِلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (حَرُمَ) الصَّيْدُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الْأَزْمَانِ فَلَا يَحِلُّ بَعْدَهُ إلَّا بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ لَا يَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ الْإِزْمَانِ وَرُجْحَانِ الْأَوَّلِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي حِلِّ الصَّيْدِ وَمَعْلُومٌ حِلُّهُ إذَا كَانَ التَّذْفِيفُ فِي الْمَذْبَحِ. كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ اسْمٌ لِمَا يُضَحَّى بِهِ كَالضَّحِيَّةِ (هِيَ) أَيْ التَّضْحِيَةُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (سُنَّةٌ) فِي حَقِّنَا مُؤَكَّدَةٌ (لَا تُجَابُ إلَّا بِالْتِزَامٍ) بِالنَّذْرِ. (وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا أَنْ لَا يُزِيلَ شَعْرَهُ وَلَا ظُفُرَهُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ وَأَنْ يَذْبَحَهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةَ (بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَيَشْهَدَهَا) .   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَذُفِّفَا) بِأَنْ كَانَ جُرْحُ كُلٍّ مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ مُذَفِّفًا وَكَذَا فِي أُزْمِنَا قَوْلُهُ: (أَوْ أُزْمِنَا) كَذَا لَوْ ذُفِّفَ أَحَدُهُمَا وَأُزْمِنَ الْآخَرُ فَإِنْ اُحْتُمِلَ كَوْنُ مَا ذُكِرَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ لَهُمَا وَإِنْ عَلِمَ تَأْثِيرَ فِعْلِ أَحَدِهِمَا وَشَكَّ فِي الْآخَرِ سَلَّمَ النِّصْفَ لِمَنْ عَلِمَ تَأْثِيرَ جُرْحِهِ وَوَقَفَ النِّصْفَ الْآخَرَ فَإِنْ تَبَيَّنَ الْحَالَ أَوْ اصْطَلَحَا فَوَاضِحٌ وَإِلَّا قُسِمَ بَيْنَهُمَا وَنُدِبَ اسْتِحْلَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ. قَوْلُهُ: (وَمَعْلُومٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيَكُونُ الْمَصِيدُ بَيْنَهُمَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هُنَا مَا مَرَّ فِي الِاحْتِمَالِ السَّابِقِ. فَرْعٌ: أَرْسَلَ جَمَاعَةٌ كِلَابَهُمْ عَلَى صَيْدٍ ثُمَّ وُجِدَ مَيِّتًا فَإِنْ عُلِمَ قَتْلُ الْجَمِيعِ لَهُ كَأَنْ تَعَلَّقَ جَمِيعُ الْكِلَابِ بِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمْ أَوْ عُلِمَ قَتْلُ بَعْضِهِمْ لَهُ كَأَنْ تَعَلَّقَ بِهِ كَلْبٌ وَاحِدٌ مَثَلًا فَهُوَ لِصَاحِبِهِ، فَإِنْ شَكَّ وَقَفَ إلَى الصُّلْحِ فَإِنْ خِيفَ فَسَادُهُ بِيعَ وَوَقَفَ ثَمَنُهُ لِذَلِكَ. . كِتَابُ الْأُضْحِيَّةَ ذَكَرَهَا عَقِبَ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ لِاشْتِرَاكِهَا مَعَهُ فِي تَوَقُّفِ الْحِلِّ عَلَى الذَّبْحِ فِي الْجُمْلَةِ وَسُمِّيَتْ بِأَوَّلِ زَمَانِ فِعْلِهَا وَهُوَ الضُّحَى وَأَوَّلُ طَلَبِهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ كَالْعِيدَيْنِ وَزَكَاةِ الْمَالِ وَالْفِطْرِ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ مِنْ لُغَاتِهَا الثَّمَانِيَةِ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِيهَا أُضْحِيَّةٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَجَمْعُهَا أَضَاحِي، وَيُقَالُ: أَضْحَاةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَجَمْعُهَا أَضْحَى كَأَرْطَاةَ وَأَرْطَى وَيُقَالُ: ضَحِيَّةٌ بِغَيْرِ هَمْزٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ فِيهِمَا وَجَمْعُهَا ضَحَايَا. قَوْلُهُ: (اسْمٌ لِمَا يُضَحَّى لَهُ) هُوَ مَا يُذْبَحُ مِنْ النِّعَمِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ التَّضْحِيَةُ) وَهُوَ الْفِعْلُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْأُضْحِيَّةَ إذْ لَا تُطْلَقُ الْأُضْحِيَّةُ عَلَى الْفِعْلِ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (سُنَّةٌ) لِمُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ حُرٍّ وَلَوْ مُبَعَّضًا غَنِيٍّ بِأَنْ مَلَكَهَا زَائِدَةً عَلَى كِفَايَةِ مُمَوِّنِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً كَمَا فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كِفَايَةً يَوْمَ الْعِيدِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةَ، وَعَمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ كَعْكٍ وَسَمَكٍ وَفُطْرَةٍ وَنَحْوِهَا وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ لِأَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهَا، وَسَيَأْتِي أَنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ لَهُ أُضْحِيَّةٌ مَنْدُوبَةٌ أَيْضًا وَأَكْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أُضْحِيَّتِهِ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا، وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ فِعْلُهَا مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ، وَيُسَنُّ مِنْ مَالِهِ عَنْ الْمَوْلُودِ لَا عَنْ الْجَنِينِ. قَوْلُهُ: (فِي حَقِّنَا) وَأَمَّا هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ خُصُوصِيَّةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا مَرَّ. وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ مَا زَادَ عَلَيْهَا مَنْدُوبٌ وَسَيَأْتِي كَوْنُهَا سُنَّةَ كِفَايَةٍ أَوْ عَيْنٍ. قَوْلُهُ: (لَا تَجِبُ إلَّا بِالْتِزَامٍ بِالنَّذْرِ) وَكَذَا مَا أُلْحِقَ بِهِ. قَوْلُهُ: (لِمُرِيدِهَا) سَوَاءٌ طُلِبَتْ مِنْهُ أَوْ لَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَنْبَنِي عَلَى   [حاشية عميرة] وَلَكِنَّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي مَتْنِ الْبَهْجَةِ هُوَ الْوَجْهُ السَّابِقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (فَلَهُمَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَحِلُّهُ إذَا كَانَ جُرْحُ كُلِّ وَاحِدٍ لَوْ انْفَرَدَ لَأَزْمَنَ أَوْ ذُفِّفَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ ذُفِّفَ وَاحِدٌ) قِيلَ: كَانَ الْأَحْسَنُ ذِكْرَ هَذِهِ الصُّورَةِ قَبْلَ صُورَةِ الْمَعِيَّةِ. [كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ] قَوْلُهُ: (لَا تَجِبُ إلَّا بِالْتِزَامٍ) يُرِيدُ بِهِ أَنَّ نِيَّةَ الشِّرَاءِ لِلْأُضْحِيَّةِ لَا تُوجِبُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، قَوْلُهُ: (بِالنَّذْرِ) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَجَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً أَوْ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا) لَوْ دَخَلَ يَوْمُ جُمُعَةٍ وَهُوَ مُرِيدٌ التَّضْحِيَةَ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ تَرْكُ أَخْذِ الشَّعْرِ وَنَحْوِهِ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 250 رَوَى الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، أَحَادِيثَ تَضْحِيَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَفْسِهِ، وَمُسْلِمٌ حَدِيثَ «إذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ» وَالْحَاكِمُ حَدِيثَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِفَاطِمَةَ: قُومِي إلَى أُضْحِيَّتِك فَاشْهَدِيهَا، فَإِنَّهُ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا يُغْفَرُ لَك مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِك» ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَقَوْلُهُمْ سُنَّةٌ أَرَادُوا سُنَّةَ كِفَايَةٍ، وَسُنَّةَ عَيْنٍ لِمَا سَيَأْتِي عَنْهُمْ (وَلَا تَصِحُّ) الْأُضْحِيَّةُ مِنْ حَيْثُ التَّضْحِيَةِ بِهَا (إلَّا مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ) اقْتِصَارًا عَلَى الْوَارِدِ فِيهَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (وَشَرْطُ إبِلٍ أَنْ يَطْعَنَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَبَقَرٍ وَمَعْزٍ فِي الثَّالِثَةِ وَضَأْنٍ فِي الثَّانِيَةِ وَيَجُوزُ ذَكَرٌ وَأُنْثَى وَخَصِيٌّ) ، وَالطَّاعِنُ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ الْجَذَعُ وَالْجَذَعَةُ، وَفِيمَا قَبْلَهُ الثَّنِيُّ وَالثَّنِيَّةُ. رَوَى أَحْمَدُ حَدِيثَ «ضَحُّوا بِالْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ» ، وَلِابْنِ مَاجَهْ نَحْوُهُ. وَرَوَى الشَّيْخَانِ «قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي بُرْدَةَ فِي التَّضْحِيَةِ بِجَذَعَةِ الْمَعْزِ وَلَنْ تُجْزِئَ مِنْ أَحَدٍ بَعْدَك أَيْ وَإِنَّمَا تُجْزِئُ الثَّنِيَّةُ وَالثَّنِيُّ» وَيُقَاسُ بِالْمَعْزِ الْبَقَرُ وَالْإِبِلُ وَالْخَصِيُّ مَا قُطِعَ خُصْيَاهُ أَيْ جِلْدَتَا الْبَيْضَتَيْنِ مُثَنَّى خُصْيَةٍ وَهُوَ مِنْ النَّوَادِرِ وَالْخُصْيَتَانِ الْبَيْضَتَانِ وَجَبْرُ مَا قُطِعَ مِنْهُ زِيَادَةُ لَحْمِهِ طَيِّبًا وَكَثْرَةً، (وَالْبَعِيرُ وَالْبَقَرَةُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا يُجْزِئُ (عَنْ سَبْعَةٍ وَالشَّاةُ) تُجْزِئُ (عَنْ وَاحِدٍ) ، وَمَنْ كَانَ لَهُ أَهْلُ بَيْتٍ حَصَلَتْ السُّنَّةُ لِجَمِيعِهِمْ،   [حاشية قليوبي] مَا سَيَأْتِي مِنْ حُصُولِ الثَّوَابِ لَهُ، وَحُصُولِ نَحْوِ الْمَغْفِرَةِ وَالْعِتْقِ فَهُوَ كَالْفَاعِلِ أَوْ مِنْ سُقُوطِ الطَّلَبِ عَنْهُ فَقَطْ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ الْإِزَالَةُ. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يُزِيلَ) فَتُكْرَهُ الْإِزَالَةُ إلَّا لِعُذْرٍ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: تَحْرُمُ الْإِزَالَةُ الْمَذْكُورَةُ. قَوْلُهُ: (شَعْرِهِ) وَلَوْ مِنْ نَحْوِ عَانَةٍ وَإِبْطٍ. قَوْلُهُ: (فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ) وَلَوْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ يُرَاعَى وَحِكْمَةُ ذَلِكَ شُمُولُ الْمَغْفِرَةِ وَالْعِتْقِ مِنْ النَّارِ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يُضَحِّيَ) وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ لِمَنْ تَعَدَّدَتْ فِي حَقِّهِ وَيَخْرُجُ وَقْتُ عَدَمِ الْإِزَالَةِ لِمَنْ لَا يُضَحِّي بِزَوَالِ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ. قَوْلُهُ: (بِنَفْسِهِ) لَوْ مُرَاهِقًا وَسَفِيهًا. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ وَكَّلَ غَيْرَهُ أَيْ اسْتَنَابَهُ لِيَذْبَحَ عَنْهُ وَالْأَفْضَلُ لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى الِاسْتِنَابَةُ وَيُكْرَهُ اسْتِنَابَةُ كَافِرٍ وَنَحْوِ صَبِيٍّ وَأَعْمَى فَتَصِحُّ اسْتِنَابَتُهُمْ وَالْمُرَادُ بِشُهُودِهِ حُضُورُهُ وَلَوْ أَعْمَى. قَوْلُهُ: (تَضْحِيَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَفْسِهِ) فَقَدْ ضَحَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِائَةِ بَدَنَةٍ نَحَرَ بِيَدِهِ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً، وَأَمَرَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَنَحَرَ تَمَامَ الْمِائَةِ وَفِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى مُدَّةِ حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (أَنْ يَطْعُنَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَخُصَّتْ الْأَسْنَانُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ تَحْدِيدِيَّةٌ لِعَدَمِ الْإِنْزَاءِ وَالْحَمْلِ فِيهَا الْمُؤَدَّيَيْنِ إلَى رَدَاءَةِ لَحْمِهَا أَوْ قِلَّتِهِ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الطَّاعِنِ الَّذِي هُوَ مِنْ الضَّأْنِ الْمَعْلُومِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالثَّانِيَةِ، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ هُوَ الْمَعْزُ وَالْبَقَرُ وَالْإِبِلُ. قَوْلُهُ: (وَالْخَصِيُّ) أَيْ يُجْزِئُ وَهُوَ لُغَةً وَشَرْعًا مِنْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَتَقَدَّمَ لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ فِي الدِّيَاتِ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ الْمُثَنَّى مَعَ تَاءِ التَّأْنِيثِ اسْمٌ لِلْبَيْضَتَيْنِ وَمَعَ عَدَمِهَا اسْمٌ لِلْجِلْدَتَيْنِ، وَإِنْ لَزِمَهُ سُقُوطُ الْبَيْضَتَيْنِ وَنَدُورُهُ عَدَمُ التَّاءِ فِي مُثَنَّاهُ. قَوْلُهُ: (عَنْ سَبْعَةٍ) أَيْ هُنَا وَكَذَا فِي الْكَفَّارَاتِ وَالتَّمَتُّعِ فِي الْحَجِّ وَارْتِكَابٍ مَحْظُورَاتٍ فِيهِ وَكَذَا كُلُّ أَسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ وَاجِبَةٍ أَوْ لَا. نَعَمْ الْمُتَوَلِّدَةُ بَيْنَ غَنَمٍ وَمَعْزٍ أَوْ إبِلٍ وَبَقَرٍ لَا تُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَسَيَأْتِي. وَيُعْتَبَرُ فِي السَّبْعَةِ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمْ مُسْتَقِلًّا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَهْلُ بَيْتٍ أَوْ لَا وَيَظْهَرُ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِجُزْءٍ مِنْ حِصَّتِهِ نِيئًا، وَخَرَجَ بِالسَّبْعَةِ مَا لَوْ كَانُوا أَكْثَرَ كَثَمَانِيَةٍ وَاشْتَرَكُوا فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَدَنَتَيْنِ فَلَا تَقَعُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ بِعَدَدِهِمْ أَوْ بِالْحُكْمِ أَوْ ضَمَّ لَهَا شَاةً، كَمَا لَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي شَاتَيْنِ وَلَا يَضُرُّ شَرِكَةُ غَيْرِ مُضَحٍّ مَعَهُ فِي الثَّوَابِ فِي الشَّاةِ أَوْ فِي الْبَدَنَةِ، وَلَوْ امْتَنَعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فِي الْبَدَنَةِ مِنْ الذَّبْحِ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَمَنْذُورَةٍ مِنْهُ ذُبِحَتْ قَهْرًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلِغَيْرِهِ أَنْ يَذْبَحَهَا إنْ خِيفَ خُرُوجُ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةَ، نَظَرًا لِلْوُصُولِ لِحَقِّهِ وَإِنْ فَاتَ كَوْنُهَا أُضْحِيَّةً عَلَى الْمُمْتَنِعِ لِتَقْصِيرِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ لِيَنْوِيَ عَنْ الْمُمْتَنِعِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ فَرَاجِعْ. ذَلِكَ وَلِلشُّرَكَاءِ قِسْمَةُ اللَّحْمِ لِأَنَّهَا إقْرَارٌ لَا بَيْعٌ مَا دَامَ نِيئًا وَإِلَّا فَهُوَ مُتَقَوِّمٌ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ شَاةٌ وَاجِبَةٌ فَذَبَحَ بَدَنَةً وَقَعَ سُبْعُهَا عَنْ الْوَاجِبِ وَالْبَاقِي تَطَوُّعًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَ بَعِيرًا عَنْ شَاةٍ فِي الزَّكَاةِ كَمَا مَرَّ، وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ فِيهَا بِكَوْنِهَا فِي الزَّكَاةِ أَصْلًا أَوْ بَدَلًا بِخِلَافِهِ هُنَا.   [حاشية عميرة] وَكَذَا لَوْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ وَأَمَّا كَرَاهَةُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ كَالْمُحْرِمِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَظَاهِرٌ أَنَّ طَلَبَ التَّرْكِ يَزُولُ بِأَوَّلِ شَاةٍ يَذْبَحُهَا وَلَوْ كَانَ يُرِيدُ التَّعَدُّدَ، قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَذْبَحَهَا بِنَفْسِهِ) «نَحَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ مِنْ الْهَدْيِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً وَأَمَرَ عَلِيًّا بِنَحْرِ مَا غَبَّرَ مِنْ الْمِائَةِ» أَقُولُ: فِيهِ إشَارَةٌ خَفِيَّةٌ إلَى عَدَدِ أَعْوَامِ حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَدَيْتُهُ بِنَفْسِي وَأَبِي وَأُمِّي وَوَلَدِي وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ إبِلٍ إلَخْ) ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذِهِ الْأَسْنَانُ تُجْزِئُ بِالْإِجْمَاعِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْنَانَ لَا تَحْمِلُ أُنْثَاهَا وَلَا يَنْزُو ذَكَرُهَا قَبْلَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَخَصِيٌّ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ» أَيْ مَخْصِيَّيْنِ وَأَيْضًا فَلِأَنَّ الْخُصْيَتَيْنِ غَيْرُ مَأْكُولَتَيْنِ عَادَةً بَلْ قِيلَ: بِحُرْمَتِهِمَا وَكَذَا الذَّكَرُ وَالْفَرْجُ لِلِاسْتِقْذَارِ، قَوْلُهُ: (وَفِيمَا قَبْلَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَالطَّاعِن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 251 وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السَّبْعَةِ فَالتَّضْحِيَةُ سُنَّةُ كِفَايَةٍ، لِكُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ أَيْ وَسُنَّةُ عَيْنٍ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ أَهْلُ بَيْتٍ وَكُلٌّ مِنْ الْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَأَجْزَاهُ كُلٌّ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ عَنْ السَّبْعَةِ مَقِيسٌ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» ، أَيْ فِي التَّحَلُّلِ لِلْإِحْصَارِ عَنْ الْعُمْرَةِ وَالْبَدَنَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْإِبِلِ. (وَأَفْضَلُهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ (بَعِيرٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ ثُمَّ ضَأْنٌ ثُمَّ مَعْزٌ) كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْأَخِيرِ إذْ لَا شَيْءَ بَعْدَهُ وَفِي الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْبَدَنَةُ أَحَبُّ مِنْ الْبَقَرَةِ وَالْبَقَرَةُ مِنْ الشَّاةِ وَالضَّأْنُ مِنْ الْمَعْزِ وَفِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ فِي الرَّوَاحِ إلَى الْجُمُعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِهَا تَقْدِيمُ الْبَدَنَةِ، ثُمَّ الْبَقَرَةِ ثُمَّ الْكَبْشِ (وَسَبْعُ شِيَاهٍ أَفْضَلُ مِنْ بَعِيرٍ) ، أَوْ بَقَرَةٍ لِكَثْرَةِ الدَّمِ الْمُرَاقِ (وَشَاةٌ أَفْضَلُ مِنْ مُشَارِكَةٍ) بِقَدْرِهَا (فِي بَعِيرٍ) أَوْ بَقَرَةٍ لِلِانْفِرَادِ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ (وَشَرْطُهَا) أَيْ الْأُضْحِيَّةِ لِتُجْزِئَ (سَلَامَةٌ مِنْ عَيْبٍ يُنْقِصُ لَحْمًا، فَلَا تُجْزِئُ عَجْفَاءُ) أَيْ ذَاهِبَةُ الْمُخِّ مِنْ شِدَّةِ هُزَالِهَا وَالْمُخُّ دُهْنُ الْعِظَامِ (وَمَجْنُونَةٌ) وَهِيَ الَّتِي تَسْتَدِيرُ فِي الْمَرْعَى وَلَا تَرْعَى إلَّا قَلِيلًا فَتَهْزِلُ (وَمَقْطُوعَةُ بَعْضِ أُذُنٍ) وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا، وَهُوَ كَمَا. قَالَ الْإِمَامُ: مَا لَا يَلُوحُ النَّقْصُ بِهِ مِنْ بُعْدٍ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ (وَذَاتُ عَرَجٍ وَعَوَرٍ وَمَرَضٍ وَجَرَبٍ بَيِّنٍ) فِي الْأَرْبَعَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ (وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُهَا) ، لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ (وَلَا فَقْدُ قُرُونٍ) لِانْتِفَاءِ نَقْصِ اللَّحْمِ، (وَكَذَا شَقُّ أُذُنٍ وَخَرْقُهَا وَثَقْبُهَا) لَا يَضُرُّ (فِي الْأَصَحِّ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ لَهُ أَهْلُ بَيْتٍ حَصَلَتْ السُّنَّةُ لِجَمِيعِهِمْ) صَرِيحُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَهْلِ الْبَيْتِ مَنْ تَلْزَمُ نَفَقَتُهُمْ لِلْمُضَحِّي، وَأَنَّ الثَّوَابَ لَهُمْ كَالْمُضَحِّي وَأَنَّ الْمُضَحِّيَ هُوَ الْمَلْزُومُ بِالنَّفَقَةِ وَشَيْخُنَا وَافَقَ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ مَنْ اجْتَمَعُوا فِي الْمُؤْنَةِ عُرْفًا أَوْ فِي السُّكْنَى لَقَالَ: وَإِنْ كَانُوا أَهْلَ بَيْتٍ وَخَالَفَ فِي الْبَاقِي وَقَالَ: إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُضَحِّي هُوَ الْمَلْزُومُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْهُمْ، وَأَنَّ الثَّوَابَ خَاصٌّ بِهِ هُنَالِكَ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْ الْبَاقِينَ الطَّلَبُ كَمَا هُوَ شَأْنُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ أَوْ سُنَّةِ الْكِفَايَةِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ فِي هَذِهِ وَمُحْتَمَلٌ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: (وَأَفْضَلُهَا) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَثْرَةِ الثَّوَابِ، قَوْلُهُ: (إذْ لَا شَيْءَ بَعْدَهُ) مَرْدُودٌ إذْ بَعْدَهُ شِرْكٌ مِنْ بَدَنَةٍ ثُمَّ شِرْكٌ مِنْ بَقَرَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا شَيْءَ بَعْدَهُ مَعَ الِانْفِرَادِ أَوْ لَا شَيْءَ بَعْدَهُ فِي كَلَامِهِ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ الْمُشَارَكَةَ. قَوْلُهُ (وَسَبْعُ شِيَاهٍ إلَخْ) وَاقْتِصَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْكَبْشَيْنِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ لِأَنَّهُمَا الْمَوْجُودُ إذْ ذَاكَ فَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ وَالسَّبْعُ مِنْ الضَّأْنِ أَفْضَلُ مِنْهَا مِنْ الْمَعْزِ. قَالَ الْعَبَّادِيُّ: وَيَظْهَرُ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِجُزْءٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعِ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ إذْ الْمُضَحِّي وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِهَا) فَإِنْ زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَاسْتِكْثَارُ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْعَدَدِ وَاللَّحْمُ خَيْرٌ مِنْ الشَّحْمِ، وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَنُ عَلَى غَيْرِهِ وَيُقَدَّمُ السِّمَنُ عَلَى اللَّوْنِ، وَأَفْضَلُ الْأَلْوَانِ الْبَيْضَاءُ ثُمَّ الصَّفْرَاءُ ثُمَّ الْعَفْرَاءُ ثُمَّ الْبَلْقَاءُ ثُمَّ الْحَمْرَاءُ ثُمَّ السَّوْدَاءُ، وَالذَّكَرُ أَفْضَلُ مِنْ الْأُنْثَى مَا لَمْ يَكْثُرْ نَزَوَانُهُ، وَإِلَّا فَالْأُنْثَى أَفْضَلُ وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى،. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُهَا سَلَامَةٌ) حَالَةَ الذَّبْحِ فَقَطْ قَوْلُهُ: (الْمُخِّ) وَيُقَالُ لَهُ النِّقْيُ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَتَفْسِيرُهُ بِقَوْلِهِ وَالْمُخُّ دُهْنُ الْعِظَامِ يَشْمَلُ غَيْرَ الرَّأْسِ. قَوْلُهُ: (وَمَقْطُوعَةُ بَعْضِ أُذُنٍ) فَفَاقِدَتُهَا وَلَوْ خِلْقَةً لَا تُجْزِئُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهَا عُضْوٌ لَازِمٌ لِلْحَيَوَانِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ نَحْوَ الْأَلْيَةِ كَالضَّرْعِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِجَوَازِ مَقْطُوعَةِ ثُلُثِ الْأُذُنِ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ بِجَوَازِ مَقْطُوعَةِ الْأُذُنِ لَا مَكْسُورَةِ الْقَرْنِ، وَتُجْزِئُ فَاقِدَةُ الْأَلْيَةِ لَا مَقْطُوعَتُهَا إلَّا قُلْفَةً يَسِيرَةً، أَوْ مَا يُقْطَعُ مِنْ طَرَفِهَا لِأَجْلِ سِمَنِهَا، وَخَرَجَ بِالْقَطْعِ الشَّقُّ وَالْخَرْقُ وَالثَّقْبُ وَسَيَأْتِي وَشَلَلُ الْأُذُنِ كَفَقْدِهَا إنْ خَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا مَأْكُولَةً، وَلَا تُجْزِئُ مَقْطُوعَةُ بَعْضِ اللِّسَانِ. قَوْلُهُ: (وَذَاتُ عَرَجٍ) وَالْبَيِّنُ فِيهِ مَا تَتَخَلَّفُ بِهِ عَنْ الْمَاشِيَةِ وَقْتَ السَّعْيِ لِنَحْوِ الْمَرْعَى وَكَذَا يُمْنَعُ الْعَرَجُ وَلَوْ حَالَ الذَّبْحِ فَفَقْدُ الْعُضْوِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَعَوَرٍ) فَالْعَمَى بِالْأَوْلَى وَلَمْ يُقَيِّدْ الْعَوَرَ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّ فِيهِ صِفَةً كَاشِفَةً كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَلَا يَضُرُّ ضَعْفُ بَصَرٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي الرَّعْيِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (حَصَلَتْ السُّنَّةُ لِجَمِيعِهِمْ) اُنْظُرْ هَلْ يُطْلَبُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ تَرْكُ الشَّعْرِ وَالظُّفُرِ أَمْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِصَاحِبِ الْبَيْتِ يَنْبَغِي الْأَوَّلُ، قَوْلُهُ: (أَيْ وَسُنَّةُ إلَخْ) حِكْمَةُ التَّعْبِيرِ بِأَيْ أَنَّ مَا بَعْدَهَا مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمَتْنِ وَمَا قَبْلَهَا مُسْتَفَادٌ مِنْ الشَّرْحِ. [أَفْضَلُ الْأُضْحِيَّةِ] قَوْلُهُ: (وَأَفْضَلُهَا) الْمُرَادُ الْأَفْضَلِيَّةُ بِالنَّظَرِ إلَى إقَامَةِ الشِّعَارِ، وَإِلَّا فَلَحْمُ الضَّأْنِ أَطْيَبُ مِنْ الْجَمِيعِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ «فِي الْبَقَرِ أَلْبَانُهَا دَوَاءٌ وَلَحْمُهَا دَاءٌ» وَزَعَمَ أَنَّهُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ وَهُوَ لَا يَتَقَرَّبُ بِالدَّاءِ، قَوْلُهُ: (أَيْ الْأُضْحِيَّةِ) يَعْنِي عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ أَفْضَلِيَّةِ السَّبْعِ، قَوْلُهُ: (إذْ لَا شَيْءَ بَعْدَهُ) لَك أَنْ تَقُولَ بَلْ بَعْدَهُ الشِّرْكُ فِي الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ، قَوْلُهُ: (وَفِي الشَّرْحِ إلَخْ) هِيَ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا وَالضَّأْنُ مِنْ الْمَعْزِ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (تَقْدِيمُ الْبَدَنَةِ إلَخْ) أَيْ فَيَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى الْأَفْضَلِيَّةِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ. فَائِدَةٌ: قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَمَّا تَضْحِيَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَبْشَيْنِ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ غَيْرُهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، قَوْلُهُ: (بِقَدْرِهَا) خَرَجَ الْمُشَارَكَةُ بِأَزْيَدَ فَهِيَ أَفْضَلُ " لِتُجْزِئَ " أَمَّا لَوْ نَذْر مَعِيبَةً فَضَحَّى بِهَا أَوْ قَالَ: جَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ وَيَجِبُ ذَبْحُهَا وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ وَتَفْرِقَةُ جَمِيعِ لَحْمِهَا وَلَا تُجْزِئُ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ الْمَطْلُوبَةِ شَرْعًا، بِخِلَافِ السَّلِيمَةِ الْمَنْذُورَةِ. نَعَمْ لَوْ نَذَرَ سَلِيمَةً ثُمَّ عَرَضَ الْعَيْبَ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ [شَرْطُ الْأُضْحِيَّة] قَوْلُهُ: (فَتَهْزَلُ) بَلْ الْجُنُونُ نَوْعٌ مِنْ الْمَرَضِ قَوْلُهُ: (وَجَرَبٍ) هُوَ نَوْعٌ مِنْ الْمَرَضِ قَوْلُهُ: (وَلَا فَقْدُ قُرُونٍ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْعَجَبُ أَنَّ مَالِكًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 252 إذْ لَا نَقْصَ فِيهَا (قُلْت: الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ) الْمَنْقُولُ فِي الشَّرْحِ عَنْ الْمُعْظَمِ (يَضُرُّ يَسِيرُ الْجَرَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ يُفْسِدُ اللَّحْمَ وَالْوَدَكَ وَتَبِعَ فِي الْمُحَرَّرِ الْغَزَالِيُّ وَالْإِمَامُ وَفِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهَا، حَدِيثُ «أَرْبَعٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا وَالْعَجْفَاءُ» وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَوَجْهُ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فِي شَتَّى الْأُذُنِ وَنَحْوُهُ أَنَّ مَوْضِعَهُ يَتَصَلَّبُ، وَيَصِيرُ جِلْدًا. تَنْبِيهٌ: نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ زَكَاةِ الْغَنَمِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْحَامِلَ لَا تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا اللَّحْمُ وَهُوَ يَقِلُّ بِسَبَبِ الْحَمْلِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ لِقَصْدِ النَّسْلِ (وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا) أَيْ التَّضْحِيَةِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. (إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ كَرُمْحٍ يَوْمِ النَّحْرِ) ، وَهُوَ الْعَاشِرُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَفِي الشَّرْحِ بِدُخُولِ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ (ثُمَّ مَضَى قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ) خَفِيفَتَيْنِ (وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَيَبْقَى حَتَّى تَغْرُبَ) الشَّمْسُ (آخِرَ) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ) الثَّلَاثَةِ بَعْدَ الْعَاشِرِ (قُلْت: ارْتِفَاعُ الشَّمْسِ فَضِيلَةٌ وَالشَّرْطُ طُلُوعُهَا ثُمَّ مُضِيُّ قَدْرِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْخُطْبَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى دُخُولِ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ بِالطُّلُوعِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا وَالْأَوَّلُ عَلَى دُخُولِهِ بِالِارْتِفَاعِ الْمَحْكِيِّ هُنَاكَ وَالْمُحَرَّرُ تَبِعَ الْوَجِيزَ هُنَا وَهُنَاكَ وَاعْتَذَرَ عَنْهُ فِي الشَّرْحِ بِأَنَّ كُلًّا عَلَى رَأْيٍ وَرَوَى الشَّيْخَانِ حَدِيثَ «إنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا نُصَلِّي ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا» ، وَحَدِيثَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ» ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُمَا أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ. وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ حَدِيثَ «فِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ» (وَمَنْ نَذَرَ) أُضْحِيَّةً (مُعَيَّنَةً فَقَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ) الشَّاةِ مَثَلًا (لَزِمَهُ ذَبْحُهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ)   [حاشية قليوبي] وَلَوْ لَيْلًا. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا يَضُرُّ عَدَمُ الْإِبْصَارِ لَيْلًا قَوْلُهُ: (وَمَرَضٌ) وَالْبَيِّنُ فِيهِ مَا يُؤَثِّرُ فِي الْهُزَالِ وَمِنْهَا الْهَيْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي تَهِيمُ فِي الْأَرْضِ وَلَا تَرْعَى وَمِنْهَا التَّوْلَاءُ وَمِنْهَا الْمَجْنُونَةُ، قَوْلُهُ: (وَلَا فَقْدُ قُرُونٍ) أَيْ لَا يَضُرُّ فِي الْإِجْزَاءِ فَيُجْزِئُ مِنْهَا فَاقِدُ قَرْنٍ وَاحِدٍ بِالْأَوْلَى، وَخَرَجَ بِالْفَقْدِ الْكَسْرُ فَيَضُرُّ كَمَا مَرَّ، وَمَحِلُّهُ إنْ أَثَّرَ فِي الْهُزَالِ أَوْ نَقَصَ اللَّحْمُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ وَلَا يَضُرُّ الْكَيُّ وَلَا فَقْدُ الْأَسْنَانِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا وَلَوْ طَارِئًا إلَّا إنْ أَثَّرَ فِي الْهُزَالِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا شَقُّ أُذُنٍ) لَا يَضُرُّ وَلَا خَرْقُهَا وَلَا ثَقْبُهَا وَالشَّقُّ مَا فِيهِ طُولٌ وَانْفِرَاجٌ وَالْخَرْقُ فِيهِ الْأَوَّلُ وَالثَّقْبُ مَا فِيهِ اسْتِدَارَةٌ، قَوْلُهُ: (الْمَنْصُوصُ) أَيْ الرَّاجِحُ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (حَدِيثُ إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْعِ الْجَرْبَاءِ إلَّا أَنْ قِيلَ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْعَجْفَاءِ بِدَلِيلِ مَا عَلَّلَ بِهِ فِيهِ، قَوْلُهُ: (إنَّ الْحَامِلَ إلَخْ) وَلَوْ عَلَقَةً وَمُضْغَةً وَمِثْلُهَا قَرِيبَةُ الْعَهْدِ بِالْوِلَادَةِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا إجْزَاءُ هَذِهِ. فَرْعٌ: لَا يُجْزِئُ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ نِعَمٍ وَغَيْرِهَا. وَيُعْتَبَرُ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَهُمَا الْأَقَلُّ فَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ غَنَمٍ وَبَقَرٍ يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (خَفِيفَتَيْنِ) لَوْ قَالَ: خَفِيفَاتٍ لَكَانَ أَوْلَى وَالْخِفَّةُ بِأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْوَاجِبِ فِيهِمَا وَهِيَ فِي عِبَارَتِهِ قَيْدٌ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَالْخُطْبَتَيْنِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي كَمَا قِيلَ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّ التَّثْنِيَةَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْخُطْبَتَيْنِ وَاحِدٌ وَالرَّكْعَتَيْنِ. وَاحِدٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ) قَيْدُهَا بِالثَّلَاثَةِ إشَارَةٌ إلَى رَدِّ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ بِأَنَّهَا يَوْمَانِ، قَوْلُهُ: (طُلُوعُهَا) أَيْ طُلُوعُ جُزْءٍ مِنْهَا وَيُعْتَبَرُ فِي الْغُرُوبِ جَمِيعُهَا إلْحَاقًا لِلْخَفِيِّ بِالظَّاهِرِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (مَبْنِيٌّ عَلَى إلَخْ) هُوَ مُعْتَمَدٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مُعْتَمَدٍ،. قَوْلُهُ: (وَمَنْ نَذَرَ) وَهُوَ رَشِيدٌ مُطْلَقًا أَوْ سَفِيهٌ أَوْ عَبْدٌ فِي ذِمَّتِهِ وَالتَّعْيِينُ فِيهِمَا بَعْدَ الرُّشْدِ وَالْعِتْقِ وَلِلسَّفِيهِ التَّعْيِينُ قَبْلَ قَتْلِ بَعْضِهِمْ، وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْوَلِيِّ لَهُ فِيهِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أُضْحِيَّةً) بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ أَوْ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ، وَيَنْصَرِفُ فِي الْأَوَّلِ لِمَا يُجْزِئُ أُضْحِيَّةٌ وَقْتَ ذَبْحِهِ، وَفِي الثَّانِي لِمَا عَيَّنَهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي، قَوْلُهُ: (مُعَيَّنَةً) قَالَ شَيْخُنَا: يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا فِي النَّعَمِ وَلَوْ بِغَيْرِ صِفَةِ الْإِجْزَاءِ، وَلَا تَقَعُ أُضْحِيَّةٌ بِغَيْرِ الصِّفَةِ، وَإِنْ كَمُلَتْ بَعْدَ النَّذْرِ كَعَكْسِهِ وَيَلْزَمُهُ ذَبْحُهَا وَتَفْرِقَتُهَا وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَذْرُ التَّضْحِيَةِ بِغَيْرِ النَّعَمِ كَالْغَزَالِ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ وُجُوبِ ذَبْحِهِ وَتَفْرِقَتِهِ فَرَاجِعْهُ.   [حاشية عميرة] - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَمْنَعُ مَكْسُورَ الْقَرْنِ وَيُجَوِّزُ مَقْطُوعَ الْأُذُنِ وَذَاكَ غَيْرُ مَأْكُولٍ وَهَذِهِ مَأْكُولَةٌ وَتُجْزِئُ الْمَخْلُوقَةُ بِلَا أُذُنٍ وَبِلَا أَلْيَةٍ، قَوْلُهُ: (وَخَرْقُهَا وَثَقْبُهَا) مُقَابِلُ الْأَصَحِّ تَمَسَّكَ بِحَدِيثٍ رَآهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْخَرْقَاءُ هِيَ صَاحِبَةُ الْخَرْقِ الْمُسْتَدِيرِ كَذَا فَسَّرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، قِيلَ: فَيَشْكُلُ عَلَى تَصْحِيحِهِ أَنَّ بَعْضَ الْأُذُنِ وَلَوْ يَسِيرًا مُضِرٌّ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْخَرْقُ وَالثَّقْبُ وَاحِدٌ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا سَلِمَ مِنْ التَّكْرَارِ،. قَوْلُهُ: (كَرُمْحٍ) وَذَلِكَ أَنَّ مَا قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ وَقْتُ كَرَاهَةٍ فَلَمْ يُعْتَبَرْ، قَوْلُهُ: (يَوْمِ النَّحْرِ) لَوْ غَلِطُوا فَوَقَفُوا الثَّامِنَ وَذَبَحَ فِي التَّاسِعِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ أَجْزَأَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى يَوْمِ النَّحْرِ وَالتَّطَوُّعُ يَقَعُ لِلْحَجِّ وَلَوْ انْكَشَفَ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ بَاقِيَةٌ لَا يَضُرُّ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (الْمَحْكِيِّ هُنَاكَ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ عَلَى دُخُولِهِ قَوْلُهُ: (هُنَا) أَيْ فِي اعْتِبَارِ الِارْتِفَاعِ وَهُنَاكَ أَيْ فِي اعْتِبَارِ الطُّلُوعِ قَوْلُهُ: (وَاعْتَذَرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ إنَّهُ جَرَى هُنَاكَ عَلَى رَأْيِ وَفَرَّعَ هُنَاكَ عَلَى آخَرَ، قَوْلُهُ: (وَاعْتَذَرَ عَنْهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلْوَجِيزِ، قَوْلُهُ: (مُعَيَّنَةً) لَوْ قَالَ جَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 253 أَيْ الْوَقْتِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَتْلَفَهَا لَزِمَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهَا مِثْلَهَا) بِأَنْ سَاوَتْ ثَمَنَ مِثْلِهَا (وَيَذْبَحُهَا فِيهِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْإِتْلَافِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا اشْتَرَى بِهَا كَرِيمَةً أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ حَصَلَ مِثْلُهَا، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَيْسَ فِيهِمَا مَسْأَلَةُ الْمُسَاوَاةِ (وَإِنْ نَذَرَ فِي ذِمَّتِهِ) مَا يُضَحِّي بِهِ، (ثُمَّ عَيَّنَ) الْمَنْذُورَ لَهُ (لَزِمَهُ ذَبْحُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ (فَإِنْ تَلِفَتْ) أَيْ الْمُعَيَّنَةُ عَنْ النَّذْرِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْوَقْتِ (بَقِيَ الْأَصْلُ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ، وَالثَّانِي لَا يَبْقَى لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ فَتَعَيَّنَ، وَالْأَوَّلُ قَالَ: هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ. (وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ) لِلتَّضْحِيَةِ (عِنْدَ الذَّبْحِ) لِمَا يُضَحِّي بِهِ (إنْ لَمْ يَسْبِقْ تَعْيِينٌ) لِأَنَّهُ أُضْحِيَّةٌ (وَكَذَا إنْ قَالَ: جَعَلْتُهَا) أَيْ الشَّاةَ مَثَلًا، (أُضْحِيَّةً) ، وَهَذَا تَعْيِينٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ عِنْدَ ذَبْحِهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي قَالَ: يَكْفِي تَعْيِينُهَا هَذَا إنْ لَمْ يُوَكِّلْ (وَإِنْ وَكَّلَ بِالذَّبْحِ نَوَى عِنْدَ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ) مَا يُضَحِّي بِهِ (أَوْ) عِنْدَ (ذَبْحِهِ) التَّضْحِيَةَ بِهِ، وَقِيلَ: لَا تَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ إعْطَائِهِ وَلَهُ تَفْوِيضُهَا إلَيْهِ أَيْضًا وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى الذَّبْحِ فِي الْأَصَحِّ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ جَوَازُهَا عِنْدَ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ فَيُقَيَّدُ اشْتِرَاطُهَا عِنْدَ الذَّبْحِ بِمَا إذَا لَمْ تَتَقَدَّمْهُ وَلَوْ نَوَى جَعْلَ هَذِهِ الشَّاةِ أُضْحِيَّةً وَلَمْ يَتَلَفَّظْ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: قَدْ تَتَعَيَّنُ التَّضْحِيَةُ بِغَيْرِ النَّذْرِ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَمِنْهُ مَا لَوْ قَالَ بَعْدَ شِرَاءِ شَاةٍ مَثَلًا: هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ أَوْ جَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً، وَإِنْ جَهِلَ وُجُوبَهَا بِذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ ذَبْحُهَا وَتَفْرِقَةُ جَمِيعِهَا. نَعَمْ يَنْبَغِي عَدَمُ الْوُجُوبِ إذَا قَالَ وَقْتَ ذَبْحِهَا: اللَّهُمَّ هَذِهِ أُضْحِيَّتِي فَاجْعَلْهَا خَالِصَةً لَك، وَنَحْوُ ذَلِكَ لِقَرِينَةِ إرَادَةِ التَّبَرُّكِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (فِي هَذَا الْوَقْتِ) فَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ لَزِمَهُ ذَبْحُهَا قَضَاءً، وَإِنْ ذَبَحَهَا قَبْلَهُ لَزِمَهُ تَفْرِقَتُهَا كُلِّهَا وَلَزِمَهُ قِيمَتُهَا فِي أَكْثَرِ الْوَقْتَيْنِ، وَيَتَصَدَّقُ بِهَا وَلَا يَشْتَرِي بِهَا غَيْرَهَا، قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَتْلَفَهَا) حَقِيقَةً بِقَتْلٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ أَتْلَفَهَا حُكْمًا كَأَنْ قَصَّرَ حَتَّى تَلِفَتْ وَلَوْ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ أَوْ إضْلَالٍ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَتْ إلَخْ) فَالْمُعْتَبَرُ أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْإِتْلَافِ وَوَقْتِ وُجُوبِ الذَّبْحِ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَيُعْتَبَرُ مَا بَيْنَهُمَا أَيْضًا، قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ) بِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ خَانَ بِإِتْلَافِهَا. قَوْلُهُ: (كَرِيمَةً) أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ بِالْمُشَارَكَةِ، قَوْلُهُ: (أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ) أَيْ لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا حَصَلَ بِهِ مِثْلُهَا إنْ كَانَ هُوَ الْمُتْلِفُ فَإِنْ كَانَ الْمُتْلِفُ أَجْنَبِيًّا أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَى بِقَدْرِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَذَرَ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ عَيَّنَ) عَنْهُ بَلْ لَا تَعْيِينَ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ مَعِيبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ أُضْحِيَّةً فَلَعَلَّ الْكَلَامَ هُنَا مِنْ حَيْثُ وُجُوبِ ذَبْحِهِ، وَتَفْرِقَتِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُعَيِّنَ عَنْهُ سَلِيمًا وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُعَيِّنُ إلَّا السَّلِيمَ الْمُجْزِئَ لِأَنَّهُ الْمُنْصَرِفُ إلَيْهِ النَّذْرُ كَمَا مَرَّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ ذَبْحُهُ) فَإِنْ ذَبَحَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَيَلْزَمُهُ أَرْشُهُ أَوْ قِيمَتُهُ وَيُعَيِّنُ لِلنَّذْرِ غَيْرَهُ وُجُوبًا، قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ) وَلَوْ بِلَا تَقْصِيرٍ أَوْ بِإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ تَعَيَّبَتْ بِمَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ بَقِيَ الْأَصْلُ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُ الْمُتْلِفَ قِيمَتُهَا لِلنَّاذِرِ وَلَوْ ضَلَّتْ فَعَيَّنَ غَيْرَهَا، ثُمَّ وَجَدَهَا وَلَوْ قَبْلَ ذَبْحِ الْمُعَيَّنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَبْحُهَا لِأَنَّهَا عَادَتْ لِمِلْكِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَصَحِّ قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَسْبِقْ تَعْيِينٌ) أَيْ بِصِيغَةِ نَذْرٍ ابْتِدَاءً أَوْ بِصِيغَةِ نَذْرٍ عِنْدَ تَعْيِينِ مَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ عِنْدَ الْجُعْلِ الْآتِي، فَلَوْ ذَبَحَهَا حِينَئِذٍ أَجْنَبِيٌّ فِي الْوَقْتِ كَفَى وَيَلْزَمُ الْمَالِكَ تَفْرِقَةُ لَحْمِهَا إنْ تَمَكَّنَ وَلَوْ بِاسْتِرْدَادِهِ مِمَّنْ أَخَذَهُ، وَإِلَّا فَكَمَا لَوْ تَلِفَتْ وَيَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ الْأَرْشُ يُصْرَفُ كَالْأَصْلِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا مَذْبُوحَةً يَشْتَرِي بِهَا لَحْمًا، وَيُفَرِّقُهُ الْمَالِكُ وَاسْتَوْجَهَ بَعْضُهُمْ صِحَّةَ تَفْرِقَةِ الْأَجْنَبِيِّ هُوَ وَجِيهٌ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ قَالَ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ عَيَّنَهَا عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَا بِصِيغَةِ نَذْرٍ وَلَوْ ذَبَحَهُ أَجْنَبِيٌّ فَكَمَا مَرَّ فِي الْمُعَيَّنَةِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لِلِاحْتِيَاجِ إلَى النِّيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ، قَوْلُهُ: (عِنْدَ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْوَكِيلِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ إسْلَامُهُ وَلَا غَيْرُهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُضَحٍّ لَمْ يَضُرَّ، قَوْلُهُ: (وَلَهُ تَفْوِيضُهَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْوَكِيلِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُسْلِمًا مُمَيِّزًا لَا كَافِرًا وَسَكْرَانًا وَنَحْوَهُمَا نَعَمْ يُكْرَهُ تَفْوِيضُهَا لِنَحْوِ صَبِيٍّ وَلِأَجْنَبِيٍّ فِي وَاجِبٍ وَلَوْ هَدْيًا أَوْ كَفَّارَةً.   [حاشية عميرة] هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ أَيْضًا بِخِلَافِ مُجَرَّدِ النِّيَّةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ بِخِلَافِ الْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (قَبْلَهُ) مِثْلُهُ فِيهِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَيَّنَ لَزِمَهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُؤَثِّرُ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ الْتِزَامٍ فَمَعَ سَبْقِهِ أَوْلَى، قَوْلُهُ: (قَبْلَهُ) كَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ تَلِفَتْ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ. نَعَمْ يَنْتَفِي الْخِلَافُ إذَا قَصَّرَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ حَتَّى مَضَى، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ) أَيْ وَخَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِالتَّعْيِينِ فَكَانَ الْمُعَيَّنُ فِي الدَّوَامِ كَالْمُعَيَّنِ فِي الِابْتِدَاءِ، قَوْلُهُ: (وَالْأَوَّلُ قَالَ: هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ) يَعْنِي أَنَّ هَذَا الْمُعَيَّنَ مَرْصَدٌ لِوَفَاءِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ ضَمَانِهِ إلَى حُصُولِ الْوَفَاءِ كَالْمَبِيعِ يَتْلَفُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَأَنْ اشْتَرَاهُ بِدَيْنٍ عَلَى الْبَائِعِ [النِّيَّةُ لِلتَّضْحِيَةِ] قَوْلُهُ: (وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ) أَيْ قَصْدُ إرَاقَةِ الدَّمِ لِلتَّقَرُّبِ فَلَا يُغْنِي عَنْهُ التَّعْيِينُ السَّابِقُ لَكِنْ وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مَا يُخَالِفُ هَذَا فِيمَا لَوْ ذَبَحَهَا أَجْنَبِيٌّ، قَوْلُهُ: (فَيُقَيَّدُ اشْتِرَاطُهَا إلَخْ) أَيْ الَّذِي أَفْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ السَّابِقَةُ وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ وَإِلَّا فَالِاكْتِفَاءُ بِهَا عِنْدَ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ وَاشْتِرَاطُهَا عِنْدَ الذَّبْحِ فِيمَا ذَبَحَ بِنَفْسِهِ، كَمَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ الْمِنْهَاجِ مَعًا لَا وَجْهَ لَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ أُضْحِيَّةٍ) أَفْهَمَ عَدَمَ جَوَازِ الْجَمِيعِ أَيْ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ الْأَغْنِيَاءِ أَيْضًا، بِقَرِينَةِ عَطْفِ الْإِطْعَامِ عَلَى الْأَكْلِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 254 بِشَيْءٍ فَالْجَدِيدُ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ. (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُضَحِّي (الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ وَإِطْعَامُ الْأَغْنِيَاءِ) مِنْهَا (لَا تَمْلِيكُهُمْ) وَيَجُوزُ تَمْلِيكُ الْفُقَرَاءِ مِنْهَا لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، (وَيَأْكُلُ ثُلُثًا وَفِي قَوْلٍ نِصْفًا) وَيَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي عَلَيْهِمَا وَفِي قَوْلٍ يَتَصَدَّقُ بِثُلُثٍ وَيَأْكُلُ ثُلُثًا وَيُهْدِي إلَى الْأَغْنِيَاءِ ثُلُثًا، وَدَلِيلُهَا الْقِيَاسُ عَلَى هَدْيٍ لِلتَّطَوُّعِ الْوَارِدِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28] أَيْ الشَّدِيدَ الْفَقْرِ (وَالْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) أَيْ السَّائِلَ وَالْمُتَعَرِّضَ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ تَصَدُّقٍ بِبَعْضِهَا) وَهُوَ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْ اللَّحْمِ وَلَا يَكْفِي عِنْدَ الْجَلْدِ وَيَكْفِي تَمْلِيكُهُ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ، وَيَكُونُ نِيئًا لَا مَطْبُوخًا وَالثَّانِي يَجُوزُ أَكْلُ جَمِيعِهَا وَيَحْصُلُ الثَّوَابُ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ، (وَالْأَفْضَلُ) التَّصَدُّقُ (بِكُلِّهَا إلَّا لُقَمًا يَتَبَرَّكُ بِأَكْلِهَا) فَإِنَّهَا مَسْنُونَةٌ كَمَا قَالَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ» ، (وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ) فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَلَهُ إعَارَتُهُ دُونَ بَيْعِهِ وَإِجَارَتُهُ (وَوَلَدُ) الْأُضْحِيَّةِ (الْوَاجِبَةُ) الْمُعَيَّنَةُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ أَوْ بِهِ أَوْ عَنْ نَذْرٍ فِي الذِّمَّةِ، (يُذْبَحُ) مَعَ أُمِّهِ سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ التَّعْيِينِ أَمْ حَمَلَتْ بَعْدَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا وَلَيْسَ فِيهِ تَضْحِيَةٌ بِحَامِلٍ فَإِنَّ الْحَمْلَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَا يُسَمَّى وَلَدًا كَمَا ذَكَرَاهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُضَحِّي (أَكْلُ كُلِّهِ) وَقِيلَ: يَجِبُ التَّصَدُّقُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَالْجَدِيدُ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً) أَيْ لَا تَصِيرُ وَاجِبَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ النَّذْرُ بِغَيْرِ اللَّفْظِ، فَلَا يَحْصُلُ الْجُعْلُ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى،. قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الْمُرْتَدِّ، قَوْلُهُ: (الْأَكْلُ) نَدْبًا قَوْلُهُ: (وَإِطْعَامُ الْأَغْنِيَاءِ) بِمَا فِي الزَّكَاةِ قَوْلُهُ: (لَا تَمْلِيكُهُمْ) أَيْ بِنَحْوِ هِبَةٍ أَوْ بَيْعٍ فَيَجُوزُ الْإِرْسَالُ إلَيْهِمْ مِنْهَا هَدِيَّةً، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ، وَكَذَا عَلَى وَرَثَتِهِمْ وَلَا يَجُوزُ إطْعَامُ كَافِرٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ الْمُضَحِّي وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ يَتَصَدَّقُ بِثُلُثٍ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْقَانِعَ) مِنْ قَنَعَ كَضَرَبَ إذَا سَأَلَ لَا مِنْ قَنَعَ كَعَلِمَ لِأَنَّهُ لِمَنْ رَضِيَ وَمُضَارِعُ كُلٍّ مِنْهَا مَفْتُوحُ الْعَيْنِ، وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِبَعْضِهَا وَلَوْ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ وَيَجِبُ كَوْنُهُ نِيئًا لَا قَدِيدًا، وَلَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى كَافِرٍ، وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ وَلَا تُغْنِي الْهَدِيَّةُ عَنْ التَّصَدُّقِ وَإِذَا لَمْ يَتَصَدَّقْ ضَمِنَ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ يَشْتَرِي بِهِ شِقْصًا، قَوْلُهُ: (وَلَا يَكْفِي عَنْهُ الْجِلْدُ) وَلَا غَيْرُهُ كَالْكَرِشِ وَالرِّئَةِ وَالْكَبِدِ وَالْأُذُنِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ اللَّحْمِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَفْضَلُ التَّصَدُّقُ بِكُلِّهَا) وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا كَالزَّكَاةِ لِامْتِدَادِ الْأَطْمَاعِ إلَيْهَا وَبِذَلِكَ فَارَقَا الْكَفَّارَةَ وَالنَّذْرَ وَيُثَابُ عَلَيْهَا ثَوَابَ الْأُضْحِيَّةِ كُلِّهَا وَثَوَابَ الصَّدَقَةِ عَلَى مَا تَصَدَّقَ بِهِ، وَلَوْ كُلَّهَا وَلَا يُكْرَهُ ادِّخَارُهَا وَلَوْ فِي زَمَنِ غَلَاءٍ، وَلَهُ إعْطَاءُ مُكَاتَبٍ مِنْهَا لَا عَبْدِ نَفْسِهِ، قَوْلُهُ: (إلَّا لُقَمًا إلَخْ) وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهَا مِنْ الْكَبِدِ اقْتِدَاءً بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَعَلَّ حِكْمَتَهُ كَوْنُهَا يَقَعُ بِهَا إكْرَامُ اللَّهِ تَعَالَى لِأَهْلِ الْجَنَّةِ لِمَا وَرَدَ أَنَّ أَوَّلَ إكْرَامِهِ لَهُمْ بِأَكْلِهِمْ زِيَادَةً كَبِدُ الْحُوتِ. قَوْلُهُ: (وَيَتَصَدَّقُ) هُوَ وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ بِجِلْدِهَا قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا إجَارَتُهُ وَتَجُوزُ عَارِيَّتُهُ، وَلِآخِذِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ لَا بِنَحْوِ بَيْعٍ وَلَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ أُجْرَةً لِلْجِوَارِ. وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ لِمَنْ يَأْخُذُهُ التَّصَرُّفَ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ وَجِيهٌ إنْ كَانَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْفُقَرَاءِ كَمَا فِي مُرِّ اللَّحْمِ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُرَاجَعْ، قَوْلُهُ: (وَوَلَدُ الْمُعَيَّنَةِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ كَالْجُعْلِ الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (يُذْبَحُ) وُجُوبًا إنْ مَاتَتْ أُمُّهُ وَفِي أَكْلِهِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الْحَمْلَ إلَخْ) فَهِيَ حِينَ التَّضْحِيَةِ غَيْرُ حَامِلٍ أَخْذًا مِنْ لَفْظِ الْوَلَدِ، قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَكْلُ كُلِّهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْجَنِينُ كَالْوَلَدِ وَسَوَاءٌ مَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ لَا، وَكَالْأَكْلِ غَيْرُهُ كَضِيَافَةٍ وَتَصَدُّقٍ لَا نَحْوِ بَيْعٍ وَلَهُ رُكُوبُ الْأُمِّ لِحَاجَةٍ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا، وَلَوْ بِإِجَارَةٍ وَلَا نَظَرَ لِلْإِعَارَةِ وَلَهُ إرْكَابُهَا لِغَيْرِهِ لِحَاجَةٍ بِشَرْطِ الضَّمَانِ وَلَيْسَ لَهُ إجَارَتُهَا وَلَا وَلَدِهَا، وَإِذَا تَلِفَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ الْإِجَارَةُ وَالضَّمَانُ وَعَلَى الْأَجِيرِ الْأُجْرَةُ فَقَطْ فَإِنْ عَلِمَ فَكَالْمُؤَجَّرَةِ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ شُرْبُ فَاضِلِ لَبَنِهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كُرِهَ وَالصُّوفُ وَنَحْوُهُ كَاللَّبَنِ فِيمَا ذُكِرَ. وَقَالَ الْخَطِيبُ إنْ كَانَ بَقَاؤُهُ يَضُرُّهَا جَازَ أَخْذُهُ وَإِلَّا فَلَا، قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَجِلْدُهَا وَكَبِدُهَا وَبَقِيَّةُ أَجْزَائِهَا كَلَحْمِهَا فَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا.   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: لَوْ ضَحَّى عَنْ مَيِّتٍ حَرُمَ الْأَكْلُ مِنْهَا عَلَى الْمُضَحِّي لِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَنْهُ فَلَا يَأْكُلُ الْمُضَحِّي إلَّا بِإِذْنِهِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهَا قَالَهُ الْقَفَّالُ، قَوْلُهُ: (لَا تَمْلِيكُهُمْ) أَيْ لَا يُمَلِّكُهُمْ تَمْلِيكَ تَصَرُّفٍ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْإِهْدَاءِ لَهُمْ، قَوْلُهُ: (مِنْهَا) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ إطْعَامُ الْجَمِيعِ لَهُمْ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلِ إلَخْ) . قَالَ الرَّافِعِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا مُخَالِفًا لِلْأَوَّلِ بِأَنْ يَكُونَ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الثُّلُثَيْنِ ذَكَرَ الْأَفْضَلَ أَوْ تَوَسَّعَ فَعَدَّ الْهَدِيَّةَ صَدَقَةً، قَوْلُهُ: (قَوْله تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج: 28] لَمْ يُحْمَلْ الْأَكْلُ عَلَى الْوُجُوبِ لِأَنَّ أَصْلَ إخْرَاجِهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَكَمَا فِي الْعَقِيقَةِ وَبَقِيَ أَمْرُ الْإِطْعَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ هِيَ الْمَقْصُودُ، وَنَظِيرُ الْآيَةِ {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ} [الأنعام: 141] وقَوْله تَعَالَى {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ} [النور: 33] . تَنْبِيهٌ: قَوْله تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28] دَلِيلُ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ صِنْفَيْنِ، كَمَا أَنَّ آيَةَ {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] دَلِيلُ الثَّالِثِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَعَلَهَا أَقْسَامًا ثَلَاثَةً، قَوْلُهُ: (أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ) وَإِنْ كَانَ التَّصَدُّقُ أَفْضَلَ، قَوْلُهُ: (لَا يُسَمَّى وَلَدًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ الْوَاجِبَةِ، قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَكْلُ كُلِّهِ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ وَهُوَ جَوَازُ الْأَكْلِ مِنْ أُمِّهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 255 بِبَعْضِهِ لِأَنَّهُ أُضْحِيَّةٌ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْأَوَّلَ الْغَزَالِيُّ، (وَ) لَهُ (شُرْبُ فَاضِلِ لَبَنِهَا) عَنْ وَلَدِهَا وَقِيلَ: لَا وَفِي أَكْلِهِ مِنْهَا قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَلَا يَجُوزُ وَفِي الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا تَرْجِيحُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ جَمَاعَةٍ (تَرْجِيحُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ جَمَاعَةٍ) وَأَنَّهُ يُشْبِهُ الْجَوَازَ فِي الْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً وَالْمَنْعَ فِي الْأُخْرَى، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَى الْجَوَازِ فَفِي قَدْرِ مَا يَأْكُلُهُ الْخِلَافُ فِي أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ وَلَوْ كَانَتْ الْوَاجِبَةُ بِنَذْرِ مُجَازَاةٍ كَقَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ الشَّاةِ أَوْ بِشَاةٍ لَمْ يَجُزْ الْأَكْلُ مِنْهَا جَزْمًا. (وَلَا تَضْحِيَةَ لِرَقِيقٍ) بِنَا عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ، (فَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ) فِيهَا (وَقَعَتْ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ بِشَرْطِهَا، وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ وَأَذِنَ لَهُ فِيهَا، وَقَعَتْ لِلرَّقِيقِ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ الْقِنُّ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُسْتَوْلَدَةُ، (وَلَا يُضَحِّي مُكَاتَبٌ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ، فَإِنْ أَذِنَ فَلَهُ التَّضْحِيَةُ فِي الْأَظْهَرِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَهُوَ نَاقِصُ الْمِلْكِ وَالسَّيِّدُ لَا يَمْلِكُ لَهُ فِي يَدِهِ. وَالْأَوَّلُ قَالَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ فَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا وَقَدْ تَوَافَقَا عَلَى التَّضْحِيَةِ فَتَصِحُّ وَمَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ لَهُ التَّضْحِيَةُ بِمَا مَلَكَهُ بِحُرِّيَّتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ (وَلَا تَضْحِيَةَ عَنْ الْغَيْرِ) الْحَيِّ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) وَبِإِذْنِهِ تَقَدَّمَ (وَلَا عَنْ مَيِّتٍ إنْ لَمْ يُوصِ بِهَا) وَبِإِيصَائِهِ تَقَعُ لَهُ. . فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ (يُسَنُّ أَنْ يُعَقَّ عَنْ) مَوْلُودٍ (غُلَام) أَيْ ذَكَرٍ (بِشَاتَيْنِ وَجَارِيَةٍ) أَيْ أُنْثَى (بِشَاةٍ) بِأَنْ يَذْبَحَ بِنِيَّةِ الْعَقِيقَةِ مَا ذُكِرَ وَيَطْبُخَ كَمَا سَيَأْتِي وَالْعَاقُّ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمَوْلُودِ وَلَا يَعُقُّ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ (وَسِنُّهَا وَسَلَامَتُهَا) مِنْ الْعَيْبِ (وَالْأَكْلُ وَالتَّصَدُّقُ) وَالْإِعْدَاءُ مِنْهَا، (كَالْأُضْحِيَّةِ) فِي   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: وَارِثُ الْمُضَحِّي مِثْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَيَجْرِي فِي الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي الْجِلْدِ، قَوْلُهُ: (وَلَا تَضْحِيَةَ لِرَقِيقٍ) أَيْ غَيْرِ مُكَاتَبٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، قَوْلُهُ: (بِشَرْطِهَا) وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَهَا عَنْ السَّيِّدِ وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ الْإِذْنَ لِلْعَبْدِ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ السَّيِّدِ فَلَا حَاجَةَ لِنِيَّةِ الْعَبْدِ بَلْ لَوْ نَوَاهَا الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ وَقَعَتْ عَنْ السَّيِّدِ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (فَلَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ إذَا ضَحَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَقَعَتْ عَنْهُ لَا عَنْ السَّيِّدِ عَلَى الرَّاجِحِ، قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَضْحِيَةَ عَنْ الْغَيْرِ) نَعَمْ يَصِحُّ أَنْ يُضَحِّيَ الْوَلِيُّ مِنْ مَالِهِ عَنْ مَحْجُورِهِ وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِهِمْ تَضْحِيَةَ الْإِمَامِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَتَضْحِيَةَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَذَبْحَ أَجْنَبِيٍّ أُضْحِيَّةً مَنْذُورَةً مُعَيَّنَةً ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ، غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا تَضْحِيَةٌ عَنْ الْغَيْرِ فَافْهَمْ، قَوْلُهُ: (وَبِإِيصَائِهِ تَقَعُ لَهُ) . قَالَ شَيْخُنَا: وَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَلَا يَجُوزُ أَكْلُ الْأَغْنِيَاءِ مِنْهَا وَلَا النَّاظِرِ عَلَى وَقْفِهَا، وَلَا ذَابِحِهَا لِتَعَذُّرِ إذْنِ الْمَيِّتِ فِي الْأَكْلِ. نَعَمْ إنْ كَانَ الذَّابِحُ مِمَّنْ فِيهِ شَرْطُ الْمَيِّتِ فَيَنْبَغِي جَوَازُ أَكْلِهِ. فَرْعٌ: تُسَنُّ التَّسْمِيَةُ ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ التَّكْبِيرُ، وَيُسَنُّ التَّثْلِيثُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِنَفْسِهِ وَيُوَجِّهُ لَهَا أَيْضًا مَذْبَحَ ذَبِيحَتِهِ ثُمَّ الدُّعَاءُ بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَإِلَيْك فَتَقَبَّلْ مِنِّي. فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ مِنْ الْعَقِّ بِمَعْنَى الشَّقِّ لِأَنَّ مَا يُذْبَحُ يُشَقُّ نَحْرُهُ، وَيُنْدَبُ أَنْ تُسَمَّى نَسِيكَةً وَذَبِيحَةً وَيُكْرَهُ أَنْ تُسَمَّى عَقِيقَةً لِمَا فِيهَا مِنْ التَّفَاؤُلِ، وَهِيَ لُغَةً شَعْرُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ وَشَرْعًا مَا يُذْبَحُ لِأَجْلِهِ وَالْمَعْنَى فِيهَا إظْهَارُ السُّرُورِ وَنَشْرُ النَّسَبِ غَالِبًا فَلَا يَرِدُ وَلَدُ الزِّنَا، قَوْلُهُ: (تُسَنُّ) مُؤَكَّدَةٌ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إنْ مَلَكَهَا زَائِدَةً عَلَى مَا فِي الْفِطْرَةِ قَبْلَ مُضِيِّ أَكْثَرِ مُدَّةِ النِّفَاسِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وَلَا تُطْلَبُ مِمَّنْ أَيْسَرَ بَعْدَهَا وَلَا تَجُوزُ مِنْ مَالِ الْمَوْلُودِ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَصَرَفَهَا عَنْ الْوُجُوبِ الْقِيَاسُ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إرَاقَةُ دَمٍ بِلَا جِنَايَةٍ، قَوْلُهُ: (عَنْ مَوْلُودٍ) وَلَوْ مِنْ زِنًى فِي حَقِّ أُمِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَارٌ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ السَّبْعِ، قَوْلُهُ: (عَنْ غُلَامٍ) وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْخُنْثَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (بِشَاتَيْنِ) وَأَفْضَلُ مِنْهُمَا ثَلَاثٌ وَمَا زَادَ إلَى سَبْعٍ ثُمَّ بَعِيرٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ وَكَالشَّاتَيْنِ سَبُعَانِ مِنْ نَحْوِ بَدَنَةِ فَأَكْثَرَ، وَتَجُوزُ مُشَارَكَةُ جَمَاعَةٍ سَبْعَةٍ فَأَقَلَّ فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ سَوَاءٌ كَانَ كُلُّهُمْ عَنْ عَقِيقَةٍ أَوْ بَعْضُهُمْ عَنْ أُضْحِيَّةٍ أَوْ لَا، وَلَا كَمَا مَرَّ وَفُضِّلَ الذَّكَرُ كَالدِّيَةِ. قَوْلُهُ: (بِشَاةٍ) فَلَوْ جَمَعَهَا مَعَ الْأُضْحِيَّةِ بِشَاةٍ كَفَى قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ تَدَاخُلِ الْوَلَائِمِ كَمَا مَرَّ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ وَهُوَ الْوَجْهُ، قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَذْبَحَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الشَّاتَيْنِ أَوْ الشَّاةِ بِنِيَّةِ الْعَقِيقَةِ فَلَا يَكْفِي بِدُونِهَا،. قَوْلُهُ: (وَسِنُّهَا إلَخْ) أَيْ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَلَهُ شُرْبُ إلَخْ) وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَطْعًا وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ شُرْبِهِ، وَكَذَا أَكْلُ الْوَلَدِ مَعَ خُرُوجِ الْأَصْلِ عَنْ مِلْكِهِ بِالتَّعْيِينِ أَيْ غَيْرِ مُكَاتَبٍ قَوْلُهُ: (بِشَرْطِهَا) أَيْ مِنْ النِّيَّةِ وَغَيْرِهَا فَفِيهِ دَفْعُ مَا قِيلَ كَيْفَ يَقَعُ عَنْ السَّيِّدِ مَعَ عَدَمِ النِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَضْحِيَةَ عَنْ الْغَيْرِ) أَيْ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ، قَوْلُهُ: (وَبِإِذْنِهِ تَقَدَّمَ) كَانَ مُرَادُهُ بِذَلِكَ التَّوْكِيلَ السَّالِفَ فِي الْحَاشِيَةِ عَلَى قَوْلِهِ فَيُفِيدُ اشْتِرَاطُهَا إلَخْ، قَوْلُهُ: (وَبِإِيصَائِهِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا مِنْ غَيْرِ مَالِهِ، وَبِالْأَوْلَى فِيمَا إذَا كَانَتْ مِنْ مَالِهِ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُوصِ لِأَنَّهَا ضَرْبٌ مِنْ الصَّدَقَةِ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّرَّاجِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ خَتَمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ خَتْمَةٍ وَضَحَّى عَنْهُ مِثْلَ ذَلِكَ [فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ] . فَصْلٌ يُسَنُّ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَجَارِيَةٍ) قَالَ الْقَفَّالُ: إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا اسْتِبْقَاءُ النَّفْسِ وَفِدَاؤُهَا فَأَشْبَهَتْ الدِّيَةَ، قَوْلُهُ: (مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمَوْلُودِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 256 الْمَذْكُورَاتِ (وَيُسَنُّ طَبْخُهَا) وَيَكُونُ بِحُلْوٍ تَفَاؤُلًا بِحَلَاوَةِ أَخْلَاقِهِ، (وَلَا يُكْسَرُ عَظْمٌ) تَفَاؤُلًا بِسَلَامَتِهِ مِنْ الْآفَاتِ (وَأَنْ تُذْبَحَ يَوْمَ سَابِعِ وِلَادَتِهِ) أَيْ الْمَوْلُودِ وَبِهَا يَدْخُلُ وَقْتُ الذَّبْحِ وَلَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ السَّابِعِ، (وَيُسَمَّى فِيهِ وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ بَعْدَ ذَبْحِهَا وَيَتَصَدَّقُ بِزِنَتِهِ) أَيْ الشَّعْرِ (ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَيُؤَذِّنُ فِي أُذُنِهِ حِينَ يُولَدُ وَيُحَنَّكُ بِتَمْرٍ) ، بِأَنْ يُمْضَغَ وَيُدَلَّكَ بِهِ حَنَّكَهُ دَاخِلَ الْفَمِ حَتَّى يَنْزِلَ إلَى جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنْهُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ حَدِيثَ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُمْ أَنْ يُعَقَّ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ» وَحَدِيثُ سَمُرَةَ «الْغُلَامُ مُرْتَهِنٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ، وَيُحْلَقُ رَأْسَهُ وَيُسَمَّى» وَحَدِيثَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحَسَنِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ بِالصَّلَاةِ، وَقَالَ فِي كُلٍّ» حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِغُلَامٍ حِينَ وُلِدَ وَتَمَرَاتٍ فَلَاكَهُنَّ ثُمَّ فَغَرَ فَاهُ ثُمَّ مَجَّهُ فِيهِ» ، وَرَوَى الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فَاطِمَةَ فَقَالَ زِنِي شَعْرَ الْحُسَيْنِ وَتَصَدَّقِي بِوَزْنِهِ فِضَّةً» وَقِيسَ عَلَيْهَا الذَّهَبُ وَعَلَى الذَّكَرِ فِيمَا ذُكِرَ الْأُنْثَى. تَنْبِيهٌ: يَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ فِي عَقِيقَةِ الذَّكَرِ بِشَاةٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.   [حاشية قليوبي] وَهِيَ كَالْأُضْحِيَّةِ فِي سِنِّهَا وَسَلَامَتِهَا وَالْإِهْدَاءِ وَالتَّصَدُّقِ وَقَدْرِ الْوَاجِبِ وَجِنْسِهِ، وَوُجُوبِهَا بِالنَّذْرِ أَوْ الْجُعْلِ وَاعْتِبَارِ الْأَفْضَلِ مِنْهَا قَدْرًا وَجِنْسًا وَمُشَارَكَةً وَلَوْنًا وَجَوَازِ الِادِّخَارِ مِنْ غَيْرِ الْوَاجِبَةِ، وَوُجُوبِ التَّصَدُّقِ بِجَمِيعِ الْوَاجِبَةِ وَجَوَازِ أَكْلِ وَلَدِهَا وَشُرْبِ فَاضِلِ لَبَنِهَا وَعَدَمِ صِحَّةِ نَحْوِ الْبَيْعِ، وَلَوْ لِجِلْدِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ. نَعَمْ لَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِجُزْءٍ مِنْهَا نِيئًا وَيَجُوزُ بَيْعُ الْغَنِيِّ مَا أُهْدِيَ لَهُ مِنْهَا قَالَهُ شَيْخُنَا، قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ طَبْخُهَا) وَلَوْ مَنْذُورَةً نَعَمْ يُعْطَى فَخْذُهَا نِيئًا لِلْقَابِلَةِ وَالْأَفْضَلُ الْأَيْمَنُ. قَوْلُهُ: (بِحُلْوٍ) كَسَائِرِ الْوَلَائِمِ وَبِكَبُرٍّ بِحَامِضٍ وَلَوْ مَعَ حُلْوٍ، قَوْلُهُ: (وَلَا يُكْسَرُ عَظْمٌ) وَلَوْ بَدَنَةً شَارَكَ بِسُبْعِهَا مَثَلًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ كُلِّهَا عَنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كُسِرَ فَخِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ، وَيُنْدَبُ الْعَقُّ أَوَّلَ النَّهَارِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيُنْدَبُ لَطْخُ رَأْسِهِ بِزَعْفَرَانٍ وَيُكْرَهُ بِدَمِ الْعَقِيقَةِ وَلَمْ يَحْرُمْ لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ، بَلْ قِيلَ بِنَدْبِهِ وَيَحْرُمُ لَطْخُ الْأَبْوَابِ بِدَمِهَا وَبِدَمِ الْأُضْحِيَّةِ، وَالْأَفْضَلُ بَعْثُهَا إلَى الْفُقَرَاءِ لَا دُعَاؤُهُمْ إلَيْهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ) وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلُودُ فَإِذَا بَلَغَ سَقَطَ الْعَقُّ عَنْ غَيْرِهِ وَطُلِبَ مِنْهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يَفُوتُ الْحَلْقُ وَمَا مَعَهُ أَيْضًا بِالتَّأْخِيرِ وَلَا بِالْمَوْتِ إلَّا لِحَلْقٍ بِالْمَوْتِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُسَمِّيَ) وَلَوْ سِقْطًا فَإِنْ جُهِلَتْ ذُكُورَتُهُ وَأُنُوثَتُهُ سُمِّيَ بِاسْمٍ يَصْلُحُ لَهُمَا نَحْوَ هِنْدَ وَطَلْحَةَ، وَأَنْ يُحْسِنَ اسْمَهُ وَأَفْضَلُ الْأَسْمَاءِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَلَا يُكْرَهُ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ الْخَاصِّ بِهِ كَالْخَالِقِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَلَا بِاسْمِ نَبِيٍّ أَوْ مَلِكٍ وَتُكْرَهُ بِعَبْدِ النَّبِيِّ أَوْ بِعَبْدِ عَلِيٍّ وَبِكُلِّ مَا يَتَطَيَّرُ بِنَفْيِهِ أَوْ إثْبَاتِهِ كَبَرَكَةٍ وَغَنِيمَةٍ وَنَافِعٍ وَيَسَارٍ وَحَرْبٍ وَمُرَّةَ وَشِهَابٍ وَشَيْطَانٍ وَحِمَارٍ، وَتَشْتَدُّ الْكَرَاهَةُ بِنَحْوِ سِتِّ النَّاسِ أَوْ الْعُلَمَاءِ أَوْ الْقُضَاةِ أَوْ الْعَرَبِ أَوْ بِالطَّيِّبِ، وَتَحْرُمُ بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ وَرَفِيقِ اللَّهِ وَنَحْوِهِمَا، وَيَحْرُمُ التَّكْنِيَةُ بِأَبِي الْقَاسِمِ مُطْلَقًا وَلَا بَأْسَ بِلَقَبٍ حَسَنٍ لَا بِمَا تَوَسَّعَ النَّاسُ فِيهِ مِمَّا يُضَافُ إلَى الدِّينِ كَبَدْرِ الدِّينِ، وَعِمَادِ الدِّينِ وَأَمِينِ الدِّينِ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى أَوْ مَكْرُوهٌ وَيَحْرُمُ التَّلْقِيبُ بِمَا يُكْرَهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ لَا لِنَحْوِ تَعْرِيفٍ كَالْأَعْمَشِ وَتَحْرُمُ تَكْنِيَةُ كَافِرٍ وَمُبْتَدِعٍ وَفَاسِقٍ، إلَّا لِعُذْرٍ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ التَّكَرُّمَةِ وَيُسَنُّ تَكْنِيَةُ أَهْلِ الْفَضْلِ وَلَوْ مِنْ النِّسَاءِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ السَّابِعِ وَلَا بَأْسَ بِتَسْمِيَتِهِ قَبْلُ وَلَوْ يَوْمَ وِلَادَتِهِ كَمَا فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ تُسَنُّ فِي السَّابِعِ لِمَنْ أَرَادَ الْعَقَّ وَقَبْلَهُ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ وُلِدَ لَيْلًا حُسِبَ الْيَوْمُ التَّالِي لِتِلْكَ اللَّيْلَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ بَعْدَ ذَبْحِهَا) أَيْ كَمَا فِي الْحَجِّ وَيَأْتِي هُنَا مَا هُنَاكَ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلْقِ، (أَوْ فِضَّةً) هِيَ لِلتَّنْوِيعِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَهَبٌ وَعِبَارَةُ غَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِالذَّهَبِ. قَوْلُهُ: (فِي أُذُنِهِ) أَيْ الْيُمْنَى وَيُقَامُ فِي الْيُسْرَى لِيَكُونَ أَوَّلَ مَا يَطْرُقُ سَمْعَهُ فِي الدُّنْيَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّ فِيهِ أَمَانًا مِنْ تَابِعِهِ الْجِنِّ وَلِأَنَّ فِيهِ طَرْدَ الشَّيْطَانِ عَنْ نَخْسِهِ حَالًا إذْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ إلَّا مَرْيَمُ وَابْنُهَا كَمَا فِي الْأَخْبَارِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَمْضُغَ) أَيْ يَمْضُغَهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ، وَيُقَدِّمَ الرُّطَبَ عَلَى التَّمْرِ وَبَعْدَهُمَا حُلْوٌ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ، قَوْلُهُ: (حَنَّكَهُ) أَيْ الْمَوْلُودَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (الْغُلَامُ مُرْتَهِنٌ) أَيْ لَا نُمُوَّ مِثْلُهُ أَوْ لَا يَشْفَعُ فِي وَالِدَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إذَا لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ، وَتُقَاسُ الْغُلَامُ بِالْغُلَامِ فِي هَذَا وَغَيْرِهِ بِمَا ذُكِرَ، قَوْلُهُ: (فَلَاكَهُنَّ) مِنْ لَاكَ يَلُوكُ كَقَامَ يَقُومُ أَيْ مَضَغَهُنَّ وَفَغَرَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَتَيْنِ فَتَحَ وَمَجَّهُ بِالْجِيمِ أَيْ تَفَلَ بِرِيقِهِ وَبَصَقَهُ فِي فَمِهِ، وَكَانَ الْمَوْلُودُ ابْنًا لِأَبِي طَلْحَةَ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيسَ عَلَيْهَا الذَّهَبُ) وَقُدِّمَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ أَكْمَلُ وَلَعَلَّ أَمْرَهُ بِهَا بِالْفِضَّةِ كَانَ لِعَدَمِ وُجُودِ الذَّهَبِ عِنْدَهَا، قَوْلُهُ: (يَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِشَاةٍ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ سَبْعٌ مِنْ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ وَلَا أَصْلُهَا بِغَيْرِ النَّحْرِ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفَارَقَ الْوَلِيمَةَ بِالنَّصِّ هُنَا كَمَا مَرَّ. فَائِدَةٌ: يُنْدَبُ التَّهْنِئَةُ فِي الْوَلَدِ لِلْوَالِدِ وَنَحْوِهِ بِنَحْوِ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِيهِ وَبَلَّغَهُ رُشْدَهُ وَرَزَقَك بِرَّهُ وَالرَّدُّ بِنَحْوِ جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا.   [حاشية عميرة] أَيْ وَلَوْ بِتَقْدِيرِ إعْسَارِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَالِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ الْمَوْلُودِ. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ بِحُلْوٍ) وَلَا يُكْرَهُ بِحَامِضٍ قَوْلُهُ: (وَلَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ) كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عَطْفِ أَنْ تُذْبَحَ عَلَى يُسَنُّ، وَلَوْ مَاتَ طُلِبَ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ الْمَوْتُ قَبْلَ السَّابِعِ كَمَا تُطْلَبُ تَسْمِيَتُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 257 كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ أَيْ الْحَلَالُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ، (حَيَوَانُ الْبَحْرِ) أَيْ مَا يَعِيشُ فِيهِ وَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ كَانَ عَيْشُهُ عَيْشَ مَذْبُوحِ السَّمَكِ مِنْهُ أَيْ مَا هُوَ بِصُورَتِهِ الْمَشْهُورَةِ، (حَلَالٌ كَيْفَ مَاتَ) أَيْ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ بِضَغْطَةٍ أَوْ صَدْمَةٍ أَوْ انْحِسَارِ مَاءٍ أَوْ ضَرْبَةِ صَيَّادٍ. (وَكَذَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ السَّمَكِ الْمَشْهُورِ حَلَالٌ (فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ لَا) يَحِلُّ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سَمَكًا وَالْأَوَّلُ يُقَالُ يُسَمَّاهُ. (وَقِيلَ إنْ أَكَلَ مِثْلَهُ فِي الْبَرِّ) كَبَقَرٍ وَغَنَمٍ، (وَحَلَّ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ مِثْلُهُ فِي الْبَرِّ (فَلَا) يَحِلُّ (كَكَلْبٍ وَحِمَارٍ) الثَّانِي زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَرِّ حِمَارُ الْوَحْشِ الْمَأْكُولِ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَالتَّهْذِيبِ وَغَيْرُهُمَا، أَيْ تَغْلِيبًا لِشَبَهِ الْحَرَامِ وَعَلَى الثَّالِثِ مَا لَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْبَرِّ حَلَالٌ. (وَمَا يَعِيشُ فِي بَرٍّ وَبَحْرٍ كَضُفْدَعٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ (وَسَرَطَانٍ وَحَيَّةٍ) وَعَقْرَبٍ وَسُلَحْفَاةٍ بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَتِمْسَاحٍ (حَرَامٌ) ، وَفِي الْأَوَّلَيْنِ قَوْلٌ وَالْآخَرَيْنِ وَجْهٌ بِالْحِلِّ كَالسَّمَكِ وَالْحُرْمَةُ فِي الْأَرْبَعَةِ لِلِاسْتِخْبَاثِ وَفِي الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ لِلسُّمِّيَّةِ. . (وَحَيَوَانُ الْبَرِّ يَحِلُّ مِنْهُ الْأَنْعَامُ) قَالَ تَعَالَى {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} [المائدة: 1] وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ (وَالْخَيْلُ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ جَابِرٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ» (وَبَقَرُ وَحْشٍ وَحِمَارُهُ) ، رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الثَّانِي كُلُوا مِنْ لَحْمِهِ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَلَ مِنْهُ وَقِيسَ بِهِ الْأَوَّلُ.   [حاشية قليوبي] كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ. جَمْعُ طَعَامٍ بِمَعْنَى مَطْعُومٍ وَذَكَرَهُ عَقِبَ الصَّيْدِ لِبَيَانِ مَا يَحِلُّ مِنْهُ وَمَا لَا يَحِلُّ كَمَا ذَكَرَ عَقِبَهُ الْأُضْحِيَّةَ لِبَيَانِ مَا يُجْزِئُ فِيهَا، وَمَا لَا يُجْزِئُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِطَلَبِهَا وَغَلَبَ فِي التَّرْجَمَةِ غَيْرُ الْحَيَوَانِ عَلَيْهِ، أَوْ أَنَّهُ طَعَامٌ حَالًا وَالْحَيَوَانُ طَعَامٌ بِحَسَبِ الْمَآلِ، قَوْلُهُ: (أَيْ الْحَلَالِ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَا لِمَعْنًى خَارِجٍ كَغَصْبٍ وَنَحْوِهِ كَتَغَيُّرٍ وَنَتْنٍ وَسُمِّيَّةٍ، قَوْلُهُ: (غَيْرِهِ) مِنْهُ الدَّنِيلِسُ بِتَشْدِيدِ النُّونِ الْمَكْسُورَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِأُمِّ الْخُلُولِ وَمِنْهُ الْقِرْشُ الْمَعْرُوفُ وَيُقَالُ لَهُ لَخَمٌ بِلَامٍ وَمُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ وَمِنْهُ الدَّعَامِيصُ وَيُقَالُ لَهُ دُودُ الْمَاءِ، قَوْلُهُ: (الْمَشْهُورُ) هُوَ جَوَابٌ عَمَّا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ مِنْ التَّسْمِيَةِ بِالسَّمَكِ فِيهِمَا، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى سَمَكًا) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْحِلَّ تَابِعٌ لِلِاسْمِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ عَلَى الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَعِيشُ فِي بَرٍّ وَبَحْرٍ) أَيْ مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (كَضِفْدِعٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ وَبِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ وَعَكْسِهِ، وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ وَمِنْ خَوَاصِّهِ أَنَّهُ لَا عَظْمَ لَهُ وَأَنَّهُ إذَا كُفِيَ طَشْتٌ فِي بِرْكَةٍ هُوَ فِيهَا مَنَعَ مِنْ نَعِيقِهِ فِيهَا، قَوْلُهُ: (وَسَرَطَانٍ) وَيُقَالُ لَهُ عَقْرَبُ الْمَاءِ وَهُوَ يَتَوَلَّدُ مِنْ لَحْمِ الدَّنِيلِسِ غَالِبًا قَوْلُهُ: (وَفَتْحِ اللَّامِ) أَوْ ضَمِّهَا، قَوْلُهُ: (وَتِمْسَاحٍ) وَنَسْنَاسٍ وَتِرْسَةٍ وَيُقَالُ لَهَا اللَّجَاةُ بِالْجِيمِ وَالْمُرَادُ بِالنَّسْنَاسِ الْبَرِّيُّ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْقُرُودِ بِخِلَافِ الْبَحْرِيِّ كَمَا لَمْ، قَوْلُهُ: (لِلسُّمِّيَّةِ) الْوَجْهُ أَنَّ هَذِهِ حِكْمَةٌ لَا عِلَّةٌ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ ثَابِتَةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُمِّيَّةً مَعَ أَنَّ حَيَوَانَ الْبَحْرِ الَّذِي فِيهِ السُّمِّيَّةُ يَحْرُمُ لِلضَّرَرِ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ مَا كَانَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ لَهُ نَظِيرٌ مَأْكُولٌ مِنْ الْبَرِّ كَفَرَسِ الْبَحْرِ يَحِلُّ بِتَذْكِيَتِهِ لَا بِدُونِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَوْلُهُ: (وَحَيَوَانُ الْبَرِّ) أَيْ مَا شَأْنُهُ أَنْ لَا يَعِيشَ إلَّا فِيهِ وَعَيْشُهُ فِي الْبَحْرِ عَيْشُ مَذْبُوحٍ، قَوْلُهُ: (يَحِلُّ مِنْهُ) أَيْ بِذَبْحِهِ بِشَرْطِهِ قَوْلُهُ: (الْأَنْعَامُ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِيهَا مِنْ دَرٍّ وَنَسْلٍ وَشَعَرٍ وَصُوفٍ وَوَبَرٍ وَرُكُوبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَالْخَيْلِ) وَأَصْلُ خَلْقِهَا مِنْ الرِّيحِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْهَا الْعَتَاقُ أَبَوَاهَا عَرَبِيَّانِ وَالْمُقْرِفُ أَبُوهُ عَجَمِيٌّ وَأُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ وَالْهَجِينُ عَكْسُهُ وَمِنْهَا الْبَرَاذِينُ أَبَوَاهُ عَجَمِيَّانِ، وَسُمِّيَتْ خَيْلًا لِاخْتِيَالِهَا فِي مَشْيِهَا، قَوْلُهُ: (وَبَقَرٍ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَبْقُرُ الْأَرْضَ أَيْ تَشُقُّهَا وَمِنْهُ   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ] قَوْلُهُ: (أَيْ مَا هُوَ بِصُورَتِهِ الْمَشْهُورَةِ) يُرِيدُ دَفْعَ مَا قِيلَ عِبَارَةُ الْمَتْنِ تَقْتَضِي اخْتِصَاصَ اسْمِ السَّمَكِ بِالنَّوْعِ الْمَشْهُورِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ، قَوْلُهُ: (وَانْحِسَارُهُ مَاءً إلَخْ) . قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِحُرُمِهِ الَّذِي مَاتَ طَافِيًا وَاسْتَدَلَّ أَئِمَّتُنَا بِحَدِيثِ الْعَنْبَرِ وَإِطْلَاقُ حَدِيثِ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ. قَالَ الْقَفَّالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّمَا اُخْتُصَّ السَّمَكُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الذَّكَاةِ لِأَنَّهُ لَا دَمَ لَهُ يَسِيلُ وَعَيْشُهُ فِي الْمَاءِ يُنَظِّفُهُ وَيُطَيِّبُهُ وَإِذَا فَارَقَهُ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ تَزْهَقَ رُوحُهُ وَقَدْ لَا تَتَهَيَّأُ لَهُ آلَاتُ الذَّبْحِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ أَقُولُ الْجَرَادُ وُجِدَ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْ كَلَامِهِ دُونَ مَا بَعْدَهُ، قَوْلُهُ: (حَلَّ) أَيْ بِشَرْطِ الذَّكَاةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَعِيشُ فِي بَرٍّ إلَخْ) لَوْ فُرِضَ أَنَّ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ لَا يَعِيشَانِ إلَّا فِي الْبَحْرِ حَرُمَتَا أَيْضًا لِلسُّمِّيَّةِ خِلَافُ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْبَحْرُ أَقْسَامٌ مُبَاحٌ وَمَحْظُورٌ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ فَالضِّفْدَعُ وَذَوَاتُ السُّمُومِ حَرَامٌ، وَالسَّمَكُ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ حَلَالٌ وَمَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ فَإِنْ كَانَ يَسْتَقِرُّ فِي الْبَرِّ وَمَرْعَاهُ فِي الْبَحْرِ كَطَيْرِ الْمَاءِ حَلَّ، وَبِالْعَكْسِ كَالسُّلَحْفَاةِ يَحْرُمُ إنْ اسْتَقَرَّ فِيهَا وَمَرْعَاهُ فِيهِمَا يُنْظَرُ أَغْلَبُ أَحْوَالِهِ، فَإِنْ اسْتَوَتْ فَوَجْهَانِ، قَوْلُهُ: (كَضِفْدِعٍ) وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِهَا. فَائِدَةٌ: ذَكَرَ ابْنُ مُطَرِّفٍ أَنَّ السَّرَطَانَ يَتَوَلَّدُ مِنْ اللَّحْمِ الَّذِي فِي الدَّنِيلِسِ. قَوْلُهُ: (وَبَقَرِ وَحْشٍ وَحِمَارِهِ) أَيْ وَإِنْ اسْتَأْنَسَا كَمَا يَحْرُمُ الْأَهْلِيُّ وَإِنْ اسْتَوْحَشَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 258 (وَظَبْيٌ) بِالْإِجْمَاعِ (وَضَبُعٌ) بِضَمِّ الْبَاءِ «سُئِلَ جَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الضَّبُعُ صَيْدٌ يُؤْكَلُ؟ قَالَ نَعَمْ. قِيلَ لَهُ أَقَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ نَعَمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَضَبٌّ) رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» (وَأَرْنَبٌ) «لِأَنَّهُ بُعِثَ بِوَرِكِهَا إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَبِلَهُ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ زَادَ الْبُخَارِيُّ «وَأَكَلَ مِنْهُ» (وَثَعْلَبُ الْفَلْنَةِ وَيَرْبُوعٌ وَذَلِكَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالنُّونِ (وَسَمُّورٌ) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّ الْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَطِيبُ الْأَرْبَعَةَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ فِي كُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى. . (وَيَحْرُمُ بَغْلٌ) رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ جَابِرٍ «ذَبَحْنَا يَوْمَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْبِغَالِ وَلَمْ يَنْهَنَا عَنْ الْخَيْلِ» وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. (وَحِمَارٌ أَهْلِيٌّ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ السَّابِقِ عَنْ الشَّيْخَيْنِ (وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَمِخْلَبٍ)   [حاشية قليوبي] الْجَوَامِيسُ كَالْعِرَابِ وَتَقْيِيدُهُ بِالْوَحْشِيِّ لَا لِإِخْرَاجِ الْأَهْلِيِّ بَلْ لِعَطْفِ الْحِمَارِ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَظَبْيٌ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْغَزَالِ وَمِنْهُ تَيْسُ الْجَبَلِ بِالْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ وَيُسَمَّى الْوَعِلَ، بِفَتْحِ الْوَاوِ مَعَ فَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا وَيُضَمُّ الْوَاوُ مَعَ كَسْرِ الْعَيْنِ، وَيُسَمَّى الْخَرْتِيتَ بِمُعْجَمَةٍ فَمُهْمَلَةٌ فَمُثَنَّاتَيْنِ بَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ، وَيُسَمَّى الْأُيَّلُ بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةً مَكْسُورَةٍ. قَوْلُهُ: (وَضَبُعٌ) هُوَ اسْمٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَجَمْعُهُمَا ضِبَاعٌ كَسَبُعٍ وَسِبَاعٍ قَالَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ هُوَ اسْمٌ لِأُنْثَى فَقَطْ، وَيُقَالُ لَهَا ضُبَاعَةُ وَضُبْعَانَةُ وَجَمْعُهَا ضُبْعَانَاتٌ، وَلَا يُقَالُ ضُبَعَةٌ وَيُقَالُ لِلذَّكَرِ ضِبْعَانٌ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، وَيُقَالُ لِلْمُثَنَّى مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا الضَّبُعَانِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَانِيهِ وَكَسْرِ آخِرِهِ، وَمِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ يَحِيضُ وَمِنْ حُمْقِهِ أَنَّهُ يَتَنَاوَمُ حَتَّى يُصَادَ وَهُوَ سَنَةٌ ذَكَرٌ وَسَنَةٌ أُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَضَبٌّ) وَهُوَ حَيَوَانٌ يُشْبِهُ الْوَرَلَ يَعِيشُ نَحْوَ سَبْعِمِائَةٍ سَنَةٍ وَمِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ، وَأَنَّهُ يَبُولُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا مَرَّةً وَأَنَّهُ لِلْأُنْثَى مِنْهُ فَرْجَانِ وَلِلذَّكَرِ ذَكَرَانِ، وَمِنْهُ أُمُّ حُبَيْنٍ بِمُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ فَمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَتَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ فَنُونٌ دُوَيْبَّةٍ قَدْرُ الْكَفِّ صَفْرَاءُ كَبِيرَةُ الْبَطْنِ تُشْبِهُ الْحِرْبَاءَ، وَقِيلَ هِيَ الْحِرْبَاءُ. قَوْلُهُ: (أُكِلَ عَلَى مَائِدَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) «وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ لَهُ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ فَقَالَ لَا. وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِأَرْضِ قَوْمِي فَنَفْسِي تَعَافُهُ» ، قَوْلُهُ: (وَأَرْنَبٍ) وَهُوَ يُشْبِهُ الْعَنَاقَ غَيْرَ أَنَّهُ قَصِيرُ الْيَدَيْنِ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ كَالْيَرْبُوعِ وَيُقَالُ لِلْأُنْثَى مِنْهُ عَكْرِشَةٌ وَلِوَلَدِهَا خِرْنِقٌ، قَوْلُهُ: (وَثَعْلَبٌ) وَيُكَنَّى، أَبَا الْحُصَيْنِ وَأُنْثَاهُ يَسْفِدُهَا أَيْ يَطَؤُهَا الْعِقَابُ كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ لَا يَحِلُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا أَمْرٌ غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَإِنْ تَحَقَّقَ عُمِلَ بِهِ فَرَاجِعْهُ، وَمِنْ شَأْنِهِ الرَّوَغَانُ وَأُنْثَاهُ ثَعْلَبَةٌ وَكُنْيَتُهَا أُمُّ هَرْبَلٍ قِيلَ وَمِنْهُ الثَّفَا بِالْمُثَلَّثَةِ ثُمَّ الْفَاءِ، قَوْلُهُ: (وَيَرْبُوعٌ) نَوْعٌ مِنْ الْفَأْرِ كَابْنِ عِرْسٍ وَحِلُّهُمَا مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَالْيَرْبُوعُ قَصِيرُ الْيَدَيْنِ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ كَمَا مَرَّ عَكْسُ الزَّرَافَةِ. قَوْلُهُ: (وَفَنَكٌ) دُوَيْبَّةٍ يُؤْخَذُ مِنْ جِلْدِهَا الْفِرَاءُ كَالسَّمُّورِ، قَوْلُهُ: (وَسَمُّورٍ) حَيَوَانٌ كَالسِّنَّوْرِ وَيَحِلُّ الْقُنْفُذُ وَمِنْهُ الدُّلْدُلُ وَالْوَبْرُ بِمُوَحَّدَةٍ سَاكِنَةٍ فِي شَكْلِ الْقُنْفُذِ، وَيُسَمَّى غَنَمَ بَنِي إسْرَائِيلَ وَابْنَ عِرْسٍ وَالْحَوْصَلَ وَالْقَاتِمَ وَالسِّنْجَابَ وَهُوَ فِي شَكْلِ الْيَرْبُوعِ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ يُؤْخَذُ مِنْهَا الْفِرَاءُ كَالسَّمُّورِ وَالْأَخِيرَانِ مِنْ ثَعَالِبِ التُّرْكِ، وَيَحْرُمُ الْيَيْرُ بِمُوَحَّدَتَيْنِ مَفْتُوحَةٌ فَسَاكِنَةٌ، وَيُقَالُ لَهُ الْفُرَانِقُ بِالْفَاءِ أَوَّلَهُ وَهُوَ مِنْ السِّبَاعِ وَيُعَادِي الْأَسَدَ وَتَحْرُمُ الزَّرَافَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِي الْعُبَابِ أَنَّهَا حَلَالٌ وَبِهِ. قَالَ الْبَغَوِيّ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ حَيَوَانٌ طَوِيلُ الْيَدَيْنِ قَصِيرُ الرِّجْلَيْنِ عَكْسُ الْيَرْبُوعِ، ذَكَرَ أَنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ سَبْعِ حَيَوَانَاتٍ لِأَنَّ الزَّرَافَةَ بِمَعْنَى الْجَمَاعَةِ لُغَةً لَهَا رَأْسٌ كَالْإِبِلِ وَجِلْدٌ كَالنَّمِرِ وَذَنَبٌ كَالظَّبْيِ وَقُرُونٌ وَقَوَائِمُ وَأَظْلَافٌ كَالْبَقَرِ فِي الثَّلَاثَةِ، لَكِنْ لَا رُكَبَ لَهَا فِي يَدَيْهَا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَقِيلَ مُتَوَلِّدَةٌ بَيْنَ مَأْكُولَيْنِ وَهَذَا وَجْهُ الْقَوْلِ بِحِلِّهَا الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ بَغْلٌ) وَإِنْ حَمَلَتْ بِهِ فَرَسٌ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْهَا وَمِنْ الْحِمَارِ وَأَكْثَرُ شُبْهَةً بِأُمِّهِ، وَيَحْرُمُ ذَبْحُهَا مَا دَامَتْ حَامِلًا لِأَدَائِهِ إلَى مَوْتِهِ نَعَمْ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ فَرَسٍ وَحِمَارٍ وَحْشِيٍّ لَمْ يَحْرُمْ. قَوْلُهُ: (وَحِمَارٍ أَهْلِيٍّ) وَكُنْيَةُ الذَّكَرُ أَبُو زِيَادٍ وَالْأُنْثَى أُمُّ مَحْمُودٍ. قَوْلُهُ: (وَكُلُّ ذِي نَابٍ) لِأَنَّ أَكْلَهُ مِنْ فَرِيسَتِهِ كَذِي الْمِخْلَبِ كَأَسَدٍ وَلَهُ سِتُّمِائَةِ اسْمٍ وَثَلَاثُونَ اسْمًا قَوْلُهُ: (وَمِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ) وَمِنْهُ الْوَشْقُ وَاللَّقْلَقُ وَالشَّرْشِيرُ وَالصُّرَدُ قَوْلُهُ: (وَنَمِرٌ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاخْتِلَافِ لَوْنِهِ لَا يَزَالُ غَضْبَانَ مُعْجَبًا بِنَفْسِهِ إنْ شَبِعَ نَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. قَوْلُهُ: (وَذِئْبٍ) بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ وَطَبْعُهُ الِانْفِرَادُ وَالْوَحْدَةُ يَنَامُ بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَقِرْدٍ) وَطَبْعُهُ ذَكَاءُ الْفَهْمِ وَسُرْعَتُهُ وَالْأُنْسُ بِالنَّاسِ،   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَضَبُعٌ) هُوَ اسْمٌ لِلْأُنْثَى وَيُقَالُ لِلذَّكَرِ ضِبْعَانٌ، قَوْلُهُ: (وَضَبٌّ) الْعَرَبُ تَسْتَطِيبُهُ وَتَمْدَحُهُ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ بُعِثَ) بِوَرِكِهَا إلَيْهِ إلَخْ لَمْ يَبْلُغْ أَبَا حَنِيفَةَ الْحَدِيثَ فَحَرَّمَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْعَرَبَ) أَيْ وَنَابُهَا ضَعِيفٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَالْحَمِيرُ) أَيْ فَتَحْرِيمُ الْحَمِيرِ لَمْ يَقَعُ إلَّا فِي زَمَنِ خَيْبَرَ وَقَبْلَهُ كَانَتْ حَلَالًا وَبِهَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ تَمَسَّكَ فِي تَحْرِيمِ الْخَيْلِ بِآيَةِ {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: 8] مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَكْلَ، وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ فَلَوْ دَلَّتْ عَلَى التَّحْرِيمِ لَلَزِمَ تَحْرِيمُ الْحَمِيرِ قَبْلَ خَيْبَرَ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِالِاتِّفَاقِ. قَوْلُهُ: (وَكُلُّ ذِي نَابٍ) قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذِي النَّابِ الضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ وَالْيَرْبُوعُ وَقَوْلُهُ نَابٍ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ عَيْشَهُ مِنْ فَرِيسَتِهِ الَّتِي يَكْسِرُهَا بِنَابِهِ، وَهِيَ مَيْتَةٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي ذِي الْمِخْلَبِ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ) وَيَجُوزُ إسْكَانُ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا، قَوْلُهُ: (وَشَاهِينُ) هُوَ فَارِسِيٌّ مُعْرَبٌ، قَوْلُهُ: (وَصَقْرٌ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 259 بِكَسْرِ الْمِيمِ (مِنْ الطَّيْرِ) لِلنَّهْيِ عَنْ الْأَوَّلِ فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ، وَعَنْ الثَّانِي فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ وَالْمُرَادُ مِنْ الْأَوَّلِ مَا يَعْدُو عَلَى الْحَيَوَانِ وَيَتَقَوَّى بِنَابِهِ. (كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ (وَذِئْبٍ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْهَمْزِ. (وَدُبٍّ وَفِيلٍ وَقِرْدٍ وَبَازٍ وَشَاهِينَ وَصَقْرٍ وَنَسْرٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (وَعِقَابٍ وَكَذَا ابْنُ آوَى) بِالْمَدِّ. (وَهِرَّةِ وَحْشٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَسْتَخْبِثُهُ الْعَرَبُ وَالثَّانِي يَعْدُو بِنَابِهِ وَالثَّانِي فِي الْأَوَّلِ نَظَرٌ إلَى ضَعْفِ نَابِهِ، وَفِي الثَّانِي قَاسَهُ عَلَى حِمَارِ الْوَحْشِ وَتَحْرُمُ الْهِرَّةُ الْأَهْلِيَّةُ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ. . (وَيَحْرُمُ مَا نُدِبَ قَتْلُهُ كَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ وَغُرَابٍ أَبْقَعَ وَحِدَأَةٍ) ، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَبِالْهَمْزِ (وَفَأْرَةٍ) بِالْهَمْزِ (وَكُلِّ سَبُعٍ) بِضَمِّ الْبَاءِ (ضَارٍ) بِالتَّخْفِيفِ أَيْ عَادٍ فَلِحُرْمَتِهِ سَبَبَانِ النَّهْيُ عَنْ أَكْلِهِ وَالْأَمْرُ بِقَتْلِهِ رَوَى الشَّيْخَانِ حَدِيثُ «خَمْسٌ يُقْتَلْنَ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْحَيَّةُ» بَدَلَ الْعَقْرَبِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِ خَمْسٍ» إلَى آخِرِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ ذَكَرَ السَّبُعَ الْعَادِيَ مَعَ الْخَمْسَةِ، فَأُخِذَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْقَتْلِ حُرْمَةُ الْأَكْلِ، (وَكَذَا رَخَمَةٌ) لِخُبْثِ غِذَائِهَا بِالْجِيَفِ (وَبُغَاثَةٌ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ طَائِرٌ أَبْيَضُ بَطِيءُ الطَّيَرَانِ أَصْغَرُ مِنْ الْحِدَأَةِ أُلْحِقَ بِهَا. . (وَالْأَصَحُّ حِلُّ غُرَابِ زَرْعٍ) وَهُوَ أَسْوَدُ صَغِيرٌ يُقَالُ لَهُ الزَّاغُ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ مُحْمَرَّ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ لِأَنَّهُ مُسْتَطَابٌ بِأَكْلِ الزَّرْعِ وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّهُ غُرَابٌ، وَيَحْرُمُ الْغُرَابُ الْأَسْوَدُ الْكَبِيرُ فِي الْأَصَحِّ وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ مُسْتَخْبَثٌ بِأَكْلِ الْجِيَفِ. (وَ) الْأَصَحُّ (تَحْرِيمُ بَبَّغَا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الثَّانِيَةِ وَإِعْجَامِ الْغَيْنِ وَبِالْقَصْرِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالدُّرَّةِ (وَطَاوُسٌ)   [حاشية قليوبي] وَالضَّحِكُ وَمِنْهُ النَّسْنَاسُ الْبَرِّيُّ كَمَا مَرَّ وَهَذَا آخِرُ أَمْثِلَةِ ذِي النَّابِ، قَوْلُهُ: (وَشَاهِينِ) هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، قَوْلُهُ: (وَصَقْرٍ) بِالصَّادِ أَوْ الزَّايِ أَوْ السِّينِ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ، قَوْلُهُ: (وَنَسْرٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ وَكَسْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَعِقَابٍ) نَوْعٌ مِنْ الْحِدَأَةِ قَوْلُهُ: (وَكَذَا ابْنُ آوَى بِالْمَدِّ) أَيْ فِي الْهَمْزَةِ أَوَّلُهُ وَهُوَ مُفْرَدٌ وَجَمْعُهُ بَنَاتُ آوَى سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَأْوِي إلَى جِنْسِهِ وَيَعْوِي إذَا اسْتَوْحَشَ لَيْلًا وَصِيَاحُهُ يُشْبِهُ صِيَاحَ الصِّبْيَانِ وَهُوَ كَرِيهُ الرِّيحِ دُوَيْنُ الْكَلْبِ وَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ الذِّئْبِ وَالثَّعْلَبِ وَمِنْ خَوَاصِّهِ أَنَّهُ إذَا مَرَّ تَحْتَ حَائِطٍ عَلَيْهِ دَجَاجٌ تَسَاقَطَتْ مِنْ شِدَّةِ خَوْفِهَا مِنْهُ وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُلْحَقٌ بِذِي النَّابِ وَأَفْرَدَهُ لِلْخِلَافِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَهِرَّةِ وَحْشٍ) وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِالنِّمْسِ وَقِيلَ غَيْرُهُ فَهِيَ حَرَامٌ وَيَلْحَقُ بِهَا فِي الْحُرْمَةِ ابْنُ مُقْرِضٍ بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ فَقَافٍ سَاكِنَةٍ فَمُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَوْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، وَيُقَالُ لَهُ الدُّلَقُ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَهُوَ دُوَيْبَّةٍ أَصْغَرُ مِنْ الْفَأْرِ كَحْلَاءُ اللَّوْنِ طَوِيلَةُ الظَّهْرِ تَقْتُلُ الْحِمَارَ وَتُقْرِضُ النَّبَاتَ، قَوْلُهُ: (وَتَحْرُمُ الْهِرَّةُ الْأَهْلِيَّةُ) كَالْوَحْشِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ السِّنَّوْرُ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِالصَّحِيحِ فِيهَا جَوَابٌ عَنْ تَخْصِيصِ الْمُصَنِّفِ لَهَا بِالْوَحْشِيَّةِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ مَا نُدِبَ قَتْلُهُ) وَمِنْهُ الْقَمْلُ وَالْبُرْغُوثُ وَالْبَقُّ وَالْبَعُوضُ وَالزُّنْبُورُ. قَوْلُهُ: (كَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ) هُمَا اسْمٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَوْلُهُ: (وَغُرَابٍ أَبْقَعَ) وَيُقَالُ لَهُ الْأَعْوَرُ لِحِدَةِ بَصَرِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ يُغْمِضُ إحْدَى عَيْنَيْهِ عِنْدَ النَّظَرِ وَسَيَأْتِي آنِفًا قَوْلُهُ: (وَحِدَأَةٍ) بِوَزْنِ عِنَبَةٍ قَوْلُهُ: (وَفَأْرَةٍ) وَمِنْهَا الْجِرْذَانُ قَوْلُهُ: (وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ) هَذَا الْقَيْدُ لِمَحَلِّ النَّدْبِ وَإِلَّا فَهُوَ حَرَامٌ مُطْلَقًا. وَيَحْرُمُ قَتْلُ غَيْرِ الْعَقُورِ وَقِيلَ يَجُوزُ قَتْلُ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ كَمَا نُقِلَ عَنْ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (وَكَذَا رَخَمَةٌ) طَائِرٌ أَبْيَضُ كَبِيرٌ بَطِيءُ الطَّيَرَانِ مُصْفَرُّ الْمِنْقَارِ، قَوْلُهُ: (وَبُغَاثَةَ إلَخْ) هِيَ مِنْ الْبُومِ وَهُوَ حَرَامٌ بِأَنْوَاعِهِ كَالْهَامَةِ وَالصَّدَى وَالضَّوْعِ وَمُلَاعِبِ ظِلِّهِ، وَغُرَابِ اللَّيْلِ وَمِنْهُ الْخُفَّاشُ وَهُوَ الْوَطْوَاطُ نَعَمْ اسْتَثْنَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مِنْ الْبُغَاثِ النَّوْرَثَ، وَيُسَمَّى الْجَوْزِيَّةَ فَقَالَ إنَّهُ حَلَالٌ وَيَحْرُمُ الرُّخُّ وَهُوَ أَعْظَمُ الطُّيُورِ جُثَّةً لِأَنَّ طُولَ جَنَاحِهِ عَشَرَةُ آلَافِ بَاعٍ الْمُسَاوِيَةُ لِأَرْبَعَيْنِ أَلْفِ ذِرَاعٍ. قَوْلُهُ: (يُقَالُ لَهُ الزَّاغُ) بِمُعْجَمَتَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ مُحْمَرَّ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ هَذَا أَحَدُ نَوْعَيْهِ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ أَوْ رَمَادِيُّ اللَّوْنِ وَيُسَمَّى الْغُدَافَ الصَّغِيرَ وَهُوَ حَلَالٌ عَلَى الْأَصَحِّ الْمُعْتَمَدِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ الْغُرَابُ الْأَسْوَدُ الْكَبِيرُ) وَيُسَمَّى الْغُدَافَ الْكَبِيرَ وَالْجَبَلِيَّ لِأَنَّهُ يَسْكُنُ الْجِبَالَ، وَيَحْرُمُ بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الْغُرَابِ كَالْعَقْعَقِ وَيُقَالُ الْقُعْقُعُ وَهُوَ عَلَى قَدْرِ الْحَمَامَةِ طَوِيلُ الذَّنَبِ ذُو لَوْنَيْنِ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ، قِيلَ وَهُوَ الْأَبْقَعُ السَّابِقُ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الْأَبْقَعَ مَا لَوْنُهُ بِسَوَادٍ وَرَمَادَيْهِ يَتَشَاءَمُ الْعَرَبُ بِصَوْتِهِ وَيُعْرَفُ بِالْأَعْوَرِ كَمَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] قِيلَ الصَّوَابُ أَنَّ هَذَا مَعَ الذِّئْبِ قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، قَوْلُهُ: (وَنَسْرٍ) . قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَا مِخْلَبَ لَهُ يَعْدُو بِهِ وَلَكِنَّهُ خَبِيثٌ كَالرَّخَمَةِ. فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ مُطَرِّفٍ النَّسْرُ مُثَلَّثُ النُّونِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَوَّلَ تَسْتَخْبِثُهُ) زَادَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ جِنْسِ الْكِلَابِ وَلَهُ نَابٌ يَعْدُو بِهِ وَيَأْكُلُ النَّجَاسَاتِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ مَا نُدِبَ قَتْلُهُ) لِأَنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِهِ أَسْقَطَ احْتِرَامَهُ وَمَنَعَ اقْتِنَاءَهُ وَلَوْ وَطِئَ شَخْصٌ بَهِيمَةً مَأْكُولَةً وَجَبَ ذَبْحُهَا وَحَلَّ أَكْلُهَا، قَوْلُهُ: (كَحَيَّةٍ) هِيَ وَكَذَا الْعَقْرَبُ تُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. قَوْلُهُ: (بَبْغَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَيْسَتْ مِنْ طُيُورِ الْعَرَبِ وَإِنَّمَا تُجْلَبُ مِنْ النَّوْبَةِ وَالْيَمَنِ. قَوْلُهُ: (وَتَحِلُّ نَعَامَةٌ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي قَاعِدَةً الجزء: 4 ¦ الصفحة: 260 لِأَنَّهُمَا مُسْتَخْبَثَانِ وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ. . (وَتَحِلُّ نَعَامَةٌ وَكُرْكِيٌّ وَبَطٌّ وَدَجَاجٌ وَمَا عَلَى شَكْلِ عُصْفُورٍ وَزُرْزُورٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (وَإِوَزٍّ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ. (وَدَجَاجٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (وَحَمَامٍ وَهُوَ كُلُّ مَا عَبَّ) أَيْ شَرِبَ الْمَاءَ مِنْ غَيْرِ مَصٍّ (وَهَدَرَ) أَيْ صَوَّتَ (وَمَا عَلَى شَكْلِ عُصْفُورٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ. (وَإِنْ اخْتَلَفَ لَوْنُهُ وَنَوْعُهُ كَعَنْدَلِيبِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا نُونٌ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ بَعْدَ تَحْتَانِيَّةِ. (وَصَعْوَةٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، (وَزُرْزُورٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ لِأَنَّهَا مِنْ الطَّيِّبَاتِ قَالَ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4] . (لَا خُطَّافٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ فِي الصِّحَاحِ (وَنَمْلٌ وَنَحْلٌ وَذُبَابٌ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ (وَحَشَرَاتٌ) بِفَتْحِ الشِّينِ (كَخُنْفُسَاء) بِضَمِّ الْخَاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ، وَبِالْمَدِّ (وَدُودٍ) أَيْ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِاسْتِخْبَاثِهَا وَفِي التَّنْزِيلِ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ، وَتَقَدَّمَ حِلُّ أَكْلِ دُودِ الْخَلِّ، وَالْفَاكِهَةِ مَعَهُ. (وَكَذَا مَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ) لَا يَحِلُّ تَطَيُّبٌ لِأَصْلِهِ الْحَرَامِ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالدُّرَّةِ) وَلَيْسَتْ مِنْ طُيُورِ الْعَرَبِ بَلْ تُجْلَبُ مِنْ النُّوبَةِ وَالْيَمَنِ وَلَهَا قُوَّةٌ عَلَى حِكَايَةِ الْأَصْوَاتِ. وَقَبُولِ التَّلْقِينِ، قَوْلُهُ: (وَطَاوُوسٌ) وَهُوَ ذُو أَلْوَانٍ فِي رِيشِهِ يُعْجَبُ بِهَا وَبِنَفْسِهِ وَهُوَ عَفِيفٌ طَبْعًا لَكِنَّهُ يُتَشَاءَمُ بِاقْتِنَائِهِ. قَوْلُهُ: (وَبَطٌّ) هُوَ مِنْ الْإِوَزِّ فَعَطْفُ الْإِوَزِّ بَعْدَهُ عَامٌّ، قَوْلُهُ: (وَحَمَامٌ) هُوَ بِتَفْسِيرِهِ الْمَذْكُورِ يَشْمَلُ غَيْرَ الْحَمَامِ الْمَعْرُوفِ كَالْيَمَامِ وَالْقَطَا وَالدَّبَّاسِيِّ وَالدُّرَّاجِ وَالْفَاخِتِ وَالْحُبَارَى وَالشَّقِرَّاقِ وَأَبُو قِرْدَانَ وَالْحُمَّرَةِ وَالْحَجْلِ، وَيُسَمَّى دَجَاجُ الْبَرِّ وَالْقَجِّ بِالْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ وَالْجِيمِ وَيُسَمَّى ذَكَرُهُ يَعْقُوبَ وَالْقُمْرِيُّ، وَيُقَالُ لِذَكَرِهِ وِرْشَانُ وَشِفْنِينَ بِكَسْرِ الشِّينِ وَالنُّونِ وَبَيْنَهُمَا فَاءٌ سَاكِنَةٌ، وَيُطْلَقُ عَلَى ذَكَرِ الْيَمَامِ كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (وَهَدِرٌ) هُوَ لَازِمُ لَعِبٍ فَذِكْرُهُ تَأْكِيدٌ. قَوْلُهُ: (وَمَا عَلَى شَكْلِ عُصْفُورٍ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا قِيلَ إنَّهُ عَصَى نَبِيَّ اللَّهِ سُلَيْمَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَرَّ مِنْهُ وَكُنْيَتُهُ أَبُو يَعْقُوبَ، وَمِنْهُ النُّغَرُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَيُصَغَّرُ عَلَى نُغَيْرٍ وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ كَمَا قِيلَ، وَالْبُلْبُلِ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَتَيْنِ وَيُقَالُ لَهُ الْهَزَارُ، وَالتِّمُّ بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ كَالْإِوَزِّ وَالتِّهْبِ بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ أَوَّلُهُ كَاللَّقْلَقِ، وَالتُّنْوِطِ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ أَوَّلَهُ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الْوَاوِ وَقِيلَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ أَوَّلَهُ كَالدَّجَاجِ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ أَوَّلِهِ) وَيَجُوزُ فَتْحُهُ. قَوْلُهُ: (كَعَنْدَلِيبِ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْهَزَارِ بِفَتْحِ الْهَاءِ كَمَا مَرَّ يُلْتَذُّ بِصَوْتِهِ، قَوْلُهُ: (وَصَعْوَةٍ) صَغِيرٍ أَحْمَرَ الرَّأْسِ، قَوْلُهُ: (وَزُرْزُورٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ الْمُعْجَمَتَيْنِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ صَوْتَهُ الزَّرْزَرَةُ. قَوْلُهُ: (لَا خُطَّافٍ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِعُصْفُورِ الْجَنَّةِ نُسِبَ إلَيْهَا لِزُهْدِهِ فِي أَقْوَاتِ النَّاسِ، وَيُطْلَقُ الْخُطَّافُ عَلَى الْخُفَّاشِ وَهُوَ الْوَطْوَاطُ وَهُوَ حَرَامٌ أَيْضًا، وَكَذَا النِّمْسُ وَالنَّهَّاسُ وَالضَّوْعُ وَمُلَاعِبُ ظِلِّهِ وَاللَّقْلَقُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَنَمْلٍ) وَيَحِلُّ قَتْلُ الصَّغِيرِ الْأَحْمَرِ مِنْهُ لِإِيذَائِهِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَنَمُّلِهِ بِكَثْرَةِ مَا يَحْمِلُ مَعَ قِلَّةِ قَوَائِمِهِ، وَهُوَ لَا جَوْفَ لَهُ وَعَيْشُهُ بِالشَّمِّ مَعَ أَنَّهُ أَحْرَصُ الْحَيَوَانِ عَلَى الْقُوتِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْلٍ) جَمْعٌ مُفْرَدُهُ نَحْلَةٌ وَيُقَالُ لَهُ الدَّبْرُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أُوحِيَ إلَيْهِ فِي يَوْمِ الرَّحْمَةِ وَهُوَ عِيدُ الْفِطْرِ، وَهُوَ حَيَوَانٌ فِي طَبْعِهِ الشُّجَاعَةُ وَالنَّظَرُ فِي الْعَوَاقِبِ وَالْفَهْمِ وَمَعْرِفَةِ فُصُولِ السَّنَةِ، وَأَوْقَاتِ الْمَطَرِ وَتَدْبِيرِ الْمَرْعَى وَالْمَرْتَعِ وَطَاعَةِ الْأَمِيرِ وَبَدِيعِ الصَّنْعَةِ وَذُكِرَ أَنَّهُ تِسْعَةُ أَصْنَافٍ. قَوْلُهُ: (وَذُبَابٍ) مُفْرَدٌ جَمْعُهُ أَذِبَّةٌ كَغُرَابٍ وَأَغْرِبَةٍ وَقِيلَ جَمْعٍ وَهُوَ أَجْهَلُ الْحَيَوَانِ يُلْقِي نَفْسَهُ فِيمَا يُهْلِكُهُ كَالنَّارِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَعْرُوفُ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْبَعُوضَ وَالنَّامُوسَ وَالْقُمَّلَ وَالْبُرْغُوثَ وَالْبَقَّ وَالنَّمْلَ وَالنَّحْلَ وَغَيْرَهَا فَعَطْفُهُ عَلَى هَذَا عَامٌّ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ «الذُّبَابُ كُلُّهُ فِي النَّارِ، إلَّا النَّحْلَ» أَيْ لِتَعْذِيبِ أَهْلِهَا بِهِ لَا لِتَعْذِيبِهِ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَحَشَرَاتٍ) وَمِنْهَا الْحِرْبَاءُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ تُمَدُّ وَتَقْصُرُ وَهِيَ كَالْفَأْرِ تَتَلَوَّنْ بِسَائِرِ الْأَلْوَانِ، وَمِنْهَا حِمَارٌ قَبَّانٌ بِمُوَحَّدَةٍ مُشَدَّدَةٍ بَعْدَ الْقَافِ وَهِيَ دَابَّةٌ كَالدِّينَارِ وَمِنْهَا الْحِرْذَوْنُ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَكْسُورَةٍ فَسَاكِنَةٍ فَذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ كَالْوَرَلِ، قَوْلُهُ: (كَخُنْفُسَاءَ) مِنْهَا الزُّعْقُوقُ وَيُسَمَّى الْجُعْلَانَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَمِنْهَا الْجُدْجُدُ بِمُعْجَمَتَيْنِ مَضْمُومَتَيْنِ وَهُوَ الصِّرْصَارُ. قَوْلُهُ: (مَا تُولَدُ مِنْ مَأْكُولٍ) وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْمَأْكُولِ وَيَحِلُّ مَا تُولَدُ بَيْنَ مَأْكُولَيْنِ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْمَأْكُولِ نَحْوُ كَلْبٍ مِنْ شَاتَيْنِ. فَرْعٌ: يُرَاعَى فِي الْمَمْسُوخِ أَصْلُهُ إنْ بُدِّلَتْ صِفَتُهُ فَقَطْ، فَإِنْ بُدِّلَتْ ذَاتُهُ كَلَبَنٍ صَارَ دَمًا وَلَوْ كَرَامَةً لِوَلِيٍّ اُعْتُبِرَ حَالُهُ الْآنَ فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ، وَيَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ مَالِكِهِ فَإِنْ عَادَ لَبَنًا عَادَ لِمِلْكِ مَالِكِهِ كَجِلْدٍ دُبِغَ فَيَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهِ، وَيَحِلُّ تَنَاوُلُهُ وَخَرَجَ بِالْمَمْسُوخِ مَا لَمْ يُمْسَخْ كَلَبَنٍ خَرَجَ مِنْ ضَرْعِهِ دَمًا وَمَنِيٍّ كَذَلِكَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ مُطْلَقًا.   [حاشية عميرة] لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّ كُلَّ طَيْرٍ يَأْكُلُ الْمَطَاهِرَ وَلَا يَكُونُ نَهَّاشًا فَهُوَ حَلَالٌ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ، قَوْلُهُ: (وَنَمْلٌ وَنَحْلٌ) . قَالَ الْقَفَّالُ الْحِكْمَةُ فِيهِمَا أَنَّهُ لَا لَحْمِيَّةَ فِيهِمَا يُنْتَفَعُ بِهَا. قَوْلُهُ: (وَحَشَرَاتٌ) يُسْتَثْنَى مِنْهَا الْقُنْفُذُ وَالْيَرْبُوعُ وَالْوَبَرُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 261 (وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ إنْ اسْتَطَابَهُ أَهْلُ يَسَارٍ وَطِبَاعٍ سَلِيمَةٍ مِنْ الْعَرَبِ فِي حَالِ رَفَاهِيَةٍ حَلَّ، وَإِنْ اسْتَخْبَثُوهُ فَلَا وَإِنْ جَهِلَ اسْمَ حَيَوَانٍ سُئِلُوا عَنْهُ وَعُمِلَ بِتَسْمِيَتِهِمْ) ، لَهُ مِمَّا هُوَ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْمٌ عِنْدَهُمْ اُعْتُبِرَ بِالْأَشْبَهِ بِهِ) فِي صُورَةٍ أَوْ طَبْعٍ أَوْ طَعْمِ لَحْمٍ. . (وَإِذَا ظَهَرَ تَغَيُّرُ لَحْمِ جَلَّالَةٍ) مِنْ نَعَمٍ أَوْ دَجَاجٍ وَهِيَ الَّتِي تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ الْيَابِسَةَ أَخْذًا مِنْ الْجَلَّةِ بِفَتْحِ الْجِيمِ بِالرَّائِحَةِ وَالنَّتِنِ فِي عِرْقِهَا وَغَيْرِهِ. (حَرُمَ) أَكْلُهُ (وَقِيلَ يُكْرَهُ قُلْت الْأَصَحُّ يُكْرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ عَنْ إيرَادِ أَكْثَرِهِمْ وَتَبِعَ فِي الْمُحَرَّرِ الْإِمَامَ وَالْبَغَوِيِّ وَالْغَزَالِيَّ فِي تَرْجِيحِهِمْ الْأَوَّلَ. (فَإِنْ عُلِفَتْ طَاهِرًا فَطَابَ لَحْمُهَا) بِزَوَالِ الرَّائِحَةِ (حَلَّ) أَكْلُهُ بِالذَّبْحِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي لَبَنِهَا وَبَيْضِهَا وَعَلَى الْحُرْمَةِ يَكُونُ اللَّحْمُ نَجَسًا وَهِيَ فِي حَيَاتِهَا طَاهِرَةٌ، وَالْأَصْلُ فِيهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ وَشُرْبِ أَلْبَانِهَا حَتَّى تُعْلَفَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَالْبَيْهَقِيُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَفْظُ نَهَى يَصْدُقُ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ. . (وَلَوْ تَنَجَّسَ طَاهِرٌ) مَائِعٌ (كَخَلِّ وَدِبْسٍ ذَائِبٍ) بِالْمُعْجَمَةِ (حَرُمَ) تَنَاوُلُهُ لِتَعَذُّرِ تَطْهِيرِهِ، وَفِي وَجْهٍ يَطْهُرُ الدُّهْنُ كَالزَّيْتِ يَغْسِلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ فَيَحِلُّ بَعْدَ غَسْلِهِ. . (وَمَا كُسِبَ بِمُخَامَرَةِ نَجَسٍ كَحِجَامَةٍ وَكَنْسٍ) لِزِبْلٍ وَنَحْوِهِ (مَكْرُوهٌ) لِلْحُرِّ كَسَبَهُ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ (وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَأْكُلَهُ وَ) أَنْ (يُطْعِمَهُ رَقِيقُهُ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ كَسَبَهُ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِأَصْلِهِ الْحَرَامِ) وَمِنْهُ النَّهَّاسُ وَيُقَالُ لَهُ السِّمْعُ بِكَسْرِ السِّينِ مِنْ الضَّبُعِ وَالذِّئْبِ وَالزَّرَافَةِ لِمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (الْعَرَبُ) أَيْ اثْنَانِ مِنْهُمْ وَيُقَدَّمُ الْأَكْبَرُ فَقُرَيْشٌ وَالْعِبْرَةُ فِي كُلِّ زَمَنٍ بِأَهْلِهِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ فِيهِ حِلٌّ عَمَّنْ قَبْلَهُمْ أَوْ حُرْمَةٌ فَإِنْ لَمْ يُوجَدُوا فَهُوَ حَلَالٌ نَظَرًا لِأَصْلِهِ. قَوْلُهُ: (فِي صُورَةٍ أَوْ طَبْعٍ أَوْ طَعْمِ لَحْمٍ) وَيُقَدَّمُ الطَّبْعُ فَالطَّعْمُ فَالصُّورَةُ. فَائِدَةٌ: قَالَ الْقَزْوِينِيُّ: وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ «أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ فِي الْأَرْضِ أَلْفَ أُمَّةٍ سِتَّمِائَةٍ فِي الْبَحْرِ وَأَرْبَعَمِائَةٍ فِي الْبَرِّ» ، وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حِبَّانَ: «إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى ثَمَانِينَ أَلْفَ عَالَمٍ أَرْبَعُونَ أَلْفًا فِي الْبَرِّ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا فِي الْبَحْرِ» . قَوْلُهُ: (وَهِيَ الَّتِي إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِمَعْنَى الْجَلَّالَةِ وَالْمُرَادُ مَا عُلِفَتْ بِنَجَسٍ مُطْلَقًا، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْعَذِرَةِ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ إطْعَامُهُ لَهَا وَمِنْهُ شَاةٌ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنٍ نَحْوُ كَلْبَةٍ أَوْ أَتَانٍ وَسُقِيَ الزَّرْعُ بِالنَّجَسِ، مِثْلُ الْعَلْفِ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ بَيْضٌ صُلِقَ بِنَجَسٍ، وَزَرْعٌ نَبَتَ فِي نَجَسٍ فَلَا يُكْرَهُ وَخَرَجَ بِالنَّجَسِ الْمُتَنَجِّسُ فَلَا يُكْرَهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَالنَّتِنُ) عَطْفُهُ عَلَى الرَّائِحَةِ تَفْسِيرٌ وَكَالرَّائِحَةِ الطَّعْمُ وَاللَّوْنُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عُلِفَتْ طَاهِرًا) وَكَذَا بِنَجَسٍ أَوْ مُتَنَجِّسٍ وَخَرَجَ بِالْعَلَفِ زَوَالُ التَّغَيُّرِ بِالْغُسْلِ مَثَلًا، فَلَا تَزُولُ بِهِ الْكَرَاهَةُ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي لَبَنِهَا وَبَيْضِهَا) وَكَذَا عِرْقُهَا وَصُوفُهَا وَشَعَرُهَا وَجَنِينُهَا وَوَلَدُهَا. نَعَمْ لَا كَرَاهَةَ فِي لَبَنِ فَرَسٍ وَلَدَتْ بَغْلًا وَلَوْ فِي نَحْوِ لَحْمِ مَأْكُولَةٍ عُلِفَتْ حَرَامًا كَمَغْصُوبٍ وَمَسْرُوقٍ. قَوْلُهُ: (حَتَّى تُعْلَفَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) هَذَا بِالنَّظَرِ لِلْأَغْلَبِ مِنْ أَنَّ التَّغَيُّرَ يَزُولُ بِذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ أَكْلَةٍ يَمْكُثُ نَفْعُهَا فِي الْبَدَنِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَلَوْ زَالَ التَّغَيُّرُ بِدُونِ ذَلِكَ أَوْ بِغَيْرِ عَلَفٍ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ، نَعَمْ مَا ذُكِرَ مَنْدُوبٌ فِي الْبَدَنَةِ وَيُنْدَبُ فِي الْبَقَرَةِ أَنْ تُعْلَفَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَفِي الشَّاةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَفِي الدَّجَاجَةِ ثَلَاثَةً لِخَبَرٍ وَرَدَ بِذَلِكَ، وَلَوْ عَادَ التَّغَيُّرُ عَادَتْ الْكَرَاهَةُ. قَوْلُهُ: (يَصْدُقُ بِالْحُرْمَةِ الْكَرَاهَةُ) وَقُدِّمَتْ عَلَى الْحُرْمَةِ لِلْإِنْفَاقِ عَلَى طَهَارَةِ الْمَعْلُوفَةِ بِذَلِكَ حَالَ الْحَيَاةِ وَلِأَنَّ التَّغَيُّرَ كَنَتِنِ اللَّحْمِ الْمُذَكَّى وَهُوَ لَا يَحْرُمُ مَا لَمْ يَضُرَّ. قَوْلُهُ: (مَائِعٌ) قَيْدٌ لِيُنَاسِبَ كَلَامَ الْمُصَنِّفَ إذْ الْحُكْمُ فِي الْجَامِدِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (حُرِّمَ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مَعْفُوًّا عَنْهُ كَبَوْلِ وَرَوْثِ بَقَرِ الدِّيَاسَةِ عَلَى الْحَبِّ فَلَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ، وَلَوْ جَمِيعَهُ إلَّا مَا عُلِمَ تَنَجُّسِهِ. قَالَ شَيْخُنَا، وَيُنْدَبُ لَهُ إذَا أَكَلَ مَا لَمْ يَعْلَمْ طَهَارَتَهُ أَنْ يَغْسِلَ فَمَه مِنْهُ احْتِيَاطًا. قَوْلُهُ: (بِمُخَامَرَةٍ) أَيْ بِمُبَاشَرَةٍ وَمُخَالَطَةٍ وَالْمُرَادُ بِالنَّجَسِ مَا فِيهِ نَجَاسَةٌ فَيَعُمُّ الْمُتَنَجِّسَ. قَوْلُهُ: (كَحِجَامَةٍ) لَا فَصَادَةٍ وَحِلَاقَةٍ وَمُشَاطَةٍ لِبَدَنٍ أَوْ غَيْرِهِ، بِطَاهِرٍ وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لِكَرَاهَةِ مَا كُسِبَ بِالشِّيئَةِ الْمَعْمُولَةِ مِنْ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ لِلْكَتَّانِ. قَوْلُهُ: (وَكَنْسٍ لِزِبْلٍ) وَدَبْغٍ وَجِزَارَةٍ وَصِبَاغَةٍ بِغَيْرِ طَاهِرٍ لَا صِيَاغَةٍ لِنَحْوِ حُلِيٍّ وَلَا حِيَاكَةٍ وَلَا نَحْوِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْحِرَفِ الْخَالِيَةِ عَنْ ذَلِكَ، وَأَفْضَلُ الْمَكَاسِبِ الزِّرَاعَةُ ثُمَّ الصِّنَاعَةُ ثُمَّ التِّجَارَةُ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) أَيْ الزِّبْلِ كَالْعَذِرَةِ وَالسِّرْقِينِ أَوْ نَحْوِ الْكَنْسِ مِمَّا تَقَدَّمَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِسَلَامَتِهِ مِنْ التَّكْرَارِ. قَوْلُهُ: (مَكْرُوهٌ لِلْحُرِّ) الْكَامِلِ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَأْكُلَهُ) أَيْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْحُرُّ سَوَاءٌ الْكَاسِبُ لَهُ أَوْ غَيْرُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ أَكْلٍ كَصَدَقَةٍ أَوْ هَدِيَّةٍ فَتُكْرَهُ لَهُ بِذَلِكَ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ إلَخْ) دَلِيلٌ هَذَا قَوْله تَعَالَى {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4] أَيْ مَا تَسْتَطِيبُهُ النُّفُوسُ وَالْخِطَابُ مَعَ قَوْمِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِمْ، لَهُمْ فِي ذَلِكَ تَبَعٌ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِ شَخْصَيْنِ مِنْهُمْ، وَلَوْ اخْتَلَفَ مُخْبِرَانِ وَمُخْبِرَانِ فَالظَّاهِرُ التَّحْرِيمُ كَذَا فِي الزَّرْكَشِيّ وَفِي التَّصْحِيحِ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُكْرَهُ) أَيْ لِأَنَّهَا كَاللَّحْمِ الْمُنْتِنِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ عُلِفَتْ طَاهِرًا) مِثْلُهُ الْمُتَنَجِّسُ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ زَالَتْ الرَّائِحَةُ ثُمَّ عَادَتْ فَيُتَّجَهُ عَوْدُ النَّجَاسَةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 262 حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ (وَنَاضِحُهُ) وَهُوَ الْبَعِيرُ وَغَيْرُهُ يَسْتَقِي عَلَيْهِ الْمَاءَ رَوَى مَالِكٌ وَغَيْرُهُ حَدِيثَ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ فَنَهَى عَنْهُ، وَقَالَ أَطْعِمْهُ رَقِيقَك وَأَعْلِفْهُ نَاضِحَك» (وَيَحِلُّ جَنِينٌ وُجِدَ مَيْتًا فِي بَطْنِ مُذَكَّاةٍ) بِالْمُعْجَمَةِ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، حَدِيثَ «أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَنْحَرُ الْإِبِلَ وَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينَ، أَفَنُلْقِيه أَمْ نَأْكُلُهُ فَقَالَ كُلُوهُ إنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ» أَيْ ذَكَاتُهَا الَّتِي أَحَلَّتْهَا أَحَلَّتْهُ تَبَعًا لَهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ سُؤَالَهُمْ عَنْ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الشَّكِّ بِخِلَافِ الْحَيِّ الْمُمْكِنِ الذَّبْحِ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالتَّذْكِيَةِ فَيَكُونُ الْجَوَابُ عَنْ الْمَيِّتِ لِيُطَابِقَ السُّؤَالَ. . (وَمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مَوْتًا أَوْ مَرَضًا مَخُوفًا) مِنْ عَدَمِ الْأَكْلِ لِفَقْدِ حَلَالٍ يَأْكُلُهُ وَيُسَمَّى مُضْطَرًّا. (وَوَجَدَ مُحَرَّمًا) كَمَيْتَةٍ وَلَحْمِ خِنْزِيرٍ (لَزِمَهُ أَكْلُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ) لَهُ وَالْأَكْلُ وَتَرْكُهُ (فَإِنْ تَوَقَّعَ حَلَالًا قَرِيبًا) أَيْ عَلَى قُرْبٍ (لَمْ يَجُزْ غَيْرُ سَدِّ الرَّمَقِ) وَفِي سَدِّهِ الْوُجُوبُ وَقِيلَ الْجَوَازُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّعْهُ (فَفِي قَوْلٍ يُشْبِعُ) جَوَازًا (وَالْأَظْهَرُ سَدُّ الرَّمَقِ) فَقَطْ لِانْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِهِ فَيَجِبُ فِي الْأَصَحِّ. (إلَّا أَنْ يَخَافَ تَلَفًا إنْ اقْتَصَرَ) عَلَيْهِ فَيُشْبِعُ قَطْعًا وُجُوبًا فِي الْأَصَحِّ. . (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُضْطَرِّ (أَكْلُ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ) لِأَنَّ حُرْمَةُ الْحَيُّ أَعْظَمُ فَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا وَالْمَيِّتُ مُسْلِمًا فَفِي أَكْلِهِ وَجْهَانِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْقِيَاسُ تَحْرِيمُهُ (وَقَتْلُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) بَالِغٍ وَأَكْلُهُمَا لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَعْصُومَيْنِ (لَا ذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ وَصَبِيٍّ حَرْبِيٍّ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَإِنْ يُطْعِمُهُ رَقِيقَهُ إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّ مَمْلُوكَ الْحُرِّ يَنْتَفِعُ بِهِ سَوَاءٌ مَمْلُوكُ الْكَاسِبِ أَوْ غَيْرُهُ، وَلَمْ يُكْرَهْ لَهُ كَالْحُرِّ لِشَرَفِ الْحُرِّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَنَهَى عَنْهُ) وَصَرَفَهُ عَنْ الْحُرْمَةِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أُجْرَتَهُ، وَقَالَ أَطْعِمْهُ رَقِيقَك وَنَاضِحَك» فَإِعْطَاؤُهُ الْأُجْرَةَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ أَخْذِهَا، وَالْأَصْلُ فِيمَا يَجُوزُ أَخْذُهُ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَأَمْرُهُ بِإِطْعَامِهِ لِرَقِيقِهِ وَنَاضِحِهِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي مَنْعِهِ مِنْهُ، وَغَايَةُ مَا يُفِيدُ الْأَوْلَوِيَّةُ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَلَوْ كَانَ تَعَاطِي الْحِجَامَةَ حَرَامًا لَمْ يَجُزْ دَفْعُ الْأُجْرَةِ لَهُ لِأَنَّ كُلَّ صَنْعَةٍ مُحَرَّمَةٍ لَا يَجُوزُ دَفْعُ أُجْرَةٍ لِفَاعِلِهَا وَلَا يَجُوزُ لِفَاعِلِهَا أَخْذُهَا، كَمَا أَنَّ كُلَّ صَنْعَةٍ مَكْرُوهَةٍ يُكْرَهُ فِيهَا مَا ذُكِرَ. فَرْعٌ: لَا يَحْرُمُ الْأَكْلُ وَلَا الْمُعَامَلَةُ وَلَا أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ مِمَّنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ إلَّا مِمَّا عُلِمَ حُرْمَتُهُ وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ. قَوْلُهُ: (جَنِينٍ) أَيْ لَيْسَ عَلَقَةً وَلَا مُضْغَةً وَمَاتَ عَقِبَ ذَبْحِ أُمِّهِ لَا قَبْلَهُ حَالًا، وَلَمْ يَنْفَصِلْ مِنْهُ شَيْءٌ قَبْلَ ذَبْحِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ كَخُرُوجِ رَأْسِهِ، وَإِنْ عَادَ وَلَمْ يُنْسَبْ مَوْتُهُ إلَى سَبَبٍ كَضَرْبِهِ نَعَمْ إنْ خَرَجَ رَأْسُهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فَذُبِحَتْ وَمَاتَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ حَلَّ أَوْ خَرَجَ وَفِيهِ حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ كَذَلِكَ وَلَوْ شَكَّ فِي مَوْتِهِ بِذَبْحِهَا أَوْ لَا لَمْ يَحِلَّ وَلَوْ مَكَثَ بَعْدَ ذَكَاةِ أُمِّهِ زَمَنًا طَوِيلًا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَحِلَّ. قَوْلُهُ: (فِي بَطْنٍ مُذَكَّاةٍ) بِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ وَلَوْ بِسَهْمٍ أَوْ بِجَارِحَةٍ أَوْ يَمُوتُ بِحَتْفِ أَنْفِهِ كَمَا فِي حَيَوَانِ الْبَحْرِ، وَلَوْ وُجِدَ جَنِينٌ فِي بَطْنِ الْجَنِينِ حَلَّ أَيْضًا لِشُمُولِ الْحُكْمِ لَهُ. قَوْلُهُ: (إنْ شِئْتُمْ) دَفْعٌ لِتَوَهُّمِ الْوُجُوبِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْأَكْلِ أَيْ أَكْلُهُ مُبَاحٌ لَكُمْ قَوْلُهُ: (أَيْ ذَكَاتُهَا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ ذَكَاةَ أُمِّهِ مَرْفُوعٌ خَبَرًا لِأَنَّ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ الَّذِي هُوَ الْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ لَا الْكَافُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ مِنْ عَدَمِ حِلِّهِ إلَّا بِذَبْحِهِ كَأُمِّهِ، إذْ لَوْ أَمْكَنَ فِيهِ ذَلِكَ لَمْ يُحْتَجْ إلَى السُّؤَالِ عَنْهُ فَهُوَ مِنْ التَّهَافُتِ الَّذِي لَا مَعْنًى لَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ خَافَ) أَيْ وَهُوَ مَعْصُومٌ وَلَوْ كَافِرًا فَخَرَجَ الْمُرْتَدُّ وَالْحَرْبِيُّ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ وَقَاتِلٌ عَلَيْهِ قِصَاصٌ، وَخَرَجَ نَحْوُ عَاصٍ بِنَحْوِ سَفَرٍ لَا بِإِقَامَةٍ وَمَعْنَى خَافَ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ بِرُجْحَانٍ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَوْلِ نَحْوِ طَبِيبٍ. قَوْلُهُ: (مَرَضًا مَخُوفًا) وَكَذَا غَيْرَ مَخُوفٍ مِمَّا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَلَوْ بِانْقِطَاعٍ عَنْ رُفْقَةٍ أَوْ بُطْءِ بُرْءٍ، وَإِنْ دَامَ زَمَانًا طَوِيلًا. قَوْلُهُ: (وَوُجِدَ مُحَرَّمًا) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ غَيْرِ مُسْكِرٍ، وَيُقَدَّمُ غَيْرُ الْمُغَلَّظِ عَلَيْهِ. قَالَ شَيْخُنَا وُجُوبًا وَيُخَيَّرُ بَيْنَ مَيْتَةِ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَعْتَمِدْ الْخَطِيبُ تَقْدِيمَ الْأَوْلَى وُجُوبًا. تَنْبِيهٌ: يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ الِاجْتِهَادِ فِي اشْتِبَاهِ مَيْتَةِ بِمُذَكَّاةِ، وَفِي اشْتِبَاهِ مَيْتَةِ آدَمِيٍّ بِغَيْرِهَا، وَفِي اشْتِبَاهِ مَيْتَةِ غَيْرِ مُغَلَّظٍ بِمَيْتَتِهِ وَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ مِنْ تَصْرِيحِهِمْ بِمَنْعِ الِاجْتِهَادِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي مَعْرِضِ التَّطَهُّرِ وَالْمِلْكِ وَمَا هُنَا فِي مَعْرِضِ التَّخْفِيفِ فِي النَّجَاسَةِ مَعَ أَنَّهُ رُبَّمَا يَشْمَلُهُ قَوْلُهُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْلٌ فِيمَا طَلَبَ مِنْهُ الَّذِي هُوَ الْأَكْلُ هُنَا فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ أَكْلُهُ) وَلَا يَجِبُ أَنْ يَتَقَيَّأَهُ إذَا وَجَدَ طَاهِرًا بَعْدَهُ وَخَرَجَ بِالْأَكْلِ التَّمْكِينُ مِنْ الزِّنَى فَلَا يَجُوزُ لِمُضْطَرَّةٍ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ. قَوْلُهُ: (سَدَّ رَمَقُهُ) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ كَمَا اخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَالْمُرَادُ بِالرَّمَقِ بَقِيَّةُ الرُّوحِ وَبِالْمُعْجَمَةِ فَالْمُرَادُ بِالرَّمَقِ قُوَّةُ الْبَدَنِ. قَوْلُهُ: (فَيَشْبَعُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ بِقَدْرِ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ يَكْفِيهِ لَا بِأَنْ لَا يَجِدَ لِلطَّعَامِ مَسَاغًا. قَوْلُهُ: (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُضْطَرِّ بَلْ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ وَإِلَّا كَأَنْ وَصَلَ إلَى حَالَةِ الْمَوْتِ فَلَا يَجُوزُ. قَوْلُهُ: (أَكْلُ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ) أَيْ غَيْرِ مَيْتَةِ نَبِيٍّ فَيَمْتَنِعُ فِيهِ مُطْلَقًا وَلَا يُعَارِضُهُ كَوْنُ الْأَنْبِيَاءِ أَحْيَاءً لِأَنَّهُ أَمْرٌ أُخْرَوِيٌّ وَلَا يَجُوزُ لِكَافِرٍ أَكْلُ مَيْتَةِ مُسْلِمٍ مُطْلَقًا.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ جَنِينٌ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ كَانَ النَّاسُ عَلَى إبَاحَتِهِ حَتَّى جَاءَ أَبُو حَنِيفَةَ فَحَرَّمَهُ أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ انْفَرَدَ بِذَلِكَ، قَوْلُهُ: (مُذَكَّاةٍ) شَمِلَ الْمَذْبُوحَةَ وَغَيْرَهَا مِنْ الصَّيْدِ وَالنَّادِّ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ أَكْلُهُ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجُوزُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ الْوَرَعَ لِتَرَدُّدِهِ فِي الِانْتِهَاءِ إلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ كَالْمَصُولِ عَلَيْهِ. فَرْعٌ: إذَا أَكَلَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الطَّاهِرِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَيْءُ قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِهِ) أَيْ فَلَيْسَ مُضْطَرًّا بَعْدَ ذَلِكَ. [أَكْلُ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ] قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَكْلُ إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا قَتْلُ غَيْرِ الْمَعْصُومِ وَالْفِلْذَةِ، مِنْ بَدَنِ نَفْسِهِ فَقَضِيَّةُ مَتْنِ الْإِرْشَادِ الْجَوَازُ وَقَضِيَّةُ مَتْنِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 263 وَحَرْبِيَّةٌ لِحُرْمَةِ قَتْلِهِمْ. (قُلْت الْأَصَحُّ حِلُّ قَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ الْحَرْبِيَّيْنِ لِلْأَكْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، نَقَلَ الرَّافِعِيُّ الْحِلَّ عَنْ الْإِمَامِ وَالْحُرْمَةُ عَنْ الْبَغَوِيّ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ قَوْلُ الْإِمَامِ. . (وَلَوْ وَجَدَ طَعَامَ غَائِبٍ أَكَلَ) مِنْهُ (وَغَرِمَ) قِيمَةَ مَا أَكَلَهُ، وَفِي وُجُوبِ الْأَكْلِ وَالْقَدْرِ الْمَأْكُولِ الْخِلَافُ السَّابِقُ (أَوْ حَاضِرٌ مُضْطَرٌّ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ) ، بِالْمُعْجَمَةِ (إنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ فَإِنْ آثَرَ) بِالْمَدِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (مُضْطَرًّا مُسْلِمًا جَازَ) بِخِلَافِ الْكَافِرِ وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا (أَوْ غَيْرَ مُضْطَرٍّ لَزِمَهُ إطْعَامُ مُضْطَرٍّ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) وَنَحْوِهِ (فَإِنْ مَنَعَ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُضْطَرِّ (قَهْرُهُ) وَأَخْذُ الطَّعَامِ (وَإِنْ قَتَلَهُ) وَلَا شَيْءَ فِي قَتْلِهِ إلَّا إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَالْمُضْطَرُّ غَيْرُ مُسْلِمٍ ثُمَّ الْمَقْهُورُ عَلَيْهِ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ، وَفِي قَوْلٍ قَدْرَ الشِّبَعِ (وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ) الْإِطْعَامُ (بِعِوَضٍ نَاجِزٍ إنْ حَضَرَ وَإِلَّا فَبِنَسِيئَةٍ) وَلَا يَلْزَمُهُ بِلَا عِوَضٍ (فَلَوْ أَطْعَمَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا فَالْأَصَحُّ لَا عِوَضَ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (الْقِيَاسُ تَحْرِيمُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَقَتْلُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) وَكَذَا قَتْلُ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ وَمِثْلُهُمَا زَانٍ مُحْصَنٌ وَتَارِكُ صَلَاةٍ وَلَا يُبْذَلُ لَهُمْ طَعَامٌ لَوْ اُضْطُرُّوا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا) أَيْ الْمُرْتَدَّ وَالْحَرْبِيَّ سَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَكَذَا مِنْ أُلْحِقَ بِهِمَا. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ حِلُّ قَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ الْحَرْبِيِّينَ) وَكَذَا الْخُنْثَى وَالْمَجْنُونُ وَالْكَلَامُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَهُمْ مِنْ الْمَعْصُومِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَيُقَدَّمُ بَالِغٌ حَرْبِيٌّ عَلَى صَبِيٍّ كَذَلِكَ وَكَالصَّبِيِّ مَا أَشْبَهَهُ. تَنْبِيهٌ: لَهُ الطَّبْخُ أَوْ الشَّيْءُ فِي مَيْتَةِ غَيْرِ الْآدَمِيّ الْمُحْتَرَم مُطْلَقًا وَكَذَا فِيهِ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْأَكْل بِدُونِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَجَدَ طَعَامَ غَائِبٍ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَيْتَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَإِلَّا قَدَّمَهَا عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي آنِفًا وَالْمُرَادُ الْغَائِبُ الْمَعْصُومُ غَيْرُ الْمُضْطَرِّ وَإِلَّا لَقَالَ فِي التَّصْحِيحِ يَفْصِلُ بَيْنَ مَا قَرُبَ حُضُورُهُ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَغَرِمَ قِيمَةَ مَا أَكَلَهُ) الْأَوْلَى بَدَلُهُ قَوْلُهُ: (الْخِلَافُ السَّابِقُ) وَالْأَصَحُّ مِنْهُ وُجُوبُ الْأَكْلِ بِقَدْرِ سَدِّ الرَّمَقِ إلَّا إنْ خَافَ تَلَفًا فَيَشْبَعُ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَاضِرٍ مُضْطَرٍّ) أَيْ وَجَدَ طَعَامَ حَاضِرٍ مَعْصُومٍ وَلَمْ يَجِدْ مَيْتَةً وَلَا غَيْرِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ لَهُ وَحُضُورُهُ الْوَلِيُّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ فِي مَالِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ) أَيْ قَدْرَ سَدِّ رَمَقِهِ وَعُمُومُ هَذَا شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ آثَرَ) أَيْ صَاحِبُ الطَّعَامِ الَّذِي هُوَ الْحَاضِرُ الْمُضْطَرَّ إلَيْهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مُسْلِمًا) أَيْ مَعْصُومًا وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ وَيُقَسِّمُ بَيْنَهُمْ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا قُدِّمَ أَبٌ عَلَى ابْنٍ وَعَالِمٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَكَذَا نَحْوُ جِوَارٍ أَوْ رَحِمٍ وَإِلَّا تَخَيَّرَ فَيَدْفَعُهُ لِمَنْ شَاءَ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْكَافِرِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ إيثَارُ ظَاهِرِهِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الطَّعَامِ كَافِرًا أَيْضًا فَرَاجِعْهُ، إذْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَالْمُسْلِمَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِ مُضْطَرٍّ) أَيْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ طَعَامَ حَاضِرٍ غَيْرِ مُضْطَرٍّ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ مِنْ مَيْتَةٍ وَلَا غَيْرِهَا لَزِمَ صَاحِبُهُ إطْعَامُ الْمُضْطَرِّ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهُ) كَمُؤْمِنٍ وَالْمُرَادُ الْمَعْصُومُ. قَوْلُهُ: (إلَّا إنْ كَانَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَائِدٌ إلَى الْقَهْرِ وَالْقِتَالِ أَيْ لَيْسَ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَقْهَرَ الْمُسْلِمَ، وَلَا يُقَاتِلُهُ وَإِذَا قَتَلَهُ ضَمِنَهُ بِدِيَتِهِ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ، وَكَذَا فِي قَتْلِ الْعَمْدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى عَدَمِ الضَّمَانِ، وَيُفْهَمُ مِنْ الضَّمَانِ مَنْعُ الْمُقَاتَلَةِ وَظَاهِرُهُ جَوَازُ الْقَهْرِ وَبِهِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ قَالَ لِأَنَّهُ هُنَا مُقَصِّرٌ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَنْعُ أَكْلِهِ مَيْتَةَ الْمُسْلِمِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ بِعِوَضٍ إلَخْ) لَعَلَّهُ فِي مُضْطَرٍّ لَمْ يَجِبْ إطْعَامُهُ عَلَى سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَصَاحِبُ الطَّعَامِ لَيْسَ مِنْهُمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَنَسِيئَةٌ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَشْتَرِي حَالًّا وَإِنْ رَضِيَ بِذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مُطَالَبَتَهُ حَالًّا وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَتَبِعَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ يَجُوزُ إذَا رَضِيَ وَيُمْنَعُ مِنْ مُطَالَبَتِهِ إلَى يَسَارِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى الْوَلِيُّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْعِوَضِ ثَمَنُ مِثْلِهِ زَمَانًا وَمَكَانًا وَلَهُ بَذْلُ سُتْرَتِهِ فِي ثَمَنِ طَعَامٍ وَيُصَلِّي عَارِيًّا بِلَا إعَادَةٍ فَإِنْ خَافَ مِنْ الْبَرْدِ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَذْلُهَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ ذِكْرِهِ بِعَجْزِهِ عَنْ النُّطْقِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ الْعِوَضِ وَقَدْرِهِ صُدِّقَ الْمَالِكُ.   [حاشية عميرة] الْحَاوِي وَشَرْحِ الْقُونَوِيِّ الْوُجُوبُ وَقَوْلُهُ أَكْلُ يَجِبُ فِي هَذَا الِاقْتِصَارُ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ قَطْعًا، وَلَا يَجُوزُ شَيُّهُ وَلَا طَبْخُهُ وَقَيَّدَ الرَّافِعِيُّ الْجَوَازَ وَبِمَا إذَا لَمْ يَجِدْ مَيْتَةً غَيْرَهُ، أَقُولُ كَانَ مُحَصَّلُ تَقْيِيدِ الرَّافِعِيِّ وَكَذَا امْتِنَاعُ الشَّيْءِ فِي مَيْتَةِ الْمَعْصُومِ. قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ لِقَوْلِهِ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] ، وَاعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ مُنِعَ فَلَهُ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ ذَلِكَ لِلذِّمِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ لَوْ وَجَدَ الذِّمِّيُّ مَيْتَةَ مُسْلِمٍ فَالْقِيَاسُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ اهـ. فَقَتْلُ الْحَيِّ أَوْلَى وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لَهُ انْتِزَاعُهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى قَتْلِهِ أَوْ تَلَفِ عَضُدِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْنَعَهُ مُطْلَقًا. قَالَ فِي التَّصْحِيحِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ قَهْرُ مَالِكِ الطَّعَامِ وَانْتِزَاعُهُ إذَا لَمْ يَخْفَ، وَأَمَّا الْقِتَالُ فَلَا يَجِبُ وَقَوْلُهُ فَلَهُ إلَخْ اقْتَضَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ ثُمَّ مَحَلُّ هَذَا إذَا لَمْ يَجِدْ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةً فَإِنْ وَجَدَ فَلَيْسَ لَهُ الْمُقَاتَلَةُ نَصَّ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ قَرِيبًا. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَبِنَسِيئَةٍ) كَذَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَفَرَّعَا عَلَيْهِ أَنَّ الْمَالَ لَوْ كَانَ لِمَحْجُورٍ جَازَ لِوَلِيِّهِ الْبَيْعُ نَسِيئَةً. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ كُلُّهُ مُشْكِلٌ وَالْوَجْهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ إلَّا بِالْبَيْعِ حَالًّا، وَلَكِنْ لَا يُطَالَبُ إلَّا عِنْدَ الْقُدْرَةِ لِأَجْلِ الْإِعْسَارِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 264 حَمْلًا عَلَى الْمُسَامَحَةِ الْمُعْتَادَةِ فِي الطَّعَامِ سِيَّمَا فِي حَقِّ الْمُضْطَرِّ، وَالثَّانِي عَلَيْهِ الْعِوَضُ لِأَنَّهُ خَلَّصَهُ مِنْ الْهَلَاكِ كَمَا فِي الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ يَلْزَمُ مَعَهُ الدِّيَةُ فَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ مَا أَكَلَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ. . (وَلَوْ وَجَدَ مُضْطَرٌّ مَيْتَةً وَطَعَامَ غَيْرِهِ) وَهُوَ غَائِبٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصِلْهَا. (أَوْ مُحْرِمٌ مَيْتَةً وَصَيْدًا فَالْمَذْهَبُ أَكْلُهَا) وَالثَّانِي أَكْلُ الطَّعَامِ وَالصَّيْدِ وَالثَّالِثُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَالْأَوَّلُ نَجَسٌ لَا ضَمَانَ فِيهِ وَالثَّانِي طَاهِرٌ فِيهِ الضَّمَانُ وَالْخِلَافُ فِي الْأُولَى أَوْجَهُ، وَيُقَالُ أَقْوَالٌ وَفِي الثَّانِيَةِ قَوْلَانِ وَالثَّالِثُ قَوْلٌ أَوْ وَجْهٌ وَفِيهَا طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِالْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا يَذْبَحُهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الصَّيْدِ مَيْتَةً. (وَالْأَصَحُّ) فِي الْمُضْطَرِّ (تَحْرِيمُ قَطْعِ بَعْضِهِ) كَلَحْمَةٍ مِنْ فَخِذِهِ (لِأَكْلِهِ) بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْهَلَاكُ. (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (الْأَصَحُّ جَوَازُهُ) لِأَنَّهُ إتْلَافُ بَعْضٍ لِاسْتِيفَاءِ الْكُلِّ كَقَطْعِ الْيَدِ لِلْأَكْلَةِ (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْجَوَازُ (فَقْدُ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا) مِمَّا تَقَدَّمَ (وَأَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ فِي قَطْعِهِ أَقَلَّ) مِنْ الْخَوْفِ فِي تَرْكِ الْأَكْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ. . (وَيَحْرُمُ قَطْعُهُ) أَيْ بَعْضِ الْإِنْسَانِ مِنْ نَفْسِهِ (لِغَيْرِهِ) أَيْ الْمُضْطَرِّ (وَ) قَطْعُهُ (مِنْ مَعْصُومٍ) لِنَفْسِهِ أَيْ الْمُضْطَرِّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ لِنَفْسِهِ مِنْ مَعْصُومِ غَيْرِهِ وَلَا لِلْغَيْرِ أَنْ يَقْطَعَ نَفْسَهُ لِلْمُضْطَرِّ. . كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ الْأَوَّلُ عَلَى الْخَيْلِ وَنَحْوِهَا، وَالثَّانِي عَلَى السِّهَامِ وَنَحْوِهَا كَمَا سَيَأْتِي. (هُمَا) إذَا قُصِدَ بِهِمَا التَّأَهُّبُ لِلْجِهَادِ، (سُنَّةٌ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَسْنُونٌ (وَيَحِلُّ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَيْهِمَا) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. . (وَتَصِحُّ الْمُنَاضَلَةُ عَلَى سِهَامٍ وَكَذَا مَزَارِيقُ وَرِمَاحٌ وَرَمْيٌ بِأَحْجَارٍ وَكُلُّ نَافِعٍ فِي الْحَرْبِ) بِالْيَدِ وَبِالْمِقْلَاعِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (يَلْزَمُهُ مَعَهُ الدِّيَةُ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَجَدَ مُضْطَرٌّ مَيْتَةً) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ غَائِبٌ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَوْ لِأَجْلِ التَّفْصِيلِ فِي مَفْهُومِهِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ إسْقَاطُهُ أَخْذًا بِعُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ الْحَاضِرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ الْبَذْلِ كَذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ قَهْرُهُ وَلَا قِتَالُهُ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي. قَوْلُهُ: (أَوْ مُحْرِمٌ إلَخْ) . قَالَ شَيْخُنَا وَيَتَخَيَّرُ الْمُحْرِمُ بَيْنَ الصَّيْدِ وَطَعَامِ الْغَيْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ بِقَتْلِهِ صَارَ مَيْتَةً فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ أَكْلُهَا) أَيْ الْمَيْتَةِ وَهُوَ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَجِبُ فِيهِمَا وَلَا يَجُوزُ قَهْرٌ وَلَا مُقَاتَلَةٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَفِيهَا طَرِيقٌ) فَغَلَبَتْ عَلَى الْأُولَى فِي التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ فِيهِمَا الْمُوجِبِ لِتَقْدِيمِهَا عَلَى طَعَامِ الْغَيْرِ. قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صَيْدَ الْحَرَمِ لِلْحَلَالِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ بَذَلَ الْحَاضِرُ طَعَامَهُ مَجَّانًا أَوْ بِثَمَنَيْ مِثْلِهِ كَمَا مَرَّ أَوْ بِزِيَادَةٍ يُتَغَابَنُ بِهَا فَلَا تَحِلُّ الْمَيْتَةُ وَيُنْدَبُ لِلْمُضْطَرِّ شِرَاءُ الطَّعَامِ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي لَا يُتَغَابَنُ بِهَا وَلَهُ أَنْ يَحْتَالَ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ لِيَلْزَمَهُ ثَمَنُ الْمِثْلِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمُحْرِمُ إلَّا صَيْدًا وَالْحَلَالُ إلَّا صَيْدَ الْحَرَمِ أَكَلَهُ وَافْتَدَى. قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ) احْتِرَازٌ عَنْ اسْمِ الْفَاعِلِ أَوْ عَنْ الْكُلِّ الْمُقَابِلِ لِلْبَعْضِ قَوْلُهُ: (جَوَازُهُ) فَلَيْسَ وَاجِبًا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (مِمَّا تَقَدَّمَ) كَالْمُرْتَدِّ وَالْحَرْبِيِّ. قَوْلُهُ: (أَقَلُّ إلَخْ) أَوْ عَدَمُ الْخَوْفِ مِنْ أَصْلِهِ قَوْلُهُ: (أَوْ أَكْثَرُ) أَوْ كَانَ الْخَوْفُ فِي الْقَطْعِ وَحْدَهُ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ قَطْعُهُ أَيْ بَعْضُ الْإِنْسَانِ) أَيْ الْمَعْصُومِ قَوْلُهُ: (لِغَيْرِهِ) مَا لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا فَيَجِبُ لَهُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَمِنْ مَعْصُومٍ) أَيْ عَلَى الْقَاطِعِ فَيَدْخُلُ امْتِنَاعُهُ مِنْ أَحَدِ الْمُهْدِرِينَ لِآخَرَ. كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ الْأُولَى مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّبْقِ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ التَّقَدُّمُ وَأَمَّا بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فَاسْمٌ لِلْمَالِ الَّذِي يُجْعَلُ بَيْنَ الْمُتَسَابِقِينَ وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْأُولَى كَمَا يَأْتِي مَأْخُوذَةٌ مِنْ النَّضْلِ وَهُوَ الْغَلَبَةُ يُقَالُ نَضَلَهُ غَلَبَهُ وَنَاضَلَهُ غَالَبَهُ وَزْنًا وَمَعْنًى، وَلَمْ يَسْبِقْ أَحَدٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ الْإِمَامَ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الْعَفْوِ الْمُطْلَقِ عَدَمُ لُزُومِ الدِّيَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي أَكْلُ الطَّعَامِ) لِحِلِّ عَيْنِهِ قَوْلُهُ: (طَاهِرًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا يَذْبَحُهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الصَّيْدِ لَيْسَ بِمَيْتَةٍ، قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ فِي الْأَوْلَى إلَخْ) . أَيْ فَبِالنَّظَرِ إلَى اخْتِلَافِ الْأَصْحَابِ فِي نَوْعِ الْخِلَافِ سَاغَ التَّغْيِيرُ بِالْمَذْهَبِ فِي الْجُمْلَةِ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَلَّدُ إلَخْ) وَكَقَطْعِهِ مِنْ غَيْرِهِ بِجَامِعِ الْعِصْمَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ قَطْعُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ، قَوْلُهُ: (وَمِنْ مَعْصُومٍ) لِأَنَّ عِصْمَةَ بَعْضِهِ كَعِصْمَةِ كُلِّهِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَهُوَ يَفْهَمُ جَوَازَ قَطْعِ الْبَعْضِ مِنْ غَيْرِ الْمَعْصُومِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِلتَّعْذِيبِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ. تَتِمَّةٌ: فِي إعْطَاءِ النَّفْسِ حَظَّهَا مِنْ الشَّهَوَاتِ الْمُبَاحَةِ مَذَاهِبُ حَكَاهَا الْمَاوَرْدِيُّ أَحَدُهَا مَنْعُهَا وَقَهْرُهَا كَيْ لَا تَطْغَى وَالثَّانِي إعْطَاؤُهَا تَحَيُّلًا عَلَى نَشَاطِهَا وَبَعْثًا لِرُوحَانِيَّتِهَا، وَالثَّالِثُ قَالَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ التَّوَسُّطُ لِأَنَّ فِي إعْطَاءِ الْكُلِّ سَلَاطَةً وَفِي الْمَنْعِ بَلَادَةً قَوْلُهُ (دَلَّ عَلَى ذَلِكَ) يُرِيدُ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَذْكُورٌ فِي الرَّافِعِيِّ لَمْ يَنْفَرِدْ النَّوَوِيُّ بِزِيَادَتِهِ. [كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ] سَابَقَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْخَيْلِ الَّتِي ضَمُرَتْ مِنْ الْحَيْفَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَعَلَى الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تَضْمُرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ وَالْمَسَافَةُ الْأُولَى خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ وَالثَّانِيَةُ مِيلٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى سِهَامٍ) أَيْ سَوَاءٌ الْعَرَبِيَّةُ مِنْهَا وَهِيَ النَّبْلُ وَالْعَجَمِيَّةُ وَهِيَ النُّشَّابُ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 265 (وَمَنْجَنِيقٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ. (وَكُلِّ نَافِعٍ فِي الْحَرْبِ) غَيْرُ مَا ذُكِرَ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ فِي الْأَوَّلَيْنِ بِقِلَّةِ الرَّمْيِ بِهِمَا فِي الْحَرْبِ وَفِي الْآخَرَيْنِ بِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ وَمَنَعَ ذَلِكَ، وَقَطَعَ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَرْبَعَةِ وَفِي الرَّوْضَةِ فِيهَا طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا الْجَوَازُ وَالثَّانِي وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ وَفِي الشَّرْحِ فِيهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ ثُمَّ حَكَى طَرِيقَ الْقَطْعِ بِهِ وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ وَكُلُّ نَافِعٍ فِي الْحَرْبِ يَعْنِي مِمَّا يُشْبِهُ الْأَرْبَعَةَ فَيَأْتِي فِيهِ الطَّرِيقَانِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. (لَا عَلَى كُرَةِ صَوْلَجَانٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَاللَّامِ أَيْ مِحْجَنٍ وَهَاءِ كُرَةٍ عِوَضٌ عَنْ وَاوٍ. (وَبُنْدُقٍ وَسِبَاحَةٍ وَشِطْرَنْجٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، الْمُعْجَمُ وَالْمُهْمَلُ فِي تَكْمِلَةِ الصَّغَانِيِّ وَغَيْرُهُ فَتَحَهُ. (وَخَاتَمٍ وَوُقُوفٍ عَلَى رِجْلٍ وَمَعْرِفَةِ مَا بِيَدِهِ) مِنْ شَفْعٍ وَوَتْرٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ الْفَرْدِ وَالزَّوْجِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا تَنْفَعُ فِي الْحَرْبِ. . (وَتَصِحُّ الْمُسَابَقَةُ عَلَى خَيْلٍ) وَإِبِلٍ وَهُمَا الْأَصْلُ فِيهَا (وَكَذَا فِيلٌ وَبَغْلٌ وَحِمَارٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِحَدِيثِ «لَا سَبَقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ يَرْوِي سَبْقَ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ مَصْدَرًا، وَبِفَتْحِهَا وَهُوَ الْمَالُ الَّذِي يُدْفَعُ إلَى السَّابِقِ وَالثَّانِي قَصْرُ الْحَدِيثِ عَنْ الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ لِأَنَّهَا الْمُقَاتَلُ عَلَيْهَا غَالِبًا «وَسَابَقَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْخَيْلِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (لَا طَيْرَ) جَمْعَ طَائِرٍ كَرَاكِبٍ وَرَكِبَ   [حاشية قليوبي] الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي تَصْنِيفِ هَذَا الْبَابِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ قَبْلَ الْجِهَادِ لِأَنَّهُ كَالْوَسِيلَةِ لَهُ لِنَفْعِهِ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَخَّرَهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى عَدَمِ تَوَقُّفِ الْجِهَادِ عَلَيْهِ، وَلِاشْتِمَالِهِ عَلَى مَا يَنْفَعُ فِيهِ وَلِعَدَمِ تَوَقُّفِ طَلَبِهِ عَلَى الْمُجَاهِدِ، وَذَكَرَهُ عَقِبَ الْأَطْعِمَةِ لِوُجُودِ الِاكْتِسَابِ فِيهِ بِالْعِوَضِ وَقَدَّمَهُ عَلَى الْأَيْمَانِ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (الْأَوَّلُ إلَخْ) هُوَ صَرِيحٌ فِي مُغَايِرَتِهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْأَوَّلُ أَعَمُّ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ النِّضَالُ فِي الرَّمْيِ وَالرِّهَانِ فِي الْخَيْلِ وَالسِّبَاقِ فِيهِمَا قَالَ تَعَالَى {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} [يوسف: 17] أَيْ بِالرِّمَاحِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إذَا قَصَدَ إلَخْ) فَإِنْ قُصِدَ بِهِمَا مُحَرَّمٌ حُرِّمَا أَوْ مُبَاحٌ أُبِيحَا كَحَالَةِ الْإِطْلَاقِ. قَوْلُهُ: (سُنَّةً) أَيْ لِلذُّكُورِ الْمُسْلِمِينَ وَيَحْرُمَانِ عَلَى النِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى بِعِوَضٍ، وَيُكْرَهَانِ بِدُونِهِ وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَقِيلَ بِجَوَازِهِمَا لَهُمْ لِصِحَّةِ بَيْعِ السِّلَاحِ لَهُمْ وَبِهِ قَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِمْ مَا فِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ حَيْثُ تَكْلِيفُهُمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَالسِّبَاقُ خَاصٌّ بِالْخَيْلِ، وَالْإِبِلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْفِيَلَةِ لَا غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ نَعَمْ تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ عَلَى الْبَقَرِ بِلَا عِوَضٍ. قَوْلُهُ: (كُلٌّ مِنْهُمَا مَسْنُونٌ) لَكِنَّ الْمُنَاضَلَةَ أَفْضَلُ وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا لِمَنْ تَعَلَّمَهَا. قَوْلُهُ: (عَلَى سِهَامٍ) وَالْعَرَبِيَّةُ مِنْهَا تُسَمَّى النَّبْلَ وَالْعَجَمِيَّةُ تُسَمَّى النُّشَّابَ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ قَوْلُهُ: (وَرِمَاحٌ) عَطْفُ عَامٍّ لِأَنَّ الْمَزَارِيقَ رِمَاحٌ صِغَارٌ قَوْلُهُ: (وَرَمْيٌ بِالْيَدِ وَبِالْمِقْلَاعِ) أَيْ لِيَرَى أَيَّهُمَا أَبْعَدُ رَمْيًا أَمَّا شَيْلُهَا الْمَعْرُوفُ بِالْعِلَاجِ وَالْمُرَامَاةِ الَّتِي تُسَمَّى الطَّابَةَ بِأَنْ يُرْمَى كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ فَحَرَامٌ إلَّا إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ وَكَذَا كُلُّ أَنْوَاعِ اللَّعِبِ الْخَطِرَةِ وَمِنْهَا اللَّعِبُ بِالْحَيَّاتِ، وَيَجُوزُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهَا حَيْثُ جَازَتْ إلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَمَنْجَنِيقٍ) عَطْفُهُ خَاصٌّ لِأَنَّهُ مِنْ آلَةِ رَمْيِ الْحِجَارَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ مَا ذُكِرَ) كَأَنْوَاعِ الْقِسِيِّ وَالْمَسْلَاةِ وَالْإِبَرِ. قَوْلُهُ: (لَا عَلَى كُرَةِ إلَخْ) أَيْ لَا تَصِحُّ الْمُسَابَقَةُ عَلَيْهَا وَتَحْرُمُ إنْ كَانَ بِعِوَضٍ وَكَذَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَلِذَلِكَ. قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: لَوْ تَرَاهَنَ اثْنَانِ عَلَى رُقِيِّ نَحْوَ جَبَلٍ، أَوْ إقْلَالِ صَخْرَةٍ أَوْ حَمْلِ كَذَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا، أَوْ السَّعْيِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا أَوْ أَكْلِ كَذَا أَوْ شُرْبِ كَذَا كَانَ حَرَامًا لِأَنَّهُ ضَلَالٌ وَجَهَالَةٌ، وَأَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ مَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ نَحْوِ صَلَوَاتٍ وَفِعْلِ مُنْكَرَاتٍ. قَوْلُهُ: (صَوْلَجَانٍ) هُوَ عَصَا طَوِيلٌ طَرَفُهُ مُعْوَجٌّ. قَوْلُهُ: (وَبُنْدُقٍ) قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ مَا يُرْمَى بِهِ إلَى الْحُفْرَةِ قَالَ غَيْرُهُ وَكَذَا بِمِقْلَاعٍ أَوْ قَوْسٍ وَلَمْ يَرْتَضِهِ. قَوْلُهُ: (وَسِبَاحَةٍ) أَيْ عَوْمٍ وَكَذَا الْغَطْسُ فِي الْمَاءِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الدِّفَافِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْخَطِيبُ، كَاللِّكَامِ وَالْعَوْمِ عِلْمٌ لَا يُنْسَى. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُ فَتَحَهُ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ قَوْلِهِ: (وَخَاتَمٍ) وَيُقَالُ لَهُ خَاتَامٌ وَخِتَامٌ وَخَتْمٌ. قَوْلُهُ: (وَوُقُوفٍ عَلَى رِجْلٍ) وَمُسَابَقَةٍ بِأَقْدَامٍ أَوْ سُفُنٍ. قَوْلُهُ: (نَصْلٍ) قَالَ الرَّافِعِيُّ شَامِلٌ لِلسَّهْمِ وَالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ وَالسِّكِّينِ وَنَحْوِهَا وَزَادَ بَعْضُ الْكَذَّابِينَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ جَنَاحٍ وَلَهُ حِكَايَةٌ مَشْهُورَةٌ. قَوْلُهُ: (وَسَابِقٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْخَيْلِ) فَكَانَ سِبَاقُهُ عَلَى الْمُضْمَرَةِ مِنْهَا مِنْ الْحَفْيَاءِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْمَدِّ وَالْقَصْرِ اسْمُ مَكَان وَيُقَالُ لَهُ الْحَيْفَاءُ بِتَقْدِيمِ التَّحْتِيَّةِ عَلَى الْفَاءِ أَيْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَبَيْنَهُمَا نَحْوُ خَمْسَةِ أَمْيَالٍ، وَعَلَى غَيْرِ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَرِمَاحٌ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَمَا بَعْدَهُ عَكْسُهُ، قَوْلُهُ: (وَفِي الشَّرْحِ) قُوَّتُهُ تُعْطِي تَرْجِيحَ الْخِلَافِ فَلِهَذَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي حَلِّ عِبَارَةِ الْمَتْنِ. قَوْلُهُ: (لَا عَلَى كُرَةٍ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَهُ مَحَلُّهُ عَلَى عِوَضٍ وَإِلَّا فَيَجُوزُ قَالَ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَازُ اللَّعِبِ بِالْخَاتَمِ. [الْمُسَابَقَةُ عَلَى الْخَيْل وَالْإِبِل] قَوْلُهُ: (وَنَصْلٍ) قَالَ الرَّافِعِيُّ هُوَ شَامِلٌ لِنَصْلِ السَّهْمِ وَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَالرُّمْحِ، وَاسْتَدَلَّ لِلْبَغْلِ بِحَدِيثِ رُكُوبِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِبَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ يَوْمَ حُنَيْنٍ. تَنْبِيهٌ: تَعَجَّبَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ إهْمَالِ الْمُؤَلِّفِ الْإِبِلَ أَقُولُ لَا عَجَبَ فَقَدْ تَبَرَّكَ فِي ذَلِكَ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا أَيْ الْخَيْلِ، قَوْلُهُ: (وَبِفَتْحِهَا) مِنْهُ يُسْتَدَلُّ عَلَى جَوَازِ الْعِوَضَيْنِ، قَوْلُهُ: (قَصَرَ الْحَدِيثَ) رَدَّهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْ ذِكْرِ الْبَعِيرِ وَالْفَرَسِ إلَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ مُؤَيِّدٌ لِإِرَادَةِ التَّعْمِيمِ، قَوْلُهُ: (وَسَابَقَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ثَبَتَ أَيْضًا، أَنَّ النَّاقَةَ الْعَضْبَاءَ كَانَتْ لَا تَسْبِقُ وَأَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ بِقَعُودٍ فَسَبَقَهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 266 (وَصِرَاعٍ) بِعِوَضٍ فِيهِمَا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ آلَاتِ الْقِتَالِ وَالثَّانِي قَالَ يُنْتَفَعُ بِالطَّيْرِ فِي الْحَرْبِ لِإِنْهَاءِ الْأَخْبَارِ «وَصَارَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُكَانَةَ عَلَى شِيَاهٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْغَرَضَ أَنْ يُرِيَهُ شِدَّتَهُ لِيُسْلِمَ، بِدَلِيلٍ أَنَّهُ لَمَّا صَرَعَهُ فَأَسْلَمَ رَدَّ عَلَيْهِ غَنَمَهُ وَيَصِحُّ عَلَيْهِمَا بِلَا عِوَضٍ جَزْمًا. . (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ عَقْدَهُمَا) أَيْ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ بِعِوَضٍ (لَازِمٌ) كَالْإِجَارَةِ (لَا جَائِزٌ) وَهُوَ الثَّانِي كَالْجَعَالَةِ وَبِلَا عِوَضٍ جَائِزٌ جَزْمًا وَعَلَى لُزُومِهِ. (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ وَلَا تَرْكُ الْعَمَلِ قَبْلَ شُرُوعٍ) فِيهِ (وَبَعْدَهُ وَلَا زِيَادَةٍ وَ) لَا نَقْصٍ فِيهِ وَلَا فِي مَالٍ بِمُوَافَقَةِ الْآخَرِ، وَعَلَى الْجَوَازِ يَجُوزُ جَمِيعُ ذَلِكَ وَعَلَى اللُّزُومِ لَهُمَا فَسْخُ الْعَقْدِ وَلِمَنْ لَهُ فَضْلٌ مِنْهُمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُدْرِكَهُ الْآخَرُ، وَيَسْبِقُهُ تَرْكُ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ تَرْكُ حَقِّ نَفْسِهِ. . (وَشَرْطُ الْمُسَابَقَةِ) مِنْ اثْنَيْنِ (عِلْمُ الْمَوْقِفِ) الَّذِي يَجْرِيَانِ مِنْهُ (وَالْغَايَةِ) الَّتِي يَجْرِيَانِ إلَيْهَا (وَتَسَاوِيهِمَا فِيهِمَا) ، فَلَوْ شَرَطَ تَقَدُّمَ مَوْقِفِ أَحَدِهِمَا أَوْ تَقَدُّمَ غَايَتِهِ لَمْ يَجُزْ (وَتَعْيِينُ الْفَرَسَيْنِ) مَثَلًا (وَيَتَعَيَّنَانِ) فَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَفِي قِيَامِ الْوَصْفِ مَقَامَ التَّعْيِينِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ نَعَمْ. (وَإِمْكَانُ سَبْقِ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ فَرَسُ أَحَدِهِمَا ضَعِيفًا يَقْطَعُ بِتَخَلُّفِهِ أَوْ فَارِهًا يَقْطَعُ بِتَقَدُّمِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ كَانَ سَبْقُ أَحَدِهِمَا مُمْكِنًا عَلَى النُّدُورِ فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ، وَلَا اعْتِبَارَ بِالِاحْتِمَالِ النَّادِرِ. (وَالْعِلْمُ بِالْمَالِ الْمَشْرُوطِ) عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا. (وَيَجُوزُ شَرْطُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِهِمَا بِأَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ أَوْ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ مَنْ سَبَقَ مِنْكُمَا فَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَيَّ كَذَا) ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْرِيضِ عَلَى تَعَلُّمِ الْفُرُوسِيَّةِ وَبَذْلِ مَالٍ فِي طَاعَةٍ. (وَمِنْ أَحَدِهِمَا فَيَقُولُ إنْ سَبَقْتنِي فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا أَوْ سَبَقْتُك فَلَا شَيْءَ) لِي (عَلَيْك فَإِنْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا فَلَهُ عَلَى الْآخَرِ كَذَا لَمْ يَصِحَّ) ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَغْنَمَ وَأَنْ يَغْرَمَ وَهُوَ صُورَةُ الْقِمَارِ الْمُحَرَّمِ. (إلَّا بِمُحَلِّلِ فَرَسِهِ كُفْءٌ لِفَرَسِهِمَا) إنْ سَبَقَ أَخَذَ مَالَهُمَا وَإِنْ سَبَقَ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا كَمَا فِي   [حاشية قليوبي] الْمُضْمَرَةِ مِنْهَا مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ إلَى الْمَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ وَبَيْنَهُمَا نَحْوُ مِيلٍ. قَوْلُهُ: (وَصِرَاعٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَقَدْ يُضَمُّ وَلَا تُرَدُّ مُصَارَعَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. رَكَانَةٌ عَلَى شِيَاهٍ لِأَنَّهُ كَانَ لِأَجْلِ أَنْ يُرِيَهُ قُوَّتَهُ لِيُسْلِمَ وَلَمَّا أَسْلَمَ رَدَّ عَلَيْهِ غَنَمَهُ. قَوْلُهُ: (لَازِمٌ) أَيْ مِنْ جِهَةِ مُلْتَزِمِ الْعِوَضِ وَلَوْ غَيْرَ الْمُتَسَابِقَيْنِ وَإِذَا فَسَدَتْ وَجَبَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (كَالْإِجَارَةِ) نَعَمْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ هُنَا بِمَوْتِ الْعَاقِدِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الْعِوَضِ قَبْلَ الْمُسَابَقَةِ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُلْتَزَمِ مِنْهُمَا وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ الْمُلْتَزِمُ وَلَوْ قَالَ وَلَيْسَ لِلْمُلْتَزِمِ فَسْخُهَا لَكَانَ أَوْلَى وَلِغَيْرِ الْمُلْتَزِمِ الْفَسْخُ. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ الْمُسَابَقَةِ) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ أَيْ شُرُوطَهَا وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ عِلْمُ الْمَبْدَأِ وَالْغَايَةِ وَتَسَاوِيهُمَا وَتَعْيِينُ الْمَرْكُوبِينَ وَاتِّحَادُ جِنْسِهِمَا وَإِمْكَانُ وُصُولِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هَذَيْنِ وَإِمْكَانُ سَبْقِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَعِلْمُ الْعِوَضِ الْمَشْرُوطِ، قَوْلُهُ: (عِلْمُ الْمَوْقِفِ وَالْغَايَةِ) إمَّا بِالشَّرْطِ أَوْ بِالْعُرْفِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَقَدُّمِ غَايَةٍ) أَوْ سَبْقٍ بِلَا غَايَةٍ أَوْ وُقُوفِ الْمَسْبُوقِ فِي أَثْنَاءِ الْمَسَافَةِ. قَوْلُهُ: (مَثَلًا) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ لِيَدْخُلَ الْبَعِيرَانِ وَالْبَغْلَانِ وَالْحِمَارَانِ وَالْحِمَارُ وَالْبَغْلُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِيَدْخُلَ الرَّامِيَانِ فِي الْمُنَاضَلَةِ لِأَنَّهُمَا مِثْلُهُمَا فِي جَمِيعِ الشُّرُوطِ وَهَذَا أَفْيَدُ نَعَمْ لَوْ تَنَاضَلَا عَلَى أَنَّ الْعِوَضَ لِأَبْعَدِهِمَا رَمْيًا صَحَّ مَعَ اتِّحَادِ الْقَوْسَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ نَعَمْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَمْ يَدْخُلْ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْمَرْكُوبِينَ أَوْ عَجَزَ مَثَلًا جَازَ إبْدَالُهُ فِي الْوَصْفِ دُونَ الْعَيْنِ، وَكَذَا أَحَدُ الرَّاكِبِينَ حَيْثُ لَا فَسْخَ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِمْكَانُ سَبْقِ كُلِّ وَاحِدٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اتِّحَادِ الْجِنْسِ لَا النَّوْعِ، نَعَمْ يَجُوزُ بَيْنَ بَغْلٍ وَحِمَارٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْعِلْمُ بِالْمَالِ إلَخْ) أَيْ جِنْسًا وَقَدْرًا فِي الْعَيْنِ وَصِفَةً أَيْضًا وَأَخْذُ الْمَالِ لَهُ، وَلِغَيْرِهِ وَيَكْفِي وَاحِدٌ وَلَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَرَسُهُ كُفْءٌ) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ وَكَذَا كَوْنُهُ كُفُؤًا لَهُمَا. قَوْلُهُ: (إنْ سَبَقَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ سَبَقَهُمَا إلَخْ) فِيهِ صُوَرٌ ثَمَانِيَةٌ لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا مَعًا أَوْ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا أَوْ مَعَ الثَّانِي أَوْ بَيْنَهُمَا أَوْ مُتَأَخِّرًا   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (كَالْإِجَارَةِ) أَيْ بِجَامِعِ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَوَجْهُ إلْحَاقِهَا بِالْجَعَالَةِ النَّظَرُ إلَى أَنَّ الْعِوَضَ مَبْذُولٌ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَا يَوْثُقْ بِهِ فَكَانَ كَرَدِّ الْآبِقِ، قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِغَيْرِ الْعَيْبِ فَلَوْ بَانَ فِي الْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ عَيْبٌ جَازَ الْفَسْخُ كَالْإِجَارَةِ. [شَرْطُ الْمُسَابَقَةِ مِنْ اثْنَيْنِ] قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ الْمُسَابَقَةِ) ذَكَرَ مِنْ شُرُوطِهَا خَمْسَةً وَقَدْ اسْتَدْرَكَ الرَّافِعِيُّ عَلَى الْوَجِيزِ اسْتِبَاقَهُمَا عَلَى الدَّابَّتَيْنِ فَلَوْ أَرْسَلَا الدَّابَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ رَاكِبٍ فَلَا يَجُوزُ وَمِنْ الشُّرُوطِ أَيْضًا إمْكَانُ قَطْعِ الْمَسَافَةِ وَتَعْيِينِ الْفَارِقِ بِالْعَيْنِ، أَيْ فَلَا يَكْفِي فِيهِ الْوَصْفُ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ، وَكَذَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، قَوْلُهُ: (وَتَعْيِينُ الْفَرَسَيْنِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ امْتِحَانُهُمَا وَأَيْضًا فَلْيُضْمَرَا وَيُمَرَّنَا عَلَى الْعَدْوِ، قَوْلُهُ: (وَيَتَعَيَّنَانِ اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ) قَوْلُهُ: (وَإِمْكَانُ سَبْقِ كُلِّ) أَيْ غَالِبًا اسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا اشْتِرَاطُ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا فِي الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ شَرْطُ الْمَالِ) كَلَامُهُ يُفِيدُك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 267 الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ فَيَصِحُّ (فَإِنْ سَبَقَهُمَا أَخَذَ الْمَالَيْنِ) جَاءَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ، وَقِيلَ مَالُ الْمُتَأَخِّرِ لِلْمُحَلِّلِ وَالثَّانِي لِأَنَّهُمَا سَبَقَاهُ وَقِيلَ لِلثَّانِي فَقَطْ. (وَإِنْ سَبَقَاهُ وَجَاءَا مَعًا فَلَا شَيْءَ لِأَحَدٍ وَإِنْ جَاءَ مَعَ أَحَدِهِمَا) وَتَأَخَّرَ الْآخَرُ (فَمَالُ هَذَا لِنَفْسِهِ وَمَالُ الْمُتَأَخِّرِ لِلْمُحَلِّلِ وَلِلَّذِي مَعَهُ) ، لِأَنَّهُمَا سَبَقَاهُ (وَقِيلَ لِلْمُحَلِّلِ فَقَطْ) اقْتِصَارًا لِتَحْلِيلِهِ عَلَى نَفْسِهِ (وَإِنْ جَاءَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ الْمُحَلَّلُ ثُمَّ الْآخَرُ فَمَالُ الْآخَرِ لِلْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ) لِسَبْقِهِ الِاثْنَيْنِ وَالثَّانِي لَهُ وَلِلْمُحَلِّلِ لِسَبْقِهِمَا الْآخَرَ، وَالثَّالِثُ لِلْمُحَلِّلِ فَقَطْ لِمَا تَقَدَّمَ وَالرَّابِعُ لِنَفْسِهِ كَمَالُ الْأَوَّلِ لِنَفْسِهِ. (وَإِنْ تَسَابَقَ ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا وَشَرَطَ) بَاذِلُ الْمَالِ غَيْرَهُمْ. (لِلثَّانِي) مِنْهُمْ (مِثْلُ الْأَوَّلِ فَسَدَ) الْعَقْدُ كَمَا لَوْ كَانَا اثْنَيْنِ وَشَرْطُ مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَهِدُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي السَّبْقِ، وَقِيلَ جَازَ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَجْتَهِدُ هُنَا أَنْ يَكُونَ أَوَّلًا وَثَانِيًا، وَإِنْ شَرَطَ لِلثَّانِي أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَدُونَهُ) أَيْ وَإِنْ شَرَطَ لِلثَّانِي مِنْهُمْ دُونَ الْأَوَّلِ (يَجُوزُ فِي الْأَصَحِّ) ، كَالْأَصَحِّ فِيمَا لَوْ كَانَ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ لِيَفُوزَ بِالْأَكْثَرِ وَالثَّانِي قَالَ قَدْ يَتَكَاسَلُ عَنْهُ فَيَفُوتُ مَقْصُودُ الْعَقْدِ فَلَا يَجُوزُ، (وَسَبْقُ إبِلٍ بِكَتِفٍ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِكَتَدٍ بِفَتْحِ الْفَوْقَانِيَّةِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَهُوَ مَجْمَعُ الْكَتِفَيْنِ بَيْنَ أَصْلِ الْعِتْقِ وَالظَّهْرِ. (وَخَيْلٍ بِعِتْقٍ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِبِلَ تَرْفَعُ أَعْنَاقَهَا فِي الْعَدْوِ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ رَفْعِهَا وَالْخَيْلُ تَمُدُّهَا فَالْمُتَقَدِّمُ سَابِقٌ، وَإِنْ زَادَ طُولُ أَحَدِ الْعُنُقَيْنِ فَالسَّبْقُ بِتَقَدُّمِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الزَّائِدِ (وَقِيلَ) السَّبْقُ (بِالْقَوَائِمِ فِيهِمَا) لِأَنَّ الْعَدْوَ بِهَا. (وَيُشْتَرَطُ لِلْمُنَاضَلَةِ) أَيْ فِيهَا (بَيَانُ أَنَّ الرَّمْيَ مُبَادَرَةٌ وَهِيَ أَنْ يَبْدُرَ أَحَدُهُمَا بِإِصَابَةِ الْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ) ، كَخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ فَمَنْ أَصَابَهَا نَاضَلَ لِمَنْ أَصَابَ أَرْبَعَةً مِنْ عِشْرِينَ فَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ الْمَشْرُوطَ فِي الْعَقْدِ. (أَوْ مُحَاطَّةٍ) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ (وَهِيَ أَنْ تُقَابَلَ إصَابَتُهُمَا)   [حاشية قليوبي] عَنْهُمَا وَجَاءَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا أَوْ سَابِقًا لَهُمَا، وَجَاءَا كَذَلِكَ وَحُكْمُ الْمَالِ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِهِ نَعَمْ الْأُولَى لَيْسَتْ فِي كَلَامِهِ وَحُكْمُهَا لَا شَيْءَ فِيهَا لِأَحَدٍ. قَوْلُهُ: (وَشَرَطَ إلَخْ) قَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِدُونِ الْبَاذِلِ غَيْرَهُمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ عَمَّمَهُ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (فَسَدَ) مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ قَوْلُهُ: (لَمْ يَجُزْ) هُوَ مُعْتَمَدُ قَوْلِهِ: (يَجُوزُ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْضًا قَوْلُهُ: (إبِلٍ) وَمِثْلُهُ كُلُّ ذِي خُفٍّ. قَوْلُهُ: (بِكَتِفٍ) الْمُرَاد مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَوْلُهُ: (وَخَيْلٍ) وَكُلِّ ذِي حَافِرٍ قَوْلُهُ: (بِعُنُقٍ) وَلَوْ شَرَطَ خِلَافَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَفِي الْإِطْلَاقِ يَحْمِلُ عَلَى الْعُنُقِ فِي الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ فِي الْأَوَّلِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْإِبِلَ تَرْفَعُ أَعْنَاقَهَا) فَلَوْ كَانَتْ تَمُدُّهَا فَهِيَ كَالْخَيْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفِيهِ بَحْثٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَالسَّبْقُ بِتَقَدُّمِهِ إلَخْ) وَسَبْقُ الْأَقْصَرِ بِتَقَدُّمِهِ بِجُزْءٍ مِنْ عُنُقِهِ زَائِدٍ عَلَى قَدْرِ عُنُقِهِ مِنْ الْآخَرِ. تَنْبِيهٍ: لَوْ شَرَطَ السَّبْقَ بِأَقْدَامٍ أَوْ أَذْرُعٍ اُعْتُبِرَتْ مِنْ آخِرِ الْمَيْدَانِ لَا مِنْ أَوَّلِهِ وَلَا وَسَطِهِ وَلَوْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا لِغَيْرِ عُذْرٍ بَعْدَ جَرْيِهِمَا مَعًا فَهُوَ مَسْبُوطٌ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ لِلْمُنَاضَلَةِ) أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ كَمَا مَرَّ. شُرُوطٌ عَشْرَةٌ وَهِيَ بَيَانُ الْمُبَادَرَةِ وَالْمُحَاطَةِ وَبَيَانِ عَدَدِ النُّوَبِ وَعَدَدِ الْإِصَابَةِ وَقَدْرِ الْمَسَافَةِ وَقَدْرِ الْغَرَضِ وَارْتِفَاعِهِ وَصِفَةِ الرَّمْيِ وَتَعْيِينِ الْفَرَسِ وَالسَّهْمِ، وَبَيَانِ الْبَادِئِ بِالرَّمْيِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ وَلَيْسَ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ إلَّا بَيَانُ الْبَادِئِ وَعَدَمُ الْإِصَابَةِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَبْدُرَ) بِضَمِّ الدَّالِ أَيْ يَسْبِقَ قَوْلُهُ: (فَمَنْ أَصَابَهَا) وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْعِشْرِينَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَمَامِ بَاقِيهَا مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (فَمَنْ زَادَ) أَوْ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ شَيْءٌ.   [حاشية عميرة] أَنَّ لِإِخْرَاجِ الْمَالِ ثَلَاثَ حَالَاتٍ قَوْلُهُ: (فَإِنْ سَبَقَهُمَا إلَخْ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَحْوَالًا أَرْبَعَةً أَنْ يَسْبِقَهُمَا جَاءَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَالثَّانِي أَنْ يَسْبِقَاهُ وَيَجِيئَا مَعًا الثَّالِثُ أَنْ يَسْبِقَاهُ مُتَرَتِّبِينَ، وَيَجِيءُ مَعَ الْأَوَّلِ الرَّابِعُ أَنْ يُتَوَسَّطَ مَجِيئُهُ بَيْنَهُمَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالصُّوَرُ الْمُمْكِنَةُ ثَمَانِيَةٌ أَنْ يَسْبِقَهُمَا وَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا أَوْ يَسْبِقَاهُ وَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا أَوْ يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا، أَوْ يَكُونُ مَعَ أَوَّلِهِمَا أَوْ ثَانِيهِمَا أَوْ يَجِيئُوا مَعًا. أَقُولُ حُكْمُ الْأَوَّلَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُحَلَّلُ الْجَمِيعَ وَالثَّالِثَةُ لَا شَيْءَ وَالرَّابِعَةُ لِلْأَوَّلِ وَالْخَامِسَةُ كَذَلِكَ، وَالسَّادِسَةُ لِلْأَوَّلِ وَالْمُحَلَّلِ وَالسَّابِعَةُ لِلْأَوَّلِ وَالثَّامِنَةُ لَا شَيْءَ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لِلثَّانِي) كَأَنْ قَالَ هَذَا يَجْعَلُ دُخُولَ الْمُحَلَّلِ مُحَلَّلًا لِغَيْرِهِ، مِنْهُمَا أَخْذُ الْمَالِ إذَا سَبَقَ وَلِنَفْسِهِ أَخْذُ الْمَالِ إذَا سَبَقَ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا سَبْقٌ، قَوْلُهُ: (وَجَاءَا مَعًا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِثْلُهُ مَا لَوْ تَرَتَّبُوا وَكَانَ الْمُحَلَّلُ مَعَ الثَّانِي بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فَكُلًّا اهـ. وَمَا قَالَهُ مَرْدُودٌ وَلَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ فِي النُّسْخَةِ فَإِنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا السَّبْقُ لِلْأَوَّلِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ السَّابِقِ اقْتِصَارًا قَوْلُهُ: (عَلَى نَفْسِهِ) وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُحَلِّلْ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. قَوْلُهُ: (غَيْرُهُمْ) قِيلَ بِذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلثَّانِي مِثْلُ الْأَوَّلِ لَا يُمْكِنُ صُدُورُهُ إلَّا مِنْ غَيْرِهِمْ قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ مَا ذُكِرَ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ بَاذِلٌ وَقَوْلُهُ قَدْ يَتَكَاسَلُ عَنْهُ الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ بِالْأَكْثَرِ، قَوْلُهُ: (وَسَبْقُ إبِلٍ بِكَتِفٍ) أَيْ فَلَوْ شَرَطَ خِلَافَ هَذَا بَطَلَ الْعَقْدُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْحَمْلَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَقَطْ، هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ السَّبْقُ بِالْقَوَائِمِ) هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ فِي ابْتِدَاءِ الْمَيْدَانِ قَطْعًا وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ الْأَقْدَامُ. [شُرُوط الْمُنَاضَلَة] قَوْلُهُ: (يَبْدُرَ) هُوَ بِالضَّمِّ يَسْبِقُ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ نَاضِلًا بَعْدَ اسْتِوَائِهِمَا فِي عَدَدِ الرَّمْيِ أَوْ الْيَأْسِ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُسَاوَاةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 268 مِنْ عَدَدٍ مَعْلُومٍ كَعِشْرِينَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (وَيَطْرَحُ الْمُشْتَرِكُ) أَيْ مَا اشْتَرَكَا فِيهِ مِنْ الْإِصَابَاتِ (فَمَنْ زَادَ) فِيهَا (بِعَدَدِ كَذَا) كَخَمْسٍ (فَنَاضَلَ) لِلْآخَرِ فَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ الْمَشْرُوطَ فِي الْعَقْدِ ثُمَّ اشْتِرَاطُ بَيَانِ أَنَّ الرَّمْيَ مُبَادَرَةٌ أَوْ مُحَاطَّةُ أَحَدِ وَجْهَيْنِ وَأَصَحُّهُمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَعَزَاهُ الرَّافِعِيُّ لِلْبَغَوِيِّ لَا يُشْتَرَطُ وَالْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَادَرَةِ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ. . (وَبَيَانُ عَدَدِ نُوَبِ الرَّمْيِ) بَيْنَ الرَّامِيَيْنِ كَأَرْبَعِ نُوَبٍ كُلُّ نَوْبَةٍ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ (وَ) عَدَدُ (الْإِصَابَةِ) كَخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ. . (وَمَسَافَةُ الرَّمْيِ) بِالذُّرْعَانِ أَوْ الْمُشَاهَدَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا عَادَةٌ غَالِبَةٌ فَفِي قَوْلٍ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمَسَافَةِ وَيَنْزِلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْعَادَةِ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. . (وَقَدْرُ الْغَرَضِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ أَيْ مَا يَرْمِي إلَيْهِ (طُولًا وَعَرْضًا إلَّا أَنْ يَعْقِدَ بِمَوْضِعٍ فِيهِ غَرَضٌ مَعْلُومٌ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ) ، وَالْغَرَضُ مِنْ خَشَبٍ أَوْ جِلْدٍ كَالشَّنِّ أَوْ قِرْطَاسٍ. . (وَلِيُبَيِّنَا) (صِفَةَ الرَّمْيِ) فِي الْإِصَابَةِ (مِنْ قَرْعٍ) بِسُكُونِ الرَّاءِ (وَهُوَ إصَابَةُ الشَّنِّ بِلَا خَدْشٍ) لَهُ (أَوْ خَزْقٍ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ (وَهُوَ أَنْ يَنْقُبَهُ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ أَوْ خَسْقٌ) بِالْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ (وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ) فِيهِ (أَوْ مَرَقٌ) بِالرَّاءِ (وَهُوَ أَنْ يَنْفُذَ) ، مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْأَخِيرُ وَكَذَا جَمِيعُ مَا قَبْلَهُ فِي الْأَصَحِّ وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ. (فَإِنْ أُطْلِقَا اقْتَضَى الْقَرْعَ) لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ. (وَيَجُوزُ عِوَضُ الْمُنَاضَلَةِ مِنْ حَيْثُ يَجُوزُ عِوَضُ الْمُسَابَقَةِ وَبِشَرْطِهِ) ، أَيْ عِوَضُ الْمُسَابَقَةِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مِنْ غَيْرِ الرَّامِيَيْنِ وَمِنْ أَحَدِهِمَا وَمِنْهُمَا بِمُحَلَّلٍ يَكُونُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ، وَصَرَّحَ بِبَعْضِهِ الْمَاوَرْدِيُّ رَمْيُهُ كَرَمْيِهِمَا فِي الْقُوَّةِ وَالْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ يَأْخُذُ مَالَهُمَا إنْ غَلَبَهُمَا وَلَا يَغْرَمُ إنْ غَلَبَ صُورَةُ الْأَوَّلِ، أَنْ يَقُولَ أَوْ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ ارْمِيَا عَشْرَةً فَمَنْ أَصَابَ مِنْهَا كَذَا فَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَيَّ كَذَا، وَصُورَةُ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا نَرْمِي كَذَا فَإِنْ أَصَبْت أَنْت مِنْهَا كَذَا، فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا وَإِنْ أَصَبْتهَا أَنَا فَلَا شَيْءَ لِي عَلَيْك، وَصُورَةُ الثَّالِثِ أَنْ يُشْتَرَطُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْمَالَ عَلَى صَاحِبِهِ إنْ أَصَابَ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِمُحَلَّلٍ كَمَا تَقَدَّمَ. . (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ قَوْسٍ وَسَهْمٍ) لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الرَّامِي (فَإِنْ عَيَّنَ لَغَا وَجَازَ إبْدَالُهُ) أَنَّ الْمُعَيَّنَ (بِمِثْلِهِ) مِنْ نَوْعِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ خَلَلٌ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ. (فَإِنْ شَرَطَ مَنْعَ إبْدَالِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَأَصَحُّهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ جَهِلَاهَا لِأَنَّهُ نَادِرٌ وَتُحْمَلُ عَلَى سَهْمٍ فَسَهْمٌ، فَإِنْ ذَكَرَ قَدْرًا اُتُّبِعَ كَخَمْسَةٍ ثُمَّ خَمْسَةٍ وَهَذِهِ نُوَبُ الرَّمْيِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (وَعَدَدُ الْإِصَابَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُؤْخَذُ مِنْ مِثَالِ الشَّارِحِ أَنْ لَا تَكُونَ نَادِرَةً كَتِسْعَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ، وَلَا مُمْتَنِعَةً كَأَنْ تَكُونَ مُتَوَالِيَةً وَلَا مُتَيَقَّنَةً كَوَاحِدٍ مِنْ مِائَةٍ. قَوْلُهُ: (بِالذُّرْعَانِ) وَالْغَالِبُ وُقُوعُهَا فِي مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْيَدِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمُرَجَّحُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (طُولًا وَعَرْضًا) وَارْتِفَاعًا وَغِلَظًا قَوْلُهُ: (كَالشَّنِّ) وَهُوَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ النُّونِ الثَّقِيلَةِ الْجِلْدُ الْبَالِي وَالْمُرَادُ مَا يُرِيدُونَهُ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ وَيُنْدَبُ وُقُوفُ الرُّمَاةِ صَفًّا فَإِنْ تَنَازَعُوا فِي مَوْقِفٍ وَقَفُوا فِيهِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَضُرُّ فِي كُلِّ نَوْعٍ مَا بَعْدَهُ وَبَقِيَ مِنْهَا الْخَرْمُ بِالْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ أَنْ يُصِيبَ طَرَفَ الْغَرَضِ فَيَخْرِمَهُ وَالْحَوَابِي مِنْ حَبَا الصَّبِيُّ وَهُوَ أَنْ يَقَعَ السَّهْمُ بَيْنَ يَدَيْ الْغَرَضِ ثُمَّ يَثْبُتُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِمُحَلِّلٍ إلَخْ) لَكِنْ لَا يَأْتِي هُنَا جَمِيعُ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ فَتَأَمَّلْهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (كَخَمْسٍ) لَوْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا الْخَمْسَ الْمَذْكُورَةَ وَلَمْ يُصِبْ الْآخَرُ شَيْئًا أَصْلًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوَّلَ نَاضَلَ قِيلَ لَكِنْ يَلْزَمُ ذَلِكَ نَقْضُ حَدِّ الْمُحَاطَةِ وَلَوْ شَرَطَ بَعْدَ طَرْحِ الْمُشْتَرِكِ، أَنَّ مَنْ فَضَلَ لَهُ شَيْءٌ فَهُوَ نَاضِلٌ هَلْ يَجُوزُ وَيَكُونُ مُحَاطَّةً؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ تِلْكَ الصُّورَةُ الْأَصْلِيَّةُ وَهَذَا مُلْحَقٌ بِهَا. قَوْلُهُ: (نُوَبِ الرَّمْيِ) هِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِالْإِرْشَاقِ جَمْعُ رِشْقٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنْ يَرْمِيَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الْعَدَدِ ثُمَّ الْآخَرُ كَذَلِكَ وَالْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَى سَهْمٍ. قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَفِي الصِّحَاحِ الرَّشْقُ بِالْفَتْحِ الرَّمْيُ وَبِالْكَسْرِ الْأَسْهُمُ وَهُوَ الْوَجْهُ مِنْ الرَّمْيِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْرُ الْغَرَضِ) وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا إمْكَانُ الْوُصُولِ إلَى الْعَرْضِ عَلَى نُدُورٍ قَالَ الْأَصْحَابُ وَيَجُوزُ مَا دُونَ الْمِائَتَيْ ذِرَاعٍ، وَكَذَا الْمِائَتَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا الْمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا يَجُوزُ فِيمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَفِيمَا بَيْنَهُمَا وَجْهَانِ قَوْلُهُ: (كَالشَّنِّ) قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْجِلْدُ الْبَالِي. قَوْلُهُ: (صِفَةُ الرَّمْيِ) أَيْ كَمَا يُطْلَبُ بَيَانُ عَدَدِ الْإِصَابَةِ قَوْلُهُ: (أَنْ يَثْبُتَ) لَمْ يَقُلْ أَنْ يَثْقُبَهُ وَيَثْبُتُ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي ثُقْبَةٍ قَدِيمَةٍ وَثَبَتَ كَفَى وَكَذَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ صَلَابَةٌ وَلَوْلَاهَا لَثَبَتَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَطْلَقَا إلَخْ) أَفَادَ هَذَا أَنَّ الطَّلَبَ الْأَوَّلَ نَدْبٌ لَا وُجُوبٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ جِهَةِ كَذَا لِأَنَّ حَيْثُ فِي اللُّغَةِ ظَرْفُ مَكَان وَالْمَكَانُ مُجَاوِرٌ لِلْجِهَةِ قَوْلُهُ: (رَمْيُهُ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ يَكُونُ، قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِمُحَلَّلٍ) لَوْ كَانَا حِزْبَيْنِ وَلَهُمْ مُحَلَّلٌ وَاحِدٌ فَهَلْ يَكْفِي مَعَ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِهِ دُونَ جَمِيعِ الْمَالِ فِيهِ وَجْهَانِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. أَقُولُ سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَدَدُهُ كَعَدَدِ الْحِزْبِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَشْتَرِطُ إلَخْ) . لَمَّا ذَكَرَ مَا يَجْتَمِعَانِ فِيهِ ذَكَرَ مَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ، قَوْلُهُ: (وَجَارٍ إبْدَالُهُ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنْ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الرَّمْيِ لِإِبْدَالِهَا إذَا اخْتَلَّتْ وَلَا يَجُوزُ إذَا لَمْ تَخْتَلَّ. فَرْعٌ: يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْجِنْسِ فَلَا يَجُوزُ عَلَيَّ سِهَامٌ وَرِمَاحٌ، قَوْلُهُ: (فَسَدَ الْعَقْدُ) أَيْ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَالْإِجَارَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَقْرَعُ) إنَّمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 269 لِفَسَادِ الشَّرْطِ بِالتَّضْيِيقِ فِيهِ عَلَى الرَّمْيِ فَإِنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ أَحْوَالٌ خَفِيَّةٌ تُحْوِجُهُ إلَى الْإِبْدَالِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ نَوْعٍ فِي الْعَقْدِ وَيَتَرَاضَيَانِ بَعْدَهُ عَلَى نَوْعٍ مَثَلًا، وَلَوْ عُيِّنَ فِيهِ نَوْعٌ لَمْ يَجُزْ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى أَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ دُونَهُ إلَّا بِالتَّرَاضِي، وَذَلِكَ كَالْقِسِيِّ وَالسِّهَامِ الْفَارِسِيَّةِ فَهِيَ أَجْوَدُ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ. . (وَالْأَظْهَرُ) (اشْتِرَاطُ بَيَانُ الْبَادِئِ) مِنْهُمَا (بِالرَّمْيِ) لِاشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا حَذَرًا مِنْ اشْتِبَاهِ الْمُصِيبِ بِالْمُخْطِئِ وَلَوْ رُمِيَا مَعًا. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ وَيُفَرِّعُ بَيْنَهُمَا إنْ لَمْ يُبَيِّنْ فِي الْعَقْدِ. . (وَلَوْ) (حَضَرَ جَمْعٌ لِلْمُنَاضَلَةِ فَانْتَصَبَ زَعِيمَانِ) مِنْهُمْ (يَخْتَارَانِ أَصْحَابًا) بِالتَّرَاضِي بَيْنَهُمْ بِأَنْ يَخْتَارَ زَعِيمٌ وَاحِدًا ثُمَّ الْآخَرُ فِي مُقَابَلَتِهِ وَاحِدًا وَهَكَذَا إلَى آخِرِهِمْ فَيَكُونُونَ حِزْبَيْنِ. (جَازَ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ تَعْيِينِهِمَا) الْأَصْحَابَ (بِقُرْعَةٍ) وَلَا أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدٌ جَمِيعَ الْحِزْبِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَسْتَوْعِبَ الْحُذَّاقَ، وَالْقُرْعَةُ قَدْ تَجْمَعُهُمْ فِي جَانِبٍ فَيَفُوتُ مَقْصُودُ الْمُنَاضَلَةِ وَبَعْدَ تَرَاضِي الْحِزْبَيْنِ يَتَوَكَّلُ كُلُّ زَعِيمٍ عَنْ أَصْحَابِهِ فِي الْعَقْدِ، وَيَعْقِدُهُ الزَّعِيمَانِ. (فَإِنْ اخْتَارَ) زَعِيمٌ (غَرِيبًا ظَنَّهُ رَامِيًا فَبَانَ خِلَافُهُ) أَيْ إنَّهُ غَيْرُ رَامٍ أَيْ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ أَصْلًا. (بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ وَسَقَطَ مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ وَاحِدٌ) بِإِزَائِهِ (وَفِي بُطْلَانِ الْبَاقِي قَوْلَا) تَفْرِيقِ (الصَّفْقَةِ) فَفِي قَوْلٍ لَا تُفَرَّقُ فَيَبْطُلُ فِيهِ وَفِي الرَّاجِحِ تُفَرَّقُ فَيَصِحُّ فِيهِ. (فَإِنْ صَحَحْنَا فَلَهُمْ جَمِيعًا الْخِيَارُ) فِي الْفَسْخِ لِلتَّبْعِيضِ (فَإِنْ أَجَازُوا وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يَسْقُطُ بَدَلُهُ فُسِخَ الْعَقْدُ) ، لِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ ثُمَّ الْحِزْبَانِ كَالشَّخْصَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ اسْتِوَائِهِمَا فِي عَدَدِهِمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَفِي عَدَدِ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ وَفِي جَوَازِ شَرْطِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِهِمَا وَمِنْ أَحَدِهِمَا وَمِنْ أَحَدِهِمَا وَمِنْهُمَا بِمُحَلَّلٍ حِزْبٌ ثَالِثٌ يُكَافِئُ كُلَّ حِزْبٍ فِي الْعَدَدِ وَالرَّمْيِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ. (وَإِذَا نَضَلَ حِزْبٌ قُسِّمَ الْمَالُ) الْمَشْرُوطُ (بِحَسَبِ الْإِصَابَةِ) لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِهَا (وَقِيلَ بِالسَّوِيَّةِ) بَيْنَهُمْ وَعَلَى الْأَوَّلِ مَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُمْ لَا شَيْءَ لَهُ، وَالثَّانِي هُوَ الْمُصَحَّحُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَمِنْهُ مَنْ قَطَعَ بِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْحِزْبَ كَالشَّخْصِ وَإِذَا غَرِمَ حِزْبَ الْمَالِ الْمَشْرُوطِ وُزِّعَ عَلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ. (وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِصَابَةِ الْمَشْرُوطَةِ أَنْ تَحْصُلَ بِالنَّصْلِ) لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. (فَلَوْ تَلِفَ وَتَرٌ) بِالِانْقِطَاعِ (أَوْ قَوْسٌ) بِالِانْكِسَارِ فِي حَالِ الرَّمْيِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ. (أَوْ عَرَضَ شَيْءٌ انْصَدَمَ بِهِ السَّهْمُ) كَبَهِيمَةٍ (وَأَصَابَ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْغَرَضَ. (حُسِبَ لَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ (لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ) لِعُذْرِهِ فَيُعِيدُ رَمْيَهُ. (وَلَوْ نَقَلَتْ رِيحٌ الْغَرَضَ فَأَصَابَ مَوْضِعَهُ حُسِبَ لَهُ) ، عَنْ الْإِصَابَةِ الْمَشْرُوطَةِ (وَإِلَّا فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ) وَمَا بَعُدَ لَا مَزِيدَ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَوْ أَصَابَ الْغَرَضَ فِي الْمَوْضِعِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ حُسِبَ عَلَيْهِ لَا لَهُ وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ. . (وَلَوْ شَرَطَ خَسْقٌ فَثَقَبَ وَثَبَتَ ثُمَّ سَقَطَ أَوْ لَقِيَ صَلَابَةً فَسَقَطَ) مِنْ غَيْرِ ثَقْبٍ (حُسِبَ لَهُ) إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ نَوْعٍ فِي الْعَقْدِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَخَرَجَ بِالنَّوْعِ الْجِنْسُ كَقَوْسٍ وَرُمْحٍ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ. قَوْلُهُ: (بَيَانَ الْبَادِئِ) أَيْ بِالشَّخْصِ فَلَوْ رَمَى غَيْرُهُ قَبْلَهُ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَخْطَأَ أَوْ أَصَابَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ ضُمَّ حَاذِقٌ إلَى غَيْرِهِ فِي كُلِّ جَانِبٍ جَازَ الْإِقْرَاعُ إذْ لَا مَانِعَ. قَوْلُهُ: (لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ أَصْلًا) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ يُحْسِنُهُ بِضَعْفٍ فَلَا خِيَارَ لِحِزْبِهِ، أَوْ فَارِّهَا فَلَا خِيَارَ لِلْحِزْبِ الْآخَرِ وَيَسْتَمِرُّ الْعَقْدُ عَلَى الصِّحَّةِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَتَنَازَعُوا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بُطْلَانُ مَنْ فِي مُقَابَلَتِهِ وَعَلَى قَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ بِأَنَّهُ يَبْطُلُ مُقَابِلُهُ لَا تَنَازُعَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَفِي عَدَدِ الرَّمْيِ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَا يَخُصُّ كُلَّ حِزْبٍ أَنْ يَنْقَسِمَ عَلَى عَدَدِهِ صَحِيحًا فَرَاجِعْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بِالسَّوِيَّةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَعَلَى هَذَا فَلِلزَّعِيمِ مَنْعُ غَيْرِ الْحُذَّاقِ مِنْ حِزْبِهِ عَنْ الرَّمْيِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَنْعِهِمْ مِنْ الْمَالِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وُزِّعَ عَلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الِاسْتِحْقَاقَ فِي الْحِزْبِ النَّاضِلِ بِحَسَبِ الْإِصَابَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (النَّصْلِ) بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ. قَوْلُهُ: (لَا بِعُرْضِ السَّهْمِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ جَانِبِهِ وَلَا بِفَوْقِهِ بِضَمِّ الْفَاءِ أَوَّلُهُ أَيْ مَحَلُّ الْوَتَرِ. قَوْلُهُ: (تَلِفَ وَتَرٌ) وَلَوْ مَعَ خُرُوجٍ السَّهْمِ مِنْ الْقَوْسِ قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ) قَيْدٌ لِحُسْبَانِهِ لَهُ عَدَمَ حُسْبَانِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ قَصَّرَ حُسِبَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مَوْضِعَهُ) أَيْ مَوْضِعًا لَوْ كَانَ بَاقِيًا أَصَابَهُ فِيهِ قَوْلُهُ: (فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ لَمْ يُصِبْ الْغَرَضَ فِي الْمَوْضِعِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ فَلَا يُنَافِي مَا فِي الرَّوْضَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ فِي كَلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ حِسَابَهُ عَلَيْهِ فِيهِمَا فَتَأَمَّلْهُ نَعَمْ إنْ عَرَضَتْ الرِّيحُ بَعْدَ   [حاشية عميرة] لَمْ يَعْتَمِدْ هَذَا لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ مَوْضُوعٌ عَلَى النَّشَاطِ وَقُوَّةِ النَّفْسِ وَالْقُرْعَةُ فِي خُرُوجِهَا الْإِنْسَانَ كَسْرُ قَلْبٍ لِصَاحِبِهِ، فَمُنِعَتْ وَاشْتُرِطَ الْبَيَانُ فِي الْعَقْدِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَوْلُهُ: (فَانْتَصَبَ) أَيْ بِنَصَبِ الْقَوْمِ قَوْلُهُ: (جَازَ) وَيَكُونُ كُلُّ حِزْبٍ فِي الْإِصَابَةِ وَالْخَطَأِ كَالشَّخْصِ الْوَاحِدِ قَوْلُهُ: (وَفِي عَدَدِ الرَّمْيِ إلَخْ) لَكِنْ لَوْ أَرَادَ الزَّعِيمُ عِنْدَ الرَّمْيِ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْحُذَّاقِ مِنْ حِزْبِهِ وَمَنْعَ غَيْرِهِمْ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لَكِنَّ قَوْلَهُمْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ الرَّمْيِ يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمْ صَحِيحًا يَأْبَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِالنَّصْلِ) أَيْ لَا بِعَرْضِ السَّهْمِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَمَا بَعْدَ لَا) الْمُرَادُ بِلَا الَّتِي فِي قَوْلِهِ فَلَا وَالْمُرَادُ بِمَا بَعْدَهَا قَوْلُهُ بِحَسَبِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ) كَأَنَّ وَجْهَ عَدَمِ الْوُرُودِ صِدْقُهُ بِهَا وَبِغَيْرِهَا مِثْلُ أَنْ يُصِيبَ مَحَلًّا آخَرَ غَيْرَ الْغَرَضِ وَغَيْرَ مَوْضِعِهِ وَهَذَا الشِّقُّ الثَّانِي وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ أَوْلَى بِالْحُسْبَانِ عَلَيْهِ مِنْ مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ فَكَانَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَرَى ذَلِكَ بَلْ يَقُولُ بِعَدَمِ الْحُسْبَانِ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ مَنْ أَصَابَ الْغَرَضَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَقَدْ تَعَهَّدَهُ وَقَصَدَهُ فَحُسِبَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُصِبْهُ وَأَخْطَأَ مَوْضِعَهُ الْأَصْلِيَّ، فَإِنَّ لَهُ عُذْرًا مَا خُصُوصًا إذَا كَانَ تَحَوُّلُهُ مِنْ مَحَلِّهِ قَبْلَ إرْسَالِ السَّهْمِ فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي عَدَمِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 270 [كِتَابُ الْأَيْمَانِ] ِ جَمْعُ يَمِينٍ (لَا تَنْعَقِدُ) الْيَمِينُ (إلَّا بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ لَهُ) بِأَنْ يَحْلِفَ بِمَا مَفْهُومُهُ الذَّاتُ أَوْ الصِّفَةُ وَالذَّاتُ. (كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) أَيْ مَالِكِ الْمَخْلُوقَاتِ (وَالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَمَنْ نَفْسِي بِيَدِهِ) أَيْ قُدْرَتِهِ يُصَرِّفُهَا كَيْفَ يَشَاءُ،.   [حاشية قليوبي] الرَّمْيِ وَكَانَتْ إصَابَتُهُ لِلْغَرَضِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ بِوَاسِطَةِ الرِّيحِ لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ، وَحَمَلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ. فَرْعٌ: يُنْدَبُ حُضُورُ شَاهِدَيْنِ عِنْدَ الْغَرَضِ لِيَشْهَدَا عَلَى الْمُصِيبِ وَالْمُخْطِئِ وَيَطْلُبُ مِنْهُمَا عَدَمَ مَدْحِ الْأَوَّلِ وَعَدَمَ ذَمِّ الثَّانِي. كِتَابُ الْأَيْمَانِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَلَعَلَّ ذِكْرَهَا هُنَا لِعَدَمِ احْتِيَاجِ مَا قَبْلَهَا إلَيْهَا كَمَا مَرَّ، وَتَوْطِئَةٌ لَبَابِ الْقَضَاءِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا فِيهِ وَذَكَرَ مَعَهَا النَّذْرَ لِأَنَّ أَحَدَ قِسْمَيْهِ يَمِينٌ وَفِيهِ كَفَّارَتُهُ. قَوْلُهُ: (جَمْعُ يَمِينٍ) وَهِيَ لُغَةً الْيَدُ الْيُمْنَى وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا حَلَفَ أَحَدُهُمْ أَخَذَ يَمِينَ صَاحِبِهِ بِيَمِينِهِ وَالْيَمِينُ وَالْقَسَمُ وَالْحَلِفُ وَالْإِيلَاءُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَلِفَ أَعَمُّ وَشَرْعًا تَحْقِيقُ أَمْرٍ مُحْتَمِلٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ قِيلَ وَبِفَتْحِهَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ مَاضِيًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا، فِيهِمَا عَالِمًا بِهِ الْحَالِفُ أَوْ جَاهِلًا فَالْمُرَادُ احْتِمَالُ الصِّيغَةِ فِي ذَاتِهَا، لِأَمْرٍ غَيْرِ مُحَقَّقِ الْوُجُودِ أَوْ الْعَدَمِ فَخَرَجَ بِالتَّحْقِيقِ لَغْوُ الْيَمِينِ وَبِالْمُحْتَمَلِ نَحْوُ لَأَمُوتَنَّ لِصِدْقِهِ بِتَحْقِيقِ وُقُوعِهِ مَعَ عَدَمِ تَصَوُّرِ الْحِنْثِ فِيهِ، وَإِنَّمَا حَنِثَ فِي نَحْوِ لَأَقْتُلَنَّ الْمَيِّتَ لِعَدَمِ صِدْقِهِ بِتَحَقُّقِ عَدَمِهِ فَفِيهِ هَتْكُ حُرْمَةِ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (بِذَاتِ اللَّهِ) خَرَجَ ذَاتُ غَيْرِهِ كَالنَّبِيِّ وَالْوَلِيِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مَعْصِيَةً وَحُمِلَ عَلَى الزَّجْرِ عَنْهُ وَالتَّنْفِيرِ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَحْلِفَ) أَيْ الْمُكَلَّفُ الْمُخْتَارُ وَلَوْ حُكْمًا فَدَخَلَ السَّكْرَانُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْيَمِينِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِمَا مَفْهُومُهُ) أَيْ بِلَفْظِ مُسَمَّاهُ الذَّاتِ أَوْ الصِّفَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَيْسَا يَمِينَيْنِ، كَقَوْلِهِ بِذَاتِ اللَّهِ أَوْ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ بِصِفَةِ اللَّهِ كَذَا وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ لَكِنْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا خِلَافَهُ وَأَنَّ ذَلِكَ يَمِينٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ الصِّفَةُ) هِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَيَدْخُلُ مَا مَفْهُومُهُ هُمَا مَعًا كَالْخَالِقِ. قَوْلُهُ: (وَالذَّاتُ) وَهِيَ الِاسْمُ الدَّالُ عَلَيْهَا وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الصِّفَةِ وَهَذَا مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ وَمَا بَعْدَهُ كَمَا ذَكَرَهُ لِقَابِلَتِهِ بِمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ وَالصِّفَةُ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِالْفَاءِ بَدَلَ الْوَاوِ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الصِّفَةَ وَحْدَهَا لَا تَكُونُ يَمِينًا وَصَرِيحُ مَا يَأْتِي يُخَالِفُهُ وَيَنْتَظِرُ مِمَّا ذَكَرَهُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ مَا اخْتَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَمَا هُوَ فِيهِ أَغْلَبُ وَمَا هُوَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءٌ. وَمَا هُوَ فِي غَيْرِهِ أَغْلَبُ وَمَا هُوَ صِفَةٌ لَهُ وَإِدْخَالُ بَعْضِهِمْ الرَّابِعَ فِي الثَّالِثِ نَظَرًا لِصِحَّةِ الْإِطْلَاقِ لَا لِلْعُرْفِ كَالْعَالَمِ. قَوْلُهُ: (وَكُلُّ اسْمٍ مُخْتَصٍّ بِهِ تَعَالَى) وَلَوْ بِالْإِضَافَةِ أَوْ مُشْتَقًّا أَوْ مِنْ غَيْرِ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى كَصَانِعِ الْمَوْجُودَاتِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمِنْهُ الْجَنَابُ الرَّفِيعُ وَالِاسْمُ الْأَعْظَمُ وَمُقَسِّمُ الْأَدْيَانِ وَفِي شَرْحِهِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ بِالْجَنَابِ الرَّفِيعِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ كِنَايَةً. قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْحَالِفُ أَيْ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْحِنْثِ دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَيْ بِهَذَا الْقَسَمِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ يَعْنِي الْمُخْتَصَّ بِهِ، تَعَالَى أَيْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَيْ بِإِفْرَادِهِ الْيَمِينَ لِأَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إرَادَتِهِ فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْ الْيَمِينِ إلَّا بِصَرْفِهِ بِإِرَادَةِ غَيْرِ الْيَمِينِ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ عَدَمُ إرَادَةِ الْيَمِينِ وَإِرَادَةُ عَدَمِ الْيَمِينِ، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هِيَ الْأُولَى وَبَقِيَ مَسْأَلَةٌ ثَالِثَةٌ لَيْسَتْ فِي الْمِنْهَاجِ وَهِيَ إرَادَةُ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِاسْمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي فِي هَذَا الْقَسَمِ وَحُكْمُهَا عَدَمُ قَبُولِهِ فِي ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ إنَّ هَذِهِ الَّتِي فِي الْمِنْهَاجِ بِجَعْلِ ضَمِيرِ بِهِ عَائِدًا لِاسْمِ اللَّهِ فَقَطْ، وَإِنَّهُ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ لَمْ أُرِدْ بِهِ اللَّهَ تَعَالَى، لِأَنَّ إرَادَةَ غَيْرِ الْيَمِينِ مَقْبُولَةٌ غَيْرُ مُصِيبٍ بَلْ هُوَ سَاهٍ أَوْ غَافِلٌ أَوْ جَاهِلٌ بِأَسَالِيبِ   [حاشية عميرة] إصَابَةِ مَوْضِعِهِ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الَّذِي أَصَابَ الْغَرَضُ فَإِنَّهُ قَدْ قَصَدَهُ فَيُحْسَبُ عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ هَذَا غَايَةُ مَا ظَهَرَ لِي فَلْيُتَأَمَّلْ فَقَدْ تَأَمَّلْت بَعْدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. كِتَابُ الْأَيْمَانِ إلَخْ قَوْلُهُ: (بِذَاتِ اللَّهِ) خَرَجَ بِذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ وَالْكَعْبَةُ وَالْمَلَائِكَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ لِحَدِيثِ «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ بِغَيْرِهِ مَعْصِيَةٌ وَبِهَا صَرَّحَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَقَطَعَ الْإِمَامُ بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ وَمِنْ ذَلِكَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَاعْتَرَضَ ابْنُ بَرْهَانٍ التَّعْبِيرَ بِالذَّاتِ فِي كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءِ، وَقَالَ لَيْسَتْ بِهَذَا الْمَعْنَى يَعْنِي الْحَقِيقَةَ مَعْرُوفَةٌ فِي اللُّغَةِ وَإِنَّمَا هِيَ بِمَعْنَى صَاحِبَةٍ، قَوْلُهُ: (بِمَا مَفْهُومُهُ الذَّاتُ) أَرَادَ بِهَذَا سَائِرَ مَا يَأْتِي إلَى قَوْلِهِ وَالصِّفَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّازِقَ وَالْخَالِقَ وَنَحْوَهُمَا مَفْهُومُهَا الذَّاتُ لِأَنَّهَا أَسْمَاءٌ لَهَا. وَهِيَ الْمُرَادَةُ مِنْهَا وَكَذَا الشَّيْءُ وَالْمَوْجُودُ وَنَحْوُهُ إذَا أُرِيدَ بِهِ الذَّاتُ تَكُونُ مَفْهُومَةً وَقَوْلُهُ أَوْ مَفْهُومُهُ الصِّفَةُ وَالذَّاتُ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَ وَالصِّفَةُ كَوَعَظَمَةِ اللَّهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَالِفَ بِالْعَظَمَةِ الْمُضَافَةِ لِلَّهِ تَعَالَى فَالْعَظَمَةُ مَحْضُ صِفَةٍ. وَالْمُضَافُ إلَيْهِ مَفْهُومُهُ الذَّاتُ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَحَلُّ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَنَظَرٍ فَإِنَّ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ وَالْخَالِقَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مَفْهُومُهَا الصِّفَةُ وَالذَّاتُ بِلَا رَيْبٍ، وَأَمَّا نَحْوُ وَعَظَمَةِ اللَّهِ فَالْمَحْلُوفُ بِهِ نَفْسُ الْعَظَمَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 271 (وَكُلِّ اسْمٍ لَهُ مُخْتَصٌّ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) غَيْرَ مَا ذَكَرَ كَالْإِلَهِ وَالرَّحْمَنِ وَخَالِقِ الْخَلْقِ. (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) فِي هَذَا الصَّمِّ (لَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ) لَا فِي الظَّاهِرِ وَلَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. (وَمَا انْصَرَفَ) مِنْ هَذَا الْقَسَمِ (إلَيْهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَالرَّحِيمِ وَالْخَالِقِ وَالرَّزَّاقِ وَالرَّبِّ) ، وَالْحَقِّ. (تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ غَيْرَهُ) تَعَالَى فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مُقَيَّدًا كَرَحِيمِ الْقَلْبِ وَخَالِقِ الْإِفْكِ وَرَازِقِ الْجَيْشِ وَرَبِّ الْإِبِلِ. (وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ) تَعَالَى (سَوَاءً كَالشَّيْءِ وَالْمَوْجُودِ وَالْعَالِمِ) بِكَسْرِ اللَّامِ. . (وَالْحَيِّ) وَالْغَنِيِّ (لَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا بِنِيَّةٍ) لَهُ تَعَالَى فَهُوَ بِهَا يَمِينٌ وَفِي وَجْهٍ صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ. . (وَالصِّفَةُ كَوَعَظَمَةِ اللَّهِ وَعِزَّتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَكَلَامِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ يَمِينٌ) ، بِأَنْ يَأْتِيَ بِالظَّاهِرِ بَدَلَ الضَّمِيرِ فِي السِّتَّةِ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) أَيْ يُرِيدُ. (بِالْعِلْمِ الْمَعْلُومَ وَبِالْقُدْرَةِ الْمَقْدُورَ) فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِ وَلَا يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا يَمِينًا لِأَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ لَهُ. . (وَلَوْ قَالَ وَحَقِّ اللَّهِ فَيَمِينٌ) لِغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِيهَا بِمَعْنَى اسْتِحْقَاقِ اللَّهِ الْإِلَهِيَّةَ. (إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْعِبَادَاتِ) الَّتِي أَمَرَ بِهَا فَلَيْسَ بِيَمِينٍ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهَا. . (وَحُرُوفُ الْقَسَمِ) عِنْدَ أَهْلِ اللِّسَانِ ثَلَاثَةٌ (بَاءٌ) مُوَحَّدَةٌ (وَوَاوٌ وَتَاءٌ) فَوْقَانِيَّةٌ (كَبِاللَّهِ وَوَاللَّهِ وَتَاللَّهِ) لَأَفْعَلَنَّ كَذَا (وَتَخْتَصُّ التَّاءُ) الْفَوْقَانِيَّةُ (بِاَللَّهِ)   [حاشية قليوبي] الْكَلَامِ بَلْ كَلَامُهُ مُتَنَاقِضٌ إذْ مُفَادُ لَمْ أُرِدْ بِهِ اللَّهَ، وَلَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ وَاحِدٌ وَهُوَ عَدَمُ الْإِرَادَةِ الْمُفِيدَةِ لِلْإِطْلَاقِ وَمُفَادُ أَرَدْت بِهِ غَيْرَ اللَّهِ، أَوْ أَرَدْت غَيْرَ الْيَمِينِ إثْبَاتٌ لِلْإِرَادَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِغَيْرِ اللَّهِ، أَوْ بِغَيْرِ الْيَمِينِ فَبَيْنَ الْمَفَادَيْنِ مُضَادَّةٌ، فَالْمِنْهَاجُ لَوْ غَيَّرَ لَفْظَ الْيَمِينِ بِلَفْظِ اللَّهِ لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ فِيهِ، فَمَا ذَكَرَهُ الْمُعْتَرِضُ عَلَى التَّعْبِيرِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ إرَادَتَهُ غَيْرُ الْيَمِينِ مَقْبُولَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، فَبَانَ بِذَلِكَ فَسَادُ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَفَسَادُ التَّصْوِيبِ عَلَيْهِ وَأَنَّ كَلَامَهُ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا غُبَارَ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ هَذَا الشَّارِحُ الْمُحَقِّقُ الَّذِي عَجَزَتْ الْعُقُولُ وَالْأَفْهَامُ عَنْ إدْرَاكِهِ بِأَسَالِيبِ الْكَلَامِ فَلَا زَالَتْ سَحَائِبُ الرِّضْوَانِ مُنْهَلَّةً عَلَيْهِ وَلَا زَالَ قَبْرُهُ رَوْضَةً يَانِعَةً فَوْقَهُ وَحَوَالَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَالرَّبِّ) لِأَنَّ أَلْ قَرِينَةٌ ضَعِيفَةٌ لَا قُوَّةَ لَهَا عَلَى إلْغَاءِ الْقَصْدِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ الْإِضَافَةَ فِيمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَالْحَقِّ) وَالطَّالِبِ وَالْغَالِبِ وَالْمُدْرِكِ وَالْمُهْلِكِ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ غَيْرَهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَهُ فَلَيْسَ يَمِينًا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (سَوَاءً) نُصِبَ عَلَى الْحَالِيَّةِ أَوْ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَوْ الْمَصْدَرِيَّةِ أَيْ اسْتِعْمَالًا سَوَاءٌ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِنِيَّةٍ لَهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَفِيهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ تَدَافُعٌ فِي صُورَةِ اجْتِمَاعِ إرَادَتِهِ مَعَ غَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ بِهَا يَمِينٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (كَوَعَظَمَةِ اللَّهِ) فَالْعَظَمَةُ صِفَةٌ مَحْضَةٌ لَهُ تَعَالَى بِحَسَبِ الْوَضْعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهَا لِمَجْمُوعِ الذَّاتِ وَالصِّفَةِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ فَاسِدٌ إذْ لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَمْ تَصِحَّ إضَافَتُهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا لَا يُقَالُ خَالِقُ اللَّهِ وَلَا رَازِقُ اللَّهِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. قَوْلُهُ: (وَكَلَامُهُ) وَمِنْهُ مَنْسُوخُ التِّلَاوَةِ وَالتَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا هُنَا وَهُوَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ إلَّا إذَا أُرِيدَ بِالْكَلَامِ مَا صَدَّقَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُؤْتِيَ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ لِلصَّرَاحَةِ فَهُوَ يَمِينٌ مَعَ الْهَاءِ بِالنِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَبِالْقُدْرَةِ إلَخْ) وَبِكَلَامِهِ الْحُرُوفُ أَوْ النُّقُوشُ وَبِالْبَقِيَّةِ ظُهُورُ آثَارِهَا وَكِتَابُ اللَّهِ وَالْقُرْآنُ وَالْمُصْحَفُ يَمِينٌ مَا لَمْ يُرِدْ بِالْكِتَابِ الْحُرُوفَ أَوْ نَحْوَهَا، وَبِالْقُرْآنِ الْخُطْبَةَ أَوْ نَحْوَهَا وَبِالْمُصْحَفِ الْأَوْرَاقَ أَوْ نَحْوَهَا. قَوْلُهُ: (وَحَقِّ اللَّهِ فَيَمِينٌ) صَرِيحٌ إنْ جُرَّ حَقٌّ وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَحَقِّ الْكِتَابِ أَوْ الْمُصْحَفِ أَوْ الْقُرْآنِ كَذَلِكَ مَا لَمْ يُرِدْ مَا تَقَدَّمَ. تَنْبِيهٌ: هَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ فِي صِفَاتِ الذَّاتِ الثُّبُوتِيَّةِ الْقَائِمَةِ بِهِ فِي الْأَزَلِ أَمَّا صِفَاتُهُ السَّلْبِيَّةُ وَهِيَ الْقَائِمَةُ بِهِ كَذَلِكَ، كَعَدَمِ جِسْمِيَّتِهِ   [حاشية عميرة] مَثَلًا، وَهِيَ مَحْضُ صِفَةِ غَايَةِ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إضَافَتِهَا وَذَلِكَ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا هِيَ الْمَحْلُوفُ بِهَا وَلَيْسَتْ الذَّاتُ الْمُقَدَّسَةُ مِنْ مَفْهُومِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ بِذَاتِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ فَالْأَوَّلُ كَاَلَّذِي أَعْبُدُهُ وَمَنْ نَفْسِي بِيَدِهِ إلَخْ، وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ وَأَرَادَ بِالْأَوَّلِ نَحْوَ الَّذِي أَعْبُدُهُ أَوْ الْجَدَّ لَهُ أَوْ فَلَقَ الْحَبَّةَ أَوْ نَفْسِي بِيَدِهِ أَوْ مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالذَّاتِ كَقَوْلِهِ إلَخْ اسْتِئْنَافًا وَحِينَئِذٍ فَيَتَّضِحُ الْكَلَامُ وَيَزُولُ الْإِشْكَالُ. قَوْلُهُ: (وَمَا انْصَرَفَ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَجْهُ انْدِرَاجِ هَذِهِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَتْ صِفَاتٍ أَنَّهَا غَلَبَتْ عَلَيْهَا الِاسْمِيَّةُ، قَوْلُهُ: (سَوَاءً) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِنِيَّةٍ) فَهُوَ كِنَايَةٌ وَمَا قَبْلَهُ نَصٌّ أَوْ صَرِيحٌ وَظَاهِرٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَقُولَ الصَّرِيحُ قِسْمَانِ نَصٌّ وَظَاهِرٌ فَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (كَوَعَظَمَةِ اللَّهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عُلِمَ مِمَّا فَسَّرَ بِهِ الصِّفَةَ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا سَلَفَ جَمِيعَ أَسْمَائِهِ سَوَاءٌ اشْتَقْت مِنْ صِفَةِ ذَاتٍ كَالسَّمِيعِ وَالْعَلِيمِ أَمْ مِنْ صِفَةِ فِعْلٍ كَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ. قَوْلُهُ: (الضَّمِيرُ فِي السِّتَّةِ) اُنْظُرْ لَوْ أَتَى بِالضَّمِيرِ بَعْدَ تَقَدُّمِ ذِكْرِ الظَّاهِرِ هَلْ يَكْفِي. قَوْلُهُ: (وَتَخْتَصُّ التَّاءُ بِاَللَّهِ) قِيلَ الصَّوَابُ وَيَخْتَصُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 272 وَالْوَاوُ بِالْمُظْهَرِ وَتَدْخُلُ الْمُوَحَّدَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُضْمَرِ فَهِيَ الْأَصْلُ، وَتَلِيهَا الْوَاوُ. . (وَلَوْ قَالَ اللَّهُ وَرَفَعَ أَوْ نَصَبَ أَوْ جَرَّ) لَأَفْعَلَنَّ كَذَا (فَلَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا بِنِيَّةٍ) لَهَا وَاللَّحْنُ بِالرَّفْعِ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْيَمِينِ وَالنَّصْبُ بِنَزْعِ الْجَارِّ. . (وَلَوْ قَالَ أَقْسَمْت أَوْ أَقْسِمُ أَوْ حَلَفْت أَوْ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ) كَذَا (فَيَمِينٌ إنْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ وَإِنْ قَالَ قَصَدْت خَبَرًا مَاضِيًا) فِي صِيغَةِ الْمَاضِي (أَوْ مُسْتَقْبَلًا) فِي الْمُضَارِعِ (صُدِّقَ بَاطِنًا وَكَذَا ظَاهِرًا عَلَى الْمَذْهَبِ) ، وَفِي قَوْلٍ لَا وَبِهِ قَطَعَ بَعْضُهُمْ لِظُهُورِ اللَّفْظِ فِي الْإِنْشَاءِ فَإِنْ عُرِفَ لَهُ يَمِينٌ مَاضِيَةٌ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي إرَادَتِهَا قَطْعًا. (وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أُقْسِمُ عَلَيْك بِاَللَّهِ أَوْ أَسَالُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ) كَذَا (وَأَرَادَ يَمِينَ نَفْسِهِ فَيَمِينٌ) يُسْتَحَبُّ لِلْمُخَاطَبِ إبْرَارُهُ فِيهَا. (وَإِلَّا فَلَا) وَيُحْمَلُ عَلَى الشَّفَاعَةِ فِي فِعْلِهِ. . (وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ) وَلَا يَكْفُرُ بِهِ إنْ قَصَدَ تَبْعِيدَ نَفْسِهِ عَنْ الْفِعْلِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلْيَقُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَإِنْ قَصَدَ الرِّضَا بِذَلِكَ إذَا فَعَلَهُ فَهُوَ كَافِرٌ فِي الْحَالِ. . (وَمَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى لَفْظِهَا) أَيْ   [حاشية قليوبي] وَعَرْضِيَّتِهِ وَصِفَاتِهِ الْفِعْلِيَّةِ كَخَلْقِهِ وَرِزْقِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَهِيَ الثَّابِتَةُ لَهُ فِيمَا يُزَالُ فَتَرَدَّدَ شَيْخُنَا فِي الْأُولَى. وَقَالَ الْقَاضِي تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْعَبَّادِيُّ وَجَزَمَ بَعْدَ انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِالثَّانِيَةِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورُ خِلَافًا لِلْخَفَّافِ فَرَاجِعْهُ. وَأَمَّا نَحْوُ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَكَفَالَتُهُ وَأَشْهَدُ بِاَللَّهِ وَلَعَمْرُ اللَّهِ فَكِنَايَةٌ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ إنْ فَعَلَتْ كَذَا فَأَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لِي أَوْ فَأَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ لَازِمَةٌ لِي فَإِنْ أَرَادَ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ، أَوْ أَطْلَقَ لَمْ تَنْعَقِدْ وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَةَ الْحَجَّاجِ انْعَقَدَتْ عَلَى مَا يَأْتِي لِأَنَّ الْبَيْعَةَ كَانَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُصَافَحَةِ، فَلَمَّا تَوَلَّى الْحَجَّاجُ رَتَّبَهَا أَيْمَانًا تَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى الطَّلَاقِ وَالْحَجِّ وَالْإِعْتَاقِ وَصَدَقَةِ الْمَالِ، وَانْظُرْ مَاذَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا وَلَوْ شَرِكَ فِي بَيْعَةٍ بَيْنَ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ، وَمَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ كَوَاللَّهِ وَالْكَعْبَةِ فَقَالَ الْعَبَّادِيُّ الْمُتَّجَهُ عِنْدِي الِانْعِقَادُ سَوَاءٌ قَصَدَ الْحَلِفَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ أَطْلَقَ أَوْ بِالْمَجْمُوعِ فَرَاجِعْهُ. [حُرُوفُ الْقَسَمِ] قَوْلُهُ: (وَتَخْتَصُّ التَّاءُ بِاَللَّهِ) الْأَفْصَحُ وَيَخْتَصُّ اللَّهُ بِالتَّاءِ وَسُمِعَ شَاذًّا تَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَتَالرَّحْمَنِ وَتَحَيَاةِ اللَّهِ وَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ وَقِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِهَا جَبْرُ ضَعْفِهَا، لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الْوَاوِ الَّتِي هِيَ بَدَلٌ عَنْ الْمُوَحَّدَةِ وَخَرَجَ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْفَاءُ وَالْأَلِفُ الْمَمْدُودَةُ وَالتَّحْتِيَّةُ نَحْوُ فَاَللَّهِ وَآللَّهِ وَبِاَللَّهِ. قَالَ شَيْخُنَا، فَهِيَ كِنَايَةٌ وَكَذَا بِلَّهِ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَحَذْفِ الْأَلِفِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ جَرَّ) أَوْ سَكَّنَ أَيْضًا قَوْلُهُ: (وَاللَّحْنُ إلَخْ) أَيْ هُنَا وَكَذَا فِي سَائِرِ الْأَيْمَانِ الصَّرِيحَةِ، وَالْكِنَايَةُ لَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادُ عَلَى أَنَّهُ لَا لَحْنَ لِإِمْكَانِ جَعْلِ الرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَائِيَّةِ لِمَحْذُوفٍ أَيْ اللَّهُ أَحْلِفُ بِهِ وَالنَّصْبِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَالتَّسْكِينِ عَلَى نِيَّةِ الْوَقْفِ. قَوْلُهُ: (حَلَفْت أَوْ أَحْلِفُ) وَكَذَا عَزَمْت أَوْ أَعْزِمُ، وَأَشْهَدْت أَوْ أَشْهَدُ وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ اللَّهِ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينًا وَإِنْ نَوَاهُ. قَوْلُهُ: (عَلَيْك) فَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَيَمِينٌ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (يَمِينُ نَفْسِهِ) أَيْ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (يُسْتَحَبُّ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَقَعْ فِي مَكْرُوهٍ أَوْ حَرَامٍ وَلَا يُكْرَهُ عَدَمُ إبْرَارِهِ إلَّا فِي السُّؤَالِ بِوَجْهِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا فَيُكْرَهُ السُّؤَالُ بِهِ وَرَدُّهُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرَادَ يَمِينَ الْمُخَاطَبِ أَوْ يَمِينَهُمَا مَعًا أَوْ الشَّفَاعَةَ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا فَلَا يَكُونُ يَمِينًا وَفِي الثَّانِيَةِ بَحْثٌ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت إلَخْ) وَالْحَلِفُ بِذَلِكَ حَرَامٌ وَلَوْ قَالَ يَعْلَمُ اللَّهُ أَوْ يَشْهَدُ اللَّهُ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَحَرَامٌ بَلْ إنْ قَصَدَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ذَلِكَ، وَهُوَ كَاذِبٌ فِيهِ كَفَرَ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (إنْ قَصَدَ تَبْعِيدَ نَفْسِهِ) أَوْ أَطْلَقَ قَوْلَهُ: (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) وَالْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِأَشْهَدَ بَلْ يَتَعَيَّنُ إنْ كَانَ كَفَرَ. قَوْلُهُ: (بِلَا قَصْدٍ) أَيْ لِلَفْظِهَا قَوْلُهُ: (وَبَلَى وَاَللَّهِ أُخْرَى) أَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا خِلَافًا لِابْنِ الصَّلَاحِ. قَالَ الْقَاضِي وَمِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ مَا لَوْ دَخَلَ عَلَى صَاحِبِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَقُومَ لَهُ فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا تَقُومُ لِي وَهُوَ كَثِيرٌ وَتَعُمُّ الْبَلْوَى بِهِ.   [حاشية عميرة] اللَّهُ بِالتَّاءِ لِأَنَّ الْبَاءَ مَعَ فِعْلِ الِاخْتِصَاصِ إنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَقْصُورِ، قَوْلُهُ: (فَهِيَ الْأَصْلُ) قَالَ النُّحَاةُ أَبْدَلُوا مِنْ الْبَاءِ وَاوًا لِقُرْبِ الْمَخْرَجِ ثُمَّ مِنْ الْوَاوِ تَاءً لِقُرْبِ الْمَخْرَجِ، كَفَى تُرَاثٌ وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ التَّاءُ بِلَفْظِ اللَّهِ لِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ بَدَلٍ فَضَاقَ التَّصَرُّفُ فِيهَا. قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ هِيَ وَإِنْ ضَاقَ تَصَرُّفُهَا قَدْ بُورِكَ لَهَا فِي الِاخْتِصَاصِ بِأَشْرَفِ الْأَسْمَاءِ وَأَجَلِّهَا. قَوْلُهُ: (بِاَللَّهِ) اُحْتُرِزَ عَنْ أَنْ يَقُولَ أُقْسِمُ فَقَطْ لَكِنْ أَوْرَدَ حَدِيثَ الرُّؤْيَا الَّتِي فَسَّرَهَا الصِّدِّيقُ وَقَوْلُهُ أَقْسَمْت عَلَيْك لَتُخْبِرنِي، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا تُقْسِمْ " تُقْسِمُ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَا تُقْسِمُ قَسَمًا شَرْعِيًّا كَذَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هُوَ عَجِيبٌ فَإِنَّ الَّذِي فِي جَمِيعِ نُسَخِ مُسْلِمٍ فَوَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثنِي. قَوْلُهُ: (أُقْسِمُ عَلَيْك) أَيْ أَمَّا بِدُونِ عَلَيْك فَيَمِينٌ لَا يَأْتِي فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا) لَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ عِتْقٌ أَوْ صَلَاةٌ مَثَلًا لَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَلَوْ قَالَ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي لِأَفْعَلَ كَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ عِتْقٌ، قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ بِيَمِينٍ) لَكِنَّهُ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ وَقَوْلُهُ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ أَيْ لِأَنَّهُ خَالٍ عَنْ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَصِفَاتِهِ وَعَنْ الْتِزَامِ دَعْوَى الْقُرْبِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ) قَالَ الشَّافِعِيُّ اللَّغْوُ فِي كَلَامِهِمْ غَيْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلِهَذَا لَوْ قَصَدَ إلَى شَيْءٍ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى غَيْرِهِ كَانَ مِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 273 الْيَمِينِ (بِلَا قَصْدٍ) كَقَوْلِهِ فِي حَالِ غَضَبٍ أَوْ لَجَاجٍ أَوْ صِلَةِ كَلَامٍ لَا وَاَللَّهِ تَارَةً وَبَلَى وَاَللَّهِ وَأُخْرَى. (لَمْ تَنْعَقِدْ) يَمِينُهُ وَيُسَمَّى ذَلِكَ لَغْوَ الْيَمِينِ الْمُفَسَّرَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد وَالْبَيْهَقِيِّ. (وَتَصِحُّ) الْيَمِينُ (عَلَى مَاضٍ وَمُسْتَقْبَلٍ) نَحْوُ وَاَللَّهِ مَا فَعَلْت كَذَا أَوْ فَعَلْته وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا أَفْعَلُهُ. (وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ) قَالَ تَعَالَى {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 224] (إلَّا فِي طَاعَةٍ) كَفِعْلِ وَاجِبٍ أَوْ مَنْدُوبٍ وَتَرْكِ حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ فَطَاعَةٌ. . (فَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ عَصَى بِحَلِفِهِ وَلَزِمَهُ الْحِنْثُ) بِالْمُثَلَّثَةِ. (وَكَفَّارَةٌ أَوْ) عَلَى (تَرْكِ مَنْدُوبٍ أَوْ فِعْلِ مَكْرُوهٍ) كَالِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ (سُنَّ حِنْثُهُ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ) أَوْ (عَلَى) تَرْكِ مُبَاحٍ أَوْ (فِعْلِهِ) كَدُخُولِ دَارٍ وَأَكْلِ طَعَامٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ. (فَالْأَفْضَلُ تَرْكُ الْحِنْثِ وَقِيلَ) الْأَفْضَلُ (الْحِنْثُ) لِيَنْتَفِعَ الْمَسَاكِينُ بِالْكَفَّارَةِ. فَرْعٌ: الْأَيْمَانُ الْوَاقِعَةُ فِي الدَّعَاوَى إذَا كَانَتْ صَادِقَةً لَا تُكْرَهُ وَلَا يُكْرَهُ الْيَمِينُ لِتَوْكِيدِ كَلَامٍ. (وَلَهُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ بِغَيْرِ صَوْمٍ عَلَى حِنْثٍ جَائِزٌ) كَالْحِنْثِ فِي الْمُبَاحِ (قِيلَ وَ) حِنْثٍ (حَرَامٌ) كَالْحِنْثِ بِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ كَالزِّنَا (قُلْت هَذَا) الْوَجْهُ (أَصَحُّ) مِنْ مُقَابِلِهِ وَهُوَ الْمَنْعُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَخْذًا مِنْ قُوَّةِ كَلَامِ الشَّرْحِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ بِالْحَذَرِ مِنْ التَّطَرُّقِ. إلَى ارْتِكَابِ حَرَامٍ وَالصَّوْمُ لَا يَجُوزُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ) أَيْ فِي الْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهُ صَادِقًا كَانَ أَوْ كَاذِبًا مَاضِيًا كَانَ أَوْ مُسْتَقْبَلًا فِعْلًا أَوْ تَرْكًا وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ كَبِيرَةٌ هُوَ مِنْ حَيْثُ اقْتِطَاعُ الْمَالِ بِهَا لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا فَرَاجِعْ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا كُرِهَتْ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْجِزُ عَنْ الْوَفَاءِ بِهَا وَلِكَثْرَةِ تَوَلُّعِ الشَّيْطَانِ بِهِ الْمُوقِعُ لَهُ فِي النَّدَمِ، كَمَا فِي حَدِيثِ الْحَلِفِ حَنِثَ أَوْ نَدِمَ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا حَلَفْت بِاَللَّهِ صَادِقًا وَلَا كَاذِبًا قَطُّ. قَوْلُهُ: (فَطَاعَةٌ) أَيْ لَيْسَتْ مَكْرُوهَةً، ثُمَّ إنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهَا فِعْلُ وَاجِبٍ أَوْ تَرْكُ حَرَامٍ وَجَبَتْ أَوْ فِعْلُ مَنْدُوبٍ أَوْ تَرْكُ مَكْرُوهٍ نُدِبَتْ. قَوْلُهُ: (عَصَى بِحَلِفِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ التَّرْكُ أَوْ الْفِعْلُ لَا مِنْ حَيْثُ الْيَمِينُ كَمَا تَقَدَّمَ، فَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ، ثُمَّ لَوْ أَمْكَنَ سُقُوطُ الْوَاجِبِ كَقَوَدٍ أَوْ كَانَ كِفَايَةً لَمْ يَعْصِ، كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا إنْ أَرَادُوا إمْكَانَ عَدَمِ الْحِنْثِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ، فَلَهُ طَرِيقٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَنْ يَكْفِيَهَا وَيُبْرِئَهَا وَتُبْرِئَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَزِمَهُ الْحِنْثُ) وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ يَحْرُمُ الْحِنْثُ وَيَحْصُلُ الْحِنْثُ فِي تَرْكِ الْوَاجِبِ بِفِعْلِهِ، وَفِي فِعْلِ الْحَرَامِ بِتَرْكِهِ فِي وَقْتٍ قُيِّدَ بِهِ إنْ قُيِّدَ وَإِلَّا فَبِتَرْكِهِ مُطْلَقًا. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَلَا بُدَّ مِنْ الْعَزْمِ عَلَى التَّرْكِ فَرَاجِعْهُ، وَهَذَا كَمَا تَرَى إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْ فِيمَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ، أَوْ تَرْكُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ، وَإِنْ سَبَقَ سَبَبُهُ أَمَّا لَوْ حَلَفَ إنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا مُعَيَّنًا كَاذِبًا أَوْ فَعَلَ حَرَامًا كَذَلِكَ فَهُوَ حَانِثٌ بِمُجَرَّدِ حَلِفِهِ، وَهَذِهِ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى الْمَاضِي وَتَلْزَمُهُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (سَنَّ حِنْثُهُ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ يُكْرَهُ حِنْثُهُ وَفِيهِ مَا مَضَى. قَوْلُهُ: (فَالْأَفْضَلُ إلَخْ) أَيْ يُنْدَبُ عَدَمُ حِنْثِهِ تَعْظِيمًا لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى نَعَمْ إنْ تَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ دِينِيٌّ كَأَنْ لَا يَأْكُلَ طَيِّبًا لَا يَلْبَسُ نَاعِمًا كُرِهَ حِنْثُهُ، وَفِي عَكْسِهِ حِنْثُهُ قَطْعًا فِيهِمَا سَوَاءٌ قَصَدَ التَّأَسِّي بِالسَّلَفِ أَوْ لَا وَقَالَ الشَّيْخَانِ يُنْظَرُ فِي قَصْدِ الْحَالِفِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (إذَا كَانَتْ صَادِقَةً لَا تُكْرَهُ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْكَرَاهَةِ السَّابِقَةِ بَلْ لَوْ تَوَقَّفَ خَلَاصُ الْحَقِّ عَلَيْهَا وَجَبَتْ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّ الْوُجُوبَ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا بَلْ مِنْ حَيْثُ الْمُتَوَقِّفُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُكْرَهُ الْيَمِينُ لِتَوْكِيدِ كَلَامِ) إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا مَاضِيًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا وَمِنْهُ حَدِيثُ «وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا» . تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا مَرَّ مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا وَمِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَرَامًا أَوْ غَيْرَهُ، أَنَّهَا لَا تَكُونُ حَرَامًا مُطْلَقًا، وَإِنَّ وَصْفَهَا بِالْوُجُوبِ وَغَيْرِهِ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا بَلْ بِاعْتِبَارِ مَا هِيَ وَسِيلَةٌ لَهُ، كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ مِنْ مَحَالِّهِ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] لَغْوِ الْيَمِينِ اهـ. وَجَعَلَ مِنْهُ صَاحِبُ الْكَافِي مَا لَوْ أَرَادَ صَاحِبُهُ أَنْ يَقُومَ فَحَلَفَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْعُدَ. نَعَمْ اللَّغْوُ لَا يَجْرِي فِي الْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَوْلُهُ: (لَا وَاَللَّهِ تَارَةً إلَخْ) لَوْ قَالَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَانَتْ الْأُولَى لَغْوًا وَالثَّانِيَةُ مُنْعَقِدَةً قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَوْلُهُ: (الْمُفَسَّرُ بِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ لَغْوٌ. [الْيَمِينُ عَلَى مَاضٍ وَمُسْتَقْبَلٍ] قَوْلُهُ: (وَمُسْتَقْبِلٌ) لَوْ حَلَفَ لَا يَصْعَدُ السَّمَاءَ فَلَا حِنْثَ بَلْ لَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ لِلِامْتِنَاعِ وَلَوْ حَلَفَ لَيَصْعَدَنَّ، انْعَقَدَتْ وَحَنِثَ حَالًا وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ هَذَا يُخِلُّ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُرْمَتِهِ بِخِلَافِ مُمْتَنِعِ الْحِنْثِ كَالْمِثَالِ الْأَوَّلُ، قَوْلُهُ: (وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ) كَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْحَرَامَ وَالْمَكْرُوهَ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُرَادُ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ: (سُنَّ حِنْثُهُ) وَتَكُونُ الْيَمِينُ مَكْرُوهَةً فِي الْحَالَيْنِ وَإِنْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهَا خِلَافُ الْأُولَى فِي الثَّانِي لَعَلَّهُ فِي الْأَوَّلِ، قَوْلُهُ: (لِيَنْتَفِعَ الْمَسَاكِينُ) وَأَيْضًا فَفِي إقَامَتِهِ تَغْيِيرٌ لِمُوجِبِ الشَّرْعِ قَوْلُهُ: (فَرْعٌ إلَخْ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْقَسَمَ الْأَخِيرَ فِي كَلَامِ الْمَتْنِ مَكْرُوهٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (جَائِزٌ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلَ الْمَنْدُوبَ وَالْوَاجِبَ وَغَيْرَهُ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ أَنَّ الْأَوْلَى التَّأْخِيرُ وَهُوَ كَذَلِكَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ، قَوْلُهُ: (إلَى ارْتِكَابِ حَرَامٍ) وَالْأَوَّلُ نَظَرٌ إلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ ثَابِتٌ قَبْلَ الْيَمِينِ وَبَعْدَهُ فَالتَّكْفِيرُ لَا يُفِيدُ الِاسْتِبَاحَةَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 274 تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحِنْثِ. (وَ) لَهُ تَقْدِيمُ (كَفَّارَةِ ظِهَارٍ عَلَى الْعَوْدِ وَ) كَفَّارَةُ (قَتْلٍ عَلَى الْمَوْتِ وَ) تَقْدِيمُ (مَنْذُورِ مَالِيٍّ) عَلَى الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَشِفَاءِ الْمَرِيضِ فِي قَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ عَبْدًا، وَالْمُرَادُ فِي الْجَمِيعِ التَّقْدِيمُ بَعْدَ الْحَلِفِ وَالظِّهَارِ وَالْجَرْحِ وَالنَّذْرِ الْأَسْبَابُ الْأُوَلُ وَالْحِنْثُ وَمَا بَعْدَهُ الْأَسْبَابُ الثَّوَانِي، فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَى السَّبَبَيْنِ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الصَّوْمِ عَلَى الْمَوْتِ وَصَوَّرُوا التَّقْدِيمَ عَلَى الْعَوْدِ بِمَا إذَا ظَاهَرَ مِنْ رَجْعِيَّةٍ ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ رَاجَعَهَا، وَبِمَا إذَا طَلَّقَ بَعْدَ الظِّهَارِ رَجْعِيًّا ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ رَاجَعَ أَمَّا إذَا أَعْتَقَ عَقِبَ الظِّهَارِ عَنْهُ فَهُوَ تَكْفِيرُهُ مَعَ الْعَوْدِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالْإِعْتَاقِ عَوْدٌ. فَصْلٌ. يَتَخَيَّرُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بَيْنَ عِتْقٍ كَالظِّهَارِ أَيْ كَعِتْقِ كَفَّارَتِهِ وَهُوَ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ بِلَا عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَحِلِّهِ. (وَإِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ كُلُّ مِسْكِينٍ مُدُّ حَبٍّ مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهِ أَوْ كِسْوَتُهُمْ بِمَا يُسَمَّى كِسْوَةً كَقَمِيصٍ أَوْ عِمَامَةٍ أَوْ إزَارٍ)   [حاشية قليوبي] وَلَهُ تَقْدِيمُ إلَخْ) فَعَدَمُ التَّقْدِيمِ أَوْلَى مُطْلَقًا وَإِذَا قَدَّمَ وَفَاتَ التَّكْفِيرُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا فِي الزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ التَّقْدِيمُ بِالْعِتْقِ اُمْتُنِعَ الرُّجُوعُ وَيَقَعُ نَدْبًا، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ الْعَبْدُ عَنْ الْإِجْزَاءِ فِي الْكَفَّارَةِ الْمُعَجَّلَةِ قَبْلَ وَقْتِ الْحِنْثِ فَيُكَفِّرُ بِعِتْقٍ آخَرَ أَوْ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَى السَّبَبَيْنِ) وَلَا مُقَارَنَةُ السَّبَبِ الْأَوَّلِ أَيْضًا كَأَنْ أَعْتَقَ مَعَ الشُّرُوعِ فِي الْجُرْحِ وَلَوْ وَكَّلَ مَعَهُ لَمْ يَصِحَّ التَّوَكُّلُ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ جَوَازُ الْعِتْقِ بَعْدَ النَّذْرِ فِي شِفَاءِ الْمَرِيضِ، وَلَوْ قَبْلَ الشِّفَاءِ سَوَاءٌ قَيَّدَهُ بِوَقْتٍ بَعْدَ الشِّفَاءِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَوْتِ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّا مَرَّ وَلَعَلَّ خُصُوصَ ذِكْرِهِ لِعَدَمِ الْإِطْعَامِ فِيهِ. فَصْلٌ فِي صِفَةِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مِنْ الْكَفْرِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَهُوَ السَّتْرُ وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى سَتْرِ جِسْمٍ بِجِسْمٍ آخَرَ، فَمَا هُنَا مَجَازٌ أَوْ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا جَابِرَةٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ زَاجِرَةٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلْأَغْلَبِ إذْ لَا إثْمَ فِي نَحْوِ الْمُبَاحِ كَالْمَنْدُوبِ ثُمَّ إنْ كَانَ عَقْدُ الْيَمِينِ طَاعَةً وَحَمْلُهَا مَعْصِيَةً كَأَنْ لَا يَزْنِي ثُمَّ زَنَى كَفَّرَتْ إثْمَ الْحِنْثِ، أَوْ عَكْسُهُ كَأَنْ لَا يُصَلِّيَ فَرْضًا ثُمَّ صَلَّاهُ كَفَّرَتْ إثْمَ الْعَقْدِ، كَذَا قَالُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ فَإِنْ كَانَا مُبَاحَيْنِ تَعَلَّقَتْ بِهِمَا لَكِنَّهَا بِالْحِنْثِ أَحَقُّ، لِأَنَّهُ الْمُوجِبُ لَهَا كَمَا يَأْتِي قَالُوا وَهِيَ مُخَيَّرَةٌ ابْتِدَاءً أَيْ فِي الْخِصَالِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ مُرَتَّبَةٌ انْتِهَاءً أَيْ فِي الْخَصْلَةِ الرَّابِعَةِ الَّتِي هِيَ الصَّوْمُ لِاعْتِبَارِ تَوَقُّفِهَا عَلَى فَقْدِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: (يَتَخَيَّرُ) أَيْ الْمُكَفِّرُ الْحُرُّ الرَّشِيدُ غَيْرُ الْمُفْلِسِ وَلَوْ كَافِرًا، قَوْلُهُ: (بَيْنَ عِتْقٍ) أَيْ إعْتَاقٍ وَهُوَ أَفْضَلُهَا وَلَوْ فِي زَمَنِ مَجَاعَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. قَوْلُهُ: (وَإِطْعَامُ) أَيْ تَمْلِيكُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَشْرَةِ مَسَاكِينَ) وَلَوْ فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَلَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْ الْعَشَرَةِ. قَوْلُهُ: (كُلُّ مِسْكِينٍ مُدُّ حَبٍّ) فَلَا يَكْفِي أَقَلُّ مِنْ مُدٍّ لِوَاحِدٍ، قَوْلُهُ: (مِنْ غَالِبِ إلَخْ) الْمُعْتَبَرُ مَا فِي الْفِطْرَةِ. قَوْلُهُ: (بَلَدِهِ) أَيْ بَلَدِ الْحَالِفِ الَّذِي حَنِثَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فِيهِ أَوْ أَدَّى عَنْهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ ضَمِيرِ بَلَدِهِ لِلْحِنْثِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ فَيُوَافِقُ مَا ذَكَرَ، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا اعْتِبَارُ وَقْتِ التَّكْفِيرِ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ وَقْتَ وُجُوبِ التَّكْفِيرِ، فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ بِالْحِنْثِ وَإِنْ أَرَادَ وَقْتَ إرَادَةِ التَّكْفِيرِ فَقَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ،، وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ قُوتِ بَلَدِ الْحِنْثِ حَالَةَ إرَادَةِ التَّكْفِيرِ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ كِسْوَتُهُمْ) أَيْ الْعَشَرَةِ فَلَا يَجُوزُ دُونَهُمْ، وَلَا أَنْ يُطْعِمَ بَعْضَهُمْ وَيَكْسُوَ بَعْضَهُمْ لِأَنَّهُ تَلْفِيقٌ مِنْ خَصْلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (بِمَا يُسَمَّى كِسْوَةً) وَلَوْ مُتَنَجِّسًا أَوْ مِنْ جِلْدٍ أَوْ لَبْدٍ أَوْ فَرْوَةٍ حَيْثُ اُعْتِيدَ وَأَوْجَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ سَاتِرَ الْعَوْرَةِ. قَوْلُهُ: (كَقَمِيصٍ) وَلَوْ بِلَا كُمٍّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ كَبِيرًا جِدًّا لِوَاحِدٍ فَلَا يَكْفِي دَفْعُهُ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ قَبْلَ تَقْطِيعِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ عِمَامَةٍ) أَوْ مِقْنَعَةٍ أَوْ طَرْحَةٍ لَا قَلَنْسُوَةٍ وَقُبَعٍ وَطَاقِيَّةٍ وَفَصَادِيَّةٍ وَعِصَابَةٍ، وَالِاكْتِفَاءُ بِالْعِرْقِيَّةِ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يُجْعَلُ تَحْتَ سَرْجِ الْفَرَسِ لَا الْعِرْقِيَّةُ الْمَعْرُوفَةُ بِالطَّاقِيَّةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ إزَارٍ) هُوَ الْمِئْزَرُ وَهُوَ مَا يُشَدُّ عَلَى الْوَسَطِ لِيَسْتُرَ الْعَوْرَةَ. قَوْلُهُ: (أَوْ رِدَاءٍ) وَهُوَ مَا يُجْعَلُ عَلَى الْكَتِفِ كَالْفُوطَةِ وَيَكْفِي   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: قَالَ الْقَاضِي لَوْ أَيِسَ مِنْ الْحِنْثِ وَكَانَ قَدْ شَرَطَ الرُّجُوعَ فِيمَا دَفَعَهُ رَجَعَ كَالزَّكَاةِ، وَكَذَا قَالَ الْإِمَامُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ. أَقُولُ اُنْظُرْ هَلْ يَأْتِي ذَلِكَ فِي الْعِتْقِ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ. [فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ] فَصْلٌ يَتَخَيَّرُ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَإِطْعَامِ) لَوْ أَطْعَمَ خَمْسَةً وَكَسَا خَمْسَةً لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ هَذَا قِسْمٌ رَابِعٌ وَالتَّخْيِيرُ فِي الْآيَةِ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَقَطْ، قَوْلُهُ: (قُوتِ بَلَدِهِ) أَيْ فَلَا يُجْزِئُ قُوتُ نَفْسِهِ إذَا خَالَفَ قُوتَ الْبَلَدِ. تَنْبِيهٌ: إنَّمَا اُعْتُبِرَ الْمُدُّ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ الْعِرْقِ وَلِأَنَّهُ سَدَادُ الرَّغِيبِ وَكِفَايَةُ الْمُقْتَصِدِ وَنِهَايَةُ الزَّائِدِ وَالْكِسْوَةُ لَا سَبِيلَ إلَى ضَبْطِهَا، لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَعَنْ الْبُوَيْطِيِّ أَنَّ الْوَاجِبَ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ قِيلَ وَهُوَ قَوِيٌّ لِأَنَّهَا إحْدَى الْخِصَالِ فَيَجِبُ تَقْدِيرُهَا كَالْإِطْعَامِ وَاعْتَذَرَ عَنْهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ اعْتِبَارِ الِاسْمِ، وَهُوَ أَصْلٌ وَعَنْ اعْتِبَارِ الْكِفَايَةِ وَهُوَ عُرْفٌ قَوْلُهُ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 275 أَوْ رِدَاءٍ (لَا خُفٍّ وَقُفَّازَيْنِ وَمِنْطَقَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الثَّلَاثَةِ فِي بَابَيْ زَكَاةِ النَّقْدِ وَمُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ. . (وَلَا تُشْتَرَطُ صَلَاحِيَّتُهُ) أَيْ مَا يُكْسِي (لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَيَجُوزُ سَرَاوِيلُ صَغِيرٍ لِكَبِيرٍ لَا يَصْلُحُ لَهُ وَ) يَجُوزُ. (قُطْنٌ وَكَتَّانٌ وَحَرِيرٌ لِامْرَأَةٍ وَرَجُلٍ وَلَبِيسٌ لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الثَّلَاثَةِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (لَزِمَهُ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لِلْآيَةِ. (وَلَا يَجِبُ تَتَابُعُهَا فِي الْأَظْهَرِ) . (لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ) وَالثَّانِي يَجِبُ احْتِيَاطًا (وَإِنْ غَابَ مَالُهُ انْتَظَرَهُ وَلَمْ يَصُمْ) لِأَنَّهُ وَاجِدٌ. . (وَلَا يُكَفَّرُ عَبْدٌ بِمَالٍ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ. (إلَّا إذَا مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً وَقُلْنَا يَمْلِكُ) ، بِتَمْلِيكِهِ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ بِهِ وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ مِلْكِهِ فَلَا يُكَفِّرُ بِهِ وَلَوْ مَلَّكَهُ عَبْدًا لِيُعْتِقَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ فَفِعْلٌ لَمْ يَقَعْ عَنْهَا لِامْتِنَاعِ الْوَلَاءِ لِلْعَبْدِ وَقِيلَ يَقَعُ وَالْوَلَاءُ لِلْعَبْدِ. (بَلْ يُكَفِّرُ بِصَوْمٍ فَإِنْ ضَرَّهُ) الصَّوْمُ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ لِطُولِ النَّهَارِ وَشِدَّةِ الْحَرِّ. . (وَكَانَ حَلَفَ وَحَنِثَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) فِيهِمَا (صَامَ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (أَوْ وَجَدَا بِلَا إذْنٍ) لَمْ يَصُمْ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُ لِأَنَّ حَقَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَالْكَفَّارَةُ عَلَى التَّرَاخِي. (وَإِنْ أَذِنَ فِي أَحَدِهِمَا) فَقَطْ (فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الْحَلِفِ) فَإِنْ كَانَ بِإِذْنٍ صَامَ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَصُمْ إلَّا بِإِذْنٍ، وَالثَّانِي اعْتِبَارُ الْحِنْثِ فَإِنْ كَانَ بِإِذْنٍ صَامَ بِلَا إذْنٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَصُمْ إلَّا بِإِذْنٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَلِفِ بِإِذْنٍ وَالْحِنْثِ بِغَيْرِ إذْنٍ وَعَكْسِهِ وَجْهَيْنِ فِي الصِّيَامِ بِغَيْرِ إذْنِ أَحَدُهُمَا جَوَازُهُ وَالثَّانِي مَنْعُهُ وَالتَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ وَهُوَ الْجَوَازُ فِي الْأُولَى وَالْمَنْعُ فِي الثَّانِيَةِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْمَنْعُ فِي الْأُولَى، وَالْجَوَازُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ لَمْ يَضُرَّهُ الصَّوْمُ فِي الْخِدْمَةِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إذْنٍ فِيهِ. (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَلَهُ مَالٌ يُكَفِّرُ بِطَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ لَا عِتْقٍ) لِنَقْصِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْوَلَاءِ وَلَا صَوْمَ لِمَالِيَّتِهِ.   [حاشية قليوبي] الْمِنْدِيلُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي الْيَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ فِي الْعِرْقِيَّةِ. قَوْلُهُ: (لَا خُفٍّ) وَجَوْرَبٍ وَمَدَاسٍ وَنَعْلٍ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (وَقُفَّازَيْنِ) وَخَاتَمٍ وَفَصِّهِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْطَقَةٍ) وَدِرْعٍ وَلَوْ مِنْ نَحْوِ حَدِيدٍ كَالزَّرَدِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ. قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ سَرَاوِيلُ صَغِيرٍ) وَقَمِيصُهُ وَعِمَامَتُهُ وَرِدَاؤُهُ وَنَحْوُهَا لِكَبِيرٍ لَا تِكَّةُ السَّرَاوِيلِ وَلَا التُّبَّانُ، وَهُوَ سَرَاوِيلُ لَا تَصِلُ إلَى رُكْبَةِ صَغِيرٍ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَجَزَ) وَقْتَ إرَادَتِهِ التَّكْفِيرَ بِحَجْرِ سَفَهٍ، أَوْ فَلْسٍ مُطْلَقًا أَوْ رِقٍّ عَلَى مَا يَأْتِي أَوْ بِعَجْزِهِ عَنْ قَدْرِ مَا يُخْرِجُهُ زِيَادَةً عَلَى مَا يَكْفِي لِلْعُمْرِ الْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَجِبُ) أَيْ تَتَابُعُهَا احْتِيَاطًا حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَمَنْعِ الْحَمْلِ بِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ أَوْسَعُ. قَوْلُهُ: (انْتَظِرْهُ) وَلَوْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَصُمْ) أَيْ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُكَفِّرُ عَبْدٌ بِمَالٍ) وَلَوْ مُكَاتَبًا وَلَا يُكَفِّرُ سَيِّدُهُ عَنْهُ بِهِ. نَعَمْ لِلْمُكَاتَبِ التَّكْفِيرُ بِالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ بِإِذْنِهِ وَيَمْتَنِعُ بِالْعِتْقِ مُطْلَقًا، قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ لِسَيِّدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ بِغَيْرِ الْإِعْتَاقِ. قَوْلُهُ: (وَالْوَلَاءُ لِلْعَبْدِ) عَلَى هَذَا أَقُولُ الْمَرْجُوحُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهَا وَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ تَحْرِيفٌ. قَوْلُهُ: (بَلْ يُكَفِّرُ) أَيْ الْعَبْدُ قَوْلُهُ: (بِصَوْمٍ) وَمِثْلُهُ مَحْجُورُ السَّفَهِ وَالْفَلْسِ قَبْلَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (لِطُولٍ إلَخْ) كَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ نَحْوِ الْمَرَضِ. قَوْلُهُ: (صَامَ بِلَا إذْنٍ) وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ يَضُرُّهُ فِي خِدْمَةِ سَيِّدِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَلَوْ بَاعَهُ لَمْ يَكُنْ لِمُشْتَرِيهِ مَنْعُهُ، وَلَوْ أَجَّرَهُ فَلِلْمُسْتَأْجَرِ مَنْعُهُ، وَلَا يَصُومُ إلَّا بِإِذْنِهِ. قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ) مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي اعْتِبَارُ الْحِنْثِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ اقْتِضَاءِ كَلَامِهِ خِلَافَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) تَقَدَّمَ تَرْجِيحُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَضُرَّهُ) أَيْ الْعَبْدُ وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ الَّتِي لَا تَحِلُّ لِلسَّيِّدِ أَمَّا مَنْ تَحِلُّ لَهُ فَلَا تَصُومُ إلَّا بِإِذْنِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لَا عِتْقَ) أَيْ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا مَرَّ فِي الرَّقِيقِ نَعَمْ إنْ قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ إنْ أَعْتَقْت عَنْ كَفَّارَتِك فَنَصِيبِي حُرٌّ قَبْلَ عِتْقِك، أَوْ مَعَهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا صَحَّ عِتْقُهُ عَنْهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا صَوْمَ لِمَالِيَّتِهِ) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَهُوَ فِي نَوْبَتِهِ كَالْحُرِّ وَفِي غَيْرِهَا كَالرَّقِيقِ.   [حاشية عميرة] وَمِنْطَقَةٍ) أَيْ وَلَا قَلَنْسُوَةٍ وَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ إجْزَاءِ الْمِنْطَقَةِ، وَأَمَّا الْخُفُّ فَعَلَى الْأَصَحِّ وَمِثْلُهُ الْقُفَّازَانِ فِيمَا يَظْهَرُ وَوَجْهُ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى كِسْوَةً. قَوْلُهُ: (قُطْنٍ) جَمْعُهُ أَقْطَانٍ كَقُفْلٍ وَأَقْفَالٍ، قَوْلُهُ: (وَكَتَّانٍ) أَيْ وَصُوفٍ وَشَعْرٍ، قَوْلُهُ: (أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ لَا مَجْمُوعُهَا فَإِنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ فَاسِدٌ، قَوْلُهُ: (احْتِيَاطًا) أَيْ وَحَمْلًا لِهَذَا الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ. أَقُولُ قَدْ يَمْنَعُ مِنْ الْحَمْلِ أَنَّ الظِّهَارَ حَقُّ آدَمِيٍّ وَهَذَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَجَازَ اعْتِبَارُ التَّغْلِيظِ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَاكَ دُونَ هَذَا وَأَيْضًا، فَذَاكَ سَبَبٌ حَرَامٌ وَمِقْدَارُ الصَّوْمِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ قَوْلُهُ: (مَلَكَهُ سَيِّدُهُ) مِثْلُهُ غَيْرُهُ قَوْلُهُ: (يُكَفِّرُ بِهِ) أَيْ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّكْفِيرِ بِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، قَوْلُهُ: (لِطُولِ النَّهَارِ إلَخْ) كَأَنَّهُ اُحْتُرِزَ عَنْ أَنْ يَضُرَّهُ لِمَرَضٍ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي اعْتِبَارُ الْحِنْثِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِذْنَ إذَا صَدَرَ فِي الْيَمِينِ لَا يَلْزَمُهُ الْإِذْنُ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، لِأَنَّهَا مَانِعَةٌ مِنْ الْحِنْثِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَأْخَذُ الْخِلَافِ يَلْتَفِتُ إلَى أَنَّ سَبَبَ الْكَفَّارَةِ مَاذَا إنْ قُلْنَا الْيَمِينُ فَقَطْ، كَانَ الْمُعْتَبَرُ الْإِذْنُ فِيهَا، وَإِنْ قُلْنَا الْحِنْثُ فَقَطْ اُعْتُبِرَ وَإِنْ قُلْنَا الْمَجْمُوعُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ اُتُّجِهَ اعْتِبَارُ الْحِنْثِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْإِذْنِ فِي أَوَّلِ السَّبَبَيْنِ الَّذِي لَيْسَ بِمُلْجِئٍ لِلسَّبَبِ الْآخَرِ تَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ الْإِذْنِ فِي أَحَدِ السَّبَبَيْنِ تَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِيهِمَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 276 فَصْلٌ. حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا أَيْ هَذِهِ الدَّارَ (أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا) وَهُوَ فِيهَا (فَلْيَخْرُجْ فِي الْحَالِ) لِيَخْلُصَ مِنْ الْحَلِفِ وَلَا يَحْنَثُ لَوْ خَرَجَ وَتَرَكَ فِيهَا أَهْلَهُ وَمَتَاعَهُ (فَإِنْ مَكَثَ بِلَا عُذْرٍ حَنِثَ وَإِنْ بَعَثَ مَتَاعَهُ) وَأَهْلَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَبْعَثْهُمَا لِأَنَّ حَلِفَهُ عَلَى سُكْنَى نَفْسِهِ وَإِنْ مَكَثَ لِعُذْرٍ كَأَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ، أَوْ مُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ لَوْ خَرَجَ لَمْ يَحْنَثْ (وَإِنْ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ كَجَمْعِ مَتَاعٍ وَإِخْرَاجِ أَهْلٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ) لِلْخُرُوجِ (لَمْ يَحْنَثْ) بِمُكْثِهِ لِمَا ذُكِرَ كَمَا لَوْ عَادَ لَهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ فِي الْحَالِ. . (وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا فِي الْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا لَوْ بَنَى بَيْنَهُمَا جِدَارًا وَلِكُلِّ جَانِبٍ مَدْخَلٌ) لَا يَحْنَثُ (فِي الْأَصَحِّ) لِاشْتِغَالِهِ بِرَفْعِ الْمُسَاكَنَةِ وَالثَّانِي يَحْنَثُ لِحُصُولِهَا إلَى تَمَامِ الْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا نِسْبَةُ تَصْحِيحِهِ إلَى الْجُمْهُورِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ إلَى الْبَغَوِيّ. . (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَهُوَ فِيهَا أَوْ لَا يَخْرُجُ وَهُوَ خَارِجٌ فَلَا حِنْثَ بِهَذَا) ، الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دُخُولًا وَلَا خُرُوجًا (أَوْ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يَتَطَهَّرُ أَوْ لَا يَلْبَسُ أَوْ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَقُومُ أَوْ لَا يَقْعُدُ فَاسْتَدَامَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ) الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنْ التَّزَوُّجِ إلَى آخِرِهَا (حَنِثَ قُلْت تَحْنِيثُهُ بِاسْتِدَامَةِ التَّزَوُّجِ وَالتَّطَهُّرِ) الْمُخَالِفُ لِمَا فِي الشَّرْحِ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ (غَلَطٌ لِذُهُولٍ) فَإِنَّ الِاسْتِدَامَةَ فِيهِمَا لَا تُسَمَّى تَزَوُّجًا وَتَطَهُّرًا بِخِلَافِهَا فِي بَاقِي الْأَحْوَالِ فَتُسَمَّى لُبْسًا وَرُكُوبًا إلَى آخِرِهَا. (وَاسْتِدَامَةُ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا قَوْلُهُ: (فَلْيَخْرُجْ) عَلَى الْعَادَةِ فَلَا يُكَلَّفُ الْعَدْوَ فِي مَشْيِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ التَّحَوُّلَ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ الْخُرُوجِ الْمُعْتَادِ وَلَا يُكَلَّفُ أَقْرَبَ الْبَابَيْنِ، فَلَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْأَبْعَدِ إلَّا إنْ كَانَ بِصُعُودِ نَحْوِ سَطْحٍ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَكَثَ بِلَا عُذْرٍ حَنِثَ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَإِنْ كَانَ مُكْثُهُ بِقَدْرِ زَمَنِ الِاعْتِكَافِ. وَقَالَ شَيْخُنَا يُعْتَبَرُ مَا يُعَدُّ مُكْثًا فِي الْعُرْفِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَيْسَ مِنْ الْمَنْعِ حَلِفُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخُرُوجِ. قَوْلُهُ: (أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ) وَكَذَا عَلَى مُعْتَقِهِ أَوْ عِرْضِهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ لَوْ أَخَذَهُ مَعَهُ أَوْ تَرَكَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ لَمْ يَخَفْ لَمْ يَعْذُرْ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا وَإِنْ اخْتَصَّ الْأَمْنُ بِهِ، وَمِنْ الْعُذْرِ ضِيقُ وَقْتِ صَلَاةٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ بِمُكْثِهِ) وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ فِي جَمْعِ الْمَتَاعِ إنَابَةُ غَيْرِهِ فِي جَمْعِهِ مَنْ يَأْتَمِنُهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ. قَوْلُهُ: (عَادَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى جَمْعِ الْمَتَاعِ أَيْ مَعَ فَقْدِ نَائِبٍ كَمَا مَرَّ، وَخَرَجَ بِالْعَوْدِ إلَيْهِ مَا لَوْ عَادَ بَعْدَ تَحْوِيلِهِ، وَلَوْ لِغَيْرِ غَرَضٍ فَلَا يَحْنَثُ وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ) أَوْ لَا يَسْكُنُ مَعَهُ أَوْ لَا مُسَاكَنَةَ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (فِي هَذِهِ الدَّارِ) أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا عَمِلَ بِهِ حَتَّى لَوْ نَوَى أَنْ لَا يُسَاكِنَهُ فِي الْبَلَدِ حَنِثَ بِسُكْنَاهُ فِيهَا، وَلَوْ فِي طَرَفٍ بَعِيدٍ عَنْهُ مِنْ طَرَفَيْهَا. قَوْلُهُ: (فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا) أَيْ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ وَلَوْ إلَى مَحَلٍّ مُلَاصِقٍ لَهَا مِنْ نَحْوِ خَانٍ أَوْ فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ حَيْثُ اسْتَقَلَّ كُلُّ مَحَلٍّ بِمَرَافِقِهِ مِنْ نَحْوِ بَالُوعَةِ وَحْشٍ وَمِصْعَدٍ وَسُلَّمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ) فَلَوْ قَالَ أَرَدْت مُدَّةً كَشَهْرٍ مَثَلًا قُبِلَ مِنْهُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ لَا بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ زَيْدًا وَعَمْرًا بَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا، أَوْ لَا يُسَاكِنُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا لَمْ يَبَرَّ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا) لَا يَحْنَثُ عَلَى مَرْجُوحٍ لَوْ بَنَى بَيْنَهُمَا جِدَارًا وَلِكُلِّ جَانِبٍ مَدْخَلٌ فِي الْأَصَحِّ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَا مَعًا فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْجِدَارِ حَنِثَ قَطْعًا، وَيَظْهَرُ أَنَّ جُمْلَةَ وَلِكُلِّ جَانِبٍ مَدْخَلٌ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ لِيُفِيدَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَدْخَلَيْنِ مَوْجُودٌ قَبْلَ بِنَاءِ الْجِدَارِ بَيْنَهُمَا، وَيُحْتَمَلُ عَطْفُ لِكُلٍّ عَلَى بَيْنِهِمَا فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْمَدْخَلَيْنِ جُدِّدَ بِنَاؤُهُ كَالْجِدَارِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِانْتِقَالِهِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي تَعَاطِيهِ الْبِنَاءَ بِنَفْسِهِ فَلَوْ مَكَثَ حَتَّى بَنَى غَيْرُهُ الْجِدَارَ وَلَوْ بِأَمْرِهِ حَنِثَ قَطْعًا، أَوْ خَرَجَ كَمَا مَرَّ حَتَّى بَنَى غَيْرُهُ الْجِدَارَ ثُمَّ عَادَ لَمْ يَحْنَثْ قَطْعًا فَرَاجِعْ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَحْنَثُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ (وَلَوْ حَلَفَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْحُكْمِ وَالْمَعْنَى لَمْ يَجْعَلُوا لَهَا ضَابِطًا يَجْمَعُ جُزْئِيَّاتِ   [حاشية عميرة] [فَصْل حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا أَيْ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا وَهُوَ فِيهَا] فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا إلَخْ قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَكَثَ) أَيْ وَلَوْ مُتَرَدِّدًا فِي الْمَكَانِ وَاسْتَدَلَّ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْمَتَاعِ بِآيَةِ {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم: 37] فَأَطْلَقَ عَلَى ذَلِكَ إسْكَانًا وَلَيْسَ مَعَهُمْ رَحْلٌ وَلَا مَتَاعٌ وَاقْتَضَى كَلَامُهُمْ أَنَّ الْمُكْثَ وَلَوْ قَلَّ يَضُرُّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ هُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَرَادَ لَا أَمْكُثُ وَإِنْ أَرَادَ لَا أَتَّخِذُهَا مَسْكَنًا فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْحِنْثِ بِمُكْثِ نَحْوِ السَّاعَةِ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ السُّكْنَى كَالْمُقِيمِ لَا يَصِيرُ مُسَافِرًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ. فَائِدَةٌ: جَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْعُذْرِ ضِيقَ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ، قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُشْتَغِلَ بِأَسْبَابِ الِانْتِقَالِ لَيْسَ سَاكِنًا عُرْفًا. قَوْلُهُ: (لَا يُسَاكِنُهُ) مِثْلُهُ لَا يَسْكُنُ مَعِي أَوْ لَا أَسْكُنُ مَعَهُ. فَائِدَةٌ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَنْ قَالَ فِي مَسْأَلَةِ جَمْعِ الْمَتَاعِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ قَالَ هُنَا كَذَلِكَ وَمَنْ لَا فَلَا إلَّا الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فَصَحَّحَ هُنَاكَ عَدَمَ الْحِنْثِ وَصَحَّحَ هُنَا الْحِنْثَ وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ قَصْدَ الْمُسَاكَنَةِ مَوْجُودٌ هُنَا وَقَصْدَ التَّحَوُّلِ مَوْجُودٌ هُنَاكَ. وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ بَنَى بَيْنَهُمَا إلَخْ) أَيْ بِفِعْلِهِمَا أَوْ بِأَمْرِ الْحَالِفِ أَوْ فِعْلِهِ. قَوْلُهُ: (الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا إلَخْ) يُقَالُ تَزَوَّجْت مِنْ شَهْرٍ وَلَا يُقَالُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 277 طِيبٍ لَيْسَتْ تَطَيُّبًا فِي الْأَصَحِّ) فَلَا يَحْنَثُ بِهَا الْحَالِفُ، لَا يَتَطَيَّبُ (وَكَذَا وَطْءٌ وَصَوْمٌ وَصَلَاةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ اسْتِدَامَتُهَا لَيْسَتْ نَفْسَهَا فِي الْأَصَحِّ فَلَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا الْحَالِفِ لَا يَفْعَلُهَا وَيُتَصَوَّرُ فِي الصَّلَاةِ بِنِسْيَانِهَا وَالْمَسَائِلُ الْأَرْبَعُ ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ. . (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا حَنِثَ بِدُخُولِ دِهْلِيزٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ (دَاخِلَ الْبَابِ) لَا ثَانِيَ لَهُ (أَوْ بَيْنَ بَابَيْنِ لَا بِدُخُولِ طَاقٍ) مَعْقُودٍ (قُدَّامَ الْبَابِ) وَقِيلَ يَحْنَثُ بِهِ لِدُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ (وَلَا بِصُعُودِ سَطْحٍ) مِنْ خَارِجِهَا (غَيْرَ مَحُوطٍ وَكَذَا مَحُوطٌ) مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَحْنَثُ لِإِحَاطَةِ حِيطَانِ الدَّارِ بِهِ (وَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ رَأْسَهُ أَوْ رِجْلَهُ) ، فِيهَا (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ (فَإِنْ وَضَعَ رِجْلَيْهِ فِيهَا مُعْتَمَدًا عَلَيْهِمَا حَنِثَ) لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الدُّخُولِ فَإِنْ مَدَّهُمَا فِيهَا وَهُوَ قَاعِدٌ خَارِجَهَا لَمْ يَحْنَثْ (وَلَوْ انْهَدَمَتْ فَدَخَلَ وَقَدْ بَقِيَ أَسَاسُ الْحِيطَانِ حَنِثَ) لِبَقَاءِ اسْمِ الدَّارِ (وَإِنْ صَارَتْ   [حاشية قليوبي] أَفْرَادِهَا فَيُرْجَعُ فِيهَا إلَى الْمَنْقُولِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ لَا يَقْعُدُ) أَوْ لَا يُسَافِرُ أَوْ لَا يُشَارِكُ أَوْ لَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ أَوْ لَا يَسْكُنُ فَاسْتَدَامَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ حَنِثَ، فَلَوْ كَرَّرَ الْحَلِفَ فِيهَا تَكَرَّرَ الْحِنْثُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ عَلَيْهَا وَشَرَعَ فِيهَا وَاسْتَدَامَهَا فَيَحْنَثُ أَيْضًا، وَهَكَذَا فَلَوْ حَلَفَ بِكُلَّمَا تَكَرَّرَ بِكُلِّ لَحْظَةٍ حَنِثَ، فَلَوْ قَالَ كُلَّمَا لَبِثْت فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا بِمُضِيِّ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ إلَى وَقْتِ كَذَا فَاسْتَدَامَهُ لَحْظَةً حَنِثَ أَوْ لَا يُقِيمُ فِي مَحَلِّ كَذَا ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَقَامَهَا وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً حَنِثَ بِخِلَافِ عَدَمِ الْكَلَامِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْهَجْرُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِ الْمُتَوَالِي. قَوْلُهُ: (لَا تُسَمَّى تَزَوُّجًا) لِأَنَّ الْحَلِفَ فِيهِ مُنْصَرِفٌ إلَى الْعَقْدِ وَهُوَ لَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَيَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى بِاسْتِدَامَتِهِ مُطْلَقًا وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ فِي التَّسَرِّي الشَّرْعِيِّ وَهُوَ حَجْبُ الْأَمَةِ مَعَ الْوَطْءِ بِخَلَاءِ الْعُرْفِيِّ وَهُوَ حَجْبُهَا مِنْ الِابْتِدَاءِ فَلَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهِ كَالتَّزَوُّجِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَتَطَهُّرًا) أَيْ اسْتِدَامَةُ الطُّهْرِ لَا تُسَمَّى تَطَهُّرًا لِأَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إلَى فِعْلِ الطَّهَارَةِ وَهُوَ لَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ، فَلَوْ حَلَفَ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ حَنِثَ بِإِتْمَامِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (لَيْسَتْ تَطَيُّبًا) لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا وَطْءٌ) أَيْ لَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهِ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى وَطْئًا، وَإِنْ كَانَ وَطْئًا وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الظِّهَارِ فَارْجِعْ إلَيْهِ، وَاسْتِدَامَةُ الْوَطْءِ بِعَدَمِ النَّزْعِ وَإِنْ أَنْزَلَ. قَوْلُهُ: (وَصَوْمٌ وَصَلَاةٌ) لَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهِمَا لِأَنَّ الْحَلِفَ فِيهِمَا يَنْصَرِفُ إلَى انْعِقَادِهِمَا بِالنِّيَّةِ وَهِيَ لَا تَتَقَدَّرُ بِزَمَنٍ، وَقَوْلُهُمْ صُمْت شَهْرًا أَوْ صَلَّيْت يَوْمًا مَثَلًا لَا يُنَافِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِنِسْيَانِهَا) أَوْ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ. قَوْلُهُ: (وَالْمَسَائِلُ الْأَرْبَعُ إلَخْ) وَأَلْحَقَ بِهَا الْغَصْبَ فَلَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَغْصِبُ. قَوْلُهُ: (لَا يَدْخُلُ دَارًا) وَمِثْلُهَا الرِّبَاطُ وَالْمَدْرَسَةُ وَالْمَسْجِدُ بِخِلَافِ الْبَيْتِ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِ دِهْلِيزِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْبَيَاتِ. قَوْلُهُ: (حَنِثَ بِدُخُولِ دِهْلِيزٍ إلَخْ) أَيْ بِنَفْسِهِ حَيْثُ يُنْسَبُ إلَيْهِ فَلَوْ حَمَلَهُ إنْسَانٌ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى مَنْعِهِ أَوْ رَكِبَ دَابَّةً زِمَامُهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ، لَمْ يَحْنَثْ فَإِنْ حَمَلَهُ بِأَمْرِهِ أَوْ كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِهِ حَنِثَ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا يَحْنَثُ فِي الْحَمْلِ مُطْلَقًا وَيَحْنَثُ فِي الدَّابَّةِ مُطْلَقًا وَلَفْظُ الدِّهْلِيزِ فَارِسِيٌّ مُعْرَبٌ. قَوْلُهُ: (لَا بِدُخُولِ طَاقٍ مَعْقُودٍ قُدَّامَ الْبَابِ) وَلَا بِدُخُولِ دَرْبٍ كَذَلِكَ وَإِنْ نُسِبَ لَهَا وَدَخَلَ فِي حَدِّهَا حَيْثُ لَا بَابَ فِي أَوَّلِهِ وَلَا بِدُخُولِ نَحْوِ إصْطَبْلٍ كَبُسْتَانٍ لَيْسَ دَاخِلًا فِي حَدِّهَا أَوْ لَا بَابَ لَهُ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (لِدُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ) وَفَرْقٌ بِأَنَّهُ مِنْ مُسَمَّاهَا وَلَا يُسَمَّى دُخُولُهُ دُخُولًا لَهَا كَاَلَّذِي بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مَحُوطٌ) أَيْ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِ الْمَحُوطِ الَّذِي لَمْ يُسَقَّفْ فَإِنْ كَانَ مُسَقَّفًا وَلَوْ لِبَعْضِهِ حَنِثَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ السَّقْفِ حَيْثُ كَانَ لِلسَّطْحِ مَرْقًى مِنْ الدَّارِ وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ بِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ) نَعَمْ إنْ اعْتَمَدَ عَلَى ذَلِكَ الدَّاخِلِ مِنْ رِجْلِهِ أَوْ رَأْسِهِ أَوْ يَدِهِ فَقَطْ حَنِثَ قَالَ شَيْخُنَا، وَلَوْ أَدْخَلَ بَدَنَهُ كُلَّهُ وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ كَأَنْ عُلِّقَ بِحَبْلٍ مَثَلًا لَمْ يَحْنَثْ، وَفِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ يَحْنَثُ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (لِبَقَاءِ اسْمِ الدَّارِ) فَالْمُرَادُ بِالْأَسَاسِ أَسْفَلَ الْحِيطَانِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا فَوْقَ الْأَرْضِ لَا مَا تَحْتَهَا مِنْ الْأَرْضِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ فَوْقَ الْأَرْضِ شَيْءٌ لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِهَا وَلَوْ بَعْدَ إعَادَتِهَا لِزَوَالِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَهُوَ اسْمُ الدَّارِ، نَعَمْ إنْ أُعِيدَتْ بِنَقْضِهَا وَحْدَهُ حَنِثَ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الدَّارِ حَنِثَ بِدُخُولِ عَرْصَتِهَا. تَنْبِيهٌ: السَّفِينَةُ وَالْآدَمِيُّ كَالدَّارِ فَلَوْ قَالَ لَا أَرْكَبُ هَذِهِ السَّفِينَةَ أَوْ لَا أُكَلِّمُ هَذَا الْآدَمِيَّ فَنَزَعَ مِنْهَا بَعْضَ الْأَلْوَاحِ أَوْ قَطَعَ مِنْهُ بَعْضَ   [حاشية عميرة] تَزَوَّجْت شَهْرًا وَكَذَا الطُّهْرُ وَالطِّيبُ، قَوْلُهُ: (بِخِلَافِهَا إلَخْ) إيضَاحُهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَطْلِيقُ زَوْجَتِهِ، وَكَذَا الطِّيبُ إذَا أَحْرَمَ وَهُوَ فِيهِ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ نَزْعُ اللِّبَاسِ وَالْفِدْيَةُ إنْ اسْتَدَامَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا إلَخْ) . فَرْعٌ: قَالَ إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ، وَلَهَا بُسْتَانٌ بَابُهُ يَفْتَحُ إلَيْهَا فَخَرَجَتْ إلَيْهِ فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إنْ كَانَ يُعَدُّ مِنْ مَرَافِقِ الدَّارِ، وَإِلَّا فَيَحْنَثُ قَالَهُ الشَّيْخَانِ، قَوْلُهُ: (أَوْ بَيْنَ بَابَيْنِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَ ذَلِكَ الدِّهْلِيزُ. فَائِدَةٌ: الدِّهْلِيزُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ) أَمَّا مِنْ بَعْضِ الْجَوَانِبِ فَلَا حِنْثَ قَطْعًا فِي الْجَانِبِ الْوَاحِدِ وَفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ قَوْلُهُ: (لِبَقَاءِ اسْمِ الدَّارِ) أَيْ وَصُورَتُهَا أَنْ يَبْقَى هُنَاكَ رُسُومٌ وَبَعْضُ جُدُرٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَقِيَ الْأَسَاسُ الْمَدْفُونُ فِيهَا فَإِنَّ اسْمَ الدَّارِ يَزُولُ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمِنْهَاجِ خِلَافَ ذَلِكَ، أَقُولُ بَلْ هُوَ مُرَادُ الْمِنْهَاجِ قَطْعًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ صَارَتْ فَضَاءً، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ صَارَتْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 278 فَضَاءً أَوْ جُعِلَتْ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا فَلَا) يَحْنَثُ لِزَوَالِ اسْمِ الدَّارِ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ حَنِثَ بِدُخُولِ مَا يَسْكُنُهَا بِتِلْكَ لَا بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ وَغَصْبٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِدَارِهِ (مَسْكَنَهُ) فَيَحْنَثُ بِالْمِلْكِ وَغَيْرِهِ (وَيَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَسْكُنُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِدَارِهِ (مَسْكَنَهُ) فَلَا يَحْنَثُ بِمَا لَا يَسْكُنُهُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى مَنْ يَمْلِكَ تَقْتَضِي الْمِلْكَ. . (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ أَوْ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ فَبَاعَهُمَا أَوْ طَلَّقَهَا فَدَخَلَ وَكَلَّمَ لَمْ يَحْنَثْ) لِزَوَالِ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ. (إلَّا أَنْ يَقُولَ دَارُهُ هَذِهِ أَوْ زَوْجَتُهُ هَذِهِ أَوْ عَبْدُهُ هَذَا فَيَحْنَثُ) تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا دَامَ مِلْكُهُ) فَلَا يَحْنَثُ (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا مِنْ ذَا الْبَابِ فَنَزَعَ وَنَصَبَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ بِالثَّانِي، وَيَحْنَثُ بِالْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا حَمْلًا لِلْيَمِينِ عَلَى الْمَنْفَذِ دُونَ الْمَنْصُوبِ فَالْخَشَبُ وَنَحْوُهُ وَالثَّانِي الْعَكْسُ حَمْلًا عَلَى الْمَنْصُوبِ وَالثَّالِثُ لَا يَحْنَثُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا حَمْلًا عَلَى الْمَنْفَذِ وَالْمَنْصُوبِ مَعًا هَذَا إنْ أَطْلَقَ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بَعْضَ هَذِهِ الْمَحَامِلِ حُمِلَ عَلَيْهِ قَطْعًا. (أَوْ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا حَنِثَ بِكُلِّ بَيْتٍ مِنْ طِينٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ آجُرَّ أَوْ خَشَبٍ أَوْ خَيْمَةٍ) أَوْ صُوفٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ وَبَرٍ أَوْ جِلْدٍ فَإِنْ نَوَى نَوْعًا مِنْهَا حُمِلَ عَلَيْهِ (وَلَا   [حاشية قليوبي] الْأَعْضَاءِ ثُمَّ رَكِبَهَا، أَوْ كَلَّمَهُ حَنِثَ لِبَقَاءِ الِاسْمِ بِخِلَافِهِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَنَزَعَ مِنْهُ بَعْضَ خُيُوطِهِ لَمْ يَحْنَثْ بِلُبْسِهِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ إحَاطَةُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِالْبَدَنِ قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفِي السَّفِينَةِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ بُسْتَانًا فَلَا يَحْنَثُ) وَكَذَا لَوْ جُعِلَتْ مَخْزَنًا لِحَبٍّ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ زَرِيبَةً لِدَوَابَّ أَوْ طَاحُونًا وَإِنْ بَقِيَتْ عَلَى هَيْئَتِهَا وَقْتَ الْحَلِفِ وَسَوَاءٌ أَشَارَ إلَيْهَا وَقْتَ الْحَلِفِ، أَوْ لَا أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (دَارَ زَيْدٍ) أَوْ حَانُوتَهُ قَوْلُهُ: (لَا بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ وَغَصْبٍ) أَيْ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِ دَارٍ تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ سَاكِنًا فِيهَا وَكَذَا مَا تَحْتَ يَدِهِ بِوَقْفٍ عَلَيْهِ أَوْ بِوَصِيَّةٍ لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ أَئِمَّتِنَا كَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَحْنَثُ بِالْمُعَارِ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَمَّا الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فَيَقَعُ بِمَا يَمْلِكُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهُ وَبِمَا يَسْكُنُهُ وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ لِأَنَّهُمَا حَقُّ آدَمِيٍّ وَالرُّجُوعُ عَنْهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ إرَادَةٌ فَالْكُلُّ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَسْكُنُهُ) وَمِثْلُهُ مَا يُعْرَفُ بِهِ كَدَارِ الْعَدْلِ بِبَغْدَادَ وَهَذَا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْإِرَادَةِ إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مَا يَسْكُنُهَا مُسْتَدْرَكٌ وَشَمِلَ الْمِلْكَ مَا تَجَدَّدَ بَعْدَ الْحَلِفِ زِيَادَةً عَلَى الْمَوْجُودِ وَقْتَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِلَيْهِ يُرْشِدُ التَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ زَيْدٍ أَوْ لَا يَمَسُّ شَعْرَهُ، فَإِنَّهُ يَشْمَلُ الْمَوْجُودَ وَالْمُتَجَدِّدَ، وَلَوْ بَعْدَ حَلْقِ شَعْرِهِ الْأَوَّلُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى اتِّحَادِ الْعَبْدِ وَجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِعَوْدِ الشَّعْرِ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ وَلَدَ زَيْدٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِكَلَامِ الْوَلَدِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْحَلِفِ. قَوْلُهُ: (فَبَاعَهُمَا) فِيهِ التَّثْنِيَةُ بَعْدُ أَوْ سَوَاءٌ بَاعَ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ مُعَيَّنًا أَوْ شُيُوعًا كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَوَقْفٍ وَفَرْضٍ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ أَوْ الطَّلَاقِ، قَوْلُهُ: (لِزَوَالِ الْمِلْكِ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ وَقَعَ بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، وَأَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنٌ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَقُولَ) أَوْ يَنْوِيَ قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ) أَيْ عَلَى الْإِضَافَةِ وَالِاسْمِ نَعَمْ إنْ زَالَ الِاسْمُ كَأَنْ عَتَقَ الْعَبْدُ أَوْ جَعَلَ الدَّارَ نَحْوَ مَسْجِدٍ كَمَا مَرَّ لَمْ يَحْنَثْ قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ الدَّارِ وَالْعَبْدِ حَنِثَ بِدُخُولِهَا مُطْلَقًا، قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) أَيْ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (حَمْلًا لِلْيَمِينِ عَلَى الْمَنْفَذِ) لِأَنَّهُ الْحَقِيقَةُ دُونَ الْمَنْصُوبِ لِأَنَّهُ الْمَجَازُ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي الْعَكْسُ) فِيهِ تَقْدِيمُ الْمَجَازِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فِي الْأَلْفَاظِ قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ إلَخْ) فِيهِ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازُهُ مَعًا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَمُوَافِقُوهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا حَنِثَ بِكُلِّ بَيْتٍ) أَيْ إنْ حَلَفَ بِالْعَرَبِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ حَضَرِيًّا أَوْ بَدْوِيًّا فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي فَإِنْ حَلَفَ بِالْعَجَمِيَّةِ كَقَوْلِهِ درخانه نروم أُونه خَانَهُ نروم لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِالْمَبْنَى فَقَطْ، وَخَرَجَ بِالْبَيْتِ الدَّارَ وَإِنْ أَطْلَقَ عَلَيْهَا اسْمَ الْبَيْتِ كَمَا فِي مِصْرَ فَلَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا كَعَكْسِهِ، قَوْلُ: (أَوْ خَشَبٍ) مِنْهُ الْقَصَبُ وَالْجَرِيدُ وَمَحَلُّهُ إنْ أَحْكَمَ الْبِنَاءَ فِيهَا لَا نَحْوُ بُيُوتِ الرُّعَاةِ مِنْ جَرِيدٍ وَحَشِيشٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَوْلُهُ: (أَوْ خَيْمَةٍ) وَالْمُرَادُ بِهَا   [حاشية عميرة] فَضَاءً) لَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ حَنِثَ بِدُخُولِ الْعَرْصَةِ وَإِنْ صَارَتْ فَضَاءً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ إلَخْ) . لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَقْتَضِي الْمِلْكَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِيَزِيدَ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت أَنَّهُ يَسْكُنُهَا بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ لَا يُقْبَلُ وَلَوْ قَالَ دَارِي لِزَيْدٍ بَطَلَ إقْرَارُهُ لِلتَّنَاقُضِ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ لَا أَدْخُلُ حَانُوتَ زَيْدٍ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ لَكِنْ سَاقَ الزَّرْكَشِيُّ كَلَامًا طَوِيلًا فِيهَا وَكَذَا فِي الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ مَثَلًا وَحَاوَلَ الْحِنْثَ نَظَرًا إلَى عُرْفِ اللَّافِظِ دُونَ عُرْفِ اللَّفْظِ قَالَ، وَنُقِلَ هَذَا فِي الشَّامِلِ عَنْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، قَوْلُهُ: (لِلْمِلْكِ وَغَيْرِهِ) وَلَوْ مَغْصُوبًا. قَوْلُهُ: (فَلَا يَحْنَثُ بِمَا لَا يَسْكُنُهُ) أَيْ بَلْ يَحْنَثُ بِمَا يَسْكُنُهُ وَلَوْ مَغْصُوبًا قَوْلُهُ: (مِنْ ذَا الْبَابِ) ، مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ جُمْلَةُ الْمَنْفَذِ وَالْبَابِ، وَقَوْلُهُ فَنَزَعَ أَيْ الْبَابَ الْمَنْصُوبَ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ لَا وَجْهَ لَهُ، قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ بِالثَّانِي) وَلَوْ سَدَّ الْأَوَّلَ، قَوْلُهُ: (وَيَحْنَثُ بِالْأَوَّلِ) أَيْ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. فَرْعٌ: حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مِنْ بَابِ هَذِهِ الدَّارِ فَجَدَّدَ لَهَا بَابًا آخَرَ حَنِثَ عَلَى الْأَصَحِّ. فَرْعٌ: حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الْخَيْمَةَ فَضُرِبَتْ فِي مَكَانٍ آخَرَ حَنِثَ بِدُخُولِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ خَشَبٍ) فَلَا يَحْنَثُ بِبُيُوتِ الرُّعَاةِ مِنْ الْجَرِيدِ وَالْحَشِيشِ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلسُّكْنَى، قَوْلُهُ: (أَوْ خَيْمَةٍ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ تَصْوِيرُهَا بِمَا إذَا اُتُّخِذَتْ مَسْكَنًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْنَثُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 279 يَحْنَثُ بِمَسْجِدٍ وَحَمَّامٍ وَكَنِيسَةٍ وَغَارِ جَبَلٍ) لِأَنَّهَا لَا يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْبَيْتِ إلَّا بِتَقْيِيدٍ. . (أَوْ لَا يَدْخُلُ عَلَى زَيْدٍ فَدَخَلَ بَيْتًا فِيهِ زَيْدٌ وَغَيْرُهُ) عَالِمًا بِذَلِكَ (حَنِثَ وَفِي قَوْلٍ إنْ نَوَى الدُّخُولَ عَلَى غَيْرِهِ دُونَهُ لَا يَحْنَثُ) كَمَا فِي مَسْأَلَةِ السَّلَامِ الْآتِيَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الدُّخُولَ لَا يَتَبَعَّضُ بِخِلَافِ السَّلَامِ. (فَلَوْ جَهِلَ حُضُورَهُ) فِي الْبَيْتِ (فَخِلَافُ حِنْثِ النَّاسِي) وَالْجَاهِلِ فِي ذَلِكَ وَالْأَظْهَرُ مِنْهُ عَدَمُ الْحِنْثِ أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ. . (قُلْت وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ) عِلْمُهُ (وَاسْتَثْنَاهُ) بِاللَّفْظِ أَوْ بِالنِّيَّةِ (لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ أَطْلَقَ حَنِثَ فِي الْأَظْهَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . لِظُهُورِ اللَّفْظِ فِي الْجَمِيعِ وَالثَّانِي وَجْهٌ بِأَنَّ اللَّفْظَ صَالِحٌ لِلْجَمِيعِ وَلِلْبَعْضِ فَلَا يَحْنَثُ بِالشَّكِّ، وَلَوْ جَهِلَهُ فِيهِمْ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأَظْهَرِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ. فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ حَنِثَ بِرُءُوسٍ تُبَاعُ وَحْدَهَا وَهِيَ رُءُوسُ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ (لَا) بِرُءُوسِ (طَيْرٍ وَحُوتٍ وَصَيْدٍ إلَّا بِبَلَدٍ تُبَاعُ فِيهِ مُفْرَدَةً) ، فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهَا فِيهِ بِخِلَافِ أَكْلِهَا فِي غَيْرِهِ، فَلَا يَحْنَثُ بِهِ فِي وَجْهٍ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالرُّويَانِيُّ وَالْأَقْوَى الْحِنْثُ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ النَّصِّ وَهَلْ يُعْتَبَرُ نَفْسُ الْبَلَدِ الَّذِي يَثْبُتُ فِيهِ الْعُرْفُ أَمْ كَوْنُ الْحَالِفِ مِنْ أَهْلِهِ وَجْهَانِ، فَإِنْ قَصَدَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مَا يُسَمَّى رَأْسًا حَنِثَ بِرَأْسِ السَّمَكِ وَالطَّيْرِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ قَصَدَ نَوْعًا خَاصًّا لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ انْتَهَى. . (وَالْبِيضُ)   [حاشية قليوبي] الْعُرْفِيَّةُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ نَحْوِ الثِّيَابِ إذَا نُصِبَتْ وَشُدَّتْ أَطْنَابُهَا، وَإِنْ لَمْ تُرْخَ أَذْيَالُهَا وَخَرَجَ بِهَا اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ مَا تُؤْخَذُ مِنْ نَحْوِ أَعْوَادٍ، وَتُسَقَّفْ بِنَحْوِ حَشِيشٍ كَمَا مَرَّ فِي بُيُوتِ الرُّعَاةِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ تَحْتَ نَحْوِ بُرْدَةٍ جُعِلَتْ عَلَى أَعْوَادٍ لِدَفْعِ حَرِّ الشَّمْسِ مَثَلًا، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي بُيُوتِ الْأَعْرَابِ، وَيَظْهَرُ الْحِنْثُ بِهَا كَالْخَيْمَةِ وَرُبَّمَا يَشْمَلُهَا قَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ مِنْ شَعْرٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لَا يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْبَيْتِ) نَعَمْ إنْ كَانَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا نَحْوُ خَلْوَةٍ حَنِثَ بِدُخُولِهَا كَغَارِ جَبَلٍ هُيِّئَ لِلْبَيَاتِ وَالسُّكْنَى فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَدَخَلَ بَيْتًا فِيهِ زَيْدٌ وَغَيْرُهُ) حَنِثَ وَإِنْ اسْتَثْنَاهُ بِقَلْبِهِ أَوْ لِسَانِهِ لِأَنَّ الدُّخُولَ لَا يَتَبَعَّضُ بِخِلَافِ السَّلَامِ كَمَا يَأْتِي وَلَوْ قَالَ مَوْضِعًا لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى إذْ غَيْرُ الْبَيْتِ مِثْلُهُ إلَّا نَحْوَ حَمَّامٍ أَوْ مَسْجِدٍ مِمَّا لَا يَخْتَصُّ بِأَحَدٍ عُرْفًا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَحِينَئِذٍ فَفِي مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَفْصِيلٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْأَظْهَرُ مِنْهُ عَدَمُ الْحِنْثِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ الْخُرُوجُ حَالًا وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ. قَوْلُهُ: (فَسَلَّمَ) أَيْ وَلَوْ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَقَصَدَ السَّلَامَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يُسْمَعُ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْقَصْدُ هُنَا بِخِلَافِ السَّلَامِ مِنْ غَيْرِ الصَّلَاةِ لِانْصِرَافِ السَّلَامِ فِيهَا لِلتَّحَلُّلِ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ) لِمَا تَقَدَّمَ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إنْ أَطْلَقَ حَنِثَ) إلَّا فِي السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ. فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَالْقَاعِدَةُ فِي ذَلِكَ الْعَمَلُ بِالْعُرْفِ فَإِنْ اضْطَرَبَ عَمِلَ بِاللُّغَةِ. [فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ] قَوْلُهُ: (حَنِثَ بِرُءُوسٍ) أَيْ بِأَكْلِ ثَلَاثِ رُءُوسٍ إنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ نَظَرًا لِتَحَقُّقِ الْعِصْمَةِ فَإِنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ حَنِثَ بِوَاحِدَةٍ كَامِلَةٍ عِنْدَ شَيْخِنَا، وَهُوَ الْوَجْهُ لِمَا يَأْتِي. وَقَالَ الْخَطِيبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ يَحْنَثُ بِبَعْضِ وَاحِدَةٍ أَيْضًا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُءُوسًا بِالتَّنْكِيرِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِثَلَاثٍ مُطْلَقًا عِنْدَ الْجَمِيعِ هَذَا فِي النَّفْيِ، وَأَمَّا فِي الْإِثْبَاتِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ رُءُوسًا أَوْ الرُّءُوسَ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِثَلَاثَةٍ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وِفَاقًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إذَا حَلَفَ عَلَى مَعْدُودٍ، فَفِي الْإِثْبَاتِ نَحْوُ لَأُكَلِّمَنَّ النَّاسَ أَوْ لَأَتَصَدَّقَنَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِثَلَاثَةٍ اعْتِبَارًا بِأَقَلِّ الْجَمْعِ، وَفِي النَّفْيِ يَحْنَثُ بِوَاحِدٍ اعْتِبَارًا بِأَقَلِّ الْعَدَدِ وَالْفَرْقُ أَنَّ نَفْيَ الْجَمِيعِ مُمْكِنٌ، وَإِثْبَاتَ الْجَمِيعِ مُتَعَذَّرٌ فَاعْتُبِرَ فِي كُلِّ مَا يُنَاسِبُهُ اهـ. لَكِنْ فِي جَعْلِ أَقَلِّ الْعَدَدِ وَاحِدًا نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (تُبَاعُ وَحْدَهَا) أَيْ شَأْنَهَا ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِبَلَدٍ إلَخْ) أَيْ إلَّا إنْ كَانَ الْحَالِفُ مِنْ بَلَدٍ تُبَاعُ فِيهِ مُفْرَدَةً سَوَاءٌ حَلَفَ فِيهِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ أَكْلُهُ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَقْوَى الْحِنْثُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَهَلْ يُعْتَبَرُ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ، قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا الثَّانِي كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (إذَا حَلَفَ) أَيْ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا حُمِلَ عَلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ بِغَيْرِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلَى مُزَايِلٍ إلَخْ) أَيْ عَلَى بَيْضٍ شَأْنُهُ أَنْ يُفَارِقَ بَائِضَهُ فِي حَيَاتِهِ، وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ كَغُرَابٍ وَحَيَّةٍ لِأَنَّ الْبُيُوضَ كُلَّهَا مَأْكُولَةٌ وَإِنْ حُرِّمَتْ لِضَرَرٍ كَسُمٍّ فِي بَيْضِ الْحَيَّاتِ وَسَوَاءٌ أَكَلَهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ   [حاشية عميرة] بِمَسْجِدٍ) لَوْ نَوَاهُ فَالظَّاهِرُ الْحِنْثُ وَبِهِ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ خِلَافًا لِابْنِ سُرَاقَةَ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ جَهِلَ حُضُورَهُ إلَخْ) ، لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ عَلَيْهِ عَامِدًا وَلَا نَاسِيًا حَنِثَ عِنْدَ دُخُولِهِ جَاهِلًا بِلَا خِلَافٍ. تَنْبِيهٌ: لَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِالْفِعْلِ نَاسِيًا وَلَا جَاهِلًا. فَصْلٌ فِي حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَلَا نِيَّةَ لَهُ) قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْضِ الْآتِيَةِ، قَوْلُهُ: (وَالْبَقَرَةِ وَالْإِبِلِ) لِأَنَّهَا تُفْصَلُ عَنْ أَبْدَانِهَا وَتُبَاعُ وَحْدَهَا، قَوْلُهُ: (لَا طَيْرٍ وَحُوتٍ) . قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَاعِدَةُ الْأَيْمَانِ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ مَا لَمْ يَضْطَرِبْ فَإِنْ اضْطَرَبَ اُعْتُبِرَتْ اللُّغَةُ، قَوْلُهُ: (وَصَيْدٍ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ، قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ أَكْلِهَا) مُنْفَصِلَةً أَوْ مُتَّصِلَةً، قَوْلُهُ: (وَالْأَقْوَى الْحِنْثُ) عَلَّلَهُ الزَّنْكَلُونِيُّ شَارِحُ التَّنْبِيهِ بِأَنَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 280 إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ (يَحْمِلُ عَلَى مُزَايَلِ بَائِضِهِ فِي الْحَيَاةِ كَدَجَاجٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (وَنَعَامَةٍ وَحَمَامٍ لَا سَمَكٍ وَجَرَادٍ) ، لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِشِقِّ الْبَطْنِ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي. . (وَاللَّحْمُ) إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ يُحْمَلُ. (عَلَى نَعَمٍ) أَيْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ (وَخَيْلٍ وَوَحْشٍ وَطَيْرٍ) مَأْكُولِينَ فَيَحْنَثُ بِالْأَكْلِ مِنْ مُذَكَّاهَا وَفِي الْمَيْتَةِ وَمَا لَا يُؤْكَلُ كَالذَّنَبِ، وَجْهَانِ رَجَّحَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ الْحِنْثَ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالرُّويَانِيُّ الْمَنْعَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الْمَنْعُ أَقْوَى (لَا سَمَكٍ وَجَرَادٍ) لِأَنَّهُمَا لَا يُفْهَمَانِ مِنْ إطْلَاقِ اللَّحْمِ عُرْفًا (وَشَحْمِ بَطْنٍ) وَشَحْمِ عَيْنٍ لِأَنَّهُمَا يُخَالِفَانِ اللَّحْمَ فِي الصِّفَةِ كَالِاسْمِ. (وَكَذَا كَرِشٌ وَكَبِدٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِ ثَانِيهِمَا (وَطِحَالٌ) بِكَسْرِ الطَّاءِ (وَقَلْبٍ) وَمِعًى وَرِئَةٌ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّهَا تُقَامُ مَقَامَ اللَّحْمِ (وَالْأَصَحُّ تَنَاوُلُهُ) ، أَيْ اللَّحْمِ (لَحْمُ رَأْسٍ وَلِسَانٍ) وَجِلْدٌ وَأَكَارِعُ وَالثَّانِي يَقُولُ لَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ اللَّحْمِ عُرْفًا. (وَشَحْمِ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ) وَهُوَ الْأَبْيَضُ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ الْأَحْمَرُ لِأَنَّهُ لَحْمٌ سَمِينٍ وَلِهَذَا يَحْمَرُّ عِنْدَ الْهُزَالِ، وَالثَّانِي نَظَرٌ إلَى اسْمِ الشَّحْمِ وَيَنُبْنِي عَلَيْهِمَا الْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ. . (وَأَنَّ شَحْمَ الظَّهْرِ لَا يَتَنَاوَلُهُ الشَّحْمُ) إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ (وَأَنَّ الْأَلْيَةَ وَالسَّنَامَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا (لَيْسَا شَحْمًا وَلَا لَحْمًا) أَيْ لَيْسَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا ذُكِرَ لِمُخَالَفَتِهِ لَهُ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ فَلَا يَحْنَثُ بِهِمَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا وَلَا لَحْمًا وَقِيلَ هُمَا شَحْمٌ وَقِيلَ لَحْمٌ فَيَحْنَثُ (وَالْأَلْيَةُ لَا تَتَنَاوَلُ سَنَامًا وَلَا يَتَنَاوَلُهَا) فَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ. (وَالدَّسَمُ يَتَنَاوَلُهُمَا) وَشَحْمُ ظَهْرٍ وَبَطْنٍ (وَكُلُّ دُهْنٍ) فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ أَحَدِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ دَسَمًا. . (وَلَحْمُ الْبَقَرِ يَتَنَاوَلُ جَامُوسًا) فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ وَيَحْنَثُ بِبَقَرِ الْوَحْشِ أَيْضًا. . (وَلَوْ قَالَ) فِي حَلِفِهِ (مُشِيرًا إلَى حِنْطَةٍ لَا آكُلُ هَذِهِ حَنِثَ بِأَكْلِهَا عَلَى هَيْئَتِهَا وَبِطَحِينِهَا وَخُبْزِهَا) عَمَلًا بِالْإِشَارَةِ. (وَلَوْ قَالَ) فِيهِ (لَا آكُلُ هَذِهِ الْحِنْطَةَ حَنِثَ بِهَا مَطْبُوخَةً وَنِيئَةً وَمَقْلِيَّةً) بِفَتْحِ الْمِيمِ.   [حاشية قليوبي] غَيْرِهِ، وَيَحْنَثُ بِبَعْضِ بَيْضَةِ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ سَوَاءٌ عَرَفَهُ أَوْ نَكِرَهُ، فَإِنْ قَالَ بُيُوضًا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِثَلَاثَةٍ مُطْلَقًا وَيُشْتَرَطُ فِي الْحِنْثِ كَوْنُهُ يُسَمَّى حَالَةَ أَكْلِهِ بَيْضًا، بِأَنْ يَتَصَلَّبَ قِشْرُهُ لَا بِمَا يُسَمَّى عُنْقُودًا فِي بَاطِنِ الدَّجَاجَةِ، وَلَا بِمَا خَرَجَ مِنْهَا بِلَا قِشْرٍ مُتَصَلِّبٍ، وَلَا بِمَا تُفْرِخُ مِنْهُ وَلَا بِأَكْلِهِ فِي نَاطِفٍ كَحَلَاوَةِ الْمَنْقُوشِ الْمَعْرُوفَةِ. فَائِدَةٌ: الْبَيْضُ كُلُّهُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ إلَّا مِنْ النَّمْلِ، فَهُوَ بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ أَوَّلِهِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ فَهُوَ مُثَلَّثُ الْأَوَّلِ، وَهُوَ اسْمٌ لِلْأُنْثَى وَاسْمُ الذَّكَرِ الدِّيكُ وَيَحْنَثُ بِبَيْضِهِ أَيْضًا، وَهُوَ يَبِيضُ فِي عُمْرِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً بَيْضَةً وَاحِدَةً أَوْ فِي كُلِّ سَنَةٍ بَيْضَةً وَاحِدَةً. قَوْلُهُ: (لَا سَمَكٍ) أَيْ بَيْضُهُ الْمَعْرُوفُ بِالْبَطَارِخِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مُذَكَّاهَا) سَوَاءٌ أَكَلَهُ مَطْبُوخًا أَوْ مَشْوِيًّا أَوْ نِيئًا. قَوْلُهُ: (وَمَا لَا يُؤْكَلُ) فِي اعْتِقَادِ الْحَالِفِ. قَوْلُهُ: (الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ الْحِنْثِ فِي أَكْلِ لَحْمِ الْمَيْتَةِ وَغَيْرِ الْمَأْكُولِ أَقْوَى وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَا سَمَكٍ) أَيْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّمَكِ الْمَعْرُوفِ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا إلَخْ) وَيَجُوزُ سُكُونُ ثَانِيهِمَا مَعَ فَتْحِ أَوَّلِهِمَا، وَكَسْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَمِعَى) هُوَ مَقْصُورٌ بِوَزْنِ رِضَا اسْمٌ لِلْمَصَارِينِ. قَوْلُهُ: (وَرِئَةٍ) بِالْهَمْزِ وَتَرْكُهُ وَقَانِصَةٍ وَذَكَرٍ وَأُنْثَيَيْنِ، وَأَمَّا الْجِلْدُ فَإِنْ رَقَّ فَكَاللَّحْمِ وَإِلَّا فَلَا. فَرْعٌ: لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مَيْتَةً بِمَيْتَةِ سَمَكٍ وَجَرَادٍ وَلَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ دَمًا بِكَبِدٍ وَطِحَالٍ. قَوْلُهُ: (وَالدَّسَمُ) وَيُسَمَّى الْوَدَكَ قَوْلُهُ: (وَشَحْمُ ظَهْرٍ) وَبَطْنٍ وَعَيْنٍ وَجَنْبٍ وَفِي تَنَاوُلِهِ لِشَحْمِ الظَّهْرِ، وَالْجَنْبِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُمَا مِنْ اللَّحْمِ وَهُوَ لَا يَتَنَاوَلُهُ. قَوْلُهُ: (وَكُلُّ دُهْنٍ) . قَالَ شَيْخُنَا مِنْ حَيَوَانٍ كَسَمْنٍ وَزَبَدٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا تَنَاوُلُهُ لِدُهْنٍ غَيْرِ ذِي الرُّوحِ كَسِمْسِمٍ وَزَيْتٍ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا، وَلَيْسَ مِنْ الدَّسَمِ اللَّبَنُ وَالْقِشْدَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا. فَرْعٌ: السَّمْنُ وَالزَّبَدُ وَاللَّبَنُ وَالدُّهْنُ مُتَغَايِرَةٌ لَا يَتَنَاوَلُ وَاحِدٌ مِنْهَا وَاحِدًا مِنْ الْبَقِيَّةِ وَالْقِشْدَةِ مُغَايِرَةٌ لِغَيْرِ اللَّبَنِ وَالدُّهْنِ مَا كَانَ مِنْ ذِي الرُّوحِ الْمُذَكَّى فَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ، وَالزَّفَرُ يَتَنَاوَلُ اللَّحْمَ وَالْبَيْضَ وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ فِيهِمَا، وَيَتَنَاوَلُهُ دُهْنُ الْحَيَوَانِ لَا غَيْرُهُ وَلَا دُهْنُ مَيْتَةٍ، وَالْمَرَقُ مَا كَانَ عَنْ لَحْمٍ وَفِيمَا كَانَ عَنْ نَحْوِ كَرِشٍ وَجْهَانِ وَالظَّاهِرُ الْحِنْثُ بِهِ وَالْأُدُمُ وَالْإِدَامُ وَالتَّأَدُّمُ سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَحْمُ الْبَقَرِ يَتَنَاوَلُ جَامُوسًا) أَيْ وَعِرَابًا وَهِيَ الْبَقَرُ الْمَشْهُورُ وَلَا يَتَنَاوَلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَلَحْمُ الْغَنَمِ يَتَنَاوَلُ ضَأْنًا وَمَعْزًا وَلَا يَتَنَاوَلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ. قَوْلُهُ: (مُشِيرًا إلَى حِنْطَةٍ) أَيْ   [حاشية عميرة] الْعُرْفَ إذَا ثَبَتَ فِي مَوْضِعٍ عَمَّ كَخُبْزِ الرُّزِّ بِطَبَرِسْتَانَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ نَقْلًا عَنْ الرَّوْضَةِ. وَهَلْ يُعْتَبَرُ نَفْسُ الْبَلَدِ أَيْ عَلَى الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (لَا سَمَكٍ) بَيْضُهُ هُوَ الْبَطَارِخُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَجُوزُ أَكْلُ الْمُصْرَانِ الَّذِي مَعَ الْبَطَارِخِ فِي الْجَوْفِ لِأَنَّهُ مُحْتَوٍ عَلَى النَّجَاسَةِ. قَوْلُهُ: (كَرِشٍ) يُقَالُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِسُكُونِ الرَّاءِ مَعَ فَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا وَمِثْلُهَا الْكَبِدُ. قَوْلُهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يَحْنَثُ أَيْضًا بِالْجِلْدِ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَّا إنْ كَانَ صَغِيرًا يُؤْكَلُ مَعَهُ، وَلَا يَحْنَثُ أَيْضًا بِقَانِصَةِ الدَّجَاجِ وَنَحْوِهِ، قَوْلُهُ: (الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ) أَيْ أَمَّا مَا يُخَالِطُهُ فَلَا حِنْثَ بِهِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ هُمَا شَحْمٌ إلَخْ) ، وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُمَا فِي مَعْنَاهُ وَوَجْهُ الثَّانِي نَبَاتُهُمَا فِي اللَّحْمِ وَشَبَهُهُمَا بِهِ فِي الصَّلَابَةِ قَوْلُهُ: (وَبَطْنٍ) وَكَذَا يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ بِلَا رَيْبٍ دُونَ دُهْنِ السِّمْسِمِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الدَّسَمَ مُرْتَبِطٌ بِذِي الرُّوحِ. قَوْلُهُ: (حَنِثَ بِأَكْلِهَا) أَيْ كُلِّهَا لَكِنْ فِي الطَّحْنِ لَا بُدَّ مِنْ شَيْءٍ يُعَلَّقُ فِي الرَّحَى وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اغْتِفَارِهِ، قَوْلُهُ: (حَنِثَ بِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 281 (لَا بِطَحِينِهَا وَسَوِيقِهَا وَعَجِينِهَا وَخُبْزِهَا) لِزَوَالِ اسْمِهَا. . (وَلَا يَتَنَاوَلُ رُطَبٌ تَمْرًا وَلَا بُسْرًا وَلَا عِنَبٌ زَبِيبًا وَكَذَا الْعُكُوسُ) ، فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ التَّمْرِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا وَالْعَكْسُ وَكَذَا الْبَاقِي. . (وَلَوْ قَالَ) فِي حَلِفِهِ (لَا آكُلُ هَذَا الرُّطَبَ فَتَتَمَّرَ فَأَكَلَهُ أَوْ لَا أُكَلِّمُ ذَا الصَّبِيِّ فَكَلَّمَهُ شَيْخًا فَلَا حِنْثَ) بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِزَوَالِ الِاسْمِ، وَالثَّانِي يَحْنَثُ لِبَقَاءِ الصُّورَةِ وَإِنْ تَغَيَّرَتْ الصِّفَةُ (وَالْخُبْزُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ خُبْزٍ كَحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَأُرْزٍ وَبَاقِلًا وَذُرَةٍ) ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ وَاللَّامِ مَعَ الْقَصْرِ وَإِعْجَامِ الذَّالِ وَالْهَاءِ عِوَضٌ مِنْ وَاوٍ أَوْ يَاءٍ (وَحِمَّصٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهِمَا، فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ أَيٍّ مِنْهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ غَيْرَ مَعْهُودِ بَلَدِهِ وَسَوَاءٌ ابْتَلَعَهُ بَعْدَ مَضْغٍ أَمْ دُونَهُ أَكَلَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ أَمْ بَعْدَ جَعْلِهِ ثَرِيدًا كَمَا قَالَ (فَلَوْ ثَرَدَهُ) بِالْمُثَلَّثَةِ مُخَفَّفًا (فَأَكَلَهُ حَنِثَ) لَكِنْ لَوْ صَارَ فِي الْمَرَقَةِ كَالْحَسْوِ فَتَحَسَّاهُ لَمْ يَحْنَثْ. . (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا فَسَفَّهُ أَوْ تَنَاوَلَهُ بِأُصْبُعٍ) مَبْلُولَةٍ (حَنِثَ) لِأَنَّهُ يُعَدُّ أَكْلًا (وَإِنْ جَعَلَهُ فِي مَاءٍ فَشَرِبَهُ فَلَا) يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَكْلًا (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشْرَبُهُ) أَيْ السَّوِيقَ (فَبِالْعَكْسِ) أَيْ يَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى. . (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ لَبَنًا أَوْ مَانِعًا آخَرَ) كَالْعَسَلِ (فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ حَنِثَ) لِأَنَّ أَكْلَهُ كَذَلِكَ (أَوْ شَرِبَهُ فَلَا) يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْهُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشْرَبُهُ فَبِالْعَكْسِ) أَيْ يَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى. . (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ جَامِدًا أَوْ ذَائِبًا) بِالْمُعْجَمَةِ (حَنِثَ) كَمَا لَوْ أَكَلَهُ وَحْدَهُ (وَإِنْ شَرِبَهُ ذَائِبًا فَلَا) يَحْنَثُ (وَإِنْ أَكَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ حَنِثَ إنْ كَانَتْ عَيْنُهُ ظَاهِرَةً) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً. . (وَيَدْخُلُ فِي فَاكِهَةٍ)   [حاشية قليوبي] إلَى قَدْرٍ مِنْهَا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ عَادَةً، وَلَوْ فِي مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنْ يُنْظَرُ إلَى قَدْرِ ذَلِكَ الطُّولِ بِمَاذَا يُقَدَّرُ مِنْ الزَّمَنِ. قَوْلُهُ: (لَا آكُلُ هَذِهِ) وَكَذَا لَا آكُلُ الْحِنْطَةَ هَذِهِ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْإِشَارَةِ عَنْ الِاسْمِ كَالِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا هُنَا، وَفِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (حَنِثَ بِأَكْلِهَا) أَيْ جَمِيعِهَا وَلَوْ مَقْلِيَّةً بِطَحِينِهَا وَلَا يَضُرُّ نَحْوُ بَقَاءِ دَقِيقٍ تَافِهٍ فِي الرَّحَا وَنَحْوِهَا خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ السَّنْبَاطِيِّ وَالْخَطِيبِ وَالْبُرُلُّسِيِّ، وَلَا يَحْنَثُ بِمَا يَنْشَأُ عَنْهَا لَوْ زُرِعَتْ. قَوْلُهُ: (لَا آكُلُ هَذِهِ الْحِنْطَةَ) بِأَنْ قَدَّمَ الْإِشَارَةَ أَوْ لَمْ يَذْكُرْهَا، نَحْوُ لَا آكُلُ حِنْطَةً. قَوْلُهُ: (حَنِثَ بِهَا مَطْبُوخَةً) مَا لَمْ تَصِرْ عَصِيدَةً لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالطَّحُونَةِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (لَا بِطَحِينِهَا) أَيْ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مِنْهُ الْجَرِيشَ، وَعَطْفُ سَوِيقِهَا يَدُلُّ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ دَقِيقُهَا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرُ أَوْ الْأَعَمِّ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْبَاقِي) مِمَّا ذُكِرَ وَغَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ أَنْوَاعِهِ فَإِنَّ أَوَّلَهُ طَلْعٌ ثُمَّ خَلَالٌ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ بَلَحٌ ثُمَّ بُسْرٌ ثُمَّ رُطَبٌ ثُمَّ تَمْرٌ وَلَا يَحْنَثُ فِي الرُّطَبِ بِالْمُشَيَّخِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ وَآخِرُهُ خَاءٌ مُعْجَمَةٌ، وَيُقَالُ لَهُ بِمِصْرَ الْمَعْمُولُ وَهُوَ مَا عُولِجَ حَتَّى يَتَرَطَّبُ وَيَحْنَثُ فِي الْبُسْرِ وَالرُّطَبِ بِالْمُنَصِّفِ نَعَمْ إنْ قَالَ رُطَبَةً أَوْ بُسْرَةً لَمْ يَحْنَثْ بِهِ. قَوْلُهُ: (لِزَوَالِ الِاسْمِ) لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ حَيْثُ أَخَّرَ عَنْ الْإِشَارَةِ فَلَوْ أَخَّرَهَا عَنْهُ، أَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا حَنِثَ مُطْلَقًا وَالْمُرَادُ بِالشَّيْخِ الْبَالِغِ وَالْعَبْدِ إذَا عَتَقَ كَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ. قَوْلُهُ: (كُلُّ خُبْزٍ) أَيْ مَخْبُوزٍ وَمِنْهُ الْكُنَافَةُ وَالْقَطَائِفُ وَالرِّقَاقُ وَنَحْوُهَا، وَخَرَجَ بِهِ الْمَقْلِيُّ كَالزَّلَابِيَّةِ وَمَا يُخْبَزُ تَارَةً وَيُقْلَى أُخْرَى كَالسَّنْبُوسَكِ، فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ فَيَحْنَثُ بِهِ مَخْبُوزًا لَا مَقْلِيًّا. فَرْعٌ: الْعَيْشُ وَالْجِلْفُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ خَاصٌّ بِالْخُبْزِ الْمَعْرُوفِ لَا نَحْوُ فَطَيْرٍ وَرِقَاقٍ. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَحْنَثُ فِي الْخُبْزِ وَلَوْ بِبَعْضِ رَغِيفٍ، وَالْوَجْهُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ مَا يُقَالُ فِي الرُّءُوسِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) هَذَا مِنْ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ أَمَّا بِالطَّلَاقِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِهِ بَعْدَ مَضْغٍ لِأَنَّهُ الْأَكْلُ لُغَةً الْمُعْتَبَرُ فِي الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ لَوْ صَارَ إلَخْ) هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الثَّرِيدِ الَّذِي يَحْنَثُ بِهِ وَالْمَرَقَةُ فِي الْأَصْلِ مَاءُ طَبْخِ اللَّحْمِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ: قَوْلُهُ: (كَالْحَسَوِّ) هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ اسْمٌ لِلْمَمْزُوجِ مِنْ الدَّقِيقِ أَوْ الْخُبْزِ أَوْ نَحْوِهِمَا بِالْمَاءِ حَتَّى يَصِيرَ كَالْمَائِعِ. قَوْلُهُ: (فَتَحَسَّاهُ لَمْ يَحْنَثْ) وَكَذَا لَوْ دَقَّهُ نَاعِمًا وَاسْتَفْهُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى الْآنَ خُبْزًا. قَوْلُهُ: (سَوِيقًا) هُوَ دَقِيقُ الشَّعِيرِ أَوْ مُطْلَقُ الدَّقِيقِ أَوْ مَا قُلِيَ بِنَارٍ قَبْلَ طَحْنِهِ. قَوْلُهُ: (فَبِالْعَكْسِ إلَخْ) لِأَنَّ الْأَكْلَ فِي الْجَوَامِدِ وَالشُّرْبَ فِي الْمَائِعَاتِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُطْعِمُهُ حَنِثَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَذُوقُ حَنِثَ بِوُجُودِ طَعْمِهِ بِفَمِهِ، وَإِنْ مَجَّهُ وَالْإِيجَارُ فِي الْحَلْقِ وَإِنْ وَصَلَ جَوْفَهُ لَا يُسَمَّى أَكْلًا وَلَا شُرْبًا وَلَا ذَوْقًا فَلَا يَحْنَثُ بِهِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (لَبَنًا) وَهُوَ يَنْصَرِفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى الْمَأْكُولِ، وَلَوْ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ صَيْدٍ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ، وَلَوْ فِي زَبَدٍ أَوْ قِشْدَةٍ وَمِنْهُ اللَّبَنُ الَّذِي يَنْزِلُ أَوَّلَ الْوِلَادَة بِخِلَافِ الْمَعْمُولِ فِي النَّارِ فِي الْأَوَانِي وَبِخِلَافِ الْجُبْنِ وَالْمَصْلِ وَالْأَقِطِ وَالسَّمْنِ وَاللَّبَنِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ كَلَبَنِ الْأَتَانِ. قَوْلُهُ: (عَيْنُهُ ظَاهِرَةٌ) أَيْ جُرْمُهُ فِي الْعَصِيدَةِ مَثَلًا مُشَاهَدًا مُتَمَيِّزًا فِي الْحِسِّ لَا رِيحَهُ وَطَعْمَهُ وَلَوْنَهُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ عِنَبًا أَوْ رُمَّانًا أَوْ قَصَبًا أَوْ نَحْوَهَا فَعَصَرَهُ وَشَرِبَ مَاءَهُ أَوْ مَصَّهُ وَرَمَى ثُفْلَهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى أَكْلًا   [حاشية عميرة] مَطْبُوخَةً) أَيْ مَعَ بَقَاءِ الْحَبَّاتِ، قَوْلُهُ: (لَا بِطَحِينِهَا إلَخْ) اسْتَشْكَلَ الزَّرْكَشِيُّ ذَلِكَ بِمَا لَوْ قَالَ إنْ ظَاهَرْت مِنْ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَظَاهَرَ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْ الْأُولَى، وَيَكُونُ قَوْلُهُ الْأَجْنَبِيَّةَ تَعْرِيفًا قَالَ فَمَا الْفَرْقُ اهـ. أَقُولُ الْفَرْقُ أَنَّ الظِّهَارَ لَا يَصِحُّ شَرْعًا إلَّا مِنْ زَوْجَةٍ فَوَجَبَ انْحِطَاطُ الْوَصْفِ مَعَهُ عَلَى التَّعْرِيفِ بِخِلَافِ أَكْلِ الْحِنْطَةِ، فَإِنَّهُ مُمْكِنٌ مَعَ وَصْفِ الْحِنْطَةِ فَجَازَ اعْتِبَارُ وَصْفِ الْحِنْطَةِ مَعَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّقْرِيبِ. قَوْلُهُ: (فَكَلَّمَهُ شَيْخًا) مِثْلُهُ الْبَالِغُ وَلَوْ قَالَ لَا آكُلُ لَحْمَ هَذِهِ الْبَقَرَةِ وَأَشَارَ لِسَخْلَةٍ حَنِثَ بِهَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ لِأَنَّ الصِّيغَةَ إذَا فَسَدَ بَعْضُهَا فَسَدَ كُلُّهَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا) مِنْ قَوَاعِدِ الْبَابِ أَنَّ الْأَفْعَالَ مُخْتَلِفَةُ الْأَجْنَاسِ كَالْأَقْوَالِ ثُمَّ صَحَّحَ هُنَا مِنْ أَنَّ الْأَكْلَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمَضْغُ صَحَّحَا فِي الطَّلَاقِ خِلَافَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا إلَخْ) . فَرْعٌ: حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ لَا يَحْنَثُ بِمَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو، قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ عَيْنُهُ ظَاهِرَةً) بِحَيْثُ يَرَى جُرْمَهُ. قَوْلُهُ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 282 حَلَفَ لَا يَأْكُلُهَا (رُطَبٌ وَعِنَبٌ وَرُمَّانٌ وَأُتْرُجٌّ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ (وَرُطَبٌ وَيَابِسٌ) كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ (قُلْتُ) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَلَيْمُونٌ وَنَبْقٌ وَكَذَا بِطِّيخٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ فِيهِمَا (وَلُبٌّ فُسْتُقٌ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا (وَبُنْدُقٌ وَغَيْرُهُمَا فِي الْأَصَحِّ) فَهُوَ مِنْ يَابِسِ الْفَاكِهَةِ وَالثَّانِي يَنْفِيهَا عَنْهُ وَعَنْ الْبِطِّيخِ (لَا قِثَّاءٌ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَدِّ (وَخِيَارٌ وَبَاذِنْجَانٌ) ، بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (وَجَزَرٌ) فَلَيْسَتْ مِنْ الْفَاكِهَةِ (وَلَا يَدْخُلُ فِي الثِّمَارِ) بِالْمُثَلَّثَةِ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ (يَابِسٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، وَهِيَ جَمْعُ ثَمَرٍ (وَلَوْ أُطْلِقَ بِطِّيخٌ وَتَمْرٌ وَجَوْزٌ لَمْ يَدْخُلْ هِنْدِيٌّ) ، مِنْ الثَّلَاثَةِ فِيهَا فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُهَا وَالْهِنْدِيُّ مِنْ الْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ. . (وَالطَّعَامُ) إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ (يَتَنَاوَلُ قُوتًا وَفَاكِهَةً وَأُدُمًا وَحَلْوَاءَ) ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الرِّبَا الدَّوَاءُ وَفِيهِ هُنَا وَجْهَانِ (وَلَوْ قَالَ) فِي حَلِفِهِ (لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ تَنَاوَلَ لَحْمَهَا) ، فَيَحْنَثُ بِهِ (دُونَ وَلَدٍ) لَهَا (وَلَبَنٍ) مِنْهَا فَلَا يَحْنَثُ بِهِمَا (أَوْ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَثَمَرٌ) يَحْنَثُ بِهِ (دُونَ وَرِقٍ وَطَرَفِ غُصْنٍ) مِنْهَا عَمَلًا فِي الْحِنْثِ بِالْمُتَعَارَفِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.   [حاشية قليوبي] وَمِنْهُ سُكَّرٌ وَضَعَهُ فِي فَمِهِ وَذَابَ بِنَفْسِهِ وَبَلَعَهُ، فَإِنْ أَذَابَهُ حَنِثَ قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَعَلَّهُ إذَا كَسَّرَهُ بِأَسْنَانِهِ لَا إنْ أَدَارَهُ بِلِسَانِهِ حَتَّى ذَابَ كَمَا هُوَ الْوَجْهُ فَرَاجِعْهُ. فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ لَا يُفْطِرُ حَنِثَ بِكُلِّ مُفْطِرٍ وَلَوْ جِمَاعًا لَا بِرِدَّةٍ وَحَيْضٍ وَجُنُونٍ وَدُخُولِ لَيْلٍ. قَوْلُهُ: (فَاكِهَةٍ) وَهِيَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِكُلِّ حُلْوٍ لَذِيذِ الطَّعْمِ ذِي شَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَعِنَبٍ وَتِينٍ) وَمِنْهُ الْجُمَّيْزُ الْمَعْرُوفُ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ، وَيُقَالُ لَهُ التِّينُ الْأَحْمَقُ وَتَوَقَّفَ بَعْضُهُمْ فِي الْحِنْثِ بِهِ هُنَا وَفِي دُخُولِهِ فِي التِّينِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْهَمْزَةِ إلَخْ) وَيُقَالُ أُتْرُنْجٌ وَتُرُنْجٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَرَطْبٌ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَمَحَلُّهُ إنْ بَلَغَ أَوَانَ لَذَاذَتِهِ وَتَمَوُّهِهِ لَا نَحْوُ حِصْرِمِ عِنَبٍ وَرُمَّانٍ. قَوْلُهُ: (وَيَابِسٌ) إنْ بَقِيَ فِيهِ لَذَاذَةٌ، لَا نَحْوُ حَشَفِ تَمْرٍ وَيَابِسِ بِطِّيخٍ وَمُمَلَّحِ لَيْمُونٍ وَحَشَفِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَيْمُونٌ) وَنَارِنْجٌ وَإِثْبَاتُ نُونِ لَيْمُونٍ صَحِيحٌ لُغَةً خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَهُ وَلَا يَحْنَثُ بِالزَّيْتُونِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا بِطِّيخٌ) وَقَصَبُ سُكَّرٍ وَمَوْزٍ قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْبَاءِ فِيهِمَا) أَيْ النَّبْقُ وَالْبِطِّيخُ وَيَجُوزُ سُكُونُهَا فِي الْأَوَّلِ وَفَتْحُهَا فِي الثَّانِي، وَيُقَالُ فِيهِ طِبِّيخٌ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِهَا وَتَأْخِيرُ الْبَاءِ عَنْهَا وَتَشْدِيدِهَا. قَوْلُهُ: (وَبُنْدُقٌ) بِالْمُوَحَّدَةِ أَوَّلُهُ وَقَدْ تَبَدَّلَ بِالْفَاءِ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ) أَيْ اللُّبُّ فَعَطْفُهُ تَفْصِيلٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (لَا قِثَّاءٌ) وَمِنْهَا الْفَقُّوسُ الْمَعْرُوفُ. قَوْلُهُ: (وَخِيَارٌ وَبَاذِنْجَانٌ وَجَزَرٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا ثُمَّ زَايٍ ثُمَّ رَاءٍ فَلَيْسَتْ أَيْ الْأَرْبَعَةُ مِنْ الْفَاكِهَةِ وَهِيَ أَجْنَاسٌ فَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا بِغَيْرِهِ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (جَمْعُ ثَمَرٍ) بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِ وَهُوَ جَمْعُ ثَمَرَةٍ وَجَمْعُ الثِّمَارِ ثُمُرٌ بِضَمِّ أَوَّلَيْهِ وَجَمْعُهُ أَثْمَارٌ. قَوْلُهُ: (وَالْهِنْدِيُّ مِنْ الْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ) وَهَذَا عُرْفٌ قَدِيمٌ قَدْ انْقَلَبَ الْآنَ فَيَحْنَثُ بِهِ دُونَ الْأَصْفَرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (قُوتًا) مِنْهُ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَاللَّحْمُ وَالْأَوَّلَانِ مِنْ الْفَاكِهَةِ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ وَالثَّلَاثَةُ مِنْ الْأُدُمِ عِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ وَنُوَزِّعُ فِي الثَّلَاثَةِ مِنْهَا فَرَاجِعْهُ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهَا إلَّا إنْ اعْتَادَ التَّقَوُّتَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَأُدُمًا) مِنْهُ الْفُجْلُ وَالشَّمَارُ وَالْبَصَلُ وَالْمِلْحُ وَالْخَلُّ وَالشَّيْرَجُ وَالتَّمْرُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (وَحَلْوَاءُ) . قَالَ الدَّمِيرِيِّ بِالْمَدِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ خِلَافُهُ وَهِيَ مَا يُرَكَّبُ بِصِنَاعَةٍ مِنْ الْحُلْوِ وَغَيْرِهِ بِالنَّارِ كَالنَّشَا مَعَ الْعَسَلِ، وَالْحُلْوُ بِخِلَافِهَا كَالسُّكَّرِ وَالْفَانِيدِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ، وَمِمَّا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِشُمُولِ الْفَاكِهَةِ لِلْأُدُمِ وَالْحَلْوَاءِ فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. فَرْعٌ: لَا يَتَنَاوَلُ الْحُلْوَ مِنْهَا حَامِضًا مِنْ جِنْسِهِ كَالرُّمَّانِ وَالْعِنَبِ وَالْإِجَّاصِ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ) أَيْ فِي تَنَاوُلِ الطَّعَامِ هُنَا لِلدَّوَاءِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ هُنَا، وَفَارَقَ الرِّبَا بِوُجُودِ عِلَّةِ الطَّعْمِ فِيهِ: قَوْلُهُ: (لَحْمُهَا) وَكَذَا بَقِيَّةُ أَجْزَائِهَا. قَوْلُهُ: (دُونَ وَلَدٍ) وَكَذَا جَنِينٍ قَوْلُهُ: (وَلَبَنٍ) وَمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَجُبْنٍ. قَوْلُهُ: (فَثَمَرٌ) وَمِنْهُ الطَّلْعُ وَمِثْلُهُ الْجُمَّارُ فَيَحْنَثُ بِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ، وَلَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ مَأْكُولٍ مِنْهَا وَلَا بِصَمْغِهَا وَلَا بِأَكْلِ ثَمَرِ غُصْنِ زَرْعٍ فِيهَا، أَوْ ثَمَرٍ مِنْ غُصْنٍ زُرِعَ مِنْهَا وَأَثْمَرَ كَمَا مَرَّ فِي الْحِنْطَةِ وَالْبَيْضِ. قَوْلُهُ: (وَطَرَفِ غُصْنٍ) أَيْ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ إلَّا إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ فَيَحْنَثُ بِهِ. فَرْعٌ: حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءَ النِّيلِ أَوْ الْبَحْرِ أَوْ الْغَدِيرِ أَوْ الْبِئْرِ وَلَوْ مَعَ الْإِشَارَةِ لَمْ يَحْنَثْ بِالشُّرْبِ مِنْهُ، أَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْهُ حَنِثَ بِشُرْبِهِ مِنْهُ بِيَدٍ أَوْ فَمٍ أَوْ كَرْعٍ أَوْ بِإِنَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ أَرَادَ الْحَالِفُ شَيْئًا مُعَيَّنًا رَجَعَ إلَى مَا أَرَادَهُ.   [حاشية عميرة] رُطَبٌ وَعِنَبٌ وَرُمَّانٌ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ مُتَمَسِّكًا بِالْعَطْفِ فِي قَوْله تَعَالَى {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68] ، وقَوْله تَعَالَى {حَبًّا - وَعِنَبًا} [عبس: 27 - 28] إلَى أَنْ قَالَ {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس: 31] وَرَدَ بِأَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى {وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ} [البقرة: 98] أَيْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ فَاكِهَةً فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ مَسُوقَةٌ فِي مَقَامِ امْتِنَانٍ فَتَعُمُّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 283 فَصْلٌ (حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ فَاخْتَلَطَتْ) بِتَمْرٍ (فَأَكَلَهُ إلَّا تَمْرَةً لَمْ يَحْنَثْ) لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الْمَتْرُوكَةُ هِيَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا. (أَوْ لَيَأْكُلَنَّهَا فَاخْتَلَطَتْ) بِتَمْرٍ (لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِالْجَمِيعِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمَتْرُوكَةُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا. (أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذِهِ الرِّمَايَةَ فَإِنَّمَا يَبَرُّ بِجَمِيعِ حَبِّهَا) وَلَوْ قَالَ لَا آكُلُهَا فَتَرَك حَبَّةً لَمْ يَحْنَثْ (أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَحَدِهِمَا) لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَيْهِمَا (فَإِنْ لَبِسَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا حَنِثَ أَوْ لَا أَلْبَسُ هَذَا وَلَا هَذَا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ (أَوْ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَمَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ الْغَدِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ (وَإِنْ مَاتَ أَوْ تَلِفَ الطَّعَامُ فِي الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ حَنِثَ) لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنْ الْبِرِّ (وَقَبْلَهُ) أَيْ التَّمَكُّنِ (قَوْلَانِ كَمُكْرَهٍ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَالْأَظْهَرُ فِيهِ عَدَمُ الْحِنْثِ. (وَإِنْ أَتْلَفَهُ بِأَكْلٍ وَغَيْرِهِ قَبْلَ الْغَدِ حَنِثَ) ، لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَهَلْ الْحِنْثُ فِي الْحَالِ لِحُصُولِ الْيَأْسِ عَنْ الْبِرَّ أَوْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ فِيهِ قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ وَعَلَى أَوَّلِهِمَا لَوْ كَانَتْ كَفَّارَتُهُ بِالصَّوْمِ، جَازَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ الْغَدِ عَنْهَا وَعَلَى ثَانِيهِمَا حِنْثُهُ بِمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الْأَكْلِ مِنْ الْغَدِ أَوْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ الْأَوَّلُ. (وَإِنْ تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) قَبْلَ الْغَدِ (فَكَمُكْرَهٍ) لِمَا تَقَدَّمَ وَالْأَظْهَرُ فِيهِ عَدَمُ الْحِنْثِ. . (أَوْ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ فَلْيَقْضِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ آخِرَ الشَّهْرَ) ، فَوَقْتُ الْغُرُوبِ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْ الشَّهْرِ. (وَإِنْ قَدَّمَ) الْقَضَاءُ عَلَى الْغُرُوبِ (أَوْ مَضَى بَعْدَ الْغُرُوبِ قَدْرَ إمْكَانِهِ) أَيْ الْقَضَاءِ (حَنِثَ) فَيَنْبَغِي   [حاشية قليوبي] [فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ فَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ فَأَكَلَهُ إلَّا تَمْرَةً] فَصْلٌ فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ قَوْلُهُ: (التَّمْرَةُ) بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ بِالْمُثَلَّثَةِ وَاخْتَلَطَتْ بِجِنْسِهَا وَلَمْ تَتَمَيَّزْ وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُهَا. قَوْلُهُ: (إلَّا تَمْرَةً) أَوْ بَعْضَهَا غَيْرَ مَا يَدِقُّ مَدْرَكُهُ كَمَا يَأْتِي فَإِنْ أَكَلَهُ كُلَّهُ حَنِثَ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ آخِرِ وَاحِدَةٍ فَتَعْتَدُّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَمِيعِ مَا أَمْكَنَ اخْتِلَاطُهَا بِهِ، فَلَوْ اخْتَلَطَتْ بِجَانِبٍ مِنْ صَبْرِهِ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ وَمِثْلُ التَّمْرِ كُلُّ مَا تَمَيَّزَتْ أَفْرَادُهُ، كَرَغِيفٍ وَلَوْ حَلَفَهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ أَوْ لَيَأْكُلَنَّ مِنْهُ كَفَاهُ الْبَعْضُ حِنْثًا وَبِرًّا، وَالْمَائِعُ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا، فَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُهُ أَوْ لَيَشْرَبَنَّهُ فَاخْتَلَطَ بِمَائِعِ آخَرَ، وَامْتَزَجَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأَوَّلِ وَلَمْ يَبَرَّ فِي الثَّانِي إلَّا بِشُرْبِ الْجَمِيعِ، أَوْ لَيَشْرَبَنَّ مِنْهُ أَوْ لَا يَشْرَبُ مِنْهُ كَفَاهُ شُرْبُ بَعْضِهِ فِيهِمَا بِرًّا وَحِنْثًا. قَوْلُهُ: (فَتَرْكُ حَبَّةٍ) وَبَعْضِ الْحَبَّةِ مِثْلُهَا بِرًّا وَحِنْثًا إلَّا مَا دَقَّ مَدْرَكُهُ كَمَا مَرَّ وَلَا عِبْرَةَ بِشَحْمِهَا وَقِشْرِهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَيْنِ) أَوْ هَذَا وَهَذَا قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ) لَا عَادَةَ حَرْفِ النَّفْيِ فَإِنْ لَبِسَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ، وَلَوْ قَالَ لَأَلْبِسَنَّ هَذَيْنِ أَوْ هَذَا وَهَذَا لَمْ يَبَرَّ بِأَحَدِهِمَا أَوْ لَيَلْبَسَنَّ هَذَا فَهَذَا أَوْ هَذَا ثُمَّ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ الْفَوْرُ فِي الْأُولَى وَالْمُهْلَةُ فِي الثَّانِيَةِ وَيَظْهَرُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِمَا رَاجِعْهُ: تَنْبِيهٌ: لَوْ كَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فَسَيَأْتِي فِيهِ مَا فِي الْإِيلَاءِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ وَتَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ تَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (فَمَاتَ) أَيْ لَا بِقَتْلِهِ نَفْسَهُ وَإِلَّا حَنِثَ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَاتَ) أَوْ نَسِيَ حَتَّى تَلِفَ الطَّعَامُ وَسَوَاءٌ تَلِفَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ تَمَكُّنِهِ) بِزَمَنٍ يَسَعُ الْأَكْلَ وَلَا ضَرُورَةَ، فَإِنْ كَانَتْ ضَرُورَةً كَأَنْ لَمْ يَجِدْ مَسَاغًا لِلْأَكْلِ وَلَوْ بِأَكْلِ طَعَامٍ سَابِقٍ عَلَى الْحَلِفِ، لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَيُسَافِرَنَّ غَدًا أَوْ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا فَهُوَ كَالطَّعَامِ الْمَذْكُورِ، وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيُسَافِرَنَّ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَخَالَعَ قَبْلَ فَرَاغِهِ، فَإِنْ مَضَى الشَّهْرُ وَلَمْ يُسَافِرْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْخُلْعِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَخْلُصُ فِي الْإِثْبَاتِ الْمُفِيدِ كَمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا، وَغَيْرِهِ كَالْخَطِيبِ وَابْنِ حَجَرٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ يَخْلُصُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَتْ بِتَقْصِيرِهِ حَنِثَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَتْلَفَهُ) أَيْ ذَاكِرًا   [حاشية عميرة] فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ إلَخْ قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكَلَ الْجَمِيعَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِآخِرِ ثَمَرَةٍ يَأْكُلُهَا، قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَلْبَسَنَّهُمَا. فَرْعٌ: قَوْلُهُ لَا أَلْبَسُ هَذَا وَهَذَا مِثْلُ هَذَيْنِ بِخِلَافِ لَأَلْبِسَنَّ هَذَا وَهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْإِثْبَاتَ مَبْنِيٌّ عَلَى النَّفْيِ. أَقُولُ لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ لِعَبْدَيْهِ أَعْتَقْت هَذَا وَهَذَا وَهُمَا ثُلُثَا مَالِهِ عَتَقَ الْأَوَّلُ وَلَا يَقْرَعُ وَهَذَا يُؤَيِّدُ الْفَرْعَ الْمَذْكُورَ، قَوْلُهُ: (حَنِثَ) أَيْ حِينَ التَّلَفِ قَوْلُهُ: (وَقَبْلَهُ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْغَدِ مَعَ أَنَّهُ لَا حِنْثَ قَطْعًا. أَقُولُ هَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّ هَذِهِ قَدْ سَلَفَتْ فِي الْمَتْنِ. فَلَيْسَتْ مُرَادَةً قَطْعًا، قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْغَدِ حَنِثَ) أَيْ إذَا كَانَ وَقْتُ الْإِتْلَافِ ذَاكِرًا لِلْيَمِينِ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ لَا حِنْثَ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنْ لَا يُؤَخِّرَهُ عَنْ الْغَدِ. قَوْلُهُ: (آخَرَ الشَّهْرِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ الطَّعَامُ لِيَكِيلَهُ لَا يُغْتَفَرُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُ الشُّرُوعِ فِي إحْضَارِ الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 284 أَنَّ بَعْدَ الْمَالِ وَيَتَرَصَّدُ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَيَقْضِيهِ فِيهِ. (وَإِنْ شَرَعَ فِي الْكَيْلِ) أَوْ الْوَزْنِ (حِينَئِذٍ وَلَمْ يَفْرُغْ لِكَثْرَتِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ يَحْنَثْ) وَبِمِثْلِهِ أُجِيبُ فِيمَا لَوْ ابْتَدَأَ حِينَئِذٍ بِمُقَدِّمَةِ الْقَضَاءِ كَحَمْلِ الْمِيزَانِ. . (أَوْ لَا يَتَكَلَّمُ فَسَبَّحَ) اللَّهَ (أَوْ قَرَأَ قُرْآنًا فَلَا حِنْثَ) بِهِ لِأَنَّ اسْمَ الْكَلَامِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ وَفِي وَجْهٍ أَنَّهُ يَحْنَثُ، (أَوْ لَا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ حَنِثَ) لِأَنَّ السَّلَامَ عَلَيْهِ نَوْعٌ مِنْ الْكَلَامِ (وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا) كَرَأْسٍ (فَلَا) حِنْثَ بِهِ (فِي الْجَدِيدِ) اقْتِصَارًا بِالْكَلَامِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَالْقَدِيمِ الْحِنْثُ حَمْلًا لِلْكَلَامِ عَلَى الْمَجَازِ مَعَ الْحَقِيقَةِ، وَفِي التَّنْزِيلِ لِلْقَدِيمِ {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا} [الشورى: 51] وَلِلْجَدِيدِ {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: 26] ، {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} [مريم: 29] (وَإِنْ قَرَأَ آيَةً أَفْهَمَهُ بِهَا مَقْصُودَهُ وَقَصَدَ قِرَاءَةً لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قِرَاءَةً (حَنِثَ) لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ (أَوْ لَا مَالَ لَهُ حَنِثَ بِكُلِّ نَوْعٍ وَإِنْ قَلَّ حَتَّى ثَوْبِ بَدَنِهِ) لَصَدَقَ الِاسْمُ عَلَيْهِ (وَمُدَبَّرٍ وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَمَا وَصَّى بِهِ) مِنْ مَالٍ (وَدَيْنٍ حَالٍّ وَكَذَا مُؤَجَّلٍ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّهُ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ كَالْمَعْدُومِ (لَا مُكَاتَبَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ وَالثَّانِي يَحْنَثُ بِهِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ فَالْبِرُّ) فِيهِ   [حاشية قليوبي] لِلْحَلِفِ مُخْتَارًا وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ. قَوْلُهُ: (حَنِثَ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ (فِيهِ قَوْلَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ الْأَوَّلُ) وَهُوَ حِنْثُهُ بِمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الْأَكْلِ مِنْ الْغَدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ إتْلَافِهِ لَمْ يَحْنَثْ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ) أَوْ مَعَ أَوَّلِهِ أَوْ فِيهِ أَوْ مَعَ رَأْسِهِ وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ رَأْسٍ تَعَيَّنَ مِنْ رُؤْيَتِهِ. قَوْلُهُ: (فَلْيَقْضِ) وَعَلَيْهِ السَّفَرُ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ بِهِ عُذْرٌ مِنْ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: " نَعَمْ إنْ سَافَرَ الْحَالِفُ حَنِثَ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ ". قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَدَّمَ) أَيْ وَلَيْسَ نِيَّةُ الْحَالِفِ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ حَقَّهُ عَنْ الشَّهْرِ، وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ. قَوْلُهُ: (حَنِثَ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ وَلَوْ بِمَا يُرَخِّصُ فِي الْجُمُعَةِ غَيْرَ نَحْوِ رِيحٍ كَرِيهٍ وَمِنْهُ الْإِعْسَارُ بِالدَّيْنِ. وَمِنْهُ الشَّكُّ فِي الْهِلَالِ وَمِنْهُ مَوْتُ صَاحِبِ الْحَقِّ، وَلَا عِبْرَةَ بِوَارِثِهِ لِإِسْنَادِ الْخِطَابِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُعَدَّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ مِنْ الْأَعْدَادِ لَا مِنْ الْعَدَدِ قَوْلُهُ: (حِينَئِذٍ) أَيْ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَفْرُغْ إلَّا بَعْدَهُ أَوْ كَانَ شُرُوعُهُ فِي قَدْرٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَسْمَعْ الْقَضَاءَ لَمْ يَحْنَثْ وَمِثْلُ الشُّرُوعِ فِي الْعَدِّ الشُّرُوعُ فِي إحْضَارِ الْحَقِّ أَوْ إحْضَارِ نَحْوِ الْمِيزَانِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ دَهْرٍ أَوْ مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ أَوْ حُقْبٍ أَوْ أَحْقَابٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، حَنِثَ قُبَيْلَ الْمَوْتِ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْقَضَاءِ، وَفَارَقَ الطَّلَاقَ بِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَهُنَا وَعْدٌ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ. قَوْلُهُ: (فَسَبِّحْ إلَخْ) ضَابِطُهُ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَمِنْهُ اعْتِبَارُ الْخِطَابِ وَلَوْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَرَأَ قُرْآنًا) وَلَوْ جُنُبًا أَوْ قَرَأَ مِنْ التَّوْرَاةِ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ تَبْدِيلَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي وَجْهِ إلَخْ) هُوَ اسْتِطْرَادٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) وَلَوْ مِنْ صَلَاةٍ مَعَ قَصْدِهِ فِي السَّلَامِ مِنْهَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حَنِثَ) إنْ تَلَفَّظَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ وَفِيهِ قُوَّةُ السَّمَاعِ، وَفَهْمُ الْخِطَابِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ فَدَخَلَ مَا لَوْ كَلَّمَهُ نَائِمًا، وَخَرَجَ مَا لَوْ كَانَ أَصَمَّ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ بَعِيدًا وَلَا بُدَّ مِنْ مُوَاجِهَتِهِ بِالْكَلَامِ أَيْضًا، فَلَوْ تَوَجَّهَ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ نَحْوَ جِدَارٍ وَخَاطَبَ ذَلِكَ الْغَيْرَ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ قَصَدَ إفْهَامَهُ مُرَادَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ) . وَلَوْ أَخْرَسَ وَإِنَّمَا اعْتَدَّ بِهَا فِي نَحْوِ الْعُقُودِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (عَلَى حَقِيقَتِهِ) أَيْ النَّحْوِيَّةِ لِكَوْنِهِ لَفْظًا مُرَكَّبًا مُفِيدًا، كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا اعْتِبَارُ حَقِيقَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا إنْ كَانَ مَقْصُودُهُ مِنْهَا اعْتِبَارَ الْخِطَابِ فِي الْكَلَامِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُ: (وَالْقَدِيمُ الْحِنْثُ إلَخْ) وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ حَمْلَ الْكَلَامِ عَلَى الْمَجَازِ مَعَ إمْكَانِ الْحَقِيقَةِ وَعَدَمِ قَرِينَةٍ عَلَى الْمَجَازِ لَيْسَ مُعْتَبَرًا، وَالْآيَةُ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْحَقِيقَةِ وَهُوَ لَمْ يَقُلْ بِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَقَصْدُ قِرَاءَةٍ) وَلَوْ مَعَ التَّفَهُّمِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قِرَاءَةً) بِأَنْ قَصَدَ التَّفَهُّمَ أَوْ أَطْلَقَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الضَّابِطِ فَقَوْلُهُ أَفْهَمَهُ مَقْصُودُهُ بِمَعْنَى أَتَى بِمَا يَفْهَمُ بِهِ مَقْصُودَهُ. فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ زَيْدٍ لَمْ يَحْنَثْ بِسَمَاعِ قِرَاءَتِهِ أَوْ حَلَفَ لَيُثْنِيَنَّ عَلَى اللَّهِ أَحْسَنَ الثَّنَاءِ أَوْ أُكَمِّلُهُ أَوْ أُعَظِّمُهُ أَوْ أُجِلُّهُ كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ بَعْضِهِمْ وَلَك الْحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى أَوْ لَيَحْمَدَنَّهُ بِمَجَامِعِ الْحَمْدِ أَوْ بِأَجَلِّ الْمَحَامِدِ، أَوْ أَعْظَمِهَا أَوْ أَكْمَلِهَا كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ، وَيُدَافِعُ نِقَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ وَلَوْ حَلَفَ لَيُصَلِيَنَّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَفْضَلِ الصَّلَاةِ كَفَاهُ مَا فِي التَّشَهُّدِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَلَّ) وَلَوْ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُتَمَوِّلًا. قَوْلُهُ: (وَمَا وَصَّى بِهِ) وَكَذَا مَغْصُوبٌ وَضَالٌّ وَمَسْرُوقٌ وَغَائِبٌ قَالَ شَيْخُنَا: نَعَمْ إنْ جَهِلَ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِهِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَدَيْنٌ) وَلَوْ عَلَى مُكَاتَبِهِ وَلَوْ نُجُومُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَا عَلَى مَيْتٍ. قَالَ شَيْخُنَا إنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ، وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ بِهِ وَاعْتَمَدَهُ وَيَحْنَثُ بِمَا عَلَى الْمُعْسِرِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) وَرَدَ بِالْمُؤَجَّرِ. قَوْلُهُ: (لَا مُكَاتَبَ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَيَحْنَثُ بِالْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً كَالْمُسْتَوْلَدَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ) وَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا عَبْدَ لَهُ أَوْ لَا رَقِيقَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسَوَاءٌ عَتَقَ أَوْ عَادَ إلَى الرِّقِّ بِتَعْجِيزٍ أَوْ نَحْوِهِ. فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ لَا مِلْكَ لَهُ حَنِثَ وَلَوْ بِنَحْوِ مَغْصُوبٍ وَآبِقٍ لَا بِنَجَسٍ وَلَا مُتَنَجِّسٍ وَلَا بِزَوْجَتِهِ وَلَوْ أَمَةً. قَوْلُهُ: (بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا) أَيْ عُرْفًا   [حاشية عميرة] يَتَكَلَّمُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ضَابِطُ الْكَلَامِ فِيمَا يَظْهَرُ اللَّفْظُ الْمُرَكَّبُ لِإِفَادَةِ الْمُخَاطَبِ بِلُغَتِهِ، وَاعْتَبَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَفَّالُ الْمُوَاجَهَةُ بِهِ مُحْتَجًّا بِقِصَّةِ عَائِشَةَ مَعَ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ خُرُوجِ عَائِشَةَ وَنَهْيِ أُمِّ سَلَمَةَ لَهَا. قَوْلُهُ: (أَفْهَمُهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْحِنْثِ قَصَدَ الْإِفْهَامَ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ الْمُخَاطَبُ. قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ قِرَاءَةَ) وَلَوْ مَعَ قَصْدِ الْإِعْلَامِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 285 (بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا وَلَا يُشْتَرَطُ) فِيهِ (إيلَامٌ) وَقِيلَ يُشْتَرَطُ (إلَّا أَنْ يَقُولَ ضَرْبًا شَدِيدًا) فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِيلَامُ. (وَلَيْسَ وَضْعُ سَوْطٍ عَلَيْهِ وَعَضٌّ وَخَنِقٌ) بِكَسْرِ النُّونِ (وَنَتْفِ شَعْرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (ضَرْبًا قِيلَ وَلَا لَطْمٍ وَوَكْزٍ) أَيْ دَفْعٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَرْبٌ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَشَدَّ مِائَةً) مِنْ السِّيَاطِ أَوْ الْخَشَبَاتِ. (وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً أَوْ) ضَرَبَهُ (بِعِثْكَالٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ عُرْجُونٍ (عَلَيْهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ) بِكَسْرِ الشِّينِ (بَرَّ إنْ عَلِمَ إصَابَةَ الْكُلِّ أَوْ تَرَاكَمَ بَعْضٌ عَلَى بَعْضٍ فَوَصَلَهُ أَلَمُ الْكُلِّ) ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبَرُّ فِي قَوْلِهِ مِائَةُ سَوْطٍ بِالْعُثْكَالِ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَلَوْ شَكَّ فِي إصَابَةِ الْجَمِيعِ بَرَّ عَلَى النَّصِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ إنَّهُ لَا يَبَرُّ (أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَبَرَّ بِهَذَا) الْمَذْكُورِ مِنْ الْعِثْكَالِ أَوْ الْمِائَةِ الْمَشْدُودَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ بِهِ إلَّا مَرَّةً. . (أَوْ لَا أُفَارِقُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي) مِنْك (فَهَرَبَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ اتِّبَاعُهُ لَمْ يَحْنَثْ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَهُ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (الصَّحِيحُ لَا يَحْنَثُ إذَا أَمْكَنَهُ اتِّبَاعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَرِيمِهِ وَالْحِنْثُ مَبْنِيٌّ عَلَى حِنْثِ الْمُكْرَهِ الْمَرْجُوحِ (وَإِنْ فَارَقَهُ) الْحَالِفُ (أَوْ وَقَفَ حَتَّى ذَهَبَ) الْغَرِيمُ (وَكَانَا مَاشِيَيْنِ أَوْ أَبْرَأَهُ) مِنْ الْحَقِّ (أَوْ احْتَالَ) بِهِ (عَلَى غَرِيمٍ) لِلْغَرِيمِ (ثُمَّ فَارَقَهُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (أَوْ أَفْلَسَ) هُوَ أَيْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُفْلِسٌ. (فَفَارَقَهُ لَيُوسِرَ) وَفِي الْمُحَرَّرِ إلَى أَنْ يُوسِرَ. (حَنِثَ) فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ لِوُجُودِ الْمُفَارَقَةِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَالْأَخِيرَةِ، وَلِتَفْوِيتِهِ فِي الثَّالِثَةِ الْبَرُّ بِاخْتِيَارِهِ وَلِعَدَمِ الِاسْتِبْقَاءِ الْحَقِيقِيِّ فِي الرَّابِعَةِ بِالِاحْتِيَالِ وَقِيلَ لَا حِنْثَ فِيهَا   [حاشية قليوبي] فَخَرَجَ نَحْوُ وَضْعِ أُصْبُعٍ أَوْ نَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ إيلَامٌ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَقُولَ) أَوْ يَنْوِيَ قَوْلُهُ: (ضَرْبًا شَدِيدًا) فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِيلَامُ قَطْعًا قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ النُّونِ) وَبِالسُّكُونِ لَحْنٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ دَفْعٌ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ سَوَاءٌ بِظُهْرِ الْكَفِّ أَوْ بَطْنِهَا وَأَصْلُهُ الضَّرْبُ بِالْيَدِ مَطْبُوقَةً. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ اللَّطْمُ وَالْوَكْزُ قَوْلُهُ: (ضَرَبَ) فَيَبَرُّ بِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا الرَّفْسُ وَاللَّكْمُ وَالصَّفْعُ وَالرَّمْيُ بِنَحْوِ حَجَرٍ أَصَابَهُ. فَرْعٌ: قَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَوْ قَالَ لَأَضْرِبَنَّهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ أَوْ يَبُولَ حَمْلٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَوْ حَتَّى أَقْتُلَهُ أَوْ يَمُوتَ أَوْ يَقَعَ مَيِّتًا، حَمْلٌ عَلَى أَشَدِّ الضَّرْبِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَظْهَرُ عَلَى أَصْلِنَا الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَيْضًا، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَالَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَأُجْبِرَنَّ مَدِينِي عَلَى التَّرْكِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَطْلِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَوَصَلَهُ أَلَمُ الْكُلِّ) وَلَوْ بِانْكِبَاسِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ تَمَسَّ الْبَدَنَ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبَرُّ فِي قَوْلِهِ مِائَةَ سَوْطٍ بِالْعُثْكَالِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ السِّيَاط فَيَكْفِيهِ أَنْ يَشُدَّ مِائَةَ سَوْطٍ وَالْمِائَةُ فِي ذَلِكَ مِثَالُ فَلَوْ كَانَتْ خَمْسِينَ ضَرَبَ بِهَا مَرَّتَيْنِ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ وَلَوْ مَعَ رُجْحَانٍ فِي عَدَمِ الْإِصَابَةِ حَصَلَ الْبَرُّ. قَوْلُهُ: (مُخَرَّجٌ) أَيْ مِمَّا فِي الزِّنَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْعِثْكَالُ حَالَةَ الشَّكِّ وَفَرَّقَ بِقُوَّةِ إرَادَةِ التَّنْكِيلِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ إلَّا مَرَّةً) فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِ الْمِائَةِ وَلَوْ غَيْرَ مُتَوَالِيَةٍ وَلَوْ حَلَفَ لَا أُخَلِّيك تَفْعَلُ كَذَا حَمَلَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهُ مَعَ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْك) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ مِنْك كَفَى الِاسْتِيفَاءُ مِنْ وَكِيلِهِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ شَيْخُنَا وَبِالْحَوَالَةِ إنْ قَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَرِيمِهِ) وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ قَوْلُهُ: (وَكَانَا مَاشِيَيْنِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ فَارَقَهُ لِنَحْوِ بَوْلٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَا وَاقِفَيْنِ أَوْ قَاعِدَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحَرَّرِ) فَهِيَ أَوْلَى لِعَدَمِ الْعَلِيَّةِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (حَنِثَ) إنْ كَانَ عَامِدًا مُخْتَارًا وَمَحَلُّ الْحِنْثِ مَا لَمْ يَكُنْ أَرَادَ بِالِاسْتِيفَاءِ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ مِنْهُ. وَيُصَدَّقُ فِي إرَادَتِهِ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا قَوْلُهُ: (فَارَقَهُ) قِيلَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَسَتَعْرِفُهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَخِيرَةُ) نَعَمْ إنْ فَارَقَهُ فِيهَا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ. قَوْلُهُ: (وَلِتَفْوِيتِهِ فِي الثَّالِثَةِ) وَكَذَا فِي الرَّابِعَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِيهَا لِأَجْلِ الْخِلَافِ، وَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ إبْرَائِهِ وَاحْتِيَالُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحِنْثِ بِتَلَفِ الطَّعَامِ قَبْلَ الْغَدِ فِيمَا مَرَّ، وَهُوَ مَرْجُوحٌ فَلَا يَحْنَثُ هُنَا إلَّا بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ لِأَنَّهَا كَالْغَدِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا فِي الْحِنْثِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ إيلَامٌ) أَيْ لِصِدْقِ الِاسْمِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ ضَرَبَهُ وَلَمْ يُؤْلِمْهُ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ لَا بُدَّ مِنْ شَيْءٍ مَا مِنْ الْأَلَمِ، فَلَوْ وَضَعَ الْأُنْمُلَةَ عَلَى جَسَدِهِ فَهُوَ مُتَلَاعِبٌ لَا ضَارِبٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ) هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ. قَوْلُهُ: (ضَرْبًا شَدِيدًا) . قَالَ الْإِمَامُ وَلَا حَدَّ يُوقَفُ عِنْدَهُ فِي هَذَا لَكِنْ يَرْجِعُ إلَى مَا يُسَمَّى شَدِيدًا وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَأَضْرِبَنَّهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ، أَوْ حَتَّى يَبُولَ حُمِلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْ حَتَّى أَقْتُلَهُ أَوْ يَقَعَ مَيِّتًا حُمِلَ عَلَى أَشَدِّ الضَّرْبِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَظْهَرُ عَلَى أَصْلِنَا الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَيْضًا. اهـ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ النُّونِ) وَلَا يُقَالُ بِسُكُونِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إصَابَةَ الْكُلِّ) يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَبْسُطَهَا عَلَى الْحَصِيرِ ثُمَّ يَضْرِبُ، قَوْلُهُ: (فَوَصَلَهُ أَلَمُ الْكُلِّ) لِأَنَّ حَيْلُولَةَ الْبَعْضِ كَحَيْلُولَةِ الثِّيَابِ وَاعْتَرَضَ تَعْبِيرُهُ بِالْأَلَمِ بِأَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ كَمَا سَلَفَ. قَالَ بَعْضُهُمْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا ذَكَرَ الْعَدَدَ فِي حَلِفِهِ، كَانَ قَرِينَةً عَلَى إرَادَةِ الْإِيلَامِ فَيُلْتَحَقُ بِقَوْلِهِ ضَرْبًا شَدِيدًا، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ ثَقْلُ الْكُلِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي) زَادَ الشَّارِحُ مِنْك وَبِاعْتِبَارِهَا لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالْقَبْضِ مِنْهُ وَبِدُونِهَا يَصِحُّ مِنْ الْوَكِيلِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ إذَا أَدَّى عَنْهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَهَرَبَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إلَخْ) مِثْلُهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْمُفَارَقَةِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا أَمْكَنَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَنَظِيرِهِ فِي انْقِطَاعِ خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، قَوْلُهُ: (لَا يَحْنَثُ) مِثْلَ ذَلِكَ الْمُكْرَهِ عَلَى الطَّلَاقِ إذَا تَرَكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى تَسْمِيَةِ الِاحْتِيَالِ اسْتِيفَاءً) الصَّحِيحُ الْحِنْثُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 286 نَظَرًا إلَى تَسْمِيَةِ الِاحْتِيَالِ اسْتِيفَاءً (وَإِنْ اسْتَوْفَى) حَقَّهُ (وَفَارَقَهُ فَوَجَدَهُ نَاقِصًا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ لَكِنَّهُ أَرْدَأُ) مِنْهُ (لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِنْسَ حَقِّهِ بِأَنْ كَانَ حَقُّهُ الدَّرَاهِمَ فَخَرَجَ مَا أَخَذَهُ نُحَاسًا أَوْ مَغْشُوشًا (حَنِثَ عَالِمٌ) بِهِ (وَفِي غَيْرِهِ) وَهُوَ الْجَاهِلُ بِهِ. (الْقَوْلَانِ) فِي حِنْثِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ أَظْهَرُهُمَا لَا ثُمَّ الْمُفَارَقَةُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهَا الْحِنْثُ هِيَ الْقَاطِعَةُ لِخِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي الْبَيْعِ. . (أَوْ) حَلَفَ (لَا أَرَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي، فَرَأَى) ذَلِكَ (وَتَمَكَّنَ) مِنْ الرَّفْعِ (فَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى مَاتَ حَنِثَ وَيُحْمَلْ عَلَى قَاضِي الْبَلَدِ فَإِنْ عُزِلَ) وَتَوَلَّى غَيْرُهُ. (فَالْبِرُّ بِالرَّفْعِ إلَى الثَّانِي أَوْ إلَّا رَفَعَهُ إلَى قَاضٍ بَرَّ بِكُلِّ قَاضٍ) فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِ. (أَوْ إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ فَرَآهُ) أَيْ الْمُنْكَرَ (ثُمَّ عُزِلَ) الْقَاضِي (فَإِنْ نَوَى مَا دَامَ قَاضِيًا حَنِثَ إنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُهُ فَتَرَكَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَفَعَهُ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ. (فَكَمُكْرَهٍ) وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ حِنْثِهِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) مَا دَامَ قَاضِيًا (بَرَّ بِرَفْعِ النِّيَّةِ بَعْدَ عَزْلِهِ) وَيَحْصُلُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي بِإِخْبَارِهِ بِرَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ صَاحِبِ الْمُنْكَرِ. . فَصْلٌ (حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي تَعَقَّدَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ) بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ (حَنِثَ وَلَا يَحْنَثُ بِعَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ أَوْ لَا يُزَوِّجُ أَوْ لَا يُطَلِّقُ أَوْ لَا يُعْتِقُ أَوْ لَا يَضْرِبُ فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ لَا يَفْعَلَ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ) فَيَحْنَثُ. (أَوْ لَا يَنْكِحُ حَنِثَ بِعَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ لَا بِقَبُولِهِ هُوَ لِغَيْرِهِ)   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ لَا تُفَارِقْنِي حَتَّى أَسْتَوْفِيَ أَوْ تُوفِيَنِي حَقِّي فَهِيَ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ، فَإِنْ فَارَقَهُ الْغَرِيمُ وَهُوَ لَا يُبَالِي بِحَلِفِهِ أَوْ يُبَالِي وَهُوَ عَامِدٌ عَالِمٌ مُخْتَارٌ، وَلَوْ بِفِرَارٍ مِنْهُ حَنِثَ، فَإِنْ فَرَّ الْحَالِفُ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ أَمْكَنَ اتِّبَاعَهُ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ لَا نَفْتَرِقُ أَوْ لَا افْتَرَقْنَا حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي فَفِيهِمَا الْحَلِفُ عَلَى فِعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَدْ عُلِمَ. قَوْلُهُ: (لَكِنَّهُ أَرْدَأُ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ) وَإِنْ لَمْ يُتَسَامَحْ بِمِثْلِهِ لِأَنَّ النَّقْصَ فِيهِ مَظْنُونٌ وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَقْصَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ مُحَقَّقٌ. قَوْلُهُ: (حِنْثُ عَالِمٍ بِهِ) أَيْ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهُمَا لَا حِنْثَ عَلَيْهِ) لِجَهْلِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي الْبَيْعِ) وَهِيَ الْمُفَارَقَةُ الْعُرْفِيَّةُ قَوْلُهُ: (لَا رَأَى مُنْكَرًا) أَيْ فَاعِلَهُ وَيُحْمَلُ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَصَرِ لِمَنْ كَانَ حَالُ حَلِفِهِ بَصِيرًا وَإِلَّا فَعَلَى الْعِلْمِ بِهِ وَالْمُرَادُ مُنْكَرًا فِي اعْتِقَادِ الْحَالِفِ وَلَوْ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى مَاتَ) أَيْ الْحَالِفُ قَوْلُهُ: (عَلَى قَاضِي الْبَلَدِ) قَالَ شَيْخُنَا قَاضِي بَلَدِ الْحَلِفِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا قَاضِي بَلَدِ الْحَالِفِ، وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِابْنِ حَجَرٍ قَاضِي بَلَدِ الْمُنْكَرِ، وَفِي شَرْحِهِ لِلْأَصْلِ تَفْصِيلٌ يُرَاجَعُ مِنْهُ وَكُلُّ مَنْ اُعْتُبِرَ وَاحِدًا لَا يَحْصُلُ عِنْدَهُ الْبَرُّ بِالرَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ، وَلَا إلَى نَائِبِهِ وَلَا إلَيْهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَيُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِأَنَّ قَاضٍ مِنْهُمْ حَيْثُ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ تَأْدِيبِ الْفَاعِلِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْحَالِفِ مَنْعُ فَاعِلِهِ مِنْهُ فَرَاجِعْهُ. وَيَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ الْقَاضِي فِي بَلَدٍ كَفَى الرَّفْعُ لِوَاحِدٍ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَزَلَ) أَوْ مَاتَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَالْبِرُّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ فِي مَحَلِّهَا قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِ) وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ. قَوْلُهُ. (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ عَيْنَهُ، وَيَكُونُ ذِكْرُ الْقَضَاءِ فِيهِ لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلتَّقْيِيدِ. قَوْلُهُ: (بِإِخْبَارِهِ) أَيْ الْقَاضِي قَوْلُهُ: (بِرَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الرَّائِي أَوْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَيَكْفِي عِلْمُ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ إخْبَارٍ وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُ هُوَ فَاعِلُ الْمُنْكَرِ لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِرَفْعِ نَفْسِهِ إلَى الْقَاضِي فَلَوْ كَانَ هُوَ الْقَاضِيَ فَلَا يَبَرُّ إلَّا بِرَفْعِ نَفْسِهِ لِقَاضٍ غَيْرِهِ، وَعِلْمُ الْقَاضِي وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْفَاعِلِ كَالرَّفْعِ إلَّا فِي رَفْعِ نَفْسِهِ. فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عَلَى حَقِيقَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَجَازٌ مُتَعَارَفٌ، وَيُرِيدُهُ فَلَا يَحْنَثُ أَمِيرٌ حَلَفَ لَا يَبْنِي دَارِهِ إلَّا بِفِعْلِهِ وَلَا مَنْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَلَوْ بِأَمْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَعَقَدَ) أَيْ بِأَنْ وُجِدَتْ الصِّيغَةُ الصَّحِيحَةُ الْمُوجِدَةُ لِلْمِلْكِ، وَلَوْ مَعَ خِيَارٍ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِفَاسِدٍ إلَّا إنْ أَرَادَهُ أَوْ كَانَ فِي الشَّكِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْنَثُ) بِمَا ذُكِرَ وَلَا بِغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ كَمَا مَرَّ إلَّا إنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ هُوَ وَلَا غَيْرِهِ فَيَحْنَثُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَيَحْنَثُ) وَهَذَا يَشْمَلُ مَنْ وَكَّلَهُ فِيهِ قَبْلَ حَلِفِهِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَذِنَ لِزَوْجَتِهِ فِي الْخُرُوجِ ثُمَّ حَلَفَ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ بَعْدَ الْحَلِفِ وَإِلَّا وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَدَمُ   [حاشية عميرة] وَلَوْ جَعَلْنَا الْحَوَالَةَ اسْتِيفَاءً لِأَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ وَلَيْسَ عَلَى الْحَقِيقَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُحْمَلُ) أَيْ نَظَرًا إلَى أَنَّ أَلْ لِجِنْسِ قَاضِي الْبَلَدِ بِقَرِينَةِ كَوْنِ الْحَالِفِ مِنْهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) صَادِقٌ بِالْإِطْلَاقِ وَبِقَصْدِ الْعَيْنِ. [فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي] فَصْلٌ حَلَفَ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَوَكَّلَ مَنْ فَعَلَهُ) لَوْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَا يَتَعَاطَى إلَّا بِالْأَمْرِ دُونَ الْمُبَاشَرَةِ كَالِاحْتِجَامِ وَالْفَصْدِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ وَبِنَاءِ الدَّارِ حَنِثَ وَفِي الرَّوْضِ خِلَافُ هَذَا وَجَعَلَ الرَّافِعِيُّ بِنَاءَ الدَّارِ مِنْ الَّذِي لَا يَحْنَثُ بِهِ، وَحَكَى فِي حَلْقِ الرَّأْسِ طَرِيقِينَ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَجَزَمَ بِالْحِنْثِ فِيهِ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَحْنَثُ) لَوْ بِحَضْرَتِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِحِنْثِ الزَّرْكَشِيّ اسْتِثْنَاءً مَا لَوْ وَكَّلَ قَبْلَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 287 لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ سَفِيرٌ مَحْضٌ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمُوَكِّلِ. . (أَوْ لَا يَبِيعُ مَالَ زَيْدٍ فَبَاعَهُ بِإِذْنِهِ حَنِثَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ (فَلَا) حِنْثَ لِفَسَادِ الْبَيْعِ وَهُوَ فِي الْحَلِفِ مُنَزَّلٌ عَلَى الصَّحِيحِ. . (أَوْ لَا يَهَبُ لَهُ فَأَوْجَبَ لَهُ فَلَمْ يُقْبَلْ لَمْ يَحْنَثْ) لِعَدَمِ تَمَامِ الْعَقْدِ (وَكَذَا إنْ قِيلَ وَلَمْ يَقْبِضْ) لَا يَحْنَثُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَقْصُودَ الْهِبَةِ مِنْ نَقْلِ الْمِلْكِ لَمْ يَحْصُلْ وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى تَمَامِ الْعَقْدِ (وَيَحْنَثُ) الْحَالِفُ لَا يَهَبُ. (بِعُمْرَى وَرُقْبَى وَصَدَقَةٍ) لِأَنَّهَا أَنْوَاعٌ مِنْ الْهِبَةِ مَذْكُورَةٌ فِي بَابِهَا (لَا إعَارَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ) فَلَيْسَتْ مِنْ مُسَمًّى الْهِبَةِ. (أَوْ لَا يَتَصَدَّقُ لَمْ يَحْنَثْ بِهِبَةٍ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَحْنَثُ بِهَا كَعَكْسِهِ وَقَالَ الْأَوَّلُ الصَّدَقَةُ أَخَصُّ مِنْ الْهِبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يَحْنَثْ بِغَيْرِهَا، مِنْ الْهِبَةِ. . (أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ لَمْ يَحْنَثْ بِمَا اشْتَرَاهُ مَعَ غَيْرِهِ) كَعَمْرٍو شَرِكَةً. (وَكَذَا لَوْ قَالَ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ) لَمْ يَحْنَثْ بِمَا ذُكِرَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ مُشْتَرَكٌ، وَالثَّانِي قَالَ بِدُخُولِ مَنْ يُصَدِّقُ الْأَكْلَ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ (وَيَحْنَثُ بِمَا اشْتَرَاهُ سَلَمًا) لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الشِّرَاءِ (وَلَوْ اخْتَلَطَ مَا اشْتَرَاهُ بِمُشْتَرَى غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ) بِالْأَكْلِ مِنْ الْمُخْتَلِطِ (حَتَّى يَتَيَقَّنَ لَهُ مِنْ مَالِهِ) بِأَنْ يَأْكُلَ كَثِيرًا كَالْكَفِّ وَالْكَفَّيْنِ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ كَعَشْرِ حَبَّاتٍ وَعِشْرِينَ حَبَّةٍ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِ الْآخَرِ. . (أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارًا اشْتَرَاهَا زَيْدٌ لَمْ يَحْنَثْ بِدَارٍ أَخَذَهَا) أَيْ بَعْضَهَا (بِشُفْعَةٍ) ، لِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا لَا يُسَمَّى شِرَاءً عُرْفًا.   [حاشية قليوبي] الْحِنْثِ فِي الْأُولَى قَوْلُهُ: (بِعَقْدِ وَكِيلِهِ لَهُ) أَيْ لَا بِرَجْعَتِهِ لَهُ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا ابْتِدَاءُ نِكَاحٍ أَوْ اسْتِدَامَةٌ. أَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يُرَاجَعُ فَيَحْنَثُ بِرَجْعَتِهِ بِنَفْسِهِ وَبِوَكِيلِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْوَكِيلَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَوْ حَلَفَ لَا يُزَوَّجُ مُوَلِّيَتَهُ مِنْ زَيْدٍ فَوَكَّلَ زَيْدٌ مَنْ يَقْبَلَ لَهُ أَنَّ الْوَلِيَّ يَحْنَثُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَوْ حَلَفَتْ امْرَأَةٌ لَا تَتَزَوَّجُ، فَأَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا فَزَوَّجَهَا حَنِثَتْ كَذَا قَالُوهُ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ. قَوْلُهُ: (لَا يَبِيعُ مَالُ زَيْدٍ) أَوْ لَا يَبِيعُ لِزَيْدٍ مَالًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَوْلُهُ: (لِفَسَادِ الْبَيْعِ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ عَدَمَ الْإِذْنِ مِثَالٌ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْبَيْعُ وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مَا لَا يَقْبَلُهُ كَأَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ خَمْرًا أَوْ مُسْتَوْلَدَةَ مَنْزِلٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ فِي الْعِبَادَاتِ إلَّا فِي النُّسُكِ فَلَوْ حَلَفَ عَلَى الْفَاسِدِ كَأَنْ لَا يَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا فَفَعَلَهُ حَنِثَ بِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَاسِدَ غَيْرُ الْبَاطِلِ، فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَصَدَقَةٍ) وَهَدِيَّةٍ مَنْدُوبَيْنِ. قَوْلُهُ: (لَا إعَارَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ) وَكَذَا إجَارَةٌ وَضِيَافَةٌ وَنَذْرٌ وَكَفَّارَةٌ وَزَكَاةٌ وَهِبَةٌ بِثَوَابٍ لِأَنَّ الْهِبَةَ مَا فِيهِ تَمْلِيكُ تَطَوُّعٍ فِي حَيَاةٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ بِهِبَةٍ) وَلَا بِهَدِيَّةٍ وَقَرْضٍ وَقِرَاضٍ، وَإِنْ ظَهَرَ رِبْحٌ وَضِيَافَةٌ وَعَارِيَّةٌ، وَيَحْنَثُ بِصَدَقَةِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ وَلَوْ عَلَى غَنِيٍّ، وَذِمِّيٍّ وَبِعِتْقٍ وَإِبْرَاءٍ وَوَقْفٍ وَبِذَلِكَ عُلِمَ حِنْثُ مَنْ حَلَفَ، لَا يَتَصَدَّقُ عَلَى عَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ أَوْ عَلَى مَدِينِهِ فَأَبْرَأَهُ. فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ فَقَارَضَ حَنِثَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّهُ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ لَا قَبْلَهُ فَرَاجِعْهُ. تَنْبِيهٌ: مَالَ شَيْخُنَا لَيْسَ لِعَيْنِ تَابِعَةٍ لِلْوَقْفِ حُكْمُهُ كَلَبَنِ الْمَوْقُوفِ وَصُوفِهِ وَوَبَرِهِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ فَانْظُرْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْأَوَّلُ الصَّدَقَةُ أَخَصُّ مِنْ الْهِبَةِ) فَالْمُرَادُ بِالْهِبَةِ هُنَا مَا قَابَلَ الصَّدَقَةَ وَالْهَدِيَّةَ وَفِيمَا مَرَّ، مَا يَشْمَلُهُمَا كَمَا تَقَرَّرَ. فَرْعٌ: حَلَفَ لَا يُبَرِّئُهُ حَنِثَ بِنَحْوِ صَدَقَةٍ وَإِبْرَاءٍ لَا نَحْوِ زَكَاةٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَا يَأْكُلُ إلَخْ) وَاللُّبْسُ وَالرُّكُوبُ كَالْأَكْلِ. قَوْلُهُ: (شَرِكَةً) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا لِأَنَّ الْيَمِينَ مُنَزَّلَةٌ عَلَى مَا اشْتَرَاهُ وَحْدَهُ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ سَلَمًا أَوْ تَوْلِيَةً أَوْ مُرَابَحَةً أَوْ إشْرَاكًا وَأَفْرَزَ حِصَّتَهُ، أَوْ اشْتَرَى بَاقِيَهُ، وَخَرَجَ مَا اشْتَرَاهُ وَكِيلُهُ وَمَا لَا يُسَمَّى بَيْعًا كَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ وَهِبَةٍ وَرَدٍّ بَعِيدٍ وَصُلْحٍ، وَإِقَالَةٍ وَقِسْمَةٍ نَعَمْ مِنْ الشَّرِكَةِ مَا مَلَكَهُ بِقِسْمَةِ رَدٍّ كَأَنْ اشْتَرَيَا بِطِّيخَةً وَرُمَّانَةً ثُمَّ تَرَاضَيَا بِرَدِّ شَيْءٍ عَنْ إحْدَى الْحِصَّتَيْنِ، لِأَنَّهَا بَيْعٌ قَوْلُهُ: (بِمُشْتَرِي غَيْرِهِ) أَيْ بِمِلْكِ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِشِرَاءٍ وَظَاهِرُ ذَلِكَ يَشْمَلُ الْمَائِعَاتِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَتَيَقَّنُ) أَيْ يَظُنُّ وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِمَسْأَلَةِ التَّمْرَةِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ بَعْضَهَا) قَيْدٌ لِلظَّاهِرِ وَإِلَّا فَلَوْ أَخَذَهَا بِشُفْعَةٍ جَوَازٌ أَوْ فِي مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَكَذَلِكَ. فُرُوعٌ: حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِمَّا طَبَخَهُ زَيْدٌ حَنِثَ بِمَا أَوْقَدَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ حَتَّى يَنْضَجَ لَا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَتَقْطِيعِ لَحْمٍ وَوَضْعِ مَاءٍ أَوْ لَا يَأْكُلُ مِمَّا خَبَزَهُ حَنِثَ بِمَا وَضَعَهُ فِي التَّنُّورِ أَوْ لَا يَقْطَعُ بِهَذَا السِّكِّينِ فَغَيَّرَ حَدَّهَا مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، لَمْ يَحْنَثْ أَوْ لَا يَكْتُبْ بِهَذَا الْقَلَمِ فَجَدَّ بِرَايَتَهُ بَعْدَ كَسْرِ الْأُولَى لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْقَلَمَ اسْمٌ لَهَا لَا لِلْقَصَبَةِ أَوْ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا حَنِثَ بِخَلْخَالٍ وَسِوَارٍ، وَدُمْلُجٍ وَطَوْقٍ وَخَاتَمٍ سَوَاءٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ لَا يَلْبَسُ خَاتَمًا حَنِثَ بِلُبْسِهِ فِي الْخِنْصَرِ فَقَطْ أَوْ لَا يُصَلِّي حَنِثَ بِإِحْرَامٍ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ لَا بِصَلَاةِ جِنَازَةٍ أَوْ لَا يَزُورُ فُلَانًا فَتَبِعَ جِنَازَتَهُ لَمْ   [حاشية عميرة] الْحَلِفِ ثُمَّ فَعَلَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَلِفِ فَلَا حِنْثَ كَمَا قَالَ الْقَاضِي، فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَجَعَلَ الْبُلْقِينِيُّ مِثْلَهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَكَانَ قَدْ أَذِنَ قَبْلَ الْحَلِفِ فِي الْخُرُوجِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَا اشْتَرَاهُ مَعَ غَيْرِهِ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِهِ لَوْ اشْتَرَى نِصْفَ الطَّعَامِ مَتَاعًا ثُمَّ اشْتَرَى عَمْرُو النِّصْفَ الْآخَرِ مُشَاعًا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (كَالْكَفِّ وَالْكَفَّيْنِ) هَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَشْكُلُ عَلَى مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ فَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ فَأَكَلَهُ إلَّا وَاحِدَةً. تَتِمَّةٌ: حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَسَلَّ خَيْطًا مِنْهُ ثُمَّ لَبِسَهُ فَلَا حِنْثَ. فَرْعٌ: حَلَفَ لَا يُصَلِّي خَلْفَهُ فَوَجَدَهُ يُصَلِّي إمَامًا فِي الْجُمُعَةِ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ مَحَلَّ نَظَرٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَحْنَثَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُصَلِّي وَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ مَلْجَأٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 288 كِتَابُ النَّذْرِ بِالْمُعْجَمَةِ. (هُوَ ضَرْبَانِ نَذَرَ لَجَاجٍ) وَغَضَبٍ (كَإِنْ كَلَّمْته) أَيْ فُلَانًا أَوْ إنْ لَمْ أَخْرُجْ مِنْ الْبَلَدِ (فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقٌ أَوْ صَوْمٌ) أَوْ صَلَاةٌ (وَفِيهِ) إذَا وَجَدَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ. (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْيَمِينَ (وَفِي قَوْلِ مَا اُلْتُزِمَ وَفِي قَوْلٍ أَيَّهُمَا شَاءَ) وَعَلَى الْأَوَّلِ حُمِلَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» . (قُلْت الثَّالِثُ أَظْهَرُ) قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا (وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ) كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ لَكِنْ رَجَّحَ الْأَوَّلَ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ وَالْمُوَفَّقُ بْنُ طَاهِرٍ وَغَيْرُهُمْ. . (وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ نَذْرٍ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ بِالدُّخُولِ) فِي الصُّورَتَيْنِ (وَنَذْرُ تَبَرُّرٍ بِأَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً إنْ حَدَثَتْ نِعْمَةٌ أَوْ ذَهَبَتْ نِقْمَةٌ كَإِنْ شُفِيَ مَرِيضِي) ،   [حاشية قليوبي] يَحْنَثْ أَوْ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً أَوْ لَا يَأْكُلُ لَهُ طَعَامًا، وَأَطْلَقَ فَضَيَّفَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِشُرْبِ مَائِهِ وَأَكْلِ خُبْزِهِ أَوْ طَعَامِهِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَهَذَا يَشْمَلُ كَوْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَبِالطَّلَاقِ فَرَاجِعْهُ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ مَائِهِ أَوْ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِهِ فَضَيَّفَهُ لَمْ يَحْنَثْ لِمَا مَرَّ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً، فَأَكَلَ خُبْزَهُ أَوْ لَبِسَ قَمِيصَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا عَكْسُهُ أَوْ لَا يَأْكُلُ خُبْزَهُ فَلَيْسَ قَمِيصُهُ لَمْ يَحْنَثْ وَعَكْسُهُ. فَرْعٌ: تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَكْتُبُ مَعَ فُلَانٍ فِي شَهَادَةٍ لَمْ يَحْنَثْ إنْ كَتَبَ خَطَّهُ قَبْلَ رَفِيقِهِ إلَّا إنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ خَطُّهُمَا فَرَاجِعْهُ، أَوْ لَيَنْفَرِدَنَّ بِعِبَادَةٍ فَإِنَّهُ يَطُوفُ مُنْفَرِدًا أَوْ يَتَوَلَّى الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى. [كِتَابُ النَّذْرِ] بِالْمُعْجَمَةِ هُوَ لُغَةً الْوَعْدُ بِشَرْطٍ أَوْ الْتِزَامُ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ أَوْ الْوَعْدُ بِخَيْرٍ أَوْ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَشَرْعًا الْتِزَامُ قُرْبَةٍ لَمْ تَتَعَيَّنْ أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ، فَلَا يُرِدْ أَنَّ نَذْرَ اللَّجَاجِ مَكْرُوهٌ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَرْكَانَهُ ثَلَاثَةٌ نَاذِرٌ وَمَنْذُورٌ وَصِيغَةٌ، وَشَرْطُ النَّاذِرِ إسْلَامٌ وَاخْتِيَارٌ وَنُفُوذُ تَصَرُّفِهِ، فِيمَا يَنْذِرُهُ فَيَصِحُّ نَذْرُ سَكْرَانٍ وَسَفِيهٍ مُهْمَلٍ وَلَوْ فِي الْأَمْوَالِ وَرَقِيقٍ كَضَمَانِهِ، وَلَا يَصِحُّ نَذَرَ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ وَكَافِرٍ وَمُكْرَهٍ مُطْلَقًا، وَلَا مَحْجُورَ فَلْسٍ فِي عَيْنِ مَالِهِ وَإِنَّمَا صَحَّ وَقْفُ الْكَافِرِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْقُرْبَةِ فِي الْوَقْفِ، وَشَرْطُ الصِّيغَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ وَفِي مَعْنَى اللَّفْظِ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ، وَالْكِتَابَةُ مَعَ النِّيَّةِ وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ فَلَا يَصِحُّ بِالنِّيَّةِ وَتَقَدَّمَ شَرْطُ الْمَنْذُورِ فِي الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (لِجَاجِ) وَهُوَ التَّمَادِي فِي الْخُصُومَةِ وَعَطْفُ غَضَبٍ عَلَيْهِ تَفْسِيرٌ، وَيُقَالُ لَهُ نَذْرُ غَلَقٍ وَنَذْرُ لَجَاجٍ وَغَضَبٍ وَغَلَقٍ فَهِيَ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ وَالْغَلَقُ بَالِغِينَ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ أَوَّلَيْهِ، وَيُقَالُ فِي الْجَمِيعِ إنَّهُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ. قَوْلُهُ: (فَلِلَّهِ عَلَيَّ) أَوْ فَعَلَيَّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ بِخِلَافِ يَلْزَمُنِي أَوْ لَازِمٌ لِي فَلَغْوٌ قَوْلُهُ: (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) قَالَ الْإِمَامُ نَعَمْ إنْ قَصَدَ التَّقَرُّبَ لَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ عَيْنًا فَرَاجِعْهُ. وَشَمِلَتْ الْكَفَّارَةُ مَا لَوْ كَانَتْ بِالصَّوْمِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ الْكَفَّارَةَ أَوْ النَّذْرَ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْعِتْقَ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَذْرٍ) هُوَ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى يَمِينٍ مُضَافًا إلَى كَفَّارَةٍ أَيْ فَعَلَى كَفَّارَةِ نَذْرٍ فَلَوْ قَالَ فَعَلَيَّ نَذْرٌ خُيِّرَ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ بَيْنَ كَفَّارَةٍ وَقُرْبَةٍ مِنْ الْقُرَبِ وَلَزِمَهُ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ قُرْبَةٌ مِنْ الْقُرَبِ وَتَعْيِينُهَا إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ فَعَلَيَّ يَمِينٌ فَلَغْوٌ وَلَوْ قَالَ فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ فَانْظُرْهُ وَلَهُ إذَا اخْتَارَ شَيْئًا فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ، الرُّجُوعُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ أَغْلَظَ وَلَوْ قَالَ نَذَرْت لِلَّهِ بِكَذَا فَيَمِينٌ إلَّا إنْ نَوَى النَّذْرَ وَلَوْ قَالَ نَذَرْت لِفُلَانٍ بِكَذَا فَصَرِيحٌ فِي الْإِقْرَارِ. قَوْلُهُ: (وَنَذْرُ تَبَرُّرٍ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ طَلَبِ الْبَرِّ وَهُوَ قُرْبَةُ مَنْدُوبٍ وَلَوْ مَعَ التَّعْلِيقِ. قَوْلُهُ: (حَدَثَتْ   [حاشية عميرة] كِتَابُ النَّذْرِ قَوْلُهُ: (أَوْ إنْ لَمْ أَخْرَجَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْته لِأَنَّ الْيَمِينَ إمَّا حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ، وَالنَّذْرُ الْمَذْكُورُ كَالْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (فَلِلَّهِ عَلَيَّ) أَوْ فَعَلَيَّ قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ مَا الْتَزَمَ) لِحَدِيثِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» أَيْ وَكَمَا فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ وَوَجْهُ الثَّالِثِ أَنَّهُ أَخَذَ شَبَهًا مِنْ نَذَرَ التَّبَرُّرِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ الْتَزَمَ طَاعَةً وَمِنْ الْيَمِينِ مِنْ حَيْثُ الْمَنْعُ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْمَنْعِ وَلَا إلَى التَّعْطِيلِ فَوَجَبَ التَّخْيِيرُ، وَإِنَّمَا خَرَجَ مِنْ حَدِيثِ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ لِشَبَهِهِ بِالْيَمِينِ. قَالَ الْإِمَامُ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قَصَدَ مَنْعَ نَفْسِهِ فَإِنْ قَصَدَ التَّقَرُّبَ لَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ قَوْلًا وَاحِدًا أَقُولُ سَكَتَ عَنْ حَالَةِ الْإِطْلَاقِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَلْحَقَ بِقَصْدِ الْمَنْعِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَلْتَزِمَ إلَخْ) . اعْلَمْ أَنَّهُ يَقَعُ عِنْدَ الْقُضَاةِ الْآنَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا نَصُّهُ إنْ أَحْيَانِي اللَّهُ بَقِيَّةَ هَذَا الْيَوْمِ، وَطَالَبَ فُلَانٌ فُلَانًا بِكَذَا كَانَ عَلَيَّ الْقِيَامُ لَهُ بِنَظِيرِهِ عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ، وَغَرَضُهُمْ مِنْ هَذَا التَّحَيُّلُ عَلَى جَعْلِهِ مِنْ نَذْرِ الْمُجَازَاةِ كَيْ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَ وَفِيهِ عِنْدِي بَحْثٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، الْأَوَّلُ إنَّهُمْ شَرَطُوا فِي نَذَرَ الْمُجَارَاةِ حُدُوثَ النِّعْمَةِ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ النَّعَمِ الْمُسْتَمِرَّةِ كَنَظِيرِهِ مِنْ سَجَدَاتِ الشُّكْرِ، وَقَوْلُهُ إنْ أَحْيَانِي اللَّهُ مَعْنَاهُ إنْ اسْتَمَرَّتْ حَيَاتِي وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُجَازَاةِ الثَّانِي أَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مِنْ النِّعَمِ الْحَادِثَةِ لَكِنْ قَدْ قَرَنَهُ بِالْمُطَالَبَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ لُزُومِ خُصُوصِ الْمُلْتَزَمِ لِكَوْنِهَا لَجَاجًا وَالْمَانِعُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُقْتَضَى الثَّالِثِ أَنَّ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْغَزَالِيِّ، لَوْ قَالَ إنْ ظَهَرَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا فَلَكَ عَلَيَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 289 أَوْ ذَهَبَ عَنِّي كَذَا (فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ فَعَلَيَّ كَذَا) مِنْ صَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ. (فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. (وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ لَزِمَهُ) ذَلِكَ (فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ الْعِوَضِ. . (وَلَا يَصِحُّ نَذَرَ مَعْصِيَةٍ) ، كَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ الزِّنَا لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ» (وَلَا وَاجِبٍ) كَالصُّبْحِ أَوْ صَوْمِ أَوَّلِ رَمَضَانَ إذْ لَا مَعْنَى لِإِيجَابِهِ بِالنَّذْرِ. . (وَلَوْ نَذَرَ فِعْلَ مُبَاحٍ أَوْ تَرْكَهُ) كَقِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ (لَمْ يَلْزَمْهُ الْفِعْلُ أَوْ التَّرْكُ) رَوَى أَبُو دَاوُد حَدِيثَ «لَا نَذْرَ إلَّا فِيمَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ» (لَكِنْ إنْ خَالَفَ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الْمُرَجَّحِ) فِي الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ لَا كَفَّارَةَ وَيُؤْخَذُ تَرْجِيحُهُ مِنْ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حَيْثُ حَكَى الْخِلَافَ فِي نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ إنْ خُولِفَ، وَرَجَّحَ فِيهِ عَدَمَ الْكَفَّارَةِ ثُمَّ أُحِيلَ عَلَيْهِ نَذْرُ الْوَاجِبِ وَنَذْرُ الْمُبَاحِ الْمَذْكُورِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِي الثَّلَاثَةِ. . (وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ أَيَّامٍ نُدِبَ تَعْجِيلُهَا) مُسَارَعَةً إلَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ (فَإِنْ قَيَّدَ بِتَفْرِيقٍ أَوْ مُوَالَاةٍ وَجَبَ) ذَلِكَ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ (جَازَا) أَيْ التَّفْرِيقُ وَالْوَلَاءُ (أَوْ سُنَّةٌ مُعَيَّنَةٌ)   [حاشية قليوبي] نِعْمَةٌ إلَخْ) خَرَجَ بِالْحُدُوثِ النِّعْمَةُ الْمُسْتَمِرَّةُ وَالنِّعْمَةُ هُنَا أَعَمُّ مِمَّا فِي سُجُودِ الشُّكْرِ وَكَذَا النِّقْمَةُ قَوْلُهُ: (كَأَنْ شُفِيَ إلَخْ) وَإِنْ كَرَّرَهُ وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ، وَيُعْلَمُ الشِّفَاءُ بِقَوْلِ عَدْلٍ رِوَايَةً وَفِي التَّجْرِبَةِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ وَلَا يَصِحُّ إنْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) كَعِتْقٍ وَصَلَاةٍ وَصَدَقَةِ مَالٍ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لِمُعَيَّنٍ وَلَوْ جَنِينًا وَرَقِيقًا وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ رَدِّهِ لَا لِمَيِّتٍ إلَّا فِي نَحْوِ مَشْهَدٍ صَالِحٍ يَنْتَفِعُ بِهِ بِسِرَاجٍ مَثَلًا وَلِلْمُعَيَّنِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي عَمَّرْت مَسْجِدَ كَذَا أَوْ دَارَ زَيْدٍ أَوْ فَعَلَيَّ أَلْفُ دِينَارٍ فَلَغْوٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي مَا فَعَلْت كَذَا أَوْ فَعَلْته أَوْ لَا أَفْعَلُهُ أَوْ لَا فَعَلْته إذْ لَا تَعْلِيقَ وَلَا الْتِزَامَ وَالْعِتْقُ لَا يُحْلَفُ بِهِ لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنْ نَوَى الِالْتِزَامَ تَخَيَّرَ كَنَذْرِ اللَّجَاجِ. وَلَوْ قَالَ مَالِي صَدَقَةٌ فَلَغْوٌ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَمَالِي صَدَقَةٌ فَكَنَذْرِ اللَّجَاجِ أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي، فَمَالِي صَدَقَةٌ فَتَبَرَّرَ فَيَلْزَمُهُ صَرْفُ جَمِيعِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ، وَلَوْ قَالَ مَالِي طَالِقٌ فَإِنْ نَوَى النَّذْرَ فَكَاللَّجَاجِ وَإِلَّا فَلَغْوٌ وَلَوْ قَالَ جَعَلْت هَذَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَحَّ وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ، وَلَوْ قَالَ إنْ حَصَلَ لِي كَذَا جِئْت لَهُ بِكَذَا فَلَغْوٌ. قَوْلُهُ: (فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ) لَا عَلَى الْفَوْرِ وَلَوْ بِقُرْبَةٍ مَالِيَّةٍ إلَّا لِمُعَيَّنٍ وَطَالِبٍ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا يُسَمَّى نَذْرَ الْمُجَازَاةِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ غَيْرِهِ وَمَعْنَى لُزُومِهِ تَعَلُّقُهُ بِذِمَّتِهِ، وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ نَعَمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ لَزِمَهُ فِيهِ كَفَّارَةٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ نَذَرَ مَعْصِيَةٍ) لِذَاتِهَا أَوْ لَازِمِهَا وَلَا مَكْرُوهٌ كَذَلِكَ، وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَا وَاجِبٍ) أَيْ عَيْنِي. قَوْلُهُ: (مُبَاحٍ) أَيْ فِي أَصْلِهِ وَإِنْ طَلَبَ نَدْبًا لِنَحْوِ تَقَوٍّ عَلَى عِبَادَةٍ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُرَجَّحِ) مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ يَحْتَمِلُ عَدَمُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَا إذَا خَلَا عَنْ حَثٍّ وَمَنْعِ تَحْقِيقِ خَبَرٍ، وَإِضَافَةٍ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ انْتَهَى، غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ صُورَةٍ خَالِيَةٍ عَمَّا ذُكِرَ فَيَلْزَمُ إحَالَةُ مَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَيَبْطُلُ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ مَعَ أَنَّ فِي صِحَّةِ النَّذْرِ مَعَ الْحَثِّ، وَنَحْوِهِ نَظَرًا لِأَنَّهُ خَالٍ عَنْ صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَيْضًا فِي جَعْلِ مَا ذُكِرَ مِنْ نَذَرَ الْمُبَاحِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ الْتِزَامُ قُرْبَةٍ عَلَى تَرْكِ مُبَاحٍ أَوْ فِعْلِهِ فَهُوَ مِنْ نَذْرِ اللَّجَاجِ، وَإِنَّمَا نَذَرَ الْمُبَاحِ أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَقُومَ مَثَلًا، أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَقُومَ وَهَذَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَالْوَاجِبِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ فَإِنَّهُ مِمَّا لَا وَجْهَ لِلْعُدُولِ عَنْهُ. فَائِدَةٌ: قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ يَقَعُ كَثِيرًا مِمَّنْ اقْتَرَضَ مِنْ آخَرَ مَالًا أَنْ يُنْذِرَ لِمُقْرِضِهِ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا مَا دَامَ الْقَرْضُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي ذِمَّتِهِ وَالْمُرَجَّحُ صِحَّتُهُ، لِأَنَّ فِيهِ نِعْمَةَ رِبْحِ الْقَرْضِ وَدَفْعِ نِقْمَةِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَدْنَى مِنْهُ ثُمَّ دَفَعَ مِنْهُ شَيْئًا بَطَلَ حُكْمُ النَّذْرِ لِانْقِطَاعِ دَيْمُومَةِ الْكُلِّ. فَرْعٌ: لَوْ جَمَعَ فِي نَذْرَيْنِ مَا يَصِحُّ وَمَا لَا يَصِحُّ كَقَوْلِهِ إنْ سَلِمَ مَالِي وَهَلَكَ مَالُ زَيْدٍ أَعْتَقْت عَبْدِي أَوْ طَلَّقْت زَوْجَتِي فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ، وَيَلْزَمُهُ فِي الْجَزَاءِ عِتْقُ الْعَبْدِ لِإِطْلَاقِ الزَّوْجَةِ. قَوْلُهُ: (صَوْمَ أَيَّامٍ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ قَوْلُهُ: (نُدِبَ تَعْجِيلُهَا) إلَّا لِعُذْرٍ أَوْ فَوْتِ مَا هُوَ أَهَمُّ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ ذَلِكَ) أَيْ التَّفْرِيقُ أَوْ الْمُوَالَاةُ وَلَا يُجْزِئُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَلَوْ نَذَرَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةً فَصَامَ عَشَرَةً مُتَوَالِيَةً، حُسِبَ لَهُ مِنْهَا خَمْسَةٌ فَقَطْ، وَهِيَ الْإِفْرَادُ وَالْخَمْسَةُ بَاطِلَةٌ إنْ عُلِمَ وَإِلَّا فَنَفْلٌ مُطْلَقٌ، لَوْ نَذَرَ عَشَرَةً مُتَوَالِيَةً فَصَامَ عَشَرَةً مُتَفَرِّقَةً فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ مِنْهَا عَنْ النَّذْرِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ مَعَ عَدَمِ تَصَوُّرِ الْقَضَاءِ وَفِي وُقُوعِهَا نَفْلًا مَا مَرَّ، نَعَمْ إنْ وَصَلَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ بِصَوْمِ تِسْعَةٍ بَعْدَهُ مُتَوَالِيَةٍ حُسِبَ مِنْ الْعَشَرَةِ. قَوْلُهُ: (جَازَا) بِأَلْفِ التَّثْنِيَةِ بِدَلِيلِ تَفْسِيرِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سُقُوطُ الْأَلِفِ وَلَعَلَّهُ مِنْ النَّاسِخِ لِتَوَهُّمِهِ أَنَّهَا مُكَرَّرَةٌ مَعَ الْأَلِفِ بَعْدَهَا فَرَاجِعْهُ.   [حاشية عميرة] كَذَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. قَالَ الْغَزَالِيُّ لَا يُقَالُ الْهِبَةُ قُرْبَةٌ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَتْ قُرْبَةً هُنَا، بَلْ هُوَ مِنْ الْمُبَاحِ انْتَهَى وَالْفَرْعُ الْمَذْكُورُ مِنْ هَذَا الْوَادِي فَلْيُتَأَمَّلْ، وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَ الْفُقَرَاءَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَلَمْ يُرِدْ الصَّدَقَةَ لَمْ يَلْزَمْ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَوْلُهُ: (إنْ حَدَثَتْ نِعْمَةٌ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ النِّعْمَةُ نَادِرَةَ الْحُصُولِ. [نَذَرَ الْمَعْصِيَةِ] قَوْلُهُ: (نُدِبَ تَعْجِيلُهَا) أَيْ مَا لَمْ يُعَارِضْ مُعَارِضٌ مِنْ جِهَادٍ أَوْ مَشَقَّةٍ فِي سَفَرٍ. قَوْلُهُ: (بِتَفْرِيقٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ مِقْدَارَ التَّفْرِيقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 290 كَسُنَّةِ كَذَا أَوْ سُنَّةٍ مِنْ الْغَدِ أَوْ مِنْ أَوَّلِ شَهْرِ كَذَا (صَامَهَا) عَنْ نَذْرِهِ، إلَّا مَا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ (وَأَفْطَرَ) أَيْ مِنْهَا (الْعَبْدُ) أَيْ يَوْمَيْهِ (وَالتَّشْرِيقَ) أَيْ أَيَّامَهُ الثَّلَاثَةَ أَنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلصَّوْمِ لِحُرْمَتِهِ فِيهَا. (وَصَامَ رَمَضَانَ) مِنْهَا (عَنْهُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ قَابِلٍ لِصَوْمِ غَيْرِهِ. (وَلَا قَضَاءَ) لِمَا ذُكِرَ عَنْ النَّذْرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ. . (وَإِنْ أَفْطَرَتْ بِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ) فِي السُّنَّةِ (وَجَبَ الْقَضَاءُ) لِأَيَّامِهِمَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلصَّوْمِ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (الْأَظْهَرُ لَا يَجِبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، لِأَنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلصَّوْمِ مِنْهَا فَلَا يَدْخُلُ فِي نَذْرِهَا. . (وَإِنْ أَفْطَرَ يَوْمًا بِلَا عُذْرٍ) مِنْ السَّنَةِ (وَجَبَ قَضَاؤُهُ وَلَا يَجِبُ اسْتِئْنَافُ سَنَةٍ فَإِنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ وَجَبَ) اسْتِئْنَافُهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَفَاءً بِالشَّرْطِ وَالثَّانِي قَالَ ذِكْرُهُ مَعَ التَّعْيِينِ لَغْوٌ (أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ وَشَرَطَ) فِيهَا (التَّتَابُعَ وَجَبَ وَلَا يَقْطَعُهُ صَوْمُ رَمَضَانَ عَنْ فَرْضِهِ وَفِطْرِ الْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ وَيَقْضِيهَا تِبَاعًا مُتَّصِلَةً بِآخِرِ السَّنَةِ) ، لِيَفِيَ بِنَذْرِهِ (وَلَا يَقْطَعُهُ حَيْضٌ) أَيْ فِي زَمَنِهِ (وَفِي قَضَائِهِ الْقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا لَا يَجِبُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ) أَيْ التَّتَابُعَ (لَمْ يَجِبْ) فَيَصُومُ كَيْفَ شَاءَ (أَوْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ أَبَدًا لَمْ يَقْضِ أَثَانِيَ رَمَضَانَ) ، اللَّازِمَةُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي النَّذْرِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَكَذَا الْعِيدُ وَالتَّشْرِيقُ) الْأَيَّامُ الْخَمْسَةُ لَا يَقْضِي أَثَانِيَهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا ذُكِرَ وَالثَّانِي يَقْضِيهَا لِأَنَّ مَجِيءَ الِاثْنَيْنِ فِيهَا غَيْرُ لَازِمٍ وَفِي الِاثْنَيْنِ الْخَامِسُ فِي رَمَضَانَ هَذَا الْخِلَافُ بِتَرْجِيحِهِ (فَلَوْ لَزِمَهُ صَوْمُ شَهْرَيْنِ تِبَاعًا لِكَفَّارَةٍ صَامَهُمَا وَيَقْضِي أَثَانِيهِمَا) لِنَذْرِهِ (وَفِي قَوْلٍ لَا يَقْضِي إنْ سَبَقَتْ الْكَفَّارَةُ النَّذْرَ قُلْت ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ نَقَلَ تَرْجِيحَ كُلٍّ عَنْ طَائِفَةٍ، وَالْأَوَّلُ نَاظِرٌ إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ وَالثَّانِي إلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ. تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي جَمْعِ اثْنَيْنِ أَثَانِينَ وَبِهِ عَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ مُصَرِّفًا بِاللَّامِ وَأَضَافَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا حَاذِفًا نُونَهُ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَوْلُ الشَّيْخِ أَثَانِينَ رَمَضَانَ صَوَابُهُ أَثَانِي بِحَذْفِ النُّونِ انْتَهَى. وَكَأَنَّ وَجْهَهُ التَّبَعِيَّةُ لِحَذْفِهَا مِنْ الْمُفْرَدِ وَوَجْهُ إثْبَاتِهَا أَنَّهَا مَحَلُّ الْإِعْرَابِ بِخِلَافِهَا فِي الْمُفْرَدِ، وَظَاهِرٌ عَلَى الْحَذْفِ بَقَاءُ سُكُونِ الْيَاءِ كَمَا نُقِلَ عَنْ ضَبْطِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ) وَتُحْمَلُ عَلَى الْهِلَالِيَّةِ إنْ لَمْ يَقْدِرْ بِغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا) أَيْ أَيَّامَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهَا أَوْ جَلَبَتُهُ بِدَوَاءٍ وَنَحْوِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِلَا عُذْرٍ) هَلْ مِنْهُ نِسْيَانُ النِّيَّةِ لَيْلًا رَاجِعْهُ أَمَّا بِالْعُذْرِ فَإِنْ كَانَ لِمَشَقَّةٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ لِلْمُقِيمِ كَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ، فَلَا قَضَاءَ حَضَرًا كَانَ أَوْ سَفَرًا أَوْ لِعُذْرِ السَّفَرِ مَعَ عَدَمِ الْمَشَقَّةِ لَوْ صَامَ وَجَبَ الْقَضَاءُ قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ) وَلَوْ بِنِيَّةٍ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ اسْتِئْنَافُهَا) وَإِنْ كَانَ فِطْرُهُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَجُنُونٍ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (عَنْ فَرْضِهِ) خَرَجَ مَا لَوْ صَامَهُ عَنْ غَيْرِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَيَقْطَعُ التَّتَابُعَ حِينَئِذٍ وَيُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ وَكَذَا لَوْ أَفْطَرَهُ، وَهَذَا شَامِلٌ لِجَمِيعِ رَمَضَانَ وَلِبَعْضِهِ وَلَوْ يَوْمًا مِنْهُ فَرَاجِعْهُ، وَحَرِّرْهُ فَإِنَّ الْوَجْهَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ التَّتَابُعُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي النَّذْرِ فِي وَقْتِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ عَنْ فَرْضِهِ بَيَانٌ لِمَا هُوَ عَنْهُ لَا قَيْدٌ لِخُرُوجِ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. قَوْلُهُ: (وَيَقْضِيهَا) أَيْ أَيَّامَ رَمَضَانَ وَالْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ. قَوْلُهُ: (تِبَاعًا) أَيْ مُتَتَابِعَةً مُتَّصِلَةً بِالسَّنَةِ وَلَا يَضُرُّ لَوْ تَخَلَّلَهَا مَا لَا يَقْبَلُ الصَّوْمَ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْطَعُهُ حَيْضٌ) وَمِثْلُهُ النِّفَاسُ وَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ أَيْضًا إلْحَاقًا بِالْحَيْضِ الَّذِي شَأْنُهُ التَّكَرُّرُ وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْمَرَضُ، وَلَوْ جُنُونًا وَالسَّفَرُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ وُجُوبُ الِاسْتِئْنَافِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيَصُومُ كَيْفَ شَاءَ) فَإِنْ صَامَ شُهُورًا وَلَوْ غَيْرَ مُتَوَالِيَةٍ فَهِيَ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا بِالْهِلَالِ، وَيَقْضِي أَيَّامَ الْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَرَمَضَانَ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِي قَضَاءِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ نَظَرٌ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ إنْ كَانَتْ تَخْلُو عَنْهُ فِي شُهُورٍ وَصَامَتْ غَيْرَهَا فَوُجُوبُ الْقَضَاءِ لَهُ وَجْهٌ لِتَقْصِيرِهَا وَإِنْ صَامَ أَيَّامًا فَهِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا لِأَنَّ ذَلِكَ مِقْدَارُ الِاثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا الْعَرَبِيَّةِ وَقَوْلُهُمْ يَصُومُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِقْدَارَ السَّنَةِ الْعَرَبِيَّةِ، كَمَا عَلِمْت وَلَا مِقْدَارَ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ لِأَنَّهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَأَنَّ وَجْهَهُ إلَخْ) مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْهَدْ نَعَمْ نَقَلَ ابْنُ حَجَرٍ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ حَذْفَهَا وَإِثْبَاتَهَا لُغَتَانِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَأَفْطَرَ الْعَبْدُ إلَخْ) . وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ عِنْدَ التَّعْيِينِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا تَدْخُلَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ وَجَبَ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ بِالنِّيَّةِ لَكِنْ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ نِيَّةَ تَتَابُعِ الِاعْتِكَافِ لَا تُؤَثِّرُ فِيمَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ أَقُولُ لَعَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَلَا تَخَالُفَ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْطَعُهُ صَوْمُ رَمَضَانَ عَنْ فَرْضِهِ) خَرَجَ مَا لَوْ صَامَهُ عَنْ نَذْرٍ أَوْ تَطَوُّعٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِهِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهُمَا لَا يَجِبُ) لَك أَنْ تَقُولَ قَضَاؤُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْعِيدِ وَرَمَضَانَ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ: (فَيَصُومُ كَيْفَ شَاءَ) أَيْ إذَا كَانَ قَدْ أَطْلَقَ أَمَّا لَوْ شَرَطَ التَّفْرِيقَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ كَمَا سَلَفَ نَظِيرُهُ. قَوْلُهُ: (إنْ سَبَقَتْ الْكَفَّارَةُ) . قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَّا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْعِتْقِ وَقَدْ نَذَرَ الصَّوْمَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَتَقَدَّمُ فَاقْتَضَى اسْتِثْنَاءً اهـ. وَهُوَ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ. قَوْلُهُ: (وَأَضَافَهُ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) . الَّذِي فِي الزَّرْكَشِيّ نَقْلًا عَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ يُجْمَعُ عَلَى أَثَانِينَ وَأَثَانِيِّ يُحْذَفُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 291 (وَتَقْضِي) بِالْفَوْقَانِيَّةِ (زَمَنَ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) أَيْ أَثَانِيَهُمَا (فِي الْأَظْهَرِ) وَيُؤْخَذُ مِنْ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَرْجِيحُ عَدَمِ الْقَضَاءِ وَلَعَلَّ السُّكُوتَ عَنْ زِيَادَتِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الزِّيَادَةِ السَّابِقَةِ وَلَوْ كَانَ لَهَا عَادَةٌ غَالِبَةٌ فَعَدَمُ الْقَضَاءِ فِيمَا يَقَعُ فِي عَادَتِهَا أَظْهَرُ. . (أَوْ) نَذْرَ (يَوْمًا بِعَيْنِهِ لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ) وَالصَّوْمُ بَعْدَهُ قَضَاءٌ. (أَوْ يَوْمًا مِنْ أُسْبُوعٍ) بِمَعْنَى جُمُعَةٍ (ثُمَّ نَسِيَهُ صَامَ آخِرَهُ وَهُوَ الْجُمُعَةُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ وَقَعَ قَضَاءً) وَإِنْ كَانَ هُوَ وَقَعَ أَدَاءً. . (وَمَنْ شَرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ فَنَذَرَ إتْمَامَهُ لَزِمَهُ عَلَى الصَّحِيحِ) ، وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ نَذَرَ صَوْمَ بَعْضِ الْيَوْمِ (وَإِنْ نَذَرَ بَعْضَ يَوْمٍ لَمْ يَنْعَقِدْ) نَذْرُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ شَرْعًا (وَقِيلَ) يَنْعَقِدُ وَ (يَلْزَمُهُ يَوْمٌ) أَقَلُّ الْمَعْهُودِ (أَوْ يَوْمُ قُدُومِ زَيْدٍ فَالْأَظْهَرُ انْعِقَادُهُ) ، وَالثَّانِي قَالَ لَا يُمْكِنُ الْوَفَاءَ بِهِ لِانْتِفَاءِ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ الْمُشْتَرَطِ لِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِقُدُومِهِ قَبْلَ يَوْمِهِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِإِمْكَانِ الْعِلْمِ بِقُدُومِهِ قَبْلَ يَوْمِهِ فَيَبِيتُ (فَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا أَوْ يَوْمَ عِيدٍ أَوْ فِي رَمَضَانَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ قَبُولِ الْأَوَّلَيْنِ لِلصَّوْمِ وَالثَّالِثُ لِصَوْمِ غَيْرِهِ، (أَوْ نَهَارًا وَهُوَ مُفْطِرٌ أَوْ صَائِمٌ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا وَجَبَ يَوْمٌ آخَرُ عَنْ هَذَا) لِفَوَاتِ صَوْمِهِ. (أَوْ وَهُوَ صَائِمٌ نَفْلًا فَكَذَلِكَ وَقِيلَ) لَا بَلْ (يَجِبُ تَتْمِيمُهُ وَيَكْفِيهِ) بِنَاءً عَلَى لُزُومِ الصَّوْمِ مِنْ وَقْتِ قَدِيمِهِ وَالصَّحِيحُ لَهُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَتَقْضِي زَمَنَ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ فِي الْأَظْهَرِ) مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْقَضَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ) فَلَا يَصِحُّ عَنْهُ وَيَأْثَمُ إنْ عَلِمَ. قَوْلُهُ: (وَالصَّوْمُ بَعْدَهُ قَضَاءٌ عَنْهُ) سَوَاءٌ صَامَ نَظِيرَهُ أَوْ غَيْرَهُ وَهَذَا إنْ عَيَّنَهُ بِوَقْتِهِ أَوْ بِاسْمِهِ وَوَقْتِهِ مَعًا فَإِنْ عَيَّنَهُ بِاسْمِهِ فَقَطْ كَيَوْمِ خَمِيسٍ فَلَهُ صَوْمُ أَيِّ خَمِيسٍ شَاءَ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْقَضَاءُ، وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ يَوْمٍ غَيْرِهِ عَنْهُ وَيَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ بِمُضِيِّ أَوَّلِ خَمِيسٍ بَعْدَ النَّذْرِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ صَوْمِهِ عَصَى. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى جُمُعَةٍ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْأُسْبُوعِ وَلِتَصَوُّرِ الْقَضَاءِ فِيهِ كَذَا قِيلَ وَهُوَ لَا يَسْتَقِيمُ إذْ الْأُسْبُوعُ وَالْجُمُعَةُ لَيْسَ فِيهِمَا تَعْيِينُ وَقْتٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِمَا الْقَضَاءُ إلَّا إنْ عَيَّنَهُ كَأَوَّلِ شَهْرِ كَذَا أَوْ آخِرِهِ، وَإِنَّمَا حَوَّلَهُ الشَّارِحُ لِلْأُسْبُوعِ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلسَّبْعَةِ أَيَّامٍ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ آخِرُهَا يَوْمَ جُمُعَةٍ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَوَّلَ الْأُسْبُوعِ يَوْمُ السَّبْتِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَصَحَّ نَذَرَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ إفْرَادُهُ حَتَّى لَوْ قَيَّدَ نَذْرَهُ بِالْإِفْرَادِ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ شَرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ) لَيْسَ الشُّرُوعُ وَالصَّوْمُ قَيْدًا وَالْمُرَادُ أَنْ يَنْذِرَ إتْمَامَ نَفْلٍ شَرَعَ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِهِ أَوْ لَا أَوْ كُلِّ نَفْلٍ شَرَعَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ) لَا نَفْسَ الصَّوْمِ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى النَّفْلِيَّةِ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، وَلَا يَجِبُ فِيهِ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ وَفِي تَعْلِيلِ الْوَجْهِ الثَّانِي نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (بَعْضُ يَوْمٍ) وَكَذَا بَعْضُ كُلِّ عِبَادَةٍ كَبَعْضِ رَكْعَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. نَعَمْ يَصِحُّ نَذَرَ بَعْضِ النُّسُكِ وَبَعْضِ الطَّوَافِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ النُّسُكُ كَامِلًا وَالطَّوَافُ كَامِلًا أَوْ إذَا فَعَلَهُ يَقَعُ قَدْرُ مَا نَذَرَهُ وَاجِبًا وَغَيْرُهُ نَفْلًا، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ النُّسُكِ وَالطَّوَافِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِمَا الثَّانِي لَكِنْ لَا يَخْرُجُ عَنْ النَّذْرِ إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ فِي النُّسُكِ، وَكَذَا فِي الطَّوَافِ إنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ إنَّهُ لَا يُنْدَبُ بِالتَّطَوُّعِ بِنَحْوِ طَوْفَةٍ مِنْهُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَصَدَ فِي نَذْرِهِ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْبَعْضِ الَّذِي نَذَرَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ عَلَى نَظِيرِ، مَا مَرَّ فِي إفْرَادِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ) خَرَجَ أَمْسِ يَوْمِ قُدُومِهِ فَلَا يَصِحُّ نَذْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَنُقِلَ خِلَافُ ذَلِكَ عَنْهُ سَهْوٌ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لَكِنَّ الْجَوَابَ الْآتِيَ رُبَّمَا يُخَالِفُهُ فَيُتَّجَهُ صِحَّةُ نَذْرِهِ أَيْضًا كَمَا هُوَ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَيْلًا أَوْ يَوْمَ عِيدٍ) أَوْ تَشْرِيقٍ أَوْ فِي يَوْمِ حَيْضِهَا أَوْ فِي نِفَاسِهَا. قَوْلُهُ: (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) . قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُنْدَبُ أَنْ يَصُومَ الْيَوْمَ التَّالِيَ لِلَّيْلِ فِي الْأَوَّلِ وَيَوْمًا فِي الثَّانِي شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُفْطِرٌ) أَيْ لَا بِنَحْوِ جُنُونٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ صَائِمٌ قَضَاءً) أَوْ نَذْرًا وَجَبَ يَوْمٌ آخَرُ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَأُحِبُّ أَنْ يُعِيدَ ذَلِكَ الْقَضَاءَ وَالنَّذْرَ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحِقٌّ الصَّوْمَ لِغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ) وَهُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ تَرْجِيحُهُ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَبَعَّضُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ، فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ مِنْ وَقْتِ قُدُومِهِ وَعُلِمَ مِنْ الْجَوَابِ الْمُتَقَدِّمِ، أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ بِقُدُومِهِ غَدًا وَبَيَّتَ النِّيَّةَ صَحَّ صَوْمُهُ، وَأَجْزَأَهُ إنْ قَدِمَ وَلَا يَضُرُّ تَرَدُّدُهُ فِي قُدُومِهِ وَعَدَمِهِ حَيْثُ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا أَوْ صَدَّقَهُ كَمَا مَرَّ فِي إخْبَارِ هِلَالِ رَمَضَانَ. قَوْلُهُ: (عَنْ أَوَّلِ النَّذْرَيْنِ) فَإِنْ صَامَهُ عَنْ الثَّانِي أَجْزَأَهُ عَنْهُ مَعَ الْإِثْمِ وَيَصُومُ الَّذِي بَعْدَهُ عَنْ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَيَقْضِي الْآخَرَ) فِي كَوْنِهِ قَضَاءً نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ.   [حاشية عميرة] النُّونُ وَقَالَ إنَّهَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَيَجُوزُ التَّسْكِينُ نَحْوَ أَعْطَيْت الْقَوْسَ بَارِيَهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ) كَالْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ. قَوْلُهُ: (صَامَ آخِرَهُ) الْقِيَاسُ صَوْمُ الْأُسْبُوعِ كُلِّهِ، وَلَكِنْ امْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ النِّيَّةَ تَكُونُ مُتَرَدِّدَةً لَكِنْ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ، بِمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ حَيْثُ قَالُوا يَلْزَمُهُ إيقَاعُ تِلْكَ الصَّلَاةِ جَمِيعَ لَيَالِيِ الْقَدْرِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْجُمُعَةُ) ذَهَبَ الْبَيْهَقِيُّ إلَى أَنَّ أَوَّلَ الْأُسْبُوعِ الْأَحَدُ وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ لَكِنْ حَكَى ابْنُ النَّحَّاسِ قَوْلًا أَنَّ أَوَّلَ الْأَيَّامِ الْأَحَدُ وَأَوَّلَ الْجُمُعَةِ السَّبْت قِيلَ وَهُوَ أَحْسَنُهَا، وَقَدْ أَيَّدَ كَوْنَ الْأَوَّلِ الْأَحَدَ بِأَنَّ الِاثْنَيْنِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ ثَانِي الْأُسْبُوعِ وَكَذَا سُمِّيَ الْخَمِيسَ لِأَنَّهُ خَامِسُهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ هُوَ إلَخْ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَصِحُّ نَذْرُ الْجُمُعَةِ مَعَ أَنَّ صَوْمَهُ مُنْفَرِدًا مَكْرُوهٌ. قَوْلُهُ (وَقِيلَ يَنْعَقِدُ) يَحْتَاجُ الْأَوَّلُ إلَى جَوَابٍ عَمَّا لَوْ نَذَرَ بَعْضَ رَكْعَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ رَكْعَةً عَلَى مَا فِي تَكْمِلَةِ الزَّرْكَشِيّ لَكِنْ الَّذِي صَوَّبَهُ غَيْرُهُ عَدَمُ اللُّزُومِ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَذْرًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ النَّذْرُ تَعَلَّقَ بِهَذَا الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ وَفِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ إلْحَاقُ مِثْلِ هَذَا بِرَمَضَانَ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ مُفْطِرًا لِجُنُونٍ فَلَا قَضَاءَ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجِبُ تَتْمِيمُهُ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ النَّذْرِ مِنْ الْآنَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 292 مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ. . (وَلَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْيَوْمِ التَّالِي لِيَوْمِ قُدُومِهِ، وَإِنْ قَدِمَ عَمْرٌو فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَوَّلِ خَمِيسٍ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ قُدُومِهِ (فَقَدِمَا فِي الْأَرْبِعَاءِ وَجَبَ صَوْمُ الْخَمِيسِ عَنْ أَوَّلِ النَّذْرَيْنِ وَيَقْضِي الْآخَرَ) بِيَوْمٍ. . فَصْلٌ إذَا (نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى) نَاوِيًا الْكَعْبَةَ (أَوْ إتْيَانَهُ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إتْيَانِهِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ لَا يَجِبُ ذَلِكَ حَمْلًا لِلنَّذْرِ عَلَى الْجَائِزِ وَالْأَوَّلُ يَحْمِلُهُ عَلَى الْوَاجِبِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْكَعْبَةَ فَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَيْهَا وَالْأَصَحُّ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ. (فَإِنْ نَذَرَ الْإِتْيَانَ لَمْ يَلْزَمْهُ مَشْيٌ) فَلَهُ الرُّكُوبُ. . (وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ أَوْ أَنْ يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ مَاشِيًا فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمَشْيِ) وَالثَّانِي لَهُ الرُّكُوبُ (فَإِنْ كَانَ قَالَ أَحُجُّ مَاشِيًا فَمِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ) مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلَهُ. (وَإِنْ قَالَ أَمْشِي إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى فَمِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ) يَمْشِي (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَمْشِي مِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ (وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْمَشْيَ فَرَكِبَ لِعُذْرٍ أَجْزَأَهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ وَالثَّانِي لَا دَمَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ قَائِمًا فَصَلَّى قَاعِدًا لِعَجْزِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (أَوْ بِلَا عُذْرٍ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا هَيْئَةً الْتَزَمَهَا (وَعَلَيْهِ دَمٌ) لِتَرَفُّهِهِ بِتَرْكِهَا وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا الْتَزَمَهُ بِالصِّفَةِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا وَالدَّمُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ شَاةٌ وَفِي قَوْلٍ بَدَنَةٌ وَوُجُوبُ الْمَشْيِ فِيمَا ذَكَرَ فِي الْعُمْرَةِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا،   [حاشية قليوبي] [فَصْلٌ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى نَاوِيًا الْكَعْبَةَ] فَصْلٌ فِي نَذْرِ إتْيَانِ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ أَوْ غَيْرِهِ وَمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ أَلْفَاظُ نَذْرِ الْعِبَادَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (نَذْرُ) وَلَوْ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ أَوْ الْكَعْبَةِ، قَوْلُهُ: (نَاوِيًا الْكَعْبَةَ) وَكَذَا لَوْ ذَكَرَهَا بِالْأَوْلَى، وَمِثْلُ الْكَعْبَةِ سَائِرُ أَجْزَاءِ الْحَرَمِ كَدَارِ أَبِي جَهْلٍ وَجَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ سَائِرُ الْمَسَاجِدِ وَلَوْ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى فَلَا يَصِحُّ نَذْرُ الْمَشْيِ إلَيْهَا وَلَا إتْيَانُهَا وَلَا زِيَارَتُهَا. نَعَمْ يَصِحُّ نَذْرُ زِيَارَةِ مَنْ فِيهَا كَقَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (نَذْرُ إتْيَانِهِ) أَوْ الذَّهَابِ إلَيْهِ أَوْ الِانْتِقَالِ إلَيْهِ أَوْ الْمُضِيِّ إلَيْهِ أَوْ الْمَشْيِ إلَيْهِ أَوْ مَسِّهِ وَلَوْ بِثَوْبِهِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ أَجْزَاءِ الْحَرَمِ كَمَا مَرَّ وَلَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ مَثَلًا إلَى عَرَفَاتٍ فَإِنْ نَوَى الْحَجَّ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) وَإِنْ نَفَاهُ فِي نَذْرِهِ لِأَنَّهُ شَدِيدُ التَّعَلُّقِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ بُطْلَانَ نَذْرِ الْأُضْحِيَّةِ مَعَ نَفْيِ التَّصَدُّقِ بِهَا. قَوْلُهُ: (لَا يَجِبُ ذَلِكَ) أَيْ الْإِتْيَانُ وَالنُّسُكُ فَيُنْدَبُ وَهُوَ يُفِيدُ انْعِقَادَ نَذْرِهِ مُطْلَقًا وَإِنَّ الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَذَرَ الْإِتْيَانَ) أَيْ غَيْرَ الْمَشْيِ وَهَذَا تَفْصِيلٌ لِلْمَذْكُورِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ إنْ يَحُجُّ إلَخْ) أَوْ عَكْسُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وُجُوبُ الْمَشْيِ) وَصَحَّ نَذْرُهُ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ وَإِنْ كَانَ الرُّكُوبُ أَفْضَلَ مِنْهُ وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ نَذْرُ الْحَفَاءِ إلَّا فِي مَحَلٍّ يُنْدَبُ فِيهِ، وَمَحَلُّ صِحَّةِ نَذْرِ الْمَشْيِ إنْ كَانَ حَالَ النَّذْرِ قَادِرًا عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا وَيَلْزَمُهُ النُّسُكُ رَاكِبًا وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ صِحَّةُ نَذْرِ الْمَغْضُوبِ لِلنُّسُكِ وَلِلْمَشْيِ فِيهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فَإِنْ قَيَّدَ فِيهِ أَنْ يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ لَغَا نَذْرُهُ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَهُ الرُّكُوبُ) كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ قَاعِدًا فَلَهُ الْقِيَامُ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ مَا هُنَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِالْمَالِ، وَبِأَنَّ الْمَنْذُورَ هُنَا وَصْفٌ وَذَاكَ جُزْءٌ فَهُوَ كَإِجْزَاءِ بَدَنَةٍ بَدَلًا عَنْ شَاةٍ مَنْذُورَةٍ. قَوْلُهُ: (أَحُجُّ) أَوْ أَعْتَمِرُ مَاشِيًا أَوْ أَمْشِي حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا. قَوْلُهُ: (أَوْ قَبْلَهُ) وَكَذَا بَعْدَهُ وَإِنْ أَثِمَ لِمُجَاوِرَتِهِ الْمِيقَاتَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ. قَالَ شَيْخُنَا وَيَلْزَمُهُ إذَا جَاوَزَهُ مُرِيدًا رَاكِبًا دَمَانِ لِلْمُجَاوَزَةِ وَالرُّكُوبِ وَفِي وُجُوبِ دَمِ الرُّكُوبِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ) الْمُرَادُ مِنْ ابْتِدَاءِ سَيْرِهِ لِلنُّسُكِ وَالْأَفْضَلُ لَهُ تَأَخُّرُ الْإِحْرَامِ إلَى الْمِيقَاتِ. قَوْلُهُ: (فَرَكِبَ) وَلَوْ جُزْءًا يَسِيرًا وَلَا يَتَعَدَّدُ الدَّمُ بِتَعَدُّدِ الرُّكُوبِ إلَّا إنْ تَخَلَّلَهُ مَشْيٌ مِنْ الْمَنْذُورِ، لَا نَحْوُ حَطٍّ وَتَرْحَالٍ وَنُزُولٍ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ، وَهَذَا وَمَتَى فَسَدَ نُسُكُهُ سَقَطَ عَنْهُ وُجُوبُ الْمَشْيِ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ الْمُجْزِئُ عَنْ النَّذْرِ. قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي الْقَضَاءِ فِي مَحَلٍّ رَكِبَ فِيهِ فِي الْأَصْلِ وَإِلَّا فَلَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِعُذْرٍ) وَهُوَ مَا يُبِيحُ الْقُعُودَ فِي الصَّلَاةِ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ عَهْدُ لُزُومِ الدَّمِ فِي الْحَجِّ مَعَ الْعُذْرِ قَوْلُهُ: (وَالْقِيَاسُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَخِلَالُ النُّسُكِ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الْمُرَادُ مَا لَيْسَ مِنْ سَيْرِ النُّسُكِ.   [حاشية عميرة] فَصْل نَذَرَ الْمَشْيَ إلَخْ قَوْلُهُ: (وُجُوبُ إتْيَانِهِ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ لِأَنَّ مُطْلَقَ كَلَامِ النَّاذِرِينَ يُحْمَلُ عَلَى مَا ثَبَتَ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ فَمَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ يُحْمَلُ عَلَى الصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا الدُّعَاءِ وَالْمَعْهُودُ فِي الشَّرْعِ قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَحُمِلَ النَّذْرُ عَلَيْهِ اهـ. قَوْلُهُ: (لَا يَجِبُ ذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَرْجِعَ الْإِشَارَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَأَمَّا الْإِتْيَانُ فَوَاجِبٌ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ أَيْضًا. . قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ) أَوْ أَنْ يَحُجَّ وَلَوْ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ الْمَشْيِ) أَيْ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ وَصْفًا فِي الْعِبَادَةِ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ قَالَ أَحُجُّ مَاشِيًا فَمِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ) مِثْلُهُ عَكْسُهُ قَوْلُهُ: (أَوْ قَبْلَهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ تَفَقُّهِهِ أَوْ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) بِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ يُجْزِئُ قَطْعًا قَوْلُهُ: (فَصَلَّى قَاعِدًا إلَخْ) ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ بِالْمَالِ بِخِلَافِ الْحَجِّ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (لِتَرَفُّهِهِ بِتَرْكِهَا) أَيْ كَالْمُحْرِمِ إذَا تَطَيَّبَ. [نَذَرَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً] قَوْلُهُ: (وَجَبَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 293 وَفِي الْحَجِّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ التَّحَلُّلَيْنِ وَقِيلَ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَهُ الرُّكُوبُ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَرَدَّدُ فِي خِلَالِ أَعْمَالِ النُّسُكِ لِغَرَضِ تِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا، فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ. . (وَمَنْ نَذَرَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَزِمَهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ) إنْ كَانَ صَحِيحًا (فَإِنْ كَانَ مَعْضُوبًا اسْتَنَابَ) كَمَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. . (وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهُ فِي أَوَّلِ) زَمَنِ (الْإِمْكَانِ) مُبَادَرَةً إلَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ. (فَإِنْ تَمَكَّنَ فَأَخَّرَ فَمَاتَ حُجَّ مِنْ مَالِهِ) ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ. . (وَإِنْ نَذَرَ الْحَجَّ عَامَهُ وَأَمْكَنَهُ لَزِمَهُ) فِيهِ (فَإِنْ مَنَعَهُ مَرَضٌ) بَعْدَ الْإِحْرَامِ (وَجَبَ الْقَضَاءُ أَوْ عَدُوٌّ) أَوْ سُلْطَانٌ أَوْ رَبُّ دَيْنٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَفَائِهِ. (فَلَا) قَضَاءَ (فِي الْأَظْهَرِ) أَوْ صَدَّهُ عَدُوٌّ أَوْ سُلْطَانٌ بَعْدَمَا أَحْرَمَ. قَالَ الْإِمَامُ أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ لِلْعَدُوِّ فَلَا قَضَاءَ عَلَى النَّصِّ وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَوْلًا بِوُجُوبِهِ وَحَكَى الْإِمَامُ هَذَا الْخِلَافَ فِي الْمَرَضِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِي الْعَامِ. قَالَ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا وَقْتَ خُرُوجِ النَّاسِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهُمْ أَوْ لَمْ يَجِدْ رُفْقَةً وَكَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا لَا يَتَأَتَّى لِلْآحَادِ سُلُوكُهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ حَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ كَمَا لَا تَسْتَقِرُّ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ. . (أَوْ) نَذَرَ (صَلَاةً أَوْ صَوْمًا، فِي وَقْتٍ فَمَنَعَهُ مَرَضٌ أَوْ عَدُوٌّ وَجَبَ الْقَضَاءُ)   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ: هَلْ مِنْ الرُّكُوبِ السَّفِينَةُ تَرَدَّدَ فِيهِ شَيْخُنَا وَمَالَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رُكُوبًا عُرْفًا إذْ لَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الْمَنْذُورَ هُنَا الْمَشْيُ، وَهَذَا لَا يُسَمَّى مَشْيًا اتِّفَاقًا وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّكُوبِ هُنَا مَا يُقَابِلُ الْمَشْيَ وَهَذَا مِمَّا يُقَابِلُهُ قَطْعًا مَعَ أَنَّ كَوْنَ رُكُوبِ السَّفِينَةِ لَا يُسَمَّى رُكُوبًا عُرْفًا فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ، فَإِنْ قِيلَ لَا يَتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ. قُلْنَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ رُكُوبُ نَحْوِ غَزَالٍ وَقِرْدٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) بِحَسَبِ مَا الْتَزَمَ مُفْرَدًا أَوَّلًا. قَوْلُهُ: (اسْتَنَابَ) فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِنَابَةِ أَيْضًا وَفَاتَ عَامُ النَّذْرِ قَبْلَ صِحَّتِهِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ) نَعَمْ إنْ خَشِيَ الْعَضَبَ وَجَبَ التَّعْجِيلُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَمَكَّنَ) بِتَوَفُّرِ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَإِذَا شُفِيَ الْمَعْضُوبُ بَعْدَ حَجِّ غَيْرِهِ عَنْهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ بَلْ لِلْأَجِيرِ وَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَجِيرِ بِمَا أَخَذَهُ كَمَا قَالُوهُ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنْ تِلْكَ وَظِيفَةُ الْعُمْرِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ فِيهِ) وَيَقَعُ عَنْ النَّذْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا وَقَعَ عَنْهَا، وَكَأَنَّهُ نَذَرَ تَعْجِيلُهَا فَإِنْ لَمْ يَحُجَّ فِيهِ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ عَامًا لَمْ يَقَعْ حَجُّهُ عَنْهُمَا بَلْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ نَوَى بِهِ النَّذْرَ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ غَيْرُهَا مَعَ بَقَائِهَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَنَعَهُ مَرَضٌ وَجَبَ الْقَضَاءُ) ، وَمِنْهُ نَحْوُ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَمِثْلُهُ خَطَأُ الطَّرِيقِ أَوْ الْوَقْتِ أَوْ النِّسْيَانِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِلنُّسُكِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْإِحْرَامِ) قَيْدٌ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَدُوٌّ) عَطْفٌ عَلَى مَرَضٍ أَيْ أَوْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ فَلَا قَضَاءَ إلَخْ. فَهُوَ مِنْ الْمَنْعِ الْخَاصِّ بِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ: (أَوْ صَدَّهُ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى مَنَعَهُ وَهَذَا مِنْ الْمَنْعِ الْعَامِّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ: (لِلْعَدُوِّ) وَمِثْلُهُ السُّلْطَانُ وَهَذَا يَشْمَلُ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ. قَوْلُهُ: (عَلَى النَّصِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ) أَيْ مِنْ النَّصِّ فِي قَضَاءِ نَذْرِ صَوْمِ يَوْمٍ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَرَضِ) أَيْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَيَكُونُ فِيهِ طَرِيقَانِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا طَرِيقُ الْقَطْعِ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا) هَذَا مَفْهُومُ الْقَيْدِ الْمُتَقَدِّمِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ: (هَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ مَنَعَهُ إلَخْ، وَحَاصِلُهُ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَرَضِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَكَذَا لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ فِيهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ فِيهِ طَرِيقَانِ، وَأَنَّ غَيْرَ الْمَرَضِ إنْ كَانَ خَاصًّا وَبَعْدَ الْإِحْرَامِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَإِلَّا فَفِيهِ النَّصُّ وَالتَّخْرِيجُ وَمِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ إلَّا فِي الْمَرَضِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحَلُّلُ فِيهِ إلَّا بِشَرْطٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَتَقَدُّمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ فِي النِّسْيَانِ وَغَيْرِهِ، مِمَّا أُلْحِقَ بِهِ وَقَدْ كُنْت ذَكَرْت عَنْ شَيْخِنَا مَا يُخَالِفُ هَذَا فَلْيُحْذَرْ، وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ ذِكْرِ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ إمَّا لِعَدَمِ ذِكْرِ الرَّوْضَةِ، لَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْإِشَارَةِ السَّابِقَةِ أَوْ لِعِلْمِهِ مِنْ مُقَابِلِ النَّصِّ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَذَرَ صَلَاةً) أَيْ مُعَيَّنَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ جَمِيعِ النَّوَافِلِ دَائِمًا أَوْ أَنْ يَقُومَ فِيهَا كَذَلِكَ، أَوْ سَجَدَ نَحْوَ تِلَاوَةٍ عِنْدَ   [حاشية عميرة] الْقَضَاءُ) كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّوْمَ سَنَةً مُعَيَّنَةً فَأَفْطَرَ فِيهَا بِعُذْرِ الْمَرَضِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ، وَحَكَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الَّتِي بَعْدَهَا، قَالَ أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ وَأَمَّا فِي الْعَدُوِّ فَكَمَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إذَا صَدَّ عَنْهَا فِي أَوَّلِ سِنِي الْإِمْكَانِ، وَيُفَارِقُ الْمَرَضَ لِاخْتِصَاصِهِ بِجَوَازِ التَّحَلُّلِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ بِخِلَافِ الْمَرَضِ، هَذَا هُوَ النَّصُّ وَخَرَجَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَوْلًا أَنَّهُ يَجِبُ لِأَنَّ بَابَ النَّذْرِ أَوْسَعُ مِنْ وَاجِبِ الشَّرْعِ، قَالَ وَمَسْأَلَةُ الْمَرَضِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْعَدُوِّ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَدُوٍّ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَوْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ أَوْ سُلْطَانٌ وَحْدَهُ اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَنْعِ وَالصَّدِّ أَيْ الْمُرَادُ بِالْمَنْعِ أَنْ يُمْنَعَ الشَّخْصُ وَحْدَهُ، وَبِالصَّدِّ الْمَنْعُ الْعَامُّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا) أَيْ وَلَمْ يُحْرِمْ قَوْلُهُ: (هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ فِي الشَّرْحِ وَالْمَتْنِ. نَعَمْ عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَرَضِ بِالْمَذْهَبِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ. قَالَ وَحَكَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْعَدُوِّ اهـ. وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمَتْنِ حَيْثُ لَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا. قَوْله: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 294 لِتَعَيُّنِ الْفِعْلِ فِي الْوَقْتِ. . (أَوْ) نَذَرَ (هَدْيًا) ، كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ الشَّاةَ إلَى مَكَّةَ. (لَزِمَهُ حَمْلُهُ إلَى مَكَّةَ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ) بَعْدَ ذَبْحِ مَا يَذْبَحُ مِنْهُ. (عَلَى مَنْ بِهَا) مِنْ الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ (أَوْ) نَذَرَ (التَّصَدُّقَ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ) سَوَاءٌ مَكَّةُ وَغَيْرُهَا. . (أَوْ) نَذَرَ (صَوْمًا فِي بَلَدٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ) فَلَهُ الصَّوْمُ فِي غَيْرِهِ سَوَاءٌ عَيَّنَ مَكَّةَ أَمْ غَيْرَهَا. (وَكَذَا صَلَاةٌ) نَذَرَهَا فِي مَكَانٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ (إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) فَيَتَعَيَّنُ (وَفِي قَوْلٍ وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (الْأَظْهَرُ تَعَيُّنُهُمَا كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاشْتِرَاكِ الثَّلَاثَةِ فِي عِظَمِ   [حاشية قليوبي] مُقْتَضَيْهَا كَذَلِكَ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ رُخْصَةِ الشَّرْعِ. قَوْلُهُ: (فِي وَقْتٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ وَلَوْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ فَأَحْرَمَ بِأَرْبَعٍ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ بِجَوَازِهِ وَلَهُ تَشَهُّدَانِ أَوْ تَشَهُّدٌ وَاحِدٌ وَإِنْ نَذَرَ تَشَهُّدَيْنِ لَزِمَاهُ أَوْ نَذَرَ صَلَاتَيْنِ لَمْ يَكْفِهِ صَلَاةٌ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ: (فَمَنَعَهُ مَرَضٌ) أَيْ مِنْ فِعْلِهَا لَمْ يَنْهَ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ فِيهِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ النَّذْرُ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَفْضَلِ الْأَوْقَاتِ، أَوْ أَحَبِّهَا إلَى اللَّهِ فَفِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، أَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ بِعِبَادَةٍ لَا يُشْرِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ فَلْيَطُفْ وَحْدَهُ كَمَا مَرَّ، وَعَجْزُهُ عَنْ الْقِيَامِ فِيهَا بِالْمَرَضِ فَلَهُ فِعْلُهَا جَالِسًا وَمِنْ الْمَرَضِ الْإِغْمَاءُ وَفَارَقَ عَدَمَ وُجُوبِ صَلَاةِ يَوْمَ اسْتَغْرَقَهُ الْإِغْمَاءُ، بِأَنَّ النَّذْرَ لَا يَتَكَرَّرُ وَعَنْ شَيْخِ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ وُجُوبُ مَا فَاتَ بِنَحْوِ الْحَيْضِ هُنَا لِذَلِكَ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ خِلَافُهُ وَهُوَ الْوَجْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَدُوٍّ وَجَبَ الْقَضَاءُ) لِلصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ إمَّا فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ مَنَعَهُ مِنْ فِعْلهَا كَمَا مَرَّ، أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى فِعْلٍ مُبْطِلٍ لَهَا، وَاسْتُشْكِلَ مَنْعُ الْعَدُوِّ لِلصَّوْمِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْمَنْعُ مِنْ النِّيَّةِ وَالْإِكْرَاهِ عَلَى تَعَاطِي الْمُفْطِرِ لَا يُبْطِلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ بَيَانٌ لِحُكْمِهِ، لَوْ وُجِدَ أَوْ أَنَّ هَذَا قَوْلُ الرَّافِعِيِّ الْقَائِلُ بِبُطْلَانِهِ بِالْإِكْرَاهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَهُ بِذِكْرِهِ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِمَا مَرَّ لَهُ مِنْ تَصْحِيحِ خِلَافِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي نَذْرِ صَوْمِهِ سَنَةً مُعَيَّنَةً، بِأَنَّهُ يَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ مِنْهَا بِالْمَرَضِ عَلَى الرَّاجِحِ الْمُعْتَمَدِ فَلَعَلَّ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ الَّذِي هُوَ طَرِيقَةُ الرَّافِعِيِّ، فَافْهَمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا قَلَّ الْعُثُورُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَوْفِيقٍ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْقَضَاءُ) وَيَجِبُ فِعْلُ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ كَيْفَ أَمْكَنَ كَمَا فِي الْفَرْضِ الْأَصْلِيِّ. قَوْلُهُ: (هَذَا الثَّوْبُ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ هَدْيًا مَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ الْهَدْيُ الشَّرْعِيُّ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ مَخْصُوصٍ كَزَيْتٍ وَشَمْعٍ وَغَيْرِهِمَا، سَوَاءٌ كَانَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مُعَيَّنًا وَلَوْ عَيَّنَ نَجَسًا تَعَيَّنَ، وَلَوْ أَطْلَقَ مَا فِي الذِّمَّةِ كَفَى أَقَلُّ مُتَمَوِّلٍ غَيْرُ نَجَسٍ، وَبِمَا ذُكِرَ سَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا نَعَمْ فِي صِحَّةِ نَذْرِ الْعَيْنِ مِنْ النَّجَسِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ حَمْلُهُ) إنْ أَمْكَنَ وَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا بِيعَ مِنْهُ جُزْءٌ لَهَا. قَوْلُهُ: (إلَى مَكَّةَ) أَيْ حَرَمِهَا إنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعًا مِنْهُ وَإِلَّا فَإِلَيْهِ وَلَوْ عَيَّنَ وَقْتًا لَمْ يَتَعَيَّنْ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ ذَبْحٍ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا إنْ كَانَ مِمَّا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَإِلَّا لَزِمَهُ صَرْفُهُ لَهُمْ حَيًّا، فَإِنْ ذَبَحَهُ ضَمِنَ نَقْصَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَنْ بِهَا) مَا لَمْ يُعَيِّنْ النَّاذِرَ غَيْرَهُمْ كَسَتْرِهَا وَطِيبِهَا، وَإِلَّا وَجَبَ صَرْفُهُ فِيمَا نَوَاهُ كَزَيْتٍ لِلْوَقُودِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَإِلَّا بِيعَ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ فِي مَصَالِحِهَا كَمَا فِي الْعَقَارِ، وَنَحْوُهَا مِمَّا يَشُقُّ نَقْلُهُ وَلَيْسَ لِحَاكِمِ مَكَّةَ التَّعَرُّضُ لَهُ فِيهِ وَلَا أَخْذُهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْفُقَرَاءِ إلَخْ) وَهُمْ مَنْ يَصِحُّ صَرْفُ زَكَاةِ الْمَكِّيِّ عَلَيْهِمْ وَيَعُمُّهُمْ بِهِ إنْ انْحَصَرُوا وَأَمْكَنَ وَإِلَّا كَفَى ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ فِيهِمْ كَافِرٌ أَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ كُفَّارًا وَسُلُوكُ وَاجِبِ الشَّرْعِ بِالنَّذْرِ فِي نَحْو ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ صَرْفِهِ، وَتَخْصِيصُ أَهْلِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي نَذْرِ الرَّقَبَةِ الْكَافِرَةِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ النَّذْرِ أَنْ لَا يَكُونَ أَهْلُ الْبَلَدِ كُفَّارًا لِأَنَّ النَّذْرَ لَا يُصْرَفُ لِلْكُفَّارِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) أَيْ صَرْفُهُ إلَى فُقَرَائِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ ذَبْحٍ، لِأَنَّ نَذْرَ الذَّبْحِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالْحَرَمِ وَيُعَمِّمُ أَهْلَهُ كَمَا مَرَّ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا إلَى غَيْرِهِمْ، وَلَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ قَبْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَمْلِيكَهُ وَجَرَى عُرْفٌ بِصَرْفِ ذَلِكَ لِأَهْلِ مَحَلِّهِ صَحَّ النَّذْرُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ نَذَرَ تَصَدُّقًا بِشَيْءٍ عَنْ مَرِيضٍ إنْ شُفِيَ فَشُفِيَ جَازَ صَرْفُهُ لَهُ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ. قَوْلُهُ: (فِي مَكَان) بِخِلَافِ الزَّمَانِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ حَيْثُ الشَّخْصُ فَلَوْ نَذَرَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا فِي مَسْجِدٍ لَزِمَهُ فِي أَيِّ مَسْجِدٍ شَاءَ وَلَا يَتَعَيَّنُ مَا عَيَّنَهُ. قَوْلُهُ: (تَعَيُّنُهُمَا) وَخَرَجَ بِهِمَا مَسْجِدُ قُبَاءَ فَلَا يَتَعَيَّنُ، وَإِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ أَنَّ رَكْعَتَيْنِ فِيهِ تَعْدِلُ عُمْرَةً. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَتَقَدَّمَ إلَخْ) وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، وَبِمِائَتَيْنِ فِي الْأَقْصَى وَبِمِائَةِ أَلْفٍ فِيمَا سِوَاهُمَا، وَأَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِصَلَاتَيْنِ فِي الْأَقْصَى، وَبِأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُمَا وَأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْأَقْصَى بِخَمْسِمِائَةٍ   [حاشية عميرة] إلَى مَكَّةَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ أَطْلَقَ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا صَلَاةٌ) فَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لُزُومِ الصَّوْمِ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ بِأَنَّ الشَّارِعَ عَهِدَ مِنْهُ النَّظَرُ إلَى الصَّوْمِ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ فِيهَا إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ قَالَ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى الْفَرْقِ لُزُومُ الِاعْتِكَافِ بِالنَّذْرِ لِأَنَّ الشَّارِعَ نَظَرَ فِيهِ إلَى أَمْكِنَةٍ مَخْصُوصَةٍ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ الْإِعْتَاقِ فِي نَذْرِهِ فِي الْمَسَاجِدِ كَالصَّلَاةِ عَلَى الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ عَكْسِهِ) . فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّي النَّوَافِلَ قَائِمًا لَمْ يَنْعَقِدْ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ رُخْصَةِ الشَّرْعِ، كَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَرُوذِيُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 295 الْفَضِيلَةِ وَنَظَرًا لِقَوْلِ الْآخَرِ إلَى أَنَّهُمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا نُسُكٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَعَلَى التَّعَيُّنِ يَقُومُ الْأَوَّلُ مَقَامَهُمَا فِي الْأَصَحِّ، وَيَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ ثَالِثًا زَادَهُ أَنَّهُ يَقُومُ أَوَّلُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ دُونَ عَكْسِهِ كَالصَّحِيحِ فِي نَذْرِ الِاعْتِكَافِ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِهِ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ، «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ» وَحَدِيثُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي» . . (أَوْ) نَذَرَ (صَوْمًا مُطْلَقًا فَيَوْمٌ) لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُفْرَدُ بِالصَّوْمِ. (أَوْ أَيَّامًا فَثَلَاثَةٌ) ذَكَرَهُ الْإِمَامُ. . (أَوْ) نَذَرَ (صَدَقَةً فِيمَا) أَيْ بِأَيِّ شَيْءٍ (كَانَ) مِمَّا يَتَمَوَّلُ كَدَانِقٍ وَدُونَهُ. . (أَوْ) نَذَرَ (صَلَاةً فَرَكْعَتَانِ) أَقَلُّ وَاجِبٍ مِنْهَا (وَفِي قَوْلٍ رَكْعَةٌ) أَقَلُّ جَائِزٍ مِنْهَا (فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقِيَامُ فِيهِمَا مَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهِ (وَعَلَى الثَّانِي لَا) يَجِبُ فِيمَا يَأْتِي بِهِ. . (أَوْ) نَذَرَ (عِتْقًا فَعَلَى الْأَوَّلِ) الْمَبْنِيِّ عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ عَلَيْهِ (رَقَبَةٌ كَفَّارَةٌ) بِأَنْ تَكُونَ مُؤْمِنَةً سَلِيمَةً مِنْ الْعَيْبِ (وَعَلَى الثَّانِي) الْمَبْنِيِّ عَلَى جَائِزِ الشَّرْعِ عَلَيْهِ (رَقَبَةٌ) فَتَصَدَّقَ بِكَافِرَةٍ مَعِيبَةٍ. (قُلْت الثَّانِي هُنَا أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا. (أَوْ) نَذَرَ (عِتْقَ كَافِرَةٍ مَعِيبَةٍ أَجْزَأَتْ كَامِلَةً فَإِنْ عَيَّنَ نَاقِصَةً تَعَيَّنَتْ) لِتَعَلُّقِ النَّذْرِ بِالْعَيْنِ. (أَوْ) نَذَرَ (صَلَاةً قَائِمًا لَمْ يَجُزْ قَاعِدًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ) أَيْ نَذَرَ الصَّلَاةَ قَاعِدًا فَتَجُوزُ قَائِمًا (أَوْ) نَذَرَ (طُولَ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ أَوْ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ الْجَمَاعَةِ لَزِمَهُ) مَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ طَاعَةٌ. (وَالصَّحِيحُ انْعِقَادُ النَّذْرِ بِكُلِّ قُرْبَةٍ لَا تَجِبُ ابْتِدَاءً كَعِيَادَةٍ) لِمَرِيضٍ (وَتَشْيِيعِ جِنَازَةٍ وَالسَّلَامِ) لِأَنَّ الشَّارِعَ رَغَّبَ فِيهَا فَهِيَ كَالْعِبَادَةِ وَالثَّانِي قَالَ لَيْسَتْ عَلَى وَضْعِهَا. كِتَابُ الْقَضَاءِ أَيْ الْحُكْمُ بَيْنَ النَّاسِ (هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) فِي حَقِّ الصَّالِحِينَ لَهُ فِي النَّاحِيَةِ فَيُوَلِّي الْإِمَامُ فِيهَا أَحَدَهُمْ لِيَقُومَ بِهِ (فَإِنْ تَعَيَّنَ) لَهُ فِيهَا وَاحِدٌ   [حاشية قليوبي] فِيمَا سِوَاهَا. قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ عَدَدٍ وَإِنْ وَصَفَهُ بِدَهْرٍ طَوِيلٍ أَوْ حُقُبٍ أَوْ كَثِيرٍ بِالْمُثَلَّثَةِ أَوْ الْمُوَحَّدَةِ سَوَاءٌ ذُكِرَ ذَلِكَ، مُعَرَّفًا أَوْ مُنَكَّرًا. وَقَالَ شَيْخُنَا إنْ عُرِّفَ الدَّهْرُ وَالْعَصْرُ حُمِلَ عَلَى بَقِيَّةِ عُمْرِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَيَّامًا فَثَلَاثَةٌ) وَكَذَا الْأَيَّامُ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَا مَرَّ فِي الرُّءُوسِ وَقَالَ الْخَطِيبُ هُنَا يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْأُسْبُوعِ. قَوْلُهُ: (صَدَقَةً) وَإِنْ وَصَفَهَا بِعِظَمٍ أَوْ نَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (فَرَكْعَتَانِ) أَيْ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَصِحَّ إحْرَامُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (الثَّانِي هُنَا أَظْهَرُ) نَظَرًا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى فَكِّ الرِّقَابِ، قَوْلُهُ: (أَجْزَأَتْ كَامِلَةً) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى مَا عَيَّنَهُ قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَتْ) وَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا لَوْ أَتْلَفَهَا هُوَ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ وَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهَا مِنْهُ مِلْكًا لَهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَذَرَ صَلَاةً قَائِمًا) أَيْ نَذَرَ الْقِيَاسَ فِي صَلَاةِ نَفَلَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ فَلَا يُرَدُّ مَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (طُولَ قِرَاءَةٍ) وَيَكْفِي حُصُولُهَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى كَالْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا، مَا لَمْ يُرِدْ أَكْثَرُ وَيَكْفِي فِيهِ أَقَلُّ زِيَادَةٍ عَلَى مَا يُنْدَبُ لِإِمَامٍ غَيْرَ مَحْصُورِينَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (أَوْ الْجَمَاعَةَ) سَوَاءٌ فِي الْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ مَا لَمْ يُكْرَهُ تَطْوِيلُهَا، وَيَصِحُّ نَذْرُ الْخَصْلَةِ الْعُلْيَا مِنْ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ الْمُخَيَّرَةِ وَهِيَ الْعِتْقُ دُونَ غَيْرِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَتَى خَالَفَ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْأَوْصَافِ، وَفَاتَ لَا يَقْضِي نَعَمْ لَوْ نَذَرَ الْفَاتِحَةَ كُلَّمَا عَطَسَ فَعَطَسَ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ أَخَّرَ قِرَاءَتَهَا لِمَا بَعْدَ السَّلَامِ، فَلَا تَفُوتُ قَبْلَهُ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قِرَاءَتُهَا أَصْلًا لِأَنَّ طَلَبَهَا صَادَفَ وَقْتَ كَرَاهَتِهَا كَمَا لَوْ نَذَرَ ابْتِدَاءً وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ كُلَّمَا عَطَسَ فَعَطَسَ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ فَرَاجِعْهُ. كِتَابُ الْقَضَاءِ بِالْمَدِّ لُغَةً الْإِلْزَامُ وَنَحْوُهُ وَشَرْعًا الْحُكْمُ بَيْنَ النَّاسِ كَمَا ذَكَرَهُ أَوْ الْإِلْزَامُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ وَيَحْتَاجُ إلَى مُولٍ وَمُتَوَلٍّ وَمُوَلًّى فِيهِ وَمَحَلُّ وِلَايَةٍ وَصِيغَةٍ، وَالْمَوْلَى هُوَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَوْ نَائِبُهُ بِإِذْنِهِ وَشَرْطُهُ نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ، فِيمَا تَوَلَّى فِيهِ وَأَهْلِيَّتُهُ كَمَا يَأْتِي وَالْمُتَوَلِّي هُوَ النَّائِبُ وَشَرْطُهُ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ، فِيمَا يَتَوَلَّى فِيهِ وَاعْتِبَارُ أَهْلِيَّتِهِ أَيْضًا وَالْمَوْلَى فِيهِ هُوَ مَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَشَرْطُهُ جَوَازُهُ شَرْعًا، وَتَعْيِينُهُ مِنْ   [حاشية عميرة] كَعَامَّةِ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَالْقَاضِي يَنْعَقِدُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ طُولُ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُنْذَرَ فِيهِ تَرْكَ التَّطْوِيلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَزِمَهُ) لَوْ خَالَفَ سَقَطَ عِنْدَ النَّذْرِ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْوَصْفَ الْمُلْتَزَمَ وَلَا يُمْكِنُ قَضَاءَ الصِّفَةِ وَحْدَهَا وَاعْلَمْ أَنَّ صِحَّةَ نَذْرِ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَالْجَمَاعَةُ مَحَلُّهُ فِي الْفَرَائِضِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَا يَلْزَمُ النَّذْرُ فِي النَّوَافِلِ وَإِنْ شُرِعَتْ الْجَمَاعَةُ فِيهَا قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي قَالَ إلَخْ) . تَتِمَّةٌ: لَوْ نَذَرَ زِيَارَةَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَزِمَهُ وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ فَشُفِيَ جَازَ دَفْعُهُ إلَيْهِ إذَا كَانَ فَقِيرًا وَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. [كِتَابُ الْقَضَاءِ] أَصْلُهُ قَضَايَ مِنْ قَضَيْت قُلِبَتْ الْيَاءُ هَمْزَةً لِتَطَرُّفِهَا إثْرَ أَلِفٍ زَائِدَةٍ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هُوَ شَرْعًا إظْهَارُ حُكْمِ الشَّرْعِ فِي الْوَاقِعَةِ مِنْ مُطَاعٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 296 بِأَنْ لَمْ يُصْلِحْ غَيْرَهُ (لَزِمَهُ طَلَبُهُ) وَقَبُولُهُ إذَا وَلِيَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَاحِدٌ فِي النَّاحِيَةِ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ. (فَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَصْلَحَ وَكَانَ) أَيْ الْأَصْلَحُ (يَتَوَلَّاهُ) أَيْ يَرْضَى بِتَوْلِيَتِهِ (فَلِلْمَفْضُولِ) وَهُوَ غَيْرُ الْأَصْلَحِ (الْقَبُولُ وَقِيلَ لَا) وَيَحْرُمُ طَلَبُهُ وَتَوْلِيَتُهُ. . (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (يُكْرَهُ طَلَبُهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ) ، وَالْفَاضِلُ يَنْدُبُ لَهُ الْقَبُولُ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الطَّلَبُ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلَحُ لَا يَتَوَلَّى فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ. (وَإِنْ كَانَ) غَيْرُهُ (مِثْلَهُ فَلَهُ الْقَبُولُ وَيُنْدَبُ) لَهُ (الطَّلَبُ إنْ كَانَ خَامِلًا يَرْجُو بِهِ نَشْرَ الْعِلْمِ أَوْ) كَانَ (مُحْتَاجًا إلَى الرِّزْقِ) وَيَحْصُلُ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَامِلًا وَلَا مُحْتَاجًا إلَى الرِّزْقِ (فَالْأَوْلَى) لَهُ (تَرْكُهُ قُلْت) ، كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَيُكْرَهُ) لَهُ الطَّلَبُ وَالْقَبُولُ (عَلَى الصَّحِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، وَالثَّانِي هُمَا خِلَافُ الْأَوْلَى (وَالِاعْتِبَارُ فِي التَّعْيِينِ وَعَدَمِهِ بِالنَّاحِيَةِ) كَمَا تَقَدَّمَ أَخْذًا مِنْ هُنَا. . (وَشَرْطُ الْقَاضِي) أَيْ مَنْ يُوَلِّي قَاضِيًا (مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ) أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ (حُرٌّ ذَكَرٌ عَدْلٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ نَاطِقٌ كَافٍ) فَلَا يُوَلَّاهُ رَقِيقٌ وَامْرَأَةٌ وَفَاسِقٌ نَقَصَهُمْ وَلَا أَصَمُّ وَأَعْمًى وَأَخْرَسُ وَمُغَفَّلٌ وَمُخْتَلُّ النَّظَرِ بِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ. (مُجْتَهِدٌ وَهُوَ أَنْ يَعْرِفَ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ) هُوَ مُتَعَلَّقُ الِاجْتِهَادِ (وَخَاصُّهُ وَعَامُّهُ) وَمُطْلَقَهُ وَمُقَيَّدَهُ. (وَمُجْمَلَهُ وَمُبَيَّنَهُ وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ وَمُتَوَاتِرَ السُّنَّةِ وَغَيْرَهُ) أَيْ الْآحَادَ (وَالْمُتَّصِلَ وَالْمُرْسَلَ)   [حاشية قليوبي] الْأَنْكِحَةِ أَوْ الدِّمَاءِ أَوْ الْأَمْوَالِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَمَحَلُّ الْوِلَايَةِ مَكَانُ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ بِبَلَدٍ أَوْ مَحَلَّةٍ أَوْ إقْلِيمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَالصِّيغَةُ إيجَابٌ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ أَوْ إخْبَارِ مَوْثُوقٍ بِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ صَرِيحٌ كَوَلَّيْتُك الْقَضَاءَ وَخَلَفْتُك فِيهِ وَاسْتَنَبْتُك فِيهِ وَاقْضِ بَيْنَ النَّاسِ وَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ كِنَايَةٌ كَاعْتَمَدْت عَلَيْك فِي كَذَا، وَفَوَّضْته إلَيْك وَأَنَّبْتُك فِيهِ وَوَكَّلْتُك فِيهِ وَقَبُولٌ كَالْوَكَالَةِ، وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْقَضَاءِ أَوْ الْإِمَامَةِ بِرِزْقٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ تَعَيَّنَ وَكَانَ مُكْتَسَبًا وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُ كِفَايَتِهِ وَمُمَوَّنِهِ. فَرْعٌ: يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرْزُقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ عَمَلِهِ مَصْلَحَةً عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ كَأَمِيرٍ وَمُؤَذِّنٍ وَمُحْتَسِبٍ وَمُفْتٍ وَمُعَلِّمِ قُرْآنٍ أَوْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ. قَوْلُهُ: (فَيُوَلِّي الْإِمَامُ) وُجُوبًا لِأَنَّهُ فِي حَقِّهِ فَرْضُ عَيْنٍ كَإِيقَاعِ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ، وَعَلَيْهِ أَنْ لَا يُخَلِّيَ مَسَافَةَ عَدْوَى عَنْ قَاضٍ كَمَا لَا يُخَلِّي مَسَافَةَ قِصَرٍ عَنْ عَالِمٍ يُفْتِي. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) أَيْ فِي النَّاحِيَةِ فَقَطْ وَهِيَ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى مِنْ وَطَنِهِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ لَوْ امْتَنَعَ وَلَا يَفْسُقُ بِامْتِنَاعِهِ، وَلَوْ تَوَقَّفَ عَلَى بَذْلِ مَالٍ مِنْهُ وَجَبَ بَذْلُهُ وَلَا يَمْلِكُهُ الْآخِذُ، وَبَذْلُهُ لِئَلَّا يُعْزَلَ كَذَلِكَ وَيُنْدَبُ بَذْلُهُ لِعَزْلِ غَيْرِ صَالِحٍ، وَيَحْرُمُ لِعَزْلِ صَالِحٍ وَلَوْ بِأَفْضَلَ مِنْهُ وَيَفْسُقُ طَالِبُ عَزْلِهِ، وَلَوْ بِغَيْرِ بَذْلِ مَالٍ. قَوْلُهُ: (بِتَوْلِيَتِهِ) أَيْ قَبُولِهِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ. قَوْلُهُ: (يُكْرَهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ إنْ كَانَ أَطَوْعَ النَّاسِ أَوْ أَقْرَبَ لِقَبُولِ النَّاسِ أَوْ أَقْوَى عَلَى الْقِيَامِ بِالْأَمْرِ، أَوْ أَلْزَمَ فِي الْحُكْمِ فَلَا كَرَاهَةَ. قَوْلُهُ: (مِثْلُهُ) فِي الْمَفْضُولِيَّةِ قَوْلُهُ: (فَلَهُ الْقَبُولُ) نَدْبًا. قَوْلُهُ: (خَامِلًا) أَيْ غَيْرَ مَشْهُورٍ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ) إنْ جَوَّزَ أَنَّ غَيْرَهُ يُقْبَلُ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ. قَوْلُهُ: (بِالنَّاحِيَةِ) فَلَا يَلْزَمُهُ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّ أَمَدَ الْقَضَاءِ يَطُولُ غَالِبًا، وَبِذَلِكَ فَارَقَ نَحْوَ الْجِهَادِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَفَرٍ. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ الْقَاضِي) وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ وَيُنْدَبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا نَسِيبًا ذَا حُلْمٍ وَلِينٍ وَفَطِنَةٍ وَتَيَقُّظٍ وَوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ كَاتِبًا صَحِيحَ الْحَوَاسِّ، وَالْأَعْضَاءِ عَارِفًا بِلُغَةِ أَهْلِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ قَنُوعًا سَلِيمًا مِنْ الشَّحْنَاءِ صَدُوقًا وَافِرَ عَقْلٍ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ مَالٍ عَلَى الْقَضَاءِ إلَّا قَدْرَ أُجْرَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (سَمِيعٌ) وَإِنْ كَانَ سَمْعُهُ ثَقِيلًا. قَوْلُهُ: (بَصِيرٌ) وَلَوْ بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ أَوْ لَا يَرَى نَهَارًا أَوْ عَكْسُهُ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّ مَنْ لَا يَرَى نَهَارًا كَالْأَعْمَى، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا لَكِنْ قَالَ لَا يَحْكُمُ إلَّا وَقْتَ إبْصَارِهِ، وَلَيْسَ مَعْزُولًا فِي غَيْرِهِ وَلَا يَرُدُّ وِلَايَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ لِأَنَّهُ وَلَّاهُ فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ فَقَطْ، كَذَا قَالُوا أَوْ يُقَالُ إنَّهُ كَانَ قَبْلَ عَمَاهُ أَوْ هُوَ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ أَوْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ. قَوْلُهُ: (نَاطِقٌ) وَلَوْ مَعَ لُكْنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا. قَوْلُهُ: (لَا رَقِيقٌ) وَلَوْ مُبْعِضًا قَوْلُهُ: (وَامْرَأَةٌ) وَخُنْثَى وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا قَوْلُهُ: (وَكَافِرٌ) وَلَوْ عَلَى كُفَّارٍ فَإِنْ وَقَعَ فَهُوَ تَقْلِيدُ سِيَاسَةٍ لَا وِلَايَةٍ وَإِلْزَامُهُ لَهُمْ مِنْ إطَاعَتِهِمْ لَا مِنْ حُكْمِهِ. قَوْلُهُ: (وَأَخْرَسُ) وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَمُغَفَّلٌ إلَخْ) هُوَ مُحْتَرَزُ كَافٍ وَسَكَتَ عَنْ مُحْتَرَزِ مُكَلَّفٍ لِعِلْمِهِ مِنْ ذَلِكَ بِالْأُولَى أَوْ هُوَ مِنْهُ، وَلَا يَصِحُّ فِي مَحْجُورِ السَّفَهِ دُونَ مَحْجُورِ الْفَلَسِ لِكَمَالِهِ وَيَصِحُّ كَوْنُهُ أُمِّيًّا أَوْ لَا يَعْرِفُ الْحِسَابَ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (هُوَ مُتَعَلَّقُ الِاجْتِهَادِ) وَمَا بَعْدَهُ مُتَعَلَّقُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَآيَاتُ الْأَحْكَامِ فِي الْقُرْآنِ خَمْسُمِائَةِ آيَةٍ وَكَذَا أَحَادِيثُ السُّنَّةِ وَهَذِهِ الْمُرَادَةُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ إلَى   [حاشية عميرة] وَاحْتُرِزَ بِالْمُطَاعِ عَنْ الْمُفْتِي وَاعْتَرَضَ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ إلْزَامٌ مِمَّنْ لَهُ فِي الْوَقَائِعِ الْخَاصَّةِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ لِمُعَيِّنٍ، أَوْ غَيْرِهِ، فَخَرَجَ بِالْإِلْزَامِ الْمُفْتِي وَبِالْخَاصَّةِ الْعَامَّةُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْحُكْمُ بِثُبُوتِ الْهِلَالِ مُجَرَّدَ ثُبُوتٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى عَامٍّ غَيْرُ مُمْكِنٍ، قَالَ الْغَزَالِيُّ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ قَوْلُهُ: (فَيُوَلِّي الْإِمَامُ إلَخْ) أَيْ وُجُوبُ عَيْنٍ عَلَيْهِ. تَنْبِيهٌ: اعْتَبَرَ الْأَصْحَابُ بَيْنَ الْمُفْتِيَيْنِ قَدْرَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْلَاءُ مَسَافَةِ الْعَدْوَى عَنْ الْقَاضِي وَنَقَلَهُ شُرَيْحٌ وَالرُّويَانِيُّ عَنْ الْإِصْطَخْرِيِّ. [حُكْم طَلَب الْقَضَاء] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُكْرَهُ إلَخْ) يَجِبُ فَرْضُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ هُوَ خَامِلٌ أَوْ يَرْجُو الرِّزْقَ. [شَرْطُ الْقَاضِي] قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَدْلٌ) هُوَ مُغْنٍ عَنْ الْإِسْلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لُغَةً وَنَحْوًا) الْأَوَّلُ لِلْمُفْرَدَاتِ وَالثَّانِي لِلْمُرَكَّبَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ تَعَذَّرَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مَعَ عَدَمِ التَّعَذُّرِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ إذَا وَلَّاهُ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ النُّفُوذُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 297 أَيْ غَيْرَ الْمُتَّصِلِ، (وَحَالَ الرُّوَاةِ قُوَّةً وَضَعْفًا) فَيُقَدِّمُ الْخَاصَّ عَلَى الْعَامِّ الْمُعَارِضِ لَهُ وَالْمُقَيَّدَ عَلَى الْمُطْلَقِ وَالنَّاسِخَ وَالْمُتَّصِلَ وَالْقَوِيَّ. (وَلِسَانَ الْعَرَبِ لُغَةً وَنَحْوًا وَأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ إجْمَاعًا وَاخْتِلَافًا) فَلَا يُخَالِفُهُمْ فِي اجْتِهَادِهِ. (وَالْقِيَاسَ بِأَنْوَاعِهِ) الْأَوْلَى وَالسَّلْوَى وَالْأَدْوَنُ فَيَعْمَلُ بِهَا كَقِيَاسِ الضَّرْبِ لِلْوَالِدَيْنِ عَلَى التَّأْفِيفِ لَهُمَا وَقِيَاسِ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى أَكْلِهِ فِي التَّحْرِيمِ فِيهِمَا وَقِيَاسِ التُّفَّاحِ عَلَى الْبُرِّ فِي بَابِ الرِّبَا بِجَامِعِ الطَّعْمِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ مَعَ الْقُوتِ وَالْكَيْلِ الْبُرِّ. . (فَإِنْ تَعَذَّرَ جَمْعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ) فِي رَجُلٍ (فَوَلَّى سُلْطَانٌ لَهُ شَوْكَةٌ فَاسِقًا أَوْ مُقَلِّدًا نَفَذَ) بِالْمُعْجَمَةِ (قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ) لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ النَّاسِ قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ تَفَقُّهًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهَذَا حَسَنٌ. (وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ إذَا وَلَّى قَاضِيًا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ) إعَانَةً لَهُ (فَإِنْ نَهَاهُ) عَنْهُ (لَمْ يَسْتَخْلِفْ) وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا يُمْكِنُهُ إنْ كَانَتْ تَوْلِيَتُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ. (فَإِنْ أَطْلَقَ) تَوْلِيَتَهُ فِيمَا لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى بَعْضِهِ. (اسْتَخْلَفَ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ (لَا) فِي (غَيْرِهِ) أَيْ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالْقَادِرُ عَلَى مَا وَلِيَهُ لَا يَسْتَخْلِفُ فِيهِ، فِي الْأَصَحِّ أَيْضًا وَالثَّانِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ يَسْتَخْلِفُ كَالْإِمَامِ بِجَامِعِ النَّظَرِ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَلَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ قَطَعَ ابْنُ كَجٍّ بِأَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ الْقِيَاسُ مَجِيءُ الْخِلَافِ فِيهِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَمَا ذَكَرَ فِي الِاسْتِخْلَافِ الْعَامِّ وَالِاسْتِخْلَافِ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ، كَتَحْلِيفِ وَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ قَطَعَ الْقَفَّالُ بِجَوَازِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ، هُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. . (وَشَرْطُ الْمُسْتَخْلَفِ) بِفَتْحِ اللَّامِ (كَالْقَاضِي) أَيْ كَشَرْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ. (إلَّا أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ كَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيْحُكُمْ بِاجْتِهَادِهِ) إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا   [حاشية قليوبي] اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ غَيْرَ الْمُتَّصِلِ) فَيَشْمَلُ الْمُعْضَلَ وَالْمُنْقَطِعَ وَالْمَوْقُوفَ وَغَيْرَهَا لِأَنَّ الْمُتَّصِلَ مَا لَمْ يَسْقُطْ أَحَدٌ مِنْ رُوَاتِهِ مِنْ ابْتِدَاءِ سَنَدِهِ إلَى انْتِهَائِهِ، فَإِنْ سَقَطَ فِيهِ الصَّحَابِيُّ فَهُوَ الْمُرْسَلُ أَوْ التَّابِعِيُّ أَيْضًا فَهُوَ الْمَوْقُوفُ أَوْ اثْنَانِ مُتَّصِلَيْنِ فَهُوَ الْمُعْضِلُ، أَوْ وَاحِدٌ وَلَوْ مِنْ مَكَانَيْنِ فَهُوَ الْمُنْقَطِعُ، أَوْ أُسْنِدَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الرُّوَاةِ فَهُوَ الْمَرْفُوعُ. قَوْلُهُ: (لُغَةً وَنَحْوًا) وَبَلَاغَةً وَصَرْفًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ عُلُومِ الْأَدَبِ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ عِلْمًا، كَمَا قَالَهَا الزَّمَخْشَرِيّ اللُّغَةُ وَالنَّحْوُ وَالصَّرْفُ وَالْمَعَانِي وَالْبَيَانُ وَالِاشْتِقَاقُ وَالْعَرُوضُ وَالْقَافِيَّةُ وَالْخَطُّ وَقَرْضُ الشَّعْرِ وَإِنْشَاءُ الرَّسَائِلِ، وَالْخُطَبُ وَالْمُحَاضَرَاتُ وَالتَّوَارِيخُ وَأَمَّا الْبَدِيعُ فَهُوَ كَالذَّيْلِ لَهَا. قَوْلُهُ: (وَأَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي يُرِيدُ الْخَوْضَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (تَعَذَّرَ) لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (فَوَلِيُّ سُلْطَانٍ) خَرَجَ نَائِبُهُ فَلَا يَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ لِمَنْ ذُكِرَ، قَوْلُهُ: (لَهُ شَوْكَةٌ) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ فِي السُّلْطَانِ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِهِمَا. قَالَ شَيْخُنَا مَحَلُّهُ إنْ اخْتَصَّتْ الشَّوْكَةُ لَهُ عَلَى أَهْلِ مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ، بَعِيدٍ عَنْ السُّلْطَانِ مَثَلًا وَلَيْسَ مِنْ ذَوِي الشَّوْكَةِ مِنْ شَوْكَتِهِ بِغَيْرِهِ كَالْقَاضِي الْأَكْبَرِ. قَوْلُهُ: (فَاسِقًا أَوْ مُقَلِّدًا) وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِمَّنْ فَقَدَ الشُّرُوطَ مَا عَدَا الْكَافِرَ قَالَ شَيْخُنَا، وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ الشَّوْكَةِ فِي الْفَاسِقِ وَالْمُقَلِّدِ وُجُودُ عَدْلٍ وَمُجْتَهِدٍ وَإِلَّا فَلَا، وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِمَا، وَذَكَرَ التَّعَذُّرَ فِيهِمَا فَتَأَمَّلْ. وَلَوْ اجْتَمَعَ عَالِمٌ فَاسِقٌ وَعَامِّيٌّ عَدْلٌ قُدِّمَ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ فِسْقُهُ بِحَقِّ اللَّهِ وَإِلَّا كَرِشْوَةٍ قُدِّمَ الثَّانِي وَيُرَاجَعُ الْعُلَمَاءُ. تَنْبِيهٌ: يَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ تَوْلِيَةُ غَيْرِ أَهْلٍ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ وَيَحْرُمُ الْقَبُولُ أَيْضًا وَلَا تَنْفُذُ تَوْلِيَتُهُ. قَوْلُهُ: (لِلضَّرُورَةِ) قَالَ شَيْخُنَا وَيُشْتَرَطُ فِي قَاضِي الضَّرُورَةِ أَنْ يَذْكُرَ مُسْتَنِدَهُ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ، وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَيْضًا وَلَوْ زَالَتْ شَوْكَةُ مَنْ وَلَّاهُ انْعَزَلَ وَيَسْتَرِدُّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْأَوْقَافِ وَالْجَوَامِكِ وَنَحْوِهَا، لِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِي نُفُوذِ أَحْكَامِهِ وَالضَّرُورَةُ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَسْتَخْلِفْ) أَيْ مُطْلَقًا إلَّا فِي نَحْوِ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ أَوْ تَحْلِيفِ مَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ. قَوْلُهُ: (فِيمَا لَا يَقْدِرُ إلَخْ) أَيْ إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ فَلَوْ وَلَّاهُ فِي مَحَلَّيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ فَلَهُ اخْتِيَارُ أَحَدِهِمَا وَبِهِ يَنْعَزِلُ عَنْ الْآخَرِ، بِخِلَافِ تَوْلِيَةِ مُدَرِّسٍ فِي مَدْرَسَتَيْنِ مُتَبَاعِدَتَيْنِ فَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي إحْدَاهُمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (اسْتَخْلَفَ) وَلَوْ أَصْلُهُ وَفَرْعُهُ قَوْلُهُ: (فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ) سَوَاءٌ حَالَ التَّوْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا مَا لَمْ يُعْلَمْ نَهْيُهُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (قَطَعَ ابْنُ كَجٍّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَغَيْرُهُ الْمُعْتَمَدُ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (قَطَعَ الْقَفَّالُ بِجَوَازِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ مَا لَمْ يَنْهَهُ خُصُوصُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. تَنْبِيهٌ: خَرَجَ بِالِاسْتِخْلَافِ مَا لَوْ فَوَّضَ إلَيْهِ الْأَمْرَ فِي الِاسْتِخْلَافِ شَخْصٌ فَلَيْسَ لَهُ تَعْيِينُ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ، وَلَوْ فَوَّضَ الْوِلَايَةَ لِإِنْسَانٍ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِيَذْهَبَ وَيَحْكُمَ بِهَا صَحَّ التَّفْوِيضُ قَالَهُ شَيْخُنَا كَوَالِدِهِ.   [حاشية عميرة] فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْقَوَاطِعِ وَهَذَا الَّذِي يَنْفُذُ لِلضَّرُورَةِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ خَصْمٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا. تَنْبِيهٌ: لَوْ عُلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْفِسْقُ وَخَفِيَ حَالُهُ عَلَى الْإِمَامِ حَرُمَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ وَلَا تَصِحُّ وِلَايَتُهُ مِنْ ذِي الشَّوْكَةِ وَلَا غَيْرِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَاضِي الْقُضَاةُ إذَا وَلَّى مَنْ لَيْسَ أَهْلًا مِنْ الْفَسَقَةِ وَغَيْرِهِمْ لَا تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَهُ شَوْكَةٌ) مِثْلُهُ غَيْرُهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْغَرَضَ تَعَذُّرُ الشُّرُوطِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَالْقَاضِي) قَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ ادَّعَى إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا خَصْمٌ وَاحِدٌ وَجَبَ إجَابَةُ الْأَصْلِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 298 (ثُمَّ اجْتَهَدَ مُقَلَّدُهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ (إنْ كَانَ مُقَلِّدًا) بِكَسْرِهَا حَيْثُ يَنْفُذُ قَضَاءُ الْمُقَلِّدِ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِ خِلَافَهُ) أَيْ خِلَافَ الْحُكْمِ بِاجْتِهَادِهِ أَوْ اجْتِهَادَ مُقَلِّدِهِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ، أَنَّهُ لَوْ شَرَطَهُ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِخْلَافُ وَكَذَا لَوْ شَرَطَهُ الْإِمَامُ فِي تَوْلِيَةِ الْقَاضِي لَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ. . (وَلَوْ حَكَّمَ) بِتَشْدِيدِ الْكَافِ (خَصْمَانِ رَجُلًا فِي غَيْرِ حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى جَازَ مُطْلَقًا) عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي (بِشَرْطِ أَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ وَفِي قَوْلٍ لَا يَجُوزُ) مُطْلَقًا (وَقِيلَ) يَجُوزُ (بِشَرْطِ عِدَمِ قَاضٍ بِالْبَلَدِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ) الْجَوَازُ (بِمَالٍ دُونَ قِصَاصٍ وَنِكَاحٍ وَنَحْوِهِمَا) كَاللِّعَانِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَكُلٌّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ مَأْخُوذٌ مِنْ طَرِيقَةِ حَاكِيَةِ لِلْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ، وَالْمَنْعُ مِنْهَا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلُ وَالْجَوَازُ مِنْهَا زَائِدٌ عَلَيْهِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَالتَّعْبِيرُ فِيهِ بِقِيلَ صَحِيحٌ وَلَا يُجْزِئُ التَّحْكِيمُ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى إذْ لَيْسَ لَهَا طَالِبٌ مُعَيَّنٌ. . (وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) أَيْ الْمُحَكِّمُ (إلَّا عَلَى رَاضٍ بِهِ فَلَا يَكْفِي رِضَا قَاتِلٍ) بِحُكْمِهِ. (فِي ضَرْبِ دِيَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمْ بِهِ (وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ اُمْتُنِعَ الْحُكْمُ وَلَا يُشْتَرَطُ الرِّضَا بَعْدَ الْحُكْمِ فِي الْأَظْهَرِ) ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَقَبْلِ الْحُكْمِ. . (وَلَوْ نَصَبَ) الْإِمَامُ (قَاضِيَيْنِ بِبَلَدٍ وَخَصَّ كُلًّا) مِنْهُمَا (بِمَكَانٍ) مِنْهُ (أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَوْعٍ) كَالْأَمْوَالِ أَوْ الدِّمَاءِ أَوْ الْفُرُوجِ (جَازَ وَكَذَا إنْ لَمْ يَخُصَّ) بِمَا ذَكَرَ بَلْ عَمَّمَ وِلَايَتَهُمَا مَكَانًا وَزَمَانًا وَحَادِثَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ (فِي الْأَصَحِّ) كَالْوَكِيلَيْنِ وَالْوَصِيَّيْنِ (إلَّا أَنْ يَشْرِطَ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى الْحُكْمِ) فَلَا يَجُوزُ لِمَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا مِنْ الْخِلَافِ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ كَالْإِمَامِ لَا يَتَعَدَّدُ.   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ: لَوْ وَلَّاهُ الْقَضَاءُ فِي بَلَدٍ وَسَكَتَ عَنْ صَوَاحِبِهَا عَمِلَ بِالْعُرْفِ فِيهَا مِنْ دُخُولٍ وَعَدَمِهِ وَيُرَاعَى فِي اخْتِلَافِ الْعُرْفِ الْأَكْثَرُ فَالْأَقْرَبُ عَهْدًا. [وَشَرْطُ الْمُسْتَخْلَفِ] قَوْلُهُ: (أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلِّدِهِ) أَيْ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُ عِنْدَ مُقَلِّدِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ مُتَبَحِّرًا وَإِلَّا فَبِاعْتِمَادِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَشْرِطَ) خَرَجَ بِالشَّرْطِ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ، نَحْوُ اُحْكُمْ بِمَذْهَبِ كَذَا، أَوْ لَا تَحْكُمْ بِهِ فَيَلْغُو وَلَا تَبْطُلُ التَّوْلِيَةُ وَيُعْتَبَرَانِ فِي التَّفْوِيضِ. قَوْلُهُ: (وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَكَّمَ خَصْمَانِ) أَيْ رَشِيدَانِ يَتَصَرَّفَانِ لِأَنْفُسِهِمَا وَلَيْسَ الْمُحَكِّمُ أَصْلًا وَلَا فَرْعًا لِأَحَدِهِمَا وَلَا عَدُوًّا لَهُ. قَوْلُهُ: (جَازَ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ وَلَوْ مُجْتَهِدًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَبِشَرْطِ أَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ) أَيْ غَيْرِ الِاجْتِهَادِ فَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ أَعْمًى وَلَا أَصَمَّ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا خُنْثَى وَلَا رَقِيقٍ، وَلَا كَافِرٍ وَلَوْ فِي خَصْمِ كَافِرٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجُوزُ بِشَرْطِ عَدَمِ قَاضٍ بِالْبَلَدِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ لِغَيْرِ الْأَهْلِ فَيُمْتَنَعُ تَحْكِيمُ غَيْرِ الْأَهْلِ، مَعَ عَدَمِ وُجُودِ قَاضِي الضَّرُورَةِ إلَّا إنْ كَانَ يَأْخُذُ مَالًا لَهُ وَقَعَ بِحَيْثُ يَضُرُّ حَالَ الْغَارِمِ فَيَجُوزُ التَّحْكِيمُ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي مُجْتَهِدًا وَهَذَا مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَهُمَا مِنْ كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (وَالتَّعْبِيرُ فِيهِ بِقِيلَ صَحِيحٌ) أَيْ لِأَنَّهُ أَحَدُ وَجْهَيْنِ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ وَالْجَوَابُ بِخِلَافِ هَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَمَقْصُودُ الشَّارِحِ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْمَذْهَبِ قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْزِئُ التَّحْكِيمُ فِي حُدُودِ اللَّهِ) وَكَذَا حُقُوقُ اللَّهِ الْمَالِيَّةُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا طَالِبٌ مُعَيَّنٌ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (رَاضٍ بِهِ) أَيْ لَفْظًا فِي غَيْرِ بِكْرٍ نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُحَكِّمَيْنِ لَهُ قَاضِيًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى رِضًا لِأَنَّهُ نَائِبُ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ لِلْمُحَكِّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَيْسَ لَهُ حَبْسٌ وَلَا تَرْسِيمٌ وَلَا اسْتِيفَاءُ قِصَاصٍ وَنَحْوِهِ وَلَا يَنْقَضِ حُكْمُهُ وَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى نَفْسِهِ لَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالتَّفَرُّقِ. قَوْلُهُ: (قَاضِيَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِمَكَانٍ) وَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِي غَيْرِهِ، وَلَا فِي بَعْضِهِ الَّذِي مَنَعَ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِيهِ كَخَارِجِ مَجْلِسِهِ الْمُعَيَّنِ، قَوْلُهُ: (بَلْ عَمَّمَ) أَيْ صَرِيحًا أَوْ تَنْزِيلًا كَأَنْ أَطْلَقَ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ) وَمِثْلُهُ اخْتِلَافُ الِاعْتِمَادِ فِي الْمُقَلِّدِينَ وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْمَسَائِلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا فَيَجُوزُ شَرْطُ الِاجْتِمَاعِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. تَنْبِيهٌ: يُقَدَّمُ فِي الطَّلَبِ الْأَصْلُ عَلَى خَلِيفَتِهِ ثُمَّ الْأَسْبَقُ طَلَبًا ثُمَّ يُقْرَعُ وَيُقَدَّمُ فِي اخْتِيَارِ الْخَصْمَيْنِ عِنْدَ التَّنَازُعِ عَلَى الْحُضُورِ لِأَحَدِ الْقَاضِيَيْنِ صَاحِبِ الْحَقِّ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فِيهِ كَمَا فِي التَّحَالُفِ أُجِيبَ طَالِبُ الْأَقْرَبِ فَإِنْ تَسَاوَيَا أَقْرَعَ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي غَيْرِ حَدٍّ لِلَّهِ) أَيْ بِخِلَافِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ مَنَاطَ الْحُكْمِ رِضَا الْمُسْتَحِقِّ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِيهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا يَجِيءُ. هُنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ وِلَايَةِ غَيْرِ الْأَهْلِ لِلضَّرُورَةِ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ، وَهِيَ وِلَايَةُ ذِي الشَّوْكَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ) دَلِيلُهُ تَحَاكَمَ عُمَرُ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ إلَى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَلَمْ يُخَالِفُوا فَكَانَ إجْمَاعًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ لَا يَجُوزُ) أَيْ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اخْتِلَالِ أَمْرِ الْحُكَّامِ وَقُصُورِ نَظَرِهِمْ وَالِافْتِيَاتِ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (وَالتَّعْبِيرُ فِيهِ بِقِيلَ صَحِيحٌ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الطَّرِيقَةُ، غَايَةُ الْأَمْرِ إنْ شَقَّ الْمَنْعُ مِنْهَا لَمَّا دَخَلَ فِيمَا قَبْلَهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ. [تَنْفِيذ حُكْم المحكم] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا إنْ لَمْ يَخُصَّ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَإِذَا أَرْسَلَا لِخَصْمٍ يُجَابُ مَنْ سَبَقَ دَاعِيَةً فَإِنْ جَاءَا مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا. فَرْعٌ: وَلَا هُمَا وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى تَعْمِيمٍ وَلَا غَيْرِهِ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ، وَلَا كَذَلِكَ نَظِيرُهُ مِنْ الْوَصِيَّيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّيْنِ لَوْ شُرِطَ اجْتِمَاعُهُمَا عَلَى الْعَمَلِ. صَحَّ بِخِلَافِ هَذَا، وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ أَنَّ الْوَكِيلَيْنِ كَالْوَصِيَّيْنِ نَعَمْ اُسْتُشْكِلَ بِمَا لَوْ قَالَ الْمُوصِي أَوْصِ إلَيَّ مَنْ شِئْت وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا عَنْك، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَمْ يَنْزِلُوهُ عَلَى الْوِصَايَةِ عَنْ الْمُوصِي كَيْ يَصِحُّ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ وِصَايَةِ الْوَصِيِّ حَتَّى يُصَرِّحَ الْمُوصِي بِأَنَّهُ يُوصِي عَنْهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 299 فَصْلٌ إذَا (جُنَّ قَاضٍ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ عَمِيَ أَوْ ذَهَبَتْ أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ وَضَبْطِهِ بِغَفْلَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ لَمْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ) فِي حَالٍ مِمَّا ذُكِرَ وَيَنْعَزِلُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي. (وَكَذَا لَوْ فَسَقَ) لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَنْفُذُ كَالْإِمَامِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِحُدُوثِ الْفِتَنِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ دُونَ الْقَاضِي (فَإِنْ زَالَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ لَمْ تَعُدْ وِلَايَتُهُ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي تَعُودُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ تَوْلِيَةٍ. . (وَلِلْإِمَامِ عَزْلُ قَاضٍ ظَهَرَ مِنْهُ خَلَلٌ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ وَهُنَاكَ) أَيْ فِي حَالِ عَدَمِ الظُّهُورِ. (أَفْضَلُ مِنْهُ أَوْ مِثْلُهُ وَفِي عَزْلِهِ بِهِ مَصْلَحَةٌ كَتَسْكِينِ فِتْنَةٍ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عَزْلِهِ بِهِ مَصْلَحَةٌ، فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ (لَكِنْ يَنْفُذُ الْعَزْلُ فِي الْأَصَحِّ) لِطَاعَةِ السُّلْطَانِ وَالثَّانِي لَا يَنْفُذُ لِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ وَقَوْلُهُ مِثْلُهُ كَذَا دُونَهُ وَقَوْلُهُ فِي عَزْلِهِ إلَخْ. قَيَّدَ فِي مِثْلِهِ وَدُونَهُ الصَّالِحِينَ لِلْقَضَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ غَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ عَزْلُهُ فَلَوْ عَزَلَهُ يَنْعَزِلُ. (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ خَبَرُ عَزْلِهِ) ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي أَنَّهُ يَنْعَزِلُ كَأَرْجَحِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَكِيلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ عِظَمُ الضَّرَرِ فِي نَقْضِ الْأَقْضِيَةِ دُونَ تَصَرُّفَاتِ الْوَكِيلِ. . (وَإِذَا كَتَبَ الْإِمَامُ إلَيْهِ إذَا قَرَأْتَ كِتَابِي فَأَنْت مَعْزُولٌ فَقَرَأَهُ انْعَزَلَ وَكَذَا إنْ قُرِئَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْغَرَضَ إعْلَامُهُ بِصُورَةِ الْحَالِ لَا قِرَاءَتُهُ بِنَفْسِهِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى صُورَةِ اللَّفْظِ (وَيَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ) أَيْ الْقَاضِي (وَانْعِزَالُهُ مِنْ إذْنٍ لَهُ فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ كَبَيْعِ مَالِ مَيِّتٍ) أَوْ غَائِبٍ (وَالْأَصَحُّ انْعِزَالُ نَائِبِهِ الْمُطْلَقِ) بِمَا ذُكِرَ (إنْ لَمْ يُؤْذِنْ لَهُ فِي اسْتِخْلَافٍ أَوْ) إنْ (قِيلَ) لَهُ (اسْتَخْلِفْ عَنْ نَفْسِك أَوْ أَطْلَقَ) لَهُ الِاسْتِخْلَافَ (فَإِنْ قِيلَ) لَهُ (اسْتَخْلِفْ عَنِّي فَلَا) يَنْعَزِلُ الْخَلِيفَةُ بِمَا ذَكَرَ، وَالثَّانِي الِانْعِزَالُ مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ عَدَمُهُ مُطْلَقًا رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ النَّاسِ. . (وَلَا يَنْعَزِلُ قَاضٍ) وَوَالٍ (بِمَوْتِ الْإِمَامِ) وَانْعِزَالُهُ، لِشِدَّةِ الضَّرَرِ فِي تَعْطِيلِ الْحَوَادِثِ (وَلَا نَاظِرُ يَتِيمٍ وَوَقْفٍ بِمَوْتِ قَاضٍ وَانْعِزَالِهِ) لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ أَبْوَابُ الْمَصَالِحِ (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ انْعِزَالِهِ حَكَمْت بِكَذَا) وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ بِالْبَيِّنَةِ (فَإِنْ شَهِدَ مَعَ آخَرَ بِحُكْمِهِ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ لَا يَشْهَدْ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَالثَّانِي يُقْبَلُ إذْ لَا يَجُرَّ بِشَهَادَتِهِ نَفْعًا إلَى نَفْسِهِ وَلَا يَدْفَعُ ضَرَرًا (أَوْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ جَائِزِ الْحُكْمِ قُبِلَتْ فِي الْأَصَحِّ)   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي انْعِزَالِ الْقَاضِي وَعَزْلِهِ وَغَيْرِهِمَا قَوْلُهُ: (جُنَّ قَاضٍ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ) وَإِنْ قَصُرَ زَمَنُهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ فَسَقَ) أَوْ زَادَ فِسْقُهُ بِحَيْثُ لَوْ عَرَضَ عَلَى مُوَلِّيهِ لَا يَرْضَاهُ. قَوْلُهُ: (هَذِهِ الْأَحْوَالُ) وَمِنْهَا الْعَمَى وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِمَا إذَا تَحَقَّقَ زَوَالُهُ وَإِلَّا عَادَتْ الْوِلَايَةُ بِعَوْدِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ زَوَالِهَا بِهِ، فَلَا يُنَافِي مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا تَعُودُ الْوِلَايَةُ بِعَوْدِ الْأَهْلِيَّةِ بَعْدَ زَوَالِهَا إلَّا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْحَاضِنَةِ وَالنَّاظِرِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْإِمَامِ عَزْلُ قَاضٍ ظَهَرَ مِنْهُ خَلَلٌ) وَلَوْ بِالظَّنِّ الْغَالِبِ وَهَذَا فِي الْخَلِيفَةِ الْعَامِّ عَنْ الْإِمَامِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ عَزْلُهُ بِلَا سَبَبٍ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْقَاضِي فَلَهُ عَزْلُ نُوَّابِهِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا نَحْوُ مُدَرِّسٍ وَنَاظِرٍ وَقَيِّمِ يَتِيمٍ فَلَيْسَ لِمُوَلِّيهِ وَلَا لِغَيْرِهِ عَزْلُهُ وَلَا يَنْعَزِلُ لَوْ عَزَلَهُ إلَّا بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ، وَلَا يَكْفِي فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ وَقَالَ شَيْخُنَا بِالِاكْتِفَاءِ وَنُوزِعَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يَنْفُذُ) أَيْ مَعَ الْحُرْمَةِ وَلِلْقَاضِي عَزْلُ نَفْسِهِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ. قَوْلُهُ: (الصَّالِحِينَ) لَا حَاجَةَ لَهُ مَعَ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (خَبَرُ عَزْلِهِ) الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ وِلَايَتُهُ وَنَائِبُهُ مِثْلُهُ فَلَا يَنْعَزِلُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ خَبَرُ الْعَزْلِ مِنْهُمَا بِبُلُوغِ الْآخَرِ، وَيَصِحُّ حُكْمُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَوْ لِمَنْ عَلِمَ بِعَزْلِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (عِظَمُ الضَّرَرِ) أَيْ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (الْغَرَضُ إعْلَامُهُ) أَيْ بِوَاسِطَةِ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَكْفِي إخْبَارُهُ بِمَا فِي الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ وَلَوْ مِنْ عَدْلَيْنِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَفِي مَحْوِ بَعْضِ الْكِتَابِ مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَلَوْ كَتَبَ عَزَلْتُك أَوْ أَنْت مَعْزُولٌ انْعَزِلْ بِبُلُوغِ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ انْعِزَالُ نَائِبِهِ) وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرَ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْعَزْلَ فِيمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَنِّي) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَوْ عَنَّا أَوْ عَنِّي وَعَنْك فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْعَزِلُ قَاضٍ) وَلَوْ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ بِمَوْتِ إمَامٍ لَكِنْ عَنْ غَيْرِ ذِي الشَّوْكَةِ كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَلَا وَالٍ بِذَلِكَ وَلَوْ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَلَا نَاظِرُ وَقْفٍ أَوْ قَيِّمٌ وَأَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مُحْتَسِبٌ أَوْ نَاظِرُ جَيْشٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِحُكْمِهِ) وَخَرَجَ شَهَادَتُهُ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ عِنْدَهُ فَتُقْبَلُ. قَوْلُهُ: (بِحُكْمِ حَاكِمٍ) وَلَوْ قَاضِيَ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ إذَا جُنَّ قَاضٍ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ عَمِيَ أَوْ ذَهَبَتْ أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ وَضَبْطِهِ بِغَفْلَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ] فَصْلٌ جُنَّ قَاضٍ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَنْفُذْ) عَبَّرَ بِهَذَا دُونَ الِانْعِزَالِ لِيُلَائِمَ حِكَايَةَ الْخِلَافِ فِي الْقَوْلِ الْآتِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ظَهَرَ مِنْهُ خَلَلٌ) «عَزَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إمَامَ قَوْمٍ بَصَقَ فِي الْقِبْلَةِ وَقَالَ لَا تُصَلِّ بِهِمْ بَعْدَ هَذَا أَبَدًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يَنْفُذُ الْعَزْلُ) أَيْ وَالْإِمَامُ آثِمٌ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَخْ) كَمَا فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى قِرَاءَةِ الْكِتَابِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ تَفَاصِيلَ الصِّفَاتِ مُرَاعًى فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ، وَأَمْرُ الْعَزْلِ يُرَاعَى فِيهِ عُرْفًا الْإِعْلَامُ وَلَوْ رَاعَى الْإِمَامُ غَيْرَ الْإِعْلَامِ عُدَّ عَابِثًا وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقُ أَنَّهُ لَوْ أُعْلِمَ رَجُلَانِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ فِي هَذَا انْعَزَلَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ) اُنْظُرْ هَلْ يُقَالُ فِي هَذَا لَا يَنْعَزِلُ إلَّا بِبُلُوغِ الْخَبَرِ كَالْعَامِّ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (وَوَالٍ) كَالْأَمِيرِ وَالْمُحْتَسِبِ وَنَاظِرِ الْجَيْشِ وَوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُقْبَلُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ غَيْرُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 300 وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ فِعْلَ نَفْسِهِ فَإِنْ بَيَّنَ بِغَيْرِهِ قُبِلَتْ (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ قَبْلَ عَزْلِهِ حَكَمْت بِكَذَا فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَكَمَعْزُولٍ) فَلَا يُقْبَلُ. (وَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَعْزُولٍ) أَيْ ذَكَرَ لِلْقَاضِي (أَنَّهُ أَخَذَ مَالَهُ بِرِشْوَةٍ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الرِّشْوَةِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَالرَّاءُ مُثَلَّثَةٌ (أَوْ شَهَادَةِ عَبْدَيْنِ مَثَلًا) أَيْ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُدَّعِي (أُحْضِرَ وَفُصِلَتْ خُصُومَتُهُمَا وَإِنْ قَالَ حَكَمَ بِعَبْدَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالًا أُحْضِرَ وَقِيلَ لَا حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِدَعْوَاهُ) . قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَرَجَّحَهُ مُرَجِّحُونَ وَفِي الشَّرْحِ أَنَّهُ أَصَحُّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ عِنْدَ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ أَصْلُ الرَّوْضَةِ بِتَصْحِيحِهِ (فَإِنْ حَضَرَ) عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَادَّعَى عَلَيْهِ. (وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ فَيُصَانُ مَنْصِبُهُ عَنْ التَّحْلِيفِ وَالِابْتِذَالِ بِالْمُنَازَعَاتِ (قُلْت الْأَصَحُّ بِيَمِينٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَالْمُودِعِ وَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِمْ خِيَانَةً وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَحْسَنُ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ أَصَحُّ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي عَاصِمٍ وَالْبَغَوِيِّ، وَأَنَّ الثَّانِيَ أَصَحُّ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ. . (وَلَوْ ادَّعَى عَلَى قَاضٍ جَوْرًا فِي حُكْمٍ لَمْ يُسْمَعْ) ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ شَرْعًا (وَيُشْتَرَطُ بَيِّنَةٌ) بِهِ فَلَا يَحْلِفُ فِيهِ (وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ) مَا يَدَّعِي بِهِ عَلَيْهِ (بِحُكْمِهِ حَكَمَ بَيْنَهُمَا) فِيهِ (خَلِيفَتُهُ أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ قَاضٍ آخَرُ. فَصْلٌ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا (لِيَكْتُبَ الْإِمَامُ لِمَنْ يُوَلِّيهِ) الْقَضَاءَ بِبَلَدٍ كِتَابًا بِهِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ» ، رَوَاهُ أَصْحَابُ   [حاشية قليوبي] ضَرُورَةٍ فَلَيْسَ ذِكْرُ جَائِزًا لِحُكْمٍ قَيْدًا وَلَعَلَّ ذِكْرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ شُمُولِ حَاكِمِ الشُّرْطَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (قُبِلَتْ) مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَشْهُودُ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَعْنِي نَفْسَهُ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَيُقْبَلُ) وَلَوْ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ وَبَيَّنَ السَّبَبَ كَمَا تَقَدَّمَ، قَوْلُهُ: (حَكَمْت بِكَذَا) وَلَوْ بِطَلَاقِ نِسَاءِ قَرْيَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ادَّعَى) أَيْ أَخْبَرَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (عَلَى سَبِيلِ الرِّشْوَةِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ فَالْمُدَّعَى بِهِ هُوَ الرِّشْوَةُ. قَوْلُهُ: (أَوْ شَهَادَةِ عَبْدَيْنِ) عَطْفٌ عَلَى رِشْوَةٍ فَالْمَالُ الْمَأْخُوذُ غَيْرُ الرِّشْوَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُدَّعِي وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِدَفْعِهِ مَا يَعُمُّ أَمْرَ الْقَاضِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِعْطَاءِ الْمَالِ لِلْمُدَّعِي وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِدَفْعِهِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَخَذَ مَالَهُ إلَخْ، قَوْلُهُ: (أُحْضِرَ) وَلَوْ بِوَكِيلِهِ ثُمَّ تُعَادُ الدَّعْوَى وَلَا يَحْضُرُ قَبْلَ الْإِخْبَارِ بِهَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصْدَ ابْتِذَالَهُ. قَوْلُهُ: (وَفَصَلَتْ خُصُومَتُهُمَا) بِأَنْ يُعِيدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى عَلَى الْقَاضِي الْمَعْزُولِ وَيَأْمُرُهُ الْقَاضِي الْمُدَّعِي عِنْدَهُ بِإِعَادَةِ مَا أَخَذَهُ بِالرِّشْوَةِ، وَبِإِعَادَةِ مَا أَخَذَهُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَحْضُرُهُ حَتَّى يُخْبِرَهُ الْمُدَّعِي بِأَنَّ مَعَهُ بَيِّنَةً، وَأَنَّهُ لَا تَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ إلَّا بَعْدَ إحْضَارِهِ وَالدَّعْوَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حُمِلَتْ الْإِقَامَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْإِخْبَارِ فَالصَّحِيحُ الْوَجْهُ الثَّانِي أَوْ عَلَى الشَّهَادَةِ فَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إحَالَةُ الْخِلَافِ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ بِيَمِينٍ) بَلْ لَوْ عَزَلَ بِجَوْرٍ أَوْ فِسْقٍ حَلَفَ قَطْعًا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (وَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ) وَلَوْ أُمَنَاءَهُ حَتَّى لَوْ حُوسِبُوا وَظَهَرَ مَعَهُمْ مَالٌ وَقَالُوا أَخَذْنَاهُ عَنْ أُجْرَتِنَا رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِمَا يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ادَّعَى عَلَى قَاضٍ) أَيْ حَسَنِ السِّيرَةِ ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ حَالَ وِلَايَتِهِ فِي مَحَلِّهَا وَإِلَّا حَلَفَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحُكْمِهِ) أَيْ وَلَا يَقْدَحُ فِي وِلَايَتِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. [فَصْلٌ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا] مِنْ حَيْثُ التَّوْلِيَةُ وَغَيْرُهَا وَعُلِمَ مِنْ ذِكْرِ الْآدَابِ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ عَلَى الْأَصْلِ أَيْ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (لِيَكْتُبَ) أَيْ نَدْبًا وَكَذَا جَمِيعُ   [حاشية عميرة] قَادِرٍ عَلَى الْإِنْشَاءِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِقْرَارِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَائِزُ الْحُكْمِ) قِيلَ هُوَ تَأْكِيدُ قَوْلِ الْمَتْنِ: (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) خِلَافًا لِمَالِكٍ حَيْثُ قَالَ لَا يُقْبَلُ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى وَلِيِّ الْبِكْرِ وَأَجَابَ بِالْفَرْقِ بِوُفُورِ الشَّفَقَةِ. فَرْعٌ: لَوْ وَلَّاهُ قَاضٍ قَضَاءَ بَلَدٍ وَوَلَّاهُ آخَرُ قَضَاءُ بَلَدٍ آخَرَ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ امْرَأَةً وَهُوَ فِي بَلَدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى الظَّاهِرُ لَا لِأَنَّ مُسْتَنِيبَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ عَاجِزٌ عَنْ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ضَابِطُ ذَلِكَ فِي الْبَلَدِ الْوُصُولَ إلَى حَدٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ. قَوْلُهُ: (أَيْ عَلَى سَبِيلِ الرِّشْوَةِ) يَقْتَضِي أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ نَفْسُ الرِّشْوَةِ الْمَأْخُوذَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَحْضَرَ) أَيْ وَلَوْ وُكِّلَ كَفَى قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِعَبْدَيْنِ) . قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَأَنَا أُطَالِبُهُ بِالْغُرْمِ. أَقُولُ اُنْظُرْ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ لَا) أَيْ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِينَ الشَّرْعِ وَالظَّاهِرُ مِنْ أَحْكَامِ الْقُضَاةِ مُضِيُّهَا عَلَى الصِّحَّةِ وَمَنْصِبُهُ يُصَانُ عَلَى الِابْتِذَالِ بِالْإِرْسَالِ خَلْفُهُ قَبْلَ تَبَيُّنِ الْحَالِ، وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الرِّشْوَةِ لِأَنَّهُ يَسْهُلُ عَلَى الْمُدَّعِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْحُكْمِ لِأَنَّهُ يَقَعُ ظَاهِرًا بِخِلَافِ أَخْذِ الْمَالِ، ثُمَّ مَعْنَى الْبَيِّنَةِ إقَامَتُهَا لِيَتَبَيَّنَ الْحَاكِمُ الْحَالَ كَيْ يَحْضُرَهُ عَلَى بَصِيرَةٍ وَلَا يُغْنِي ذَلِكَ عَنْ إعَادَتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (كَالْمُودِعِ وَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ إلَخْ) وَلِعُمُومِ حَدِيثِ «الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينِ عَلَى مَنْ أَنْكَرَهُ» وَلَوْ عُزِلَ بِفِسْقٍ وَجَوْرٍ حَلَفَ قَطْعًا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. فَصْلٌ لِيَكْتُبَ الْإِمَامُ إلَخْ قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَكْتُوبُ) وَلِذَا قَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَيَشْهَدُ عَلَى التَّوْلِيَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا مُجَرَّدَ كِتَابٍ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 301 السُّنَنِ وَفِيهِ الزَّكَاةُ وَالدِّيَاتُ وَغَيْرُهَا. (وَيَشْهَدُ بِالْكِتَابِ) أَيْ الْمَكْتُوبِ (شَاهِدَانِ يَخْرُجَانِ مَعَهُ إلَى الْبَلَدِ) بَعُدَ أَوْ قَرُبَ (يُخْبِرَانِ بِالْحَالِ) مِنْ التَّوْلِيَةِ وَغَيْرِهَا وَيَكْفِي إخْبَارُهُمَا بِهَا مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ (وَتَكْفِي الِاسْتِفَاضَةُ) بِهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْخُلَفَاءُ، وَالثَّانِي قَالَ التَّوْلِيَةُ عَقْدٌ وَالْعُقُودُ لَا تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَهَا فِي الْبَلَدِ الْقَرِيبِ، وَلَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا. (لَا مُجَرَّدُ كِتَابٍ) بِهَا أَيْ لَا يَكْفِي (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي الْمَحْكِيِّ فِي الْوَسِيطِ يَكْفِي لِبُعْدِ الْجَرَاءَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى الْإِمَامِ. . (وَيَبْحَثُ) بِالرَّفْعِ وَالْمُثَلَّثَةِ (الْقَاضِي عَنْ حَالِ عُلَمَاءِ الْبَلَدِ وَعُدُولِهِ) قَبْلَ دُخُولِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَحِينَ يَدْخُلُ (وَيَدْخُلُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْأَصْحَابُ فَإِنْ تَعَسَّرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَالْخَمِيسَ وَإِلَّا فَالسَّبْتَ. . (وَيَنْزِلُ وَسَطَ الْبَلَدِ) بِفَتْحِ السِّينِ لِيَتَسَاوَى أَهْلُهُ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ. (وَيَنْظُرُ أَوَّلًا فِي أَهْلِ الْحَبْسِ) لِأَنَّهُ عَذَابٌ (فَمَنْ قَالَ حُبِسْت بِحَقٍّ أَدَامَهُ) فِيهِ (أَوْ ظُلْمًا فَعَلَى خَصْمِهِ حُجَّةٌ) وَيُصَدَّقُ الْمَحْبُوسُ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ تَقُمْ (فَإِنْ كَانَ) خَصْمُهُ (غَائِبًا كَتَبَ إلَيْهِ لِيَحْضُرَ) عَاجِلًا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَطْلَقَ (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْمَحْبُوسِينَ يَنْظُرُ فِي (الْأَوْصِيَاءِ) بِأَنْ يَطْلُبَهُمْ (فَمَنْ ادَّعَى وِصَايَةً) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا (سَأَلَ عَنْهَا) مِنْ جِهَةِ ثُبُوتِهَا بِالْبَيِّنَةِ. (وَعَنْ حَالِهِ وَتَصَرُّفِهِ فَمَنْ وَجَدَهُ) مُسْتَقِيمَ الْحَالِ قَوِيًّا أَقَرَّهُ أَوْ (فَاسِقًا أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ أَوْ ضَعِيفًا) لِكَثْرَةِ الْمَالِ أَوْ لِسَبَبٍ آخَرَ. (عَضَّدَهُ بِمُعَيَّنٍ وَيَتَّخِذُ) بِالْمُعْجَمَةِ (مُزَكِّيًا) بِالزَّايِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَسَيَأْتِي، شَرْطُهُ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ (وَكَاتِبًا) لِمَا ذُكِرَ. . (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا عَدْلًا عَارِفًا بِكِتَابَةِ مَحَاضِرَ وَسِجِلَّاتٍ) وَكُتُبٍ حُكْمِيَّةٍ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَتَفَرَّغُ لَهَا غَالِبًا. . (وَيُسْتَحَبُّ) فِيهِ (فِقْهٌ وَوُفُورُ عَقْلٍ وَجَوْدَةُ خَطٍّ) وَضَبْطٌ لِلْحُرُوفِ (وَمُتَرْجِمًا) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي مَعْرِفَةِ كَلَامِ مِنْ لَا يَعْرِفُ الْقَاضِي لُغَتَهُ مِنْ خَصْمٍ، أَوْ شَاهِدٍ (وَشَرْطُهُ عَدَالَةٌ وَحُرِّيَّةٌ وَعَدَدٌ) كَالشَّاهِدِ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَفَى فِي تَرْجَمَتِهِ مِثْلُ   [حاشية قليوبي] الْأَفْعَالِ الْآتِيَةِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (الْإِمَامُ) وَكَذَا الْقَاضِي لِخُلَفَائِهِ وَنُوَّابِهِ وَيُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يَجْعَلَ الْكَاتِبُ عِنْدَهُ نُسْخَةً أُخْرَى، لِيَتَذَكَّرَ بِهَا مَا يَكْتُبُهُ وَمَنْ كَتَبَ لَهُ وَيُبَالِغُ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ بِمَا يَكْتُبُهُ وَفِي مُرَاجَعَتِهِ الْعُلَمَاءَ فِيمَا يَقَعُ لَهُ. قَوْلُهُ: (بِهِ إلَخْ) ضَمِيرُ بِهِ عَائِدٌ إلَى الْقَضَاءِ وَضَمِيرُ إلَيْهِ عَائِدَانِ إلَى مَا. قَوْلُهُ: (وَيَكْفِي إخْبَارُهُمَا بِهَا) أَيْ بِالْحَالِ أَوْ التَّوْلِيَةِ وَالْأَوَّلُ الْأَقْرَبُ بَلْ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ حَاكِمٌ أَثْبَتَ التَّوْلِيَةَ عِنْدَهُ بِشَرْطِهَا. قَوْلُهُ: (لَا مُجَرَّدُ كِتَابٍ بِهَا) وَلَا إخْبَارُهُ بِنَفْسِهِ نَعَمْ إنْ صَدَّقُوهُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْإِمَامِ لَوْ نُصِبَ قَوْلُهُ: (عَنْ حَالٍ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ قَوْلُهُ: (وَيَدْخُلُ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ) أَيْ صَبِيحَتُهُ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ وَيَقْصِدُ الْمَسْجِدَ وَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَيَأْمُرُ بِقِرَاءَةِ الْعَهْدِ الَّذِي مَعَهُ، وَيُنَادِي مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ فَلْيَحْضُرْ مَحَلُّ كَذَا وَعِنْدَ النَّظَرِ فِي أَهْلِ الْحَبْسِ، يُنَادِي مَنْ كَانَ لَهُ مَحْبُوسٌ فَلْيَحْضُرْ يَوْمَ كَذَا وَهَكَذَا فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَسَطَ الْبَلَدِ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعٌ مُعَيَّنٌ مَعْرُوفٌ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَنْظُرُ أَوَّلًا) نَدْبًا فِيهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَيُقَدِّمُ عَلَى هَذَا النَّظَرِ فِي الشُّهُودِ وَأَحْوَالِهِمْ. قَوْلُهُ: (أَدَامَهُ فِيهِ) إلَى وَفَائِهِ أَوْ ثُبُوتِ إعْسَارِهِ وَمَنْ كَانَ لَهُ حَدٌّ أَوْ تَعْزِيرٌ أَقَامَهُ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَصْدُقُ إلَخْ) وَيُطْلَقُ بِلَا كَفِيلٍ فَإِنْ رَآهُ فَحَسَنٌ. قَوْلُهُ: (أَطْلَقَ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِهِ وَيَحْسُنُ أَخْذُ كَفِيلٍ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ خَصْمُ نَادَى عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ خَصْمٌ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَطْلَقَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَوْصِيَاءِ عَلَى أَيْتَامٍ) أَوْ غَيْرِهِمْ وَيَبْدَأُ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ ثُمَّ بَعْدَهُمْ يَنْظُرُ فِي أُمَنَاءِ الْقَاضِي عَلَى الْأَطْفَالِ، وَلَهُ عَزْلُهُمْ بِلَا سَبَبٍ لِأَنَّهُمْ مِنْ جِهَتِهِ بِخِلَافِ الْأَوْصِيَاءِ، ثُمَّ فِي الْأَوْقَافِ وَلَوْ عَامَّةً وَمُتَوَلِّيَهَا وَأَهْلَهَا، وَبِمَا زَالَتْ إلَيْهِمْ وَهَلْ لِبَعْضِهِمْ وِلَايَةٌ عَلَى بَعْضٍ أَوْ لَا ثُمَّ يَنْظُرُ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ حَيْثُ حِفْظُهَا أَوْ تَمَلُّكُهَا وَجَعْلُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ حَالِهِ) وَيَجِبُ عَلَى مَنْ سَأَلَهُ إخْبَارُهُ وَلَوْ بِمَا فِيهِ قَذْفٌ وَكَذَا جَمِيعُ الْبَابِ. قَوْلُهُ: (فَمَنْ وَجَدَهُ) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكَّ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (أُخِذَ الْمَالُ مِنْهُ) وُجُوبًا إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا فَبَدَّلَهُ. قَوْلُهُ: (مُزَكِّيًا) الْمُرَادُ بِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ الْجِنْسُ فَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا، وَتَقْيِيدُ الْجَمِيعِ بِالْحَاجَةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِمْ لَمْ يَتَّخِذْهُمْ، وَمَحَلُّ نَدْبِ اتِّخَاذِهِمْ إنْ رُزِقُوا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَكَذَا رِزْقَ مَنْ يُدَوِّنُ السِّجِلَّاتِ وَالْمَحَاضِرَ وَنَحْوَهَا مِنْهُ أَيْضًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى مَنْ أَرَادَ الْكِتَابَةَ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ لَمْ يُجْبَرْ وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ صِنْفٍ مِنْهُمْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُمْ كَمَا يَأْتِي فِي الشُّهُودِ. قَوْلُهُ: (مُسْلِمًا) حُرًّا ذَكَرًا حَاسِبًا فَصِيحًا. قَوْلُهُ: (وَكَتَبَ حُكْمِيَّةً) هِيَ الْحِجَجُ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ الْآخَرَانِ. قَوْلُهُ: (كَالشَّاهِدِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ أَصْلًا وَلَا فَرْعًا لِلْمُتَرْجِمِ عَنْهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ. قَوْلُهُ: (كَفَى إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِنَّ. قَوْلُهُ: (وَيَكْفِي فِي الزِّنَا رَجُلَانِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.   [حاشية عميرة] أَنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْفَتْوَى إذَا أَخْبَرَ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَنَّهُ خَطُّ الْمُفْتِي، أَوْ كَانَ يَعْرِفُ خَطَّهُ وَلَا يَشُكُّ فِيهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ هُنَا مِثْلُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَعَلَى خَصْمِهِ حُجَّةٌ) قِيلَ هَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّ وَضْعَهُ فِي الْحَبْسِ حُكْمٌ مِنْ الْقَاضِي الْأَوَّلِ بِحَبْسِهِ فَكَيْفَ يُكَلَّفُ الْخَصْمُ الْحُجَّةَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَاتِبًا) كَانَ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كُتَّابٌ مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسِجِلَّاتٍ) السِّجِلُّ الْكِتَابُ وَأَصْلُهُ الِاسْتِحْكَامُ وَالِاسْتِيثَاقُ. . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمُتَرْجِمًا) أَيْ لِحَدِيثِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَنَسًا أَنْ يَتَعَلَّمَ الْعِبْرَانِيَّةَ مِنْ أَجْلِ مُكَاتَبَةِ الْيَهُودِ قَالَ فَتَعَلَّمْتهَا فِي نِصْفٍ قَوْلُهُ: (جَوَازُ أَعْمًى) أَيْ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ هُنَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً بِلَفْظِهَا لِكَوْنِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 302 ذَلِكَ، وَاشْتَرَطَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيِّ رَجُلَيْنِ وَيَكْفِي فِي الزِّنَا رَجُلَانِ وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ أَرْبَعَةٌ (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ أَعْمًى) فِي التَّرْجَمَةِ وَالثَّانِي قَاسَهَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا تَفْسِيرٌ لِلَّفْظِ لَا تَحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةٍ وَإِشَارَةٍ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ (وَ) الْأَصَحُّ (اشْتِرَاطُ عَدَدٍ فِي إسْمَاعِ قَاضٍ بِهِ صَمَمٌ) كَالْمُتَرْجِمِ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّ الْمُسْمِعَ لَوْ غَيَّرَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ الْخَصْمُ وَالْحَاضِرُونَ بِخِلَافِ الْمُتَرْجِمِ وَعَلَى الثَّانِي يُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ فِي الْأَصَحِّ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ، وَلْيَجْرِ الْخِلَافُ فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَالْحُرِّيَّةِ مَعَ مَا بَعْدَهُ فِي الْمُتَرْجِمِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِإِسْمَاعِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي الْمَالِ كَمَا فِي الْمُتَرْجِمِ وَأَجَابَ فِي الْوَسِيطِ بِالْمَنْعِ أَمَّا إسْمَاعُ الْخَصْمِ الْأَصَمَّ مَا يَقُولُهُ الْقَاضِي وَالْخَصْمُ فَقَالَ الْقَفَّالُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ مَحْضٌ. . (وَيَتَّخِذُ دِرَّةً) بِالْمُهْمَلَةِ (لِلتَّأْدِيبِ وَسِجْنًا لِأَدَاءِ حَقٍّ وَلِتَعْزِيرٍ) كَمَا اتَّخَذَهُمَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ مَجْلِسَهُ فَسِيحًا) أَيْ وَاسِعًا لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِضِيقِهِ الْحَاضِرُونَ (بَارِزًا) أَيْ ظَاهِرًا لِيَعْرِفَهُ مَنْ يَرَاهُ (مَصُونًا مِنْ أَذَى حَرٍّ وَبَرْدٍ) وَرِيحٍ وَغُبَارٍ وَدُخَانٍ (لَائِقًا بِالْوَقْتِ) مِنْ صَيْفٍ وَشِتَاءٍ. (وَالْقَضَاءُ) بِأَنْ يَكُونَ دَارًا (لَا مَسْجِدًا) فَيُكْرَهُ اتِّخَاذُهُ مَجْلِسًا لِلْحُكْمِ فِي الْأَصَحِّ صَوْنًا لَهُ عَنْ ارْتِفَاعِ الْأَصْوَاتِ وَاللَّغَطِ الْوَاقِعَيْنِ بِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ عَادَةً، وَلَوْ اتَّفَقَتْ قَضِيَّةٌ أَوْ قَضَايَا وَقْتَ حُضُورِهِ فِي الْمَسْجِدِ لِصَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَلَا بَأْسَ بِفَصْلِهَا. (وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي حَالِ غَضَبٍ وَجُوعٍ وَشِبَعٍ مُفْرِطَيْنِ وَكُلُّ حَالٍ يَمُوءُ خَلْقُهُ) فِيهِ كَمَرَضٍ مُؤْلِمٍ وَخَوْفٍ مُزْعِجٍ. . (وَيُنْدَبُ أَنْ يُشَاوِرَ الْفُقَهَاءَ) وَمُشَاوِرَتُهُمْ عِنْدَ اخْتِلَافِ وُجُوهِ النَّظَرِ وَتَعَارُضِ الْآرَاءِ (وَ) يُنْدَبُ (أَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ بِنَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ وَكِيلٌ مَعْرُوفٌ) لِئَلَّا يُحَابِيَ (فَإِنْ أَهْدَى إلَيْهِ مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ أَوْ) غَيْرُهُ وَ (لَمْ يَهْدِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ حُرِمَ قَبُولُهَا)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ أَعْمًى) هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى الشَّاهِدِ وَحِينَئِذٍ فَيَأْمُرُ الْقَاضِي الْحَاضِرِينَ بِالسُّكُوتِ خَوْفَ الِاشْتِبَاهِ. قَوْلُهُ: (بِهِ صَمَمٌ) أَيْ ثِقَلُ سَمْعٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (كَالْمُتَرْجِمِ) وَقَدْ يُغْنِي عَنْهُمْ. قَوْلُهُ: (لَفْظُ الشَّهَادَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيُشْبِهُ أَنْ يَكْتَفِيَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا الِاكْتِفَاءُ بِرَجُلَيْنِ فِي الزِّنَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَقَالَ الْقَفَّالُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ شَيْخُنَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ وَالذُّكُورِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (دِرَّةً) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ أَوَّلَهُ وَتَشْدِيدِ ثَانِيهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا اتَّخَذَهُمَا) أَيْ الدِّرَّةَ وَالسِّجْنَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَانَتْ دِرَّتُهُ مِنْ نَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَضْرِبْ بِهَا أَحَدًا عَلَى مَعْصِيَةِ وَعَادَ إلَيْهَا وَمَنَعَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ الضَّرْبَ بِالدِّرَّةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ لِذَوِي الْهَيْئَاتِ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِهِ ذُرِّيَّةُ الْمَضْرُوبِ. وَكَانَ سِجْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ طَلَبُ الْمَسْجُونِ إذَا هَرَبَ وَإِذَا حَضَرَ سَأَلَهُ فَإِنْ لَمْ يُبْدِ عُذْرًا عَذَرَهُ وَلَهُ نَقْلُهُ مِنْ سِجْنٍ إلَى آخَرَ حَيْثُ خِيفَ هَرَبُهُ، وَلَوْ طَلَب صَاحِبُ الْحَقِّ مُلَازَمَةَ غَرِيمِهِ بِغَيْرِ حَبْسٍ أُجِيبَ لَا عَكْسُهُ، وَأُجْرَةُ السِّجْنِ عَلَى الْمَسْجُونِ وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ. قَوْلُهُ: (كَوْنُ مَجْلِسِهِ فَسِيحًا) وَيُنْدَبُ تَعَدُّدُهُ بِعَدَدِ الْأَجْنَاسِ مِنْ ذُكُورٍ وَخَنَاثَى وَنِسَاءٍ وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ حَاجِبٍ إلَّا لِنَحْوِ زَحْمَةٍ وَكَوْنُهُ مَمْسُوحًا لِنَحْوِ نِسَاءٍ. قَوْلُهُ (مِنْ صَيْفٍ وَشِتَاءٍ) وَمِنْ الصَّيْفِ الرَّبِيعُ وَمِنْ الشِّتَاءِ الْخَرِيفُ وَيُنْدَبُ كَوْنُهُ ذَا نُزْهَةٍ كَخُضْرَةٍ فِي الرَّبِيعِ، وَذَا مَاءٍ فِي الصَّيْفِ، وَذَا كَنٍّ فِي الشِّتَاءِ، وَيُوضَعُ لَهُ فِرَاشٌ عَلَى مُرْتَفَعٍ وَوِسَادَةٍ يَتَّكِئُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ أَهَيْبُ، وَإِنْ كَانَ مُتَوَاضِعًا وَيَرْكَبُ فِي مَسِيرِهِ وَيُسَلِّمُ عَلَى النَّاسِ فِي طَرِيقِهِ وَدُخُولِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهَا) كَمَطَرٍ قَوْلُهُ: (فَلَا بَأْسَ) لَكِنْ مَعَ مَنْعِ الْخُصُومِ مِنْ نَحْوِ مُشَاتَمَةٍ فِيهِ وَمِنْ الْجُلُوسِ فِيهِ إنْ أَمْكَنَ. قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ) وَلَوْ فِي غَيْرِ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ أَوْ كَانَ الْغَضَبُ لِلَّهِ مَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَى الْقَضَاءِ. قَوْلُهُ: (الْفُقَهَاءَ) أَيْ أَهْلَ الْإِفْتَاءِ الْعُدُولَ وَلَوْ عَبِيدًا وَنِسَاءً. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَخْ) أَيْ لَا يُعَامِلَ مُطْلَقًا إلَّا لِأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ عَامَلَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يُحَابِيَ) فَإِنْ وَقَعَتْ الْمُحَابَاةُ حُرِّمَ الْعَقْدُ وَحُرِّمَ أَخْذُهَا قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَهْدَى) أَوْ أَضَافَ أَوْ وَقَفَ عَلَى عَيْنِهِ أَوْ نَذَرَ لَهُ، أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَلَوْ صَدَقَةً وَاجِبَةً. قَالَ شَيْخُنَا غَيْرُ الزَّكَاةِ فَرَاجِعْهُ. أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ وَفَّى عَنْهُ دَيْنًا عَلَيْهِ لَا بِشَرْطِ رُجُوعٍ لَكِنْ يَصِحُّ مَا ذُكِرَ، وَإِنْ حُرِّمَ.   [حاشية عميرة] حَاضِرًا بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ فَاغْتُفِرَ ذَلِكَ هُنَا وَغَلَبَ فِيهِ مَعْنَى الرِّوَايَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُغَلَّبُ فِي الْمُتَرْجَمِ مَعْنَى الشَّهَادَةِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ وَالْحُرِّيَّةُ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ. فَائِدَةٌ: أُجْرَةُ الرَّسُولِ عَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْحُضُورِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ تَعْيِينُ الرَّسُولِ وَالْوَكِيلِ وَالْكَاتِبِ إلَى صَاحِبِ الْحَقِّ دُونَ الْقَاضِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَمَمٌ) أَيْ ثِقَلُ سَمْعٍ قَوْلُهُ: (مَعَ مَا بَعْدَهُ) أَيْ وَالْمُتَّجَهُ اشْتِرَاطُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فِيهِ جَزْمًا وَوَجْهٌ وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْحُرِّيَّةِ فِي الْمُسْمِعِ يُعْلَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ. قَوْلُهُ: (الْمَتْنُ وَسَجْنًا) لَوْ كَانَ مُسْتَأْجَرُ الْعَيْنِ عَلَى عَمَلٍ لَا يُمْكِنُ فِي الْحَبْسِ امْتَنَعَ حَبْسُهُ، وَلَوْ امْتَنَعَ الشَّخْصُ مِنْ الْأَدَاءِ وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ فَهَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يَبِيعَ أَمْ لَا وَجْهَانِ وَحَكَى فِي الرَّوْضَةِ فِي الْمُفْلِسِ عَنْ الْأَصْحَابِ التَّخْيِيرَ وَالْمَرِيضَ وَالْمُخَدَّرَةَ وَابْنَ السَّبِيلَ، نَقَلَ الرَّافِعِيُّ لَا يُحْبَسُونَ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّمَتُّعِ بِزَوْجَتِهِ إنْ رَآهُ الْقَاضِي وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِذَلِكَ فِي مُحَادِثَةِ الصَّدِيقِ أَيْضًا. فَائِدَةٌ: أُجْرَةُ الْحَبْسِ عَلَى الْمَسْجُونِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَنْفَقْت إلَخْ) هُوَ يَفْهَمُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالِاتِّخَاذِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي حَالِ غَصْبٍ) أَيْ وَيَنْفُذُ لِقِصَّةِ الزُّبَيْرِ الْمَشْهُورَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْفُقَهَاءَ) أَيْ وَلَوْ أَدْوَنَ مِنْهُ بِدَلِيلٍ اسْتِشَارَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَمُشَاوَرَتُهُمْ إلَخْ) رَوَى أَبُو دَاوُد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 303 لِأَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَدْعُو إلَى قَوْلٍ إلَيْهِ وَفِي الثَّانِيَةِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ سَبَبُهَا الْعَمَلُ ظَاهِرًا وَلَا تَحْرُمُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. (وَإِنْ كَانَ يُهْدِي) قَبْلَ وِلَايَتِهِ (وَلَا خُصُومَةَ) لَهُ (جَازَ) قَبُولُهَا إذَا كَانَتْ (بِقَدْرِ الْعَادَةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُثِيبَ عَلَيْهَا) فَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْعَادَةِ حَرُمَ قَبُولُهَا. . (وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) أَيْ الْقَاضِي (لِنَفْسِهِ وَرَقِيقِهِ وَشَرِيكِهِ فِي الْمُشْتَرِكِ وَكَذَا أَصْلُهُ وَفَرْعُهُ) ، وَرَقِيقُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَشَرِيكُهُ فِي الْمُشْتَرِكِ (عَلَى الصَّحِيحِ) ، وَالثَّانِي يَنْفُذُ حُكْمُهُ لَهُمْ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يَنْفُذُ بِعِلْمِهِ قَطْعًا، وَيَنْفُذُ حُكْمُهُ عَلَى الْمَذْكُورِينَ مَعَهُ (وَيَحْكُمُ لَهُ وَلِهَؤُلَاءِ) إذَا وَقَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ خُصُومَةٌ. (الْإِمَامُ أَوْ قَاضٍ آخَرُ وَكَذَا نَائِبُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يُنْزِلُهُ مَنْزِلَتَهُ. . (وَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ نَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي وَسَأَلَ الْقَاضِيَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهِ عِنْدَهُ، أَوْ يَمِينِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي بَعْدَ النُّكُولِ (أَوْ الْحُكْمِ بِمَا ثَبَتَ وَالْإِشْهَادُ بِهِ لَزِمَهُ) مَا ذَكَرَ (أَوْ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ) فِي قِرْطَاسٍ أَحْضَرَهُ (مَحْضَرًا بِمَا جَرَى مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ أَوْ سِجِلًّا بِمَا حَكَمَ)   [حاشية قليوبي] فَرْعٌ: الْإِهْدَاءُ لِلْمُفْتِي وَالْمُعَلِّمِ وَلَوْ لِقُرْآنٍ وَالْوَاعِظُ يُنْدَبُ قَبُولُهُ إنْ كَانَ لِمَحْضِ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا فَالْأَوْلَى عَدَمُهُ بَلْ يَحْرُمُ إنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ أَوْ إلَى بَيْتِهِ أَوْ مَحْجُورِهِ أَوْ نَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (خُصُومَةَ) وَلَوْ مَآلًا قَوْلُهُ: (حَرُمَ قَبُولُهَا) : وَلَا يَمْلِكُهَا وَيَحْرُمُ الْإِهْدَاءُ وَنَحْوُهُ مِمَّا مَرَّ عَلَى فَاعِلِهِ إلَّا لِأَجْلِ الْحُكْمِ بِالْحَقِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَحْرُمُ إلَخْ) مَا لَمْ تَكُنْ مُقَدَّمَةً لِخُصُومَةِ كَمَا عُلِمَ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُثِيبَ) أَوْ يَرُدَّهَا أَوْ يَجْعَلَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (حَرُمَ قَبُولُهَا) أَيْ جَمِيعِهَا إلَّا أَنْ يُمْكِنَ فَصْلُ الزَّائِدِ وَرَدُّهُ. قَوْلُهُ: (لِنَفْسِهِ) أَمَّا عَلَى نَفْسِهِ فَإِقْرَارٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَيَصِحُّ حُكْمُهُ لِمَحْجُورِهِ وَإِنْ كَانَ وَصِيًّا عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَإِنْ تَضَمَّنَ اسْتِيلَاءَهُ عَلَى الْمَالِ وَكَذَا بِإِثْبَاتِ وَقْفِ شَرْطٍ نَظَرُهُ لِقَاضٍ وَجَدَ وَصْفَهُ فِيهِ، وَإِنْ تَضَمَّنَ وَضْعَ يَدِهِ عَلَيْهِ وَبِإِثْبَاتِ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ يَرْزُقُ مِنْهُ لَا بِمَا أَجَرَّهُ هُوَ أَوْ مَأْذُونُهُ مِنْ وَقْفٍ عَلَى مَدْرَسَةٍ هُوَ مُدَرِّسُهَا مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَسَأَلَ) فَلَوْ لَمْ يَسْأَلْ لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْحُكْمُ لَهُ قَبْلَ سُؤَالِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَمِينِهِ) أَوْ قَبُولِ بَيِّنَةٍ أَقَامَهَا. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ مَا ذَكَرَ) وَكَذَا لَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَسَأَلَ الْقَاضِيَ الْإِشْهَادَ لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ فَلَا يُطَالِبُهُ مَرَّةً أُخْرَى. تَنْبِيهٌ: صِيغَةُ الْحُكْمِ حَكَمْت لَهُ بِكَذَا، أَوْ قَضَيْت لَهُ بِهِ أَوْ أَلْزَمْته الْحَقَّ وَمَا صَحَّ عِنْدِي كَذَا بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ، فَلَهُوَ لَيْسَ يَحْكُمُ بِالْحَقِّ بَلْ تَعْدِيلٌ لِلْبَيِّنَةِ وَكَذَا ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا لَيْسَ بِحُكْمٍ أَيْضًا إلَّا فِي نَحْوِ وَقْفٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ. فَائِدَةٌ: الْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ يَلْزَمُهُ الصِّحَّةُ وَيَتَنَاوَلُ الْآثَارَ الْمَوْجُودَةَ وَالتَّابِعَةَ، وَالْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ يَتَنَاوَلُ الْمَوْجُودَةَ فَقَطْ، وَلَكِنَّهُ أَقْوَى مِنْ حَيْثُ اسْتِلْزَامُهُ الْمِلْكَ وَقَدْ ذَكَرَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ فِي مُؤَلَّفٍ لَهُ. وَنَحْنُ نَذْكُرُ حَاصِلَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَوَائِدِ الْجَلِيلَةِ وَنَذْكُرُ مَا خُولِفَ فِيهِ فِي أَثْنَائِهِ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ فَنَقُولُ الْآثَارُ الْمُتَرَتِّبَةُ إنْ كَانَتْ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا فَأَمْرُهَا وَاضِحٌ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ، وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهَا فَشَرْطُ صِحَّةِ الْحُكْمِ بِهَا وَمَنْعُ الْمُخَالِفِ مِنْ نَقْضِهَا أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ وَقْتُهَا كَمَا لَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِمُوجِبِ التَّدْبِيرِ وَمِنْ مُوجِبِهِ مَنْعُ بَيْعِهِ عِنْدَهُ فَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَأْذَنَ فِي بَيْعِهِ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا حِينَ الْحُكْمِ فَهُوَ إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ مِنْهُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ إنْسَانٌ طَلَاقَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَلَى نِكَاحِهِ لَهَا وَحُكْمُ مَالِكِيٍّ بِمُوجِبِهِ، فَإِذَا عَقَدَ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ عَلَيْهَا كَانَ لِلشَّافِعِيِّ الْحُكْمُ بِاسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مُعَلَّقٌ عَلَى سَبَبٍ لَمْ يُوجَدْ حَالَ الْحُكْمِ، فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ قَالَ حَكَمْت بِصِحَّةِ بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ إذَا بِيعَ أَوْ بِطَلَاقِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، وَهَذَا جَهْلٌ أَوْ سَفَهٌ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا اعْتِمَادُ خِلَافِ هَذَا وَالرَّدُّ عَلَى الْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ فِيهِ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وَلِي بِهِمْ أُسْوَةٌ وَمِنْهُ مَا لَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِمُوجَبِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ فَلِلْحَنَفِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِفَسْخِهِ لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِ الْفَسْخِ حَالَةَ حُكْمِهِ وَقَدْ يَسْتَوِي الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ، وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ كَمَا لَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ أَوْ بِالْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ، وَكَمَا لَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِإِجَارَةِ الْجُزْءِ الشَّائِعِ مِنْ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ وَقَدْ يَفْتَرِقَانِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّدْبِيرِ السَّابِقَةِ، فَلِلشَّافِعِيِّ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ إنْ حَكَمَ الْحَنَفِيُّ بِالصِّحَّةِ لَا إنْ حَكَمَ بِالْمُوجَبِ، وَكَمَا لَوْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِبَيْعِ دَارٍ لَهَا جَارٌ فَلِلْحَنَفِيِّ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الشُّفْعَةِ لَلْجَارَانِ حُكْمُ الشَّافِعِيِّ بِالصِّحَّةِ لَا إنْ حَكَمَ بِالْمُوجَبِ لِأَنَّ لِلِاسْتِمْرَارِ وَالدَّوَامِ وَمِنْهُ مَا لَوْ حَكَمَ مَالِكِيٌّ فِي الْقَرْضِ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الشَّافِعِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِالرُّجُوعِ فِي عَيْنِهِ إنْ حَكَمَ بِالْمُوجَبِ، لَا إنْ حَكَمَ بِالصِّحَّةِ وَمِنْهُ مَا لَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ فِي الرَّهْنِ فَلِلْمَالِكِيِّ الْحُكْمُ بِفَسْخِهِ بِنَحْوِ عِتْقِ الرَّاهِنِ مَثَلًا إنْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِالصِّحَّةِ لَا إنْ حَكَمَ بِالْمُوجَبِ لِأَنَّ مُوجَبَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ اسْتِمْرَارُهُ وَمَنْ أَرَادَ الْمَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُرَاجِعْ أَصْلَهُ وَغَيْرَهُ مِنْ مَحَلِّهِ.   [حاشية عميرة] «الْمُسْتَشِيرُ مُعَانٌ وَالْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ» . . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا أَصْلُهُ وَفَرْعُهُ) أَيْ حَتَّى فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ وَيَجُوزُ لِزَوْجَتِهِ وَصَدِيقِهِ وَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ أَنْ يُحَلِّفَ ابْنَهُ عَلَى خُلُوِّ ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَكَمًا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَنْفُذُ إلَخْ) . لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْقَضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ وَلِأَنَّهُ أَسِيرُ الْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ لَهُمَا، وَلَوْ حَكَمَ لِوَلَدِهِ عَلَى وَلَدِهِ اُمْتُنِعَ أَيْضًا. وَقِيلَ يَجُوزُ كَالْبَيْعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَصُّ الْكِتَابِ) الْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ الظَّاهِرَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 304 بِهِ (اسْتَحَبَّ إجَابَتَهُ وَقِيلَ تَجِبُ) كَالْإِشْهَادِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَثْبُتُ حَقًّا بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ. (وَيُسْتَحَبُّ نُسْخَتَانِ إحْدَاهُمَا لَهُ وَالْأُخْرَى تُحْفَظُ فِي دِيوَانِ الْحُكْمِ) وَيُكْتَبُ عَلَى رَأْسِهَا اسْمُ الْخَصْمَيْنِ. . (وَإِذَا حَكَمَ) الْقَاضِي (بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ بَانَ) حُكْمُهُ (خِلَافَ نَصِّ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ أَوْ نَقَضَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ لَا) قِيَاسٌ (خَفِيٍّ) فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ الْمُخَالِفُ لَهُ وَمِنْ الْجَلِيِّ قِيَاسُ الضَّرْبِ عَلَى التَّأْفِيفِ لِلْوَالِدَيْنِ، فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] بِجَامِعِ الْإِيذَاءِ، وَمِنْ الْخَفِيِّ قِيَاسُ الْأُرْزِ عَلَى الْبُرِّ فِي بَابِ الرِّبَا بِعِلَّةِ الطَّعْمِ (وَالْقَضَاءُ) فِيمَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ (يَنْفُذُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا) فَلَوْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ زُورٍ بِظَاهِرِي الْعَدَالَةِ لَمْ يَحْصُلْ بِحُكْمِهِ الْحِلُّ بَاطِنًا سَوَاءٌ الْمَالُ وَالنِّكَاحُ وَغَيْرُهُمَا. وَمَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ كَظَاهِرِهِ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ يَنْفُذُ الْقَضَاءُ فِيهِ بَاطِنًا أَيْضًا وَكَذَا فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَالْأَصَحُّ عِنْدَ جَمَاعَةٍ وَالثَّانِي لَا وَالثَّالِثُ يَنْفُذُ بَاطِنًا لِمُعْتَقِدِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِمَا لَا يَحِلُّ لِلشَّافِعِيِّ الْأَخْذُ بِحُكْمِ الْحَنَفِيِّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ. . (وَلَا يَقْضِي) الْقَاضِي (بِخِلَافِ عِلْمِهِ بِالْإِجْمَاعِ) ، كَأَنْ عَلِمَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّا ادَّعَاهُ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَتَلَهُ وَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ حَيٌّ فَلَا يَقْضِي بِالْبَيِّنَةِ فِيمَا ذَكَرَ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَقْضِي بِعِلْمِهِ) كَأَنْ رَأَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اقْتَرَضَ مِنْ الْمُدَّعِي مَا ادَّعَى بِهِ أَوْ سَمِعَهُ يُقِرُّ بِهِ وَأَنْكَرَ هُوَ ذَلِكَ فَيَقْضِي بِهِ عَلَيْهِ مُصَرِّحًا بِأَنَّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ، وَالثَّانِي عَلَّلَ بِأَنَّ فِيهِ تُهْمَةً (إلَّا فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى) لِنَدْبِ السَّتْرِ فِي أَسْبَابِهَا وَشَمِلَ غَيْرُ الْمُسْتَثْنِي الْقِصَاصَ وَحَدَّ الْقَاذِفِ فَيَقْضِي فِيهَا بِعِلْمِهِ كَالْمَالِ وَفِي قَوْلٍ لَا؛ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ يَسْعَى فِي دَفْعِهَا وَلَا يُوَسَّعُ فِيهَا. (وَلَوْ رَأَى وَرَقَةً فِيهَا حُكْمُهُ أَوْ شَهَادَتُهُ أَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّك حَكَمْت أَوْ شَهِدْت بِهَذَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ حَتَّى يَتَذَكَّرَ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (اُسْتُحِبَّ إجَابَتُهُ) نَعَمْ يَجِبُ التَّسْجِيلُ جَزْمًا فِي حُكُومَةٍ لِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ غَائِبٍ لَهُمْ أَوْ عَلَيْهِمْ وَيُنْدَبُ لِلْقَاضِي إذَا أَرَادَ الْحُكْمَ أَنْ يُعْلِمَ الْخَصْمَ أَنَّ الْحُكْمَ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لِلْقَلْبِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَى الْمَيِّتِ بِإِقْرَارِهِ حَيًّا عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (نُسْخَتَانِ) اُنْظُرْ قِرْطَاسُ النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ، وَأُجْرَةُ كِتَابَتِهَا عَلَى مَنْ. قَوْلُهُ: (أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ) أَوْ خِلَافِ نَصِّ مُقَلِّدِهِ. قَوْلُهُ: (نَقْضُهُ) بِقَوْلِهِ نَقَضْته أَوْ أَبْطَلْته وَهَذَا الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِأَنْ لَا حُكْمَ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ، وَأَبْدَى بَعْضُهُمْ لَهُ فَوَائِدَ مِنْهَا الزَّوَائِدُ الْحَاصِلَةُ قَبْلَ النَّقْضِ فَهِيَ عَلَى النَّقْضِ لِلثَّانِي، وَعَلَى تَبَيُّنِ الْبُطْلَانِ لِلْأَوَّلِ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. وَيُنْدَبُ التَّسْجِيلُ بِالنَّقْضِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ مُسَجَّلًا وَإِلَّا وَجَبَ. قَوْلُهُ: (لَا بَاطِنًا) خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَالنِّكَاحُ) فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ عَلَى الزَّوْجِ الْمَحْكُومِ لَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِمَا لَا يَحِلُّ إلَخْ) وَعَلَى الْأَوَّلِ الْمُعْتَمَدُ يَحِلُّ مَا ذُكِرَ وَلَهُ الدَّعْوَى بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْلِيدٍ. نَعَمْ لَوْ قَضَى قَاضٍ بِصِحَّةِ نِكَاحِ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَالْعِدَّةُ أَوْ نَفْيُ خِيَارِ مَجْلِسٍ أَوْ نَفْيُ بَيْعِ الْعَرَايَا أَوْ مَنْعُ الْقِصَاصِ فِي الْمُثْقَلِ أَوْ صِحَّةُ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ. أَوْ صِحَّةُ نِكَاحِ الشِّغَارِ أَوْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ أَوْ حُرْمَةِ الرَّضَاعِ بَعْدَ حَوْلَيْنِ أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ بِذِمِّيٍّ، أَوْ تَوَارُثٌ بَيْنَ كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ أَوْ بِاسْتِحْسَانٍ فَاسِدٍ اسْتِنَادًا لِعَادَةِ النَّاسِ، بِلَا دَلِيلٍ نَقَضَ قَضَاؤُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَهُ شَيْخُنَا كَوَالِدِهِ. فَرْعٌ: قَالَ خَصْمَانِ لِقَاضٍ حَكَمَ بَيْنَنَا فُلَانٌ بِكَذَا فَأَنْقِضْهُ وَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِخِلَافِهِ لَمْ يُجِبْهُمْ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ يُنْقَضُ بِمِثْلِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْضِي) أَيْ يَحْرُمُ وَلَا يَنْفُذُ عَلَى الرَّاجِحِ فِي الْمُجْتَهِدِ وَقَطْعًا فِي غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ عِلْمِهِ) وَلَوْ بِالظَّنِّ وَلَا بِعِلْمِهِ الْمُخَالِفِ لِلْبَيِّنَةِ فَيَتَوَقَّفُ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَقْضِي بِعِلْمِهِ) إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا وَإِلَّا فَلَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ قَطْعًا بَلْ الْبَيِّنَةُ الْمُخَالِفَةُ لَهُ. قَوْلُهُ: (فَيَقْضِي بِهِ عَلَيْهِ مُصَرَّحًا بِأَنَّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ) فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَوْلُهُ: (إلَّا فِي حُدُودِ اللَّهِ) وَكَذَا تَعْزِيرٌ قَوْلُهُ: (شَاهِدَانِ) أَوْ أَكْثَرُ مَا لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا.   [حاشية عميرة] وَقَوْلُهُ السُّنَّةُ أَيْ وَلَوْ آحَادًا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ الْإِجْمَاعُ) النَّقْضُ بِمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ بِالْإِجْمَاعِ وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُ كَتَبَ عُمَرُ إلَى أَبِي مُوسَى لَا يَمْنَعُكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ بِالْأَمْسِ، ثُمَّ رَجَعْت فِي نَفْسِك وَهُدِيتَ لِرُشْدِك أَنْ تَنْقُضَهُ فَإِنَّ الْحَقَّ لَا يُنْقَضُ وَالرُّجُوعُ إلَى الْحَقِّ خَيْرٌ مِنْ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَقَضَهُ) يَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْجِيلُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ قَدْ سَجَّلَ بِالْحُكْمِ وَإِلَّا فَيُسَنُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا بَاطِنًا) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ نَفَّذَهُ بَاطِنًا وَأَبَاحَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ الْوَطْءَ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ جَمَاعَةٍ) مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ عَنْ الْجُمْهُورِ وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ يَحِلُّ لِلشَّافِعِيِّ الْأَخْذُ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ إذَا حَكَمَ الْحَنَفِيُّ لَكِنْ وَقَعَ لِلرَّافِعِيِّ هُنَا أَنَّهُ قَالَ إنْ قُلْنَا الْمُصِيبُ وَاحِدٌ لَمْ يَنْفُذْ بَاطِنًا وَإِلَّا نَفَذَ. تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ النُّفُوذِ الْأَحْكَامُ الَّتِي لَا تُنْقَضُ أَشَارَ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ النُّفُوذُ سَوَاءٌ الَّذِي يُنْقَضُ وَاَلَّذِي لَا يُنْقَضُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمَتْنُ بِخِلَافِ عِلْمِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْيَقِينُ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ، قِيلَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ بِمَا يَعْلَمُ خِلَافَهُ لِأَنَّهُ إذَا شَهِدَتْ عِنْدَهُ الْبَيِّنَةُ بِشَيْءٍ لَمْ يَعْلَمْهُ يَحْكُمُ بِهَا، وَيُصَدَّقُ أَنَّهُ قَضَى بِخِلَافِ عِلْمِهِ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ فِي هَذِهِ إنَّمَا يَقْضِي بِمَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ لَا بِصِدْقِهِمْ فَلَمْ يَقْضِ بِخِلَافِ عِلْمِهِ، وَلَا بِمَا يَعْلَمُ خِلَافَهُ فَالْعِبَارَتَانِ مُسْتَوِيَتَانِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَقْضِي إلَخْ) أَيْ وَلَا يَقْضِي بِخِلَافِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنَّهُ يَقْضِي بِعِلْمِهِ) تَوَقَّفَ جَمَاعَةٌ فِي الْفَاسِقِ الَّذِي نُفِّذَتْ أَحْكَامُهُ لِلضَّرُورَةِ وَوَجْهُ التَّوَقُّفِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا فِي حُدُودِ اللَّهِ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ اسْتِثْنَاءَ الرِّدَّةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُعْمَلْ بِهِ) أَيْ بِخِلَافِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 305 لِإِمْكَانِ التَّزْوِيرِ وَمُشَابَهَةِ الْخَطِّ. (وَفِيهِمَا) أَيْ الْعَمَلِ وَالشَّهَادَةِ (وَجْهٌ فِي وَرَقَةٍ مَصُونَةٍ عِنْدَهُمَا) أَيْ عِنْدَ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ الْعَمَلُ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ الشَّهَادَةُ لِلصِّيَانَةِ وَالْوُثُوقِ. . (وَلَهُ الْحَلِفُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ حَقٍّ أَوْ أَدَائِهِ اعْتِقَادًا عَلَى خَطِّ مُورِثِهِ إذَا وَثِقَ بِخَطِّهِ وَأَمَانَتِهِ) نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْأَصْحَابِ وَفِيهِمَا عَنْ الشَّامِلِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى ذَلِكَ اعْتِمَادًا عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ حَتَّى يَتَذَكَّرَ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الدَّعَاوَى جَوَازُ الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ يَعْتَمِدُ خَطَّهُ أَوْ خَطَّ أَبِيهِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا نَحْوُهُ. (وَالصَّحِيحُ جَوَازُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ بِخَطٍّ مَحْفُوظٍ عِنْدَهُ) وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْعُلَمَاءِ سَلَفًا وَخَلَفًا وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالشَّهَادَةِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِالتَّوْسِعَةِ فِي الرِّوَايَةِ. فَصْلٌ (لِيُسَوِّ) الْقَاضِي وُجُوبًا وَقِيلَ اسْتِحْبَابًا (بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي دُخُولٍ عَلَيْهِ) بِأَنْ يَأْذَنَ لَهُمَا فِيهِ (وَقِيَامٍ لَهُمَا) وَنَظَرٍ إلَيْهِمَا (وَاسْتِمَاعٍ) لِكَلَامِهِمَا (وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ) لَهُمَا (وَجَوَابِ سَلَامٍ) مِنْهُمَا (وَمَجْلِسٍ) بِأَنْ يُجْلِسَهُمَا إنْ كَانَا شَرِيفَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَنْ شِمَالِهِ، وَكَذَا سَائِرُ أَنْوَاعِ الْإِكْرَامِ فَلَا يَخُصُّ أَحَدَهُمَا بِشَيْءٍ مِنْهَا. (وَالْأَصَحُّ رَفْعُ مُسْلِمٍ عَلَى ذِمِّيٍّ فِيهِ) أَيْ الْمَجْلِسِ بِأَنْ يَجْلِسَ الْمُسْلِمُ أَقْرَبَ إلَى الْقَاضِي كَمَا جَلَسَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِجَنْبِ شُرَيْحٍ فِي خُصُومَةٍ لَهُ مَعَ يَهُودِيٍّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَالثَّانِي يُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِيهِ وَيُشْبِهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنْ يَجْرِيَ الْخِلَافُ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْوُجُوبُ وَالِاسْتِحْبَابُ السَّابِقَانِ. . (وَإِذَا جَلَسَا) بَيْنَ يَدَيْهِ مَثَلًا (فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ) حَتَّى يَتَكَلَّمَا (وَ) لَهُ (أَنْ يَقُولَ لِيَتَكَلَّمْ الْمُدَّعِي) مِنْكُمَا (فَإِذَا ادَّعَى طَالِبُ خَصْمِهِ بِالْجَوَابِ فَإِنْ أَقَرَّ فَذَاكَ) ظَاهِرٌ (وَإِنْ أَنْكَرَ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي أَلَك بَيِّنَةٌ وَأَنْ يَسْكُتَ فَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ وَأُرِيدُ تَحْلِيفَهُ فَلَهُ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ قَدْ يَحْلِفُ وَيُقِرُّ فَيَسْتَغْنِي الْمُدَّعِي عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ حَلَفَ أَقَامَهَا وَأَظْهَرَ كَذِبَهُ فَلَهُ فِي طَلَبِ تَحْلِيفِهِ غَرَضٌ (أَوْ) قَالَ (لَا بَيِّنَةَ لِي) أَوْ زَادَ عَلَيْهِ لَا حَاضِرَةً وَلَا غَائِبَةً وَحَلَّفَهُ (ثُمَّ أَحْضَرَهَا قُبِلَتْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَعْرِفْ لَهُ بَيِّنَةً أَوْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (حَتَّى يَتَذَكَّرَ) مَا حَكَمَ بِهِ أَوْ شَهِدَ بِهِ وَلَا يَكْفِي تَذَكُّرُ أَنَّهُ خَطُّهُ. قَوْلُهُ: (مُورِثِهِ) أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ شَرِيكِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِمَا عَنْ الشَّامِلِ إلَخْ) مَرْجُوحٌ قَوْلُهُ: (جَوَازُ الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ) مُعْتَمَدٌ قَوْلُهُ: (جَوَازُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ) وَالْعَمَلِ بِالْفَتْوَى. قَوْلُهُ: (بِخَطٍّ مَحْفُوظٍ) أَوْ إخْبَارِ عَدْلٍ. قَوْلُهُ: (عِنْدَهُ) أَوْ عِنْدَ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ، قِرَاءَةً وَلَا سَمَاعًا وَلَا إجَازَةً لِلتَّوَسُّعِ فِي ذَلِكَ. فَصْلٌ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ مَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ مِنْ التَّسْوِيَةِ مِنْ الْخَصْمَيْنِ وَمَا يَتْبَعُهَا. قَوْلُهُ: (الْخَصْمَيْنِ) مُثَنَّى خَصْمٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ، وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَجَمْعُهُ خُصُومٌ وَمِنْ الْعَرَبِ مَنْ يُطْلِقُ الْخَصْمَ عَلَى الْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ وَالْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَالْخَصِمُ بِكَسْرِ الصَّادِ الشَّدِيدِ الْخُصُومَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا الْمُتَخَاصِمَانِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِالْوَكَالَةِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَلَا يُعْتَبَرُ الْمُوَكِّلُ وَلَا مَجْلِسُهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيَامٍ لَهُمَا) فَلَوْ قَامَ لِأَحَدِهِمَا لِظَنِّهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاصِمٍ فَبَانَ أَنَّهُ مُخَاصِمٌ قَامَ لِلْآخَرِ أَوْ اعْتَذَرَ لَهُ أَوْ يَقُولُ قَصَدْت الْقِيَامَ لَكُمَا إنْ أَمْكَنَ. قَوْلُهُ: (وَيُشْبِهُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْوُجُوبُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْضًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مُخَالَفَتُهُ. قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ وَفِي حُرْمَةِ نَحْوَ الْحَدِيثِ وَطَلَاقَةِ الْوَجْهِ تَوَقُّفٌ، وَيَسْقُطُ جَوَابُ السَّلَامِ مِنْ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الثَّانِي، وَيُغْتَفَرُ طُولُ الْفَصْلِ بَعْدَ الْأَوَّلِ إذَا سَلَّمَ الثَّانِي، وَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مُسْلِمٍ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُ أَجَابَهُ حَالًا تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ وَهَلْ يَسْقُطُ جَوَابُ الْكَافِرِ فِيهِمَا نَظَرًا لِلرَّفْعِ الْمَذْكُورِ أَوْ يَكْفِي عَدَمُ التَّوَقُّفِ فِي الرَّدِّ عَلَى سَلَامِهِ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِيَتَكَلَّمَ الْمُدَّعِي مِنْكُمَا) فَإِنْ عَرَفَهُ قَالَ لَهُ تَكَلَّمْ. قَوْلُهُ: (طَالِبُ) جَوَازًا قَبْلَ طَلَبِ خَصْمِهِ وَوُجُوبًا إنْ طَلَبَ. قَوْلُهُ: (فَذَاكَ ظَاهِرٌ) أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ إلَّا فِي إقْرَارٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ. قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ، وَلَهُ الدَّفْعُ عَنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ لِعَوْدِ النَّفْعِ لَهُمَا وَلَهُ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ إنْ ظَنَّ قَبُولَهُ لَا عَنْ حَيَاءٍ أَوْ خَوْفٍ وَإِلَّا أَثِمَ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَسْكُتَ) وَهُوَ أَوْلَى إلَّا إنْ عَلِمَ جَهْلَهُ فَيَجِبُ إعْلَامُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ ذَلِكَ) إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَصَرِّفًا عَنْ نَفْسِهِ وَإِلَّا كَوَكِيلٍ أَوْ وَلِيٍّ تَعَيَّنَتْ الْبَيِّنَةُ قَوْلُهُ: (وَأَظْهَرَ كَذِبَهُ) أَيْ فِي الْوَاقِعِ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَاذِبًا لِغَلَبَةِ ظَنٍّ أَوْ نِسْيَانٍ وَلِذَلِكَ لَا يُعَزَّرُ خِلَافًا لِمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْقُضَاةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ زَادَ عَلَيْهِ لَا حَاضِرَةٍ وَلَا غَائِبَةٍ) أَوْ كُلُّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا زُورًا، وَكَاذِبَةً فَإِنْ قَالَ بَيِّنَتِي عَبِيدٌ أَوْ فَسَقَةٌ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً كَامِلَةً فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ اسْتِبْرَاءٍ أَوْ عِتْقٍ، أَوْ قَالَ هَؤُلَاءِ غَيْرُهُمْ وَاعْتَذَرَ بِنِسْيَانِهِمْ أَوْ جَهْلِهِ بِهِمْ قُبِلَتْ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ   [حاشية عميرة] غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالْحُكْمِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ الْأَوَّلُ بِالْإِنْكَارِ. قَوْلُهُ: (الْحَلِفُ إلَخْ) احْتَجَّ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عَلَى جَوَازِ الْيَمِينِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِحَلِفِ عُمَرَ فِي شَأْنِ ابْنِ صَيَّادٍ بِحُضُورِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (عَنْ الشَّامِلِ إلَخْ) . الْفَرْقُ عَلَى هَذَا أَنَّ التَّذَكُّرَ مُمْكِنٌ فِي خَطِّ نَفْسِهِ، وَلَوْ رَأَى خَطَّ وَكِيلِهِ أَوْ شَرِيكِهِ أَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ وَوَثِقَ بِهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ جَازَ لَهُ الْحَلِفُ. . [فَصْلٌ تَسْوِيَة الْقَاضِي بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي الدُّخُول عَلَيْهِ] فَصْلٌ لِيُسَوِّ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُسَوِّي بَيْنَهُمَا) أَيْ لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِالتَّسْوِيَةِ فِي غَيْرِهِ. . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يَقُولَ) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَتَضَمَّنُ سُؤَالَ الْمُدَّعِي طَلَبَ الْجَوَابِ قَوْلُهُ: (أَوْ نَسِيَ إلَخْ) لَوْ زَادَ عَدَمُ التَّمَسُّكِ بِنِسْيَانٍ وَلَا غَلَطٍ فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (شُدُّوا الرِّحَالَ) تَفْسِيرٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 306 نَسِيَ ثُمَّ عَرَفَ أَوْ تَذَكَّرَ وَالثَّانِي لَا يَقْبَلُ لِلْمُنَاقَضَةِ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ لِكَلَامِهِ تَأْوِيلًا بِمَا ذَكَرَ مِنْ جَهْلٍ أَوْ نِسْيَانٍ وَإِنْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي حَاضِرَةً وَحَلَّفَهُ ثُمَّ أَحْضَرَهَا قُبِلَتْ جَزْمًا فَلَعَلَّهَا حَضَرَتْ وَجَزَمَ الْبَغَوِيّ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ بِالْقَبُولِ وَحَكَى الْغَزَالِيُّ فِيهَا الْوَجْهَيْنِ. . (وَإِذَا ازْدَحَمَ خُصُومٌ) مُدَّعُونَ (قَدَّمَ الْأَسْبَقَ) فَالْأَسْبَقُ مِنْهُمْ (فَإِنْ جَهِلَ) الْأَسْبَقَ (أَوْ جَاءُوا مَعًا أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ وَقَدَّمَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ ذَكَرَ فِي قَوْلِهِ. . (وَيُقَدَّمُ مُسَافِرُونَ مُسْتَوْفِزُونَ) شَدُّوا الرِّحَالَ لِيَخْرُجُوا مَعَ رُفْقَتِهِمْ عَلَى مُقِيمِينَ (وَنِسْوَةٌ) عَلَى رِجَالٍ، (وَإِنْ تَأَخَّرُوا) أَيْ الْمُسَافِرُونَ وَالنِّسْوَةُ فِي الْمَجِيءِ إلَى الْقَاضِي (مَا لَمْ يَكْثُرُوا) وَيَنْبَغِي كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَ كَوْنِهِمْ مُدَّعِينَ وَمُدَّعًى عَلَيْهِمْ وَتَقْدِيمُهُمْ جَائِزٌ رُخْصَةً وَقِيلَ وَاجِبٌ، وَاخْتَارَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فَإِنْ كَثُرُوا أَوْ كَانَ الْجَمِيعُ مُسَافِرِينَ أَوْ نِسْوَةً فَالتَّقْدِيمُ بِالسَّبْقِ أَوْ الْقُرْعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. . (وَلَا يُقَدَّمُ سَابِقٌ وَقَارِعٌ إلَّا بِدَعْوَى) وَاحِدَةٍ لِئَلَّا يَطُولَ عَلَى الْبَاقِينَ وَيَلْحَقُ بِهِمَا الْمُسَافِرُ فِي احْتِمَالٍ لِلرَّافِعِيِّ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَدِّمَ بِجَمِيعِ دَعَاوِيهِ وَهُوَ الْأَرْجَحُ فِي الرَّوْضَةِ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْبَاقِينَ إضْرَارًا بَيِّنًا وَإِلَّا فَيُقَدِّمُ بِوَاحِدَةٍ. . (وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ شُهُودٍ مُعَيَّنِينَ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُمْ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ (وَإِذَا شَهِدَ) عِنْدَهُ (شُهُودٌ فَعَرَفَ) فِيهِمْ (عَدَالَةً أَوْ فِسْقًا عَمِلَ بِعِلْمِهِ) ، فِيهِمْ فَيَقْبَلُ مَنْ عَرَفَ عَدَالَتَهُ وَيَرُدُّ مَنْ عَرَفَ فِسْقَهُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ فِيهِمْ مَا ذَكَرَ (وَجَبَ الِاسْتِزْكَاءُ بِأَنْ يَكْتُبَ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الشَّاهِدُ وَالْمَشْهُودُ لَهُ وَعَلَيْهِ) مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالْحَرْفِ وَغَيْرِهَا (وَكَذَا قَدْرُ الدَّيْنِ) الْمَشْهُودِ بِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يَكْتُبُهُ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ لَا تَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ فَلَا تَتَجَزَّأُ، وَالْأَوَّلُ قَالَ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ ذَلِكَ ذِكْرُ الْمَالِ أَطْيَبُ لِقَلْبِ الْمُزَكِّي وَكَثِيرُهُ أَجْدَرُ بِالِاحْتِيَاطِ. . (وَيَبْعَثُ بِهِ) أَيْ بِمَا يَكْتُبُهُ (مُزَكِّيًا) ، يَبْحَثُ عَنْ حَالِ مَنْ ذَكَرَ فِي قَبُولِ الشَّاهِدِ فِي نَفْسِهِ وَهَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ   [حاشية قليوبي] أَنْكَرَ وَدِيعَةً ثُمَّ ادَّعَى رَدًّا أَوْ تَلَفًا قُبِلَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ رُبَّمَا إلَخْ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ اعْتِرَافُهُ بِعَدَمِ نِسْيَانٍ أَوْ جَهْلٍ. قَوْلُهُ: (وَجَزَمَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) فَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (مُدَّعُونَ) فَلَا يُعْتَبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) وُجُوبًا إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ إنْ حَضَرَ خَصْمُهُ، وَإِلَّا قُدِّمَ غَيْرُهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ تَقْدِيمُ الْمُسْلِمِ عَلَى غَيْرِهِ، مُطْلَقًا وُجُوبًا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَقْرَعَ) وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (مُسَافِرُونَ) وَلَوْ رِجَالًا عَلَى مُقِيمِينَ وَلَوْ نِسَاءً بِجَمِيعِ دَعَاوِيهِمْ. قَوْلُهُ: (وَنِسْوَةٌ عَلَى رِجَالٍ) اسْتَوَى الْكُلُّ سَفَرًا أَوْ إقَامَةً وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ وَتُقَدَّمُ شَابَّةٌ عَلَى عَجُوزٍ. قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَكْثُرُوا) أَيْ بِحَيْثُ يَحْصُلُ ضَرَرٌ لِغَيْرِهِمْ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يُفَرِّقَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْأَرْجَحُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ وَالتَّقْيِيدُ بِالدَّعْوَى الْوَاحِدَةِ فِيمَا إذَا كَانُوا ذُكُورًا وَاتَّفَقُوا سَفَرًا أَوْ إقَامَةً أَوْ إنَاثًا كَذَلِكَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكُلُّ ذَلِكَ فِي قَاضٍ يَلْزَمُهُ فَصْلُ الْخُصُومَةِ وَإِلَّا فَلَهُ تَقْدِيمُ مَنْ شَاءَ. فَرْعٌ: الِازْدِحَامُ عَلَى الْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ وَالْبَائِعِ وَنَحْوِهِمْ، كَالْقَاضِي سَوَاءٌ تَعَيَّنَ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِفْتَاءُ وَغَيْرُهُ فَرْضَ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ، أَوْ لَا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَإِلَيْهِ رَجَعَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ آخِرًا وَاعْتَمَدَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ شُهُودٍ مُعَيَّنِينَ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُمْ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُزَكِّيَ وَغَيْرَهُ كَذَلِكَ، وَعُلِمَ بِقَوْلِهِ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُمْ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَعْيِينُهُمْ مَعَ قَبُولِ غَيْرِهِمْ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَلَهُ تَعْيِينُ مَنْ يَكْتُبُ الْوَثَائِقَ إنْ رُزِقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَإِلَّا فَيَحْرُمُ لِأَدَائِهِ إلَى الْمُفَادَاةِ فِي الْأُجْرَةِ، وَلَا يَظْهَرُ التَّكَبُّرُ عَلَى الشُّهُودِ وَلَا الِاسْتِهْزَاءُ بِهِمْ وَلَا يَتَعَنَّتُ عَلَيْهِمْ فِي الْأَلْفَاظِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَإِذَا شَهِدَ) أَوْ زَكَّى قَوْلُهُ: (عَمِلَ بِعِلْمِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ قَاضِي ضَرُورَةٍ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ الِاسْتِزْكَاءُ) وَلِلْحَاكِمِ الْحَيْلُولَةُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ وَقَبْلَ التَّزْكِيَةِ، وَلَوْ بِغَيْرِ طَلَبِ الْمُدَّعِي إنْ رَآهُ وَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُهُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا فِي مُدَّتِهَا وَلِلْحَاكِمِ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ أَنْ يَحْكُمَ حَالًا، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ قَبْلَهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: " أَلَك دَافِعٌ " فَلَوْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ أَمْهَلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَا يَجِبُ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ وَلَا حَجْرٍ وَلَا حَبْسٍ قَبْلَ الْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَتَجَزَّأُ) أَيْ الْعَدَالَةُ كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ وَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ قَالَ لَا يَبْعُدُ اخْتِلَافُهَا بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مُزَكِّيًا) اثْنَيْنِ وَيُنْدَبُ كَوْنُ الْبَعْثِ سَوَاءً وَأَنْ لَا يَعْلَمَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَمَعَ كُلِّ وَرَقَةٍ مَخْتُومَةٍ، مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ صَاحِبُهُ. قَوْلُهُ: (يَبْحَثُ) مِنْ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ وَيُسَمَّى مُزَكِّيًا أَيْضًا كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ،   [حاشية عميرة] لِمُسْتَوْفِزُونَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِتَضْبِيبِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ شُهُودٍ) أَمَّا تَعْيِينُ مَنْ يَكْتُبُ الْوَثَائِقَ فَجَائِزٌ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَمِلَ بِعِلْمِهِ) خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ إذَا طَلَبَ الْخَصْمُ التَّزْكِيَةَ وَجَبَ وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي الْعَدَالَةَ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ أَصْلَهُ وَفَرْعَهُ فَلَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَتِهِمَا كَمَا لَا يُزَكِّيهِمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ الِاسْتِزْكَاءُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخَصْمُ. قَوْلُ: (الْمَتْنِ مُزَكِّيًا) هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ يَجْرَحُ وَيُزَكِّي وَلَكِنْ وُصِفَ بِأَحْسَنِ أَحْوَالِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُزَكِّيًا كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَصَوَابُهُ إلَى الْمُزَكِّي كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْمَسَائِلِ وَإِنْ سُمُّوا بِذَلِكَ فَالْمُزَكِّي هُوَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ كَمَا بَيَّنَهُ الْأَصْحَابُ، وَقَوْلُ الْمَتْنِ يُشَافِهُهُ الْمُزَكِّي قَالَ أَيْ يُشَافِهَ الْقَاضِيَ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ شَهَادَةُ الْمُزَكِّي وَإِنَّمَا أُرْسِلَ إلَيْهِ أَوَّلًا لِيُمَهِّدَ لَهُ الْأَمْرَ بِمَا كَتَبَهُ، وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَا يَجْرِي آخِرًا، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُمَا نَقَلَا عَنْ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ خِلَافًا لِأَبِي إِسْحَاقَ وَأَنَّ ابْنَ الصَّبَّاغِ اعْتَذَرَ عَنْ قَبُولِهَا، وَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ وَالْأَصْلُ حَاضِرٌ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ. قَالَ الْإِمَامُ وَلِئَلَّا يَشْتَهِرَ الْمُزَكُّونَ وَيَكْثُرُ تَرَدُّدُهُمْ، ثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ وَلِيَ صَاحِبُ الْمَسْأَلَةِ الْجُرْحَ وَالتَّعْدِيلَ فَحُكْمُ الْقَاضِي مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ وَإِنْ بَحَثَ وَشَهِدَ فَالْحُكْمُ أَيْضًا، مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدَدِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 307 مَا يَمْنَعُ شَهَادَتَهُ مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ. (ثُمَّ يُشَافِهُهُ الْمُزَكِّي بِمَا عِنْدَهُ وَقِيلَ تَكْفِي كِتَابَتُهُ لَهُ وَشَرْطُهُ كَشَاهِدٍ مَعَ مَعْرِفَتِهِ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ) أَيْ أَسْبَابِهِمَا لِأَنَّهُ يَشْهَدُ بِهِمَا. (وَخِبْرَةُ بَاطِنِ مَنْ يَعْدِلُهُ) أَوْ يَجْرَحُهُ (لِصُحْبَةٍ أَوْ جِوَارٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ) لِيَتَأَتَّى لَهُ التَّعْدِيلُ أَوْ الْجَرْحِ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ لَفْظِ شَهَادَةٍ) مِنْهُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ أَوْ غَيْرُ عَدْلٍ لِكَذَا وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُهَا (وَأَنَّهُ يَكْفِي هُوَ عَدْلٌ) مَعَ لَفْظِهَا (وَقِيلَ يَزِيدُ عَلَى وَلِيٍّ) وَهُوَ عَلَى الْأَوَّلِ تَأْكِيدٌ (وَيَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ الْجَرْحِ) لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ بِخِلَافِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ (وَيَعْتَمِدُ فِيهِ) أَيْ الْجَرْحِ (الْمُعَايَنَةَ أَوْ الِاسْتِفَاضَةَ وَيُقَدَّمُ عَلَى التَّعْدِيلِ) لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ. (فَإِنْ قَالَ الْمُعَدِّلُ عَرَفْت سَبَبَ الْجَرْحِ وَتَابَ مِنْهُ وَأَصْلَحَ قُدِّمَ) قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِ الْجَارِحِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي التَّعْدِيلِ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ عَدْلٌ وَقَدْ غَلِطَ) فِي شَهَادَتِهِ عَلَيَّ وَقِيلَ يَكْفِي فِي حَقِّهِ.   [حاشية قليوبي] وَيُسَمَّى الْأَوَّلَانِ صَاحِبَيْ مَسْأَلَةٍ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُشَافِهُهُ الْمُزَكِّي) أَيْ يُشَافِهُ الْمَبْعُوثُ الْحَاكِمُ الَّذِي أَرْسَلَهُ بِمَا سَمِعَهُ، مِنْ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ وَقِيلَ يُشَافِهُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ، بِمَا يَعْلَمُهُ الْمَبْعُوثُ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَالْمُزَكِّي الْأَوَّلُ فِي كَلَامِهِ هُوَ الْمَبْعُوثُ وَالثَّانِي هُوَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُوَافِقُهُ لَكِنْ يَبْعُدُ هَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي الْمَذْكُورُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْمُزَكِّي الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ وَشَرْطُ الْمَبْعُوثِ مِثْلُهُ فِي غَيْرِ خِبْرَةِ بَاطِنِهِ. قَوْلُهُ: (وَخِبْرَةَ بَاطِنٍ إلَخْ) أَيْ أَنْ يَكُونَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ خَبِيرًا بِبَاطِنِ مَنْ يَعْدِلُهُ أَوْ يَجْرَحُهُ، وَلَوْ بِاسْتِفَاضَةٍ مِمَّنْ يُخْبِرُهَا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا حَاجَةَ فِي الْجَرْحِ إلَى خِبْرَةِ الْبَاطِنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لِكَذَا) رَاجِعٌ إلَى غَيْرِ عَدْلٍ أَيْ أَنْ يَقُولَ هُوَ غَيْرُ عَدْلٍ لِأَنَّهُ مَجْرُوحٌ بِالْأَمْرِ الْفُلَانِيِّ مَثَلًا، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِكَذَا لَمْ يُقْبَلْ وَيَتَوَقَّفُ نَدْبًا فِي الْحُكْمِ وَقِيلَ وُجُوبًا وَيُنْدَبُ تَفْرِقَةَ الشُّهُودِ وَاسْتِقْصَاءَ شَهَادَتِهِمْ وَالْأَوْلَى قَبْلَ التَّزْكِيَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَأَلَ الْخَصْمَ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ إجَابَتُهُ. قَوْلُهُ: (هُوَ عَدْلٌ) أَوْ مَرَضِيٌّ أَوْ مَقْبُولُ الْقَوْلِ وَلَا يَكْفِي لَا أَعْلَمُ فِيهِ إلَّا خَيْرًا أَوْ لَا أَعْلَمُ مِنْهُ مَا تُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا وَقَعَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلَيَّ وَلِيٍّ) الْمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ صِفَةٌ تَمْنَعُ الشَّهَادَةَ وَقَالَ الْقَفَّالُ مَعْنَى عَلَيَّ أَنَّهُ لَيْسَ عَدُوًّا لِي وَمَعْنَى لِي أَنَّهُ لَيْسَ وَلَدًا لِي مَثَلًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَائِلَ مَا ذُكِرَ هُوَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ خِبْرَةِ الْبَاطِنَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَبْعُوثِ لِاعْتِذَارِهِ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِيِّ بِالْحَاجَةِ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ الْحُضُورُ وَهَذَا مَا مَشَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ إنَّهُ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ الْجُرْحِ) كَزِنًا وَسَرِقَةٍ وَإِنْ كَانَ فَقِيهًا مُوَافِقًا لِلْقَاضِي فِي مَذْهَبِهِ، وَلَا يَجُوزُ ذِكْرُ جُرْحٍ أَكْبَرَ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِدُونِهِ، وَلَا يَكُونُ بِذِكْرِ الزِّنَا قَاذِفًا إذَا لَمْ يَكْتَفِ بِدُونِهِ أَوْ سُئِلَ عَنْهُ، وَإِلَّا فَهُوَ قَاذِفٌ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَإِنَّمَا كَانَ الشَّاهِدُ إذَا نَقَصَ عَنْ النِّصَابِ قَاذِفًا لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى السَّتْرِ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَ الْجُرْحِ وَجَبَ التَّوَقُّفُ إلَى الْبَحْثِ عَنْهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (الِاسْتِفَاضَةُ) أَيْ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ قَوْلُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ مَا يَعْتَمِدُونَهُ مِنْ مُعَايَنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَتَابَ مِنْهُ) وَأَصْلَحَ ذِكْرُ أَصْلَحَ تَأْكِيدٌ وَالْمُعْتَبَرُ ذِكْرُ التَّوْبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شُرُوطَهَا وَلَا مُدَّتَهَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي إلَخْ) نَعَمْ إنْ قَالَ هُوَ عَدْلٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ عَلَيَّ قُبِلَ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ.   [حاشية عميرة] وَإِنْ رَاجَعَ الْمُزَكَّيَيْنِ فَقَطْ فَرَسُولٌ وَالْعُمْدَةُ عَلَى قَوْلِهِمَا لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ مَرْدُودَةٌ اهـ. وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَقُولُ وَفِي قَوْلِهِمَا فَحُكْمُ الْقَاضِي مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الثُّبُوتَ يَنْتَقِلُ فِي الْبَلَدِ وَإِنْ تَجَرَّدَ عَنْ الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ ذَلِكَ عَلَى مَا لَوْ حَكَمَ نَائِبُ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ بِالْجَرْحِ أَوْ التَّعْدِيلِ، ثُمَّ شَافَهَ الْقَاضِيَ ثُمَّ رَأَيْت كَلَامًا لِلشَّيْخَيْنِ مُحَصِّلُهُ أَنَّ نَائِبَ الْقَاضِي يُشَافِهُهُ بِالثُّبُوتِ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ وَيُغْتَفَرُ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ لَهُ بِخِلَافِ الْقَاضِي الْمُسْتَقِلِّ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخَانِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي لِلْقَاضِي. قَوْلُهُ: (أَيْضًا مُزَكِّيًا) قَالَ صَاحِبُ التَّصْحِيحِ مُرَادُهُ بِهِ صَاحِبُ الْمَسْأَلَةِ وَبِالْمُزَكِّي الْآتِي الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ لَا الْمَبْعُوثُ الْمَذْكُورُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَخِبْرَةُ) بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ كَذَا ضَبَطَهُ الْمُحَشِّي - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (لِكَذَا) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ أَوْ غَيْرَ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ) عَلَّلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّا قَبِلْنَا شَهَادَتَهُ مَعَ إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَى الْأُصُولِ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ اخْتِصَاصُ الْخِلَافِ بِأَصْحَابِ الْمَسَائِلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَزِيدُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ خَطِّ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ نَقْلًا عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّ مَعْنَاهُ لَيْسَ عَدُوًّا لِي بَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيَّ وَلَيْسَ بِابْنٍ لِي بَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِي قَالَ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْقَبُولِ بِكُلِّ حَالٍ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَبَيَّنَهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَكْفِي) أَيْ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ يَقْضِي عَلَيْهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 308 بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ الَّذِي يَأْتِي ضَابِطُهُ. (هُوَ جَائِزٌ إنْ كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ الْغَائِبِ (بَيِّنَةٌ) بِمَا يُدَّعَى بِهِ (وَادَّعَى الْمُدَّعِي جُحُودَهُ فَإِنْ قَالَ هُوَ سَفَرٌ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ) وَلَغَتْ دَعْوَاهُ (فَإِنْ أَطْلَقَ) أَيْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِجُحُودِهِ وَلَا إقْرَارِهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا) أَيْ بَيِّنَتُهُ (تُسْمَعُ) لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْلَمُ جُحُودَهُ وَلَا إقْرَارَهُ وَالْبَيِّنَةُ تُسْمَعْ عَلَى السَّاكِتِ فَلْتُجْعَلْ غَيْبَتُهُ كَسُكُوتِهِ وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا عِنْدَ الْجُحُودِ. . (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ نَصْبُ مُسَخَّرٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُشَدَّدَةِ. (يُنْكِرُ عَنْ الْغَائِبِ) لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ مُنْكِرًا وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ لِتَكُونَ الْبَيِّنَةُ عَلَى إنْكَارِ مُنْكِرٍ وَعَدَمُ اللُّزُومِ يَصْدُقُ بِمَا. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّ الْقَاضِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ النَّصْبِ وَعَدَمِهِ. . (وَيَجِبُ أَنْ يُحَلِّفَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (بَعْدَ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ) احْتِيَاطًا لِلْغَائِبِ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ رُبَّمَا ادَّعَى مَا يُبَرِّئُهُ مِنْهُ. (وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ) فَلَهُ تَرْكُهُ وَبَابُ تَدَارُكِهِ إنْ كَانَ هُنَاكَ دَافِعٌ غَيْرُ مُنْحَسِمٍ (وَيَجْرِيَانِ) أَيْ الْوَجْهَانِ (فِي دَعْوَى عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ) ، أَوْ مَيِّتٍ لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ وَإِنْ كَانَ فَيَحْلِفُ بِسُؤَالِ الْوَارِثِ وَالْوُجُوبِ فِيهِمْ أَوْلَى لِعَجْزِهِمْ عَنْ التَّدَارُكِ. . (وَلَوْ ادَّعَى وَكِيلٌ عَلَى الْغَائِبِ فَلَا تَحْلِيفَ) .   [حاشية قليوبي] بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ قَدْ خَالَفَ فِي هَذَا الْبَابِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فَلَمْ يَقُولُوا بِهِ. قَوْلُهُ: (بَيِّنَةٌ) أَيِّ عَلِمَهَا الْحَاكِمُ وَلَوْ بَعْدَ الدَّعْوَى وَقَبْلَ الْقَضَاءِ وَلَوْ عَبَّرَ بِحُجَّةٍ كَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْحُجَّةُ عَلَى الْحَقِّ أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي هَذِهِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ إلَّا إنْ كَانَ رَدُّهَا قَبْلَ غِيبَتِهِ لَكِنْ فِي هَذِهِ لَيْسَتْ الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ) وَلَمْ يَقُلْ إنَّهُ مُمْتَنِعٌ فَإِنْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ لَكِنَّهُ مُمْتَنِعٌ أَوْ لَكِنْ لَا يَقْبَلُ إقْرَارَهُ سُمِعَتْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (لَمْ تُسْمَعْ) نَعَمْ إنْ كَانَ لِلْغَائِبِ مَالٌ حَاضِرٌ وَأَرَادَ الْمُدَّعِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لِيُوَفِّيَ لَهُ الْقَاضِي حَقَّهُ مِنْهُ لَا لِيَكْتُبَ الْقَاضِي إلَى بَلَدِ الْغَائِبِ سَمِعْت عَلَى الْمُعْتَمِدِ وَإِنْ قَالَ هُوَ مُقِرٌّ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ وَدِيعَةً أَتْلَفَهَا بِتَقْصِيرٍ لِأَنَّ لِلْقَاضِي الْوَفَاءَ مِنْ مَالِ الْغَائِبِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (مُخَيَّرٌ بَيْنَ النَّصْبِ وَعَدَمِهِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَأُجْرَتُهُ عَلَى الْغَائِبِ فَرَاجِعْهُ، وَجَازَ إنْكَارُ الْمُسَخَّرِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لِلْمَصْلَحَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ أَنْ يُحَلِّفَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ حُجَّتُهُ يَمِينًا مَعَ شَاهِدٍ فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ يَمِينَانِ وَمَحَلُّ وُجُوبِ تَحْلِيفِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْغَائِبِ نَائِبٌ حَاضِرٌ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ إلَّا بِسُؤَالِهِ وَخَرَجَ بِالْغَائِبِ الْحَاضِرُ فَلَا يَجِبُ التَّحْلِيفُ، وَإِنْ ارْتَابَ الْقَاضِي فِي الْبَيِّنَةِ كَالْغَائِبِ الْمُتَوَارِي وَالْمُتَعَزِّزِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْبَيِّنَةِ) أَيْ وَبَعْدَ تَعْدِيلِهَا. قَوْلُهُ: (ثَابِتٌ) أَيْ مُسْتَمِرُّ الثُّبُوتِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِصِدْقِ شُهُودِهِ لِكَمَالِ الْحُجَّةِ هُنَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَشَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَخَرَجَ بِالدَّعْوَى بِالْحَقِّ الدَّعْوَى بِإِسْقَاطِهِ، كَقَوْلِهِ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ أَوْ أَبْرَأَنِي مِنْهُ، وَأَخَافُ مُطَالَبَتَهُ وَلِي حُجَّةٌ بِذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَلَا الْبَيِّنَةُ لِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَالطَّرِيقَةُ لِسَمَاعِهِمَا أَنْ يَدَّعِيَ إنْسَانٌ أَنَّ الْغَائِبَ أَحَالَهُ بِهِ، وَيَعْتَرِفُ مُرِيدُ الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ وَالْحَوَالَةِ وَيَدَّعِي الْإِبْرَاءَ، أَوْ الْقَضَاءَ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ بِذَلِكَ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَالْحَاضِرُ فِي هَذَا كَالْغَائِبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَ فِي الْعُبَابِ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ سُقُوطُ الْمُطَالَبَةِ لَا الْبَرَاءَةِ، وَلَا يَمِينُ اسْتِظْهَارٍ فِي غَيْرِ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ. قَوْلُهُ: (عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ) وَمِثْلُهُمَا السَّفِيهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ إلَخْ) فَلَا بُدَّ مِنْ سُؤَالِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْغَائِبِ وَلَوْ جَهِلَ السُّؤَالَ أَعْلَمَهُ الْحَاكِمُ بِهِ وَمِثْلُهُ وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ سُؤَالٌ مِنْ هَؤُلَاءِ جَازَ لِلْحَاكِمِ التَّحْلِيفُ، وَلَا يَجِبُ وَلَوْ سُئِلَ الْحَاكِمُ يَحْلِفُ وَلَمْ يُنَفِّذُ حُكْمَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَفِي عَكْسِ مَا ذَكَرَهُ بِأَنْ ادَّعَى وَلِيٌّ لِمُوَلِّيهِ شَيْئًا عَلَى شَخْصٍ آخَرَ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَجَبَ انْتِظَارُ كَمَالِ الْمُدَّعِي لَهُ لِيَحْلِفَ ثُمَّ يَحْكُمُ لَهُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، نَعَمْ لَوْ ادَّعَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُسْقِطًا كَإِبْرَاءِ مُورِثِ الصَّبِيِّ أَوْ اسْتِيفَائِهِ أَوْ إشْهَادٍ عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ لَمْ يَعْتَبِرْ دَعْوَاهُ وَيُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْمَالِ حَالًّا، وَلَا يُؤَخَّرُ إلَى كَمَالِ الصَّبِيِّ لِيَحْلِفَ كَمَا يَأْتِي فِي دَعْوَى الْوَكِيلِ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ صِحَّةُ الدَّعْوَى عَلَى الصَّبِيِّ، وَلَوْ مَعَ حُضُورِ وَلِيِّهِ وَقَوْلُهُمْ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا عَلَيْهِ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْبَيِّنَةِ. وَقَالَ الْخَطِيبُ الدَّعْوَى عَلَى الصَّبِيِّ بِمَعْنَى الدَّعْوَى عَلَى وَلِيِّهِ. قَوْلُهُ: (لِعَجْزِهِمْ عَنْ التَّدَارُكِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ إذَا كَمَلَا لَيْسَ لَهُمَا نَقْضُ مَا وَقَعَ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، لَهُمَا ذَلِكَ كَمَا فِي الْغَائِبِ إذَا حَضَرَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ادَّعَى وَكِيلٌ) قَالَ شَيْخُنَا عَنْ غَائِبٍ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْوَجْهُ صِحَّةُ الدَّعْوَى مِنْ الْوَكِيلِ مُطْلَقًا لَكِنْ يُقَيَّدُ عَدَمُ التَّحْلِيفِ بِكَوْنِ الْمُوَكِّلِ فِي تِلْكَ الْمَسَافَةِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ وَحَلِفِهِ وَلَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ قَبْلَهُ، فَإِنْ حُمِلَ   [حاشية عميرة] [بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ] ِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا يَتَعَذَّرُ فِي الْغَائِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ الْبَيِّنَةِ) أَيْ وَبَعْدَ تَعْدِيلِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ إلَخْ) . قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَعَلَّ الْمُرَادَ مُسْتَمِرُّ الثُّبُوتِ وَإِلَّا فَالْغَائِبُ نَفْسُهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَطَلَبَ هَذَا مَعَ الْبَيِّنَةِ لَأُجِيبَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 309 وَيُعْطِي الْمَالَ إنْ كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُنَاكَ مَالٌ. . (وَلَوْ حَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ لِوَكِيلِ الْمُدَّعِي أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك أَمَرَ بِالتَّسْلِيمِ) لِلْوَكِيلِ وَلَا يُؤَخِّرُ الْحَقَّ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ وَإِلَّا لَانْجَرَّ الْأَمْرُ إلَى أَنْ يَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْحُقُوقِ بِالْوَكَالَةِ، وَيُمْكِنُ ثُبُوتُ الْإِبْرَاءِ مِنْ بَعْدِ أَنْ كَانَتْ لَهُ حُجَّةٌ. . (وَإِذَا ثَبَتَ) عِنْدَ حَاكِمٍ (مَالٌ عَلَى غَائِبٍ وَلَهُ مَالٌ) حَاضِرٌ (قَضَاهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ) لِغَيْبَتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ. (فَإِنْ سَأَلَ الْمُدَّعِي إنْهَاءَ الْحَالِ) فِي ذَلِكَ (إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ أَجَابَهُ فَيُنْهِي) إلَيْهِ (بِسَمَاعِ بَيِّنَةٍ لِيَحْكُمَ بِهَا) ثُمَّ يَسْتَوْفِي الْمَالَ (أَوْ) يُنْهِي إلَيْهِ (حُكْمًا) إنْ حَكَمَ (لِيَسْتَوْفِيَ) الْمَالَ (وَإِلَّا نَهَاهُ أَنْ يُشْهِدَ عَدْلَيْنِ بِذَلِكَ) ، يُؤَدِّيَانِهِ عِنْدَ الْقَاضِي الْآخَرِ. . (وَيُسْتَحَبُّ كِتَابٌ بِهِ يَذْكُرُ فِيهِ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ) وَالْمَحْكُومُ لَهُ (وَيَخْتِمُهُ) وَيَحْمِلُ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ وَيَخْرُجُ إلَيْهِ الْعَدْلَانِ وَيَقِفُ عَلَى مَا فِيهِ. (وَيَشْهَدَانِ) عِنْدَهُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَاكِمِ بِهِ (إنْ أَنْكَرَ) الْخَصْمُ الْمُحْضِرُ لِلْقَاضِي أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ فِيهِ عَلَيْهِ. (فَإِنْ قَالَ لَسْت الْمُسَمَّى فِي الْكِتَابِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ   [حاشية قليوبي] كَلَامُ شَيْخِنَا عَلَى هَذَا فَمُسَلَّمٌ كَمَا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ ثُمَّ وَكَّلَ وَغَابَ فَإِنَّهُ لَا يَحْكُمُ إلَّا إنْ حَضَرَ وَحَلَفَ لِأَنَّ غَيْبَتَهُ حِيلَةٌ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ فَلَا تُعْتَبَرُ. قَوْلُهُ: (وَيُعْطِي الْمَالَ) أَيْ بَعْدَ الْحُكْمِ قَوْلُهُ: (هُنَاكَ) أَيْ فِي وِلَايَةِ الْحَاكِمِ وَالْأَرْجَحُ إلَى الْإِنْهَاءِ الْآتِي. تَنْبِيهٌ: لَوْ اعْتَرَفَ الْخَصْمُ بِوَكَالَةِ الْمُدَّعِي قُبِلَ فِي إثْبَاتِ الْحَقِّ لَا فِي وُجُوبِ تَسْلِيمِهِ لَهُ، وَلَوْ قَالَ الشَّخْصُ لِآخَرَ أَنْت وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَلِي عَلَيْهِ مَالٌ وَمَعِي بِهِ بَيِّنَةٌ، فَادَّعَى عَلَيْك بِهِ وَأُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ فَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ، أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَنِّي وَكِيلٌ لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، وَلَا تَصِحُّ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَكِيلٌ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ حَقُّهُ، وَلَمْ يَدَّعِ بِهَا وَإِذَا ثَبَتَتْ وَكَالَتُهُ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَضَرَ إلَخْ) . قَالَ شَيْخُنَا هِيَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا وَلَيْسَ لَهَا تَعَلُّقٌ بِمَا قَبْلَهَا وَلَيْسَتْ مِنْ فُرُوعِ الْبَابِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (أَمَرَ بِالتَّسْلِيمِ) نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ مُوَكِّلَهُ أَبْرَأهُ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (وَإِذَا ثَبَتَ) أَيْ حُكْمٌ بِثُبُوتِهِ كَمَا يَأْتِي وَطَلَبَهُ الْمُدَّعِي أَيْضًا قَالَهُ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: (وَلَهُ مَالٌ) وَلَوْ دَيْنًا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَوْ جَانِبًا أَوْ مَرْهُونًا فَيُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ وَالْمُجْنَى عَلَيْهِ عَلَى الْبَيْعِ، وَيُوفِي لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقَّهُ وَيَدْفَعُ الْبَاقِيَ لِلْمُدَّعِي قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي نَحْوِ الْمَرْهُونِ فَضْلٌ فَلَا بَيْعَ وَشَمِلَ الدَّفْعَ لِلْمُرْتَهِنِ، مَا لَوْ كَانَ دَيْنُهُ مُؤَجَّلًا لَكِنْ يُتَّجَهُ فِي الْمُؤَجَّلِ أَنْ يَجْعَلَ مَا يَدْفَعُ لَهُ رَهْنًا تَحْتَ يَدِهِ لَا اسْتِيفَاءَ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (حَاضِرٌ) أَيْ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي وَحُضُورُ الدَّيْنِ بِحُضُورِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (قَضَاهُ) أَيْ وُجُوبًا إنْ طُلِبَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا إلَخْ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ يَجُوزُ الْإِنْهَاءُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمَالِ، وَحُضُورُهُ فَلَوْ جُعِلَ مَا بَعْدَ إلَّا رَاجِعًا لِلْقَضَاءِ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (أَجَابَهُ) وُجُوبًا وَلَوْ قَاضِي ضَرُورَةِ بَيِّنَةٍ وَلَهُ إنْهَاءُ حُكْمٍ بِعِلْمِهِ إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا. قَوْلُهُ: (بِسَمَاعِ بَيِّنَةٍ) وَلَوْ شَاهِدًا وَاحِدًا وَلَوْ قَبْلَ تَعْدِيلِهِ، وَيُقِيمُ الشَّاهِدُ الْآخَرُ أَوْ يَعْدِلُهُ أَوْ يَحْلِفُ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ ثُمَّ يَحْكُمُ وَلَا يَتَقَيَّدُ الْإِنْهَاءُ بِقَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ وَيَتَقَيَّدُ الْوَفَاءُ بِمَنْ الْمَالُ فِي وِلَايَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَشْهَدَ عَدْلَيْنِ) وَيَكْفِي حُضُورُهُمَا وَيَكْفِي فِي نَحْوَ هِلَالِ رَمَضَانَ عَدْلٌ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (يُؤَدِّيَانِ إلَخْ) وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْدِيلِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ الْأَدَاءِ عِنْدَ الْقَاضِي الْآخَرِ وَلَا يَكْفِي تَعْدِيلُ الْأَوَّلِ لَهُمَا لِأَنَّهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ لَهُمَا أُشْهِدُكُمَا أَنِّي كَتَبْت لِفُلَانٍ مَا فِي هَذَا أَوْ بِمَا سَمِعْتُمَا وَيَضَعَانِ خَطَّهُمَا فِيهِ، وَلَا يَكْفِي أُشْهِدُكُمَا أَنَّ هَذَا خَطِّي مَثَلًا وَلَوْ ضَاعَ الْكِتَابُ أَوْ انْمَحَى عَمِلَ بِقَوْلِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ كِتَابٌ بِهِ إلَخْ) وَيُسْتَحَبُّ نُسْخَةٌ ثَانِيَةٌ مَعَهُمَا بِلَا خَتْمٍ لِيُطَالِعَاهَا قَوْلُهُ: (وَيَخْتِمُهُ) فَوْقَ نَحْوِ شَمْعٍ. قَوْلُهُ: (وَيَحْمِلُ) أَيْ يَحْمِلُهُ مَنْ يُوَصِّلُهُ إلَى الْقَاضِي مِنْ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (إنْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ الْمَحْضَرَ لِلْقَاضِي) فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ فُقَهَاءِ الْيَمَنِ وَلَا بُدَّ مِنْ حُكْمٍ ثَانٍ مِنْ ذَلِكَ الْقَاضِي لَكِنْ بِلَا دَعْوَى وَلَا حَلِفٍ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ الِاسْمِ وَإِلَّا فَلَا يُبَالِي بِقَوْلِهِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ حَضَرَ إلَخْ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ هِيَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَتْ مِنْ تَمَامِ الَّتِي قَبْلَهَا وَلَا هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ فُرُوعِ هَذَا الْبَابِ، قَالَ وَهَلْ الْمُرَادُ بِغَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ الْغَيْبَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْقَضَاءِ عَلَيْهِ أَوْ مُطْلَقُ الْغَيْبَةِ عَنْ الْبَلَدِ رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الثَّانِيَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ مَالٌ) لَوْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا فَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَطْلُبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ أَنْ يُلْزِمَهُ الْمُرْتَهِنَ وَالْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ بِأَخْذِ حَقِّهِمَا بِطَرَفَيْهِ، لِيَدْفَعَ الْفَاضِلَ لِرَبِّ الدَّيْنِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ وَالْأَرْجَحُ لَهُ ذَلِكَ اهـ. أَقُولُ وَلَوْ كَانَ مَالُ الْغَائِبِ دَيْنًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي مِنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِلَّا إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّ وُجُودَ الْمَالِ الْحَاضِرِ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ طَلَبَ الْإِنْهَاءِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِسَمَاعِ بَيِّنَةٍ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الدَّرَجَاتُ ثَلَاثٌ مُطْلَقُ السَّمَاعِ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْقَاضِي الْحُكْمُ قَالَ وَمُرَادُ الْمِنْهَاجِ هُنَا الثَّانِيَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لِيَحْكُمَ بِهَا. أَقُولُ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ لِيَحْكُمَ دَلِيلٌ فَالْعِبَارَةُ شَامِلَةٌ لِلْقِسْمَيْنِ بِلَا رَيْبٍ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَدْلَيْنِ) لَوْ كَانَ الْمَكْتُوبُ بِهِ هِلَالَ رَمَضَانَ كَفَى الْقَاضِي أَنْ يُشْهِدَ عَلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 310 وَعَلَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ بِأَنَّ هَذَا الْمَكْتُوبَ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ فَإِنْ أَقَامَهَا فَقَالَتْ لَسْت الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْحُكْمُ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَاتِ) ، وَلَا يُبَالِي بِقَوْلِهِ (فَإِنْ كَانَ) هُنَاكَ مُشَارِكٌ لَهُ فِيمَا ذُكِرَ (أَحْضَرَ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ طُولِبَ وَتَرَكَ الْأَوَّلَ وَإِلَّا بَعَثَ إلَى) الْحَاكِمِ (الْكَاتِبَ لِيَطْلُبَ مِنْ الشُّهُودِ زِيَادَةَ صِفَةٍ تُمَيِّزُهُ وَيَكْتُبُهَا ثَانِيًا وَلَوْ حَضَرَ قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ بِبَلَدِ الْحَاكِمِ فَشَافَهَهُ بِحُكْمِهِ فَفِي إمْضَائِهِ إذَا عَادَ إلَى وِلَايَتِهِ خِلَافُ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ. . (وَلَوْ نَادَاهُ) كَائِنَيْنِ (فِي طَرَفَيْ وِلَايَتَيْهِمَا أَمْضَاهُ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى سَمَاعِ بَيِّنَةٍ كَتَبَ سَمِعْت بَيِّنَةً عَلَى فُلَانٍ، وَيُسَمِّيهَا إنْ لَمْ يَعْدِلْهُمَا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ عَدَلَهَا (فَالْأَصَحُّ جَوَازُ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ) هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لَا يَجُوزُ وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَشْبَهِ وَقَالَ فِي الشَّرْحِ يَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ فِيهِ خِلَافٌ. (وَالْكِتَابُ بِالْحُكْمِ يَمْضِي مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ) كَبُعْدِهَا (وَبِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا مَسَافَةَ قَبُولِ شَهَادَةٍ عَلَى شَهَادَةٍ) وَهِيَ كَمَا سَيَأْتِي مَا فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى الَّتِي يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرًا إلَى مَوْضِعِهِ لَيْلًا وَقِيلَ هِيَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَالثَّانِي يَقْبَلُ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَمُنْتَهَاهُ مَسَافَةُ الْعَدْوَى.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ) وَيَكْفِي فِيهَا مَسْتُورًا الْعَدَالَةُ، وَلَا يُبَالِغُ الْحَاكِمُ فِي الْبَحْثِ عَنْهَا. قَوْلُهُ: (أَحْضَرَ) أَيْ أَحْضَرَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْحَقِّ إحْضَارُهُ بَلْ لَهُ إلْزَامُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَوْفِيَةِ حَقِّهِ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ قَالَ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا هُنَا أَنَّ الْوَثَائِقَ الشَّاهِدَةَ بِإِقْرَارِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مَثَلًا أَنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ كُلِّفَ بِإِحْضَارِ مُشَارِكِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِالْحَقِّ وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَكَانَ مُعَاصِرًا لَهُ يُمْكِنُ مُعَامَلَتُهُ لَهُ. قَوْلُهُ: (بَعَثَ) الْحَاكِمُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (زِيَادَةُ صِفَةٍ تُمَيِّزُهُ) فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ زِيَادَةٌ وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَنْكَشِفَ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَا بُدَّ بَعْدَ الزِّيَادَةِ مِنْ تَجَدُّدِ الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ عَالِمًا بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ قَبْلَ طَلَبِهَا وَلَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا الْحُكْمِ إلَى دَعْوَى وَلَا حَلِفٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَضَرَ إلَخْ) الْمُرَادُ وَلَوْ شَافَهَ الْقَاضِي الَّذِي حَكَمَ وَهُوَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ قَاضِيًا آخَرَ، سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْ لَا. قَالَ شَيْخُنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَالْمُرَادُ بِالْقَاضِي فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَنْ يَتَوَقَّفُ تَخْلِيصُ الْحَقِّ عَلَيْهِ وَلَوْ عُرْفًا كَبَعْضِ الشُّرْطَةِ. قَوْلُهُ: (بِحُكْمِهِ) أَيْ لَا بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَقَدَّمَ) أَيْ أَنَّهُ مِنْ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا مِنْ الْمُجْتَهِدِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ، فَانْظُرْهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَاضِي الْحَاكِمُ الْعُرْفِيُّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَادَاهُ) أَيْ بِالْحُكْمِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَمْضَاهُ) وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْخَصْمُ وَمَعْنَى أَمْضَاهُ نَفَّذَهُ إذَا كَانَ فِي عَمَلِهِ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى صِيغَةٍ كَنَفَّذْتُهُ أَوْ أَمْضَيْته قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا يَحْتَاجُ فَرَاجِعْهُ. وَخَرَجَ بِالْحُكْمِ الْمُشَافَهَةُ بِسَمَاعِ الْحُجَّةِ فَلَا يَقْضِي بِهَا إنْ تَيَسَّرَتْ شَهَادَةُ الْحُجَّةِ وَإِلَّا فَلَهُ الْقَضَاءُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ اقْتَصَرَ) أَيْ فِي الْإِنْهَاءِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَعْدِلْهَا) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ تَعْدِيلِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِ الْمَنْهِيِّ إلَيْهِ مَنْ يَعْدِلُهَا وَيَجُوزُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَجْرِيحُهَا. قَوْلُهُ: (جَوَازُ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَخَرَجَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّاهِدُ مَعَ الْيَمِينِ وَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ وَالْإِقْرَارِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْكِتَابُ بِالْحُكْمِ) أَيْ الْإِنْهَاءُ بِهِ وَلَوْ بِلَا كِتَابٍ. قَوْلُهُ: (يَمْضِي مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ كَبُعْدِهَا) . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَغَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالْمَسَافَةِ هُنَا مَا بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ فِي سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ الْبُعْدُ فِي الْحُكْمِ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ، وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ فَلِأَنَّهُ مَعَ الْقُرْبِ يَسْهُلُ إحْضَارُهَا لِلْحَاكِمِ الْآخَرِ، وَأَمَّا الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فَقَبْلَ الْحُكْمِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ مِنْ الْقَاضِيَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، وَبَعْدَ الْحُكْمِ لَا يُعْتَبَرُ لَهُ مَسَافَةٌ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ، نَعَمْ لَوْ عَسُرَ إحْضَارُهُمَا الْبَيِّنَةَ مَعَ الْقُرْبِ لِنَحْوِ مَرَضٍ قَبْلَ الْإِنْهَاءِ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ.   [حاشية عميرة] نَفْسِهِ وَاحِدًا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَلَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ) هَذِهِ الْبَيِّنَةُ يُكْتَفَى فِيهَا بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ وَلَا يُبَالَغُ فِيهَا بِالْبَحْثِ وَالِاسْتِزْكَاءِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْحُكْمُ إلَخْ) يَأْخُذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْوَثَائِقَ وَالشَّهَادَةَ بِإِقْرَارِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ إذَا وُجِدَ شَخْصٌ بِبَلَدِ النِّسْبَةِ يَقْضِي عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَحْضُرَ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ الْمَذْكُورِ أَيْ فَهُوَ الْمُكَلَّفُ بِذَلِكَ لَا صَاحِبُ الْحَقِّ فَإِذَا أَحْضَرَهُ كُلِّفَ صَاحِبُ الْحَقِّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَلْيَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِحُكْمِهِ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ اُحْتُرِزَ عَنْ الْمُشَافَهَةِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي بِهَا مِثْلَ هَذَا قَطْعًا لِأَنَّ الْإِحْضَارَ بِهَا لَا يَحْصُلُ عِلْمًا بِخِلَافِ الْحُكْمِ فَيَسْلُكُ بِذَلِكَ مَسْلَكَ الشَّهَادَةِ فَيَخْتَصُّ بِمَحَلِّ الْوِلَايَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي طَرَفَيْ وِلَايَتَيْهِمَا) الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ الَّذِي أُقِيمَتْ عِنْدَهُ الْبَيِّنَةُ فِي وِلَايَتِهِ بِخِلَافِ الْآخَرِ. تَنْبِيهٌ: اُحْتُرِزَ بِالْحَاكِمِ عَنْ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهِ الْمُنَادَاةُ الْمَذْكُورَةُ كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ أَيْضًا. قَوْلُ الْمِنْهَاجِ الْأَتْي وَبِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَوَازُ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ) جَزَمَ الْقَاضِي بِوُجُوبِ التَّسْمِيَةِ وَحَكَى إجْمَاعَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ وَقَوَّاهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَقَالَ هُوَ مُتَعَيَّنٌ لِيَتَأَتَّى لِلْخَصْمِ الْقَدَحُ فِيهِمْ. . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 311 فَصْلٌ (ادَّعَى عَيْنًا غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ يُؤْمَنُ اشْتِبَاهُهَا كَعَقَارٍ وَعَبْدٍ وَفَرَسٍ مَعْرُوفَاتٍ) فِيهِ تَغْلِيبُ غَيْرِ الْعَاقِلِ الْأَكْثَرِ (سَمِعَ) الْقَاضِي (بَيِّنَتَهُ وَحَكَمَ بِهَا وَكَتَبَ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ لِيُسَلِّمَهُ لِلْمُدَّعِي وَيَعْتَمِدَ فِي الْعَقَارِ حُدُودَهُ) الْأَرْبَعَةِ (أَوْ لَا يُؤْمَنُ) اشْتِبَاهُهَا كَغَيْرِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ. (فَالْأَظْهَرُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ) فِيهَا اعْتِمَادًا عَلَى الصِّفَاتِ وَالثَّانِي قَالَ الصِّفَاتُ تَتَشَابَهُ (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (يُبَالِغُ الْمُدَّعِي فِي الْوَصْفِ) مَا أَمْكَنَهُ (وَيَذْكُرُ) مَعَهُ (الْقِيمَةَ) فِي الْمُتَقَوِّمِ وَغَيْرِهِ. (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِهَا) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ لِخَطَرِ الِاشْتِبَاهِ وَمُقَابِلُهُ مَا يَنْظُرُ إلَى ذَلِكَ (بَلْ يَكْتُبُ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ بِمَا شَهِدْت بِهِ فَيَأْخُذُهُ وَيَبْعَثُهُ إلَى الْكَاتِبِ لِيَشْهَدُوا عَلَى عَيْنِهِ وَالْأَظْهَرُ) فِي طَرِيقِهِ (أَنَّهُ يُسَلِّمُهُ إلَى الْمُدَّعِي بِكَفِيلٍ بِبَدَنِهِ) ، وَالثَّانِي بِكَفِيلٍ بِالثَّمَنِ (فَإِنْ شَهِدُوا بِعَيْنِهِ كَتَبَ بِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُدَّعِي مُؤْنَةُ الرَّدِّ أَوْ غَائِبَةٍ عَنْ الْمَجْلِسِ لَا الْبَلَدِ أَمَرَ بِإِحْضَارِ مَا يُمْكِنُ إحْضَارُهُ لِيَشْهَدُوا بِعَيْنِهِ وَلَا تُسْمَعُ شَهَادَةٌ بِصِفَةٍ) ، وَمَا لَا يُمْكِنُ إحْضَارُهُ كَالْعَقَارِ يَحُدُّهُ الْمُدَّعِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْحُدُودِ وَلَوْ كَانَ مَشْهُورًا لَا يَشْتَبِهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَحْدِيدِهِ (وَإِذَا وَجَبَ إحْضَارٌ فَقَالَ لَيْسَ بِيَدَيْ عَيَّنَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِهِ (لِلْمُدَّعِي دَعْوَى الْقِيمَةِ فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي الدَّعْوَى بِالْعَيْنِ الْغَائِبَةِ إمَّا عَنْ الْبَلَدِ أَوْ عَنْ الْمَجْلِسِ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ: (ادَّعَى عَيْنًا) خَرَجَ بِالْعَيْنِ مَا لَيْسَ عَيْنًا مِمَّا لَا يُوصَفُ بِإِحْضَارٍ وَلَا عَدَمِهِ كَدَيْنٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَوَكَالَةٍ وَوِصَايَةٍ وَنَسَبٍ وَنَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ) وَلَوْ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ تَغْلِيبٌ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ وَجَوَابٌ عَلَى أَحَدِ طَرِيقَيْنِ. قَوْلُهُ: (حُدُودَهُ الْأَرْبَعَةَ) فَإِنْ عُرِفَ بِبَعْضِهَا اكْتَفَى بِهِ أَوْ بِالْمَحَلَّةِ أَوْ السِّكَّةِ فَكَذَلِكَ يَكْتَفِي بِهَا وَإِلَّا وَجَبَ ذِكْرُ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ: (وَيُبَالِغُ الْمُدَّعِي فِي الْوَصْفِ) بِقَدْرِ مَا يَدْفَعُ الِاشْتِبَاهَ وَإِنْ زَادَ عَلَى صِفَاتِ السَّلَمِ وَذِكْرُ الْوَصْفِ فِي الْمِثْلِيِّ وَاجِبٌ وَذِكْرُ الْقِيمَةِ فِيهِ مَنْدُوبٌ وَالْمُتَقَوِّمُ بِعَكْسِهِ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَاهُ فِي الدَّعَاوَى مِنْ وُجُوبِ وَصْفِ الْعَيْنِ بِصِفَةِ السَّلَمِ دُونَ قِيمَتِهَا مِثْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَقَوِّمَةً لِأَنَّهُ فِي عَيْنٍ حَاضِرَةٍ بِالْبَلَدِ يَسْهُلُ حُضُورُهَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ هُنَا فَإِنَّهَا لَا تَشْهَدُ إلَّا بِالصِّفَاتِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فِي طَرِيقِهِ) أَيْ فِي كَيْفِيَّةِ الْبَعْثِ قَوْلُهُ: (إلَى الْمُدَّعِي) إنْ كَانَ مَلِيًّا ثِقَةً وَمَعَ نَحْوِ مُحْرِمٍ إنْ كَانَ أَمَةٌ تَحِلُّ لَهُ، وَإِلَّا فَمَعَ أَمِينٍ ثِقَةٍ وَيُنْدَبُ الْخَتْمُ عَلَيْهَا بِخَتْمٍ لَازِمٍ لِئَلَّا تُبَدَّلَ وَيَلْتَبِسُ الْأَمْرُ عَلَى الشُّهُودِ، فَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا حُمِلَ فِي نَحْوِ عُنُقِهِ قِلَادَةً وَخَتَمَ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (بِكَفِيلٍ) وُجُوبًا بِشَرْطِ كَوْنِهِ مِلِّيًّا ثِقَةً قَادِرًا قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي بِكَفِيلٍ بِالثَّمَنِ) . قَالَ شَيْخُنَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَبِيعُ الْعَيْنَ الْمُدَّعَاةَ لِلْمُدَّعِي وَيَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا بِثَمَنِهَا وَصَحَّ الْبَيْعُ لِلضَّرُورَةِ وَإِذَا ثَبَتَتْ لِلْمُدَّعِي تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ لَهُ فَرَاجِعْهُ، وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي كَيْفِيَّةِ الْبَعْثِ لَا فِيهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (كَتَبَ بِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ) وَلَوْ أَحْضَرَ الْخَصْمَ عَيْنًا أُخْرَى مُشَارِكَةً لَهَا فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ فَكَمَا مَرَّ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مُؤْنَةُ الرَّدِّ) وَكَذَا مُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ وَكَذَا نَفَقَةُ نَحْوِ رَقِيقٍ بِسَبَبِ السَّفَرِ، وَكَذَا أُجْرَةُ مُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ لَا أُجْرَةُ الْخَصْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ أَنَّ نَفَقَةَ الْمُدَّعَى بِهِ مُدَّةُ الْخُصُومَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ بِاقْتِرَاضٍ ثُمَّ عَلَى الْمُدَّعِي قَوْلُهُ: (لَا الْبَلَدِ) نَعَمْ الْغَائِبَةُ عَنْ الْبَلَدِ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى كَالَّتِي فِي الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (مَا يُمْكِنُ) أَيْ مَا يَسْهُلُ إحْضَارُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً نَعَمْ إنْ كَانَ مَشْهُورًا لِلنَّاسِ لَمْ يَحْتَجْ لِإِحْضَارِهِ، فَإِنْ عَرَّفَهُ الْقَاضِي بَنَى عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَقْضِي بِعِلْمِهِ. قَوْلُهُ: (يَحُدُّهُ الْمُدَّعِي) أَوْ يَصِفُهُ وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِصِفَاتِهِ أَوْ يَحْضُرُهُ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ، وَيَتَعَيَّنُ هَذَا فِيمَا لَا يَعْرِفُهُ الشُّهُودُ إلَّا بِالْعَيْنِ وَتَعْتَمِدُ الشُّهُودُ الصِّفَاتِ وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي هُنَا بِالتَّحْدِيدِ أَوْ الشَّهَادَةِ بِالصِّفَةِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (دَعْوَى الْقِيمَةِ) أَيْ فِي الْمُتَقَوِّمِ أَوْ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ. قَوْلُهُ: (أَوْ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ ادَّعَى عَيْنًا غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ يُؤْمَنُ اشْتِبَاهُهَا كَعَقَارٍ وَعَبْدٍ وَفَرَسٍ مَعْرُوفَاتٍ] فَصْلٌ ادَّعَى عَيْنًا إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَعْتَمِدُ فِي الْعَقَارِ) قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمَنْهَجِ أَيْ الَّذِي لَمْ يَشْتَهِرْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمَتْنُ حُدُودُهُ) وَيَذْكُرُ أَيْضًا الْحَارَّةَ وَالسِّكَّةَ وَهَلْ هُوَ فِي صَدْرِهَا أَوْ يَمِينِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِيَشْهَدُوا إلَخْ) فَفَائِدَةُ الْإِقَامَةِ الْأُولَى نَقْلُ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِبَدَنِهِ) أَيْ وُجُوبًا وَالضَّمِيرُ فِي بَدَنِهِ يَرْجِعُ لِلْمُدَّعِي مِنْ قَوْلِهِ إلَى الْمُدَّعِي قَوْلُهُ: (بِالثَّمَنِ) بِأَنْ يَبِيعَهُ لَهُ وَيَطْلُبُ مِنْهُ كَفِيلًا بِالثَّمَنِ ثُمَّ إنْ سَلِمَتْ الْعَيْنَ لَهُ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ وَإِلَّا تَبَيَّنَ الصِّحَّةَ وَيَتَوَلَّى الْقَاضِي ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُؤْنَةُ الرَّدِّ) أَيْ وَالْإِحْضَارُ وَكَذَا نَفَقَةُ الْعَبْدِ لَكِنَّ الزَّائِدَةَ بِسَبَبِ السَّفَرِ وَكَذَا أُجْرَتُهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ. قَوْلُهُ: (بِصِفَةٍ) لِأَنَّهَا إنَّمَا جَازَتْ عِنْدَ الْغَيْبَةِ عَنْ الْبَلَدِ لِلْحَاجَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا. وَمِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعْلَمُ أَنَّ الدَّعْوَى تَعْتَمِدُ الصِّفَةَ وَتَسْمَعُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَمَالًا يُمْكِنُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَالتَّقْيِيدِ بِسُهُولَةِ النَّقْلِ لِيَخْرُجَ مَا يَتَعَذَّرُ نَقْلُهُ أَوْ يَتَعَسَّرُ لِكَوْنِهِ ثَقِيلًا، فَالْأَوَّلُ كَالْعَقَارِ بِحُدُودِهِ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بِتِلْكَ الْحُدُودِ فَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ نَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ وَلَا نَعْرِفُ الْحُدُودَ بَعَثَ الْقَاضِي مَنْ يَسْمَعَهَا عَلَى عَيْنِهِ، وَلَوْ كَانَ الْعَقَارُ مَشْهُورًا فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّحْدِيدِ، وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي يَتَعَسَّرُ فَيَصِفُهُ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ وَيَحْضُرُهُ الْقَاضِي لِلشَّهَادَةِ أَوْ يَبْعَثُ نَائِبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا وَجَبَ إحْضَارٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْعَيْنُ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَجِبَ إحْضَارُهَا كَعَبْدِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَجَبَ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْيَمِينِ) أَيْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 312 (فَحَلَفَ الْمُدَّعِي أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً) حِينَ أَنْكَرَ (كُلِّفَ الْإِحْضَارَ وَحُبِسَ عَلَيْهِ وَلَا يُطْلَقُ إلَّا بِإِحْضَارٍ أَوْ دَعْوَى تَلَفٍ) فَتُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ. . (وَلَوْ شَكَّ الْمُدَّعِي هَلْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فَيَدَّعِي قِيمَةً أَمْ لَا فَيَدَّعِيَهَا) أَيْ الْعَيْنَ (فَقَالَ غُصِبَ مِنِّي كَذَا فَإِنْ بَقِيَ لَزِمَهُ رَدُّهُ) إلَيَّ (وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ) ، وَيَحْلِفُ غَرِيمُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْعَيْنِ وَلَا قِيمَتُهَا (وَقِيلَ لَا) تُسْمَعُ (بَلْ يَدَّعِيهَا) أَيْ الْعَيْنَ (وَيُحَلِّفُهُ ثُمَّ يَدَّعِي الْقِيمَةَ) وَيُحَلِّفُهُ (وَيَجْرِيَانِ فِيمَنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ لِدَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ فَجَحَدَهُ وَشَكَّ هَلْ بَاعَهُ فَيَطْلُبُ الثَّمَنَ أَمْ أَتْلَفَهُ فَقِيمَتُهُ أَمْ هُوَ بَاقٍ فَيَطْلُبُهُ) ، أَيْ أَيَدَّعِي ذَلِكَ فِي دَعْوَى أَوْ فِي ثَلَاثِ دَعَاوَى وَيَحْلِفُ الْخَصْمُ عَلَى الْأَوَّلِ يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ رَدُّ الثَّوْبِ وَلَا ثَمَنُهُ وَلَا قِيمَتُهُ وَعَلَى الثَّانِي ثَلَاثُ أَيْمَانٍ. (وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الْإِحْضَارَ) لِلْمُدَّعِي (فَثَبَتَ لِلْمُدَّعِي اسْتَقَرَّتْ مُؤْنَتُهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُدَّعِي (فَهِيَ) أَيْ مُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ (وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُدَّعِي) . فَصْلٌ (الْغَائِبُ الَّذِي تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ) بِهَا (عَلَيْهِ مَنْ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ وَهِيَ الَّتِي لَا يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرًا إلَى مَوْضِعِهِ لَيْلًا وَقِيلَ) هِيَ (مَسَافَةُ قَصْرٍ وَمَنْ بِقَرِيبَةٍ) وَهِيَ دُونَ الْبَعِيدَةِ بِوَجْهَيْهَا (كَحَاضِرٍ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةٌ وَلَا يَحْكُمُ) عَلَيْهِ (بِغَيْرِ حُضُورِهِ إلَّا لِتَوَارِيهِ أَوْ تَعَزُّزِهِ) ، فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حُضُورِهِ (وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ الْقَضَاءِ عَلَى غَائِبٍ فِي قِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَمَنْعُهُ فِي حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى) كَحَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ، وَالْمُفَرِّقُ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا يُوَسَّعُ بَابُهَا وَالثَّالِثُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَالْمَالِ فَيَكْتُبُ الْقَاضِي إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ بِالْعُقُوبَةِ. . (وَلَوْ سَمِعَ بَيِّنَةً عَلَى غَائِبٍ فَقَدَّمَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ يَسْتَعِدْهَا) أَيْ لَمْ يَجِبْ اسْتِعَادَتُهَا (بَلْ يُخَيِّرُهُ) بِالْحَالِ (وَيُمَكِّنُهُ مِنْ جَرْحٍ) لِلْبَيِّنَةِ وَالْقَادِمُ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَى حُجَّتِهِ بِالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْجَرْحِ يَوْمَ الشَّهَادَةِ. (وَلَوْ عَزَلَ بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ وَلِيَ وَجَبَتْ الِاسْتِعَادَةُ) ،   [حاشية قليوبي] دَعْوَى تَلَفٍ) أَيْ مَعَ الْحَلِفِ أَوْ الْبَيِّنَةِ. . قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ) الْأَوْلَى بَدَلُهُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (لِيَبِيعَهُ) قَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ. قَالَ شَيْخُنَا وَلَا وَجْهَ لَهُ. قَوْلُهُ: (فِي دَعْوَى) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ أَوْ فِي ثَلَاثٍ عَلَى مُقَابِلِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْلِفُ الْخَصْمُ إلَخْ) فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي حَلَفَ مُتَرَدِّدًا كَمَا ادَّعَى قَالَ شَيْخُنَا وَيُطَالِبُ مُتَرَدِّدًا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أَوْ مُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ) وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُدَّعِي قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَكَذَا أُجْرَةُ مُدَّةِ الْإِحْضَارِ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا فِي هَذِهِ تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ الْغَائِبَةِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ تَلْفِت الْعَيْنُ مُدَّةَ الْإِحْضَارِ فَلَا ضَمَانَ فِيهَا. فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لِلْحَاكِمِ الْأَمِينِ اسْتِخْلَاصُ مَالِ الْغَائِبِ مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ حَيْثُ خِيفَ فَوْتُهُ بِهَرَبٍ أَوْ إعْسَارٍ أَوْ جَحْدٍ وَإِلَّا فَالْعَيْنُ لَا الدَّيْنُ. فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَنْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يَذْكُرُ مَعَهُ، فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ قَوْلُهُ: (مِنْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِمُبَكِّرًا وَإِلَى مَوْضِعِهِ مُتَعَلِّقٌ بِلَا يَرْجِعُ فَلَا اعْتِرَاضَ، وَالْمُرَادُ بِالْمُبَكِّرِ عُرْفًا وَقِيلَ مِنْ الْفَجْرِ وَبِاللَّيْلِ قُبَيْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسَافَةُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ وَلَا غَيْرُهُ لَهَا غَايَةً وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ أَعَمَّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ غَايَتَهَا إلَى أَوَّلِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَرَاجِعْهُ. وَأَمَّا دُونَ هَذِهِ فَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى كَمَا تَقَدَّمَ وَسَيَأْتِي ضَبْطُهَا بِضِدِّ هَذِهِ وَاعْتِبَارُ الْمَسَافَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَحَلُّ وِلَايَةِ الْقَاضِي وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّ مَنْ لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَالَّتِي فِي الْبَعِيدَةِ   [حاشية عميرة] الْمَأْخُوذَةُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ دَعْوَى تَلَفٍ) أَيْ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَإِنْ نَاقَضَهَا بِالْإِنْكَارِ أَوْ لَا لِلضَّرُورَةِ لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ عَلَيْهِ الْحَبْسُ مَعَ احْتِمَالِ صِدْقِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ شَكَّ الْمُدَّعِي إلَخْ) يَشْمَلُ الْمُشْتَرِيَ وَغَيْرَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْجَبْنَا الْإِحْضَارَ) أَيْ فِي الْبَلَدِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ الَّذِي سَلَفَ رَأْسُ الصَّفْحَةِ يَعْنِي قَوْلَهُ أَوْ غَائِبَةً عَنْ الْمَجْلِسِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (فَهِيَ وَمُؤْنَةُ) أَيْ وَلَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْغَائِبَةِ عَنْ الْبَلَدِ لِسُهُولَةِ الْأَمْرِ هُنَا، وَلَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي الطَّرِيقِ بِانْهِدَامِ دَارٍ وَنَحْوِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّهَا تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِ مُسْتَحَقِّهَا وَجَعَلَ هَذَا حِيلَةً لِعَدَمِ ضَمَانِ أُجْرَتِهَا أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَلِكَ تَجِبُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي الْأُولَى إلَى دَارِ الْمُدَّعِي إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ مَغْصُوبَةً. . [فَصْل الْغَائِبُ الَّذِي تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ بِهَا عَلَيْهِ] فَصْلُ الْغَائِبِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ إلَخْ) هُوَ كَالْخِلَافِ فِيمَنْ دُعِيَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ. فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَلَكِنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي فَهُوَ كَالْبَعِيدِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ حُضُورُهُ لَوْ طَلَبَ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ حُضُورِهِ) قَالَ ابْنُ الْقَصَّاصِ وَلَا بُدَّ مِنْ نَصْبِ وَكِيلٍ عَنْهُ بِخِلَافِ الْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (يَوْمَ الشَّهَادَةِ) كَذَلِكَ قَبْلَهُ إذَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ قَوْلٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 313 لِلْبَيِّنَةِ (وَإِذَا اسْتَعْدَى عَلَى حَاضِرٍ بِالْبَلَدِ) أَيْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَهُ (أَحْضَرَهُ بِدَفْعِ خَتْمِ طِينٍ رَطْبٍ أَوْ غَيْرِهِ) ، لِلْمُدَّعِي بِعَرْضِهِ عَلَى الْخَصْمِ وَلْيَكُنْ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ أَجِبْ الْقَاضِيَ فُلَانًا. (أَوْ بِمُرَتَّبٍ لِذَلِكَ) مِنْ الْأَعْوَانِ بِبَابِ الْقَاضِي وَمُؤْنَتِهِ عَلَى الطَّالِبِ. . (فَإِنْ امْتَنَعَ) الْمَطْلُوبُ (بِلَا عُذْرٍ أَحْضَرَهُ بِأَعْوَانِ السُّلْطَانِ وَعَزَّرَهُ) بِمَا يَرَاهُ وَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ امْتَنَعَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَكَّلَ مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهُ فَإِنْ وَجَبَ تَحْلِيفُهُ بَعَثَ الْقَاضِي إلَيْهِ مَنْ يُحَلِّفُهُ. (أَوْ) عَلَى (غَائِبٍ فِي غَيْرِ) مَحَلِّ (وِلَايَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ إحْضَارُهُ أَوْ فِيهَا وَلَهُ هُنَاكَ نَائِبٌ لَمْ يَحْضُرْهُ بَلْ يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ) عَلَيْهِ (وَيَكْتُبُ إلَيْهِ) بِذَلِكَ (أَوْ   [حاشية قليوبي] فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ فِي الْمَسَافَةِ الْقَرِيبَةِ بِغَيْرِ حُضُورِهِ وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ فَلَوْ حَكَمَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ فِيهَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحُكْمِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ مِنْ الْحَاكِمِ تَبَيَّنَ فِي الْوَاقِعِ مَا يُوجِبُ عَدَمَ صِحَّتِهِ كَحُكْمِهِ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ تَبَيَّنَ كَمَالُهُ. قَوْلُهُ: (وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حُضُورِهِ) أَيْ بَعْدَ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ كَالْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (فِي حَدٍّ لِلَّهِ) لَوْ قَالَ: عُقُوبَةً لِلَّهِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ التَّعْزِيرَ. قَالَ شَيْخُنَا وَصُورَتُهَا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِهَا فِي حُضُورِهِ، ثُمَّ يَقْرَأُ وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَيَهْرُبُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَدَعْوَى الْحِسْبَةِ لَا تَسْمَعُ عَلَى الْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (فَحَدُّ الزِّنَا) وَالشُّرْبِ وَأَمَّا نَحْوُ حَدِّ السَّرِقَةِ مِمَّا فِيهِ الْحَقَّانِ فَيَحْكُمُ فِيهِ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ دُونَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَحْكُمُ فِي السَّرِقَةِ بِالْمَالِ دُونَ الْقَطْعِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَزَلَ) أَوْ انْعَزَلَ قَوْلُهُ: (بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ) أَيْ وَلَمْ يَحْكُمْ بِقَبُولِهَا وَإِلَّا فَلَا تُعَادُ. قَوْلُهُ: (وَجَبَتْ الِاسْتِعَادَةُ) . قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَحَلُّهُ إنْ تَيَسَّرَتْ إعَادَتُهَا، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِلْإِعَادَةِ وَمَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إلَى خِلَافِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا اسْتَعْدَى) يُقَالُ أَعْدَاهُ الْحَاكِمُ أَرَادَ عَدُوَّهُ، قَوْلُهُ: (أَحْضَرَهُ) وَلَوْ يَهُودِيًّا فِي يَوْمِ السَّبْتِ أَوْ نَصْرَانِيًّا فِي يَوْمِ الْأَحَدِ، وُجُوبًا نَعَمْ إنْ عَلِمَ الْقَاضِي كَذِبَ الطَّالِبِ أَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ مُكْتَرًى عَلَى عَمَلِ يَتَعَطَّلُ بِحُضُورِهِ، أَوْ كَانَ فِي وَقْتِ خُطْبَةٍ لَمْ يُحْضِرُهُ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يُحْضِرُهُ فِي صُورَةِ الِاكْتِرَاءِ، وَإِنْ تَعَطَّلَ الْعَمَلُ وَلَمْ يُوَافِقْهُ شَيْخُنَا. فَرْعٌ: لَوْ طَلَبَ شَخْصٌ حُضُورَ شَخْصٍ لِحَاكِمٍ بِغَيْرِ طَلَبِهِ، وَجَبَ الْحُضُورُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى حُضُورِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْوَفَاءُ أَوْ الْحُضُورُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ. قَوْلُهُ: (بِدَفْعِ خَتْمِ طِينٍ رَطْبٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَشَمْعٍ مَخْتُومٍ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلْيَكُنْ مَكْتُوبًا إلَخْ) . قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا قَدْ هُجِرَ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ وَصَارَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ الْآنَ الْكَاغِدَ الْمَعْرُوفَ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِمُرَتَّبٍ) هِيَ لِلتَّفْرِيعِ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْخَتْمِ وَالْمُرَتَّبِ. قَالَ شَيْخُنَا وَالتَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ. قَوْلُهُ: (وَمُؤْنَتُهُ) أَيْ الْمُرَتَّبُ عَلَى الطَّالِبِ حَيْثُ ذَهَبَ بِهِ ابْتِدَاءً كَمَا هُوَ الْفَرْضُ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ أَوْ التَّرْتِيبِ، فَإِنْ ذَهَبَ بِهِ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ فِي الْخَتْمِ فَمُؤْنَتُهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِتَعَدِّيهِ بِامْتِنَاعِهِ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ أَوْ التَّرْتِيبِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ التَّخْيِيرِ وَالتَّرْتِيبِ وَقَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّ الْمُؤْنَةَ عَلَى الطَّالِبِ عَلَى قَوْلِ التَّخْيِيرِ، وَعَلَى الْمُمْتَنِعِ عَلَى قَوْلِ التَّرْتِيبِ فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ. وَمَحَلُّ وُجُوبِ مُؤْنَةِ الْمُرَتِّبِ إنْ لَمْ يُرْزَقْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هُنَا مَا مَرَّ فِي إحْضَارِ الْعَيْنِ، أَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ فَالْمُؤْنَةُ عَلَى الطَّالِبِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ امْتَنَعَ) وَيَثْبُتُ امْتِنَاعُهُ بِقَوْلِ الْمُرَتَّبِ إنْ كَانَ مَعَهُ، وَإِلَّا فَبِعَدْلَيْنِ وَمَحَلُّ تَعَدِّيهِ بِالِامْتِنَاعِ إنْ كَانَ مَعَ الطَّالِبِ أَوْ الْمُرَتَّبِ أَمْرُ الْقَاضِي وَإِلَّا فَلَا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرَتَّبِ أَمَرَنِي الْقَاضِي بِإِحْضَارِك، وَلَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ خَصْمِهِ وَإِلَّا فَكَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِلَا عُذْرٍ) مِنْ أَعْذَارِ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ بِقَوْلِ الْعَوْنِ. قَوْلُهُ: (أَحْضُرُهُ بِأَعْوَانِ السُّلْطَانِ) وَلَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ إلَّا إنْ كَانَ مَعَ الْعَوْنِ أَمْرٌ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْحُضُورِ مَعَ الْعَوْنِ لِاخْتِفَائِهِ بِهَرَبٍ مَثَلًا نُودِيَ عَلَى بَابِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سُمِّرَ بَابُهُ أَوْ خُتِمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ بَعْدَهَا أُجِيبَ الْخَصْمُ لِمَا طَلَبَهُ مِنْهُمَا لَكِنَّ مَحِلَّهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ غَيْرُهُ، وَيُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ مُسْتَعِيرٌ لَا مُسْتَأْجَرٌ وَمَحَلُّ التَّسْمِيرِ إنْ كَانَ الْبَابُ مِلْكَهُ، وَلِلْقَاضِي أَنْ يَهْجُمَ عَلَيْهِ بِنَحْوِ مَمْسُوحٍ إنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ نِسَاءٌ. قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَيَبْعَثُ مَعَ الَّذِي يَهْجُمُ عَدْلَيْنِ يَقِفَانِ قَرِيبًا مِنْهُ قَالَ وَلَا هَجْمَ فِي حَدِّ اللَّهِ وَلَا فِي قَطْعِ طَرِيقٍ، وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ بَعْدَ مَا ذُكِرَ حُكْمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ لَكِنْ بَعْدَ النِّدَاءِ عَلَى بَابِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ يُرِيدُ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ امْتَنَعَ لِعُذْرٍ) أَيْ مِمَّا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَكُلُّ مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَالْمَعْذُورُ يُرْسِلُ إلَيْهِ الْقَاضِي مَنْ يَسْمَعُ الدَّعْوَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ أَوْ يُلْزِمُهُ بِالتَّوْكِيلِ وَلَهُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ كَالْغَائِبِ انْتَهَى، وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لَهُ إحْضَارُهُ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي دُونِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى. قَوْلُهُ: (نَائِبٌ) أَوْ مُصْلِحٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْقَضَاءِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْضُرْهُ) أَيْ يَحْرُمُ إحْضَارُهُ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَسْمَعُ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى لِأَنَّ الْكَاتِبَ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) أَيْ إلَى نَائِبِهِ أَوْ لِلْمُصْلِحِ لِيَتَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا فِي الصُّلْحِ قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ يَحْضُرُهُ) أَيْ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى وَلُزُومُهَا لِئَلَّا يُتْبِعَهُ بِمَا لَا يَصِحُّ، نَحْوُ دَعْوَى ذِمِّيٍّ عَلَى مُسْلِمٍ بِخَمْرٍ أَتْلَفَهَا، وَهَذَا وَاجِبٌ فِي الْغَائِبِ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَسَافَةِ   [حاشية عميرة] الْمَتْنِ: (وَإِذَا اسْتَعْدَى) يُقَالُ أَعْدَاءُ الْحَاكِمِ أَزَالَ الْعُدْوَانَ كَأَشْكَاهُ بِمَعْنَى أَزَالَ شَكَوَاهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بِمُرَتَّبٍ) يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ لِنَظَرِ الْقَاضِي بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنْ خَصْمٍ أَوْ مُرَتَّبٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ امْتَنَعَ) لَا يَثْبُتُ الِامْتِنَاعُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إذَا كَانَ الْمَبْعُوثُ الْخَصْمَ فَإِنْ كَانَ الْعَوْنُ كَفَى قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ أَيْ فَيَتَقَيَّدُ بِالثِّقَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَيْسَ لَهُ إحْضَارُهُ) هَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ الْقَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ هُنَاكَ إلَخْ) . اُنْظُرْ هَلْ يَلْحَقُ بِهَذَا مَا لَوْ كَانَتْ الْبَلَدُ مُتَّسِعَةً وَلَهَا قُضَاةٌ وَطَلَبَ شَخْصٌ لِقَاضٍ فِي طَرَفِهَا وَهُوَ بِالطَّرَفِ الْآخَرِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ وَلَا نَظَرَ إلَى وُجُودِ قَاضِي طَرَفَهَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 314 لَا نَائِبَ) لَهُ هُنَاكَ (فَالْأَصَحُّ يُحْضِرُهُ مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَقَطْ وَهِيَ الَّتِي يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرًا لَيْلًا) إلَى مَوْضِعِهِ، وَالثَّانِي مِنْ دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَالثَّالِثُ مِنْ أَيِّ مَسَافَةٍ قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ لَكِنْ لَهُ أَنْ يَبْعَثَ إلَى بَلَدِهِ مَنْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمَا. . (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُخَدَّرَةَ لَا تَحْضُرُ) أَيْ لَا تُكَلَّفُ حُضُورَ مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَلْ تُوَكَّلُ، وَالثَّانِي تَحْضُرُ كَغَيْرِهَا (وَهِيَ مَنْ لَا يَكْثُرُ خُرُوجُهَا لِحَاجَاتٍ) كَشِرَاءِ خُبْزٍ وَقُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ وَنَحْوِهَا، بِأَنْ لَمْ تَخْرُجْ أَصْلًا إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ لَمْ تَخْرُجْ إلَّا قَلِيلًا لِحَاجَةٍ وَمِنْهَا الْعَزَاءُ وَالزِّيَارَةُ وَالْحَمَّامُ. بَابُ الْقِسْمَةِ. (قَدْ يُقَسِّمُ) الْمُشْتَرِكُ (الشُّرَكَاءَ أَوْ مَنْصُوبَهُمْ أَوْ مَنْصُوبَ الْإِمَامِ وَشَرْطُ مَنْصُوبِهِ ذَكَرٌ حُرٌّ عَدْلٌ عَلِمَ الْمِسَاحَةَ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (وَالْحِسَابَ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مَنْصُوبِهِمْ الْعَدَالَةُ وَالْحُرِّيَّةُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُمْ وَمَنْصُوبُ الْإِمَامِ مُلْزَمٌ بِالْإِقْرَاعِ. (فَإِنْ كَانَ فِيهَا تَقْوِيمٌ وَجَبَ قَاسِمَانِ) لِاشْتِرَاطِ   [حاشية قليوبي] الْعَدْوَى) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَهِيَ الَّتِي يَرْجِعُ إلَخْ) هَذَا غَايَتُهَا فَمَا دُونَهُ مِنْهَا وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ مَحَلِّ تَبْكِيرِهِ، وَلَوْ غَيْرَ بَلَدِهِ وَلَعَلَّ ابْتِدَاءَهَا فِي الْبَلَدِيِّ مَحَلُّ جَوَازِ قَصْرِ الصَّلَاةِ لِلْمُسَافِرِ مِنْهُ فَرَاجِعْهُ. فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيُّ لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ الْوَاسِعَةِ قُضَاةٌ وَطَلَبَ شَخْصٌ لِقَاضٍ وَهُمَا فِي طَرَفَيْهَا وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ وَلَا نَظَرَ لِقَاضِي طَرَفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ انْتَهَى فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْمُخَدَّرَةُ) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا وَيُعْتَبَرُ فِيهَا مُدَّةُ تَوْبَةِ الْفَاسِقِ، وَخَرَجَ بِهَا الْبَرْزَةُ لَكِنَّهَا لَا تَحْضُرُ مِنْ خَارِجِ الْبَلَدِ إلَّا مَعَ مُحْرِمٍ وَنَحْوِهِ، وَيَثْبُتُ التَّخْدِيرُ بِبَيِّنَةٍ، وَكَذَا بِقَوْلِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ التَّخْدِيرُ. قَوْلُهُ: (مَجْلِسِ الْحُكْمِ) وَلَوْ لِتَحْلِيفٍ بِخِلَافِ حُضُورِ الْجَامِعِ لِحَلِفٍ اقْتَضَاهُ الْحَاكِمُ فَتَحْضُرُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بَلْ تُوَكِّلُ) أَوْ يَحْضُرُ الْقَاضِي إلَيْهَا وَيَجْرِي فِيهَا مَا فِي الْمَعْذُورِ عَلَى مَا سَبَقَ وَإِذَا حَضَرَ إلَيْهَا الْقَاضِي مَثَلًا أَجَابَتْهُ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ، وَيَكْفِي فِي كَوْنِهَا هِيَ اعْتِرَافُ الْخَصْمِ أَوْ شَهَادَةُ اثْنَيْنِ مِنْ مَحَارِمِهَا، وَإِلَّا تَلَفَّفَتْ بِنَحْوِ مِلْحَفَةٍ وَخَرَجَتْ مِنْ السِّتْرِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ مَنْ لَا يَكْثُرُ خُرُوجُهَا لِحَاجَاتٍ) أَيْ مَنْ لَا تَخْرُجُ لَهَا عَادَةً. بَابُ الْقِسْمَةِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ السِّينِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ، وَهِيَ تَمْيِيزُ الْحِصَصِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا مَعْنَاهَا لُغَةً وَشَرْعًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَنْصُوبُهُمْ) أَيْ بِغَيْرِ تَحْكِيمٍ وَإِلَّا فَكَمَنْصُوبِ الْحَاكِمِ وَلَوْ طَلَبَ الشُّرَكَاءُ مِنْ الْحَاكِمِ قِسْمَةَ مَا بِأَيْدِيهِمْ لَمْ يَجُزْ لَهُ إجَابَتُهُمْ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْفَلَسِ تَرْجِيحُهُ عَنْ شَيْخِنَا أَوْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ حَتَّى يُقِيمُوا بَيِّنَةَ غَيْرِ شَاهِدٍ، وَيَمِينٍ يَثْبُتُ بِهَا مِلْكُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مُنَازِعٌ وَسُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ مَعَ عَدَمِ الدَّعْوَى لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا. قَوْلُهُ: (ذِكْرُ حُرٍّ عَدْلٍ) ضَابِطٍ سَمِيعٍ بَصِيرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ وَكَذَا عَفِيفٍ عَنْ الطَّمَعِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَخْذُ أُجْرَةٍ مِنْ صَاحِبِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ، وَالْقَوْلُ بِجَوَازِ الْأَخْذِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ هَذَا مِنْ الْأَعْمَالِ. قَوْلُهُ: (يَعْلَمُ الْمِسَاحَةَ) وَهِيَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ مَقَادِيرُ الْأَسْطِحَةِ قَوْلُهُ: (وَالْحِسَابَ) وَهُوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ مَقَادِيرُ الْأَعْدَادِ وَيُنْدَبُ كَوْنُهُ عَارِفًا بِقِيَمِ الْمُتَقَوِّمَاتِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مَنْصُوبِهِمْ الْعَدَالَةُ) نَعَمْ إنْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ اُشْتُرِطَتْ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ. قَوْلُهُ: (وَالْحُرِّيَّةُ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مَنْصُوبِهِمْ الْحُرِّيَّةُ وَلَا غَيْرُهَا مَا عَدَا التَّكْلِيفَ وَلَوْ وَكَّلَ بَعْضُهُمْ وَاحِدًا مِنْهُمْ لِيُقَسِّمَ مَعَ بَقِيَّتِهِمْ فَإِنْ ضَمَّ حِصَّتَهُ مَعَ حِصَّةِ مُوَكِّلِهِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا.   [حاشية عميرة] يُحْضِرُهُ) أَيْ وَلَكِنْ بَعْدَ تَحْرِيرِ دَعْوَاهُ وَمَعْرِفَتِهَا بِخِلَافِ الْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ. . قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُخَدَّرَةَ إلَخْ) مِنْ جُمْلَةِ أَدِلَّتِهِ حَدِيثُ «وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» قَالُوا إنَّهَا كَانَتْ مُخَدَّرَةً، وَقَوْلُهُ لَا تَحْضُرُ أَيْ يُسْتَحَبُّ عَدَمُ إحْضَارِهَا. فَرْعٌ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّحْذِيرِ فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهِيَ مَنْ لَا يَكْثُرُ إلَخْ) . قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ الْأَوْلَى فِي ذَلِكَ رَدُّهُ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ. . [بَابُ الْقِسْمَةِ] إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ مَنْصُوبُهُمْ) هُوَ شَامِلٌ لِلْمُحْكِمِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (ذَكَرٌ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَصِحُّ حَمْلُ الْخَبَرِ عَلَى الْمُبْتَدَأِ هُنَا قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَعْلَمُ الْمِسَاحَةَ) مَصْدَرُ مَسَحْت أَيْ ذَرَعْت وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمِسَاحَةِ وَالْحِسَابِ لِلْقَاضِي بِخِلَافِ هَذَا لِأَنَّ هَذَا هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْفِقْهِ الْمُشْتَرِطِ لِلْقَاضِي لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِالْإِقْرَاعِ) أَيْ بِالْقُرْعَةِ يَحْصُلُ الْإِلْزَامُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَصَبُوا إنْسَانًا وَلَوْ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ وَالْإِفْرَازِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمْ بَعْدَ الْقُرْعَةِ أَيْضًا، فَلَا يَحْصُلُ الْإِلْزَامُ بِالْقُرْعَةِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّحْكِيمِ بَيْنَهُمْ لَهُ ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ كِتَابَةِ هَذِهِ الْحَاشِيَةِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُخَالِفُهَا فِي مَسْأَلَةِ التَّحْكِيمِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 315 الْعَدَدِ فِي الْمُقَوِّمِ (وَإِلَّا فَقَاسَمَ وَفِي قَوْلٍ) مِنْ طَرِيقِ (اثْنَانِ) بِنَاءً لِلْقَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّ مَنْصِبَ الْقَاسِمِ مَنْصِبُ الْحَاكِمِ أَوْ مَنْصِبُ الشَّاهِدِ وَالْكَلَامُ فِي مَنْصُوبِ الْإِمَامِ وَلَوْ فَوَّضَ الشُّرَكَاءُ الْقِسْمَةَ إلَى وَاحِدٍ بِالتَّرَاضِي جَازَ قَطْعًا. . (وَلِلْإِمَامِ جَعْلُ الْقَاسِمِ حَاكِمًا فِي التَّقْوِيمِ فَيَعْمَلُ فِيهِ بِعَدْلَيْنِ وَيَقْسِمُ) بِنَفْسِهِ. (وَيَجْعَلُ الْإِمَامَ رِزْقَ مَنْصُوبِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِيهِ مَالٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (فَأُجْرَتُهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ فَإِنْ اسْتَأْجَرُوهُ وَسَمَّى كُلٌّ) مِنْهُمْ (قَدْرًا لَزِمَهُ وَإِلَّا) ، بِأَنْ أَطْلَقُوا الْمُسَمَّى (فَالْأُجْرَةُ مُوَزَّعَةٌ عَلَى الْحِصَصِ وَفِي قَوْلٍ) مِنْ طَرِيقٍ (عَلَى الرُّءُوسِ) لِأَنَّ الْعَمَلَ يَقَعُ لَهُمْ جَمِيعًا. . (ثُمَّ مَا عَظُمَ الضَّرَرُ فِي قِسْمَتِهِ كَجَوْهَرَةٍ وَثَوْبٍ نَفِيسَيْنِ وَزَوْجَيْ خُفٍّ إنْ طَلَبَ الشُّرَكَاءُ كُلُّهُمْ قِسْمَتَهُ لَمْ يُجِبْهُمْ الْقَاضِي، وَلَا يَمْنَعُهُمْ إنْ قَسَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ إنْ لَمْ تَبْطُلْ مَنْفَعَتُهُ كَسَيْفٍ يَكْسِرُ) ، بِخِلَافِ مَا تَبْطُلُ مَنْفَعَتُهُ فَيَمْنَعُهُمْ لِأَنَّهُ سَفَهٌ. . (وَمَا يُبْطِلُ نَفْعُهُ الْمَقْصُودَ كَحَمَّامٍ وَطَاحُونَةٍ صَغِيرَيْنِ لَا يُجَابُ طَالِبُ قِسْمَتِهِ فِي الْأَصَحِّ) ، لِمَا فِيهَا مِنْ الضَّرَرِ وَالثَّانِي يُجَابُ لِدَفْعِهَا ضَرَرَ الشَّرِكَةِ (فَإِنْ أَمْكَنَ جَعْلُهُ حَمَّامَيْنِ) أَوْ طَاحُونَتَيْنِ (أُجِيبُ) وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى إحْدَاثِ بِئْرٍ أَوْ مُسْتَوْقَدٍ. . (وَلَوْ كَانَ لَهُ عُشْرُ دَارٍ لَا يَصْلُحُ لِسُكْنَى، وَالْبَاقِي لِآخَرَ) يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى (فَالْأَصَحُّ إجْبَارُ صَاحِبِ الْعُشْرِ بِطَلَبِ صَاحِبِهِ دُونَ عَكْسِهِ) أَيْ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْبَاقِي بِطَلَبِ صَاحِبِ الْعُشْرِ وَالْفَرْقُ أَنَّ صَاحِبَ الْعُشْرِ مُتَعَنِّتٌ فِي طَلَبِهِ، وَالْآخَرُ مَعْذُورٌ وَوَجْهُ الْمَرْجُوحِ فِي الْأُولَى ضَرَرُ صَاحِبِ الْعُشْرِ وَفِي الثَّانِيَةِ تَمْيِيزُ مِلْكِهِ. . (وَمَا لَا يَعْظُمُ ضَرَرُهُ قِسْمَتُهُ أَنْوَاعٌ أَحَدُهَا بِالْأَجْزَاءِ كَمِثْلِيٍّ) مِنْ حُبُوبٍ وَدَرَاهِمَ أَوْ ضَمَانٍ وَغَيْرِهَا (وَدَارٍ مُتَّفِقَةِ الْأَبْنِيَةِ وَأَرْضٍ مُشْتَبِهَةِ الْأَجْزَاءِ فَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (جَازَ) وَإِنْ كَانَ فِيهَا تَقْوِيمٌ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِعَدْلَيْنِ) أَوْ بِعِلْمِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ قَوْلُهُ: (وَيَجْعَلُ الْإِمَامُ رِزْقَ مَنْصُوبِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وُجُوبًا وَحِينَئِذٍ يَجِبُ نَصْبُهُ، وَلَوْ لَمْ يَكْفِ وَاحِدٌ وَجَبَتْ الزِّيَادَةُ قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) وَلَوْ أَبْقَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا لَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَهَمَّ أَوْ مَنَعَ ظُلْمًا وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَأُجْرَتُهُ) أَيْ إنْ اسْتَأْجَرُوهُ فَالْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِهِ نَفْيُ كَوْنِهَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ إجَارَةٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَأْجَرُوهُ) أَيْ كُلُّهُمْ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَلَوْ بِأَوْلِيَائِهِمْ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ بَعْضُهُمْ فَعَلَيْهِ وَحْدَهُ وَعَلَى الْوَلِيِّ طَلَبُ الْقِسْمَةِ إنْ كَانَ فِيهَا مَصْلَحَةٌ لِمُوَلِّيهِ، وَلِلْوَلِيِّ بَذْلُ الْأُجْرَةِ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ مَعَ الشُّرَكَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا حَظٌّ لِمُوَلِّيهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْحِصَصِ) أَيْ الْمَأْخُوذَةِ لَا الْأَصْلِيَّةِ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَبْطُلْ نَفْعُهُ) فَلَا يَضُرُّ نَقْصُهُ قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا يَبْطُلُ نَفْعُهُ) أَيْ بِالْكُلِّيَّةِ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِوَجْهٍ فَيَمْنَعُهُمْ الْحَاكِمُ وُجُوبًا، وَإِذَا تَنَازَعَ الشُّرَكَاءُ فِيمَا لَا يُقَسَّمْ انْتَفَعُوا بِهِ مُهَايَأَةً وَلِكُلٍّ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَ أَوْ أَجَّرُوهُ لِبَعْضِهِمْ أَوْ لِغَيْرِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا بِذَلِكَ أَجْبَرَهُمْ الْحَاكِمُ عَلَى إجَارَتِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَعَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ مُهَايَأَةٌ. قَوْلُهُ: (كَحَمَّامٍ) وَهُوَ مَحَلُّ الِاسْتِحْمَامِ لَا مَعَ نَحْوِ مُسْتَوْقِدٍ، قَوْلُهُ: (وَطَاحُونَةٍ) وَهِيَ مَحَلُّ دَوْرَانِ الدَّوَابِّ حَوْلَ الْحَجَرِ لَا مَعَ نَحْوِ دَارِ الدَّوَابِّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَمْكَنَ إلَخْ) هَذَا مِمَّا لَا يَعْظُمُ ضَرَرُهُ، وَإِنَّمَا قَدَّمَهُ لِضَرُورَةِ الْمَفْهُومِ. قَوْلُهُ: (دَارٍ) أَيْ مَثَلًا قَوْلُهُ: (لِآخَرَ) وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ وَطَلَبَ كُلَّ الْقِسْمَةِ وَخَلَتْ الدَّارُ عَنْ نَحْوِ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ أَحَدٌ لِلْقِسْمَةِ. قَوْلُهُ: (مُتَعَنِّتٌ) فَلَوْ كَانَ بِجَانِبِ الدَّارِ مِلْكٌ لَهُ أَوْ نَحْوُ مَوَاتٍ أُجِيبُ لِلْقِسْمَةِ، وَتُضَمُّ حِصَّتُهُ بِجَانِبِ مِلْكِهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لِعَدَمِ تَعَنُّتِهِ حِينَئِذٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ الْمَرْجُوحِ) وَهُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَهُوَ عَدَمُ إجَابَةِ صَاحِبِ الْأَكْثَرِ فِي الْأَوْلَى وَإِجْبَارُهُ بِطَلَبِ صَاحِبِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ إجْبَارُ صَاحِبِ الْأَكْثَرِ فِي الْأُولَى وَإِجْبَارُهُمَا مَعًا فِي الثَّانِيَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ عُدُولِ الشَّارِحِ عَنْ أَنْ يَقُولَ وَالثَّانِي إلَخْ فَرَاجِعْهُ. . [أَنْوَاع مَا لَا يَعْظُمُ ضَرَرُهُ قِسْمَتُهُ] قَوْلُهُ: (أَنْوَاعٌ) أَيْ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهُ إنْ تَسَاوَتْ الْأَنْصِبَاءُ صُورَةً وَقِيمَةً، فَهُوَ الْأَوَّلُ وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى شَيْءٍ آخَرَ مِنْ خَارِجٍ فَالثَّانِي وَإِلَّا فَالثَّالِثُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ وَجْهُ تَقْدِيمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ. قَوْلُهُ: (بِالْأَجْزَاءِ) وَتُسَمَّى قِسْمَةُ الْمُتَشَابِهَاتِ. قَوْلُهُ: (مُتَّفِقَةِ الْأَبْنِيَةِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا بِنَاءٌ غَيْرُ سُوَرِهَا، أَوْ بِأَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ جَانِبٍ مِنْهَا مِثْلُ مَا فِي الْآخَرِ مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَكَذَا مِنْ غَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (وَأَرْضٍ مُشْتَبِهَةِ الْأَجْزَاءِ) أَيْ مُتَسَاوِيَةٍ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ وَلَيْسَ فِيهَا نَحْوُ زَرْعٍ، فَتُقَسَّمُ وَحْدَهَا وَلَوْ إجْبَارًا فَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ لَمْ تَصِحَّ قَسَّمَتْهُ وَحْدَهُ وَلَا قَسَّمَتْهُمَا مَعًا. نَعَمْ إنْ كَانَ قَصِيلًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ جَازَتْ قِسْمَتُهُمَا مَعًا بِالتَّرَاضِي وَتَجُوزُ قِسْمَةُ الْكَتَّانِ بَعْدَ نَفْضِ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَقْوِيمٌ) لَوْ كَانَ فِيهَا خَرْصٌ. قَالَ الْإِمَامُ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ الصَّحِيحِ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ. قَوْلُهُ: (إلَى وَاحِدٍ بِالتَّرَاضِي) . قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ هَذَا الْوَاحِدِ لِأَنَّهُ غَيْرُ نَائِبِ الْقَاضِي وَكَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَعْمَلُ فِيهِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ شَرْطِ الْعَدَدِ. قَوْلُهُ: (وَزَوْجَيْ خُفٍّ) . قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ الْعَامَّةُ تُخْطِئُ بِظَنِّ أَنَّ الزَّوْجَ اثْنَانِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي أَلْسِنَةِ الْعَرَبِ إذْ كَانُوا لَا يَتَكَلَّمُونَ بِالزَّوْجِ مُوَحَّدًا بَلْ يَقُولُونَ عِنْدِي زَوْجَا حَمَامٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاحِدَ هُوَ الْفَرْدُ فَإِنْ ضُمَّ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ سُمِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَوْجًا قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَمْنَعُهُمْ) اسْتِئْنَافٌ. قَوْلِ الْمَتْنِ: (كَسَيْفٍ يَكْسِرُ) مِثَالُ لِمَا لَا يَمْنَعُهُمْ مِنْهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَغِيرَيْنِ) قَالَ هَذَا لِأَنَّ الْحَمَامَ مُذَكَّرٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 316 عَلَيْهَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهَا (فَتَعْدِلُ السِّهَامَ كَيْلًا) فِي الْمَكِيلِ (أَوْ وَزَنَى) فِي الْمَوْزُونِ (أَوْ ذَرْعًا) فِي الْمَذْرُوعِ وَالْأَرْضِ (بِعَدَدِ الْأَنْصِبَاءِ إنْ اسْتَوَتْ) كَلِأَثْلَاثٍ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ (وَيَكْتُبُ فِي كُلِّ رُقْعَةٍ اسْمَ شَرِيكٍ أَوْ جُزْءٍ مُمَيَّزٍ بِحَدٍّ أَوْ جِهَةٍ) مَثَلًا. (وَتُدْرَجُ فِي بَنَادِقَ مُسْتَوِيَةٍ) وَزْنًا وَشَكْلًا مِنْ طِين مُجَفَّفٍ أَوْ شَمْعٍ. (ثُمَّ يَخْرُجُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا) أَيْ الرِّقَاعَ حِينَ الْكِتَابَةِ وَالْإِدْرَاجِ بَعْدَ جَعْلِهَا فِي حَجَرٍ مَثَلًا. (رُقْعَةً عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ إنْ كَتَبَ الْأَسْمَاءَ فَيُعْطِي مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَوْ عَلَى اسْمِ زَيْدٍ إنْ كَتَبَ الْأَجْزَاءَ) فَيُعْطِي ذَلِكَ الْجُزْءَ وَيَفْعَلُ كَذَلِكَ فِي الرُّقْعَةَ الثَّانِيَةَ فَيَخْرُجُهَا عَلَى الْجُزْءِ الثَّانِي أَوْ عَلَى اسْمِ عَمْرٍو وَتَتَعَيَّنُ الثَّالِثَةُ لِلْبَاقِي إنْ كَانَتْ أَثْلَاثًا وَتَعْيِينُ مَنْ يُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ الشُّرَكَاءِ وَالْأَجْزَاءِ مَنُوطٍ بِنَظَرِ الْقَاسِمِ. . (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَنْصِبَاءُ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ) فِي أَرْضٍ (جُزِّئَتْ الْأَرْضُ عَلَى أَقَلِّ السِّهَامِ) وَهُوَ السُّدُسُ فَتَكُونُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ (وَقُسِّمَتْ كَمَا سَبَقَ وَيُحْتَرَزُ عَنْ تَفْرِيقِ حِصَّةِ وَاحِدٍ) وَهُوَ فِي غَيْرِ الْأَقَلِّ فِي كِتَابَةِ الْأَجْزَاءِ فِي سِتِّ رِقَاعٍ إذَا بُدِئَ بِصَاحِبِ السُّدُسِ وَخَرَجَ عَلَى اسْمِهِ الْجُزْءُ الثَّانِي أَوْ الْخَامِسُ فَيُفَرَّقُ حِصَّةُ غَيْرِهِ، فَيَبْدَأُ بِمَنْ لَهُ النِّصْفُ مَثَلًا فَإِنْ خَرَجَ عَلَى اسْمِهِ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي أُعْطِيَهُمَا وَالثَّالِثُ وَيُثْنِي بِصَاحِبِ الثُّلُثِ فَإِنْ خَرَجَ عَلَى اسْمِهِ الْجُزْءُ الرَّابِعُ أُعْطِيَهُ وَالْخَامِسُ وَتَعَيَّنَ السَّادِسُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ، وَفِي كِتَابَةِ الْأَسْمَاءِ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَبَكْرٌ فِي ثَلَاثِ رِقَاعٍ، أَوْ سِتٍّ إنْ خَرَجَ اسْمُ بَكْرٍ صَاحِبِ السُّدُسِ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ أَخَذَهُ وَإِنْ خَرَجَ عَلَى الْجُزْءِ الثَّانِي اسْمُ عَمْرٍو صَاحِبِ الثُّلُثِ أَخَذَهُ مَعَ الثَّالِثِ وَتَعَيَّنَتْ الثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ لِزَيْدٍ صَاحِبِ النِّصْفِ وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ لَوْ خَرَجَ اسْمُ زَيْدٍ قَبْلَ اسْمِ عَمْرٍو أَوْ أَحَدُهُمَا أَوَّلًا وَتَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا اسْمُ بَكْرٍ وَلَا تَفْرِيقَ لِحِصَّتِهِمَا فِي ذَلِكَ. . (الثَّانِي) مِنْ الْأَنْوَاعِ الْقِسْمَةُ (بِالتَّعْدِيلِ) بِأَنْ تَعْدِلَ السِّهَامُ بِالْقِيمَةِ (كَأَرْضٍ تَخْتَلِفُ قِيمَةُ أَجْزَائِهَا بِحَسَبِ قُوَّةِ إنْبَاتٍ وَقُرْبِ مَاءٍ) فَإِذَا كَانَتْ لِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ وَقِيمَةُ ثُلُثِهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَا ذَكَرَ كَقِيمَةِ ثُلُثَيْهَا الْخَالِي عَنْ ذَلِكَ، جَعَلَ الثُّلُثَ سَهْمًا وَالثُّلُثَانِ سَهْمًا وَأَقْرَعَ بِكِتَابَةِ الِاسْمَيْنِ أَوْ الْجُزْأَيْنِ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ جُزْءٌ أَخَذَهُ (وَيُجْبَرُ) الْمُمْتَنِعُ (عَلَيْهَا فِي الْأَظْهَرِ) إلْحَاقًا لِلتَّسَاوِي فِي الْقِيمَةِ بِالتَّسَاوِي فِي الْأَجْزَاءِ، وَالثَّانِي لَا يُجْبَرُ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَالْمَنَافِعِ وَعَلَى الْأَوَّلِ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ بِحَسَبِ الْمَأْخُوذِ وَقِيلَ بِحَسَبِ الشَّرِكَةِ فِي الْأَصْلِ. . (وَلَوْ اسْتَوَتْ قِيمَةُ دَارَيْنِ أَوْ حَانُوتَيْنِ) لِاثْنَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ (فَطَلَبَ جَعْلَ كُلٍّ) مِنْهُمَا (لِوَاحِدٍ فَلَا إجْبَارَ) فِي ذَلِكَ تَجَاوَرَ مَا ذَكَرَ أَوْ تَبَاعَدَ لِشِدَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْمَالِ وَالْأَبْنِيَةِ (أَوْ) قِيمَةِ (عَبِيدٍ أَوْ ثِيَابٍ مِنْ نَوْعٍ أُجْبِرَ) ،   [حاشية قليوبي] رُءُوسِهِ وَمِعْيَارُهُ الْوَزْنُ قَالَهُ شَيْخُنَا وَتَصِحُّ قِسْمَةُ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ مِنْ نَخْلٍ وَعِنَبٍ خَرْصًا وَلَوْ مُنَصَّفًا، وَلَا يَصِحُّ قِسْمَةُ غَيْرِهِمَا وَشَمِلَتْ الْأَرْضُ شَرِكَةَ الْوَقْفِ وَلَوْ مَسْجِدًا فَتَجُوزُ قِسْمَتُهَا مَعَهُ فِي هَذَا النَّوْعِ دُونَ غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ) وَلَوْ فِي شَرِكَةِ الْوَقْفِ قَوْلُهُ: (وَيَكْتُبُ) مَثَلًا فَنَحْوُ عَصًا وَحَصًى كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مُسْتَوِيَةٍ) نَدْبًا. قَوْلُهُ: (مَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا) وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ صَبِيًّا لِبُعْدِ التُّهْمَةِ وَلَهُ كَغَيْرِهِ الْبُدَاءَةُ بِأَيِّ نَصِيبٍ أَوْ شَرِيكٍ شَاءَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (وَيَحْتَرِزُ) أَيْ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ التَّفْرِيقُ يَحْصُلُ فِي الْبُدَاءَةِ بِصَاحِبِ الْأَقَلِّ قَوْلُهُ: (أُعْطِيهِمَا وَالثَّالِثِ) وَيَقْرَعُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ إنْ خَرَجَ عَلَى اسْمِهِ الثَّالِثِ أُعْطِيَهُ، وَاَللَّذَيْنِ قَبْلَهُ أَيْضًا وَأَقْرَعُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ، وَكَذَا إنْ خَرَجَ بِاسْمِهِ الرَّابِعِ أُعْطِيَهُ، وَاَللَّذَيْنِ قَبْلَهُ وَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَالْأَخِيرَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ إنْ خَرَجَ عَلَى اسْمِهِ الْخَامِسِ أُعْطِيَهُ، وَاَللَّذَيْنِ قَبْلَهُ أَيْضًا وَتَعَيَّنَ الْأَخِيرُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَلِلْآخَرِ الْأَوَّلَانِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَاعْتَبَرَ كَغَيْرِهِ نَظَرُ الْقَاسِمِ فِيمَا يَضُمُّ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَوْ بَدَأَ بِصَاحِبِ السُّدُسِ عَلَى خِلَافِ مَا مُنِعَ مِنْهُ، فَخَرَجَ عَلَى اسْمِهِ الثَّانِي، أَوْ الْخَامِسِ لَمْ يُعْطَهُ وَتُعَادُ الْقِسْمَةُ أَوْ غَيْرُهُمَا أُعْطِيَهُ وَعَمِلَ فِي الْآخَرَيْنِ بِقِيَاسِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أُعْطِيَهُ) أَيْ الرَّابِعُ وَأُعْطِيَ مَعَهُ الْخَامِسُ وَلَا يُعْطَى مَعَهُ الثَّالِثُ لِلُزُومِ التَّفْرِيقِ وَإِنْ خَرَجَ عَلَى اسْمِهِ الْخَامِسُ فَعَلَى قِيَاسِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مِنْ مُرَاعَاةِ الْقَبَلِيَّةِ أُعْطِيَ مَعَهُ الرَّابِعُ وَعَلَى كَلَامِ غَيْرِهِمَا، يَرْجِعُ لِنَظَرِ الْقَاسِمِ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ إعْطَاءُ السَّادِسِ مَعَهُ أُعْطِيَهُ وَأَقْرَعَ بَيْنَ الْبَاقِينَ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (وَفِي كِتَابَةِ الْأَسْمَاءِ) وَهِيَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا اجْتِنَابُ شَيْءٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ سِتِّ) مِنْهَا ثَلَاثَةٌ بِاسْمِ زَيْدٍ وَاثْنَانِ بِاسْمِ عَمْرٍو. قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ قُوَّةِ إنْبَاتٍ وَقُرْبِ مَاءٍ) أَوْ فِي جَانِبٍ مِنْهَا عِنَبٍ وَفِي الْآخَرِ نَخْلٌ أَوْ فِيهِ بِئْرٌ وَفِي الْآخَرِ شَجَرٌ وَلَمْ تَسْتَوِ الْقِيمَةُ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ إلَخْ) وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِجْبَارِ الِاشْتِرَاكُ فِي نَحْوِ الْمَمَرِّ وَلَا فِي نَحْوِ سَطْحٍ بَيْنَ سُفْلٍ وَعُلْوٍ، وَلَوْ أَمْكَنَ قِسْمَةَ الْجَيِّدِ وَحْدَهُ وَالرَّدِيءِ وَحْدَهُ بِلَا إجْبَارٍ قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ الْمَأْخُوذِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (فَلَا إجْبَارٍ إلَخْ) أَيْ وَلَا قِسْمَةَ أَيْضًا فَإِنْ تَرَاضَيَا بِهَا فَهِيَ بَيْعٌ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَوْلُهُ: (مِنْ نَوْعٍ أُجْبَرَ الْمُمْتَنِعُ) أَيْ إنْ زَالَتْ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْتَوِيَةٍ) لِأَنَّهَا لَوْ اخْتَلَفَتْ لَرُبَّمَا سَبَقَتْ الْكَبِيرَةُ إلَى الْيَدِ فَفِيهِ تَرْجِيحٌ لِصَاحِبِهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى أَقَلِّ السِّهَامِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَتَأَذَّى بِهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ خَرَجَ إلَخْ) لَوْ خَرَجَ عَلَى اسْمِهِ الْجُزْءُ الرَّابِعُ مَثَلًا فَقَدْ يَقَعُ نِزَاعٌ فِيمَا يَضُمُّ إلَيْهِ هَلْ هُوَ الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ أَوْ الثَّالِثُ وَالثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَوْ سِتٌّ) أَيْ بِاسْمِ صَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثٌ وَبِاسْمِ صَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ وَفَائِدَةُ هَذِهِ سُرْعَةُ إخْرَاجِ نَصِيبِهِمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا إجْبَارَ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ تَرَاضَيَا بِذَلِكَ لَمْ تَكُنْ قِسْمَةً بَلْ هُوَ بَيْعٌ مَحْضٌ يَبِيعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقَّهُ مِنْ إحْدَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 317 الْمُمْتَنِعُ لِقِلَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا (أَوْ نَوْعَيْنِ) كَعَبْدَيْنِ تُرْكِيٌّ وَهِنْدِيٌّ وَثَوْبَيْنِ إبْرَيْسَمَ وَكَتَّانَ. (فَلَا) إجْبَارَ فِي ذَلِكَ. . (الثَّالِثُ) مِنْ الْأَنْوَاعِ الْقِسْمَةُ (بِالرَّدِّ بِأَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ) مِنْ الْأَرْضِ (بِئْرٌ أَوْ شَجَرٌ لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ فَيَرُدُّ مَنْ يَأْخُذُهُ) بِالْقِسْمَةِ بِأَنْ خَرَجَ لَهُ بِالْقُرْعَةِ (قِسْطُ قِيمَتِهِ) فَإِنْ كَانَتْ أَلْفًا وَلَهُ النِّصْفُ رَدَّ خَمْسَمِائَةٍ. (وَلَا إجْبَارَ فِيهِ وَهُوَ بَيْعٌ) وَقِيلَ فِيمَا يُقَابِلُ الْمَرْدُودَ وَفِيمَا سِوَاهُ الْخِلَافُ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ (وَكَذَا التَّعْدِيلُ) بَيْعٌ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ فِيهَا الْخِلَافُ فِي قِسْمَةِ الْأَجْزَاءِ (وَقِسْمَةُ الْأَجْزَاءِ إفْرَازٌ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي بَيْعٌ وَدُخُولُ الْإِجْبَارِ فِيهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَمَعْنَى أَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ أَنَّهَا تُبَيِّنُ أَنَّ مَا خَرَجَ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مَثَلًا هُوَ الَّذِي مَلَكَهُ، وَوَجْهُ أَنَّهَا بَيْعٌ أَنَّهَا لَمَّا انْفَرَدَ بِهَا كُلٌّ مِنْ الشِّرْكَيْنِ بِبَعْضِ الْمُشْتَرِكِ بَيْنَهُمَا كَأَنَّهُ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا كَانَ لَهُ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ صَاحِبُهُ، بِمَا كَانَ لِصَاحِبِهِ مِمَّا انْفَرَدَ هُوَ بِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظُ الْبَيْعِ. . (وَيُشْتَرَطُ فِي) قِسْمَةِ (الرَّدِّ الرِّضَا بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ) كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ (وَلَوْ تَرَاضَيَا بِقِسْمَةِ مَا لَا إجْبَارَ فِيهِ اشْتَرَطَ الرِّضَا بَعْدَ الْقُرْعَةِ فِي الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِمَا رَضِينَا بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ أَوْ بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ) اعْتَرَضَ قَوْلُهُ لَا إجْبَارَ فِيهِ بِأَنَّ صَوَابَهُ عَكْسُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ الْقِسْمَةُ الَّتِي يُجْبَرُ عَلَيْهَا إذَا جَرَتْ بِالتَّرَاضِي إلَى آخِرِهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا انْتَفَى فِيهِ الْإِجْبَارُ مِمَّا هُوَ مَحَلُّهُ وَهُوَ أَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ مِمَّا فِي الْمُحَرَّرِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا، التَّرَاضِي لَا عِنْدَ إخْرَاجِ الْقُرْعَةِ وَلَا بَعْدَهَا وَإِذَا تَرَاضَيَا بِقَاسِمٍ يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا فَهَلْ يُشْتَرَطُ الرِّضَا بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ أَمْ يَكْفِي الرِّضَا الْأَوَّلُ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا الِاشْتِرَاطُ   [حاشية قليوبي] الشَّرِكَةُ وَمِنْهُ نَحْوُ دَكَاكِينَ صِغَارٍ مُتَلَاصِقَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا وَمِنْهُ مَنْفَعَةُ أَرْضٍ اسْتَحَقَّهَا جَمَاعَةٌ، وَلَمْ يَرْضَوْا بِالْمُهَايَأَةِ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِي أَرْضِ مَمْلُوكٍ دُونَ أَرْضِهِ، وَلَيْسَ لَهُمْ مَنْفَعَةُ الْأَرْضِ وَإِلَّا فَلَا إجْبَارَ. فَرْعٌ: يَصِحُّ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ الْمَمْلُوكَةِ وَلَوْ بِوَصِيَّةٍ مُهَايَأَةٍ وَلَوْ مُسَانَهَةٍ وَلَا إجْبَارَ فِيهَا وَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِ الْمُهَايَأَةِ، فَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَيْهَا وَتَنَازَعُوا فِي الْبُدَاءَةِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَ، وَمَنْ اسْتَوْفَى زَائِدًا عَلَى حَقِّهِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الرَّأْسِ، وَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ الْمُهَايَأَةِ أَجَّرَ الْحَاكِمُ الْعَيْنَ وَقَسَّمَ الْأُجْرَةَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَصِحُّ قِسْمَةُ الدُّيُونِ فِي الذِّمَمِ، وَلَوْ بِالتَّرَاضِي وَكُلُّ مَنْ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا لَا يَخْتَصُّ بِهِ، كَذَا قَالُوا هُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ، فِيمَا يَأْخُذُهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ الدَّيْنِ الْمَوْرُوثِ، وَفِيمَا يَأْخُذُهُ أَحَدُ سَيِّدَيْ الْمُكَاتَبِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَفِيمَا يَأْخُذُهُ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ فَرَاجِعْ وَحَرِّرْ. وَلَا تَصِحُّ قِسْمَةُ وَقْفٍ بَيْنَ أَرْبَابِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ عَلَى سَبِيلَيْنِ جَازَ. قَوْلُهُ: (لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ) أَيْ وَلَيْسَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مَا يُعَادِلُهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ بَيْعٌ) فَتَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُهُ مِنْ شُفْعَةٍ وَخِيَارٍ وَغَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا سِوَاهُ إلَخْ) أَيْ فَفِيهِ طُرُقٌ وَفِي ذَلِكَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي الْقِسْمَيْنِ. قَوْلُهُ: (بَيْعٌ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا دَخَلَهُ الْإِجْبَارُ مِنْهَا كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا) أَيْ فِي الْقِسْمَةِ بِأَنْوَاعِهَا لَفْظُ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (الرِّضَا) أَيْ بِاللَّفْظِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ) وَلَا يُعْتَبَرُ لَهُ مَجْلِسٌ وَلَوْ تَرَاضَوْا بِلَا قُرْعَةٍ كَأَنْ رَضِيَ وَاحِدٌ بِأَحَدِ جَانِبَيْنِ، وَوَاحِدٌ بِجَانِبٍ آخَرَ أَوْ رَضِيَ وَاحِدٌ بِأَخْذِ النَّفِيسِ وَالْآخَرُ بِالْخَسِيسِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى رِضًا أَصْلًا. قَوْلُهُ: (مِمَّا هُوَ مَحَلُّهُ) وَهُوَ قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ وَالْإِفْرَازِ قَوْلُهُ: (أَصَرْحُ إلَخْ) أَيْ لِإِيهَامِهِ اجْتِمَاعَ التَّرَاضِي وَالْإِجْبَارِ وَهُوَ فَاسِدٌ وَهُوَ أَصْرَحُ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ) أَيْ الْقِسْمَةُ الَّتِي وَقَعَتْ بِالْإِجْبَارِ بِالْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا تَرَاضَيَا) أَيْ بِالْقِسْمَةِ بِقَاسِمٍ يُقَسِّمُ بَيْنَهُمَا فَمَا هُوَ مَحَلُّ الْإِجْبَارِ. قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهُمَا الِاشْتِرَاطُ) أَيْ اشْتِرَاطُ الرِّضَا بِاللَّفْظِ بَعْدَ الْقُرْعَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَصَحِّ. تَنْبِيهٌ: حَيْثُ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ اُشْتُرِطَ فِيهَا شُرُوطُ الْبَيْعِ كَالْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ لِلرِّبَوِيِّ، وَامْتِنَاعُ قِسْمَةِ الرَّطْبِ مِنْهَا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ   [حاشية عميرة] الْمَدَارَيْنِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأُخْرَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى هَذَا وَمَا فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ لَا يُعَادِلُ ذَلِكَ إلَّا بِضَمْنِ شَيْءٍ آخَرَ مِنْ خَارِجٍ. قَوْلُهُ: (فِيمَا يُقَابِلُ الْمَرْدُودَ) أَيْ وَهُوَ نِصْفُ الْبِئْرِ مَثَلًا الَّذِي قُوبِلَ بِالْمَالِ الَّذِي أُخِذَ مِمَّنْ سَلِمَتْ لَهُ الْبِئْرُ وَرُدَّ إلَى شَرِيكِهِ، قَوْلُهُ: (بَيْعٌ) أَيْ وَلَا يُنَافِيهِ الْإِجْبَارُ كَمَا فِي الْحَاكِمِ يَبِيعُ مَالَ الْمُمْتَنِعِ قَهْرًا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) . قَالَ الرَّافِعِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يُقْسِمَا بِأَنْفُسِهِمَا مُتَفَاضِلًا وَإِلَّا فَهُوَ بَيْعٌ قَطْعًا قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا) أَيْ فِي الْقِسْمَةِ مُطْلَقًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ قَسَّمَ بَيْنَهُمْ الْحَاكِمُ. تَنْبِيهٌ: هَلْ خِيَارُهُمْ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ يَمْتَدُّ امْتِدَادَ الْمَجْلِسِ وَجْهَانِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ ثُمَّ قَوْلُهُ الْآتِي أَيْضًا بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ) يُفِيدُك أَنَّهُمَا لَوْ اقْتَسَمَا بِالتَّرَاضِي مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصْرِيحٍ بِرِضًا مُتَأَخِّرٍ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (أَصَرْحُ فِي الْمُرَادِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُحَرَّرِ تَصْدُقُ بِمَا لَوْ تَرَافَعَا لِلْقَاضِي عَنْ رِضًا مِنْهُمْ وَسَأَلَاهُ أَنْ يُقَسِّمَ بَيْنَهُمَا قِسْمَةَ إفْرَازٍ أَوْ تَعْدِيلٍ فَقَسَّمَ بَيْنَهُمَا وَأَقْرَعَ فَإِنَّ إقْرَاعَهُ إلْزَامٌ لَهُمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضًا بَعْدَ ذَلِكَ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا سَلَفَ صَدَّرَ الْبَابِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ بِاعْتِبَارِ التَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ هَذَا غَايَةُ مَا ظَهَرَ لِي وَهُوَ مُرَادُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 318 (وَلَوْ ثَبَتَ بَيِّنَةُ غَلَطٍ أَوْ حَيْفٍ فِي قِسْمَةِ إجْبَارِ نَقْضٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَادِّعَاءُ وَاحِدٍ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (فَلَهُ تَحْلِيفُ شَرِيكِهِ) فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ. . (وَلَوْ ادَّعَاهُ فِي قِسْمَةِ تَرَاضٍ) بِأَنْ نَصَبَا قَاسِمًا أَوْ اقْتَسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا وَرَضِيَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ (وَقُلْنَا هِيَ بَيْعٌ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْغَلَطِ فَلَا فَائِدَةَ لِهَذِهِ الدَّعْوَى) ، وَالثَّانِي لَهُ أَثَرٌ لِأَنَّهُمَا تَرَاضَيَا لِاعْتِقَادِهِمَا أَنَّهَا قِسْمَةُ عَدْلٍ فَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْغَلَطِ وَيَحْلِفُ الشَّرِيكُ إنْ لَمْ تَقُمْ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ. (وَإِنْ قُلْنَا إفْرَازٌ نُقِضَتْ إنْ ثَبَتَ) الْغَلَطُ (وَإِلَّا فَيَحْلِفُ شَرِيكُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . (وَلَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضُ الْمَقْسُومِ شَائِعًا) كَالثُّلُثِ (بَطَلَتْ فِيهِ وَالْبَاقِي خِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) فَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ فِيهِ أَيْضًا، وَالْأَظْهَرُ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ (أَوْ مِنْ النَّصِيبَيْنِ مُعَيَّنٌ سَوَاءً) بِالنَّصْبِ (بَقِيَتْ) أَيْ الْقِسْمَةُ فِي الْبَاقِي (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْآخَرِ. (بَطَلَتْ) تِلْكَ الْقِسْمَةُ لِأَنَّ مَا بَقِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ لَا يَكُونُ قَدْرَ حَقِّهِ بَلْ يَحْتَاجُ أَحَدُهُمَا إلَى الرُّجُوعِ عَلَى الْآخَرِ وَتَعُودُ الْإِشَاعَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. كِتَابُ الشَّهَادَاتِ جَمْعُ شَهَادَةٍ وَتَتَحَقَّقُ بِشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ لَهُ وَمَشْهُودٍ عَلَيْهِ وَمَشْهُودٍ بِهِ وَتَأْتِي الْأَرْبَعَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (شَرْطُ الشَّاهِدِ مُسْلِمٌ حُرٌّ مُكَلَّفٌ عَدْلٌ ذُو مُرُوءَةٍ غَيْرُ مُتَّهَمٍ) فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَضْدَادِهِمْ وَسَكَتَ عَنْ النُّطْقِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَأْتِي بِهِ بِدُونِهِ. (و َشَرْطُ الْعَدَالَةِ) الْمُحَقَّقُ لَهَا (اجْتِنَابُ   [حاشية قليوبي] كَخِيَارِي الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ، قَوْلُهُ: (بِبَيِّنَةٍ) وَهِيَ هُنَا ذَكَرَانِ عَدْلَانِ وَمِثْلُهَا إقْرَارٌ وَيَمِينُ رَدٍّ وَعِلْمُ قَاضٍ قَوْلُهُ: (وَادَّعَاهُ) أَيْ وَعَيَّنَ قَدْرًا. قَوْلُهُ (فَلَهُ تَحْلِيفُ شَرِيكِهِ) أَيْ لَا تَحْلِيفَ الْقَاسِمِ وَلَا الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ سَمَاعَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ رَدَّ الْأُجْرَةِ وَغُرْمَهُ رَجَاءَ أَنْ يَثْبُتَ فَيُرَدَّ وَيَغْرَمَ. قَوْلُهُ: (بِأَنْفُسِهِمَا) أَوْ بِمَنْصُوبِ الْحَاكِمِ بِتَرَاضِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَقُلْنَا هِيَ بَيْعٌ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّعْدِيلِ وَالرَّدِّ وَعَلَى الْمَرْجُوحِ فِي الْإِفْرَازِ، قَوْلُهُ: (فَلَا فَائِدَةَ لِهَذِهِ الدَّعْوَى) إلَّا إنْ كَانَتْ قِسْمَةَ رِبَوِيٍّ وَعُلِمَ الْغَلَطُ. قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ) وَلَوْ زَرَعَ أَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ قَبْلَ ظُهُورِ فَسَادِهَا فَكَمَا لَوْ بَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الشَّرِيكَ هُنَا مِنْ نَحْوِ أَرْشِ الْقَلْعِ إلَّا بِقَدْرِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ. كِتَابُ الشَّهَادَاتِ قُدِّمَتْ عَلَى الدَّعْوَى نَظَرًا لِتَحَمُّلِهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ بِلَفْظِ أَشْهَدُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ إخْبَارٌ عَنْ شَيْءٍ بِلَفْظٍ خَاصٍّ فَهُوَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ لِنَحْوِ الشَّهَادَةِ بِالْهِلَالِ وَلَعَلَّ اخْتِيَارَ الْأَوَّلِ لِأَجْلِ قَوْلِهِمْ وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ بِحَقٍّ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ الدَّعْوَى وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ أَرْكَانَهَا خَمْسَةٌ، قَوْلُهُ: (شَرْطُ الشَّاهِدِ) وَمِثْلُهُ الْمُزَكِّي فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي قَوْلُهُ: (أَضْدَادِهِمْ) وَمِنْهُ السَّفِيهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ عَدْلٍ وَقَبِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدَ شَهَادَةَ الرَّقِيقِ وَقَبِلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ عَلَى بَعْضِهِمْ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ مِنْ الْجِرَاحَاتِ، قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ عَنْ النُّطْقِ) الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالصِّيغَةِ وَهُوَ الرُّكْنُ الْخَامِسُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ وُجُودِهِ، وَهُوَ لَفْظُ أَشْهَدُ فَقَطْ لَا غَيْرُهُ وَإِنْ أَدَّى مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالْمَعْنَى وَلَا يَكْفِي أَشْهَدُ بِمَا شَهِدَ بِهِ، هَذَا وَلَوْ بَعْدَ تَقَدُّمِ شَهَادَتِهِ وَلَا بِمَا وَضَعْت بِهِ خَطِّي، وَلَا بِنَعَمْ فِي جَوَابِ تَشْهَدُ بِكَذَا مَثَلًا وَلَوْ أَخْبَرَ عَدْلٌ شَاهِدًا بِمَا   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ حَيْفٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ جَارٍ فِي حُكْمِهِ يُنْقَضُ فِي حَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَرَضِيَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ) أَمَّا إذَا قُلْنَا لَا يُعْتَبَرُ الرِّضَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَتَكُونُ كَقِسْمَةِ الْإِجْبَارِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ قَسَّمَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا قِسْمَةَ رَدٍّ اُشْتُرِطَ الرِّضَا بَعْدُ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا أَثَرَ لِلْغَلَطِ) لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الرِّضَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَكَأَنَّهُ رَضِيَ بِتَرْكِ الزِّيَادَةِ فَصَارَ كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِغَبْنٍ وَلَا أَثَرَ عِنْدَهُ لِدَعْوَى الْغَبْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. قَوْلُهُ: (إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ إلَخْ) وَجْهٌ فِي الْكِفَايَةِ عَدَمُ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ رَضِيَ بِدُونِ حَقِّهِ لَمَّا صَدَرَ مِنْهُ الرِّضَا آخِرًا. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَقْسُومُ رِبَوِيًّا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ نَقَضْت. قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَقَضْت) أَيْ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ التَّفَاوُتِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (فَفِي قَوْلٍ تَبْطُلُ إلَخْ) هَذِهِ طَرِيقَةٌ وَالثَّانِيَةُ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ وَهُوَ مَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ وَنَسَبُهَا فِي الْمَطْلَبِ لِلنَّصِّ وَجَزَمَ بِهَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ، وَوَجْهُهَا أَنَّ مَا تُشْرَعُ لَهُ الْقِسْمَةُ مِنْ التَّمْيِيزِ لَمْ يَتِمَّ وَلَا فَرْقَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ بَيْنَ الْإِفْرَازِ وَالْبَيْعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْمَتْنُ بَقِيَتْ) وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهَا تَبْطُلُ نَظَرًا لِلتَّفْرِيقِ. قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَلَهُ الْتِفَاتٌ إلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا. [كِتَابُ الشَّهَادَاتِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (شَرْطُ الشَّاهِدِ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلٍ فِي الْمُبْتَدَأِ أَوْ الْخَبَرِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْلِمٌ) خَرَجَ الْكَافِرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَاشْتِرَاطُ الْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ بِالْآيَةِ الْأَحْرَارُ بِدَلِيلِ {إِذَا تَدَايَنْتُمْ} [البقرة: 282] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وَإِنَّمَا يُرْتَضَى الْأَحْرَارُ وَأَيْضًا نُفُوذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ نَوْعُ وِلَايَةٍ وَخَالَفَ أَحْمَدُ فَقَبِلَ شَهَادَةَ الرَّقِيقِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا الصَّبِيُّ؛ فَلِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَشَهَادَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى وَقَبِلَ مَالِكٌ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحَاتِ الَّتِي تَقَعُ بَيْنَهُمْ مَا لَمْ يَتَفَرَّقُوا. قَوْلُ الْمَتْنِ (ذُو مُرُوءَةٍ) هِيَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 319 الْكَبَائِرِ) أَيْ كُلٍّ مِنْهَا (وَ) اجْتِنَابُ (الْإِصْرَارِ عَلَى صَغِيرَةٍ) فَبِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ طَاعَاتُ الْمُصِرِّ عَلَى مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ فَلَا تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ عَنْهُ وَمِنْ الْكَبَائِرِ: الْقَتْلُ وَالزِّنَا وَاللِّوَاطُ وَشُرْبُ الْخَمْرِ الْقَدْرِ الْمُسْكِرِ وَغَيْرِهِ، وَالسَّرِقَةُ وَالْقَذْفُ وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَمِنْ الصَّغَائِرِ النَّظَرُ إلَى مَا لَا يَجُوزُ وَالْغِيبَةُ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهَا وَالْكَذِبُ الَّذِي لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ وَالْإِشْرَافُ عَلَى بُيُوتِ النَّاسِ، وَهَجْرُ الْمُسْلِمِ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَالْجُلُوسُ مَعَ الْفُسَّاقِ إينَاسًا لَهُمْ. (وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ» أَيْ وَذَلِكَ حَرَامٌ وَالثَّانِي يُكْرَهُ كَالشِّطْرَنْجِ (وَيُكْرَهُ) اللَّعِبُ (بِشِطْرَنْجٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ وَالْمُهْمَلِ وَفَتْحِهِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفُ الْعُمْرِ إلَى مَا لَا يُجْدِي (فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ مَالٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) أَيْ أَنَّ مَنْ غَلَبَ مِنْ اللَّاعِبَيْنِ كَانَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ كَذَا (فَقِمَارٌ) مُحَرَّمٌ فَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا شُرِطَ مِنْ جَانِبِ أَحَدِ اللَّاعِبَيْنِ أَيْ إنْ غُلِبَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ بَذَلَهُ لِلْآخَرِ وَإِنْ غَلَبَ أَمْسَكَهُ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ فَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ لَكِنَّهُ عَقْدُ مُسَابَقَةٍ عَلَى غَيْرِ آلَةِ قِتَالٍ فَلَا يَصِحُّ   [حاشية قليوبي] يُنَافِي شَهَادَتَهُ وَظَنَّ صِدْقَهُ اعْتَمَدَهُ وَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ أَوْ حَاكِمًا بِرُجُوعِ الشَّاهِدِ فَكَذَلِكَ وَمَنْ شَهِدَ بِإِقْرَارٍ مَعَ عِلْمِهِ بِخِلَافِهِ بَاطِنًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ بِهِ،. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ الْعَدَالَةِ) أَيْ حَالَةَ الْأَدَاءِ مُطْلَقًا إلَّا فِي النِّكَاحِ فَحَالَةَ الْعَقْدِ أَيْضًا وَهِيَ مَلَكَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ تَمْنَعُ صَاحِبَهَا مِنْ ارْتِكَابِ مَا يُبْطِلُهَا، وَتَتَحَقَّقُ أَيْ تَظْهَرُ تِلْكَ الْمَلَكَةُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، قَوْلُهُ: (وَاجْتِنَابُ الْإِصْرَارِ عَلَى صَغِيرَةٍ) بِأَنْ يَعْزِمَ عَلَى التَّرْكِ فَتَرْكُ الْعَزْمِ عَلَيْهِ إصْرَارٌ وَالْعَزْمُ عَلَى الْكَبِيرَةِ صَغِيرَةٌ، نَعَمْ إنْ غَلَبَتْ طَاعَاتُ الْمُصِرِّ عَلَى مَعَاصِيهِ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ، وَمَعْنَى غَلَبَتِهَا مُقَابَلَةُ الْفَرْدِ بِالْفَرْدِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمُضَاعَفَةِ. قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِيهِ بَحْثٌ يَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَرُوِيَ مَرْفُوعًا أَيْضًا «وَيْلٌ لِمَنْ غَلَبَتْ وَحَدَاتُهُ عَلَى عَشَرَاتِهِ» فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. قَوْلُهُ: (مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ) رَاجِعٌ لِلْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْكَبَائِرِ) أَشَارَ إلَى عَدَمِ حَصْرِهَا فِيمَا ذَكَرَهُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي عَدَدِهَا وَفِي حَدِّهَا وَكُلٌّ مَنْظُورٌ فِيهِ فَقِيلَ فِي عَدَدِهَا سَبْعُونَ وَقِيلَ سَبْعُمِائَةٍ، وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ وَقِيلَ حَدُّهَا أَنَّهَا مَا تُوجِبُ الْحَدَّ وَقِيلَ مَا فِيهَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَمِنْهَا تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى وَقْتِهَا وَتَأْخِيرُهَا عَنْهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ هَذِهِ مِنْ الصَّغَائِرِ وَمِنْهَا تَرْكُ تَعَلُّمِ فَرْضٍ عَيْنِيٍّ فِي بَيْعٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ صَلَاةٍ وَإِنْ صَحَّتْ بِاعْتِقَادِهِ بِأَنْ لَا يَعْتَقِدَ بِفَرْضٍ نَفْلًا أَوْ وُضُوءٍ كَذَلِكَ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ حَيْثُ قَصَّرَ فِيهِ، قَوْلُهُ: (الْقَتْلُ) أَيْ الْعَمْدُ وَلَوْ لِكَافِرٍ أَوْ لِنَفْسِهِ وَلَوْ مُهْدَرًا كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ. قَوْلُهُ: (وَاللِّوَاطُ) ، وَكَذَا إتْيَانُ الْبَهَائِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (الْقَدْرِ الْمُسْكِرِ وَغَيْرِهِ) أَوْ الْقَدْرِ الْمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ، قَوْلُهُ: (وَالسَّرِقَةُ) أَيْ لِمَا يُقْطَعُ بِهِ وَدُونَهُ صَغِيرَةٌ وَمِثْلُهَا الْغَصْبُ. وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ كَبِيرَةٌ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (وَالْقَذْفُ) وَلَوْ لِغَيْرِ مُحْصَنٍ خِلَافًا لِلْحَلِيمِيِّ نَعَمْ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَذْفُ الْمُحْصَنِ فِي خَلْوَةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ إلَّا اللَّهُ، وَالْحَفَظَةُ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْحَدِّ لِانْتِفَاءِ الْمَفْسَدَةِ اهـ. وَحِينَئِذٍ فَهِيَ مِنْ الصَّغَائِرِ وَعَلَيْهِ فَيَكْفِي فِيهِ الِاسْتِغْفَارُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْ صَاحِبَهَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَشَهَادَةُ الزُّورِ) وَلَوْ بِإِثْبَاتِ فَلَسٍ أَوْ نَفْيِهِ إنْ كَانَتْ عِنْدَ حَاكِمٍ وَإِلَّا فَفِي كَوْنِهَا كَبِيرَةً تَرَدُّدٌ وَالتَّزْوِيرُ كَذَلِكَ وَهُوَ مُحَاكَاةُ الْخَطِّ، وَالنَّمِيمَةُ كَبِيرَةٌ مُطْلَقًا وَهِيَ نَقْلُ الْكَلَامِ بَيْنَ النَّاسِ وَلَوْ كُفَّارًا لِلْإِفْسَادِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لِلْإِفْسَادِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْإِفْسَادَ وَالْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ كَبِيرَةٌ إنْ كَانَ فِيهَا اقْتِطَاعُ مَالٍ، وَإِنْ قَلَّ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَصَغِيرَةٌ وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَضَرْبُ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنِسْيَانُ الْقُرْآنِ، قَوْلُهُ: (وَالْغِيبَةُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهَا وَهِيَ ذِكْرُ الشَّخْصِ الْمُسْلِمِ بِمَا يَكْرَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَهِيَ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ الْعَامِلِينَ بِهِمَا وَإِلَّا فَصَغِيرَةٌ قَوْلُهُ: (وَالْإِشْرَافُ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نَظَرٌ قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا مِنْ الصَّغَائِرِ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَهَجْرُ الْمُسْلِمِ) أَيْ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا فَيَجُوزُ وَلَوْ فِي جَمِيعِ الدَّهْرِ، قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ) أَيْ وَمِنْ الصَّغَائِرِ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ مِمَّا يَأْتِي وَالنَّرْدُ هُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِالطَّوْلَةِ أَوْ الطَّاوِلَةِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمُهْمَلِ فِيهِمَا، وَأُلْحِقَ بِهَا كُلُّ مَا يَعْتَمِدُ الْخَارِجَ كَلَعِبِ الطَّابِ الْمَعْرُوفِ وَتَحْرُمُ الْمِنْقَلَةُ الَّتِي مَعَهُ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَسَيَأْتِي عَنْهُ خِلَافُ هَذَا فَلَعَلَّ هَذَا مَرْجُوحٌ عَنْهُ عِنْدَهُ، قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ اللَّعِبُ بِشِطْرَنْجٍ) إنْ كَانَ مَعَ مَنْ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ وَإِلَّا حَرُمَ لِإِعَانَتِهِ عَلَى مُحَرَّمٍ لَا يُمْكِنُ الِانْفِرَادُ بِهِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ حُرْمَةِ الْكَلَامِ مَعَ الْمَالِكِيِّ فِي وَقْتِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، قَوْلُهُ: (وَفَتْحِهِ) أَيْ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ وَالْمُهْمَلِ. قَوْلُهُ: (لَا يُجْدِي) أَيْ لَا يَنْفَعُ، قَوْلُهُ: (فَقِمَارٍ مُحَرَّمٍ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالْمُحَرَّمُ الْعَقْدُ وَأَخْذُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ غَصْبٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَأَمَّا اللَّعِبُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى كَرَاهَتِهِ، إنَّمَا عَزَّرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ الْمُعْتَقِدُ لِلْحُرْمَةِ عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْهُ حُرْمَةُ الْمِنْقَلَةِ مَعَ الطَّابِ، وَهُوَ يُخَالِفُ هَذَا فَرَاجِعْهُ.   [حاشية عميرة] الِاسْتِقَامَةُ [شَرْطُ الْعَدَالَةِ الْمُحَقَّقُ لَهَا] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَشَرْطُ الْعَدَالَةِ) أَيْ فَهِيَ الْمَلَكَةُ وَهَذِهِ شُرُوطُ تَحَقُّقِهَا، قَوْلُهُ: (فَلَا تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ عَنْهُ) ، قَالَ بَعْضُهُمْ بِشَرْطِ أَنْ يُؤْمَنَ اتِّبَاعُهُ لِهَوَاهُ عِنْدَ الْغَضَبِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ إلَخْ) . وَهُوَ صَغِيرَةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُكْرَهُ إلَخْ) ذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ إلَى التَّحْرِيمِ قَوْلُهُ: (فَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ) ظَاهِرُهُ. وَلَوْ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فَتَكُونُ كَبِيرَةً وَصَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 320 (وَيُبَاحُ الْحُدَاءُ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَالْمَدِّ، (وَسَمَاعُهُ) وَهُوَ مَا يُقَالُ خَلْفَ الْإِبِلِ مِنْ رَجَزٍ وَغَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْشِيطِهَا لِلسَّيْرِ وَإِيقَاظِ النُّوَّامِ، (وَيُكْرَهُ الْغِنَاءُ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ (بِلَا آلَةٍ وَسَمَاعُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ اللَّهْوِ، (وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ آلَةٍ مِنْ شِعَارِ الشَّرَبَةِ) لِلْخَمْرِ (كَطُنْبُورِ وَعُودٍ وَصَنْجٍ وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ وَاسْتِمَاعُهَا) ؛ لِأَنَّهَا تُطْرِبُ (لَا يَرَاعٍ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ يُنَشِّطُ عَلَى السَّيْرِ فِي السَّفَرِ (قُلْت الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . قَالَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ أَيْضًا، وَهُوَ هَذِهِ الزَّمَّارَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الشَّبَّابَةُ (وَيَجُوزُ دُفٌّ لِعُرْسٍ وَخِتَانٍ، وَكَذَا غَيْرُهُمَا) ، مِمَّا هُوَ سَبَبٌ لِإِظْهَارِ السُّرُورِ (فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ جُلَاجِلٌ) فِي وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَقِيلَ لَا يُبَاحُ مَا هِيَ فِيهِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الثَّالِثِ لَا يَجُوزُ الْخَالِي عَنْهَا فِيهِ، (وَيَحْرُمُ ضَرْبُ الْكُوبَةِ وَهِيَ طَبْلٌ طَوِيلٌ ضَيِّقُ الْوَسَطِ) وَاسِعُ الطَّرَفَيْنِ لِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّشَبُّهُ بِمَنْ يَعْتَادُ ضَرْبَهُ وَهُمْ الْمُخَنَّثُونَ قَالَهُ الْإِمَامُ (لَا الرَّقْصُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَكَسُّرٌ كَفِعْلِ الْمُخَنِّثِ) ، بِكَسْرِ النُّونِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ فَيَحْرُمُ. (وَيُبَاحُ قَوْلُ شَعْرٍ) أَيْ إنْشَاؤُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ) أَيْ وَهُوَ حَرَامٌ وَأَخْذُ الْمَالِ فِيهِ كَبِيرَةٌ كَمَا مَرَّ وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ بِكُلِّ مَا عَلَيْهِ صُورَةٌ مُحَرَّمَةٌ، وَبِكُلِّ مَا فِيهِ إخْرَاجُ صَلَاةٍ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ اقْتِرَانٌ بِفُحْشٍ، قَوْلُهُ: (وَيُبَاحُ الْحُدَاءُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ الْمُهْمَلِ وَكَسْرِهِ مَعَ الْمَدِّ وَقَبْلَ الْأَلِفِ دَالٌ مُهْمَلَةٌ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ مَنْدُوبٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (مِنْ رَجَزٍ) بِجِيمٍ قَبْلَهَا مُهْمَلَةٌ وَبَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ نَوْعٌ مِنْ الشِّعْرِ وَقِيلَ الْحُدَاءُ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالشِّعْرِ، قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ الْغِنَاءُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَالْمَدِّ فَإِنْ قُصِرَ فَهُوَ ضِدُّ الْفَقْرِ، وَإِنْ مُدَّ مَعَ الْفَتْحِ فَهُوَ بِمَعْنَى النَّفْعِ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ يُخَفْ مِنْهُ فِتْنَةٌ كَمَا مَرَّ، وَإِلَّا فَيَحْرُمُ وَالتَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ حَرَامٌ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مُطْلَقًا لِإِخْرَاجِهِ عَنْ نَهْجِهِ الْقَوِيمِ وَقَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِمَا إذَا وَصَلَ بِهِ إلَى حَدٍّ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْقُرَّاءِ، قَوْلُهُ: (بِلَا آلَةٍ) أَمَّا بِهَا فَيَحْرُمُ. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَالزَّرْكَشِيِّ بِحُرْمَةِ الْآلَةِ دُونَهُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ عَنْهُ، قَوْلُهُ: (وَسَمَاعُهُ) أَيْ اسْتِمَاعُهُ فَلَا يَحْرُمُ بِلَا قَصْدٍ. قَوْلُهُ: (كَطُنْبُورٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَمِثْلُهُ الرَّبَابَةُ الْمَعْرُوفَةُ وَقِطَعُ الصِّينِيِّ وَنَحْوُ الْفَنَاجِينِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَصَنْجٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَيُقَالُ لَهُ الصَّفَّاقَتَيْنِ وَهُمَا مِنْ صُفْرٍ أَيْ نُحَاسٍ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَقِيلَ مِنْ صُفْرٍ عَلَيْهِ أَوْتَارٌ يُضْرَبُ بِهَا وَمَا قِيلَ عَنْ بَعْضِ الصُّوفِيَّةِ مِنْ جَوَازِ اسْتِمَاعِ الْآلَاتِ الْمُطْرِبَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ النَّشَاطِ عَلَى الذِّكْرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ مِنْ تَهَوُّرِهِمْ وَضَلَالِهِمْ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. نَعَمْ يَجُوزُ لِنَحْوِ مَرَضٍ بِقَوْلِ طَبِيبٍ عَدْلٍ. قَوْلُهُ: (وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَوَّلَهُ وَبَعْدَهَا زَايٌ مُعْجَمَةٌ سَاكِنَةٌ وَهُوَ مَالَهُ بُوقٌ، وَالْغَالِبُ أَنَّهُ يُوجَدُ مَعَ الْأَوْتَارِ وَلَوْ مِنْ حَشِيشٍ رَطْبٍ كَالْبِرْسِيمِ وَنَحْوِهِ، قَوْلُهُ: (لَا يَرَاعٍ) بِتَحْتِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ فَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ أَلِفٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ، قَوْلُهُ: (قُلْت الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ) وَكَذَا اسْتِمَاعُهُ، قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ لَهَا الشَّبَّابَةُ) وَهِيَ مَا لَيْسَ لَهَا بُوقٌ وَمِنْهَا الْمَأْصُولُ الْمَشْهُورُ وَالسُّفَّارَةُ وَنَحْوُهَا. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ دُفٌّ) بَلْ يُنْدَبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ مَعَ الْجُلَاجِلِ وَهُوَ بِضَمِّ الدَّالِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ وَاسْتِمَاعُهُ مِثْلُهُ، قَوْلُهُ: (جُلَاجِلٍ) جَمْعِ جُلْجُلٍ كَقُنْفُذٍ وَالْمُرَادُ بِهَا الْحِلَقُ الَّتِي تُجْعَلُ دَاخِلَ دَائِرَةِ الدُّفِّ، وَالْقِطَعُ الْعِرَاضُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ صُفْرٍ وَتُوضَعُ فِي خُرُوقِ دَائِرَتِهِ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يُبَاحُ إلَخْ) فِي ذِكْرِ هَذَا الْوَجْهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عَلَى قَاعِدَةِ رُجُوعِ الْخِلَافِ لِمَا بَعْدَ كَذَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الثَّالِثِ وَقَيَّدَهُ بِالْخَالِي عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ انْفِرَادِهِ عَنْ الْأَوَّلَيْنِ لِجَوَازِ الْخَالِي فِيهِمَا جَزْمًا، لَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْوَجْهَ الثَّالِثَ يَقُولُ بِحُرْمَةِ الْخَالِي عَنْ الْجُلَاجِلِ وَيَحِلُّ غَيْرُ الْخَالِي عَنْهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْقَائِلَ بِهِ هُوَ بَعْضُ الْقَائِلِينَ بِالْوَجْهِ الثَّانِي فَهُوَ مُحَرَّمٌ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْخَالِي؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَفَرُّدِهِ عَنْهُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ الدُّفَّ الْوَارِدَ كَانَ فِيهِ الْجُلَاجِلُ فَقَيَّدَ الْحِلَّ بِهِ لِوُرُودِهِ وَمَنَعَ الْخَالِيَ رُجُوعًا إلَى أَصْلِ الْمَنْعِ فِي آلَاتِ الْمَلَاهِي فَتَأَمَّلْ، قَوْلُهُ: (الْكُوبَةِ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَقَبْلَ الْمُوَحَّدَةِ، قَوْلُهُ: (وَاسِعُ الطَّرَفَيْنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا. قَوْلُهُ: (الْمُخَنَّثُونَ) بِكَسْرِ النُّونِ فِي الْأَشْهَرِ وَبِفَتْحِهَا عَلَى الْأَفْصَحِ أَيْ الْمُتَشَبِّهُونَ بِحَرَكَاتِ النِّسَاءِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَهُ، قَوْلُهُ: (لَا الرَّقْصُ) فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ. قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ) أَيْ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَمَا وَرَدَ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ لِعَائِشَةَ يَسْتُرُهَا حَتَّى تَنْظُرَ إلَى الْحَبَشَةِ، وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَيَزْفِنُونَ» وَالزَّفْنُ بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ الرَّقْصُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بِغَيْرِ تَكَسُّرٍ، وَمَا قِيلَ عَنْ بَعْضِ الصُّوفِيَّةِ بِجَوَازِهِ مَعَ التَّكَسُّرِ فَهُوَ كَذِبٌ مَحْضٌ وَخَيَالٌ بَاطِلٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَيْسَ بِالِاخْتِيَارِ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَصَنْجٍ) وَهُوَ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْ صُفْرٍ يُضْرَبُ إحْدَى الصَّنْجَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ) ؛ لِأَنَّهُ يُطْرِبُ بِانْفِرَادِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا الرَّقْصُ) قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ لَوْ رَفَعَ رِجْلًا وَقَعَدَ عَلَى الْأُخْرَى فَرَحًا بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ إذَا هَاجَ بِهِ شَيْءٌ أَخْرَجَهُ وَأَزْعَجَهُ عَنْ مَكَانَهُ، فَوَثَبَ مِرَارًا مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ تَزَيُّنٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 321 (وَإِنْشَادُهُ) وَاسْتِمَاعُهُ (إلَّا أَنْ يَهْجُوَ) فِيهِ وَلَوْ بِمَا هُوَ صَادِقٌ فِيهِ (أَوْ يُفْحِشَ) فِيهِ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ، (أَوْ يُعَرِّضَ) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ يُشَبِّبَ فِيهِ (بِامْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ) أَوْ غُلَامٍ مُعَيَّنٍ فَيَحْرُمُ وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ بِخِلَافِ الْمُبْهَمَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيبَ صَنْعَةٌ، وَغَرَضُ الشَّاعِرِ تَحْسِينُ الْكَلَامِ لَا تَحْقِيقُ الْمَذْكُورِ (وَالْمُرُوءَةُ) لِلشَّخْصِ (تَخَلُّقٌ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ فَالْأَكْلُ فِي سُوقٍ) ، وَالشُّرْبُ فِيهَا لِغَيْرِ سُوقِيٍّ إلَّا إذَا غَلَبَهُ الْعَطَشُ وَمِثْلُهُ الْجُوعُ (وَالْمَشْيُ) فِيهَا (مَكْشُوفَ الرَّأْسِ) أَوْ الْبَدَنِ غَيْرَ الْعَوْرَةِ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ مِثْلُهُ، (وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ) لَهُ (بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَإِكْثَارُ حِكَايَاتٍ مُضْحِكَةٍ) بَيْنَهُمْ (وَلُبْسُ فَقِيهٍ قَبَاءً وَقَلَنْسُوَةً حَيْثُ) أَيْ فِي بَلَدٍ (لَا يَعْتَادُ) لِلْفَقِيهِ (وَإِكْبَابٌ عَلَى لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ أَوْ) عَلَى (غِنَاءٍ أَوْ سَمَاعِهِ وَإِدَامَةِ رَقْصٍ يُسْقِطُهَا) أَيْ الْمُرُوءَةَ. (وَالْأَمْرُ فِيهِ) ، أَيْ فِي مُسْقِطِهَا (يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَمَاكِنِ) فَيُسْتَقْبَحُ مِنْ شَخْصٍ دُونَ آخَرَ وَفِي حَالٍ دُونَ حَالٍ وَفِي بَلَدٍ دُونَ آخَرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ. (وَحِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ) بِالْهَمْزِ (كَحِجَامَةٍ وَكَنْسٍ وَدَبْغٍ مِمَّا لَا تَلِيقُ بِهِ) بِالْفَوْقَانِيَّةِ (يُسْقِطُهَا) لِإِشْعَارِهِمَا بِالْخِسَّةِ (فَإِنْ اعْتَادَهَا وَكَانَتْ حِرْفَةَ أَبِيهِ فَلَا) تُسْقِطُهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي نَعَمْ لِمَا تَقَدَّمَ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْجُمْهُورُ لِهَذَا الْقَيْدِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ بِصَنْعَةِ آبَائِهِ أَيْ الْمَذْكُورِ فِي الشَّرْحِ بَلْ يُنْظَرُ هَلْ تَلِيقُ بِهِ هُوَ أَمْ لَا. (وَالتُّهَمَةُ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْهَاءِ فِي الشَّخْصِ (أَنْ يَجُرَّ إلَيْهِ) بِشَهَادَتِهِ (نَفْعًا أَوْ يَدْفَعَ عَنْهُ) بِهَا (ضَرَرًا فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِعَبْدِهِ) الْمَأْذُونِ لَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، (وَمُكَاتَبِهِ وَغَرِيمٍ لَهُ مَيِّتٍ أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ، وَبِمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ وَبِبَرَاءَةِ مَنْ ضَمِنَهُ) هُوَ (وَبِجِرَاحَةِ مُوَرِّثِهِ) غَيْرِ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ قَبْلَ انْدِمَالِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ كَانَ الْأَرْشُ لَهُ، (وَلَوْ شَهِدَ لِمُوَرِّثٍ لَهُ مَرِيضٍ أَوْ جَرِيحٍ بِمَالٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ) وَهُوَ غَيْرُ أَصْلٍ وَفَرْعٍ لَهُ، (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي قَالَ: لَا كَالْجِرَاحَةِ لِلتُّهَمَةِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْجِرَاحَةَ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَالِ وَبَعْدَ الِانْدِمَالِ تُقْبَلُ قَطْعًا لِانْتِفَاءِ التُّهَمَةِ. (وَتُرَدُّ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَهْجُوَ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ حَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ. قَوْلُهُ: (بِامْرَأَةٍ) أَيْ غَيْرِ حَلِيلَتِهِ فَلَا يَحْرُمُ فِيهَا إلَّا أَنْ تَأْذَنَ بِهِ وَتَسْقُطُ مُرُوءَتُهُ بِذِكْرِ مَا يُنْدَبُ إخْفَاؤُهُ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ غُلَامٍ) أَيْ أَمْرَدَ قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ) رَاجِعٌ لِلْهَجْوِ وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (الْمُبْهَمَيْنِ) أَيْ الْمَرْأَةِ وَالْأَمْرَدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِالْإِبْهَامِ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِ وَلَوْ بِقَرِينَةٍ حَالِيَّةٍ أَوْ مَقَالِيَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرُوءَةُ) وَهِيَ لُغَةً الِاسْتِقَامَةُ مُطْلَقًا وَعُرْفًا مَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ) أَيْ الْأَخْلَاقِ الْمُبَاحَةِ غَيْرِ الْمُزْرِيَةِ وَيَحْرُمُ تَعَاطِي مَسْقَطٍ لِلشَّهَادَةِ لِمَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ، وَقَصَدَ إسْقَاطَهَا وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ بَحْثٌ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالْمَشْي) أَيْ مَثَلًا فَكَشْفُ الرَّأْسِ كَافٍ. قَوْلُهُ: (وَقَبْلَهُ إلَخْ) أَيْ لَا لِإِكْرَامِ وَخَلَا عَنْ دَنَاءَةٍ أَوْ رِيبَةٍ، وَلَا يَرِدُ تَقْبِيلُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَتَهُ الَّتِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ لِمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّ ذَلِكَ كَانَ لِأَجْلِ صُورَةِ الِاسْتِحْسَانِ، أَوْ؛ لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَنْظُرُ إلَيْهِ، أَوْ؛ لِأَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ لَا تُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَجْلِ التَّشْرِيعِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ صَارَ جَائِزًا كَمَا ذُكِرَ فِي مَحَلِّهِ قَوْلُهُ: (حِكَايَاتٍ مُضْحِكَةٍ) أَيْ فَعَلَهَا تَصَنُّعًا لَا طَبْعًا وَالْمُرَادُ كَثْرَتُهَا عُرْفًا فَلَا يَرِدُ مَا ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: (قَبَاءً) هُوَ الْمَفْتُوحُ مِنْ أَمَامِهِ وَخَلْفِهِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ طَرَفَيْهِ وَأَمَّا الْقَبَاءُ الْمَشْهُورُ الْآنَ الْمَفْتُوحُ مِنْ أَمَامِهِ فَقَطْ، فَقَدْ صَارَ شِعَارًا لِلْفُقَهَاءِ وَنَحْوِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَإِكْبَابٌ) أَيْ مُدَاوَمَةٌ عُرْفًا. قَوْلُهُ: (أَوْ غِنَاءٌ) مِنْهُ أَوْ عَنْهُ كَاِتِّخَاذِ امْرَأَةٍ تُغَنِّي لِلنَّاسِ. قَوْلُهُ: (وَحِرْفَةٌ) سَمَّيْت بِذَلِكَ لِانْحِرَافِ الشَّخْصِ إلَيْهَا لِلتَّكَسُّبِ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الصِّنَاعَةِ لِاعْتِبَارِ الْآلَةِ فِي الصِّنَاعَةِ دُونَهَا. قَوْلُهُ: (دَنِيئَةٌ) فَالْمُحَرَّمَةُ أَوْلَى كَالْكَاهِنِ وَالْعَرَّافِ وَالْمُصَوِّرِ وَيَلْحَقُ بِهَا حَمْلُ نَحْوِ طَعَامٍ إلَى نَحْوِ بَيْتِهِ، وَالتَّقَشُّفُ فِي نَحْوِ أَكْلٍ وَلُبْسٍ لَا بِقَصْدِ الِاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ. قَوْلُهُ: (يُسْقِطُهَا) وَإِنْ قَرَّرَهُ فِيهَا حَاكِمٌ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اعْتَادَهَا) بِأَنْ تَلَبَّسَ بِهَا مُدَّةً يَحْكُمُ الْعُرْفُ بِكَوْنِهَا صَارَتْ حِرْفَةً لَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. فَرْعٌ: تُنْدَبُ التَّوْبَةُ مِنْ مُسْقِطَاتِ الْمُرُوءَةِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِيهَا مُضِيُّ سَنَةٍ كَغَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي، أَوْ يَكْفِي مُضِيُّ زَمَنٍ يَقْضِي الْعُرْفُ بِنَفْيِهَا عَنْهُ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ رَاجِعْهُ. . قَوْلُهُ: (أَنْ يَجُرَّ إلَخْ) أَيْ أَنْ يُظْهِرَ حَالَةَ الشَّهَادَةِ أَنَّ فِيهَا جَرَّ نَفْعٍ لَهُ فَشَهَادَتُهُ لِأَخٍ لَهُ ابْنٌ حَالَةَ الشَّهَادَةِ مَقْبُولَةٌ، وَإِنْ مَاتَ الِابْنُ بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ فَهُوَ إشَارَةٌ لِكَوْنِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَغَرِيمٍ لَهُ مَيِّتٍ أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ) أَيْ أَنْ يَشْهَدَ بِمَالِ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَشَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ لِمَدْيُونِهِ الْمَيِّتِ أَوْ لِمَدْيُونِهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَغْرِقْ الدُّيُونُ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ أَوْ مَالَ الْمَحْجُورِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِالْمَالِ فِيهِمَا فَكَأَنَّهُ يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ، وَرُبَّمَا يَظْهَرُ غَرِيمٌ آخَرُ لِلْمَيِّتِ أَوْ لِلْمَحْجُورِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ غَرِيمُهُ الْمُوسِرُ أَوْ الْمُعْسِرُ قَبْلَ مَوْتِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالذِّمَّةِ. قَوْلُهُ: (وَبِمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ وِلَايَةً عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ نَعَمْ إنْ شَهِدَ بَعْدَ عَزْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ خَاصَمَ قَبْلَهُ قُبِلَتْ فَإِنْ كَانَ خَاصَمَ قَبْلَهُ لَمْ تُقْبَلْ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَكَذَا بَعْدَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يَهْجُوَ) عَلَيْهِ حُمِلَ حَدِيثُ: لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ. الْحَدِيثَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ يَفْحُشُ) أَيْ يَمْدَحُ النَّاسَ وَيُطْرِيهِمْ مُتَجَاوِزًا الْحَدَّ فِي ذَلِكَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَبَاءً) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ طَرَفَيْهِ وَكُلُّ شَيْءٍ قَبَوْتَهُ فَقَدْ جَمَعْت طَرَفَيْهِ،. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبِمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ) لَوْ عُزِلَ فَإِنْ كَانَ قَدْ خَاصَمَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ وَإِلَّا قُبِلَتْ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي الْمَنْعُ) لَوْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ الْأَوَّلَيْنِ ثُمَّ شَهِدَ الْآخَرَانِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 322 شَهَادَةُ عَاقِلَةٍ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ) يَحْمِلُونَهُ مِنْ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ بِخِلَافِ شُهُودِ إقْرَارٍ بِذَلِكَ أَوْ شُهُودِ عَمْدٍ، وَذِكْرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُنَا مَعَ تَقَدُّمِهَا فِي كِتَابِ دَعْوَى الدَّمِ لَا يُعَدُّ تَكَرُّرًا؛ لِأَنَّهُ لِلتَّمْثِيلِ، (وَ) تُرَدُّ شَهَادَةُ (غُرَمَاءِ مُفْلِسٍ بِفِسْقِ شُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ) ؛ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ بِهَا ضَرَرَ الْمُزَاحَمَةِ. (وَلَوْ شَهِدَ) أَيْ الشَّاهِدَانِ (لِاثْنَيْنِ بِوَصِيَّةٍ) مِنْ تَرِكَةٍ (فَشَهِدَا) أَيْ الِاثْنَانِ (لِلشَّاهِدَيْنِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ تِلْكَ التَّرِكَةِ قُبِلَتْ الشَّهَادَتَانِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِاحْتِمَالِ الْمُوَاطَأَةِ، وَيُدْفَعُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا مَعَ أَنَّ كُلَّ شَهَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنْ الْأُخْرَى. (وَلَا تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (لِأَصْلٍ وَلَا فَرْعٍ) لِلشَّاهِدِ (وَتُقْبَلُ) مِنْهُ (عَلَيْهِمَا، وَكَذَا) تُقْبَلُ مِنْ ابْنَيْنِ (عَلَى أَبِيهِمَا بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا أَوْ قَذْفِهَا فِي الْأَظْهَرِ) ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ فَإِنَّهَا تَجُرُّ نَفْعًا إلَى الْأُمِّ فَالْقَذْفُ مُحْوِجٌ إلَى اللِّعَانِ الْمُسَبِّبِ لِلْفِرَاقِ وَالْأَوَّلُ قَالَ لَا عِبْرَةَ بِمِثْلِ هَذَا الْجَرِّ وَلَا تُقْبَلُ لِمُكَاتَبٍ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ وَمَأْذُونِهِمَا، (وَإِذَا شَهِدَ لِفَرْعٍ) أَوْ أَصْلٍ لَهُ (وَأَجْنَبِيٍّ قُبِلَتْ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي الْأَظْهَرِ) مِنْ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَالثَّانِي لَا تَفْرِيقَ فَلَا تُقْبَلُ لَهُ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَتُقْبَلُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ) مِنْ الْآخَرِ (وَلِأَخٍ) مِنْ أَخِيهِ (وَصَدِيقٍ) مِنْ صَدِيقِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَا تُهْمَةَ. (وَلَا تُقْبَلُ مِنْ عَدُوٍّ) لِشَخْصٍ عَلَيْهِ (وَهُوَ مَنْ يُبْغِضُهُ بِحَيْثُ يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَتِهِ وَيَحْزَنُ بِسُرُورِهِ وَيَفْرَحُ بِمُصِيبَتِهِ) وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا، (وَتُقْبَلُ لَهُ) أَيْ لِلْعَدُوِّ (، وَكَذَا عَلَيْهِ فِي عَدَاوَةِ دِينٍ كَكَافِرٍ وَمُبْتَدِعٍ) أَيْ غَيْرِ سُنِّيٍّ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مُبْتَدِعٍ لَا نُكَفِّرُهُ) بِبِدْعَتِهِ كَمُنْكَرِي صِفَاتِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ، أَفْعَالَ عَبِيدِهِ وَجَوَازِ رُؤْيَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُصِيبُونَ فِي ذَلِكَ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ مَنْ نُكَفِّرُهُ بِبِدْعَتِهِ كَمُنْكَرِي حُدُوثِ الْعَالَمِ وَالْبَعْثِ وَالْحَشْرِ لِلْأَجْسَامِ وَعِلْمِ اللَّهِ بِالْمَعْدُومِ وَبِالْجُزْئِيَّاتِ لِإِنْكَارِهِمْ بَعْضَ مَا عُلِمَ مَجِيءُ الرَّسُولِ بِهِ ضَرُورَةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، (لَا مُغَفَّلٍ لَا يَضْبِطُ وَلَا مُبَادِرٍ) بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا فَكُلٌّ مِنْهُمْ مُتَّهَمٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الثَّانِي مَا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ. (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى)   [حاشية قليوبي] بِالْمُخَاصَمَةِ الْمُنَازَعَةَ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ إنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا الدَّعْوَى مِنْهُ أَوْ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَيَجْرِي هُنَا مَا مَرَّ فِي شَهَادَةِ الْحَاكِمِ بِحُكْمِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ. فَرْعٌ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَصْلِ الْوَكِيلِ وَفَرْعِهِ لَهُ بِالْوَكَالَةِ. تَنْبِيهٌ: الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ كَالْوَكِيلِ لَكِنْ يَنْظُرُ مَا صُورَةُ الْوَصِيِّ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَاقِلَةٌ) وَلَوْ فُقَرَاءَ. قَوْلُهُ: (مُفْلِسٌ) أَيْ مَحْجُورُ فَلَسٍ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْغُرَمَاءِ رُهُونٌ تَفِي بِدُيُونِهِمْ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غُرَمَاءَ غَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: (بِوَصِيَّةٍ) أَوْ إقْرَارٍ أَوْ دَيْنٍ. . قَوْلُهُ: (لِأَصْلٍ وَلَا فَرْعَ) وَلَوْ بِرُشْدٍ أَوْ تَزْكِيَةٍ أَوْ عَلَى بَعْضٍ لَهُ آخَرَ، نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْحَقُّ لِلْمَشْهُودِ لَهُ قُبِلَتْ كَإِمَامٍ ادَّعَى شَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ نَاظِرٍ ادَّعَى شَيْئًا لِلْوَقْفِ أَوْ وَلِيٌّ ادَّعَى شَيْئًا لِمُوَلِّيهِ، أَوْ وَكِيلٌ ادَّعَى شَيْئًا لِمُوَكِّلِهِ فَشَهِدَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَتُقْبَلُ مِنْهُ) أَيْ حَيْثُ لَا عَدَاوَةَ. قَوْلُهُ: (بِطَلَاقٍ) أَيْ بَائِنٍ، وَكَذَا رَجْعِيٍّ قَطْعًا وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ الْأُمُّ وَهِيَ الْمُدَّعِيَةُ. قَوْلُهُ: (لِفَرْعٍ إلَخْ) الْمُرَادُ مَا لَوْ جَمَعَ فِي شَهَادَتِهِ بَيْنَ مَنْ تُقْبَلُ لَهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ سَوَاءٌ قَدَّمَ الْأَوَّلَ عَلَى الثَّانِي أَوْ عَكَسَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ الزَّوْجَيْنِ) وَعَلَيْهِ نَعَمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهَا بِزِنَاهَا مَعَ ثَلَاثَةٍ غَيْرِهِ، وَلَا لَهَا بِأَنَّ فُلَانًا قَذَفَهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ عَدُوٍّ لِشَخْصٍ عَلَيْهِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمِنْهُ شَهَادَةُ عَدُوِّ الْوَارِثِ بِدَيْنٍ عَلَى مَيِّتِهِ وَلَا تَتَقَيَّدُ الْعَدَاوَةُ بِزَمَنٍ فَلَوْ بَالَغَ فِي مُخَاصَمَةِ شَخْصٍ عِنْدَ إرَادَةِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ، مَثَلًا فَرُدَّ عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ قُبِلَتْ، وَلَا تَتَقَيَّدُ بِشَخْصٍ أَيْضًا فَقَاطِعُ الطَّرِيقِ عَدُوٌّ لِكُلِّ أَحَدٍ وَخَرَجَ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ لَهُ فَمَقْبُولَةٌ. قَوْلُهُ: (يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَتِهِ) أَيْ مُطْلَقًا فَإِنْ تَمَنَّى زَوَالَهَا إلَى نَفْسِهِ فَهُوَ الْحَسَدُ. فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ شَهِدَ لِأَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ أَوْ عَلَى عَدُوٍّ أَوْ شَهِدَ فَاسِقٌ بِحَقٍّ يَعْلَمُهُ وَالْحَاكِمُ يَجْهَلُ ذَلِكَ فَالْمُخْتَارُ جَوَازُهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ يَجِبُ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِاتِّصَالِ الْحَقِّ. قَوْلُهُ: (أَيْ غَيْرُ سُنِّيٍّ) وَهُوَ مِنْ يُخَالِفُ مَا عَلَيْهِ الْإِمَامَانِ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَأَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ. قَوْلُهُ: (كَمُنْكَرِي صِفَاتِ اللَّهِ) وَلَوْ الذَّاتِيَّةِ. قَوْلُهُ: (لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ) أَيْ مِنْ التَّأْوِيلِ فَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ اسْتَحَلُّوا دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا لِعُذْرِهِمْ فِيمَا لَمْ يُعْلَمْ مَجِيءُ الرَّسُولِ بِهِ ضَرُورَةً وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الدَّاعِيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَرِوَايَتِهِ وَهُوَ مَنْ يَدْعُو النَّاسَ إلَى بِدْعَتِهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْخَطَّابِيِّ لِمِثْلِهِ إنْ لَمْ يَذْكُرْ فِعْلَ نَفْسِهِ كَرَأَيْتُهُ فَعَلَ كَذَا أَوْ سَمِعْته قَالَهُ فَإِنْ ذَكَرَهُ أَوْ شَهِدَ لِغَيْرِهِ قُبِلَتْ وَهُوَ الْمَنْسُوبُ إلَى أَبِي خَطَّابٍ الْأَسَدِيِّ الْكُوفِيِّ كَانَ يَقُولُ بِأُلُوهِيَّةِ جَعْفَرَ الصَّادِقِ فَلَمَّا مَاتَ جَعْفَرُ ادَّعَى الْأُلُوهِيَّةَ لِنَفْسِهِ، وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ أَصْحَابَهُمْ لَا يَكْذِبُونَ. قَوْلُهُ: (لَا يَضْبِطُ) أَيْ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا مَا لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ وَيُنْدَبُ لِلْحَاكِمِ اسْتِفْصَالُهُ فِيهِ.   [حاشية عميرة] فَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ الرَّدِّ بِالْمُتَأَخِّرِ عَلَى هَذَا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِأَصْلٍ) لَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الطَّلَاقَ فَشَهِدَ لَهَا ابْنَاهَا لَمْ تُقْبَلْ، وَلَوْ شَهِدَا حِسْبَةً مِنْ غَيْرِ دَعْوَى قُبِلَتْ رَوْضَةٌ. فَرْعٌ: لَوْ شَهِدَ عَلَى الْمَيِّتِ وَهُوَ عَدُوُّ الْوَارِثِ فَوَجْهَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتُقْبَلُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ) ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَخِ تُقْبَلُ مَعَ وُجُودِ النَّسَبِ فَمَعَ وُجُودِ السَّبَبِ أَوْلَى، قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْحِسْبَةُ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَحْتَسِبُهَا عِنْدَ اللَّهِ لِإِزَالَةِ الْفَاحِشَةِ ثُمَّ الدَّلِيلُ عَلَيْهَا خَبَرُ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهُودِ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا وَقِصَّةُ. الشُّهُودِ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 323 كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ بِأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهَا، (وَفِيمَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَعَفْوٍ عَنْ قِصَاصٍ وَبَقَاءِ عِدَّةٍ وَانْقِضَائِهَا) ، بِأَنْ يَشْهَدَ بِمَا ذُكِرَ لِيَمْنَعَ مِنْ مُخَالَفَةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ (وَحَدٍّ لَهُ) تَعَالَى بِأَنْ يَشْهَدَ بِمُوجِبِهِ، وَالْأَفْضَلُ فِيهِ السِّتْرُ كَحَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ، (وَكَذَا النَّسَبُ عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّ فِي وَصْلِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَالثَّانِي قَالَ هُوَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ وَحَقُّهُ كَالْقِصَاصِ وَحَدُّ الْقَذْفِ وَالْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ لَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَصُورَتُهَا مَثَلًا أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ ابْتِدَاءً لِلْقَاضِي: نَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَأَحْضِرْهُ لِنَشْهَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ ابْتَدَءُوا وَقَالُوا: فُلَانٌ زَنَى فَهُمْ قَذَفَةٌ، وَإِنَّمَا تُسْمَعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَنَّهُ أَخُو فُلَانَةَ مِنْ الرَّضَاعِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَا إنَّهُ يَسْتَرِقُّهُ أَوْ إنَّهُ يُرِيدُ نِكَاحَهَا وَمَا تُقْبَلُ فِيهِ هَلْ تُسْمَعُ فِي الدَّعْوَى قِيلَ: لَا اكْتِفَاءَ بِالْبَيِّنَةِ وَقِيلَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ لَا تُسَاعِدُ وَيُرَادُ اسْتِخْرَاجُ الْحَقِّ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (وَمَتَى حَكَمَ) الْقَاضِي (بِشَاهِدَيْنِ فَبَانَا كَافِرَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ صَبِيَّيْنِ نَقَضَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ) لِتَيَقُّنِ الْخَطَأِ فِيهِ (وَكَذَا فَاسِقَانِ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ، وَالثَّانِي لَا يُنْقَضُ؛ لِأَنَّ قَبُولَهُمَا بِالِاجْتِهَادِ وَقَبُولَ بَيِّنَةِ فِسْقِهِمَا بِالِاجْتِهَادِ، وَلَا يُنْقَضُ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ وَعُورِضَ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِالِاجْتِهَادِ يُنْقَضُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، (وَلَوْ شَهِدَ كَافِرٌ أَوْ عَبْدٌ أَوْ صَبِيٌّ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ كَمَالِهِ قُبِلَتْ أَوْ فَاسِقٌ تَابَ) بَعْدَهَا وَأَعَادَهَا (فَلَا) تُقْبَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِهِمْ، (وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي غَيْرِهَا بِشَرْطِ اخْتِبَارِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ مُدَّةً يُظَنُّ بِهَا صِدْقُ تَوْبَتِهِ وَقَدَّرَهَا الْأَكْثَرُونَ بِسَنَةٍ) وَقِيلَ تُقَدَّرُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ لَا تَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ، وَيَخْتَلِفُ الظَّنُّ بِالْأَشْخَاصِ وَأَمَارَاتِ الصِّدْقِ (وَيُشْتَرَطُ فِي تَوْبَةِ مَعْصِيَةٍ قَوْلِيَّةٍ الْقَوْلُ فَيَقُولُ الْقَاذِفُ مَثَلًا: قَذْفِي بَاطِلٌ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَيْهِ لَا أَعُودُ إلَيْهِ، وَكَذَا شَهَادَةُ الزُّورِ)   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَلَا مُبَادِرٌ) وَلَوْ فِي مَالِ يَتِيمٍ أَوْ زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، بَلْ يَنْصِبُ الْقَاضِي مَنْ يَدَّعِي ثُمَّ يَطْلُبُ الْبَيِّنَةَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُضُورِ خَصْمٍ، وَلَوْ أَعَادَ الْمُبَادِرُ شَهَادَتَهُ قُبِلَتْ. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ مَعْرِفَتُهُ بِفُرُوضِ الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ مَثَلًا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ فِي التَّعَلُّمِ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَوَقُّفُهُ فِيهَا إذَا ادَّعَاهَا جَازِمًا بِهَا وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ. [شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى] قَوْلُهُ: (كَالصَّلَاةِ) وَكَالْحَجِّ وَلَوْ عَنْ مَيِّتٍ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (كَالطَّلَاقِ) وَلَوْ فِي خُلْعٍ لَا فِي مَالِهِ. قَوْلُهُ: (وَبَقَاءِ عِدَّةٍ وَانْقِضَائِهَا) وَاسْتِيلَادٍ وَإِسْلَامٍ وَبُلُوغٍ وَسَفَهٍ وَوَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ لَا لِمُعَيِّنٍ فِيهِمَا، وَتَحْرِيمُ رَضَاعٍ وَمُصَاهَرَةٍ، وَالثَّابِتُ فِي الْوَقْفِ أَصْلُهُ لَا شُرُوطُهَا مَا لَمْ يَذْكُرْهَا الشَّاهِدُ. قَوْلُهُ: (مَثَلًا) هُوَ رَاجِعٌ إلَى لَفْظِ نَشْهَدُ وَإِلَى ابْتِدَاءٍ وَإِلَى فَأَحْضَرَهُ وَيَكْفِي أَشْهَدُ وَأَنَا شَاهِدٌ أَوْ عِنْدِي شَهَادَةٌ أَوْ مَعِي شَهَادَةٌ، وَلَا يَضُرُّ تَقَدُّمُ دَعْوَى فَاسِدَةٍ كَعَبْدَيْنِ ادَّعَيَا أَنَّ سَيِّدَهُمَا أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا، وَلَا يَضُرُّ السُّكُوتُ عَنْ فَأَحْضَرَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إحْضَارِهِ إلَّا إنْ كَانَ بِمَسَافَةٍ لَا يُحْكَمُ فِيهَا عَلَى غَائِبٍ وَإِلَّا فَفِيهِ مَا فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (فَهُمْ قَذَفَةٌ) أَيْ مَا لَمْ يَصِلُوهُ بِقَوْلِهِمْ فَأَحْضَرَهُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ نَعَمْ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إلَّا فِي مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (فَبَانَا) أَيْ ظَهَرَا وَلَوْ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُمَا كَانَا وَقْتَ الْحُكْمِ عَلَى مَا ذُكِرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَا قَبْلَهُ أَوْ صَارَا بَعْدَهُ وَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ مَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ عَمًى أَوْ خَرَسٍ قَوْلُهُ: (نَقْضه) . قَالَ شَيْخُنَا بِمَعْنَى أَنَّ بُطْلَانَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى صِيغَةِ نَقْضٍ وَلَا غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا كَذَا فَاسِقَانِ) وَلَا بُدَّ فِي شَهَادَةِ بَيِّنَةِ الْفِسْقِ مِنْ ذِكْرِ التَّارِيخِ لِاحْتِمَالِ طُرُوُّهُ بَعْدَ الْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ قَبُولَهُمَا بِالِاجْتِهَادِ إلَخْ) قِيلَ الْمَعْنَى أَنَّ الْقَاضِيَ اجْتَهَدَ فِي ثُبُوتِ عَدَالَةِ الشَّاهِدَيْنِ لِيُرَتِّبَ الْحُكْمَ عَلَيْهِمَا، وَاجْتَهَدَ فِي رَدِّ عَدَالَةِ الشَّاهِدِينَ بِالْفِسْقِ وَلَا يُنْقَضُ اجْتِهَادٌ بِاجْتِهَادٍ، وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ الْعَدَالَةِ فِي الشَّاهِدِ ثَابِتٌ بِالِاجْتِهَادِ مُطْلَقًا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يُنْقَضُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ) فَخَبَرُ الِاثْنَيْنِ كَمَا هُنَا أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَهِدَ كَافِرٌ) أَيْ لَيْسَ مُخْفِيًا كُفْرَهُ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ لِبَقَاءِ التُّهْمَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَبْدٌ أَوْ صَبِيٌّ) أَوْ أَعْمَى أَوْ أَخْرَسُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ كَمَالِهِ) بِإِسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ وَبُلُوغٍ وَإِبْصَارٍ وَنُطْقٍ وَمِثْلُهُ مُبَادَرَةٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ فَاسِقٌ تَابَ) بَعْدَ شَهَادَتِهِ ثُمَّ أَعَادَهَا فَلَا تُقْبَلُ وَمِثْلُهُ شَهَادَةُ عَدُوٍّ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ خَادِمِ   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: لَا فَرْقَ فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بَيْنَ كَوْنِهِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا. فَرْعٌ: أَكَلَ رَجُلَانِ فِي آخِرِ رَمَضَانَ ثُمَّ جَاءَا وَشَهِدَا أَنَّهُ يَوْمُ الْعِيدِ قَالَ بَعْضُهُمْ يُتَّجَهُ عَدَمُ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ لَهُمَا فِي ذَلِكَ غَرَضًا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَطَلَاقٍ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَدَمُ ارْتِفَاعِ مَا يَقَعُ مِنْهُ وَإِنْ تَرَاضَى عَلَيْهِ الزَّوْجَانِ. فَرْعٌ: لَا تُقْبَلُ فِي التَّدْبِيرِ وَتَعْلِيقِ الْعِتْقِ أَوْ الطَّلَاقِ. فَرْعٌ: الْعِتْقُ الضِّمْنِيُّ لَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ فِيهِ الْمِلْكُ ثُمَّ يَتْبَعُهُ الْعِتْقُ بِخِلَافِ الْخُلْعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَبَقَاءُ عِدَّةٍ) كَذَلِكَ الْبُلُوغُ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ التَّكَالِيفِ،. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَبَانَا) أَوْ أَحَدُهُمَا وَقْتَ الْحُكْمِ أَوْ الشَّهَادَةِ فَلَوْ شَهِدَا بِفِسْقِهِمَا وَلَمْ يُؤَرِّخَا لَمْ يُنْقَضْ الْحُكْمُ لِاحْتِمَالِ الطَّرَيَانِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَقَضَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ) قَضِيَّتُهُ تَوَقُّفُ الْأَمْرِ عَلَى النَّقْضِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ لَكِنْ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ قَالَا: الْمَعْنَى بِالنَّقْضِ تَبَيُّنُ عَدَمِ النُّفُوذِ فَإِنَّ الْقَضَاءَ لَا يُغَيِّرُ الْحُكْمَ عِنْدَنَا، وَإِنَّمَا هُوَ إظْهَارٌ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، قَوْلُهُ: (لِتَيَقُّنِ الْخَطَأِ فِيهِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ مَحَلَّ النَّقْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَاكِمُ يَرَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِدَلِيلٍ مِنْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا فَاسِقَانِ) لَوْ قَالَ أَكْرَهَنِي السُّلْطَانُ عَلَى الْحُكْمِ بِقَوْلِهِمَا وَكُنْت أَعْلَمُ فِسْقَهُمَا قُبِلَ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تُقَدَّرُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) الَّذِي فِي تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ خَمْسُونَ يَوْمًا أَخْذًا مِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 324 يَقُولُ فِيهَا عَلَى وِزَانِ ذَلِكَ: شَهَادَتِي بَاطِلَةٌ، وَأَنَا نَادِمٌ عَلَيْهَا وَلَا أَعُودُ إلَيْهَا (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَ) الْمَعْصِيَةُ (غَيْرُ الْقَوْلِيَّةِ) كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ (يُشْتَرَطُ) فِي التَّوْبَةِ مِنْهَا (إقْلَاعٌ) عَنْهَا (وَنَدَمٌ) عَلَيْهَا (وَعَزْمٌ أَنْ لَا يَعُودَ) إلَيْهَا، (وَرَدُّ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ، فَيُؤَدِّي الزَّكَاةَ لِمُسْتَحِقِّهَا وَيَرُدُّ الْمَغْصُوبَ إنْ بَقِيَ وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ لِمُسْتَحِقِّهِ وَيُمَكَّنُ مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ وَحَدُّ الْقَذْفِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ وَمَا هُوَ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَلَهُ أَنْ يُظْهِرَهُ وَيُقِرَّ بِهِ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَإِنْ ظَهَرَ فَقَدْ فَاتَ السِّتْرُ فَيَأْتِي الْإِمَامَ وَيُقِرُّ بِهِ لِيُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ. . فَصْلٌ (لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ) وَاحِدٍ (إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ) فَيُحْكَمُ بِهِ فِيهِ (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَذِكْرَهُ هُنَا لِلْحَصْرِ فِيهِ لَا يُعَدُّ تَكْرَارًا (وَيُشْتَرَطُ لِلزِّنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ) قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] الْآيَةَ (وَالْإِقْرَارُ بِهِ اثْنَانِ) كَغَيْرِهِ (وَفِي قَوْلٍ أَرْبَعَةٌ) كَفِعْلِهِ وَلَا يَثْبُتُ اللِّوَاطُ وَإِتْيَانُ الْبَهِيمَةِ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ وَفِي وَجْهٍ مِنْ طَرِيقٍ يَثْبُتَانِ بِاثْنَيْنِ وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ بِزِنًا مِنْ ذِكْرِهِ مُفَسَّرًا، فَيَقُولُونَ رَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ أَوْ قَدْرَ الْحَشَفَةِ مِنْهُ فِي فَرْجِهَا عَلَى سَبِيلِ الزِّنَا (وَلِمَالٍ وَعَقْدٍ مَالِيٍّ كَبَيْعٍ وَإِقَالَةٍ وَحَوَالَةٍ وَضَمَانٍ وَحَقٍّ   [حاشية قليوبي] مُرُوءَةٍ وَقَيَّدَ شَيْخُنَا الْفِسْقَ بِالْخَفِيِّ، وَإِلَّا قُبِلَتْ حَالًا، وَكَذَا مُرْتَدٌّ أَسْلَمَ. قَوْلُهُ: (وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ الْفَاسِقِ فِي غَيْرِهَا وَمِثْلُهُ خَارِمُ الْمُرُوءَةِ. قَوْلُهُ: (بِسِتَّةٍ) أَيْ تَقْرِيبِيَّةٍ عَلَى الْأَوْجَهِ نَعَمْ يَكْفِي فِي غَيْبَةٍ بِصَغِيرَةٍ لَمْ تَبْلُغْ صَاحِبَهَا اسْتِغْفَارٌ وَلَوْ بَلَغَتْهُ بَعْدَ الِاسْتِغْفَارِ فَالْوَجْهُ بَقَاؤُهَا. قَوْلُهُ: (فَيَقُولُ) أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي إنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ الْقَوْلُ فِي نَحْوِ يَا خِنْزِيرُ يَا مَلْعُونُ. قَوْلُهُ: (فِي التَّوْبَةِ مِنْهَا) أَيْ وَمِنْ الْقَوْلِيَّةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَعَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ) وَعَدَمُ وُصُولِهِ إلَى حَالَةِ الْغَرْغَرَةِ وَعَدَمُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ مَالٍ) بِعَيْنِهِ أَوْ بِبَدَلِهِ أَوْ بِالْعَزْمِ عَلَى رَدِّهِ إذَا قَدَرَ وَبِرَدِّهِ لِمُسْتَحِقِّهِ أَوْ وُرَّاثِهِ أَوْ لِحَاكِمٍ ثِقَةٍ وَإِلَّا فَبِالْعَزْمِ إذَا عَرَفَهُ. فَرْعٌ: تَجِبُ التَّوْبَةُ فَوْرًا مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَلَوْ صَغِيرَةً، وَإِنْ أَتَى بِمُكَفِّرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِرَةِ وَتَصِحُّ مِنْ ذَنْبٍ دُونَ آخَرَ، وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ لَا بِتَذَكُّرِهِ، وَإِذَا تَابَ فِي قَتْلٍ قَبْلَ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ صَحَّتْ فِي حَقِّ اللَّهِ دُونَ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَإِسْلَامِ الْمُرْتَدِّ أَوْ الْكَافِرِ تَوْبَةٌ مِنْ الْكُفْرِ بِشَرْطِ النَّدَمِ عَلَيْهِ، وَكَذَا صَلَاةٌ تَرَكَهَا. فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَتَعَدُّدِ الشُّهُودِ وَحَاصِلُ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ إمَّا أَرْبَعَةٌ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ رَجُلَانِ فَقَطْ، أَوْ رَجُلٌ فَقَطْ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَالْيَمِينُ مَعَ الرَّجُلِ مُؤَكَّدٌ، وَالْأَوَّلُ فِي نَحْوِ الزِّنَا وَالثَّانِي فِيمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَالثَّالِثُ فِي نَحْوِ هِلَالِ رَمَضَانَ، وَالرَّابِعُ فِيمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ، وَالْخَامِسُ فِيمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ النِّسَاءُ غَالِبًا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَيُحْكَمُ بِهِ فِيهِ) بِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَى الْعُمُومِ فَهُوَ حُكْمٌ حَقِيقَةً بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَجُوزُ نَقْضُهُ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا ثُبُوتٌ لَا حُكْمٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَتَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا هُنَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْحَصْرِ فِيهِ) أَيْ الْحَصْرِ الْحَقِيقِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ حُكْمٌ كَمَا مَرَّ فَلَا يَرِدُ قَبُولُ الْوَاحِدِ فِي الْخَرْصِ وَفِي الْقِسْمَةِ وَفِي ثُبُوتِ إسْلَامِ كَافِرٍ مَاتَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعُهَا وَفِي أَخْبَارِ الْعَوْنِ لِلْحَاكِمِ، بِامْتِنَاعِ الْخَصْمِ لِأَجْلِ تَعْزِيرِهِ وَفِي صِحَّةِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ بِعَدْلٍ رَأْي هِلَالَ شَوَّالٍ، وَفِي صِحَّةِ صَوْمِ شَهْرٍ نَذَرَ صَوْمَهُ بِذَلِكَ، وَفِي صِحَّةِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كَذَلِكَ وَغَيْرِ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ خَالَفَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] قِصَّةِ الْمُتَخَلِّفِينَ فِي تَبُوكَ وَأَمَّا عَدَمُ التَّقْدِيرِ الَّذِي هُوَ الثَّالِثُ صَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْإِمَامُ: وَكَيْفَ يُطْمَعُ فِي التَّقْدِيرِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت إلَخْ) هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُشْتَرَطَةٌ فِي الْمَعْصِيَةِ الْقَوْلِيَّةِ أَيْضًا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (إقْلَاعٌ عَنْهَا) أَيْ بِعَدَمِ التَّلَبُّسِ بِالْفِعْلِ حَالًا وَبِعَدَمِ التَّلَبُّسِ بِالْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ حَالًا فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَالِ وَالنَّدَمِ بِالْمَاضِي وَالْعَزْمِ أَنْ لَا يَعُودَ بِالْمُسْتَقْبَلِ قَالَ تَعَالَى {فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 135] وَقَالَ {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} [آل عمران: 135] الْأَوَّلُ النَّدَمُ وَالثَّانِي الْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَرَدُّ ظُلَامَةٍ) رَوَى مُسْلِمٌ «مَنْ كَانَ لِأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ فِي عِرْضٍ أَوْ مَالٍ فَلْيَسْتَحِلَّهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ أَخَذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ، وَإِلَّا أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ وَطُرِحَ عَلَيْهِ» . فَائِدَةٌ: لَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ وَهُوَ مُفْلِسٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ لِوَفَائِهِ وَلَوْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْمَظْلُومِ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ وَارِثٌ دَفَعَهُ لِلْإِمَامِ الْعَادِلِ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى قَصْدِ الْغُرْمِ لَوْ عَلِمَهُ. [فَصْلٌ لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ] فَصْلٌ لَا يُحْكَمُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ) قَدْ سَلَفَ أَنَّ آخِرَ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ اعْتِبَارُ الِاثْنَيْنِ. فَرْعٌ: لَوْ شَهِدَ مُسْلِمٌ أَنَّ هَذَا النَّصْرَانِيَّ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَهَلْ يُحْكَمُ بِذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَنَحْوِهَا وَجْهَانِ بَنَاهُمَا الْمُتَوَلِّي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ حَكَاهُ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَأَقَرَّهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (اثْنَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَالشَّهَادَةِ عَلَى نَفْسِ الزِّنَا لِتَمَكُّنِ الْمُقِرِّ مِنْ الرُّجُوعِ. قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُتَصَوَّرُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إذَا قَذَفَ رَجُلٌ رَجُلًا ثُمَّ ادَّعَى الْقَاذِفُ عَلَى الْمَقْذُوفِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالزِّنَا وَأَنْكَرَ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ سَمَاعِهَا بِالْإِقْرَارِ ابْتِدَاءً. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 325 مَالِيٍّ كَخِيَارٍ وَأَجَلٍ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا} [البقرة: 282] أَيْ فِيمَا يَقَعُ لَكُمْ {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَعُمُومُ الْأَشْخَاصِ فِيهِ مُسْتَلْزِمٌ لِعُمُومِ الْأَحْوَالِ الْمُخَرَّجُ مِنْهُ مَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَرْبَعَةُ وَمَا لَا يَكْتَفِي فِيهِ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، (وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى) كَحَدِّ الشُّرْبِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ (أَوْ لِآدَمِيٍّ) كَالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ وَحَدِّ الْقَذْفِ (وَمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ رِجَالٌ غَالِبًا كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ وَإِسْلَامٍ وَرِدَّةٍ وَجَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ وَمَوْتٍ وَإِعْسَارٍ وَوَكَالَةٍ وَوِصَايَةٍ وَشَهَادَةٍ عَلَى شَهَادَةٍ رَجُلَانِ) . رَوَى مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ» وَقِيسَ عَلَى الثَّلَاثَةِ بَاقِي الْمَذْكُورَاتِ بِجَامِعِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ مِنْهَا مَالٌ وَالْقَصْدُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ الرَّاجِعَتَيْنِ إلَى الْمَالِ الْوِلَايَةُ وَالْخِلَافَةُ لَا الْمَالُ. (وَمَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ النِّسَاءَ أَوْ لَا يَرَاهُ رِجَالٌ غَالِبًا كَبَكَارَةٍ وَوِلَادَةٍ وَحَيْضٍ وَرَضَاعٍ وَعُيُوبٍ تَحْتَ الثِّيَابِ) كَبَرَصٍ وَرَفَقٍ وَقَرَنٍ، (يَثْبُتُ بِمَا سَبَقَ وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ) رَوَى مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ مِنْ وِلَادَةِ النِّسَاءِ وَعُيُوبِهِنَّ» وَقِيسَ بِمَا ذُكِرَ بَاقِي الْمَذْكُورَاتِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ تَحْتَ الثِّيَابِ عَمَّا. قَالَ الْبَغَوِيّ الْعَيْبُ فِي وَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ وَفِي وَجْهِ الْأَمَةِ وَمَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، (وَمَا لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ وَمَا ثَبَتَ بِهِمْ ثَبَتَ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ) ، رَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ» ، (إلَّا عُيُوبَ النِّسَاءِ وَنَحْوَهَا) بِالنَّصْبِ فَلَا تَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ لِخَطَرِهَا، (وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ وَقِيَامُهَا مَقَامَ رَجُلٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لِوُرُودِهِ (وَ) فِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ (إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي بَعْدَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ   [حاشية قليوبي] لِلزِّنَى) أَيْ لِإِثْبَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ فِيهِ حَدٌّ كَالْمَيْتَةِ، وَكَذَا اللِّوَاطُ وَإِتْيَانُ الْبَهَائِمِ وَخَرَجَ بِإِثْبَاتِهِ رَدُّ الشَّهَادَةِ بِهِ فَيَكْفِي اثْنَانِ؛ لِأَنَّهُ تَجْرِيحٌ بِأَنْ شَهِدَا بِفِسْقِهِ وَفَسَّرَاهُ بِالزِّنَا لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَا إنَّهُمَا ذَكَرَاهُ لِلتَّجْرِيحِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ بِزِنًا. قَوْلُهُ: (فِي فَرْجِهَا) أَيْ فُلَانَةَ إنْ غَابَتْ أَوْ هَذِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ زَمَانٍ، أَوْ مَكَان إلَّا إنْ ذَكَرَهُ أَحَدُهُمْ فَيَجِبُ سُؤَالُ بَاقِيهِمْ لِاحْتِمَالِ تَنَاقُضِهِمْ فَلَا حَدَّ. قَوْلُهُ: (وَلِمَالٍ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ بِمَعْنَى يُقْبَلُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَكَذَا رَجُلٌ وَيَمِينٌ كَمَا يَأْتِي لِمَالٍ وَعَقْدٍ مَالِيٍّ أَيْ أَوْ فَسْخُهُ وَمِنْهُ الْإِقَالَةُ وَتَمْثِيلُ الْمُصَنِّفِ بِهَا لِلْعَقْدِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ. قَوْلُهُ: (وَضَمَانٌ) وَإِبْرَاءٌ وَقَرْضٌ وَوَقْفٌ وَصُلْحٌ وَشُفْعَةٌ وَرَدٌّ بِعَيْبٍ وَمُسَابِقَةٌ وَغَصْبٌ وَوَصِيَّةٌ بِمَالٍ وَإِقْرَارٌ وَمَهْرٌ فِي نِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ خُلْعٍ وَقَتْلُ خَطَأٍ، وَقَتْلُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَقَتْلُ حُرٍّ عَبْدًا وَمُسْلِمٍ ذِمِّيًّا وَوَالِدٍ وَلَدًا وَسَرِقَةٌ لَا قَطْعَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَحَقٌّ مَالِيّ) وَمِنْهُ رَهْنٌ وَقَبْضُ مَالٍ وَلَوْ فِي كِتَابَةٍ وَمِنْ حُقُوقِ الْعُقُودِ طَاعَةُ زَوْجَةٍ لِاسْتِحْقَاقِ نَفَقَةٍ، وَكَذَا قَتْلُ كَافِرٍ لِسَلْبِهِ وَإِزْمَانُ صَيْدٍ لِتَمَلُّكِهِ وَعَجْزُ مُكَاتَبٍ وَإِفْلَاسٌ وَرُجُوعُ مَيِّتٍ عَنْ تَدْبِيرٍ، وَأَمَّا الشَّرِكَةُ وَالْقِرَاضُ وَالْكَفَالَةُ فَكَالْوَكَالَةِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ) أَوْ شَرْطٍ أَوْ عَيْبٍ. قَوْلُهُ: (فَعُمُومُ الْأَشْخَاصِ) فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 282] . قَوْلُهُ: (وَلِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ هِلَالِ رَمَضَانَ وَالزِّنَا وَمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ أَيْ وَيُشْتَرَطُ رَجُلَانِ لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (كَحَدِّ الشُّرْبِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْجَلْدَ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَحَدِّ الْقَذْفِ) وَالتَّعْزِيرِ. قَوْلُهُ: (وَوَكَالَةٍ) وَكَذَا الشَّرِكَةُ وَالْقِرَاضُ وَالْكَفَالَةُ كَمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ أَرَادَ فِي الشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ فَكَالْمَالِ وَمِثْلُهُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ لِإِثْبَاتِ إرْثٍ كَمَا فِي الْمَهْرِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا عِتْقٌ وَبُلُوغٌ وَإِيلَاءٌ وَظِهَارٌ وَفَسْخُ نِكَاحٍ وَرَضَاعٌ مُحْرِمٌ وَمُقَدِّمَاتُ نِكَاحٍ وَإِقْرَارٌ وَلَوْ مِنْ النِّسَاءِ، وَوَلَاءٌ وَإِحْصَانٌ وَحُكْمٌ وَقَضَاءُ عِدَّةٍ بِأَشْهُرٍ وَخُلْعٌ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ وَدَعْوَى الرَّقِيقِ التَّدْبِيرَ، وَالِاسْتِيلَادَ وَالْكِتَابَةَ بِخِلَافِ دَعْوَى السَّيِّدِ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ مِنْ قِسْمِ الْمَالِ الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَخْتَصُّ) أَيْ يُشْتَرَطُ بِمَعْنَى يَكْفِي شَهَادَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لِمَا إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَرَضَاعٍ) أَيْ مِنْ الثَّدْيِ أَوْ أَنَّ اللَّبَنَ مِنْهُ أَمَّا الرَّضَاعُ مِنْ إنَاءٍ مَثَلًا فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ. قَوْلُهُ: (لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قُلْنَا بِحُرْمَةِ نَظَرِ ذَلِكَ نَعَمْ إنْ قُصِدَ مِنْهُ الْمَالُ فَكَالْمَالِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَبْدُو) أَيْ مِنْ الْأَمَةِ. قَوْلُهُ: (يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) ، وَكَذَا بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ الْمَالَ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (وَنَحْوَهَا بِالنَّصْبِ) أَيْ عَطْفًا عَلَى عُيُوبَ كَالْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى مِنْ عُيُوبِ النِّسَاءِ وَمَا فِي وَجْهِ الْحُرَّةِ، وَكَفَّيْهَا وَمَا يَبْدُو عِنْدَ الْمَهَنَةِ مِنْ الْأَمَةِ فَلَا يَثْبُتَانِ بِالنِّسَاءِ الْمُنْفَرِدَاتِ وَلَا بُدَّ فِي الْأَوَّلِ مِنْ رَجُلَيْنِ وَيَكْفِي فِي الثَّانِي رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ) إنْ لَمْ يُقْصَدْ مِنْهُ الْمَالُ إلَّا فَكَالْمَالِ.   [حاشية عميرة] فَائِدَةٌ: قَدْ تُعْتَبَرُ ثَلَاثَةٌ عَلَى وَجْهٍ وَذَلِكَ فِي الْغَارِمِ لِيَصْرِفَ لَهُ الزَّكَاةَ وَفِي الْإِفْلَاسِ، وَفِي حِصَّةِ الْوَرَثَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَقْدٌ مَالِيٌّ) أَيْ أَوْ فَسْخُهُ وَمِنْهُ الْإِقَالَةُ نَعَمْ الْقِرَاضُ وَالشَّرِكَةُ كَالْوَكَالَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَبَيْعٍ) كَذَا الْإِجَارَةُ وَالْوَقْفُ وَالصُّلْحُ وَالْفُرْقَةُ وَالْمَهْرُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْجِنَايَاتُ الْمُوجِبَةُ لِلْمَالِ وَمِنْ حَقِّ الْمَالِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَشَرْطُ رَهْنٍ وَطَاعَةُ الزَّوْجَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَخِيَارٍ) أَيْ لِمَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ عَيْبٍ أَوْ عَجْزِ مُكَاتَبٍ أَوْ إفْلَاسٍ وَنَحْوِهِ، قَوْلُهُ: (قَوْله تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا} [البقرة: 282] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَصَّ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى عَلَى ذَلِكَ فِي الدُّيُونِ وَقِسْنَا عَلَيْهَا غَيْرَهَا وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كَثْرَتُهَا وَعُمُومُ الْبَلْوَى بِهَا، قَوْلُهُ: (رَوَى مَالِكٌ إلَخْ) هُوَ مُرْسَلٌ وَلَكِنَّهُ اُعْتُضِدَ فِيمَا يَظْهَرُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَبَكَارَةٍ) وَثُيُوبَةٍ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَحَيْضٍ) لِلنِّسَاءِ طُرُقٌ فِي مَعْرِفَتِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعُيُوبٍ) ، وَكَذَا الْحَمْلُ قَوْلُهُ: (رَوَى إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا اعْتِبَارُ الْأَرْبَعِ فَلِأَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ بِرَجُلٍ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ الرِّجَالِ بِالْوِلَادَةِ أَنْ يَذْكُرُوا أَنَّهُمْ شَاهَدُوهَا مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ نَظَرٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 326 وَتَعْدِيلِهِ وَيَذْكُرُ) وُجُوبًا (فِي حَلِفِهِ صِدْقَ الشَّاهِدِ) فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ إنَّ شَاهِدِي لَصَادِقٌ وَإِنِّي مُسْتَحِقٌّ لِكَذَا. قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ قَدَّمَ ذِكْرَ الْحَقِّ وَأَخَّرَ تَصْدِيقَ الشَّاهِدِ لَا بَأْسَ وَذِكْرُ صِدْقِ الشَّاهِدِ لِيَحْصُلَ الِارْتِبَاطُ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالشَّهَادَةِ الْمُخْتَلِفَتَيْ الْجِنْسِ، (فَإِنْ تَرَكَ) الْمُدَّعِي (الْحَلِفَ) بَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ (وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ فَلَهُ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ وَبِيَمِينِ الْخَصْمِ تُسْقِطُ الدَّعْوَى، (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ فِي الْأَظْهَرِ) ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحَلِفَ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِ وَعَلَى هَذَا يُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الدَّعْوَى. . (وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا) ، يَسْتَرِقُّهُمَا، (فَقَالَ رَجُلٌ هَذِهِ مُسْتَوْلَدَتِي عَلِقَتْ بِهَذَا فِي مِلْكِي وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ) أَوْ شَهِدَ لَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِذَلِكَ (ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ) ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُسْتَوْلَدَةِ حُكْمُ الْمَالِ فَتُسَلَّمُ إلَيْهِ، وَإِذَا مَاتَ حُكِمَ بِعِتْقِهَا بِإِقْرَارِهِ (لَا نَسَبَ الْوَلَدِ وَحُرِّيَّتَهُ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَثْبُتَانِ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ فَيَبْقَى الْوَلَدُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ، وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْمُدَّعِي بِالْإِقْرَارِ مَا ذُكِرَ فِي بَابِهِ وَالثَّانِي يَثْبُتَانِ تَبَعًا لَهَا فَيُنْتَزَعُ الْوَلَدُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَكُونُ حُرًّا نَسِيبًا بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي، (وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ غُلَامٌ) يَسْتَرِقُّهُ (فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ لِي وَأَعْتَقْتُهُ وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ) أَوْ شَهِدَ لَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِذَلِكَ (فَالْمَذْهَبُ انْتِزَاعُهُ وَمَصِيرُهُ حُرًّا) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَ قَوْلًا مِنْ مَسْأَلَةِ الِاسْتِيلَادِ بِنَفْيِ ذَلِكَ فَجَعَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ هُنَا يَدَّعِي مِلْكًا وَحُجَّتُهُ تَصْلُحُ لِإِثْبَاتِهِ، وَالْعِتْقُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ. (وَلَوْ ادَّعَتْ وَرَثَةٌ مَالًا لِمُوَرِّثِهِمْ وَأَقَامُوا شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ بَعْضُهُمْ أَخَذَ نَصِيبَهُ وَلَا يُشَارِكُ فِيهِ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ، (وَيَبْطُلُ حَقُّ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ بِنُكُولِهِ إنْ حَضَرَ وَهُوَ كَامِلٌ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَقْبِضُ نَصِيبَهُ فَإِذَا زَالَ عُذْرُهُ حَلَفَ وَأَخَذَ بِغَيْرِ   [حاشية قليوبي] تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ وَالْيَمِينَ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا شَيْءٌ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ تَثْبُتُ بِهِمَا الْأَمْوَالُ وَأَنَّ مَحْضَ النِّسَاءِ لَا يَثْبُتُ بِهِنَّ مَالٌ، وَلَا مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَإِنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْ الْيَمِينَ لَا يَثْبُتُ بِهِمْ مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، وَإِنَّ نَحْوَ الزِّنَا لَا يَثْبُتُ بِدُونِ أَرْبَعٍ مِنْ الرِّجَالِ. فَرْعٌ: يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ شَاهِدٍ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَفِي عُيُوبِ النِّسَاءِ يَكُونُ عَالِمًا بِالطِّبِّ. قَوْلُهُ: (فَلَا بَأْسَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ) فَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ فَلِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ لَهُ احْلِفْ أَوْ حَلِّفْنِي وَخَلِّصْنِي. قَوْلُهُ: (وَيَمِينُ الْخَصْمِ) أَيْ لَا يُطْلَبُ الْيَمِينُ قَبْلَ الْحَلِفِ فَلَا يَسْقُطُ الطَّلَبُ وَلَا الدَّعْوَى خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ كَمَا قِيلَ وَلَعَلَّ الشَّيْخَيْنِ بَنَيَاهُ عَلَى مَرْجُوحٍ، إذْ لَوْ سَقَطَ ذَلِكَ بِالطَّلَبِ لَمَا اُحْتِيجَ إلَى نُكُولٍ بَعْدَهُ وَلَا إلَى رَدِّ يَمِينٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (تَسْقُطُ الدَّعْوَى) أَيْ فَلَا مُطَالَبَةَ أَصْلًا، وَقَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (يَمِينُ الرَّدِّ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ سَقَطَ اعْتِبَارُهَا. قَوْلُهُ: (سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ) أَيْ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ وَلَهُ تَجْدِيدُ الدَّعْوَى وَيَحْلِفُ وَظَاهِرُ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ سُقُوطُ الدَّعْوَى مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (فِي مِلْكِي) أَيْ مِنِّي بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حُكْمَ الْمُسْتَوْلَدَةِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ هُوَ الْمَالِيَّةُ فِيهَا وَالِاسْتِيلَادُ تَابِعٌ لَهُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي لَبْوَتِهِ النَّسَبَ وَالْحُرِّيَّةَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، فَالْحُكْمُ بِالتَّبَعِيَّةِ فِيهِ نَظَرًا لِإِقْرَارِهِ فَمَا سَلَكَهُ بَعْضُهُمْ هُنَا مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَيَبْقَى الْوَلَدُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ فَلَوْ أَسْنَدَ دَعْوَاهُ إلَى زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ حُدُوثُ الْوَلَدِ تَبِعَ الْوَلَدُ أُمَّهُ وَلِلْمُدَّعِي الزَّوَائِدُ مِنْ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (مَا ذُكِرَ فِي بَابِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِمَّنْ اسْتَلْحَقَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَبِيرًا ثَبَتَ بِتَصْدِيقِهِ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) وَلَعَلَّ عُذْرَهُ فِي عَدَمِ حَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ النَّصِّ الْمُوَافِقِ لَهُ. قَوْلُهُ: (مَالًا) عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً. قَوْلُهُ: (وَحَلَفَ مَعَهُ بَعْضُهُمْ) وَحَلِفُهُ عَلَى الْجَمِيعِ إنْ ادَّعَاهُ وَإِنْ ادَّعَى قَدْرَ حِصَّتِهِ فَقَطْ حَلَفَ عَلَيْهَا فَقَطْ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ وَلَا يَكْفِي حَلِفُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا يَأْخُذُ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشَارِكُ فِيهِ) لِئَلَّا يَلْزَمَ ثُبُوتُ مِلْكٍ لِشَخْصٍ بِيَمِينِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَبْطُلُ حَقٌّ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْيَمِينِ فَقَطْ وَلَا يَحْلِفُ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ. قَوْلُهُ: (بِنُكُولِهِ) خَرَجَ امْتِنَاعُهُ بِلَا نُكُولٍ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ. قَوْلُهُ: (إنْ حَضَرَ) أَيْ وَعَلِمَ بِالْخُصُومَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَالْغَائِبُ كَالْحَاضِرِ إذَا عَلِمَ وَنَكَلَ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (إنْ حَضَرَ) أَيْ وَعَلِمَ بِالْخُصُومَةِ وَشَرَعَ فِيهَا وَإِلَّا فَكَالْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (حَلَفَ) أَيْ عَلَى الْجَمِيعِ عَلَى مَا مَرَّ.   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: الَّذِي تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسْوَةِ لَوْ شَهِدْنَ فِيهِ عَلَى الْإِقْرَارِ لَمْ يُقْبَلْنَ فِيهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ نَكَلَ إلَخْ) سَكَتَ عَمَّا إذَا حَلَفَ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْحَلِفِ مَعَ شَاهِدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ،. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا نَسَبُ الْوَلَدِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَهَلْ يُحْكَمُ لَهُ بِالْوَلَدِ وَيُنْزَعُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَوْلَانِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اهـ. أَقُولُ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ أَحْسَنُ وَمِنْهَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْآتِيَ وَالثَّانِيَ يَثْبُتَانِ تَبَعًا، الْغَرَضُ مِنْهُ ثُبُوتُ الِانْتِزَاعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ الْآتِي فَيُنْزَعُ الْوَلَدُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا عَسَاهُ يُقَالُ كَيْفَ يَقُولُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَالثَّانِي يَثْبُتَانِ تَبَعًا ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّ النَّسَبَ وَالْحُرِّيَّةَ يَثْبُتَانِ بِالْإِقْرَارِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، قَوْلُهُ: (مَا ذُكِرَ فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 327 إعَادَةِ شَهَادَةٍ) ، وَقِيلَ فِي قَوْلٍ يَقْبِضُ نَصِيبَهُ وَيُوقَفُ وَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُ الشَّاهِدِ قَبْلَ الْحَلِفِ لَمْ يَقْدَحْ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ. (وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلٍ كَزِنًا وَغَصْبٍ وَإِتْلَافٍ وَوِلَادَةٍ) وَرَضَاعٍ (إلَّا بِالْإِبْصَارِ) لَهُ مَعَ فَاعِلِهِ فَلَا يَكْفِي فِيهِ السَّمَاعُ مِنْ الْغَيْرِ، (وَتُقْبَلُ) فِيهِ (مِنْ أَصَمَّ) لِإِبْصَارِهِ (وَالْأَقْوَالُ كَعَقْدٍ) وَفَسْخٍ وَإِقْرَارٍ بِهِمَا (يُشْتَرَطُ سَمْعُهَا وَإِبْصَارُ قَائِلِهَا) فَلَا تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ أَصَمَّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا، (وَلَا يُقْبَلُ أَعْمَى) حَمَلَ شَهَادَةً فِي مُبْصِرٍ، (إلَّا أَنْ يُقِرَّ) رَجُلٌ (فِي أُذُنِهِ) بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَالٍ لِرَجُلٍ مَعْرُوفِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ. (فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَتَّى يَشْهَدَ) عَلَيْهِ (عِنْدَ قَاضٍ بِهِ) فَيُقْبَلُ (عَلَى الصَّحِيحِ) ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ سَدًّا لِلْبَابِ (وَلَوْ حَمَلَهَا بَصِيرٌ ثُمَّ عَمِيَ شَهِدَ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَعَلَيْهِ مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ) بِخِلَافِ مَجْهُولَيْهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَخْذًا مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ، (وَمَنْ سَمِعَ قَوْلَ شَخْصٍ أَوْ رَأَى فِعْلَهُ فَإِنْ عَرَفَ عَيْنَهُ وَاسْمَهُ وَنَسَبَهُ شَهِدَ عَلَيْهِ فِي حُضُورِهِ إشَارَةً وَعِنْدَ غَيْبَتِهِ وَمَوْتِهِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ فَإِنْ جَهِلَهُمَا لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ مَوْتِهِ وَغَيْبَتِهِ) ، وَكَذَا إنْ جَهِلَ أَحَدَهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ. (وَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ شَهَادَةٍ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ) بِالنُّونِ قَبْلَ التَّاءِ مَنْ انْتَقَبَتْ كَمَا فِي الصِّحَاحِ، (اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا) فَإِنَّ الْأَصْوَاتَ تَتَشَابَهُ (فَإِنْ عَرَفَهَا بِعَيْنِهَا أَوْ بِاسْمٍ وَنَسَبٍ جَازَ) التَّحَمُّلُ عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً. (وَيَشْهَدُ عِنْدَ الْأَدَاءِ بِمَا يَعْلَمُ) مِمَّا ذُكِرَ فَيَشْهَدُ فِي الْعِلْمِ بِعَيْنِهَا عِنْدَ حُضُورِهَا وَفِي الْعِلْمِ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ عِنْدَ غَيْبَتِهَا وَمَوْتِهَا، (وَلَا يَجُوزُ التَّحَمُّلُ عَلَيْهَا بِتَعْرِيفِ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ) أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ (عَلَى الْأَشْهَرِ) ، الْمُعَبَّرُ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَقِيلَ يَجُوزُ بِتَعْرِيفِ عَدْلٍ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ، وَقِيلَ بِتَعْرِيفِ عَدْلَيْنِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى النَّسَبِ بِالسَّمَاعِ مِنْهُمَا وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ السَّمَاعِ مِنْ جَمْعٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ.   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إعَادَةِ شَهَادَةٍ) أَيْ إنْ كَانَ السَّابِقُ ادَّعَى الْجَمِيعَ وَإِلَّا فَتُعَادُ جَزْمًا كَالدَّعْوَى. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقْدَحْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدٍ غَيْرِهِ لِغَيْرِ مَنْ حَلَفَ، وَلَا تُعَادُ الدَّعْوَى إنْ كَانَ ادَّعَى مِنْ قَبْلِهِ بِالْجَمِيعِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِالْإِبْصَارِ) صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْأَعْمَى وَإِنْ مَسَّ الذَّكَرَ بِيَدِهِ فِي الْفَرْجِ، وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُهَا إنْ أَمْسَكَهُمَا إلَى إنْ حَضَرُوا بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ الذَّكَرُ فِي الْفَرْجِ وَيَجُوزُ النَّظَرُ لِفَرْجِ الزَّانِيَيْنِ لِتَحَمُّلِ شَهَادَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا هَتَكَا حُرْمَةَ أَنْفُسِهِمَا وَلَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ لَوْ تَعَمَّدُوا النَّظَرَ لِغَيْرِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُقْبَلُ فِيهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ فَهُوَ مَفْهُومُ شَرْطِ السَّمَاعِ وَذِكْرُ الْأَعْمَى هُوَ مَفْهُومُ إبْصَارِ فَاعِلِهَا لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالْمُبْصَرَاتِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فِي مُبْصَرٍ، وَبِذَلِكَ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ لِقِيَامِ الْفِعْلِ مَقَامَ الْبَصَرِ. قَوْلُهُ: (فِي أُذُنِهِ) أَيْ مَثَلًا فَنَحْوُ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى فَمِهِ وَكَوْنُهُمَا فِي مَحَلٍّ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُمَا وَالِاسْتِفَاضَةُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَعِنْدَ غَيْبَتِهِ) . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إلَى فَوْقِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ الْمُرَادُ الْغَيْبَةُ عَنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَلَوْ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى قَالَ وَلَا أَعْلَمُ لِشَيْخِنَا يَعْنِي شَيْخَ الْإِسْلَامِ سَلَفًا فِيمَا ذَكَرَهُ انْتَهَى وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مُوَافَقَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ كَلَامَ شَيْخِهِ الْبُرُلُّسِيِّ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ لَمْ يُعَرِّفْ بِالْآخَرِ وَإِلَّا كَفَى وَحْدَهُ وَلَا يُنْبَشُ بَعْدَ دَفْنِهِ وَإِنْ اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ خِلَافًا لَلْغَزَالِيِّ،. قَوْلُهُ: (بِعَيْنِهَا) بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ تَعَيَّنَ أَنَّهَا هِيَ أَوْ بِاسْتِفَاضَةٍ كَذَلِكَ أَوْ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا وَأَخْبَرَ عَدْلَانِ أَنَّهَا هِيَ فَيَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ   [حاشية عميرة] بَابِهِ) فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَثْبُتْ مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ الْوَلَاءِ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا وَصَدَّقَهُ ثَبَتَ،. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُقْبَضُ إلَخْ) وَيُمَكَّنُ مَنْ فِي يَدِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِغَيْرِ إعَادَةِ الشَّهَادَةِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ الْمِيرَاثِ وَإِثْبَاتِ مِلْكِ الْمَيِّتِ وَذَلِكَ فِي حُكْمِ الْخَصْلَةِ الْوَاحِدَةِ، فَلِذَا تَعَدَّى حُكْمُهَا لِلْكُلِّ بِخِلَافِ الْيَمِينِ فَإِنَّهَا قَاصِرَةٌ عَلَى الْحَالِفِ لَا يَتَجَاوَزُ أَثَرُهَا، وَأَمَّا الدَّعْوَى فَإِنَّهَا وَإِنْ فُرِضَ اخْتِصَاصُهَا فَهِيَ وَسِيلَةٌ وَالْوَسَائِلُ يُسَامَحُ فِيهَا وَلَا يُنْظَرُ إلَيْهَا. نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْأَوَّلُ بِالْجَمِيعِ لَا بِقَدْرِ نَصِيبِهِ فَقَطْ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الشَّهَادَةِ كَذَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْإِبْصَارِ) أَيْ فَيَجُوزُ رُؤْيَةُ الزِّنَا إذَا كَانَ لِغَرَضِ التَّحَمُّلِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الصَّحِيحِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ ذَلِكَ لَزِمَ أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَةُ الْبَصِيرِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْمَيِّتِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (إشَارَةً) اقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْحَاضِرِ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَنَسَبِهِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى اسْمِهِ وَإِضَافَتِهِ لِمُعْتِقِهِ كَفُلَانٍ عَتِيقُ السُّلْطَانِ فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَلْتَبِسْ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعِنْدَ غَيْبَتِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ غَيْبَتُهُ عَنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَوْقَ الْعَدْوَى وَلَا أَعْلَمُ لَهُ فِيهِ سَلَفًا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ جَهِلَهُمَا إلَخْ) . قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَأَمَّا شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ اعْتِمَادًا عَلَى حِلْيَتِهِ وَصِفَتِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ جَهَلَةِ الشُّهُودِ ثُمَّ يُؤَدِّيهَا فِي غَيْبَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ، فَلَا يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَا أَعْرِفُ فِيهِ خِلَافًا أَقُولُ نَعَمْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ إذَا جَهِلَهُمَا وَلَكِنْ اسْتَفَاضَ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ بَعْدُ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ سَاغَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ، ثُمَّ مَا قَالَهُ فِي الْمِنْهَاجِ مَعَ مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ يُعَرِّفُك فَسَادَ كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الْوَاقِعَةِ فِي زَمَانِنَا؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ يُؤَدُّونَ فِي الْغَيْبَةِ مُعَوِّلِينَ فِي النَّسَبِ عَلَى إخْبَارِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ وَإِنْ وَصَفُوا حِلْيَتَهُ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، [تَحَمُّلُ شَهَادَةٍ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ] قَوْلُهُ: (مُنْتَقِبَةٍ) كَانَ صُورَةُ هَذَا فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ أَنْ يَسْتَفِيضَ عِنْدَهُ وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ ثُمَّ يَتَحَمَّلُ عَلَيْهَا وَهِيَ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجُوزُ بِتَعْرِيفِ عَدْلٍ) وَحِينَئِذٍ تَعْلَمُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا لَا يُشْتَرَطُ عَدْلُ الشَّهَادَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْعَمَلُ إلَخْ) . قَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 328 عَلَى الْكَذِبِ (وَالْعَمَلُ عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ الْأَشْهَرُ وَهُوَ التَّحَمُّلُ بِمَا ذُكِرَ وَفِي ذِكْرِ الْعَمَلِ بِهِ الْمَزِيدُ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إشَارَةٌ إلَى الْمَيْلِ إلَيْهِ. (وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عَيْنِهِ بِحَقٍّ فَطَلَبَ الْمُدَّعِي التَّسْجِيلَ سَجَّلَ الْقَاضِي بِالْحِلْيَةِ لَا الِاسْمِ وَالنَّسَبِ مَا لَمْ يُثْبِتَا) ، وَلَا يَكْفِي فِيهِمَا قَوْلُ الْمُدَّعِي وَلَا إقْرَارُ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ نَسَبَ الشَّخْصِ، لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ، وَيَثْبُتُ بِبَيِّنَةِ حِسْبَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ فَإِذَا قَامَتْ عِنْدَ الْقَاضِي بِنَسَبِهِ سَجَّلَ بِهِ. (وَلَهُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى نَسَبٍ) لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (مِنْ أَبٍ وَقَبِيلَةٍ وَكَذَا أُمٍّ فِي الْأَصَحِّ) كَالْأَبِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِإِمْكَانِ رُؤْيَةِ الْوِلَادَةِ (وَمَوْتٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ طَرِيقِ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ، (لَا عِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَوَقْفٍ وَنِكَاحٍ وَمِلْكٍ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ مُشَاهَدَةَ أَسْبَابِهَا مُتَيَسِّرَةٌ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فِيهَا رَجَّحَ الْمَنْعَ، (قُلْت الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَالْأَكْثَرِينَ فِي الْجَمِيعِ الْجَوَازُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ مُدَّتَهَا تَطُولُ فَتَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ابْتِدَائِهَا فَتَمَسُّ الْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِهَا بِالتَّسَامُعِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ نَقَلَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ الْمَنْعَ عَنْ طَائِفَةٍ وَالْجَوَازَ عَنْ أُخْرَى، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْجَوَازُ أَقْوَى وَأَصَحُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَسَكَتَ فِيهَا عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي الْمِلْكِ أَقْرَبُ الْوَجْهَيْنِ إلَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ الْجَوَازَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَى آخِرِهِ، (وَشَرْطُ التَّسَامُعِ) فِي اسْتِنَادِ الشَّهَادَةِ إلَيْهِ (سَمَاعُهُ) أَيْ الْمَشْهُودِ بِهِ (مِنْ جَمْعٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ) ، لِكَثْرَتِهِمْ فَيَقَعُ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِخَبَرِهِمْ (وَقِيلَ يَكْفِي) سَمَاعُهُ (مِنْ عَدْلَيْنِ) وَعَلَى الْأَوَّلِ   [حاشية قليوبي] عَلَى شَهَادَتِهِمَا. قَوْلُهُ: (جَازَ التَّحَمُّلُ عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً) وَلَا تَجُوزُ رُؤْيَتُهَا. قَوْلُهُ: (عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ) وَلَوْ فِي الشَّهَادَةِ وَلَوْ مِنْ أَقَارِبِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْعَمَلُ عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ عَمَلُ الشُّهُودِ وَالنَّاسِ لَا عَمَلُ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. قَوْلُهُ: (إشَارَةً إلَى الْمِيلِ إلَيْهِ) وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ فَعَلَهُ وَأَقَرَّ عَلَيْهِ فِي تَزْوِيجِ بِنْتِهِ. قَوْلُهُ: (سَجَّلَ الْقَاضِي) أَيْ جَوَازًا قَوْلُهُ: (لَا بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ الْحِلْيَةِ إلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ نَسَبَ الشَّخْصِ لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ) فَمَا يَفْعَلُهُ الْآنَ بَعْضُ الشُّهُودِ مِنْ جَهْلِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَيَثْبُتُ بِبَيِّنَةِ حِسْبَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَكَذَا بِعِلْمِ الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (سَجَّلَ بِهِ) فَيَقُولُ حَضَرَ رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَحِلْيَتُهُ كَذَا، وَكَذَا، وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ كَانَ الْمُرَادُ التَّذَكُّرَ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْكِتَابَةَ بِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ) أَيْ مَا لَمْ يُعَارَضْ بِإِنْكَارِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ مَثَلًا أَوْ بِإِخْبَارِ مَنْ يُورِثُ خَبَرَهُ رِيبَةً بِأَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِكَذِبِهِ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فِيهَا رَجَّحَ بِالْمَنْعِ) فَلَيْسَ فِيهِ جَزْمٌ بِالْمَنْعِ كَمَا مَرَّ فِي الْمِنْهَاجِ فَالْجَزْمُ فِيهِ مُعْتَرَضٌ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ فِي الْجَمِيعِ الْجَوَازُ) وَهِيَ الْمَسَائِلُ الْخَمْسُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ الرِّقُّ وَالْوَلَاءُ وَالْوَقْفُ وَالنِّكَاحُ وَالْمِلْكُ كَمَا فِي النَّسَبِ وَالْمَوْتِ قَبْلَهَا، وَالْمُرَادُ بِالنَّسَبِ مِنْ الْأَبِ لَا مِنْ الْأُمِّ. قَالَهُ الْخَطِيبُ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَالْمُرَادُ بِالْوَقْفِ ثُبُوتُ أَصْلِهِ، وَأَمَّا تَفَاصِيلُهُ وَشُرُوطُهُ فَلَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ. نَعَمْ إنْ ذَكَرَهَا الشَّاهِدُ فِي شَهَادَتِهِ تَثْبُتُ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ. وَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ فَقَالَ النَّوَوِيُّ إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جَمَاعَةٍ قُسِمَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، أَوْ عَلَى جِهَاتٍ فَكَذَلِكَ وَالْأَرْجَحُ إلَى رَأْيِ النَّاظِرِ وَالْمُرَادُ بِالْمِلْكِ أَصْلُهُ، وَأَمَّا حُدُودُ نَحْوِ الْعَقَارِ فَلَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ أَيْضًا قَالَهُ شَيْخُنَا وَأُلْحِقَ بِمَا ذُكِرَ وِلَايَةُ الْقَاضِي وَعَزْلُهُ وَتَضَرُّرُ الزَّوْجَةِ وَاسْتِحْقَاقُ الزَّكَاةِ وَالتَّصَدُّقُ وَالرَّضَاعُ وَالْوِلَادَةُ وَالْحَمْلُ وَاللَّوْثُ وَقِدَمُ الْعَيْبِ وَالسَّفَهُ وَالرُّشْدُ وَالْعِدَّةُ وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ وَالْكُفْرُ وَالْإِسْلَامُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْإِرْثُ، وَالْقَسَامَةُ وَالْغَصْبُ وَالصَّدَاقُ، وَالْأَشْرِبَةُ وَالْعُسْرُ وَالْإِفْلَاسُ، فَجُمْلَةُ ذَلِكَ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً وَبَعْضُهُمْ نَظَمَ غَالِبَهَا. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ فِيهَا إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِمُخَالَفَةِ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ) وَهُوَ مَرْجُوحٌ كَمَا تَقَدَّمَ. تَنْبِيهٌ: صُورَةُ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنْ هَذَا وَلَدُ فُلَانٍ، أَوْ أَنَّهُ مِلْكُهُ، أَوْ أَنَّهُ وَقْفُهُ، أَوْ أَنَّهُ عَتِيقُهُ أَوْ مَوْلَاهُ أَوْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَلَا يَشْهَدُ بِالْأَسْبَابِ إلَّا فِي الْإِرْثِ وَلَا بِالْأَفْعَالِ كَأَنْ يَقُولَ إنَّ فُلَانَةَ وَلَدَتْ فُلَانًا وَإِنَّ فُلَانًا وَقَفَ كَذَا، أَوْ اشْتَرَاهُ أَوْ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ، وَهَكَذَا؛ لِأَنَّهُ   [حاشية عميرة] الْبُلْقِينِيُّ يُرِيدُ عَمَلَ بَعْضِ الْبُلْدَانِ لَا عَمَلَ الْأَصْحَابِ وَحِينَئِذٍ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَجَّلَ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ فَيَكْتُبُ حَضَرَ رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَمِنْ حِلْيَتِهِ كَذَا. قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ إنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْهَا التَّذْكِيرَ عِنْدَ حُضُورِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَصَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ الْكِتَابَةَ بِالصِّفَةِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ إذَا غَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُقَابِلَ حِلْيَتَهُ مَا فِي الْكِتَابِ وَيُعْمَلَ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ إنْ أَنْكَرَ فَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ، وَكَذَا إنْ كَانَ الْغَرَضُ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْحِلْيَةِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى الثُّبُوتِ، وَالْحُكْمُ ثَانِيًا وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يَقُولُهُ قَالَ وَتَنْزِيلُ كَلَامِهِمْ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يَأْبَاهُ جَعْلُهُمْ الْحِلْيَةَ فِي الْمَجْهُولِ كَالِاسْمِ وَالنَّسَبِ فِي الْمَعْرُوفِ، أَقُولُ قَدْ سَلَفَ لَك عَنْهُ قَرِيبًا عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَإِنَّ جَهْلَهُمَا إلَخْ أَنَّ الْحِلْيَةَ لَا تُسَوِّغُ الشَّهَادَةُ فِي الْغَيْبَةِ بِلَا خِلَافٍ فَكَيْفَ يَكُونُ فِي مَرْتَبَةِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْحِلْيَةِ) اُنْظُرْ لِقَوْلِهِ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنَّهُ يَهْدِيكَ إلَى دَفْعِ مَا نَقَلْنَا عَنْ ابْنِ أَبِي الدَّمِ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ،. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَوْتٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَلْحَقَ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ بِالتَّسَامُعِ فِيهِ أَنْ يَمُرَّ بِبَابِ الْقَتِيلِ فَيَسْمَعُ النَّوْحَ فِي دَارِهِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ لِلتَّعْزِيَةِ فَيُخْبِرُهُ وَاحِدٌ بِمَوْتِهِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمِلْكٍ) لَوْ انْضَمَّ إلَى الْمِلْكِ الْيَدُ وَالتَّصَرُّفُ جَازَ بِالتَّسَامُحِ قَطْعًا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَمَاعُهُ إلَخْ) هَلْ يُشْتَرَطُ التَّكْرَارُ وَطُولُ الْمُدَّةِ خِلَافٌ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَكْفِي إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَعْتَمِدُهُمَا فَكَذَا الشَّاهِدُ. فَرْعٌ: لَوْ جَزَمَ الشَّاهِدُ بِالشَّهَادَةِ ثُمَّ قَالَ مُسْتَنَدِي السَّمَاعُ قَالَ السُّبْكِيُّ لَا يَضُرُّ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ ذَكَرَ السَّمَاعَ فِي الشَّهَادَةِ لَا عَلَى وَجْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 329 لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ وَلَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الثَّلَاثَةِ بِيَنْبَغِي. (وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى مِلْكٍ بِمُجَرَّدِ يَدٍ) أَوْ تَصَرُّفٍ، (وَلَا بِيَدٍ وَتَصَرُّفٍ فِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ، وَتَجُوزُ فِي طَوِيلَةٍ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي قَالَ قَدْ يُوجَدُ إنْ مِنْ غَاصِبٍ وَوَكِيلٍ وَمُسْتَأْجِرٍ، وَمَرْجِعُ الطُّولِ وَالْقِصَرِ الْعُرْفُ وَقِيلَ أَقَلُّ الطَّوِيلَةِ سَنَةٌ (وَشَرْطُهُ) أَيْ التَّصَرُّفِ الْمُنْضَمِّ إلَى الْبَلَدِ (تَصَرُّفُ مُلَّاكٍ) فِي الْعَقَارِ، (مِنْ سُكْنَى وَهَدْمٍ وَبِنَاءٍ وَبَيْعٍ) وَفَسْخٍ بَعْدَهُ (وَرَهْنٍ) وَلَا يَكْفِي التَّصَرُّفُ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ ظَنًّا (وَتُبْنَى شَهَادَةُ الْإِعْسَارِ عَلَى قَرَائِنِ وَمَخَايِلِ الضُّرِّ وَالْإِضَاقَةِ) مَصْدَرُ أَضَاقَ الرَّجُلُ ذَهَبَ مَالُهُ وَالضِّيقُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ مَصْدَرُ ضَاقَ الشَّيْءُ وَبِالْفَتْحِ جَمْعُ الضِّيقَةِ، وَهِيَ الْفَقْرُ وَسُوءُ الْحَالِ وَالضَّرُّ بِالْفَتْحِ خِلَافُ النَّفْعِ وَبِالضَّمِّ الْهُزَالُ وَسُوءُ الْحَالِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ هُنَا، وَمَخَايِلُ جَمْعُ مَخِيلَةٍ مِنْ خَالَ بِمَعْنَى ظَنَّ أَيْ مَا يُظَنُّ بِهَا مَا ذُكِرَ بِأَنْ يُرَاقِبَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ لَهُ فِي خَلَوَاتِهِ وَذَلِكَ طَرِيقٌ لِخِبْرَةِ بَاطِنِهِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا فِي التَّفْلِيسِ، وَشَرْطُ شَاهِدِهِ أَيْ إعْسَارِ شَخْصٍ خِبْرَةَ بَاطِنِهِ. . فَصْلٌ (تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي النِّكَاحِ وَكَذَا الْإِقْرَارُ وَالتَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ وَكِتَابَةُ الصَّكِّ فِي الْأَصَحِّ) . أَمَّا فَرْضِيَّةُ التَّحَمُّلِ فِي النِّكَاحِ فَلِتَوَقُّفِ الِانْعِقَادِ عَلَيْهِ وَفِي الْإِقْرَارِ وَتَالِيهِ لِلْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ وَالثَّانِي قَالَ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُمَا وَاسْتِيفَاءُ مَقَاصِدِهِمَا عَلَيْهِ، وَقَالَ هُوَ مَنْدُوبٌ وَأَمَّا فَرْضِيَّةُ كِتَابَةِ الصَّكِّ؛ فَلِأَنَّهَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا فِي حِفْظِ الْحَقِّ وَالْمَالِ، وَلَهَا أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي التَّذَكُّرِ وَالثَّانِي قَالَ هِيَ مَنْدُوبَةٌ وَالْفَرْضِيَّةُ فِيهَا دُونَهَا فِيمَا قَبْلَهَا الْمُعَبَّرِ فِيهِ فِي الرَّوْضَةِ بِالصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ بِالشَّاهِدِ لَا بِهَا، فَفِي التَّعْبِيرِ بِالْأَصَحِّ فِي الثَّلَاثِ تَغْلِيبٌ لِلثَّالِثَةِ ثُمَّ عَلَى فَرْضِيَّةِ التَّحَمُّلِ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ يَلْزَمُهُ إذَا حَضَرَهُ الْمُحَمَّلُ فَإِنْ دُعِيَ لِلتَّحَمُّلِ فَالْأَصَحُّ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُحَمَّلُ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا أَوْ امْرَأَةً مُخَدَّرَةً أَوْ قَاضِيًا يُشْهِدُهُ عَلَى أَمْرٍ ثَبَتَ عِنْدَهُ.   [حاشية قليوبي] كَذِبٌ مَحْضٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْفِعْلِ الْإِبْصَارُ وَبِالْقَوْلِ السَّمَاعُ، وَالْإِبْصَارُ وَإِذَا ذَكَرَ الشَّاهِدُ مُسْتَنَدَهُ كَالِاسْتِصْحَابِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ إذَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّيبَةِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ وَلَا الْحُرِّيَّةُ وَلَا الذُّكُورَةُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ إنْ بَلَغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ. قَوْلُهُ: (فِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ) نَعَمْ إنْ اُسْتُفِيضَ بَيْنَ النَّاسِ نِسْبَةُ الْمِلْكِ إلَيْهِ كَفَى. قَوْلُهُ: (وَتَجُوزُ فِي طَوِيلَةٍ) نَعَمْ لَا يَكْفِي فِي الرِّقِّ إلَّا إنْ انْضَمَّ إلَيْهَا اسْتِفَاضَةٌ أَوْ شُيُوعٌ بَيْنَ النَّاسِ. قَوْلُهُ: (فِي الْعَقَارِ) ذَكَرَهُ لِمُنَاسِبَةِ مَا بَعْدَهُ لَا لِلتَّقْيِيدِ بِهِ. قَوْلُهُ: (مَرَّةً وَاحِدَةً) فَلَا بُدَّ مِنْ التَّكَرُّرِ بِنَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّ الْوَاوَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى فَرَاجِعْهُ. فَصْلٌ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ قَدْ مَرَّ أَنَّ الشَّهَادَةَ تُطْلَقُ عَلَى تَحَمُّلِهَا كَشَهِدْتُ بِمَعْنَى تَحَمَّلْت، وَعَلَى أَدَائِهَا وَعَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، كَتَحَمَّلْتُ شَهَادَةً بِمَعْنَى مَشْهُودٍ بِهِ، فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ وَالْمَعْنَى تَحَمُّلُ حِفْظِهِ أَوْ الْإِحَاطَةِ بِهِ. قَوْلُهُ: (فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ فِي حَقِّ مَنْ هُمْ أَهْلٌ لِثُبُوتِهِ وَإِنْ زَادُوا عَلَى النِّصَابِ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَكِتَابَةِ الصَّكِّ) أَيْ فِي حَقِّ مَنْ طُلِبَتْ مِنْهُمْ الشَّهَادَةُ. قَوْلُهُ: (وَالْفَرْضِيَّةُ فِيهَا) أَيْ كِتَابَةُ الصَّكِّ قَوْلُهُ: (دُونَهَا) أَيْ أَضْعَفُ مِنْهَا فِيمَا قَبْلَهَا الَّذِي هُوَ الْإِقْرَارُ وَالتَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ الْمُعَبَّرُ فِيهِ أَيْ فِيمَا قَبْلَهَا بِالصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ مُقَابِلَهُ لَمَّا كَانَ وَاهِيًا جِدًّا فَكَأَنَّهُ انْفَرَدَ بِالْحُكْمِ فَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْمُعَبَّرِ فِيهِ بِالْأَصَحِّ لِقُوَّةِ مُقَابِلِهِ. قَوْلُهُ: (مَنْ طُلِبَ مِنْهُ يَلْزَمُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى النِّصَابِ وَكَانَ بِحَضْرَةِ غَيْرِهِ، وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ الْإِصْغَاءُ فَقَطْ، وَهُوَ لَا كُلْفَةَ فِيهِ عَلَيْهِ حَتَّى أَنَّ كُلَّ مَنْ سَمِعَ وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ صَارَ مُتَحَمِّلًا فَلَيْسَ مَعْنَى اللُّزُومِ إلَّا عَدَمُ التَّشَاغُلِ عَنْ السَّمَاعِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ دُعِيَ لِلتَّحَمُّلِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ الْمُحَمَّلِ. قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ) أَيْ لَا عَيْنًا وَلَا كِفَايَةً؛ لِأَنَّ الْمُحَمَّلَ لَا عُذْرَ لَهُ فَهُوَ أَوْلَى بِطَلَبِ الْحُضُورِ عِنْدَ الْمُتَحَمِّلِ.   [حاشية عميرة] التَّرَدُّدِ وَالتَّبَرِّي لَمْ يَضُرَّ، وَجَعَلَ ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ مَا وَقَعَ لِلشَّيْخَيْنِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ أَنَّ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ الْمُسْتَنَدَ السَّمَاعُ لَا يَضُرُّ وَفِي الْمَوْضِعِ بِأَنَّهُ يَضُرُّ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَجُوزُ فِي طَوِيلَةٍ) اسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ الرَّوْضَةِ الشَّهَادَةَ بِالرِّقِّ، قَالَ وَكَأَنَّ وَجْهَهُ الِاحْتِيَاطُ لِلْحُرِّيَّةِ، قَوْلُهُ: (وَفُسِخَ بَعْدَهُ) لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا فَالْبَيْعُ يُزِيلُ الْمِلْكَ فَكَيْفَ يَشْهَدُ لَهُ بِالْمِلْكِ،. [فَصْلٌ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ] ِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (الشَّهَادَةُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تُطْلَقُ بِمَعْنَى الْأَدَاءِ وَبِمَعْنَى التَّحَمُّلِ وَبِمَعْنَى الْمَشْهُودِ بِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ. أَقُولُ بَلْ الْمُرَادُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَحَمُّلِ الْمَشْهُودِ بِهِ إلَّا بِتَأْوِيلِ حِفْظِهِ أَوْ أَدَائِهِ قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] دَلَّتْ عَلَى وُجُوبِ التَّحَمُّلِ، وَبِالْمَعْنَى عَلَى الْأَدَاءِ إلَّا أَنَّ التَّحَمُّلَ إنَّمَا وَجَبَ لِلْأَدَاءِ بَعْدَ وُجُوبِهَا فَكَوْنُهَا دَلَّتْ بِاللَّفْظِ عَلَى التَّحَمُّلِ دُونَ الْأَدَاءِ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ بَلْ جَعَلَهَا الشَّارِحُ دَلِيلًا لِلْأَدَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي التَّحَمُّلِ. قَوْلُهُ: (فَلِأَنَّهَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا إلَخْ) . قَالَ الْقَاضِي قَوْله تَعَالَى {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] إنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ بِهَا الْمَكْتُوبَ لَهُ لَمْ تَجِبْ وَإِنْ كَانَ الْكَاتِبَ وَجَبَتْ، قَوْلُهُ: (يَلْزَمُهُ) ظَاهِرُهُ لُزُومُ عَيْنٍ فَإِنْ كَانَ هَذَا مُرَادُهُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ الْآتِي، وَالثَّانِي قَاسَ عَلَى مَا إذَا ادَّعَيَا لِلتَّحَمُّلِ بَاقِيًا عَلَى ظَاهِرِهِ، وَهُوَ الشِّقُّ الثَّانِي هُنَا لَكِنْ فِي الزَّرْكَشِيّ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَحَلَّ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَنْ حُضُورِ الْمُتَحَمِّلِ أَوْ غَيْبَتِهِ مَعَ الْعُذْرِ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 330 فَتَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ (وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَضِيَّةِ إلَّا اثْنَانِ) بِأَنْ لَمْ يَتَحَمَّلْ سِوَاهُمَا أَوْ مَاتَ غَيْرُهُمَا أَوْ جُنَّ أَوْ فَسَقَ أَوْ غَابَ، (لَزِمَهُمَا الْأَدَاءُ) إذَا دُعِيَا لَهُ قَالَ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] . (فَلَوْ أَدَّى وَاحِدٌ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ وَقَالَ) لِلْمُدَّعِي (احْلِفْ مَعَهُ عَصَى) ؛ لِأَنَّ مِنْ مَقَاصِدِ الْإِشْهَادِ التَّوَرُّعُ عَنْ الْيَمِينِ. (وَإِنْ كَانَ) فِي الْقَضِيَّةِ (شُهُودٌ) كَأَرْبَعَةٍ (فَالْأَدَاءُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) عَلَيْهِمْ (فَلَوْ طُلِبَ مِنْ اثْنَيْنِ) مِنْهُمْ (لَزِمَهُمْ فِي الْأَصَحِّ) وَإِلَّا لَأَفْضَى إلَى التَّوَاكُلِ، وَالثَّانِي قَاسَ عَلَى مَا إذَا دُعِيَا لِلتَّحَمُّلِ لَا تَلْزَمُهُمَا الْإِجَابَةُ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي الْقَضِيَّةِ (إلَّا وَاحِدٌ لَزِمَهُ) الْأَدَاءُ، (إنْ كَانَ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِلَّا فَلَا) يَلْزَمُهُ (وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ إلَّا مَنْ تَحَمَّلَ قَصْدًا لَا اتِّفَاقًا) وَالْأَصَحُّ يَلْزَمُ الْآخَرَ. (وَلِوُجُوبِ الْأَدَاءِ شُرُوطٌ أَنْ يُدْعَى مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى) فَأَقَلَّ، وَهِيَ كَمَا تَقَدَّمَ الَّتِي يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرًا لَيْلًا إلَى مَوْضِعِهِ (وَقِيلَ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ) وَهَذَا يَزِيدُ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ فَإِنْ دُعِيَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحُضُورُ لِلْأَدَاءِ لِبُعْدِهَا. (وَأَنْ يَكُونَ عَدْلًا فَإِنْ دُعِيَ ذُو فِسْقٍ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ) كَشَارِبِ الْخَمْرِ (قِيلَ أَوْ مُخْتَلَفٌ فِيهِ) كَشَارِبٍ النَّبِيذِ. (لَمْ يَجِبْ) عَلَيْهِ الْأَدَاءُ وَالْأَصَحُّ فِي الثَّانِي وُجُوبُ الْأَدَاءِ وَإِنْ عُهِدَ مِنْ الْقَاضِي رَدُّ الشَّهَادَةِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ (وَأَنْ لَا يَكُونَ مَعْذُورًا بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ) كَتَخْدِيرِ الْمَرْأَةِ، (فَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ بَعَثَ الْقَاضِي مِنْ يَسْمَعُهَا) وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الشُّرُوطُ وَكَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ عَلَى طَعَامٍ فَلَهُ التَّأْخِيرُ إلَى أَنْ يَفْرُغَ. .   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (فَتَلْزَمُهُ) أَيْ تَلْزَمُ مَنْ دُعِيَ الْإِجَابَةُ لِأَجْلِ عُذْرِ الْمُحَمَّلِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْحُضُورِ عِنْدَ الْمُتَحَمِّلِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا وَلَا يَجُوزُ أَنَّ لِلْمَدْعُوِّ أَنْ يَمْتَنِعَ، وَإِنْ كَانَ هُمْ غَيْرَهُ خَشْيَةَ التَّوَاكُلِ. نَعَمْ إنْ زَادَ عَلَى النِّصَابِ وَحَضَرَ قَدْرَ النِّصَابِ كَفَى عَنْ غَيْرِهِ، بَلْ لَوْ حَضَرَ نِصَابَ غَيْرِ الْمَدْعُوِّ كَفَى عَلَى الْوَجْهِ الْوَجِيهِ، وَلِلْمَدْعُوِّ حِينَئِذٍ طَلَبُ أُجْرَةٍ إنْ كَانَ كُلْفَةٌ وَأُجْرَةُ رُكُوبٍ وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ، وَإِذَا دُعِيَ مِنْ مَسَافَةٍ فَوْقَ الْعَدْوَى، فَلَهُ طَلَبُ مَا شَاءَ وَإِنْ كَثُرَ وَلَهُ الِامْتِنَاعُ لِأَخْذِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَهَذَا التَّقْرِيرُ الَّذِي سَلَكْنَاهُ هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَهُوَ وَاضِعٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ مِمَّا يُخَالِفُهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَلَعَلَّهُ نَشَأَ مِنْ اشْتِبَاهِ التَّحَمُّلِ الْمَذْكُورِ بِالْأَدَاءِ الْآتِي فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِذْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُتَحَمِّلَ بَعْدَ التَّحَمُّلِ سَوَاءٌ وَقَعَ اتِّفَاقًا أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُمَا الْأَدَاءُ) أَيْ عَيْنًا فَوْرًا، وَكَذَا الْوَاحِدُ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مَعَ الْيَمِينِ، وَالنِّسَاءُ كَالرِّجَالِ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِنَّ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِنَّ وَفِي طَلَبِ الْأُجْرَةِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَصَى) وَإِنْ كَانَ امْتِنَاعُهُ لِنَحْوِ حَيَاءٍ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَبِامْتِنَاعِهِ يَخْرُجُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي طَلَبُ إحْضَارِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ شَهَادَتِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ إلَّا إنْ أَرَادَ التَّأْخِيرَ إلَى وَقْتٍ آخَرَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ حَالًا. قَوْلُهُ: (فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ قَبْلَ الطَّلَبِ وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ زَادَ الْمَطْلُوبُ عَنْ النِّصَابِ حَالًا. قَوْلُهُ: (مِنْ اثْنَيْنِ) أَوْ مِنْ وَاحِدٍ قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ) وَهُوَ أَنَّهُمَا هُنَا يُؤَدِّيَانِ أَمَانَةً الْتَزَمَاهَا بِخِلَافِ التَّحَمُّلِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ. قَوْلُهُ: (بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) أَيْ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا كُلُّ مَنْ يُمْكِنُ خَلَاصُ الْحَقِّ عَلَى يَدَيْهِ، إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جَانِبِ الشَّرْعِ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) هُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَأَقَلَّ) أَيْ أَقَلَّ مِنْ آخِرِهَا إذْ لَا أَقَلَّ لَهَا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحُضُورُ) وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ فِي الثَّانِي الْوُجُوبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَتَحَمَّلَ شَهَادَةً عَلَى مَا يُخَالِفُ مُعْتَقَدَهُ، وَيُؤَدِّي عِنْدَ حَاكِمٍ يَرَاهَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ) خَرَجَ بِهِ الْمُقَلِّدُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَهُ، بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُخَالِفُ اعْتِقَادَ مُقَلَّدِهِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهُ) مِنْ بَقِيَّةِ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إنْ طُلِبَ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَوْ خِيفَ ضَيَاعُ الْحَقِّ لَوْ لَمْ يَشْهَدْ غَيْرُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقًا نَظَرًا لِطَلَبِ الشَّهَادَةِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَانَ فِي صَلَاةٍ إلَخْ) ضُبِطَ ذَلِكَ بِمَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ. فَرْعٌ: تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمُكُوسِ لِأَجَلِ رَدِّ الْحُقُوقِ إلَى أَرْبَابِهَا، وَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ عِنْدَ قَاضٍ وَطَلَبَ الشَّهَادَةَ لِقَاضٍ آخَرَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عِنْدَهُ وَجَبَ حُضُورُهُ إلَيْهِ.   [حاشية عميرة] الْمَتْنِ: (عَصَى) مِثْلُهُ مَنْ يَدَّعِي رَدَّ الْوَدِيعَةِ وَيَطْلُبُ الشَّهَادَةَ بِذَلِكَ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْيَمِينِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ كَانَ فِيمَا يَثْبُتُ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَلَّا قَالَ إنْ كَانَ الْقَاضِي يَرَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذِكْرُ الثُّبُوتِ يُغْنِي عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا اتِّفَاقًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ وَأَجَابَ: الْأَصَحُّ بِأَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُ الثَّوْبِ تُلْقِيهِ الرِّيحُ فِي دَارِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَتِهَا وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا كَرَاهَةُ الْمُشَمَّسِ وَلَوْ بِنَفْسِهِ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمِعْ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ كَالطَّلَاقِ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ قَطْعًا إذَا تَحَمَّلَ اتِّفَاقًا وَهُوَ ظَاهِرٌ،. [شُرُوط أَدَاء الشَّهَادَة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يُدْعَى إلَخْ) لَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ حِسْبَةً مِنْ نَسَبٍ أَوْ طَلَاقٍ وَنَحْوِهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ مِنْ غَيْرِ دُعَاءٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا فِيمَا فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِيهَا كَغَيْرِهَا لِإِمْكَانِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ يَجِبُ أَنْ يَحْضُرَ أَوْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ مَنْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُتَوَجَّهُ. قَوْلُهُ: (فَأَقَلُّ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَقَلَّ الْمَذْكُورَ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى مَسَافَةِ الْعَدْوَى، وَفِيهِ نَظَرٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 331 فَصْلٌ (تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ) كَمَا لَوْ عَقْدٌ وَفَسْخٌ وَطَلَاقٌ وَعِتْقٌ وَوِلَادَةٌ وَرَضَاعٌ وَوَقْفُ مَسْجِدٍ وَزَكَاةٌ وَجِهَةٌ عَامَّةٌ، (وَفِي عُقُوبَةِ الْآدَمِيِّ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ بِخِلَافِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَمِنْهُ خَرَجَ قَوْلٌ فِي عُقُوبَةِ الْآدَمِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّتَهُ أَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا يُوَسَّعُ بَابُهَا وَدُفِعَ التَّخْرِيجُ بِأَنَّ الْعِلَّةَ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ، فَلِذَلِكَ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ، وَهَذَا الْخِلَافُ وَالتَّخْرِيجُ وَالتَّرْجِيحُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْكَتْبِ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ وَأَحَالَ هُنَا عَلَيْهِ حُكْمَ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَى تَصْحِيحِ الْقَبُولِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ. وَالْمَنْعِ فِي الثَّانِي وَتَبِعَهُ فِي الِاقْتِصَارِ فِي الرَّوْضَةِ وَعَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ خِلَافَ تَعْبِيرِهِ فِي الْمِنْهَاجِ فِي الْقَضَاءِ بِالْأَظْهَرِ، (وَتَحَمُّلُهَا بِأَنْ يَسْتَرْعِيَهُ) الْأَصْلُ (فَيَقُولُ أَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا وَأُشْهِدُكَ) عَلَى شَهَادَتِي (أَوْ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِي أَوْ يَسْمَعُهُ يَشْهَدُ عِنْدَ قَاضٍ) إنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ، (أَوْ) يَسْمَعْهُ (يَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا عَنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ غَيْرِهِ) ، كَقَرْضٍ فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ قَاضٍ، (وَفِي هَذَا وَجْهٌ بِالْمَنْعِ) لِاحْتِمَالِ التَّوَسُّعِ فِيهِ (فَلَا يَكْفِي سَمَاعُ قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ أَشْهَدُ بِكَذَا أَوْ عِنْدِي شَهَادَتُهُ بِكَذَا) ؛ لِأَنَّ النَّاسَ قَدْ يَتَسَاءَلُونَ فِي إطْلَاقِ ذَلِكَ عَلَى عِدَّةٍ وَنَحْوِهَا (وَلْيُبَيِّنْ الْفَرْعُ عِنْدَ الْأَدَاءِ جِهَةَ التَّحَمُّلِ) فَإِنْ اسْتَرْعَاهُ الْأَصْلُ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا، وَأَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ بَيَّنَ أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ أَنَّهُ أَسْنَدَ الْمَشْهُودَ بِهِ إلَى سَبَبِهِ (فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) جِهَةَ التَّحَمُّلِ (وَوَثِقَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فَلَا بَأْسَ) فِي ذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ بِكَذَا. (وَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ عَلَى شَهَادَةٍ مَرْدُودِ الشَّهَادَةِ) كَفَاسِقٍ وَرَقِيقٍ وَعَدُوٍّ (وَلَا تَحْمِلُ النِّسْوَةُ) وَإِنْ كَانَتْ الْأُصُولُ أَوْ بَعْضُهُمْ نِسَاءً وَكَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي وِلَادَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مَالٍ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ تُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ، لَا مَا شَهِدَ بِهِ الْأَصْلُ. (فَإِنْ مَاتَ الْأَصْلُ أَوْ غَابَ أَوْ مَرِضَ لَمْ يَمْنَعْ) ذَلِكَ (شَهَادَةَ الْفَرْعِ) ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا كَمَا سَيَأْتِي بِشَرْطِهِ وَذُكِرَ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ، (وَإِنْ حَدَثَ رِدَّةٌ أَوْ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ مَنَعَتْ) شَهَادَةَ الْفَرْعِ (وَجُنُونُهُ) أَيْ الْأَصْلِ، (كَمَوْتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ)   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ) أَيْ إثْبَاتُهَا أَمَّا رَفْعُهَا كَأَنْ كَانَا شَاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَيَصِحُّ التَّحَمُّلُ عَنْهُمَا، قَوْلُهُ: (كَحَدِّ الزِّنَا) وَمِثْلُهُ الْإِحْصَانُ وَإِنْ ثَبَتَ الزِّنَا بِإِقْرَارِهِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، قَوْلُهُ: (عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ) نَظَرًا لِدَفْعِ التَّخْرِيجِ فَإِنَّهُ قَاطِعٌ، قَوْلُهُ: (فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) وَهُوَ عُقُوبَةُ الْآدَمِيِّ، قَوْلُهُ: (خِلَافُ تَعْبِيرِهِ إلَخْ) فَكَانَ حَقُّهُ هُنَاكَ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ كَمَا هُنَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ رَدُّ التَّخْرِيجِ، قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَسْتَرْعِيَهُ) أَيْ يَطْلُبَ مِنْهُ رِعَايَةَ الشَّهَادَةِ وَحِفْظَهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَمَنْ سَمِعَهُ يَسْتَرْعِي غَيْرَهُ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (الْأَصْلُ) قَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ لِلْفَرْعِ أَنْ يَسْتَرْعِيَ غَيْرَهُ، وَهَكَذَا لَكِنْ عَلَيْهِ هَلْ يَكْفِي تَسْمِيَةُ الْفَرْعِ الَّذِي قَبْلَهُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّاهِدِ الْأَصْلِيِّ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَا بَعْدَهُ رَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (أَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا) أَيْ أَنَا شَاهِدٌ بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا كَمَا يَأْتِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ السَّبَبِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ قَاضٍ) ، وَكَذَا مُحَكَّمٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُرَادُ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَهُ الْإِلْزَامُ كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (وَفِي هَذَا وَجْهٌ) وَحُمِلَ عَلَى مَا إذَا دَلَّتْ الْقَرَائِنُ الْقَطْعِيَّةُ عَلَى تَسَاهُلِ الشَّاهِدِ، قَوْلُهُ: (بِعِلْمِهِ) أَيْ بِمَعْرِفَةِ الشَّاهِدِ بِجِهَةِ التَّحَمُّلِ،. قَوْلُهُ: (وَكَانَ الشَّاهِدُ مُوَافِقًا لِلْقَاضِي) نَعَمْ يُنْدَبُ اسْتِفْصَالُهُ قَوْلُهُ: (لَا مَا شَهِدَ بِهِ الْأَصْلُ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ تَحَمَّلَ فَرْعٌ وَاحِدٌ عَنْ أَصْلٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَأَرَادَ ذُو الْحَقِّ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ هَذَا الْفَرْعِ لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ فَرْعَانِ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ فَلَهُ الْحَلِفُ مَعَهُمَا، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ) أَيْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَدَثَ) أَيْ قَبْلَ شَهَادَةِ الْفَرْعِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ الْحُكْمِ وَلَا يَضُرُّ حُدُوثُ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ، قَوْلُهُ: (أَوْ عَدَاوَةٌ) أَيْ بَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَالْأَصْلِ، قَوْلُهُ: (مُنِعَتْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَهْجُمُ غَالِبًا دَفْعَةً فَتُورِثُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى، وَلَيْسَ لِمُدَّتِهَا الْمَاضِيَةِ ضَبْطٌ فَتَنْعَطِفُ عَلَى حَالَةِ التَّحَمُّلِ فَيُبْطِلُ ذَلِكَ التَّحَمُّلَ، حَتَّى لَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْمَوَانِعُ اُحْتِيجَ إلَى تَحَمُّلٍ جَدِيدٍ وَبِذَلِكَ يُلْغَزُ وَيُقَالُ لَنَا شَخْصٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَامْتَنَعَ الْحُكْمُ بِهَا لِفِسْقِ غَيْرِهِ. فَرْعٌ: قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَتَكْذِيبُ الْأَصْلِ لِلْفَرْعِ كَقَوْلِهِ نَسِيت مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ الْفَرْعِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَجُنُونُهُ) أَيْ حَالَةَ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَة] فَصْلٌ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَسْتَرْعِيهِ) أَيْ يَطْلُبُ مِنْهُ رِعَايَةَ الشَّهَادَةِ وَحِفْظَهَا، قَوْلُهُ: (بِكَذَا) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا تَحْمِلُ النِّسْوَةُ) . فَرْعٌ: لَوْ تَحَمَّلَ فَرْعٌ وَاحِدٌ عَنْ أَصْلٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَأَرَادَ ذُو الْحَقِّ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ هَذَا الْفَرْعِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ فَرْعَانِ فَلَهُ الْحَلِفُ مَعَهُمَا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمَوْتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقِعُهُ فِي رِيبَةٍ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 332 وَالثَّانِي كَفِسْقٍ فَيَمْنَعُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ (وَلَوْ تَحَمَّلَ فَرْعٌ فَاسِقٌ أَوْ عَبْدٌ) أَوْ صَبِيٌّ (فَأَدَّى وَهُوَ كَامِلٌ قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ. (وَتَكْفِي شَهَادَةُ اثْنَيْنِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ) كَمَا لَوْ شَهِدَ عَلَى مُقِرِّينَ، (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ لِكُلِّ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ اثْنَانِ) ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا عَلَى وَاحِدٍ قَائِمَةٌ مَقَامَ شَهَادَتِهِ فَلَا تَقُومُ مَقَامَ شَهَادَةِ غَيْرِهِ، (وَشَرْطُ قَبُولِهَا) أَيْ شَهَادَةِ الْفَرْعِ (تَعَذُّرُ أَوْ قِصَرُ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ أَوْ عَمًى أَوْ مَرَضٍ يَشُقُّ) بِهِ (حُضُورُهُ أَوْ غَيْبَةٍ لِمَسَافَةِ عَدْوَى وَقِيلَ قِصَرٌ) فِي الْأَوَّلِ تَوَسَّعَ بِحَذْفِ لَفْظَةِ فَوْقَ وَلَوْ ذَكَرَهَا قَبْلَ مَسَافَةِ، وَقَالَ وَقِيلَ لِمَسَافَةِ قَصْرٍ كَانَ مُوَافِقًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ، (وَأَنْ يُسَمِّيَ الْأُصُولَ) لِتُعْرَفَ عَدَالَتُهُمْ (وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُزَكِّيَهُمْ الْفُرُوعُ فَإِنْ زَكَّوْهُمْ قُبِلَ) ذَلِكَ مِنْهُمْ وَاشْتَرَطَهُ بَعْضُهُمْ تَتِمَّةً لِشَهَادَتِهِمْ، (وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ عُدُولٍ) بِذِكْرِهِمْ (وَلَمْ يُسَمُّوهُمْ لَمْ يَجُزْ) أَيْ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ يَعْرِفُ جَرْحَهُمْ لَوْ سَمَّوْهُمْ، وَلِأَنَّهُ يَنْسَدُّ بَابُ الْجَرْحِ عَلَى الْخَصْمِ. . فَصْلٌ إذَا (رَجَعُوا) أَيْ الشُّهُودُ (عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ امْتَنَعَ) الْحُكْمُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَصَدَقُوا فِي الْأَوَّلِ أَوْ فِي الثَّانِي فَلَا يَبْقَى ظَنُّ الصِّدْقِ فِيهَا، (أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ الْحُكْمِ (وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَالٍ اُسْتُوْفِيَ أَوْ عُقُوبَةٍ) كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالزِّنَا وَالشُّرْبِ (فَلَا) يُسْتَوْفَى؛ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، وَالرُّجُوعُ شُبْهَةٌ وَالْمَالُ لَا يَسْقُطُ بِهَا (أَوْ بَعْدَهُ) ، أَيْ الِاسْتِيفَاءِ (لَمْ يُنْقَضْ) أَيْ الْحُكْمُ (فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَوْفَى قِصَاصًا أَوْ قَتْلَ رِدَّةٍ أَوْ رَجْمَ زِنًا أَوْ جَلَدَهُ وَمَاتَ) الْمَجْلُودُ (وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا) شَهَادَةَ الزُّورِ (فَعَلَيْهِمْ قِصَاصٌ أَوْ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ) مُوَزَّعَةٌ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، وَيُحَدُّونَ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا حَدَّ الْقَذْفِ ثُمَّ يُرْجَمُونَ وَقِيلَ يُقْتَلُونَ بِالسَّيْفِ (وَعَلَى الْقَاضِي) الرَّاجِعِ دُونَ الشُّهُودِ (قِصَاصٌ) أَوْ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ (إنْ قَالَ تَعَمَّدْت)   [حاشية قليوبي] الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ وَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ وَالْمُتَقَطِّعِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا تَقْيِيدُهُ بِالْمُطْبِقِ وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِطْبَاقِهِ وُجُودُهُ حَالَةَ الشَّهَادَةِ وَدَوَامُهُ إلَى تَمَامِ الْحُكْمِ فَرَاجِعْهُ قَوْلُهُ: (وَتَكْفِي شَهَادَةُ اثْنَيْنِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ) بِأَنْ يَشْهَدَ كُلٌّ عَلَى كُلٍّ فَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ عَلَى وَاحِدٍ، وَلَوْ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، قَوْلُهُ: (تَعَذَّرَ أَوْ تَعَسَّرَ الْأَصْلُ) أَيْ حَالَ شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَبَعْدَهَا إلَى تَمَامِ الْحُكْمِ فَلَوْ تَيَسَّرَتْ شَهَادَةُ الْأَصْلِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِزَوَالِ عُذْرِهِ، كَحُضُورِ غَائِبٍ فَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَتِهِ وَتَبْطُلُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ، قَوْلُهُ: (أَوْ مَرَضٌ) أَوْ غَيْرُ الْإِغْمَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا إنْ أَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ وَالتَّعْلِيلُ بِقُرْبِ زَوَالِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَوْ هُوَ حِكْمَةٌ لَا تَعْلِيلٌ وَيَلْحَقُ بِمَا ذُكِرَ سَائِرُ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ. قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَلَوْ نَحْوُ رِيحٍ كَرِيهٍ، قَوْلُهُ: (كَانَ مُوَافِقًا إلَخْ) أَيْ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُسَمِّيَ الْأُصُولَ) أَيْ يَذْكُرَهُمْ بِمَا يَتَمَيَّزُونَ بِهِ مِنْ اسْمٍ أَوْ نَسَبٍ مَثَلًا وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ تَسْمِيَةِ الْقَاضِي الْمَشْهُودِ عِنْدَهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ لِغَلَبَةِ الْجَهْلِ وَالْفِسْقِ فِيهِمْ، قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُزَكِّيَهُمْ الْفُرُوعُ) وَلَا أَنْ يَتَعَرَّضُوا لِصِدْقِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ لَا يَعْرِفُونَهُمْ وَبِذَلِكَ فَارَقَ تَعَرُّضَ الْحَالِفِ فِي يَمِينِهِ لِصِدْقِ شَاهِدِهِ. فَرْعٌ: لَوْ اجْتَمَعَ أَصْلٌ وَفَرْعَا أَصْلٍ وَجَبَ تَقْدِيمُ شَهَادَةِ الْأَصْلِ، قَوْلُهُ: (وَاشْتَرَطَهُ بَعْضُهُمْ) وَهُوَ مَرْجُوحٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ لَهُمْ تَزْكِيَتُهُمْ، قَوْلُهُ: (تَتِمَّةٌ لِشَهَادَتِهِمْ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ فِي وَاقِعَةٍ حَيْثُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُزَكِّيَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ. فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ وَمَا مَعَهُ قَوْلُهُ: (إذَا رَجَعُوا) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ تَوَقَّفْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّوَقُّفُ فَإِنْ قَالُوا لَهُ: اُحْكُمْ فَلَهُ الْحُكْمُ بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ وَمِنْ الرُّجُوعِ قَوْلُ الشَّاهِدِ أَبْطَلْت شَهَادَتِي، أَوْ فَسَخْتهَا أَوْ رَدَدْتهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِهَا) وَلَا تُقْبَلُ لَوْ أَعَادُوهَا بَلْ يَفْسُقُونَ إنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا، قَوْلَهُ: (أَوْ بَعْدَهُ إلَخْ) وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ الرُّجُوعُ وَلَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ بَعْدَهُ إنْ كَانَ حَكَمَ بِالصِّحَّةِ فَإِنْ كَانَ حَكَمَ بِالثُّبُوتِ أَوْ بِالْمُوجِبِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ خِلَافُهُ بَلْ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ وَصَرَّحَتْ بِأَنَّهُمْ رَجَعُوا قَبْلَ الْحُكْمِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ، قَوْلُهُ: (وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا) فَإِنْ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ) أَيْ كَأَصْلِهِ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الشَّاهِدَيْنِ) أَيْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَعَذَّرَ أَوْ تَعَسَّرَ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَابَ الشَّهَادَةِ يُرَاعَى فِيهِ الْأَقْوَى بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَمِنْ الْأَعْذَارِ كَوْنُ الْمَرْأَةِ مُخَدَّرَةً وَخَوْفُ خُرُوجٍ مِنْ ظَالِمٍ وَنَحْوِهِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْبَةٍ) يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى قَوْلِهِ أَوْ تَعَسَّرَ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لِمَسَافَةِ قَصْرٍ) لَا يُقَالُ أَيْ حَاجَةٌ لِلَفْظِ مَسَافَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا سَقَطَتْ عَنْ هَذَا التَّقْدِيرِ فَسَدَ الْمَعْنَى لِوُجُوبِ تَقْدِيرِ الْقَرِينَةِ حِينَئِذٍ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ شَهِدَ إلَخْ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّمَا أَخَّرَ هَذِهِ عَنْ مَسْأَلَةِ التَّزْكِيَةِ لِيُفِيدَ أَنَّ تَزْكِيَةَ الْفُرُوعِ لِلْأُصُولِ وَإِنْ جَازَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَيُّنِهِمْ لِلِاسْمِ وَلَوْ قَدَّمَهَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ. تَتِمَّةٌ: شَهِدَ فَرْعٌ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي حُدُودُهَا كَذَا لِفُلَانٍ وَلَا يَعْرِفُ عَيْنَ الْأَرْضِ، وَالْأَصْلُ يَعْرِفُهَا. قَالَ الرُّويَانِيُّ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ كَمَا يَرْوِي الرَّاوِي وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ الثَّانِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. [فَصْلٌ إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ] فَصْلٌ رَجَعُوا إلَخْ قَوْلُهُ: (أَوْ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقِيَاسُ مُشَارَكَةِ الشُّهُودِ لَهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ هُنَا إلَّا نِصْفُهَا وَأَبْطَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الشُّهُودَ لَوْ رَجَعُوا وَحْدَهُمْ يَلْزَمُهُمْ النِّصْفُ، وَأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا رَجَعَ وَحْدَهُ لَا يُطَالَبُ لِبَقَاءِ النِّصَابِ فَالْوَجْهُ أَنَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 333 الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ (وَإِنْ رَجَعَ هُوَ وَهُمْ فَعَلَى الْجَمِيعِ قِصَاصٌ) أَوْ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ، (إنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا فَإِنْ قَالُوا أَخْطَأْنَا) أَوْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ، (فَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ وَعَلَيْهِمْ نِصْفٌ) مِنْهَا. (وَلَوْ رَجَعَ مُزَكٍّ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ) وَيَتَعَلَّقُ بِهِ قِصَاصٌ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّزْكِيَةِ يُلْجِئُ الْقَاضِيَ إلَى الْحُكْمِ الْمُفْضِي إلَى الْقَتْلِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ (أَوْ) رَجَعَ (وَلِيُّ) دَمٍ (وَحْدَهُ فَعَلَيْهِ قِصَاصٌ أَوْ دِيَةٌ أَوْ مَعَ الشُّهُودِ فَكَذَلِكَ) عَلَى الْوَلِيِّ وَحْدَهُ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَهُمْ مَعَهُ كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ، (وَقِيلَ هُوَ وَهُمْ شُرَكَاءُ) لِتَعَاوُنِهِمْ عَلَى الْقَتْلِ فَعَلَى الْجَمِيعِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ نِصْفُهَا عَلَى الْوَلِيِّ وَنِصْفُهَا عَلَى الشُّهُودِ وَلَوْ رَجَعَ الْقَاضِي مَعَهُمْ فَثُلُثُ الدِّيَةِ عَلَيْهِ وَثُلُثٌ عَلَى الْوَلِيِّ وَثُلُثٌ عَلَى الشُّهُودِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَذَ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ مِنْ بُدَاءَةِ الرَّافِعِيِّ بِهِ النَّاقِلِ فِي الشَّرْحِ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَتَرْجِيحَ الثَّانِي عَنْ الْبَغَوِيّ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ لَكِنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ زَادَ: الْأَصَحُّ الْأَوَّلُ (وَلَوْ شَهِدَا بِطَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَضَاعٍ) مُحَرِّمٍ (أَوْ لِعَانٍ وَفَرَّقَ الْقَاضِي) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (فَرَجَعَا) عَنْ الشَّهَادَةِ (دَامَ الْفِرَاقُ) . وَقَوْلُهُمَا الْمُحْتَمَلُ لَا يُرَدُّ بِهِ الْقَضَاءُ (وَعَلَيْهِمْ) هُوَ أَخْصَرُ مِنْ عَلَيْهِمَا، (مَهْرُ مِثْلٍ وَفِي قَوْلٍ نِصْفُهُ إنْ كَانَ) الْفِرَاقُ (قَبْلَ وَطْءٍ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فَاتَ عَلَى الزَّوْجِ وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى بَدَلِ الْبُضْعِ الْمُفَوَّتِ وَلَوْ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَلَا غُرْمَ إذْ لَمْ يُفَوِّتَا شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يُرَاجَعْ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ الْتَحَقَ بِالْبَائِنِ وَوَجَبَ الْغُرْمُ وَقِيلَ لَا لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الرَّجْعَةِ، (وَلَوْ شَهِدَا بِطَلَاقٍ) بَائِنٍ (وَفُرِّقَ فَرَجَعَا فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ) مُحَرِّمٌ (فَلَا غُرْمَ) إذْ لَمْ يُفَوِّتَا. (وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ مَالٍ) عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ وَدَفَعَهُ (غَرِمُوا فِي الْأَظْهَرِ) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِحُصُولِ الْحَيْلُولَةِ بِشَهَادَتِهِمْ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ وَإِنْ أَتَوْا بِمَا يُفْضِي إلَى الْفَوَاتِ كَمَنْ حَبَسَ الْمَالِكَ عَنْ مَاشِيَتِهِ حَتَّى ضَاعَتْ وَقَدْ يُصَدِّقُ الْمَشْهُودُ لَهُ الشُّهُودَ فِي الرُّجُوعِ فَيَلْزَمُهُ رَدُّ الْمَالِ، (وَمَتَى رَجَعُوا كُلُّهُمْ وُزِّعَ عَلَيْهِمْ الْغُرْمُ) بِالسَّوِيَّةِ (أَوْ بَعْضِهِمْ وَبَقِيَ) مِنْهُمْ (نِصَابٌ فَلَا غُرْمَ) عَلَى الرَّاجِحِ لِقِيَامِ الْحُجَّةِ بِمَنْ بَقِيَ، (وَقِيلَ يَغْرَمُ قِسْطَهُ) لِوُقُوعِ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْجَمِيعِ الْمُفَوِّتِ كُلٍّ مِنْهُمْ لِقِسْطِهِ، (وَإِنْ نَقَصَ النِّصَابُ وَلَمْ تَزِدْ الشُّهُودُ عَلَيْهِ   [حاشية قليوبي] قَالُوا أَخْطَأْنَا فَلَا قِصَاصَ فَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ تَعَمَّدْت وَبَعْضُهُمْ أَخْطَأْت فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ الْقِصَاصُ إنْ قَالَ أَخْطَأَ صَاحِبِي؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ فِي الْفِعْلِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَزِيدُوا وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِنَا فَإِنْ قَالُوا: لَمْ نَعْلَمْ ذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُهُمْ إنْ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، وَإِلَّا كَمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ فَشِبْهُ عَمْدٍ، قَوْلُهُ: (قِصَاصٌ) أَيْ فِي الْقَتْلِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ وَفِي الرَّجْمِ وَكَذَا فِي الْجِلْدِ إنْ وَقَعَ فِي وَقْتٍ يُقْتَلُ غَالِبًا كَحُرٍّ وَقَالُوا عَلِمْنَا أَنَّهُ يُجْلَدُ فِيهِ، قَوْلُهُ: (أَوْ دِيَةٌ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ بِالْجَلْدِ لَمْ يُسْتَوْفَ مِنْهُمْ بَلْ يُعَزَّرُونَ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، قَوْلُهُ: (وَيُحَدُّونَ إلَخْ) فِيهِ اعْتِبَارُ رِعَايَةِ الْمُمَاثَلَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، قَوْلُهُ: (إنْ قَالَ تَعَمَّدْت) وَيُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ أَنْ يَقُولَ وَعَلِمْت أَنَّهُ يُقْتَلُ بِحُكْمِي قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْجَمِيعِ الْقِصَاصُ) بِشَرْطِهِ السَّابِقِ، قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِمْ نِصْفُ) وَيُوَزَّعُ عَلَى رُءُوسِهِمْ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَضْمَنُ) أَيْ وَحْدَهُ سَوَاءٌ قَالَ عَلِمْت صِدْقَ الشُّهُودِ، أَوْ كَذِبَهُمْ وَسَوَاءٌ رَجَعُوا مَعَهُ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ رَجَعَ الْقَاضِي أَيْضًا، أَوْ لَا وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إنَّهُ يَلْزَمُ الْمُزَكِّينَ قَدْرُ مَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ إذَا رَجَعُوا مَعَهُمْ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَلَوْ رَجَعَ فَرْعٌ مَعَ أَصْلِهِ اخْتَصَّ الضَّمَانُ بِالْفَرْعِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ رَجَعَ وَلِيٌّ إلَخْ) . قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا عِبْرَةَ بِرُجُوعِ الْوَلِيِّ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، قَوْلُهُ: (أَوْ مَعَ الشُّهُودِ) أَوْ مَعَ الْقَاضِي وَالْمُزَكِّي أَيْضًا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَمِمَّا يَأْتِي بَعْدَهُ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَجَعَ الْقَاضِي إلَخْ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، قَوْلُهُ: (وَفَرَّقَ الْقَاضِي) كَأَنْ يَقُولَ: فَرَّقْت بَيْنَكُمَا أَوْ حَكَمْت بِالْفِرَاقِ أَوْ حَكَمْت بِالتَّحْرِيمِ، قَوْلُهُ: (دَامَ الْفِرَاقُ) . قَالَ شَيْخُنَا وَالدَّيْمُومَةُ فِي الْبَائِنِ مَا لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يُخَالِفُهُ، قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِمْ) إنْ كَانَ الزَّوْجُ حَيًّا وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ إذْ لَا تَفْوِيتَ، قَوْلُهُ: (مَهْرُ مِثْلٍ) وَإِنْ أَبْرَأَتْهُ الزَّوْجَةُ مِنْهُ قَبْلَ أَخْذِهِ مِنْهُ، وَهُوَ الْمُطَالَبُ إنْ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَهُوَ لِسَيِّدِهِ، أَوْ مُبَعَّضًا سَقَطَ، قَوْلُهُ: (وَوَجَبَ الْغُرْمُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا لَوْ جَرَحَ شَاةَ غَيْرِهِ وَتَرَكَ صَاحِبَهَا ذَبْحَهَا فَعَلَى الْجَارِحِ قِيمَتُهَا، قَوْلُهُ: (فَلَا غُرْمَ) وَيَسْتَرِدَّانِ مَا غَرِمَاهُ قَبْلَ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ، وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ بَعْدَ الْحُكْمِ رَجَعَا غَرِمَا مَا نَقَصَ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِأَلْفٍ، وَمَهْرُهَا أَلْفَانِ غَرِمَا أَلْفًا أَوْ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَمَتَهُ بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهَا أَلْفَانِ غَرِمَا كُلَّ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ يُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ، وَهُوَ لِلسَّيِّدِ كَمَا لَوْ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِالْكِتَابَةِ أَوْ بِعِتْقٍ رَقِيقٍ وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ غَرِمَا كُلَّ الْقِيمَةِ وَالْغُرْمُ فِي الْمُدَبَّرِ لِلْحَيْلُولَةِ فَيَسْتَرِدَّانِ بَعْدَ الْمَوْتِ مَا خَرَجَ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ، وَالْغُرْمُ فِي الْمُعَلَّقِ بِصِفَةٍ عِنْدَ وُجُودِهَا وَفِي أُمِّ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا إذَا شَهِدَ بِتَعْلِيقِ الْعِتْقِ أَوْ الْإِيلَادِ، قَوْلُهُ: (إذْ لَمْ يُفَوِّتَا) فَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الرَّضَاعِ اخْتَصَّ الْغُرْمُ بِهِمْ،. قَوْلُهُ: (وَدَفَعَهُ) أَيْ الْمَالَ فَقَبِلَ دَفْعَهُ لَا غُرْمَ عَلَى الشُّهُودِ وَهَلْ الْإِبْرَاءُ كَالدَّفْعِ رَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ الْحَيْلُولَةِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَغْرُومَ الْقِيمَةُ وَلَوْ فِي الْمِثْلِيِّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ   [حاشية عميرة] الشُّهُودَ وَالْقَاضِيَ كَالْمُشْتَرِكِينَ، وَلَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا اخْتَصَّ بِالْغُرْمِ بِخِلَافِ جُمْلَةِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُمْ كَالْقَاتِلِ الْوَاحِدِ،. قَوْلُهُ: (لَكِنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ زَادَ إلَخْ) وَقَضِيَّةُ جَعْلِهِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَدَمُ أَخْذِهِ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَإِنْ لَا لَمْ يَكُنْ زِيَادَةٌ هَذَا وَجْهُ الْإِتْيَانِ بِلَكِنْ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَا غُرْمَ) أَيْ فَلَوْ كَانُوا غَرِمُوا قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ رَجَعُوا بِهِ. فَرْعٌ: لَوْ رَجَعَ شُهُودُ الرَّضَاعِ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ فَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ الْغُرْمِ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ فَوَّتُوا مَا لَزِمَ الْأَوَّلِينَ وَرُجُوعُهُمْ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا يُفِيدُ،. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي الْمَنْعُ) ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ بِالْيَدِ أَوْ الْإِتْلَافِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (كَمَنْ حُبِسَ) هُوَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 334 فَقِسْطٌ) يَغْرَمُهُ الرَّاجِعُ وَهُوَ النِّصْفُ فِي أَحَدِ اثْنَيْنِ (وَإِنْ زَادَ) الشُّهُودُ عَلَى النِّصَابِ كَثَلَاثَةٍ رَجَعَ مِنْهُمْ اثْنَانِ بِالْقِسْطِ (مِنْ النِّصَابِ وَقِيلَ مِنْ الْعَدَدِ) يَغْرَمُهُ مَنْ رَجَعَ فَيَغْرَمَانِ النِّصْفَ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثُّلُثَيْنِ عَلَى الثَّانِي، (وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) وَرَجَعُوا (فَعَلَيْهِ نِصْفٌ وَهُمَا نِصْفٌ أَوْ) هُوَ (وَأَرْبَعٌ) مِنْ النِّسَاءِ (فِي رَضَاعٍ) وَرَجَعُوا (فَعَلَيْهِ ثُلُثٌ وَهُنَّ ثُلُثَانِ فَإِنْ رَجَعَ هُوَ أَوْ ثِنْتَانِ فَلَا غُرْمَ) عَلَى مَنْ رَجَعَ (فِي الْأَصَحِّ) لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ. وَالثَّانِي عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِمَا الثُّلُثُ لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ شَهِدَ هُوَ وَأَرْبَعٌ بِمَالٍ) وَرَجَعُوا (فَقِيلَ كَرَضَاعٍ) فَعَلَيْهِ ثُلُثٌ وَعَلَيْهِنَّ ثُلُثَانِ (وَالْأَصَحُّ هُوَ نِصْفٌ وَهُنَّ نِصْفٌ سَوَاءٌ رَجَعْنَ مَعَهُ أَوْ وَحْدَهُنَّ) .؛ لِأَنَّهُ نِصْفُ الْحُجَّةِ وَهُنَّ مَعَهُ كَذَلِكَ إذْ لَا يَثْبُتُ الْمَالُ بِالنِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ بِخِلَافِ الرَّضَاعِ (وَإِنْ رَجَعَ ثِنْتَانِ) مِنْهُنَّ، (فَالْأَصَحُّ لَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ وَالثَّانِي عَلَيْهِمَا رُبُعٌ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ فِيمَا قَبْلَهَا، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ شُهُودَ إحْصَانٍ أَوْ صِفَةٍ مَعَ شُهُودِ تَعْلِيقِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ) إذَا رَجَعُوا (لَا يَغْرَمُونَ) ؛ لِأَنَّ مَا شَهِدُوا بِهِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الرَّجْمُ وَالطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى تَوَقُّفِهَا عَلَيْهِ فَيَغْرَمُ شُهُودُ الصِّفَةِ النِّصْفَ وَشُهُودُ الْإِحْصَانِ الثُّلُثَ وَقِيلَ النِّصْفُ. كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ. الدَّعْوَى اسْمٌ لِلِادِّعَاءِ تَتَعَلَّقُ بِمُدَّعِي بِاخْتِلَافِهِ تَخْتَلِفُ الْبَيِّنَةُ فَجُمِعَتْ (تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ فِي عُقُوبَةٍ) لِآدَمِيٍّ (كَقِصَاصٍ وَ) حَدِّ (قَذْفٍ) فَلَا يَأْخُذُهَا مُسْتَحِقُّهَا بِدُونِ رَفْعٍ إلَى الْقَاضِي لِخَطَرِهَا وَالِاحْتِيَاطِ فِي إثْبَاتِهَا وَاسْتِيفَائِهَا (وَإِنْ اسْتَحَقَّ) شَخْصٌ (عَيْنًا) عِنْدَ آخَرَ. (فَلَهُ   [حاشية قليوبي] شَيْخِنَا كَالْمَنْهَجِ خِلَافُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الْحَيْلُولَةَ هُنَا كَالتَّلَفِ لَكِنْ يَرُدُّهُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَقَدْ يَصْدُقُ إلَخْ. وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقِيمَةِ وَقْتُ الْحُكْمِ لَا وَقْتُ الشَّهَادَةِ، قَوْلُهُ: (بِشَهَادَتِهِمْ) أَيْ مَعَ الْغُرْمِ كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (فِي رَضَاعٍ) وَمِثْلُهُ كُلُّ مَا يَثْبُتُ بِمَحْضِ النِّسَاءِ، قَوْلُهُ: (لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ) فَإِنْ رَجَعَ النِّسْوَةُ الْأَرْبَعُ أَوْ الرَّجُلُ وَامْرَأَتَانِ فَعَلَى الرَّاجِعِ نِصْفٌ لِبَقَاءِ نِصْفِ الْحُجَّةِ، قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) بِقَوْلِهِ لِوُقُوعِ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْجَمِيعِ، قَوْلُهُ: (لَا يَغْرَمُونَ) أَيْ شُهُودُ الْإِحْصَانِ وَالصِّفَةِ سَوَاءٌ رَجَعُوا فَقَطْ أَوْ مَعَ غَيْرِهِمْ، وَسَوَاءٌ شَهِدُوا قَبْلَ شُهُودِ الزِّنَا وَالتَّعْلِيقِ أَوْ بَعْدَهُمْ، وَالضَّمَانُ يَتَعَلَّقُ بِشُهُودِ الزِّنَا وَالتَّعْلِيقِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فِي رُجُوعِ شُهُودِ الصِّفَةِ فَقَطْ، وَفِي عَدَمِ غُرْمِهِمْ فِي هَذِهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ هَذَا مَنْشَأُ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ: الْمَعْرُوفِ أَنَّهُمْ يَغْرَمُونَ وَقَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ: إنَّهُ الْأَرْجَحُ وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي شُهُودِ الْإِحْصَانِ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الرَّجْمُ) ؛ لِأَنَّهُ كَالشَّرْطِ مَعَ السَّبَبِ فِيهَا وَفِي الْإِحْصَانِ صِفَةُ كَمَالٍ. قَوْلُهُ: (إلَى تَوَقُّفِهَا عَلَيْهِ) فَهُوَ كَالْمُزَكِّي مَعَ الشَّاهِدِ وَرُدَّ بِمَا ذُكِرَ وَبِأَنَّ الْمُزَكِّيَ مُعَيِّنٌ لِلشَّاهِدِ عَلَى ثُبُوتِ الْمَشْهُودِ بِهِ. فَرْعٌ: لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِأَرْبَعِمِائَةٍ ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ عَنْ مِائَةٍ وَآخَرُ عَنْ مِائَتَيْنِ وَآخَرُ عَنْ ثَلَاثِمِائَةٍ وَآخَرُ عَنْ الْأَرْبَعِمِائَةِ غَرِمَ الْكُلُّ مِائَةً أَرْبَاعًا وَغَرِمَ الثَّلَاثَةُ نِصْفَ مِائَةٍ لِبَقَاءِ نِصْفِ الْحُجَّةِ فِيهَا وَغَرِمَ الْمِائَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ فِيهِمَا. قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ لَا غُرْمَ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ وَيَغْرَمُ الثَّالِثُ نِصْفَ الْأَرْبَعِمِائَةِ وَحْدَهُ، وَيَغْرَمُ هُوَ وَالرَّابِعُ نِصْفَهَا الْآخَرَ فَتَأَمَّلْ. كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ جَمْعُ الدَّعْوَى دَعَاوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا قَالَ بَعْضُهُمْ مَدَارُ الْخُصُومَةِ عَلَى خَمْسَةٍ: الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ وَالْيَمِينِ وَالنُّكُولِ وَالْبَيِّنَةِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ كَذَلِكَ، قَوْلُهُ: (اسْمٌ لِلِادِّعَاءِ) أَيْ الطَّلَبِ وَهُوَ مَعْنَاهَا لُغَةً وَأَمَّا شَرْعًا فَهِيَ إخْبَارٌ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ، قَوْلُهُ: (بِمُدَّعًى) أَصْلُهُ مُدَّعًى بِهِ فَدَخَلَهُ الْحَذْفُ وَالْإِيصَالُ، قَوْلُهُ: (تَخْتَلِفُ الْبَيِّنَةُ) بِكَوْنِهَا شَاهِدًا أَوْ شَاهِدَيْنِ أَوْ أَرْبَعَةً مِنْ الرِّجَالِ أَوْ مِنْ النِّسَاءِ وَسُمِّيَ الشُّهُودُ بَيِّنَةً؛ لِأَنَّ بِهِمْ يَتَبَيَّنُ الْحَقُّ. قَوْلُهُ: (تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى) أَيْ فِيمَا لَا تُسْمَعُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَإِلَّا فَهِيَ كَافِيَةٌ عَنْ الدَّعْوَى وَتُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا فِي مَحْضِ حَدٍّ لِلَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ، قَوْلُهُ: (عِنْدَ قَاضٍ) وَكَذَا الْمُحَكَّمُ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يُرْجَى الْخَلَاصُ عَلَى يَدِهِ. قَوْلُهُ: (فِي عُقُوبَةٍ لِآدَمِيٍّ) لَوْ قَالَ فِي غَيْرِ عَيْنٍ وَدَيْنٍ كَانَ أَوْلَى لِدُخُولِ نَحْوِ نِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ، وَإِيلَاءٍ فَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ لِنَفْسِهَا لِتُفْسَخَ بَعْدَهَا وَعُنَّةٌ   [حاشية عميرة] تَنْظِيرٌ، قَوْلُهُ: (الْمُفَوِّتُ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ الْجَمِيعُ، قَوْلُهُ: (لِقِسْطِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ كُلٌّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ النِّصَابِ وَقِيلَ مِنْ الْعَدَدِ) الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا رَجَعَ بَعْضُهُمْ وَبَقِيَ نِصَابٌ إنْ قُلْنَا لَا غُرْمَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وُزِّعَ الْغُرْمُ هُنَا عَلَى الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ، وَهُوَ النِّصَابُ وَحِصَّةُ مَنْ نَقَصَ مِنْ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ تُوَزَّعُ عَلَيْهِ بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْغُرْمِ هُنَاكَ وُزِّعَ هُنَا عَلَى جَمِيعِ الشُّهُودِ، قَوْلُهُ: (بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَالْأَصَحُّ هُوَ نِصْفُ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَغْرَمُونَ) اُسْتُشْكِلَ مَسْأَلَةُ الْإِحْصَانِ بِتَغْرِيمِ شُهُودِ التَّزْكِيَةِ. [كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (عِنْدَ قَاضٍ) مِثْلُهُ الْمُحَكَّمُ وَالسَّيِّدُ، قَوْلُهُ: (فَلَا يَأْخُذُهَا) أَيْ لَا يَجُوزُ أَخْذُهَا وَإِنْ كَانَ يَقَعُ الْمَوْقِعَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 335 أَخْذُهَا) بِدُونِ رَفْعٍ إلَى الْقَاضِي (إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَإِلَّا وَجَبَ الرَّفْعُ إلَى قَاضٍ) تَحَرُّزًا عَنْهَا، (أَوْ دَيْنًا عَلَى غَيْرِ مُمْتَنِعٍ مِنْ الْأَدَاءِ طَالَبَهُ وَلَا يَحِلُّ أَخْذُ شَيْءٍ لَهُ أَوْ عَلَى مُنْكِرٍ وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ (أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مِنْ مَالِهِ) إنْ ظَفِرَ بِهِ (وَكَذَا غَيْرَ جِنْسِهِ إنْ فَقَدَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) ، لِلضَّرُورَةِ وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقِ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمَلُّكِهِ، (أَوْ عَلَى مُقِرٍّ مُمْتَنِعٍ وَمُنْكِرٍ وَلَهُ بَيِّنَةٌ فَكَذَلِكَ) أَيْ لَهُ أَخْذُ حَقِّهِ اسْتِقْلَالًا (وَقِيلَ يَجِبُ الرَّفْعُ إلَى قَاضٍ) وَالْأَوَّلُ قَالَ فِيهِ مُؤْنَةٌ وَمَشَقَّةٌ وَتَضْيِيعُ زَمَانٍ (وَإِذَا جَازَ الْأَخْذُ فَلَهُ كَسْرُ بَابٍ وَنَقْبُ جِدَارٍ لَا يَصِلُ لِلْمَالِ إلَّا بِهِ) وَلَا يَضْمَنُ مَا فَوَّتَهُ (ثُمَّ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِهِ) ، أَيْ الْحَقُّ (يَتَمَلَّكُهُ وَمِنْ غَيْرِهِ يَبِيعُهُ) اسْتِقْلَالًا (وَقِيلَ يَجِبُ رَفْعُهُ إلَى قَاضٍ يَبِيعُهُ) وَفِي الْمُحَرَّرِ رَجَّحَ كُلًّا مِنْهُمَا طَائِفَةٌ وَبَدَأَ فِيهِ بِالْأَوَّلِ، وَقُوَّةُ كَلَامِ الشَّرْحِ تُعْطِي تَرْجِيحَهُ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ الِاسْتِقْلَالُ ثُمَّ بَيْعُ الْقَاضِي بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْمَالِ. (وَالْمَأْخُوذُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ) أَيْ الْآخِذِ (فِي الْأَصَحِّ فَيَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ وَبَيْعِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ كَالْمُسْتَامِ وَالثَّانِي قَالَ أَخَذَهُ لِلتَّوَثُّقِ وَالتَّوَصُّلِ بِهِ إلَى الْحَقِّ كَالْمُرْتَهِنِ، وَإِذْنُ الشَّرْعِ فِي الْأَخْذِ يَقُومُ مَقَامَ إذْنِ الْمَالِكِ عَلَيْهِمَا، (وَلَا يَأْخُذُ) الْمُسْتَحِقُّ (فَوْقَ حَقِّهِ إنْ أَمْكَنَ الِاقْتِصَارُ) عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ بِأَنْ لَمْ يَظْفَرْ إلَّا بِمَتَاعٍ تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى حَقِّهِ أَخَذَهُ، وَلَا يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ فِي الْأَصَحِّ لِعُذْرِهِ وَبَاعَ مِنْهُ بِقَدْرِ حَقِّهِ إنْ أَمْكَنَ بِتَجْزِئَةٍ وَإِلَّا بَاعَ الْكُلَّ وَأَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ قَدْرَ حَقِّهِ وَرَدَّ الْبَاقِيَ بِهِبَةٍ وَنَحْوِهَا، (وَلَهُ أَخْذُ مَالِ غَرِيمِ غَرِيمِهِ) كَأَنْ   [حاشية قليوبي] كَذَلِكَ وَلِعَانٌ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ هُمَا، وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي عُقُوبَةِ اللَّهِ، وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَى الْحَاكِمِ، وَكَذَا التَّعْزِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ إلَّا إنْ تَعَلَّقَ بِهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ كَطَرْحِ حِجَارَةٍ بِطَرِيقٍ وَلَيْسَ لِلْفُقَرَاءِ اسْتِقْلَالٌ بِأَخْذِ أَمْوَالِ اللَّهِ كَزَكَاةٍ، وَإِنْ عَزَلَهَا مَالِكُهَا وَنَوَى الزَّكَاةَ وَعَلِمُوا بِهِ وَانْحَصَرُوا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لَكِنْ لَوْ أَخَذُوهَا حِينَئِذٍ اُعْتُدَّ بِهِ لِوُجُودِ النِّيَّةِ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِمْ. وَأَمَّا الْعَيْنُ وَالدَّيْنُ فَفِيهِمَا تَفْصِيلٌ يَأْتِي، قَوْلُهُ: (فَلَا يَأْخُذُهَا) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَوْ اسْتَقَلَّ بِهِ فَإِنْ كَانَ قِصَاصًا وَقَعَ الْمَوْقِعَ مُطْلَقًا أَوْ غَيْرَهُ فَكَذَلِكَ إنْ عَجَزَ عَنْ رَفْعٍ إلَى قَاضٍ أَوْ عَنْ إثْبَاتِهَا عِنْدَهُ أَوْ لَمْ يَجِدْهُ، قَوْلُهُ: (فَلَهُ أَخْذُهَا إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَتْ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ وَإِلَّا كَوَدِيعَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِهِ خَوْفَ الْإِرْهَابِ مَعَ مَحْضِ الْأَمَانَةِ، قَوْلُهُ: (لَمْ يَخَفْ) أَيْ لَمْ يَظُنَّ قَوْلُهُ: (إلَى قَاضٍ) تَقَدَّمَ الْمُرَادُ بِهِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَحِلُّ) فَيَحْرُمُ وَلَا يَمْلِكُهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ وَيَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ، قَوْلُهُ: (أَوْ دَيْنًا) وَمِنْهُ نَفَقَةُ زَوْجَةٍ وَيَلْحَقُ بِهِ نَفَقَةُ نَحْوِ الْقَرِيبِ كَمَا يَأْتِي وَالْمَنْفَعَةُ كَالْعَيْنِ إنْ وَرَدَتْ عَلَى عَيْنٍ، وَيَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ وَكَالدَّيْنِ إنْ وَرَدَتْ عَلَى الذِّمَّةِ فَيَسْتَوْفِيهَا بِمَا يَأْخُذُهُ مِنْ مَالِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى مُنْكِرٍ) وَمِثْلُهُ مَنْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ كَصَبِيٍّ، قَوْلُهُ: (وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ) أَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ امْتَنَعَتْ أَوْ طَلَبَتْ مَالًا أَوْ طَلَبَ الْحَاكِمُ رِشْوَةً، قَوْلُهُ: (عَلَى مُقِرٍّ مُمْتَنِعٍ) وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ قَبْلَ رَفْعٍ لِقَاضٍ وَمِثْلُ الْمُمْتَنِعِ مَنْ يَدَّعِي إعْسَارًا وَإِنْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً أَوْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَهُوَ يَعْرِفُ كَذِبَهُ، أَوْ يَدَّعِي تَأْجِيلًا كَذِبًا أَوْ يَدَّعِي إعْسَارًا بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ كَذِبًا أَوْ يَجْحَدُ قَرَابَتَهُ، قَوْلُهُ: (فَلَهُ) بِنَفْسِهِ لَا بِوَكِيلِهِ، قَوْلُهُ: (كَسْرُ بَابٍ إلَخْ) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ حَاكِمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَحَلُّ الْكَسْرِ وَنَحْوِهِ إنْ كَانَ مِلْكًا لِمَدِينِهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ وَلَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَإِلَّا كَمُؤَجَّرٍ وَمُعَارٍ وَمَرْهُونٍ وَمَحْجُورِ فَلَسٍ فَلَا. قَوْلُهُ: (لِلْمَالِ) ، وَكَذَا الِاخْتِصَاصُ قَوْلُهُ: (بِتَمَلُّكِهِ) أَيْ بِلَفْظِ إنْ كَانَ دُونَ صِفَةِ حَقِّهِ، نَحْوُ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ وَيَمْلِكُهُ بِلَا لَفْظٍ، إنْ كَانَ بِصِفَةِ حَقِّهِ فَإِنْ كَانَ بِصِفَةٍ أَعْلَى كَصِحَاحٍ عَنْ مُكَسَّرَةٍ، فَهُوَ كَغَيْرِ الْجِنْسِ فِيمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (يَبِيعُهُ) أَيْ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِنْسَ حَقِّهِ ثُمَّ يَشْتَرِي بِهِ صِفَةَ حَقِّهِ، وَيَتَمَلَّكُهُ بِلَفْظٍ، وَإِنْ كَانَ بِصِفَةِ حَقِّهِ وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ الَّذِي بِصِفَةِ حَقِّهِ يَمْلِكُهُ بِلَا لَفْظٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَالَ شَيْخُنَا وَيَجِبُ أَنْ يُقَدَّمَ فِي الْأَخْذِ النَّقْدُ عَلَى غَيْرِهِ، وَغَيْرُ الْأَمَةِ عَلَيْهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ كَانَ مَدِينُهُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا قَدْرَ مَا يَخُصُّهُ بِالْمُضَارَبَةِ. قَوْلُهُ: (اسْتِقْلَالًا) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ عِلْمِ قَاضٍ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ، قَوْلُهُ: (ثُمَّ بَيْعُ الْقَاضِي) عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ، قَوْلُهُ: (مَضْمُونٌ) أَصْلًا وَزَوَائِدَ وَيَجِبُ رَدُّ الزَّوَائِدِ، قَوْلُهُ: (قَبْلَ تَمَلُّكِهِ وَبَيْعِهِ) ، وَكَذَا بَعْدَ بَيْعِهِ حَتَّى يَتَمَلَّكَهُ أَوْ يَمْلِكَهُ عَلَى مَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَامِ) مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَضْمُونًا لِكَوْنِهِ أَخَذَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ، وَإِلَّا فَالضَّمَانُ هُنَا بِأَقْصَى الْقِيَمِ وَفِي الْمُسْتَامِ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ، قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ لِعُذْرِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ جَاءَهُ الْمَدْيُونُ بِوَفَاءِ دَيْنِهِ فَقَالَ الشَّيْخَانِ: لَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ وَلَا يَرُدُّ لَهُ شَيْئًا إنْ كَانَ بَعْدَ تَمَلُّكِهِ؛ لِأَنَّ تَمَلُّكَهُ كَدَفْعِ الْمَدِينِ لَهُ. نَعَمْ   [حاشية عميرة] كَالْقِصَاصِ فَلْيُجْعَلْ الِاشْتِرَاطُ فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ لِلْجَوَازِ، وَاعْلَمْ أَنَّ عُقُوبَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي أَيْضًا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا لَا يُدْعَى فِيهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَهُ أَخْذُهَا) إنْ كَانَتْ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ وَإِلَّا فَلَيْسَ سَبِيلُهُ إلَّا الطَّلَبُ مِنْهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ لَمْ يَخَفْ) ظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمُجَرَّدِ الْخَوْفِ وَالْوَجْهُ تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا غَلَبَ الْخَوْفُ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَى قَاضٍ) مِثْلُهُ أَمِيرٌ وَنَحْوُهُ مِمَّنْ يُرْجَى الْخَلَاصُ عَلَى يَدِهِ وَالْمَقْصُودُ عَدَمُ الِاسْتِقْلَالِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى غَيْرِ مُمْتَنِعٍ إلَخْ) هُوَ مُخْرِجٌ لِلْمُنْكِرِ وَلِلْمُقِرِّ الْمُمْتَنِعِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ عَلَى مُنْكِرٍ وَلَا بَيِّنَةَ) . قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ يَلْحَقُ بِهِ مَا لَوْ كَانَ بَيِّنَةٌ، وَلَكِنَّهُ يَعْجِزُ لِقُوَّةِ سُلْطَانِ الْمُسْتَحِقِّ. قَالَ فِي الْكَافِي وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَابُ الْحَاكِمِ فَاسِدًا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا غَيْرُ جِنْسِهِ) لِإِطْلَاقِ قِصَّةِ هِنْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَعَ أَنَّ حُقُوقَهَا مُخْتَلِفَةٌ مِنْ دُهْنٍ وَمُشْطٍ وَأُدْمٍ وَحَبٍّ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَكَذَلِكَ) أَيْ لِقِصَّةِ هِنْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَجِبُ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ فِي الْجُمْلَةِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ وَلِذَا اعْتَبَرَ الزَّرْكَشِيُّ التَّعْبِيرَ فِيهِ بِقِيلَ أَقُولُ: لَا وَجْهَ لِلِاعْتِرَاضِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ مُقَابِلَهُ الْأَصَحُّ لَا الصَّحِيحُ قَوْلُهُ: (وَلَا يُضْمَنُ إلَخْ) أَيْ كَدَفْعِ الصَّائِلِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَبِيعُهُ) أَيْ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ بِالْبَيِّنَةِ وَقِيلَ يُوَاطِئُ رَجُلًا يُقِرُّ لَهُ بِالْحَقِّ وَيَمْتَنِعُ مِنْ الدَّفْعِ، وَيُقِرُّ لَهُ بِالْأَخْذِ بِالْمَالِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 336 يَكُونَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو دَيْنٌ وَلِعَمْرٍو عَلَى بَكْرٍ مِثْلُهُ لِزَيْدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ بَكْرٍ مَالَهُ عَلَى عَمْرٍو وَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ عَمْرٍو وَإِقْرَارُ بَكْرٍ لَهُ، وَلَا جُحُودُ بَكْرٍ اسْتِحْقَاقَ زَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عِلْمُ الْغَرِيمَيْنِ بِالْأَخْذِ وَتَنْزِيلُ مَالِ الثَّانِي مَنْزِلَةَ الْأَوَّلِ. (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُوَافِقُهُ) ذِكْرًا لِتَعَلُّقِ الدَّعْوَى بِهِمَا، وَالثَّانِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَنْ لَوْ سَكَتَ خَلَّى وَلَمْ يُطَالِبْ بِشَيْءٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ لَا يُخَلِّي وَلَا يَكْفِيهِ السُّكُوتُ، فَإِذَا طَالَبَ زَيْدٌ عَمْرًا بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ عَيْنٍ فِي يَدِهِ فَأَنْكَرَ فَزَيْدٌ لَوْ سَكَتَ تُرِكَ وَيُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ مِنْ بَرَاءَةِ عَمْرٍو وَعَمْرٌو لَا يَتْرُكُ وَيُوَافِقُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ، فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَزَيْدٌ مُدَّعٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَخْتَلِفُ مُوجِبُهُمَا، غَالِبًا وَقَدْ يَخْتَلِفُ مِنْهُ قَوْلُهُ، (فَإِذَا أَسْلَمَ زَوْجَانِ قَبْلَ وَطْءٍ فَقَالَ) الزَّوْجُ: (أَسْلَمْنَا مَعًا فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَقَالَتْ) أَسْلَمْنَا (مُرَتَّبًا) فَلَا نِكَاحَ، (فَهُوَ) عَلَى الْأَظْهَرِ (مُدَّعٍ) ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَهِيَ مُدَّعًى عَلَيْهَا، وَعَلَى الثَّانِي هِيَ مُدَّعِيَةٌ وَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ سَكَتَتْ تُرِكَتْ وَهُوَ لَا يُتْرَكُ لَوْ سَكَتَ لِزَعْمِهَا انْفِسَاخَ النِّكَاحِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ وَيَرْتَفِعُ النِّكَاحُ وَعَلَى الثَّانِي يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ. (وَمَتَى ادَّعَى نَقْدًا اُشْتُرِطَ بَيَانُ جِنْسٍ وَنَوْعٍ وَقَدْرٍ وَصِحَّةٍ وَتَكَسُّرٍ إنْ اخْتَلَفَتْ بِهِمَا قِيمَةٌ) كَمِائَةِ دِرْهَمِ فِضَّةٍ ظَاهِرِيَّةٍ صِحَاحٍ أَوْ مُكَسَّرَةٍ وَاشْتِرَاطُ ذَلِكَ الْمُفِيدِ لِعِلْمِهِ لِتَصِحَّ الدَّعْوَى بِهِ (أَوْ) ادَّعَى (عَيْنًا تَنْضَبِطُ) مِثْلِيَّةً أَوْ مُتَقَوِّمَةً (كَحَيَوَانٍ) وَحُبُوبٍ وَثِيَابٍ. (وَصَفَهَا بِصِفَةِ السَّلَمِ وَقِيلَ يَجِبُ مَعَهَا ذِكْرُ الْقِيمَةِ) هَذَا إنْ بَقِيَتْ (فَإِنْ تَلِفَتْ وَهِيَ مُتَقَوِّمَةٌ وَجَبَ ذِكْرُ الْقِيمَةِ) ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبُ أَوْ مِثْلِيَّةٌ فَلَا يَجِبُ وَيَكْفِي الضَّبْطُ بِالصِّفَاتِ (أَوْ) ادَّعَى (نِكَاحًا لَمْ يَكْفِ الْإِطْلَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ يَقُولُ: نَكَحْتهَا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَرِضَاهَا إنْ كَانَ يُشْتَرَطُ)   [حاشية قليوبي] يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ خَشِيَ مِنْ رَدِّهِ ضَرَرًا، فَلَهُ أَخْذُهُ الْآنَ ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِ حِيلَةٍ، قَوْلُهُ: (رَدَّ عَمْرٌو) أَيْ مَنَعَ عَمْرٌو زَيْدًا عَنْ الْأَخْذِ مِنْ مَالِ بَكْرٍ، قَوْلُهُ: (وَإِقْرَارُ بَكْرٍ لَهُ) أَيْ لِعَمْرٍو بِدَيْنِهِ. قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ وَلَا بُدَّ مِنْ جَحْدِ بَكْرٍ مَالَ عَمْرٍو، أَوْ امْتِنَاعِهِ مِنْ دَفْعِهِ وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ امْتِنَاعَ عَمْرٍو مِنْ زَيْدٍ كَافٍ فِي جَوَازِ الْأَخْذِ أَخْذًا مِنْ التَّنْزِيلِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ عَجْزِ زَيْدٍ عَنْ مَالِ عَمْرٍو. قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَنْعَ عَمْرٍو زَيْدًا عَنْ الْأَخْذِ مِنْ بَكْرٍ فَرْعٌ عَنْ عِلْمِهِ بِإِرَادَةِ أَخْذِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ شَرْحُ شَيْخِنَا آخِرًا وَفِي كَلَامِهِ أَوَّلًا مَا يُفِيدُ الْجَوَازَ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُعْلِمَ زَيْدٌ عَمْرًا أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِ بَكْرٍ لِئَلَّا يُؤْخَذَ مِنْهُ ثَانِيًا ظُلْمًا، قَوْلُهُ: (وَتَنْزِيلُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ لِزَيْدٍ كَسْرَ بَابِ بَكْرٍ وَنَقْبَ جِدَارِهِ، وَشَرْحُ شَيْخِنَا كَالشَّارِحِ وَفِي شَرْحِ الْخَطِيبِ الْمَنْعُ. فَرْعٌ: لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ وَجَحَدَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَجْحَدَ قَدْرَ دَيْنِهِ لِيَقَعَ التَّقَاصُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ النُّقُودِ وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ لِلضَّرُورَةِ،. قَوْلُهُ: (ذَكَرَا) بِأَلْفِ التَّثْنِيَةِ لِلْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِدُونِهَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَتَقَدَّمَ شُرُوطُهُمَا فِي بَابِ الْقَسَامَةِ، قَوْلُهُ: (تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الَّذِي يَحْلِفُ هُوَ الزَّوْجُ عَلَى هَذَا أَيْضًا كَالثَّانِي كَمَا رَجَّحَاهُ فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِاسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ وَفِي عَكْسِ مَا ذُكِرَ يَصْدُقُ الزَّوْجُ أَيْضًا،. قَوْلُهُ: (نَقْدًا) أَوْ دَيْنًا مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا. نَعَمْ يَجِبُ فِي السَّلَمِ ذِكْرُ صِفَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ بِهَا قِيمَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (ظَاهِرِيَّةٌ) نِسْبَةٌ إلَى السُّلْطَانِ الظَّاهِرِ، قَوْلُهُ: (عَيْنًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ وَفِيهِمَا يَذْكُرُ قِيمَةَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ ذِكْرُ الْقِيمَةِ) أَيْ مَعَ الْجِنْسِ كَمَا فِي الْعُبَابِ وَيُسَنُّ ذِكْرُ الْوَصْفِ، قَوْلُهُ: (وَيَكْفِي) أَيْ يَجِبُ الضَّبْطُ بِالصِّفَاتِ مَعَ ذِكْرِ الْجِنْسِ وَيُنْدَبُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ بِالْمَجْهُولِ. نَعَمْ قَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ تُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ لِلضَّرُورَةِ كَوَصِيَّةٍ وَإِقْرَارٍ وَدِيَةٍ وَغُرَّةٍ وَفَرْضِ مَهْرٍ، وَمُتْعَةٍ وَحُكُومَةٍ وَرَضْخٍ وَنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَحَقِّ إجْرَاءِ الْمَاءِ فِي أَرْضٍ جُدِّدَتْ، قَوْلُهُ: (ادَّعَى نِكَاحًا) خَرَجَ مَا لَوْ ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَفْصِيلٍ قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ، وَلَوْ ادَّعَتْ زَوْجِيَّةَ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ وَحَلَفَتْ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ ثَبَتَتْ زَوْجِيَّتُهَا وَوَجَبَتْ مُؤْنَتُهَا وَحَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا ظَاهِرًا، وَكَذَا بَاطِنًا إنْ كَانَ كَاذِبًا فِي إنْكَارِهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ الْإِطْلَاقُ) كَأَنْ يَقُولَ هَذِهِ زَوْجَتِي، وَلَوْ مِنْ فَقِيهٍ عَارِفٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ. نَعَمْ يَكْفِي فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ مَا لَمْ يَذْكُرُوا اسْتِمْرَارَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، قَوْلُهُ: (مُرْشِدٌ) أَيْ عَدْلٌ فَإِنْ كَانَ يَصِحُّ عَقْدُهُ مَعَ فِسْقِهِ قَالَ بِوَلِيٍّ يَصِحُّ عَقْدُهُ، قَوْلُهُ: (وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ) وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُمَا.   [حاشية عميرة] وَضُعِّفَ كُلٌّ بِأَنَّ الْأَوَّلَ يَجُرُّ إلَى تَكْلِيفِ الْبَيِّنَةِ، وَالثَّانِي كَذِبٌ فَلِذَا رُجِّحَ الِاسْتِقْلَالُ قَوْلُهُ: (وَإِذْنُ الشَّرْعِ إلَخْ) إيضَاحٌ لِجَعْلِهِ كَالْمُسْتَامِ وَكَالْمَرْهُونِ فَإِنَّ فِيهِمَا إذْنًا مِنْ الْمَالِكِ بِخِلَافِ هَذَا وَلَكِنْ إذْنُ الشَّرْعِ كَإِذْنِهِمَا، قَوْلُهُ: (بِالْأَخْذِ) فَلَا يَحِلُّ الْأَخْذُ عِنْدَ الْجَهْلِ؛ لِأَنَّ بَكْرًا يَتَضَرَّرُ بِالْأَخْذِ مِنْهُ ثَانِيًا وَأَمَّا قَوْلُهُ وَتَنْزِيلُ إلَخْ. فَالظَّاهِرُ أَنَّ غَرَضَهُ مِنْهُ جَوَازُ الْأَخْذِ تَعْوِيلًا عَلَى امْتِنَاعِ عَمْرٍو وَلَا نَظَرَ إلَى إقْدَارِ بَكْرٍ؛ لِأَنَّا نَجْعَلُ مَالَهُ هُوَ مَالَ عَمْرٍو لَكِنْ اعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافَ ذَلِكَ،. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لَوْ سَكَتَتْ تُرِكَتْ) نُوزِعَ فِي هَذَا بِأَنَّ الزَّوْجَ يَدَّعِي دَوَامَ التَّمْكِينِ بِمُقْتَضَى اسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ فَلَا تُخَلَّى لَوْ سَكَتَ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ ابْتَدَأَتْ بِدَعْوَى رَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا بِحُكْمِ التَّعَاقُبِ، وَإِلَّا فَالزَّوْجُ لَوْ ابْتَدَأَ لَكَانَ يُتْرَكُ وَسُكُوتُهُ لَوْ سَكَتَ فَفِيهِ الْمَعْنَيَانِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَعَهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ مَنْ اعْتَبَرَ الْقِيمَةَ اكْتَفَى بِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 337 بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَالثَّانِي يَكْفِي الْإِطْلَاقُ فِيهِ كَالْمَالِ، (فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ ذِكْرِ الْعَجْزِ عَنْ طَوْلٍ) أَيْ مَهْرٍ لِحُرَّةٍ (وَخَوْفِ عَنَتٍ) أَيْ زِنًا الْمُشْتَرَطَيْنِ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ، وَالثَّانِي لَا يَجِبُ ذِكْرُهُمَا (أَوْ) ادَّعَى (عَقْدًا مَالِيًّا كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ كَفَى الْإِطْلَاقِ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ التَّفْصِيلُ فَيَقُولُ فِي الْبَيْعِ تَعَاقَدْنَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَنَحْنُ جَائِزَا التَّصَرُّفِ وَتَفَرَّقْنَا عَنْ تَرَاضٍ. (وَمَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) بِحَقٍّ (لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي) عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ كَطَعْنٍ فِي الشُّهُودِ، (فَإِنْ ادَّعَى أَدَاءً) لَهُ (أَوْ إبْرَاءً) مِنْهُ (أَوْ شِرَاءَ عَيْنٍ) مِنْ مُدَّعِيهَا (أَوْ هِبَتَهَا وَإِقْبَاضَهَا) مِنْهُ (حَلَّفَهُ) أَيْ خَصْمُهُ (عَلَى نَفْيِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ مَا تَأَدَّى مِنْهُ الْحَقُّ وَلَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا بَاعَهُ الْعَيْنَ وَلَا وَهَبَهُ إيَّاهَا (وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عِلْمَهُ بِفِسْقِ شَاهِدِهِ أَوْ كَذِبِهِ) فَأَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى نَفْيِهِ (فِي الْأَصَحِّ) فَإِنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ وَالثَّانِي لَا يُحَلِّفُهُ وَيَكْتَفِي بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ وَتَعْدِيلِ الْمُزَكِّينَ (وَإِذَا اُسْتُمْهِلَ) مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، (لِيَأْتِيَ بِدَافِعٍ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) وَقِيلَ يَوْمًا فَقَطْ. (وَلَوْ ادَّعَى رِقَّ بَالِغٍ فَقَالَ أَنَا حُرٌّ) بِالْأَصَالَةِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ وَإِنْ اسْتَخْدَمَهُ قَبْلَ إنْكَارِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْبَيْعُ مِرَارًا وَتَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي (أَوْ رُقَّ صَغِيرٌ لَيْسَ فِي يَدِهِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ فِي يَدِهِ حُكِمَ لَهُ بِهِ إنْ لَمْ يُعْرَفْ اسْتِنَادُهَا إلَى الْتِقَاطٍ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ فَإِنْ عَرَفَ اسْتِنَادَهَا إلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فِي الْأَظْهَرِ، (فَلَوْ أَنْكَرَ الصَّغِيرُ وَهُوَ مُمَيِّزٌ) فِي صُورَةِ عَدَمِ الِاسْتِنَادِ (فَإِنْكَارُهُ لَغْوٌ وَقِيلَ) هُوَ (كَبَالِغٍ) فَلَا يُحْكَمُ بِرِقِّهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، (وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إلْزَامٌ فِي الْحَالِ وَالثَّانِي تُسْمَعُ لِغَرَضِ الثُّبُوتِ وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ تُسْمَعُ لِغَرَضِ التَّسْجِيلِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَمْ تُسْمَعْ. .   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَخَوْفِ عَنَتٍ) وَإِسْلَامِهَا إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَيَقُولُ: زَوِّجْنِيهَا مَنْ لَهُ وِلَايَةُ نِكَاحِهَا مِنْ مَالِكٍ أَوْ غَيْرِهِ، قَوْلُهُ: (عَقْدًا مَالِيًّا) أَيْ غَيْرُ الْمُسْلِمِ كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (كَفَى الْإِطْلَاقُ) وَلَا بُدَّ مِنْ وَصْفِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرَطٌ فِي كُلِّ عَقْدٍ. تَنْبِيهٌ: بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الدَّعْوَى بِنَحْوِ رِيعِ وَقْفٍ تَكُونُ عَلَى النَّاظِرِ لَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ، وَإِنْ حَضَرَ إلَّا فِي وَقْفٍ عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ سَوَاءٌ شَرَطَ النَّظَرَ لَكِنْ فِي حِصَّتِهِ، أَوْ لِلْقَاضِي الْمُدَّعَى عِنْدَهُ وَالدَّعْوَى عَلَيْهِمْ إنْ حَضَرُوا أَوْ عَلَى الْحَاضِرِ مِنْهُمْ لَكِنْ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ إعْلَامِ الْجَمِيعِ بِالْحَالِ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الدَّعْوَى عَلَى الْوَرَثَةِ أَوْ بَعْضِهِمْ. تَنْبِيهٌ: قَالَ شَيْخُنَا وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ السُّبْكِيّ أَنَّ الْحَاكِمَ وَلَوْ حَنَفِيًّا لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى نَائِبِهِ دَعْوًى لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ نَحْوِ يَتِيمٍ أَوْ مَحْجُورٍ تَحْتَ نَظَرِهِ أَوْ وَقْفٍ كَذَلِكَ بَلْ يَنْصِبُ الْحَاكِمُ مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ ادَّعَى أَدَاءً إلَخْ) سَوَاءٌ ادَّعَى ذَلِكَ حَالَةَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ حَيْثُ أَمْكَنَ سَبْقُ مَا ادَّعَاهُ عَلَى وَقْتِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (حَلَّفَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ حَلَفَ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ أَوْ مَعَ شَاهِدِهِ، قَوْلُهُ: (وَهُوَ أَنَّهُ مَا تَأَدَّى إلَخْ) فَإِنْ نَكَلَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَطَلَتْ الشَّهَادَةُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، قَوْلُهُ: (عَلِمَ بِفِسْقِ شَاهِدِهِ) أَيْ مَثَلًا حَالَ شَهَادَتِهِ لَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا مَرَّ، وَمِثْلُ هَذَا مَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِعْسَارِ مَدِينٍ فَلِدَائِنِهِ تَحْلِيفُهُ لِاحْتِمَالِ مَالٍ بَاطِنٍ، وَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِعَيْنٍ وَقَالَتْ لَا نَعْلَمُهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَلِخَصْمِهِ تَحْلِيفُهُ أَنَّهَا مَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ خُرُوجُهَا بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ التَّحْلِيفُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ طَعْنًا فِي الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُ فِي دَعْوَى مُسْتَقِلَّةٍ حُكْمًا. قَوْلُهُ: (مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (لِيَأْتِيَ بِدَافِعٍ) وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الدَّافِعِ مِنْ الْعَامِّيِّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَ مَا لَيْسَ بِدَافِعٍ دَافِعًا، قَوْلُهُ: (أُمْهِلَ وُجُوبًا) بِكَفِيلٍ أَوْ تَرْسِيمٍ إنْ خِيفَ هَرَبُهُ، قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) غَيْرَ يَوْمَيْ الْإِمْهَالِ وَالْعَوْدِ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ بَعِيدَةً بَلْ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْحَقِّ ثُمَّ يَأْتِي بِالدَّافِعِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ عَادَ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ عَلَى نَحْوِ إبْرَاءٍ أُجِيبَ، أَوْ أَقَامَ بَعْضَ الْبَيِّنَةِ أَوْ كُلَّهَا وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ لِلتَّعْدِيلِ، أَوْ التَّكْمِيلِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا أَيْضًا، وَلَوْ وَفَّى الْحَقَّ ابْتِدَاءً ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ قَبْلَ الثَّلَاثِ سُمِعَتْ. قَوْلُهُ: (بَالِغٌ) عَاقِلٌ رَشِيدٌ قَوْلُهُ: (بِالْأَصَالَةِ) قَيْدٌ لِقَبُولِهِ بِيَمِينِهِ فَفِي غَيْرِهَا لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ وَمَحَلُّ تَصْدِيقِهِ مَا لَمْ يُسْبَقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالرِّقِّ، قَوْلُهُ: (وَجَرَى عَلَيْهِ الْبَيْعُ) وَيَرْجِعُ مُشْتَرِيهِ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِيَّةِ عِنْدَهُ، قَوْلُهُ: (صَغِيرٌ) أَوْ مَجْنُونٌ قَوْلُهُ: (حُكِمَ لَهُ بِهِ) إنْ خَلَفَ قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُمَيِّزٌ) أَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ الْمَجْنُونُ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْكَارُهُ لَغْوٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ ادَّعَى عُذْرًا، قَوْلُهُ: (مُؤَجَّلٌ) أَيْ   [حاشية عميرة] عَنْ الصِّفَاتِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ ذِكْرُ الْقِيمَةِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَعَ الْجِنْسِ فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَكْفِ الْإِطْلَاقُ إلَخْ) وَجْهُهُ الِاحْتِيَاطُ فِي الْأَنْكِحَةِ وَكَثْرَةِ اخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ فِي شُرُوطِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ كَانَ يَشْتَرِطُ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ لَا يَشْتَرِطُ فَإِنَّهُ يَخْلُفُ ذَلِكَ اشْتِرَاطَ تَعْيِينِ الْوَلِيِّ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. فَرْعٌ: لَوْ ادَّعَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ لَمْ يَحْتَجْ لِلتَّفْصِيلِ وَمَسْأَلَةُ الْكِتَابِ فِيمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ نَكَحَهَا، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ إلَخْ) . قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَسَاهَلُونَ فِيهَا بِخِلَافِ الْأَنْكِحَةِ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يُحَلِّفُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ حَقًّا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لَوْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ فِي الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ وَالْأَمْرُ يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَمَفْهُومُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْإِمْهَالِ فَلَوْ قَضَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَحْضَرَهَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَوْ قَبْلَهَا سُمِعَتْ، وَلَوْ حَضَرَ الشُّهُودُ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَطُلِبَ مِنْهُ التَّعْدِيلُ أُمْهِلَ ثَلَاثَةً أَيْضًا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى دَيْنٍ إلَخْ) لَوْ كَانَ بَعْضُهُ حَالًّا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا سُمِعَتْ بِالْكُلِّ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَقُلْ يَلْزَمُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 338 فَصْلٌ إذَا (أَصَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السُّكُوتِ عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى جُعِلَ كَمُنْكِرٍ نَاكِلٍ) فَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي وَعَلَى الْمُتَكَلِّمِ. (فَإِنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ (عَشَرَةً فَقَالَ لَا تَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَ وَلَا بَعْضُهَا، وَكَذَا يَحْلِفُ) إنْ حَلَفَ؛ لِأَنَّ مُدَّعِي الْعَشَرَةِ مُدَّعٍ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا فَاشْتُرِطَ مُطَابَقَةُ الْإِنْكَارِ وَالْيَمِينِ دَعْوَاهُ، (فَإِنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعَشَرَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَنَاكِلٌ) عَمَّا دُونَ الْعَشَرَةِ، (فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى اسْتِحْقَاقِ دُونَ عَشَرَةٍ بِجُزْءٍ وَيَأْخُذُهُ وَإِذَا ادَّعَى مَالًا مُضَافًا إلَى سَبَبٍ كَأَقْرَضْتُكَ، كَذَا كَفَاهُ فِي الْجَوَابِ لَا تَسْتَحِقُّ) بِالْفَوْقَانِيَّةِ (عَلَيَّ شَيْئًا أَوْ) ادَّعَى (شُفْعَةً كَفَاهُ) فِي الْجَوَابِ (لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ تَسَلُّمَ الشِّقْصِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا وَيَعْرِضُ مَا يُسْقِطُ الدَّعْوَى وَلَوْ اعْتَرَفَ بِهِ وَادَّعَى الْمُسْقِطَ طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ وَقَدْ يَعْجِزُ عَنْهَا فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى قَبُولِ الْجَوَابِ الْمُطْلَقِ. (وَيَحْلِفُ عَلَى حَسَبِ جَوَابِهِ هَذَا) وَلَا يُكَلَّفُ التَّعَرُّضَ لِنَفْيِ الْجِهَةِ (فَإِنْ أَجَابَ بِنَفْيِ السَّبَبِ الْمَذْكُورِ حَلَفَ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَهُ حَلِفٌ بِالنَّفْيِ الْمُطْلَقِ) كَمَا لَوْ أَجَابَ بِهِ وَالْأَوَّلُ رَاعَى مُطَابَقَةَ الْيَمِينِ لِلْجَوَابِ. . (وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ مَرْهُونٌ أَوْ مُكْرًى وَادَّعَاهُ مَالِكُهُ كَفَاهُ) فِي الْجَوَابِ (لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ) وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلْمِلْكِ (فَلَوْ اعْتَرَفَ بِالْمِلْكِ وَادَّعَى الرَّهْنَ وَالْإِجَارَةَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِدُونِهَا (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا) عَلَى الْأَوَّلِ (وَخَافَ أَوَّلًا إنْ اعْتَرَفَ بِالْمِلْكِ) لِلْمُدَّعِي (جَحْدُهُ) بِسُكُونِ الْحَاءِ (الرَّهْنَ وَالْإِجَارَةَ فَحِيلَتُهُ أَنْ يَقُولَ) فِي الْجَوَابِ (إنْ ادَّعَيْت مِلْكًا مُطْلَقًا فَلَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمٌ) لِمُدَّعَاك، (وَإِنْ ادَّعَيْت مَرْهُونًا فَاذْكُرْهُ لِأُجِيبَ) ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُؤَجَّرِ (وَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا) عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا (فَقَالَ لَيْسَ هِيَ لِي أَوْ   [حاشية قليوبي] لَهُ وَتُسْمَعُ بِالْحَالِّ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَإِنْ ادَّعَى بِكُلِّهِ لِيُسَلَّمَ لَهُ الْحَالَّ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ كُلُّهُ مُؤَجَّلًا وَقَصَدَ بِدَعْوَاهُ تَصْحِيحَ عَقْدٍ وَقَعَ فِيهِ. فَرْعٌ: لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِدَيْنٍ عَلَى مُعْسِرٍ لِيُطَالِبَهُ إذَا أَيْسَرَ. فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (أَصَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السُّكُوتِ) لَا لِدَهْشَةٍ وَلَا لِغَبَاوَةٍ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَشْرَحَ لَهُ الْحَالَ، وَكَذَا لَوْ نَكَلَ وَلَمْ يَعْرِفْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى النُّكُولِ يَجِبُ الشَّرْحُ لَهُ أَيْضًا وَسُكُوتُ الْأَصَمِّ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ لَيْسَ نُكُولًا بِخِلَافِ عَدَمِ الْإِشَارَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ بَعْدَ سَمَاعِهِ، قَوْلُهُ: (جُعِلَ كَمُنْكِرٍ نَاكِلٍ) أَيْ إنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (فَيَحْلِفُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ دَعْوَى إلَّا إنْ اقْتَصَرَ فِي الْجَوَابِ عَلَى الْعَشَرَةِ وَحَلَّفَهُ الْقَاضِي عَلَيْهَا، ثُمَّ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ عَلَى مَا دُونَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ دَعْوَى نَعَمْ إنْ اسْتَنَدَ مُوجِبُ الْعَشَرَةِ لِعَقْدٍ كَبَيْعٍ فَيَكْفِيهِ نَفْيُ الْعَقْدِ نَحْوُ مَا بِعْتُهُ بِعَشَرَةٍ، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ طَلَبِ الْيَمِينِ أَنَا أَدْفَعُ الْمَالَ، وَلَا أَحْلِفُ لَمْ يَلْزَمْ الْمُدَّعِيَ قَبُولُهُ بِغَيْرِ إقْرَارٍ، وَلَهُ تَحْلِيفُهُ لِعَدَمِ أَمْنِهِ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ إرَادَةِ حَلِفِ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ أَنْ يُقِرَّ وَإِلَّا قَالَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ، قَوْلُهُ: (بِجُزْءٍ) وَإِنْ لَمْ يُتَمَوَّلْ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (لِنَفْيِ الْجِهَةِ) أَيْ السَّبَبِ فَلَوْ تَعَرَّضَ لِنَفْيِهِ جَازَ لَكِنْ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِهِ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَدَاءٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْحَقَّ، وَقَدْ نَفَاهُ أَوَّلًا وَمِنْ هَذَا مَا لَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ نَفَقَةً أَوْ كِسْوَةً فَيَكْفِيهِ الْجَوَابُ الْمُطْلَقُ نَحْوُ لَا يَلْزَمُنِي لَهَا شَيْءٌ، وَإِنْ عُلِمَ تَمْكِينُهَا لَهُ لِاحْتِمَالِ مُسْقِطٍ خَفِيٍّ. قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ وَدِيعَةً لَمْ يَكْفِهِ الْجَوَابُ بِلَا يَلْزَمُنِي التَّسْلِيمُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ التَّخْلِيَةُ، فَيُجِيبُ بِلَا يَلْزَمُنِي شَيْءٌ أَوْ رَدَدْتهَا أَوْ تَلِفَتْ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَلَا يَلْزَمُنِي التَّخْلِيَةُ،. قَوْلُهُ: (بِيَدِهِ مَرْهُونٌ أَوْ مُكْرًى) أَيْ فِي الْوَاقِعِ، قَوْلُهُ: (أَوَّلًا) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ   [حاشية عميرة] التَّسْلِيمُ إلَيَّ لَمْ تُسْمَعْ، وَإِنْ قَالَهُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ فَصَّلَ فَهُمَا دَعْوَتَانِ. [فَصْلٌ إذَا أَصَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السُّكُوتِ عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى] فَصْلٌ أَصَرَّ الْمُدَّعِي إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِجُزْءٍ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَاكِلٌ عَنْ كُلِّ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ ثُمَّ الْجُزْءُ يَشْمَلُ مَا لَا يُتَمَوَّلُ وَهُوَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى بِهِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ أَجَابَ) لَوْ أَجَابَ بِالنَّفْيِ الْمُطْلَقِ كَانَ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ السَّبَبِ. فَرْعٌ: حَلَفَ عَلَى نَفْيِ السَّبَبِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِهِ فَأَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِالْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ لَمْ تُسْمَعْ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْحَقَّ وَقَدْ نَفَاهُ أَوَّلًا. . قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَى ثُبُوتِ الْإِجَارَةِ وَالدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ قَوْلُهُ: (أَوَّلًا) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ الْأَحْسَنُ تَقْدِيمُهُ عَقِبَ عَنْهَا أَوْ تَأْخِيرُهُ عَنْ اعْتَرَفَ فَإِنَّ تَعَلُّقَهُ بِالْخَوْفِ لَا مَعْنَى لَهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَحِيلَتُهُ إلَخْ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ هَذَا يَلْزَمُهُ إلْجَاءُ الْمُدَّعِي إلَى تَعْيِينِ أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ وَهُوَ يُتَصَوَّرُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ تُسَاعِدُهُ عَلَى إقْرَارِ الْخَصْمِ بِأَلْفٍ مُطْلَقًا، وَلَا يُمْكِنُهُمْ تَعْيِينُ الْجِهَةِ وَكَمَا اكْتَفَيْنَا بِالْجَوَابِ الْمُطْلَقِ فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 339 هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لِابْنِي الطِّفْلِ، أَوْ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ مَسْجِدِ، كَذَا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَنْصَرِفُ الْخُصُومَةُ) عَنْهُ (وَلَا تُنْزَعُ) الْعَيْنُ، (مِنْهُ بَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ) لِلْعَيْنِ (إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ) بِهَا، وَالثَّانِي تَنْصَرِفُ عَنْهُ وَيَنْتَزِعُ الْحَاكِمُ الْعَيْنَ مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا أَخَذَهَا وَإِلَّا حَفِظَهَا إلَى أَنْ يَظْهَرَ مَالِكُهَا وَفِي وَجْهٍ فِي الْأُولَيَيْنِ تُسَلَّمُ الْعَيْنُ لِلْمُدَّعِي إذْ لَا مُزَاحِمَ لَهُ، (وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ بِالْمَذْكُورِ (لِمُعَيَّنٍ حَاضِرٍ يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ سَأَلَ فَإِنْ صَدَّقَهُ صَارَتْ الْخُصُومَةُ مَعَهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ تُرِكَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ) كَمَا تَقَدَّمَ تَصْحِيحُهُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ، (وَقِيلَ يُسَلَّمُ إلَى الْمُدَّعَى وَقِيلَ: يَحْفَظُهُ الْحَاكِمُ لِظُهُورِ مَالِكٍ) لَهُ (وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِغَائِبٍ فَالْأَصَحُّ انْصِرَافُ الْخُصُومَةِ عَنْهُ وَيُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ قَضَى بِهَا وَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ فَيَحْلِفُ مَعَهَا وَقِيلَ عَلَى حَاضِرٍ) إذْ الْخُصُومَةُ مَعَهُ فَلَا يَحْلِفُ مَعَهَا، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَهُ وَإِذَا عَادَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ الْمُقِرَّ رَدَّ إلَيْهِ بِلَا حُجَّةٍ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ بِإِقْرَارِ صَاحِبِ الْيَدِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْمُدَّعِي الْخُصُومَةَ مَعَهُ. (وَمَا قَبْلَ إقْرَارِ عَبْدٍ بِهِ كَعُقُوبَةٍ فَالدَّعْوَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْجَوَابُ وَمَا لَا) يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ (كَأَرْشٍ فَعَلَى السَّيِّدِ) الدَّعْوَى بِهَا وَجَوَابُهَا؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ الَّتِي هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ حَقُّ السَّيِّدِ. .   [حاشية قليوبي] بِعَجَزَ، أَوْ اعْتَرَفَ لَا يَخَافُ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ. قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ، قَوْلُهُ: (بِسُكُونِ الْحَاءِ) لِإِفَادَةِ أَنَّهُ مَصْدَرٌ مَعْمُولٌ لَخَافَ وَأَنَّ ضَمِيرَهُ عَائِدٌ عَلَى الْمُدَّعِي لَا بِفَتْحِهَا الْمُقْتَضِي أَنَّهُ فِعْلٌ جَوَابٌ لِلشَّرْطِ وَأَنَّ ضَمِيرَهُ عَائِدٌ لِلْمُدَّعَى بِهِ. قَوْلُهُ: (فَحِيلَتُهُ إلَخْ) فَلَا يَكْفِي فِي الْجَوَابِ فِي هَذَا وَغَيْرِهِ أَنْ يَقُولَ: يَثْبُتُ مَا يَدَّعِيهِ لِاحْتِمَالِ عِلْمِهِ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الْإِثْبَاتِ، قَوْلُهُ: (فَاذْكُرْهُ لِأُجِيبَ) وَعَكْسُ هَذِهِ مِثْلُهَا كَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِدَيْنِهِ، وَخَافَ الرَّاهِنُ أَنْ يَجْحَدَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ إنْ اعْتَرَفَ لَهُ بِالدَّيْنِ، فَحِيلَتُهُ فِي الْجَوَابِ أَنْ يَقُولَ: إنْ ادَّعَيْت أَلْفًا لِأَرْهَنَ بِهَا فَلَا يَلْزَمُنِي أَوْ بِهِ رَهْنٌ فَاذْكُرْهُ لِأُجِيبَ، وَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا بِمَا يَذْكُرُهُ مُقِرًّا لِلتَّرْدِيدِ مَعَ الْحَاجَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ مَسْجِدِ كَذَا) أَيْ وَهُوَ نَاظِرٌ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَإِلَّا انْصَرَفَتْ عَنْهُ الْخُصُومَةُ إلَى نَاظِرِهِ، وَنُزِعَتْ الْعَيْنُ مِنْهُ إلَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَلَا تُنْزَعُ الْعَيْنُ مِنْهُ) حَتَّى لَوْ ادَّعَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ كَمَا. قَالَهُ الْقَاضِي مُجَلَّيْ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، قَوْلُهُ: (بَلْ يُحَلِّفُهُ الْمُدَّعِي) فَإِنْ أَقَرَّ أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي ثَبَتَتْ لَهُ الْعَيْنُ فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَالْبَدَلُ لِلْحَيْلُولَةِ فِي الْبَقِيَّةِ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْبَدَلُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ فِي إقْرَارِهِ وَعَدَمِ انْتِزَاعِ الْعَيْنِ مِنْهُ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَيْهَا وَمَعْنَى عَدَمِ انْصِرَافِ الْخُصُومَةِ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ طَلَبُ تَحْلِيفِهِ لَا ثُبُوتُ الْمِلْكِ لَهُ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ لَهُ التَّحْلِيفُ وَلَوْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ، قَوْلُهُ: (لِمُعَيِّنٍ) مَفْهُومُهُ الْمَجْهُولُ وَقَدْ مَرَّ وَحَاضِرٌ مَفْهُومُهُ الْغَائِبُ، وَسَيَأْتِي وَتُمْكِنُ مُخَاصِمَتُهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ لِمُنَاسَبَةِ مَا بَعْدَهُ إذْ الْمَحْجُورُ كَذَلِكَ وَوَلِيُّهُ مَقَامُهُ، قَوْلُهُ: (تُرِكَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ) وَلَا تَنْصَرِفُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ مِنْ بَيِّنَةٍ حَيْثُ الْحَلِفُ عَلَى مِثْلِ مَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (قَضَى بِهَا) نَعَمْ إنْ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهَا لِلْغَائِبِ قُدِّمَتْ لِقُوَّتِهَا بِإِقْرَارِ ذِي الْيَدِ لَهُ وَانْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ، وَانْدَفَعَتْ تُهْمَةُ كَذِبِهِ، ثُمَّ إنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ فَهِيَ تَحْتَ يَدِهِ بِالْوَكَالَةِ أَوْ أَنَّهَا مُؤَجَّرَةٌ مَعَهُ فَيَدُهُ عَلَيْهَا بِالْإِجَارَةِ وَإِلَّا فَيَدُهُ عَلَيْهَا بِالِاسْتِصْحَابِ. قَوْلُهُ: (قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ) فَيَتَقَيَّدُ بِمَسَافَتِهِ السَّابِقَةِ فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى، قَوْلُهُ: (فَيَحْلِفُ مَعَهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا) . قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ هُوَ سَبْقُ نَظَرٍ مِنْ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ التَّصْحِيحَ فِيهِمَا عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْمَرْجُوحِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَعَلَّ النُّسْخَةَ الْوَاقِعَةَ لِلشَّارِحِ قَدْ سَقَطَ مِنْهَا الْمُقَابِلُ، فَظَنَّ أَنَّ التَّفْرِيعَ وَالتَّصْحِيحَ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ) هُوَ مُرَاعَاةٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ لَهُ التَّحْلِيفَ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ بَيِّنَةٌ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَكَلَ إلَخْ) هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَمَعْنَى أَخْذِهِ عَلَى هَذَا أَخْذُ بَدَلِهِ كَمَا مَرَّ وَلَا تُنْزَعُ الْعَيْنُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (كَعُقُوبَةٍ) لِآدَمِيٍّ كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَتَعْزِيرٍ وَكَدَيْنِ تِجَارَةِ مَأْذُونٍ، أَمَّا عُقُوبَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ، قَوْلُهُ: (كَأَرْشٍ) لِعَيْبٍ وَضَمَانِ مُتْلَفٍ قَوْلُهُ: (فَعَلَى السَّيِّدِ) . قَالَ فِي التَّهْذِيبِ فَإِنْ ادَّعَى عَلَى الْعَبْدِ سُمِعَتْ   [حاشية عميرة] الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِئَلَّا يَلْزَمُهُ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ لَوْ عَيَّنَ الْجِهَةَ وَجَبَ الِاكْتِفَاءُ بِإِطْلَاقِ الْمُدَّعِي وَعَدَمِ إلْجَائِهِ إلَى التَّعْيِينِ خَوْفًا مِمَّا ذُكِرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ مَشْرُوعِيَّةِ التَّحْلِيفِ مَعَ وُجُودِهَا وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَوْ يُحَلِّفُهُ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالثَّانِي يَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (تُرِكَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ) قَوْلُهُ: أَيْ فَتَبْقَى الْخُصُومَةُ مَعَهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يُسَلَّمُ إلَى الْمُدَّعِي) أَيْ بِيَمِينِهِ. قَالَ الْإِمَامُ هُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ إعْطَاءٌ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، قَوْلُهُ الْمَتْنُ: (لِظُهُورِ مَالِكٍ لَهُ) أَيْ كَالْمَالِ الضَّائِعِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي مَوْضِعٍ وَهَذَا أَقْوَى الْوُجُوهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ انْصِرَافُ الْخُصُومَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَى قِيمَةِ الْعَيْنِ وَإِلَّا فَلَهُ تَحْلِيفُهُ رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ فَيَغْرَمَ الْبَدَلَ لِلْحُيُولَةِ وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ حِكَايَةُ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ وَالثَّانِي لَا تَنْصَرِفُ بَلْ يَحْلِفُ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ لِنَزْعِ الْمِلْكِ مِنْ يَدِهِ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ، لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَيَّ إسْقَاطِ الدَّعْوَى، قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ إلَخْ) هَذَا وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَهُ إنَّمَا هُوَ مُفَرَّعٌ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْخُصُومَةَ لَا تَنْصَرِفُ وَأَمَّا عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ انْصِرَافُهَا فَاَلَّذِي رَأَيْتُهُ فِي الرَّوْضَةِ تَرْجِيحَ أَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ، كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَيْثُ قُلْنَا بِانْصِرَافِ الْخُصُومَةِ فَلَهُ التَّخْلِيفُ لِتَغْرِيمِ الْبَدَلِ لَعَلَّ نُسْخَةَ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ الرَّوْضَةِ، وَإِذَا قُلْنَا يَنْصَرِفُ بِإِسْقَاطٍ لَا أَعْنِي عِنْدَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 340 فَصْلٌ (تُغَلَّظُ يَمِينِ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ مَالٌ) ، كَدَعْوَى دَمٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ وَإِيلَاءٍ وَعِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَوِصَايَةٍ وَوَكَالَةٍ (وَفِي مَالٍ يَبْلُغُ نِصَابَ زَكَاةٍ) عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا أَوْ مِائَتِي دِرْهَمٍ فِضَّةً وَلَا تَغْلِيظَ فِيمَا دُونَهُ إلَّا أَنْ يَرَاهُ الْقَاضِي لِجُرْأَةٍ فِي الْحَالِفِ فَلَهُ ذَلِكَ، بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ التَّغْلِيظَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْخَصْمِ، (وَسَبَقَ بَيَانُ التَّغْلِيظِ فِي) كِتَابِ (اللِّعَانِ) بِزَمَانٍ وَهُوَ بَعْدَ عَصْرِ جُمُعَةٍ، وَمَكَانٍ كَعِنْدَ مِنْبَرِ الْجَامِعِ فَيَأْتِي هُنَا وَالتَّغْلِيظُ بِهِمَا مُسْتَحَبٌّ وَكَذَا بِزِيَادَةِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا كَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالَمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَعْلَمُ مِنْ السِّرِّ مَا يَعْلَمُ مِنْ الْعَلَانِيَةِ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَاَللَّهِ كَفَى. (وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي فِعْلِهِ) إثْبَاتًا كَانَ أَوْ نَفْيًا؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ حَالَ نَفْسِهِ، (وَكَذَا فِعْلِ غَيْرِهِ) أَيْ عَلَى الْبَتِّ (إنْ كَانَ إثْبَاتًا) ؛ لِأَنَّهُ يَسْهُلُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ نَفْيًا فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْسُرُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، (وَلَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِمُوَرِّثِهِ فَقَالَ أَبْرَأَنِي حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْبَرَاءَةِ) ، وَهُوَ حَلِفٌ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ (وَلَوْ قَالَ جَنَى عَبْدُكَ عَلَيَّ بِمَا يُوجِبُ، كَذَا فَالْأَصَحُّ حَلِفُهُ عَلَى الْبَتِّ) ؛ لِأَنَّ عَبْدَهُ مَالُهُ وَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّهُ   [حاشية قليوبي] وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ نَعَمْ تَكُونُ الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ بِمَحَلِّ لَوَثٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُقْسِمُ وَتَتَعَلَّقُ الدِّيَةُ بِرَقَبَتِهِ وَقَدْ يَكُونَانِ عَلَيْهِمَا مَعًا كَمَا فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ وَنِكَاحِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِمَا. [فَصْلٌ تُغَلَّظُ يَمِينُ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ مَالٌ] فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ قَوْلُهُ: (تُغَلَّظُ يَمِينُ) نَدْبًا وَإِنْ أَسْقَطَهُ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُ فَهُوَ نَاكِلٌ، قَوْلُهُ: (فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ) وَلَيْسَ بِنَجَسٍ؛ لِأَنَّهُ لَا تَغْلِيظَ فِيهِ، قَوْلُهُ: (كَدَعْوَى دَمٍ) أَيْ عَمْدٍ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ كَالْمَالِ، قَوْلُهُ: (وَعِتْقٍ) فَتُغَلَّظُ عَلَى الْعَبْدِ مُطْلَقًا وَعَلَى السَّيِّدِ إنْ بَلَغَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ نِصَابًا وَفِي طَلَاقٍ، وَكَذَا فِي خُلْعٍ إنْ بَلَغَ عِوَضُهُ نِصَابًا مُطْلَقًا وَإِلَّا فَعَلَى الْحَالِفِ مِنْهُمَا إنْ كَانَ الْمُدَّعِي الزَّوْجَةَ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي الزَّوْجَ فَلَا تَغْلِيظَ عَلَيْهِمَا، قَوْلُهُ: (وَوِصَايَةٍ) كَأَنْ يَحْلِفَ عَلَى إثْبَاتِ كَوْنِهِ وَصِيًّا عَلَى مَنْ أَنْكَرَهَا، قَوْلُهُ: (وَوَكَالَةٍ) عَلَى مَنْ أَنْكَرَهَا وَلَوْ فِي دِرْهَمٍ، قَوْلُهُ: (عِشْرِينَ مِثْقَالًا إلَخْ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ أَنْ يُرَادَ بِالنِّصَابِ مِنْ الْحَيَوَانِ أَوْ النَّبَاتِ؛ لِأَنَّهَا وَغَيْرَهَا تُعْتَبَرُ بِمَا يُسَاوِي نِصَابِ النَّقْدِ الْمَذْكُورِ، وَيُعْتَبَرُ النِّصَابُ بِدَعْوَى الْخَصْمَيْنِ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: عِشْرُونَ مِثْقَالًا وَالْآخَرُ تِسْعَةَ عَشَرَ مِثْقَالًا مَثَلًا فَلَا تَغْلِيظَ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى النِّصَابِ. تَنْبِيهٌ: دَعْوَى حَقِّ الْمَالِ كَأَجَلٍ وَخِيَارٍ تَابِعَةٌ لِلْمَالِ الَّذِي هُوَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ التَّغْلِيظُ، وَكَذَا فِي النَّجَسِ إذَا رَأَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ) أَيْ لَا بِجَمْعٍ وَتَكْرِيرِ أَلْفَاظٍ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ عَصْرِ جُمُعَةٍ) أَيْ فِي الْمُسْلِمِ وَفِي الْكَافِرِ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (كَعِنْدَ مِنْبَرِ الْجَامِعِ) أَيْ فِي الْمُسْلِمِ وَلَوْ أُنْثَى وَإِنْ كَانَتْ مُخَدَّرَةً، وَإِنْ لَمْ تَحْضُرْ مَجْلِسَ الْحُكْمِ لِلدَّعْوَى كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مَعَهُمَا) أَيْ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ إلَخْ) أَيْ فِي الْمُسْلِمِ أَمَّا الْيَهُودِيُّ فَبِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَنَجَّاهُ مِنْ الْغَرَقِ وَالنَّصْرَانِيُّ فَبِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى وَالْمَجُوسِيُّ وَالْوَثَنِيُّ، فَبِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَيَحْرُمُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَذْرٍ وَيَجِبُ عَزْلُهُ. قَالَ شَيْخُنَا وَمَحَلُّهُ فِي قَاضٍ لَا يَرَى مُقَلَّدُهُ ذَلِكَ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الْقَاضِي التَّحْلِيفُ بِمَا ذُكِرَ نَعَمْ الْمُحَكَّمُ كَالْقَاضِي. قَوْلُهُ: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وَوُجِدَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ زِيَادَةُ الطَّالِبِ الْغَالِبِ الْمُدْرِكِ الْمُهْلِكِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّأْيِ الضَّعِيفِ الْمَرْجُوحِ مِنْ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ لَيْسَتْ تَوْقِيفِيَّةً. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيُنْدَبُ وَضْعُ الْمُصْحَفِ فِي حِجْرِ الْحَالِفِ بِهِ، وَأَنْ يُقْرَأَ عَلَيْهِ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 77] الْآيَةَ، وَأَنْ يَعِظَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُنْدَبُ تَحْلِيفُهُ قَائِمًا. قَوْلُهُ: (فِي فِعْلِهِ) الْمُرَادُ بِهِ مَا لَيْسَ فِعْلَ غَيْرِهِ فَيَشْمَلُ نَحْوَ تَعْلِيقِ نَحْوَ طَلَاقٍ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَظُهُورِ عَيْبِ مَبِيعٍ وَمَا وَقَعَ مِنْهُ   [حاشية عميرة] التَّفْرِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ فَيَكُونُ مَنْشَأُ ذِكْرِهِ هُنَا سَقَمُ النُّسْخَةِ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا، فَجَعَلَ التَّفْرِيعَ عَلَى الضَّعِيفِ بِسَبَبِ ذَلِكَ تَفْرِيعًا عَلَى الصَّحِيحِ. فَصْلٌ تُغَلَّظُ الْيَمِينُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (تُغَلَّظُ يَمِينُ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَوْضُوعَةٌ لِلزَّجْرِ فَشُرِعَ التَّغْلِيظُ مُبَالَغَةً اخْتَصَّ بِمَا هُوَ مُتَأَكِّدٌ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ، قَوْلُهُ: (عِشْرِينَ مِثْقَالًا إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَيَّ نِصَابٍ حَتَّى مِنْ الْإِبِلِ مَثَلًا، قَوْلُهُ: (مُسْتَحَبٌّ) بِخِلَافِ الْجَمْعِ لَا يَأْتِي هُنَا، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَعْسُرُ) أَيْ وَبِدَلِيلِ مَا رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّ حَضْرَمِيًّا ادَّعَى عَلَى كِنْدِيٍّ أَرْضًا بِأَنَّ أَبَاهُ اغْتَصَبَهَا مِنْهُ، فَأَنْكَرَ الْكِنْدِيُّ فَقَالَ لَهُ الْحَضْرَمِيُّ: تَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَنَّك مَا تَعْلَمُ أَنَّ أَبَاك اغْتَصَبَهَا فَتَهَيَّأَ الْكِنْدِيُّ لِلْيَمِينِ وَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ» . فَرْعٌ: لَوْ حَلَفَ فِي هَذَا عَلَى الْبَتِّ اعْتَدَّ بِهِ وَيُحْمَلُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الْإِحَاطَةَ بِهِ غَيْرُ مُمْكِنَةٍ، كَمَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ أَشْهَدُ أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ فَإِنَّ هَذَا النَّفْيَ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ كَانَ نَفْيًا مَحْصُورٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْبَتِّ كَمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ وَيَمْتَنِعُ بِالنَّفْيِ الْمُطْلَقِ، وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إنَّمَا تَتَوَجَّهُ إذَا تَعَرَّضَ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ الْمُدَّعَى بِهِ بَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي إلَّا بِذِكْرِ ذَلِكَ بَقِيَ شَيْءٌ لَوْ عَلَّقَ بِأَمْرٍ طَائِرٍ مَثَلًا، وَطَلَبَ يَمِينَهُ فَهِيَ عَلَى الْبَتِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِعْلُهُ، وَلَا فِعْلُ غَيْرِهِ بَلْ هُوَ لِتَحَقُّقِ شَيْءٍ فَيَحْلِفُ إنَّ هَذَا الطَّائِرَ غُرَابٌ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْبَتِّ لَا عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَبْرَأَنِي) أَيْ وَأَنْتَ تَعْلَمُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 341 فِعْلُ غَيْرِهِ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَلَوْ قَالَ جَنَتْ بَهِيمَتُك حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ جِنَايَتِهَا بِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا لَا بِفِعْلِهَا (وَيَجُوزُ الْبَتُّ) فِي الْحَلِفِ (بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ يَعْتَمِدُ خَطَّهُ أَوْ خَطَّ أَبِيهِ) وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ جَوَازُ الْحَلِفِ اعْتِمَادًا عَلَى خَطِّ مُوَرِّثِهِ إذَا وَثِقَ بِخَطِّهِ وَأَمَانَتِهِ وَنَقْلُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ الشَّامِلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ اعْتِمَادًا عَلَى خَطِّهِ حَتَّى يَتَذَكَّرَ. . (وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ) لِلْخَصْمِ (فَلَوْ وَرَّى أَوْ تَأَوَّلَ خِلَافَهَا أَوْ اسْتَثْنَى بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ الْقَاضِي لَمْ يَدْفَعْ) ذَلِكَ (إثْمَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ) وَفِي ذَلِكَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ» حُمِلَ عَلَى الْقَاضِي. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إذَا حَلَفَ الْإِنْسَانُ ابْتِدَاءً أَوْ حَلَّفَهُ غَيْرُ الْقَاضِي مِنْ قَاهِرٍ أَوْ خَصْمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالِاعْتِبَارُ بِنِيَّةِ الْحَالِفِ وَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ (وَمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ) فِي دَعْوَى فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بَدَلُ يَمِينِ دَعْوَى، (لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ فَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ) لِحَدِيثِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» ، (وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ عَلَى تَرْكِهِ الظُّلْمَ فِي حُكْمِهِ وَلَا شَاهِدٌ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ) فِي شَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّ مَنْصِبَهُمَا يَأْبَى ذَلِكَ. (وَلَوْ قَالَ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَنَا صَبِيٌّ) وَهُوَ مُحْتَلِمٌ (لَمْ يَحْلِفْ وَوَقَفَ) الْأَمْرُ (حَتَّى يَبْلُغَ) فَيُدَّعَى عَلَيْهِ (وَالْيَمِينُ تُفِيدُ قَطْعَ الْخُصُومَةِ فِي الْحَالِ لَا بَرَاءَةً فَلَوْ حَلَّفَهُ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً) بِمُدَّعَاهُ (حُكِمَ بِهَا) .   [حاشية قليوبي] حَالَةَ جُنُونِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَعْلَمُ حَالَ نَفْسِهِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ نَفْيًا) أَيْ مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَ نَفْيًا مُقَيَّدًا حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْعِلْمَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُدَّعِي عِلْمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَقَالَ شَيْخُنَا يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ وَنُوزِعَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (جَنَى عَبْدُك) أَيْ الْمُمَيِّزُ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْبَهِيمَةِ فَفِيهِ الْقَطْعُ كَمَا يَأْتِي وَالْإِضَافَةُ فِيهِ لِلْمُلَابَسَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَوْ مُعَارًا أَوْ مَغْصُوبًا وَكَذَا الْبَهِيمَةُ الْآتِيَةُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَى مَنْ صَحِبَهُمَا. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ الْبَتُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (جَوَازُ) فَاعِلُ تَقَدَّمَ، وَنَقْلُ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَيْهِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إطْلَاقَ مَا هُنَا وَضَعَّفَ مَا فِي الشَّامِلِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَا لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ الدَّعْوَى بِهِ وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ. . قَوْلُهُ: (نِيَّةُ الْقَاضِي) وَمِثْلُهُ كُلُّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّحْلِيفِ، قَوْلُهُ: (الْمُسْتَحْلِفِ) أَيْ الطَّالِبِ لِلْحَلِفِ فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِ وَطَلَبِ الْخَصْمِ وَمُوَالَاةِ الْيَمِينِ، وَكَوْنِهَا مِمَّا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ التَّحْلِيفُ. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ الْقَاضِي) فَإِنْ سَمِعَهُ عَزَّرَهُ وَأَعَادَ الْيَمِينَ عَلَيْهِ وُجُوبًا فَإِنْ وَصَلَهَا بِكَلَامٍ لَمْ يَفْهَمْهُ الْقَاضِي نَهَاهُ عَنْهُ وَأَعَادَهَا أَيْضًا، فَإِنْ قَالَ كُنْت أَذْكُرُ اللَّهَ قَالَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ الذِّكْرِ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَالْمُرَادُ بِسَمَاعِهِ عِلْمُهُ بِذَلِكَ وَلَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ أَوْ الْخَصْمِ إنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي ذَلِكَ) عَائِدٌ لِلْمَذْكُورِ مِنْ التَّوْرِيَةِ وَمَا مَعَهَا. قَوْلُهُ: (الْفَاجِرَةُ) فِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَالِفُ مُحِقًّا فِي الْوَاقِعِ نَفَعَتْهُ التَّوْرِيَةُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ غَيْرُ فَاجِرَةٍ، كَمَا لَوْ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ بِنَحْوِ ظَفَرٍ فَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَطَلَبَ تَحْلِيفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَحَلَفَ وَنَوَى بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ لَمْ يَكُنْ آثِمًا وَلَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ فَاجِرَةً كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ حَلَّفَهُ غَيْرُ الْقَاضِي) أَوْ الْقَاضِي بِنَحْوِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ خَصْمٍ) خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. قَوْلُهُ: (وَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ) وَإِنْ حَرُمَتْ حَيْثُ يَبْطُلُ بِهَا حَقُّ مُسْتَحِقٍّ فَنَفْعُهَا مِنْ حَيْثُ عَدَمُ انْعِقَادِ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (فِي دَعْوَى) قَيَّدَ بِهِ لِيُوَافِقَ أَصْلَهُ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْوَجْهُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ طَلَبُ الْقَاذِفِ يَمِينَ الْمَقْذُوفِ أَوْ وَارِثِهِ عَلَى أَنَّهُ مَا زَنَى. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ ادَّعَتْ زَوْجَةٌ وُقُوعَ الْفُرْقَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِهَا، وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِفِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهَا فَزَعَمَتْهُ وَأَنْكَرَ فَطَلَبَتْ يَمِينَهُ لَمْ يَحْلِفْ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا مُشْكِلٌ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (لَوْ أَقَرَّ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ نَائِبُ الْمَالِكِ كَوَكِيلٍ وَوَصِيٍّ وَقَيِّمٍ فَلَا يَحْلِفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. قَوْلُهُ: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» ) قَالُوا وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ جَانِبَ الْمُدَّعِي ضَعِيفٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْأَصْلِ فَكُلِّفَ الْحُجَّةَ الْقَوِيَّةَ وَجَانِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَوِيٌّ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ فَاكْتَفَى مِنْهُ بِالْحُجَّةِ الضَّعِيفَةِ. قَوْلُهُ: «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» ) هُوَ بَيَانٌ لِمَنْ أَنْكَرَ فِي الرِّوَايَةِ قَبْلَهُ. تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ مَسَائِلُ تُطْلَبُ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ. فَائِدَةٌ: لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا أَخْذُ مَالٍ عَلَى تَرْكِ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ) أَيْ قَبْلَ عَزْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَنَا صَبِيٌّ) أَوْ سَفِيهٌ مَحْجُورٌ قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْلِفْ) نَعَمْ لَوْ كَانَ كَافِرًا مُسَبِّبًا أَثْبَتَ وَادَّعَى تَعْجِيلَهُ حَلَفَ لِسُقُوطِ الْقَتْلِ عَنْهُ، وَالْحُكْمُ بِرِقِّهِ لِوُجُودِ عَلَامَةِ الْبُلُوغِ مَعَ   [حاشية عميرة] ذَلِكَ إذْ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ) . قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ قُلْنَا يَتَعَلَّقُ الْأَرْشُ بِالرَّقَبَةِ فَعَلَى الْبَتِّ أَوْ بِهَا بِالذِّمَّةِ مَعًا فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ لِلْعَبْدِ ذِمَّةً وَتَكُونُ الرَّقَبَةُ كَالْمُرْتَهِنَةِ بِمَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَطْعًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهَا قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا يُجْعَلُ الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ الْمَذْكُورُ هُنَا فِي الْمِنْهَاجِ إلَّا بِالتَّذْكِيرِ،. [نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ لِلْخَصْمِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ رَوَى أَوْ تَأَوَّلَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّوْرِيَةُ قَصْدُ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ وَالتَّأْوِيلُ اعْتِقَادُ خِلَافِهِ لِشُبْهَةٍ عِنْدَهُ كَالْحَنَفِيِّ فِي شُفْعَةِ الْجِوَارِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ) أَيْ أَمَّا لَوْ سَمِعَهُ فَلَا يُعْتَدُّ بِالْيَمِينِ وَتُعَادُ، قَوْلُهُ: (فِي دَعْوَى) هَذَا تَصْحِيحٌ لِلْعِبَارَةِ لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ الْآتِيَ، فَأَنْكَرَ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِمَعْنَى صَمَّمَ عَلَى الْإِنْكَارِ. نَعَمْ قِيلَ: عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ تَشْمَلُ مَا لَوْ طَلَبَ الْقَاذِفُ يَمِينَ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ مَا زَنَى أَقُولُ: هَذِهِ دَعْوًى فَهِيَ يَمِينٌ فِي دَعْوًى ثُمَّ هَذَا الضَّابِطُ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ) هَذَا خَارِجٌ عَنْ الضَّابِطِ إنْ أُرِيدَ تَوَجُّهُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا هُنَا غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ وَإِنْ مَشَيْنَا عَلَى ظَاهِرِ الْمِنْهَاجِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْيَمِينِ فَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الضَّابِطِ،. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنَا صَبِيٌّ) لَوْ قَسَمَ الْمَالَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ فَظَهَرَ شَخْصٌ وَقَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 342 لِمَا ذُكِرَ (وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) الَّذِي طَلَبَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ (قَدْ حَلَّفَنِي مَرَّةً) عَلَى مَا ادَّعَاهُ عِنْدَ قَاضٍ (فَلْيَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْنِي) عَلَيْهِ، (مُكِّنَ) مِنْ ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ حَلَّفَهُ عَلَى أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ، وَهَكَذَا فَيَدُورُ الْأَمْرُ وَلَا يَنْفَصِلُ. وَأُجِيبَ بِعَدَمِ سَمَاعِ ذَلِكَ مِنْ الْمُدَّعِي لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ. (وَإِذَا نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْحَلِفِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ (حَلَفَ الْمُدَّعِي) لِتَحَوُّلِ الْحَلِفِ إلَيْهِ (وَقُضِيَ لَهُ وَلَا يُقْضَى) لَهُ (بِنُكُولِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ (وَالنُّكُولُ أَنْ يَقُولَ: أَنَا نَاكِلٌ أَوْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي احْلِفْ فَيَقُولُ لَا أَحْلِفُ) فَقَوْلُهُ هَذَا نُكُولٌ (فَإِنْ سَكَتَ حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ) ، إذَا لَمْ يَظْهَرْ كَوْنُ سُكُوتِهِ لِدَهْشَةٍ وَغَبَاوَةٍ وَنَحْوِهِمَا (وَقَوْلُهُ) أَيْ الْقَاضِي (لِلْمُدَّعِي احْلِفْ حَكَمَ بِنُكُولِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي سُكُوتِهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ بِهِ. (وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ) وَهِيَ يَمِينُ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَرُدُّهَا هُوَ أَوْ الْقَاضِي (فِي قَوْلٍ كَبَيِّنَةٍ وَفِي الْأَظْهَرِ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَهَا بَيِّنَةً بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ لَمْ تُسْمَعْ) عَلَى الثَّانِي لِتَكْذِيبِهِ لَهَا بِإِقْرَارِهِ وَتُسْمَعُ عَلَى الْأَوَّلِ (فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَتَعَلَّلْ بِشَيْءٍ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ)   [حاشية قليوبي] حَقْنِ الدَّمِ فَإِنْ أَنْكَرَ قُتِلَ. قَوْلُهُ: (لَا بَرَاءَةَ) أَيْ فِي غَيْرِ نَحْوِ الْوَدِيعَةِ إذَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْمُودَعِ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (أَقَامَ بَيِّنَةً) وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا. قَوْلُهُ: (حَكَمَ بِهَا) وَلَا يُعَزَّرُ الْحَالِفُ خِلَافًا لِمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْقُضَاةِ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ. قَوْلُهُ: (لِمَا ذُكِرَ) وَهُوَ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ الشَّاهِدُ لَهُ حَدِيثُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ رَجُلًا بَعْدَ مَا حَلَفَ بِالْخُرُوجِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ كَأَنَّهُ عَرَفَ كَذِبَهُ» . قَوْلُهُ: (عِنْدَ قَاضٍ) أَوْ أَطْلَقَ، وَسَوَاءٌ عَيَّنَ الْقَاضِيَ أَوْ أَطْلَقَهُ فَإِنْ قَالَ لِلْقَاضِي الْمُدَّعِي بَيْنَ يَدَيْهِ حَلَّفَنِي عِنْدَك، فَإِنْ تَذَكَّرَ لَمْ يُحَلِّفْهُ وَإِلَّا حَلَّفَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ أَنَّهُ حَلَّفَهُ حَيْثُ لَمْ يَتَذَكَّرْ. قَوْلُهُ: (مُكِّنَ مِنْ ذَلِكَ) فَإِذَا حَلَفَ طَالَبَهُ بِالْحَلِفِ وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ طَالَبَهُ بِالْمَالِ سَبْقُ قَلَمٍ، فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ حَلَّفَهُ فَكَمَا لَوْ حَلَفَ وَيُمْهَلُ لِإِقَامَتِهَا ثَلَاثَةً بِطَلَبِهِ، وَإِذَا لَمْ يُقِمْهَا وَعَادَ إلَى الْحَلِفِ مُكِّنَ مِنْهُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينُ الرَّدِّ وَانْدَفَعَتْ الْخُصُومَةُ وَالدَّعْوَى وَلَا تَسْقُطُ يَمِينُ الْأَصْلِ إلَّا بِدَعْوَى أُخْرَى؛ لِأَنَّهُمَا الْآنَ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (إذَا نَكَلَ) هَذَا شُرُوعٌ فِي النُّكُولِ وَلِذَلِكَ عَبَّرَ عَنْهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِفَصْلٍ مِنْ زِيَادَتِهِ. قَوْلُهُ: (حَلَفَ الْمُدَّعِي) أَيْ بَعْدَ طَلَبِ الْيَمِينِ مِنْهُ وَهَذَا فِي الْحُكْمِ لِلْمُعَيَّنِ، وَسَيَأْتِي مُقَابِلُهُ كَالْفُقَرَاءِ وَإِذَا حَلَفَ ثَبَتَ حَقُّهُ وَإِنْ لَمْ يَقْضِ لَهُ الْقَاضِي بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ قَضَى ثَبَتَ قَطْعًا وَهَذِهِ الْمَذْكُورَةُ فِي كَلَامِهِ بِقَوْلِهِ وَقَضَى لَهُ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْضَى لَهُ بِنُكُولِهِ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. قَوْلُهُ: (وَالنُّكُولُ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِقَوْلِهِ نَكَلَ الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَقُولُ) أَيْ بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ، وَيُنْدَبُ تَكْرِيرُ الْعَرْضِ عَلَيْهِ ثَلَاثًا. قَوْلُهُ: (احْلِفْ) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: أَتَحْلِفُ بِالِاسْتِفْهَامِ فَقَوْلُهُ بَعْدَهُ لَا أَحْلِفُ لَيْسَ نُكُولًا. قَوْلُهُ: (فَقَوْلُهُ هَذَا نُكُولٌ) فِيهِ إيمَاءٌ إلَى الِاعْتِرَاضِ عَلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَمِنْ النُّكُولِ عُدُولُهُ عَمَّا ذَكَرَهُ لَهُ الْقَاضِي مِنْ الْأَسْمَاءِ، كَقَوْلِهِ قُلْ وَاَللَّهِ فَقَالَ: وَالرَّحْمَنِ أَوْ عَكْسِهِ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ بِالرَّحْمَنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ، وَكَذَا امْتِنَاعُهُ مِنْ التَّغْلِيظِ بِاللَّفْظِ أَوْ الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ نُكُولٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ امْتَنَعَ عَنْ الصِّلَةِ، كَقَوْلِهِ قُلْ وَاَللَّهِ فَقَالَ بِاَللَّهِ أَوْ تَاللَّهِ أَوْ عَكْسِهِ فَلَيْسَ نُكُولًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ) فَيَقُولُ: حَكَمْت بِنُكُولِك أَوْ بِأَنَّك نَاكِلٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَلَا يَكُونُ بِسُكُوتِهِ نَاكِلًا قَبْلَ الْحُكْمِ بِهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَهُ، قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَظْهَرْ إلَخْ) لَيْسَ قَيْدُ الصِّحَّةِ الْحُكْمَ بِنُكُولِهِ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ ذَلِكَ لِتَقْصِيرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَالِبًا بِعَدَمِ تَعَلُّمِهِ مَثَلًا، وَإِنَّمَا هُوَ قَيْدٌ لِعَدَمِ وُجُوبِ التَّنْبِيهِ عَلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ إذَا ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ وَجَبَ تَنْبِيهُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْجَاهِلِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى النُّكُولِ وَحُكْمُهُ، أَنْ يَقُولَ لَهُ: إنْ نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ مِنْك الْحَقَّ وَإِذَا حَكَمَ بِلَا قَوْلٍ نَفَذَ حُكْمُهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ بِهِ) ، وَكَذَا إقْبَالُ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعِي لِيُحَلِّفَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ احْلِفْ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ بِنُكُولِهِ أَيْضًا، وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى الْيَمِينِ قَبْلَ نُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَعُودَ إلَى طَلَبِ الْيَمِينِ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَإِذَا طَلَبَهَا مِنْهُ وَامْتَنَعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْعَوْدُ إلَى يَمِينِ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّهُ بِرِضَاهُ لِخَصْمِهِ، وَلَوْ طَلَبَ بَعْدَ إقَامَةِ شَاهِدٍ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يَنْفَعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا الْبَيِّنَةُ لِتَقْصِيرِهِ، وَلَوْ هَرَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِنُكُولِهِ امْتَنَعَ الْحَالِفُ عَلَى الْمُدَّعِي. قَوْلُهُ: (وَفِي الْأَظْهَرِ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَجِبُ بِفَرَاغِهَا الْحَقُّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ تُسْمَعْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ فِي الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ) وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِنُكُولِ خَصْمِهِ قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ) وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ أَيْضًا وَلَا يَنْفَعُهُ إلَّا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَعَلَّلَ) الْأَوْلَى أَبْدَى عُذْرًا؛ لِأَنَّ التَّعَلُّلَ اللَّهْوُ وَالِاشْتِغَالُ. قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] لِبَعْضِهِمْ: أَنْت تَعْلَمُ ثُبُوتَ دَيْنِي لَمْ يَحْلِفْ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً) أَيْ وَلَوْ شَاهِدًا مَعَ يَمِينٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (حُكْمُ الْقَاضِي) أَيْ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ فِي حَالَةِ السُّكُوتِ كَأَنْ يَقُولَ: جَعَلْتُك نَاكِلًا أَوْ يَقُولُ لِلْمُدَّعِي: احْلِفْ بِخِلَافِ التَّصْرِيحِ بِالنُّكُولِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْيَمِينَ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْحُكْمِ وَحَيْثُ حَكَمَ بِالنُّكُولِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ الْعَوْدَ إلَى الْيَمِينِ إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي فَلَوْ رَضِيَ فَلَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَعُودَ إلَى الْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّهُ بِرِضَاهُ بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَبَيِّنَةٍ) أَيْ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْمُدَّعِي فَتُجْعَلُ يَمِينُهُ بِمَنْزِلَةِ بَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا، وَالثَّانِي غَلَّبَ جَانِبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَنْزِيلًا لِنُكُولِهِ مَنْزِلَةَ إقْرَارِهِ قَوْلُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 343 وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ (وَإِنْ تَعَلَّلَ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ أَوْ مُرَاجَعَةِ حِسَابٍ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقِيلَ أَبَدًا) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقُّهُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ إلَى أَنْ يَشَاءَ كَالْبَيِّنَةِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ لَا تُسَاعِدُهُ وَلَا تَحْضُرُ وَالْيَمِينُ إلَيْهِ. (وَإِنْ اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَ اُسْتُحْلِفَ لِيَنْظُرَ حِسَابَهُ لَمْ يُمْهَلْ) إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ بِطَلَبِ الْإِقْرَارِ أَوْ الْيَمِينِ بِخِلَافِ الْمُدَّعِي (وَقِيلَ) يُمْهَلُ (ثَلَاثَةً) كَالْمُدَّعِي (وَلَوْ اسْتَمْهَلَ فِي ابْتِدَاءِ الْجَوَابِ) لِيَنْظُرَ فِي الْحِسَابِ (أُمْهِلَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إنْ شَاءَ أَيْ الْمُدَّعَى. (وَمَنْ طُولِبَ بِزَكَاةٍ فَادَّعَى دَفْعَهَا إلَى سَاعٍ آخَرَ أَوْ غَلِطَ خَارِصٌ وَأَلْزَمْنَاهُ الْيَمِينَ) . عَلَى وَجْهٍ (فَنَكَلَ وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْيَمِينِ) بِأَنْ لَمْ يَنْحَصِرْ الْمُسْتَحِقُّونَ فِي الْبَلَدِ وَلَا رَدَّ عَلَى السُّلْطَانِ وَالسَّاعِي (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ، وَالثَّانِي لَا إذْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ وَإِنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحَقُّونَ فِي الْبَلَدِ وَمَنَعْنَا نَقْلَ الزَّكَاةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِمْ وَيَتَعَذَّرُ الرَّدُّ عَلَى السُّلْطَانِ وَالسَّاعِي، وَإِنْ قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِ الْيَمِينِ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُتَقَدِّمُ فِي بَابِ زَكَاةِ النَّبَاتِ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ، (وَلَوْ ادَّعَى وَلِيُّ صَبِيٍّ دَيْنًا لَهُ) عَلَى شَخْصٍ (فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ) عَنْ الْحَلِفِ (لَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ) ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْحَقِّ لِغَيْرِ الْحَالِفِ بَعِيدٌ (وَقِيلَ يَحْلِفُ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْفِي (وَقِيلَ إنْ ادَّعَى مُبَاشَرَةَ سَبَبِهِ حَلَفَ) وَإِلَّا فَلَا يَحْلِفُ. . فَصْلٌ إذَا (ادَّعَيَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ (عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ) أَنْكَرَهُمَا (وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً) بِهَا (سَقَطَتَا) فَيُصَارُ إلَى التَّحْلِيفِ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا   [حاشية قليوبي] أُمْهِلَ) وُجُوبًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) غَيْرَ يَوْمَيْ الْإِمْهَالِ وَالْعَوْدِ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ لِإِتْمَامِ السَّنَةِ أُمْهِلَ ثَلَاثَةً أَيْضًا، وَكَذَا لِلتَّعْلِيلِ. قَوْلُهُ: (لِيَنْظُرَ حِسَابَهُ) خَرَجَ اسْتِمْهَالُهُ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ فَيُمْهَلُ ثَلَاثًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ بَيِّنَةٌ بَعِيدَةٌ أُمِرَ بِدَفْعِ الْحَقِّ وَلَا يُتْرَكُ لِإِحْضَارِهَا وَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَأْتِيَ الدَّافِعَ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمُدَّعِي) هُوَ مِنْ تَصَرُّفِ الشَّارِحِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ؛ لِأَنَّ إمْهَالَ الْمُدَّعِي لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى زَمَانٍ، فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إلَى الْقَاضِي، وَالْمُرَادُ بِالْمَجْلِسِ إلَى آخِرِ النَّهَارِ. فَرْعٌ: لَوْ نَكَلَ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِنَحْوِ وَقْفٍ عَامٍّ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ مَالِ مَيِّتٍ بِلَا وَارِثٍ أَوْ عَلَى وَارِثٍ بِوَصِيَّةٍ مِنْ تَرِكَةِ مَيِّتِهِ حُبِسَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى أَنْ يُقِرَّ، أَوْ يَحْلِفُ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ بَلْ لِعَدَمِ الدَّافِعِ. قَوْلُهُ: (عَلَى وَجْهٍ) أَيْ مَرْجُوحٍ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْأَصَحُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (لَمْ يُطَالِبْ بِشَيْءٍ) وَإِنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحَقُّونَ وَأَنْكَرُوا الدَّفْعَ. فَرْعٌ: مَنْ طُولِبَ بِجِزْيَةٍ فَادَّعَى مُسْقِطًا فَإِنْ أَمْكَنَ كَأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ مُضِيِّ الْحَوْلِ، وَكَانَ غَائِبًا وَحَلَفَ لَمْ يُطَالَبْ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَوْ أَمْكَنَ وَلَمْ يَحْلِفْ أُخِذَتْ مِنْهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ بَلْ لِعَدَمِ الدَّافِعِ قَوْلُهُ: (وَلِيُّ صَبِيٍّ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْوَكِيلَ وَالْوَصِيَّ وَالْقَيِّمَ، وَكَذَا السَّاعِي كَالْوَلِيِّ وَكَالصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ) خَرَجَ بِالْحَلِفِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ فَيَغْرَمُ بِهَا فَإِنْ ادَّعَى مُسْقِطًا كَأَدَاءٍ أُخِّرَ إلَى الْكَمَالِ وَيُحَلِّفُهُ قَوْلُهُ: (حَلَفَ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا حَلَفَ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ أَمَّا إذَا أَرَادَ إثْبَاتَ تَصَرُّفِهِ فَلَهُ الْحَلِفُ قَطْعًا وَيَثْبُتُ الْمَالُ تَبَعًا. فَصْلٌ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ قَوْلُهُ: (أَيْ كُلٌّ إلَخْ) فِيهِ دَفْعُ تَوَهُّمٍ أَنَّ الْعَيْنَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَدَّعِي بِحِصَّةٍ مِنْهَا فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ: (أَنْكَرَهُمَا) فَإِنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا وَلَوْ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَمِلَ بِإِقْرَارِهِ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ تَرْجِيحُ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُ أَعْدَلُ قَوْلُهُ: (فِي   [حاشية عميرة] الْمَتْنِ: (لَمْ تُسْمَعْ) قَدْ خَالَفَ الشَّيْخَانِ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَالَا بِالسَّمَاعِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ تَقْدِيرِيٌّ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَقَطَ حَقُّهُ) أَيْ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَتَوَقَّفُ سُقُوطُ حَقِّهِ عَلَى الْيَمِينِ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِيَنْظُرَ حِسَابَهُ) خَرَجَ مَا لَوْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ زَعَمَ أَنَّهَا غَائِبَةٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا إمْهَالَ وَقَدْ تَعَرَّضَ لِنَحْوِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ إلَخْ) هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا يُحْكَمُ بِالنُّكُولِ بَلْ بِالْيَمِينِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا حُكْمَ فِيهِمَا بِالنُّكُولِ بَلْ الْحُكْمُ مُسْتَنَدٌ لِلْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالنُّكُولِ لَيْسَ فِي مَذْهَبِنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ) قَالَ فِي الْقُوتِ كَمَا لَا يَحْلِفُ السَّاعِي وَالْوَكِيلُ انْتَهَى. فَلْيُتَنَبَّهْ لِمَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ فِيمَا يُبَاشِرُ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ كَالْوَلِيِّ، وَالْبَلْوَى تَعُمُّ بِهَا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَحْلِفُ إلَى آخِرِهِ) هُوَ مَا رَجَّحَاهُ فِي الصَّدَاقِ حَيْثُ قَالَا: يَتَحَالَفُ وَلِيُّ الصَّغِيرِ مَعَ الزَّوْجَةِ فِيهِ. خَاتِمَةٌ: مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ يَمِينٌ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْبُوَيْطِيِّ جَوَازَ افْتِدَائِهَا بِالْمَالِ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْبُوَيْطِيِّ لَا مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ شُرَيْحٌ فِي رَوْضِهِ: لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ. [فَصَلِّ فِي تعارض الْبَيِّنَتَيْنِ] فَصْلٌ ادَّعَيَا عَيْنًا إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَقَطَتَا) ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَعَارِضَا الْمُوجِبِ فَأَشْبَهَا الدَّلِيلَيْنِ إذَا تَعَارَضَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ تُسْتَعْمَلَانِ) أَيْ صِيَانَةً عَنْ الْإِسْقَاطِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَقَوْلُهُ، فَفِي قَوْلٍ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ «شَخْصَيْنِ اخْتَصَمَا فِي شَيْءٍ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً فَجُعِلَ بَيْنَهُمَا» وَاسْتَدَلَّ الثَّانِي بِحَدِيثٍ رُوِيَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 344 يَمِينًا، (وَفِي قَوْلٍ تُسْتَعْمَلَانِ) فَتُنْزَعُ الْعَيْنُ مِنْهُ وَعَلَى هَذَا (فَفِي قَوْلٍ تُقْسَمُ) بَيْنَهُمَا أَيْ يَكُونُ لِكُلٍّ نِصْفُهَا (وَ) فِي (قَوْلٍ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا) فَيَأْخُذُهَا مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ (وَ) فِي (قَوْلٍ يُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَبِينَ أَوْ يَصْطَلِحَا) وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ تَرْجِيحِ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ، (وَلَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِمَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بَقِيَتْ) فِي يَدِهِمَا (كَمَا كَانَتْ) عَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ وَتُجْعَلُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَوْلِ الْقِسْمَةِ وَلَا يَجِيءُ الْوَقْفُ وَفِي الْقُرْعَةِ وَجْهَانِ، (وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِهِ) وَحْدَهُ (فَأَقَامَ غَيْرُهُ بِهَا بَيِّنَةً وَهُوَ بَيِّنَةً قُدِّمَ صَاحِبُ الْيَدِ) تَرْجِيحًا لِبَيِّنَتِهِ بِهَا (وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إلَّا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ إقَامَتِهَا (وَلَوْ أُزِيلَتْ يَدُهُ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ مُسْتَنِدًا إلَى مَا قَبْلَ إزَالَةِ يَدِهِ وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَةِ شُهُودِهِ سُمِعَتْ وَقُدِّمَتْ) ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أُزِيلَتْ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ وَقَدْ ظَهَرَتْ فَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ، (وَقِيلَ لَا) وَالْقَضَاءُ بِحَالِهِ (وَلَوْ قَالَ الْخَارِجُ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْك فَقَالَ بَلْ مِلْكِي وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِمَا قَالَاهُ، (قُدِّمَ الْخَارِجُ) لِزِيَادَةِ عِلْمِ بَيِّنَتِهِ بِالِانْتِقَالِ. (وَمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ، (إلَّا أَنْ يَذْكُرَ انْتِقَالًا) مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ وَيُسْتَصْحَبُ إلَى الِانْتِقَالِ (وَمَنْ أُخِذَ مِنْهُ مَالٌ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ لَمْ يُشْتَرَطْ ذِكْرُ الِانْتِقَالِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ بَيِّنَةٌ بِمِلْكِهِ فَتُرَجَّحُ بِالْيَدِ السَّابِقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَالْإِقْرَارِ، (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ زِيَادَةَ عَدَدِ شُهُودِ أَحَدِهِمَا لَا تُرَجِّحُ) لِكَمَالِ الْحُجَّةِ فِي الطَّرَفَيْنِ وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ تُرَجَّحُ؛ لِأَنَّ الْقَلْبَ إلَى الزَّائِدِ أَمْيَلُ (وَكَذَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا رَجُلَانِ وَلِلْآخِرِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) لَا يُرَجَّحُ الرَّجُلَانِ وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ يُرَجَّحَانِ لِزِيَادَةِ الْوُثُوقِ بِقَوْلِهِمَا، وَتَرْجِيحُ طَرِيقِ الْقَطْعِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (فَإِنْ كَانَ لِلْآخَرِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ رُجِّحَ الشَّاهِدَانِ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُمَا حُجَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ خِلَافٌ، وَالثَّانِي يَتَعَادَلَانِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حُجَّةٌ كَافِيَةٌ فِي الْمَالِ (وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِأَحَدِهِمَا ذَلِكَ مِنْ سَنَةٍ)   [حاشية قليوبي] يَدِهِمَا) أَوْ لَا فِي يَدِ أَحَدٍ. قَوْلُهُ: (بَقِيَتْ فِي يَدِهِمَا) إنْ لَمْ يَكُنْ مُرَجِّحٌ لِأَحَدِهِمَا وَمِنْهُ الْيَدُ الْآتِيَةُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مُقِيمَ الْبَيِّنَةِ أَوَّلًا فِي الَّذِي بِيَدِهِمَا يَحْتَاجُ إلَى إقَامَتِهَا ثَانِيًا لِلنِّصْفِ الَّذِي بِيَدِهِ لِتَقَعَ بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ، وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمَا فِي يَدِ الْآخَرِ حُكِمَ لَهُ بِهِ وَبَقِيَتْ فِي يَدِهِمَا.، وَكَذَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ سَوَاءٌ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ نَكَلَا. قَوْلُهُ: (بِيَدِهِ وَحْدَهُ) أَيْ لَا عَنْ الْتِقَاطٍ وَإِلَّا فَهِيَ كَالْعَدَمِ. قَوْلُهُ: (تَرْجِيحًا لِبَيِّنَتِهِ بِهَا) أَيْ بِالْيَدِ وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ شَاهِدًا وَيَمِينًا. وَالْأُخْرَى شَاهِدَيْنِ وَمِنْ الْمُرَجَّحِ مَا لَوْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِغَصْبٍ، وَالْأُخْرَى بِشِرَاءٍ فَتُقَدَّمُ هَذِهِ لِصِحَّةِ نَقْلِهَا. وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ بِأَنَّ الدَّاخِلَ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ قُدِّمَتْ مَا لَمْ تَشْهَدْ الْأُخْرَى بِانْتِقَالِهِ مِنْ الْمُقِرِّ وَإِلَّا فَتُقَدَّمُ وَتُقَدَّمُ مَنْ قَالَتْ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ مِلْكُهُ عَلَى مَنْ قَالَتْ وَهُوَ فِي يَدِهِ، وَتُقَدَّمُ مَنْ قَالَتْ وَهُوَ فِي يَدِهِ عَلَى مَنْ قَالَتْ وَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ وَلَيْسَ مِنْ الْمُرَجِّحِ بَيِّنَةُ وَقْفٍ وَلَا بَيِّنَةٌ مَعَ حُكْمٍ. فَلَوْ أَقَامَتْ بِنْتُ مَنْ وَقَفَ وَقْفًا وَلَوْ مَعَ حُكْمٍ بِهِ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهَا بَاعَهُ لَهَا أَوْ مَلَكَهُ قَبْلَ وَقْفِهِ سُمِعَتْ وَبَطَلَ الْوَقْفُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَتَرَجَّحَ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ أَوْ الْمُطْلَقِ لِحَمْلِهِ عَلَيْهَا عَلَى الْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ قَوْلُهُ: (بَعْدَ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي) وَلَوْ قَبْلَ تَعْدِيلِهَا نَعَمْ إنْ كَانَ فِي إقَامَةِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ أَوَّلًا دَفْعُ ضَرَرٍ كَدَفْعِ تُهْمَةِ سَرِقَةٍ سُمِعَتْ وَلَا يُحْتَاجُ لِإِعَادَتِهَا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَوْلُهُ: (مُسْتَنِدًا إلَخْ) لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ فِي الدَّعْوَى وَفِي الشَّهَادَةِ وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ. قَوْلُهُ: (وَاعْتَذَرَ إلَخْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ إلَّا إنْ ظَهَرَ مَا يُخَالِفُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَهُ الْوَلْوِيُّ الْعِرَاقِيُّ الْمَشْهُورُ بِالْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ. قَوْلُهُ: (بِمَا قَالَاهُ) خَرَجَ مَا لَوْ شَهِدَتْ كُلُّ بَيِّنَةٍ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ صَاحِبِهِ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَذْكُرَ انْتِقَالًا) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ سَبَبِ الِانْتِقَالِ فِي هَذَا، وَفِي نَظَائِرِهِ كَإِقْرَارٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهَا وَالْآخَرُ بَيِّنَةً بِأَنَّهَا مِلْكُهُ قُدِّمَتْ الْأُولَى لِذِكْرِ السَّبَبِ. قَوْلُهُ: (مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ) وَلَوْ حُكْمِيًّا كَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ قَوْلُهُ: (لَمْ يُشْتَرَطْ ذِكْرُ الِانْتِقَالِ) . قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ السَّبَبِ هُنَا مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ بِأَنَّ ذَاكَ فِي دَعْوَى وَاحِدَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ وَهَبْته لَهُ وَمَلَكَهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِلُزُومِ الْهِبَةِ لِجَوَازِ اعْتِقَادِهِ لُزُومَهَا بِالْعَقْدِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ اخْتَلَفَ زَوْجَانِ أَوْ وَارِثَاهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا. وَوَارِثِ الْآخَرِ فِي أَمْتِعَةِ دَارٍ وَإِنْ صَلَحَتْ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ وَلَا بَيِّنَةَ وَلَا اخْتِصَاصَ بِيَدٍ فَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ فَإِنْ حَلَفَا جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا قَضَى لَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَوْلُهُ: (رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِيمَا يُقْبَلْنَ فِيهِ قَوْلُهُ: (شَاهِدٌ وَيَمِينٌ) أَيْ وَلَيْسَ مَعَهُ يَدٌ وَالْأَرْجَحُ قَوْلُهُ: (رَجَحَ الشَّاهِدَانِ) وَكَذَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ وَكَذَا الْأَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِيمَا يُقْبَلْنَ فِيهِ قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] بِمَعْنَاهُ وَالثَّالِثُ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ وَنَسِيَ أَسْبَقُهُمَا، قَوْلُهُ: (فَيَأْخُذُهَا مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ) أَيْ مَعَ الْيَمِينِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ بِدَعْوَاهُ مَعَ الْقُرْعَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْيَمِينِ فَلَا، وَحَكَى الْأَوَّلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّصِّ وَعَامَّةِ الْأَصْحَابِ، قَوْلُهُ: (عَنْ تَرْجِيحٍ وَاحِدٍ إلَخْ) وَرَجَّحَ الرَّافِعِيُّ الثَّالِثَ فِي التَّحَالُفِ وَلَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي نَسَبٍ سَقَطَتْ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ، وَلَيْسَ هُنَاكَ إلَّا الْقِيَافَةُ،. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ أَخَذَ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ فُرُوعِ قَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَوْ أُزِيلَتْ يَدُهُ بِبَيِّنَةٍ وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا إلَى هُنَا لِيُبَيِّنَ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا اُسْتُحِقَّ بِالْإِقْرَارِ وَمَا أُزِيلَ بِالْبَيِّنَةِ، لَكِنْ قَدْ سَلَفَ أَنَّ بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ تَحْتَاجُ أَنْ تُضِيفَ إلَى مَا قَبْلَ الْإِزَالَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْقَلْبَ إلَخْ) وَكَنَظِيرِهِ مِنْ الرِّوَايَةِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ نَصٌّ فَيُتَّبَعُ، قَوْلُهُ: (تَرْجِيحُ إلَى آخِرِهِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ إنَّ الَّذِي رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 345 إلَى الْآنَ (وَ) بَيِّنَةٌ (لِلْآخَرِ) بِمِلْكٍ (مِنْ أَكْثَرَ) مِنْ سَنَةٍ إلَى الْآنَ كَسَنَتَيْنِ وَالْعَيْنُ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا، (فَالْأَظْهَرُ تَرْجِيحُ الْأَكْثَرِ) ؛ لِأَنَّ الْأُخْرَى لَا تُعَارِضُهَا فِيهِ، وَالثَّانِي لَا تَرْجِيحَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَنَاطَ الشَّهَادَةِ الْمِلْكُ فِي الْحَالِ وَقَدْ اسْتَوَيَا فِيهِ، (وَلِصَاحِبِهَا) أَيْ بَيِّنَةِ الْأَكْثَرِ عَلَى تَرْجِيحِهَا، (الْأُجْرَةُ وَالزِّيَادَةُ الْحَادِثَةُ مِنْ يَوْمِئِذٍ) أَيْ يَوْمِ مِلْكِهِ بِالشَّهَادَةِ وَعَلَى الثَّانِي فِيهِمَا، كَالْأَصْلِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ أَيْ مِنْ الْقِسْمَةِ وَالْإِقْرَاعِ وَالْوَقْفِ حَتَّى يُبَيِّنَ الْأَمْرَ أَوْ يَصْطَلِحَا. (وَلَوْ أُطْلِقَتْ بَيِّنَةٌ وَأُرِّخَتْ بَيِّنَةٌ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ) وَقِيلَ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تُقَدَّمُ الْمُؤَرَّخَةُ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْمِلْكَ قَبْلَ الْحَالِ بِخِلَافِ الْمُطْلَقَةِ قَالَ الْأَوَّلُ لَكِنَّهَا لَا تَنْفِيهِ، وَفِي الشَّرْحِ حِكَايَةُ طَرِيقَيْنِ طَارِدٌ لِلْقَوْلَيْنِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَقَاطِعٌ بِالتَّسْوِيَةِ وَكَيْفَ فُرِضَ فَالظَّاهِرُ التَّسْوِيَةُ انْتَهَى. (وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِصَاحِبِ مُتَأَخِّرَةِ التَّارِيخِ يَدٌ قُدِّمَ) عَلَى صَاحِبِ مُتَقَدِّمَةِ التَّارِيخِ وَقِيلَ: الْعَكْسُ وَقِيلَ يَتَسَاوَيَانِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ جِهَةِ تَرْجِيحٍ ثَلَاثُهُ أَوْجُهٍ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَوْ كَانَتْ الْيَدُ لِصَاحِبِ مُتَقَدِّمِ التَّارِيخِ قُدِّمَ قَطْعًا. (وَأَنَّهَا لَوْ شَهِدَتْ بِمِلْكِهِ أَمْسِ وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لِلْحَالِ لَمْ تُسْمَعْ حَتَّى يَقُولُوا وَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ أَوْ لَا نَعْلَمُ مُزِيلًا لَهُ) . وَفِي قَوْلٍ تُسْمَعُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْقَوْلِ وَيَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ أَمْسِ وَيُسْتَصْحَبُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ. (وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِمِلْكِهِ الْآنَ أَسْتِصْحَابًا لِمَا سَبَقَ مِنْ إرْثٍ وَشِرَاءٍ وَغَيْرِهِمَا) وَإِنْ اُحْتُمِلَ زَوَالُهُ وَلَوْ صَرَّحَ فِي شَهَادَتِهِ بِاعْتِمَادِ الِاسْتِصْحَابِ فَوَجْهَانِ. قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ سِوَاهُ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ قَالَ الْأَصْحَابُ لَا تُقْبَلُ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّضَاعِ عَلَى امْتِصَاصِ الثَّدْيِ وَحَرَكَةِ الْحُلْقُومِ (وَلَوْ شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَمْسِ بِالْمِلْكِ لَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (اُسْتُدِيمَ) الْإِقْرَارُ وَإِنْ لَمْ تُصَرِّحْ الْبَيِّنَةُ.   [حاشية قليوبي] بِمِلْكٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إسْنَادٍ لِسَبَبِ قَوْلِهِ: (وَالْعَيْنُ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا) أَخَذَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَلَاحِقًا وَمِثْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِهِمَا أَوْ لَا بِيَدِ أَحَدٍ. قَوْلُهُ: (تَرْجِيحُ الْأَكْثَرِ) وَإِنْ شَهِدَا بِوَقْفٍ أَوْ إحْدَاهُمَا بِهِ وَالْأُخْرَى بِمِلْكٍ قَوْلُهُ: (لَا تُعَارِضُهَا فِيهِ) أَيْ الْأَكْثَرِ فَيَسْقُطُ مَا تَعَارَضَا فِيهِ وَيَبْقَى أَصْلُ اسْتِمْرَارِ الْمِلْكِ السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (الْأُجْرَةُ) نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ صَدَاقًا أَوْ مَبِيعًا قَبْلَ قَبْضِهِمَا. فَلَا أُجْرَةَ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ الْبَائِعِ وَلَوْ بِالتَّفْوِيتِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِمَا. قَوْلُهُ: (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ سَوَاءٌ كَانَ بِيَدِهِمَا. أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا أَوْ لَا بِيَدِ أَحَدٍ نَعَمْ لَوْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِالْحَقِّ وَالْأُخْرَى بِالْإِبْرَاءِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ وَمَحَلُّ الِاسْتِوَاءِ مَا لَمْ يُوجَدْ مُرَجِّحٌ، وَإِلَّا كَكَوْنِهِ بِيَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ غَيْرَ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ، أَوْ أَسْنَدَتْ بَيِّنَتُهُ لِسَبَبٍ كَمُنْتَجٍ فِي مِلْكِهِ أَوْ ثَمَرٍ فِيهِ أَوْ حَمْلٍ فِيهِ أَوْ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهَا بِنْتُ دَابَّتِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِمِلْكِهَا. فَرْعٌ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالْإِرْثِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى يَعْلَمَ الشَّاهِدُ مِلْكَ الْمُنْتَقِلِ عَنْهُ قَوْلُهُ: (يَدُ قِدَمٍ) وَإِنْ كَانَتْ شَاهِدَةً بِوَقْفٍ مَا لَمْ تَكُنْ الْيَدُ عَادِيَةً كَغَصْبٍ وَبَيْعٍ مِنْ أَهْلِ وَقْفٍ بِلَا مُوجِبٍ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِعَيْنٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سَنَتَيْنِ، وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ مُنْذُ سَنَةٍ. فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِهَا أَنَّ يَدَ الدَّاخِلِ عَادِيَةٌ وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ زَوَالِ مِلْكِهِ، وَعَوْدِهِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلَا لِلْيَدِ الصُّورِيَّةِ وَكَذَا لَوْ تَنَازَعَا فِي شَيْءٍ اشْتَرَيَاهُ مِنْ أَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ فَتُقَدَّمُ سَابِقَةُ التَّارِيخِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ) هُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ تَغْلِيبٌ لِمَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (لَا نَعْلَمُ مُزِيلًا) وَلَا يَكْفِي وَلَا نَدْرِي زَوَالَ مِلْكِهِ أَوْ لَا لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّيبَةِ قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ: (وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ) كَمَا لَوْ ادَّعَى رِقَّ شَخْصٍ بِيَدِهِ، وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ أَمْسِ وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا إثْبَاتُ الْعِتْقِ، وَذِكْرُ الْمِلْكِ وَقَعَ تَبَعًا. قَوْلُهُ: (فَوَجْهَانِ) حُمِلَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا عَلَى مَا إذَا ذَكَرَهُ لَا عَلَى وَجْهِ الرِّيبَةِ، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّيبَةِ قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ) هَذَا مُرَجِّحُ لَغْوٍ لِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْمِلْكِ أَمْسِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ كَمَا مَرَّ حَتَّى تَقُولَ: وَلَا نَعْلَمُ لَهُ مُزِيلًا كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ تُبَيِّنَ سَبَبَ مِلْكِهِ كَأَنْ تَقُولَ اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَالْإِقْرَارُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِثَالٌ قَوْلُهُ: (مَوْجُودَةٌ) أَيْ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا تَابِعَةٌ كَمَا فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهَا كَالْحَمْلِ الْمَذْكُورِ.   [حاشية عميرة] طَرِيقَ الْخِلَافِ وَفِي الثَّانِيَةِ طَرِيقَ الْقَطْعِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا إلَخْ) وَأَيْضًا فَالْحَالِفُ يُصَدِّقُ نَفْسَهُ، وَالشُّهُودُ يُصَدِّقُونَ غَيْرَهُمْ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنْ قُلْنَا: الْقَضَاءُ يَسْتَنِدُ إلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَوْ إلَى الْيَمِينِ، وَالشَّاهِدُ عَاضَدَهُ قُدِّمَ الشَّاهِدَانِ وَإِلَّا تَعَادَلَا؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ، قَوْلُهُ: (إلَى الْآنَ) أَيْ أَمَّا الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ فِيمَا مَضَى مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْحَالِ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِلْآخَرِ مِنْ أَكْثَرَ) وَلَوْ لَمْ تُعَيِّنْ وَقْتًا، قَوْلُهُ: (فِي يَدِ غَيْرِهِمَا) زَادَ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ فِي يَدِهِمَا زَادَ شَيْخُنَا لَا وَلَا بِيَدِ أَحَدٍ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَظْهَرُ) لَوْ فُرِضَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي نِكَاحٍ قُدِّمَ السَّابِقُ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ يَغْلِبُ فِي الْمَالِ دُونَ النِّكَاحِ،. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَتَسَاوَيَانِ) وَحَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِالْأَوَّلِ زَرْكَشِيٌّ، قَوْلُهُ: (وَإِنَّهَا لَوْ شَهِدَتْ إلَخْ) شَمَلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ وَرِثَ هَذِهِ الدَّارَ، فَلَا يُقْبَلُ حَتَّى يَتَعَرَّضُوا لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لَكِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْعِمْرَانِيُّ وَنَسَبَهُ لِنَقْلِ الرَّبِيعِ وَالْمُزَنِيِّ وَاحْتَجَّ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ مَالِكِهَا فَإِنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ قَالَ وَالْمِيرَاثُ أَقْوَى. فَرْعٌ: شَهِدَتْ عَلَى حَاكِمٍ بِحُكْمِهِ فِي زَمَنٍ مُتَقَدِّمٍ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَمْ يَرْقُبْهَا نَقْلًا، قَالَ وَيَحْتَمِلُ التَّوَقُّفُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِهَا لِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ حَاضِرٍ، بَلْ اعْتِمَادٌ عَلَى اسْتِصْحَابِ مَا ثَبَتَ مَعَ احْتِمَالِ زَوَالِهِ، وَظُهُورِ الْيَدِ الْحَاضِرَةِ فِي خِلَافِهِ أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَصِلَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 346 بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ. (وَلَوْ أَقَامَهَا بِمِلْكِ دَابَّةٍ أَوْ شَجَرَةٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ ثَمَرَةً مَوْجُودَةً) ، عِنْدَ إقَامَتِهَا الْمَسْبُوقَةِ بِالْمِلْكِ إذْ يَكْفِي لِصِدْقِ الْبَيِّنَةِ سَبْقُهُ بِلَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ (وَلَا وَلَدًا مُنْفَصِلًا وَيَسْتَحِقُّ حَمْلًا فِي الْأَصَحِّ) تَبَعًا لِلْأُمِّ وَالثَّانِي لَا يَسْتَحِقُّهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ بِوَصِيَّةٍ، (وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَأَخَذَهُ مِنْهُ بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَقِيلَ لَا) يَرْجِعُ (إلَّا إذَا ادَّعَى فِي مِلْكٍ سَابِقٍ عَلَى الشِّرَاءِ) لِاحْتِمَالِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْمُدَّعِي وَدُفِعَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ هَذَا الِاحْتِمَالِ فَيَسْتَنِدُ الْمَشْهُودُ بِهِ إلَى مَا قَبْلَ الشِّرَاءِ، (وَلَوْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدُوا لَهُ) بِهِ (مَعَ سَبَبِهِ لَمْ يَضُرَّ) مَا زَادُوهُ (وَإِنْ ذَكَرَ سَبَبًا وَهُمْ سَبَبًا آخَرَ ضَرَّ) ذَلِكَ لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا السَّبَبَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالْمَقْصُودِ وَلَا تَنَاقُضَ. . فَصْلٌ إذَا (قَالَ آجَرْتُك) هَذَا (الْبَيْتَ) شَهْرَ كَذَا (بِعَشَرَةٍ فَقَالَ بَلْ) آجَرْتَنِي (جَمِيعَ الدَّارِ) الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهِ (بِالْعَشَرَةِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِمَا قَالَاهُ (تَعَارَضَتَا وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْمُسْتَأْجِرُ) لِمَا فِي بَيِّنَتِهِ مِنْ زِيَادَةِ غَيْرِ الْبَيْتِ وَالْأَوَّلُ يَنْفِي التَّرْجِيحَ بِذَلِكَ وَيَقُولُ عَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ أَوْ يَنْفَسِخُ عَلَى مَا سَبَقَ فَهِيَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا سَكَنَ فِي الْبَيْتِ أَوْ الدَّارِ وَتَجِيءُ الْقُرْعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ عَلَى قَوْلِ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (إذْ يَكْفِي إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ مُطْلَقَةٌ، وَأَنَّهَا أُقِيمَتْ عَقِبَ الدَّعْوَى فَإِنْ أُرِّخَتْ أَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ وَقْتِ الدَّعْوَى، فَلَهُ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِ التَّارِيخِ أَوْ الدَّعْوَى، وَسَوَاءٌ تَأَخَّرَتْ الْبَيِّنَةُ بِتَمَامِهَا أَوْ أَحَدُ شِقَّيْهَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَنْسُوبٌ إلَى الشِّقَّيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ إلَخْ) وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (فَأُخِذَ مِنْهُ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَهُ كَالْآفَةِ فَيَرْجِعُ بِلَا خِلَافٍ قَوْلُهُ: (بِحُجَّةٍ) أَيْ عَنْ إقْرَارِهِ أَوْ تَصْدِيقِهِ أَوْ يَمِينِهِ الْمَرْدُودَةِ. وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ نَعَمْ إنْ عُذِرَ فِي ذَلِكَ كَأَنْ جَهِلَ كَوْنَهُ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ رَجَعَ لِعُذْرِهِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَنْ أَقَرَّ بِرِقِّهِ لِمَالِكِهَا لِظَاهِرِ الْيَدِ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ قَوْلُهُ: (مُطْلَقَةٌ) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُيِّدَتْ بِحَالِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ رَجَعَ قَطْعًا. تَنْبِيهٌ: زَوَائِدُ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ تَعَجَّبَ مِنْهُ الْغَزَالِيُّ قَوْلُهُ: (عَلَى بَائِعِهِ) لَا عَلَى بَائِعِ بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَلَقَّ الْمِلْكَ عَنْهُ قَوْلُهُ: (لَمْ يَضُرَّ مَا زَادُوهُ) أَيْ وَلَا يَكُونُ مُرَجَّحًا لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الدَّعْوَى فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الزَّوَائِدَ لَوْ كَانَتْ فَإِنْ أَعَادَ الدَّعْوَى وَذَكَرَهُ فِيهَا، وَذَكَرُوهُ فِي شَهَادَتِهِمْ كَانَ مُرَجَّحًا كَمَا مَرَّ وَاسْتَحَقَّ الزَّوَائِدَ إنْ كَانَتْ. قَوْلُهُ: (لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ) خَرَجَ بِهِ التَّنَاقُضُ فِي الْمِلْكِ فَلَا يَضُرُّ كَمَا لَوْ ادَّعَى بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ فَشَهِدُوا بِاسْتِحْقَاقِهِ لَهُ مِنْ ثَمَنِ دَارِهِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْأَلْفُ. فَرْعٌ: لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ فَدَفَعَ لَهُ مِنْهَا خَمْسَةً، وَجَحَدَ الْخَمْسَةَ فَصِيغَةُ الْبَيِّنَةِ أَنْ تَقُولَ نَشْهَدُ أَنَّ لَهُ خَمْسَةً مِنْ جُمْلَةِ عَشَرَةٍ وَلَا نَشْهَدُ بِالْكُلِّ وَلَا بِالْبَاقِي. فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ قَوْلُهُ: (تَعَارَضَتَا) إنْ اتَّفَقَتَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ مُطْلَقًا أَوْ أَطْلَقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا فَإِنْ اخْتَلَفَ عُمِلَ بِالْأَسْبَقِ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الشَّاهِدَةَ بِالْكُلِّ لَغَتْ الْأُخْرَى أَوْ بِالْبَعْضِ عُمِلَ بِالْأُخْرَى فِي الْبَاقِي، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ بِمِثْلِ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ اتِّحَادِ التَّارِيخِ مَرْجُوحٌ وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ كَابْنِ حَجَرٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَقُولُ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْقَوْلَ بِالتَّعَارُضِ الَّذِي هُوَ الْأَصَحُّ يَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجْرِي قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا سُقُوطُ الْبَيِّنَتَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ فَيَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يَرْجِعَانِ إلَى فَسْخِ الْعَقْدِ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ الْحَاكِمِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَسْتَعْمِلَانِ وَعَلَيْهِ يَجْرِي هُنَا قَوْلٌ وَاحِدٌ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ وَهُوَ الْقُرْعَةُ. قَوْلُهُ: (يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ بِمَا يُلَائِمُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، قَوْلُهُ: (لَا تُقْبَلُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ أَمْسِ، وَقَالَتْ عَقِبَهُ: وَلَا نَعْلَمُ لَهُ مُزِيلًا فَإِنَّهَا تُقْبَلُ كَمَا سَلَفَ؛ لِأَنَّهُ اسْتِصْحَابٌ تَابِعٌ، قَوْلُهُ: (بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ) بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ كَمَا سَلَفَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا شَهِدَتْ بِأَمْرٍ يَقِينِيٍّ فَيُسْتَصْحَبُ وَهُنَاكَ بِمِلْكٍ وَهُوَ أَمْرٌ تَخْمِينِيٌّ فَضُعِّفَ الِاسْتِصْحَابُ قَالَهُ الْإِمَامُ،. قَوْلُ الْمَتْنِ: (رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ) هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ مَسْأَلَةِ الشَّجَرَةِ حَيْثُ اكْتَفَى بِتَقْدِيرِ الْمِلْكِ فِيهَا قُبَيْلَ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ رَاعَيْنَا ذَلِكَ هُنَا امْتَنَعَ الرُّجُوعُ وَالْحِكْمَةُ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ مَسِيسُ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فِي عُهْدَةِ الْعُقُودِ، وَأَيْضًا فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُعَامَلَةِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمُدَّعِي فَلْيَسْتَنِدْ الْمِلْكُ الْمَشْهُودُ بِهِ إلَى مَا قَبْلَ الشِّرَاءِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعِيدٍ: قَدْ تَعَارَضَ أَصْلَانِ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الرُّجُوعِ وَعَدَمُ الْمُعَامَلَةِ بَيْنَهُمَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلَيْنِ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ الْعَجَبُ كَيْفَ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ نِتَاجٌ حَصَلَ قُبَيْلَ الْبَيِّنَةِ وَبَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ يُعَلِّلُهُ بِأَنَّهُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ كَأَنَّ الْبَائِعَ ضَمِنَ لَهُ الْعُهْدَةَ فِي الثَّمَنِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَضُرَّ) اقْتِصَارُهُ عَلَى نَفْيِ الضَّرَرِ رُبَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ لَا يَكُونُ مُرَجَّحًا عِنْدَ الْمُعَارَضَةِ؛ لِأَنَّهَا شَهِدَتْ بِهِ قَبْلَ دَعْوَاهُ. [فَصْلٌ إذَا قَالَ آجَرْتُك هَذَا الْبَيْتَ شَهْرَ كَذَا بِعَشَرَةٍ فَقَالَ بَلْ آجَرْتَنِي جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهِ بِالْعَشَرَةِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ] فَصْلٌ: قَالَ آجَرْتُك إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَعَارَضَتَا) لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَسْبَقَ تَارِيخًا فَفِيهَا قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا تَقَدُّمُ السَّابِقَةِ، وَالثَّانِي اللَّاحِقَةِ وَجْهُ الثَّانِي أَنَّهَا نَاسِخَةٌ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إنْ سَبَقَ الْعَقْدُ عَلَى الدَّارِ صَحَّ وَلَغَا الْمُتَأَخِّرُ، وَإِنْ سَبَقَ عَلَى الْبَيْتِ صَحَّ وَبَطَلَ الَّذِي بِيَدِهِ فِيهِ، وَفِي الْبَاقِي قَوْلًا تَفْرِيقُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 347 الِاسْتِعْمَالِ دُونَ الْقِسْمَةِ وَالْوَقْفِ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عُمِلَ بِقَوْلِهِ. (وَلَوْ ادَّعَيَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ (شَيْئًا فِي يَدِ ثَالِثٍ) أَنْكَرَهُمَا (وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ) مِنْهُ (وَوَزَنَ لَهُ ثَمَنَهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ حُكِمَ لِلْأَسْبَقِ) تَارِيخًا (وَإِلَّا بِأَنْ اتَّحَدَ) التَّارِيخُ (تَعَارَضَتَا) فَعَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ يَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا أَنَّهُ مَا بَاعَهُ وَلَا تَعَارُضَ فِي الثَّمَنَيْنِ فَيَلْزَمَانِهِ وَقِيلَ نَعَمْ فَيَحْلِفُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى الْقُرْعَةِ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ سَلَّمَ إلَيْهِ الشَّيْءَ، وَاسْتَرَدَّ الْآخَرُ ثَمَنَهُ وَعَلَى الْقِسْمَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ شَيْءٍ بِنِصْفِ الْآخَرِ وَعَلَى الْوَقْتِ يُنْتَزَعُ الشَّيْءُ وَالثَّمَنَانِ مِنْ الْخَصْمِ وَيُوقَفُ الْجَمِيعُ، (وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعْتُكَهُ بِكَذَا وَأَقَامَاهُمَا) أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَاهُ وَطَالَبَا بِالثَّمَنَيْنِ (فَإِنْ اتَّحِدَ تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا) فَيَحْلِفُ عَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ يَمِينَيْنِ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنَيْنِ وَعَلَى الْقُرْعَةِ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ قُضِيَ لَهُ بِثَمَنِهِ وَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُ الْخَصْمِ عَلَى ثَمَنِهِ وَعَلَى الْقِسْمَةِ لِكُلٍّ نِصْفُ ثَمَنِهِ وَكَأَنَّهُمَا بَاعَاهُ بِثَمَنَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَعَلَى الْوَقْفِ، يُؤْخَذُ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنَانِ عَلَى وِزَانِ مَا تَقَدَّمَ وَيُوقَفُ الْجَمِيعُ، (وَإِنْ اخْتَلَفَ) تَارِيخُهُمَا (لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ) لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِانْتِقَالِ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي بِأَنْ يَسَعَهُ مَا بَيْنَ التَّارِيخَيْنِ. (وَكَذَا) يَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ (إنْ أَطْلَقَتَا أَوْ) أَطْلَقَتْ (إحْدَاهُمَا) وَأَرَّخَتْ الْأُخْرَى (فِي الْأَصَحِّ) لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ وَالثَّانِي يَقُولُ بِتَعَارُضِهِمَا فَيَحْلِفُ عَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ يَمِينَيْنِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنَيْنِ وَعَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ مَا تَقَدَّمَ. (وَلَوْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَاتَ عَلَى دِينِي فَإِنْ عَرَفَ أَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهِ، (فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُطْلَقَتَيْنِ) بِمَا قَالَاهُ (قُدِّمَ الْمُسْلِمُ) ؛ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةُ عِلْمٍ وَهُوَ انْتِقَالُهُ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ (وَإِنْ قَيَّدَتْ) إحْدَاهُمَا (أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ إسْلَامٌ وَعَكَسَتْهُ الْأُخْرَى) كَقَوْلِهِمْ: ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ (تَعَارَضَتَا) ، وَكَذَا إنْ قَيَّدَتْ بَيِّنَةُ   [حاشية قليوبي] وَتَجِيءُ الْقُرْعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ دُونَ الْقِسْمَةِ وَالْوَقْفِ) وَهُمَا الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ أَنَّهَا مُفَرَّعَة عَلَى اسْتِعْمَالِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَلَعَلَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ سَقْطًا، كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ وَإِنَّمَا لَمْ تَأْتِ لِلْقِسْمَةِ وَالْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يُقْسَمُ وَلَا يُوقَفُ. قَوْلُهُ: (وَوُزِنَ لَهُ ثَمَنُهُ) ، وَكَذَا لَوْ سَكَتَا عَنْهُ فَلَوْ ذَكَرْته إحْدَاهُمَا قُدِّمَتْ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ قَوْلُهُ: (بِأَنْ اتَّحَدَ التَّارِيخُ) لَوْ قَالَ بِأَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ التَّارِيخُ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلِيَشْمَلَ مَا لَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ أَحَدُهُمَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ اتِّحَادُ التَّارِيخِ وَلَوْ احْتِمَالًا فَيَشْمَلَ مَا ذُكِرَ قَوْلُهُ: (تَعَارَضَتَا) نَعَمْ إنْ قُيِّدَتْ إحْدَاهُمَا بِمِلْكِ الْبَائِعِ وَقْتَ الْعَقْدِ دُونَ الْأُخْرَى قُدِّمَتْ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ. قَوْلُهُ: (فَعَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ) الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ التَّعَارُضِ يَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا أَنَّهُ مَا بَاعَهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا بَيْعَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَعَارُضَ فِي الثَّمَنَيْنِ) لِاتِّفَاقِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى وَزْنِهِ وَإِنَّمَا التَّعَارُضُ فِي الشَّيْءِ. قَوْلُهُ: (فَيَلْزَمَانِهِ) نَعَمْ إنْ تَعَرَّضَتْ إحْدَاهُمَا لِقَبْضِ الْمَبِيعِ دُونَ الْأُخْرَى قُدِّمَتْ وَلَا رُجُوعَ بِالثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ نَعَمْ) أَيْ إنَّ التَّعَارُضَ فِي الثَّمَنَيْنِ أَيْضًا فَيَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ أَخْذِهِمَا وَلَا يَلْزَمَانِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْقُرْعَةِ) لَوْ قَالَ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي بِعَدَمِ السُّقُوطِ تَجِيءُ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فَعَلَى الْقُرْعَةِ إلَخْ. لَكَانَ وَاضِحًا وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بِنِصْفِ الثَّمَنِ) الَّذِي وَزَنَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) هَذِهِ عَكْسُ الَّتِي قَبْلَهَا قَوْلُهُ: (بِعْتُكَهُ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ مِلْكِي وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ قَوْلُهُ: (بِمَا قَالَاهُ) أَيْ مِنْ الْبَيْعِ وَمِثْلُهُ الشَّهَادَةُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ قَوْلُهُ: (يَمِينَيْنِ) وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْقُرْعَةِ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّأْوِيلِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَسَعَهُ) فَإِنْ لَمْ يَسَعْ حَلَفَ لِكُلٍّ يَمِينًا وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ اتَّحَدَ التَّارِيخُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ إلَخْ) هَذِهِ الْأَحْكَامُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّرِكَةِ أَمَّا تَجْهِيزُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ فَوَاجِبَةٌ وَلَهُ إطْلَاقُ الدُّعَاءِ وَالنِّيَّةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَرَفَ أَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا) لَا حَاجَةَ لِهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لِكُفْرِ الْوَلَدِ. قَوْلُهُ: (كَقَوْلِهِمْ) الْكَافُ لِلْمِثَالِ وَالْقَوْلُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَكَلِمَةِ التَّنَصُّرِ خُصُوصًا مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ مَا بِهِ الْكُفْرُ وَالْإِسْلَامُ وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ عَلِمْنَا   [حاشية عميرة] الصَّفْقَةِ فَكَانَتْ السَّابِقَةُ فِي التَّارِيخِ رَاجِحَةً بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ بِكُلِّ حَالٍ. وَقَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ مَوْضِعُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ سَبْقِ التَّارِيخِ إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ تُعَارِضُ الْبَيِّنَتَيْنِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ عَقِبَ هَذَا، وَلَك أَنْ تَقُولَ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا مَوْضِعُ التَّعَارُضِ فِي الْمُطْلَقَتَيْنِ، وَاللَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةٌ مَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ، وَإِلَّا فَلَا تَنَافِي بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ التَّارِيخُ مُخْتَلِفًا، وَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ أَكْثَرُ الزِّيَادَةِ بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ قَوْلُهُ: (دُونَ الْقِسْمَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ الْعَقْدُ وَهُوَ لَا يُقْسَمُ وَأَمَّا الْوَقْفُ؛ فَلِأَنَّ الْعُقُودَ عِنْدَنَا لَا تُوقَفُ، وَأَيْضًا تَفُوتُ الْمَنَافِعُ بِالتَّأْخِيرِ،. قَوْلُهُ: (بِأَنْ اتَّحَدَ التَّارِيخُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَعَارَضَتَا) لَوْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا مَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْبَائِعَ مَالِكٌ لِمَا بَاعَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ بِأَنَّهَا مِلْكُ الْمُشْتَرِي الْآنَ قُدِّمَتْ قَوْلُهُ: (وَلَا تَعَارُضَ فِي الثَّمَنَيْنِ) يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا مِنْ وَجْهٍ وَأُعْمِلَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، قَوْلُهُ: (أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ إلَخْ) الَّذِي صَوَّرَهَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَزَاهُ الرَّافِعِيُّ لِلْأَكْثَرَيْنِ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي وَهِيَ مِلْكِي، وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ الْآنَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْبَيْعِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْمِلْكِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ، قَوْلُهُ: (فَيَحْلِفُ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنَيْنِ، قَوْلُهُ: (وَلِلْآخَرِ إلَخْ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّ خُرُوجَ الْقُرْعَةِ مَانِعٌ مِنْ الْعَمَلِ بِالْبَيِّنَةِ الْأُخْرَى، قَوْلُهُ: (نِصْفُ ثَمَنِهِ) أَيْ فَإِذَا كَانَ ثَمَنُ هَذَا مِائَةً وَثَمَنُ هَذَا خَمْسِينَ فَلِلْأَوَّلِ خَمْسُونَ وَالثَّانِي خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَا شَيْءَ لَهُمَا غَيْرُ ذَلِكَ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، قَوْلُهُ: (لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فَإِنَّهُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِلثَّانِي، قَوْلُهُ: (لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ) أَيْ وَيُفَارِقُ الصُّورَةَ السَّابِقَةَ بِأَنَّ الْقَصْدَ طَلَبُ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ تَضِيقُ عَنْ حَقِّهِمَا، وَالْقَصْدُ هُنَا الْأَثْمَانُ وَالذِّمَّةُ مُتَّسَعَةٌ لَهَا، قَوْلُهُ: (بِتَعَارُضِهِمَا) أَيْ كَمُتَّحِدِي التَّارِيخِ قَوْلُهُ: (كَقَوْلِهِمْ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ) أَيْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ هَذَا وَنَحْوِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 348 النَّصْرَانِيِّ فَقَطْ فَعَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ يُصَدَّقُ النَّصْرَانِيُّ بِيَمِينِهِ وَعَلَى الْقُرْعَةِ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ فَلَهُ التَّرِكَةُ وَعَلَى الْقِسْمَةِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَعَلَى الْوَقْفِ يُوقَفُ، (وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ دِينَهُ وَأَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ تَعَارَضَتَا) أَطْلَقْنَا أَوْ قَيَّدْنَا بِمِثْلِ مَا ذُكِرَ أَوْ قَيَّدَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ فَقَطْ، فَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ (وَلَوْ مَاتَ نَصْرَانِيٌّ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ الْمُسْلِمُ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَنَا، وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ بَلْ قَبْلَهُ) فَلَا تَرِثُهُ (صُدِّقَ الْمُسْلِمُ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى دِينِهِ (وَإِنْ أَقَامَاهُمَا) أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَاهُ (قُدِّمَ النَّصْرَانِيُّ) ؛ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِالِانْتِقَالِ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ فَهِيَ نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِدِينِهِ، (فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى إسْلَامِ الِابْنِ فِي رَمَضَانَ وَقَالَ الْمُسْلِمُ مَاتَ الْأَبُ فِي شَعْبَانَ وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ فِي شَوَّالٍ صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ، (وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى بَيِّنَتِهِ) أَقَامَا هُمَا بِمَا قَالَاهُ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوْتِ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِلْحَيَاةِ، (وَلَوْ مَاتَ عَنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَقَالَ كُلٌّ) مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (مَاتَ عَلَى دِينِنَا صُدِّقَ الْأَبَوَانِ بِالْيَمِينِ) ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ فِي الِابْتِدَاءِ تَبَعًا لَهُمَا فَيُسْتَصْحَبُ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ (وَفِي قَوْلٍ يُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَوْ يَصْطَلِحُوا) وَالتَّبَعِيَّةُ تَزُولُ بِالْبُلُوغِ وَفِي وَجْهٍ يُصَدَّقُ الِابْنَانِ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الدَّارِ الْإِسْلَامُ. (وَلَوْ شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ (أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سَالِمًا وَأُخْرَى) أَنَّهُ أَعْتَقَ (غَانِمًا وَكُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (ثُلُثُ مَالِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ) لِلْبَيِّنَتَيْنِ (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) تَارِيخًا (وَإِنْ اتَّحَدَ) التَّارِيخُ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا (وَإِنْ أَطْلَقَتَا) أَوْ إحْدَاهُمَا (قِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْبَغَوِيّ (وَقِيلَ فِي قَوْلٍ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ) ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْإِمَامُ (قُلْت الْمَذْهَبُ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ) الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِتَرْجِيحٍ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) جَمْعًا بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ، (وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَهُوَ ثُلُثُهُ) أَيْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ   [حاشية قليوبي] تَنَصُّرَهُ ثُمَّ إسْلَامَهُ قُدِّمَتْ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (تَعَارَضَتَا) . قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنْ بَقِيَتَا عِنْدَهُ إلَى مَوْتِهِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ دِينَهُ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَجْهَلُ دِينَهُ مَعَ كُفْرِ أَحَدِ وَلَدَيْهِ فَإِنْ قِيلَ: كُفْرُهُ الْآنَ مُحْتَمَلٌ لِاحْتِمَالِ إسْلَامِهِ قُلْنَا يَلْزَمُ عِلْمُ كُفْرِهِ فَيُسْتَصْحَبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قِيلَ بِرِدَّتِهِ قُلْنَا يَلْزَمُ أَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَقَدْ يُقَالُ يُحْتَمَلُ أَنَّ وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ أَسْلَمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَلَا يَلْزَمُ بَقَاءُ الْأَبِ عَلَى الْكُفْرِ وَفِيهِ مَا فِيهِ، قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ عَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْلِفُ لِلْآخَرِ يَمِينًا وَيُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يَدَّعِهِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْمُسْلِمُ بِيَمِينِهِ) سَوَاءٌ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ مَوْتِ الْأَبِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (قُدِّمَ النَّصْرَانِيُّ) أَيْ بَيِّنَتُهُ نَعَمْ إنْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَلِمْنَا تَنَصُّرَ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ تَعَارَضَتَا فَيَحْلِفُ الْمُسْلِمُ. قَوْلُهُ: (وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِلْحَيَاةِ) نَعَمْ إنْ قَالَتْ رَأَيْنَاهُ حَيًّا فِي شَوَّالٍ تَعَارَضَتَا فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ وَذَكَرَ فِي الْمَنْهَجِ هُنَا كَلَامًا مُحَرَّرًا. وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ إنْ عُرِفَ لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ سَابِقٌ وَقَالَا أَسْلَمْنَا قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ بَلَغَ أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ إسْلَامِنَا وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ، فَالْمُصَدَّقُ الِابْنَانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكُفْرِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ وَاتَّفَقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ صُدِّقَ الْأَبَوَانِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ فِي الْأُولَى، وَبِأَصْلِ بَقَاءِ الصِّبَا فِي الثَّانِيَةِ. فَرْعٌ: مَاتَ عَنْ مَالٍ وَأَوْلَادٍ فَوَضَعُوا أَيْدِيهمْ عَلَى الْمَالِ وَمَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ وَلَدٍ صَغِيرٍ ثُمَّ بَعْدَ كَمَالِهِ ادَّعَى بِمَالِ أَبِيهِ وَبِإِرْثِ أَبِيهِ مِنْ جَدِّهِ، فَقَالُوا إنَّ أَبَاك مَاتَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ فَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةٌ عُمِلَ بِهَا، وَإِلَّا فَإِنْ اتَّفَقَ مَعَهُمْ عَلَى وَقْتِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَاخْتُلِفَ فِي الْآخَرِ صُدِّقَ مَنْ ادَّعَى الْبَعْدِيَّةَ وَإِلَّا صُدِّقَ هُوَ فِي مَالِ أَبِيهِ وَهُمْ فِي مَالِ أَبِيهِمْ وَلَا إرْثَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ نَكَلَا جُعِلَ مَالُ أَبِيهِ لَهُ وَمَالُ أَبِيهِمْ لَهُمْ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ أُعْتِقَ) أَيْ بِلَا تَعْلِيقٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ. قَوْلُهُ: (الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ) مِنْ الطَّرِيقِ الْحَاكِيَةِ قَوْلُهُ: (جَمْعًا بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ) وَلَا يُقْرَعُ لِاحْتِمَالِ إرْقَاقِ حُرٍّ وَتَحْرِيرِ رَقِيقٍ أَيْ كَامِلٍ، وَاحْتُمِلَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ. قَوْلُهُ: (بَدَلٌ يُسَاوِيهِ) أَيْ فِي الْقِيمَةِ وَلَا نَظَرَ لِحِرْفَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَإِنْ لَمْ   [حاشية عميرة] فِي الشَّهَادَةِ، وَأَمَّا بَيَانُ مَا بِهِ الْإِسْلَامُ فَفِيهِ وَجْهَانِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَعَارَضَتَا) أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى الْإِرْثِ وَلَكِنْ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْفَنُ وَيَنْوِي فِي الصَّلَاةِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا، قَوْلُهُ: (أَوْ قُيِّدَتْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أُطْلِقَتَا أَوْ قُيِّدَتَا، قَوْلُهُ: (مَا تَقَدَّمَ) اقْتَضَى صَنِيعُهُ أَنَّهُ عَلَى السُّقُوطِ يَصْدُقُ النَّصْرَانِيُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ اتَّفَقَتْ بَيِّنَتُهُمَا فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَيُجْعَلُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا، سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ مَاتَ) قَوْلُهُ: أَيْ شَخْصٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلِ إلَخْ) . قَالَ فِي الرَّوْضَةِ هُوَ أَرْجَحُ دَلِيلًا وَلَكِنَّ الْأَصْحَابَ عَلَى الْأَوَّلِ،. قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) أَيْ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الْمُنْجَزَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (قِيلَ يُقْرَعُ) أَيْ لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّ الْقُرْعَةَ رُبَّمَا تُفْضِي إلَى إرْقَاقِ الْحُرِّ وَعَكْسِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّنْصِيفِ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ إنْ كَانَتْ الْمَعِيَّةُ فَلَا وَجْهَ سِوَى الْإِقْرَاعِ، وَإِنْ كَانَ التَّرْتِيبُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّنْصِيفِ السَّابِقِ، قَوْلُهُ: (الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ) . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 349 (وَوَارِثَانِ حَائِزَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَوَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَهُوَ ثُلُثٌ ثَبَتَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (لِغَانِمٍ) دُونَ سَالِمٍ، وَارْتَفَعَتْ التُّهْمَةُ فِي الشَّهَادَةِ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ بِذِكْرِ بَدَلٍ يُسَاوِيهِ، (فَإِنْ كَانَ الْوَارِثَانِ فَاسِقَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ الرُّجُوعُ فَيَعْتِقُ سَالِمٌ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ، (وَمِنْ غَانِمٍ ثُلُثُ مَالِهِ) أَيْ الْمُوصِي أَيْ قَدْرُ ثُلُثِ مَالِهِ (بَعْدَ سَالِمٍ) بِإِقْرَارِ الْوَارِثِينَ الَّذِي تَضَمَّنَهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ وَهُوَ ثُلُثَاهُ وَكَأَنَّ سَالِمًا هَلَكَ أَوْ غَصَبَ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَوْ كَانَ الْوَارِثَانِ غَيْرَ حَائِزَيْنِ عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ قَدْرُ ثُلُثِ حِصَّتِهِمَا. . فَصْلٌ فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ مَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ (شَرْطُ الْقَائِفِ) لِيُعْمَلَ بِقَوْلِهِ فِيمَا ذَكَرَ (مُسْلِمٌ عَدْلٌ مُجَرِّبٌ) بِأَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمُّهُ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ أُخَرَ، كَذَلِكَ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ أُخَرَ كَذَلِكَ ثُمَّ صِنْفٍ رَابِعٍ فِيهِنَّ أُمُّهُ وَيُصِيبُ فِي الْكُلِّ وَالْأَصَحُّ إلْحَاقُ الْأَبِ بِالْأُمِّ فِي عَرْضِ الْوَلَدِ مَعَهُ فِي رِجَالٍ وَمِنْهُمْ مَنْ اكْتَفَى بِالْعَرْضِ مَرَّةً. وَقَالَ الْإِمَامُ الْعِبْرَةُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَقَدْ تَحْصُلُ بِدُونِ ثَلَاثٍ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ حُرٍّ ذَكَرٍ) كَالْقَاضِي، وَالثَّانِي لَا كَالْمُفْتِي (لَا عَدَدٌ) كَالْقَاضِي وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَالْمُزَكِّي (وَلَا كَوْنُهُ مُدْلِجِيًّا) أَيْ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ وَمِنْ الْعَجَمِ وَالْمُشْتَرَطُ وَقْفُ مَعَ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْرُورًا فَقَالَ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَقَدْ بَدَتْ أَقْدَامُهَا فَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» (فَإِذَا تَدَاعَيَا مَجْهُولًا) لَقِيطًا أَوْ غَيْرَهُ، (عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِفِ فَمَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ لَحِقَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي وَطْءٍ) لِامْرَأَةٍ (فَوَلَدَتْ مُمْكِنًا مِنْهُمَا وَتَنَازَعَاهُ بِأَنْ وَطِئَا بِشُبْهَةٍ) كَأَنْ وَجَدَهَا كُلٌّ بِفِرَاشِهِ فَظَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ، (أَوْ) وَطِئَا (مُشْتَرَكَةً لَهُمَا وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ وَطَلَّقَ فَوَطِئَهَا آخَرُ بِشُبْهَةٍ أَوْ)   [حاشية قليوبي] يُسَاوِهْ لَمْ يُقْبَلَا فِي الزَّائِدِ وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ عَتَقَ كُلُّ غَانِمٍ وَنِصْفُ سَالِمٍ وَإِلَّا عَتَقَ الْأَوَّلُ كُلُّهُ وَقَدْرُ نَصِيبِ الْوَرَثَةِ مِنْ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ ثُلُثَاهُ) أَيْ غَانِمٌ وَهُمَا ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَعَتَقَ مِنْ غَانِمٍ) أَيْ مَعَ عِتْقِ سَالِمٍ كُلِّهِ. فَصْلٌ فِي الْقَائِفِ مِنْ الْقِيَافَةِ أَيْ الَّتِي هِيَ مِنْ خَوَاصِّ الْعَرَبِ الْمُتَتَبِّعِ لِلْآثَارِ وَالشَّبَهِ وَشَرْعًا: مَا ذَكَرَهُ وَجَمْعُهُ قَافَةٌ كَبَائِعٍ وَبَاعَةٍ وَإِلْحَاقُهُ كَحُكْمٍ بَعْدَ دَعْوَى فَلِذَلِكَ ذُكِرَ هُنَا. قَوْلُهُ: (عَدْلٌ) أَيْ فِي الرِّوَايَةِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ إلْحَاقُ الْأَبِ بِالْأُمِّ) ، وَكَذَا سَائِرُ الْعَصَبَةِ وَالْأَقَارِبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يُعْرَضُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِمَّا تَقَدَّمَ وَلَدٌ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْمَلِ. قَوْلُهُ: (حُرٌّ ذَكَرٌ) ، وَكَذَا بَقِيَّةُ شُرُوطِ الشَّاهِدِ إلَّا السَّمْعَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ تُهْمَةٍ وَعَدَاوَةٍ، فَلَوْ كَانَ ابْنًا لِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ قَبْلَ إلْحَاقِهِ بِغَيْرِ أَبِيهِ أَوْ كَانَ عَدُوًّا لَهُ فَبِالْعَكْسِ. قَوْلُهُ: (مَسْرُورًا) سَبَبُ سُرُورِهِ أَنَّ أُسَامَةَ وَزَيْدًا كَانَا مَحْبُوبَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ قَدْ تَبَنَّى زَيْدًا أَبَاهُ وَكَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ طَوِيلًا أَقْنَى الْأَنْفِ وَزَيْدٌ أَبْيَضَ قَصِيرًا أَخْنَسَ الْأَنْفِ وَكَانَ الْكُفَّارُ يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِهِمَا إغَاظَةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا وَقَعَ مِنْ الْمُدْلِجِيِّ مَا ذَكَرَهُ أَقَرَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ وَفَرِحَ بِهِ وَهُوَ لَا يُقِرُّ عَلَى خَطَأٍ. قَوْلُهُ: (مَجْهُولًا) أَيْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَنَائِمٍ وَلَمْ يُوَافِقُوهُ. قَوْلُهُ: (لَحِقَهُ) وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهِ بَعْدَ كَمَالِهِ وَيُعْرَضُ بَعْدَ الْبُلُوغِ مَا لَمْ يَنْتَسِبْ وَبَعْدَ الْمَوْتِ مَا لَمْ يُدْفَنْ وَلَا يُنْبَشُ لَوْ دُفِنَ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلْحَاقُ الْوَلَدِ بِالْمُتَنَازِعِينَ مَعًا قَوْلُهُ: (فِي وَطْءٍ) وَكَذَا اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ كَالْوَطْءِ. قَوْلُهُ (بِشُبْهَةٍ) . قَالَ شَيْخُنَا وَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ مِنْ   [حاشية عميرة] فَائِدَةٌ: ذَكَرَ هَذَا التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ عَبَّرَ هُنَا عَنْ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِذَلِكَ، وَحَمَلَ الشَّارِحَ عَلَى ذَلِكَ الْمُوَافَقَةُ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ يَعْنِي أَنَّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا حَكَيَا الطَّرِيقَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِتَرْجِيحٍ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَائِزَانِ) قِيلَ هَذَا ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِلْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَلَا مَفْهُومَ لَهُ هُنَا، قَوْلُهُ: (وَارْتَفَعَتْ التُّهْمَةُ) أَيْ وَلَا يَقْدَحُ فِيهَا مَا بَطَنَ مِنْ طَلَبِ الْكَسْبِ وَنَحْوِهِ كَالْحِرْفَةِ فِي الْعَبْدِ وَنَظَرَ إلَى ذَلِكَ مَالِكٌ فَمَنَعَ، وَهَذَا قَدْ يُؤَيَّدُ بِمَا لَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ وَصَّى لِزَيْدٍ بِدِرْهَمٍ وَشَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ، وَوَصَّى بِهِ لِبَكْرٍ فَإِنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ فِي الرُّجُوعِ جَزْمًا، قَوْلُهُ: (وَهُوَ ثُلُثَاهُ) أَيْ ثُلُثُ غَانِمٍ. [فَصْلٌ فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ] فَصْلٌ شَرْطُ الْقَائِفِ ذُكِرَ هُنَا؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى فِي الْأَنْسَابِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْقَائِفِ) هُوَ مُتَتَبِّعُ الْآثَارِ وَالنَّظَائِرِ مِنْ قَوْلِهِمْ قَفَيْتُهُ إذَا تَتَبَّعْتَ أَثَرَهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْلِمٌ) لَوْ قَالَ إسْلَامٌ كَانَ أَبْيَنَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُجَرِّبٌ) كَمَا لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِالْأَحْكَامِ، فَلَوْ ادَّعَى عِلْمَهُ بِهَا لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يُجَرَّبَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (حُرٌّ ذَكَرٌ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَ النِّسَاءِ لَا يُقْبَلُ فِي الْأَنْسَابِ ثُمَّ الْحُرِّيَّةُ مَفْهُومَةٌ مِنْ الْعَدَالَةِ، وَلَكِنْ صَرَّحَ بِهَا لِلْخِلَافِ فِيهَا، قَوْلُهُ: (لَحِقَهُ) أَيْ وَلَا يُنْقَضُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَلَوْ بَلَغَ وَانْتَسَبَ لَمْ يُؤَثِّرْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْقَائِفَ يَرْجِعُ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَيْضًا، وَيُعْرَضُ أَيْضًا عَلَى الْقَائِفِ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَإِنْ دُفِنَ فَلَا يُنْبَشُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ يَدٌ قُدِّمَ كَذَا أَطْلَقَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْقَفَّالُ وَالْأَشْبَهُ إنْ كَانَتْ يَدُ الْتِقَاطٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 350 فِي (نِكَاحٍ فَاسِدٍ) كَأَنْ نَكَحَهَا فِي الْعِدَّةِ جَاهِلًا بِهَا (أَوْ) وَطِئَ (أَمَةً فَبَاعَهَا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَكَذَا لَوْ وَطِئَ) بِشُبْهَةٍ (مَنْكُوحَةً) وَوَلَدَتْ تَمَكُّنًا مِنْهُ وَمِنْ زَوْجِهَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَلْحَقُ الزَّوْجَ؛ لِأَنَّهَا فِرَاشُهُ، (فَإِذَا وَلَدَتْ) الْمَوْطُوءَةُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ، (لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْئَيْهِمَا) وَلَدًا (وَادَّعَيَاهُ عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِفِ فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ مِنْهُمَا (فَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَ وَطْئَيْهِمَا حَيْضَةٌ فَلِلثَّانِي) الْوَلَدُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ) وَالثَّانِي وَاطِئًا بِشُبْهَةٍ أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَلَا يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ إمْكَانَ الْوَطْءِ مَعَ فِرَاشِ النِّكَاحِ قَائِمٌ مَقَامَ نَفْسِ الْوَطْءِ وَالْإِمْكَانُ حَاصِلٌ بَعْدَ الْحَيْضَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ انْقَطَعَ تَعَلُّقُهُ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إلَّا بِحَقِيقَةِ الْوَطْءِ، (وَسَوَاءٌ فِيهِمَا) أَيْ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ (اتَّفَقَا إسْلَامًا وَحُرِّيَّةً أَمْ لَا) كَمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَحُرٍّ وَعَبْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ. . كِتَابُ الْعِتْقِ بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ (إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ وَيَصِحُّ مِنْ ذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ (وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) بِصِفَةٍ (وَإِضَافَتُهُ إلَى جُزْءٍ) شَائِعٍ كَالرُّبُعِ أَوْ مُعَيَّنٍ كَالْيَدِ مِنْ الرَّقِيقِ (فَيَعْتِقُ كُلُّهُ) دَفْعَةً أَوْ سِرَايَةً وَجْهَانِ وَسَوَاءٌ الْمُوسِرُ وَغَيْرُهُ. (وَصَرِيحُهُ تَحْرِيرٌ   [حاشية قليوبي] بَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ الْوَلَدِ الْمُكَلَّفِ وَإِلَّا لَحِقَ بِالزَّوْجِ، وَلَا يُعْرَضُ وَلَا يَكْفِي اتِّفَاقُ الزَّوْجَيْنِ وَالْوَاطِئُ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ وَخَرَجَ بِهِ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ فَالْوَلَدُ لَا حَقَّ لَهُ حَيْثُ أَمْكَنَ وَإِنْ أَمْكَنَ مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (مَنْكُوحَةٌ) أَيْ نِكَاحًا صَحِيحًا وَالتَّعْمِيمُ هُنَا لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ إمْكَانَ الْوَطْءِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْوَطْءُ بِالْفِعْلِ. قَوْلُهُ: (وَالْإِمْكَانُ قَائِمٌ مَعَ الْحَيْضَةِ) فَمَعَ عَدَمِ الْحَيْضَةِ بِالْأَوْلَى فَالْوَلَدُ لَاحِقٌ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ بِالزَّوْجِ مُطْلَقًا مَتَى أَمْكَنَ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ فِيهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَذِمِّيٌّ) وَيَتْبَعُهُ فِي النَّسَبِ لَا فِي الدِّينِ وَبِالْبَيِّنَةِ يَتْبَعُهُ فِيهِمَا مَعًا. قَوْلُهُ: (وَعَبْدٍ) وَلَا يُحْكَمُ بِرِقِّ الْوَلَدِ لِاحْتِمَالِ حُرِّيَّةِ أُمِّهِ. كِتَابُ الْعِتْقِ هُوَ لُغَةً: الِاسْتِقْلَالُ وَالْإِطْلَاقُ مِنْ قَوْلِهِمْ عَتَقَ الْفَرَسُ وَعَتَقَ الْفَرْخُ إذَا طَارَ وَشَرْعًا: إزَالَةُ الرِّقِّ عَنْ الْآدَمِيِّ وَهُوَ مِنْ الْمُسْلِمِ قُرْبَةٌ مُطْلَقًا وَأَمَّا تَعْلِيقُهُ فَقُرْبَةٌ إنْ كَانَ بِقُرْبَةٍ كَإِنْ صَلَّيْت، وَكَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ: إنْ حَافَظْت عَلَى الصَّلَاةِ فَأَنْت حُرٌّ، اُعْتُبِرَ مُحَافَظَةُ سَنَةٍ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَخَرَجَ بِالْآدَمِيِّ الْبَهِيمَةُ وَالطَّيْرُ فَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُمَا وَهُوَ حَرَامٌ نَعَمْ إنْ أَرْسَلَ مَأْكُولًا بِقَصْدِ إبَاحَتِهِ لِمَنْ يَأْخُذُهُ جَازَ وَلِآخِذِهِ أَكْلُهُ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ) أَيْ فَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ لَأَعْتَقَ لَا مَصْدَرٌ لَعَتَقَ مُطَاوِعُهُ بِقَرِينَةِ عَوْدِ ضَمِيرٍ يَصِحُّ إلَيْهِ. قَالَ ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ الْعَامَّةُ تَقُولُ عَتَقَهُ وَهُوَ خَطَأٌ، وَإِنَّمَا يُقَالُ أَعْتَقَهُ وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ الشَّيْخَيْنِ «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» وَإِنَّمَا خَصَّ الْفَرْجَ بِالذِّكْرِ لِاخْتِلَافِهِ ذُكُورَةً وَأُنُوثَةً أَوْ لِعِظَمِ جَرِيمَتِهِ بِالزِّنَا، وَلَا تَرِدُ الرِّدَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا عِتْقَ فِيهَا وَذَكَرَ الرَّجُلَ وَالْمُسْلِمَ لِلْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُمَا. فَائِدَةٌ: «أَعْتَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثًا وَسِتِّينَ رَقَبَةً بِقَدْرِ عُمْرِهِ» وَأَعْتَقَتْ عَائِشَةُ تِسْعًا وَسِتِّينَ رَقَبَةً بِقَدْرِ عُمْرِهَا وَأَعْتَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ثَلَاثِينَ أَلْفًا وَأَعْتَقَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ مِائَةَ رَقَبَةٍ مُطَوَّقَةً بِالذَّهَبِ وَأَعْتَقَ ذُو الْكُرَاعِ الْحِمْيَرِيُّ فِي يَوْمٍ ثَمَانِيَةَ آلَافِ رَقَبَةٍ، قَوْلُهُ: (إنَّمَا يَصِحُّ إلَخْ) أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَالْمُعْتِقُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِ الثَّلَاثِ، وَثَانِيهَا الصِّيغَةُ وَسَيَذْكُرُهَا وَثَالِثُهَا الْعَتِيقُ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ مَا يَمْنَعُ بَيْعَهُ غَيْرَ الْعِتْقِ كَرَهْنٍ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ بِخِلَافِ مَا لَا يَمْنَعُ بَيْعَهُ. كَإِجَارَةٍ أَوْ مَا يَمْنَعُهُ وَهُوَ عِتْقٌ كَاسْتِيلَادٍ وَكِتَابَةٍ، قَوْلُهُ: (مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) وَلَوْ كَافِرًا حَرْبِيًّا وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى عَتِيقِهِ وَلَوْ مُسْلِمًا، وَهَذَا إذَا أَرَادَ الْعِتْقَ الْمُنْجَزَ عَنْ نَفْسِهِ فَخَرَجَ الْمُعَلَّقُ وَالْعِتْقُ عَنْ الْغَيْرِ وَسَيَأْتِيَانِ، وَالْمُرَادُ بِإِطْلَاقِ التَّصَرُّفِ نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ فِيهِ فِي ذَاتِهِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى شَيْءٍ فَدَخَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ   [حاشية عميرة] لَمْ يُؤَثِّرْ، وَإِلَّا فَيُقَدَّمُ إنْ سَبَقَ دَعْوَاهُ إلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَنَازَعَاهُ) كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، وَالْآخَرُ سَاكِتٌ أَوْ مُنْكِرٌ؛ لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقًّا فِي الِانْتِسَابِ، بَلْ وَلَوْ أَنْكَرَاهُ مَعًا. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَبَّهَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَلَا يَكْفِي فِيهِ تَوَافُقُ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ إلَّا إنْ صَدَّقَهُمَا الْوَلَدُ الْمُكَلَّفُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْحَقُ بِالْمُتَنَازِعِينَ مَعًا، وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ لَنَا أَنَّهُ لَا يُخْلَقُ مِنْ الْمَاءَيْنِ وَأَنَّهُ لَوْ تَدَاعَيَاهُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ لَا يَلْحَقُ بِهِمَا اتِّفَاقًا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ يَكْفِي فِي هَذَا الْحُكْمِ إمْكَانُ الْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْوَطْءُ بِالْفِعْلِ. [كِتَابُ الْعِتْقِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْعِتْقُ) مَادَّتُهُ لُغَةً تَدُورُ عَلَى مَعْنَى السَّرَاحِ وَالِاسْتِقْلَالِ وَمِنْهُ عَتَقَ الْفَرْخُ إذَا طَارَ وَاسْتَقَلَّ وَشَرْعًا رَفْعُ مِلْكِ الْآدَمِيِّينَ عَنْ آدَمِيٍّ مُطْلَقًا تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَخَرَجَ بِمُطْلَقِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ رَفْعٌ عَنْ الرَّقَبَةِ دُونَ الْمَنَافِعِ. قَالَ ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ وَالْعَامَّةُ تَقُولُ عَتَقَهُ وَهُوَ خَطَأٌ وَإِنَّمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 351 وَإِعْتَاقٌ، وَكَذَا فَكُّ رَقَبَةٍ فِي الْأَصَحِّ) لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ وَالثَّانِي هُوَ كِنَايَةٌ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ الصِّيَغُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْمُشْتَقَّاتِ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، نَحْوُ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُحَرَّرٌ أَوْ حَرَّرْتُك أَوْ عَتِيقٌ أَوْ مُعْتَقٌ أَوْ أَعْتَقْتُكَ أَوْ فَكِيكُ الرَّقَبَةِ إلَى آخِرِهِ، (وَلَا يَحْتَاجُ) الصَّرِيحُ (إلَى نِيَّةٍ وَيَحْتَاجُ إلَيْهَا كِنَايَةٌ وَهِيَ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْكَ لَا سُلْطَانَ) أَيْ لِي عَلَيْكَ (لَا سَبِيلَ) أَيْ لِي عَلَيْكَ (لَا خِدْمَةَ) أَيْ لِي عَلَيْكَ (أَنْتَ) بِفَتْحِ التَّاءِ (سَائِبَةٌ أَنْتَ مَوْلَايَ) لِاشْتِرَاكِهِ بَيْنَ الْعَتِيقِ وَالْمُعْتِقِ، (وَكَذَا كُلُّ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ لِلطَّلَاقِ) أَيْ كِنَايَةٌ هُنَا فِيمَا هُوَ صَالِحٌ فِيهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِلْعَبْدِ: اعْتَدَّ أَوْ اسْتَبْرِئْ رَحِمَكَ وَنَوَى الْعِتْقَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ، (وَقَوْلُهُ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرَّةٌ وَلِأَمَتِهِ أَنْت حُرٌّ صَرِيحٌ) وَلَا أَثَرَ لِلْخَطَأِ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ (وَلَوْ قَالَ عِتْقُكَ إلَيْكَ أَوْ خَيَّرْتُكَ وَنَوَى تَفْوِيضَ الْعِتْقِ إلَيْهِ فَأَعْتَقَ نَفْسَهُ فِي الْمَجْلِسِ عَتَقَ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْحَالِ بَدَلَ الْمَجْلِسِ (أَوْ) قَالَ (أَعْتَقْتُكَ عَلَى أَلْفٍ أَوْ أَنْت حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ) فِي الْحَالِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، (أَوْ قَالَ لَهُ الْعَبْدُ أَعْتِقْنِي عَلَى أَلْفِ فَأَجَابَهُ عَتَقَ فِي الْحَالِ وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ) فِي الثَّلَاثِ (وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَ نَفْسَكَ بِأَلْفٍ، فَقَالَ اشْتَرَيْت فَالْمَذْهَبُ   [حاشية قليوبي] قَبْضِهِ وَعِتْقُ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ وَعِتْقُ الْوَارِثِ الْمُوسِرِ قِنَّ التَّرِكَةِ وَعِتْقُ الْإِمَامِ قِنَّ بَيْتِ الْمَالِ، وَخَرَجَ مَحْجُورُ الْفَلَسِ وَنَحْوُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ) خَرَجَ الْإِعْتَاقُ عَنْهُ مِنْ وَلِيِّهِ عَنْ كَفَّارَةِ قَتْلِهِ فَصَحِيحٌ، قَوْلُهُ: (وَسَفِيهٍ) أَيْ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ أَمَّا عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَصَحِيحٌ وَلَا مِنْ مُكَاتَبِ لِعَدَمِ إطْلَاقِ تَصَرُّفِهِ أَيْضًا وَلَا مِنْ مُكْرَهٍ لِذَلِكَ إلَّا بِحَقٍّ كَإِكْرَاهِ الْحَاكِمِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ، وَإِكْرَاهُهُ وَلِيَّ الصَّبِيِّ عَلَى الْعِتْقِ عَنْ كَفَّارَةِ قَتْلِ الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ لِوُجُوبِ الْفَوْرِ فِيهِ، بِخِلَافِ الْخَطَأِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي الْحُرِّ كَوْنَهُ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ لِيَخْرُجَ الْمُبَعَّضُ فِيمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ، قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) أَيْ مِنْ صَحِيحِ الْعِبَارَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ كَسَفِيهٍ، وَرَاهِنٍ مُعْسِرٍ وَمُفْلِسٍ وَمُرْتَدٍّ سَوَاءٌ عُلِمَتْ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا أَوْ لَا، وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ التَّعْلِيقِ بِالْقَوْلِ، وَيَصِحُّ بِالْفِعْلِ كَبَيْعٍ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا تَأْقِيتُهُ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ نُفُوذِهِ وَيَلْغُو التَّأْقِيتُ، قَوْلُهُ: (وَإِضَافَتُهُ إلَى جُزْءٍ) ، وَكَذَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى نَحْوُ أَعْتَقَك اللَّهُ وَهُوَ كِنَايَةٌ، قَوْلُهُ: (فَيَعْتِقُ كُلُّهُ) إنْ كَانَ الْمُبَاشِرُ الْمَالِكَ أَوْ شَرِيكَهُ بِإِذْنِهِ إلَّا كَوَكِيلٍ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا مَا أَعْتَقَهُ فَقَطْ إنْ كَانَ مَا أَعْتَقَهُ جُزْءًا شَائِعًا مُعَيَّنًا كَنِصْفٍ، وَإِلَّا كَإِنْ أَعْتَقَ بَعْضَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ، أَوْ يَدَهُ فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْهُ وَفِي هَذِهِ إشْكَالٌ وَجَوَابٌ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا فَلْيُرَاجَعْ، قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا السِّرَايَةُ،. قَوْلُهُ: (وَصَرِيحُهُ) وَلَوْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُشْتَقَّاتِ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ) الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا الْمَصَادِرُ فَكِنَايَاتٌ، قَوْلُهُ: (نَحْوُ: أَنْتَ حُرٌّ) أَوْ هُوَ حُرٌّ أَوْ هَذَا حُرٌّ، فَإِنْ قَالَهُ خَوْفًا مِنْ مَكْسٍ عَتَقَ ظَاهِرًا وَكَذَا يَعْتِقُ ظَاهِرًا فِي نَحْوِ اُفْرُغْ مِنْ عَمَلِك، وَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ لِمَنْ زَاحَمَهُ فِي طَرِيقٍ تَأَخَّرْ يَا حُرُّ فَبَانَ عَبْدَهُ أَوْ تَأَخَّرِي يَا حُرَّةُ فَبَانَتْ أَمَتَهُ. وَقَالَ الْخَطِيبُ لَا يَقَعُ الْعِتْقُ فِيهِمَا وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ. وَلَوْ قَالَ أَنْت حُرٌّ مِثْلُ هَذَا الْعَبْدِ أَوْ مِثْلُ هَذَا عَتَقَ الْأَوَّلُ فِيهِمَا، وَكَذَا الثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ كَمَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ وَأَمَّا أَنْت ابْنِي أَوْ بِنْتِي أَوْ أَبِي أَوْ أُمِّي أَوْ هَذَا ابْنِي أَوْ أَبِي أَوْ هَذِهِ أُمِّي أَوْ بِنْتِي فَيَعْتِقُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلَوْ فِي خَوْفٍ مِنْ مَكْسٍ بِشَرْطِ إمْكَانِهِ حِسًّا وَإِنْ عَرَّفَهُ نَسَبَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ الْمُلَاطَفَةَ فَلَا عِتْقَ صَرِيحًا بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ، وَمِثْلُهُ يَا بُنَيَّ وَيَأْتِي فِيمَنْ اسْمُهَا حُرَّةُ مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ اسْمُهَا حُرَّةً حَالَةَ النِّدَاءِ لَمْ تَعْتِقْ إلَّا إنْ قَصَدَ عِتْقَهَا أَوْ قَبْلَهُ وَهُجِرَ، وَقَصَدَ النِّدَاءَ وَحْدَهُ لَمْ تَعْتِقْ وَإِلَّا عَتَقَتْ. قَوْلُهُ: (لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ) الِاكْتِفَاءُ فَيَكْفِي مَعْرِفَةُ مَعْنَى اللَّفْظِ، قَوْلُهُ: (وَيَحْتَاجُ إلَيْهَا كِنَايَةً) وَيَأْتِي فِي اقْتِرَانِهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ أَوْ جُزْئِهِ مَا فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ بِجُزْءٍ مِنْهُ وَمِنْهُ أَنْتَ وَنَحْوُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْحَصْرِ فِيمَا ذُكِرَ هُنَا، وَإِلَّا فَضَابِطُهَا كُلُّ مَا أَنْبَأَ عَنْ فُرْقَةٍ أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ، قَوْلُهُ: (لَا مِلْكَ لِي) أَوْ لَا يَدَ أَوْ لَا أَمْرَ أَوْ لَا امْرَأَةَ أَوْ لَا إمَارَةَ أَوْ لَا حُكْمَ أَوْ لَا قُدْرَةَ، قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ التَّاءِ) لَيْسَ قَيْدًا إذَا لِلَّحْنِ لَا يَضُرُّ وَسَيَأْتِي، قَوْلُهُ: (أَنْتَ مَوْلَايَ) أَوْ أَنْتَ سَيِّدِي أَوْ يَا سَيِّدِي. وَقَالَ السُّبْكِيُّ هَذِهِ لَغْوٌ وَمِنْ الْكِنَايَةِ أَنْتَ عَتِيقُ اللَّهِ أَوْ أَعْتَقَكَ اللَّهُ كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (لِلطَّلَاقِ) أَوْ لِلظِّهَارِ صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ فِيمَا هُوَ صَالِحٌ فَلَيْسَ مِنْهُ مَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَنَا مِنْك حُرٌّ فَهُوَ لَغْوٌ هُنَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (عِتْقُكَ إلَيْك) أَوْ إعْتَاقُك قَوْلُهُ: (وَنَوَى) أَيْ فِي خِيرَتِكَ فَإِنْ قَالَ خِيرَتُك إلَيْك أَوْ خِيرَتُك فِي إعْتَاقِك لَمْ يَحْتَجْ إلَى نِيَّةٍ وَلَوْ قَالَ وَهَبْتُكَ نَفْسَك وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ وَلَوْ نَوَى التَّمْلِيكَ، أَوْ قَالَ مَلَّكْتُك نَفْسَكَ عَتَقَ إنْ قَبِلَ فَوْرًا فِيهِمَا فَإِنْ قَيَّدَهُ بِعِوَضٍ فَفِيهِ مَا فِي الْخُلْعِ فَلَوْ كَانَ فَاسِدًا عَتَقَ وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِوَصِيَّةٍ اُعْتُبِرَ الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ، قَوْلُهُ: (فِي الْمَجْلِسِ) الْمُرَادُ مِنْهُ الْفَوْرِيَّةُ كَمَا فِي الْخُلْعِ قَوْلُهُ: (عَلَى أَلْفٍ) فَلَوْ قَالَ   [حاشية عميرة] هُوَ أَعْتَقَهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) هَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْتِقَ عَنْ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَشْبَهُ نَعَمْ بِالْمَصْلَحَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى التَّدْبِيرِ [صَرِيح الْعِتْق] قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) مُدْرَكُ الْخِلَافِ وُرُودُهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَعَدَمُ تَكَرُّرِهِ فِيهِ، قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الْعِتْقِ) أَيْ كَالْفَكِّ مِنْ الْأَسْرِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَحْتَاجُ) هُوَ كَذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ فَلَوْ رَأَى أَمَةً فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ تَأَخَّرِي يَا حُرَّةُ فَإِذَا هِيَ أَمَتُهُ لَمْ تَعْتِقْ، قَوْلُهُ: (أَيْضًا وَلَا يَحْتَاجُ) هَذَا شَأْنُ الصَّرِيحِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ، نَعَمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُكْرَهُ يَحْتَاجُ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ إلَى عَدَمِ نِيَّةِ الْعِتْقِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا مِلْكَ) الْأَحْسَنُ نَحْوُ لَا مِلْكَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْتَ مَوْلَايَ) بِخِلَافِ أَنْتَ سَيِّدِي؛ لِأَنَّهُ خِطَابُ تَلَطُّفٍ وَلَا إشْعَارَ لَهُ بِالْعِتْقِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَوَى) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ أَوْ خَيَّرْتُك قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَتَقَ فِي الثَّلَاثِ) أَيْ كَالْخُلْعِ وَأَوْلَى لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 352 صِحَّةُ الْبَيْعِ وَيَعْتِقُ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ) ، وَنَقَلَ الرَّبِيعُ قَوْلًا أَثْبَتَهُ بَعْضٌ دُونَ بَعْضٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فَفِيهِ طَرِيقَانِ. (وَلَوْ قَالَ لِحَامِلٍ أَعْتَقْتُكِ أَوْ أَعْتَقْتُكِ دُونَ حَمْلَكِ عَتَقَا) ؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا وَلِقُوَّةِ الْعِتْقِ لَمْ يَبْطُلْ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ الْحَمْلَ (عَتَقَ دُونَهَا) وَلَوْ أَعْتَقَهُمَا عَتَقَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَيَبْطُلُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ وَالْحَمْلُ لِآخَرَ لَمْ يَعْتِقْ أَحَدُهُمَا بِعِتْقِ الْآخَرِ) وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَوَاخِرَ الْبَابِ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ وَحَمْلُهَا مُضْغَةٌ أَعْتَقْت مُضْغَتَكِ كَانَ لَغْوًا؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ مَا لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ لَا يَصِحُّ. (وَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَبْدٌ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا كُلَّهُ أَوْ نَصِيبَهُ عَتَقَ نَصِيبُهُ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بَقِيَ الْبَاقِي لِشَرِيكِهِ وَإِلَّا سَرَى إلَيْهِ أَوْ إلَى مَا أَيْسَرَ بِهِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ ذَلِكَ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ. وَتَقَعُ السِّرَايَةُ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ وَفِي قَوْلٍ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ وَفِي قَوْلٍ إنْ دَفَعَهَا بَانَ أَنَّهَا بِالْإِعْتَاقِ) وَإِنْ   [حاشية قليوبي] وَلِي عَلَيْكَ أَلْفٌ عَتَقَ مَجَّانًا كَمَا فِي الطَّلَاقِ، قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) مُسْتَدْرَكٌ قَوْلُهُ: (وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً، وَإِلَّا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ، وَلَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتَنِي أَلْفًا فَأَنْت حُرٌّ لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ شَهْرًا مَثَلًا عَتَقَ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ قَالَ شَهْرًا مِنْ الْآنَ عَتَقَ بِمَا الْتَزَمَ، قَوْلُهُ: (نَفْسَكَ) فَإِنْ قَالَ بِعْتُكَ نِصْفَكَ صَحَّ وَسَرَى، قَوْلُهُ: (بِأَلْفٍ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ كَمَا مَرَّ فَإِنْ قَالَ بِهَذِهِ الْأَلْفِ بَطَلَ الْبَيْعُ، قَوْلُهُ: (فَفِيهِ طَرِيقَانِ) وَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الْحَاكِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ لِحَامِلٍ) وَلَوْ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ أَوْ انْفَصَلَ بَعْدَ مَوْتِهَا، قَوْلُهُ: (عَتَقَا) نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَثُلُثُهُ يَفِي بِالْأُمِّ فَقَطْ عَتَقَتْ فَقَطْ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا) فَعِتْقُهُ بِالتَّبَعِيَّةِ لَهَا وَإِنْ اسْتَثْنَاهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَعْتَقَهُ أَيْ الْحَمْلَ عَتَقَ دُونَهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ قَدْ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَانْفَصَلَ حَيًّا فَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا وَلَوْ بِجِنَايَةٍ لَمْ يَعْتِقْ وَالْوَاجِبُ فِيهِ مَا فِي الْأَرِقَّاءِ لَا غُرَّةٍ، قَوْلُهُ: (وَالْحَمْلُ لِآخَرَ) كَوَصِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا، كَأَنْ بَاعَهَا فَحَمَلَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهَا، فَإِنَّ الْحَمْلَ يَبْقَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ، وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً، وَقَالَ أَعْتَقْت مُضْغَتَك أَوْ عَلَقَتَك أَوْ حَمْلَك لَمْ يَعْتِقْ، وَلَوْ قَالَ مُضْغَةُ هَذِهِ الْأَمَةِ أَوْ عَلَقَتُهَا حُرَّةٌ فَهُوَ إقْرَارٌ بِانْعِقَادِ الْوَلَدِ حُرًّا فَإِنْ قَالَ عَلِقَتْ بِهَا فِي مِلْكِي مِنِّي صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا،. قَوْلُهُ: (فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا) وَلَوْ مُسْلِمًا مَعَ كَافِرٍ أَوْ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (بَقِيَ الْبَاقِي لِشَرِيكِهِ) وَلَا يَلْزَمُ الْمُعْسِرَ نَقْصُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ، لَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا وَالْمُرَادُ بِشَرِيكِهِ الْجِنْسُ فَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً مَثَلًا وَأَعْتَقَ وَاحِدًا لَزِمَهُ قِيمَةُ حِصَصِ الْآخَرِينَ، وَلَوْ أَعْتَقَ اثْنَانِ حِصَّتَهُمَا مَعًا وَأَحَدُهُمَا مُعْسِرٌ لَزِمَ الْمُوسِرَ حِصَّةُ شَرِيكِهِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ، وَلَوْ كَانَا مُوسِرَيْنِ لَزِمَهُمَا قِيمَةُ حِصَّةِ شَرِيكِهِمَا الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي قَدْرِ الْمِلْكِ، قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مُوسِرًا بِزَائِدٍ عَلَى مَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ سَوَاءٌ قَدَّرَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ أَوْ بَعْضَهَا وَقْتَ الْإِعْتَاقِ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا، قَوْلُهُ: (سَرَى إلَيْهِ) أَيْ سَرَى إلَى مَا أَيْسَرَ بِهِ مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ غَيْرُ اسْتِيلَادٍ وَغَيْرُ وَقْفٍ وَغَيْرُ كِتَابَةٍ سَيَأْتِي فِي الْكِتَابَةِ أَنَّهُمَا لَوْ كَاتَبَا عَبْدَهُمَا ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لَمْ يَسْرِ حَتَّى يَعْجِزَ. قَوْلُهُ: (قِيمَةُ ذَلِكَ) أَيْ نَصِيبُ شَرِيكِهِ وَهَذَا صَرِيحٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ النِّصْفِ لَا نِصْفُ الْقِيمَةِ وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ عَكْسُهُ، وَبِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ نَظِيرُ مَا رَجَّحُوهُ فِي الْمَهْرِ فِي بَابِهِ. نَعَمْ قَدْ يَسْرِي وَلَا قِيمَةَ كَأَنْ وَهَبَ أَصْلٌ لِفَرْعِهِ بَعْضَ عَبْدٍ ثُمَّ أَعْتَقَ الْأَصْلُ مَا بَقِيَ مِنْهُ فَلَا يَسْرِي إلَى مَا أَعْطَاهُ لِوَلَدِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ بَاعَ بَعْضَ عَبْدٍ ثُمَّ حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ، وَأَعْتَقَ الْبَائِعُ مَا بَقِيَ لَهُ فَإِنَّهُ يَسْرِي عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَادَفَ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ) وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي مَنْعُ شَرِيكِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي حِصَّتِهِ وَلِلشَّرِيكِ مُطَالَبَةُ الْمُعْتِقِ بِالْقِيمَةِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ فَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ طَالَبَهُ الْعَبْدُ فَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ طَالَبَهُ الْقَاضِي وَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهَا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالرِّضَا بِذِمَّتِهِ كَالْأَدَاءِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ، قَوْلُهُ: (يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ) أَيْ قِيمَةَ حِصَصِ شُرَكَائِهِ فِيهِ فَفِي الْحَدِيثِ مُضَافٌ أَيْ ثَمَنُ بَاقِي الْعَبْدِ، قَوْلُهُ: (قِيمَةُ عَدْلٍ) أَيْ لَا حَيْفَ فِيهَا، قَوْلُهُ: (وَاسْتِيلَادُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْمُوسِرِ يَسْرِي) وَلَوْ غَيْرَ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ نَحْوَ مَجْنُونٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ أَقْوَى، قَوْلُهُ: (مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ)   [حاشية عميرة] فَرْعٌ: قَالَ أَعْتَقْتُك وَلِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَبِلَ عَتَقَ مَجَّانًا كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ قَالَ بِعْتُك نَفْسَك إلَخْ) لَوْ قَالَ بِعْتُك نِصْفَك مَثَلًا صَحَّ وَسَرَى إنْ قُلْنَا الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ وَإِلَّا فَلَا يَسْرِي قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْبَيْعِ) أَيْ كَالْكِتَابَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ قَالَ لِحَامِلٍ إلَخْ) لَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَالثُّلُثُ لَا يَفِي إلَّا بِالْأُمِّ فَيَحْتَمِلُ عِتْقُهَا دُونَهُ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْت سَالِمًا وَغَانِمًا، وَكَانَ الْأَوَّلُ ثُلُثَ مَالِهِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَتَقَ دُونَهَا) لَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمَ عِتْقِهِ وَلَا تُورَثُ عَنْهُ الْغُرَّةُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ إلَخْ) أَمَّا فِي عِتْقِ الْوَلَدِ؛ فَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَتْبِعْ الْأُمَّ وَهِيَ فِي مِلْكِ الْمُعْتِقِ فَفِي الْأَجْنَبِيِّ أَوْلَى، وَأَمَّا فِي عَكْسِهِ فَلِاخْتِلَافِ الْمَالِكِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَأَعْتَقَ أَحَدَهُمَا) أَيْ وَلَوْ كَافِرًا وَالشَّرِيكُ مُسْلِمٌ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَوْمَ الْإِعْتَاقِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ بِاللَّفْظِ فَوَقْتُهُ وَمِثْلُهُ الْقَوْلُ بِالْوَقْفِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَدَاءِ فَكَذَا الْمُعْتَبَرُ فِيهِ يَوْمُ الْإِعْتَاقِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَقَعُ السِّرَايَةُ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ) وَعَلَيْهِ يَكُونُ حُكْمُهُ كَالْأَحْرَارِ حَتَّى فِي الْحَدِّ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ لَمْ تُدْفَعْ بَعْدُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ) وَلَا يُغْنِي الْإِبْرَاءُ وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ إنْ كَانَ مُوسِرًا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَعْتِقُ، وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ التَّقْوِيمِ لَا الدَّفْعِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ إنْ دَفَعَهَا إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يُرَاعِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 353 لَمْ يَدْفَعْهَا أَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْ الْأَصْلَ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» وَيُقَاسُ الْمُوسِرُ بِبَعْضِ الْبَاقِي عَلَى الْمُوسِرِ بِكَافِي السِّرَايَةِ إلَيْهِ، وَقِيلَ لَا يَسْرِي إلَيْهِ اقْتِصَارًا عَلَى الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ، (وَاسْتِيلَادُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْمُوسِرِ يَسْرِي وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ وَتَجْرِي الْأَقْوَالُ فِي حُصُولِ وَقْتِ السِّرَايَةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لَا تَجِبُ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَلَدِ) وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ (وَلَا يَسْرِ تَدْبِيرٌ) مِنْ أَحَدِهِمَا لِنَصِيبِهِ إلَى الْبَاقِي، (وَلَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِنُفُوذِ تَصَرُّفِ الْمَدِينِ فِيمَا بِيَدِهِ الْمَمْلُوكُ لَهُ وَالثَّانِي يَقُولُ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ غَيْرُ مُوسِرٍ. (وَلَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ الْمُوسِرِ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَعَلَيْكَ قِيمَةَ نَصِيبِي فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ إنْ قُلْنَا يَسْرِي بِالْإِعْتَاقِ وَلَا يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الْمُنْكِرِ) وَلَا يَعْتِقُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ، (وَلَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَكَ فَنَصِيبِي حُرٌّ بَعْدَ نَصِيبِكَ فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ وَهُوَ مُوسِرٌ سَرَى إلَى نَصِيبِ الْأَوَّلِ إنْ قُلْنَا السِّرَايَةُ بِالْإِعْتَاقِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّبَيُّنِ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا أُدِّيَتْ الْقِيمَةُ وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَدَاءِ فَنَصِيبُ الْمُعَلِّقِ عَمَّنْ يَعْتِقُ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا عَنْهُ، وَالثَّانِي عَنْ الْمُعْتِقِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَبَنَيَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بَعْدَ إعْتَاقِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْأَدَاءِ تَفْرِيعًا عَلَى قَوْلِهِ أَحَدُهُمَا يَعْتِقُ عَنْهُ، وَالْأَصَحُّ عَنْ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُوسِرٌ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْمُعْسِرِ فَلَا يَسْرِي عَلَيْهِ وَعَتَقَ عَلَى الْمُعَلِّقِ نَصِيبَهُ، (وَلَوْ قَالَ) لِشَرِيكِهِ إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَكَ (فَنَصِيبِي حُرٌّ قَبْلَهُ فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ فَإِنْ كَانَ الْمُعَلِّقُ مُوسِرًا عَتَقَ نَصِيبُ كُلٍّ عَنْهُ وَالْوَلَاءُ لَهُمَا، وَكَذَا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَأَبْطَلْنَا الدَّوْرَ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ صَحَّحْنَاهُ (فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُنْجِزِ لَعَتَقَ قَبْلَهُ نَصِيبُ الْمُعَلِّقِ، وَسَرَى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى تَرَتُّبِ السِّرَايَةِ عَلَى الْعِتْقِ فَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُنْجِزِ فَيَلْزَمُ مِنْ الْقَوْلِ بِعِتْقِهِ عَدَمُ عِتْقِهِ، وَفِيمَا ذُكِرَ دَوْرٌ وَهُوَ تَوَقُّفُ الشَّيْءِ عَلَى مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَهُوَ دَوْرٌ لَفْظِيٌّ وَلَوْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَنَصِيبِي حُرٌّ مَعَ عِتْقِ نَصِيبِكَ فَأَعْتَقَهُ وَقُلْنَا السِّرَايَةُ بِالْإِعْتَاقِ فَفِي وَجْهٍ يَعْتِقُ عَلَى الْمُنْجِزِ جَمِيعُهُ، وَيَلْغُو ذِكْرُ مَعَ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ يَعْتِقُ عَلَى كُلٍّ نَصِيبُهُ نَظَرًا لِاعْتِبَارِ الْمَعِيَّةِ الْمَانِعِ لِلسِّرَايَةِ. (وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ لِرَجُلٍ نِصْفُهُ وَلِآخَرَ ثُلُثُهُ وَلِآخَرَ سُدُسُهُ فَأَعْتَقَ الْآخَرَانِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ (نَصِيبَهُمَا) بِالتَّثْنِيَةِ (مَعًا) بِأَنْ عَلَّقَا الْعِتْقَ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ أَوْ وَكَّلَا مَنْ أَعْتَقَهُمَا دَفْعَةً وَهُمَا مُوسِرَانِ، (فَالْقِيمَةُ) لِلنِّصْفِ الَّذِي سَرَى إلَيْهِ الْعِتْقُ (عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّ سَبِيلَهَا سَبِيلُ ضَمَانِ الْمُتْلَفِ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي الْقِيمَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكَيْنِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الشُّفْعَةِ (وَشَرْطُ السِّرَايَةِ إعْتَاقُهُ بِاخْتِبَارِهِ فَلَوْ وَرِثَ بَعْضَ وَلَدِهِ   [حاشية قليوبي] أَيْ مَهْرِ مِثْلِ ثَيِّبٍ إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ أَيْضًا أَرْشُ بَكَارَةٍ إنْ كَانَتْ بِكْرًا إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ زَوَالِهَا أَيْضًا. وَقَالَ شَيْخُنَا مُطْلَقًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لَا تَجِبُ إلَخْ) لِانْعِقَادِ الْوَلَدِ حُرًّا عَلَى الْأَوَّلِ وَتَنْزِيلِ اسْتِحْقَاقِ السِّرَايَةِ مَنْزِلَةَ حُصُولِ الْمِلْكِ عَلَى الثَّالِثِ، قَوْلُهُ: (وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ) وَفِي انْعِقَادِ الْوَلَدِ حُرًّا كُلُّهُ أَوْ نِصْفُهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ قِيمَتُهُ لِتَوَقُّفِ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّتِهِ عَلَى دَفْعِ قِيمَةِ أُمِّهِ. تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ دَيْنٌ) أَيْ بِلَا حَجْرٍ وَإِلَّا فَيَمْنَعُ وَلَوْ حَالَ وُجُودِ الصِّفَةِ فَقَطْ،. قَوْلُهُ: (صَدَقَ بِيَمِينِهِ) فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ الْقِيمَةَ وَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُنْكِرِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ رَدَّهُ الْيَمِينَ كَالْإِقْرَارِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَلَا سِرَايَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْشِئْ عِتْقًا، قَوْلُهُ: (وَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُدَّعِي) أَيْ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ بِحَلِفِهِ فَرَاجِعْهُ وَعَلَيْهِ فَالْوَلَاءُ فِي نَصِيبِ كُلٍّ عَنْ نَفْسِهِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الْمُنْكِرِ) وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قَوْلُهُ: (بَعْدَ نَصِيبِك) ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ قَوْلَهُ: (سَرَى إلَخْ) وَقُدِّمَتْ السِّرَايَةُ عَلَى التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى بِكَوْنِهَا قَهْرِيَّةً، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) هُوَ الصَّحِيحُ عَلَى الْمَرْجُوحِ، قَوْلُهُ: (عَلَى قَوْلِهِ) أَيْ الْأَدَاءِ قَوْلُهُ: (دَوْرٌ لَفْظِيٌّ) أَيْ مَرْجِعُهُ إلَى اللَّفْظِ لَا حَقِيقِيٌّ مَرْجِعُهُ إلَى الْعَقْلِ، قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ يَعْتِقُ عَنْ كُلٍّ نَصِيبُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَالْقَبْلِيَّةِ وَيَبْطُلُ الدَّوْرُ،. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْخَاءِ) مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ ضَبْطُ الْمُصَنِّفِ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، قَوْلُهُ: (بِالتَّثْنِيَةِ) أَوْ بِالْإِفْرَادِ؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ، قَوْلُهُ: (بِأَنْ عَلَّقَا إلَخْ) أَوْ فَرَغَا مِنْ الصِّيغَةِ مَعًا، قَوْلُهُ: (وَهُمَا مُوسِرَانِ) فَإِنْ أَيْسَرَ أَحَدُهُمَا سَرَى عَلَيْهِ الْكُلُّ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ سَبِيلَهَا) أَيْ السِّرَايَةِ سَبِيلُ الْإِتْلَافِ فَوُزِّعَتْ عَلَى الرُّءُوسِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، قَوْلُهُ: (كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الشُّفْعَةِ) وَرُدَّ بِتَعْلِيلِ الْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ وَبِأَنَّ الشُّفْعَةَ مُرَاعًى فِي الْأَخْذِ بِهَا   [حاشية عميرة] الْعَبْدَ، وَالثَّانِيَ يُرَاعِي الشَّرِيكَ وَهَذَا رَاعَى الْجِهَتَيْنِ، قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا) أَيْ بِأَنْ أَعْسَرَ مَثَلًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا تَجِبُ قِيمَةُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَاهَا أُمَّ وَلَدٍ حَالًا فَيَكُونُ الْوَضْعُ فِي مِلْكِهِ، قَوْلُهُ: (عَلَى الثَّانِي إلَخْ) عَلَيْهِ هَلْ انْعَقَدَ جَمِيعُ الْوَلَدِ حُرًّا، أَوْ نِصْفُهُ ثُمَّ عَتَقَ النِّصْفُ الْآخَرُ قَوْلَانِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَعْتِقُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ إلَخْ) هَذَا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمَّا لِوَلَدِ الْيَمِين فَحَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ الْقِيمَةَ فَقَالُوا إنَّهُ لَا يَعْتِقُ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ عَنْ الْأَوَّلِ) قَضِيَّةُ الْبِنَاءِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْمَبْنِيَّةَ يَقَعُ الْعِتْقُ فِيهَا عَنْ الْمُعْتِقِ لَا عَنْ الْمُعَلِّقِ فَتَدَبَّرْ. وَالْمُرَادُ: إنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْمُعْتِقِ إذَا أَدَّى الْقِيمَةَ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الرَّافِعِيِّ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ سَبِيلَهَا إلَخْ) أَيْ وَكَانَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ نَجَّسْنَا مَاءً وَقَدْ أَلْقَى بَعْضُهُمْ جُزْءًا وَآخَرُ جُزْأَيْنِ مِنْ النَّجَاسَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَشَرْطُ السِّرَايَةِ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ وَصَّى لَهُ بِبَعْضِ ابْنِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 354 لَمْ يَسْرِ) عِتْقُهُ عَلَيْهِ إلَى بَاقِيهِ، (وَالْمَرِيضُ مُعْسِرٌ إلَّا فِي ثُلُثِ مَالِهِ) فَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا نَصِيبُهُ فَلَا سِرَايَةَ عَلَيْهِ، (وَالْمَيِّتُ مُعْسِرٌ فَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ نَصِيبِهِ) مِنْ عَبْدٍ فَأَعْتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ (لَمْ يَسْرِ) وَإِنْ خَرَجَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ لِانْتِقَالِ الْمَالِ غَيْرِ الْمُوصَى بِهِ بِالْمَوْتِ إلَى الْوَارِثِ. . فَصْلٌ (إذَا مَلَكَ أَهْلُ تَبَرُّعٍ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعَهُ عَتَقَ) عَلَيْهِ. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَنْ يُجْزِئَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» أَيْ بِالشِّرَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء: 26] دَلَّ عَلَى نَفْيِ اجْتِمَاعِ الْوَلَدِيَّةِ وَالْعَبْدِيَّةِ وَسَوَاءٌ فِي الْأَصْلِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَإِنْ عَلَوْا وَفِي الْفَرْعِ كَذَلِكَ وَإِنْ سَفَلَا وَسَوَاءٌ الْمِلْكُ الِاخْتِيَارِيُّ بِالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ وَالْقَهْرِيُّ بِالْإِرْثِ وَلَا يَعْتِقُ غَيْرُ الْأَصْلِ، وَالْفَرْعِ مِنْ الْأَقَارِبِ وَقَوْلُهُ أَهْلُ تَبَرُّعٍ لَمْ يُقْصَدْ لَهُ مَفْهُومٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ الْعِتْقِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ، (وَلَا يَشْتَرِي لِطِفْلٍ قَرِيبَهُ) الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَيْ لَا يَصِحُّ اشْتِرَاؤُهُ (وَلَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ وُصِّيَ لَهُ) بِهِ (فَإِنْ كَانَ كَاسِبًا فَعَلَى الْوَلِيِّ قَبُولُهُ وَيَعْتِقُ) عَلَى الطِّفْلِ (وَيُنْفَقُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَرِيبُ كَاسِبًا (فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مُعْسِرًا وَجَبَ) عَلَى الْوَلِيِّ (الْقَبُولُ وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مُوسِرًا حَرُمَ) الْقَبُولُ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ الصَّبِيُّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ. (وَلَوْ مَلَكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَرِيبَهُ بِلَا عِوَضٍ) كَأَنْ وَرِثَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ (عَتَقَ) عَلَيْهِ (مِنْ ثُلُثِهِ وَقِيلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) لِحُصُولِهِ بِلَا مُقَابِلٍ وَعَبَّرَ فِيهِ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَصَحِّ   [حاشية قليوبي] فَائِدَةُ الْمِلْكِ، قَوْلُهُ: (إعْتَاقُهُ) أَيْ إيجَادُ الْعِتْقِ مِنْهُ مُنْجَزًا أَوْ مُعَلَّقًا وَكَوْنُهُ بِاخْتِيَارِهِ حَقِيقَةً كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَعْضَ قَرِيبِهِ، أَوْ تَنْزِيلًا لِيَدْخُلَ مَا لَوْ وُهِبَ لِعَبْدٍ بَعْضُ قَرِيبِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ عَبْدٍ كَفِعْلِهِ وَمَا لَوْ وَصَّى شَخْصٌ بِبَعْضِ قَرِيبِهِ، وَقَبِلَ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ يَسْرِي أَيْضًا عَلَى الْمَيِّتِ، قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا نَصِيبُهُ فَلَا سِرَايَةَ) فَإِنْ وَسِعَ الثُّلُثُ بَعْضَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ عَتَقَ بِقَدْرِهِ أَوْ كُلُّهُ عَتَقَ كُلُّهُ وَفَارَقَ كَوْنَ اسْتِيلَادِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى وَخَرَجَ بِالْمُوسِرِ الْمُعْسِرُ فَلَا يَسْرِي اسْتِيلَادُهُ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُسْتَوْلَدُ أَصْلًا لِشَرِيكِهِ سَرَى إلَيْهِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَهَذَا فِي عِتْقِ التَّبَرُّعِ فَلَوْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ عَنْ كَفَّارَةٍ عَلَيْهِ بَعْضَ رَقَبَةِ بُنَيَّتِهَا سَرَى، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهَا تَقَعُ كُلُّهَا عَنْ كَفَّارَتِهِ. فَصْلٌ فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ بِمَعْنَى الْأَصْلِيَّةِ وَالْفَرْعِيَّةِ قَوْلُهُ: (أَهْلُ تَبَرُّعٍ) الْمُرَادُ بِهِ الْحُرُّ الْكَامِلُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي لِيَخْرُجَ الْمُكَاتَبُ، وَكَذَا الْمُبَعَّضُ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَنُوزِعَ بِأَنَّ الْمَنْعَ فِي الْمُبَعَّضِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ لَا لِضَعْفِ مِلْكِهِ، وَلِذَلِكَ تَعْتِقُ أُمُّ وَلَدِهِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِمَوْتِهِ مَعَ وُجُودِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ، قَوْلُهُ: (أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ) أَيْ مِنْ النَّسَبِ فِيهِمَا وَلَوْ حَمْلًا أَوْ اخْتَلَفَا دِينًا أَوْ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ فَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ عَتَقَ حَمْلُهَا، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمِلْكَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعِتْقِ عَلَى الْمَذْهَبِ. قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ لَوْ قَالَ لِمَنْ يَمْلِكُ بَعْضَهُ أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ فَفَعَلَ لَمْ يَعْتِقْ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَى لِطِفْلٍ) وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ، قَوْلُهُ: (قَرِيبُهُ) سَوَاءٌ كُلُّهُ أَوْ جُزْؤُهُ؛ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ وُهِبَ لَهُ إلَخْ) أَيْ لَوْ حَصَلَ لَهُ مِلْكُهُ بِلَا عِوَضٍ، قَوْلُهُ: (قَرِيبُهُ) أَيْ كُلُّ قَرِيبِهِ أَمَّا جُزْءُ قَرِيبِهِ فَيَمْتَنِعُ قَبُولُهُ مُطْلَقًا وَلَا يَصِحُّ لِضَرَرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْرِي وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ، قَوْلُهُ: (كَاسِبًا) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْوَلِيِّ قَبُولُهُ) فَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا قَبِلَ الْحَاكِمُ فَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ بَعْدَ كَمَالِهِ فِي الْوَصِيَّةِ، قَوْلُهُ: (فِي بَيْتِ الْمَالِ) تَبَرُّعًا فِي الْمُسْلِمِ وَقَرْضًا فِي الْكَافِرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي أَحَدِ مَوْضِعَيْنِ، قَوْلُهُ: (حَرُمَ الْقَبُولُ) وَلَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ)   [حاشية عميرة] فَمَاتَ، وَقَبِلَ الْوَصِيَّةَ أَخُوهُ عَتَقَ الشَّخْصُ عَلَى الْمَيِّتِ وَسَرَى إلَى بَاقِيهِ إنْ وَفَّى بِهِ الثُّلُثُ. [فَصْلٌ إذَا مَلَكَ أَهْلُ تَبَرُّعٍ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَ الْعَبْد] فَصْلٌ: إذَا مَلَكَ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (إذَا مَلَكَ إلَخْ) اقْتَضَتْ عِبَارَتُهُ حُصُولَ الْمِلْكِ أَوَّلًا ثُمَّ يَتَرَتَّبُ الْعِتْقُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ لَكِنْ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ يَحْصُلَانِ مَعًا وَاسْتُشْكِلَ فِي الْمَطْلَبِ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْبَعْضِيَّةَ تُنَافِي الْمِلْكَ فَكَيْفَ يَحْصُلُ مَعَ اقْتِرَانِهَا بِسَبَبِهِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ لَا يُمْلَكُ الْقَرِيبُ الْحَرْبِيُّ بِالْقَهْرِ وَقِيلَ الْعِتْقُ مُتَرَتِّبٌ عَلَى سَبَبِ الْمِلْكِ لَا عَلَى حَقِيقَةِ الْمِلْكِ، وَهُوَ الشِّرَاءُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي إِسْحَاقَ وَفِي آخِرِ النِّهَايَةِ جَوَازُ الشِّرَاءِ ذَرِيعَةً إلَى تَخْلِيصِهِ مِنْ الرِّقِّ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ الْمُخْتَارُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى قَرِيبَهُ انْدَفَعَ مِلْكُهُ بِالْعِتْقِ، لَا أَنَّهُ حَصَلَ ثُمَّ انْقَطَعَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى قَاتِلِ وَلَدِهِ وَعَدَمِ ثُبُوتِ الْمَهْرِ عَلَى الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ فَرْعُهُ) لَوْ كَانَ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ فَلَوْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ثَبَتَ الْعِتْقُ. فَرْعٌ: لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْوَكِيلِ لَمْ يَعْتِقْ وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ ابْتِدَاءً. فَرْعٌ: فِي فَتَاوَى الْقَاضِي لَوْ قَالَ لِمَنْ يَمْلِكُ بَعْضَهُ أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ فَفَعَلَ لَمْ يَعْتِقْ قَالَ الْبَغَوِيّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِتْقِهِ. فَرْعٌ: اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ مَعَهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْحَمْلَ يَعْتِقُ فَلَوْ اُطُّلِعَ عَلَى عَيْبٍ امْتَنَعَ الرَّدُّ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ كَانَ كَاسِبًا) وَلَكِنْ وُهِبَ لَهُ بَعْضُهُ امْتَنَعَ الْقَبُولُ لِمَحْذُورِ السِّرَايَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ إنْ كَانَ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَكَذَلِكَ لَكِنْ قَرْضًا، قَوْلُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 355 أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ إنَّهُ أَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ (أَوْ بِعِوَضٍ بِلَا مُحَابَاةٍ فَمِنْ ثُلُثِهِ) يَعْتِقُ (وَلَا يَرِثُ) ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ مِنْ الثُّلُثِ وَصِيَّةٌ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْإِرْثِ، (فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقِيلَ لَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ، (وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) إذْ لَا خَلَّ فِيهِ (وَلَا يَعْتِقُ بَلْ يُبَاعُ لِلدَّيْنِ) فَهُوَ مَانِعٌ مِنْ عِتْقِهِ، (أَوْ بِمُحَابَاةٍ فَقَدْرُهَا كَهِبَةٍ) فَتَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ وَقِيلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَالْبَاقِي مِنْ الثُّلُثِ) . (وَلَوْ وُهِبَ لِعَبْدٍ بَعْضُ قَرِيبِ سَيِّدِهِ فَقَبِلَ وَقُلْنَا يَسْتَقِلُّ بِهِ) أَيْ بِالْقَبُولِ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمَذْكُورُ فِي بَابِ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ، (عَتَقَ وَسَرَى وَعَلَى سَيِّدِهِ قِيمَةُ بَاقِيهِ) ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَهُ هِبَةٌ لِسَيِّدِهِ وَقَبُولُهُ كَقَبُولِ سَيِّدِهِ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْرِي؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا كَالْإِرْثِ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا فِي كِتَابِ الْكِتَابَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ الرَّابِعِ تَصْحِيحُهُ وَحِكَايَةُ الْأَوَّلِ وَجْهًا فِي الْوَسِيطِ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالسَّيِّدِ لُزُومُ النَّفَقَةِ انْتَهَى. وَالْأَوَّلُ جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ هُنَا وَشَيْخُهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ. فَصْلٌ إذَا (أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ) ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ تَبَرُّعٌ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا (فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَصِيَّةٌ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا (وَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثَةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ) دَفْعَةً كَقَوْلِهِ أَعْتَقْتُكُمْ، (عَتَقَ أَحَدُهُمْ بِقُرْعَةٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْت ثُلُثَكُمْ أَوْ ثُلُثُكُمْ حُرٌّ وَلَوْ قَالَ أَعْتَقْت ثُلُثَ كُلِّ عَبْدٍ) مِنْكُمْ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ بَعْضِ الْعَبْدِ كَإِعْتَاقِ كُلِّهِ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكُمْ. (وَقِيلَ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ ثُلُثُهُ) فَقَطْ فَلَا إقْرَاعَ، (وَالْقُرْعَةُ أَنْ يُؤْخَذَ ثَلَاثُ رِقَاعٍ مُتَسَاوِيَةٍ يُكْتَبُ فِي ثِنْتَيْنِ) مِنْهَا (رِقٌّ وَفِي وَاحِدَةٍ عِتْقٌ وَتُدْرَجُ فِي بَنَادِقَ كَمَا سَبَقَ) فِي بَابِ الْقِسْمَةِ (وَتُخْرَجُ وَاحِدَةٌ بِاسْمِ أَحَدِهِمْ فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ عَتَقَ وَرَقَّ الْآخَرَانِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ (أَوْ الرِّقُّ رَقَّ وَأُخْرِجَتْ أُخْرَى بِاسْمِ آخَرَ) فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ عَتَقَ وَرَقَّ الثَّالِثُ وَإِنْ خَرَجَ الرِّقُّ رَقَّ وَعَتَقَ الثَّالِثُ، (وَيَجُوزُ أَنْ تُكْتَبَ أَسْمَاؤُهُمْ) فِي الرِّقَاعِ (ثُمَّ تُخْرَجُ رُقْعَةٌ عَلَى   [حاشية قليوبي] هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَلَا يَرِثُ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا يَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْأُولَى فَيَرِثُ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ عِتْقَهُ مِنْ الثُّلُثِ وَصِيَّةٌ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِرْثِ) أَيْ لِئَلَّا يَلْزَمُ الدَّوْرُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَكَانَ عِتْقُهُ تَبَرُّعًا عَلَى وَارِثٍ فَيَبْطُلُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى إرْثِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى عِتْقِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا، فَيَتَوَقَّفُ كُلٌّ مِنْ إجَازَتِهِ وَإِرْثِهِ عَلَى الْآخَرِ، قَوْلُهُ: (دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ) هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، قَوْلُهُ: (بَلْ يُبَاعُ لِلدِّينِ) إنْ لَمْ يَسْقُطْ بِإِبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا عَتَقَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بِحَسَبِ الْمَالِ أَوْ مَا أَجَازَهُ الْوَارِثُ، قَوْلُهُ: (أَوْ بِمُحَابَاةٍ) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ لَهُ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لِعَبْدٍ) أَيْ غَيْرِ مُكَاتَبٍ وَلَا مُبَعَّضٍ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَهُ مِلْكٌ فَإِذَا قَبِلَ بَعْضَ سَيِّدِهِ لَا يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ بِتَعْجِيزِ السَّيِّدِ وَالْمُبَعَّضُ فِي نَوْبَتِهِ لَا عِتْقَ، وَفِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ كَالْقِنِّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ فَفِيمَا يُقَابِلُ الرِّقَّ كَالْقِنِّ، قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْأَصَحُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَسَرَى) هُوَ مَرْجُوحٌ وَعَدَمُ السِّرَايَةِ الْمَذْكُورِ عَنْ الرَّوْضَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، قَوْلُهُ: (لُزُومُ النَّفَقَةِ) أَيْ فَإِنْ لَزِمَهُ لَمْ يَصِحَّ الْقَبُولُ جَزْمًا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. فَصْلٌ فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ قَوْلُهُ: (إذَا أَعْتَقَ) أَيْ تَبَرُّعًا لَا عَنْ نَذْرٍ وَقَعَ فِي صِحَّتِهِ وَلَا عَنْ كَفَّارَةٍ وَإِلَّا عَتَقَ كُلُّهُ عَنْهُمَا وَسَرَى لَوْ عَتَقَ جُزْؤُهُ كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (عَتَقَ ثُلُثُهُ) أَيْ إنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ عَنْ مَوْتِ سَيِّدِهِ وَإِلَّا مَاتَ رَقِيقًا كُلُّهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ، قَوْلُهُ: (مُسْتَغْرِقٌ) فَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ عَتَقَ ثُلُثُ مَا يَبْقَى بَعْدَهُ مَا لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ وَلَوْ سَقَطَ الدَّيْنُ بِإِبْرَاءٍ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ، قَوْلُهُ: (عَتَقَ أَحَدُهُمْ بِقُرْعَةٍ) أَيْ تَبَيَّنَ عِتْقُهُ بِهَا وَإِنْ كَانَ مَاتَ قَبْلَ الْقُرْعَةِ وَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ لَوْ كَانَ وَيُورَثُ عَنْهُ وَلَيْسَ مِنْ الْقُرْعَةِ مَا لَوْ قِيلَ إنْ طَارَ غُرَابٌ مَثَلًا فَفُلَانٌ حُرٌّ أَوْ إنْ وَضَعَ صَبِيٌّ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَهُوَ حُرٌّ وَنَحْوُ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ فِي الْحَيَاةِ فَإِنْ قَالَ بَعْدَ مَوْتِي تَعَيَّنَ الْوَجْهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَا سِرَايَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ، قَوْلُهُ: (ثَلَاثُ رِقَاعٍ) . قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَيَجُوزُ رُقْعَتَانِ وَتُعَادَانِ خَرَجَ الرِّقُّ أَوَّلًا، قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ إلَخْ) . قَالَ الْقَاضِي وَهُوَ أَوْلَى وَأَصْوَبُ مِنْ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ   [حاشية عميرة] الْمَتْنِ: (مِنْ ثُلُثِهِ) عُلِّلَ بِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَخَرَجَ بِلَا مُقَابِلٍ ثُمَّ عَلَى هَذَا لَا يَرِثُ لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالْإِرْثِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَرِثُ. فَرْعٌ: حَاوَلَ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ غَيْرِ مَحْضَةٍ كَالصَّدَاقِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَرِثُ) هُوَ عَائِدٌ إلَى الصُّورَتَيْنِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ فَإِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ الْعِتْقُ وَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ، قَوْلُهُ: (فَتَكُونُ إلَخْ) هَذَا يُعَرِّفُك أَنَّ الْمُرَادَ الْمُحَابَاةُ لَهُ لَا مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قَوْلُهُ: (كَالْإِرْثِ) أَيْ كَإِرْثِ الْبَعْضِ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ السَّابِقِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ. [فَصْلٌ إذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ] فَصْلٌ أَعْتَقَ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَتَقَ ثُلُثُهُ) لَوْ مَاتَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَهَلْ يَمُوتُ كُلُّهُ رَقِيقًا أَوْ حُرًّا أَوْ ثُلُثُهُ حُرًّا أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا عِنْدَ الصَّيْدَلَانِيِّ، الْأَوَّلُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 356 الْحُرِّيَّةِ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ عَتَقَ وَرَقَّا) أَيْ الْبَاقِيَانِ (وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً قِيمَةُ وَاحِدٍ مِائَةٌ وَآخَرَ مِائَتَانِ وَآخَرَ ثَلَاثُمِائَةٍ أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ (بِسَهْمَيْ رِقٍّ وَسَهْمِ عِتْقٍ) لِيُكْتَبَ فِي رُقْعَتَيْنِ رِقٌّ وَفِي وَاحِدَةٍ عِتْقٌ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. (فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لِذِي الْمِائَتَيْنِ عَتَقَ وَرَقَّا) أَيْ الْبَاقِيَانِ (أَوْ لِلثَّالِثِ عَتَقَ ثُلُثَاهُ) وَرَقَّ بَاقِيهِ الْآخَرَانِ أَوْ لِلْأَوَّلِ عَتَقَ، (ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ بِسَهْمِ رِقٍّ وَسَهْمِ عِتْقٍ) فِي رُقْعَتَيْنِ (فَمَنْ خَرَجَ) الْعِتْقُ عَلَى اسْمِهِ مِنْهُمَا، (تَمَّمَ مِنْهُ الثُّلُثَ) فَإِنْ كَانَ الْمِائَتَيْنِ عَتَقَ نِصْفٌ أَوْ ذَا الثَّلَاثِمِائَةِ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَرَقَّ الْبَاقِي وَالْآخَرُ وَإِنْ كُتِبَ فِي الرِّقَاعِ أَسْمَاؤُهُمْ فَإِنْ خَرَجَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ اسْمُ ذِي الْمِائَةِ عَتَقَ وَتَمَّمَ لِثُلُثٍ مِمَّنْ خَرَجَ اسْمُهُ بَعْدَهُ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. (وَإِنْ كَانُوا فَوْقَ ثَلَاثَةٍ وَأَمْكَنَ تَوْزِيعُهُمْ بِالْعَدَدِ وَالْقِيمَةِ) فِي جَمِيعِ الْأَجْزَاءِ (كَسِتَّةٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ جُعِلُوا اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ) أَيْ جُعِلَ كُلُّ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ جُزْءًا وَصُنِعَ كَمَا سَبَقَ فِي الثَّلَاثَةِ الْمُتَسَاوِيَةِ الْقِيمَةِ، (أَوْ بِالْقِيمَةِ دُونَ الْعَدَدِ كَسِتَّةٍ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ مِائَةٌ وَقِيمَةُ اثْنَيْنِ مِائَةٌ وَ) قِيمَةُ (ثَلَاثَةٍ مِائَةٌ جُعِلَ الْأَوَّلُ وَالِاثْنَانِ جُزْءًا وَالثَّلَاثَةُ جُزْءًا) وَأُقْرِعَ بَيْنَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي عِتْقِ الِاثْنَيْنِ إنْ خَرَجَ وَافَقَ ثُلُثُ الْعَدَدِ ثُلُثَ الْقِيمَةِ فَقَوْلُهُ دُونَ الْعَدَدِ صَادِقٌ بِبَعْضِ الْأَجْزَاءِ فِي مُقَابَلَتِهِ لِلْمُثْبَتِ قَبْلَهُ فِي جَمِيعِ الْأَجْزَاءِ وَلَا يَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ بِالْعَدَدِ دُونَ الْقِيمَةِ (وَإِنْ تَعَذَّرَ بِالْقِيمَةِ) مَعَ الْعَدَدِ (كَأَرْبَعَةٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ فَفِي قَوْلٍ يُجَزَّءُونَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ وَاحِدٌ) جُزْءٌ (وَوَاحِدٌ) جُزْءٌ (وَاثْنَانِ) جُزْءٌ. (فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لِوَاحِدٍ عَتَقَ ثُمَّ أُقْرِعَ لِتَتْمِيمِ الثُّلُثِ) بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّهْذِيبِ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الْعِتْقِ عَتَقَ ثُلُثُهُ (أَوْ) خَرَجَ الْعِتْقُ (لِلِاثْنَيْنِ رَقَّ الْآخَرَانِ ثُمَّ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ، (فَيَعْتِقُ مَنْ خَرَجَ لَهُ الْعِتْقُ وَثُلُثُ الْآخَرِ وَفِي قَوْلٍ يُكْتَبُ اسْمُ كُلِّ عَبْدٍ فِي رُقْعَةٍ) وَيُخْرِجُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ رُقْعَةً ثُمَّ أُخْرَى (فَيَعْتِقُ مَنْ خَرَجَ أَوَّلًا وَثُلُثُ الثَّانِي قُلْت) كَمَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْقَوْلَانِ فِي اسْتِحْبَابٍ وَقِيلَ إيجَابٍ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ. وَالْأَصْلُ فِي الْقُرْعَةِ مَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» وَالظَّاهِرُ تَسَاوِي الْأَثْلَاثِ فِي الْقِيمَةِ. (وَإِذَا أَعْتَقْنَا بَعْضَهُمْ بِقُرْعَةٍ فَظَهَرَ مَالٌ وَخَرَجَ كُلُّهُمْ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقُوا وَلَهُمْ كَسْبُهُمْ مِنْ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَارِثُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ) إذْ لَا مُوجِبَ لِلرُّجُوعِ بِهِ (وَإِنْ خَرَجَ بِمَا ظَهَرَ عَبْدٌ آخَرُ) فِيمَا إذَا عَتَقَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَاحِدٌ. (أُقْرِعَ) بَيْنَ الْبَاقِينَ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ الْعِتْقُ عَتَقَ (وَمَنْ عَتَقَ بِقُرْعَةٍ حُكِمَ بِعِتْقِهِ مِنْ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ حِينَئِذٍ وَلَهُ كَسْبُهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ غَيْرَ   [حاشية قليوبي] تَعَدُّدِ الْإِخْرَاجِ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى فَصْلِ الْأَمْرِ، قَوْلُهُ: (عَلَى الْحُرِّيَّةِ) أَوْ عَلَى الرِّقِّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (بِسَهْمِي رِقٌّ وَسَهْمُ عِتْقٍ) أَوْ بِكِتَابَةِ الْأَسْمَاءِ كَمَا مَرَّ وَسَيَذْكُرُهُ قَوْلُهُ: (كَسِتَّةٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ) أَوْ قِيمَةُ ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ مِائَةٌ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ خَمْسُونَ خَمْسُونَ فَيُضَمُّ خَسِيسٌ إلَى نَفِيسٍ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ بِالْعَدَدِ دُونَ الْقِيمَةِ) أَيْ بِحَيْثُ تَكُونُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ كُلُّ جُزْءٍ قَدْرُ الثُّلُثِ قِيمَةً وَعَدَدًا مَعًا فَلَا يُنَافِي مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ تَمْثِيلِهِ بِالسِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِلِاسْتِوَاءِ فِي الْعَدَدِ دُونَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْقِيمَةِ كَمَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَطَعَ النَّظَرَ عَنْ الْعَدَدِ، قَوْلُهُ: (كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّهْذِيبِ) وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ أَبْقَى الِاثْنَيْنِ عَلَى حَالِهِمَا وَتَرَدَّدَ فِيمَا إذَا خَرَجَتْ لَهُمَا هَلْ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ سُدُسُهُ أَوْ يُقْرَعُ ثَانِيًا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَثُلُثُ الثَّانِي) أَيْ الَّذِي يَخْرُجُ اسْمُهُ ثَانِيًا، قَوْلُهُ: (فِي اسْتِحْبَابِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. تَنْبِيهٌ: لَوْ أَعْتَقَ عَبِيدًا مُرَتَّبًا قُدِّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ إلَى تَمَامِ الثُّلُثِ وَلَا إقْرَاعَ،. قَوْلُهُ: (مِنْ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ) أَيْ وَقْتِهِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ عَتَقُوا وَبِقَوْلِهِ لَهُمْ كَسْبُهُمْ وَيَتَبَيَّنُ فَسَادُ تَصَرُّفِ الْوَارِثِ فِيهِمْ، وَلَوْ وَقْفًا وَتَزْوِيجًا وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ عَلَيْهِمْ تَمَامَ حَدِّ نَحْوِ زِنًا وَكَالْكَسْبِ الْوَلَدُ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ وَفَارَقَ مَا هُنَا كَسْبُ الْمُوصِي بِعِتْقِهِ بَعْدَهُ ثُمَّ قَبْلَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْوَارِثِ قَبْلَهُ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَرْجِعُ الْوَارِثُ بِمَا أَنْفَقَ) وَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِخِدْمَتِهِمْ إنْ خَدَمُوا بِغَيْرِ اسْتِخْدَامِهِ وَإِلَّا رَجَعُوا عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (فِيمَا إذَا عَتَقَ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ) قَيَّدَ بِهَذَا الْمِثَالِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَبْدٌ آخَرُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ لَكِنْ   [حاشية عميرة] لِأَنَّ مَا يَعْتِقُ يَجِبُ أَنْ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ، وَنَقَلَا فِي الْوَصَايَا عَنْ ابْنِ الْأُسْتَاذِ تَصْحِيحَ الثَّانِي. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّ الثَّالِثَ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُكْتَبُ فِي ثِنْتَيْنِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ ضِعْفُ الْحُرِّيَّةِ ثُمَّ قِيلَ هَذَا وَاجِبٌ وَقِيلَ احْتِيَاطٌ فَلَوْ كَتَبَ وَاحِدَةً لِلرِّقِّ وَأُخْرَى لِلْحُرِّيَّةِ كَفَى ثُمَّ إنْ خَرَجَتْ الَّتِي لِلْحُرِّيَّةِ انْفَصَلَ الْأَمْرُ وَإِلَّا اُحْتِيجَ إلَى إدْرَاجِ الْقُرْعَةِ فِي الْبُنْدُقَةِ ثَانِيًا. قَالَ الْإِمَامُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ احْتِيَاطٌ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْكَيْفِيَّةَ الْأُولَى أَوْلَى، لَكِنْ صَوَّبَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَغَيْرُهُمَا الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ فِيهَا يَكُونُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَهِيَ أَقْرَبُ إلَى فَصْلِ الْأَمْرِ، قَوْلُهُ: (فَقَوْلُهُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ اعْتَرَضَ الْمَتْنَ بِأَنَّ الْمِثَالَ غَيْرُ مُطَابِقٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّ السِّتَّةَ لَهَا ثُلُثٌ صَحِيحٌ، فَالتَّوْزِيعُ مُمْكِنٌ بِالْعَدَدِ دُونَ الْقِيمَةِ قَالَ وَصَوَابُ الْمِثَالِ خَمْسَةٌ، قِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَاثْنَيْنِ مِائَةٌ وَاثْنَيْنِ مِائَةٌ فَصَوَابُ عِبَارَةِ الْكِتَابِ، وَإِنْ أَمْكَنَ بِالْعَدَدِ دُونَ الْقِيمَةِ قَالَ وَقَدْ صَرَّحَ بِمَا ذَكَرْنَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 357 مَحْسُوبٍ مِنْ الثُّلُثِ وَمَنْ بَقِيَ رَقِيقًا قُوِّمَ يَوْمَ الْمَوْتِ وَحُسِبَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ هُوَ وَكَسْبُهُ الْبَاقِي قَبْلَ الْمَوْتِ لَا الْحَادِثُ بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْوَارِثِ (فَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثَةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ، قِيمَةِ كُلٍّ) مِنْهُمْ (مِائَةٌ فَكَسَبَ أَحَدُهُمَا مِائَةً) قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ (فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لِلْكَاسِبِ عَتَقَ وَلَهُ الْمِائَةُ وَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِهِ عَتَقَ ثُمَّ أُقْرِعَ) بَيْنَ الْبَاقِيَيْنِ الْكَاسِبِ وَغَيْرِهِ، (فَإِنْ خَرَجَتْ) الْقُرْعَةُ (لِغَيْرِهِ عَتَقَ ثُلُثُهُ) لِضَمِيمَةِ مِائَةِ الْكَسْبِ (وَإِنْ خَرَجَتْ) الْقُرْعَةُ (لَهُ) أَيْ لِمَكَاسِبَ (عَتَقَ رُبُعُهُ وَتَبِعَهُ رُبُعُ كَسْبِهِ) وَيَكُونُ لِلْوَارِثِ الْبَاقِي مِنْهُ وَمِنْ كَسْبِهِ مَعَ الْعَبْدِ الْآخَرِ وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ضَعْفُ مَا عَتَقَ وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ طَرِيقَةً بِالْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ فَقَالَ وَيُسْتَخْرَجُ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ بِأَنْ يُقَالَ عَتَقَ مِنْ الثَّانِي شَيْءٌ وَتَبِعَهُ مِنْ الْكَسْبِ مِنْهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْ الثُّلُثِ فَبَقِيَ لِلْوَارِثِ ثَلَاثُمِائَةٍ سِوَى شَيْئَيْنِ تَعْدِلُ مِثْلَيْ مَا أَعْتَقْنَاهُ وَهُوَ مِائَةٌ وَشَيْءٌ فَمِثْلَاهُ مِائَتَانِ وَشَيْئَانِ وَذَلِكَ يُقَابِلُ ثَلَاثَمِائَةٍ سِوَى شَيْئَيْنِ فَتُجْبَرُ وَتُقَابَلُ، فَمِائَتَانِ وَأَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ تُقَابِلُ ثَلَاثَمِائَةٍ تُسْقِطُ الْمِائَتَيْنِ بِالْمِائَتَيْنِ فَيَبْقَى أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ فِي مُقَابَلَةِ مِائَةٍ فَالشَّيْءُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَعَلِمْنَا أَنَّ الَّذِي عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ رُبُعُهُ وَتَبِعَهُ مِنْ الْكَسْبِ رُبُعُهُ غَيْرَ مَحْسُوبٍ مِنْ الثُّلُثِ. . فَصْلٌ فِي الْوَلَاءِ (مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ رَقِيقٌ بِإِعْتَاقٍ أَوْ كِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ وَاسْتِيلَادٍ وَقَرَابَةٍ وَسِرَايَةٍ فَوَلَاؤُهُ لَهُ) أَمَّا بِالْإِعْتَاقِ فَلِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَأَمَّا بِغَيْرِهِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ، (ثُمَّ لِعَصَبَتِهِ) الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ لِحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْوَلَاءِ الْإِرْثُ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ. (وَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا وَأَوْلَادِهِ وَعُتَقَائِهِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ (فَإِنْ عَتَقَ عَلَيْهَا أَبُوهَا ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ بِلَا وَارِثٍ فَمَالُهُ لِلْبِنْتِ) ؛ لِأَنَّهُ عَتِيقُ عَتِيقِهَا، (وَالْوَلَاءُ لِأَعْلَى   [حاشية قليوبي] فِيمَا لَوْ عَتَقَ أَوَّلًا عَبْدٌ وَبَعْضُ عَبْدٍ ثُمَّ ظَهَرَ مَالٌ هَلْ يُكْمِلُ بَقِيَّةَ الْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ أَوْ يُقْرِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَاَلَّذِي مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا الْأَوَّلُ حَذَرًا مِنْ زِيَادَةِ التَّشْقِيصِ قَوْلُهُ: (قُوِّمَ يَوْمَ الْمَوْتِ) إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى وَقْتِ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَقَلُّ قِيمَةٍ مِنْ وَقْتِ الْإِعْتَاقِ إلَى وَقْتِ قَبْضِ الْوَارِثِ التَّرِكَةَ، قَوْلُهُ: (ضَعْفُ مَا عَتَقَ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ مِنْ كَسْبِهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ بَقِيَ مِنْهُ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ وَهِيَ مَعَ قِيمَةِ الْعَبِيدِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ ثُلُثَاهَا مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ لِلْوَرَثَةِ وَثُلُثُهَا مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِلْعِتْقِ، قَوْلُهُ: (طَرِيقَةٌ بِالْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ) وَهِيَ أَنْ يُقَالَ عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ الثَّانِي شَيْءٌ وَتَبِعَهُ مِنْ كَسْبِهِ شَيْءٌ مِثْلُهُ، يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ إلَّا شَيْئَيْنِ تَعْدِلُ مِثْلَيْ مَا عَتَقَ وَهُوَ مِائَةٌ وَشَيْءٌ وَمِثْلَاهُ مِائَتَانِ وَشَيْئَانِ وَذَلِكَ يَعْدِلُ ثَلَاثَمِائَةٍ إلَّا شَيْئَيْنِ فَتُجْبَرُ وَتُقَابَلُ فَمِائَتَانِ وَأَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ تَعْدِلُ ثَلَاثَمِائَةٍ تُسْقِطُ مِنْهَا الْمِائَتَيْنِ يَبْقَى مِائَةٌ، تَعْدِلُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ فَالشَّيْءُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ. فَعُلِمَ أَنَّ الَّذِي عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ رُبُعُهُ وَتَبِعَهُ رُبُعٌ كَسْبِهِ. فَصْلٌ فِي الْوَلَاءِ وَهُوَ بِالْمَدِّ وَفَتْحِ الْوَاوِ لُغَةً الْقَرَابَةُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُوَالَاةِ وَهِيَ الْمُعَاوَنَةُ وَالْمُقَارَبَةُ وَشَرْعًا عُصُوبَةٌ سَبَبُهَا نِعْمَةُ الْمُعْتِقِ عَلَى رَقِيقٍ أَوْ يُقَالُ سَبَبُهَا زَوَالُ الْمِلْكِ عَنْ رَقِيقٍ بِالْحُرِّيَّةِ، قَوْلُهُ: (مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ رَقِيقٌ) الْمُرَادُ مَنْ وَقَعَ عَنْهُ عِتْقُ رَقِيقٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا دِينًا إنْ لَمْ يَرِثْهُ سَوَاءٌ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِهِ بِعِوَضٍ أَوْ دُونَهُ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَصَحَّحْنَاهُ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ فِي جَعْلِ وَلَائِهِ لِمَالِكِهِ، فَخَرَجَ بِذَلِكَ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ وَاشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ   [حاشية عميرة] فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَسَنٌ وَفِيهِ تَصْحِيحٌ لِكَلَامِ الْمَتْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ قَوْلُهُ: (لِلْمُثْبِتِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَإِنْ كَانُوا فَوْقَ ثَلَاثَةٍ إلَخْ. قَوْلُهُ: (بَيْنَ الِاثْنَيْنِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ لِلِاثْنَيْنِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ) ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي اسْتِحْبَابِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حَاصِلٌ بِكُلٍّ وَوَجْهُ الْوُجُوبِ مُرَاعَاةُ ظَاهِرِ مَا وَرَدَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَتَقُوا) أَيْ بَانَ عِتْقُهُمْ مِنْ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ نَكَحَ أَمَةً لَا تُبَاحُ فِي الْحُرِّيَّةِ بَطَلَ نِكَاحُهَا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَرْجِعُ الْوَارِثُ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ أَنْفَقَ مَنْ ظَنَّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ ثُمَّ بَانَ فَسَادُ النِّكَاحِ، وَكَالْإِنْفَاقِ عَلَى الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى الْمَبْتُوتَةِ بِنِيَّةِ الْحَمْلِ ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمٌ. [فَصْلٌ فِي الْوَلَاءِ] فَصْلٌ مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ رَقِيقٌ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِإِعْتَاقٍ) مِنْهُ شِرَاءُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ نَعَمْ أَوْ رُدَّ مَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ مَوْقُوفًا عَلَى النَّصِّ ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي ثُبُوتِ الْوَلَاءِ بَيْنَ الِاتِّفَاقِ فِي الدِّينِ، وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ. فَرْعٌ: أَعْتَقَ شَخْصًا كَافِرًا ثُمَّ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَاسْتَرَقَّهُ آخَرُ، وَأَعْتَقَهُ، حَكَى ابْنُ الْقَطَّانِ وَالدَّارِمِيُّ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ لِلْأَوَّلِ لِلثَّانِي بَيْنَهُمَا وَالرَّاجِحُ الثَّانِي فَقَدْ. قَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ إنَّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ لِعَصَبَتِهِ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ الْإِرْثُ بِهِ لَا نَفْسُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 358 الْعَصَبَاتِ) كَابْنِ الْمُعْتِقِ مَعَ ابْنِ ابْنِهِ. (وَمَنْ مَسَّهُ رِقٌّ فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ إلَّا لِمُعْتِقِهِ وَعَصَبَتِهِ) فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِمُعْتِقِ أَحَدٍ مِنْ أُصُولِهِ وَصُورَتُهُ أَنْ تَلِدَ رَقِيقَةٌ رَقِيقًا مِنْ رَقِيقٍ أَوْ حُرٍّ وَأُعْتِقَ الْوَلَدُ أَوْ أُعْتِقَ أَبَوَاهُ أَوْ أُمُّهُ، (وَلَوْ نَكَحَ عَبْدٌ مُعْتَقَةً فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى الْأُمِّ) ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِعِتْقِهَا، (فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ انْجَرَّ) الْوَلَاءُ (إلَى مَوَالِيهِ وَلَوْ مَاتَ الْأَبُ رَقِيقًا وَعَتَقَ الْجَدُّ انْجَرَّ إلَى مَوَالِيهِ فَإِنْ أُعْتِقَ الْجَدُّ وَالْأَبُ رَقِيقًا انْجَرَّ) إلَى مَوَالِيهِ أَيْضًا (فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ بَعْدَهُ انْجَرَّ) مِنْ مَوَالِي الْجَدِّ (إلَى مَوَالِيهِ وَقِيلَ) لَا يَنْجَرُّ إلَى مَوَالِي الْجَدِّ بَلْ (يَبْقَى لِمَوْلَى الْأُمِّ حَتَّى يَمُوتَ الْأَبُ فَيَنْجَرَّ إلَى مَوَالِي الْجَدِّ وَلَوْ مَلَكَ هَذَا الْوَلَدُ أَبَاهُ جَرَّ وَلَاءَ إخْوَتِهِ لِأَبِيهِ) مِنْ مَوْلَى الْأُمِّ (إلَيْهِ، وَكَذَا وَلَاءُ نَفْسِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْأَبُ غَيْرَهُ ثُمَّ يَسْقُطُ وَيَصِيرُ كَحُرٍّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَا يَجُرُّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَاءٌ. .   [حاشية قليوبي] وَمَنْ طَرَأَ لَهُ الرِّقُّ بَعْدَ وَلَائِهِ كَعَتِيقٍ كَافِرٍ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتُرِقَّ ثُمَّ مَلَكَهُ غَيْرُ سَيِّدِهِ الْأَوَّلِ، وَأَعْتَقَهُ فَوَلَاؤُهُ فِي هَذَا لِلثَّانِي لَا لِلْأَوَّلِ وَلَا بَيْنَهُمَا وَمِنْهُ لَوْ أَعْتَقَ الْإِمَامُ عَبْدَ بَيْتِ الْمَالِ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لَهُ، قَوْلُهُ: (ثُمَّ لِعَصَبَتِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْإِرْثُ بِهِ لَا أَنَّهُ انْتَقَلَ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ لَهُمْ وَلَوْ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَالْوَلَاءُ لِأَعْلَى الْعَصَبَاتِ فَلَوْ خَلَفَ الْمُعْتِقُ ابْنَيْنِ فَالْوَلَاءُ لَهُمَا فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنٍ فَالْوَلَاءُ لِعَمِّهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْوَارِثَ لِأَبِيهِ فَلَوْ مَاتَ الْآخَرُ عَنْ تِسْعَةِ بَنِينَ، فَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْعَشَرَةِ بِالسَّوِيَّةِ وَلَوْ أَعْتَقَ عَتِيقٌ أَبَا مُعْتِقِهِ فَلِكُلٍّ الْوَلَاءُ عَلَى الْآخَرِ، وَلَوْ أَعْتَقَ أَجْنَبِيٌّ أُخْتَيْنِ فَاشْتَرَيَا أَبَاهُمَا يَعْتِقُ عَلَيْهِمَا فَلَيْسَ لِإِحْدَاهُمَا وَلَاءٌ عَلَى الْأُخْرَى، وَلَوْ أَعْتَقَ كَافِرٌ مُسْلِمًا وَلَهُ ابْنَانِ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ فَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ فِي حَيَاةِ مُعْتِقِهِ فَمِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِ فَقَطْ فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَوَلَاؤُهُ لَهُمَا، قَوْلُهُ: (لُحْمَةٌ) بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِهَا بِمَعْنَى الِاخْتِلَاطِ أَوْ بِمَعْنَى الْمُلَاصَقَةِ وَتَفْسِيرُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِالْقَرَابَةِ بَعِيدٌ، قَوْلُهُ: (وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْوَلَاءِ الْإِرْثُ) هُوَ إشَارَةٌ لِلْمُرَادِ بِالتَّرْتِيبِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا مَرَّ وَكَالْإِرْثِ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ، تَحَمُّلُ الدِّيَةِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ، قَوْلُهُ: (بِلَا وَارِثٍ) لِلْعَبْدِ وَالْأَبِ. قَوْلُهُ: (فَمَالُهُ لِلْبِنْتِ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ عَصَبَةُ نَسَبٍ كَأَخٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ وَإِلَّا فَمَالُهُ لَهُ وَلَا شَيْءَ لَهَا وَقَدْ غَلَطَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعُمِائَةِ قَاضٍ غَيْرُ الْمُتَفَقِّهَةِ لَكِنْ صَوَّرَ بَعْضُهُمْ مَسْأَلَةَ الْقَضَاءِ بِغَيْرِ هَذِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَكَحَ عَبْدٌ مُعْتَقَةً) بِفَتْحِ التَّاءِ أَيْ عَتِيقَةً لِغَيْرِهِ فَوَلَاءُ أَوْلَادِهِ لِمُعْتِقِ أَبِيهِمْ وَخَرَجَ بِالْعَبْدِ الْحُرُّ، فَأَوْلَادُهُ مِنْهَا أَحْرَارٌ أَصَالَةً لَا وَلَاءَ عَلَيْهِمْ لِأَحَدٍ وَإِنْ طَرَأَ لِأَبَوَيْهِ رِقٌّ ثُمَّ عَتَقُوا عَلَى الرَّاجِحِ وَخَرَجَ بِالْعَتِيقَةِ الْحُرَّةُ إذَا نَكَحَهَا الْعَبْدُ فَأَوْلَادُهُ مِنْهَا أَحْرَارٌ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِمْ، لِأَحَدٍ مَا دَامَ رَقِيقًا فَإِذَا عَتَقَ ثَبَتَ الْوَلَاءُ لِمَوَالِيهِ. قَوْلُهُ: (انْجَرَّ الْوَلَاءُ إلَى مَوَالِيه) وَلَا يَعُودُ إلَى مَوَالِي الْأُمِّ وَإِنْ عَدِمَ مَوَالِيَ الْأَبِ بَلْ هُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ عَلَى الرَّاجِحِ، قَوْلُهُ: (جَرَّ وَلَاءَ إخْوَتِهِ لِأَبِيهِ) وَلَوْ مَعَ أُمِّهِ. قَوْلُهُ: (لَا يَجُرُّهُ) بَلْ يَبْقَى لِمَوَالِي أُمِّهِ قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ وَعَلَى هَذَا لَوْ مَاتَتْ إخْوَتُهُ وَرِثَهُمْ مَوَالِي أُمِّهِ؛ لِأَنَّ لَهُمْ الْوَلَاءَ عَلَى هَذَا الْوَلَدِ الَّذِي لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى إخْوَتِهِ بِعِتْقِ أَبِيهِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَخْ) وَلِهَذَا إذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ وَعَتَقَ بِأَدَاءِ الثَّمَنِ أَوْ النُّجُومِ كَانَ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ لَا لِنَفْسِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.   [حاشية عميرة] كَالنَّسَبِ، سَوَاءٌ. قَالَ الْمُتَوَلِّي وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ ثُبُوتَ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ إنَّمَا هُوَ لِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ النِّعْمَةِ، وَهِيَ لَيْسَتْ لِوَرَثَتِهِ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُمْ وَلَاءٌ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ ثُمَّ لِعَصَبَتِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ إرْثِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْعَتِيقِ الْمُسْلِمِ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ الْكَافِرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَصَبَةِ السَّابِقَةِ الْعَصَبَةُ بِنَفْسِهِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا) أَيْ لِلْحَدِيثِ وَأَمَّا أَوْلَادُهُ وَعُتَقَاؤُهُ فَلِأَنَّ نِعْمَةَ الْعِتْقِ سَرَتْ إلَيْهِمْ تَبَعًا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِلَا وَارِثٍ) مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الْوَارِثِ الْمَنْفِيِّ عَصَبَةُ الْأَبِ وَلَوْ بَعُدَتْ فَإِنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْبِنْتِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي غَلِطَ فِيهَا أَرْبَعُمِائَةٍ قَاضٍ حَيْثُ قَالُوا: إنَّ الْبِنْتَ هِيَ الْوَارِثَةُ، وَغَفَلُوا عَنْ كَوْنِ الْمُقَدَّمِ الْمُعْتِقَ ثُمَّ عَصَبَتَهُ ثُمَّ مُعْتِقَ الْمُعْتِقِ وَصَوَّرَهَا الْإِمَامُ بِأَخٍ وَأُخْتٍ اشْتَرَيَا أَبَاهُمَا فَعَتَقَ، ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا وَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ فَالْمِيرَاثُ لِلْأَخِ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ عَتِيقُ عَتِيقِهَا) لَا؛ لِأَنَّهَا بِنْتُ مُعْتِقِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ مَسَّهُ رِقٌّ) أَيْ فَعَتَقَ فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ أَيْ فَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ اسْتِرْسَالِ الْوَلَاءِ عَلَى أَوْلَادِ الْعَتِيقِ، وَأَحْفَادِهِ وَاسْتَثْنَى الرَّافِعِيُّ مَعَهَا مَنْ أَبُوهُ حُرُّ الْأَصْلِ فَلَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ لِمَوَالِي أُمِّهِ، قَوْلُهُ (فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ نِعْمَةَ مُعْتِقِهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى النِّعْمَةِ الَّتِي عَلَى أُصُولِهِ فَلَا تَتَنَاوَلُهُ بِحَالٍ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ أَعْتَقَ الْجَدُّ) أَيْ أَبُو الْأَبِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَبْقَى إلَخْ) هَذَا الْخِلَافُ قَرِيبٌ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ أَسْلَمَ الْجَدُّ وَالْأَبُ كَافِرٌ وَلَهُ أَطْفَالٌ هَلْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِمْ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَسْقُطُ) هَذَا الْوَجْهُ زَيَّفَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ الْوَلَاءَ إذَا ثَبَتَ لَا يَسْقُطُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (قُلْت الْأَصَحُّ إلَخْ) لَوْ فُرِضَ عَلَى هَذَا مَوْتُ الْإِخْوَةِ مِنْ مَوَالِي الْأُمِّ خَاصَّةً، فَهَلْ يَرِثُونَهُمْ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُمْ الْوَلَاءَ عَلَى هَذَا الْوَلَدِ الَّذِي لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى إخْوَتِهِ مِنْ حَيْثُ إعْتَاقُ الْأَبِ الظَّاهِرِ نَعَمْ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَخْ) أَيْ فَيَبْقَى لِمَوَالِي أُمِّهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 359 كِتَابُ التَّدْبِيرِ هُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِالْمَوْتِ الَّذِي هُوَ دُبُرُ الْحَيَاةِ (صَرِيحُهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ إذَا مِتُّ أَوْ مَتَى مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَعْتَقْتُك بَعْدَ مَوْتِي، وَكَذَا دَبَّرْتُك أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَاهُ وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ مُخْرِجٌ مِنْ الْكِتَابَةِ هُوَ كِنَايَةٌ لِخُلُوِّهِ عَنْ لَفْظِ الْعِتْقِ وَالْحُرِّيَّةِ، (وَيَصِحُّ بِكِنَايَةِ عِتْقٍ مَعَ نِيَّةٍ كَخَلَّيْتُ سَبِيلَكَ بَعْدَ مَوْتِي) بِنِيَّةِ الْعِتْقِ. (وَيَجُوزُ) التَّدْبِيرُ (مُقَيَّدًا كَإِنْ مِتُّ فِي ذَا الشَّهْرِ أَوْ الْمَرَضِ فَأَنْتَ حُرٌّ) فَإِنْ مَاتَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا (وَمُعَلَّقًا كَإِنْ دَخَلْت) الدَّارَ (فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَمَاتَ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا وَيُشْتَرَطُ الدُّخُولُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ) فِي حُصُولِ الْعِتْقِ (فَإِنْ قَالَ إنْ مِتُّ ثُمَّ دَخَلْت) الدَّارَ (فَأَنْتَ حُرٌّ اُشْتُرِطَ دُخُولٌ بَعْدَ الْمَوْتِ) فِي حُصُولِ الْعِتْقِ (وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ بَيْعُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ) وَلَهُ كَسْبُهُ (وَلَوْ قَالَ إذَا مِتُّ وَمَضَى شَهْرٌ فَأَنْت حُرٌّ فَلِلْوَارِثِ اسْتِخْدَامُهُ فِي الشَّهْرِ لَا بَيْعُهُ) لِحَقِّ الْمَيِّتِ (وَلَوْ قَالَ إنْ شِئْت فَأَنْت مُدَبَّرٌ، أَوْ أَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إنْ شِئْت اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ مُتَّصِلَةً) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ (فَإِنْ قَالَ مَتَى شِئْت) بَدَلَ إنْ شِئْت (فَلِلتَّرَاخِي) وَتُشْتَرَطُ الْمَشِيئَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ، (وَلَوْ قَالَا لِعَبْدِهِمَا إذَا مُتْنَا فَأَنْت حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَمُوتَا) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ بَيْعُ نَصِيبِهِ) وَلَهُ إجَارَتُهُ ثُمَّ عِتْقُهُ بِمَوْتِهِمَا مَعًا قِيلَ عِتْقُ تَدْبِيرٍ، وَالصَّحِيحُ لَا لِتَعَلُّقِهِ بِمَوْتَيْنِ فَهُوَ عِتْقٌ بِحُصُولِ الصِّفَةِ وَفِي مَوْتِهِمَا مُرَتَّبًا قِيلَ لَا تَدْبِيرَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا يَصِيرُ نَصِيبُ الْآخَرِ مُدَبَّرًا وَنَصِيبُ الْمَيِّتِ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا. (وَلَا يَصِح ُّ تَدْبِيرُ مُكْرَهٍ وَمَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ، وَكَذَا مُمَيَّزٌ فِي الْأَظْهَرِ) ،   [حاشية قليوبي] كِتَابُ التَّدْبِيرِ هُوَ لُغَةً: النَّظَرُ فِي الْعَوَاقِبِ وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ، قَوْلُهُ: (بِالْمَوْتِ الَّذِي هُوَ دُبُرُ الْحَيَاةِ) أَيْ فَسُمِّيَ تَدْبِيرًا لِذَلِكَ وَقِيلَ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ دَبَّرَ أَمْرَ نَفْسِهِ فِي الدُّنْيَا بِاسْتِخْدَامِهِ وَفِي الْآخِرَةِ بِعِتْقِهِ، وَرَدَّهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِي الْأُمُورِ مَأْخُوذٌ مِنْ لَفْظِ الدُّبُرِ وَعُورِضَ بِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّظَرِ فِي الْعَوَاقِبِ كَمَا مَرَّ، وَكَانَ مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهُ الشَّرْعُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِالْمَوْتِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ وَصِيَّةً، كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُرَادُ مَوْتُ السَّيِّدِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ صِفَةٍ قَبْلَهُ لَا مَعَهُ وَلَا بَعْدَهُ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (أَنْتَ حُرٌّ) ، وَكَذَا عُضْوُهُ نَحْوُ يَدُك حُرَّةٌ أَوْ رِجْلُك أَوْ رَأْسُك، وَيَكُونُ مُدَبَّرًا جَمِيعُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ قَبْلَ التَّعْلِيقِ تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ مَحَلِّهِ، وَهَلْ هُوَ مِنْ السِّرَايَةِ أَوْ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ، وَيَظْهَرُ الثَّانِي كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَأَمَّا الْجُزْءُ الشَّائِعُ فَالْمُدَبَّرُ مَا ذَكَرَهُ فَقَطْ، نَحْوُ نِصْفُك أَوْ رُبُعُك فَإِنْ قَالَ بَعْضُك صَحَّ وَيَرْجِعُ لِمَا يُعَيِّنُهُ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ وَلَا يَضُرُّ اللَّحْنُ بِكَسْرِ التَّاءِ فِي مُذَكِّرٍ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ فَتْحُ الْكَافِ فِي مُؤَنَّثٍ أَوْ عَكْسِهِ، قَوْلُهُ: (مُخْرِجٌ مِنْ الْكِتَابَةِ) وَسَيَأْتِي مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ التَّدْبِيرَ مَشْهُورٌ فِي مَعْنَاهُ وَالْكِتَابَةُ لَا يَعْرِفُهَا إلَّا الْخَوَاصُّ، قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ بِكِنَايَةِ عِتْقٍ) ، وَكَذَا صَرِيحُ وَقْفٍ نَحْوُ حَبَسْتُك بَعْدَ مَوْتِي،. قَوْلُهُ: (مُقَيَّدًا) أَيْ بِمُمْكِنٍ لَا بِنَحْوِ أَلْفِ سَنَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَكَذَا لَوْ قَيَّدَ بِشَيْءٍ وَزَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ كَقَوْلِهِ إذَا مِتُّ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ قَبْلَ مَوْتِهِ زَالَ التَّدْبِيرُ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ قَرَأْت قُرْآنًا وَمُتُّ فَأَنْت حُرٌّ فَقَرَأَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ بِمَوْتِهِ، وَكَذَا إنْ قَالَ إنْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ بِالْهَمْزِ فَإِنْ ذَكَرَ الْقُرْآنَ بِغَيْرِ هَمْزٍ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا إنْ قَرَأَ جَمِيعَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ. كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فَرَاجِعْهُ، قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ الدُّخُولُ) لَا الْفَوْرِيَّةُ وَهَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ التَّدْبِيرِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ، قَوْلُهُ: (ثُمَّ دَخَلْت إلَخْ) وَهَذِهِ الصُّورَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا لَيْسَتَا مِنْ التَّدْبِيرِ بَلْ   [حاشية عميرة] [كِتَابُ التَّدْبِيرِ] ِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْتَ حُرٌّ) لَوْ قَالَ نَحْوَ: أَنْتَ حُرٌّ كَانَ أَحْسَنَ، قَوْلُهُ: (مِنْ الْكِتَابَةِ) أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا وَلَمْ يَقُلْ فَإِذَا أَدَّيْت فَأَنْت حُرٌّ، وَالْمَذْهَبُ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَحْتَمِلُ الْمُرَاسَلَةَ وَالْمُخَارَجَةَ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ، [التَّدْبِيرُ مُقَيَّدًا وَمُعَلَّقًا] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمُعَلَّقًا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّهُ إمَّا وَصِيَّةٌ أَوْ عِتْقٌ عَلَى صِفَةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ دَخَلَتْ) لَوْ أَتَى بِالْوَاوِ بَدَلَ ثُمَّ فَنَقَلَا عَنْ الْبَغَوِيّ اشْتِرَاطَ الدُّخُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْضًا، وَصَوَّبَ الزَّرْكَشِيُّ خِلَافَهُ وَقَالَ إنَّ هَذَا وَجْهٌ أَشَارَ فِي التَّتِمَّةِ إلَى أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ. وَقَالَ إنَّ الشَّيْخَيْنِ جَزَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَأَنَّ هَذَا وَجْهٌ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَالَهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُوَرِّثُهُ كَانَ لَهُ الْإِبْطَالُ وَنَظِيرُهُ الْوَصِيَّةُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَيْعُهُ) لَوْ نَجَّزَ عِتْقَهُ فَالظَّاهِرُ النُّفُوذُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُتَّصِلَةً) ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 360 وَالثَّانِي قَالَ لَا تَضْيِيعَ فِيهِ (وَيَصِحُّ مِنْ سَفِيهٍ) أَيْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ، (وَكَافِرٍ أَصْلِيٍّ) حَرْبِيٍّ أَوْ ذِمِّيٍّ (وَتَدْبِيرُ الْمُرْتَدِّ يُبْنَى عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ) فَعَلَى قَوْلِ بَقَائِهِ يَصِحُّ وَزَوَالِهِ لَا يَصِحُّ وَوَقْفِهِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ إنْ أَسْلَمَ بَانَ صِحَّتُهُ وَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بَانَ فَسَادَهُ (وَلَوْ دُبِّرَ ثُمَّ ارْتَدَّ لَمْ يَبْطُلْ) تَدْبِيرُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَبْطُلُ وَالثَّالِثُ يُبْنَى عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ إنْ بَقِيَ لَمْ يَبْطُلْ أَوْ زَالَ بَطَلَ أَوْ وُقِفَ وَقَفَ، وَوَجْهُ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ الصِّيَانَةُ لِحَقِّ الْعَبْدِ عَنْ الضَّيَاعِ، فَيَعْتِقُ إذَا مَاتَ السَّيِّدُ مُرْتَدًّا وَوَجْهُ الطَّرِيقِ الثَّانِي بِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ التَّدْبِيرُ لَنَفَذَ الْعِتْقُ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَشَرْطُ مَا يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ بَقَاءُ الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ وَمَالُ الْمُرْتَدِّ فَيْءٌ لَا إرْثٌ وَدُفِعَ بِأَنَّ الشَّرْطَ سَلَامَةُ الثُّلُثَيْنِ، لِلْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ وَرَثَةٍ أَوْ غَيْرِهِمْ، (وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُدَبَّرُ لَمْ يَبْطُلْ) تَدْبِيرُهُ فَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ مَوْتِهِ عَتَقَ. (وَلِحَرْبِيٍّ حَمْلُ مُدَبَّرِهِ) الْكَافِرِ الْكَائِنِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (إلَى دَارِهِمْ) بِخِلَافِ مُكَاتَبِهِ الْكَافِرِ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ لِاسْتِقْلَالِهِ، (وَلَوْ كَانَ لِكَافِرٍ عَبْدٌ مُسْلِمٌ فَدَبَّرَهُ نُقِضَ) تَدْبِيرُهُ أَيْ أُبْطِلَ (وَبِيعَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْهُ، وَهِيَ لَا تَحْصُلُ بِالتَّدْبِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِي كِتَابَةِ الذِّمِّيِّ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَسْأَلَةَ هُنَا وَلَا هِيَ فِي الرَّوْضَةِ. (وَلَوْ دَبَّرَ كَافِرٌ كَافِرًا فَأَسْلَمَ) الْعَبْدُ (وَلَمْ يَرْجِعْ السَّيِّدُ فِي تَدْبِيرٍ) بِالْقَوْلِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الرُّجُوعِ بِهِ الْآتِي، (نُزِعَ) الْعَبْدُ (مِنْ يَدِ   [حاشية قليوبي] هُمَا مِنْ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ، قَوْلُهُ: (وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي) أَيْ لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْفَوْرِيَّةُ فَتَجُوزُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْفَاءِ اشْتَرَطَ الْفَوْرِيَّةَ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ وَجَازَ الدُّخُولُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ مَعَ الْفَوْرِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ أَرَادَ شَيْئًا اُتُّبِعَ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِلشَّيْخَيْنِ اشْتِرَاطَ التَّرْتِيبِ فِيهَا مِثْلُ ثَمَّ إلَّا إنْ أَرَادَ الْقَبْلِيَّةَ، قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ بَيْعُهُ) وَلَا غَيْرُهُ مِمَّا يُزِيلُ الْمِلْكَ، وَمَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ إلَى مَنْعِ وَطْئِهَا، وَإِنْ لَمْ تَحْبَلْ حَسْمًا لِلْبَابِ كَالْمَرْهُونَةِ، نَعَمْ إنْ أَمَرَهُ الْوَارِثُ بِالدُّخُولِ فَامْتَنَعَ جَازَ لَهُ بَيْعُهُ قَطْعًا وَلَيْسَ لَهُ رَهْنُهُ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ تَنْجِيزُ عِتْقِهِ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ، وَهُوَ مَقْصُودٌ لَهُ وَعَلَى هَذَا لَيْسَ لَهُ تَنْجِيزُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ مُطْلَقًا وَالْأَوْلَى لِلْوَارِثِ فِي غَيْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ الْإِجَازَةُ لَا التَّنْجِيزُ فَتَأَمَّلْ، قَوْلُهُ: (وَلَهُ كَسْبُهُ) وَلَوْ بِإِجَارَةٍ وَهَلْ تَبْطُلُ بِدُخُولِهِ هُوَ مُحْتَمَلٌ فَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ عَتَقَ مَسْلُوبُ الْمَنْفَعَةِ مُدَّتَهَا، وَالْأُجْرَةُ لِلْوَارِثِ وَإِنْ بَطَلَتْ مَلَكَ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ وَقِيَاسُ أُمِّ الْوَلَدِ الْبُطْلَانُ وَمَا ذُكِرَ هُنَا يَجْرِي فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا، قَوْلُهُ: (إنْ شِئْت) فَإِنْ لَمْ يُخَاطَبْ فَهُوَ مِثْلُ مَتَى وَلَا عِبْرَةَ بِعَدَمِ الْمَشِيئَةِ بَعْدَ وُجُودِهَا وَلَا عَكْسُهُ إذَا شَرَطْنَا الْفَوْرَ، قَوْلُهُ: (قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ) مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهَا بَعْدَهُ، قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ لَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا قَوْلُهُ: (يَصِيرُ نَصِيبُ الْآخَرِ مُدَبَّرًا) فَلَهُ بَيْعُهُ وَيَبْطُلُ تَدْبِيرُهُ، قَوْلُهُ: (وَنَصِيبُ الْمَيِّتِ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا) بَلْ بَاقٍ عَلَى تَعْلِيقِهِ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ تَصَرُّفٌ فِيهِ فَإِذَا مَاتَ الثَّانِي عَتَقَ وَلَيْسَ تَدْبِيرًا وَفِي الْخَطِيبِ إنْ عَتَقَ نَصِيبُ الْمَيِّتِ الثَّانِي بِالتَّدْبِيرِ،. قَوْلُهُ: (وَمَجْنُونٌ) أَيْ حَالَ جُنُونِهِ فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّهُ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) وَرُدَّ بِإِلْغَاءِ عِبَارَتِهِ قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ مِنْ سَفِيهٍ) وَلِلْوَلِيِّ إبْطَالُهُ بِالْبَيْعِ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً وَيَصِحُّ مِنْ مَحْجُورِ فَلَسٍ وَمِنْ مُبَعَّضٍ لَا مِنْ مُكَاتَبٍ وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، قَوْلُهُ: (لَمْ يَبْطُلْ) وَإِنْ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُدَبَّرُ لَمْ يَبْطُلْ تَدْبِيرُهُ) وَلَا يُرَقَّ لَوْ سُبِيَ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ سَيِّدِهِ فَلَوْ مَاتَ سَيِّدُهُ جَازَ رِقُّهُ إنْ كَانَ عَتِيقَ ذِمِّيٍّ لَا إنْ كَانَ عَتِيقَ مُسْلِمٍ،. قَوْلُهُ: (وَلِحَرْبِيٍّ حَمْلُ مُدَبَّرِهِ لِدَارِ الْحَرْبِ) ، وَكَذَا أُمُّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبِهِ كِتَابَةً فَاسِدَةً، قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مُكَاتَبِهِ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً وَبِخِلَافِ الْمُنْتَقِلِ مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ وَبِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ بَعْدَ تَدْبِيرِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ حَمْلُهُمْ وَصُورَتُهُ فِي الْمُرْتَدِّ أَنْ يُسْلِمَ ثُمَّ يَرْتَدُّ بَعْدَ مَا ذُكِرَ، قَوْلُهُ: (وَبِيعَ عَلَيْهِ) هُوَ عَنْ عَطْفِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ نَقْضٌ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْضٍ قَبْلَهُ، قَوْلُهُ: (بِالْقَوْلِ) لَوْ حَمَلَهُ عَلَى الْبَيْعِ كَانَ أَوْلَى كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ وَلَعَلَّ الْحَامِلَ لِلشَّارِحِ عَلَى ذَلِكَ لَفْظُ الرُّجُوعِ دُونَ لَفْظِ الْإِزَالَةِ، قَوْلُهُ: (بِتَوَقُّعِ الْحُرِّيَّةِ) الَّتِي يُنْظَرُ فِي الشَّرْعِ لَهَا وَبِتَوَقُّعِ الْوَلَاءِ لِسَيِّدِهِ كَمَا فِي   [حاشية عميرة] التَّمْلِيكَ؛ وَلِأَنَّ الْخِطَابَ يَقْتَضِي جَوَابًا وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ، قَوْلُهُ: (قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ) اُنْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ إذَا مِتّ فَأَنْت حُرٌّ إنْ شِئْت حَيْثُ قَالُوا تُعْتَبَرُ الْمَشِيئَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ قَالَا إلَخْ) أَيْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا الصِّيغَةَ الْمَذْكُورَةَ، [تَدْبِيرُ مُكْرَهٍ وَمَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ] قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي قَالَ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ لِمَصْلَحَتِهِ وَالْمَصْلَحَةُ هُنَا فِي جَوَازِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَاشَ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ مَاتَ حَصَلَ الثَّوَابُ، وَقَدْ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْفَارِقِيُّ وَقَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعُقُودِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ بِالسَّفِيهِ، ثُمَّ الْخِلَافُ جَارٍ فِي وَصِيَّتِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ تَعْلِيقَ الصَّبِيِّ بَاطِلٌ قَطْعًا وَالْخِلَافُ جَارٍ هُنَا، وَإِنْ قُلْنَا هُوَ تَعْلِيقٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْوَصِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْعُقُودِ الْمَاضِيَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِحَرْبِيٍّ) صُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (نُقِضَ وَبِيعَ) لَوْ بِيعَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ كَفَى فِي تَحْصِيلِ الْغَرَضِ الْمَذْكُورِ،. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى فِعْلٍ وَلَا إنْشَاءِ قَبُولٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَكَانَ كَالتَّعْلِيقِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ وَصِيَّةٌ) لِاعْتِبَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ. [تَدْبِيرُ مُكَاتَبٍ وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُنَافِي مَقْصُودَ الْآخَرِ، قَوْلُهُ: (مِنْ مَوْتِ السَّيِّدِ إلَخْ) وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ أَوَّلًا وَخَرَجَ بَعْضُهُ مِنْ الثُّلُثِ فَقَطْ، عَتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضُ وَيَصِيرُ بَاقِيهِ مُتَوَقِّفًا عَلَى دَفْعِ قِسْطِهِ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، قَوْلُهُ: (وَفِي التَّهْذِيبِ ارْتَفَعَتْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ إذَا أَوْلَدَهَا السَّيِّدُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ عَجْزِهَا تَعْتِقُ عَنْ الْكِتَابَةِ، وَيَتْبَعُهَا كَسْبُهَا وَوَلَدُهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ، فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُكَاتَبَيْنِ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْأَدَاءِ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ إنْ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ، حِينَئِذٍ فَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 361 سَيِّدِهِ) وَجُعِلَ عِنْدَ عَدْلٍ دَفْعًا لِلذُّلِّ عَنْهُ (وَصُرِفَ كَسْبُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى سَيِّدِهِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى تَدْبِيرٍ لَا يُبَاعُ (وَفِي قَوْلٍ يُبَاعُ) عَلَيْهِ وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ دَفْعًا لِإِذْلَالِهِ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِتَوَقُّعِ الْحُرِّيَّةِ وَإِنْ رَجَعَ السَّيِّدُ فِي التَّدْبِيرِ بِالْقَوْلِ وَجَوَّزْنَا الرُّجُوعَ بِهِ بِيعَ عَلَيْهِ جَزْمًا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْبَيْعَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَلَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ (بَيْعُ الْمُدَبَّرِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاعَ مُدَبَّرَ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، (وَالتَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ وَفِي قَوْلٍ وَصِيَّةٌ) لِلْعَبْدِ بِعِتْقِهِ (فَلَوْ بَاعَهُ) السَّيِّدُ، (ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يُعَدْ التَّدْبِيرُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي قَوْلٍ عَلَى قَوْلِ التَّعْلِيقِ يَعُودُ عَلَى قَوْلِ عَوْدِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ، (وَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ بِقَوْلٍ كَأَبْطَلْتُهُ فَسَخْتُهُ بِقَبْضَتِهِ رَجَعْتُ فِيهِ صَحَّ إنْ قُلْنَا وَصِيَّةٌ وَإِلَّا فَلَا) يَصِحُّ (وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ مُدَبَّرٍ بِصِفَةٍ صَحَّ) تَعْلِيقُهُ، (وَعَتَقَ بِالْأَسْبَقِ مِنْ الْمَوْتِ وَالصِّفَةِ) فَفِي سَبْقِ الْمَوْتِ الْعِتْقُ بِالتَّدْبِيرِ (وَلَهُ وَطْءُ مُدَبَّرَتِهِ وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا) عَنْ التَّدْبِيرِ (فَإِنْ أَوْلَدَهَا بَطَلَ تَدْبِيرُهُ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ أَقْوَى مِنْهُ، (وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ أُمِّ وَلَدٍ) إذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ. (وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ مُكَاتَبٍ وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ) فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُدَبَّرًا مُكَاتَبًا فَيَعْتِقُ بِالْأَسْبَقِ مِنْ مَوْتِ السَّيِّدِ وَأَدَاءِ النُّجُومِ، وَذَلِكَ فِي الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ فَإِنْ قُلْنَا وَصِيَّةٌ بَطَلَ بِالْكِتَابَةِ وَيَبْطُلُ أَيْضًا إذَا أُدِّيَتْ النُّجُومُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهَا فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَمِثْلُهَا الثَّانِيَةُ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ فِي التَّنْبِيهِ وَفِي التَّهْذِيبِ ارْتَفَعَتْ. وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَا تَبْطُلُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ مُكَاتَبَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَيَتْبَعُهُ وَلَدُهُ وَكَسْبُهُ انْتَهَى، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونَانِ لِلسَّيِّدِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْعِتْقِ بِالتَّدْبِيرِ. . فَصْلٌ. إذَا (وَلَدَتْ مُدَبَّرَةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا) وَلَدًا حَدَثَ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ (لَا يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ حُكْمُ التَّدْبِيرِ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَا   [حاشية قليوبي] الْمَنْهَجِ،. قَوْلُهُ: (أَيْ لِلسَّيِّدِ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَلِيِّهِ فِي السَّفِيهِ، قَوْلُهُ: (بَيْعُ الْمُدَبَّرِ) أَوْ هِبَتُهُ أَوْ نَحْوُهَا مِمَّا يُزِيلُ الْمِلْكَ، قَوْلُهُ: (رَوَاهُ الشَّيْخَانِ) وَفِي الرِّوَايَةِ أَنَّ بَيْعَهُ كَانَ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ عَائِشَةَ بَاعَتْ مُدَبَّرَةً لَهَا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، قَوْلُهُ: (تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ) لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَى فِعْلٍ أَوْ قَبُولٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ طُرُقٌ وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْعَوْدِ عَلَى قَوْلِ الْوَصِيَّةِ، كَذَا قِيلَ وَهُوَ فِي الثَّانِي مُسْلِمٌ وَفِي الْأَوَّلِ مَمْنُوعٌ إذْ الْخِلَافُ الْمَبْنِيُّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ، وَاشْتَمَلَ عَلَى قَطْعٍ يُسَمَّى طُرُقًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ سَيْرِ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ إذْ الْمَعْنَى أَنَّا إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ لَمْ يُعَدَّ هُنَا قَطْعًا وَإِنْ قُلْنَا بِعَوْدِ الْحِنْثِ فَفِيهِ هُنَا قَوْلَانِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْعِتْقُ بِالتَّدْبِيرِ) أَيْ إنْ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَالْبَاقِي بِوُجُودِ الصِّفَةِ. نَعَمْ إنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِلَا مَرَضٍ بِيَوْمٍ أَوْ قَبْلَ مَرَضِي الَّذِي أَمُوتُ فِيهِ بِيَوْمٍ عَتَقَ كُلُّهُ بِمَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ وَهَذِهِ حِيلَةٌ فِي عِتْقِ الْمُدَبَّرِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، قَوْلُهُ: (بَطَلَ تَدْبِيرُهُ) لَوْ قَالَ بَطَلَ تَدْبِيرُهَا لَكَانَ أَنْسَبَ،. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ مُكَاتَبٍ وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ) وَصَحَّ تَعْلِيقُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِصِفَةٍ فَيَكُونُ مُدَبَّرًا مُكَاتَبًا مُعَلَّقًا وَيَعْتِقُ بِالْأَسْبَقِ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَفِيهِ مَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِحَمْلِ الْبُطْلَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالنُّجُومِ وَحُمِلَ عَدَمُ الْبُطْلَانِ عَلَى أَنَّهُ يَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسَعْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَيَتَوَقَّفُ بَاقِيهِ عَلَى الْأَدَاءِ وَعَلَى هَذَا هَلْ يَتَوَقَّفُ عِتْقُ بَاقِيهِ عَلَى أَدَاءِ جَمِيعِ النُّجُومِ، أَوْ عَلَى قَدْرِ مَا يُقَابِلُ الْبَاقِيَ مِنْهَا يَظْهَرُ الْآنَ لِاحْتِمَالِ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ. فَصْلٌ فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقَةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُثْبِتُ) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. قَوْلُهُ: (بِجَامِعِ الْعِتْقِ إلَخْ) وَرُدَّ بِجَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرَةِ. قَوْلُهُ: (ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ التَّدْبِيرِ) أَيْ إنْ كَانَ مِلْكُهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُهُ فَإِنْ مَاتَ فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ حَامِلٌ تَبِعَهَا. قَوْلُهُ: (بِالْقَوْلِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَهَا حَامِلًا تَبِعَهَا فِي الْبَيْعِ حَيْثُ كَانَ مُتَّصِلًا وَبَطَلَ تَدْبِيرُهُ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَتْبَعُهَا فِي الرُّجُوعِ) أَيْ كَمَا يَتْبَعُهَا فِي التَّدْبِيرِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ لِلْعِتْقِ قُوَّةً قَوْلُهُ:   [حاشية عميرة] تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَهُ وَلَدُهُ وَكَسْبُهُ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ مُكَاتَبَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَكَمَا لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْكِتَابَةِ بِالْإِعْتَاقِ، وَجَبَ أَنْ لَا يَمْلِكَهُ بِالتَّدْبِيرِ، قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْبُطْلَانِ زَوَالَ الْعَقْدِ دُونَ سُقُوطِ أَحْكَامِهِ انْتَهَى. قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ الثَّالِثِ بَعْضُ الْعَبْدِ عَتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضُ وَيَبْقَى بَاقِيهِ مُكَاتَبًا يَعْتِقُ بِأَدَاءِ قِسْطِهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ النَّصِّ وَأَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ، قَوْلُهُ: (لَا تَبْطُلُ) أَيْ بَلْ يَعْتِقُ بِالْمَوْتِ عَنْهَا فَيَتْبَعُهُ وَلَدُهُ وَكَسْبُهُ، قَوْلُهُ: (عَنْ الْكِتَابَةِ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِبْرَاءِ عَنْ النُّجُومِ. [فَصْلٌ إذَا وَلَدَتْ مُدَبَّرَةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا وَلَدًا حَدَثَ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ] فَصْلٌ وَلَدَتْ مُدَبَّرَةٌ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَثْبُتُ) لَمْ يَقُلْ لَا يَسْرِي؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْأَشْقَاصِ وَلَا تَكُونُ فِي الْأَشْخَاصِ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) بِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ دَبَّرَ حَامِلًا) لَوْ اسْتَثْنَاهُ صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُك دُونَ حَمْلِك نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِثْنَاءِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ أَنْ تَلِدَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ. فَرْعٌ: وَلَدَتْهُ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ، فَلَهُ حُكْمُ الْحَادِثِ بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَا يَطَؤُهَا أَوْ يَطَؤُهَا، وَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَتْبَعُهَا إلَخْ) كَمَا يَتْبَعُهَا فِي التَّدْبِيرِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِتَغْلِيبِ الْحُرِّيَّةِ فِي التَّدْبِيرِ. فَرْعٌ: وَهَبَ وَلَدَهُ جَارِيَةً حَامِلًا ثُمَّ رَجَعَ فِيهَا هَلْ يَثْبُتُ فِي الْحَمْلِ أَيْضًا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ نَعَمْ وَالرِّقُّ ظَاهِرٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَانَ رُجُوعًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 362 يَثْبُتُ لِوَلَدِ الْمَرْهُونَةِ حُكْمُ الرَّهْنِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْبَلُ الرَّفْعَ وَالثَّانِي يَثْبُتُ كَمَا يَثْبُتُ لِوَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ حُكْمُ أُمِّهِ بِجَامِعِ الْعِتْقِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ. وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ تَبِعَهَا الْحَمْلُ قَطْعًا، (وَلَوْ دَبَّرَ حَامِلًا ثَبَتَ لَهُ) أَيْ لِلْحَمْلِ (حُكْمُ التَّدْبِيرِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَا يُعْلَمُ لَا يَثْبُتُ وَعَلَى الثُّبُوتِ، (فَإِنْ مَاتَتْ) فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ بَعْدَ انْفِصَالِ الْحَمْلِ (أَوْ رَجَعَ فِي تَدْبِيرِهَا) بِالْقَوْلِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الرُّجُوعِ بِهِ، (دَامَ تَدْبِيرُهُ) أَيْ الْحَمْلِ الْمُنْفَصِلِ وَالْمُتَّصِلِ، (وَقِيلَ إنْ رَجَعَ وَهُوَ مُتَّصِلٌ فَلَا) يَدُومُ تَدْبِيرُهُ بَلْ يَتْبَعُهَا فِي الرُّجُوعِ (وَلَوْ دَبَّرَ حَمْلًا صَحَّ) تَدْبِيرُهُ (فَإِنْ مَاتَ) السَّيِّدُ (عَتَقَ) الْحَمْلُ (دُونَ الْأُمِّ وَإِنْ بَاعَهَا صَحَّ) الْبَيْعُ، (وَكَانَ رُجُوعًا عَنْهُ) أَيْ عَنْ تَدْبِيرِهِ الْحَمْلَ (وَلَوْ وَلَدَتْ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا) بِصِفَةٍ وَلَدًا مِنْ زِنًا أَوْ نِكَاحٍ حَدَثَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ (لَمْ يَعْتِقْ الْوَلَدُ وَفِي قَوْلٍ إنْ عَتَقَتْ بِالصِّفَةِ عَتَقَ) وَهُمَا كَالْقَوْلَيْنِ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ عَتَقَ الْحَمْلُ قَطْعًا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحَامِلَ عِنْدَ التَّعْلِيقِ كَالْحَامِلِ عِنْدَ التَّدْبِيرِ فَيَتْبَعُهَا الْحَمْلُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ. (وَلَا يَتْبَعُ مُدَبَّرًا وَلَدُهُ) الْمَمْلُوكُ لِسَيِّدِهِ وَإِنَّمَا يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ (وَجِنَايَتُهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ (كَجِنَايَةِ قِنٍّ) فَإِنْ قُتِلَ بِهَا فَاتَ التَّدْبِيرُ أَوْ بِيعَ فِيهَا بَطَلَ التَّدْبِيرُ أَوْ فَدَاهُ السَّيِّدُ بَقِيَ التَّدْبِيرُ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ كَجِنَايَةٍ عَلَى قِنٍّ فَإِنْ كَانَتْ بِالْقَتْلِ وَأَخَذَ السَّيِّدُ قِيمَتَهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدًا يُدَبِّرُهُ (وَيَعْتِقُ بِالْمَوْتِ) أَيْ مَوْتِ السَّيِّدِ، (مِنْ الثُّلُثِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ الدَّيْنِ) فَلَوْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ نِصْفَهَا وَهِيَ هُوَ فَقَطْ بِيعَ نِصْفُهُ فِي الدَّيْنِ وَيَعْتِقُ ثُلُثُ الْبَاقِي مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ وَلَا مَالٌ سِوَاهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ كُلُّهُ وَسَوَاءٌ فِي اعْتِبَارِ التَّدْبِيرِ مِنْ الثُّلُثِ وَقَعَ فِي الصِّحَّةِ أَمْ فِي الْمَرَضِ. (وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقًا عَلَى صِفَةٍ تَخْتَصُّ بِالْمَرَضِ كَإِنْ دَخَلْت) الدَّارَ (فِي مَرَضِ مَوْتِي فَأَنْت حُرٌّ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ) عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ (وَإِنْ احْتَمَلَتْ) الصِّفَةُ (الصِّحَّةَ) وَالْمَرَضَ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ، (فَوُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ) يَعْتِقُ (فِي الْأَظْهَرِ) اعْتِبَارًا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ، وَالثَّانِي مِنْ الثُّلُثِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ حِينَ التَّعْلِيقِ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا بِإِبْطَالِ حَقِّ الْوَرَثَةِ. نَعَمْ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِ السَّيِّدِ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ جَزْمًا. (وَلَوْ ادَّعَى عَبْدُهُ التَّدْبِيرَ فَأَنْكَرَ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الرُّجُوعِ بِالْقَوْلِ، (بَلْ يَحْلِفُ) أَنَّهُ مَا دَبَّرَهُ وَلَهُ إسْقَاطُ الْيَمِينِ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ إنْ كُنْت دَبَّرْته فَقَدْ رَجَعْت عَنْهُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الرُّجُوعِ بِالْقَوْلِ، (وَلَوْ وُجِدَ مَعَ مُدَبَّرٍ مَالٌ فَقَالَ كَسَبْتُهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَالَ الْوَارِثُ قَبْلَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ، (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِمَا قَالَاهُ (قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ) لِمَا ذُكِرَ. .   [حاشية قليوبي] فَيَتْبَعُهَا) نَعَمْ إنْ مَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ السَّيِّدُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ بَطَلَ التَّعْلِيقُ فِي الْوَلَدِ بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ. . قَوْلُهُ: (بَطَلَ التَّدْبِيرُ) أَيْ فِيمَا بِيعَ مِنْ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ قَوْلُهُ: (بَقِيَ التَّدْبِيرُ) فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْفِدَاءِ لَزِمَ الْفِدَاءُ مِنْ التَّرِكَةِ إنْ أَمْكَنَ وَعَتَقَ كُلُّهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةً بَطَلَ تَدْبِيرُهُ إنْ اسْتَغْرَقَهُ الْأَرْشُ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْأُضْحِيَّةَ وَالْوَقْفَ. قَوْلُهُ: (مِنْ الثُّلُثِ) . نَعَمْ إنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِزَمَنٍ قَبْلَ مَوْتِهِ وَعَاشَ بِقَدْرِهِ فَأَكْثَرَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ كَأَنْ قَالَ أَنْت حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِيَوْمٍ وَمَاتَ بَعْدَ يَوْمٍ بِلَا مَرَضٍ أَوْ قَالَ قَبْلَ مَرَضِ مَوْتِي بِيَوْمٍ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ) أَوْ أُسْقِطَ بِإِبْرَاءٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (فَوُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ فَمَنْ رَأْسِ الْمَالِ) ، وَكَذَا إنْ وُجِدَتْ فِي حَجْرِ الْفَلَسِ أَوْ فِي الْجُنُونِ أَوْ السَّفَهِ وَلَيْسَ فِي هَذَيْنِ خِلَافٌ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِالْغَيْرِ. قَوْلُهُ: (نَعَمْ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (بَلْ يَحْلِفُ إلَخْ) فَإِنْ رُدَّ الْيَمِينُ حَلَفَ الْعَبْدُ وَثَبَتَ تَدْبِيرُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ إسْقَاطُ الْيَمِينِ) وَلَهُ رَفْعُ التَّدْبِيرِ بِالْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ الْمُدَبَّرُ بِيَمِينِهِ) إنْ أَمْكَنَ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْيَدَ إلَخْ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ وَلَدَ الْمُدَبَّرَةِ أَوْ الْمُسْتَوْلَدَةِ إذَا ادَّعَاهُ الْوَارِثُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الِاسْتِيلَادِ فَإِنَّ الْوَارِثَ   [حاشية عميرة] عَنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ بِهِ الرُّجُوعَ أَمْ لَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَعْتِقْ الْوَلَدُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ فَلَمْ يَتَعَدَّ إلَى الْوَلَدِ الْحَادِثِ كَالرَّهْنِ وَالْوَصِيَّةِ وَالتَّدْبِيرِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَهُمَا كَالْقَوْلَيْنِ إلَخْ. يُوهِمُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي إذَا مَاتَتْ الْأُمُّ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ يَبْقَى حُكْمُهَا فِي الْوَلَدِ كَوَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ السَّيِّدُ أَوْ مَاتَتْ بَطَلَ حُكْمُ الصِّفَةِ فِي الْوَلَدِ بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ، وَإِذَا مَاتَتْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ يَبْقَى حُكْمُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (عَتَقَ الْحَمْلُ قَطْعًا) أَيْ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّ فِي دُخُولِهِ خِلَافًا وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ إلَخْ هُوَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ لَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ السَّيِّدُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ بَطَلَ التَّعْلِيقُ فِي الْوَلَدِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ) لَوْ فُرِضَ بَعْدَ ذَلِكَ إبْرَاءٌ مِنْ الدَّيْنِ مَثَلًا نَفَذَ الْعِتْقُ وَحَاوَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَخْرِيجَ وَجْهٍ بِعَدَمِ النُّفُوذِ كَعِتْقِ الرَّاهِنِ إذَا رُدَّ ثُمَّ انْفَكَّ الرَّهْنُ وَرُدَّ بِأَنَّ الْعِتْقَ هُنَا لَمَّا تَأَخَّرَ عَنْ اللَّفْظِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْمَوْتِ سَاغَ اعْتِبَارُهُ بِخِلَافِ تَنْجِيزِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رُدَّ لَغَا، نَعَمْ إذَا حَصَلَ الْإِبْرَاءُ هَلْ يَقْضِي بِهِ مِنْ الْآنِ أَمْ نَقُولُ يَتَبَيَّنُ الْعِتْقُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ وَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَوُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ) لَوْ وُجِدَتْ فِي حَالِ جُنُونِ السَّيِّدِ أَوْ سَفَهِهِ فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ قَطْعًا بِخِلَافِ مَا لَوْ وُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ لَوْ حَجْرُ الْفَلَسِ فَفِيهِ خِلَافٌ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِالْغَيْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ جُحُودَ الرِّدَّةِ لَا يَكُونُ إسْلَامًا وَجُحُودَ الطَّلَاقِ لَا يَكُونُ رَجْعَةً. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 363 كِتَابُ الْكِتَابَةِ يُعْلَمُ الْمُرَادُ بِهَا مِنْ صِيغَتِهَا الْآتِيَةِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] (وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ إنْ طَلَبَهَا رَقِيقٌ أَمِينٌ قَوِيٌّ عَلَى كَسْبٍ) وَبِهِمَا فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْخَيْرَ فِي الْآيَةِ (قِيلَ أَوْ غَيْرُ قَوِيٍّ) عَلَى الْكَسْبِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ الْأَمِينُ يُعَانُ بِالصَّدَقَاتِ لِيَعْتِقَ وَالْأَوَّلُ قَالَ لَا وُثُوقَ بِذَلِكَ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ لِقَوِيٍّ غَيْرِ أَمِينٍ كَمَا فَسَّرَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ الْخَيْرَ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ وَالشَّافِعِيُّ ضَمَّ إلَيْهَا الْأَمَانَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُضَيِّعُ مَا يَكْسِبُهُ فَلَا يَعْتِقُ، (وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ) ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ فَقْدِ الْوَصْفَيْنِ قَدْ تُفْضِي إلَى الْعِتْقِ وَلَا تَجِبُ إذَا طَلَبَهَا الْعَبْدُ الْمَوْصُوفُ بِهِمَا، وَإِلَّا لَبَطَلَ أَثَرُ الْمِلْكِ وَاحْتَكَمَ الْمَمَالِيكُ عَلَى الْمَالِكِينَ، (وَصِيغَتُهَا كَاتَبْتُك عَلَى، كَذَا) كَأَلْفٍ (مُنَجَّمًا إذَا أَدَّيْته فَأَنْتَ حُرٌّ وَيُبَيِّنُ عَدَدَ النُّجُومِ وَقِسْطَ كُلِّ نَجْمٍ) وَهُوَ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَالِ الْمُؤَدَّى فِيهِ وَيَكْفِي ذِكْرُ نَجْمَيْنِ (وَلَوْ تَرَكَ لَفْظَ التَّعْلِيقِ) أَيْ إذَا إلَى آخِرِهِ (وَنَوَاهُ) بِقَوْلِهِ كَاتَبْتُكَ عَلَى، كَذَا إلَى آخِرِهِ، (جَازَ وَلَا يَكْفِي لَفْظُ كِتَابَةٍ بِلَا تَعْلِيقٍ وَلَا نِيَّةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ مُخَرَّجٍ يَكْفِي كَالتَّدْبِيرِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ التَّدْبِيرَ مَشْهُورٌ فِي مَعْنَاهُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا إلَّا الْخَوَاصُّ، (وَيَقُولُ الْمُكَاتَبُ قَبِلْت) وَبِهِ تَتِمُّ الصِّيغَةُ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا أَنَّ مَعْنَى الْكِتَابَةِ عَقْدُ   [حاشية قليوبي] يَصْدُقُ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُدَبَّرِ عَلَى الْوَارِثِ لَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ. كِتَابُ الْكِتَابَةِ بِكَسْرِ الْكَافِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَلَفْظُهَا إسْلَامِيٌّ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِكَتْبِهَا فِي كِتَابٍ وَهِيَ لُغَةً: الضَّمُّ وَالْجَمْعُ وَشَرْعًا: عَقْدٌ بِلَفْظِهَا بِعِوَضٍ مُنَجَّمٌ بِنَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَكَسْبَهُ لِلسَّيِّدِ فَكَأَنَّهُ بَاعَ مَالَهُ بِمَالِهِ لَكِنْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهَا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى صِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ إلَّا السَّلَمُ وَالنِّكَاحُ وَالْكِتَابَةُ وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ. قَوْلُهُ: (يُعْلَمُ الْمُرَادُ بِهَا إلَخْ) أَيْ يُعْلَمُ تَعْرِيفُهَا وَأَرْكَانُهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ مَالِكٌ وَرَقِيقٌ وَصِيغَةٌ وَعِوَضٌ وَالصِّيغَةُ الْآتِيَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَيْهَا، فَأَغْنَتْ عَنْ ذِكْرِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَبِهِمَا) أَيْ الْكَسْبِ وَالْأَمَانَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَضِيعُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ هَذَا الْمُرَادُ مِنْ الْأَمَانَةِ لَا نَحْوُ عِبَادَةٍ وَصَلَاةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ) فَهِيَ مُبَاحَةٌ أَيْ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا وَإِلَّا فَقَدْ تُكْرَهُ لِعَارِضٍ كَأَنْ ظَنَّ كَسْبَهُ بِمُحَرَّمٍ وَيَحْرُمُ إنْ عُلِمَ ذَلِكَ كَفُجُورٍ وَقَدْ تَجِبُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي نَفَقَةِ الرَّقِيقِ، إذَا تَوَقَّفَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى كِتَابَتِهِ مَثَلًا فَرَاجِعْهُ فَتَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ. قَوْلُهُ: (لَبَطَلَ إلَخْ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ بَقَاءَ الْإِيتَاءِ فِي الْآيَةِ عَلَى الْوُجُوبِ. قَوْلُهُ: (إذَا أَدَّيْته) أَوْ بَرِئْت مِنْهُ أَوْ فَرَغْت مِنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ لِيُفَارِقَ الْمُخَارَجَةَ. قَوْلُهُ: (وَيُبَيِّنُ) أَيْ وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الصِّيغَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَكْفِي ذِكْرُ نَجْمَيْنِ) فَالْمُرَادُ مِنْ الْجَمْعِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْعَقْدِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا طُولُ زَمَانٍ، فَيَكْفِي نَحْوُ سَاعَتَيْنِ لِإِمْكَانِ نَحْوِ الْإِقْرَاضِ وَيَرْجِعُ فِي النِّيَّةِ إلَيْهِ وَتَصِحُّ بِتَقَدُّمِ قَبُولِ الْعَبْدِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْعُقُودِ. قَوْلُهُ: (جَازَ) أَيْ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ فِي الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّهَا تَعْلِيقٌ وَالنِّيَّةُ لَا تُخَلِّصُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَكْفِي إلَخْ) فَالْكِتَابَةُ بِغَيْرِ ذَلِكَ بَاطِلَةٌ فَقَوْلُهُ بِلَا تَعْلِيقٍ أَيْ بِلَا تَلَفُّظٍ بِهِ بِأَنْ عُدِمَ لَفْظُهُ وَنِيَّتُهُ مَعًا قَوْلُهُ: (مُخْرِجٌ) أَيْ مِنْ التَّدْبِيرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَقُولُ الْمُكَاتَبُ) فَوْرًا بِنَفْسِهِ لَا بِوَكِيلِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَكَاتِبُ وَالْمُكَاتَبُ) بِكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ فِي أَحَدِهِمَا وَفَتْحِهَا فِي الْآخَرِ قَوْلُهُ: (مُخْتَارَيْنِ) فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ وَلَا لَهُ فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ إنَّ الِاخْتِيَارَ مِنْ زِيَادَتِهِ فِيهِ   [حاشية عميرة] [كِتَابُ الْكِتَابَةِ] ِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَنْ كَسْبٍ) أَيْ بِحَيْثُ تَفِي بِالنُّجُومِ. قَوْلُهُ: (الْخَيْرُ فِي الْآيَةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْخَيْرَ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الْمَالِ كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: 8] وَبِمَعْنَى الدِّينِ كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] . فَائِدَةٌ: حَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ بِأَنَّ الْأَمْرَ فِي الْآيَةِ وَارِدٌ بَعْدَ النَّهْيِ، وَهُوَ أَنَّ بَيْعَ الْإِنْسَانِ مَالَهُ بِمَالِهِ مَحْظُورٌ فَيَكُونُ الْأَمْرُ بَعْدُ فِيهَا لِلْإِبَاحَةِ، وَثَبَتَ الِاسْتِحْبَابُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ. وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ الصَّارِفُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] حِينَ وَكَّلَ ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِ السَّادَاتِ. قَوْلُهُ: (إذَا أَدَّيْتَهُ إلَخْ) لَيْسَ تَعْلِيقًا مَحْضًا وَإِنَّمَا هُوَ تَعْبِيرٌ عَنْ مَقْصُودِ الْكِتَابَةِ وَمَآلِهَا بِدَلِيلِ حُصُولِ الْعِتْقِ بِالْإِبْرَاءِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُبَيِّنُ إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْبَيَانِ كَالْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْوَقْتُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَعْرِفُ الْأَوْقَاتَ بِالنُّجُومِ فَسُمِّيَ الْوَقْتُ نَجْمًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ) لَمْ يُجْرُوا فِي ذَلِكَ خِلَافَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِالْكِنَايَةِ نَظَرًا لِجَانِبِ الْعَتِيقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِلَا تَعْلِيقٍ) قَالَهُ الْإِمَامُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا نِيَّةَ) لَوْ قَالَ كَاتَبْتُك فَقَطْ لَمْ يَكْفِ قَطْعًا. [شَرْطُ الْمُكَاتَبِ وَالْمُكَاتِبِ] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِطْلَاقٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ يُغْنِي عَنْ التَّكْلِيفِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 364 عِتْقٍ بِلَفْظِهَا بِعِوَضٍ مُؤَجَّلٍ بِوَقْتَيْنِ فَأَكْثَرَ. (وَشَرْطُهُمَا) أَيْ الْمُكَاتَبِ وَالْمُكَاتِبِ (تَكْلِيفٌ) بِأَنْ يَكُونَا بَالِغَيْنِ عَاقِلَيْنِ (وَإِطْلَاقٌ) بِأَنْ يَكُونَا مُخْتَارَيْنِ وَالسَّيِّدُ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَالْعَبْدُ غَيْرَ مَرْهُونٍ وَمُؤَجَّرٍ وَلَا تَصِحُّ كِتَابَةُ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ، (وَكِتَابَةُ الْمَرِيضِ) مَرَضَ الْمَوْتِ (مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ لَهُ) عِنْدَ الْمَوْتِ (مِثْلَاهُ) أَيْ الْعَبْدِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثُلُثَ التَّرِكَةِ، (صَحَّتْ كِتَابَةُ كُلِّهِ فَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ وَأَدَّى فِي حَيَاتِهِ مِائَتَيْنِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ عَتَقَ) ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ وَهُمَا الْمِائَتَانِ (وَإِنْ أَدَّى مِائَةً عَتَقَ ثُلُثَاهُ) وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثُلُثُهُ وَالْمِائَةُ وَالْمُؤَدِّي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ الْمُكَاتَبُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَثُلُثُهُ مُكَاتَبٌ فَإِذَا أَدَّى حِصَّتَهُ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ، (وَلَوْ كَاتَبَ مُرْتَدٌّ بَنَى عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ) فَعَلَى قَوْلِ بَقَائِهِ يَصِحُّ وَزَوَالُهُ لَا يَصِحُّ، (فَإِنْ وَقَفْنَاهُ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ (بَطَلَتْ عَلَى الْجَدِيدِ) فِي وَقْفِ الْعُقُودِ وَعَلَى الْقَدِيمِ إنْ أَسْلَمَ بَانَ صِحَّتُهَا، وَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بَانَ بُطْلَانُهَا وَتَصِحُّ كِتَابَةُ الْكَافِرِ غَيْرَ مُرْتَدٍّ، (وَلَا تَصِحُّ كِتَابَةُ مَرْهُونٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلْبَيْعِ (وَمُكْرًى) ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يَتَفَرَّغُ لِلِاكْتِسَابِ لِنَفْسِهِ. (وَشَرْطُ الْعِوَضِ كَوْنُهُ دَيْنًا مُؤَجَّلًا) لِيُحَصِّلَهُ وَيُؤَدِّيَهُ (وَلَوْ مَنْفَعَةً) كَبِنَاءٍ (وَمُنَجَّمًا بِنَجْمَيْنِ   [حاشية قليوبي] نَظَرٌ لَكِنَّهُ تَبِعَ فِيهِ مَا فِي التَّصْحِيحِ. قَوْلُهُ: (وَالسَّيِّدُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) بِخِلَافِ السَّفِيهِ الْمُهْمَلِ فَيَصِحُّ مِنْهُ وَلَا يَصِحُّ مِنْ مَحْجُورِ فَلَسٍ وَلَا مِنْ مُكَاتَبٍ لِعَبْدِهِ، وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَلَا مِمَّنْ أَذِنَ الْحَاكِمُ بِصَرْفِ أَمْوَالِهِ فِي الدُّيُونِ وَلَا مِنْ مُوصًى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَا مِنْ مُبَعَّضٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ وَيُمْكِنُ شُمُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِذَلِكَ كُلِّهِ بِجَعْلِ الْإِطْلَاقِ عَدَمَ وُجُودِ مَانِعٍ لَهَا، فَلَا يَحْتَاجُ لِزِيَادَةِ أَهْلِيَّةِ الْوَلَاءِ كَمَا فَعَلَ فِي الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (وَالْعَبْدُ غَيْرُ مَرْهُونٍ وَلَا مُؤَجَّرٍ) ذَكَرَهُمَا هُنَا لِبَيَانِ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ فِي الْعَبْدِ فَلَا يُنَافِي ذِكْرَ الْمُصَنِّفِ لَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُمَا مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ وَمَغْصُوبٌ مَعْجُوزٌ عَنْ خَلَاصِهِ. قَوْلُهُ: (وَكِتَابَةُ الْمَرِيضِ مِنْ الثُّلُثِ) وَلَوْ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ قَوْلُهُ: (فَإِذَا أَدَّى) بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (حِصَّتُهُ) أَيْ الثُّلُثُ قَوْلُهُ: (عَتَقَ) ذَلِكَ الثُّلُثُ الَّذِي بَقِيَتْ فِيهِ الْكِتَابَةُ كَذَا ذَكَرَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَاتَبَ مُرْتَدٌّ) أَيْ حَالَ رِدَّتِهِ بَطَلَتْ وَلَمْ يَصِحَّ فَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَهَا لَمْ تَبْطُلْ جَزْمًا وَإِنْ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ يَعْتَدُّ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ النُّجُومِ وَيَدْفَعُ الْعَبْدُ مَا بَقِيَ مِنْهَا لِلْحَاكِمِ، وَيَعْتِقُ فَإِنْ طَلَبَ التَّعْجِيزَ عَجَّزَهُ الْحَاكِمُ وَلَا يَبْطُلُ هَذَا التَّعْجِيزُ بِعَوْدِ السَّيِّدِ وَلَوْ مُسْلِمًا، وَكِتَابَةُ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ صَحِيحَةٌ وَيَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ فَإِنْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ بَطَلَتْ قَوْلُهُ: (عَلَى الْجَدِيدِ فِي وَقْفِ الْعُقُودِ) الْوَاقِعَةِ مِنْ الْمُرْتَدِّ فِيمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ مِنْهَا وَبُطْلَانُهَا فِيمَا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ مِنْهَا وَالْكِتَابَةُ مِنْ ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا صَحَّتْ كِتَابَةُ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ كَمَا مَرَّ.؛ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ؛ لِأَنَّ كَسْبَهُ لِلسَّيِّدِ أَوْ هُوَ مُسْتَثْنًى لِأَجْلِ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ كِتَابَةُ الْكَافِرِ) هُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ وَكَوْنُ ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ الْأَوَّلِ لَا يُنَافِيهِ وَشَمِلَ الْكَافِرُ الْحَرْبِيَّ وَغَيْرَهُ، فَدَخَلَ مَا لَوْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ. نَعَمْ لَوْ قَهَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بَطَلَتْ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُكَاتِبَ الْكَافِرُ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ حَالًا. قَوْلُهُ: (غَيْرِ الْمُرْتَدِّ) هُوَ قَيْدٌ فِي السَّيِّدِ لَا فِي الْعَبْدِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ كِتَابَةُ مَرْهُونٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ سَيِّدٍ مُوسِرٍ وَهُوَ يُخَالِفُ عِتْقَهُ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لِبَقَاءِ الْمِلْكِ فِيهِ فَلَمْ يَحْصُلْ مَا تَشَوَّفَ إلَيْهِ الشَّارِعُ مِنْ الْعِتْقِ النَّاجِزِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (كَوْنُهُ دَيْنًا) وَعُلِمَ مِنْ كَوْنِهِ عِوَضًا أَنَّهُ مَالٌ وَأَنَّهُ مَعْلُومٌ قَدْرًا وَجِنْسًا وَصِفَةً بِصِفَاتِ السَّلَمِ إلَّا عِزَّةُ الْوُجُودِ نَعَمْ لَوْ كَاتَبَ كَافِرٌ كَافِرًا عَلَى خَمْرٍ فَإِنْ تَرَافَعَا إلَيْنَا قَبْلَ قَبْضِهِ أَبْطَلْنَاهَا أَوْ بَعْدَهُ حَصَلَ الْعِتْقُ لَكِنْ يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَتِهِ إنْ وَقَعَ الْقَبْضُ قَبْلَ اسْتِلَامِهَا. قَوْلُهُ: (مُؤَجَّلًا) أَيْ مُشْتَمِلًا عَلَى أَجَلٍ لِيَشْمَلَ الْمَنْفَعَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (لِيُحَصِّلَهُ) أَيْ بِحَسَبِ الْأَصْلِ فَلَا يَرِدُ الْمُبَعَّضُ أَوْ لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ. تَنْبِيهٌ: ذِكْرُ الْأَجَلِ بَعْدَ الدَّيْنِ مِنْ ذِكْرِ الْقَيْدِ بَعْدَ الْمُقَيَّدِ وَهُوَ مِنْ مَحَاسِنِ الْمُخَاطَبَاتِ وَالْبَلَاغَةِ وَالِاعْتِرَاضُ بِالِاكْتِفَاءِ بِالْمُؤَجَّلِ عَنْ الدَّيْنِ، وَالِاعْتِذَارُ بِكَوْنِهِ مِنْ دَلَالَةِ الِالْتِزَامِ أَوْ التَّضَمُّنِ أَوْ التَّصْرِيحِ بِمَا عُلِمَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُتَّجَهُ لَوْ قَدَّمَ الْمُؤَجَّلَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مَوْصُوفَتَيْنِ إلَخْ) هُوَ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْمَنْفَعَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ، وَعُلِمَ بِقَوْلِهِ فِي وَقْتَيْنِ عَدَمُ اتِّصَالِهِمَا وَإِلَّا فَهُمَا وَقْتٌ وَاحِدٌ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَنْفَعَةِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْنِ أَخْذًا مِنْ الْمِثَالِ وَهَذِهِ تَوْطِئَةٌ لِمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّ الضَّمِيمَةَ إمَّا بَعْدَ   [حاشية عميرة] قَوْلُهُ: (وَالْعَبْدُ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ كَوْنُهُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ قَيْدٌ فِي السَّيِّدِ فَقَطْ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ. [شَرْطُ الْعِوَضِ فِي الْكِتَابَة] قَوْلُهُ: (لِيُحَصِّلَهُ) هَذَا التَّعْلِيلُ قَدْ يَتَخَلَّفُ فِي الْمُبَعَّضِ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الْقِيَاسِ، فَيَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا وَرَدَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ فِي الْحُلُولِ تَعْجِيلُ الْعِتْقِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ مَنْفَعَةً) كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ الْمَنَافِعُ أُجْرَةً. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عِبَارَتُهُ تَقْتَضِي أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا اشْتِرَاطُ تَأْجِيلِهَا كَالدَّيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ إنْ كَانَتْ مَنْفَعَةَ عَيْنٍ اُعْتُبِرَ فِيهَا التَّعْجِيلُ، وَاشْتُرِطَ اتِّصَالُهَا بِالْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ جَازَ التَّعْجِيلُ وَالتَّأْجِيلُ الثَّانِي الِاكْتِفَاءُ بِهَا، وَحْدَهَا وَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ مَنْفَعَةَ عَيْنٍ حَالَّةً فَلَا بُدَّ مَعَهَا مِنْ دِينَارٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّ التَّنْجِيمَ شَرْطٌ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ لَا تُسْتَثْنَى) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ قَالَ نَعَمْ لَوْ جُعِلَ مَالُ الْكِتَابَةِ عَيْنًا مِنْ الْأَعْيَانِ الَّتِي مَلَكَهَا بِبَعْضِهِ الْحُرِّ فَيُشْبِهُ الْقَطْعَ بِالصِّحَّةِ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صَحَّتْ) ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ مُسْتَحَقَّةٌ مِنْ الْآنِ وَالدِّينَارَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لَهُ، وَإِذَا اخْتَلَفَ وَقْتُ الِاسْتِحْقَاقِ حَصَلَ التَّنْجِيمُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ اسْتِيفَاءُ الْخِدْمَةِ بِتَمَامِهَا لَا يَحْصُلُ إلَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، كَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى تَأْجِيلِ الْعِوَضِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الِاتِّفَاقُ بِالتَّأْخِيرِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 365 فَأَكْثَرَ) كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، (وَقِيلَ إنْ مَلَكَ) السَّيِّدُ (بَعْضَهُ وَبَاقِيهِ حُرٌّ لَمْ يُشْتَرَطْ أَجَلٌ وَتَنْجِيمٌ) فِي كِتَابَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمْلِكُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ مَا يُؤَدِّيهِ فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَالْأَصَحُّ لَا تُسْتَثْنَى وَمِنْ التَّنْجِيمِ بِنَجْمَيْنِ فِي الْمَنْفَعَةِ أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ مَوْصُوفَتَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ مَعْلُومَيْنِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يُمْكِنُ الشُّرُوعُ فِيهَا فِي الْحَالِ كَالْخِدْمَةِ أَنْ تَتَّصِلَ بِالْعَقْدِ وَلَا بُدَّ فِيهَا لِصِحَّةِ الْكِتَابَةِ مِنْ ضَمِيمَةٍ فَإِذَا كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مِنْ الْآنِ أَوْ عَلَى دِينَارٍ يُؤَدِّيه بَعْدَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ الثَّانِي أَوْ يَوْمٍ مِنْهُ صَحَّتْ وَلَوْ قَدَّمَ شَهْرَ الدِّينَارِ عَلَى شَهْرِ الْخِدْمَةِ. لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى خِدْمَةِ الشَّهْرَيْنِ وَصَرَّحَ بِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ نَجْمٌ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمَا نَجْمٌ وَاحِدٌ وَلَا ضَمِيمَةَ. (وَلَوْ كَاتَبَ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ) مِنْ الْآنَ (وَدِينَارٍ عِنْدَ انْقِضَائِهِ) أَوْ فِي أَثْنَائِهِ كَبَعْدَ الْعَقْدِ بِيَوْمٍ (صَحَّتْ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقِيلَ لِاتِّحَادِ النَّجْمِ وَكَضَمِّ الدِّينَارِ ضَمُّ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ (أَوْ) كَاتَبَ الْعَبْدَ (عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ، كَذَا) كَثَوْبٍ بِأَلْفٍ (فَسَدَتْ) ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ عَقْدًا فِي عَقْدٍ (وَلَوْ قَالَ كَاتَبْتُكَ وَبِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِأَلْفٍ وَنَجَّمَ الْأَلْفَ) بِنَجْمَيْنِ مَثَلًا فَقَالَ آخِرَ كُلِّ شَهْرٍ نِصْفُهُ، (وَعَلَّقَ الْحُرِّيَّةَ بِأَدَائِهِ) وَقَبِلَ الْعَبْدُ (فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْكِتَابَةِ دُونَ الْبَيْعِ) فَيَبْطُلُ وَفِي قَوْلٍ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ أَيْضًا، وَهُمَا قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ الرَّاجِحَةُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِمَا قَوْلٌ بِالصِّحَّةِ وَقَوْلٌ بِالْبُطْلَانِ وَهُمَا قَوْلَا الْجَمْعِ بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ وَوَجْهُ تَرْجِيحِ الْقَطْعِ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ تَقَدُّمُ أَحَدِ شِقَّيْهِ عَلَى مَصِيرِ الْعَبْدِ مِنْ أَهْلِ مُبَايَعَةِ السَّيِّدِ وَعَلَى صِحَّةِ الْكِتَابَةِ فَقَطْ يُوَزَّعُ الْأَلْفُ عَلَى قِيمَتَيْ الْعَبْدِ وَالثَّوْبِ، فَمَا خَصَّ الْعَبْدَ يُؤَدِّيهِ فِي النَّجْمَيْنِ مَثَلًا. (وَلَوْ كَاتَبَ عَبِيدًا) كَثَلَاثَةٍ صَفْقَةً (عَلَى عِوَضٍ مُنَجَّمٍ) بِنَجْمَيْنِ مَثَلًا (وَعَلَّقَ عِتْقَهُمْ بِأَدَائِهِ فَالنَّصُّ صِحَّتُهَا وَيُوَزَّعُ) الْمُسَمَّى كَأَلْفٍ (عَلَى قِيمَتِهِمْ يَوْمَ الْكِتَابَةِ فَمَنْ أَدَّى   [حاشية قليوبي] فَرَاغِ زَمَنِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، وَالْأَوَّلُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَالثَّانِي فِيهِ خِلَافٌ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لِعَدَمِ اتِّصَالِ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَقْدِ مَعَ تَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ انْقِضَائِهِ) أَيْ مَعَ فَرَاغِهِ أَوْ قُبَيْلَ فَرَاغِهِ فَعُطِفَ فِي أَثْنَائِهِ مُغَايِرٌ أَوْ عَامٌّ. قَوْلُهُ: (كَبَعْدَ الْعَقْدِ بِيَوْمٍ) . قَالَ شَيْخُنَا فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ وَقْتِ أَدَائِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ بِيَوْمٍ شَامِلٌ لِجَمِيعِ بَقِيَّةِ الشَّهْرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَّا تَصْرِيحُهُ بِكَوْنِهِ فِي الشَّهْرِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، حَتَّى لَوْ قَالَ وَدِينَارٌ تُؤَدِّيهِ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ كَانَ صَحِيحًا وَيَدُلُّ لَهُ مَا مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ مِنْ التَّصْرِيحِ يَكُونُ الدِّينَارُ بَعْدَ مُدَّةِ الشَّهْرِ وَلَمْ يُقَيِّدْ لِأَدَائِهِ زَمَنًا فَتَأَمَّلْ. تَنْبِيهٌ: لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْخِدْمَةِ وَيُرْجَعُ فِيهَا لِلْعُرْفِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ. قَوْلُهُ: (وَكَضَمِّ الدِّينَارِ إلَخْ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمَنْفَعَةِ بِكَوْنِهَا مُتَعَلِّقَةً بِالذِّمَّةِ وَبِالْعَيْنِ كَافٍ فِي تَعَدُّدِ النُّجُومِ، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ خِيَاطَةُ الثَّوْبِ مُتَأَخِّرَةً عَنْ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ فِيهِ مُسْتَغْرِقَةٌ بِخِدْمَةِ السَّيِّدِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ السَّيِّدَ قَدْ يَأْذَنُ لَهُ فِيهِ، أَوْ يَكُونُ فِي وَقْتٍ خَالٍ مِنْ الْخِدْمَةِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ شَامِلٌ لَهُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمَنْهَجِ وَلَا تَخْلُو الْمَنْفَعَةُ فِي الذِّمَّةِ مِنْ التَّأْجِيلِ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ نُجُومِهَا تَعْجِيلٌ فَالتَّأْجِيلُ فِيهَا شَرْطٌ فِي الْجُمْلَةِ اهـ. أَشَارَ إلَى أَنَّهُ يَصِحُّ كَوْنُ الْمُعَوَّضِ كُلِّهِ مَنْفَعَةً وَأَنَّ نُجُومَهَا مُتَعَدِّدَةٌ وَأَنَّ التَّأْجِيلَ فِيهَا مَوْجُودٌ بِاللَّازِمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَاتَبَهُ عَلَى بِنَاءِ دَارَيْنِ مَثَلًا فِي وَقْتَيْنِ مَعْلُومِينَ فَإِمَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ الْوَقْتَانِ عَنْ الْعَقْدِ فَالتَّأْجِيلُ وَاقِعٌ فِيهِمَا مَعًا، فَالْعِوَضُ كُلُّهُ مُؤَجَّلٌ وَإِمَّا أَنْ يَتَّصِلَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ فَيَلْزَمُ تَأْجِيرُ الْآخَرِ، فَالتَّأْجِيلُ وَاقِعٌ فِي جُمْلَةِ الْعِوَضِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ شَرْطٍ أَوْ أَبْدَلَهُ بِمَوْجُودٍ لَكَانَ وَاضِحًا وَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِمَا ذَكَرَهُ، بَعْضُهُمْ هُنَا مِمَّا لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ أَوْ فَسَادٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَبِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِأَلْفٍ) قَالَ شَيْخُنَا خَرَجَ الْمُسْلِمُ فَيَصِحُّ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ بِتَعْطِيلِهِ السَّابِقِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ عَقْدًا فِي عَقْدٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (هَذِهِ الطَّرِيقَةُ الرَّاجِحَةُ) وَفِيهَا الْقَطْعُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ لِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْكِتَابَةِ فَصَحَّ مَا سَيَأْتِي بِقَوْلِهِ وَوَجْهُ تَرْجِيحِ الْقَطْعِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (مِنْ أَهْلِ مُبَايَعَةِ السَّيِّدِ) . قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُبَعَّضًا صَحَّ الْبَيْعُ قَطْعًا قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (فَمَا خَصَّ الْعَبْدَ إلَخْ) أَيْ وَمَا خَصَّ الثَّوْبَ يَسْقُطُ مِنْ الْأَلْفِ وَهَلْ عَلَى هَذَا يَسْقُطُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ مِنْ النَّجْمَيْنِ قَدْرُ نِصْفِ مَا يَخُصُّ الثَّوْبَ، لَوْ اتَّفَقَ النَّجْمَانِ قَدْرًا أَوْ يَسْقُطُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ قَدْرُ نِصْفِ مَا يَخُصُّهُ بِالنِّسْبَةِ، لَوْ اخْتَلَفَا أَوْ يَسْقُطُ كُلُّهُ مِنْ نَجْمٍ وَاحِدٍ وَمَا بَقِيَ مِنْهُ يُؤَدِّي فِيهِ، وَالْآخَرُ بِحَالِهِ وَهَلْ يَكُونُ الْإِسْقَاطُ مِنْ النَّجْمِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَهَلْ إذَا اُسْتُغْرِقَ عَلَى هَذَا جَمِيعُ مَا فِي النَّجْمِ يَسْقُطُ وَاجِبُهُ وَيَبْقَى الْآخَرُ أَوْ يُوَزَّعُ مَا فِي الْآخَرِ عَلَيْهِمَا وَعَلَى التَّوْزِيعِ هَلْ تُعْتَبَرُ النِّسْبَةُ، أَوْ بِحَسَبِ مُرَادِ السَّيِّدِ أَوْ الْعَبْدِ رَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (فَمَنْ أَدَّى حِصَّتَهُ عَتَقَ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ عِتْقُ بَعْضِهِمْ مُعَلَّقًا بِأَدَاءِ غَيْرِهِ فَقَوْلُهُ وَعَلَّقَ عِتْقَهُمْ بِأَدَائِهِ أَيْ الْعِوَضِ مُنَزَّلٌ عَلَى مَعْنَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُعَلَّقٌ عِتْقُهُ بِأَدَاءِ مَا يَخُصُّهُ فَسَقَطَ مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ هُنَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْأَوَّلِ سُدُسُ الْمُسَمَّى) أَيْ مُوَزَّعًا عَلَى النَّجْمَيْنِ مَثَلًا فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ نَجْمٍ سُدُسُ مَا فِيهِ تَسَاوِيًا أَوْ تَفَاوُتًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ كَذَا) لَوْ قَالَ عَلَى ابْتِيَاعِ كَذَا كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الطَّرَفَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ طَرِيقَةَ الْقَطْعِ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ رَاجِحَةٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدُ. قَوْلُهُ: (يُوَزَّعُ) وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ فِي الْعَبْدِ بِالْجَمِيعِ. فَرْعٌ: إذَا قُلْنَا بِفَسَادِهَا لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْجَمِيعَ ثُمَّ يَتَرَاجَعَانِ قَوْلُهُ: (بِبُطْلَانِ كِتَابَتِهِمْ) كَمَا بِيعَ عَبِيدٌ جَمْعٌ بِثَمَنٍ، قَوْلُ الْمَتْنِ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 366 حِصَّتَهُ عَتَقَ وَمَنْ عَجَزَ) مِنْهُمْ (رَقَّ) فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ مِائَةً وَقِيمَةُ الثَّانِي مِائَتَيْنِ وَقِيمَةُ الثَّالِثِ ثَلَاثَمِائَةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ سُدُسُ الْمُسَمَّى وَعَلَى الثَّانِي ثُلُثُهُ وَعَلَى الثَّالِثِ نِصْفُهُ وَمُقَابِلُ النَّصِّ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ بِبُطْلَانِ كِتَابَتِهِمْ. (وَيَصِحُّ كِتَابَةُ بَعْضِ مَنْ بَاقِيهِ حُرٌّ فَلَوْ كَاتَبَ كُلَّهُ صَحَّ فِي الرِّقِّ فِي الْأَظْهَرِ) مِنْ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَبَطَلَ فِي الْآخَرِ (وَلَوْ كَاتَبَ بَعْضَ رَقِيقٍ فَسَدَتْ إنْ كَانَ بَاقِيهِ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ) فِي كِتَابَتِهِ (وَكَذَا إنْ أَذِنَ) فِيهَا (أَوْ كَانَ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَسْتَقِلُّ فِيهَا بِالتَّرَدُّدِ لِاكْتِسَابِ النُّجُومِ، وَفِي قَوْلٍ تَصِحُّ كَإِعْتَاقِهِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي الثَّانِيَةِ وَحَكَاهُ فِي الْأُولَى الرَّافِعِيُّ وَلَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ. (وَلَوْ كَاتَبَاهُ مَعًا أَوْ وَكَّلَا) مَنْ كَاتَبَهُ أَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَكَاتَبَهُ (صَحَّ) ذَلِكَ (إنْ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ) . قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا جِنْسًا وَأَجَلًا وَعَدَدًا وَفِي هَذَا إطْلَاقُ النَّجْمِ عَلَى الْمُؤَدَّى (وَجَعْلُ الْمَالِ عَلَى نِسْبَةِ مِلْكَيْهِمَا) صَرَّحَ بِهِ أَوْ أَطْلَقَ (فَلَوْ عَجَزَ) الْعَبْدُ (فَعَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا) وَفَسَخَ الْكِتَابَةَ (وَأَرَادَ الْآخَرُ إبْقَاءَهُ) فِيهَا وَإِنْظَارَهُ (فَكَابْتِدَاءِ عَقْدٍ) فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ وَلَا بِإِذْنِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ (وَقِيلَ يَجُوزُ) بِالْإِذْنِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ (وَلَوْ أَبْرَأَ) أَحَدُ الْمُكَاتِبَيْنِ مَعًا الْعَبْدَ، (مِنْ نَصِيبِهِ) مِنْ النُّجُومِ (أَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ (عَتَقَ نَصِيبُهُ) مِنْهُ (وَقُوِّمَ الْبَاقِي) وَعَتَقَ عَلَيْهِ (إنْ كَانَ مُوسِرًا) وَالْعَبْدُ عَاجِزٌ عَاقِدٌ إلَى الرِّقِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنْ أَدَّى نَصِيبَ الشَّرِيكِ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (قَوْلٌ مُخَرَّجٌ) أَيْ مِنْ بَيْعِ عَبِيدٍ جَمْعٍ بِثَمَنٍ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ وَرُدَّ بِاتِّحَادِ الْمَالِكِ هُنَا كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ صِحَّةَ بَيْعِ عَبْدِهِ لِجَمَاعَةٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَرَاجِعْهُ. وَقَدْ يَلْتَزِمُ الصِّحَّةَ فِي ذَلِكَ وَيُوَزَّعُ الْمِلْكُ فِيهِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ كَالثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (مِنْ بَاقِيهِ حُرٌّ) أَوْ مَوْقُوفٌ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ وَفِي الْأَرْضِ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ كَاتَبَ كُلَّهُ) وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِحُرِّيَّتِهِ بَاقِيهِ. قَوْلُهُ: (صَحَّ فِي الرِّقِّ وَيَبْطُلُ فِي الْآخَرِ) أَيْ وَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمُسَمَّى بِنِسْبَةِ الْقِيمَةِ فَإِذَا أَدَّى قِسْطَ الرِّقِّ عَتَقَ. قَوْلُهُ: (فَسَدَتْ) أَيْ فَهِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِذَا لَمْ يَفْسَخْهَا السَّيِّدُ وَأَدَّى النُّجُومَ عَتَقَ وَسَرَى إلَى بَاقِيهِ إنْ كَانَ لَهُ مُطْلَقًا أَوْ لِمَا أَيْسَرَ بِهِ مِنْ حِصَّةِ غَيْرِهِ، أَوْ كُلِّهَا فَيَغْرَمُ لَهُ مَا لَزِمَهُ وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ، وَيَغْرَمُ لِلسَّيِّدِ قِسْطَ الْقَدْرِ الْمُكَاتَبِ مِنْ الْقِيمَةِ. نَعَمْ اُسْتُثْنِيَ مِنْ إبْطَالِ كِتَابَةِ الْبَعْضِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ مَا لَوْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ رَقِيقٍ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا بَعْضُهُ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَتَصِحُّ كِتَابَةُ ذَلِكَ الْقَدْرِ، وَمَا لَوْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ بَعْضِ رَقِيقٍ وَمَا لَوْ كَاتَبَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بَعْضَ رَقِيقٍ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْأُولَى الصِّحَّةُ وَفِي الْآخَرَيْنِ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا التَّبْعِيضَ ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ طَرِيقُ الْقَطْعِ بِالْبُطْلَانِ هُوَ الرَّاجِحُ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَعْضُ الْبَاقِي مِنْ الرَّقِيقِ لِلسَّيِّدِ. . قَوْلُهُ: (جِنْسًا وَأَجَلًا وَعَدَدًا) وَكَذَا صِفَةً أَيْضًا فَالْجِنْسُ وَالصِّفَةُ لِلْمَالِ وَالْأَجَلُ وَالْعَدَدُ لِلزَّمَنِ فَإِنْ اخْتَلَفَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ أَوْ فِضَّةٍ صِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ أَوْ فِضَّةٍ صِحَاحٍ فِي نَجْمٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي نَجْمَيْنِ وَأَحَدُ النَّجْمَيْنِ لِأَحَدِهِمَا شَهْرٌ وَلِلْآخَرِ شَهْرَانِ أَوْ إنَّ لِهَذَا نَجْمَيْنِ وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةً وَقَالَ شَيْخُنَا الْمُرَادُ بِالْعَدَدِ فِي الدَّفَعَاتِ كَأَنْ يَشْرِطَ أَنْ يَدْفَعَ لِأَحَدِهِمَا فِي النَّجْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَ دَفَعَاتٍ وَلِلْآخَرِ دَفْعَتَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ الِاتِّفَاقَ فِي قَدْرِ الْمَالِ لَا يُشْتَرَطُ فَلَوْ جُعِلَ فِي النَّجْمِ الْوَاحِدِ لِوَاحِدٍ خَمْسَةً وَلِلْآخَرِ عَشَرَةً لَمْ يَضُرَّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (صَرَّحَ بِهِ أَوْ أَطْلَقَ) فَإِنْ شَرَطَ اخْتِلَافَ النِّسْبَةِ فَسَدَتْ أَيْضًا وَحَيْثُ فَسَدَتْ فَيَأْتِي مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنٍ إلَخْ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى الْآخَرِ إبْقَاءُ الْكِتَابَةِ فِي نَصِيبِهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَعْجِيزُ الْعَبْدِ وَفَسْخُهَا لِيَعُودَ نَصِيبُهُ إلَى الرِّقِّ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى الرِّقِّ بِمُجَرَّدِ فَسْخِ شَرِيكِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَبْرَأَ أَحَدُ الْمُكَاتَبَيْنِ إلَخْ) خَرَجَ بِالْإِبْرَاءِ وَالْإِعْتَاقِ مَا لَوْ قَبَضَ نَصِيبَهُ فَلَا يَعْتِقُ وَإِنْ رَضِيَ الْآخَرُ بِتَقْدِيمِهِ إذْ لَيْسَ لِلْعَبْدِ تَخْصِيصُ أَحَدِهِمَا بِالْقَبْضِ وَمَا أَخَذَهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَالْعَبْدُ عَاجِزٌ عَائِدٌ إلَى الرِّقِّ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مُتَعَيِّنَةٌ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ بِمَا قَبْلَهَا مِنْ التَّقْدِيمِ وَالْعِتْقِ الْمُرَتَّبَيْنِ عَلَى الْيَسَارِ الَّذِي نَشَأَ عَنْهُ السِّرَايَةُ دُفِعَ بِهَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ وُجُودِهِمَا مَعَ الْيَسَارِ قَبْلَ فَسْخِ السَّيِّدِ الْآخَرِ الَّذِي يَعُودُ بِهِ الْعَبْدُ لِلرِّقِّ وَهُوَ فَاسِدٌ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ) ظَاهِرُهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ أَنَّ ضَمِيرَ يَكُنْ عَائِدٌ لِلْعَبْدِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ عَائِدًا إلَى الرِّقِّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ ضَمِيرَهُ عَائِدٌ إلَى الْقَيْدَيْنِ قَبْلَهُ وَهُمَا الْيَسَارُ وَالْعَوْدُ لِلرِّقِّ وَهُوَ أَفْيَدُ، وَالْمَعْنَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ الْمُبْرِئُ مُعْسِرًا وَإِنْ عَادَ الْعَبْدُ لِلرِّقِّ أَوْ لَمْ يَعُدْ الْعَبْدُ لِلرِّقِّ، وَإِنْ كَانَ الْمُبَرِّئُ مُوسِرًا فَلَا سِرَايَةَ فِيهِمَا ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ أَدَّى لِلشَّرِيكِ حِصَّتَهُ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ نَصِيبُهُ عَنْ الْكِتَابَةِ وَصَارَ الْوَلَاءُ لَهُمَا وَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ الْأَدَاءِ عَادَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عِتْقِهِ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُبَرِّئِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَقْتَ التَّعْجِيزِ وَإِلَّا فَلَا، هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ هَذَا التَّقْرِيرُ فِي هَذَا الْمَقَامِ الَّذِي قَدْ تَزَاحَمَتْ فِيهِ الْأَفْهَامُ، وَاخْتَلَفَتْ فِيهِ الْعُقُولُ وَالْأَوْهَامُ وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَالْإِلْهَامِ. .   [حاشية عميرة] فَسَدَتْ) أَيْ فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَيَتَرَاجَعَانِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ بَطَلَتْ، قَوْلُهُ: (وَهُوَ الرَّاجِحُ) يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَالثَّانِي الْقَطْعُ إلَخْ،. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَبْرَأ أَوْ أَعْتَقَهُ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أَدَّى لَهُ نَصِيبَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْقَبْضِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ قَدْ وَقَعَ فِي ذَلِكَ اضْطِرَابٌ لِلْحَاوِي الصَّغِيرِ، قَوْلُهُ: (عَتَقَ نَصِيبُهُ إلَخْ) أَيْ وَقْتَ الْعَجْزِ لَا وَقْتَ الْإِعْتَاقِ وَالْإِبْرَاءِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الرَّافِعِيُّ، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِيمَا إذَا أَبْرَأ أَوْ أَعْتَقَ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ عَاجِزٌ عَائِدٌ إلَى الرِّقِّ وَالْحَاصِلُ، أَنَّ تِلْكَ كَانَ الْعَجْزُ فِيهَا مَوْجُودًا وَهَذِهِ طَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيَكُونُ الْعِتْقُ فِيهَا وَقْتَ الْعَجْزِ قَالَهُ الشَّيْخَانِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 367 الْعَبْدِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَإِنْ عَجَزَ وَعَادَ إلَى الرِّقِّ عَتَقَ النَّصِيبُ عَلَى الشَّرِيكِ الْأَوَّلِ بِالْقِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. فَصْلٌ (يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ) أَيْ الْعَبْدِ (جُزْءًا مِنْ الْمَالِ) الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ (أَوْ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ) بَعْدَ قَبْضِهِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ غَيْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] فُسِّرَ الْإِيتَاءُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْإِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ (وَالْحَطُّ أَوْلَى) مِنْ الدَّفْعِ لِمَا ذُكِرَ (وَفِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ أَلْيَقُ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِتْقِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) أَيْ اسْمُ الْمَالِ (وَلَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَالِ) قِلَّةً وَكَثْرَةً، وَالثَّانِي لَا يَكْفِي مَا ذُكِرَ وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَالِ فَيَجِبُ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ قَدَّرَهُ الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ) لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَيْهِ الثَّانِي بَعْدَهُ لِيَتَبَلَّغَ بِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَعَيَّنُ فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ، وَيَجُوزُ مِنْ أَوَّلِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَبَعْدَ الْأَدَاءِ وَالْعِتْقِ قَضَاءً، (وَيُسْتَحَبُّ الرُّبْعُ وَإِلَّا فَالسُّبُعُ) رَوَى النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ «يُحَطُّ عَنْ الْمُكَاتَبِ قَدْرُ رُبُعِ كِتَابَتِهِ» وَرُوِيَ عَنْهُ رَفْعُهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا وَوَضَعَ مِنْهَا خَمْسَةَ آلَافٍ وَذَلِكَ فِي آخِرِ نُجُومِهِ، وَخَمْسَةٌ سُبُعُ خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ. (وَيَحْرُمُ) عَلَى السَّيِّدِ (وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ) لِاخْتِلَالِ مِلْكِهِ فِيهَا، (وَلَا حَدَّ فِيهِ) لِبَقَاءِ مِلْكِهِ فِيهِ وَيُعَزَّرُ إنْ عَلِمَ تَحْرِيمَهُ وَكَذَلِكَ هِيَ (وَيَجِبُ) بِهِ (مَهْرٌ) لَهَا وَإِنْ طَاوَعَتْهُ (وَالْوَلَدُ) مِنْهُ (حُرٌّ) ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ فِي مِلْكِهِ (وَلَا تَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي قَوْلٍ لَهَا قِيمَتُهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلٍ يَأْتِي إنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِي وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ لَهَا، وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِهِ الْأَظْهَرِ أَنَّ حَقَّ   [حاشية قليوبي] فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَمَا يُسَنُّ لَهُ وَحُكْمُ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يَلْزَمُ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَالْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (السَّيِّدُ) وَكَذَا وَارِثُهُ مُقَدَّمًا عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ وَلَوْ تَعَدَّدَ السَّيِّدُ وَجَبَ الْحَطُّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ أَوْ تَعَدَّدَ الرَّقِيقُ وَجَبَ الْحَطُّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ نَعَمْ يُسْتَثْنَى السَّيِّدُ الْمَرِيضُ إذَا لَمْ يَزِدْ الْمُكَاتَبُ عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الْإِيتَاءِ عَدَمُ عِتْقِهِ كُلِّهِ لِعَدَمِ خُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَحُطَّ) أَيْ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ عَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (جُزْءًا مِنْ الْمَالِ) إنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ مَا يَحُطُّ. قَوْلُهُ: (الْمُكَاتَبُ عَلَيْهِ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَقُومُ مَقَامَهُ) أَيْ الْمَقْبُوضُ غَيْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ إنْ رَضِيَ الْعَبْدُ بِهِ وَالدَّفْعُ بَدَلٌ عَنْ الْحَطِّ وَالْآيَةُ شَامِلَةٌ لَهُمَا وَالْحَطُّ إيتَاءٌ وَزِيَادَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُحَقَّقٌ. قَوْلُهُ: (أَلْيَقُ) أَيْ أَنْسَبُ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ. قَوْلُهُ: (مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَالِ) وَهُوَ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ مِنْ أَوَّلِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ) فِي الْحَطِّ مُطْلَقًا وَفِي الدَّفْعِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ آنِفًا مِنْ أَنَّهُ فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ إلَخْ، فَهُوَ وَاجِبٌ مُوَسَّعٌ كَمَا. قَالَهُ الْبَغَوِيّ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ رُبُعٌ) وَأَوْجَبَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَفْضَلُ مِنْهُ ثُلُثٌ وَأَقَلُّ مِنْهُ خُمُسٌ فَسُدُسٌ وَهَذَا فِي حَقِّ الْمُتَصَرِّفِ عَنْ نَفْسِهِ أَمَّا الْوَلِيُّ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مُرَاعَاةً لِلْمَصْلَحَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ وَطْءُ مُكَاتَبَتِهِ) وَشَرْطُهُ فِي الْعَقْدِ مُفْسِدٌ لَهُ عِنْدَنَا وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ بِفَسَادِ الشَّرْطِ فَقَطْ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِصِحَّتِهِمَا وَغَيْرُ الْوَطْءِ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهَا كَالْمُحَرَّمِ وَمِثْلُهَا الْمُبَعَّضَةُ وَكَذَا أَمَةُ مُكَاتَبِهِ وَيَلْزَمُ بِإِحْبَالِهَا قِيمَتُهَا. قَوْلُهُ: (لِاخْتِلَالِ مِلْكِهِ) يُفِيدُ أَنَّهُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ فَيَجُوزُ الْوَطْءُ فِي الْفَاسِدَةِ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ بِهِ مَهْرٌ) وَاحِدٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْوَطْءُ مَا لَمْ يُؤَدِّ قَبْلَ وَطْءٍ آخَرَ، وَلَوْ عَجَزَتْ قَبْلَ أَخْذِهِ سَقَطَ أَوْ حَلَّ نَجْمٌ قَبْلَهُ وَقَعَ الْقِصَاصُ بِشَرْطِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) هُوَ قَيْدٌ لِكَوْنِهِ حُرًّا نَسِيبًا. قَوْلُهُ: (فِي الْأَظْهَرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَبْدِهَا. قَوْلُهُ: (مَعَ قَوْلٍ آخَرَ) وَعَلَى هَذَا لَا قِيمَةَ قَطْعًا فَصَحَّ التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ: (وَصَارَتْ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَجُوزُ فِي الصَّيْرُورَةِ فِي الْمُكَاتَبَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ سَابِقَةٌ وَقَدْ يُقَالُ الصَّيْرُورَةُ بِاعْتِبَارِ انْضِمَامِ الْوَصْفَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَجَزَتْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ) أَيْ عَنْ الْإِيلَادِ وَتَبِعَهَا أَوْلَادُهَا فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ عَجْزِهَا أَوْ أَدَّتْ النُّجُومَ أَوْ نُجِزَ عِتْقُهَا عَتَقَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ وَتَبِعَهَا كَسْبُهَا وَوَلَدُهَا قَوْلُهُ: (وَوَلَدُهَا) أَيْ الْحَادِثُ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ وَقَبْلَ الْكِتَابَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنَى مُكَاتَبٍ) أَيْ لَهُ حُكْمُ الْمُكَاتَبِ تَبَعًا لَهَا وَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ مُكَاتَبَتُهُ اسْتِقْلَالًا وَيَعْتِقُ بِالْأَسْبَقِ مِنْ أَدَائِهِ وَعِتْقِ أُمِّهِ وَلِلسَّيِّدِ   [حاشية عميرة] [فَصْلٌ يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يَحُطَّ عَنْ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ] فَصْلٌ يَلْزَمُ السَّيِّدَ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ) لَوْ حَطَّ مِنْ غَيْرِ النُّجُومِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا إعَانَةَ فِيهِ عَلَى الْعِتْقِ قَوْلُهُ: (قَالَ تَعَالَى {وَآتُوهُمْ} [النور: 33] إلَخْ) ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْإِيتَاءُ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الضَّمِيرَ لِلسَّادَاتِ، وَعَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَتَعَذَّرَ كَالزَّكَاةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنَّهُ يَكْفِي إلَخْ) لِإِطْلَاقِ الْإِيتَاءِ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَالثَّانِي: اسْتَنْبَطَ مِنْهَا مَعْنَى خَصَّصَهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ خَالَفَهُ الْمُتْعَةُ؛ لِأَنَّ آيَتَهَا تَعَرَّضَتْ لِلتَّقْدِيرِ حَيْثُ قَالَ {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 236] ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ) يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ وُجُوبًا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَوُجُوبًا مُوَسَّعًا، وَيَضِيقُ عِنْدَ الْعَقْدِ. قَالَ الْبَغَوِيّ الثَّانِي أَنْ يَدْخُلَ فِي الْعَقْدِ وَقْتَ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي الْإِيتَاءِ كَدُخُولِ رَمَضَانَ لِجَوَازِ دَفْعِ زَكَاةِ الْفِطْرَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسْتَحَبُّ) ذَهَبَ أَحْمَدُ إلَى وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ، وَالْقَاعِدَةُ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ) لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ فَسَدَ الْعَقْدُ وَقَالَ مَالِكٌ فَسَدَ، الشَّرْطُ فَقَطْ، وَقَالَ أَحْمَدُ يَصِحَّانِ. (فَرْعٌ) يَجُوزُ الْوَطْءُ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَجِبُ قِيمَتُهُ إلَخْ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ تَأَخَّرَ الْوَضْعُ إلَى بَعْضِ الْعِتْقِ لَمْ تَجِبْ الْقِيمَةُ، قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَتْبَعُهَا) مَعَ التَّبَعِيَّةِ هُنَا كَوْنُهُ تَابِعًا فِي الْعِتْقِ بِسَبَبِ الْكِتَابَةِ حَتَّى لَوْ انْجَرَّ عِتْقُهَا قَبْلَ الْأَدَاءِ، عَتَقَتْ مِنْ الْكِتَابَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 368 الْمِلْكِ فِيهِ لِلسَّيِّدِ مَعَ قَوْلٍ آخَرَ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ (وَصَارَتْ) بِالْوَلَدِ (مُسْتَوْلَدَةً مُكَاتَبَةً فَإِنْ عَجَزَتْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (وَوَلَدُهَا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا مُكَاتَبٌ فِي الْأَظْهَرِ يَتْبَعُهَا زِنًا أَوْ عِتْقًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ) لِلسَّيِّدِ، وَالثَّانِي هُوَ مَمْلُوكٌ لِلسَّيِّدِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَوَلَدِ الْمَرْهُونَةِ، (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (الْحَقُّ) أَيْ حَقُّ الْمِلْكِ (فِيهِ لِلسَّيِّدِ وَفِي قَوْلٍ لَهَا فَلَوْ قُتِلَ فَقِيمَتُهُ لِذِي الْحَقِّ) مِنْهُمَا (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ أَرْشَ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَلَدِ (وَكَسْبُهُ وَمَهْرُهُ يُنْفَقُ مِنْهُمَا عَلَيْهِ وَمَا فَضَلَ مِنْهُمَا وَقْفٌ فَإِنْ عَتَقَ فَلَهُ وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ) وَفِي وَجْهٍ لَا يُوقَفُ بَلْ يُصْرَفُ إلَى السَّيِّدِ هَذَا كُلُّهُ عَلَى قَوْلِ إنَّ حَقَّ الْمِلْكِ فِيهِ لِلسَّيِّدِ، وَعَلَى قَوْلِ إنَّهُ لَهَا يَكُونُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَرْشِ وَغَيْرِهِ لَهَا. (وَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْ الْمُكَاتَبِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ الْمَالِ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَوَصَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ حَسَنٌ (وَلَوْ أَتَى) الْمُكَاتَبُ (بِمَالٍ فَقَالَ السَّيِّدُ هَذَا حَرَامٌ) أَيْ لَيْسَ مِلْكُهُ (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُ بِذَلِكَ (حَلَفَ الْمُكَاتَبُ أَنَّهُ حَلَالٌ) أَيْ مَلَكَهُ (وَيُقَالُ لِلسَّيِّدِ تَأْخُذُهُ أَوْ تُبْرِئُهُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ قَدْرِهِ (فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْقَاضِي) وَإِنْ كَانَ قَدْرَ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِ عَتَقَ الْعَبْدُ، (فَإِنْ نَكَلَ الْمُكَاتَبُ) عَنْ الْحَلِفِ (حَلَفَ السَّيِّدُ) لِغَرَضِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْحَرَامِ وَلَوْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ لِذَلِكَ. (وَلَوْ خَرَجَ الْمُؤَدِّي مُسْتَحِقًّا رَجَعَ السَّيِّدُ بِبَدَلِهِ) وَهُوَ مُسْتَحِقُّهُ (فَإِنْ كَانَ فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ بَانَ أَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَقَعْ وَإِنْ كَانَ) السَّيِّدُ (قَالَ عِنْدَ أَخْذِهِ أَنْتَ حُرٌّ) ؛ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ مِنْ صِحَّةِ الْأَدَاءِ وَقَدْ بَانَ عَدَمُ صِحَّتِهِ (وَإِنْ خَرَجَ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ) وَلَهُ أَنْ يَرْضَى بِهِ. (وَلَا يَتَزَوَّجُ) الْمُكَاتَبُ (إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لِبَقَائِهِ عَلَى الرِّقِّ (وَإِنْ خَرَجَ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ) وَلَهُ أَنْ يَرْضَى بِهِ (وَلَا يَتَزَوَّجُ) الْمُكَاتَبُ (إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لِبَقَائِهِ عَلَى الرِّقِّ (وَلَا يَتَسَرَّى بِإِذْنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ) خَوْفًا مِنْ هَلَاكِ الْجَارِيَةِ فِي الطَّلْقِ فَمَنْعُهُ مِنْ الْوَطْءِ كَمَنْعِ الرَّاهِنِ مِنْ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَبْعُدُ إجْرَاءُ الْوَجْهَيْنِ فِي وَطْءِ الرَّاهِنِ مَنْ يُؤْمَنُ حَبَلُهَا هُنَا، وَفِي الرَّوْضَةِ فِي بَابَيْ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ وَنِكَاحِهِمْ كَأَصْلِهَا فِي الثَّانِي أَنَّ فِي تَسَرِّي الْمُكَاتَبِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ قَوْلَيْنِ كَتَبَرُّعِهِ وَمَا هُنَا أَرْجَحُ. (وَلَهُ شِرَاءُ الْجَوَارِي لِتِجَارَةٍ فَإِنْ وَطِئَهَا) أَيْ جَارِيَتَهُ عَلَى خِلَافٍ مَنَعْنَا مِنْهُ، (فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَلَا مَهْرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَثَبَتَ لَهُ   [حاشية قليوبي] وَطْؤُهُ لَوْ كَانَ أُنْثَى وَلَمْ يُكَاتِبْهَا وَلَهُ اسْتِخْدَامُهُ وَإِذَا عَتَقَ تَبَعًا لِأُمِّهِ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَدَّاهُ مِنْ النُّجُومِ كَغَيْرِهِ، وَكَذَا لَوْ نَجَّزَ السَّيِّدُ عِتْقَهُ وَلَوْ مَاتَتْ أُمُّهُ قَبْلَ السَّيِّدِ بَطَلَتْ كِتَابَتُهُ كَأُمِّهِ، وَلَوْ عَتَقَتْ بِغَيْرِ الْكِتَابَةِ لَا يَتْبَعُهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (يُنْفَقُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ أَيْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ السَّيِّدُ بِمَوْتِهِ مِنْهُمَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَمُؤْنَتُهُ عَلَى السَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يُؤَدِّيَ الْجَمِيعَ) وَلَوْ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ حَطُّهُ فَيَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى حَطِّهِ أَوْ أَدَائِهِ وَفِي مَعْنَى الْأَدَاءِ الْإِبْرَاءُ وَالْحَوَالَةُ بِهَا لَا عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ لَيْسَ مِلْكَهُ) يُفِيدُ أَنَّ حُرْمَتَهُ لَا لِوَصْفِهِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ جَاءَ لَهُ بِلَحْمٍ فَقَالَ السَّيِّدُ إنَّهُ مَيْتَةٌ فَيَحْلِفُ السَّيِّدُ إلَّا إنْ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ أَنَّهُ ذَكَّاهُ بِنَفْسِهِ فَالْمُصَدَّقُ الْمُكَاتَبُ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (حَلَفَ الْمُكَاتَبُ) فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى السَّيِّدِ حَلَفَ وَلَا يَأْخُذُهُ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (تَأْخُذُهُ أَوْ تُبْرِئُهُ) هُمَا بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَبِالتَّخْيِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ كَيْفَ يُؤْمَرُ السَّيِّدُ بِأَنْ يَأْخُذَ مَعَ دَعْوَاهُ أَنَّهُ حَرَامٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَرَجَ الْمُؤَدِّي) وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُسْتَحِقُّهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْبَدَلِيَّةِ ارْتِكَابَ مَجَازٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ بَنَاهُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْإِنْشَاءَ وَإِلَّا عَتَقَ قَالَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنَّهُ يَعْتِقُ فِي الْإِطْلَاقِ أَيْضًا تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ فِي عَدَمِ قَصْدِ الْإِنْشَاءِ أَوْ عَدَمِ الْإِطْلَاقِ إذَا ادَّعَاهُ الْعَبْدُ وَأَنْكَرَ وَفُهِمَ مِنْ بَانَ أَنْ لَا عِتْقَ أَنَّ الْمَدْفُوعَ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ فَزَوَائِدُهُ لَهُ. . قَوْلُهُ: (أَخَذَ بَدَلَهُ) لَمْ يَقُلْ هُنَا وَهُوَ مُسْتَحِقُّهُ كَمَا مَرَّ إمَّا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ لَهُ الرِّضَا بِهِ هُنَا وَإِذَا رَدَّهُ بَانَ أَنْ لَا عِتْقَ، وَإِنَّمَا يَعْتِقُ بِأَخْذِ الْبَدَلِ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ عَتَقَ مِنْ وَقْتِ الرِّضَا وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوَائِدَ لِلْعَبْدِ لِعَدَمِ مِلْكِ السَّيِّدِ لِمَا أَخَذَهُ. قَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ فِي الرِّضَا يَتَبَيَّنُ عِتْقُهُ مِنْ الْقَبْضِ وَعَلَيْهِ فَالزَّوَائِدُ لِلسَّيِّدِ وَقَالَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي نَقْصِ الصِّفَةِ فَإِنْ نَقَصَتْ عَيْنُهُ كَوَزْنٍ لَمْ يَعْتِقْ بِالْأَخْذِ وَلَا بِالرِّضَا إلَّا إنْ أَبْرَأَهُ مِنْ النَّقْصِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَزَوَّجُ الْمُكَاتَبُ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِغَيْرِ إذْنٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَسَرَّى) مُطْلَقًا أَيْ لَا يَطَأُ وَلَوْ بِغَيْرِ تَسَرٍّ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (خَوْفًا إلَخْ) أَيْ مَعَ ضَعْفِ الْمِلْكِ هُنَا فَلَا يُنَافِي امْتِنَاعَهُ مَعَ الْإِذْنِ وَحِينَئِذٍ فَقِيَاسُهُ عَلَى الرَّاهِنِ لَا يَصِحُّ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ طَرِيقِ الْقَطْعِ الْمُقَابِلِ لَهَا قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الَّذِي هُوَ الطَّرِيقُ الْحَاكِيَةُ، وَرَدَّهُ وَلَدُهُ وَقَطَعَ بِالْمَنْعِ أَيْضًا وَكَلَامُهُمَا فِيمَنْ لَا تَحْبَلُ. قَوْلُهُ: (فِي الثَّانِي) وَهُوَ نِكَاحُهُمْ يَعْنِي الْعَبِيدَ. قَوْلُهُ (أَنَّ فِي تَسَرِّي الْمُكَاتَبِ) الشَّامِلِ لِمَنْ تَحْبَلُ فَالتَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ فِيهَا صَحِيحٌ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ   [حاشية عميرة] وَتَبِعَهَا، وَلَوْ مَاتَتْ بَطَلَتْ فِيهَا وَفِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيُوقَفُ حُكْمُ الْوَلَاءِ فِيهِ عَلَى الْعَاقِدِ، بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَيْسَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجُرَّ مَعَهُ عَقْدٌ وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ قَبُولٌ قَوْلُهُ: (كَوَلَدِ الْمَرْهُونَةِ) أَيْ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا عَقْدٌ يَقْبَلُ الرَّفْعَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ لَهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلسَّيِّدِ لَعَتَقَ بِعِتْقِهَا وَرُدَّ بِأَنَّهُ كَأَمَةٍ، ثُمَّ الْقَوْلَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْكِتَابَةِ وَإِلَّا فَهُوَ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ قَطْعًا لَهُ بَيْعُهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ) مِنْهُ أَنْ تَمُوتَ قَبْلَ عِتْقِهِ،. قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُغَلَّبُ الْمُعَاوَضَةَ فَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِقَبْضِ كُلِّ الْعِوَضِ، وَإِنْ كَانَ الْمُغَلَّبُ التَّعْلِيقَ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ تَمَامِ الصِّفَةِ. قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ، وَلَوْ فَضَلَتْ حَبَّةٌ لَمْ يَعْتِقْ، قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ يَرْضَى بِهِ) أَيْ وَيَقَعُ الْعِتْقُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إبْرَاءٍ مَنْ قَدَرَ نَقْصِ الْعَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَ نَاقِصًا جُزْءًا. قَوْلُهُ: (فَيُجْبَرُ عَلَى قَبْضِهِ) أَيْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 369 (وَالْوَلَدُ) مِنْ وَطْئِهِ، (نَسِيبٌ فَإِنْ وَلَدَتْهُ فِي الْكِتَابَةِ) أَيْ قَبْلَ عِتْقِ أَبِيهِ (أَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْهُ (تَبِعَهُ رِقًّا وَعِتْقًا) وَهُوَ مَمْلُوكٌ لِأَبِيهِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ، (وَلَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِمَمْلُوكٍ وَالثَّانِي تَصِيرُ؛ لِأَنَّ وَلَدَهَا ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ بِكِتَابَتِهِ عَلَى أَبِيهِ وَامْتِنَاعِ بَيْعِهِ فَيَثْبُتُ لَهَا حُرْمَةُ الِاسْتِيلَادِ (وَلَوْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْهُ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا السِّتَّةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ (وَكَانَ يَطَؤُهَا فَهُوَ حُرٌّ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ) وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّ الْعُلُوقَ قَبْلَ الْعِتْقِ تَغْلِيبًا لِلْحُرِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الْعِتْقِ فَاسْتِيلَادُهَا عَلَى الْخِلَافِ. (وَلَوْ عَجَّلَ) الْمُكَاتَبُ (النُّجُومَ) قَبْلَ مَحِلِّهَا (لَمْ يُجْبَرْ السَّيِّدُ عَلَى الْقَبُولِ إنْ كَانَ لَهُ فِي الِامْتِنَاعِ) مِنْ قَبْضِهَا (غَرَضٌ كَمُؤْنَةِ حِفْظِهِ) أَيْ الْمَالِ النُّجُومِ إلَى مَحِلِّهِ (أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهِ) كَأَنْ عَجَّلَ فِي زَمَنِ نَهْبٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الِامْتِنَاعِ غَرَضٌ (فَيُجْبَرُ) عَلَى قَبْضِهِ (فَإِنْ أَبِي قَبَضَهُ الْقَاضِي) عَنْهُ وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ (وَلَوْ عَجَّلَ بَعْضَهَا) أَيْ النُّجُومِ (لَيُبْرِئَهُ مِنْ الْبَاقِي فَأَبْرَأَ) مَعَ الْأَخْذِ (لَمْ يَصِحَّ الدَّفْعُ وَلَا الْإِبْرَاءُ) ، وَعَلَى السَّيِّدِ رَدُّ الْمَأْخُوذِ وَلَا عِتْقَ. (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ النُّجُومِ وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ (فَلَوْ بَاعَ) السَّيِّدُ (وَأَدَّى) الْمُكَاتَبُ (إلَى الْمُشْتَرِي) النُّجُومَ (لَمْ يَعْتِقْ فِي الْأَظْهَرِ وَيُطَالِبُ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ) بِهَا (وَالْمُكَاتَبُ الْمُشْتَرِيَ بِهَا أُخِذَ مِنْهُ) وَالثَّانِي يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ سَلَّطَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى قَبْضِهَا مِنْهُ فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَتَمَّمَ الثَّانِيَ بِأَنَّ مَا أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي يُعْطِيهِ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ كَوَكِيلِهِ (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ رَقَبَتِهِ فِي الْجَدِيدِ فَلَوْ بَاعَ) السَّيِّدُ (فَأَدَّى) الْمُكَاتَبُ النُّجُومَ (إلَى الْمُشْتَرِي فَفِي عِتْقِهِ الْقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ وَفِي الْقَدِيمِ يَصِحُّ بَيْعُهُ كَبَيْعِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَيَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي مُكَاتَبًا وَيَعْتِقُ بِأَدَاءِ النُّجُومِ إلَيْهِ وَالْوَلَاءُ لَهُ، (وَهِبَتُهُ كَبَيْعِهِ) ، فِيمَا ذُكِرَ. (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ (بَيْعُ مَا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ وَإِعْتَاقُ عَبْدِهِ وَتَزْوِيجُ أَمَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ،   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَمَا هُنَا أَرْجَحُ) أَيْ الْمَنْعُ هُنَا مُطْلَقًا هُوَ الرَّاجِحُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ التَّنْبِيهُ مِنْ جَوَازِهِ بِالْإِذْنِ، وَوَجْهُ الرُّجْحَانِ أَنَّ النَّفَقَةَ قَدْ تَسْتَغْرِقُ أَكْسَابَهُ فَيَفُوتُ مَقْصُودُ الْعِتْقِ وَلَا كَذَلِكَ التَّبَرُّعُ. قَوْلُهُ: (أَيْ جَارِيَتُهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ لَامَ الْجَوَارِي لِلْجِنْسِ وَأَنَّ الْوَطْءَ بَعْدَ الشِّرَاءِ. قَوْلُهُ: (أَيْ قَبْلَ عِتْقِ أَبِيهِ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلظَّرْفِيَّةِ وَتَدْخُلُ الْمَعِيَّةُ فِيمَا بَعْدَهُ أَوْ مُلْحَقَةً بِهِ. قَوْلُهُ: (تَبِعَهُ رِقًّا وَعِتْقًا) فَإِنْ لَمْ يَعْتِقْ أَبُوهُ رُقَّ وَصَارَ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ) وَهَلْ يَمْتَنِعُ اسْتِخْدَامُهُ أَيْضًا رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيَثْبُتُ لَهَا حُرْمَةُ الِاسْتِيلَادِ) وَرُدَّ بِأَنَّ ثُبُوتَ حَقِّ الْحُرِّيَّةِ مِنْ مِلْكِ أَبِيهِ لَهُ لَا مِنْ الْإِيلَادِ كَذَا قِيلَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِفَوْقِ إلَخْ) لَزِمَ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ تَدَافُعُ كَلَامِهِ فِي السِّتَّةِ أَشْهُرٍ وَهِيَ مُلْحَقَةٌ بِمَا فَوْقَهَا أَخْذًا بِمَفْهُومِ كَلَامِهِ السَّابِقِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ وَالْمُرَادُ سِتَّةٌ غَيْرُ لَحْظَةِ الْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعِتْقِ قَوْلُهُ: (وَكَانَ يَطَؤُهَا) أَيْ مَعَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ مَرَّةً وَطْئًا يُمْكِنُ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْعِتْقِ) أَوْ مَعَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْخِلَافِ) وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ حَمَلَتْ بِالْوَلَدِ قَبْلَ الْعِتْقِ يَقِينًا فَهُوَ مَمْلُوكٌ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وَإِلَّا فَهُوَ حُرٌّ وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ. قَوْلُهُ: (عَجَّلَ النُّجُومَ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا. قَوْلُهُ: (غَرَضٌ) أَيْ صَحِيحٌ قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَالِ النُّجُومِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَنْسَبَ تَأْنِيثُ الضَّمِيرِ. قَوْلُهُ: (أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ شَيْءٍ يُرْجَى زَوَالُهُ عِنْدَ الْحُلُولِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْقَبُولُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فِي زَمَنِ نَهْبٍ) وَإِنْ وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ فِيهِ وَمِنْ الْغَرَضِ مَا لَوْ كَانَ يَخَافُ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِهِ أَوْ أَحْضَرَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ كَمَا فِي السَّلَمِ. قَوْلُهُ: (فَيُجْبَرُ عَلَى قَبْضِهِ) أَيْ أَوْ عَلَى الْإِبْرَاءِ وَفَارَقَ تَعْيِينَ الْقَبْضِ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا الْعِتْقُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَبَى) أَيْ وَعَجَزَ الْقَاضِي عَنْ إجْبَارِهِ أَوْ تَعَذَّرَ. تَنْبِيهٌ: الْمَكَانُ هُنَا كَالزَّمَانِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِ الدَّفْعِ وَإِلَّا بَرِئَ وَعَتَقَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الِالْتِمَاسُ مِنْ الْعَبْدِ أَوْ السَّيِّدِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِيُبْرِئَهُ مَا لَوْ عَجَّلَ ذَلِكَ الْبَعْضَ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَأَخَذَهُ مِنْهُ وَأَبْرَأَهُ مِمَّا بَقِيَ أَوْ ادَّعَى الْعَجْزَ عَنْ الْبَاقِي، فَأَبْرَأَهُ مِنْهُ أَوْ أَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَالْعِتْقُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عُجِّلَ مَا لَوْ جَاءَ بِهِ فِي الْمَحَلِّ وَلَوْ بَعْدَ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْقَبْضُ وَالْبَرَاءَةُ وَالْعِتْقُ. قَوْلُهُ: (وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا) وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا وَجَزَمَا فِي الشُّفْعَةِ بِصِحَّتِهِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا وَحَمَلَ الْجَوْجَرِيُّ الْأَوَّلَ عَلَى الِاعْتِيَاضِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَالثَّانِي عَلَى الِاعْتِيَاضِ مِنْ السَّيِّدِ   [حاشية عميرة] خِلَافٌ بِخِلَافٍ نَظِيرُهُ مِنْ سَائِرِ الدُّيُونِ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ، وَلَوْ أَدَّى هَكَذَا وَالسَّيِّدُ غَائِبٌ وَلَا ضَرَرَ قَبَضَهُ الْقَاضِي بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهَا رَهْنٌ نَظَرًا لِفَكِّهِ، كَمَا نَظَرَ هُنَاكَ لِفَكِّ الرَّقَبَةِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْقَاضِي) قِيلَ هَذَا لَا يُلَائِمُ الْجَبْرَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ جَبْرِهِ وَالْقَبْضِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَصِحَّ الدَّفْعُ وَلَا الْإِبْرَاءُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِالْتِمَاسُ مِنْ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ السَّيِّدِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ بَاطِلٌ، وَالتَّعْجِيلُ عَلَى شَرْطٍ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَزِيدُونَ فِي الْحَقِّ لِيُزَادَ فِي الْأَجَلِ، وَمِثْلُهُ أَبْرَأْتُكَ بِشَرْطِ أَنْ تُعَجِّلَ أَوْ إذَا عَجَّلْتَ فَقَدْ أَبْرَأْتُك،. قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ) وَالثَّانِي يَعْتِقُ لَكِنْ قَدْ سَلَفَ أَنَّ عَلَيْهِ الْعِتْقَ هُنَاكَ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ سَلَّطَ الْمُشْتَرِي عَلَى قَبْضِ النُّجُومِ وَهُنَا قَدْ يُقَالُ التَّسْلِيطُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الرَّقَبَةِ أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ إلَخْ) احْتَجَّ لَهُ بِقِصَّةِ بَرِيرَةَ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا عَجَّزَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ شِرَاءِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَبِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمُكَاتَبُ بِهِ وَهَذِهِ قَدْ رَضِيَتْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْقَاضِي. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ وَقَوْلُ الْجُرْجَانِيِّ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ رَضِيَ أَوْ سَخِطَ مَمْنُوعٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 370 (وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أَعْتِقْ مُكَاتَبَكَ عَلَى كَذَا فَفَعَلَ عَتَقَ وَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَهُ) وَهُوَ افْتِدَاءٌ مِنْهُ. . فَصْلٌ (الْكِتَابَةُ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ لَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا إلَّا أَنْ يَعْجِزَ) الْمُكَاتَبُ (عَنْ الْأَدَاءِ) عِنْدَ الْمَحِلِّ لِنَجْمٍ أَوْ بَعْضِهِ فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ فِي ذَلِكَ وَفِيمَا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَوْ غَابَ وَقْتُهُ كَمَا سَيَأْتِي، (وَجَائِزَةٌ لِلْمُكَاتَبِ فَلَهُ تَرْكُ الْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَفَاءٌ فَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ) أَيْ قَالَ أَنَا عَاجِزٌ عَنْ كِتَابَتِي مَعَ تَرْكِهِ الْأَدَاءَ (فَلِلسَّيِّدِ الصَّبْرُ) عَلَيْهِ (وَالْفَسْخُ) لِلْكِتَابَةِ (بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ بِالْحَاكِمِ) وَلَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ (وَلِلْمُكَاتَبِ الْفَسْخُ) لَهَا أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي قَالَ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي بَقَائِهَا (وَلَوْ اسْتَمْهَلَ الْمُكَاتَبُ) السَّيِّدَ (عِنْدَ حُلُولِ النَّجْمِ اُسْتُحِبَّ) لَهُ (إمْهَالُهُ فَإِنْ أَمْهَلَ) السَّيِّدُ (ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ) لِسَبَبٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (فَلَهُ) ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ مَعَهُ عُرُوضٌ أَمْهَلَهُ) لُزُومًا، (لِيَبِيعَهَا فَإِنْ عَرَضَ كَسَادٌ فَلَهُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْمُهْلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيّ لَا يَلْزَمُ أَكْثَرُ مِنْهَا وَسَكَتَا عَلَى ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا أَمْهَلَهُ إلَى الْإِحْضَارِ إنْ كَانَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مَرْحَلَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (فَلَا) يُمْهَلُ وَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ذَكَرَ هَذَا التَّفْصِيلَ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَحَمَلَ إطْلَاقَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّ لِلسَّيِّدِ الْفَسْخَ عَلَيْهِ (وَلَوْ حَلَّ النَّجْمُ وَهُوَ) ، أَيْ الْمُكَاتَبُ (غَائِبٌ) أَوْ غَابَ بَعْدَ حُلُولِهِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ) إنْ شَاءَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ بِالْحَاكِمِ، (وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي الْأَدَاءُ مِنْهُ) وَيُمَكِّنُ السَّيِّدَ مِنْ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَجَّزَ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ لَمْ يُؤَدِّ الْمَالَ،. (وَلَا تَنْفَسِخُ) الْكِتَابَةُ   [حاشية قليوبي] وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَدَمُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ ذِكْرُ الشَّيْءِ فِي بَابِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ بَاعَ السَّيِّدُ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ قَوْلُهُ: (يُعْطِيهِ لِلسَّيِّدِ) أَيْ يَلْزَمُهُ إعْطَاؤُهُ لَهُ لِفَسَادِ قَبْضِهِ لِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ رَقَبَتِهِ) وَلَوْ بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَيْ لِأَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ رِضَاهُ، فَإِنْ رَضِيَ فَهُوَ تَعْجِيزٌ لِنَفْسِهِ أَوْ بَاعَهُ لِنَفْسِهِ صَحَّ وَكَانَ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ فِيهِمَا فَعِتْقُهُ فِي الثَّانِيَةِ لَيْسَ عَنْ الْكِتَابَةِ فَلَا يَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَلَا وَلَدُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا كَابْنِ حَجَرٍ، وَاعْتَمَدَهُ وَعَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ بَاعَ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ) نَعَمْ لَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي كَالسَّيِّدِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَأَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي قَبْضِهَا صَحَّ وَعَتَقَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَكِيلٌ مَحْضٌ عَنْ السَّيِّدِ. قَوْلُهُ: (وَهِبَتُهُ كَبَيْعِهِ) فَتَبْطُلُ إنْ كَانَتْ لِأَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ رِضَاهُ عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِثْلُهَا فِي الْمَنْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ كَالْهِبَةِ وَالتَّصَدُّقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَتَقَ) أَيْ عَنْ السَّيِّدِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (وَلَزِمَهُ) أَيْ الْمُلْتَمِسَ قَوْلُهُ: (مَا الْتَزَمَهُ) مَا لَمْ يَقُلْ أَعْتِقْهُ عَنِّي أَوْ عَنَّا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ السَّيِّدِ وَلِأَنَّ اللُّزُومَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَلْيُرَاجَعْ. [فَصْلٌ الْكِتَابَةُ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ] فَصْلٌ فِي لُزُومِ الْكِتَابَةِ وَجَوَازِهَا وَحُكْمِ تَصَرُّفَاتِ الْمُكَاتَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (الْكِتَابَةُ) أَيْ الصَّحِيحَةُ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَةَ جَائِزَةٌ لَهُمَا. قَوْلُهُ: (أَوْ بَعْضِهِ) أَيْ غَيْرِ الْوَاجِبِ فِي الْإِيتَاءِ وَلِلْمُكَاتَبِ الرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ لِيُلْزِمَ السَّيِّدَ بِحَطِّهِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَحْصُلُ التَّقَاصُّ؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ غَيْرِهِ إلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِعْطَاءُ مِنْ غَيْرِ مَالِ الْكِتَابَةِ، وَلِأَنَّ جَوَازَ الْإِعْطَاءِ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ التَّقَاصِّ فَرَاجِعْ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَابَ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ. قَوْلُهُ: (وَجَائِزَةٌ لِلْمُكَاتَبِ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَوْلُهُ: (أَيْ قَالَ أَنَا عَاجِزٌ) أَيْ مَثَلًا إذَا الْمَدَارُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْأَدَاءِ. قَوْلُهُ: (وَلِلْمُكَاتَبِ الْفَسْخُ لَهَا) أَيْ تَعَاطِيهِ بِنَفْسِهِ وَفِي فَسْخِ السَّيِّدِ بِنَفْسِهِ أَوْ الْمُكَاتَبِ لَا يَحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِ عَجْزٍ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَفِي فَسْخِ الْحَاكِمِ يَحْتَاجُ لِذَلِكَ مَعَ ثُبُوتِ الْكِتَابَةِ وَحُلُولِ النَّجْمِ الْأَخِيرِ. قَوْلُهُ: (اُسْتُحِبَّ لَهُ إمْهَالُهُ) نَعَمْ يَلْزَمُهُ الْإِمْهَالُ   [حاشية عميرة] فَصْلٌ الْكِتَابَةُ لَازِمَةٌ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَيْسَ لَهُ إلَخْ) تَصْرِيحٌ بِاللَّازِمِ وَتَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ، قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) كَمَا فِي الْبَيْعِ عِنْدَ إفْلَاسِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ، وَلَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ التَّعْجِيزِ لِنَفْسِهِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ صَرِيحًا قَوْلُهُ: (وَفِيمَا امْتَنَعَ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ مَا أَفَادَهُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْحَصْرِ مُرَادًا قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلِلسَّيِّدِ الصَّبْرُ) بِسُكُونِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِنَفْسِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى الْحَاكِمِ. نَعَمْ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ الْوَفَاءُ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُعَجِّزُ نَفْسَهُ فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَنْعِ اسْتِقْلَالِ السَّيِّدِ بِالْفَسْخِ لِكَوْنِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ الْحَاكِمِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِلْمُكَاتَبِ الْفَسْخُ) أَيْ كَالْمُرْتَهِنِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَصَحِّ) اُسْتُشْكِلَ حِكَايَةُ الْخِلَافِ مَعَ الْجَزْمِ بِجَوَازِهَا مِنْ جِهَتِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى جَوَازِهَا تَمَكُّنُهُ مِنْ تَعْجِيزِ نَفْسِهِ لَا إنْشَاءُ الْفَسْخِ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا أَحْسَنُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّهُ قَلِيلُ الْجَدْوَى مَعَ قَوْلِنَا إنَّ السَّيِّدَ إذَا وَجَدَ لَهُ مَالًا يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ يَمْنَعُهُ الْحَاكِمُ، وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ قَلِيلُ الْجَدْوَى أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إذَا مَنَعَهُ الْحَاكِمُ فُسِخَ وَيَعُودُ لَهُ الْمَالُ، قَوْلُهُ: (مُكِّنَ السَّيِّدُ مِنْ الْفَسْخِ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا يُمْكِنُ هُنَا إلَّا بَعْدَ، الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 371 (بِجُنُونِ الْمُكَاتَبِ يُؤَدِّي الْقَاضِي) عَنْهُ (وَإِنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا) . قَالَ الْغَزَالِيُّ زِيَادَةً عَلَى الْجُمْهُورِ وَرَأَى لَهُ مَصْلَحَةً فِي الْحُرِّيَّةِ وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ يَضِيعُ إذَا أَفَاقَ لَمْ يُؤَدِّ وَهَذَا أَحْسَنُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا مُكِّنَ السَّيِّدُ مِنْ الْفَسْخِ فَإِذَا فَسَخَ عَادَ الْمُكَاتَبُ قِنًّا لَهُ وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، فَإِنْ أَفَاقَ وَظَهَرَ لَهُ مَالٌ كَأَنْ حَصَّلَهُ قَبْلَ الْفَسْخِ دَفَعَهُ إلَى السَّيِّدِ وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ وَنُقِضَ التَّعْجِيزُ (وَلَا) تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ (بِجُنُونِ السَّيِّدِ وَيَدْفَعُ) وُجُوبًا الْمُكَاتَبُ الْمَالَ، (إلَى وَلِيِّهِ وَلَا يَعْتِقُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ فَاسِدٌ وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ لِتَقْصِيرِ الْمُكَاتَبِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ آخَرُ يُؤَدِّيهِ فَلِلْوَلِيِّ تَعْجِيزُهُ وَلَا تَنْفَسِخُ أَيْضًا بِإِغْمَاءِ السَّيِّدِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَلَا بِإِغْمَاءٍ الْعَبْدِ. (وَلَوْ قَتَلَ سَيِّدَهُ) عَمْدًا (فَلِوَارِثِهِ قِصَاصٌ فَإِنْ عَفَا عَلَى دِيَةٍ أَوْ قُتِلَ) الْمُكَاتَبُ، (خَطَأً أَخَذَهَا) أَيْ أَخَذَ الْوَارِثُ الدِّيَةَ، (مِمَّا مَعَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَأَجْنَبِيٍّ وَفِي قَوْلٍ إنْ كَانَتْ الدِّيَةُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ أَخَذَ الْقِيمَةَ، (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) مَعَهُ مَا يَفِي بِمَا ذُكِرَ (فَلَهُ) أَيْ لِلْوَارِثِ (تَعْجِيزُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَّزَهُ سَقَطَ مَالُ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَلَا فَائِدَةَ لِلتَّعْجِيزِ دُفِعَ بِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِهِ الرَّدَّ إلَى الرِّقِّ الْمَحْضِ، (أَوْ قَطَعَ) الْمُكَاتَبُ (طَرَفَهُ) أَيْ السَّيِّدِ، (فَاقْتِصَاصُهُ وَالدِّيَةُ) لِلطَّرَفِ (كَمَا سَبَقَ) فِي قَتْلِهِ (وَلَوْ قَتَلَ) الْمُكَاتَبُ (أَجْنَبِيًّا أَوْ قَطَعَهُ) عَمْدًا (فَعَفَا عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَ) مَا فَعَلَهُ (خَطَأً أَخَذَ) الْمُسْتَحِقُّ (مِمَّا مَعَهُ وَمِمَّا سَيَكْسِبُهُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ) وَفِي قَوْلٍ إنْ كَانَ الْأَرْشُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ أَخَذَهُ، وَفِي إطْلَاقِهِ عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ تَغْلِيبٌ وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مَسْأَلَةَ السَّيِّدِ بَعْدَ هَذِهِ، وَقَالَ: فِيهَا الْقَوْلَانِ أَيْ فِي هَذِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ فِيهَا أَيْضًا. (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ، (شَيْءٌ وَسَأَلَ الْمُسْتَحِقَّ تَعْجِيزَهُ عَجَّزَهُ الْقَاضِي) الْمَسْئُولُ (وَبِيعَ) مِنْهُ (بِقَدْرِ الْأَرْشِ) إنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَكُلُّهُ، (فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ بَقِيَتْ فِيهِ الْكِتَابَةُ) فَإِذَا أَدَّى حِصَّتَهُ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ، (وَلِلسَّيِّدِ فِدَاؤُهُ وَإِبْقَاؤُهُ مُكَاتَبًا) وَعَلَى الْمُسْتَحِقِّ، قَبُولُهُ فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ. (وَلَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَوْ أَبْرَأَهُ) مِنْ النُّجُومِ (عَتَقَ وَلَزِمَهُ الْفِدَاءُ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ مُتَعَلِّقَ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ (وَلَوْ قُتِلَ الْمُكَاتَبُ بَطَلَتْ) كِتَابَتُهُ (وَمَاتَ رَقِيقًا) لِفَوَاتِ مَحِلِّهَا، (وَلِسَيِّدِهِ قِصَاصٌ عَلَى قَاتِلِهِ) الْعَامِدِ، (الْمُكَافِئِ)   [حاشية قليوبي] لِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَوَزْنِ مَالٍ وَأَكْلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ ضَرُورِيٍّ قَوْلُهُ: (أَمْهَلَهُ لُزُومًا) وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَا عَلَى ذَلِكَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (أَمْهَلَهُ إلَى الْإِحْضَارِ) أَيْ وُجُوبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَالَ شَيْخُنَا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا مَرَّ فِي الْكَسَادِ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى الثَّلَاثِ وَفُرِّقَ بِمَا يُعْلَمُ عَدَمُ جَدْوَاهُ بِمُرَاجَعَتِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُمْهَلُ) أَيْ لَا يَجِبُ إمْهَالُهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ غَائِبٌ) وَلَوْ لِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ الْعَدْوَى. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمِثْلُ إذْنِهِ إنْظَارُهُ قَبْلَ السَّفَرِ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لِلْقَاضِي إلَخْ) وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا فِي غَيْبَتِهِ لِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْفَسِخُ بِجُنُونٍ الْمُكَاتَبِ) وَلَا بِجُنُونِ السَّيِّدِ وَلَا بِمَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُؤَدِّي الْقَاضِي عَنْهُ) أَيْ بَعْدَ مَا مَرَّ فِي جَوَازِ الْفَسْخِ عِنْدَهُ. قَوْلُهُ: (يَضِيعُ) أَيْ يَفْسُدُ حَالُهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُؤَدِّ) أَيْ وَلَا يُمْنَعُ سَيِّدُهُ مِنْ الْأَخْذِ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ أَدَّى إلَى ضَيَاعِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا كَوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ) وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرُّعَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْمَالِ وَأَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ أَشْهَدَ وَلَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ أَدَّى النُّجُومَ لِلسَّيِّدِ قَبْلَ جُنُونِهِ حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَلَا رُجُوعَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ وَمَا ذُكِرَ هُنَا يَأْتِي بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (وُجُوبًا) هُوَ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ صِحَّةِ الدَّفْعِ لِغَيْرِ الْوَلِيِّ وَإِلَّا فَلَلْمَكَاتِب تَعْجِيزُ نَفْسِهِ وَفَسْخُ الْكِتَابَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْفَسِخُ أَيْضًا بِإِغْمَاءِ السَّيِّدِ) وَانْظُرْ عَلَى هَذَا هَلْ يَنْتَظِرُ إفَاقَتَهُ كَمَا فِي بَقِيَّةِ الْأَبْوَابِ أَوْ يَقْبِضُ عَنْهُ الْحَاكِمُ أَوْ غَيْرُهُ رَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ بِسَفَهٍ وَيَقُومُ وَلِيُّهُ مَقَامَهُ كَمَا مَرَّ فِي الْجُنُونِ وَمِثْلُهُ حَجْرُ الْفَلَسِ لَكِنْ يَقْبِضُ بِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا بِإِغْمَاءِ الْعَبْدِ) وَحِينَئِذٍ هَلْ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي جُنُونِهِ رَاجِعْهُ، وَسَكَتَ عَنْ حَجْرِ السَّفَهِ فِيهِ وَذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي جُنُونِهِ. تَنْبِيهٌ: صِفَةُ الْفَسْخِ مِنْ السَّيِّدِ فَسَخْت الْكِتَابَةَ نَقَضْتهَا أَبْطَلْتهَا رَفَعْتهَا عَجَّزْتُهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ وَلَا تَعُودُ بِالتَّقْرِيرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ عَقْدٍ. قَوْلُهُ: (مِمَّا مَعَهُ) وَمِمَّا يَكْسِبُهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَتَلْزَمُهُ الدِّيَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْأَجْنَبِيَّ. قَوْلُهُ: (كَمَا سَبَقَ فِي قَتْلِهِ) فَيَلْزَمُهُ الْأَرْشُ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ) نَعَمْ إنْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ أَخَذَ الْمُسْتَحَقَّ مِمَّا مَعَهُ الْأَرْشُ بَالِغًا مَا بَلَغَ فَإِنْ لَمْ يَفِ مَا مَعَهُ بِهِ فَدَاهُ السَّيِّدُ عَلَى مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَقْتَضِي إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (عَجَزَهُ الْقَاضِي) أَيْ عَجَّزَ مِنَّة بِقَدْرِ الْأَرْشِ إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْهُ وَلَا يَبِيعُ قَبْلَ التَّعْجِيزِ وَفَارَقَ الْمَرْهُونَ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ هُنَا كَذَا. قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ   [حاشية عميرة] بِجُنُونِ السَّيِّدِ) أَيْ وَلَا بِمَوْتِهِ [قَتَلَ الْمُكَاتَب سَيِّدَهُ عَمْدًا] قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمَا سَبَقَ فِي قَتْلِهِ) فَيَكُونُ الْوَاجِبُ الْأَرْشُ بَالِغًا مَا بَلَغَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ؛ لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ لَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَيَلْزَمُهُ وَفَاؤُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، كَدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ أَجْنَبِيًّا فَإِنَّ حَقَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَادَ عَلَيْهَا، قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَقْتَضِي إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ إنَّهُ مَعَهُ فِي الْجِنَايَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَعَمْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ هَذَا فِيمَا لَوْ أَدَّى النُّجُومَ فَعَتَقَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى السَّيِّدِ لَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ بَلْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، قَوْلُهُ: (كَالْبَيْعِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ لَهُ التَّدْبِيرُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَصِحُّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ إلَخْ) لَوْ تَبَرَّعَ عَلَى السَّيِّدِ صَحَّ وَإِنْ تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ كَنَظِيرِهِ مِنْ بَيْعِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 372 لَهُ (وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ) لَهُ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَلَوْ قَتَلَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْكَفَّارَةُ قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. (وَيَسْتَقِلُّ) الْمُكَاتَبُ (بِكُلِّ تَصَرُّفٍ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ وَلَا خَطَرَ) كَالْبَيْعِ وَالنَّذْرِ وَالْإِجَارَةِ (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَمَا فِيهِ تَبَرُّعٌ كَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ أَوْ خَطَرٌ كَالْبَيْعِ نَسِيئَةً وَالْقَرْضِ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ (وَيَصِحُّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَا يَعْدُوهُمَا وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّهُ يُفَوِّتُ غَرَضَ الْعِتْقِ، (وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ صَحَّ) وَالْمِلْكُ فِيهِ لِلْمُكَاتَبِ (فَإِنْ عَجَزَ وَصَارَ لِسَيِّدِهِ عَتَقَ) عَلَيْهِ، (أَوْ) مَنْ يَعْتِقُ (عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ بِلَا إذْنٍ وَبِإِذْنٍ فِيهِ الْقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الصِّحَّةُ (فَإِنْ صَحَّ فَكَاتَبَ عَلَيْهِ) فَيَتْبَعُهُ رِقًّا وَعِتْقًا، (وَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ وَكِتَابَتُهُ بِإِذْنٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهُمَا يَعْقُبَانِ الْوَلَاءَ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَيُوقَفُ الْوَلَاءُ، الطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي إنْ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ، وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا كَانَ لِسَيِّدِهِ. . فَصْلٌ (الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ لِشَرْطٍ) فَاسِدٍ كَشَرْطِ أَنْ يَبِيعَهُ، كَذَا، (أَوْ عِوَضٍ) فَاسِدٍ كَخَمْرٍ (أَوْ أَجَلٍ فَاسِدٍ) كَنَجْمٍ (كَالصَّحِيحَةِ فِي اسْتِقْلَالِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (بِالْكَسْبِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَمَهْرِ شُبْهَةٍ) فِي الْأَمَةِ (وَفِي أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ وَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ وَكَالتَّعْلِيقِ) بِصِفَةٍ (فِي أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِإِبْرَاءٍ) وَلَا بِأَدَاءِ الْغَيْرِ عَنْهُ تَبَرُّعًا، (وَتَبْطُلُ) كِتَابَتُهُ (بِمَوْتِ سَيِّدِهِ) قَبْلَ الْأَدَاءِ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، (وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِرَقَبَتِهِ وَلَا يُصْرَفُ إلَيْهِ مِنْ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ) بِخِلَافِهِمَا فِي الصَّحِيحَةِ، (وَتُخَالِفُهُمَا) أَيْ تُخَالِفُ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ وَالتَّعْلِيقُ، (فِي أَنَّ لِلسَّيِّدِ   [حاشية قليوبي] لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (عَتَقَ) وَلَا يَسْرِي عَلَى بَاقِيهِ وَلَا عَلَى مَنْ اشْتَرَاهُ. قَوْلُهُ: (وَلِلسَّيِّدِ فِدَاؤُهُ) وَلَهُ تَعْجِيزُهُ بِطَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ وَبَيْعِهِ كَالْحَاكِمِ. تَنْبِيهٌ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِيعَ كُلُّهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَوْ أَبْرَأَهُ) خَرَجَ مَا لَوْ أَدَّى النُّجُومَ لِلسَّيِّدِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ فِدَاؤُهُ. قَوْلُهُ: (عَتَقَ) أَيْ إنْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ عِتْقُهُ وَلَا إبْرَاؤُهُ لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَلَزِمَهُ الْفِدَاءُ إلَخْ) بِأَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَمَاتَ رَقِيقًا) وَتُرَقَّ أَوْلَادُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَتَلَ) خَرَجَ مَا لَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ مَثَلًا فَيَلْزَمُ ضَمَانُهُ وَلَيْسَ لَنَا مَنْ لَا يُضْمَنُ كُلُّهُ بِالْقَتْلِ وَيُضْمَنُ بَعْضُهُ بِالْقَطْعِ إلَّا هَذَا. قَوْلُهُ: (كَالْبَيْعِ إلَخْ) أَيْ بِلَا مُحَابَاةٍ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (كَالْبَيْعِ نَسِيئَةً) وَكُلُّ مَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ لَوْ وَقَعَ فِي الْمَرَضِ كَذَلِكَ. نَعَمْ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ لَحْمٍ وَخُبْزٍ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ وَعَدَمِ بَيْعِهِ يَجُوزُ لَهُ إهْدَاؤُهُ كَغَيْرِهِ كَمَا فِي نَصِّ الْأُمِّ وَلَا يُكَفِّرُ بِالْمَالِ وَلَا يُدَبِّرُ عَبْدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) ، وَكَذَا بِقَبُولِ سَيِّدِهِ مَا تَبَرَّعَ بِهِ الْعَبْدُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مُكَاتَبٍ لَهُ آخَرَ بِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ قَوْلُهُ: (مِنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ) سَوَاءٌ اشْتَرَى جَمِيعَهُ أَوْ جُزْأَهُ. قَوْلُهُ: (عَتَقَ عَلَيْهِ) وَلَا يَسْرِي فِي صُورَةِ الْجُزْءِ وَإِنْ اخْتَارَ تَعْجِيزَهُ لِمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) أَيْ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهُمَا الصِّحَّةُ) مُعْتَمَدٌ قَوْلُهُ: (فَكَاتَبَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ فَيَتْبَعُهُ رِقًّا وَعِتْقًا قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ وَكِتَابَتُهُ) وَوَطْؤُهُ وَتَدْبِيرُهُ لِعَبْدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أَعْتَقَ عَنْ سَيِّدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ وَوَلَاؤُهُ لِمَنْ وَقَعَ الْعِتْقُ عَنْهُ. فَصْلٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْبَاطِلَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ وَالْبَاطِلَةُ مَا اخْتَلَّ فِيهَا رُكْنٌ وَالْفَاسِدَةُ مَا اخْتَلَّ فِيهَا شَرْطٌ وَالْبَاطِلَةُ مُلْغَاةٌ إلَّا فِي تَعْلِيقٍ مُعْتَبَرٍ بِأَنْ تَقَعَ مِمَّا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَإِنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الدَّمَ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَاطِلَ وَالْفَاسِدَ عِنْدَنَا سَوَاءٌ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا: الْحَجُّ وَالْعَارِيَّةُ وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ يَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ وَقَدْ مَرَّ فِي مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (فِي اسْتِقْلَالِهِ بِالْكَسْبِ) فَلَهُ مُعَامَلَةُ سَيِّدِهِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَمَهْرُ شُبْهَةٍ) لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ شُبْهَةٍ كَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ. قَوْلُهُ: (وَفِي أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ) . قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ فَاسِدٌ يَمْلِكُ بِهِ كَالصَّحِيحِ إلَّا هَذَا أَيْ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعِتْقُ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ كَسْبُهُ) وَكَذَا وَلَدُهُ فَيُكَاتَبُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ نَفَقَتُهُ وَإِنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَتُهُ. قَوْلُهُ: (تَبَرُّعًا) وَلَوْ بِوَكَالَةٍ قَوْلُهُ: (وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ) نَعَمْ إنْ كَانَ قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَوْ إلَى وَارِثِي لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِرَقَبَتِهِ) وَيَصِحُّ عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَيَصِحُّ تَمْلِيكُهُ وَيَجُوزُ وَطْءُ الْأَمَةِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَرِ وَتَلْزَمُ فِطْرَتُهُ وَلَا يَعْتِقُ بِتَعْجِيلِ النُّجُومِ.   [حاشية عميرة] الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَتَقَ) أَيْ مِنْ حِينِ الْفَسْخِ، قَوْلُهُ: (الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَفِيدُ مِنْ أَكْسَابِهِ مَا يُعِينُهُ. [فَصْل الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَة] ُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي اسْتِقْلَالِهِ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَسُوغُ لِعَدْلِهِ مُعَامَلَةُ السَّيِّدِ وَتَسْتَفِيدُ أَيْضًا مِنْ هُنَا مَا سَيُصَرِّحُ بِهِ مِنْ تَبَعِيَّةِ الْكَسْبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ فِي الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُعَامِلُ سَيِّدَهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَخَذَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَمَهْرَ شُبْهَةٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْكَسْبِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْأَدَاءِ) أَيْ إلَى السَّيِّدِ فِي وَقْتِ الْمَحَلِّ وَذَلِكَ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَالْمُرَادُ أَدَاءُ الْمُسَمَّى فَلَا يُغْنِي الْإِبْرَاءُ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا الْأَدَاءُ لِغَيْرِ السَّيِّدِ كَالْوَارِثِ قِيلَ: وَإِذَا تَأَمَّلْت وَجَدَتْ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ أَحْوَالِ افْتِرَاقِهِمَا لَا مِنْ أَحْوَالِ اسْتِوَائِهِمَا بِخِلَافِ تَبَعِيَّةِ الْكَسْبِ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 373 فَسْخَهَا) وَهُوَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْحَاكِمِ (وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا يَأْخُذُهُ بَلْ يَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ بِهِ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا) بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالْخَمْرِ فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ بِشَيْءٍ (وَهُوَ) أَيْ وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ (عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ) وَإِنْ تَلِفَ مَا أَخَذَهُ السَّيِّدُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَعَلَى الْقِيمَةِ، (فَإِنْ تَجَانَسَا) أَيْ وَاجِبَا السَّيِّدِ وَالْعَبْدِ أَيْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَيْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ (فَأَقْوَالٌ التَّقَاصُّ) فِيهِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِهِ الْأَصَحُّ الْآتِي سُقُوطُ الدَّيْنَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ، (وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْفَضْلِ) فِي أَحَدِهِمَا (بِهِ) عَلَى الْآخَرِ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ، (أَصَحُّ أَقْوَالِ التَّقَاصِّ سُقُوطُ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ بِالْآخَرِ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ، (بِلَا رِضًا) إذْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَالثَّانِي بِرِضَاهُمَا) كَالْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ، (وَالثَّالِثُ بِرِضَا أَحَدِهِمَا) لِوُجُودِ الْقَضَاءِ مِنْهُ بِهِ إذْ لَهُ الْقَضَاءُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ، (وَالرَّابِعُ لَا يَسْقُطُ) وَإِنْ رَضِيَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدِينٍ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَلْيَأْخُذْ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ، ثُمَّ يَدْفَعُ إلَيْهِ الْمَأْخُوذَ عَنْ دَيْنِهِ لِيَسْلَمَ مِنْ النَّهْيِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ، (فَإِنْ فَسَخَهَا) أَيْ الْفَاسِدَةَ (السَّيِّدُ فَلْيُشْهِدْ) بِالْفَسْخِ خَوْفَ النِّزَاعِ فِيهِ، (فَلَوْ أَدَّى) الْمُكَاتَبُ فِيهَا (الْمَالَ فَقَالَ السَّيِّدُ كُنْت فَسَخْت فَأَنْكَرَ صُدِّقَ الْعَبْدُ) الْمُنْكِرُ (بِيَمِينِهِ) وَعَلَى السَّيِّدِ الْبَيِّنَةُ، (وَالْأَصَحُّ بُطْلَانُ الْفَاسِدَةِ بِجُنُونِ السَّيِّدِ وَإِغْمَائِهِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ) بِسَفَهٍ (لَا بِجُنُونِ الْعَبْدِ) وَإِغْمَائِهِ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ فَيُؤَثِّرُ فِيهَا اخْتِلَالُ عَقْلِ السَّيِّدِ دُونَ الْعَبْدِ وَوَجْهُ بُطْلَانِهَا فِيهِمَا جَوَازُهَا مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَالْوَكَالَةِ وَوَجْهُ عَدَمِهِ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا التَّعْلِيقُ وَهُوَ لَا يَبْطُلُ بِمَا ذُكِرَ. (وَلَوْ ادَّعَى) الْعَبْدُ (كِتَابَةً فَأَنْكَرَ سَيِّدُهُ أَوْ وَارِثُهُ صُدِّقَا) بِالْيَمِينِ (وَيَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) وَالسَّيِّدُ عَلَى الْبَتِّ، (وَلَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ السَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ، (فِي قَدْرِ النُّجُومِ) أَيْ الْمَالِ (أَوْ صِفَتِهَا) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَوْ جِنْسِهَا أَوْ عَدَدِهَا أَوْ قَدْرِ الْأَجَلِ وَلَا بَيِّنَةَ (تَحَالَفَا) عَلَى الْكَيْفِيَّةِ السَّابِقَةِ فِي الْبَيْعِ (ثُمَّ) بَعْدَ التَّحَالُفِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) السَّيِّدُ (قَبَضَ مَا يَدَّعِيهِ لَمْ تَنْفَسِخْ الْكِتَابَةُ فِي الْأَصَحِّ بَلْ إنْ لَمْ يَتَّفِقَا) عَلَى شَيْءٍ (فَسَخَ الْقَاضِي) الْكِتَابَةَ، وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ بِالتَّحَالُفِ وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى مَا قَالَهُ أَحَدُهُمَا فَظَاهِرٌ بَقَاءُ الْكِتَابَةِ. وَفِي الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا هَلْ تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ أَوْ يَفْسَخُهَا الْحَاكِمُ   [حاشية قليوبي] قَوْلُهُ: (وَتُخَالِفُهُمَا فِي أَنَّ لِلسَّيِّدِ فَسْخَهَا) ، وَكَذَا لِلْعَبْدِ لِجَوَازِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ كَالْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (مُتَقَوِّمًا) أَيْ لَهُ قِيمَةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالْخَمْرِ) فَلَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى السَّيِّدِ بِشَيْءٍ إنْ تَلِفَ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِمُحْتَرَمٍ لَمْ يُتْلِفْهُ وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ رَاجِعْهُ، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا مَا يُصَرِّحُ بِرُجُوعِهِ. قَوْلُهُ: (غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ) قَيْدٌ لِوُقُوعِ التَّجَانُسِ فِيهِمَا وَكَوْنِهِمَا مِنْ الْقَوَدِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ خَاصٌّ بِهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (سُقُوطُ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ بِالْآخَرِ) بِشَرْطِ كَوْنِهِمَا نَقْدَيْنِ حَالَّيْنِ لَا مُؤَجَّلَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَلَا مُتَقَوِّمَيْنِ وَلَا مِثْلِيَّيْنِ، نَعَمْ يَقَعُ التَّقَاصُّ فِي الْمِثْلِيَّيْنِ هُنَا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (فِي بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ) بِنَاءً عَلَى الْمَرْجُوحِ قَوْلُهُ: (فَإِنْ فَسَخَهَا السَّيِّدُ) أَوْ الْعَبْدُ فَلْيُشْهِدْ الْفَاسِخُ مِنْهَا نَدْبًا. قَوْلُهُ: (بِسَفَهٍ) لَا بِفَلَسٍ قَوْلُهُ: (لَا بِجُنُونِ الْعَبْدِ وَإِغْمَائِهِ) وَلَا حَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ إلَخْ) وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ الْعَبْدُ فَإِنْكَارُهُ تَعْجِيزٌ لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ عَائِدًا عَالِمًا فَإِنْ اعْتَرَفَ السَّيِّدُ بِقَبْضِ النُّجُومِ وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ الْعَبْدُ فَإِنْكَارُهُ تَعْجِيزٌ لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ عَائِدًا عَالِمًا فَإِنْ اعْتَرَفَ السَّيِّدُ بِقَبْضِ النُّجُومِ عَتَقَ الْعَبْدُ بِالْإِقْرَارِ. قَوْلُهُ: (فِي قَدْرِ النُّجُومِ) أَيْ أَوْ جِنْسِهَا أَوْ عَدَدِهَا غَيْرِ الْمُفْسِدِ وَإِلَّا كَدَعْوَى نَجْمٍ أَوْ نَجْمَيْنِ صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ قَوْلُهُ: (تَحَالَفَا) وَيُبْدَأُ بِالسَّيِّدِ قَوْلُهُ: (عَلَى شَيْءٍ) أَيْ مِمَّا قَالَهُ أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ السَّيِّدُ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ مُدَّعٍ لِلْفَسَادِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ ثُمَّ ادَّعَى الْفَسَادَ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِثَالِثٍ. قَوْلُهُ: (النَّجْمُ الْآخَرُ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الْأَوَّلِ لِيَكُونَ لِلِاخْتِلَافِ فَائِدَةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ إذْ اخْتِلَافُ وَقْتِ الْمُطَالَبَةِ وَوَقْتِ حُصُولِ الْعِتْقِ فَائِدَةٌ أَيُّ فَائِدَةٍ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا) أَوْ أَبْرَأَ قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ فِي الْمُحَرَّرِ) مَرْجُوحٌ وَكَانَ الْوَجْهُ التَّعْبِيرَ بِالْأَظْهَرِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ عَجَزَ قَوْمٌ) فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَبْرَأَهُ عَنْ نَصِيبِهِ فَلَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ لِبُطْلَانِ الْكِتَابَةِ بِالْعَجْزِ. قَوْلُهُ: (بَلْ الْأَظْهَرُ الْعِتْقُ) أَيْ وَلَا سِرَايَةَ مِمَّ إنْ عَتَقَ نَصِيبُ الْآخَرِ بِإِعْتَاقٍ أَوْ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ فَالْوَلَاءُ لِلْمَيِّتِ وَإِنْ عَجَزَ عَجَّزَهُ الْآخَرُ وَعَادَ نَصِيبُهُ رَقِيقًا قَوْلُهُ: (إنْ أَعْتَقَهُ) إلَّا إنْ عَتَقَ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ فَلَا سِرَايَةَ. قَوْلُهُ: (فَالْمَذْهَبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (يَقُومُ عَلَيْهِ الْبَاقِي) لِإِنْكَارِهِ الْكِتَابَةَ قَوْلُهُ: (وَيَعْتِقُ) وَوَلَاءُ مَا عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ لِلْمُصَدَّقِ وَحْدَهُ.   [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَتْبَعُهُ كَسْبُهُ) وَأَوْلَادُهُ كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَنَازَعَهُمْ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ، وَالْكَسْبُ وَالْأَوْلَادُ لَا يَتْبَعَانِ فِيهِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا) أَيْ لَهُ قِيمَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالثَّالِثُ إلَخْ) وَجَّهَهُ غَيْرُ الشَّارِحِ بِأَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُ الْمِثْلِيِّ الْمُشْتَرَكِ يُجْبَرُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى قِسْمَتِهِ بِطَلَبِ الْآخَرِ،. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ تَنْفَسِخْ) أَيْ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّ الْعَقْدَ إذَا انْتَهَى إلَى النِّزَاعِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَوْلَهُمَا. قَوْلُهُ: (عَتَقَ الْمُكَاتَبُ) أَيْ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْعِتْقِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمُعْتِقِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ احْتَرَزَ عَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَبْرَأَهُ عَنْ نَصِيبِهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَجْزِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَبْطُلُ بِهِ وَالْعِتْقُ فِي غَيْرِ الْكِتَابَةِ لَا يَحْصُلُ بِالْإِبْرَاءِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ الْأَظْهَرُ الْعِتْقُ) كَمَا لَوْ تَبَاعَدَا وَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَعَلَى الْعِتْقِ فَالْوَلَاءُ لِلْمَيِّتِ وَلَا سِرَايَةَ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مُعْسِرٌ، قَوْلُ الْمَتْنِ (فَإِنْ أَعْتَقَهُ) خَرَجَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 374 إنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ وَسَبَقَ فِيهِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَفْسَخُ وَكَذَا الْمُتَحَالِفَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي الْأَصَحِّ. وَفِي الْبَيَانِ هَلْ يَتَوَلَّى الْفَسْخَ الْحَاكِمُ أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ وَجْهَانِ كَمَا فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ، (وَإِنْ كَانَ) السَّيِّدُ (قَبَضَهُ) أَيْ مَا يَدَّعِيهِ (وَقَالَ الْمُكَاتَبُ بَعْضَ الْمَقْبُوضِ) وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَى مَا اعْتَرَفَ بِهِ فِي الْعَقْدِ (وَدِيعَةٌ) لِي عِنْدَ السَّيِّدِ (عَتَقَ) الْمُكَاتَبُ (وَرَجَعَ هُوَ بِمَا أَدَّى وَالسَّيِّدُ بِقِيمَتِهِ وَقَدْ يَتَقَاصَّانِ) فِي تَلَفِ الْمُؤَدَّى بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِنْ جِنْسِ قِيمَةِ الْعَبْدِ. (وَلَوْ قَالَ) السَّيِّدُ (كَاتَبْتُك وَأَنَا مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيَّ فَأَنْكَرَ الْعَبْدُ) الْجُنُونَ أَوْ الْحَجْرَ، (صُدِّقَ السَّيِّدُ إنْ عَرَفَ سَبْقَ مَا ادَّعَاهُ وَإِلَّا فَالْعَبْدُ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَصْدِيقَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِيَمِينِهِ وَصَرَّحَ بِهَا فِي الْمُحَرَّرِ فِي السَّيِّدِ (وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ وَضَعْت عَنْكَ النَّجْمَ الْأَوَّلَ أَوْ قَالَ الْبَعْضَ) مِنْ النُّجُومِ (فَقَالَ) الْمُكَاتَبُ (بَلْ) وَضَعْت النَّجْمَ، (الْأَخِيرَ أَوْ الْكُلَّ) ، أَيْ كُلَّ النُّجُومِ (صُدِّقَ السَّيِّدُ) بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَلَوْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ وَعَبْدٍ فَقَالَ كَاتَبَنِي أَبُوكُمَا فَإِنْ أَنْكَرَا صُدِّقَا) بِيَمِينِهِمَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِكِتَابَةِ الْأَبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، (وَإِنْ صُدِّقَا بِهِ) أَوْ قَامَتْ بِكِتَابَتِهِ بَيِّنَةٌ، (فَمُكَاتَبٌ فَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَالْأَصَحُّ) فِي الْمُحَرَّرِ (لَا يَعْتِقُ بَلْ يُوقَفُ فَإِنْ أَدَّى نَصِيبَ الْآخَرِ عَتَقَ كُلُّهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْأَبِ، وَإِنْ عَجَزَ قُوِّمَ عَلَى الْمُعْتِقِ) الْبَاقِي (إنْ كَانَ مُوسِرًا) وَعَتَقَ كُلُّهُ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَبَطَلَتْ كِتَابَةُ الْأَبِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا (فَنَصِيبُهُ حُرٌّ وَالْبَاقِي قِنٌّ لِلْآخَرِ قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ فِي مُقَابَلَةِ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ كَالْبَغَوِيِّ قَوْلَ عَدَمِ الْعِتْقِ، (بَلْ الْأَظْهَرُ الْعِتْقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا فَنَصِيبُهُ مُكَاتَبٌ وَنَصِيبُ الْمُكَذِّبِ قِنٌّ) بِيَمِينِهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِكِتَابَةِ أَبِيهِ (فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُصَدَّقُ) أَيْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ) الْبَاقِي (إنْ كَانَ مُوسِرًا) وَيَعْتِقُ وَفِي قَوْلٍ لَا يُقَوَّمُ فَلَا يَعْتِقُ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ. كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ جَمْعُ أُمَّهَةٌ أَصْلُ أُمٍّ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُقَالُ فِي الْبَهَائِمِ أُمَّاتٌ (إذَا أَحْبَلَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا أَوْ مَا تَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ)   [حاشية قليوبي] كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا مَعَ فَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَالْمُرَادُ حُكْمُهُنَّ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِيلَادُ وَالْعِتْقُ بِهِ وَالِاسْتِيلَادُ قُرْبَةٌ إنْ قَصَدَ بِهِ الْوَلَدَ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (جَمْعُ أُمَّهَةٌ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَفِيهِ تَسَمُّحٌ وَإِنَّمَا هُوَ جَمْعُ أُمٍّ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ قَوْلُهُ: (يُقَالُ فِي الْبَهَائِمِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَفِي النَّاسِ أُمَّهَاتُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُقَالُ كُلٌّ فِي كُلٍّ وَلَكِنْ أُمَّهَاتٌ فِي النَّاسِ أَكْثَرُ وَعَكْسُهُ فِي غَيْرِهِمْ، وَفِي هَذَا الْمَذْكُورِ إشَارَةٌ إلَى عُمُومِ الْبَابِ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّ وَلِغَيْرِ الْعِتْقِ فَتَخْصِيصُهُ بِمَا مَرَّ لِلْمَقَامِ. قَوْلُهُ: (إذَا) هِيَ لِلْمُتَيَقَّنِ وَالْمَظْنُونِ الْغَالِبِ وُجُودُهُ كَالْوَطْءِ هُنَا فَلِذَلِكَ آثَرَهَا عَلَى إنْ؛ لِأَنَّهَا لِلْمُتَوَهَّمِ وُجُودُهُ. قَوْلُهُ: (أَحْبَلَ) الْأَوْلَى حَبِلَتْ فَالْمُرَادُ كَوْنُهُ سَبَبًا فِي الْحَبَلِ بِاسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ الْمُحْتَرَمِ فِي حَيَاتِهِ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَوْ بِوَطْئِهِ، وَإِنْ حَرُمَ لِذَاتِهِ كَأُخْتِهِ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ أَوْ كَافِرٍ فِي مُسْلِمَةٍ أَوْ لِعَارِضٍ كَحَيْضٍ وَكِتَابَةٍ، وَضَمِيرُ أَحْبَلَ عَائِدٌ لِلْمَالِكِ الْبَالِغِ الْحُرِّ. وَلَوْ بَعْضًا الْمُمْكِنُ نِسْبَةُ الْوَلَدِ إلَيْهِ غَيْرُ مَحْجُورِ الْفَلَسِ وَغَيْرُ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ عِنِّينًا أَوْ خَصِيًّا أَوْ كَافِرًا وَلَوْ مُرْتَدًّا وَأَسْلَمَ أَوْ مُكْرَهًا أَوْ رَاهِنًا عَلَى مَا يَأْتِي فَخَرَجَ الصَّبِيُّ، وَإِنْ نُسِبَ إلَيْهِ الْوَلَدُ الرَّقِيقُ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَإِنْ عَتَقَ بَعْدُ وَالْمَمْسُوحُ وَمَحْجُورُ الْفَلَسِ، وَإِنْ بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدُ أَوْ مَلَكَهَا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَخَالَفَهُ الْخَطِيبُ وَخَرَجَ مَنْ حَبِلَتْ بِمَنِيِّهِ مَثَلًا بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنْ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْإِرْثُ. قَوْلُهُ: (أَمَتَهُ) أَيْ الْمَمْلُوكَةُ لَهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ تَقْرِيرًا أَوْ مَالًا غَيْرَ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ فَشَمَلَ أَمَتَهُ الْمُكَاتَبَةَ وَبِنْتَهَا وَالْمُزَوَّجَةَ وَالْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَالْمُشْتَرَكَةَ وَيَسْرِي إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ وَشَمَلَ مَنْ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ إعْتَاقِهَا وَإِنْ لَمْ   [حاشية عميرة] مَا لَوْ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُصَدَّقِ بِقَبْضِهِ النُّجُومَ فَلَا يَسْرِي؛ لِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ لَا سِرَايَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْمُكَذِّبَ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ لَغْوٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَدَرَ مِنْ الْمُصَدَّقِ الْإِعْتَاقُ فَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالْعِتْقِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ آمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ كَانَ مُوسِرًا) وَوَلَاءُ مَا عَتَقَ مِنْ كُلِّ الْعَبْدِ أَوْ بَعْضِهِ لِلْمُصَدَّقِ خَاصَّةً. [كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ] ِ إلَخْ. فَائِدَةٌ: إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ مُسْتَوْلَدَةً مُكَاتَبَةً ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْأَدَاءِ عَتَقَتْ عَنْ الْكِتَابَةِ وَتَبِعَهَا الْكَسْبُ وَالْوَلَدُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَلَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً مُكَاتَبَةً وَمَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ قَالَ الرَّافِعِيُّ عَتَقَتْ بِالتَّدْبِيرِ، فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ قَدْرُ الثُّلُثِ وَبَقِيَتْ الْكِتَابَةُ فِي الْبَاقِي فَإِذَا أَدَّى قِسْطَهُ عَتَقَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَأَوْرَدَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَجَمَاعَةٌ ثُمَّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَحْوِ صَفْحَةٍ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَبَّرِ الْمُكَاتَبِ: وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 375 كَمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ أَخْبَرَ بِهَا الْقَوَابِلُ (عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ) رُوِيَ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ حَدِيثَ «أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» . وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ (أَوْ) أَحْبَلَ (أَمَةَ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ) لَا غُرُورَ فِيهِ بِحُرِّيَّتِهَا أَوْ وَزِنًا، (فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ) تَبَعًا لِأُمِّهِ، (وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ، (إذَا مَلَكَهَا) لِانْتِفَاءِ الْعُلُوقِ بِحُرٍّ وَلَوْ مَلَكَهَا حَامِلًا مِنْ نِكَاحِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ، كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَلَدَ الْمَالِكِ انْعَقَدَ حُرًّا (أَوْ بِشُبْهَةٍ) كَأَنْ ظَنَّهَا أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ (فَالْوَلَدُ حُرٌّ) لِظَنِّهِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِسَيِّدِهَا، (وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ (إذَا مَلَكَهَا فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي تَصِيرُ لِعُلُوقِهَا بِحُرٍّ، وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى انْتِفَاءِ مِلْكِهِ حِينَئِذٍ وَكَالشُّبْهَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا ذُكِرَ نِكَاحُ أَمَةٍ غُرَّ بِحُرِّيَّتِهَا، وَلَوْ ظَنَّ بِالشُّبْهَةِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْمَمْلُوكَةُ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ وَلَا اسْتِيلَادَ إذَا مَلَكَهَا جَزْمًا. . (وَلَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ (وَطْءُ أُمِّ الْوَلَدِ) مِنْهُ (وَاسْتِخْدَامُهَا وَإِجَارَتُهَا وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا) وَقِيمَتُهَا إذَا قُتِلَتْ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ (وَكَذَا تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا فِي الْأَصَحِّ) كَالْقِنَّةِ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ رِضَاهَا كَالْمُكَاتَبَةِ وَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا قَدِيمٌ (وَيَحْرُمُ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا وَرَهْنُهَا) ، فَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَفِي الرَّهْنِ تَسْلِيطٌ عَلَى الْبَيْعِ. (وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْ   [حاشية قليوبي] يَسْقُطْ عَنْهُ طَلَبُ الْإِعْتَاقِ وَشَمَلَ أَمَةَ وَلَدِهِ، وَلَوْ مُكَاتَبَةً لَهُ أَوْ مُزَوَّجَةً وَأَمَةَ مُكَاتَبِهِ أَوْ مُكَاتَبِ وَلَدِهِ، وَخَرَجَ مَمْلُوكَةُ غَيْرَ مَنْ ذُكِرَ وَسَيَأْتِي وَمَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا وَمَنْ اشْتَرَاهَا مُوَرِّثُهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِهَا وَمَنْ نَذَرَ عِتْقَهَا وَالْمُوصَى بِهَا وَخَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَمَنْ تَعَلَّقَ بِهَا مَالُ جِنَايَةٍ أَوْ رَهْنٍ وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَلَمْ يَمْلِكْهَا بَعْدُ وَخَرَجَ الْمَوْرُوثَةُ مَعَ تَعَلُّقِ دَيْنٍ بِالتَّرِكَةِ وَمَنْ اشْتَرَاهَا عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَأَمَةُ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدُ وَكَذَا الْمَسْبِيَّةُ. قَوْلُهُ: (فَوَلَدَتْ) بِتَمَامِ انْفِصَالِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ لَا بِخُرُوجِ بَعْضِهِ مَعَ الِاتِّصَالِ وَيَثْبُتُ بِإِلْقَاءِ بَعْضِهِ الِاسْتِيلَادُ لَا الْعِتْقُ فَإِنْ أَلْقَتْ بَعْضَهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ تَبَيَّنَ عِتْقُهَا وَلَهَا كَسْبُهَا. قَوْلُهُ: (كَمُضْغَةٍ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ. قَوْلُهُ: (أَخْبَرَ بِهَا الْقَوَابِلُ) رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَإِنْ خَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِيهَا صُورَةٌ خَفِيَّةٌ مَا لَوْ قَالُوا لَوْ بَقِيَتْ تُصُوِّرَتْ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا اسْتِيلَادٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا يَجِبُ فِيهَا غُرَّةٌ وَلَكِنْ تَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ، وَيُقَالُ لِهَذِهِ مَسْأَلَةُ النُّصُوصِ لِهَذِهِ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (عَتَقَتْ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا لِانْعِقَادِ وَلَدِهَا فِي مِلْكِهِ حُرًّا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُبَعَّضِ بِالْإِجْمَاعِ وَفِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِمَوْتِ السَّيِّدِ) وَلَوْ بِقَتْلِهَا لَهُ وَاسْتِرْقَاقِهِ كَمَوْتِهِ وَتَنْفَسِخُ إجَارَتُهَا لَوْ كَانَتْ مُؤَجَّرَةً لِاسْتِحْقَاقِهَا الْعِتْقَ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ مَا لَوْ آجَرَ سَيِّدَهُ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ أَعْتَقَهُ نَعَمْ لَوْ آجَرَهُ بَعْدَ إيجَارِهَا ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ كَالْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَمَةَ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ) خَرَجَ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ فَيَنْعَقِدُ فِيهِ الْوَلَدُ حُرًّا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ لِعَدَمِ مِلْكِهَا، وَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدُ حَامِلًا بِهِ. قَوْلُهُ: (لَا غُرُورَ فِيهِ) سَيَذْكُرُ مَفْهُومَهُ وَفِيهِ احْتِرَازٌ عَنْ تَكْرَارِ الشُّبْهَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (عَتَقَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ) . قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ وَلَهُ رَدُّهَا بِالْعَيْبِ عَلَى تَرَدُّدٍ. قَوْلُهُ: (وَمَعْلُومٌ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ عَوْدَةَ الرِّقِّ بِإِحْبَالِ السَّيِّدِ الَّذِي أَوْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِشُبْهَةٍ) أَيْ مِنْ الْوَاطِئِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَمْثِلَةِ فَخَرَجَ بِهَا شُبْهَةُ الْإِكْرَاهِ وَشُبْهَةُ الطَّرِيقِ كَالْحُكْمِ بِصِحَّةِ نِكَاحِ الْمُوسِرِ الْأَمَةَ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَكَالشُّبْهَةِ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ أَمَةٌ ذَكَرَ نَائِمٍ حُرٍّ، فَإِنَّ الْوَلَدَ يَنْعَقِدُ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ زِنًا مِنْهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِسَيِّدِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِهَا بَعْدَ عِتْقِهَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ وَطْءُ أُمِّ الْوَلَدِ) إلَّا لِمَانِعٍ كَرِدَّةٍ وَتَزْوِيجٍ وَإِسْلَامِهَا مَعَ كَافِرٍ لَكِنْ يُحَالُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهَا وَخَرَجَ بِهَا بِنْتُهَا فَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا وَإِنْ ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ بِهِ إذَا حَبِلَتْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِجَارَتُهَا) لَا لِنَفْسِهَا وَفَارَقَ الْبَيْعَ بِأَدَائِهِ إلَى الْعِتْقِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَإِعَارَتُهَا كَإِجَارَتِهَا. وَقَالَ الشَّمْسُ الْخَطِيبُ بِجَوَازِ إعَارَتِهَا لِنَفْسِهَا وَهُوَ وَجِيهٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ كَاسْتِعَارَةِ الْحُرِّ نَفْسَهُ مِمَّنْ اسْتَأْجَرَهُ وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ سَابِقَةً عَلَى الِاسْتِيلَادِ. قَوْلُهُ: (وَقِيمَتُهَا إذَا قُتِلَتْ) أَيْ لِلسَّيِّدِ لِمَوْتِهَا عَلَى الرِّقِّ. نَعَمْ لَوْ أَبَقَتْ بَعْدَ غَصْبِهَا فَغَرِمَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ أَوْ أَعْتَقَهَا رَجَعَ الْغَاصِبُ بِمَا غَرِمَهُ وَمِثْلُهَا الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ إذَا أَعْتَقَهُ. فَرْعٌ: لَوْ رَجَعَ شُهُودُ عِتْقِهَا غَرِمُوا قِيمَتَهَا لِفَوَاتِ مِلْكِهَا أَوْ شُهُودُ إقْرَارِ السَّيِّدِ بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لَا يَغْرَمُونَ لِبَقَاءِ مِلْكِهَا، وَالْفَائِتُ عَلَيْهِ سَلْطَنَةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ قِيمَتُهَا لِوَارِثِهِ لِفَوَاتِ مِلْكِهَا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا) وَفَارَقَتْ الْمُكَاتَبَةُ بِمِلْكِ السَّيِّدِ مَنَافِعَهَا. قَوْلُهُ: (وَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا قَدِيمٌ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ بَيْعُهَا) أَيْ وَلَا يَصِحُّ وَلَوْ لِمَنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ صِحَّةُ كِتَابَتِهَا نَعَمْ يَصِحُّ بَيْعُهَا مِنْ نَفْسِهَا كَمَا مَرَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا بَعْضَهَا صَحَّ وَسَرَى إلَى بَاقِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا مِنْ سَيِّدِهَا الْمُبَعَّضِ. قَوْلُهُ: (وَهِبَتُهَا) أَيْ لَا يَصِحُّ وَلَوْ لِنَفْسِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ   [حاشية عميرة] قَبْلَ الْأَدَاءِ عَتَقَ بِالتَّدْبِيرِ إنْ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَحِينَئِذٍ فَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَهُ وَلَدُهُ وَكَسْبُهُ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ مُكَاتَبَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَكَمَا لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْكِتَابَةِ بِالْإِعْتَاقِ وَجَبَ أَنْ لَا يَمْلِكَهُ بِالتَّدْبِيرِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْبُطْلَانِ زَوَالَ الْعَبْدِ دُونَ سُقُوطِ أَحْكَامِهِ اهـ. قَالَ فِي الْخَادِمِ وَبِهَذَا الِاحْتِمَالِ الثَّانِي جَزَمَ الرُّويَانِيُّ اهـ. أَقُولُ هَذَا الَّذِي تَقَرَّرَ عَنْ أَبِي حَامِدٍ قَدْ نَقَلَهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ عَنْهُ. وَعَنْ الْبَغَوِيّ وَأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ أَقْوَى مِنْ التَّدْبِيرِ فَكَيْفَ يَكُونُ التَّدْبِيرُ هَادِمًا لِأَحْكَامِ الْكِتَابَةِ بِالْمَوْتِ، وَلَا يَكُونُ الِاسْتِيلَادُ هَادِمًا لَهَا. لَا يُقَالُ لَعَلَّ سَبَبَهُ كَوْنُ الْعِتْقِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَبَّرِ مِنْ الثُّلُثِ فَيَكُونُ الْكَسْبُ تَرِكَةً لِيُعِينَ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ.؛ لِأَنَّا نَقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ: إنْ خَرَجَ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا إشْكَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَهُ كَسْبُهُ وَوَلَدُهُ إبْقَاءً لِحُكْمِ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ مِنْهُ بِالتَّدْبِيرِ مَا يَحْتَمِلُهُ الثُّلُثُ وَيَبْقَى الْبَاقِي مُكَاتَبًا وَجَمِيعُ كَسْبِهِ لَهُ تُؤَدَّى مِنْهُ النُّجُومُ عَنْ بَاقِيهِ فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 376 زَوْجٍ أَوْ زِنًا فَالْوَلَدُ لِلسَّيِّدِ يَعْتِقُ بِمَوْتِهِ كَهِيَ) تَبَعًا لَهَا فِي حَقِّ الْحُرِّيَّةِ، (وَأَوْلَادُهَا قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ مِنْ زِنًا أَوْ زَوْجٍ لَا يَعْتِقُونَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَهُ بَيْعُهُمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ حَدَثُوا قَبْلَ ثُبُوتِ حَقِّ الْحُرِّيَّةِ لِلْأُمِّ (وَعِتْقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَإِنْ كَانَ الِاسْتِيلَادُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ اسْتِهْلَاكِ الْمَالِ بِإِنْفَاقِهِ فِي اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ وَيُقَدَّمُ عِتْقُهَا عَلَى الدُّيُونِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا نَصُّهُ قَالَ مُؤَلِّفُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تَمَّ هَذَا الرُّبُعُ فِي ثَالِثِ رَبِيعٍ الْآخِرِ فِي سَنَةِ سِتِّينَ وَثَمَانِمِائَةٍ انْتَهَى.   [حاشية قليوبي] إطْلَاقِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) أَشَارَ إلَى فَائِدَةِ الْحُرْمَةِ فِي الْمَذْكُورَاتِ نَعَمْ يَصِحُّ بَيْعُ مُسْتَوْلَدَةِ الْمُفْلِسِ وَالرَّاهِنِ وَمَالِكِ الْجَانِيَةِ الْمُعْسِرِينَ كَمَا مَرَّ وَكَذَا مُسْتَوْلَدَةُ حَرْبِيٍّ اُسْتُرِقَّ أَوْ اُسْتُرِقَّتْ أَوْ قَهَرَهَا حَرْبِيٌّ آخَرُ، وَتَقَدَّمَ فِي هَذِهِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ الِاسْتِيلَادُ فِيهَا وَمَرَّ مَا لَوْ مَلَكَهَا بَعْدَ الْبَيْعِ وَتَصِحُّ هِبَةُ غَيْرِ الْمَرْهُونَةِ وَالْجَانِيَةِ. فَرْعٌ: الْوَقْفُ وَالْوَصِيَّةُ وَالتَّدْبِيرُ كَالْهِبَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَلَدَتْ) أَيْ الْمُسْتَوْلَدَةُ. قَوْلُهُ: (مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا) أَوْ شُبْهَةٍ لَيْسَ فِيهَا ظَنُّ الْحُرِّيَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ حُرٌّ. قَوْلُهُ: (تَبَعًا لَهَا فِي حَقِّ الْحُرِّيَّةِ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى مُفَادِ التَّشْبِيهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَنْعُ بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ وَرَهْنِهِ وَوَقْفِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَالْوَصِيَّةِ بِهِ وَجَوَازِ إجَارَتِهِ وَإِعَارَتِهِ وَتَزْوِيجِهِ وَاسْتِخْدَامِهِ وَغَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ، نَعَمْ يَحْرُمُ وَطْءُ الْوَلَدِ الْأُنْثَى وَإِذَا وَطِئَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ كَمَا مَرَّ وَلَا يُجْبَرُ الْوَلَدُ الذَّكَرُ عَلَى التَّزْوِيجِ وَلَا يَتَزَوَّجُ هُوَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا، وَيَبْطُلُ حُكْمُ الْوَلَدِ بِمَا ذُكِرَ إذَا مَاتَتْ أُمُّهُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَحُكْمُ أَوْلَادِ أَوْلَادِهَا الْإِنَاثِ حُكْمُ أَوْلَادِهَا بِخِلَافِ الذُّكُورِ وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ حَمَلَتْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا بَعْدَ بَيْعِهَا فِي نَحْوَ رَهْنٍ ثُمَّ مَلَكَهَا حَامِلًا، فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي حُكْمِهَا أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (وَأَوْلَادُهَا قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ) وَلَوْ بِدَعْوَى السَّيِّدِ أَوْ وَارِثِهِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا هُوَ الْمُصَدَّقُ لَوْ نَازَعَتْهُ فِيهِ كَمَا أَنَّهُ يُصَدَّقُ أَيْضًا، فِيمَا لَوْ أَنْكَرَ الْحَمْلَ أَوْ الْوِلَادَةَ أَوْ الْإِسْقَاطَ أَوْ تَصْوِيرَ السِّقْطِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا كَغَيْرِهَا، إسْقَاطُ مَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ وَيُكْرَهُ قَبْلَهُ وَيُكْرَهُ الْعَزْلُ وَتَفْتِيرُ الشَّهْوَةِ وَيَحْرُمُ قَطْعُ النَّسْلِ وَلَوْ بِدَوَاءٍ. قَوْلُهُ: (وَعِتْقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ) وَكَذَا وَلَدُهَا الْمُتَقَدِّمُ وَلَوْ قَالَ وَلِوَلَدِهَا حُكْمُهَا لَشَمَلَ ذَلِكَ وَسَلِمَ مِنْ جَرِّ الضَّمِيرِ بِالْكَافِ الَّذِي هُوَ شَاذٌّ وَوَلَدُ وَلَدِهَا لَهُ حُكْمُهَا إنْ كَانَ مِنْ الْإِنَاثِ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ بِخِلَافِهِ مِنْ الذُّكُورِ قَالَهُ الشَّمْسُ الْخَطِيبُ بَحْثًا فَرَاجِعْهُ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِتَعَدُّدِ الطَّبَقَاتِ وَإِنْ سَفَلَتْ. قَوْلُهُ: (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَإِنْ أَوْصَى بِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَتَلْغُو وَصِيَّتُهُ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (نَزَلَ) الِاسْتِيلَادُ. قَوْلُهُ: (مَنْزِلَةَ اسْتِهْلَاكِ الْمَالِ بِإِنْفَاقِهِ فِي اللَّذَّاتِ) فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ الْوَصِيَّةُ بِدُونِ الثُّلُثِ وَلِذَلِكَ يَكُونُ قُرْبَةً إذَا قَصَدَ بِهِ الْوَلَدَ أَوْ الْعِتْقَ كَبَقِيَّةِ الْمُبَاحَاتِ وَبِمَا ذُكِرَ فَارَقَ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ بِحِجَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ الثُّلُثِ كَذَا ذَكَرُوهُ وَفِيهِ بَحْثٌ ذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ. فُرُوعٌ: لَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ أَمَةٍ بَعْدَ مَوْتِهِ بِمُدَّةٍ كَعِشْرِينَ سَنَةً مَثَلًا تَوَقَّفَ عِتْقُهَا عَلَى مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَأَوْلَادُهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ يَعْتِقُونَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْوَارِثِ التَّصَرُّفُ فِيهِمْ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ فَلَهُمْ حُكْمُ وَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَلَوْ تَزَوَّجَ حُرٌّ جَارِيَةَ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ مَلَكَهَا ابْنُهُ أَوْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ فِيهِمَا وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ وَلَا اسْتِيلَادَ فِيهِمَا. فَائِدَةٌ: فِي ذِكْرِ أَحْكَامِ الْأَوْلَادِ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ الشَّامِلِ لَهَا تَرْجَمَةُ الْمُصَنِّفِ السَّابِقَةِ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالتَّبْوِيبِ فَوَلَدُ الْمُسْتَوْلَدَةِ قَدْ عُلِمَ حُكْمُهُ هُنَا وَوَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْمَتْلُوِّ لِهَذَا وَهُوَ أَنْ يَتْبَعَهَا عِتْقًا وَرِقًا فَيَعُودُ رَقِيقًا بِمَوْتِهَا عَلَى الرِّقِّ وَوَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقَةِ تَقَدَّمَ أَيْضًا آنِفًا أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُمَا فِي الْعِتْقِ، وَوَلَدُ الْمَنْذُورَةِ الْعِتْقِ وَوَلَدُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْمَنْذُورَةِ وَالْهَدْيِ لَهُ حُكْمُهَا إلَّا فِي جَوَازِ أَكْلِهِ عَلَى مَا فُصِّلَ فِي مَحَلِّهِ وَوَلَدُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا كَأَمَةٍ وَوَلَدِ الْمُؤَجَّرَةِ وَالْمُعَارَةِ لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُمَا إلَيْهِ وَكَذَا وَلَدُ الْمَرْهُونَةِ وَالْمَضْمُونَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْجَانِيَةِ وَالْمُسْتَأْجَرَةِ وَالْمَوْقُوفَةِ وَأَمَةِ الْقِرَاضِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّ ضَابِطَ مَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى وَلَدِهِ هُوَ كُلُّ مَا لَا يَقْبَلُ حُكْمُهُ الرَّفْعَ، وَإِلَّا فَلَا وَوَلَدُ الْعَدُوِّ تَصِحُّ شَهَادَتُهُ عَلَى عَدُوِّ أَصْلِهِ وَوَلَدُ الْكَافِرِ كَافِرٌ وَوَلَدُ مَنْ فِي أُصُولِهِ مُسْلِمٌ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّينَ مُرْتَدّ وَاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَم   [حاشية عميرة] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 377